الكتاب: الخلاف
المؤلف: الشيخ الطوسي
الجزء: ٤
الوفاة: ٤٦٠
المجموعة: فقه الشيعة الى القرن الثامن
تحقيق: المحققون : السيد علي الخراساني ، السيد جواد الشهرستاني ، الشيخ مهدي طه نجف / المشرف : الشيخ مجتبى العراقي
الطبعة: الجديدة
سنة الطبع: ١٤١٤
المطبعة: مطبعة مؤسسة النشر الإسلامى
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامى التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب الخلاف
تأليف
شيخ الطائفة الإمام أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
قدس سره
385 - 460 ه‍
الجزء الرابع
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة
لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كتاب الخلاف
(ج 4)
تأليف: شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
تحقيق: السيد علي الخراساني والسيد جواد الشهرستاني والشيخ مهدي طه نجف
إشراف: الحاج الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع: فقه
عدد الأجزاء 5 أجزاء
طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الجديدة
المطبوع: 3000 نسخة
التاريخ: 1414 ه‍. ق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

كتاب الفرائض
3

بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة 1: ميراث من لا وارث له، ولا مولى نعمة، لإمام المسلمين، سواء
كان مسلما أو ذميا.
وقال جميع الفقهاء: أن ميراثه لبيت المال، وهو لجميع المسلمين (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 2: اختلف الناس في توريث ستة عشر نفسا:
أولاد البنات، وأولاد الأخوات، وأولاد الإخوة من الأم، وبنات الإخوة
من الأب، والعمة وأولادها، والخالة وأولادها، والخال وأولاده، والعم أخو
الأب للأم وأولاده، وبنات العم وأولادهن، والجد أب الأم، والجدة أم الأم.
فعندنا أن هؤلاء كلهم يرثون على الترتيب الذي ذكرناه في النهاية (3)،
ولا يرث مع واحد منهم مولى نعمة، ويحجب بعضهم بعضا على ما قلناه،
وسنذكره فيما بعد. وبه قال علي عليه السلام، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن
جبل، وأبو الدرداء، وإحدى الروايتين عن عمر أنه قال: العم كالأب، والخالة

(1) الأم 4: 80، والمجموع 16: 54، ومغني المحتاج 3: 4، والسراج الوهاج: 320، وكفاية الأخيار
2: 13، والمغني لابن قدامة 7: 179، والشرح الكبير 7: 174، وسبل السلام 3: 958، والنتف
2: 843، وتبيين الحقائق 6: 242، وبداية المجتهد 2: 355.
(2) الكافي 7: 168 حديث 1 و 4، والفقيه 4: 242 باب 170، والتهذيب 9: 386 باب 44 حديث
1379 و 1383، والاستبصار 4: 195 باب 113 حديث 732 و 736.
(3) النهاية: 643 و 662.
5

كالأم، وشريح، والحسن، وابن سيرين، وجابر بن زيد، وعلقمة، وعبيدة (1)،
والأسود، وطاووس، ومجاهد والشعبي، وأهل العراق (2).
وقال قوم أن ذوي الأرحام يرثون، إلا أنه يقدم المولى.
ومن يأخذ بالرد عليهم، يقولون، يقولون: إذا مات وترك بنتا وعمة فالمال للبنت
النصف بالفرض، والنصف الآخر بالرد كما نقول، غير أنهم يقدمون المولى على
ذوي الأرحام.
ويوافقونا في أن من يأخذ بالرد أولى من أولي الأرحام. ويقولون: إذا لم
يكن هناك مولى، ولا من يرث بالفرض، ولا بالرد، كان لذوي الأرحام.
فخالفونا في توريث المولى معهم، والباقي وفاق. ذهب إلى هذا أبو حنيفة
وأصحابه (3)، وليس معهم أحد من الصحابة إلا رواية شاذة عن علي عليه
السلام (4).
وذهب الشافعي: إلى أنهم لا يرثون ولا يحجبون بحال إن كان للميت قرابة،
فالمال له. وإن كان مولى كان له، وإن لم يكن مولى ولا قرابة فميراثه لبيت
المال (5). وبه قال في الصحابة زيد بن ثابت، وابن عمر، وإحدى الروايتين

(1) مجهول الحال لاشتراكه بين عدة، ويحتمل أيضا أنه تصحيف لأبي عبيدة بن الجراح للتصريح به في
بعض الكتب الفقهية. والله أعلم بالصواب.
(2) الأم 4: 83، والمبسوط 30: 2 و 3، وعمدة القاري 23: 247، وشرح معاني الآثار 4: 400،
والمغني لابن قدامة 7، 83 و 84، والشرح الكبير 7: 101، والمجموع 16: 56، وبداية المجتهد 2: 333،
ونيل الأوطار 6: 180، والبحر الزخار 6: 353، وفتح الباري 12: 30.
(3) الأم 4: 83، والمجموع 16: 56، والنتف 2: 480 و 481، وشرح معاني الآثار 4: 401، والمبسوط
30: 2 و 3 و 4، وتبين الحقائق 6: 242، وعمدة القاري 23: 247 و 248، وفتح الباري 12:: 30،
والفتاوى الهندية 6: 459، وبداية المجتهد 2: 333.
(4) شرح معاني الآثار 4: 401، والمجموع 16: 56.
(5) الأم 4: 86، ومختصر المزني: 139، والمجموع 16: 55، والوجيز 1: 263، وكفاية الأخيار 2: 130،
والسراج الوهاج: 321، ومغني المحتاج 3: 6، وفتح المعين في شرح قرة العين: 96، وبداية المجتهد
2: 339 و 335، والمغني لابن قدامة 7: 84، والشرح الكبير 7: 101، وسنن الترمذي 4: 422، ونيل
الأوطار 6: 180.
6

عن عمر أنه قال: (عجبا للعمة تورث ولا نورثها) (1). وبه قال في التابعين:
الزهري، وفي الفقهاء: مالك، وأهل المدينة (2).
وحكي عن مالك أنه قال: الأمر المجمع عليه الذي أدركت عليه عامة
علماء بلدنا أن هؤلاء لا يرثون (3). وبه قال الأوزاعي، وأهل الشام، وأبو
ثور (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5) فإنهم لا يختلفون فيما قلناه. وأيضا قوله
تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (6) فجعل تعالى
الميراث للولد، وولد البنت ولد، ويسمى ابنا، بدلالة إجماع المسلمين على أن
عيسى بن مريم من ولد آدم، وهو ابن مريم، لأنه لا أب له.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (ابناي هذان سيدا شباب
أهل الجنة) (7)، وقال: (إن ابني هذا سيد، يصلح الله به بين فئتين من

(1) الموطأ 2: 517 حديث 9، وفيه (ولا ترث).
(2) المجموع 16: 55، والمغني لابن قدامة 7: 84، والشرح الكبير 7: 101، وبداية المجتهد 2: 346، ونيل الأوطار
6: 180.
(3) الموطأ 2: 518.
(4) المجموع 16: 55، والمغني لابن قدامة 7: 84، والشرح الكبير 7: 101.
(5) كثيرة ومنتشرة في عدة أبواب من كتاب الفرائض فلا حظها في الكافي 7: 70، و الفقيه 4: 204
و 223، والتهذيب 9: 247، والاستبصار 4: 141.
(6) النساء: 11.
(7) رواه المجلسي في بحار الأنوار 43: 303 وذيل الحديث بقوله: (وأبوهما خير منهما). ورواه ابن عساكر
في ترجمة الحسن عليه السلام: 78 عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وآله (ابني هذين سيدا
شباب أهل الجنة)، وفي كنز العمال 12: 112 حديث 34247 عن ابن عساكر عن علي وابن عمر
ولفظ الحديث (ابناي هذان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما).
7

المسلمين) (1). فسماه ابنا، مع أنه ابن فاطمة عليها السلام. وقال صلى الله
عليه وآله: (لا تزرموا على ابني هدا بوله) (2). أي: لا تقطعوا عليه، وكان بال في
حجره عليه السلام فأرادوا أخذه، فقال هذا القول.
وقال تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (3). وهؤلاء من ذوي
الأرحام. وقوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) (4). ولم يفرق، وهؤلاء من الرجال
والنساء.
وروى عمر، وعائشة، ومقدام بن معدي كرب الكندي (5)، أن النبي
صلى الله عليه وآله قال: (الخال وارث من لا وارث له) (6).

(1) سنن الترمذي 5: 658 حديث 3773 ومسند أحمد بن حنبل 5: 44، وسنن النسائي 4: 107، والسنن
الكبرى 8: 173، ومستدرك الحاكم 3: 175، والمناقب لابن المغازلي: 372 حديث 419، ومجمع
الزوائد 7: 247.
(2) حكاه المجلسي في البحار 43: 296 عن غريب الحديث لأبي عبيد، وذكره ابن الأثير في النهاية
2: 301 بلفظ قريب منه وكذلك في مجمع الزوائد 1: 285.
(3) النساء: 7.
(4) النساء: 11.
(5) المقدام بن معدي كرب بن عمرو بن يزيد بن معدي كرب، أبو كريمة، وقيل أبو يحيى الكندي. نزل
حمص، روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن خالد بن الوليد ومعاذ بن جبل وجماعة
وروى عنه الشعبي وشريح بن عبيد وأبو عامر الهوزني. مات سنة سبع وثمانين (87) وقيل غير
ذلك. تهذيب التهذيب 10: 287.
(6) سنن الترمذي 4: 421 و 422 حديث 2103 و 2104، وسنن ابن ماجة 2: 914 حديث 2737،
وسنن الدارقطني 4: 84 و 85 حديث 53 و 55 و 57، ومسند أحمد بن حنبل 4: 133، وسنن الدارمي
2: 367، وشرح معاني الآثار 4: 397، والسنن الكبرى 6: 214.
8

وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله ورث الخال (1).
وروى واسع بن حبان (2): أن ثابت بن الدحداح (3) توفي ولم يخلص له
نسب، فدفع رسول الله - صلى الله عليه وآله - ماله إلى خاله (4).
وأخبرنا ابن أبي الفوارس (5)، عن عمرو بن محمد بن حسومة (6) قال:
حدثنا علي بن العبد (7)، قال: حدثنا أبو داود (8)، قال: حدثنا حفص بن

(1) انظر سنن الدارقطني 4: 86 حديث 61 - 62، والسنن الكبرى 6: 215.
(2) واسع بن حبان بن منقذ بن عمرو بن مالك بن خنساء المازني المدني. روى عن رافع بن خديج
وعبد الله بن زيد بن عاصم المازني وعبد الله بن عمرو غيرهم وعده البعض في الصحابة. انظر تهذيب
التهذيب 11: 102.
(3) ثابت بن الدحداح وقيل: (الدحداحة) بن نعيم بن غنم بن أياس، يكنى أبا الدحداح قتله خالد بن الوليد يوم أحد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وخالد بن
الوليد مع المشركين. أسد الغاية
1: 221 - 222.
(4) كذا في الأصول المعتمدة، وقد اختلفت المصادر الحديثية التالية فيه فمنها صرح بأنه ابن أخيه لبابه بن
عبد المنذر بدلا عن كلمة (خاله) وفي بعضها ابن أخته بدلا عن كلمة (خاله).
انظر شرح معاني الآثار 4: 396 و 397، وسنن الدارمي 2: 381.
(5) محمد بن أحمد بن محمد بن فارس بن سهل، أبو الفتح بن أبي الفوارس، كان جده سهل يكنى أبا
الفوارس، ولد أبو الفتح في سنة 338، وتوفي سنة 412 هجرية. تاريخ بغداد 1: 352.
(6) اضطربت النسخ في هذا الاسم ولم أقف على شرح حال له أو الصحيح منه، في هذه
العجالة.
(7) أبو الحسن علي بن الحسن بن العبد الأنصاري الوراق، أحد رواة السنن. ذكره المزي في تهذيب
الكمال في ترجمة سليمان بن الأشعث، وذكره البغدادي وقال سمع أبا داود السجستاني وعثمان بن
خرزاذ الأنطاكي وروى عنه الدارقطني والحسين بن محمد بن سليمان الكاتب وابن الثلاج. مات
سنة 328 هجرية. تاريخ بغداد 11: 382.
(8) أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير الأزدي السجستاني صاحب السنن ولد سنة
202 وطاف الشام والعراق ومصر والحجاز والجزيرة وخراسان وأخذ عن شيوخها مات بالبصرة في
شوال سنة 275 هجرية. شذرات الذهب 2: 167.
9

عمر (1)، قال: حدثنا شعبة، عن بديل (2)، عن علي بن أبي طلحة (3)، عن
راشد بن سعد (4)، عن أبي عامر (5)، عن المقدام، قال: قال رسول الله - صلى
الله عليه وآله: (من ترك كلا فالي، ومن ترك مالا فلورثته، وأنا وارث من
لا وارث له، أعقل له وأرثه، والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه
ويرثه) (6).
وبهذا الإسناد عن أبي داود، قال حدثنا سليمان بن حرب (7) في

(1) أبو عمر، حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة الأزدي البصري الحوضي، حدث عن هشام
الدستوائي وشعبة ومحمد بن راشد المكحولي وغيرهم وعنه البخاري وأبو داود وابن الفرات وجماعة،
مات سنة 225 هجرية. تذكرة الحفاظ 1: 405.
(2) بديل بن ميسرة العقيلي البصري، روى عن أنس وأبي الجوزاء، وعبد الله بن شقيق وغيرهم وعنه
شعبة وقتادة وحماد بن زيد وجماعة مات سنة 130 هجرية تهذيب التهذيب 1: 424.
(3) علي بن أبي طلحة واسمه سالم بن المخارق الهاشمي يكنى أبا الحسن وقيل غير ذلك أصله من الجزيرة
وانتقل إلى حمص، روى عن راشد بن سعد المقرئي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر وجبر بن نوف أبو
الودك وغيرهم. وعنه الحكم بن عتيبة، والحسن بن صالح بن حي، وبديل بن ميسرة وجماعة مات
سنة ثلاث وأربعين ومائة، وقيل إنه مات سنة 120 هجرية. انظر تهذيب التهذيب 7: 339 - 341.
(4) راشد بن سعد المقرائي الحبراني الحمصي، روى عن ثوبان وسعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء
وغيرهم وعنه حريز بن عثمان وصفوان بن عمرو وعلي بن أبي طلحة وجماعة. شهد صفين مع معاوية
بن أبي سفيان سنة 108 هجرية. تهذيب التهذيب 3: 226.
(5) عبد الله بن لحي الحميري أبو عامر الهوزني الحمصي، روى عن عمر بن الخطاب ومعاذ والمقدام بن
معدي كرب ومعاوية وغيرهم، وعنه راشد بن سعد وأزهر بن عبد الله الحرازي وأبو سلام الأسود
وغيرهم. تهذيب التهذيب 5: 373.
(6) سنن ابن ماجة 2: 214 حديث 2738، وسنن أبي داود 3: 123 حديث 2899، ومسند أحمد بن
حنبل 4: 131، وشرح معاني الآثار 4: 397 - 398، والسنن الكبرى 6: 214.
(7) سليمان بن حرب بن بجيل الأزدي الواشحي، أبو أيوب البصري، روى عن شعبة، ومحمد بن
طلحة بن مصرف ووهيب بن خالد وجماعة وعنه ابن أبي شيبة وأبو داود والبخاري وغيرهم. ولد
سنة 140 ومات سنة 224 هجرية. تهذيب التهذيب 4: 178.
10

آخرين، قال: حدثنا حماد (1)، عن بديل، عن علي بن أبي طلحة، عن راشد
ابن سعد، عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام الكندي، قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينا أو ضيعة
فإلي، ومن ترك مالا فلورثته، وأنا مولى من لا مولى له، أرث ماله وأفك عاينه،
والخال مولى من لا مولى له، يرث ماله ويفك عاينه) (2).
مسألة 3: إذا مات وخلف بنتا، أو أختا، أو غيرهما ممن له سهم وزوجا أو
زوجة، فللبنت أو الأخت النصف بالتسمية، وللزوج أو الزوجة سهمهما،
والباقي يرد على البنت أو على الأخت، ولا يرد على الزوج و الزوجة بحال، وليس
للعصبة والمولى معهما شئ على حال، وروى ذلك عن علي عليه السلام،
وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود (3).
وأبو حنيفة وأصحابه هذا مذهبهم، لا يختلفون في الرد، لكن اختلفوا في
تخصيص بعضهم دون بعض. فذهب علي عليه السلام إلى أنه يرد على هؤلاء
إلا الزوج والزوجة، ولا يرد على بنت الابن مع بنت الصلب (4)، كما نقول،
ولا يرد على الأخت من الأب مع الأخت للأب والأم، وكذلك نقول، ولا على

(1) حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري الأزرق ولد عام (98) وروى عن
ثابت البناني وأنس بن سيرين وبديل بن ميسرة وغيرهم وعنه سليمان بن حرب وابن المبارك وابن
وهب القطان وجماعة مات سنة 179 هجرية. تهذيب التهذيب 3: 9.
(2) سنن أبي داود 3: 123 حديث 2900، وسنن الدارقطني 4: 85 حديث 57، والسنن الكبرى
6: 214، والمستدرك للحاكم 4: 344، وفي بعض المصادر أبدل كلمة (عاينه) بكلمة (عانه).
(3) شرح معاني الآثار 4: 400 و 401، وبداية المجتهد 2: 346، والمغني 7: 87، والمجموع 16: 114،
وعمدة القاري 23: 247، والبحر الزخار 6: 358، والشرح الكبير 7: 76 و 77.
(4) سنن الدارمي 2: 361، وشرح معاني الآثار 4: 400، وبداية المجتهد 2: 346، والمغني لابن قدامة
7: 87، والمجموع 16: 114، وعمدة القاري 23: 236 و 247، والبحر الزخار 6: 354، والشرح
الكبير 7: 76 و 77.
11

الجد مع ذي سهم، ولا على ولد الأم مع الأم، وهذا لا خلاف فيه.
وقال الشافعي: للبنت النصف، والباقي للعصبة، فإن لم تكن عصبة
فللمولى، وإن لم يكن مولى فلبيت المال (1).
قال أبو حامد: وهذه المسألة مثل مسألة ذوي الأرحام، لكن من قال:
بتقدم ذوي الأرحام هناك على المولى فهاهنا قدم الرد على المولى، ومن قال
هناك: يقدم المولى على ذوي الأرحام فهاهنا يقدم المولى على الرد، لكن يقدم
الرد على ذوي الأرحام (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (4) وهذا أقرب.
فإن قيل: قوله تعالى: (بعضهم أولى ببعض) (5) لم يقل في ماذا أولى، وإذا
لم يكن في صريحه، جاز لنا أن نحمله على أنه أولى بدفنه، والصلاة عليه،
وغسله.
قلنا: ذلك تخصيص يحتاج إلى دليل، نحن نحمله على عمومه.
فإن قيل: فقد بين بقوله (في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) (6) أنه
إنما أراد نسخ التوارث بالموآخات الأولة.
قيل: وهذا أيضا تخصيص يحتاج إلى دليل، وليس إذا كان آخر الآية

(1) مختصر المزني: 138 و 139، والمجموع 16: 113 و 114، وكفاية الأخيار 2: 13 و 29، وعمدة القاري
23: 247، وبداية المجتهد 2: 346، والوجيز 1: 261 و 263، والمغني لابن قدامة 7: 87، وتبين
الحقائق 3: 242، وسنن الترمذي 4: 286، والشرح الكبير 7: 76 - 77.
(2) شرح معاني الآثار 4: 402، وعمدة القاري 23: 236 و 247، والمغني لابن قدامة 7: 87 و 93 و 94،
وكفاية الأخيار 2: 13، وبداية المجتهد 2: 346، وتبيين الحقائق 3: 242 و 243، والشرح الكبير
7: 76 و 77.
(3) انظر التهذيب 9: 288 (باب 27) ميراث الأزواج.
(4) الأنفال 75.
(5) الأنفال: 75.
(6) الأحزاب: 6.
12

مخصوصا يجب تخصيص أولها.
فإن قالوا: يحمل على أن بعضهم أولى ببعض الذين بينهم في آية الفرائض
في سورة النساء (1)، لأنه قال: (في كتاب الله) (2).
قيل: وهذا أيضا تخصيص بلا دليل، وقوله: (في كتاب الله) يعني حكم
الله، وذلك عام في جميع ما قلناه.
وروى واثلة بن الأسقع (3): أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال: (تحوز
المرأة ثلاث مواريث: عتيقها، ولقيطها، وولدها الذي لاعنت عليه) (4).
وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه
وآله جعل ميراث ولد الملاعنة لأمه (5).
وفي بعض الأخبار والعصبة بعدها (6).
وروي عن النبي - صلى الله عليه وآله - أنه قال: (ولد الملاعنة أمه، أبوه
وأمه) (7) فجعل أمه أباه، فينبغي أن تأخذ الميراث بالأبوة والأمومة.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وآله - دخل على سعد ليعوده، فقال سعد:

(1) النساء: 11.
(2) الأحزاب: 6.
(3) واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر بن ليث الليثي، أسلم قبل تبوك وشهدها، روى عن النبي
صلى الله عليه وآله وأبي هريرة وأم سلمة وغيرهم. مات سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مائة وخمس
سنين. تهذيب التهذيب 11: 101.
(4) سنن الترمذي 4: 429 حديث 2115، وسنن أبي داود 3: 125 وحديث 2906، وسنن ابن ماجة
2: 916 حديث 2742، وسنن الدارقطني 4: 89 حديث 68 - 69 ومسند أحمد بن حنبل 3: 490،
والسنن الكبرى 6: 259، ومستدرك الحاكم 4: 341، وفي بعض هذه المصادر (تحرز).
(5) سنن أبي داود 3: 125 حديث 2908، ومسند أحمد بحنبل 2: 216، والسنن الكبرى 6: 259.
(6) سنن أبي داود 3: 125 حديث 907 و 2908 وسنن الدارمي 2: 361، والسنن الكبرى 6: 259،
ومستدرك الحاكم 4: 341.
(7) رواه ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللئالي 1: 226 حديث 117 بطريق من طرقه المذكورة فلاحظ.
13

يا رسول الله إنما ترثني ابنتان لي أفاوصي بمالي؟ فقال: (لا) فقال: أفاوصي
بنصف مالي؟ فقال: (لا) قال: أفاوصي بثلث مالي؟ فقال: (الثلث والثلث
كثير) (1).
وفي بعض الأخبار والثلث كبير (2). فوجه الدلالة من هذا أن سعدا قال
ابنتاي تحوزان المال، ولم ينكر النبي صلى الله عليه وآله، فدل على أنهما تحوزان.
مسألة 4: اختلف من قال بتوريث ذوي الأرحام.
فعندنا أنه يقدم الأقرب فالأقرب، وينزل كل واحد منزلة الوارث الذي
يمت به، فيكون ولد البنات والأخوات بمنزلة أمهاتهم، وبنات الأعمام
والعمات بمنزلة آبائهم وأمهاتهم، والخال والخالات وآباء الأم بمنزلة الأم،
والأعمام للأم والعمات لها بمنزلة الأب. وبه قال أكثرهم، وهو المحكي عن
علي عليه السلام، وعمر وابن مسعود (3).
وعن علي: أنه أنزل الأعمام للأم والعمات لها بمنزلة الأعمام للأب
والأم (4).
وكان الثوري، ومحمد بن سالم (5)، وأبو عبيد ينزلون العمات للأب بمنزلة

(1) صحيح البخاري 4: 3، وصحيح مسلم 3: 1253 حديث 8، وسنن الترمذي 4: 430 حديث
2116، وسنن أبي داود 3: 112 حديث 2864، وسنن الدارمي 2: 407، وسنن النسائي 6: 241
و 243، وفي بعض المصادر المذكورة اختلاف يسير في اللفظ.
(2) صحيح البخاري 4: 3 و 4، وسنن النسائي 6: 243.
(3) سنن الدارمي 2: 367 و 379، وشرح معاني الآثار 4: 400، والمغني لابن قدامة 7: 87 و 88،
والشرح الكبير 7: 105 وفتح الباري 12: 30.
(4) المغني لابن قدامة 7: 87 و 88، والشرح الكبير 7: 105.
(5) محمد بن سلام بن عبيد الله بن سالم الجمحي، أبو عبد الله البصري، حدث عن حماد بن سلمة،
ومبارك بن فضالة، وزائدة بن أبي الرقاد وغيرهم وعنه عبد الله بن أحمد بن حنبل وأبو العباس ثعلب
وابن الأبار وغيرهم، مات سنة 231 هجرية. تاريخ بغداد 5: 327.
14

الجد مع ولد الأخوات وبنات الأخوة. ونزلوا كل من يمت بذي سهم أو عصبة
بمنزلة من يمت به، ومن سبق إلى وارث في التنزيل كان أحق بالمال ممن هو
أبعد إلى الوارث (1). فهذا مثل ما قلناه سواء، إلا مراعاة العصبة، فإنا
لا نراعيها.
وروي عن محمد بن سالم (2)، والثوري، والحسن بن صالح بن حي أنهم ورثوا
من قرب ومن بعد إذا كانا من جهتين مختلفتين (3)، وقالوا: في ثلاث خالات
مفترقات: نصيب الأم بينهن على خمسة، لأنهن أخوات للأم متفرقات. وفي
ثلاث عمات مفترقات: نصيب الأب بينهن على خمسة، لأنهن أخوات متفرقات
للأب. ومن نزل العمات المفترقات بمنزلة الأعمام المفترقين فالمال كله للعمة
للأب والأم (4).
وقال نعيم بن حماد (5): نصيب الأب بينهن على ثلاثة، لكل واحدة منهن
سهم، وكذلك نصيب الأم بين الأخوال والخالات المفترقين بالسوية، وكذلك
في ولد الأخوال والخلات المفترقين، والأعمام والعمات، إلا أنه يقدم ولد
الأب والأم على ولد الأب، وولد الأب على ولد الأم (6).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقد بيناه في النهاية (7)، وتهذيب الأحكام
مشروحا (8).

(1) المغني لابن قدامة 7: 87، والشرح الكبير 7: 104 و 105، والمجموع 16: 114.
(2) في النسخة الحجرية: محمد بن سلام.
(3) المغني لابن قدامة 7: 109.
(4) المغني لابن قدامة 7: 107، والشرح الكبير 7: 105.
(5) نعيم بن حماد الخزاعي الفرضي المروزي، روى عن أبي حنيفة، هو شيخ البخاري ويحيى بن معين
مات سنة ثمان وعشرين ومائتين وقيل تسع وعشرين. الجواهر المضية 2: 202.
(6) المغني لابن قدامة 7: 107 و 108، والشرح الكبير 7: 104 و 105.
(7) نهاية الأحكام: 643 و 652.
(8) التهذيب 9: 268 و 9: 326، وانظر الكافي 7: 76 و 119.
15

مسألة 5: قد بينا أن ميراث ذوي الأرحام الأقرب أولى من الأبعد، ولو
كان بينهما درجة - اتفقت أسبابهم أو اختلفت - فإن أولاد الصلب وإن نزلوا،
ذكورا كانوا أو إناثا أولى من أولاد الأب ومن أولاد الأم وإن لم ينزلوا، وأن
أولاد الأب والأم وإن نزلوا أولى من أولاد الجد منهما وإن لم ينزلوا. وأن أولاد
الأبوين وإن نزلوا يقاسمون الجد والجدة من قبل الأبوين، وكذلك أولاد الجد
والجدة من جهتهما وإن نزلوا أولى من أولاد جد الأب وجد الأم وإن لم ينزلوا،
وعلى هذا التدريج كل من كان أقرب كان أولى.
وكان أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد يورثون ذوي الأرحام على ترتيب
العصبات.
فيجعلون ولد الميت من ذوي أرحامه أحق من سائر ذوي الأرحام، ثم ولد
أبي الميت، ثم ولد جده، ثم ولد أبي الجد، إلا أن أبا حنيفة قدم أب الأم على
ولد الأب، وذكر عنه أنه قدمه على ولد الميت أيضا (1).
وكان أبو يوسف، ومحمد يقدمان كل أب على أولاده، أو من كان في
درجة أولاده، ويقدمان عليه ولد أب أبعد منه ومن في درجتهم (2).
دليلنا: ما تقدم وتكرر من إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 6: ثلاث خالات مفترقات. وثلاثة أخوال مفترقين يأخذون نصيب
الأم، للخال والخالة من الأم الثلث بينهما بالسوية، والباقي للخال والخالة من

(1) النتف 2: 480، واللباب 4: 32 و 328، والمبسوط 30: 3 و 4 و 6، والفتاوى الهندية 6: 459،
وحاشية رد المختار 6: 791 و 792، وتبيين الحقائق 6: 238، 243، والمغني لابن قدامة 7: 88،
وبداية المجتهد 2: 333 و 334، والبحر الزخار 6: 353.
(2) المبسوط 30: 3 و 4 و 6، وتبيين الحقائق 6: 238 و 243.
(3) الكافي 7: 76 حديث 1 و 2 و 88 (باب ميراث ولد الولد)، والتهذيب 9: 268 (باب 22) حديث
974 و 1138 و 1140
16

قبل الأب والأم بينهما أيضا بالسوية.
وفي أصحابنا من قال: بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين، ويسقط الخال
والخالة من قبل الأب.
وقال من تقدم ذكره: للخال والخالة من الأب والأم المال كله، وإن لم
يكن فللخال والخالة من قبل الأب، وإن لم يكن فللخال والخالة من قبل
الأم (1).
دليلنا: ما تقدم ذكره.
مسألة 7: العمات المفترقات يأخذن نصيب الأب يقسم بينهن قسمة
الأخوات المفترقات بالسواء.
وقال من تقدم ذكره: يقدم من كان للأب والأم، فإن لم يكن فالتي
للأب، وإن لم يكن فالتي للأم (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى.
مسألة 8: بنات الإخوة المفترقين يأخذون نصيب آبائهن على ترتيب الإخوة
المفترقين، وكذلك أولاد الأخوات المفترقات.
وقال أبو يوسف في الفريقين: المال لمن كان للأب والأم، ثم لولد الأب،
ثم لولد الأم (3).
وكان محمد يورث بعضهم من بعض، بعد أن يجعل عدد من يدلي بأخت

(1) قال الشيخ الصدوق في المقنع: 175 (فإن الفضل بن شاذان ذكر أن المال للخال للأب والأم،
وسقط الخال للأب، وكذلك العم والخالة في هذا سواء على ما ذكره.
(2) هذا القول أيضا منسوب إلى الفضل بن شاذان كما يظهر ذلك من المقنع للشيخ الصدوق: 174
175 فلا حظ.
(3) المبسوط 30: 13 و 14، والفتاوى الهندية 6: 461 و 462، وحاشية رد المختار 6: 794، والمغني لابن
قدامة 7: 103 و 105، والشرح الكبير 7: 113.
17

أخوات، وعدد من يدلي بأخ إخوة، ثم يورثهم على سبيل ميراث الأخوات
المفترقات، والأخوة المفترقين (1)، كما نقول، لكن لا نراعي نحن العدد.
وروي عن أبي حنيفة مثل قول أبي يوسف، ومحمد جميعا (2). وكانوا
يورثون الأخوال والخالات من الأم وأولادهما، للذكر مثل حظ الأنثيين،
وكذلك الأعمام للأم والعمات وأولادهما، للذكر مثل حظ الأنثيين (3).
وكان أهل التنزيل (4) لا يفضلون ذكورهم على إناثهم (5)، وأجمعوا على أن
ولد الإخوة والأخوات من الأم لا يفضلون ذكورهم على إناثهم (6).
وكان أبو عبيد لا يفضل الذكر على أخته في جميع ذوي الأرحام (7).

(1) المبسوط 30: 14، وحاشية رد المختار 6: 794، والفتاوى الهندية 6: 461 و 462، والمغني لابن قدامة
7: 103 و 104، والشرح الكبير 7: 113.
(2) اللباب 4: 201، والمبسوط 30: 6 و 7 و 14، والفتاوى الهندية 6: 461، وحاشية رد المحتار
6: 794.
(3) المبسوط 30: 22 و 23، والفتاوى الهندية 6: 462 و 464، وحاشية رد المحتار 6: 796 و 797.
(4) قال السرخسي في مبسوطه 30: 4 ما لفظه: (الذين يورثون ذوي الأرحام أصناف ثلاثة: صنف منهم
يسمون أهل القرابة وهم: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر، وعيسى بن أبان. وإنما سموا
بذلك لأنهم يقدمون الأقرب فالأقرب.
وصنف منهم يسمون أهل التنزيل وهم: علقمة، والشعبي، ومسروق، ونعيم بن حماد، وأبو نعيم،
وأبو عبيد القاسم بن سلام، وشريك، والحسن بن زياد. سموا بذلك لأنهم ينزلون المدلي منزلة المدلي
به في الاستحقاق.
والصنف الثالث يسمون أهل الرحم، منهم: الحسن بن ميسر، ونوح بن ذراح. سموا بذلك لأنهم سووا
بين الأقرب والأبعد في الاستحقاق، وثبتوا الاستحقاق بأصل الرحم.
(5) المبسوط 30: 12.
(6) المبسوط 30: 13، والفتاوى الهندية 6: 461، وبداية المجتهد 2: 344، والوجيز 1: 262، والوجيز 1: 262، والسراج
الوهاج: 326، ومغني المحتاج 3: 18، والمغني لابن قدامة 7: 97.
(7) المبسوط 30: 12، والمغني لابن قدامة 7: 96.
18

دليلنا: إجماع الفرقة على ما تقدم ذكره (1).
مسألة 9: اختلف (2) عن أهل العراق في أعمام الأم وعماتها، وأخوالها
وخالاتها، وأجدادها وجداتها الذين يرثون (3) بالرحم، وفي أخوال الأب وعماته،
وأجداده وجداته الذين يرثون بالرحم.
فروى عنهم عيسى بن أبان: أن نصيب الأم لقرابتها من قبل أبيها،
ونصيب الأب لقرابته من قبل أبيه (4).
وروى أبو سليمان الجوزجاني (5)، واللؤلؤي: أن نصيب الأم ثلثاه لقرابتها
من قبل أبيها، وثلثه لقرابتها من قبل أمها، وأن نصيب الأب ثلثاه لقرابته من
قبل أبيه، وثلثه لقرابته من قبل أمه، فإذا اجتمع قرابتا الأب والأم، وكان
بعضهم أقرب بدرجة، فالمال كله لأقربها مثل أم أبي أم، وأم أبي أم أب، فالمال
كله لأم أبي الأم (6).
وهذا هو الصحيح الذي نذهب إليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (7).
مسألة 10: اختلف من ورث ذوي الأرحام إذا كان معهم زوج أو
زوجة، مثل أن يخلف الميت زوجا وبنت بنت وبنت أخت.
فعندنا للزوج سهمه الربع، والباقي لبنت البنت، وتسقط بنت الأخت.
وكان الحسن بن زياد، وأبو عبيد يعطيان الزوج فرضه النصف، ويجعلان

(1) تقدم ذكر الإجماع في دليل المسألة الخامسة من هذا الكتاب فلا حظ.
(2) في النسخة الحجرية: اختلف أهل العلم من.
(3) في النسخة الحجرية اللايي يرتن.
(4) المبسوط 30: 23، و 25 و 26.
(5) أبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني، كان رفيقا للمعلي بن منصور في أخذ الفقه ورواية
الكتب، روى عن أبي يوسف ومحمد، مات بعد الثمانين والمأتين، الجواهر المضية 2: 186.
(6) المبسوط 30: 23 و 25 و 26.
(7) انظرها في التهذيب 9: 268 و 324.
19

النصف الباقي لبنت البنت نصفه، ونصفه لبنت الأخت لأنهما بمنزلة بنت
واحدة وأخت (1).
وكان يحيى بن آدم (2)، وأبو نعيم يحجبان الزوج ويعطيانه الربع،
ولابنة البنت النصف سهمان من أربعة، والباقي لبنت الأخت، ثم يرجعان
فيعطيان الزوج النصف، يجعلان باقي المال بين بنت البنت وبنت الأخت
على ثلاثة، ثلثاه لبنت البنت، وثلثه لبنت الأخت على قدر سهامهما في حال
الحجب، وتصح من ستة (3).
دليلنا: ما تقدم ذكره من إجماع الفرقة، وأيضا: فبنت البنت بنت يتناولها
الظاهر، وقد بينا أيضا: أن ولد الأب لا يرث مع ولد الصلب وإن نزل (4).
مسألة 11: عم لأب مع ابن عم لأب وأم، المال لابن العم للأب والأم،
دون العم للأب. وخالف جميع الفقهاء في ذلك (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في ذلك، ويقولون: أن أمير المؤمنين
- عليه السلام - كان أولى من العباس لو جاز أن يرثا مع البنت، لأن القول
بالعصبة باطل عندهم.
مسألة 12: لا يرث المولى مع ذي رحم، قريبا كان أو بعيدا. وبه قال علي
- عليه السلام - وعمر، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو الدرداء، ومعاذ، وعلقمة،

(1) المغني لابن قدامة 7: 94، والشرح الكبير 7: 128 و 129، والبحر الزخار 6: 353.
(2) أبو زكريا يحيى بن آدم الكوفي، الفقيه الحافظ، سمع من يونس بن أبي إسحاق، ونصر بن خليفة
وهذه الطبقة، مات سنة (203) هجرية. شذرات الذهب 2: 8، ومرآة الجنان 2: 10.
(3) المغني لابن قدامة 7: 94، والشرح الكبير 7: 128 و 129.
(4) تقدم بيان في دليل المسألة الخامسة فلاحظ.
(5) النتف 2: 837، 838، واللباب 4: 193 و 201، والفتاوى الهندية 6: 451، والمبسوط 29: 174،
والمجموع 16: 97 و 98 وكفاية الأخيار 2: 13، والوجيز 1: 263، والسراج الوهاج: 323.
20

والأسود، وعبيدة، والشعبي، وشريح، ومجاهد (1).
وكان زيد يورث ذا السهم سهمه، ويجعل الباقي للمولى، ويورثه دون ذوي
الأرحام الذين لا سهم لهم وإليه ذهب الحسن البصري، والأوزاعي، ومالك،
والشافعي، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، وأهل العراق (2).
وروي عن علي - عليه السلام - القولان معا (3).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض) (4) وقوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) (5) وذو الأرحام من جملة الرجال
والنساء.
مسألة 13: الابن، والأب، والجد، وابن الأخ، والعم، وابن العم، والمولى
كلهم يأخذون يأخذون بآية أولي الأرحام (6) دون التعصيب، والمولى يأخذ بالولاء.
وقال الشافعي: يأخذ هؤلاء كلهم بالتعصيب. وبه قال باقي الفقهاء (7).

(1) المغني لابن قدامة 7: 93 و 239 و 240، والشرح الكبير 7: 104، والنتف 2: 841، والمجموع 16: 55
و 56، والمبسوط 30: 2 و 3.
(2) اللباب 4: 202، والنتف 2: 841، والفتاوى الهندية 6: 447، وتبيين الحقائق 6: 242، والمجموع
16: 55 و 56، والسراج الوهاج: 327، والمغني لابن قدامة 7: 932 و 239، والشرح الكبير 7: 104.
(3) المبسوط 30: 2 و 45، والنتف 2: 1 و 8، والمجموع 16: 56.
(4) الأنفال: 75.
(5) النساء: 7.
(6) (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين) الأحزاب: 6.
(7) النتف 2: 837، واللباب 4: 193 و 194، والمبسوط 29: 174، والفتاوى الهندية 6: 451،
والفتاوى، البزازية في هامش الفتاوى الهندية 6: 456، وحاشية رد المحتار 6: 776 و 777، وتبيين
الحقائق 6: 238، والمغني لابن قدامة 7: 64، والشرح الكبير 7: 58 و 59، والمجموع 16: 97 و 98
و 113، والوجيز 1: 260 و 263، والسراج الوهاج: 320، وكفاية الأخيار 2: 13، وأقرب المسالك
2: 479.
21

دليلنا: إجماع الفرقة على بطلان القول بالتعصيب، وسندل على ذلك فيما
بعد - إن شاء الله - والمولى يأخذ بالولاء إجماعا، فإن سموا ذلك تعصيبا فهو
خلاف في عبارة.
مسألة 14: ميراث من لا وارث له لا ينقل إلى بيت المال، وهو للإمام
خاصة.
وعند جميع الفقهاء ينقل إلى بيت المال، ويكون للمسلمين (1).
وعند الشافعي: يرثه المسلمون بالتعصيب (2).
وعند أبي حنيفة في إحدى الروايتين عنه.
وفي الرواية الأخرى بالموالاة دون التعصيب (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وأيضا: فلا خلاف أن للإمام أن يخص به قوما دون قوم، فلولا أنه له لم يجز
ذلك، ولأنه لو كان ميراثا لكان للذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، فلما لم
يفضل ذكر على أنثى دل على أنه ليس بميراث. فأما الذمي إذا مات ولا وارث
له، فإن ماله لبيت المال فيئا بلا خلاف بينهم (5).

(1) مختصر المزني: 139، والوجيز 1: 263، والمجموع 16: 54 و 113، ومغني المحتاج 3: 4، والسراج
الوهاج: 320، وكفاية الأخيار 2: 13، وبداية المجتهد 2: 349، والنتف 2: 843، والمغني لابن
قدامة 7: 179، والشرح الكبير 7: 174، وتبيين الحقائق 6: 242، وسبل السلام 3: 958.
(2) المجموع 16: 54 و 113، والوجيز 1: 263، ومغني المحتاج 3: 4، والسراج الوهاج: 320، وكفاية
الأخيار 2: 14.
(3) النتف 2: 843، والوجيز 1: 263، وبداية المجتهد 2: 349، وحاشية رد المحتار 6: 766.
(4) الكافي 7: 168 حديث 1 و 4، والفقيه 4: 242 باب 170، والتهذيب 9: 386 حديث 1379 و
1383، والاستبصار 4: 195 حديث 732 و 736.
(5) المجموع 16: 113، والمغني لابن قدامة 7: 179، والشرح الكبير 7: 174، ومغني المحتاج 3: 5، والبحر
الزخار 6: 370.
22

وعندنا أنه للإمام مثل الذي للمسلم سواء.
دليلنا: عليهما واحد، وهو إجماع الفرقة.
مسألة 15: كل موضع وجب المال لبيت المال عند الفقهاء وعندنا
للإمام، إن وجد الإمام العادل سلم إليه بلا خلاف، وإن لم يوجد وجب حفظه
له عندنا كما يحفظ سائر أمواله التي يستحقها.
واختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من قال: إذا فقد الإمام العادل سلم
إلى ذوي الأرحام، لأن هذه مسألة اجتهادية، فإذا بطل إحدى الجهتين ثبتت
الأخرى (1).
ومنهم من قال: هذا لا يجوز، لأنه حق لجميع المسلمين، فلا يجوز دفعه إلى
ذوي الأرحام، لكن يفعل به ما يفعل بزكاة الأموال الظاهرة، والإنسان بالخيار
بين أن يسلمه إلى الإمام الجائر، وبين أن يضعه في مصالح المسلمين، وبين أن
يحفظه حتى يظهر إمام عادل كذلك هاهنا (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا فإذا دفعه إلى الإمام العادل برئت ذمته بلا خلاف، وليس على
براءة ذمته إذا دفعه إلى الجائر أو صرفه في مصالح المسلمين دليل.
مسألة 16: لا يرث الكافر المسلم بلا خلاف.
وعندنا: أن المسلم يرث الكافر قريبا كان أو بعيدا. وبه قال في الصحابة
- على رواية أصحابنا - علي عليه السلام (4)، وعلى قول المخالفين: معاذ بن

(1) المجموع 16: 113، وكفاية الأخيار 2: 13 - 14.
(2) المجموع 16: 113 و 114، وكفاية الأخيار 2: 13 - 14.
(3) الكافي 7: 168 حديث 1 و 4، والفقيه 4: 242 باب 170، والتهذيب 9: 386 باب 44 حديث
1379 و 1383، والاستبصار 4: 195 باب 113 حديث 732 و 736.
(4) الكافي 7: 146 حديث 1، والتهذيب 9: 371 حديث 1326، والاستبصار 4: 193 حديث 723.
23

جبل، ومعاوية بن أبي سفيان. وبه قال مسروق، وسعيد، وعبد الله بن معقل،
ومحمد بن الحنفية، ومحمد بن علي الباقر عليه السلام، وإسحاق بن راهويه (1).
وقال الشافعي: لا يرث المسلم الكافر (2). وحكوا ذلك عن علي عليه
السلام، وعمر، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وزيد بن ثابت
والفقهاء كلهم (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وأيضا قول النبي صلى الله عليه وآله: (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) (5).
وروى معاذ بن جبل: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله - يقول:
(الإسلام يزيد ولا ينقص) (6).
وما رواه المخالفون من قول النبي صلى الله عليه وآله: (لا يتوارث أهل
ملتين) (7) صحيح، لأن ذلك لا يكون إلا بثبوت التوارث بين كل واحد من

(1) الأم 4: 73، وأحكام القرآن للجصاص 2: 101، والمغني لابن قدامة 7: 167، والمبسوط 30: 30،
وفتح الباري 12: 50، والشرح الكبير 7: 161، وبداية المجتهد 2: 347، وعمدة القاري 23: 260، والمحلى
9: 304، وسبل السلام 3: 954، والبحر الزخار 6: 369.
(2) مختصر المزني: 140، والمغني لابن قدامة 7: 166 و 167، والوجيز 1: 226، ومغني المحتاج 3: 24،
وعمدة القاري 23: 260، والشرح الكبير 7: 161، وفتح الباري 12: 50، والسراج الوهاج: 329،
والأم 4: 73، وكفاية الأخيار 2: 12، والمجموع 16: 57 و 58.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 101، واللباب 3: 324، والمحلى 9: 304، والمجموع 16: 58،
والمغني لابن قدامة 7: 166 - 167، والشرح الكبير 7: 160 و 161، وفتح الباري 12: 50، وعمدة
القاري 23: 260، والمبسوط 30: 30، وبداية المجتهد 2: 346، وسبل السلام 3: 954، وأسهل
المدارك 3: 288، والخرشي 8: 223.
(4) الكافي 7: 142 حديث 2 و 3، والفقيه 4: 243، والتهذيب 9: 365 حديث 1303 و 1304.
(5) من لا يحضره الفقيه 4: 243 حديث 778.
(6) سنن أبي داود 3: 126 حديث 2912، ومسند أحمد بن حنبل 5: 236، والسنن الكبرى 6: 254.
(7) سنن أبي داود 3: 126 حديث 2911، وسنن الترمذي 4: 424 حديث 2108، وسنن ابن ماجة
2: 912 حديث 2731، وسنن الدارقطني 4: 72 حديث 16 و 25، وأحكام القرآن للجصاص
2: 101.
24

صاحبه، وذلك لا نقوله.
ويدل على صحة ما قلناه قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر
مثل حظ الأنثيين) (1) وقوله: (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) (2) وقوله:
(للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون) (3) فهو على عمومه إلا ما أخرجه الدليل.
مسألة 17: الكفر ملة واحدة، فالذمي يرث من الذمي، كما أن المسلم
يرث من المسلم. وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، والثوري، وأصحاب
أبي حنيفة (4).
وذهب قوم إلى أن الكفر ملل، ولا يرث الذمي من الذمي. وبه قال
شريح، والزهري، وربيعة، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).
وروى أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (لا يرث المسلم
الكافر، ولا الكافر المسلم) (7) فجعل الكفر ملة واحدة.

(1) النساء: 11.
(2) النساء: 12.
(3) النساء: 7.
(4) اللباب 4: 197، والمبسوط 30: 31، وفتح الباري 12: 51، وتبيين الحقائق 6: 24، والمجموع
16: 58 و 59، والسراج الوهاج: 329، ومغني المحتاج 3: 25، والوجيز 1: 266، وكفاية الأخيار
2: 13، والمدونة الكبرى 3: 391، وبداية المجتهد 2: 353، والخرشي 8: 223.
(5) المجموع 16: 59، والمغني لابن قدامة: 168 و 169، وبداية المجتهد 2: 353، وفتح الباري 12:
51.
(6) دعائم الإسلام 2: 385 حديث 1369، والتهذيب 9: 371 و 372 حديث 1327 و 1330.
(7) صحيح مسلم 3: 1233 حديث 1614 وسنن أبي داود 3: 125 حديث 2909، وسنن ابن ماجة
2: 911 حديث 2729، وسنن الدارمي 2: 270 و 371، ومسند أحمد بن حنبل 5: 200، والسنن
الكبرى 6: 218، والحسان بترتيب صحيح ابن حبان 7: 609 حديث 6001، والمصنف لعبد
الرزاق 10: 341 حديث 19304
25

مسألة 18: إذا أسلم الكافر قبل قسمة الميراث، شارك أهل الميراث في
ميراثهم، وإن كان بعد قسمته لم يكن له شئ. وبه قال عمر، وعثمان،
والحسن، وقتادة، وجابر بن زيد، وعكرمة، وأحمد، وإسحاق (1).
وقالوا: كان علي عليه إسلام لا يورث من أسلم على ميراث (2). وبه قال
ابن المسيب، وعطاء، وطاووس، وأهل العراق، ومالك، والشافعي (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4). وأيضا: ظواهر القرآن كلها تتناوله (5).
وإنما منعناه الميراث في حال كفره بالإجماع.
مسألة 19: المملوك لا يورث منه بلا خلاف، لأنه لا يملك، وهل يرث أم
لا؟ فيه خلاف.
فعندنا: أنه إن كان هناك وارث فإنه لا يرث لا أن يعتق قبل قسمة
المال، فإنه يقاسمهم المال. وإن لم يكن هناك مستحق اشتري المملوك بذلك
المال أو ببعضه، وأعتق، وأعطي الباقي. وإن لم يسع المال لثمنه سقط ذلك،
وكان لبيت المال.

(1) أحكام القرآن للجصاص 2: 104 ومصنف عبد الرزاق 10: 350 حديث 19332، والمحلى
9: 307، وبداية المجتهد 2: 354 والمغني لابن قدامة 7: 172 و 173، والمجموع 16: 60، والشرح
الكبير 7: 161 و 162، وعمدة القاري 23: 260.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 104، والمغني لابن قدامة 7: 173، والشرح الكبير 7: 162.
(3) المدونة الكبرى 3: 391، وأحكام القرآن للجصاص 2: 104، والمحلى 9: 310، وعمدة القاري 23:
260، وكفاية الأخيار 2: 12 و 13، والمجموع 16: 60، وفتح الباري 12: 50، وبداية المجتهد
2: 354، والمغني لابن قدامة 7: 173، والشرح الكبير 7: 161 و 162.
(4) الكافي 7: 144 حديث 3 و 4، والتهذيب 9: 369 حديث 1317 - 1318.
(5) النساء: 11 - 12.
26

وقال ابن مسعود: يشترى بهذا المال، فما بقي يرثه (1)، ولم يفصل.
وقال طاووس: يرثه كالوصية (2).
وقال باقي الفقهاء: أبو حنيفة، والشافعي، ومالك: أنه لا يورث (3).
وروي ذلك عن علي عليه السلام، وعمر (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وجميع ظواهر القرآن (6) تتناول عمومها
هذا الموضع. وإنما تخصها بدليل في بعض الأحوال.
مسألة 20: العبد إذا كان بعضه حرا وبعضه مملوكا فإنه يرث بحساب
الحرية، ويحرم بحساب الرق. وخالف الفقهاء كلهم (7) في ذلك، وقالوا:
حكمه حكم العبد القن سواء (8).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (9). تدل على ذلك، وليس هاهنا مخص
لها.

(1) المغني لابن قدامة 7: 131، والشرح الكبير 7: 222.
(2) المغني لابن قدامة 7: 131، والشرح الكبير 7: 222.
(3) الأم 4: 72 و 74، والمدونة الكبرى 3: 390، وأحكام القرآن للجصاص 2: 101، والنتف 2: 846،
واللباب 3: 315، والمحلى 9: 301، وعمدة القاري 23: 261، وكفاية الأخيار 2: 12، والسراج
الوهاج: 329، والمجموع 16: 57، وفتح الباري 12: 53، والمغني لابن قدامة 7: 131 و 132،
والشرح الكبير 7: 222، ومغني المحتاج 3: 25، وتبيين الحقائق 6: 239 و 240، والأشباه والنظائر:
312، والبحر الزخار 6: 368، وفتح الرحيم 3: 158.
(4) المغني لابن قدامة 7: 131، والشرح الكبير 7: 222، وسنن الدارمي 2: 351.
(5) الكافي 7: 146 و 149، والفقيه 4: 246، والتهذيب 9: 333، والاستبصار 4: 175.
(6) النحل: 75.
(7) يستفاد من كلام ابن قدامة في المغني 7: 134 و 135 إن الكثير من الفقهاء يقولون بقولنا فلاحظ.
(8) الأم 4: 74 و 83، والمجموع 16: 57، والسراج الوهاج: 329، وكفاية الأخيار 2: 12، ومغني
المحتاج 3: 25، والمغني لابن قدامة 7: 134 و 135، والمحلى 9: 302، والفتاوى الهندية 6: 454،
وأسهل المدارك 3: 248، وفتح الرحيم 3: 151، وتبيين الحقائق 6: 240.
(9) الكافي 7: 151، والفقيه 4: 247، والتهذيب 9: 349، والاستبصار 4: 37.
27

مسألة 21: متى اكتسب هذا العبد مالا - فإنه يكون بينه وبين سيده، إما
بالمهاياة (1) أو بغير المهاياة - ومات فإنه يورث عنه ما يخصه، ولا يكون لسيده.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: يورث.
والثاني: لا يورث، لأن كل معنى أسقط إرثه أسقط الإرث له
كالارتداد (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وظاهر الآيات (3)، وإنما تخصه بدليل.
مسألة 22: القاتل إذا كان عمدا في معصية فإنه لا يرث المقتول
بلا خلاف. وإن كان عمدا في طاعة فإنه يرثه عندنا، وفيه خلاف. وإن كان
خطأ فإنه لا يرث من ديته ويرث ما سواها، وفيه خلاف.
وروي مثل مذهبنا عن عمر (4).
ووافقنا عليه جماعة من الفقهاء: عطاء، وسعيد بن المسيب، ومالك،
والأوزاعي (5).
وذهب قوم إلى أنه يرث من ماله وديته (6).

(1) من اصطلاحات الفقهاء يراد به: انتفاع كل واحد منهما بقدر سهمه في الاكتساب.
(2) المغني لابن قدامة 7: 135، والمجموع 16: 57، والسراج الوهاج: 329، ومغني المحتاج 3: 25،
وكفاية الأخيار 2: 12.
(3) انظرها في سورة النساء، آية 11 و 12 و 176.
(4) سنن الدارقطني 4: 95 حديث 83، والموطأ 2: 867 حديث 10، والسنن الكبرى 6: 220، والمغني
لابن قدامة 7: 163.
(5) الموطأ 2: 868، وسنن الدارمي 2: 384، والمغني لابن قدامة 7: 163، والمجموع 16: 61، وبداية
المجتهد 2: 354، والمبسوط 30: 47، وفتح الرحيم 3: 156، وأسهل المدارك 3: 288، ونيل الأوطار
6: 195، والبحر الزخار 6: 367.
(6) المغني لابن قدامة 7: 163، والمجموع 16: والمبسوط 30: 48.
28

وقال الشافعي: القاتل لا يرث سواء كان صغيرا أو كبيرا، مجنونا أو عاقلا،
عمدا كان أو خطأ، لمصلحة أو لغير مصلحة، مثل أن يسقيه دواء، أو بط (1)
جرحه (2) فمات، وسواء كان قتل مباشرة، أو بسبب جناية أو غير جناية، وسواء
كان حاكما شهد عنده بالقتل أو بالزنا وكان محصنا، أو اعترف فقتله. وسواء
كان عادلا (3) فرماه وقتله في المعركة (4). وبه قال في الصحابة: علي - عليه
السلام - على ما رواه عنه عبد الله بن عباس، وفي التابعين: عمر بن عبد العزيز،
وفي الفقهاء: أحد، أطلقوا بأن القاتل لا يرث بحال (5).
ومن أصحاب الشافعي من قال: أن كان جناية لإرثه، مثل أن يكون قتل
العمد الذي يوجب القود والكفارة أو قتل الخطأ الذي يوجب الدية والكفارة،
أو قتله مسلم في دار الحرب، فوجب الكفارة (6).
وقال أبو إسحاق: إن كان موضع التهمة فإنه لا يرثه، مثل أن يكون حاكما
فشهد عنده بقتل ابنه عمدا، أو بالزنا وكان محصنا فقتله، فإنه لا يرثه. فإن
هاهنا تهمة التزكية، لأن إليه تزكية العدول، فأما إن اعترف فإنه يرثه فإنه ليس
بمتهم (7) قال أبو حامد: وهذان ليسا بشئ.
واختلفوا في قاتل الخطأ، فكان علي - عليه السلام - على ما رووه عنه -

(1) البط: شق الدمل والخرج ونحوهما. انظر النهاية 1: 135.
(2) في النسخة الحجرية: يطلى جراحه.
(3) زاد في بعض النسخ (أو باغيا).
(4) المجموع 16: 61، والوجيز 1: 267، والأم 4: 72 - 73، ومغني المحتاج 3: 25، والسراج الوهاج:
329، وكفاية الأخيار 2: 12، وبداية المجتهد 2: 354، والمغني لابن قدامة 7: 162 و 164، والبحر
الزخار 6: 367، ونيل الأوطار 6: 195.
(5) المجموع 16: 61 والمغني لابن قدامة 7: 162 و 163.
(6) المجموع 16: 61، والسراج الوهاج: 329.
(7) المجموع 16: 61، وبداية المجتهد 2: 354.
29

وعمر، وزيد وابن عباس لا يورثونه (1) وبه قال الشافعي، والنخعي،
والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (2)، إلا أن من قول أبي حنيفة: أن المجنون،
والمغلوب على عقله، والصبي، والعادل إذا قتل الباغي ورثوا من المال والدية
معا (3)، وكان عطاء ومالك، والزهري، وأهل المدينة يورثون قاتل الخطأ من
المال دون الدية (4). وكان أهل البصرة يورثونه من المال والدية معا.
وقال أبو حنيفة: إن كان القتل بالمباشرة فإنه لا يرثه، إلا في ثلاثة:
الطفل، والمجنون، والمعادل إذا رمى في الصف فقتل واحدا من المقاتلة. فأما
بالسبب، مثل أن لو حفر بئرا فوقع فيها إنسان، أو نصب سكينا فعثر به إنسان
فمات، أو ساق دابة أو قادها فرفست فقتله (5) فإنه يرثه (6) فأما إن كان راكبا
على الدابة فرفسها وقتلت إنسانا فإنه لا يرثه (7).
وقال أبو يوسف ومحمد: يرث من الذي قتلته الدابة، وإن كان راكبا (8).
دليلنا: إجماع الفرقة.

(1) سنن الدارمي 2: 385، والسنن الكبرى 6: 220، والمغني لابن قدامة 7: 163، والشرح الكبير
7: 219.
(2) الأم 4: 73، ومختصر المزني: 138، والوجيز 1: 267، والمجموع 16: 61، والمغني لابن قدامة
7: 163، واللباب 3: 315، والمبسوط 30: 46 و 47، والفتاوي الهندية 6: 454، وكفاية الأخيار
2: 12، والشرح الكبير 7: 219، وحاشية رد المحتار 6: 767، ونيل الأوطار 6: 195، والبحر الزخار
6: 367.
(3) المبسوط 30: 48، والمجموع 16: 61، والبحر الزخار 6: 368.
(4) المبسوط 30: 47، والمغني لابن قدامة 7: 163، ونيل الأوطار 6: 195، والشرح الكبير 7: 220،
وبداية المجتهد 2: 360، والبحر الزخار 6: 367.
(5) في النسخة الحجرية: فقتلت.
(6) الفتاوى الهندية 6: 454، وحاشية رد المحتار 6: 767، والمغني لابن قدامة 7: 164، والمجموع
16: 61، والشرح الكبير 7: 219 و 220، والبحر الزخار 6: 367 و 368.
(7) الفتاوى الهندية 6: 454، والمجموع 16: 61.
(8) الفتاوى الهندية 6: 454، والمجموع 16: 61 و 62، والبحر الزخار 6: 367.
30

وروى محمد بن سعيد (1) - قال الدارقطني (2): وهو ثقة - عن عمرو بن
شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، أن النبي صلى الله عليه وآله
قال: (لا يتوارث أهل ملتين بشئ، ترث المرأة من مال زوجها ومن ديته،
ويرث الرجل من مالها ومن ديتها ما لم يقتل أحدهما صاحبه، فإن قتل أحدهما
صاحبه عمدا فلا يرث من ماله ولا من ديته، وإن قتله خطأ ورث من ماله
ولا يرث من ديته) (3) وهذا نص.
وكلما يروى من الأخبار في أن القاتل لا يرث، ويتعلق بعمومه، لنا أن
نخصه بهذا الخبر.
مسألة 23: المهدوم عليهم والغرقى إذا لم يعرف تقدم موت بعضهم على
بعض، فإنه يورث بعضهم من بعض من نفس ما ترك دون ما يرثه من صاحبه
وبه قال علي عليه السلام، وهو إحدى الروايتين عن عمر (4)، وبه قال
شريح، وإياس بن عبد الله (5) والحسن البصري، والشعبي، وسفيان الثوري،
وابن أبي ليلى، كلهم ذهبوا إلى أن الميت يرث من الميت (6).

(1) محمد بن سعيد الطائفي، روى عن ابن جريح وعنه الحسن بن صالح حي، قال الدارقطني بعد ذكر
الحديث أنه ثقة. سنن الدارقطني 4: 73 حديث 17.
(2) أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود البغدادي الدارقطني، درس فقه الشافعي على أبي
سعيد الإصطخري، ولد سنة 306 ومات في بغداد سنة 385 هجرية أهم تصانيفه السنن. انظر
شذرات الذهب 3: 116.
(3) سنن الدارقطني 4: 72 - 73 حديث 16 و 17 باختلاف في اللفظ فلاحظ.
(4) المجموع 16: 68، والمغني لابن قدامة 7: 187، وبداية المجتهد 2: 348 و 349، والمبسوط 30: 27 -
28، والشرح الكبير 7: 156، وتبيين الحقائق 6: 241.
(5) إياس بن عبد الله بن أبي ذباب الدوسي، سكن مكة، مختلف في صحبته، وذكره ابن حبان في ثقات
التابعين وذكره في الصحابة، والراجع صحبته. قاله ابن حجر في تهذيب التهذيب 1: 389.
(6) المجموع 16: 68، والمغني لابن قدامة 7: 187، والشرح الكبير 7: 156، والبحر الزخار 6: 362.
31

وقال الشافعي: من غرق أو انهدم عليه، أو يقتل في الحرب ولم يعرف موت
أحدهم إذا كانوا جماعة، فإنه إن كان يعرف أن أحدهم سبق موته فإن الميراث
يكون للباقي. وإن عرف السابق لكن نسي أيهم كان، فإن الميراث يكون
موقوفا رجاء أن يذكر ذكرا ناقصا أو تاما. وإن كان أحدهما أسبق ولم يعرف
عينه، فإن ميراثه يكون لورثته الأحياء، ولا يرث الموتى عنه (1). وبه قال أبو
بكر، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس،. وزيد بن ثابت، وابن عمر، وهو
إحدى الروايتين عن عمر (2)، ومعاذ بن جبل لا يورث الموتى من الموتى. وبه
قال أبو حنيفة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وروى أياس بن عبد الله (5): أن النبي - صلى الله عليه وآله - نهى عن بيع
الماء (6) وسئل عن قوم انهدم عليهم بيت فقال: (يرث الموتى من الموتى) (7).
مسألة 24: القاتل والمملوك، والكافر لا يحجبون. وبه قال جميع الفقهاء،

(1) المجموع 16: 68، ومغني المحتاج 3: 26، والسراج الوهاج: 329، والوجيز 1: 267، والمغني لابن
قدامة 7: 187، والشرح الكبير 7: 156، وبداية المجتهد 2: 349، والبحر الزخار 6: 362.
(2) المغني لابن قدامة 7: 187، والشرح الكبير 7: 156، والمبسوط 30: 27، وبداية المجتهد 2: 349،
والمجموع 16: 68، وتبيين الحقائق 6: 241.
(3) المبسوط 30: 27، والفتاوى الهندية 6: 457، وتبيين الحقائق 6: 241، والمجموع 16: 68، وبداية
المجتهد 2: 349، والمغني لابن قدامة 7: 187، والشرح الكبير 7: 156.
(4) الكافي 7: 136، والتهذيب 9: 359 تدل عليه أكثر أحاديث الباب فلاحظ.
(5) كذا في جميع النسخ المعتمدة، أما حديث النهي عن بيع الماء فقد رواه أياس بن عبد المزني عن النبي
صلى الله عليه وآله وعنه أبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم - وهو غير من تقدم ذكره فلاحظ تهذيب
التهذيب 1: 389.
(6) سنن الترمذي 3: 571 حديث 1271، ومسند أحمد بن حنبل 3: 417.
(7) المغني لابن قدامة 7: 189 والشرح الكبير 7: 157.
32

وجميع الصحابة إلا عبد الله بن مسعود، فإنه انفرد بخمس مسائل (1) هذه أولها،
فإنه قال: القاتل والمملوك والكافر يحجبون حجبا مقيدا (2) (3). والمقيد:
ما يحجب من فرض إلى فرض.
دليلنا: إجماع الفرقة، بل إجماع الأمة، وابن مسعود قد انقرض خلافه.
مسألة 25: أولاد الأم يسقطون مع الأبوين ومع الأولاد، ذكورا كانوا أو
إناثا، ومع ولد الولد ذكورا كانوا أو إناثا، سواء كانوا أولاد ابن أو أولاد بنت،
ولا يسقطون مع الجد.
وقال الشافعي: يسقطون مع أربعة: مع الأب، والجد، وإن علا، ومع
الأولاد ذكروا كان (4) أو إناثا، ومع أولاد الابن ذكورا كانوا أو إناثا (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).
ودليلنا على أنهم لا يسقطون مع الجد بعد الإجماع المذكور: أنهم يتساوون في
القربى والجد يرث عندنا بالرحم لا بالتعصيب.
وأما سقوطهم مع ولد البنت، فلأن ولد البنت ولد على الحقيقة، على
ما دللنا عليه.

(1) قال ابن قدامة في المغني 7: 30 ما لفظه: (فحصل خلاف ابن مسعود في مسائل ست هذه
إحداهن... إلى آخر مسائله).
(2) قال ابن قدامة في المصدر السابق: (السادس يحجب الزوجين والأم بالكفار والعبيد والقاتلين
ولا يورثهم).
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 83، والنتف 2: 846، والمبسوط 29: 148 و 202، وتبيين الحقائق
6: 239، والفتاوى الهندية 6: 453، والمغني لابن قدامة 7: 193، وبداية المجتهد 2: 354، والمجموع
16: 90، والبحر الزخار 6: 367.
(4) في النسخة الحجرية: كانوا.
(5) المجموع 16: 87 و 89، والسراج الوهاج: 322، والوجيز 1: 265، ومغني المحتاج 3: 11، وكفاية
الأخيار 2: 17، والمغني لابن قدامة 7: 5.
(6) انظر الكافي 7: 91 و 92 حديث 1 وصفحة 111 (باب الإخوة من الأم مع الجد)، والتهذيب 9:
280 حديث 1013 و 284 حديث 1026 و 307 حديث 1096 و 1103.
33

مسألة 26: كلالة الأم: هم الإخوة والأخوات من قبل الأم. وكلالة
الأب: هم الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم، أو من قبل الأب. وبه
قال الشافعي (1)، وبه قال في الصحابة: علي - عليه السلام - وأبو بكر،
وعمر، وزيد بن ثابت، وجابر بن عبد الله (2).
وقال القتبي (3): الكلالة: الوالدان.
وقال أبو عبيدة: الكلالة الوالدان والمولودون (4).
قال الساجي قال أهل البصرة: الكلالة إنما هو الميت (5).
وقال أهل الحجاز، وأهل الكوفة: الكلالة الورثة (6). وعلى هذا أهل اللغة.
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا قوله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة) (7).
وقراءة ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص: كلالة أو امرأة، وله أخ أو أخت
من أم (8) ولأنه تعالى قال: (فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في

(1) المجموع 16: 89 - 90 وفيه (الكلالة من لا ولد له ولا والد).
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 87، والتفسير للرازي 9: 220، وأحكام القرآن لابن العربي
1: 347 والجامع لأحكام القرآن 5: 76 و 78، وعمدة القاري 23: 230، والمبسوط 29: 152،
والمغني لابن قدامة 7: 7، والشرح الكبير 7: 57، والبحر الزخار 6: 339.
(3) أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل المروزي، نحوي، لغوي، صاحب كتاب المعارف
وغيره من المصنفات سمع إسحاق بن راهويه وطبقته مات في سنة 276 هجرية، شذرات الذهب
2: 168.
(4) انظر المبسوط 29: 153 وفيه (قال أبو عبيدة: هو اسم لميت ليس له ولد ولا والد).
(5) تاج العروس 8: 101 و 102، والمبسوط 29: 153.
(6) تاج العروس 8: 102، والمبسوط 29: 153، وعمدة القاري 23: 230، والشرح الكبير 7: 57.
(7) النساء: 12.
(8) التفسير الكبير للرازي 9: 223، والكشاف للزمخشري 1: 486، والجامع لأحكم القرآن 5: 78،
وأحكام القرآن للجصاص 2: 89، والمبسوط 29: 151 و 154، وعمدة القاري 23: 230، وفتح
الباري 12: 4، والشرح الكبير 7: 54.
34

الثلث (1). وهذا حكم يختص ولد الأم بلا خلاف.
وأما كلالة الأب، فقوله تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة أن
امرؤ هلك ليس له ولد، وله، وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها
ولد) (2) فنص على الكلالة إذا لم يكن ولد، وأضمر الوالدين، لأنه جعل
ميراث الأخت كله له إذا لم يكن له ولد، والأخ لا يرث إلا مع عدم الوالدين،
فكأنه تعالى قال إن امرؤ هلك ليس له ولد ولا والدان يكون ورثته كلالة.
وعلى المسألة إجماع، لأنه روي عن أبي بكر أنه قال: الكلالة إذا لم يكن له
ولد ولا والد (3).
وروي عن عمر أنه قال: إني استحيي أن أخالف أبا بكر في الكلالة (4).
وروي عن علي عليه السلام مثله (5).
وسميت الكلالة كلالة لأنه ليس معها علو ولا نزول، لا يعلو ولا ينزل، وهو
الوسط.
قال أبو عبيدة: الكالة إذا لم يكن معه طرفاه، وقال أبو عبيدة: يقال تكلله
النسب إذا أحاط به، ومن هذا سمي الإكليل إكليلا لأنه يحيط بالرأس

(1) النساء: 12.
(2) النساء: 176.
(3) سنن الدارمي 2: 365 - 366، والسنن الكبرى 6: 223، والكشاف 1: 486، والمحلى
9: 298، والمجموع 16: 89، والمغني لابن قدامة 7: 6، والشرح الكبير 7: 57، والمبسوط 29: 151،
وجامع البيان للطبري 4: 191، وتلخيص الحبير 3: 89.
(4) سنن الدارمي 2: 365 - 366 والسنن الكبرى 6: 223 و 224، وأحكام القرآن للجصاص
1: 86، وجامع البيان للطبري 4: 192، والتفسير الكبير 9: 222، والمبسوط 29: 151، والمحلى
9: 298.
(5) المجموع 16: 89.
35

لا يصعد ولا ينزل (1).
قال الشاعر (2):
ورثتم قناة الملك لاعن كلالة * عن ابني مناف عبد شمس وهاشم (3).
وقال الشاعر (4):
فكيف بأطرافي إذا ما شتمتني * وما بعد شتم الوالدين صلوح (5)
قال أبو عبيدة وهذا يدل على أنه إذا سقط طرفاه يسمى كلالة.
مسألة 27: الإخوة والأخوات من الأب والأم، أو من الأب كلالة، وهم
يسقطون بثلاثة: بالأب، وبالابن، وبابن الابن بلا خلاف. ويسقطون
بالبنات، وبنات الابن، وبجميع ولد الولد، وإن نزلوا، سواء كانوا أولاد ابن،
أو أولاد بنت.
وقال الشافعي: لا يسقطون بهؤلاء (6).
ولا خلاف أنهم لا يسقطون بالجد.
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا إنما قلنا: إنهم يسقطون بهؤلاء، لأن الله تعالى
جعل لهم الميراث بشرط أن لا يكون هناك ولد، لأنه تعالى قال: (يستفتونك

(1) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة: 121، وأحكام القرآن للجصاص 2: 88، والجامع لأحكام القرآن
5: 77، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 1347.
(2) الفرزدق همام بن غالب السعدي، أبو الحسن الشاعر، من أهل الموصل، رحل إلى بغداد، مات سنة
370 هجرية. الأعلام 8: 93.
(3) تاج العروس 8: 101، ولسان العرب 11: 592، والتفسير الكبير 9: 222، والجامع لأحكام القرآن
5: 76، والمغني لابن قدامة 7: 6، والمجموع 16: 89.
(4) أبو زيد لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
(5) تفسير غريب القرآن: 121، والبيان في إعراب القرآن 2: 448.
(6) المجموع 16: 90، والسراج الوهاج: 322 - 323، والوجيز 1: 265، ومغني المحتاج 3: 18 و 11،
وكفاية الأخيار 2: 17 و 18، وفتح الباري 12: 24.
36

قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف
ما ترك) (1) فسمى لها النصف مع عدم الولد، ثم عطف الأختين والأخوة
والأخوات بعد ذلك، والبنت وبنت الابن ولد، فيجب أن يسقطوهم.
مسألة 28: تسقط أم الأم بالأب.
وعند الفقهاء: أنها لا تسقط، لأنها تدلى بالأم لا بالأب (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا فإن الأب أقرب بدرجة واحدة، وإن لم تدل
بالأب وأدلت بالأم فقد بعدت بدرجة، فوجب أن لا ترث، لقوله: (وأولوا
الأرحام بعضهم أولى ببعض) (3).
مسألة 29: أم الأب لا ترث مع الأب. وبه قال في الصحابة: علي - عليه
السلام - وعثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي
وقاص (4). وفي الفقهاء: أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، ومالك (5).
وذهب قوم إلى أنها ترث مع الأب وهو قول أبي بكر، وعمر، وعبد الله بن
مسعود، وأبي موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وشريح، والشعبي، وأحمد،

(1) النساء: 176.
(2) المجموع 16: 86، والسراج الوهاج: 323، ومغني المحتاج 3: 13، والوجيز 1: 265، وكفاية الأخيار
2: 16، وحاشية إعانة الطالبين 3: 233، والمبسوط 29: 169، والشرح الكبير 7: 41.
(3) الأحزاب: 6.
(4) المصنف لعبد الرزاق 10: 276 حديث 19090 و 19091، والسنن الكبرى 6: 225، والمغني لابن
قدامة 7: 59 و 60، والشرح الكبير 7: 44، والمبسوط 29: 169، والبحر الزخار 6: 347، والمجموع
16: 86، وحاشية إعانة الطالبين 3: 233.
(5) مختصر المزني: 139، والمجموع 16: 86، والسراج الوهاج: 323، ومغني المحتاج 3: 12، وكفاية
الأخيار 2: 16، والمبسوط 29: 169، والفتاوى الهندية 6: 453، وتبيين الحقائق 6: 230، والمغني
لابن قدامة 7: 59 و 60، والشرح الكبير 7: 44، وبداية المجتهد 2: 344، وعمدة القاري 23: 240،
وأسهل المدارك 3: 296، وجواهر الإكليل 2: 330.
37

وإسحاق، ومحمد بن جرير الطبري (1).
وقال أصحابنا: إذا خلف أبوين وجدة أم أبيه، فللأم الثلث، وللأب
الثلثان، ويؤخذ السدس من نصيب الأب، ويعطى الجدة التي هي أمه على وجه
الطعمة، لا الميراث (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 30: إذا خلف أم الأم وأم الأب مع الأب، فالمال كله عندنا
للأب، ويؤخذ منه السدس طعمة، فيعطى أم الأب ولا شئ لأم الأم.
وقال الشافعي، ومن ذكرناه في المسألة الأولى: لا ترث أم الأب مع الأب
شيئا على ما قلناه ولا يشارك عند الشافعي ومن وافقه في المسألة الأولى أم الأم
أم الأب (4).
وعند مخالفيهم السدس بينهما، أعني أم الأب، وأم الأم (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6). وما رواه عبد الله بن مسعود، وعبد الله

(1) المبسوط 29: 169، وبداية المجتهد 2: 345، والمجموع 16: 86، والمغني لابن قدامة 7: 59 و 60،
والشرح الكبير 7: 44.
(2) انظر ذلك في الوسيلة لابن حمزة: 388، والغنية لابن زهرة: 607 (ضمن الجوامع الفقهية)، والسرائر
: 402.
(3) الكافي 7: 114 حديث 11 و 15، والتهذيب 9: 310 و 311 حديث 1114 و 1116 و 1118
و 1120، والاستبصار 4: 162 و 163 حديث 613 و 616 و 618.
(4) المجموع 16: 86، وكفاية الأخيار 2: 16، والوجيز 1: 265، ومغني المحتاج 3: 12، والمبسوط
29: 169، وعمدة القاري 23: 240، وبداية المجتهد 2: 344، والمغني لابن قدامة 7: 60، والشرح
الكبير 7: 44 - 45، والجامع القرآن للقرطبي 5: 70.
(5) بداية المجتهد 2: 345، والمغني لابن قدامة 7: 60، والشرح الكبير 7: 45، والمبسوط 29: 169،
والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 70، والمجموع 16: 87، وكفاية الأخيار 2: 16.
(6) الكافي 7: 114 حديث 11 و 15، والتهذيب 9: 311 حديث 1116 و 1118 و 1126، والاستبصار
1: 162 حديث 614 و 616.
38

ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وآله - ورث جدة وابنها حي (1).
مسألة 31: لا تحجب الأم عن الثلث إلا بأخوين، أو بأخ وأختين، أو
أربع أخوات، ولا تحجب بأختين.
وقال جميع الفقهاء أنها تحجب بأختين أيضا (2).
وقال ابن عباس: لا تحجب بأقل من ثلاثة إخوة (3)، وهذه في جملة الخمس
مسائل التي انفرد بها.
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن ما ذكرناه مجمع على وقوع الحجب به، إلا قول
ابن عباس، ووقوع الحجب بأختين ليس عليه دليل.
فأما قوله تعالى: (فإن كان له إخوة) (4) وإن كان لفظه لفظ الجمع،
فنحن نحمله على الاثنين، بدلالة الإجماع من الفرقة على أن في الناس من قال:
أقل الجمع اثنان (5)، فعلى هذا قد وفي الظاهر حقه.
مسألة 32: لا يقع الحجب بالإخوة ولا بالأخوات إذا كانوا من قبل الأم.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (6).

(1) سنن الترمذي 4: 421 حديث 2102، وسنن الدارمي 2: 358، وسنن ابن ماجة 2: 91 حديث
2725، والسنن الكبرى 6: 234، وأحكام القرآن للقرطبي 5: 70.
(2) التنف 2: 834 و 847، واللباب 4: 318، وعمدة القاري 23: 230، والفتاوى الهندية 6: 451،
وتبيين الحقائق 6: 231، والمجموع 16: 71 و 72، وبداية المجتهد 2: 337، وأسهل المدارك 3: 297،
والخرشي 8: 200، والبحر الزخار 6: 344، والشرح لابن قدامة 7: 26.
(3) المغني لابن قدامة 7: 17 و 28، والشرح الكبير 7: 26، وبداية المجتهد 2: 337، والنتف 2: 847،
وعمدة القاري 23: 230، وتبيين الحقائق 6: 231، والبحر الزخار 6: 344، والمجموع 16: 72.
(4) النساء: 11.
(5) تبيين الحقائق 6: 231.
(6) النتف 2: 847، اللباب 4: 317 و 318 و 323، وفتح الباري 12: 4، والمبسوط 29: 154،
وعمدة القاري 23: 230، والمجموع 16: 89، والمغني لابن قدامة 7: 5، والشرح الكبير 7: 54.
39

دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن ما اعتبرناه مجمع على وقوع الحجب به، وليس
على ما قالوه دليل. وقوله تعالى: (فإن كان له إخوة) (1) فنحن نخصه بكلالة
الأب، بدلالة إجماع الفرقة على ذلك.
مسألة 33: زوج وأبوان، عندنا للزوج النصف، وللأم ثلث الأصل،
والباقي - وهو السدس - للأب. وبه قال عبد الله بن عباس (2)، وإليه ذهب
شريح (3)، وروي عن علي عليه السلام مثله في المسألتين (4).
وقال جميع الفقهاء: للأم ثلث ما يبقي (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: (فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه
فلأمه الثلث) (6) فأطلق لها الثلث مع عدم الولد، سواء كان زوج أو لم يكن.
فمن قال ثلث ما يبقى، فقد ترك الظاهر، وعليه إجماع الفرقة.
مسألة 34: زوجة وأبوان، للزوجة الربع بلا خلاف، وللأم ثلث جميع
المال، وما يبقى فللأب. وبه قال ابن عباس (7).
وقال جميع الفقهاء: لها ثلث ما يبقي، مثل المسألة الأولى سواء (8).

(1) النساء: 11.
(2) المجموع 16: 73، والمحلى 9: 260، والمغني لابن قدامة 7: 22 و 28، وبداية المجتهد 2: 337.
(3) المحلى 9: 260، وبداية المجتهد 2: 337، والمجموع 16: 73، والمغني لابن قدامة 7: 22.
(4) سنن الدارمي 2: 346، وبداية المجتهد 2: 337، والمغني لابن قدامة 7: 21.
(5) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 73، وكفاية الأخيار 2: 16، والمحلى 9: 260، واللباب 4، 317،
والمغني لابن قدامة 7: 21، وبداية المجتهد 2: 337، وتبيين الحقائق 6: 231، والبحر الزخار
6: 345.
(6) النساء: 11.
(7) سنن الدارمي 2: 346، والمجموع 16: 73، وبداية المجتهد 2: 337، والمغني لابن قدامة 7: 22.
و 28، والبحر الزخار 6: 345.
(8) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 73، وكفاية الأخيار 2: 16، والسراج الوهاج: 325، ومغني
المحتاج 3: 15، والمحلي 9: 260، وبداية المجتهد 2: 337، والمغني لابن قدامة 7: 22، واللباب
3: 317، والبحر الزخار 6: 345.
40

وقال ابن سيرين، في المسألة الأولى، بقول الفقهاء، وفي هذه المسألة
بقولنا (1).
دليلنا: الآية (2)، وإجماع الفرقة. فأما فرق ابن سيرين فإنه يسقط
بالإجماع، لأن من خالف الإجماع في مسألة مثل من فرق بين مسألتين على
السواء في أنه مخالف للإجماع.
مسألة 35: زوج وأخت لأب وأم، للزوج النصف وللأخت النصف
الآخر بلا خلاف، فإن كان زوج وأختان لأب وأم أو لأب، فللزوج النصف
من أصل المال، والباقي للأختين، ولاعول.
وعند الفقهاء أنها تعول إلى سبعة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة على ذلك، وأيضا فإذا ثبت بطلان العول ثبتت هذه
المسألة، لأن أحدا لا يقول بها مع بطلان العول.
مسألة 36: زوج وأم وأختان لأب وأم، للزوج النصف، والباقي للأم،
ولا يرث معها الأختان.
وعند الفقهاء أنها تعول إلى ثمانية (4).

(1) المحلى 9: 260، والمجموع 16: 73، والمغني لابن قدامة 7: 22، وبداية المجتهد 2: 343.
(2) النساء 4: 11 - 12.
(3) فيكون للزوج النصف ثلاثة، وللأختين الثلثان أربعة. انظر المجموع 16: 93، والسراج الوهاج:
332، ومغني المحتاج 3: 32، والوجيز 1: 269، والمغني لابن قدامة 7: 33، والشرح الكبير 7: 73،
والمبسوط 29: 202، وتبيين الحقائق 6: 244، والفتاوى الهندية 6: 468، وأسهل المدارك 3: 307،
والخرشي 8: 210، وفتح المعين: 97.
(4) أي للزوج النصف ثلاثة، وللأخت النصف ثلاثة وللأم الثلث سهمان. انظر المجموع 16: 93،
والسراج الوهاج: 332، ومغني المحاج 3: 32، وفتح المعين: 97، والمغني لابن قدامة 7: 33، والشرح
الكبير 7: 73، وتبيين الحقائق 6: 244، والفتاوى الهندية 6: 468، وأسهل المدارك 3: 308، والخرشي
8: 210، وجواهر الإكليل 2: 333، الشرح الصغير بهامش بلغة السالك 2: 489.
41

دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن الله تعالى جعل للأم الثلث مع عدم الولد (1)،
وكل من قال أن لها ثلث جميع المال، قال هاهنا أن لها الباقي بالرد.
مسألة 37: زوج وأختان لأب وأم، وأم، وأخ للأم، للزوج النصف،
والباقي للأم، ولا شئ للأختين، ولا للأخ من الأم معها.
وعند الفقهاء، أنها تعول إلى تسعة (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 38: زوج وأختان لأم وأب، وأختان لأم، وأم. للزوج النصف،
والباقي للأم.
وعند الفقهاء أنه يعول إلى عشرة (3).
وهذه المسألة يقال لها: أم الفروخ (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 39: زوج وبنتان وأم، للزوج الربع، وللأم السدس، والباقي
للبنتين، ولا عول.
وعند الفقهاء أنها تعول من اثني عشر إلى ثلاثة عشر (5).

(1) إشارة إلى قوله تعالى في سورة النساء: 11 (فإن لم يكن له ولد وورثة أبواه فلأمه الثلث).
(2) المغني لابن قدامة 7: 34، والشرح الكبير 7: 73، والمجموع 16: 93، والسراج الوهاج: 332، ومغني
المحتاج 3: 33، وفتح المعين: 97، وتبيين الحقائق 6: 244، والفتاوي الهندية 6: 468، والخرشي
8: 210، وأسهل المدارك 3: 308، وجواهر الإكليل 2: 333، والشرح الصغير بهامش بلغة السالك
2: 489.
(3) المجموع 16: 93، ومغني المحتاج 3: 33، والسراج الوهاج: 332، والمغني لابن قدامة 7: 26 و 34،
والشرح الكبير 7: 73، والفتاوى الهندية 6: 468، وتبيين الحقائق 6: 244، وأسهل المدارك
3: 308، والشرح الصغير في هامش بلغة السالك 2: 489.
(4) قال في المجموع 16: 93 (تسمى أم الفروخ لكثرة ما فرخت وعالت به من السهام). ونحوه في المغني
7: 27 و 34، والفتاوى الهندية 6: 468، وأسهل المدارك 3: 308.
(5) المغني لابن قدامة 7: 35، والشرح الكبير 7: 74، وتبيين الحقائق 6: 244، والخرشي 8: 210 -
211، وأسهل المدارك 3: 309، والشرح الصغير بهامش بلغة السالك 2: 489.
42

دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 40: زوج وأبوان وبنتان، للزوج الربع، وللأبوين السدسان،
والباقي للبنتين.
وعندهم يعول إلى خمسة عشر (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 41: زوج وأبوان وبنت، للزوج الربع، وللأبوين السدسان،
والباقي للبنت.
وعند الفقهاء أنها تعول إلى ثلاثة عشر (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 42: زوجة وأختان من أب وأم وأم، للزوجة الربع، وللأم ما بقي.
وعند الفقهاء تعول من اثني عشر إلى ثلاثة عشر (3).
دليلنا: ما قلناه في المسائل الأول سواء.
مسألة 43: فإن كان معهم أخ من أم، كان للزوجة الربع، والباقي للأم.
وعندهم تعول إلى خمسة عشر (4).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.

(1) المجموع 16: 94، والمغني لابن قدامة 7: 35، والشرح الكبير 7: 74، والخرشي 8: 211، وأسهل
المدارك 3: 308، وتبيين الحقائق 6: 244، والشرح الصغير بهامش بلغة السالك 2: 489.
(2) انظر المغني لابن قدامة 7: 35، والشرح الكبير 7: 74، والشرح الصغير بهامش بلغة السالك
2: 489.
(3) للأختين الثلثان ثمانية، وللزوجة الربع ثلاثة، وللأم السدس سهمان فهذه ثلاثة عشر. انظر المجموع
16: 94، والسراج الوهاج: 332، والمبسوط 29: 202، ومغني المحتاج 3: 33، وفتح المعين: 97،
والشرح الكبير 7: 74.
(4) المجموع 16: 94، والسراج الوهاج: 332، ومغني المحتاج 3: 33، وفتح المعين: 97.
43

مسألة 44: فإن كان معهم أخ آخر فمثل ذلك.
وعندهم تعول إلى سبعة عشر (1).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 45: بنتان وأب وأم وزوجة، للزوجة الثمن، وللأبوين السدسان،
والباقي للبنتين.
وعندهم تعول من أربعة وعشرين إلى سبعة وعشرين (2).
دليلنا: ما قلناه سواء.
وهذه المسألة يقال لها المنبرية (3)، التي قال فيها: (صار ثمنها تسعا) (4).
ورويت رواية شاذة عن ابن عباس أن للبنتين النصف (6)، وللثلاث فما

(1) المبسوط 29: 202، والمجموع 16: 94، والسراج الوهاج: 333، ومغني المحتاج 3: 33، وفتح المعين:
97، وأسهل المدارك 3: 309، والشرح الكبير 7: 74.
(2) المجموع 16: 94 والسراج الوهاج: 333، ومغني المحتاج 3: 33، وفتح المعين في شرح قرة العين:
97، وأسهل المدارك 3: 310، والخرشي 8: 211، والمغني لابن قدامة 7: 36، والشرح الكبير
7: 75، والمبسوط 29: 202، واللباب 3: 332.
(3) قيل في سبب تسميتها بالمنبرية لأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام سئل عنها وهو على
المنبر، فأجاب عنها. انظر المجموع 16: 94 وغيره.
(4) أحكام القرآن للجصاص 2: 9، والمجموع 16: 94 وأسهل المدارك 3: 309، والخرشي 8: 211،
وفتح المعين: 97، والشرح الكبير 7: 75.
(5) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 79، والسراج الوهاج: 323، وكفاية الأخيار 2: 15، والوجيز
1: 261، ومغني المحتاج 3: 13، والمبسوط 29: 139 و 141، واللباب 4: 316، والنتف 2: 832،
وأحكام القرآن للجصاص 2: 80، والمحلى 9: 254 - 255، وبداية المجتهد 2: 334، والمغني لابن
قدامة 7: 9، والشرح الكبير 7: 47.
(6) أحكام القرآن للجصاص 2: 80، والمجموع 16: 79 و 80 وبداية المجتهد 2: 334، والشرح الكبير
7: 47.
44

فوقهن الثلثان (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وإجماع الأمة في عصرنا، لأن خلاف ابن عباس قد
انقرض. وقوله تعالى: (فإن كن نساء فوق اثنتين) (2) لا خلاف أنها نزلت
بسبب البنتين، ولا يجوز أن تنزل الآية على سبب، ولا يدخل السبب فيها.
وأيضا قبل: قوله (فوق) صلة، مثل قوله تعالى: (فاضربوا فوق
الأعناق) (3) والمعنى: اضربوا الأعناق.
وروى جابر: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله ومعها ابنتان،
فقالت: هاتان بنتا سعد بن ربيعة قتل يوم أحد معك، وأن عمهما أخذ جميع
مالهما وميراثهما، أفترى والله لا تنكحان ولا مال لهما؟ فقال النبي صلى الله
عليه وآله: (يقضي الله في ذلك)، فنزل قوله تعالى: (يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين - إلى قوله - فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن
ثلثا ما ترك) (4) فقال صلى الله عليه وآله: (يا جابر ادع إلي المرأة وصاحبها)،
قال: فدعوتهما، فقال صلى الله عليه وآله: (إعطهما الثلثين، للأم الثمن، وما
يبقى فلك) (5).
ووجه الدلالة أنهما كانتا اثنتين، فقال: إعطهما الثلثين.
مسألة 47: بنت وبنت ابن وعصبة. المال للبنت، النصف بالتسمية،

(1) أحكام القرآن للجصاص 2: 80 و 81، والمبسوط 29: 139، والمحلى 9: 255، والمجموع 16: 80،
وبداية المجتهد 2: 334.
(2) النساء: 11.
(3) الأنفال: 12.
(4) النساء: 11.
(5) سنن أبي داود 3: 121 حديث 2892، وسنن الترمذي 4: 414 حديث 2092، وسنن ابن ماجة
2: 908 حديث 2720 والسنن الكبرى 6: 229، وفي البعض منها باختلاف يسير في لفظ الحديث
فراجع.
45

والباقي رد عليها.
وقال الفقهاء: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس - تكملة الثلثين -
والباقي للعصبة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض) (2) والبنت أولى، لأنها أقرب، والقول بالعصبة باطل، على ما سنبينه
فيما بعد.
مسألة 48: بنت وبنات ابن وعصبة، للبنت النصف بالفرض، والباقي رد
عليها.
وقال الفقهاء: لها النصف، والسدس لبنات الابن، والباقي للعصبة (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 49: بنتان وبنت ابن وعصبة، للبنتين الثلثان بالتسمية، والباقي رد
عليهما.
وقال الفقهاء: للبنتين الثلثان، وتسقط بنت الابن، والباقي للعصبة (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.

(1) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 79 و 80، والوجيز 1: 261، ومغني المحتاج 3: 14، والسراج
الوهاج: 324، وكفاية الأخيار 2: 16، وأحكام القرآن للجصاص 2: 85، والمبسوط 30: 66، وفتح
الباري 12: 24، والمحلى 9: 271، وبداية المجتهد 2: 339، وبلغة السالك 2: 481 و 482 والمغني
لابن قدامة 7: 12 و 13، والشرح الكبير 7: 47.
(2) الأنفال: 75.
(3) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 79 و 80 والوجيز 1: 261، وأحكام القرآن للجصاص 2: 85،
والمبسوط 29: 141، وبداية المجتهد 2: 341، والمغني لابن قدامة 7: 13، والشرح الكبير 7: 49،
والمحلى 9: 271.
(4) المبسوط 29: 141 و 142، واللباب 3: 319 والوجيز 1: 261، والمحلى 9: 271، والمجموع 16: 80،
والسراج الوهاج: 324، ومغني المحتاج 3: 14، والشرح الكبير 7: 50 و 51.
46

مسألة 50: بنتان وبنت ابن ومعها ابن ابن، للبنتين الثلثان، والباقي رد
عليهما.
وقال جميع الفقهاء: لهما الثلثان، والباقي بين بنت الابن وأخيها، للذكر
مثل حظ الأنثيين (1).
وقال عبد الله بن مسعود: للبنتين الثلثان، والباقي لابن الابن، وتسقط بنت
الابن (2).
وهذه المسألة الثانية التي إنفرد بها من جملة الخمس مسائل.
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 51: زوج وأبوان وبنت وبنت ابن، للزوج الربع، وللأبوين
السدسان، والباقي للبنت، وليس لبنت الابن شئ.
وقال جميع الفقهاء: هذه من اثني عشر تعول إلى خمسة عشر، للزوج الربع
ثلاثة، وللأبوين السدسان أربعة، وللبنت النصف ستة، ولبنت الابن السدس
تكملة الثلثين سهمان (3).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 52: بنت وبنات ابن وابن ابن، للبنت النصف بالتسمية، والباقي
لها بالرد.
وقال الفقهاء: الباقي لبنات الابن مع أخيهم، للذكر مثل حظ

(1) مختصر المزني: 138، وأحكام القرآن للجصاص 2: 85، والمحلى 9: 271، واللباب 3: 319، والوجيز
1: 261، ومغني المحتاج 3: 14، والسراج الوهاج: 324، والمبسوط 29: 141 و 142، وبداية المجتهد
2: 339، والمغني لابن قدامة 7: 10، والشرح الكبير 7: 51.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 85، والمغني لابن قدامة 7: 11، والشرح الكبير 7: 51 و 63، والمبسوط
29: 141.
(3) الفتاوى الهندية 6: 452.
47

الأنثيين (1).
وقال ابن مسعود: بنات الابن يدفع إليهن ما هو أضربهن من السدس أو
المقاسمة، فإن كانت المقاسمة أضربهن فلهن المقاسمة، وإن كان السدس
أضربهن من المقاسمة فلهن السدس. بناه على أصله أن البنات إذا استكملن
الثلثين وكان هناك بنت ابن وابن ابن، فإن الباقي لابن الابن، لأن عنده بعد
تكملة الثلثين لا ترث بنات الابن. وإن كان معهن أخ فهاهنا السدس أضر
بهن، لأنه إذا كانت بنات الابن أكثر من بني الابن فالسدس أضربهن، وإن
كانوا بنو الابن أكثر فالمقاسمة أضربهن (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 53: بنتان وابن ابن وبنت ابن ابن، للبنتين الثلثان بالفرض،
والباقي رد عليهما، ويسقط الباقون.
وقال الفقهاء: الباقي لابن الابن، وتسقط بنت ابن الابن، لأن العصبة من
الأولاد يسقطون من هو أنزل منهم، ألا ترى أن الابن يسقط ابن الابن، والأخ
يسقط ابن الأخ (3).
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول.
مسألة 54: بنتان وبنت ابن، وابن ابن، فللبنتين الثلثان، والباقي رد
عليهما، ويسقط الباقون.

(1) مختصر المزني: 138، والوجيز 1: 261، ومغني المحتاج 3: 14، وأحكام القرآن للجصاص 2: 86،
والمبسوط 29: 142، واللباب 4: 322، والمحلى 9: 271.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 86، والمجموع 16: 81، والمحلى 9: 271، والمغني لابن قدامة 7: 13 و
14، والشرح الكبير 7: 50 و 51.
(3) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 81، ومغني المحتاج 3: 14، والسراج الوهاج: 324، والمحلى
9: 271 وبداية المجتهد 2: 339.
48

وقال الفقهاء: الباقي بين بنت الابن، وابن ابن الابن، للذكر مثل حظ
الأنثيين (1).
وقال ابن مسعود: الباقي لابن ابن الابن، وتسقط بنت الابن (2).
وممن يقول: الباقي بينهما، من خالف هاهنا - وهو الأصم - فقال: الباقي
لابن ابن الابن، ولا يعصب هذا الابن، بنت ابن (3).
دليلنا: ما تقدم وتكرر.
مسألة 55: بنتان وأخت الأب وأم أو لأب، للبنتين الثلثان فرضا، والباقي
رد عليهما.
وقال الفقهاء: الباقي للأخت، لأن الأخوات مع البنات عصبة (4).
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول، وأيضا: قوله تعالى: (إن امرؤ هلك
ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) (5)، ففرض لها النصف مع عدم
الولد.

(1) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 81، والسراج الوهاج: 324، ومغني المحتاج 3: 14، والمحلى
9: 271، وبداية المجتهد 2: 339، والمبسوط 29: 143، وتبيين الحقائق 6: 234 و 235، والمغني لابن
قدامة 7: 9.
(2) المغني لابن قدامة 7: 30، والمحلى 9: 271، والشرح الكبير 7: 63.
(3) في النسخ المعتمدة الخطية منها والمطبوعة خلل في العبارة واضطراب، ولعل الأصوب ما أثبتناه، ففي
البعض منها: (ولا يعصب هذا لابن بنت ابن ابن) وفي البعض الآخر: (ولا يعصب هذا لابن بنت
ابن)، وقد علق سماحة آية الله العظمى السيد البروجردي - قدس سره - في ذيل هذه العبارة كما حكى
عنه في النسخة المطبوعة بطهران والنجف الأشرف بلفظة: (كأن في عبارة النسختين خلل هنا).
ولكن الظاهر سقوط الألف بين (هذا) و (الابن) من النساخ فتكون العبارة كما أثبتناها. ويراد
من (الابن) هنا هو (ابن ابن الابن) المشار إليه في المسألة فلاحظ.
(4) النتف 2: 837، والمبسوط 29: 157، وتبيين الحقائق 6: 235، والمجموع 16: 81 و 84، وبداية
المجتهد 2: 338، والمحلى 9: 256، والمغني لابن قدامة 7: 7.
(5) النساء: 176.
49

وهاهنا ولد وهي البنت، فمن أعطاها مع وجود الولد فقد خالف الظاهر.
مسألة 56: بنت واحدة وأخت لأب وأم أو لأب، للبنت النصف
بالفرض، والباقي رد عليها.
وقال الفقهاء: الباقي للأخت بالتعصيب (1).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 57: ولد الولد يقوم مقام الولد، ويأخذ كل واحد نصيب من
يتقرب به. فولد البنت يقوم مقام البنت ذكرا كان أو أنثى. وولد الابن يقوم
مقام الابن ذكرا كان أو أنثى، فإذا اجتمعا أخذ كل واحد نصيب من يتقرب
به.
مثال ذلك: بنت ابن وابن بنت، لبنت الابن الثلثان، ولابن البنت
الثلث. ثم الأقرب يمنع الأبعد، والأعلى يمنع الأسفل، فعلى هذا لا يجتمع الأعلى
مع من هو أنزل منه، ذكرا كان أو أنثى.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: ولد الولد يقوم مقام الولد (2).
ومعناه: لو كانوا ولد الصلب لورثوا ميراث ولد الصلب، فولد البنت لا يرث
على مذهب الشافعي (3). وقد مضى الخلاف فيه.
وبنت الابن تأخذ النصف وإن كان معها أخوها كان للذكر مثل حظ

(1) أحكام القرآن للجصاص 2: 93، والمبسوط 29: 157، وتبيين الحقائق 6: 236، والمحلى 9: 256،
والمجموع 16: 84.
(2) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 80، وكفاية الأخيار 2: 13، والوجيز 1: 261، والسراج الوهاج:
324، ومغني المحتاج 3: 14، وفتح الباري 12: 16، والمبسوط 29: 141، وتبيين الحقائق
6: 234، وبداية المجتهد 2: 339، والمغني لابن قدامة 7: 8، والشرح الكبير 7: 48، والبحر الزخار
6: 351.
(3) مختصر المزني: 138، والسراج الوهاج: 320، ومغني المحتاج 3: 5.
50

الأنثيين، وبنتا الابن لهما الثلثان، وبنت الابن مع بنت ابن الابن تجريان
مجرى البنت للصلب مع بنت الابن، وقد مضى الخلاف.
ثم على هذا التنزيل، للبنت العليا النصف، وللتي تليها تكملة الثلثين،
ويسقط من هو أنزل منها، إلا أن يكون معها أخوها، فيكون الباقي بينهما للذكر
مثل حظ الأنثيين.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
مسألة 58: بنو الأخ يرثون مع الجد وإن نزلوا، ويقومون مقام أبيهم.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: هم يسقطون مع الجد (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 59: أخت من أب وأم، وأخت من أب وعصبة، للأخت من الأب
والأم النصف بلا خلاف، والباقي عندنا يرد عليها، لأنها تجمع السببين.
وقال جميع الفقهاء: لأخت للأب السدس تكملة الثلثين، والباقي
للعصبة (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقيام الدليل على بطلان القول بالعصبة. ولأن
الأخت من الأب والأم تجمع السببين، والأخت من الأب لها سبب واحد،
فهي أولى بالباقي. وقوله تعالى: (وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان) (5).

(1) الكافي 7: 88، والفقيه 4: 196، والاستبصار 4: 166.
(2) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 90 - 91، والسراج الوهاج: 326، والوجيز 1: 262، ومغني
المحتاج 3: 19، وبداية المجتهد 2: 346، وأسهل المدارك 3: 296، وفتح الباري 12: 21.
(3) انظر الكافي 7: 112 حديث 1 - 8 والفقيه 4: 207 حديث 701، والتهذيب 9: 309 حديث
1104 و 1110.
(4) مختصر المزني: 138 - 139، والمجموع 16: 83 و 97، وكفاية الأخيار 2: 16 و 17، والسراج الوهاج:
322، ومغني المحتاج 3: 11، والمغني لابن قدامة 7: 14، وبداية المجتهد 2: 339 و 340 وأسهل
المدارك 3: 294، والمبسوط 29: 156.
(5) النساء: 176.
51

لا يتناولهما، لأنه لو تناولهما لكان ذلك بينهما بالسوية.
مسألة 60: أخت من أب وأم، وأخوات من أب وعصبة - للأخت من
الأب والأم النصف بلا خلاف، والباقي عندنا رد عليها.
وعند الفقهاء: للأخوات من الأب السدس تكملة الثلثين، والباقي
للعصبة (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 61: أختان من أب وأم، وأخت من أب، وابن أخ من أب،
للأختين الثلثان بلا خلاف، والباقي عندنا رد عليهما، ويسقط الباقون.
وقال جميع الفقهاء: الباقي لابن الأخ من الأب، لأنه عصبة، ولا شئ
للأخت من الأب (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، ولأن الأخت للأب والأم مع أنها
تجمع السببين أقرب بدرجة، فهي أو لي.
مسألة 62: أختان من أب وأم، وأخت وأخ من أب، للأختين الثلثان
بلا خلاف، والباقي عندنا رد عليهما.
وقال جميع الفقهاء: الباقي للأخ والأخت من الأب، للذكر مثل حظ
الأنثيين (3).

(1) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 83، وكفاية الأخيار 2: 16 و 17، والسراج الوهاج: 321 و 322،
ومغني المحتاج 3: 14، والمغني لابن قدامة 7: 14، والفتاوى الهندية 6: 45، وتبيين الحقائق
6: 236، وبداية المجتهد 2: 339.
(2) المجموع 16: 84، والشرح الكبير 7: 53 و 237، والفتاوى الهندية 6: 452،
وتبيين الحقائق 6: 236، والمغني لابن قدامة 7: 16.
(3) مختصر المزني: 138، وأحكام القرآن للجصاص 2: 85، والمجموع 16: 83، وبداية المجتهد 2: 339،
والمبسوط 29: 156، والسراج الوهاج: 326، والمغني لابن قدامة 7: 14 و 15.
52

وقال ابن مسعود: الباقي للأخ وتسقط الأخت للأب (1). بناه على أصله في
البنتين وبنت ابن وابن ابن (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول.
مسألة 63: أخت من أب وأم، وأخ وأخوات من أب، للأخت من الأب
والأم النصف بلا خلاف، والباقي عندنا رد عليها.
وقال الفقهاء: الباقي للأخ والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين (3).
وقال ابن مسعود: يكون لأخوات من الأب ما يكون أضر بهن، فإن كان
السدس أضر بهن فلهن السدس، وإن كانت المقاسمة أضر بهن فيقاسمهم
أخوهم. بناه على أصله على ما مضى (4).
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول سواء (5).
مسألة 64: ثلاث أخوات مفترقات وعصبة، للأخت من الأب والأم
النصف، وللأخت من الأم السدس، والباقي رد على الأخت من الأب والأم.
ومن أصحابنا من قال: يرد عليهما لأنهما ذو سهام، وتسقط الأخت من
الأب (6).
وقال جميع الفقهاء: للأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، والباقي

(1) أحكام القرآن للجصاص 2: 85، والمحلى 9: 269، وسنن الدارمي 2: 349، والمبسوط
29: 156، وبداية المجتهد 2: 339، والمغني لابن قدامة 7: 14 و 15.
(2) تقدم في المسألة 50 فلاحظ.
(3) مختصر المزني: 138، والمجموع 16: 3 8، والمبسوط 29: 156، وبداية المجتهد 2: 339، والمغني لابن
قدامة 7: 14 و 16، والشرح الكبير 7: 52 و 53.
(4) المجموع 16: 83، والمبسوط 29: 156، والمغني لابن قدامة 7: 15، والشرح الكبير 7: 52.
(5) تقدم في المسألة 52، فلاحظ.
(6) وبه قال ابن أبي عقيل كما ورد ذكره في مختلف الشيعة: 186 من كتاب الفرائض وأحكامه
فلاحظ.
53

للعصبة (1).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 65: ثلاث أخوات مفترقات، مع إحداهن أخ، نظرت، فإن كان
مع الأخت للأم، فإن لهما الثلث، وللأخت من الأب والأم النصف، والباقي
رد عليها، وتسقط الأخت من الأب.
وقال الفقهاء: للأخت من الأب السدس تمام الثلثين.
وإن كان الأخ مع الأخت للأب والأم، يكون للأخت من الأم السدس،
والباقي للأخت من الأب والأم مع أخيها، وتسقط الأخت من الأب
بلا خلاف.
وإن كان الأخ مع الأخت للأب كان للأخت للأم السدس. وللأخت
للأب والأم النصف، والباقي رد عليها.
وقال الفقهاء: للأخت من الأم السدس، والباقي للأخ والأخت من قبل
الأب، للذكر مثل حظ الأنثيين (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول.
مسألة 66: ثلاث أخوات مفترقات، مع كل واحدة منهن أخ، فإن للأخ
والأخت من الأم الثلث، والباقي للأخ والأخت من قبل الأم والأب، للذكر
مثل حظ الأنثيين بلا خلاف، ويسقط الأخ والأخت من قبل الأب (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.

(1) مختصر المزني: 138، وبداية المجتهد 2: 338 - 339، والمغني لابن قدامة 7: 49 - 50، والمجموع
16: 83.
(2) المجموع 16: 83، وبداية المجتهد 2: 339، والمغني لابن قدامة 7: 14 و 50.
(3) المبسوط 29: 159 و 160، والفتاوى الهندية 6: 453، والمحلى 9: 268 و 269، والمغني لابن
قدامة 7: 6 و 14، وبداية المجتهد 2: 339.
54

ودليلهم: ما رواه أبو إسحاق، عن الحارث عن علي عليه السلام أن النبي
صلى الله عليه وآله قال: (أعيان بني الأم يرثون دون بني العلات (1) يرث الرجل
أخاه من أبيه وأمه دون أخيه من أبيه) (2).
مسألة 67: لا يرث مع البنات - واحدة كانت أو اثنتين - أحد من
الأخوات.
وقال الفقهاء بنت وأخت، وبنت وإخوة، وأخوات من قبل الأب
والأم، أو من قبل الأب، للبنت النصف، والباقي للأخت أو الإخوة
والأخوات، لأن الأخوات مع البنات عصبة (3).
وقالوا في بنت، وبنت ابن وأخت: للبنت النصف ولبنت الابن السدس،
والباقي للأخت (4).
وقال عبد الله بن مسعود: لا ترث الأخت، لأن الأخوات لا يرثن مع
البنات، ولا يكن عصبة مع البنات. وبه قال ابن عباس (5)، وهذا مثل قولنا.
دليلنا: إجماع الفرقة. وقوله تعالى: (إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت
فلها نصف ما ترك) (6) وهاهنا له ولد.

(1) بنو العلات: الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد.
(2) سنن الترمذي 4: 416 حديث 2094 و 2095، وسنن الدارقطني 4: 86 حديث 64، وسنن ابن
ماجة 2: 906 حديث 2715، ومسند أحمد بن حنبل 1: 79، والسنن الكبرى 6: 232 و 239 وفي
جميعها (يتوارثون) بدلا من (يرثون) فلاحظ.
(3) مختصر المزني: 139، ومغني المحتاج 3: 18، والسراج الوهاج: 326، والمبسوط 29: 157،
والفتاوى الهندية 6: 452، وتبيين الحقائق 6: 236، وبداية المجتهد 2: 338 و 339، والمغني لابن
قدامة 7: 7، والشرح الكبير 7: 53.
(4) المبسوط 29: 158، وتبيين الحقائق 6: 236، وكفاية الأخيار 2: 16 و 17، ومغني المحتاج 3: 19،
والمغني لابن قدامة 7: 7، والشرح الكبير 7: 53 - 54.
(5) المبسوط 29: 157، والمغني لابن قدامة 7: 7، والشرح الكبير 7: 53، وتبيين الحقائق 6: 236.
(6) النساء: 176.
55

وأيضا: ما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (ألحقوا الفرائض
بأهلها، فما تركت - وفي بعضها فما أبقت - فلرجل ذكر) وفي بعضها:
(فللذكر) (1).
مسألة 68: أبوان وإخوة. للأم السدس، والباقي للأب بلا خلاف (2)، إلا
ما روي عن ابن عباس - برواية شاذة - أنه قال: السدس الذي حجبوا به الأم
يكون للإخوة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله تعالى: (وورثه أبواه، فلأمه الثلث، فإن كان
له إخوة، فلأمه السدس) (4) فأضاف الميراث إلى الأبوين، ثم جعل سهم الأم
الثلث، والباقي حصل للأب. كما يقول القائل: ساقيتك على أن لك ثلث
الثمرة، فيكون الباقي لرب النخل. ثم قال: (فإن كان له إخوة، فلأمه السدس
) (5) فجعل لها السدس مع الإخوة، والباقي يكون للأب، لأنه أضاف
المال إليهما ثم أخرج الثلث، ثم أخرج السدس على صفة، فلا يكون للأم مع
تلك الصفة إلا السدس، والباقي للأب.
مسألة 69: بنت وأب، للأب السدس، وللبنت النصف، والباقي رد عليهما
على قدر سهامهما.
وقال الفقهاء: الباقي يرد على الأب بالتعصيب (6).

(1) انظر سنن الترمذي 4: 418 حديث 2098، وسنن الدارمي 2: 368، وسنن الدارقطني 4: 70 و 71
حديث 10 و 12 و 13، ومسند أحمد بن حنبل 1: 292، وصحيح البخاري 8: 190.
(2) المبسوط 29: 145، والمغني لابن قدامة 7: 18 و 19، والشرح الكبير 7: 8، والفتاوى الهندية
6: 450، والبحر الزخار 6: 344.
(3) المنصف لعبد الرزاق 10: 256 حديث 19027، والمبسوط 29: 145، وبداية المجتهد 2: 337.
(4) النساء: 11.
(5) النساء: 11.
(6) المجموع 16: 85، والسراج الوهاج: 324، ومغني المحتاج 3: 15 والوجيز 1: 261، والمغني لابن
قدامة 7: 18 و 19، والشرح الكبير 7: 8، والمبسوط 29: 144، وتبيين الحقائق 6: 230، والفتاوى
211، وأسهل المدارك 3: 309، والشرح الصغير بهامش بلغة السالك 2: 489.
56

دليلنا: إجماع الفرقة، وقيام الأدلة على بطلان القول بالتعصيب (1)، وإنما
الرد بالقربى، والقربى من الجهتين واحدة، فيجب أن يرد عليهما على قدر
نصيبهما.
مسألة 70: بنتان وأب، لهما الثلثان، وللأب السدس، والباقي رد عليهم
على قدر سهامهم.
وقال الفقهاء: الباقي للأب (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 71: بنت، وبنت ابن، وأب، للبنت الصلب النصف، وللأب
السدس، والباقي رد عليهما، وتسقط بنت الابن معهما.
وقال الفقهاء: للأب السدس، وللبنتين الثلثان (3)، والباقي للأب
بالتعصيب (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 72: لا ترث واحدة من الجدات مع أولاده.
وقال جميع الفقهاء: للجدة السدس مع الولد (5).

(1) انظر أحاديثها في الكافي 7: 79، والفقيه 4: 187، والتهذيب 9: 247.
(2) المبسوط 29: 144، والفتاوى الهندية 6: 448، وتبيين الحقائق 6: 230، والمغني لابن قدامة 7: 18 و
19، والشرح الكبير 7: 8، والمجموع 16: 85، والسراج الوهاج: 324، ومغني المحتاج 3: 15.
(3) في بعض النسخ المعتمدة ما لفظه: (وللبنت الصلب النصف، ولبنت الابن تكملة الثلثين).
(4) المجموع 16: 85، والسراج الوهاج: 324، ومغني المحتاج 3: 15، والوجيز 1: 261، والمغني لابن
قدامة 7: 18 و 19، والشرح الكبير 7: 8، والمبسوط 29: 144، والفتاوى الهندية 6: 448، وتبيين
الحقائق 6: 230.
(5) الوجيز 1: 260، وبداية المجتهد 2: 344 - 345، والمحلى 9: 272، والمغني لابن قدامة 7: 59 و 60،
والشرح الكبير 7: 44 و 45، والمبسوط 29: 168، والفتاوى الهندية 6: 453.
أقول: يظهر من المصادر السالفة الذكر اختلاف أقوال فقهاء العامة، ولعل ادعاء الشيخ المصنف قدس
سره للإجماع مبني على مصادر سابقة والله أعلم.
57

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1). وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم
أولى ببعض) (2).
مسألة 73: للجدة من قبل الأم نصيب الأم إذا لم يكن غيرها. الثلث
المسمى للأم، والباقي يرد عليها كما يرد على الأم.
وإن اجتمعت جدتان جدة أم، وجدة أب، كان للجدة من قبل الأم
الثلث، وللجدة من قبل الأب الثلثان، كل واحدة تأخذ نصيب من يتقرب به.
وقال ابن عباس: جدة الأم لها الثلث نصيب الأم (3)، كما قلناه.
وقال الفقهاء كلهم: لها السدس، فإن اجتمعتا كان السدس بينهما
نصفين (4).
دليلنا: إجماع الفرقة على ذلك، وأخبارهم (5).
مسألة 74: أم الأب (6) ترث وإن علت بالإجماع، وأم أب الأم ترث أيضا
عندنا إذا لم يكن هناك من هو أقرب منها، وتقاسم من هو في درجتها.
وعندهم أنها لا ترث بالإجماع (7).

(1) اختيار معرفة الرجال: 133 و 134 برقم 211، وحكاه عنه الحر العاملي في الوسائل 17: 477
حديث 7.
(2) الأنفال: 75.
(3) المبسوط 29: 165 و 166، والمجموع 16: 75، والمغني لابن قدامة 7: 53، والشرح الكبير 7: 38.
(4) النتف 2: 835، والمبسوط 29: 166، والفتاوى الهندية 6: 45، وتبيين الحقائق 6: 232، والمجموع
16: 75 و 76، وكفاية الأخيار 2: 16، وبداية المجتهد 2: 343، والمغني لابن قدامة 7: 56، والشرح
الكبير 7: 38 و 43، والمحلى 9: 278.
(5) انظر الفقيه 4: 204 حديث 703، والتهذيب 9: 303 و 9: 315 حديث 1132، و الاستبصار
4: 161 حديث 619.
(6) في النسخة الحجرية: أم الأم.
(7) المغني لابن قدامة 7: 55 و 56، والشرح الكبير 7: 42، والمجموع 16: 76، والسراج الوهاج: 325،
ومغني المحتاج 3: 16.
58

وأم أم الأب ترث وإن علت بالإجماع، وأم أب الأب ترث عندنا إلا أن
يكون هناك من هو أقرب منها.
وللشافعي فيها قولان:
أحدهما: أنها ترث - وهو الصحيح عندهم - وبه قال في الصحابة علي عليه
السلام، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وإحدى الروايتين عن زيد
بن ثابت. وفي الفقهاء أهل البصرة، والحسن البصري، وابن سيرين، وأهل
الكوفة، وأبو حنيفة وأصحابه (1).
والقول الثاني: وهو الضعيف أنها لا ترث، وبه قال في الصحابة: سعد بن
أبي وقاص، وإحدى الروايتين، عن زيد بن ثابت، وأهل الحجاز مالك،
وربيعة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (3)
وهؤلاء كلهم من أولي الأرحام. فيجب أن يرثوا، ومن منع منه فعليه الدلالة.
مسألة 75: أم أم أم هي أم أب أب. صورتها: كان لها ابن ابن ابن،
وبنت بنت بنت، فزوج ابن ابن ابنها ببنت بنت البنت، فجاءت بولد، فهي أم
أم أم وأم أب أب، فإذا مات المولود، ترث بالسببين معا عندنا على حسب
استحقاقهما.
وفي أصحاب الشافعي من قال: ترث بالسببين معا ثلثي السدس. وهو قول
أبي العباس (4)، وبه قال الحسن بن صالح بن حي، ومحمد، وزفر، قالوا: ترث

(1) المجموع 16: 76، والسراج الوهاج: 325 ومغني المحتاج 3: 16، والمغني لابن قدامة 7: 55، وتبيين
الحقائق 6: 232.
(2) المغني لابن قدامة 7: 55، والمجموع 16: 76.
(3) الأنفال: 75.
(4) المجموع 16: 78.
59

ميراث جدتين، وكلما زادت بقرابة تورث بمثلها، ورثت مع الجدات الأخر بعدد
قراباتها في السدس (1).
ومذهب الشافعي: أنها لا ترث الثلثين. وبه قال أبو يوسف (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأول من إجماع الفرقة، وآية أولوا الأرحام (3).
مسألة 76: أم أب الأم ترث عندنا. وبه قال ابن سيرين (4).
وقال جميع الفقهاء: لا ترث (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، وأيضا فإن اسم الجدة
يتناولها، فتدخل تحت ظواهر الأخبار (6).
مسألة 77: أم أب أب لا تسقط بأم أم أب.
وعند الشافعي: تسقط لأنها جهة واحدة.
وعن ابن مسعود روايتان: إحداهما مثل قول الشافعي. والثانية مثل قولنا (7).
دليلنا: أن درجتهما واحدة، فوجب أن لا تسقط إحداهما بالأخرى، ومن

(1) المجموع 16: 78، والمغني لابن قدامة 7: 58 و 59 والمحلى 9: 277 و 278، والمبسوط 29: 171،
والشرح الكبير 7: 46.
(2) المجموع 16: 78، ومغني المحتاج 3: 16، والوجيز 1: 265، والمغني لابن قدامة: 7: 58 و 59، والمبسوط
29: 171، والشرح الكبير 7: 46.
(3) الأنفال: 75.
(4) المغني لابن قدامة 7: 55 و 56، والمجموع 16: 76، والشرح الكبير 7: 42، والجامع لأحكام القرآن
5: 71.
(5) المبسوط 29: 6 16، والفتاوى الهندية 6: 450، وتبيين الحقائق 6: 232، والمجموع 16: 76، ومغني
المحتاج 3: 16، والسراج الوهاج: 325، والمغني لابن قدامة 7: 56، والشرح الكبير 7: 42، وأسهل
المدارك 3: 294، والجامع لأحكام القرآن 5: 70 و 71.
(6) انظر الكافي 7: 114 حديث 10 و 16، والفقيه 4: 204، والتهذيب 9: 303 حديث 1115 و 1126.
(7) المجموع 16: 77، والسراج الوهاج: 325، ومغني المحتاج 3: 16، وكفاية الأخيار 2: 16، والمحلى
9: 277، والمبسوط 29: 165 و 166 و 173.
60

أسقطها فعلية الدلالة.
مسألة 78: إذا كانت قربى وبعدى من جهة واحدة، مثل أن تكون أم
أم، وأم أم أم، أو أم أب وأم أم أب، فإن القربى تحجب البعدى بلا خلاف.
وإذا اختلفت جهات الجدات، مثل أن تكون من جهة الأم ومن جهة الأب،
فإنها تسقط البعدى بالقربى عندنا. وإن تساويا لم تسقط إحداهما، مثل أم أم،
وأم أم أب، أو أم أب، وأم أم أم، فإنه تسقط القربى البعدى.
واختلفت الصحابة في ذلك على ثلاثة مذاهب:
فذهب على - عليه السلام - إن أنه تسقط البعدى بالقربى، سواء كانت من
قبل الأم أو من قبل الأب، مثل ما قلناه. وبه قال أهل العراق (1).
وقال ابن مسعود: يتشاركون فيه القربى والبعدى من قبل الأب ومن قبل
الأم (2).
والثالث: مذهب زيد بن ثابت أنه قال: إن كن من قبل الأم فإن البعدى
تسقط بالقربى، وإن كن من قبل الأب ففيه روايتان:
إحداهما لا تسقط، ويشرك بينهما في السدس (3). وبه قال مالك،
وأكثر أهل الحجاز (4).

(1) المجموع 16: 78، والمغني لابن قدامة 7: 57 و 58، والمبسوط 29: 168، والشرح الكبير 7: 41،
وتبيين الحقائق 6: 232، والمحلى 9: 278، وبداية المجتهد 2: 344.
(2) المبسوط 29: 168، والمحلى 9: 277، وبداية المجتهد 2: 344، والمغني لابن قدامة 7: 57، والشرح
الكبير 7: 41، والمجموع 16: 77 و 78.
(3) المبسوط 29: 168، وتبيين الحقائق 6: 233، والمغني لابن قدامة 7: 57 و 58 والشرح الكبير
7: 41، والمجموع 16: 77 و 78، والمحلى 9: 278.
(4) المحلى 9: 278، والمغني لابن قدامة 7: 57 - 58، والشرح الكبير 7: 41، والمجموع 16: 77 و 78،
والمبسوط 29: 168، وفتح الرحيم 3: 153، وأسهل المدارك 3: 295 و 296.
61

وللشافعي فيه قولان: أحدهما أنه تسقط البعدى بالقربى، والثاني:
أنهما، إن كانتا من قبل أم فإن القربى تسقط البعدى، وإن كانتا من قبل أب
فعلى قولين، مثل قول زيد (1).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض) (2) وإذا كانت إحداهما أقرب فهي أولى بالميراث، ومن سوى
بينهما فعليه الدلالة.
مسألة 79: أم الأم لا ترث عندنا مع الأب.
وقال الشافعي، مع باقي الفقهاء: لها السدس (3).
دليلنا: إجماع الفرقة. وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض) (4) وهذه قد بعدت لأنها تدلي بالأم، والأم تدلي بنفسها، والأب
يدلي بنفسه، فلا يجوز أن يشاركه من يدلي بغيره. وأيضا: ليس في القرآن ولا في السنة أنها ترث مع الأب، فيجب أن لا ترث معه.
مسألة 80: القول بالعصبة باطل عندنا، ولا يورث بها في موضع من
المواضع، وإنما يورث بالفرض المسمى، أو القربى، أو الأسباب التي يورث
بها، من الزوجية والولاء.
وروي ذلك عن ابن عباس، لأنه قال فيمن خلف بنتا وأختا: أن المال

(1) المجموع 16: 77 - 78، والمغني لابن قدامة 7: 57 - 58، والشرح الكبير 7: 41، والمبسوط 29: 168،
والمحلى 9: 278.
(2) الأنفال: 75.
(3) الوجيز 1: 265، والسراج الوهاج: 322 - 323، ومغني المحتاج 3: 10 و 12، والمجموع 16: 74 و 75،
والمغني لابن قدامة 7: 60، والشرح الكبير 7: 45، والمبسوط 29: 169 و 170، وتبيين الحقائق
6: 233، وفتح الرحيم 3: 164، والجامع لأحكام القرآن 5: 70.
(4) الأنفال: 75.
62

كله للبنت دون الأخت (1). ووافقه جابر بن عبد الله (2) في ذلك.
وحكى الساجي: أن عبد الله بن الزبير قضى بذلك (3)، وحكى الطبري
مثل ذلك.
وروى موافقة ابن عباس عن إبراهيم النخعي، روى عنه الأعمش.
ولم يجعل داود الأخوات مع البنات عصبة (4).
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، فاثبتوا العصبات من جهة الأب
والابن (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (6)
منها: ما رواه عبد الله بن بكير، عن حسين الرزاز (7)، قال: أمرت من يسأل أبا
عبد الله عليه السلام، المال لمن هو الأقرب أو للعصبة؟ فقال: (المال
للأقرب، والعصبة في فيه التراب) (8).

(1) السنن الكبرى 6: 233، ومستدرك الحاكم 4: 339، وأحكام القرآن للجصاص 2: 93، والمحلى
9: 256 و 257، والمبسوط 29: 157، وفتح الباري 12: 24، والمغني لابن قدامة 7: 7 و 28،
والشرح الكبير 7: 52، والانتصار للسيد المرتضى: 277.
(2) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب الخزرجي
الأنصاري، أبو عبد الله. شهد مع النبي صلى الله عليه وآله تسع عشرة غزاة. مات سنة ثمان أو تسع
وسبعين بعد أن عمي وكان له يوم مات أربع وسبعون سنة. تاريخ الصحابة لابن حبان: 58.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 93، ومستدرك الحاكم 4: 337 و 338.
(4) المحلى 9: 256، والمبسوط 29: 157، وبداية المجتهد 2: 338، وفتح الباري 12: 24.
(5) أحكام القرآن للجصاص 2: 93، والمجموع 16: 81 و 82 و 97، والمغني لابن قدامة 7: 7، والشرح
الكبير 7: 53، والمحلى 9: 256، والمبسوط 29: 157، وبداية المجتهد 2: 338، وفتح الباري 12:
24، وعمدة القاري 23: 244.
(6) انظرها في التهذيب 9: 267.
(7) لم نقف له على ترجمة لحاله، وقد اختلفت النسخ في لقبه ففي الكافي الرزاز ولكن في التهذيب
والاستبصار البزاز والله أعلم بالصواب.
(8) الكافي 7: 75 حديث 1، والتهذيب 9: 267، حديث 972، والاستبصار 4: 170 حديث 642.
63

وروى حكيم بن جابر (1) - عن زيد بن ثابت أنه قال: من قضاء الجاهلية
أن يورث الرجال دون النساء (2).
واستدل أصحابنا على ذلك أيضا بقوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو
كثر نصيبا مفروضا) (3) فذكر تعالى أن للنساء نصيبا مما تركه الوالدان
والأقربون، كما أن للرجال نصيبا في مثل ذلك.
ولئن جاز لقائل أن يقول: ليس للنساء نصيب، جاز أن يقول آخر ليس
للرجال نصيب.
ويدل أيضا على بطلانه، قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض في كتاب الله) (4) فحكم أن ذوي الأرحام بعضهم أولى ببعض،
وإنما أراد بذلك الأقرب فالأقرب بلا خلاف. ونحن نعلم أن البنت أقرب من
ابن ابن الابن، ومن ابن العم، ومن العم أيضا نفسه، لأنها تتقرب بنفسها إلى
الميت، وهؤلاء يتقربون بغيرهم وبمن بينه وبينهم درج كثيره.
واستدل المخالفون بخبر رووه عن وهيب (5)، عن ابن طاووس (6)،

(1) حكيم بن جابر بن طارق بن عوف الأحمسي، روى عن أبيه وعمر وعثمان وابن مسعود وغيرهم قيل إنه مات سنة 82 وقيل سنة 95 هجرية. تهذيب التهذيب 2: 444.
(2) الكافي 7: 75، والتهذيب 9: 268 حديث 973 وفيه يزيد بن ثابت.
(3) النساء: 7.
(4) الأنفال: 75.
(5) وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري، صاحب الكرابيس، روى عن حميد
الطويل وابن طاووس وابن شبرمة وجماعة، وعنه إسماعيل بن علية وابن المبارك وابن مهدي
وغيرهم مات سنة خمس وستين ومائه، وقيل 169 هجرية. تهذيب التهذيب 11: 169.
(6) عبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني، أبو محمد الابناوي. روى عن أبيه وعطاء وعمرو بن شعيب
وغيرهم. مات سنة 132 هجرية. تهذيب التهذيب 5: 267.
64

عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (الحقوا
الفرائض، فما أبقت الفرائض فلأولي عصبة ذكر) (1).
وبخبر رووه عن عبد الله بن محمد بن عقيل (2)، عن جابر: أن سعد بن
الربيع (3) قتل يوم أحد، وأن النبي صلى الله عليه وآله رأى امرأته، فجاءت
بابنتي سعد، فقالت: يا رسول الله إن أباهما قتل يوم أحد وأخذ عمهما المال
كله، ولا تنكحان إلا ولهما مال. فقال النبي صلى الله عليه وآله: (سيقضي
الله في ذلك) فأنزل الله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ
الأنثيين) (4) حتى ختم الآية، فدعا النبي - صلى الله عليه وآله - عمهما
وقال: (اعط الجاريتين الثلثين، واعط أمهما الثمن، وما يبقى لك) (5).
واستدلوا بقوله تعالى: (وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي
عاقرا فهب لي من لدنك وليا يرثني) (6) وإنما خاف أن يرثه عصبته، فسأل
الله تعالى أن يهب له وليا يرثه دون عصبته، ولم يسأل ولية فترث.

(1) رواه الشيخ المصنف قدس سره في التهذيب 9: 261، وروى أيضا في صحيح البخاري 8: 187 و
190، وصحيح مسلم 3: 1233 حديث 1615، وسنن الترمذي 4: 418 حديث 2098، ومسند
أحمد بن حنبل 1: 325 وسنن الدارقطني 4: 72 حديث 15، ومستدرك الحاكم 4: 338، والسنن
الكبرى 6: 238 باختلاف في ألفاظها.
(2) عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، روى عن أبيه وخاله محمد بن
الحنفية، وجابر وغيرهم وعنه محمد بن عجلان وحماد بن سلمة وشريك القاضي وآخرين مات
بعد الأربعين ومائة. تهذيب التهذيب 6: 15.
(3) سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن ملك الخزرجي الأنصاري الحارثي، شهد العقبة وبدرا،
وقتل يوم أحد شهيدا. تاريخ الصحابة لابن حبان: 112.
(4) النساء: 11.
(5) سنن الترمذي 4: 414 حديث 2092، وسنن الدارقطني 3: 78 حديث 34، والمستدرك
للحاكم 4: 332 و 334، والتهذيب 9: 260.
(6) مريم: 5 و 6.
65

وقد طعن في هذه الأخبار بما يرجع إلى سندها، بأن قيل: هذا خبر رواه
يزيد بن هارون (1)، عن سفيان، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن النبي
- صلى الله عليه وآله - مرسلا، ولم يذكر فيه ابن عباس، وإنما ذكر فيه ابن
عباس وهيب، وسفيان أثبت من وهيب، وأحفظ منه ومن غيره. وهذا يدل
على أن الرواية غير محفوظة. هذا الذي ذكرناه ذكره الفضل بن شاذان (2).
وليس هذا طعنا، لأن هذه الرواية قد رويت مسندة من غير طريق
وهيب. روى أبو طالب الأنباري (3)، عن الفريابي (4) والصاغاني (5)
جميعا، قالا: حدثنا أبو كريب (6)، عن علي بن سعيد الكندي (7)، عن

(1) يزيد بن هارون بن وادي، ويقال: زاذان بن ثابت السلمي، مولاهم، أبو خالد الواسطي، أصله
من بخارى، روى عن عاصم الأحول وحميد الطويل والثوري وجماعة وعنه أحمد بن حنبل وإسحاق
بن راهويه ويحيى بن معين وغيرهم. تهذيب التهذيب 11: 366.
(2) أبو محمد الفضل بن شاذان النيشابوري، متكلم، فقيه، جليل القدر، له كتب مصنفات منها:
كتاب الفرائض الكبير، كتاب الفرائض الصغير، وكتاب الطلاق وغيرها. عده الشيخ الطوسي في
أصحاب الإمام الهادي والعسكري عليهما السلام. تنقيح المقال 2: 9 (من أبواب الفاء).
(3) عبيد الله بن أحمد بن أبي زيد يعقوب بن نصر الأنباري، أبو طالب. كان بواسط، وكان واقفيا ثم
عاد إلى الإمامة، ثقة، مات سنة 356 هجرية فهرست الشيخ الطوسي: 103 ورجال النجاشي: 161
(4) أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي، التركي، قاضي الدينور، حدث عن
محمد بن إسحاق الصاغاني وعلي بن المديني وأبي جعفر النفيلي وغيرهم، مات سنة إحدى وثلاثمائة.
انظر تذكرة الحفاظ 2: 692.
(5) أبو بكر محمد بن إسحاق بن جعفر الصاغاني، خراساني الأصل، نزل بغداد روى عن روح بن
عبادة وأحمد بن إسحاق الحضرمي والأحوص وجماعة، وعنه جعفر بن محمد الفريابي، وموسى بن
هارون وابن صاعد وغيرهم. مات سنة 270 هجرية. تهذيب التهذيب 9: 35.
(6) أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، سمع ابن عيينة وابن المبارك وحاتم بن إسماعيل
وطبقتهم وعنه الفريابي وابن خزيمة وأبو عروبة وغيرهم مات سنة 248 هجرية. تذكرة الحفاظ
2: 497.
(7) علي بن سعيد بن مسروق الكندي، أبو الحسن الكوفي، روى عن حفص بن غياث وابن المبارك
وعبد الرحيم بن سليمان وجماعة مات سنة 249. تهذيب التهذيب 7: 326.
66

علي بن عابس (1)، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال: (ألحقوا بالأموال الفرائض فما أبقت الفرائض
فلأولي عصبة ذكر) (2).
والذي يدل على بطلان هذه الرواية أنهم رووا عن طاووس خلاف ذلك،
وأنه تبرأ من هذ الخبر، وذكر أنه شئ ألقاه الشيطان على ألسنة العامة.
روى ذلك أبو طالب الأنباري: قال: حدثنا محمد بن أحمد
البربري (3)، قال: حدثنا بشر بن هارون (4)، قال: حدثنا الحميري (5)،
قال: حدثنا سفيان (6)، عن أبي إسحاق (7)، عن حارثة بن مضرب، قال
جلست عند ابن عباس وهو بمكة، فقلت: يا بن عباس، حديث يرويه أهل

(1) كذا في جميع النسخ المعتمدة والتهذيب أيضا، أما السيد المرتضى في الانتصار: 278 فقد عنونه في
سند الحديث (علي بن عاصم))، ولم أعثر على سند الحديث في كتب القوم المتوفرة. أما علي بن
عابس فهو علي بن عابس الأسدي الأزرق الكوفي الملائي فإنه روى عن إسماعيل السدي وعمار
الدهني والعلاء بن المسيب وغيرهم. تهذيب التهذيب 7: 343.
(2) التهذيب: 9: 261، وصحيح مسلم 3: 1234، وسنن الدارقطني 4: 70 حديث 10 و 15،
والمستدرك على الصحيحين 4: 338 بطريق آخر فيه علي بن عاصم، وسنن الدارمي 2: 368،
والسنن الكبرى 6: 234 و 238 و 239 بطرق وألفاظ مختلفة.
(3) لم أقف له على شرح حال في المصادر المتوفرة.
(4) كذا في النسخ المعتمدة من كتاب الخلاف والتهذيب، ولم أعثر له على ترجمة حال له في المصادر المتوفرة،
ولعله تصحيف، حيث أن الراوي عن الحميدي هو بشر بن موسى الأسدي البغدادي فلاحظ
تاريخ بغداد 7: 86.
(5) أبو بكر عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي الحميدي المكي أخذ عن سفيان بن عيينة ومسلم بن
خالد وفضيل بن عياض. تفقه على مذهب الشافعي، وتوفي بمكة سنة 219 هجرية. تذكرة الحفاظ
2: 413.
(6) هو سفيان بن عيينة أحد شيوخ الحميدي تقدمت ترجمته في كتاب البيوع مسألة 236.
(7) أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله بن عبيد السبيعي، تقدمت ترجمته.
67

العراق عنك، وطاووس مولاك يرويه: أن ما أبقت الفرائض فلأولي عصبة
ذكر. قال: أمن أهل العراق أنت؟ قلت: نعم. قال: أبلغ من وراءك، أني
أقول: أن قول الله عز وجل: (آبائكم وأبنائكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا
فريضة من الله) (1) وقوله: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب
الله) (2) وهل هذه إلا فريضتان؟ وهل أبقتا شيئا؟ ما قلت هذا ولا طاووس
يرويه عني. قال حارثة بن مضرب: فلقيت طاووس، فقال: لا والله ما رويت
هذا عن ابن عباس قط، وإنما الشيطان ألقاه على ألسنتهم (3).
قال سفيان: أراه من قبل ابنه عبد الله بن طاووس، فإنه كان على خاتم
سليمان بن عبد الملك (4)، وكان يحمل على هؤلاء القوم حملا شديدا - يعني
بني هاشم - ثم لا خلاف بين الأمة أن هذا الخبر ليس هو على ظاهره، لأن
ظاهره يقتضي ما أجمع المسلمون على خلافه.
ألا ترى أن رجلا لو مات وخلف بنتا وأخا وأختا فمن قولهم أجمع: أن
للبنت النصف، وما بقي فللأخ والأخت، للذكر مثل حظ الأنثيين. والخبر
يقتضي أن ما يبقى للأخ لأنه الذكر. وكذلك لو أن رجلا مات وترك بنتا وابنة
ابن وعما أن يكون النصف للبنت. وما بقي للعم، لأنه أولى ذكر، ولا تعطى
بنت الابن شيئا. وكذلك في أخت لأب، وأخت لأب وأم، وابن عم أنه
لا تعطى الأخت للأب شيئا، بل تعطى التي من قبل الأب والأم النصف،
وما يبقى لابن العم، لأنه أولى ذكر. وكذلك في بنت وابن ابن وبنت ابن.

(1) النساء: 11.
(2) الأنفال: 75.
(3) التهذيب 9: 261.
(4) أبو أيوب سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، سابع خلفاء بني أمية، بويع له بعد أخيه الوليد
سنة 96 وتوفي سنة 98 وهو ابن خمس وأربعين سنة. انظر المعارف لابن قتيبة: 203.
68

وكذلك في بنت وبنت ابن وإخوة وأخوات لأب وأم، وأمثال ذلك كثيرة
جدا.
فإن قالوا: جميع ما ذكرتموه لا يلزمنا منه شئ، لأنا لم نقل في هذه
المواضع إلا لظواهر دلت عليه، صرفتنا عن استعمال الخبر فيه، ألا ترى أن
البنت مع بنت الابن والعم إنما أعطينا بنت الابن السدس، لأن الظواهر
تقتضي أن للبنتين الثلثين. وإذا علمنا أن للبنت من الصلب النصف علمنا
أن ما يبقى - وهو السدس - لبنت الابن، وكذلك القول في الأخت للأب
والأم، والأخت للأب والعم. وكذلك في بنت وبنت ابن وابن ابن، لأن
للأختين الثلثين.
وقد علمنا أن للأخت من قبل الأب والأم النصف، علمنا أن ما يفضل
- وهو السدس - للأخت من قبل الأب. وكذلك قوله: (يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (1) يقتضي أن بنت الصلب، وبنت
الابن، وابن الابن المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإذا علمنا أن للبنت من الصلب النصف. علمنا أن ما يبقى للباقين على
ما فرض الله.
قيل لهم: هذا باطل، لأن الموضع الذي تناول أن للأختين الثلثين
اقتضى أن لكل واحدة منهما مثل نصيب صاحبتها، وليس فرض كل
واحدة منهما مع الانضمام فرضها مع الانفراد. وكذلك القول في البنت
للصلب مع بنت الابن، فإن كان الظاهر يتناولهما، فوجب أن يقتضي أن لكل
واحدة منهما مثل نصيب صاحبتها، فإذا لم يقولوا ذلك علمنا أنهم مناقضون،
وكذلك القول في المسائل الأخر.

