الكتاب: المسائل السروية
المؤلف: الشيخ المفيد
الجزء:
الوفاة: ٤١٣
المجموعة: فقه الشيعة الى القرن الثامن
تحقيق: صائب عبد الحميد
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: ١٤١٤ - ١٩٩٣ م
المطبعة:
الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
ردمك:
ملاحظات: طبع بموافقة اللجنة الخاصة المشرفة على المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد / سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد

المسائل السروية
تأليف
الإمام الشيخ المفيد
محمد بن محمد بن نعمان ابن المعلم
أبي عبد الله العكبري البغدادي
(336 - 413 ه‍)
1

بسم الله الرحمن الرحيم
تسمية الكتاب:
لعل من أهم ما يواجه المحقق وهو يمخر بحور التحقيق في كتاب ما هو
تسمية الكتاب، وما يطرأ عليها من اختلاف: بعضه من جراء التصحيف
والتحريف.
وبعضه من تصرف النساخ تفصيلا أو إيجازا، فربما أضاف أحدهم إليه
كلمة أو كلمات، وربما حذف، كما يراه أكثر تعبيرا عن المحتوى، أو كما يستسيغه
ذوقه الأدبي أبي الفني أحيانا.
وبعضه ناتج عن كون التسمية إنما جاءت أصلا من اجتهاد المتأخرين بعد
أن فقدت الورقة الأولى من الكتاب والتي تحمل اسمه، أو تآكلت.
وأمام هذا المعترك على المحقق أن ينتخب التسمية الصحيحة، مؤيدا
اختياره بالأدلة والقرائن، والتي مهما تعددت فسيبقى البحث في أقدم النسخ
وأصحها هو أولها وأجدرها بالاعتناء.
ولو اضطر إلى اللجوء إلى الذوق الأدبي والفني فعليه أن يجتهد في معرفة ذوق
المؤلف واختياره، ثم ينتخب من العناوين ما يناسبه، فالكتاب إنما هو لمؤلفه
وليس هو من صنع المحقق.
3

ومن هنا يكون للمحقق إبحاران متزامنان في آن: إبحار مع الكتاب،
يغوص في أعماقه، ويكشف خفاياه، وإبحار مع المؤلف نفسه، يصحبه صحبة
حقيقية، فلا يفارقه ولا يجفوه، ولا يصد عنه. فإنه بقدر ما يكون المؤلف مخفيا
علينا ستكون أيدينا مع كتابه جذاء، وحصيلة جهودنا خداج. حتى إذا بلغت
رحلتنا معه غايتها وجدناها رحلة ليست ممتعة، ووجد شاهدوها من قراء ونقاد آثار
الجفاء شاخصة سافرة لا يسترها نقاب.
وهذه لعمري واحدة من أدق خصال التحقيق، ومع هذا فهي من أقلها
حظا وأضيعها نصيبا!
ولم ينج كتابنا هذا من مشكلة الاختلاف في التسمية، فقد ذكروا له أسماء
شتى، ونسبوها نسبا مختلفة أيضا، أحصيناها كما يلي:
1 - الاختلاف في التسمية:
عرف هذا الكتاب بعناوين خمسة، هي:
أو لا: أجوبة المساك السروية:
ورد هذا العنوان في صدر النسخة الخطية التي رمزنا لها بالرمز أ وسيأتي
التعريف بها.
وهكذا عرفه أيضا العلامة الحر العاملي (1104 ه‍) في موسوعته الكبيرة
المسماة (إثبات الهداة) (1).
ثانيا: الأسئلة السروية:
هكذا عرفه الشيخ الطهراني في معجمه الكبير (الذريعة إلى تصانيف
الشيعة) في باب الألف (2). وذكره في مواضع أخرى بأسماء أخرى ستأتي.

(1) إثبات الهداة 1: 58، 3: 99.
(2) الذريعة 2: 83 ت / 0 33.
4

ثالثا: جوابات المسائل السروية:
هكذا ذكره الشيخ الطهراني في (الذريعة) في باب الجيم (1).
رابعا: رسالة في أجوبة المسائل السروية:
هكذا جاء في النسخة المطبوعة في النجف الأشرف.
خامسا: المسائل السروية: عرفه بهذا الاسم ابن شهرآشوب في (معالم
العلماء) (2)، والشيخ الطهراني في باب الميم من (الذريعة) (3)، وجاء أيضا في صدر
النسخة الخطية التي رمزنا لها بالرمز " ج، وسيأتي بيانها.
وبين هذه الأسماء الخمسة يوجد قاسم مشترك، وهو (المسائل السروية).
ولا شك أن هذه التسمية إنما جاءت من النسبة إلى السائل بنحو من
النسب، كما سيأتي بيانه في الفقرة اللاحقة بإذن الله تعالى.
والذي ظهر لي من التتبع أن العلم الذي كان يتولى الإجابة عن المسائل هو
الذي ينسبها إلى السائل، ويكتفي بهذه النسبة عن ذكر عنوان آخر للكتاب.
وصريحة في هذا كلمة الشريف المرتضى في ختام جوابه عن المسائل الواردة
إليه من الشيخ إبراهيم بن الحسن الأباني، الساكن بطرابلس (4)، إذ قال: (نجزت
المسائل الطرابلسيات " (5).
مثله ما جاء عن شيخ الطائفة في تسمية هذا الصنف من الكتب، فعد
لنفسه في إحصاء كتبه: كتاب (المسائل الحائرية (6)، وهذا الكتاب إنما تضمن
أجوبته قدس سره عن المسائل التي وردت إليه من أبي الفرج ابن الرملي نزيل

(1) الذريعة 5: 222 ت / 1060.
(2) معالم العلماء: 113، 115.
(3) الذريعة 20: 351 ت / 30.
(4) أنظر: طبقات أعلام الشيعة (النابس في القرن الخامس): 1.
(5) رسائل الشريف المرتضى - الطرابلسيات الثالثة - 1: 443.
(6) الفهرست للطوسي: 161.
5

الحائر (1)، فنسبتها إليه ظاهرة.
وهكذا صنع - الشيخ الطوسي - في تسمية كتب الشيخ المفيد حيث ترجم
له في (الفهرست) فقال: له كتب - منها -: (المسائل الصاغانية) و (المسائل
الجرجانية) و (المسائل المازندرانية) (2).
وهكذا عرفها أيضا العلامة ابن شهرآشوب في (معالم العلماء) وعد منها:
(المسائل السروية) (3).
و (المسائل المازندرانية) هي المسائل التي وردت إليه من مدينة مازندران كما
أشار إليها هو في كتابه هذا (4).
وأما (المسائل الصاغانية) فقد صرح بنسبتها إلى مدينة صاغان الشيخ
الطهراني في (الذريعة) (5)، وهكذا قل مع نظائرها.
وأما كلمة (أجوبة) أو (جواب) أو (جوابات) فهي من وضع المتأخرين تمييزا
للكتاب المتضمن للمسائل وأجوبتها.
والذي رأيناه بعد هذا هو المحافظة على قالب الأصيل تمشيا مع ذوق
المؤلف ومعاصريه رضوان الله عليهم، وما كان متداولا عندهم معروفا لديهم،
ليبقى هذا الكتاب معروفا بعنوان: (المسائل السروية).
2 - الاختلاف في النسبة:
من أين جاءت تسميتها ب‍ (السروية)؟

(1) الرسائل العشر لشيخ الطائفة: 286، 291 وفيه: (الحائرة) بدلا من الحائر، وفي نسخة بدل:
(الحيرة).
(2) الفهرست: 158.
(3) معالم العلماء: 113 - 115.
(4) في أثناء جوابه عن المسألة الثامنة.
(5) الذريعة 5: 225 ت / 1071 وصاغان: قرية بمرو. معجم البلدان 3: 389.
6

من ملاحظة النسخ المتعددة لهذا الكتاب، والمصادر التي عرفت به، وقفنا
على ثلاثة آراء في أصل هذه النسبة:
الأول:
ما تصدر النسخة المطبوعة، ونصه: رسالة في أجوبة المسائل السروية التي
وردت من سيد فاضل في سارويه.
وعلى هذا فقد جاءت هذه التسمية نسبة إلى مدينة سارويه التي يقطنها
السائل.
ولم أجد في معاجم البلدان مدينة بهذا الاسم، ولم أجد ما يشهد له في
النسخ الخطية، ولا في معاجم الكتب والمؤلفين.
الثاني:
أنها نسبة إلى (سارية) وهو اسم الرجل الذي بعث بهذه الأسئلة إلى الشيخ
المفيد، حيث جاء في أول النسخة التي رمزنا لها بالرمز (ب) ما نصه: المسائل
السروية الواردة من الشريف السيد الفاضل سارية.
ولم يعرف سارية هذا من هو.
والصحيح أن هذه الكلمة قد جاءت مصحفة عما في النسخ الأخرى، كما
يأتي في الرأي الثالث.
الثالث:
أن هذه التسمية جاءت نسبة إلى مدينة (سارية) التي ينتسب إليها الشيخ
الفاضل باعث هذه المسائل. فجاء في صدر النسخة التي رمزنا لها " أ " ما نصه:
أجوبة المسائل السروية الواردة من الشريف الفاضل بسارية.
وجاء في (الذريعة): الأسئلة السروية - جوابات المسائل السروية - الواردة
من السيد الفاضل الشريف بسارية إلى الشيخ المفيد (1).

(1) الذريعة 2: 83 ت / 330، 5: 222 / 1060.
7

هذا، مع أن النسخة المعتمدة في (الذريعة) هي غير نسختنا المذكورة بدليل
الاختلاف الوارد في أواخرهما، حيث ذكر الشيخ الطهراني أن آخر النسخة التي
رآها قول المؤلف: " قد أمليت في هذا المعنى كتابا سميته (الموضح في الوعد
والوعيد)...
والذي جاء في نسختنا المذكورة قوله: " وقد أمليت في هذا المعنى كتابا
سميته (الوعد والوعيد)...
من هنا تبين لنا أن اسم مدينة (سارية) قد تكرر في أكثر من نسخة، وهو
الموافق للمألوف من تسميتهم جواباتهم بالنسبة إلى اسم المدينة التي تردهم منها
الأسئلة كما تقدم في الفقرة السابقة - في ذكر الاختلاف بالتسمية -.
أما مدينة (سارية) فهي من المدن المعروفة، ولها ذكر كثير في معاجم
البلدان، وقد خرج منها أعلام مشهورون في مختلف أبواب العلوم الإسلامية، ومما
قيل في تعريفها:
1 - قال الإدريسي: من مدن طبرستان - وهو الاسم الأقدم لمقاطعة
مازندران -: آمل، وناتل (1)، وكلار، وميلة، وما مطير، وسارية... (2) وقال:
سارية مدينة متحضرة صغيرة (3).
2 - قال ابن خردازبة: الجربي بلاد الشمال ربع المملكة، وفيه طبرستان،
والرويان، وآمل، وسارية، وشالوس. وملكهم يسمى جيل جيلان خراسان،
قال محمد بن عبد الملك:
قد خضب الفيل كعادته لجيل جيلان خراسان
والفيل لا تخضب أعضاؤه إلا لذي شأن من الشأن (4).

(1) كذا، والصواب: بابل.
(2) نزهة المشتاق 2: 678.
(3) نزهة المشتاق 2: 686.
(4) المسالك والممالك: 105.
8

3 - قال صفي الدين البغدادي: (سارية) مدينة بطبرستان، بينها وبين
البحر ثلاثة فراسخ (1).
4 - قال أبو الفرج الكاتب البغدادي: طبرستان، وهي أقصى نحو الشمال
ومدنها: آمل وسارية (2).
5 - قال المقدسي البشاري: أما طبرستان فمن مدنها: سالوس، ميلة،
مامطير، ترنجى، سارية... (3).
6 - قال ياقوت الحموي: (سارية) بعد الألف راء، ثم ياء مثناة من تحت
مفتوحة، بلفظ السارية: وهي الأسطوانة، وهي مدينة بطبرستان. ثم قال:
قال البلاذري: وبها منزل العامل في أيام الطاهرية، وكان العامل قبل ذلك في
آمل، وجعلها أيضا الحسن بن زيد ومحمد بن زيد العلويان دار مقامهما، وبين
سارية والبحر ثلاثة فراسخ، وبين سارية وآمل ثمانية عشر فرسخا (4).
ولا يبعد كون (سارية) هذه هي المدينة المعروفة اليوم باسم (ساري)، وهي
من أكبر وأهم وأجمل مدن شمال إيران، وكذا قال ياقوت أيضا في ترجمة (ساري)
قال: هي سارية المذكورة قبل (5).
هذه هي مدينة (سارية) في معاجم البلدان، وأما في التأريخ فلها ذكر كثير
قبل الإسلام وبعده (6).

(1) مراصد الاطلاع 2: 682.
(2) الخراج وصنعة الكتابة: 64.
(3) أحسن التقاسيم: 272.
(4) معجم البلدان 3: 170.
(5) معجم البلدان 3: 171.
(6) أنظر: الكامل في التاريخ 6: 496، 498، 499، 502، 503 و 7: 132، 163، 268، 335، 334 و 8: 132، 189، 190، 389، 542 و 9: 497،، و 11: 261.
9

النسبة إليها:
قال ياقوت النسبة إليها: ساري.
وقال: قال محمد بن طاهر المقدسي: ينسب إلى سارية من طبرستان:
سروي، ومنهم: أبو الحسين محمد بن صالح بن عبد الله السرقي (1).
واضطرب السمعاني في هذه النسبة، حيث قال في ترجمة (الساري): هذه
النسبة إلى سارية، وهي بلدة من بلاد مازندران، أقمت بها عشرة أيام، وكنت
أظن أن النسبة إليها (السروي)، حتى رأيت في كتاب (الاكمال) لابن مأكولا:
الساري جماعة من طبرستان (2).
ثم قال في ترجمة (السروي): هذه النسبة قد ذكرتها في ترجمة (الساري)،
وقلت بأن النسبة الصحيحة إلى سارية مازندران: (السروي) (3).
ولكنه عاد فتأكد هذه النسبة في ترجمة (السروي) بسكون الراء، فقال:
قيل: إن هذه النسبة إلى سارية مازندران، والصحيح أن النسبة إليها بتحريك
الراء - سروي - وهذه النسبة بتسكينها إلى (سرو)، وهي مدينة ببلاد أردبيل (4).
ومن متابعة كتب الرجال ظهر لنا أن هذه النسبة (مروي) بفتح الراء هي
المعتمدة عندهم، كما هو ظاهر في تراجم الأعلام المنسوبين إلى (سارية)، ومنهم:
1 - إبراهيم بن محمد بن موسى السروي، شيخ الشافعية (365 - 458
2 - محمد بن صالح السروي، أبو الحسين، المحدث، روى عن بندار وأبي

(1) معجم البلدان 3: 170 - 171.
(2) الأنساب 3: 197.
(3) الأنساب 3: 249.
(4) الأنساب 3: 250.
(5) سير أعلام النبلاء 18: 147.
10

كريب وطبقتهما (1).
3 - علي بن إسماعيل بن علي الفقاعي السروي، المولود سنة 475 ه‍ (2).
4 - محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني، من كبار علماء
الإمامية (488 - 588 ه‍) (3). وغيرهم كثير.
والصحيح أن هذه النسبة على غير القياس، كما قيل في البادية: البدوي،
وفي العالية: العلوي.
نتيجة البحث:
أمكننا مما تقدم أن نقطع بأن الاسم الصحيح لهذا الكتاب هو: (المسائل
السروية)، وأن هذه التسمية جاءت نسبة إلى مدينة (سارية) من مدن مازندران،
التي ينتسب إليها السائل.
هذا الكتاب:
ليس مثيرا قولنا إنه كتاب نفيس، فلم يترك أوحد زمانه الذي فج بحور
العلوم إلا النفيس.
وفي هذا الكتاب يكشف العلم الفذ الهمام الشيخ المفيد كثيرا مما يلبس على
أذهان المتعلمين وحتى الخواص ناهيك عن سواد الناس.
فقد أجاب فيه عن أسئلة وردت في أبواب شتى شملت علوم القرآن،
والفقه، والحديث، والعقائد،: الكلام، فحمل أجوبته لباب العلوم، وتعامل
معها بصدر رحيب وهمة عالية، ففصل حيث لزم التفصيل، وأوجز حيثما يكتفى
بالايجاز، وأحال إلى كتب أخرى من تآليفه قد فصل فيها الكلام فيما أوجزه هنا،

(1) معجم البلدان 3: 171، وفيه روى عنه، والصحيح ما أثبتناه.
(2) الأنساب 3: 250.
(3) طبقات أعلام الشيعة - الثقات والعيون في سادس القرون -: 273.
11

فشقت إجاباتها طريقها حتن استوت في قمة ما قيل وما يقال في أبوابها.
ومضى رائد فنون الكلام هنا على منهجه في سائر كتبه يطرح بعد كل جواب
ما يتعلق به من أوجه الاستفهام المحتملة، مبرزا لها بعنوان (فصل)، فيذكر في
بعضها حوارا مباشرا جرى بينه وبين مناظر له، وأحيانا يفترض وجود المحاور،
ويضع أحيانا أخرى أسئلة من شأنها أن تأتي على جوانب الموضوع ثم يجيب على
كل ذلك بعبارة مركزة وجيزة جامعة.
كما برزت هنا أيضا منهجيته القويمة في البحث والاستنباط، متمسكا
بالصحيح الثابت رادا كل ما سواه وإن صدر عن أجلاء عظام كالشيخ الصدوق
وابن الجنيد، غير مبال بكثرة الروايات ما لم تثبت صحة أسانيدها، فيعتمد
الرواية الواحدة الصحيحة الإسناد تاركا الركام الممتد من الروايات الضعيفة أو
الموضوعة، فهو الغواص الماهر الذي ينتقي الدرة الصافية غير مكترث بما تعج به
البحار وما يطفو عليها.
كل هذه الخصائص تبرز جلية في هذا الكتاب الذي تضمن الإجابة عن
إحدى عشرة مسألة، كانت كما يلي:
المسألة الأولى: في المتعة والرجعة (1).
المسألة الثانية: في الأشباح والذر والأرواح (2).
المسألة الثالثة: في ماهية الروح (3).
المسألة الرابعة: في ماهية الإنسان (4).
المسألة الخامسة: في عذاب القبر (5).

