الكتاب: المختصر النافع
المؤلف: المحقق الحلي
الجزء:
الوفاة: ٦٧٦
المجموعة: فقه الشيعة الى القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة: الثانية - الثالثة
سنة الطبع: ١٤٠٢ - ١٤١٠
المطبعة:
الناشر: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة - طهران
ردمك:
ملاحظات:

المختصر النافع
في فقه الإمامية
ألفه الشيخ الأجل المحقق:
أبو القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن الحلي المتوفى سنة 676 ه‍
تعريف الكتاب 1

اسم الكتاب: المختصر النافع في فقه الإمامية
المؤلف: العلامة الأكبر الشيخ جعفر الحلي
منشورات: قم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة
الطبعة الثانية: طهران 1402 - الطبعة الثالثة: طهران 1410
التوزيع: مؤسسة البعثة
- طهران، شارع سميه، ت: 821159، ص ب: 1361 - 15815.
- مشهد، شارع آية الله شيرازي، زقاق آب ميرزا
- قم، شارع إرم، سوق القدس
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة صاحب الفضيلة السيد وزير الأوقاف
قضية السنة والشيعة، هي في نظري قضية إيمان وعلم معا.
فإذا رأينا أن نحل مشكلاتها على ضوء من صدق الإيمان وسعة العلم فلن
تستعصي علينا عقدة، ولن يقف أمامنا عائق.
أما إذا تركنا - للمعرفة القاصرة واليقين الواهي - أمر النظر في هذه القضية،
والبت في مصيرها فلن يقع إلا الشر.
وهذا الشر الواقع إذا جاز له أن ينتمي إلى نسب، أو يعتمد على سبب فليبحث
عن كل نسب في الدنيا، وعن كل سبب في الحياة، إلا نسبا إلى الإيمان الصحيح،
أو سببا إلى المعرفة المنزهة
نعم قضية علم وإيمان...
فأما إنها قضية علم، فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان بكتاب الله
وسنة رسوله، ويتفقان اتفاقا مطلقا على الأصول الجامعة في هذا الدين فيما نعلم، فإن
اشتجرت الآراء بعد ذلك في الفروع الفقهية والتشريعية، فإن مذاهب المسلمين كلها
سواء في أن للمجتهد أجره، أخطأ أم أصاب،
وثبوت الأجر له قاطع بداهة في إبعاد الظنة ونفي الريبة أن تناله من قرب أو
بعد، على أن الخطأ العلمي - وتلك سماحة الإسلام في تقديره - ليس حكرا على
مذهب بعينه، ومن الشطط القول بذلك.
وعندما ندخل مجال الفقه المقارن، ونقيس الشقة التي يحدثها الخلاف العلمي
بين رأي ورأي. أو بين تصحيح حديث وتضعيفه، نجد أن المدى بين الشيعة والسنة
كلمة الوزير 3

كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة، والمذهب الفقهي لمالك أو الشافعي،
أو المدى بين من يعملون ظاهر النص ومن يأخذون بموضوعه وفحواه، ونحن نرى
الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب.
ونرى الحصيلة العلمية لهذا الجهد الفقهي جديرة بالحفاوة وإدمان النظر وإحسان
الدراسة، فهي تراث علمي مقدور مشكور...
وأما إنها قضية إيمان فإني لا أحسب ضمير مسلم يرضى بافتعال الخلاف وتسعير
البغضاء بين أبناء أمة واحدة، ولو كان ذلك لعلة قائمة.
فكيف لو لم تكن هناك علة قط؟
كيف يرضى المؤمن صادق الصلة بالله أن تختلق الأسباب اختلاقا لا فساد
ما بين الأخوة، وإقامة علائقهم على اصطياد الشبه وتجسيم التوافه وإطلاق الدعايات
الماكرة والتغرير بالسذج والهمل.
وهب ذلك يقع فيه امرؤ تعوزه التجربة، وتنقصه الخبرة فكيف تقع فيه أمة
ذاقت الويلات من شؤم الخلاف، ولم يجد عدوها ثغرة للنفاذ إلى صميمها إلا من
هذا الخلل المصطنع عن خطأ أو عن تهور...
ولقد رأينا مع بعض رجال التقريب أن نقوم بعمل إيجابي لعله أن
يكون حاسما، سدا لهذه الفجوة التي صنعتها الأوهام، بل إنهاء لهذه الفجوة التي
خلقتها الأهواء، فرأيت أن تتولى وزارة الأوقاف ضم المذهب الفقهي للشيعة الإمامية
إلى فقه المذاهب الأربعة المدروسة في مصر، وستتولى إدارة الثقافة تقديم أبواب
العبادات والمعاملات من هذا الفقه الإسلامي إلى جمهور المسلمين.
وسيرى أولو الألباب عند مطالعة هذه الجهود العلمية أن الشبه قريب بين
ما ألفنا من قراءات فقهية، وبين ما باعدتنا عنه الأحداث السيئة.
* * * *
وليس أحب إلى نفسي من أن يكون هذا العمل فاتحة موفقة لتصفية شاملة
تنقي تراثنا الثقافي والتاريخي من أدران علقت به وليست منه.
كلمة الوزير 4