(1) النساء: 11.
69

على أن هذا إنما ألزمناهم على أصولهم، وناقضناهم على مذاهبهم، لأن
عندنا أن هذه المسائل كلها الأمر فيها بخلاف ذلك، لأن مع البنت للصلب
لا يرث أحد من الإخوة والأخوات على حال، ولا يرث معها أحد من ولد الولد.
ولا مع الأخت من الأب والأم يرث العم، ولا الأخت من الأب، لقوله تعالى:
(وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (1) وأن البنت للصلب أولى وأقرب من
جميع ما ذكروه.
فقد بينا أنهم تاركون لظاهر الخبر، وإذا تركوا ظاهره إلى ما قالوه جاز لنا
أن نحمله على ما نقوله، بأن نقول: هذا الخبر على تسليمه يحتمل أشياء.
منها: أن يكون مقدرا في رجل مات وخلف أختين من قبل الأم، وابن
أخ وبنت أخ لأب وأم وأخا لأب، فللأختين من قبل الأم الثلث فرضهما،
فما بقي فلأولى ذكر - وهو الأخ للأب -. وفي مثل امرأة وخال وخالة وعم
وعمة وابن أخ، فللمرأة فريضتها الربع، وما بقي فلأولى ذكر - وهو ابن الأخ -
ويسقط الباقون.
فإن قيل: ليس ما ذكرتموه صحيحا، لأنه إنما ينبغي أن تبينوا أن أولى
ذكر يحوز الميراث مع التساوي في الدرج. فأما إذا كان أحدهما أقرب
فليس بالذي تناوله الخبر.
قلنا: ليس في ظاهر الخبر أن ما أبقت الفرائض فلأولى عصبة ذكر مع
التساوي في الدرج، بل هو عام في المتساويين وفي المتباعدين، وإذا
حملناه على شئ من ذلك برئت عهدتنا، على أنه لو كان المراد به مع
التساوي لم يجز لهم أن يورثوا ابن العم والعم مع البنت، لأن البنت أقرب
منهما.

(1) الأنفال: 75.
70

ولا محيص من ذلك إلا بالتعلق بعمومه، على أنه يمكن ذلك مع
التساوي في الدرج، بأن نقول: هذا مقدر في رجل مات وخلف زوجة وأخا
لأب وأم، وأختا لأب، فللزوجة سهمها المسمى الربع، والباقي للأخ للأب
والأم، ولا ترث معه الأخت من قبل الأب. وفي مثل امرأة ماتت وخلفت
زوجا وعما من قبل الأب والأم، وعمة من قبل الأب، فللزوج النصف سهمه
المسمى، وما بقي فللعم للأب والأم، ولا يكون للعمة من قبل الأب شئ.
وهذا وجه صحيح وليس يلزمنا أن نتأول الخبر على ما يوافق الخصم
عليه، لأنه لو كان كذلك لما جاز تأويل شئ من الأخبار، لمخالفة من
يخالف في ذلك. وقد ألزم القائلون بالعصبة من الأقوال الشنيعة ما لا يحصى،
ذكرنا بعضها في تهذيب الأحكام (1).
من ذلك: أن يكون الولد الذكر للصلب أضعف سببا من ابن ابن ابن
العم، بأن قيل لهم: إذا قدرنا أن رجلا مات، وخلف ثمانية وعشرين بنتا
وابنا، كيف يقسم المال؟ فمن قول الكل: أن للابن جزئين من ثلاثين،
ولكل واحدة من البنات جزء من ثلاثين، وهذا بلا خلاف. فقيل لهم: فلو
كان بدل الابن ابن ابن ابن العم، فقالوا: أن لابن ابن ابن العم عشرة أسهم
من ثلاثين سهما، وعشرين جزء لثمانية وعشرين بنتا. وهذا على ما ترى
تفضيل للبعيد على الولد للصلب، وفي ذلك خروج من العرف والشريعة،
وترك لقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (2) وما يجري هذا
المجرى من الإلزامات والمعارضات، فمن أرادها وجدها هناك.
وأما الكلام على الخبر الثاني، فقيل: أن رواية (3) رجل واحد، وهو عبد الله
ابن محمد بن عقيل - وهو عندهم ضعيف، ولا يحتجون بحديثه - وهو منفرد بهذه

(1) انظر تهذيب الأحكام 9: 265.
(2) الأنفال: 75.
(3) في النسخة الحجرية: راويه.
71

الرواية، ومع هذا فهي معارضة لظاهر القرآن.
وأما ما تعلقوا به من قوله تعالى: (وإني خفت الموالي) (1) فإنما هي
تأويل على خلاف الظاهر، وذلك أنه لم يك له بنو العم فيرثوه بسبب ذوي
الأرحام لا بسبب العصبة، لأنه لو لم يكن بنو العم، وكان بدلهم بنات العم
لورثنه بسبب ذوي الأرحام، فليس في هذا ما يدل على العصبة.
وأما قولهم: إنه سأل وليا ولم يسأل ولية فإنما ذلك لأن الخلق كلهم
يرغبون في البنين دون البنات، فهو - عليه السلام - إنما سأل ما عليه طبع البشر،
ولو كان يعلم أنه لو ولد له أنثى لم يكن يرث العصبة البعدى مع الولد
الأقرب، لكن رغب فيما يرغب الناس كلهم فيه. على أن الآية دالة على أن
العصبة لا ترث مع الولد الأنثى، لقوله تعالى: (وكانت امرأتي عاقرا)) (2)
والعاقر: هي التي لا تلد، فلو لم تكن امرأته عاقرا وكانت تلد، لم يخف
الموالي من ورائه، لأنها متى ولدت ولدا كان ذكرا أو أنثى ارتفع عقرها،
وأحرز الولد الميراث.
ففي الآية دلالة واضحة على أن العصبة لا ترث مع أحد من الولد، ذكرا
كان أو أنثى. على أنا لا نسلم أن زكريا سأل الذكر دون الأنثى، بل الظاهر
يقتضي أنه طلب الأنثى كما طلب الذكر.
ألا ترى إلى قوله تعالى: (وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب
وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من
يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة
إنك سميع الدعاء) (3) فإنما طلب زكريا حين رأى مريم على حالها أن يرزقه الله
تعالى مثل مريم لما رأى من منزلتها عند الله، فرغب إلى الله في مثلها، وطلب إلى

(1) مريم: 5.
(2) مريم: 5.
(3) آل عمران: 37 و 38.
72

الله عز وجل أن يهب له ذرية طيبة مثل مريم، فأعطاه الله تعالى أفضل مما سأل،
فأمر زكريا حجة عليهم في إبطال ما يتعلقون به (1).
مسألة 81: العول عندنا باطل، فكل مسألة تعول على مذهب المخالفين،
فالقول عندنا فيها بخلاف ما قالوه، وبه قال ابن عباس، فإنه لم يعول المسائل،
وأدخل النقص على البنات، وبنات الابن، والأخوات للأب والأم، أو
للأب. وبه قال محمد بن الحنفية، ومحمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب عليهم السلام، وداود بن علي (2)، وأعالها جميع الفقهاء (3).
مثال ذلك: زوج وأخت. للزوج النصف، وللأخت النصف بلا خلاف
في هذه المسألة.
زوج وأختان، للزوج النصف، والباقي للأختين. وعندهم تعول إلى
سبعة (4).
معهم أم، للزوج النصف، والباقي للأم، وعندهم تعول إلى ثمانية (5).
معهم أخ من أم تعول إلى تسعة (6).
معهم أخوان من أم تعول إلى عشرة. ويقال لهذه المسألة (أم الفروخ)،
لأنها تعول بالوتر، وتعول بالشفع أيضا (7).

(1) حكى الشيخ المصنف قدس سره كل ما تقدم من قول الفضل بن شاذان في التهذيب 9: 260 و 267
فلاحظ.
(2) المحلى 9: 263، والمغني لابن قدامة 7: 26، والمبسوط 29: 161، والشرح الكبير 7: 70 و 71،
والمجموع 16: 92 و 94 و 95.
(3) المحلى 9: 264، والمبسوط 29: 161، والمغني لابن قدامة 7: 26، والشرح الكبير 7: 70، والمجموع
16: 94، والنتف 2: 849 - 851، والوجيز 1: 268، والبحر الزخار 6: 356.
(4) تقدم في المسألة 35 فلاحظه.
(5) تقدم في المسألة 36 فلاحظه.
(6) تقدمت المسألة برقم 37 فلاحظ.
(7) تقدمت الإشارة إليها في المسألة 38 فلاحظ.
73

ومثل مسألة المنبرية، وهي: زوجة وأبوان وبنتان، للزوجة الثمن، وللأبوين
السدسان، والباقي للبنتين. وعندهم: للبنتين الثلثان تعول من أربعة وعشرين
إلى سبعة وعشرين (1).
ووافقنا في إدخال الضرر على البنتين داود بن علي (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في بطلان العول.
وأيضا: روى الزهري، عند عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه
قال: إلتقيت أنا وزفر بن أوس النصري (3)، فقلنا: نمضي إلى ابن عباس
نتحدث عنده، فمضينا فتحدثنا، فكان مما نتحدث ذكر الفرائض والمواريث.
فقال: ابن عباس: سبحان الله العظيم، أترون الذي أحصى رمل عالج
عددا، جعل في المال نصفا ونصفا وثلثا، [إذا] ذهب النصفان بالمال فأين
[موضع] الثلث؟ إنما جعل الله نصفا ونصفا وأثلاثا وأرباعا. وأيم الله لو قدموا
من قدمه الله، وأخروا من أخره الله لما عالت الفريضة قط.
قلت: من الذي قدمه الله ومن الذي أخره الله؟.
قال: الذي أهبطه الله من فرض إلى فرض، فهو الذي قدمه الله. والذي
أهبطه من فرض إلى ما بقي، فهو الذي أخره الله.
فقلت: من أول من أعال الفرائض؟.

(1) المغني لابن قدامة 7: 36، والشرح الكبير 7: 75، والمجموع 16: 92 و 94، وتقدمت أيضا في المسألة
45 فلاحظ.
(2) المحلى 9: 262 و 263 و 264.
(3) زفر بن أوس بن الحدثان النصري المدني، أخو مالك، روى عن أبي السنابل بن بعكك، وعنه
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. ذكره ابن مندة وأبو نعيم في كتاب الصحابة وقال: يقال أدرك النبي
صلى الله عليه وآله وسلم ولا يعرف له رواية ولا صحبة ولم يذكره البخاري ولا ابن أبي حاتم. قاله
ابن حجر في تهذيب التهذيب 3: 327، وانظر ميزان الاعتدال 2: 71.
74

قال: عمر بن الخطاب.
قلت: هلا أشرت به عليه؟.
قال: هبته، وكان امرءا مهيبا.
قال الزهري: لولا أنه تقدم ابن عباس إمام عدل وحكم به وأمضاه
وتابعه الناس على ذلك لما اختلف على ابن عباس اثنان. فكأن الزهري مال
إلى ما قاله ابن عباس (1).
ووجه الدليل من وجهين:
أحدهما: قال الذي يعلم عدد الرمل لا يعلم أن المال لا يكون له نصف
ونصف وثلث، ويستحيل أن يكون كذلك.
والثاني: أنه قال لو قدموا من قدمه الله، وأخروا من أخره الله، قال: للزوج
النصف، إذا لم يكن ولد، وله الربع مع الولد، وللزوجة الربع، ولها الثمن مع
الولد، وللأم الثلث، ولها مع الولد السدس، وللبنت إذا كانت وحدها
النصف، وهكذا الأخت لها النصف. وإذا كان مع البنت ابن، ومع الأخت
أخ فإن لهما ما يبقى للذكر مثل حظ الأنثيين.
فالزوج والزوجة يهبطان من فرض إلى فرض، والبنت والأخت يهبطان إلى
ما بقي، فوجب أن يكون النقص يدخل على من يهبط من فرض إلى ما بقي، لا على
من يهبط من فرض إلى فرض.
فإن قيل: إذا اجتمع ذوو السهام، وعجز المال عن توفية سهامهم، ما الذي

(1) انظر أحكام القرآن للجصاص 2: 90، والمحلى 9: 264، والمبسوط 29: 161، والمستدرك على
الصحيحين 4: 340، والسنن الكبرى 6: 253، والمجموع 16: 94 و 95، والبحر الزخار 6: 356،
والتهذيب للشيخ الطوسي مؤلف هذا الكتاب 9: 248 حديث 963، وفي البعض منها اختلاف يسير
في الألفاظ مع تقدم وتأخير لا يضر بالمعنى فلاحظ.
75

تعملون فيه؟ فإن أدخلتم النقص على الكل، فهو الذي أردناه، وإن أردتم
نقصان بعض، فلا بعض بذلك أولى من بعض.
قيل: نحن ندخل النقص على من أجمع المسلمون على دخول النقص عليه،
ولا ندخل النقص على من اختلفوا في دخول النقص عليه. مثال ذلك:
إذا اجتمع زوج وأبوان وبنتان، فإنما نعطي الزوج الربع كملا، وللأبوين
السدسان كملا، ويدخل النقص على البنتين، فإنهما منقوصتان بلا خلاف.
فنحن نقول: جميع النقص داخل عليهما، وهم يدعون أن النقص داخل
عليهما وعلى غيرهما، فقد حصلتا بالإجماع منقوصتين. والزوج والأبوان ما أجمع
المسلمون على دخول النقص عليهم، ولا قام دليل عليه، فوفيناهم حقوقهم على
الكمال.
واستدلوا على صحة مذهبهم بقياس ذوي السهام على الديون إذا عجزت
التركة عنها، وأنه يدخل النقص على جميع الغرماء، وكذلك بوصايا كثيرة يعجز
الثلث عنها، وأنه يدخل النقص على الجميع، فكذلك ذوو السهام، وقد تكلمنا
على ذلك في تهذيب الأحكام، وبينا أن مذهبنا في الوصية مخالف لمذهب
القوم، وهو أن النقص يدخل على من ذكر أخيرا، فلا يلزمنا ما قالوه (1).
وأما الديون فلا تشبه ما نحن فيه، لأنها باقية في ذمة الميت، فإذا قضي
بعضها بقي الباقي في ذمته. وليس كذلك ذوو السهام، لأنهم يستحقون من
التركة ما يصيب كل واحد منهم، فإذا نقصوا عما سمي لهم لم يبق لهم شئ
هناك، فبان الفرق بين ذلك والوصية والدين.
وذكرنا هناك ما يلزم القائلين بالعول من المحال والأقوال الشنيعة ما يكفي،
فلا نطول بذكره هاهنا.

(1) تهذيب الأحكام 9: 248 حديث 963.
76

واستدلوا أيضا بخبر رواه عبيدة السلماني، عن علي عليه السلام حين سئل
عن رجل مات وخلف زوجة وأبوين وابنتيه، فقال عليه السلام: (صار ثمنها
تسعا) (1)، قالوا: وهذا صريح بالعول، لأنكم قلتم أنها لا تنقص عن الثمن،
وقد جعل عليه السلام ثمنها تسعا.
والجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: أن يكون خرج مخرج التقية، لأنه كان يعلم من مذهب المتقدم
عليه القول بالعول، وتقرر ذلك في نفوس الناس، فلم يمكنه إظهار خلافه، كما
لم يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه، ولأجل ذلك، قال لقضاته، وقد سألوه: بم
نحكم يا أمير المؤمنين؟ فقال: اقضوا بما كنتم تقضون حتى يكون الناس جماعة أو
أموت كما مات أصحابي. وقد روينا شرح هذا في كتابنا الكبير (2). وما روي
من تصريح أمير المؤمنين - عليه السلام - بمذهبه لعمر، وأنه لم يقبل ذلك، وعمل بما أراده.
والوجه الآخر: أن يكون ذلك خرج مخرج النكير لا الأخبار والحكم، كما
يقول الواحد منا إذا أحسن إلى غيره، وقابله بالذم والإساءة، فيقول قد صار
حسني قبيحا، وليس يريد بذلك الخبر، بل يريد الإنكار حسب ما قدمناه.
والكلام في هذه المسألة مستوفي حيث ذكرناه.
مسألة 82: ابنا عم أحدهما أخ من أم. للأخ من الأم السدس بالتسمية
بلا خلاف، والباقي يرد عليه عندنا، لأنه أقرب من ابن العم.
وقال الشافعي، وباقي الفقهاء: الباقي بينهما نصفان بالتعصيب. ورووا
ذلك عن علي عليه السلام، وعن زيد بن ثابت. وبه قال من الفقهاء: مالك،
والأوزاعي، وأبو حنيفة، وأهل العراق، وأهل الحجاز (3).

(1) تقدم في المسألة 45، فلاحظ، وكذلك انظر البحر الزخار 6: 356.
(2) انظر التهذيب 9: 248 الحديث 963.
(3) المغني لابن قدامة 7: 28، وعمدة القاري 23: 246، والمجموع 16: 102، والشرح الكبير 7: 61،
وفتح الباري 12: 27 و 28 والبحر الزخار 6: 351.
77

وذهب عمر، وابن مسعود: إلى أن الأخ من الأم يسقط، وبه قال شريح
والحسن، ابن سيرين (1).
وروي عن علي عليه السلام أنه قال: رحم الله ابن مسعود إن كان
لفقيها، لو كنت أنا لجعلت لابن الأخ للأم السدس، والباقي بينهما (2).
وذكر بين يديه شريح وأنه يقول به، فقال علي عليه السلام: ادعوا لي
العبد، فجاؤوا به، فقال له علي عليه السلام: في أي كتاب الله وجدت هذا؟
فقال قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (3) فقال: لهذا
قلت؟ (4) معناه، إنه ضعيف، أي حجة ضعيفة. وبه قال الحسن البصري (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقيام الدلالة على بطلان القول بالعصبة (6)، وإذا
ثبت ذلك ثبت ما قلناه، لأن أحدا لا يقول سوى ذلك.
وأيضا ما رواه أبو إسحاق، عن الحارث، عن علي عليه السلام، أن النبي
صلى الله عليه وآله قال: ((أعيان بني الأم أولى من بني العلات) (7) وذلك
عام في جميع المواضع.

(1) عمدة القاري 23: 246، والمغني لابن قدامة 7: 28، والشرح الكبير 7: 61.
(2) السنن الكبرى 6: 240، وسنن الدارمي 2: 348، وفي الجميع اختلاف يسير في اللفظ لا يضر
بالمعنى فلاحظ.
(3) الأنفال: 75.
(4) حكاه باختلاف يسير البيهقي في سننه الكبرى 6: 239 و 240، وابن حجر في فتح الباري 12: 27،
والعيني في عمدة القاري 23: 246 فلاحظ.
(5) عمدة القاري 23: 246، وفتح الباري 12: 27.
(6) انظر تهذيب الأحكام 9: 247 باب 21 في إبطال العول والعصبة.
(7) سنن الدارمي 2: 368، ومسند أحمد بن حنبل 1: 79، والسنن الكبرى 6: 239، والمستدرك على الصحيحين
4: 342 وفي الجميع اختلاف يسير في اللفظ فلاحظ.
78

مسألة 83: الولاء لا يثبت به الميراث مع وجود أحد من ذوي الأنساب،
قريبا كان أو بعيدا، ذا سهم كان أو غير ذي سهم، عصبة كان أو غير عصبة،
أو من يأخذ بالرحم، وعلى كل حال.
وقال الشافعي: إذا لم يكن له عصبة، مثل: الابن، والأب، والجد،
والعم، وابن العم الذين يأخذون الكل بالتعصيب. أو الذي يأخذ بالفرض
جميع المال، وهو: الزوج، والأخت. أو من يأخذ بالفرض والتعصيب، مثل:
بنت وعم، وأخت وعم، وبنت وابن عم، وبنت وأخ، فإن لم يكن أولئك
فالمولى يرث (1).
والمولى له حالتان: حالة يأخذ كل المال، وحالة يأخذ النصف، وذلك إذا
كان معه واحد ممن يأخذ النصف، مثل الأخت، والبنت، والزوج فإن لم
يكن مولى فعصبة المولى، فإن لم يكن عصبة المولى فمولى المولى، فإن لم يكن مولى
المولى فعصبة مولى المولى، فإن لم يكن عصبة مولى المولى فلبيت المال (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. وثبوت القول ببطلان التعصيب على ما مضى (3)،
وثبوت التوريث لذوي الأرحام.
مسألة 84: الولاء يجري مجرى النسب، ويرثه من يرث من ذوي الأنساب
على حد واحد، إلا الإخوة والأخوات من الأم، أو من يتقرب بها من الجد
والجدة، والخال والخالة وأولادهما.
وفي أصحابنا من قال: أنه لا ترث النساء من الولاء شيئا، وإنما يرثه

(1) الأم 4: 127، والمجموع 16: 44 و 113 و 114، والسراج الوهاج: 327.
(2) الأم 4: 127، وكفاية الأخيار 2: 13 و 18، والسراج الوهاج: 327، والوجيز 1: 263، والمجموع
16: 44 و 113 و 114.
(3) انظر ذلك في تهذيب الأحكام 9: 247 باب 21 في بطلان العول والعصبة.
79

الذكور من الأولاد والعصبة (1).
وقال الشافعي: أولى العصبات يقدم، ثم الأولى فالأولى بعد ذلك، على
ما ذكر في النسب سواء. وعنده: الابن أولى من الأب، وأقوى منه بالتعصيب،
ثم الأب أولى من الجد، ثم الجد أولى من الأخ، ثم الأخ أولى من ابن الأخ،
وابن الأخ أولى من العم، والعم أولى من ابن العم. وبه قال أكثر الفقهاء
ولا يرث أحد من البنات ولا الأخوات مع الأخوة شيئا (2).
وقال الشعبي، وأبو يوسف، وأحمد، وإسحاق: يكون للأب السدس،
والباقي يكون للابن كما يكون في النسب، مثل ما نقول (3).
وقال سفيان الثوري: يكون بينهما نصفين (4).
وكان طاووس يورث بنت المولى من مال مكاتبه (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله عليه السلام: (الولاء لحمة كلحمة
النسب لا يباع ولا يوهب) (6). وفي النسب يكون للأب السدس، والباقي
للابن، فكذلك يجب في الولاء مثله.

(1) وهو قول الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان في المقنعة: 106، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي:
374.
(2) كفاية الأخيار 2: 13، والوجيز 1: 263، والمجموع 16: 44 و 45 و 97، والسراج الوهاج: 327،
والمغني لابن قدامة 7: 269 و 270، والمبسوط 30: 39، وتبيين الحقائق 5: 178.
(3) المبسوط 30: 39، واللباب 4: 329، وعمدة القاري 23: 240، وتبيين الحقائق 5: 178، والمغني
لابن قدامة 7: 272، والشرح الكبير 7: 258.
(4) لم أقف على هذا القول في الكتب المتوفرة.
(5) الأم 8: 85، وفتح الباري 12: 48.
(6) انظر التهذيب 8: 255 حديث 926، والاستبصار 4: 24 حديث 78، والمستدرك على الصحيحين
4: 341، والسنن الكبرى 6: 240 و 10: 292 وترتيب مسند الشافعي 2: 73 حديث 237، ومجمع
الزوائد 4: 231، وبعض المصادر خالية من ذيل الحديث فلاحظ.
80

مسألة 85: ابن الابن لا يرث الولاء مع الابن للصلب، وبه قال الشافعي
وأكثر الفقهاء (1).
وقال شريح: يرث ابن الابن مع الابن (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض) (3) وأيضا فإن ابن الابن يسقط في الميراث مع الابن للصلب، وكذلك
في الولاء.
مسألة 86: المعتق إذا كان امرأة، فولاء مولاها لعصبتها دون ولدها،
سواء كانوا ذكورا أو إناثا.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
مسألة 87: الجد والأخ يستويان، وهما بمنزلة أخوين في الولاء يتقاسمان
المال، وهو أحد قولي الشافعي (6)، وبه قال الأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد،
وأحمد، وإسحاق، غير أنه إذا قال: يستويان، فالجد أولى. والقول الآخر: الأخ
أولى، ويسقط الجد، وبه قال مالك (7).

(1) المبسوط 30: 39، والمغني لابن قدامة 7: 275 و 276، والشرح الكبير 7: 263، والمجموع 16: 45،
والوجيز 1: 263، وتبيين الحقائق 5: 178.
(2) المغني لابن قدامة 7: 275 و 276، والشرح الكبير 7: 264.
(3) الأنفال: 75.
(4) المحلى 9: 300، واللباب 4: 321، والمبسوط 30: 40، وبداية المجتهد 2: 359، والمغني لابن قدامة
7: 277، والشرح الكبير 7: 273.
(5) التهذيب 8: 254 حديث 921 و 922، والاستبصار 4: 25 حديث 80.
(6) مختصر المزني: 322، والوجيز 1: 263، والمجموع 16: 45، والمغني لابن قدامة 7: 272 و 273،
والشرح الكبير 7: 259.
(7) المغني لابن قدامة 7: 272 و 273، والشرح الكبير 7: 259، واللباب 4: 329، وتبيين الحقائق
5: 178، وحاشية الشيخ أحمد الشلبي في هامش تبيين الحقائق 5: 178.
81

وقال أبو حنيفة: الجد أولى من الأخ في الميراث بالنسب والولاء (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقول النبي صلى الله عليه وآله: (الولاء لحمة كلحمة
النسب) (2) يدل أيضا عليه، لأن في النسب يقاسم الجد الأخ على ما ندل
عليه، ولأنه يدليان بالأب، فوجب أن يستويا فيه.
وقال الشافعي: الأقيس أن الأخ أولى، ولولا الإجماع لقلت بإسقاط الجد
مع الأخ في النسب، لكن ذلك لم يقله أحد. وفي الولاء ما أجمعوا عليه، ولأجل
هذا قلت بإسقاط الجد مع الأخ في الولاء (3).
مسألة 88: إذا خلف المولى إخوة وأخوات، أو أخا وأختا، فإن الولاء
يكون بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. وبه قال شريح وطاووس (4).
وقال الشافعي وعامة الفقهاء: المال للذكور منهم دون الإناث (5)، وفي
أصحابنا من قال بذلك (6).
دليلنا: قول النبي صلى الله عليه وآله: (الولاء لحمة كلحمة النسب) (7) وفي

(1) اللباب 4: 329 وشرح العناية على الهداية في هامش اللباب 4: 329، وعمدة القاري 23: 240،
والهداية في هامش شرح فتح القدير 7: 288، وتبيين الحقائق 5: 178.
(2) التهذيب 8: 255 حديث 926، والاستبصار 4: 24 حديث 78، والمستدرك على الصحيحين
4: 341، وترتيب مسند الشافعي 2: 73 حديث 237، والسنن الكبرى 6: 240 و 10: 292 ومجمع
الزوائد 4: 231.
(3) المجموع 16: 45 مختصر المزني: 322، والمغني لابن قدامة 7: 273 والشرح الكبير 7: 259، والوجيز
1: 263.
(4) المغني لابن قدامة 7: 275، وفتح الباري 12: 48، ونيل الأوطار 6: 190، والمبسوط 29:، والمغني
(5) المغني لابن قدامة 7: 264 و 267، والشرح الكبير 7: 265، وفتح الباري 12: 48، والمجموع 16: 45،
ونيل الأوطار 6: 190.
(6) منهم الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان قدس سره في المقنعة: 106، والشيخ أبي الصلاح الحلبي
في الكافي: 374.
(7) التهذيب 8: 255 حديث 926، والاستبصار 4: 24 حديث 78، والمستدرك على الصحيحين
4: 341، وترتيب مسند الشافعي 2: 73 حديث 237، والسنن الكبرى 6: 240 و 10: 292، ومجمع
الزوائد 4: 231.
82

النسب للذكر مثل حظ الأنثيين، فكذلك يجب في الولاء.
مسألة 89: إن ترك ابنا لمولاه، وابن ابن له، فالمال للابن دون ابن الابن.
وبه قال جميع الفقهاء (1).
وقال شريح، وطاووس: المال بينهما، كل واحد منهما يأخذ من الأب (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا فإن الابن أقرب من ابن الابن، ولا يأخذ
العبد مع القريب.
وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: (الولاء لحمة كلحمة النسب) (3) وفي النسب
الابن أولى من ابن الابن.
وروي عن علي عليه السلام، وعمر، وعثمان أنهم قالوا: الولاء للأكبر (4).
وروي عن ابن مسعود أنه قال: الولاء للابن دون ابن الابن (5).
مسألة 90: مولى مات وخلف ثلاثة بنين، ثم مات أحد البنين وخلف
ابنين، ثم مات الثاني وخلف ثلاثة بنين، ومات الثالث وخلف خمسة بنين، ثم
مات المعتق. فإن الولاء بينهم أثلاثا، لأولاد كل واحد من البنين الثلاث

(1) المبسوط 30: 39، والهداية المطبوع بهامش شرح فتح القدير 7: 288، والمغني لابن قدامة 7: 275 و
276، والشرح الكبير 7: 263، والمجموع 16: 45 و 46، ونيل الأوطار 6: 190، وشرح العناية على
الهداية المطبوع بهامش شرح فتح القدير 7: 288.
(2) لم أقف على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(3) التهذيب 8: 255 حديث 926، والاستبصار 4: 24 حديث 78، والمستدرك على الصحيحين
4: 341، والسنن الكبرى 6: 240 و 10: 292، وترتيب مسند الشافعي 2: 73 حديث 237، ومجمع
الزوائد 4: 231.
(4) السنن الكبرى 10: 303، والمبسوط 30: 39، والمجموع 16: 45 و 46، ونيل الأوطار 6: 189 -
190 وشرح العناية على الهداية المطبوع بهامش شرح فتح القدير 7: 288.
(5) لم أعثر على هذا القول في المصادر المتوفرة.
83

نصيب أبيهم.
وقال جميع الفقهاء: المال بينهم، لأن جميعهم يشتركون في أن الولاء لهم،
وليس الولاء لآبائهم، فإنهم أموات (1).
دليلنا: إجماع القرقة.
وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: (الولاء لحمة كلحمة النسب) (2)، ولو مات
الأب كان يأخذ وله كل ابن نصيب أبيه بلا خلاف، فكذلك في الولاء، لأن
حكمه حكم النسب.
مسألة 91: إذا مات المعتق وخلف المعتق، فإنه لا يرثه المعتق، وبه قال
جميع الفقهاء (3).
وقال شريح وطاووس: يرث كل واحد منهما من صاحبه (4).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: (الولاء لمن أعتق) (5)، وهذا ما أعتق.
مسألة 92: رجل زوج أمته من عبد، ثم أعتقها، فجاءت بولد، فإن الولد
حر بلا خلاف، ويكون ولاء ولدها لمن أعتقها، فإن أعتق العبد جر الولاء إلى
مولى نفسه. وبه قال في الصحابة: علي عليه السلام، وعمر، وعثمان، وعبد الله

(1) المغني لابن قدامة 7: 276، والشرح الكبير 7: 263 و 264، والمجموع 16: 46.
(2) التهذيب 8: 255 حديث 926، والاستبصار 4: 24 حديث 78، والمستدرك على الصحيحين
4: 341، وترتيب مسند الشافعي 2: 73 حديث 237، والسنن الكبرى 6: 240 و 10: 292، ومجمع
الزوائد 4: 231.
(3) المغني لابن قدامة 7: 277، والشرح الكبير 7: 274، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 167.
(4) المغني لابن قدامة 7: 277، والشرح الكبير 7: 274.
(5) صحيح البخاري 3: 96، وصحيح مسلم 2: 1141 حديث 1504، والموطأ 2: 782 حديث 870،
وسنن أبي داود 4: 21 حديث 3929 و 3930، ومسند أحمد بن حنبل 1: 281 و 2: 28، والسنن
الكبرى 10: 298 و 338.
84

ابن مسعود، والزبير بن العوام، وزيد بن ثابت، والحسن وابن سيرين، وفي
الفقهاء: أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق،
والأوزاعي (1).
وذهب طائفة من التابعين: إلى أنه لا ينجر الولاء، وهم: الزهري، ومجاهد،
وعكرمة، وجماعة من أهل المدينة. وبه قال رافع بن خديج (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأنه قول جميع الصحابة، وله قصة، روي أن الزبير
قدم خيبر فلقي فتية لعسا، فأعجبه ظرفهم، فسأل عنهم فقيل له: هم موالي رافع
ابن خديج، قد أعتق أمهم وأبوهم مملوك لآل حرقة، فاشترى الزبير أباهم
فاعتقه، فقال الزبير، انتسبوا إلي فأنا مولاكم. قال رافع بن خديج: الولاء
لي، أنا أعتقت أمهم، فتخاصموا إلى عثمان، فقضى للزبير، وأثبت الولاء
له (3)، ولم ينكره أحد، فدل على أنه إجماع.
مسألة 93: عبد تزوج بمعتقة قوم، فجاءت بولد، حكمنا بالولاء لمولى الأم.
فإن كان هناك جد، فاعتق الجد والأب حي، فهل ينجر الولاء إلى مولى هذا
الجد من مولى الأم؟.
عندنا أنه ينجر إليه، فإن أعتق بعد ذلك الأب انجز إلى مولى الأب من
مولى الجد. وبه قال مالك، والأوزاعي، وابن أبي ليلي، وزفر (4).

(1) المغني لابن قدامة 7: 253 و 254 والشرح الكبير 7: 266 و 267، والمجموع 16: 46 و 47، وبداية
المجتهد 2: 358.
(2) المغني لابن قدامة 7: 254، والشرح الكبير 7: 266 و 267، وبداية المجتهد 2: 358
(3) انظر المغني 7: 254، والشرح الكبير 7: 267، والمجموع 16: 46، والمستدرك على الصحيحين 10:
307.
(4) المدونة الكبرى 3: 371، وبداية المجتهد 2: 358، والموطأ 2: 783 وأسهل المدارك 3: 255، والمغني
لابن قدامة 7: 256، والشرح الكبير 7: 269 و 270.
85

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا ينجر الولاء إلى الجد (1).
ولأصحاب الشافعي فيه وجهان: ذكرهما الأسفرايني، أحدهما: مثل قولنا.
والثاني: مثل قول أبي حنيفة (2).
دليلنا: أن الجد يقوم مقام الأب في جميع الأمور، فإذا منع مانع من الأب
لا يتعدى إلى الجد، ألا ترى أنه لو قتل الأب ابنه فحرم الميراث، فإن كان له
أب أخذ الميراث الجد ولم يحرم، لمكان تحريم الأب، وكذلك لو كان الأب
كافرا والجد مسلما يحكم بإسلام الولد تبعا للجد، فكذلك هاهنا.
مسألة 94: حر تزوج بأمة، وجاءت بولد لستة أشهر فصاعدا، فإنه لا يثبت
الولاء لأحد عليه. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: إن كان الرجل عربيا فلا يثبت الولاء، وإن كان أعجميا
ثبت عليه الولاء. بناء على أصله حيث يقول: إن عبدة الأوثان لا يسترقون إذا
كانوا من العرب (4).
دليلنا: إن الأصل عدم الولاء، وإثباته يحتاج إلى دليل، ولأنه صلى الله عليه وآله
قال: (الولاء لمن أعتق) (5)، وهذا ما أعتق.
مسألة 95: عبد تزوج بمعتقة رجل، فجاءت بولد، فإنه يكون حر، ولمولى
الأم عليه الولاء، فإن عتق العبد ومات الولد، فإن الولاء ينجر إلى مولى الأب،

(1) المغني لابن قدامة 7: 256، والشرح الكبير 7: 296 و 270.
(2) المجموع 16: 46 و 47، والسراج الوهاج: 631، والمغني لابن قدامة 7: 256، والشرح الكبير
7: 270، وبداية المجتهد 2: 358.
(3) الأم 8: 85، والوجيز 2: 279، والمجموع 16: 47.
(4) الهداية المطبوع بهامش شرح فتح القدير 7: 286، وكذلك شرح العناية على الهداية 7: 286، وتبيين
الحقائق 5: 177، والمغني لابن قدامة 7: 257 و 258، والشرح الكبير 7: 247.
(5) صحيح البخاري 3: 96، والموطأ 2: 782 حديث 870، وسنن أبي داود 4: 21 حديث 3929 و
3930، ومسند أحمد بن حنبل 1: 281 و 2: 28، والسنن الكبرى 10: 338.
86

فإن لم يكن مولى الأب فعصبة مولى الأب، فإن لم يكن عصبة فمولى عصبة مولى
الأب، فإن لم يكن مولى ولا عصبة كان لبيت المال، على ما مضى من
الخلاف بيننا وبينهم. وبه قال جميع الفقهاء (1) وقال ابن عباس: يكون الولاء لمولى الأم، لأن الولاء كان له، فلما جر مولى
الأب كان له، فلما لم يكن عصبة المولى عاد إليه (2).
دليلنا: إنا أجمعنا على انتقاله عنه، وعوده إليه يحتاج إلى دليل، وليس في
الشرع ما يدل عليه.
مسألة 96: عبد تزوج بمعتقة رجل، فاستولدها بنتين، فهما حرتان،
وولائهما لمولى الأم، فاشترتا أباهما، فإنه ينعتق عليهما كل ذلك بلا خلاف.
فإن مات الأب للبنتين الثلثان بحق النسب، والباقي يرد عليهما.
وقال الفقهاء: الباقي لكل واحدة منهما نصف الثلث بحق الولاء، لأنها
مولاته (3).
وإن ماتت إحدى البنتين للشافعي فيه قولان، حكى الربيع، والبويطي،
أن لهذه البنت سبعة أثمان، والباقي يرجع إلى مولى الأم. وبه قال محمد بن
الحسن، وزفر (4). ونقل المزني: أن لها ثلاثة أرباع، والربع الباقي لمولى الأم. وبه قال
مالك (5).

(1) مختصر المزني: 139، والمغني لابن قدامة 7: 255، والشرح الكبير 7: 268، وفتح الباري 12: 45،
والهداية المطبوع بهامش شرح فتح القدير 7: 284، وشرح العناية 7: 284، وأسهل المدارك 3: 256.
(2) المغني لابن قدامة 7: 255، والشرح الكبير 7: 268.
(3) المغني لابن قدامة 7: 261 و 262، والشرح الكبير 7: 275 - 276.
(4) المغني لابن قدامة 7: 261 و 262، والشرح الكبير 7: 275 - 276.
(5) المغني لابن قدامة 7: 261.
87

وعلى ما قررناه، هذا الفرع وأمثاله يسقط عنا، لأن أحدا من ذوي القربى
- قريبا كان أو بعيدا، أبا كان أو أما أو غير ذلك - لا يجتمع له الميراث بالنسب
والولاء، لأن الولاء عندنا إنما يثبت إذا لم يكن هناك ذو نسب، فأما إذا كان
هناك ذو نسب فلا ميراث بالولاء على حال، وهذا أصل فيما يتعلق بهذا الباب،
فلأجل هذا لم نذكر المسائل المتفرعة عليه، لأنه لا فائدة في ذكرها.
مسألة 97: الأخوة من الأم مع الجد للأب، يأخذون نصيبهم الثلث
المفروض، والباقي للجد. وخالف جميع الفقهاء في ذلك وقالوا: المال للجد
ويسقطون (1).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا قوله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخر أو أخت
فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) (2)
ولم يفرق فمن أسقطهم مع الجد فقد خالف نص القرآن.
مسألة 98: الجد والجدة من قبل الأم، بمنزلة الأخ والأخت من قبلها،
يقاسمان الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم، أو من قبل الأب، والأخوة
والأخوات من قبل الأم. وخالف جميع الفقهاء في ذلك (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).

(1) مختصر المزني: 138، والنتف 2: 834 و 836، والمغني لابن قدامة 7: 65، والشرح الكبير 7: 9 و 56،
والمجموع 16: 89 و 116، وكفاية الأخيار 2: 18، ومغني المحتاج 3: 21، وفتح الرحيم 3: 161
و 164، والوجيز 1: 264، والفتاوى الهندية 6: 450 و 453، ونيل الأوطار 6: 178.
(2) النساء: 12.
(3) مختصر المزني: 139، والمغني لابن قدامة 7: 63، والمجموع 16: 53، والسراج الوهاج: 320، وكفاية
الأخيار 2: 12، ومغني المحتاج 3: 6.
(4) الكافي 7: 109 حديث 2 - 3 و 5 - 6 و 8 و 10 - 11، والفقيه 4: 206 حديث 691 و 699،
والتهذيب 9: 304 حديث 1082 و 1094، والاستبصار 4: 156 حديث 584 - 587 و 589 -
596. وحكاه الحر العاملي في الوسائل 17: 493 حديث 22 عن كتاب ابن أبي عقيل أيضا
فلاحظ.
88

مسألة 99: إذا كان مع الجد للأب إخوة من الأب والأم، أو إخوة من
الأب، فإنهم يرثون معه ويقاسمونه.
واختلف الفقهاء في ذلك على مذهبين:
فذهب قوم إلى أنهم لا يسقطون مع الجد ويرثون. وحكوا ذلك عن علي عليه
السلام، وعمر، وعثمان، وابن مسعود، وزيد بن ثابت، وفي التابعين جماعة،
وفي الفقهاء: مالك بن أنس، وأهل الحجاز، والأوزاعي، وأهل الشام، وأبو
يوسف، ومحمد بن الحسن، والشافعي، وأحمد بن حنبل (1).
وذهبت طائفة إلى أن الإخوة للأب والأم، أو للأب لا يرثون مع الجد،
ويسقطون. روي ذلك عن أبي بكر، وابن عباس، وعشرة من مهاجري
الصحابة مثل: أبي بن كعب، وعائشة، وأبي الدرداء، وغيرهم. وفي الفقهاء:
أبو حنيفة، وعثمان البتي، وداود، والمزني من أصحاب الشافعي، ومحمد بن
جرير الطبري، وإسحاق بن راهويه (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا: فإن قرابة كل واحد منهم على حد واحد، لأن الأخ يدلي بالأب،
وكذلك الجد يدلي بالأب، فقد اتفقا، فيجب أن يشتركا في الميراث.

(1) الأم 4: 81، والوجيز 1: 264، وكفاية الأخيار 2: 18 و 19، والمجموع 16: 116، والمغني لابن قدامة
7: 65، والشرح الكبير 7: 9 و 10، والنتف 2: 836، وبداية المجتهد 2: 340، وفتح الباري 12:
20.
(2) الأم 4: 81، والمجموع 16: 116، والنتف 2: 836، والمحلى 9: 288، والمغني لابن قدامة 7: 65،
والشرح الكبير 7: 9 و 10، وفتح الباري 12: 20، وبداية المجتهد 2: 340.
(3) الكافي 7: 109، والفقيه 4: 206 حديث 692 و 697، والتهذيب 9: 303 حديث 1081 و 1086،
والاستبصار 4: 155.
89

وأيضا: قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) (1) والأخوة والأخوات من الأب من
الرجال والنساء.
مسألة 100: ابن الأخ يقوم مقام الأخ في مقاسمة الجد إذا عدم الأخ.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 101: الجد يقاسم الإخوة، ويكون كواحد منهم بالغا ما بلغوا.
وقال الشافعي يدفع إلى الجد ما هو خير له من المقاسمة، أو ثلث جميع
المال. وبه قال في الصحابة ابن مسعود، وزيد بن ثابت (4).
وروي عن علي عليه السلام ثلاث روايات:
إحداها: أنه يدفع إلى الجد السدس أو المقاسمة، فإن كانت المقاسمة خيرا
له من السدس فالمقاسمة، وإلا فالسدس (5).
والثانية: للجد المقاسمة أو السبع (6).

(1) النساء: 7.
(2) فتح الباري 12: 16، ومغني المحتاج 3: 19، والسراج الوهاج: 326، والجامع لأحكام القرآن
للقرطبي 5: 69.
(3) انظر الكافي 7: 112، والتهذيب 9: 309 حديث 1104 و 1110.
(4) المغني لابن قدامة 7: 69 و 72، والشرح الكبير 7: 13 مختصر المزني: 142، ومغني المحتاج 3: 21 و
22، والسراج الوهاج: 327، والوجيز 1: 264، وكفاية الخيار 2: 18، والنتف 2: 836 و 837،
والمبسوط 29: 180، وبداية المجتهد 2: 341 و 342، والمحلى 9: 285 و 286، والمجموع 16: 117،
والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 68، والسنن الكبرى 6: 249 و 250.
(5) المحلى 9: 284 و 285، والنتف 2: 836، والمبسوط 29: 180 و 184، وبداية المجتهد 2: 342،
والمجموع 16: 117، والمغني لابن قدامة 7: 71، والشرح الكبير 7: 14، والجامع لأحكام القرآن
للقرطبي 5: 68.
(6) السنن الكبرى 6: 249، والمحلى 9: 284، والمغني لابن قدامة 7: 71، والمجموع 16: 117، والشرح
الكبير 7: 14.
90

والثالثة: المقاسمة أو الثمن (1).
وروي عنه أنه قال في سبعة إخوة وجد: (هو كأحدهم) (2). وهذه
الرواية تدل على مذهبنا، لأنها مثل ما رويناه عنه عليه السلام (3).
وروي عنه عليه السلام: أنه فرض للجد مع البنات والأخوة والأخوات
السدس، وجعل التعصيب للإخوة والأخوات (4).
وذهب أبو موسى الأشعري، وعمران بن حصين إلى أن للجد المقاسمة أو
نصف السدس (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).
مسألة 102: إذا كان إخوة من أب وأم، وإخوة من أب وجد، قاسم الجد
من كان من قبل الأب والأم. وكان زيد يقاسم الجد بهما، فما حصل لولد الأب
رده على ولد الأب والأم، إلا أن تكون أختا من أب وأم، فيرد عليها من ولد
الأب تمام النصف، وإن بقي شئ كان بين ولد الأب. وروي عن عمر نحو
هذا. وبه قال الأوزاعي، ومالك، والشافعي، والثوري، وأبو يوسف، ومحمد،
وكثير من أهل العراق (7).

(1) المحلي 9: 284، والمغني لابن قدامة 7: 71، والشرح الكبير 7: 14.
(2) المحلى 9: 284، والمغني لابن قدامة 7: 71، والشرح الكبير 7: 14.
(3) من لا يحضره الفقيه 4: 208 حديث 706.
(4) السنن الكبرى 6: 249، والمغني لابن قدامة 7: 81.
(5) المحلى 9: 284، والمغني لابن قدامة 7: 71، والشرح الكبير 7: 14، والمجموع 16: 117.
(6) من لا يحضره الفقيه 4: 207 حديث 696 و 697، والتهذيب 9: 304 حديث 1086 و 1090،
والاستبصار 4: 156 و 157.
(7) مختصر المزني: 142، والسراج الوهاج: 325 و 328، والمجموع 16: 115، والمغني لابن قدامة 7: 69
و 72، والشرح الكبير 7: 12 و 13، والمحلى 9: 286، والمبسوط 29: 183، وبداية المجتهد 2: 342،
والبحر الزخار 6: 349.
91

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، لا يختلفون فيه.
مسألة 103: الأخوات مع الجد يقاسمن الجد. وبه قال زيد بن ثابت،
والشافعي (2).
ورووا عن علي - عليه السلام - وابن مسعود: أن الأخوات لا يقاسمن، إنما
نفرض لهن، إذا كانت واحدة لها النصف، وإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 104: بنت وأخت وجد. للبنت النصف بالفرض، والباقي
بالرحم، ويسقط الباقون.
وقال الشافعي: للبنت النصف بالفرض، والباقي بين الأخت والجد (5).
وبه قال زيد بن ثابت، وجماعة من الصحابة (6).
وعلى مذهب أبي بكر، وابن عباس: للبنت النصف والباقي للجد
بالتعصيب (7)، لأنهم لا يقولون بالمقاسمة.
وعلى مذهب علي وابن مسعود: للبنت النصف، وللجد السدس، والباقي
للأخت، لأن الأخت مع البنت عصبة لا يمكن أن يفرض لها، وليس من
مذهبهم أن يقسم لها (8).

(1) انظر دعائم الإسلام 2: 375 حديث 1346.
(2) المجموع 16: 118، والمبسوط 29: 187.
(3) المبسوط 29: 185 و 187، والمغني لابن قدامة 7: 74، والمجموع 16: 118.
(4) الكافي 7: 109 حديث 2، و 7: 110 حديث 7 و 8، والتهذيب 9: 303 حديث 1081 و 9: 305
حديث 1087، والاستبصار 4: 155 حديث 583، و 4: 156 حديث 589.
(5) المجموع 16: 121.
(6) المبسوط 29: 189 و 192، والمجموع 16: 121.
(7) المجموع 16: 121، والمبسوط 29: 192.
(8) المبسوط 29: 192، والمغني لابن قدامة 7: 81، والشرح الكبير 7: 22، والمجموع 16: 121.
92

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1). وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم
أولى ببعض) (2) والبنت أولى، لأنها تتقرب بنفسها، ولأنا قد بينا بطلان
القول بالتعصيب.
مسألة 105: زوج وأم وجد للزوج النصف بلا خلاف، وللأم الثلث
بالفرض بلا خلاف، والباقي يرد عليها.
وقال الشافعي: الباقي للجد (3). وبه قال زيد بن ثابت (4).
وعن عمر روايتان:
إحداهما: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي.
والرواية الثانية: للزوج النصف، وللأم سدس جميع المال (5).
وهكذا في زوجة وأم وجد، ولا يختلف قوله في زوج وأم، وفي زوجة وأم،
إلا أن في الزوج والأم لا فرق بين ثلث ما يبقى وبين سدس جميع المال، وليس
كذلك في زوجة وأم وجد، لأن للزوجة الربع، فثلث ما يبقى أكثر من السدس
من جميع المال.
وعن ابن مسعود ثلاث روايات. روايتان مثل قول عمر (6)، والثالثة: قال
للزوج النصف، والباقي بين الأم والجد، بينهما نصفان.
وهذه المسألة التي يقال لها مربعة ابن مسعود (7).
دليلنا: إجماع الفرقة، والآية التي ذكرناها (8).

(1) الكافي 7: 87 حديث 4 و 9، والتهذيب 9: 278 حديث 1005 و 1008 و 1009.
(2) الأنفال: 75.
(3) مختصر المزني: 139، والمجموع 16: 121.
(4) المجموع 16: 121.
(5) المصدر السابق.
(6) المبسوط 29: 18 و 190، والمجموع 16: 121.
(7) المجموع 16: 121، والمبسوط 29: 180 و 185 و 190.
(8) ذكرها في المسألة 104، وهي الآية 75 من سورة الأنفال.
93

مسألة 106: أخت وأم وجد للأم الثلث بالفرض بلا خلاف، والباقي
عندنا رد عليها، ويسقط الباقون.
واختلف الصحابة فيها على سبعة مذاهب.
فذهب أبو بكر، وابن عباس إلى أن للأم الثلث، والباقي للجد وسقطت
الأخت (1).
وعن عمر روايتان، إحداهما: للأم الثلث مما يبقي (2). والثانية: لها سدس
جميع المال. يكون للأخت النصف وللأم سدس جميع المال، والباقي للجد (3)،
ولا يختلف هاهنا ثلث ما يبقى، وسدس جميع المال، إلا أن يكون في المسألة
أختان وأم.
وعن ابن مسعود ثلاث روايات روايتان مثل قبول عمر (4)، والثلاثة:
للأخت النصف، والباقي بين الأم والجد نصفان (5).
ومذهب عثمان: المال بينهم أثلاثا (6).
ومذهب علي - عليه السلام - للأم ثلث جميع المال، والباقي للجد، وتسقط
الأخت (7).

(1) المحلى 9: 289، والمبسوط 29: 19 و 191، والمغني لابن قدامة 7: 79 و 80، والشرح الكبير 7: 19،
وبداية المجتهد 2: 343، والمجموع 16: 119 و 120 و 122، والبحر الزخار 6: 350.
(2) المبسوط 29: 19 و 191، والمجموع 16: 120 و 122، والشرح الكبير 7: 19.
(3) المحلى 9: 289، والمجموع 16: 120 و 122، وبداية المجتهد 2: 343، والشرح الكبير 7: 19.
(4) المبسوط 29: 190، والشرح الكبير 7: 19.
(4) المبسوط 29: 190، والمحلى 9: 289، والشرح الكبير 7: 19، والمغني لابن قدامة 7: 80 والمجموع
16: 120 و 121، وبداية المجتهد 2: 243 وفيه (يذكر رواية واحدة عن ابن مسعود للأخت النصف
وللجد الثلث وللأم السدس).
(5) المبسوط 29: 190 و 191، والمجموع 16: 120 و 122، والشرح الكبير 7: 19.
(6) المغني لابن قدامة 7: 80، والمحلى 9: 289، وبداية المجتهد 2: 343، والمبسوط 29: 19 و 191،
والمجموع 16: 120.
(7) يظهر من المصادر المتوفرة والمتقدم ذكر بعضها أن القائل بهذا القول أبو بكر وابن عباس ومن وافقهما
أما القول المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هو: للأخت النصف وللأم الثلث
والباقي للجد. انظر المغني لابن قدامة 7: 80، والمحلى 9: 289، وبداية المجتهد 2: 343، والمبسوط
29: 190، والمجموع 16: 120 و 122.
94

ومذهب زيد بن ثابت، للأم ثلث جميع المال، والباقي بين الجد والأخت
للذكر مثل حظ الأنثيين (1).
وهذه يقال لها مربعة ابن مسعود، وهي الثانية من المربعة، ويقال لها مثلثة
عثمان، ويقال لها خرقاء، لأنها تخزقت فيها أقاويل الصحابة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، والآية (3)، وبطلان القول بالتعصيب.
مسألة 107: (4) زوج أم وأخت وجد، عندنا للزوج النصف، وللأم الثلث
بالفرض، والباقي رد عليها، ويسقط الباقون.
واختلف الصحابة - على حسب مذاهبهم - على تفصيل ما ذكرناه.
فذهب أبو بكر ومن تابعه من الصحابة: إلى أن للزوج النصف، وللأم الثلث،
وللجد السدس، وتسقط الأخت بناء على أصله أن الأخت تسقط بالجد (5).
وذهب عمر، وابن معسود: إلى أن للزوج النصف، وللأخت النصف،
وللأم السدس، وللجد السدس، تصير المسألة من ثمانية، لأنهما لا يفضلان الأم
على الجد (6).

(1) المحلى 9: 289، والمبسوط 29: 190 و 191، وبداية المجتهد 2: 343، والمغني لابن قدامة 7: 80،
والشرح الكبير 7: 19، والمجموع 16: 120 و 122.
(2) المبسوط 29: 190، والمحلى 9: 289، والمغني لابن قدامة 7: 79 و 80، والشرح الكبير 7: 18 و 19،
والمجموع 16: 120، وبداية المجتهد 2: 343.
(3) النساء: 11.
(4) في النسخة الحجرية: الأكدرية.
(5) الأم 4: 81، والمبسوط 29: 180 و 191، والمغني لابن قدامة 7: 77، والشرح الكبير 7: 15، والمحلى
9: 290، وبداية المجتهد 2: 340، والمجموع 16: 116.
(6) المحلى 9: 290، والمبسوط 29: 191، وبداية المجتهد 2: 342، والمغني لابن قدامة 7: 77، والشرح
الكبير 7: 15.
95

وروي عن علي عليه السلام: أن للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت
النصف، وللجد السدس، لأن من مذهبه تفصيل الأم على الجد، فتكون المسألة
من تسعة (1).
وذهب زيد بن ثابت إلى أن للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت
النصف أيضا، يضاف إلى سدس الجد، فيكون بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين،
ففرض الأخت مع الجد لما ضاقت به الفريضة، لأن الزوج لا يحجب إلا بالولد،
وليس هاهنا ولد، ولا تحجب الأم بأقل من أخوين، ولا يفرض للأخت مع
الجد، ولا يجوز أن ينقص من سدس الجد، فأضاف النصف إلى السدس وجعل
بينهما (2).
وروى سفيان قال: قلت للأعمش: لم سميت هذه المسألة الأكدرية؟
قال: سأل عبد الملك بن مروان (3) رجلا من الفرضيين يقال له أكدر، فأجاب
على مذهب زيد بن ثابت (4).
وقيل: إن امرأة ماتت وخلفت هؤلاء الذين ذكرناهم، وكانت اسمها
أكدرة، فسميت المسألة أكدرية (5).
وقيل: أنها سميت أكدرية، لأنها كدرت المذهب على زيد بن ثابت، لأنه
ناقض أصله في هذه المسألة في موضعين. أحدهما: إنه فرض للأخت مع الجد،

(1) المبسوط 29: 191، والمحلى 9: 289 و 290، وبداية المجتهد 2: 342، والمغني لابن قدامة 7: 77،
والشرح الكبير 7: 15.
(2)، والمحلى 9: 290، والمجموع 16: 120، والسراج الوهاج: 328، وكفاية الأخيار 2: 19، والمغني
لابن قدامة 7: 77، والشرح الكبير 7: 15، وبداية المجتهد 2: 342، والمبسوط 29: 191.
(3) أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن شمس مات سنة سنت وثمانين،
عد في طبقة ابن المسيب في الفقه. طبقات الفقهاء: 33، وشذرات الذهب 1: 97.
(4) المجموع 16: 120 و 123، وعمدة القاري 23: 245، وبلغة السالك 2: 486.
(5) بداية المجتهد 2: 342، وعمدة القاري 23: 245، والمجموع 16: 120 و 123.
96

والأخت مع الجد لا يفرض لها، وأعال المسألة مع الجد والجد عصبة، ومن
مذهبه أن لا يعال بعصبة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
مسألة 108: أخ لأب وأم، وأخ لأب، وحد، المال بين الأخ للأب والأم
والجد نصفان، ويسقط الأخ من جهة الأب.
واختلف الناس فيها.
فذهب أبو بكر ومن تابعه: إلى أن المال للجد، ويسقطان معا (2). وبه قال
أبو حنيفة، بناء على أصله في أن الإخوة لا يقاسمون الجد (3).
وذهب عمر، وعبد الله بن مسعود: إلى أن المال بين الأخ للأب والأم وبين
الجد نصفان - مثل ما قلناه - ويسقط الأخ للأب (4).
وذهب زيد بن ثابت إلى أن المال بينهم أثلاثا، للجد الثلث، ثم يعاد
الثلث الذي للأخ للأب إلى الأخ للأب والأم، فيأخذ الأخ للأب والأم
الثلثين (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).

(1) انظر الكافي 7: 110 حديث 4، والتهذيب 9: 304 حديث 1083، والفقيه 4: 205 حديث 686،
والاستبصار 4: 156 حديث 585.
(2) الأم 4: 81، والمحلى 9: 287، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 68، والمبسوط 29: 179 و 180،
وفتح الباري 12: 19 و 20، والمجموع 16: 116، وبداية المجتهد 2: 340.
(3) المبسوط 29: 180، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 68، وفتح الباري 12: 19 و 20، وبداية
المجتهد 2: 340، والمجموع 16: 116.
(4)، والمحلى 9: 285، والمبسوط 29: 185، وفتح الباري 12: 20، والمجموع 16: 123.
(5) المبسوط 29: 183، والمجموع 16: 123، والمحلى 9: 286، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 68،
وبداية المجتهد 2: 343.
(6) يدل على ذلك عموم الأخبار الواردة في دعائم الإسلام 2: 376 حديث 1348، والتهذيب 9: 303
حديث 1081 و 1087 وغيرها.
97

مسألة 109: أخت لأب وأم، وأخ لأب، وجد، المال بين الجد والأخت
للأب والأم، للذكر مثل حظ الأنثيين، ويسقط الأخ من الأب.
واختلف الصحابة فيها:
فذهب أبو بكر ومن تابعة: إلى أن المال للجد، ويسقط الباقون (1).
وذهب عمر، وابن مسعود: إلى أن المال بين الأخت للأب والأم وبين
الجد نصفان، ويسقط الأخ من الأب (2).
ورووا عن علي - عليه السلام - أن للأخت للأب والأم النصف، والباقي بين
الجد والأخ للأب نصفين (3).
ومذهب زيد بن ثابت للجد خمسان، لأن المسألة من خمسة. خمسان للجد
اثنان، وللأخت من الأب والأم النصف سهمان ونصف، ويبقى نصف سهم
فيضرب اثنان في خمسة يكون عشرة، للجد أربعة، وللأخت للأب والأم خمسة،
يبقى سهم للأخ للأب، وإنما صار كذلك لأنه يعطى الجد خمسين، والباقي بين
الأخ للأب والأخت، للذكر مثل حظ الأنثيين، يرجع فيأخذ من الأخ للأب
تمام نصف الأخت للأب والأم، فيعطيها.
وهذه تسمى عشرية زيد (4). ويقال: لها مختصرة زيد بن ثابت.
دليلنا: إجماع الفرقة على ما مضى القول فيه.
مسألة 110: إذا ارتد المسلم ومات على كفره، أو قتل، فميراثه لورثته

(1) الأم 4: 81، والمحلى 9: 287، والمبسوط 29: 180، وفتح الباري 12: 19، والشرح الكبير 7: 9،
وبداية المجتهد 2: 340.
(2) المحلى 9: 285، والمبسوط 29: 188، والمغني 7: 72.
(3) المحلى 9: 284 و 285، والمبسوط 29: 188.
(4) المجموع 16: 115 و 124، والمبسوط 29: 183.
98

المسلمين دون الكفار، قريبا كان المسلم أو بعيدا كما لو كان مسلما، سواء
اكتسبه في حال إسلامه، أوفي حال ارتداده. فإن لم يكن له وارث مسلم،
كان لبيت المال. وبه قال عبد الله بن مسعود، وإحدى الروايتين عن علي
عليه السلام (1) - فروي عنه - عليه السلام: أنه قتل مستورد العجلي (2) حين ارتد،
وقسم ماله بين ورثته (3) - وبه قال ابن المسيب، وحسن، وعطاء، والشعبي - وفي
الفقهاء: الأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد (4)، ولا يرثه كافر على حال.
وذهب الشافعي: إلى أنه ينتقل ماله إلى بيت المال فيئا، سواء اكتسبه
حال إسلامه أو حال ارتداده، وسواء قال (5) زال ملكه بالردة أم لم يزل (6). وبه
قال من الصحابة ابن عباس (7)، وإحدى الروايتين عن علي عليه السلام (8).
ومن التابعين: جماعة (9)، وفي الفقهاء: ربيعة، ومالك، وابن أبي ليلى، وأحمد

(1) سنن الدارمي 2: 384 (باب ميراث المرتد) حديث 1، وأحكام القرآن للجصاص 2: 102،
والمحلى 9: 305، والمغني لابن قدامة 7: 175، وبداية المجتهد 2: 347، والمجموع 19: 237.
(2) لم أقف له على شرح حال في المصادر المتوفرة.
(3) السنن الكبرى 6: 254، والأم 4: 85، والبحر الزخار 6: 369.
(4) أحكام القرآن للجصاص 2: 102، والمحلى 9: 305، والمغني لابن قدامة 7: 175، والشرح الكبير
7: 168، وفتح الباري 12: 40، والفتاوى الهندية 6: 455، والمبسوط 30: 38، والبحر الزخار
6: 369، ونيل الأوطار 5: 193.
(5) في النسخة الحجرية: وقال سواء.
(6) مختصر المزني: 140، والوجيز 1: 266، وكفاية الأخيار 2: 122، ومغني المحتاج 3: 25، والمجموع
15: 59 و 19: 237، والسراج الوهاج: 329، والمبسوط 30: 38، وأحكام القرآن للجصاص
2: 102، والمحلى 9: 305 و 306، وبداية المجتهد 2: 347، والمغني لابن قدامة 7: 175، وفتح
الباري 12: 40.
(7) أحكام القرآن للجصاص 2: 102، والمغني لابن قدامة 7: 175، والشرح الكبير 7: 168، والمجموع
16: 59.
(8) المحلى 9: 305، وأحكام القرآن للجصاص 2: 102، والمجموع 16: 59.
(9) أحكام القرآن للجصاص 2: 102، والمحلى 9: 305، وبداية المجتهد 2: 347، والمجموع 16: 237،
والمغني لابن قدامة 7: 175، والشرح الكبير 7: 168.
99

ابن حنبل (1).
وقال قوم: إن ماله الذي اكتسبه في حال حقن دمه، يرثه عنه المسلم.
والذي اكتسبه حال إباحة دمه ينتقل إلى بيت المال. وبه قال الثوري، وأبو
حنيفة (2).
وقال قوم: إن مال المرتد يكون لأهل ملته الذين انتقل إليهم، إن كانوا
يهودا يرثونه، وإن كانوا نصارى يرثونه، وبه قال عمر بن عبد العزيز وقتادة (3).
وقال أبو حنيفة: إذا ارتد زال ملكه، لكن لا يقسم بين ورثته، رجاء أن
يعود، وإن لحق بدار الحرب فإنه يرث عنه، كما لو مات فيعتق عليه رقيقه
وأمهات أولاده، ويقسم ماله على الورثة، فإن عاد فالذي عتق لا يعود والعتق
نافذ، وأما المال نظرت فإن كان عينا يرد، وما كان قد تلف فلا يرجع عليه،
ولا ضمان على ورثته (4).
قال الشافعي: قلت لمحمد بن الحسن، رجل ارتد ولحق بدار الحرب نرث
عنه؟ قال: نعم، قلت: إن عاد مع أهل الحرب، ويقاتلنا نرث عنه؟ قال:
كذلك، قلت: رجل حي يقاتلنا نرث عنه؟ - قال أبو حامد الأسفرايني: حكى
أبو أيوب الفرضي (5)، عن أبي حنيفة من مذهبه شيئا عجيبا، وذلك أنه قال:

(1) المدونة الكبرى 3: 388، والمحلى 9: 306، والمغني لابن قدامة 7: 175، والشرح الكبير 7: 168،
وأحكام القرآن للجصاص 2: 102، والبحر الزخار 6: 369.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 102، وعمدة القاري 23: 260، وفتح الباري 12: 40، والفتاوى
الهندية 6: 455، والمحلى 9: 305، والمغني لابن قدامة 7: 175 و 176، والمبسوط 30: 37 و 38،
والشرح الكبير 7: 169، والمجموع 16: 59 و 19: 237، والباب 3: 324.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 102، والمجموع 15: 59 و 16: 237.
(4) أحكام القرآن للجصاص 2: 104، والمغني لابن قدامة 7: 178 و 179، والمجموع 16: 237.
(5) لم أقف له على شرح في المصادر المتوفرة.
100

الزوجان إذا ارتدا ولهما أولاد، ولحقا بدار الحرب، قال: فإن حملا الأولاد إلى
دار الحرب، حكم بكفر الأولاد أيضا، وإن تركا الأولاد في دار الإسلام لا يحكم
بردتهم وكفرهم (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم على أن المسلم يرث الكافر والكافر لا يرثه،
وهي على عمومها (2).
وأيضا: قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى بعض) (3) ولم يفرق.
وقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) (4) وقوله:
(ولأبويه لكل واحد منهما السدس) (5) وقوله: (ولكم نصف ما ترك
أزواجكم) (6) وقوله: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء
نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) (7) ولم يفرق بين المرتد وغيره.
مسألة 111: المطلقة تطليقة ثالثة في حال المرض ترث ما بينها وبين سنة
إذا لم يصح من ذلك المرض ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا ميراث لها، والرجل
يرثها ما دامت في العدة الرجعية. فأما في البائنة فلا يرثها على حال.
وللشافعي في المطلقة البائنة قولان:
أحدهما: أنها لا ترث. وهو القياس عندهم.
والثاني: ترث (8). ولم يفصلوا الذي ذكرناه.

(1) انظر المبسوط 30: 37، والمجموع 16: 59.
(2) الفقيه 4: 244 و 245 حديث 783 و 785 و 789، وتهذيب الأحكام 9: 372 حديث 1328 و
1329، والاستبصار 4: 191 و 193 حديث 717 و 724.
(3) الأنفال: 75.
(4) النساء: 11.
(5) النساء: 11.
(6) النساء: 12.
(7) النساء: 7.
(8) مختصر المزني: 140، والمجموع 16: 62 و 63، والمغني لابن قدامة 7: 217، والشرح الكبير 7: 182.
101

وقال ابن أبي ليلى وعطاء، والحسن البصري: هي ترثه ما لم تتزوج، ولم
يقيدوا بالسنة (1).
وروي عن علي عليه السلام، وعبد الرحمان بن عوف، وابن الزبير أنهم لم
يورثوها (2). وكان أبو حنيفة وأصحابه، والثوري يورثونها ما دامت في العدة، إلا
أن يكون الطلاق من جهتها، فإنها لا ترثه (3). وهو أحد قولي الشافعي (4).
وروي عن عمر، وعثمان: أنها ترثه، سواء تزوجت أو لم تتزوج. وبه قال
مالك (5). واتفقوا: على أن المرأة إذا ماتت لم يرثها الزوج، واتفق الجميع على
أن الطلاق الرجعي لا يقطع التوارث بين الزوجين (6).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (7).
مسألة 112: المشتركة زوج وأم، وأخوان لأب وأم، وأخوان لأم. عندنا
للزوج النصف، والباقي للأم الثلث بالفرض، والباقي بالرد.
وقال الشافعي: للزوج النصف، وللأم السدس تكملة الثلثين، وللأخوين
للأم الثلث، ويشركهم بنو الأب والأم، ولا يسقطون وصاروا بني أم معا. وبه
قال في الصحابة عمر، وعثمان، وابن مسعود، وزيد بن ثابت. وفي التابعين:
شريح، وسعيد، والزهري، وفي الفقهاء: مالك، وإسحاق، والنخعي،

(1) المغني لابن قدامة 7: 217، والشرح الكبير 7: 182، والمجموع 16: 64.
(2) المغني لابن قدامة 7: 217، والشرح الكبير 7: 182، والمجموع 16: 64.
(3) المبسوط 30: 60، والمجموع 16: 63 و 64، والمغني لابن قدامة 7: 217، والشرح الكبير 7: 182 و
183.
(4) المجموع 16: 63 و 64، والمغني لابن قدامة 7: 217، والشرح الكبير 7: 182 و 183.
(5) المغني لابن قدامة 7: 217، والشرح الكبير 7: 182، والمجموع 16: 63 و 64.
(6) المصادر السابقة.
(7) التهذيب 9: 383 (باب ميراث المطلقات)، وانظر الكافي 7: 133 (باب ميراث المطلقات في
المرض)، والاستبصار 3: 303 (باب طلاق المريض).
102

والثوري، وأهل المدينة والبصرة (1).
وذهبت طائفة: إلى أن للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخوين للأم
الثلث، ويسقط الأخوان من قبل الأب والأم، ورووا ذلك عن علي - عليه
السلام - وابن عباس، وأبي موسى الأشعري، وأبي بن كعب، والشعبي. وفي
الفقهاء: أبو حنيفة وأصحابه، وأهل العراق، وابن أبي ليلى، وأحمد بن
حنبل (2).
وروي عن زيد وابن مسعود مثل ذلك (3)، والمشهور عنهما الأول (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
وأيضا: فإن الأم لها الثلث هاهنا، لأنها إنما تحجب بالإخوة إذا كان
هناك أب، فأما مع عدمه فلا حجب. وإذا ثبت أن لها الثلث فكل من قال
بذلك قال بما قلناه، ولم يفرق.
وأيضا قوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض) (6) والأم أقرب
من الإخوة، والقول بالتعصيب قد أفسدناه. وأما الإخوة للأم فإن الله تعالى إنما
فرض لهم الثلث إذا كان الرجل يورث كلالة أو امرأة، وإذا كان هناك أبوان
أو أحدهما فلا كلالة، فيسقط تسميتهم هاهنا.

(1) الأم 4: 88، وأحكام القرآن للجصاص 2: 91 و 92، والمبسوط 29: 154 والسراج الوهاج: 325
326، ومغني المحتاج 3: 17 و 18، والمغني لابن قدامة 7: 23، وبداية المجتهد 2: 339 و 340.
(2) لم أقف على هذه الرواية وأقوال الفقهاء المذكورين في مظانة من المصادر المتوفرة.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 91 و 92، واللباب 3: 323، والمبسوط 29: 154، والمغني لابن قدامة
7: 23، والمجموع 16: 101، وبداية المجتهد 2: 339 و 340.
(4) انظر الهامش رقم (1) من هذه الصفحة.
(5) انظر الكافي 7: 102 و 113 حديث 4 و 8، والفقيه 4: 202 حديث 677، والتهذيب 9: 292 و 310
حديث 1046 و 1111، والاستبصار 4: 161 حديث 608.
(6) الأنفال: 75.
103

مسألة 113: إذا مات ولد الملاعنة وخلف أما وأخوين منها (1)، فلام الثلث
بالتسمية، والباقي يرد عليها، ويسقط الأخوان معها.
وقال الشافعي: للأم السدس، وللأخوين الثلث، والباقي لمولى الأم، فإن
لم يكن فلبيت المال. وبه قال زيد بن ثابت (2).
وقال أبو حنيفة: لها السدس، ولهما الثلث، والباقي يرد عليهم (3).
وقال عبد الله بن مسعود: المال كله للأم لأنها عصبة (4).
وقال عبد الله بن عمر، وابن أبي ليلى: الباقي من قرض الأم والأخوة
فلعصبة الأم (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض) (6) والأم أولى من الإخوة، لأنهم يتقربون بها، وقد بينا أن الإخوة من
جهة الأم لا يحجبون، ومن جهة الأب إنما يحجبون إذا كان هناك أب حي،
وليس هاهنا أب.
مسألة 114: الظاهر من مذهب أصحابنا أن ولد الزنا لا يرث أمه، ولا ترثه
أمه، ولا أحد من جهتها.
وقد ذهب قوم من أصحابنا إلى أن ميراثه مثل ميراث ولد الملاعنة، وسواء

(1) في النسخة الحجرية: لها.
(2) الأم 4: 82، ومختصر المزني: 141، والمجموع 16: 104، وعمدة القاري 23: 249، وفتح الباري 12:
31، وبداية المجتهد 2: 349، والمغني لابن قدامة 7: 124، والبحر الزخار 6: 365.
(3) عمدة القاري 23: 249، وبداية المجتهد 2: 349، والمغني لابن قدامة 7: 124، والبحر الزخار
6: 365.
(4) المغني لابن قدامة 7: 124، وعمدة القاري 23: 249، وفتح الباري 12: 31، والمجموع 16: 104،
وبداية المجتهد 2: 349، والبحر الزخار 6: 365.
(5) المغني لابن قدامة 7: 123 و 124، وعمدة القاري 23: 249، والبحر الزخار 6: 365.
(6) الأنفال: 75.
104

كان ولدا واحدا أو ولدين، فإن أحدهما لا يرث الآخر (1) إلا على القول الثاني.
وقال الشافعي: إن كان واحدا فحكمه حكم ولدا لملاعنة، فأما إذا كانا
ولدي زنا توئمين فإن مات أحدهما فإنه يرثه الآخر بالأمومة ولا يرثه بالأبوة.
وهكذا قال جميع الفقهاء (2).
دليلنا: الأخبار المروية عنهم - عليهم السلام (3)، ولأن الميراث تابع للنسب
الشرعي، وليس هاهنا نسب شرعي بين ولد الزنا وبين الأم.
مسألة 115: ولد الزنا إذا كان توئما ثم مات أحدهما فإنه يرث الآخر
منه من جهة الأمومة دون الأبوة، على قول من قال من أصحابنا: أنه يجري
مجرى ولد الملاعنة (4).
وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: أنه يرث بالأبوة والأمومة. وبه قال مالك (5).
والوجه الثاني: يرث بالأمومة فحسب (6).

(1) ذهب إلى هذا القول كل من ابن الجنيد، والشيخ الصدوق في المقنع: 177 و 178، وأبو الصلاح في
الكافي: 377، أشار إلى ذلك أيضا العلامة الحلي في المختلف 2: 192 - 193 فلاحظ.
وروي ذلك في الكافي 7: 164 حديث 4، والتهذيب 9: 344 حديث 1238، والاستبصار
4: 183 حديث 689.
(2) الأم 4: 82، ومختصر المزني: 141، والمحلى 9: 302، والمبسوط 29: 199، والمغني لابن قدامة
7: 130 والمجموع 16: 102 و 105، والبحر الزخار 6: 365.
(3) انظر الكافي 7: 163 و 164 حديث 1 و 4، والفقيه 4: 231 و 232 حديث 738 وذيل حديث
739، والتهذيب 9: 343 حديث 1232 و 1236، والاستبصار 4: 182 حديث 685 و 688.
(4) تقدمت الإشارة إلى أقوالهم في المسألة السابقة فلاحظ.
(5) المجموع 16: 102 و 105، والمدونة الكبرى 3: 387 و 388 والخرشي 8: 222 والمغني لابن قدامة
7: 128.
(6) الأم 4: 82، ومختصر المزني: 141، والوجيز 1: 268 والمجموع 16: 102 و 105، والمغني لابن قدامة
7: 128.
105

دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 116: إذا مات إنسان وخلف خنثى مشكلا له ما للرجال وما
للنساء، فإنه يعتبر بالمبال، فإن خرج من أحدهما أولا ورث عليه، وإن خرج
من كليهما اعتبرنا الانقطاع، فورث على ما ينقطع أخيرا.
فإن اتفقا؟ روى أصحابنا أنه تعد أضلاعه، فإن تساويا ورث ميراث
النساء، وإن نقص أحدهما ورث ميراث الرجال (1)، والمعمول عليه أنه يرجع
إلى القرعة فيعمل عليها.
وقال الشافعي: ننزله نحن بأسوء حالتيه، فنعطيه نصف المال، لأنه اليقين،
والباقي يكون موقوفا حتى يتبين حاله. فإن بان أنه ذكر أعطيناه ميراث الذكور،
وإن بان أنه أنثى فقد أخذ حقه ونعطي الباقي العصبة، وبه قال زيد بن
ثابت (2).
وقال أبو حنيفة: نعطيه النصف يقينا، والباقي يدفع إلى عصبته (3).
وذهب قوم من الحجازيين، وقوم من البصريين: إلى أنه يدفع إليه نصف
ميراث الذكر، ونصف ميراث الأنثى، فيعطى ثلاثة أرباع المال. وبه قال أبو
يوسف، وجماعة من أهل الكوفة (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).

(1) الفقيه 4: 238 حديث 760، والتهذيب 9: 354 حديث 1271.
(2) الوجيز 1: 268، والمجموع 16: 108 و 109، والمغني لابن قدامة 7: 116، والشرح الكبير 7: 150
- 149، والبحر الزخار 6: 360.
(3) المبسوط 30: 92 و 93، والنتف 2: 857 و 858، والمغني لابن قدامة 7: 116، والشرح الكبير
7: 149 و 150، والمجموع 16: 108، والبحر الزخار 6: 360.
(4) المبسوط 30: 92 و 93، والمغني لابن قدامة 7: 116، والشرح الكبير 7: 149 و 150 والمجموع
16: 108، والبحر الزخار 6: 361.
(5) الكافي 7: 156 و 157 حديث 1 و 5، والفقيه 4: 237 حديث 759 و 762 والتهذيب 9: 353 و 356
حديث 1267 و 1268 و 1270 و 1273 و 1275.
106

مسألة 117: رجل مات وخلف أولادا مسلمين ومشركين، فإن المسلمين
يرثونه دون المشركين بلا خلاف، فإن أسلم المشركون بعد موته قبل القسمة
قاسموهم المال، وإن أسلموا بعد قسمة المال فلا ميراث لهم. وبه قال عمر بن
الخطاب، وعثمان بن عفان (1).
وقال جميع الفقهاء: إنهم لا ميراث لهم بحال إذا أسلموا بعد موته سواء
قسم أو لم يقسم (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (من أسلم على شئ فهو له) (4)
وهؤلاء أسلموا على ميراث وجب أن يكون لهم.
مسألة 118: مسلم مات وله أولاد مسلمون بعضهم معه حضور، وبعضهم
مأسورون، فإن الميراث للحاضرين والمأسورين.
وبه قال جميع الفقهاء (5).

(1) أحكام القرآن للجصاص 2: 104، والمغني لابن قدامة 7: 172، والشرح الكبير 7: 161، وعمدة
القاري 23: 260، وبداية المجتهد 2: 354 و 355، والمجموع 16: 60.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 104، والمبسوط 30: 30 وبداية المجتهد 2: 354، وعمدة القاري 23:
260، وكفاية الأخيار 2: 12 و 13، والمجموع 16: 60، والمغني لابن قدامة 7: 172 و 173، والشرح
الكبير 7: 161 و 162، وفتح الرحيم 3: 167.
(3) الكافي 7: 143 حديث 2 و 5 باب ميراث أهل الملل وفي باب آخر في ميراث أهل الملل فيه
صفحة 144 حديث 2 و 4. وفي صفحة 146 حديث 1، والتهذيب 9: 369 حديث 1316 و
1320، والفقيه 4: 244 حديث 781 و 783 و 785 و 787.
(4) السنن الكبرى 9: 113، ومجمع الزوائد 5: 335، وفي الدراية في تخريج أحاديث الهداية 2: 121
حديث 716 (من أسلم على مال فهو له).
(5) المغني لابن قدامة 7: 212، والشرح الكبير 7: 147، وعمدة القاري 23: 259، وفتح الباري 12:
50، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 80، والمجموع 16: 68.
107

وقال شريح: المأسورون أولى (1). وقال النخعي: لا يرث المأسور (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وظواهر القرآن وعمومها، وتخصيصها في التوريث والمنع
يحتاج إلى دليل.
مسألة 119: اختلف أصحابنا في ميراث المجوس على ثلاثة أقوال:
أحدها: إنهم لا يورثون إلا بسبب أو نسب يسوغ في شرح الإسلام (3).
والآخر: إنهم يورثون بالنسب على كل حال، وبالسبب الذي يجوز في
الشرع، وما لا يجوز لا يورثون به (4).
والثالث: أنه يجوز أن يورث بالأمرين معا، سواء كان جائزا في الشرع أو لم
يكن، وهو الذي اخترته في (النهاية) و (تهذيب الأحكام) (5)، وبهذا الذي
اخترته أخيرا قال علي - عليه السلام - وعمر، وعبد الله بن مسعود، وأهل الكوفة،
وابن أبي ليلى، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، والنخعي، وقتادة. فإنهم قالوا
كلهم: المجوس يورثون بجميع قراباتهم التي يدلون بها ما لم يسقط بعضهم
بعضا (6)، وهذا هو الذي ذهبنا إليه.
فأما إذا تزوج واحد منهم بمن يحرم عليه في شرع الإسلام مثل أن يتزوج

(1) عمدة القاري 23: 259، وفتح الباري 12: 49.
(2) المغني لابن قدامة 7: 212، والشرح الكبير 7: 147، والمجموع 16: 68.
(3) نسب الشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليه في تهذيب الأحكام 9: 364 هذا القول ليونس بن
عبد الرحمن ومن تبعه فلاحظ.
(4) نسب الشيخ المؤلف قدس سره في المصدر السابق هذا القول للفضل بن شاذان ومن تبعه وحكى
العلامة الحلي قدس سره في المختلف 2: 169 هذه الأقوال وقسمها إلى قسمين وقد نسب القول
الثاني لابن أبي عقيل، والشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان قدس الله روحيهما.
(5) انظر النهاية: 683، وتهذيب الأحكام 9: 364.
(6) اللباب 3: 325 والمغني لابن قدامة 7: 179، والشرح الكبير 7: 171، والمجموع 16: 97، والمبسوط
30: 33 و 34، والبحر الزخار 6: 366.
108

بأمه، أو بنته، أو عمته، أو خالته أو بنت أخيه، أو بنت أخته فإنه لا يثبت
بينهما الميراث بالزوجية بلا خلاف عند الفقهاء، لأن الزوجية لم تثبت (1).
والصحيح عندي: أنه يثبت بينهما الميراث بالزوجية. وروي ذلك عن علي
عليه السلام - ذكره ابن اللبان الفرضي (2) في (الموجز).
وقال الشافعي: كل قرابة إذا انفرد كل واحد منهما يرثه بجهة واحدة، فإذا
اجتمعتا لم يرث بهما - يعني جهتين - مثال ذلك: مجوسي تزوج بنته فماتت هي،
فإن الأب يرث بالأبوة ولا يرث بالزوجية. وهكذا إن مات الأب فإنها ترث
بالبنوة لا بالزوجية.
قالوا: وهذا لا خلاف فيه.
قالوا: لأن الزوجية ما ثبتت (3).
وإن كان مجوسيا تزوج بالأخت فجاءت ببنت ومات المجوسي، فإن هذه
البنت هي بنت وبنت أخت، وأمها أخت وأم لهذه، فإن ماتت البنت فإن
الأم ترث بالأمومة، لأن الأمومة أقوى من الأخوة، لأنها تسقط، والأم
لا تسقط.
وإن ماتت الأم فهي ترث بالبنوة لا بالأخوة، لمثل ذلك. وبه قال في
الصحابة: زيد بن ثابت. وفي التابعين: الحسن البصري، والزهري، وفي
الفقهاء: مالك والأوزاعي، وأهل المدينة (4).

(1) المغني لابن قدامة 7: 179، والشرح الكبير 7: 174، والمجموع 16: 96 و 97، واللباب 3: 325،
والبحر الزخار 6: 366.
(2) محمد بن عبد الله بن الحسن البصري الشافعي المعروف بابن اللبان (أبو الحسين) توفي في ربيع الأول
سنة 402 ه‍. من تصانيفه الإيجاز في الفرائض. معجم المؤلفين 10: 207.
(3) مختصر المزني: 141، والأم 4: 82، والمجموع 16: 96 و 97، والمغني لابن قدامة 7: 179، والشرح
الكبير 7: 171، والبحر الزخار 6: 366.
(4) الأم 4: 82، ومختصر المزني: 141، والوجيز 1: 265 و 266، والمجموع 16: 96 و 97، والمغني لابن قدامة 7: 181.
109

دليلنا: قوله تعالى: (وورثه أبواه فلأمه الثلث) (1) فجعل للأم الثلث،
وللأخت النصف ولم يفصل. وكذلك قوله: (ولكم نصف ما ترك
أزواجكم) (2) وقوله: (ولهن الربع مما تركتم) (3) وكل ذلك عام، وقد ذكرنا
الرواية صريحة عن أئمتنا - عليهم السلام - بذلك في تهذيب الأحكام (4).
مسألة 120: مجوسية ماتت وخلفت أما هي أخت لأب، للأم الثلث،
والباقي رد عليها.
وقال الفقهاء: الباقي للعصبة (5).
دليلنا: ما قدمناه من بطلان القول بالتعصب، وكل من أبطله قال بما قلناه.
مسألة 121: مجوسية ماتت وخلفت بنتا هي أخت لأب، للبنت النصف
بالتسمية، والباقي رد عليها.
وقال أبو حنيفة: الباقي لها أيضا بالتعصيب، لأن الأخت تعصب
البنت (6).
وقال أبو العباس فيه قولان:
أحدهما: مثل قول أبي حنيفة.
والثاني: الباقي للعصبة، لأن كل من يدلي بسببين، لا يرث بفرضين، ولأنها
لو ماتت هي لكانت العليا التي هي أمها ترث منها بسبب واحد. كذلك إذا
ماتت تلك ترث هي منها بسبب واحد.

(1) النساء: 11.
(2) النساء: 12.
(3) النساء: 12.
(4) التهذيب 9: 364 باب 37 حديث 1299 وغيره فلاحظ.
(5) المغني لابن قدامة 7: 184 و 185، والشرح الكبير 7: 174 و 175، والمجموع 16: 97، والوجيز
1: 266، والسراج الوهاج: 331، ومغني المحتاج 3: 30.
(6) المبسوط 30: 36، والفتاوى الهندية 6: 455، وتبيين الحقائق 6: 240، والفتاوى البزازية في هامش
الفتاوى الهندية 6: 473، والمجموع 16: 97.
110

وفرق أبو العباس بين هذه المسألة والتي قبلها إذا ماتت الأم. قال: لأن
هناك لو قلنا ترث بسبب واحد، لكانت هي أختا والأخرى أختا، وكان يؤدي
إلى أن تحجب نفسها بنفسها، والإنسان لا يحجب نفسه بنفسه، وليس كذلك
هاهنا، لأنه لا يؤدي إلى ذلك (1).
قال أبو حامد: وهذا التعليل ليس بشئ، لأنه هاهنا أيضا يتصور أن
تعصب نفسها بنفسها، فلما لم يجز ذلك لم يجز هناك.
دليلنا: ما قدمناه من أن مع الأم لا يرث أحد من الإخوة والأخوات من أي
جهة كانوا (2).
مسألة 122: مجوسي مات وخلف أما هي أخت لأب، وأختا لأب وأم
للأم الثلث بالفرض، والباقي يرد عليها.
وقال الشافعي: للأم الثلث، وللأخت للأب والأم النصف، والباقي
للعصبة (3).
وقال أبو حنيفة: للأخت من الأب والأم النصف، وللأم السدس، ولها
سدس آخر لأنها أخت لأب (4).
فتصورها أختين يحجب بهما الأم إلى السدس.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل المتقدمة.
مسألة 123: ماتت مجوسية وخلفت أما هي أخت لأبيها، وأخا لأب وأم،
للأم الثلث، والباقي يرد عليها.
وقال أبو حنيفة: للأم السدس، والباقي للأخ (5).

(1) انظر المغني لابن قدامة 7: 184، والمجموع 16: 97.
(2) تقدم ذلك في المسألة السابقة فلاحظ.
(3) الوجيز 1: 266، والمجموع 16: 97.
(4) المبسوط 30: 37، والمجموع 16: 97.
(5) المبسوط 30: 36 و 37، والفتاوى الهندية 6: 451.
111

وقال الشافعي: للأم الثلث، والباقي للأخ (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى من أنه لا يرث مع الأم أحد من الإخوة
والأخوات، لا بالفرض ولا بالتعصيب.
مسألة 124: المولود إذا علم أنه حي حين ولادته بصياح أو حركة أو
اختلاج أو عطاس بعد أن يتبين حياته فإنه يرث. وبه قال الحسن،
والأوزاعي، والشافعي، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأهل العراق (2)، إلا
أن من قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، وزفر، والحسن بن صالح بن
حي: إن المولود إذا خرج أكثره من الرحم وعلم حياته ثم خرج جميعه وهو
ميت فإنه يرث ويورث منه (3).
وكان مالك، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والنخعي لا يورثون المولود حتى
يسمع صوته (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5). وقوله: (يوصيكم الله في أولادكم
للذكر مثل حظ الأنثيين) (6)، ولم يفصل.
مسألة 125: إذا مات ميت وخلف ورثة وامرأة حاملا فإنه يوقف ميراث

(1) الوجيز 1: 266، والسراج الوهاج: 331.
(2) المحلى 9: 308، والمغني لابن قدامة 7: 200، والشرح الكبير 7: 136، والمجموع 16: 110، والجامع
لأحكام القرآن للقرطبي 5: 65، وتبيين الحقائق 6: 241، والفتاوى الهندية 6: 456.
(3) المبسوط 30: 50 و 51، والفتاوى الهندية 6: 456، وتبيين الحقائق 6: 241، وحاشية رد المحتار
6: 800، والمغني 7: 200، والشرح الكبير 7: 136، والمجموع 16: 110.
(4) المحلى 9: 308 - 309، والمغني لابن قدامة 7: 199، والشرح الكبير 7: 135، والمجموع 16: 110،
والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 65.
(5) الكافي 7: 155 حديث 1 و 2، والفقيه 4: 226 حديث 718، والتهذيب 9: 391 حديث 1397 و
1399، والاستبصار 4: 198 حديث 742 و 744.
(6) النساء: 11.
112

ابنين، ويقسم الباقي، وبه قال محمد بن الحسن، ويؤخذ منهم ضمناء (1).
وقال الشافعي، ومالك: لا يقسم الميراث حتى تضع، إلا أن يكون الحمل
يدخل نقصا على بعض الورثة، فيدفع إلى ذلك الوارث حقه معجلا، ويوقف
الباقي (2).
وكان أبو يوسف يقسم الميراث، ويوقف نصيب واحد، ويأخذ من الورثة
ضمينا (3). وهذا أيضا جيد، يجوز لنا أن نعتمده وكان شريك يوقف نصيب
أربعة، وهو قياس الشافعي (4).
وروى ابن المبارك، عن أبي حنيفة نحوه (5).
وروى اللؤلؤي عن أبي حنيفة: أنه يوقف المال كله حتى تضع الحمل (6).
دليلنا: أن العادة جرت بأن أكثر ما تلده المرأة ابنان، وما زاد عليه شاذ
خارج عن العادة، ولتجويز ذلك أخذنا الضمناء. وزيادة ما جرت به العادة
وجوب إيقافه يحتاج إلى دليل.
مسألة 126: دية الجنين إذا تم خلقه مائة دينار، وإذا لم يتم فغرة عبد أو
أمة.

(1) المبسوط 30: 52، وتبيين الحقائق 6: 241 وحاشية رد المحتار 6: 800، والمغني لابن قدامة 7: 196،
والشرح الكبير 7: 132، والمجموع 16: 111.
(2) المجموع 16: 109 و 111، والسراج الوهاج: 330، ومغني المحتاج 3: 28، والمغني لابن قدامة
7: 195، والشرح الكبير 7: 131.
(3) المبسوط 30: 52، والفتاوى الهندية 6: 456، وتبيين الحقائق 6: 241، وحاشية رد المحتار 6: 800،
والمغني لابن قدامة 7: 195 و 196 والشرح الكبير 7: 131 و 132، والمجموع 16: 111.
(4) الوجيز 1: 268، والمغني لابن قدامة 7: 195 - 196، والشرح الكبير 7: 131 و 132.
(5) المبسوط 30: 52 وحاشية رد المحتار 6: 800، والمغني لابن قدامة 7: 195 و 196، والشرح الكبير
7: 131 و 132.
(6) المبسوط 30: 52 و 53 وحاشية رد المحتار 6: 800 و 801 والمغني لابن قدامة 7: 196، والشرح
الكبير 7: 132.
113

وعند الفقهاء عبد أو أمة على كل حال، إلا أن هذه الدية يرثها سائر
المناسبين، وغير المناسبين. وبه قال جميع الفقهاء (1) إلا ربيعة فإنه قال: أن
هذا العبد لأمه، لأنه قتل ولم ينفصل منها، فكأنه أتلف عضوا
منها (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وروى مغيرة بن شعبة: أن امرأتين من هذيل اقتتلتا، فقتلت إحداهما
الأخرى، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وآله - بدية المقتول على عاقلة
القاتلة، وقضى في الجنين بغرة عبد أو أمة (4). فوجه الدلالة: أن النبي - صلى
الله عليه وآله - أفرد دية الجنين عن دية النفس، فثبت بذلك ما قلناه.
مسألة 127: يرث الدية جميع الورثة، سواء كانوا مناسبين أو غير مناسبين،
من الزوج والزوجة، وبه قال جميع الفقهاء (5).
وعن علي - عليه السلام - روايتان:

(1) الأم 6: 107 و 108 والوجيز 2: 157 و 158، والمجموع 19: 56 و 61، وكفاية الأخيار 2: 107،
والسراج الوهاج: 509 و 510، ومغني المحتاج 4: 103 و 105 والمبسوط 26: 87 و 88، واللباب
3: 62، وبدائع الصنائع 7: 325، والفتاوى الهندية 6: 34، وتبيين الحقائق 6: 139 و 140،
والمغني لابن قدامة 7: 204 و 9: 536 و 543، والشرح الكبير 9: 533 و 535، والبحر الزخار 6: 256
و 257، والمحلى 11: 32، وعمدة القاري 23: 243.
(2) المغني لابن قدامة 7: 204، وبداية المجتهد 2: 408.
(3) الكافي 7: 342 حديث 1 و 2 و 344 حديث 4 و 7، والفقيه 4: 45 حديث 194، والتهذيب
10: 285 حديث 1107 و 286 حديث 1108 و 1109، والاستبصار 4: 299.
(4) صحيح مسلم 3: 1310 حديث 37 و 38 وسنن أبي داود 4: 190 و 191 حديث 4568 و 4569،
وسنن الدارمي 2: 196، وسنن الترمذي 4: 223 حديث 1410 و 1411، وسنن النسائي 8: 51،
وأحكام القرآن للجصاص 2: 224، والمجموع 19: 143.
(5) الأم 6: 89 و 107 و 108 والمجموع 19: 61 والسراج الوهاج: 510 والمبسوط 26: 157، والمغني
لابن قدامة 7: 205.
114

إحداهما: كما قلناه (1)، وهو الصحيح.
والثانية: إن الدية للعصبة، ولا يرث من لا يعقل عنه العقل مثل الأخت
والزوج والزوجة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وروي: أن عمر بن الخطاب قال: لا ترث الزوجة من دية زوجها، حتى
سأل الصحابة فقال له الضحاك بن سفيان (3): إن النبي - صلى الله عليه وآله -
كتب إلينا بأن نورث امرأة أشيم الضبابي (4) من دية زوجها فورثناها، فرجع
عمر عن ذلك وورثها (5).
مسألة 128: يقضى من الدية الدين والوصايا. وبه قال عامة الفقهاء (6).
إلا أبا ثور فإنه قال: لا يقضى منها الدين ولا الوصية (7).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (8).
مسألة 129: يخص الابن الأكبر من التركة بثياب جلد الميت، وسيفه،

(1) انظر الكافي 2: 138 حديث 1، والفقيه 4: 226 حديث 719، والتهذيب 9: 376 حديث 1344.
(2) المبسوط 26: 157، والمغني لابن قدامة 7: 205.
(3) الضحاك بن سفيان بن عوف بن عبد بن كعب بن أبي بكر بن كلاب الكلابي كان ينزل البادية،
له صحبة، استعمله النبي صلى الله عليه وآله على الأعراب. انظر تاريخ الصحابة لابن حبان:
141.
(4) أشيم الضبابي، قتل في حياة النبي صلى الله عليه وآله، وكتب النبي صلى الله عليه وآله إلى
الضحاك بن سفيان في توريث زوجته من دية زوجها، ولم تقف على ترجمة له أكثر من ذكر اسمه
وقصة التوريث، انظر أسد الغابة 1: 99.
(5) المصنف لعبد الرزاق 9: 397 حديث 17764 نحوه باختلاف يسير في اللفظ، وسنن أبي داود 3: 129
حديث 2927، وسنن الترمذي 4: 425 حديث 2110، والأم 6: 88، والمغني لابن قدامة 7: 205.
(6) المبسوط 26: 157، والمغني لابن قدامة 7: 205، والسراج الوهاج: 510.
(7) المغني لابن قدامة 7: 205.
(8) الكافي 7: 139 حديث 7 والتهذيب 9: 375 حديث 1341.
115

ومصحفه دون باقي الورثة. وخالف جميع الفقهاء في ذلك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 130: إذا خلفت المرأة زوجها، ولا وارث لها سواء، فالنصف له
بالفرض. والباقي يعطى إياه، وفي الزوجة الربع لها بلا خلاف، والباقي
لأصحابنا فيه روايتان:
إحداهما مثل الزوج يرد عليها (3).
والأخرى: الباقي لبيت المال (4).
وخالف جميع الفقهاء في المسألتين معا، وقالوا: الباقي لبيت المال (5).
مسألة 131: لا ترث المرأة من الرباع، والدور، والأرضين شيئا، بل يقوم
الطوب والخشب فتعطى حقها منه.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: لها الميراث من جميع ذلك (6).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (7).

(1) المبسوط 29: 139، والسراج الوهاج: 320، والمجموع 16: 53، ومغني المحتاج 3: 3 و 4، والفتاوى
الهندية 6: 447، والشرح الكبير 7: 5.
(2) الفقيه 4: 347 حديث 5747، والتهذيب 9: 275 حديث 997، والاستبصار 4: 144، والكافي
7: 86 حديث 4.
(3) رواها الشيخ الصدوق قدس سره في الفقيه 4: 192 حديث 667 والشيخ الطوسي في التهذيب
9: 295 حديث 1056.
(4) ذهب إليه الشيخ الصدوق في المقنع: 170 و 171، والسيد المرتضى في الانتصار: 301، وابن
البراج في المهذب 2: 141، وسلار في المراسم: 222، والتهذيب 9: 294 حديث 1050 - 1056
296 حديث 1058 و 1060.
(5)، والوجيز 1: 260 و 263، والمجموع 16: 70 و 113 و 114، وكفاية الأخيار 2: 14، والفتاوى الهندية
6: 450، والمغني لابن قدامة 7: 20 و 48، والمبسوط 29: 148 و 194.
(6) المغني لابن قدامة 7: 20، والمجموع 16: 70.
(7) الكافي 7: 127 حديث 1 و 11، والفقيه 4: 252 حديث 809 و 811، والتهذيب 9: 297 حديث
1064 و 1079، والاستبصار 4: 151 حديث 570.
116

مسألة 132: إذا تزوج رجل في حال مرضه ودخل بها ثم مات ورثته،
وإن لم يدخل بها لم ترثه.
وقال أبو حنيفة، وأهل العراق، والبصرة، والشافعي: إنها ترثه (1) ولم يفصلوا.
وقال مالك وأهل المدينة: لا ترثه (2)، ولم يفصلوا أيضا.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
المشروط عليه: بمنزلة القن ما بقي عليه درهم، لا يرث ولا يورث.
والمطلق: يرث ويورث بمقدار ما تحرر منه. وبه قال علي عليه السلام (4).
وروي عن عمر، وزيد، وعائشة، وابن عمر: أنهم جعلوا المكاتب عبدا
ما بقي عليه درهم، ولم يفصلوا (5)، وإليه ذهب الزهري، ومالك، والشافعي،
وأبو حنيفة (6).
وعن ابن عباس أنه قال: إذا كتبت الصحيفة فهو حر (7).

(1) الأم 4: 103، والمجموع 15: 439، والمغني لابن قدامة 7: 213، والشرح الكبير 7: 176.
(2) المغني لابن قدامة 7: 213، والشرح الكبير 7: 176، والمجموع 15: 439.
(3) الكافي 6: 121 و 123 حديث 1 و 12، والفقيه 4: 228 حديث 724، والتهذيب 8: 77 حديث
259 و 261، والاستبصار 3: 304 حديث 1080.
(4) انظر الكافي 7: 152 حديث 7، والتهذيب 9: 352 حديث 1263، والفقيه 4: 248 حديث 801،
والاستبصار 4: 37 حديث 124.
(5) المحلى 9: 229، والمبسوط 7: 206، وبداية المجتهد 2: 372 و 373، والمغني لابن قدامة 7: 132،
ونيل الأوطار 6: 191، والفتاوى الهندية 6: 268.
(6) الأم 8: 84، وكفاية الأخيار 2: 181، والمجموع 16: 29، والمبسوط 7: 206، والمحلى 9: 229،
وبداية المجتهد 2: 372، وأسهل المدارك 3: 257، والمغني لابن قدامة 7: 132، والشرح الكبير
7: 223، والفتاوى الهندية 6: 268.
(7) المحلى 9: 229، والمغني لابن قدامة 7: 134، والمبسوط 7: 206، والشرح الكبير 7: 134، ونيل
الأوطار 6: 191.
117

وعن ابن مسعود: أنه إذا أدى ثلثا أو ربعا فهو حر. وعن عمر نحوه (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2) فإنهم لا يختلفون، والظواهر كلها تتناول
المكاتب وغيره، وإنما نحرمه الميراث بدليل.
مسألة 134: المعتق بعضه بمنزلة المكاتب المطلق إذا أدى بعض مكاتبته،
يرث ويورث بحسب حريته، ويمنع بحساب رقه. وبه قال علي عليه
السلام (3)، وإليه ذهب ابن أبي ليلى، وعطاء، وطاووس، وعثمان البتي (4).
وكان الزهري، ومالك، وأحد قولي الشافعي لا يورثون منه، ويجعلون ماله
للمتمسك برقه (5).
وأبو حنيفة يجعل ماله كمال المكاتب يؤدي عنه مكاتبته، فإن بقي منه
شئ كان لورثته، ولا يورثه ما لم يكمل فيه الحرية (6).
وروي عن الشافعي أنه قال: يورث عنه بقدر ما فيه من الحرية
ولا يرث (7).
وكان الثوري، وأبو يوسف، ومحمد، وزفر يجعلون المعتق بعضه بمنزلة الحر في

(1) المغني لابن قدامة 7: 134، والشرح الكبير 7: 224، والمحلى 9: 229 و 230، وبداية المجتهد
2: 373، والفتاوى الهندية 6: 268.
(2) الكافي 7: 151 باب ميراث المكاتبين، والفقيه 4: 248 حديث 801 و 803، والتهذيب 9: 349
باب 34 ميراث المكاتب، والاستبصار 4: 37 باب ميراث المكاتب.
(3) المحلى 9: 302، والمغني لابن قدامة 7: 135، والشرح الكبير 7: 225، والفتاوى الهندية 6: 268.
(4) المحلى 9: 302، والمغني لابن قدامة 7: 135، والشرح الكبير 7: 225.
(5) بداية المجتهد 2: 374، وأسهل المدارك 3: 248، والأم 8: 84، والوجيز 1: 266، والمغني لابن قدامة
7: 135، والشرح الكبير 7: 225، والمحلى 9: 302.
(6) الفتاوى الهندية 6: 268، وبداية المجتهد 2: 374 و 375، والمحلى 9: 302، والمغني لابن قدامة
7: 135، والشرح الكبير 7: 223 و 225.
(7) المحلى 9: 302، والمغني لابن قدامة 7: 135، والشرح الكبير 7: 225.
118

جميع أحكامه (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 135: الأسير إذا علم حياته فإنه يورث، وإذا لم يعلم أحي هو أم
ميت فهو بمنزلة المفقود. وبه قال عامة الفقهاء (2).
وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: لا يورث الأسير (3).
وعن إبراهيم قال: لا يورث الأسير، وعن إبراهيم أيضا قال: نمنعه من
الميراث (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وظواهر القرآن (5)، وهي عامة في الأسير وغيره (6).
مسألة 136: لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته، أو يمضي زمان لا يعيش
مثله فيه بمجرى العادة، وإن مات له من يرثه المفقود دفع إلى كل وارث أقل
ما يصيبه، ويوقف الباقي حتى يعلم حاله، وبه قال الشافعي. وقيل عن مالك
نحوه (7).
وقال بعض أصحاب مالك: يضرب للمفقود مدة سبعين سنة مع سنه يوم
فقد، فإن علمت حياته وإلا قسم ماله، وقال بعض أصحابه: يضرب له مدة

(1) المغني لابن قدامة 7: 135، والشرح الكبير 7: 225.
(2) المغني لابن قدامة 7: 212، والشرح الكبير 7: 147، والفتاوى الهندية 6: 457، وفتح الباري 12:
50، والمجموع 16: 67 و 68، والوجيز 1: 267، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 80، وعمدة
القاري 23: 259.
(3) عمدة القاري 23: 259، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 59 و 80، وفتح الباري 12: 50،
والمغني لابن قدامة 7: 132 و 212، والشرح الكبير 7: 147.
(4) المغني لابن قدامة 7: 212، والمجموع 16: 68، والشرح الكبير 7: 147، والجامع لأحكام القرآن
للقرطبي 5: 59.
(5) النساء: 11 و 12.
(6) في النسخة الحجرية: فمن خصصها فعليه الدلالة.
(7) المغني لابن قدامة 7: 208، والشرح الكبير 7: 141، والمجموع 16: 68.
119

تسعين سنة (1).
وقال محمد: إذا بلغ ما لا يعيش مثله في مثل سنه جعلناه ميتا، وورث منه
كل وارث حي، وإن مات أحد من ورثته قبل ذلك لم أورثه ولا أورث المفقود
من ذلك الميت، ولم يجده بمدة، وهذا مثل ما قلناه. وقاله الشافعي (2).
وقال الحسن بن زياد اللؤلؤي: إذا مضى على المفقود من السنين ما يكون
مع سنه يوم فقد مائة وعشرون سنة قسم ماله بين الأحياء من ورثته، وبه قال
أبو يوسف (3).
دليلنا: إن الاعتبار بما جرت به العادة، فإذا عمل عليه فقد أخذنا
بالأحوط، وما لم تجر به العادة ليس إليه طريق. وأما التحديد بمدة بعينها قاله
يحتاج إلى دليل.
مسألة 137: ولاء الموالاة جائز عندنا.
ومعناه: أن يسلم رجل على يد رجل فيواليه، فيصير مولاه، وله أن ينقل
ولائه إلى غيره ما لم يعقل عنه، أو عن أحد من أولاده الذين كانوا صغارا عند
عقد الولاء، وبه قال علي عليه السلام، وعمر. وروي عنهما أنهما ورثا به، وبه
قال ابن المسيب، وعطاء، والزهري والأوزاعي، وأبو حنيفة وأصحابه (4).
وكان زيد لا يجعل الولاء إلا المعتق. وإليه ذهب مالك والشافعي، وابن

(1) المجموع 16: 68، والمغني لابن قدامة 208، والشرح الكبير 7: 141.
(2) المجموع 16: 68 و 69، والمبسوط 11: 34 و 35، النتف 2: 855، والمغني لابن قدامة 7: 208،
والشرح الكبير 7: 141.
(3) المبسوط 11: 35 و 30: 54، والمغني لابن قدامة 7: 208 و 209، والشرح الكبير 7: 142.
(4) اللباب 4: 31 و 32، والمبسوط 8: 91 و 30: 43، والفتاوى الهندية 6: 271، والنتف 1: 431 و
432، وعمدة القاري 23: 255 و 256، وأحكام القرآن للجصاص 2: 186 و 187، وبداية المجتهد
2: 355 و 356، وفتح الباري 12: 47.
120

أبي ليلى (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 138: حكم الرجل المجهول النسب حكم الذي يسلم على يد غيره
إذا توالى إليه. وبه قال أبو حنيفة (3).
وقال الشافعي: لا يجوز ذلك (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 139: المعتق سائبة لا ولاء عليه، وله أن يوالي من شاء، وبه قال
عمر، وابن مسعود في إحدى الروايتين عنهما، وبه قال الزهري، وسليمان بن
يسار، وأبو العالية، ومالك (5).
والرواية الأخرى عنهما أنهما قالا: لا سائبة في الإسلام، الولاء لمن أعتق،
فإن يخرج من ميراثه جعله في بيت مال المسلمين (6).
وكان الشعبي، والشافعي، وأهل العراق يجعلون ولاءه لمعتقه (7).

(1) الأم 4: 126، وكفاية الأخيار 2: 177، والمجموع 16: 43 و 44، والمدونة الكبرى 3: 365، والمغني
لابن قدامة 7: 278، وبداية المجتهد 2: 355، وأحكام القرآن للجصاص 2: 186، وفتح الباري
12: 46، والمبسوط 8: 91 و 30: 43، ونيل الأوطار 6: 183.
(2) الكافي 7: 171 حديث 3، والتهذيب 9: 394 و 396 حديث 1407 و 1413 و 1414.
(3) النتف 1: 432 و 2: 588، والمبسوط 8: 113 و 10: 213، والمغني لابن قدامة 7: 278، وعمدة
القاري 23: 252.
(4) الأم 4: 71، ومختصر المزني: 137 والوجيز 1: 258، والمجموع 15: 290 و 6: 43 و 44، والمغني لابن
قدامة 7: 278، والنتف 1: 432، وعمدة القاري 23: 252.
(5) بداية المجتهد 2: 356، والمغني لابن قدامة 7: 245 و 246، والشرح الكبير 7: 249، والمبسوط
30 و 38، وفتح الباري 12: 41، وعمدة القاري 23: 253.
(6) بداية المجتهد 2: 356، وعمدة القاري 23: 253، وفتح الباري 12: 41، والمغني لابن قدامة
7: 245 و 246، والشرح الكبير 7: 249.
(7) الأم 4: 127، والمجموع 16: 44، والمغني لابن قدامة 7: 245، والشرح الكبير 7: 249، والمبسوط
30: 38، واللباب 4: 28، وفتح الباري 12: 41، وعمدة القاري 23: 253، وبداية المجتهد
2: 356.
121

دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 140: من أعتق عن غيره، فإن كان بأمره كان ولاؤه للآمر، وإن
كان بغير أمره فولاؤه لمعتقه دون المعتق عنه، وبه قال الأوزاعي، والشافعي، وأبو
يوسف (1).
وكان أبو حنيفة يجعل ولائه للمعتق، أمر المعتق عنه بذلك أو لم يأمر، إلا
أن يكون أمره أن يعتق عنه عبده على عوض بدفعه إليه، ويلزمه العوض فيكون
الولاء له (2).
وقال مالك، وأبو عبيدة: ولائه لمعتق عنه على كل حال، أمره بذلك أو
لم يأمر (3).
دليلنا: قول النبي صلى الله عليه وآله: (الولاء لمن أعتق) (4) والأمر بالعتق
معتق على كل حال، كما أن الآمر بالبيع والطلاق وسائر العقود عاقد لها.
مسألة 141: إذا مات العبد المعتق وليس له مولى فميراثه لمن يتقرب إلى
مولاه من جهة أبيه دون أمه، الأقرب أولى من الأبعد، على تدريج ميراث
المال.

(1) الأم 4: 134، والمبسوط 8: 99، وبداية المجتهد 2: 355، وبلغة السالك 2: 462، والمغني لابن قدامة
7: 251، والشرح الكبير 7: 251.
(2) المبسوط 8: 99، والمغني لابن قدامة 7: 251 و 252، والشرح الكبير 7: 251 و 252.
(3) بداية المجتهد 2: 355، وبلغة السالك 2: 462، وأسهل المدارك 3: 252، والمغني لابن قدامة
7: 251، والشرح الكبير 7: 251 و 252، وجواهر الإكليل 2: 314 و 315.
(4) صحيح البخاري 3: 96 و 8: 191، وصحيح مسلم 2: 1141 حديث 1504، وسنن أبي داود 3: 126
حديث 2915 و ج 4: 21 حديث 3929 و 3930 والموطأ 2: 782 و 780، والسنن الكبرى
10: 338.
122

وروي عن علي - عليه السلام - وعمر، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، أن
ميراثه لأقرب عصبة مولاه يوم يموت العبد. وبه قال مالك، والشافعي،
والأوزاعي، وأهل العراق، والحجاز (1).
وكان شريح يورث الولاء كما يورث المال. فيقول: إذا أعتق رجل عبدا،
ويموت ويخلف ابنين، فيموت أحد الابنين ويخلف ابنا، ثم يموت العبد المعتق.
نصف المال لابن المولى ونصفه لابن الابن لأنه ورث ذلك عن أبيه (2).
وعلى قول الفقهاء: للابن لا غير (3). وعلى مذهبنا يكون للابن أيضا دون
ابن الابن، لأنه أقرب.
وروي عن النخعي مثل قول شريح (4).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: قوله عليه السلام: (الولاء لحمة كلحمة
النسب) (5) ومع الولد للصلب لا يرث ابن الابن، فكذا الولاء لظاهر الخبر.
مسألة 142: إذا خلف المعتق أبا مولاه وابن مولاه، فللأب السدس
والباقي لابن المولى.
وعند زيد، المال لابن المولى. وبه قال الزهري، والحسن، وعطاء، ومالك،
والشافعي، وأهل العراق (6).

(1) الأم 4: 127، والمجموع 16: 44 و 45، والمبسوط 8: 83 و 84، والمغني لابن قدامة 7: 269 و 274 -
275، وفتح الرحيم 3: 39، وأسهل المدارك 3: 325، وجواهر الإكليل 2: 332.
(2) المبسوط 8: 82 و 83، والمغني لابن قدامة 7: 275.
(3) الأم 4: 128، وكفاية الأخيار 2: 177 والمجموع 16: 45، والمغني لابن قدامة 7: 275، والمبسوط
8: 83.
(4) المبسوط 30: 39.
(5) الفقيه 3: 78 حديث 228، والتهذيب 8: 255 حديث 926، والاستبصار 4: 24 حديث 78،
والسنن الكبرى 6: 240 و 10: 292، وترتيب مسند الشافعي 2: 73 حديث 237، ومجمع الزوائد
4: 231.
(6) الأم 4: 129، والمجموع 16: 45، وكفاية الأخيار 2: 177 و 178، والمبسوط 8: 85 و 30: 39،
واللباب 4: 329، ومغني المحتاج 3: 20، وفتح الرحيم 3: 40، والشرح الكبير 7: 258، والمغني لابن
قدامة 7: 272.
123

وعلى قول شريح، وأبي يوسف والأوزاعي، والنخعي مثل ما قلناه: لأبي
المولى السدس، والباقي لابنه (1) (2).
مسألة 143: إذا ترك جد مولاه. وأخا مولاه فالمال بينهما نصفان، وبه
قال الأوزاعي، والثوري، وأحد قولي الشافعي، وأبي يوسف، ومحمد (3).
وقال أحمد: وقول الشافعي الآخر: لأخي مولاه (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وما قدمناه من الخبر (5).
مسألة 144: إذا ترك ابن أخي المولى، وجد المولى، فالمال بين ابن الأخ
والجد.
وعلى أحد قولي الشافعي، ومالك: لابن الأخ (6).
وكان أبو حنيفة، ونعيم بن حماد (7)، وأبو ثور يجعلون المال للجد دون ابن
أخيه (8).

(1) في النسخة الحجرية: دليلنا إجماع الفرقة وقوله (ع): الولاء لحمة كلحمة النسب.
(2) المبسوط 8: 85 و 30: 39، واللباب 4: 329، والمغني لابن قدامة 7: 272، والشرح الكبير 7: 258.
(3) الأم 4: 129، والمجموع 16: 45، ومختصر المزني: 322، وكفاية الأخيار 2: 177 و 178، والمبسوط 29:
180 و 182، والمغني لابن قدامة 7: 272.
(4) الأم 4: 129، والمجموع 16: 45، ومختصر المزني: 322، وكفاية الأخيار 2: 177، والمغني لابن قدامة 7: 272 و
273، والسراج الوهاج: 327، والشرح الكبير 7: 259.
(5) تقدم في المسألة 99 فلاحظ.
(6) الأم 4: 129، ومغني المحتاج 3: 21، والمجموع 16: 45، والمغني لابن قدامة 7: 273، والشرح الكبير
7: 259، وفتح الرحيم 3: 40.
(7) أبو عبد الله نعيم بن حماد الفارض الأعور، قال ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب 2: 66 (منهم
من وثقه والأكثر منهم ضعفه... كان من أعلم الناس بالفرائض) مات سنة 228 هجرية.
(8) اللباب 3: 329 والمغني لابن قدامة 7: 272 و 273، والشرح الكبير 7: 259، ومغني المحتاج
3: 20 و 21.
124

دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 145: الولاء لا يباع ولا يوهب. وبه قال جميع الفقهاء (1).
وروي أن ميمونة (2) وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس (3).
وروي أن ابن المسيب، وعروة (4)، وعلقمة أجازوا بيع الولاء وهبته (5).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وقوله: صلى الله عليه وآله: (الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع
ولا يوهب) (6).
مسألة 146: قد بينا أن ميراث ولد الملاعنة لأمه إذا كانت حية، فإن لم
تكن حية فلمن يتقرب بها إليه من الإخوة والأخوات، والخؤولة والخالات، والجد
والجدة للأم، يقدم الأولى فالأولى، والأقرب فالأقرب، كما نقول في الولد
الصحيح. وروي ذلك عن علي عليه السلام، وذهب إليه أهل العراق
والبصرة (7).

(1) الأم 4: 125، وكفاية الأخيار 2: 177، والمجموع 16: 44، واللباب 4: 329، والمبسوط 8: 97 و 98،
وفتح الباري 12: 44 و 45، والمغني لابن قدامة 7: 243، والشرح الكبير 7: 262، وأسهل المدارك
3: 252.
(2) ميمونة بنت الحارث بن خزن الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وآله أسد الغاية 5: 550.
(3) انظر الأم 4: 131، والمغني لابن قدامة 7: 243 و 244، والشرح الكبير 7: 262، والمبسوط 8: 97 و
98، وفتح الباري 12: 45.
(4) عروة بن الزبير بن العوام، أبو عبد الله، ولد سنة ست وعشرين ومات سنة أربع وسبعين وقيل: سنة
تسع وتسعين وقيل غير ذلك. انظر طبقات الفقهاء للشيرازي: 26.
(5) المغني لابن قدامة 7: 244، والشرح الكبير 7: 262، وفتح الباري 12: 45.
(6) الفقيه 3: 78 حديث 281، والتهذيب 8: 255 حديث 926، والاستبصار 4: 24 حديث 78،
والسنن الكبرى 6: 240 و 10: 292، والمستدرك على الصحيحين 4: 341، وترتيب مسند
الشافعي 2: 73 حديث 237.
(7) المجموع 16: 104، وعمدة القاري 23: 249، وفتح الباري 12: 31، والمغني لابن قدامة 7: 124،
والشرح الكبير 7: 30 و 31، وبداية المجتهد 2: 349، والبحر الزخار 6: 365.
125

وروي عن علي عليه السلام أنه قال: (يجعل عصبة ولد الملاعنة عصبة أمة
إذا لم يكن له وارث ذو سهم من ذوي أرحامه، فإن كان له وارث ذو سهم من
ذوي الأرحام جعل فاضل المال ردا عليه) (1)، وكان ابن مسعود يقول: عصبته
عصبة أمه، فإن لم تكن فعصبة عصبة أمه. وعن ابن عباس، وابن عمر نحوه،
وإليه ذهب الحسن، وابن سيرين، وعطاء، والنخعي (2).
وكان زيد يجعل الباقي من فروض ذوي السهام لمولى أمه إن كان له مولى،
فإن لم يكن لها مولى فلبيت المال. وإليه ذهب عروة، وابن المسيب، والزهري،
ومالك، والشافعي، والأوزاعي (3).
والخلاف في ولد الزنا كالخلاف في ولد الملاعنة، إلا أن مالكا كان
يقول: يورث توأم الملاعنة من أخيه ميراث الأخ لأب وأم، ويورث توأم الزانية
ميراث أخ لأم (4)، وورثه عامة الفقهاء ميراث أخ لأم (5) (6).
مسألة 147: جدة الأب لا ترث مع ابنها. وبه قال علي عليه السلام، (7).

(1) المغني لابن قدامة 7: 123 و 124 و 125، والشرح الكبير 7: 30 و 31، وبداية المجتهد 2: 349، وفتح
الباري 12: 31، وعمدة القاري 23: 249، والبحر الزخار 6: 365.
(2) المبسوط 29: 198، وفتح الباري 12: 31، والمغني لابن قدامة 7: 123، والشرح الكبير 7: 30،
والمجموع 16: 104، وبداية المجتهد 2: 349، والبحر الزخار 6: 365.
(3) الأم 4: 82، ومختصر المزني: 141، والمجموع 16: 104، والمدونة الكبرى 3: 387 وبداية المجتهد
2: 349، والمغني لابن قدامة 7: 124، وعمدة القاري 23: 249، وفتح الباري 12: 31، والشرح
الكبير 7: 31، والمبسوط 29: 198 و 200.
(4) جواهر الإكليل 2: 338، وأسهل المدارك 3: 322 و 323، والمغني لابن قدامة 7: 128، والشرح
الكبير 7: 34 و 35، والمبسوط 29: 199.
(5) المبسوط 29: 199، والمجموع 16: 105، والمغني لابن قدامة 7: 130، والشرح الكبير 7: 34 و 35.
(6) في النسخة الحجرية: دليلنا قوله تعالى أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وأيضا إجماع الفرقة و
أخبارهم. (خ ل).
(7) في النسخة الحجرية: وعمر.
126

وعثمان والزبير، وسعد وزيد. وإليه ذهب الشافعي، ومالك، وأهل العراق،
وأكثر أهل الحجاز (1).
إلا أن أصحابنا رووا أنها تطعم السدس من نصيب ولدها، طعمة دون
الميراث (2).
وروي عن عثمان وابن مسعود، وأبي موسى، وعمران بن الحصين، وأبي
الطفيل أنهم ورثوا الجدة وابنها حي. يعنون: أبا الميت دون عمه، وبه قال
شريح، والحسن، وابن سيرين، وعطاء، وأهل البصرة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن الجدة ليس لها فرض في الكتاب، ووجوب
توريثها يحتاج إلى دلالة. وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في
كتاب الله) (4) وهي أبعد من الأب، لأنها تدلي بالابن، والابن بنفسه، وكان
من يتقرب بنفسه أولى ممن يتقرب بغيره.
مسألة 148: تورث من الجدات القربى دون البعدى، من أي جانب كانت.
وبه قال علي - عليه السلام - وروي عن زيد نحوه، وبه قال أهل العراق (5).

(1) المحلى 9: 279، والمغني لابن قدامة 7: 59 و 60 والشرح الكبير 7: 44، والوجيز 1: 265، والمجموع
16: 76، وكفاية الأخيار 2: 16، والسراج الوهاج: 323، ومغني المحتاج 3: 12، والنتف 2: 835،
والمبسوط 29: 169، والفتاوى الهندية 6: 453 وبداية المجتهد 2: 344، 345، وفتح الرحيم
3: 153 و 164، والبحر الزخار 6: 347.
(2) انظر الكافي 7: 114 حديث 11 و 14، والفقيه 4: 204 حديث 680 و 683، والتهذيب 9: 311
حديث 1115 و 1118، والاستبصار 4: 162 حديث 614 و 616.
(3) النتف 2: 835، والمبسوط 29: 169، وبداية المجتهد 2: 345، والمغني لابن قدامة 7: 59 و 60،
والشرح الكبير 7: 44، والمجموع 16: 76، والمحلى 9: 279.
(4) الأنفال: 75.
(5) المبسوط 29: 168، واللباب 4: 326، وتبيين الحقائق 6: 233، والفتاوى الهندية 6: 453، وبداية
المجتهد 2: 342 و 344 والمجموع 16: 78، والمغني لابن قدامة 7: 57 و 58، والشرح الكبير 7: 41.
127

والمشهور عن زيد أنه ورث القربى إذا كانت من قبل الأم، وإن كانت من
قبل الأب أشرك بينهما في السدس، وبه قال مالك، والشافعي، وأكثر أهل
الحجاز (1).
والمشهور عن ابن مسعود: أنه ورث القربى والبعدى إذا كانتا من جهتين،
جهة الأم وجهة الأب، وإن كانتا من جهة واحدة ورث أقربهما، وقيل: أنه
ورث القربى والبعدى من جميع الجهات (2).
وأجمعوا على أن الجدة تحجب أمهاتها فلا يرثن معها، والجدة التي ورثها
الصحابة هي التي لا يكون بينها وبين الميت أب بين أمين، إذا نسب إليه مثل
أم أب الأم (3).
وعن ابن عباس أنه ورث أم أب الأم، وعن جابر بن زيد، وابن سيرين نحوه (4).
وكان مالك وأكثر أهل المدينة لا يورثون أكثر من جدتين أم الأم، وأم
الأب وأمهاتهما (5).

(1) كفاية الأخيار 2: 16، والمجموع 16: 77 - 78، والسراج الوهاج: 323، والمبسوط 29: 168،
وبداية المجتهد 2: 343 و 344 والمغني لابن قدامة 7: 58، والشرح الكبير 7: 41، وتبيين الحقائق 6: 233،
وجواهر الإكليل 2: 330، وأسهل المدارك 3: 295.
(2) المبسوط 29: 168، وبداية المجتهد 2: 344، والمجموع 16: 77 و 78، والمغني لابن قدامة 7: 57،
والشرح الكبير 7: 41.
(3) اللباب 4: 327، والمبسوط 29: 165 و 169، والفتاوى الهندية 6: 453، والوجيز 1: 265، وكفاية
الأخيار 2: 17، والمجموع 16: 74، وبداية المجتهد 2: 345، والمغني لابن قدامة 7: 56، وأسهل
المدارك 3: 296، وجواهر الإكليل 2: 330 وفتح الرحيم 3: 164، والشرح الكبير 7: 38 و 42.
(4) المبسوط 29: 165، والمغني لابن قدامة 7: 56، والشرح الكبير 7: 42، والمجموع 16: 76، وبداية
المجتهد 2: 344.
(5) المغني لابن قدامة 7: 56، والشرح الكبير 7: 40، والمبسوط 29: 166، والمجموع 16: 76، وفتح
الرحيم 3: 165، وجواهر الإكليل 2: 330، وأسهل المدارك 3: 295.
128

وكان الأوزاعي وأحمد لا يورثان أكثر من ثلاث جدات، وهي أم الأم، وأم
الأب، وأم الجد أبي الأب (1).
وورث سائر الصحابة والفقهاء الجدات، وإن كثرن (2).
دليلنا: ما تقدم ذكره من الإجماع، والآية.
مسألة 149: كان ابن مسعود لا يورث الإخوة للأب مع الأخت للأب
والأم والجد شيئا، وبه نقول. وروي مثل ذلك عن عمر بن الخطاب (3).
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (4).
دليلنا: إجماع الفرقة.
مسألة 150: امرأة، وأم وأخ، وجد، للمرأة الربع، وللأم الثلث
بالفرض، والباقي يرد عليها.
وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: للمرأة الربع، وللأم السدس،
والباقي بين الجد والأخ.
وروي عنه أنه جعلها من أربعة: للمرأة سهم، وللجد سهم، وللأم سهم،
وللأخ سهم، وهي مربعة عبد الله (5).
دليلنا: إجماع الفرقة المحقة.
مسألة 151: الفاضل من فرض ذوي السهام يرد عليهم بقدر سهامهم، إلا

(1) المبسوط 29: 166، وبداية المجتهد 2: 344، والمغني لابن قدامة 7: 55، والشرح الكبير 7: 40 و 42.
(2) المبسوط 29: 165 و 172 و 173، وتبيين الحقائق 6: 231، والمغني لابن قدامة 7: 55 و 56، والشرح
الكبير 7: 40.
(3) المحلى 9: 285 و 286، والمغني لابن قدامة 7: 72، والشرح الكبير 7: 19، والمبسوط 29: 185،
والمجموع 16: 123.
(4) المبسوط 29: 183، وبداية المجتهد 2: 343، والمغني لابن قدامة 7: 72، والشرح الكبير 7: 19،
والمحلى 9: 286، والمجموع 16: 115 و 123، وكفاية الأخيار 2: 19، والسراج الوهاج: 328.
(5) المجموع 16: 119، والمبسوط 29: 192.
129

على الزوج والزوجة، أو يكون من ذوي الفروض من له سببان، والآخر له
سبب واحد، فيرد على من له سببان.
وروي عن علي - عليه السلام - مثل ذلك، وإليه ذهب أهل العراق، إلا أنهم
لم يستثنوا (1).
وكان ابن مسعود يرد على كل ذي سهم سهمه بمقدر سهمه، إلا على ستة:
الزوج، والزوجة، والجدة مع ذي سهم من ذوي الأرحام، وبنات الابن مع
البنت، والأخوات للأب مع الأخت للأب والأم، وولد الأم مع الأم (2).
وروي عن علي - عليه السلام - وابن عباس أنهما لم يردا على الجدة مع ذي
سهم من ذوي الأرحام، فإذا انفردت ردوا عليها (3).
وكان زيد يجعل الباقي لبيت المال. وإليه ذهب الأوزاعي، ومالك
والشافعي، وأهل المدينة (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى
ببعض) (5).
مسألة 152: انفرد ابن عباس بثلاث مسائل:
بطلان القول بالعول (6)، وبه نقول.

(1) الأم 4: 80، والمجموع 16: 97 و 114، والمبسوط 29: 192، وبداية المجتهد 2: 345 و 346 والمغني
لابن قدامة 7: 47، والشرح الكبير 7: 76، وأسهل المدارك 3: 331.
(2) المبسوط 29: 192، والمغني لابن قدامة 7: 47، والشرح الكبير 7: 76.
(3) المبسوط 29: 193.
(4) الأم 4: 76، والمجموع 16: 113 و 114، والمبسوط 29: 193، وبداية المجتهد 2: 346، وأسهل
المدارك 3: 330، والمغني لابن قدامة 7: 47 و 48، والشرح الكبير 7: 77.
(5) الأنفال: 75.
(6) المغني لابن قدامة 7: 28، والشرح الكبير 7: 71، والمبسوط 29: 161، وأحكام القرآن للجصاص
2: 91، وبداية المجتهد 2: 342، والمجموع 16: 94.
130

ولم يجعل البنات مع الأخوات عصبة كما نقول (1).
ولم يحجب الأم بدون الثلاثة من الإخوة (2)، ونحن نحجبها باثنين، وقد
مضى الخلاف فيه.
وانفرد ابن مسعود بخمس مسائل:
(1) كان يحجب الزوج والزوجة والأم بالكفار والعبيد والقاتلين، وقد
ذكرنا الخلاف فيه (3).
(2) وروي عنه أنه أسقط الأخوات ولد الأم بالولد المشرك، والمملوك،
وروي عنه أنه لم يسقطهم (4).
(3) وروي عنه أنه أسقط الجدة بالأم المشركة والمملوكة، وروي عنه أنه لم
يسقطها، وإليه ذهب أبو ثور. وكان علي - عليه السلام - وزيد وفقهاء الأمصار
لا يحجبون إلا بالحر المسلم غير القاتل (5).
(4) وإذا استكمل الأخوات للأم والأب الثلثين، جعل الباقي للإخوة
للأب دون أخواتهم. وإليه ذهب الأسود، وعلقمة، والنخعي، وأبو ثور. وكان
باقي الصحابة، وفقهاء الأمصار، يجعلون الباقي بين الذكور والإناث للذكر مثل
لحظ الأنثيين (6).

(1) المبسوط 29: 157، والمجموع 16: 84، وأحكام القرآن للجصاص 2: 93، والمغني لابن قدامة 7: 7
و 28، والشرح الكبير 7: 53 و 71.
(2) المبسوط 29: 144 و 145، وبداية المجتهد 2: 337، والمجموع 16: 91، والمغني لابن قدامة 7: 28،
والشرح الكبير 7: 71.
(3) بداية المجتهد 2: 348، والمبسوط 29: 148، والمغني لابن قدامة 7: 30 و 31، والشرح الكبير 7: 63،
وأحكام القرآن للجصاص 2: 83، والمجموع 16: 91.
(4) بداية المجتهد 2: 347.
(5) بداية المجتهد 2: 347 و 348، والمجموع 16: 90.
(6) المبسوط 29: 156، وبداية المجتهد 2: 339، والمجموع 16: 83، والمغني لابن قدامة 7: 15،
والشرح الكبير 7: 52 و 63.
131

وعندنا أن الباقي يرد على الأختين للأب والأم، لأنهما تجمعان سببين.
(5) وكان يقول في بنت وبنات ابن وبني ابن، للبنت النصف ولبنات
الابن الأضربهن من المقاسمة، أو السدس، والباقي لبني الابن. وكذلك في
أخت لأب وأم، وإخوة وأخوات لأب، يجعل للأخت للأب والأم النصف،
وللأخوات للأب الأضربهن من المقاسمة أو السدس، ويجعل الباقي للإخوة
للأب، وكذلك مع البنت أو الأخت للأب والأم دونه. وبه قال أبو ثور.
وكان سائر الصحابة وفقهاء الأمصار يجعلون الباقي بين الذكور والإناث
للذكر مثل حظ الأنثيين (1).
وعندنا: الباقي يرد على البنت، وقد مضى الخلاف فيه.

(1) المبسوط 29: 142 والمجموع 16: 81 و 83، والمغني لابن قدامة 7: 15، والشرح الكبير 7: 52 و 63،
وبداية المجتهد 2: 339.
132

كتاب الوصايا
133

مسألة 1: يصح الوصية للوارث، مثل الابن، والأبوين وغيرهم.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: لا وصية للوارث (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا: قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا
الوصية للوالدين والأقربين) (3) وهذا نص.
فإن ادعوا: أن هذا منسوخ بقوله عليه السلام: (لا وصية لوارث) (4).
قلنا: هذا خبر واحد، ولا يجوز نسخ القرآن بأخبار الآحاد بلا خلاف.
فإن ادعوا: الإجماع على صحة الخبر.
قلنا: لا نسلم ذلك، على أن في أصحابنا من منع من نسخ القرآن بالسنة

(1) الأم 4: 94 و 108، وكفاية الأخيار 2: 20، والوجيز 2: 70 والمجموع 15: 339 و 422، والمغني لابن
قدامة 6: 449 و 450، والمحلى 9: 316، والمبسوط 27: 143 و 175، واللباب 3: 295، وبداية
المجتهد 2: 328، وبلغة السالك 2: 467، وتفسير الفخر الرازي 5: 68 و 69، وسبل السلام
3: 968، والدر المنثور 1: 175.
(2) الكافي 7: 9 حديث 1 و 5، والفقيه 4: 144 حديث 493، والتهذيب 9: 199 حديث 791 و 794
و 798، والاستبصار 4: 126 - 127 حديث 476 و 478.
(3) البقرة: 180.
(4) سنن الترمذي 4: 433 حديث 2120 و 2121، وسنن النسائي 6: 247 باب إبطال الوصية للوارث،
وسنن ابن ماجة 2: 905 حديث 2713، وسنن الدارقطني 4: 152 حديث 10، وسنن أبي داود
3: 114 حديث 2870.
135

وإن كانت مقطوعا بها (1)، وإذا منع من ذلك وليس في القرآن ما يدل على
نسخه فوجب حمل الآية على ظاهرها.
فإن حملها إنسان على الوالدين والأقربين، إذا كانوا كفارا غير وارثين.
قيل: هذا تخصيص بغير دليل.
مسألة 2: الأقارب الذين يرثون لكن معهم من يحجبهم، مثل: الأخت مع
الأب ومع الولد، يستحب أن يوصي لهم، وليس بواجب، وبه قال جميع
الفقهاء، وعامة الصحابة: علي - عليه السلام - وابن عباس، وعائشة، وابن عمر،
ولم يعرف لهم مخالف (2).
وذهبت طائفة: إلى أن الوصية واجبة لهؤلاء، وبه قال الزهري، والضحاك،
وأبو مخلد، وفي المتأخرين: داود بن علي، وابن جرير الطبري (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجابها يحتاج إلى دليل. فأما استحبابها
فلا خلاف فيه.
مسألة 3: إذا كان رجل له ابن، فأوصى لأجنبي بمثل نصيب ابنه كان
ذلك وصية بنصف المال. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي (4).
وقال مالك: أنه يكون وصية بجميع المال (5).

(1) وهو قول السيد المرتضى - رضوان الله تعالى عليه - في الانتصار: 309.
(2) المحلى 9: 315، والمغني لابن قدامة 6: 448، وعمدة القاري 14: 28 و 29، وفتح الباري 5: 359.
(3) المحلى 9: 314 و 315، والمغني لابن قدامة 6: 449، والشرح الكبير 6: 446، وعمدة القاري
14: 28، والمجموع 15: 399، وفتح الباري 5: 358.
(4) الأم 4: 89، ومختصر المزني: 143، والوجيز 1: 280، والمجموع 15: 479، والمغني لابن قدامة
6: 479، والشرح الكبير 6: 570، واللباب 3: 302، والفتاوى الهندية 6: 99، وبدائع الصنائع
7: 358، وتبيين الحقائق 6: 188.
(5) بلغة السالك 2: 471، وأسهل المدارك 3: 276، والمغني لابن قدامة 6: 479، والشرح الكبير
6: 570.
136

دليلنا: إن ما قلناه مجمع عليه، وليس على قول من قال أكثر من ذلك
دليل.
وأيضا: فإن هذا جعل للموصى له نصيبا، وجعل للابن نصيبا، وجعل
نصيب الابن أصلا، وحمل عليه نصيب هذا الموصى له، فلا يسقط، وإنما
يشتركان، وهذا كرجل قال لفلان: في هذه الدار مثل ما لفلان فإنه يقتضي
اشتراكهما في الدار. وكذلك إذا قال: لفلان في هذا الميراث مثل ما لفلان
يقتضي اشتراكا بينهما.
وأيضا: فإن ما قاله مالك يؤدي إلى أن يكون للموصى له أكثر مما يكون
لابنه، وذلك إذا كان له ابنان، فقال: أوصيت له بمثل نصيب ابني، فإن المال
عندنا بينهم أثلاثا، وعند مالك يكون للموصى له النصف، والنصف الباقي
للابنين لكل واحد منهما ربع المال، فحصل للموصى له نصف المال، ولكل
واحد من الابنين ربع المال. وهذا لا يجوز.
مسألة 4: إذا قال: أوصيت له بنصيب ابني، كانت الوصية باطلة. وبه
قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يصح، ويكون له كل المال (2).
دليلنا: إن قوله نصيب ابني، كأنه قال: ما يستحق ابني، وما يستحق ابنه
لا يجوز أن يستحقه غيره.

(1) المجموع 15: 475، والمغني لابن قدامة 6: 480، والشرح الكبير 6: 571، والبحر الزخار 6: 328.
(2) اتفقت المصادر الفقهية المتوفرة لدينا على موافقة قول أبي حنيفة لقول الإمامية المتقدم وقول الشافعي
أيضا. وما نسب من القول إلى أبي حنيفة فهو قول لمالك وأهل المدينة وأهل البصرة وابن أبي ليلى
وزفر وداود كما صرح بذلك جل كتب الفقه فلاحظ المغني لابن قدامة 6: 480، والشرح الكبير
6: 571، واللباب 4: 302، وتبيين الحقائق 6: 188، والبحر الزخار 6: 328، ولعل الشيخ قدس
سره اعتمد مصدرا لم نعثر عليه. والله العالم بالصواب.
137

مسألة 5: إذا قال أوصيت له بضعف أحد ولدي، فإن عندنا يكون
له مثلا نصيب أقل ورثته، لأن الضعف مثلا الشئ. وبه قال جميع الفقهاء،
وأهل العلم (1).
وقال أبو عبيدة: الضعف هو مثل الشئ. واستدل بقوله تعالى: (يا نساء
النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) (2) قال:
و أجمع أهل العلم: أنهن إذا أتين بفاحشة عليهن حدان ولو كان الضعف مثليه
لكان عليهن بدل كل فاحشة ثلاث حدود، فلما أجمعوا أن عليهن حدين، ثبت
أن الضعف إنما هو المثل (3).
دليلنا: ما روي أن عمر ضعف الصدقة عن نصارى بني تغلب، ومعلوم أنه
كان يأخذ زكاتين من كل أربعين، شاتين (4).
وأيضا: فإن أهل اللغة يقولون ضعف الثوب، وأضعفته، إذا أثنيته،
وضممت طرفه إلى الطرف الآخر (5).
ويقال أيضا: أعطيت فلانا مثل نصيبه، وأضعفته، أي أعطيته مثلين (6).
وأما الجواب عن الآية، فإنا نقول: كذلك، يقتضي الظاهر ثلاث حدود،
وبه قال أبو عبيدة (7)، لكن تركنا ذلك بدليل، وهو قوله: (ومن جاء بالسيئة
فلا يجزى إلا مثلها) (8).