(1) نقلها العلامة المجلسي في بحار الأنوار 53: 163 - 138.
(2) هي في بحار الأنوار 5: 261 - 267.
(3) في بحار الأنوار 61: 87 - 88.
(4) في بحار الأنوار 1 6: 88 - 89.
(5) في بحار الأنوار 6: 272.
12

المسألة السادسة: في حياة الشهداء (1).
المسألة السابعة: حكم من قال بالجبر وجوز الرؤية.
المسألة الثامنة: الاختلاف في ظواهر الروايات.
المسألة التاسعة: في صيانة القرآن من التحريف (2).
المسألة العاشرة في تزويج أم كلثوم بنت أمر المؤمنين بنات الرسول (3).
المسألة الحادية عشرة: في أصحاب الكبائر.
وقد زادنا هذا الكتاب فائدة أخرى إذ عرف الشيخ المفيد قدس سره في
أثنائه بعدد من كتب له صنفها في المسائل موضع البحث، وهذه الكتب هي:
1 - التمهيد (4): وذكر أنه فصل فيه الكلام في بحث الاختلافات الواردة
في ظواهر بعض الروايات المنسوبة إلى المعصومين عليهم السلام، وبين فيه سبل
معرفة الحق من ذلك، وطريق التعامل مع هذه. الروايات. وهو بحث عميق عظيم
الفائدة.
2 - المسائل الفارسية.
3 - المسائل المازندرانية.
4 - المسائل النيسابورية.
5 - المسائل الموصلية (5): وأجاب في هذه الكتب الأربعة عن مسائل تتعلق
بالاختلافات الظاهرة بين بعض الروايات أيضا.
6 - مصابيح النور في علامات أوائل الشهور (6): ذكر أنه قد ضمنه الردود

(1) في بحار الأنوار 6: 273 -، 247.
(2) في بحار الأنوار 92: 74 - 75.
(3) في بحار الأنوار 42: 107.
(4) ذكره في أثناء جوابه عن المسألة الثامنة.
(5) الكتب الأربعة (2 - 5) ذكرها في أثناء جوابه عن المسألة الثامنة أيضا.
(6) ذكر في أثناء جوابه عن المسألة الثامنة أيضا.
13

على الشيخ ابن الجنيد وطريقته في استخدام القياس والتعامل مع الروايات
المتناقضة في الظاهر.
7 - الموضح في الوعد والوعيد (1): تضمن تفصيل الكلام في استحقاق
الثواب والعقاب وحكم مرتكبي الذنوب من أهل التوحيد، والرد على أقوال
المعتزلة ونقض قولهم بالحبط.
نسخ الكتاب:
تيسر لنا أربع نسخ مخطوطة لهذا الكتاب، أضفنا إليها النسخة المطبوعة في
النجف الأشرف لتكون خامسة.
ومع هذا العدد من النسخ كنا نواجه مشكلتين:
الأولى: أنها جميعا متأخرة كثيرا عن عصر المؤلف، باستثناء واحدة منها ذكر
فيها أنها كتبت على نسخة مؤرخة في سنة 676 ه‍. أي بعد وفاة المؤلف ب‍ 263
سنة
والثانية: كثرة السقوطات والأخطاء والتصحيفات التي لم تنج منها النسخة
المطبوعة أيضا، بل هي في غير موضع أشد ضعفا، ومن أمثلة هذه المواضع ما
وجدناه في كلمة (الحياة) التي تكتب في المخطوطات (الحياة) بالواو، فإذا رق الواو
قليلا في المخطوطة وجدت الكلمة قد. أصحبت في المطبوعة (الحيرة).
وكانت هذه النسخ كما يلي:،
1 - النسخة المودعة في مكتبة السيد المرعشي النجفي، ضمن المجموعة
(255)، برقم (177 ب - 190 ب).
وافق الفراغ منها ضاحي نهار يوم السبت، خمس وعشرين من شهر ربيع
الأول سنة 1056 ه‍.

(1) ذكره في نهاية الكتاب، آخر جواب المسألة الحادية عشرة.
14

أوراقها 14 ورقة، ومسطرتها 23 سطرا.
سقط من هذه النسخة المسألتان الثالثة والرابعة مع أجوبتهما، وبعض
المسألة الثامنة.
أولها: (الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين. وبعد فقد وصلني
المدرج المنطوي على المسائل من جهة السيد الشريف الفاضل أطال الله
عمره...).
وآخرها: (وقد أمليت في هذا المعنى كتابا سميته (الوعد والوعيد) إن وصل
إلى السيد الشريف الفاضل الخطير أدام الله رفعته أغناه عن غيره من الكتب في
المعنى إن شاء الله تعالى).
ورمزنا لها بالرمز " أ.
2 - نسخة مكتبة السيد المرعشي النجفي المودعة ضمن المجموعة
(7615).
كتبت بخط جميل بتاريخ 1281 ه‍ نقلا عن نسخة نفيسة مكتوبة في سنة
676 ه‍.
أوراقها 16 ورقة، مسطرتها 23 سطرا.
وهي أوضح النسخ، غير أنها لم تخل من السقط، حيث سقطت منها عدة
كلمات متفرقة، ترك محل بعضها بياض، وبعضها الآخر لم تترك فيه إلى محل
السقط، كما سقط منها أيضا: بعض جواب المسألة السادسة، والمسألة السابعة مع
جوابها، والمسألة الثامنة مع بداية جوابها.
وأولها: " الحمد لله ربي العالمين والعاقبة للمتقين. وبعد فقد وصل
المدرج المنطوي على المسائل الواردة من السيد الشريف الفاضل أطال الله في عز
الدين والدنيا، وأدام تأييده ونعمته.
وآخرها: وقد أمليت في هذا المعنى كتابا سميته (الموضح في الوعد
والوعيد) إن وصل إلى السيد الشريف الفاضل الخطير أدام الله رفعته أغناه عن
15

غيره من الكتاب - كذا - في المعنى إن شاء إلى تعالى ".
ورمزنا لها بالرمز " ب ".
3 - نسخة مكتبة السيد المرعشي النجفي المودعة ضمن المجموعة
(3694). مسطرتها 24 سطرا.
كان الفراغ من كتابتها مع المجموعة يوم الخميس 17 ربيع الثاني، سنة
1056 ه‍، بيد عبد الحميد بن محمد مقيم خطب عبد العظيمي.
كتبت بخط ردئ، لكنها أتم النسخ وأكملها.
أولها: " الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين... وبعد فقد وصل المدرج
المنطوي على المسائل الواردة من جهة السيد الشريف الفاضل أطال الله
عمره... ".
وآخرها: " وقد أمليت هذا المعنى كتابا سميته (الموضح في الوعد
والوعيد) إن وصل إلى السيد الشريف الفاضل الخطير أدام الله أدام الله - كذا -
رفعته أغناه عن غيره من الكتب في المعنى إن شاء الله.
ورمزنا لها بالرمز ج ".
4 - نسخة منقولة عن نسخة مكتبة آستان قدس رضوي.
كتبت بخط ردئ، كثيرة الأخطاء، فيها توافق كبير مع النسخة ب "
وخصوصا في مواضع سقط الكلمة والكلمتين، غير أنها حوت جميع المسائل مع
أجوبتها.
أولها (الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين. وبعد فقد وصل المدرج
المنطوي على المسائل الواردة من جهة السيد الشريف الفاضل أطال الله في عز
الدين والدنيا مدته).
وآخرها: (وقد أمليت في هذا المعنى كتابا سميته الموضح في الوعد
والوعيد " إن وصل إلى السيد الشريف الفاضل الخطير أدام الله تعالى) انتهى إلى
هنا مع نهاية الورقة الأخيرة فالظاهر أن تتمتها في ورقة أخرى مفقودة أو لم تصور
16

على النسخة.
رمزنا لها بالرمز د ".
5 - والنسخة المطبوعة في النجف الأشرف، ثم طبع ضمن " عدة رسائل
للشيخ المفيد " أوفسيت مكتبة المفيد في قم المشرفة.
كل ما كان فيها من العمل هو نقل المخطوطة إلى أحرف الطباعة، ولم تظهر
عليها آثار جهد مبذول في تقويم النصوص أو تخريجها أو ضبطها.
فيها أخطاء طباعية وتصحيفات كثيرة.
وفيها شبه كبير مع النسخة " أ " غير أنها أتم منها كثيرا وإن سقطت منها
كلمات متفرقة.
رمزنا لها بالرمز " م ".
نسخ أخرى:
لهذا الكتاب عدة نسخ أخرى لم نحصل عليها، منها:
ما ذكره الشيخ الطهراني بقوله: توجد نسخة منها بخط الشيخ شرف الدين
المازندراني، كتابتها حدود سنة 1055 ه‍ في مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء
في النجف الأشرف.
وأخرى في مكتبة راجه السيد محمد مهدي في نواحي فيض آباد (1).
وفي فهرس مكتبة مسجد أعظم في قم المشرفة وجدت نسخة برقم
(ش 614)، أوراقها 13 ورقة، تأريخها 1260 ه‍.
منهجنا في التحقيق:
منهجان في التحقيق يسودان الآن، ولكل منهما أنصاره وأتباعه:

(1) الذريعة 2: 83.
17

الأول يرى أن التحقيق يقتصر على إخراج النص مصححا، سليما من
التصحيف والتحريف، وحسب، فلا مبرر بعد هذا لأي جهد إضافي يبذله
المحقق في جوانب خارجة عن تقويم النص.
ويرى الثاني - على خلاف الأول - أن تقويم النص ليس سوى جزء واحد
من العمل التحقيق لا بد أن ترافقه جهود مكثفة في الجوانب التي تتصل مباشرة
بنص الكتاب، من قبيل مقابلة نصوص الكتاب مع النصوص المماثلة في المصادر
المعتمدة، وتخريج النصوص، وشرح مبهماتها، وضبط مفرداتها، ليأتي العمل
متكاملا متحد الأجزاء.
والمنهج الأول إن كان يوفر على المحقق جهدا وعناء كبيرين، ويوفر عليه من
الوقت ما لا يدركه إلا العاملون في التحقيق، فهو للأسف لا يخدم الكتاب كثيرا.
فالنص وأن صحح وضبط إلا أنه قد لا يخلو من خطأ ما لم يقابل مع غيره
من المصادر المعتمدة الموثوقة.
والقارئ - وإن سهلت عليه قراءة المطبوع - غير أن تخريج النصوص وشرح
المبهمات وترجمة المهم الغامض من الأعلام والمدن لها الدور الأهم في فهم النص
وتقبله، وخصوصا إذا تنبهنا إلى حقيقة أن ليس كل القراء علماء.
ولكن المنهج الثاني هو الآخر لا يخلو من آفة، وإن لم تكن فيه نفسه كمنهج،
وإنما جائته من بعض من ركبه وهو لا يحسن العوم فيه.
فترى منهم من شأنه أن يعبئ في الهوامش كل ما امتدت إليه يده، فيحملها
كلاما ثقيلا مما بلا أدنى مبرر، يشرح أيسر الألفاظ، ويسهب في تفصيل ما لا
تجد ضرورة لذكره أصلا، ويطيل في ترجمة أشهر البلدان والأعلام، ناسيا أنه
سيترك ثقله هذا كله على صدر القارئ، متسببا في ضجره ونفرته من تتبع الكتاب
وربما حتى من تصفح أوراقه!
ومنهم من اتخذ هذا المنهج طريقا لإفراغ آرائه الشخصية لا غير، فهو يعلق
على الأحاديث والأخبار فيبطل منها ما يخالف هواه وإن كان صحيحا ثابتا متفقا
18

عليه، ويصحح المنكر الباطل إن وافق هواه! وهذا منحى خطير لا تخفى خطورته.
ومنهم من ذهب إلى أبعد من هذا، فأخذ يتصرف في النصوص، فيضيف
إليها من تأويله ما يغير في مفادها، أو ربما حذف منها ما لا يروق له نشره!
ولو أحسنا الظن وقلنا إنه اعتمد نسخة ناقصة، فإنه يبقى عليه ما لا يغفر
له إهماله، وهو أن يشير إلى مواضع النقص في نسخته.
هذا، بينما تجد صنفا آخر قد ذهب على العكس من سابقيه، فهو يجاري
المصنف في كل آرائه، يخرج نصوصه ويسند أقواله وهو يظن أنه بهذا إنما يبرز قوة
الكاتب والكتاب، معتقدا أن وظيفته تكمن في هذه الخصلة!
وبين يدي نماذج كثيرة من كل ما ذكرته إلا أن ذكرها لا يخلو من تجريح
بأصحابها، وليس التجريح غايتنا، وإنما تصوب المسار ما أمكن ذلك.
ونحن إذ اعتمدنا المنهج الثاني في التحقيق فقد التزمنا أصوله، ولم نتعد
حدوده، ولم نصرع لنزعة الانحياز إلى الكاتب والكتاب أو عليهما، بل مارسنا
عملا تحقيقيا علميا بحتا، راجين من ورائه ما عند الله تعالى، فكان عملنا في هذا
الكتاب وفق الفقرات التالية:
1 - مقابلة النسخ الخمس مع بعضها، واعتماد اللفظ الأصوب والأنسب
من بينها، مع الإشارة إلى مواضع الاختلاف المهمة أو ذات الوجه المحتمل وإن
بعد، تاركا ما سوى ذلك من تصحيفات ظاهرة وأخطاء لغوية وإملائية.
2 - مقابلة النصوص التي اعتمدها المؤلف مع مصادرها، وتثبيت
الاختلافات في الهامش.
3 - شرح موجز للمفردات المبهمة.
4 - ترجمة موجزة وافية للأعلام والمدن الواردة في المتن، تاركا المشهور منها.
5 - تخريج الآيات القرآنية وضبطها، وتمييزها بقوسين مزهرين.
6 - تخريج الأحاديث الشريفة من مصادرها، وخصوصا المصادر المتقدمة
على عصر المؤلف، كما ذكرنا بعض المصادر المتأخرة عنه كشواهد في مواضع
19

الحاجة. وميزنا الأحاديث الشريفة بالقوسين الصغيرين " ".
7 - تابعنا الأحاديث التي اعتمدها المؤلف بذكر درجة كل حديث معتمدين
أوثق المصادر في هذا الباب، وإذا ما اعتمد المؤلف حديثا في إسناده ضعف مع
وجود حديث حسن أو صحيح في موضوعه يصح الاعتماد عليه أشرنا إليه إشارة
كافية.
8 - تخريج الأخبار، والأحداث والوقائع من أهم المصادر المعتمدة.
9 - عدم الاقتصار على مصادر الشيعة الإمامية في التخريج، بل اعتمدنا
أيضا أهم المصادر المعتبرة في السنن والتفسير والسير والكلام عند أهل السنة إتماما
للفائدة، وتثبيتا للمعنى وتأليفا بين قلوب المسلمين.
10 - ضبط المفردات ضبطا شاملا، ناظرين إلى أهمية تقويم اللسان على
اللفظ العربي القويم، مع ما يضفيه ضبط المفردات من جمالية إلى الكتاب.
11 - كشفا لبعض الإبهام أمام القارئ في هذا الكتاب وضعنا عنوانا لكل
مسألة ولكل فصل من فصول الجواب، وميزناه بالمعقوفتين.
12 - ألحقنا الكتاب فهرسين: أحدهما يشمل مواضيع الكتاب وفصوله،
وتضمن الآخر أسماء المصادر التي اعتمدناها في المقدمة وفي التحقيق.
والله ولي التوفيق.
صائب عبد الحميد
15 ذي القعدة 1412
* * *
20

الصفحة الأولى من النسخة " أ "
21

الصفحة الأخيرة من النسخة " أ "
22

الصفحة الأولى من النسخة " ب "
23

الصفحة الأخيرة من النسخة " ب "
24

الصفحة الأولى من النسخة " ج "
25

الصفحة الأخيرة من النسخة " ج "
26

المسائل السروية
تأليف
الإمام الشيخ المفيد
محمد بن محمد بن نعمان ابن المعلم
أبي عبد الله العكبري البغدادي
(336 - 413 ه‍)
27

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على محمد خاتم
النبيين وعلى أهل بيته الطاهرين.
وبعد، فقد وصلني (1) المدرج المنطوي على المسائل الواردة (2) من جهة
السند الشريف الفاضل - أطال الله (3) في عز الدين والدنيا مدته (4)، وأدام
تأييده ونعمته (5) - ووقفت (6) على جميعها، وضاق المدرج عن إثبات أجوبتها،
فأمليت (7) ذلك في كتاب مفرد يأتي على المعنى إن شاء الله تعالى.

(1) في " ب " و " ج و " د ": وصل.
(2) الواردة " ليس في " أ " و " م.
(3) في " أ " و " ج، و " م ": أطال الله عمره.
(4) " مدته " ليس في " ب.
(5) " وأدام تأييده ونعمته ليس في " م.
(6) في " أ " وقعت، وفي " ب " و " ج: ووفقت.
(7) في " د ": قابلت.
29

المسألة الأولى
في المتعة والرجعة
ما قول الشيخ المفيد - أطال الله بقاءه، وأدام (1) تأييده وعلاه، وحرس
معالم الدين بحياطة (2) مهجته (3)، وأقر عيون الشيعة بنضارة أيامه - فيما يروى
عن مولانا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام في الرجعة؟
وما معنى قوله عليه السلام " ليس منا من لم يقل بمتعتنا، ويؤمن
برجعتنا (4) أهي حشر في الدنيا مخصوص للمؤمنين، أو لغيرهم (5) من الظلمة
الجائرين (6) قبل يوم القيامة؟
الجواب:
وبالله التوفيق.
إن المتعة التي ذكرها الصادق عليه السلام هي النكاح المؤجل الذي

(1) " أدام، ليس في " م.
(2) في " د ": لحياطة.
(3) في أ ": وحرس مهجته.
(4) من لا يحضره الفقيه - كتاب النكاح، باب المتعة ح / 1. ونصه: " ليس منا من لم يؤمن
بكرتنا، ويستحل متعتنا ".
(5) في " ب " و ج " و " د ": للمؤمن أو لغيره.
(6) في " أ ": الجبارين.
(7) " قبل، ليس في م ".
30

كان (1) رسول الله صلى الله عليه وآله أباحها لأمته في حياته، ونزل القرآن
بإباحتها أيضا (2)، فتأكد (3) ذلك بإجماع الكتاب والسنة فيه (4).
حيث يقول الله عز وجل: وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا
بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن
فريضة " (5).
فلم تزل على الإباحة بين المسلمين، لا يتنازعون فيها، حتى رأى عمر
ابن الخطاب النهي عنها، فحظرها وشدد في حظرها، وتوعد (6) على فعلها (7)
فاتبعه الجمهور على ذلك، وخالفهم جماعة من الصحابة والتابعين فأقاموا على

(1) " ذكرها الصادق.. الذي كان " ليس في أ ".
(2) في أ ": أيضا بها، وفي ب ": بها.
(3) في " م ": فيؤكد.
(4) " فيه " ليس في ب " و " ج " و " د ".
(5) النساء 4: 24.
(6) وتوعد " ليس في " د ".
(7) عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومع
أبي بكر، فلما ولي عمر خطب الناس فقال: إنهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما: إحداهما متعة النساء، ولا أقدر على رجل
تزوج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة، والأخرى متعة الحج.
السنن الكبرى 7: 206، تفسير الرازي 10: 52 - 53، الدر المنثور 2: 487.
وانظر أيضا: صحيح البخاري - كتاب التفسير ح / 43، 137، صحيح مسلم - كتاب
النكاح ح / 11 - 17، سنن الترمذي 3: 185 ح / 822 - 824، مسند أحمد 1: 52،
المستدرك على الصحيحين 2: 305، تفسير الطبري 5: 9، كنز العمال 16 ح / 45715
45717، 45722، 45723، 45728، 45732، الدر المنثور 2: 482 - 487،
3: 140.
31

تحليلها إلى أن مضوا لسبيلهم (1).
واختص بإباحتها جماعة (2) أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام،
فلذلك أضافها الصادق عليه السلام إلى نفسه (3) بقوله: " متعتنا " (4).
وأما قوله عليه السلام (5): " من لم يقل برجعتنا فليس منا " فإنما أراد
بذلك ما يختصه (6) من القول به في أن الله تعالى يحيي (7) قوما من أمة محمد
صلى الله عليه وآله بعد موتهم، قبل (8) يوم القيامة، وهذا مذهب يختص به
آل محمد صلى الله عليه وعليهم.
وقد أخبر الله عز وجل في ذكر الحشر الأكبر يوم القيامة (9):
وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " (10).

