الكتاب: نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر
المؤلف: يحيى بن سعيد الحلي
الجزء:
الوفاة: ٦٨٩
المجموعة: فقه الشيعة الى القرن الثامن
تحقيق: السيد احمد الحسيني ، نور الدين الواعظي
الطبعة:
سنة الطبع: ١٣٨٦
المطبعة: الآداب - النجف
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

نزهة الناظر
في الجمع بين الأشباه والنظائر
تأليف
الشيخ يحيى بن سعيد الحلي
تحقيق
السيد أحمد الحسيني - نور الدين الواعظي
تعريف الكتاب 1

مطبعة الآداب - النجف 1386
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
في دراساتي الفقهية كثيرا ما كنت أحتاج إلى المطالعة في كتب
القدماء المطولة منها والمختصرة لكي أستخرج منها الآراء والنظريات
الفقهية وكيفية استدلالهم عليها، وكان من نصيبي في أكثر الأوقات
الإخفاق في مهمتي وعدم الوصول إلى بغيتي، ذلك لأن المصادر القديمة
شحيحة والتراث الفقهي لا زال مخطوطا لم يطبع منه إلا أقل من القيل،
والمطبوع منه نادر قليل الوجود أو ردئ الطبع ملئ بالتحريفات
والسقطات والأغلاط الشائنة.
وقد تحدثت في مناسبة من المناسبات إلى أحد مراجع الدين -
حفظهم الله وأبقاهم - لأعلم كيف يعالج هذه المشكلة في بحوثه ودراساته
فوجدته أكثر شكاية مني وهو يفكر في المخرج من هذا المأزق الذي لم
يجد له حلا بعد.
من هنا اختمرت في ذهني إخراج سلسلة تحت عنوان (المكتبة
الفقهية) تضم النتاج الفقهي لكبار علمائنا الأقدمين - رضوان الله تعالى
عليهم أجمعين - ليكون ما يطبع فيها جيد الطبع أنيق المنظر يسهل
تناوله ولا يتعب قارئه.
وحسبت في بدء الأمر أن هذا عمل يسير لا يحتاج إلى كثير عناء
وجهد، ولكن حينما عزمت على العمل وجدت العوائق والمثبطات غير
قليلة والعبء ثقيل والطريق طويل شاق والحاجة إلى مساهم يشاركني
في الأعمال ماسة.
مقدمة المحقق 3

فرحت أطلب العون من جماعة من العلماء والأفاضل، وشرحت
لهم أهمية الموضوع وضرورته والخدمة العظمى الكامنة في القيام به
تجاه الشريعة الاسلامية وقوانينها الفقهية، وبينت لهم أن الكتب التراث
لو تهمل ولا تطبع بطباعات جيدة توافق ذوق العصر، يعني ذلك إهمال
القانون الاسلامي وإبعاده عن أذهان الناشئة وعدم إلفات نظر الباحثين إليه.
كان هذا الكلام وما أشبهه يقع موقع القبول من السامعين لكن
في المجلس فقط، ويتحمس له المخاطبون لكن لدقائق معدودة.. ثم
يذهب الكلام سدى كما تنقشع الغيوم من السماء في لحظات.
إن الشعور بالواجب كان يدفعني إلى تكرار القول بل إلى السعي في
العمل، وكان من نتاج السعي خروج (نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه
والنظائر) إلى النور وطبعه بشكل جميل جلب الأنظار ولهجت الألسن
بالمدح والثناء عليه.
والآن أعود إلى (المكتبة الفقهية) بعد تسع سنوات، وأعيد طبع
(نزهة الناظر) كتابا أولا للمكتبة، وكلي أمل وطيد في أن أوفق
لاخراج بقية الكتب، التي أعددتها لتكون في هذه السلسلة.
والله تعالى أسأل في أن يوفقني للقيام بالواجب وعدم اهمال ما علي
من التكليف، وهو الموفق والمعين.
قم - 1 / ربيع الأول 1394 ه‍
السيد أحمد الحسيني
مقدمة المحقق 4

المقدمة
تدوين الفقه:
بعث رسول الاسلام صلى الله عليه وآله في بيئة أمية تكاد
تفقد وسائل العلم والثقافة، ولم يكن فيها علوم تستحق الذكر إلا ما كان
محفوظا في الصدور من الأشعار والأيام الشهيرة وبعض العلوم الغريبة
كالسحر والكهانة وما إلى ذلك.
ولكن كانت رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودينه مبدأ مشجعا
وحاثا للعلم والثقافة والمعرفة، وهذه الآيات الأولى الموحاة إلى النبي العظيم
تذكر نقطتين هامتين هما بدء الحليقة ونعمة العلم: (اقرأ باسم ربك الذي
خلق * خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم *
علم الانسان ما لم يعلم).
وكان رسول الانسانية يهتم اهتماما بالغا بتثقيف الناس ثقافة راقية
يضمن لهم رفاه الدنيا وسعادة الآخرة.
ويتضح شدة اهتمام النبي الأكرم بتعليم أمته مما هو مأثور عن المؤرخين
والمحدثين من أن النبي كان يفدي بعض أسرى المشركين بتعليم بعض
أصحابه الكتابة والقراءة.
مقدمة المحقق 5

ومع ذلك لم تكن الحاجة ماسة بتعلم الكتابة والتدوين، ذلك لأن النبي
كان حيا وكان الأصحاب يسمعون الشريعة شفاها منه ثم ينقلونها إلى بقية
المسلمين...
وبعد ما مضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ربه بدأت الحاجة إلى التدوين تظهر،
بل تشتد من حسين إلى آخر، فأقبل الصحابة والتابعون وتابعو التابعين
يكتبون ويدونون ما سمعوه من الرسول أو ما نقل إليهم بوسائط، ويهتمون
أكثر ما يهتمون بمعرفة علوم القرآن الكريم والسنة الطاهرة.
وكانت مدونات القدماء - على الأكثر - بصورة أحاديث وروايات
معنعنة ومسندة من راو إلى آخر إلى أن تنتهي الرواية إلى النبي أو أحد
الأئمة عليه وعليهم الصلاة والسلام... وهكذا وضعت المؤلفات الكثيرة
على طريق الرواية والحديث.
ولكن طول الزمن وبعد الشقة بين الفقهاء والمعصومين وعدم إمكان
الوصول إلى مصدر الشريعة الغراء وتجدد المسائل الحديثة كل يوم... كل
هذه العوامل أوجبت الركون إلى الاستنباط بمعونة القواعد المستفادة من
الكتاب والسنة، فبدأ تدوين الفقه بطريق الاستدلال والاستنباط من الكتاب
والسنة والعقل والإجماع.
وكان للتفنن نصيب وافر في وضع وترتيب هذه الكتب الفقهية
وتنسيقها، ونلاحظ من بين تلك الفنون في تأليف كتب الفقه نوع يسمى
بالأشباه والنظائر.
الأشباه والنظائر:
يقصد من الأشباه والنظائر المسائل المختلفة المتشتة الموزعة بين أبواب
مختلفة من الفقه يكون بينها شبه ما، ويجمعها ذلك الشبه.
مقدمة المحقق 6

وليس هذا الاصطلاح خاصا بالفقه، بل نرى في الأدب وغيره أيضا
هذا النوع من التأليف والسعي وراء جمع أشتات المسائل بواسطة شبه ما بينها
كالأشباه والنظائر في النحو للسيوطي المطبوع المتداول وغيره.
ولم يخل هذا النوع من التأليف أيضا من التفنن:
فنرى السيوطي مثلا في كتابه (الأشباه والنظائر) يذكر القواعد
الكلية ثم يعد المسائل المختلفة التي تستفاد من تلك القاعدة مسألة مسألة،
ذلك لأن تلك القاعدة تجمع تلك المسائل في عقد منظم.
بينما نرى الحلي في كتابه هذا (نزهة الناظر) يجمع المسائل المتشتة
التي بينها مشابهة ما بلا ذكر القواعد الكلية، بل ربما تستفاد تلك المسائل
من قواعد شئ لا يرتبط بعضها ببعض.
المؤلفون في الأشباه والنظائر:
ألف في هذا النمط الطريف جماعة نسرد أسماءهم فيما يلي:
1 - الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلي المتوفى سنة 689 أو 690
2 - الشيخ تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي صاحب كتاب
الرجال المشهور.
3 - الشيخ صدر الدين محمد بن عمر المعروف بابن الوكيل الشافعي
المتوفى سنة 716.
4 - الشيخ صلاح الدين خليل بن كليكلدي العلائي الشافعي المتوفى
سنة 761.
5 - الشيخ تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي الشافعي المتوفى
سنة 771.
6 - الشيخ جمال الدين عبد الرحمن بن الحسن الأسنوي الشافعي المتوفى
سنة 772.
مقدمة المحقق 7

7 - الشيخ سراج الدين عمر بن علي الشافعي المتوفى سنة 804.
8 - الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي
المتوفى سنة 911.
9 - الشيخ زين الدين بن إبراهيم المعروف بابن نجيم المصري الحنفي
المتوفى سنة 970.
10 - الشيخ مصطفى بن عبد الله من غلمان الخاصة المتوفى سنة 1025
11 - الشيخ محمد بن زين الدين عمر الكفيري الحنفي المتوفى سنة 1130
وبعد ذكر هذه الأسماء يأتي دور السؤال عن أول من ألف في هذا
الموضوع ووضع فيه كتابا خاصا؟
الواقع أننا لا نقدر أن نجيب على هذا السؤال بصورة باتة، ولكن
الذي يظهر من ملاحظة تاريخ وفيات الذين ذكرناهم أن الشيخ نجيب الدين
يحيى بن سعيد هو أقدم عصرا من الكل، ومن هنا نستنتج أنه أول من
صنف في موضوع الأشباه والنظائر
ولم يسبقه أحد من العلماء في الكتابة
بهذا اللون من التأليف.
هذا الكتاب:
وهذا الكتاب كما قلنا طريف للغاية في تنسيقه وتأليفه، واسع الأفق
سهل التناول، سلس العبارة، خال من التعقيدات الفقهية، ليس بالمطول
الذي يمل القارئ ولا بالمختصر الذي يفوته شئ مما يجب ذكره.
عرض سريع للأبواب الفقهية من الطهارة إلى الديات...
وهو مع اختصاره وعدم كونه من كتب الفقه الاستدلالية يقف موقف
المستدل في بعض المسائل، فيذكر طرفا مما ورد في المسألة من الروايات
ويورد بعض الأقوال لكبار فيأخذ بها حينا ويردها حينا آخر.
مقدمة المحقق 8

وأكثر ما يستدل به من الروايات ما روي في كتابي من لا يحضره الفقيه
والتهذيب، وأكثر ما يورد من الآراء هو آراء ابن بابويه والشيخ الطوسي
رضوان الله تعالى عليهما.
وطريقته أن يأتي بكلمة (فصل) ثم يسرد كل ما يمكن أن يكون
بينه شبه ما في حكم من الأحكام الشرعية، فيعد واحدا واحدا بصورة
مختصرة حتى يأتي على الجميع، وربما يقف بعض الأحيان موقف المستدل -
وهو قليل كما قلنا.
ومختصر القول: إنه كتاب مختصر شيق يحبب إلى القارئ الاستمرار
في القراءة والمضي معه إلى آخر شوط.
مؤلف الكتاب:
ومؤلف هذا الكتاب القيم هو الشيخ الفقيه الأجل أبو زكريا نجيب
الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي (ويعرف على الألسنة
بيحيى بن سعيد نسبة إلى جده الأعلى) الحلي المتوفى سنة 689 أو 690 ه‍.
وقد ذكر هذا الكتاب من جملة مؤلفات يحيى بن سعيد أكثر من ترجم
له، ولكن صاحب الرياض قد استظهر نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ مهذب
الدين فقال:
(وقد ينسب - أي هذا الكتاب - إلى الشيخ مهذب الدين الحسين بن
محمد بن عبد الله قدس سره، كما كتب على ظهر نسخة تاريخ كتابتها
سنة 674).
ثم استظهر صاحب الرياض أن يكون مهذب الدين هذا هو الشيخ
حسين بن ردة الذي هو من مشائخ الشيخ سديد الدين يوسف بن علي
ابن المطهر والد العلامة الحلي...
مقدمة المحقق 9

ثم قال صاحب الرياض: (لكن النسخة التي تنسب إلى الشيخ مهذب
الدين لها ديباجة طويلة وكتبها لولده، والنسخة التي تنسب إلى الشيخ نجيب
الدين ليس لها هذه الديباجة، أولها - أي أول نسخة الشيخ نجيب الدين
يحيى بن سعيد: الحمد لله رب العالمين، والصلاة على رسوله محمد
وآله أجمعين. إعلم أني قد صنفت لك هذا الكتاب وجمعت فيه بين الحكم
ونظيره، وسميته نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر
- الخ.. ومع
ذلك فلا تفاوت بين النسختين في سائر المطالب).
ثم جاء شيخ المحققين وعلامة هذا الفن الشيخ آغا بزرگ الطهراني، فنقل
أقوال صاحب الرياض هذه في كتابه (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) وعقبها بقوله:
(أقول: توفي يحيى بن سعيد سنة 690 أو 689، ونسبة كتابه
إلى رجل متوفى قبل المؤلف بستة عشر سنة بعيد في الغاية، فالظاهر أن
يحيى بن سعيد استحسن الكتاب فاستنسخ منه المهم وأسقط الديباجة الطويلة
وما كتب اسم المؤلف لعدم علمه به، فمن رأى النسخة بخطه نسبه إليه
بزعم أنه المؤلف، وإلا فهو ما ذكر اسمه فيه).
وأقول: كلام صاحب الرياض مجرد استظهار من نسخة وجدها قد
كتب على ظهرها أنها للشيخ مهذب الدين، وهذا الاستظهار ليس في محله
لأن كثيرا ما يتفق أن النساخ يكتبون أسامي أشخاص على كتب خطأ
أو عفوا من دون ترو، وقد نقل الشيخ أغا بزرگ أنه رأى نسخة من
نزهة الناظر هذا كتب على ظهره هكذا (إن نزهة الناظر في الجمع بين
الأشباه و النظائر تصنيف الشيخ محمد بن الحارث الجزائري)...
وليست ببعيدة عنا النسخة المطبوعة في طهران سنة 1318 ه‍ حيث
كتب عليها أنها (من مصنفات الشيخ الفاضل أبي القاسم نجم الدين جعفر
ابن سعيد الحلي).
مقدمة المحقق 10

وأما الديباجة فالمظنون أن بعض تلامذة يحيى بن سعيد أو شخصا آخر
استنسخ هذا الكتاب في حياة المؤلف ثم وقع الكتاب بيد شخص آخر
فاستنسخه ووضع له هذه الديباجة الطويلة الموجودة على لسان المؤلف...
وقد اتفق مثل هذا في كتب القدماء كما يقال عن كتاب إعلام الورى
للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى سنة 548 و كتاب ربيع
الشيعة للسيد ابن طاوس المتوفى سنة 664 ه‍ فإنهما لن يختلفا في صلب
الكتاب إلا المقدمة وبعض الاختلافات البسيطة في ترتيب الفصول.
وفي مقدمة هذا الكتاب بالذات (نزهة الناظر) نرى في النسختين
المخطوطتين اللتين أثبتنا صورا منهما في آخر هذه المقدمة بعض الاختلاف
حيث جاء في المخطوطتين زيادة على ما هو مذكور في النسخة المطبوعة: (من
شريعة النبي الأواه محمد بن عبد الله وأحبائه ثقلي الميزان من الثواب يوم
الحساب ومحو العقاب من الكتاب) ونحن نستبعد كثيرا أن تكون هذه
الجمل من المؤلف الذي يرى في تعابيره السلاسة والطلاوة...
وأما ما استظهره شيخنا الشيخ آغا بزرك من أن الحلي (استحسن
الكتاب فاستنسخ منه المهم وأسقط الديباجة الطويلة وما كتب اسم المؤلف
لعدم علمه به) فهو بعيد للغاية، لأنه:
أولا - لا يتفق هذا الكلام مع ما رآه صاحب الرياض من عدم التفاوت
بين النسختين إلا المقدمة الطويلة والقصيرة.
وثانيا - نرى الحلي في كثير من المواضع يبدي نظره الشخصي واستنتاجه
واجتهاده بعد تمحيص الأحاديث والأقوال الواردة في المسألة، وبعيد جدا
- بل من المستحيل - أن يأتي ببحوث الآخرين واجتهاداتهم ثم ينسبها إلى
نفسه كأنها آراؤه الشخصية.
مقدمة المحقق 11

وبالتالي لا نرى للشك موضعا من أن هذا الكتاب هو من تآليف
الشيخ يحيى بن سعيد الحلي رحمة الله.
ثقافته:
كان المؤلف يتمتع بثقافة واسعة سببت له الشهرة في الأوساط العلمية
آنذاك، و تلقفته أقلام المترجمين من الشيعة والسنة...
وكان مبرزا ذا اطلاع كثير في الأدب والعلوم اللغوية، حتى أن السيوطي
ذكره في كتابه بغية الوعاة الذي خصصه لذكر الأدباء والنحاة...
وقال عنه صاحب روضات الجنات مبينا منزلته العلمية في الفقه:
(إن الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد الذي هو ابن عم المحقق من غير
واسطة لو لم يكن في زمانه بأشهر منه في الفقه والتقدم لدى الفضلاء لما
كان بأنقص منه...)
وبالرغم من أن له مؤلفا في الأصول ينقل صاحب الروضات وغيره
قصة عن العلامة الحلي تنم عن عدم تضلعه في أصول الدين و أصول الفقه كما كان
متضلعا في الأدب والفقه، وإليك القصة بنقل صاحب روضات الجنات:
(كان الشيخ الأعظم الخواجة نصير الدين محمد بن الحسن الطوسي
وزيرا للسلطان هلاكوخان، فأنفذه إلى العراق فحضر الحلة فاجتمع عنده
فقهاؤها، فأشار إلى الفقيه نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد وقال:
من أعلم هؤلاء الجماعة؟ فقال: كلهم فاضلون علماء وإن كان واحد
منهم مبرزا في فن كان الآخر منهم مبرزا في فن آخر. فقال: من
أعلمهم بالأصولين؟ فأشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهر وإلى
الفقيه مفيد الدين محمد بن جهم فقال: هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام
وأصول الفقه. فتكدر الشيخ يحيى بن سعيد وكتب إلى ابن عمه أبي القاسم
مقدمة المحقق 12

يعتب عليه، وأورد في مكتوبه أبياتا وهي:
لا تهن من عظيم قدر وإن كنت * مشارا إليه بالتعظيم
فالكريم اللبيب ينقص قدرا * بالتعدي على اللبيب الكريم
ولع الخمر بالعقول رمى الخمر * بتنجيسها وبالتحريم
كيف ذكرت ابن المطهر وابن جهم ولم تذكرني؟ فكتب إليه
يعتذر ويقول: لو سألك خواجة مسألة في الأصولين ربما وقفت وحصل
لنا الحياء).
أقوال للمترجمين له
كان ذكر المترجمين لشيخنا أبي زكر يحيى بن سعيد الحلي رضوان الله
تعالى عليه مقرونا بكثير من التجلة والاحترام، والإشادة بمكانته الرفيعة
التي كانت له بين علماء عصره ووجهاء دهره، وإليك مختصرا مما قالوه
في حقه:
(إن الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد - الذي هو ابن عم المحقق
من غير واسطة - لو لم يكن في زمانه بأشهر منه في الفقه والتقدم لدى الفضلاء
لما كان بأنقص منه) (1).
(ومن المشايخ شيخنا العلامة نجيب الدين يحيى بن أحمد... كان
أورع الفضلاء وأزهدهم، له تصانيف جامعة للفوائد...) (2)
(يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد الفاضل نجيب الدين الهذلي الحلي
الشيعي، قال الذهبي: لغوي أديب حافظ للأحاديث بصير باللغة والأدب

(1) روضات الجنات ص 148.
(2) لؤلؤة البحرين ص 224.
مقدمة المحقق 13

من كبار الرافضة، سمع من ابن الأخضر..) (1).
(يحيى بن أحمد بن سعيد، شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة،
وكان جامعا لفنون العلم الأدبية والفقهية والأصولية، وكان أورع الفضلاء
وأزهدهم) (2)
(يحيى بن أحمد بن سعيد شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة...
له تصانيف جامعة للفوائد) (3).
(يحيى بن أحمد بن سعيد، شيخنا الإمام العلامة الورع القدوة،
كان جامعا لفنون العلوم الأدبية والفقهية والأصولية، كان أورع الفضلاء
وأزهدهم، له تصانيف جامعة للفوائد) (4).
(يحيى بن سعيد... من فضلاء عصره، يروي عنه السيد عبد الكريم
ابن أحمد بن طاوس) (5).
(الشيخ الفاضل يحيى بن أحمد بن يحيى بن سعيد الهذلي الحلي مجيب
نداء يا يحيى خذ الكتاب بقوة والمقتبس من مشكاة الولاية والنبوة، كان
من أعاظم مجتهدي الشيعة) (6).
إلى غير ذلك من الكلمات الكثيرة التي أطروا بها شيخنا المؤلف...

(1) بغية الوعاة ص 2 / 331.
(2) رجال ابن داود ص 371.
(3) جامع الرواة 2 / 324.
(4) نقد الرجال 370.
(5) أمل الآمل 2 / 346 - 347.
(6) مجالس المؤمنين ص 234.
مقدمة المحقق 14

شيوخه و تلامذته:
ذكر الإمام الحجة الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه المخطوط (الأنوار
الساطعة في المائة السابعة) جماعة من شيوخ المؤلف وأساتذته وتلامذته
والراوين عنه، وهم:
أما شيوخه وأساتذته:
1 - يروي عن والده عن جده يحيى الأكبر.
2 - يروي عن السيد الأجل الفخار بن معد المتوفى سنة 630.
3 - المحقق الحلي صاحب كتاب الشرائع.
4 - الشيخ نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن
نما الحلي.
5 - الشيخ محيي الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن زهرة.
6 - الشيخ محمد بن أبي البركات.
وأما الراوون عنه وتلامذته:
1 - السيد عبد الكريم بن طاوس المتوفى سنة 693، أجازه في ذي
القعدة سنة 686.
2 - العلامة الحلي.
3 - ولده صفي الدين محمد بن يحيى بن سعيد.
4 - السيد عز الدين الحسن بن علي بن محمد المعروف بابن الأبزر
الحسيني:
5 - السيد نجم الدين أبو عبد الله الحسين بن أرد شير بن محمد
الطبري، أجاز له سنة 677.
مقدمة المحقق 15

6 - الشيخ كمال الدين علي بن حماد الواسطي الليثي.
7 - الشيخ عمرو بن الحسن بن خاقان، قرأ عليه المبسوط، أجاز
له سنة 674.
أقول: وذكر السيوطي في بغية الوعاة أن الشيخ يحيى سمع من ابن
الأخضر.
وابن الأخضر يطلق على اثنين هما:
1 - أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن مهدي بن عمران الأشبلي
الأديب اللغوي النحوي المتوفى سنة 514 كما ذكره السيوطي نفسه في
البغية، وهذا ليس من أساتذة الشيخ يحيى يقينا، لأن ابن الأخضر هذا
توفي قبل أن يولد الشيخ يحيى بقرن تقريبا.
2 - الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أبي نصر المبارك بن أبي القاسم
محمود الجنابذي الأصل البغدادي المولد والدار المتوفى سنة 611 كما ذكره
المحدث القمي في الكنى والألقاب 1 / 200، ولا يبعد أن يكون هذا من شيوخ
الشيخ يحيى وأنه سمع منه في أيام طفولته قبل أن يبلغ العشر سنين من عمره.
مؤلفاته
1 - الجامع للشرائع، وهو يحتوي على أبواب الفقه كلها، ذكره
كل من ترجم للمترجم وجاء ذكره في الذريعة 5 / 61 وقال فيه: ونسخة
الجامع هذا التي عليها خط المؤلف وقد قرئت عليه موجودة في مكتبة سيدنا
الحسن صدر الدين بالكاظمية.
أقول: ومن هذا الكتاب نسخة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين
عليه السلام في النجف الأشرف.
مقدمة المحقق 16

2 - المدخل في أصول الفقه، ذكره أكثر من ترجم للمترجم وذكره
أيضا الإمام الشيخ آغا بزرك في الذريعة في حرف ميم المخطوط.
3 - نزهة الناظر، وهو الذي يقول فيه صاحب روضات الجنات:
ثم إن للرجل - ويعني به يحيى بن سعيد - كتابا لطيفا في الفقه موجودا
بين أظهر علماء الطائفة سماه نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر
ينوف
على ثلاثة آلاف بيت تقريبا...
4 - قضاء الفوائت، ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة وقال:
نسبه إليه الشهيد في غاية المراد.
عملنا في الكتاب
طبع هذا الكتاب لأول مرة في طهران سنة 1318 ه‍ في 171 صفحة
بقطع صغير، وكان في غاية السقم، ردئ الطبع، كثير الأخطاء، مشوش
العبارات، وقد استعنا في تصحيحه بنسختين هما:
1 - نسخة يملكها سماحة الحجة الشيخ ميرزا على الزنجاني أطال الله
أيام حياته الغالية، وهي في مجموعة تضم بين دفتيها (الحديث القدسي)
ثم (نزهة الناظر) ثم (رسالة في الحبوة)، ومجموع عدد
أوراقها (49) ورقة، في كل صفحة (17) سطر، وجاء في
آخرها: (تم الكتاب بعون الله وحسن توفيقه على يد العبد المذنب الراجي
عفو ربه جواد بن المرحوم الشيخ مراد في الصحن بالنجف قبل الظهر
عاشر في [كذا] شهر صفر سنة الثامنة والسبعين بعد الألف والمائتين من
الهجرة صلى الله على مهاجرها). وخط هذه النسخة نسخ لا بأس به،
وكتبت الفصول بالأحمر وإلى هذه النسخة نشير بحرف (م).
مقدمة المحقق 17

2 - نسخة أخرى في مجموعة في مكتبة آية الله الحكيم العامة في
النجف الأشرف برقم (401) مخطوطات وفيها (جمل العلم والعمل)
للشريف المرتضى، و (المراسم) لابن حمزة، و (الجمل) للشيخ الطوسي
و (الوسيلة) لابن زهرة، و (الإشارة) لابن أبي المجد، و (نزهة
الناظر) ليحيي بن سعيد، و (جواهر الفقه) للحلبي، و (الهداية)
للصدوق، وهذه النسخة من النزهة هي في (32) ورقة كتبت بخط
نسخ دقيق ممتاز وفي كل صفحة (22) سطر وكتبت الفصول بالأحمر
ووضعت إشارات صغيرة بالأحمر على رؤوس المواضيع، وكتب في آخرها
(تمت هذه الأجزاء ضحوة يوم السبت رابع عشر من شهر محرم الحرام
مطابق سنة 1217) ثم جاء اسم الناسخ هكذا (إسماعيل بن عبد الله)
ويغلب على الظن أن الرسائل الأربع الأولى من هذه المجموعة بخط ناسخ غير
ناسخ بقية الرسائل، بل الظاهر أن هذه المجموعة كانت في الأصل مجموعتين
اجتمعتا عند التجليد للاختلاف الكثير الموجود في الورق، بالإضافة إلى
اختلاف الخط وأن القسم الأول تركت أمكنة العناوين بيضاء بينما كتبت
في القسم الثاني بالأحمر.
وعلى كل حال لم تسلم هاتان النسختان والنسخة المطبوعة من الأخطاء
والتحريفات الكثيرة بل السقط في بعض الأحيان، ولكن مقارنة هذه النسخ
الثلاث أفادتنا فائدة كبيرة في رفع النواقص وتلافي الأخطاء.
وقمنا بالإضافة إلى مقابلة بعض هذه النسخ بالبعض الآخر بتخريج
الأحاديث المذكورة في الكتاب وذكر أكثر الأحاديث التي أشار إليها المصنف
إشارة عابرة، كما أننا شرحنا ما رأينا لزوم شرحه من أسماء البلدان والأمكنة
والألفاظ المغلقة وغيرها وهذه النسخة يشار إليها بحرف (ح).
مقدمة المحقق 18

شكر وتقدير
ولا يسعني قبل أن أضع القلم من يدي أن أقدم شكري إلى سماحة
العلامة الحجة الشيخ ميرزا علي الزنجاني الذي أحسن بي الظن فكلفني بتحقيق
هذا الكتاب وإخراجه إلى النور، وأقدر كذلك الجهود المشكورة التي
بذلها فضيلة الأخ العلامة الشيخ نور الدين الواعظي في تخريج أحاديث
هذا الكتاب.
فإليهما أقدم شكري وتقديري، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منا هذا
العمل ويجزينا بالجزاء الأوفى.
النجف الأشرف 1386 ه‍
السيد أحمد الحسيني
الصفحة الأولى من نسخة (م)
الصفحة الأخيرة من نسخة (م)
الصفحة الأولى من نسخة (ح)
الصفحة الأخيرة من نسخة (ح)
مقدمة المحقق 19

نزهه الناظر
في الجمع بين الأشباه والنظائر
تأليف
للشيخ يحيى بن سعيد الحلي
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله وآله أجمعين
أما بعد:
إعلم أني قد صنفت لك هذا الكتاب وجمعت فيه بين الحكم ونظائره
وسميته (نزهه الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر
)
3

فصل
[معنى العبادة وأقسامها]
العبادات كل فعل مشروع لا يجزي إلا بنية التعظيم والتذلل لله
سبحانه وتعالى
وحدها الشيخ محمود بن عمر الخوارزمي (1) في كتاب الحدود بأنها
(نهاية التعظيم والتذلل لمن يستحق ذلك بأفعال ورد بها الشرع على وجوه
مخصوصة أو ما يجري مجراها على وجوه مخصوصة)
ومعنى قوله: (وما يجري مجراها) الاخلال بالقبائح، وهذا الحد
الذي ذكره شامل له
وأما الشيوخ أصحاب أبي هاشم (2) فإنهم حدوها بأنها (نهاية الخضوع
والتذلل للغير بأفعال ورد بها الشرع موضوعة لها)
وهذا الحد الذي ذكره الشيوخ ينتقض بعبادات مخالفي الاسلام،

(1) هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الشهير
ب‍ (الزمخشري) صاحب المؤلفات الشهيرة والمصنفات المفيدة أمثال الكشاف في تفسير
القرآن والفائق في تفسير الحديث وغيرهما، وكان معتزليا متظاهرا به، ولد في
يوم الأربعاء السابع والعشرين من شهر رجب سنة 467 بزمخشر وتوفي ليلة عرفة
سنة 538 بجرجانية خوارزم - وفيات الأعيان 4 / 254 - 260.
(2) عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي، من شيوخ الاعتزال، له
آراء تفرد بها، وتبعته فرقة سميت (البهشمية) نسبة إلى كنيته أبي هاشم، له
مصناف في الاعتزال، ولد سنة 247 وتوفي سنة 321 ه‍ ببغداد - الأعلام 4 / 130.
5

فإنها لا تسمى عبادة في شرعنا وإن اختصت بما ذكروه
وقد فصل شيخنا السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (1) قدس
الله روحه: عبادات الشرع خمس: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج
والجهاد (2)
وقال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي الطوسي المتأخر (3) رضي الله عنه
في الوسيلة: عبادات الشرع عشر أصناف، أضاف إلى هذه الخمس
غسل الجنابة والحيض، والخمس، والاعتكاف، والعمرة والرباط
وقال الشيخ أبو يعلى سلار (4) العبادات ست، أسقط الجهاد من
الخمس الأول وأضاف إليها الطهارة والاعتكاف

(1) شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي صاحب
التصانيف التي طبقت الآفاق شهرتها أمثال الإستبصار والتهذيب والفهرست
والرجال والتبيان في تفسير القرآن وغيرهما، تلمذ على الشيخ المفيد والسيد المرتضى
وغيرهما، وكان فضلاء تلامذته الذين كانوا مجتهدين يزيدون على ثلاثمائة من
الخاصة والعامة، ولد في شهر رمضان سنة 385 وتوفي في ليلة الثاني والعشرين من
شهر محرم سنة 460 ه‍ في النجف الأشرف ودفن في داره هناك - للكنى والألقاب
2 / 357 - 359.
(2) الجمل والعقود ص 3.
(3) الشيخ عماد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي،
المشهور ب‍ (ابن حمزة) المدفون بكربلاء، له كتاب الوسيلة وكتاب الواسطة
وكتاب الرائع في الشرائع وكتاب ثاقب المناقب وغيرها - أمل الآمل 2 / 285
الذريعة 11 / 66.
(4) أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي، ثقة جليل القدر عظيم الشأن فقيه
من تلامذة الشيخ المفيد والسيد المرتضى، من تصانيفه المقنع في المذهب والتقريب
في أصول الفقه والمراسم في الفقه وغيرها، توفي في شهر صفر سنة 448 وقيل
لست خلون من شهر رمضان سنة 463 ه‍ - أمل الآمل 2 / 127.
6

وقال الشيخ أبو الصلاح (1) العبادات عشر، أسقط الجهاد أيضا
من الخمس الأول وأضاف إليها الوفاء بالنذر والعهود والوعود، وبر الايمان
وتأدية الأمانة، والخروج من الحقوق، والوصايا وأحكام الجنائز، والاخلال
بالقبيح
أقول: إن العبادات كثيرة، والذي قد حصرت منها خمس وأربعين
قسما وهي: الطهارة وضوءا كان أو غسلا أو تيمما، وإزالة النجاسات
عن البدن والثياب، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج وما يتبعه،
والجهاد، والاعتكاف، والخمس، والعمرة، والرباطة، والوفاء بما عقد
عليه من النذر والعهد واليمين، وتأدية الأمانة والخروج من الحقوق
والوصايا، وزيارة النبي والأئمة عليهم السلام، وزيارة المؤمنين، وتلاوة
القرآن، والدعاء وما جرى مجراه من التسبيح وغيره، ومن أحكام الجنائز
قبل الموت وبعده، والسجود، والسلام على المؤمنين، ورد السلام عليهم
وصلتهم في المجالسة، والسعي في حوائجهم، والاشتغال بالعلوم العربية
إذا قصد بها الاجتهاد في الأحكام الشرعية وصحة التلفظ بالدعاء والأحكام
والقضاء بين الناس، والفتوى إذا كان من أهلها، وانتظار الصلاة قبل
دخول وقتها، فقد روي في باب الصلاة من كتاب التهذيب عن النبي صلى

(1) الشيخ تقي بن النجم الحلبي الشهير ب‍ (أبي الصلاح) كان من كبار
علماء الإمامية من معاصري شيخ الطائفة الطوسي، له تقريب المعارف وشرح الذخيرة
والكافي في الفقه والبرهان على ثبوت الايمان وغيرها من المؤلفات. الكنى
والألقاب 1 / 95.
7

الله عليه وآله وسلم (إنه كنز من كنوز الجنة) (1) والصبر، وانتظار
الفرج، والتوكل على الله، وكتمان المرض، وكظم الغيظ، والعفو عن
الناس، والاكتساب للعيال، والعتق، والتدبير، والمكاتبة، والوقف،
والحبس، والعمرى، والرقبى إذا قصد بها التقرب إلى الله تعالى
فصل
[في موجبات الوضوء]
موجب الوضوء ستة عشر شيئا: الحيض والاستحاضة والنفاس
ومس الأموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل وانقطاع
دم المستحاضة إذا وجب بها الوضوء دون الغسل والبول والغايط إذا
خرجا من الموضع المعتاد والريح والنوم الغالب على السمع والبصر
وما يزيل العقل والتميز والشك في الوضوء إذا تيقن الحدث قبل القيام
عن محله والاشتغال في فعل غيره والشك في الوضوء إذا تيقن الحدث
وتيقن الوضوء والحدث معا ولم يعلم السابق منهما والنذر لوضوء مندوب
وكذلك العهد واليمين
وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي - رحمه الله - في التهذيب: وقال
قوم أصحابنا من أصحاب الحديث يجب الوضوء من المذي إذا كان عن
شهوة واستدل بما رواه الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن
ابن علي بن يقطين عن أخيه الحسين عن أبيه علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن المذي أينقض الوضوء؟ قال: (إن

(1) التهذيب 2 / 237، وفيه (انتظار الصلاة بعد الصلاة كنز من كنوز
الجنة).
8

كان عن شهوة ينقض) (1).
والصحيح حمل هذا الخبر على الاستحباب لأن الإمامية مجمعون على
ترك العمل بمقتضاه وقد رجع الشيخ في سائر كتبه - كما ذكره في
التهذيب (2).
فإن قيل: ما ذكرتم من الشك والوضوء وتيقن الحدث معا يدخل
فيما تقدم من الأحداث فلا حاجة إلى ذكرها قسما آخر
قلنا لا نسلم ذلك لأنا لا نعلم يقينا أن حدثه باق بل بالشك وتيقن
الوضوء والحدث معا وعدم العلم بتقدير السابق منهما يوجب الوضوء
فصل
[في الوضوءات المستحبة]
الوضوءات المستحبات تسعة وثلاثون وضوءا: الوضوء على الوضوء
ووضوء الحائض إذا جلست في مصلاها تذكر الله تعالى ووضوء النوم لمن لا غسل
عليه ووضوء النوم لمن عليه الغسل والوضوء إذا توجه في حاجة
والوضوء المطلق والوضوء للصلاة قبل دخول الوقت والوضوء للنوافل
والوضوء مضافا إلى غسل الجنابة لخبر صحيح (3) وهو مذهب الشيخ أبي
جعفر في التهذيب والوضوء إذا أراد الجماع قبل أن يغتسل لأنه لا يؤمن

(1) انظر التهذيب 1 / 19.
(2) المصدر السابق 1 / 19.
(3) مروي عن سيف بن عميرة عن أبي بكر قال: سألت أبا جعفر عليه
السلام كيف أصنع إذا أجنبت؟ قال: اغسل كفيك وفرجك وتوضأ وضوء
الصلاة ثم اغتسل. انظر التهذيب 1 / 104.
9

أنه إذا جامع قبل أن يغتسل أو يتوضأ إذا حملت من ذلك الجماع أن
يجئ الولد مجنونا والوضوء لمن أراد يجامع امرأته وهي حامل لأنه
لا يؤمن إذا جامع قبل الوضوء أن يجئ الولد أعمى القلب بخيل اليد
والوضوء للطواف المسنون والوضوء للسعي والوضوء للوقوف بالمشعر
والوضوء للوقوف بعرفات والوضوء لرمي الجمار - وقال البصروي (1)
لا يجوز أن يرمى إلا على وضوء
والوضوء للتلبية والوضوء لدخول المساجد والوضوء عند دخول
الرجل بزوجته فإنه مستحب للرجل والمرأة معا والوضوء إذا قدم من
سفر قبل الدخول على أهله فقد قال الصادق عليه السلام: من قدم
من سفر فدخل على أهله وهو على غير وضوء فرأى ما يكره فلا يلومن
إلا - نفسه رواه أبو جعفر ابن بابويه (2) في كتاب المقنع
ووضوء الحاكم إذا جلس للقضاء بين الناس والوضوء لمن غسل
ميتا إذا أراد تكفينه قبل أن يغتسل والوضوء لمن كان جنبا إذا أراد
تغسيل الميت وبه قال الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه في كتاب من

(1) أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد بن خلف البصروي الفقيه الشاعر،
نقلوا آراءه الفقهية في كتب الفقه، قرأ الكلام على الشريف المرتضى، توفي سنة
443 ه‍، أمل الآمل 2 / 298، معجم البلدان 1 / 441.
(2) الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه
القمي، ولد بدعاء الإمام صاحب الزمان عليه السلام، كان ثقة جليل القدر بصيرا
بالأخبار ناقدا للآثار عالما بالرجال، وله نحو من ثلاثمائة مصنف منها كتاب من
لا يحضره الفقيه والمقنع وعلل الشرائع ومعاني الأخبار وغيرها، توفي بالري سنة
381 ه‍ - الكنى والألقاب 1 / 212.
10

لا يحضره الفقيه (1) ورواه في باب الزيادات من التهذيب: محمد بن أحمد
ابن يحيى عن إبراهيم بن هاشم عن نوح بن شعيب عن شهاب بن عبد ربه (2)
عن أبي عبد الله عليه السلام (3)
والوضوء لمن أراد أن يدخل الميت القبر جاء به خبر صحيح والوضوء
لمن أراد أن يجامع امرأته وقد غسل ميتا وبه قال الشيخ أبو جعفر ابن
بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه (4) وفي كتاب المقنع ووضوء الميت
مضافا إلى غسله على ما قال به بعض أصحابنا ومنهم من قال بوجوبه وهو
الصحيح جاءت به أخبار من جملتها خبر صحيح السند (5)
والوضوء لقراءة القرآن والوضوء لمس المصحف والوضوء لمس
كتابة المصحف وقال الشيخ أبو جعفر في التهذيب بوجوبه وهو قوي (6)
والوضوء من المذي بالخبر الصحيح المتقدم الذي رواه علي بن يقطين ولخبر
آخر رواه الحسين بن سعيد (7) عن محمد بن إسماعيل عن أبي الحسن موسى
عليه السلام (8) قال: سألته عن المذي؟ فأمرني بالوضوء منه (9).

