واعتماد على خبر شاذ نادر، فإذا تؤمل حق التأمل بأن ووضح أن شعيبا - عليه
السلام - استأجر موسى - عليه السلام - ليرعى له لا ليرعى لبنته، وذلك كان
في شرعه وملته أن المهر للأب دون البنت، فإذا كان كذلك فإنه لا يجوز في
شرعنا ما جاز في شرع شعيب - عليه السلام - فأما إذا عقد على إجارة ليعمل بها
فالعقد صحيح، سواء كانت الإجارة معينة أو في الذمة. وقد أورد شيخنا في
التهذيب خبرا عن السكوني، عن الصادق - عليه السلام - قال: لا يحل النكاح
اليوم في الإسلام بإجارة بأن يقول: أعمل عندك كذا وكذا سنة على أن
تزوجني أختك أو ابنتك، قال: حرام، لأنه ثمن رقبتها، وهي أحق بمهرها.
فهذا يدل على ما حررناه وبيناه، فمن استثنى من أصحابنا الإجارة التي فعلها
شعيب مع موسى - عليه السلام - فصحيح، وإن أراد غير ذلك فباطل. وقال
الشيخ في مسائل خلافه: يجوز أن يكون منافع الحر مهرا كتعليم قرآن أو شعر
مباح أو خياطة ثوب وغير ذلك، احتج بالإجماع وبرواية سهل بن سعد
الساعدي إن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وآله - فقالت: يا رسول الله إني
قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا، فقام رجل فقال: يا رسول الله
زوجنيها إن لم يكن لك فيها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله -
هل عندك من شئ تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال
النبي - صلى الله عليه وآله -: إن أعطيتها إياه جليت ولا إزار لك فالتمس
شيئا، فقال: ما أجد شيئا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله -: هل
معك من القرآن شئ؟ قال: نعم سورة كذا وسورة كذا - وسماهما - فقال
رسول الله - صلى الله عليه وآله -: وقد زوجتكها بما معك من القرآن. وظاهره
أنه جعل القرآن الذي معه صداقا، وهو غير ممكن، فيكون الصداق تعليمها
إياه. قال ابن إدريس: وليس بين قوله في النهاية والخلاف تضاد ولا تناف،
لأنه قال في النهاية: (لا يجوز العقد على الإجارة وهو: أن يعقد الرجل على امرأة
135