(1) الأم 4: 89، ومختصر المزني: 143، والوجيز 1: 280، والمغني لابن قدامة 6: 481، والشرح الكبير
6: 572، وبلغة السالك 2: 471 و 472، ولسان العرب 9: 204.
(2) الأحزاب: 30.
(3) المجموع 15: 481، والمغني لابن قدامة 6: 481.
(4) المجموع 15: 481، والمغني لابن قدامة، والشرح الكبير 6: 572.
(5) لسان العرب 9: 205 (مادة ضعف).
(6) المجموع 15: 482.
(7) لسان العرب 9: 205 (مادة ضعف).
(8) الأنعام: 160.
138

مسألة 6: إذا قال: لفلان ضعفا نصيب أحد ورثتي، يكون له ثلاثة
أمثالها، وبه قال عامة الفقهاء (1)، إلا أبا ثور، فإنه قال (2): أربعة أمثالها (3).
دليلنا: إن ما قلناه مجمع عليه، وما زاد عليه ليس عليه دليل.
وأيضا فإن الضعف هاهنا يجب أن يضاف إلى النصيب، والضعف الذي
هو مثلاه إذا أضفته إلى نصيبه يكون ثلاثة. بلى، لو قال: لفلان ضعف ضعف
نصيب أحد ورثتي، فإن ذلك يكون أربعة، فلما قال: ضعفا نصيب ولدي كان
الضعف مضافا إلى النصيب، لا إلى الضعف، فيكون ثلاثة هذا الاستدلال الفقهاء.
والذي يقوى في نفسي مذهب أبي ثور، لأنا قد دللنا على أن ضعف الشئ
مثلاه، فإذا ثبت ذلك، وقد ثناه فيجب أن يكون أربعة أمثاله.
مسألة 7: إذا قال: لفلان جزء من مالي. كان له واحد من سبعة.
وروي جزء من عشرة (4).
وقال الشافعي: ليس فيه شئ مقدر، والأمر فيه إلى الورثة، أن يعطوه
ما يقع عليه اسم ذلك (5).
دليلنا: إجماع الفرقة على القولين.
مسألة 8: إذا قال اعطوه كثيرا من مالي. فإنه يستحق ثمانين على ما رواه
أصحابنا في حد الكثير (6).

(1) الأم 4: 89، ومختصر المزني: 143، والوجيز 1: 280، والمجموع 15: 482، والمغني لابن قدامة
6: 481، والشرح الكبير 6: 573.
(2) في النسخة الحجرية: له...
(3) المجموع 15: 482، والمغني لابن قدامة 6: 482، والشرح الكبير 6: 573.
(4) الكافي 7: 39 حديث 1، والفقيه 4: 152 حديث 528، ومعاني الأخيار: 217، والتهذيب 9: 208
حديث 824، والاستبصار 4: 131 حديث 494.
(5) الأم 4: 90، ومختصر المزني: 143، والوجيز 1: 280، والمجموع 15: 475، والمغني لابن قدامة
6: 478، والشرح الكبير 6: 579، و 580 و 583.
(6) الكافي 7: 463 حديث 21، ومعاني الأخبار: 218، والتهذيب 8: 309 حديث 1147.
139

وقال الشافعي مثل ما قاله في المسألة الأولى سواء (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 9: إذا قال: لفلان سهم من مالي، أو شئ من مالي. كان له
سدس ماله.
وقال الشافعي: مثل ما قال في المسألتين الأوليين (2).
وقال أبو يوسف، ومحمد: إنه يدفع إليه أقل نصيب أحد الورثة إذا كان
مثل الثلث أو دونه، فإن كان نصيب أحد الورثة أكثر من الثلث، فإنه يعطى
إليه الثلث (3).
وعن أبي حنيفة روايتان:
إحداهما: قال لهذا الموصى له أخس نصيب أحد الورثة، إذا كان أنقص
نصيبا أو السدس (4).
والثانية: يعطى أقل نصيب أحد الورثة نصيبا، إذا كان أكثر من
السدس (5).
وفي الرواية الأولى: أقل الأمرين، وفي الثانية: الأكثر من السدس، أو أقلهم

(1) الأم 4: 90، ومختصر المزني: 143، والمجموع 15: 476.
(2) الأم 4: 90، والوجيز 1: 280، والمجموع 15: 476، والمغني لابن قدامة 6: 476، والشرح الكبير
6: 581.
(3) اللباب 3: 303، والنتف 2: 822 و 823، وبدائع الصنائع 7: 356، والمبسوط 27: 145، والمجموع
15: 476، والمغني لابن قدامة 6: 476، والشرح الكبير 6: 581، وتبيين الحقائق 6: 189.
(4) النتف 2: 822 و 823، والمبسوط 27: 145، واللباب 4: 303، والفتاوى الهندية 6: 98 و 99،
وبدائع الصنائع 7: 356، وتبيين الحقائق 6: 189، والمغني لابن قدامة 6: 476، والشرح الكبير
6: 581.
(5) اللباب 3: 303، والنتف 2: 822 و 823، وبدائع الصنائع 7: 356، والفتاوى الهندية 6: 99،
والمجموع 15: 476، وتبيين الحقائق 6: 189.
140

نصيبا، على أنه لا ينقص من السدس.
دليلنا: إجماع الفرقة.
وروى ابن مسعود: أن رجلا أوصى لرجل بسهم من ماله، فأعطاه النبي
- صلى الله عليه وآله - السدس (1).
وعن ابن مسعود مثل هذا موقوفا عليه (2).
وروي عن أياس بن معاوية (3) أنه قال: السهم في اللغة إنما هو
السدس (4).
مسألة 10: إذا أوصى لواحد بنصف ماله، ولآخر بثلث ماله، ولآخر بربع
ماله، ولم تجز الورثة وفي الأول الثلث من التركة، وسقط ما زاد عليه، ويسقط
الباقون، فإن نسي من بدأ بذكره، استعمل القرعة، ووفى ما ذكره له، فإن
فضل، كان لمن يليه في القرعة.
وقال الشافعي: هذه تعول من اثني عشر إلى ثلاثة عشر. لصاحب النصف
ستة، ولصاحب الثلث أربعة، ولصاحب الربع ثلاثة، ولم يفصلوا، وبه قال
الحسن البصري، والنخعي، وابن أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد،
وإسحاق (5).

(1) المغني لابن قدامة 6: 477، والشرح الكبير 6: 581، والمجموع 15: 476.
(2) المغني لابن قدامة 6: 476، والشرح الكبير 6: 580، والمجموع 15: 476، وبدائع الصنائع 7: 356.
(3) أبو وائلة، أياس بن معاوية بن قرة بن أياس بن هلال المزني البصري، روى عن أنس وسعيد بن
المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم وعنه أيوب وحميد الطويل وسفيان وجماعة، مات سنة 122 هجرية.
تهذيب التهذيب 1: 390.
(4) المبسوط 27: 145، والمغني لابن قدامة 6: 447، والشرح الكبير 6: 581، وبدائع الصنائع
7: 356، وتبيين الحقائق 6: 189، والمجموع 15: 476.
(5) الأم 4: 105 و 106، ومختصر المزني: 143، والمجموع 15: 482، والمبسوط 27: 150، وبدائع
الصنائع 7: 374.
141

وقال أبو حنيفة: يسقط الزيادة على جميع المال، ويكون الباقي على أحد
عشر سهما. لصاحب النصف الثلث أربعة، ولصاحب الثلث الثلث أربعة،
ولصاحب الربع الربع ثلاثة.
ووافق الشافعي إذا أجاز الورثة، وأنه يقسم على ثلاثة عشر (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقيام الدلالة على بطلان العول.
مسألة 11: إذا أوصى لرجل بكل ماله، ولآخر بثلث ماله، فإن بدأ
بصاحب الكل وأجازت الورثة، أخذ الكل، وسقط الآخر، وإن بدأ بصاحب
الثلث وأجازت الورثة، أخذ الثلث، والباقي - وهو الثلثان - لصاحب الكل.
فإن اشتبها، استعمل القرعة على هذا الوجه. فإن لم تجز الورثة، وبدأ بصاحب
الكل، أخذ الثلث، وسقط الآخر، وإن بدأ بصاحب الثلث، أخذ الثلث
وسقط صاحب الكل. فإن اشتبها استخرج بالقرعة.
وقال الشافعي: إن لم تجز الورثة قسم الثلث بينهما على أربعة، لصاحب
الكل ثلاثة، ولصاحب الثلث واحد.
وقال أبو حنيفة: يقسم بينهما نصفين (2).
وإن أجازت الورثة قسم - الشافعي - على أربعة أقسام مثل ذلك.
وعن أبي حنيفة روايتان:
إحداهما: مثل قول الشافعي - وهذه رواية أبي يوسف، ومحمد - وأنه يقسم
على أربعة (3).

(1) المبسوط 27: 150، وبدائع الصنائع 7: 374، والمجموع 15: 482.
(2) اللباب 3: 300، والمبسوط 27: 148 و 168، و 28: 121، والفتاوى الهندية 6: 98، وتبيين الحقائق
6: 187.
(3) اللباب 3: 300، والمبسوط 28: 121، وبدائع الصنائع 7: 375، والفتاوى الهندية 6: 98،
و حاشية الشلبي في هامش تبيين الحقائق 6: 187.
142

وروى الحسن بن زياد اللؤلؤي، قال: يقسم على ستة، لصاحب الثلث
السدس، ولصاحب الكل خمسة أسداس (1).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 12: تصرف المريض فيما زاد على الثلث إذا لم يكن منجزا لا يصح
بلا خلاف، وإن كان منجزا مثل: العتاق، والهبة، والمحاباة، فلأصحابنا فيه
روايتان.
إحداهما: أنه يصح (2).
والأخرى: لا يصح (3). وبه قال الشافعي، وجميع الفقهاء، ولم يذكروا فيه
خلافا (4).
دليلنا: على الأولى: الأخبار المروية من طرق أصحابنا، ذكرناها في
الكتاب الكبير (5).
مسألة 13: إذا أوصى بخدمة عبده أو بغلة داره أو ثمرة بستانه على وجه

(1) المبسوط 27: 168 و 28: 121، وبدائع الصنائع 7: 375، وحاشية أحمد الشلبي في هامش تبيين
الحقائق 6: 188.
(2) وهو قول الشيخ المفيد قدس سره في المقنعة: 100، والشيخ المؤلف قدس سره في النهاية: 617 -
618، وانظر الكافي 7: 12 حديث 1 و 2 والفقيه 4: 147 حديث 508 و 510 والتهذيب 9: 189
- 191 حديث 760 و 768، والاستبصار 4: 121 حديث 459 و 461 و 463.
(3) وهو قول الشيخ الصدوق وابن الجنيد كما حكاه عنهما العلامة - قدس الله سرهم - في المختلف، كتاب
الوصايا: 66، وانظر التهذيب 9: 156 حديث 642، و 9: 200 - 201 حديث 800 و 803، والاستبصار
4: 127 حديث 480 و 481.
(4) المجموع 15: 441، والسراج الوهاج: 339، والوجيز 1: 272، والمحلى 9: 349 و 352 - 353،
والمغني لابن قدامة 6: 524، ومغني المحتاج 3: 47، والنتف 2: 818، والفتاوى الهندية 6: 109،
والأشباه والنظائر لابن نجيم: 294.
(5) التهذيب 9: 191 باب 11.
143

التأبيد كان صحيحا. وبه قال عامة الفقهاء (1) إلا ابن أبي ليلى، فإنه قال:
لا تصح هذه الوصية، لأنها مجهولة (2).
دليلنا: إن الظواهر من الآيات والأخبار عامة في جواز الوصية في الأعيان
والمنافع، وتخصيصها يحتاج إلى دليل.
مسألة 14: إذا أوصى لرجل بزيادة على الثلث في حال صحته أو مرضه
فأجازها الورثة في الحال قبل موت الموصي صحت الوصية. وبه قال عطاء،
والحسن، والزهري، وربيعة بن أبي عبد الرحمان (3).
وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي، وأحمد بن حنبل، وأهل الكوفة،
والثوري: أن هذه وصية باطلة. وبه قال عبد الله بن مسعود، وطاووس،
وشريح (4).
وذهب طائفة: إلى أن ما أوصى به في حال صحته لم يلزم، وما أوصى به في
حال مرضه يلزم، وهو مذهب مالك، وابن أبي ليلى (5).

(1) الأم 4: 107، ومختصر المزني: 143، والمجموع 15: 428 و 457 و 459، والوجيز 1: 270 و 277،
والسراج الوهاج: 337، وكفاية الأخيار 2: 20، ومغني المحتاج 3: 64، والمغني لابن قدامة 6: 510،
والشرح الكبير 6: 543، واللباب 3: 310، والنتف 2: 823، والمبسوط 27: 181، والفتاوى
الهندية 6: 121 و 122، وتبيين الحقائق 6: 203 وبداية المجتهد 2: 329.
(2) المحلى 9: 326، والمغني لابن قدامة 6: 510، والشرح الكبير 6: 543، وبداية المجتهد 2: 329،
والمجموع 15: 428، والمبسوط 27: 181.
(3) المحلى 9: 319، وأحكام القرآن للجصاص 2: 99، بدائع الصنائع 7: 375، وعمدة القاري
14: 39، والشرح الكبير 6: 470.
(4) الأم 4: 105، والمجموع 15: 410، وكفاية الأخيار 2: 21، والمحلى 9: 319، والشرح الكبير
6: 470، والمبسوط 27: 149 و 154، وعمدة القاري 14: 39، وبداية المجتهد 2: 329، والنتف
2: 819.
(5) الأم 4: 105، والمحلى 9: 320، والشرح الكبير 6: 470، وأحكام القرآن للجصاص 2: 99، وعمدة
القاري 14: 39، والنتف 2: 819.
144

دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا: فإن هذا المال الذي أوصى به لا يخرج من بين الموصي والورثة،
لأنه إما أن يبرأ فيصح، فيكون المال له، أو يموت فيكون المال لورثته. فإن كان
للموصي فقد أوصى به، وإن كان للورثة فقد أجازوه.
وأيضا: فإن كل خبر روي عن النبي صلى الله عليه وآله: (أن الوصية بما
زاد على الثلث باطلة إلا أن تجيز الورثة) (1) عامة في الإجازة في الحال أو بعد
الوفاة.
مسألة 15: إذا أوصى بثلث ماله في الرقاب فإنه يصرف إلى المكاتبين،
والعبيد يشترون ويعتقون.
وقال أبو حنيفة (2)، والشافعي: يصرف إلى المكاتبين (3).
وقال مالك: يشتري بثلث ماله عبيد ويعتقون (4).
دليلنا: إن الاسم يتناول العبيد كما يتناول المكاتبين، وكذلك نقول في آية
الصدقات، والخلاف فيهما واحد.
مسألة 16: إذا قال اشتروا بثلث مالي عبيدا وأعتقوهم، فينبغي أن يشترى
بالثلث ثلاثة فصاعدا، لأنهم أقل الجمع إن بلغ الثلث قيمة الثلاثة
بلا خلاف. وإن لم يبلغ وبلغ اثنين وجزء من الثالث فإنه يشترى الاثنان،
واعتقا، وأعطيا البقية.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: يشترى اثنان أغلاهما ثمنا.

(1) لم أعثر على هذا الحديث في مظانة من المصادر المتوفرة.
(2) المجموع 15: 469.
(3) الأم 4: 93، ومختصر المزني: 144، والوجيز 1: 276، والمجموع 15: 466 و 469.
(4) المجموع 15: 469، والوجيز 1: 276.
145

والثاني: أنه يشترى اثنان وبعض الثالث (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، فإن هذه منصوصة لهم، وذكرنا الرواية بها في
الكتاب الكبير (2).
مسألة 17: إذا كانت عليه حجة الإسلام، فأوصى أن يحج عنه من ثلث
ماله، وأوصى بوصايا أخر، قدم الحج على غيره من الوصايا.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه. والثاني: يسوى بينه وبين
الوصايا. فإن وفى الثلث بالكل فلا كلام، وإن كان نصيب الحج لا يكفيه
تمم من رأس المال، فإن حجة الإسلام تجب من رأس المال (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 18: إذا أوصى لرجل بشئ، ثم مات الموصي، فإنه ينتقل
ما أوصى به إلى ملك الموصى له بوفاة الموصي (5).
وللشافعي فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: ما رواه ابن عبد الحكم مثل ما قلناه.

(1) الأم 4: 93، ومختصر المزني: 144، والوجيز 1: 275، ومغني المحتاج 3: 57 و 58، والسراج الوهاج:
341، والمجموع 15: 483.
(2) لم أعثر على هذه الرواية في مظانها من كتاب التهذيب.
(3) الأم 4: 94، ومختصر المزني: 144، والوجيز 1: 278، والمجموع 15: 447 و 451 و 492، والسراج
الوهاج: 344، ومغني المحتاج 3: 67 و 68.
(4) الكافي 7: 18 و 19 حديث 8 و 14، والفقيه 4: 156 و 159 حديث 543 و 552، والتهذيب 9:
221 حديث 869، والاستبصار 4: 135 حديث 508 و 509.
(5) هذا خلاف لما ذكره المصنف قدس سره في المسألة 180 من كتاب الزكاة، حيث قال: إذا أوصى
بعيده ومات الموصي قبل أن يهل شوال، ثم قبل الموصى له الوصية لم يخل من أحد أمرين: إما أن يقبل
قبل أن يهل شوال أو بعده، فإن قبل قبله كانت الفطرة عليه، لأنه حصل في ملكه بلا خلاف، وإن
قبل بعد أن يهل شوال فلا يلزم أحدا فطرته.
146

والثاني: ينتقل بشرطين: بوفاة الموصي، وقبول الموصى له.
والثالث: أنه مراعى، فإن قبل، تبينا أنه انتقل إليه بوفاته، وإن رد، تبينا
أنه انتقل إلى ورثته بوفاته دون الموصى له (1).
دليلنا: أنه لا يخلو الشئ الموصى به من ثلاثة أحوال: إما أن يبقى على
ملك الميت، أو ينتقل إلى الورثة، أو ينتقل إلى الموصى له، ولا يجوز أن يبقى على
ملكه، لأنه قد مات، والميت لا يملك، ولا يكون ملكا للورثة، لقوله تعالى: (من
بعد وصية يوصي بها أو دين) (2) فجعل لهم الميراث بعد الوصية، فلم يبق إلا
أن يكون ملكا للموصى له بالموت.
مسألة 19: إذا قال الرجل أوصيت لفلان بثلث هذا العبد، أو بثلث هذه
الدار، أو الثوب، ثم مات الموصي، وخرج ثلثا ذلك العبد، أو تلك الدار
استحقاقا فإن الوصية تصح في الثلث الباقي إذا خرج من الثلث، وبه قال أبو
حنيفة، ومالك، والشافعي (3).
وذهب أبو ثور إلى أن الوصية إنما تصح في ثلث ذلك الثلث (4).
وذهب أبو العباس بن سريج إلى قول أبي ثور، وخرج ذلك وجها آخر، وبه
قال زفر (5).
دليلنا: أنه إذا قال: أوصيت لفلان بثلث هذه الدار، فإنه أوصى له بما
يملكه ألا ترى أنه إذا قال له: بعت ثلث هذه الدار، فإن ذلك ينصرف إلى

(1)، والمجموع 15: 433 و 434، والشرح الكبير 6: 478، وبداية المجتهد 2: 331.
(2) النساء: 11.
(3) مختصر المزني: 144، والمجموع 15: 454، و 455، والمغني لابن قدامة 6: 622، والشرح الكبير
6: 563، والمبسوط 28: 114، وتبيين الحقائق 6: 189.
(4) المجموع 15: 454 و 455، والبحر الزخار 6: 325.
(5) المجموع 15: 455، والمبسوط 28: 114، والبحر الزخار 6: 325.
147

الثلث الذي يملكه منها، وإذا كان أوصى له بما يملك وخرج من الثلث وجب
أن يصح، كما لو أوصى له بعيد يملكه.
مسألة 20: إذا أوصى بثلث ماله في سبيل الله، فسبيل الله هم الغزاة
المطوعة، دون المترصدين للقتال، الذين يستحقون أربعة أخماس الغنيمة. وهو
قول الشافعي (1).
وفي أصحابنا من قال: إن سبيل الله يدخل فيه جميع مصالح المسلمين من
بناء القناطر، وعمارة المساجد، والمشاهد، والحج، والعمرة، ونفقة الحاج،
والزوار، وغير ذلك (2).
دليلنا: على هذا: أخبار الطائفة (3). وأيضا: فإن جميع ذلك طريق إلى الله
وسبيل إليه، فالأولى حمل اللفظة على عمومها، وكذلك الخلاف في آية
الزكاة.
مسألة 21: إذا قبل الوصية، له أن يردها ما دام الموصي باقيا، فإن مات
فليس له ردها. وبه قال أبو حنيفة، إلا أنه قال: ليس له ردها في حال حياته
ما لم يردها في وجهه، وبعد الوفاة ليس له ردها - كما قلناه - إلا أن يقر بالعجز أو
الخيانة كالوكالة (4).

(1) الأم 4: 94، والمجموع 15: 466 و 469، والوجيز 1: 276، وكفاية الأخيار 2: 22.
(2) ذهب إلى هذا القول الشيخ المفيد - قدس سره - في المقنعة: 102، ويدل عليه ما في الكافي 7: 14
حديث 4، والفقيه 4: 148 حديث 515، والتهذيب 9: 202 حديث 805، والاستبصار 4: 128
حديث 485 فلاحظ.
(3) الكافي 7: 14 حديث 1 و 3، والفقيه 4: 148 باب 96، والتهذيب 9: 201 باب 13، والاستبصار
4: 130 باب 78.
(4) اللباب 4: 296، والمغني لابن قدامة 6: 606، والمجموع 15: 518، والشرح الكبير 6: 625،
والمبسوط 28: 22 و 47، والنتف 2: 827، والفتاوى الهندية 6: 90 و 137، وتبيين الحقائق
6: 206، والبحر الزخار 6: 330.
148

وقال الشافعي: له ردها قبل الوفاة، وبعد الوفاة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن الوصية قد لزمت بالقبول بلا خلاف، وجواز
ردها على كل حال يحتاج إلى دليل.
مسألة 22: من أوصى له بأبيه، يستحب له أن يقبلها، ولا يرد الوصية،
وإن ردها لم يجبر على قبولها، وبه قال الشافعي (2).
وقال قوم: يلزمه قبولها (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب قبولها عليه يحتاج إلى دليل.
مسألة 23: نكاح المريض يصح إذا دخل بها، وإن لم يدخل بها ومات من
مرضه لم يصح النكاح.
واختلف الناس فيه على أربعة مذاهب.
فقال الشافعي: نكاحه صحيح كنكاح غير المريض، وينظر في المهر، فإن
كان المسمى وفق مهر المثل فإنها تستحق ذلك من الأصل، وإن كان أكثر
فقدر مهر المثل من رأس المال، وأما الزيادة، فإن كانت وارثة لم تستحق
الزيادة إلا بإجازة سائر الورثة، وإن كانت غير وارثة - بأن تكون قاتلة، أو
ذمية - فإنها تستحق تلك الزيادة من الثلث، لأنه يصح الوصية لها. قال وهو
إجماع الصحابة. وبه قال النخعي، والشعبي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وهو
قول أبي حنيفة وأصحابه (4).

(1) الأم 4: 97، والمجموع 15: 518، ومختصر المزني: 144، والوجيز 1: 283، ومغني المحتاج 3: 77،
والسراج الوهاج: 346، والمغني لابن قدامة 6: 606 والشرح الكبير 6: 470 و 425، والبحر الزخار
6: 230، والمبسوط 28: 47.
(2) الأم 4: 97، والمغني لابن قدامة 6: 454.
(3) المغني لابن قدامة 6: 454.
(4) النتف 2: 718، والأم 4: 103 و 104، ومختصر المزني: 144، والمجموع 15: 439.
149

وذهب ربيعة بن أبي عبد الرحمان: إلى أن النكاح صحيح، ولكن لا تستحق
المهر إلا من الثلث (1).
وذهب الزهري، والأوزاعي: إلى أن النكاح صحيح، وتستحق المهر من
أصل المال، إلا أنها لا ترث (2).
وذهب مالك إلى أن النكاح باطل (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 24: إذا أوصى بثلثه لقرابته.
فمن أصحابنا من قال: إنه يدخل فيه كل من يتقرب إليه إلى آخر أب وأم
في الإسلام (5).
واختلف الناس في القرابة:
فقال الشافعي: إذا أوصى بثلثه لقرابته، ولأقربائه، ولذي رحمه، فالحكم
واحد، فإنها تنصرف إلى المعروفين من أقاربه في العرف، فيدخل فيه كل من
يعرف في العادة أنه من قرابته، سواء كان وارثا أو غير وارث (6).
وهذا قريب يقوى في نفسي، وليس لأصحابنا فيه نص عن الأئمة عليهم
السلام.

(1) لم أقف على هذا القول في مظانة من المصادر المتوفرة.
(2) المجموع 15: 439.
(3) المجموع 15: 439.
(4) الكافي 6: 121 حديث 1، والفقيه 4: 228 حديث 724، والتهذيب 8: 77 حديث 261،
والاستبصار 3: 304 حديث 1080.
(5) هو قول الشيخ المفيد - قدس سره - في المقنعة: 102.
(6) الأم 14: 111، ومختصر المزني: 145، والوجيز 1: 277، والسراج الوهاج: 342، 343، وعمدة
القاري 14: 45 و 48، وفتح الباري 5: 380، والمغني لابن قدامة 6: 579، ومضي المحتاج 3: 63 و
64، والنتف 2: 824.
150

وذهب أبو حنيفة: إلى أنه يدخل فيه كل ذي رحم محرم، فأما من ليس
بمحرم فإنه لا يدخل فيه، وإن كان له رحم مثل بني الأعمام وغيرهم (1).
وذهب مالك إلى أن هذه الوصية للوارث من الأقارب، فأما من ليس
بوارث فإنه لا يدخل فيها (2).
دليلنا: قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول
ولذي القربى واليتامى والمساكين) (3) فجعل لذوي قربى رسول الله سهما من
خمس الغنيمة، فأعطى النبي - صلى الله عليه وآله - ذلك بني هاشم وبني
المطلب، فجاء عثمان، وجبير بن مطعم فقالا: يا رسول الله أما بنو هاشم
فلا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله فيهم، وأما بنو المطلب فما بالنا
أعطيتهم ومنعتنا، وقرابتنا وقرابتهم واحدة؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله:
(أما بنو هاشم وبنو المطلب فشئ واحد) وشبك بين أصابعه (4).
وفي بعض الأخبار أنه قال: (ما فارقونا في الجاهلية والإسلام) (5).
ووجه الدلالة أن النبي - صلى الله عليه وآله - أعطى ذلك لبني أعمامه،
وبني جده، وعند أبي حنيفة أن هؤلاء ليسوا من ذوي القربى (6).
وأيضا: فإن - النبي صلى الله عليه وآله - كان يعطي لعمته صفية (7) من

(1) النتف 2: 824، واللباب 3: 307، والفتاوى الهندية 6: 116، وتبيين الحقائق 6: 201، وعمدة
القاري 14: 44 و 48، والمغني لابن قدامة 6: 580.
(2) النتف 6: 580، وعمدة القاري 14: 45، وفتح الباري 5: 380، والمغني لابن قدامة 6: 580.
(3) الأنفال: 41.
(4) سنن النسائي 7: 130 و 131.
(5) رواه ابن قدامة في المغني 6: 580.
(6) عمدة القاري 14: 45 و 48.
(7) صفية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية أم الزبير بن العوام، توفيت سنة
عشرين ولها ثلاث وسبعون سنة. أسد الغاية 5: 492.
151

سهم ذي القربى (1).
وفي بعض الأخبار أن الزبير كان يضرب في الغنيمة بأربعة أسهم له،
وسهمان لفرسه، وسهم لأمه (2).
وهذه الدلالة على مالك، حيث قال: من ليس بوارث لا يدخل تحت
القرابة (3)، ولأن اسم القرابة يقع على ابن العم، وابن الخال حقيقة فوجب
أن يدخلا تحته.
مسألة 25: إذا أوصى بثلث ماله لجيرانه، فرق بين من يكون بينه وبين
داره أربعون ذراعا من أربع جوانب. وقد روي أربعون دارا (4).
وقال الشافعي: يفرق فيمن كان بينه وبين أربعون دارا من كل وجه (5).
وقال أبو حنيفة: جبرانه: الجار الملاصق (6).
وقال أبو يوسف: جبرانه: أهل دربه (7).
وقال محمد: أهل محلته (8).

(1) لم أقف عليه في مظانه من المصادر المتوفرة.
(2) لم أعثر عليه كسابقه.
(3) المغني لابن قدامة 6: 580.
(4) انظر السنن الكبرى 6: 276، ومعاني الأخبار: 165، والخصال: 544 حديث 20.
(5) الأم 4: 97، وكفاية الأخيار 2: 22، والوجيز 1: 276، والمجموع 15: 462، والمغني لابن قدامة
6: 586، والشرح الكبير 6: 521، والنتف 2: 824، وتبيين الحقائق 6: 200، والبحر الزخار
6: 586، والشرح الكبير 6: 521، والنتف 2: 824، وتبيين الحقائق 6: 200، والبحر الزخار
6: 323.
(6) النتف 2: 824، والفتاوى البزارية في هامش الفتاوى الهندية 6: 439، وتبيين الحقائق 6: 200،
والمغني لابن قدامة 6: 586، والشرح الكبير 6: 521، واللباب 3: 306، والبحر الزخار 6: 323،
وحاشية الشلبي في هامش تبيين الحقائق 6: 200.
(7) النتف 2: 824، واللباب 4: 306، وتبيين الحقائق 6: 200، وحاشية الشلبي 6: 200، والمغني لابن
قدامة 6: 586، والشرح الكبير 6: 521.
(8) اللباب 4: 306، والنتف 2: 824، وتبيين الحقائق 6: 200، وحاشية الشلبي 6: 200.
152

وقال أحمد بن حنبل: جبرانه: أهل مسجده وجماعته، ومن سمع الأذان من
مسجده (1).
وفي الناس (2) من قال: من سمع الإقامة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة ورواياتهم (4).
وروت عائشة أنه سئل النبي - صلى الله عليه وآله - عن حد الجار، فقال:
(أربعون دارا) (5).
وقال لأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي - عليه السلام - اخرجوا ونادوا، ألا
أن حد الجار أربعون دارا (6).
مسألة 26: الوصية لأهل الذمة جائزة بلا خلاف، وفي أصحابنا خاصة من
قيدها إذا كانوا أقاربه (7)، ولم يشترط الفقهاء ذلك (8)، فأما الحربي فلا تصح
الوصية له. وبه قال أبو حنيفة (9).

(1) لم أعثر على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(2) في النسخة الحجرية: وفي التابعين.
(3) وهو قول سعيد بن جبير كما في المجموع 15: 462، وقول سعيد بن عمرو بن جعدة كما في المغني
6: 586، والشرح الكبير 6: 521.
(4) انظر أصول الكافي 2: 669 باب حد الجوار حديث 1 و 2، ومعاني الأخبار: 165، والخصال: 544
حديث 20.
(5) السنن الكبرى 6: 276.
(6) المجموع 15: 462 باختلاف يسير فلاحظ.
(7) حكى العلامة في المختلف (كتاب الوصية): 52 عن ابن الجنيد أنه قال: إذا أوصى بفداء بعض
أهله من يد أهل الحرب من أهل الكتاب والمشركين جاز ذلك.
(8) المجموع 15: 414 و 416، والوجيز 1: 270، والمحلى 9: 322، والسراج الوهاج: 337، والمغني لابن
قدامة 6: 561، والشرح الكبير 6: 496، ومغني المحتاج 3: 43، وبلغة السالك 2: 466، وتبيين
الحقائق 6: 205.
(9) المغني لابن قدامة 6: 562، والشرح الكبير 6: 497، والمجموع 15: 415 و 416، والوجيز 1: 270،
والمبسوط 28: 25، والنتف 2: 815 و 820، وتبيين الحقائق 6: 206.
153

وقال الشافعي: تصح للحربي (1).
دليلنا: أن جواز ذلك يحتاج إلى شرع، وطريقة الاحتياط تقتضي أن
لا يفعل ذلك.
مسألة 27: يصح أن يوصى للقاتل.
وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال مالك، وأهل الحجاز (2).
والقول الآخر: لا يصح، وبه قال أبو حنيفة (3).
دليلنا: قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا
الوصية للوالدين والأقربين) (4) ولم يفرق. وقوله: (من بعد وصية يوصي بها أو
دين) (5) ولم يفرق، والمنع من ذلك يحتاج إلى دليل.
مسألة 28: إذا أوصى بثلث ماله لرجل، ثم أوصى لآخر بثلث ماله، ولم
تجز الورثة، كانت الوصية الثانية دافعة للأولى، وناسخة لها، وبه قال الحسن
البصري، وعطاء، وطاووس، وداود (6).
وقال الشافعي: لا يكون ذلك رجوعا عن الأول، وبه قال ربيعة، ومالك،
والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (7).

(1) الوجيز 1: 270 والسراج الوهاج: 335 و 337 والمجموع 15: 414 و 416، ومغني المحتاج 3: 43،
والمغني لابن قدامة 6: 562، والشرح الكبير 6: 497.
(2) الوجيز 1: 270، والسراج الوهاج: 337، ومغني المحتاج 3: 43، والمغني لابن قدامة 6: 570،
والشرح الكبير 6: 508، والمجموع 15: 414 و 417، والمبسوط 27: 176.
(3) النتف 2: 815 و 820، والمبسوط 27: 176، واللباب 3: 295، والفتاوى الهندية 6: 91، والوجيز
1: 270، والسراج الوهاج: 337، والمجموع 15: 414 و 417 و 418، ومغني المحتاج 3: 43، والمغني لابن
قدامة 6: 570، والشرح الكبير 6: 508.
(4) البقرة: 180.
(5) النساء: 12.
(6) المجموع 15: 502، والشرح الكبير 6: 485.
(7) الأم 4: 118، والوجيز 1: 281، والمجموع 15: 501 و 502، والنتف 2: 821 واللباب 3: 300،
والمبسوط 27: 146، والشرح الكبير 6: 485.
154

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا: فإنه لا خلاف إذا قال العبد: الذي كنت قد أوصيت به لفلان قد
أوصيت به لفلان. فإن هذا يكون رجوعا عن الوصية. كذلك إذا أطلق، يكون
رجوعا، لأنه لا فرق بين أن يقيده وبين أن يطلقه.
مسألة 29: إذا ضرب الحامل المطلق كان ذلك مرضا مخوفا، سواء كان
قبل الطلق أو بعده، أو معه.
وقال الشافعي: ما يضربها قبل الطلق لا يكون مخوفا. وما يضربها مع الطلق
فعلى قولين، وما يكون بعده فعلى ضربين (2).
وقال مالك: إذا بلغ الحمل ستة أشهر كان ذلك مخوفا (3).
وقال سعيد بن المسيب: الحمل من ابتدائه إلى انتهائه حالة الخوف،
ويكون كله مخوفا (4).
دليلنا: إن العادة تختلف في ذلك، فيحصل التلف بعد الأوان وقبله ومعه،
والخوف حاصل على كل حال.
مسألة 30: إذا أعتق، ثم حابى في مرضه المخوف، كان ذلك من الثلث
بلا خلاف، ويقدم العتق على المحاباة. وبه قال الشافعي الأسبق (5).
وقال أبو حنيفة: يسوى بينهما بين العتق والمحاباة، ووافقنا في أنه إذا بدأ

(1) لم أعثر على الأخبار المقصودة في دليل المصنف - قدس سره - في مظانها في المصادر المتوفرة.
(2) مختصر المزني: 146 والوجيز 1: 272، والمجموع 15: 437 و 438، والمغني لابن قدامة 6: 542،
والبحر الزخار 6: 307.
(3) المحلى 9: 352، والمغني لابن قدامة 6: 541، والبحر الزخار 6: 307.
(4) والمغني لابن قدامة 6: 542.
(5) السراج الوهاج: 338، ومغني المحتاج 3: 48، والمجموع 15: 442 والمحلى 9: 334، والمغني لابن
قدامة 6: 526.
155

بالمحاباة ثم العتق يقدم الأول فالأول (1).
دليلنا: إنا بينا في الوصية كلها تقدم الأولى فالأولى ما لم تكن منجزة، فما
تكون منجزة بذلك أولى.
مسألة 31: إذا جمع بين عطية منجزة وعطية مؤخرة دفعة واحدة، ولم يخرجا
من الثلث، فإنه تقدم المنجزة على المؤخرة، وبه قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: لا تقدم إحداهما على الأخرى، ويسوى بينهما، لأنه يعتبر
كله من الثلث (3).
دليلنا: أن العطية المنجزة سابقة ولازمة في حق المعطى، فوجب أن تقدم
على العطية المؤخرة التي لم تلزم، كما أنه أعتق ثم أوصى.
مسألة 32: إذا أوصى بثلث ماله لأهل بيته، دخل أولاده فيه وآبائه
وأجداده:
وقال ثعلب: لا يدخل الأولاد فيه (4)، وهو الذي اختاره أصحاب
الشافعي، ولم يذكروا فيه خلافا (5).
دليلنا: إجماع الفرقة. وقوله تعالى: (إنما يرد الله ليذهب عنكم، الرجس
أهل البيت) (6) ولا خلاف أنه كان فيهم الحسن - عليه السلام - والحسين عليه

(1) اللباب 4: 303، والمبسوط 27: 153، وتبيين الحقائق 6: 196، والمجموع 15: 442، والمحلى
9: 333، والمغني لابن قدامة 6: 526.
(2) الأم 4: 102، والوجيز 1: 273، ومغني المحتاج 3: 48، والمجموع 15: 442، والمحلى 9: 334، والمغني
لابن قدامة 6: 526، والسراج الوهاج: 338.
(3) اللباب 4: 303، والمبسوط 27: 153، وتبيين الحقائق 6: 196، والفتاوى الهندية 6: 109 و 110،
والمحلى 9: 333، والمغني لابن قدامة 6: 526، والمجموع 15: 442.
(4) المغني لابن قدامة 6: 582 و 583.
(5) الوجيز 1: 277، ومغني المحتاج 3: 64.
(6) الأحزاب: 33.
156

السلام - وفاطمة - عليها السلام - أمهما. وقول النبي - صلى الله عليه وآله - لما جللهم
بالعباءة: (اللهم هؤلاء أهل بيتي) (1) يدل على ذلك.
مسألة 33: إذا أوصى لعترته كان ذلك في ذريته الذين هم أولاده
وأولاد أولاده، كذلك قال ثعلب، وابن الأعرابي (3).
وقال القتيبي: عترته عشيرته (3). واستدل بقول أبي بكر: نحن عترة رسول
الله صلى الله عليه وآله (4).
وحكى أصحاب الشافعي القولين معا، وضعفوا قول القتيبي ولم يصححوا
الخبر (5)، وهو الصحيح.
دليلنا: إجماع الفرقة.
مسألة 34: إذا أوصى لمواليه، وله موال من فوق، وموال من أسفل، ولم
يبين، اشتركوا كلهم فيه.
وللشافعي فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مثل ما قلناه.
والثاني: لمواليه من فوق.
والثالث: تبطل فيهما معا (6).
دليلنا: أن اسم الموالي يتناولهما، فتخصيص بعضهم بذلك يحتاج إلى دليل.
مسألة 35: إذا أوصى لمواليه، وله موال، ولأبيه موال. كان ذلك مصروفا
إلى مواليه دون موالي أبيه. ولم أجد لأحد من الفقهاء فيه نصا. والذي يقتضيه

(1) صحيح مسلم 4: 1871، وسنن الترمذي 5: 351 حديث 3205 والسنن الكبرى 7: 63، ومسند
أحمد بن حنبل 6: 292 و 304.
(2) المغني لابن قدامة 6: 583.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(5) لم أقف على هذه الحكاية في المصادر المتوفرة.
(6) المغني لابن قدامة 6: 584.
157

مذهبهم أن يكون مثل الأولى سواء.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (1).
مسألة 36: إذا أوصى لرجل بعبد له، وله مال غائب فإنه يسلم إلى
الموصى له ثلث العبد على كل حال.
وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: لا يسلم إليه (2).
وقال مالك: الورثة بالخيار، إن شاؤوا أجازوه، وإن شاؤوا فسخوه،
فيحصل حق الموصى له متعلقا بجميع ماله مشاعا.
قال: وهكذا إذا أوصى له بمال ناض وله عقار، أو أوصى بمال وله دين،
أو أوصى بمال ناض وله مال غائب، فإن للورثة الخيار، إن شاؤوا أجازوا،
وإن شاؤوا فسخوا الوصية، ويتعلق حق الموصى له بجميع ماله (3).
دليلنا: إن من المعلوم أنه استحق ثلث هذا العبد، لأنه إن سلم المال
الغائب استحق جميعه، وإن لم يسلم له فالثلث من هذا يستحقه على كل حال.
وأيضا: قوله تعالى: (من بعد وصية يوصي بها أو دين) (4) يدل عليه أيضا، ولم
يفصل.
مسألة 37: لا يجوز للمملوك أن يكون وصيا، وبه قال الشافعي (5) سواء

(1) التهذيب 9: 215 حديث 849، وص 244 حديث 948.
(2) الأم 4: 119، والوجيز 1: 273، والمجموع 15: 447.
(3) المدونة الكبرى 6: 52 و 53، وأسهل المدارك 3: 282، والمجموع 15: 452.
(4) النساء: 11.
(5) الأم 4: 120، والوجيز 1: 282، وكفاية الأخيار 2: 22، والمجموع 15: 420 و 508، والمغني لابن
قدامة 6: 602، والشرح الكبير 6: 616، والبحر الزخار 6: 331.
158

كان عبد الموصي أو عبد غيره، وسواء كان في الأولاد كبار أو لم يكن، وبه
قال أبو يوسف، ومحمد والشافعي، وأبو ثور (1).
وقال مالك: يجوز أن يكون وصيا بكل حال (2).
وقال الأوزاعي، وابن شبرمة: إن الوصية إلى عبد نفسه تصح، وإلى عبد
غيره لا تصح (3).
وقال أبو حنيفة: الوصية إلى عبد غيره لا تصح، وإلى عبد نفسه نظرت،
فإن كان في الأولاد كبار لم تصح، وإن لم يكن في الأولاد كبار تصح الوصية
إليه (4).
دليلنا: أن من جوزنا الوصية إليه مجمع عليه، ومن ذكروه ليس على جواز
الوصية إليه دليل.
مسألة 38: يجوز أن تكون المرأة وصيا، وبه قال جميع الفقهاء (5) إلا عطاء
فإنه قال: لا يصح أن تكون المرأة وصيا (6).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: المنع يحتاج إلى دليل.

(1) الأم 4: 120، وكفاية الأخيار 2: 22، والنتف 2: 815، واللباب 4: 298، وتبيين الحقائق
6: 207 والفتاوى الهندية 6: 137 و 138.
(2) المدونة الكبرى 6: 19 و 34، والخرشي 8: 169 و 170 و 192، والمغني لابن قدامة 6: 602،
والشرح الكبير 6: 616، والبحر الزخار 6: 331.
(3) المغني لابن قدامة 6: 602، والشرح الكبير 6: 616، والبحر الزخار 6: 331.
(4) المبسوط 28: 24، والنتف 2: 815، واللباب 3: 298، وتبيين الحقائق 6: 207، والفتاوى الهندية
6: 137 و 138، والمغني لابن قدامة 6: 602، والشرح الكبير 6: 616، والبحر الزخار 6: 331.
(5) الأم 4: 120، ومختصر المزني: 146 والوجيز 1: 282، والمجموع 15: 510، وكفاية الأخيار 2: 22،
والسراج الوهاج: 345، ومغني المحتاج 3: 75، والمغني لابن قدامة 6: 601، والشرح الكبير
6: 617، والبحر الزخار 6: 331.
(6) المغني لابن قدامة 6: 601، والشرح الكبير 6: 617، والمجموع 15: 510، والبحر الزخار 6: 331.
159

وأيضا: روي أن هندا (1) أتت النبي صلى الله عليه وآله، فقالت: يا رسول الله إن أبا
سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما آخذه منه سرا،
فقال النبي صلى الله عليه وآله: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) (2)
فجعل النبي - صلى الله عليه وآله - إياها قيمة أولادها، ولهذا جاز للحاكم أن
يجعل المرأة قيمة اليتامى.
وروي أن عمر أوصى إلى بنته حفصة (3) ولم ينكر عليه (4).
مسألة 39: إذا أوصى إلى رجلين فلا يخلو من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يوصي إليهما على الاجتماع والانفراد.
والثاني: أن يوصي إليهما على الاجتماع، وينهاهما عن الانفراد بالتصرف.
والثالث: أن يطلق.
فالأول متى انفرد أحدهما بالتصرف جاز، وإن اجتمعا صح، وإن تغير
حال أحدهما بمرض أو كبر أقام الحاكم أمينا، يقوي يده، ويكون الوصي كما
كان، وإن مات أحدهما فليس للحاكم أن ينصب وصيا آخر، لأن الميت له
وصي ثابت.

(1) هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية الهاشمية امرأة أبي سفيان بن حرب
وهي أم معاوية، أسلمت في الفتح بعد إسلام زوجها أبي سفيان. وكانت قبل أبي سفيان تحت
الفاكه بن المغيرة المخزومي. ماتت في اليوم الذي مات فيه أبو قحافة والد أبي بكر في خلافة عمر بن
الخطاب. أسد الغاية 5: 563.
(2) صحيح مسلم 3: 1338 وصحيح البخاري 9: 89، ومسند أحمد بن حنبل 6: 39 و 50 و 206، والسنن
الكبرى 7: 466 و 477 و 10: 141 و 270 باختلاف يسير في ألفاظ الحديث لا تضر بالمطلوب.
(3) حفصة بنت عمر بن الخطاب، زوج الرسول وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وآله تحت خنيس
بن حذاقة السهمي. ماتت حفصة سنة إحدى وأربعين، وقيل غير ذلك.
(4) سنن الدارمي 2: 426، وذكر ذلك ابن قدامة في المغني 6: 601، والشرح الكبير 6: 617، وانظره في
المجموع 15: 508 و 510، والبحر الزخار 6: 331.
160

والثاني: إذا نهى كل واحد منهما عن الانفراد بالتصرف، فمتى اجتمعا صح
التصرف، وإن انفرد أحدهما لم يصح، وإن تغير حال أحدهما فليس للذي لم
يتغير حاله أن ينفرد بالتصرف، وللحاكم أن يقيم مقامه آخر ويضيفه إلى الذي
بقي، وإن رأى الحاكم أن يفوض الأمر إلى الذي بقي، هل يصح ذلك أم لا؟
على وجهين، فإن تغير حالهما معا فعلى الحاكم أن يقيم رجلين مقامهما، وهل له
أن يقيم واحدا مقامهما أم لا؟ فعلى وجهين، وهذان الفصلان لا خلاف فيهما.
والثالث: إذا أطلق فالحكم فيه كالحكم في الفصل الثاني في جميع الوجوه،
وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو يوسف: يجوز لكل واحد منهما أن ينفرد بالتصرف إذا أطلق كما لو
قيد (2).
وقال أبو حنيفة، ومحمد: القياس يوجب أن لا يجوز أن ينفرد أحدهما
بالتصرف أصلا، لكن جوزنا في خمسة أشياء، أن ينفرد كل واحد منهما
بالتصرف استحسانا، شراء الكفن، وحفر القبر، والدفن، والتفرقة في الثلث،
وقضاء الدين، ورد الوديعة، والنفقة على عياله مثل الطعام. وأما الكسوة
فوافقونا أنه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بشرائه (3).
دليلنا: أنه إذا اجتمعا صح تصرفهما بلا خلاف، وإذا انفرد أحدهما
فلا دليل على صحة تصرفه.
مسألة 40: لا يجوز أن يوصي إلى أجنبي بأن يتولى أمر أولاده مع وجود أبيه،
ومتى فعل لم تصح الوصية، لأن الجد أولى به، وبه قال الشافعي (4).

(1) الأم 4: 120، والوجيز 1: 283، ومغني المحتاج 3: 77، والمجموع 15: 513، والمغني لابن قدامة
6: 600، والشرح الكبير 6: 620، والبحر الزخار 6: 331.
(2) اللباب 3: 294، والمغني لابن قدامة 6: 600، والشرح الكبير 6: 620، والبحر الزخار 6: 331.
(3) اللباب 3: 294، والمغني لابن قدامة 6: 600، والشرح الكبير 6: 620، والبحر الزخار 6: 331.
(4) الوجيز 1: 283، ومغني المحتاج 3: 76 و 77، والسراج الوهاج: 346، والمجموع 15: 400.
161

وقال أبو حنيفة: يصح وصيته للأجنبي مع وجود الجد (1).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن للجد ولاية على ولد الولد، وإذا كان له ولاية
عليه بغير تولية، فلا يجوز أن يولي عليه، كما أن الأب لما كانت له ولاية لم يجز أن
يولي عليه.
مسألة 41: الأم لا تلي على أولادها بنفسها إلا بوصية من أبيهم. وبه قال
الشافعي وأكثر أصحابه (2).
وقال أبو سعيد الإصطخري: هي تلي أمرهم بنفسها من غير ولاية (3).
دليلنا: أنه لا دليل على ذلك في الشرع، فوجب نفسه، لأن طريق ذلك
الشرع.
مسألة 42: إذا أوصى إليه بجهة من الجهات، فليس له أن يتصرف في
غيرها من الجهات، مثل أن يوصي إليه بتفرقة ثلثه، أو رد ودائعه، فليس له أن
يتصرف في غير ما أوصى إليه. وبه قال أبو يوسف، ومحمد، والشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: إذا أوصى إليه بجهة من الجهات، له أن يتصرف في جميع
الجهات (5).
دليلنا: أنه لا دليل على جواز تصرفه في غير ما أضيف إليه، فوجب نفيه،
فأما ما أسند إليه، فلا خلاف فيه، والأصل المنع، لأنه تصرف في ملك الغير.
مسألة 43: إذا أوصى إلى غيره، وأطلق الوصية، ولم يقل: فإذا مت أنت
فوصي (6) فلان، ولا قال: فمن أوصيت إليه فهو وصي (7). لأصحابنا فيه قولان،

(1) تبيين الحقائق 6: 213.
(2) الوجيز 1: 282، ومغني المحتاج 3: 75.
(3) مغني المحتاج 3: 75، والمغني لابن قدامة 6: 598 و 599.
(4) المجموع 15: 514، والمغني لابن قدامة 6: 599، والشرح الكبير 6: 629، والبحر الزخار 6: 330.
(5) المغني لابن قدامة 6: 599، والشرح الكبير 6: 629، والمجموع 15: 514، والبحر الزخار 6: 330.
(6) في النسخة الحجرية: وصيي.
(7) في النسخة الحجرية: وصيي.
162

المروي أن له أن يوصي إلى غيره (1). وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك،
والثوري (2).
وقال أبو حنيفة: لو أوصى هذا الوصي إلى رجل في أمر أطفال نفسه،
لكان ذلك الوصي الثاني وصيا في أمر أطفال الموصي الأول (3)، لأن عنده
الوصية لا تتبعض، وهذا لا نقوله نحن.
وقال بعض أصحابنا: ليس له أن يوصي، فإذا مات أقام الناظر في أمر
المسلمين من ينظر في تلك الوصية (4)، وبه قال الشافعي، والأوزاعي، وأحمد
وإسحاق (5).
دليلنا: على القولين: روايات أصحابنا التي ذكرناها في الكتاب المقدم
ذكره (6).
مسألة 44: إذا أوصى إليه وقال: من أوصيت إليه فهو وصيي كانت
هذه الوصية صحيحة.
وللشافعي فيه قولان. ذهب المزني، وأبو إسحاق، وجماعة إلى أن المسألة
على قولين:
أحدهما: مثل ما قلناه. وبه قال مالك، وأبو حنيفة (7).

(1) قاله ابن الجنيد وابن البراج، حكاه عنهما العلامة الحلي في كتابه المختلف ص 63 من كتاب الوصية.
ورواه الشيخ المؤلف قدس سره في التهذيب 9: 215 حديث 850.
(2) المغني لابن قدامة 6: 607، والمجموع 5: 518، والشرح الكبير 6: 626.
(3) المجموع 15: 517.
(4) قاله الشيخ المفيد - قدس سره - في المقنعة: 102.
(5) الأم 4: 121، والمجموع 15: 518، والمغني لابن قدامة 6: 607، والشرح الكبير 6: 626، والبحر
الزخار 6: 333.
(6) لم أقف على رواية تمنع من جواز الوصية للغير في الكتب المتوفرة، أما رواية الجواز فقد تقدمت
الإشارة إليها في الهامش رقم 1 من هذه المسألة فلاحظ.
(7) مختصر المزني: 146، ومغني المحتاج 3: 76، والسراج الوهاج: 346، والمجموع 15: 518، والمغني
لابن قدامة 6: 607.
163

والقول الثاني: لا تصح (1).
وفي أصحابه من قال: أن المسألة على قول واحد، وهو أنها تجوز كما قلناه.
واختاره أبو حامد الأسفرايني (2).
دليلنا: أن الأصل جوازه، ولا مانع في الشرع يمنع منه، فوجب أن يكون
جائزا.
مسألة 45: إذا أوصى إليه وقال: متى أوصيت إلى فلان فهو وصيي
كانت الوصية صحيحة.
واختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من قال: هذه صحيحة قولا واحدا،
لأنه نص على الوصي الثاني (3).
ومنهم من قال: هذا أيضا على قولين (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 46: لا تجب الزكاة في أموال الطفل الصامتة، ولا فطرة عليه، وإنما
تجب الزكاة في غلاته ومواشيه.
وقال الشافعي: تجب في جميع أمواله (5).
وقال أبو حنيفة: لا تجب الزكاة في جميع أمواله (6).

(1) الأم 4: 121، ومختصر المزني: 146، ومغني المحتاج 3: 76، والسراج الوهاج: 346، والمجموع
15: 517.
(2) مختصر المزني: 146، والمجموع 15: 518.
(3) المجموع 15: 518، والمغني لابن قدامة 6: 515 و 607، ومغني المحتاج 3: 76.
(4) مختصر المزني: 146، والوجيز 1: 282، ومغني المحتاج 3: 76، والسراج الوهاج: 346، والمجموع
15: 515 و 518، والمغني لابن قدامة 6: 607.
(5) الأم 2: 28 و 4: 121، ومختصر المزني: 44 و 146، ومغني المحتاج 1: 409، والوجيز 1: 87، والمجموع
5: 331، والمبسوط 2: 162، والنتف 1: 166، وبداية المجتهد 1: 236، والمغني لابن قدامة 2: 488.
(6) اللباب 1: 140، والنتف 1: 166، والمبسوط 2: 162، وتبيين الحقائق 1: 252، والهداية المطبوع مع
شرح فتح القدير 2: 115، والمغني لابن قدامة 2: 488، وبداية المجتهد 1: 236، والمجموع 5: 330.
164

دليلنا: إجماع الفرقة، وهذه قد مضت في كتاب الزكاة (1) مستوفاة.
مسألة 47: ما يجب فيه الزكاة من أموال الطفل، فعل الوصي أن يخرج من
ماله، وبه قال الشافعي (2).
وقال ابن أبي ليلى: لا يخرج الزكاة من ماله حتى يبلغ، ثم يخرج هو
بنفسه (3).
دليلنا: إجماع الفرقة. وقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة) (4) وذلك عام
إلا ما أخرجه الدليل.
مسألة 48: إذا أوصى لعبد نفسه، صحت الوصية، وقوم العبد. واعتق إذا
كان ثمنه أقل من الثلث، وإن كان ثمنه أكثر من الثلث استسعى فيما يفضل
للورثة.
وقال جمع الفقهاء: أنه لا تجوز الوصية لعبد نفسه (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، لأنهم إنما أبطلوها من حيث أن ما يوصيه له يكون
لورثته، والوصية للوارث لا تصح، وعندنا: أن الوصية للوارث صحيحة، وقد
مضى الكلام فيها (6).
مسألة 49: لا تصح الوصية لعبد الغير من الأجانب.

(1) انظر المسألة 42 من كتاب الزكاة.
(2) الأم 4: 121، 124، والمجموع 5: 330.
(3) الأم 4: 124، ومختصر المزني: 146.
(4) التوبة: 103.
(5) الأم 4: 120، والمجموع 15: 420، والوجيز 1: 270، وكفاية الأخيار 2: 22، واللباب 3: 298،
والمغني لابن قدامة 6: 602، والشرح الكبير 6: 501 و 616، والبحر الزخار 6: 331.
(6) قد تقدم الكلام فيها في المسألة الأولى من كتاب الوصايا فراجع.
165

وقال جميع الفقهاء: إنها تصح (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 50: إذا أوصى بثلث ماله اعتبر حال الموت لا حال الوصية، وبه
قال الشافعي نصا (3)، وقال بعض أصحابه: يعتبر حال الوصية (4).
دليلنا: أن الوصية تلزم بالموت، فوجب أن يعتبر عند ذلك، فأما حال
الوصية فإنها تكون واقفة عليه. وأيضا: فما قلناه مجمع على لزومه فيه، وما قالوه
ليس عليه دليل.
مسألة 51: الوصية للميت باطلة، سواء كان عالما بموته أو ظن أنه حي ثم
ظهر له موته. وبه قال أبو حنيفة، وأهل العراق، والشافعي (5).
وقال مالك: إن ظن إنه حي فأوصى له، ثم بان له أنه كان ميتا، فإن
الوصية لم تصح، وإن علم أنه ميت فأوصى له، فإنها تصح ويكون للورثة (6).
دليلنا: أنه لا دلالة على صحة هذه الوصية، وادعاء صحتها يحتاج إلى دليل.
وأيضا: فإن الوصية تفتقر إلى القبول، والميت لا يصح منه القبول.
مسألة 52: من ليس له وارث قريب أو بعيد ولا مولى نعمة، لا يصح أن
يوصي بجميع ماله، ولا يوصي بأكثر من الثلث. وبه قال مالك، وأهل المدينة،

(1) المدونة الكبرى 6: 34، والمغني لابن قدامة 6: 569 و 602، والوجيز 1: 270، والشرح الكبير 6: 501
و 616، والمجموع 15: 421، والسراج الوهاج: 336، والبحر الزخار 6: 331.
(2) التهذيب 9: 216 حديث 852، والاستبصار 4: 134 حديث 506.
(3) الوجيز 1: 271، وكفاية الأخيار 2: 22، ومغني المحتاج 3: 47، والمجموع 15: 413، والسراج
الوهاج: 338، والمغني لابن قدامة 6: 622.
(4) كفاية الأخيار 2: 22، والسراج الوهاج: 338، ومغني المحتاج 3: 47، والمجموع 15: 413.
(5) المجموع 15: 420، والمغني لابن قدامة 6: 466، والبحر الزخار 6: 305.
(6) أسهل المدارك 3: 278، وفتح الرحيم 3: 144، والخرشي 8: 170، والمحلى 9: 322، والمغني لابن
قدامة 6: 466.
166

والشافعي، والأوزاعي، وأهل الشام، وابن شبرمة (1)، وعبد الله بن الحسن
العنبري (2).
وذهب شريك، وأبو حنيفة وأصحابه: إلى أن له أن يوصي بجميع ماله (3)،
وروي ذلك في أحاديثنا (4).
دليلنا: أن الوصية بالثلث مجمع على صحتها، وما زاد عليه لا دليل عليه.
وروى معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (أن الله تصدق
عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم (5) - وفي بعض الأخبار
- زيادة في أعمالكم) (6) ولم يفرق بين من يكون له وارث، ومن لا يكون له
وارث.

(1) أبو شبرمة عبد الله بن شبرمة الضبي القاضي، روى عن أنس والتابعين ولد سنة اثنتين وتسعين ومات
سنة أربع وأربعين مائة. شذرات الذهب 1: 215، وطبقات الفقهاء: 64.
(2) المحلى 9: 317 و 318، والمغني لابن قدامة 6: 566، والشرح الكبير 6: 460، وبداية المجتهد
2: 330، والمجموع 15: 410.
(3) الفتاوى الهندية 6: 90، والمحلى 9: 317، والمغني لابن قدامة 6: 566، والشرح الكبير 6: 460،
وبداية المجتهد 2: 330، والمجموع 15: 411.
(4) انظر من لا يحضره الفقيه 4: 150 حديث 520 و 521، والتهذيب 9: 187 حديث 753 و 754،
والاستبصار 4: 121 حديث 459 و 460.
(5) سنن الدارقطني 4: 150 حديث 3، وتلخيص الحبير 4: 91 حديث 1363.
(6) سنن ابن ماجة 2: 904 حديث 2709، والسنن الكبرى 6: 269، وتلخيص الحبير 4: 91 حديث
1363.
167

كتاب الوديعة
169

مسألة 1: ليس للمودع أن يسافر بالوديعة، سواء كان الطريق مخوفا، أو غير
مخوف، وسواء كانت المسافة قريبة، أو بعيدة، مع الاختيار، وبه قال
الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: إن كان مخوفا (2) - كما قلناه -، وإن لم يكن مخوفا كان له
أن يسافر بها (3).
دليلنا: أن جواز السفر بها يحتاج إلى دليل. وأيضا: فإنه إذا سافر بها فإنه
يحفظها في موضع لم تجري العادة بحفظها فيه، فوجب أن يلزمه الضمان كما لو
تركها في خرابة، لأن الطريق يطرأ عليه الخوف.
مسألة 2: إذا شرط في الوديعة أن تكون مضمونة، كان الشرط باطلا،
ولا تكون مضمونة بالشرط. وبه قال جميع الفقهاء (4) إلا عبيد الله بن الحسن

(1) الأم 4: 135 ومختصر المزني: 147، والوجيز 1: 284، وكفاية الأخيار 2: 8، والمجموع 14: 186 و
187، والسراج الوهاج: 348، والمبسوط 11: 122، ومغني المحتاج 3: 83، وبدائع الصنائع
6: 209، والمغني لابن قدامة 7: 284.
(2) بدائع الصنائع 6: 209، والمغني لابن قدامة 7: 284.
(3) اللباب 3: 147، وبداية المجتهد 2: 307، وبدائع الصنائع 6: 209، والمغني لابن قدامة 7: 284،
والمبسوط 11: 122، وتبيين الحقائق 5: 79.
(4) المحلى 8: 277، والمغني لابن قدامة 7: 281، والشرح الكبير 7: 283، وبداية المجتهد 2: 305،
وبدائع الصنائع 6: 209 و 210، والمجموع 14: 180، والبحر الزخار 5: 170.
171

العنبري، فإنه قال: تكون مضمونة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، بل إجماع الأمة، لأن خلاف العنبري قد انقرض.
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وآله
قال: (ليس على المستودع ضمان) (2) ولم يفصل.
مسألة 3: المودع متى أودع الوديعة عند غيره مع قدرته على صاحبه فإنه
يكون ضامنا، سواء أودع زوجته، أو غير زوجته، أو من يعوله، أو من لا يعوله،
وبه قال الشافعي (3).
وقال مالك: إن أودع زوجته لم يضمن، وإن أودع غيرها ضمن (4).
وقال أبو حنيفة: إن أودعها عند من يعول ويمون لا يضمن، وإن أودعها عند
غيرهم ضمن (5).
دليلنا: هو أنه قد تعدى في الوديعة، لأن صاحبها إنما ائتمنه عليها دون
غيره، فإذا ائتمن عليها غير نفسه فقد تعدى.
مسألة 4: إذا تعدى في الوديعة يضمنها، فإذا ردها إلى حرزها لم يزل
الضمان عنه، إلا أن يردها على المودع، أو حدث استيمان آخر مجدد، وبه قال

(1) البحر الزخار 5: 170.
(2) رواه ابن قدامة في المغني 7: 281، ورواه الدارقطني في سننه 3: 41 حديث 168، والبيهقي في سننه
الكبرى 6: 91 و 289، بلفظ آخر: (ليس على المستعير غير المغل ضمان وليس على المستودع غير
المغل ضمان). وكذلك نحوه في تلخيص الحبير 2: 97 حديث 1382.
(3) الأم 4: 136، ومختصر المزني: 147، وكفاية الأخيار 2: 8، والوجيز 1: 284، والسراج الوهاج:
347، ومغني المحتاج 3: 82، وبدائع الصنائع 6: 208، والمغني لابن قدامة 7: 283، والبحر الزخار
5: 170.
(4) بداية المجتهد 2: 307، وبلغة السالك 2: 201، والمبسوط 11: 109، والنتف 2: 580.
(5) اللباب 3: 145، والنتف 2: 580، وبدائع الصنائع 6: 208، والمبسوط 11: 110، والمغني لابن
قدامة 7: 283، وبداية المجتهد 2: 307، والبحر الزخار 5: 170.
172

الشافعي (1).
وقال مالك، وأبو حنيفة: إن ردها إلى حرزها زال الضمان (2).
دليلنا: أن بالتعدي قد ضمن، واشتغلت ذمته بها، فمن ادعى براءتها بردها
إلى حرزها فعليه الدلالة.
مسألة 5: إذا أخرجها من حرزها، ثم ردها إلى مكانها فإن عندنا يضمن
بكل حال، وبه قال الشافعي (3).
وعند أبي حنيفة: لا يضمنها إلا في ثلاث مسائل:
إذا جحده، ثم اعترف به.
الثاني: إذا طالب بردها، فمنع الرد، ثم بذل ردها:
الثالث: إذا خلطه ثم ميزه فإنه لا يزول ضمانه في هذه المسائل الثلاث
عنده (4).
وقال مالك: إن أنفقها وجعل بدلها مكانها زال الضمان - لأن عنده إذا
كان المودع موسرا وكانت الوديعة دراهم أو دنانير كان للمودع أن ينفقها
وتكون في ذمته. قال: ويكون أحظى للمودع من الحرز (5).
دليلنا: أنه إذا ثبت وجوب الضمان عليه بالتعدي، فلا دليل على زوال

(1) الأم 4: 135، ومختصر المزني: 147، وكفاية الأخيار 2: 8، والسراج الوهاج: 349، والمجموع
14: 194، والمغني لابن قدامة 7: 296، والشرح الكبير 7: 305.
(2) بلغة السالك 2: 200، واللباب 2: 147، وبداية المجتهد 2: 306، والمغني لابن قدامة 7: 296،
والشرح الكبير 7: 305.
(3) الأم 4: 135، ومختصر المزني: 147، والسراج الوهاج: 350، والمغني لابن قدامة 7: 266، وبداية
المجتهد 2: 306.
(4) اللباب 2: 147، والنتف 2: 579 و 580، وبدائع الصنائع 6: 212 و 213، والفتاوى الهندية
4: 352، وتبيين الحقائق 5: 77 و 78.
(5) المدونة الكبرى 6: 147، وبداية المجتهد 2: 306، وفتح الرحيم 2: 177.
173

الضمان بالرد.
وروى سمرة: أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال: (على اليد ما أخذت
حتى تؤدي) (1) وهذا قد أخذ، فوجب أن يؤدي.
مسألة 6: إذا قال له رب الوديعة - بعد أن تعدى فيها وضمنها -: أبرءتك من
ضمانها وجعلتها عندك وديعة وائتمنتك على حفظها فإنه يزول ضمانها.
وظاهر مذهب الشافعي: أنه لا يزول، لأن بالإبراء لا يزول الضمان، إلا أن
يردها عليه، ثم يتسلمها من الرأس (2).
وفي أصحابه من قال: يزول ضمانه (3).
دليلنا: أن حق الضمان إذا كان لصاحبها، فمتى أبرأه وجب أن يزول
الضمان، لأنه إسقاط حق له.
مسألة 7: إذا أخرج الوديعة لمنفعة نفسه - مثل أن يكون ثوبا فأراد أن
يلبسه أو دابة فأراد ركوبها - فإنه يضمن بنفس الإخراج. وبه قال
الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: بالإخراج لا يضمن حتى ينتفع، مثل أن يلبس أو
يركب (5).

(1) سنن ابن ماجة 2: 802 حديث 2400، وسنن الترمذي 3: 566 حديث 1266، وسنن أبي داود
3: 296 حديث 3561، ومسند أحمد بن حنبل 5: 8 و 12 و 13، والسنن الكبرى 6: 90 و 95
والمستدرك على الصحيحين 2: 47.
(2) مغني المحتاج 3: 90، والسراج الوهاج: 350، والمجموع 14: 194، والمبسوط 11: 114، وبدائع
الصنائع 6: 212، وتبيين الحقائق 5: 79.
(3) السراج الوهاج: 350، ومغني المحتاج 3: 90، والمجموع 14: 194.
(4) الأم 4: 135، ومغني المحتاج 3: 88، والوجيز 1: 285، وكفاية الأخيار 2: 9، والمجموع 14: 193،
والسراج الوهاج: 349، وبدائع الصنائع 6: 213، وبداية المجتهد 2: 306، والشرح الكبير 7: 320.
(5) اللباب 2: 147، وبدائع الصنائع 6: 213، والشرح الكبير 7: 320.
174

دليلنا: أنه تعدى فيها بنفس الإخراج، فوجب أن يكون ضامنا لها، وإن لم
يستعمل.
مسألة 8: إذا نوى أن يتعدى، لا يضمن بالنية حتى يتعدى.
واختلف أصحاب الشافعي على وجهين:
فقال بعضهم مثل ما قلناه (1).
وقال أبو العباس: أنه يضمن بنفس النية، لأن نية التعدي تعد (2).
دليلنا: أنه لا دليل على أن ذلك تعد، فمن جعله تعديا فعليه الدلالة،
والأصل براءة الذمة.
مسألة 9: إذا أودع غيره حيوانا، ولم يأمره بأن يسقيها ولا يعلفها، ولا نهاه،
لزمه الانفاق عليها وسقيها وعلفها. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: لا يلزمه أن ينفق عليها ولا يسقيها ولا يعلفها (4).
دليلنا: أن الاحتياط يقتضي ذلك، لأنه متى أنفق عليها كانت نفقته غير
ضائعة، لأنه يرجع بها على صاحبها، وإن لم ينفق وهلكت الدابة ضمن على
خلاف فيه، فالأخذ بالأحوط أولى، ولأن للحيوان حرمة في نفسه، فلا يجوز أن
يضيع حرمتها وحق الله تعالى في ذلك، ولأنه إذا أطلق فالعادة جارية بأن
الدابة تسقى وتعلف، فوجب حمل ذلك على العرف وإن لم يتلفظ به.

(1) الوجيز 1: 285، ومغني المحتاج 3: 89، والسراج الوهاج: 349، والمجموع 14: 193.
(2) الوجيز 1: 285، ومغني المحتاج 3: 89، والمجموع 14: 193، والمغني لابن قدامة 7: 291، والبحر
الزخار 5: 169.
(3) الأم 4: 135 ومختصر المزني: 146، والوجيز 1: 285، ومغني المحتاج 3: 84، والمجموع 14: 191،
192 والسراج الوهاج: 348، والمغني لابن قدامة 7: 292، والشرح الكبير 7: 290.
(4) المبسوط 11: 126، والمجموع 14: 192، والبحر الزخار 5: 170، والمغني لابن قدامة 7: 292،
والشرح الكبير 7: 290.
175

مسألة 10: إذا أودعه وديعة وقال: إدفعها إلى فلان أمانة فادعى المودع
أنه دفعها إليه وأنكر المودع أن يكون دفعها، فالقول قول المودع. وبه قال أبو
حنيفة (1).
وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: إذا قال يلزمه الإشهاد على الدفع ولم يشهد فإنه كان مفرطا
ويضمن (2).
والآخر: أنه لا يلزمه الإشهاد، فعلى هذا يكون القول قول المودع (3).
دليلنا: أن المودع مؤتمن، فوجب أن يكون القول قوله، كما لو ادعى أنه
ردها على المودع.
مسألة 11: إذا أودعه صندوقا فيه متاع، وقال له: لا ترقد عليه ولا تقفطه
فنام عليه وأقفله بقفل آخر. لم يضمن. وبه قال الشافعي، وأكثر أصحابه (4).
ومنهم من قال: يضمن، لأنه نبه عليه اللصوص بأن فيه مالا (5). وبه قال
مالك (6).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإلزامهم الضمان يحتاج إلى دليل، ولأنه
أضاف إليه حرزا آخر وبالغ فيه، كما لو أودعه وقال: اتركه في صحن دارك،
فتركه في بيته وأقفل عليه، لم يضمن، لأنه زاده حرزا، وما قالوه من التنبيه عليه

(1) بدائع الصنائع 6: 211 و 212، والفتاوى الهندية 4: 357 و 358، والأم 4: 137.
(2) المجموع 14: 196.
(3) الأم 4: 137، ومختصر المزني 147، وكفاية الأخيار 2: 10، والمجموع 14: 196.
(4) الأم 4: 136، ومختصر المزني: 147، والوجيز 1: 286، والسراج الوهاج: 349، والمجموع 14: 180 و
181، والمغني لابن قدامة 7: 288.
(5) مغني المحتاج: 86، والسراج الوهاج: 349، والمجموع 14: 181 و 182، والمغني لابن قدامة 7: 288.
(6) بلغة السالك 2: 201، والمجموع 14: 181، والبحر الزخار 5: 169.
176

لو كان على ما قالوه لم يجب به الضمان، لأنه لو صرح وقال: إن فيه مالا لم
يضمن فبان لم يضمن بالتنبيه عليه أولى.
مسألة 12: إذا خلط الوديعة بماله خلطا لا يتميز. مثل أن يخلط دراهم
بدراهم، أو دنانير بدنانير، أو طعاما بطعام، فإنه يضمن، سواء خلطها بمثلها، أو
أرفع منها، أو أدون منها على كل حال، وبه قال أبو حنيفة، وأهل العراق (1).
وقال مالك: إن خلطها بأدون منها ضمن، وإن خلطها بمثلها لم
يضمن (2).
دليلنا: طريقة الاحتياط، وأيضا فإنه قد تعدى فيها بالخلط، بدلالة أنه
لا يمكنه أخذ ماله بعينه، فوجب عليه الضمان.
مسألة 13: إذا أودعه دراهم أو دنانير، فانفقها المودع، ثم رد مكانها غيرها،
لم يزل الضمان، وبه قال الشافعي (3).
وقال مالك: زال الضمان عنه بذلك الرد. بناه على أصله، لأن عنده
للمودع إنفاق الوديعة، فأقل الأقسام أن يكون دينا في ذمته، فهو أحظى للمودع
من الحرز (4).

(1) المبسوط 11: 110، واللباب 2: 146، والنتف 2: 579، وبدائع الصنائع 6: 213، والفتاوى
الهندية 4: 348، وتبيين الحقائق 5: 77، ومغني المحتاج 3: 89، والسراج الوهاج: 350 والمغني
لابن قدامة 7: 281، والشرح الكبير 7: 307.
(2) المدونة الكبرى 6: 146، وبداية المجتهد 2: 306، وفتح الرحيم 2: 179 و 180، وبلغة السالك
2: 199، والمجموع 14: 191، والمغني لابن قدامة 7: 281، والشرح الكبير 7: 307، والبحر الزخار
5: 170.
(3) مختصر المزني: 147، والسراج الوهاج: 349، ومغني المحتاج 3: 89، والمجموع 14: 191، المغني لابن
قدامة 7: 295.
(4) المدونة الكبرى 6: 147، وبداية المجتهد 2: 307، وفتح الرحيم 2: 177 و 180، والمغني لابن قدامة
7: 295.
177

دليلنا: أنه ضمن بالأخذ بلا خلاف، وزوال الزمان عنه بالرد يحتاج إلى
دليل.
مسألة 14: إذا كان عنده وديعة، فادعاها نفسان، فقال المودع: هو
لأحدهما، ولا أعلم صاحبه بعينه، وادعى كل واحد منهما علمه بذلك، لزمه
يمين واحدة أنه لا يعلم لأيهما هي. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يحلف لكل واحد منهما يمينا، فيلزمه يمينان (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، فمن علق عليها يمينا فعليه الدلالة، ولأن في
ضمن يمين واحدة أنه لا يعلم أيهما هو صاحبه يمينا في حق كل واحد منهما،
فلا معنى لليمين الأخرى.
مسألة 15: إذا حلف، وأخرجت الوديعة من عنده وبذل كل واحد من
المتداعيين اليمين أنها له استخرج واحد منهما بالقرعة، فمن خرج اسمه حلف،
وسلمت إليه، أو يقسم بينهما نصفين.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: يقسم بينهما نصفين (3).
والآخر: يوقف حتى يصطلحا. وبه قال ابن أبي ليلى (4).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن كل أمر مشكل أو مبهم ففيه القرعة، وهذا من
ذلك.

(1) مختصر المزني 147، والوجيز 1: 228، والمجموع 14: 198.
(2) المبسوط 11: 131، وبدائع الصنائع 6: 210 و 211، وتبيين الحقائق 5: 82، والمغني لابن قدامة
7: 294، والشرح الكبير 7: 327.
(3) المجموع 14: 198، والمغني لابن قدامة 7: 295، والشرح الكبير 7: 328.
(4) الأم 4: 138، ومختصر المزني: 147، والمغني لابن قدامة 7: 295، والشرح الكبير 7: 328.
178

كتاب الفئ وقسمة الغنائم
179

مسألة 1: كل ما يؤخذ بالسيف قهرا من المشركين يسمى غنيمة
بلا خلاف (1)، وعندنا أن ما يستفيده الإنسان من أرباح التجارات والمكاسب
والصنايع يدخل أيضا فيه، وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن
لله خمسه) (2) عام في جميع ذلك، فمن خصصه فعليه الدلالة.
مسألة 2: الفئ كان لرسول الله - صلى الله عليه وآله - خاصة، وهو لمن قام
مقامه من الأئمة - عليهم السلام - وبه قال علي - عليه السلام -، وابن عباس، وعمر.
ولم يعرف لهم مخالف (3).
وقال الشافعي: كان الفئ يقسم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله -
على خمسة وعشرين سهما، أربعة أخماسه للنبي صلى الله عليه وآله وهو عشرون
سهما، وله أيضا خمس ما بقي، يكون إحدى وعشرين سهما للنبي صلى الله

(1) الأم 4: 139، وكفاية الأخيار 2: 132، والوجيز 1: 290، والسراج الوهاج: 351، ومغني المحتاج
3: 92، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 844، وأحكام القرآن للقرطبي 8: 1، وبداية المجتهد
1: 377، والمغني لابن قدامة 7: 297، والفتاوى الهندية 2: 204، ورحمة الأمة المطبوع بهامش الميزان
الكبرى 2: 165، والميزان الكبرى 2: 165.
(2) الأنفال: 41.
(3) الأم 4: 139، وسنن أبي داود 4: 141 حديث 2965.
181

عليه وآله، ويبقى أربعة أسهم بين دوي القربى، واليتامى، والمساكين، وأبناء
السبيل (1).
وقال أبو حنيفة: الفئ كله، وخمس الغنيمة، يقسم على ثلاثة، لأنه كان
يقسم على خمس، فلما مات النبي - صلى الله عليه وآله - رجع سهم النبي وسهم
ذوي القربى إلى أصل السهمان، فيقسم الفئ على ثلاثة (2).
وعندنا: كان يستحق النبي - صلى الله عليه وآله - الفئ إلا الخمس.
وعند الشافعي: أربعة أخماس الفئ، وخمس ما بقي من الفئ (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وروى سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان (4)
قال: اختصم علي - عليه السلام - والعباس إلى عمر بن الخطاب في أموال بني
النضير، فقال عمر: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، مما لم
يوجف (5) عليه بخيل ولا ركاب، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وآله - خاصة
دون المسلمين، وكان يعطي منها لعياله نفقة سنة، ويجعل ما يفضل في
الكراع (6) والسلاح عدة (7) للمسلمين، فوليها رسول الله - صلى الله عليه وآله -

(1) الأم 4: 139، وكفاية الأخيار 2: 132، والمجموع 19: 379.
(2) المبسوط 10: 8، واللباب 2: 260، وبدائع الصنائع 7: 124 و 125، وشرح فتح القدير 4: 328،
والفتاوى الهندية 2: 214، والمحلى 7: 330، وبداية المجتهد 1: 377، والمجموع 19: 371 و 372،
ورحمة الأمة 2: 165 و 166، والميزان الكبرى 2: 178.
(3) الأم 4: 140، وكفاية الأخيار 2: 132.
(4) مالك بن أوس بن الحدثان بن سعد بن يربوع النصري، أبو سعيد المدني، روى عن علي - عليه السلام -
وعمر وعثمان والعباس وغيرهم. مات سنة اثنتين وتسعين (92) المهجرة. تهذيب التهذيب 10: 10.
(5) أي لم يعدوا المسلمون في تحصيله خيلا ولا إبلا، بل حصلت بلا قتال.
(6) الكراع: الدواب التي كانت تصلح للحرب.
(7) عدة: ما أعد للحوادث أهبة وجهازا للغزو.
182

ثم وليها أبو بكر كما وليها رسول الله - صلى الله عليه وآله - ثم وليتها أنا كما وليها
أبو بكر، ثم سألتماني أن أوليكماها فوليتكماها على ما وليها النبي - صلى الله عليه
وآله - ووليها أبو بكر ووليها أنا، ثم جئتماني تختصمان، فإن كنتما عجزتما عنها
فادفعاها إلي لأكفيكماها (1).
فصرح عمر بأن كانت لرسول الله - صلى الله عليه وآله - خاصة، ولم ينكر
عليه أحد، فدل على ما قلناه.
مسألة 3: حكم الفئ بعد النبي - صلى الله عليه وآله - حكمه في أيامه، في أنه
خاص بمن قام مقامه.
وللشافعي فيه قولان، في أربعة أخماسه، وخمس الخمس:
أحدهما: يكون للمقاتلين.
والقول الثاني: يكون في المصالح، ويبدأ بالأهم فالأهم، وأهم الأمور
الغزاة المرابطون.
وخمس خمس الغنيمة في مصالح المسلمين قولا واحدا (2).
دليلنا: ما قدمناه من إجماع الفرقة.
وروى أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (ما أطعم الله تعالى نبيا
طعمة إلا جعلها للذي يلي بعده) (3).

(1) رواه مسلم في صحيحه 3: 1376 الحديث 48، وأبو داود في سننه 3: 139، حديث 2963 و 2965،
والنسائي 7: 132، والترمذي في سننه 4: 216 حديث 1719، والشافعي في الأم 4: 139، وابن
رشد الأندلسي في بداية المجتهد 1: 390، والبيهقي في سننه 6: 299 بألفاظ مختلفة، وفي بعضها مقاطع
من الحديث فلاحظ.
(2) الأم 4: 154 و 156، وكفاية الأخيار 2: 132، والوجيز 1: 289، والمجموع 19: 386، والمغني لابن
قدامة 7: 302.
(3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده بلفظ: (إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا طعمه ثم قبضه جعله للذي يقوم
من بعده). ونحوه في سنن أبي داود 3: 144 حديث 2973.
183

مسألة 4: ما كان للنبي - صلى الله عليه وآله - ينتقل إلى ورثته، وهو موروث.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا قوله تعالى: (وورث سليمان داود) (2) وقوله في قصة زكريا:
(يرثني ويرث من آل يعقوب) (3) وأيضا: قوله تعالى: (يوصيكم الله في
أولادكم) (4) عام إلا من (5) خصه الدليل، وكذلك قوله تعالى: (للرجال نصيب
مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون) (6)
وكل ذلك على عمومه، وتخصيصه يحتاج إلى دليل، وهذه المسألة مستوفات في
تلخيص الشافي.
مسألة 5: كان للنبي - صلى الله عليه وآله - من خمس الغنيمة سهم الله،
وسهم رسوله، وسهم ذوي القربى، ثلاثة من ستة.
وقال الفقهاء: كان له سهم من خمسة (7).
دليلنا: إجماع الفرقة.
مسألة 6: ما كان للنبي - صلى الله عليه وآله - من الصفايا قبل القسمة، فهو
لمن قام مقامه.
وقال جميع الفقهاء: أن ذلك يبطل بموته (8).

(1) الأم 4: 140، والمجموع 19: 376، وبدائع الصنائع 7: 125، وبداية المجتهد 1: 377، والمغني لابن
قدامة 7: 302.
(2) النمل: 16.
(3) مريم: 6.
(4) النساء: 11.
(5) في النسخة الحجرية: ما...
(6) النساء: 7.
(7) المغني لابن قدامة 7: 300، وبدائع الصنائع 7: 124، وكفاية الأخيار: 131، والمجموع 19: 369،
والمحلى 7: 327، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 844، وأحكام القرآن للجصاص 3: 6، والميزان
الكبرى 2: 178، ورحمة الأمة 2: 166.
(8) الأم 4: 140، وبداية المجتهد 1: 377، والمغني لابن قدامة 7: 303، وشرح فتح القدير 4: 331،
والفتاوى الهندية 2: 214، ورحمة الأمة المطبوع بهامش الميزان الكبرى 2: 178، والميزان الكبرى
2: 178، وتبيين الحقائق 3: 257.
184

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
مسألة 7: ما يؤخذ من الجزية، والصلح، والخراج، وميراث من لا وارث له،
ومال المرتد لا يخمس، بل هو لجهاته المستحقة لها. وبه قال عامة الفقهاء (2).
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: ذكره في الجديد أنه يخمس، وهو الصحيح عندهم (3).
دليلنا: أنه لا دليل في الشرع يدل على أنه يخمس، فوجب نفيه ويصرف إلى
جهاته.
مسألة 8: السلب لا يستحقه القاتل، إلا أن يشرط له الإمام، وبه قال أبو
حنيفة. ومالك (4).
وقال الشافعي: هو للقاتل، وإن لم يشرط له الإمام، وبه قال الأوزاعي،
والثوري، وأحمد بن حنبل (5).

(1) الكافي 5: 44 حديث 4، وأصول الكافي 1: 186، والتهذيب 4: 128 حديث 366 و 367 و 375،
والمقنعة للشيخ المفيد: 45.
(2) الأم 4: 153، ومغني المحتاج 3: 93، وبداية المجتهد 1: 390، والمبسوط 10: 41، ورحمة الأمة
2: 179، والميزان الكبرى 2: 184.
(3) الأم 4: 140، والوجيز 1: 288، والمجموع 19: 375 و 376، ومغني المحتاج 3: 93، والسراج الوهاج:
351، ورحمة الأمة 2: 179، والميزان الكبرى 2: 184.
(4) المبسوط 10: 47، وشرح فتح القدير 4: 334، والمحلى 7: 337، وبداية المجتهد 1: 384، وتفسير
القرطبي 8: 5، والمغني لابن قدامة 7: 300، وتبيين الحقائق 3: 259، ورحمة الأمة 2: 165، والميزان
الكبرى 2: 177.
(5) الأم 4: 142، والمجموع 19: 217، وكفاية الأخيار 2: 129 و 130، وبداية المجتهد 1: 384، وشرح
فتح القدير 4: 334، وتفسير القرطبي 7: 5، ورحمة الأمة 2: 165، والميزان الكبرى 2: 177، وتبيين
الحقائق 3: 259.
185

دليلنا: أنه إذا شرطه استحقه بلا خلاف، وإذا لم يشرط له ليس على
استحقاقه له دليل.
مسألة 9: إذا شرط له الإمام السلب لا يحتسب عليه من الخمس،
ولا يخمس.
وعند أبي حنيفة يحتسب عليه من الخمس (1).
وقال الشافعي: لا يخمس (2). وبه قال سعد بن أبي وقاص (3).
وقال ابن عباس: يخمس السلب، قليلا كان أو كثيرا (4).
وقال عمر: إن كان قليلا لا يخمس، وإن كان كثيرا يخمس (5).
دليلنا: أن ينبغي أن يكون لشرط الإمام تأثير، ولو احتسب عليه من
الخمس لم يكن فيه فائدة، وكذلك لو خمس، على أن ظاهر شرط الإمام
يقتضي أنه لم، ومن قال أنه يحتسب عليه أو يخمس فعليه الدلالة.
مسألة 10: السلب يأخذه القاتل بالشرط من أصل الغنيمة، لا من أصل
الخمس. وبه قال الشافعي، غير أنه قال: يكون للقاتل من غير شرط (6).
وقال مالك: يكون له من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وآله (7).

(1) المبسوط 10: 48، واللباب 3: 257، والفتاوى الهندية 2: 217، ورحمة الأمة المطبوع بهامش الميزان
الكبرى 2: 165، والميزان الكبرى 2: 177.
(2) الأم 4: 143، وكفاية الأخيار 2: 130، والسراج الوهاج: 353، والمجموع 19: 318، ومغني المحتاج
3: 101.
(3) الأم 4: 143، والمحلى 7: 336.
(4) الأم 4: 143، والمبسوط 10: 48، والمحلى 7: 337.
(5) الأم 4: 143، وبداية المجتهد 1: 384، والمحلى 7: 336، والمبسوط 10: 49.
(6) الأم 4: 142، ومختصر المزني: 270، وكفاية الأخيار 2: 129، ومغني المحتاج 3: 101، ورحمة الأمة
2: 165، والميزان الكبرى 2: 177.
(7) المدونة الكبرى 2: 30، وبداية المجتهد 1: 382، وأسهل المدارك 2: 11، ورحمة الأمة 2: 170،
والميزان الكبرى 2: 179.
186

دليلنا: إنا قد بينا أن سهم الله، وسهم النبي - صلى الله عليه وآله - للإمام
القائم مقام النبي - صلى الله عليه وآله -، فلا يصح ما قدره مالك، وأفسدنا قول
الشافعي أنه يستحقه من غير شرط.
مسألة 11: إذا شرط الإمام السلب إذا قتل فإنه متى قتله استحق سلبه على
أي حال قتله.
وقال داود، وأبو ثور: السلب للقاتل (1). من غير مراعاة شرط.
وقال الشافعي وبقية الفقهاء: أن السلب لا يستحقه إلا بشروط ثلاثة:
أحدها: أن يقتله مقبلا، مقاتلا، والحرب قائمة، ولا يقتله منهزما وقد انقضت
الحرب.
والثاني: أن لا يقتله وهو مثخن بالجراح.
والثالث: لا يكون ممن يرمي سهما من صف المسلمين إلى صف المشركين
فيقتله، لأنه يحتاج أن يكون مغررا بنفسه (2).
دليلنا: أنه إذا شرط الإمام السلب، فالظاهر أنه متى حصل القتل استحق
السلب، ولأن قول النبي صلى الله عليه وآله: (من قتل كافرا فله سلبه) (3)
على عمومه ومن راعى شرطا زائدا فعليه الدلالة.
مسألة 12: إذا أخذ أسيرا، كان الإمام مخيرا بين قتله، أو المن عليه، أو
استرقاقه، أو مفاداته، فإذا فعل ذلك كان سلبه وثمنه إن استرقه، وفداؤه إن

(1) المجموع 19: 317.
(2) الأم 4: 142، والوجيز 1: 290، والمجموع 19: 317، والسراج الوهاج: 353، ومغني المحتاج
3: 100.
(3) سنن أبي داود 3: 71 حديث 2718، وسنن الدارمي 2: 229، ومسند أحمد بن حنبل 3: 114 و 190
و 279، والمستدرك على الصحيحين 3: 353، ورواه مسلم في صحيحه 3: 1371، والترمذي في
سننه 4: 131 حديث 1562 باختلاف يسير في اللفظ والسند فلاحظ.
187

فأداه من جملة الغنيمة، ولا يكون للذي أسره.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه. والثاني: يكون للذي أسره (1).
دليلنا: قوله عليه السلام: (من قتل كافرا فله سلبه) (2) وهذا لم يقتله،
ولأن من أوجب له السلب أو الثمن أو الفداء فعليه الدلالة.
مسألة 13: يجوز للإمام أن ينفل بلا خلاف، وإنما ينفل إما من الذي يخصه
من الفئ، أو من جملة الغنيمة.
وقال الشافعي: ينفل من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه
وآله (3).
دليلنا: إنا قد بينا أن ذلك السهم للإمام القائم مقام النبي - صلى الله عليه
وآله - فإن نفل منه كان له، وإن نفل من الغنيمة جاز، لأن النبي - صلى الله
عليه وآله - كان ينفل منها.
وفي حديث ابن عمر: أن سهامهم بلغت اثني عشر بعيرا، فنفلهم النبي
صلى الله عليه وآله - بعيرا بعيرا (4)، ولو كان من سهمه لما بلغ ذلك، لأن سهمه
خمس الخمس عندهم. فدل على أنه من أصل الغنيمة، ولا يدل حديث ابن مسلمة (5).

(1) الأم 4: 144، ومختصر المزني: 271، وكفاية الأخيار 2: 128.
(2) سنن أبي داود 3: 71 حديث 2718، وسنن الدارمي 2: 229، ومسند أحمد بن حنبل 3: 114 و 190
و 279، والمستدرك على الصحيحين 3: 353، ورواه مسلم في صحيحه 3: 1371، والترمذي في
سننه 4: 131 حديث 1562 باختلاف في السند واللفظ فلاحظ.
(3) الأم 4: 143، والمجموع 19: 349، والوجيز 1: 290، وعمدة القاري 15: 59.
(4) انظر صحيح البخاري 5: 203، والموطأ 2: 450 حديث 15، وسنن الدارمي 2: 228، وسنن أبي
داود 3: 78 حديث 2741 و 2744، ومسند أحمد بن حنبل 2: 10 و 62.
(5) أبو عبد الرحمن حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر بن وهب بن ثعلبة القرشي الفهري، استعمله
معاوية على رأس جيش أرسله لفك الحصار عن عثمان بن عفان، فلما بلغ وادي القرى لقيه الخبر بقتل عثمان فرجع ولم يزل مع معاوية في حروبه كلها. مات سنة اثنتين وأربعين ولم يبلغ خمسين
سنة. قاله ابن الأثير في أسد الغابة 1: 374.
188

أن النبي نقل في البداءة الربع، وفي الرجعة الثلث (1)، وذلك أكثر من خمس
الخمس بلا خلاف.
مسألة 14: يجوز للإمام أن يقول - قبل لقاء العدو -: من أخذ شيئا من
الغنيمة بعد الخمس فهو له. وبه قال أبو حنيفة (2)، وهو أحد قولي
الشافعي (3).
والآخر: أنه لا يجوز (4).
دليلنا: أن الإمام معصوم، فلا يفعل ذلك إلا وهو جائز، وأفعاله حجة
كأفعال النبي صلى الله عليه وآله.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال يوم بدر: (من أخذ شيئا فهو
له) (5).
مسألة 15: مال الغنيمة لا يخلو من ثلاثة أحوال: ما يمكن نقله وتحويله إلى
بلد الإسلام مثل: الثياب، والدراهم والدنانير، والأثاث، والعروض. أو يكون
أجساما (6) مثل: النساء، والولدان. أو كان مما لا يمكن نقله كالأرض، والعقار،

(1) سنن ابن ماجة 2: 951 حديث 2852 و 2853، وسنن الترمذي 4: 130 حديث 1561، والسنن
الكبرى 6: 313، والمستدرك على الصحيحين 2: 133.
(2) المبسوط 10: 49، واللباب 3: 257، وبدائع الصنائع 7: 115، والفتاوى الهندية 2: 217، ورحمة
الأمة 2: 170، والميزان الكبرى 2: 179.
(3) الأم 4: 144، والمجموع 19: 351، والمغني لابن قدامة 10: 454، الميزان الكبرى 2: 180، ورحمة
الأمة 2: 170.
(4) الأم 4: 144، والمجموع 19: 351، والمغني لابن قدامة 10: 454.
(5) رواه الشافعي في الأم 4: 144، وابن قدامة في مغنيه 10: 454، والنووي في مجموعه 19: 351
فلاحظ.
(6) في النسخة الحجرية: أخشاشا.
189

والبساتين. فما يمكن نقله يقسم بين الغانمين بالسوية. لا يفضل راجل على
راجل، ولا فارس على فارس، وإنما يفضل الفارس على الراجل. وبه قال
الشافعي، غير أنه قال: لا تدفع الغنيمة إلى من لم يحضر الوقعة (1).
وعندنا يجوز ذلك أن يعطى لمن يلحق بهم مددا لهم، وإن لم يحضر الوقعة.
ويسهم عندنا للصبيان ومن يولد في تلك الحال، وسيجئ الخلاف فيه.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز أن يعطى لغير الغانمين، لكن يجوز أن يفضل بعض
الغانمين على بعض (2).
وقال مالك: يجوز أن يفضل بعضهم على بعض، ويجوز أن يعطى منها لغير
الغانمين (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 16: إذا دخل قوم دار الحرب وقاتلوا بغير إذن الإمام فغنموا، كان
ذلك للإمام خاصة. وخالف جميع الفقهاء ذلك (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).
مسألة 17: الأسير على ضربين:
ضرب يؤسر قبل أن تضع الحرب أوزارها، فالإمام مخير فيه بين شيئين: إما
أن يقتله، أو يقطع يديه، ورجليه ويتركه حتى ينزف.

(1) الأم 4: 144 و 146، ومختصر المزني: 270، والوجيز 1: 291 و 292، والسراج الوهاج: 354، وكفاية
الأخيار 2: 130، والمجموع 19: 354 و 363 و 368.
(2) المبسوط 10: 36 و 41، واللباب 3: 252، وبدائع الصنائع 7: 124.
(3) المدونة الكبرى 1: 301 و 2: 27.
(4) الكافي 5: 44 حديث 2، والاستبصار 3: 3 و 4 حديث 1 و 4 و 6.
(5) المحلى 7: 351، والمبسوط 10: 73، وبداية المجتهد 1: 378.
(6) الكافي 5: 43 حديث 1، والتهذيب 4: 135 حديث 378.
190

وأسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها، فهو مخير بين ثلاثة أشياء: المن،
والاسترقاق، والمفاداة.
وقال الشافعي: هو مخير بين أربعة أشياء: القتل، والمن، والمفاداة،
والاسترقاق. ولم يفصل (1).
وقال أبو حنيفة: هو مخير بين القتل والاسترقاق، دون المن والمفاداة (2).
وقال أبو يوسف ومحمد: هو مخير بين القتل والاسترقاق، والمفاداة على
الرجال دون الأموال (3).
وأجمعوا كلهم على أن المفاداة على الأموال لا تجوز - أعني أهل العراق - (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم. وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (5).
ويدل على جواز المن قوله تعالى: (فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم
فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) (6) ومن ادعى
نسخ هذه الآية فعليه الدلالة.
وروى الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم (7)، عن أبيه، أن رسول الله

(1) المجموع 19: 304، ومغني المحتاج 4: 259، والسراج الوهاج: 544، والسنن الكبرى 9: 63،
والمغني لابن قدامة 10: 393، وعمدة القاري 14: 266.
(2) المبسوط 10: 63 و 64، وبدائع الصنائع 7: 119 و 120، وشرح فتح القدير 4: 305 و 306،
والفتاوى الهندية 2: 205، والمغني لابن قدامة 10: 394، والأحكام السلطانية للماوردي: 131،
وعمدة القاري 14: 266.
(3) بدائع الصنائع 7: 120، وشرح فتح القدير 4: 306 و 307، وعمدة القاري 14 و: 266.
(4) شرح فتح القدير 4: 307.
(5) التهذيب 6: 143 حديث 245، والكافي 5: 32 حديث 1.
(6) محمد: 4.
(7) محمد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف النوفلي، أبو سعيد، روى عن أبيه وعمرو
ابن عباس ومعاوية وغيرهم، قيل إنه مات في خلافة سليمان بن عبد الملك، تهذيب التهذيب
9: 91.
191

- صلى الله عليه وآله - قال في أسارى بدر: (لو كان مطعم بن عدي حيا، وكلمني
في هؤلاء النتنى (1) لأطلقتهم له) (2). فأخبر أنه لو كان مطعم (3) حيا لمن
عليهم، لأنه كان له عنده يد، لو سأله في أمرهم لأطلقهم، فدل على جواز المن.
وروى أبو هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وآله - بعث سرية قبل نجد،
فأسروا رجلا يقال له ثمامة بن أثان الحنفي (4) سيد يمامة، فأتوا به، وشدوه إلى
سارية من سواري المسجد، فمر به النبي صلى الله عليه وآله فقال: (ما عندك
يا ثمامة) فقال: خير، إن قتلت قتلت ذا ذم (5)، وإن مننت مننت على شاكر،
وإن أردت مالا فاسأل تعط ما شئت، فتركه، ولم يقل شيئا. فمر به اليوم الثاني،
فقال له مثل ذلك، فمر به اليوم الثالث فقال له مثل ذلك، ولم يقل النبي صلى
الله عليه وآله - شيئا، ثم قال: (إطلقوا ثمامة)، فأطلقوه، فمر واغتسل، وجاء
وأسلم (6) وكتب إلى قومه فجاؤوا مسلمين (7). وهذا نص في جواز المن، لأنه

(1) النتنى: النتن، المذموم في الشرع، مجتنبة مكروهة، كما يجتنب الشئ النتن. النهاية 5: 14 (مادة نتن).
(2) صحيح البخاري 4: 111، وسنن أبي داود 3: 61 حديث 2689، والسنن الكبرى 6: 319 و 9: 67،
ومسند أحمد بن حنبل 4: 80، والدراية في تخريج أحاديث الهداية 2: 119.
(3) مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف النوفلي، كان له عند رسول الله - صلى الله عليه وآله - يد،
وهي إنه كان أجاز رسول الله - صلى الله عليه وآله - لما قدم من الطائف حين دعا ثقيفا إلى
الإسلام، وكان أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم وبني المطلب.
وكانت وفاته قبل بدر بنحو سبعة أشهر. ذكر ذلك ابن الأثير في أسد الغاية 1: 271 ضمن ترجمة ولده
جبير فلاحظ.
(4) ثمامة ين أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة الحنفي. ذكر قصة إسلامه ابن الأثير في
أسد الغاية 1: 246 فلاحظ.
(5) في بعض مصادر الحديث (ذاذم). وذا ذم، معناه ذا ذمام وحرمة، وهو بكسر الذال المعجمة وتشديد
الميم.
(6) في النسخة الحجرية: فأسلم.
(7) صحيح مسلم 3: 1386، حديث 1764، وسنن أبي داود 3: 57 حديث 2679، ومسند أحمد بن
حنبل 2: 246.
192

أطلقه - صلى الله عليه وآله - من غير شئ.
وروي أن أبا عزة الجمحي (1) (2) وقع في الأسر يوم بدر، فقال: يا محمد إني
ذو عيلة، فامنن علي. فمن عليه على أن لا يعود إلى القتال، فمر إلى مكة فقال:
إني سخرت بمحمد، وعاد إلى القتال يوم أحد. فدعا رسول الله أن لا يفلت،
فوقع في الأسر، فقال: إني ذو علية، فامنن علي. فقال النبي صلى الله عليه
وآله: (أمن عليك وحتى (3) ترجع إلى مكة فتقول في نادي قريش: إني سخرت
بمحمد مرتين، لا يلسع المؤمن، من جحر مرتين) (4) فقتله - صلى الله عليه وآله - بيده،
وهذا نص في جواز المن.
وأما الدليل على جواز المفاداة بالرجال، ما رواه أبو قلابة، عن أبي المهلب (5)، عن
عمران بن الحصين: أن النبي صلى الله عليه وآله فادى رجلا برجلين (6).
وأما الدليل على جواز المفاداة بالمال، ما فعله النبي - صلى الله عليه وآله -

(1) أبو عزة، عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذاقة بن جمح، الجمحي، الشاعر، أسر يوم بدر، فمن
عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله - ثم خرج مع المشركين يوم أحد فأخذه رسول الله - صلى الله
عليه وآله وسلم أسيرا ثم أمر بقتله. ذكر ذلك ابن سعد في طبقاته 2: 43، فلاحظ.
(2) في النسخة الحجرية: أبا غرة الجهني.
(3) في النسخة الحجرية: حتى بدون الواو.
(4) علل الشرائع: 49، ومجمع الأمثال للميداني 2: 215 والمستسقي 2: 276، والنهاية لابن الأثير
4: 248، وفي سنن الدارمي 2: 319، والسنن الكبرى 6: 320، ومسند أحمد بن حنبل 2: 115،
ومجمع الزوائد 8: 90، والاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 2: 29، والأحكام السلطانية للماوردي:
131، والطبقات الكبرى لابن سعد 2: 43 (لا يلدغ) بدلا من (لا يلسع).
(5) أبو المهلب الجرمي البصري، عم أبي قلابة، اسمه عمرو بن معاوية، وقيل غير ذلك، روى عن
عمران بن حصين، وسمرة بن جندب، وأبي موسى الأشعري وعنه أبو قلابة الجرمي، ومحمد بن
سيرين وعوف الأعرابي، وتهذيب التهذيب 12: 250.
(6) سنن الدارمي 2: 223، وسنن الترمذي 4: 135 حديث 1568، ومسند أحمد بن حنبل 4: 426
و 432، والسنن الكبرى 9: 67 و 226، والدراية في تخريج أحاديث الهداية 2: 119، ورواه ابن
قدامة أيضا في المغني 10: 490، والماوردي في الأحكام السلطانية: 132.
193

يوم بدر، فإنه فادى جماعة من كفار قريش بمال، والقصة مشهورة (1).
قيل: أنه فادى كل رجل بأربعمائة (2).
وقال ابن عباس: بأربعة آلاف (3)، وفيهم نزل قوله تعالى: (ما كان لنبي
أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض - إلى قوله - عذاب عظيم) (4).
وروي أن أبا العاص (5) زوج زينب بنت رسول الله (6)، كان ممن وقع
في الأسر، وكانت هي بمكة، فأنفذت مالا لتفكه من الأسر، وكانت فيه قلادة
كانت لخديجة أدخلت بها زينب على أبي العاص، فلما رآها رسول الله صلى الله
عليه وآله - عرفها، فرق لها رقة شديدة، فقال: (لو خليتم أسيرها ورددتم مالها)،
قالوا: نعم. ففعلوا ذلك (7). وهذا نص، لأنهم فادوه بالمال، ثم منوا عليه برد
المال عليه.
مسألة 18: ما لا ينقل ولا يحول من الدور والعقارات والأرضين عندنا أن

(1) انظرها في سنن أبي داود 3: 61 حديث 2690، والسنن الكبرى 6: 321 و 322، والدراية في تخريج
أحاديث الهداية 2: 119.
(2) رواه أبو داود في سننه 3: 61 حديث 2691 عن ابن عباس، وكذلك البيهقي في سننه الكبرى
6: 322.
(3) لم أعثر على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(4) الأنفال: 67 و 68.
(5) أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، صهر رسول الله صلى
الله عليه وآله على ابنته زينب، وأمه بنت خويلد، واختلف في اسمه فقيل، لقيط، وقيل هشيم،
وقيل غير ذلك. شهد بدرا مع الكفار، قصته مشهورة، مات سنة اثنتي عشرة. انظر أسد الغاية
5: 237.
(6) زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وآله -: زوج أبو العاص بن الربيع، ولدت ولرسول الله - صلى الله
عليه وآله - ثلاثون سنة، وماتت سنة ثمان في حياته - صلى الله عليه وآله - انظر أسد الغاية 5: 467.
(7) رواه أبو داود في سننه 3: 62 حديث 2692، وأحمد بن حنبل في مسنده 6: 273، والواقدي في
مغازيه 1: 130، والبيهقي في سننه الكبرى 6: 322 باختلاف في الألفاظ فلاحظ.
194

فيه الخمس، فيكون لأهله، والباقي لجميع المسلمين، من حضر القتال ومن لم
يحضر، فيصرف انتفاعه إلى مصالحهم.
وعند الشافعي: أن حكمه حكم ما ينقل ويحول خمسه لأهل الخمس،
والباقي للمقاتلة الغانمين (1)، وبه قال ابن الزبير (2).
وذهب قوم: إلى أن الإمام مخير فيه بين شيئين، بين أن يقسمه على الغانمين،
وبين أن يقفه على المسلمين. ذهب إليه عمر، ومعاذ، والثوري، وعبد الله بن
المبارك (3).
وذهب أبو حنيفة وأصحابه: إلى أن الإمام مخير فيه بين ثلاثة أشياء: بين
أن يقسمه على الغانمين، وبين أن يقفه على المسلمين، وبين أن يقر أهلها عليها،
ويضرب عليها الجزية باسم الخراج. فإن شاء أقر أهلها الذين كانوا فيها، وإن
شاء أخرج أولئك وأتى بقوم آخرين من المشركين وأقرهم فيها وضرب عليهم
الجزية باسم الخراج (4).
وذهب مالك: إلى أن ذلك يصير وقفا على المسلمين بنفس الاستغنام.
والأخذ من غير إيقاف الإمام، فلا يجوز بيعه ولا شرائه (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).

(1) الأم 4: 181، ومغني المحتاج 4: 234، والأحكام السلطانية للماوردي: 137، وتبيين الحقائق
3: 248، ورحمة الأمة 2: 171، والميزان الكبرى 2: 180.
(2) المحلى 7: 342، والمغني لابن قدامة 2: 576.
(3) الأحكام السلطانية للفراء الحنبلي: 146، والمغني لابن قدامة 2: 577، ورحمة الأمة 2: 171،
والميزان الكبرى 2: 180.
(4) شرح فتح القدير 4: 303 و 304، وبداية المجتهد 1: 387، ومقدمات ابن رشد 1: 271، وتبيين
الحقائق 3: 248، ورحمة الأمة 2: 171، والميزان الكبرى 2: 180.
(5) بداية المجتهد 1: 387، وأسهل المدارك 2: 13، ومقدمات ابن رشد 1: 271، والشرح الكبير
2: 579، ورحمة الأمة 2: 171، والميزان الكبرى 2: 180.
(6) الكافي 5: 44 حديث 4.
195

وروي أن النبي - صلى الله عليه وآله - فتح هوازن ولم يقسم أرضها بين
الغانمين، فلو كانت للغانمين لقسمها فيهم (1).
وروي أن عمر فتح قرى بالشام، فقال له بلال: أقسمها بيننا، فأبي عمر
ذلك، وقال: اللهم اكفني شر بلال وذريته. فلو كانت القسمة واجبة لكان
يفعلها عمر (2).
وروي أن عمر استشار عليا - عليه السلام - في أرض السواد، فقال له علي
عليه السلام: (دعها عدة المسلمين) (3)، ولم يأمره بقسمتها، ولو كان واجبا
لكان يشير إليه بالقسمة.
مسألة 19: سواد العراق ما بين الموصل وعبادان طولا، وما بين حلوان
والقادسية عرضا، فتحت عنوة، فهي للمسلمين على ما قدمنا القول فيه.
وقال الشافعي: كانت غنيمة للغانمين، فقسمها عمر بين الغانمين، ثم
اشتراها منهم، ووقفها على المسلمين، ثم أجرها منهم، وهذا الخراج هو
أجرة (4).
وقال الثوري، وابن المبارك: وقفها عمر على المسلمين (5).
وقال أبو حنيفة: هذه الأرضون أقرها عمر في يد أهلها المشركين، وضرب
عليهم الجزية باسم الخراج، فهذا الخراج هو تلك الجزية. وعنده لا يسقط ذلك
بالإسلام (6).

(1) رواه الشافعي في أمه 4: 157.
(2) المحلى 7: 342، والسنن الكبرى 9: 138، والمغني لابن قدامة 2: 576، والخراج لأبي يوسف: 26
و 35.
(3) لم أعثر على هذا الخبر في المصادر المتوفرة.
(4) الأم 4: 181، ومغني المحتاج 4: 234، والسراج الوهاج: 547، والمجموع 19: 454، والمبسوط
10: 15، وبداية المجتهد 1: 387، وتبيين الحقائق 3: 272، ومغني المحتاج 4: 234.
(5) حكي ذلك في المجموع 19: 454 عن أبي سعيد الإصطخري.
(6) المبسوط 10: 15، وبداية المجتهد 1: 387 و 388، وتبيين الحقائق 3: 271.
196

وقال مالك: صارت وقفا بنفس الاستغنام (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 20: الصبيان يسهم لهم مع الرجال. وبه قال الأوزاعي (2)،
وكذلك من يولد قبل القسمة. وأما النساء والعبيد والكفار فلا سهم لهم، وإن
شاء الإمام أن يرضح (3) لهم فعل.
وعند الشافعي: له أن يرضخ لهؤلاء الأربعة، ولا سهم لهم (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
مسألة 21: النساء لا سهم لهن، وإنما يرضخ لهن. وبه قال جميع
الفقهاء (6) إلا الأوزاعي فإنه قال: يسهم للنساء (7).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وروي عن ابن عباس أنه كتب إلى نجدة الحروري (8): كنت تستفتيني

(1) المدونة الكبرى 2: 26، وبداية المجتهد 1: 387، وأسهل المدارك 2: 13، ورحمة الأمة 2: 171،
والميزان الكبرى 2: 180.
(2) المجموع 19: 361 و 362، وبداية المجتهد 1: 379، والمغني لابن قدامة 10: 445.
(3) الرضخ: العطية القليلة. النهاية 2: 228 مادة رضخ.
(4) الأم 4: 156، والمجموع 19: 361، والسراج الوهاج: 354، وبداية المجتهد 1: 379، ومغني المحتاج
3: 105، والمغني لابن قدامة 10: 442، والشرح الكبير 10: 497، ورحمة الأمة 2: 169، والميزان
الكبرى 2: 179.
(5) الكافي 5: 45 حديث 8، والتهذيب 6: 147 حديث 259 و 260.
(6) المحلى 7: 334، والأم 4: 146، والمبسوط 10: 16، وبدائع الصنائع 7: 126، وكفاية الأخيار
2: 130، والمجموع 19: 362، وبداية المجتهد 1: 379، والشرح الكبير 10: 495، وتبيين الحقائق
3: 256، ورحمة الأمة 2: 169، والميزان الكبرى 2: 179.
(7) المجموع 19: 361 و 362، ونيل الأوطار 8: 113، وسنن الترمذي 4: 126 ذبل الحديث 1556،
والشرح الكبير 10: 495.
(8) نجدة بن عامر اليمامي، الخارجي الحروي من رؤوس الخوارج، قتل سنة 69 هجرية. ميزان
الاعتدال 4: 245، وشذرات الذهب 1: 76.
197

هل كان النساء يخرجن مع النبي - صلى الله عليه وآله -؟ كان يخرجن معه،
يسقين الماء، ويداوين الجرحى. وكنت تسألني هل كان يسهم لهن؟ ما كان
يسهم لهن، وإنما يحذين (1) من الغنيمة (2).
مسألة 22: الكفار لا سهم لهم مع المسلمين، سواء قاتلوا بإذن الإمام معه (3)،
أو بغير إذن الإمام، وإن قاتلوا بإذنه أرضخ لهم إن شاء الإمام. وبه قال
الشافعي، إلا أنه قال: يرضخ لهم (4).
وقال الأوزاعي: يسهم لهم مع المسلمين (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأنا قد أجمعنا على وجوب الإسهام للمسلمين،
ولا دليل على إلحاق الكفار بهم.
وروي أن النبي - صلى الله عليه وآله - استعان بيهود بني قينقاع، فرضخ لهم،
ولم يسهم (6).
مسألة 23: من يرضخ له من الكفار والنساء والعبيد - عندنا، والصبيان
أيضا على مذهب الشافعي - إنما يرضخ له من أصل الغنيمة قبل أن تخمس.

(1) قال الترمذي في ذيل الحديث: ويحذين من الغنيمة يقول: يرضخ لهن بشئ من الغنيمة، يعطين
شيئا.
(2) صحيح مسلم 3: 1444 حديث 1812، وسنن الترمذي 4: 125 حديث 1556، والسنن الكبرى
9: 53.
(3) في النسخة الحجرية: بإذن الإمام بحذف (معه).
(4) المجموع 19: 360، وكفاية الأخيار 2: 131، والمغني لابن قدامة 10: 446، والشرح الكبير
10: 499، ومغني المحتاج 3: 105، والسراج الوهاج: 355، ورحمة الأمة 2: 169، والميزان الكبرى
2: 179.
(5) المغني لابن قدامة 10: 446، والشرح الكبير 10: 499.
(6) رواه البيهقي في سننه الكبرى 9: 37 و 53، والحصني في كفاية الأخيار 2: 131، والعسقلاني في
تلخيص الحبير 4: 100 حديث 1855.
198

وللشافعي فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: مثل ما قلناه.
والثاني: من أربعة أخماس المقاتلة.
والثالث: من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وآله (1).
دليلنا: أن معونة هؤلاء عائدة على أهل الغنيمة، فيجب أن لا يختص
برضخهم قوم دون قوم، مع أن معونتهم عائدة على جميعهم.
مسألة 24: للراجل سهم وللفارس سهمان: سهم له وسهم لفرسه. وبه
قال أبو حنيفة (2).
وفي أصحابنا من قال: للفارس ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان
لفرسه (3) وبه قال الشافعي (4)، وفي الصحابة علي عليه السلام، وعمر، وفي
التابعين عمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وابن سيرين، وفي الفقهاء
مالك، وأهل المدينة، والأوزاعي، وأهل الشام، والليث بن سعد، وأهل مصر،
وأحمد، وإسحاق، وأبو يوسف، ومحمد (5).

(1) الأم 4: 146، والمجموع 19: 363، والسراج الوهاج: 354، ومغني المحتاج 3: 104.
(2) النتف في الفتاوى 2: 726، وبدائع الصنائع 7: 126، وعمدة القاري 14: 154، والفتاوى
الهندية 2: 212، وتبيين الحقائق 3: 54، والمغني لابن قدامة 10: 435، والشرح الكبير 10: 503،
وبداية المجتهد 1: 381، والمجموع 19: 358، والأحكام السلطانية للماوردي: 140، ورحمة الأمة
2: 167، والميزان الكبرى 2: 178.
(3) حكاه العلامة الحلي في المختلف: 158 (كتاب الجهاد) عن ابن الجنيد.
(4) الأم 4: 144، ومختصر المزني: 270، وكفاية الأخيار 2: 130، والوجيز 1: 292، والمجموع 19: 358،
والنتف 2: 726، والأحكام السلطانية للماوردي: 140، وعمدة القاري 14: 154، وسنن
الترمذي 4: 124 ذيل حديث 1554، ورحمة الأمة 2: 167 و 2: 178.
(5) سنن الترمذي 4: 124 ذيل الحديث 1554، والمحلى 7: 331، والمغني لابن قدامة 10: 434،
والشرح الكبير 10: 503، والنتف في الفتاوى 2: 726، وتبيين الحقائق 3: 254، والمجموع
19: 358، ونيل الأوطار 8: 118، ورحمة الأمة 2: 167، والميزان الكبرى 2: 178.
199

دليلنا على الأول: الأخبار التي رواها أصحابنا، ذكرناها في الكتاب
الكبير (1).
وروي عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وآله - أعطى الفارس
سهمين: سهما له، وسهما لفرسه (2).
وروي عن المقداد (3) قال: أعطاني رسول الله سهمين، سهما لي وسهما
لفرسي (4).
وروى مجمع بن جارية (5) أن النبي - صلى الله عليه وآله - قسم خيبر ثمانية
عشر سهما، وكانوا ألفا وخمسمائة رجل، منهم ثلاث مائة فارس (6).
وأما الرواية الأخرى فقد ذكرناها أيضا في الكتاب الكبير (7).
وروى نافع عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وآله - أسهم للرجل
ولفرسه ثلاثة أسهم، سهما له وسهمين لفرسه (8).

(1) التهذيب 6: 145 حديث 253 و 147 حديث 257.
(2) سنن الترمذي 4: 124 حديث 1554، وسنن الدارقطني 4: 107 حديث 23، والسنن الكبرى
6: 325، وعمدة القاري 14: 155.
(3) المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة الهراوي المعروف بالمقداد بن الأسود. قيل: وهذا
الأسود الذي ينسب إليه هو الأسود بن يغوث الزهري، وإنما نسب إليه لأن المقداد حالفه فتبناه
الأسود فنسب إليه. ويقال له: المقداد الكندي، وقيل فيه غير هذا. وردت في فضله وجهاده أخبار
كثيرة تغني عن التعريف به. كانت وفاته بالمدينة في خلافة عثمان وكان عمره سبعين سنة.
(4) رواه العيني في عمدة القاري 14: 155.
(5) مجمع بن جارية مشترك بين مجمع بن جارية بن عامر، ومجمع بن يزيد بن جارية، انظر تهذيب
التهذيب 10: 47 و 48.
(6) سنن أبي داود 3: 76 حديث 2736، وسنن الدارقطني 4: 105 حديث 18، والمستدرك للحاكم
2: 131، ونيل الأوطار 8: 116.
(7) التهذيب 6: 147 حديث 257 و 258.
(8) صحيح مسلم 3: 1383 حديث 1762، وسنن الدارقطني 4: 102 حديث 4، وسنن أبي داود
3: 75 حديث 2733، وسنن ابن ماجة 2: 925 حديث 2854، والسنن الكبرى 6: 325، والمحلى
7: 330، ونيل الأوطار 8: 115.
200

وروى الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري، عن عمر بن
الخطاب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام: أن النبي - صلى الله عليه وآله -
كان يعطي الفارس ثلاثة أسهم، سهما له وسهمين لفرسه (1).
وروى عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وآله - أسهم يوم
خيبر لك فرس سهمين (2).
وروى عبد الله بن الزبير، عن أبيه قال: إن النبي - صلى الله عليه وآله -
أعطاني أربعة أسهم، سهما لي وسهمين لفرسي، وسهما لأمي، وكانت من
ذوي القربى (3).
وروى الشافعي قال: كان الزبير يضرب في الغنائم بأربعة أسهم، سهما
له وسهمين لفرسه وسهما لأمه، وكانت من ذوي القربى (4).
مسألة 25: يسهم للفرس سهم، من أي فرس كان، عربيا كان أو
عجميا، أو مقرفا، أو هجينا. وبه قال أبو حنيفة (5).
وقال الشافعي: يسهم له سهمان على اختلاف أنواعه (6).

(1) سنن الدارقطني 4: 103 حديث 11.
(2) انظر سنن الترمذي 4: 124 حديث 1554، ونيل الأوطار 8: 116.
(3) سنن الدارقطني 4: 110 حديث 27، ومسند أحمد بن حنبل 1: 166، والسنن الكبرى 6: 326،
والأم 4: 145، والمحلى 7: 331، وعمدة القاري 14: 154، ونيل الأوطار 8: 115، وفي بعض
ما ذكرناه من المصادر اختلاف يسير في اللفظ والسند فلاحظ.
(4) الأم 4: 145، والمجموع 19: 360.
(5) المبسوط 10: 42، واللباب 3: 259، وبدائع الصنائع 7: 126، وفتح القدير 4: 324، والفتاوى
الهندية 12: 212، وتبيين الحقائق 3: 255، ورحمة الأمة 2: 168.
(6) الأم 4: 145، والوجيز 1: 292، وكفاية الأخيار 2: 130، والسراج الوهاج: 354، والمغني لابن
قدامة 10: 436، ورحمة الأمة 2: 168، والميزان الكبرى 2: 179.
201

وقال الأوزاعي: إن كان عربيا فله سهمان، وإن كان أعجميا فلا سهم
له، وإن كان هجينا أو مقرفا فله سهم واحد (1).
وقال أحمد بن حنبل: يسهم للعربي سهمان، ولما عداه سهم واحد (2).
وعن أبي يوسف روايتان:
إحداهما: مثل قول أحمد. والثانية: مثل قول الشافعي (3).
دليلنا: عموم الأخبار التي رويناها في أن للفارس سهمين ولم يفصل (4).
وأيضا: قوله تعالى: (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله) (5) ولم يفصل.
مسألة 26: إذا كان مع الرجل أفراس أسهم لفرسين منها، ولا يسهم لما
زاد عليهما. وبه قال أحمد بن حنبل، والأوزاعي (6).
وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: لا يسهم إلا لفرس واحد (7).

(1) النتف في الفتاوى 2: 726، وعمدة القاري 14: 156، والمجموع 19: 360، ورحمة الأمة 2: 168،
والميزان الكبرى 2: 179.
(2) المغني لابن قدامة 10: 437، والأحكام السلطانية للفراء: 152، والشرح الكبير 10: 504، وعمدة
القاري 14: 156، ورحمة الأمة 2: 168، والميزان الكبرى 2: 179.
(3) لم أعثر على هذا القول من مظانه في المصادر المتوفرة.
(4) الكافي 5: 44 حديث 2، والتهذيب 6: 145 حديث 253 وذيل الحديث 257، والاستبصار 3: 3
حديث 1.
(5) الأنفال: 60.
(6) المغني لابن قدامة 10: 438، والشرح الكبير 10: 506، وفتح الباري 6: 68، والمجموع 19: 359،
والأحكام السلطانية للماوردي: 141، وعمدة القاري 14: 156، ورحمة الأمة 2: 168، والميزان
الكبرى 2: 178.
(7) الأم 4: 145، والسراج الوهاج: 354، والمجموع 19: 355، واللباب 3: 259، والنتف 2: 726،
وفتح الباري 6: 67 حديث 2863، والأحكام السلطانية للماوردي: 140، وشرح فتح القدير
4: 323، والمغني لابن قدامة 10: 438، والشرح الكبير 10: 506، وعمدة القاري 14: 156، ورحمة
الأمة 2: 168 والميزان الكبرى 2: 178.
202

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (1).
وروى مكحول: أن الزبير حضر خيبر بفرسين فأسهم له خمسة أسهم،
سهم له وأربعة أسهم لفرسيه (2).
مسألة 27: إذا قاتل على فرس مغصوب، لم يسهم لفرسه.
وقال الشافعي: يسهم لفرسه.
ومن يستحق سهمه؟ فيه قولان:
أحدهما: للفارس. والثاني: للمغضوب منه. مثل الريح في المال المغضوب
فيه قولان (3).
دليلنا: ما روي من الأخبار: أن الفارس له سهم، ولفرسه سهم أو
سهمان (4)، فأضاف الفرس إليه، وهذا ليس له فرس. ولأن الأصل عدم
الاستحقاق، وإثبات الإسهام له يحتاج إلى دليل.
وقياسهم على الصلاة في الدار المغصوبة، نحن نخالف فيه، لأن عندنا
لا تجزي الصلاة فيها.
مسألة 28: لا ينبغي للإمام أن يترك فرسا حطما - وهو المنكسر - أو قحما
- وهو الهرم - أو ضعيفا أو ضرعا - وهو: الذي لا يمكن القتال عليه لصغره -، أو
أعجف - وهو: المهزول -، أو رازما - وهو: الذي لا حراك به - أن يدخل
دار الحرب للقتال عليه، فإن أدخل، وقاتل عليه أو لم يقاتل فإنه يسهم له.
وللشافعي فيه قولان:

(1) الكافي 5: 44 حديث 3، والتهذيب 6: 147 حديث 256، والاستبصار 3: 4 حديث 6.
(2) السنن الكبرى 6: 328، والأم 4: 145، والمحلى 7: 330، ونيل الأوطار 8: 116.
(3) المجموع 19: 355، والوجيز 1: 292، والمغني لابن قدامة 10: 453، والشرح الكبير 10: 510.
(4) الكافي 5: 44 حديث 2، والتهذيب 6: 147 حديث 258، والاستبصار 3: 3 حديث 1.
203

أحدهما: مثل ما قلناه. والآخر: لا سهم له، لأنه لا يمكن الانتفاع به (1).
دليلنا: عموم الأخبار الواردة في أن للفارس سهمين، ولم يفصلوا (2).
مسألة 29: إذا دخل دار الحرب راجلا، ثم وجد فرسا، فكان عند تقضي
الحرب فارسا، أسهم له، وإن دخلها فارسا، وعند تقضي الحرب كان راجلا،
فإن باعه أو وهبه أو آجره لم يسهم له. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: إن دخل الدار فارسا أسهم له وإن خرجت الدابة من
يده على أي وجه. كان وكان عند تقضي الحرب راجلا، وإن دخلها راجلا
لا يسهم له. وإن كان عند تقضي الحرب فارسا، فالاعتبار عنده بدخول الدار.
وعندنا وعند الشافعي: بحال الحرب (4).
وقال محمد بقول أبي حنيفة إلا في فصل واحد، وهو أنه قال محمد: إذا باعه
قبل تقضي القتال لم يسهم له. قال: لأنه باعه باختياره (5).
دليلنا: قوله تعالى: (ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله) (6) والارهاب
بالفرس يكون حال القتال لا حال الدخول.
وأيضا: قوله تعالى: (واعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه) (7).

(1) الأم 4: 145، والمجموع 19: 355، ومغني المحتاج 3: 104، والسراج الوهاج: 354، والشرح الكبير
10: 481، والمغني لابن قدامة 10: 440.
(2) الكافي 5: 44 حديث 2، والتهذيب 6: 145 حديث 253، والاستبصار 3: 3 حديث 1 و 3.
(3) الأم 4: 145، والمجموع 19: 356، والنتف في الفتاوى 2: 727، وشرح فتح القدير 4: 325،
والهداية 4: 325.
(4) النتف 2: 726، واللباب 3: 259، والمبسوط 10: 42، والفتاوى الهندية 2: 212، وشرح فتح القدير
4: 325، وتبيين الحقائق 3: 255، ورحمة الأمة 2: 168، والميزان الكبرى 2: 179.
(5) المبسوط 10: 43، وتبيين الحقائق 3: 255، والمغني لابن قدامة 10: 434.
(6) الأنفال: 60.
(7) الأنفال: 41.
204

فعلم أن الباقي للغانمين. والغانمون: هم الذين تولوا القتال. فمن أوجب من
ذلك لفرس لم يحضر فعليه الدلالة، لأنه خالف الظاهر، ولأن الاستحقاق
يكون بتقضي القتال والحرب، بدلالة أن من مات قبل ذلك لم يسهم له
بلا خلاف.
مسألة 30: إذا دخل الصحيح مجاهدا دار الحرب تم مرض فإنه يسهم له،
سواء كان مرضا يخرجه من كونه مجاهدا، أو لم يخرجه. وبه قال قوم من
أصحاب الشافعي، وهو نص الشافعي (1).
وقال قوم من أصحابه - واختاره الأسفرايني -: أنه إن كان مرضه لا يخرجه
من كونه مجاهدا مثل الصداع والحمى، فإنه يسهم له. وإن كان يخرجه من
كونه مجاهدا مثل الإغماء وغير ذلك، فإنه لا سهم له (2).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن كل من حضر القتال يسهم له على كل حال.
مسألة 31: إذا استأجر رجل أجيرا ودخلا معا دار الحرب للجهاد، أسهم
للأجير، سواء كانت إجارة في الذمة، أو إجارة معينة، ويستحق مع ذلك
الأجرة.
وقال أبو حنيفة: إن قاتل أسهم له، وإن لم يقاتل لم يسهم له (3).
وقال أصحاب الشافعي: إن كانت الإجارة في الذمة فإنه يسهم به (4).
وإن كانت معينة ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: مثل ما قلناه. والثاني: لا يسهم له، كالعبد. والثالث: أنه مخير بين
فسخ الإجارة زمان الجهاد ويسهم له، ولا يستحق فيه الأجرة، وبين المقام على

(1) المجموع 19: 360، والشرح الكبير 10: 480 و 481.
(2) المجموع 19: 360.
(3) تبيين الحقائق 3: 256، والمحلى 7: 333.
(4) في. النسخة الحجرية: يسهم له.
205

الإجارة ولا سهم له (1).
دليلنا: إن الغنيمة تستحق بالحضور. وهذا حضر، ولا ينافي حضوره
الإجارة، لأن الإسهام يستحق بالحضور وقد حضر، والأجرة تستحق بالعمل
وقد عمل، فمن أبطلهما، أو أبطل أحدهما فعليه الدلالة. وعموم الأخبار في أن
الغنيمة يستحقها من حضر (2)، على عمومها.
مسألة 32: إذا انفلت أسير من يد المشركين، فلحق بالمسلمين بعد تقضي
القتال وحيازة المال قبل القسمة، فإنه يسهم له.
وعند الشافعي لا سهم له (3).
وعند الشافعي لا سهم له (3).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن من لحقهم مددا قبل القسمة فإنه يسهم له،
وهذا منهم.
مسألة 33: إذا لحق بهم بعد تقضي الحرب وقبل حيازة المال عندنا يسهم
له.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه. والثاني: لا يسهم له (4).
وقال أبو حنيفة: إن قاتل أسهم له، وإن لم يقاتل لم يسهم (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.

(1) الأم 4: 146، والمجموع 19: 363، والمحلى 7: 330، وفتح الباري 6: 125، وعمدة القاري
14: 234.
(2) الكافي 5: 45 حديث 6، والتهذيب 6: 146 حديث 254، والاستبصار 3: 2 حديث 1 و 2.
(3) الأم 4: 146، والمجموع 19: 363، والمغني لابن قدامة 10: 455، والشرح الكبير 10: 481.
(4) الأم 4: 146، والمجموع 19: 364، والسراج الوهاج: 354، ومغني المحتاج 3: 103، والوجيز
1: 291، والمغني لابن قدامة 10: 455، والشرح الكبير 10: 482، وعمدة القاري 15: 55، وشرح
فتح القدير 4: 312.
(5) عمدة القاري 15: 55، والمغني لابن قدامة 10: 456، والشرح الكبير 10: 482.
206

مسألة 34: تجار العسكر، مثل: الخباز، والطباخ، والبيطار وأمثالهم ممن
حضر لا للجهاد، لا يسهم له.
وقال أبو حنيفة: إن قاتل أسهم له، وإن لم يقاتل لا يسهم له (1).
وكذا نقول نحن.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، أنهم لا يسهم لهم، غير أنه لم يفصل.
والثاني: يسهم لهم، لأنهم حضروا الغنيمة، والغنيمة إنما تستحق
بالحضور (2).
وهذا قوي أيضا إن اعتبرنا الحضور في استحقاق الإسهام لا غير، على
ما تقدم.
دليلنا على الأول: أن الغنيمة إنما تستحق بالجهاد أو بنية الجهاد، وهؤلاء،
ما جاهدوا ولا حضروا بنية الجهاد، فوجب أن لا يستحقوا، ومتى قاتلوا تبينا
بذلك أنهم من المجاهدين، فأسهمنا لهم.
مسألة 35: إذا لحق الغانمين مدد قبل قسمة الغنيمة يشاركونهم وأسهم
لهم.
وقال الشافعي فيه المسائل الثلاثة التي تقدمت في الأسير، والقول في هذه
مثل القول في تلك سواء (3).

(1) المبسوط 10: 46، وشرح فتح القدير 4: 313، وشرح العناية على الهداية المطبوع بهامش شرح فتح
القدير 4: 313، وتبيين الحقائق 3: 251، والمحلى 7: 330، والمغني لابن قدامة 10: 522، والشرح
الكبير 10: 480.
(2) الأم 4: 146، والسراج الوهاج: 354، والمجموع 19: 363، والمغني لابن قدامة 10: 522، والشرح
الكبير 10: 480، وتبيين الحقائق 3: 251.
(3) الأم 4: 146، والوجيز 1: 291، والسراج الوهاج: 354، والمجموع 19: 363 و 364، والمغني لابن
قدامة 10: 455، والشرح الكبير 10: 481، والنتف 2: 727، وعمدة القاري 15: 54.
207

وقال أبو حنيفة: إذا لحق الغانمين المدد بعد تقضي القتال وحيازة المال،
يشركونهم في الغنيمة، إلا في ثلاثة مواضع:
أحدها: أن يلحقوا بهم بعد القسمة في دار الحرب، لأن عنده لا يجوز القسمة
في دار الحرب، إلا أنه إن فعل صح.
والثاني: إذا لحقوا بعد أن باع الإمام الغنيمة.
والثالث: أن يلحقوا بعد رجوع الغانمين إلى دار الإسلام.
ففي هذه المواضع وافقوا فيها أصحاب الشافعي (1).
دليلنا على المسألتين الأخيرتين: ما قدمناه سواء. فأما الأولى: فلا خلاف
فيها، وهي إذا لحقوهم للقتال قبل حيازة المال، وكذلك في الأسير. وأيضا
إجماع الفرقة على أن المدد إذا لحق الغانمين شاركوهم في الإسهام عام، ولم
يخصصوه، فوجب حمله على عمومه.
مسألة 36: إذا أخرج الإمام جيشا إلى جهة من الجهات، وأمر عليها أميرا،
فرأى الأمير من المصلحة أن يقدم سرية إلى العدو، فقدمها، فغنمت السرية
فإن الجيش يشارك السرية في تلك الغنيمة، وهكذا إذا غنم الجيش تشاركها
السرية. وبه قال جميع الفقهاء (2).
وقال الحسن البصري: أن الجيش لا يشارك السرية، ولا تشارك السرية
الجيش (3).

(1) المبسوط 10: 22 و 23، وبدائع الصنائع 7: 121، والنتف في الفتاوى 2: 727، والفتاوى الهندية
2: 208، وشرح فتح القدير 4: 312، وشرح العناية على الهداية 4: 312، والمغني لابن قدامة
10: 455، والشرح الكبير 10: 481.
(2) الأم 4: 146، والمجموع 19: 364، والمبسوط 10: 46، وفتح الباري 6: 225، وبداية المجتهد
1: 381، والمغني لابن قدامة 10: 485، والبحر الزخار 6: 439.
(3) بداية المجتهد 1: 381.
208

دليلنا: إجماع الفرقة، بل إجماع الأمة، وخلاف الحسن لا يعتد به، لأنه
محجوج به، ومع ذلك فقد انقرض.
وأيضا روي أن النبي - صلى الله عليه وآله - بعث سرية من الجيش قبل
أوطاس (1)، فغنمت، فأشرك النبي - صلى الله عليه وآله - بينها وبين
الجيش (2).
وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي - صلى الله عليه وآله -
قال: (المؤمنون تتكافأ دماءهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ويجير أقصاهم على
أدناهم، وهم يد على من سواهم، ويرد على قاعدهم سراياهم، ولا يقتل مؤمن
بكافر، ولا ذو عهد في عهده) (3) فموضع الدلالة أنه قال: (يرد على قاعدهم
سراياهم) وهذا نص.
مسألة 37: عندنا أن الخمس يقسم ستة أقسام: سهم لله، وسهم لرسوله،
وسهم الذي القربى - فهذه الثلاثة أسهم كانت النبي - صلى الله عليه وآله -
وبعده لمن يقوم مقامه من الأئمة - وسهم لليتامى، وسهم المساكين، وسهم
لأبناء السبيل من آل محمد - صلى الله عليه وآله - لا يشركهم فيه غيرهم.
واختلف الفقهاء في ذلك.
فذهب الشافعي إلى أن خمس الغنيمة يقسم على خمسة أسهم: سهم لرسول
الله - صلى الله عليه وآله - وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى، وسهم

(1) أوطاس: واد في ديار هوازن، فيه كانت وقعة حنين للنبي صلى الله عليه وآله. قاله الحموي في معجم
البلدان 1: 281.
(2) السنن الكبرى 6: 335، والطبقات الكبرى لابن سعد 2: 152 و 153، والمغني لابن قدامة
10: 486، والشرح الكبير 10: 516.
(3) سنن أبي داود 3: 80 حديث 2751، ومسند أحمد بن حنبل 1: 119 و 2: 211، والسنن الكبرى
8: 28 و 6: 335، والمجموع 19: 364.
209

للمساكين، وسهم لأبناء السبيل. فأما سهم رسول الله - صلى الله عليه وآله -
فيصرف في مصالح المسلمين. وأما سهم ذي القربى فإنه يصرف إلى ذوي القربى
على ما كان يصرف إليهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله (1) - على
ما نبينه فيما بعد -.
وذهب أبو العالية الرياحي: إلى أن الخمس من الغنيمة والفئ مقسوم على
ستة أسهم: سهم لله تعالى، وسهم لرسوله، وسهم لذي القربى، وسهم لليتامى،
وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل (2).
وذهب مالك: إلى أن خمس الغنيمة وأربعة أخماس الفئ مفوض إلى اجتهاد
الإمام ليصرفه إلى من رأى أن يصرفه إليه (3).
وذهب أبو حنيفة: إلى أن خمس الغنيمة، وأربعة أخماس الفئ يقسم على
ثلاثة أسهم: سهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل. هذا
الذي رواه عنه الحسن بن زياد اللؤلؤي (4).

(1) الوجيز 1: 288، وكفاية الأخيار 2: 131، والمجموع 19: 369، والمحلى 7: 329، وتفسير القرطبي
8: 10، وبداية المجتهد 1: 377، ومقدمات ابن رشد 1: 270، ورحمة الأمة 2: 166، والميزان
الكبرى 2: 178.
(2) أحكام القرآن للجصاص 3: 61، والمبسوط 10: 8، وفتح الباري 6: 218، ومقدمات ابن رشد
1: 270، وتفسير القرطبي 8: 10، والمجموع 19: 373، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 844.
(3) مقدمات ابن رشد 2: 269، وبداية المجتهد 1: 389، وأسهل المدارك 2: 15، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 62، وعمدة القاري 15: 37، والمجموع 19: 373، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي
8: 11، ورحمة الأمة 2: 166، والميزان الكبرى 2: 178.
(4) أحكام القرآن للجصاص 3: 62، واللباب 3: 260، وبدائع الصنائع 7: 125، وشرح فتح القدير
4: 328، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 328، وشرح العناية المطبوع بهامش شرح فتح
القدير 4: 328، والفتاوى الهندية 2: 214، والمجموع 19: 373، ورحمة الأمة 2: 165، والميزان الكبرى
2: 178.
210

وروى ابن سماعة (1) عنه مفسرا، فقال: كان أبو حنيفة يقول: أن ذلك
كان مقسوما على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله - على ما ذكر الشافعي - على
خمسة، إلا أنه لما مات سقط سهمه وسهم ذي القربى الذين كانوا على عهده،
وبقي الأصناف الثلاثة فيصرف إليهم.
ثم اختلف أصحابه في سهم ذي القربى، فمنهم من قال: كانوا يستحقون
بالقرابة ثم سقط بموتهم. ومنهم من قال: ما كانوا يستحقون شيئا، وإنما كان
رسول الله - صلى الله عليه وآله - يتصدق عليهم لقرابتهم (2). فأما أبو العالية
الرياحي فهو رجل من ثقات التابعين.
دليلنا: إجماع الفرقة المحقة وأخبارهم (3).
وأيضا: قوله تعالى: (فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى
والمساكين وابن السبيل) (4) فهؤلاء ستة أجناس، فيجب أن يقسم ستة
أقسام، فمن قسم على خمسة فقد ترك الظاهر، وكذلك من قسم على ثلاثة.
مسألة 38: سهم ذي القربى ثابت لم يسقط بموت النبي - صلى الله عليه
وآله، وهو لمن قام مقامه.
وقال الشافعي: سهم ذي القربى ثابت، وهو خمس الخمس، يصرف إلى
أقاربه الغني والفقير منهم، ويستحقونه بالقرابة (5).