(1) من لا يحضر 1 / 98.
(2) في نسخ الكتاب (هشام بن عبد ربه) والذي أثبتناه هنا موجود في
التهذيب، وانظر رجال الكشي ص 352.
(3) انظر التهذيب 1 / 488.
(4) من لا يحضر 1 / 98.
(5) انظر التهذيب 1 / 302 - 303.
(6) المصدر السابق 1 / 126.
(7) كذا في المطبوعة والاستبصار، وفي م و ح (الحسن بن سعيد).
(8) كذا في نسخ الكتاب، وفي الإستبصار (أبي الحسن الرضا).
(9) الإستبصار 1 / 92.
11

والوضوء قبل الأكل والوضوء بعد الأكل فقد روى أنهما يذهبان
الفقر جاءت الأخبار بالوضوء (1) وألفاظ الشارع تحمل على الحقائق الشرعية
وإذا وطئ الرجل جارية ثم أراد وطئ جارية أخرى قبل أن
يغتسل توضأ على ما رواه في التهذيب في باب زيادات النكاح: محمد بن
أحمد بن يحيى عن يعقوب عن ابن نجران (2) عمن رواه عن أبي عبد الله
عليه السلام (3)
والوضوء إذا أراد أن يكتب شيئا من القرآن على ما روي (4) والوضوء
من مصافحة المجوس على ما روي (5) والوضوء من القئ والوضوء من
الرعاف السائل والوضوء من التخليل الذي يسيل منه الدم وهذه الثلاثة
مذهب الشيخ الإستبصار وجاء بها خبران صحيحان (6)
وإعادة الوضوء إذا توضأ وكان قد نسي الاستنجاء وهو مذهب
الشيخ أبي جعفر في التهذيب وورد بها خبران صحيحان (7) وخبر آخر

(1) منها الخبر المروي في الكافي 6 / 290 حيث قال أبو عبد الله الصادق عليه
السلام لأبي حمزة الثمالي: (يا أبا حمزة الوضوء قبل الطعام وبعده يذهبان الفقر).
(2) كذا في التهذيب، وفي نسخ الكتاب (عن يعقوب بن بحران).
(3) التهذيب 7 / 459.
(4) في التهذيب 1 / 127: وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عن
الرجل أيحل له أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال: لا.
(5) في الإستبصار 1 / 89 في حديث عن الصادق: فسأله هل يتوضأ إذا
صافحهم - أي المجوس -؟ فقال: نعم إن مصافحتهم تنقض الوضوء.
(6) الإستبصار 1 / 83.
(7) الأول في التهذيب 1 / 50 عن سماعة، والثاني فيه أيضا 1 / 79 عن أبي
عبيدة الحذاء.
12

رواه عمار الساباطي (1)
والوضوء مما خرج من الذكر الاستبراء على ما رواه محمد بن
عيسى (2) وهو مذهب الشيخ في التهذيب
والوضوء إذا أراد أن يأخذ حصى الجمار على ما ذكره محمد بن محمد
البصروي في كتابه المعروف بالمفيد ثم قال بعد ذلك: لا يجوز أن يرمي
الجمار إلا على وضوء.
فصل
[في موجبات الغسل]
يجب الغسل في اثنين وعشرين موضعا: الغسل عند التقاء الختانين
سواء كان معه انزال أو لم يكن والغسل عند الوطئ في الدبر إذا كان
معه انزال بلا خلاف وإن لم يكن معه انزال فلا يجب الغسل لأن الأصل
براءة الذمة وهو مذهب الشيخ أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه وقد
روى ذلك أحمد بن محمد عن البرقي رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: إذا أتى الرجل المرأة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما وإن أنزل
فعليه الغسل ولا غسل عليها (3)
وقال السيد المرتضى قدس الله روحه وجماعة من أصحابنا واختاره ابن
إدريس: يجب الغسل سواء أنزل أو لم ينزل
والغسل عند انزال الماء الدافق بشهوة أو غير شهوة في حال الصحة
من المرض

(1) التهذيب 1 / 45.
(2) المصدر السابق 1 / 28.
(3) المصدر السابق 1 / 125.
13

والغسل عند انزال الماء بشهوة وإن لم يكن معه دفق إذا كان مريضا
والغسل عند وجود البلل عقيب غسل وجب بانزال الماء الدافق
لا بالتقاء الختانين وإن لم يكن البلل بدفق ولا شهوة إذا لم يبل ولم يجتهد
قبل الغسل وإن كان قد بال واجتهد فلا غسل عليه. والغسل عند وجود
المني على ثوب لم يشاركه فيه غيره سواء قام
من موضعه أو لم يقم بلا خلاف
والغسل عند وجود المني على ثوب يشاركه فيه غيره إذا وجده قبل
القيام من موضعه فإن وجده بعد القيام من موضعه لم يجب عليه الغسل
وقال المرتضى قدس الله روحه في الانتصار وابن إدريس في السرائر في
هذا القسم: لا يجب عليه الغسل سواء قام من موضعه أو لم يقم
وغسل الحائض إذا طهرت وغسل النفساء إذا طهرت وغسل
المستحاضة قبل انقطاع الدم إذا ثقب الكرسف ولم يسل وأغسال المستحاضة
الثلاثة قبل انقطاع دمها إذا ثقب الكرسف وسال وغسل المستحاضة
إذا انقطع عنها دم الاستحاضة إذا كان الدم ثقب الكرسف
وغسل الميت إذا كان مؤمنا وغسل مس الميت من الناس بعد
برده وقبل تطهيره بالغسل
وغسل من وجب عليه القود وغسل من وجب عليه الرجم وغسل
من وجب عليه الصلب وما وجب من الأغسال المسنونة بالنذر أو العهد
أو اليمين
فصل
[في الأغسال المسنونة]
الأغسال المسنونة خمسة وأربعون غسلا: غسل يوم الجمعة وغسل
14

ليلة النصف من شهر رجب ويوم النصف منه وليلة النصف من شعبان
وأول ليلة من شهر رمضان وكذلك كل ليلة مفردة منه على ما ذكره
الشيخ أبو جعفر رحمه الله في المصباح فمن ذلك غسل ثالث ليلة منه
وخامس ليلة منه وسابع ليلة منه وتاسع ليلة منه وحادية عشرة ليلة
منه وثالثة عشرة ليلة منه وليلة النصف منه وليلة سبع عشرة منه
وليلة تسع عشرة منه وليلة إحدى وعشرين منه وغسلان في ليلة ثلاثة
وعشرين منه غسل في أول الليل وغسل في آخر الليل - روى خبر في
التهذيب أن الصادق عليه السلام فعل ذلك (1)
وفي التهذيب في كتاب الصلاة في باب غسل رمضان: إن النبي
صلى الله عليه وآله اغتسل ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة
ثلاثة وعشرين حين غابت الشمس وصلى المغرب وصلى أربع ركعات (2)
وغسل أربعة وعشرين منه وليلة خمس وعشرين منه وليلة سبع وعشرين
منه وليلة تسع وعشرين منه وقد ذكر ذلك الشيخ محمد بن علي بن
قرة رضي الله عنه (3) في كتاب عمل شهر رمضان عن الصادق عليه السلام (4)
وغسل ليلة الفطر ويومها ويوم التروية ويوم عرفة ويوم الأضحى
ويوم الغدير ويوم المباهلة وهو اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة
وغسل الاحرام وغسل دخول الحرم وغسل دخول مكة وغسل

(1) التهذيب 4 / 331.
(2) المصدر السابق 3 / 64 - 66.
(3) كذا في نسخ الكتاب والصحيح أنه الشيخ أبو الفرج محمد بن علي بن
محمد بن محمد بن أبي قرة القناني - أنظر الذريعة 15 / 345.
(4) مذكور في الوسائل باب 14 من الأغسال المسنونة نقلا عن كتاب
الاقبال عن كتاب عمل شهر رمضان.
15

دخول كعبة وغسل دخول المدينة وغسل دخول مسجد النبي صلى الله
عليه وآله وسلم وغسل زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وغسل
زيارة الأئمة عليهم السلام وغسل من قتل وزغة وغسل من سعى إلى مصلوب
بعد ثلاثة أيام ليراه وغسل التوبة وغسل المولود وغسل قاضي صلاة
الكسوف إذا احترق القرص كله وتركها متعمدا وقال سلار بوجوبه
وغسل صلاة الحاجة وغسل صلاة الاستخارة
وقد روي أنه إذا أراد تغسيل الميت يستحب له أن يغتسل قبل
تغسيله وكذلك إذا أراد تكفينه
والحق المفيد قدس الله روحه في الرسالة استحباب الغسل لرمي
الجمار فقال: فليغتسل لرمي الجمار فإن منعه مانع فليتوضأ
فصل
[مواضع يجوز فيها التيمم]
يجوز التيمم في ثمانية عشر موضعا: إذا تضيق وقت الصلاة ولم يجد
المكلف الماء مع الطلب له وقال الشيخ أبو جعفر الحسين بن بابويه في
الرسالة: أنه يجوز في أول الوقت (1)
وإذا وجده وليس معه ثمنه وإذا وجده ومعه ثمنه لكنه يضر به
خروجه في الحال وإذا فقد آلة الماء وإذا كان مريضا وخاف من
استعماله التلف أو زيادة المرض وإذا خاف من استعماله على نفسه أو ماله
من سبع أو لص وإذا كان معه ماء متى استعمله أضر به العطش
وإذا احتلم في مسجد النبي تيمم للخروج سواء كان واجدا للماء في المسجد
أو غير واجد وكذا إذا احتلم في المسجد الحرام وإذا أحدث في زحام

(1) من لا يحضر 1 / 58.
16

يوم الجمعة أو يوم عرفة ولم يتمكن من الخروج تيمم وصلى وأعاد الصلاة
على ما رواه السكوني وذكره الشيخ في النهاية والشيخ أبو جعفر ابن بابويه
في كتاب من لا يحضره الفقيه إلا أنه قال: ولم يعد ذلك إذا انصرف (1)
وقال الفقيه محمد بن إدريس: لا يجوز ذلك
وإذا أراد الصلاة على الجنازة وهو محدث تيمم استحبابا وإذا
أراد النوم وثقل عليه الوضوء للنوم تيمم من فراشه استحبابا وإذا كان
الميت محترقا أو مجدورا وخيف من تغسيله تقطيع جلده بملاقاة الماء وجب
أن يتيمم والميت إذا لم يوجد الماء لتغسيله وجب أن يتيمم وإذا منع
البرد الشديد الغاسل من تغسيله ولم يكن هناك نار يسخن بها الماء وجب
أن يتيمم
وإذا مات الرجل بين نساء لا رحم له فيهن في موضع ليس فيه
رجال يممته النساء فإن كان فيهن ذات رحم غسلته من وراء الثياب
يصب عليه الماء صبا وإذا ماتت المرأة بين الرجال ولا رحم لها فيهم
في موضع ليس فيه نساء يممها الرجال. وروي أنهم يغسلون منها محاسنها
ويديها ووجهها (2) فإن كان لها فيهم ذو رحم غسلها من وراء الثياب
يصب عليها الماء صبا
فصل
[في النجاسات]
يحصل التنجيس باثنين وعشرين شيئا: المسكر على اختلافه خمرا

(1) من لا يحضر 1 / 60، التهذيب 1 / 185.
(2) روى في الكافي 3 / 159 عن مفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام
أنه قال في حديث: (يغسل بطن كفيها ووجهها ويغسل ظهر كفيها).
17

كان أو نبيذا أو بتعا أو مرزا (1) وقال الشيخ أبو الحسن علي بن بابويه
في الرسالة وابنه الشيخ أبو جعفر محمد بن علي في كتاب من لا يحضره
الفقيه وفي كتاب المقنع والحسن بن أبي عقيل (2) في كتاب المتمسك:
ولا بأس بأن يصلي في ثوب قد أصابه خمر لأن الله تعالى حرم شربها ولم
يحرم الصلاة في ثوب قد أصابته (3). وهذا القول خلاف الاجماع وقد
روى فيه عدة أخبار ضعيفة وروى ما يعارضها (4)
والفقاع ومباشرة الكافر رطبا والكلب والخنزير كذلك وعرق
الكلب والخنزير والكافر وما يخرج من أفواههم وأعينهم ومناخرهم وأجسادهم
من الدمع والبصاق واللعاب والمخاط والقيح وغير ذلك والمني من كل
حيوان ومباشرة الميتة رطبة كانت أو يابسة من غير الآدمي إذا كانت
لها نفس سائلة وكذلك أن كانت من الآدمي قبل تطهيره بالغسل
وعذرة ما لا يؤكل لحمه وبوله وذرقه سواء كان محرما بالأصل أو محرما

(1) البتع بكسر الباء وسكون التاء أو فتحها: نبيذ العسل، والمرز بكسر
الميم وسكون الراء: الشراب المتخذ من الشعير.
(2) هو أبو محمد الحسن بن أبي عقيل العماني الحذاء، وجه من وجوه أصحابنا
ثقة فقيه متكلم، وللفقهاء مزيد اعتناء ينقل أقواله وضبط فتاواه، وهو أول من هذب
الفقه واستعمل النظر - الكنى والألقاب 1 / 190.
(3) انظر من لا يحضر 1 / 43، فإن فيه كما هنا، ولكن قد صرح الصدوق
بعدم جواز الصلاة في ثوب أصابته الخمر في كتابه المقنع ص 25 حيث قال:
(وإياك أن تصلي في ثوب أصابه الخمر) فما نقل عن كتاب المقنع في هذا الكتاب
وهم واشتباه.
(4) انظر الإستبصار 1 / 189 - 192.
18

بالجلل وعرق الإبل الجلالة (1) وغيرها من الحيوانات وبه قال الشيخ
في النهاية ومعظم كتبه وجماعة من أصحابنا يدل على ذلك ما رواه أبو
القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد
ابن يحيى عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله - عليه السلام -
قال: لا تأكلوا من لحوم الجلالة وإن أصابك من عرقها فاغسله (2) وروى
مثل ذلك حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام (3)
والدم على اختلافه عدا دم البق والبراغيث والسمك وكل ما لا نفس
له سائلة وارتماس الجنب في البئر ينجسها على أصح القولين لخبر صحيح
يلزم منه تنجيسها رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل عن الفضل
ابن شاذان عن صفوان بن يحيى عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله
عليه السلام (4)
واشتباه الماء الطاهر بالماء النجس في الإنائين ولولا النص (5)
والاجماع لجاز القرعة فيهما
وقد ألحق الشيخ أبو جعفر بذلك عرق الجنابة من الحرام وإليه
ذهب المفيد في المقنعة (6) ورجع في الرسالة إلى ولده. والحق أيضا لبن

(1) الحيوانات الجلالة: التي تتغذى من النجاسات.
(2) التهذيب 1 / 263، الكافي 6 / 250 وفيه (هشام بن سالم عن أبي
حمزة) و (من لحوم الجلالات).
(3) التهذيب 1 / 263.
(4) الكافي 3 / 65، وفيه (منصور بن حازم عن ابن أبي يعفور).
(5) في الوسائل 1 / 116 الحديث 14.
(6) المقنعة ص 10.
19

الصبية معتمدا على ما رواه السكوني وهو عامي وليس فيما رواه دليل (1)
والحق أيضا الوزغة والعقرب وقال في الأول من المبسوط والأول من
الإستبصار: أن إراقة ما وقعا فيه مستحبة واستعماله مكروه (2) والحق أيضا
ذرق الدجاج مطلقا من غير تقييد بالجلل وقيده شيخنا رحمه الله بالجلل (3)
والصحيح أن هذه الأحكام الملحقة محمولة على الكراهية وأن الغسل فيها
مستحب لأني لم أقف على شئ من الأخبار يتضمن التنجيس والأمر بالغسل
ليس دليل فيه
فصل
[في المطهرات]
المطهرات خمسة عشر شيئا: الماء يطهر كلما ورد الشرع بغسله
والنار تطهر كلما يكون في القدر من اللحوم والتوابل والمرق إذا كانت
تغلى ووقع فيها مقدار أوقية دم أو أقل للخبر الصحيح (4) وبه قال الشيخ

(1) انظر رواية السكوني في التهذيب 1 / 250، والسكوني هو إسماعيل بن
أبي زياد، قال في الكنى والألقاب 2 / 285 - 286: إسماعيل بن أبي زياد الذي يكثر
الرواية عنه، واحتمل بعض تشيعه ووثقه المحقق الداماد والعلامة الطباطبائي...
وقال في المستدرك: وأما السكوني فخبره إما صحيح أو موثق، وما اشتهر من
ضعفه فهو كما صرح به بحر العلوم وغيره من المشهورات التي لا أصل لها، فإنا
لم نجد في تمام ما بأيدينا من كتب هذا الفن وما نقل عنه منها إشارة إلى قدح فيه
سوى نسبة العامية إليه في بعضها وهي غير منافية للوثاقة...
(2) الإستبصار 1 / 24.
(3) انظر المقنعة ص 10.
(4) مروي في التهذيب 1 / 279.
20

أبو جعفر في الثاني من النهاية وغيره من كتبه وإليه ذهب جماعة من
أصحابنا وقال محمد بن إدريس: لا يطهر
والعصير إذا صار أسفله أعلاه ولحرارته نقص نجس وحرم شربه
فإذا غلى بالنار وذهب ثلثاه وبقي ثلثه طهر وحل شربه
واللبن والجرار والكيزان وما أشبه ذلك إذا عمل من طين نجس
وفخر وكلما تحيله النار من الأشياء النجسة إذا صار رمادا والأرض تطهر
الخف والنعل من النجاسة والتراب يطهر إناء ولوغ الكلب مضافا إلى
الماء في المرة الأولى جاء به حديث صحيح يلزم منه ذلك (1) وهو مذهب
الشيخ أبي جعفر الطوسي وأكثر أصحابنا وقال شيخنا المفيد قدس الله
روحه: في المرة الثانية (2)
والحجر والمدر والخزف والخشب والخرق تطهر موضع
الاستنجاء إذا لم يتعد الغائط المخرج فإن تعدى فلا بد من غسله بالماء
ويستحب أيضا أن يضاف إلى الماء قبل استعماله الأحجار
والشمس تطهر الأرض والبواري إذا أصابها الماء النجس أو البول
النجس وطلعت عليها الشمس وجففتها وأما الحصر فلم أقف على خبر
بهذا الحكم فيها إلا من طريق العموم وهو ما رواه أبو بكر الحضرمي
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كلما أشرقت عليه الشمس فقد
طهر (3)
واستحالة الخمر خلا ونزح كل ماء البئر النجسة أو بعضه في الموضع

(1) التهذيب 1 / 225.
(2) المقنعة ص 9.
(3) التهذيب 1 / 273 و 2 / 377، والحديث في الموضعين عن أبي جعفر
عليه السلام.
21

الذي يجب فيه نزح الكل أو البعض
واجتماع المياه النجسة في موضع واحد مع بلوغها كرا وهو قول
سيدنا المرتضى قدس الله روحه وعبد العزيز بن البراج رضي الله عنه
وهو ضعيف
والايمان يطهر الكافر إذا أسلم واستبراء الجلال من الجلل على قول
فصل
[ما يجوز فيه الصلاة من اللباس]
يجوز الصلاة في تسعة وعشرين شيئا: القطن والكتان وجميع
ما ينبت من الأرض من الحشيش والنبات وجلد ما يؤكل لحمه إذا كان
مذكى فإن كان مما لا يؤكل لحمه أو كان ميتا فلا يجوز الصلاة فيه
دبغ أم لم يدبغ وصوفه وشعره ووبره وروثه وعظمه ميتا
كان أو مذكى والخز الخالص (1) والسنجاب (2) على قول وبه قال
الشيخ أبو جعفر في الأول من النهاية ومعظم كتبه وإليه ذهب جماعة
من أصحابنا

(1) الخز: ثياب تنسج من الإبريسم، والخز أيضا دابة من دواب الماء
تمشي على أربع تشبه الثعلب وترعى من البر وتنزل في البحر، لها وبر يعمل منه
الثياب، تعيش بالماء ولا تعيش خارجه، وليس على حد الحيتان. والثاني هو
المراد هنا.
(2) السنجاب: حيوان على حد اليربوع أكبر من الفأرة، شعره في غاية
النعومة، يتخذ من جلد الفراء، وهو شديد الختل، إن أبصر الانسان صعد الشجرة
العالية، وهو كثير في بلاد الصقالبة والترك، وأحسن جلوده الأزرق الأملس.
22

والحرير المحض للنساء في حال الاختيار مع الكراهة وللرجال عند
الضرورة
والثوب الإبريسم إذا كان سداه أو لحمته مما يجوز الصلاة فيه
والذهب للنساء إذا عمل منه ما يسترهن والحديد والصفر والرصاص
والنحاس والجوهر والصدف والطين والجص والنورة والخزف
والآجر والصخر والقرطاس والمسك والزباد والعنبر واللاذن (1)
والمن والغيم والثلج والملح جميع هذا إذا ستر العورة جازت الصلاة فيه
فصل
[فيما يكره فيه الصلاة]
تكره الصلاة في ثمانية وعشرين شيئا: الثياب السود إلا العمامة
والخف ويكره أيضا الاحرام فيها وقال أبو الصلاح: تكره الصلاة
في الثوب المصبوغ وأشدها كراهية الأسود ثم الأحمر والمشبع والمذهب
والموشح والمموه والملحم بالحرير والذهب والثوب الشفاف إذا كان تحته
ثوب آخر والثوب الواحد والسنجاب على قول الشيخ أبي جعفر في
الأول من النهاية وأكثر كتبه وإليه ذهب جماعة أصحابنا والصحيح
أنه لا يجوز وبه قال سيدنا المرتضى قدس الله روحه والشيخ أبو جعفر

(1) الزباد: الطيب، وهو وسخ يجتمع تحت ذنب دابة كالسنور تسمى الزيادة
ويسلت ذلك الوسخ المجتمع هناك بليطة أو بخرقة. والعنبر: ضرب من الطيب،
قيل أنه يخرج من قعر البحر فيأكله بعض دوابه لدسومته فيقذفه رجيعا فيطفو
على الماء فتلقيه الريح إلى الساحل. واللاذن واللاذنة: من العلوك، وقيل هو دواء
بالفارسية، وقيل هو ندى يسقط على الغنم في بعض جزائر البحر.
23

في الثاني من النهاية والأول من مسائل الخلاف وأبو الصلاح في الكافي
وهو اختيار الفقيه محمد بن إدريس
والثوب الذي فوق جلد الثعلب أو تحته. وقال الشيخ في النهاية
لا يجوز
والحرير المحض للنساء والعمامة بغير حنك والثوب المؤتزر به فوق
القميص والثياب المنقوشة بالتماثيل والقميص المكفوف بالديباج أو الحرير
المحض والثوب المشتمل به اشتمال الصماء (1) وثوب الحائض إذا كانت متهمة
وثوب شارب الخمر ومن لا يتحفظ من النجاسات إذا لم يعلم فيه نجاسة
وكلما لا يتم الصلاة فيه منفردا كالتكة والجورب والقلنسوة والنعل والخف
والسيف والمنطقة والخاتم والسوار والخلخال والدملج وما أشبه ذلك إذا
كان فيها نجاسة وجاء خبر مرسل يتضمن ما كان على الانسان أو معه
وفيه نجاسة (2) والخلاخل إذا كان لها صوت والأسورة كذلك واللثام
إذا لم يمنع من القراءة فإن منع كانت الصلاة فيه غير جائزة وروي
خبر: (أما على الأرض فلا وأما على الدابة فلا بأس) (3)
والخاتم إذا كان فيه صورة والنقاب للمرأة والقباء إذا كان مشدودا
إلا في حال الحرب وقال الشيخ المفيد: لا يجوز (4) وقال الشيخ في
التهذيب: ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه وسمعناها من الشيوخ مذاكرة

(1) اشتمال الصماء: أن يجلل الشخص جسده كله بالكساء أو بالإزار.
(2) في التهذيب 2 / 358 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس بالصلاة
في الشئ الذي لا تجوز الصلاة فيه وحده يصيبه القذر مثل القلنسوة والتكة والجورب.
(3) الإستبصار 1 / 397، التهذيب 2 / 229.
(4) المقنعة ص 25.
24

ولم أعرف به خبرا مسندا (1)
والتكة من الإبريسم المحض للرجال - على ما روي (2) وهو مذهب
أبي الصلاح
والتكة والقلنسوة إذا عملا من وبر ما لا يؤكل لحمه - على ما ذكره
في المبسوط وجاء به أحاديث والصحيح أنه لا يجوز الصلاة فيهما (3)
فصل
[في مواضع تكره للصلاة فيها]
يكره الصلاة في سبع وثلاثين موضعا مع الاختيار: وادي ضجنان
ووادي الشقرة والبيداء وذات الصلاصل (4) وعلى القير ورد به
خبر (5)

(1) التهذيب 2 / 232.
(2) الإستبصار 1 / 383، التهذيب 2 / 205 - 207.
(3) انظر الأحاديث في الإستبصار 1 / 383 - 385.
(4) ضجنان: جبل بناحية تهامة، وقيل جبيل على بريد من مكة وهناك
الغميم. ووادي الشقرة: موضع معروف في طريق مكة والبيداء: أرض مخصوصة
بين مكة والمدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكة. وصلاصل - بضم الاصاد الأولى -
ماء لعامر في واد يقال له الجوف به نخيل كثيرة ومزارع جمة، وصلاصل - بفتح
الصاد الأولى - ماء لبني أسمر من بني عمرو بن حنظلة. وكل هذه الأمكنة مواطن
العذاب ومغضوب عليها كما ورد في الأحاديث الكثيرة.
(5) عن الرضا عليه السلام انظر الإستبصار 1 / 397.
25

وبين المقابر إلا إذا كان بينه وبينها عشرة أذرع أمامه وعن يمينه
وشماله وخلفه - رواه عمار الساباطي في الجهات الأربع (1)
والأرض الرملة والسبخة (2) وجاء خبر صحيح في السبخة (3) فإن
كانت أرضا مستوية فلا بأس
ومعاطن الإبل (4) فإن كنسها ورشها بالماء زالت الكراهة ومرابط
الخيل والبغال والحمير والمزابل ومذابح الأنعام وقرى النمل وبطن
الوادي والحمامات وجواد الطرق (5) وبيوت الغائط وبيوت النيران
وبيوت المجوس والكنائس والوحل والثلج وعلى كديس الحنطة (6)
وإن كان مطمئنا وإليه ذهب الشيخ في التهذيب وجاء به خبر صحيح (7)
والموضع الذي يصلى فيه هو والمرأة معا إذا كانت بين يديه أو عن
يمينه أو عن شماله ولم يكن بينها وبينه عشرة أذرع على الصحيح من
المذهب وبه قال المرتضى في مصباحه وجماعة من أصحابنا وهو اختيار ابن
إدريس وذهب الشيخ أبو جعفر في الأول من النهاية إلى تحريمه
معتمدا في التحريم على ما رواه عمار الساباطي وهو فطحي (8) وقد روي

(1) الإستبصار 1 / 397.
(2) السبخة واحدة السباخ: وهي أرض مالحة يعلوها الملوحة ولا تكاد
تنبت فيها إلا بعض الأشجار.
(3) الإستبصار 1 / 395.
(4) معاطن الإبل: مباركها، أو مباركها حول الماء خاصة للشرب.
(5) الجواد جمع جادة، وهي وسط الطريق ومعظمه.
(6) كديس الحنطة: مجتمعها، والمراد هنا مخازنها.
(7) عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام - انظر التهذيب 2 / 309.
(8) التهذيب 2 / 231.
26

من طريق العدول ما يعارض رواية عمار (1) وأطلق ذلك الشيخ المفيد فقال
لا يجوز للمرء أن يصلي وامرأة تصلي إلى جانبه أو في صف معه ومتى
صلى وهي مسامتة له بطلت صلاته (2)
وبيوت الخمر والنيران والموضع الذي يكون فيه بين يدي المصلي
نار في مجمرة أو قنديل والموضع الذي يكون فيه بين يديه تماثيل غير
مغطاة والموضع الذي يكون فيه سلاح مشهر والموضع الذي يكون فيه
مصحف مفتوح وهو يحسن قراءته والموضع الذي فيه امرأة جالسة
والموضع الذي فيه انسان مواجه والموضع الذي في قبلته حائط ينز من
بالوعة يبال فيها والموضع الذي فيه نجاسة لا تتعدى إليه وقال أبو صلاح
لا يجوز الوقوف في الصلاة على الأرض النجسة ولا يجوز السجود بشئ من
الأعضاء السبع إلا على محل طاهر
وتكره الصلاة أيضا في سطح الكعبة في الفريضة خاصة دون النوافل
وبه قال الشيخ أبو جعفر في النهاية في باب ما يجوز الصلاة فيه من الثياب
والمكان وقال في باب النفر من منى وفي مسائل الخلاف: لا يجوز أن
يصلي الانسان الفريضة في جوف الكعبة مع الاختيار (3)
فصل
[المواضع التي تجوز العبادة فيها قبل دخول وقتها]
يجوز العبادة قبل دخول وقتها في خمسة عشر موضعا: نوافل الليل
في أوله للمسافر والشاب الذي يغلبه النوم لرطوبة رأسه آخر الليل ونافلة

(1) انظر التهذيب 2 / 230 - 232.
(2) انظر هذا القول في التهذيب 2 / 230، وفيه (بطلت صلاتهما).
(3) الخلاف 1 / 159.
27

الفجر قبل دخول وقت الفجر وقال بعض الأصحاب لا يجوز إلا بعد
طلوع الفجر والصحيح أن وقتها بعد صلاة الليل سواء كان قبل الفجر
أو معه أو بعده للخبر الصحيح (1)
وأذان الفجر قبل طلوع الفجر وقال ابن إدريس: وغسل يوم
الجمعة ويوم الخميس لمن يغلب على ظنه عوز الماء وكذلك غسل الاحرام
قبل الميقات إذا خاف عوز الماء
وطواف السعي والحج وطواف النساء ويجوز تقديم هذه الثلاثة
للمتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو مريضا أو امرأة تخاف الحيض جاءت
به أخبار
وطواف الحج وسعى الحج للقارن والمفرد مع عدم الشيخوخة والمرض
والخوف و الحيض ووجودها وطواف النساء لهما مع الشيخوخة والمرض
والحيض والخوف وروي في الطواف للمفرد ولم يتعرض بالقارن ولا
بالسعي عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد
عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن حماد بن عثمان عن أبي الحسن موسى
عليه السلام (2)
وصوم ثلاثة أيام للمتمتع بالعمرة إلى الحج من أول ذي الحجة في
دم المتعة لمن يتعذر عليه دم الهدي أو ثمنه - ذكره الشيخ في النهاية وغيرها
من كتبه على ما رواه سعيد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن
النعمان عن محمد بن بسنان عن عبد الله بن مسكان عن زرارة (3) عن أبي
عبد الله عليه السلام أنه قال: من لم يجد الهدي وأحب أن يصوم ثلاثة

(1) انظر التهذيب 2 / 132.
(2) الكافي 4 / 459، وفيه (عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه السلام)
(3) في التهذيب (سعد بن عبد الله) و (عن أبان الأزرق عن زرارة).
28

أيام من أول العشر) (1) وهذا الخبر لا يجوز العمل به لأن في سنده
محمد بن سنان وهو ضعيف وإلى ما قلنا ذهب ابن إدريس
ورمي الجمار بالليل للنساء والصبيان والخائف والرعاة والعليل
والعبيد فأما غير هؤلاء فلا يجوز لهم الرمي إلا بالنهار وكلما قرب من
الزوال كان أفضل - رواه في التهذيب في باب نزول المزدلف في الصبيان
والنساء عن محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد
عن الحسين بن سعيد عن أبي المعزا عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه
السلام (2) ورواه في الخائف في باب الرجوع إلى منى ورمي الجمار عن
الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله
عليه السلام (3) وروى سعد عن أبي جعفر عن العباس بن معروف عن علي
ابن مهزيار [عن الحسين بن سعيد عن زرعة عن سماعة بن مهران] عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: رخص للعبيد والخائف والراعي أن يرموا
ليلا (4)
وقد ألحق بعض أصحابنا بذلك نوافل يوم الجمعة إذا صليت قبل
الزوال وغسل من وجب عليه الرجم أو القتل أو الصلب
فصل
[في المواضع التي يستحب تأخير العبادة فيها]
يستحب تأخير العبادة عن أول وقتها في تسعة مواضع: صلاة الليل

(1) التهذيب 5 / 235.
(2) التهذيب 5 / 194.
(3) نفس المصدر 5 / 263.
(4) نفس المصدر والصفحة والزيادة منه، وفيه (والراعي في الرمي ليلا).
29

عن أول وقتها وهو انتصاف الليل إلى قرب الفجر وغسل يوم الجمعة
عن أول وقته وهو طلوع الفجر إلى قرب الزوال وصلاة العشاء الآخرة
إلى غيبوبة الشفق والوتيرة إلى بعد الفراغ من كل ما يتطوع به من الصلاة
عقيب العشاء الآخرة وصلاة المغرب والعشاء الآخرة ليلة الأضحى إلى
ربع الليل ليصليها بالمشعر وصلاة عيد الفطر قليلا عن أول وقتها وهو
طلوع الشمس ورمي الجمار أول وقته وهو طلوع الفجر إلى قرب
الزوال وزكاة الفطرة عن أول وقتها وهو غيبوبة الشمس ليلة عيد الفطر
إلى قرب الخروج إلى المصلى وتأخير الصلاة قليلا عن أول وقتها انتظارا
بها الجماعة وصلاة الظهر جاءت به في التهذيب في باب الأوقات
أحاديث (1)
فصل
[في علامات القبلة]
علامات القبلة ست عشرة علامة: لأهل العراق أربع: كون الشمس
عند الزوال على طرف حاجبه
الأيمن والشفق بحذاء المنكب الأيسر والجدي خلف المنكب الأيمن
والفجر بحذاء المنكب الأيسر
ولأهل الشام ست: بنات النعش حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى
والجدي خلف الكتف الأيسر وموضع مغيب سهيل على العين اليمنى
وطلوعه بين العينين والصبا على الخد الأيسر والشمال على الكتف الأيمن
ولأهل المغرب ثلاث: الثريا علي يمينه والعيوق على شماله والجدي
على صفحة خده الأيسر