(1) ذكر. منهم: أمير المؤمنين عليه السلام، وابن عباس، وأبي بن كعب، وعمران بن حصين،
وسعيد بن جبير، وروي عن عبد الله بن عمر في متعة الحح أيضا.
أنظر: صحيح البخاري - كتاب التفسير ح / 43، سنن الترمذي 3: 185 / 824،
تفسير الطبري 5: 9، تفسير الرازي 10: 50 - 52.
(2) " جماعة " ليس في ج "، وزاد في " م ": من الصحابة والتابعين و.
(3) " إلى نفسه ليس في " أ " و " م ".
(4) للشيخ المفيد رسالة مستقلة في المتعة، أخرج منها المجلسي في البحار 43 حديثا.
بحار الأنوار 103: 305 - 311.
(5) " فلذلك أضافها. قوله عليه السلام " ليس في " ج ".
(6) في " أ " و " م ": اختصه.
(7) في " ب " و ج " ود ": يحشر.
(8) بعد موتهم " ليس في " ب " و " د ". و " قبل) ليس في ب " و " د " و " م.
(9) وهذا مذهب. يوم القيامة ليس في ب " ود ".
(10) الكهف 18: 47.
32

وقال سبحانه في حشر الرجعة قبل يوم القيامة (1): ويوم نحشر من
كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " (2) فأخبر أن الحشر حشران:
عام وخاص.
. وقال سبحانه مخبرا (3) عمن يحشر من الظالمين أنه يقول (4) يوم الحشر
الأكبر: ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج
من سبيل " (5).
وللعامة في هذه الآية تأويل مردود، وهو (6): أن المعني بقوله: ربنا
أمتنا اثنتين " أنه خلقهم أمواتا ثم أماتهم بعد الحياة (7).
وهذا باطل لا يجري (8) على لسان العرب، لأن الفعل لا يدخل إلا
على ما (9) كان بغير (10) الصفة (11) التي انطوى اللفظ على معناها، ومن خلقه

(1) وهذا مذهب. حشر الرجعة قبل يوم القيامة " ليس في " ج ".
(2) النمل 27: 83.
(3) في " أ " و " م ": يخبر.
(4) زاد في أ، و " م ": في القيامة.
(5) غافر 40: 11.
(6) في " ب و " ج " و " د ": وهو أن قالوا.
(7) أراد قولهم: إنه خلقهم أمواتا في أصلاب آبائهم، ثم أحياهم الحياة الدنيا، ثم أماتهم،
ثم أحياهم في البعث.
أنظر: تفسير الطبري 1: 145، 24: 21، معالم التنزيل للبغوي 1: 60، تفسير
القرطبي 1: 249، 15: 297.
(8) في " أ و " ج ود ": لا يستمر.
(9) في " ب " و " ج و " د: من.
(10) في " د: يغير.
(11) " الصفة ليس في ج ".
33

الله مواتا (1) لا يقال إنه (2) أماته (3)، وإنما يقال ذلك فيمن (4) طرأ عليه الموت
بعد الحياة.
كذلك (5) لا يقال أحيا (6) الله ميتا إلا أن يكون قد كان قبل إحيائه
ميتا (7). وهذا بين لمن تأمله (8).
وقد زعم بعضهم أن المراد بقوله: ربنا أمتنا اثنتين " الموتة التي
تكون (9) بعد حياتهم في القبور للمسألة، فتكون الأولى قبل الإقبار (10)،
والثانية بعده (11).
وهذا أيضا باطل من وجه آخر، وهو أن الحياة للمسألة ليست
للتكليف فيندم الإنسان على ما فاته في حاله (12)، وندم القوم على ما (13)
فاتهم في حياتهم المرتين (14) يدل على أنه لم يرد حياة المسألة، لكنه أراد حياة

(1) في ب " و " د ": أمواتا، وفي م ": ميتا.
(2) " أنه " ليس في " ب " و " ج " و " د "، وفي " م: له.
(3) في " أ: ميت.
(4) في د ": فيما.
(5) في " م ": ولذلك.
(6) في " أ " و " م ": جعله.
(7) في " م ": إلا بعد ما كان حيا.
(8) " لمن تأمله " ليس في " أ " و " م ".
(9) " تكون " ليس في ب ".
(10) في " أ " و " م ": الإحياء
(11) ذكره القرطبي في تفسيره الآية (28) من سورة البقرة 1: 249.
(12) في أ " و " م ": حياته.
(13) في " أ ": لما.
(14) في " م ": مرتين.
34

الرجعة التي تكون لتكليفهم والندم (1) على تفريطهم، فلا يفعلون (2) ذلك
فيندمون يوم العرض على ما فاتهم من ذلك.
فصل:
في من يرجع من الأمم
والرجعة عندنا تختص بمن محض الإيمان ومحض (3) الكفر، دون ما
سوى هذين الفريقين (4)، فإذا أراد (5) الله تعالى على ما (6) ذكرناه أوهم
الشيطان أعداء الله عز وجل إنما ردوا إلى الدنيا لطغيانهم على الله، فيزدادوا
عتوا، فينتقم الله تعالى منهم بأوليائه المؤمنين، ويجعل لهم الكرة عليهم، فلا
يبقى منهم أحد إلا وهو (7) مغموم بالعذاب والنقمة والعقاب (8) وتصفو
الأرض من الطغاة، ويكون الدين لله تعالى.
والرجعة إنما هي لممحضي الإيمان من أهل الملة وممحضي النفاق منهم
دون من سلف من الأمم الخالية.

(1) في " ب " و " ج و " د و " م ": لتكليفهم الندم.
(2) في م ": فلم يفعلوا.
(3) في " أ، و " م ": يمحض، في الموضعين. ومحض الإيمان: أخلصه.
(4) تفسير القمي 2: 131، منتخب البصائر - عنه البحار 53: 39.
(5) في " ب و " م ": فأراد.
(6) في " أ ": من.
(7) في " ب " و " ج ": من هو.
(8) " والعقاب " ليس في " أ "، و " المسألة لكنه أراد. والعقاب " سقط من د ".
35

فصل:
شبهة في الرجعة،
وقد قال قوم من المخالفين لنا: كيف (1) يعود كفار الملة بعد الموت إلى
طغيانهم وقد عاينوا عذاب الله تعالى في البرزخ، وتيقنوا بذلك أنهم
مبطلون؟!
فقلت لهم (2): ليس ذلك بأعجب من الكفار الذين يشاهدون في
البرزخ ما يحل بهم من العذاب (3)، ويعلمونه ضرورة بعد المدافعة (4) لهم
والاحتجاج عليهم بضلالهم في الدنيا (5)، فيقولون حينئذ: يا ليتنا نرد ولا
نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين " (6). فقال الله عز وجل: بل بدا
لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " (7)
فلم يبق للمخالف بعد هذا الاحتجاج شبهة يتعلق بها فيما ذكرناه،
والمنة لله.

(1) " كيف " ليس في " ب " و " د ".
(2) في أ " و " م ": له.
(3) زاد في م،. فيها.
(4) في أ " و ": و " م ": الموافقة.
(5) في الدنيا " ليس في " م ".
(6) الأنعام 6: 27.
(7) الأنعام 6: 28.
36

المسألة الثانية:
في الأشباح والذر والأرواح
ما (1) قوله - أدام الله تأييده - في معنى الأخبار المروية عن الأئمة الهادية
عليهم السلام في الأشباح، وخلق الله تعالى الأرواح قبل! خلقه (2) آدم عليه
السلام بألفي (3) عام، وإخراج الذرية بن صلبه على صور الذر؟
ومعنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله: الأرواح جنود مجندة،
فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف " (4)؟
الجواب:
وبالله التوفيق، إن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها وتتباين
معانيها، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة، وصنفوا فيها كتبا لغوا فيها
وهذوا (5) فيما أثبتوه منه في معانيها، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من

(1) ما، ليس في د ".
(2) خلقه " ليس في ب " و ج " ود ".
(3) في ج: بألف -
(4) علل الشرايع: 84 - باب 79 ح / 2، مسند أحمد 2: 295.
(5) في م،: وهزأو. وهذى هذيانا: تكلم بكلام غير معقول.
37

شيوخ (1) أهل الحق وتخرصوا (2) الباطل بإضافتها (3) إليهم، من جملتها كتاب
سموه: (كتاب الأشباح والأظلة) ونسبوا تأليفه (4) إلى محمد بن سنان (5).
ولسنا (6) نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه، فإن (7) كان صحيحا
فإن ابن سنان قد (8) طعن (9) عليه، وهو متهم بالغلو (10).
فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضال بضلاله (11) عن
الحق، وإن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك.

(1) " شيوخ، ليس في " أ ".
(2) تخرص: تكذب بالباطل.
(3) " ما حوته الكتب. بإضافتها " ليس في " ج ".
(4) في ب و " ج " و " د ": نسبوه في تأليفه.
(5) هو أبو جعفر الزاهري، من، ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي، توفي أبوه وهو طفل، فكفله جده سنان فنسب إليه، له في منها: (كتاب الأظلة)، توفي سنة 220 ه‍.
رجال النجاشي: 328 - ترجمة 888.
(6) في " ب ": وإنا.
(7) في ج ": وأنه. وفي " ب " و " د ": وإن.
(8) " ولسنا نعلم... فإن ابن سنان قد " ليس في " أ ".
(9) في " أ ": مطعونا.
(10) قال الفضل ابن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان. وقال النجاشي:
هو رجل ضيف جدا لا يعول عليه، ولا يلتفت إلى ما تفرد به. وقال الشيخ الطوسي:
طعن عليه. وضعف، وكتبه فيها تخليط وغلو. وقال ابن داود: روي عنه أنه قال عند موته:
لا ترووا في مما حدثت شيئا فإنما هي كبت اشتريتها من السوق. قال: والغالب على حديثه
الفساد.
رجال النجاشي: 328 ت / 888، الفهرست للطوسي: 143 ت / 609، كتاب
الرجال لابن داود: القسم الثاني: 273 ت / 455، جامع الرواة 2: 123، معجم رجال
الحديث 16: 151 ت / 10911.
(11) في " ب " و " د ": ضلال أضلل. وفي " ج ": ضلال الضلالة.
38

والصحيح من (1) حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقات:
بأن آدم عليه السلام رأى على العرش أشباحا يلمع " (2) نورها، فسأل الله
تعالى عنها، فأوحى (3) إليه: " أنها أشباح رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة
والحسن والحسين (4) صلوات الله عليهم " وأعلمه أن لولا الأشباح التي
رآها (5) ما (6) خلقه ولا خلق سماء ولا أرضا (7).
والوجه فيما أظهره الله تعالى من الأشباح والصور لآدم عليه السلام
أن دله (8) على تعظيمهم وتبجيلهم، وجعل ذلك إجلالا لهم ومقدمة لما (9)
يفترضه (10) من طاعتهم، ودليلا على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم.
ولم يكونوا في تلك الحال صورا محياة (11)، ولا أرواحا ناطقة، لكنها
كانت صورا (12) على مثل صورهم في البشرية تدل (13) على ما يكونون عليه في

(1) في " م ": في.
(2) في أ: بلغ.
(3) في أ " و " ب " و " م ا: فأوحى الله تعالى.
(4). " وفاطمة " ليس في ج ". وفي " أ و ب " ود: والحسن والحسين وفاطمة
(5) في م: يراها.
(6) ما " ليس في " د.
(7) قصص الأنبياء للراوندي: 44 / 10، 45 / 11.
(8) في " أ " و " م ": ليدله، وفي " ج ": أن دلت.
(9) في " د بما.
(10) في " أ: يفرضه.
(11) في " أ: محية، وفي ب و " د: مجيبة.
(12) صورا " ليس في ب " و ج و د.
(13) في النسخ: يدل.
39

المستقبل من الهيئة، والنور الذي جعله عليهم يدل (1) على نور الدين بهم،
وضياء الحق بحججهم.
وقد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش، وأن آدم
عليه السلام (2) لما تاب إلى (3) الله عز وجل وناجاه بقبول (4) توبته سأله بحقهم
عليه ومحلهم عنده (5) فأجابه.
وهذا غير منكر في العقول ولا مضاد للشرع المعقول، وقد رواه
الصالحون (6) الثقات المأمونون، وسلم لروايته طائفة (7) الحق، ولا طريق (8)
إلى إنكاره (9)، والله ولي التوفيق.
* * *

(1) في ا " و " م ": دليلا.
(2) مكتوبة. آدم عليه السلام " ليس في أ ".
(3) (إلى) ليس في " أ " و " ب " ود ".
(4) في " أ ": من قبول.
(5) في أ ": ومحله عندهم.
(6) الصالحون " ليس في " م ".
(7) في " ب ": طابقة.
(8) في أ " و " م ": فلا طريق.
(9) أمالي الصدوق: المجلس 18: 70 / 2، معاني الأخبار: 125 / 1، 2، تفسير فرات
الكوفي: 57 / 16، تفسير العياشي 1: 41 / 28، المناقب لابن المغازلي: 63 / 89، الدر
المنثور 1: 147، ينابيع المودة 1: 97.
40

فصل:
البشارة بالنبي والأئمة عليهم الصلاة والسلام،
ومثل ما بشر به آدم عليه السلام من تأهيله (1) نبيه عليه وآله السلام
لما أهله له، وتأهيل أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام لما أهلهم
له، وفرض عليه تعظيمهم وإجلالهم، كما (2) بشر به في الكتب الأولى من
بعثه (3) لنبينا صلى الله عليه وآله، فقال في - محكم كتابه: النبي الأمي
الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التورية والإنجيل يأمرهم بالمعروف
وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم
إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا
النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون " (4).
وقوله تعالى مخبرا عن المسيح عليه السلام: ومبشرا برسول يأتي من
بعدي اسمه أحمد " (5).
وقوله سبحانه: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب

(1) في: تأهلنه.
(2) في " أ " لما.
(3) في " أ و ب و " ج ": بعثته.
(4) الأعراف 7: 157.
(5) الصف 61: 6.
41

وحكمة ثم جائكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه " (1) يعني
رسول الله صلى الله عليه وآله.
فحصلت البشائر به من الأنبياء (2) أجمعهم (3) قبل إخراجه إلى العالم
بالوجود، وإنما أراد جل اسمه بذلك إجلاله وإعظامه، وأن يأخذ العهد له
على الأنبياء والأمم (4) كلها، فلذلك أظهر لآدم عليه السلام صورة شخصه
وأشخاص أهل بيته عليهم السلام، وأثبت أسماءهم له ليخبره بعاقبتهم (5)
ويبين له عن محلهم عنده ومنزلتهم (6) لديه (7).
ولم يكونوا في تلك (8) الحال أحياء ناطقين ولا أرواحا مكلفين، وإنما
كانت أشباحهم دالة " (9) عليهم حسب ما ذكرناه.
* * *

(1) آل عمران 3: 81.
(2) به من الأنبياء " ليس في " أ ". وفي م: فحصلت البشارة للأنبياء.
(3) في " أ " و " ب " و " ج " و " م ": وأممهم.
(4) " والأمم ليس في " م.
(5) في ب ": تعاقبهم. وفي د ليخبرهم بعاقبتهم.
(6) في " م: منزله.
(7) الدية ليس في " أ.
(8) في أ و " م ": ذلك.
(9) في أ و " م!: دلالة.
42

فصل:
البشارة بالنبي والأئمة في الكتب الأولى.
وقد بشر الله عز وجل بالنبي (1) والأئمة عليهم السلام في الكتب الأولى،
فقال في بعض كتبه التي أنزلها على أنبيائه عليهم السلام، وأهل الكتب
يقرونه (2)، واليهود والنصارى يعرفونه (3): أنه ناجى إبراهيم الخليل عليه
السلام في مناجاته: " أني قد عظمتك وباركت عليك وعلى إسماعيل،
وجعلت منه اثني عشر عظيما وكثرتهم (4) جدا جدا، وجعلت منهم شعبا (5)
عظيما لأمة عظيمة " (6)، 7).
وأشباه ذلك كثير في كتب الله تعالى الأولى.

(1) في " م ": النبي.
(2) في د ": يقروا به، وفي 5 م ": يقرأونه.
(3) (والنصارى) ليس في " ب " و " د ". و (اليهود والنصارى يعرفونه) ليس في " ب).
(4) في " ب " غير منقوطة، وفي " ب ": وكبرتهم، وفي " م ": وكرمته.
(5) (جدا جدا) ليس في أ ".
(6، (لأمة عظيمة) ليس في " أ " و " ج ".
(7) جمع الشيخ المفيد هنا بين نصين من نصوص (العهد القديم)، الأول: من سفر التكوين
- أصحاح 18، آية 18 - ونصه في المصدر: " إبراهيم سيكون أمة كبيرة مقتدرة، ويتبارك
به جميع أمم الأرض ".
والثاني من سفر التكوين 17: 20 ونصه: " وأما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه، وها
أنذا أباركه وأنميه وأكثره جدا جدا، اثنا عشر رئيسا يلد، وأجعله أمة عظيمة ".
وهذا نصه العبري:
" في ليشماعيل ببرختي أو توفى " في هفررتي أونو
في هربيتي بمئود مئودا، شنيم، عار نسيئيم يوليد
في نتتيف لگوي گدول ".
بسارب بسفر الكوين 17: 20 (الأصل العبري) بالرسول (ص) وبالأئمة (ع) "
43

فصل:
حديث الذر
أما الحديث في إخراج الذرية من صلب آدم عليه السلام على صورة
الذر، فقد جاء الحديث بذلك على اختلاف ألفاظه ومعانيه (1).
والصحيح أنه أخرج الذرية من ظهره كالذر فملأ بهم الأفق وجعل
على بعضهم نورا لا يشوبه ظلمة، وعلى بعضهم ظلمة لا يشوبها نور، وعلى
بعضهم نورا وظلمة، فلما رآهم آدم. عليه السلام عجب من كثرتهم وما (2)
عليهم من النور والظلمة، فقال: يا رب، ما هؤلاء؟ "
قال الله عز وجل له: " هؤلاء ذريتك " يريد تعريفه كثرتهم وامتلاء

(1) أخرجه سائر أصحاب التفسير عند الآية 172 من سورة الأعراف وسائر أصحاب الحديث بألفاظ كثيرة.
(2) " وعلى بعضهم نورا. وما " ليس في أ ".
44

الآفاق بهم، وأن نسله يكون في الكثرة كالذر الذي رآه ليعرفه قدرته،
ويبشره باتصال (1) نسله وكثرتهم.
فقال آدم عليه السلام: " يا رب، ما لي أرى على بعضهم نورا لا ظلمة
فيه (2)، وعلى بعضهم ظلمة لا يشوبها نور، وعلى بعضهم ظلمة ونورا؟،
فقال تبارك وتعالى: " أما الذين عليهم النور منهم (3) بلا ظلمة فهم
أصفيائي من (4) ولدك، الذين يطيعوني ولا يعصوني في شئ من أمري،
فأولئك سكان الجنة.
وأما الذين عليهم ظلمة لا يشوبها نور فهم الكفار من ولدك الذين
يعصوني ولا يطيعوني في شئ من أمري، فهؤلاء حطب جهنم (5).
وأما الذين عليهم نور وظلمة فأولئك الذين يطيعوني من ولدك
ويعصوني، فيخلطون (6) أعمالهم السيئة بأعمال حسنة، فهؤلاء أمرهم إلي،
إن شئت عذبتهم فبعدلي، وإن شئت عفوت عنهم فبفضلي ".
فأنبأه الله تعالى بما يكون من ولده، وشبههم بالذر الذي أخرجه (8) من
ظفره، وجعله علامة على كثرة ولده.