(1) أبو عبد الله محمد بن سماعة بن عبد الله بن هلال بن وكيع بن بشر التميمي، حدث عن الليث بن سعد
وأبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن. مات ابن سماعة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين (233) وله
مائة سنة وثلاث سنين. الجواهر المضية 2: 58.
(2) انظر اللباب 3: 268، وبدائع الصنائع 7: 124.
(3) أصول الكافي 1: 538، والخصال 1: 324 حديث 12، ومن لا يحضره الفقيه 2: 22 حديث 79
والمقنع: 53، والتهذيب 4: 125 حديث 360 و 361.
(4) الأنفال: 41.
(5) الأم 4: 149، والوجيز 1: 288، والمجموع 19: 372، والمبسوط 10: 9، ورحمة الأمة 2: 166، والميزان
الكبرى 2: 178.
211

وقال أبو حنيفة: سهم ذي القربى سقط بموت النبي - صلى الله عليه وآله -
إلا أنه يعطيهم الإمام شيئا لحق الفقر والمسكنة، ولا يعطي الأغنياء منهم
شيئا (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا: قوله تعالى: (ولذي القربى) الآية (3).
ولنا في الآية أدلة:
أحدها: أن الله تعالى أضاف الخمس إلى المذكورين، وشرك بينهم بواو
الجمع، كما يقول القائل: هذه الدار لفلان وفلان. حتى يذكر عددا، فإنه
يقتضي أن يكون بينهم بالسوية، وأبو حنيفة يقصرها على الثلاثة، فقد ترك
الظاهر.
وأيضا: فإن الله تعالى أضاف الخمس إلى أهل الخمس بلام التمليك،
وشرك بينهم بواو التشريك. والناس اختلفوا في هذه الإضافة، منهم من قال:
إنها إضافة ملك - وهم نحن والشافعي - (4) وقال قوم: إنها إضافة محل، أي هم
أهل لذلك (5). فمن قال: الأغنياء منهم لا يعطون فقد ترك القولين، وخرج
عن الإجماع.
والثانية (6): أن الله تعالى جعل السهم لهم بحق القرابة: لأنه قال: (لله

(1) المبسوط 10: 9، والفتاوى الهندية 2: 214، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 331، وشرح
العناية على الهداية 4: 331، ومقدمات ابن رشد 1: 271، والمغني لابن قدامة 7: 302، والشرح
الكبير 10: 448، والمجموع 19: 371 و 372، ورحمة الأمة 2: 166، والميزان الكبرى 2: 178.
(2) يستفاد من مجموع الأخبار المروية في المقنع: 53، والتهذيب 4: 125 حديث 360 و 361.
(3) الأنفال: 41.
(4) فتح الباري 6: 217 و 218.
(5) فتح الباري 6: 218، والجامع لأحكام القرآن 8: 11.
(6) في النسخة الحجرية: والثاني.
212

وللرسول ولذي القربى) (1) وظاهر هذا أن السهم لهم، لأنهم ذوي القربى.
وعند أبي حنيفة: إنهم لا يستحقونه بالقرابة (2).
فإن قيل: قوله تعالى: ((ذي القربى) (3) مجمل، لأن ذي (4) قربى الرسول
كثيرون، وهم بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو عبد شمس، وبنو نوفل، ولم يبين
من الذي يستحق ذلك منهم.
والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أنا لا نسلم أنه مجمل، بل هو عام يتناول جميع القرابة، وإنما يخص
من يخصه بدليل، والباقي على عمومه.
والجواب الثاني: أنها مجملة في المستحقين، وهذا لا يخرجهم من أن يكون
لهم فيه حق. وهذا كما نقول في قوله تعالى: (وآتوا حقه يوم حصاده) (5) فهذا
يمكن أن يستدل به على وجوب الزكاة وإن كان مجملا في القدر، لأنه لا يخرج
على أن يكون هناك حق فيه، فكذلك هاهنا.
وأيضا روى جبير بن مطعم، قال لما كان يوم خيبر، وضع النبي - صلى الله
عليه وآله - سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب، وترك بني نوفل وبني
عبد شمس، فانطلقت أنا وعثمان حتى أتينا النبي - صلى الله عليه وآله -، فقلنا:
يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لموضعك الذي وضعك، الله فيهم، فما
بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول الله:
(أنا وبني المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شئ واحد)
وشبك بين أصابعه (6).
.

(1) الحشر: 7.
(2) شرح فتح القدير 4: 329 و 332.
(3) الأنفال: 41.
(4) هكذا في النسخة الحجرية.
(5) الأنعام: 141.
(6) سنن أبي داود 3: 146 حديث 2980، وسنن النسائي 7: 131، وسنن ابن ماجة 2: 961، والسنن
الكبرى 6: 341، وأحكام القرآن للجصاص 3: 63، وشرح معاني الآثار 3: 235 و 236، الأم
4: 146 و 147، والمغني لابن قدامة 7: 304، والمجموع 19: 369 و 371، وفي بعضها تفاوت يسير في
اللفظ فلاحظ.
213

وفي هذا الخبر أدلة:
أحدها: أنه قال وضع سهم ذي القربى، فأثبت لذي القربى سهما.
والثاني: أنه جعل ذلك لأدنى أقربائه بني هاشم وبني المطلب.
والثالث: أنه جعل لهم ذلك بالقرابة، لأن عبد مناف كان له خمسة أولاد:
هاشم وهو جد رسول الله - صلى الله عليه وآله -، والمطلب وهو جد الشافعي،
ونوفل وهو جد جبير بن مطعم، وعبد شمس وهو جد عثمان، ومعاوية، وبني
أمية، وأبو عذرة، ولم يعقب. فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وآله - من ذلك
بني هاشم وبني المطلب، وقال: (إنما أعطيتهم لأنهم ما فارقونا في جاهلية
ولا إسلام) (1) ولم ينكر على جبير وعثمان حيث طلبا ذلك بالقرابة، فدل على
أنه أعطاهم بالقرابة.
فإن قيل: إنما أعطى بني المطلب بالنصرة لا بالقرابة.
قلنا: ليس هذا قولا لأحد، لأن عندنا يستحقونه بالقرابة، وعندهم
يستحقونه بالفقر (2). فأما بالنصرة فهو خلاف الإجماع.
وأيضا في الخبر أن النبي - صلى الله عليه وآله - لم يعطه بني عبد شمس،
ولا بني نوفل، وأعطى بني هاشم وبني المطلب (3)، ولو كان الاستحقاق بالفقر

(1) تقدمت الإشارة إلى مصادر الحديث في الهامش المتقدم فلاحظ.
(2) أحكام القرآن للجصاص 3: 63 - 64، وبدائع الصنائع 7: 125، وشرح فتح القدير 4: 332،
والهداية 4: 332، وشرح العناية 4: 332، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 846، والمغني لابن قدامة
7: 306.
(3) صحيح البخاري 4: 111، وسنن أبي داود 3: 145 حديث 2979، والسنن الكبرى 6: 340، والأم
4: 147، وكفاية الأخيار 2: 132، والمحلى 7: 328.
214

لما كان يخص واحدا دون آخر، فلما خص، علم أنه دفع السهم بالقرابة.
وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى (1)، عن علي - عليه السلام - قال: دخلت أنا
وعباس وفاطمة وزيد بن حارثة على رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقلت:
(يا رسول الله إن رأيت أن توليني حقنا في الخمس في كتاب الله تعالى، فاقسمه
في حياتك حتى لا ينازعنا فيه أحد بعدك) ففعل ففعلت، فلما مات رسول الله
- صلى الله عليه وآله - ولانيه أبو بكر، فقسمته، فلما كان آخر سنة من سني عمر
أتاه مال كثير فعزل حقنا، فدعاني عمر فقال: إن بني هاشم في غنى من ذلك،
وإن بالمسلمين خلة، فإن رأيت أن تصرفه إليهم، ففعل عمر ذلك.
فقال العباس: لقد أحرمتنا حقنا، إنه لا يرجع إلينا أبدا. قال علي عليه
السلام: (وكان العباس داهيا) (2). وفيه دليلان:
أحدهما: أن عليا ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وآله - أن لنا حقا، وإنه
مذكور في كتاب الله تعالى من الخمس، فسأله أن يوليه إياه، فولاه، وما أنكر
عليه، والشرع يؤخذ منه قولا وفعلا وإقرارا، فلما أقر عليا عليه السلام على ذلك،
علم أن ذلك هو الشرع.
والثاني: من حيث الإجماع، وهو أن أبا بكر وعمر وليا عليا ذلك، وكان
يأخذ الحق ويقسم، وما نازعه أحد، ولم يخالف أحد، فدل على أنه إجماع.
وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أتيت عليا عند أحجار الزيت، فقلت
له: بأبي أنت وأمي ما فعل أبو بكر وعمر بحقكم من الخمس أهل البيت؟
فقال: (أما أبو بكر فما كان في زمانه أخماس، وما كان معه أوفاناه، وأما عمر

(1) أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري الأوسي الكوفي، والد محمد، ولد لست بقين من خلافة
عمر، روى عن أبيه وعمر وعثمان وعلي وغيرهم. اختلف في تاريخ وفاته. فقيل سنة 71 هجرية
وقيل: 82 هجرية. انظر تهذيب التهذيب 6: 261.
(2) سنن أبي داود 3: 147 حديث 2984.
215

فكان يعطينا حتى أتاه مال فارس والسوس (أو الأهواز) الشك من الشافعي
فقال لي: إن بالمسلمين خلة، فلو تركت حقكم من الخمس لأصرفه في خلة
المسلمين، فإذا أتاني مال قضيته لكم. فقال العباس: لا تطمعه في حقنا.
فقلت: ألسنا أحق من أجاب أمير المؤمنين وسد خلة المسلمين، فمات عمر قبل
أن يأتيه مال فيعطينا) (1).
فوجه الدلالة: أن عمر أثبت الحق، وسأله على وجه القرض، ولم يخالفه
أحد.
وروى يزيد بن هرمز (2)، قال: كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس
سأله عن سهم ذي القربى لمن هو؟ فقال: هو لقرابة رسول الله - صلى الله عليه
وآله - أراد عمر أن يعطينا عوضا عنه فأبيناه (3)، لأنا رأيناه دون حقنا (4).
فأخبر أن ذلك لقرابة النبي - صلى الله عليه وآله - وأن عمر أراد أن يعطيهم
عوضا عنه.
مسألة 39: عندنا أن سهم ذي القربى للإمام. وعند الشافعي: لجميع
ذي القربى، يستوي فيه القريب والبعيد، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، إلا
أنه للذكر مثل حظ الأنثيين (5).

(1) رواه الشافعي في أمة 4: 148.
(2) يزيد بن هرمز المدني، أبو عبد الله، مولى بني ليث، روى عن أبي هريرة وابن عباس وأبان بن عثمان
وغيرهم، وعنه الزهري وسعيد المقبري وأبو جعفر محمد بن علي وغيرهم. مات في خلافة عمر بن
عبد العزيز، تهذيب التهذيب 11: 369.
(3) سنن أبي داود 3: 146 حديث 2987، وسنن النسائي 7: 129 باختلاف يسير في ألفاظه.
(4) سنن البيهقي 6: 345.
(5) الأم 4: 147، والمجموع 19: 369، والسراج الوهاج: 351، ومغني المحتاج 3: 94، وكفاية الأخيار
2: 132، والمغني لابن قدامة 7: 305، والشرح الكبير 10: 492، وأحكام القرآن للجصاص 3: 62،
والمحلى 7: 329، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 328، وشرح فتح القدير 4: 328، وشرح
العناية في هامش شرح فتح القدير 4: 328، وتبيين الحقائق 3: 256، ومختصر المزني: 150، ورحمة
الأمة 2: 166، والميزان الكبرى 2: 178.
216

وقال المزني، وأبو ثور: الذكر والأنثى فيه سواء (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، ودليل الشافعي أن ذلك مستحق بالإرث الذي يجري
مجرى التعصيب، فوجب أن يفضل الذكور على الإناث. ودليل المزني وأبي ثور:
أن ذلك يستحق بالقرابة، وهم متساوون فيه.
مسألة 40: عند الشافعي يجب في سهم ذي القربى أن يفرق فيمن هو في
شرق الأرض وغربها، ولا يخص به أهل بلد دون بلد (2).
وقال أبو إسحاق: ذلك يشق يخص به البلد الذي يؤخذ الغنيمة فيه، وما
يقرب منه، فإذا أخذت الغنيمة مثلا بالري، فرق في ذي قربى خراسان، وإذا
أخذت من الروم، فرق فيمن كان بالشام (3).
وهذا الفرع يسقط عنا. غير إنا نقول في سهم اليتامى والمساكين وأبناء
السبيل منهم ما قاله أبو إسحاق، من أنه: يفرق في أهل البلد الذي يؤخذ فيه
الغنيمة، أو ما قرب منه، لئلا يشق.
مسألة 41: الثلاثة أسهم التي هي لليتامى، والمساكين، وأبناء السبيل
من الخمس يختص بها من كان من آل الرسول - صلى الله عليه وآله - دون
غيرهم.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: إنها لفقراء المسلمين، وأيتامهم،
وأبناء سبيلهم دون من كان من آل رسول الله خصوصا (4).

(1) المجموع 19: 370، والمغني لابن قدامة 7: 305، والشرح الكبير 10: 492.
(2) الوجيز 1: 288، والمجموع 19: 370، والمغني لابن قدامة 7: 305، والشرح الكبير 10: 492.
(3) المجموع 19: 370، والمغني لابن قدامة 7: 305، والشرح الكبير 10: 492.
(4) الأم 4: 147، وكفاية الأخيار 2: 131، والمجموع 19: 370، واللباب 3: 260، وبدائع الصنائع
7: 125، والمغني لابن قدامة 7: 306، والشرح الكبير 10: 493، وفتح الرحيم 2: 26.
217

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، ولأنه لا خلاف أن من ذكرناهم داخلون
فيها، لأنهم داخلون في يتامى المسلمين وفقرائهم وأبناء سبيلهم، وليس على
دخول من قالوه فيها دليل.
مسألة 42: ما يؤخذ من الجزية، والصلح، والأعشار من المشركين للمقاتلة
المجاهدين.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: أن جميعه لمصالح المسلمين، ويبدأ بالأهم فالأهم. والأهم: هم
الغزاة، والباقي للمقاتلة كما قلناه. هذا إذا قال: إنه لا يخمس.
وأما إذا قال يخمس فأربعة أخماسه تصرف إلى أحد هذين النوعين على
القولين، والمصالح مقدمة عندهم (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم، في أن الجزية للمجاهدين لا يشركهم فيها
غيرهم (3). وإذا ثبت ذلك ثبت في الكل، لأن الصلح أيضا جزية عندنا.
فأما الأعشار، فإنه يصرف في مصالح المسلمين، لأنه لا دليل على تخصيص
شئ منه به دون شئ.
مسألة 43: المرابطون للجهاد والمطوعة لهم سهم من الصدقة والغنيمة معا.
وقال الشافعي: المطوعة لهم سهم في الصدقات، وليس لهم سهم في الفئ،
والفئ للمرابطين خاصة (4).
دليلنا: عموم قوله تعالى: (وفي سبيل الله) (5) ويتناول ذلك المقاتلة

(1) من لا يحضره الفقيه 2: 22 حديث 79، والخصال 1: 324 حديث 12، والمقنع: 53، والتهذيب،
4: 125 و 126 حديث 360 و 364.
(2) الأم 4: 153 و 154، وكفاية الأخيار 2: 132، والمجموع 19: 376، وبداية المجتهد 1: 393.
(3) الكافي 3: 568 حديث 6، والمقنعة: 45، والتهذيب 4: 136 حديث 380.
(4) الأم 4: 155، وكفاية الأخيار 1: 124، والمجموع 19: 382.
(5) التوبة: 60.
218

والمرابطين، فوجب حملها على عمومها.
مسألة 44: لا يفضل الناس في العطايا بشرف، أو سابقة، أو زهد، أو
علم. وبه قال علي - عليه السلام - فإنه سوى بين الناس، وأسقط العبيد (1). وبه
قال أبو بكر، فإنه سوى بين الناس وترك التفضيل، وكان يعطي العبيد، وكان
عمر يفضل الناس على شرفهم وهجرتهم، ويسقط العبيد (2).
دليلنا: أن الاسم يتناول الجميع، وكونهم مقاتلين ومرابطين اشتركوا فيه،
فلا ينبغي تفضيل بعضهم على بعض، لأن تفضيل بعضهم على بعض يحتاج إلى
دليل.
مسألة 45: إذا مات المجاهد أو قتل وخلف ورثة وامرأة فإنه ينفق
عليهم إلى أن يبلغوا من المصالح، وهو أحد قولي الشافعي.
والثاني: أنهم لا يعطون شيئا، لأنهم أتباع لغيرهم، فإذا سقط بموته سقط
هؤلاء (3).
دليلنا: أن هذا من المصالح، فوجب أن يعطوا منه، وإنما قلنا أنه من
المصالح لأن المجاهد متى علم أنه إن قتل أو مات أنفق على ورثته كان أنشط
للجهاد.
وروى الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، أن عمر بن الخطاب
قال: ما من أحد إلا وله في هذا المال حق، إلا ما ملكت أيمانكم أعطيه أو
أمنعه (4).

(1) الأم 4: 148 و 155، والمجموع 19: 384 و 385، والمغني لابن قدامة 7: 309.
(2) الأم 4: 148 و 155، والمجموع 19: 384 و 385، والمغني لابن قدامة 7: 309.
(3) المجموع 19: 382، ومغني المحتاج 3: 103، والسراج الوهاج: 354، والشرح الكبير 10: 515.
(4) رواه الشافعي في الأم 4: 155، والبيهقي في سننه الكبرى 6: 351 و 352، وابن رشد في بداية المجتهد
1: 379.
219

كتاب قسمة الصدقات
221

مسألة 1: الكفار عندنا مخاطبون بالعبادات: الصلاة، والزكاة، والصوم
والحج. وبه قال أكثر أصحاب الشافعي (1).
وقال شذاذ منهم واختاره الإسفراييني: أنه ليسوا مخاطبين بالعبادات إلا بعد
أن يسلموا (2). وبه قال أهل العراق (3).
دليلنا: ما قلناه في أصول الفقه (4)، وإنما ذكرنا هذا الخلاف هاهنا لأن أبا
حامد ذكره في تعليقه في هذا الموضع، وإلا فموضع هذا كتاب أصول الفقه
لا فروعه.
ويدل عليه قوله تعالى: " ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم
نك نطعم المسكين " (5). وقال: " فلا صدق ولا صلى ولكن كذب
وتولى " (6) فذمهم على ترك الصلاة وترك الزكاة. واستوفينا هذه المسألة
هناك، فلا وجه للتطويل بذكرها.
مسألة 2: لا يجوز أن يعطى شئ من الزكاة إلا المسلمين العارفين بالحق.

(1) المجموع 3: 4، وعمدة القاري 8: 236، والبحر الزخار 3: 139.
(2) عمدة القاري 8: 236، وكفاية الأخيار 1: 106.
(3) المبسوط 1: 116، وبدائع الصنائع 2: 4 و 69، والفتاوى الهندية 1: 51، المحلى 5: 201.
(4) عدة الأصول: 76 من الطبعة الحجرية (الفصل 16).
(5) المدثر: 42 و 44.
(6) القيامة: 31 و 32.
223

ولا يعطى الكفار لا زكاة المال، ولا زكاة الفطرة، ولا الكفارات.
وقال الشافعي: لا يدفع شئ منها إلى أهل الذمة (1). وبه قال مالك،
والليث بن سعد، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور (2).
وقال ابن شبرمة: يجوز أن يدفع إليهم الزكوات: زكاة الفطر، وزكاة
الأموال (3).
وقال أبو حنيفة: لا تدفع إليهم زكاة الأموال، ويجوز أن يدفع إليهم زكاة
الفطرة (4) والكفارات.
دليلنا إجماع الفرقة، وأيضا فقد اشتغلت الذمة بالزكاة بلا خلاف، وإذا
أعطى لغير المسلم لم تبرأ ذمته بيقين.
مسألة 3: الظاهر من مذهب أصحابنا أن زكاة الأموال لا تعطى إلا
للعدول من أهل الولاية دون الفساق منهم.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا إذا أعطي الفاسق برئت ذمته (5)،
وبه قال قوم من أصحابنا (6).

(1) كفاية الأخيار 1: 122، والوجيز 1: 293، المجموع 6: 228، وأحكام القرآن للجصاص 3: 135،
والمغني لابن قدامة 2: 710، والشرح الكبير 2: 708، وشرح فتح القدير 2: 19، وبداية المجتهد
1: 273، ورحمة الأمة 1: 111.
(2) المدونة الكبرى 1: 298، وأحكام القرآن للجصاص 3: 135، والمغني لابن قدامة 2: 710، وبداية
المجتهد 1: 273.
(3) رحمة الأمة في اختلاف الأئمة 1: 111، والميزان الكبرى 2: 15.
(4) اللباب 1: 156 وبدائع الصنائع 2: 49، وشرح فتح القدير 2: 19، وتبيين الحقائق 1: 300،
والأحكام السلطانية 1: 124، والفتاوى الهندية 1: 188، والمغني لابن قدامة 2: 710، والمجموع
6: 228، وبداية المجتهد 1: 273، ورحمة الأمة 1: 111، والميزان الكبرى 2: 15.
(5) انظر فتح العلي المالك 1: 162، والانتصار للسيد المرتضى: 82.
(6) نسب هذا القول إلى علي بن بابويه العلامة الحلي في المختلف، كتاب الزكاة ص 11.
224

دليلنا: طريقة الاحتياط، لأنه إذا أعطاها العدل برئت ذمته بلا خلاف.
وإذا أعطاها لغير عدل لم تبرأ ذمته بيقين.
مسألة 4: الأموال الباطنة لا خلاف أنه لا يجب دفع زكاتها إلى الإمام،
وصاحب المال بالخيار بين أن يعطيها الإمام، وبين أن يؤديها بنفسه.
وأما الظاهرة فعندنا يجوز أن يخرجها بنفسه، ومن أخرجها بنفسه فقد سقط
عنه فرضها، ولم يجب عليه الإعادة. وبه قال الشافعي في الجديد (1)، وبه قال
الحسن البصري، وسعيد بن جبير (2). إلا أن عندنا متى طلب الإمام ذلك
وجب دفعه إليه، وإن لم يدفعه وفرقه لم يجزه. وبه قال الشافعي أيضا (3).
وقال في القديم: يجب دفعها إلى الإمام، فإن تولاه بنفسه كان عليه
الإعادة (4). وبه قال أبو حنيفة، ومالك (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأنه متى أخرجها بنفسه فقد امتثل الآية، ومن قال:
لا يجزيه فعليه الدلالة.
ويدل عليه أيضا قوله تعالى: " إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها
وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم " (6) وأما الذي يدل على وجوب الدفع إذا طلبه
الإمام قوله تعالى: " خذ من أموالهم صدقة " (7) فأمره بالأخذ، وأمره على

(1) المجموع 6: 162، ومغني المحتاج 1: 413، والسراج الوهاج: 134، والمغني لابن قدامة 2: 506،
والشرح الكبير 2: 671.
(2) المغني لابن قدامة 2: 505.
(3) المجموع 6: 162 و 166، والبحر الزخار 3: 190.
(4) المجموع 6: 162، ومغني المحتاج 1: 413، والسراج الوهاج: 133 و 134، والبحر الزخار 3: 190.
(5) المبسوط 2: 162، وبدائع الصنائع 2: 44، والمدونة الكبرى 1: 285، وأسهل المدارك 1: 373 و
374، والمغني لابن قدامة 2: 506، والشرح الكبير 2: 672، والبحر الزخار 3: 190.
(6) البقرة: 271.
(7) التوبة: 103.
225

الوجوب، فوجب أن يلزم الدفع.
مسألة 5: إذا أخذ الإمام صدقة الأموال، يستحب له أن يدعو لصاحبها،
وليس بواجب عليه ذلك. وبه قال جميع الفقهاء (1) إلا داود، فإنه قال: ذلك
واجب عليه (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب ذلك عليه يحتاج إلى دليل. وقوله
تعالى: " وصل عليهم " (3) محمول على الاستحباب الذي ذكرناه.
مسألة 6: صدقة الفطرة تصرف إلى أهل صدقة الأموال من الأصناف
الثمانية، وبه قال جميع الفقهاء (4).
وقال الإصطخري من أصحاب الشافعي: يختص بها الفقير (5).
دليلنا قوله تعالى: " إنما الصدقات للفقراء " (6) الآية، وذلك عام في
صدقة الأموال وصدقة الفطرة، لأن الكل يسمى صدقة.
مسألة 7: الأصناف الثمانية محل الزكاة، ولا يلزم تفرقة الزكاة على كل
فريق منهم بالسوية، بل لو وضع في واحد من الأصناف كان جائزا، وكذلك
لو أعطى جميع زكاته لواحد من هذه الأصناف كان جائزا. وبه قال الحسن

(1) الأم 2: 82، والمجموع 6: 171، ومختصر المزني: 53 و 155، وفتح العزيز 5: 529، والمغني لابن قدامة
2: 508، والأحكام السلطانية للماوردي: 120، والأحكام السلطانية للفراء الحنبلي: 129، ونيل
الأوطار 4: 217، والشرح الكبير 2: 675.
(2) المجموع 6: 171.
(3) التوبة: 103.
(4) الأم: 2: 71، والمجموع 6: 185، والمدونة الكبرى 1: 296، وبداية المجتهد 1: 273، والمبسوط 3: 8،
والمغني لابن قدامة 2: 709، والشرح الكبير 2: 685، والمحلى 6: 143، ورحمة الأمة 1: 108،
والميزان الكبرى 2: 12 و 13.
(5) المجموع 6: 185، ورحمة الأمة 1: 108، والميزان الكبرى 2: 13.
(6) التوبة: 60.
226

البصري، والشعبي، ومالك، وأبو حنيفة وأصحابه (1). إلا مالكا يقول:
يخص بها أمسهم حاجة (2). وأبو حنيفة يقول: يجوز أن يدفع إلى أي صنف
شاء (3).
وقال الشافعي: يجب تفريقها على من يوجد منهم، ولا يخص بها صنف
منهم دون آخر وسوى بين الأصناف، ولا يفضل بعضهم على بعض، وأقل
ما يعطى من كل صنف ثلاثة فصاعدا سوى بينهم، فإن أعطي اثنين ضمن
نصيب الثالث. وكم يضمن؟ فيه وجهان:
أحدهما: الثلث.
والآخر: جزء واحد قدر الأجزاء (4). وبه قال عمر بن عبد العزيز،
والزهري، وعكرمة (5).
وقال النخعي: إن كانت الصدقة كثيرة وجب صرفها إلى الأصناف
الثمانية كلهم، وإن كانت قليلة جاز دفعها إلى صنف واحد (6).

(1) المدونة الكبرى 1: 295 و 296، وفتح الرحيم 1: 129، وأسهل المدارك 1: 410، واللباب 1: 154،
وشرح فتح القدير 2: 14، ورحمة الأمة 1: 109، والأحكام السلطانية للماوردي: 132، والميزان
الكبرى 2: 13، ونيل الأوطار 4: 239.
(2) المدونة الكبرى 1: 297، وأسهل المدارك 1: 410 و 411، والمجموع 6: 186، والشرح الكبير
2: 705، ونيل الأوطار 4: 239.
(3) اللباب 1: 156، وبدائع الصنائع 2: 46، والفتاوى الهندية 1: 188، والمجموع 6: 186، ونيل
الأوطار 4: 239.
(4) الأم 2: 90 و 91، ومختصر المزني: 155، والسراج الوهاج: 357، ومغني المحتاج 3: 116 و 117،
والمجموع 6: 185 و 186 و 216، والمحلى 6: 146، والمغني لابن قدامة 2: 528، والشرح الكبير
2: 507، بدائع الصنائع 2: 46، ورحمة الأمة 1: 109، والميزان الكبرى 2: 13، والبحر الزخار
3: 183.
(5) المجموع 6: 186، والشرح الكبير 2: 705.
(6) المحلى 6: 144، والمغني لابن قدامة 2: 528، والشرح الكبير 2: 705، والمجموع 6: 186.
227

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، والآية محمولة على أن الثمانية أصناف
محل الزكاة، لا أنه يجب دفعها إليهم (2). بدلالة أنه لو كان كذلك لوجب
التسوية بين كل صنف، وتفرق في جميع الأصناف، وذلك باطل بالاتفاق،
والشافعي أجاز أن يفرق على ثلاثة من كل صنف، فقد ترك عموم الآية.
مسألة 8: لا يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد مع وجود المستحق لها في البلد،
فإن نقلها والحال على ما قلناه كان ضامنا إن هلك، وإن لم يهلك أجزأه، وإن
لم يجد في البلد مستحقا، لم يكن عليه ضمان.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: متى نقل إلى بلد آخر أجزأه، ولم يفصل (3). وبه قال أبو حنيفة
وأصحابه (4).
والثاني: لا يجزيه، وعليه الإعادة (5). وبه قال عمر بن عبد العزيز، وسعيد
ابن جبير، والنخعي، ومالك، والثوري (6).

(1) الكافي 3: 496 حديث 1، والتهذيب 4: 49 حديث 128.
(2) إشارة إلى الآية 60 من سورة التوبة.
(3) مختصر المزني: 159، وكفاية الأخيار 1: 125، مغني المحتاج 3: 118، والوجيز 1: 295، والسراج
الوهاج: 358، وأحكام القرآن للجصاص 3: 137، وعمدة القاري 9: 92، وفتح الباري 3: 357،
ورحمة الأمة 1: 111، والميزان الكبرى 2: 15، والمجموع 6: 221.
(4) المبسوط 2: 180، وأحكام القرآن للجصاص 3: 137، وعمدة القاري 9: 92، والمجموع 6: 220،
والسراج الوهاج: 358، ورحمة الأمة 1: 111، والميزان الكبرى 2: 15.
(5) الأم 2: 81 و 83، وكفاية الأخيار 1: 125، والوجيز 1: 295، والمجموع 6: 220 و 221، والسراج
الوهاج: 358، ومغني المحتاج 3: 118، وعمدة القاري 9: 92، وفتح الباري 3: 357، ورحمة الأمة
1: 111، والميزان الكبرى 2: 15.
(6) أسهل المدارك 1: 411، وفتح الرحيم 1: 129، والمغني لابن قدامة 2: 531، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 136، وعمدة القاري 9: 92، والمجموع 6: 221.
228

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا قوله تعالى: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " (2) ولم يفصل بين
أن يكونوا من أهل البلد وغيرهم.
والخبر الذي يروى أن أمير المؤمنين - عليه السلام - قال لساعيه: " إذا أخذت
المال إحدره إلينا، لنضعه حيث أمر الله تعالى به " (3) وذلك يدل على جواز
النقل (4).
مسألة 9: إذا أعطى الصدقة الغارمين والمكاتبين لا اعتراض عليهم فيما
يفعلون به.
وقال الشافعي: يراعى ذلك، فإن صرفوه في قضاء الدين ومال الكتابة
وإلا استرجعت منهم (5).
دليلنا: أن استحقاقهم ثابت بالآية (6)، وإذا سلم إليهم فقد أخذوا
ما استحقوه بالآية. وجواز استرجاع ذلك منهم يحتاج إلى دليل.
مسألة 10: الفقير أسوأ حالا من المسكين، لأن الفقير: هو الذي لا شئ له،
أو معه شئ يسير لا يعتد به. والمسكين: الذي له شئ فوق ذلك، غير أنه
لا يكفيه لحاجته ومؤنته. وبما قلناه قال الشافعي، وجماعة من أهل اللغة (7).

(1) الكافي 3: 553 حديث 1 و 7، ومن لا يحضره الفقيه 2: 15 حديث 21، والتهذيب 4: 47 حديث
125.
(2) التوبة: 60.
(3) التهذيب 4: 97 قطعة من الحديث 274.
(4) تقدم نحو هذه المسألة في كتاب الزكاة مسألة 26 فلاحظ.
(5) الأم 2: 72 و 73، والوجيز 1: 294، ومغني المحتاج 3: 115، والسراج الوهاج: 357، والمجموع
6: 206، وعمدة القاري 8: 44.
(6) التوبة: 60.
(7) الأم 2: 71، والوجيز 1: 292، وكفاية الأخيار 1: 121، ومغني المحتاج 3: 106 و 108، والسراج
الوهاج: 355، والمجموع 6: 189 و 195، والشرح الكبير 2: 685، ونيل الأوطار 4: 223، وسبل
السلام 4: 223، ولسان العرب 13: 214، ورحمة الأمة 1: 109.
229

وقال أبو حنيفة وأصحابه: المسكين أسوأ حالا من الفقير. فالمسكين عنده
على صفة الفقير عندنا. والفقير على صفة المسكين. وبهذا قال الفراء، وجماعة من
أهل اللغة (1).
دليلنا: قوله تعالى: " أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر " (2)
فسماهم مساكين مع أنهم يملكون سفينة بحرية، وذلك يدل على ما قلناه، ولأن
الله تعالى بدأ في آية الصدقة بالفقراء ومن شأن العرب أن يبتدئ بالأهم.
مسألة 11: الاستغناء بالكسب يقوم مقام الاستغناء بالمال في حرمان
الصدقة، فإذا كان رجل جلد مكتسب يكسب ما يحتاج إليه لنفقته ونفقة عياله
حرمت عليه الصدقة. وبه قال الشافعي (3)، وفي الصحابة: عبد الله بن عمرو
ابن العاص. وفي الفقهاء أبو ثور، وإسحاق (4).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: الصدقة لا تحرم على المكتسب، وإنما تحرم على
من يملك نصابا من المال الذي يجب فيه الزكاة، أو قدر النصاب من المال الذي لا يجب فيه الزكاة (5).
وقال محمد: أكره دفع الصدقة إلى المكتسب، إلا أنه يجزي. وبه قال قوم
من أصحابنا (6).

(1) اللباب 1: 155، وشرح فتح القدير 2: 15، والفتاوى الهندية 1: 187، وتبيين الحقائق 1: 296،
والشرح الكبير 2: 685، وتفسير القرطبي 8: 169، ونيل الأوطار 4: 223، ورحمة الأمة 1: 109.
(2) الكهف: 79.
(3) الأم 2: 71 و 74 وكفاية الأخيار 1: 121، ومختصر المزني: 156 و 159، والسراج الوهاج: 355،
والمجموع 6: 190، والمغني لابن قدامة 2: 523، وتفسير القرطبي 8: 172.
(4) المغني لابن قدامة 2: 523.
(5) اللباب 1: 158، وبداية المجتهد 1: 267، والمغني لابن قدامة 2: 523، والشرح الكبير 2: 689، ورحمة
الأمة 1: 111، والميزان الكبرى 2: 15.
(6) حكاه العلامة الحلي في المختلف في كتاب الزكاة ص 14 عن الخلاف ولم يشر إلى قائله.
230

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1). وطريقة الاحتياط لبراءة الذمة، لأنه
متى أعطاها لمكتسب قادر على تحصيل ما يقوم به وبعياله لم تبرأ ذمته بيقين.
وروي عن النبي - صلى الله عليه وآله - أنه قال: " لاحظ فيها
لغني ولا لقوي مكتسب " (2).
وفي أحاديث أصحابنا: " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي " (3).
مسألة 12: إذا طلب من ظاهره القوة والفقر، ولا يعلم أنه قادر على
التكسب، أعطي من الزكاة بلا يمين.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: أنه يطالب بالبينة على ذلك (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 13: لا يجوز لأحد من ذوي القربى أن يكون عاملا في الصدقات،
لأن الزكاة محرمة عليهم. وبه قال الشافعي وأكثر أصحابه (5).

(1) انظر الكافي 3: 560 563، والتهذيب 4: 48 باب 12.
(2) سنن النسائي 5: 100، وسنن أبي داود 2: 118 حديث 1633، ومسند أحمد بن حنبل 4: 224
و 5: 362 ورواه الشافعي في أمه 2: 73، والجصاص في أحكام القرآن 3: 130، والنووي في المجموع
6: 228.
(3) الكافي 3: 563 حديث 12، والتهذيب 4: 51 حديث 130، وسنن الدارمي 1: 386، وسنن
الترمذي 3: 42 حديث 652 وسنن أبي داود 2: 118 حديث 1634، وسنن النسائي 5: 99،
وسنن ابن ماجة 1: 589 حديث 1839، ومسند أحمد بن حنبل 2: 164 و 192 و 377 و 389.
(4) الأم 2: 73، والمجموع 6: 195، والسراج الوهاج: 356، ومغني المحتاج 3: 113.
(5) الأم 2: 81، ومختصر المزني: 159، والمجموع 6: 167 و 168، وأحكام القرآن للجصاص 3: 132،
وفتح الباري 3: 357، والمغني لابن قدامة 7: 318، والشرح الكبير 2: 691، ونيل الأوطار
4: 231، والبحر الزخار 3: 184، ورحمة الأمة 1: 110، الميزان الكبرى 2: 14.
231

وفي أصحابه من قال: يجوز ذلك، لأن ما يأخذه على جهة المعاوضة
كالإجارات (1).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: روي أن الفضل بن عباس، والمطلب بن
ربيعة (2) سألا النبي - صلى الله عليه وآله - أن يوليها العمالة، فقال لها: " أن
الصدقة أوساخ أيدي الناس، وأنها لا تحل لمحمد وآل محمد " (3).
مسألة 14: تحل الصدقة لآل محمد - عليهم السلام - عند فوت خمسهم، أو
الحيلولة بينهم وبين ما يستحقونه من الخمس. وبه قال الإصطخري من أصحاب
الشافعي (4). وقال الباقون من أصحابه أنها لا تحل لهم، لأنها إنما حرمت عليهم
تشريفا لهم وتعظيما، وذلك حاصل مع منعهم الخمس (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (6). وأيضا قوله تعالى: " إنما الصدقات
للفقراء والمساكين " (7) الآية، وإنما أخرجناهم في حال توسعتهم إلى الخمس
بدليل.
مسألة 15: موالي آل محمد لا تحرم عليهم الصدقة. وبه قال الشافعي وأكثر

(1) حكاه ابن قدامة في المغني 2: 519 عن الخرقي، وانظر الشرح الكبير 2: 691، والمجموع 6: 167 و
168 و 227، ونيل الأوطار 4: 232 و 237، وتفسير القرطبي 8: 178.
(2) عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي، وقيل: اسمه
المطلب. سكن المدينة أيام رسول الله - صلى الله عليه وآله - ثم انتقل إلى الشام ونزل دمشق، ومات بها
سنة إحدى وستين للهجرة، وصلى عليه معاوية بن أبي سفيان. أسد الغابة 3: 331.
(3) صحيح مسلم 2: 754 ذيل الحديث 168، والموطأ 2: 100 حديث 13، وسنن النسائي 5: 106،
ومسند أحمد بن حنبل 4: 166، والمحلى 6: 146، والمغني لابن قدامة 2: 519، وكفاية الأخيار
1: 124، والمجموع 6: 227، وسبل السلام 4: 231، وتبيين الحقائق 1: 303.
(4) المجموع 6: 227، وعمدة القاري 9: 81، ونيل الأوطار 4: 241.
(5) الأم 2: 81، والمجموع 6: 227.
(6) التهذيب 4: 59 حديث 159 و 161، والاستبصار 2: 36 حديث 110 و 111.
(7) التوبة: 60.
232

أصحابه (1).
ومنهم من قال: تحرم عليهم (2)، لقوله صلى الله عليه وآله: " مولى القوم
منهم " (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وعموم الأخبار، وقوله تعالى: " إنما الصدقات للفقراء
والمساكين " (4) الآية، ومن ادعى إخراجهم من الآية فعليه الدلالة.
مسألة 16: سهم المؤلفة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وهم
كانوا قوما من المشركين يتألفهم النبي صلى الله عليه وآله ليقاتلوا معه - وسقط ذلك
بعد النبي صلى الله عليه وآله، ولا تعرف مؤلفة الإسلام.
وقال أبو حنيفة، ومالك: سهم المؤلفة يسقط بعد النبي صلى الله عليه وآله (5).
وقال الشافعي: المؤلفة على ضربين: مؤلفة الشرك، ومؤلفة الإسلام.
ومؤلفة الشرك على ضربين، ومؤلفة الإسلام على أربعة أضرب. وهل يسقطون
أم لا؟ على قولين:
أحدهما: يسقطون (6).

(1) كفاية الأخيار 1: 124، والسراج الوهاج: 356، والمجموع 6: 227، ومغني المحتاج 3: 112، وعمدة
القاري 9: 87، والشرح الكبير 2: 709، ورحمة الأمة 1: 113، والميزان الكبرى 2: 17.
(2) المجموع 6: 227، وكفاية الأخيار 1: 124، وعمدة القاري 9: 87، ورحمة الأمة 1: 113، الميزان
الكبرى 2: 17، والبحر الزخار 3: 185.
(3) سنن النسائي 5: 107، ورواه ابن حزم في المحلى 6: 147، وهو قطعة من الحديث وتمامه:
" إن الصدقة لا تحل لنا وأن مولى القوم منهم ".
(4) التوبة: 60.
(5) المبسوط 3: 9، واللباب 1: 154، وشرح فتح القدير 2: 14، والمدونة الكبرى 1: 297، وبداية المجتهد
1: 266، وأسهل المدارك 1: 409، والمغني لابن قدامة 7: 319 320، ورحمة الأمة 1: 109،
الميزان الكبرى 2: 13، والشرح الكبير 2: 693، ونيل الأوطار 4: 234.
(6) مختصر المزني: 156، وكفاية الأخيار 1: 122، والمجموع 6: 197، والشرح الكبير 2: 693، والميزان
الكبرى 2: 13، ورحمة الأمة 1: 109.
233

والآخر: لا يسقطون (1).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: فإن إثبات ما قاله يحتاج إلى دليل.
مسألة 17: سهم الرقاب يدخل فيه المكاتبون والعبيد إذا كانوا في شدة،
يشترون من مال الصدقة ويعتقون.
وقال الشافعي: الرقاب هم المكاتبون إذا كانوا جيران الصدقات
فقط (2).
وروي ذلك عن علي عليه السلام (3). وفي التابعين: سعيد بن حبير،
والنخعي (4). وفي الفقهاء: الليث، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (5).
وقال قوم: إن الرقاب هم العبيد فحسب، يشترون ويعتقون من سهم
الصدقات. ذهب إليه ابن عباس، والحسن، ومالك، وأحمد (6).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: قوله تعالى: " وفي الرقاب " (7) وذلك عام في
الجميع.

(1) مختصر المزني: 156، وكفاية الأخيار 1: 122، والمجموع 6: 197، ورحمة الأمة 1: 109، والميزان
الكبرى 2: 13.
(2) الأم 2: 72، وكفاية الأخيار 1: 123، والسراج الوهاج: 355، والمجموع 6: 200، وعمدة القاري
9: 44، وفتح الباري 3: 332، وبداية المجتهد 1: 268، والأحكام السلطانية للماوردي: 123،
ورحمة الأمة 1: 110، والميزان الكبرى 2: 14، ونيل الأوطار 4: 234.
(3) المجموع 6: 200، ونيل الأوطار 4: 234.
(4) المجموع 6: 200، وعمدة القاري 9: 44، ونيل الأوطار 4: 234.
(5) المبسوط 3: 9، وعمدة القاري 9: 44، وفتح الباري 3: 332، وبدائع الصنائع 2: 45، والمجموع
6: 200، وبداية المجتهد 1: 268، والأحكام السلطانية للماوردي: 123، ونيل الأوطار 4: 234.
(6) المغني لابن قدامة 7: 321، والشرح الكبير 2: 695، والمبسوط 3: 9، وبدائع الصنائع 2: 45، وبداية
المجتهد 1: 268، وفتح الباري 3: 332، والمجموع 6: 200، والأحكام السلطانية للماوردي: 123،
ورحمة الأمة 1: 110، والميزان الكبرى 2: 14، وتبيين الحقائق 1: 297، والجامع لأحكام القرآن
8: 183.
(7) التوبة: 60.
234

مسألة 18: إذا أعطي المكاتب شيئا ليصرفه في مال كتابته: فلم يصرفه
فيه، أو تطوع إنسان عليه بمال كتابته، أو أسقط عنه مولاه ماله، فإنه لا يسترجع
منه ما أعطي. وكذلك القول في الغارم، وفي سبيل الله، وابن السبيل لا يسترجع
منهم ما يفضل من نفقتهم إذا ضيقوا على أنفسهم، أو لم ينفقوه فيما لأجله
استحقوه.
وقال الشافعي: يسترجع منهم كلهم إلا الغازي، فإنه يأخذ أجرة عمله،
فلا يسترجع منه ما يفضل من نفقته، وإن بدا له من الغزو استرجع منه
بلا خلاف (1).
دليلنا: أنه أخذه باستحقاقه، وإيجاب استرجاعه يحتاج إلى دليل، وليس
في الشرع ما يدل عليه.
مسألة 19: الغارم الذي عليه الدين وأنفقه في طاعة أو مباح، لا يعطى من
الصدقة مع الغنى.
وللشافعي فيه وجهان: أحدهما: يعطى. والآخر: لا يعطى (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا جواز إعطائه مع الفقر مجمع عليه، ولا دليل على
جواز إعطائه مع الغنى.
مسألة 20: إذا أنفقه في معصية، ثم تاب منها لا يجب أن يقضى عنه من
سهم الصدقة.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.

(1) الأم 2: 73 و 74، والمجموع 6: 202.
(2) مختصر المزني: 157، والوجيز 1: 295 و 296، والسراج الوهاج: 356، ومغني المحتاج 3: 110 و
111، والمجموع 6: 206 و 207، والشرح الكبير 2: 701، ورحمة الأمة 1: 110، والميزان الكبرى
2: 14.
235

والثاني: يقضى عنه (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وهي عامة في أنه لا يقضى عنه إذا
أنفقه في معصية، ولم يفصلوا حال التوبة من غيرها.
مسألة 21: سبيل الله يدخل فيه الغزاة في الجهاد، والحاج، وقضاء الديون
عن الأموات، وبناء القناطر، وجميع المصالح.
وقال أبو حنيفة، والشافعي، ومالك: أنه يختص المجاهدين (3).
وقال أحمد: سبيل الله هو الحج، فيصرف ثمن الصدقة في الحج (4).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: قوله تعالى: " وفي سبيل الله " (5) فإنه يدخل
فيه جميع ذلك، لأن المصالح من سبيل الله.
مسألة 22: ابن السبيل هو المجتاز دون المنشئ لسفره من بلده. وبه قال
مالك (6).
وقال أبو حنيفة، والشافعي: يدخلان جميعا فيه (7).

(1) الأم 2: 85، والوجيز 1: 293، والمجموع 6: 206.
(2) تفسير علي بن إبراهيم القمي 1: 299.
(3) الأم 2: 85، والوجيز 1: 294، ومغني المحتاج 3: 111، والسراج الوهاج: 356، والمجموع 6: 212،
واللباب 1: 155، وعمدة القاري 9: 44، وبداية المجتهد 1: 268، والمغني لابن قدامة 7: 326،
ورحمة الأمة 1: 110، والميزان الكبرى 2: 14، والأحكام السلطانية للماوردي: 123، والمبسوط
3: 10.
(4) المغني لابن قدامة 7: 327، والشرح الكبير 2: 697، والمجموع 6: 212، ورحمة الأمة 1: 110، والميزان
الكبرى 2: 14.
(5) التوبة: 60.
(6) المدونة الكبرى 1: 299، وفتح الرحيم 1: 128، والمجموع 6: 216، والشرح الكبير 2: 699،
ورحمة الأمة 1: 110، والميزان الكبرى 2: 14.
(7) الأم 2: 86، والسراج الوهاج: 356، والمجموع 6: 214 و 216، واللباب 1: 155، وشرح فتح القدير
2: 18، وبداية المجتهد 1: 268، والشرح الكبير 2: 699، ونيل الأوطار 4: 234، ورحمة الأمة
1: 110، والميزان الكبرى 2: 14.
236

دليلنا: أن من اعتبرناه مجمع على دخوله فيه، وليس على ما قالوه دليل.
مسألة 23: خمسة أصناف من أهل الصدقات لا يعطون إلا مع الفقر
بلا خلاف وهم: الفقراء، والمساكين والرقاب، والغارم في مصلحة نفسه، وابن
السبيل المنشئ لسفره.
وأما العامل يعطى مع الفقر والغنى بلا خلاف.
وعندنا: أنه يأخذ الصدقات، صدقة دون الأجرة. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يأخذه أجرة (2).
والمؤلفة سقط سهمهم عندنا، وعند أبي حنيفة (3). والغارم لمصلحة ذات
البين. والغازي لا يعطى إلا مع الحاجة عند أبي حنيفة (4). وعند الشافعي:
يعطى مع الغنى - وهو الصحيح - (5) وابن السبيل، المجتاز يعطى مع الغنى في بلده
بلا خلاف.
دليلنا: إجماع الفرقة، وعموم الآية يتناول أن يستحقوا مع الغنى والفقر (6)،
وإنما أخرجنا بعضهم بدليل.
وأما الدليل على أن سهم العامل صدقة دون الأجرة: أنه لا خلاف أن آل
الرسول صلى الله عليه وآله لا يجوز أن يتولوا الصدقة، ولو كان ذلك أجرة لجاز

(1) الأم 2: 84، وكفاية الأخيار 1: 122، وشرح فتح القدير 2: 17، والميزان الكبرى 2: 14.
(2) بدائع الصنائع 2: 44، وشرح فتح القدير 2: 16، واللباب 1: 155، وشرح العناية على الهداية
2: 16، ورحمة الأمة 109، والميزان الكبرى 2: 14.
(3) المبسوط 3: 9، واللباب 1: 154، والهداية 2: 14، وشرح فتح القدير 2: 14، وتبيين الحقائق
1: 296، وشرح العناية على الهداية 2: 14، ورحمة الأمة 1: 109، والميزان الكبرى 2: 13.
(4) المبسوط 3: 10، وعمدة القاري 9: 44.
(5) الأم 2: 73، ومختصر المزني: 157، والمجموع 6: 205 و 211 و 213، والمبسوط 3: 10، وبدائع
الصنائع 2: 46.
(6) التوبة: 60.
237

لهم أن يتولوها كسائر الإجارات.
مسألة 24: حد الغنى الذي يحرم معه الزكاة عليه أن يكون له كسب يعود
عليه بقدر كفايته لنفقته، ونفقة من تلزمه النفقة عليه، أو له عقار يعود عليه
ذلك القدر، أو مال يكتسب به ذلك القدر.
وفي أصحابنا من أحله لصاحب السبعمائة، وحرمه على صاحب الخمسين
بالشرط الذي قلناه، وذلك على حسب حاله (1). وبه قال الشافعي إلا أنه
قال: إن كان في بعض معاشه يحتاج أن يكون معه ألف دينار أو ألفا دينار
متى نقص عنه لم يكفه لاكتساب نفقته جاز له أن يأخذ الصدقة (2).
وقال قوم: من ملك خمسين درهما حرمت عليه الصدقة. روي ذلك عن
علي عليه السلام (3)، وعمر، وسعد بن أبي وقاص (4). وهو قول الثوري (5)
وأحمد (6)
وذهب أبو حنيفة إلى أن حد الغنى الذي يحرم به الصدقة، أن يملك نصابا
تجب فيه الصدقة، إما مائتي درهم، أو عشرين دينارا، أو غير ذلك من الأجناس
التي تجب فيها الزكاة. فإن كان ذلك من الأموال التي لا زكاة فيها، كالعبيد

(1) أشار إلى هذا القول أيضا السيد المرتضى علم الهدى في الناصريات في المسألة 125 من كتاب
الزكاة فلاحظ.
(2) كفاية الأخيار 1: 121، والمجموع 6: 190، ورحمة الأمة 1: 111، والميزان الكبرى 2: 15، ونيل
الأوطار 4: 226.
(3) قرب الإسناد: 52، والمحلى 6: 154، والمغني لابن قدامة 2: 522، والشرح الكبير 2: 688، والجامع
لأحكام القرآن 8: 172.
(4) المحلى 6: 154.
(5) المحلى 6: 154، والشرح الكبير 2: 688، والجامع لأحكام القرآن 8: 172، ونيل الأوطار 4: 225.
(6) المغني لابن قدامة 2: 522، ورحمة الأمة 1: 111، والميزان الكبرى 2: 15، والشرح الكبير 2: 688،
والجامع لأحكام القرآن 8: 172، ونيل الأوطار 4: 225.
238

والثياب والعقار، فإن كان محتاجا إلى ذلك لم يحرم عليه الصدقة،
وإن لم يكن محتاجا نظر فيما يفضل عن حاجته، فإن كان يبلغ قدر نصاب،
حرمت عليه الصدقة، وإن لم يبلغ حلت له (1).
وذهب قوم من أصحابنا إلى أن من ملك النصاب حرمت عليه الزكاة (2).
دليلنا على ما قلناه: أخبارنا التي ذكرناها في الكتاب الكبير (3). ولأن الله
تعالى قال: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " (4) ومن ملك ما لا يكفيه لمؤنته
ومؤنة عياله يسمى فقيرا ويسمى مسكينا.
مسألة 25: يجوز للزوجة أن تعطي زكاتها لزوجها إذا كان فقيرا، من سهم
الفقراء. وبه قال الشافعي (5).
وقال أبو حنيفة: لا يجوز (6).
دليلنا: قوله تعالى: " إنما الصدقات للفقراء " (7) وهذا فقير، وتخصيصه
يحتاج إلى دليل.

(1) الناصريات المسألة 125 من كتاب الزكاة، واللباب 1: 158، وتبيين الحقائق 1: 302، والفتاوى
الهندية 1: 188، وبداية المجتهد 1: 267، والمجموع 6: 197، والمحلى 6: 154، ورحمة الأمة 1: 111،
والميزان الكبرى 2: 15، ونيل الأوطار 4: 225.
(2) انظر مختلف الشيعة 12 من كتاب الزكاة.
(3) التهذيب 4: 51 حديث 130 و 131.
(4) التوبة: 60.
(5) المحلى 6: 152، وعمدة القاري 9: 32، والأحكام السلطانية للماوردي: 124، والشرح الكبير
2: 713، ورحمة الأمة 1: 112، والميزان الكبرى 2: 17، وتبيين الحقائق 1: 301.
(6) المبسوط 3: 11، واللباب 1: 156، وعمدة القاري 9: 32، وشرح فتح القدير 2: 22، وبدائع
الصنائع 2: 49، وتبيين الحقائق 1: 301، ورحمة الأمة 1: 112، والميزان الكبرى 2: 17، والأحكام
السلطانية للماوردي: 124، والشرح الكبير 2: 713، وسبل السلام 2: 630.
(7) التوبة: 60.
239

مسألة 26: النبي - صلى الله عليه وآله - كان يحرم عليه الصدقة المفروضة، ولا يحرم
عليه الصدقة التي يتطوع بها. وكذلك حكم آله، وهم: ولد عبد المطلب، لأن
هاشما لم يعقب إلا منه. وبه قال الشافعي (1) - أعني في صدقة التطوع - إلا أنه
أضاف إلى بني هاشم بني المطلب. وله في صدقة التطوع وجهان في النبي
خاصة دون آله.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، فإنهم لا يختلفون فيه. وقد مضت هذه
المسألة فيما مضى مستوفاة.
مسألة 27: صدقة بني هاشم بعضهم على بعض غير محرمة وإن كانت
فرضا. وخالف جميع الفقهاء في ذلك وسووا بينهم وبين غيرهم (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 28: إذا دفع صاحب المال الصدقة إلى من ظاهره الفقر ثم بان أنه
كان غنيا في الباطن لا ضمان عليه. وبه قال أبو حنيفة (5).
وللشافعي فيه قولان منصوصان:
أحدهما: لا ضمان عليه، كالإمام.
والثاني: عليه الضمان (6).

(1) الأم 2: 72 و 81، وكفاية الأخيار 1: 124، والمجموع 6: 226، وعمدة القاري 9: 80، وفتح الباري
3: 354، ونيل الأوطار 4: 241.
(2) انظرها في الكافي 4: 58، والخصال 1: 290 حديث 52، والمقنعة: 45، والتهذيب 4: 57 و 458.
(3) عمدة القاري 9: 81، وتبيين الحقائق 1: 303، ونيل الأوطار 4: 242.
(4) انظرها في الكافي 4: 59 حديث 5، ومن لا يحضره الفقيه 2: 20 ذيل الحديث 68، والمقنع: 55،
والتهذيب 4: 58 حديث 156 و 157، والاستبصار 2: 35 حديث 107 و 108.
(5) اللباب 1: 157، وعمدة القاري 8: 287، وشرح فتح القدير 2: 26، والمغني لابن قدامة 2: 527،
والشرح الكبير 2: 714.
(6) المجموع 6: 231، وعمدة القاري 8: 287، والمغني لابن قدامة 2: 527، والشرح الكبير 2: 715.
240

دليلنا: أن إيجاب ضمان ذلك يحتاج إلى دليل، والأصل براءة الذمة.
مسألة 29: إذا دفعها إلى من ظاهره الإسلام ثم بان أنه كان كافرا، أو
إلى من ظاهره الحرية فبان أنه كان عبدا، أو دفعها إلى من ظاهره أنه ليس من
آل النبي عليهم السلام ثم بان أنه كان من آله، لم يكن عليه ضمان، سواء كان
المعطي الإمام أو رب المال.
وقال أبو حنيفة: عليه الضمان في جميع ذلك (1).
وللشافعي فيه قولان (2):
فالذي عليه أكثر أصحابه أن هذه المسألة مثل الأولى.
ومنهم من قال: إنها مخالفة، فإن كان المفرق رب المال لزمه الضمان قولا
واحدا، وإن كان الإمام فعلى قولين.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء. وإنما قلنا ذلك لأن المأخوذ عليه أن
لا يعطي الصدقة إلا لمن ظاهره الفقر، والإسلام، والحرية، والبواطن لا طريق
إليها، فإذا دفعها إلى من ظاهره كذلك، فقد امتثل المأمور به، وإيجاب الضمان
عليه بعد ذلك يحتاج إلى دليل، والأصل براءة الذمة.
مسألة 30: لا يتعين أهل السهمان بالاستحقاق من أهل الصدقة، حتى لو
مات أحدهم انتقل إلى ورثته.
وقال الشافعي: إن كان البلد صغيرا أو قرية فإنهم يتعينون وقت الوجوب
حتى لو مات واحد منهم بعد الوجوب، وقبل التفرقة انتقل نصيبه إلى ورثته.
وإن غاب واحد منهم لم يسقط حقه لغيبته، وإن دخل ذلك الموضع أحد من
أهل السهمان لم يشارك من كان فيه. وإذا كان البلد كبيرا مثل بغداد

(1) شرح فتح القدير 2: 26، وشرح العناية على الهداية المطبوع في هامش شرح فتح القدير 2: 26.
(2) المجموع 6: 230 و 231، والمغني لابن قدامة 2: 527، وعمدة القاري 8: 287، والشرح الكبير
2: 715.
241

وغيرها فهم لا يتعينون باستحقاق الصدقات إلى وقت القسمة، فإذا مات واحد
منهم بعد الوجوب وقبل القسمة فلا شئ لورثته. وإن غاب سقط سهمه. وإن
دخل الموضع قوم من أهل السهمان قبل القسمة شاركوه (1).
دليلنا: قوله تعالى: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " (2) الآية، ولم يعين
قوما منهم دون قوم، فينبغي أن يحمل على جميعهم. ومن ادعى التعين فعليه
الدلالة.

(1) المجموع 6: 226.
(2) التوبة: 60.
242

كتاب النكاح
243

مسألة 1: كل امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وآله، ومات عنها، لا يحل
لأحد أن يتزوجها بلا خلاف، دخل بها أو لم يدخل (1).
وعندنا: أن حكم من فارقها النبي صلى الله عليه وآله في حياته حكم من مات
عنها، في أنها لا تحل لأحد أن يتزوجها.
وللشافعي فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مثل ما قلناه وهو ظاهر مذهبهم.
والثاني: أنها تحل لكل أحد، دخل بها أو لم يدخل بها.
والثالث: إن لم يدخل بها حلت لغيره، وإن دخل بها لم تحل
لغيره (2).
دليلنا: قوله تعالى: " ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا " (3) وذلك عام.
وقوله تعالى: " وأزواجه أمهاتهم " (4) يدل عليه أيضا، لأنه على عمومه، ولأن
بنفس العقد يصرن أمهات لنا، فلا يحل لنا أن نعقد عليهن.
مسألة 2: النكاح مستحب غير واجب للرجال والنساء. وبه قال أبو حنيفة

(1) الوجيز 2: 2، والمجموع 16: 145.
(2) المجموع 16: 145، والوجيز 2: 2.
(3) الأحزاب: 53.
(4) الأحزاب: 6.
245

وأصحابه، ومالك، والشافعي، والليث بن سعد، والأوزاعي، وكافة العلماء (1).
وقال داود: النكاح واجب، فمن قدر على طول حرة وجب عليه أن ينكح
حرة، ومن لم يقدر عليه وجب عليه أن ينكح أمة. وكذلك المرأة يجب عليها أن
تتزوج (2).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء - إلى قوله - فواحدة أو
ما ملكت أيمانكم " (3) فعلق النكاح باستطابتنا، وما هذه صورته فهو غير
واجب.
وأيضا: فإنه قال: " فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " (4) فخير بين النكاح،
وبين ملك اليمين. ومعلوم أن ملك اليمين مباح، فلو كان النكاح واجبا لما خير
بينه وبين ملك اليمين، لأن التخيير لا يكون بين واجب ومباح، وإنما يكون بين
واجبين، أو نفلين، أو مباحين.
وأيضا: فظاهر قوله عز وجل: " فواحدة أو ما ملكت أيمانكم " (5) يقتضي
أنه لو اقتصر على ملك اليمين وعدل عن النكاح جملة لكان جائزا له، لأنه قال:
هذا أو هذا.
وعند داود: أنه وإن ملك من الإماء ما ملك، فواجب عليه أن يتزوج،

(1) المبسوط 4: 193، وبدائع الصنائع 2: 228، وتبيين الحقائق 2: 95، وبداية المجتهد 2: 2، وفتح
الرحيم 2: 34، والوجيز 2: 2، ومغني المحتاج 3: 125، والسراج الوهاج: 359، وكفاية الأخيار
2: 23، والمجموع 16: 131 و 132، والمغني لابن قدامة 7: 334، والشرح الكبير 7: 335، ورحمة
الأمة 2: 26، والميزان الكبرى 2: 108.
(2) المحلى 9: 440، والمبسوط 4: 193، وبدائع الصنائع 2: 228، والمغني لابن قدامة 7: 334، والشرح
الكبير 7: 369، وبداية المجتهد 2: 2، ورحمة الأمة 2: 26، والميزان الكبرى 2: 108، وسبل السلام
3: 973، والمجموع 16: 131.
(3) النساء: 3.
(4) النساء: 3.
(5) النساء: 3.
246

ولا يجوز له العدول عنه، فلا يسقط بملك اليمين (1).
وأيضا قوله تعالى: " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات
المؤمنات - إلى قوله - وأن تصبروا خير لكم " (2) ولو كان نكاح الأمة واجبا عند
عدم طول الحرة لم يكن الصبر خيرا منه.
وعند داود يلزمه ولا يجوز أن يصبر عنه (3).
وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " خير الناس بعد المائتين الخفيف الحاذ "
فقيل: وما الخفيف الحاذ؟ فقال: " الذي لا أهل له ولا ولد " (4).
وروي أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله وسألته عن حق الزوج على
الزوجة، فبين لها ذلك، فقالت: والله لا تزوجت أبدا (5).
فلو كان النكاح واجبا لأنكر عليها ذلك حين حلفت أن لا تتزوج أبدا.
مسألة 3: يجوز النظر إلى امرأة أجنبية يريد أن يتزوجها إذا نظر إلى ما ليس
بعورة فقط. وبه قال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي (6). إلا أن عندنا، وعند
مالك، والشافعي أن ما ليس بعورة الوجه والكفان فحسب (7).

(1) بدائع الصنائع 2: 228.
(2) النساء: 25.
(3) بدائع الصنائع 2: 228.
(4) رواه ابن حزم في المحلى 9: 440 بلفظ: خيركم في المائتين الخفيف الحاذ الذي لا أهل له ولا ولد ".
(5) روى الحديث الشيخ الكليني في الكافي 5: 511 حديث 2 عن الصادق عليه السلام باختلاف يسير
في اللفظ.
(6) مختصر المزني: 163، وكفاية الأخيار 2: 29، والوجيز 2: 3، والسراج الوهاج: 360، ومغني المحتاج
3: 128، والمجموع 16: 133 و 138، وشرح معاني الآثار 3: 16، وعمدة القاري 20: 119، وفتح
الباري 9: 148، وبداية المجتهد 2: 3، وفتح الرحيم 2: 34، والمغني لابن قدامة 7: 454، والشرح
الكبير 7: 342، وفتح المعين: 99، وشرح النووي على مسلم 6: 153.
(7) مختصر المزني: 163، والوجيز 2: 3، والسراج الوهاج: 360، والمجموع 16: 133 و 138، وكفاية
الأخيار 2: 29، والبحر الزخار 4: 8، والمغني لابن قدامة 7: 454، وفتح الرحيم 2: 34، وشرح معاني
الآثار 3: 16، وفتح المعين: 99، ومغني المحتاج 3: 128، وبداية المجتهد 2: 3، والشرح الكبير
7: 343.
247

وعن أبي حنيفة روايتان:
إحداهما: مثل ما قلناه.
والثانية: والقدمان أيضا (1).
وقال المغربي (2): لا يجوز أن ينظر إليها، ولا إلى شئ منها أصلا (3).
وقال داود: ينظر إلى كل شئ من بدنها وإن تعرت (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
وأيضا: قوله تعالى: " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " (6).
وقال المفسرون: الوجه والكفان (7).
وروى جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " إذا أراد أحدكم
أن يتزوج امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها " (8) وهذا نص.
وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " إذا طرح الله في قلب

(1) بداية المجتهد 2: 3، والمجموع 16: 138.
(2) لم أقف له على ترجمة.
(3) لم أعثر على هذا القول في مظانه من الكتب المتوفرة.
(4) المحلى 10: 30 و 31، والمغني لابن قدامة 7: 453، والشرح الكبير 7: 342، وعمدة القاري
20: 119، والمجموع 16: 138، ورحمة الأمة 2: 26 والميزان الكبرى 2: 108، ونيل الأوطار
6: 240، والبحر الزخار 4: 8، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 153.
(5) الكافي 5: 365 حديث 1 - 5، والتهذيب 7: 435 باب 39 حديث 1 - 3.
(6) النور: 31.
(7) منهم ابن عباس والرازي، انظر التفسير الكبير 23: 205، والسنن الكبرى 7: 85 و 86، وتلخيص
الحبير 3: 150.
(8) المجموع 16: 138.
248

امرء خطبة امرأة فلا بأس أن يتأمل محاسن وجهها " (1).
مسألة 4: يكره للرجل أن ينظر إلى فرج امرأته، وليس بمحظور.
وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: مثل ما قلناه (2).
والآخر: أنه يحرم (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " النظر إلى فرج المرأة يورث
الطمس " (4) (5). وقيل: " العمى " فدل، على أنه مكروه.
مسألة 5: إذا ملكت المرأة فحلا، أو خصيا، أو مجبوبا لا يكون محرما لها،
ولا يجوز له أن يخلو بها، ولا يسافر معها.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، قالوا: وهو الأشبه بالمذهب.
والآخر: أنه يصير محرما (6) لقوله تعالى: " أو ما ملكت أيمانهن " (7).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (8)، وطريقة الاحتياط. وأما الآية فقد

(1) رواه النووي في المجموع 16: 138. وفي مسند أحمد بن حنبل 4: 226 عن محمد بن سلمة لفظه: " إذا
قذف الله في قلب امرء خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها ".
(2) كفاية الأخيار 2: 27، والسراج الوهاج: 361، ومغني المحتاج 3: 134، والمجموع 16: 134 و 141،
ورحمة الأمة المطبوع بهامش الميزان الكبرى 2: 26، والميزان الكبرى 2: 108.
(3) كفاية الأخيار 2: 27، والمجموع 16: 134 و 141، ورحمة الأمة 2: 26، والميزان الكبرى 2: 108.
(4) في النسخة الحجرية: الطرش.
(5) تلخيص الحبير 3: 149، وكفاية الأخيار 2: 27،
والمجموع 16: 141، وعلل الشرائع 2: 202 باب 289 في ضمن الحديث الخامس.
(6) كفاية الأخيار 2: 26 و 27، والمجموع 16: 141، ورحمة الأمة 2: 26، والميزان الكبرى 2: 108.
(7) النور: 31.
(8) انظر الكافي 5: 493 و 531 و 532 حديث 1 و 4 و 1، ومن لا يحضره الفقيه 3: 289 حديث 1373،
والتهذيب 8: 206 حديث 727.
249

روى أصحابنا أن المراد بها الإماء دون العبيد الذكران (1).
مسألة 6: إذا بلغت الحرة الرشيدة ملكت العقد على نفسها، وزالت ولاية
الأب عنها والجد، إلا إذا كانت بكرا: فإن الظاهر من روايات أصحابنا أنه
لا يجوز لها ذلك (2).
وفي أصحابنا من قال: البكر أيضا تزول ولايتهما عنها (3).
فأما غير الأب والجد فلا ولاية لأحد عليها، سواء كانت بكرا أو ثيبا.
والأمر إليها تتزوج كيف شاءت بنفسها، أو توكل في ذلك، بلا خلاف بين
أصحابنا. غير أن الأفضل لها أن ترد أمرها إلى أخيها، أو إلى ابن أخيها، أو
عمها، أو ابن عمها وليس ذلك شرطا في صحة العقد.
وقال الشافعي: إذا بلغت الحرة الرشيدة ملكت كل عقد إلا النكاح. فإنها
متى أرادت أن تتزوج افتقر نكاحها إلى الولي، وهو شرط لا ينعقد إلا به بكل
حال، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، رشيدة عاقلة أو مجنونة، بكرا كانت أو
ثيبا، نبيلة كانت أو دنية (4)، موسرة أو معسرة فإن نكاحها يفتقر إلى الولي، لا يجوز
لها أن تتزوج بنفسها.
فإن كان لها ولي مناسب مثل الأخ، أو ابن الأخ، أو العم، أو ابن العم،
أو الأب، أو الجد فهو أولى، وإن لم يكن فمولاها المعتق، فإن لم يكن فالحاكم.
والولي يملك أن يزوجها بنفسه، وأن يوكل من يزوجها من الرجال. فإن أذن لها
أن تعقد على نفسها لم يجز ذلك (5).

(1) انظر الكافي 5: 529 حديث 2.
(2) انظر الكافي 5: 391 حديث 2 و 5: 393 حديث 1، والتهذيب 7: 379 حديث 1531 و 1532
والاستبصار 3: 235 حديث 845 و 846.
(3) قاله الشيخ المفيد في أحكام النساء: 20.
(4) في النسخة الحجرية: دنية كانت أو غير دنية.
(5) الأم 5: 19، والوجيز 2: 5، والسراج الوهاج: 364، والمجموع 16: 149 و 150،
والمبسوط 5: 10، وعمدة القاري 20: 128، والمغني لابن قدامة 7: 337، وأحكام القرآن للجصاص
1: 401، والنتف 1: 267، والشرح الكبير 7: 387، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 109،
وسبل السلام 3: 992، والجامع لأحكام القرآن 3: 72.
250

وكذلك لا يجوز للمرأة أن تزوج بغير إذن وليها، ولا إذا وكلها رجل بأن
تتزوج له وتقبل النكاح فقبلته له لم ينعقد.
وجملته: أنه لا ولاية للنساء في مباشرة عقد النكاح، ولا وكالة. وبه قال
عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة. ورووه عن علي عليه
السلام، وبه قال سعيد بن مسيب، والحسن البصري وفي الفقهاء: ابن أبي
ليلى، وابن شبرمة، وأحمد، وإسحاق (1).
وقال أبو حنيفة: إذا بلغت المرأة الرشيدة فقد زالت ولاية الولي عنها، كما
زالت عن مالها، ولا يفتقر نكاحها إلى إذنه، بل لها أن تتزوج وتقعد على نفسها.
فإذا تزوجت نظرت، فإن وضعت نفسها في كفو لزم، وليس للولي سبيل إليها.
وإن وضعت نفسها في غير كفو كان للولي أن يفسخ. فخالف الشافعي في
فصلين.
أحدهما: أن الولي ليس بشرط عنده في النكاح، ولا يفتقر إلى إذنه.
والثاني: أن للمرأة أن تباشر عقد النكاح بنفسها عنده (2).

(1) الأم 5: 19، والمجموع 16: 148 و 149، وأحكام القرآن للجصاص 1: 401، والمغني لابن قدامة
7: 337، والشرح الكبير 7: 387، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 109، وسبل السلام
3: 992، والجامع لأحكام القرآن 3: 72.
(2) الوجيز 2: 5، والمجموع 16: 149، وأحكام القرآن للجصاص 1: 401، والمبسوط 5: 10، واللباب
2: 189 و 193، وعمدة القاري 20: 128، والنتف 1: 267 و 273، وشرح فتح القدير 2: 391،
والهداية 2: 391، والمحلى 9: 455، وبداية المجتهد 2: 8، والمغني لابن قدامة 7: 337، والشرح الكبير
7: 387، والبحر الزخار 4: 24، والميزان الكبرى 2: 109، ورحمة الأمة 2: 27، وسبل السلام
3: 988 و 992.
251

وقال أبو يوسف، ومحمد: النكاح يفتقر إلى إذن الولي، لكنه ليس بشرط
فيه، بحيث لا ينعقد إلا به، بل إن تزوجت بنفسها صح. فإن وضعت نفسها في
غير كفو كان له الاعتراض والفسخ. وإن وضعت نفسها في كفو وجب عليه
أن يجيزه، فإن فعل وإلا أجازه الحاكم (1).
وقال مالك: إن كانت عربية ونسيبة فنكاحها يفتقر إلى الولي، ولا ينعقد
إلا به. وإن كانت معتقة دنية لم يفتقر إليه (2).
وقال داود: إن كانت بكرا فنكاحها لا ينعقد إلا بولي. وإن كانت ثيبا لم
يفتقر إلى ولي (3).
وقال أبو ثور: لا يجوز إلا بولي، لكن إذا أذن لها الولي فعقدت على نفسها
جاز. فخالف الشافعي في هذا (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
وأيضا قوله تعالى: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا
غيره " (6) وقال تعالى: " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " (7) فأضاف

(1) المبسوط 5: 10، واللباب 2: 189، وشرح فتح القدير 2: 157، وأحكام القرآن للجصاص 1: 401،
وعمدة القاري 20: 128، والنتف 1: 267 و 273، والمحلى 9: 455 و 456، والمجموع 16: 149،
والميزان الكبرى 2: 109، والبحر الزخار 4: 24.
(2) المدونة الكبرى 2: 166، وبداية المجتهد 2: 8، وأحكام القرآن للجصاص 1: 401، والمحلى 9: 455،
والمجموع 16: 149، وسبل السلام 3: 988 و 992، ورحمة الأمة 2: 27، والبحر الزخار 4: 24،
والميزان الكبرى 2: 109.
(3) المحلى 9: 458 و 459، وبداية المجتهد 2: 8، والمبسوط 5: 10، والمجموع 16: 149، والبحر الزخار
4: 24، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 109، وسبل السلام 3: 988.
(4) المجموع 16: 149، والمحلى 9: 455، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 109، والبحر الزخار
4: 24، وسبل السلام 3: 988.
(5) الكافي 5: 394 حديث 8، والتهذيب 7: 377 باب 32، والاستبصار 3: 232 باب 143.
(6) البقرة: 230.
(7) البقرة: 232.
252

النكاح إليهن.
وروي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الأيم أحق
بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها " (1). والأيم: التي لا زوج لها، وهو عام.
وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ليس للولي مع
الثيب أمر " (2) وهذا نص.
وإجماع الفرقة منعقد في خبر الثيب وفي البكر فيمن عدا الأب والجد،
لا يختلفون فيه.
مسألة 7: قد بينا أن النكاح بغير الولي جائز صحيح، وليس على الزوج إذا
وطأها شئ.
واختلف أصحاب الشافعي فيمن وطأها، هل يجب عليه الحد أم لا؟ فقال
أكثرهم: أنه لا حد عليه، سواء كان عالما بذلك أو لم يكن عالما، وسواء كان
حنفيا يعتقد إباحته أو شافعيا يعتقد تحريمه، لأن هذا شبهة (3).
وقال أبو بكر الصيرفي: إن كان عالما يعتقد تحريمه وجب عليه الحد (4).
دليلنا: ما قدمناه من أن هذا عقد صحيح، ولو كان فاسدا لما وجب عليه
أيضا الحد، لقوله صلى الله عليه وآله: " ادرأوا الحدود بالشبهات " (5) وهذه شبهة، لأنه

(1) سنن أبي داود 2: 232 حديث 2098، وسنن الدارمي 2: 138، وسنن النسائي 6: 84، وسنن ابن
ماجة 1: 601 حديث 1870 وفي بعضها اختلاف يسير في اللفظ فلاحظ.
(2) سنن أبي داود 2: 233 حديث 2100، والسنن النسائي 6: 85، ومسند أحمد بن حنبل 1: 334.
(3) مختصر المزني: 163، والسراح الوهاج: 364، ومغني المحتاج 3: 148، والوجيز 2: 5، والمجموع 16: 146
و 153، وتبيين الحقائق 2: 117.
(4) المجموع 16: 146 و 152، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 109.
(5) من لا يحضره الفقيه 4: 53 حديث 190، ونقله السيوطي في الجامع الصغير 1: 52 حديث 314 عن
ابن عدي في جزء له من حديث أهل مصر والجزيرة، وعن أبي مسلم الكجي وابن السمعاني. انظر
تفصيل ذلك في فيض القدير للمناوي 1: 227.
253

عقد مختلف فيه.
مسألة 8: إذا نكح بغير ولي ثم طلقها فطلاقه واقع. فإن كانت التطليقة
ثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
وقال الشافعي: وأكثر أصحابه - نص عليه في كتاب الرجعة -: أنه لا يقع
طلاقه، وإن كان ثلاثا حل له نكاحها قبل الزوج الآخر (1).
وقال أبو إسحاق: يقع الطلاق احتياطا (2).
وقال ابن أبي هريرة: من أجاز الطلاق أجاز النكاح، ومن منعه منع
الطلاق.
وقال أحمد: الطلاق يقع في النكاح الفاسد (3).
دليلنا: أنا قد بينا أن هذا عقد صحيح، فإذا ثبت ذلك صح الطلاق، لأن
أحدا لا يفرق.
مسألة 9: إذا أوصى إلى غيره بأن يزوج بنته الصغيرة صحت الوصية،
وكان له تزويجها، ويكون صحيحا، سواء عين الزوج أو لم يعين. وإن كانت
كبيرة لم تصح الوصية.
وقال الشافعي: الولاية في النكاح لا تستفاد بالوصية (4)، فإذا أوصى
بالنظر في مال أطفاله صح، وإن أوصى بإنكاحهن لم تصح الوصية، صغيرة

(1) الأم 5: 251، والسراج الوهاج: 364، ومغني المحتاج 3: 148، والمجموع 16: 154، ورحمة الأمة
المطبوع بهامش الميزان الكبرى 2: 27 و 28، والميزان الكبرى 2: 109.
(2) رحمة الأمة 2: 28، والميزان الكبرى 2: 109، والمجموع 16: 146 و 153.
(3) المغني لابن قدامة 7: 342 و 343.
(4) الأم 4: 121، والوجيز 2: 5، والمحلى 9: 624، وبداية المجتهد 2: 12 و 13، وعمدة القاري
20: 127، وفتح الباري 9: 187، والمغني لابن قدامة 7: 354، والشرح الكبير 7: 440 و 441،
ورحمة الأمة 2: 28، والميزان الكبرى 2: 109.
254

كانت أو كبيرة، عين الزوج أو لم يعين. وبه قال الثوري، وأبو حنيفة
وأصحابه (1).
وقال مالك: إن كانت البنت كبيرة صحت الوصية، عين الزوج أو لم
يعين. وإن كانت صغيرة صحت الوصية إذا عين الزوج، ولم تصح إذا لم
يعين (2) دليلنا: أنه لا مانع منه، والأصل جوازه.
وأيضا قوله تعالى: " فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين
يبدلونه " (3) وأيضا: فلا خلاف أن له أن يوصي بالنظر في مالها، فكذلك التزويج.
مسألة 10: البكر إذا كانت كبيرة فالظاهر في الروايات أن للأب والجد
أن يجبراها على النكاح، ويستحب لهما أن يستأذناها، وإذنها صماتها، فإن لم
تفعل فلا حاجة بهما إليه (4). وبه قال مالك، والشافعي، وابن أبي ليلى، وأحمد،
وإسحاق (5).

(1) المبسوط 4: 222، وفتح الباري 9: 187، والمغني لابن قدامة 7: 354، والشرح الكبير 7: 440 و
441، والمحلى 9: 463.
(2) المدونة الكبرى 2: 168، وبداية المجتهد 2: 12 و 13، وفتح الرحيم 2: 35، وعمدة القاري
20: 127، والمبسوط 4: 222، والمغني لابن قدامة 7: 354 و 355، وفتح الباري 9: 187، والشرح
الكبير 7: 440 و 441، ورحمة الأمة 2: 28، والميزان الكبرى 2: 109.
(3) البقرة: 181.
(4) الكافي 5: 393 حديث 1 - 6، والتهذيب 7: 381 حديث 1539 و 1540 و 1542، والاستبصار
3: 235 باب 144.
(5) كفاية الأخيار 2: 33، والمجموع 16: 168 و 169، والسراج الوهاج: 364 و 375، ومغني المحتاج
3: 149، وبداية المجتهد 2: 5، وعمدة القاري 20: 128، وشرح فتح القدير 2: 395، والهداية
2: 395، ورحمة الأمة 2: 29، والميزان الكبرى 2: 110، وسبل السلام 3: 996.
255

وقال قوم من أصحابنا: ليس لوليها إجبارها على النكاح كالثيب
الكبيرة (1). وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والأوزاعي، والثوري. فاعتبر أبو
حنيفة الصغر والكبر، وفرق بينهما. واعتبر الشافعي الثيبوبة والبكارة (2).
دليلنا: قوله تعالى: " وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم
وإمائكم " (3).
والأيم: التي لا زوج لها. بكرا كانت أو ثيبا.
فالظاهر أن له إجبار الكل، لأنه لم يفرق بين الصغيرة والكبيرة، فوجب
حمل الآية على عمومها، إلا أن يقوم دليل على تخصيصها.
وروى ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الثيب أحق
بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها " (4).
وروى أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال (5)، عن صفوان، عن أبي
المغرا (6)، عن إبراهيم بن ميمون (7)، عن أبي عبد الله عليه السلام - قال: " إذا

(1) منهم ابن الجنيد حكاه عنه في المختلف: 89 من كتاب النكاح.
(2) كفاية الأخيار 2: 33، واللباب 2: 189 و 191، وعمدة القاري 20: 128، وبدائع الصنائع
2: 240، وشرح فتح القدير 2: 395، والهداية 2: 395، والمجموع 16: 169 و 170، وبداية المجتهد
2: 5، ورحمة الأمة 2: 29، والميزان الكبرى 2: 110.
(3) النور: 32.
(4) سنن النسائي 6: 85، وسنن أبي داود 2: 232 حديث 2098، وسنن الدارمي 2: 138، وسنن ابن
ماجة 1: 601 حديث 1870 وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 145 وفي البعض منها اختلاف
يسير في اللفظ.
(5) الحسن بن علي بن فضال بن عمرو بن أيمن الكوفي، أبو محمد، مات سنة أربعة وعشرين مائتين.
رجال النجاشي: 24.
(6) أبو المغرا، حميد بن المثنى العجلي، مولاهم، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام كوفي ثقة
ثقة. قاله النجاشي في رجاله: 96.
(7) إبراهيم ين ميمون الكوفي، بياع الهروي، عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الصادق - عليه
تفصيل ذلك في فيض القدير للمناوي 1: 227.
256

كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر، وإذا كانت قد تزوجت لم
يزوجها إلا برضى منها " (1).
وروى أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن
زرين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما - عليهما السلام - قال: لا تستأمر الجارية
إذا كانت بين أبويها، ليس لها مع الأب أمر. وقال: يستأمرها كل أحد ما عدا
الأب (2).
وروى الحلبي، عن أبي عبد الله - عليه السلام - في الجارية يزوجها أبوها بغير
رضا منها قال: " ليس لها مع أبيها أمر إذا أنكحها جاز نكاحها (3) وإن كانت
كارهة " (4).
وروى عبد الله بن الصلت قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن
الجارية الصغيرة يزوجها أبوها، ألها أمر إذا بلغت؟ قال: " لا ". وسألته عن
البكر إذا بلغت مبلغ النساء، ألها مع أبيها أمر؟ فقال: " ليس لها مع أبيها أمر
ما لم تثيب " (5)
مسألة 11: النكاح لا يقف على الإجازة، مثل أن يزوج رجل امرأة من غير
إذن وليها الرجل، ولم يأذن له الولي في ذلك، لم يقف العقد على إجازة الزوج.
وكذلك لو زوج الرجل بنت غيره وهي بالغة من رجل فقبل الزوج، لم يقف
العقد على إجازة الولي ولا إجازتها. وكذلك لو زوج الرجل بنته الثيب الكبيرة
الرشيدة، أو أخته الكبيرة الرشيدة لم يقف على إجازتها. وكذلك لو تزوج العبد

(1) التهذيب 7: 380 حديث 1536، والاستبصار 3: 235 حديث 848.
(2) الكافي 5: 393 حديث 2، والتهذيب 7: 380 حديث 1537، والاستبصار 3: 235 حديث 849.
(3) في النسخة الحجرية: جاز نكاحه.
(4) الكافي 5: 393 حديث 4، والتهذيب 7: 381 حديث 1539.
(5) الكافي 5: 394 حديث 6، والتهذيب 7: 381 حديث 1540، والاستبصار 3: 236 حديث 851.
257

بغير إذن سيده والأمة بغير إذن سيدها. كل ذلك باطل لا يقف على إجازة
أحد. وكذلك لو اشترى لغيره بغير أمره لم يقف على إجازته، وكان باطلا. وبه
قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق (1).
وزاد الشافعي: تزويج البالغة الرشيدة نفسها من غير ولي، والبيع بغير إذن
صاحبه (2).
وعندنا: إن تزويج البالغة الرشيدة نفسها صحيح، والبيع يقف على إجازة
مالكه.
وقال مالك: إن أجازه عن قرب صح، وإن أجازه عن بعد بطل (3).
وقال أبو حنيفة: يقف جميع ذلك على إجازة الزوج والزوجة والولي.
وكذلك البيع (4)، إلا أنه يقول في النكاح يقف في الطرفين على إجازة الزوج
والزوجة، وفي البيع يقف على إجازة البائع دون المشتري.
ووافقنا في تزويج البالغة الرشيدة نفسها.
وقال أبو يوسف ومحمد: ها هنا يقف على إجازة الولي، وإن امتنع وكانت
وضعت نفسها في كفو أجازه السلطان (5)
ووافقنا في مسألة وهو: أن الشراء لا يقف على إجازة المشتري له، ويلزم
المشتري.

(1) كفاية الأخيار 2: 30، والمجموع 16: 154، والمغني لابن قدامة 7: 409 و 410، وشرح فتح القدير
2: 428، والهداية 2: 428، وتبيين الحقائق 2: 132، والشرح الكبير 7: 435، والميزان الكبرى 2: 109.
(2) المبسوط 5: 11، وشرح فتح القدير 2: 391، والهداية 2: 391، وبداية المجتهد 2: 6 و 8.
(3) بداية المجتهد 2: 8، والمجموع 16: 154.
(4) اللباب 2: 202، وبدائع الصنائع 2: 235، والهداية 2: 428، وشرح فتح القدير 2: 428، وتبيين
الحقائق 2: 132، والمجموع 16: 154، والميزان الكبرى 2: 109.
(5) المبسوط 5: 10 و 125، والهداية 2: 391، وشرح فتح القدير 2: 391، وشرح معاني الآثار 3: 13،
والشرح الكبير 7: 435.
258

دليلنا: إن العقود الشرعية تحتاج إلى أدلة شرعية، ولا دليل على أن هذه
العقود واقفة على الإجازة، فوجب القضاء بفسادها.
وأيضا: روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " أيما امرأة نكحت بغير
إذن وليها فنكاحها باطل " (1) وهذه نكحت بغير إذن وليها.
وروى أبو موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" لا نكاح إلا بولي " (2) فنفاه بغير ولي.
وروى جابر، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " أيما عبد تزوج بغير إذن
مواليه فهو عاهر " (3).
وروى ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " أيما عبد نكح بغير
إذن مواليه فنكاحه باطل " (4).
وروى أبو العباس الفضل البقباق (5) قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل
يتزوج الأمة بغير إذن أهلها؟ قال: هو زنا، إن الله تعالى يقول: " فانكحوهن
بإذن أهلهن " (6) (7).

(1) سنن الدارمي 2: 137، وسنن ابن ماجة 1: 605 حديث 1879، وسنن أبي داود 2: 229 حديث
2083، والسنن الكبرى 7: 125.
(2) سنن أبي داود 2: 229 حديث 2085، وسنن الدارمي 2: 137، وسنن ابن ماجة 1: 605 حديث
1881، وشرح معاني الآثار 3: 9، ومسند أحمد بن حنبل 4: 418، والمستدرك على الصحيحين
2: 171.
(3) سنن أبي داود 2: 228 حديث 2078، والسنن الكبرى 7: 127.
(4) سنن أبي داود 2: 228 حديث 2079.
(5) هو أبو العباس الفضل بن عبد الملك البقباق، تقدمت ترجمته فلاحظ.
(6) النساء: 25.
(7) من لا يحضره الفقيه 3: 286 حديث 1361، والتهذيب 7: 348 حديث 1424، والاستبصار 3: 219
حديث 794.
259

وقد روى أصحابنا: إن تزويج العبد خاصة يقف على إجازة مولاه، وله
فسخه (1).
ورووا أنهم - عليهم السلام - قالوا: " إنما عصى مولاه ولم يعص الله " (2) وقد
ذكرنا الروايات بذلك في الكتاب الكبير (3).
مسألة 12: يصح أن يكون الفاسق وليا للمرأة في التزويج، سواء كان له
الإجبار مثل الأب والجد في حق البكر، أو لم يكن له الإجبار كالأب والجد في
حق الثيب الكبيرة، وسائر العصبات في حق كل أحد. وبه قال أبو
حنيفة (4).
وقال الشافعي: لا يصح في الفاسق أن يكون وليا سواء كان له الإجبار أو
لم يكن (5)، وهو الصحيح عندهم.
وقال أبو إسحاق: إن كان وليا له الإجبار زالت ولايته بالفسق، وإن لم
يكن له الإجبار لم تزل ولايته (6)، لأنه بمنزلة الوكيل.
وفي أصحابه من قال: الفسق لا يقدح في الولاية (7)، كقول أبي حنيفة
وقولنا، وليس بشئ عندهم.

(1) الكافي 5: 478 حديث 2، والفقيه 3: 283 حديث 1349، والتهذيب 7: 351 حديث 1431.
(2) التهذيب 7: 351 حديث 1432.
(3) انظر التهذيب 7: 334 باب 30.
(4) بدائع الصنائع 2: 239، والهداية 2: 352، وشرح فتح القدير 2: 353، والمجموع 16: 159، ورحمة
الأمة في اختلاف الأئمة 2: 29، والميزان الكبرى 2: 109، والبحر الزخار 4: 26.
(5) الوجيز 2: 6، والمجموع 16: 158، وكفاية الأخيار 2: 31، والسراج الوهاج: 366، ومغني المحتاج
3: 155، وبدائع الصنائع 2: 239، ورحمة الأمة 2: 29، والبحر الزخار 4: 26، والميزان الكبرى
2: 109.
(6) المجموع 16: 158 و 159، ورحمة الأمة 2: 29، والميزان الكبرى 2: 109.
(7) الوجيز 2: 6، وكفاية الأخيار 2: 31، والسراج الوهاج 366، والمجموع 16: 159.
260

دليلنا قوله تعالى: " وانكحوا الأيامى منكم " (1) ولم يفصل.
وأيضا: فقد ثبت أن له الولاية قبل الفسق، فمن ادعى أنها زالت بالفسق
فعليه الدلالة.
وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا نكاح إلا بولي مرشد
وشاهدي عدل " (2) محمول على الفضل والاستحباب دون رفع الإجزاء، على
أن قوله: " مرشد " يقتضي أن يكون مرشدا لغيره، فمن أين أنه لا بد أن يكون
رشيدا في نفسه. على أن هذا الخبر المشهور منه أنه موقوف على ابن عباس، ولم
يسنده إلى النبي صلى الله عليه وآله، وما كان كذلك لا يجب العمل به.
مسألة 13: لا يفتقر النكاح في صحته إلى شهود. وبه قال في الصحابة
الحسن بن علي (3) - عليهما السلام - وابن الزبير، وابن عمر، وإليه ذهب عبد الرحمان
بن مهدي، ويزيد بن هارون، وبه قال أهل الظاهر (4).
وقال الشافعي: لا يصح إلا بشاهدين عدلين ذكرين (5). ورووا ذلك عن
علي عليه السلام، وعمر، وابن عباس. وبه قال الحسن البصري، والنخعي،
وفي الفقهاء الأوزاعي، والثوري، وأحمد (6).
وقال مالك: من شرطه ترك التواصي بالكتمان، فإن تواصوا بالكتمان

(1) النور: 32.
(2) ترتيب مسند الشافعي 2: 12، والسنن الكبرى 7: 125، وتلخيص الحبير 3: 162 حديث 1512.
(3) في النسخة الحجرية: الحسين بن علي.
(4) المحلى 9: 465، والمغني لابن قدامة 7: 339، والشرح الكبير 7: 457، والمجموع 16: 175 و 199،
والبحر الزخار 4: 27.
(5) المجموع 16: 175 و 199، وبداية المجتهد 2: 17، والمبسوط 5: 31، والنتف 1: 279، وبدائع
الصنائع 2: 255، وشرح فتح القدير 2: 352، والمغني لابن قدامة 7: 339، والشرح الكبير 7: 459،
والميزان الكبرى 2: 111، والبحر الزخار 4: 27.
(6) المجموع 16: 175 و 199، والمغني لابن قدامة 7: 339، والبحر الزخار 4: 27، وبدائع الصنائع
2: 252، والشرح الكبير 7: 458 459، والميزان الكبرى 2: 111.
261

بطل، وإن حضره الشهود - وإن لم يتواصوا بالكتمان - صح، وإن لم يكن شهود.
هكذا حكاه الزهري (1)، وكان يحكي أن من شرطه الإشارة وهي الشهادة،
والصحيح الأول (2).
وقال أبو حنيفة: من شرطه الشهادة وليس من شرطها العدالة ولا الذكورة
فقال: يجوز بشهادة عدلين، وفاسقين، وأعميين، ومحدودين في قذف، وبشاهد
وامرأتين (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا: قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (4) ولم يذكر
الشهود.
قوله تعالى: " وانكحوا الأيامى منكم " (5) مثل ذلك.
وأيضا: روى سهل بن سعد الساعدي: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله
فقالت: يا رسول الله وهبت نفسي منك. فقال: " ما لي اليوم بالنساء من
حاجة ". وذكر الحديث، حتى قال: " زوجتكها بما معك من القرآن " (6).
ومعلوم أنه لم يكن شهود.

(1) في النسخة الحجرية: الأبهري.
(2) المدونة الكبرى 2: 193، وبداية المجتهد 2: 17، والنتف 1: 279، وبدائع الصنائع 2: 252، وشرح
فتح القدير 2: 351، والمجموع 16: 175 و 199، والمغني لابن قدامة 7: 339، والشرح الكبير
7: 457، والبحر الزخار 4: 27.
(3) اللباب 2: 184، والنتف 1: 279 و 280، وبدائع الصنائع 2: 252 و 255، وشرح فتح القدير
2: 351 و 352، والمبسوط 5: 31، وبداية المجتهد 2: 17، والمغني لابن قدامة 7: 341، والشرح
الكبير 7: 459، والمجموع 16: 199، والبحر الزخار 4: 27.
(4) النساء: 3.
(5) النور: 32.
(6) صحيح البخاري 7: 22، والموطأ 2: 526 حديث 8، ومسند أحمد بن حنبل 5: 336، وسنن
الترمذي 3: 421 حديث 1114، وسنن ابن ماجة 1: 608 حديث 1889.
262

وروي أن جحش بن رياب (1) من بني أسد خطب إلى رسول الله - صلى
الله عليه وآله - أميمة (2) بنت عبد المطلب (3)، فزوجه إياها ولم يشهد (4).
وما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي
عدل " (5) محمول على أنه لم يثبت به عند الحاكم إلا بشاهدي عدل دون
انعقاد العقد في حال التزويج، أو نحمله على ضرب من الاستحباب الكمال
بدلالة ما قلناه.
مسألة 14: إذا زوج الذمي بنته الكافرة من مسلم، انعقد العقد، على قول
من يقول من أصحابنا بجواز العقد عليهن، وإن حضر شاهدان كافران (6).
وبه
قال أبو حنيفة (7).
وقال الشافعي: لا ينعقد العقد بكافرين (8).

(1) جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد الأسدي أبو عبد الله،
تزوج في الجاهلية أميمة بنت عبد المطلب بن هشام بن عبد مناف القرشية. طبقات ابن سعد 8: 45 و
46.
(2) في النسخة الحجرية: آمنة.
(3) أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، أمها فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن
عمران بن مخزوم، تزوجها في الجاهلية جحش بن رياب. الطبقات الكبرى لابن سعد 8: 45.
(4) لم أقف على هذه الرواية في المصادر المتوفرة، إلا أن البخاري في تاريخه الكبير 1: 343 و 345 ذكر
عدة أحاديث تدل على عدم الاستشهاد فلاحظ.
(5) سنن الدارقطني 3: 225 حديث 21 - 23، والسنن الكبرى 7: 125، ودعائم الإسلام 2: 218
حديث 807، ومجمع الزوائد 4: 286، وتلخيص الحبير 3: 162 حديث 1512.
(6) ممن قال بهذا القول الشيخ الصدوق في المقنع: 102، وولده علي بن بابويه كما حكاه عنه العلامة
الحلي في المختلف: 82 من كتاب النكاح.
(7) المبسوط 5: 33، واللباب 2: 185، والمغني لابن قدامة 7: 340، والشرح الكبير 7: 460، والمجموع
16: 202.
(8) كفاية الأخيار 2: 32، والمجموع 16: 202، والمغني لابن قدامة 7: 340، والشرح الكبير 7: 459
460.
263

دليلنا: ما بيناه من أنه ليس من شرط انعقاد العقد الشهادة، وإذا لم يكن
ذلك من شرطه سقط منا هذا الفرع.
مسألة 15: الثيب إذا كانت صغيرة ذهبت بكارتها - إما بالزوج أو
بغيره - قبل البلوغ، جاز لأبيها العقد عليها، ولجدها مثل ذلك قبل البلوغ،
وحكمها حكم الصغيرة البكر. وبه قال أبو حنيفة (1).
وقال الشافعي: ليس لأحد إجبارها على النكاح، وينتظر بها البلوغ ثم
تزوج بإذنها (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، لأنهم رووا الأخبار أن الصغيرة ليس لها مع أبيها
أمر، ولم يفصلوا (3).
وروى عبد الله بن الصلت (4)، قال: سألت الرضا عن الجارية الصغيرة
يزوجها أبوها، إلها أمر إذا بلغت؟ قال: " لا " (5).
وروي عن النبي - صلى الله عليه وآله - أنه قال: " لا نكاح إلا بولي " (6)
وهذا نكاح بولي، فوجب أن يكون صحيحا.

(1) المبسوط 5: 8، واللباب 2: 190 و 191، وبدائع الصنائع 2: 241 و 242، وفتح الباري 9: 193،
والمجموع 16: 170، والمغني لابن قدامة 7: 385.
(2) كفاية الأخيار 2: 34، ومغني المحتاج 3: 149، والسراج الوهاج: 365، والمجموع 16: 170،
والوجيز 2: 5، وبدائع الصنائع 2: 241، وفتح الباري 9: 193، والمغني لابن قدامة 7: 385،
والميزان الكبرى 2: 110.
(3) انظر الكافي 5: 393 باب استيمار البكر...، والتهذيب 7: 377 باب 32.
(4) عبد الله بن الصلت، أبو طالب القمي، مولى بني تميم اللات بن ثعلبة، ثقة، مسكون إلى روايته قاله
النجاشي في رجاله 2: 13.
(5) الكافي 5: 394 حديث 6، والتهذيب 7: 381 حديث 1540، والاستبصار 3: 236 حديث 851.
(6) سنن ابن ماجة 1: 605 حديث 1880 و 1881، وسنن الدارمي 2: 137، وسنن الدارقطني 3: 225
حديث 21 و 22، والسنن الكبرى 7: 107، والمستدرك على الصحيحين 2: 171.
264

مسألة 16: من ذهبت عذرتها بالزنا، لا تزوج إلا بإذنها إذا كانت بالغة،
ويحتاج في إذنها إلى نطقها. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: إذنها صماتها (2).
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجموع على التزويج به، وليس على ما قاله دليل.
وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الثيب أحق بنفسها من
وليها، والبكر تستأذن وإذنها صماتها " (3) دل على أن الثيب بخلافها.
مسألة 17: الذي له الإجبار على النكاح: الأب، والجد مع وجود الأب
وإن علا، وليس للجد مع عدم الأب ولاية.
وقال الشافعي: لهما الإجبار، ولم يعتبر حياة الأب. وبه قال الثوري (4).
وقال ابن أبي ليلى، وأحمد: الأب هو الذي يجبر فقط دون الجد (5).
وقال مالك: الأب يجبر الصغيرة دون الكبيرة (6).
وقال أبو حنيفة: كل عصبة يرث فله الإجبار الأب والجد وإن علا،
والإخوة وأبنائهم، والأعمام وأبنائهم. فإذا أجبروها على النكاح نظرت، فإن
كان الأب أو الجد فلا خيار لها بلا خلاف بينهم.

(1) الوجيز 2: 5، والمجموع 16: 165، والسراج الوهاج: 365، ومغني المحتاج 3: 149.
(2) المبسوط 5: 8، واللباب 2: 190.
(3) صحيح مسلم 2: 1037 حديث 67 و 68، وسنن الدارمي 2: 138، وسنن أبي داود 2: 232 حديث
2098.
(4) المحلى 9: 459، وكفاية الأخيار 2: 33، والمجموع 16: 168، وبداية المجتهد 2: 6، ورحمة الأمة
2: 29، والميزان الكبرى 2: 110، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 148.
(5) بداية المجتهد 2: 5، والميزان الكبرى 2: 110، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 148.
(6) المدونة الكبرى 2: 155، وبداية المجتهد 2: 6، وبلغة السالك 1: 381، والمحلى 9: 459، والمجموع
16: 169، ورحمة الأمة 2: 29، والميزان الكبرى 2: 110، وشرح النووي على صحيح مسلم
6: 148.
265

وإن كان غيرهما، قال أبو حنيفة، ومحمد: لها الخيار بعد البلوغ، وإن شاءت
أقامت، وإن شاءت فسخت (1).
وقال أبو يوسف: لا خيار لها كالأب والجد. فأما من قرب من غير تعصيب
كالإخوة من الأم، والجد إلى الأم، والأخوال والخالات، والعمات، والأمهات
عنه روايتان:
إحداهما: لهم الإجبار كالأعمام.
والثانية: لا يجبرون أصلا (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 18: لا يجوز للعبد أن يتزوج بغير إذن مولاه، فإن فعل كان مولاه
بالخيار بين إجازته وبين فسخه. وبه قال أبو حنيفة (4).
وقال الشافعي: العقد باطل (5).
وقال مالك: العقد صحيح، وللسيد أن يفسخه (6).

(1) اللباب 2: 191، والمجموع 16: 168 و 170، وبداية المجتهد 2: 6، ورحمة الأمة 2: 29 و 30، والميزان
الكبرى 2: 110، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 149.
(2) اللباب 2: 192، ورحمة الأمة 2: 29 و 30، والميزان الكبرى 2: 110، وشرح النووي على صحيح
مسلم 6: 149.
(3) الكافي 5: 393 باب استيمار البكر...، والفقيه 3: 250 باب 117، باب الولي والشهود...،
والاستبصار 3: 235 باب 144 أنه لا تزوج البكر إلا بإذنه...، والتهذيب 7: 397 حديث 1531 و 1533.
(4) المبسوط 5: 125، واللباب 2: 202، والنتف في الفتاوى 1: 282 و 285، وتبيين الحقائق 2: 132،
والمحلى 9: 468، والمغني لابن قدامة 7: 410، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 141، ورحمة الأمة
2: 27، والميزان الكبرى 2: 109.
(5) المجموع 16: 130 و 131، والسراج الوهاج: 371، ومغني المحتاج 3: 171، والمحلى 9: 468، والمغني
لابن قدامة 7: 409، و 410 وتبيين الحقائق 2: 132، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 141،
ورحمة الأمة 2: 27، وسبل السلام 3: 998، والميزان الكبرى 2: 109.
(6) المدونة الكبرى 2: 188، وفتح الرحيم 2: 48، والمحلى 9: 468، والمبسوط 5: 125، وتبيين الحقائق
2: 132، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5: 141، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 27.
266

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
مسألة 19: للسيد إجبار العبد على النكاح. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي
في القديم (2).
وقال في الجديد: ليس له إجباره على ذلك. وبه قال أكثر أهل العلم (3).
دليلنا: قوله تعالى: " وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم
وإمائكم " (4).
وأيضا: عليه إجماع الفرقة.
مسألة 20: إذا طلب العبد التزويج لا يجبر المولى على تزويجه.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، قاله في القديم (5). والآخر:
أنه يجبر عليه (6).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ووجوب ذلك عليه يحتاج إلى دليل.
مسألة 21: للسيد أن يجبر أم ولده على التزويج من غير رضاها.

(1) الكافي 5: 477 و 478 حديث 1 - 5.
(2) المبسوط 5: 113، وبدائع الصنائع 2: 237، والمجموع 16: 195، والسراج الوهاج: 372، ومغني
المحتاج 3: 172، وبداية المجتهد 2: 5، والمغني لابن قدامة 7: 400، ورحمة الأمة 2: 34، والميزان
الكبرى 2: 112.
(3) الوجيز 2: 10، ومغني المحتاج 3: 172، والسراج الوهاج: 372، والمجموع 16: 195، وفتح
المعين: 10، والمبسوط 5: 113، والمحلى 9: 469، وبدائع الصنائع 2: 237، وبداية المجتهد
2: 504، والمغني لابن قدامة 7: 400، ورحمة الأمة 2: 34، والميزان الكبرى 2: 112.
(4) النور: 32.
(5) الوجيز 2: 10، ومغني المحتاج 3: 173، والمجموع 16: 195، والسراج الوهاج: 372، وفتح المعين في
شرح قرة العين: 106، وحاشية إعانة الطالبين 3: 330.
(6) الوجيز 2: 10، والمجموع 16: 195، والسراج الوهاج: 372، ومغني المحتاج 3: 173، والمبسوط
5: 113، والبحر الزخار 4: 85.
267

وللشافعي فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: مثل ما قلناه (1).
والثاني: أن له إنكاحها برضاها كالمعتقة (2).
والثالث: ليس له ذلك، وإن رضيت كالأجنبية (3).
دليلنا: أنها مملوكة عندنا، والولادة لم تزل ملكها، فإذا ثبت ذلك كان له
إجبارها كالأمة القن، فإنه لا خلاف فيها.
مسألة 22: إذا قال لأمته: أعتقتك على أن أتزوج بك وعتقك صداقك،
أو استدعت هي ذلك فقالت له: أعتقني على أن أتزوج بك وصداقي عتقي
ففعل فإنه يقع العتق ويثبت التزويج. وبه قال أحمد بن حنبل (4).
وقال الشافعي: يقع العتق، وهي بالخيار بين أن تتزوج به، أو تدعه (5).
وقال الأوزاعي: يجب عليها أن تتزوج به، لأنه عتق بشرط، فوجب أن
يلزمها الشرط. كما لو قال: أعتقتك على أن تخيطي لي هذا الثوب لزمتها
خياطته (6).

(1) السراج الوهاج: 372، ومغني المحتاج 3: 172، وفتح المعين في شرح قرة العين: 106، ورحمة الأمة
2: 34، والميزان الكبرى 2: 34.
(2) المغني لابن قدامة 7: 399، والشرح الكبير 7: 399، ورحمة الأمة 2: 34.
(3) الميزان الكبرى 7: 391، ورحمة الأمة 2: 34، والمغني لابن قدامة 7: 399، والشرح الكبير 7: 391.
(4) المغني لابن قدامة 7: 423، والشرح الكبير 7: 451، وبداية المجتهد 2: 21، وعمدة القاري 20: 81،
وفتح الباري 9: 129، والجامع لأحكام القرآن 5: 25، ورحمة الأمة 2: 35، والميزان الكبرى
2: 112، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 167.
(5) مختصر المزني: 164، والوجيز 2: 32، وبداية المجتهد 2: 21، والجامع لأحكام القرآن 5: 25، وعمدة
القاري 20: 81، والمغني لابن قدامة 7: 423، والشرح الكبير 7: 452، وفتح الباري 9: 130،
ورحمة الأمة 2: 35، والميزان الكبرى 2: 112، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 166 و 167.
(6) المغني لابن قدامة 7: 423، والشرح الكبير 7: 452، وعمدة القاري 20: 81، وشرح النووي على
صحيح مسلم 6: 167.
268

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا: فإن النبي - صلى الله عليه وآله - أعتق صفية، وجعل عتقها
صداقها (2)، وكانت زوجته، ولم نعلمها صارت زوجته بغير الذي نقل من
عتقها على هذا الشرط.
مسألة 23: إذا اجتمع الأب والجد، كان الجد أولى.
وقال الشافعي: الأب أولى (3). وبه قال جميع الفقهاء (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
مسألة 24: إذا اجتمع أخ لأب وأم مع أخ لأب كان الأخ لأب وأم
مقدما في الاستيذان عندنا، وإن لم يكن له ولاية. وقال أبو حنيفة: الولاية له دون الآخر (6). وبه قال الشافعي (7) على أحد
القولين، وهو أصحهما.
وقال في القديم: هما سواء. وبه قال مالك (8).
دليلنا: أن ولاية من قلناه مجمع عليه، وما ذكروه ليس عليه دليل.

(1) الكافي 5: 475 حديث 1 - 3، والتهذيب 8: 201 حديث 706 - 711.
(2) صحيح البخاري 7: 8، وسنن الدارمي 2: 154، وسنن ابن ماجة 1: 629 حديث 1958، وسنن
الدارقطني 3: 285 حديث 149 - 151، والسنن الكبرى 7: 58، وشرح معاني الآثار 3: 20.
(3) الأم 5: 13، ومختصر المزني: 165، والوجيز 2: 6، والمجموع 16: 147 و 154، وكفاية الأخيار 2: 32،
وبداية المجتهد 2: 14، والمغني لابن قدامة 7: 346.
(4) مختصر المزني: 165، وكفاية الأخيار 2: 32، والمجموع 16: 154، والمغني لابن قدامة 7: 346،
والشرح الكبير 7: 411، وبداية المجتهد 2: 14، والنتف 1: 272.
(5) الكافي 5: 395 حديث 4 و 5، والتهذيب 7: 390 حديث 1560 - 1562.
(6) المبسوط 4: 219، والمجموع 16: 155.
(7) الأم 5: 13، ومختصر المزني: 165، والوجيز 2: 6، وكفاية الأخيار 2: 32، والمجموع 16: 147 و 155،
ورحمة الأمة 2: 28.
(8) مختصر المزني: 165، والمجموع 16: 147 و 155، وبداية المجتهد 2: 13، ورحمة الأمة 2: 28.
269

وأيضا قوله تعالى: " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " (1) وأجمعوا
على أن الأخ من الأب والأم أولى من الأخ للأب، وأنه الولي دونه.
مسألة 25: الابن لا يزوج أمه بالبنوة، فإن وكلته جاز.
وقال الشافعي: لا يزوجها بالبنوة، ويجوز أن يزوجها بالتعصيب، بأن يكون
ابن ابن عمها، أو مولى نعمتها (2).
وقال مالك، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد، وإسحاق: له تزويج أمه (3). ثم
اختلفوا، فقال مالك، وأبو يوسف، وإسحاق: الابن أولى من الأب، وكذلك
ابن الابن وإن سفل. فإن لم يكن هناك ابن ابن فالأب أولى (4).
وقال محمد وأحمد: الأب أولى، ثم الجد وإن علا، فإن لم يبق هناك جد
فالابن أولى (5).
وقال أبو حنيفة: أبوها وابنها في درجة سواء كإخوتها (6).
دليلنا: ما قدمناه من أنه لا ولاية لأحد غير الأب والجد. إلا بأن توكله، فهذا
الفرع ساقط عنا. على أنا قد بينا أن الثيب لا ولاية لأحد عليها أصلا، بل هي
ولية نفسها. وهذه ثيب.
وأيضا: فإثبات الولاية للابن يحتاج إلى دليل.

(1) الإسراء: 33.
(2) مختصر المزني: 165، وكفاية الأخيار 2: 32، والوجيز 2: 6، والسراج الوهاج: 365، ومغني المحتاج
3: 151، والمبسوط 4: 219، وبداية المجتهد 2: 13، والمجموع 16: 156 و 157 و 158، ورحمة الأمة
2: 28.
(3) بداية المجتهد 2: 13، والمجموع 16: 158، ورحمة الأمة 2: 28.
(4) المدونة الكبرى 2: 161، وبداية المجتهد 2: 13، والمغني لابن قدامة 7: 346، والمجموع 16: 158،
وبدائع الصنائع 2: 250، ورحمة الأمة 2: 28.
(5) المبسوط 4: 220، وبدائع الصنائع 2: 250، والمجموع 16: 158، والمغني لابن قدامة 7: 346.
(6) المبسوط 4: 220، وبدائع الصنائع 2: 250، والمجموع 16: 158.
270

مسألة 26: كلالة الأم ومن يرث بالرحم لا ولاية لهم في تزويج المرأة. وبه
قال الشافعي (1).
وعن أبي حنيفة روايتان (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء من أنه لا ولاية لأحد غير الأب
والجد، وعليه إجماع الفرقة.
مسألة 27: الكفاءة معتبرة في النكاح، وهي عندنا شيئان. أحدهما:
الإيمان. والآخر: إمكان القيام بالنفقة.
وقال الشافعي: شرائط الكفاءة ستة: النسب، والحرية، والدين،
والصناعة، والسلامة من العيوب واليسار (3).
ولم يعتبر أبو حنيفة وأصحابه الحرية ولا السلامة من العيوب (4).
ثم اختلفوا فقال أبو يوسف: الشرائط أربعة فحذف الحرية والسلامة من
العيوب، وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة (5).
والرواية الأخرى أن الشرائط ثلاثة، فحذف الصناعة أيضا (6).
وقال محمد: الشرائط ثلاثة فأثبت الصناعة، وحذف الدين. وقال: إذا

(1) الأم 5: 13 - 14، والمغني لابن قدامة 7: 350، والشرح الكبير 7: 416، وفتح الباري 9: 187.
(2) المغني لابن قدامة 7: 350، والشرح الكبير 7: 416، وفتح الباري 9: 187.
(3) الأم 5: 15، والوجيز 2: 8، والمجموع 16: 182 و 184 و 187، ومغني المحتاج 3: 165 و 166، والسراج
الوهاج: 369 و 370، ورحمة الأمة 2: 31، والميزان الكبرى 2: 110، والمغني لابن قدامة 7: 374،
والشرح الكبير 7: 465 و 466، وحاشية إعانة الطالبين 3: 330.
(4) النتف 1: 290 و 291، واللباب 2: 194، وتبيين الحقائق 2: 128 - 130، ورحمة الأمة 2: 31،
والميزان الكبرى 2: 110.
(5) المبسوط 5: 25، والنتف 1: 290، واللباب 2: 194، وتبيين الحقائق 2: 128 - 130، والشرح
الكبير 7: 466، ورحمة الأمة 2: 31، والميزان الكبرى 2: 110.
(6) اللباب 2: 194، وتبيين الحقائق 2: 128 - 130، ورحمة الأمة 2: 31، والميزان الكبرى 2: 110.
271

كان الأمير يشرب الخمر يكون كفوا للعفيفة؟ قال: بلى إن كان يشرب ويسكر،
ويخرج إلى بر أو يعدو والصبيان خلفه، فهذا ليس بكفو، لا لنقصان دينه، بل
لسقوط مروته (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا: قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (3) ولم يشرط،
وما ذكرناه مجمع عليه.
وأيضا: قوله صلى الله عليه وآله: " المؤمنون بعضهم أكفاء بعض، تتكافأ دماؤهم،
ويسعى بذمتهم أدناهم " (4).
مسألة 28: يجوز للعجمي أن يتزوج بعربية، وبقرشية، وهاشمية إذا كان
من أهل الدين، وعنده اليسار.
وقال الشافعي: العجم ليسوا بأكفاء للعرب، والعرب ليسوا أكفاء
لقريش، وقريش ليسوا أكفاء لبني هاشم (5).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: قريش كلها أكفاء، وليس العرب أكفاء
لقريش (6). فالخلاف بينهم في بني هاشم.

(1) المبسوط 5: 25، وبدائع الصنائع 2: 320، وتبيين الحقائق 2: 129 و 130، والمغني لابن قدامة
7: 374، والشرح الكبير 7: 466، ورحمة الأمة 2: 31، والميزان الكبرى 2: 110.
(2) الكافي 5: 335 باب أن المؤمن كفو المؤمنة، وصفحه: 347 باب الكفؤ، والفقيه 3: 249 حديث
1186، والتهذيب 7: 394 باب الكفاءة في النكاح حديث 1577 و 1578.
(3) النساء: 3.
(4) مسند أحمد بن حنبل 1: 119 و ج 2: 219، ومن لا يحضره الفقيه 3: 249 حديث 1185، والتهذيب
7: 397 حديث 1588.
(5) المجموع 16: 182 و 187، ومغني المحتاج 3: 165 و 166، والسراج الوهاج: 369، وفتح الباري
9: 132، وحاشية إعانة الطالبين 3: 332.
(6) المبسوط 5: 24، والنتف 1: 291، وعمدة القاري 20: 87، وفتح الباري 9: 132، وبداية المجتهد
2: 16، والمغني لابن قدامة 7: 375، والشرح الكبير 7: 467، والمجموع 16: 183 و 184 و 187.
272

دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 29: يجوز للعبد أن يتزوج بحرة، وليس بكفو لها، ومتى زوجت بعبد
كان لها الفسخ، ولأوليائها الفسخ.
وقال أبو حنيفة: ليس لهم فسخه (1).
وقال الشافعي: ليس للعبد أن يتزوج بحرة (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 30: يجوز للفاسق أن يتزوج بالعفيفة، ولا يفسد العقد وإن كان تركه
أفضل. وبه قال محمد بن الحسن (3).
وقال الشافعي: الفاسق ليس بكفو للعفيفة، لا يختلف المذهب فيه (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 31: لا مانع من تزوج أرباب الصنائع الدنية من الحياكة،
والحجامة، والحراسة، والقيم، والحمامي بأهل المروات كالتجارة والنيابة ونحو
ذلك. وبه قال أبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه (5).

(1) المبسوط 5: 25 و 26، وتبيين الحقائق 2: 128.
(2) مغني المحتاج 3: 165، والسراج الوهاج: 369، والمجموع 16: 188، وفتح المعين: 107، وتبيين
الحقائق 2: 117، والميزان الكبرى 2: 111، وحاشية إعانة الطالبين 3: 331.
(3) بدائع الصنائع 2: 320، وتبيين الحقائق 2: 129 و 130، وشرح فتح القدير 2: 423، والهداية في
هامش شرح فتح القدير 2: 423، والمغني لابن قدامة 7: 374، والشرح الكبير 7: 466، والميزان
الكبرى 2: 110، والمجموع 16: 188.
(4) المجموع 16: 182 - 188، ومغني المحتاج 3: 166، والسراج الوهاج: 370، وفتح المعين في شرح قرة
العين: 107، وحاشية إعانة الطالبين 3: 331.
(5) المبسوط 5: 25، واللباب في شرح الكتاب 2: 194، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 2: 424،
وشرح فتح القدير 2: 424، والمغني لابن قدامة 7: 377، والشرح الكبير 7: 470 والميزان الكبرى
2: 110 و 111.
273

وقال الشافعي: الصناعة معتبرة (1).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 32: اليسار المراعى ما يمكنه معه القيام بمؤونة المرأة وكفايتها.
وقال أبو حنيفة: الفقير ليس بكفو للغنية، وكذا قال أصحابه (2)، وهو
أحد وجهي الشافعي (3).
والمراعى ما يكون معدودا به في أهل اليسار دون اليسار العظيم، ولا يراعى
أن يكون أيسر منها، ويجوز أن يكون دونها. والوجه الثاني: هو كفو لها (4).
لأن الفقر ليس بعيب في الرجال، فعلى هذا إذا بان معسرا لم يكن لها
الخيار كما قلناه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
مسألة 33: إذا رضي الولاة والزوجة من ليس بكفو، فوقع العقد على من
دونها في النسب، والحرية، والدين، والصناعة، والسلامة من العيوب، واليسار

(1) المجموع 16: 182 و 187 و 189، والوجيز 2: 8، والسراج الوهاج: 270، ومغني المحتاج 3: 166 و
167، والفتح المعين بشرح قرة العين: 107، والمغني لابن قدامة 7: 374، والشرح الكبير 7: 466،
والميزان الكبرى 2: 110، وحاشية إعانة الطالبين 3: 332.
(2) المبسوط 5: 25، وبدائع الصنائع 2: 319، واللباب 2: 194، وفتح الباري 9: 137، وحاشية إعانة
الطالبين 3: 333، وشرح فتح القدير 2: 423، وتبيين الحقائق 2: 130، والمجموع 16: 182 و 189.
(3) الوجيز 2: 8، والمجموع 16: 182 و 189، ومغني المحتاج 3: 167، والسراج الوهاج: 370، وفتح
المعين: 107، وفتح الباري 9: 137، وحاشية إعانة الطالبين 3: 333.
(4) المجموع 16: 182 و 189، ومغني المحتاج 3: 167، والوجيز 2: 8، والسراج الوهاج: 370، وفتح
المعين: 107، وفتح الباري 9: 137، وحاشية إعانة الطالبين 3: 333.
(5) الكافي 5: 347، والتهذيب 7: 394 حديث 1577 - 1579.
274

كان العقد صحيحا. وبه قال جميع الفقهاء (1).
وقال عبد الملك بن ماجشون من أصحاب مالك: الكفاءة شرط في صحة
عقد النكاح، فمتى لم يكن كفوا لها فالعقد باطل وإن كان برضاها ورضى
الولاة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، بل إجماع الأمة. وخلاف ابن ماجشون لا يعتد به،
ومع ذلك فقد انقرض.
وروي: أن فاطمة بنت قيس أتت النبي - صلى الله عليه وآله - فقالت:
يا رسول الله إن معاوية وأبا جهم (3) خطباني. فقال صلى الله عليه وآله: " أما
معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه من عاتقه، انكحي
أسامة بن زيد " قالت فاطمة: فنكحته وما رأيت إلا خيرا (4).
فهذه فاطمة قرشية، خطبها قرشيان فعدل - صلى الله عليه وآله - بها إلى ابن
مولاه. ولو كانت الكفاءة شرطا في صحة العقد لما أذن فيه.
وروى أبو هريرة أن أبا هند (5) حجم رسول الله - صلى الله عليه وآله - في

(1) المبسوط 5: 25 و 26، والمجموع 16: 185، وتبيين الحقائق 2: 128، والمغني لابن قدامة 7: 373،
والشرح الكبير 7: 463، والميزان الكبرى 2: 110، والبحر الزخار 4: 50.
(2) المجموع 16: 185، والبحر الزخار 4: 50.
(3) أبو الجهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله القرشي العدوي قيل اسمه عامر، وقيل: عبيد،
كان من المعمرين، صحب النبي - صلى الله عليه وآله - ومات في أيام معاوية بن أبي سفيان. انظر
أسد الغابة 5: 163.
(4) روي الحديث باختلاف في ألفاظه في كل من: صحيح مسلم 2: 1114 حديث 1480، والموطأ
2: 580 حديث 67، وسنن النسائي 6: 75، ومسند أحمد بن حنبل 6: 412، وشرح معاني الآثار
3: 5.
(5) أبو هند الحجام البياضي، مولى فروة بن عمرو البياضي، واسمه عبد الله وقيل: يسار، شهد بعض
مشاهد النبي صلى الله عليه وآله. أسد الغابة 5: 318.
275

اليافوخ، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند،
وانكحوا إليه " وقال: " إن كان في شئ مما يداوي به خير فالحجامة " (1).
وروي عن ابن عباس: أن بريرة أعتقت تحت عبد فاختارت الفسخ،
فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: " لو راجعتيه فإنه أبو ولدك " فقالت
أبأمرك يا رسول الله؟ فقال: " لا إنما أنا شافع " فقالت: لا حاجة لي
فيه (2).
فموضع الدلالة أن النبي - صلى الله عليه وآله - أذن الحرة أن تنكح عبدا،
والعبد لا يكافئها عندهم.
وروي أن سلمان الفارسي خطب إلى عمر، فأجابه إلى ذلك، فكره
عبد الله بن عمر ذلك، فقال له عمرو بن العاص: أنا أكفيك، فلقي عمرو بن
العاص سلمان الفارسي فقال: ليهنئك يا سلمان، فقال: وما هو؟ فقال:
تواضع لك أمير المؤمنين فقال سلمان: لمثلي يقال هذا؟! والله لا نكحتها أبدا (3).
وسلمان كان من العجم، فأجابه عمر إلى التزويج. وابن عمر لم ينكر بل
كرهه.
مسألة 34: ليس للأولياء الاعتراض على المنكوحة في قدر المهر، فمتى
رضيت بكفو لزمهم أن يزوجوها منه بما رضيت من المهر، سواء كان مهر مثلها
أو أقل، فإن منعوها واعترضوا على قدر مهرها ولت أمرها من شاءت.

(1) سنن أبي داود 2: 233 حديث 2102، ورويت مقاطع من الحديث في مسند أحمد بن حنبل
2: 342، والمستدرك على الصحيحين 2: 164، والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 6: 147.
(2) صحيح البخاري 7: 62، وسنن ابن ماجة 1: 671 حديث 2075، وفتح الباري 9: 408 و 409،
وفي البعض منها اختلاف يسير في اللفظ.
(3) المبسوط 5: 23، وحكاه في البحر الزخار 4: 50 عن أصول الأحكام.
276

وعند الشافعي يكون قد عضلوها، ويكون السلطان وليها (1). وبه قال أبو
يوسف ومحمد (2).
وقال أبو حنيفة: للأولياء أن يعترضوا عليها في قدر المهر، فمتى نكحت بأقل
من مهر مثلها فللولي أن يقول للزوج: إما أن تبلغ بالمهر مهر المثل، وإلا فسخت
عليك النكاح، وأجرى المهر مهر الكفاءة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة. ولأنا قد بينا أنه لا ولاية لأحد عليها غير الأب والجد،
وإذا لم يكن لهم ولاية فلا اعتراض لهم عليها بالمهر.
مسألة 35: إذا زوجت نفسها بأقل من مهر مثلها، فالنكاح صحيح،
وليس للأولياء الاعتراض عليها.
وقال أبو حنيفة: النكاح صحيح، وللأولياء الاعتراض عليها (4).
وقال الشافعي: النكاح باطل (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 36: إذا وكل وليها وكيلا، فزوجها الوكيل بدون مهر المثل بإذنها، لم

(1) الأم 5: 14، والمجموع 16: 163، ومختصر المزني: 165، والسراج الوهاج: 365 و 366، مغني
المحتاج 3: 152 و 153، والمغني لابن قدامة 7: 368، وعمدة القاري 20: 127، والميزان الكبرى
2: 111.
(2) المبسوط 5: 13، وشرح فتح القدير 2: 425، والهداية 2: 424، والمحلى 9: 455 و 456، والميزان
الكبرى 2: 111.
(3) اللباب 3: 14، والمبسوط 5: 14، وشرح فتح القدير 2: 424، وشرح العناية على الهداية 2: 424،
والهداية 2: 424، وبدائع الصنائع 2: 247، وتبيين الحقائق 2: 130، والميزان الكبرى 2: 111.
(4) المبسوط 5: 10 و 13 و 14، واللباب 2: 195، وبدائع الصنائع 2: 247، وشرح فتح القدير
2: 424، والهداية المطبوع بهامش شرح فتح القدير 2: 424، وشرح العناية على الهداية 2: 424،
وتبيين الحقائق 2: 130، والمحلى 9: 455، والميزان الكبرى 2: 111.
(5) المجموع 16: 152 و 178، والمغني لابن قدامة 7: 337، والميزان الكبرى 2: 111.
277

يكن للأولياء الاعتراض عليها. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لهم الاعتراض عليها (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 37: إذا كان أولى الأولياء مفقودا أو غائبا غيبة منقطعة على مسافة
قريبة أو بعيدة، وكلت وزوجت نفسها، ولم يكن للسلطان تزويجها إلا بوكالة
منها.
وقال الشافعي: إذا كان مفقودا أو غائبا غيبة منقطعة كان للسلطان
تزويجها، ولم يكن لمن هو أبعد منه تزويجها. وإذا كان على مسافة قريبة على أحد
الوجهين مثل ذلك (3). وبه قال زفر (4).
وقال أبو حنيفة: إن كانت الغيبة منقطعة كان لمن هو أبعد تزويجها. وإن
لم تكن منقطعة لم يكن له ذلك (5).
قال محمد: المنقطعة من الكوفة إلى الرقة، وغير المنقطعة من بغداد إلى
الكوفة (6).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء. من أنه لا ولاية لغير الأب والجد،
ومتى كان أحدهما غائبا كان للآخر تزويجها، وإن غابا جميعا، وكانت بالغة،

(1) المجموع 16: 185، وفتح المعين: 108 و 109.
(2) المبسوط 5: 13 و 14، واللباب 2: 189.
(3) مختصر المزني: 165، والمجموع 16: 163 و 164، والمغني لابن قدامة 7: 370، والشرح الكبير 7: 430
و 432، وشرح فتح القدير 2: 415، والبداية والنهاية 2: 14، وعمدة القاري 20: 127، ورحمة الأمة
2: 29، والميزان الكبرى 2: 109.
(4) عمدة القاري 20: 127، وشرح فتح القدير 2: 415، والمجموع 16: 164.
(5) اللباب 2: 193، وعمدة القاري 20: 127، وشرح فتح القدير 2: 415 والمغني لابن قدامة 7: 369
370، والمجموع 16: 164، والميزان الكبرى 2: 109 و 110، ورحمة الأمة 2: 29.
(6) بدائع الصنائع 2: 251، وشرح فتح القدير 2: 416، والمجموع 16: 164.
278

كان لها أن تعقد على نفسها، أو توكل من شاءت من باقي الأولياء.
مسألة 38: إذا عضلها وليها - وهو أن لا يزوجها بكفو مع رضاها به - كان
لها أن توكل من يزوجها، أو تزوج نفسها إذا كانت بالغة.
وقال الشافعي: للسلطان أن يزوجها عند ذلك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 39: من ليس له الإجبار من الأولياء، ليس له أن يوكل في تزويجها
إلا بإذنها.
وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: له أن يوكل من غير إذنها، غير أنه لا يعقد الوكيل إلا بإذنها (3).
دليلنا: أن ما قلناه مجمع على جوازه، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 40: إذا أذنت في التوكيل، فوكل وعين الزوج صح، وإن لم يعين لم
يصح.
وقال الشافعي: في الموضع الذي يصح التوكيل إن عين الزوج صح كما
قلناه، وإن أطلق فعلى قولين (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء من أن ما قلناه مجمع على صحته، وما
قالوه ليس على صحته دليل.

(1) الأم 5: 14، والسراج الوهاج: 365 و 366، ومختصر المزني: 165، ومغني المحتاج 3: 153، والمجموع
16: 163، وعمدة القاري 20: 127، والوجيز 2: 5، وبداية المجتهد 2: 15.
(2) التهذيب 7: 380 حديث 1538، والاستبصار 3: 236 حديث 850.
(3) الوجيز 2: 7، والسراج الوهاج: 367، ومغني المحتاج 3: 185، وفتح المعين بشرح قرة العين: 105،
والمغني لابن قدامة 7: 352 و 353، والميزان الكبرى 2: 110 والمجموع 14: 101 و 102.
(4) الأم 5: 14، ومختصر المزني: 165، والوجيز 2: 7، ومغني المحتاج 3: 157 و 158، والسراج الوهاج:
367، والمجموع 16: 177.
279

مسألة 41: من كان له أمة كافرة وهو مسلم، كان له الولاية عليها
بالتزويج.
وللشافعي فيه وجهان:
الظاهر: مثل ما قلناه (1).
والثاني: ليس له عليها ولاية كالحرة (2).
دليلنا: قوله تعالى: " فانكحوهن بإذن أهلهن " (3) ولم يخص. وقال تعالى:
" وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم " (4) ولم يخص.
مسألة 42: إذا كان للمرأة وليان في درجة، وأذنت لهما في التزويج إذنا
مطلقا، ولم تعين الزوج، فزوجاها معا، نظر، فإن كان أحدهما متقدما والآخر
متأخرا كان المتأخر باطلا، دخل بها الزوج أو لم يدخل. وهو المروي عن علي
عليه السلام - وفي التابعين الحسن البصري، وشريح وفي الفقهاء: الأوزاعي،
وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، وأحمد، وإسحاق (5).
وقال قوم: ينظر، فإن لم يدخل بها واحد منهما، أو دخل بهل كل واحد منهما،
أو دخل الأول وحده، فالثاني باطل كما قلناه، وإن دخل بها الثاني دون الأول
صح الثاني وبطل الأول. ذهب إليه عمر بن الخطاب، وعطاء، والزهري،
ومالك (6).
دليلنا: قوله تعالى: " حرمت عليكم أمهاتكم - إلى قوله - والمحصنات من

(1) الأم 5: 15، ومختصر المزني: 165، والوجيز 2: 10، والمجموع 16: 161، والميزان الكبرى 2: 112.
(2) المجموع 16: 161.
(3) النساء: 25.
(4) النور: 32.
(5) الأم 5: 16، ومختصر المزني: 165، والمغني لابن قدامة 7: 404، والشرح الكبير 7: 443، والمجموع
16: 191، وبداية المجتهد 2: 15، وبدائع الصنائع 2: 251 و 252، ورحمة الأمة 2: 32.
(6) المغني لابن قدامة 7: 404، والشرح الكبير 7: 443، وبداية المجتهد 2: 15، والمجموع 16: 191، ورحمة
الأمة 2: 32.
280

النساء " (1) وأراد به ذوات الأزواج بلا خلاف فأخبر تعالى أنهن محرمات إلا
بملك اليمين، وهذه زوجة الأول عن نكاح صحيح، فوجب أن تكون محرمة على الثاني.
وروى قتادة، عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال: " أيما امرأة
زوجها وليان فهي للأول منهما " (2) ولم يفرق، ذكره أبو داود في السنن وعليه
إجماع الفرقة.
مسألة 43: امرأة المفقود إذا لم يعرف خبره، فإن لم يكن هناك ناظر
للمسلمين، فعليها أن تصبر أبدا، فهي مبتلاة. فإن كان هناك سلطان، كانت
بالخيار بين أن تصبر أبدا وبين أن ترفع أمرها إليه. فإن رفعت أمرها إليه نظر،
فإن كان له ولي ينفق عليها فعليها أن تصبر أبدا، وإن لم يكن ولي، أجلها أربع
سنين، وكتب إلى الآفاق يبحث عن أمره، فإن كان حيا لزمها الصبر، وإن لم
يعرف له خبر بعد أربع سنين أمرها أن تعتد عدة المتوفى عنها زوجها، وتتزوج إن
شاءت بعد ذلك.
وقال قوم: عليها أن تصبر أبدا، ولم يفصلوا (3). وروي ذلك عن علي عليه
السلام (4)، وبه قال أبو حنيفة (5)، واختاره الشافعي في الجديد (6). وقال في

(1) النساء: 23.
(2) سنن أبي داود 2: 230 حديث 2088، وسنن الدارمي 2: 139، والسنن الكبرى 7: 140 و 141،
مسند أحمد بن حنبل 5: 8 و 18.
(3) منهم: ابن شبرمة، وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وغيرهم انظر ذلك في المغني لابن قدامة 9: 132، وفتح الباري 9: 431.
(4) الأم 5: 241، وعمدة القاري 20: 279، وبداية المجتهد 2: 52، والمغني لابن قدامة 9: 132، والشرح
الكبير 9: 127، والمجموع 18: 158، وسبل السلام 3: 1143، وفتح الباري 9: 431.
(5) عمدة القاري 20: 279، وبداية المجتهد 2: 52، والمغني لابن قدامة 9: 132، والشرح الكبير
9: 127، والمجموع 18: 158، ورحمة الأمة 2: 84 و 85، والميزان الكبرى 2: 136، وسبل السلام
3: 1143، وفتح الباري 9: 431.
(6) الأم 5: 241، ومختصر المزني: 225، والسراج الوهاج: 454، ومغني المحتاج 3: 397، وبداية المجتهد.
2: 52، والوجيز 2: 99، والمجموع 18: 155 و 156 و 159، والمغني لابن قدامة 9: 132، والشرح
الكبير 9: 127، وعمدة القاري 20: 279، ورحمة الأمة 2: 84 و 85، والميزان الكبرى 2: 136،
وسبل السلام 3: 1143، وفتح الباري 9: 431.
281

القديم: يضرب لها أربع سنين، ثم يفرق الحاكم بينهما ويحكم بموته. فإذا
انقضت عدة الوفاة جاز لها النكاح (1). وبه قال عمر بن الخطاب (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 44: إذا تزوجت المرأة في عدتها، ودخل بها الثاني، فرق بينهما، ولم
تحل له أبدا. وبه قال عمر بن الخطاب (4). وهو قول الشافعي في القديم،
ومالك (5).
وقال في الجديد: لا تحرم عليه (6)، وروي ذلك عن علي عليه السلام (7).
دليلنا: إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في ذلك.
مسألة 45: إذا طلق زوجته طلاقا رجعيا وغاب عنها، ثم راجعها قبل
انقضاء عدتها، وأشهد على نفسه بذلك، ولم تعلم المرأة بالمراجعة فقضت العدة

(1) المجموع 18: 155، والسراج الوهاج: 454، والوجيز 2: 99، ومغني المحتاج 3: 397، والمغني لابن
قدامة 9: 132، والشرح الكبير 9: 127 و 128، ورحمة الأمة 2: 85، والميزان الكبرى 2: 136،
وسبل السلام 3: 1143، وفتح الباري 9: 431.
(2) المجموع 18: 155، وبداية المجتهد 2: 52، وسبل السلام 3: 1142 و 1143، ورحمة الأمة 2: 85،
والميزان الكبرى 2: 136، وفتح الباري 9: 431.
(3) الكافي 6: 174 باب المفقود، ومن لا يحضره الفقيه 3: 354 حديث 1696، والتهذيب 7: 478 و 479
حديث 1921 - 1923.
(4) الأم 5: 233، والمدونة الكبرى 2: 442، وأحكام القرآن للجصاص 1: 425، والمحلى 9: 480 و
481، والمجموع 18: 191، وفتح الرحيم 2: 47.
(5) الأم 5: 233، والمجموع 18: 191، والمدونة الكبرى 2: 442، وفتح الرحيم 2: 47، وبلغة السالك
1: 499، والمحلى 9: 499، وأحكام القرآن للجصاص 1: 425.
(6) أحكام القرآن للجصاص 1: 425، والوجيز 2: 98، والمجموع 18: 191، والمحلى 9: 479.
(7) انظر أحكام القرآن للجصاص 1: 425، والمحلى 9: 480، والمجموع 16: 191.
282

في الظاهر، وتزوجت، ودخل بها الثاني، كان نكاح الثاني باطلا، دخل بها أو
لم يدخل. وبه قال علي - عليه السلام، واختاره الشافعي قولا واحدا (1).
وقال عمر بن الخطاب: إذا دخل بها الثاني صح النكاح (2).
دليلنا: أن الثاني تزوج بزوجة الغير، فهي محرمة عليه، لقوله تعالى:
" والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم " (3).
مسألة 46: إذا كان للمرأة ولي يحل له نكاحها - مثل إن كانت بنت عمه -
أو كان له أمة فأعتقها، فأراد نكاحها، جاز أن يزوجها من نفسه بإذنها. وبه
قال ربيعة، ومالك، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (4).
وقال الشافعي: ليس له أن يزوجها من نفسه، لكن يزوجها السلطان (5).
دليلنا: أنا قد دللنا أن النكاح لا يفتقر إلى ولي إذا كانت ثيبا، وإن كانت
بكرا فلا ولاية لغير الأب والجد، وأنه لا ولاية لابن العم. وإذا ثبت ذلك سقط
هذا الخلاف.
وأيضا قوله تعالى: " وترغبون أن تنكحوهن " (6) وهذه نزلت في شأن يتيمة

(1) الأم 5: 244 و 245، وبداية المجتهد 2: 85، والمجموع 17: 275، والمغني لابن قدامة 8: 499،
والشرح الكبير 8: 483، ورحمة الأمة 2: 86، والميزان الكبرى 2: 136.
(2) بداية المجتهد 2: 85، وفتح الرحيم 2: 75، والمجموع 17: 275، والمغني لابن قدامة 8: 499، والشرح
الكبير 8: 483.
(3) النساء: 24.
(4) أحكام القرآن للجصاص 2: 51، والمبسوط 5: 17 و 18، واللباب 2: 202، وشرح فتح القدير
2: 427، والهداية 2: 427، وفتح الباري 9: 188، وتبيين الحقائق 2: 132، والمحلى 9: 473،
والمغني لابن قدامة 7: 361، والشرح الكبير 7: 449، والمجموع 16: 176.
(5) الوجيز 2: 7، والمجموع 16: 172 و 173 و 175، والمحلى 9: 473، والمغني لابن قدامة 7: 361 و
362، والشرح الكبير 7: 450، وشرح فتح القدير 2: 427، والهداية 2: 427، وفتح الباري
9: 188، وتبيين الحقائق 2: 132.
(6) النساء: 127.
283

في حجر بعض الأنصار (1).
وأيضا: فإن النبي - صلى الله عليه وآله - أعتق صفية، وجعل عتقها
صداقها (2). ومعلوم أنه تزوجها من نفسه.
مسألة 47: إذا جعل الأب أمر بنته البكر إلى أجنبي، وقال له: زوجها من
نفسك، فإنه يصح. وبه قال أبو حنيفة (3).
وقال الشافعي: لا يصح (4).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء، فإنه إذا ثبت ذلك فأحد لا يفرق
بين المسألتين.
مسألة 48: الولي الذي ليس بأب ولا جد، إذا أراد أن يزوج كبيرة بإذنها
بابنه الصغير كان جائزا.
وقال الشافعي: لا يجوز، لأنه يكون موجبا قابلا (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وما قلناه في المسألة الأولى أيضا.
مسألة 49: للأب أن يزوج بنته الصغيرة بعبد أو مجنون، أو مجذوم، أو
أبرص، أو خصي.
وقال الشافعي: ليس له ذلك (6).