(1) التهذيب 2 / 21.
30

ولأهل اليمن ثلاث: وقت طلوع الجدي بين عينيه وسهيل حين
يغيب على كتفيه والجنوب على موضع كتفه الأيمن
فصل
[المواضع التي يسقط استقبال القبلة فيها]
يسقط استقبال القبلة عن المكلف بها في حال الضرورة في ثلاثة عشر
موضعا: إذا لم يعلم جهتها ولا غلب على ظنه ذلك يصلي إلى أربع جهات
إذا كان الوقت واسعا فإن تضيق الوقت صلى إلى جهة واحدة والمصلي
صلاة شدة الخوف والمواجه للسبع إذا كان السبع في جهة القبلة ومن
يضيق عليه وقت الفريضة وهو على الراحلة ولم يتمكن من استقبال القبلة
ولا النزول والمصلي في السفينة إذا دارت السفينة فليدر معها وليجتهد
في استقبال القبلة فإن لم يتمكن من استقبال القبلة ولا الصلاة على الأرض
فليستقبلها بأول تكبيرة ثم يصلي والغريق المتوحل والسائح والأسير إذا
لم يتمكنوا من استقبال القبلة فليستقبلوها بأول تكبيرة ويصلون والمريض
إذا صلى مستلقيا علي قفاه مع عدم التمكن من الصلاة جالسا أو مضطجعا
على يمينه ومن يصلي على الراحلة نافلة يستقبل بأول تكبيرة القبلة ثم يصلي
حيث توجهت مع تمكنه من استقبال القبلة وعدم تمكنه والذابح إذا لم
يتمكن من استقبال القبلة وخاف فوت الذبيحة والثور إذا استعصى
والبعير إذا اغتلم ولم يقدر عليه جرى مجرى الصيد في رميه بالسهم أو السيف
أو الحربة ويسقط عن راميه استقبال القبلة.
31

فصل
[مواضع استحباب التوجه بالتكبيرات]
يستحب التوجه بالتكبيرات في سبعة مواضع: الأولة من كل فريضة
والأولة من نوافل الزوال والأولة من نوافل المغرب والأولة من الوتيرة
والأولة من صلاة الليل والمفردة من الوتر والأولة من ركعتي الاحرام
قال الشيخ أبو جعفر في التهذيب إشارة إلى سبعة مواضع: ذكر
ذلك علي بن بابويه في رسالته ولم أجد به خبرا مستندا (1) فصل
[مواضع استحباب قراءة سورة الجحد]
يستحب قراءة (قل يا أيها الكافرون) في سبعة مواضع: الأولة من
نوافل الزوال والأولة من نوافل المغرب والأولة من نوافل الليل
والأولة من نوافل الفجر وفي ركعتي الغداة إذا أصبح بها والأولة من
ركعتي الاحرام والأولة من ركعتي الطواف
فصل
[التكبيرات الواجبة والمستحبة في الصلوات الخمس]
التكبير في الصلوات الخمس خمس وتسعون تكبيرة: الواجب منها
خمس وهي تكبيرات الاحرام
[والمستحب منها تسعون] (2) وتفصيل ذلك: في الظهر اثنتان وعشرون

(1) التهذيب 2 / 94.
(2) الزيادة منا يستوجبها السياق.
32

تكبيرة وكذلك في العصر والعشاء الآخرة وفي المغرب سبع عشرة
تكبيرة وفي الصبح اثنتي عشرة تكبيرة في كل ركعة من الصلوات
المذكورات خمس تكبيرات: تكبيرة الركوع وتكبيرة السجدة الأولى
وتكبيرة رفع الرأس منها وتكبيرة السجدة الثانية [وتكبيرة رفع الرأس منها]
ويضاف إلى هذه الخمس التكبيرات في كل فريضة من الفرائض الخمس
تكبيرتان وهما: تكبيرة الاحرام وتكبيرة القنوت
وقال سلار رحمه الله: ومن أصحابنا من الحق تكبيرات الركوع
والسجود والقيام والقعود والجلوس في التشهدين والتسليم وهو الأصح في
نفسي وما عدا ذلك مسنون
فصل
[عدد التكبيرات في صلاة العيد]
التكبيرات في صلاة العيد عشرون تكبيرة: الواجب منها تكبيرة
الاحرام خاصة والبواقي تستحب وقد ذكر الشيخ ذلك في التهذيب
وتفصيل ذلك: تكبيرة الاحرام والتكبيرات الزوائد وهي تسع
وتكبيرات الركوع والسجود في الركعتين في كل ركعة خمس على ما تقدم
فصل
[عدد التكبيرات في صلاة الكسوف]
التكبيرات في صلاة الكسوف أربعة وعشرون تكبيرة: الواجب منها
تكبيرة الاحرام خاصة وعشر تكبيرات في الركوعات العشر وثمان
تكبيرات في السجدات الأربع وخمس تكبيرات للقنوتات الخمس
33

فصل
[التكبيرات الواجبة في الصلوات الواجبة]
التكبيرات الواجبة في الصلوات الواجبات عشرون تكبيرة: خمس
تكبيرات الاحرام في الفرائض الخمس وتكبيرة الاحرام في صلاة العيد
وتكبيرة الاحرام في صلاة الكسوف أو الخسوف أو الرياح السود الشديدة
أو الزلازل وخمس تكبيرات في صلاة الجنازة وتكبيرة الاحرام في
صلاة الجمعة وتكبيرة الاحرام في ركعتي الطواف الواجب وتكبيرة
الاحرام في الصلاة الواجبة بالنذر أو العهد أو اليمين
أما التكبير بمنى عقيب خمس عشرة صلاة أوله عقيب الظهر يوم
النحر فواجب أيضا وهو مذهب السيد المرتضى قدس الله روحه في
الانتصار وبه قال الشيخ أبو جعفر الطوسي في التبيان والاستبصار والجمل
وذهب في النهاية والمصباح إلى أنه ليس بواجب والدليل على وجوبه
قوله تعالى: (واذكروا في أيام معدودات) (1) أمر الله تعالى بالذكر
والأمر للوجوب والاجماع منعقد على أن الأيام المعدودات هي أيام
التشريق وأن الذكر هو التكبير فيها عقيب الصلوات المفروضات
وقال الشيخ أبو جعفر في الأول: إن الأيام المعدودات هي أيام
التشريق بلا خلاف حكاه في التبيان عن ابن عباس والحسن ومالك
وقال في النهاية: إنها عشر ذي الحجة وهو قول الفراء
ويدل أيضا على أن المراد بالآية التكبيرات أيام التشريق ما رواه محمد
ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن
محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل

(1) سورة البقرة آية 203.
34

(واذكروا الله في أيام معدودات) (1) قال: التكبير في أيام التشريق
من صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر من يوم الثالث (2)
ويدل أيضا على وجوب التكبير ما رواه حفص بن غياث عن أبيه
عن علي عليه السلام أنه قال: على الرجال والنساء أن يكبروا أيام التشريق
في دبر الصلوات (3)
فصل
[أنواع السجودات وأعدادها]
السجود على ضربين: واجب ومندوب
فالواجب أربعة أشياء: سجود الصلاة وسجود قضاء ما فاته من
سجدات الصلاة ناسيا وسجود السهو في الصلاة وسجود العزائم وهي
أربع سجدات: سجدة ألم تنزيل وهي قوله: (إنما يؤمن بآياتنا الذين
إذا ذكروا بها خروا سجدا) إلى قوله: (وهم لا يستكبرون) (4) وسجدة
حم وهي قوله تعالى: (ومن آياته الليل والنهار) إلى قوله: (إن كنتم
إياه تعبدون) (5) وسجدة النجم وهي قوله تعالى: (فاسجدوا لله
اعبدوا) (6) وسجدة اقرأ وهي قوله تعالى: (كلا لا تطعه والسجد واقترب) (7)

(1) سورة البقرة آية 203.
(2) الكافي 4 / 516.
(3) التهذيب 3 / 289.
(4) سورة السجدة آية 15.
(5) سورة فصلت آية 37.
(6) سورة النجم آية 62.
(7) سورة العلق آية 19.
35

والمندوب خمس عشرة سجدة: الفصل بين الأذان والإقامة وسجدة
الشكر وسجدة المتابعة للإمام ومعناه أنه رأى الإمام رافعا رأسه من الركوع
أو السجود وأراد الدخول معه في الصلاة سجد فإذا رفع الإمام رأسه
رفع هو رأسه وقام فاستقبل الصلاة
والسجود لمن دخل المسجد الحرام إذا قرب من الحجر الأسود
وسجدات ما عدا العزائم الأربع وهي إحدى عشرة سجدة: سجدة آخر
الأعراف وهي قوله تعالى: (ويسبحونه وله يسجدون) (1) وفي الرعد
وهي قوله تعالى: (ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها)
إلى (وبالآصال) (2) وفي النحل وهي قوله تعالى: (ولله يسجد ما في
السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) (3) وفي بني إسرائيل
وهي قوله تعالى: (ويخرون للأذقان سجدا يبكون ويزيدهم
خشوعا) (4) وفي مريم وهي قوله تعالى: (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن
خروا سجدا وبكيا) (5) وفي الحج سجدتان: الأولى قوله تعالى: (ألم
تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض) (6) والثانية
(يا أيها الذين آمنوا ا ركعوا واسجدوا) (7) وفي الفرقان وهي قوله

(1) سورة الأعراف آية 206.
(2) سورة الرعد آية 15.
(3) سورة النحل آية 42.
(4) سورة الإسراء آية 107.
(5) سورة مريم آية 58.
(6) سورة الحج آية 18.
(7) سورة الحج آية 77.
36

تعالى: (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن وزادهم نفورا) (1)
وفي النمل وهي قوله تعالى: (إلا يسجدوا لله الذي يخرج) (2) وفي
ص وهي قوله تعالى: (فخر راكعا وأناب) (3) وفي الانشقاق وهي قوله
تعالى: (وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) (4)
فصل
[مواضع وجوب سجدة السهو]
تجب سجدة السهو في ستة مواضع: إذا تكلم في الصلاة ناسيا
وإذا تكلم فيها متعمدا معتقدا أنه قد فرغ منها وإليه ذهب الشيخ أبو
جعفر في التهذيب في باب السهو في كل زيادة أو نقيصة (5) وسنورد
في آخر هذا الفصل ما يدل على ذلك
وإذا سلم في الأولين ناسيا وإذا ترك سجدة واحدة ولم يتذكر حتى
يركع أو يتشهد ويسلم في الثانية قضاها بعد التسليم وسجد سجدتي السهو
وإذا ترك التشهد الأول ولم يذكر حتى ركع في الثالثة قضاه بعد التسليم
وسجد سجدتي السهو وإذا شك بين الأربع والخمس وهو جالس تشهد
وسلم وسجد سجدتي السهو فإن كان قائما لم يركع قعد وتشهد وسلم
وصلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس فإن كان قد ركع ولم
يرفع رأسه أرسل نفسه من غير أن يرفع رأسه وفعل مثل ذلك فإن

(1) سورة الفرقان آية 60.
(2) سورة النمل آية 35.
(3) سورة ص آية 24.
(4) سورة الانشقاق آية 21.
(5) التهذيب 2 / 191 - 192.
37

كان قد رفع رأسه بعد شكه أو شك فيه قبل رفع رأسه ثم رفعه بطلت
الصلاة
والحق بهذا أربعة مواضع فقال ابن بابويه وسلار: من قعد
في حال القيام أو قام في حال القعود فعليه سجدتا السهو وقال أبو الحسن
علي بن بابويه في الرسالة: وإذا شككت فلم تدر أصليت ركعتين أم ثلاثا
وذهب وهمك إلى الأقل فابن عليه وتشهد في كل ركعة ثم اسجد سجدتي
السهو بعد التسليم
[وقال أيضا: وإن شككت فلم تدر أثلاثا صليت أم أربعا وذهب
وهمك إلى الأربع فاسجد سجدتي السهو] (1)
والأخبار المشار إليها:
سعد عن أيوب بن نوح عن علي بن النعمان الرازي قال: كنت
مع أصحاب لي في سفر وأنا إمامهم فصليت بهم المغرب فسلمت في الركعتين
الأولتين فقال أصحابي: إنما صليت بنا ركعتين فكلمتهم وكلموني
فقالوا: أما نحن فنعيد فقلت: لكنني لا أعيد وأتم بركعة فأتممت
بركعة ثم سرنا فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فذكرت له الذي كان من
أمرنا فقال: أنت كنت أصوب منهم فعلا إنما يعيد من لا يدري ما صلى (2)
الحسين بن سعيد عن فضالة عن القاسم بن بريد عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى ركعتين من المكتوبة فسلم وهو
يرى أنه قد أتم الصلاة وتكلم ثم ذكر أنه لم يصل غير ركعتين؟ فقال:

(1) كذا في ط و م، وفي ح هكذا: (وقال أبو الصلاح في الكافي: وإن
لحق في الصلاة ناسيا فعليه سجدتا السهو).
(2) التهذيب 2 / 181.
38

يتم ما بقي من صلاته ولا شئ عليه (1)
محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن بن علي بن فضال
عن عمرو بن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي
عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يذكر بعد ما قام وتكلم ومضى في
حوائجه أنه إنما صلى ركعتين في الظهر والعصر والعتمة والمغرب قال:
يبنى على صلاته فيتمها ولو بلغ الصين ولا يعيد الصلاة (2)
أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ثم سلم في الركعتين فسأله من خلفه: يا رسول الله أحدث في الصلاة
شئ؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: إنما صليت ركعتين فقال: اكذاك
يا ذا اليدين - وكان يدعى ذا الشمالين -؟ فقال: نعم فبنى على صلاته
فأتم الصلاة أربعا وسجد سجدتين لمكان الكلام (3)
الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير [عن جميل] قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم قام؟ قال: يستقبل
قلت: فما يروي الناس - فذكرت له حديث ذي الشمالين - فقال: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يبرح من مكانه (4)
وعنه [عن فضالة] عن الحسين بن [عثمان عن] سماعة عن أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (5)
وعن الحسن بن صدقة عن أبي الحسن الأول - عليه السلام - إن

(1) المصدر السابق 2 / 191، وفي ط (ثم ذكر أنه صلى ركعتين).
(2) المصدر السابق 2 / 192.
(3) المصدر السابق 2 / 345.
(4) المصدر السابق 2 / 345 - 346 والزيادة منه.
(5) المصدر السابق 2 / 346 والزيادتان منه.
39

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى وسلم في الركعتين الأولتين (1)
محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن يحيى المعاذي عن الطيالسي عن
سيف بن عميرة عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه
السلام: إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كل صلاة فاسجد سجدتين
بغير ركوع (2) هذا الخبر فيه حجة لما ذكره ابن بابويه فيمن شك بين
الثلاث والأربع
سعد بن عبد الله عن أبي جعفر عن محمد بن أبي عمير عن بعض
أصحابنا عن سفيان بن السمط عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تسجد
سجدتي السهو في كل زيادة ونقصان تدخل عليك (3)
عن حماد بن عثمان عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه
السلام أنه قال: إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت
فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو بغير ركوع ولا قراءة وتشهد فيهما
تشهدا خفيفا (4)
أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن
بعض أصحابنا عن سفيان بن السمط عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
تسجد سجدتي السهو في كل زيادة تدخل عليك أو نقصان (5)
محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد
عن مصدق بن صدقة عن عمار بن موسى الساباطي قال: سألت أبا عبد الله

(1) التهذيب 2 / 345.
(2) المصدر السابق 2 / 183.
(3) الإستبصار 1 / 361.
(4) الإستبصار 1 / 380.
(5) المصدر السابق 1 / 361.
40

عليه السلام عن السهو ما يجب فيه سجدتا السهو؟ فقال: إذا أردت أن
تقعد فقمت أو أردت أن تقوم فقعدت أو أردت أن تقرأ فسبحت أو أردت
أن تسبح فقرأت فعليك سجدتا السهو وليس في شئ مما يتم به الصلاة
سهو (1)
فصل
[الخطب الواجبة والمندوبة]
الخطب إحدى عشرة خطبة وهي على ضربين: واجب ومندوب
فالواجب خطبة الجمعة
والمندوب: خطبة عيد الفطر وخطبة عيد الأضحى والخطبة عند
أمر الإمام الناس بالصوم للاستسقاء قبل صلاة الاستسقاء والخطبة بعد
الفراغ من صلاة الاستسقاء والخطبة قبل يوم التروية يخبر الإمام الناس
فيها بمناسك الحج والخطبة يوم التروية والخطبة يوم عرفة قبل الأذان
للزوال ذكرها الشيخ أبو جعفر في الأول من مسائل الخلاف (2) والخطبة
بمنى يوم النحر إذا زالت الشمس بعد صلاة الظهر والخطبة بعد الزوال
يوم النفر الأول من منى ذكرها الشيخ أبو جعفر في الأول من مسائل
الخلاف أيضا (3) وخطبة النكاح

(1) التهذيب 2 / 353.
(2) انظر الخلاف 1 / 452.
(3) المصدر السابق 1 / 458.
41

فصل
[المواضع التي يجوز فيها المشي في الصلاة]
يجوز المشي في الصلاة في عشرة مواضع: إن وجد الإمام راكعا
وخاف فوات تلك الركعة وبينه وبين الصفوف قدر يزيد على مربض عنز
كبر وركع ومشى في ركوعه حتى يلحق بالصف وسجد وإن شاء ركع
وسجد في موضعه فإذا رفع الإمام رأسه رفع هو رأسه وقام ومشى في
صلاته حتى يلحق بالصف - منع المفيد من ذلك
ومن كان في صلاة الجماعة ورأي خللا في صف مشى ووقف في
ذلك الخلل والمرأة إذا جاء رجل أو رجال ووقفوا في صفها مشت
القهقرى ووقفت منفردة عن صف الرجال ومن رعف في الصلاة وأصاب
ثوبه أو بدنه منه قدر درهم فصاعدا جاز أن يمشي من غير أن يستدبر
القبلة ويغسل الدم ويتم الصلاة
ومن تضايقت عليه الصفوف جاز أن يمشي ليوسع على نفسه أو على
غيره ويقف منفردا أو يقف في صف غير ذلك الصف ومن كان في
دعاء الوتر وهو عطشان وعزم الصوم من الغد وأمامه قلة وبينه وبينها
خطوتان أو ثلاث مشى إليها وشرب منها قدر حاجته وعاد في الدعاء
- كذا رواه سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام بهذه الشروط
مقيدا في الباب الأخير من التهذيب (1) ورواه في الباب الأول علي بن
أبي حمزه وغيره عمن حدثه مطلقا (2)
والمسافر إذا جد به السفر ولم يتمكن من الوقوف في الصلاة صلى

(1) التهذيب 2 / 329.
(2) المصدر السابق 2 / 128.
42

ماشيا - جاءت به أحاديث في باب صلاة المسافر (1)
ومن كان في الصلاة ورأي حية أو عقربا جاز له أن يمشي إليها
ويقتلها ويتم الصلاة وروى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام
في الحية إذا كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها وإلا فلا (2)
ومن خاف ضياع مال أو إباق عبد أو اتلاف دابة أو هلاك صبي
جاز له أن يمشي في الصلاة ويستوثق في حفظ ذلك ويرجع فيتم صلاته
فإن لم يتمكن إلا بقطع الصلاة قطعها والمتيمم إذا صلى ركعة واحدة
وأحدث ما به ينتقض التيمم من غير تعمد ثم وجد الماء جاز له أن يمشي
إليه ويتوضأ ويبني على صلاته ما لم يتكلم أو يستدبر القبلة - جاء به حديثان
صحيحان (3) وإليه ذهب الشيخ أبو الحسن علي بن بابويه في الرسالة والشيخ
أبو جعفر الطوسي في كتبه لكنه لم يقيده بصلاة ركعة
ومن كان في موضع مغصوب وتضيق عليه وقت الصلاة صلى ماشيا
ايماء وخرج من ذلك الموضع إذا تمكن من الخروج
فصل
[الموضع التي يكره فيها الكلام]
يكره الكلام في ستة عشر موضعا: في حال الجماع وحال الغائط
وحال البول إلا بحمد الله تعالى وقراءة آية الكرسي فيما بينه وبين نفسه
وحكاية الأذان والإقامة إذا سمعهما فيما بينه وبين نفسه أيضا والدعاء المروي

(1) المصدر السابق 3 / 299.
(2) التهذيب 2 / 331.
(3) انظر التهذيب 1 / 205، الإستبصار 1 / 168.
43

عند شدة الزحير (1)
وحال الأكل إلا بحمد الله تعالى وخلال الإقامة وهو فيها أشد
كراهية من الأذان وغيبوبة الشمس إلى غيبوبة الشفق إلا بذكر الله
تعالى ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس إلا بذكر الله تعالى وحال
الطواف وحال السعي وحال الاعتكاف إلا بذكر الله تعالى أو ما لا بد
منه وحالة استماع القرآن وفي الفراش وهو مع امرأته إذا كان جنبا
فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي من كان جنبا في الفراش
مع امرأته فلا يقرأ القرآن فإني أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء
فتحرقهما (2)
وفي المساجد برفع الصوت وانشاد الشعر وايراد قصص الجاهلية
ورطانة العجم (3) وخلال دعاء أم داود وإذا قال المؤذنون (قد قامت
الصلاة) كره الكلام إلا ما يتعلق بتسوية الصفوف أو تقديم إمام يصلي
بالجماعة وحرمه الشيخ في النهاية معتمدا على خبرين ضعيفين (4) والصحيح
أنه مكروه
ويكره الكلام في حال خطبة صلاة الجمعة وإليه ذهب الشيخ
أبو جعفر في المبسوط وذهب في النهاية ومسائل الخلاف إلى تحريمه
ولم أقف من طريق أصحابنا على خبر يقتضي التحريم

(1) الزحير والزحار: استطلاق البطن والتنفس بشدة أو وجع البطن ووجود
الدم في الرجيع.
(2) من لا يحضر 3 / 359.
(3) الرطانة تفتح الراء وكسرها: الكلام بالأعجمية تقول رطنت له وراطنته
إذا كلمته بها.
(4) انظر التهذيب 2 / 55.
44

فصل
[عدم وجوب قضاء ما فات من الصوم]
لا يجب على سبعة قضاء ما يفوتهم من الصوم الواجب: المريض إذا استمر به
المرض من رمضان إلى رمضان آخر وأكثر من ذلك ثم برئ لا يقضي الأول
بل يكفر عن كل يوم بمد من طعام فإن برئ فيما بينهما ولم يقض ثم
مرض ولحقه رمضان آخر وهو مريض قضى الأول كله إن كان قد
تمكن من قضاء الكل فيما مضى أو بعضه إن كان قد تمكن من قضاء
البعض وتصدق عن كل يوم بمد من طعام وقضى الثاني إن كان تمكن
من قضائه
ومن فاته رمضان أو شئ منه بمرض ومات فيه سواء استمر به
المرض إلى رمضان آخر أو لا يستمر لا يجب القضاء عنه بل يستحب لوليه
أن يقضي عنه ولا كفارة هنا
والمتمتع إذا عدم الهدي أو ثمنه وأحل المحرم ولم يكن صام الأيام
الثلاثة في الحج لا يجوز له الصوم بل يجب عليه الهدي ويستقر في ذمته إلى
أن يتمكن منه والكافر والشيخ الكبير والمرأة الكبيرة العاجزان عنه ومن به
العطاش لا يرجى زواله (1)
فصل
[ما يكره فعله في الليل]
يكره في الليل خمسة وعشرون شيئا: الكلام بعد صلاة المغرب حتى

(1) العاشر بضم العين: داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى.
45

يصلي نافلة المغرب والكلام بعد صلاة العشاء الآخرة والنوم قبل أن
يصلي عشاء الآخرة - روى ذلك في كتاب من لا يحضره الفقيه في نوادر
الطلاق عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (1)
والنوم على سطح ليس بمحجر ليلا ونهارا والنوم في البيت وحده
ليلا ونهارا والنوم بالليل ويده غمرة (2) فقد روي عن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم: لا يبيتن أحدكم ويده غمرة فإن فعل ذلك فأصابه لمم
الشيطان فلا يلومن إلا نفسه (3)
والنوم بعد صلاة الليل حتى تطلع الشمس والسهر إلا بمذاكرة العلم
والتخويف من الله تعالى وذهب أبو الصلاح إلى تحريمه
وصيد السمك وصيد الوحش وأخذ الفراخ من العش ليلا ونهارا
والذباحة إلا إذا خيف فوت الذبيحة وشرب الماء قائما لأنه يورث
الاستسقاء (4) وأما في النهار فلا يكره بل قد روى أنه أصح للجسد (5)
وانشاد الشعر ويتأكد ذلك في ليلة الجمعة ويومها وخصه أبو الصلاح
بالغزل وروي في باب سنن الصيام من التهذيب كراهية الشعر من الصائم

(1) من لا يحضر 3 / 363.
(2) الغمر بالتحريك: ريح اللحم والزهونة، واليد الغمرة: الوسخة التي
لها رائحة كريهة.
(3) من لا يحضر 4 / 5. واللمم جمع اللمة، وهي بمعنى الهمة، وهي تقع
في القلب، فما كان من خطرات الخير ينسب إلى الملك وما كان من خطرات الشر
ينسب إلى الشيطان.
(4) الاستسقاء: داء يسبب تجمع ماء أصفر في البطن.
(5) في الكافي 6 / 382 عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شرب الماء من
قيام بالنهار أقوى وأصح للبدن.
46

والمحرم وفي الحرم وفي يوم الجمعة (1)
وأن يروى بالليل وعمل جميع الصنائع لأن الله تعالى لا يبارك فيه
على ما روي والسير في أول الليل والدفن والصرام والجذاذ (2) والحصاد
ودخول مكة ودخول المسافر إلى أهله والوليمة وعقد النكاح في
ليلة يكون القمر في برج العقرب ويومها وكذلك السفر
[ويكره الجماع في عشرة مواضع: في الليلة التي يسافر في صبيحتها
وليلة قدومه من السفر وأول ليلة من الأشهر إلا شهر رمضان وليلة
النصف من كل شهر وآخر ليلة من الشهر لأنه لا يؤمن من الجنون
وقد روي في كتاب من لا يحضره الفقيه: يا علي لا تجامع امرأتك في أول
الشهر ووسطه وآخره فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها] (3)
وفي محاق الشهر فقد روي أيضا عن أبي الحسن عليه السلام أنه
قال: من أتى في محاق الشهر أهله فليسلم لسقوط الولد (4)
وليلة خسوف القمر ويوم كسوف الشمس وليلته والليلة التي فيها
ريح صفراء أو حمراء أو سوداء أو زلزلة حالة الريح والزلزلة وكذلك
في اليوم الذي يكون فيه ذلك وفيما بين غروب الشمس إلى مغيب الشفق
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: وأيم الله
لا يجامع أحد في هذه الساعات التي وصفت فرزق من جماعه ولدا وقد سمع

(1) التهذيب 4 / 195.
(2) الصرام: قطع الثمرة واجتناؤها من النخلة والجذاذ بفتح الجيم وكسره
الصرم، يقال: جذ النخل: إذا صرمه.
(3) القطعة الموضوعة بين القوسين كانت مشوشة في نسخ الكتاب جدا،
وانظر الحديث في كتاب من لا يحضر 3 / 359.
(4) من لا يحضر 3 / 255.
47

هذا الحديث فيرى ما يحب (1)
قال المصنف: المراد بالساعات من ليلة خسوف القمر إلى آخر هذه
الأقسام
وإن كان هناك ضرورة زالت الكراهة في جميع قدمناه
فصل
[عدد الصدقات الواجبة]
يجب الصدقة بستة عشر شيئا: زكاة الأموال التسعة وهي: الحنطة
والشعير والتمر والزبيب والإبل والبقر والغنم والذهب والفضة
إذا حصلت شروط الزكاة
والفطرة الواجبة على من كان عنده نصاب من الأموال التسعة المذكورة
وهدي القارن وهدي المتمتع وهدي المصدود بالعدو عن الحج
وهدي المحصور بالمرض عنه ولقطة الحرم بعد تعريفها سنة والكفارات
الواجبة وثمن تراب الصياغة إذا لم يعرف صاحبه فإن عرفه وجب
تسليمه إليه
ودية رأس الميت إذا قطع بعد موته ودية ما قطع من أعضائه
ودية جرحه وقيمة العبد إذا قتله مولاه تؤخذ ويتصدق بها جاء به
حديث عن أبي عبد الله (2) في سنده سهل بن زياد وهو

(1) المصدر السابق 3 / 255.
(2) التهذيب 10 / 235.
48

ضعيف (1) ومحمد بن الحسن بن شمون وهو غال (2) والمعتمد في ذلك
اجماع الإمامية
وإذا وطئ الانسان ما يركب على ظهره مما لا يقع عليه الزكاة في
الأغلب كالفرس والبغل والحمار وما أشبه ذلك وجب عليه التعزير وقيمته
لمالكه واخراج ذلك الحيوان إلى بلد آخر وبيعه وتصدق ثمنه - على ما ذكره
الشيخ المفيد في المقنعة وأبو جعفر الطوسي ومصنف الوسيلة في الوسيلة ولم أقف
في التهذيب وغيره على حديث يتضمن تصدقه بثمنه وقال الشيخ محمد بن
إدريس: ثمنه لمن غرم
وإذا حلف الانسان أو نذر أو عاهد الله تعالى أن يتصدق بشئ
وجب عليه أن يتصدق به إذا كان الأولى الصدقة به فإن لم يكن كذلك
فلم يجب عليه ذلك
والربا وغيره من المغصوب إذا علم الانسان مقداره ولم يعلم صاحبه
يجب الصدقة به فإن علم صاحبه رده إليه وإن لم يعلم مقداره صالحه
عليه وإن لم يعلم صاحبه ولا علم مقداره أخرج منه الخمس إلى مستحق
الخمس وحل له التصرف في الباقي

(1) أبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي من أصحاب أبي الحسن الثالث
عليه السلام، اختلف قول الشيخ الطوسي فيه فقال في موضع أنه ثقة وقال في عدة
مواضع أنه ضعيف، وقال النجاشي أنه ضعيف في الحديث غير معتمد فيه، وقال
ابن الغضائري إنه كان ضعيفا جدا فاسد الرواية والمذهب - انظر رجال العلامة
ص 228 - 229.
(2) محمد بن الحسن بن شمون أبو جعفر البغدادي واقف ثم غلا، وكان
ضعيفا جدا فاسد المذهب، وأضيف إليه أحاديث في الوقف - رجال النجاشي
ص 258.
49

فصل
[مواضع استحباب الصدقة]
يستحب الصدقة ثمانية وعشرين موضعا: الصدقة عن نوافل الليل
ونوافل النهار عن كل ركعتين بمد لكل مسكين فإن لم يقدر على ذلك
فمد لكل أربع ركعات فإن لم يقدر فمد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار
وزكاة مال التجارة على الصحيح من المذهب وقال جماعة من
أصحابنا بوجوبها
وزكاة ما يدخل المكيال والميزان من الحبوب إذا بلغ كل جنس النصاب
عدا الأجناس التسعة المتقدم ذكرها
وزكاة مال الدين إذا كان تأخيره في ذمة المستدين من قبل من له
الدين فإذا بذله المستدين وامتنع المدين من قبضه تعين له وكان أمانة في
يد المستدين فإذا حال عليه الحول وجبت فيه الزكاة إذا حصلت شروط
الزكاة وبلغ نصابا من الذهب والفضة أو الإبل أو البقر أو الغنم خاصة
وزكاة الخيل السائمة (1) إذا حال عليها الحول: في العتيق (2) ديناران
وفي البرذون (3) دينار واحد
وزكاة الحلي المحرم لبسه مثل حلي النساء على الرجال وحلي الرجال
على النساء والفطرة لمن لا يجد النصاب من الأموال التسعة وزكاة المال
الغائب إذا لم يتمكن منه ومضى عليه حول أو أحوال يستحب له إذا عاد
إليه أن يزكيه لسنة واحدة

(1) السائمة: الخيل التي ترعى.
(2) الفرس العتيق: النجيب الرائع.
(3) البرذون بكسر الباء وفتح الذال: التركي من الخيل، والجمع البرادين.
50

وزكاة سبائك الذهب والفضة إذا كان قربها من النار قبل أن يحول
عليهما الحول وهما مضروبان دراهم ودنانير
والصدقة بالضغث من الثمار (1) يوم صرامها وجذاذها والصدقة
بالجفنة (2) أو الجفنتين من الغلات يوم حصادها والصدقة عند صلاة الحاجة
وهي ستون صاعا على كل مسكين صاع جاء به خير صحيح في باب
الأغسال المسنونة من التهذيب (3)
والصدقة يوم الجمعة والصدقة يوم عرفة والصدقة يوم العيدين
والصدقة يوم الغدير روى في التهذيب: أن الدرهم فيه بألف ألف درهم (4)
والصدقة بكفن الميت إذا كان فقيرا والصدقة على المؤمن بما يتمكن
من أداء الواجب وفعل المندوب والتوسع على عياله والصدقة عند
المرض والصدقة عند خوف السلطان أو عدو والصدقة عند الخروج
إلى السفر والصدقة بالتمر إذا فرغ من الحج وأراد الخروج من مكة
يستحب له أن يشتري بدرهم تمرا ويتصدق به والأضحية والشاة إذا
حلق رأسه والشاة إذا أراد أن يدخل البيت قبل أن يحلق بعد الاحلال
من العمرة التي يتمتع بها إلى الحج على أصح القولين والشاة إذا نسي التقصير
حتى يهل بالحج على أصح القولين

(1) الضغث: قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس، والمراد هنا قبضة
من الثمار.
(2) الجفنة: القصعة الكبيرة.
(3) التهذيب 1 / 117.
(4) المصدر السابق 6 / 24، وفيه (والدرهم فيه بألف درهم لإخوانك
العارفين).
51

والصدقة على السائلين على الأبواب والصدقة بوزن شعر المولود
ذهبا أو فضة يوم السابع من ولادته والعقيقة وذهب المرتضى إلى وجوبها
والصدقة على المكاتب وقال الشيخ في مسائل الخلاف: إذا كاتب
عبده وكان السيد يجب عليه الزكاة وجب عليه أن يعطيه شيئا من زكاته
يحتسب به من مال مكاتبته وإن لم يكن ممن وجب عليه الزكاة كان ذلك
مستحبا
فصل
[مناسبات الصدقة في استحقاق الثواب]
يناسب الصدقة في استحقاق الثواب خمسة عشر شيئا: النفقة على
الفقير من ذوي رحمه قدر كفايته وكفاية عياله إذا لم يكن له وارث غيره
والوصية للمملوك الذي وطئ أمة في القبل وهي حامل به من غيره
قبل أن يمضي له أربعة أشهر وعشرة أيام إذا لم يعزل عنها
والوليمة عند القدوم من الحج والوليمة عند النكاح فقد روي
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن من سنن المرسلين الاطعام
عند التزويج (1)
والوليمة عند النفاس والوليمة عند الختان والوليمة عند شراء
الدار والوصية للوالدين والوصية لمن لا يرث من ذوي نسبه والوصية
للأجانب ودية النطفة وهي عشرة دنانير بالعزل عن زوجته الحرة العاقلة
العفيفة يسلمها إليها على أصح القولين وقال جماعة من أصحابنا بوجوبها
واطعام الضيف والهدية والمكافأة على الهدية والتوسع على العيال
بما زاد على النفقة الواجبة

(1) الكافي 5 / 367.
52

فصل
[العمرات الواجبة]
العمرات الواجبة عشرة: عمرة التمتع وعمرة القارن وعمرة المفرد
والعمرة التي تؤدى عن العمرة التي أفسدها وعمرة من فاته الوقوف
بالموقفين والعمرة الآتية من قابل لمن أفسد حجه والعمرة المندوبة إذا
دخل فيها والعمرة لمن دخل مكة في حاجة وتسقط هذه العمرة عن
المرضى والحطابة والعمرة التي استؤجر عليها والعمرة الواجبة بالنذر
أو العهد أو اليمين
فصل
[مواضع وجوب البدنة]
يجب البدنة (1) في ثمانية وعشرين موضعا: إذا جامع المحرم قبل
وقوفه بعرفه في القبل وجب عليه بدنة والحج من قابل وإذا جامع فيما
دون الفرج وجب عليه بدنة ولا يجب الحج من قابل وبه قال الشيخ
أبو جعفر في النهاية ومسائل الخلاف وجاءت به أخبار صحيحة (2) وذهب
سيدنا المرتضى علم الهدى قدس الله روحه وابن إدريس إلى أن الجماع وإن
كان في الدبر وجب أيضا الحج من قابل

(1) البدنة جمع البدن، وتجمع على بدنات أيضا، سميت بذلك لعظم بدنها
وسمنها، وتقع على الجمل والناقة والبقرة عند جمهور أهل اللغة وبعض الفقهاء،
وخصها جماعة بالإبل خاصة، ومنهم المؤلف في هذا الكتاب، وهي في السن ماله
خمس سنين ودخل في السادسة.
(2) التهذيب 5 / 318، الإستبصار 2 / 192.
53