وأحسب أن كل بذل في هذا السبيل مضاعف الأجر مذخور عند الله جل
شأنه. وأن الثمرات المرتقبة منه في عاجل أمرنا وآجله تغرى بالمزيد من العناية، والمزيد
من التحمل والمصابرة.
على أنه لن ينجح في هذا المجال إلا من استجمع خلتين اثنتين: سعة القلم،
وصدق الإيمان.
إن الأصالة الفكرية في مجال البحث عن الحق وتعليمه، تلتقي مع متانة الخلق،
وبراءة النفس من العقد والعلل.. والثروة الطائلة من الثقافة تورث النفس
رحابة تشبه الرحابة التي يورثها الإيمان الخالص النقي.
ذلك أن الحصيلة العلمية الضخمة تجعل صاحبها بعيد منادح النظر، وتجعله يعرف
عن خبرة - آراء معارضيه، وكيف تكونت هذه الآراء، ومدى ما للملابسات المختلفة
من عمل في تكوينها...
وصدق والإيمان يجعل المسلم بادي التلطف مع الناس، حذرا من قطع أو إصرهم،
لبقا في بيان الحق والدعوة إليه، أمنيته الغالية أن تنشرح الصدور بالهدى وأن تناءى
عن مواطن الردى هيهات. أن يشمت، أو يعتد، أو يحقد، أو يشارك في مراء وهو
يريد لنفسه الغلب، ويبغي لصاحبه العطب، كلا كلا، فشرط الإخلاص لله ينفي
هذا كله..
ونحن المسلمين بحاجة ماسة إلى أن نبني علاقاتنا على هذه الأسس وأن نزيح
من طريقنا إلى المستقبل الطيب ما خلفته الأيام والأهواء من عقبات.
والله ولي التوفيق وهو المسؤول أن يتدارك برحمته أمتنا وأن يقيها عوادي السوء ومغبات
التفرق والانقسام
أحمد حسن الباقوري
كلمة الوزير 5

تقديم
لصاحب السماحة العلامة الأستاذ محمد تقي القمي
السكر تير العام لجماعة التقريب
بسم الله نقدم كتاب " المختصر النافع " - وهو على إيجازه - يعطي صورة واضحة
لمذهب فقهي لا يقل أتباعه أتباع عن أي مذهب من المذاهب المعروفة، ذلك هو
مذهب الإمامية.
ولعل القارئ حين يطلع على الكتاب، يعجب من أن هذا الفقه لم يكن في
متناول يد الجمهور إلى اليوم، ولكن لا غرابة، فإن الماضي قد شحن بكثير من
الأغراض التي دفعت إلى محاربة من يسند إليهم هذا الفقه، فانسحب ذلك على الفقه
ذاته وإن لم يكن فيه ما يحارب.
إن مبدأ الخلافة والإمامة معروف، وهو الذي ميز بين الطائفتين: السنة والشيعة
وإن اتجاه الأنظار في الإمامة إلى آل علي عليه السلام، جعل الفقه المسند إليهم يناله ما نالهم
من إيذاء وإرجاف، يرجع أكثره إلى أسباب سياسية تتعلق بالحكم ولولا هذا لم
يكن مذهب الإمام جعفر بن محمد الصادق - وتقديره عند أئمة المذاهب معروف -
يقاطع ولا يدخل في دائرة المذاهب المعروفة عند الجمهور، وكذلك يقال في مذهب
إمام كزيد بن علي، وليس يتسع المقام لسرد ما ترتب على هذه القطيعة من حرمان
وفراغ، ومن مصادرة لجانب عظيم من الفكر الإسلامي، ثم ما انتهت إلى هذه القطيعة
من سوء ظن أدى إلى التشتت والأخذ بالأوهام وتقطيع أواصر الأخوة في الدين.
إن ثروتنا الفقهية - معشر المسلمين - ثروة ضخمة، لا مثيل لها في أي
تشريع من التشريعات. وليس يغض من قيمة هذه الثروة أن فيها نقط خلاف إلى
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 7