(1) في 5 " ج " و " م ": بإفضال.
(2) في " أ " و " م ": لا يشوبه ظلمة.
(3) " منهم، ليس في " أ " و " م ".
(4) " من " ليس في " أ " و " ب " و " د ".
(5) في شئ... جهنم " ليس في " ب " و " ج " و " د ".
(6) في " د ": فيحللون.
(7) الكافي 2: 6 باب 3 ح / 1 بتفصيل أكثر.
(8) في " ب " و " ج " و " د ": أخرجهم.
45

ويحتمل أن يكون ما أخرجه من ظهره أصول (1) أجسام ذريته دون
أرواحهم، وإنما فعل الله تعالى ذلك ليدل آدم عليه السلام على العاقبة منه،
ويظهر له من قدرته وسلطانه وعجائب صنعه (2)، وأعلمه (3) بالكائن قبل كونه
ليزداد آدم عليه السلام يقينا بربه، ويدعوه ذلك إلا التوفر على طاعته،
والتمسك بأوامره، والاجتناب لزواجره (4).
فأما الأخبار التي جاءت بأن ذرية آدم عليه السلام استنطقوا في الذر
فنطقوا، فأخذ عليهم العهد فأقروا، فهي من أخبار التناسخية (5)، وقد
خلطوا فيها ومزجوا الحق بالباطل.
والمعتمد من إخراج الذرية ما ذكرناه - دون ما عداه - مما يستمر (6)
القول به عك الأدلة العقلية والحجج السمعية، وإنما هو تخليط (7) لا يثبت به

(1) في " ب " و " ج " و " د ": وجعل.
(2) في " ب " و " ج " و " د ": صنعته.
(3) في " أ، وعمله.
(4) في " م ": عن زواجره.
(5) في " أ " و " ب " ج " و " د ": الناسخة. والتناسخية هم أصحاب القول بالتناسخ والأظلة
والدور. ومعنى التناسخ هو أن تتكرر الأدوار إلى ما لا نهاية، وأن الثواب والعقاب في هذه
الدار لا في دار أخرى لا عمل فيها، وأن أعمالنا التي نحن فيها إنما هي أجزية على أعمال
سلفت منا في الأدوار الماضية، فالراحة والسرور والفرح هي مرتبة على أعمال البر التي
سلفت منا في الأدوار الماضية، والغم والحزن مرتبة على أعمال الفجور التي سلفت. وقد
أبطل هؤلاء جميع الشرائع والسنن، وزعموا أن هذا هو مذهب جابر بن عبد الله الأنصاري
وجابر بن يزيد الجعفي.
فرق الشيعة: 34، المقالات والفرق: 43، 182 الملل والنحل 2: 59.
(6) في " ب " و " ج " و " د ": استمر، وفي " ب ": دون ما ينطق القول به.
(7) في " م ": غلط.
46

أثر على (1) ما وصفناه.
فصل:
شبهة في إنطاق الذر
فإن تعلق متعلق بقوله تبارك اسمه: * (وإذ أخذ ربك من بني آدم من
ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن
تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) * (2) فظن بظاهر فذا القول (3) تحقق
ما رواه أهل التناسخ والحشوية (4) والعامة في إنطاق (6) الذرية وخطابهم، وأنهم
كانوا أحياء ناطقين.
فالجواب عنه:
أن هذه الآية من المجاز في اللغة، كنظائرها (6) مما هو مجاز واستعارة،

(1) " الأدلة العقلية. أثر على " ليس في " أ ".
(2) الأعراف 7: 172.
(3) في " أ " وظن أن.
(4) الحشو في اللغة ما تملأ به الوسادة ونحوها، وفي الاصطلاح هو الزائد الذي لا طائل تحته،
وسمي الحشوية حشوية لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن
الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، أي يدخلونها فيها وهي ليست منها. وجميع الحشوية
يقولون بالجبر والتشبيه.
المقالات والفرق: 136.
(5) " في إنطاق " ليس في " أ ".
(6) في " م " كتظاهرها.
47

والمعنى فيها: أن الله تبارك وتعالى أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر (1) آدم،
وظهور ذريته العهد عليه بربوبيته من حيث أكمل عقله ودله بآثار الصنعة على
حدوثه (2)، وأن له محدثا أحدثه لا يشبهه (3)، يستحق العبادة منه بنعمه
عليه " (4). فذلك هو أخذ العهد منهم (5)، وآثار الصنعة فيهم هو إشهاده (6) لهم
على أنفسهم بأن الله تعالى ربهم.
وقوله تعالى: * (قالوا بلى) * يريد به أنهم لم يمتنعوا (7) من لزوم آثار
الصنعة فيهم ودلائل حدوثهم اللازمة لهم، وحجة العقل عليهم في إثبات
صانعهم (8)، فكأنه سبحانه لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدوثهم ووجود
محدثهم قال لهم: * (ألست بربكم) *؟ فلما يقدروا على الامتناع من لزوم
دلائل الحدوث لهم كانوا كالقائلين (9): بلى شهدنا.
وقوله تعالى: * (أن تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين أو
تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل
المبطلون) * (10).

(1) في " أ " و " م ": صلب.
(2) في النسخ: حدثه.
(3) زاد في " م ": أحد.
(4) في " أ ": عليك.
(5) في " أ ": منه.
(6) في " ب " و " ج " م ": وآثار الصنعة فيهم والإشهاد.
(7) في " أ ": بمنعوا، وفي " ج ": يتمنعوا.
(8) في " أ ". صنايعهم.
(9) في " ب ": كأنهم قائلون، وفي " ب " و " ج " و " د ": كقائلين.
(10) الأعراف 7: 172 - 173.
48

ألا ترى أنه احتج عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا (1) في إنكاره
ولا يستطيعون؟
وقد قال سبحانه: * (والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر
والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب) (2) ولم يرد أن المذكور
يسجد كسجود البشر في الصلاة (3)، إنما أراد أنه (4) غير ممتنع من فعل الله،
فهو كالمطيع لله، وهو معبر (5) عنه بالساجد.
قال الشاعر:
بجمع تضل البلق في حجراته ترى الأكم فيها سجدا للحوافر (6)
يريد أن الحوافر تذل الأكم بوطئها عليها.
وقال الآخر:
سجودا له غسان يرجون فضله وترك ورهط الأعجمين وكابل (7)
يريد أنهم مطيعون له، وعبر عن طاعتهم بالسجود.

(1) في " ب " و " ج " و " م ": تناولوا.
(2) الحج 22: 18.
(3) الأخبار بالسجود جاء في صدر الآية ذاتها: * (ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن
في الأرض والشمس والقمر...) *.
(4) في " ب " و " ج " و " د ": به.
(5) في " م ": يعبر.
(6) البيت لزيد الخيل يصف جيشا. والبلق: الخيل إذا كان فيها سواد وبياض. والحجرات:
جمع حجرة وهي الناحية. والاكم: واحدتها أكمة وهي التل، وسكنت الكاف لضرورة
الشعر.
(7) البيت للنابغة الذبياني في رثاء النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني وهو في الديوان:
91، وصدره كما في الديوان (قعودا له غسان يرجون أوبه)، وقبله:
بكى حارث الجولان من فقد ربه وحوران منه موحش متضائل.
49

وقوله تعالى: * (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا
طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) * (1).
وهو سبحانه لم يخاطب السماء بكلام، ولا السماء قالت قولا مسموعا، وإنما
أراد أنه عمد (2) إلى السماء فخلقها ولم يتعذر عليه صنعها (3)، فكأنه سبحانه لما
خلقها قال لها وللأرض (4): * (ائتيا طوعا طوعا أو كرها) * فلما انفعلت (5) بقدرته كانتا (6)
كالقائل: أتينا طائعين.
ومثله قوله تعالى: * (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد) * (7)
والله تعالى يجل عن خطاب النار، وهي مما لا يعقل ولا يتكلم (8)، وإنما عبر (9) عن
سعتها، وإنها لا تضيق بمن يحلها (10) من المعاقبين.
وذلك كله على مذهب أهل اللغة وعادتهم في المجاز، ألا ترى إلى قول
الشاعر:
وقالت له العينان سمعا وطاعة وأسبلتا بالدر لما يثقب (11)
والعينان لم تقولا قولا مسموعا، ولكنه أراد منهما البكاء، فكانتا كما أراد (12)

(1) فضلت 41: 11.
(2) في " ب " " م ": عهد.
(3) في " ج " و " د ": صنعتها.
(4) في " أ ": لما خلقهما قال لهما.
(5) في " ج ": تعلقت. وفي " د " حرفت الكلمة إلى: تعدون.
(6) في " د ": كأنها.
(7) ق 50: 30.
(8) " ولا يتكلم، ليس في " أ ". وفي " م ": لا تعقل ولا تتكلم.
(9) في " أ " و " ج " و " د ": الخبر.
(10) في " د ": عن محلها.
(11) في " م ": وحدرتا بالدر، وفي " أ ": لم يتثبت.
(12) " والعينان... كما أراد " ليس في " أ ".
50

من غير تعذر عليه (1).
ومثله قول عنترة:
فازور من وقع القنا بلبانه * وشكا إلي بعبرة وتحمحم (2)
والفرس (3) لا يشتكي قولا، لكنه ظهر منه علامة الخوف والجزع
فسمى ذلك قولا (4).
ومنه قول الآخر:
شكا إلي جملي طول السرى......... (5)
والجمل لا يتكلم، لكنه لما ظهر منه (6) النصب والوصب (7) لطول
السرى عبر عن هذه العلامة بالشكوى التي تكون بالنطق (8) والكلام.
ومنه قولهم أيضا (9):
امتلأ الحوض وقال: قطني حسبك مني قد ملأت بطني (10)

(1) في " أ " و " م ": وذلك لم يتعذر عليه.
(2) البيت من معلقة عنترة يصف فيه فرسه. وأزور: أي مال. واللبان: وسط الصدر. وبعده:
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمي
ديوان عنترة: 30.
(3) من هنا إلى نهاية جواب المسألة الرابعة سقط من " أ ".
(4) في " م ": ذلك، بدلا من جملة (فسمى ذلك قولا).
(5) تتمته: صبرا جميلي فكلانا مبتلى. لسان العرب: مادة (شكا).
والسري: سير عامة الليل.
(6) " منه " ليس في " م ".
(7) النصب: التعب، والوصب: الوجع والمرض.
(8) في " ب ": و " م ": كالنطق.
(9) " أيضا " ليس في " م "، وزاد في " ب ": شعرا.
(10) قطني: أي حسبي، وأصلها قطي، ثم أدخلت النون ليسلم السكون الذي بني عليه
الاسم (قط)، والمصراع الثاني ليس في م ". و (حسبك مني) هي في لسان العرب: سلا
رويدا، وفي غيره: مهلا رويدا. أنظر الصحاح ولسان العرب: مادة (قطط) وتفسير التبيان
وتفسير القرطبي عند الآية (11) من سور فصلت.
51

والحوض لم يقل (1) قطني، لكنه لما امتلأ بالماء عبر عنه (2) بأنه قال:
حسبي.
ولذلك أمثال كثيرة في منثور كلام العرب ومنظومه (3)، وهو من
الشواهد على ما ذكرناه في تأويل الآية، والله تعالى نسأل التوفيق (4).
فصل:
في خلق الأرواح والأجساد،
وأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو
من أخبار الآحاد، وقد روته العامة كما روته الخاصة (5)، وليس هو مع ذلك (6)
بما يقطع على الله سبحانه بصحته، وإنما نقلة رواته (7) لحسن الظن به.

(1) في " م،: لا يقول.
(2) في م،: لكنه امتلأ بالماء فعبر عنه.
(3) في م،؟ في منظوم كلام العرب ومنثوره،
(4) في م ": ونسأل الله تعالى التوفيق.
(5) معاني الأخبار: 108 ح / 1 وفي إسناده محمد بن سنان وقد تقدم القول في تضعيفه في
جواب المسألة الثانية، وأخرجه أيضا: ابن الجوزي في الموضوعات 1: 401، والسيوطي
في اللآلي المصنوعة 1: 199، والشوكاني في الفوائد المجموعة: 382 / 94.
(6) هو مع ذلك " ليس في م ".
(7) رواته ليس في م.
52

وإن ثبت القول فالمعنى فيه: إن الله تعالى قدر الأرواح في عمله قبل!
اختراع الأجساد، واخترع الأجساد، ثم اخترع لها الأرواح، فالخلق
للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم (1) كما قدمناه، وليس بخلق
لذواتها كما وصفناه.
والخلق لها بالأحداث (2) والاختراع (3) بعد خلق الأجساد (4) والصور
التي تدبرها الأرواح، ولولا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح () تقوم بأنفسها
ولا تحتاج إلى آلات تحملها، ولكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل!
خلق (6) الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد، وهذا محال لا خفاء
بفساده.
الأرواح جنود مجندة
وأما الحديث بأن " الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما
تناكر منها اختلف " (7) فالمعنى فيه: أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط
تتناصر (8) بالجنس وتتخاذل (9) بالعوارض، فما تعارف منها باتفاق الرأي

(1) في د ": في العلة.
(2) في " د،: والأحداث.
(3) زاد في " د ": فيه.
(4) في " ج " و " م ": الأجسام.
(5) ولولا أن. الأرواح " ليس في د.
(6) خلق " ليس في " م.
(7) تقدم تخريجه في م أول هذه المسألة.
(8) في " ج " و " م ": تتناظر.
(9) في ج ": وتتمنا ذلك.
53

والهوى ائتلف، وما تناكر منها بمباينة في الرأي والهوى اختلف، وهذا موجود
حسا (1) ومشاهدة (2).
وليس المراد بتلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف، كما يذهب إليه
الحشوية، وكما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان عليها قبل ظهوره في
هذا العالم، ولو ذكر بكل (3) شئ ما ذكر ذلك.
فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه، والله الموفق للصواب (4).
* * *

(1) في ب " و " د ": حيا.
(2) في " ب " و " ج " و " د ": ومشاهد.
(3) في ب " و " د ": لكل، وفي " ج " في كل.
(4) وللشيخ المفيد قدس سره كلام مفصل في هذه المسألة الأخيرة مطابق لبيانه هذا، ذكره في
شرحه لعقائد الصدوق، المسمى: (تصحيح الاعتقاد)، أنظر ص 63 - 73 منه
54

المسألة الثالثة:
ماهية الروح
ما قوله - أدام الله تعالى علوه - في الأرواح وماهيتها، وحقيقة
كيفيتها، وما لها عند مفارقتها الأجساد، وهل حياة (1) النمو وقبول الغذاء،
والحياة التي هي في (2) الذوات الفعالة هل هي معنى أم لا؟
الجواب:
إن الأرواح عندنا هي أعراض لا بقاء لها، وإنما عبد الله تعالى منها
الحي حالا بحال، فإذا قطع امتداد المحيى بها جاء الموت الذي هو ضد
الحياة (3) ولم يكن للأرواح وجود، فإذا أحيا الله تعالى الأموات (4) ابتدأت (5)
فيهم الحياة التي هي الروح.
والحياة التي في الذوات الفعالة هي معنى تصحيح العلم والقدرة،

(1) في النسخ: وهي حياة.
(2) في ليس في م.
(3) في " ج " و " م ": الذي هو ضده.
(4) الأموات " ليس في م.
(5) في ب " و " ج و " د ": ابتدأ.
55

وهي شرط في كون العالم عالما، والقادر قادرا، وليست من نوع الحياة التي
تكون في الأجساد (1).
* * *

(1) في الأجساد " وقعت بعد (المسألة الرابعة) في ب " و ج " ود ".
56

المسألة الرابعة:
ماهية الإنسان
ما قوله - حرس الله تعالى عزه - في الإنسان، أهو (1) هذا الشخص
المرئي المدرك، على ما يذكره (2) أصحاب أبي هاشم (3)؟
أم جزء حال في القلب حساس دراك، كما يحكي عن أبي بكر بن
الأخشيد (4)؟

(1) في " ب " و " د ": وهو.
(2) في " م ": ذكرناه.
(3) هو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب، أبو هاشم بن أبي بكر البصري الجبائي، وهو
وأبوه من رؤساء المعتزلة، له آراء تفرد بها، وتبعته فرقة من المعتزلة فسميت البهشمية نسبة
إليه، توفي سنة 321 ه‍.
الفهرست للنديم: 247، تاريخ بغداد 11: 56، الملل والنحل 1: 73، الوافي
بالوفيات 18: 434.
(4) في ب " و " ج: الأحشار، وفي د ": الاخشار، وفي م: الاخشاد. وهو: أحمد بن علي
ابن بيغجور، أبو بكر بن الأخشيد، ورسمه هكذا بالياء والدال المهملة كل من: النديم في
الفهرست، والنجاشي في الرجال، والذهبي في الأعلام، وقال ابن حجر: هو ابن الاخشاذ
- بالمعجمة - ويقال له ابن الأخشيد، وكان الشين ممالة، وهو من رؤساء المعتزلة وزهادهم،
وضبطه الخطيب بالألف والذال المعجمة، وجعله الصفدي: الأخشياد، بياء قبل الألف
ثم الذال المعجمة توفي سنة 326 ه‍ وله ست وخمسون سنة.
الفهرست للنديم: 245، الرجال النجاشي: 402، سير أعلام النبلاء 15: 217،
لسان الميزان 1: 231، تاريخ بغداد 4: 309، الوافي بالوفيات 7: 216.
57

الجواب:
إن الإنسان هوما ذكره بنو نوبخت (1). وقد حكي عن هشام بن
الحكم (2) أيضا، والأخبار عن موالينا عليهم السلام تدل على ما نذهب (3)
إليه:
وهو شئ (4) قائم بنفسه، لا حجم له ولا حيز، لا يصح عليه التركيب
ولا الحركة والسكون، ولا الاجتماع والافتراق، وهو الشئ الذي كانت تسميه

(1) هذ ه النسبة إلى نوبخت، 1 وهو أحد أجداد هذا البيت، وهم من الشيعة الإمامية، كان لبعض متكلميهم آراء خاصة في بعض شعب الكلام والفقه والحديث، ومنهم: أبو سهل إسماعيل بن علي النوبختي، شيخ المتكلمين ببغداد، له احتجاج على الحلاج، وله كتب
كثيرة وقد أدرك الإمام الحسن العسكري في وفاته ورأي الإمام صاحب الزمان (عج)،
وقد سئل: كيف صارت السفارة لأبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال: هم أعلم وما
اختاروه ولكن أنا رجل ألقي الخصوم وأناظرهم، توفي سنة 402 ه‍. ومنهم ابن أخته أبو
محمد الحسن بن موسى النوبختي صاحب كتاب فرق الشيعة.
الأنساب للسمعاني 5: 529، رجال النجاشي: 63 ت / 948، الكنى والألقاب 1:
93، 154.
(2) هو أبو محمد هشام بن الحكم الكوفي الشيباني، حدث عن الإمامين الصادق والكاظم
عليهما السلام، وكان عالي المنزلة عندهما رويت له عنهما عليهما السلام مدائح كثيرة، برع
في الكلام، ففتق الكلام وكان فيه حاذقا حاضر الجواب، له مناظرات عديدة نقل الكشي
بعضها في رجاله، وله كتب كثيرة توفي سنة 199 ه‍ على الأظهر.
رجال النجاشي: 43 ت / 1164، رجال الكشي: 255 ت / 475، الفهرست
للنديم: 249، رجال العلامة الحلي: 178.
(3) في ب " و " د ": أذهب.
(4) " شئ " ليس في م ".
58

الحكماء الأوائل: (الجوهر البسيط) (1).
وكذلك كل حي فعال محدث فهو جوهر بسيط.
وليس كما قال الجبائي وابنه (2) وأصحابهما: أنه جملة مؤلفة.
ولا كما قال ابن الأخشيد: إنه جسم متخلخل (3) في الجملة الظاهرة.
ولا كما قال الاعوازي (4): أنه جزء يتجزأ.
وقولي فيه قول معمر (5) من المعتزلة، وبني نوبخت من الشيعة على ما
قدمت ذكره:

(1) الإنسان هنا هو المفهوم العقلي الكلي الذي ينطبق على كل واحد من أفراده، وهذا الإطلاق
مشهور بين الخواص.
والجوهر يطلق على الذات الموجودة لا في موضوع، أي أنه لا يحتاج في وجوده إلى شئ
يوجد به أو فيه. والجوهر من حيث وجوده الطبيعي يقسم إلى قسمين: بسيط، ومركب.
وله تقسيمات أخرى من وجوه أخرى.
أنظر: تجريد الاعتقاد: 143، دستور العلماء 1: 198، 418، المقابسات: 259.
(2) الجنائي: هو أبو علي محمد بن عبد الوهاب البصري الجبائي، أحد أئمة المعتزلة
ومتكلميهم، تفرد بآراء فتبعه جماعة فسموا الجبائية، ولد سنة 235 وتوفي سنة 303 ه‍.
وفيات الأعيان 4: 267، الوافي بالوفيات 4: 74. وابنه: أبو هاشم الجبائي، تقدمت
ترجمته في هذه المسألة.
(3) في " م ": متخلل.
(4) في ب ": الاعرازي، وفي " ج " و " م ": الاعواذي، ولم أجده، والظاهر لي أنها محرفة من
الأسواري، وهو من متكلمي المعتزلة، ومن شيوخهم، وقد وافق النظام في معظم أقواله.
أنظر: الملل والنحل 1: 60، النصل لابن حزم 2: 183 وما بعدها.
(5) هو معمر بن عناد - وقيل عمرو - السلمي، أبو المعتمر المعتزلي البصري، سكن بغداد،
وناظر النظام، وله آراء انفرد بها عنهم، وينسب إليه طائفة تعرف بالمعمرية. توفي سنة 215
هجري. الملل والنحل: 65، سير أعلام النبلاء 10: 546.
59

وهو شئ يحتمل العلم والقدرة والحياة والإرادة والكراهة والبغض
والحب، قائم بنفسه، محتاج في أفعاله إلى الآلة التي هي الجسد.
والوصف له (1) بأنه حي يصح (2) عليه القول بانة عالم قادر.
وليس الوصف له بالحياة كالوصف للأجساد بالحياة حسبما قدمناه.
وقد يعبر عنه ب‍ (الروح).
وعلى هذا المعنى جاءت الأخبار: - أن الروح إذا فارقت الجسد نعمت
وعذبت (3).
والمراد: أن الإنسان الذي هو الجوهر - البسيط يسمى (الروح)، وعليه
الثواب والعقاب، وإليه توجه الأمر والنهي والوعد والوعيد.
وقد دل القرآن على ذلك بقوله: يا أيها الإنسان ما غرك بربك
الكريم * الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك " (4)
فأخبر تعالى أنه غير الصورة، وأنه مركب فيها.
ولو كان الإنسان هو الصورة لم يكن لقوله تعالى: في أي صورة ما
شاء ركبك " معنى، لأن المركب في الشئ غير الشئ المركب فيه (5).
ولا مجال أن تكون الصورة مركبة في نفسها وعينها لما ذكرناه.