وإذا جامع قبل وقوفه بالمشعر في القبل وجب عليه بدنة والحج من
قابل وجاء به حديث صحيح (1) وقال بعض أصحابنا: لا يجب عليه الحج
من قابل وهو الذي يلوح من قول أبي الصلاح
وإذا جامع قبل أن يطوف طواف الزيارة في القبل كان أو في الدبر وجب
عليه بدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فشاة
وإذا جامع قبل أن يطوف طواف النساء أو قبل أن يطوف منه
أربعة أشواط وجب عليه بدنة فإن كان قد طاف منه أربعة أشواط فلا
شئ عليه وروى به خبر صحيح (2) وقال ابن إدريس: يجب عليه طاف
أربعة أشواط أو لم يطف
وإذا جامع في العمرة المفردة قبل الفراغ منها وجب عليه بدنة وأبطلت
عمرته ووجب عليه المقام بمكة إلى الشهر الداخل فإذا دخل الشهر خرج
إلى بعض المواقيت فأحرم بعمرة
وإذا جامع بعد الفراغ من العمرة التي يتمتع بها إلى الحج قبل التقصير
وجب عليه بدنة وروي بذلك خبر صحيح (3) وقال الحسن بن أبي عقيل:
فإن جامع الرجل في عمرته بعد أن طاف لها وسعى قبل أن يقصر فعليه
بدنة وعمرته تامة أطلق رحمه الله العمرة
وإذا جامع قاهرا زوجته على الجماع وقد أحل من احرامه ولم تحل
هي وجب عليه البدنة دون زوجته
وإذا جامع المحل أمته المحرمة بإذنه وجب عليه البدنة فإن لم يتمكن
من البدنة وجب عليه شاة وروي: أنه إن كان موسرا فعليه بدنة وإن

(1) الكافي 4 / 378، من لا يحضر 2 / 212.
(2) التهذيب 5 / 322 - 324.
(3) المصدر السابق 5 / 162.
54

شاء بقرة وإن كان معسرا فعليه دم شاة - رواه صباح الحذاء عن
إسحاق بن عمار عن أبي الحسن موسى عليه السلام (1)
وإذا عبث بذكره فأمنى وجب عليه بدنة ولا يجب عليه الحج من
قابل وبه قال الشيخ أبو جعفر في الأول من الإستبصار والأول من
مسائل الخلاف وهو اختيار ابن إدريس وقال في النهاية: يجب عليه
الحج من قابل روى به خبر ضعيف رواه صباح الحذاء عن إسحاق
ابن عمار عن أبي الحسن موسى عليه السلام (2)
وإذا أمنى المحرم بالنظر بشهوة إلى زوجته وجب عليه بدنة وهو
مذهب أبي الصلاح
وإذا أمنى المحرم بالنظر بشهوة أو غير شهوة إلى غير زوجته وجب
عليه بدنة فإن لم يتمكن من البدنة كان عليه بقرة وإن لم يتمكن من
البقرة كان عليه دم شاة - هكذا ذكره الشيخ في النهاية مرتبا ولم أقف
على خبر بالترتيب في البقرة بل في الشاة (3) روى ذلك موسى بن القاسم
عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أن عليه جزورا (4)

(1) المصدر السابق 5 / 320.
(2) المصدر السابق 5 / 324.
(3) يفهم الترتيب المذكور في النهاية مما رواه إسحاق بن عمار عن أبي
بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نظر إلى سابق امرأة فأمنى؟
قال: إن كان موسرا فعليه بدنة وإن كان بين ذلك فبقرة (وفي التهذيب وسطا
فعليه بقرة) وإن كان فقيرا فشاة... راجع الكافي 4 / 377، التهذيب 5 / 325
(4) الجزور بفتح الجيم: هي من الإبل خاصة ما كمل خمس سنين ودخل في
السنة السادسة، يقع على الذكر والأنثى.
55

أو بقرة فإن لم يجد فشاة (1)
وإذا قبل امرأة بشهوة فأمنى وجب عليه بدنة فإن لم يتمكن فعليه
شاة بشهوة كان أو غير شهوة وإليه ذهب ابن إدريس وجاء به خبر
رواه مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام (2) ولم يقيده الشيخ
في النهاية بالامناء بل أطلقه
وإذا لاعب المحرم امرأته فأمنى وجب عليه بدنة لما رواه الحسين
ابن سعيد عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه
السلام (3) وفي النهاية لم يعتبر الامناء بل أطلقه
وإذا عقد المحرم لمحرم آخر على زوجه فدخل بها وجب عليه وعلى
العاقد بدنة وإذا عقد المحل لمحرم على امرأة فدخل بها العاقد وكانا عالمين
وجب على كل واحد منهما بدنة وعلى المرأة إن كانت محرمة وكذلك أن
كانت محله وعلمت بأن الذي تزوجها محرم على ما رواه سماعة في التهذيب
في كتاب كفارة خطأ المحرم (4)
وإذا جادل المحرم ثلاث مرات كاذبا وجب عليه بدنة جاء به خبر
صحيح (5)

(1) التهذيب 5 / 325.
(2) المصدر السابق 5 / 326، الكافي 4 / 376 وفيهما (مسمع بن أبي سيار)
هو متحد مع مسمع بن عبد الملك - انظر رجال النجاشي ص 329.
(3) التهذيب 5 / 324 وفيه (قال سألت أبا الحسن عليه السلام) والكافي
4 / 376 وفيه (محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن عبد الرحمن بن الحجاج
قال: سألت أبا الحسن عليه السلام).
(4) التهذيب 5 / 330 - 331.
(5) المصدر السابق 5 / 335.
56

وإذا أفاض من عرفات قبل غيبوبة الشمس وجب عليه بدنة فإن
لم يقدر وجب عليه صيام ثمانية عشر يوما أما في الطريق أو إذا رجع إلى
أهله - رواه في باب الإفاضة من عرفات محمد بن يعقوب عن عدة
من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يونس عن أبي جعفر عليه السلام قال:
سألته عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس؟ قال: عليه بدنة
ينحرها يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق
أو في أهله (1)
وروي في باب الذبح: محمد بن أحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد
عن الحسن بن محبوب عن داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل
يكون عليه بدنة واجبة في فداء؟ قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه
فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله (2) ولا يسقط البدنة
برجوعه إلى عرفة لأن سقوطها بعد وجوبها يحتاج إلى دليل
وقال الشيخ في مسائل الخلاف: إذا عاد قبل غيبوبة الشمس وأقام
حتى غابت سقط عنه الدم وإن عاد بعد غروبها لم يسقط (3) وإذا
أفاض من عرفات ولم يبت رجع ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفا فعليه
بدنة على ما روي في التهذيب في باب تفصيل فرائض الحج (4)
وإذا قتل المحرم النعامة في الحل وجب عليه بدنة وكذا إذا قتلها
في الحرم على ما ذكره الشيخ في النهاية معتمدا في نفي التضعيف على خبر

(1) التهذيب 5 / 186، الكافي 4 / 476، وفيهما (عن الحسن بن محبوب
عن علي بن رئاب عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام).
(2) التهذيب 5 / 237.
(3) الخلاف 1 / 454.
(4) التهذيب 5 / 294.
57

مرسل في التهذيب رواه الحسن بن علي بن فضال وهو فطحي (1) والصحيح
أن عليه بدنتين لأن أصحابنا أطلقوا القول بتضعيف الفداء على المحرم
وأطلقه أيضا الشيخ في مسائل الخلاف والأخبار الصحيحة جاءت مطلقة
بذلك (2) وهو اختيار محمد بن إدريس
وإذا قتل المحل النعامة في الحرم وجب عليه بدنة فإذا رمى المحرم
النعامة مصيبا لها مع غيبوبتها عن العين ولم يعلم بحالها وجب عليه بدنة
وإذا أدخل المحرم النعامة الحرم ولم يحلها حتى ماتت وجب عليه بدنة
وإذا شارك المحرم غيره في رميها فقتلها ذلك الغير وجب على المحرم بدنة
أصاب النعامة أو لم يصبها
وإذا دل غيره عليها فقتلها ذلك الغير وجب على كل واحد منهما بدنة
سواء كان الدال محرما في الحرم أو في الحل أو محلا في الحرم رواه
حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام (3)
وإذا أمر المحرم غلامه المحرم بصيدها فرماها الغلام فقتلها وجب على
السيد بدنة وإذا أمر المحرم غلامه المحل بصيدها فرماها الغلام فقتلها وجب
على السيد بدنة على ما ذكره في النهاية ولم أقف في التهذيب على خبر
بذلك بل ورد خبر صحيح أنه لا شئ عليه رواه موسى بن القاسم عن

(1) الفطحي منسوب إلى الأفطح، وهو عبد الله بن الإمام جعفر الصادق،
والفطحية هم الذين قالوا بإمامة عبد الله هذا لأنه كان أكبر أولاد أبيه سنا وكان جلس
مجلس أبيه وادعى الإمامة ووصية أبيه، ولقب عبد الله بهذا اللقب لأنه كان أفطح
الرأس أو أفطح الرجلين، وقيل إن الفطحية تنسب إلى رئيس لهم من أهل الكوفة
يقال له عبد الله بن فطيح - انظر فرق الشيعة ص 77 - 78 والحديث في التهذيب 5 / 372.
(2) التهذيب 5 / 341 - 343.
(3) المصدر السابق 5 / 351.
58

صفوان عن عبد الله بن سنان وابن أبي عمير عن عبد الله عن أبي عبد الله
عليه السلام (1)
وإذا أكلها المحل فيما بين البريد إلى الحرم وجب عليه بدنة وإليه
ذهب الشيخ المفيد في المقنعة والشيخ أبو جعفر في النهاية وجاء به حديث
صحيح في كتاب من لا يحضره الفقيه وروى علي بن رئاب عن أبان بن
تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام في قوم حجاج محرمين أصابوا أفراخ
نعام فأكلوا جمعا؟ قال عليه السلام: عليهم مكان كل فرخ أكلوه بدنة
يشتركون فيها جميعا فيشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال (2)
وإذا كسر المحرم بيض نعامة بنفسه أو وطأها بغيره وكسرها فإن
كان قد تحرك فيها الفرخ وجب عليه عن كل بيضه بكره من الإبل (3)
وجاء بالبكرة خبر صحيح (4) وبالبعير خبر صحيح (5) وإن لم يكن فيها
فراخ وجب عليه ارسال فحل الإبل في الإناث بعدد البيض فما نتج كان
هديا لبيت الله جاء بالفحل عدة أخبار وبالفحولة خبر واحد (6) هذا في
المحرم فأما المحل فليس عليه ارسال وليس عليه إلا قيمة البيض وهي عن
كل بيضه درهم
وجميع هذه الأفعال إذا فعلها الانسان ناسيا أو جاهلا فلا شئ عليه
إلا النعامة وبيضها فإنه يجب فيهما ما ذكرناه على كل حال واعتبر الشيخان

(1) المصدر السابق 5 / 382.
(2) من لا يحضر 2 / 236.
(3) البكرة من الإبل: الفتى منها.
(4) التهذيب 5 / 355.
(5) نفس المصدر والصفحة.
(6) المصدر السابق 5 / 354.
59

أبو الحسن ابن بابويه وأبو جعفر رضي الله عنهما في الارسال أن يكون
قد تحرك فيها الفرخ فإن لم يكن كذلك كان عليه عن كل بيضة شاة
قال أبو جعفر: فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام فإن لم يقدر
فاطعام عشرة مساكين
فصل
[مواضع وجوب البقرة]
تجب البقرة في ثمانية عشر (1) موضعا: بقتل البقرة الوحشية في
المواضع التي ذكرناها في النعامة وهي عشرة وبالحمار الوحشي في جميع المواضع
العشرة المذكورة أيضا
وتجب البقرة أيضا بالجماع قبل طواف الزيارة إذا عدم البدنة وتجب
أيضا بالجماع بعد طواف الزيارة قبل الدخول في السعي وبالجماع وقد بقي
من السعي شوط وظن أنه تممه على ما رواه الحسين بن سعيد عن محمد بن
سنان عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليه السلام (2) وهذا الخبر
إن عملنا به فإنما يكون الحكم به في العمرة التي يتمتع بها إلى الحج فأما
في العمرة المبتولة وفي الحج فيجب عليه بدنة لأنه جامع قبل طواف النساء
وتجب البقرة أيضا بالتقصير وقد بقي له من السعي شوط واحد ظنا
أنه تممه على ما رواه الحسين بن سعيد عن صفوان بن يحيى وعلي بن النعمان
عن سعيد بن يسار عن أبي عبد الله عليه السلام (3)

(1) كذا في م و ح، وفي ط (ثمانية وعشرين) وهو خطأ.
(2) التهذيب 5 / 153.
(3) المصدر السابق 5 / 153.
60

وإذا أمنى بالنظر إلى غير أهله وعدم البدنة وجب عليه بقرة وقد
تقدم الحديث فيه
وبجداله مرتين كاذبا يجب عليه بقرة
وتجب البقرة أيضا بقلع شجرة الحرم محرما كان أو محلا إلا النخل
وشجر الفاكهة وما غرسه الانسان بنفسه وما نبت في داره وقال الشيخ
أبو جعفر رحمه الله في مسائل الخلاف: في الشجرة الكبيرة بقرة وفي
الصغيرة شاة وقال أبو الصلاح: دم شاة ولم يفرق وقال ابن إدريس
الأخبار وردت بتحريم قلع شجر الحرم دون الكفارة
وتجب البقرة أيضا بالسباب وبالكذب مطلقا من دون تقييد بجدال
على ما رواه محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد
عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبي المعزا (1) عن سليمان
ابن خالد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: في الجدال شاة
وفي السباب والفسوق بقرة (2)
وروي: أن من بعث بهدي وأمر الذي بعثه معه أن يشعر أو يقلد
في يوم كذا وكذا ولا يستطيع أن ينزع الثياب: فليلبس ولينحر بقرة
في يوم النحر روى في باب الزيادات من الحج في التهذيب (3)
وروى خبر في باب النذر من التهذيب أن عنبسة بن مصعب (4)

(1) كذا في الكافي، وفي نسخ الكتاب تشويش في هذه الكنية، وهو الحميد
ابن المثنى الصيرفي الثقة - انظر منتهى المقال لأبي على ص 352.
(2) الكافي 4 / 339.
(3) التهذيب 5 / 425.
(4) كذا في التهذيب، وفي نسخ الكتاب (عتبة بن مصعب).
61

نذر في ابن له إن عافاه الله تعالى أن يحج ماشيا فعجز به: يستحب أن
يذبح بقرة (1)
فصل
[مواضع تجب فيها الشاة]
تجب الشاة في سبعة وثمانين موضعا: في قتل الضبي بالأفعال المتقدمة
العشرة وكذلك الحكم في الثعلب والأرنب من المحل في الحرم خاصة
ومن المحرم في الحل ومن المحرم في الحرم لكن في الحرم يتضاعف على
المحرم الفداء وإذا فقأ (2) المحرم عيني الضبي معا أو كسر يديه أو رجليه
وجب عليه في كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة شاة وحكم الحمامة حكم
الضبي للمحرم في الحل خاصة فأما في الحرم فيجب عليه مع الشاة درهم
وأما المحل فيجب عليه في الحرم درهم
وإذا أغلق المحرم بابا حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض فهلك
كان عليه عن كل طير شاة وعن كل فرخ حمل (3) وعن كل بيض درهم
فإن أغلق عليها قبل أن يحرم كان عليه عن كل طير درهم وعن كل فرخ
نصف درهم وعن كل بيضه ربع درهم
وإذا نفر المحرم حماما من حمام الحرم وجب عليه شاة إذا رجع فإن
لم يرجع فعليه عن كل طير شاة على ما ذكره الشيخ أبو الحسن علي بن
بابويه في الرسالة وقال الشيخ أبو جعفر في التهذيب: ولم أجد بما ذكره
خبرا مسندا

(1) التهذيب 8 / 313.
(2) فقأ عينه: شقها وأعماها.
(3) الحمل بالتحريك: الخروف إذا بلغ ستة أشهر، وقيل هو ولد الضأن.
62

فأما الشيخ المفيد في المقنعة في كتاب الأيمان والنذور والكفارات فقال
ومن نفر حمام الحرم كان عليه دم شاة (1)
وإذا أوقد جماعة محرمون نارا فوقع فيها طائر فإن لم يكن قصدوا
ذلك وجب عليهم كلهم شاة واحدة وإن قصدوا ذلك وجب على كل
واحد منهم شاة
والمحرم إذا تعذر عليه ارسال فحولة الإبل في إناثها في كسر بيض
النعام كان عليه عن كل بيضه شاة فإن لم يجد تصدق على عشرة مساكين
لكل مسكين مد من طعام فإن لم يقدر صام ثلاثة أيام رواه علي بن
أبي حمزه وهو واقفي عن أبي الحسن عليه السلام (2)
والمحرم إذا وجب عليه بدنة في فداء ولم يجد وجب سبع شياه
وقد تقدم الخبر فيه في فصل ما يجب فيه البدنة (3)
وإذا اشترى محل لمحرم بيض نعام فأكل المحرم وجب على المحرم
عن كل بيضه شاة وعلى المحل عن كل بيضه درهم جاء به خبر صحيح (4)
فأما الارسال فلا يجب ههنا
وإذا شرب المحرم في الحرم لبن ظبية وجب عليه شاة وقيمة اللبن
كذلك ورد الخبر مقيدا بالحرم رواه صالح بن عقبة عن يزيد بن عبد الملك

(1) المقنعة ص 89.
(2) التهذيب 5 / 354، وعلي بن أبي حمزة هذا قيل فيه إنه واقفي كذاب
منهم ملعون - انظر رجال العلامة ص 231. والواقفة هم الذين وقفوا على الإمام موسى
بن جعفر عليه السلام وقالوا إنه القائم المنتظر ولم يأتموا بعده بإمام - راجع
فرق الشيعة ص 81.
(3) التهذيب 5 / 481.
(4) المصدر السابق 5 / 355.
63

عن أبي عبد الله عليه السلام (1) وفي النهاية أطلقه شيخنا أبو جعفر
وإذا ذبح الصيد وجب عليه شاة إذا كان مما يجب عليه فيه الشاة
لأن في الخبر ما يلزم منه القول بهذا لأنه عليه السلام قال في محرمين
أكلوا صيدا: (فعليهم شاة وليس على الذي ذبحه إلا شاة) (2) فقوله
عليه السلام: (شاة شاة) يدل على أنه مما يجب فيه شاة وفي النهاية
أطلقه شيخنا أبو جعفر
وإذا كسر المحرم بيض حمام وقد تحرك فيه الفرخ وجب عليه عن
كل بيضه شاة جاء به خبر صحيح (3) وقال ابن إدريس: وجب عليه
حمل فإن لم يكن قد تحرك فيه الفرخ وأصابه في الحل كان عليه عن
كل بيضه درهم وإن أصابه في الحرم كان عليه عن كل بيضه درهم وربع
درهم وإن أصابه محل في الحرم كان عليه ربع درهم
وإذا قتل المحرم القطاة أو الحجلة أو الدراج (4) وما أشبه ذلك
في الحل وجب عليه حمل قد فطم ورعى من الشجر فإن قتلها في الحرم
كان عليه حملان وإن قتلها محل في الحرم كان عليه حمل واحد
وإذا قتل المحرم فرخ الحمام في الحل وجب عليه حمل فإن قتله

(1) الكافي 4 / 388 و 395.
(2) التهذيب 5 / 352.
(3) المصدر السابق 5 / 358.
(4) القطاة: طائر يقال أنه نوع من الحمام، والحجلة طائر على قدر الحمام
أحمر المنقار والرجلين، والدراج طائر أسود باطن الجناحين وظاهرهما أغبر على
خلقة القطا إلا أنه ألطف.
64

في الحرم كان عليه حمل ونصف درهم فإن قتله محل في الحرم كان
عليه نصف درهم
وإذا قتل المحرم الضب أو اليربوع أو القنفذ وجب عليه جدي (1)
وقال أبو الصلاح: حمل ومن قتل أسدا لم يرده كان عليه كبش على
ما رواه داود بن أبي يزيد العطار عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله
عليه السلام (2)
وإذا كسر المحرم بيض القطاة أو القبج (3) وقد تحرك فيها الفرخ
وجب عليه عن كل بيضه مخاض من الغنم وقال الشيخ أبو جعفر في
مسائل الخلاف: بكاره من الغنم جاء به خبر صحيح (4) فإن لم يكن
قد تحرك فيها الفرخ كان عليه ارسال فحوله الغنم على إناثها بعدد البيض
فما نتج فهو هدي لبيت الله تعالى
وإذا قتل المحرم الجراد الكثير مع التمكن من الاحتراز عن قتله وجب
عليه شاة وفي قتل الجرادة تمره وإذا أكل المحرم الجراد الكثير وجب
عليه شاة على ما ذكره الشيخ في النهاية ولم أقف على خبر يوجب هذه
الشاة وقال ابن بابويه: من أكل جرادة واحدة فعليه شاة
وإذا لم يتمكن من البدنة أو البقرة الواجبة عليه بالجماع قبل طواف
الزيارة وجب عليه شاة جاء به خبر صحيح (5) وإذا لم يتمكن من البدنة

(1) الجدي: ما بلغ ستة أشهر أو سبعة من أولاد المعز، وقيل هو الذكر
من أولاد المعز في السنة الأولى.
(2) التهذيب 5 / 366.
(3) القبج: هو الحجل.
(4) التهذيب 5 / 358.
(5) المصدر السابق 5 / 321.
65

أو البقرة الواجبة عليه في الامناء بالنظر إلى غير أهله وجب عليه شاة
وإذا تعذرت البدنة الواجبة على المحل الذي وطئ أمته المحرمة بإذنه وجب
عليه شاة وإذا لمس المحرم أمته بشهوة وجب عليه دم شاة أمنى أو لم يمن
فإن مسها بغير شهوة لم يكن عليه شئ أمنى أو لم يمن وإذا قبل المحرم
أهله بغير شهوة وجب عليه شاة وإذا قبلها قبل أن يقصر هو وجب
عليه شاة جاء التهذيب به حديثان صحيحان أحدهما في باب السعي
والآخر في باب الزيادات في فقه الحج (1)
وإذا فرغ من طواف النساء وقبل امرأته قبل أن تطوف هي طواف
النساء وجب عليه شاة جاء به حديث صحيح رواه الحسين بن سعيد
عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام (2)
وذهب المفيد إلى أن عليها دما إن آثرت ذلك وإن أكرهها غرم عنها ذلك
وإذا لاعب المحرم أهله فأمنى وجب عليه شاة كذلك ورد الخبر
مقيدا بالامناء وأطلق ذلك الشيخ أبو جعفر في النهاية
وإذا قلم المحرم أظفار يديه جميعا وجب عليه شاة وإذا قلم أظفار
رجليه جميعا في مجلس آخر وجب عليه شاة أخرى فإن قلم أظفار يديه
ورجليه جميعا في مجلس واحد وجب عليه شاة واحدة وفي كل ظفر من
أظفار يديه مد من طعام إلى أن يبلغ عشرة فإذا بلغت عشرة ففيها
شاة وكذلك أظفار رجليه وإذا أفتى المحرم غيره بتقليم ظفره فقلم
المستفتي فأدمى إصبعه وجب على المفتي شاة
وإذا حلق المحرم رأسه لأذى وجب عليه شاة أو الصدقة على ستة
مساكين لكل مسكين مدان من طعام أو صيام ثلاثة أيام مخيرا في ذلك

(1) المصدر السابق 5 / 473 و 5 / 161.
(2) المصدر السابق 5 / 324.
66

وروى بذلك خبران صحيحان وروى خبر آخر صحيح أن الصدقة على
عشرة مساكين يشبعهم (1) فإن حلقه من غير أذى متعمدا وجب عليه شاة
من غير تخيير بينها وبين الاطعام والصيام
وإذا ظلل المحرم على نفسه في حال السير مختارا وجب عليه شاة مع
الإثم فإن كان مضطرا أوجب عليه شاة مع غير الإثم فإن ظلل في حال النزول
فلا شئ عليه مختارا كان أو مضطرا جاءت بذلك أخبار صحيحة (2)
فأما النساء والصبيان فيجوز لهم الظلال على كل حال جاءت بذلك أخبار
صحيحة (3) وقال الشيخ أبو الصلاح: إن ظلل مختارا فعليه لكل يوم شاة
ومع الاضطرار لجمله المدة شاة
وإذا جادل المحرم ثلاث مرات صادقا وجب عليه شاة وإذا جادل
مرة كاذبا وجب عليه شاة
وإذا نتف المحرم إبطيه معا وجب عليه شاة وإذا نتف إبطا واحدا
وجب عليه اطعام ثلاثة مساكين (4) جاء بالنتف ثلاثة أخبار صحيحة (5)
ولم أقف في التهذيب على خبر صحيح يتضمن خلافها
وإذا لبس المحرم ثوبا لا يحل له لبسه مع الاختيار وجب عليه شاة
وإذا لبس ثيابا جملة في مواضع متفرقة وجب عليه عن كل ثوب شاة
فإن لبسها في موضع واحد وكانت أجناسا وضروبا وجب عليه عن كل

(1) من لا يحضر 2 / 195.
(2) التهذيب 5 / 309.
(3) المصدر السابق 5 / 311.
(4) كذا في ط، وفي م و ح (عشرة مساكين) وهو خطأ يفهم من الأحاديث
التي أشار إليها المصنف.
(5) التهذيب 5 / 340.
67

ثوب شاة جاء به أخبار صحيحة (1) وإن كانت جنسا واحدا وجب
عليه شاة واحدة
وإذا أكل المحرم طعاما لا يحل له أكله وجب عليه شاة كذلك ورد
الخبر مطلقا في الطعام (2)
وإذا استعمل المحرم المسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو الزعفران
مختارا وجب عليه شاة ولم أقف في التهذيب على خبر يتضمن وجوب
الشاة في استعمال الكافور والمعتمد في ذلك على عمل أصحابنا
وإذا أفاض المحرم من المشعر قبل طلوع الفجر مختارا وجب عليه
شاة فأما الشيخ الكبير والخائف فلا شئ عليهما
وإذا لم يبت الحاج ليالي التشريق بمنى وجب عليه ثلاث شياه إذا
أقام ثاني التشريق بمنى حتى تغيب الشمس وإن لم يقم ونفر لم يجب
عليه شئ وإذا بات هذه الليالي بمنى حتى تغيب الشمس وخرج منها
بعد نصف الليل فلا شئ عليه وكذلك أن بات بمكة مشتغلا بالطواف
والعبادة فلا شئ عليه أيضا فإن لم يكن مشتغلا وجب عليه ما ذكرناه
وإذا زالت الشمس قبل أن يحلق عالما بأنه لا ينبغي كان عليه دم
شاة جاء به خبر صحيح
وإذا لبس المحرم الخف أو الشمشك (3) وجب عليه شاة على
ما ذكره بعض أصحابنا ولم أقف على خبر يتضمن ذلك
وإذا قلع المحرم ضرسه وجب عليه شاة على ما روي في خبر مرسل (4)

(1) الكافي 4 / 348، التهذيب 5 / 369.
(2) التهذيب 5 / 369.
(3) في مجمع البحرين: قيل أنه المشاية البغدادية وليس فيه نص من أهل اللغة.
(4) التهذيب 5 / 385.
68

وبه قال الشيخ أبو الصلاح
وإذا نسي التقصير حتى يهل بالحج فعليه شاة على ما روي والصحيح
أنه مستحب وقد تقدم
وإذا حلق رأسه المتمتع بعد الفراغ من العمرة التي يتمتع بها متعمدا
فعليه شاة على ما رواه علي بن حديد وهو ضعيف ورواه إسحاق بن
عمار في باب السعي مطلقا من غير ذكر العمد (1)
والمتمتع إذا عقص رأسه من غير حلقه يوم النحر كان عليه شاة
على ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان عن عيص عن أبي عبد الله عليه
السلام (2) وما رواه أيضا محمد بن الحسن عن صفوان عن ابن سنان عن
أبي عبد الله عليه السلام
وإذا زار البيت قبل أن يحلق فعليه شاة على ما رواه في التهذيب في
باب الحلق عن محمد بن يعقوب باسناده عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر
عليه السلام في رجل زار البيت قبل أن يحلق؟ فقال: إن كان زار
البيت قبل أن يحلق وهو عالم أن ذلك لا ينبغي له فإن عليه دم شاة (3)
فصل
[ما لا يجب فيه الكفارة]
لا تجب الكفارة في اثنين وعشرين شيئا: الحدا (4) وسباع الوحش

(1) المصدر السابق 5 / 158.
(2) المصدر السابق 5 / 160.
(3) المصدر السابق 5 / 240.
(4) الحدأ جمع الحدأة، وهو طائر خبيث حسن الجوار، يقال إنه سنة ذكر
وسنة أنثى.
69

وسباع الطير والكلب والخنزير والقرد والدب والأسد إذا أراد
الانسان فدفعه عن نفسه فأدى إلى قتله والغراب والإبل والبقر الأهلي
والغنم والدجاج الحبشي والفاره والحلم والقراد (1) والذباب والبق
والبرغوث والحية والعقرب وجميع الحشرات والجراد إذا لم يكن
عنه مندوحه
فصل
[فيما يستباح مجانا]
يستباح من غير عقد أربعة وعشرون شيئا: أرش المعيب والصدقات
والعبد إذا جرح جراحه أو قتل يحيط بثمنه والحربي وولد الحربي ومال
الحربي وما وجد في موضع الحرب قد باد أهله وما لا يبلغ قيمته درهما
إذا لم يعرف صاحبه وما بلغ قيمته درهما فصاعدا بعد تعريفه سنة
وما وجد من الطعام في مفازه (2) بعد تقويمه على نفسه إن كان ثمنه درهما
فصاعدا فإن كان أقل من درهم لم يحتج إلى تقويم
والشاة إذا وجدها في بريه ولم يعرف صاحبها جاز له أخذها والتصرف
فيها يدل على ذلك ما رواه الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد
عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى
الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إني وجدت شاة؟ فقال: هي

(1) الحلم دود يقع في جلد الشاة الأعلى وجلدها الأسفل، فإذا دبغ لم يزل
ذلك الموضع رقيقا، وهو يشبه القمل في الانسان. والقراد كغراب: هو ما يتعلق
بالبعير ونحوه، وهو كالقمل للانسان.
(2) المفازة: البرية القفر التي لا ماء فيها، سميت مفازة لأن من خرج منها
وقطعها نجا من الهلاك وفاز.
70

لك أو لأخيك أو للذئب (1)
محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن
هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام مثله (2) وهذان الخبران وإن
كان مطلقين فيجب حملهما على من وجدها في البر لأن عمل أصحابنا على ذلك
فمن وجدها في الجدار (3) عرفها ثلاثة أيام فإن جاء صاحبها سلمها
إليه وإن لم يجئ فهي عنده أمانة وقد جاء حديث أنها تباع ويتصدق
بثمنها رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن موسى الهمداني عن منصور
ابن العباس عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير عن ابن
أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام مثله سأل رجل أصاب شاة فأمره
أن يحبسها عنده ثلاثة أيام ويسأل عن صاحبها فإن جاء صاحبها فسلمها
وإلا باعها ويتصدق بثمنها (4) وهذا الحديث ضعيف السند
والبعير والفرس والحمير والبغل والإبل إذا تركه صاحبه من جهد
آيسا منه في غير كلأ ولا ماء يجوز أخذه فإن كان غير آيس منه
أو كان في كلأ وماء أو تركه صاحبه من غير جهد فلا يجوز أخذه
وما يأكل المجتاز على الثمار على قول جماعة من أصحابنا وادعى ابن
إدريس على جوازه في كتاب المكاسب الاجماع ما لم يكن قصد إليها وقال
في كتاب الأطعمة: ما لم ينهه صاحبه عن الأكل والدخول فإنه لا يجوز
له حينئذ ذلك وقال بعض أصحابنا: لا يجوز وهو الصحيح وقال
المرتضى في المسائل الصيداوية: الأحوط والأولى أن لا يأكل وقال الشيخ

(1) التهذيب 6 / 394.
(2) المصدر السابق 6 / 392.
(3) أي في مكان حوله جدار مبني.
(4) التهذيب 6 / 397.
71

الطوسي في المسائل الحربية: الرخصة في الثمار من النخل وغيره لا تقاس
عليه لأن الأصل حظر استعمال مال الغير وقال أبو الصلاح: يجوز لعابر
السبيل الانتفاع بما ينبته الحرث من الخضر والثمار والزرع من غير حمل ولا فساد
يدل على ما اخترناه من المنع هو أن الأصل حظر استعمال مال الغير إلا بإذنه
ويدل عليه أيضا ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن يقطين
عن أخيه الحسين بن علي يقطين عن علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل يمر بالثمرة مثل الزرع والنخل والكرم والشجر
والمباطخ وغير ذلك من الثمر أيحل له أن يتناول منه شيئا ويأكل بغير إذن
صاحبه؟ قال: لا يحل أن يأخذ منه شيئا (1)
وقد روي في التهذيب لجواز الأكل أربعة أخبار ثلاثة أخبار مراسيل
منها خبران في باب بيع الثمار (2) وخبر في باب المكاسب (3) والخبر الرابع
في باب الحد في السرقة رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيمن سرق الثمار في
كمه فما أكل منه فلا شئ عليه وما حمله فيعزر ويغرم قيمته مرتين (4)
وإذا كان الأمر كذلك وجب ترك العمل بهذه الأخبار لضعفها
والرجوع إلى ما قدمناه من تمام القيمة
والكنز الموجود في الدار إذا عرف مشتريها بايعها فإن لم يعرفه يحل
للمشتري بعد اخراج الخمس منه وما علم فيه الإباحة وما يأخذه الوصي
عن حق القيام بمال اليتيم والديات والميراث والمال المقر به ونفقة من يجب

(1) المصدر السابق 7 / 92.
(2) المصدر السابق 7 / 92.
(3) المصدر السابق 6 / 381.
(4) المصدر السابق 10 / 110.
72

له النفقة وهم الوالدان وإن علوا والولد وإن نزل والزوجة والمملوكة
واللقيط ومن ماطله غريمه ودفعه عن حقه فوجد له مالا سواء كان من
جنس الحق أو لم يكن أخذ منه بقدر
فصل
[مواضع لا يجوز فيها البيع]
لا يجوز البيع في ستة وستين موضعا: الحرة وأم الولد على ما نذكره
فيما بعد والمكاتب (1) إلا المشروط عليه إذا عجز عن أداء ما يجب عليه
رجع سيده في كتابته وكذلك يجوز بيعه إذا قتل رجلا خطأ وسلمه
سيده إلى ولي المقتول رواه في التهذيب في باب القود بين الرجال والنساء
الحسن بن محبوب عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه
السلام (2)
والعبد إذا قتل عمدا أو جرح لم يجز لسيده بيعه إلا بعد رضاء ولي
المقتول بالدية أو العفو عنه مخيرا بين أخذ الدية إذا بذلها السيد وبين العفو
عنه أو قتله إذا قبل أو أخذه واسترقاقه وليس لسيده خيار
والعبد إذا قتل خطأ أو جرح جراحه يحيط بثمنه لا يجوز لسيده بيعه
إلا بعد أن يتحمل أقل الأمرين من قيمته أو أرش الجراحة (3) أو يسلم
العبد إلى أولياء المقتول أو المجروح يسترقونه مخيرا سيده في ذلك وليس
لأولياء المقتول على السيد في ذلك خيار

(1) المكاتب: العبد الذي يلتزم بدفع ثمن نفسه إلى مولاه، فإذا سعى وأدى
الثمن عتق وأصبح حرا.
(2) التهذيب 10 / 198.
(3) أرش الجراحة: ديتها.
73

والعبد المرتد عن فطره لأنه يجب قتله في الحال والعبد المسلم
لا يجوز بيعه على الكافر والعبد الآبق (1) منفردا فإن أضاف إليه
شيئا آخر وباعهما معا جاز البيع والعبد إذا كان طفلا قبل أن يستغني
عن أمه على ما روي (2) وفيه خلاف
والأرض المأخوذة عنوة والوقف إلا أن يخاف هلاكه أو يؤدي
المنازعة فيه بين أربابه إلى ضرر عظيم أو يكون لهم حاجة شديدة وبيع
الوقف معها أصلح لهم وروى بيعه مع وجود حاجتهم وعدم ما يخرج
من الوقف عن كفايتهم: أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن علي
ابن رئاب عن جعفر بن حنان عن أبي عبد الله عليه السلام (3) وروى
خبر آخر ضعيف لم يسند إلى إمام ومنع ابن إدريس من بيع الوقف
على كل حال
ولا يجوز بيع المصحف إلا الجلد والورق وبيع الرطب بالتمر
وبه قال الشيخ في النهاية وذهب في الإستبصار إلى جوازه مع الكراهية (4)
يدل على ما اخترناه ما رواه الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد
عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يصلح بيع التمر اليابس
بالرطب من أجل أن اليابس يابس والرطب رطب فإذا يبس نقص - تم
الخبر (5)
والثمرة سنة واحدة قبل ادراكها من غير إضافة شئ إليها أو اشتراط

(1) الآبق: العبد الذي هرب من مولاه وفر.
(2) الكافي 5 / 219.
(3) التهذيب 9 / 133.
(4) الإستبصار 3 / 93.
(5) المصدر السابق 3 / 93.
74

القطع في الحال على قول الشيخ في النهاية ومسائل الخلاف وصاحب الوسيلة
والصحيح أنه مكروه وبه قال الشيخ أبو جعفر في التهذيب والاستبصار
والمفيد في المقنعة (1) وابن إدريس
وبيع المزابنة - و هو أن يبيع التمر في رؤوس النخل بالتمر - ويجوز
ذلك في العرية وهي النخلة تكون في دار انسان لانسان آخر
وبيع المحاقلة وهو أن يبيع سنبل الحنطة بالحنطة وسنبل الشعير بالشعير قبل
حصادها
وبيع ما لا يضبط سلما وبيع السلم مجهول الأجل وبيع الجنس بالجنس
مما يكال أو يوزن متفاضلا فأما ما يباع عددا فيجوز ذلك نقدا لا نسيئة
وبيع الحنطة بالشعير متفاضلا نقدا أو نسيئة وبه قال الشيخ المفيد في
المقنعة (2) والشيخ أبو جعفر في النهاية وصاحب الوسيلة وجاء بذلك
ثلاثة أخبار صحيحة (3) وقال جماعة من أصحابنا يجوز ذلك وهو
اختيار ابن إدريس
وبيع الحنطة بالشعير متساويين نسيئة وبيع ما يكال أو يوزن أو يعد
جزافا وبيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب من غير قبض في مجلس
البيع قبل أن يفترقا
وبيع الغنم بلحم الغنم فإن اختلف الجنس جاز ذلك وبيع المختلف
متفاضلا نسيئة وما يباع عددا متفاضلا نسيئة وبيع البخس وهو أن
يزيد في السلعة ما لا رغبه له فيها بل يواطيه صاحب السلعة على ذلك
وقال بعض أصحابنا أنه مكروه وفي انعقاد هذا البيع وصحته خلاف