(1) فتح الباري 9: 136 و 137.
(2) سنن الدارمي 2: 154، وسنن الدارقطني 3: 285 حديث 150 - 152، وسنن ابن ماجة 1: 629
حديث 1958، وصحيح البخاري 7: 8، وسنن أبي داود 2: 221 حديث 2054.
(3) فتح الباري 9: 188، وتبيين الحقائق 2: 132، والمجموع 16: 175 و 176، والميزان الكبرى
2: 110.
(4) الوجيز 2: 7، والمجموع 16: 175، وفتح الباري 9: 188، وتبيين الحقائق 2: 132، والميزان الكبرى
2: 110.
(5) المجموع 14: 102 و 103، وفتح الباري 9: 188، وأحكام القرآن للجصاص 2: 53.
(6) الأم 5: 19، ومختصر المزني: 166، والوجيز 2: 8، والسراج الوهاج: 369، ومغني المحتاج 3: 164،
والمجموع 16: 196، والمغني لابن قدامة 7: 381.
284

دليلنا: أنا قد بينا أن الكفاءة ليس من شرطها الحرية ولا غير ذلك من
الأوصاف، فعلى هذا يسقط الخلاف، وأيضا: الأصل الإباحة، والمنع يحتاج
إلى دليل.
مسألة 50: إذا زوجها من واحد ممن ذكرناه، صح العقد.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (1).
والثاني: باطل (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 51: إذا كانت للحرة أمة، جاز لها أن تزوجها. وبه قال أبو
حنيفة (3).
وقال الشافعي: لا يجوز (4).
دليلنا: إجماع الفرقة.
مسألة 52: يجوز أن يكون العبد وكيلا في التزويج في الإيجاب والقبول.
وقال الشافعي: لا يجوز في الإيجاب. وفي القبول على وجهين (5).

(1)، والوجيز 2: 8، والمجموع 16: 196، والسراج الوهاج: 369، ومغني المحتاج 3: 164، والمغني لابن
قدامة 7: 381.
(2) الأم 5: 19، ومختصر المزني: 166، والمجموع 16: 196، والوجيز 2: 8، والسراج الوهاج: 369،
ومغني المحتاج 3: 164، والمغني لابن قدامة 7: 381.
(3) أحكام القرآن للجصاص 1: 401، والمجموع 16: 154، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى
2: 109، وسبل السلام 3: 992.
(4) الأم 5: 19، ومختصر المزني: 166، وكفاية الأخيار 2: 30، والوجيز 2: 10، والمجموع 14: 102،
ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 109، والمبسوط 5: 10.
(5) كفاية الأخيار 2: 31، والوجيز 2: 6، والمجموع 14: 103، والسراج الوهاج: 247، ومغني المحتاج
2، 218، وحاشية إعانة الطالبين 3: 84 و 85.
285

دليلنا: أن الأصل جوازه، والمنع يحتاج إلى دليل.
مسألة 53: إذا تزوج العبد بإذن سيده، فقال: إنه حر، فبان أنه عبد،
كانت بالخيار. وبه قال أبو حنيفة (1).
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: النكاح باطل (2).
والآخر: النكاح صحيح (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 54: إذا تزوج العبد بحرة على أنه حر، فبان أنه عبد، أو انتسب إلى
قبيلة وكان بخلافها. سواء كان أعلى مما ذكر أو أدنى. أو ذكر أنه على صفة
وكان على خلافها من طول أو قصر، أو حسن أو قبح، أو سواد أو بياض كان
النكاح صحيحا والخيار إلى الحرة. وبه قال أبو حنيفة (5).
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، وهو اختيار المزني، وأبي حامد الأسفرايني (6).

(1) المبسوط 5: 131، والنتف 1: 305، والمجموع 16: 287، والمغني لابن قدامة 7: 419، والشرح الكبير
7: 553.
(2) الأم 5: 83، ومختصر المزني: 166، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 208، والمجموع
16: 285 و 287، والمغني لابن قدامة 7: 419، والشرج الكبير 7: 553.
(3) الأم 5: 43 و 83، ومختصر المزني: 166، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 208، والمجموع
16: 285، والمغني لابن قدامة 7: 419، والشرح الكبير 7: 553.
(4) الكافي 5: 410 حديث 1 و 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 287 حديث 1369، والتهذيب 7: 428
حديث 1707.
(5) المبسوط 5: 131، والنتف 1: 305، والمغني لابن قدامة 7: 419، والشرح الكبير 7: 553، والمجموع
16: 287، والبحر الزخار 4: 67.
(6) الأم 5: 83، ومختصر المزني: 166، والوجيز 2: 18 و 19، والمجموع 16: 285 و 287، والسراج
الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 298 والمغني لابن قدامة 7: 419، والشرح الكبير 7: 553، والبحر
الزخار 4 / 67.
286

والآخر: النكاح باطل (1).
دليلنا: أنه إذا ثبتت المسألة الأولى ثبتت هذه، فإن أحدا لا يفرق بينهما.
وأيضا: عليه إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، فإنهم رووا أيضا أن من انتسب
إلى قبيلة فكان على خلافها. فقال النبي صلى الله عليه وآله: " لها
الخيار " (3).
وأيضا: فالأصل جواز العقد وصحته، وبطلانه يحتاج إلى دليل وقال صلى
الله عليه وآله: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " (4) وهذا نكاح بولي
وشاهدي عدل، فوجب أن يكون صحيحا لظاهر الخبر.
مسألة 55: إذا كان الغرور من جهة الزوجة إما بالنسب أو الحرية أو
الصفة فالنكاح موقوف على اختياره. فإن أمضاه مضى، وإلا كان له الفسخ.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، وهو المذهب (5).
والثاني: العقد باطل (6).

(1) الأم 5: 83، والوجيز 2: 18، والمجموع 16: 285، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3 /: 208،
والشرح الكبير 7: 553، والبحر الزخار 4: 67.
(2) الكافي 5: 410 باب الرجل يدلس نفسه، والفقيه 3: 287 حديث 1329، والتهذيب 7: 428
حديث 1707.
(3) لم أعثر على هذا الحديث في المصادر المتوفرة.
(4) سنن الدارقطني 3: 225 حديث 21 - 23، والسنن الكبرى 7: 125، ودعائم الإسلام 2: 218
حديث 807، ومجمع الزوائد 4: 286، وتلخيص الحبير 3: 162 حديث 1512.
(5) الأم 5: 83، ومختصر المزني: 166، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 208، والوجيز 2: 18،
والمجموع 16: 288، والمغني لابن قدامة 7: 422، والشرح الكبير 7: 543، والبحر الزخار 4: 67.
287

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
مسألة 56: يجوز للمرأة أن تزوج نفسها أو غيرها بنتها أو أختها، ويجوز أن
تكون وكيلة في الإيجاب والقبول. وبه قال أبو حنيفة (2).
وقال الشافعي: كل ذلك لا يجوز (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا: فالأصل جوازه، والمنع يحتاج إلى دليل.
وروي عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر (4)
بالمنذر بن الزبير (5)، وكان أخوها غائبا بالشام، فلما قدم قال: أمثلي يفتات
عليه في بناته؟ (6).
مسألة 57: لا ينعقد النكاح بلفظ البيع، ولا التمليك، ولا الهبة، ولا العارية،
ولا الإجارة، فلو قال: بعتكها، أو ملكتكها، أو وهبتكها، كل ذلك لا يصح،

(1) الكافي 5: 404 باب المدالسة في النكاح...، والتهذيب 7: 422 باب 38 حديث 1690 - 1692.
(2) أحكام القرآن للجصاص 1: 401، واللباب 2: 189، وبدائع الصنائع 2: 247، وفتح الباري
9: 187، والمبسوط 5: 10، والمجموع 16: 154، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان الكبرى 2: 109،
وسبل السلام 3: 992.
(3) الأم 5: 19، وكفاية الأخيار 2: 30، والمجموع 14: 102 و 16: 154، ومغني المحتاج 3: 147 و 218،
والسراج الوهاج: 247 و 364، وأحكام القرآن للجصاص 1: 401، ورحمة الأمة 2: 27، والميزان
الكبرى 2: 109، والمبسوط 15: 11، وفتح الباري 2: 187، وسبل السلام 3: 992، والبحر الزخار
4: 26.
(4) حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة بن عامر. أمها قرينة الصغرى بنت أبي أمية بن
المغيرة. الطبقات الكبرى 8: 468.
(5) المنذر بن الزبير بن العوام، أبو عثمان، تولى إمرة المدينة من قبل أخيه عبد الله بن الزبير سنة خمس
وستين للهجرة. الطبقات الكبرى 5: 147.
(6) الموطأ 2: 555 حديث 15 باختلاف يسير في اللفظ. وأشار ابن سعد في طبقاته 8: 468 إلى هذا
الزواج فلاحظ.
288

سواء ذكر في ذلك المهر أو لم يذكر. وبه قال في التابعين: عطاء، وسعيد بن
المسيب، والزهري، وبه قال ربيعة، والشافعي (1).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: يصح بلفظ البيع، والهبة، والصدقة
والتمليك (2).
وعنه في لفظ الإجارة روايتان سواء ذكر المهر أو لم يذكر (3).
وقال مالك: إن ذكر المهر فقال: بعتكها على مهر كذا، أو ملكتكها على
مهر كذا صح، وإن لم يذكر المهر لم يصح، لأن ذكر المهر يخلص اللفظ
للنكاح (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا: فإن ما اعتبرناه مجمع عليه، وما ذكروه من أن
النكاح ينعقد به ليس عليه دليل.
وأيضا قوله تعالى: " يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك - إلى قوله - وامرأة
مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون
المؤمنين " (5) فأخبر تعالى أنه خص رسوله بأن جعل له الموهوبة خالصة له من

(1) الأم 5: 37 و 38، والسراج الوهاج:، ومغني المحتاج 3: 140، والوجيز 2: 3، والمجموع
16: 210، وبداية المجتهد 2: 4، والمغني لابن قدامة 7: 429، والشرح الكبير 7: 371، ورحمة الأمة
2: 33، والميزان الكبرى 2: 111، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 155، والبحر الزخار
4: 18.
(2) اللباب 2: 191، وبداية المجتهد 2: 4، والمجموع 16: 210، والمغني لابن قدامة 7: 429، والشرح
الكبير 7: 371، ورحمة الأمة 2: 33، والميزان الكبرى 2: 111، وشرح النووي على
صحيح مسلم 6: 155، والبحر الزخار 4: 18.
(3) اللباب 2: 191، والمغني لابن قدامة 7: 429، والمجموع 16: 210، والشرح الكبير 7: 371، ورحمة
الأمة 2: 33، والميزان الكبرى 2: 111.
(4) بداية المجتهد 2: 4، وأسهل المدارك 2: 69 والمغني لابن قدامة 7: 429، والشرح الكبير 7: 371،
والمجموع 16: 210، والميزان الكبرى 2: 111 و 112، ورحمة الأمة 22: 33.
(5) الأحزاب: 50.
289

دون المؤمنين، لأن الكناية إليها رجعت.
فمن قال: إنه في الموهوبة وغيره سواء، فقد ترك الآية.
فإن قيل: الكناية إنما رجعت إلى سقوط البدل في الموهوبة ابتداء وانتهاء،
فكأنه قال: والموهوبة خالصة لك من دون المؤمنين بغير بدل ابتداء وانتهاء.
وكذلك نقول: إن هذا له خاصة دون غيره.
والجواب عنه من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الكناية إنما ترجع إلى ما تقدم ذكره، والذي تقدم ذكره هو
الموهوبة، ولم يحر للبدل ذكر.
فإن قالوا على هذا وإن لم يجر له ذكر نطقا، فقد ضمن النطق سقوط
البدل، وهو كونها موهوبة.
قلنا: الكناية إنما ترجع إلى مذكور منطوق به، فأما إلى ما في ضمن النطق
فلا يجوز.
الثاني: أن تكون الكناية راجعة إلى الأمرين معا، وهو أنها خالصة بلفظ
الهبة وغير بدل.
الثالث: إذا حمل الأمر على هذا لم يكن ذلك للنبي خاصة، لأن غيره
يشاركه فيه وهو إذا زوج السيد أمته من عبده فإن النكاح يصح من غير بدل
ابتداء وانتهاء. والقوم يقولون هاهنا: يجب المهر ثم يسقط. وهذه عبارة ليس
تحتها معنى.
فإن قيل: قوله عز وجل: " خالصة لك من دون المؤمنين " (1) معناه بعد
تمام العقد، وحصول الملك تنفرد بها خالصة لك، وكذلك نقول.
قلنا عنه جوابان:

(1) الأحزاب: 50.
290

أحدهما: هو أن الله تعالى إنما خصه بها، وجعلها خالصة له بالعقد، فهي في
نفس العقد خالصة له.
والثاني: حمل هذا على ما بعد العقد، وتمام الملك يسقط فائدة التخصيص،
لأن غير النبي كالنبي في أن امرأته خالصة له دون غيره.
فإن قيل: فكيف يصح أن تكون الكناية راجعة إلى حال العقد، وحال
العقد ما ملك بعد.
قلنا: ملك القبول حال العقد إيجابا بلفظ الهبة، وهذا خالص له دون غيره.
فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وآله - خصه الله به أن يستنكحها، وكذلك
نقول متى أراد استئناف العقد عليها كان له، فإن الله تعالى قال: " إن أراد
النبي أن يستنكحها " (1).
قلنا: النبي - صلى الله عليه وآله - خصه به أن يقبل النكاح بأي لفظ شاء
من إيجاب بلفظ الهبة خاص له، وليس هذا لغيره بحال.
مسألة 58: إذا قال الولي: زوجتكها أو أنكحتكها فقال الزوج: قبلت.
ولم يزد انعقد العقد وتم.
وللشافعي فيه ثلاث طرق:
منهم من قال: لا يجزي قولا واحدا (2).
ومنهم من قال: يجزي قولا واحدا (3).
ومنهم من قال: المسألة على قولين، وهو الأشبه عندهم (4).

(1) الأحزاب: 50.
(2) الأم 5: 38، والسراج الوهاج: 363، ومغني المحتاج 3: 141، والمجموع 16: 211، والمغني لابن قدامة
7: 428، ورحمة الأمة 2: 34، والميزان الكبرى 2: 112، والشرح الكبير 7: 374.
(3) المجموع 16: 211، ومغني المحتاج 3: 141، ورحمة الأمة 2: 34، والميزان الكبرى 2: 112.
(4) الوجيز 2: 4، ومغني المحتاج 3: 141، والمجموع 16: 211.
291

دليلنا: أن الجواب متضمن للإيجاب، فإذا قال زوجتكها فقال قبلت.
معناه قبلت التزويج، وكان صحيحا. ألا ترى أنه لو قال: وهبت منك هذا
الثوب، فقال: قبلت، صح، وعلم أن معناه قبلت الثوب. وكذلك في البيع إذا
قال: قبلت، ولم يقل الشراء. وكذلك إذا قرره الحاكم على دعوى مدع، هل
يستحقها عليك؟ قال: نعم. أجزءه، وكان معناه نعم هي له.
مسألة 59: متى شرط خيار الثلاث في عقد النكاح، كان العقد باطلا.
وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يبطل الشرط، والنكاح بحاله (2).
دليلنا: أن العقد حكم شرعي يحتاج إلى دلالة شرعية، ولا دلالة على ثبوت
هذا العقد.
مسألة 60: الخطبة قبل عقد النكاح مسنونة غير واجبة. وبه قالت الأمة
بأجمعها (3) إلا داود فإنه قال: هي واجبة (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، بل إجماع الأمة، وخلاف داود لا يعتد به. وأيضا:
فإنه قد انقرض فبقي ما اتفقت عليه الأمة، وهو الاستحباب.
وأيضا: فإن إيجابها يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل على وجوبها،
ولأن النبي صلى الله عليه وآله قال: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " (5)

(1) الأم 5: 38 و 81، ومغني المحتاج 3: 226، والسراج الوهاج: 390، والمجموع 16: 250، والمبسوط
5: 94، وبداية المجتهد 2: 8.
(2) المبسوط 5: 94 و 95، وبداية المجتهد 2: 8.
(3) المغني لابن قدامة 7: 433، والشرح الكبير 7: 369، وعمدة القاري 20: 134، والمجموع 16: 207،
وبداية المجتهد 2: 3، والميزان الكبرى 2: 111.
(4) عمدة القاري 20: 134، والمغني لابن قدامة 7: 433، والشرح الكبير 7: 369، والمجموع 16: 207،
وبداية المجتهد 2: 3، والبحر الزخار 4: 10، والميزان الكبرى 2: 111.
(5) سنن الدارقطني 3: 225 حديث 21 - 33، والسنن الكبرى 7: 125، ومجمع الزوائد 4: 286، ودعائم
الإسلام 2: 218، وتلخيص الحبير 3: 162 حديث 1512.
292

ولم يذكر الخطبة.
وفي حديث سهل بن سعد الساعدي أنه - صلى الله عليه وآله - قال لرجل:
" زوجتكها بما معك من القرآن " (1) ولم يقل خطب (2).
وتزوج - صلى الله عليه وآله - عائشة ولم يخطب (2).
مسألة 61: لا أعرف نصا لأصحابنا في استحباب الخطبة التي تتخلل
العقد.
وقال الشافعي: يستحب للولي أن يخطب بكلمات عند الإيجاب،
ويستحب للزوج مثل ذلك عند القبول (3).
دليلنا: أن استحباب ذلك يحتاج إلى دليل.
فإن قيل: دليله من حيث هو تحميد وتمجيد وصلاة على رسول الله صلى
الله عليه وآله.
قلنا: ولم يخص ذلك حال العقد دون غيرها من الأحوال.
مسألة 62: لا يجوز لأحد أن يتزوج بأكثر من أربع. وبه قالت الأمة
بأجمعها (4) وحكوا عن القاسم بن إبراهيم (5) أنه أجاز العقد على

(1) صحيح البخاري 6: 236 و 237، وسنن الترمذي 2: 291 حديث 1121، وسنن الدارمي 2: 142،
وسنن أبي داود: 2: 236 حديث 2111، والبحر الزخار 4: 10.
(2) للم أقف على هذا الخبر في المصادر المتوفرة.
(3) الوجيز 2: 3، والمجموع 16: 208 - 210.
(4) الأم 5: 145، وأحكام القرآن للجصاص 2: 54، والمحلى 9: 441، والنتف 1: 256، واللباب
2: 204، وعمدة القاري 20: 91، وبدائع الصنائع 2: 265، وفتح الباري 9: 139، والمغني لابن
قدامة 7: 436، والمجموع 16: 244، والشرح الكبير 7: 497، ونيل الأوطار 6: 289، وتبيين
الحقائق 2: 112.
(5) أبو محمد القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه
السلام - المعروف بالرسي، أحد الأئمة الزيدية، وإليه تنسب القاسمية، ولد سنة 169، وتوفي سنة
246 هجرية. الحدائق الوردية 2: 2.
293

تسع (1). وإليه ذهبت القاسمية من الزيدية (2). هذه حكاية الفقهاء عنهم،
ولم أجد أحدا من الزيدية يعترف بذلك، بل أنكروها أصلا.
فإذا المسألة إجماع، وعليها إجماع الفرقة. وقوله تعالى: " مثنى وثلاث
ورباع " (3) لا يدل على ذلك، لأن المراد بالواو " أو " ولو كان المراد جمع لجاز
الجمع بين ثمانية عشر، لأن قوله تعالى: " مثنى " معناه: اثنين اثنين، وكذلك
قوله: " وثلاث ورباع " يعني: ثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا. كما يقول القائل: جاء
الناس مثنى وواحدا، يعني اثنين اثنين وواحدا واحدا. وهذا باطل بالاتفاق.
وأيضا: فقد روي أن غيلان (4) أسلم وعنده عشر نسوة، فقال صلى الله
عليه وآله: (أمسك أربعا وفارق سائرهن) (5) وأسلم نوفل بن معاوية (6) وتحته
خمس. فأمره النبي - صلى الله عليه وآله - أن يفارق واحدة منهن (7).

(1) المغني لابن قدامة 7: 436، والشرح الكبير 7: 497، وبدائع الصنائع 2: 265، وتبيين الحقائق
2: 112، والمجموع 16: 244، ونيل الأوطار 6: 289.
(3) النساء: 3.
(4) غيلان بن سلمة بن معتب بن مالك بن كعب الثقفي أسلم يوم الفتح وتحته عشر نسوة،
فأمره النبي - صلى الله عليه وآله - أن يختار منهن أربعا. مات غيلان بن سلمة في آخر خلافة عمر بن
الخطاب. تاريخ الصحابة لابن حيان: 204.
(5) المستدرك على الصحيحين 2: 193، ومسند ترتيب الشافعي 2: 16 حديث 43، والاحسان بترتيب
صحيح ابن حبان 6: 182 حديث 4145.
(6) نوفل بن معاوية بن عروة، وقيل: نوفل بن معاوية بن عمر الديلي من بني الديل بن بكر بن عبد مناة،
أسلم، وشهد مع النبي - صلى الله عليه وآله - فتح مكة، وهو أول مشاهده ونزل المدينة حتى توفي بها
أيام يزيد بن معاوية، وكان عاش في الجاهلية ستين وفي الإسلام ستين سنة. تاريخ الصحابة
251، وأسد الغابة 5: 47.
(7) مسند ترتيب الشافعي 2: 16 حديث 44، وتلخيص الحبير 3: 170 حديث 1528.
294

مسألة 63: لا يجوز للعبد أن يتزوج بأكثر من حرتين، أو أربع إماء.
وقال الشافعي: لا يزيد على ثنتين، حرتين كانتا أو أمتين (1). وبه قال
عمر في الصحابة، وعبد الرحمن بن عوف، وحكوا ذلك عن علي عليه السلام.
وفي التابعين: عطاء، والحسن البصري. في الفقهاء: الليث بن سعد، وأهل
مصر. وبه قال أهل الكوفة ابن أبي ليلى، وابن شبرمة، والثوري، وأبو حنيفة
وأصحابه، وأحمد، وإسحاق (2).
وذهب قوم: إلى أنه كالحر، له نكاح أربع. ذهب إليه الزهري، وربيعة،
ومالك. وبه قال داود، وأبو ثور (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، ولأن العقد على ثنتين مجمع على جوازه،
وما زاد عليهما يحتاج إلى دليل.
ودليلنا: على جواز أربع إماء إجماع الفرقة.
وأيضا: قوله تعالى: " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت
أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء " (5) فنفى المساواة بين السيد

(1) الأم 5: 41، والسراج الوهاج: 374، والمجموع 16: 244، ومغني المحتاج 3: 181، وأحكام القرآن
للجصاص 2: 55، وبداية المجتهد 2: 40، والمغني لابن قدامة 7: 437، والشرح الكبير 7: 498،
والجامع لأحكام القرآن 5: 22 و 23، والمحلى 9: 444، ورحمة الأمة 3: 38، والميزان الكبرى
2: 114، ونيل الأوطار 6: 289 و 290.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 55، والمبسوط 5: 124، والنتف 1: 256، والمحلى 9: 444، والمغني
لابن قدامة 7: 437، والجامع لأحكام القرآن 5: 22 و 23، واللباب 4: 204، وبداية المجتهد
2: 40،
ونيل الأوطار 6: 290، والميزان الكبرى 2: 114، والمجموع 16: 243.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 54، والمحلى 9: 444، والمغني لابن قدامة 7: 437، والمبسوط 5: 124،
والجامع لأحكام القرآن 5: 22، ورحمة الأمة 2 / 38، والشرح الكبير 7: 498، وبداية المجتهد 2: 40،
ونيل الأوطار 6: 290، والميزان الكبرى 2: 114، والمجموع 16: 243.
(4) الكافي 5: 476 باب ما يحل للمملوك من النساء حديث 1 - 3، والتهذيب 7: 296 حديث 1239
و 1240 و 1242، والاستبصار 3: 213 باب 133 حديث 6.
(5) الروم: 28.
295

وعبده. وذلك على عمومه، وعليه إجماع الصحابة، أنه لا يجوز أن يعقد على أكثر
من حرتين.
مسألة 64: يجوز الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، إذا رضيت العمة والخالة
بذلك. وعند جميع الفقهاء أنه لا يجوز ذلك (1) - أعني: الجمع بينهما، ولا تأثير
لرضاهما -.
وذهبت الخوارج: إلى أن ذلك جائز على كل حال (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: الأصل جوازه، والمنع يحتاج إلى دليل.
وأيضا: قوله تعالى بعد ذكر المحرمات: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (3) ولم
يفرق.
وقوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " (4)
ولم يفصل.
مسألة 65: إذا أبان زوجته بخلع، أو مباراة، أو فسخ، جاز له أن يتزوج
بأختها، وعمتها، وخالتها قبل أن تخرج من العدة. وبه قال زيد بن ثابت،
والزهري، ومالك، والشافعي (5).

(1) الأم 5: 5، والمجموع 16: 225 و 226، والسراج الوهاج: 374، ومغني المحتاج 3: 180،
وشرح النووي على صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 6: 132، وبداية المجتهد 2: 41، والمحلى
9: 524، والمغني لابن قدامة 7: 478، وأحكام القرآن للجصاص 2: 134، وفتح الباري 9: 161،
وكفاية الأخبار 2: 36، والشرح الكبير 7: 485، ورحمة الأمة 2: 37، والميزان الكبرى 2: 13،
وسبل السلام 3: 998، ونيل الأوطار 6: 286 و 287.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 134 و 135، والمغني لابن قدامة 7: 478، والشرح الكبير 7: 485،
والمجموع 16: 225، وفتح الباري 9: 161، وسبل السلام 3: 998، ونيل الأوطار 6: 286 و 287.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 134 و 135، والمغني لابن قدامة 7: 478، والشرح الكبير 7: 485،
والمجموع 16: 225، وفتح الباري 9: 161، وسبل السلام 3: 998، ونيل الأوطار 6: 287، وشرح
النووي على صحيح مسلم 6: 132.
(3) النساء: 24.
(4) النساء: 3.
(5) المجموع 16: 227، والسراج الوهاج: 374، ومغني المحتاج 3: 182، والمبسوط 4: 202، وأحكام
القرآن للجصاص 2: 132، والهداية 2: 380، والمغني لابن قدامة 7: 441، والشرح الكبير 7: 499.
296

وذهبت قوم: إلى أنه لا يجوز قبل الخروج من العدة على كل حال. حكوا
ذلك عن علي - عليه السلام - وابن عباس. وبه قال الثوري، وأبو حنيفة
وأصحابه (1).
وهكذا الخلاف إذا كان تحته أربع فطلق واحدة، هل له نكاح أخرى قبل
انقضاء عدة هذه أم لا؟ ولو طلقهن كلهن لم يكن له أن يتزوج غيرهن،
لا واحدة ولا أربعا حتى تنقضي عدتهن (2).
وهكذا لو كان له زوجة واحدة فطلقها، كان له العقد على أربع سواها.
وقالوا: لا يجوز (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4) وأيضا: قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب
لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع " (5).
وقال عز وجل: " اليوم أحل لكم الطيبات - إلى قوله - والمحصنات من
المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب " (6) وأراد بالمحصنات: الحرائر.
ولم يفصل.
مسألة 66: إذا قتلت المرأة نفسها قبل الدخول، لم يسقط بذلك مهرها.

(1) المبسوط 4: 202، واللباب 2: 187، وأحكام القرآن للجصاص 2: 132، وشرح فتح القدير
2: 38، والهداية 2: 380، والمجموع 16: 227، والمغني لابن قدامة 7: 441، والشرح الكبير
7: 499.
(2) أحكام القرآن للجصاص 2: 132، والهداية 2: 380، والمغني لابن قدامة 7: 441، والشرح الكبير
7: 499، والمجموع 16: 227.
(3) المغني لابن قدامة 7: 441، والمجموع 16: 227، والشرح الكبير 7: 499، وأحكام القرآن للجصاص
2: 132.
(4) الكافي 6: 144 حديث 9، والتهذيب 8: 137 حديث 477، والفقه المنسوب للإمام الرضا عليه
السلام: 84 الطبعة القديمة.
(5) النساء: 3.
(6) المائدة: 5.
297

حرة كانت أو أمة.
وللشافعي فيه طريقان، فقال أبو العباس فيه قولان:
أحدهما: يسقط، حرة كانت أو أمة، كما لو ارتدت (1).
والثاني: لا يسقط، بل يستقر المهر حرة كانت أو أمة. وهو اختيار
المزني (2).
وقال أبو إسحاق وغيره: يسقط مهر الأمة ولا يسقط مهر الحرة قولا
واحدا (3).
دليلنا: أن المهر قد ثبت بالعقد، وإسقاطه بالقتل يحتاج إلى دليل.
مسألة 67: إذا زوج الرجل أمته كان له بيعها بلا خلاف، فإذا باعها كان
بيعها طلاقها، والمشتري بالخيار بين فسخ العقد وبين إمضائه، وإقراره على
ما كان.
وقال جميع الفقهاء، أن العقد بحاله (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير.
مسألة 68: الأب إذا كان فقيرا يجب على الولد نفقته، ولا يجب عليه
إعفافه بتزويجه. وبه قال أبو حنيفة وأكثر أهل العلم (6).

(1) الأم 5: 55، والوجيز 2: 22، والسراج الوهاج: 387، ومغني المحتاج 3: 218، والمجموع 16: 350.
(2) المجموع 16: 350، والسراج الوهاج: 387، ومغني المحتاج 3: 218.
(3) المجموع 16: 350، ومغني المحتاج 3: 218.
(4) الأم 5: 122، ومختصر المزني: 177، وأحكام القرآن للجصاص 2: 136، وفتح الباري 9: 404،
وعمدة القاري 20: 266، وبداية المجتهد 2: 47.
(5) الكافي 5: 483 باب " الرجل يشتري الجارية... "، والتهذيب 7: 337 حديث 1381 و 1382،
والاستبصار 3: 208 حديث 751 و 752.
(6) المبسوط 5: 222، والنتف 2: 901، وتبيين الحقائق 3: 64، وشرح فتح القدير 3: 347، والهداية
3: 347، وشرح العناية على الهداية 3: 347، والمجموع 18: 312، والميزان الكبرى 2: 112.
298

وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والآخر: لا يجب نفقته ولا إعفافه (1).
دليلنا: على وجوب النفقة: إجماع الفرقة. وأما وجوب الإعفاف: فلا دلالة
عليه، والأصل براءة الذمة.
مسألة 69: يجوز للأب إذا كان فقيرا عادما للطول أن يتزوج بأمة ابنه.
وقال الشافعي: لا يجوز (2).
دليلنا: قوله تعالى: " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات
المؤمنات فمما ملكت أيمانكم " (3) ولم يفصل.
مسألة 70: إذا كانت عنده زوجة فزنت لا ينفسخ العقد، والزوجية باقية
وبه قال جميع الفقهاء (4).
وقال الحسن البصري: تبين منه، وروي ذلك عن علي عليه السلام (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).
وأيضا: الأصل بقاء العقد، وبطلانه وانفساخه يحتاج إلى دليل.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الولد للفراش وللعاهر

(1) مختصر المزني: 234، وكفاية الأخبار 2: 87، والوجيز 2: 22، والسراج الوهاج: 384 و 385 و 471 و
472، ومغني المحتاج 3: 211 - 213 و 447، والمجموع 18: 309، و 310 و 312، والميزان الكبرى
2: 112 و 139.
(2) الوجيز 2: 22، والمجموع 16: 238، ومغني المحتاج 3: 213، والسراج الوهاج: 385.
(3) النساء: 25.
(4) المغني لابن قدامة 7: 518، والشرح الكبير 7: 505، والمجموع 16: 223، ورحمة الأمة 2: 36.
(5) روى ذلك ابن قدامة في المغني 7: 518، والشرح الكبير 7: 505، وابن رشد في بداية المجتهد 2: 40،
وكذلك روي في المجموع 16: 223، ورحمة الأمة 2: 36، وأحكام القرآن للجصاص 3: 265.
(6) التهذيب 7: 331 حديث 1362.
299

الحجر " (1). ووجه الدلالة أن من خالف يقول: تبين منه بالإيلاج، والولد
يلحق بما يكون بعده من الإنزال، والنبي - صلى الله عليه وآله - أثبتها فراشا بعد
أن حبلت فكيف يحكم بأنها بانت قبل.
وروي عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وآله - فقال: إن
امرأتي لا تكف يد لامس. فقال: " طلقها " فقال: إني أحبها، فقال:
" أمسكها " (2). فلو بانت منه لما أمره بإمساكها.
مسألة 71: إذا زنا بامرأة، جاز له نكاحها فيما بعد. وبه قال عامة أهل
العلم (3).
وقال الحسن البصري: لا يجوز (4).
وقال قتادة، وأحمد: إن تابا جاز، وإلا لم يجز (5). وروي ذلك في
أخبارنا (6).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل الإباحة.
وأيضا: قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (7) ولم يفصل.

(1) سنن الترمذي 3: 463 حديث 1157، وسنن ابن ماجة 1: 647 حديث 2006، ومسند أحمد بن
حنبل 5: 326، والكافي 7: 163 حديث 1، والتهذيب 9: 346 حديث 1242، والاستبصار
4: 185 حديث 693.
(2) والسنن الكبرى 7: 154، وسنن النسائي 6: 67 باختلاف يسير باللفظ.
(3) الأم 5: 148، والمدونة الكبرى 2: 278، والنتف 1: 262، والمغني لابن قدامة 7: 518، والشرح
الكبير 7: 502 و 505، والمجموع 16: 221، والميزان الكبرى 2: 114، ورحمة الأمة 2: 36، وتبين
الحقائق 2: 114، وأحكام القرآن للجصاص 3: 265.
(4) بداية المجتهد 2: 40، والمجموع 16: 321، والميزان الكبرى 2: 114، ورحمة الأمة 2: 36.
(5) المجموع 16: 221، والمغني لابن قدامة 7: 517 - 518، والشرح الكبير 7: 503 و 505، ورحمة الأمة
2: 36، والميزان الكبرى 2: 114.
(6) الكافي 5: 355 حديث 2 و 3 و 6، والتهذيب 7: 1344.
(7) النساء: 3.
300

وقال تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (1) ولم يفصل.
وروت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " الحرام لا يحرم
الحلال " (2) وعليه إجماع الصحابة (3).
وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وابن عباس (4)، ولا مخالف لهم.
مسألة 72: لا عدة على الزانية، ويجوز لها أن تتزوج سواء كانت حاملا أو
حائلا، غير أنه لا ينبغي أن يطأها حتى تضع ما في بطنها، و (5) يستبرئها بحيضة
استحبابا. وبه قال أبو حنيفة، ومحمد، والشافعي (6).
وقال ربيعة، ومالك والثوري، وأحمد، وإسحاق: عليها العدة حاملا كانت
أو حائلا (7).
وقال ابن شبرمة، وأبو يوسف، وزفر: إن كانت حاملا فعليها العدة، وإن
كانت حائلا فلا عدة عليها (8).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب العدة عليها يحتاج إلى دليل.
وأيضا: قوله تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (9) وقال: " فانكحوا
ما طاب لكم من النساء " (10) ولم يفصل.

(1) النساء: 24.
(2) سنن ابن ماجة 1: 649 حديث 2015، والسنن الكبرى 7: 169، والتهذيب 7: 471 حديث
1889، وسنن الدارقطني 3، 268 حديث 88 - 90، ومجمع الزوائد 4: 268.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 113.
(4) أحكام القرآن للجصاص 2: 113، والمحلى 9: 533.
(5) في النسخة الحجرية: أو.
(6) النتف 1: 262، وشرح فتح القدير 2: 381، وشرح العناية 2: 381، والهداية 2: 381، ورحمة الأمة
2: 36، والمجموع 16: 242، والمغني لابن قدامة 7: 515، والشرح الكبير 7: 503.
(7) المغني لابن قدامة 7: 515، والشرح الكبير 7: 502، والمجموع 16: 242، ورحمة الأمة 2: 36.
(8) المغني لابن قدامة 7: 515 والشرح الكبير 7: 502 والمجموع 16: 242، وشرح فتح القدير 2: 381،
والهداية 2: 381، وشرح العناية 2: 381، ورحمة الأمة 2: 36.
(9) النساء: 24.
(10) النساء: 3.
301

وقوله: " لا يحرم الحرام الحلال " (1) يدل عليه أيضا.
مسألة 73: إذا حصل بين صبيين الرضاع الذي يحرم مثله فإنه ينشر
الحرمة إلى إخوتهما وأخواتهما، وإلى من هو في طبقتهما ومن فوقهما من آبائهما،
وقال جميع الفقهاء خلاف ذلك (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا: قوله صلى الله عليه وآله: " يحرم من الرضاع
ما يحرم من النسب " (3)، وهذا لو كان بالنسب يحرم فكذلك إذا كان من
الرضاع.
مسألة 74: كل امرأتين لا يجوز الجمع بينهما في النكاح، لم يجز الجمع بينهما
في الوطء بملك اليمين. وبه قال جميع الفقهاء (4).
وقال داود وأصحابه: كل هذا يحل بملك اليمين (5).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا قوله تعالى: " وأن تجمعوا بين الأختين " (6)
ولم يفصل، وعليه إجماع الصحابة.

(1) سنن ابن ماجة 1: 649 حديث 2015، والسنن الكبرى 7: 169، والتهذيب 7: 471 حديث
1889، وسنن الدارقطني 3: 268 حديث 88 - 90، ومجمع الزوائد 4: 268.
(2) المجموع 18: 207 و 208، والشرح الكبير 9: 194.
(3) سنن ابن ماجة 1: 623 حديث 7 193، ومسند أحمد بن حنبل 1: 333، والسنن الكبرى 7: 453،
والكافي 5: 442 حديث 9، ومن لا يحضره الفقيه 3: 305 حديث 1467.
(4) المدونة الكبرى 2: 284، والمحلى 9: 522، وأحكام القرآن للجصاص 2: 130، وبدائع الصنائع
2: 264، وعمدة القاري 20: 107، وبداية المجتهد 2: 4، وفتح الباري 9: 160، وكفاية الأخبار
2: 37، والمغني لابن قدامة 7: 493، والشرح الكبير 7: 490، والمجموع 16: 228، والجامع لأحكام
القرآن 5: 117، وتبيين الحقائق 2: 103.
(5) المحلى 9: 522، والجامع لأحكام القرآن 5: 117، والمغني لابن قدامة 7: 493، والشرح الكبير
7: 49.
(6) النساء: 23.
302

وروي عن ابن عباس أنه سئل عن الجمع بين الأختين بملك اليمين؟
فقال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية أخرى، والتحريم مقدم (1).
وعن عثمان أنه قال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية أخرى، والتحريم أولى (2).
وروي مثل ذلك عن علي - عليه السلام، وابن مسعود، وابن الزبير، وابن
عباس، وعمار بن ياسر، وعائشة (3)، ولا مخالف لهم.
مسألة 75: إذا تزوج بامرأة، حرمت عليه أمها، وجميع أمهاتها وإن لم يدخل
بها.. وبه قال في الصحابة: عبد الله بن عمر، وابن عباس، وابن مسعود،
وعمران بن حصين، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وبه قال جميع الفقهاء (4).
إلا أن للشافعي فيه قولان (5).
ورووا عن علي عليه السلام أنه قال: " لا تحرم الأم بالعقد، وإنما تحرم
بالدخول، كالربيبة. سواء طلقها أو مات عنها " (6) وبه قال ابن الزبير،
وعطاء (7).

(1) أحكام القرآن للجصاص 22: 130، والجامع لأحكام القرآن 5: 117، والمغني لابن قدامة 7: 493،
والشرح الكبير 7: 490.
(2) المحلى 9: 522، وأحكام القرآن للجصاص 2: 131، والجامع لأحكام القرآن 5: 117، وبدائع
الصنائع 2: 264.
(3) المحلى 9: 522، وأحكام القرآن للجصاص 2: 130، والجامع لأحكام القرآن 5: 117، والمغني
لابن قدامة 7: 493، والشرح الكبير 7: 490.
(4) المبسوط 4: 199، وأحكام القرآن للجصاص 2: 127، وعمدة القاري 20: 100، وبدائع الصنائع
2: 258، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 376، وبداية المجتهد 2: 33، والمغني لابن قدامة 7: 472،
والمجموع 16: 217، والشرح الكبير 7: 474، والجامع لأحكام القرآن 5: 106.
(5) الأم 5: 24، ومختصر المزني: 168 و 169، والمبسوط 4: 199، والوجيز 2: 11، وكفاية الأخيار 2، 35 و
36، والمجموع 16: 217، والمغني لابن قدامة 7: 472، والشرح الكبير 7: 474، وأسهل المدارك 2: 8.
(6) حكاه ابن الأثير في جامع الأصول 12: 145 عن رزين.
(7) أحكام القرآن للجصاص 1: 127، والمحلى 9: 528، وعمدة القاري 20: 100، والمجموع 16: 217،
والمغني لابن قدامة 7: 472، وبداية المجتهد 2: 33، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 376 و 378،
والشرح الكبير 7: 474، والجامع لأحكام القرآن 5: 106.
303

وقال زيد بن ثابت: إن طلقها جاز له نكاح الأم، وإن ماتت لم يحل له
نكاح أمها. فجعل الموت كالدخول (1).
دليلنا: قوله تعالى: " وأمهات نسائكم " (2) فأبهم، ولم يشرط الدخول.
وقال ابن عباس في هذه الآية: أبهموا ما أبهم الله سبحانه (3).
وروي مثل ذلك عن أئمتنا عليهم السلام (4)، وعليه إجماع الفرقة.
وقد رويت رواية شاذة مثل ما روته العامة عن علي عليه السلام (5).
ودليل المخالف: قوله تعالى: " من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا
دخلتم بهن فلا جناح عليكم " (6) قالوا: وهذا يرجع إلى جميع ما تقدم من قوله
تعالى: " وأمهات نسائكم وربائبكم " (7).
وقد أجيب عن ذلك: بأن الشرط والاستثناء إذا تعقب جملا إنما يجب أن
يرجع إلى جميعه - عند من قال بوجوب ذلك - إذا كان مما يصح أن يرجع إليه
بانفراده، وهاهنا لا يمكن، لأنه قال: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من
نسائكم اللاتي دخلتم بهن " (8) والربائب من النساء لا محالة يصح أن يرجع
إليهن، لأنه شرط أن يكون من نسائنا، وأمهات النساء ليس من نسائنا، بل

(1) أحكام القرآن للجصاص 2: 127، والمحلى 9: 528، والمغني لابن قدامة 7: 472، 473،
وبدائع الصنائع 2: 258، والمجموع 16: 217 و 218، والشرح الكبير 7: 475، والميزان الكبرى
2: 113، والبحر الزخار 4: 32.
(2) النساء: 23.
(3) انظر بدائع الصنائع 2: 258، والمبسوط 4: 199، والمغني لابن قدامة 7: 472، والشرح الكبير
7: 475، والبحر الزخار 4: 32.
(4) التهذيب 7: 273 حديث 1165، والاستبصار 3: 156 حديث 569.
(5) لم اعتر على هذه الرواية في مصادر الحديث المتوفرة.
(6) النساء: 23.
(7) النساء: 23.
(8) النساء: 23.
304

نسائنا منهن.
وأيضا قالوا: نحن نخصص ذلك بما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص: أن
النبي صلى الله عليه وآله قال: " من نكح امرأة، ثم ماتت قبل الدخول بها، لم
تحل له أمها " (1). وهذا نص.
مسألة 76: إذا دخل بالأم حرمت البنت على التأييد، سواء كانت في
حجره أو لم تكن. وبه قال جميع الفقهاء (2).
وقال داود: إن كانت في حجره حرمت عليه، وإن لم تكن في حجره لم
تحرم عليه (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأما قوله تعالى: " وربائبكم اللاتي في حجوركم " (4) فليس ذلك شرطا في
التحريم، وإنما وصفهن بذلك، لأن في الغالب أنها تكون في حجره.
مسألة 77: إذا ملك أمة فوطأها، ثم تزوج أختها، صح نكاحها، وحرم
عليه وطء الأولى. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي (5).

(1) رواه النووي في المجموع 16: 218 بلفظ: " من نكح امرأة ثم طلقها قبل الدخول بها حرمت عليه أمها
ولم تحرم عليه ابنتها ".
(2) الأم 5، 149، والوجيز 2: 11، وبدائع الصنائع 2: 259، والمحلى 9: 529، والمغني لابن قدامة
7: 473، وبداية المجتهد 2: 33، واللباب 2: 185، والمبسوط 4: 200، وعمدة القاري 20: 100
و 104، وفتح الباري 9: 158، والجامع لأحكام القرآن 2: 129 و 5: 112، وأحكام القرآن لابن
العربي 1: 378، وأسهل المدارك 2: 80، والمجموع 16: 218، ورحمة الأمة 2: 35 و 36، والميزان
الكبرى 2: 113، والفتاوى الهندية 1: 274، والبحر الزخار 4: 32.
(3) المحلى 9: 527 و 529، وبداية المجتهد 2: 33، والجامع 16: 218، ورحمة الأمة 2: 35 و 36، والميزان الكبرى
2: 113، والبحر الزخار 4: 32.
(4) النساء: 23.
(5) مختصر المزني: 169، والوجيز 2: 11، والسراج الوهاج: 374، ومغني المحتاج 3: 181، والمجموع
16: 228، والمغني لابن قدامة 7: 496، والشرح الكبير 7: 494، وبدائع الصنائع 2: 265،
وفتاوى قاضيخان 1: 364، والفتاوى الهندية 1: 278، وتبيين الحقائق 2: 103.
305

وقال مالك: لا ينعقد النكاح، لأن الأولى فراشه كما لو سبق النكاح (1).
دليلنا: قوله تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (2) وقوله: " فانكحوا
ما طاب لكم من النساء " (3) وذلك على عمومه.
مسألة 78: يجوز للرجل أن يجمع بين المرأة وزوجة أبيها إذا لم تكن أمها.
وبه قال جميع الفقهاء (4).
وقال ابن أبي ليلى: لا يجوز الجمع بينهما (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (6)
وقوله: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (7) ولم يفرق.
مسألة 79: اختلفت روايات أصحابنا في الرجل إذا زنا بامرأة، هل يتعلق
بهذا الوطء تحريم نكاح، أم لا؟
فروي: أنه لا يتعلق به تحريم نكاح، ويجوز له أن يتجوز أمهاتها وبناتها (8)،

(1) المدونة الكبرى 2: 280، وبداية المجتهد 2: 41، وأقرب المسالك 1: 400، وبدائع الصنائع
2: 265، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 380.
(2) النساء: 24.
(3) النساء: 3.
(4) الأم 7: 155، والمجموع 16: 226، وكفاية الأخيار 2: 36، والمبسوط 4: 211، واللباب 2: 187،
وشرح فتح القدير 2: 364، وبدائع الصنائع 2: 263، وتبيين الحقائق 2: 105، والهداية
2: 364، والفتاوى الهندية 1: 277: وعمدة القاري 20: 101، وفتح الباري 9: 153، والمغني لابن
قدامة 7: 498، والشرح الكبير 7: 495، وبداية المجتهد 2: 41 و 42، والبحر الزخار 4: 44.
(5) المبسوط 4: 211، وبدائع الصنائع 2: 263، وعمدة القاري 20: 101، وتبيين الحقائق 2: 105،
والمغني لابن قدامة 7: 498، والشرح الكبير 7: 495، والأم 7: 155، والمجموع 16: 226، والبحر
الزخار 4: 44.
(6) النساء: 3.
(7) النساء: 24.
(8) التهذيب 7: 326 حديث 1343 و 7: 328 حديث 1350 و 1351، والاستبصار 3: 165 حديث
600 - 602.
306

وهو المروي عن علي - عليه السلام - وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وربيعة،
ومالك، والشافعي، وأبي ثور (1).
وقد روي: أنه يتعلق به التحريم كما يتعلق بالوطء المباح، وهو الأكثر في
الروايات (2)، وهو الذي ذكرناه في " النهاية " (3)، وبه قال الأوزاعي،
والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد، وإسحاق (4).
وقال أبو حنيفة: إن نظر إلى فرجها بشهوة، أو قبلها بشهوة، أو لمسها بشهوة
فهو كما لو زنا بها في تحريم النكاح - قال - ولو قبل أم امرأته بشهوة حرمت عليه
امرأته. ولو قبل رجل زوجة ابنه (5) بشهوة انفسخ نكاحها (6).
دليلنا: على الأول الأخبار التي رويناها في الكتاب الكبير (7).
وأيضا قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (8) وقوله: " وأحل

(1) الأم 7: 155، والمجموع 16: 221، والمحلى 9: 533، والمغني لابن قدامة 7: 482، والشرح الكبير
7: 477، والنتف 1: 256، وعمدة القاري 20: 102، وفتح الباري 9: 157، والمبسوط 4: 204،
وبداية المجتهد 2: 34، والميزان الكبرى 2: 113.
(2) الكافي 5: 416 حديث 5 و 8، والتهذيب 7: 326 حديث 1352 و 1353 و 1357 و 1360،
والاستبصار 3: 165 حديث 603 و 611 و 612.
(3) النهاية: 452.
(4) المبسوط 4: 204، وعمدة القاري 20: 102، وشرح فتح القدير 2: 365، والفتاوى الهندية 1: 274،
والهداية 2: 365، وبدائع الصنائع 2: 260، وفتح الباري 9: 157، والنتف 1: 255، وبداية
المجتهد 2: 34، والمغني لابن قدامة 7: 482، والمجموع 16: 221، والشرح الكبير 7: 477، والميزان
الكبرى 2: 113، وتبيين الحقائق 2: 106.
(5) في بعض النسخ " أبيه ".
(6) الأم 7: 155، والهداية 2: 366 - 267، واللباب 2: 187، والفتاوى الهندية 1: 274 و 275 و 276
وفتاوى قاضيخان 1: 361، وفتح الباري 9: 257، وشرح فتح القدير 2: 366 و 367، والمحلى
9: 533، وبداية المجتهد 2: 33، والمجموع 16: 221.
(7) التهذيب 7: 326 حديث 1343 و 7: 328 حديث 13500 و 1351، والاستبصار 3: 165 حديث
600 و 602،.
(8) النساء: 3.
307

لكم ما وراء ذلكم " (1).
وأيضا: الأصل الإباحة، وقوله صلى الله عليه وآله: " لا يحرم الحرام
الحلال " (2) يدل عليه أيضا، لأنه لم يفصل.
وأما الذي يدل على الثاني فطريقة الاحتياط، وأخبارنا التي ذكرناها في
الكتاب الكبير (3).
مسألة 80: إذا فجر بغلام فأوقب، حرم عليه بنته وأمه وأخته.
وقال الأوزاعي: إذا لاط بغلام، حرم عليه بنت هذا الغلام (4)، لأنها
بنت من قد دخل به، وخالف جميع الفقهاء في ذلك (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، وطريقة الاحتياط تقتضي تجنب
ذلك.
مسألة 81: اللمس بشهوة مثل القبلة واللمس إذا كان مباحا أو بشبهة
ينشر التحريم، وتحرم الأم وإن علت، والبنت وإن نزلت. وبه قال عمر بن
الخطاب، وإليه ذهب أكثر أهل العلم: أبو حنيفة، ومالك (7)، وهو المنصوص

(1) النساء: 24.
(2) سنن الدارقطني 3: 268 حديث 88 - 90، وسنن ابن ماجة 1: 649 حديث 2015، والسنن الكبرى
7: 169، ومجمع الزوائد 4: 268.
(3) الكافي 5: 416 حديث 5 و 8، والتهذيب 7: 326 حديث 1352 و 1353 و 1357 و 1360،
والاستبصار 3: 165 حديث 603 و 611 و 612.
(4) المغني لابن قدامة 7: 484، والشرح الكبير 7: 482 و 483، والمجموع 16: 221، والجامع لأحكام
القرآن 5: 116.
(5) النتف 1: 269، وفتاوى قاضيخان 1: 362، والمغني لابن قدامة 7: 484، والشرح الكبير 7: 482 و
483، والجامع لأحكام القرآن 5: 116.
(6) الكافي 5: 417 باب الرجل يفسق بغلام... حديث 1 و 2 و 4، والتهذيب 7: 310 حديث 1286 و
1287.
(7) المبسوط 4: 207، وبدائع الصنائع 2: 260 و 261، وفتح الباري 9: 157، وشرح فتح القدير
2: 367 وتبيين الحقائق 2: 106 - 107، والفتاوى الهندية 1: 274، والهداية 2: 366، والمغني
لابن قدامة 7: 486 و 487، والشرح الكبير 7: 480، والمحلى 9: 526، و 10: 116، وبداية المجتهد
2: 33، والبحر الزخار 4: 32، وأحكام القرآن للجصاص 2: 121، والجامع لأحكام القرآن 5: 113.
308

للشافعي (1)، ولا يعرف له قول غيره.
وخرج أصحابه قولا آخر: أنه لا يثبت به تحريم المصاهرة، فالمسألة مشهورة
بالقولين (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3). وأيضا إجماع الصحابة، فإن عمر
قاله (4) ولم ينكر عليه أحد.
مسألة 82: إذا نظر إلى فرجها، تعلق به تحريم المصاهرة. وبه قال أبو
حنيفة (5).
وقال الشافعي لا يتعلق به ذلك (6).

(1) الأم 7: 157، والوجيز 2: 11، والمجموع 16: 229، والسراج الوهاج: 374، ومغني المحتاج 3: 178، والوجيز 2: 11، وبدائع
الصنائع 2: 260، وفتح الباري 9: 157، والمغني لابن قدامة 7: 487، وبداية المجتهد 2: 33،
والبحر الزخار 4: 32، والشرح الكبير 7: 480.
(2) المجموع 16: 229، والسراج الوهاج: 374، ومغني المحتاج 3: 178، والوجيز 2: 11، وبدائع
الصنائع 2: 260، وفتح الباري 9: 157، والمغني لابن قدامة 7: 487، وبداية المجتهد 2: 33،
والبحر الزخار 4: 32، والشرح الكبير 7: 480.
(3) أشار المصنف قدس سره إلى جملة من الأخبار في التهذيب والاستبصار يستفاد من مفهومها التحريم.
إلا أنه عقب في ذيل تلك الأخبار بقوله: إن الوجه في هذه الروايات ضرب من الكراهة دون
الحظر. انظر التهذيب 7: 280 حديث 1187 و 1188، والاستبصار 3: 162 حديث 590 و 592.
(4) المجموع 16 / 229، وتبين الحقائق 2 / 106.
(5) المبسوط 4 / 208، وبدائع الصنائع 2: 260، والهداية 2 / 367، وشرح فتح القدير 2: 367،
والفتاوى الهندية 1 / 274، وفتاوى قاضيخان 1 / 362، والمغني لابن قدامة 7: 487، والشرح الكبير
7: 481، والمجموع 16: 221 و 230، والمحلى 9: 526، وبداية المجتهد 2: 33 والأم 7: 155، والبحر
الزخار 4: 32، وأحكام القرآن للجصاص 2: 121، والجامع لأحكام القرآن 5: 113.
(6) الأم 7: 155، والمجموع 16: 221 و 230، وكفاية الأخيار 2: 27، والمغني لابن قدامة 7: 487،
والشرح الكبير 7: 481، والمبسوط 4: 208 وبداية المجتهد 2: 33، الصنائع 2: 260، وأحكام
القرآن للجصاص 2: 121، والجامع لأحكام القرآن 5: 113.
309

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وطريقة الاحتياط.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " لا ينظر الله إلى رجل نظر
إلى فرج امرأة وابنتها " (2). وقال صلى الله عليه وآله: " من كشف قناع امرأة
حرمت عليه أمها وبنتها " (3).
مسألة 83: إذا زنا بامرأة، فأتت ببنت يمكن أن تكون منه، لم تلحق به
بلا خلاف، ولا يجوز له أن يتزوجها. وبه قال أبو حنيفة (4).
واختلف أصحابه، فقال: المتقدمون لأنها بنت من قد زنا بها، والزنا يثبت
به تحريم المصاهرة (5).
وهذا قوي إذا قلنا: أن الزنا يتعلق به تحريم المصاهرة.
وقال المتأخرون: - وعليه المناظرة - أن المنع (6) لأنها في الظاهر مخلوقة من مائة (7)
وقال الشافعي: يجوز له أن يتزوجها (8).

(1) لم أعثر على هذه الأخبار في مظانها.
(2) سنن الدارقطني 3: 268 حديث 92، والسنن الكبرى 7: 170، والبحر الزخار 4: 32، وفتح الباري
9: 157 وفيه: نقله عن ابن أبي شيبة موقوفا عن ابن مسعود، والمغني لابن قدامة 7: 487، وأحكام
القرآن للجصاص 2: 121، والجامع لأحكام القرآن 5: 113.
(3) روى القرطبي في الجامع لأحكام القرآن 5: 115 الحديث بلفظ آخر نصه: " لا ينظر الله إلى من
كشف قناع امرأة وابنتها ".
(4) المبسوط 4: 206، وبدائع الصنائع 2: 261، وشرح فتح القدير 2: 365، والأم 7: 155، والميزان
الكبرى 2: 113، والمجموع 16: 222.
(5) المبسوط 4: 206، وفتاوى قاضيخان 1: 360، والفتاوى الهندية 1: 274، والمجموع 16: 222.
(6) في النسخة الحجرية: ليس من جهة المصاهرة.
(7) المبسوط 4: 207، والفتاوي الهندية 1: 274، وفتاوى قاضيخان 1: 36، والمجموع 16: 222.
(8) الأم 7: 155، والمجموع 16: 219 و 222، والمبسوط 4: 206، والمغني لابن قدامة 7: 485، والشرح
الكبير 7: 483، والميزان الكبرى 2: 113.
310

دليلنا: ما دللنا عليه من أنه إذا زنا بامرأة حرمت عليه بنتها وانتشرت
الحرمة، وهذه بنتها، وطريقة الاحتياط تقتضي تجنب هذه.
وأيضا قوله تعالى: " حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم " (1) وهذه بنته لغة
وإن لم تكن شرعا.
مسألة 84: المحصلون من أصحابنا يقولون: لا يحل نكاح من خالف
الإسلام، لا اليهود ولا النصارى ولا غيرهم (2).
وقال قوم من أصحاب الحديث، من أصحابنا: يجوز ذلك (3).
وأجاز جميع الفقهاء التزويج بالكتابيات (4)، وهو المروي عن عمر،
وعثمان، وطلحة، وحذيفة، وجابر (5).
وروي: أن عمارا نكح نصرانية، ونكح طلحة نصرانية، ونكح حذيفة
يهودية (6).

(1) النساء: 23.
(2) ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة: 76، والسيد المرتضى في الانتصار: 117، وابن البراج في المهذب
2: 187.
(3) ذهب إليه علي بن بابويه كما حكاه عنه في المختلف كتاب النكاح: 82، والشيخ الصدوق في المقنع: 102.
(4) المدونة الكبرى 2: 306، وأسهل المدارك 2: 92، وأحكام القرآن للجصاص 2: 324، والمبسوط
4: 210، والفتاوى الهندية 1: 281، وشرح فتح القدير 2: 372، والمحلى 9: 445، وفتح الباري
9: 417، وبدائع الصنائع 2: 270، واللباب 2: 188، وعمدة القاري 20: 270، والمغني لابن
قدامة 7: 500، والشرح الكبير 7: 507، والشرح الكبير 7: 507، والجامع لأحكام القرآن 3: 68، والمجموع 16: 233.
(5) المصنف لعبد الرزاق 6: 83 حديث 10082، والسنن الكبرى 7: 172، وأحكام القرآن للجصاص
2: 325، وتفسير الطبري 2: 222، والجامع لأحكام القرآن 3: 68، وعمدة القاري 20: 270،
والأم 5: 7، والمغني لابن قدامة 7: 500، والشرح الكبير 7: 507، والمجموع 16: 232 و 233.
(6) المصنف لعبد الرزاق 6: 78 حديث 10057، والسنن الكبرى 7: 172، وأحكام القرآن للجصاص
2: 325، وعمدة القاري 20: 270، وتفسير الطبري 2: 222، والمبسوط 4: 210، والجامع لأحكام
القرآن 3: 68، والمجموع 16: 233، وشرح العناية على الهداية 2: 374، والمجموع 16: 233، والمغني
لابن قدامة 7: 500، والشرح الكبير 7: 508.
311

وروي عن عمر كراهية ذلك، وإليه ذهب الشافعي (1).
دليلنا: قوله تعالى: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " (2) وقوله سبحانه:
ولا تمسكوا بعصم الكوافر " (3) وذلك عام.
فإن قيل قوله: " ولا تنكحوا المشركات " لا يتناول الكتابيات.
قيل له: أن هذا غلط لغة وشرعا. قال الله تعالى: " وقالت اليهود عزير ابن
الله وقالت النصارى المسيح ابن الله - إلى قوله - سبحانه وتعالى عما
يشركون " (4) فسماهم مشركين.
وأما اللغة: فإن لفظ المشرك مشتق من الإشراك، وقد جعلوا لله تعالى
ولدا، فوجب أن يكونوا مشركين.
وقول اليهود: إنا لا نقول أن عزيزا ابن الله لا نقبله مع ما نطق القرآن به، ثم
إذا ثبت في النصارى ثبت في اليهود بالإجماع، لأن أحدا لا يفرق.
فإن عارضوا بقوله تعالى: " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم " (5) نحمله على من أسلم منهن، أو نخصه بنكاح المتعة، لأن ذلك
جائز عندنا.
وأما أخبارنا فقد ذكرناها في الكتاب الكبير وتكلمنا على ما يخالفها،

(1) الأم 5: 7، والسنن الكبرى 7: 172، وفتح الباري 9: 417، وتفسير القرطبي 3: 68، وتفسير الطبري
2: 222.
(2) البقرة: 221.
(3) الممتحنة: 10.
(4) التوبة: 30 - 31.
(5) المائدة: 5.
312

ولا مباينة فيما بينها. من أرادها وقف عليها هناك (1).
مسألة 85: لا يجوز مناكحة المجوس بلا خلاف.
إلا أبا ثور فإنه قال: تحل مناكحتهم (2)، وغلطة أصحاب الشافعي (3).
وقال أبو إسحاق: هذه مبنية على قولين، هل هم أهل الكتاب أم لا؟ فإن
قلنا: هم أهل الكتاب - وهو قول علي عليه السلام - (4) جاز مناكحتهم وإن
قلنا: ليسوا أهل كتاب لم تحل (5).
قال أبو حامد الأسفرايني: وهذا غلط جدا (6).
دليلنا: أنا قد بينا أن جميع من خالف الإسلام لا تجوز مناكحته، فهذا الفرع
ساقط عنا، وما دللنا به في المسألة الأولى يدل على هذه (7).
مسألة 86: لا يجوز للحر المسلم تزويج الأمة إلا بثلاث شروط: أن تكون
مسلمة أولا، ولا يجد طولا، ويخالف العنت. وبه قال ابن عباس، وجابر،
والحسن، وعطاء، وطاووس، وعمرو بن دينار، والزهري. وفي الفقهاء مالك،
والأوزاعي، والشافعي (8).

(1) التهذيب 7: 296 باب 26 حديث 1243 - 1245 و 7: 298 حديث 1246 - 1248.
(2) المحلى 9: 445 و 449، والمغني لابن قدامة 7: 502، والشرح الكبير 7: 510، وبدائع الصنائع
2: 271، وشرح فتح القدير 2: 373، وفتح الباري 9: 417، والمجموع 16: 234 و 235، وتبيين
الحقائق 2: 109، والبحر الزخار 4: 41.
(3) المجموع 16: 234 و 235.
(4) المحلى 9: 449، وتبيين الحقائق 2: 109.
(5) المجموع 16: 234 - 235.
(6) لم أقف على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(7) راجع المسألة 84 المتقدمة من هذا الكتاب.
(8) أحكام القرآن للجصاص 2: 158، والمدونة الكبرى 2: 205، وأسهل المدارك 2: 89، والمغني لابن
قدامة 7: 509، والشرح الكبير 7: 513، والمحلى 9: 442، وبدائع الصنائع 2: 267، والمجموع
16: 239، والجامع لأحكام القرآن 5: 137، وفتح المعين: 108، ومغني المحتاج 3: 183، والوجيز
2: 12، وكفاية الأخيار 2: 24 و 25، والسراج الوهاج: 375.
313

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يحل له إلا بشرط واحد، وهو أن لا يكون عنده
حرة، وإن كانت تحته حرة لم يحل (1)، وبه قال قوم من أصحابنا (2).
وقال الثوري: إذا خاف العنت حل، سواء وجد الطوف أو لم يجد (3).
وقال قوم: يجوز نكاحها مطلقا كالحرة (4).
دليلنا: قوله تعالى: " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات فمما
ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات " (5) وفيها دليلان:
أحدهما: هو أن الله تعالى قال: " ومن لم يستطع منكم طولا " (6) يعني:
سعة وفضلا. هكذا قال ابن عباس. والمحصنات أراد به: المؤمنات الحرائر (7).
فإن قالوا: معنى قوله: " ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح
المحصنات " (8) أراد به الوطء منها، فكأنه قال: من لم يقدر على وطء حرته
وطأ أمته بملك اليمين، وهكذا نقول.
قلنا: هذا فاسد من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه ليس من شرط جواز وطء ملك اليمين عدم القدرة على وطء
الحرة.

(1) أحكام القرآن للجصاص 2: 158، واللباب 2: 204، وبدائع الصنائع 2: 266، و 267، وتبيين
الحقائق 2: 112، والفتاوى الهندية 1: 279، والمجموع 16: 239، والجامع لأحكام القرآن 5: 136
و 137، والمغني لابن قدامة 7: 510، والشرح الكبير 7: 513، والمحلى 8: 442.
(2) لم أقف على من قاله من أصحابنا في المصادر المتوفرة.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 158، والمحلى 9: 442، والمغني لابن قدامة 7: 510، والشرح الكبير
7: 513، والمجموع 16: 239.
(4) منهم عثمان البتي، انظر أحكام القرآن للجصاص 2: 158، والمحلى 9: 442، والبحر الزخار
4: 42، والمجموع 16: 239.
(5) النساء: 25.
(6) النساء: 25.
(7) السنن الكبرى 7: 173، وأحكام القرآن للجصاص 2: 157، والجامع لأحكام القرآن 5: 136.
(8) النساء: 25.
314

والثاني: لا يجوز حمله على وطء ملك اليمين، لأنه قال: " فانكحوهن بإذن
أهلهن " (1).
والثالث: أنه قال في سياق الآية: " ذلك لمن خشي العنت منكم " (2)
وليس من شرط جواز وطء ملك يمينه خوف العنت على نفسه.
وروي عن جابر أنه قال: من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة (3).
وروي عن ابن عباس مثله (4). ولا مخالف لهما.
مسألة 87: إذا كانت عنده حرة، وأذنت له في تزويج أمة جاز عند
أصحابنا (5).
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: لا يجوز وإن أذنت (6).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (7).
مسألة 88: يجوز للحر أن يتزوج بأمتين، ولا يزيد عليهما.
وقال الشافعي: لا يجوز له أن ينكح أكثر من واحدة، فإن نكح ثانية وتحته
أمة فنكاح الثانية باطل. وإن نكح أمتين بعقد واحد بطل نكاحهما (8).

(1) النساء: 25.
(2) النساء: 25.
(3) السنن الكبرى 7: 174، وأحكام القرآن للجصاص 2: 158، والمحلى 9: 441.
(4) المحلى 9: 441، وأحكام القرآن للجصاص 2: 158.
(5) يستفاد ذلك من قول الشيخ المفيد - قدس سره - في المقنعة: 77 - 78.
(6) الأم 7: 254، وأحكام القرآن للجصاص 2: 158، وبدائع الصنائع 2: 266، وفتاوى قاضيخان
1: 365، والفتاوى الهندية 1: 279، والمغني لابن قدامة 7: 511، والمجموع 16: 238 و 240،
وتبيين الحقائق 2: 112.
(7) الكافي 5: 463 حديث 3، والتهذيب 7: 257 حديث 1111، والاستبصار 3: 146 حديث 533.
(8) الأم 5: 10، وكفاية الأخيار 2: 25، وحاشية إعانة الطالبين 3: 342، ومغني المحتاج 3: 186،
والميزان الكبرى 2: 114، والمغني لابن قدامة 7: 514، والمبسوط 5: 110، والجامع لأحكام القرآن
5: 139، وتبيين الحقائق 2: 112.
315

وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن تحته حرة جاز له أن ينكح من الإماء ما نكح
من الحرائر، وله أن يتزوج أربع إماء بعقد واحد، أو واحدة بعد أخرى كيف
شاء (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 89: للعبد أن ينكح أربع إماء، أو حرتين، أو حرة وأمتين، ولا يجوز
أن ينكح أمة على حرة إلا برضاء الحرة.
وقال الشافعي: له نكاح أمة وأمتين، ونكاح أمة على حرة، وحرة على
أمة (3).
وقال أبو حنيفة: يجوز له ذلك إلا إذا كان تحته حرة، فإنه لا يجوز له نكاح
أمة، كالحر (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
وأيضا: قوله تعالى: " وانكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم
وإمائكم " (6)

(1) المبسوط 5: 108 و 110، وأحكام القرآن للجصاص 2: 158، واللباب 2: 204، والنتف 1: 260 و
261، وشرح فتح القدير 2: 379، والهداية 2: 379، وشرح العناية 2: 379، والمحلى 9: 442،
وتبيين الحقائق 2: 112، والمغني لابن قدامة 7: 514، والجامع لأحكام القرآن 5: 139، والميزان
الكبرى 2: 114.
(2) الكافي 5: 358 حديث 11، والتهذيب 7: 429 حديث 1797.
(3) المغني لابن قدامة 7: 514 و 515، والشرح الكبير 7: 518، والمبسوط 5: 124، وبدائع الصنائع
2: 267، والميزان الكبرى 2: 114، والهداية 2: 377، وشرح العناية على الهداية 2: 377.
(4) المبسوط 5: 124، وأحكام القرآن للجصاص 2: 158، وشرح فتح القدير 2: 377، والنتف
1: 261، وبدائع الصنائع 2: 267، والهداية 2: 377، وشرح العناية على الهداية 2: 377، والميزان
الكبرى 2: 114، والمغني لابن قدامة 7: 515، والشرح الكبير 7: 518.
(5) الكافي 5: 476 باب ما يحل للمملوك من النساء الحديث 1 - 3، والتهذيب 8: 210 حديث 746
و 754.
(6) النور: 32.
316

وقال صلى الله عليه وآله: " أيما عبد نكح بغير إذن سيده فهو عاهر " (1).
وهذا قد نكح بإذنه.
مسألة: 90: إذا عقد على حرة وأمة في عقد واحد بطل العقد على الأمة،
ولا يبطل في الحرة.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (2) - وهو أصحهما - وهو اختيار المزني (3).
والآخر: يبطلان معا (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا: فلا خلاف أن العقد على الحرة على الانفراد
جائز، فمن زعم أنه إذا قارنه العقد على الأمة فسد، فعليه الدلالة.
مسألة 91: إذا تزوج الحر بأمة لوجود الشرطين: عدم الطول وخوف
العنت، ثم زال الشرطان، أو أحدهما، لم يبطل نكاح الأمة، وبه قال جميع
الفقهاء (5).
وقال المزني: متى أيسر ووجد الطول للحرة، بطل نكاح الأمة (6).

(1) سنن ابن ماجة 1: 630 حديث 1959، وسنن الترمذي 3: 491 حديث 1111 - 1112، ومسند
أحمد بن حنبل 3: 377، والسنن الكبرى 7: 127، وسنن أبي داود 2: 228 حديث 2078
باختلاف يسير في اللفظ.
(2) الأم 5: 157، ومختصر المزني: 170، والوجيز 2: 13، والسراج الوهاج: 376، ومغني المحتاج
3: 186، وحاشية إعانة الطالبين 3: 344.
(3) مختصر المزني: 170.
(4) الأم 5: 157، ومختصر المزني: 170، والوجيز 2: 13، والسراج الوهاج: 376، ومغني المحتاج
3: 186.
(5) الأم 5: 157، ومختصر المزني: 170، والسراج الوهاج: 376، والجيز 2: 12 و 13، وكفاية الأخيار
2: 26، ومغني المحتاج 3: 186، والمجموع 16: 238، وحاشية إعانة الطالبين 3: 344، والمبسوط
5: 109، والمغني لابن قدامة 7: 512، والشرح الكبير 7: 516، والفتاوى الهندية 1: 279، وفتح
المعين: 108.
(6) مختصر المزني: 170، و 176، والمغني لابن قدامة 7: 512، والمجموع 16: 238، والشرح الكبير 7: 516.
317

دليلنا: أن هذا عقد قد ثبت بالإجماع، وليس على بطلانه دليل إذا أيسر
وزال العنت.
مسألة 92: إذا تزوج حرة على أمة من غير علم الحرة ورضاها، وكانت الحرة
بالخيار بين الرضا بذلك وبين فسخ نكاح نفسها.
وقال جميع الفقهاء: أن عقد الحرة عليها صحيح، ولا يبطل واحد منهما (1).
إلا أحمد بن حنبل فإنه قال: متى تزوج حرة، بطل نكاح الأمة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وروي عن علي - عليه السلام -، وابن
عباس أنهما قالا: " إذا تزوج بأمة ثم تزوج بحرة بعد ذلك فلا يبطل نكاح
الأمة " (4) ولا مخالف لهما.
فأما دليلنا: على أن لها الفسخ في نكاح نفسها: فليس إلا إجماع الفرقة
وأخبارهم.
مسألة 93: الصابئة لا تجري عليهم أحكام أهل الكتاب.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: أنه يجري عليهم حكم النصارى، والسامرة يجري عليهم حكم
اليهود (5).
والقول الآخر: لا يجري عليهم ذلك (6) والأول أشهر قوليه.

(1) الأم 5: 10، والمغني لابن قدامة 7: 513، والشرح الكبير 7: 516 - 517، وفتاوى قاضيخان
1: 365، والفتاوي الهندية 1: 279، والجامع لأحكام القرآن 5: 138.
(2) المغني لابن قدامة 7: 513، والشرح الكبير 7: 517، والبحر الزخار 4: 4: 43.
(3) الكافي 5: 359 حديث 4، والتهذيب 7: 345، حديث 1413
(4) المغني لابن قدامة 7: 513، والشرح الكبير 7: 517، والبحر الزخار 4: 43 باختلاف يسير في اللفظ.
(5) مختصر المزني: 169، ومغني المحتاج 3: 189 والمجموع 16: 235، والوجيز 2: 13، والسراج الوهاج:
377، والمغني لابن قدامة 7: 501، والشرح الكبير 7: 509.
(6) مختصر المزني: 169، والمجموع 16: 235، و 236، والوجيز 2: 13، والسراج الوهاج: 377، ومغني
المحتاج 3: 189، والمغني لابن قدامة 7: 501، والشرح الكبير 7: 509.
318

دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فإلحاقهم باليهود والنصارى يحتاج إلى دليل.
مسألة 94: لا يحل للمسلم نكاح أمة كتابية، حرا كان أو عبدا. وبه قال
في الصحابة: عمر، وابن مسعود. وفي التابعين الحسن البصري، ومجاهد،
والزهري. وفي الفقهاء مالك، والشافعي، والأوزاعي، والليث بن سعد،
والثوري، وأحمد، وإسحاق (1).
وقال أبو حنيفة: يجوز للمسلم نكاح أمة كتابية (2).
دليلنا: أنا قد دللنا على أنه لا يجوز نكاح الحرة منها (3)، فمن قال بذلك قال
بهذه المسألة، ولم يفصل (4).
وأيضا قوله تعالى: " فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات " (5) أباح
نكاح الأمة بثلاث شرائط: عدم الطول، وخوف العنت، وأن تكون مسلمة.
فمن لم يعتبر ذلك فقد ترك الآية.

(1) الأم 5: 9، ومختصر المزني: 170، والمدونة الكبرى 2: 306، وأحكام القرآن للجصاص 2: 162،
والنتف 1: 260، والمبسوط 5: 110، والمحلى 9: 445، والمغني لابن قدامة 7: 508، والشرح الكبير
7: 512، والسراج الوهاج: 375 و 376، ومغني المحتاج 3: 185، والجامع لأحكام القرآن 5: 140،
وشرح فتح القدير 2: 376، وتبيين الحقائق 2: 111، وفتح المعين: 108، وشرح العناية على
الهداية 2: 376، والهداية 2: 376، والمجموع 16: 238 و 239، والميزان الكبرى 2: 114.
(2) المبسوط 5: 110، والنتف 1: 260، والهداية 2: 376، والفتاوي الهندية 1: 281، وشرح فتح القدير
2: 376، وشرح العناية على الهداية 2: 376، وأحكام القرآن للجصاص 2: 162، والجامع لأحكام
القرآن 5: 140، والمغني لابن قدامة 7: 508، والشرح الكبير 7: 512، وتبيين الحقائق 2: 111،
والمجموع 16: 238، والميزان الكبرى 2: 114.
(3) تقدم الحديث في ذلك في المسألة 84 من هذا الكتاب فلا حظ.
(4) قال بذلك الشيخ المفيد في المقنعة: 76، وابن البراج في المهذب 2: 187، والسيد المرتضى في
الإنتصار: 117 كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في المسألة 84.
(5) النساء: 25.
319

وأيضا فهو إجماع الصحابة، لأن عمر وابن مسعود قالا: بذلك (1)،
ولا مخالف لهما.
مسألة 95: العبد المسلم لا يحل له أن يتزوج بأمة كتابية، وبه قال
الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: يجوز (3).
دليلنا: ما قلنا في المسألة الأولى سواء (4).
مسألة 96: إذا صرح بالتزويج للمعتدة ثم تزوجها بعد خروجها من
العدة لم يبطل النكاح، وإن فعل محظورا بذلك التصريح، وبه قال الشافعي،
وأبو حنيفة (5).
وقال مالك: متى صرح، ثم تزوج، فسخ النكاح بينهما (6).
دليلنا: إن فسخ النكاح يحتاج إلى دليل، وأيضا: قوله تعالى: " فانكحوا
ما طاب لكم من النساء " (7) وقوله صلى الله عليه وآله: " لا نكاح إلا بولي

(1) المغني لابن قدامة 7: 508.
(2) الأم 5: 9، ومختصر المزني: 170، والسراج الوهاج: 376، ومغني المحتاج 3: 185، والوجيز 2: 12،
والمبسوط 5: 110، والمغني لابن قدامة 7: 508، والمحلى 9: 445، وشرح فتح القدير 2: 376،
والشرح الكبير 7: 512.
(3) اللباب 2: 188، وشرح فتح القدير 2: 376، والفتاوى الهندية 1: 281، والمحلى 9: 445، والمجموع
16: 238، والمغني لابن قدامة 7: 508، والشرح الكبير 7: 512.
(4) تقدم القول في المسألة 84 و 94 فراجع.
(5) الأم 5: 37، والمجموع 16: 260، وكفاية الأخيار 2: 33، والسراج الوهاج: 362، ومغني المحتاج
3: 135، و 136، وبدائع الصنائع 2: 269، وعمدة القاري 20: 118، وفتح الباري 9: 180،
ونيل الأوطار 6: 238.
(6) المدونة الكبرى 2: 439، وفتح الرحيم 2: 34، والمغني لابن قدامة 7: 526، وعمدة القاري
20: 118، وفتح الباري 9: 180، والمجموع 16: 260، ونيل الأوطار 6: 238.
(7) النساء: 3.
320

وشاهدي عدل " (1) وهذا نكاح بولي وشاهدي عدل.
مسألة 97: إذا تزوجها في عدتها مع العلم بذلك ولم يدخل بها فرق
بينهما، ولا تحل له أبدا، وبه قال مالك (2).
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 98، إذا تزوجها في عدتها مع الجهل بتحريم ذلك، ودخل بها فرق
بينهما، ولم تحل له أبدا، وبه قال عمر، ومالك، والشافعي في القديم (5).
وقال في الجديد: تحل له بعد انقضاء عدتها (6)، وبه قال أبو حنيفة وباقي
الفقهاء (7).
دليلنا: إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط.

(1) سنن الدارقطني 3: 225 حديث 21 - 23، والسنن الكبرى 7: 125، ودعائم الإسلام 2: 218،
وتلخيص الحبير 3: 162 حديث 1512، ومجمع الزوائد 4: 286.
(2) المدونة الكبرى 2: 457، وأسهل المدارك 83 و 84 وعمدة القاري 20: 118، وأحكام القرآن
للجصاص 1: 425، والمغني لابن قدامة 9: 123، وفتح الباري 9: 180، والشرح الكبير 9: 141.
(3) المغني لابن قدامة 9: 121 - 123، والشرح الكبير 9: 137، 141، وأحكام القرآن للجصاص
1: 425، وعمدة القاري 20: 118، وفتح الباري 9: 180، والمجموع 18: 192 و 193.
(4) الكافي 5: 428 و 429 حديث 10 و 11. والتهذيب 7: 305 - 307 حديث 1272 - 1275،
والاستبصار 3: 185 حديث 674 و 677.
(5) المدونة الكبرى 2: 439، والمحلى 9: 479، وأحكام القرآن للجصاص 1: 425، وعمدة القاري
20: 118، وبداية المجتهد 2: 46 و 47، والمجموع 18: 191، و 192، والمغني لابن قدامة 9: 123 و
124، والشرح الكبير 9: 141، وفتح الرحيم 2: 47، ونيل الأوطار 6: 238.
(6) أحكام القرآن للجصاص 1: 425، والمحلى 9: 479، والوجيز 2: 98، وبداية المجتهد 2: 46، والمجموع
18: 191 و 193، والمغني لابن قدامة 9: 124، والشرح الكبير 9: 141.
(7) المحلى 9: 479، وأحكام القرآن للجصاص 1: 425، وعمدة القاري، 20: 118، والمغني لابن قدامة
9: 123، و 124، والشرح الكبير 7: 141، وبداية المجتهد 2: 46 و 47، ونيل الأوطار 6: 238.
321

مسألة 99، إذا تزوجها في حال إحرامها جاهلا، فدخل بها، فرق بينهما،
ولم تحل له أبدا، وإن كان عالما ولم يدخل بها. فرق بينهما أيضا، ولم تحل له
أبدا، وخالف جميع الفقهاء فيهما (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 100: إذا طلقها تسع تطليقات للعدة، تزوجت فيما بينهما زوجين، لم
تحل له أبدا. وهو إحدى الروايتين عن مال (3).
وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 101: كل موضع نقول: يحرم على الرجل أن يخطب على خطبة
غيره بأن تكون أجابت ورضيت، أو أجاب وليها ورضي إن لم تكن من أهل
الولاية، فإذا خالف وتزوج كان التزويج صحيحا، وبه قال جميع الفقهاء (5).
وقال داود: النكاح فاسد (6).
دليلنا: قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (7) وقوله صلى

(1) الأم 5: 78، والمحلى 7: 198 و 199، ومختصر المزني: 175، وعمدة القاري 20: 110 و 111، وفتح
الباري 9: 165، وبداية المجتهد 2: 45، والمغني لابن قدامة 3: 318 و 320، والشرح الكبير 3: 318،
والمجموع 7: 287 و 290.
(2) الكافي 4: 372 حديث 3، والتهذيب 5: 329 حديث 1132 و 1133.
(3) انظر المدونة الكبرى 3: 19.
(4) لم أقف على الأخبار في مظانها من المصادر المتوفرة سوى ما ذكره السيد المرتضى من بيان عين المسألة
في الإنتصار: 108.
(5) الأم 5: 39 و 40 والمجموع 16: 261، وعمدة القاري 20: 132، وفتح الباري 9: 199، و 200،
وبداية المجتهد 2: 3، وسبل السلام 3: 981، ونيل الأوطار 6: 235، و 236، والبحر الزخار 4: 9.
(6) المحلى 9: 478، وعمدة القاري 20: 132، وفتح الباري 9: 200، وبداية المجتهد 2: 3، وسبل السلام
3: 981، ونيل الأوطار 6: 236، والبحر الزخار 4: 9.
(7) النساء: 3.
322

الله عليه وآله: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " (1).
وأيضا: فإن فعل المحظور سبق حال العقد، فلا يؤثر في العقد، فمن قال
بتأثيره فيه فعليه الدلالة.
مسألة 102: إذا تزوج الكافر بأكثر من أربع نسوة، فأسلم، اختار منهن
أربعا، سواء أسلمن أو لم يسلمن إذا كن كتابيات، فإن لم يكن كتابيات - مثل
الوثنية والمجوسية - فإن أسلمن معه اختار منهن أربعا، وإن لم يسلمن لم تحل له
واحدة منهن، سواء تزوجهن بعقد واحد أو بعقد بعد عقد، فإن له الخيار في أيتهن
شاء، وبه قال الشافعي، ومحمد بن الحسن (2).
وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: إن كان تزوجهن بعقد واحد بطل نكاح
الكل، ولا يمسك واحدة منهن، وإن تزوج بواحدة بعد أخرى اثنتين اثنتين، أو
أربعا أربعا ثبت نكاح الأربع الأول، وبطل نكاح البواقي، فليس للزوج عنده
سبيل إلى الاختيار (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وروى الزهري، عن سالم، عن أبيه:
أن غيلان بن سلمة الثقفي (5) أسلم وعنده عشر نسوة. فقال له النبي صلى الله

(1) سنن الدارقطني 3: 225 حديث 21 - 23، والسنن الكبرى 7: 125، وتلخيص الحبير 3: 162
حديث 1512، ودعائم الإسلام 2: 218 حديث 807، ومجمع الزوائد 4: 286.
(2) الأم 4: 265 و 5: 49، ومختصر المزني: 171، والسراج الوهاج: 379، و 380، ومغني المحتاج
3: 196، والمجموع 16: 303، والمغني لابن قدامة 7: 540، والشرح الكبير 7: 607، وبداية المجتهد 2: 48.
(3) شرح فتح القدير 2: 516، والمغني لابن قدامة 7: 540، والشرح الكبير 7: 607، وبداية المجتهد
2: 48، والمجموع 16: 303.
(4) الكافي 5: 436 حديث 7، والتهذيب 7: 295 حديث 1238.
(5) غيلان بن سلمة بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد الثقفي، أسلم يوم الفتح وتحته عشر
نسوة فأمره النبي - صلى الله عليه وآله - أن يختار منهن أربعا. مات غيلان بن سلمة في آخر خلافة عمر
بن الخطاب. تاريخ الصحابة: 204.
323

عليه وآله: " أمسك أربعا وفارق سائرهن " (1)، وفي رواية أخرى أمره النبي
صلى الله عليه وآله أن يختار منهم أربعا ويفارق البواقي (2). وهذا نص.
مسألة 103: إذا كانت عنده يهودية أو نصرانية، فانتقلت إلى دين لا يقر
عليه أهله، لم يقبل منها إلا الإسلام أو الدين الذي خرجت منه.
وللشافعي فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: مثل ما قلناه (3).
والثاني: لا يقبل منها إلا الإسلام (4).
والثالث: يقبل منها كل دين يقر أهله عليه (5).
وحكم نكاحها: إن كان لم يدخل بها، وقع الفسخ في الحال، وإن كان
بعده، وقف على انقضاء العدة (6).
دليلنا: أن ما ذكره مجمع عليه، وما ادعوه ليس عليه دليل.
مسألة 104: إذا انتقلت إلى دين يقر عليه أهله: مثل أن انتقلت إلى يهودية
أو نصرانية إن كانت مجوسية، أو كانت وثنية فانتقلت إلى اليهودية أو النصرانية
أقرت عليه.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.

(1) ترتيب مسند الشافعي 2: 16 حديث 43، وسنن الدارقطني 3: 269 حديث 94، والسنن الكبرى
7: 181، والأم 5: 49 باختلاف يسير في اللفظ.
(2) سنن الترمذي 3: 435 حديث 1128، وسنن ابن ماجة 1: 628 حديث 1953، وسنن الدارقطني
3: 269 حديث 93، والسنن الكبرى 7: 181، ومسند أحمد بن حنبل 2: 13 و 14.
(3) الوجيز 2: 13، والسراج الوهاج: 377، ومغني المحتاج 3: 190، والمجموع 16: 314 و 317.
(4) السراج الوهاج: 377، ومغني المحتاج 3: 190، والوجيز 2: 13، والمجموع 16: 314 و 315.
(5) المجموع 16: 314 و 315 و 317، والسراج الوهاج: 377، ومغني المحتاج 3: 190، والوجيز 2: 13.
(6) المجموع 16: 314 و 315 و 317.
324

والآخر: لا يقرون عليه.
فإذا قال: يقرون فلا كلام. وإذا قال: لا يقرون، ما الذي يفعل بها؟ على
قولين: أحدهما: لا يقبل غير السلام، والثاني: يقبل السلام، أو الدين الذي
كانت عليه لا غيره.
فإذا قال: تقر على ما انتقلت إليه. فإن كانت مجوسية أقرت في حقها دون
النكاح، فإن كان قبل الدخول وقع الفسخ في الحال، وإن كان بعده وقف
على انقضاء العدة. وإن كانت يهودية أو نصرانية فإنها تقر على النكاح.
وإن قال: لا تقر على ما انتقلت إليه فهي مرتدة، فإن كان قبل الدخول وقع
الفسح في الحال، وإن كان بعده وقف على انقضاء العدة (1).
دليلنا: أن ما ذكرناه مجمع عليه، وما ادعاه ليس عليه دليل. وأيضا الأصل
بقاء العقد، والحكم بفسخه في الحال أو فيما بعد يحتاج إلى دليل.
مسألة 105: إذا كانا وثنيين أو مجوسيين، أو أحدهما مجوسيا والآخر وثنيا،
فأيهما أسلم، فإن كان قبل الدخول بها وقع الفسخ في الحال، وإن كان بعده
وقف على انقضاء العدة. فإن أسلما قبل انقضائها فهما على النكاح، وإن
انقضت العدة انفسخ النكاح، وهكذا إذا كانا كتابيين فأسلمت الزوجة،
سواء كان في دار الحرب، أو في دار الإسلام. وبه قال الشافعي (2).
وقال مالك: إذا أسلمت الزوجة، مثل ما قلناه. وإن أسلم الزوج وقع

(1) المجموع 16: 314 و 315 والوجيز 2: 13، والسراج الوهاج: 377، ومغني المحتاج 3: 190.
(2) الأم 5: 45 و 49 و 7: 217 و 218، والوجيز 2: 13 والسراج الوهاج: 378، وحاشية إعانة الطالبين
3: 295، ومغني المحتاج 3: 191، والمجموع 16: 295، و 300، وبداية المجتهد 2: 49، والمغني لابن
قدامة 7: 532 - 534، والشرح الكبير 7: 594 و 596 و 600، والمبسوط 5: 45، وبدائع الصنائع
2: 337، وتبيين الحقائق 2: 175، والبحر الزخار 4: 73.
325

الفسخ في الحال، سواء كان قبل أو بعده (1).
وقال أبو حنيفة: إن كانا في دار الحرب وقف على مضي ثلاث حيض إن
كانت من أهل الأقراء، أو ثلاثة أشهر إن كانت من أهل الشهور. فإن لم يسلم
المتأخر منهما، وقع الفسخ بمضي ثلاث حيض، وكان عليها استئناف العدة
حينئذ (2).
وعندنا العدة وقعت من حين اختلف الدين بينهما، وسواء كان قبل
الدخول أو بعده، عندهم الباب واحد.
قالوا: وإن كانا في دار الإسلام لعقد ذمة أو معاهدة، فمتى أسلم أحدهما لم
يقع الفسخ في الحال، سواء كان قبل الدخول أو بعده ولا يقف على انقضاء
العدة. فلو بقيا سنين فهما على النكاح، لكنهما لا يقران على الدوام على هذا
النكاح، بل يعرض الإسلام على المتأخر منهما، فإن أسلم فهما على النكاح،
وإلا فرق بينهما. ثم نظر، فإن كان المتأخر هو الزوج فالفرقة طلاق، وإن كان
المتأخر هو الزوجة فالفرقة فسخ (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وأيضا وقوع الفسخ في الحال يحتاج إلى دلالة شرعية، والأصل بقاء العقد.

(1) بداية المجتهد 2: 49، والمغني قدامة 7: 532 و 535، والشرح الكبير 7: 597، والمجموع
16: 300، والبحر الزخار 4: 73.
(2) اللباب 2: 207 و 208، وشرح فتح القدير 2: 508، والفتاوي الهندية 1: 338، والهداية 2: 508،
وتبيين الحقائق 2: 175، والمغني لابن قدامة 7: 532 و 535، والشرح الكبير 7: 596 و 597،
والمجموع 16: 300.
(3) المغني لابن قدامة 7: 532، والشرح الكبير 7: 594 و 596 و 597، واللباب 2: 208، وبدائع
الصنائع 2: 336، والفتاوي الهندية 1: 338، والمجموع 16: 299، والبحر الزخار 4: 73.
(4) الكافي 5: 435 (باب نكاح أهل الذمة والمشركين) حديث 3 و 4، والتهذيب 7: 300 حديث 1254.
و 1258 1259، والاستبصار 3: 182 حديث 662.
326

وأيضا فلا خلاف أن النبي - صلى الله عليه وآله - لما فتح مكة خرج إليه
أبو سفيان (1) فلقي العباس فحمله إلى النبي - صلى الله عليه وآله، فأسلم ودخل
النبي صلى الله عليه وآله - مكة، ومضى خالد بن الوليد (2) وأبو هريرة إلى
هند (3) وقرئا عليها القرآن فلم تسلم، ثم أسلمت فيما بعد، فردها النبي - صلى
الله عليه وآله - على أبي سفيان بالعقد الأول (4).
فلو بانت في حال ما أسلم الزوج لم يردها النبي - صلى الله عليه وآله - إلا
بعقد مستأنف، وهذا نص على مالك.
مسألة 106: إذا اختلفت الدار بالزوجين فعلا وحكما، لم يتعلق به فسخ
النكاح، وبه قال الشافعي (5).
وقال أبو حنيفة: إذا اختلفت الدار بهما فعلا وحكما وقع الفسخ في الحال.
وإن اختلفت فعلا لا حكما، أو حكما لا فعلا فهما على النكاح. أما اختلافها
فعلا وحكما فأن يكونا ذميين في دار الإسلام. فلحق الزوج بدار الحرب، ونقض
العهد، فقد اختلفت الدار بهما فعلا، لأن أحدهما في دار الحرب، وحكما أيضا.

(1) أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد المناف الأموي والد معاوية. أسلم ليلة
الفتح، توفي سنة إحدى وثلاثين، قيل بعد ذلك في خلافة عثمان. أسد الغابة 5: 216.
(2) خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، كان إسلامه سنة ثمان،
وكان خالد على خيل المشركين يوم الحديبية. مات سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر بن الخطاب
وأوصى إلى عمر. أسد الغابة 2: 93.
(3) هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية امرأة أبي سفيان بن حرب. أسلمت
في الفتح بعد إسلام زوجها. هي التي مثلت بحمزة سيد الشهداء شقت بطنه واستخرجت كبده
فلاكتها فلم تطق. ماتت في خلافة عمر بن الخطاب. أسد الغابة 5: 562.
(4) المغني لابن قدامة 7: 535 و 536 والشرح الكبير 7: 601، والمجموع 6: 97، والبحر الزخار
4: 71 وأسد الغابة في مصادر الترجمة المتقدمة.
(5) الأم 5: 45 و 49 و 7: 217 و 218، والمجموع 16: 300، والمبسوط 5: 50 وعمدة القاري 20: 272،
وشرح فتح القدير 2: 509.
327

فإن حكم الزوج حكم أهل الحرب يسبى ويسترق، وحكم هذه حكم أهل
الذمة في دار الإسلام لا تسبى ولا تسترق. وكذلك إذا كان الزوجان في
دار الحرب فدخل الزوج إلينا بعقد الذمة، أو دخل إلينا فأسلم عندنا،
فقد اختلفت الدار بهما فعلا وحكما وقع الفسخ في الحال.
فأما العدة، فإن دخل هو إلينا مسلما بانت منه زوجته التي في دار الحرب،
ولا عدة عليها في قولهم جميعا. وإن كان الذي دخل إلينا مسلما هو الزوجة
فلا عدة عليها، على قول أبي حنيفة، إن كانت حائلا، وعليها العدة إن كانت
حاملا (1).
وقال أبو يوسف، ومحمد: عليها العدة على كل حال، لأنها بانت في
دار الإسلام (2).
وأما اختلافهما فعلا لا حكما، فأن يدخل الذمي إلى دار الحرب في تجارة
وزوجته في دار الإسلام، أو يدخل الحربي إلينا في دار السلام في تجارة وزوجته
في دار الحرب، فقد اختلفت الدار بهما فعلا لا حكما، على النكاح
بلا خلاف.
وأما اختلافها حكما لا فعلا فأن يسلم أحد الزوجين في دار الحرب، فقد
اختلف حكما فأن أحدهما يسبى ويسترق دون الآخر، ولم يختلف بهما الدار
فعلا فهما على النكاح فإن أحدهما يسبى ويسترق دون الآخر، ولم يختلف بهما الدار
فعلا فهما على النكاح، ولا يقع الفسخ في الحال، ويقف على مضي ثلاثة أشهر
أو ثلاث حيض، على ما قلناه في المسألة الأولى، فإذا مضى ولم يجتمعا على
الإسلام، وقع الفسخ حينئذ.

(1) المبسوط 5: 50 و 51 و 57، وعمدة القاري 2: 270، و 272، والنتف 1: 332، وشرح فتح القدير
2: 512، والهداية 2: 512 و 513 والفتاوى الهندية 1: 338، وتبيين الحقائق 2: 177.
(2) المبسوط 5: 57، وعمدة القاري 20: 270، والنتف 1: 332، والفتاوى الهندية 1: 338، والهداية
2: 512، وشرح العناية على الهداية 2: 512.
328

فالخلاف معهم إذا اختلفت الدار فعلا وحكما، هل يقع الفسخ أم لا؟
والكلام في العدة هل تجب أم لا؟.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا الأصل بقاء العقد، ووقع الفسخ في الحال يحتاج إلى دليل، والخبر
الذي قدمناه في إسلام أبي سفيان وتأخر إسلام هند، وأن النبي - صلى الله عليه
وآله - أقرهما على الزوجية (2) يدل على ذلك. فإن أبا سفيان كان قد اختلفت
الدار بينه وبين زوجته فعلا وحكما، فأما فعلا: فمشاهدة. وأما حكما: فلأن
مكة كانت دار حرب، وأسلم هو بمر الظهران (3)، وهي دار السلام، لأن
النبي - صلى الله عليه وآله - كان نزلها وملكها واستولى عليها، ومع هذا فلم يقع
الفسخ بينهما.
وأيضا: فصفوان بن أمية (4)، وعكرمة بن أبي جهل (5) أسلمت زوجتاهما،
وخرجت زوجة عكرمة أم حكيم بنت الحارث (6) خلفه إلى الساحل فردته
وأخذت له الأمان. وكانت زوجة صفوان فاختة بنت الوليد بن المغيرة (7)

(1) الكافي 5: 435 حديث 1 و 2، والتهذيب 7: 300 حديث 1253، والاستبصار 3: 181 حديث 657.
(2) السنن الكبرى 7: 186، والجوهر النقي المطبوع في ذيل السنن الكبرى 7: 186 والشرح الكبير 7: 601.
(3) الظهران: واد قرب مكة، وعنده قرية يقال لها مر تضاف إلى هذا الوادي فيقال: مر الظهران.
(4) صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحي القرشي، أبو وهب، وقيل: أبو أمية.
مات سنة اثنتين وأربعين في ولاية معاوية. تاريخ الصحابة: 135.
(5) عكرمة بن أبي جهل، واسم أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي. أسلم يوم الفتح.
قيل إنه قتل يوم اليرموك في خلافة عمر. تاريخ الصحابة: 194.
(6) أم حكيم بنت الحارث بن هشام القرشية المخزومية، شهدت أحد وهي كافرة، ثم أسلمت يوم الفتح،
كانت تحت ابن عمها عكرمة بن أبي جهل ولما أسلمت كان زوجها قد هرب إلى اليمن، فاستأمنت
له من النبي - صلى الله عليه وآله فأذن لها، فردته، فأسلم، أسد الغابة 5: 577.
(7) فاختة بنت الوليد بن المغيرة المخزومية، أخت خالد خالد بن الوليد، أسلمت يوم الفتح، وبايعت رسول الله
صلى الله عليه وآله، أسد الغابة. أسد الغابة 5: 515.
329

أخذت الأمان لزوجها، وكان خرج إلى الطائف، فرجع، واستعار النبي - صلى
الله عليه وآله - منه درعا (1)، وخرج مع النبي - صلى الله عليه وآله - إلى هوازن.
ورجع معه إلى مكة، ثم أسلم وأسلم عكرمة فردت عليهما امرأتاهما بعد أن
اختلف الدار بهما فعلا وحكما.
فإن مكة دار الإسلام، والطائف يومئذ دار الحرب، وكذلك الساحل، فعلم
بذلك أن الاختلاف في الدار لا اعتبار به.
وروي عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وآله - رد ابنته زينب على
زوجها أبي العاص بالعقد الأول (2).
مسألة 107: إذا كانا جميعا في دار الحرب أو دار الإسلام، فأسلم أحدهما
قبل الدخول، وقع الفسخ في الحال، وبه قال الشافعي (3).
وقال أبي حنيفة: يقف على مضي العدة ثلاثة أشهر أو ثلاث حيض إذا لم
تختلف بهما الدار، سواء كانا في دار الحرب أو دار الإسلام (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فكل من قال أن اختلاف الدار لا يؤثر في
الفسخ قال بما قلناه، وقد دللنا على ذلك في المسألة الأولى. وأيضا فإن الفسخ.

(1) انظر السنن الكبرى 7: 187، والجوهر النقي المطبوع بهامش السنن الكبرى 7: 186، والشرح الكبير
7: 601.
(2) سنن أبي داود 2: 272 حديث 2240، وسنن الترمذي 3: 448 حديث 1143، وسنن ابن ماجة
1: 647 حديث 2009، والسنن الكبرى 7: 187 والجوهر النقي 7: 187، أسد الغابة 5: 467 و
468.
(3) المجموع 16: 300، وحاشية إعانة الطالبين 3: 295، والمبسوط 5: 56، وتبيين الحقائق 2: 175،
والشرح الكبير 7: 594، والمغني لابن قدامة 7: 532.
(4) المبسوط 5: 56، والنتف 1: 309، واللباب 2: 207 و 208، والفتاوي الهندية 1: 338، وتبيين
الحقائق 2: 175، وشرح فتح القدير 2: 508، والهداية 2: 508، والمغني لابن قدامة 7: 532،
والشرح الكبير 7: 594.
330

يجري مجرى الطلاق، فكما لو طلقها لم تجب عليها العدة، فكذالك إذا انفسخ
العقد.
مسألة 108: إذا جمع بين العقد على الأم والبنت في حال الشرك بلفظ
واحد، ثم أسلم كان له إمساك أيتهما شاء، ويفارق الأخرى.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (1)، وهو أقواهما عنده.
والآخر: يمسك البنت، ويخلي الأم (2)، وهو اختيار المزني (3).
دليلنا: أن المشرك إذا جمع بين من لا يجوز الجمع بينهما في نكاح، فإنما يحكم
بصحة نكاح من ينضم الاختيار إلى عقدها. ألا ترى أنه إذا عقد على عشرة
دفعة واحدة، وأسلم، واختيار منهن أربعا، فإذا فعل، حكما بأن النكاح الأربع
وقع صحيحا، ونكاح البواقي وقع باطلا، بدليل أن نكاح البواقي يزول، ولا يجب
عليه نصف المهر إن كان قبل الدخول، فإذا كان كذلك، فمتى اختار إحداهما
حكمنا بأنه هو الصحيح، والآخر باطل.
ولأنه إذا جمع بين من لا يجوز الجمع بينهما واختار في حال الإسلام، كان
اختياره بمنزلة ابتداء عقد. بدليل أنه لا يجوز أن يختار إلا من يجوز أن يستأنف
نكاحها حين الاختيار، فإذا كان الاختيار كابتداء العقد، كان كأنه الآن
تزوجه بها وحدها، فوجب أن يكون له اختيار كل واحدة منهما.
مسألة 109 إذا أسلم وعنده أربع زوجات إماء، وهو واجد للطول،

(1) مختصر المزني: 171، والمجموع 16، 308 و 309، والسراج الوهاج: 380، ومغني المحتاج 3: 197،
والمغني لابن قدامة 7: 549، والشرح الكبير 7: 614.
(2) مختصر المزني: 171، والسراج الوهاج: 380، ومغني المحتاج 3: 197، والمجموع 16: 309، والمغني
لابن قدامة 7: 549، والشرح الكبير 7: 614.
(3) مختصر المزني: 171، والمجموع 16: 309، والمغني لابن قدامة 7: 549، والشرح الكبير 7: 614.
331

ولا يخاف العنت، جاز له أن يختار اثنتين منهن.
وقال الشافعي: ليس له أن يختار واحدة منهن (1).
وقال أبو ثور: له أن يختار واحدة منهم، كماله أن يختار واحدة منهن إذا لم
يكن واجدا للطول وخاف العنت (2).
دليلنا: أن اختياره استدامة العقد، وليس باستئناف عقد. ألا ترى أنه لو
أسلم وعنده خمس زوجات، فأحرم، ثم أسلمن، كان له أن يختار أربعا وهو
محرم، فلو كان الاختيار كالابتداء ما جاز للمحرم الاختيار، كما لا يجوز له
الابتداء، ولأنه لو كان الاختيار كالابتداء لاحتاج إلى ولي وشاهدي عدل عند
من قال بذلك، وقد أجمعنا على خلافه.
مسألة 110: إذا أعتقت الأمة تحت عبد كان لها الخيار، وهو على الفور.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، وهو اختيار (3).
والثاني: على التراخي (4).
وكم مدة التراخي؟ فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: ثلاثة أيام.
والثاني: حتى يتمكن من الوطء، أو تصرح بالرضا.

(1) مختصر المزني: 171، ومغني المحتاج 3: 197، والمجموع 16: 311، والمغني لابن قدامة 7: 553،
والشرح الكبير 7: 616 و 617.
(2) المجموع 16، 311، والمغني لابن قدامة 7: 553، والشرح الكبير 7: 617.
(3) الأم 5: 122، ومختصر المزني: 177، والسراج الوهاج: 384، ومغني المحتاج 3: 210، والوجيز 2: 19
و 20، والمجموع 16: 191، و 292، والمغني لابن قدامة 7: 591 - 593.
(4) المجموع 16: 292، والسراج الوهاج: 384، ومغني المحتاج 3: 210، والوجيز 2: 20، والمغني لابن
قدامة 7: 593.
332

والثالث: أن يكون منها ما يدل على الرضا (1).
دليلنا: أن اختيارها على الفور مجمع عليه، وثبوته على التراخي يحتاج إلى
دلالة.
مسألة 111: المرتد على ضربين:
مرتد عن فطرة الإسلام، فهذا يجب قتله وتبين امرأته في الحال وعليها عدة
المتوفى عنها زوجها. والآخر: من كان أسلم عن كفر ثم ارتد وقد دخل بزوجته
فإن الفسخ يقف على انقضاء العدة، فإن رجع في العدة إلى الإسلام فهما على
النكاح، وإن لم يرجع حتى انقضت العدة وقع الفسخ بالارتداد.
وبه قال الشافعي: إلا أنه لم يقسم المرتد (2).
وقال أبو حنيفة: يقع الفسخ في الحال، ولا يقف على انقضاء العدة، ولم
يفصل أيضا (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 112: أنكحة المشركين صحيحة، وبه قاله أبو حنيفة وأصحابه،
والشافعي، والزهري، والأوزاعي، والثوري (5).

(1) المجموع 16: 292، والوجيز 2: 20، والسراج الوهاج: 382، ومغني المحتاج 3: 210، والمغني لابن
قدامة 7: 593، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة 2: 41، والميزان الكبرى 2: 115.
(2) المجموع 16: 316، والسراج الوهاج: 377، والوجيز 2: 13، ومغني المحتاج 3: 190، وحاشية إعانة
الطالبين 3: 295، والمبسوط 5: 49، وشرح فتح القدير 2: 514، وشرح العناية على الهداية 2: 513،
وتبيين الحقائق 2: 178، والمغني لابن قدامة 7: 565، والبحر الزخار 4: 71.
(3) المبسوط 5: 49، واللباب 2: 209، وشرح فتح القدير 2: 513، والهداية 2: 513، وشرح العناية على
الهداية 2: 513، وتبيين الحقائق 2: 178، والمجموع 16: 316، والمغني لابن قدامة 7: 565.
(4) لم أقف على الأخبار في مظانها من المصادر المتوفرة.
(5) النتف 1: 307، والفتاوى الهندية 1: 337، شرح فتح القدير 2: 502، وحاشية رد المختار 3: 184،
وتبين الحقائق 2: 171، والوجيز، 2: 14، والسراج الوهاج: 379، ومغني المحتاج 3: 193، والمجموع
16، 299، وحاشية إعانة الطالبين 3: 296، والمغني لابن قدامة 7: 531، والشرح الكبير 7: 587،
ورحمة الأمة 2: 37، والميزان الكبرى 2: 114.
333

وقال مالك: أنكحتهم فاسدة، وكذلك طلاقهم غير واقع. فلو طلق المسلم
زوجته الكتابية، ثم تزوجت بمشرك، ودخل بها، لم يبحها لزوجها المسلم (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا: قوله تعالى: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا
غيره " (3) وهذه نكحت زوجا غيره، فينبغي أن تحل للأول.
وأيضا: قوله تعالى: " وامرأته حمالة الحطب " (4) بعد ذكر أبي لهب فأضافها
إليه. فاقتضى حقيقة هذه زوجية صحيحة.
وقال تعالى: " وقالت امرأة فرعون قرت عين لي ولك " (5) فأضافها إليه.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ولدت من نكاح لا من
سفاح " (6) ومعلوم أنه ولد في الجاهلية، فأخبر أن لهم أنكحة صحيحة.
مسألة 113: إذا تزوج الكتابي بمجوسية أو وثنية، وترافعوا إلينا قبل أن
يسلموا، أقررناهم على نكاحهم، وبه قال جميع أصحاب الشافعي (7).

(1) المدونة الكبرى 2: 311 و 312، والمغني لابن قدامة 7: 562، والشرح الكبير 7: 587، وشرح فتح
القدير 2: 502، والمجموع 16: 299، حاشية رد المختار 3: 184، ورحمة الأمة 2: 37، الميزان
الكبرى 2: 114.
(2) لم أقف على الأخبار المشار إليها في المصادر المتوفرة.
(3) البقرة: 230.
(4) المسد: 4.
(5) القصص: 9.
(6) رواه ابن قدامة في المغني 7: 563، ورواه الجصاص في أحكام القرآن 2: 146 بلفظ آخر نصه: " أنا
من نكاح ولست من سفاح ".
(7) مختصر المزني: 173، والسراج الوهاج: 379، ومغني المحتاج 3: 195، و 196، والوجيز 2: 14 و 15،
والمجموع 16، 315، 317.
334

وقال أبو سعيد الإصطخري: لا نقرهم (1).
دليلنا: عموم الأخبار التي وردت في إقرارهم على أنكحتهم وعقودهم (2).
مسألة 114: كل فرقة كانت من جهة اختلاف الدين، كان فسخا
لا طلاقا. سواء أسلم الزوج أولا، أو الزوجة. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: إن أسلم الزوج أولا، كما قلناه، وإن أسلمت الزوجة
أولا، عرض الإسلام عليه، فإن فعل، وإلا فسخنا العقد بينهما (4).
دليلنا: أن ما قلناه مجمع عليه، ومن قال كان طلاقا يحتاج إلى دليل.
مسألة 115: كل من خالف الإسلام، لا تحل مناكحته، ولا أكل ذبيحته،
سواء كان كتابيا أو غير كتابي، على ما تقدم القول فيه. والمولود بينهما حكمه
حكمهما.
وقال الفقهاء بأجمعهم: إن كانا كتابيين يجوز ذلك (5)، وإن كانت الأم
كتابية والأب غير كتابي، قال الشافعي: لا تحل ذبيحة قولا واحدا (6).
وإن كان الأب كتابيا والأم غير كتابية، ففيها قولان، وحكم النكاح
حكم الذبيحة سواء (7).

(1) المجموع 16: 315 - 317.
(2) تقدمت الإشارة إليها في المسألة السابقة.
(3) الأم 4: 272، و 5: 45، وحاشية إعانة الطالبين 3: 295، والمغني لابن قدامة 7: 532، والشرح الكبير
7: 594، والبحر الزخار 4: 73، والمجموع 16: 299.
(4) النتف 1: 308 و 309، واللباب 2: 207، والهداية 2: 506، و 507، والمغني لابن قدامة 7: 532،
والشرح الكبير 7: 594، والبحر الزخار 4: 73.
(5) المغني لابن قدامة 7: 500، والأم 2: 240 و 4: 272 و 5: 157، والمجموع 6: 233 والسراج
الوهاج: 376، وحاشية إعانة الطالبين 3: 294 و 295، والوجيز 2: 13، ومغني المحتاج 3: 187،
وبداية المجتهد 2: 43.
(6) الأم 2: 233، ومختصر المزني: 282، والمبسوط 5: 44، والمغني لابن قدامة 7: 503، والشرح الكبير
7: 511.
(7) مختصر المزني: 182، والمغني الابن قدامة 7: 530 الشرح الكبير 7: 511، الوجيز 2: 13 و 205،.
335

وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك على كل حال (1).
دليلنا: ما قدمناه من أنه لا يجوز القعد على من خالف الإسلام، فهذا الفرع
يسقط عنا.
مسألة 116: إذا تحاكم ذميان إلينا، كنا مخيرين بين الحكم بما يقتضيه
شرع الإسلام، وبين ردهم إلى أهل ملتهم.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (2)، وهو أصحهما عندهم.
والآخر: يجب عليه أن يحكم بينهما (3)، وهو اختيار المزني (4).
دليلنا: قوله تعالى: " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " (5) وهذا
نص، وأيضا إجماع الفرقة عليه.
مسألة 117: يكره إتيان النساء في أدبارهم، وليس ذلك بمحظور.
ونقل المزني كلاما ذكره في القديم في إتيان النساء في أدبارهن، فقال: قال
بعض أصحابنا: حلال، وبعضهم قال: حرام، ثم قال: وآخر ما قال الشافعي:
ولا أرخص فيه، بل أنهى (6).
وقال الربيع: نص على تحريمه في ستة كتب (7).
وقال ابن عبد الحكم (8): قال الشافعي: ليس في هذا الباب حديث يثبت.

(1) المبسوط 5: 44.
(2) مختصر المزني: 174، والوجيز 2: 14 - 15، والسراج الوهاج: 379، ومغني المحتاج 3: 195، و 196،
والمجموع 16، 415 و 317.
(3) مختصر المزني: 174، والمجموع 16: 315 و 317.
(4) مختصر المزني: 171.
(5) المائدة: 42.
(6) مختصر المزني: 174، والمجموع 16: 420، وأحكام القرآن للجصاص 1: 351.
(7) المجموع 16: 420، ونيل الأوطار 6: 355.
(8) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، ولد سنة اثنين وثمانين ومائة. نشأ على مذهب
مالك، فلما قدم الشافعي مصر صحبه وتفقه منه، ومات سنة 268 هجرية، وقيل أنه انتقل إلى
مذهب مالك قبيل وفاته، لأنه كان يطلب أن الشافعي يستخلفه بعده واستخلف البويطي.
طبقات الشافعية: 7.
336

وقال: القياس أنه يجوز (1).
قال الربيع: كذب والذي لا إله إلا هو، فقد نص الشافعي على تحريمه في
ستة كتب (2).
وحكوا تحريمه عن علي عليه السلام - وابن عباس، وابن مسعود وأبي
الدرداء، وفي التابعين: عن الحسن البصري، ومجاهد، وطاووس، وعكرمة،
وقتادة، وبه قال الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (3).
وذهب زيد بن أسلم، ونافع إلى أنه مباح (4).
وعن ابن عمر روايتان: إحداهما: أنه مباح (5).
وحكى الطحاوي عن حجاج بن أرطاة إباحة ذلك (6).
وعن مالك روايتان، أهل المغرب يروون عنه إباحة ذلك، وقالوا: نص
عليه في كتاب السر.
ورواه أبو مصعب (7)، عن مالك، وأصحابه بالعراق يأبون ذلك،

(1) المجموع 16: 419 وأحكام القرآن للجصاص 1: 351، ونيل الأوطار 6: 353.
(2) المجموع 16: 419 - 420، ونيل الأوطار 6: 355.
(3) شرح معاني الآثار 3: 46، والمغني لابن قدامة 8: 132، والشرح الكبير 8: 131، والمجموع 16: 420،
ونيل الأوطار 6: 355.
(4) شرح معاني الآثار 3: 40 و 42، والمغني لابن قدامة 8: 132، والشرح الكبير 8: 131.
(5) شرح معاني الآثار 3: 41 و 42، وأحكام القرآن للجصاص 1: 352، والمغني لابن قدامة 8: 132،
والشرح الكبير 8: 131.
(6) لم أعثر هذه الحكاية في مظانها من المصادر المتوفرة.
(7) أبو مصعب أحمد بن أبي بكر واسمه القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن الزهري
المدني روى عن مالك الموطأ وابن أبي حازم والمغيرة بن عبد الرحمن وغيرهم. مات سنة 242 وله 92
سنة، تهذيب التهذيب 1: 20.
337

ويقولن لا يحل: عنده، ولا يعرف لمالك كتاب السر (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2). وأيضا الأصل الإباحة، والمنع يحتاج
إلى دليل.
وأيضا: قوله تعالى: " فاعتزلوا النساء في المحيض " (3) وإنما أراد مكان
الحيض، فدل على أن ما عداه مباح.
وقال تعالى: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم " (4). ولم
يفصل بين القبل والدبر، وقال تعالى: " أتأتون الذكران من العالمين، وتذرون
ما خلق لكم ربكم من أزواجكم " (5) فنهاهم عن إتيان الذكران، وعاتبهم
على ترك مثله من أزواجهم، فثبت أنه مباح.
وروى نافع قال: قال لي ابن عمر: إمسك علي هذا المصحف، فقرأ
عبد الله حتى بلغ " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " (6) فقال:
يا نافع أتدري فيمن نزلت هذه الآية؟ قال، قلت: لا. قال: في رجل من
الأنصار أصاب امرأته في دبرها، فوجد في نفسه من ذلك، فسأل النبي صلى
الله عليه وآله، فأنزل الله تعالى: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم " (7).
وذكر في التفسير ما قيل في هذه الآية التي أوردها (8).
مسألة 118: نكاح الشغار باطل عندنا. وبه قال مالك، والشافعي،

(1) أحكام القرآن للجصاص 1: 352، والمغني لابن قدامة 8: 132، والشرح الكبير 8: 131، وتفسير
القرطبي 3: 93، والمجموع 16: 420، ونيل الأوطار 6: 355.
(2) الكافي 5: 540 حديث 2، والتهذيب 7: 415 حديث 1663 و 1666.
(3) البقرة: 222.
(4) البقرة: 223.
(5) الشعراء: 165 و 166.
(6) البقرة: 223.
(7) البقرة: 223.
(8) أحكام القرآن للجصاص 1: 352، والدر المنثور 1: 266.
338

وأحمد، وإسحاق، غير أن مالكا أفسده من حيث فساد المهر، وأفسده الشافعي
من حيث أنه ملك لبضع كل واحد من شخصين (1).
وذهب الزهري، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه: إلى أن نكاح الشغار
صحيح، وإنما فسد فيه المهر، فلا يفسد بفساده (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وروى نافع عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الشغار،
والشغار: أن يقول زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، على أن يكون بضع كل
واحدة منهما مهر الأخرى (4).
فإن كان هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وآله - وهو الظاهر -
فإنه أدرجه في كلامه فهو نص، وإن كان من الراوي له، وجب المصير
إليه، لأنه أعرف بما نقله، وأعلم بما سمعه من النبي - صلى الله عليه وآله - فإنه
شاهد الوحي والتنزيل، وعرف البيان والتأويل، وعرف أغراض رسول الله
صلى الله عليه وآله.

(1) الأم 5: 76 و 77، ومختصر المزني: 174، والمدونة الكبرى 2: 152، والمحلى 9: 514، والمبسوط
5: 105، و 174، والمغني لابن قدامة 7: 568، والشرح الكبير 7: 529، وعمدة القاري 20: 109،
وفتح الباري 9: 163 و 164، وبداية المجتهد 2: 57، ونيل الأوطار 6: 279، وأسهل المدارك
2: 87، والمجموع 16: 247، وسبل السلام 3: 995.
(2) المحلى 9: 514، والمبسوط 5: 105، واللباب 2: 199، والمغني لابن قدامة 7: 568، وعمدة القاري
20: 108 و 109، والشرح الكبير 7: 529، وفتح الباري 9: 163 و 164، وبداية المجتهد 2: 57،
والمجموع 16: 247، ونيل الأوطار 6: 279، وسبل السلام 3: 995.
(3) الكافي 5: 360 باب نكاح الشغار حديث 1 - 3، والتهذيب 7: 355 حديث 1445 و 1446.
(4) صحيح البخاري 7: 15، وصحيح مسلم 2: 1034 حديث 58، وسنن الدارمي 2: 136، وسنن
النسائي 6: 112، وسنن ابن ماجة 1: 606 حديث 1883، والموطأ 2: 535 حديث 24، والمدونة
الكبرى 2: 153، والسنن الكبرى 7: 199، والأم 5: 76 و 174 باختلاف يسير في ألفاظها.
339

مسألة 119: نكاح المتعة عندنا مباح جائز، وصورته أن يعقد عليها مدة
معلومة بمهر معلوم، فإن لم يذكر المدة كان العقد دائما. وإن ذكر الأجل ولم
يذكر المهر بطل العقد، وإن ذكر مدة مجهولة، لم يصح على الصحيح من
المذهب، وبه قال علي عليه السلام - على ما رواه أصحابنا (1).
وروي ذلك عن ابن مسعود، وجابر بن عبد الله، وسلمة بن الأكوع، وأبي
سعيد الخدري، والمغيرة بن شعبة، ومعاوية بن أبي سفيان، وابن عباس، وابن
جريج (2) (3)، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعطاء (4).
وحكى الفقهاء تحريمه عن علي - عليه السلام - وعمر بن الخطاب، وابن
مسعود، وابن الزبير وابن عمر (5)، وقالوا: إن ابن عباس رجع عن القول
بإباحتها (6).

(1) الكافي 5: 448 حديث 2، والتهذيب 7: 250 حديث 1080، والاستبصار 3: 141 حديث 508.
(2) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج الأموي، مولاهم، أبو الوليد وأبو خالد المكي أصله رومي، روى
عن عطاء بن أبي رباح وزيد بن أسلم والزهري وجماعة وعنه محمد والأوزاعي والليث وآخرين.
مات سنة 150 هجرية، تهذيب التهذيب 6: 402.
(3) في النسخة الحجرية: ابن جريح.
(4) أحكام القرآن للجصاص 2: 150، وشرح معاني الآثار 3: 24، والمحلى 9: 519، والنتف
1: 277، والمغني لابن قدامة 7: 571، وبداية المجتهد 2: 58، والشرح الكبير 7: 537، ونيل الأوطار
6: 270، و 271، وشرح النووي على صحيح مسلم المطبوع بهامش إرشاد الساري 6: 119.
(5) صحيح مسلم 2: 1027 حديث 30، والأم 5: 79 و 7: 174، ومختصر المزني: 175، وشرح معاني
الآثار 3: 25، وأحكام القرآن للجصاص 2: 150، والسنن الكبرى 7: 201، والمحلى 9: 520،
والمبسوط 5: 152، والمغني لابن قدامة 7: 571 و 572، والشرح الكبير 7: 536، وفتح الباري
9: 167 و 174، وشرح فتح القدير 2: 386، والمجموع 16: 249 و 254، وتبيين الحقائق 2: 115،
وشرح النووي على صحيح مسلم بهامش إرشاد الساري 6: 118.
(6) أحكام القرآن للجصاص 2: 151 و 152، والمبسوط 5: 152، والمغني لابن قدامة 7: 572، وشرح
فتح القدير 2: 386، وفتح الباري 2: 386، وفتح الباري 9: 173، وبداية المجتهد 2: 58، والمجموع 16، 251، ونيل
الأوطار 6: 271، وشرح النووي على صحيح مسلم في هامش إرشاد الساري 6: 122.
340

دليلنا: إجماع الفرقة المحقة.
وأيضا: قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (1) وهذا مما قد
طاب له منهن، وقال تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا
بأموالكم " (2) وهذا مما قد ابتغاه بماله. وقال تعالى: " فما استمتعتم به منهن
فأتوهن أجورهم فريضة " (3) ولفظ الاستمتاع إذا أطلق لا يفيد إلا نكاح
المتعة.
وفي قراءة ابن مسعود: " فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن
أجورهم " (4). وهذا نص.
وأيضا: لا خلاف أنها كانت مباحة (5)، فمن ادعى نسخها فعليه الدلالة.
وأيضا: الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل.
وأيضا قول عمر: متعتان كانتا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله - أنا
أنهى عنهما، وأعاقب عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج (6). وقوله: (كانتا على
عهد رسول الله صلى الله عليه وآله) إخبار منه عن كونها مباحة في زمانه، وما
كان في زمانه - صلى الله عليه وآله - مفعولا فهو شرعه ودينه.
وأما ما رووه من الأخبار في تحريمها، فكلها أخبار آحاد، وفيهما مع ذلك
اضطراب، لأن فيها أنه صلى الله عليه وآله حرمها يوم خيبر في رواية ابن

(1) النساء: 3.
(2) النساء: 24.
(3) النساء: 24.
(4) مجمع البيان 3: 32، ونيل الأوطار 6: 275، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 118.
(5) أحكام القرآن للجصاص 2: 152 و 153، والمبسوط 5: 152، والمغني لابن قدامة 7: 571 و 572،
والجامع لأحكام القرآن 5: 130، وفتح الباري 9: 167 و 174، والمجموع 16: 254، ونيل الأوطار
6: 272 و 274.
(6) السنن الكبرى 7: 206، وأحكام القرآن للجصاص 2: 152، والمغني لابن قدامة 7: 571 و 572،
والشرح الكبير 7: 537.
341

الحنفية، عن أبيه (1).
وروى الربيع بن سبرة (2)، عن أبيه قال: كنت مع رسول الله صلى الله
عليه وآله - بمكة عام الفتح، فأذن في متعة النساء، فخرجت أنا وابن عم لي،
وعلينا بردان لنفعل ذلك، فلقتني امرأة فأعجبها حسني، فتزوجت بها، وكان
الشرط عشرين ليلة فأقمت عندها ليلة، فخرجت فأتيت النبي - صلى الله عليه
وآله - وهو بين الركن والمقام فقال: " كنت أذنت لكم في متعة النساء وقد
حرمها الله تعالى إلى يوم القيامة، فمن كان عنده شئ من ذلك فليخل سبيلها
ولا يأخذ مما آتاها شيئا " (3) وهذا اضطراب، لأن بين الوقتين قريب من
ثلاث سنين.
فإن قالوا: حرمها يوم خيبر، وأعاد ذكرها بمكة، وهذا لا يمنع.
قلنا: هذا باطل، لأن ابن سبرة روى أن النبي - صلى الله عليه وآله - أذن
فيما بمكة.
فإن قالوا: حرمها بخيبر، ثم أحلها بمكة، ثم حرمها، هذا سائغ في شرعه
يحل شيئا ثم يحرمه.
قيل: هذا يسقط بالإجماع، لأن أحدا ما قال أن النبي - صلى الله عليه وآله
أباحها دفعتين وحرمها دفعتين، ودخل بينهما نسخ دفعتين، وتحليل دفعتين.
فالاجماع يسقط هذا التأويل، وابن عباس كان يفتي بها، وناظره على ذلك ابن

(1) صحيح مسلم 2: 1027 حديث 29 و 30، وسنن النسائي 6: 126، والسنن الكبرى 7: 201 و
202، والأم 7: 174، وشرح معاني الآثار 3: 25، وعمدة القاري 20: 111.
(2) الربيع بن سبرة بن معبد، ويقال: ابن عوسجة الجهني المدني روى عن أبيه وغيره. تهذيب التهذيب
3: 244.
(3) السنن الكبرى 7: 203، وسنن الدارمي 2: 140 باختلاف يسير، وفيهما وكان الأجل عشرا بدل
" عشرين ليلة ".
342

الزبير، وهي مناظرة معروفة رواها الناس كلهم (1)، ونظم الشعراء فيها
القول. فقال بعضهم:
أقول. فقال بعضهم:
أقول للشيخ لما طال مجلسه: * يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس
هل لك في قينة (2) بيضاء تهكته (3) * تكون مثواك حتى يصدر الناس (4)
فإن قالوا: رجع عن ذلك.
قيل: لا يقبل ذلك لأن قوله مجمع عليه، ورجوعه ليس عليه دليل.
مسألة 120: إذا تزوج امرأة قد طلقها زوجها ثلاثا، بشرط أنه متى أحلها
للأول طلقها، كان التزويج صحيحا، والشرط باطلا.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما وهو الأظهر الذي نص عليه في عامة كتبه مثل ما قلناه (5).
وقال في القديم والاملاء: النكاح باطل (6)، وبه قال مالك (7).

(1) السنن الكبرى 7: 206، وشرح معاني الآثار 3: 24، وشرح فتح القدير 2: 386.
(2) قينة: الأمة المغنية.
(3) الهكتة: الندامة.
(4) حكاهما أكثر من مصدر باختلاف في الألفاظ: انظر المجموع 16: 251، والمغني لابن قدامة 7: 573،
والسنن الكبرى 7: 205، والدراية في تخريج أحاديث الهداية 2: 58، ونيل الأوطار 6: 270 وفي
بعضها لفظه:
قد قلت للشيخ لما طال محبسه * يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس
وهل ترى رخصة الأطراف آنسة * تكون مثواك حتى مصدر الناس
(5) الأم 5: 80، والسراج الوهاج: 390، والمجموع 16: 255، والمغني لابن قدامة 7: 574، والشرح
الكبير 7: 532، وبداية المجتهد 2: 58 و 87 والميزان الكبرى 2: 115، ورحمة الأمة 2: 39، والجامع
لأحكام القرآن 3: 149 و 150.
(6) الأم 5: 79 و 80، والسراج الوهاج: 390 ومغني المحتاج 3: 226 و 227، والوجيز 2: 27، ورحمة
الأمة 2: 39، والميزان الكبرى 2: 115، والمغني لابن قدامة 7: 574، والجامع لأحكام القرآن
3: 149 و 150، والشرح الكبير 7: 532.
(7) بداية المجتهد 2: 58، و 87، وبلغة السالك 1: 403، وحاشية العدوي 2: 68، والمجموع 16: 255،
والجامع لأحكام القرآن 3: 149، ورحمة الأمة 2: 39، والميزان الكبرى 2: 114 و 115.
343

دليلنا: قوله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (1) وهذا نكح من
طاب، فمن أفسده بمقارنة الشرط له كان عليه الدلالة.
مسألة 121: إذا نكحها معتقدا أنه يطلقها إذا أباحها، وأنه إذا أباحها،
فلا نكاح بينهما إن اعتقد هو أو الزوجة ذلك، أوهما والولي، أو تراضيا ذلك قبل
العقد على هذا، ثم تعاقدا من غير شرط، كان مكروها، ولا يبطل العقد به. وبه
قال الشافعي (2).
وقال مالك: النكاح باطل (3).
وحكى أبو إسحاق، عن أبي حنيفة: أنه يستحب ذلك، لأنه يدخل
السرور على الأول (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، وأيضا: فإن إفساد هذا العقد يحتاج
إلى دليل، والأصل صحته.
وروي أن في أيام عمر حدث مثل هذا، فأوصت المرأة الرجل أن
لا يفارقها، فأقرهما عمر على النكاح، وأوجع الدلالة بالضرب (5)، فدل ذلك

(1) النساء: 3.
(2) الأم 5: 80، والمجموع 16: 255 و 256، والمغني لابن قدامة 7: 575، والشرح الكبير 7: 533،
وبداية المجتهد 2: 58، والنتف 1: 257، ورحمة الأمة 2: 39، والميزان الكبرى 2: 115، والجامع
لأحكام القرآن 3: 150.
(3) بداية المجتهد 2: 58، وأسهل المدارك 2: 86، وبلغة السالك 1: 403، وحاشية العدوي 2: 68،
والمغني لابن قدامة 7: 575، والشرح الكبير 7: 533، والنتف 1: 257، ورحمة الأمة 2: 39،
والميزان الكبرى 2: 115، والجامع لأحكام القرآن 3: 149 و 150.
(4) النتف 1: 257، وتبيين الحقائق 2: 115 و 116، ورحمة الأمة 2: 39، والميزان الكبرى 2: 115،
والمجموع 16: 255، والشرح الكبير 7: 533، والجامع لأحكام القرآن 3: 149.
(5) المغني لابن قدامة 7: 575، و 576.
344

على صحة العقد، وعلى كراهته بضرب الدلالة.
مسألة 122: إذا نكحها نكاحا فاسدا، ودخل بها، لم تحل للأول.
وللشافعي فيه قولاه:
أحدهما مثل ما قلناه، قال في الجديد (1)، لأنه يثبت به الإحصان.
وقال في القديم: يبيحها، لأنه نكاح يثبت به النسب ويدرأ به الحد،
ويجب بالوطء المهر (2).
دليلنا: قوله تعالى: " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا
غيره " (3) ونحن نعلم أنه أراد بذلك تزويجا شرعيا سائغا، لأن الله تعالى لا يبيح
الفاسد.
ويدل على ما قلناه: أن تحريمها للأول مجمع عليه، فمن ادعى تحليلها بهذا
الوطء فعليه الدلالة.
مسألة 123: إذا تزوج المحرم، فنكاحه باطل، وكذلك إن كان محلا
وهي محرمة، أو كانا محلين والولي محرما فالنكاح باطل، وبه قال
الشافعي (4).

(1) الأم 5: 80، والمجموع 17: 249 و 285، والجامع لأحكام القرآن 3: 151، وشرح النووي على
صحيح مسلم 6: 186، ورحمة الأمة 2: 60، والميزان الكبرى 2: 124.
(2) الأم 5: 80 و 249، والوجيز 2: 21، والمجموع 17: 285، والمغني لابن قدامة 8: 475، وبداية المجتهد
2: 87، وشرح النووي على هامش إرشاد الساري 6: 186، ورحمة الأمة 2: 60، والميزان الكبرى
2: 124.
(3) البقرة: 230.
(4) الأم 5: 78، ومختصر المزني: 175، والمجموع 7: 287 و 288، والمبسوط 4: 191، وعمدة القاري
20: 110، وفتح الباري 9: 165 و 166، والهداية 2: 374، وشرح فتح القدير 2: 374، وشرح
العناية على الهداية 2: 374، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 134، وتبيين الحقائق
2: 110.
345

وقال أبو حنيفة: النكاح صحيح (1)، وقد ذكرناهما في كتاب الحج (2).
دليلنا: ما قلناه هناك من إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا: روى عثمان بن عفان: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
: لا ينكح المحرم ولا ينكح " (4) وهذا نص، لأنه نهي، والنهي يدل على فساد
المنهي.
فإن قيل: قوله صلى الله عليه وآله: " لا ينكح " معناه لا يطئ.
قلنا: هذا باطل، لأن حقيقة عبارة عن العقد بعرف الشرع، ولأنا نحمله
على الأمرين، فإنه لا تنافي بينهما، وأيضا فإنه قال: " ولا ينكح " وذلك لا يمكن
حمله على الوطء، فدل ما قلناه.
مسألة 124: يفسخ النكاح عندنا بالعيب. المرأة تفسخه بالجب، والعنة،
والجنون. والرجل يفسخه بستة أشياء: الجنون، والجذام، والبرص، والرتق،
والقرن، والافضاء.
وفي أصحابنا من ألحق به العمي، وكونها محدودة (5) ولا يحتاج مع الفسخ
إلى الطلاق.
وقال الشافعي: يفسخ النكاح من سبعة، اثنان يختص الرجال: الجب

(1) المبسوط 4: 191، وعمدة القاري 20: 110، وفتح الباري 9: 165 و 166، والهداية 2: 374، وشرح
العناية على الهداية 2: 274، وشرح فتح القدير 2: 374، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 134،
وتبيين الحقائق 2: 110، والأم 5: 278، ومختصر المزني: 175، والمجموع 7: 287، و 288.
(2) انظر المسألة 111 من كتاب الحج.
(3) الكافي 4: 373 حديث 1 - 6، ومن لا يحضره الفقيه 2: 230 حديث 1096 - 1098، والتهذيب
5: 328 حديث 1128 - 1130.
(4) صحيح مسلم 2: 1030 حديث 41 - 44، وسنن الدارمي 2: 141، وسنن الدارقطني 3: 260
حديث 57، والسنن الكبرى 7: 210، والأم 5: 78.
(5) ذهب إليه الشيخ المفيد - قدس سره - في المقنعة: 80.
346

والعنة، واثنان يختص النساء: الرتق والقرن، وثلاثة يشتركان فيه: الجنون،
والبرص، والجذام، وبه قال عمر بن الخطاب، وابن عمر، وابن عباس،
ومالك (1).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: النكاح لا يفسخ بالعيب أصلا، لكن إن كان
الرجل مجنونا أو عنينا ثبت لها الخيار خيار الفرقة فيفرق بينهما ويكون طلاقا
لا فسخا (2)، ومن قال لا يفسخ بالعيب رووه عن علي - عليه السلام -، وابن
مسعود (3). قال علي عليه السلام: " إذا وجد الرجل بالمرأة الجذام أو البرص
فإن شاء أمسك، وإن شاء طلق (4). وقد روي ذلك في أخبارنا أيضا (5).
وقال ابن مسعود: الحرة لا ترد بالعيب (6).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى من إجماع الفرقة وأخبارهم (7).
وروى زيد بن كعب (8)، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وآله - تزوج

(1) الأم 5: 84، ومغني المحتاج 3: 202، 203، والمجموع 16: 268، والسراج الوهاج: 382، وكفاية
الأخيار 2: 37، والمبسوط 5: 95، والمغني لابن قدامة 7: 579 - 581، وحاشية العدوي 2: 83 و
84، والمحلى 10: 111، و 112، ورحمة الأمة 2: 40.
(2) المبسوط 5: 95، واللباب 2: 205 و 206، وبدائع الصنائع 2: 327، وشرح فتح القدير 3: 264 -
267، والهداية 3: 267، ورحمة الأمة 2: 40، والميزان الكبرى 2: 115، والمجموع 16: 268، و 269،
والمغني لابن قدامة 7: 579،
(3) المجموع 16، 268، والمغني لابن قدامة 7: 579.
(4) المصنف لعبد الرزاق 6: 243 حديث 10677، والسنن الكبرى 7: 215، والمبسوط 5: 96، والمحلى
10: 110 و 113، وبدائع الصنائع 2: 322 - 323، والمجموع 16: 269.
(5) التهذيب 7: 426 حديث 1700، والاستبصار 3: 247 حديث 887، ومستدرك وسائل الشيعة
15: 47 باب 2 الحديث الأول نقلا عن الجعفريات.
(6) المبسوط 5: 96.
(7) الكافي 5: 404 (باب المدالسة في النكاح...)، والتهذيب 7: 424 حديث 1693 - 1696،
والاستبصار 3: 246 (باب 151).
(8) زيد بن كعب، وقيل: كعب بن زيد، وقيل سعد بن زيد ترجم له ابن الأثير في أسد الغابة تارة
بعنوان زيد بن كعب وأخرى بعنوان كعب بن زيد وذكر قصة زواج النبي في الحديث المذكور مع
اختلاف يسير في بعض الألفاظ، ولم يذكر شرح حال له.
347

امرأة من غفار (1)، فلما خلا بها رأي في كشحها بياضا، فقال لها: " ضمي
عليك ثيابك والحقي بأهلك " (2). وفي بعضها " دلستم علي "، وفي بعضها
فردها، وقال " دلستم علي " (3).
فموضع الدلالة أن الراوي نقل الحكم، وهو الرد، ونقل السبب، وهو وجود
البياض بكشحها، فوجب أن يتعلق الحكم بهذا السبب متى وجد.
مسألة 125: إذا كان الرجل مسلولا، لكنه يقدر على الجماع، غير أنه
لا ينزل، أو كان خنثى، حكم له بالرجل لم يرد بالعيب. وإن كانت المرأة
خنثى حكم لها بالمرأة مثل ذلك.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (4).
والثاني: لها الخيار، وكذلك له الخيار (5).
دليلنا: أن العقد قد ثبت بالإجماع، وإثبات الخيار لهما بذلك يحتاج إلى
دليل.
مسألة 126: إذا دخل بها، ثم وجد بها عيبا، فلها المهر ويرجع على
من دلسها وغرة.