(1) " له " ليس في " ج " و " م ".
(2) في م ": يصلح.
(3) الكافي 3 - " ب 91 -: 244 ح / 3، 4 وباب 92: 245 ح / 1، 2، من لا يحضره
الفقيه 1: 123 ح / 35، مسند أحمد 2: 364، 6؟ 140، سنن ابن ماجة - كتاب الزهد
- 2: 1423 ح / 4262، سنن النسائي 4: 101.
(4) الانفطار 82: 6 - 8.
(5) فيه " ليس في " د،.
60

وقد قال سبحانه في مؤمن آل يس: قيل ادخل الجنة قال يا ليت
قومي يعلمون * بما غفر لي ربي " (1) فأخبر أنه حي ناطق منعم وإن كان
جسمه على ظهر الأرض أو في بطنها.
وقال تعالى: في ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء
عند ربهم يرزقون * فرحين " (2) فأخبر أنهم أحياء وإن كانت (3) أجسادهم
على وجه الأرض أمواتا لا حياة فيها.
وروي عن الصادقين عليهم السلام أنهم قالوا: " إذا فارقت أرواح
المؤمنين. أجسادهم أسكنها (4) الله تعالى في أجسادهم التي فارقوها فينعمهم في
جنته " (5).
وأنكروا ما ادعته العامة من أنها تسكن في حواصل الطيور الخضر،
وقالوا: " المؤمن أكرم على الله من ذلك (6) ".
ولنا على المذهب الذي وصفناه أدلة عقيلة لا يطعن المخالف فيها
ونظائرها لما ذكرناه من الأدلة السمعية.
وبالله أستعين.
* * *

(1) يس: 26 - 27.
(2) آل عمران 3: 169 - 170.
(3) كانت " ليس في د " و " م ".
(4) في ب " و " د ": أسكنه.
(5) الكافي 3 - باب 91 -: 245 ح / 6.
(6) الكافي 3: 244 ح / 1، 6، 7.
61

المسألة الخامسة:
عذاب القبر
ما قوله - أدام الله تأييده (1) - في عذاب القبر وكيفيته؟
ومتى يكون؟
وهل ترد الأرواح إلى الأجساد عند التعذيب أم لا؟
وهل يكون العذاب في القبر، أو يكون بين النفختين (2)؟
الجواب:
الجواب عن هذا السؤال قد تقدم في المسألة التي سبقت هذه
المسألة (3).
والكلام في عذاب القبر طريقة (4) السمع دون العقل.
وقد ورد (5) عن أئمة الهدى عليهم السلام أنهم قالوا (6): " ليس يعذب

(1) في أ " و " م ": مدته.
(2) " النفختين " سقطت من " د ".
(3) في " ب و " ج " و " د ": التي سبقها هذه المسألة. والجملة ليست في أ " و " م ".
(4) في م ": بطريق.
(5) في أ " و " م ": روي.
(6) في أ " و " م: أنه.
62

في القبر كل ميت، وإنما يعذب من جملتهم من محض الكفر، ولا ينعم كل
ماض لسبيله، وإنما ينعم (1) منهم من محض الإيمان محضا، فأما سوى هذين
الصنفين فإنه (2) يلهى عنهم (3) ".
وكذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلا هذان الصنفان خاصة (4).
فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم (5) ما ذكرناه.
وأما كيفية عذاب الكافر في. قبره (6)، ونعيم المؤمن فيه، فإن الأثر (7)
أيضا قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا، في
جنة من جنانه (8)، ينعمه فيها إلى يوم الساعة، فإذا نفخ في الصور أنشأ
جسده الذي بلي في التراب (9) وتمزق، ثم أعاده إليه وحشره إلى الموقف، وأمر
به إلى جنة الخلد، فلا يزال (10) منعما ببقاء الله عز وجل.
غير أن جسده الذي يعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا، بل يعدل
طباعه ويحسن صورته فلا يهرم (11) مع تعديل الطباع، ولا يمسه نصب في

(1) في " م ": يتنعم. في الموضعين.
(2) " الصنفين فإنه " ليس في " م ".
(3) الكافي 3. - باب 88 -: 235 ح / 1 - 3، 237 ح / 8.
(4) الكافي 3 - باب 88 -: 136 ح / 4.
(5) " من ذلك يكون الحكم " ليس في " م "، وفي " ب " و " د " محلها بياض.
(6) في " م ": الكفار في قبورهم.
(7) في " أ " و " ج " و " م ": ا لخبر.
(8) " في جنة من جنانه " ليس في " ب " و " د ".
(9) " الذي بلى في التراب " محلها بياض في " ب " و " د ".
(10) " فلا يزال " محلها بياض في " ب " و " د ".
(11) في " م ": ولا يبدل.
63

الجنة ولا لغوب (1).
والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا، في محل عذاب يعاقب به،
ونار يعذب بها حتى الساعة، ثم ينشأ جسده الذي فارقه في القبر، ويعاد
إليه، ثم يعذب (2) به في الآخرة عذاب الأبد، ويركب أيضا جسده تركيبا لا
يفنى معه (3).
وقد قال الله عز وجل: * (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم
الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) * (4).
وقال في قصة (5) الشهداء: * (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله
أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) * (6) وهذا قد مضى فيما تقدم (7).
فدل على أن العذاب والثواب (8) يكون قبل (9) القيامة وبعدها، والخبر
وأرد بأنه يكون مع فراق الروح الجسد (10) في الدنيا (11).

(1) اللغوب: التعب والإعياء.
(2) في " م ": الذي فارقه في القبر فيعذبه به.
(3) أنظر: الكافي 3: 245 ح / 6، 251 ح / 7.
(4) غافر 40: 46.
(5) في " د ": قضية.
(6) آل عمران 3: 169.
(7) تقدم في جواب المسألة الرابعة، وقوله: " فيما تقدم " ليس في " م ".
(8) في " أ " و " م ": الثواب والعذاب.
(9) زاد في " أ " و " م ": يوم.
(10) في " أ " و " م ": والجسد.
(11) الكافي 3 - باب 88 -: 235 ح / 1 - 18، سنن النسائي - كتاب الجنائز - 4: 97 -
108.
64

والروح هاهنا عبارة عن انفعال الجوهر البسيط، وليس بعبارة عن
الحياة التي يصح معها العلم والقدرة، لأن هذه الحياة عرض لا يبقى، ولا
يصح عليه الإعادة.
فهذا ما عول عليه أهل (1) النقل، وجاء به الخبر على ما بيناه.
* * *

(1) (أهل) ليس في " أ " و " ب " و " ج " و " د ".
65

المسألة السادسة:
حياة الشهداء
ما قوله - أدام الله تعالى تمكينه - في قول الله تعالى: * (ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم ترزقون) * (1) أهم أحياء
في الحقيقة على ما تقتضيه الآية الشريفة، أم الآية مجاز؟
وهل (2) أجسادهم الآن في قبورهم، أم في الجنة؟
فإن المعتزلة من أصحاب أبي هاشم يقولون: إن الله تعالى ينزع
من (3) جسد كل واحد منهم أجزاء قدر ما تتعلق به (4) الروح، وأنه تعالى
يرزقهم على ما (5) نطقت به الآية، وما سوى هذ ا من أجزاء أبدانهم فهي في
قبورهم كأجساد سائر الموتى (6).

(1) آل عمران 3: 169.
(2) في " ب " و " ج " و " د ": وأن.
(3) (إن الله تعالى ينزع من) ليس في " ب "، وفي " د " محلها بياض، وفي " أ " و " م ": إن الله تعالى
يدع في.
(4) في " أ ":.
(5) (على ما) ليس في " ب "، وفي " د " محلها بياض.
(6) " سائر الموتى " وقعت بعد كلمة (الجواب) في " ب " و " ج " و " د ".
66

الجواب:
هو ما قدمنا. ذكره (1) في المسألة السابقة (2)، وقد ثبت (3) ما فيه ببيان
يستغنى بوضوحه عن تكراره وإعادته.
فأما هذا المحكي في أصحاب (4) أبي هاشم فلأن المحفوظ عنه: أن
الإنسان المخاطب المأمور المنهي هو البنية (5) التي لا تصح الحياة إلا بها، وما
سوى ذلك من الجسد فليس بإنسان، ولا يتوجه (6) إليه أمر ولا نهي (7) ولا
تكليف (8).
وإن كان القوم يزعمون أن تلك البنية لا تفارق ما جاورها من الجسد
فيعذب أو ينعم، فهو مقال يستمر على أصلهم إذا كانت البنية التي ذكروها
هو المكلف المأمور المنهي، وباقي جسده في القبر.
إلا أنهم لم يذكروا كيف يعذب من يعذب (9)، ويثاب من يثاب (10): أفي

(1) " م ": ما قدمناه.
(2) في " أ ": التي سبقت هذه المسألة. وفي " ب " و " ج " و " د ": التي سبقتها لهذه المسألة.
(3) " وقد ثبت " ليس في " ب " و " ج " وفي " د " محلها بياض.
(4) في " م ": عن أبي هاشم، وفي " ب " و " د ": بياض بقدر كلمتين.
(5) في " أ " و " د " و " م ": البينة.
(6) في " أ " و " م ": يوجه.
(7) في " أ " و " م ": الأمر والنهي.
(8) في " م ": يتكلف.
(9) في " ب " و " ج " و " د ": عذب.
(10) في " د ": وإثبات من أثبت، وفي " ب " و " ج ": ويثاب مز أثيب.
67

دار غير الدنيا (1)، أم فيها؟
وهل يحيى بعد الموت، أو يفارق الجملة (2) في الدنيا فلا (3) يلحقه موت؟
ثم لم يحك (4) عنهم في أي محل يعذبون ويثابون.
وما (5) قالوه من ذلك فليس به أثر، ولا يدل عليه العقل، وإنما هو
مخرج (6) منهم على الظن والحسبان (7). ومن بني مذهبه على الظن (8) في مثل.
هذا الباب كان بمقاله مضطربا (9).
ثم أنه يفسد (10) قولهم من بعد: ما دل على أن الإنسان المأمور المنهي
هو الجوهر البسيط، وأن الأجزاء المؤلفة لا يصح أن تكون فعالة.
ودلائل ذلك يطول بإثباتها (11) الكتاب (12)، وفيما أومأنا إليه منها كفاية فيما
يتعلق به السؤال.
وبالله التوفيق.

(1) في " ج " و " م " أفي غير دار الدنيا.
(2) في " د ": في الجملة.
(3) " فلا " ليس في " م ".
(4) في " أ ": يجد. ومن هنا سقط في " ب " وحتى بعض جواب المسألة الثامنة.
(5) في " ج " و " د ": وفيما.
(6) في " أ ": يخرج. وفي " د " و " م ": تخرج.
(7) في " أ ": النظر والحساب، والحسبان - بكسر الحاء -: الظن، وهو بالضم: التقدير
الدقيق، والأول أنسب في المقام.
(8) في " أ " و " م ": النظر.
(9) في " أ " و " م ": كان مقاله مضطربا، وفي " ج " مظهر، وفي " د ": بمقالته مضطرا.
(10) في " د ": الذي يفسد، وفي " م " أنه يفيد.
(11) في " أ " و " م ": ودليل ذلك يطول بإثباته.
(12) ثم إنه يفسد. الكتاب " ليس في " ج ".
68

المسألة السابعة:
حكم من قال بالجبر وجوز الرؤية
ما قوله - حرس الله تعالى ظله (1) - في أصحاب الاجبار (2) من الإمامية
ممن يعتقد الجبر، ويثبت إرادة الله تعالى للمعاصي والكفر، ويجوز الرؤية على
الله تعالى؟
وهل يبلغ (3) هذا القول منهم الكفر، أم لا؟
وهل يجوز صرف الزكوات إلى ضعفائهم أم لا؟
الجواب:
إن المجبرة كفار (4) لا يعرفون الله عز وجل.
ومن لا يعرف الله تعالى فهو خارج من (5) الإيمان، لاحق بأهل الكفر
والطغيان، لا ينفعه عمل يرجو به القربة (6) إلى الله عز وجل، ولا تصح منهم

(1) في " أ " و " م ": أدام الله علوه.
(2) في " أ ": الأخبار.
(3) في " م ": هل مبلغ.
(4) " كفار " ليس في " أ ".
(5) في " د ": عن.
(6) في " د ": يرجونه.
69

معرفة الأنبياء والأئمة عليهم السلام.
ومن تعلق منهم (1) بمذهب أهل الحق فهو منتحل له عن طريق الهوى
والألف والمنشأ والعصبية (2)، دون المعرفة به (3) والعلم بحقيقته.
ومن كان كذلك لا يحل صرف الزكاة إليه.
ومن صرفها إليه فقد وضعها في غير موضعها، وهي في ذمته حتى
يؤديها إلى مستحقها من أهل المعرفة والولاية (4).
وبالله التوفيق.
* * *

(1) في " ب " و " د ": وإن تعلق بمذهب...
(2) " المنشأ " ليس في " أ "، وفي " م ": من طريق الهوى والمعصية.
(3) " به " ليس في " م ".
(4) في " ب " و " ج " و " م ": والولاء.
70

المسألة الثامنة (1):
الاختلاف في ظواهر الروايات
ما قوله - أدام الله تعالى نعماءه - فيمن تندس (2) طرفا من العلم،
ورفعت (3) إليه الكتب المصنفة في الفقه عن الأئمة الهادية (4) عليهم السلام
فيها اختلاف ظاهر في المسائل الفقهية، كما وقع الاختلاف بين ما أثبته
الشيخ أبو جعفر بن بابويه رحمة الله (5) في كتبه من الأخبار المسندة عن الأئمة
عليهم السلام، وبين ما أثبته الشيخ أبو علي بن الجنيد رحمه الله (6) في كتبه
من المسائل الفقهية المجردة عن الأسانيد؟

(1) من هنا سقط من " أ ".
(2) في " ب " و " ج " و " د ": سدله. وفي " م ": سدله. وهما محرفتان، وتندس الخبر: تحرى عنه.
(3) في " د " و " م ": ووقعت.
(4) في " م ": الهادين.
(5) هو محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، شيخ الحفظة ورئيس المحدثين،
المعروف بالصدوق، له نحو من ثلاثمائة مصنف، وهو أستاذ الشيخ المفيد رضوان الله
عليهما، ورد بغداد سنة 355 ه‍، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، توفي بالري
سنة 381 ه‍، وقبره فيها مزار معروف قرب ضريح السيد عبد العظيم الحسني.
رجال النجاشي: 389 ت / 1049، تاريخ بغداد 3: 89، الكنى والألقاب 1: 221.
(6) في " م " علي بن الجنيد، وهو محمد بن أحمد بن الجنيد، أبو علي الكاتب الإسكافي، من
أكابر علماء الإمامية، وأدقهم نظرا، متكلم فقيه محدث أديب، روى عنه الشيخ المفيد
وغيره، وقد حكي عنه القول بالقياس، وتوفي سنة 381 ه‍.
رجال النجاشي: 385 ت / 1047، رجال العلامة الحلي: 145 ت / 35، الكنى
والألقاب 2: 26.
71

هل يجوز أن يجتهد (1) رأيه، ويعول (2) على ما هو الحق عنده والأصوب
لديه، أم يعتمد على المسندات دون المراسيل؟
الجواب:
إنه لا يجوز لأحد من الخلق أن يحكم على الحق فيما وقع فيه الاختلاف
من معنى كتاب، أو سنة، أو مدلول دليل عقلي (3)، إلا بعد إحاطة العلم
بذلك، والتمكن من النظر المؤدي إلى المعرفة.
فمتى كان مقصرا عن علم طريق ذلك فليرجع إلى من يعلمه، ولا
يقود برأيه وظنه. فإن عول على ذلك فأصاب الاتفاق لم يكن مأجورا، وإن
أخطأ الحق فيه كان مأزورا.
والذي رواه أبو جعفر رحمه الله فليس يجب العمل بجميعه إذا لم
يكن ثابتا من الطرق التي تعلق بها قول الأئمة عليهم السلام (4)، إذ في
أخبار آحاد، لا توجب علما ولا عملا (5)، وروايتها عمن يجوز عليه السهو
والغلط.

(1) في " د " يجهد، وفي " م ": يحمد.
(2) في " م ": ويقول.
(3) زاد في " م ". لا يعمل به.
(4) إلى هنا سقط من " ب ".
(5) في " ب " و " ج " و " د ": عملا وعلما.
72

وإنما روى أبو جعفر رحمه الله ما سمع، ونقل ما حفظ، ولم يضمن
العهدة في ذلك.
وأصحاب الحديث ينقلون الغث والسمين، ولا يقتصرون في النقل
على المعلوم (1)، وليسوا بأصحاب نظر وتفتيش، ولا فكر فيما يروونه وتمييز،
فأخبارهم مختلطة (2) لا يتميز منها الصحيح من السقيم إلا بنظر في
الأصول، واعتماد على النظر الذي يوصل إلى العلم بصحة المنقول.
فأما كتب أبي علي بن الجنيد، فقد حشاها بأحكام عمل فيها على
الظن، واستعمل فيها مذهب المخالفين في القياس (3) الرذل (4)، فخلط بين
المنقول عن الأئمة عليهم السلام وبين ما قال برأيه، ولم يفرد أحد الصنفين
من الآخر.
ولو أفرد المنقول من الرأي لم يكن فيه حجة، لأنه لم يعتمد في النقل
المتواتر من الأخبار، وإنما عول على الآحاد.
وإن كان (5) في جملة (6) ما نقل غيره من أصحاب الحديث ما هو معلوم،
وإن لم يتميز لهم (7) ذلك لعدولهم عن طريق النظر فيه، وتعويلهم على النقل
خاصة، والسماع من الرجال، والتقليد دون النظر والاعتبار.