(1) التهذيب 7 / 87، الإستبصار 3 / 88، المقنعة ص 94.
(2) المقنعة ص 94.
(3) التهذيب 7 / 94 - 95.
75

وبيع النسيئة مجهول الأجل فإن ذكر الثمن كذا عاجلا وكذا آجلا
فقد ذهب الشيخ في المبسوط إلى أن البيع حينئذ باطل واختاره ابن إدريس
والصحيح أن له أقل الثمنين في أبعد الأجلين وبه قال الشيخ في النهاية
وروى به خبران أحدهما رواه السكوني عن أمير المؤمنين علي عليه السلام (1)
والآخر رواه ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن
أبي جعفر عليه السلام (2)
وبيع الدين بالدين وبيع حمل الحيوان وبيع ما لا يقع الزكاة عليه
وبيع الكلاب إلا كلب الصيد خاصة وأجاز الشيخ الفقيه سلار أيضا بيع
كلب الزرع وكلب الحائط والصحيح أنه لا يجوز بيع شئ من الكلاب
إلا كلب الصيد خاصة
ولا يجوز بيع الخنزير من مسلم على مسلم ولا من ذمي على مسلم
ولا من مسلم على ذمي فأما بيعه من ذمي إلى ذمي فجايز
وبيع ما يؤكل من الحيوان إذا وطئه الانسان لأنه يجب احراقه بالنار
جاء بهذا الحكم خبران صحيحان في الشاة والبهيمة (3)
وبيع ما يؤكل لحمه من الحيوان إذا شرب لبن خنزيره حتى اشتد
وبيع ما يكون من نسله جاء بهذا الحكم حديثان في الحمل والجدي (4)
وبيع جوارح الطيور وما لا يؤكل لحمه منها إلا العقاب والبازي
والصقر وما يصلح فيها للصيد وبيع سباع الوحش وما لا يؤكل لحمه من
الحيوان إلا الفهد والفيل والسنور وما لا يصلح منها للصيد

(1) المصدر السابق 7 / 53.
(2) المصدر السابق 7 / 47.
(3) التهذيب 10 / 60 - 62.
(4) الإستبصار 4 / 76.
76

وبيع ما مات في الماء من السمك أو وثب على الأجراف فمات قبل
أخذه وبيع دواب البحر إلا الخز وما يحل أكله من السمك مما له فلس
وبيع الدبا وهو الجراد قبل أن يستقل بالطيران وبيع الدب لأنه
مسخ وبيع ملك الغير إلا بإذن صاحبه أو إجازته البيع وبيع اللبن
في الضرع سواء حلب معه شئ أو لا يحلب وذهب الشيخ في النهاية إلى
أنه إن حلب شيئا من اللبن وباعه مع ما بقي في الضرع صح البيع معتمدا
على خبر رواه سماعة وهو واقفي ومع ذلك لم يسنده إلى أحد من الأئمة
عليهم السلام (1)
وبيع الصوف أو الشعر أو الوبر قبل جزه فإن اشترى أصواف
الغنم وجلدها في عقد واحد صح البيع على ما رواه ابن محبوب عن إبراهيم
الكرخي عن أبي عبد الله عليه السلام (2)
وبيع المسك في فارة وبيع ما لا يختبر إلا بالشم أو الذوق قبل
اختباره وبيع السمك في الماء قبل صيده وبيع الطير في الهواء وبيع
الوحش قبل صيده وبيع الجلال قبل اعلام المشتري به أو استبرائه
وبيع المعيب قبل أن يبين العيب أو يبرئ البائع من العيوب
وبيع السلاح على الكفرة في حال الحرب والهدنة وبيع الدروع
وأشباهها في حال الحرب دون الهدنة على كراهية فيه
وبيع المغنية بزيادة في ثمنها لأجل الغناء وبيع الخشب بشرط أن
يجعله صنما أو ملاهي وبيع العنب أو التمر بشرط أن يجعله خمرا أو نبيذا
والصحيح أن هذين البيعين لازمان لأن النهي في المعاملات لا يدل على الفساد

(1) الكافي 5 / 194.
(2) نفس المصدر والصفحة.
77

فإذا باع ذلك مطلقا من غير شرط على من يعلم أو يظن أنه يعمله كذلك
فالبيع صحيح
ولا يجوز بيع الملاهي كالعود وشبهه وبيع آلات القمار وبيع
الأصنام والتماثيل والصلبان وبيع كتب الضلال وبيع النجس من الثياب
والآلات وغيرها قبل أن يبين حالها وبيع العذرات إلا عذره ما يؤكل
لحمه وذرقه وبيع الأبوال وأجاز ابن إدريس بيع أبوال الإبل
والبقر والغنم
ولا يجوز بيع كل مسكر وبيع الفقاع وبيع الميتة وبيع ما أهل
به لغير الله وبيع الدم وبيع لحم ما لا يؤكل لحمه وبيع بيض ما لا يؤكل
لحمه وبيع لبن ما لا يؤكل لحمه ولي نظر في هذين القسمين
وبيع السم إلا المحمودة وبيع الدود إلا دود القز وبيع الفار
وبيع الحشرات وبيع البرغوث وشبهه وبيع المائع إذا تنجس إلا الدهن
بعد اعلام المشتري
فصل
[أشياء لا يجوز بيعها سلفا]
لا يجوز بيع السلف في سبعة وعشرين شيئا: الخبز واللحم
وروايا الماء والجلود والحنطة والشعير وغيرهما من الحبوب منسوبات
إلى الأرض بعينها
والثوب من غزل امرأة بعينها أو نساجة رجل بعينه والكتان والقطن
والإبريسم منسوبات إلى أرض بعينها والتمر من نخل معين والفاكهة
من شجر معين والخضر من موضع معين ودهن بزر الكتان بحبه وبالعكس
ودهن السمسم بالسمسم وبالعكس ودهن الزيتون بالزيتون وبالعكس
78

وكذلك الحكم فيما يعمل منه الادهان والمخيض من اللبن والقز مضافا
إلى دوده وجميع ما لا يختبر إلا بالشم أو الذوق والقسي والنبل وجميع
الأواني سواء كانت من خشبه أو طين والآجر وجميع الأوعية سواء كانت
من صوف أو شعر أو وبر أو كتان أو إبريسم أو غير ذلك والمختلط من
الطيب كالذريرة والغالية والجوهر والذهب والفضة
فصل
[مواضع يكره البيع فيها]
يكره البيع في ثمانية عشر موضعا: عند تلقي الركبان (1) أقل من
أربعة فراسخ فإن اشترى وكان فيه غبن ظاهر والبائع غير عالم كان بالخيار
بين فسخ البيع أو امضائه بالثمن الذي انعقد عليه البيع فإن زاد على
أربعة فراسخ فلا كراهية ولا خيار للبائع
وبيع الحاضر لباد ومعناه أن يكون له وكيل في الشراء والبيع
ودخول المؤمن في سوم أخيه المؤمن وقال الشيخ أبو جعفر في النهاية
لا يجوز
وبيع الثمرة سنة واحدة قبل بدو صلاحها من غير أن يضيف إليها
شيئا آخر على أصلح القولين وبه قال الشيخ أبو جعفر في التهذيب
والاستبصار وقال في النهاية ومسائل الخلاف لا يجوز
وبيع الرطب بالتمر على ما ذكره الشيخ في الإستبصار وقال في
النهاية لا يجوز وهو الصحيح وقد تقدم
وبيع المرابحة بالنسبة إلى أصل المال على أصح القولين وبه قال

(1) تلقي الركبان: استقبال الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد.
79

الشيخ أبو جعفر في مسائل الخلاف والمبسوط وهو اختيار ابن إدريس
وقال الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة لا يجوز ولم أقف في التهذيب
على حديث يمنع جوازه بل ورد خبر بكراهته وخبر آخر صحيح
الاسناد بأنه لا بأس به (1)
وبيع المعيب بالبراءة من عيوبه من غير بيان العيب ومباشرة
الصرف والشراء من الظالمين والبيع عليهم وبيع الطعام محتكرا وبيع
الأكفان وبيع الحيوان إذا استثنى شيئا من أعضائه وبيع الجواري والعبيد
إذا كان ذلك عادة له في التجارة فيهم وبيع الطفل عن أمه قبل أن
يستغنى عنها وبيع الدروع وأشباهها لأهل الكفر في حال الهدنة وبيع
المضطر بزيادة عظيمة على الثمن وأن يشتري الرجل جارية يطئها بثمن
وهبته له زوجته
فصل
[مواضع جواز بيع أم الولد]
يجوز بيع أم الولد في ثمانية مواضع: إذا ما ت ولدها من سيدها
جاز بيعها وإذا كان ثمنها دينا على مولاها ولا يملك غيرها بيعت وقضى
بثمنها الآخر ثمنها الأول سواء كان مولاها حيا أو ميتا وقال سيدنا
علم الهدى: لا يجوز بيعها ما دام ولدها حيا لا في الثمن ولا في غيره وقال
الشيخ أبو جعفر في النهاية: وإذا مات السيد ولم يخلف غيرها وكان ثمنها
دينا على مولاها قومت على ولدها وتترك إلى أن يبلغ فإذا بلغ أجبر على
ثمنها فإن مات قبل البلوغ بيعت وقضى بثمنها الدين وجاء بما قاله
ثلاثة أحاديث في التهذيب: أحدها في كتاب العتق رواه محمد بن أحمد

(1) الخبران في الكافي 5 / 197.
80

ابن يحيى عن محمد بن الحسين عن وهيب بن حفص عن أبي بصير قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل اشترى جارية فولدت منه ولدا
فمات؟ فقال: إن شاء أن يبيعها باعها وإن مات مولاها وعليه دين
قومت على ابنها فإن كان ابنها صغيرا انتظر به حتى يكبر ثم يجبر على
قيمتها فإن مات ابنها قبل أمه بيعت في ميراث الورثة إن شاء الورثة (1)
والحديث الآخر في باب بيع الحيوان رواه أحمد بن محمد بن عيسى
عن محمد بن عيسى عن القصرى عن خداش عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام مثله (2)
والحديث الآخر في باب السراري رواه علي بن الحسن عن علي بن
أسباط عن عمه يعقوب الأحمر عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام (3)
والصحيح أنها تباع ولا ينتظر بها بلوغه لأن هذين الحديثين
ضعيفان
وإذا مات سيدها وعليه دين ولم يخلف غيرها بيعت وقضى بثمنها
دينه على ما ذكره الشيخ في النهاية في باب السراري والصحيح أنها لا تباع
في هذا القسم لما رواه محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن
محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن عمر بن يزيد (4)
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أيما رجل اشترى جارية فأولدها ثم لم
يؤد ثمنها ولم يدع من المال ما يؤدي عنه أخذ ولدها منها وبيعت فأدى

(1) التهذيب 8 / 240.
(2) المصدر السابق 7 / 80.
(3) المصدر السابق 8 / 214.
(4) كذا في التهذيب، وفي نسخ الكتاب (محمد بن يزيد).
81

ثمنها قلت: فيبعن فيما سوى ذلك من دين؟ قال: لا (1)
وإذا لم يكن للميت وارث يرثه غير جارية مملوكة هي أم ولد لغيره
وخلف ذلك الميت مقدار ثمنها أو أكثر وجب شراؤها من تركته وأعتقت
وأعطيت بقية المال ذكر ذلك الحسن بن أبي عقيل في كتاب المتمسك
أنه إن أبى صاحبها الذي هي أم ولده أن يبيعها أجبر على بيعها وتعتق
وإن كان ما خلفه أقل من ثمنها لم يجب شراؤها
وإذا قتلت أو جرحت خطأ فسيدها بالخيار بين أن يفديها بأقل
الأمرين من الدية أو قيمتها أو يسلمها إلى الغرماء فإن شاؤوا باعوها وإن
شاؤوا استرقوها وبه قال الشيخ أبو جعفر في المبسوط في كتاب أمهات
الأولاد وفي الثالث من مسائل الخلاف في كتاب أمهات الأولاد مستدلا
عليه باجماع الفرقة وقد روى الحسن بن محبوب عن نعيم بن إبراهيم عن
مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أم الولد
جنايتها في حقوق الناس على سيدها (2) وهذا الخبر ضعيف لأن نعيم بن
إبراهيم ومسمع بن عبد الملك مجهولان لأني لم أعرفهما بجرح ولا تعديل
وإذا أسلمت عند ذمي ولها منه ولد بيعت وسلم ثمنها إلى ذلك الذمي
على ما قاله الشيخ أبو جعفر في المبسوط وابن إدريس في السرائر وفي
كتاب إسحاق بن عمار رواه عن جعفر عن أبيه أن عليا عليه السلام كان
يقول في أم ولد لنصراني: إذا أسلمت بيعت لسيدها في قيمتها والصحيح
أنها لا تباع ولا تقر عند الذمي بل يلزم الحاكم سيدها بنفقتها ويتركها عند
من يرى تركها عنده مصلحة وبهذا القول قال أبو جعفر الطوسي في
مسائل الخلاف وقال: تكون عند امرأة مسلمة تتولى القيام لها

(1) التهذيب 8 / 238.
(2) المصدر السابق 10 / 196.
82

وإذا رهن الانسان جارية وقبضها المرتهن ثم إن مالكها الراهن وطئها
بعد ذلك وحملت منه فإن كان له مال ألزم بفكاكها وإن لم يكن له
مال بيعت في الرهن
وإذا تزوج الرجل أمه غيره أو وطئها بإباحة سيدها له أو وطئها
بشبهه وولدت من ذلك الوطي ولدا ثم اشتراها من سيدها جاز له بعد
ذلك بيعها لما رواه في باب الزيادات في كتاب النكاح من التهذيب عن
الحسن بن محبوب عن محمد بن مارد عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل
يتزوج الأمة فتلد منه أولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء الله لم تلد منه
شيئا بعد ما ملكها ثم يبدو له في بيعها؟ قال: هي أمته إن شاء باعها ما لم
يحدث عنه حمل بعد ذلك وإن شاء أعتق (1)
وإذا قتلت سيدها خطأ بيعت وسلم ثمنها إلى ورثته على ما رواه
محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبد الله عن الحسن بن علي عن حماد بن
عيسى عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: إذا قتلت أم الولد سيدها
خطأ سعت في قيمتها حمل الشيخ هذا الخبر في الإستبصار على من مات
ولدها وروى غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ووهب
ابن وهب عن جعفر عن أبيه قال: إنها حرة لا سعاية عليها ولا تبعة (2)
فصل
[مواضع صحة بيع الاكراه]
يصح بيع الاكراه في سبعة مواضع: بيع الحاكم مال المفلس (3)

(1) التهذيب 7 / 483.
(2) هذه الأحاديث الثلاثة كلها في الإستبصار 4 / 276.
(3) المفلس: الذي أصبح فقيرا بعد أن كان غنيا.
83

لقضاء دينه إذا امتنع المفلس من بيعه وكذلك حكم المماطل بالدين وهو
ملي (1)
وإذا كان على الميت دين ولم يخلف من جنس الدين ما يقضى عنه
وامتنع الوراث من البيع جاز للحاكم أن يبيع من ملكه ما يقضى به الدين
ومن أعتق نصيبه من عبد مضاربة وكان موسرا ألزم شراء الباقي
وعتقه وبه جاءت أحاديث صحيحة (2) وإن كان معسرا كان العتق بلا
خلاف باطلا وقال ابن إدريس: إن العتق باطل سواء كان موسرا
أو معسرا
والعبد إذا أسلم عند ذمي وجب بيعه على مسلم وتسليم ثمنه إلى الذمي
ولا يقر ملكه عليه
وإذا لم يخلف الميت إلا وارثا مملوكا لغيره وترك من المال مقدار الثمن
أو أكثر ألزم سيده بيعه ليعتق ويرث المال ولا يجوز لسيده الامتناع من
ذلك وإن كان ما خلف أقل من ذلك لم يجب شراؤه [وكذلك إن كان
اثنين أو جماعة ولم يخلف إلا دون أثمانهم] (3)
وإذا كان الرجل وطئ جارية غيره بإباحة ولم يشترط على السيد
كون ولده منها حرا وجاءت بولد كان لسيدها ووجب على أبيه أن يشتريه
ولا يجوز للسيد الامتناع من البيع
وإذا كان بين نفسين مال لا يصلح قسمته واحتاج أحدهما إلى ثمنه
حاجة ضرورية وتعذر عليه من يشتري حصته منفردة وامتنع شريكه من
الاجتماع معه على بيع الكل جاز للحاكم البيع عن شريكه إذا رأى ذلك

(1) الملي: الذي له مال وهو غني وليس فقير.
(2) التهذيب 8 / 219.
(3) الزيادة من ح و م.
84

مصلحة ولي في هذا القسم تردد وبيع هذه الأقسام مما ليس ببيع بل
هو تقويم
ثم إن الأمة إذا دلست نفسها على حر فتزوجها وأولدها أنه يلزم قيمة
الولد لسيد الجارية وإن كان قد دلسها الشهود رجع عليهم بالقيمة
التي غرمها
وإذا كانت الجارية بين شركاء فوطئها أحدهم فحملت من ذلك
الوطي كان عليه قيمتها يوم وطئها وهو الذي يقتضيه النظر وقال الشيخ
في النهاية: إن كانت القيمة أقل من ثمنها الأول ألزم ثمنها الأول وإن
كانت أكثر ألزم ذلك وجاء بما قاله حديث رواه علي بن إبراهيم عن
أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس بن عبد الله عن ابن سنان عن أبي
عبد الله عليه السلام (1)
فصل
[أشياء لا يصح الرهن فيها]
لا يصح الرهن في تسعة وعشرين شيئا: ملك الغير إلا بإذنه وإذا
رهن شيئا ولم يقبضه المرتهن ولا وكيله على أصح القولين وبه قال
الشيخ المفيد في المقنعة والشيخ أبو جعفر في النهاية ومصنف الوسيلة وقال
الشيخ أبو جعفر في مسائل الخلاف: ليس القبض من شرط صحة الرهن
وهو اختيار ابن إدريس
والأرض المأخوذة عنوة والوقف والحر وأم الولد التي لا يجوز
بيعها والمكاتب الذي لا يجوز بيعه والعبد الآبق في حال الإباقة لأجل
القبض فأما من لم يعتبر القبض في صحة الرهن فإنه يجوز

(1) التهذيب 7 / 72.
85

والعبد المرتد عن فطرة لأنه يجب قتله في الحال والعبد المسلم عند
الكافر والعبد إذا قتل أو جرح إلا بعد رضاء أولياء المقتول أو المجروح
والمملوك إذا كان طفلا قبل أن يستغني عن أمه إلا على مذهب من يجيز
بيعه قبل استغنائه عنها
وما لا يؤكل لحمه من الحيوان إلا ما تقدم أنه يجوز بيعه والملاهي
وآلات القمار والأصنام والتماثيل والصلبان والجنين منفردا عن أمه
واللبن في الضرع والصوف والشعر والوبر جزه إلا أن يسلم
الغنم إلى المرتهن يكون عنده أمانة
والفقاع وكل مسكر إلا من ذمي عند ذمي والميتة والدم
والعذرة إلا ما يجوز بيعه منها والسموم إلا المحمودة
فصل
[مواضع ثبوت الخيار]
الخيار يثبت في أحد عشر موضعا: خيار المجلس للبائع والمشتري ما لم يفترقا
بالأبدان أو يقع العقد بشرط ترك الخيار وخيار ثلاثة أيام في الحيوان للمشتري
خاصة ما لم يتصرف فيه وقال سيدنا المرتضى الخيار فيه للمشتري والبائع معا
وخيار البائع بعد مضي ثلاثة أيام إذا لم يقبض الثمن ولم يقبض
المشتري المبيع وروى الحسين بن سعيد عن صفوان عن عبد الرحمن بن
الحجاج عن علي بن يقطين أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل
يبيع البيع ولا يقبضه صاحبه ويقبض الثمن؟ قال عليه السلام: الأجل
بينهما ثلاثة أيام فإن قبض بيعه وإلا فلا بيع بينهما (1)
أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن جميل عن زرارة عن أبي

(1) التهذيب 7 / 22.
86

جعفر عليه السلام قال: قلت: الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه
عنده يقول: حتى آتيك بثمنه؟ قال: إن جاء بثمنه فيما بينه وبين ثلاثة
أيام وإلا فلا بيع له (1)
إسحاق بن عمار عن العبد الصالح مثله
وخيار بائع الخضر بعد مضي يوم إذا لم يقبض الثمن أو لم يقبض
المشتري المبيع رواه محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن يعقوب بن يزيد عن محمد
ابن أبي حمزة أو غيره عمن ذكره عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليه السلام
في الرجل يشتري الشئ يفسد في يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن؟
فقال: إن جاء فيما بينه وبين الليل بالثمن وإلا فلا بيع له (2) وهذا الحديث
مرسل لا يعتمد عليه وإنما المعتمد في هذا الحكم هو الاجماع
وخيار الرد بالعيب في النكاح والمعاملات وخيار المغبون غبنا ظاهرا
في امضاء البيع وفسخه إذا لم يكن عالما بالغبن والخيار إذا لم يسلم
للمشتري كل المبيع أو وجده بغير الصفة ومن اشترى سلعة مرابحة نقدا
فعلم بعد ذلك أن البائع اشتراها نسيئة فهو مخير بين فسخ البيع وبين أن يأخذها
بالثمن الذي انعقد عليه البيع على ما ذكره الشيخ في المبسوط واختاره ابن
إدريس وقال الشيخ في النهاية: يكون له مثل ذلك الأجل وبه قال
صاحب الوسيلة وهو الصحيح يدل على ذلك ما رواه محمد بن يعقوب
عن علي بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا
عن ابن أبي عمران عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل
يشتري المتاع إلى أجل؟ فقال: ليس له أن يبيعه بمرابحة إلا إلى
الأجل الذي اشتراه إليه وإن باعه مرابحة فلم يخبره كان للذي اشتراه من

(1) الكافي 5 / 171. (2) المصدر السابق 5 / 172.
87

الأجل مثل ذلك (1)
الحسن بن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن أبي عبد الله عليه السلام
مثل معناه (2)
واشترى سلعة مرابحة فعلم بعد ذلك أن البائع اشتراها بأقل من
الثمن الذي أخبره به فهو مخير بين فسخ البيع وبين أن يأخذها بالثمن الذي
انعقد عليه البيع وليس له غير ذلك ومن اشترط في البيع أو غيره شرطا
فلم يف المشروط عليه به كان من له الشرط مخيرا بين الفسخ والامضاء
وخيار الوصي في قبول الوصية إليه والامتناع منها ما لم يمت الموصي
فإن مات قبل أن يبلغه الامتناع من قبولها وجب على الوصي القيام بها
ولزمته الوصية والخيار في مطالبة الحقوق وتركها
فصل
[ما لا يجوز إجارته]
لا يجوز إجارة ثلاثة عشر شيئا: الكلاب إلا كلب الصيد والماشية
والحائط (3) والزرع والخنزير إلا من ذمي على ذمي والسباع إلا السنور
والفهد وما يصلح للصيد منها وجوارح الطير إلا ما يصلح للصيد منها
وجميع ما لا يحل تملكه للمسلمين من المسوخ والأصنام والصلبان والملاهي
وآلات القمار وملك الغير إلا بإذن صاحبه والرهن إلا بإذن الراهن
والمرتهن والمرأة بغير إذن زوجها واليتيم إلا بإذن وليه والماء والدواب
والأواني والأوعية لعمل الخمور فيها أو حمله والانسان لعمل ما محرمه

(1) المصدر السابق 5 / 208.
(2) التهذيب 7 / 59. (3) الحائط: البستان الذي فيه الأشجار والنخيل.
88

الله تعالى ولتغسيل الأموات وتكفينهم ومواراتهم والأذان والإقامة
والحكم بين الناس وظل المنازل والأشجار والحائط للنظر إليه والدراهم
والدنانير
فصل
[المواضع التي يلزم الأجل المعلوم فيها]
يلزم الأجل المعلوم في ستة عشر شيئا: بيع السلم بيع النسيئة
وإجارة الأرض والعقار والرقيق والنبات والدواب والآلات
والأواني إلا إذا استأجرها لقطع مسافة معلومة أو لعمل شئ معلوم
والكفالة والضمان والمزارعة والمساقاة والمتعة فإن لم يذكر الأجل
كان النكاح دائما وعقد الجزية وعقد الأمان
فصل
[العقود اللازمة]
العقود اللازمة من الطرفين ستة عشر عقدا: البيع بعد التفرق بالأبدان
وانقطاع الخيار والإجارة والمزارعة والمساقاة والضمان والكفالة برضاء الكفيل
الملي والمعسر مع العلم باعساره والمكفول منه والمكفول عنه والحوالة
برضاء المحيل والمحال عليه وإذا كان الشئ المحال به في ذمة المحال عليه وكان له
مثل واتفق الحقان في الجنس والنوع والصفة وكان المحال عليه مليا فإن ظهر أن
المحال عليه كان معسرا في حال الحوالة كان للمحتال أن يرجع على من أحاله
فأما إذا لم يرض المحال عليه فمذهب شيخنا أبي جعفر في النهاية أنها لا تبطل
وهو الصحيح واعتبر في مسائل الخلاف رضى المحيل والمحتال والمحال عليه
وبه قال مصنف الوسيلة وابن إدريس
89

والصلح والهبة للولد الصغير والنكاح والكتابة المطلقة على كل
حال والكتابة المشروطة قبل عجز المكاتب عن أداء ما يجب عليه وأطلق
ذلك الشيخ في مسائل الخلاف فقال: الكتابة لازمة من جهة السيد جائزة
من جهة العبد
وعقد الجزية لأهل الذمة ما لم يخرقوا الذمة وعقد الأمان وعقد
اليمين بين اثنين فيما هو جائز في الشريعة الاسلامية إذا لم يكن حلها مصلحة
وعقد السبق والرماية على أصح القولين وبه قال ابن إدريس وقال
الشيخ في مسائل الخلاف: أنه جائز من الطرفين
فصل
[العقود الجائزة]
العقود الجائزة من الطرفين اثنا عشر عقدا: الوديعة والعارية
والوكالة إذا لم يكن الوكيل مستأجرا لها والشركة والمضاربة والجعالة
والوصية لغيره بشئ من ماله والوصية إليه قبل موت الموصى إليه في
الموضعين معا والهبة للأجنبي قبل القبض والتصرف معا أو القبض والعوض
عنها فإن قبض ولم يتصرف أو لم يعوض عنها كان له الرجوع فيها
والهبة لمن عدا ولده الصغير من ذي رحمه قبل القبض خاصة فإن قبضها
لم يجز له الرجوع فيها فأما إن كانت الهبة منه لولده الصغير فلا يجوز
الرجوع فيها لأن قبض الوالد قبض ولده الصغير
والبيع في المجلس إذا لم يقع العقد بشرط ترك الخيار والبيع في مدة
الخيار المشروط للبائع والمشتري معا
90

فصل
[العقود اللازمة من طرف الجائزة من طرف آخر]
العقود اللازمة من طرف الجائزة من طرف آخر أحد عشر عقدا:
الرهن لازم من جهة الراهن جائز من جهة المرتهن وبيع الحيوان في مدة
ثلاثة أيام إذا لم يقع البيع بشرط ترك الخيار لازم من جهة البائع جائز
من جهة المشتري ما لم يتصرف المشتري فإن تصرف لزم البيع وذهب
المرتضى قدس سره إلى أنه جائز من جهة البائع أيضا والصحيح الأول
لأن الاخبار به أكثر (1)
وضمان المتبرع لازم من جهة الضامن والمضمون له جائز من جهة
المضمون عنه وضمان غير الملي إذا لم يكن المضمون له عالما بحاله لازم
من جهة الراهن والمضمون عنه جائز من جهة المضمون له والحوالة على
غير الملي إذا لم يكن المحتال عالما بحاله لازمة من جهة المحيل جائزة من جهة
المحتال فأما المحال عليه فقد تقدم الخلاف فيه
وإذا حدث في الرقيق في مدة السنة من حين عقد البيع جنون أو جذام
أو برص صار البيع جائزا من جهة المشتري دون البائع وإذا كان
العيب سابقا وقت البيع من غير أن يعلم المشتري به فالبيع لازم من جهة
البائع جائز من جهة المشتري وهو مخير بين رده وبين الامساك بأرش العيب
أو بغير أرش ما لم يتصرف فيه فإن تصرف فيه فليس له إلا الأرش
وإذا باع شيئا معينا بثمن معين موجود فظهر في الثمن عيب لم يعلم
به البائع فالبيع لازم من جهة المشتري جائز من جهة البائع وهو مخير
بين الرضا به وبين الفسخ وليس له أن يلزم المشتري بثمن غيره وإذا

(1) التهذيب 7 / 25 و 67.
91

عجز المكاتب المشروط عن أداء ما يجب عليه أداؤه من مال الكتابة صارت
الكتابة لازمة من جهة المكاتب جائزة جهة السيد فهو مخير بين فسخ
الكتابة وبين الصبر عليه
وإذا أوصى انسان لغيره بثلث ماله أو أقل وقبل الموصى له ذلك
ثم مات الموصي فالوصية لازمة من جهة الورثة وجائزة من جهة الموصى
له وهو مخير بين الأخذ والترك وإذا أوصى له بأكثر من الثلث وأجازه
الورثة قبل موت الموصي كانت الوصية لازمة للورثة بعد موت الموصي
وجائزة من جهة الموصى له وذهب المفيد في المقنعة وسلار في الرسالة
وابن إدريس إلى أنها لا تلزمهم إلا أن يجيزوها بعد موت الموصي فيلزمهم
والصحيح ما ذهبنا إليه يدل عليه ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد
عن حريز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أوصى
بوصية ورثته شهود فأجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم
أن يردوا ما أقروا به؟ قال: ليس لهم ذلك الوصية جائزة عليهم إذا
أقروا بها في حياته (1)
وروى أيضا أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان
ابن يحيى عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام (2)
فصل
[النساء اللواتي يحرمن في النكاح على التأبيد]
المحرمات من النساء في النكاح على التأبيد أربعة وأربعون: الأم وإن
علت والبنت وإن نزلت والعمة والخالة وإن علتا والأخت وبنت

(1) التهذيب 9 / 193.
(2) نفس المصدر والصفحة.
92

الأخت وإن نزلت وبنت الأخ وإن نزلت وأم الزوجة وإن علت
دخل بالزوجة أو لم يدخل بها وبنت الزوجة التي دخل بها وإن نزلت
فإن لم يدخل بها جاز له العقد علي بنتها وأم جاريته التي وطئها وإن
علت وبنتها وإن نزلت وزوجة الأب على الابن دخل بها الأب أو لم
يدخل وزوجة الابن علي الأب دخل بها الابن أو لم يدخل وسرية الابن علي
الأب وسرية الأب على الابن فهذه خمس عشرة
ويحرم مثلهن من جهة الرضاع والرضاع المحرم خمس عشرة رضعة
متواليات لم يفصل بينهن برضاع امرأة أخرى ويكون اللبن لبن فحل لا لبن
دريرة (1) ويكون الرضاع في مدة الحولين فإن اختل شئ من ذلك لم
يحصل التحريم وقال المفيد وسلار المحرم عشر رضعات والصحيح ما قدمناه
لأن الأخبار به أكثر وأعدل رجالا (2)
وينضاف إلى ذلك أنه إذا وطئ الرجل امرأة بشبهة حرم على أبيه
وطئها بالعقد وبملك اليمين أبدا ولي في تحريمها على أب الواطي وفي
تحريم بنت هذه الموطوءة وأمها على الواطئ نظر
والمعقود عليها في العدة - باينه كانت أو غير باينة - تحرم على العاقد
أبدا مع دخوله بها سواء كان عالما بالتحريم أو جاهلا به وسواء علم بأنها
في عدة أو لم يعلم واعتبر سلار في ذلك أن يكون العدة رجعية وهو
خلاف الاجماع يدل على ما اخترناه ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن
إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه

(1) يريد أن اللبن يكون لبن امرأة متزوجة ولدت مولودا يكون اللبن من
أثر الولادة، لا اللبن الذي در وحده من دون ولادة، والدريرة فعيلة من الدر،
وهو سيلان اللبن من الضرع لكثرته فيه.
(2) التهذيب 7 / 312 - 316.
93

السلام قال: إذا تزوج الرجل المرأة في عدتها ودخل بها لم تحل له أبدا
عالما كان أو جاهلا وإن لم يدخل بها حلت للجاهل ولم تحل للعالم (1)
وروي في باب الزيادات من كتاب النكاح في السهو التحريم أبدا
عند الدخول: الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن حمران عن أبي
جعفر عليه السلام (2)
والمعقود عليها في العدة مع علمه بالتحريم تحرم على العاقد أبدا دخل
بها أو لم يدخل ومن تزوج بامرأة وهو محرم عالما بتحريم العقد حرمت
عليه أبدا دخل بها أو لم يدخل فإن لم يكن عالما بتحريمه جاز له نكاحها
بعد الاحرام بعقد مستأنف سواء دخل بها في العقد الأول أو لم يدخل
لأن الأصل الإباحة ولم أقف على خبر بتحريمها وحمله على العدة قياس
والخبر في هذا الحكم روى مطلقا من غير تقييد بالدخول رواه محمد بن
يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد
ابن محمد جميعا عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الميثمي عن زرارة بن
أعين وداود بن سرحان عن أبي الله عليه السلام وعبد الله بن بكير
عن أديم بياع الهروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: الملاعنة إذا
لا عنها زوجها لم تحل له أبدا [والذي يتزوج المرأة في عدتها وهو لا يعلم
لا تحل له أبدا] والذي يطلق الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
ثلاث مرات ويتزوج ثلاث مرات لا تحل له أبدا والمحرم إذا تزوج وهو
يعلم أنها حرام عليه لا تحل له أبدا - هذا آخر الخبر (3)
والتي زنى بها وهي ذات بعل أو في عدة رجعية تحرم على الزاني

(1) المصدر السابق 7 / 307، وفيه (ولم تحل للآخر).
(2) المصدر السابق 7 / 487.
(3) المصدر السابق 7 / 305 - 306 والزيادة منه.
94

أبدا والمطلقة تسع طلقات للعدة قد تزوجت فيها بينها زوجين تحرم على
المطلق أبدا والتي بانت باللعان تحرم على الملاعن أبدا وإذا قذف
زوجته وهي صماء أو خرساء حرمت عليه أبدا وإذا لاط الرجل بصبي
لم يجز له بعد ذلك العقد على أم الصبي ولا علي بنته ولا على أخته وحرمن
عليه أبدا وإذا زنى الرجل بعمته أو خالته حرم عليه العقد بعد ذلك على
بنتيهما أبدا وإليه ذهب السيد المرتضى في الانتصار والشيخ المفيد في المقنعة
والشيخ أبو جعفر والخبر روي في الخالة ولم يتعرض فيه بالعمة (1) وهو
مع ذلك ضعيف رواه علي بن الحسن الطاطري وهو واقفي شديد العناد (2)
والمعتمد في هذه المسألة الاجماع وإلا فالأصل الإباحة
وقد ألحق جماعة من أصحابنا بذلك أنه إذا زنى الرجل بامرأة لم يجز
له بعد ذلك العقد على أمها ولا على بنتها أبدا جاءت به في التهذيب
أحاديث صحيحة الاسناد (3) وإليه ذهب الشيخ في النهاية والاستبصار ومسائل
الخلاف وصاحب الوسيلة وذهب السيد المرتضى وشيخنا المفيد في المقنعة
والشيخ أبو جعفر في التبيان وسلار في الرسالة إلى أنها لا تحرم
وألحقوا أيضا أنه إذا زنى بامرأة لم يجز لأبيه ولا لابنه العقد
عليها ولا وطئها بملك اليمين بعد ذلك أبدا وبه قال الشيخ في النهاية

(1) المصدر السابق 7 / 311.
(2) علي بن الحسن الطاطري الجرمي، وسمي الطاطري لبيعه ثيابا يقال لها
الطاطرية، يكنى أبا الحسن، وكان فقيها ثقة في حديثه من أصحاب الكاظم عليه
السلام، واقفي المذهب من وجوه الواقفة... وكان شديد العناد في مذهبه، صعب
العصبية على من خالفه من الإمامية... وله كتب كثيرة في نصرة مذهبه، وله كتب
في الفقه رواها عن الرجال الموثوق بهم وبرواياتهم - منتهى المقال لأبي علي ص 211.
(3) التهذيب 7 / 329 - 331.
95

والاستبصار وجاءت به أحاديث ضعيفة الأسانيد (1) وذهب سيدنا المرتضى
وشيخنا المفيد إلى أنها لا تحرم
وألحقوا أيضا أنه إذا قبل الأب أو الابن جارية بشهوة أو نظرا
منها إلى ما يحرم على غير مالكها النظر إليه أنها تحرم بعد ذلك على الأب
أو الابن وطؤها أبدا وإليه ذهب الشيخ في النهاية والاستبصار
وألحقوا أيضا أنه إذا وطئ من لها دون تسع سنين فأفضاها أنها
يحرم عليه بعد ذلك وطؤها أبدا وإليه ذهب الشيخ أبو جعفر في الإستبصار
مع جواز امساكها وذهب في النهاية في باب ما يستحب فعله لمن أراد
العقد أو الزفاف إلى أنه يفرق بينهما ولا تحل له أبدا والذي رواه في
في هذا الحكم خبر مرسل (2) ومع ذلك في سنده سهل بن زياد وسهل
ضعيف (3) روى محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد
عن يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما ولم
تحل له أبدا (4)
والصحيح أنها لا تحرم ويدل على ذلك ما رواه علي بن إبراهيم (5) عن
الحارث بن محمد بن النعمان صاحب الطاق عن بريد العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام)