(1) أسماها الحاكم النيسابوري في مستدركه " أسماء بنت النعمان الغفارية " وقيل غير ذلك فلا حظ نيل
الأوطار 6: 298.
(2) السنن الكبرى 7: 257، والمستدرك على الصحيحين 2: 34، ونيل الأوطار 6: 298.
(3) السنن الكبرى 7: 213 و 214، والمبسوط 5: 95، والجامع لأحكام القرآن 3: 153، وسبل السلام
3: 1018، نقلا عن ابن كثير.
(4) المجموع 16: 266 و 286، والمغني لابن قدامة 7: 582، والبحر الزخار 4: 62.
(5) انظر المصادر المتقدمة.
348

وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه ذكره في القديم (1).
والثاني: يستقر عليه، ولا يرجع على أحد (2).
وروي ذلك في بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وروى سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب، أيما رجل تزوج امرأة
وبها جذام أو جنون أو برص فمسها، فلها صداقها وذلك لزوجها غرم على
وليها (5)، ولا مخالف له.
مسألة 127: إذا حدث بالرجل جب، أو جنون، أو جذام، أو برص لم
يكن في حال العقد، فإنه لا يرد إلا في الجنون الذي لا يعقل معه أوقات الصلاة
فإنه يرد به.
وقال الشافعي: يرد به قولا واحدا (6).
دليلنا: أن العقد قد صح، وثبوت الرد يحتاج إلى دليل.
مسألة 128: إذا حدث بالمرأة أحد العيوب التي ترد به، ولم يكن في

(1) الأم 5: 84 و 85، والوجيز 2: 18، والسراج الوهاج: 382، ومغني المحتاج 3: 205، والمجموع
16: 275، والمغني لابن قدامة 7: 587، والشرح الكبير 7: 583.
(2) الأم 5: 84 و 85، ومختصر المزني: 176، ومغني المحتاج 3: 205، والسراج الوهاج: 382، والمجموع
16: 275، والمغني لابن قدامة 7: 587، والشرح الكبير 7: 583، والوجيز 2: 18.
(3) مسند أحمد بن حنبل 6: 66، والسنن الكبرى 7: 125، والأم 5: 85، ومختصر المزني: 176.
(4) 5: 408 حديث 14، والتهذيب 7: 425 حديث 1699.
(5) الأم 5: 84، والموطأ 2: 526 حديث 9، والسنن الكبرى 7: 214، والمصنف لعبد الرزاق 6: 244
حديث 10679 باختلاف يسير في بعض الألفاظ.
(6) الأم 5: 40 و 84، والوجيز 2: 18، والسراج الوهاج: 382، ومغني المحتاج 3: 203، ورحمة الأمة
2: 40، والميزان الكبرى 2: 115، والمغني لابن قدامة 7: 584، والمجموع 16: 272.
349

حال العقد، فإنه يثبت به الفسخ.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: قاله - في القديم - لا خيار له (1).
وقال في الجديد: له الخيار، وهو أصحهما (2).
دليلنا: عموم الأخبار (3) التي وردت في أن له الرد بهذه العيوب، ولم
يفصلوا بين عيب كان في حال العقد وبين ما يحدث فيما بعد. وخبر الغفارية
يدل على ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وآله - لم يفصل (4).
مسألة 129: إذا دخل بها مع العلم بالعيب، فلا خيار له بعد ذلك
بلا خلاف، فإن حدث بها بعد ذلك عيب آخر، فلا خيار له.
وقال الشافعي: إن كان الحادث في مكان آخر فإنه يثبت به الخيار، وإن
كان الحادث زيادة في المكان الذي كان فيه، فلا خيار له (5).
دليلنا: أنه قد ثبت العقد، وبطل خياره بعد الدخول مع علمه بالعيب،
وإثبات الخيار بعيب حادث يحتاج إلى دليل.
مسألة 130: إذا تزوجها على أنها مسلمة، فبانت كتابية، كان العقد باطلا.

(1) الأم 5: 85، ومختصر المزني: 176، والوجيز 2: 18، ومغني المحتاج 3: 202 و 203، والسراج الوهاج:
382، والمجموع 16: 272، والميزان الكبرى 2: 115، ورحمة الأمة 2: 41، والمغني لابن قدامة
7: 583 و 584.
(2) الأم 5: 85، ومختصر المزني: 1776، والسراج الوهاج: 382، ومغني المحتاج 3: 202 و 203، والوجيز
2: 18، والمجموع 16: 272، ورحمة الأمة 2: 41، والميزان الكبرى 2: 115، والمغني لابن قدامة
7: 583 و 584.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 273 (باب 125 ما يرد منه النكاح)، والتهذيب 7: 424 حديث 1693 -
1698 و 7 422 (باب التدليس في النكاح وما يرد منه وما لا يرد).
(4) تقدم في المسألة 124 من هذا الكتاب فلا حظ.
(5) الأم 5: 85، والمجموع 16: 272، وحاشية إعانة الطالبين 3: 334.
350

وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (1).
والثاني: أنه صحيح (2).
دليلنا: أنا قد بينا أن العقد على الكافرة لا يصح (3)، فكيف إذا انضاف
إليه المغرور.
مسألة 131: إذا عقد على أنها كتابية وكانت مسلمة، كان العقد باطلا.
ومن أجاز نكاح الكتابيات من أصحابنا (4) يجب أن يقول أن العقد صحيح،
ولا خيار له.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما أنه باطل (5).
والثاني: أنه صحيح (6). فإذا قال صحيح، فهل له الخيار أم لا؟ قال:
ليس له الخيار قولا واحدا (7).
دليلنا: على بطلانه أنه عقد على من يعتقد أنه لا ينعقد نكاحها، فكان باطلا.

(1) مختصر المزني: 186، والسراج الوهاج: 383، والوجيز 2: 18 و 19، ومغني المحتاج 3: 208، والمجموع
16: 291، والمغني لابن قدامة 7: 422.
(2) مختصر المزني: 176، والوجيز 2: 19، والمجموع 16: 291، ومغني المحتاج 3: 208، والسراج الوهاج:
383، والمغني لابن قدامة 7: 422.
(3) تقدم بيانه في المسألة 84 من هذا الكتاب فلاحظ.
(4) ممن ذهب إلى هذا المذهب علي بن بابويه على ما حكاه عنه العلامة الحلي في المختلف كتاب
النكاح: 82، وابنه الشيخ الصدوق في المقنع: 102.
(5) مختصر المزني: 176، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 208، والمجموع 16: 287، و 289،
والوجيز 2: 18 و 19.
(6) مختصر المزني: 176، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 207، 208، والوجيز 2: 18 و 19.
والمجموع 16: 287 و 289.
(7) مختصر المزني: 176، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 208.
351

مسألة 132: إذا عقد الحر على امرأة على أنها حرة، فبانت أمة، كان العقد
باطلا، وكذلك القول في الزوج إذا كان حرا.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والآخر، صحيح (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 133، بيع الأمة المزوجة طلاقها. وبه قال ابن عباس، وابن
مسعود، وأنس بن مالك وأبي بن كعب (3).
وذهب عمر، وابن عمر، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص
والفقهاء أجمع: إلى أن العقد بحاله، ويقوم المشتري مقام البائع في ملك رقبتها،
ولا يكون بيعها طلاقها (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وأيضا قوله تعالى: " والمحصنات من
النساء إلا ما ملكت أيمانكم " (6) والمحصنات زوجات الغير، فحرمهن علينا إلا

(1) الأم 5: 83، ومختصر المزني: 166 و 177، ومغني المحتاج 3: 208، والسراج الوهاج 383، والوجيز
2: 18 - 19، وحاشية إعانة الطالبين 3: 336، و 337، والمجموع 16: 288، والمغمى لابن قدامة
7: 413.
(2) الكافي 5: 404 حديث 1، والتهذيب 7: 422 حديث 1690.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 136 و 137، وعمدة القاري 20: 266، وفتح الباري 9: 404،
والجامع لأحكام القرآن 5: 122، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 382.
(4) مختصر المزني: 177، وعمدة القاري 20: 266، والنتف 1: 287، وفتح الباري 9: 404، والجامع
لأحكام القرآن.
(5) الكافي 5: 483 حديث 1 - 6، والتهذيب 7: 337 و 338 حديث 1381 و 1382، و 1383.
1390، ومن لا يحضره الفقيه 3: 285 حديث 1355.
(6) النساء: 24.
352

ما ملكت اليمين، فالظاهر أنه متى ملك زوجة الغير حلت له بملك اليمين، فإذا
حلت له ثبت أنها حرمت على زوجها.
مسألة 134: إذا أعتقت الأمة تحت حر، فالظهر من روايات أصحابنا
أن لها الخيار (1). وبه قال النخعي، والشعبي وطاووس (2).
وقال طاووس: لها الخيار، ولو أعتقت تحت قرشي (3).
وقال بعضهم: لو أعتقت تحت أمير من الأمراء لها الخيار - وبه قال
الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (4).
وروي في بعض أخبارنا: أنه ليس لها الخيارة (5)، وبه قال الشافعي،
ومالك، وربيعة، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق، وفي الصحابة:
ابن عمر وابن عباس، وعائشة، وصفية (6).

(1) التهذيب 7: 341 و 342 حديث 1394 و 1400 و 1401، والتهذيب 8: 201 حديث 709 و 710،
والاستبصار 3: 210 حديث 759 و 760، والفقيه 3: 261 حديث 1244.
(2) المغني لابن قدامة 7: 591، وعمدة القاري 20: 267، والمجموع 16: 294، والشرح الكبير 7: 554،
والبحر الزخار 4: 68 و 69.
(3) المجموع 16: 294، وعمدة القاري 20: 267 من دون نسبة.
(4) المبسوط 5: 98 و 99، واللباب 2: 205، وعمدة القاري 20: 267، وفتح الباري 9: 407، وشرح
فتح القدير 2: 495، وبدائع الصنائع 2: 325، والهداية 2: 495، والنتف 1: 307، وبداية المجتهد
2: 53، والشرح الكبير 7: 554، والمغني لابن قدامة 7: 591، والمجموع 16: 294، ونيل الأوطار
6: 294.
(5) التهذيب 8: 201 حديث 706 و 707.
(6) المغني لابن قدامة 7: 591، والهداية 2: 495، وبداية المجتهد 2: 53، والمجموع 16: 291 و 294،
والشرح الكبير 7: 554، وفتح الباري 9: 407، وشرح فتح القدير 2: 495، وبدائع الصنائع
2: 328، والنتف 1: 30 ط، المبسوط 5: 99، ورحمة الأمة 2: 41، ونيل الأوطار 6: 294، وشرح
العناية على الهداية 2: 495، وأسهل المدارك 2: 101، وسنن الترمذي 3: 461، والبحر الزخار
4: 68 و 69.
353

دليلنا: على الأول أخبار أصحابنا ورواياتهم (1).
وروى إبراهيم عن الأسود، عن عائشة قالت: خير رسول الله صلى الله
عليه وآله بريرة وكان زوجها حرا (2)، وهذا نص.
وقد روي مثل ذلك أصحابنا (3).
والرواية الأخرى رواها أصحابنا أن زوج بريرة كان عبدا (4).
والذي يقوي عندي أنه لا خيار لها، لأن العقد قد ثبت. ووجود الخيار لها
يحتاج إلى دليل.
وروي عن عائشة في خبر بريرة أنه كان زوجها عبدا، وأنها قالت: لو كان
حرا لم يخيرها (5).
مسألة 135: العنة عيب يثبت للمرأة به الخيار، ويضرب له مدة سنة،
فإن جامع فيها وإلا فرق بينهما، وبه قال جميع الفقهاء (6).
وقال الشافعي: لا أعلام خلافا فيه عن مفت لقيته في أنه إن جامع وإلا
فرق بينهما (7).
وقال الحكم: لا يضرب له مدة ولا يفسخ به النكاح، وبه قال أهل

(1) التي تقدمت الإشارة إليها في الهامش رقم 1 من هذه المسألة.
(2) سنن أبي داود 2: 270 حديث 2235، وسنن الترمذي 3: 461 حديث 1155، والسنن الكبرى
7: 223.
(3) الكافي 5: 485، 486 حديث 1، والتهذيب 7: 341 حديث 1396.
(4) الكافي 5: 487 حديث 5 و 6، والتهذيب 8: 342 حديث 1397 و 1398.
(5) صحيح مسلم 2: 1143 حديث 9، وسنن أبي داود 2: 270 حديث 2233، وسنن الترمذي 3: 460
حديث 1154، والسنن الكبرى 7: 221.
(6) الأم 5: 40، والمجموع 16: 279 و 280، والمحلى 10: 59، والمغني لابن قدامة 7: 603، والشرح
الكبير 7: 569، وشرح فتح القدير 2: 263، والهداية 3: 263 و 264.
الأم 5: 40.
354

الظاهر (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا: إجماع الصحابة، فإنه روي ذلك عن علي عليه السلام، وعمر،
وابن مسعود، والمغيرة بن شعبة. فقالوا كلهم: يؤجل سنة (3)، ولا يعرف لهم
مخالف، واستدلوا بقوله تعالى: " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان " (4) فإذا عجز عن أحدهما - وهو أن يمسكها - وجب أن يسرحها
بالإحسان.
مسألة 136: فسخ العنين ليس بطلاق. وبه قال الشافعي (5).
وقال أبو حنيفة، ومالك: هو طلاق (6).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، فإنهم رووا أنها تبين بغير طلاق (7).
مسألة 137: إذا قال لها: أنه عنين، فتزوجته على ذلك، فكان كما قال، لم
يكن لها بعد ذلك خيار.
وللشافعي فيه قولان:

(1) المحلى 10: 58 و 63، والمغني لابن قدامة 7: 603، والشرح الكبير 7: 569، والمجموع 16: 279.
(2) الكافي 5: 410 " باب الرجل يدلس نفسه والعنين "، والتهذيب 7: 430 و 431 حديث 1714 و 1716
و 1718 و 1719.
(3) المحلى 10: 59، والمغني لابن قدامة 7: 603، والشرح الكبير 7: 569، والهداية 3: 263، وشرح فتح
القدير 3: 263، والمجموع 16: 279 و 280، وسنن الدار القطني 3: 305 و 306 حديث 221 و 224
و 225 و 226.
(4) البقرة: 229.
(5) الأم 5: 40، والمجموع 16: 282، والمغني لابن قدامة 7: 605، والهداية المطبوع في هامش شرح فتح
القدير 3: 264، وشرح فتح القدير 3: 264.
(6) بدائع الصنائع 2: 325، وشرح فتح القدير 3: 264، والهداية 3: 264، والفتاوى الهندية 1: 286،
والمغني لابن قدامة 7: 605، والمجموع 16: 282.
(7) الكافي 5: 410 حديث 4 - 6، والتهذيب 7: 430، 431 حديث 1714 و 1717.
355

قال في القديم: مثل ما قلناه (1).
وقال في الجديد: لها الخيار (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فإنها على بصيرة، فكان كالجذام
والبرص لم يثبت لها الخيار. وأيضا فقد ثبت العقد، وثبوت الخيار بعده يحتاج
إلى دليل
مسألة 138: إذا كان له أربع نسوة، فعن عن واحدة منهن ولم يعن عن
الثلاث، لم يكن لها الخيار، ولا يضرب لها الأجل.
وقال الشافعي: لها حكم نفسها، ويضرب لها المدة ويثبت لها الخيار (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، ولأن إثبات الخيار لها يحتاج إلى دليل،
والعقد صحيح مجمع عليه، ولا دليل على ثبوت الخيار بعده.
مسألة 139: إذا رضيت به بعد انقضاء المدة، أو في خلال المدة، لم يكن لها
بعد ذلك خيار.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، وهو الأظهر عندهم (5).
والمذهب: أنه لا يسقط خيارها (6).
دليلنا: عموم الأخبار التي وردت في سقوط خيارها إذا رضيت بالعنة (7).

(1) الأم 5: 40، والمجموع 16: 283، والوجيز 2: 18، والمغني لابن قدامة 7: 607.
(2) الوجيز 2: 18، والمجموع 16: 283، والمغني لابن قدامة 7: 607.
(3) المجموع 16: 284، والوجيز 2: 20.
(4) من لا يحضره الفقيه 3: 358 حديث 1710، والتهذيب 7: 429 حديث 1711، والكافي 5: 411
حديث 9، والاستبصار 3: 250 حديث 898.
(5) الأم 5: 40، والوجيز 2: 20، والمجموع 16: 278.
(6) الأم 5: 40، والمجموع 16، 278، والوجيز 2: 20.
(7) انظر من لا يحضره الفقيه 3: 358 حديث 1711، والتهذيب 7: 431 حديث 1719 وأيضا يستفاد
من عموم الأحاديث الواردة في التهذيب 7: 430 المرقمة 1712 - 1716.
356

وأيضا فإثبات الخيار يحتاج إلى دليل، والأصل بقاء العقد وصحته.
مسألة 140: إذا اختلفا في الإصابة، فقال، أصبتها، وأنكرت، فإن كانت
ثيبا فالقول قوله مع يمينه عند أبي حنيفة وأصحابه، الشافعي، والثوري (1).
وقال الأوزاعي: يخلى بينهما، ويكون بالقرب منهما امرأتان من وراء
الحجاب، فإذا قضى وطره بادرتا إليها، فإن كان الماء في فرجها فقد جامعها،
وإن لم يكن في فرجها ماء فما جامعها (2)).
وقال مالك هكذا، إلا أنه قال: يقتصر على امرأة واحدة (3).
وقد روى أصحابنا: أنه تؤمر المرأة أن تحشو قبلها خلوقا، فإذا وطأها وكان
على ذكره أثر الخلوق علم أنه أصابها، وإن لم يكن علم أنه لم يصبها (4)، وهذا
هو المعمول عليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وأيضا الأصل بقاء النكاح، وما يوجب
الإزالة يحتاج إلى دليل.
مسألة 141 إذا تزوجت برجل، فبان أنه خصي، أو مسلول، أو موجوء
كان لها الخيار.
وللشافعي فيه قولان:

(1) الأم 5: 40، ومختصر المزني: 178، والسراج الوهاج: 383، ومغني المحتاج 3: 206، والمجموع
16: 281 و 282، والمحلى 10: 59، والمغني لابن قدامة 7: 616، والشرح الكبير 7: 575.
(2) المغني لابن قدامة 7: 618، والشرح الكبير 7: 576، والمجموع 16: 281.
(3) المجموع 16: 281 و 282، والمغني لابن قدامة 7: 618، والشرح الكبير 7: 526.
(4) الكافي 5: 411 حديث 8، ومن لا يحضره الفقيه 3: 357 حديث 1704، والتهذيب 7: 429 حديث
1710، والاستبصار 3: 251 حديث 900.
(5) انظر المصادر المتقدمة تحت الرقم " 4 ".
357

أحدهما: مثل ما قلناه (1).
والثاني: لا خيار لها، لأنه متمكن من الإيلاج، وإنما لا ينزل، وذلك
لا يوجوب الفسخ (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 142: الخنثى تعتبر بالمبال، فمن أيهما خرج أولا حكم به فإن كان
خرج منهما، فمن أيهما انقطع أخيرا حكم به. وبه قال الشافعي (4) -، إلى هاهنا
وافقنا - فإن انقطعا معا عندنا يرجع إلى القرعة.
وروي عد الأضاع (5)، والمعول على القرعة.
وعنده هل يراعى قلة البول وكثرته؟ فيه قولان:
فإن تساويا في ذلك رجع إليه، فإلى أيهما مال طبعه حكم به، وهو المعول
عليه عندهم (6).
وقد رووا عنه الرجوع إلى عد الأضلاع، وهو ضعيف. قال الشافعي:
وليس بشئ (7).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (8).

(1) مختصر المزني: 178، والوجيز 2: 20، والمجموع 16: 266، والسراج الوهاج: 382، ومغني المحتاج
3: 203.
(2) السراج الوهاج: 382، ومغني المحتاج 3: 203، والوجيز 2: 20، والمجموع 16: 266.
(3) الكافي 5: 411 حديث 6، والتهذيب 7: 432 حديث 1720 - 1722.
(4) الأم 6: 25، والمجموع 16: 103، الأشباه والنظائر: 241.
(5) من لا يحضره الفقيه 4: 238 حديث 760.
(6) المجموع 16: 103 و 106، والمغني لابن قدامة 7: 115.
(7) لم أعثر على هذا الرواية في المصادر المتوفرة.
(8) الكافي 7: 156 و 157 حديث 1 - 5، والفقيه 4: 237 حديث 759، والتهذيب 9: 353 (باب
ميراث الخنثى...).
358

وروى ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وآله قال في الذي له
ما للرجال وما للنساء: " يورث من حيث يبول " (1).
مسألة 143: العزل عن الحرة لا يجوز إلا برضاها، فمتى عزل بغير رضاها
أثم، وكان عليه عشر دية الجنين عشرة دنانير.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: أنه محظور لا يجوز - مثل ما قلناه - غير أنه لا يوجب الدية (2).
والمذهب: أن ذلك مستحب، وليس بمحظور (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 144: إذا تزوج الحر بأمة، فرزق منها ولدا، كان حرا.
وقال الشافعي: إن كان الرجل عربيا فالولد على قولين:
أحدهما: يكون حرا (5)، وبه قال أبو حنيفة (6).
والآخر: يكون رقا (7).
وإن كان غير عربي فهو رق قولا واحدا (8).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (9). وأيضا: فإن الأصل الحرية، والرق طار

(1) السنن الكبرى 6: 261، والمغني لابن قدامة 7: 115.
(2) المجموع 16: 421 و 422، وعمدة القاري 20: 195، وفتح الباري 9: 308، وشرح النووي على
صحيح مسلم في هامش إرشاد الساري 6: 192، وسبل السلام 3: 1036.
(3) المجموع 16: 421 و 422، ورحمة الأمة 2: 47، والميزان الكبرى 2: 118، وعمدة القاري 20: 195،
وفتح الباري 9: 308، وشرح النووي على صحيح مسلم 6: 192، وسبل السلام 3: 1036.
(4) الكافي 5: 504 حديث 1 - 3، والتهذيب 7: 417 حديث 1667 - 1669 وليس فيهما تحديد للدية.
(4) الكافي 5: 504 حديث 1 - 3، والتهذيب 7: 417 حديث 1667 - 1669 وليس فيهما تحديث للدية.
(5) انظر الأم 5: 86، والمجموع 16: 288، وفتح المعين: 108.
(6) المبسوط 5 118 و 120.
(7) المجموع 16: 288، ومغني المحتاج 3: 186، وفتح المعين: 108 من دون نسبة.
(8) الأم 5: 43، ومغني المحتاج 3: 186، وفتح المعين: 108.
(9) الكافي 5: 492، والفقيه 3: 291 حديث 1381 و 1382، والتهذيب 7: 335 و 336 حديث 1374
1378، والاستبصار 3: 202 و 203 حديث 731 - 735.
359

يحتاج إلى دلالة شرعية.
مسألة 145: إذا غاب الرجل عن امرأته، فقدم رجل، فذكرها لها: أنه
طلقها طلاقا بانت منه، وذكر لها أنه وكله في استئناف النكاح عليها، وأن
يصدقها ألفا يضمنها لها عنه، ففعلت ذلك، وعقد النكاح، وضمن الرسول
الصداق. ثم قدم الزوج، فأنكر الطلاق، وأنكر التوكيل. فالقول قوله، والنكاح
الأول بحاله، والثاني لم ينعقد، ولا يلزم الوكيل ضمان ما ضمنه لها، وبه قال أبو
حنيفة (1)، والشافعي، على ما حكاه الساجي عنه (2).
وقال في الإملاء: على الوكيل نصف المسمى (3).
وقال مالك وزفر: يلزمه ضمان ذلك (4).
دليلنا: أن النكاح الأول باق، وإنما يلزم الصداق بالعقد، فإذا لم يكن بينهما
عقد فلا صداق عليه، والأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.

(1) المبسوط 5: 20 و 21، وشرح فتح القدير 2: 433 و 434، والمجموع 16: 181.
(2) المجموع 16: 181.
(3) الأم 5: 82، والمجموع 16: 181 وفيه يرجع عليه بالأنف، أي كل المسمى لها.
(4) لم أقف له على هذا القول في المصادر المتوفرة، سوى ما نقله في هامش المدونة الكبرى 2: 174 عن علي
بن زياد لزوم الضمان.
360

كتاب الصداق
361

مسألة 1: إذا عقد على مهر فاسد مثل: الخمر والخنزير والميتة وما
أشبه فسد المهر، ولم يفسد النكاح، ووجب لها مهر المثل - وبه قال جميع
الفقهاء (1) إلا مالكا فإن عنه روايتان:
إحداهما: مثل ما قلناه.
والأخرى: يفسد النكاح (2).
وبه قال قوم من أصحابنا (3).
دليلنا: أن ذكر المهر ليس من شرط صحة العقد، فإذا ذكر ما هو فاسد، لم
يكن أكثر من أم لم يذكره أصلا، فلا يؤثر ذلك في فساد العقد -
وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: " لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل " (4)

(1) الأم 5: 71، والوجيز 2: 26 و 27، والسراج الوهاج: 389، ومغني المحتاج 3: 225، ومختصر المزني:
178، والمغني لابن قدامة 8: 230، والشرح الكبير 8: 27، والمبسوط 5: 89، واللباب 2: 197،
وبدائع الصنائع 2: 279، وشرح فتح القدير 2: 452، وبداية المجتهد 2: 27.
(2) المبسوط 5: 89، والمغني لابن قدامة 8: 23، والشرح الكبير 8: 27، وبداية المجتهد 2: 27، وأسهل
المدارك 2: 108.
(3) نسب هذا القول العلامة الحلي في مختلف الشيعة 2: 93، من كتاب النكاح إلى الشيخ المفيد وابن
البراج، وما في النسخة المطبوعة من المقنعة: 78، والمهذب 2: 199، خلاف ذلك، ولعل العلامة
قدس سره - استفاد ذلك من بعض كتبهما والله العالم.
(4) السنن الكبرى 7: 111 و 124 و 125 و 10: 148، ودعائم الإسلام 2: 218، وترتيب مسند الشافعي
2: 12، ومختصر المزني: 164، وتلخيص الحبير 3: 162 حديث 1512، وسنن الدارقطني 3: 221
حديث 11، وص 225 حديث 21 و 22.
363

فنفاه لعدم الولي والشاهدين، وأثبته بهم، وهذا نكاح قد عقد بهم، فوجب أن
يكون ثابتا.
وأيضا فإنهما عقدان يصح أن ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه، ألا ترى
يكون ثابتا.
وأيضا فإنهما عقدان يصح أن ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه. ألا ترى
أنه لو عقد بغير مهر صح النكاح بلا خلاف، وإذا ثبت بعد ذلك المهر صح
أيضا، فإذا كانا عقدين ففساد أحدهما، لا يوجب فساد الآخر إلا بدليل.
مسألة 2: الصداق ما تراضيا عليه، مما يصح أن يكون ثمنا لمبيع أو أجرة
لمكتري، قليلا كان أو كثير، وبه قال في الصحابة عمر بن الخطاب، وابن
عباس، وفي التابعين سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وفي الفقهاء ربيعة،
والأوزاعي، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق (1).
وقال مالك: مقدر بأقل ما يجب فيه القطع وهو ثلاثة دراهم (2).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: مقدر بعشرة دراهم، فإن عقد النكاح بأقل من
عشرة صحت التسمية وكملت العشرة، فيكون كأنه عقد بعشرة. وهذه التسمية
تمنع من وجوب مهر المثل (3).

(1) الأم 5: 58، والمجموع 6: 326، وكفاية الخيار 2: 40، ومغني المحتاج 3: 220، والسراج الوهاج:
387، وحاشية إعانة الطالبين 3: 348، والمبسوط 5: 80، وشرح فتح القدير 2: 435، وبدائع
الصنائع 2: 276، وتبيين الحقائق 2: 136، وفتح الباري 9: 209، والمغني لابن قدامة 8: 5،
والشرح الكبير 8: 5، وبداية المجتهد 2: 18، ورحمة الأمة 2: 41، والميزان الكبرى 2: 116، وسنن
الترمذي 3: 421 ذيل الحديث 1113.
(2) المدونة الكبرى 2: 223، وبداية المجتهد 2: 18، وجواهر الإكليل 1: 309، والمحلى 9: 495، والنتف
1: 295، وعمدة القاري 20: 139، وفتح الباري 9: 409، وتبيين الحقائق 2: 136، والمجموع
16: 326، ورحمة الأمة 2: 41، والميزان الكبرى 2: 116، والبحر الزخار 4: 99، وسنن الترمذي
3: 421 ذيل الحديث 1113.
(3) المبسوط 5: 80، واللباب 2: 195، وفتح الباري 9: 209، وبدائع الصنائع 2: 275، والنتف
2901، وعمدة القاري 20: 138، وشرح فتح القدير 2: 435، وشرح العناية على الهداية 2: 437، وتبيين
الحقائق 2: 136، والفتاوى الهندية 1: 302، والمحلى 9: 495، وبداية المجتهد 2: 18، والمغني لابن
قدامة 8: 5، والشرح الكبير 8: 5، والمجموع 16، 326، ورحمة الأمة 2: 41، والميزان الكبرى
2: 116، وكفاية الأخيار 2: 40، وسنن الترمذي 3: 421 ذيل الحديث 1113.
364

وقال زفر: يسقط المسمى، ويجب مهر المثل، وهو القياس على قولهم (1).
وقال ابن شبرمة: أقله خمسة دراهم (2).
وقال النخعي: أقله أربعون درهما (3).
وقال سعيد بن جبير: أقله خمسون درهما (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
وأيضا قوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهون وقد فرضتم لهن
فريضة فنصف ما فرضتم " (6) فجعل لها بالطلاق قبل الدخول نصف المسمى،
ولم يفصل القليل من الكثير، وعندهم إذا كان فرض لهما خمسة وجب كلها،
وهو خلاف القرآن.
وروى ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " أدوا العلائق " قيل
يا رسول الله وما العلائق؟ فقال: " ما تراضي به الأهلون، وقد يتراضون بدرهم

(1) وبدائع الصنائع 2: 276، وشرح فتح القدير 2: 437، الهداية 2: 437، وشرح العناية على الهداية
2: 437، والمجموع 16: 326.
(2) المجموع 16: 326، وبداية المجتهد 2: 18، وفتح الباري 9: 209، وتبيين الحقائق 2: 136، والمغني
لابن قدامة 8: 5، والشرح الكبير 8: 5، والبحر الزخار 4: 99.
(3) المحلى 9: 495، والمجموع 16: 326، والمغني لابن قدامة 8: 5، والشرح الكبير 8: 5، وبداية المجتهد
2: 18.
(4) المغني لابن قدامة 8: 5، والشرح الكبير 8: 5، والمحلى 9: 495، والمجموع 16: 326، وتبيين الحقائق
2: 136.
(5) الكافي 5: 378، والمقنعة: 78، والتهذيب 7: 354، وفيها عدة أحاديث فلا حظ.
(6) البقرة: 237.
365

ودرهمين " (1).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: " من استحل بدرهمين فقد استحل " (2).
وعندهم من استحل بدرهمين فقد استحل بعشرة.
وروى أبو سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وآله قال:: لا جناح
على امرء أن يصدق إمرة قليلا كان أو كثيرا، إذا كان اشهدوا
وتراضوا " (3).
وأيضا فإن النبي - صلى الله عليه وآله - زوج المرأة على تعليم آية من كتاب
الله - بعد أن طلب خاتما من حديد فلم يقدر عليه (4)، وذلك يدل على ما قلناه.
مسألة 3: يجوز أن يكون منافع الحر مهرا، مثل: تعليم آية، أو شعر مباح، أو
بناء، أو خياطة ثوب وغير ذلك، مما له أجرة.
واستثنى أصحابنا من جملة ذلك الإجارة فقالوا: لا يجوز ذلك، لأنه كان
يختص بذلك موسى - عليه السلام -. وبه قال الشافعي، ولم يستثن الإجارة، بل
أجازها (5).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز أن يكون منافع الحر صداقا بحال، سوا -
كانت فعلا أو غيره، لأن عندهم لا يجوز المهر إلا أن يكون مالا، أو ما يوجب

(1) سنن الدارقطني 3: 244، حديث 10 عن ابن عباس، والسنن الكبرى 7: 239، وعمدة القاري
20: 137 و 138.
(2) السنن الكبرى 7: 238.
(3) سنن الدارقطني 3: 244 حديث 7 و 9 باختلاف يسير فلا حظ.
(4) صحيح مسلم 7: 26، وسنن الدارقطني 3: 247، وسنن ابن ماجة 1: 607 حديث 1889.
(5) الأم 5: 56، والمجموع 16: 328، ورحمة الأمة 2: 41، والميزان الكبرى 2: 116، والمبسوط 5: 71،
وفتح الباري 9: 213، وشرح فتح القدير 2: 450، وبدائع الصنائع 2: 278، وبداية المجتهد
2: 20.
366

تسليم المال المال، مثل: سكنى دار، أو خدعة عبد سنة، فأما ما لا يكون مثل ذلك
فلا يجوز (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا روى سهل بن سعد الساعدي: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه
وآله - فقال: يا رسول الله إني قد وهبت نفسي لك. فقامت قياما طويلا، فقام
رجل فقال: يا رسول الله زوجنيها إن لم تكن لك فيها حاجة. فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: " هل عندك من شئ تصدقها إياه؟ " فقال: ما عندي
إلا أزاري هذا. فقال النبي: " إن أعطيتها إياه جلست ولا أزار لك، فالتمس
شيئا " فقال: ما أجد شيئا. فقال: " التمس ولو خاتما من حديث " فالتمس فلم
يجد شيئا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: " هل عندك من القرآن
شئ؟ " قال: نعم. سورة كذا وسورة كذا، قد سماهما. فقال له رسول الله
صلى الله عليه وآله: " قد زوجتكها بما معك من القرآن " (3).
وظاهره أنه جعل الذي معه من القرآن صداقا، وهذا لا يمكن، فقد ثبت أنه
إنما جعل الصداق تعليمها إياه.
وروى عطاء عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله قال للرجل:
" ما تحفظ من القرآن؟ " قال: سورة البقرة والتي تليها. قال " فقم وعلمها

(1) المبسوط 5: 70، واللباب 2: 199، وعمدة القاري 20: 139، وفتح الباري 9: 213، والهداية
2: 450، وشرح فتح القدير 2: 450، وشرح العناية على الهداية 2: 437، وتبيين الحقائق 2: 145،
وبدائع الصنائع 2: 277، وأحكام القرآن للجصاص 1: 142، ورحمة الأمة 2: 42، والميزان
الكبرى 2: 116، والمجموع 16: 328، والبحر الزخار 4: 99.
(2) الكافي 5: 380 حديث 5، والتهذيب 7: 354 حديث 1444.
(3) صحيح البخاري 7: 26، والموطأ 2: 526 حديث 8، وسنن النسائي 6: 113، وسنن أبي داود
2: 236 حديث 2111، وسنن الترمذي 3: 321 حديث 1114، وعمدة القاري 20: 138 و 139،
وفتح الباري 9: 205.
367

عشرين آية، وهي امرأتك " (1).
مسألة 4: إذا أصدقها تعليم سورة فلقنها، فلم تحفظ منها شئ، أو حفظتها
من غيره، فالحكم واحد. وكذلك أن أصدقها عبدا، فهلك قبل القضب،
فالكل واحد، كان لها مثل الصداق، وهو أجرة مثل تعليم السورة، وقيمة العبد.
وبه قال الشافعي في (القديم) (2).
وقال في الجديد: أنه يسقط المسمى، ويجب لها مهر المثل (3).
دليلنا: أن إيجاب مهر المثل يحتاج إلى دليل، لأن الذي وجب لها بالعقد
شئ بعينه، فإذا تعذر كان لها أجرته أو قيمته.
مسألة 5: إذا أصدقها تعليم سورة، ثم طلقها قبل الدخول بها وقبل تعليمها،
جاز أن يلقنها النصف الذي استقر عليه.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (4).
والثاني: ليس له ذلك، لأنه لا يؤمن من الافتتان بها (5).
دليلنا: أن الذي ثبت لها، واستقر تعليم نصف ما سمي، وإيجاب غير ذلك
يحتاج إلى دليل: ولا يؤدي إلى الافتتان بها، لأنه لا يلقنها إلا من وراء حجاب،
وكلام النساء من وراء الحجاب ليس بمحظور بلا خلاف.

(1) سنن أبي داود 2: 236 و 237 حديث 2122.
(2) الأم 5: 60، ومختصر المزني: 181، والبحر الزخار 4: 106، والمجموع 16: 344، والمغني لابن قدامة
8: 16، ومغني المحتاج 3: 221، والسراج الوهاج: 387.
(3) الأم 5: 60، والبحر الزخار 4: 106، والمجموع 16: 343، والمغني لابن قدامة 8: 16، ومغني المحتاج
3: 221، والسراج الوهاج: 387.
(4) المجموع 16: 349، والوجيز 2: 32 و 33، والسراج الوهاج: 394، ومغني المحتاج 3: 238.
(5) الوجيز 2: 32 و 33، والسراج الوهاج: 394، ومغني المحتاج 3: 238، والمجموع 16، 349.
368

مسألة 6: إذا أصدقها صداقا ملكته بالعقد، وكان من ضمانه إن تلف
قبل القبض، ومن ضمانها إن تلف بعد القبض. فإن دخل بها استقر، وإن
طلقها قبل الدخول بها رجع بنصف المهر المعين دون نمائه، وبه قال أبو حنيفة،
وأصحابه، والشافعي (1).
وقال مالك: إنما ملكت بالعقد نصفه، فيكون الصداق بينهما نصفين، فإذا
قبضته كان لها نصفه بالملك، والآخر أمانة في يدها لزوجها. فإن هلك من غير
تفريط هلك منهما، فإن طلقها قبل الدخول كان له أخذ النصف، لأنه ملكه لم
يزل عنه (2).
دليلنا: قوله تعالى: " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة " (3) وفيه دلالة من
وجهين:
أحدهما: أنه أضاف الصدقات إليهن، فالظاهر أنه لهن، ولم يفرق بين قبل
الدخول وبعده.
والثاني: أنه أمر بإيتائهن ذلك كله، ثبت أن الكل لهن.
وأيضا إجماع الفرقة، فإنهم رووا بلا خلاف بينهم: أنهم إذا أصدقها غنما، ثم
طلقها قبل أن يدخل بها، فقال صلى الله عليه وآله: " إن كان أصدقها وهي
حامل عنده فله نصفها ونصف ما ولدت، وإن أصدقها حائلا ثم حملت عندها لم
يكن له من أولادها شئ " (4) وهذا يدل على أنها قد ملكته بالعقد دون الدخول.

(1) الأم 5: 60، و 63، ومختصر المزني: 179 و 180 وكفاية الأخبار 2: 40، والمجموع 16: 339، ورحمة
الأمة 2: 42، والميزان الكبرى 2: 116، والمبسوط 5: 65، و 86 و 87، وشرح فتح القدير 2: 438،
وشرح العناية على الهداية 2: 438، والمغني لابن قدامة 8: 29 و 91، الشرح الكبير 8: 41، و 53،
والبحر الزخار 4: 102.
(2) بداية المجتهد 2: 23، وأسهل المدارك 2: 115، والمجموع 16: 339، ورحمة الأمة 2: 42، والميزان
الكبرى 2: 116، والمغني لابن قدامة 8: 29، والشرح الكبير 4: 41.
(3) النساء: 4.
(4) الكافي 6: 106 حديث 4، والتهذيب 7: 368 حديث 1491.
369

مسألة 7: ليس للمرأة التصرف في الصداق قبل القبض، وبه قال جميع
الفقهاء (1).
وقال بعضهم: لها ذلك (2).
دليلنا: أن جواز تصرفها فيه بعد القبض مجمع عليه، ولا دليل على جواز
تصرفها فيه قبل القبض.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله: أنه نهى عن بيع ما لم يقبض (3).
وقد روى ذلك أصحابنا (4)، ولم يفصل.
مسألة 8: إذا أصدقها شيئا بعينه كالثوب، والعبد والبهيمة فتلف قبل
القبض، سقط حقها من عين الصداق. والنكاح بحاله بلا خلاف، ويجب لها
مثله إن كان له مثل، فإن لم يكن له مثل فقيمته
وللشافعي فيه قولاه:
أحدهما: مثل ما قلناه، قاله في القديم، وهو اختيار الأسفرايني، وبه قال أبو
حامد (5).
والحتار المزني قوله في الجديد: إن لها مهر مثلها، وعليه أكثر أصحابه (6).

(1) المجموع 16: 343، ومغني المحتاج 3: 221، والسراج الوهاج: 387.
(2) المجموع 16: 343.
(3) روي في سنن الدارمي 2: 253، وشرح معاني الآثار 4: 39، وسنن الترمذي 3: 586 حديث
1291، وسنن الدارقطني 3: 8 حديث 25، والسنن الكبرى 5: 312 بالمعنى دون اللفظ.
(4) لم أعثر على رواياتهم في مظانها من المصادر المتوفرة.
(5) في بعض النسخ (أبو حنيفة)، ولعله أبو حامد بن بشر بن عامر المروذي مؤلف الجامع الكبير
والصغير في الفقه على مذهب الشافعي المتوفى سنة 362 هجرية تقدمت ترجمته في الجزء الأول من
هذا الكتاب ص 272، ونسب هذا القول إلى أبي حنيفة أيضا صاحب المجموع 16: 343، فلا حظ
وانظر هذا القول في الأم 5: 60، ومختصر المزني: 180، والمجموع 16، 343 و 344، والوجيز 2: 25،
والسراج الوهاج: 393، ومغني المحتاج 3: 235، وبداية المجتهد 2: 28.
(6) الأم 5: 60، ومختصر المزني: 180، والمجموع 16: 343، والوجيز 2: 25، والسراج الوهاج: 393
مغني المحتاج 3: 235، وبداية المجتهد 2: 28.
370

دليلنا: أن كل عين يجب تسليمها إلى مالكها، فإذا تلف ولم يسقط سبب
الاستحقاق لملكها وجب الرجوع إلى بدلها، كالغضب، والقرض، والعارية عند
من ضمنها.
ولأن إيجاب مهل المثل يحتاج إلى دليل ولا دليل عليه.
مسألة 9: إذا أصدقها عبدا مجهولا، أو دارا مجهولة.
روى أصحابنا، أن لها دارا وسطا، أو عبدا وسطا (1).
وقال الشافعي: يبطل المسمى، ويجب لها مهر المثل (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، فإنه ما اختلفت رواياتهم ولا فتاواهم في
ذلك.
مسألة 10: إذا قال: أصدقها هذا الخل، فبان خمرا، كان لها قيمتها عند
مستحليها.
وقال الشافعي: يبطل المسمى، ولها مهر المثل (4).
دليلنا: أن العقد وقع على معين، فنقله إلى مهر المثل يحتاج إلى دليل.
مسألة 11: إذا عقدا لي السر بمهر ذكراه، وعقدا في العلانية بخلافه، فالمهر
هو الأول.
وللشافعي فيه قولان:

(1) الكافي 5: 381 حديث 8.
(2) الأم 5: 69، والمجموع 16: 329، والمبسوط 5: 68، وبدائع الصنائع 2: 283، وتبيين الحقائق
2: 150.
(3) الكافي 5: 381 حديث 8، والتهذيب 7: 366 حديث 1485.
(4) الوجيز 2: 27، وانظر الأم 5: 60، ومختصر المزني: 180، والمجموع 16: 343، والسراج الوهاج:
(5) 393، ومغني المحتاج 3: 235، وبداية المجتهد 2: 28، والبحر الزخار 4: 107.
371

الأشهر الذي عليه أصحابه مثل ما قلناه (1).
وقال المزني: مهر العلانية أولى. وذكر أنه نص للشافعي.
قال أصحابه: ذلك إذا كان الأول مراوضة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وأيضا فإن العقد الأول قد ثبت، والمهر
قد لزم، والثاني بعقد، فكيف يجب به المهر؟
مسألة 12: إذا تزوج بأربع نسوة، بعقد واحد، ممن له الولاية عليهن بألف،
فالنكاح صحيح، وكذلك عند الشافعي (4).
وقال المزني: العقد باطل (5).
والمهر عندنا صحيح.
وعند الشافعي على قولين (6).
وهكذا لو خالعهن دفعة واحدة بعقد واحد بألف صح الخلع بلا خلاف،
والبذل عنه على قوليه.
وإن كان له أربعة أعبد فكاتبهم بألف على نجمين صح عندنا - وعنده في صحة
الكتابة قولان. فالقولان في الكتابة في أصل العقد، وفي النكاح والخلع في
البذل دون العقد.
دليلنا: أن الأصل جوازه وصحته، والمنع منه يحتاج إلى دليل.

(1) مختصر المزني: 181، والمجموع 16: 327، والسراج الوهاج: 390، ومغني المحتاج 3: 228، والمغني
لابن قدامة 8: 83، والشرح الكبير 8: 76، والبحر الزخار 4: 101.
(2) مختصر المزني: 181.
(3) الكافي 5: 381 حديث 12، والتهذيب 7: 363 حديث 1471.
(4) الأم 5: 67، ومختصر المزني: 181، ومغني المحتاج 3: 227، والسراج الوهاج: 390.
(5) مختصر المزني: 181.
(6) الأم 5: 67، ومختصر المزني: 181، والوجيز 2: 27، و 28، والسراج الوهاج: 390، ومغني المحتاج
3: 227، والمغني لابن قدامة 8: 84، والشرح الكبير 8: 14 و 15.
372

وأيضا قوله تعالى: " وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم " (1)
ولم يفصل بين أن يعقد عليهن في عقد واحد أو عقدين، فمن قال بفساده أو فساد
المهر فعلية الدلالة.
مسألة 13: إذا زوج الرجل ابنه الصغير على مهر معلوم، فإن كان الولد
موسرا تعلق المهر بذمة الولد، ولزمه في ماله بلا خلاف، وإن كان معسرا، تعلق
بذمته، ويكون الأب ضامنا.
وللشافعي في ضمان الأب قولان:
قال في القديم: مثل ما قلناه.
وقال في الجديد: لا يتعلق بذمة الولد شئ بإطلاق العقد (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3). وأيضا فإنه لما قبل النكاح لولده مع
علمه بإعساره، وعلمه بلزوم الصداق بعقد، علمنا من حيث العرف
والعادة أنه دخل على أن يضمن، فقام العرف في هذا بمنزلة نطقه.
مسألة 14: إذا تزوج المولى عليه لسفه، أو صغر بغير إذن وليه، كان النكاح
باطلا بلا خلاف، وإن دخل بها لم يلزمه المهر.
وللشافعي فيه قولان:
أصحهما عندهم مثل ما قلناه (4).
وقال في القديم: يلزم مهر المثل (5).
دليلنا: إن الأصل براءة الذمة، فمن علق عليها شيئا، فعليه الدلالة.

(1) النور: 32.
(2) الأم 5: 70، والمجموع 16: 377، والمحلى 9: 466، و 467.
(3) الكافي 5: 400 حديث 2: والتهذيب 7: 389 حديث 1558.
(4) الأم 5: 20، والمجموع 16: 194 و 195، والسراج الوهاج: 371، ومغني المحتاج 3: 171.
(5) السراج الوهاج: 371، ومغني المحتاج 3: 171.
373

مسألة 15: المفوضة إذا طلقها زوجها قبل الفرض وقبل الدخول بها فلا مهر
لها، لكن يجب لها المتعة. وبه قال الأوزاعي، وحماد بن أبي سليمان، وأبو
حنيفة وأصحابه، والشافعي (1).
وقال مالك: لا مهر لها، ولا متعة لها، ويستحب أن يمتعها استحبابا، وبه
قال الليث بن سعد، وابن أبي ليلى (2).
دليلنا: قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن
من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن
سراحا جميلا " (3) وهذا أمر يقتضي الوجوب.
وقال تعالى: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا
لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا
على المحسنين " (4) وهاهنا ثلاثة أدلة.
أولها: قوله تعالى: " ومتعوهن " وهذا أمر يقتضي الوجوب.

(1) الأم 5: 71، وكفاية الأخيار 2: 42، والمجموع 16: 388 و 389، والسراج الوهاج: 395، ومغني
المحتاج 3: 241، والمبسوط 6: 61، واللباب 2: 198، والنتف في الفتاوى 2: 297، وشرح فتح
القدير 2: 441، وبدائع الصنائع 2: 302، وعمدة القاري 21: 10 و 11، وفتح الباري 9: 496،
وتبيين الحقائق 2: 144، وأحكام القرآن للجصاص 1: 428، والفتاوى الهندية 1: 304، والمغني
لابن قدامة 8: 48، وتفسير القرطبي 3: 200، والتفسير الكبير 5: 148، وحاشية رد المختار 3: 110،
والدر المختار 3: 110، ورحمة الأمة 2: 42، والميزان الكبرى 2: 116، وإعانة الطالبين
3: 356.
(2) أسهل المدارك 2: 118، والمبسوط 6: 61 وعمدة القاري 21: 11، وبدائع الصنائع 2: 302.
وفتح الباري 9: 496، والمغني لابن قدامة 8: 49، والشرح الكبير 8: 89، والمجموع 16: 390،
وأحكام القرآن للجصاص 1: 428، ورحمة الأمة 2: 42، والميزان الكبرى 2: 116، والجامع
لأحكام القرآن 3: 200، والتفسير الكبير 5: 148.
(3) الأحزاب: 49،
(4) البقرة: 236.
374

وثانيها: فصل بين الموسع والمقتر، فلو لم تكن واجبة لما فصل بينهما، كصدقة
التطوع لا فصل بينهما.
والثالث: قوله تعالى: " حقا على المحسنين " وقوله على من حروف الوجوب
ثبت أنها واجبة، وعليه إجماع الصحابة. وروي ذلك عن علي - عليه السلام -
وعمر (1)، ولا مخالف لهما.
وقال تعالى: " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين " (2) فأضاف
المتعة إليهن ثبت أنه واجب لهن.
وقال: " حقا على " وظاهر ذلك يقتضي الوجوب.
مسألة 16: المتعة على الموسر خادم، وعلى الأوسط ثوب أو مقنعة، وعلى
الفقير خاتم وما أشبهه.
وقال الشافعي: المستحب من ذلك خادم، فإن لم يقدر فمقنعة، فإن لم يقدر
فثلاثون درهما، والواجب فيه ما يراه الإمام (3).
ومن أصحابه من قال: أقلها ما يقع عليه الإسلام ولو كان قيراطا (4) والأول
أظهر.
فأما الاعتبار بالإعسار واليسار بالرجل دونها.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.

(1) أحكام القرآن للجصاص 1: 428.
(2) البقرة: 241.
(3) مختصر المزني: 181، والوجيز 2: 34، والسراج الوهاج: 395، ومغني المحتاج 3: 243، وكفاية
الأخيار 2: 42، والمجموع 16: 391، وإعانة الطالبين 3: 357، ورحمة الأمة 2: 43، والميزان
الكبرى 2: 117، والبحر الزخار 4: 127.
(4) الوجيز 2: 34، والمجموع 16: 391، وكفاية الأخيار 2: 42، ورحمة الأمة 2: 43 والميزان الكبرى
2: 117، والمغني لابن قدامة 8: 53، والشرح الكبير 8: 92.
375

والآخر: الاعتبار بإعسارها، ويسارها، وجمالها لأنه بدل عن مهر مثلها،
وذلك معتبر بها (1).
وقال أبو حنيفة قدر المتعة ثلاثة أثواب. درع وخمار وملحفة تمام ثيابها. فإن
كان نصف مهر مثلها أقل من ذلك نقصنا منه ما يشاء، ما لم يبلغ بالنقض أقل
من خمسة دراهم (2).
دليلنا: قوله تعالى: " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " (3) فاعتبر
حال الرجل دون المرأة.
فأما تفصيل ما ذكرناه فدليله إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وروي عن ابن عباس، أنه قال: أقل المتعة درهم، وأكثر خادم (5).
مسألة 17: مفوضة البضع، إذا فرض لها المهر بعد العقد. فإن اتفقا على
قدر المهر معه علمهما بقدر مهر المثل، أو ترافعا إلى الحاكم ففرض لها المهر، كان
كالمسمى بالعقد تملك المطالبة به. فإن دخل بها ومات، استقر ذلك. وإن
طلقها قبل الدخول سقط نصفه ولها نصفه، ولا متعة عليه، وبه قال
الشافعي (6).

(1) المجموع 16: 391، ومغني المحتاج 3: 242، وشرح إعانة الطالبين 3: 357، والسراج الوهاج: 395.
ورحمة الأمة 2: 43، والميزان الكبرى 2: 117، والمغني لابن قدامة 8: 53، والشرح الكبير 8: 91،
والبحر الزخار: 4: 128.
(2) المبسوط 6: 62، واللباب 2: 196، وشرح فتح القدير 2: 441، وشرح العناية على الهداية 3: 441،
وبدائع الصنائع 2: 304، وتبيين الحقائق 2: 140، ورحمة الأمة 2: 43، والميزان الكبرى
2: 117، وأحكام القرآن للجصاص 1: 434.
(3) البقرة: 236.
(4) تفسير العياشي 1: 124 حديث 398 و 399، من لا يحضره الفقيه 3: 327 حديث 4.
(5) رواه ابن قدامة في المغني 8: 53، والشرح الكبير 8: 93 باختلاف يسير باللفظ.
(6) الأم 5: 69، و 70، وكفاية الأخيار 2: 38، والمجموع 16: 372 و 373، وأحكام القرآن للجصاص.
1: 435، والمغني لابن قدامة 8: 49، والشرح الكبير 8: 90، وبدائع الصنائع 2: 303، وتبيين
الحقائق 2: 145.
376

وقال أبو حنيفة إذا فرض لها، فطلقها قبل الدخول، سقط المفروض كأنه
ما فرض لها، ووجبت لها المتعة كما لو طلقها قبل الفرض (1).
دليلنا: قوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن
فريضة فنصف ما فرضتم " (2)، ومعان ه يعود إليكم نصف ما فرضتم، لأن المهر
كان واجبا لها قبل الطلاق. وبالجملة ما وجب لها شئ فلما قال: " فنصف
ما فرضتم " ثبت أنه أراد يعود إلى الزوج نصف ما فرض.
وهذا دليل على أبي حنيفة، لأنه قال: يعود إليه كله، قالوا: قوله: " فنصف
ما فرضتم " معناه فنصف ما سميتم بالعقد.
فالجواب: إن المسمى عندكم على ما قاله الراوي يسقط كله بالطلاق قبل
الدخول. وإنما يجب نصف مثله، فأما نصف ذلك المسمى فلا، وهذا يخالف
نص الآية، فإن الله تعالى قال: نصف الفرض لا نصف مثله، على أن الآية
بالمفروض بعد العقد أشبه منها بالمسمى حال العقد.
وأيضا نحمل الآية على العموم فيما فرض حال العقد، وما فرض بعده
ولا تنافي بينهما.
وروى ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " أدوا العلائق "
قيل: يا رسول الله وما العلائق؟ قال: " ما تراضي عليه الأهلون " (3) وذلك عام

(1) المبسوط 6: 61 و 62، واللباب 2: 198، وشرح فتح القدير 2: 448، وحاشية رد المختار 3: 111،
والدر المختار 3: 110، وتبيين الحقائق 2: 144، وأحكام القرآن للجصاص 1: 435، وشرح العناية
على الهداية 2: 448، والمغني لابن قدامة 8: 49، والشرح الكبير 8: 91.
(2) البقرة: 237.
(3) سنن الدارقطني 3: 244 حديث 10 عن ابن عباس، والسنن الكبرى 7: 239، وعمدة القاري
20: 137 و 138، وكفاية الأخيار 2: 40.
377

على كل حال.
مسألة 18: إذا مات أحدهما قبل الفرض وقبل الدخول فلا مهر لها. وبه
قال في الصحابة علي - عليه السلام، وابن عباس، وزيد والزهري، وبه قال
ربيعة: ومالك، والأوزاعي، وأهل الشام، وهو أحد قولي الشافعي (1).
والقول الآخر: لها مهر مثلها. وبه قال ابن مسعود، وأهل الكوفة، وابن
شبرمة، وابن أبي ليلى والثوري، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها بذلك يحتاج إلى دليل.
مسألة 19: لا يجب بالعقد مهر المثل، وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: يجب بالعقد مهر المثل (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
واستدل أبو حنيفة بما رواه: أنه أتي عبد الله بن مسعود في رجل تزوج امرأة
فمات عنها، ولم يفرض لها - وفي بعضها - قال: فاختلفوا إليه شهرا، أو قال:
مرات، قال: فأني أقول فيها: أن لها صداقا كصداق نسائها، لا وكس فيه.

(1) الأم 5: 69، وكفاية الأخيار 2: 39، والمجموع 16: 373، وبداية المجتهد 2: 26، وأسهل المدارك
2: 118، و 119 وفتح الرجيم 2: 36، والمدونة الكبرى 2: 238، والمغني لابن قدامة 8: 59، والشرح
الكبرى 8: 88، والمبسوط 5: 62، وتبيين الحقائق 2: 139، وبدائع الصنائع 2: 274، وسنن
الترمذي 3: 451.
(2) المبسوط 5: 62، وبدائع الصنائع 2: 274، والنتف 1: 296، والمغني لابن قدامة 8: 59، والشرح
الكبير 8: 87، والمجموع 16: 373، وتبيين الحقائق 2: 139.
(3) الأم 2: 29، ومختصر المزني: 181، وكفاية الأخيار 2: 39، والمجموع 16: 374، ومغني المحتاج
3: 229، والسراج الوهاج: 391، والمبسوط 5: 62، وبدائع الصنائع 2: 274، وتبيين الحقائق
2: 139، وبداية المجتهد 2: 26، والمغني لابن قدامة 8: 57، والشرح الكبير 8: 86.
(4) المبسوط 5: 62، وبدائع الصنائع 2: 274، وتبيين الحقائق 2: 139، وشرح العناية على الهداية
4: 443، والمغني لابن قدامة 8: 57، والشرح الكبير 8: 86، وبداية المجتهد 2: 26، وشرح فتح القدير
2: 443.
378

ولا شطط، وأن لها الميراث وعليها العدة. فإن يكن (1) صوابا فمن الله، وإن يكن (2)
خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان. فقام إليه ناس من أشجع،
فيهم الجراح (3) وأبو سنان (4)، فقالوا: يا بن مسعود، نحن نشهد أن رسول الله
صلى الله عليه وآله قضاها فينا في بروع بنت واشق (5)، كان تزوجها هلال بن
مرة الأشجعي (6) كما قضيت. قال: ففرح عبد الله بن مسعود فرحا شديدا حين
وافق قضائه رسول الله صلى الله عليه وآله (7).
وهذا خبر واحد لا يجب عندنا العمل عليه، لأنه لم يرو من طريقنا، وإنما
روي من طريق لا يعرف عدالة رواته، وما هذا صورته لا يجب العمل به.
وقد أجيب عنه بأجوبة.
أحدها: أنه مضطرب السند، فإنه روي فيه: فقام رهط من أشجع.
وروي: أنه مضطرب السند، فإنه روي فيه: فقام رهط من أشجع.
وروي: فقام ناس من أشجع، وروي: فقام معقل بن يسار، ومرة بن سنان.
وتارة أبو المليح، وتارة أبو الجراح. وهذا الاضطراب يدل على ضعفه (8).

(1) هكذا في النسخة الحجرية.
(2) هكذا في النسخة الحجرية.
(3) الجراح بن أبي الجراح الأشجعي.
(4) اختلفت الخبار في هذا الرجل كما اختلفت في سابقيه، في بعضها معقل بن يسار، وفي أخرى معقل
بن سنان الأشجعي، وفي ثالثة مرة ابن سنان، فعلى هذا فالرجل مجهول.
(5) بروع بنت واشق الأشجعية، وقيل الرواسية الكلابية، زوج هلال بن مرة. انظر أسد الغابة 5: 408،
وتاريخ الصحابة: 49.
(6) هلال بن مرة الأشجعي، وقيل: هلال بن مروان، زوج بروع بنت واشق، ذكر فيمن اسمه الجراح،
أخرجه ابن مندة وأبو نعيم مختصرا. قاله ابن الأثير في أسد الغابة 5: 69.
(7) سنن أبي داود 2: 237 حديث 2116، وسنن الترمذي 3: 450 حديث 1145، وسنن النسائي
6: 121، والمبسوط 5: 63، والسنن الكبرى 7: 244 - 246، والجوهر النقي المطبوع في ذيل
المستدرك 7: 244.
(8) ذكر البيهقي في سننه 7: 244 - 246 هذا الاختلاف والاضطراب وحكى عن الشافعي أنه قال: فإن
كان يثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون النبي
- صلى الله عليه وآله وسلم - وإن كثروا... وإن كان لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم
يكن لأحد أن يثبت عنه ما لم يثبت ولم أحفظه بعد من وجه يثبت مثله، هو مرة فقال معقل بن
يسار، ومرة معقل بن سنان ومرة عن بعض أشجع لا يسمى.
379

وذكر الواقدي في كتاب خطأ الحديث (1)، فقال: وقع هذا الحديث إلى
أهل المدينة فلم يعرفه أحد من أهل العلم بها، فثبت به أنه لا أصل له، وإنما وقع
إليهم من أهل الكوفة. على أنه يحتمل أن يكون فرض بعضها بغير اختيارها.
وهي الصغيرة أو البكر الكبيرة، فإن كانت ممن لا يعتبر رضاها فلها مهر مثلها
عند الشافعي (2).
وهذا لا يصح على أصلنا، فإنا لا نفصل بين الموضعين، على أن الخبر تضمن
قضية في عين يحتمل ما قالوه، على أن ما رووه عن ابن مسعود قد خالفه أربعة
من الصحابة، فكان قولهم أولى.
مسألة 20: إذا اتفقا على مقدار مال، أو شئ بعينه، مع الجهل بمبلغ مهر
المثل، صح ما اتفقا عليه.
وللشافعي فيه قولان:
قال في القديم والاملاء مثل ما قلناه (3).
وقال في الأم: لا يصح (4).
دليلنا: أن الواجب ما يتفقان عليه، فأي شئ اتفقا عليه كان ذلك
الواجب.
مسألة 21: مفوضة المهر هو: أن يذكر مهرا، ولا يذكر مبلغه، فيقول:
تزوجتك على أن يكون المهر، ما شئنا، أو ما شاء أحدنا. فإذا تزوجها على ذلك.

(1) عدة بعض من ذكر مصنفات الواقدي بعنوان (غلط الحديث) وهو لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي
المولود بالمدينة سنة 129، أو 130، والمتوفى سنة 206 أو 207 أو 209 هجرية.
(2) لم أقف على الكتاب المذكور.
(3) المجموع 16: 372 و 373.
(4) الأم 5: 71، والمجموع 16: 372 - 373.
380

فإن قال: على أن يكون المهر ما شئت نا، فإنه مهما يحكم به وجب عليها الرضا
به، قليلا كان أو كثيرا. وإن قال: على أن يكون المهر ما شئت أنت، فإنه يلزمه
أن يعطيها ما تحكم به مالك يتجاوز خمسمائة درهم.
وقال الفقهاء كلهم أبو حنيفة، والشافعي: إنه يلزمه مهر المثل (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (2).
مسألة 22: إذا دخل بمفوضة المهر، استقر ما يحكم واحد منهما به على
ما فصلناه، وإن طلقها قبل الدخول بها، وجب نصف ما يحكم به واحد منهما.
وقال الشافعي، وأبو حنيفة: إن دخل بها، استقر مهر المثل (3)، وإن طلقها
قبل الدخول بها، استحقت نصفه عند الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: يسقط بالطلاق قبل الدخول، ويجب المتعة (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6). وأيضا: فإذا ثبتت المسألة الأولى ثبتت
هذه، لأن لا يفرق بينهما.

(1) الأم 5: 69، ومختصر المزني: 181 و 182، والمجموع 16: 371، والمغني لابن قدامة 8: 52، والشرح
الكبير 8: 90 - 91، وحاشية رد المختار 3: 108، والدر المختار 3: 108، وبدائع الصنائع 2: 274.
(2) الكافي 5: 379 حديث 1، ومن لا يحضره 3: 262 حديث 1249، والتهذيب 7: 365 حديث
1480، والاستبصار 3: 230 حديث 829.
(3) الأم 5: 68، وكفاية الأخيار 2: 39، والمجموع 16: 373، والمبسوط 5: 62، واللباب 2: 196،
وبدائع الصنائع 2: 291، وشرح فتح القدير 2: 440، والهداية 2: 440، والفتاوى الهندية
1: 304 وتبيين الحقائق 2: 139.
(4) الأم 5: 68، والمجموع 16: 373، وشرح فتح القدير 2: 441، وشرح العناية على الهداية 2: 441.
(5) المبسوط 5: 65، واللباب 2: 196، وبدائع الصنائع 2: 274، وتبيين الحقائق 2: 140، والمجموع
16: 373.
(6) الكافي 5: 379 حديث 1، ومن لا يحضره الفقيه 3: 262 حديث 1249، والتهذيب 7: 365 حديث
1480، والاستبصار 3: 230 حديث 829.
381

مسألة 23: حكم الصغيرة والبكر الكبيرة التي تجير على النكاح - إذا
زوجها وليها الذي له الإجبار، مفوضة البضع - حكم التي لها الإذن، في أنه
لا يجب مهر المثل بنفس العقد.
وقال الشافعي: هاهنا: يجب مهر المثل بنفس العقد (1).
دليلنا: قوله تعالى: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو
تفرضوا لهن فريضة " (2) ولم يفصل.
وأيضا الأصل براءة الذمة.
مسألة 24: مهر المثل في الموضع الذي يجب، يعتبر بنساء أهلها من أمها،
وأختها وعمتها، وخالتها، وغير ذلك. ولا يجاوز بذلك خمسمائة درهم، فإن زاد
على ذلك مهر المثل اقتصر على خمسمائة.
وقال الشافعي: يعتبر بنساء عصبتها دون أمها ونساء أرحامها، ونساء
بلدها، ونساء عصبتها أخواتها وبنات الإخوة، وعماتها وبنات الأعمام،
وعمات الأب، بنات أعمام الأب، وعلى هذا أبدا (3).
وقال مالك: اعتبر بنساء بلدها (4).
وقال أبو حنيفة: يعتبر بنساء أهلها من العصبات، وغيرهم من أرحامها.
وقيل: أن هذا مذهب ابن أبي ليلى، وأن مذهب أبي حنيفة مثل مذهب

(1) الأم 5: 70، والمجموع 16: 374، والشرح الكبير 8: 32.
(2) البقرة: 236.
(3) الأم 5: 71، ومختصر المزني: 182، وكفاية الأخيار 2: 39، والسراج الوهاج: 392، ومغني المحتاج
3: 232، والوجيز 2: 30، والمجموع 16: 375، وإعانة الطالبين 3: 354، والمغني لابن قدامة
8: 60، والشرح الكبير 8: 96، والميزان الكبرى 2: 117، ورحمة الأمة 2: 43.
(4) المدونة الكبرى 2: 239، وأسهل المدارك 2: 108، والمغني لابن قدامة 8: 60، والشرح الكبير
8: 95، ورحمة الأمة 2: 43، والميزان الكبرى 2: 117.
382

الشافعي (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 25: إذا اختلف الزوجان في قدر المهر، مثل أن يقول الزوج:
تزوجتك بألف. وقالت: بألفين دينار. أو في جنس المهر، فقال: تزوجتك بألف
درهم، وقالت بألف دينار. فالقول قول الزوج، سوا - كان قبل الدخول أو
بعده.
وبه قال النخعي، وابن شبرمة، وابن أبي ليلى (3).
وقال أبو حنيفة، والشافعي، والثوري: يتحالفان، ويجب مهر المثل (4).
وذهب مالك: إلى أنه إن كان الاختلاف بعد الدخول فالقول قول الزوج
- كما قلناه - لأنه غارم. وإن كان قبل الدخول تحالفا - كما قال الشافعي - إلا أنه
قال: إذا تحالفا بطل النكاح بناء على أصله في أن المهر إذا فسد بطل
النكاح (5).

(1) المبسوط 5: 64، واللباب 2: 203، وشرح فتح القدير 2: 470، وتبيين الحقائق 2: 154، وشرح
العناية على الهداية 2: 470، والمجموع 16: 376، والمغني لابن قدامة 8: 60، ورحمة الأمة 2: 43،
والميزان الكبرى 2: 117.
(2) الكافي 5: 381، حديث 10،، والتهذيب 7: 362 حديث 1468، والاستبصار 3: 225.
(3) المبسوط 5: 65، وبداية المجتهد 2: 29، والمجموع 16: 381، والمغني لابن قدامة 8: 41، والشرح الكبير
8: 70، والبحر الزخار 4: 129.
(4) الأم 7: 72، والوجيز 2: 35، والسراج الوهاج: 395 و 396، ومغني المحتاج 3: 242، والمجموع
16: 380، وشرح إعانة الطالبين 3: 353، وبداية المجتهد 2: 29، والمبسوط 5: 65، وبدائع
الصنائع 2: 305، وشرح فتح القدير 2: 475، وشرح العناية على الهداية 2: 475، وتبيين الحقائق
2: 156، والفتاوي الهندية 1: 319، والمغني لابن قدامة 8: 41، والشرح الكبير 8: 70، والبحر
الزخار 4: 129.
(5) المدونة الكبرى 2: 239، وجواهر الإكليل 1: 324، وأسهل المدارك 2: 122، وبداية المجتهد 2: 29،
والمجموع 16: 381، والمغني لابن قدامة 8: 41، والشرح الكبير 8: 70.
383

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا قول النبي صلى الله عليه وآله: " البينة على المدعي، واليمين على
المدعى عليه " (2) وهذه هي المدعية، وهو المنكر، فيجب أن تكون البينة عليها،
واليمين عليه.
مسألة 26: إذا تحالفا فسد المهر عندهم، ووجب لها مهر المثل على كل
حال عند جميع أصحاب الشافعي (3)، إلا ابن خيران فإنه قال: إن كان
ما ادعته المرأة قدر مهر مثلها أو أكثر وجب لها مهر المثل، وإن كان ما تدعيه أقل
من مهر مثلها، مثل أن ادعت ألفا ومهر مثلها ألفان، فإنه لا يجب عليه إلا
ألف، لأنها لا تدعى زيادة عليه فلا تعطى ما لا تدعيه (4).
واتفقوا كلهم على أنه إذا قر بأن مهرها ألفان، ومهر مثلها ألف أنه لا يلزمه
أكثر من ألف (5).
وقال أبو حنيفة، ومحمد: إن كان مهر مثلها ما قال الزوج، أو أقل فلها
مهر مثلها، وإن كان مهر مثلها مثل ما ادعت أو أكثر فلها ما ادعت ولا تزاد عليه.
وإن كان مهر مثلها فوق ما قال الزوج، ودون ما قالت، فلها مهر مثلها (6).

(1) الكافي 5: 386 حديث 3، والتهذيب 7: 364 حديث 1476.
(2) الكافي 7: 415 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 20 حديث 52، والتهذيب 6: 229 حديث 55،
وصحيح البخاري 3: 187، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8 وص 218 حديث 53، والسنن
الكبرى 10: 252، وصحيح مسلم 3: 187، وسنن الترمذي 3: 626 حديث 1341.
(3) الأم 5: 72، والوجيز 2: 35، والسراج الوهاج: 396، ومغني المحتاج 3: 242، والمجموع 16، 380،
381، وحاشية إعانة الطالبين 13: 353، وبداية المجتهد 2: 30، والمغني لابن قدامة 8: 41، والشرح
الكبير 8: 70.
(4) المجموع 16: 381.
(5) بداية المجتهد 2: 29، والمجموع 16: 381.
(6) بدائع الصنائع 2: 305، وشرح فتح القدير 2: 472، والفتاوي الهندية 1: 319، وتبيين الحقائق
2: 156، وشرح العناية على الهداية 2: 272، والمغني لابن قدامة 8: 41، الشرح الكبير 8: 70،
والبحر الزخار 4: 129.
384

وهذا التفصيل قد سقط عنا، لما بيناه في المسألة الأولى لأنه مبني على
التحالف.
مسألة 27: إذا اختلف الزوجان في قبض المهر فقال الزوج: قد أقبضتك
المهر وقالت ما قبضته فالقول قولها، سواء كان قبل الزفاف أو بعده، قبل
الدخول بها، أو بعده، وبه قال سعيد بن جبير، والشعبي وأكثر أهل الكوفة،
وابن شبرمة، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي (1).
وذهبت مالكه إلى أنه إن كان بعد الزفاف، فالقول قوله. وإن
كان قبله، فالقول قولها (4).

(1) الأم 5: 72، والسراج الوهاج: 396، ومغني المحتاج 3: 243، والمجموع 16: 384، ورحمة الأمة
2: 44، والميزان الكبرى 2: 117، وبداية المجتهد 2: 30، والمغني لابن قدامة 8: 44، والشرح الكبير
8: 72، وبدائع الصنائع 2: 305.
(2) المدونة الكبرى 2: 239، وأسهل المدارك 2: 113، وبداية المجتهد 2: 30، والمغني لابن قدامة 8: 44،
والشرح الكبير 8: 72، والمجموع 16: 384، ورحمة الأمة 2: 44، والميزان الكبرى 2: 117.
(3) الفقهاء التابعين السبعة بالمدينة هم: أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي، وأبو
عبد الله عروة بن الزبير بن العوام، وأبو محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبو بكر بن عبد الرحمن
بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، وأبو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، وأبو
زيد بن خارجة بن زيد بن ثابت، وأبو سليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث.
ثم قال الشيرازي: وكان فقهاء المدينة فيما يقول عبد الله بن المبارك سبعة هؤلاء، وذكر فيهم سالم بن
عبد الله، ولم يذكر أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.. أنصر طبقات الفقهاء للشيرازي:
24 - 31.
(4) المجموع 16: 384، والمغني لابن قدامة 8: 44، والشرح الكبير 8: 72.
385

قال أبو حامد الأسفرايني: ورأت من يحكي عن هؤلاء أنه إنما يكون القول
قوله في القدر الذي جرت العادة بتقديره. قال هو: ولا أعرف هذا التفصيل عن
مالك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا قوله النبي صلى الله عليه وآله: " البينة على المدعي، واليمين على
المدعي عليه " (3) والزوج قد اعترف بالمهر، وادعي أنه قد أقبض، فعليه البينة،
وإلا فعليها اليمين.
مسألة 28: إذا كان مهرا ألفا، وأعطها ألفا واختلفا فقالت: قلت لي
خذي هذه هدية أو قالت: هبة وقال: بل قلت خذيها مهرا فالقول قول
الزوج بكل حال.
وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي (4).
وقال مالك: إن كان المقبوض ما جرت العادة بهدية مثله - كالمقنعة والخاتم
ونحو هذا - فالقول قولها أنه هدية، وإلا فالقول قوله كما قلناه (5).
دليلنا: أنهما قد اتفقا أن الأنف ملك الزوج، واختلفا في صفة انتقاله إلى
يدها، فوجب أن يكون القول قول المالك، وعلى من ادعى أنه انتقل إليه بسبب
البينة.

(1) لم أعثر على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(2) لم أقف على هذه الأخبار في مظانها من المصادر المتوفرة.
(3) الكافي 7: 415 حديث 2، والتهذيب 6: 229 حديث 553، ومن لا يحضره الفقيه 3: 20 حديث
52، وصحيح البخاري 3: 187، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8 وص 218 حديث 53،
52، وصحيح البخاري 3: 187، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8 وص 218 حديث 53،
والسنن الكبرى 10: 252، وصحيح مسلم 3: 187، وسنن الترمذي 3: 626 حديث 1341.
(4) الأم د: 72، ومختصر المزني: 182، والمجموع 16: 384، وشرح فتح القدير 2: 479، وشرح العناية
على الهداية 2: 479، وشرح إعانة الطالبين 3: 356.
(5) المغني لابن قدامة 8: 45، والشرح الكبير 8: 73.
386

مسألة 29: البكر البالغة الرشيدة يجوز لأبيها أن يقبض مهرها بغير أمرها،
ما لم تنهه عن ذلك.
وبه قال أبو حنيفة، هو قول بعض الخراسانية من أصحاب الشافعي (1).
وقال أكثر أصحابه: ليس له ذلك إلا بإذنها (2).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن له يعفو عن المهر، ومن له العفو له المطالبة
والقبض، ونحن ندل على ذلك فيما بعد، وأن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب
دون الزوج.
مسألة 30: إذا تزوج امرأة ودخل بها، ثم خالعها، فلزوجها نكاحها في
عدتها، فإن فعل وأمرها مهرا، فإن دخل بها استقر المهر، وإن طلقها قبل
الدخول ثبت نصف المهر وسقط نصفه وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: لا يسقط شئ، ولها المهر كله (4).
دليلنا: قوله تعالى: " فنصف ما فرضتم " (5) وهذا طلاق قبل المس. وأيضا
فإن الأصل براءة الذمة، ومن أوجب جميع المهر، فعليه الدلالة.
مسألة 31: إذا أصدقها على أن لأبيها ألفا فالنكاح صحيح بلا خلاف،
وما سماه لها يجب عليه الوفاء به، وهو بالخيار فيما سماه لأبيها.
وقال الشافعي: المهر فاسد، ولها مهر المثل. هذه نقلها المزني من الأم (6).

(1) المجموع 16: 339 و 340، والمبسوط 5: 20، والمغني لابن قدامة 8: 78، والشرح الكبير 8: 34،
وشرح فتح القدير 2: 397، و 472، وشرح العناية على الهداية 2: 397 - 472، والأم 5: 72.
(2) المغني لابن قدامة 8: 78، والمجموع 16: 340.
(3) الأم 5: 202، ومختصر المزني: 182، وكفاية الأخبار 2: 41، والمجموع 16: 365، والمغني لابن قدامة
8: 31.
(4) المغني لابن قدامة 8: 31.
(5) البقرة: 237.
(6) الأم 5: 73، ومختصر المزني: 182.
387

وقال في القديم: لو أصدقها ألفا على أن لأبيها ألفا على أن لأبيها ألفا، ولأمها ألفا، كان
الكل للزوجة (1)، وبه قال مالك (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها (3).
مسألة 32: إذا أصدقها ألفا وشرط أن لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، أو
لا يتسرى عليها، كان النكاح والصداق صحيحين، والشرط باطلا.
وقال الشافعي: المهر فاسد ويجب مه المثل، فأما النكاح فصحيح (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وآله: أنه قال: " ما بال أقوام
يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل " (6) ولم يقل الصداق باطل.
مسألة 33: إذا أصدقها دارا، وشرط في الصداق ثلاثة أيام شرط الخيار،
صح الصداق والشرط معا، والنكاح صحيح.

(1) الأم 5: 73، ومختصر المزني: 182، والوجيز 2: 27، والسراج الوهاج: 390، ومغني المحتاج 3: 226،
والمجموع 16: 335، و 336، وعمدة القاري 20: 142، وفتح الباري 9: 218، والشرح الكبير
8: 29، والمغني لابن قدامة 8: 26، وبداية المجتهد 2: 28، وسبل السلام 3: 1043.
(2) بداية المجتهد 2: 28، وأسهل المدارك 2: 110، وعمدة القاري 20: 142، والمجموع 16: 336، وفتح
الباري 9: 218، سبل السلام 3: 1043.
(3) الكافي 5: 384 حديث 1 والتهذيب 7: 361 حديث 1465، والاستبصار 3: 224 حديث 811.
(4) الأم 5: 73، ومختصر المزني: 182، والوجيز 2: 27، والسراج الوهاج: 390، والمجموع 16: 335،
ومغني المحتاج 3: 226.
(5) الكافي 5: 381 حديث 9، والتهذيب 7: 365 حديث 1479، والاستبصار 3: 231 حديث 834.
(6) اختلفت ألفاظ الحديث في المصادر المشار إليها اختلافا يسيرا فلاحظ صحيح البخاري 3: 95، و 96،
وصحيح مسلم 1: 123 و 2: 11141 و 3: 93، والموطأ 2: 780 حديث 17، وسنن النسائي 7: 305 و
306 وسنن ابن ماجة 2: 843، وسنن الدارقطني 3: 22 حديث 77، ومسند أحمد بن حنبل 6: 213.
و 272، والسنن الكبرى 5: 338، و 10: 299 و 300، ومجمع الزوائد 4: 86 و 247 و 342.
388

وللشافعي في صحة النكاح قولان:
أحدهما: يبطل (1).
والثاني: يصح (2).
فإذا قال: يصح، فله في الصداق ثلاثة أوجه:
أحدهما: يصح المهر والشرط معا، كما قلناه.
والثاني: يبطلان معا.
والثالث: يبطل الشرط دون الصداق (3).
دليلنا: قوله صلى الله عليه وآله: " المؤمنون عند شروطهم " (4)، ولأن هذا
الشرط لا يخالف الكتاب والسنة، فيجب أن يكون صحيحا.
مسألة 34: الذي بيده عقدة النكاح عندنا هو الولي الذي هو الأب، أو
الجد، وبه قال ابن عباس، والحسن البصري، وربيعة، ومالك، وأحمد بن
حنبل، وهو قول الشافعي في القديمة (5).
إلا أن عندنا له أن يعفو عن بعضه، وليس له أن يعفو عن جميعه.
وقال في الجديد: هو الزوج (6)، ورووا ذلك عن علي عليه السلام، وجبير
بن مطعم، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وشريح، ومجاهد، والشعبي،

(1) المجموع 16: 336، والوجيز 2: 27.
(2) المجموع 16: 336، والوجيز 2: 27.
(3) المجموع 16: 336، والوجيز 2: 27.
(4) التهذيب 7: 371 حديث 1503، الاستبصار 3: 232 حديث 835، والمصنف لابن أبي شيبة
6: 568 حديث 2064، والمغني لابن قدامة 4: 384، والشرح الكبير 4: 386 وتلخيص الحبير
3: 24 و 44 حديث 11195 و 1246.
(5) المبسوط 6: 63 والمغني لابن قدامة 8: 70، والشرح المبير 8: 58، وبداية المجتهد 2: 25، والمجموع
16: 367، ورحمة الأمة 2: 44، والميزان الكبرى 2: 117، وتفسير الرازي 6: 152، والجامع
لأحكام القرآن 3: 207.
(6) الأم 5: 74، ومختصر المزني: 183، والمجموع 16: 368، ورحمة الأمة 2: 44، والميزان الكبرى
2: 117، والمغني لابن قدامة 8: 70، والشرح الكبير 8: 58.
389

والنخعي، والأوزاعي، وأهل الكوفة، سفيان الثوري، وابن أبي ليلى، وأبي
حنيفة، وأصحابه (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وأيضا: قوله تعالى: " وإن طلقتموهن
من قبل أن تمسوهن - إلى قوله: أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " (3) وفيها
أدلة:
أولها: أنه افتتح الآية، فخاطب الزوج بخطاب المواجهة، ثم عدل عنه على
الكناية، فقال: فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة
النكاح " (4) والخطاب متى عدل به عن المواجهة إلى الكناية، فالظاهر أنه كنى
عن غير من واجهه بالخطاب أولا، ولو كان المراد به الزوج لما عدل به عن
المواجهة.
الثاني: أنه قال: " إلا أن يعفون " يعني الزوجة عن نصفها، ثم عطف على
هذا فقال: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " فكان حمله على الولي أولى، لأنه
عطف عفو نصف الصداق من لولي على عفو نصفه من الزوجة، فكان عطف
عفو على عفو تقدم، أولى من عطف عفو لا على عفو تقدم.
الثالث: قوله تعالى: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " فإذا حملناه على
الولي حملناه الكلام على ظاهره من غير إضمار، فإن للولي أن يعقد، وبيده أن
يعفو بعد الطلاق وقبل الدخول، والزوج لا يملكها بعد الطلاق، وإنما كان
يملكها، فافتقر إلى إضمار.

(1) الأم 5: 74، والمجموع 16: 368، ورحمة الأمة 2: 44، والميزان الكبرى 2: 117، والمبسوط 6: 63،
والمغني لابن قدامة 8: 70 والشرح الكبير 8: 58، والجامع لأحكام القرآن 3: 206، وتفسير الرازي
6: 152، وسنن الدارقطني 3: 278 حديث 123.
(2) التهذيب 7: 392 حديث 1572.
(3) البقرة 237.
(4) البقرة 237.
390

والرابع: أن الله تعالى ذكر العفو في الآية في ثلاثة مواضع، فقال: " إلا أن
يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى " (1) فمن قال:
الذي بيده عقدة النكاح الولي حمل كل عفو على فائدة.
وإذا قلنا: هو الزوج. حملنا عفوين على فائدة واحدة على ما مضى فكان
حمل كل عفو على فائدة أولى من حمل عفوين على فائدة.
مسألة 35: إذا أصدقها صداقا ثم وهبته له، ثم طلقها قبل الدخول، فله
أن يرجع عليها بنصفه.
وللشافعي فيه قولان: قال في القديم: لا يرجع، وهو اختيار المزني.
وقال الشافعي: وهذا حسن.
وقال في الجديد: يرجع، وهو أصح القولين عندهم، سواء وهبت له بعد أن
قبضته، أو قبل القبل، اللباب واحد (2).
وقال أبو حنيفة: إن كان ذلك بعد القبض رجع عليها بالنصف، وإن
كان قبل القبض لم يرجع عليها بشئ (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (4).
مسألة 36: إذا أصدقها عبدا، فوهبت له نصفه ثم طلقها قبل الدخول بها
فإنه يرجع عليها بنصف العبد الذي وهبته.
وللشافعي فيه ثلاثة أقوال:

(1) البقرة: 237.
(2) مختصر المزني: 183، والأم 5: 75، والوجيز 2: 34، وكفاية الأخيار 2: 41، والمجموع 16: 362
و 3 63، والمغني لابن قدامة 8: 74، والشرح الكبير 8: 62 و 63.
(3) المبسوط 6: 64 و 65، وبدائع الصنائع 2: 296 وتبيين الحقائق 2: 147، والفتاوي الهندية
1: 316، وشرح فتح القدير 2: 452، و 453، وشرح العناية على الهداية 2: 453، وبداية المجتهد
2: 25، والمغني لابن قدامة 8: 63.
(4) الكافي 6: 107 حديث 9: والتهذيب 7: 368 حديث 1492.
391

أحدها: لا يرجع بشئ، وبه قال أبو حنيفة (1).
والثاني: يرجع بنصف الموجود، وهو ربع العبد، وبقال قال أبو يوسف (2).
والثالث: يرجع بالنصف كما قلناه (3).
دليلنا: أن الذي استحقه من لعبد نصفه، فإذا وهبته له فقد قبضته، فإذا
طلقها وجب عليها أن ترد ما أخذته.
مسألة 37: إذا زوج الأب أو الجد من له إجبارها على النكاح، من البكر
الصغيرة أو الكبيرة بمهر دون مهر المثل، ثبت المسمى، ولا يجب مهر المثل، ثبت المسمى، ولا يجب مهر المثل، وبه
قال أبو حنيفة (4).
وقال الشافعي: يبطل المسمى، ويجب مهر المثل (5).
دليلنا: أن المسمى لا خلاف أنه واجب عليه. ومن أوجب مهر المثل فعليه
الدلالة.
وأيضا: قوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن
فريضة فنصف ما فرضتم " (6) ولم يفصل بين أن يكون دون مهر المثل، أو مثله،

(1) مختصر المزني: 183، والوجيز 2: 34، والمجموع 3 16: 364، وشرح فتح القدير 2: 453، وشرح العناية
على الهداية 2: 453، وتبيين الحقائق 2: 147، والفتاوى الهندية 1: 316 و 317، والمغني لابن قدامة
8: 75.
(2) مختصر المزني: 183، والوجيز 2: 34، والمجموع 16: 364، وتبيين الحقائق 2: 147، وشرح فتح
القدير 2: 453، وشرح العناية على الهداية 3: 453، والمغني لابن قدامة 8: 75.
(3) مختصر المزني: 183، والمجموع 1: 364، والوجيز 2: 34.
(4) المبسوط 4: 224، والباب 2: 195، وشرح فتح القدير 2: 425، والهداية 2: 425، وشرح العناية
على الهداية 2: 425، وبدائع الصنائع 2: 245.
(5) الأم 5: 70، والمجموع 16: 374، والسراج الوهاج: 371، ومغني المحتاج 3: 170، والوجيز 2: 28،
وحاشية إعانة الطالبين 3: 350، والمغني لابن قدامة 7: 391، والشرح الكبير 7: 385.
(6) البقرة: 237.
392

أو فوقه، فوجب حمله على عمومه.
وأيضا: روي ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " أدوا
العلائق " فقيل: وما العلائق؟ قال: " ما تراضي عليه الأهلون " (1)، وهذا قد
تراضي الأهلون عليه، فوجب أن لا يؤدوا غيره.
وأيضا فقد علمنا أن النبي صلى الله عليه وآله - زوج بناته بخمسمائة،
ومعلوم أن مهر مثل بنت النبي - صلى الله عليه وآله - لا يكون هذا القدر، فلو لا أن
الولي إذا عقد على أقل من مهر المثل صح، ولزم المسمى لما كان رسول الله
صلى الله عليه وآله. يفعله.
مسألة 38: إذا وجب لها مهر المثل فأبرأته عنه فإن كانت عالمة بمقداره
صح الإبراء، وإن لم تكن عالمة به لم يصح، وكذلك ضمان المجهول لا يصح.
وبه قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة، ضمان المجهول، والابراء عن المجهول يصحان معا (3).
دليلنا: أن صحة المجهول يحتاج إلى الدليل، والأصل بقاء الحق في الذمة.
وإسقاطه يحتاج إلى دليل.
مسألة 39: إذا سمى الصداق، ودخل بها قبل أن يعطيها شيئا، لم يكن لها
بعد ذلك الامتناع من تسليم نفسها حتى تستوفي، بل لها المطالبة بالمهر، ويجب
عليها تسليم نفسها، وبه قال الشافعي (4).

(1) السنن الكبرى 7: 239، وعمدة القاري 20: 138، وسنن الدارقطني 3: 244 حديث 10، وكفاية
الأخيار 2: 440.
(2) الأم 5: 75، ومختصر المزني: 183، والوجيز 1: 184، وفتح العزيز 10: 370، وشرح إعانة الطالبين
3: 77، والمغني لابن قدامة 8: 76، والشرح الكبير 8: 65.
(3) اللباب 2: 103، والمغني لابن قدامة 5: 72، والشرح الكبيرة 5: 80، والمجموع 14: 19 و 16 و 370،
والبحر الزخار 6: 76.
(4) رحمة الأمة 2: 45، والميزان الكبرى 7: 117 و 118، والمغني لابن قدامة 8: 81، والشرح الكبير 8: 103.
393

وقال أبو حنيفة: لها أن تمتنع حتى تقبض، لأن المهر في مقابلة كل وطء
في النكاح (1).
دليلنا: أن البضع حق استحقه، والمهر حق عليه، لويس إذا كان عليه
حق، جاز أن تمنع حقه، لأن جواز ذلك يحتاج إلى دليل.
مسألة 40: إذا أصدقها ألفا، ثم خالعا على خمسمائة منها قبل الدخول بها،
فإنه يسقط عنه جميع المهر.
وقال الشافعي: إذا أصدقها شيئا فخالعها على شئ منه، فما بقي فعليه
نصفه (2).
وظاهر هذا أن له من الأنف مائتين وخمسين، واختلف أصحابه على ثلاث
طرق:
فقال أبو إسحاق: معناه مثل ما قلناه، وأنه يصير المهر كله له (3).
وقال ابن خيران: معناه ينعقد الخلع بمائتين وخمسين، ويسقط عن الزوج
مائتان وخمسون، وبقي بعد هذا خمسمائة، يسقط عنه نصفها، ويبقي عليها
نصفها.
وفي أصحابه من قال: الفقه على ما قاله ابن خيران، وخالفه في
التعليل (4).
دليلنا: أنه إذا أصدقها ألفا فقد ملكتها كلها، فإذا خالعها - والخلع لا يكون
عندنا إلا بطلاق - فيكون قد طلاقها قل الدخول، فيرجع عليه نصف المسمى

(1) شرح فتح القدير 2: 474، وشرح العناية على الهداية 2: 474، وتبيين الحقائق 2: 155، والمغني
لابن قدامة 8: 81، والشرح الكبير 8: 103، ورحمة الأمة 2: 45، والميزان الكبرى 2: 117 و 118،
وبدائع الصنائع 2: 288.
(2) الأم 5: 202، وكفاية الأخبار 2: 41، والمجموع 16: 365.
(3) المجموع 16: 365.
(4) المجموع 16: 365.
394

بالطلاق ويستقر لها النصف، وقد أسقطه بالخلع، فلم يبق لها شئ من
المسمى على ما قلناه.
مسألة 41: من وطأ امرأة فأفضاها - ومعنى ذلك: أنه صير مجرى البول
ومدخل الذكر واحدا - فإن كان قبل تسع سنين لزمته نفقتها ما دامت حية،
وعليه مهرها وديتها كاملة، وإن كان بعد تسع سنين لم يكن عليه شئ غير
المهر، هذا إذا كان في عقد صحيح، أو عقد شبهة، فأما إذا كان مكرها لها فإنه
يلزمه ديتها على كل حال، ولا مهر لها، وسواء كان البول مستمسكا أو
مسترسلا.
وقال الشافعي: عليه مهرها وديتها، ولم يفصل بين قبل تسع سنين
وبعده (1).
وقال أبو حنيفة: إن أفضى زوجته فلا يجب عليه بالإفضاء شئ، وإن
كانت أجنبية نظرت فإن كان الوطء في نكاح فاسد، فإن كان البول
مسترسلا فلها مهر مثلها، ولها كمال الدية، وإن كان مستمسكا فلها المهر
وثلث الدية، كالجائفة. وإن استكره امرأة على هذا فلا مهر لها، والدية على
ما فصلناه (2).
وقال مالك: عليه حكومة (3).
والكلام في المسألة في كتاب الديات، وهاهنا ما يختص الزوجية.
دليلنا: إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في ذلك، وطريقة الاحتياط لبراءة

(1) كفاية الأخيار 2: 106، والسراج الوهاج: 501، ومغني المحتاج 4: 74، والوجيز 2: 147، والمجموع
19: 123، والمغني لابن قدامة 9: 955، والشرح الكبير 9: 634.
(2) وبدائع الصنائع 7: 319، والمغني لابن قدامة 9: 955، والشرح الكبير 9: 634، والفتاوي الهندية
6: 28، وفتاوى قاضيخان بهامش الفتاوي الهندية 3: 435.
(3) المغني لابن قدامة 9: 653.
395

الذمة تقتضيه.
مسألة 42: إذا طلقها بعد أن خلا بها وقيل أن يمسها، اختلف الناس فيه
على ثلاثة مذاهب:
فذهبت طائفة: إلى أن وجود هذه الخلوة وعدمها سواء فيرجع إليه نصف
الصداق ولا عدة عليها، وهو الظاهر من روايات أصحابنا (1)، وبه قال في
الصحابة ابن عباس، وابن مسعود، وفي التابعين الشعبي، وابن سيرين، وفي
الفقهاء الشافعي، وأبو ثور (2).
وذهبت طائفة: إلى أن الخلوة كالدخول، يستقر بها المسمى، ويجب عليها
العدة، وبه قال قوم من أصحابنا (3). وروي ذلك في أخبار من طريق
أصحابنا، وروي ذلك عن علي عليه السلام (4). وبه قال عمر بن الخطاب،
وابن عمر، وفي التابعين الزهري، وفي الفقهاء الأوزاعي، وأبو حنيفة وأصحابه.
وهو نص قول الشافعي في القديم (5).

(1) الكافي 6: 106 حديث 5 و 6، والتهذيب 7: 467 حديث 1870، والاستبصار 3: 229 حديث
828.
(2) الأم 7: 223، والوجيز 2: 26، والمجموع 16: 347، والمبسوط 5: 149، والنتف 1: 301 وبدائع
الصنائع 2: 291، وفتح الباري 9: 495، والميزان الكبرى 2: 118، ورحمة الأمة 2: 45، والمغني
لابن قدامة 8: 63، والمحلى 99، 485، وبداية المجتهد 2: 22.
(3) الكافي 6: 109 و 110 حديث 6: والتهذيب 7: 464 حديث 1863 و 1864، والاستبصار 3: 227
حديث 821 و 822.
(4) سنن الدارقطني 3: 306 حديث 229، والسنن الكبرى 7: 255، والمجموع 16: 347، والمغني لابن
قدامة 8: 63، والمحلى 9: 483، والشرح الكبير 8: 78.
(5) المبسوط 5: 149، واللباب 2: 197، والنتف 1: 301، وبدائع الصنائع 2: 291، وفتح الباري
9: 495، وحاشية رد المختار 3: 122، والفتاوي الهندية 1: 304، وشرح فتح القدير 2: 444، وشرح
العناية على الهداية 2: 444، وتبيين الحقائق 2: 142، وبداية المجتهد 2: 22، والمغني لابن قدامة
8: 63، والشرح الكبير 8: 78، والمحلى 9 48، والمجموع 16: 347، ورحمة الأمة 2: 45، والميزان
الكبرى 2: 118، وسنن الدارقطني 3: 306 حديث 228 - 231.
396

وذهبت طائفة إلى أنها: إن كانت خلوة تامة، فالقول قول من يدعي
الإصابة.
وبه قال مالك بن أنس قال: والخلوة التامة أن يزفها إلى بيته ويخلو
بها، وإن لم تكن تامة مثل أن خلا بها في بيت والدها ما لم تزل حشمة، فإن
طالت مدته عندهم وارتفعت الحشمة صارت خلوة (1).
فنقول: القول قول من يدعي الإصابة.
ومن أصحاب الشافعي نم قال: تأثير الخلوة على قوله القديم إن القول قول
من يدعي الإصابة كما قال مالك (2). إلا أنه لا يفصل الخلوة في بيته كانت أو
في بيتها، وليس هذا كما قال هذا القائل، فإن الشافعي قد نص في القديم على
مثل ما ذهب إليه أبو حنيفة (3).
دليلنا: قوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن
فريضة فنصف ما فرضتم " (4) ولم يستثن الخلوة، فيجب حملها على عمومها.
ووجه الدلالة من الآية: أنه لا يخلو من أن يكون المسيس عبارة عن اللمس
باليد، أو عن الخلوة، أو عن الوطء، فبطل أن يراد به اللمس باليد، لأن ذلك
لم يقل به أحد، ولا اعتبره، وبطل أن يراد به الخلوة، لأنه لا يعبر به عن الخلوة
لا حقيقة ولا مجازا، ويعبر به عن الجماع بلا خلاف. فوجب حمله عليه، على أنه
أجمعت الصحابة على أن المراد في الآية بالمسيس الجماع. روي ذلك عن ابن

(1) المدونة الكبرى 2: 320، وبداية المجتهد 2: 22، والمحلى 9: 484، والمجموع 16: 347، ورحمة الأمة
2: 45، والميزان الكبرى 2: 118، وفتح الباري 9: 495.
(2) المجموع 16: 346.
(3) المجموع 16: 348، والمحلى 9: 484.
(4) البقرة: 237.
397

مسعود وابن عباس (1).
وروي عن عمر أنه قال: إذا أغلق الباب وأرخي الستر فقد وجب
المهر (2). ما ذنبهن إن جاء العجز من قبلكم، ومعلوم أن العجز من الزوج
لا يكون عن الخلوة، ولا عن اللمس باليد، ثبت أنه أراد به الإصابة.
وأيضا قال الله تعالى في آية العدة: " ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما
لكم عليهن من عدة تعتدونها " (3) ولم يفصل.
وأيضا روايات أصحابنا، قد ذكرناها في ذلك في الكتاب المذكور (4)،
وبينا الوجه فيما يخالفها.
وأيضا الأصل براءة الذمة، فمن أوجب جميع المهر على الرجل، والعدة على
المرأة بالخلوة، فعليه الدلالة.
مسألة 43: إذا تزوج امرأة وأمهرها عبدا مطلقا، فقال: تزوجتك على عبد،
فالنكاح صحيح، ويلزمه عندنا عبد وسط من العبيد. وبه قال أبو حنيفة،
وقال: يطيعها عبدا بين عبدين، وهو أوسط العبيد عبد سندي أو عبد
منصوري، فإنه أوسط العبيد (5).
وكذلك عندنا إذا تزوجها على دار مطلقة فلها دار وسط بين دارين.
وقال الشافعي: الصداق باطل ويلزمه مهر المثل (6).

(1) جامع البيان للطبري 5: 65.
(2) سنن الدارقطني 3: 307 حديث 231، والسنن الكبرى 7: 255 باختلاف يسير في اللفظ.
(3) الأحزاب: 49.
(4) التهذيب 7: 464 و 467 حديث 1859 و 1860 و 1870.
(5) المبسوط 5: 68، واللباب 2: 201، وبدائع الصنائع 2: 283، وشرح فتح القدير 2: 461، وشرح
العناية على الهداية 2: 462، وتبيين الحقائق 2: 152، وحاشية رد المختار 3: 127.
(6) الأم 5: 69، والوجيز 2: 29، وشرح فتح القدير 2: 462، والمبسوط 5: 68، وشرح العناية على الهداية
2: 462.
398

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وروي عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " أدوا العلائق "
قيل وما العلائق؟ قال: ما تراضى عليه الأهلون " (2) وهذا مما تراضى به
الأهلون.
مسألة 44: المدخول بها إذا طلق لا متعة لها، سواء كان سمي لها مهرا أو لم
يسم، فرض لها أو لم يفرض، وبه قال أبو حنيفة (3).
وللشافعي فيه قولان: قال في القديم مثل ما قلناه (4).
وقال في الجديد: لها المتعة (5).
وروي ذلك عن عمر، وابن عمر (6)، وقد روي ذلك قوم من أصحابنا،
إلا أنهم قالوا: إن هذه متعة مستحبة غير واجبة (7).

(1) الكافي 5 381 حديث 7 و 8، والتهذيب 7: 366 حديث 1485.
(2) رواه الدارقطني في سنته 3: 244 حديث 10 عن ابن عباس، والبيهقي في السنن الكبرى 7: 239،
والعيني في عمدة القاري 20: 137 و 138.
(3) المبسوط 6: 61، وبدائع الصنائع 2: 303، وفتح الباري 9: 246، وعمدة القاري 21: 11،
وتبيين الحقائق 2: 145، والمغني لابن قدامة 8: 51، والمجموع 16: 389، الجامع لأحكام القرآن
3: 228 و 229.
(4) الوجيز 2: 34، والمجموع 16: 389، وكفاية الأخبار 2: 42، والسراج الوهاج: 395، ومغني المحتاج
3: 241، والمغمى لابن قدامة 8: 51، والشرح الكبير 8: 94، والجامع لأحكام القرآن 3: 228 و
229.
(5) المجموع 16: 389، والوجيز 2: 34، والسراج الوهاج: 395، ومغني المحتاج 3: 241، وكفاية الأخبار
2: 42، والمغني لابن قدامة 8: 51، والشرح الكبير 8: 94، وبدائع الصنائع 2: 303 وعمدة
القاري 21: 11، وشرح فتح القدير 2: 44 ظ، وشرح العناية على الهداية 2: 448، والمبسوط 6: 61،
تبيين الحقائق 2: 145، ورحمة 2: 42، وحاشية إعانة الطالبين 3: 356.
(6) المجموع 16: 389.
(7) الكافي 6: 104، و 105 حديث 1 و 3.
399

وعندهم أنها واجبة.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
وأيضا قوله تعالى: " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو
تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره " (1) دل ذلك على أن المدخول بها لا متعة لها، وكذلك المفروض لها.
وقوله تعالى: " وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين " (2) يحتمل
أمرين:
أحدهما: أن يكون مخصوصا بمن لم يدخل بها، ولم يسم لها مهرا.
والآخر: أن يكون محمولة على الاستحباب، بدلالة قوله تعالى: " حقا على
المحسنين " (3) ولو كانت واجبة لكان فاعلها لا يسمى محسنا، لأن من فعل
الواجب من قضاء الدين وغير ذلك لا يسمى محسنا.
مسألة 45: الموضع الذي يجب فيه المتعة أو تستحب، فإنها تثبت، سواء
كان الزوج حرا أو عبدا، والزوجة حرة كانت أو أمة، وبه قال جميع
الفقهاء (4)، وقال الأوزاعي: إذا كانا عبدين، أو أحدهما فلا متعة (5).
دليلنا: قوله تعالى: " وللمطلقات متاع بالمعروف " (6) ولم يفصل.
وأيضا: إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط.
مسألة 46: كل فرقة تحصل بين الزوجين سواء كانت من قبله، أو من
قبلها، أو من قبل أجنبي، أو من قبلهما، فلا يجب بها المتعة إلا الطلاق فحسب.
وقال الشافعي: إذا كانت الفرقة من جهته بطلاق أو ارتداده أو إسلام، أو

(1) البقرة: 236.
(2) البقرة: 241.
(3) البقرة: 236.
(4) المدونة الكبرى 2: 333 و 334، والمغني لابن قدامة 8: 51، والشرح الكبير 8: 90، وكفاية الأخيار
2: 42، والمجموع 16: 390، وحاشية إعانة الطالبين 3: 356.
(5) المغني لابن قدامة 8: 51، والشرح الكبير 8: 90، والمجموع 16: 390.
(6) البقرة: 241.
400

من جهتهما مثل الخلع واللعان، أو من جهة أجنبي مثل أن ترضع المرأة أم
الزوج، ومن يجري مجراها ممن يحرم عليه تزويجها، فإنه يجب لها المتعة، وإنما
تسقط المتعة إذا كان بشئ من جهتها (1).
دليلنا: أن المتعة أوجبها الله تعالى في المطلقات، فمن أوجبها في غيرهن فعليه
الدلالة. والحاق غير الطلاق بالطلاق قياس، ونحن لا نقوله به.
مسألة 47: من كان عنده أمة زوجة مفوضة البضع، فاشتراها من سيدها،
انفسخ النكاح، ولا متعة لها.
وقال أكثر أصحاب الشافعي فيها قولان للشافعي، أحدهما، يجب.
والآخر: لا يجب (2).
وقال أبو إسحاق: ينظر من المستدعي للبيع، فيغلب حينئذ (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على وجوب ذلك.
وأيضا: فإن الله تعالى أوجب المتعة للمطلقات، فمن أوجب لغيرهن فعليه
الدلالة.
مسألة 48: إذا أصدقها إنائين، فانكسر أحدهما، ثم طلقها قبل الدخول
بها، كان لها نصف الموجود، ونصف قيمة التالف.
وللشافعي فيه قولان.
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: بالخيار بين ما قلناه وبين أن تدع وتأخذ نصف قيمتهما معا (4).

(1) مختصر المزني: 184، والسراج الوهاج: 395، والمجموع 16: 387، ومغني المحتاج 3: 241، والوجيز
2: 34، وحاشية إعانة الطالبين 3: 356، وفتح الباري 9: 496.
(2) لم أعثر على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(3) بعد الفحص الشديد في مظانه لم أقف له على أثر في المصادر المتوفرة.
(4) الأم 5: 61.
401

دليلنا: أن العقد وقع على الإنائين، فإذا كان أحدهما باقيا فنصف ملكها
فيه باق، فمن نقله إلى قيمته فعليه الدلالة.
مسألة 49: إذا أصدقها صداقا، فأصابت به عيبا كان لها رده بالعيب،
سواء كان العيب يسيرا أو كثيرا وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو الحنيفة: إن كان يسيرا لم يكن لها الرد، وإن كان كثيرا فلها
الرد (2).
دليلنا: أن الذي وقع عليه العقد ما سلم، فإذا وجدت به عيبا لم
يكن ذلك ما وقع عليه العقد، وكان لها رده.

(1) الأم 5: 75، ومختصر المزني: 180، والمبسوط 5: 70.
(2) المبسوط 5: 70، والمغني لابن قدامة 8: 14، الشرح الكبير 8: 28.
402

كتاب الوليمة
403

مسألة 1: الوليمة مستحبة، ليست بواجبة.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: ثل ما قلناه (1).
والثاني: أنها واجبة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا الأصل براءة الذمة، ولا دليل على وجوبها.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " ليس في المال حق سوى
الزكاة " (3).
مسألة 2: من دعي إلى الوليمة يستحب له حضورها، وليس بواجب عليه،
أي وليمة كانت.
وظاهر مذهب الشافعي أنه أوجب الإجابة في جميع الولائم (4).

(1) كفاية الأخبار 2: 42، والسراج الوهاج: 396، ومغني المحتاج 3: 245، والمجموع 16: 394، وفتح
الباري 9: 230، وعمدة القاري 20: 153، والبحر الزخار 4: 85، ونيل الأوطار 6: 326.
(2) الأم 6: 181، ومختصر المزني: 184، وكفاية الأخيار 2: 42، والسراج الوهاج: 396، ومغني المحتاج
3: 245، والمجموع 16: 394، وحاشية إعانة الطالبين 3: 35، والمغني لابن قدامة 8: 106، والشرح
الكبير 8: 10 ذ، وفتح الباري 9: 230، وعمدة القاري 20: 153، ونيل الأوطار 6: 326، سبل
السلام 3: 1051.
(3) سنن ابن ماجة 1: 570 حديث 1789، والجامع الصغير 2: 460، وفيض القدير 5: 375.
(4) الأم 6: 181، وكفاية الأخيار 2: 43، والمجموع 16: 396 و 397، والوجيز 2: 36، والسراج الوهاج
396، ومغني المحتاج 3: 245، وحاشية إعانة الطالبين 3: 358، والمغني لابن قدامة 8: 107.
والشرح الكبير 8: 106، وفتح الباري 9: 242، وعمدة القاري 20: 162، وسبل السلام 3: 1053،
والبحر الزخار 4: 85.
405

وهل هو من فروض الأعيان، أو فروض الكفايات؟ على وجهين (1).
وله قوله آخر: وهو أنه مستحب (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، والوجوب يحتاج إلى دليل.
مسألة 3: إذا اتخذ الذمي وليمة ودعى الناس إليها، فلا يجوز للمسلم أن
يحضرها.
وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: يجب عليهم حضورها. لعموم الخبر (3).
والثاني: لا يجب (4).
دليلنا: أن ذبائح أهل الذمة محرمة، وطعامهم الذي يباشرونه بأيديهم
نجس، ولا يجوز أكله لقوله تعالى: " إنما المشركون نجس " (5) وعليه أخبار عن
أئمتنا - عليهم السلام (6)، وسندل على ذلك فيما بعد، فإذا ثبت ذلك ثبت

(1) كفاية الأخيار 2: 43، والمجموع 16: 396، و 397، والوجيز 2: 36، والسراج الوهاج: 396، ومغني
المحتاج 3: 245، وحاشية إعانة الطالبين 3: 358، والمغني لابن قدامة 8: 107، والشرح الكبير
المحتاج 3: 245، وحاشية إعانة الطالبين 3: 358، والمغني لابن قدامة 8: 107، والشرح الكبير
8: 106، وفتح الباري 9: 242، وعمدة القاري 20: 162، وسبل السلام 3: 1053، والبحر الزخار
4: 85.
(2) المجموع 16: 396، و 397، والوجيز 2: 36، وكفاية الأخيار 2: 43، والسراج الوهاج: 396، ومغني
المحتاج 3: 245، وحاشية إعانة الطالبين 3: 358، والمغني لابن قدامة 8: 107، والشرح الكبير
8: 106، وفتح الباري 9: 242، وعمدة القاري 20 162، وسبل السلام 3: 1053، والبحر الزخار
4: 85.
(3) المجموع 16: 398، وحاشية إعانة الطالبين 3: 358.
(4) المجموع 16: 398، وكفاية الأخيار 2: 44.
(5) التوبة: 28.
(6) الكافي 6: 274 حديث 1.
406

ما قلناه، لأن أحدا لم يفرق.
مسألة 4: من حضر الوليمة لا يجب عليه الأكل، وإنما يتسحب له ذلك.
وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: - وهو الأظهر - مثل ما قلناه (1)، وفي أصحابه من قال: جيب عليه
ذلك (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، والوجوب يحتاج إلى دليل.
وروى جابر عن النبي صلى الله عليه وآله: أنه قال: من دعي إلى طعام
فليحضر، فإن شاء أكل وإن شاء ترك " (3).
مسألة 5: نثر السكر، واللوز في الولائم أخذه مكروه، وبه قال الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: هو مباح: هو مباح، وإن كان يؤخذ بخلسة (5).
دليلنا: أخبار أصحابه (6) وإجماعهم عليها، وطريقة الاحتياط تقتضي
ذلك.

(1) الأم 6: 181، ومختصر المزني: 184، وكفاية الأخبار 2: 44، والوجيز 2: 36، والمجموع 16: 405،
والسراج الوهاج: 397، ومغني المحتاج 3: 248، وفتح الباري 9: 247، وعمدة القاري 20: 161.
(2) كفاية الأخيار 2: 44، والمجموع 16: 405، وعمدة القاري 20: 158، وفتح الباري 9: 247، وعمدة القاري 20: 161.
(2) كفاية الأخيار 2: 44، والمجموع 16: 405، وعمدة القاري 20: 158، وفتح الباري 9: 247.
(3) حكى نحوه في موسوعة أطراف الحديث النبوي 8: 265، عن شرح السنة النبوية للبغوي 9: 140،
وعلل الحديث لابن أبي حاتم الرازي برقم 1494.
(4) مختصر المزني: 184، والوجيز 2: 36، والمجموع 16: 395، والسراج الوهاج: 397، ومغني المحتاج
3: 249، والمغني لابن قدامة 8: 119، والشرح الكبير 8: 119، والبحر الزخار 4: 87.
(5) المجموع 16: 395، والمغني لابن قدامة 8: 119، والشرح الكبير 8 119، والبحر الزخار 4: 87.
(6) الكافي 5: 123 حديث 7 و 8 والتهذيب 6: 370 حديث 1071 و 1072.
407

كتاب القسم بين الزوجات
409

مسألة 1: النبي - صلى الله عليه وآله: إذا بني بواحدة من نسائه، لم يكن
يجب عليه القسمة للباقيات، وبه قال أبو سعيد الإصطخري (1).
وقال باقي أصحاب الشافعي: أنه كان يلزمه (2).
دليلنا: قوله تعالى: " ت رجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء " (3).
وذلك عام في جميع الأحوال.
مسألة 2: من كانت عنه مسلمة وذمية كان له أن يقسم للحرة المسلمة
ليلتان، وللذمية ليلة.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: عليه التسوية بينهن (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
مسألة 3: إذا كانت عنده حرة وأمة زوجة كان للحرة لليلتان، وللأمة

(1) انظر المجموع 16: 425، والجامع لأحكام القرآن 14: 214، وعمدة القاري 20: 197 من دون
نسبة.
(2) عمدة القاري 20: 197.
(3) الأحزاب: 51.
(4) المبسوط 5: 218، وتبيين الحقائق 2: 179، والأم 5: 110، والمجموع 16: 431، والمغني لابن قدامة
8: 150، والمحلى 10: 41، والشرح الكبير 8: 153، والبحر الزخار 4: 93، وأسهل المدارك
2: 124.
(5) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: 69.
411

ليلة. وبه قال علي - عليه السلام (1)، وهو قول جميع الفقهاء (2)، إلا مالكا فإنه
قال: يسوي بينهما (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من نكح حرة على أمة.
فللحرة ثلثان، وللأمة ثلث " (5) وهذا نص.
وروي عن علي عليه السلام أنه قال: " من نكح حرة على أمة فللحرة
ليلتان، وللأمة ليلة واحدة " (6) ولا مخالف له في الصحابة.
مسألة 4: إذا كانت له زوجتان كان له أن يبيت عند واحدة ثلاث
ليال، وعنده الأخرى ليلة واحدة.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: يجب عليه التسوية بينهما (7).

(1) المغني لابن قدامة 8: 149، والمحلى 10: 66، والشرح الكبير 8: 153، وسنن الدارقطني 3: 285.
(2) الأم 5: 110، والمحلى 10: 41 و 66، والمغني لابن قدامة 8: 145، والشرح الكبير 8: 153، والمبسوط
5: 219، واللباب 2: 211، وبدائع الصنائع 2: 332، والسراج الوهاج: 399، ومغني المحتاج
3: 255، والوجيز 2: 38، وشرح فتح القدير 2: 518، وتبيين الحقائق 2: 180، وحاشية إعانة
الطالبين 3: 374.
(3) بلغة السالك 1: 436، وأسهل المدارك 2: 124، والمغني لابن قدامة 8: 149، والشرح الكبير
8: 153.
والمحلى 10: 41 و 66.
(4) من لا يحضره الفقيه 3: 270 حديث 2184، والتهذيب 7: 421 حديث 1684 و 1685.
(5) حكاه محمد بن يحيى السعدي في هامش البحر الزخار 4: 91 عن الشفاء.
(6) سنن الدارقطني 3: 285، حديث 148، والسنن الكبرى 7: 299، وجواهر الأخبار والآثار بهامش
البحر الزخار 4: 91، والمجموع 16: 429، وما بين المصادر وما ذكر اختلاف يسير في الألفاظ.
(7) الأم 5: 110، ومختصر المزني: 185، والسراج الوهاج: 399، ومغني المحتاج 3: 255، وكفاية
الأخيار: 2: 45، وحاشية إعانة الطالبين 3: 370، والمغني لابن قدامة 8: 139، والشرح الكبير
8: 149، وبدائع الصنائع 2: 332، وفتح الباري 9: 313 وعمدة القاري 20: 199، وأسهل
المدارك 2: 124.
412

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، ولأن حق الثلاث ليال له، بدلالة أن
له أن يتزوج ثنين أخراوين، فإذا جاز له يتزوج ثنتين أخراوين، جاز له أن
يجعل نصيبهما لواحدة منهما.
مسألة 5: إذا سافرت المرأة وحدها بإذن الزوج لا تسقط نفقتها،
ولا قسمتها.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (2).
والآخر: يسقط (3).
دليلنا: أن الأصل ثبوت حقها، وسقوطه يحتاج إلى دليل.
مسألة 6: من كانت عنده زوجتان أو ثلاثة، فتزوج بأخرى، فإن كانت
بكرا فإنه يخصها بسبعة أيام ويقدمها، فلها حق التقديم والتخصيص، وإن
كانت ثيابها فلها حق التقديم والتخصيص بثلاثة أيام، أو سبعة أيام، ويقضيها
في حق الباقيات، وهي بالخيار بين أن تختار ثلاثة أيام خاصة لها، أو سبعة
أيام يقضيها في حق البواقي. وبه قال الشافعي، ومالك وأحمد، وإسحاق، وفي
الصحابة أنس بن مالك، وفي التابعين الشعبي، والنخعي (4).

(1) التهذيب 7: 419 حديث 1679.
(2) المجموع 16: 431، والسراج الوهاج: 399، والوجيز 2: 37، ومغني المحتاج 3: 257، والمغني لابن
قدامة 8: 155، والشرح البير 8: 163.
(3) الوجيز 2: 37، ومغني المحتاج 3: 257، والسراج الوهاج: 399، والمجموع 16: 431، والمغني لابن
قدامة 8: 155.
(4) الأم 5: 110، ومختصر المزني: 185، والمجموع 16: 438، وكفاية الأخيار 2: 47، والوجيز 2: 38.
والسراج الوهاج: 399، ومغني المحتاج 3: 256، وبداية المجتهد 2: 55، وعمدة القاري 20: 200،
والمبسوط 5: 218، وتبيين الحقائق 2: 179، والمغني لابن قدامة 8: 160، والشرح الكبير 8: 165 و
166، والمحلى 10: 64، والميزان الكبرى 2: 118، ورحمة الأمة 2: 47، وسنن الترمذي 3: 445.
ذيل الحديث، والبحر الزخار 4: 94، وفتح الباري 9: 314.
413

وقال سعيد بن المسيب، والحسن البصري: يخص البكر بليلتين، والثيب
بليلة ولا يقضي (1).
وذهب الحكم، وحماد، وأبو حنيفة وأصحابه: إلى أن للجديدة حق
التقديم فحسب، دون حق التخصيص. فإن كانت بكرا قدمها بالبيتوتة عندها
سبعا ثم يقضي، وإن كانت ثيبا قدمها بثلاث ثم يقضي، ولا يخصصون السبع
والثلاث (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وروي أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " للبكر سبع،
وللثيب ثلاث " (4) فأضاف إليها بلام التمليك.
وروت أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: للبكر سبع،
وللثيب ثلاث " (4) فأضاف إليها بلام التمليك.
وروت أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وآله قال لها لما تزوجها: " ما بك
على أهلك من هوان، إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن، وإن شئت
ثلثت عندك ودرت " (5).

(1) المحلى 10: 64، والمجموع 16: 438، والشرح الكبير 8: 166، والمغني لابن قدامة 8: 160، وسنن
الترمذي 3: 446، ونيل الأوطار 6: 370، والبحر الزخار 4: 94.
(2) المبسوط 5: 218، وبدائع الصنائع 2: 332، وعمدة القاري 20: 201، وفتح الباري 9: 315،
وتبيين الحقائق 2: 180، ورحمة الأمة 2: 47، والميزان 2: 118، والمحلى 10: 64، وبداية
المجتهد 2: 55، والمغني لابن قدامة 8: 166، والشرح الكبير 8: 166، والمجموع 16: 438، ونيل
الأوطار 6: 370، والبحر الزخار 4: 94.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 269 حديث 1281، والتهذيب 7: 420 حديث 1682.
(4) صحيح البخاري 7: 43، وسنن أبي داود 2: 240 حديث 2124، وسنن ابن ماجة 1: 617
حديث 1916، وسنن الترمذي 3: 445 حديث 139، والسنن الكبرى 7: 301 و 302، وعمدة القاري
20: 200، وفتح الباري 9: 314، ونيل الأوطار 6: 369، وفي بعض ألفاظ الحديث في المصادر
المذكورة مختلفة اختلاف يسيرا.
(5) سنن ابن ماجة 1: 617 حديث 1917، وسنن أبي داود 2: 240 حديث 2122، ونيل الأوطار
6: 368، وفي جميع المصادر باختلاف يسير في الألفاظ.
414

مسألة 7: إذا سافر ببعض نسائه من غير قرعة، فعليه أن يقضي لمن بقي
بقدر غيبته مع التي خرج بها. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا قضاء عليه، كما لو خرج معها بقرة (2).
دليلنا: أن القسمة حق لهن، فلا يسقط ذلك لكون صاحبتهن معه، ومن
أسقطه بذلك فعليه الدلالة، ولا يلزم إذا خرج بها بقرة، لأن النبي - صلى الله
عليه وآله - كذلك فعل ولم يقض، ولو خليلنا، والظاهر لأوجبنا القضاء
مسألة 8: إذا نشزت المرأة، حل ضربها بنفس النشوز دون الإصرار عليه.
وللشافعي فيه قولان
أحدهما: مثل ما قلناه (3).
والثاني: أنه لا يحل حتى تصر وتقيم عليه (4).
دليلنا: قوله تعالى: " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في
المضاجع واضربوهن " (5).
وقال كثير من أهل التفسير: أن معنى تخافون: تعلمون (6). ومن لم يقل

(1) الأم 5: 111، ومختصر المزني: 186، والمجموع 16: 441، وكفاية الأخيار 2: 46، والمبسوط 5: 219،
وبدائع الصنائع 2: 33، وتبيين الحقائق 2: 180، والمغني لابن قدامة 8: 157، والشرح الكبير
8: 160، والميزان الكبرى 2: 119، ورحمة الأمة 2: 47، والبحر الزخار 4: 92.
(2) المبسوط 5: 219، وبدائع الصنائع 2: 333، وتبيين الحقائق 2: 180، والمغني لابن قدامة
8: 157، والشرح الكبير 8: 160، والمجموع 16: 441، والميزان الكبرى 2: 119، ورحمة الأمة
2: 47.
(3) كفاية الأخيار 2: 49، والمجموع 16: 445، والسراج الوهاج: 400، ومغني المحتاج 3: 260.
(4) الأم 5: 112، ومختصر المزني: 186، وكفاية الأخيار 2: 49، والسراج الوهاج: 400، ومغني المحتاج
3: 260، والمجموع 16: 445، والمغني لابن قدامة 8: 164، والشرح الكبير 8: 170.
(5) النساء: 34.
(6) تفسير الطبري 5: 40، وأحكام القرآن للجصاص 2: 189، والجامع لأحكام القرآن 5: 170.
415

ذلك، وحمل الخوف على ظاهره، أضمر في الظاهر (وعلمتم نشوزهن
فاضربوهن) وهذا الإضمار مجمع عليه، فمن ضم إليه الإصرار والإقامة عليه
فعليه الدلالة.
مسألة 9: بعث الحكمين في الشقاق على سبيل التحكيم، لا على سبيل
التوكيل. وبه قال علي - عليه السلام، وابن عباس، وعمرو بن العاص، وهو أحد
قولي الشافعي (1).
والقول الآخر: إنهما على سبيل التوكيل (2)، وبه قال أبو حنيفة (3).
دليلنا: قوله تعالى: " فابعثوا حكما من أهل وحكما من أهلها " (4) وهذا
ظاهر في التحكيم، لأنه لم يقل فابعثوا وكيلا.
وأيضا فإن الخطاب إذا ورد مطلقا فيما طريقه الأحكام كان منصرفا إلى
الأئمة والقضاة، كقوله تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " (5)
" والزانية والزاني فاجلدوا " (6) كذلك هاهنا.
وأيضا: فإن الخطاب لا يتوجه إلى الزوجين، لأنه لو توجه إليهما لقال فابعثا.
وأيضا: قال: " إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " (7) فأضاف الإرادة إلى
الحكمين، فلو كان توكيلا لم يضف إليهما.

(1) الأم 5: 116، والمجموع 16: 454، والوجيز 2: 41، ومغني المحتاج 3: 261، والسراج الوهاج: 401.
والبحر الزخار 4: 90.
(2) الأم 5: 116، ومختصر المزني: 186، والوجيز 2: 40، والمجموع 16: 454، والسراج الوهاج: 401،
ومغني المحتاج 3: 261، وحاشية إعانة الطالبين 3: 378، والمغني لابن قدامة 8: 169، والشرح
الكبير 8: 171، والجامع لأحكام القرآن 5: 178 و 179.
(3) المغني لابن قدامة 8: 169، والشرح الكبير 8: 171، والمجموع 16، 454، والبحر الزخار 4: 89.
(4) النساء: 35.
(5) المائدة: 38.
(6) النور: 2.
(7) النساء: 35.
416

وأيضا: روى أصحابنا أنهما ينفذان ما اتفق رأيهما عليه، إلا الفرقة بينهما
فإنهما يستأذنهما (1)، فدل ذلك على أنه على سبيل التحكيم، لأن التوكيل
لا يجوز فيه إنفاذ شئ إلا بإذن الموكل.
وروى مثل ذلك عبيدة السلماني (2)، قال: (دخل رجل إلى علي - عليه
السلام - ومعه امرأته، مع كل واحد منهما فئام من الناس، فقال علي عليه
السلام: (ما شأن هذا)؟ قالوا: وقع بينهما شقاق. قال: (فابعثوا حكما من أهله
وحكما من أهلها، إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)، فبعثوهما. فقال علي
للحكمين: (هل تدرينا ما عليكما؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا
فرقتما)، فقالت المرأة: رضيت بما في كتاب الله فيما فيه لي وعلي، فقال الرجل:
أما فرقة فلا. فقال: (والله لا تذهب حتى تقر بمثل ما أقرت) (3).
مسألة 10: إذا ثبت أنهما على جهة التحكيم، فليس لهما أن يفرقا، ولا أن
يخلعا إلا بعد الاستئذان. ولهما أن يجمعا من غير استئذان.
وقال الشافعي على هذا القول: أن لهما جميع ذلك من غير استئذان (4).

(1) تفسير العياشي 1: 240 حديث 123، والكافي 6: 146، ومن لا يحضره الفقيه 3: 337، والتهذيب
8: 103 حديث 350 و 351.
(2) عبيدة بن عمرو السلماني المرادي، ويقال: الهمداني الكوفي، يكنى أبا مسلم، ويقال أبا عمرو،
أسلم قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وآله - بسنتين وصلى ولم يهاجر إليه. وسلمان حي من مراد مات
سنة ثلاث وسبعين هجرية. انظر تنقيح المقال 2: 242 برقم 7701.
(3) سنن الدارقطني 3: 295 حديث 188، والسنن الكبرى 7: 305، والجامع لأحكام القرآن
5: 177، والمغني لابن قدامة 8: 169، والشرح الكبير 8: 172، والمجموع 16: 454 وفي جميعها
اختلاف يسير في الألفاظ.
(4) الأم 5: 116 مختصر المزني: 186، والوجيز 2: 41، والسراج الوهاج: 401، ومغني المحتاج
3: 261، والمجموع 16: 451.
417

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1). والخبر الذي قدمناه يدل على ما قلناه
أيضا.

(1) تفسير العياشي 1: 240 حديث 123، والكافي 6: 146، ومن لا يحضره الفقيه 3: 337، والتهذيب
8: 103 حديث 350 و 351.
418

كتاب الخلع
419

مسألة 1: إذا كانت الحال بين الزوجين عامرة والأخلاق ملتئمة، واتفقا
على الخلع، فبذلت له شيئا حتى يطلقها لم يحل ذلك، وكان محظورا. وبه قال
عطاء، والزهري، والنخعي، وداود، وأهل الظاهر (1).
وقال أبو حنيفة، والشافعي، ومالك، والأوزاعي، والثوري: إن ذلك
مباح (2).
دليلنا: إجماع الفرقة. على أنه لا يجوز له خلعها إلا بعد أن يسمع منها
ما لا يحل ذكره، من قولها: لا أغتسل لك من جنابة، ولا أقيم لك حدا، ولأوطئن
فراشك من تكرهه، أو يعلم ذلك منها. وهذا مفقود ها هنا، فيجب أن لا يجوز
الخلع.
وأيضا: قوله تعالى: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن
يخافا ألا يقيما حدود الله) (3) وهذا نص. فإنه حرم الأخذ منها إلا عند الخوف

(1) المحلى 10: 235، والمغني لابن قدامة 8: 178، والشرح الكبير 8: 176، وبداية المجتهد 2: 68، ورحمة
الأمة 47 و 48، والميزان الكبرى 2: 119، وسبل السلام 3: 1073 والبحر الزخار 4: 178، وعمدة
القاري 20: 260 و 261.
(2) الأم 5: 197، والمجموع 17: 6، والمبسوط 6: 171، والمغني لابن قدامة 8: 177 و 178، والشرح
الكبير 8: 176، وبداية المجتهد 2: 68، ورحمة الأمة 2: 47 و 48، والميزان الكبرى 2: 119،
وسبل السلام 3: 1073، وعمدة القاري 20: 260 و 261.
(3) البقرة: 229.
421

من أن لا يقيما حدود الله.
وقال تعالى: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت
به) (1) فدل ذلك على أنه متى ارتفع الخوف وقع الجناح.
مسألة 2: لا يصح الخلع إلا في طهر لم يقربها فيه بجماع، إذا كان دخل
بها.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: يجوز في حال الحيض، وفي طهر
قربها فيه بجماع (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا: فإنه إذا خالعها على ما وصفناه صح الخلع بلا خلاف. وليس على
صحة ما قالوه دليل.
مسألة 3: الصحيح من مذهب أصحابنا أن الخلع بمجرده لا يقع، ولا بد من
التلفظ معه بالطلاق.
وفي أصحابنا من قال: لا يحتاج معه إلى ذلك، بل نفس الخلع كاف (4).
إلا أنهم لم يبينوا أنه طلاق أو فسخ.
وللشافعي فيه قولان:

(1) البقرة: 229.
(2) الأم 5: 180، وكفاية الأخبار 2: 51، والمجموع 17: 15 و 78، والوجيز 2: 51، والسراج الوهاج:
420، ومغني المحتاج 3: 307 و 308، والمدونة الكبرى 2: 422، وبداية المجتهد 2: 64، والمبسوط
6: 16، واللباب 2: 220، وتبين الحقائق 2: 190، وشرح فتح القدير 3: 33، وشرح العناية على
الهداية 3: 33، والمغني لابن قدامة 8: 175 و 176، والشرح الكبير 8: 176، ورحمة الأمة 2: 51،
والميزان الكبرى 2: 120، وسبل السلام 3: 1079.
(3) الكافي 6: 143 حديث 8 - 10، والتهذيب 8: 99 حديث 334 و 336.
(4) منهم الشيخ المفيد - قدس سره - في المقنعة: 81، وسلار في المراسم: 162.
422

أحدهما: أن الخلع طلاق (1). ذكره في الإملاء وأحكام القرآن. وبه قال
عثمان بن عفان (2)، ورووه عن علي عليه السلام - وعبد الله بن مسعود (3).
وبه قال مالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة وأصحابه (4).
وقال في القديم: الخلع فسخ (5). وهو اختيار الأسفرايني. وبه قال ابن
عباس وصاحباه وعكرمة، وطاووس (6). وفي الفقهاء: أحمد، وإسحاق، وأبو

(1) الأم 5: 197، ومختصر المزني: 187، والمجموع 17: 14، والوجيز 2: 41، والسراج الوهاج: 403، ومغني
المحتاج 3: 268، وبداية المجتهد 2: 69، وعمدة القاري 20: 260، والشرح الكبير 8: 185، والمغني
لابن قدامة 8: 181، وبدائع الصنائع 3: 144، ورحمة الأمة 2: 48، والميزان الكبرى 2: 119،
وتفسير القرطبي 3: 143، ونيل الأوطار 7: 38.
(2) مختصر المزني: 187، والمجموع 17: 15، والمحلى 10: 238، وأحكام القرآن للجصاص 1: 396،
وعمدة القاري 20: 260، والمغني لابن قدامة 8: 181، والشرح الكبير 8: 185، والوجيز 2: 41،
وتفسير القرطبي 3: 143، ونيل الأوطار 7: 38، وتلخيص الحبير 3: 204.
(3) المحلى 10: 238، وعمدة القاري 20: 260، والمغني لابن قدامة 8: 181، والشرح الكبير 8: 181،
والوجيز 2: 41، وتفسير القرطبي 3: 143، ونيل الأوطار 7: 38، وتلخيص الحبير 3: 204.
(4) مقدمات ابن رشد 2: 434، وبداية المجتهد 2: 69 وأسهل المدارك 2: 157، وفتح الرحيم 2: 65،
والمدونة الكبرى 2: 335، والمحلى 10: 238، والمبسوط 6: 171، وبدائع الصنائع 3: 145،
واللباب 2: 246، والنتف 1: 366، وعمدة القاري 20: 260 و 261، والتبين والحقائق 2: 276،
وشرح فتح القدير 3: 199، وشرح العناية على الهداية 3: 199، والمجموع 17: 15، والوجيز 2: 41،
ورحمة الأمة 2: 48، والميزان الكبرى 2: 119، والجامع لأحكام القرآن 3: 143، وأحكام القرآن
لابن العربي 1: 195.
(5) السراج الوهاج: 403، والمجموع 17: 15، والوجيز 2: 41، ومغني المحتاج 3: 268، والمبسوط
6: 171، والنتف 1: 336، ومقدمات ابن رشد 2: 434، بدائع الصنائع 3: 144، وبداية المجتهد
2: 69، والمغني لابن قدامة 8: 181، وعمدة القاري 20: 260، وتبين الحقائق 2: 268، والشرح
الكبير 8: 185، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 195.
(6) مختصر المزني: 187، والمجموع 17: 15، والمبسوط 6: 171، وعمدة القاري 20: 261، والمحلى
10: 239، وبداية المجتهد 2: 69، والمغني لابن قدامة 8: 181، والشرح الكبير 8: 185، وأحكام
القرآن للجصاص 1: 396، والجامع لأحكام القرآن 3: 143، وتبين الحقائق 2: 268، وسبل السلام 3: 1074، ونيل الأوطار 7: 38، وتلخيص الحبير 3: 204.
423

ثور (1).
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على وقوع الفرقة به، وما قالوه ليس عليه دليل،
ومن لم يعتبر من أصحابنا التلفظ بالطلاق، الأولى أن يقول أنه فسخ وليس
بطلاق، لأنه ليس على كونه طلاقا دليل.
ويدل عليه قوله تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان) (2) ثم ذكر الفدية بعد هذا، ثم ذكر الطلقة الثالثة، فقال: (فإن
طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (3) فذكر الطلاق ثلاثا،
وذكر الفدية في أثنائه. فلو كان طلاقا كان الطلاق أربعا، وهذا باطل
بالاتفاق.
مسألة 4: الخلع جائز بين الزوجين، ولا يفتقر إلى الحاكم. وبه قال أبو
حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، والأوزاعي، والثوري (4).
وقال الحسن البصري، وابن سيرين: لا يصح إلا بحاكم (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله تعالى: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) (6) ولم
يشرط الحاكم.

(1) المغني لابن قدامة 8: 181، والشرح الكبير 8: 158، والمحلى 10: 238، المجموع 17: 15، وعمدة
القاري 20: 261، ومقدمات ابن رشد 2: 434، ورحمة الأمة 2: 48، والميزان الكبرى 2: 119،
وتفسير القرطبي 3: 143، وسبل السلام 3: 1074.
(2) البقرة: 229
(3) البقرة: 230.
(4) المبسوط 6: 173، وأحكام القرآن للجصاص 1: 395، وبدائع الصنائع 3: 145، والأم 5: 197،
والمجموع 17: 15، والمغني لابن قدامة 8: 175، والشرح الكبير 8: 175، والمدونة الكبرى 2: 343،
وبداية المجتهد 2: 69، والبحر الزخار 4: 179، والجامع لأحكام القرآن 3: 138.
(5) أحكام القرآن للجصاص 1: 395، وبدائع الصنائع 3: 145، وعمدة القاري 20: 261، والمحلى
10: 237، والمغني لابن قدامة 8: 175 والشرح الكبير 8: 175، والمجموع 17: 15، والجامع
لأحكام القرآن 3: 138، وبداية المجتهد 2: 69، والبحر الزخار 4: 179.
(6) البقرة: 229.
424

وروى عبد الله بن سهل (1): أن امرأة اختلعت نفسها من زوجها بألف
درهم، فرفع ذلك إلى عمر فأجازه (2).
وروي مثل ذلك في أيام عثمان (3)، ولم ينكر أحد من الصحابة،
ولا خالف فيه.
مسألة 5: البذل في الخلع غير مقدر، إن شاء أخلعا بقدر المهر، أو بأكثر، أو
بأقل. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، الشافعي، والأوزاعي،
والثوري (4).
وذهب الزهري: إلى أنه جائز بقدر المهر الذي تزوجها عليه، ولا يجوز بأكثر
منه. وبه قال أحمد، وإسحاق (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: (فلا جناح عليهما فيما افتدت

(1) أبو ليلى، عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري الحارثي المدني، روى عن سهل بن أبي حثمة
ورجال من قومه. وعنه مالك بن أنس. تهذيب التهذيب 12: 215.
(2) السنن الكبرى 7: 316، والمحلى 10: 241، وعمدة القاري 20: 261، وفتح الباري 9: 394،
وبدائع الصنائع 3: 145.
(3) السنن الكبرى 7: 316، والمحلى 10: 240 و 241، وبدائع الصنائع 3: 145، وعمدة القاري
20: 261، وفتح الباري 9: 394.
(4) المدونة الكبرى 2: 340، ومقدمات ابن رشد 2: 434، وأسهل المدارك 2: 158، والمحلى 10: 240،
واللباب 2: 245، وعمدة القاري 20: 262، وبدائع الصنائع 2: 151 وشرح فتح القدير
3: 203 وتبيين الحقائق 2: 269، والسراج الوهاج: 402، ومغني المحتاج 3: 265، والوجيز
2: 43، والمجموع 17: 8، وكفاية الأخيار 2: 49، وبداية المجتهد 2: 67، وتفسير القرطبي 3: 140،
والمغني لابن قدامة 8: 176، والشرح الكبير 8: 194، وشرح العناية على الهداية 3: 203، ونيل
الأوطار 7: 40، ورحمة الأمة 2: 48، والميزان الكبرى 2: 119.
(5) المحلى 10: 240، والمغني لابن قدامة 8: 176، وأحكام القرآن للجصاص 1: 195، وعمدة القاري
20: 262، والمجموع 17: 8، والجامع لأحكام القرآن 3: 141، والشرح الكبير 8: 194 ورحمة الأمة
2: 48، والميزان الكبرى 2: 119.
425

به) (1) وذلك عام.
مسألة 6: الخلع إذا وقع صحيحا سقطت الرجعة، ولا يملك الزوج الرجعة
والبذل أبدا، سواء كان الخلع بلفظ الفسخ أو بلفظ الطلاق. وبه قال في
التابعين الحسن البصري، والنخعي (2). وفي الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه،
ومالك، والأوزاعي، والشافعي، والثوري (3).
وقال سعيد بن المسيب، والزهري: الزوج بالخيار بين أن يملك العوض
ولا رجعة، وبين أن يرد العوض وله الرجعة ما دامت في العدة، فأما بعد
انقضائها فلا يمكن أن يثبت له الرجعة (4).
وقال أبو ثور: إن كان بلفظ الخلع فلا رجعة، وإن كان بلفظ الطلاق يملك
العوض وله الرجعة (5).
قال أبو حامد: هذا التفصيل ما يعرفه أصحابه، وإنما نقله من كتابه (6).
وأبو ثور خالف الإجماع في هذا، فإنه انعقد الإجماع قبله على خلاف قوله (7).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (8).

(1) البقرة: 229.
(2) المغني لابن قدامة 8: 15، والشرح الكبير 8: 189، والمجموع 17: 32، والبحر الزخار 4: 179.
(3) الأم 5: 198، ومغني المحتاج 3: 271، والسراج الوهاج: 404، وكفاية الأخيار 2: 51، والمجموع
17: 31 و 32، والمغني لابن قدامة 8: 185، والشرح الكبير 8: 189، وبداية المجتهد 2: 70، والمحلى
10: 239، وأسهل المدارك 2: 157، وفتح الرحيم 2: 65، والمدونة الكبرى 2: 342 و 343،
وأحكام القرآن لابن العربي 1: 197، والمبسوط 6: 171، والبحر الزخار 4: 179.
(4) المحلى 10: 239، وبداية المجتهد 2: 70، والمغني لابن قدامة 8: 185، والشرح الكبير 8: 189،
والبحر الزخار 4: 179، والمجموع 17: 32.
(5) المغني لابن قدامة 8: 185، والشرح الكبير 8: 189 - 190، والمجموع 17: 32، والجامع لأحكام
القرآن 3: 143، والبحر الزخار 4: 179.
(6) لم أقف على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(7) الميزان الكبرى 2: 119.
(8) الكافي 6: 141 حديث 6 - 8، والتهذيب 8: 97 حديث 328، ومن لا يحضره الفقيه 3: 339 حديث
1633، والاستبصار 3: 316 حديث 1127.
426

وأيضا قوله تعالى: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) (1) وحقيقة الافتداء:
الاستنقاذ والاستخلاص، كافتداء الأسير بالبذل، فلو أثبتنا الرجعة لم نحمل
الافتداء على حقيقته.
مسألة 7: إذا وقع الخلع على بذل فاسد مثل: الخمر والخنزير وما أشبه
ذلك مما لا يصح تملكه لم يصح خلعه.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: يصح الخلع (2).
ثم اختلفوا، فقال أبو حنيفة: يكون تطليقة رجعية (3).
وقال الشافعي: الخلع صحيح، والبذل فاسد، ويجب له مهر مثلها (4).
دليلنا: أن الأصل بقاء العقد، ومن أوقع الخلع ببذل فاسد فعليه الدلالة،
ولا دليل على ذلك.
مسألة 8: إذا طلقها على دينار، بشرط أن له الرجعة، لم يصح
الطلاق.
وقال المزني، فيما نقله عن الشافعي: إن الخلع باطل، ويثبت له الرجعة
ويسقط البذل، لأنه جمع بين أمرين متنافيين ثبوت الرجعة مع ملك العوض،
فبطلا وتثبت الرجعة.