(1) في " م ": العلوم.
(2) في " م ": مختلفة.
(3) في " م ": وا لقياس.
(4) الرذل: الردئ.
(5) في " م ": وإما كانت.
(6) في " ب " و " ج ": حمله.
(7) في " م ": له.
73

فهذا ما عندي في الذي تضمنته (1) الكتب للشيخين المذكورين في
الحلال والحرام من الأحكام (2).
فصل:
الموقف من الروايات المختلفة الظواهر
وللشيعة أخبار في شرائع مجمع عليها بين عصابة الحق، وأخبار (3)
مختلف فيها، فينبغي (4) للعاقل المتدبر أن يأخذ بالمجمع عليه (5) - كما أمر
بذلك الإمام الصادق عليه السلام - ويقف في المختلف فيه ما لم يعلم حجة
في أحد الشيئين منه، ويرده إلى من هو أعلم منه، ولا يقنع منه بالقياس فيه
دون البيان على ذلك والبرهان، فإنه يسلم بذلك من الخطأ في الدين،
والضلال، إن شاء الله.
وقد أجبت (6) عن كثير من الأخبار المختلفة في مسائل وردت (7) علي:
بغضها من نيسابور، وبعضها من الموصل، وبعضها من فارس، وبعضها من

(1) في " ب " و " ج " و " د ": تضمنه.
(2) في " ب " و " ج ": والفساد والأحكام، وفي " د ": والنساء والأحكام.
(3) " وأخبار " ليس في " م ".
(4) " فينبغي " ليس في " م ".
(5) في " م ": عليها.
(6) في " ب " و " د ": أجيب.
(7) في " م ": ورد.
74

ناحية تعرف بمازندران (1)، تضمنت مسائل القوم المذكورين أخبارا
تختلف (2) ظواهرها في أنواع شتى من الأحكام.
وأودعت كتاب (التمهيد) أجوبة عن مسائل مختلفة جاءت فيها
الأخبار عن الصادقين عليهم السلام، وبينت (3) ما يجب العمل عليه من
ذلك بدلائل لا يطعن فيها، وجمعت بين (4) معان كثيرة؟ من أقاويل الأئمة
عليهم السلام يظن كثير من الناس أن معانيها تتضاد، وكذا، وبينت اتفاقها
في المعنى، وأزالت شبهات المستضعفين في اختلافها.
وذكرت مثل ذلك في كتاب (مصابيح النور في علامات أوائل الشهور)
وشرعت (5) طرقا يوصل بها إلى معرفة الحق فيما وقع فيه الاختلاف بين
أصحابنا من جهة الأخبار.
وأجبت (6) عن المسائل التي كان ابن الجنيد جمعها وكتبها إلى أهل
مصر، ولقبها ب‍ (المسائل المصرية) وجعل الأخبار (7) فيها أبوابا، وظن أنها
مختلفة في معانيها، ونسب ذلك إلا قول الأئمة عليهم السلام فيها بالرأي:

(1) هي مقاطعة كبيرة في بلاد إيران، تعرف قديما بطبرستان، تقع على الساحل الجنوبي لبحر
قزوين، فيها عدة مدن كبيرة منها: آمل، وبابل، وگرگان.
(2) في " م ": وكل ذلك تتضمن مسائل مختلفة جاءت فيها الأخبار عن الصادقين عليهما
السلام، وللقوم أخبار تختلف.
(3) في " ج ": وأثبت، وفي " م ": وأفتيت.
(4) " بين " ليس في " م ".
(5) شرع: أظهر وبين.
(6) في " ب " و " د ": وأجيب.
(7) في " م ": للأخبار.
75

وأبطلت ما ظنه في ذلك وتخيله، وجمعت بين جميع معانيها، حتى لم
يحصل فيها اختلاف، فمن ظفر بهذه الأجوبة وتأملها بإنصاف (1)، وفكر فيها
فكرا شافيا، سهل عليه معرفة الحق في جميع ما يظن أنه مختلف، وتيقن ذلك
مما يختص بالأخبار المروية عن أئمتنا عليهم السلام (2).
فصل:
أصناف أحاديث الأئمة
وفي الجملة، إن أقوال الأئمة عليهم السلام كانت تخرج على ظاهر
يوافق باطنه الأمن من العواقب في ذلك.
ويخرج منها ما ظاهره خلاف (3) باطنه للتقية والاضطرار.
ومنها ما ظاهره الإيجاب والالزام، وهو في نفسه ندب ونقل
واستحباب.
ومنها ما ظاهره نفل وندب، وهو على (4) الوجوب.
ومنها عام يراد به الخصوص، وخاص يراد به العموم، وظاهر (5)

(1) في " م ": وبإنصاف قرأها.
(2) إلى هنا سقط من " أ ".
(3) في " أ ": بخلاف.
(4) في " أ ": على مثل الوجوب.
(5) في " ب ": وظاهره.
76

مستعار في غير ما وضع له حقيقة الكلام، وتعريض في القول للاستصلاح
والمداراة وحقن الدماء.
وليس ذلك بعجيب منهم ولا ببدع (1)، والقرآن الذي هو كلام الله عز
وجل وفيه الشفاء والبيان قد اختلفت ظواهره، وتباين الناس في اعتقاد (2)
معانيه، وكذلك السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله، فالعلماء على
اختلاف في معنى كلامه عليه السلام فيها (3)، ومع ذلك كله فالناس ممتحنون
في الأخبار وسماعها: فساه في النقل، ومتعمد (4) فيه الزيادة (5) والنقصان،
ومبدع في (6) الشريعة، متصنع لحسن (7) الظاهر يقصد به إضلال العباد (8).
والله موفق للصواب.
* * *

(1) البدع: المبتدع، وهو الأمر الذي يفعل أولا.
(2) في " أ ": اعتداد.
(3) " فيها " ليس في " أ " و " م ".
(4) في " ب " و " د " و " م ": ومعتمد.
(5) في " أ ": للزيادة.
(6) في " ب " و " د " و " م ": مبدع على، وفي " ج " مدع على.
(7) في " أ " و " ب ": بحسن، وفي " م ": على الظاهر.
(8) في " ب " و " ج " و " د " و " م ": بإدخاله ضلال العباد وحجج الله تعالى.
77

المسألة التاسعة:
صيانة القرآن من التحريف
ما قولة - أدام الله تعالى حراسته (1) - في القرآن:
أهو ما بين الدفتين، الذي في أيدي الناس، أم هل ضاع مما أنزل الله
تعالى على نبيه منه شئ، أم لا؟
وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين عليه السلام، أم ما جمعه عثمان بن
عفان على ما يذكره المخالفون؟
الجواب:
لا شك (2) أن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه (3) كلام الله تعالى
وتنزيله، وليس فيه شئ من كلام البشر، وهو جمهور المنزل.
والباقي مما أنزله (4) الله تعالى (5) عند المستحفظ للشريعة، المستودع

(1) في " أ " و " م ": تمكينه.
(2) " لا شك " ليس في " ب " و " ج " و " د ".
(3) " جميعه " ليس في " أ " و " م ".
(4) في " م ": أنزل.
(5) زاد في " ب " و " د " و " م ": قرآنا.
78

للأحكام، لم يضع (1) منه شئ (2).
وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جمع
لأسباب (3) دعته إلى ذلك، منها:
قصوره عن معرفة بعضه.
ومنها: شكه فيه وعدم تيقنه (4).
ومنها: ما تعمد إخراجه منه.
وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلى آخره،
وألفه بحسب ما وجب من تأليفه، فقدم المكي على المدني، والمنسوخ على
الناسخ، ووضع كل شئ منه في محله (5).
فلذلك قاد جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: " أما والله لو قرئ
القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا " (6).

(1) في " أ " و " م ": يقع.
(2) أراد ما كان مثبتا في النسخ الأولى من تأويل لبعض الآيات، وسيأتي بيانه.
(3) في " أ ": أشياء، وفي " م ": والأسباب.
(4) في " ب " و " ج " و " د ": ومنه ما شك فيه ومنه ما عمد بنفيه.
(5) في " أ " و " ب، و " ج " و " د ": حقه.
(6) تفسير العياشي 1: 13 ح / 5 - 6 بهذا النص: عن داود بن فرقد، عمن أخبره، عن أبي
عبد الله عليه السلام، قال: " لو قد قري القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين " وقال سعيد
ابن الحسين الكندي عن أبي جعفر عليه السلام بعد مسمين: " كما سمي من قبلا ".
قال السيد الخوئي: يعارض جميع هذه الروايات صحيحة أبي بصير المروية في الكافي،
قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم "، - النساء: 59 - فقال: " نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين
عليهم السلام ".
فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله؟
قال عليه السلام: " فقولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم
يسم لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر لهم
ذلك... " - الكافي 1: 226 / 1 - فتكون هذه الصحيحة حكمة على جميع تلك الروايات
وموضحة للمراد منها، وأن ذكر أمير المؤمنين عليه السلام في تلك الروايات قد كان بعنوان
التفسير، أو بعنوان التنزيل مع عدم الأمر بالتبليغ.
قال: ومما يدل على أن اسم أمير المؤمنين عليه السلام لم يذكر صريحا في القرآن حديت
الغدير، فإنه صريح في أن النبي صلى الله عليه وآله إنما نصب عليا عليه السلام بأمر الله
وبعد أن ورد عليه التأكيد في ذلك، وبعد أن وعده الله بالعصمة من الناس، ولو كان اسم
علي عليه السلام مذكورا في القرآن لم يحتج إلى ذلك النصب، ولما خشي رسول الله صلى
الله عليه وآله. من إظهار ذلك. وعلى الجملة: فصحة حديث الغدير توجب الحكم بكذب
هذه الروايات التي تقول: إن أسماء الأئمة مذكورة في القرآن، ولا سيما أن حديث الغدير
كان في حجة الوداع التي وقعت في أواخر حياة النبي صل الله عليه وآله ونزول عامة
القرآن...
البيان في تفسير القرآن: 231
وسيأتي بيان الشيخ المفيد في هذه الروايات أنها أخبار آحاد.
وله رحمه الله في كتابه (أوائل المقالات) ص 55 ما نصه: إنه لم ينقص من كلمة ولا من
آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله
وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله.
وقد فصل الكلام في هذا الباب الإمام البلاغي في مقدمة تفسير " آلاء الرحمن) ص 24 - 29
79

وقال عليه السلام: " نزل القرآن أربعة أرباع: ربع فينا، وربع في
عدونا، وربع سنن (1) وأمثال، وربع فرائض (2) وأحكام، ولنا أهل البيت
كرائم (3) القرا ن " (4).

(1) في النسخ: قصص، وما أثبتناه من المصدر.
(2) في " ب " و " ج " و " د ": قضايا.
(3) في النسخ: فضائل، وما أثبتناه من المصدر.
(4) أخرجه بهذا النص العياشي في تفسيره 1: 9 ح / 1، وأخرجه ثقة الإسلام الكليني في
الكافي - كتاب فضل القرآن، باب النوادر - 2: 459 ح / 4 وليس فيه " ولنا أهل البيت
كرائم القرآن ". وكلاهما عن أبي جعفر عليهما السلام. قال العلامة المجلسي: حديث
موثق. مرآة العقول 12: 517. وورد نحوه عن أمير المؤمنين عليهما السلام في الكافي 2:
459 ح / 2.
80

لزوم التقيد بما بين الدفتين
غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم أمروا بقراءة ما
بين الدفتين، وأن لا (1) يتعداه إلا زيادة فيه ولا نقصان منه حتى يقوم القائم
عليه السلام فيقرأ للناس (2) القرآن على ما أنزله الله تعالى وجمعه أمير المؤمنين
عليه السلام (3).

(1) " لا " سقطت من " د ".
(2) " للناس " ليس في " ب، و " م ".
(3) الحديث في الكافي - كتاب فضل القرآن، باب النوادر - 2: 462 ح / 23، وضعفه العلامة
المجلسي في (مرآة العقول) 12: 523 ح / 23، وانظر أيضا كتاب (التحقيق في نفي
التحريف عن القرآن الشريف): 80.
ولكن الذي يؤيد كلام المصنف الحديث الحسن الإسناد الذي أخرجه الكليني عن
الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يقولون: إن القرآن
نزل على سبعة أحرف. فقال عليهما السلام: " كذبوا، أعداء الله، ولكنه نزل على حرف
واحد من عند الواحد ".
الكافي 2: 461 ح / 13، مرآة العقول 12: 520 وشهد له ما أخرجه الكليني أيضا
عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: " إن القرآن واحد، نزل من عند الواحد،
ولكن الاختلاف يجئ من قبل الرواة ".
الكافي 2: 461 ب / 12.
81

وإنما نهونا عليهم السلام عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف
تزيد على الثابت في المصحف لأنها لم تأت على التواتر، وإنما جاء بها الآحاد،
وقد يغلط الواحد فيما ينقله.
ولأنه متن قرأ الإنسان بما خالف ما بين الدفتين غرر بنفسه (1) وعرض
نفسه للهلاك.
فنهونا عليهم السلام عن (2) قراءة القرآن بخلاف ما ثبت بين
الدفتين (3) لما ذكرناه.
فصل (4):
وحدة القرآن وتعدد القراءات
فإن قال قائل: كيف يصح القول بأن الذي بين الدفتين هو كلام
الله تعالى على الحقيقة، من غير زيادة فيه ولا نقصان (5)، وأنتم تروون

(1) غرر بنفسه: عرضها للهلاك. وزاد في " ب " و " ج " و " د ": مع أهل الخلاف، وأغرى به الجبارين.
(2) في " ب " و " د ": فمنعونا عليه السلام من.
(3) " غر بنفسه. بين الدفتين " ليس في " م ".
(4) من هنا حتى نهاية جواب هذه المسألة سقط من " أ ".
(5) صرح بهذا القول وانتصر له جل أعلام الإمامية، وبه تواترت تقريراتهم، ومنهم - غير
الشيخ المفيد -:
الشيخ الصدوق (381 ه‍)، قال: اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيه
محمد صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس.
إعتقادات الصدوق - المطبوع مع شرح الباب الحادي عشر -: 93.
الشريف المرتضى علم الهدى (436 ه‍)، وشيخ الطائفة الطوسي (460 ه‍)، والشيخ
أبو علي الطبرسي (548) قالوا: الصحيح من مذهبا أن القرآن الكريم هوما بين الدفتين،
ولم يطرأ عليه زيادة ولا نقصان.
أنظر: تفسير التبيان 1: 3 مجمع البيان 1: 38.
العلامة الحلي (627 ه‍)، وقد سئل عن ذلك، فقال: الحق أنه لا تبديل، ولا تأخير،
ولا تقديم فيه، وأنه لم يزد ولم ينقص ونعوذ بالله من أمة تعتقد مثل ذلك، فإنه يوجب التطرق
إلى معجزة الرسول صلى الله عليه وآله المنقولة بالتواتر.
أجوبة المسائل المهناوية: 121.
الشيخ زين الدين البياضي العاملي (877 ه‍): علم بالضرورة تواتر القرآن بجملته
وتفاصيله، وكان التشديد في حفظه أتم، حتى نازعوا في أسماء السور والتفسيرات، وإنما
اشتمل الأكثر عن حفظه بالتفكر في معانيه وأحكامه، ولو زيد فيه أو نقص لعلمه كل عاقل
وإن لم يحفظه لمخالفة فصاحته وأسلوبه.
الصراط المستقيم 1: 45.
82

عن الأئمة عليهم السلام أنهم قرأوا: " كنتم خير أئمة أخرجت للناس "،
و " كذلك جعلناكم أئمة وسطا ".
وقرأوا: " يسألونك الأنفال، وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في
أيدي الناس (1)؟
قيل له:
قد مضى الجواب عن هذا، وهو (2): أن الأخبار التي جاءت بذلك

(1) " وقرأوا: ويسألونك... أيدي الناس " ليس في " م ".
(2) " قد مضى... وهو " ليس في " ب " و " م.
83

أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحتها (1)، فلذلك وقفنا فيها، ولم نعدل
عما في المصحف الظاهر على ما أمرنا به حسب ما بيناه.
مع (2) أنه لا ينكر أن تأتي القراءة (3) على وجهين منزلين:
أحدهما: ما تضمنه المصحف.
والثاني: ما جاء به الخبر، كما يعترف مخالفونا به من نزول القرآن على
أوجه شتى.
فمن ذلك:
قوله تعالى: وما هو على الغيب بضنين " (4) يريد: ما هو ببخيل.
وبالقراءة الأخرى: " وما هو على الغيب بظنين " يريد: بمتهم (5).
ومثل قوله تعالى: جنات تجري تحتها الأنهار " (6).

(1) قال الإمام البلاغي في الرد على رواية " وجعلناكم أمة وسطا ": إن ما روي مرسلا في تفسيري النعماني وسعد من أن الآية: " أمة وسطا " لا بد من حمله على التفسير، وأن
التحريف إنما هو للمعنى. ودليله حديث أمير المؤمنين عليه السلام: " نحن الذين قال
الله: في وجعلناكم أمة وسطا ". وحديث الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى:
وجعلناكم، أمة وسطا ": " نحن الأمة الوسطى ".
آلاء الرحمن: 27.
(2) في " أ " و " ب " و " د " و " م ": مع ما.
(3) في " م ": ساقط بالقرآن.
(4) التكوير 81: 24.
(5) تاريخ بغداد 4: 351، الدر المنثور 7: 434 من حديث عائشة، وفي الدر المنثور 7:
435 عن ابن عباس وزر.
(6) التوبة 9: 100.
84

وعلى قراءة أخرى: " من تحتها الأنهار "، (1).
ونحو قوله تعالى: " إن هذان لساحران "، (2).
وفي قراءة أخرى (3): " إن هذين لساحران) (4).
وما أشبه ذلك بما يكثر تعداده، ويطول الجواب بإثباته. وفيما ذكرناه
كفاية إن شاء الله تعالى.

(1) الكشاف للزمخشري 2: 305، قال فيه: في مصاحف أهل مكة " تجري من تحتها " وهي
قراءة ابن كثير.
(2) طه 20: 63.
(3) في " بم ": قرئ.
(4) الكشاف 3: 72، تفسير الرازي 22: 74 - 75، تفسير القرطبي 11: 216، وفيها:
قرأ أبو عمرو: " إن هذين لساحران " ورويت عن عثمان، وعائشة وغيرهما من الصحابة،
وعن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغيرهم من التابعين، ومن القراء: عيسى بن عمر،
وعاصم الجحدري. وذكروا لها ست قراءات، وأحصاها جميعا أبو جعفر النحاس في
(إعراب القرآن) ج 3: 43.
85

المسألة العاشرة:
في تزويج أم كلثوم وبنات الرسول صلى الله عليه وآله،
ما قوله - أدام الله تعالى علاه (1) - في تزويج أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه الصلاة والسلام ابنته من عمر بن الخطاب.
وتزويج النبي الله عليه وآله ابنتيه: زينب ورقية من عثمان (2)؟
الجواب:
إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته من عمر غير
ثابت، وطريقه من (3) الزبير بن بكار (4)، ولم يكن موثوقا به في النقل، وكان

(1) في " م ": حرس الله مهجته.
(2) هكذا ورد هنا وفي الجواب أيضا، ويوافقه ما ذكره أبو القاسم الكوفي المتوفى سنة (352
ه‍) في كتابه (الاستغاثة) ص: 76.
وأما المشهور فزواجه من رقية أو لا وتوفيت عنده، ثم تزوج من أم كلثوم، وكانتا قبل
الإسلام عند عتبة وعتيبة ابني أبي لهب وفارقاهما بعد الإسلام ولما يدخلا بهما.
أنظر: أعلام الورى 140 - 141، وتراجم المذكورين في مصادرها.
(3) في " م ": وهو من طريق.
(4) هكذا أسنده أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 12: 106، والسيد الجميلي في
مناقب عمر بن الخطاب: 233، وهو مطابق تماما للخبر الذي جاء في (الاستيعاب) و (أسد
الغابة) و (الإصابة) بغير إسناد، عند ترجمة أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام.
ولكن ورد في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام من طريقين، أحدهما موثق والآخر
صحيح الإسناد أنه عليه السلام سئل عن المرأة المتوفى عنها زوجها أتعتد في بيتها، أو حيث
شاءت؟ فقال: " بل حيث شاءت، إن عليا عليه السلام لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق
بها إلى بيته ".
وفيه أيضا في حديث حسن، عنه عليه السلام أنه سئل عن هذا النكاح فقال: " ذلك
فرج غصبناه "، وفي حديث طويل بعده إسناده حسن يذكر تفصيلا أدق في معنى الحديث
المتقدم. أنظر: الكافي - كتاب النكاح - 5: 346 ح / 1، 2، كتاب الطلاق 6: 115
ح / 1، 2، مرآة العقول 20: 42 ح / 1، 2 و 21: 197 ح / 1، 2.
86

متهما (1) فيما يذكره، وكان يبغض أمير المؤمنين عليه السلام (2)، وغير مأمون
فيما يدعيه على بي هاشم (3).