(1) الإستبصار 3 / 163.
(2) الإستبصار 4 / 295، الكافي 5 / 429.
(3) سهل بن زياد أبو علي الآدمي الرازي كان ضعيفا في الحديث غير معتمد
فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم
إلى الري، وكان يسكنها - رجال النجاشي ص 140.
(4) هذا هو خبر سهل بن زياد الذي أشار إليه قد كرر ذكره بنصه.
(5) كذا في نسخ الكتاب، وفي الإستبصار (الحسن بن محبوب).
96

في رجل افتض جاريته - يعني امرأته فأفضاها - قال: عليه الدية إن كان دخل
بها فأفضاها قبل أن تبلغ تسع سنين؟ قال: فإن أمسكها ولم يطلقها فلا شئ عليه (1)
فصل
[المحرمات من النساء في حال دون حال]
اللاتي يحرم نكاحهن في حال دون حال أربع وعشرون: التي عقد
عليها في العدة جاهلا بالتحريم ولم يدخل بها والتي عقد عليها في حال
الاحرام جاهلا بالتحريم والتي لها زوج وأخت زوجته ما دامت الزوجة
في حباله وأخت أمته التي وطئها ما دامت الموطوءة في تملكه وبنت
زوجته التي لم يدخل بها والأمة إذا كان له زوجة حرة إلا برضاء الحرة
فإن عقد عليها بغير رضاء الحرة فالعقد باطل فإن امضته الحرة لم يمض
وبه قال الشيخ في التبيان وهو اختيار ابن إدريس وقال الشيخ في النهاية
إن أمضت الحرة العقد مضى يدل على ما اخترناه ما رواه محمد بن يعقوب
عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج
الأمة على الحرة ومن تزوج أمة على حرة فنكاحه باطل (2)
وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن صالح بن سعيد عن بعض أصحابه
عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام: إن زوجته إن رضيت
بفعله لا يفرق بينهما ويبقيان على النكاح الأول (3) وهذا خبر مرسل فالعمل
بالخبر الأول أولى

(1) الإستبصار 4 / 294.
(2) التهذيب 7 / 344.
(3) الكافي 7 / 241، والمذكور هنا مضمون ما في المصدر لا نصه.
97

والحرة إذا كان له زوجة أمة إلا أن تعلم الحرة بذلك وترضى
وبنت أخ زوجته إلا برضاء زوجته وبنت أخت زوجته إلا برضاء زوجته
والثالثة من الإماء على الحر والخامسة من الحرائر على الحر والثالثة
من الحرائر على العبد والخامسة من الإماء على العبد والأمة إذا اشتراها
قبل استبرائها إذا كانت من ذوات الحيض واليهودية والنصرانية بنكاح
الدوام فأما نكاح المتعة فجائز والمجوسية والمشركة والناصبية دائما ومتعة
والحائض في القبل حتى تطهر ومن لها دون تسع سنين حتى تبلغها
وزوجته وأمته المريضتان إذا كان الوطي يضر بهما
فصل
[النساء اللواتي يستحب تزويجهن]
يستحب التزويج بثلاث عشرة امرأة: البكر وذات الدين وذات
الأصل الكريم وكريمة المولد والولود والدرماء (1) والحسنة الشعر
والسمراء العجزاء المربوعة والطيبة البيت والطيبة ريح الفم والطيبة
الكلام والموافقة والعزيزة في أهلها والذليلة مع بعلها
فصل
[النساء اللواتي يكره نكاحهن]
يكره نكاح ست وعشرين امرأة: العجوز والحسناء في منبت السوء
والعقيم والكردية والسوداء إلا النوبية (2) والأمة إلا مع وجود الطول

(1) الدرماء: التي يكون الدرم في كعبها، وهو أن يواري كعبها اللحم
حتى لا يكون له حجم.
(2) النوبية منسوبة إلى النوب والنوبة، وهو جيل من سودان.
98

على ما ذكره الشيخ أبو جعفر في النهاية وذهب في مسائل الخلاف والتبيان
إلى أنه لا يجوز وبه قال المفيد في المقنعة وابن إدريس في السرائر إلا
أن المفيد قال: فإن فعل خالف السنة ويفسخ نكاحه
ويكره أيضا نكاح سيئة الخلق والسليطة (1) ومن ليست بعفيفة
والصخابة (2) والولاجة (3) والخراجة والمتبرجة والحقود والمستضعفة
من أهل الخلاف والتي ليست بسديدة الرأي والتي ليست بقانعة
والذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها وبنت امرأة كانت زوجة أبيه إذا
رزقت البنت بعد مفارقة أبيه لأمها والتي قبلته وربته فإن كانت قبلته
المرة والمرتين فلا بأس على ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي
عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام (4)
وبنت التي قبلته والتي زنى بأمها أو بنتها على ما تقدم والتي زنى
بها على ما تقدم والتي زنى بها أبوه أو ابنه وجارية أبيه إذا انتقلت
إليه وكان أبوه قد قبلها بشهوة أو نظر منها إلى ما يحرم على غير الزوج
النظر إليه وكذلك الحكم في جارية الابن وبنت امرأة قد عقد عليها
ولم يدخل بأمها غير أنه نظر منها إلى يحرم على غير الزوج النظر إليه

(1) السليطة: حادة اللسان الصخابة.
(2) الصخابة: كثيرة الصخب، وهو الصيحة واضطراب الأصوات للخصام
والمرأة صخباء وصخابة: كثيرة اللغط والجلبة.
(3) الولاجة: كثيرة الدخول والخروج.
(4) التهذيب 7 / 455.
99

فصل
[المواضع التي يكره الجماع فيها]
يكره الجماع في أربعة وثلاثين موضعا: على الامتلاء وأول ليلة
من الشهر إلا شهر رمضان وفي ليلة النصف من كل شهر وفي آخر
ليلة من كل شهر فقد روى أن المرأة إذا حملت في هذه الليالي الثلاث
يخاف جنون الولد (1)
وفي محاق الشهر فقد روى أنه (من أتى أهله في محاق الشهر فليسلم
لسقوط الولد) (2)
وليلة خسوف القمر ويوم كسوف الشمس وليلته والليلة التي يقدم
فيها سفره والليلة التي يريد السفر في صبيحتها وفيما بين طلوع الفجر
إلى طلوع الشمس وفيما بين غروب الشمس إلى مغيب الشفق وبعد
الظهر وفي كتاب من لا يحضره الفقيه: لا تجامع امرأتك بعد الظهر فإنه
إن قضى بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول والشيطان يفرح بالحول
في الانسان (3)
وليلة الأضحى وفيما بين الأذان والإقامة وعند الزلازل وعند
الريح السوداء والصفراء والحمراء سواء كانت الريح أو الزلازل ليلا أو نهارا
وإذا كان القمر في برج العقرب والجماع وهو مختضب قبل أن يأخذ
الحناء مأخذه ورد به خبر صحيح (4)

(1) من لا يحضر 3 / 255.
(2) نفس المصدر والصفحة.
(3) من لا يحضر 3 / 359.
(4) مروي في الكافي 5 / 498 عن مسمع بن عبد الملك: قال سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يجامع المختضب. قلت: جعلت فداك لم لا يجامع
المختضب؟ قال: لأنه محتصر.
100

والجماع قائما ومستقبل القبلة ومستدبرها وفي وجه الشمس إلا أن
يجعل بينه وبينها حائلا والجماع على شهوة غير زوجته أو جاريته لأنه
يورث تخنيث الولد المنعقد من تلك النطفة وفي كتاب من لا يحضره الفقيه
فإني أخشى إن قضى بينكما ولد أن يكون مخنثا أو مؤنثا مخبلا (1)
والجماع بعد الاحتلام قبل أن يغتسل أو يتوضأ وضوء الصلاة فقد
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن جامع قبل أن يغتسل
فخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه (2) وأن يجامع زوجته الحامل قبل
أن يتوضأ للصلاة وأن يجامع وتراه زوجة له أخرى وأن يجامع زوجته
أو جاريته ويراه صبي فقد روى أنه يورث الزنا (3)
والجماع في الدبر وأن يجامع على سقوف البنيان وتحت الأشجار
المثمرة وأن يجامع في السفينة
ويلحق بذلك كراهية الكلام في حال الجماع لأنه يورث خرس الولد
إن حملت من ذلك الجماع - كذلك روي في كتاب من لا يحضره الفقيه (4)
وفي النهاية أطلقه بأنه يورث الخرس
وكراهية النظر إلى فرجها في حال الجماع لأنه يورث عمى الولد
كذلك روي أيضا في كتاب من لا يحضره الفقيه (5) وفي النهاية أطلقه بأنه
يورث العمى

(1) من لا يحضر 3 / 359.
(2) المصدر السابق 3 / 363.
(3) الكافي 5 / 499.
(4) من لا يحضر 3 / 359.
(5) انظر المصدر السابق ونفس الصفحة.
101

وكراهية العزل إلا عن عشر: الأمة، والمتمتع بها، والمرضعة،
والعقيمة، و المسنة، والبدوية (1)، والسليطة، والمجنونة، والمولودة من
الزنا، و الزانية
فصل
[المواضع التي يجب فيها مهر المثل]
يجب مهر المثل على ثمانية: من تزوج ولم يسم مهرا ودخل بها
ومن غصب امرأة على فرجها يجب عليه مهر المثل والقتل أيضا ومن
افتض بكرا بإصبعه ويجب أيضا مع المهر التعزير والمسلم إذا تزوج على
مهر لا يحل للمسلم تملكه على أصح القولين وبه قال الشيخ أبو جعفر في
مسائل الخلاف ومصنف الوسيلة وابن إدريس وقال الشيخ أبو جعفر في
النهاية والمفيد في المقنعة وأبو الصلاح وسلار وجماعة أصحابنا يكون
النكاح باطلا
ومن شرط في حال العقد أن لا يكون لها مهر عليه صح العقد ولزمه
مهر المثل ومن زنى بصبية لم تبلغ تسع سنين ومن زنى بمجنونة ومن
زنى بقريبة العهد بالاسلام جاهلة بالتحريم
فصل
[المواضع التي لا يجب فيها المهر]
لا يجب المهر في ثمانية مواضع: إذا زوج الرجل عبده بأمته لم يلزمه
المهر بل يستحب للسيد أن يعطي الجارية شيئا من ماله وإذا زوج الرجل
أمته مدلسا لها بالحرة واختار الزوج الفسخ فسخ ولا مهر عليه وإذا

(1) كذا في ط، وفي ح و م (الهذية).
102

فسخت المرأة نكاح نفسها بعيب في الرجل قبل دخوله بها فلا مهر لها
عليه إلا العنين فإن لها عليه نصف الصداق والخصي فإن لها عليه الصداق
كملا دخل الخصي بها أو لم يدخل على ما رواه الحسين بن سعيد عن أخيه
الحسن عن زرعة بن محمد عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام: إن
خصيا دلس نفسه لامرأة؟ فقال: يفرق بينهما وتأخذ المرأة منه صداقها
ويوجع ظهره كما دلس نفسه (1) وروي في باب المهور خبر صحيح
يتضمن أنه إذا دخل بها يكون لها المهر وقال ابن إدريس: لا دليل
على صحة هذه الرواية
روى الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن ابن بكير عن أبيه عن
أحدهما عليهما السلام: أنه يفرق بينهما (2) ولم يتعرض لذكر المهر وقال
ابن بابويه في الرسالة: عليه نصف الصداق
وإذا دلست المرأة نفسها وبها عيب يرد به النكاح واختار الزوج
فسخ نكاحها فسخ ولا مهر عليه وإذا تزوج الرجل ولم يسم مهرا لها
وطلقها قبل الدخول فلا مهر عليه بل يجب عليه أن ينفقها على قدر
حاله وحالها فإن دخل بها كان عليه مهر نسائها فإن مات قبل الدخول
بها فلا مهر لها أيضا وهل لها المتعة أم لا؟ الصحيح أنه تجب لها المتعة
على ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبد الحميد عن أبي جميلة
عن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تزوج امرأة ولم
يسم لها مهرا فمات قبل أن يدخل بها؟ قال: هي بمنزلة المطلقة (3)
وإذا تزوج امرأة على حكمه أو حكمها ومات قبل الدخول

(1) التهذيب 7 / 432.
(2) نفس المصدر والصفحة.
(3) المصدر السابق 7 / 459.
103

بها وقبل أن يحكما لم يكن لها مهر وكان لها المتعة وإذا تزوج المريض
وسمى لها مهرا ومات قبل الدخول بها فلا مهر لها ولا ميراث لها منه
وإن مات بعد الدخول كان لها المهر والميراث وإذا ارتدت المرأة قبل
الدخول بها انفسخ النكاح بينها وبين الزوج ولا مهر لها عليه وروى
في التهذيب في باب حدود الزنا: أحمد بن محمد عن البرقي عن عبد الله
ابن المغيرة عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال
في المرأة إذا زنت قبل أن يدخل بها؟ قال: يفرق بينهما ولا صداق
لها لأن الحدث كان من قبلها (1) وقال الشيخ في النهاية: ليست له
ردها وله أن يرجع على وليها بالمهر وليس له فراقها إلا بالطلاق
فصل
[أشياء تزيل النكاح]
يزيل النكاح خمسة وعشرون شيئا: الطلاق البائن والموت واللعان
والردة من الرجل عن فطرة قبل الدخول بالمرأة وبعد الدخول بها والردة
منها من غير فطرة قبل الدخول بها على كل حال والردة منه بعد الدخول
بها ولم يسلم حتى تنقضي العدة والردة من المرأة قبل الدخول بها سواء
كانت عن فطرة أو غير فطرة وإن كان بعد الدخول بها وأصرت على الردة
فهي زوجته يرثها ولا ترثه ولا نفقة لها عليه وإن لم تصر ورجعت إلى الاسلام
فالنكاح ثابت بينهما وفسخ المرأة عقدها أو عقد بنت أختها إذا تزوج بنت أختها
عليها وبيع العبد أو الأمة أو بيعهما معا إذا لم يرض المشتري أو البائع
اقرارهما على النكاح واسلام الزوجة ولم يسلم الرجل حتى ينقضي عدتها
منه واسلام الزوج ولم يسلم زوجته حتى تنقضي عدتها منه إذا كانت

(1) المصدر السابق 10 / 36.
104

غير ذمية فإن كانت ذمية فله امساكها بالعقد الأول ولا ينفسخ النكاح
ومسبي أحد الزوجين وعتق الأمة إذا اختارت فسخ نكاح زوجها سواء
كان زوجها حرا أو عبدا على أصح القولين وبه جاء حديث صحيح (1)
ويملك أحد الزوجين الآخر فإن كان المالك الزوجة انفسخ النكاح
ولم تحل له حتى تعتقه وتتزوج به وقذف الرجل زوجته الصماء أو الخرساء
سواء كان دخل بها أو لم يدخل ولم تحل له بعد ذلك أبدا وفسخ
الحرة نكاح نفسها أو نكاح الأمة إذا تزوج بالأمة عليها واختارت الحرة
الفسخ وإذا أذنت قبل الدخول أو رضيت به بعده لم يكن لها فسخ ولا
خيار وفسخ الحرة نكاح نفسها خاصة دون نكاح الأمة إذا تزوج بالحرة
وعنده أمة هي زوجته وهي لا تعلم ذلك فإن علمت قبل العقد أن له
زوجة أمة أو رضيت به بعد العقد لم يكن لها فسخ ولا خيار وكذلك الحكم
إذا كانت زوجته يهودية أو نصرانية وتزوج حرة مسلمة - رواه في التهذيب
في باب الزيادات من النكاح: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن
أبيه [عن ابن محبوب] عن ابن رئاب عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه
السلام (2)
وفسخ الحر نكاح الأمة إذا تزوج بها ولم يعلم أنها أمة قبل العقد
أو يرضى بها بعده فإن علم ورضي فلا خيار له وذهب الشيخ في مسائل
الخلاف إلى أنه إذا تزوج بامرأة على أنها حرة فخرجت أمة أن العقد باطل
وفسخ الحرة نكاح العبد كذلك وفسخ نكاح التي تزوج بها على
أنها بنت مهيرة فخرجت بنت أمة وفسخ زوجة العنين (3) نكاحه إذا

(1) التهذيب 7 / 341 - 342.
(2) المصدر السابق 7 / 449، وليس فيه (عن ابن محبوب).
(3) العنين: الذي لا يريد النساء ولا يميل إليهن ولا يقدر على الجماع، سمي
عنينا لأن ذكره يعن لقبل المرأة أي يعترض إذا أراد إيلاجه.
105

كانت العنة قبل العقد أو بعد العقد قبل الدخول بها إذا لم تكن عالمة بحاله
قبل العقد أو ترضى به بعد العقد فإن حدثت العنة بعد الدخول بها لم
يكن لها خيار ولا فسخ وكذلك أن كان يقدر على اتيان غيرها فلا خيار لها
وفسخ زوجة الخصي (1) نكاحه إذا لم تكن عالمة بحاله قبل العقد
ولا رضيت به بعد العقد وفسخ زوجة المجبوب نكاحه كذلك وفسخ
زوجة المجنون نكاحه إذا كانت الجنة به قبل العقد سواء عقل أوقات
الصلاة أو لم يعقل فإن حدثت الجنة به بعد العقد وكان يعقل أوقات
الصلاة فلا خيار لها وإن لم يعقل أوقات الصلاة كان على وليه طلاقها
منه وأما المجنونة فإن كانت الجنة بها قبل العقد ولم يعلم بها أو يرضى
بها بعد العقد فله الفسخ وإن علم بها قبل العقد أو رضي بها بعد العقد
فليس له فسخ وإن كانت الجنة بها بعد العقد عليها فليس له فسخ وإنما
تبين منه بالطلاق
وفسخ المرأة نكاح من انتمى إلى قبيلة ولم يكن منها على ما قاله الشيخ
أبو جعفر في النهاية وورد به خبر ضعيف لم يسند إلى إمام (2) وقال
الشيخ في المبسوط: الأقوى أنه لا خيار لها وهو اختيار ابن إدريس
وهو الأصح
وفسخ الرجل نكاح ثمان وهي: الرتقاء والقرناء والعفلاء (3)

(1) الخصي: العبد الذي سل خصيتاه فلم يقدر على الجماع.
(2) التهذيب 7 / 432.
(3) الرتقاء: المرأة التي انسد مدخل الذكر من فرجها فلا يستطاع جماعها.
والقرناء: التي ينبت في فرجها لحم في مدخل الذكر كالغدة الغليظة وقد يكون
عظما فيمنع من مجامعتها، والعفلاء: التي غلظ فرجها فلم يمكن الجماع معها.
106

* (والمفضاة، والمجنونة، والمجذومة، والبرصاء، والعمياء.
وقد ألحق بعض أصحابنا بذلك العرجاء والمحدودة في الزنا، وبه قال
الشيخ المفيد في المقنعة وأبو الصلاح وسلار، وذهب الشيخ في النهاية إلى
أن في العرجاء تردد دون المحدودة
فصل
[عدد العدة]
العدد إحدى عشرة: ثلاثة أقراء وقرءان اثنان وقرء واحد مع
شهرين مضافين إليه وقرء واحد (1) وثلاثة أشهر وخمسة وأربعون يوما
وأربعة أشهر وعشرة أيام وشهران وخمسة أيام ووضع الحمل وأبعد
الأجلين وتسعة أشهر
فالثلاثة أقراء عدة ثمان إذا كن من ذوات الحيض: الحرة المدخول
بها سواء كان الحيض في الشهر مرة أو مرتين أو ثلاث مرات وعدة
الموطوئة بملك اليمين إذا أعتقها سيدها وعدة الأمة إذا طلقها زوجها
طلاقا رجعيا ثم أعتقها قبل خروجها من العدة وعدة المرتد عنها زوجها
عن غير فطرة إذا كانت حرة مع الدخول بها إذا هرب ولم يقدر عليه
وعدة أخت الزوجة إذا عقد عليها غير عالم بأنها أخت الزوجة مع الدخول
بها إذا كانت حرة وعدة بنت الزوجة إذا عقد عليها غير عالم بأنها بنتها
مع الدخول بها إذا كانت حرة وعدة الأم كذلك وعدة من أدخلت
على غير زوجها فوطئها اعتقادا بأنها زوجته إذا كانت حرة
وأما القرآن فعدة سبع إذا كن من ذوات الحيض: عدة المستمتع

(1) القرء بضم القاف وسكون الراء: من الأضداد، فيستعمل في حيض
المرأة وطهرها من الحيض.
107

بها بعد انقضاء أجلها مع الدخول بها سواء كانت حرة أو أمة وعدة
الأمة إذا طلقها زوجها بعد الدخول وعدة المرتد عنها زوجها عن غير
فطرة وعدة أم الزوجة وبنت الزوجة وأخت الزوجة وعدة من أدخلت
على غير زوجها مع الدخول بها أيضا هؤلاء الخمس إذا كن من ذوات
الحيض فإن كن لا يحضن وفي سنهن من تحيض فخمسة وأربعون يوما
وأما القرء والشهران جميعا فعدة من طلقها زوجها بعد الدخول بها
وحاضت حيضة واحدة بعد طلاقها ثم ارتفع حيضها ببلوغ سنها إلى الخمسين
أو الستين فإنها تعتد بعد القرء المذكور بشهرين
وأما القرء الواحد فعدة الأمة إذا اشتريت وكان سيدها الأول يطئها
إذا كانت من ذوات الحيض فإن كانت لا تحيض وفي سنها من تحيض
فخمسة وأربعون يوما
وأما الثلاثة الأشهر فعدة اثنتي عشرة: عدة المطلقة الحرة إذا كانت
لا تحيض وفي سنها من تحيض وعدة الموطوئة بملك اليمين إذا أعتقها سيدها
وكانت لا تحيض وفي سنها من تحيض وعدة الأمة إذا طلقها زوجها طلاقا
رجعيا ثم أعتقت قبل خروجها من العدة إذا كانت لا تحيض وفي سنها من
تحيض وعدة المسترابة بالحمل بعد الطلاق ومضى تسعة أشهر وعدة
المرأة إذا كانت لا تحيض إلا في ثلاث سنين أو في أربع سنين حيضة واحدة
وكان ذلك عادة لها مستمرة فإن كان عادتها غير ذلك وهي ناسية لها
فكذلك ثلاثة أشهر وإن كانت ذاكرة لها اعتدت بمثل زمان قرءها في
حال استقامتها وعدة من طلقها زوجها وهو غائب عنها إذا لم يكن سنها
خمسين سنة أو ستين سنة فإن كان سنها كذلك فلا عدة لها وعدة من
كان لها عادة في كل شهر أو شهرين مرة واحدة ثم تغيرت عادتها فصارت
لا ترى الدم إلا في كل أربعة أشهر أو خمسة أشهر أو ما زاد على ذلك مرة
108

واحدة وعدة المرتد عنها زوجها وأم الزوجة وبنت الزوجة وأخت الزوجة
ومن أدخلت على غير زوجها على ما تقدم إذا كن حرائر وكن لا يحضن
وفي سنهن من تحيض
وأما الخمسة والأربعون يوما فعدة ثمان: السبع اللاتي تقدمن وعدة
الأمة إذا اشتريت وكان سيدها يطئها إذا كانت لا تحيض وفي سنها من تحيض
وأما الأربعة أشهر وعشرة أيام فعدة خمس: المتوفى عنها زوجها إذا
كانت حرة غير حامل سواء كانت صغيرة أو كبيرة متمتعا بها أو غير
متمتع مسلمة أو يهودية أو نصرانية وقال المفيد وسلار: عدة المتمتع
بها إذا مات عنها زوجها شهران وخمسة أيام وعدة المرتد عنها زوجها
عن فطرة سواء قتل في الحال أو هرب ولم يقدر عليه تعتد من يوم ارتداده
وعدة الأمة إذا مات عنها سيدها أو طلقها طلاقا رجعيا ثم مات عنها إذا
كانت أم ولد لسيدها فإن لم تكن أم ولد فعدتها شهران وخمسة أيام وعدة
الأمة إذا مات عنها سيدها وكان يطئها بملك اليمين سواء كان لها منه ولد
أو لم يكن وعدة المفقود عنها زوجها بعد رفع خبره إلى الإمام وينفذ من
يتعرف خبره في الآفاق أربع سنين إذا لم يكن للمفقود ولي ينفق عليها
وأما الشهران وخمسة أيام فعدة الأمة إذا مات زوجها عنها ولم يكن
لها ولد من سيدها
وأما وضع الحمل فعدة المطلقة سواء كانت حرة أو أمة ولو كان
بعد الطلاق بلحظة واحدة
وأما أبعد الأجلين فعدة الحامل إذا مات عنها زوجها ومعناه إن
وضعت قبل أربعة أشهر وعشرة أيام تممت الأربعة أشهر وعشرة أيام
وإن مضى أربعة أشهر وعشرة أيام ولم تضع صبرت حتى تضع ولو كان
بعد ستة أشهر إلى تسعة أشهر
وأما التسعة الأشهر فالتربص بالمسترابة
109

فصل
[في العدد المختلفة]
عدد الباينات مع الدخول إحدى وعشرون عدة: عدة المتوفى عنها
زوجها وعدة المطلقة الثالثة للحرة وعدة المطلقة الثانية للأمة سواء كانت
تحت حر أو عبد وعدة الخلع فإن رجعت فيما بذلت كان له الرجوع
في بضعها فإن كان الخلع قبل الدخول فلا رجوع لها وكذلك أن
كان الخلع بعد طلقتين
وعدة المباراة كذلك وعدة الصماء أو الخرساء إذا حرمت عليه
بالقذف أبدا وعدة زوجته التي أرضعت زوجة له أخرى صغيرة الرضاع
المحرم وعدة اللعان وعدة التي ارتد عنها زوجها عن فطرة وعدة
المرأة إذا تزوج عليها بنت أخيها أو بنت أختها واختارت فسخ نكاح نفسها
ولي في هذا القسم نظر للخبر الآتي
وعدة بنت الأخ أو بنت الأخت إذا فسخت عمتها أو خالتها نكاحها
وقد روى بأن نكاحها باطل (1) وسيأتي الخبر به
وعدة من فسخت نكاح زوجها بعيب يوجب رده أو فسخ زوجها
نكاحها بعيب يوجب ردها وعدة الأمة إذا بيعت أو بيع زوجها إذا
اختار البائع أو المشتري فسخ نكاحها وعدة الحرة إذا تزوج بها وله زوجة
أمة واختارت الحرة فسخ نكاح نفسها وقد روى أن نكاح الأمة باطل (2)

(1) التهذيب 7 / 333.
(2) الكافي 5 / 359.
110

وعدة الحرة إذا تزوج بها وله زوجة يهودية أو نصرانية وعدة
الأمة إذا تزوج بها على حرة واختارت الحرة فسخ نكاح الأمة وعدة
الأمة إذا أعتقت واختارت فسخ نكاح زوجها وعدة من أمرها سيدها
باعتزال زوجها الذي هو عبده
وجميع هذه الأقسام إنما تجب العدة فيها مع الدخول بالمرأة فإن لم
يكن هناك دخول فلا عدة إلا المتوفى عنها زوجها فإنه يجب عليها
العدة سواء دخل بها أو لم يدخل روى محمد بن أحمد بن يحيى عن
بنان بن محمد عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن
جعفر عليه السلام أنه قال: ولا تزوج بنت الأخ والأخت على العمة
والخالة [إلا برضى منهما] فمن فعل فنكاحه باطل (1)
وروى محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب
عن ابن رئاب عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام من جملة خبر: فإن
تزوج عليهما حرة مسلمة ولم تعلم أن له امرأة نصرانية ويهودية ثم دخل
بها فإن لها ما أخذت من المهر فإن شاءت أن تقيم بعد معه أقامت وإن
شاءت أن تذهب إلى أهلها ذهبت وإذا حاضت ثلاث حيض أو مرت
لها ثلاثة أشهر حلت للأزواج قلت: فإن طلق عليها اليهودية والنصرانية
قبل أن تنقضي عدة المسلمة له عليها سبيل أن يردها إلى منزله؟ قال:
نعم (2)
وقد تقدم في فصل اللاتي يحرم نكاحهن في حال دون حال خبر
صحيح أن من تزوج بأمة على حرة فنكاحها باطل (3)

(1) التهذيب 7 / 333، والزيادة منه.
(2) الكافي 5 / 359.
(3) انظر هذا الكتاب ص 97 والكافي 5 / 359.
111

فصل
[ما يجب فيه العتق]
يجب العتق في ثلاث عشرة كفارة: كفارة من أفطر يوما من شهر
رمضان متعمدا أو فعل ما يجري مجرى الافطار من الجماع وغيره وكفارة
الافطار في الاعتكاف وكفارة نقض النذر أو العهد وكفارة جز المرأة
شعرها في المصاب وكفارة قتل العمد وكفارة قتل الخطأ وكفارة
الظهار وكفارة من حلف بالبراءة من الله أو من رسوله أو الأئمة عليهم
السلام وكفارة اليمين وكفارة شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته
وكفارة خدش المرأة وجهها في المصاب وكفارة نتف شعرها في المصاب
أيضا
فأما كفارة الافطار في شهر رمضان ونقض النذر أو العهد وجز
الشعر فعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا مخيرا
في ذلك
وقال سيدنا المرتضى قدس الله روحه في المسائل الموصلية الثالثة:
من نذر شيئا من القرب فلم يفعله مختارا فعليه كفارة فإن كان صيام
في يوم بعينه فأفطر من غير سهو ولا اضطرار فعليه ما على مفطر يوم
من شهر رمضان مختارا وإن كان مضطرا فعليه ما يجب في كفارة اليمين
والحجة فيه اجماع الفرقة وذهب الشيخ أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان
الكراجكي رحمه الله إلى أنها مرتبة مثل كفارة الظهار
وأما كفارة قتل العمد فعتق رقبة وصوم شهرين متتابعين واطعام
ستين مسكينا يجب عليه الجمع في ذلك بين الثلاث
وأما كفارة قتل الخطأ وكذا الظهار وكفارة اليمين بالبراءة مع الحنث
112

فعتق رقبة فإن لم يجد الرقبة فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فاطعام
ستين مسكينا يجب عليه الترتيب في ذلك وذهب سلار إلى أن كفارة
قتل الخطأ على التخيير وهو خلاف لظاهر التنزيل والاجماع وذهب
الشيخ في الثالث من مسائل الخلاف إلى أن من حلف بالبراءة من الله لم
يكن ذلك يمينا والمخالفة حنث ولا يجب به كفارة وهو اختيار ابن
إدريس والصحيح ما قلناه وبه قال الشيخ المفيد في المقنعة وسلار في
الرسالة والشيخ في النهاية لكنه أطلقه ولم يقيده بالحنث كما قيده المفيد
وسلار وقال أبو الصلاح في الكافي: ومن حلف بالبراءة من الله أو من
رسوله أو من أحد من الأئمة عليهم السلام مطلقا فعليه كفارة ظهار
وإن علق ذلك بشرط وخالف ما علق بالبراءة فعليه الكفارة المذكورة
وروى محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى قال: كتب محمد بن الحسن
إلى أبي الحسن عليه السلام: رجل حلف بالبراءة من الله ومن رسوله
فحنث ما توبته وكفارته؟ فوقع عليه السلام: يطعم عشرة مساكين لكل
مسكين مد [من طعام] ويستغفر الله عز وجل (1) وعمل الطائفة على
العمل بخلاف هذا الخبر
وأما كفارة اليمين وكفارة شق الثوب وكفارة الخدش وكفارة نتف
الشعر فعتق رقبة أو اطعام عشرة مساكين أو كسوتهم مخيرا في ذلك فإن
عجز عن ذلك كان عليه صيام ثلاثة أيام متتابعات والاطعام لكل مسكين
مد والكسوة لكل مسكين ثوب واحد وبه تشهد الرواية الصحيحة (2)
وهو اختيار ابن إدريس وقال المفيد وأبو الصلاح وسلار: لكل مسكين
ثوبان أو شبعة في يومه فإن شق ثوبه على أبيه أو أمه أو أخيه أو قريب

(1) التهذيب 8 / 299، والزيادة ليست فيه.
(2) المصدر السابق 8 / 296.
113

منه أو المرأة على زوجها فليس عليه شئ
وألحق جماعة من أصحابنا منهم الكراجكي بذلك كفارة من أفطر
بعد الزوال في يوم يقضيه من شهر رمضان والصحيح هو أن عليه
اطعام عشرة مساكين فإن لم يتمكن كان عليه صيام ثلاثة أيام ورد
بذلك خبران (1)
ولا يعتبر الايمان في العتق في الكفارات إلا كفارة قتل الخطأ وبه
قال الشيخ أبو جعفر في الأول من الخلاف وقال ابن إدريس: يعتبر ذلك
فصل
[من يستحب عتقه]
يستحب عتق سبعة: المملوك المؤمن العفيف الصالح والمملوك إذا
أتى عليه بعد ملكه سبع سنين والمملوك المؤمن إذا كان عند مالكه تحت
ضيق وشدة يستحب شراؤه وعتقه والمملوك إذا عتق نصيبه منه تقربا
إلى الله تعالى يستحب له شراؤه الباقي وعتقه وهو مذهب الشيخ أبي جعفر
وقال ابن إدريس يجب عتقه والمملوك إذا ضربه مالكه فوق الحد
وقال بعض أصحابنا يجب والمملوك إذا وطئ مالكه أمة وهي حامل به
قبل أن يمضي له أربعة أشهر وعشرة أيام إذا لم يعزل عنها ومن عدا
الوالدين والولد والمحرمات عليه في النكاح من ذوي نسبه
فصل
[الذين ينعتقون من غير لفظ]
الذين ينعتقون من غير أن يتلفظ بعتقهم أربعة وعشرون: الأب

(1) الكافي 4 / 122، التهذيب 4 / 279.
114

إذا ملكه ابنه والابن إذا ملكه أبوه والأم إذا ملكها ابنها والابن
إذا ملكته أمه والعمة إذا ملكها ابن أخيها والخالة إذا ملكها ابن أختها
وبنت الأخ إذا ملكها عمها وبنت الأخت إذا ملكها خالها
فهذه الثمانية من جهة النسب ومثلهن من جهة الرضاع على أصح
القولين وبه قال الشيخ أبو جعفر في مسائل الخلاف والنهاية وذهب
أبو الصلاح وابن إدريس إلى أنهم لا ينعتقون من جهة الرضاع
والأعمى والمجنون والمجذوم والمقعد وعبد الحربي إذا أسلم
ولحق بدار الاسلام صار حرا والعبد إذا أعتق سيده منه بعضه سرى
العتق في باقيه وإن لم يتلفظ السيد بعتق الباقي والمكاتب المشروط عليه
إذا أدى ما عليه والمملوك إذا نكل به سيده (1) أو مثل به رواه
الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه
السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة قطعت ثدي وليدتها
أنها حرة لا سبيل لمولاها عليها وقضى فيمن نكل بمملوكه فهو حر لا سبيل
عليه (2)
فصل
[مواضع لا تقبل فيها شهادة النساء]
لا تقبل شهادة النساء في ثمانية عشر موضعا: النكاح على ما ذكره
الشيخ في الثالث من الخلاف في كتاب الشهادات والمبسوط في كتاب الشهادات
والشيخ المفيد في المقنعة وسلار في الرسالة وابن إدريس وقد روى أخبار

(1) تنكيل المولى بعبده بأن يجدع أنفه أو يقطع أذنه.
(2) من لا يحضر 3 / 85.
115

صحيحة بأنه إذا كان معهن رجل أنها تقبل (1) وستأتي في آخر الفصل
والطلاق والخلع والرجعة والظهار والايلاء والعتق والنسب
والرضاع ورؤية الهلال جاء بها خبر صحيح (2) والوكالة والوصية في
كونه وصيا والجناية الموجبة للقود وروى الحسين بن سعيد عن جميل
ابن دراج وابن حمران عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: يجوز شهادة
النساء في القتل (3) فحمله الشيخ على الدية دون القود
والردة والحد في السرقة والحد في شرب المسكر والحد في
القذف والحد في الزنا منفردات عن الرجال فإن شهد ثلاثة رجال
وامرأتان عليه بالزنا وجب الرجم إن كان محصنا فإن كان غير محصن
وجب عليه مائة جلدة فإن شهد بذلك رجلان وأربع نسوة وجب عليه
مائة جلدة سواء كان محصنا أو غير محصن فإن شهد رجل واحد وست
نساء وجب على كل واحد منهم ثمانون جلدة حد المفتري
وتقبل شهادتهن منفردات عن الرجل في خمسة مواضع: الدين والعذرة
وعيوب النساء وميراث المستهل والوصية في اخراج شئ من المال لا
في الولاية
والأخبار المشار إليها:
الحسين بن سعيد عن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي
عبد الله عليه السلام أنه سئل عن شهادة النساء في النكاح؟ قال: تجوز

(1) ذكرت هذه الأخبار في التهذيب 6 / 264 - 269.
(2) المصدر السابق 6 / 264.
(3) المصدر السابق 6 / 266.
(4) التهذيب 6 / 269.
116

أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن بن الفضيل عن أبي
الحسن عليه السلام مثله (1)
الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح الكناني عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: قال علي عليه السلام: شهادة النساء تجوز
في النكاح (2)
فصل
[الذين لا يقبل اقرارهم]
لا يقبل اقرار سبعة انسان: العبد والصبي والمجنون والأبله
الشديد البله والمكره والمبذر والمفلس إذا أقر بالمال الذي تعلق به
حق غرمائه والراهن إذا أقر بالرهن لمن عدا المرتهن فإن أقر به المرتهن
صح اقراره ومن أقر به فرارا من دين عليه ومن أقر بما لا يملك فإن
انتقل إليه لزمه ذلك الاقرار ووجب عليه تسليمه لمن أقر به أولا ومن
أقر بدين في حال مرضه ومات ومن أصحابنا من لم يصحح اقراره وجعله
من الثلث كالوصية ومنهم من صحح اقراره وجعله من أصل المال وهو الصحيح
فصل
[من يسمع قوله]
ثمانية عشر القول قولهم: من هلك ما في أيديهم من الأمانات لمن
يكون عليه أو يتصرفون عن إذنه مع اليمين ما لم يفرطوا والحاكم
وأمين الحاكم والأب والجد والوصي والوكيل والمستعير والمستودع

(1) نفس المصدر 6 / 264.
(2) المصدر السابق 6 / 267.
117

والمستأجر والراعي والشريك والمضارب والمزارع والمساقي
والسمسار والوزان والناقد والمنادي
فصل
[مواضع يقبل قول المدعي فيها من غير يمين]
يقبل قول المدعي من غير يمين في ثمانية وعشرين (1) شيئا: من
أقام الدليل القاطع على صدقه وأنه لا يدعي إلا حقا يقبل دعواه في كل
ما يدعيه والأب والجد والحاكم وأمينه والوصي في النفقات على
من هو تحت ولايتهم ما لم يدعوا شيئا تمنع العادة منه ومن ادعى أنه
لا زكاة عليه ومن ادعى أنه أخرج زكاته إلى مستحقها ومن ادعى
أنه عزل زكاة ماله وهلكت ومن ادعى كنزا وجد في دار كانت له
بعد بيعها ومن وجد عنده طعام في زمان الاحتكار فادعى أنه اشتراه
لقوته ومن ادعى عليه بشئ تقتضي العادة بخلافه فأنكره ومن ادعى
على غيره شيئا فأنكره المدعى عليه ونكل عن اليمين ألزم الحق ولا يمين
على المدعي على أصح القولين وبه قال الشيخ أبو جعفر في النهاية والمفيد
في المقنعة وسلار في الرسالة وذهب الشيخ أبو جعفر في المبسوط في باب
النكول عن اليمين وفي الثالث من الخلاف في كتاب الدعاوي إلى أنه لا يحكم
عليه بالنكول بل يلزم اليمين المدعي فيحلف على ما ادعاه وهو اختيار ابن إدريس
ومن أعطى غيره زيادة على حقه وادعى بعد ذلك أنه غلط والصبي
والصبية إذا ادعيا البلوغ ومن طلقت ثلاثا وتزوجت زوجا ثانيا ودخل
بها ثم مات وادعت أنه وطئها قبل قولها وحلت للزوج الأول وإذا

(1) في ح و م (ثمانية عشر) وهو خطأ.
118

ادعت المرأة الحيض أو الطهر أو انقضاء العدة بهما والظئر إذا جاءت
بالولد فأنكره أهله وادعت أنه ولدهم واشتبه الأمر فيه ومن أقر بالسرقة
مرة واحدة ثم أنكر ألزم بالسرقة دون القطع ومن أخرج من حرز
مالا فأخذه وادعى أن صاحب المال أعطاه إياه فلم يوافقه أخذ ماله ولا
قطع على المخرج ولا يمين ومن أقر بحد يوجب الرجم ثم أنكره قبل
انكاره ومن قامت عليه البينة بالزنا فادعى الاكراه ومن زنى وهو
قريب عهد بالاسلام وادعى الجهالة وإذا لاط السيد بمملوكه فادعى
المملوك أن السيد أكرهه على ذلك وإذا ساحقت المرأة جاريتها وادعت
الجارية أن مولاتها أكرهتها على ذلك درئ عن الجارية الحد وإذا وجد
رجل يجامع امرأة فادعيا الزوجية وأمكن ذلك وإذا وجد رجلان أو رجل
وغلام أو رجل وامرأة في إزار واحد فادعيا أن البرد أحوجهما إلى ذلك
ومن أنكر دعوى من ادعى عليه بأنه قذفه
فصل
[الذين يضيق عليهم في المطعم والمشرب]
يضيق في المطعم والمشرب على ثمانية: المظاهر بعد ثلاثة أشهر من
حين المرافعة إلى الحاكم إذا امتنع من الطلاق أو الكفارة مع القدرة عليها
والمولى بعد أربعة أشهر من حين رفعته زوجته إلى الحاكم إذا امتنع من
الكفارة مع القدرة عليها أو الطلاق ومن قتل أو فعل فعلا يوجب الحد
أو التعزير والتجأ إلى الحرم يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج
فيقاد منه أو يقام عليه الحد أو التعزير ومن أسلم وله أكثر من أربع زوجات
أمر بأن يختار منهن أربعا فإن لم يفعل ضيق عليه في المطعم والمشرب حتى
119

يختار منهن أربعا ومن أقر لانسان بشئ ولم يبينه وأصر على ذلك عزر
وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يبينه ومن ادعى على غيره بشئ
فسكت ولم يقر به ولم ينكر عزر وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يقر
أو ينكر والمحارب إذا لم يقتل ولم يأخذ المال فإنه ينفى عن
البلد أو يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يتوب على ما ذهب إليه الشيخ
أبو جعفر في النهاية والمبسوط ومسائل الخلاف وجاءت به أحاديث ضعيفة
من جملتها حديث رواه محمد بن سليمان الديلمي وهو غال (1) وروى من
طريق العدول أحاديث تعارضها (2) وذهب الشيخ المفيد قدس الله روحه
إلى أن الإمام مخير في قتله أو صلبه أو قطع يديه أو نفيه وهو الصحيح
لأن الآية تقتضي التخيير
والمرتدة تخلد في السجن وتضرب أوقات الصلاة ويضيق عليها في
المطعم والمشرب وروى محمد بن علي بن محبوب عن يعقوب بن يزيد
عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله عليه السلام في المرتدة عن
الاسلام؟ قال: لا تقتل وتستخدم خدمة شديدة وتمنع الطعام والشراب
إلا ما يمسك نفسها وتلبس خشن الثياب وتضرب على الصلوات (3) فأما إن
تابت فإنها يقبل توبتها وتخرج من السجن سواء ارتدت عن فطرة أو غير
فطرة وهو الذي يقوى في نفسي لأنه قد جاء بالتوبة الخبر مطلقا وهو
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (التوبة تجب ما قبلها)
وروى الحسن بن محبوب عن غير واحد من أصحابنا عن أبي جعفر

(1) التهذيب 10 / 131، وقال النجاشي في رجاله ص 282: محمد بن سليمان
ابن عبد الله الديلمي ضعيف جدا لا يعول عليه في شئ.
(2) التهذيب 10 / 135.
(3) المصدر السابق 10 / 143.
120

وأبي عبد الله عليهما السلام في المرأة إذا ارتدت استتيبت فإن تابت فرجعت
وإلا خلدت السجن (1)
وعنه عن عباد بن صهيب (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
المرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل قال: والمرأة تستتاب فإن تابت وإلا
حبست في السجن (3) وهذان الخبران مطلقان أيضا
وقد روى الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد
عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين
عليه السلام في وليدة كانت نصرانية فأسلمت وولدت لسيدها ثم إن
سيدها مات وأوصى بها عتاقة السرية على عهد عمر فنكحت نصرانيا ديرانيا
فتنصرت فولدت منه ولدين وحبلت بالثالث؟ قال: قضى أن يعرض
عليها الاسلام فعرض عليها فأبت فقال: ما ولدت من ولد نصراني
فهم عبيد لأخيهم الذي ولدت لسيدها الأول وأنا أحبسها حتى تضع ولدها
الذي في بطنها فإذا ولدت قتلتها (4)
وروى علي بن الحسين بن فضال ما يقارب معناه
قال الشيخ في النهاية: هذا الحكم مقصور على هذه القضية
فصل
[المخلدون في السجن]
الذين يخلدون في السجن خمسة: المرتدة وقد تقدم الحكم فيها ومن

(1) التهذيب 10 / 137.
(2) كذا في التهذيب، وفي نسخ الكتاب (حماد بن صهيب).
(3) التهذيب 10 / 144.
(4) المصدر السابق 10 / 143.
121

أمسك انسانا حتى قتله غيره ومن أمر غيره بقتل انسان فقتله المأمور
ومن سرق من حرز ربع دينار قطعت يده اليمنى من أصول الأصابع
الأربعة ويترك له الراحة والابهام فإن سرق ثانية قطعت رجله اليسرى
من الكعب ويترك له من قدمه ما يقوم عليه فإن سرق ثالثة وجب أن
يخلد في السجن مخلدا أبدا فإن سرق رابعة في السجن وجب قتله روى
ذلك سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام (1) وروى هذه الأحكام من غير
ذكر القتل الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن أبي القاسم عن أبي
عبد الله عليه السلام (2)
ومما رواه الطوسي في باب حدود الزنا مرسلا وروى الشيخ أبو جعفر
ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه في أبواب القضايا والأحكام بحذف
الاسناد قال: روى صفوان بن مهران عن عمرو بن السمط عن علي بن
الحسين عليه السلام في الرجل يقع على أخته؟ فقال: ضرب ضربة بالسيف
بلغت منه ما بلغت فإن عاش خلد في السجن حتى يموت (3)
ومما رواه الطوسي في الإستبصار في باب من أمر غيره بقتل انسان
فقتله وأبو جعفر بن بابويه في من لا يحضره الفقيه في باب الحبس بتوجه
الأحكام عن السكوني باسناده أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل
أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله قال: هل عبد الرجل إلا كسوطه وسيفه
فقتل السيد واستودع العبد السجن (4)

(1) المصدر السابق 10 / 103.
(2) المصدر السابق 10 / 104.
(3) من لا يحضر 3 / 19.
(4) الإستبصار 4 / 283، من لا يحضر 3 / 19.
122

فصل
[في الذين يقتلون معد الحد والتعزير مرتين]
يقتل في الثالثة بعد قيام الحد والتعذير عليه مرتين ستة: شارب الخمر
جاءت به أحاديث صحيحة (1) وبه قال أكثر أصحابنا وإليه ذهب سيدنا
المرتضى في الانتصار والشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره
الفقيه (2) والشيخ المفيد في المقنعة (3) والشيخ أبو جعفر في الإستبصار (4)
والنهاية وقال في المبسوط والخلاف (5) يقتل في الرابعة فإن استحل
ذلك وجب عليه القتل أول مرة
وشارب النبيذ أيضا يقتل في الثالثة وبه قال الشيخ في النهاية
والاستبصار (6) والشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه (7)
وأبو الصلاح ورواه الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن أبي
الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام (8)
ورواه يونس أيضا في الإستبصار عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عن

(1) التهذيب 10 / 95.
(2) من لا يحضر 4 / 40.
(3) المقنعة ص 129 باب حد السكر.
(4) الإستبصار 4 / 235 - 236.
(5) الخلاف 2 / 484.
(6) الإستبصار 4 / 235.
(7) من لا يحضر 4 / 40.
(8) الإستبصار 4 / 235، وفيه (كان النبي...).
123

أمير المؤمنين عليه السلام (1)
وشارب الفقاع وبه قال السيد المرتضى في الانتصار وأبو الصلاح
ورواه محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل
ابن بزيع عن أبي الحسن عليه السلام (2)
وآكل الربا على ما ذكره الشيخ في النهاية ورواه أبو بصير غير مسند
إلى أحد من الأئمة عليهم السلام (3) فإن استحل ذلك وجب عليه القتل
أول مرة
ومن أفطر متعمدا في شهر رمضان رواه سماعة غير مسند إلى أحد
منهم عليهم السلام ورواه في التهذيب في كتاب الحدود في باب المرتد
عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي بصير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: من أخذ في شهر رمضان وقد أفطر فرفع
إلى الإمام يقتل في الثالثة (4) فإن استحل ذلك وجب عليه القتل أول مرة
ورواه عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن بريد العجلي عن أبي
جعفر عليه السلام (5)
والمساحقة رواه محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن
ابن أبي هاشم عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام (6) فإن كانت

(1) نفس المصدر والصفحة.
(2) التهذيب 10 / 98.
(3) المصدر السابق 10 / 145.
(4) المصدر السابق 10 / 141.
(5) المصدر السابق ونفس الصفحة.
(6) المصدر السابق 10 / 59.
124

محصنة قتلت أول مرة وذهب المفيد في المقنعة (1) والمرتضى في الانتصار
وأبو الصلاح في الكافي إلى أن عليها مائة جلدة سوط سواء كانت محصنة
أو غير محصنة وهو اختيار ابن إدريس في كتاب السرائر وقال أيضا
في السرائر في باب وطئ الأموات والبهائم: ومتى تكرر وطئ البهيمة
أو الميتة وكان قد أدب وحد وجب عليه القتل في الثالثة لأنا قد أجمعنا
على أن صاحب الكبيرة يقتل في الثالثة
أقول: إن الاجماع على ما ذكره متعذر بل الأولى أن يستدل على
ذلك بما رواه في التهذيب في باب الحد في نكاح البهائم والأموات يونس
ابن عبد الرحمن عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: أصحاب الكبائر
كلها إذا أقيم عليهم الحد مرتين قتلوا في الثالثة (2)
رواه الشيخ أبو جعفر ابن بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه في
باب نوادر الحدود عن صفوان بن يحيى عن يونس عن أبي الحسن الماضي (عليه السلام) (3)
فصل
[مواضع يجب فيها قتل المرأة]
يجب قتل المرأة في خمسة عشرة موضعا: في الزنا إذا كانت محصنة
قتلت في المرة الأولى وإن لم تكن محصنة قتلت في الرابعة إذا حدت ثلاث
مرات وفي السحق على ما تقدم وفي أكل الربا وشرب الخمر وفي
الافطار في شهر رمضان على ما تقدم وفي فعل السحر وفي سب رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد من الأئمة عليهم السلام وإذا أحدثت
حدثا في الكعبة على ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن

(1) المقنعة ص 126. (2) التهذيب 10 / 62.
(3) من لا يحضر 4 / 51.
125

أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من أحدث حدثا
في الكعبة قتل (1)
وإذا قتلت حرا أو حرة وإذا طلبت قتل الانسان أو أخذ ماله
ولم تنزجر إلا بالقتل وإذا اطلعت على عورات قوم ولم تنزجر إلا بالقتل
وإذا قذفت أو فعلت فعلا يوجب التعزير وحدت أو عزرت ثلاث مرات
وجب قتلها في الرابعة كالرجل وإذا سرقت فعل بها كما يفعل بالرجل
في الأولى والثانية والثالثة وتقتل في الرابعة على ما تقدم وإذا رمت في
دار قوم نارا فاحترقت أو أحرقت فيها وجب قتلها كالرجل وإذا تترس
بها المشركون ولم يك للمسلمين بد من قتلها
فصل
[مواضع لا تقطع فيها يد السارق]
لا يجب قطع السارق في ستة وعشرين موضعا: من سرق أقل من
ربع دينار ومن سرق من غير حرز سواء بلغ ربع دينار أو لم يبلغ
ومن سرق من الحمامات أو الخانات أو المساجد أو الأرحية إلا أن يكون
الشئ مدفونا فيها أو مغلقا عليه أو مقفلا ومن نقب وجمع المتاع وكوره
ولم يخرجه ومن أخرج المال من الحرز وادعى أن مالكه أعطاه إياه ولم
تقم عليه بينة عادلة بأنه سرقه جاء به خبر صحيح (2)
ومن كان شريكا في المال فأخذ منه قدر نصيبه فإن زاد على نصيبه
ربع دينار وجب قطعه والصبي إذا كان له سبع سنين (3) وسرق عفي

(1) التهذيب 10 / 149.
(2) التهذيب 10 / 107.
(3) كذا في ط، وفي ح و م (أربع سنين)، وهو خطأ يعلم مما سيأتي
بعد أسطر من قوله (واعتبرنا السبع والتسع سنين).
126

عنه أول مرة فإن سرق ثانية عزر فإن سرق ثالثة حكت أصابعه حتى تدمى
فإن سرق رابعة قطعت أنامله التي هي رؤوس الأصابع الأربعة دون الابهام
فإن سرق خامسة وقد بلغ تسع سنين وجب قطع أصابع يمينه الأربع ويترك
له الراحة والابهام كما يقطع الرجل واعتبرنا السبع والتسع سنين لأنه قد
جاء به خبر صحيح (1) وقال أبو الصلاح: إذا سرق الصبي هدد في
الأولة وحكت أصابعه في الثانية بالأرض حتى تدمى وقطعت أطراف أنامله
الأربع من المفصل الأول في الثالثة ومن المفصل الثاني في الرابعة ومن أصول
الأصابع في الخامسة
والعبد إذا سرق من مال سيده لا يجب عليه القطع وكذلك إذا
أقر بأنه سرق من غير سيده فإن قامت عليه البينة بأنه سرق من غير
سيده وجب عليه القطع
والأب إذا سرق من مال ولده سواء كان في حرز أو غير حرز
والزوج إذا سرق من مال زوجته إذا لم يكن المال محرزا دونه فإن
كان محرزا دونه وجب عليه القطع والزوجة حكمها حكم الزوج في ذلك
والأجير إذا سرق من مال المستأجر سواء كان محرزا أو غير محرز والضيف
إذا سرق من مال مضيفه كذلك جاء به خبر صحيح مطلقا (2) وقال الشيخ
أبو جعفر في مسائل الخلاف والمبسوط: إن كان محرزا دونهما وجب
عليهما القطع
وعبد الغنيمة إذا سرق من مال الغنيمة ومن سرق وليس له يد
ولا رجل ومن أقر مرة أو مرتين ثم رجع عن اقراره ألزم بالسرقة ولا
قطع عليه وقد روى أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبان عن الحلبي

(1) التهذيب 10 / 120.
(2) الكافي 7 / 228.
127

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أقر نفسه عند الإمام أنه سرق
ثم جحد قطعت يده وإن رغم أنفه (1)
وروى الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي ومحمد
ابن الفضيل عن الكناني وفضالة عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله
عليه السلام مثله (2)
وعنه عن ابن محبوب عن أبي أيوب عن الفضيل عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: إذا أقر الحر على نفسه بالسرقة عند الإمام مرة واحدة
قطع (3) ومن أشهد عليه شاهد واحد بالسرقة لا يقطع ومن سرق وتاب قبل
قيام البينة عليه بالسرقة
ومن أقر على نفسه بالسرقة عند الإمام مرة ثانية في الاقرار لا يتحتم
عليه القطع بل الإمام مخير فيه إن شاء عفى عنه وإن شاء قطع ومن
سرق شيئا من كم انسان أو جيبه الظاهرين لا قطع عليه رواه سهل بن زياد
عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن (4) عن مسمع أبي سيار
عن أبي عبد الله عليه السلام (5)
ومن أقر تحت الضرب أو في الحبس أو أقر بالتخويف فلا قطع
عليه فإن جاء بالسرقة بعينها وجب عليه القطع وبه قال الشيخ في النهاية
ورواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن

(1) التهذيب 10 / 123.
(2) المصدر السابق 10 / 126.
(3) نفس المصدر والصفحة.
(4) كذا في التهذيب، وفي نسخ الكتاب (عن عبد الله بن شمون عن عبد الرحمن
ابن شمون).
(5) التهذيب 10 / 115.
128

سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام (1) وقال ابن إدريس:
لا يجب عليه القطع
وإذا شهد شاهدان على رجل بسرقة بعينها فقطع ثم أتيا بعد بآخر
وقالا (هذا الذي سرق وإنما وهمنا في حق الأول) لم تقبل شهادتهما على
الثاني وغرما دية يد الأول فإن قالا تعمدنا وجب عليهما قطع أيديهما إن
اختار ذلك المقطوع ويؤدي إليهما دية واحدة وإن اختار يد أحدهما كان
له ذلك ويؤدي الشاهد الآخر إلى المقطوع الثاني نصف دية يده
ومن سرق شيئا من التمر أو الكرم وهو بعد في الشجر فلا قطع
عليه ومن سرق شيئا من حجارة الرخام على ما رواه السكوني (2)
ومن سرق شيئا من الطير على ما رواه محمد [بن يحيى عن أحمد بن
محمد] بن عيسى عن محمد بن يحيى الخزاز عن غياث بن إبراهيم عن أبي
عبد الله عليه السلام أن عليا عليه السلام أتي بالكوفة برجل سرق حماما
فلم يقتله وقال: لا قطع في الطير (3)
ومن سرق شيئا من المأكول في عام مجاعة على ما رواه محمد بن يحيى
وغيره عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى بن عبيد عن زياد القندي
عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يقطع السارق في سنة
المحل (4) في كل شئ يؤكل من اللحم أو الخبز وأشباه ذلك

(1) المصدر السابق 10 / 106.
(2) الكافي 7 / 230.
(3) نفس المصدر والصفحة والزيادة منه.
(4) المحل: الجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض.
(5) الكافي 7 / 231.
129

فصل
[أقسام القتل وأحكامه]
القتل على ثلاثة أضرب: عمد محض وخطأ محض وخطأ شبيه
بالعمد
فالعمد المحض هو أن يقصد العاقل الكامل قتل غيره بما جرت به
العادة حصول الموت فيجب القود على القاتل أو الدية بما رضي به
أولياء المقتول وبذلها القاتل
وأما الخطأ المحض هو أن يرمي الانسان شيئا فيصيب به غيره فيجب
فيه الدية على العاقلة وقال الشيخ المفيد في المقنعة يرجع العاقلة بها على
القاتل إن كان له مال فإن لم يكن له مال فلا شئ عليه (1) وقال سلار
ويرجع العاقلة بها على مال القاتل ولم يتعرض لكونه إذا لم يكن له مال
فلا شئ عليه والذي ذكراه خلاف الاجماع
وأما الخطأ شبيه بالعمد فهو أن يقصد الانسان تأديب من له تأديبه
بما جرت به العادة في التأديب فيموت أو يعالج الطبيب غيره بما جرت
به العادة بحصول النفع عنده فيموت فحينئذ يجب فيه الدية على القاتل
في ماله خاصة وذهب أبو الصلاح إلى أنها على العاقلة أيضا وهو خلاف
اجماع الإمامية
وأما العاقلة (2) فقد اختلف فبها فقال ابن فارس في كتاب مجمل

(1) المقنعة ص 116.
(2) قال ابن منظور في لسان العرب 11 / 461: العقل في كلام العرب
الدية، سميت عقلا لأن الدية كانت عند العرب في الجاهلية إبلا لأنها كانت أموالهم
فسميت الدية عقلا لأن القاتل كان يكلف أن يسوق الدية إلى فناء ورثة المقتول
فيعقلها بالعقل ويسلمها إلى أوليائه، وأصل العقل مصدر (عقلت البعير بالعقال
أعقله عقلا)، وهو حبل تثنى به يد البعير إلى ركبته فتشد به، قال ابن الأثير:
وكان أصل الدية الإبل ثم قومت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها.
130

اللغة: العاقلة هو بنو عم القاتل الأدنون وقال الشيخ في مسائل الخلاف
والمبسوط العاقلة كل عصبة خرجت من الوالدين والمولودين وهم الإخوة
وأبناؤهم إذا كانوا من جهة أب وأم أو من جهة أب والأعمام وأبناؤهم
وأعمام الأب وأبناؤهم والموالي وبه قال الشافعي وجماعة أهل العلم (1)
وقال الشيخ في النهاية: دية قتل الخطأ تلزم العاقلة وهم الذين يرثون دية
القاتل لو قتل ولا تلزم من لا يرث من ديته شيئا على حال سواء وهو
اختيار ابن إدريس وقال مصنف الوسيلة: العاقلة من يرث الدية سوى
الوالدين والزوج والزوجة
والذي وقفت عليه من الأخبار مما يمكن أن يستدل به ما رواه ابن
محبوب عن مالك بن عطية عن سلمة بن كهيل ما معناه: إن
أمير المؤمنين عليه السلام أتي برجل قتل رجلا خطأ وذكر أنه من أهل
الموصل فكتب إلى عامله بالموصل أن يلزم بالدية من قرابة الرجل المسلم
الذي له سهم في الكتاب من لا يحجبه ميراثه أخذا نجوما في ثلاث سنين
فإن لم يكن كذلك وكان له قرابة من قبل أبيه وقرابة من قبل أمه في
النسب سواء أنه تلزم الرجال المذكورين من قبل أبيه ثلثي الدية والرجال
المذكورين من قبل أمه ثلث الدية فإن لم يكن له إلا قرابة من قبل
أمه ألزم الرجال المذكورين منهم الدية في ثلاث سنين وإن لم يكن له
قرابة ألزم أهل الموصل ممن ولد بها دون غيرها الدية وتستأدى في ثلاث

(1) الخلاف 2 / 400 - 401.
131

سنين وإن لم يكن من أهل الموصل فرده إلي فأنا وليه والمؤدي عنه (1)
وروى الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن زياد بن سوقة عن
الحكم عن عتيبة عن أبي جعفر عليه السلام... قال: يا حكم إذا كان
الخطأ من القاتل والخطأ من الجارح وكان بدويا فدية ما جنى البدوي من
الخطأ على أوليائه من البدويين قال: وإذا كان القاتل أو الجارح قرويا
فإن دية ما جنى من الخطأ على أوليائه من القرويين (2)
روى محمد بن علي بن محبوب [عن العلاء] عن أحمد بن محمد عن
ابن أبي نصر عن أبي جعفر عليه السلام في رجل قتل رجلا عمدا ثم فر
فلم يقدر عليه حتى مات؟ قال: إن كان له مال أخذ منه وإلا أخذ
من الأقرب فالأقرب (3)
وروى الحسن بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحسن الميثمي عن
أبان بن
عثمان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
قتل رجلا متعمدا ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه؟ قال: إن كان له مال أخذت
الدية من ماله وإلا فمن الأقرب فالأقرب فإنه لا يبطل دم امرئ مسلم (4)
وروى يونس بن عبد الرحمن عمن رواه عن أحدهما عليهما السلام
أنه قال في الرجل إذا قتل رجلا خطأ فمات قبل أن يخرج إلى أولياء المقتول
من الدية: أن الدية على ورثته فإن لم يكن له عاقلة فعلى الوالي من
بيت المال (5)

(1) الكافي 7 / 364 - 365.
(2) التهذيب 10 / 174.
(3) المصدر السابق 10 / 170، والزيادة منه.
(4) نفس المصدر والصفحة.
(5) المصدر السابق 10 / 172.
132

ومن باب العتق ما رواه الحسين بن سعيد عن النضر عن عاصم عن محمد
ابن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام
في امرأة أعتقت رجلا واشترطت ولاءه ولها ابن فالحق ولاؤه بعصبتها الذين
يعقلون عنها دون ولدها (1)
وعنه عن النضر عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي
جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام (2) في رجل حرر
رجلا فاشترط ولاءه فتوفي الذي أعتق وليس له ولد إلا النساء ثم توفي
المولى وترك مالا وله عصبة فاحتق في ميراثه بنات مولاه والعصبة فقضى
بميراثه للعصبة الذين يعقلون عنه إذا أحدث حدثا يكون فيه عقل (3)
وأما الدية في جميع أنواع القتل المذكورة فألف دينار أو عشرة
آلاف درهم أو مائتا حلة أو مائتا بقرة أو ألف من الشياه أو مائة من
الإبل وتختلف أسنان الإبل باختلاف أنواع القتل فإن كان القتل عمدا
محضا فمائة من مسان الإبل وإن كان خطأ محضا فعشرون بنت مخاض
وعشرون ابن لبون ذكر وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة وبه قال
الشيخ المفيد في المقنعة (4) والشيخ أبو جعفر في النهاية ومسائل الخلاف (5)
وأبو الصلاح في الكافي وسلار في رسالته وجاء به حديث صحيح رواه
علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا (6) عن عبد الله بن

(1) المصدر السابق 8 / 253.
(2) ليس في المصدر كلمة (أمير المؤمنين عليه السلام).
(3) التهذيب 8 / 254.
(4) المقنعة ص 115.
(5) الخلاف 2 / 377.
(6) في المصدر (عن أبيه عن بعض أصحابه).
133

سنان والحسين بن سعيد عن عبد الله بن المغيرة والنضر بن سويد جميعا
عن ابن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال أمير المؤمنين
عليه السلام في الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسوط أو بالعصا أو الحجر
أن دية ذلك تغلظ وهي مائة من الإبل منها أربعون خلفة بين ثنية إلى
بازل عامها وثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون والخطأ يكون فيه ثلاثون
حقة وثلاثون بنت لبون وعشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون ذكر
من الإبل وقيمة كل بعير مائة وعشرون درهما أو عشرة دنانير ومن
الغنم قيمة كل ناب من الإبل عشرون شاة (1)
وروى علي عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن سنان عن العلاء بن
الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام أنها (2) خمس وعشرون بنت مخاض وخمس
وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة... (3)
وإلى ما تضمنه هذا الخبر ذهب مصنف الوسيلة والعمل بالخبر الأول
أولى لأن محمد بن عيسى ومحمد بن سنان ضعيفان (4) وأيضا فالخبر الأول
يعضده عمل الجماعة

(1) التهذيب 10 / 158 - 159.
(2) في المصدر هكذا (عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: في قتل الخطأ
مائة من الإبل أو ألف من الغنم أو عشرة آلاف درهم أو ألف دينار، فإن كانت
الإبل فخمس وعشرون...).
(3) التهذيب 10 / 158.
(4) في رجال النجاشي ص 256: محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين بن
موسى مولى أسد بن خزيمة أبو جعفر، جليل في أصحابنا ثقة عين كثير الرواية حسن
التصانيف، روى عن أبي جعفر الثاني عليه السلام مكاتبة ومشافهة، ذكر أبو جعفر
ابن بابويه عن ابن الوليد أنه قال: ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس
وحديثه لا يعتمد عليه، ورأيت أصحابنا ينكرون هذا القول ويقولون من مثل
أبي جعفر محمد بن عيسى سكن بغداد. وقال العلامة في رجاله ص 141 - 142:
اختلف علماؤنا في شأنه، فقال شيخنا الطوسي أنه ضعيف استثناه أبو جعفر بن بابويه
من رجال نوادر الحكمة وقال لا أروي ما يختص بروايته. قال الشيخ وقيل أنه
كان يذهب مذهب الغلاة... وقال النجاشي أنه جليل في أصحابنا...
وأما محمد بن سنان فقال فيه النجاشي في رجاله ص 251: محمد بن سنان
أبو جعفر الزاهري... هو رجل ضعيف جدا لا يعول عليه ولا يلتفت إلى ما تفرد
به... قال أبو محمد الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن
سنان...
134

وإن كان القتل خطأ شبيه العمد ففيه أربعون حقة ثنية إلى بازل
عامها وثلاثون حقة وثلاثون بنت لبون على ما رواه عبد الله بن المغيرة
والنضر بن سويد عن ابن سنان في الحديث الذي تقدم وروى أحمد بن
محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزه عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام أنها ثلاثة وثلاثون حقة وثلاثة وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون
ثنية كلها طروقة الفحل (1)
وروى علي عن محمد بن عيسى [عن يونس] عن محمد بن سنان
عن العلاء بن الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام أنها ثلاث وثلاثون حقة
وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون خلفة (2) كلها طروقة الفحل (3)
ورواه أيضا محمد بن سنان عن العلاء بن الفضيل في باب الديات

(1) التهذيب 10 / 158. قال في مجمع البحرين: طروقة الفحل هي فعولة
بمعنى مفعولة، أي مركوبة الفحل... يريد كثرة الجماع.
(2) الخلفة: الحامل من النوق، وجمها مخاض من غير لفظها.
(3) التهذيب 10 / 158، والزيادة منه.
135

وأربع وثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل
وقال الشيخ المفيد وأبو الصلاح وسلار: دية العمد شبيه الخطأ ثلاث
وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة وأربع وثلاثون ثنية كلها طروقة
الفحل (1) وهو المذكور في خبر أبي بصير وخبر العلاء بن الفضيل وقال
الشيخ أبو جعفر في النهاية ومسائل الخلاف ثلاث وثلاثون بنت لبون وثلاث
وثلاثون حقة وأربع وثلاثون خلفة طروقة الفحل (2) وقال في الكتابين
المذكورين: وقد روي أنها ثلاثون بنت مخاض وثلاثون بنت لبون وأربعون
خلفة ولم أقف في التهذيب ولا في الإستبصار على حديث بما ذكره في
النهاية ومسائل الخلاف في الخطأ شبيه العمل
وتستأدى دية العمد المحض في سنة واحدة ودية الخطأ المحض في
ثلاث سنين فأما دية الخطأ شبيه العمد فقد ذهب الشيخ أبو جعفر في
مسائل الخلاف إلى أنها تستأدى في سنة واحدة (3) وقال في المبسوط
تستأدى في سنين وهو مذهب الشيخ المفيد في المقنعة (4) وقال صاحب
الوسيلة تستأدى في سنة واحدة إن كان غنيا وتستأدى في سنتين إن لم
إن لم يكن كذلك والصحيح أنها تستأدى في سنة واحدة سواء كان
غنيا أو غير غنى يدل على ذلك أن الأصل عدم التأخير في الحقوق
ويدل عليه أيضا ما رواه الحسن بن محبوب عن أبي ولاد عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يقول: تستأدى دية الخطأ في
ثلاث سنين وتستأدى دية العمد في سنة (5)

(1) المقنعة ص 115.
(2) الخلاف 2 / 375.
(3) الخلاف 2 / 375.
(4) المقنعة ص 115.
(5) التهذيب 10 / 162.
136

فصل
[مواضع وجوب الدية]
تجب الدية في ثمانية وخمسين شيئا: في شعر الرأس الدية كاملة إذا
لم ينبت فإن نبت وكان المجني عليه رجلا ففيه الأرش وإن كان امرأة ففيه
مهر نسائها وقال الشيخ المفيد في المقنعة في شعر الرأس إذا أصيب فلم ينبت
مائة دينار وكذلك قال في شعر اللحية (1)
وفي ذهاب العقل بعد انتظاره سنة ولم يرجع الدية كاملة وكذا
تجب الدية كاملة إذا رجع بعد مضي السنة ولو بأدنى وقت فإن رجع
قبل مضي السنة ففيه الأرش
وفي ذهاب البصر منفردا عن العينين الدية كاملة وفي ذهاب العينين
والبصر معا الدية كاملة فإن كان ذلك بضربتين أو ضربات ففيه لكل
واحدة دية وفي كل واحدة من العينين نصف الدية وفي عين الأعور
الدية كاملة إذا كان العور خلقة وقد ذهبت بآفة من جهة الله تعالى
وبه قال الشيخ في النهاية ومسائل الخلاف (2)
هذا إذا كانت الجناية خطأ: وإذا كانت الجناية عمدا فهو مخير بين
أن يقلع عين الجاني ويأخذ نصف الدية أو يترك ويأخذ الدية كاملة وبه
قال الشيخ أبو جعفر في النهاية وهو الصحيح وروى ذلك أحمد بن
محمد عن ابن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي
جعفر عليه السلام إن أمير المؤمنين عليه السلام قضى بذلك (3) ورواه محمد

(1) المقنعة ص 120.
(2) الخلاف 2 / 389.
(3) التهذيب 10 / 269.
137

ابن علي بن محبوب عن محمد بن حسان عن ابن أبي عمران الأرمني عن
عبد الله بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام (1)
وقال الشيخ في مسائل الخلاف أنه بالخيار بين أن يقبض عن إحدى
عينيه أو يأخذ الدية كاملة (2) وبه قال الشيخ المفيد في المقنعة (3)
وإن كانت العوراء قد ذهبت في قصاص أو جنى عليه جان وأخذ
ديتها أو عفى عن الجاني لم يكن له أكثر من نصف الدية إذا كانت الجناية
خطأ فإن كانت عمدا فله قلع عين الجاني أو يصطلحان على شئ أما
نصف الدية أو أكثر أو أقل
وفي أهداب العينين جميعا الدية كاملة وفي كل منهما ربع الدية على
ما ذكره الشيخ أبو جعفر في المبسوط ومسائل الخلاف (4) وهو مذهب أبي
حنيفة وقال ابن إدريس فيه حكومة وهو مذهب الشافعي وقال مصنف
الوسيلة في كل هدب ثلث دية الجفن
وفي أشفار العينين جميعا الدية إلا سدسها وفي الأسفلين منهما نصف
الدية وفي كل واحد ربع الدية وفي الأعلين ثلث الدية وفي كل واحد
منهما السدس وهو المذكور في كتاب ظريف (5) وبه قال الشيخ المفيد

(1) نفس المصدر والصفحة.
(2) الخلاف 2 / 389.
(3) المقنعة ص 120.
(4) الخلاف 2 / 382.
(5) ظريف بن ناصح أصله كوفي نشأ ببغداد، كان ثقة في حديثه صدوقا
له كتب منها كتاب الديات وكتاب الحدود ينقل عنهما كثيرا المؤلف في هذا
الكتاب - انظر رجال النجاشي ص 156.
138