(1) البقرة: 229.
(2) الأم 5: 201، ومختصر المزني: 189، والمدونة الكبرى 2: 344، وبداية المجتهد 2: 67، وأسهل
المدارك 2: 158، والمغني لابن قدامة 8: 204، والشرح الكبير 8: 195، والمجموع 17: 25 و 28.
(3) اللباب 2: 246، وبدائع الصنائع 3: 152، وشرح فتح القدير 3: 205، وشرح العناية على الهداية
3: 205، وتبين الحقائق 2: 369.
(4) الأم 5: 201، ومختصر المزني 189، والوجيز 2: 43، والسراج الوهاج: 402، ومغني المحتاج
3: 265، وكفاية الأخيار 2: 50، والمجموع 17: 25 و 28، وبداية المجتهد 2: 68 والمغني لابن قدامة
8: 204، والشرح الكبير 8: 195، والبحر الزخار 4: 184.
427

ثم قال المزني: الخلع عندي صحيح والشرط فاسد. ويجب عليها مهر المثل
وتسقط الرجعة (1).
ونقل الربيع هذه المسألة عن الشافعي مثل ما نقلها المزني، وأن الرجعة
ثابتة والدينار مردود. ثم قال: وفيها قول آخر: إن الخلع صحيح، ويسقط الشرط
وتنقطع الرجعة، ويجب له عليها مهر المثل (2).
قال أبو حامد (3): والمذهب ما نقله وحكاه عن الشافعي (4).
دليلنا: أن الأصل بقاء العقد، وانقطاعه بالطلاق والخلع يحتاج إلى دليل.
مسألة 9: إذا اختلعت نفسها من زوجها بألف على أنها متى طلبتها
استردتها وتحل له الرجعة، صح الخلع، وثبت الشرط.
وقال أكثر أصحاب الشافعي: إن الخلع صحيح، وكان عليها مهر المثل (5).
وله قول آخر: إن الخلع يبطل وتثبت الرجعة (6).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (7). ولأن النبي صلى الله عليه وآله قال:

(1) مختصر المزني: 187، والمجموع 17: 32، وكفاية الأخيار 2: 51، والوجيز 2: 44، والمغني لابن
قدامة 8: 186، والشرح الكبير 8: 190.
(2) انظر المجموع 17: 32، وكفاية الأخيار 2: 51، والوجيز 2: 44.
(3) كذا في جميع النسخ المعتمدة، وما حكاه ابن قدامة في المغني والشرح الكبير ابن حامد. وهو عبد الله
بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن رستم بن ماهان أبو محمد الماهاني الإصبهاني. تفقه عند أبي
الحسن البيهقي ثم خرج إلى أبي علي بن أبي هريرة. مات سنة 389 هجرية. طبقات الشافعية
الكبرى 2: 229.
(4) الشرح الكبير 8: 190، والمغني لابن قدامة 8: 186.
(5) مختصر المزني: 187، وكفاية الأخيار 2: 51.
(6) المجموع 17: 31.
(7) لم أعثر على أخبار تدل على ذلك في مظانها من المصادر المتوفرة.
428

(المؤمنون عند شروطهم) (1).
مسألة 10: المختلعة لا يلحقها الطلاق. ومعناه: أن الرجل إذا خالع زوجته
خلعا صحيحا ملك به العوض، وسقطت به الرجعة، ثم طلقها، لم يلحقها
طلاقه، سواء كان بصريح اللفظ أو بالكناية، في العدة كان أو بعد انقضائها،
بالقرب من الخلع أو بعد التراخي عنه. وبه قال ابن عباس، وابن الزبير،
وعروة بن الزبير. وفي الفقهاء الشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق (2).
وذهب الزهري، والنخعي، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه: إلى أن يلحقها
طلاقها قبل انقضاء العدة، ولا يلحقها بعد انقضائها (3).
وانفرد أبو حنيفة بأن قال: يلحقها الطلاق بصريح اللفظ، ولا يلحقها
بالكناية مع النية (4).
وذهبت طائفة: إلى أنه يلحقها بالقرب من الخلع، ولا يلحقها بالبعد منه.
ذهب إليه مالك، والحسن البصري (5).
ثم اختلفا في القرب، فقال مالك: أن يتبع الخلع بالطلاق، فتقول له:

(1) التهذيب 7: 371 حديث 1503، والاستبصار 3: 232 حديث 835، والمغني لابن قدامة 4: 384،
والشرح الكبير 4: 386، وتلخيص الحبير 3: 23 و 44، والمصنف لابن أبي شيبة 6: 368 حديث
2064.
(2) الأم 5: 198، ومختصر المزني 187، والمجموع 17: 31، وكفاية الأخيار 2: 52، والمحلي 10: 239،
والمغني لابن قدامة 8: 184 و 185، والشرح الكبير 8: 188 و 189 وبداية المجتهد 2: 69 و 70،
وبدائع الصنائع 3: 135، ورحمة الأمة 2: 48، والميزان الكبرى 2: 119، والبحر الزخار 4: 180.
(3) مختصر المزني: 187، وأحكام القرآن للجصاص 1: 397، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 196،
وبدائع الصنائع 3: 135، والمجموع 17: 31، والمغني لابن قدامة 8: 185، والشرح الكبير 8: 188 و
189، ورحمة الأمة 2: 48، والميزان الكبرى 2: 119، والبحر الزخار 4: 180.
(4) بدائع الصنائع 3: 135، المغني لابن قدامة 8: 185، والشرح الكبير 8: 188 و 189، والمجموع
17: 31، والبحر الزخار 4: 180.
(5) المجموع 17: 31، وبداية المجتهد 2: 69، والبحر الزخار 4: 180.
429

خالعني بألف. فقال: خالعتك بألف، أنت طالق (1).
وقال الحسن البصري: القرب أن يطلقها في مجلس الخلع، والبعد بعد
التفرق عن مجلس الخلع (2).
دليلنا: أنا قد بينا أن الخلع بمجرده لا يقع، وإنما يحتاج إلى التلفظ بالطلاق.
فإذا تلفظ به فلا يمكنه أن يطلقها ثانيا إلا بعد المراجعة، على ما نبينه في كتاب
الطلاق، وهذه لا يمكن فيها المراجعة.
ومن قال من أصحابنا: أنه لا يحتاج إلى لفظ الطلاق (3)، فلا يمكنه أيضا
أن يقول باتباع الطلاق، لأنه لا رجعة فيها، فلا يمكنه إيقاع الطلاق، لأنها قد
بانت بنفس الخلع.
وأيضا قوله تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان) (4) فلما قال: (الطلاق مرتان) قيل: يا رسول الله، فقال: (أو
تسريح بإحسان) فموضع الدلالة: هو أنه جعل التسريح إلى من إليه الإمساك،
فلما ثبت أنه بعد الخلع لا يملك إمساكها، دل على أنه لا يملك تسريحها، وعليه
إجماع الصحابة. روي ذلك عن ابن عباس، وابن الزبير. رواه الشافعي
عنهما (5) ولا مخالف لهما في الصحابة.
مسألة 11: إذا قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق ثلاثا أو: إن
كلمت أمك فأنت طالق ثلاثا فعندنا أن هذا باطل، لأنه تعليق الطلاق

(1) المجموع 17: 31، وبداية المجتهد 2: 69، والميزان الكبرى 2: 119، ورحمة الأمة 2: 48، والبحر
الزخار 4: 180.
(2) المجموع 17: 31، والبحر الزخار 4: 180.
(3) حكاه العلامة الحلي في المختلف كتاب الطلاق: 43، عن ابن أبي عقيل والشيخ الصدوق، والشيخ
المفيد، وسلار، وابن حمزة، والسيد المرتضى، انظر المقنعة: 81، والوسيلة: 331، والمراسم: 162.
(4) البقرة: 229.
(5) السنن الكبرى 7: 317، ومختصر المزني: 187، والمجموع 17: 31.
430

بشرط، وذلك لا يصح.
وقال جميع الفقهاء: إن هذه يمين صحيحة، فإذا أرادت أن تكلم أمها
ولا يقع الطلاق فالحيلة أن يخالعها، فتبين بالخلع، ثم تكلم أمها وهي بائن،
فتنحل اليمين، ثم يتزوج بها مرة بعد هذا، ثم تكلم أمها، فلا يقع الطلاق (1).
هذا قول الشافعي: إن اليمين تنحل بوجود الصفة، وهي بائن منه (2).
وقال مالك، وأحمد بن حنبل: لا تنحل اليمين بوجود الصفة وهي بائن، فمتى
تزوجها بعد هذا، ثم وجدت الصفة، وقع الطلاق (3). وبه قال الإصطخري من
أصحاب الشافعي (4).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا فالعقد صحيح، وإيقاع الطلاق بشرط يحتاج
إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل على صحته.
مسألة 12: إذا قال لزوجته أنت طالق في كل سنة تطليقة، ثم بانت منه في
السنة الأولى، ثم تزوج بها، فجاءت السنة الثانية وهي زوجته بنكاح صحيح
جديد غير الأول، مثل أن بانت بواحدة ثم تزوج، أو بالثلاث فنكحت زوجا
غيره، ثم بانت منه فتزوجها ثانيا. فهل يعود حكم اليمين في النكاح الثاني إذا لم
توجد الصفة وهي بائن؟ فللشافعي فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يعود بحال. سواء بانت بالثلاث أو بما دونها. وبه قال المزني (5).

(1) المبسوط 6: 99، والمغني لابن قدامة 8: 333، والشرح الكبير 8: 233، وكفاية الأخيار 2: 58 و 64،
والمجموع 17: 242.
(2) المغني لابن قدامة 8: 232، المجموع 17: 244، وكفاية الأخيار 2: 58، والشرح الكبير 8: 232.
(3) بداية المجتهد 2: 79، وأسهل المدارك 2: 150، والمغني لابن قدامة 8: 232، والشرح الكبير 8: 231،
والمجموع 17: 244.
(4) المجموع 17: 244.
(5) مختصر المزني: 188، وكفاية الأخيار 2: 64، والمغني لابن قدامة 8: 232، والشرح الكبير 8: 232،
والمجموع 17: 243، ورحمة الأمة 2: 51، والميزان الكبرى 2: 120.
431

والثاني: يعود بكل حال. وهو أحد قوليه في القديم (1).
والثالث: إن كان الطلاق ثلاثا لم يعد، وإن كان دونها عادت الصفة.
وبه قال أبو حنيفة (2).
وهذا لا يصح على أصلنا، لأن عندنا أن الطلاق بشرط أو بالصفة لا يقع،
فهذا الفرع ساقط عنا، ونحن ندل على ذلك فيما بعد إن شاء الله.
مسألة 13: لا ينعقد الطلاق قبل النكاح، ولا يتعلق به حكم، سواء عقده
في عموم النساء، أو خصوصهن، أو أعيانهن. وسواء كانت الصفة مطلقة، أو
مضافة إلى ملك. فالعموم أن يقال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق.
والخصوص: كل امرأة أتزوج بها من القبيلة الفلانية فهي طالق. والأعيان: إن
أتزوج بفلانة، أو بهذه فهي طالق.
والصفة المطلقة أن يقول: لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق.
والصفة المقيدة إذا قال: لأجنبية إن دخلت الدار وأنت زوجتي فأنت
طالق.
وهكذا الحكم في العتق على هذا الترتيب حرفا بحرف. وبه قال في
الصحابة علي - عليه السلام، وابن عباس، وعائشة، وفي الفقهاء الشافعي،
وأحمد، وإسحاق (3).

(1) المجموع 17: 243، وكفاية الأخيار 2: 64، والمغني لابن قدامة 8: 232، والشرح الكبير 8: 232،
ورحمة الأمة 2: 51، والميزان الكبرى 2: 120.
(2) كفاية الأخيار 2: 64، والمجموع 17: 244، ورحمة الأمة 2: 51، والميزان الكبرى 2: 120، والمغني
لابن قدامة 8: 232 والشرح الكبير 8: 232.
(3) مختصر المزني: 188، والمحلى 10: 205، وبداية المجتهد 2: 83 و 84، والمجموع 17: 56، وكفاية
الأخيار 2: 64، وعمدة القاري 20: 246، وفتح الباري 9: 381، ورحمة الأمة 2: 50، والميزان
الكبرى 2: 120، وسبل السلام 3: 1095، ونيل الأوطار 2: 28، وصحيح البخاري 7: 57، وسنن
الدارقطني 4: 15 حديث 45، وسنن ابن ماجة 1: 660 حديث 2049، وسنن الترمذي 3: 486
ذيل حديث 1181، والسنن الكبرى 7: 320، و 321.
432

وذهبت طائفة إلى أنه ينعقد قبل النكاح في عموم النساء، وخصوصهن،
وفي أعيانهن. ذهب إليه الشعبي، والنخعي، وأبو حنيفة وأصحابه (1).
وأما الصفة، فقال أبو حنيفة: لا ينعقد الصفة المطلقة، وهي إذا قال:
لأجنبية إن دخلت الدار فأنت طالق، ثم تزوجها فدخلت. قال: لا تطلق، فإن
أضافها إلى ملك العقد وهو قوله: لأجنبية. إن دخلت الدار وأنت زوجتي
فأنت طالق انعقد. وهكذا مذهبه في العتق على تفصيل الطلاق (2).
فكل منا أجرى الإعتاق مجرى الطلاق.
وقال قوم: إن عقده في عموم النساء لم ينعقد، وإن عقده في خصوصهن
وأعيانهن انعقد. ذهب إليه ربيعة. ومالك، والأوازعي، قالوا: لأنه إذا عقده
في عموم النساء لم يكن له سبيل إلى نكاح، فيبقى مبتلى ولا زوج له، فلم
ينعقد. وليس كذلك الخصوص والأعيان، لأن له سبيلا إلى غيرهن (3).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن الطلاق بشرط لا يقع، وإن الطلاق قبل
النكاح لا يقع، وهذا موضع قد جمع الأمرين، فوجب بطلانه.
وروى ابن عباس، وجابر، وعائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
(لا طلاق قبل نكاح) (4).

(1) الأم 7: 159، والمحلى 10: 206، وبداية المجتهد 2: 83، واللباب 2: 227، وعمدة القاري 2: 245
و 246، وتبين الحقائق 3: 203، ورحمة الأمة 2: 50، والميزان الكبرى 2: 120، والفتاوى الهندية
1: 420، والمجموع 17: 61، ونيل الأوطار 7: 28.
(2) المبسوط 6: 118، واللباب 2: 227، وعمدة القاري 20: 246، والفتاوى الهندية 1: 420، وسبل
السلام 3: 1095.
(3) الموطأ 2: 585، والمحلى 10: 206، وبداية المجتهد 2: 84، والمجموع 17: 61، ونيل الأوطار 7: 28،
سبل السلام 3: 1095.
(4) السنن الكبرى 7: 319، والمستدرك على الصحيحين 2: 420، وعمدة القاري 20: 246، وفتح
الباري 9: 381، ونيل الأوطار 7: 27، وسبل السلام 3: 1094.
433

وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه
وآله قال: (لا طلاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما لا يملك) (1).
مسألة 14: الخلع لا يقع عندنا، على الصحيح من المذهب، إلا أن يتلفظ
بالطلاق. ولا يقع بشئ من غير هذا اللفظ.
وقال الشافعي: يقع بصريح ألفاظ الطلاق وبكناياته.
فالصريح عنده ثلاثة ألفاظ: طلقتك، وسرحتك، وفارقتك. والكنايات:
فاديتك، أو خالعتك، أو باريتك أو أبنتك أو بريت منك، أو حرمتك ونحو
ذلك. فكل ذلك يقع به الخلع، إلا أنه لا يراعى في الألفاظ الصريحة النية،
فيوقع الخلع بالتلفظ به، ويعتبر النية في الكنايات بينهما جميعا. قال: فإن لم
ينويا لم يقع الخلع، وكذلك إن نوى أحدهما دون صاحبه لم يكن شيئا (2).
دليلنا: أن ما ذكرناه مجمع على وقوع الخلع به، وليس على ما قالوه دليل،
والأصل بقاء العقد والبينونة. وانعقاد الخلع يحتاج إلى دليل.
مسألة 15: إذا اختلعا على ألف ولم يريدا بألف جنسا من الأجناس
ولا أراده، لم يصح الخلع، والعقد باق على ما كان.
وقال الشافعي: الخلع الصحيح والعوض باطل، ويجب مهر المثل، وانقطعت
العصمة (3).

(1) سنن الدارقطني 4: 14 حديث 42، وسنن أبي داود 2: 258 حديث 2190، وسنن ابن ماجة
1: 660 حديث 2047، وسنن الترمذي 3: 486 حديث 1181، والسنن الكبرى 7: 318، ونيل
الأوطار 7: 27.
(2) الأم 5: 197، وكفاية الأخيار 2: 52 و 53، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 199، والمجموع
17: 98، والوجيز 2: 53، والسراج الوهاج: 403 و 404، ومغني المحتاج 3: 268 و 269.
(3) الأم 5: 202، والسراج الوهاج: 407، ومغني المحتاج 3: 278، المجموع 17: 50، والبحر الزخار
4: 190.
434

دليلنا: أن الأصل بقاء العقد، ولا دليل على وقوع هذا الخلع.
مسألة 16: متى اختلفا في النقد واتفقنا في القدر والجنس أو اختلفا في
تعيين النقد وإطلاق اللفظ أو اختلفا في الإرادة بلفظ القدر من الجنس
والنقد فعلى الرجل البينة، فإذا عدمها كان عليها اليمين.
وقال الشافعي: في جميع ذلك يتحالفان، ويجب مهر المثل (1).
دليلنا: قوله صلى الله عليه وآله: (البينة على المدعي واليمين على المدعى
عليه) (2) وها هنا الزوج هو المدعي لأنه يدعي ما تنكره المرأة، فكان عليه
البينة وعليها اليمين.
مسألة 17: إذا قال: خالعتك على ألف في ذمتك قالت: بل على ألف
في ذمة زيد كان القول قولها مع يمينها أنه لا يتعلق بذمتها، فأما إقرارها أنه
ثابت في ذمة زيد فلا يلتفت إليه.
وقال الشافعي: فيه وجهان:
أحدهما: لا يتحالفان، ويجب مهر المثل (3).
والثاني: وهو المذهب أنهما يتحالفان، ويجب مهر المثل (4).
دليلنا: قوله صلى الله عليه وآله: (البينة على المدعي واليمين على المدعى

(1) الأم 5: 206، والمجموع 17: 53 و 54، والوجيز 2: 49، والسراج الوهاج: 407، ومغني المحتاج
3: 278، والمغني لابن قدامة 8: 230، والشرح الكبير 8: 230، والبحر الزخار 4: 190، وبداية
المجتهد 2: 70.
(2) الكافي 7: 415 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 20 حديث 52، والتهذيب 6: 229، حديث
553، وصحيح البخاري 3: 187، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8 و 4: 218 حديث 53 و 54،
وسنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، والسنن الكبرى 8: 279 و 10: 252.
(3) المجموع 17: 55، والبحر الزخار 4: 190.
(4) الأم 5: 197، ومختصر المزني: 188، والمجموع 17: 55، والبحر الزخار 4: 190.
435

عليه) (1) والرجل يدعي في ذمتها ألفا، هي منكرة، فعليه البينة، وعليها اليمين.
مسألة 18: لا يقع الخلع بشرط ولا صفة.
وقال جميع الفقهاء: إنه يقع (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا: الأصل بقاء العقد، فمن أوقع هذا الجنس من
الفرقة فعليه الدلالة.
مسألة 19: إذا قال: لها إن أعطيتني ألفا فأنت طالق، أو إذا أعطيتني، أو متى
أعطيتيني ألفا، أو متى ما أو أي حين وغير ذلك من ألفاظ الزمان، فإنه لا ينعقد
الخلع.
وعند جميع الفقهاء أنه ينعقد. فإن كان اللفظ (إن) و (إذا) اقتضى
العطية على الفور، وإلا بطل العقد. وإن كان لفظ زمان فأي وقت أعطته وقع
الطلاق (3).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن الطلاق بشرط لا يقع، ولم يفصلوا، وهذه كلها
شروط.
مسألة 20: إذا قال لها: إن أعطيتيني عبدا فأنت طالق لم يقع الخلع،
لأنه طلاق بشرط، فلا يصح.

(1) الكافي 7: 415 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 20 حديث 52، والتهذيب 6: 229 حديث
553، وصحيح البخاري 3: 187، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8 و 4: 218 حديث 53 و 54،
وسنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، والسنن الكبرى 8: 279 و 10: 252.
(2) المبسوط 6: 127، والمدونة الكبرى 2: 342، والمغني لابن قدامة 8: 186، والشرح الكبير 8: 190،
والمجموع 17: 17، وكفاية الأخيار 2: 57، وبداية المجتهد 2: 79، وأسهل المدارك 2: 156، وتبيين الحقائق 2: 271.
(3) الأم 5: 198 و 206، ومغني المحتاج 3: 269 و 270، والسراج الوهاج: 404، وكفاية الأخيار
2: 57، والمبسوط 6: 184، والشرح الكبير 8: 209، وحاشية إعانة الطالبين 3: 385، وبدائع
الصنائع 3: 131، والبحر الزخار 4: 186.
436

وقال أبو حنيفة: متى أعطته عبدا وقع الطلاق، أي عبد كان، ويملكه
الزوج (1).
وقال الشافعي: متى أعطته العبد وقع الطلاق، ولا يملكه الزوج، لأنه
مجهول، وعليها مهر مثلها (2).
دليلنا: ما تقدم من الدلالة على أن الخلع لا يقع بشرط من إجماع الفرقة،
ولأن الأصل بقاء العقد، ووقوعه يحتاج إلى دليل.
مسألة 21: إذا قال: خالعتك على ما في هذه الجرة من الخل فبان خمرا
كان له مثل ذلك من الحل، وكان الخلع صحيحا. وبه قال الشافعي في
القديم (3).
وقال في الجديد هو وأبو حنيفة: الخلع صحيح، والبذل فاسد، ويجب عليها
مهر المثل (4).
دليلنا: الأصل براءة الذمة، وإيجاب مهر المثل عليها يحتاج إلى دليل،
والبذل وقع معينا موصوفا، فإذا خالف الوصف وجب مثله إذا كان له مثل.
لأن الانتقال عنه إلى غيره يحتاج إلى دليل.
مسألة 22: إذا قالت له: طلقني ثلاثا بألف، فإن طلقها ثلاثا فعليها
ألف. وإن طلقها واحدة أو اثنتين فعليها بالحصة من الألف بلا خلاف
بينهم (5).

(1) البحر الزخار 4: 186.
(2) الوجيز 2: 46، والسراج الوهاج: 406، ومغني المحتاج 3: 274، والمجموع 17: 48، والمغني لابن قدامة
8: 205، والشرح الكبير 8: 201.
(3) الوجيز 2: 43، والمجموع 17: 24 و 28، والمغني لابن قدامة 8: 203.
(4) الأم 5: 208، والوجيز 2: 43، والمجموع 17: 24 و 28، والمغني لابن قدامة 8: 203، والمبسوط
6: 191، واللباب 2: 246 و 247، وشرح فتح القدير 3: 206، وشرح العناية على الهداية 3: 206.
(5) المبسوط 6: 173، وبدائع الصنائع 3: 153، واللباب 2: 247، وشرح فتح القدير 3: 209، وشرح
العناية على الهداية 3: 209، وتبيين الحقائق 2: 270، والسراج الوهاج: 406، ومغني المحتاج
3: 274، والوجيز 2: 47، والمجموع 17: 41، والمغني لابن قدامة 8: 205، والشرح الكبير 8: 213،
والبحر الزخار 4: 187.
437

وإن قالت: طلقني ثلاثا على ألف، فالحكم فيه مثل ذلك عند أصحاب
الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: إن طلقها ثلاثا فله ألف، وإن طلقها أقل من الثلاث
وقع الطلاق ولم يجب عليه شئ (2).
وعندنا: المسألتان لا تصحان على أصلنا، لأن طلاق الثلاث لا يصح،
ولا يصح أن يوقع أكثر من واحدة. فإن أوقع واحدة أو تلفظ بالثلاث ووقعت
واحدة، استحق ثلث الألف.
دليلنا: إجماع الفرقة على أن طلاق الثلاث باطل، وإنما قلنا: يستحق ثلث
الألف إذا وقعت واحدة، لأنها بذلت الألف على الثلاث، فيكون حصة كل
واحدة ثلث الألف.
مسألة 23: إذا قال خالعتك على حمل هذه الجارية، فطلقها على ذلك،
لم يقطع الطلاق، ولم يصح الخلع.
وقال الشافعي: يصح الخلع والطلاق، ويسقط المسمى، ويجب مهر المثل،
سواء خرج الولد سليما أو لم يخرج (3).
وقال أبو حنيفة: إن لم يخرج الولد سليما فله مهر المثل، وإن خرج سليما
فهو له وصح العوض (4).

(1) الوجيز 2: 42، والمجموع 17: 41.
(2) المبسوط 6: 174، واللباب 2: 247، وبدائع الصنائع 3: 153، وشرح فتح القدير 3: 210، وشرح
العناية على الهداية 3: 210، والمغني لابن قدامة 8: 206، والشرح الكبير 8: 214، والفتاوى الهندية
1: 496، والمجموع 17: 41، وتبيين الحقائق 2: 270.
(3) الأم 5: 201، وكفاية الأخيار 2: 50.
(4) المغني لابن قدامة 8: 203.
438

دليلنا: أن هذا عوض مجهول لا يصح إيقاع الطلاق به، وإيجاب مهر المثل
لا دليل عليه. ووقوع الطلاق أيضا لا دليل عليه. وأيضا فالأصل براءة الذمة
وثبات العقد.
مسألة 24: إذا كان الخلع بلفظ المباراة أو بلفظ الخلع ملك عليها
البذل. فإن كان قبل الدخول فلها نصف الصداق، فإن كان قبل القبض فعليه
نصفه، وإن كان بعد القبض ردت النصف، فإن كان بعد الدخول فقد استقر
المسمى، فإن كان قبل القبض فعليه الإقباض. هذا قول الشافعي (1). وبه قال
محمد بن الحسن (2).
وقال أبو حنيفة: فعليه المسمى في الخلع، ويبرأ كل واحد منهما من حقوق
الزوجية من الأموال. فإن كان قبل الدخول وكان قبل القبض برئ الزوج من
جميع المهر، وإن كان بعد القبض لم ترد عليه شيئا، وإن كان بعد الدخول وقبل
القبض برئ، ولا يجب عليه إقباض شئ بحال. فأما ما عدا هذا من الديون،
فهل يبرأ كل واحد منهما؟ فيه روايتان (3):
روى محمد، عن أبي حنيفة: أنه يبرأ. والمشهور أنه لا يبرأ.
ولا فرق بين أن يقع ذلك بينهما بعوض أو بغير عوض.
قالوا: فإن كان بغير عوض ولم ينو الطلاق لم يبرأ كل واحد منهما عن شئ
بحال (4).

(1) الأم 5: 202، والمغني لابن قدامة 8: 180، والبحر الزخار 4: 184.
(2) شرح فتح القدير 3: 216، وشرح العناية على الهداية 3: 216، وتبيين الحقائق 2: 272.
(3) اللباب 2: 248، وشرح فتح القدير 3: 215، وشرح العناية على الهداية 3: 215، وتبيين الحقائق
2: 272، والمغني لابن قدامة 8: 180، وبدائع الصنائع 3: 151، والبحر الزخار 4: 184 و 185.
(4) اللباب 2: 248، وشرح فتح القدير 2: 215، وبدائع الصنائع 3: 151، وشرح العناية على الهداية
3: 215، وتبيين الحقائق 2: 272.
439

وقال أبو سيف بقول أبي حنيفة إذا كان بلفظ المباراة. وبقول الشافعي
إذا كان بلفظ الخلع (1).
والذي نقوله: أن مذهبنا أنه إذا كان الطلاق بلفظ الخلع يجب العوض
ما يستقر عليه عقد الخلع كائنا ما كان، قليلا كان أو كثيرا. وإن كان بلفظ
المباراة استحق (2) العوض إذا كان دون المهر. فإن كان مثل المهر أو أكثر
منه فلا يصح. واستحقاق الصداق - على ما مضى - إن كان بعد الدخول فكل
المسمى، وإن كان قبله فنصفه، ويقاص ذلك من الذي يقع عليه عقد الخلع
والمباراة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، فإنهم لا يختلفون في ذلك.
مسألة 25: فرق أصحابنا بين لفظ الخلع والمباراة في الطلاق بعوض،
فأجازوا في لفظ الخلع من العوض ما يتراضيان عليه، قليلا كان أو كثيرا. ولم
يجيزوا في لفظ المباراة إلا دون المهر. ولم يفصل أحد من الفقهاء بين اللفظين (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
مسألة 26: إذا اختلعها أجنبي من زوجها بعوض بغير إذنها لم يصح ذلك.
وبه قال أبو ثور (4).

(1) شرح فتح القدير 3: 215، وبدائع الصنائع 3: 151، وشرح العناية على الهداية 3: 215، واللباب
2: 248، وتبيين الحقائق 2: 272.
(2) دعائم الإسلام 2: 270 حديث 1014 و 1016، والكافي 6: 142 حديث 2: والتهذيب 8: 95 حديث
323، والاستبصار 3: 315 حديث 1122.
(3) الأم 5: 202، واللباب 2: 247، والمبسوط 6: 172، وشرح فتح القدير 3: 216، وبدائع الصنائع
3: 151، وشرح العناية على الهداية 3: 216، والبحر الزخار 4: 179.
(4) المغني لابن قدامة 8: 219، والشرح الكبير 8: 181، والمجموع 17: 9، ورحمة الأمة 2: 50، والميزان
الكبرى 2: 119، والبحر الزخار 4: 182.
440

وقال جميع الفقهاء: يصح ذلك (1).
دليلنا: قوله تعالى: (فإن خفتن ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما في
ما افتدت به) (2) فأضاف الفداء إليها، فدل على أنه إذا فدى غيرها لا يجوز.
وأيضا الأصل بقاء العقد. وإجازة ذلك من أجنبي يحتاج إلى دليل، وليس
في الشرع ما يدل عليه.
مسألة 27: إذا اختلف المختلعان في جنس العوض أو قدره أو تأجيله
وتعجيله أو في عدد الطلاق كان القول قول المرأة في قدر الذي وقع عليه
الخلع، وعلى الزوج البينة. وقول الزوج في عدد الطلاق. فإنه لا يصح أن يختلعها
على أكثر من طلقة واحدة.
وقال أبو حنيفة: القول قولها في جميع ذلك، وعليه البينة (3).
وقال الشافعي: يتحالفان (4).
دليلنا: هو أنهما اتفقا على وقوع الفرقة، وأنها قد ملكت نفسها وإنما اختلفا
فيما لزمها، فالزوج يدعي زيادة تجحدها المرأة، فصار الزوج مدعيا وهي منكرة،
فعليه البينة، وعليها اليمين.
مسألة 28: إذا خالعت المرأة في مرضها بأكثر من مهر مثلها كان الكل
من صلب مالها.

(1) المغني لابن قدامة 8: 219، والشرح الكبير 8: 182، وبدائع الصنائع 3: 146، ورحمة الأمة 2: 50،
والميزان الكبرى 2: 119، والمجموع 17: 9، والبحر الزخار 4: 182.
(2) البقرة: 229.
(3) وبدائع الصنائع 3: 150، والمغني لابن قدامة 8: 230، والشرح الكبير 8: 230، والمجموع 17: 54،
والبحر الزخار 4: 190.
(4) الأم 5: 207، والوجيز 2: 49، والسراج الوهاج: 407، ومغني المحتاج 3: 278، والمغني لابن قدامة
8: 230، وبداية المجتهد 2: 70، والمجموع 17: 53، والشرح الكبير 8: 230، والبحر الزخار 4: 190.
441

وقال الشافعي: مهر المثل من صلب مالها، والفاضل من الثلث (1).
وقال أبو حنيفة: الكل من الثلث (2).
دليلنا: قوله تعالى: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) (3) ولم يفرق بين حال
الصحة والمرض، فوجب حمله على عمومه إلا أن يقوم دليل.
مسألة 29: ليس للولي أن يطلق عمن له عليه ولاية، لا بعوض ولا بغير
عوض.
وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة، وأكثر الفقهاء (4).
وقال الحسن البصري، وعطاء: يصح بعوض وغير عوض (5).
وقال الزهري: ومالك: يصح بعوض، ولا يصح بغير عوض، لأن الخلع
كالبيع، والطلاق كالهبة، والبيع يصح منه دون الهبة (6).
دليلنا: إجماع الفرقة. وأيضا الأصل بقاء العقد، وصحته وثبوت الطلاق
للولي يحتاج إلى دليل، وليس عليه دليل.
وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: (الطلاق لمن أخذ بالساق) (7) والزوج هو
الذي له ذلك دون غيره.

(1) الأم 5: 200، والوجيز 2: 43، والمجموع 17: 37، والمغني المحتاج 3: 264 و 265، والسراج الوهاج:
402، والمغني لابن قدامة 8: 223، والشرح الكبير 8: 222.
(2) تبيين الحقائق 2: 273، والمجموع 17: 37، والوجيز 2: 43، والمغني لابن قدامة 8: 223، والشرح
الكبير 8: 222.
(3) البقرة: 229.
(4) الأم 5: 200، والمجموع 17: 10، وشرح فتح القدير 3: 218، وشرح العناية على الهداية 3: 218،
والهداية 3: 218، وبداية المجتهد 2: 68، وتبيين الحقائق 2: 273، والبحر الزخار 4: 182.
(5) المجموع 17: 10، والبحر الزخار 4: 182.
(6) بداية المجتهد 2: 68، والمجموع 17: 10.
(7) سنن ابن ماجة 1: 672 حديث 2081، وسنن الدارقطني 4: 37 حديث 103، والجامع الصغير
2: 143 حديث 5349، وفيض القدير 4: 293 حديث 5349، والمغني لابن قدامة 8: 258.
442

كتاب الطلاق
443

مسألة 1: الطلقة الثالثة هي المذكورة بعد قوله تعالى: (الطلاق مرتان) (1)
إلى آخره، وبعدها قوله تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا
غيره) (2) دون قوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) (3). وبه
قال جماعة من التابعين، وحكي ذلك عن الشافعي (4).
وروي عن ابن عباس أنه قال: (أو تسريح بإحسان) الطلقة الثالثة، وهو
الذي اختاره الشافعي وأصحابه (5).
دليلنا: أنه ليس في قوله تعالى: (أو تسريح بإحسان) تصريح بالطلاق.
ونحن لا نقول بالكنايات، وقوله تعالى بعد ذلك: (فإن طلقها فلا تحل له من
بعد حتى تنكح زوجا غيره) صريح في الطلاق، فوجب حمله عليه.
وأيضا: متى حملنا قوله: (أو تسريح بإحسان) على الطلقة الثالثة كان
قوله: (فإن طلقها بعد ذلك) تكرارا لا فائدة فيه.
وأما قوله تعالى: (أو تسريح بإحسان) فمعناه: إذا طلقها طلقتين فالتسريح
بالإحسان الترك حتى تنقضي عدتها، وقوله: (فإمساك بمعروف) يعني:
الرجعة، بلا خلاف.

(1) البقرة: 229.
(2) البقرة: 230.
(3) البقرة: 229.
(4) المجموع 17: 69 و 70، والمبسوط 6: 9.
(5) كفاية الأخيار 2: 55، والمبسوط 6: 9، تنوير المقياس المطبوع بهامش الدر المنثور 1: 115.
445

مسألة 2: الطلاق المحرم: هو أن يطلق مدخولا بها، غير غائب عنها غيبة
مخصوصة، في حال الحيض، أو في طهر جامعها فيه، فما هذا حكمه فإنه لا يقع
عندنا. والعقد ثابت بحاله. وبه قال ابن عليه (1).
وقال جميع الفقهاء: أنه يقع وإن كان محظورا، ذهب إليه أبو حنيفة
وأصحابه، ومالك، والأوزاعي، والثوري، والشافعي (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل بقاء العقد، ووقوع الطلاق يحتاج إلى
دليل شرعي.
وأيضا قوله تعالى: (فطلقوهن لعدتهن) (3) وقد قرء (لقبل عدتهن) (4) ولا
خلاف أنه أراد ذلك، وإن لم تصح القراءة به، فإذا ثبت ذلك، دل على أن
الطلاق إذا كان في غير الطهر كان محرما، منهيا عنه، والنهي يدل على فساد
المنهي عنه.
وأيضا روى ابن جريح، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمان بن
أيمن مولى عزة (5)، يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع: كيف ترى في رجل طلق

(1) المجموع 17: 78.
(2) الأم 5: 181، ومختصر المزني: 191، والمجموع 17: 78، والوجيز 2: 51، وكفاية الأخيار 54: و 55،
والسراج الوهاج: 420 ومغني المحتاج 3: 309، والمغني لابن قدامة 8: 238، والشرح الكبير
8: 254، واللباب 2: 220، والمبسوط 6: 16، وشرح فتح القدير 3: 33، وشرح العناية على الهداية
3: 33، وتبيين الحقائق 2: 190 والمحلى 10: 163، والمدونة الكبرى 2: 422، وبداية المجتهد
2: 64، وسبل السلام 3: 1079، والميزان الكبرى 2: 120، ورحمة الأمة 2: 51، والجامع لأحكام
القرآن 18: 150، وشرح الأزهار 2: 390.
(3) الطلاق: 1.
(4) الأم 5: 180، ومختصر المزني: 191، والجامع لأحكام القرآن 18: 153، وكفاية الأخيار 2: 55،
والسنن الكبرى 7: 323.
(5) عبد الرحمان بن أيمن المخزومي المكي، مولى عزة، ويقال: مولى عروة رأى أبا سعيد، وسمع ابن عمر
وعنه أبو الزبير: انظر تهذيب التهذيب 6: 142، رجال صحيح مسلم 1: 404.
446

امرأته حائضا؟ قال: طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله (1).
وروى ابن سيرين، قال حدثني من لا أتهم: أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا
وهي حائض، فأمره النبي - صلى الله عليه وآله - أن يراجعها، قال عبد الله: فردها
علي ولم يرها شيئا (2).
فأما استدلالهم على صحة ما يذهبون إليه بما رواه نافع، عن ابن عمر أنه
طلق امرأته وهي حائض في زمن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال عمر:
فسألت رسول الله - صلى الله على وآله - عن ذلك، فقال: (مرة فليراجعها، ثم
ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، فإن شاء أمسكها، وإن شاء
طلقها) (3).
وبما رواه ابن سيرين، عن يونس بن جبير (4)، قال: سألت عبد الله بن
عمر، قلت له: رجل طلق امرأته وهي حائض؟ قال، فقال: تعرف عبد الله بن
عمر؟ قلت: نعم. قال: فإن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر
النبي - عليه السلام - فسأله، فقال: (مرة فليراجعها، ثم يطلقها قبل عدتها). قال:

(1) صحيح مسلم 2: 1098 حديث 14، سنن أبي داوود 2: 256 حديث 2185، مسند أحمد بن حنبل
2: 80، وسنن النسائي 6: 839 وشرح معاني الآثار 3: 51، والسنن الكبرى 7: 323.
(2) صحيح مسلم 2: 1095 حديث 7، وسنن الدارقطني 2: 8 حديث 19 بتفاوت يسير.
(3) صحيح البخاري 7: 52، وصحيح مسلم 2: 1093 حديث 1، والموطأ 1: 576 حديث 53، وسنن ابن
ماجة 1: 651 حديث 2019، وسنن الترمذي 3: 379، حديث 1176، وشرح معاني الآثار 3: 53،
والسنن الكبرى 7: 323 و 324، ومسند أحمد بن حنبل 2: 6، وعمدة القاري 20: 226.
(4) يونس بن جبير، أبو غلاب الباهلي، البصري، أحد بني معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس،
مات بعد الثمانين، وصلى عليه أنس بن مالك. روى عن حطان بن عبد الله الرقاشي، وعبد الله بن
عمر، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص. وعنه قتادة ومحمد بن سيرين. رجال صحيح مسلم 2: 369.
447

قلت فتعتد بها؟ فقال: فمه، أرأيت إن عجز واستحق (1).
قالوا وفيه دليلان:
أحدهما: قوله: (مره فليراجعها) ثبت أن الطلاق كان واقعا.
والثاني: قوله لابن عمر: فتعتد بذلك؟ فأنكر عليه، فقال: فمه،
أي: أسكت. أرأيت إن عجز ابن عمر عن العلم بأنه واقع واستحمق. أما كان
الطلاق واقعا.
وروى الحسن، عن ابن عمر، قال: طلقت زوجتي طلقة واحدة وهي
حائض. فأردت أن أتبعها بالطلقتين الأخريين، فسألت النبي صلى الله عليه وآله عن
ذلك. فأمرني أن أراجعها. فقلت: يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا؟ فقال:
(بانت امرأتك وعصيت ربك) (2).
قالوا وفيه دليلان:
أحدهما: أنه أمره بالمراجعة وقد طلق واحدة.
والثاني: قول النبي صلى الله عليه وآله: (بانت امرأتك، وعصيت ربك) (3)،
فلولا أنه كان يقع، وإلا لم تبن به أصلا.
والجواب: أن هذه الأخبار كلها أخبار آحاد، ونحن لا نعمل بها. ثم مع
ذلك هي مخالفة الكتاب والسنة على ما بيناه، وما خالف الكتاب لا يجب
العمل به.

(1) صحيح البخاري 7: 52 و 54، وصحيح مسلم 2: 1095 حديث 7 و 9، وسنن الدارقطني 4: 8
حديث 19، وسنن أبي داود 2: 256 حديث 2184، وسنن النسائي 6: 142، والسنن الكبرى
7: 325 و 326، وسنن الترمذي 3: 478 حديثي 1175.
(2) سنن أبي داود 2: 256، وسنن الدارقطني 4: 31، ونيل الأوطار 7: 12 بتفاوت يسير في اللفظ
لا يضر بالمعنى.
(3) المصادر السابقة.
448

وأيضا: فإنها معارضة بالخبر الذي قدمناه، وبأخبار عن أئمتنا - عليهم السلام -
عن النبي عليه السلام (1).
ثم لو سلمناها على ما بها، كان لنا أن نحملها على أنه أراد بالمراجعة التمسك
بالزوجية، لأن الطلاق غير واقع. يدل على ذلك أنه أمره بذلك. وأمر النبي
صلى الله عليه وآله الوجوب.
ولو كان المراد ما قالوه: من أنه قد وقع الطلاق وإنما أراد المراجعة لها، لما
كان النبي صلى الله عليه وآله أمره بذلك، لأنه غير واجب. فإن حملوا المراجعة على
الاستحباب أو الإباحة، كان ذلك تركا للظاهر. وليس لهم أن يقولوا الظاهر
من المراجعة إعادة المرأة إلى الزوجية بعد وقوع الطلاق، لا التمسك بالزوجية.
قيل: لا نسلم ذلك، لأن ما يجب العمل به قد يقال فيه المراجعة، ألا ترى أنه
قد يقال فيمن ترك القسم بين الزوجات، والنفقة عليهن: راجع أزواجك،
وأنفق عليهن، وإن كان العقد باقيا، ولو كان الظاهر ما قالوه لتركنا ذلك للأدلة
التي تقدمت، ولقول النبي صلى الله عليه وآله وأمره بالمراجعة الذي يقتضي الوجوب.
وليس ترك أمر النبي صلى الله عليه وآله، وحمله على الإباحة والاستحباب ليسلم ظاهر
المراجعة، بأولى من حمل المراجعة على التمسك بالعقد ليسلم ظاهر الأمر
بالوجوب، وإذا تساويا سقط الاحتجاج بالأخبار.
فأما قول النبي صلى الله عليه وآله حين سأله (لو طلقتها ثلاثا) قال: (بانت
امرأتك وعصيت ربك) (2) ليس في ظاهره أنه قال: لو طلقتها ثلاثا وهي
حائض، بل لا يمتنع أنه أراد لو طلقها ثلاثا للسنة بانت منه، وعصى ربه إذا
كان الطلاق مكروها، بأن تكون الحال حال سلامة، وارتكاب المكروه يقال:

(1) انظر الكافي 6: 57 و 58، والتهذيب 8: 47 فيهما عدة أحاديث.
(2) تقدمت الإشارة إلى مصادر الحديث فلاحظ.
449

فيه أنه عصى ربه كما بين في غير موضع.
فأما قول عبد الله بن عمر، حين قال له: فتعتد بها، قال: فمه، دليل لنا،
لأنه إنما سكته لأنه أخبره عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه أمره بالتمسك بالعقد،
فكيف تعتد بذلك مع أمر النبي - صلى الله عليه وآله - بخلافه.
مسألة 3: إذا طلقها ثلاثا بلفظ واحد، كان مبدعا، ووقعت واحدة عند
تكامل الشروط عند أكثر أصحابنا (1)، وفيهم من قال: لا يقع شئ أصلا. وبه
قال علي عليه السلام (2)، وأهل الظاهر (3)، وحكى الطحاوي. عن محمد بن
إسحاق أنه قال: تقع واحدة (4)، كما قلناه.
وروي أن ابن عباس وطاووسا كانا يذهبان إلى ما يقوله الإمامية (5).
وقال الشافعي: المستحب أن يطلقها طلقة ليكون خاطبا من الخطاب قبل
الدخول، ومراجعا لها بعد الدخول، فإن طلقها ثنتين أو ثلاثا في طهر لم يجامعها
فيه دفعة، أو متفرقة، كان ذلك مباحا غير محظور، ووقع (6) وبه قال في
الصحابة عبد الرحمن بن عوف، ورووه عن الحسن بن علي - عليه السلام (7)، وفي

(1) الإنتصار: 134، وحكى العلامة الحلي - قدس سره - ذلك في المختلف (كتاب الطلاق): 35 عن ابن
زهرة وابن إدريس أيضا.
(2) الإنتصار: 134، والمبسوط 6: 57.
(3) المحلى 10: 170، وعمدة القاري 20: 227، والمجموع 17: 87، ونيل الأوطار 7: 16.
(4) الإنتصار: 134، وبداية المجتهد 2: 61، وعمدة القاري 20: 233، والمحلى 10: 168 وشرح معاني
الآثار 3: 55.
(5) الإنتصار: 134، والشرح الكبير 8: 261، عمدة القاري 20: 233، وسبل السلام 3: 1079.
(6) الأم 5: 180، ومختصر المزني: 191، والسراج الوهاج: 421، والوجيز 2: 51، والمجموع 17: 86،
ومغني المحتاج 3: 312، والمغني لابن قدامة 8: 241، والشرح الكبير 8: 257، وشرح فتح القدير
3: 26، وشرح العناية على الهداية 3: 26، والبحر الزخار 4: 152.
(7) المبسوط 6: 4، والمغني لابن قدامة 8: 241، والشرح الكبير 8: 257، والمجموع 17: 86 و 87، والبحر
الزخار 4: 152.
450

التابعين ابن سيرين، وفي الفقهاء أحمد، وإسحاق، وأبو ثور (1).
وقال قوم: إذا طلقها في طهر واحد ثنتين، أو ثلاثا دفعة واحدة أو متفرقة،
فعل محرما، وعصى وأثم، ذهب إليه في الصحابة علي - عليه السلام (2) وعمر،
وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس وفي الفقهاء أو حنيفة وأصحابه، ومالك،
قالوا: إلا أن ذلك واقع (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى من إجماع الفرقة، وأن الأصل بقاء العقد.
وقال تعالى: (إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة) (4) فأمر
بإحصاء العدة، ثبت أنه أراد في كل قرء تطليقة، لأنه لو أمكن الجمع بين
الثلاث لما احتاج لما إحصاء العدة في غير المدخول بها، وذلك خلاف الظاهر.
وقال تعالى: (الطلاق مرتان) (5) يعني: دفعتان، ثم قال بعد ذلك: (فإن
طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (6) ومن جمع بين الثلاث
ما طلق مرتين ولا الثالثة، وذلك خلاف الظاهر.
فإن قيل: العدد إذا ذكر عقيب الاسم لم يقتض التفريق. مثاله إذا قال
له: علي مائة درهم مرتان. وإذا ذكر عقيب فعل اقتضى التفريق. مثاله:
ادخل الدار مرتين، أو ضربت مرتين، والعدد في الآية عقيب الاسم لا الفعل.
قلنا: قوله تعالى: (الطلاق مرتان) معناه: طلقوا مرتين، لأنه لو كان خبرا

(1) المغني لابن قدامة 8: 241، الشرح الكبير 8: 257، والمجموع 17: 87، والبحر الزخار 4: 152.
(2) المبسوط 6: 57، والمجموع 17: 87.
(3) المبسوط 6: 3، واللباب 2: 218 و 219، وشرح فتح القدير 3: 24، وتبيين الحقائق 2: 190،
وعمدة القاري 20: 226، وشرح العناية على الهداية 3: 24، وبدايع الصنايع 3: 94، وبداية المجتهد
2: 63، والبحر الزخار 4: 152، وأسهل المدارك 2: 140.
(4) الطلاق: 1.
(5) البقرة: 229.
(6) البقرة: 230.
451

لكان كذبا، فالعدد مذكور عقيب فعل لا اسم، وليس لأحد أن يقول: لا فرق
بين أن يكون التفريق في طهر أو طهرين، وذلك أنه إذا ثبت وجوب التفريق،
وجب على ما قلناه، لأن أحدا لا يفرق.
وروى ابن عمر، قال: طلقت زوجتي وهي حائض، فقال لي النبي
صلى الله عليه وآله: (ما هكذا أمرك ربك إنما السنة أن تستقبل بها الطهر فتطلقها في
كل قرء طلقة) (1)، فثبت أن ذلك بدعة. وفي الخبر المتقدم حين سأل ابن عمر
النبي صلى الله عليه وآله: لو طلقتها ثلاثا. قال: (عصيت ربك) (2) فدل على أنه
بدعة ومحرم، ولأنه إجماع الصحابة، روى ذلك عمن تقدم ذكره من الصحابة.
ولا مخالف لهم، فدل على أنه إجماع.
وروى ابن عباس، قال: كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه
وآله - وأبي بكر، وسنتين من خلافة عمر الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس
قد استعملوا أمرا كان لهم فيه إناة، فلوا أمضيناه عليهم، هذا
لفظ الحديث. وفي بعضها: فألزمهم عمر الثلاث (3).
وروي: أن ابن عمر طلق زوجته وهي حائض ثلاثا، فأمره رسول الله
صلى الله عليه وآله - أن يراجعها. وهذا نص، لأن الثلاث لو وقعت لما كان له
المراجعة (4).

(1) رواه الدارقطني 4: 31 حديث 84 مع تفاوت يسير في اللفظ، وانظر المحلى 10: 169، والبحر الزخار
4: 152.
(2) سنن أبي داود 2: 256، وسنن الدارقطني 4: 31، ونيل الأوطار 7: 12 بتفاوت في اللفظ.
(3) صحيح مسلم 2: 1099 حديث 15 - 17، ومسند أحمد بن حنبل 1: 314، فتح الباري 9: 363، وفي
سنن الدارقطني 4: 44 حديث 128 وص 137 و 138، وسنن أبي داود 2: 261 حديث 2199
بتفاوت يسير، وانظر المحلى 10: 168، وسبل السلام 3: 1081 حديث 1007، ونيل الأوطار
7: 14.
(4) صحيح مسلم 2: 1095 حديث 7، وسنن الدارقطني 4: 7 حديث 14، وفتح الباري 9: 347.
452

وروى عكرمة عن ابن عباس قال: طلق ركانة بن عبد يزيد (1) امرأته
ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا، فسأله رسول الله صلى الله عليه
وآله: (كيف طلقتها)؟ قال: طلقتها ثلاثا، قال: (في مجلس واحد) قال:
نعم. فقال عليه السلام: (إنما تلك واحدة فراجعها إن شئت) قال: فراجعها.
وهذا نص (2).
مسألة 4: قد بينا أنه إذا طلقها في حال الحيض، فإنه لا يقع منه شئ،
واحدا كان أو ثلاثا.
وقال أبو حنيفة، والشافعي: إن كان طلقها واحدا أو اثنتين يستحب له
مراجعتها (3)، بحديث ابن عمر (4).
دليلنا: ما قدمناه من أن طلاق الحائض غير واقع، فإذا ثبت ذلك فهذا
الفرع ساقط عنا.
مسألة 5: كل طلاق لم يحضره شاهدان مسلمان عدلان - وإن تكاملت سائر
الشروط - فإنه لا يقع.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، ولم يعتبر أحد منهم الشهادة (5).

(1) ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة. مات في أول
ولاية معاوية بن أبي سفيان. تاريخ الصحابة: 101.
(2) مسند أحمد 1: 265، والسنن الكبرى 7: 339، وبداية المجتهد 2: 61، وفي نيل الأوطار 7: 12، وسبل
السلام 3: 1085 حديث 1009 بتفاوت يسير.
(3) المبسوط 6: 17، والهداية 3: 33، وشرح فتح القدير 3: 33، وشرح العناية على الهداية 3: 33،
واللباب 2: 220، ومختصر المزني: 191، والمغني لابن قدامة 8: 239، والشرح الكبير 8: 255،
والوجيز 2: 51، وبداية المجتهد 2: 64.
(4) صحيح مسلم 2: 1095 حديث 7، وسنن الدارقطني 4: 7 حديث 14، وفتح الباري 9: 347.
(5) سبل السلام 3: 1099، مقدمات ابن رشد 1: 382، المدونة الكبرى 2: 419
و 420.
453

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1) وأيضا الأصل بقاء العقد، والفرقة تحتاج
إلى دليل.
وأيضا: قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء - إلى قوله -
وأشهدوا ذوي عدل منكم) (2) وذلك صريح، لأنه أمر وهو يقتضي الوجوب.
فإن قالوا: ذلك يرجع إلى المراجعة.
قلنا: لا يصح. لأن الفراق أقرب إليه، لأنه قال: (فإذا بلغن أجلهن
فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) (3) يعني: الطلاق، على أن لنا أن
نحمل ذلك على الجميع.
وأيضا: فإن الإشهاد على المراجعة لا يجب، ولا هو شرط في صحتها، وذلك
شرط في إيقاع الطلاق، فحمله عليه أولى.
مسألة 6: طلاق الحامل المستبين حملها يقع على كل حال بلا خلاف، سواء
كانت حائضا أو طاهرا، لا يختلف أصحابنا في ذلك، على خلاف بينهم: في أن
الحامل هل تحيض أم لا؟ ولا بدعة في طلاق الحامل عندنا.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، وعليه عامة أصحابه (4).
وفي أصحابه من قال: - على القول الذي يقوله: إنها تحيض - أن في طلاقها
سنة وبدعة (5).

(1) الكافي 6: 65 - 67 حديث 2 - 5، دعائم الإسلام 2: 259 حديث 986 و 988، ومن لا يحضره الفقيه
3: 320 حديث 1556 و 1560 وغيرهما من أحاديث الباب، والتهذيب 8: 47 حديث 147 - 150.
(2) الطلاق: 1 و 2.
(3) الطلاق: 2.
(4) الأم 5: 181، والوجيز 2: 51، والسراج الوهاج: 420، والمجموع 17: 77 و 78، ومغني المحتاج
3: 309، والمغني لابن قدامة 8: 245، والشرح الكبير 8: 263، وفتح الباري 9: 351.
(5) المجموع 17: 74، وفتح الباري 9: 346.
454

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وهي مطلقة.
مسألة 7: إذا قال الحائض: أنت طالق طلاق السنة لا يقع طلاقه.
وقال الشافعي: لا يقع الطلاق في الحال، فإذا طهرت وقع، قبل الغسل
وبعده سواء (2).
وقال أبو حنيفة: إن انقطع لأكثر الحيض كما قال الشافعي، وإن كان
لأقل من ذلك، لم تطلق حتى تغتسل (3).
دليلنا: أنا قد بينا أن طلاق الحائض لا يقع في الحال، والطلاق بشرط
لا يقع أيضا، على ما نبينه، فسقط عنا هذا الفرع.
مسألة 8: إذا قال لها - في طهر لم يجامعها فيه -: أنت طالق للبدعة، وقع
طلاقه في الحال. وقوله: للبدعة لغو، إلا أن ينوي أنها طالق إذا حاضت. فإنه
لا يقع أصلا، لأنه علقه بشرط.
وقال جميع الفقهاء: لا يقع طلاقه في الحال، فإن حاضت بعدها، أو نفست
وقع الطلاق، لأنه زمان البدعة (4).
دليلنا: أن قوله: أنت (طالق) إيقاع، وقوله: (للبدعة) لغو، لأنه كذب،
هذا إذا نوى الإيقاع في الحال، وإن قال: نويت إيقاع الطلاق إذا حاضت، لم
يقع، لأنه طلاق بشرط، ولأنه طلاق محرم، فعلى الوجهين معا لا يقع.

(1) الكافي 6: 81 (باب طلاق الحامل)، ومن لا يحضره الفقيه 3: 331 حديث 1601، والتهذيب 8: 70
و 72 حديث 230، و 239، والاستبصار 3: 299 حديث 1061.
(2) الأم 5: 183، والمجموع 17: 157 والوجيز 2: 51، والسراج الوهاج: 420، ومغني المحتاج 3: 209،
والمغني لابن قدامة 8: 246، والشرح الكبير 8: 265.
(3) الهداية 3: 36، وشرح فتح القدير 3: 36 و 37، وبدائع الصنائع 3: 91، والمجموع 17: 157، والمغني
لابن قدامة 8: 246، والشرح الكبير 8: 265.
(4) الأم 5: 182، والوجيز 2: 51، والمجموع 17: 158، والسراج الوهاج: 420، ومغني المحتاج 3: 309،
والمغني لابن قدامة 8: 247، والشرح الكبير 8: 264.
455

مسألة 9: إذا قال لها - في طهر ما قربها فيه -: أنت طالق ثلاثا للسنة وقعت
واحدة، وبطل حكم ما زاد عليها.
وقال الشافعي: تقع الثلاث في الحال (1).
وقال أبو حنيفة: تقع في كل قرء واحدة (2).
دليلنا: ما تقدم من أن التلفظ بالطلاق الثلاث بدعة، وأنه لا يقع من ذلك
إلا واحدة، على ما مضى القول فيه، فأغنى عن الإعادة.
مسألة 10: إذا قال لمن طلاقها سنة وبدعة، في طهر قربها فيه، أو في حال
الحيض: أنت طالق ثلاثا للسنة، فإنه لا يقع منه شئ أصلا.
وقال الشافعي: إنه لا يقع في الحال شئ، فإذا طهرت من هذه الحيضة،
أو تحيضت بعد هذا الوطء ثم تطهر يقع بها في أول جزء من أجزاء الطهر، لأن
الصفة قد وجدت (3).
دليلنا: أنا قد بينا أن الطلاق بشرط لا يقع، وعليه إجماع الفرقة، وهذا طلاق
بشرط، لأن حال الإيقاع ليست بحال زمان طلاق السنة.
مسألة 11: إذا قال لها: أنت طالق أكمل طلاق، أو أكثر طلاق، أو أتم
طلاق، وقعت واحدة، وكانت رجعية. وبه قال الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة في: أتم طلاق، مثل ما قلناه، وفي: أكمل وأكثر، أنها تقع

(1) الأم 5:: 181، ومختصر المزني: 191، والمجموع 17: 158، والسراج الوهاج: 420، ومغني المحتاج
3: 312، والوجيز 2: 53، والمبسوط 6: 4، والشرح الكبير 8: 26، والمغني لابن قدامة 8: 247.
(2) الهداية 3: 35، وشرح فتح القدير 3: 35، وشرح العناية على الهداية 3: 35، وتبيين الحقائق 2: 194،
والمجموع 17: 159، والمغني لابن قدامة 8: 248، والشرح الكبير 8: 26، والبحر الزخار 4: 152.
(3) الأم 5: 181، ومختصر المزني: 191، والمجموع 17: 157، الوجيز 2: 51، والسراج الوهاج: 420،
ومغني المحتاج 3: 310، والمغني لابن قدامة 8: 247، والشرح الكبير 8: 265.
(4) الأم 5: 182 و 183، ومختصر المزني: 192، والمجموع 17: 138، والمغني لابن قدامة 8: 253،
والشرح الكبير 8: 272.
456

بائنا (1).
دليلنا: أن وقوعها مجمع عليه، وكونها بائنا يحتاج إلى دليل. على أن عندنا
ليست ها هنا تطليقة بائنة إلا إذا كانت بعوض، وهذه ليست بعوض. فيجب
أن تكون رجعيا.
مسألة 12: إذا قال: أنت طالق أقصر، أو أطول طلاق أو أعرض
طلاق، طلقت واحدة رجعية، وبه قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: تقع بائنة (3).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 13: إذا قال لها: أنت طالق إذا قدم فلان، فقدم فلان، لا يقع
طلاقه، وكذلك إن علقه بشرط من الشروط، أو بصفة من الصفات المستقبلة،
فإنه لا يقع أصلا، لا في الحال، ولا في المستقبل حين حصول الشرط والصفة.
وقال جميع الفقهاء: إنه يقع إذا حصل الشرط (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، فإنهم لا يختلفون في ذلك.

(1) المبسوط 6: 135، وشرح فتح القدير 3: 81، وحاشية رد المختار 3: 280، واللباب 2: 225، وبدائع
الصنائع 3: 110، وتبيين الحقائق 2: 211، والمجموع 17: 139.
(2) مختصر المزني: 192، والمجموع 17: 138، والمغني لابن قدامة 8: 448، والشرح الكبير 8: 329،
وتبيين الحقائق 2: 211، والهداية 3: 78، وشرح فتح القدير 3: 78.
(3) المبسوط 6: 211، واللباب 2: 225، وحاشية رد المحتار 3: 277، والمغني لابن قدامة 8: 448،
والشرح الكبير 8: 329.
(4) الأم 5: 183، ومختصر المزني: 192، والسراج الوهاج: 415، ومغني المحتاج 3: 297، والمجموع
17: 152، والوجيز 2: 69، واللباب 2: 227، وبدائع الصنائع 3: 128، وبداية المجتهد 2: 79،
والمبسوط 6: 83، وتبيين الحقائق 2: 203، والمغني لابن قدامة 8: 362، والشرح الكبير 8: 380،
والهداية 3: 61، والمدونة الكبرى 3: 5.
(5) الكافي 6: 63 حديث 5، والفقيه 3: 321 حديث 1558 و 1559، والتهذيب 8: 51 حديث 164 و 166.
457

وأيضا: الأصل بقاء العقد، وإيقاع هذا الضرب من الطلاق يحتاج إلى
دليل، والشرع خال من ذلك.
مسألة 14: إذا قال لها: أنت طالق، ولم ينو البينونة، لم يقع طلاقه. ومتى
قال: أردت غير الظاهر، قبل ذلك منه في الحكم، وفي ما بينه وبين الله، ما لم
تخرج من العدة، فإن خرجت من العدة لم يقبل ذلك منه في الحكم.
وقال جميع الفقهاء: إنه لا يقبل ذلك منه في الحكم (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2). وأيضا الأصل بقاء العقد، وإيقاع
الطلاق بلا نية يحتاج إلى دليل.
وأيضا قول النبي صلى الله عليه وآله: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ
ما نوى) (3) دل على أن ما لم ينو ليس له، وهذا لم ينو.
مسألة 15: إذا قال لها: أنت طالق طلاق الحرج، فإنه لا يقع به فرقة.
وحكى ابن المنذر، عن علي عليه السلام أنه قال: (يقع ثلاث
تطليقات) (4).
وقال أصحاب الشافعي: ليس لنا فيها نص، والذي يجئ على مذهبنا أنه
عبارة عن طلاق البدعة، لأن الحرج عبارة عن الإثم (5).
دليلنا: أن قوله حرج، يعني: إثما، والطلاق المسنون لا يكون فيه إثم، فإذا

(1) المغني لابن قدامة 8: 265، والشرح الكبير 8: 277، وكفاية الأخيار 2: 53، وبدائع الصنائع
3: 101، والمجموع 17: 99، وأسهل المدارك 2: 142.
(2) الكافي 6: 62 حديث 1 - 3، والتهذيب 8: 37 حديث 108، وص 38 حديث 114.
(3) صحيح البخاري 1: 2 و 7: 58، وصحيح مسلم 3: 1515، ومسند أحمد بن حنبل 1: 25، وسنن ابن
ماجة 2: 413، حديث 4227، وسنن أبي داود 2: 262 حديث 2201، والسنن الكبرى 7: 341،
والتهذيب 4: 184 حديث 519، وفتح الباري 9: 388، وسنن النسائي 6: 158 و 159.
(4) انظر المغني لابن قدامة 8: 254، والشرح الكبير 8: 274، والمجموع 17: 163.
(5) المجموع 17: 163.
458

أثبت فيه إثما كان مبدعا، وطلاق البدعة لا يقع عندنا على ما مضى القول فيه.
مسألة 16: إذا سأله بعض نسائه أن يطلقها، فقال: نسائي طوالق ولم ينو
أصلا، فإنه لا تطلق واحدة منهن. وإن نوى بعضهن، فعل ما نوى.
وقال أصحاب الشافعي: يطلق كل امرأة له نوى أو لم ينو (1)، إلا ابن
الوكيل (2). فإنه قال: إذا لم ينو السائلة فإنها لا تطلق (3).
وقال مالك: يطلق جميعهن إلا التي سألته، لأنه عدل عن المواجهة إلى
الكناية، فعلم أنه قصد غيرها (4).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن الطلاق يحتاج إلى نية. وهذا قد خلا من نية،
فيجب أن لا يقع.
وأيضا: الأصل بقاء العقد، والبينونة تحتاج إلى دليل. ولو كنا ممن لا يعتبر
النية لكان قول الشافعي أولى، لعموم قوله: نسائي طوالق.
مسألة 17: صريح الطلاق لفظ واحد، وهو قوله: أنت طالق، أو هي
طالق، أو فلانة طالق، مع مقارنة النية له، فإن تجرد عن النية لم يقع به شئ.
والكنايات لا يقع بها شئ، قارنها نية أو لم تقارنها.
وقال الفقهاء: الصريح ما يقع به الطلاق من غير نية، والكنايات ما تحتاج
إلى نية (5).

(1) المجموع 17: 147 - 151 و 152، والسراج الوهاج: 421، ومغني المحتاج 3: 312.
(2) أبو جعفر عمر بن عبد الله المعروف بابن الوكيل، ويعرف أيضا بالباب الشامي، منسوب إلى باب
الشام بالجانب الغربي من بغداد. تفقه على الأنماطي، وتوفي ببغداد وبعد العشرة، والثلاثمائة.
طبقات الشافعية: 16.
(3) المجموع 17: 147.
(4) المغني لابن قدامة 8: 311، والشرح الكبير 8: 357.
(5) المغني لابن قدامة 8: 264، والشرح الكبير 8: 275، والسراج الوهاج: 408، ومغني المحتاج 3: 279،
وكفاية الأخيار 2: 52 و 53، وبداية المجتهد 2: 74، والهداية 3: 44، وشرح العناية على الهداية
3: 44، وبدائع الصنائع 3: 101، واللباب 2: 222، وتبيين الحقائق 2: 197 و 214، وحاشية
إعانة الطالبين 4: 2، وشرح فتح القدير 3: 44، والمجموع 17: 98، ورحمة الأمة 2: 52، والميزان
الكبرى 2: 121، وأسهل المدارك 2: 142، والبحر الزخار 4: 155.
459

فالصريح عند الشافعي - على قوله الجديد - ثلاثة ألفاظ: الطلاق، والفراق،
والسراح (1).
وقال مالك: صريح الطلاق كثير: الطلاق، والفراق، والسراح، وخلية،
وبرية، وبتة، وبتلة، وبائن وغير ذلك مما يذكره (2).
وقال أبو حنيفة: صريح الطلاق لفظ واحد، وهو الطلاق - على ما قلناه - غير
أنه لم يراع النية (3). وقال أبو حنيفة: إن قال حال الغضب: فارقتك، أو
سرحتك كان صريحا، فأما غير هذه اللفظة فكلها كنايات (4).
وعلق الشافعي القول في القديم، فأومأ إلى قول أبي حنيفة، وأخذ يدل عليه
وينصره، وهو قول غير معروف (5).

(1) الأم 5: 259، ومختصر المزني: 192، والوجيز 2: 53، والمجموع 17: 98، والسراج الوهاج: 408،
ومغني المحتاج 3: 280، وكفاية الأخيار 2: 52، والمغني لابني قدامة 8: 264، والشرح الكبير
8: 275، والمبسوط 6: 77، وفتح الباري 9: 369، وعمدة القاري 20: 238، وشرح فتح القدير
3: 44، والبحر الزخار 4: 155.
(2) المدونة الكبرى 2: 359، ومقدمات ابن رشد 2: 448، والجامع لأحكام القرآن 3: 134، والبحر
الزخار 4: 155.
(3) بدائع الصنائع 3: 101، وشرح العناية على الهداية 3: 44، والهداية 3: 44، وشرح فتح القدير
3: 44، وفتح الباري 9: 369، واللباب 2: 221، وتبيين الحقائق 2: 197، المغني لابن قدامة
8: 264، والشرح الكبير 8: 275، وبداية المجتهد 2: 74، والوجيز 2: 53، والمجموع 17: 98، ورحمة
الأمة 2: 53، والميزان الكبرى 2: 121.
(4) اللباب 2: 224، وبدائع الصنائع 3: 107، والهداية 3: 90، وشرح
فتح القدير 3: 90 و 91، وتبيين الحقائق 2: 216 و 217.
(5) عمدة القاري 20: 238، وفتح الباري 9: 369، وكفاية الأخيار 2: 52.
460

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، ولأن الطلاق حكم شرعي يحتاج إلى
دلالة شرعية في كونه صريحا، وليس في الشرع ما يدل على ما قالوه.
وأيضا: فإن المرجع في ذلك إلى ما يتعارفه الناس، ولا يتعارف إلا في لفظ
الطلاق.
وأيضا: فالصريح ما لا يحتمل إلا معنا واحدا، أو يحتمل معنيين، أحدهما
أظهر منه وأولى به، وجميع ما عدا لفظ الطلاق يحتمل معنيين فصاعدا على حد
واحد.
وأيضا: فالصريح ما كان صريحا في اللغة، أو في العرف، أو في الشرع،
وليس شئ مما قالوه صريحا في واحد من ذلك. فوجب أن لا يكون صريحا.
مسألة 18: إذا قال لها: أنت مطلقة لم يكن ذلك صريحا في الطلاق - وإن
قصد بذلك أنها مطلقة الآن - إلا أن ينوي، وإن لم ينو، لم يكن شيئا.
وقال الشافعي: هو صريح فيه (2).
وقال أبو حنيفة: هو كناية، لأنه إخبار (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، فلا وجه لإعادته.
وأيضا قوله: أنت مطلقة. إخبار عن وقوع طلاق بها، فينبغي أن يرجع إلى
غير ذلك في وقوع الطلاق، حتى يكون هذا خبرا عنه.
مسألة 19: لو قال لها: أنت طالق، ثم قال: أردت أن أقول أنت طاهر، أو

(1) الكافي 6: 69 حديث 1 و 2، والتهذيب 8: 36 و 37 حديث 108 - 110، والاستبصار 3: 277
حديث 983 - 985.
(2) كفاية الأخيار 2: 53، والوجيز 2: 53، ومغني المحتاج 3: 280، والسراج الوهاج: 408، والمجموع
17: 98، وفتح المعين: 115، وحاشية إعانة الطالبين 4: 8.
(3) المجموع 17: 98. وجاء في جميع المصادر الحنفية المتوفرة أنه لفظا صريحا وليس كناية، انظر المبسوط
6: 76، واللباب 2: 221، وبدائع الصنائع 3: 101، وشرح فتح القدير 3: 44، وشرح العناية على
الهداية 3: 44، وتبيين الحقائق 2: 197.
461

أنت فاضلة، أو قال: طلقتك، ثم قال: أردت أن أقول أمسكتك، فسبق لساني
فقلت طلقتك، قبل منه في الحكم، وفيما بينه وبين الله.
وقال الشافعي، وأبو حنيفة، ومالك، وجميع الفقهاء: لا يقبل منه في الحكم
الظاهر، ويقبل منه فيما بينه وبين الله (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا: فإن اللفظ إنما يكون مفيدا لما وضع له في اللغة
بالقصد والنية، فإذا قال: لم أنوه، قبل قوله ورجع إليه، لأنه ليس على وجوب
نفاذه دليل.
وأيضا قوله صلى الله عليه وآله: (الأعمال بالنيات. وإنما لكل امرئ ما نوى) (2).
دليل على ذلك.
مسألة 20: كنايات الطلاق لا يقع بها شئ من الطلاق، سواء كانت
ظاهرة أو خفية، نوى بها الفرقة أو لم ينو ذلك، وعلى كل حال، لا واحدة ولا
ما زاد عليها.
وقال الشافعي: الكنايات على ضربين: ظاهرة وباطنة، فالظاهرة: خلية،
وبرية، وبتة، وبتلة وبائن، وحرام، والخفية كثيرة منها: اعتدي، واستبرئي رحمك،
وتجرعي، وتقنعي، واذهبي، واعزبي، والحقي بأهلك، وحبلك على غاربك
وجميعها يحتاج إلى نية يقارن التلفظ بها، ويقع به ما نوى، سواء نوى واحدة أو
ثنتين أو ثلاثا، فإن نوى واحدة أو ثنتين كانا رجعيين وسواء كان ذلك في
المدخول بها أو غير المدخول بها، وسواء كان في حال الرضا أو في حال

(1) المدونة الكبرى 2: 400، والمغني لابن قدامة 8: 265، المجموع 17: 99، وأسهل المدارك 2: 142،
وبدائع الصنائع 3: 101، وكفاية الأخيار 2: 53، والشرح الكبير 8: 277.
(2) صحيح البخاري 1: 2 و 7: 58، وصحيح مسلم 3: 1515، وسنن النسائي 6: 158 و 159، وسنن
أبي داود 2: 262 حديث 2201، وسنن ابن ماجة 2: 413 حديث 4227، ومسند أحمد بن حنبل
1: 25، والسنن الكبرى 7: 341، وأمالي الطوسي 2: 231، والتهذيب 4: 184 حديث 519.
462

الغضب (1).
وقال مالك: الكنايات الظاهرة صريح في الثلاث. فإن ذكر أنه نوى دونها
قبل منه في غير المدخول بها، ولم يقبل في المدخول بها، وأما الخفية فقوله:
اعتدي، واستبرئي رحمك فهو صريح في واحدة رجعية، فإن نوى أكثر من ذلك
وقع ما نوى (2).
وأما أبو حنيفة فإنه قال: لا تخلو الكنايات من أحد أمرين: إما أن يكون
معها قرينة، أو لا قرينة معها، فإن لم يكن معها قرينة لم يقع بها طلاق بحال،
وإن كان معها قرينه فالقرينة على أربعة أضرب: عوض، أو نية، أو ذكر
طلاق، أو غضب، فإن كانت القرينة عوضا كان ذلك صريحا في الطلاق،
وإن كانت النية وقع بها كلها، وإن كانت القرينة ذكر الطلاق، أو
غضب دون نية لم يقع الطلاق بشئ منها إلا في ثماني كنايات: خلية،
وبرية، وبتة، وبائن، وحرام، واعتدي، واختاري، وأمرك بيدك، فإن
الطلاق بشاهد الحال يقع بكل واحدة من هذه.
فإن قال: لم أرد طلاقا، فهل يقبل منه أم لا؟ نظرت، فإن كانت القرينة
ذكر طلاق قبل منه فيما بينه وبين الله، ولم يقبل منه في الحكم. وإن كانت
القرينة حال الغضب قبل منه فيما بينه وبين الله - تعالى -، ولم يقبل منه في الحكم
في ثلاث كنايات: اعتدي، واختاري، وأمرك بيدك. وأما الخمس البواقي
فيقبل منه فيما بينه وبين الله، وفي الحكم معا. هذا لا يختلفون فيه بوجه. وهو

(1) مختصر المزني: 192، والوجيز 2: 54، وكفاية الأخيار 2: 53، ومغني المحتاج 3: 281، والسراج
الوهاج: 409، والمجموع 17: 104، وحاشية إعانة الطالبين 4: 12، وفتح المعين: 114 و 115،
وبداية المجتهد 2: 76، والبحر الزخار 4: 158.
(2) المدونة الكبرى 2: 395 و 396، وأسهل المدارك 2: 142 و 143، وبداية المجتهد 2: 75 و 76.
463

قول من تقدم وتأخر (1).
وألحق المتأخرون بالخمس كناية سادسة، فقالوا: بتلة، كقول الشافعي
بتة وبائن. هذا تفصيلهم في الثماني، وما عداهن فالحكم فيهن كلهن واحد:
وهو ما ذكرناه إن كان هناك نية، وإلا فلا طلاق.
هذا الكلام في وقوع الطلاق بها.
فأما الكلام في حكمه فهل يقع بائنا، وما يقع من العدد؟
قالوا: كل الكنايات على ثلاثة أضرب:
أحدها: ما الحق بالصريح: ومعناه أنها كقوله: أنت طالق، يقع بها عندهم
واحدة رجعية، ولا يقع أكثر من ذلك وإن نوى زيادة عليها. وهي ثلاثة
ألفاظ: إعتدي، واستبرئي رحمك، وأنت واحدة.
والضرب الثاني: ما يقع بها واحدة بائنة، ولا يقع بها سواها ولو نوى
الزيادة، وهي كناية واحدة: إختاري ونوى الطلاق، فاختارته ونوت، قالوا:
لا يقع بها بحال إلا واحدة بائنة ولو نوى ثلاثا.
الضرب الثالث: ما يقع بها واحدة بائنة، ويقع ثلاث تطليقات ولا يقع بها
طلقتان على حرة، سواء كان زوجها حرا أو عبدا، لأن الطلاق عندهم
بالنساء، ولا يقع عندهم بالكناية مع النية طلقتان على حرة دفعة واحدة، فإن
كان قدر ما يملكه منها طلقتين فنواهما وقعتا، وهي للأمة، حرا كان زوجها أو
عبدا، فالكلام معهم في خمسة فصول على القول، على ما فصلناه في الثماني:
هل يقع الطلاق بهن بغير قرينة أم لا؟
والثاني: في الملحقة بالصريح: اعتدي، واستبرئي رحمك، وأنت واحدة هل

(1) المبسوط 6: 80، واللباب 2: 224، وبدائع الصنائع 3: 106، وشرح العناية على الهداية 3: 87،
وشرح فتح القدير 3: 87، وتبيين الحقائق 2: 215 و 216، وبداية المجتهد 2: 76.
464

يقع بهن ثلاث طلقات أم لا؟
والثالث: اختاري، هل يقع بها طلقة رجعية أم لا
والرابع: فيما عدا هذه هل يقع بهن طلقة رجعية أم لا؟
والخامس: هل يقع بما عدا هذه الكنايات الأربع طلقتان على حرة أم لا؟
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، ولأن الأصل بقاء العقد، وإيجاب
الفرقة بما ذكروه يحتاج إلى دليل شرعي.
مسألة 21: إذا قال لها: أنت الطلاق لم يكن صريحا في الطلاق، ولا
كناية.
وللشافعي فيه وجهان: أحدهما أنه صريح، وبه قال أبو حنيفة (2).
والآخر: أنه كناية (3).
دليلنا: أن كون ذلك طلاقا يحتاج إلى شرع، وأيضا الأصل بقاء العقد.
وأيضا قوله: الطلاق، مصدر، ووصف الطلاق بالمصدر مجاز وما يكون مجازا
لا يكون صريحا، ونحن لا نقول بالكنايات على ما بيناه.
مسألة 22: إذا قال لها: أنت حرة، أو أعتقتك، ونوى الطلاق، لم يكن
طلاقا.
وقال جميع الفقهاء: أنه يكون طلاقا مع النية (4).

(1) الكافي 6: 135 و 136 حديث 1 - 3، والتهذيب 8: 40 و 41 حديث 122 و 123، والاستبصار
3: 277 حديث 1.
(2) مغني المحتاج 3: 280، والسراج الوهاج: 408، والمجموع 17: 105، والوجيز 2: 53 و 54، والمبسوط
6: 77، وبدائع الصنائع 2: 101، والهداية 3: 49، وشرح العناية على الهداية 3: 49، وتبيين الحقايق
2: 198، وحاشية إعانة الطالبين 4: 8، والمغني لابن قدامة 8: 267، والشرح الكبير 8: 324.
(3) الوجيز 2: 53 و 54، والسراج الوهاج 408، ومغني المحتاج 3: 280، والمجموع 17: 105، وحاشية
إعانة الطالبين 4: 8، وفتح المعين: 114، والمغني لابن قدامة 8: 267، والشرح الكبير 8: 324.
(4) مختصر المزني: 192، والمجموع 17: 105، وكفاية الأخيار 2: 53، والمغني لابن قدامة 8: 268،
واللباب 2: 224، والمدونة الكبرى 2: 398.
465

دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل بقاء العقد، وكون هذين اللفظين طلاقا
يحتاج إلى دليل.
مسألة 23: ما هو صريح في الطلاق ليس بكناية في الإعتاق، ولا يقع العتق
إلا بقوله: أنت حر، أو أعتقتك، وما عدا ذلك لا يقع به عتق.
وقال الشافعي: كل ما كان صريحا في الطلاق، وهي ثلاثة ألفاظ، قوله
طلقتك، أو فارقتك، أو سرحتك، أو كان كناية فيه - وهو ما تقدم ذكره - فهو
كناية في الإعتاق (1).
وقال أبو حنيفة: كل ما كان صريحا في الطلاق، أو كناية فيه فليس
بكناية في الإعتاق إلا كلمتان: لا ملك لي عليك، ولا سلطان لي عليك،
هاتان كنايتان في الطلاق، وفي العتق معا، فالعتق لا يقع عنده إلا بصريح
وكناية، فالصريح: أنت حر، أو أعتقتك، والكناية: لا ملك لي عليك، ولا
سلطان لي عليك (2).
دليلنا: أن الأصل بقاء الملك، فمن أوقع الحرية بما ذكره فعليه الدلالة.
مسألة 24: إذا قال لزوجته: أنا منك طالق لم يكن ذلك شيئا، لا صريحا
ولا كناية ولو نوى ما نوى، وبه قال أبو حنيفة (3).
وقال الشافعي: يكون ذلك كناية، فإن نوى به البينونة وقع وما نوى (4).

(1) المجموع 17: 105، والوجيز 2: 54، والمبسوط 7: 63.
(2) المبسوط 7: 63 و 65، واللباب 3: 4، وتبيين الحقائق 3: 68، والوجيز 2: 54، وفي بعضها إن قال:
لا سلطان لي عليك لم يعتق.
(3) المبسوط 6: 78، وبدائع الصنائع 3: 117، وحاشية رد المحتار 3: 272، والهداية 3: 70، وشرح
العناية على الهداية 3: 70، وشرح فتح القدير 3: 70، ورحمة الأمد 2: 54، والميزان الكبرى 2: 121،
والمغني لابن قدامة 8: 279، والشرح الكبير 8: 299، والوجيز 2: 58، والبحر الزخار 4: 157.
(4) السراج الوهاج: 413، ومغني المحتاج 3: 292، والوجيز 2: 58، والمجموع 17: 101، والمبسوط
6: 78، والمغني لابن قدامة 8: 279، والشرح الكبير 8: 299، وبدائع الصنائع 3: 117، وشرح
الأزهار 2: 387، ورحمة الأمة 2: 54، والميزان الكبرى 2: 121، البحر الزخار 4: 157.
466

دليلنا: أن الأصل بقاء العقد، وإيقاع الطلاق بهذا اللفظ يحتاج إلى دلالة،
سواء ادعوه صريحا أو كناية.
فإن استدلوا بقوله عليه السلام: (الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ
ما نوى) (1).
قيل: لا دلالة في ذلك، لأن النبي - صلى الله عليه وآله - إنما أراد بذلك العبادات،
بدلالة أنه أثبت الفعل له بعد حصول النية، وذلك لا يليق بالطلاق، لأنه بعد
وقوعه لا يكون له وإنما يكون عليه، فعلن أنه أراد ما يكون له من العبادات التي
يستحق بها الثواب.
مسألة 25: إذا قال أنا منك معتد لم يكن ذلك شيئا، وبه قال أبو
حنيفة (2).
وقال الشافعي. هو كناية (3).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 26: إذا قال أنا منك بائن، أو حرام لم يكن ذلك شيئا.
وقال أبو حنيفة، والشافعي: إن ذلك كناية عن الطلاق (4).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.

(1) صحيح البخاري 1: 2 و 7: 58، وصحيح مسلم 3: 1515، وسنن أبي داود 2: 266، حديث 2201،
وسنن النسائي 6: 158 و 159، وسنن ابن ماجة 2: 413 حديث 4227، ومسند أحمد بن حنبل
1: 25، والسنن الكبرى 7: 341، والتهذيب 4: 184، حديث 519، وأمالي الطوسي 2: 231.
(2) لم أقف على هذين القولين وبهذا اللفظ في مظانهما في المصادر المتوفرة.
(3) لم أقف على هذين القولين وبهذا اللفظ في مظانهما في المصادر المتوفرة.
(4) المبسوط 6: 78، والهداية 3: 70، وشرح فتح القدير 3: 70، وشرح العناية على الهداية 3: 70،
والنتف 1: 327، وبدائع الصنائع 3: 117، وحاشية رد المحتار 3: 272، والفتاوى الهندية 1: 375،
والسراج الوهاج: 413، ومغني المحتاج 2: 292، وكفاية الأخيار 2: 53.
467

مسألة 27: إذا قال لها: أنت طالق، لم يصح أن ينوي بها أكثر من طلقة
واحدة، ومتى نوى أكثر من ذلك لك يقع إلا واحدة.
وقال الشافعي إن لم ينو شيئا كانت طلقة رجعية، وإن نوى كانت بحسب
ما نوى، طلقة أو طلقتين أو ثلاثة، وهكذا كل الكنايات يقع بها ما نوى، وبه
قال مالك (1).
وقال أبو حنيفة: أما صريح الطلاق: أنت طالق، وطلقتك فلا يقع بها أكثر
من واحدة، وبه قال الأوزاعي، والثوري (2).
وقال أبو حنيفة: وكذلك اعتدي، واستبرئي رحمك، وأنت واحدة،
واختاري لا يقع بهن إلا طلقة واحدة بحال (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن الأصل بقاء العقد، ووقوع الواحدة بصريح
الطلاق مع النية مجمع عليه، وما زاد عليه وبغير الصريح لا دلالة عليه.
مسألة 28: إذا قال: أنت الطلاق أو أنت طلاق أو أنت طالق طلاقا أو
أنت طالق الطلاق لا يقع به شئ، نوى أو لم ينو، إلا بقوله أنت طالق طلاقا
وينوي، فإنه يقع به واحدة لا أكثر منه.
وقال أبو حنيفة: بجميع ذلك يقع ما نوى. واحدة كانت أو ثنتين أو ثلاثا،
وبه قال الشافعي (4).

(1) فتح الرحيم 2: 63، وأسهل المدارك 2: 142، وبداية المجتهد 2: 57، والمحلى 10: 174، والمبسوط
6: 76، والمجموع 17: 123.
(2) المبسوط 6: 57، وبدائع الصنائع 3: 180، وتبيين الحقائق 2: 215، واللباب 2: 221 و 222،
والهداية 3: 48، وشرح فتح القدير 3: 48، وشرح العناية على الهداية 8: 48، وبداية المجتهد 2: 75،
والشرح الكبير 8: 326، والمحلى 10: 174.
(3) اللباب 2: 222، وشرح فتح القدير 3: 88، والهداية 3: 88، وشرح العناية على الهداية 3: 88، ورحمة
الأمة 2: 54، والميزان الكبرى 2: 121.
(4) المبسوط 6: 76، وشرح فتح القدير 3: 50، والهداية 3: 49، وشرح العناية على الهداية 3: 50،
وحاشية رد المحتار 3: 251 و 252، والوجيز 2: 53 و 54، والمجموع 17: 124، وكفاية الأخيار
2: 53، والمغني لابن قدامة 8: 267.
468

دليلنا: أن الأصل بقاء والعقد، وإيقاع الفرقة بما ذكره ليس عليه دليل.
وأيضا: فما ذكرناه مجمع على وقوع الفرقة به، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 29: إذا كتب بطلاق زوجته ولم يقصد بذلك الطلاق لا يقع
بلا خلاف، وإن قصد به الطلاق، فعندنا أنه لا يقع به شئ.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما يقع على كل حال، وبه قال أبو حنيفة (1).
والآخر: أنه لا يقع، وهو مثل ما قلناه (2):
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل بقاء العقد، ولا دليل على وقوع الطلاق
بالكنايات.
مسألة 30: إذا خير زوجته فاختارته، لم يقع بذلك فرقة، وبه قال ابن
عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، والشافعي (3).
وروي عن علي - علي السلام - وزيد بن ثابت روايتان: إحداهما مثل
ما قلناه (4).

(1) مختصر المزني: 192، والمجموع 17: 118، والمبسوط 6: 143، والنتف 1: 357، وبدائع الصنائع
3: 109، والفتاوى الهندية 1: 378، والمغني لابن قدامة 8: 413، والشرح الكبير 8: 284، والبحر
الزخار 4: 161.
(2) مختصر المزني: 192، والسراج الوهاج: 410، ومغني المحتاج 3: 284، والمجموع 17: 118، وفتح
المعين: 115، والمغني لابن قدامة 8: 214، والمحلى 10: 197، والشرح الكبير 8: 284، والبحر
الزخار 4: 161.
(3) سنن الترمذي 3: 483 حديث 1179، وسنن النسائي 6: 161، والسنن الكبرى 7: 345 و 346،
وعمدة القاري 20: 238، وفتح الباري 9، 368، المغني لابن قدامة 8: 299، والشرح الكبير
8: 314، والمبسوط 6: 212، والمجموع 17: 91، والوجيز 2: 56، ونيل الأوطار 7: 29.
(4) سنن الترمذي 3: 483 ذيل الحديث 1179، والسنن الكبرى 7: 346.
469

والثانية: أنه يقع به طلقة واحدة رجعية، وهو قول الحسن البصري (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن الأصل بقاء العقد، وإيقاع الفرقة بذلك يحتاج
إلى دلالة.
وروى الأسود: سألت عائشة: عن رجل خير زوجته، فاختارته؟
فقالت: خير رسول الله - صلى الله عليه وآله - نسائه، فاخترنه، أكان ذلك
طلاقا؟ (2).
مسألة 31: إذا خيرها فاختارت نفسها لم يقع الطلاق، نويا أو لم ينويا،
أو نوى أحدهما.
وقال قوم من أصحابنا: إذا نويا وقع الطلاق.
ثم اختلفوا، فمنهم من قال: يقع واحدة رجعية، ومنهم من قال: بائنة (3).
وقال الشافعي: هو كناية من الطرفين، يفتقر إلى نية الزوجين معا (4).
وقال مالك: يقع به الطلاق الثلاث من غير نية، لأن عنده إن هذه اللفظة
صريحة في الطلاق الثلاث، كما يقول في الكنايات الظاهرة (5).
ومتى نويا الطلاق ولم ينويا عددا، وقعت طلقة رجعية عند الشافعي (6)،

(1) المبسوط 6: 212، وشرح فتح القدير 3: 101، وعمدة القاري 20: 238، وفتح الباري 9: 368،
والسنن الكبرى 6: 345 و 346، وبداية المجتهد 2: 73، والمغني لابن قدامة 8: 298، والشرح الكبير
8: 314، ونيل الأوطار 7: 29، والبحر الزخار 4: 162 و 163.
(2) صحيح مسلم 2: 1104 ذيل حديث 28، والسنن الكبرى 7: 345، ورواه البخاري في صحيحه
7: 55، وابن ماجة في سنة 1: 66 حديث 2052 بسند آخر فلاحظ.
(3) انظر ذلك في كتاب مختلف الشيعة (كتاب الطلاق): 33.
(4) مختصر المزني: 192، وبداية المجتهد 2: 71.
(5) الموطأ 2: 563 ذيل حديث 30، والمدونة الكبرى 2: 373، وفتح الرحيم 2: 70 وبداية المجتهد
2: 71، وأسهل المدارك 2: 163، وبلغة السالك 1: 468، والمغني لابن قدامة 8: 298، والشرح
الكبير 8: 321، وفتح الباري 9: 368، وشرح فتح القدير 3: 101.
(6) بداية المجتهد 2: 71.
470

وعند أبي حنيفة بائنة (1)، فإن نويا عددا فإن اتفقت نيتاهما على عدد وقع
ما اتفقا عليه، واحدا كان أو ثنتين أو ثلاثا عند الشافعي (2).
وعند أبي حنيفة: إن نويا طلقتين، لم يقع إلا واحدة - كما يقول في
الكنايات الظاهرة -، وإن اختلفت نيتاهما في العدد، وقع الأقل، لأنه متيقن
مأذون فيه، وما زاد عليه مختلف فيه (3).
دليلنا: أن الأصل بقاء العقد، ولم يدل دليل على أن بهذه اللفظة تحصل الفرقة.
وأيضا: إجماع الفرقة وأخبارهم على هذا، وقد ذكرناها في الكتابين (4)
المقدم ذكرهما، وبينا الوجه في الأخبار المخالفة لها، ومن خالف في ذلك لا يعتد
به، لأنه شاذ منهم.
مسألة 32: إذا خيرها، ثم رجع عن ذلك قبل أن تختار نفسها، صح رجوعه
عند جميع أصحاب الشافعي (5)، إلا ابن خيران فإنه قال: لا يصح، وبه قال
أبو حنيفة (6).
وهذا يسقط عنا، لأنا بينا أن التخيير غير صحيح، ولا معمول به.

(1) المبسوط 6: 212، واللباب 2: 232، وفتح الباري 9: 368، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير
3: 101، وشرح فتح القدير 3: 101، وبدائع الصنائع 3: 117، وتبيين الحقائق 2: 220، والمغني
لابن قدامة 8: 298، والشرح الكبير 8: 321، وبداية المجتهد 2: 17 و 72.
(2) يستفاد من إطلاق ما ذكره الغزالي في الوجيز 2: 55.
(3) المبسوط 6: 212، واللباب 2: 232، وتبيين الحقائق 2: 220، والهداية 3: 101، وشرح فتح القدير
3: 102.
(4) التهذيب 8: 87 حديث 299 و 300، والاستبصار 3: 312 حديث 1111 و 1112.
(5) الوجيز 2: 56، والسراج الوهاج: 411، والمجموع 17: 93، ومغني المحتاج 3: 286، والبحر الزخار
4: 163.
(6) المجموع 17: 93، والهداية 3: 115، وشرح فتح القدير 3: 115، وشرح العناية على الهداية 3: 115،
والبحر الزخار 4: 163.
471

مسألة 33: إذا قال لها: طلقي نفسك فطلقت واحدة وقع عهد
الشافعي (1).
وعند أبي حنيفة لا يقع أصلا (2)، وهو مذهبنا، وإن اختلفا في العلة.
دليلنا: ما تقدم في المسألة الأولى سواء.
مسألة 34: إذا قال لها: طلقي نفسك واحدة فطلقت ثلاثا وقعت عند
الشافعي واحد (3).
وعند مالك: لا يقع (4): وهو مذهبنا، وإن مذهبنا، وإن اختلفا في العلة.
دليلنا: ما تقدم ذكره في المسألة الأولى سواء.
مسألة 35: إذا قال لزوجته الحرة، أو الأمة، أو أمته، أنت علي حرام، لم
يتعلق به حكم، لا طلاق، ولا عتاق، ولا ظهار نوى أو لم ينو، ولا يمين، ولا
وجوب كفارة.
وقال الشافعي: إن نوى طلاقا في الزوجة كان طلاقا، فإن لم ينو عددا وقع
طلقة رجعية، وإن نوى عددا كان ما نواه، وإن نوى ظهارا كان ظهارا، وإن
نوى تحريم عينها لم تحرم، ويلزمه كفارة يمين، ولا يكون يمينا، لكن يجب به
كفارة يمين (5)، وإن أطلق ففيه قولان:

(1) الوجيز 2: 55، والمجموع 17: 93، والسراج الوهاج: 411، ومغني المحتاج 3: 287.
(2) يستفاد من المصادر المدرجة أدناه أنه يقع الطلاق عند أبي حنيفة كما عند الشافعي، انظر اللباب
2: 231، وشرح فتح القدير 3: 114، وشرح العناية على الهداية 3: 114، وتبيين
الحقائق 2: 225، والمجموع 17: 93، ولعل المصنف قدس سره اعتمد على مصادر لم نقف عليها الآن.
(3) الوجيز 2: 56، والمجموع 17: 89، والمغني لابن قدامة 8: 302 و 303 والبحر الزخار 4: 164، رحمة
الأمة 2: 55، والميزان الكبرى 2: 122.
(4) المدونة الكبرى 2: 375، والمغني لابن قدامة 8: 302 و 303 والميزان الكبرى 2: 122، ورحمة الأمة
2: 55، والبحر الزخار 4: 161.
(5) الأم 5: 262، ومختصر المزني: 192، وكفاية الأخيار 2: 53 و 54، المجموع 17: 111، والسراج
الوهاج: 409، ومغني المحتاج 3: 283، وعمدة القاري 20: 240، وفتح الباري 9: 371، وأحكام
القرآن للجصاص 3: 465، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1836، وبداية المجتهد 2: 77، والجامع
لأحكام القرآن 18: 181، وتلخيص الحبير 3: 216.
472

المذهب أنه يجب به كفارة، ويكون صريحا في إيجاب الكفارة.
والثاني: أنه لا يجب به شئ، فيكون كناية (1).
وإن قال ذلك، لأمته، قال: إنه لا يكون فيها طلاق ولا ظهار، لكنه إن نوى
عتقها عتقت، وإن نوى تحريم عينها لم تحرم، ويلزمه كفارة يمين، وإن أطلق فعلى
قولين كالحرة سواء (2).
واختلف الصحابة، ومن بعدهم في حكم هذه اللفظة حال الإطلاق.
فروي عن أبي بكر أنه قال: يكون يمينا يجب به كفارة يمين. وهو قول عائشة،
والأوزاعي (3).
وروي عن عمر أنه قال: يقع به طلقة رجعية، وهو قول الزهري (4).
وروي عن عثمان، أنه قال: يكون ظهارا، وهو قول أحمد بن حنبل (5).

(1) الأم 5: 262، وكفاية الأخيار 2: 54، والمجموع 17: 111 و 113، والسراج الوهاج: 409، ومغني
المحتاج 3: 283، وبداية المجتهد 2: 77، والمغني لابن قدامة 8: 304، والشرح الكبير 18: 301،
والجامع لأحكام القرآن 18: 181، وتلخيص الحبير 3: 216.
(2) الأم 5: 263، المجموع 17: 114، والسراج الوهاج: 409، ومغني المحتاج 3: 283.
(3) المجموع 7: 114، وبداية المجتهد 2: 77، وأحكام القرآن للجصاص 3: 465، وعمدة القاري
20: 240، وبدائع الصنائع 3: 168، وفتح الباري 9: 373، والمغني لابن قدامة 8: 305، والشرح
الكبير 8: 303، والجامع لأحكام القرآن 18: 181، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1835.
(4) المغني لابن قدامة 8: 305، والشرح الكبير 8: 302، وعمدة القاري 20: 240، والمجموع 17: 114،
والجامع لأحكام القرآن 18: 181، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1835.
(5) المغني لابن قدامة 8: 304، والشرح الكبير 8: 301، وعمدة القاري 20: 240، وفتح الباري
9: 372، والمجموع 17: 114، والجامع لأحكام القرآن 18: 181، وأحكام القرآن لابن العربي
4: 1835.
473

وعن علي عليه السلام أنه قال: (يقع به ثلاث تطليقات). وهو قول أبي
هريرة 7 وزيد بن ثابت (1).
وعن ابن مسعود أنه قال: يجب به كفارة يمين، وليس بيمين وهو أحد قولي
الشافعي، وإحدى الروايتين عن ابن عباس (2).
واختلف التابعون في ذلك، فروي عن أبي سلمة، ومسروق أنهما قالا:
لا يلزمه بها شئ، ولا يتعلق بها حكم (3) كما قلناه.
وعن حماد أنه قال: يقع بها طلقة بائنة (4).
وقال أبو حنيفة: إن خاطب به الزوجة ونوى ظهارا كان ظهارا وإن نوى
طلاقا كان طلاقا، فإن لم ينو عددا وقعت طلقة بائنة، وإن نوى عددا، فإن نوى
واحدة وقعت واحدة بائنة، وإن نوى ثنتين وقعت واحدة بائنة. وإن نوى الثلاث
وقع الثلاث - كما يقول في الكنايات الظاهرة - وإن أطلق كان مؤليا، فإن
وطئها قبل انقضاء الأربعة أشهر حنث ولزمته كفارة، وإن لم يطأ حتى انقضت
المدة بانت بطلقة، كما يقول في المؤلى عليها أنها تبين بطلقة (5).

(1) الموطأ 2: 552 حديث 6، وأحكام القرآن للجصاص 3: 465، وأحكام القرآن لابن العربي
4: 1835، والجامع لأحكام القرآن 18: 181، وفتح الباري 9: 372، وعمدة القاري 20: 239،
وبداية المجتهد 2: 77، والمجموع 17: 114، والمغني لابن قدامة 8: 305، والشرح الكبير 8: 302،
وبدائع الصنائع 3: 168، وتلخيص الحبير 3: 216.
(2) الجامع لأحكام القرآن 18: 181، والمغني لابن قدامة 8: 304، والشرح الكبير 8: 301، وبدائع
الصنائع 3: 168، وتلخيص الحبير 3: 215.
(3) أحكام القرآن للجصاص 3: 465، والجامع لأحكام القرآن 18: 180، وأحكام القرآن لابن العربي
4: 1836، والمغني لابن قدامة 8: 305، والشرح الكبير 8: 302 و 303، وبدائع الصنائع 3: 168،
وفتح الباري 9: 372.
(4) أحكام القرآن لابن العربي 4: 1835.
(5) اللباب 2: 243 و 244، وبدائع الصنائع 3: 167، وعمدة القاري 20: 24، والفتاوى الهندية
1: 507، وتبين الحقائق 2: 267، وفتح الباري 9: 372، وبداية المجتهد 2: 77 والمجموع 17: 115، والجامع لأحكام القرآن 18: 182، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1835.
474

وأما إذا قال ذلك للأمة، فإنه يكون بمنزلة أن يحلف أنه لا يصيبها، فإن
أصابها حنث ولزمته الكفارة، وإن لم يصبها فلا شئ عليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وأيضا: فإن الأصل بقاء العقد وبراءة
الذمة، فمن أوقع الطلاق أو ألزمه (2) الكفارة أو الظهار كان عليه الدلالة.
مسألة 36: إذا قال: كل ما أملك علي حرام، لم يتعلق به حكم سواء كان
له زوجات وإماء وأموال، أو لم يكن له شئ من ذلك، نوى أو لم ينو.
وقال الشافعي: إن لم يكن له زوجات ولا إماء، وله أموال، مثل ما قلناه،
وإن كان له زوجة واحدة، فعلى ما مضى، وإن كان له زوجات، فعلى قولين:
أحدهما: يتعلق به كفارة واحدة (3).
والثاني: يتعلق بكل واحدة كفارة (4).
وقال أبو حنيفة: ذلك بمنزلة قوله: والله لا انتفعت بشئ من مالي، فمتى
انتفع بشئ من ماله حنث، ولزمته الكفارة، بناء على أصله أن ذلك يمين (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 37: إذا قال: كلي واشربي ونوى به الطلاق لم يقع به الطلاق،
وبه قال أبو إسحاق المروزي (6) (7).

(1) الكافي 6: 134 و 135 حديث 1 - 4، ومن لا يحضره الفقيه 3: 356 حديث 1702 و 1703،
والتهذيب 8: 40 و 41 حديث 122، والاستبصار 3: 983.
(2) في النسخة الحجرية: ألزم به...
(3) الأم 5: 262، ومختصر المزني: 193، والمجموع 17: 117 و 118.
(4) المجموع 7: 118.
(5) المجموع 7: 117.
(6) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، أخذ العلم على ابن سريج، وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد، ثم
انتقل في آخره عمره إلى مصر وتوفي بها سنة أربعين وثلاثمائة، طبقات الشافعية: 19.
(7) المجموع 17: 104، والمغني لابن قدامة 8: 279، والشرح الكبير 8: 298.
475

وقال أبو حامد: المذهب أنه يقع به الطلاق، لأن معناه: إشربي غصص
الفرقة وطعمها (1). دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 38: إذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق ثلاثا وقعت واحدة،
وخالف جميع الفقهاء، وقالوا: يقع الثلاث (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وما قدمناه في المسائل المقدم ذكرها، ولأنا قد بينا أنه
لو قال للمدخول بها لا يقع إلا واحدة، كذلك غير المدخول بها، لأن أحدا لم
يفرق بينهما.
مسألة 39: إذا قال لغير المدخول بها: أنت طالق أنت طالق أنت طالق
بانت بالأولة، ولا يلحقها الثانية ولا الثالثة، وبه قال جميع الفقهاء (3).
وقال قوم: تبين بالثلاث (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 40: من قال: إن الطلاق بشرط يقع، أجمعوا على أن الشرط إذا كان
جائز حصوله وإن لا (5) يحصل فإنه لا يقع الطلاق حتى يحصل الشرط، وذلك
مثل قوله: إن دخلت الدار، أو كلمت زيدا فأنت طالق.

(1) المجموع 17: 104، والمغني لابن قدامة 8: 279، والشرح الكبير 8: 298.
(2) الأم 5: 183، ومختصر المزني: 193، المجموع 17: 128، والمبسوط 6: 88، واللباب 2: 230،
وحاشية رد المحتار 3: 284، والمحلى 10: 176، وبداية المجتهد 2: 80، والمغني لابن قدامة 8: 405،
والشرح الكبير 8: 260.
(3) الأم 5: 184 ومختصر المزني: 193، والمجموع 17: 128 و 130، والوجيز 2: 60، والمبسوط 6: 89،
والهداية 3: 83، وشرح العناية على الهداية 3: 83، وشرح فتح القدير 3: 83، واللباب 2: 230،
وبدائع الصنائع 3: 98، ورحمة الأمة 2: 55، والميزان الكبرى 2: 122.
(4) انظر المجموع 17: 128 و 130، والمحلى 10: 175، والمبسوط 6: 89، ورحمة الأمة 2: 55، الميزان الكبرى 2: 122.
(5) في النسخة الحجرية: وإن لم...
476

وإن كان شرطا يجب حصوله، مثل قوله: إذا جاء رأس الشهر، وإذا
طلعت الشمس، وإذا دخلت السنة الفلانية، فقال أبو حنيفة وأصحابه،
والشافعي: لا يقع الطلاق قبل حصول شرطه (1).
وقال مالك: يقع الطلاق في الحال (2).
وهذا يسقط عنا، لأن الطلاق بشرط لا يقع عندنا، وقد دللنا على ذلك،
فقد بطل هذا الفرع.
مسألة 41: إذا قال: أنت طالق في شهر رمضان فإنها تطلق عند الشافعي
عند أو جزء من الليلة الأولة (3).
وقال أبو ثور: تطلق عند انقضاء آخر جزء منها (4).
وهذا يسقط عنا، لما قدمناه في المسألة ودللنا عليه.
مسألة 42: إذا قال لها: إذا رأيت هلال رمضان فأنت طالق فرآه بنفسه
طلقت بلا اختلاف بينهم، وإن رآه غيره وأخبره به لم تطلق عند أبي حنيفة (5)
وطلقت عند الشافعي (6)، وهذا يسقط عنا لما قدمناه.
مسألة 43: اختلفوا فيمن قال: إن لم تدخلي الدار، أو إذا لم تدخلي الدار

(1) المجموع 17: 153، والوجيز 2: 64، وكفاية الأخيار 2: 57، والمغني لابن قدامة 8: 319، والمحلى
10: 214، وتبيين الحقائق 2: 204.
(2) بداية المجتهد 2: 79، وأسهل المدارك 2: 154، والمغني لابن قدامة 8: 319، والمحلى 10: 214،
وتبيين الحقائق 2: 204، والمجموع 17: 153.
(3) الأم 5: 184، والسراج الوهاج: 421، ومغني المحتاج 3: 313، والوجيز 2: 64، والمجموع 17: 198
و 200، وحاشية إعانة الطالبين 4: 22.
(4) المجموع 17: 200، المغني لابن قدامة 8: 317، والشرح الكبير 8: 367.
(5) المغني لابن قدامة 8: 232، والشرح الكبير 8: 443، والبحر الزخار 4: 198، المجموع 17: 206.
(6) مختصر المزني: 193، والمجموع 17: 205 و 206، المغني لابن قدامة 8: 232، والشرح الكبير
8: 443، البحر الزخار 4: 198.
477

فأنت طالق، هل هما على الفور، أو على التراخي؟
فقال الشافعي فيه قولان:
أحدهما: على الفور، في قوله: إن لم تدخل الدار (1).
والثاني: على الفور فيهما، وبه قال أبو حنيفة (2).
وفي أصحابه من فرق بينهما، فقال: (إن لم) يكون على التراخي، و (إذا لم)
على الفور، وبه قال أبو يوسف ومحمد (3).
وهذا يسقط عنا، لما أفسدناه من تعليق الطلاق بشرط، فما يبني عليه
لا يصح على مذهبنا.
مسألة 44: طلاق المكره وعتقه، وسائر العقود التي يكره عليها لا يقع منه،
وبه قال الشافعي، ومالك، والأوزاعي (4).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: طلاق المكره وعتاقه واقع، وكذلك كل عقد
يلحقه فسخ، فأما ما لا يلحقه فسخ - مثل البيع والصلح والإجارة - فإنه إذا أكره
عليه ينعقد عقدا موقوفا، فإن أجازها وإلا بطلت (5).

(1) مختصر المزني: 193، المجموع 17: 190، وحاشية إعانة الطالبين 4: 22.
(2) المجموع 17: 190، والمغني لابن قدامة 8: 355، والشرح الكبير 8: 385.
(3) المغني لابن قدامة 8: 355، والشرح الكبير 8: 385.
(4) مختصر المزني: 194، والوجيز 2: 57، والسراج الوهاج: 412، ومغني المحتاج 3: 289، والمجموع
17: 66، وكفاية الأخيار 2: 65، والمحلى 10: 203، والمغني لابن قدامة 8: 260، والشرح الكبير
8: 243، وبداية المجتهد 2: 81، وعمدة القاري 20: 250، وبدائع الصنائع 3: 100، وتبيين
الحقائق 2: 195، وحاشية إعانة الطالبين 4: 5، وفتح الباري 9: 39، وشرح فتح القدير 3: 39،
ورحمة الأمة 2: 56، الميزان الكبرى 2: 122، والهداية 3: 39، ونيل الأوطار 7: 22، والبحر الزخار
4: 166.
(5) بدائع الصنائع 3: 100، واللباب 2: 226، وشرح العناية على الهداية 3: 39، وشرح فتح القدير
3: 39، وتبيين الحقائق 2: 194، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 3: 39، وحاشية إعانة
الطالبين 4: 5، وفتح الباري 9: 390، والمغني لابن قدامة 8: 260، والشرح الكبير 8: 243، والوجيز
2: 57، المجموع 17: 67، وبداية المجتهد 2: 81، ورحمة الأمة 2: 56، والميزان الكبرى 2: 122،
والبحر الزخار 4: 166، وسبل السلام 3: 1090.
478

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وأيضا الأصل براءة الذمة، وبقاء
العقد، وزوال العقد، وشغل الذمة يحتاج إلى دليل، ولا دليل في الشرع على
وقوع هذا النوع من الطلاق.
وأيضا روى ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (رفع عن أمتي الخطأ
والنسيان وما استكرهوا عليه) (2)، ومعلوم أنه لم يرد رفع ما وقع من الخطأ، لأن
ما وقع لا يكون رفعه، ثبت أنه أراد حكم الخطأ.
وروي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (لا طلاق ولا عتاق في
إغلاق) (3).
قال أبو عبيدة: الإغلاق: الإكراه (4)، فكأنه قال: لا طلاق في إكراه.
وما قلناه مروي عن علي - عليه السلام - وعمر، وابن عباس، وابن عمر،
وابن الزبير، ولا مخالف لهم، فدل على أنه إجماع (5).

(1) الكافي 6: 126 و 127 الحديث الأول وما بعده، ودعائم الإسلام 2: 268 حديث 1010، والتهذيب
8: 74 حديث 248.
(2) سنن أبي داود 2: 258 حديث 2193، والسنن الكبرى 7: 356، ونيل الأوطار 7: 22، وفتح
الباري 9: 390، وفي سنن ابن ماجة 1: 659 حديث 2045، وسبل السلام 3: 1089 بتفاوت يسير
في اللفظ.
(3) سنن الدارمي 3: 36 حديث 98 و 99، وسنن ابن ماجة 1: 660 حديث 2046، والسنن الكبرى
7: 357، ومسند أحمد بن حنبل 6: 276، والمستدرك على الصحيحين 2: 198، والجامع الصغير
2: 749 حديث 9905.
(4) ذكره ابن منظور في لسان العرب 10: 291 من دون نسبة.
(5) صحيح البخاري 2: 58، والسنن الكبرى 7: 357، والمحلى 10: 202، ونيل الأوطار 7: 21،
وتلخيص الحبير 3: 216.
479

مسألة 45: طلاق السكران غير واقع عندنا.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: - وهو الأظهر - أنه يقع. وبه قال مالك، والأوزاعي، وأبو حنيفة
وأصحابه (1).
والقول الثاني: أنه لا يقع، كما قلناه وبه قال ربيعة، والليث بن سعد،
والمزني، وداود، وأبو ثور، والطحاوي من أصحاب أبي حنيفة، والكرخي (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل بقاء العقد، ووقوع الطلاق يحتاج إلى دليل.
مسألة 46: إذا زال عقله بشرب البنج (3) والأشياء المرقدة والمجنة، لا يقع
طلاقه، وبه قال أبو حنيفة (4).
وقال الشافعي: إن كان شربه للتداوي، فزال عقله، لا يقع طلاقه، وإن
شربه للعب وغير الحاجة وقع طلاقه (5).

(1) الأم 5: 253، ومختصر المزني: 194، والمجموع 17: 62، ومغني المحتاج 3: 290، والوجيز 2: 57،
وبداية المجتهد 2: 82، وبدائع الصنائع 3: 99، وعمدة القاري 20: 251، وشرح فتح القدير 3: 40،
وشرح العناية على الهداية 3: 40، والهداية 3: 40، وتبيين الحقائق 2: 194، والسراج الوهاج:
412، والمحلى 10: 209، والبحر الزخار 4: 166، والمغني لابن قدامة 8: 256، والشرح الكبير
8: 239، وفتح الباري 9: 391، ورحمة الأمة 2: 56.
(2) مختصر المزني: 194، والوجيز 2: 57، والسراج الوهاج: 412، ومغني المحتاج 3: 291، والمجموع
17: 63، وبدائع الصنائع 3: 99، وفتح الباري 9: 391، وعمدة القاري 20: 251، وشرح فتح
القدير 3: 40، وبداية المجتهد 2: 81، والمحلى 10: 210، والمغني لابن قدامة 8: 257، والشرح الكبير
8: 240، وشرح فتح القدير 3: 40، ورحمة الأمة 2: 56، والبحر الزخار 4: 166.
(3) البنج: نبات سام من فصيلة الباذنجاثيات، أوراقه كبيرة لزجة، أزهاره بيضاء أو صفراء أو منمقة
بالبنفسجي، منبته بين الزروع أو الخرائب، يستعمل في الطب للتخدير، المنجد (مادة بنج).
(4) شرح فتح القدير 3: 40، وشرح العناية على الهداية 3: 40، والهداية 3: 40، وبدائع الصنائع 3: 99،
والمغني لابن قدامة 8: 255، والشرح الكبير 8: 241.
(5) الأم 5: 254، والمجموع 17: 63، والوجيز 2: 57، وفتح المعين: 113، وحاشية إعانة الطالبين 4: 5،
والمغني لابن قدامة 8: 255، والشرح الكبير 8: 241.
480

دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 47: إذا قال له رجل: ألك زوجة؟ فقال لا لم يكن ذلك طلاقا،
وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يكون طلقة (2).
وقال أبو حنيفة: يكون طلقة (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
وأيضا قوله لا جواب للسائل، فكأنه قال ليس لي زوجة، ولو صرح بذلك
لكان كذبا ولم يكن طلاقا بلا خلاق.
مسألة 48: إذا قال: أنت طالق واحدة في ثنتين، وقال: أردت في طلقتين
لي غير واقعتين عليك.
قال أصحاب الشافعي: قبل منه، والمنصوص أنها طلقة، وبه قال أبو
حنيفة (3).
وقال أبو إسحاق طلقتان (4).
وهذا الفرع يسقط عنا، لأن عندنا أنه لو صرح أنه طلق ثلاثا لم يقع إلا
واحدة، فكيف بالمحتمل؟!.
مسألة 49: إذا قال: أنت طالق واحدة، لا تقع، لم يقع بها شئ، وكذلك
لو قال: أنت طالق لا، لم يقع شئ.
وقال الشافعي: يقع بها طلقة (5).

(1) المجموع 17: 102 و 105، والمغني لابن قدامة 8: 286.
(2) المغني لابن قدامة 8: 268.
(3) الأم 5: 187، ومختصر المزني: 194، والمجموع 17: 129، وتبيين الحقائق 2: 202،
والمغني لابن
قدامة 8: 451، والشرح الكبير 8: 331 و 332.
(4) المجموع 17: 129.
(5) الأم 5: 187، ومختصر المزني: 194، والمجموع 17: 141.
481

دليلنا: أنا قد دللنا على أن الطلاق يحتاج إلى نية، فإذا قصد بهذا لا يقع،
فيجب أن لا يقع به شئ لفقد النية للإيقاع.
مسألة 50: إذا قال لها: رأسك، أو جبهتك طالق، لم يقع به طلاق.
وقال جميع الفقهاء: إنه يقع به الطلاق (1).
دليلنا: أن الطلاق حكم شرعي. والألفاظ التي يقع بها الطلاق تحتاج إلى
دلالة شرعية، ولا دلالة في الشرع على أن هذه الألفاظ يقع بها الفرقة، والأصل
بقاء العقد إلى أن يقوم دليل.
مسألة 51: إذا قال يدك أو رجلك أو شعرك أو أذنك طالق، لا يقع به
شئ من الطلاق، وبه قال أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد (2).
وقال زفر، والشافعي: يقع بذلك كله الطلاق (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
وأيضا قوله عز وجل: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا
غيره) (4) وهذا ما طلقها، وإنما طلق شعرها، ويدها، ورجلها.

(1) الأم 5: 186، و 187، ومختصر المزني: 194، والوجيز 2: 57، والمجموع 17: 94، والمبسوط 6: 89،
واللباب 2: 226، وشرح فتح القدير 3: 52، والهداية 3: 52، وتبيين الحقائق 2: 200، وحاشية رد
المحتار 3: 256 - 258، وبداية المجتهد 2: 80، والمغني لابن قدامة 8: 417، والشرح الكبير 8: 338،
ورحمة الأمة 2: 59، والميزان الكبرى 2: 123، وأسهل المدارك 2: 147.
(2) المبسوط 6: 89، واللباب 2: 226، والهداية 3: 53، والشرح الكبير 8: 338، وشرح فتح القدير
2: 53، وتبيين الحقائق 2: 200، وحاشية رد المحتار 3: 258، والمجموع 17: 94، وبداية المجتهد
2: 80، ورحمة الأمة 2: 59، والميزان الكبرى 2: 123، والمغني لابن قدامة 8: 422.
(3) الأم 5: 186، و 187، ومختصر المزني: 194، والوجيز 2: 57، والمجموع 17: 94، والسراج الوهاج:
413، ومغني المحتاج 3: 291، والميزان الكبرى 2: 123، والهداية 3: 53، وشرح فتح القدير 3: 53،
وتبيين الحقائق 2: 200، والمغني لابن قدامة 8: 422، والشرح الكبير 8: 338، ورحمة الأمة 2: 59.
(4) البقرة: 230.
482

مسألة 52: إذا قال لها: أنت طلق نصف تطليقة، لم يقع شئ أصلا، وبه
قال داود (1).
وقال جميع الفقهاء: إنه يقع طلقة (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 53: الاستثناء بمشيئة الله تعالى يدخل في الطلاق والعتاق، سواء
كانا مباشرين أو معلقين بصفة، وفي اليمين بهما، وفي الإقرار.
وفي اليمين بالله فيوقف الكلام، ومتى خالفه لم يلزمه حكم ذلك، وبه قال
أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، طاووس، والحكم (3).
وقال مالك، والليث بن سعد: لا يدخل في غير اليمين بالله، وهو ما ينحل
بالكفارة، وهو اليمين بالله فقط، وبه قال الزهري (4).
وذهب الأوزاعي، وابن أبي ليلى: إلى أنه يدخل فيما كان يمينا بالطلاق أو
بالله، ففي الطلاق يدخل فيما كان يمينا به، فأما إن كان طلاقا مجردا، أو معلقا
بصفة فلا يدخله الاستثناء (5).

(1) المجموع 17: 135، ورحمة الأمة 2: 58، والميزان الكبرى 2: 120.
(2) مختصر المزني: 194، وبداية المجتهد 2: 80، والمجموع 17: 135، والوجيز 2: 57، واللباب 2: 226،
والمغني لابن قدامة 8: 418، والشرح الكبير 8: 333، وتبيين الحقائق 2: 200، والهداية 3: 54،
وشرح فتح القدير 3: 54، وشرح العناية على الهداية 3: 54، ورحمة الأمة 2: 58، والميزان الكبرى
2: 120.
(3) اللباب 2: 234، وشرح فتح القدير 3: 143، وبدائع الصنائع 3: 153، والهداية 3: 143، والمجموع
17: 149، والسراج الوهاج: 417، ومغني المحتاج 3: 302، والوجيز 2: 62، والمغني لابن قدامة
8: 383، والشرح الكبير 8: 439، والمحلى 10: 217، ورحمة الأمة 2: 57، والميزان الكبرى
2: 123، وبداية المجتهد 2: 78.
(4) بداية المجتهد 2: 78، والمحلى 10: 217، والمغني لابن قدامة 8: 383، والشرح الكبير 8: 439،
والمجموع 17: 149.
(5) المحلى 10: 217، والمجموع 17: 149.
483

وقال أحمد بن حنبل: يدخل في الطلاق دون العتاق، فقال إذا قال: أنت
طالق إن شاء الله لم تطلق، ولو قال أنت حر إن شاء الله عتق وفرق بينهما،
بأن الله تعالى لا يشاء الطلاق ويشاء العتق (1)، لقوله عليه السلام (إن أبغض
الأشياء إلى الله تعالى الطلاق) (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة وثبوت العقد، وإذا عقب كلامه بلفظة إن
شاء الله في هذه المواضع فلا دليل على زوال العقد والنكاح أو العتق،
ولا على
تعلق حكم بذمته، فمن ادعى خلافه فعليه الدلالة.
وروى ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (من حلف على يمين، وقال
في أثرها إن شاء الله، لم يحنث فيما حلف عليه) (3). فهو على العموم في كل
الإيمان بالله وبغيره.
مسألة 54: المريض إذا طلقها طلقة لا يملك رجعتها، فإن ماتت لم يرثها
بلا خلاف، وإن مات هو من ذلك المرض ورثته ما بينها وبين سنة ما لم تتزوج،
فإن تزوجت بعد انقضاء عدتها لم ترثه، وإن زاد على السنة يوم واحد لم ترثه،
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: لا ترثه، وهو أصح القولين عندهم، واختاره في الإملاء. وبه قال
ابن الزبير، وهو اختيار المزني (4).

(1) المغني لابن قدامة 8: 383، والشرح الكبير 8: 439، ورحمة الأمة 2: 57، والميزان الكبرى 2: 123،
والمجموع 17: 149.
(2) سنن ابن ماجة 1: 650 حديث 2018، وسنن أبي داود 2: 255 حديث 2178، والسنن الكبرى
7: 322 وفيها: (أن أبغض الحلال إلى الله تعالى الطلاق).
(3) روى ذلك في سنن الترمذي 4: 108 حديث 1531، والسنن الكبرى 10: 46، والمستدرك على
الصحيحين 4: 303، والجامع الصغير 2: 597 حديث 8645، وفيض القدير 6: 121 حديث 8645
بتفاوت يسير في اللفظ.
(4) 5: 254 و 7: 64، ومختصر المزني: 194 و 195، والمجموع 16: 63، والمبسوط 6: 154، وعمدة
القاري 20: 234، وفتح الباري 9: 366، والمغني لابن قدامة 7: 217، والشرح الكبير 7: 181،
وبداية المجتهد 2: 82، ورحمة الأمة 2: 57، والميزان الكبرى 2: 123، والسنن الكبرى 2: 123،
وتلخيص الحبير 3: 217.
484

والقول الثاني: ترثه - كما قلناه - وبه قال في الصحابة علي - عليه السلام -
وعمر، وعثمان، وفي الفقهاء ربيعة، ومالك والأوزاعي، والليث بن سعد،
وابن أبي ليلى، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل (1) ولهم
تفصيل.
فأبو حنيفة: لا يورثها بعد خروجها من العدة، وكذلك أصحابه، والأوزاعي
والليث بن سعد، والثوري، وأحد الأقوال الثلاثة للشافعي (2).
على قوله الثاني أنها ترثه، والقول الثاني للشافعي على هذا القول إنها ترثه
ما لم تتزوج، وبه قال ابن أبي ليلى، وأحمد (3). ولم يعتبروه بسنة كما قلناه.
والقول الثالث للشافعي على هذا القول: إنها ترثه أبدا، ولو تزوجت
ما تزوجت، وبه قال ربيعة (4).
وقال ربيعة: لو تزوجت عشرة أزواج ورثتها.

(1) الأم 5: 254 و 255، ومختصر المزني: 194، والمبسوط 6: 154، والهداية 3: 153، وشرح فتح القدير
3: 153، وتبيين الحقائق 2: 247، وبداية المجتهد 2: 82، والمحلى 10: 219 و 220، والموطأ
2: 572، وفتح الرحيم 2: 69، والمجموع 16: 63، والمغني لابن قدامة 7: 217، الشرح الكبير
7: 181، ورحمة الأمة 2: 57، والميزان الكبرى 2: 123، وأسهل المدارك 2: 153، وتلخيص الحبير
3: 217.
(2) الأم 5: 254، والمجموع 16: 64، والمحلى 10: 220، وبداية المجتهد 2: 82، واللباب 2: 233، وتبيين
الحقائق 2: 245، وشرح فتح القدير 3: 150، والهداية 3: 150، ورحمة الأمة 2: 57، والميزان
الكبرى 2: 123.
(3) الأم 5: 254، والمجموع 16: 64، والمبسوط 6: 154، وبداية المجتهد 2: 82، ورحمة الأمة 2: 57،
والميزان الكبرى 2: 123.
(4) رحمة الأمة 2: 57، والميزان الكبرى 2: 123، والمجموع 16: 64.
485

فعلى هذا يجئ أن ترث في يوم واحد ميراث خلق من الأزواج، وهو أن
يتزوجها فيطلقها في مرضه، ثم يتزوجها آخر فيطلقها كذلك، فتتزوج فيقضي
أن يموتوا كلهم دفعة واحدة، فتأخذ إرثها من الجماعة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، ولأنه إجماع الصحابة، روي عمن
ذكرناه، ولا يعرف لهم مخالف.
وروي عن عمر أنه قال: المبتوتة ترث (3).
وروي أن عبد الرحمان بن عوف طلق زوجته تماضر بنت أصبغ الكلبية (4)
في موضع فبانت بطلاقها، فترافعوا إلى عثمان فورثها منه (5).
وروي أن عثمان طلق بعض نسائه وهو محصور، فورثها منه علي
عليه السلام - (6).
مسألة 55: إذا سألته أن يطلقها في مرضه فطلقها لم يقطع ذلك الميراث
منه، وبه قال ابن أبي هريرة من أصحاب الشافعي على قوله: إنها ترث (7).
وقال الباقون من أصحابه: إنها لا ترثه، وبه قال أبو حنيفة، قالوا: لأنه

(1) لم أقف على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(2) الكافي 6: 121 (باب طلاق المريض)، ومن لا يحضره الفقيه 3: 353، والتهذيب 8: 78 و 79،
والاستبصار 3: 303 تحت عنوان الباب المتقدم ذكرت عدة روايات فلاحظ.
(3) السنن الكبرى 7: 363، والمجموع 16: 63.
(4) تماضر بنت الأصبغ بن عمرو بن ثعلبة الكلبية، وقيل هي: تماضر بنت رباب بن الأصبغ تزوجها
عبد الرحمان بن عوف حين دعاهم إلى الإسلام فقيل إنها أول كلبية نكحها قرشي. انظر الإصابة
4: 255.
(5) أشير إلى هذا الحديث وقصته في الموطأ 2: 572 حديث 42، والسنن الكبرى 7: 362، والأم
5: 254، وعمدة القاري 20: 234، وتلخيص الحبير 3: 217، والإصابة 4: 255.
(6) عمدة القاري 20: 234، والمجموع 16: 63.
(7) المجموع 16: 64.
486

زالت التهمة (1).
دليلنا:: عموم الأخبار الواردة بأنها ترثه إذا طلقها في المرض، ولم
يفصلوا (2)، فوجب حملها على عمومها.
مسألة 56: إذا قال: أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فإن قدم قبل مضي
الشهر لم يقع الطلاق، وإن قدم مع انقضاء الشهر مثل ذلك، وإن قدم بعد شهر
ولحظة من حيث عقد الصفة وقع الطلاق عقيب عقد الصفة، وهو الزمان الذي
هو عقيب الصفة، وقبل أول الشهر. هذا قول الشافعي على ما فرعه أبو
العباس، وبه قال زفر (3).
وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد: أي وقت قدم وقع الطلاق بقدومه
حين قدومه (4).
وهذا الفرع ساقط عنا، لأنا قد بينا أن الطلاق بالشرط غير واقع، فما يتفرع
عليه يسقط على كل حال.
مسألة 57: إذا شك هل طلق أم لا؟ لا يلزمه الطلاق، لا وجوبا ولا
استحبابا، لا واحدة ولا ثلاثا، والأصل بقاء الزوجية.
وقال الشافعي: يستحب له أن يلزم نفسه واحدة، ويراجعها ليزول الشك.
وإن كان ممن إذا أوقع الطلاق أوقع ثلاثا فيقتضي التبرع والعفة أن يطلقها
ثلاثا لتحل لغيره ظاهرا وباطنا (5).

(1) الأم 5: 255، والمجموع 16: 64، والمحلى 10: 220، والمبسوط 6: 156، وشرح فتح القدير 3: 152،
وتبيين الحقائق 2: 247، والهداية 3: 152، والمغني لابن قدامة 7: 223، و 224.
(2) الكافي 6: 121 (باب طلاق المريض)، ومن لا يحضره الفقيه 3: 353، والتهذيب 8: 78 و 79،
والاستبصار 3: 303.
(3) المجموع 17: 214، والمغني لابن قدامة 8: 328، والشرح الكبير 8: 361.
(4) المجموع 17: 214، وحاشية رد المحتار 3: 268، والمغني لابن قدامة 8: 328، والشرح الكبير 8: 361.
(5) الأم 5: 262، والسراج الوهاج: 418، ومغني المحتاج 3: 303، والمجموع 17: 248، والمغني لابن
قدامة 8: 423، والشرح الكبير 8: 457.
487

دليلنا: أن الأصل بقاء الزوجية، وليس على وقوع الطلاق ولا استحبابه
دليل لمكان الشك.
مسألة 58: إذا علم أنه طلق وشك هل طلق واحدة أو ثنتين؟ بنى على
واحدة، وإن شك بين الثنتين والثلاث بنى على ثنتين، وبه قال الشافعي، وأبو
حنيفة، ومحمد (1).
وقال مالك، وأبو يوسف: عليه الأخذ بالأكثر، لأن الحظر والإباحة إذا
اجتمعا غلبنا حكم الحظر، كما لو نجس موضع من ثوبه، وجهل مكانه، غلب
الأخذ بالأحوط، وغسل جميعه، وكذلك لو اختلطت أخته بأجنبية غلبنا الحظر (2).
دليلنا: أن الأصل بقاء العقد، والمحقق وقوع واحدة من التطليقات. وما زاد
عليه ليس عليه دليل، وما قالوه من الثوب حجة لنا لأن (3) لما لم يكن جزء منه
إلا وشك في طهارته بنى على اليقين في غسل كله، وليس كذلك ها هنا، لأنه
قد تيقن التطليقة وشك فيما عداها بنى على اليقين.
ووزان هذا من مسألتنا أن تتحقق النجاسة في أحد الكمين من القميص،
ويشك فيما عداها فإنه يغسل الكم وحدها، وهكذا الجواب عنه إذا اختلطت
أخته بأجنبية، وهو أن الشك وقع في حل الشئ في كل واحدة منهما، فلهذا
تركهما تغليبا للتحريم، وليس كذلك في مسألتنا، لأن اليقين في الواحدة
والشك في الزيادة، فلهذا أخذنا باليقين، وطرحنا الشك.
مسألة 59: الظاهر من روايات أصحابنا، والأكثرين: أن الزوج الثاني إذا

(1) السراج الوهاج: 418، ومغني المحتاج 3: 303، والمجموع 17: 248، والمغني لابن قدامة 8: 424،
والشرح الكبير 8: 458.
(2) المجموع 17: 248، والمغني لابن قدامة 8: 424، والشرح الكبير 8: 458، وأسهل المدارك 2: 147.
(3) في النسخة الحجرية: لأنه...
488

دخل بها يهدم ما دون الثلاث من الطلقة والطلقتين (1)، وبه قال أبو حنيفة، وأبو
يوسف، وفي الصحابة ابن عمر، وابن عباس (2).
وقد روى أصحابنا في بعض الروايات: أنه لا يهدم إلا الثلاث، فإذا كان
دون ذلك فلا يهدم، فمتى تزوجها الزوج الأول كانت معه على ما بقي من
الطلاق (3)، وبه قال في الصحابة - على ما حكوه - علي - عليه السلام - وعمر، وأبو
هريرة، وفي الفقهاء مالك، والشافعي، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، ومحمد،
وزفر (4).
قال الشافعي: رجع محمد بن الحسن في هذه المسألة إلى قولنا (5).
دليلنا: على القول الأول: قوله تعالى: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو
تسريح بإحسان) (6)، فأخبر أن طلق طلقتين كان له إمساكها بعد هاتين
الطلقتين، إلا ما قام على الدليل، والمعتمد في ذلك الأخبار التي ذكرناها في
الكتاب الكبير من طرق أصحابنا صريحة بذلك (7)، فمن أراد وقف عليها من
هناك.
ونصرة الرواية الأخرى قوله: (الطلاق مرتان - إلى قوله - فإن طلقها فلا تحل

(1) انظر الكافي 6: 77 و 78 حديث 3 و 4، والتهذيب 8: 30 حديث 88، والاستبصار 3: 271 حديث 963.
(2) اللباب 2: 240، والهداية 3: 178، وشرح فتح القدير 3: 178، وشرح العناية على الهداية 3: 178،
وبداية المجتهد 2: 87، والمجموع 17: 287، وتبيين الحقائق 2: 259.
(3) الكافي 6: 78 ذيل الحديث 4.
(4) السنن الكبرى 7: 365، والأم 5: 250، ومختصر المزني: 195، والمجموع 17: 287، وبداية المجتهد
2: 87 و 89، واللباب 2: 240، والهداية 3: 179، وشرح فتح القدير 3: 179، وشرح العناية على
الهداية 3: 179، وتبيين الحقائق 2: 259، وأسهل المدارك 2: 149.
(5) مختصر المزني: 195.
(6) البقرة: 229.
(7) انظر ما تقدم في الهامش رقم (1) من هذه المسألة.
489

له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (1) فأخبر: أن من طلق طلقة بعد طلقتين،
فلا تحل له إلا بعد زوج، ولم يفرق بين أن تكون هذه الثالثة بعد طلقتين
وزوج، أو بعد طلقتين بلا زوج. فمن قال: إذا طلقها واحدة حلت له قبل زوج
غيره، فقد ترك الآية.
مسألة 60: الحيل في الأحكام جائزة، وبه قال جميع أهل العلم أبو حنيفة
وأصحابه، والشافعي، ومالك، وغيرهم (2).
وفي التابعين من منع الحيل بكل حال (3).
دليلنا على جوازها: قوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: (قالوا أأنت
فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا
ينطقون) (4) فأضاف كسر الأصنام إلى الصنم الأكبر، وإنما قال هذا على
تأويل صحيح، بأن قال: إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم، فإذا لم ينطقوا
فاعلموا أنه ما فعله تنبيها على أن من لا ينطق ولا يفعل لا يستحق العبادة
والإلهية، وخرج الكلام مخرجا ظاهره بخلافه.
وقال في قصة أيوب عليه السلام (وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا
تحنث) (5) فجعل الله لأيوب مخرجا مما كان حلف عليه.
وروى سويد بن حنظلة (6)، قال: خرجنا ومعنا وائل بن حجر (7) نريد

(1) البقرة: 229 و 230.
(2) المبسوط 30: 209، والمغني لابن قدامة 4: 194، والشرح الكبير 4: 194.
(3) لم أقف على هذا القول لأحد من التابعين في المصادر المتوفرة.
(4) الأنبياء: 62 و 63.
(5) ص: 44.
(6) سويد بن حنظلة الجعفي، روت عنه ابنته، ولم يزيدوا في نسبه على ما ذكرناه في المصادر المتوفرة، بل
ذكروا له هذا الخبر فقط.
انظر الإصابة 2: 98، وتاريخ الصحابة: 124.
(7) وائل بن حجر الحضرمي الكندي، كان ملكا عظيما بحضرموت، بلغه ظهور النبي - صلى الله عليه
وآله - فترك مكة ونهض إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - مسلما، فبشر النبي - صلى الله عليه وآله -
بقدومه الناس قبل أن يقدم بثلاثة أيام، مات في ولاية معاوية بن أبي سفيان وكان كنيته: أبو
هنيدة، تاريخ الصحابة: 261.
490

النبي - صلى الله عليه وآله - فأخذه أعداء له، وتحرج القوم أن يحلفوا فحلفت بالله أنه
أخي، فخلى عنه العدو، فذكرت ذلك للنبي عليه السلام، فقال: (صدقت
المسلم أخو المسلم) (1).
فالنبي - صلى الله عليه وآله - أجاز ما فعل سويد، وبين له صواب قوله فيما احتال به
ليكون صادقا في يمينه، فدل على ما قلناه.
مسألة 61: إذا ثبت جواز الحيلة، فإنما يجوز من الحيلة ما يكون مباحا
يتوصل به إلى مباح، فأما مثل محظور يتوصل به إلى مباح فلا يجوز، وبه قال
الشافعي (2).
وأجاز أصحاب أبي حنيفة الحيلة المحظورة ليصل بها إلى المباح (3).
قال أبو بكر الصيرفي: نظرت في كتاب الحيل لأهل العراق، فوجدته على
ثلاثة أنحاء:
أحدها: ما لا يحل فعله.
والثاني: ما يحل على أصولهم.
والثالث: ما يجوز على قول من أحال الحيلة.
فالمحظور مثل ما: روى ابن المبارك عن أبي حنيفة: أن امرأة شكت إليه
زوجها، فآثرت فراقه، فقال لها: إرتدي، فيزول النكاح وإن كان بعد النكاح.

(1) سنن ابن ماجة 1: 685 حديث 2119، وسنن أبي داود 3: 224 وحديث 3256، والسنن الكبرى
10: 65، والإصابة 2: 98، وفي المستدرك على الصحيحين 4: 299 و 300 بتفاوت يسير.
(2) المبسوط 30: 209.
(3) المبسوط 30: 210.
491

وروي عن أبي حنيفة، فيما رواه عنه سليمان بن منصور (1)، عن علي بن
عاصم (2) في قصة معروفة أنه قال لزوج المرأة قبل أمها بشهوة: فإن نكاح
زوجتك ينفسخ.
وقال النضر بن شميل (3): في كتاب الحيل ثلاثمائة وعشرون، أو ثلاثون
مسألة، كلها كفر، يعني (من استباح ذلك كفر).
والدليل على أن مثل هذا لا يجوز: أن الله تعالى عاقب من احتال حيلة
محظورة عقوبة شديدة، حتى مسخ من فعله قردة وخنازير، فقال تعالى: (وسئلهم
عن القرية التي كانت حاضرة البحر) (4) القصة كان الله تعالى حرم عليهم
صيد السمك يوم السبت، فاحتالوا على السمك فوضعوا الشباك يوم الجمعة،
فدخل السمك يوم السبت، وأخذوا السمك يوم الأحد، فقال تعالى: (فلما عتوا
عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) (5).
وقال النبي عليه السلام: (لعن الله اليهود حرم عليهم الشحوم فباعوها

(1) لعله سليمان بن منصور البخلي أبو الحسن، الذي روى عن ابن المبارك ومسلم وابن عيينة، وعنه
النسائي وأحمد بن علي الأبار ومحمد بن علي الترمذي، مات سنة أربعين ومأتين، تهذيب التهذيب
4: 221.
(2) لعله هو علي بن عاصم بن صهيب الواسطي التميمي، مات سنة إحدى ومأتين وقد جاوز التسعين،
كذا وصفه ابن حجر في تقريب التهذيب 2: 39، وتهذيب التهذيب 7: 348، وانظر الجواهر المضية
1: 364.
(3) النظر بن شميل بن خرشة بن يزيد التميمي المازني البصري، أبو الحسن، محدث فقيه، مصنف، ولد
بمرو ونشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل بن أحمد، وولي قضاء مرو، واتصل بالمأمون العباسي، مات
عام 204 هجرية. معجم المؤلفين 13: 101.
(4) الأعراف: 163.
(5) الأعراف: 166، وقد ذكر أكثر أرباب التفاسير هذه القصة في كتبهم في تفسير الآية 65 من سورة
البقرة، أو آية 163 من سورة الأعراف فلاحظ.
492

وأكلوا أثمانها) (1).
فلما نظر محمد بن الحسن إلى هذا قال ينبغي أن لا يتوصل إلى المباح
بالمعاصي، ثم نقض هذا فقال: لو أن رجلا حضر عند الحاكم، فادعى أن
فلانة زوجتي وهو يعلم أنه كاذب - وشهد له بذلك شاهدان زورا، وهما يعلمان
ذلك، فحكم له الحاكم بذلك، حلت له ظاهرا وباطنا.
وكذلك على قولهم: لو أن رجلا تزوج بامرأة جميلة، فرغب فيها أجنبي قبل
دخول زوجها بها، فأتى هذا الأجنبي الحاكم، فادعى أنها زوجته، وأن زوجها
طلقها قبل الدخول بها وتزوج بها، وشهد له بذلك شاهدا زور، فحكم الحاكم
بذلك، نفذ حكمه، وحرمت على الأول ظاهرا وباطنا، وحلت للمحتال ظاهرا
وباطنا، هذا مذهبهم لا يختلفون فيه.
وفيما ذكرنا دليل على بطلان فعل هذا أجمع.