(1) في " د "،: مبهما.
(2) في " ب " و " ج " و " د ": من بغضه لأمير المؤمنين.
(3) الزبير بن بكار: هو أبو عبد الله الزبير بن أبي بكر - ويسمي بكارا - بن عبد الله بن مصعب
ابن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، صاحب النسب، تولى القضاء للمعتصم
العباسي بمكة، وتوفي وهو قاض عليها سنة 256 ه‍.
تاريخ بغداد 8: 467، وفيات الأعيان 2: 311.
قال ابن الأثير في (الكامل): إن الزبير بن بكار كان ينال من العلويين، فتهددوه، فهرب
منهم وقدم على عمه مصعب بن عبد الله بن الزبير، وشكا إليه حاله، وخوفه من العلويين،
وسأله إنهاء حاله إلى المعتصم! فلم يجد عنده ما أراد، وأنكر عليه حاله، ولامه.
الكامل في التاريخ 6: 526.
وكان أبو بكار قد ظلم الإمام الرضا عليه السلام في شئ، فدعا عليه فسقط من قصره
فاندقت عنقه. وكان جده عبد الله بن مصعب هو الذي مزق عهد يحيى بن عبد الله بن
الحسن بين يدي الرشيد، وقال: اقتله يا أمير المؤمنين، فلا أمان له.
عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 224 / 1، الكنى والألقاب 2: 291.
وكان عمه مصعب بن عبد الله منحرفا عن علي عليه السلام.
الكامل في التاريخ 7: 57.
87

وإنما نشر الحديث إثبات أبي محمد الحسن (1) بن يحيى صاحب
النسب (2) ذلك في كتابه، فظن كثير (3) من الناس أنه حق لرواية رجل
علوي له، وهو إنما رواه عن الزبير بن بكار.
والحديث بنفسه مختلف، فتارة يروى: أن أمير المؤمنين عليه السلام
تولى العقد له على ابنته (4).
وتارة يروى أن العباس تولى (5) ذلك عنه (6).
وتارة يروى: أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني
هاشم (7).

(1) 5 الحسن، سقط من " د ".
(2) هو الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أبو محمد، المعروف بابن أخي طاهر،
النسابة، له مصنفات كثيرة. توفي في شهر ربيع الأول سنة 358 ه‍، ودفن في منزله بسوق
العطش.
قال فيه النجاشي: روى عن المجاهيل أحاديث منكرة، رأيت أصحابنا يضعفونه.
وقال السيد الخوئي: لا ينبغي الريب في ضعف الرجل وإن روى عنه غير واحد من
الأصحاب.
رجال النجاشي: 64 / 149، معجم رجال الحديث 5: 133.
(3) " كثير " سقطت من " د ".
(4) هذا هو ظاهر رواية أسد الغابة 5: 615، والإصابة 4: 492.
(5) في " ب " و " ج " و " د " و " م ": يروى عن العباس أنه نولي.
(6) الكافي - كتاب النكاح - 5: 346 / 2 وإسناده حسن، والاستغاثة: 92، 93. إعلام
الورى: 204.
(7) الكافي - كتاب النكاح - 5: 346 / 2، الاستغاثة: 92، أعلام الورى: 204
وفي (الطبقات الكبرى) و (الاستيعاب) و (أسد الغابة) و (الإصابة) أن أمير المؤمنين عليه
السلام اعتذر أولا بصغر سنها، فقال الناس لعمر إنه ردك، فما زال يعاوده حتى تم الأمر،
وفي رواية أخرى أنه عليه السلام رد عمر بقوله: إني حبست بناتي لأولاد جعفر " فعاوده
عمر فأجابه. الطبقات الكبرى 8: 463، الاستيعاب 4: 490، أسد الغابة 5:
615، الإصابة 4: 492
88

وتارة يروى أنه كان عن اختيار وإيثار.
ثم إن بعض الرواة يذكر أن عمر أولدها ولدا أسماه زيدا (1).
وبعضهم يقول: إنه قتل قبل دخوله بها (2).
وبعضهم يقول: إن لزيد بن عمر عقبا (3).
ومنهم من يقول: إنه قتل ولا عقب له (4).
ومنهم من يقول: إنه وأمه قتلا (5).

(1) تاريخ الطبري 5: 61، الطبقات الكبرى 8: 463، الاستيعاب 4: 491، أسد الغابة
615: 5.
(2) قال المسعودي (346 ه‍) في ذكر أولاد عمر: كان له من الولد: عبد الله، وحفصة زوج
النبي صلى الله عليه وآله، وعاصم، وعبيد الله، وزيد من أم، و عبد الرحمن، وفاطمة،
وبنات أخر، و عبد الرحمن الأصغر - وهو المحدود في الشراب وهو المعروف بأبي شحمة -
من أم.
مروج الذهب 2: 321.
فلم يذكر أم كلثوم في أمهات أولاده، وإنما كان له ولد اسمه زيد وكان هو و عبد الله
وحفصة وعاصم وعبيد الله من أم واحدة، ولا خلاف في أن أم عبد الله وحفصة وإخوانهما
هي زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذاقة بن جمح.
أنظر: الكامل في التاريخ ص 3: 53.
(3) تهذيب تاريخ دمشق 6: 28.
(4) جمهرة أنساب العرب: 9، 3، 152.
(5) أسد الغابة 5: 615، الإصابة 4: 492 وفيهما: أن زيدا أصيب وأمه عليلة فماتا معا
في يوم واحد، صلى عليهما عبد الله بن عمر، قدمه الحسن بن علي عليهما السلام، وفي
(الطبقات الكبرى 8: 464): صلى عليهما ابن عمر وخلفه الحسن والحسين.
89

ومنهم من يقول: إن أمه بقيت بعده (1).
ومنهم من يقول: إن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم (2).
ومنهم من يقول: مهرها أربعة آلاف درهم.
ومنهم من يقول: كان مهرها خمسمائة درهم (3).
وبدو هذا الاختلاف فيه (4) يبطل الحديث، فلا يكون له تأثير على
حال.
فصل
تأويل الخبر
ثم إنه لو صح لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال

(1) ثبت أنها قد شهدت وقعة الطف مع أخيها الإمام الحسين عليه السلام، وعاشت بعده، ولها في الكوفة بعد مقتل أخيها سيد الشهداء عليه السلام خطبة شهيرة هي غاية في البلاغة وقمة في البيان.
أثبته ابن طيفور (280 ه‍) في (بلاغات النساء): 34، وأبو حنيفة الدينوري (282
ه‍) في (الأخبار الطوال): 228، والخوارزمي (568 ه‍) في (مقتل ح الحسين) 2: 37،
وأبو منصور الطبرسي في (الاحتجاج) 2: 302، وابن طاوس في (اللهوف في قتلى
الطفوف): 67، وعمر رضا كحالة في (أعلام النساء) 4: 259.
(2) تاريخ الطبري 5: 23، الطبقات الكبرى 8: 463، الكامل في التاريخ 3: 53،
تهذيب تاريخ دمشق 6: 28.
(3) وفي تاريخ اليعقوبي (2: 150): أمهرها عشرة آلاف دينار.
(4) في " ب " و " ج " و " د ": وبدو هذا الاختلاف وقليله.
90

المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام:
أحدهما (1): أن النكاح إنما هو على ظاهر الإسلام الذي هو:
الشهادتان، والصلاة إلى الكعبة، والاقرار بجملة (2) الشريعة.
وإن كان الأفضل مناكحة من يعتقد الإيمان (3)، وترك (4) مناكحة من
ضم إلى ظاهر الإسلام ضلالا لا يخرجه عن الإسلام (5)، إلا أن الضرورة
متى قادت إلى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الإسلام (6) زالت الكراهة
من ذلك، وساغ ما لم يكن بمستحب (7) مع الاختيار.
وأمير المؤمنين عليه السلام كان محتاجا إلى التأليف وحقن الدماء،
ورأي أنه إن بلغ مبلغ عمر عما رغب فيه من مناكحته ابنته أثر (8) ذلك الفساد
في الدين والدنيا، وأنه إن أجاب إليه أعقب صلاحا في الأمرين، فأجابه إلى
ملتمسه لما ذكرناه.
والوجه الآخر: أن مناكحة الضال - كجحد الإمامة، وادعائها لمن لا
يستحقها - حرام، إلا أن يخاف الإنسان على دينه ودمه، فيجوز له ذلك، كما
يجوز له إظهار كلمة الكفر المضاد لكلمة الإيمان، وكما يحل له أكل الميتة

(1) " أحدهما " ليس في " ب " و " د ".
(2) في " م ": بحلية.
(3) " مناكحة من يعتقد الإيمان " ليس في " م ".
(4) في " أ ": والمكروه، وفي " ب " و " ج " و " د ": مكروه.
(5) في " ب " و " د ": الإيمان.
(6) " ضلالا لا يخرجه... كلمة الإسلام " ليس في " د ".
(7) في " أ ": بمحتسب، وفي " ب " و " ج " و " د " و " م ": يحتسب، وكلاهما تصحيف.
(8) في " أ ": أثمر.
91

والدم ولحم الخنزير عند الضرورات، وإن كان ذلك محرما مع الاختيار (1).
وأمير المؤمنين عليه السلام كان مضطرا إلى مناكحة الرجل لأنه يهدده
ويواعده، فلم يأمنه أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه وشيعته، فأجابه إلى
ذلك ضرورة كما قلنا إن الضرورة تشرع إظهار كلمة الكفر، قال تعالى: * (إلا
من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * (2).
فصل
زواج بنات الرسول صلى الله عليه وآله
وليس ذلك بأعجب من قول لوط عليه السلام - كما حكى الله تعالى
عنه -: * (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) * (3) فدعاهم إلى العقد عليهم (4) لبناته
وهم كفار ضلال قد أذن الله تعالى في هلاكهم (5).
وقد زوج رسول الله صلى الله عليه وآله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا
يعبدان الأصنام، أحدهما: عتبة بن أبي لهب، والآخر: أبو العاص بن
الربيع (6).

(1) " وأمير المؤمنين عليه السلام كان محتاجا... مع الاختيار " سقط من " ب " و " ج " و " د ".
(2) النحل 16: 106، والآية ليست في " ب " و " ج " و " د " وبدلا منها: حسب ما قدمناه.
(3) هود 11: 78.
(4) في " أ " و " م ": عليهن.
(5) في " أ " و " م ": إهلاكهم.
(6) أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، وأمه هالة بنت خويلد
أخت أم المؤمنين خديجة عليها السلام. إعلام الورى: 140، أسد الغابة 5: 236.
92

فلما بعث صلى الله عليه وآله فرق بينهما وبين ابنتيه. فمات عتبة على
الكفر، وأسلم أبو العاص بعد إبانة الإسلام، فردها عليه بالنكاح الأول (1).
ولم يكن صلى الله عليه وآله في حال من الأحوال مواليا لأهل الكفر،
وقد زوج من تبرأ من دينه (2)، وهو معاد له (3) في الله عز وجل.

(1) كان أبو العاص قد أبى أن يطلق زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله حين أمره المشركون بذلك ليؤذوا به رسول الله صلى الله عليه وآله، فشكر له رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، ثم إنه شهد بدرا مع الكفار، وأسره المسلمون وبقي في الأسر حتى بعث أهل
مكة في فداء أسراهم، فقدم في فدائه عمرو بن الربيع بمال دفعته إليه زينب بنت رسول
الله صلى الله عليه وآله، من ذلك قلادة لها كانت خديجة عليها السلام قد أدخلتها بها على
أبي العاص، فقال رسول الله صك المته عليه وآله: " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا
عليها الذي لها فافعلوا " فقالوا: نعم. فلما أطلقه رسول الله صلى الله عليه وآله اشترط عليه
أن يرسل زينب إلى المدينة، فعاد إلى مكة وأرسلها إلى النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة،
فلهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله عنه: " حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي ". وأقام
أبو العاص على شركه حتى كان قبيل الفتح خرج بتجارة لقريش فغنمها المسلمون وأسروا
بعض رجالها وفر أبو العاص ثم دخل المدينة ليلا مستجيرا بزينب، فخرجت إلى المسجد
والنبي صلى الله عليه وآله في صلاة الصبح فقالت: أيها الناس قد أجرت أبا العاص ابن
الربيع، ثم طلب الأموال ليردها إلى أهلها، فاستأذن رسول الله المسلمين بردها، فردوها
إليه فعاد إلى مكة وأدى إلى الناس، أموالهم، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمدا رسول الله، والله ما منعني من الإسلام إلا خوفا أن تظنوا بي أكل أموالكم، ثم قدم
على رسول الله مسلما، فرد عليه زينب بنكاحه الأول.
الاستيعاب - بهامش الإصابة 4: 525، إعلام الورى: 140، أسد الغابة 5:
237. الإصابة 4: 121، الكنى والألقاب 1: 114.
(2) زاد في " م ": من بني أمية.
(3) في " أ ": وقد زوج من بني أمية من هو يعاديه.
93

وهاتان البنتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان بعد هلاك عتبة
وموت أبي العاص (1)، وإنما زوجة النبي صلى الله عليه وآله على ظاهر
الإسلام، ثم إنه تغير بعد ذلك، ولم يكن على النبي صلى الله عليه وآله تبعة
فيما يحدث في العاقبة. هذا على قول بعض أصحابنا.
وعلى قول فريق آخر: إنه زوجه (2) على الظاهر، وكان باطنة مستورا
عنه.
وليس بمنكر (3) أن يستر الله عن نبيه نفاق كثير من المنافقين، وقد قال
سبحانه: * (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم، (4) فلا ينكر أن
يكون في (5) أهل مكة كذلك، والنكاح على الظاهر دون (6) الباطن، على ما
بيناه.

(1) وكذا عن أبي القاسم الكوفي أيضا، قال: فبقيت زينب عند أبي العاص بعد ذلك مدة
يسيرة ومات عنها أبو العاص، ثم ماتت رقية عند عثمان، فخطب بعد موتها زينب فزوجها
رسول الله صلى الله عليه وآله منه.
الاستغاثة: 79.
والذي عليه غيرهما أن زينب هي التي توفيت أولا في سنة سبع وقيل ثمان للهجرة بعيد
رجوع أبي العاص إليها، وبقي أبو العاص بعدها حتى السنة الثانية عشرة للهجرة.
إعلام الورى: 140، الطبقات الكبرى 8: 34، الاستيعاب 4: 129، 312، أسد
الغابة 5: 238، 468، الإصابة 4: 123، 312.
(2) في " م ": وفريق منهم على أنه تزوج.
(3) في " ب " و " ج " و " د ": ويمكن.
(4) التوبة 9: 101.
(5) " أن يكون في " ليس في " م ".
(6) " لون " بياض في " د ".
94

للرسول خصوصية
ويمكن أن يكون الله تعالى قد أباحه مناكحة من ظاهره الإسلام (1)
وإن علم من باطنه النفاق، وخصه بذلك ورخص له فيه كما خصه في أن
يجمع بين أكثر من أربع حرائر في النكاح، وأباحه أن ينكح بغير مهر، ولم
يحظر عليه المواصلة في الصيام ولا في (2) الصلاة بعد قيامه من النوم بغير
وضوء، وأشباه ذلك مما خص به وحظر على غيره من عامة الناس.
فهذه (3) الأجوبة الثلاثة عن تزويج النبي عليه وآله الصلاة والسلام،
لعثمان (4)، وكل واحد منها كاف بنفسه، مستغن عما (5) سواه.
والله الموفق للصواب.

(1) في " ب " و " ج " و " د ": تظاهر بالإسلام.
(2) " في الصيام ولا في " بياض في " د ".
(3) في " أ " و " ب " و " ج " و " د ": في هذه.
(4) في " ب " و " ج " و " د ": وعثمان.
(5) في " م ": عن.
95

المسألة الحادية عشرة
أصحاب الكبائر
ما قوله - أدام الله تعالى رفعته (1) - في إخراج الله تعالى من ارتكب (2)
الكبائر من النار، أو العفو عنه (3) في القيامة عند المحاسبة؟.
والشيخ الجليل المفيد - أدام الله مدته - يحتسب الأجر في إملاء مسألة
كافية في هذا الباب حسب (4) ما ثبت عنده عن الأئمة الهادية عليهم السلام،
ويورد شبه المعتنرلة فيه، ويجيب عنها، ويتكلم عليها بعبارته اللطيفة (5) حسب
ما يحسم (6) أشاغيب الخصوم في هذا الباب، فقل متفضلا إن شاء الله (7).
الجواب:
إن الذين يردون القيامة مستحقين العقاب (8) ودخول النار صنفان:

(1) في " أ " و " م ": أدام الله توفيقه.
(2) في " أ " و " ب " و " ج " و " د ": يرتكب.
(3) في " أ " و " م ": والعفو عنهم.
(4) في " م ": على.
(5) في " م " بعبارة لطيفة.
(6) في " أ ": يحسم به، وفي " د ": لهم، وفي " م ": يحتسم.
(7) " فقل متفضلا " ليس في " م "، " إن شاء الله " ليس في " أ ".
(8) في " م ": ويستحضرون العذاب.
96

أحدهما: الكافر على اختلاف كفره، واختلاف أحكامهم في
الدنيا (1).
وصنف: أصحاب ذنوب قد ضموها إلى التوحيد (2) ومعرفة الله تعالى
ورسوله وأئمة الهدى عليهم السلام، خرجوا من الدنيا من غير (3) توبة،
فاخترمتهم (4) المنية على الحوية (5)، وكانوا قبل ذلك يسوفون التوبة، ويحدثون
أنفسهم بالأقلاع عن المعصية ففاتهم ذلك لاخترام المنية لهم دونه.
فهذا الصنف مرجو لهم العفو من الله تعالى، والشفاعة من رسول الله
صلى الله عليه وآله ومن أئمة الهدى عليهم السلام، ومخوف (6) عليهم
العقاب.
غير أنهم إن عوقبوا فلا بد من انقطاع عقابهم (7) ونقلهم من النار إلى
الجنة ليوفيهم الله تبارك وتعالى جزاء أعمالهم الحسنة. الصالحة (8) التي وافوا بها
الآخرة من: المعارف، والتوحيد، والاقرار بالنبوة والأئمة، والأعمال
الصالحات، لأنه لا يجوز في حكم العدل أن يأتي العبد بطاعة ومعصية
فيخلد في النار بالمعصية ولا يعطى الثواب على الطاعة، لأن من منع ما عليه

(1) في " أ ": الذمة.
(2) في " م ": أصحاب ذنوب من أهل التوحيد.
(3) في " أ " و " م ": بغير.
(4) الخرم: القطع، واخترمته المنية: أخذته.
(5) الخوبة، بفتح الحاء المهملة وضمها: الإثم.
(6) في " أ " و " م ": ويتخوف.
(7) في " د ": عذابهم.
(8) في " ب " و " ج " و " د ": جزاء أعمالهم الجنة.
97

واستوفى ماله كان ظالما معبثا (1) وتعالى الله (2) عن ذلك علوا كبيرا.
وبهذا قضت العقول، ونزل الكتاب (3) المسطور، وثبتت الأخبار عن
أئمة أهل بيت محمد عليهم السلام، وإجماع شيعتهم المحدثين (4) العلماء
منهم المستبصرين.
ومن خالف في ذلك من منتحلي مذهب الإمامية فهو شاذ عن
الطائفة (5)، وخارق (6) لإجماع العصابة.
والمخالف في ذلك هم المعتزلة، وفرق من الخوارج والزيدية.
فصل:
أدلة بطلان القول بالحبط،
ومما يدل على صحة ما ذكرناه في هذا الباب ما قدمناه القول في معناه
في أن العارف الموحد يستحق بالعقول على طاعته وقربته ثوابا دائما.
وقد ثبت أن معصيته لا تنافي طاعاته، وذنوبه لا تضاد حسناته (8)

(1) في " م ": مبغيا.
(2) في " أ " و " ب " و " ج ": والله تعالى، وفي " د ": والله يتعالى.
(3) في " ب " و " ج " و " د ": اقتضت العقول والكتاب.
(4) في " ب " و " ج " و " د ": المحقون.
(5) " عن الطائفة " ليس في " م ".
(6) في " أ ": ومفارق، وفي " م ": مفارق.
(7) (في) ليس في " أ " و " م ". وفي بعض النسخ: " من " بدلها.
(8) " وذنوبه لا تضاد حسناته " ليس في " أ " و " م ".
98

واستحقاقه الثواب.
وأنه لا تحابط بين المعاصي والطاعات (1)، لاجتماعها من المكلف في
حالة واحدة (2).
وأن استحقاق الثواب لا يضاد استحقاق العقاب، إذ لو ضاده لتضاد
الجمع بين المعاصي والطاعات، إذ بهما يستحق الثواب والعقاب. وإذا ثبت
اجتماع الطاعة والمعصية دل على استحقاق الثواب والعقاب (3).
وهذا يبطل قول المعتزلة في التحابط (4) المخالف لدليل الاعتبار.
وقد قال الله عز وجل: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء
بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون) * (5).
وقال تعالى: * (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى

(1) أصل الحبط في اللغة: هو أن تأكل الماشية شيئا يضرها فتعظم بطونها فتهلك، فسمي
بطلان الأعمال بهذا لأنه كفساد الشئ بسبب ورود المفسد عليه. وحبط الأعمال عند من
يقول به - من المعتزلة ومن وافقهم - معناه: أن المعصية اللاحقة تحبط الثواب السابق، إما
بشرط الموازنة - وهو قول أبي هاشم -، وإما لا بشرط الموازنة، وهو قول أبي علي الجبائي.
ومعنى الموازنة: أن يسقط من الاستحقاق الزائد ما يقابل الاستحقاق الناقص ويبقى
الباقي، فلو كان أحد الاستحقاقين عشرة - مثلا - والآخر خمسة، تسقط الخمسة من الزائد
وتبقى خمسة. وأما على قول أبي علي فإن الاستحقاق الناقص يبطل كليا ويبقى الزائد.
تفسير الرازي 6: 38، مجمع البحرين - حبط - 4: 241.
(2) " لاجتماعها... واحدة، ليس في " م ".
(3) وعلى هذا القول أجمع الإمامية، ووافقهم عليه الشافعي، وانتصر له الرازي في تفسيره.
أنظر: الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد: 193 - 206، تجريد الاعتقاد: 303، الكشاف
للزمخشري 1: 259، تفسير الرازي 6: 36 - 39، تفسير القرطبي 3: 48.
(4) في " م ": الحبط.
(5) الأنعام 6: 160.
99

للذاكر ين) * (1).
وقال تعالى: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة
وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) * (2).
وقال تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال
ذرة شرا يره) * (3).
وقال عز وجل: * (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة
في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب
لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين) * (4).
وقال سبحانه: * (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى
بعضكم من بعض) * (5).
فأخبر تعالى أنه لا يضيع أجر المحسنين، وأنه يوفي العاملين أجرهم
بغير حساب، وأنه لا يظلم مثقال ذرة، فأبطل بهذه الآيات (6) دعوى المعتزلة
على الله تعالى أنه يحبط الأعمال الصالحات (7)، أو بعضها، ولا يعطي عليها أجرا.
وأبطل قولهم (8): * (إن الحسنات يذهبن السيئات) *.