في المقنعة (1) والشيخ أبو جعفر في النهاية وسلار في الرسالة وقال الشيخ
أبو جعفر في المبسوط في الأربعة الأجفان الدية كاملة وفي كل واحد
مائتان وخمسون دينارا وقال فيه أيضا وروى أصحابنا أن في السفلى ثلث
ديتها وفي العليا ثلثيها وقال في مسائل الخلاف في الأربعة الأجفان الدية
كاملة وفي كل جفنين من عين واحدة خمسمائة دينار في الأسفل منها
ثلث ديتها وفي العليا ثلثا ديتها (2) وقال في المبسوط في فصل القصاص
في شعر الأجفان نصف الدية وقال مصنف الوسيلة في الجفن الأعلى من
كل عين ثلث ديتها وفي الأسفل نصف ديتها
وفي الأذنين معا الدية كاملة وفي كل واحدة منهما نصف الدية
وفيما قطع منهما بحسابه وفي السمع دية كاملة وفي الأنف إذا قطع
فاستؤصل الدية كاملة وفيما قطع منه بحسابه وفي المارن (3) الدية كاملة
وقال أبو الصلاح في أرنبة الأنف نصف الدية وفي ذهاب الشم الدية
كاملة وفي الخدين الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية
وفي الشفتين الدية كاملة وفي السفلى منهما ستمائة دينار وفي العليا
أربعمائة دينار وهو مذهب الشيخ أبي جعفر في مسائل الخلاف والاستبصار (4)
والنهاية وبه قال صاحب الوسيلة رواه الحسن بن محبوب عن أبي جميلة عن
أبان بن
تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: في الشفة السفلى ستة آلاف وفي العليا
أربعة آلاف لأن السفلى تمسك الماء (5) وذهب الشيخ أبو جعفر في المبسوط والمفيد

(1) المقنعة ص 119.
(2) الخلاف 2 / 382.
(3) المارن: ما لان من الأنف وفضل عن القصبة.
(4) الخلاف 2 / 372، الإستبصار 4 / 288.
(5) كذا في الإستبصار 4 / 288، والتهذيب 10 / 246، وفي نسخ الكتاب
(في السفلى ستمائة وفي العليا أربعمائة).
139

في المقنعة (1) وسلار في الرسالة وأبو الصلاح في الكافي إلى أن في
السفلى ثلثي الدية وفي العليا ثلث الدية وذهب ابن أبي عقيل إلى أن الشفتين
متساويتان رواه سماعة ولم يسنده إلى أحد من الأئمة في التهذيب (2)
وأسنده في الإستبصار إلى أبي عبد الله عليه السلام (3)
وفي كتاب ظريف بن ناصح إذا قطعت الشفة العليا فاستؤصلت فديتها
نصف الدية خمسمائة دينار ودية الشفة السفلى إذا قطعت فاستؤصلت ثلثي
الدية كملا ستمائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار ويمكن حمل قوله على أنه
إذا قطعت إحداهما منفردة عن الأخرى فأما إذا قطعتا معا فليس فيهما
إلا الدية
وفي اللحية الدية كاملة فإذا نبتت ففيها ثلث الدية وسيأتي الخلاف
في ذلك وفي اللحيين الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية
وبه قال مصنف الوسيلة
وفي الأسنان الديد كاملة وتقسم عليها الدية ثمانية وعشرون سنا:
اثني عشر في مقاديم الفم وهي أربع ثنايا وأربع رباعيات وأربع أنياب
لكل واحد خمسون دينارا وستة عشر في آخر الفم لكل سن منها خمسة
وعشرون دينارا وفي السن الزائدة إذا قلعت ثلث دية السن الأصلي
وقال الشيخ المفيد في المقنعة والشيخ أبو جعفر في مسائل الخلاف فيه
الأرش (4)
وفي سن الصبي قبل أن يتغير بعير وبه قال مصنف الوسيلة جاء بالبعير

(1) المقنعة ص 119.
(2) التهذيب 10 / 246.
(3) الإستبصار 4 / 288
(4) المقنعة ص 120، الخلاف 2 / 386.
140

خبران: أحدهما رواه السكوني وهو عامي والآخر رواه محمد بن الحسن
ابن شمون وهو غال (1) وقال الشيخ في المبسوط: والذي رواه أصحابنا
أن في كل سن بعير ولم يفصلوا وقال أبو الصلاح: فيه عشرة دنانير
وذهب المفيد في المقنعة (2) والشيخ أبو جعفر في النهاية إلى أن فيه الأرش
وهو اختيار ابن إدريس هذا إذا نبت فإن لم ينبت ففيها ديتها كاملة
وفي اللسان الدية كاملة فإن كان من أخرس ففيه ثلث الدية
وفي ذهاب الذوق الدية كاملة وفي ذهاب الكلام الدية كاملة وتقسم
الدية على ثمانية وعشرين حرفا لكل حرف جزء من ثمانية وعشرين جزء
من الدية روى هذا السكوني (3) وبه قال الشيخ أبو جعفر في المبسوط
والنهاية روى الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام: إن الدية تقسم على تسعة وعشرين حرفا (4)
وفي الضوء كله من العينين والشجج الدية وهو المذكور في كتاب
ظريف من ناصح وفي النفس الدية كاملة فإن نقص اعتبر بالساعات
لأن الفجر يطلع والنفس في الشق الأيمن من الأنف فإذا مضت ساعة
صار إلى الشق الأيسر ثم يقاس بنفس غيره فما نقص أخذ بحساب ذلك
من الدية روى ذلك محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن
إسماعيل عن صالح بن عقبة عن رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام (5)

(1) انظر الخبر الأول في التهذيب 10 / 261، والخبر الثاني فيه أيضا
10 / 256.
(2) المقنعة ص 120.
(3) التهذيب 10 / 263.
(4) نفس المصدر والصفحة.
(5) المصدر السابق: 10 / 268.
141

وفي العنق إذا انكسر فصار أسودا الدية كاملة وفي الكتفين الدية
كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية وفي العضدين الدية كاملة وفي كل
واحد منهما نصف الدية وفي الساعدين الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية
وفي أصابع اليدين الدية كاملة وفي كل واحد منها عشر الدية وفي كل
أنملة ثلث عشر الدية إلا الابهام ففي كل أنملة منها نصف العشر لأن لها
مفصلين وهو مذهب الشيخ المفيد في المقنعة والشيخ أبي جعفر في النهاية
والمبسوط وسلار في الرسالة وهو اختيار ابن إدريس وقد روى أن
في الابهام ثلث دية أصابع اليد وهو مذهب الشيخ أبي جعفر في الإستبصار
ومسائل الخلاف (1) وأبي الصلاح ومصنف الوسيلة وهو المذكور في
كتاب ظريف بن ناصح
وفي الترقوتين الدية كاملة وفي كل واحدة نصف الدية وقال
مصنف الوسيلة والترقوة إن كسرها وجبرت على غير عثم (2) ففيها دية
النفس وإن جبرت على عيب ففيها أربعون دينارا وهذا القسم الأخير
مذكور في كتاب ظريف بن ناصح
وفي الثديين الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية وفي
الحلمتين الدية كاملة وهو مذهب الشيخ أبي جعفر في المبسوط وفي
مسائل الخلاف (3) وخص مصنف الوسيلة ذلك بالمرأة فقال: في قطع
الحلمة من ثدي المرأة ديتها وفي حلمة الرجل ثمن الدية وفي كتاب
ظريف بن ناصح ثمن الدية مائة وخمسة وعشرون دينارا ذكره مطلقا

(1) الإستبصار 4 / 292، الخلاف 2 / 387.
(2) قال في مجمع البحرين: عثم العظم المكسور: إذا انجبر من غير استواء،
ومنه (عثمت يده فعثمت) إذا جبرتها على غير استواء.
(3) الخلاف 2 / 391.
142

فيكون على ما ذكرناه في الحلمتين ربع الدية سواء كان من رجل أو امرأة
وفي القلب إذا فزع فطار الدية كاملة وفي الصدر الدية كاملة
وفي الأضلاع الدية كاملة على قول بعض أصحابنا وفي كتاب
ظريف بن ناصح إن دية كل ضلع مما يخالط القلب إذا كسر
خمسة وعشرون دينارا ودية كل ضلع مما يلي العضدين عشرة دنانير إذا
كسر وأطلق ذلك ابن إدريس فقال: في كل ضلع خمسة وعشرون
دينارا
وفي البطن الدية كاملة على ما روي أن في كل ما في الانسان منه
شئ واحد ففيه الدية كاملة (1) وفي كسر الصلب إذا صار لا ينزل المني في حال
الجماع وكذلك إذا ذهب الانزال بغير الكسر وهو قول الشيخ أبي
جعفر في المبسوط وفي كسر الصلب إذا صار يقدر على القعود الدية
كاملة
وفي قطع النخاع الدية كاملة وفي كسر البعصوص (2) إذا لم يقدر
على استمساك الغائط الدية كاملة وفي كسر العجان (3) إذا لم يقدر على
استمساك البول والغائط الدية كاملة كما تقدم في كسر البعصوص وإذا
كسر البعصوص وأصابه سلس البول ودام إلى الليل ففيه الدية كاملة
فإن دام إلى نصف النهار ففيه ثلثا الدية وإن دام إلى ضحوة ففيه ثلث
الدية وكذا الحكم في العجان إذا كسر وأصابه سلس البول
وفي قطع الذكر الدية كاملة وفي الحشفة الدية كاملة فإن كان

(1) التهذيب 10 / 258.
البعصوص كعصفور: عظم الورك وعظم دقيق حول الدبر وهو
العصعص.
(3) العجان ككتاب: ما بين الخصية والدبر.
143

عنينا ففيه ثلث الدية وفي الأنثيين الدية كاملة وفي اليسرى ثلثا الدية
لأن الولد يكون منها وفي اليمنى ثلث الدية وبه قال الشيخ في النهاية
ومسائل الخلاف (1) ومصنف الوسيلة وروى ذلك علي بن إبراهيم عن
أبيه عن أبي نصر عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام (2)
وذهب الشيخ المفيد في المقنعة (3) وأبو الصلاح في الكافي إلى أنهما متساويتان
في الدية وهو اختيار ابن إدريس وهو مذهب المخالفين وقال الشيخ
في المبسوط: وفي بعض رواياتنا أن في اليسرى ثلثي الدية (4)
وفي فرج المرأة ديتها كاملة وفي الإسكتين - وهو اللحم المحيط
بالفرج إحاطة الشفتين بالفم - الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف
الدية وفي الشفرتين - وهما حاشيتا الإسكتين - ديتها كاملة وقال الشيخ
أبو جعفر في المبسوط: الشفران والإسكتان عبارة عن شئ واحد وهو
اللحم المحيط بالفرج إحاطة الشفتين بالفم وهو عند أهل اللغة عبارة عن
شيئين وإليه ذهب مصنف الوسيلة
وفي افضاء الصبية بالجماع قبل بلوغها تسع سنين ديتها كاملة والنفقة
عليها إذا كانت زوجته حتى تموت والافضاء هو أن يصير مخرج المنى
والحيض والولد واحدا لأن بينهما حاجزا رقيقا فإن وطئها بعد تسع
سنين لم يكن عليه شئ وأما الافضاء بالأصابع أو غيرها ففيه الدية خاصة
سواء كانت زوجته أو غير زوجته
وفي الأليتين إذا قطعهما إلى العظم الدية كاملة وفي كل واحدة

(1) الخلاف 2 / 392.
(2) التهذيب 10 / 250.
(3) المقنعة ص 119.
(4) التهذيب 10 / 250.
144

منهما نصف الدية وفي الفخذين الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف
الدية وفي الساقين الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية وفي
القدمين الدية كاملة وفي كل واحد منهما نصف الدية وفي أصابع
الرجلين الدية كاملة وفي كل واحد منها عشر الدية وقال المفيد في
المقنعة وأبو جعفر في النهاية وأبو الصلاح في الكافي وسلار في الرسالة
وهو اختيار ابن إدريس وذهب أبو جعفر في مسائل الخلاف والمبسوط
إلى أن في الابهام ثلث دية الأصابع الخمس وهو المذكور في كتاب
ظريف بن ناصح
وجميع ما ذكرناه مما يجب فيه الدية كاملة إن كان في الحر ففيه ديته
وإن كان في الحرة ففيه ديتها وهي نصف دية الحر وإن كان في ذمي
ففيه ديته وهي ثمانون دينارا إن كان ذكرا وإن كان أنثى ففيها أربعون
دينارا وإن كان في مملوك أو مملوكة ففيه قيمتهما ما لم يزد قيمته على دية الحر
وقيمتها على دية الحرة وإن زادت على دية الحر أو الحرة ردت إليهما
خبران يتعلقان بهذا الفصل:
الحسين بن سعيد عن محمد بن خالد البرقي عن ابن أبي عمير عن
هشام بن سالم قال: كلما في الانسان اثنان ففيهما الدية وفي أحدهما
نصف الدية وما كان واحدا ففيه الدية (1) ورواه محمد بن علي بن
بابويه في كتاب من لا يحضره الفقيه في باب ما يجب الدية ونصف الدية
عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام (2)
وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله

(1) التهذيب 10 / 258.
(2) من لا يحضر 4 / 100.
145

عليه السلام قال: ما كان في الجسد منه اثنان ففيه الدية مثل العينين
واليدين (1)
فصل
[مواضع يجب فيها ثلث الدية أو ثلثاها]
يجب ثلث الدية كملا أو ثلثاها بالنسبة إلى العضو في ثمانية مواضع:
في الشفة السفلى على ما ذهب إليه المفيد في المقنعة وأبو جعفر في المبسوط
وأبو الصلاح في الكافي وسلار في الرسالة والصحيح ما ذكرناه في الفصل
الذي قبل هذا الفصل
وفي سلس البول إذا دام إلى الظهر وفي البيضة اليسرى وفي
العضو الذي ضرب فصار أشل سواء كان مما يجب فيه الدية كاملة أو أقل
وفي نزول الماء إلى العينين باللطمة في الوجه أو غيرها وفي السن إذا
ضربت فانصدعت ولم تسقط وكذلك إذا ضربت فاسودت وقال
مصنف الوسيلة: وفي اسودادها وانصداعها ثلث ديتها وفي قلع السوداء
أو المصدوعة ثلث ديتها وفي كتاب ظريف بن ناصح: إذا اسودت
السن إلى الحول فلم تسقط فديتها دية الساقطة خمسون دينارا فإذا انصدعت
ولم تسقط فديتها خمسة وعشرون دينارا وما انكسر منه فبحسابه من
الخمسين دينارا فإن أسقط بعد وهي سوداء فديتها اثني عشر دينارا
ونصف وما انكسر منها فبحسابه من الخمسة والعشرين دينارا
وإذا فك عظم من عضو فتعطل به ذلك العضو فيه ثلثا دية ذلك
العضو الذي هو فيه

(1) التهذيب 10 / 250 مع بعض الاختلاف في السند.
146

فصل
[فيما يجب فيه نصف الدية]
يجب نصف دية في خمسة مواضع: في الحاجبين معا وفي
كل واحد منهما ربع الدية وفيما أصيب منهما فبحساب ذلك وفي رواية
الأنف وهو الحاجز بين المنخرين وفي أحد العضوين إذا كان فيهما معا
دية الرجل وهذا القسم يشمل أقساما كثيرة
وفي كتاب ظريف بن ناصح أيضا: وقضى علي عليه السلام في
صدغ الرجل إذا أصيب فلم يستطع الأمان إذا انحرف نصف الدية خمسمائة
دينار وفيه أيضا: والصدر إذا رض فديته خمسمائة دينار وفيه أيضا:
إذا قطعت الشفة العليا فاستؤصلت فديتها نصف الدية خمسمائة دينار وفيما
قطع منها فبحساب ذلك
وجميع ما ذكرناه في هذا الفصل إنما يلزم ذلك إذا كان في الرجل وإذا
كان في الحرة ففيها نصف ديته وإن كان من ذمي ففيه نصف ديته وإن كان
المملوك ففيه نصف قيمته ما لم يتجاوز دية الحر فإن تجاوز رد إلى دية الحر
فصل
[فيما يجب فيه ثلث الدية]
يجب ثلث الدية في سبعة وثلاثين موضعا: في اللحية إذا حلقت
فنبتت رواه سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن
عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام (1) وقال سلار: في

(1) التهذيب 10 / 250.
147

في شعر اللحية أو الرأس إذا لم ينبت الدية فإن نبت ففيه ربع الدية
وفي لسان الأخرس وذكر العنين وذكر الخصي - رواه الحسن بن
محبوب عن أبي أيوب عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام (1)
وفي الظهر إذا كسر ثم صلح وفي المأمومة في الرأس وفي الجايفة
في البدن وفي النافذة في الأنف إذا لم ينسد فإن انسد ففيها خمس الدية
مائتا دينار وفي خرم الأنف ثلث الدية على ما رواه محمد بن الحسن بن
شمون (2) وفي كل جانب من الأنف ثلث الدية على ما رواه غياث (3)
وخبر آخر رواه محمد بن عبد الرحمن العزرمي (4)
وفي شق الشفتين حتى تبدو الأسنان ثلث الدية فإن بدت والتأمت
فخمس الدية وفي البيضة اليمنى ثلث الدية وقد تقدم الخلاف فيها
وفي سلس البول بكسر البعصوص أو العجان إذا دام السلس إلى ضحوة
ثم انقطع ثلث الدية
ومن داس بطن انسان حتى يحدث وجب أن يداس بطنه حتى
يحدث لخبر رواه السكوني (5) وقال ابن إدريس لا قصاص فيه لأن فيه
تعزيرا بالنفس
وإذا ضربت المرأة فارتفع حيضها انتظر بها سنة فإن لم يرجع إليها
حلفت ووجب على ضاربها ثلث دية المرأة

(1) المصدر السابق 10 / 270.
(2) المصدر السابق 10 / 256.
(3) المصدر السابق 10 / 261.
(4) المصدر السابق 10 / 275.
(5) المصدر السابق 10 / 251.
148

ووجب على القاتل في الحرم أو في الأشهر الحرم - وهي رجب وذو
القعدة وذو الحجة والمحرم - الدية كاملة وثلث الدية وإليه ذهب أبو جعفر
في النهاية والمبسوط والتهذيب (1) والمفيد في المقنعة (2) وسلار في الرسالة
ومصنف الوسيلة وروى ذلك ابن أبي عمير عن أبان بن
عثمان عن زرارة
عن أبي عبد الله عليه السلام في الحرم (3) ورواه الحسين بن سعيد عن
فضالة بن أيوب عن كليب بن معاوية عن أبي عبد الله عليه السلام في
الأشهر الحرم (4)
وفي فتق السرة ثلث الدية وفي كل فتق ثلث دية العضو الذي
هو فيه سواء كان مما يجب فيه الدية أو أقل - رواه محمد بن عيسى عن
يونس عن صالح بن عقبة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام (5)
وفي كتاب ظريف بن ناصح
وفي قرحة لا تبرأ ثلث دية العضو الذي هو فيه - رواه محمد بن
علي بن محبوب عن أحمد بن محمد ومحمد بن عبد الجبار عن الحسن بن علي
ابن فضال عن عبد الله بن أيوب عن الحسن بن عثمان عن أبي عمرو الطبيب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام (6)
في رجل افتض جارية بإصبعه فخرق مثانتها فلا تملك بولها فجعل لها ثلث

(1) المصدر السابق 10 / 215 - 216.
(2) المقنعة ص 117.
(3) التهذيب 10 / 216.
(4) المصدر السابق 10 / 215.
(5) المصدر السابق 10 / 248.
(6) ليس في المصدر (قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام).
149

الدية مائة وستة وستون دينارا وثلثي دينار وقضى لها عليه بصداق مثل
نساء قومها (1)
وفي كتاب ظريف بن ناصح في الشفة العليا إذا أصلبت فبينت بينا
فاحشا فديتها ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار ففي المنكب إذا رض
فعثم ثلث دية النفس وفي المرفق إذا رض فعثم ثلث دية النفس وفي الساق
إذا كسرت فعثمت ثلث دية النفس وفي الفخذ إذا كسرت فعثمت ثلث
دية النفس وفي الركبة إذا رضت فعثمت ثلث دية النفس وفي الورك
إذا رض فعثم ثلث دية النفس وفي الساق إذا كسر فعثم ثلث دية النفس
وفي الكعب إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث الدية ثلاثمائة وثلاثة
وثلاثون دينارا وثلث دينار وذكرت هذه الأقسام الثمانية في كتاب ظريف
ابن ناصح منفردة
فأما ما يجب في الثلث مما يبلغ ثلث دية النفس ففي العين القائمة إذا
خسفت بها ثلث ديتها صحيحة وبه قال الشيخ أبو جعفر في المبسوط
ومسائل الخلاف (2) والنهاية وجاءت بذلك أخبار صحيحة (3) وذهب
الشيخ المفيد في المقنعة وأبو الصلاح إلى أن فيها الربع وجاء بذلك
خبر ضعيف رواه عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام (4)
وذهب المفيد وأبو الصلاح أيضا إلى أن العين القائمة إذا انطبقت وذهب
سوادها يجب فيها ربع الدية
وفي قطع اليد الشلاء ثلث ديتها صحيحة سواء كان مما يجب فيه

(1) التهذيب 10 / 262.
(2) الخلاف 2 / 373.
(3) التهذيب 10 / 258.
(4) المصدر السابق 10 / 270.
150

الدية كاملة أو أقل وفي شعر العين الأعلى ثلث دية العين وقد تقدم
الخلاف
وفي شحمة الأذنين ثلث دية الأذن وفي خرمها ثلث دية الشحمة
أيضا وبه قال الشيخ في مسائل الخلاف (1) ومصنف الوسيلة ويدل
عليه ما رواه معاوية بن عمار في الخبر المتقدم أن في كل فتق ثلث الدية (2)
وفي السن الأسود إذا قلعت ثلث ديتها صحيحة على أصح القولين
لخبرين صحيحين وبه قال الشيخ في مسائل الخلاف (3) ومصنف الوسيلة
وهو اختيار ابن إدريس وفي كتاب ظريف بن ناصح ديتها اثني عشر
دينارا ونصف وقال الشيخ في النهاية في باب ديات الأعضاء والجوارح
فيه ربع دية السن الصحيح روي خبر ضعيف رواه عبد الله بن بكير
وهو فطحي (4) وروى أحمد بن محمد عن علي بن الحكم وغيره عن أبان
عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين
عليه السلام يقول: إذا اسودت الثنية جعل فيه الدية (5)
وفي السن الزائدة إذا اقلعت منفردة ثلث دية السن الأصلي وقال

(1) الخلاف 2 / 381.
(2) انظر هذا الكتاب ص 149 شرح رقم (5).
(3) الخلاف 2 / 387.
(4) قال العلامة في رجاله ص 106: عبد الله بن بكير قال الشيخ الطوسي
أنه فطحي المذهب إلا أنه ثقة، وقال الكشي قال محمد بن مسعود عبد الله بكير وجماعة
من الفطحية هم فقهاء أصحابنا... وقال في موضع آخر أن عبد الله بن بكير ممن
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا له بالفقه، فأنا أعتمد على روايته
وإن كان مذهبه فاسدا.
(5) التهذيب 10 / 256.
151

الشيخ الأرش بين قيمته جرا
وفي الإصبع الزائد ثلث دية الإصبع الأصلي وفي العظم إذا رض
ثلث دية العضو الذي هو ففيه سواء كان مما يجب فيه الدية كاملة أو أقل
فإن صلح من غير عثم ولا عيب فيه أربعة أخماس دية رضه وفي كتاب
ظريف: ودية الرسغ إذا رض فجبر على غير عثم ولا عيب ثلث دية اليد
مائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار وفيه أيضا: وفي الكعب إذا رض
ثلث دية اليد مائة وستة وستون دينارا وثلثا دينار
فصل
[أقسام الجراحات وديتها]
الجراحات ستة عشر: أولها الحارصة وهي شبه الخدش وفيها بعير
والدامية وهي التي تشق اللحم وفيها بعيران ثم الباضعة وهي التي تبضع
اللحم وفيها ثلاثة أبعرة وسمى ابن إدريس الباضعة المتلاحمة ثم السمحاق
وهي التي تبلغ القشرة التي بين اللحم والعظم وفيها أربعة أبعرة ثم
الموضحة وهي التي تبلغ العظم وفيها خمسة أبعرة ثم الهاشمة وهي التي
تهشم العظم وتكسره من غير أن تفسد وفيها عشرة أبعرة ثم المنقلة وهي
التي تحوج إلى نقل عظم من موضع إلى موضع وفيها خمسة عشر بعيرا
ثم المأمومة وهي التي تبلغ أم الرأس وهي الخريطة التي فيها الدماغ وهو
المخ وفيها الثلث الدية ثلاثة وثلاثون بعيرا إن كان من أصحاب الإبل
ولم يلزمه ثلث البعير الذي تكمل به ثلث المائة وهو مذهب المرتضى في
الانتصار والناصريات والمفيد في المقنعة وأبو جعفر في النهاية ثم الدامغة
وهي التي تخرق الخريطة وتصل إلى جوف الدماغ وفيها ما في المأمومة
ثم الجايفة في البدن وهي التي تبلغ في الجوف وفيها ما في المأمومة في الرأس
152

واعلم أن أصحابنا اتفقوا على ديات ست من هذه الجراحات وهي
السمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة والمأمومة والجايفة واختلفوا في الحارصة
والدامية والباضعة: فذهب المرتضى في الانتصار والمفيد في المقنعة وسلار
في الرسالة وابن إدريس إلى ذكرته في الحارصة والدامية والباضعة وقال
أبو جعفر وأبو الصلاح في الكافي ومصنف الوسيلة: الحارصة هي الدامية
وفيها بعير ثم الباضعة وهي التي تبضع اللحم وفيها بعيران ثم المتلاحمة وهي
التي تنفذ في اللحم وفيها ثلاثة أبعرة والصحيح ما ذهبنا إليه يدل عليه
ما رواه محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي
عن ظريف عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في
الحارصة (1) شبه الخدش بعير وفي الدامية بعيران وفي الباضعة [وهي دون
السمحاق] ثلاث من الإبل (2)
الحسين بن سعيد عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال... في الباضعة ثلاث من الإبل (3)
وعنه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله
عليه السلام قال... في الباضعة ثلاث من الإبل (4)
فإن احتج بما رواه سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن
عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: قضى رسول الله صلى

(1) في المصدر (الحرصة).
(2) التهذيب 10 / 293، والزيادة منه.
(3) المصدر السابق 10 / 290.
(4) نفس المصدر والصفحة.
153

الله عليه وآله وسلم... في الدامية بعيرا وفي الهاشمة (1) بعيرين وفي المتلاحمة
ثلاثة أبعرة (2)
وبما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي
عبد الله عليه السلام مثله في الحكم (3)
والجواب: إن الأخبار التي استدللنا بها أعدل رجالا لأن سهل
ابن زياد ضعيف ومحمد بن الحسن غال والسكوني من رجال العامة (4)
وهذه الجراحات إنما يكون هذا حكمها إذا كانت في الرأس والوجه
فأما إذا كانت في البدن ففيها بحساب ذلك من الرأس منسوبا إلى العضو
الذي هي فيه مثال ذلك: الموضحة في الرأس والوجه ففيها نصف
عشر الدية فإن كانت في اليد ففيها نصف عشر الدية وإن كانت في
الإصبع ففيها نصف عشر دية الإصبع وهكذا في باقي الجراحات
وقال الشيخ في النهاية: والقصاص ثابت في جميع الجراحات إلا
المأمومة خاصة لأن فيها تعزيرا بالنفس وليس فيها أكثر من ديتها
وذهب الشيخ في مسائل الخلاف والمبسوط إلى أن القصاص لا يثبت في
المأمومة والجايفة والهاشمة والمنقلة وهو اختيار ابن إدريس

(1) في المصدر (في الباضعة).
(2) التهذيب 10 / 290.
(3) نفس المصدر والصفحة.
(4) انظر ما يتعلق بسهل في هذا الكتاب ص 96 ومحمد بن الحسن بن شمون
ص 49، والسكوني ص 20.
154

فصل
[المواضع التي لا تجب فيها الدية]
لا تجب الدية في ثلاثين موضعا: من قتل نفسه والحربي والمرتد
عن فطرة روى عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام أن دمه مباح
لكل من سمع منه ذلك (1)
ومن قتله القصاص قتلا كان أو جرحا ومن قتله الحد جلدا كان
أو رجما أو غير ذلك على أصح القولين وإليه ذهب الشيخ في النهاية
ويدل على ذلك ما رواه علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن
حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أيما رجل قتل في القصاص
أو الحد فلا دية له (2)
ويدل عليه أيضا ما رواه جعفر بن بشير عن معلى بن عثمان عن أبي
عبد الله عليه السلام قال... من قتله القصاص أو الحد لم يكن له دية (3)
ويدل عليه أيضا ما رواه على عن محمد بن عيسى عن يونس عن
مفضل بن صالح عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل قتله القصاص هل له دية؟ فقال: لو كان ذلك لم يقتص من
أحد ومن قتله الحد فلا دية له (4)
فإن كان في شئ من حدود الآدميين فإن ديته من بيت المال مستدلا على
ذلك بما رواه الحسن بن محبوب عن الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله (عليه السلام)

(1) التهذيب 10 / 136.
(2) المصدر السابق 10 / 206، وفيه (قتله الحد والقصاص فلا دية له).
(3) المصدر السابق 10 / 191.
(4) المصدر السابق 10 / 207.
155

قال: كان علي عليه السلام يقول: من ضربناه حدا من حدود الله تعالى فمات
فلا دية له علينا ومن ضربناه حدا في شئ من حقوق الناس فمات فإن ديته
علينا (1) والعمل بالأخبار الأولة أولى لأن الحسن بن صالح زيدي بتري (2)
ومن سب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو أحدا من الأئمة
فدمه هدر لكل من سمع ذلك منه روى خبر مرسل في التهذيب في باب
القصاص في قتيل الزحام معناه أن عبد الله النجاشي سأل أبا عبد الله عليه
السلام فقال: إني قتلت سبعة ممن يشتم أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال:
عليك لكل رجل كبش تذبحه بمنى لأنك قتلتهم بغير إذن الإمام ولو
إنك قتلتهم بإذنه لم يكن عليك شئ (3)
وروى في باب الحد في الفرية أنه حلال الدم ولم يتعرض للكبش (4)
ومن زعم أنه نبي حل قتله ولا دية له رواه أحمد بن محمد عن
ابن فضال عن حماد بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: إن بزيعا يزعم أنه نبي قال: إن سمعته يقول ذلك
فاقتله (5)
ومن طلب انسانا على نفسه أو ماله فدفعه فأدى إلى قتله فلا دية له
ومن دخل دار قوم ليسرق متاعهم فقتلوه فلا دية له وإذا قتل الأب

(1) الإستبصار 4 / 279.
(2) قال العلامة في رجاله ص 215: الحسن بن صالح بن حي الهمداني
الثوري الكوفي من أصحاب الباقر عليه السلام، وهو صاحب المقالة، وإليه تنسب
الصالحية منهم. وانظر فرق الشيعة ص 57.
(3) التهذيب 10 / 214.
(4) المصدر السابق 10 / 86.
(5) المصدر السابق 10 / 141.
156

ولده خطأ كان ديته على عاقلة الأب يأخذها منه ورثته دون الأب فإن
لم يكن للولد وارث فلا دية له ومن مات في زحام يوم الجمعة أو يوم
عرفة أو غيرهما من الأيام أو على جسر وما أشبه ولم يعرف قاتله وليس له
وارث فلا دية له فإن كان له وارث فله الدية من بيت المال
والمرأة إذ جامعها زوجها بعد بلوغها تسع سنين فماتت من ذلك الجماع
فلا دية لها وإذا أعنف الرجل بزوجته أو المرأة بزوجها فمات أحدهما وهما
غير متهمين فلا دية لهما على ما ذكره الشيخ في النهاية وجاء به حديث ضعيف
رواه يونس عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام (1) والصحيح
أن عليهما الدية دون القود لأن الأصل يقتضي ذلك وبه قال الشيخ في
التهذيب والاستبصار وسلار في الرسالة وهو اختيار ابن إدريس ويدل
على ذلك أيضا ما رواه الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن عماد عن
الحلبي وهشام بن سالم والنضر وعلي بن النعمان جميعا عن ابن مسكان عن
سليمان بن خالد أنه سئل عن رجل أعنف بزوجته فزعم أنها ماتت من
عنفه؟ قال: الدية كاملة ولا يقتل الرجل (2)
والصبي إذا دخل دار قوم فوقع في بئر فمات فإن كان أصحاب
الدار مأمونين وليس بينهم وبين أهل الصبي عداوة أو دخل بغير إذنهم
فلا دية له وإن كان بينهم عداوة ضمنوا الدية إن دخل عليهم بإذنهم
ومن غشيه دابة فزجرها عنه صاحبها أو رفست غيره فمات فلا دية
له وإن كان راكبها ضربها أو ركضها فصدمت انسانا أو رفسته فمات
فعلى فاعل ذلك الدية وإذا انقلبت من غير أمر صاحبها فقتلت انسانا
أو جرحته فلا دية له ومن ركب دابة وسار عليها أو كان يقودها

(1) المصدر السابق 10 / 209.
(2) التهذيب 10 / 210.
157

فأصابت انسانا برجليها أو بإحداهما فقتلته فلا دية إلا له أن يضربها
راكبها أو غيره فتكون الدية على فاعل ذلك ويضمن راكبها ما تصيبه
بيديها أو بإحداهما في الموضعين معا سواء ضربها أو لم يضربها فإن كان
واقفا عليها أو ساقها من ورائها ضمن ما تصيبه بيديها أو برجليها ضربها
أو لم يضربها
ومن آجر دابته انسانا فرمت به فقتلته فلا دية له على صاحبها سواء
كان معها أو لم يكن إلا أن يكون ضربها أو نفرها فإن كان فعل ذلك
وجب عليه الدية ومن وقع من علو على غيره ولم يدفعه دافع ولا تعمد
هو ذلك فمات الأعلى أو الأسفل أو ماتا معا فلا دية فإن تعمد هو ذلك
أو دفعه دافع كانت الدية على فاعل ذلك ومن عبث بمجنون فلا دية
له على ما ذكره الشيخ في النهاية والصحيح أن لأولياء المجنون ديته من
بيت المال يدل على ذلك ما رواه الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب
عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام عن قتل مجنونا؟ فقال: إن
كان المجنون أراده فدفعه عن نفسه شئ فلا عليه من قود ولا دية
ويعطى ورثته الدية من بيت المال (1)
ومن حذر غيره ورمى فلا قصاص عليه ولا دية لما رواه أحمد
ابن محمد عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن محمد بن الفضيل عن أبي
الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان صبيان في زمان
علي عليه السلام يلعبون بأخطار لهم فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه
فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأقام الرامي البينة بأنه قال: حذار
فأدرأ أمير المؤمنين عليه السلام القصاص ثم قال قد أعذر من حذر (2)

(1) الكافي 7 / 294.
(2) التهذيب 10 / 208.
158

وهذا الخبر وإن ورد على سبب خاص في الصبيان فلفظه للعموم وهو
قوله عليه السلام (قد أعذر من حذر) ولفظة (من) للعموم على
ما تقدم في كتب أصول الفقه
ومن دخل في دار قوم بغير إذنهم فعقره كلبهم فمات فلا دية له
وإن دخل عليهم بإذنهم فعليهم الدية وروى أبو الجوزاء عن الحسين بن
علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام أنه
كان يضمن صاحب الكلب إذا عقر نهارا ولا يضمنه إذا عقر ليلا وإذا
دخلت دار قوم بإذنهم فعقرك كلبهم فهم ضامنون وإذا دخلت بغير
إذنهم فلا ضمان عليهم - هذا آخر الخبر (1)
والمسلم إذا كان عند قوم مشركين ليس بينهم وبين المسلمين ميثاق
فقتله المسلمون خطأ فلا دية له ويجب على قاتله كفارة قتل الخطأ وقد
تقدم وإن كان بينهم ميثاق وجب على قاتله الدية والكفارة المذكورة
وإن كان قاتله تعمد ذلك وجب عليه القود وأما الكفارة في قتل العمد
فقد تقدم ذكرها
وإذا اغتلم البعير (2) وجب على صاحبه حفظه فإن قتل انسانا
أو أتلف شيئا قبل أن يعلم به صاحبه لم يكن عليه دية ولا غيرها وإن
علم به وفرط في حفظه كان ضامنا لما يتلفه وروى سهل بن زياد عن
محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع بن
عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام كان
إذا صال الفحل أول مرة لم يضمن صاحبه فإن ثنى ضمنه صاحبه (3)

(1) المصدر السابق 10 / 228.
(2) اغتلم البعير: إذا هاج من شدة شهوة الضراب.
(3) الكافي 7 / 353.
159

وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني قال: قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: البئر جبار والعجماء جبار
والمعدن جبار (1)
وروى الحسن بن محبوب عن المعلى عن أبي بصير عن أبي عبد الله
عليه السلام قال: سألته عن رجل غشيه رجل على دابة فأراد أن يطأه
فزجر الدابة فنفرت بصاحبها فطرحته وكان جراحة أو غيرها؟ فقال:
ليس عليه ضمان إنما زجر عن نفسه وهي الجبار (2)
وروى علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابنا عن أبي الصباح
الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أحدث حدثا في الكعبة
قتل (3)
وروى محمد بن علي بن محبوب عن سلمة بن الخطاب عن علي
ابن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام
قال: من أشار بحديدة في مصر قطعت يده ومن ضرب فيها قتل (4)
وروى محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن
السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: من شهر سيفه فدمه هدر (5)
وروى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حمزة بن زيد عن علي بن سويد

(1) المصدر السابق 7 / 377. وجبار: هدر لا غرم فيه.
(2) التهذيب 10 / 223.
(3) الكافي 7 / 265.
(4) التهذيب 10 / 135.
(5) المصدر السابق 10 / 315.
160

عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: إذا قام قائمنا قال: يا معشر
الفرسان سيروا في وسط الطريق ويا معشر الرجال سيروا على جانبي الطريق
فأيما فارس أخذ على جانبي الطريق فأصاب رجلا عيب ألزمناه الدية
وأيما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له (1).

(1) المصدر السابق 10 / 314.
161