(1) صحيح البخاري 3: 107، صحيح مسلم 3: 1208 حديث 73: والموطأ 2: 931، وسنن ابن ماجة
2: 732 حديث 2167، وسنن أبي داود 3: 280 حديث 3488، وسنن الترمذي 3: 591، والسنن
الكبرى 6: 13، وفي بعض المصادر (قاتل الله) وفي البعض منها تفاوت يسير في اللفظ فلاحظ.
493

الرجعة
495

مسألة 1: اعتبار الطلاق بالزوجة إن كانت حرة فطلاقها ثلاث، سواء
كانت تحت حر أو عبد، وإن كانت أمة فطلاقها اثنتان سواء كانت تحت حر
أو عبد وبه قال في الصحابة علي - عليه السلام -، وفي الفقهاء أبو حنيفة
وأصحابه، والثوري (1).
وقال الشافعي: الاعتبار بالزوج إن كان حرا فثلاث تطليقات، وإن كان
مملوكا فتطليقتان، سواء كانت تحته حرة أو أمة، وبه قال: ابن عمر، وابن
عباس، ومالك (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا قوله عز وجل: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان) (4) فعجل للزوج الطلقة الثالثة، وهذه الآية وردت في الحرة، بدلالة
قوله: (فلا جناح عليهما فيما افتدت به) (5) والحرة هي التي تفتدي، وأما الأمة

(1) المبسوط 6: 39، والنتف 1: 336، واللباب 2: 229، وأحكام القرآن للجصاص 1: 385، والمجموع
17: 72، والمغني لابن قدامة 8: 444، والشرح الكبير 8: 322.
(2) الأم 5: 249، وكفاية الأخيار 2: 55 و 67، والسراج الوهاج: 414، ومغني المحتاج 3: 294، وفتح
المعين 116، والمجموع 17: 72، والمغني لابن قدامة 8: 444، والشرح الكبير 8: 322، والمبسوط
6: 39، والنتف 1: 336، وفتح الرحيم 2: 81، وأحكام القرآن للجصاص 1: 385، وأسهل المدارك
2: 137.
(3) الكافي 6: 167 حديث 1 - 5، ومن لا يحضره الفقيه 3: 351 حديث 1676 - 1678.
(4) البقرة: 229.
(5) البقرة: 229.
497

فلا، لأنها لا تملك.
ومن السنة ما روى ابن جريج، عن مظاهر بن أسلم (1)، عن القاسم بن
محمد، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (طلاق الأمة طلقتان، وعدتها
حيضتان) (2) ولم يفرق بين أن يكون زوجها حرا أو عبدا.
وروى هذا الحديث أيضا عطية العوفي (3)، عن ابن عمر، عن النبي
صلى الله عليه وآله (4).
مسألة 2: أقل ما يمكن أن ينقضي به عدة الحرة ستة وعشرون يوما
ولحظتان، وعدة الأمة ثلاثة عشر يوما ولحظتان.
وعند الشافعي أقل ذلك، في الحرة اثنان وثلاثون يوما ولحظتان، وفي الأمة
ستة عشر يوما ولحظتان (5).
دليلنا: ما قد دللنا في كتاب الحيض، على أن أقل الحيض ثلاثة أيام وأقل
الطهر عشرة أيام (6)، فإذا ثبت ذلك ثبت ما قلناه، لأن الشافعي إنما خالف في

(1) مظاهر بن أسلم، ويقال: بن محمد بن أسلم المخزومي المدني، روى عن القاسم بن محمد وسعيد
المقبري: وعنه ابن جريج وسليمان بن موسى والثوري وغيرهم، تهذيب التهذيب 10: 183.
(2) سنن أبي داود 2: 257 ذيل الحديث 2189، وسنن الترمذي 3: 488 حديث 1182، وسنن ابن
ماجة 1: 672 حديث 2080، والسنن الكبرى 7: 426، والمستدرك على الصحيحين 2: 205،
وأحكام القرآن للجصاص، وفي بعض المصادر اختلاف يسير في اللفظ.
(3) عطية بن سعد بن جنادة العوفي الجدلي القيسي الكوفي، أبو الحسن، روى عن ابن عباس وابن عمر
وزيد بن أرقم وجماعة، وعنه ابناه الحسن وعمرو الأعمش والحجاج بن أرطاة وعبد الرحمان بن أبي
ليلى وغيرهم، مات سنة إحدى عشرة ومائة، وقيل سنة (127) للهجرة. تهذيب التهذيب 7: 240.
(4) سنن الدارقطني 4: 38 حديث 104، وسنن ابن ماجة 1: 672 حديث 2079، وسنن الترمذي
3: 488 حديث 1182، والسنن الكبرى 7: 369، وأحكام القرآن للجصاص 1: 386.
(5) المجموع 18: 137، والسراج الوهاج: 430، ومغني المحتاج 3: 339، والوجيز 2: 71، والمغني لابن
قدامة 8: 488، والشرح الكبير 8: 486.
(6) تقدم في الجزء الأول (كتاب الحيض) مسألة 202، و 204 فلاحظ.
498

أقل الحيض، فقال: هو يوم وليلة (1)، وقال في أقل طهر أنه خمسة عشرة
يوما (2)، فإذا ثبت ما قلناه، بأن ما قدرناه.
ويكون التقدير أن يطلقها في آخر جزء من طهرها، ثم ترى الدم بعد لحظة
فيحصل لها قرء واحد، فترى بعد ذلك الدم ثلاثة أيام، ثم ترى الطهر عشرة
أيام، ثم ترى الدم ثلاثة أيام، ثم ترى الطهر عشرة، ثم ترى الدم لحظة، فقد
مضى بها ستة وعشرون يوما ولحظتان، وقد انقضت عدتها.
وفي الأمة إذا طلقها في آخر طهرها، ثم ترى الدم ثلاثة أيام، ثم الطهر
عشرة أيام، ثم ترى الدم لحظة، فقد انقضت عدتها في ثلاثة عشر يوما
ولحظتين.
مسألة 3: المطلقة الرجعية لا يحرم وطؤها ولا تقبيلها، بل هي باقية على
الإباحة، ومتى وطئها وقبلها بشهوة كان ذلك رجعة، وبه قال أبو حنيفة
وأصحابه، والأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى (3).
وقال الشافعي: هي محرمة كالمبتوتة، ولا يحل له وطئها، ولا أن يستمتع بها
بوجه من الوجوه، إلا بعد أن يراجعها، والرجعة عنده تحتاج إلى قول بأن يقول:
(راجعتك) مع القدرة، ومع العجز بالخرس بالإشارة والايماء، كالنكاح

(1) الأم 1: 67، والمجموع 2: 375، وكفاية الأخيار 1: 47، والمجموع 2: 375، ومغني المحتاج 1: 109،
والمغني لابن قدامة 1: 352 و 353، والشرح الكبير 1: 354، وبداية المجتهد 1: 48، وأحكام القرآن
للجصاص 1: 339.
(2) الأم 1: 67، ومغني المحتاج 1: 109، وكفاية الأخيار 1: 47، والمجموع 2: 366، والمحلى 2: 200،
وأحكام القرآن للجصاص 1: 344، وبداية المجتهد 1: 48، والمغني لابن قدامة 1: 356، والشرح
الكبير 1: 356.
(3) المبسوط 6: 19 و 20، واللباب 2: 235، والنتف 1: 325 و 326، وتبيين الحقائق 2: 257، والجامع
لأحكام القرآن 3: 121 و 123، والمغني لابن قدامة 8: 484، والشرح الكبير 8: 476، والمجموع
17: 267، والميزان الكبرى 2: 124، وبداية المجتهد 2: 85، والمحلى 10: 252.
499

سواء (1)، وبه قال أبو قلابة (2).
وقال مالك: إن وطأها ونوى الرجعة كان رجعة، وإن لم ينو الرجعة لم يكن
رجعة (3)، وبه قال أبو ثور، وعطاء (4) وروي ذلك عن ابن عمر (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6).
وأيضا قوله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن) (7) فسمي المطلق طلاقا
رجعيا بعلا، وإذا كان هو بعلا فهي بعلة، فثبت بذلك الزوجية بينهما،
والإباحة تابعة للزوجية.
مسألة 4: يستحب الإشهاد على الرجعة، وليس ذلك بواجب، وبه قال
أبو حنيفة، والشافعي في القديم والجديد، وهو الصحيح عندهم (8).

(1) الأم 5: 244 و 245، والسراج الوهاج: 429، والمجموع 17: 267 - 268، والوجيز 70 و 71،
ومختصر المزني: 196، ومغني المحتاج 3: 336 و 337 و 340، والمحلى 10: 252، والمبسوط 6: 19 و
20، والميزان الكبرى 2: 124.
(2) المحلى 10: 252، والمجموع 17: 267، وتبيين الحقائق 2: 257، وتفسير القرطبي 3: 121.
(3) بداية المجتهد 2: 85، وجواهر الإكليل 2: 362، وبلغة السالك 1: 473، وأسهل المدارك 2: 138،
وحاشية العدوي 2: 75، والمغني لابن قدامة 8: 484، والشرح الكبير 8: 476، والمجموع 17: 267،
والمحلى 10: 252، وسبل السلام 3: 1099، والميزان الكبرى 2: 124، والجامع لأحكام القرآن
3: 121.
(4) المحلى 10: 252، والجامع لأحكام القرآن 3: 121.
(5) لم أقل على هذه الرواية في المصادر المتوفرة.
(6) دعائم الإسلام 2: 295 حديث 1109، والتهذيب 8: 44 و 45 حديث 137 - 138 - والاستبصار
3: 281 حديث 995 و 996.
(7) البقرة: 228.
(8) الأم 5: 245، ومختصر المزني: 196، والسراج الوهاج: 429، ومغني المحتاج 3: 336، والوجيز
2: 71، والمجموع 17: 269 و 270، المبسوط 6: 19، والمغني لابن قدامة 8: 483، والشرح الكبير
8: 474، ورحمة الأمة 2: 60، والميزان الكبرى 2: 124، وتبيين الحقائق 2: 252، والمحلى
10: 255.
500

وقال في الإملاء الإشهاد واجب (1)، وبه قال مالك (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا قوله تعالى: (وبعولتهن أحق بردهن) (4) ولم يشرط الإشهاد وقوله:
(وأشهدوا ذوي عدل منكم) (5) المراد به على الطلاق - على ما بيناه فيما مضى -
لأنه، قال ذلك في عقيب قوله: (أو فارقوهن بمعروف (6) يعني بذلك الطلاق
وهو، أقرب من قوله: (فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) (7).
مسألة 5: إذا راجعها قبل أن تخرج من عدتها، ولم تعلم الزوجة بذلك
فاعتدت وتزوجت ثم جاء الزوج الأول وأقام البينة بأنه كان راجعها في العدة
فإنه يبطل النكاح الثاني، وترد إلى الأول. سواء كان دخل بها الثاني أو لم
يدخل، وبه قال علي عليه السلام، وأهل العراق، والشافعي (8).
وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: إن لم يكن الثاني دخل بها فالأول
أحق بها، وإذا كان دخل بها فهو أحق بها، وبه قال مالك (9).

(1) مغني المحتاج 3: 336، والمجموع 17: 270، والمبسوط 6: 19 و 20، والمغني لابن قدامة 8: 483،
وتبيين الحقائق 2: 252، والشرح الكبير 8: 474، وسبل السلام 3: 199.
(2) بلفظ السالك 1: 477، والمبسوط 6: 19، وحكاه الرافعي عنه أيضا كما في رحمة الأمة 2: 60 والميزان
الكبرى 2: 124 فلاحظ.
(3) دعائم الإسلام 2: 295 حديث 1109 و 1110، والكافي 6: 72 و 73 (باب الإشهاد على الرجعة) حديث
1 - 5.
(4) البقرة: 228.
(5) الطلاق: 2.
(6) الطلاق: 2.
(7) الطلاق: 2.
(8) الأم 5: 244 و 245 و 247، ومختصر المزني: 196، والمجموع 7: 275، والمغني لابن قدامة 8: 499،
والشرح الكبير 8: 483، ودعائم الإسلام 2: 295، حديث 1110، والسنن الكبرى 7: 373، والمحلى
10: 255، وبداية المجتهد 2: 85، وسبل السلام 3: 1100.
(9) المدونة الكبرى 2: 449، وبداية المجتهد 2: 85، وفتح الرحيم 2: 72 و 73، والمحلى 10: 254، والمغني
لابن قدامة 8: 499، والشرح الكبير 8: 483، والمجموع 17: 275، وسبل السلام 3: 1100.
501

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا: فإنه إذا راجعها فالرجعة صحيحة، بدلالة أنه لو لم يدخل بها الثاني
ردت إلى الأول بلا خلاف، وإذا ثبت له الرجعة ثبت له الزوجية وبطل عقد
الثاني، لأنه عقد على امرأة لها زوج، وذلك محرم بلا خلاف، ولقوله:
(والمحصنات من النساء) (2) بعد ذكر المحرمات، يعني: ذوات الأزواج.
مسألة 6: إذا طلقها ثلاثا على الوجه الذي يقع الثلاث على الخلاف فيه،
فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فيطأها، فالوطء من الثاني يشترط لتحل
للأول، وبه قال علي - عليه السلام - وابن عمر، وجابر، وعائشة، وجميع
الفقهاء (3). إلا سعيد بن المسيب، فإنه لم يعتبر الوطء، وإنما اعتبر النكاح الذي
هو العقد (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا: فالتحريم قد حصل بلا خلاف، ولم يدل دليل
على رفع التحريم بمجرد العقد، فمن ادعى ذلك فعليه الدلالة.
وروى سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أنها قالت:
أتت زوجة رفاعة بن مالك إلى النبي - صلى الله عليه وآله - فقالت: طلقني رفاعة،
وبت طلاقي، وتزوجت بعبد الرحمان بن الزبير وأنا معه مثل هدبة الثوب، فقال

(1) دعائم الإسلام 2: 295 حديث 1110، والتهذيب 8: 43 حديث 130، والكافي 6: 74 حديث 2.
(2) النساء: 24.
(3) أحكام القرآن للجصاص 1: 390 و 391، وعائم الإسلام 2: 296 حديث 1114، وبداية المجتهد
2: 86، وكفاية الأصول 2: 67 و 68، والمغني لابن قدامة 8: 472 و 473، الشرح الكبير 8: 494 و
495، والمجموع 7: 281، والميزان الكبرى 2: 124، ومغني المحتاج 3: 182، ورحمة الأمة في
اختلاف الأئمة 2: 60، والسراج الوهاج: 374، والشرح النووي 6: 185.
(4) بداية المجتهد 2: 86، والمحلى 10: 178، والمغني لابن قدامة 8: 472 و 473، والشرح الكبير 8: 494،
وأحكام القرآن للجصاص 1: 390 و 391، وشرح النووي 6: 185، والمجموع 17: 281، والجامع
لأحكام القرآن 3: 147، وسبل السلام 3: 1006.
502

النبي صلى الله عليه وآله: (أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة أم لا؟) فقالت: نعم.
فقال: (لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) (1).
وروى سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمر، أنه قال: سئل النبي
صلى الله عليه وآله على امرأة طلقها زوجها ثلاثا، ثم تزوجت بآخر لم يصبها، فطلقها،
أفتحل للأول؟ فقال صلى الله عليه وآله: (لا حتى تذوق العسيلة) (2).
مسألة 7: إذا نكحت نكاحا فاسدا، ودخل بها الزوج الثاني، لا تحل به
للأول.
وللشافعي فيه قولان: قال في الجديد مثل ما قلناه (3)، وبه قال مالك (4)
وفي القديم أنها تحل (5).
دليلنا: قوله تعالى: (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (6).

(1) صحيح البخاري 7: 55 و 56، وصحيح مسلم 2: 1055 و 1056 حديث 111 و 112، والمصنف
لعبد الرزاق 6: 246 حد 11131، وسنن الدارمي 2: 161، وسنن الترمذي 3: 426 حديث 1118،
وسنن النسائي 6: 146 - 148، وسنن ابن ماجة 1: 621 حديث 1932، ومسند أحمد بن حنبل
6: 34 و 37، وأحكام القرآن للجصاص 1: 390، وترتيب مسند الإمام الشافعي 2: 34
حديث 110، والسنن الكبرى 7: 373 و 374، وفي بعض ما ذكرناه من المصادر اختلاف يسير في
اللفظ.
(2) سنن ابن ماجة 1: 622 حديث 1933، وسنن النسائي 6: 149.
(3) الأم 5: 249، والسراج الوهاج: 347، ومغني المحتاج 3: 182، والمجموع 17: 285، والمغني لابن
قدامة 8: 473 و 474، والشرح الكبير 8: 495، وشرح النووي على صحيح مسلم في هامش إرشاد
الساري 6: 186، والجامع لأحكام القرآن 3: 151.
(4) المدونة الكبرى 2: 292، وحاشية العدوي 2: 72، وأسهل المدارك 2: 81، وبداية المجتهد 2: 87،
والمغني لابن قدامة 8: 474، والشرح الكبير 8: 495، والجامع لأحكام القرآن 3: 151.
(5) الأم 5: 249، ومختصر المزني: 197، والمجموع 17: 285، والسراج الوهاج 375، ومغني المحتاج
3: 182، وبداية المجتهد 2: 87، والمغني لابن قدامة 8: 473، والشرح الكبير 8: 495، وشرح النووي
على صحيح مسلم 6: 186.
(6) البقرة: 230.
503

وإطلاق النكاح الذي أمر الله تعالى به، وإباحة النكاح الصحيح دون النكاح
الفاسد، فمن ألحق الفاسد به فعليه الدلالة.
مسألة 8: إذا تزوجت بمراهق قرب من البلوغ، وينتشر عليه، ويعرف لذة
الجماع، ودخل بها، فإنها تحل للأول، وبه قال الشافعي (1).
وقال مالك: لا تحل للأول (2).
دليلنا: قوله تعالى: (فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) (3) ولم
يفصل.
وأيضا قوله عليه السلام: (حتى يذوق عسيلتها) (4) وهذا قد ذاق، ولا يلزم عليه غير المراهق، لأنه لا يعرف العسيلة.
مسألة 9: إذا وطئها الزوج الثاني في حال يحرم وطئها بأن يكون محرما
أو هي محرمة أو كان صائما أو هي صائمة أو كانت حائضا أو نفساء فإنها
لا تحل للأول، وبه قال مالك (5).
وقال الشافعي وجميع الفقهاء: إنها تحل للأول (6)، وهو قوي.

(1) الأم 5: 249، ومختصر المزني: 197، والمغني لابن قدامة 8: 476، والشرح الكبير 8: 496، والمجموع
17: 278 و 283، وبداية المجتهد 2: 87.
(2) المدونة الكبرى 2: 291 و 294، وبداية المجتهد 6: 86 - 87، وحاشية العدوي 2: 71، والمغني لابن
قدامة 8: 476، والشرح الكبير 8: 496، المجموع 17: 283.
(3) البقرة: 230.
(4) صحيح البخاري 7: 55، وصحيح مسلم 2: 1057 حديث 114 و 115، وسنن النسائي 6: 148،
والسنن الكبرى 7: 374.
(5) المدونة الكبرى 2: 292، وبداية المجتهد 2: 86 و 87، وحاشية العدوي 2: 71 و 72، والمغني لابن
قدامة 8: 475، والشرح الكبير 8: 499، والمجموع 17: 283.
(6) الأم 5: 249، ومختصر المزني: 197، ومغني المحتاج 3: 182، والسراج الوهاج: 375، وبداية المجتهد
2: 87، والمغني لابن قدامة 8: 475، والشرح الكبير 8: 499.
504

دليلنا: أن التحريم معلوم، ولا دليل على أن هذا الوطء محلل، وقول النبي
صلى الله عليه وآله: (حتى يذوق عسيلتها) (1) يدل عليه، لأنه إنما أراد بذلك ذوقا
مباحا، لأن النبي صلى الله عليه وآله لا يبيح المحرم.
وأيضا: فإنه محمر عليه هذا الوطء ومنهي، والنهي يدل على فساد المنهي
عنه، ولأن الإباحة تعلقت بشرطين: بالنكاح، والوطء. ثم أن النكاح إذا كان
محرما لا تحل للأول، فكذلك الوطء.
مسألة 10: إذا كانت عنده زوجة ذمية، فطلقها ثلاثا، وتزوجت بذمي
بنكاح صحيح، ووطأها، فإنها تحل للأول عند من أجاز من أصحابنا العقد
عليهن (2). وبه قال أبو حنيفة، وأهل العراق، والشافعي (3).
وقال مالك: لا يبيحها للأول، بناه على أصله: أن أنكحة أهل الذمة عنده
فاسدة (4)، والوطء في النكاح الفاسد لا يبيحها للأول (5).
دليلنا: قوله تعالى: (حتى تنكح زوجا غيره) (6) ولم يفرق.
وأيضا: فإن أنكحة أهل الكفر صحيحة عندنا، يدل عليه قوله تعالى:

(1) صحيح البخاري 7: 557، وصحيح مسلم 2: 1057 حديث 114 و 115، وسنن النسائي 6: 148،
والسنن الكبرى 7: 374.
(2) ذهب إلى هذا القول والد الشيخ الصدوق علي بن بابويه - رضوان الله تعالى عليه - كما حكاه عنه
العلاقة، قدس سره - في المختلف (كتاب النكاح): 87، وابنه الشيخ الصدوق - قدس سره - في
المقنع: 102.
(3) الأم 5: 241 و 243، ومختصر المزني: 197، والمحلى 10: 179، والمجموع 17: 284، المغني لابن
قدامة 8: 476، وبداية المجتهد: 87، والشرح الكبير 8: 497، والميزان الكبرى 8: 497.
(4) تقدم بيانه في المسألة (112) من كتاب النكاح فلاحظ.
(5) المدونة الكبرى 2: 293 و 294 و 311 و 312، وحاشية العدوي 2: 71، وبداية المجتهد 2: 87،
وشرح فتح القدير 2: 502، ورحمة الأمة 2: 37، والمغني لابن قدامة 8: 476 والمجموع 16: 299
و 17: 284، والميزان الكبرى 2: 114.
(6) البقرة: 230.
505

(وامرأته حمالة الحطب) (1) فأضاف المرأة إلى أبي لهب، وهذه الإضافة
تقتضي الزوجية، حقيقة، ولأن النبي - صلى الله عليه وآله - رجم يهوديين زنيا (2)،
فلولا أنها كانت موطوءة بنكاح صحيح لما رجمهما، لأنهما لا يكونان محصنين إلا
بنكاح صحيح.
مسألة 11: إذا قال لامرأة: أنت طالق ظنا منه أنها أجنبية أو نسي أن
له امرأة، فقال: كل امرأة لي طالق فإنه لا يلزمه الطلاق.
وقال الشافعي: يلزمه (3).
دليلنا: ما قدمناه من أن الطلاق يحتاج إلى نية، فإذا ثبت ذلك فهذا لم
يقصد الإيقاع. وإنما قصد إلى اللفظ، وذلك لا اعتبار به عندنا.
مسألة 12: إذا راجعها بلفظ النكاح مثل أن يقول: تزوجتك أو يقول
نكحتك وقصد المراجعة، كانت رجعة صحيحة.
وللشافعي فيه وجهان.
أحدهما: مثل ما قلناه، وهو المذهب عندهم (4) والثاني أنه لا يصح (5)
دليلنا: ما قدمناه من أن الرجعة لا تفتقر إلى القول، وأنه يكفي إنكار
الطلاق، أو الوطء، أو التقبيل، وهذا أقوى من جميع ذلك.

(1) المسد: 4.
(2) رواه الشافعي في الأم 5: 243، والمزني في مختصره: 197.
(3) السراج الوهاج: 411 و 412، ومغني المحتاج 2: 288، وبداية المجتهد 2: 74 و 75.
(4) السراج الوهاج: 429، ومغني المحتاج 3: 336، والوجيز 2: 70، وكفاية الأخيار 2: 67، والمجموع
17: 268.
(5) المجموع 17: 268، الوجيز 2: 70، وكفاية الأخيار 2: 67، والسراج الوهاج: 429، ومغني المحتاج
3: 336.
506

كتاب الإيلاء
507

مسألة 1: الإيلاء الشرعي: أن يحلف أن لا يطأ زوجته أكثر من أربعة
أشهر، فإن حلف على أربعة لم يكن موليا، وبه قال مالك، والشافعي، وأحمد،
وإسحاق (1).
وحكي عن ابن عباس أنه قال: الإيلاء أن يحلف أن لا يطأها على التأييد،
فإن أطلق فقد أبد، وإن قال على التأييد فقد أكد (2).
وقال أبو حنيفة، والثوري: إذا حلف أن لا يطأها أربعة أشهر كان موليا
يوقف، وإن كان أقل لم يكن موليا (3).
وقال الحسن البصري، وابن أبي ليلى: إذا حلف أن لا يطأها كان موليا

(1) الأم 5: 267 و 369، ومختصر المزني: 197 و 198، والمجموع 17: 300 و 302، والسراج الوهاج:
432، ومغني المحتاج 3: 243، والوجيز 2: 57، وكفاية الأخيار 2: 68، والمدونة الكبرى 3: 84،
وبلغة السالك 1: 478، وأسهل المدارك 2: 166، وأحكام القرآن للجصاص 1: 357، والتفسير
الكبير للرازي 6: 89، والمبسوط 7: 22، والمغني لابن قدامة 8: 56، والشرح الكبير 8: 510، وبداية
المجتهد 2: 100، والمحلى 10: 44، وسبل السلام 3: 1103، ورحمة الأمة 2: 60، والميزان الكبرى
2: 124، وفتح الرحيم 2: 87 و 88، وبدائع الصنائع 3: 171.
(2) المغني لابن قدامة 8: 507، والشرح الكبير 8: 511، وبداية المجتهد 2: 101، والمجموع 17: 302،
والتفسير الكبير 6: 88 و 89، وبدائع الصنائع 3: 171.
(3) اللباب 2: 241 و 242، والمبسوط 7: 22، وأحكام القرآن للجصاص 1: 357، والنتف 1: 369،
والتفسير الكبير 6: 89، والمغني لابن قدامة 8: 506، والشرح الكبير 8: 510، وبداية المجتهد
2: 101، والمحلى 10: 44، والمجموع 17: 302، ورحمة الأمة 2: 60 و 61، والميزان الكبرى
2: 124، وبلغة السالك 1: 478، وبدائع الصنائع 3: 171.
509

يوقف، ولو أنه حلف لا وطأها يوما (1).
دليلنا: قوله تعالى: (للذين يؤلون من نسائهم تربض أربعة أشهر) (2) ثبت
أن الآية تناولت مدة تجاوز ذلك، وأيضا إجماع الفرقة وأخبارهم تدل على
ذلك (3).
مسألة 2: حكم الإيلاء الشرعي: أن له التربص أربعة أشهر، فإذا انقضت
توجهت عليه المطالبة بالفيئة أو الطلاق، فمحل الفيئة بعد انقضاء المدة، وهو
محل الطلاق - فأما قبل انقضائها فليس بمحل الفيئة، والمدة حق له، فإن فاء
فيها فقد عجل الحق لها قبل محله عليه، وبه قال في الصحابة علي - عليه السلام
وعمر، وعثمان، وابن عمر، وعائشة وفي التابعين عطاء، ومجاهد وسليمان بن
يسار وفي الفقهاء: مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو ثور (4).
وذهبت طائفة: إلى أنه يتربص أربعة أشهر، فإذا انقضت وقع بانقضائها
طلقة، بائنة، ووقعت الفيئة في المدة، فإن فاء فيها فقد وفاها حقها في وقته. وإن
ترك الجماع، وقعت الطلقة بانقضاء المدة، ذهب إليه الثوري، وابن أبي ليلى،
وأبو حنيفة وأصحابه (5).

(1) المبسوط 7: 22، والتفسير الكبير 6: 89، المغني لابن قدامة 8: 506، والشرح الكبير 8: 511،
وبداية المجتهد 2: 100 و 101، والمحلى 10: 44، والمجموع 17: 302، وسبل السلام 3: 1103،
وبدائع الصنائع 3: 177، وقد أشارت بعض المصادر المذكورة إلى الحكم دون النسبة.
(2) البقرة: 226.
(3) التهذيب 8: 6 حديث 12: والاستبصار 3: 253 حديث 907.
(4) الأم 5: 271، ومختصر المزني: 200، وأحكام القرآن للجصاص 1: 360، والمحلى 10: 47، وبداية
المجتهد 2: 100، والشرح الكبير 8: 537، والميزان الكبرى 2: 225، ورحمة الأمة 2: 61.
(5) المبسوط 7: 20، واللباب 3: 60، وبداية المجتهد 2: 100، والمحلى 10: 46، والمغني لابن قدامة
8: 529، والشرح الكبير 8: 537، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 61، وبدائع الصنائع
3: 177، واللباب 2: 241.
510

ويروى ذلك عن ابن مسعود، وابن عباس (1).
وقد طعن في هذه الرواية عن ابن عباس، لأنه كان يذهب إلى أن الإيلاء
على التأبيد، وهو أصح (2).
وذهبت طائفة: إلى أنه يقع الطلاق بانقضاء المدة، ولكن لا تكون طلقة
بائنة، ذهب إليه الزهري وسعيد بن جبير (3).
دليلنا: قوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤا
فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم " (4) وفيها أدلة
أربعة:
أحدها: أن الله تعالى أضاف المدة إلى المؤلي بلام التمليك، فقال:
" للذين يؤلون من نسائهم " (5) فإذا كانت حقا له، لم يصح أن يكون
الأجل المضروب له محلا لحق غيره فيه، كما تقول فيمن عليه دين إلى سنة له أن
لا يوفي إلى سنة، فالسنة ليست محلا لحق غيره فيها.
والثانية: جعل له التربص، وأخبر أن له الفيئة بعدها، فقال: له: " تربص
أربعة أشهر فإن فاؤا " (6) والفاء للتعقيب، ثبت أن وقت الفيئة بعد التربص.
والثالثة: أن الله تعالى قال: " فإن فاؤا " (7) يعني: جامعوا، فأضاف ذلك
إلى المؤلي، وقال: " وإن عزموا الطلاق " (8) فأضاف الطلاق إليه أيضا وهو إلى
عزمه وإيقاعه، ثبت أن الطلاق يقع بفعله كما يقع الفيئة بفعله، وعندهم لا

(1) المحلى 10 / 46، والمغني لابن قدامة 8: 529، والشرح الكبير 8: 537، وبدائع الصنائع 3: 177.
(2) انظر قول ابن عباس هذا في المسألة المتقدمة.
(3) المحلى 10: 46، والمغني لابن قدامة 8: 529، والشرح الكبير 8: 537.
(4) البقرة: 226 و 227.
(5) البقرة: 226.
(6) البقرة: 226.
(7) البقرة: 226.
(8) البقرة: 227.
511

فعل له في الطلاق.
والرابعة: أن الله تعالى قال: " فإن فاؤا فإن الله غفور رحيم " (1) فوصف
نفسه بالغفران إذا هو فاء. وهو وإن لم يكن مأثوما بالفيئة، فهو في صورة من
يفتقر إلى غفران، لأنه حنث، وهتك حرمة الاسم، فلما كان في صورة من يغفر
له، وصف الله نفسه بالغفران له، ولما قال: " وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع
عليم " (2) أفاد أن هناك ما يسمع، ويقال: إذا لو لم يكن كذلك لما وصف
نفسه بأنه يسمع ذلك، ثبت أن الطلاق يسمع، فمن قال يقع بانقضاء المدة
فليس هناك ما يقال ولا يسمع.
وأيضا فالأصل بقاء العقد، فمن قال إن انقضاء المدة طلقة بائنة أو رجية
فعليه الدلالة.
مسألة 3: لا يكون موليا إلا بأن يحلف بالله، أو اسم من أسمائه، فأما
اليمين بالعتاق، والطلاق، والصدقة، والنذر، وإيجاب العبادات على نفسه، فلا
يكون موليا بها، وبه قال الشافعي في القديم (3).
وقال في الجديد يكون موليا بجميع ذلك (4)، وبه قال أبو حنيفة
وأصحابه (5).

(1) البقرة: 226.
(2) البقرة: 227.
(3) الأم 5: 265، ومختصر المزني: 197، والمجموع 17: 291 - 292، وبداية المجتهد 2: 100، والمغني لابن
قدامة 8: 504، والشرح الكبير 8: 508، والتفسير الكبير 6: 88 وأحكام القرآن لابن العربي
1: 177، والوجيزي 2: 73، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 61، وبدائع الصنائع
3: 161.
(4) الأم 5: 266، ومختصر المزني: 197، والسراج الوهاج: 432، والمجموع 17: 292، والوجيز 2: 73.
والمحلى 10: 44، والمغني لابن قدامة 8: 504، والشرح الكبير 8: 508، وسبل السلام 3: 1102،
والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 61، ومغني المحتاج 3: 344.
(5) المبسوط 7: 23 و 24، والمحلى 10: 44، والمغني لابن قدامة 8: 504، والشرح الكبير 8: 508،
والتفسير الكبير 6: 88، وسبل السلام 3: 1102، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 61،
وبدائع الصنائع 3: 161.
512

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وأيضا الأصل براءة الذمة، واشتغالها
باليمين بغير الله تعالى يحتاج إلى دليل.
وأيضا قوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر " (2) وأراد
اليمين بالله بدلالة ثلاثة أشياء.
أحدها: إطلاق اليمين ينصرف بالله، وقد أطلقه في الآية. والثاني: قال: " فإن الله غفور رحيم ". فأخبر أنه لا شئ عليه بالفيئة،
وإنما لا يكون عليه شئ إذا كانت اليمين بالله فقط.
والثالث: قول النبي صلى الله عليه وآله: " من كان حالفا فليحلف بالله، أو
ليصمت " (3) ثبت أنه لا يمين في الشرع بغير الله، فإذا ثبت هذا علم أنه لا إيلاء
بغير اليمين بالله تعالى.
مسألة 4: لا ينعقد الإيلاء: إلا بالنية، إذا كان بألفاظ مخصوصة، وهو أن
يقول: لا أنيكك، ولا أدخل ذكري في فرجك، ولا أغيب ذكري في فرجك.
وقال الشافعي: هذه الألفاظ صريحة في الإيلاء، ولا يحتاج معها إلى النية،
فمتى لم ينوبها الإيلاء، حكم عليه بها، وإن لم ينعقد فيما بينه وبين الله (4).
وزاد في البكر: والله لا أفتضك (5).

(1) الكافي 6: 132 حديث 9 و 7: 449 حديث 1 و 2، والتهذيب 8: 2 حديث 1 و 2 و 4، والاستبصار
3: 352، حديث 904 - 906.
(2) البقرة: 226.
(3) صحيح مسلم 3: 1267 حديث 3، وسنن الدارمي 2: 185.
(4) الأم 5: 266، ومختصر المزني: 197، والسراج الوهاج: 433، والمجموع 17: 295، و 296، والوجيز
2: 75، ومغني 3: 345 و 346.
(5) الأم 5: 266، ومختصر المزني: 197، والمجموع 17: 295، ومغني المحتاج 3: 346.
513

وهذا لا يجوز عندنا، لأن الإيلاء لا يكون إلا بعد الدخول بها (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا: فالأصل براءة الذمة، ومع إطلاق ذلك
وارتفاع النية يحتاج إلى دليل في انعقاد يمينه، ولا دليل.
مسألة 5: إذا قال: والله لا جامعتك، لا أصبتك، لا وطئتك، وقصد به
الإيلاء كان إيلاء، وإن لم يقصد لم يكن بها موليا، وهي حقيقة في العرف في
الكناية عن الجماع.
وقال الشافعي: هذه صريحة في الحكم، لكنه يدين فيما بينه وبين الله،
وثبت أنها بالعرف عبارة عن النيك (2)، مثل ما قلناه، فإذا أطلق وجب حملها
على ذلك مثل الصريحة.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 6: إذا قال: والله لا باشرتك، لا لامستك، لا باضعتك وقصد بها
الإيلاء والعبارة عن الوطء كان موليا، وإن لم يقصد لم يكن بها موليا.
وللشافعي فيه قولان:
قال في القديم: صريح في الإيلاء.
وقال في الجديد: كناية (3).
فيخرج من ذلك إن نوى الإيلاء كان موليا. وإن لم ينو لم يكن موليا، وإن
أطلق فعلى قولين.
دليلنا: ما قلنا في المسألة الأولى سواء.

(1) يأتي بيان ذلك في المسألة 13 فلا حظ.
(2) الأم 5: 266، ومختصر المزني: 197 والوجيز 2: 75، والسراج الوهاج: 433، والمجموع 17: 295 -
298.
(3) الأم 5: 266، ومختصر المزني: 197، والجيز 2: 75، والسراج الوهاج: 433، والمجموع 17: 298،
والمغني لابن قدامة 8: 526، والشرح الكبير 8: 506.
514

مسألة 7: إذا قال: والله لا جمع رأسي ورأسك شئ لا ساقف رأسي
ورأسك، لا جمع رأسي ورأسك مخدة، والله لأسوأنك، والله لأطيلن غيبتي
عنك، كل هذا لا ينعقد بها الإيلاء.
وقال الشافعي: هذه كنايات الإيلاء، فإن كانت له نية فهو على ما نوى،
وإن لم تكن له نية سقط قوله، ولم يتعلق حكم، كقوله خلية أو برية في
الطلاق (1).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وثبوت اليمين بهذه الألفاظ يحتاج إلى دليل،
ولا دليل على ذلك.
مسألة 8: إذا امتنع بعد الأربعة أشهر من الفيئة والطلاق، وما طل ودافع،
لا يجوز أن يطلق عليه، لكن يضيق عليه، ويحبس، ويلزم إما أن يطلق أو يفئ،
وليس للسلطان أن يطلق عليه.
وللشافعي في القديم قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه (2).
والثاني: أن ما له أن يطلق عليه، وبه قال في الجديد، ونقله المزني (3).
وعند أبي حنيفة يقع الطلاق بانقضاء المدة، فليس له في المسألة تعلق (4).
دليلنا: قوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤا

(1) الأم 5: 266، ومختصر المزني: 197، والوجيز 2: 75، والمجموع 17: 295،
(2) مختصر المزني: 200، والأم 5: 271، والمغني لابن قدامة 8: 529، والشرح الكبير 8: 537، والمبسوط
7: 20،، والمجموع 17: 321، والتفسير الكبير 6: 89، والميزان الكبرى 2: 125.
(3) الأم 5: 271، ومختصر المزني: 200، والمبسوط 7: 20، وأحكام القرآن للجصاص 1: 357، والتفسير
الكبير 6: 89، وسبل السلام 3: 1103، والوجيز 2: 76، والميزان الكبرى 2: 125.
(4) المبسوط 7: 20، والمغني لابن قدامة 8: 529، والشرح الكبير 8: 537 و 551 والنتف 1: 369،
والتفسير الكبير 6: 89، وأحكام القرآن للجصاص 1: 357، واللباب 2: 242، وسبل السلام
3: 1103، والميزان الكبرى 2: 125، وبدائع الصنائع 3: 161.
515

فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم " (1) فأخبر أن عزم
الطلاق إليه، ثبت أنه مقصور عليه.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الطلاق لمن أخذ بالساق " (2).
وعليه إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 9: إذ طلق المؤلي طلقة كانت رجعية، وبه قال الشافعي إذا كان
في المدخول بها (4).
وقال أبو ثور: تكون بائنة على كل حال (5).
دليلنا: أن الأصل في الطلقة الواحد فإن تكون رجعية، وكونها بائنة يحتاج
إلى شرع.
وأيضا قوله تعالى: " وبعولتهن أحق بردهن " (6) وهذا نص ولم يفرق.
مسألة 10: إذا قال: أن أصبتك فأنت علي حرام لم يكن موليا، ولم يتعلق
به حكم.
وقال الشافعي: إن قلنا أنه كناية، وليس بصريح في شئ، ولم يكن له

(1) البقرة: 226 و 227.
(2) سنن ابن ماجة 1: 672 حديث 2081، والسنن الكبرى 7: 360.
(3) الكافي 6: 130 حديث 2 و 10 و 1637، والفقيه 3: 339 حديث 1634 و 1637،
والتهذيب 8: 2 حديث 1 و 2 و 4 و 8 و 10، والاستبصار 3: 252 حديث 904 و 906 و 908 و
911 وغيرها.
(4) السراج الوهاج: 434، والمجموع 17: 330 و 333، والوجيز 2: 76، وأحكام القرآن للجصاص
1: 360، وبداية المجتهد 2: 102، والمغني لابن قدامة 8: 543، والشرح الكبير 8: 551، وسبل
السلام 3: 1105.
(5) المغني لابن قدامة 8: 544، والمجموع 17: 330 و 333، والشرح الكبير 8: 551، وبداية المجتهد
2: 102.
(6) البقرة: 228.
516

نية، لم يتعلق بهذا اللفظ حكم، وإن قلنا صريح في إيجاب الكفارة، أو قلنا
كناية فتوى تحريم عينها كان موليا - على قوله الجديد (1) ولا يكون موليا على
قوله القديم - لأنها يمين بغير الله.
دليلنا: ما قدمناه من إجماع الفرقة وغيره، من أن اليمين لا ينعقد في الإيلاء
إلا باسم من أسماء الله، وهذا ليس من ذلك، وأيضا فلأصل براءة الذمة، فمن
علق عليها شيئا فعليه الدلالة.
مسألة 11: إذا قال: إن أصبتك فلله علي أن أعتق عبدي، لا يكون موليا.
وللشافعي فيه قولان:
قال في القديم: مثل ما قلناه (2).
والثاني قاله في الجديد: يكون موليا (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء
مسألة 12: الإيلاء لا يقع بشرط.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وأيضا الأصل براءة الذمة، وثبوت
الإيلاء بشرط يحتاج إلى دلالة شرعية، ولا دليل في الشرع.
مسألة 13: لا حكم للإيلاء قبل الدخول.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (6).

(1) الأم 5: 267.
(2) الأم 5: 268، ومختصر المزني: 198، ومغني المحتاج 3: 347.
(3) الأم 5: 266 و 268، والمجموع 17: 290، و 291 و 307، ومغني المحتاج 3: 346 و 347.
(4) المبسوط 7: 23، والمغني لابن قدامة 8: 508، والشرح الكبير 8: 512، والمجموع 17: 306، وبدائع
الصنائع 3: 162.
(5) الكافي 6: 132 حديث 6.
(6) الأم 5: 266، ومختصر المزني: 197، والسراج الوهاج: 433، والمجموع 17: 296، بدائع الصنائع
3: 171.
517

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وأيضا الأصل براءة الذمة، وثبوت
حكم الإيلاء عليها قبل الدخول يحتاج إلى دليل، ولا دليل في الشرع يدل على
ذلك.
مسألة 14: الإيلاء في الرضا والغضب سواء، إذا قصد به الإيلاء وبه قال
أبو حنيفة، والشافعي وإن لم يعتبر النية (2).
وقال مالك إذا آلى في حال الغضب يكون مؤليا، وإن آلى حال الرضا لم
يكن مؤليا (3).
دليلنا: قوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم " (4) ولم يفرق، والأخبار الواردة
مطلقة (5)، فمن خصصها فعليه الدلالة.
مسألة 15: إذا كانت له امرأتان زينب وعمرة فقال: إن وطأت زينب
فعمرة طالق كان ذلك إيلاء عند الفقهاء، فإذا مضت المدة وطلق زينب
طلاقا بائنا، ثم تزوجها بعقد آخر، فهل يعود حكم الإيلاء أم لا؟
للشافعي فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يعود بكل حال.
والثاني: لا يعود بكل حال.
والثالث: ينظر فيه، فإن كانت البينونة بدون الثلاث عاد. وإن كان
بثلاث لهم يعد. وبه قال أبو حنيفة (6).

(1) الكافي 6: 133 حديث 1 - 4، والتهذيب 8: 7 حديث 16 و 17.
(2) الأم 5: 268، ومختصر المزني: 198، والمجموع 17: 328، وبدائع الصنائع 3: 172، والميزان الكبرى
2: 125، ورحمة الأمة 2: 61 والمغني لابن قدامة 8: 525، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 187.
(3) التفسير الكبير 6: 87، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 61.
(4) البقرة: 226.
(5) انظرها في الكافي 6: 130 - 133، والفقيه 3: 339 و 340، والتهذيب 8: 2 (حكم الإيلاء)،
والاستبصار 3: 252 (155 باب مدة الإيلاء).
(6) لم أقف على هذه الأقوال في مظانه من المصادر المتوفرة.
518

وهكذا الخلاف في صورة طلاقة عمرة سواء.
وهذا الفرع يسقط عنا، لأن عندنا أن الإيلاء لا يكون إلا بالله. وأيضا فإن
الطلاق لا يقع بشرط، ولا ينعقد اليمين به، فهو باطل من كل وجه.
مسألة 16: إذا آلى من زوجته تربص أربعة أشهر سواء كان الزوج حرا أو
عبد وسواء كانت عنده حرة أو أمة لا يختلف الحكم فيه، وبه قال
الشافعي (1).
وقال مالك: الاعتبار بالرجل، فإن كان عبدا فالمدة شهران، وإن كان
حرا أربعة أشهر (2).
وقال أبو حنيفة: الاعتبار بها، فإن كانت حرة فالمدة أربعة أشهر، وإن
كانت أمة فالمدة شهران (3).
دليلنا: قوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر " (4) ولم
يفصل، والأخبار أيضا مطلقة غير مفصلة (5).
مسألة 17: قال الشافعي: إن اختلفا في انقضاء المدة، أو ابتداء اليمين، كان القول

(1) الأم 5: 271 و 273، والوجيز 2: 72، والمجموع 17: 300 والمبسوط 7: 33، وبدائع الصنائع
3: 172، وبداية المجتهد 2: 103، والمغني لابن قدامة 8: 528، والشرح الكبير 8: 534، والفخر
الرازي 6: 87، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 62، والنتف 1: 372.
(2) بداية المجتهد 2: 103، وبلغة السالك 1: 478، والمغني لابن قدامة 1: 528، والشرح الكبير 8: 534،
والتفسير الكبير 6: 87، والوجيز 2: 76، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 62، والنتف
1: 372.
(3) المبسوط 7: 33، واللباب 3: 243، وبدائع الصنائع 3: 165، 171 و 172، وبداية المجتهد 2: 103،
والمغني لابن قدامة 8: 528، والشرح الكبير 8: 534، والتفسير الكبير 6: 87، والوجيز 2: 76،
والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 62، والنتف 1: 372.
(4) البقرة: 226.
(5) الكافي 6: 130 (باب الإيلاء) والتهذيب 8: 2 - 8 (باب حكم الإيلاء)، والفقيه 3: 339 حديث
1634 - 1637، والاستبصار 3 (باب 155) مدة الإيلاء حديث 904 و 914.
519

قوله مع يمينه (1).
وهذا لا يصح على مذهبنا، لأن المدة معتبرة عندنا من الترافع إلى الحاكم،
لا من وقت اليمين.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (2).
مسألة 18: إذا آلى منها ثم وطأها كان عليه الكفارة، سواء كان الوطء في
المدة أو بعدها.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما - وهو المذهب - مثل ما قلناه (3).
والثاني: أنه لا كفارة عليه (4).
وفي أصحابه من قال: إن كان الوطء في المدة فعليه الكفارة قولا واحدا،
وإن كان بعدها فلا كفارة عليه قولين (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: ذلك كفارة أيمانكم إذا
حلفتم " (6) ولم يفصل.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " من حلف على يمين فرأي غيرها
خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه " (7)، ولم يفصل.

(1) المغني لابن قدامة 8: 552، والشرح الكبير 8: 552 و 553، والمجموع 17: 336 و 339.
(2) التهذيب 8: 8 حديث 23 و 24، والاستبصار 3: 254 حديث 911.
(3) الأم 5: 271، ومختصر المزني: 200، والمجموع 17: 327، والوجيز 2: 73، والمغني لابن قدامة
8: 535، وسبل السلام 3: 1103، ورحمة الأمة 2: 62، والميزان الكبرى 2: 125.
(4) المجموع 17: 327، والمغني لابن قدامة 8: 535، ورحمة الأمة 2: 62، والميزان الكبرى 2: 125.
(5) المغني لابن قدامة 8: 535.
(6) المائدة: 89.
(7) سنن ابن ماجة 1: 681 حديث 2108، وصحيح مسلم 3: 1271 و 1272 حديث 11 - 13، وسنن
الترمذي 4: 107 حديث 1530، ومسند أحمد بن حنبل 4: 258 و 259، والسنن الكبرى 9: 232 و
10: 32، وسنن النسائي 7: 10.
520

مسألة 19: الإيلاء يقع بالرجعية بلا خلاف، ويحتسب من مدتها زمان
العدة، وبه قال أبو حنيفة (1).
وقال الشافعي: لا يحتسب عليه زمان العدة (2).
دليلنا: ما بيناه في كتاب الرجعية: أن الطلقة الرجعية لا تحرم الوطء (3)،
فإذا ثبت ذلك فكل من قال بذلك قال بهذا.
مسألة 20: يصح الإيلاء من الذمي كما يصح من المسلم، وبه قال
أبو حنيفة والشافعي (4).
وقال أبو يوسف، ومحمد: لا يصح الإيلاء من الذمي (5).
دليلنا: قوله تعالى: " للذين يؤلون من نسائهم " (6) وذلك عام في المسلم
والذمي.
مسألة 21: إذا آلى لمصحلة ولده خوفا من الحمل، فيضر ذلك بولده
المرتضع، فلا حكم له، ولا يتعلق به حنث، ولا يوقف أصلا.

(1) اللباب 2: 242، وشرح فتح القدير 3: 188، والمغني لابن قدامة 8: 523، والشرح الكبير 8: 540،
وشرح العناية على الهداية 3: 188.
(2) مغني المحتاج 3: 349، والسراج الوهاج: 434، والمغني لابن قدامة 8: 523،
والشرح الكبير 8: 540.
(3) تقدم ذلك في المسألة (3) من كتاب الرجعة.
(4) الأم 5: 274، والوجيز 2: 72، والمبسوط 7: 23 و 35، وأحكام القرآن للجصاص 1: 363، وأحكام
القرآن لابن العربي 1: 181، والتفسير الكبير 6: 87، والمغني لابن قدامة 8: 528، والشرح الكبير
8: 532 و 54، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 62، وبدائع الصنائع 3: 175، والنتف
1: 372.
(5) المبسوط 7: 23 و 35، والتفسير الكبير 6: 87، وأحكام القرآن للجصاص 1: 363، والشرح الكبير
8: 532، والميزان الكبرى 2: 125، والنتف 1: 372.
(6) البقرة: 226.
521

وخالف جميع الفقهاء في ذلك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وأيضا الأصل براءة الذمة، فمن ادعى
شغلها فعليه الدلالة.

(1) بدائع الصنائع: 3: 172، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 61.
(2) الكافي 6: 132 حديث 6، والتهذيب 8: 7 حديث 18.
522

كتاب الظهار
523

مسألة 1: ظهار العبد المسلم صحيح، وبه قال جميع الفقهاء (1).
وحكي عن بعضهم ولم يسموه أنه قال: لا يصح ظهار العبد (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: " والذين يظاهرون من
نسائهم " (3) ولم يفرق. وكون العبد ممن لا يملك فيجب عليه العتق أو الإطعام،
لا يمنع من وجوب ما يصح منه من الصوم.
مسألة 2: لا يصح من الكافر الظهار، ولا التكفير، وبه قال أبو حنيفة (4).
وقال الشافعي: يصح منه الظهار والكفارة بالعتق والاطعام، فأما الصوم
فلا يصح منه (5).

(1) الأم 5: 276، ومختصر المزني: 202، والسراج الوهاج: 435 و 436، والمبسوط 6: 231، واللباب
2: 254، وعمدة القاري 20: 282 و 283، وفتح الباري 9: 434، وبدايع الصنائع 3: 230، ورحمة
الأمة 2: 62: والميزان الكبرى 2: 125، والمحلى 10: 49 و 56، والنتف 1: 375، والمغني لابن
قدامة 8: 555، والشرح الكبير 8: 566، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1738، والفتاوي الهندية
1: 506 وفتح الرحيم 2: 85، والبحر الزخار 4: 231،
(2) المحلى 10: 56، والمغني لابن قدامة 8: 555، والشرح الكبير 8: 566، وعمدة القاري 20: 282 وفتح
الباري 9: 434 والجامع لأحكام القرآن 17: 276، والبحر الزخار 4: 231.
(3) المجادلة: 3.
(4) المبسوط 6: 231، وعمدة القاري 30: 282، وحاشية رد المحتار 3: 466، وبدائع الصنائع 3: 230،
وشرح فتح القدير 3: 233، والفتاوي الهندية 1: 506 و 508، ورحمة الأمة 2: 62، والميزان الكبرى
2: 125، والمغني لابن قدامة 8: 556، والشرح الكبير 8: 566، والمجموع 17: 342، والجامع
لأحكام القرآن 17: 276.
(5) الأم 5: 276، ومختصر المزني: 202، والمجموع 17: 342 و 343، والوجيز 2: 78، والسراج الوهاج:
436، ومغني المحتاج 3: 352، والمغني لابن قدامة 8: 556، والشرح الكبير 8: 566، والمبسوط
6: 231، وشرح فتح القدير 3: 233، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1738، والجامع لأحكام
القرآن 17: 276، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 62، وبدائع الصنائع 3: 230، والبحر
الزخار 4: 231.
525

دليلنا: أن الظهار حكم شرعي، لا يصح ممن لا يقر بالشرع، كما لا يصح منه
الصلاة وغيرها، وأيضا فإن الكفارة منه لا تصح، لأنها تحتاج إلى نية القربة،
ولا يصح ذلك مع الكفر، وإذا لم تصح منه الكفارة لم يصح منه الظهار لأن
أحدا لا يفرق بينهما.
مسألة 3: لا يقع الظهار قبل الدخول بالمرأة.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2). وأيضا: الأصل براءة الذمة، وثبوت
العقد، وجواز الوطء من غير شرط، ومن يمنع من جميع ذلك يحتاج إلى دليل
شرعي، ولا دليل.
مسألة 4: إذا ظاهر من امرأته ثم طلقها طلقة رجعية حكم بصحة الظهار،
وسقطت عنه كفارة الظهار، فإن راجعها عادت الزوجية ووجب الكفارة.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: إذا قال: الرجعة تكون عودا فإذا راجعها ثم اتبع الرجعة طلاقا
لزمته كفارة (3)، وإذا قال: لا يكون عودا فإنه إذا طلقها عقيب الرجعة لم تلزمه

(1) الأم 5: 276، 277، ومختصر المزني: 202، والمجموع 17: 343، والمبسوط 6: 230، وعمدة القاري
20: 282، والمغني 8: 556 و 557، والشرح الكبير 8: 567، والجامع لأحكام القرآن 17: 275،
وبلغة السالك 1: 486، والبحر الزخار 4: 231.
(2) الكافي 6: 156 حديث 21، ومن لا يحضره الفقيه 3: 340 حديث 6137 و 1638، والتهذيب 8: 21
حديث 65 و 66.
(3) الأم 5: 279 ومختصر المزني: 204، وكفاية الأخيار 2: 71، والمجموع 17: 361 و 362، والوجيز
2: 79 و 80 وبداية المجتهد 2: 105، والجامع لأحكام القرآن 3: 280.
526

الكفارة حتى يمضي بعد الرجعة زمان يمكنه فيه الطلاق (1).
دليلنا إجماع الفرقة.
وأيضا عموم الآية قوله تعالى: " والذين يظاهرون من نسائهم " (2) وهذه
من نسائه، فمن خصها فعليه الدلالة.
مسألة 5: إذا تظاهر منها ثم أبانها بأن طلقها تطليقة بائنة أو طلقها
وخرجت من عدتها ثم عقد عليها عقدا آخر فإنه لا يعود حكم الظهار.
وقال الشافعي: إن أبانها بدون الثلاث ثم تزوجها - على قوله القديم - يعود
قولا واحدا (3). وعلى قوله الجديد على قولين (4).
وإن أبانها بالثلاث ثم تزوجها - على قوله القديم - يعود على قولين (5)، وعلى
الجديد لا يعود قولا واحدا (6).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (7)، وأيضا الأصل براءة الذمة، فسقوط

(1) الأم 5: 279، ومختصر المزني: 204، والمجموع 17: 361 و 362، وكفاية الأخيار 2: 71، وعمدة
القاري 20: 283، والجامع لأحكام القرآن 3: 280.
(2) المجادلة: 3.
(3) الأم 5: 279، ومختصر المزني: 204، وكفاية الأخيار 2: 71، والمجموع 17: 357، والوجيز
2: 80،
والمغني لابن قدامة 8: 575، والشرح الكبير 8: 579، وبداية المجتهد 2: 109.
(4) كفاية الأخيار 2: 71، ومغني المحتاج 3: 356، والمجموع 17: 357، و 362 والسراج الوهاج: 437،
والمغني لابن قدامة 8: 575، والشرح الكبير 8: 579.
(5) الوجيز 2: 80، والمجموع 17: 362، وكفاية الأخيار 2: 71، والمغني لابن قدامة 8: 575، والشرح
الكبير 8: 579.
(6) الأم 5: 279 و 8: 575، ومغني المحتاج 3: 356، ومختصر المزني: 204 والسراج الوهاج: 437،
والمجموع 17: 362، والكفاية الأخيار 2: 71، وبداية المجتهد 2: 109، والشرح الكبير 8: 579،
وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1742.
(7) الكافي 6: 161 حديث 34 و 35، ودعائم الإسلام 2: 278 حديث 1050، والتهذيب 8: 16
حديث 51.
527

الكفارة بانقضاء العدة وعودها بعد التزويج يحتاج إلى دليل.
مسألة 6: ظهار السكران غير واقع، وروي ذلك عن عثمان، وابن عباس،
وبه قال الليث بن سعد، والمزني، وداود (1).
وقال كافة الفقهاء - كأبي حنيفة وأصحابه، والشافعي، ومالك، والثوري
- إنه يصح كالصاحي (2). ورووا ذلك عن علي - عليه السلام، وعمر بن
الخطاب (3).
دليلنا الفرقة وأخبارهم (4)، وأيضا الأصل براءة الذمة، وتعليق
الحكم عليها يحتاج إلى دليل.
مسألة 7: إذا تظاهر وعاد لزمته الكفارة، ويحرم عليه وطؤها حتى يكفر. فإن
ترك العود والتكفير أجل ثلاثة أشهر، ثم يطالب بالتكفير أو الطلاق مثل المؤلي
بعد أربعة أشهر.
وقال مالك: يصير موليا بعد أربعة أشهر يتعلق عليه حكم الفيئة
والطلاق (5).
وقال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والشافعي: لا يلزمه شئ من ذلك،

(1) مختصر المزني: 202، والمحلى 10: 209 و 210، والمجموع 17: 62.
(2) الأم 5: 276، ومختصر المزني: 202، ومغني المحتاج 3: 353، والسراج الوهاج: 436، والمجموع
17: 62 و 63، والمدونة الكبرى 3: 52، والمبسوط 6: 233، والجامع لأحكام القرآن 5: 203
و 17: 277، وحاشية رد المحتار 3: 466، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1739، والفتاوى الهندية
1: 508.
(3) المحلى 10: 209، والمجموع 17: 62 و 63.
(4) يستفاد ذلك من إطلاق الأخبار المروية في الكافي 6: 153 و 158 حديث 26 وحديث 2، وكذلك
ما في التهذيب 8: 9 و 11 حديث 27 و 34 فلا حظ.
(5) بداية المجتهد 2: 109، وأحكام القرآن للجصاص 3: 421، والمبسوط 6: 233، والبحر الزخار
4: 232.
528

ولا يصير موليا (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (2).
مسألة 8: الظهار يقع بالأمة المملوكة، والمدبرة، وأم الولد، مثل ما يقع بالزوجة
سواء، وبه قال علي - عليه السلام - في الصحابة، والثوري، ومالك في الفقهاء (3).
وقال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، والأوزاعي: أنه لا يقع الظهار، إلا
بالزوجات (4)، وروي ذلك عن ابن عمر (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6). وأيضا قوله تعالى: " والذين يظاهرون من
نسائهم " (7) ولم يفرق.

(1) الأم 5: 276، ومختصر المزني: 202، وبداية المجتهد 2: 109، والمبسوط 6: 233، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 421، وعمدة القاري 20: 283، وفتاوى قاضيخان في هامش الفتاوى الهندية
1: 542.
(2) التهذيب 8: 6 حديث 11، وص 24 حديث 80، والاستبصار 3: 255 حديث 914.
(3) الموطأ 2: 560، والمدونة الكبرى 3: 51، وبداية المجتهد 2: 107، وفتح الرحيم 2: 86، وأسهل
المدارك 2: 169، وبلغة السالك 1 483، والمبسوط 6: 227، النتف 1: 375، وفتح الباري
9: 434، وشرح فتح القدير 3: 232، وحاشية العدوي 2: 95، والجامع لأحكام القرآن 17: 275، وأحكام
القرآن للجصاص 3: 421، والميزان الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 63، والمغني لابن قدامة
8: 569، والشرح الكبير 8: 567، وسبل السلام 3: 1106، والمجموع 17: 343.
(4) المبسوط 6: 227، واللباب 2: 250، والنتف 1: 375، وأحكام القرآن للجصاص 3: 421، وشرح
فتح القدير 3: 232، وعمدة القاري 20: 282، وحاشية إعانة الطالبين 4: 35، وفتح الباري
9: 434، والهداية 3: 232، وشرح العناية على الهداية 3: 232، وبدائع الصنائع 3: 232، والميزان
الكبرى 2: 125، ورحمة الأمة 2: 62 و 63، وبداية المجتهد 2: 107، والمجموع 17: 342 و 343،
وسبل السلام 3: 1106، وبداية المجتهد 2: 107، والجامع لأحكام القرآن 17: 275، والأم 5: 277.
(5) المغني لابن قدامة 8: 569، والشرح الكبير 8: 567.
(6) الكافي 6: 155، و 156 حديث 10 و 11 و 15 و 16، ومن لا يحضره الفقيه 3: 346 حديث 1660،
والتهذيب 8: 24 حديث 76 و 77 و 79، والاستبصار 3: 264 حديث 945 و 946.
(7) المجادلة: 3.
529

مسألة 9: إذا قال: أنت علي كيد أمي أو رجلها وقصد به الظهار كان
مظاهرا. وللشافعي - في القديم فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، وبه قال في الجديدة، وهو الأصح عندهم (1).
والقول الثاني: لا يكون مظاهرة (2). وبه قال أبو حنيفة إذا علق بالرأس
والفرج، وجزء من الأجزاء المشاعة (3)، وإذا علق باليد والرجل لم يكن
مظاهرا (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5) ولأنه إذا قال ما قلناه، وفعل ما يجب على
المظاهر كان أحوط في استباحة الوطء، وإذا لم يفعل كان مفرطا.
مسألة 10: إذا قال لها: أنت علي كظهر بنتي أو بنت بنتي، أو أختي أو
بنتها أو عمتي أو خالتي اختلفت روايات أصحابنا في ذلك فالظاهر الأشهر
الأكثر أنه يكون مظاهرا (6). وبه قال الشافعي في الجديد (7).

(1) الأم 5: 277، ومختصر المزني: 203، وكفاية الأخيار 2: 70، والمجموع 17: 347، ومغني المحتاج
3: 353، والسراج الوهاج: 436، والوجيز 2: 78، والمغني لابن قدامة 8: 565، والشرح الكبير
8: 557، والمحلى 10: 54.
(2) كفاية الأخبار 2: 70، والسراج الوهاج: 436، ومغني المحتاج 3: 353، والشرح الكبير 8: 557.
(3) المبسوط 6: 228، النتف 1: 373، وبدائع الصنائع 3: 233، واللباب 2: 249، وفتاوى قاضيخان
1: 543، والفتاوى الهندية 1: 506، و 507، وشرح فتح القدير 3: 228، وتبيين الحقائق 3: 4،
والمحلى 10: 54.
(4) المبسوط 6: 228، والنتف 1: 373، وبدائع الصنائع 3: 233، وفتاوى قاضيخان 1: 543، وشرح
فتح القدير 3: 228، والفتاوي الهندية 1: 506، والمحلى 10: 54.
(5) الكافي 6: 161 حديث 36، والتهذيب 8: 10 حديث 29.
(6) دعائم الإسلام 2: 275 حديث 1039، والكافي 6: 153، حديث - 3 - وص 155، حديث 10، 1
والتهذيب 8: 9 حديث 26 و 28.
(7) الوجيز 2: 78، وكفاية الأخبار 2: 71، ومغني المحتاج 3: 354، والسراج الوهاج: 436، والمجموع
17: 343 و 344، وأحكام القرآن للجصاص 3: 422، والمغني لابن قدامة 8: 557، والشرح الكبير
8: 556، وعمدة القاري 20: 211.
530

وقد رووا أنه لا يكون مظاهرا إلا إذا شبهها بأمة (1).
وقال الشافعي في القديم فيه قولان: أحدهما: مثل الأول (2)، والثاني: مثل
هذا (3).
دليلنا: على الأول، قوله تعالى: " وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا " (4)
وذلك موجود في غير الأمهات.
ودليل الثاني، قوله عز وجل: " ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي
ولدنهم " (5) فأنكر عليهم تشبيه المرأة بالأم، ولم يذكر غيرها، فوجب تعليق الحكم
بها دون غيرها.
مسألة 11: لا يصح الظهار قبل التزويج، وبه قال الشافعي (6).
وقال مالك وأبو حنيفة: يصح (7).

(1) الكافي 6: 157 حديث 18، والتهذيب 8: 10 حديث 30.
(2) المجموع 17: 343، والوجيز 2: 78، والمغني لابن قدامة 8: 557، والشرح الكبير 8: 556، وأحكام
القرآن للجصاص 3: 422، وعمدة القاري 20: 281، وفتح الباري 9: 433، والمحلى 10: 53.
(3) المجموع 17: 343 و 344، والوجيز 2: 78، ومغني المحتاج 3: 354، والسراج الوهاج: 436، والمحلى
10: 53، والشرح الكبير 8: 556، وأحكام القرآن للجصاص 3: 422، وعمدة القاري 20: 281،
وفتح الباري 9: 433.
(4) المجادلة: 2.
(5) المجادلة: 2.
(6) الأم 5: 278، ومختصر المزني: 203، والمجموع 17: 355، والمحلى 10: 56، وبداية المجتهد 2: 107،
والمغني لابن قدامة 8: 578، و 579، والبحار الزخار 4: 231.
(7) المدونة الكبرى 3 57 و 59 و 60، وبداية المجتهد 2: 107، والموطأ 2: 559، وأسهل المدارك
2: 173، والجامع لأحكام القرآن 17: 276، والمبسوط 6: 230، وبدائع الصنائع 3: 232، وشرح
فتح القدير 3: 233، والفتاوي الهندية 1: 509، وحاشية رد المختار 3: 467، والمحلى 10: 56،
والمجموع 17: 356، والمغني لابن قدامة 8: 578.
531

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا قوله تعالى: " واللذين يظاهرون من نسائهم " (2) وهذه ليست من
نسائه، وأيضا الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
مسألة 12: إذا قال لها: متى تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر
أمي أو متي تزوجتك فأنت علي كظهر أمي وأنت طالق لم ينعقد بذلك
ظهار ولا طلاق، وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: يقع الطلاق، ولا يقع الظهار (4).
وقال مالك: يقعان معا (5).
وهذا الفرع يسقط عنا، لما دللنا عليه في المسألة الأولى، فإنها فرع عليها.
مسألة 13: إذا قال: أنت كظهر أمي - ولم ينو الظهار - لم يقع الظهار.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: هو صريح في الظهار، ولا يعتبر فيه
النية (6).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
مسألة 14: إذا قال: أنت علي كظهر أمي، ونوى به الطلاق، لم يكن طلاقا
ولا ظهارا.

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 301 حديث 1443.
(2) المجادلة: 3.
(3) الأم 5: 277، ومختصر المزني: 203.
(4) المبسوط 6: 230، وفتاوى قاضيخان 1: 543، والفتاوى الهندية 1: 509.
(5) المدونة الكبرى 3: 59 و 60.
(6) الأم 5: 277، والمجموع 17: 344 و 347، والمبسوط 6: 229، وبدائع الصنائع 3: 231، والفتاوي
الهندية 1: 507، وتبيين الحقائق 3: 5، وفتاوى قاضيخان 1: 532، والهداية 3: 228، وشرح العناية
على الهداية 3: 226، و 228، وشرح فتح القدير 3: 228، وبداية المجتهد 2: 104، والمغني لابن قدامة
8: 557، والشرح الكبير 8: 556.
532

وقال أكثر أصحاب الشافعي - وعليه نص في أكثر كتبه - أنه يكون
طلاقا (1).
ونقل المزني في بعض النسخ، وذهب إليه بعض أصحابه: أنه يكون
ظهارا (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل بقاء العقد، وبراءة الذمة. وقد بينا أن
الطلاق لا يقع بشئ من الكنايات، فكذلك الظهار لا يقع إذا لم يقصد، فمن
ادعى خلافه فعليه الدلالة.
مسألة 15: الظهار لا يقع إلا إذا كانت طاهرا، طهرا لم يقربها فيه بجماع،
ويحضر شاهدا مثل الطلاق، ولم يعتبر أحد من الفقهاء ذلك (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وأيضا الأصل براءة الذمة، وشغلها
يحتاج إلى دليل.
مسألة 16: إذا قال: أنت علي حرام كظهر أمي لم يكن ظهارا ولا
طلاقا، نوى ذلك أو لم ينو.
وقال الشافعي فيه خمس مسائل:
إحداها: أن ينوي الطلاق.
والثانية: أن ينوي الظهار.
والثالثة: يطلق ولا ينوي شيئا.

(1) الأم 5: 278، والوجيز 2: 79، والسراج الوهاج: 437، ومغني المحتاج 3: 355، والمجموع 17: 351.
(2) مختصر المزني: 203، والمجموع 17: 351، وكفاية الأخيار 2: 70.
(3) الأم 5: 276، ومختصر المزني: 202، والمغني لابن قدامة 8: 556 و 557، وبداية المجتهد 2: 104 و
107، واللباب 2: 248، والفتاوي الهندية 1: 505، و 506.
(4) الكافي 6: 153 و 154 ذيل الحديث الأول، والحديث الخامس، ومن لا يحضره الفقيه 3: 340
حديث 1639 و 1640، والتهذيب 8: 10 حديث 33 وص 13 حديث 44، والاستبصار 3: 258
حديث 923 وص 261 حديث 935.
533

والرابعة: ينوي الطلاق والظهار.
والخامسة: ينوي تحريم عينها.
فقال في هذه المسائل إذا أطلق كان ظهارا، وإذا نوى غير الظهار قبل منه،
نوى الطلاق أو غيره (1).
وعلى قول بعض أصحابه يلزمه الظهار، ولا تقبل نيته في الطلاق ولا
غيره (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 17: إذا كانت (3) له زوجتان فقال لأحديهما: أنت علي كظهر أمي
ثم قال للأخرى: أشركتك معها فإنه لا يقع بالثانية حكم، نوى الظهار أو لم
ينو.
وقال الشافعي: إن ذلك كناية، فإن نوى أنه مظاهر كان كذلك (4)، وإن
لم ينو وأطلق لم يكن شيئا (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 18: إذا تظاهر من أربع نسوة له، لم يخل إما أن يتظاهر بكلمة
واحدة، أو يتظاهر من كل واحدة بكلمة مفردة، فإن تظاهر من كل واحدة
بكلمة مفردة، لزمته بكل واحدة كفارة بلا خلاف، وإن تظاهر منهن كلهن بكلمة

(1) الأم 5: 278، والسراج الوهاج: 43 ط، ومغني المحتاج 3: 355، والوجيز 2: 79، والمجموع 17: 349 و
351: وكفاية الأخيار 2: 70، والمغني لابن قدامة 8: 563، والشرح الكبير 8: 564، والميزان
الكبرى 2: 125 و 126.
(2) مختصر المزني: 203، والمجموع 17: 349 و 351، والمغني لابن قدامة 8: 563، والشرح الكبير
8: 564.
(3) في النسخة الحجرية: إذا كان
(4) الأم 5: 276، والسراج الوهاج: 436، ومغني المحتاج 3: 354، والمجموع 17: 365، والمغني لابن
قدامة 8: 584.
(5) الأم 5: 276، ومختصر المزني: 203، والمغني لابن قدامة 8: 584.
534

واحدة، بأن يقول، أنتن علي كظهر أمي لزمته عن كل واحدة كفارة.
وللشافعي فيه قولان:
قال في الجديد: مثل ما قلناه - وهو أصح القولين - (1)، وبه قال أبو حنيفة (2).
وقال في القديم: عليه كفارة واحدة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط.
مسألة 19: إذا قال لزوجته: أنت علي كظهر أمي أنت علي كظهر
أمي، أنت علي كظهر أمي، ونوى بكل واحة من الألفاظ ظهارا مستأنفا
لزمته عن كل مرة كفارة، وبه قال الشافعي في الجديد (4).
وقال في القديم: عليه كفارة واحدة (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وطريق الاحتياط، وعموم الآية (6).
مسألة 20: الظهار على ضربين:
أحدهم: أن يكون مطلقا، فإنه يجب به الكفارة متى أراد الوطء.

(1) الأم 5: 278، ومختصر المزني: 203، والوجيز 2: 80، والمجموع 17: 364، والسراج الوهاج: 438،
ومغني المحتاج 3: 358، وبداية المجتهد 2: 112، وشرح فتح القدير 3: 233، والمغني لابن قدامة
8: 583، والشرح الكبير 8: 582 و 583 وأحكام القرآن لابن العربي 4: 174، والجامع لأحكام
القرآن 7: 278.
(2) المبسوط 6: 226، واللباب 2: 250، والهداية 3: 233، وتبيين الحقائق 3: 6، وشرح فتح القدير
3: 233، وبداية المجتهد 2: 112، والمجموع 17: 364، والمغني لابن قدامة 8: 583.
(3) مختصر المزني: 203، والوجيز 2: 80، ومغني المحتاج 3: 358، والسراج الوهاج: 438، والمجموع
17: 364، والمبسوط 6: 226، والمغني لابن قدامة 8: 582 و 583، والشرح الكبير 8: 582 و 583.
(4) الأم 5: 278، ومختصر المزني: 203، والسراج الوهاج: 338، والوجيز 2: 81، والمجموع 17: 364،
وكفاية الأخيار 2: 74، ومغني المحتاج 3: 358، والمغني لابن قدامة 8: 624.
(5) الوجيز 2: 81، ومغني المحتاج 3: 358، والسراج الوهاج: 438 و 439، والمجموع 17: 364، وكفاية
الأخيار 2: 74، والمغني لابن قدامة 8: 624.
(6) المجادلة: 3.
535

والآخر: أن يكون مشروطا، فلا يجب الكفارة إلا بعد حصول شرطه.
فإن كان مطلقا لزمته الفارة قبل الوطء قبل أن يكفر، لزمته
كفارتان، وكلما وطأ لزمته كفارة أخرى.
وإن كان مشروطا وحصل شرطه لزمته كفارة فإن وطأ قبل أن يكفر
لزمته كفارتان.
وفي أصحابنا من قال: إنه إذا كان بشرط لا يقع، مثل الطلاق (1).
واختلف الناس في السبب الذي يجب به كفارة الظهار على ثلاثة
مذاهب:
فذهب طائفة: إلى أنها تجب بنفس التلفظ بالظهار، ولا يعتبر فيها أمر زائد.
ذهب إليه مجاهد، والثوري (2).
وذهبت طائفة. إلى أنها تجب بظهار وعود.
ثم اختلفوا في العود ما هو؟ على أربعة مذاهب:
فذهب الشافعي إلى أن العود أن يمسكها زوجة بعد الظهار مع قدرته على
الطلاق، فإذا وجد ذلك عائدا، ولزمته الكفارة (3).
وذهبت طائفة: إلى أن العود هو العزم على الوطء، ذهب إليه مالك وأحمد

(1) ذهب إليه السيد المرتضى في الإنتصار: 141، وأبو الصلاح في الكافي: 303، وسلار في المراسم:
160، وحكاه العلامة الحلي في المختلف (كتاب الظهار): 47، عن ابن جنيد أيضا.
(2) المغني لابن قدامة 8: 579، والشرح الكبير 8: 578، والمحلى 10: 51، وبداية المجتهد 2: 104 و
105، وفتح الباري 9: 433.
(3) الأم 5: 279، ومختصر المزني: 204، والوجيز 2: 79، والمجموع 17: 359، و 361 والمحلى 10: 52،
وبداية المجتهد 2: 105، والمبسوط 6: 224، وبدائع الصنائع 3: 235 و 236، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 418، وعمدة القاري 20: 283، وتبيين الحقائق 3: 3، والمغني لابن قدامة 8: 574
و 577، والشرح الكبير 8: 577 و 578، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1741، والجامع لأحكام
القرآن 17: 280، وفتح الباري 9: 433.
536

ابن حنبل (1).
وذهبت طائفة: إلى أن العود هو الوطء، ذهب إليه الحسن، وطاووس
والزهري (2).
وذهبت طائفة: إلى أن العود هو تكرار لفظ الظهار وإعادته. ذهب إليه
داود، وأهل الظاهر (3).
وذهبت طائفة ثالثة: إلى أن الكفارة في الظهار لا تستقر في الذمة بحال،
وإنما يراد استباحة الوطء، ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه (4).
فيقال للمظاهر عند إرادة الوطء: إذا أردت أن يحل لك الوطء، فكفر، وإن
لم ترد استباحة الوطء فلا تكفر، كما يقال لمن أراد أن يصلي صلاة تطوع: إن
أردت أن تستبيح الصلاة فتطهر، وإن لم ترد استباحتها لم تلزمك الطهارة.
وقال الطحاوي: مذهب أبي حنيفة: أن الكفارة في الظهارة تراد لاستباحة
الوطء، ولا يستقر وجوبها في الذمة، فإن وطء المظاهر قبل التكفير، فقد وطء
وطأ محرما، ولا يلزمه التكفير، بل يقال له عند إرادة الوطء الثاني والثالث: إن

(1) المغني لابن قدامة 8: 576، والشرح الكبير 8: 577، وبداية المجتهد 2: 105، والجامع لأحكام القرآن
17: 280، والمحلى 10: 51، وعمدة القاري 20: 283، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1741،
والمجموع 17: 359.
(2) المغني لابن قدامة 8: 575، و 576، والشرح الكبير 8: 576 و 577، والمحلى 10: 51، والمجموع
17: 359، وعمدة القاري 20: 283، وحاشية العدوي 2: 96، والجامع لأحكام القرآن 17: 280،
وأسهل المدارك 2: 171.
(3) المحلى 10: 52، وبداية المجتهد 2: 105، والمغني لابن قدامة 8: 577، والشرح الكبير 8: 577،
والمجموع 17: 359 و 360، والمبسوط 6: 224، والجامع لأحكام القرآن 17: 280، وعمدة القاري
20: 283، وبدائع الصنائع 3: 235 و 236، وتبيين الحقائق 3: 3.
(4) المبسوط 6: 224، وأحكام القرآن للجصاص 3: 418، واللباب 2: 249، وبدائع الصنائع 3: 236،
وعمدة القاري 20: 283، والفتاوي الهندية 1: 509، وتبيين الحقائق 3: 3، والمحلى 10: 51،
والمغني لابن قدامة 8: 575 و 576، والمجموع 17: 280.
537

أردت أن يحل لك الوطء فكفر، وعلى هذا أبدأ (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير: في أنه
لا تلزمه الكفارة بمجرد اللفظ إلا بعد العزم على الوطء والعود (2)، ولأنه
لا خلاف بينهم أنه لو طلقها بعد الظهار قبل أن يطأها فإنه لا يجب عليه شئ.
فدل ذلك على أنه لا يجب عليه بنفس الظهار.
وأيضا قوله تعالى: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير
رقبة من قبل أن يتماسا " (3) فأوجب الكفارة بمجموع شيئين:
أحدهما: التلفظ بالظهار.
والثاني: أن يعود. فما لم يوجد الشرطان لا تجب الكفارة، كما إذا قال: من
دخل الدار وأكل فله درهم، فما لم يوجد الشرطان لا يستحق الدرهم.
وأما الخلاف الذي بين أصحابنا في وقوع الظهار بشرط، فالمرجع فيه إلى
الأخبار الواردة فيه، ووجب الجمع بينهما، وأن لا يطرح شئ منها، ويقوي
ما اخترناه قوله تعالى: " واللذين يظاهرون من نسائهم " (4) الآية ولم يفرق.
وطريقة الاحتياط أيضا تقتضيه، لأنه إذا كفر كان وطؤه مباحا بيقين.
وإذا لم يكفر ففيه الخلاف.
مسألة 21: إذا تظاهر من امرأته وأمسكها زوجة ولم يطأها ثم طلقها أو
مات عنها أو ماتت لم تلزمه الكفارة.

(1) عمدة القاري 20: 283.
(2) الكافي 6: 155 و 156 حديث 10 - 12 و 14 و 31 و 32، والتهذيب 8: 12 حديث 39 و 40
وص 20 حديث 62 و 64، وص 18 حديث 57 و 58، والاستبصار 3: 259 و 260، حديث 929 و
930، وص 262 حديث 937.
(3) المجادلة: 3.
(4) المجادلة: 3.
538

وقال الشافعي: تلزمه الكفارة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وأيضا الأصل براءة الذمة، فمن علق
عليها شيئا كان عليه الدلالة.
مسألة 22: إذا ثبت الظهار، حرم الوطء فيما دون الفرج، وكذلك القبلة
والتلذذ.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما - وهو الأصح - مثل ما قلناه.
والثاني: أنه لا يحرم غير الوطء في الفرج (3).
دليلنا: قوله تعالى: " من قبل أن يتماسا " (4) فأوجب الكفارة من قبل
التماس، واسم المسيس يقع على الوطء وما دونه، فتناوله الظاهر.
مسألة 23: إذ تظاهر وأمسك، ووجب عليه الكفارة فمن حين الظهار إلى
أن يطأ زمان أداء الكفارة، فإن وطأ قبل التكفير لزمه كفارتان:
إحداهما: نصا.
والأخرى: عقوبة بالوطء، وبه قال مجاهد (5).

(1) الأم 5: 279، ومختصر المزني: 204، والسراج الوهج: 437، وكفاية الأخبار 2: 71، والمجموع
17: 357، ومغني المحتاج 3: 356، والوجيز 2: 79، وأحكام القرآن للجصاص 3: 418، وحاشية
إعانة الطالبين 4: 36 - 37.
(2) الكافي 6: 152 حديث 28 و 35، ودعائم الإسلام 2: 278 حديث 1049 و 1050، والتهذيب
8: 16 حديث 51 وص 17 حديث 53 و 56.
(3) الوجيز 2: 79، والسراج الوهاج: 438، ومغني المحتاج 3: 357، وكفاية الأخيار 2: 71، والمجموع
17: 365 و 366، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1740، والجامع لإحكام القرآن 17: 283،
والمغني لابن قدامة 8: 568، والشرح الكبير 8: 576، وبداية المجتهد 2: 108.
(4) المجادلة: 3.
(5) الجامع لأحكام القرآن 17: 277، و 283، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1742، والبحر الزخار
4: 233.
539

وقال الشافعي: إذا وطأ قبل الكفارة فقد فات زمان الأداء، ولا يلزمه
بهذا الوطء، كفارة، ولا يسقط عنه كفارة الظهار التي كانت عليه (1).
ومن الناس من قال: إنه تسقط عنه الكفارة التي كانت عليه (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3). وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك أيضا.
مسألة 24: المكفر بالصوم إذا وطأ زوجته التي ظاهر منها في حال الصوم عامدا،
نهارا كان أو ليلا بطل صومه، وعليه استئناف الكفارتين، فإن كان وطؤه
ناسيا، مضى في صومه ولم يلزمه شئ.
وقال الشافعي: إن وطأ بالليل لم يؤثر ذلك الوطء في الصوم، ولا في
التتابع، عامدا كان أو ناسيا، وإن كان وطأ بالنهار، فإن كان ذاكرا لصومه،
متعمدا للوطء، فسد صومه، وانقطع تتابعه، وعليه استئناف الشهرين، وإن وطء
ناسيا لم يؤثر ذلك في الصوم، ولا في التتابع، فيمضي في صوم الشهرين ويبني
عليه (4).
وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه إذا وطأ في أثناء الشهرين، عامدا أو
ناسيا، بالليل أو بالنهار، فإن التتابع ينقطع ويلزمه الاستئناف.
فإن كان الوطء بالليل لا يؤثر في الصوم، لكنه يقطع التتابع، وإن كان

(1) الأم 5: 279، ومختصر المزني: 204، والمغني لابن قدامة 8: 621، والشرح الكبير 8: 580، وحاشية
إعانة الطالبين 4: 36، والبحر الزخار 4: 233.
(2) المحلى 10: 55، والمغني لابن قدامة 8: 621 و 622، والشرح الكبير 8: 580، والبحر الزخار
4: 233.
(3) الكافي 6: 157 حديث 17، والتهذيب 8: 18 و 19 حديث 56 - 62، والاستبصار 3: 265 حديث
949 - 951 و 953.
(4) الوجيز 2: 84، والمجموع 17: 374، وكفاية الأخيار 2: 74، والمغني لابن قدامة 8: 599، والشرح
الكبير 8: 610، وبداية المجتهد 2: 110، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1745، والجامع لأحكام
القرآن 17: 284، ورحمة الأمة 2: 64، وسبل السلام 3: 1109.
540

بالنهار عامدا فسد الصوم، وانقطع التتابع، وإن كان بالنهار ناسيا، فعلى قول أبي
حنيفة: لا يفسد الصوم وينقطع التتابع (1).
وعلى قول مالك: يفسد الصوم وينقطع التتابع، لأن عنده أن الوطء ناسيا
يفسد الصوم (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط.
وأيضا قال الله تعالى: " فصيام شهرين متتابعين " (3) وهذا قد وطأ قبل
الشهرين، فيلزمه كفارتان على ما مضى القول فيه.
مسألة 25: إذا وطأ غير زوجته في حال الصوم ليلا لم ينقطع التتابع، ولا
الصوم، وإن وطأ نهارا ناسيا، فمثل ذلك، وإن وطأ نهارا عامدا قبل أن يصوم
من الشهرين الثاني شيئا قطع التتابع، وإن كان بعد أن صام من الثاني شيئا
كان مخطئا ولم يقطع التتابع، بل يبني عليه.
وقال الفقهاء: إن كان وطؤه ليلا مثل ما قلناه، وإن كان نهارا قطع
التتابع، ووجب الاستئناف (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).

(1) النتف 1: 375، واللباب 2: 253، وشرح فتح القدير 3: 239، والهداية 3: 239، وشرح العناية على
الهداية 3: 239، والفتاوى الهندية 1: 512، والمجموع 17: 374، وتبيين الحقائق 3: 10، والمغني لابن قدامة
8: 599، والشرح الكبير 8: 610، والجامع لأحكام القرآن 17: 284، وسبل السلام 3: 1109.
(2) المدونة الكبرى 3: 66 و 78، وبداية المجتهد 2: 110، وبلغة السالك 1: 490، وأسهل المدارك
2: 172، والمغني 8: 599، والشرح الكبير 8: 610، والجامع لأحكام القرآن 17: 284، والمجموع
17: 374، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1745.
(3) النساء: 92، والمجادلة: 4.
(4) المغني لابن قدامة 8: 599 و 600، والشرح الكبير 8: 611، وبداية المجتهد 2: 110، والفتاوى الهندية
1: 521، وتبيين الحقائق 3: 10، وشرح العناية على الهداية 3: 239.
(5) دعائم الإسلام 2: 280 حديث 1055.
541

مسألة 26: إذا تظاهر من زوجته مدة مثل أن يقول: أنت علي كظهر أمي
يوما أو شهرا أو سنة لم يكن ذلك ظهارا.
وللشافعي فيه قولان:
قال في الأم: يكون مظاهرا، وهو اختيار المزني، والأصح عندهم، وهو قول
أبي حنيفة (1).
وقال في اختلاف ابن أبي ليلى وأبي حنيفة: لا يكون مظاهرا، وهو قول
مالك، والليث بن سعد، وابن أبي ليلى (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، والأصل إباحة
الوطء، والمنع منه يحتاج إلى دليل.
مسألة 27: إذا وجبت عليه الكفارة بعتق رقبة في كفارة ظهار أو قتل أو
جماع أو يمين، أو يكون قد نذر عتق رقبة مطلقة فإنه يجزي في جميع ذلك أن
لا تكون مؤمنة، إلا في القتل خاصة، وبه قال عطاء، والنخعي، والثوري، وأبو
حنيفة وأصحابه، إلا أنهم أجازوا أن تكون كافرة (3).
وعندنا: أن ذلك مكروه وإن أجزأ.
وقال الشافعي: لا يجوز في جميع ذلك إلا ذلك إلا المؤمنة، وبه قال مالك:

(1) الأم 7: 159، ومختصر المزني: 204، والمجموع 17: 351 و 354، والوجيز 2: 80، والمبسوط 6: 232،
والنتف 1: 374، والفتاوى الهندية 1: 507 و 508، والمغني لابن قدامة 8: 570، والشرح الكبير
8: 573، وسبل السلام 3: 1111.
(2) المغني لابن قدامة 8: 570، والشرح الكبير 8: 573، والأم 7: 159، والمجموع 17: 354، وسبل
السلام 3: 1111.
(3) المبسوط 7: 2، واللباب 2: 251، وشرح فتح القدير 3: 234، والهداية 3: 234، والفتاوى الهندية
1: 509 وتبيين الحقائق 3: 6، والمغني لابن قدامة 8: 586، والشرح الكبرى 8: 591، وكفاية
الأخيار 2: 72، وبداية المجتهد 2: 110، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425، والجامع لأحكام
القرآن 17: 282، والبحر الزخار 4: 234.
542

والأوزاعي، وأحمد وإسحاق (1).
دليلنا: أن الله تعالى ذكر هذه الكفارات ولم يشرط فيها الإيمان، بل أطلق
الرقبة، وإنما قيدها بالإيمان في قتل الخطأ، فحمل عليها يحتاج إلى
دليل، ولا دليل في الشرع يوجب ذلك.
مسألة 28: الموضع الذي يعتبر فيه الإيمان في الرقبة فإنه يجزي إذا كان
محكوما بإيمانه، وإن كان صغيرا، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي فإنه قال: لو
كان ابن يومه أجزأ (2).
وقال مالك: أحب أن لا يعتق عن الكفارة إلا بالغا (3).
وقال أحمد: يعجبني أن لا يعتق إلا من بلغ حدا يتكلم عن نفسه، ويعبر عن
الإسلام، ويفعل أفعال المسلمين لأن الإيمان قول وعمل (4).
ومن الناس من قال: إنه لا يجزي إعتاق الصغير عن الكفارة (5).
دليلنا: قوله تعالى: " فتحرير رقبة مؤمنة " (6) وهذا يطق عليه اسم الرقبة،

(1) الأم 5: 280، ومختصر المزني: 204، والوجيز 2: 81، وكفاية الأخيار 2: 72، والمجموع
17: 368، والسراج الوهاج: 439، ومغني المحتاج 3: 360، والمغني لابن قدامة ظ: 586، والشرح
الكبير 8: 590 و 591، وبداية المجتهد 2: 110، وبلغة السالك 1: 488، والمبسوط 7: 3، وأحكام
القرآن للجصاص 3: 425، وحاشية العدوي 2: 96، وشرح العناية على الهداية 3: 234، وأحكام
القرآن لابن العربي 4: 1744، والجامع لأحكام القرآن 17: 282.
(2) المبسوط 7: 2، واللباب 2: 251، وعمدة القاري 20: 282، والفتاوي الهندية 1: 510، وتبيين
الحقائق 3: 6، وشرح فتح القدير 3: 234، والأم 5: 282 و 7: 65، ومختصر المزني: 204 والوجيز
2: 82، وكفاية الأخيار 2: 72، والسراج الوهاج: 439، والمجموع 17: 369، ومغني المحتاج
3: 360، وبداية المجتهد 2: 1111، والشرح الكبير 8: 601، والبحر الزخار 4: 234.
(3) المدونة الكبرى 3: 75، وبلغة السالك 1: 489، وأسهل المدارك 2: 172، وفتح الرحيم 2: 84،
والبحر الزخار 4: 234.
(4) الشرح الكبير 8: 601، والبحر الزخار 4: 234.
(5) الشرح الكبير 8: 601.
(6) النساء: 93.
543

وفي الموضع الذي قال (مؤمنة) يطق عليه أيضا، لأنها محكوم بإيمانها.
مسألة 29: عتق المكاتب لا يجزي في الكفارة، سواء أدى من مكاتبته شيئا
أو لم يؤد، وبه قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، والثوري (1).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن شيئا من نجومه لم يجز اعتاقه، وإن لم
يستأد شيئا منها أجزأه (2).
دليلنا: أن عتق غير المكاتب مجز بلا خلاف، ولا دلالة أن عتق المكاتب
مجز والأصل شغل الذمة بكفارة الرقبة.
وأيضا: فإن المكاتب عندنا على ضربين: مشروط عليه، وغير مشروط.
والمشروط عليه - وإن كان بحكم العبيد فليس له رده قبل العجز، وإذا لم
يرده لم يصح منه عتقه في الكفارة.
وإن كان مطلقا فليس له أن يرده في الرق على حال.
مسألة 30: عتق أم الولد جائز في الكفارات.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، الذين لم يجيزوا بيع أمهات الأولاد (3).

(1) المدونة الكبرى 3: 73، وبداية المجتهد 2: 111، وبلغة السالك 1: 488، والأم 5: 281، ومختصر
المزني: 205، والمجموع 17: 370، والوجيز 2: 82، وكفاية الأخيار 2: 72، والسراج الوهاج: 439.
ومغني المحتاج 3: 361، والشرح الكبير 8: 597، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425، والمبسوط
7: 6، وشرح فتح القدير 3: 239، والهداية 3: 236، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1743.
(2) المبسوط 7: 5، واللباب 2: 251، و 252، والهداية 3: 236، وشرح فتح القدير 3: 236، وأحكام
القرآن للجصاص 3: 425، وتبيين الحقائق 3: ط، وبدائع الصنائع 5: 107، والفتاوى الهندية
1: 510، وبداية المجتهد 2: 111، والشرح الكبير 8: 597، والبحر الزخار 4: 235.
(3) الأم 5: 281، ومختصر المزني: 205، والمجموع 17: 370، والسراج الوهاج: 439، والوجيز 2: 82،
وكفاية الأخيار 2: 72، ومغني المحتاج 3: 361، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425، والهداية
3: 236، وبدائع الصنائع 5: 107، وشرح العناية على الهداية 3: 236، والفتاوي الهندية 1: 510،
وتبيين الحقائق 3: 7، والمبسوط 7: 5، وشرح فتح القدير 3: 236، واللباب 2: 251، والمدونة
الكبرى 3: 73، وبداية المجتهد 2: 111، و 112، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1743، والمغني لابن
قدامة 8: 591، والشرح الكبير 8: 596، والبحر الزخار 4: 235.
544

دليلنا: أنه قد ثبت عندنا جواز دليلنا:
أنه قد ثبت عندنا جواز بيعها - على ما ندل عليه فيما بعد - فإذا ثبت
جواز بيعها، ثبت جواز عتقها في الكفارات، وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا يجوز (2).
دليلنا: قوله تعالى: " فتحرير رقبة " (3) وهو عام، وعليه إجماع الفرقة.
وأيضا ثبت عندنا أنه يجوز بيع المدبر - على ما نبينه (4) - فإذا ثبت جواز بيعه ثبت
جواز إعتاقه، لأن أحدا لا يفرق.
مسألة 32: إذا أعتق عبدا، مرهونا وكان موسرا أجزأه، وإن كان معسرا
لا يجزيه.
وللشافعي فيه قولان: في الموسر والمعسر.
أحدهما: أنه يجوز.
والآخر: أنه لا يجوز.
والآخر: أنه لا يجوز (5).
والصحيح في الموسر أنه يجزى، وفي المعسر أنه لا يجزي، مثل ما قلناه.
دليلنا: على أن عتق الموسر جائز: قوله تعالى: " فتحرير رقبة " (6) ولم يفصل.

(1) الأم د: 281، وكفاية الأخيار 2: 72، ومغني المحتاج 3: 361، والسراج الوهاج: 439، والمجموع
17: 370، وشرح فتح القدير 3: 236، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425، وبداية المجتهد 2: 112.
والشرح الكبير 8: 600، وبداية المجتهد 2: 112، والبحر الزخار 4: 235.
(2) المبسوط 7: د، واللباب 2: 251، وشرح فتح القدير 3: 236، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425،
وبدائع الصنائع 5: 107، والهداية 3: 236، وشرح العناية على الهداية 3: 236، وتبيين الحقائق
3: 7، والفتاوي الهندية 1: 510، والشرح الكبير 8: 600، والبحر الزخار 4: 235.
(3) النساء: 92، والمجادلة: 3.
(4) أي في كتاب المدبر مسألة: 5.
(5) الأم 5: 281، و 7: 66، والمجموع 17: 370، والوجيز 2: 82، ومغني المحتاج 3: 362.
(6) النساء: 92، والمجادلة: 3.
545

وعلى أن عتق المعسر لا يجزي: أن ذلك يؤدي إلى إبطال حق الغير، فلا يجوز
ذلك، وعليه إجماع الفرقة، لأنهم أجمعوا على أنه لا يجوز من الراهن التصرف في
الرهن، وذلك عام في جميع ذلك، إلا ما أخرجه الدليل.
مسألة 33: إذا كان له عبد قد جنى جناية عمد فإنه لا يجزي إعتاقه في
الكفارة، وإن كان خطأ جاز ذلك.
وللشافعي وأصحابه فيه ثلاث طرق:
أحدها: إن كان عمدا نفذ العتق فيه قولا واحدا.
وإن كان خطأ فعلى قولين (1)، ومنهم من عكس ذلك، فقال: إن كان
خطأ، لم ينفذ العتق قولا واحدا، وإن كان عمدا فعلى قولين (2).
وقال أبو إسحاق: لا فرق بين العمد والخطأ، فيهما قولان، - وهو الصحيح
عندهم -.
دليلنا: إجماع الفرقة، لأنه لا خلاف بينهم، أنه إذا كانت جنايته عمدا أنه
ينتقل ملكه إلى المجني عليه، وإن كانت خطأ فدية ما جنى به على مولاه، لأنه
عاقلته، وعلى هذا لا بد مما قلناه.
مسألة 34: إذا كان له عبد غائب يعرف خبره وحياته فإن اعتاقه جائز في
الكفارة بلا خلاف، وإن لم يعرف خبره ولا حياته لا يجزيه.
وللشافعي فيه قولاه:
أحدهما: مثل ما قلناه (3).
والثاني: أنه يجزي (4).

(1) انظر الأم 5: 281، والمجموع 17: 370، والوجيز 2: 82،
(4) الوجيز 2: 82، والمجموع 17: 370.
546

دليلنا: أن الكفارة متيقن وجوبها، وحياة العبد مشكوك فيها، فلم يسقط
المتيقن بالمشكوك.
مسألة 35، إذا اشترى من يعتق عليه من آبائه وأمهاته، وأولاده وأولاد
أولاده، فإن لم ينو عتقهم عن الكفارة عتقوا بحكم القرابة، وإذا نوى أن يقع
عتقهم عن الكفارة لم يجز ذلك عنها وينعتقون بحكم القرابة، وبقيت الكفارة
عليه. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يقع عتقهم عن الكفارة ويجزيه (2).
دليلنا: أن عندنا أن العتق لا يصح قبل الملك، ولا يصح النية قبل الملك.
وإنما تؤثر النية في الملك، وهذا لا يصح هاهنا، لأنه إذا ملك انعتق حال الملك،
ولا يستقر فلا يمكن أن يتعقب الملك النية.
وأيضا قوله تعالى: " فتحرير رقبة " (3) والتحرير يحصل بفعل المحرر واعتاقه،
لأنه مثل التفعيل، وهذا العبد إذا ملكه تحرر عليه لا بفعله، ولا يطق على ذلك
اسم التحرير، فلم يجزه عن التحرير المأمور به.
مسألة 36: إذا وجب عليه عتق رقبة فأعتق عنه رجل آخر عبدا بإذنه،
وقع العتق عن المعتق عنه، ولا يكون ولاؤه له، بل يكون سائبة، وبه قال
الشافعي، إلا أنه قال: ولاؤه له (4).

(1) الأم 5: 281 و 7: 16، ومختصر المزني: 205، والمجموع 17: 370، والسراج الوهاج: 439، ومغني
المحتاج 3: 361، وكفاية الأخيار 2: 72، والمبسوط 7: 8، والهداية 3: 237، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 425، وتبيين الحقائق 3: 8، وبدائع الصنائع 5: 100، وبداية المجتهد 2: 112.
(2) المبسوط 7: 8، واللباب 2: 252، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425، وشرح فتح القدير 3: 237،
وبدائع الصنائع د: 100، والهداية 3: 237، وتبيين الحقائق 3: 8، وبداية المجتهد 2: 112.
(3) النساء: 92، والمجادلة: 3.
(4) الأم 5: 281، و 7: 65، ومختصر المزني: 205، والمغني لابن قدامة 7: 251، والشرح الكبير 7:
251 و 252، والبحر الزخار 4: 236.
547

وسواء أعتق عنه تطوعا أو عن واجب، بجعل أو غير جعل، فإن أعتق بجعل
فهو كالبيع، وإن أعتق بغير جعل فهو كالهبة.
وقال أبو حنيفة: إن أعتق بجعل جاز، وإن أعتق بغير جعل لم يجز (1).
وقال مالك: لا يجوز ذلك بحال (2).
دليلنا: أنه إذا أعتق عنه بإذنه فالعتق يقع عنه، لأنه كذلك قصد ونوى.
والنبي صلى الله عليه وآله قال: " الأعمال بالنيات " (3) والنية وقعت عن الغير،
فوجب أن يقع العتق عنه.
مسألة 37: إذا أعتق عنه بغير إذنه، فإن العتق عن المعتق دون المعتق
عنه، سواء أعتقه عن واجب أو عن تطوع، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي (4).
وقال مالك: إن أعتقه عن تطوع وقع العتق عنه كقولنا، وإن أعتقه عن
واجب عليه، وقع ذلك عن المعتق عنه وأجزأه (5).
دليلنا: قوله عليه السلام: " الولاء لمن أعتق " (6) والمعتق هو المباشر للعتق،
فكان الولاء له دون المعتق عنه، وعند مالك الولاء لمن أعتق عنه.
مسألة 38: إذا ملك الرجل نصف عبدين، وباقيهما ملك لغيره، أو باقيهما

(1) المبسوط 7: 10 و 11 والفتاوي الهندية 1: 511، والمغني لابن قدامة 7: 251 والشرح الكبير
7: 252.
(2) المدونة الكبرى 3: 73.
(3) صحيح البخاري 1: 3، وسنن ابن ماجة 1: 25 حديث 4337، ومسند أحمد بن حنبل 1: 25،
والسنن الكبرى 7: 341.
(4) الأم 5: 281، و 7: 65، ومختصر المزني: 205، والمبسوط 7: 10، والفتاوي الهندية 1: 511، والشرح
الكبير 8: 598.
(5) المدونة الكبرى 3: 76، والشرح الكبير 8: 598.
(6) الموطأ 2: 770، و 782، وصحيح البخاري 3: 96، وصحيح مسلم 2: 1141 حديث 1504، وسنن
أبي داود 4: 21 حديث 3929 و 3930، والسنن الكبرى 1: 338.
548

حر، فأعتقهما عن كفارة لم يجزئه.
ولأصحاب الشافعي فيه ثلاثة أوجه، فقال أبو العباس مثل ما قلناه، لأنه
لم يعتق عبدا كاملا (1).
وقال غيره يجزيه ذلك (2).
ومنهم من قال: إن كان باقيه مملوكا لم يجزئه.
وإن كان باقيه حرا أجزأه (3).
دليلنا: قوله تعالى: " فتحرير رقبة " (4) وهذا ما أعتق رقبة، وأيضا فقد ثبت
شغل الذمة بوجوب كفارة تحرير رقبة، ولم يقم دليل على أنها تبرأ بهذا
فالاحتياط يقتضي عتق رقبة مفردة.
مسألة 39: إذا كان عليه كفارات من جنس واحد، فأعتق عنها أو صام
بنية التكفير دون التعيين أجزأه بلا خلاف، وإن كانت من أجناس مختلفة
مثل: كفارة الظهار وكفارة القتل فلا بد فيها من نية التعيين عن كل كفارة،
فإن لم يعين لم يجزئه، وبه قال أبو حنيفة (5).
وقال الشافعي: يجزيه وإن لم ينو التعين (6).
دليلنا: قوله صلى الله عليه وآله: " الأعمال بالنيات " (7) فوجب ما لم تحصل فيه

(1) المجموع 17: 371، والمغني لابن قدامة 8: 627، والشرح الكبير 8: 627.
(2) مختصر المزني: 205، والمجموع 17: 371، والمغني لابن قدامة 8: 627، والشرح الكبير 8: 627.
(3) المجموع 17: 371، والمغني لابن قدامة 8: 627، والشرح الكبير 8: 627.
(4) النساء: 92.
(5) المبسوط 7: 10، وبدائع الصنائع 5: 99 و 100، والهداية 3: 245، وشرح فتح القدير 3: 245 و
246، والفتاوي الهندية 1: 511، وتبيين الحقائق 3: 13، والبحر الزخار 4: 236.
(6) مختصر المزني: 205، ومغني المحتاج 3: 359، وبدائع الصنائع 5: 99، وشرح فتح القدير 3: 245.
والهداية 3: 245.
(7) صحيح البخاري 1: 3، وسنن ابن ماجة 2: 1413 حديث 4227، ومسند أحمد بن حنبل 1: 25
والسنن الكبرى 7: 341.
549

النية إلا يجزي ولأن الأصل شغل الذمة، ولا خلاف أنه إذا عين النية يجزئه،
ولم يدل على إجزائه لم يعين، فالاحتياط يقضي ما قلناه.
مسألة 40: إذا كان عليه كفارة عتق رقبة، فشك هل هي عليه من كفارة
ظهار له، أو قتل، أو جماع، أو يمين، أو عن نذر؟ فأعتق بنية ما يجب عليه
مجملا أجزأه.
وقال الشافعي: إن كان الذي وجب عليه عن كفارة أيها كانت أجزأته
وإن كانت عن نذر لم تجزئه، لأنه يحتاج إلى نية التعيين (1).
دليلنا: قوله تعالى: " فتحرير رقبة " (2) ولم يشرط نية التعيين، وأيضا فإن نية
التعيين قد تكون مجملة، وقد تكون مفصلة، وهذا أتى بنية التعيين مجملة.
مسألة 41: نية الإعتاق: يجب أن تقارن حال الإعتاق، فلا يجوز أن
تتقدمها.
وللشافعي فيه طريقان:
أحدهما مثل ما قلناه كالصلاة.
والثاني: أنه يجوز في العتق تقدمها (3).
دليلنا: أن العتق في حال يجوز أن يقع في كفارة وغير كفارة، فلا بد من
مقارنة النية له كسائر ما تؤثر فيه النية، وأيضا فالأصل شغل الذمة، ولا دليل
على برائتها إذا تقدمت، فيجب مقارنتها، لأن ذلك ذلك مجز بلا خلاف.
مسألة 42: إذا وجبت عليه كفارة بعتق أو إطعام أو صوم فارتد لم تصح

(1) الأم 7: 64، ومختصر المزني: 205، ومغني المحتاج 3: 359.
(2) النساء: 92، والمجادلة: 30.
(3) الأم 5: 281، و 7: 64، والسراج الوهاج: 439، ومغني المحتاج 3: 359، المجموع 6: 181، و 182،
وكفاية الأخيار 2: 72، والمغني لابن قدامة 8: 625، والشرح الكبير 8: 624.
550

منه الكفارة بالعتق ولا بالإطعام ولا بالصوم. ووافقنا الشافعي في الصوم،
وليس فيه خلاف (1).
وله في العتق والاطعام ثلاثة أقوال مبنية على حكم ملكه وتصرفه:
أحدها: أن ملكه صحيح، وتصرفه إلى أن يقتل أو يموت، فعلى هذا يصح
منه الاعتقال والاطعام (2)، وبه قال أبو يوسف، ومحمد (3).
والثاني: أنه باطل، فعلى هذا لا يجزيه العتق ولا الإطعام.
والثالث: أنه مراعى، فإن عاد إلى الإسلام حكم بأجزائه، وإن لم يعد،
حكمنا بأنه لم يجزئه، وبه قال أبو حنيفة (4).
دليلنا: أن الأصل شغل الذمة، وبراءتها تحتاج إلى دليل، وأيضا فالعتق
والاطعام يحتاج إلى نية القربة، ولا يصح ذلك من المرتد.
مسألة 43: في الرقاب ما يجزي، وفيها ما لا يجزي، وبه قال جميع الفقهاء (5)،
إلا داود، فإنه قال: الجميع يجزي (6).
دليلنا: الإجماع، وداود سبقه الإجماع، ولأن الأصل شغل الذمة، فلا يجوز
إبراؤها بكل رقبة إلا بدليل قاطع.
مسألة 44: الأعمى لا يجزي بلا خلاف بين الفقهاء، والأعور يجزي بلا

(1) الأم 5: 284، ومختصر المزني: 205.
(2) الأم 5: 284.
(3) لم أعثر على قول أبي يوسف ومحمد في مظانه من المصادر المتوفرة.
(4) الأم 5: 284، ومختصر المزني: 205، والمبسوط 7: 14.
(5) الأم 5: 281، و 7: 65، والوجيز 2: 81، وكفاية الأخيار 2: 72، والسراج الوهاج: 439، والمجموع
17: 368، و 370، والمبسوط 7: 2، واللباب 2: 251، والهداية 3: 235، وشرح فتح القدير
3: 235، وبداية المجتهد 2: 111: وبلغة السالك 1: 488، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425،
وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1743.
(6) المحلى 10: 50.
551

خلاف، والمقطوع اليدين والرجلين، أو اليدين، أو الرجلين، أو يد واحدة
ورجل واحدة من خلاف عند الشافعي لا يجزي (1).
وعند أبي حنيفة يجزي (2)، وبه نقول.
دليلنا: قوله تعالى: " فتحرير رقبة " (3) ولم يفصل.
مسألة 45: المملوك إذا كان مولودا من زنا فإنه يجزي في الكفارة، وبه قال
جميع الفقهاء (4)، إلا الزهري، والأوزاعي، فإنهما قالا لا يجزي (5).
دليلنا: قوله تعالى: " فتحرير رقبة " (6) ولم يفصل.
مسألة 46: إذا وجد رقبة وهو محتاج إليها لخدمته أو وجد ثمنها وهو محتاج
إليه لنفقته أو كسوته أو سكناه لا يلزمه الرقبة، ويجوز له الصوم، وبه قال
الشافعي (7).

(1) الأم 5: 282، وكفاية الأخيار 2: 72، والوجيز 2: 82، والسراج الوهاج: 439، ومغني المحتاج
3: 361، والمجموع 17: 368، والمغني لابن قدامة 8: 588، وبداية المجتهد 2: 111، والشرح الكبير
8: 592.
(2) المبسوط 7: 2، والنتف 1: 384، واللباب 2: 251، وبدائع الصنائع 5: 108 و 109، والهداية
3: 235، وتبيين الحقائق 3: 7، وشرح فتح القدير 3: 236، والمغني لابن قدامة 8: 558، والشرح
الكبير 8: 592، وبداية المجتهد 2: 111.
(3) النساء: 92، والمجادلة: 3.
(4) الأم 7: 65، والمجموع 17: 369، وكفاية الأخيار 2: 72، والمدونة الكبرى 3: 77، والمغني لابن قدامة
8: 591، والشرح الكبير 8: 600، وفتح الرحيم 2: 84.
(5) المجموع 17: 369، والشرح الكبير 8: 600.
(6) النساء: 92، والمجادلة: 3.
(7) الأم 5: 283، ومختصر المزني: 205، والوجيز 2: 283، والمجموع 17: 367، وكفاية الأخيار 2: 73،
والسراج الوهاج: 441، ومغني المحتاج 3: 364، والمغني لابن قدامة 8: 592، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 425، والجامع لأحكام القرآن 17: 283، وشرح فتح القدير 3: 239، والبحر الزخار
4: 236.
552

وقال مالك والأوزاعي: يلزمه العتق في الموضعين معا (1).
وقال أبو حنيفة: إذا كان واجدا للرقبة وهو محتاج إليها لزمه إعتاقها ولا
يجوز له الصوم، وإذا وجد الثمن وهو محتاج إليه لا يلزمه الإعتاق، ويجوز له الصوم (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل براءة الذمة.
وأيضا قوله تعالى: " ما جعل عليكم في الدين من حرج " (3).
مسألة 47: إذا انتقل عند العجز إلى الصوم فالواجب أن يصوم شهرين
متتابعين بلا خلاف، فإن أفطر في خلال ذلك لغير عذر في الشهر الأول. أو قبل
أن يصوم من الثاني شيئا، وجب استئنافه بلا خلاف، وإن كان إفطاره بعد أن
صام من الثاني شيئا ولو يوما واحدا، جاز له البناء عليه، ولا يلزمه الاستئناف.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك. وقالوا: يجب عليه الاستئناف (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد ذكرناها في الكتاب الكبير (5).
ويمكن أن يقال قوله تعالى: " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين " (6).

(1) المدونة الكبرى 3: 67 و 68، وبلغة السالك 1: 489، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425، والمغني
لابن قدامة 8: 592، والجامع لأحكام القرآن 17: 283، والبحر الزخار 4: 236.
(2) المبسوط 7: 13، وأحكام القرآن للجصاص 3: 425، واللباب 2: 253، وشرح فتح القدير 3: 239،
والفتاوي الهندية 1: 512، وتبيين الحقائق 3: 10، والمغني لابن قدامة 8: 592، والجامع لأحكام
القرآن 17: 283، والبحر الزخار 4: 236.
(3) الحج: 78.
(4) الأم 5: 283، و 7: 66، ومختصر المزني: 205، والمجموع 17: 374، والوجيز 2: 84، والسراج الوهاج:
441، ومغني المحتاج 3: 365، وكفاية الأخيار 2: 74، والمدونة الكبرى 3: 66، وبلغة السالك
1: 491، والمبسوط 6: 225، و 7: 12، واللباب 2: 253، والمغني لابن قدامة 8: 598، والشرح
الكبير 8: 607، والفتاوي الهندية 1: 512، والجامع لأحكام القرآن 17: 283.
(5) التهذيب 4: 282 حديث 855 و 856 وص 284 حديث 861، وانظر الكافي 4: 138 حديث 1 و 3
و 7، ودعائم الإسلام 2: 280 حديث 1055، والاستبصار 2: 124 و 125 حديث 404 و 405.
(6) المجادلة: 4.
553

يتناول ذلك، لأنه تابع بين الشهرين الأول والثاني وإن صام منه شيئا، وليس
في الآية أن ه يجب عليه أن يتابع بين أيام الشهر كله، والمعتمد الأول.
مسألة 48: إذا أفطر في خلال الشهرين لمرض يوجب ذلك، لم ينقطع
التتابع، وجاز له البناء، وهو قول الشافعي في القديم، واختاره المزني (1).
وقال في الجديد: ينقطع، ويجب الاستئناف (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، ولأن إيجاب الاستئناف إنما وجب على
من يفطر لضرب من العقوبة لتهاونه بما يجب عليه، وهذا أمر غلب عليه من فعل
الله لا صنع له فيه، فجرى مجرى الحيض، ولأنا إذا أوجبنا الاستئناف لم يأمن
- إذا استأنف - أن يمرض ثانيا، وكذلك كل مرة فيؤدي إلى أن لا ينفك من
الصوم، وأن يصوم لا إلى نهاية. فعفي عن ذلك لما قلناه.
مسألة 49: إذا سافر في الشهر الأول فأفطر قطع التتابع، ووجب عليه
الاستئناف.
وعند الشافعي: أن ذلك مبني على قولين في المرض، فإن قال: إن المرض
يقطع التتابع، فهنا أولى، وإذا قال: لا يقطع التتابع، ففي هذا قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: لا ينقطع (4).

(1) مختصر المزني: 206، والسراج الوهاج: 441، ومغني المحتاج 3: 365، والوجيز 2: 84، والمجموع
17: 373، والمغني قدامة ظ: 596، والشرح الكبير 8: 607، والجامع لأحكام القرآن
17: 283.
(2) الأم 5: 283، و 7: 66، ومختصر المزني: 205 و 206، والسراج الوهاج: 441، ومغني المحتاج
3: 365، والوجيز 2: 84، وكفاية الأخيار 2: 74، والمجموع 17: 373، والمغني لابن قدامة 8: 596،
والشرح الكبير 8: 606، و 607، والجامع لأحكام القرآن 17: 284.
(3) التهذيب 4: 284 حديث 858 و 860، والاستبصار 2: 124، حديث 401 و 403.
(4) المجموع 17: 375، وكفاية الأخيار 2: 74 والوجيز 2: 84، والجامع لأحكام القرآن 17: 283 -
284، والمغني لابن قدامة 8: 597، والشرح الكبير 8: 608.
554

دليلنا: قوله تعالى: " فصيام شهرين متتابعين " (1) وهذا ما تابع، وأيضا
فالسفر باختياره، فلا يجوز له الإفطار كالحضر.
مسألة 50: الحامل والمرضع إذا أفطرتا في الشهر الأول فحكمهما حكم
المريض بلا خلاف، وإن أفطرتا خوفا على ولديهما، لم يقطع التتابع عندنا، وجاز
البناء.
واختلف أصحاب الشافعي فيه، فقال بعضهم: هو بمنزلة المفطر في المرض،
فإنه عذر كالمرض.
ومنهم من قال: إن التتابع ينقطع قولا واحدا (2).
دليلنا: أن ذلك عذر أوجب الله تعالى فيه الإفطار عندنا، وما يكون كذلك
لا يجب به الاستئناف كالحيض والمرض.
مسألة 51: إذا أدخل الطعام أو الشراب في حلقه بالإكراه لم يفطر
بلا خلاف. وإن ضرب حتى أكل أو شرب فعندنا لا يفطر، ولا يقطع التتابع.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه.
والثاني: يفطر ويقطع التتابع (3).
دليلنا: إجماع الفرقة على أنه لا يفطر، فإذا ثبت ذلك لا يقع التتابع
بلا خلاف.
مسألة 52: إذا قتل متعمدا في أشهر الحرم وجب عليه الكفارة بصوم
شهرين متتابعين من أشهر الحرم، وإن دخل فيهما الأضحى وأيام التشريق.
.

(1) المجادلة: 4.
(2) المجموع 17: 375.
(3) كفاية الأخيار 2: 74، والشرح الكبير 8: 608.
555

وخالف جميع الفقهاء في ذلك، فقالوا: ذلك لا يجوز (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 53، إذا ابتداء بصوم أيام التشريق في الكفارة، صح صومه، وكذلك
يجوز التنفل به في الأمصار، فأما بمنى فلا يجوز على حال.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: يجوز في الكفارة دون التطوع.
والثاني: أنه لا يجوز على حال، بناء على جواز صوم المتمتع هذه الأيام، لأن
له في ذلك قولين (3).
دليلنا: قوله تعالى: " فصيام شهرين متتابعين " (4) ولم يعين، وإنما أخرجنا
بعضها بدليل الإجماع، مثل الفطر والأضحى وغيرهما.
مسألة 54، لا يلزمه أن ينوي التتابع في الصوم، بل تكفيه نية الصوم فحسب.
وللشافعي فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مثل ما قلناه (5).
والثاني: أنه يحتاج أن ينوي ذلك أول ليلة (6).
والثالث: أن ينوي ذلك كل ليلة (7).

(1) المبسوط 7: 13، والفتاوي الهندية 1: 512، وحاشية الشلبي المطبوع بهامش تبيين الحقائق 3: 10، و
تبيين الحقائق 3: 10.
(2) الكافي 4: 139 و 140 حديث 8 و 9، والتهذيب 4: 297 حديث 896.
(3) الأم 5: 283، ومختصر المزني: 205 و 206، والمجموع 17: 376.
(4) النساء: 92، والمجادلة: 4.
(5) المجموع 17: 377، و 382، ومغني المحتاج 3: 365 و الوجيز 2: 84، والسراج الوهاج: 441، وكفاية
الأخير 2: 74.
(6) المجموع 17: 377، و 382.
(7) الأم 5: 284، والمجموع 17: 377 و 382، وكفاية الأخيار 2: 74، ومغني المحتاج 3: 365، والسراج
الوهاج: 441.
556

دليلنا: قوله تعالى: " فصيام شهرين متتابعين " (1) ولم يذكر إيجاب النية
للتعيين، وأيضا الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
مسألة 55: إذا صام شعبان وشهر رمضان عن الشهرين المتتابعين لم يجزئ
عنهما بلا خلاف، وصوم شهر رمضان صحيح لا يجب عليه القضاء عندنا، وبه
قال أبو حنيفة (2).
وقال الشافعي: يجب عليه قضاء شهر رمضان، لأنه ما عين النية (3).
دليلنا: ما ذكرناه في كتاب الصوم أن تعيين النية في صوم شهر رمضان ليس
بواجب (4)، فإذا ثبت ذلك فلا قضاء عليه بلا خلاف.
مسألة 56، الاعتبار في وجوب الكفارات المرتبة حال الأداء دون
حال الوجوب، فمن قدر حال الأداء على الاعتقاق لم يجزئه الصوم، وإن كان غير
واجد لها حين الوجوب.
وللشافعي فيها ثلاثة أقوال:
أحدها، وهو الأشبه عندهم - مثل ما قلناه (5).
والثاني: أن الاعتبار بحال الوجوب دون حال الأداء. وبه قال أبو
حنيفة (6).

(1) النساء: 92، والمجادلة: 4.
(2) المبسوط 7: 12 و 13، وتبيين الحقائق 3: 10، والشرح الكبير 8: 609.
(3) الأم 5: 284، ومختصر المزني: 206، ومغني المحتاج 3: 366.
(4) تقدم ذكره في (ج 2 من هذا الكتاب: 164) المسألة 4 من كتاب الصوم.
(5) الوجيز 2: 83، والمجموع 17: 368، والسراج الوهاج: 441، ومغني المحتاج 3: 365، وكفاية الأخيار
2: 73، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1743، والمغني لابن قدامة 8: 619، والشرح الكبير
8: 585، والبحر الزخار 4: 237.
(6) الوجيز 2: 83، والمجموع 7: 368، والسرج الوهاج: 441، ومغني المحتاج 3: 365، وكفاية الأخيار
2: 73، والمبسوط 6: 235، وشرح العناية على الهداية 3: 240، والمغني لابن قدامة 8: 619، والشرح
الكبير 8: 585، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1743، والبحر الزخار 4: 237.
557

والثالث: أن الاعتبار بأغلظ الحالين من حين الوجوب إلى حال الأداء (1)).
دليلنا: قوله تعالى: " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين " (2) وهذا واجد
عند الشروع في الصوم للرقبة، فوجب أن لا يجزيه.
وأيضا الاعتبار بحال الأداء دون حال الوجوب في سائر الواجبات، مثل
من دخل عليه وقت الصلاة وهو فاقد للماء، ووجد الماء في آخر الوقت، فإن
فرضه الوضوء بلا خلاف، وهذا لا نعتمده، لأنه قياس، غير أنه يلزم المخالف المصير
إليه.
مسألة 57: إذا عدم المكفر الرقبة، فدخل في الصوم، ثم قدر على الرقبة،
فإنه لا يلزمه الإعتاق، ويستحب له ذلك، وهكذا المتمتع إذا عدم الهدي،
فصام، ثم قدر على الهدي، والمتيمم إذا دخل في الصلاة، ثم وجد الماء لا يلزمه
الانتقال، وبه قال الشافعي، ومالك، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق (3).
وذهب الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه: إلى أنه يلزمه الرجوع إلى الأصل في
هذه المواضع كلها: إلا أنه فصل في المتمتع، فقال: إن وجده في صوم الثلاثة
انتقل إليه، وإن وجده في صوم السبع لم ينتقل، لأنه عنده البدل صوم الثلاث
دون السبع (4).

(1) المجموع 17: 368، والوجيز 2: 83، وكفاية الأخيار 2: 73، والسراج الوهاج: 441، ومغني المحتاج
3: 365، والمغني لابن قدامة 8: 619، والشرح الكبير 8: 585، والبحر الزخار 4: 23 ط.
(2) النساء: 92، والمجادلة: 4.
(3) الأم 5: 283، ومختصر المزني: 206، والمجموع 17: 376، و 377، و 18: 123، وكفاية الأخيار 2: 73،
والمدونة الكبرى 3: 83، والشرح الكبير 8: 586، والبحر 4: 237.
(4) المبسوط 6: 235، والفتاوي الهندية 1: 512، وشرح العناية على الهداية 3: 240، وتبيين الحقائق
3: 10، والشرح الكبير 8: 581، والمجموع 17: 376 و 18: 123 و 124، والبحر الزخار 4: 237.
558

وقال المزني: يلزمه الانتقال إلى الأصل في المواضع كلها (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، ولأن دخوله في الصوم واجب بالإجماع،
والانتقال منه يحتاج إلى دليل ولا دليل.
مسألة 58: إذا ظاهر فأعتق قبل العود لم يجزئه.
وقال الشافعي: يجوز (3).
دليلنا: أن العتق إنما يجب (4) إذا أراد استباحة الوطء. وعنده إذا عاد وقبل
ذلك لم يجب. فلا يجزي ما يعتقه في الحال عما يجب عليه في المستقل، كالزكاة
قبل النصاب، وكفارة اليمين قبل عقد اليمين. وأيضا عليه إجماع الفرقة.
وأخبارهم، قد ذكرناها في الكتاب الكبير (5).
مسألة 59: يجب أن يدفع الطعام إلى ستين مسكينا، ولا يجوز أن يدفع حتى
مسكينين إلى مسكين، لا في يوم واحد ولا في يومين، وبه قال الشافعي (6).
وقال أبو حنيفة: إن أعطى مسكينا واحدا كل يوم حق مسكين، في ستين
يوما حق ستين مسكينا أجزأه وإن أعطى في يوم واحد حق مسكينين لواحد لم
يجزئه (7). وعندنا يجوز هذا مع عدم المساكين.

(1) مختصر المزني: 206، والمجموع 17: 376 و 377، وكفاية الأخيار 2: 73.
(2) دعائم الإسلام 2: 279 حديث 1054، وقرب الإسناد: 111، والكافي 6: 156 ذيل الحديث 12،
والتهذيب 8: 17 ذيل الحديث 53 و 54.
(3) المجموع 17: 382 و 18: 116، وتبيين الحقائق 3: 113.
(4) في النسخة الحجرية: يجب عليه.
(5) انظر التهذيب 8: 12 حديث 40، والاستبصار 3: 260 حديث 930.
(6) الأم 5: 284 و 285، والوجيز 2: 84، وكفاية الأخيار 2: 74، والمجموع 17: 377، و 381، والجامع
لأحكام القرآن 17: 287، وسبل السلام 3: 110، والمبسوط 7: 17، وشرح فتح القدير 3: 243،
ومغني المحتاج 3: 366، والشرح الكبير 8: 615.
(7) المبسوط 7: 17، واللباب 2: 254، وشرح فتح القدير 3: 243، والهداية 3: 243، والمجموع
17: 377، والشرح الكبير 8: 615، والجامع لأحكام القرآن 17: 287.
559

دليلنا: إجماع الفرقة، وقوله: " فإطعام ستين مسكينا " (1) وقال في كفارة
اليمين: " فإطعام عشرة مساكين " (2) فاعتبر تعالى العدد، فلا يجوز الإخلال به.
كما لا يجوز الإخلال بالإطعام.
وأيضا طريقة الاحتياط تقتضي ذلك، لأن ما اعتبرناه مجمع على جوازه،
وما قاله أبو حنيفة لا دليل على جوازه.
مسألة 60: لا يجوز إعطاء الكفارة للمكاتب، وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: يجوز ذلك (4).
دليلنا: طريقة الاحتياط.
مسألة 61: لا يجوز دفع الكفارة إلى الكافر، وبه قال الشافعي (5).
وقال أبو حنيفة: يجوز (6).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى من طريقة الاحتياط، فإن إعطاءه لمسلم
مجمع على جوازه، وإعطاؤه لكافر ليس على جواز دليل.
مسألة 62: يجب أن يدفع إلى كل مسكين مدان. والمد: رطلان وربع
بالعراقي، في سائر الكفارات.

(1) المجادلة: 4.
(2) المائدة: 89.
(3) الأم 5: 285، ومختصر المزني: 20 ط، ومغني المحتاج 3: 366، والمجموع 17: 381 و 383، والمغني
لابن قدامة 8: 611، والشرح الكبير 8: 613.
(4) المغني لابن قدامة 8: 611.
(5) الأم 5: 285، والسراج الوهاج: 441، والمجموع 17: 382، ومغني المحتاج 3: 366، وكفاية الأخيار
2: 74، والمغني لابن قدامة 8: 612، وبدائع الصنائع 2: 49، ورحمة الأمة 2: 65، والميزان الكبرى
2: 126، والشرح الكبير 8: 613.
(6) المبسوط 7: 18، وبدائع الصنائع 2: 49، والفتاوي الهندية 1: 513، الميزان الكبرى 2: 126،
ورحمة الأمة 2: 65، والمغني لابن قدامة 8: 612، والشرح الكبير 8: 613.
560

وقال الشافعي: مد في جميع ذلك، وهو رطل وثلث، إلا فدية الأذى
خاصة، فإنها مدان، وبه قال ابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة (1).
وقال أبو حنيفة: إن أخرج تمرا أو شعيرا فإنه يدفع صاعا وهو: أربعة
أمداد، والمد: رطلان، وإن أخرج طعاما فنصف صاع.
وفي الزبيب روايتان: إحداهما صاع، والأخرى: نصف صاع (2). وقال
مالك: مثل قول الشافعي، إلا كفارة الظهار، فإنه قال: يدفع إلى كل مسكين
مدا - بالمد الحجازي - وهو مد وثلث بمد النبي صلى الله عليه وآله (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 63: يحب أن يطعم ما يغلب على قوته وقوت أهله.
وقال الشافعي: يجب أن يطعم من غالب قوت البلد (5).
وقال أبو سفيان بن حرب: مثل ما قلناه (6).
دليلنا: قوله تعالى: " من أوسط ما تطعمون أهليكم " (7) فأوجب من أوسط

(1) الأم 5: 284، والمجموع 17: 378، وكفاية الأخيار 2: 74، والمبسوط 7: 16، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 426، وعمدة القاري 20: 282، وبداية المجتهد 2: 112، والميزان الكبرى 2: 134،
ورحمة الأمة 2: 80، والبحر الزخار 4: 239.
(2) أحكام القرآن للجصاص 3: 426، والمبسوط 7: 16، وعمدة القاري 20: 282، واللباب 2: 254،
والميزان الكبرى 2: 134، والمجموع 17: 378.
(3) المدونة الكبرى 3: 68 و 69، وبلغة السالك 1: 491، وبداية المجتهد 2: 112، وأسهل المدارك
2: 171، والمجموع 17: 378، والجامع لأحكام القرآن 17: 285 و 286، وعمدة القاري 20: 282،
وحاشية العدوي 2: 21، والميزان الكبرى 2: 134، ورحمة الأمة 2: 80، والبحر الزخار 4: 239.
(4) تفسير العياشي 1: 338 حديث 174، والتهذيب 8: 23 حديث 75.
(5) الأم 5: 284، والمجموع 17: 378، ومختصر المزني: 206 و 207، وكفاية الأخيار 2: 74، ومغني
المحتاج 3: 367، والسراج الوهاج: 441، وأحكام القرآن للجصاص 3: 426، وعمدة القاري 20: 282
(6) حكى في المجموع: 17: 378 و 379 القول عن أبي عبيد بن حربويه فلا حظ.
(7) المائدة: 89.
561

ما نطعم أهلينا: لا ما يطعمه أهل البلد.
مسألة 64: إذا كان قوت أهل البلد اللحم أو اللبن أو الأقط وهو قوته
جاز أن يخرج منه.
وللشافعي في الأقط قولان (1)، وفي اللحم واللبن طريقان، منهم من قال:
على قولين كالأقط (2) ومنهم من قال: لا يجوز قولا واحدا (3).
دليلنا: قوله تعالى: " من أوسط ما تطعمون أهليكم " (4) ولم يفصل.
مسألة 65: إذا أحضر ستين مسكينا فأعطاهم ما يجب لهم من الطعام. أو
أطعمهم إياه، سواء قال: ملكتكم أو أعطيتكم فإنه يكون جائزا على كل
حال إذا كانوا بالغين، وبه قال أهل العراق (5).
وقال الشافعي: إن أطعمهم لا يجزيه، لأنه لم يملكهم، ولأن أكلهم يزيد
وينقض. وإن قال: أعطيتكم، أو خذوه لا يجزي، لأنه ما ملكهم، وإن قال:
ملكتكم بالسوية ففيه وجهان (6).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: " فإطعام ستين مسكينا " (7) وهذا
قد أطعم ستين ولم يفصل.

(1) الأم 5: 284، ومختصر المزني: 207، والمجموع 17: 379، ومغني المحتاج 3: 367، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 426.
(2) المجموع 17: 379، ومغني المحتاج 3: 367.
(3) المجموع 17: 379، ومغني المحتاج 3: 367.
(4) المائدة: 89.
(5) المبسوط 7: 14 و 15، والهداية 3: 242، وشرح فتح القدير 3: 242، وتبيين الحقائق 3: 11، والمجموع
17: 381، والشرح الكبير 8: 621 و 622.
(6) الأم 5: 285، والوجيز 2: 84، والمطبوع 7: 381، والمبسوط 7: 15، والهداية 3: 242، والشرح الكبير
621، و 622.
(7) المجادلة: 4.
562

مسألة 66: كل ما يسمى طعاما يجوز إخراجه في الكفارة.
وروى أصحابنا أن أفضله الخبز واللحم، وأوسطه الخبز والزيت، وأدونه
الخبز والملح (1).
وقال الشافعي: لا يجوز إلا الحب، فأما الدقيق والسويق والخبز فإنه
لا يجزي (2).
وقال الأنماطي من أصحابه: إنه يجزيه الدقيق (3).
وكذلك الخلاف في الفطرة، قالوا: لأن النبي - صلى الله عليه وآله - أوجب صاعا
من تمر أو شعير أو إطعام (4)، ولم يذكر الدقيق ولا الخبز.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: " فإطعام ستين مسكينا " (5)، وكل
ذلك يسمى طعاما في اللغة، فوجب أن يجزي بحكم الظاهر.
مسألة 67: إذا أطعم خمسا وكسا خمسا في كفارة اليمين، ولم يجزئه، وبه قال
الشافعي (6).
وقال مالك: يجزيه (7).
وقال أبو حنيفة: إذا أطعم خمسا، وكسا خمسا بقيمته إطعام خمس لم يجزئه،

(1) دعائم الإسلام 2: 102 حديث 324، ونقل المحدث النوري في مستدركه 15: 419 حديث 10 عن
التنزيل والتحريف.
(2) الأم 5: 285، ومختصر المزني: 20 ط، والمجموع 17: 379، و 380.
(3) المجموع 17: 380.
(4) الأم 7: 64.
(5) المجادلة: 4.
(6) الأم 7: 64، ومختصر المزني: 291، والمجموع 18، والميزان الكبرى 2: 134 ورحمة الأمة
2: 81.
(7) نسب الشعراني في ميزانه الكبرى 2: 134 الجواز إلى أبي حنيفة وأحمد وعدمه إلى الشافعي ومالك،
ولم أقف في المصادر على قول مالك بجوازه.
563

وإن كان خمسا وأطعم خمسا بقيمة كسوة خمس أجزأه. (1).
دليلنا: قوله تعالى: " إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم
أو كسوتهم " (2) فخير بين إطعام عشرة أو كسوة عشرة، فمن كساء خمسا وأطعم
خمسا لم يمتثل الظاهر، بل خالف.
مسألة 68، يجوز صرف الكفارة إلى الصغار والكبار إذا كانوا فقراء
بلا خلاف، وعندنا يجوز أن يطعمهم إياه ويعد صغيرين بكبير، ووافقناه مالك في
عد صغيرين بكبير (3).
وقال الشافعي وأبو حنيفة لا يصح أن يقبضهم إياه. بل يحتاج أن يعطي
وليه ليصرفه في مؤنته (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا قوله تعالى: " فإطعام ستين مسكينا " (5) ولم
يشرط تقبيض الولي.
مسألة 69، إذا أعطى كفارته لمن ظاهره الفقر، ثم بان له أنه غني أجزأه.
وبه قال أبو حنيفة، ومحمد، ومالك، والشافعي في القديم (6).
وقال في الجديد: لا يجزي - وهو الأصح عندهم، وبه قال أبو يوسف (7).
دليلنا: قوله تعالى: " فإطعام ستين مسكينا " (8) ونحن نعلم أنه أراد من
كان ظاهره كذلك لا الباطن، لأن الباطن لا طريق لنا إليه، وهذا قد أعطى

(1) المبسوط 8: 151، وتبيين الحقائق 3: 11، والميزان الكبرى 2: 134، ورحمة الأمة 2: 81.
(2) المائدة: 89.
(3) الميزان الكبرى 2: 134، ورحمة الأمة 2: 81.
(4) المجموع 17: 381، وكفاية الأخيار 2: 74، والميزان الكبرى 2: 134، ورحمة الأمة 2: 81.
(5) المجادلة: 4.
(6) مختصر المزني: 207، والميزان الكبرى 2: 16.
(7) الأم 5: 285، ومختصر المزني: 207، والميزان الكبرى 2: 16.
(8) المجادلة: 4.
564

من ظاهره كذلك، فوجب أن يكون مجزيا.
مسألة 70: إذا وجبت عليه الكفارة في الظهار فأراد أن يكفر بالإعتاق أو
الصوم، يلزم تقديم ذلك على المسيس بلا خلاد، وإن أراد أن يكفر بالطعام
مع العجز عنهما فكذالك لا يحل له الوطء قبل الإطعام، وبه قال أبو جنيفة
وأصحابه، والشافعي (1).
وقال مالك: يحل له الوطء قبل الإطعام (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 71: لا يجوز إخراج القيمة في الكفارات، وبه قال الشافعي (4).
وقال أهل العراق: يجوز، إلا في العتق مثل الزكوات (5).
دليلنا: طريقة الاحتياط، لأنه إذا أخرج المنصوص أجزأه بلا خلاف. وإذا
أخرج القيمة فليس على إجزائه دليل.
مسألة 72: إذا قالت المرأة لزوجها: أنت علي كظهر أمي، لم يتعلق به
حكم. وبه قال أبو حنيفة، ومحمد، والشافعي (6).

(1) الأم 5: 285، ومختصر المزني: 207، والمجموع 17: 365، 366، وكفاية الأخيار 2: 74، والوجيز
2: 79، وأحكام القرآن للجصاص 3: 426، و 427، والمبسوط 6: 225، والجامع لأحكام القرآن
17: 283، والبحر الزخار 4: 240.
(2) المبسوط 6: 225، والفتاوي الهندية 1: 507، و 514، والبحر الزخار 4: 240.
(3) الكافي 6: 152 حديث 9 و 22، ومن لا يحضره الفقيه 3: 340 حديث 1641، وص 344 حديث
1649، والتهذيب 8: 12 حديث 39 و 40، وص 20 حديث 64.
(4) الأم 5: 285، والمجموع 17: 380، و 384، والمغني لابن قدامة 8: 611، والبحر الزخار: 4: 240،
والشرح الكبير 8: 621.
(5) المبسوط 8: 152، والبحر الزخار 4: 240.
(6) الأم 5: 278، والمجموع 17: 356، وأحكام القرآن للجصاص 3: 423 و 424، والمبسوط 6: 227،
والمغني لابن قدامة 8: 622، و 623، ورحمة الأمة 2: 65، والميزان الكبرى 2: 125، والجامع
لأحكام القرآن 17: 276 و 277، وفتاوى قاضيخان 1: 546، والفتاوى الهندية 1: 507.
565

وقال ابن أبي ليلى، والحسن البصري: يلزمها كفارة الظهار (1).
وقال أبو يوسف: يلزمها كفارة اليمين (2).
وحكي أن رجلا سأل ابن أبي ليلى عن هذه المسألة، فقال: عليها كفارة
الظهار، فسأل محمدا فقال: لا شئ عليها ثم سأل أبا يوسف وأخبره بما قالا،
فقال: سبحان الله شيخان من مشايخ المسلمين غلطا، عليها كفارة يمين (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ولم يقم دليل على لزوم المرأة بهذا القول
شئ.
وأيضا قوله تعالى: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا " (4).
فعلق الحكم على من ظاهر من نسائه، وهذا صفة الرجال، فلا يدخل فيه
النساء - ثم أوجب الكفارة بالعود، والعود العزم على الوطء. أو إمساكها زوجة
مع القدرة على الطلاق، وهذا لا يوجد في المرأة.
مسألة 73: يجوز للمرأة أن تعطي الكفارة لزوجها إذا كان فقيرا، وبه قال
الشافعي (5).
وقال أبو حنيفة: لا يجوز (6).
دليلنا: قوله تعالى: " إطعام عشرة مساكين " (7) ولم يفرق، وهذا مسكين.

(1) المحلى 10: 54، والمغني لابن قدامة 8: 622، وفتاوى قاضيخان 1: 543.
(2) أحكام القرآن للجصاص 3: 424، والجامع لأحكام القرآن 17: 277، والمجموع 17: 357،
(3) أحكام القرآن للجصاص 3: 424.
(4) المجادلة: 3.
(5) عمدة القاري 9: 32، والأحكام السلطانية: 124، ورحمة الأمة 1: 112، والميزان الكبرى 2: 17،
والشرح الكبير 2: 713، وتبيين الحقائق 1: 301.
(6) المبسوط 3: 11، واللباب 1: 156، وعمدة القاري 9: 32، وبدائع الصنائع 2: 49، وشرح فتح
القدير 2: 22، وتبيين الحقائق 1: 301، ورحمة الأمة 1: 112، والميزان الكبرى 2: 17، وأحكام
السلطانية: 124، والشرح الكبير 2: 713.
(7) المائدة: 89.
566