(1) هود 11: 114.
(2) النساء 4: 107.
(3) الزلزلة 99: 7 - 8.
(4) التوبة 9: 120.
(5) آل عمران 3: 195.
(6) في " أ ": فبهذه الآيات تبطل.
(7) في " أ " و " م ": يحبط الأعمال بالسيئات.
(8) " وأبطل قولهم " ليس في " م ".
100

هذا مع قوله سبحانه: * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء) * (1) فأخبر أنه لا يغفر الشرك مع عدم التوبة منه، وأنه يغفر ما
سواه بغير التوبة، ولولا ذلك لم يكن لتفريقه بين الشرك وما دونه في حكم
الغفران معنى معقول.
وقال تبارك وتعالى: * (ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ
يعذبكم) * (2).
وهذا القول لا يجوز أن يكون متوجها إلى المؤمنين الذين لا تبعة بينهم
وبين الله تعالى، ولا متوجها إلى الكافرين الذين قد قطع الله على خلودهم
في النار، فلم يبق إلا أنه توجه إلى مستحق العقاب من أهل المعرفة
والتوحيد.
وفيما ذكرنا أدلة يطول شرحها، والذي أثبتناه هاهنا مقنع لمن تأمله إن
شاء الله.
وقد أمليت في هذا المعنى كتابا سميته: (الموضح في الوعد والوعيد) (3)
إن وصل إلا السيد الشريف الفاضل الخطير أدام الله تعالى رفعته أغناه عن
غيره من الكتب في المعنى إن شاء الله تعالى (4).
- تمت -

(1) النساء 4: 48.
(2) الإسراء 17: 54.
(3) في " أ " و " م ": الوعد والوعيد. وذكره النجاشي والطهراني باسم (الموضح في الوعيد). ولكن
الشيخ المفيد سماه كما أثبتناه في رسالته في المتعة أيضا. أنظر رجال النجاشي: 399،
الذريعة 23: 267 / 8915.
(4) " رفعته... إن شاء الله تعالى " ليس في " د "، وفي " م " تقديم وتأخير بين ألفاظها.
101

فهرس المصادر
1 - القرآن الكريم.
2 - آلاء الرحمن في تفسير القرآن:
للإمام محمد جواد البلاغي (1352 ه‍) - مطبعة العرفان - صيدا.
3 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات:
للحر العاملي (1104 ه‍) - دار الكتب الإسلامية - ط 3.
4 - أجوبة المسائل المهنائية:
للعلامة الحلي (726 ه‍) - بالواسطة عن كتاب التحقيق في نفي التحريف.
5 - الاحتجاج:
للشيخ أبي منصور الطبرسي (القرن السادس الهجري) - تحقيق السيد الخرسان -
مشهد 1403 ه‍.
6 - أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم:
للمقدسي البشاري - تحقيق د. محمد مخزوم - دار إحياء التراث العرب.
7 - الأخبار الطوال:
. لأبي حنيفة الدينوري (282 د) - تحقيق عبد المنعم عامر - دار إحياء الكتب
العربية.
8 - الاستغاثة:
لأبي القاسم الكوفي (352 ه‍) - ط 1 -.
102

9 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب:
لابن عبد البر (463 ه‍) - بهامش الإصابة - دار إحياء التراث العربي - ط 1 - 1328
هجري.
10 - أسد الغابة في معرفة الصحابة:
لابن الأثير (606 ه‍) - دار إحياء التراث العربي -.
11 - الإصابة في تمييز الصحابة:
لابن حجر العسقلاني (852 ه‍) - دار إحياء التراث العربي - ط 1 - 1328 ه‍.
12 - إعتقادات الصدوق:
للشيخ الصدوق (381 ه‍) - مركز نشر الكتاب - 1370 ه‍.
13 - إعراب القرآن:
لأبي جعفر النحاس (338 ه‍) - تحقيق د. زهير غازي زاهد - عالم الكتب - 1405
هجري.
14 - أعلام النساء:
لعمر رضا كحالة - مؤسسة الرسالة - ط 5 - 1404 ه‍.
15 - إعلام الورى بأعلام الهدى:
للشيخ الطبرسي (حوالي سنة 548 ه‍) - منشورات دار الكتب الإسلامية - ط 3 -.
16 - الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد:
للشيخ الطوسي (460 ه‍) - دار الأضواء - ط 2 - 1456 ه‍.
17 - أمالي الصدوق:
للشيخ أبي جعفر بن بابويه القمي الصدوق (381 ه‍) - مؤسسة الأعلمي - ط 5 - 1400
418 الأنساب:
للسمعاني (562 ه‍) - دار الكتب العلمية - بيروت - ط 1 - 1408 ه‍.
19 - أوائل المقالات:
للشيخ المفيد (413 ه‍) - مكتبة الداوري - قم المقدسة.
103

20 - بحار الأنوار:
للعلامة المجلسي (1110 ه‍) - المطبعة الإسلامية - 1387 ه‍.
21 - بلاغات النساء:
لابن طيفور (280 ه‍) - دار الحداثة - ط 1 - 1987 م.
22 - البيان في تفسير القرآن:
للإمام الخوئي - دار الزهراء - بيروت -.
23 - تاريخ بغداد:
للخطيب البغدادي (463 ه‍) - دار الكتب العلمية - بيروت.
24 - التبيان في تفسير القرآن:
للشيخ الطوسي (460 ه‍) - تحقيق أحمد حبيب قصير العاملي - المطبعة العلمية -
النجف الأشرف.
25 - تجريد الاعتقاد:
للشيخ نصير الدين الطوسي (672 ه‍) - تحقيق محمد جواد الحسيني الجلالي - مكتب
الإعلام الإسلامي - ط 1 - 1407 ه‍.
26 - التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف:
للسيد علي الميلاني، نشر دار القرآن الكريم - قم.
27 - تصحيح الاعتقاد:
للشيخ المفيد (413 ه‍) - تقديم وتعليق السيد هبة الله الشهرستاني - منشورات
الرضي - قم.
28 - تفسير الرازي:
للفخر الرازي (606 ه‍) - دار إحياء التراث العربي - بيروت.
29 - تفسير الطبري:
لمحمد بن جرير الطبري (310 ه‍) - دار المعرفة - بيروت - 1403 ه‍.
30 - تفسير العياشي:
لمحمد بن مسعود العياشي (320 ه‍) - المكتبة العلمية الإسلامية - طهران.
104

31 - تفسير فرات:
لأبي القاسم فرات الكوفي - تحقيق محمد الكاظم - ط 1 - 1410 ه‍.
32 - تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن):
لمحمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (671 ه‍) - دار إحياء التراث العربي - بيروت.
33 - تفسير القمي:
لعلي بن إبراهيم القمي (القرن الرابع الهجري) - تصحيح السيد الجزائري - دار
الكتاب - قم المقدسة.
34 - تهذيب تاريخ دمشق:
لابن عساكر (571 ه‍) - هذبه الشيخ عبد القادر بدران (1346 ه‍) - دار إحياء
التراث العربي - ط 3 - 1407 ه‍.
35 - جامع الرواة:
للغروي الحائري (1101 ه‍) - مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي - قم -
1403 ه‍.
36 - جمهرة أنساب العرب:
لابن حزم الأندلسي (456 ه‍) - دار الكتب العلمية - بيروت - ط 1403 ه‍.
37 - الخراج وصفة الكتابة:
لأبي الفرج قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي (320 ه‍) - تحقيق د. محمد مخزوم -
دار إحياء التراث العربي - ط 1 -.
38 - الدر المنثور في التفسير المأثور:
للسيوطي (911 ه‍) - دار الفكر - بيروت - ط 1 - 1403 ه‍.
39 - دستور العلماء (جامع العلوم في اصطلاحات الفنون):
للقاضي الأحمد نگري - مؤسسة الأعلمي - بيروت - ط 2 - 1395 ه‍.
40 - ديوان عنترة بن شداد العبسي -
دار بيروت للطباعة والنشر - 1404 ه‍.
105

41 - ديوان النابغة الذبياني -
تحقيق كرم البستاني - دار صادر بيروت.
42 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة:
للشيخ الطهراني - دار الأضواء - بيروت.
43 - رجال العلامة الحلي:
للعلامة ابن المطهر الحلي (726 ه‍) - تحقيق محمد صادق بحر العلوم - المطبعة
الحيدرية - النجف - 1381 ه‍ -.
44 - رجال الكشي (اختيار معرفة الرجال):
للشيخ الطوسي (460 ه‍) - تصحيح حسن المصطفوي - مطبعة جامعة مشهد -
1348 ه‍. ش.
45 - رجال النجاشي:
لأبي العباس النجاشي الأسدي الكوفي - (450 ه‍) - مؤسسة النشر الإسلامي -
قم - 1407 ه‍.
46 - الرجال:
لابن داود الحلي المتوفى، بعد سنة (707 ه‍) - تحقيق محمد صادق بحر العلوم - المطبعة
الحيدرية - النجف.
47 - رسائل الشريف المرتضى:
المتوفى (436 ه‍) دار القرآن الكريم - قم - 1405 ه‍.
48 - الرسائل العشر:
لشيخ الطائفة الشيخ الطوسي (460 ه‍) - مؤسسة النشر الإسلامي - قم.
49 - سنن ابن ماجة:
عمد بن يزيد القزويني (275 ه‍) - تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي - دار الفكر.
50 - سنن الترمذي:
محمد بن عيسى بن سورة (297 ه‍) - دار إحياء التراث العربي - تحقيق أحمد محمد
شاكر.
106

51 - سنن النسائي:
أحمد بن علي بن شعيب (303 ه‍) - دار الكتب العربي - بيروت.
52 - السنن الكبرى:
للبيهقي (458 ه‍) - دار المعرفة - بيروت.
53 - سير أعلام النبلاء:
للذهبي (748 ه‍) - مؤسسة الرسالة - إشراف د. شعيب الارنؤرط - ط 3 - 1405
هجري.
54 - شرح نهج البلاغة:
لابن أبي الحديد (656 ه‍) - تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم - دار إحياء الكتب
العربية.
55 - الصحاح:
للجوهري (393 ه‍) - تحقيق أحمد عبد الغفور العطار - دار العلم للملايين -
بيروت.
56 - صحيح البخاري:
محمد بن إسماعيل البخاري (256 ه‍) - عالم الكتب - ط 5 - 1406 ه‍.
57 - صحيح مسلم:
مسلم بن الحجاج النيسابوري (261 ه‍) - دار الفكر - تحقيق محمد فؤاد عبد
الباقي.
58 - الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم:
لعلي بن يونس البياضي (877 ه‍) - مطبعة الحيدري - ط 1 - 1384 ه‍.
59 - طبقات أعلام الشيعة (الثقات والعيون في سادس القرون):
للشيخ الطهراني - تحقيق ولده علي نقي - دار الكتاب العربي -.
60 - طبقات أعلام الشيعة (النابس في القرن الخامس):
للشيخ الطهراني - تحقيق ولده علي نقي - دار الكتاب العربي -.
107

61 - الطبقات الكبرى:
لابن سعد (230 ه‍) - دار إحياء التراث العربي - بيروت - 1405 ه‍.
62 - علل الشرائع:
للشيخ الصدوق (381 ه‍) - مكتبة الداوري - منشورات المكتبة الحيدرية - 1385
هجري.
63 - عيون أخبار الرضا عليه السلام:
للشيخ الصدوق (381 ه‍! - تصحيح السيد محمد الحسيني اللاجوردي - نشر رضا
مشهدي.
64 - فرق الشيعة:
لأبي محمد النوبختي (القرن الثالث الهجري) - تحقيق محمد - صادق بحر العلوم -
المكتبة المرتضوية - النجف - 1355 ه‍.
65 - الفصل في الملل والنحل:
لابن حزم الأندلسي (456 ه‍) - مكتبة المثنى - بغداد.
66 - الفهرست:
للشيخ الطوسي (465 ه‍) - تحقيق محمد صادق بحر العلوم - المكتبة المرتضوية -
النجف.
67 - الفهرست:.
لابن النديم (385 ه‍) - دار المعرفة - بيروت.
68 - فهرس مكتبة استان قدس رضوي - مشهد المقدسة.
69 - فهرس مكتبة السيد المرعشي النجفي - قم.
70 - فهرس مكتبة مسجد أعظم - قم.
71 - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة:
للشوكاني (1250 ه‍) - تحقيق عبد الرحمن في يحيى اليماني - مطبعة السنة المحمدية -
1398 ه‍.
108

72 - قصص الأنبياء:
لقطب الدين الراوندي (573 ه‍) - تحقيق غلام رضا اليزدي - مجمع البحوث
الإسلامية - مشهد.
73 - الكافي:
للشيخ الكليني (328 ه‍) - تصحيح نجم الدين الآملي - منشورات المكتبة
الإسلامية - 1388 ه‍.
74 - الكامل في التاريخ:
لا بن الأثير (606 ه‍) - دار صادر - بيروت - 1402 ه‍.
75 - الكتاب المقدس.
76 - الكشاف:
للزمخشري (528 ه‍) - نشر أدب الحوزة - قم.
77 - كنز العمال:
للمتقي الهندي (975 ه‍) - مؤسسة الرسالة - ط 5 - 1405 ه‍.
78 - الكنى والألقاب:
للشيخ عباس القمي - مكتبة الصدر - طهران - 1368 ه‍. ش.
79 - اللآلي المصنوعة:
للسيوطي (911 ه‍) - دار المعرفة - بيروت -.
80 - لسان العرب:
لابن منظور (711 ه‍) - نشر أدب الحوزة - قم - 1405 ه‍.
81 - لسان الميزان:
لابن حجر العسقلاني (852 ه‍) - مؤسسة الأعلمي - بيروت - 1406 ه‍.
82 - اللهوف في قتلى الطفوف:
لابن طاوس (664 ه‍) - المكتبة الحيدرية - 1385 ه‍.
83 - مجمع البحرين:
للطريحي (1085 ه‍) - تحقيق السيد أحمد الحسيني - المكتبة المرتضوية.
109

84 - مجمع البيان في تفسير القرآن:
للشيخ الطبرسي (حوالي سنة 548 ه‍) - دار المعرفة - بيروت.
85 - مرآة العقول:
للعلامة محمد باقر المجلسي (1110 ه‍) - دار الكتب الإسلامية - طهران.
86 - مراصد الاطلاع:
لصفي الدين البغدادي (739 ه‍) - تحقيق علي محمد البجاوي - دار المعرفة - بيروت
- ط - 1373 ه‍.
87 - مروج الذهب:
للمسعودي (346 ه‍) - تحقيق يوسف أسعد داغر - دار الهجرة - قم - ط 2 - 1404
هجري.
88 - المسائل السروية:
لليشخ المفيد (413 ه‍).
89 - المسالك والممالك:
لابن خردازبة (300 ه‍) - تحقيق د. محمد مخزوم - دار إحياء التراث العربي - ط -
1408 ه‍.
90 - المستدرك على الصحيحين:
للحاكم النيسابوري (405 ه‍) - دار المعرفة - بيروت.
91 - مسند أحمد بن حنبل:
المتوفى (241 ه‍) - دار الفكر.
92 - معالم التنزيل في التفسير والتأويل:
للفراء البغوي (510 ه‍) - دار الفكر - 1405 ه‍.
93 - معالم العلماء:
لابن شهرآشوب (588 ه‍) - المطبعة الحيدرية - النجف - 1380 ه‍.
94 - معاني الأخبار:
للشيخ الصدوق (381 ه‍) - تصحيح علي أكبر الغغاري - مؤسسة النشر الإسلامي
110

- قم -.
95 - معجم البلدان:
لياقوت الحموي (626 ه‍) - دار صادر - بيروت - 1388 ه‍.
96 - معجم رجال الحديث:
للإمام أبي القاسم الخوئي - منشورات مدينة العلم - قم - ط 3 - 1403 ه‍.
97 - المقابسات:
لأبي حيان التوحيدي - تحقيق محمد توفيق حسين - دار الأدب - بيروت - ط 2 -
1989 م.
98 - المقالات والفرق:
لسعد بن عبد الله الأشعري - تحقيق محمد جواد مشكور - مركز انتشارات علمي
وفرهنكي - إيران.
99 - مقتل الحسين عليه السلام:
للخوارزمي (568 ه‍) - تحقيق الشيخ محمد السماوي - مكتبة المفيد - قم.
100 - الملل والنحل:
للشهرستاني (548 ه‍) - مكتبة الإنجلو المصرية.
101 - مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام:
لابن المغازلي (483 ه‍) - تحقيق محمد باقر البهبودي - دار الأضواء - بيروت - 1403
هجري.
102 - مناقب عمر بن الخطاب:
للدكتور السيد الجميلي - دار الكتاب العربي - ط - 1405 ه‍.
103 - منتخب بصائر الدرجات:
للشيخ حسن بن سليمان الحلي (القرن التاسع) - المطبعة الحيدرية - 1370 ه‍.
104 - من لا يحضره الفقيه:
للشيخ الصدوق (381 ه‍) - دار الكتب الإسلامية - طهران.
111

105 - الموضوعات:
لابن الجوزي (597 ه‍) - ط 1.
106 - نزهة المشتاق في اختراق الآفاق:
للإدريسي (القرن السادس الهجري) - عالم الكتب - بيروت - ط - 1409 ه‍.
107 - الوافي بالوفيات:
لصلاح الدين الصفدي (764 ه‍) - باعتناء هلموت ريتر - 1381 ه‍.
108 - وفيات الأعيان:
لابن خلكان (681 ه‍) - تحقيق د. إحسان عباس - منشور الشريف الرضي. قم
ط 2.
109 - ينابيع المودة:
للقندوزي الحنفي (1294 ه‍) - دار الكتب العراقية - الكاظمية - ط 8 - 1385
هجري.
112