جانب الآلاف من نقط الوفاق، فإن هذا وذاك له دلالته، أما الوفاق فيدل على أن
الأصول تتحكم ولا يهملها أحد، وأما الخلاف فيدل على أن مجال النظر فيما يصح
فيه الاجتهاد يحترم ويقدر، والفقه الذي بين أيديكم قلما يوجد فيه رأي لا يكون له
مثيل في مذهب آخر.
وهذا الكتاب على إيجازه، يتحدث عن العبادات، وعليها تقوم الصلة بين العبد
وربه، وعن المعاملات، وعليها تقوم صلة الإنسان بالإنسان.
فهو يحدثنا عن الطهارة المائية والترابية، وعن الوضوء والأغسال، وعن النية
والقربة، وعن المسح على القدمين المأخوذ من قراءة ثابتة معتد بها عند الجميع، وعن
منع مس المصحف لمن ليس على طهارة، ولا يغفل حتى آداب الخلوة ومنها حرمة
استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة ولو في الأبنية،
ثم هو يجعل للطهارة قداسة، ويحتاط فيها أشد الاحتياط، لأنها مقدمة لعبادة
أهم هي الصلاة.
وأما في الصلاة فنرى كثيرا جدا من وجوه الوفاق مع بقية المذاهب: فلا صلاة
إلا بتكبيرة الإحرام، ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، ولا خلاف في عدد الفرائض
ولا في الركعات والسجدات، وهم يولون وجوههم شطر المسجد الحرام، ويشترطون
القراءة بالعربية ولا يجيزون الترجمة، ومن لا يعرف العربية فعليه أن يتعلم منها
ما يؤدي به الصلاة، وهم لا يجيزون ترك الصلاة بحال حتى أن الموحل والغريق يوميان
ويصليان، فإن وجد خلاف ففي مثل أنهم يشترطون بعد الحمد سورة كاملة ولا
يجتزئون ببعض السورة، ويشترطون الجهر بالبسملة وإرسال اليدين، والعدالة في
الإمام، والخروج من الصلاة بالتسليم، وتلك خلافات لا تزيد عما بين المذاهب
الأخرى بعضها وبعض، وأما القبلة فهي الكعبة مع الإمكان وإلا فجهتها وإن
بعد المصلى
وفي الصوم يذكر المؤلف أنه يبدأ بالرؤية وينتهي بالرؤية، ويعدد المفطرات، ولكن
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 8

الذي يلفت النظر أن الإمامية يرون أن الكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
مفطر يجب فيه القضاء والكفارة. فإن وجد بعد ذلك خلاف فلا يعدو أن يكون
من اشتراطهم التثبت من العدالة في شهود الرؤية أو اشتراطهم زوال الحمرة المشرقية
للإفطار لا مجرد مغيب الشمس، أي أنهم يتأخرون بعض الوقت بالإفطار.
أما النوافل في رمضان فتجد من الإمامية اهتماما كبيرا، وهم يطبقون فيها
الحديث الصحيح: " أفضل الصلاة: " صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة ".
وأما الحج فيأخذ في كتب هذا الفقه حيزا أكبر مما يأخذه غيره نظرا للدقة
في تحديد شعائره، وهو عندهم من أعظم دعائم الإسلام، ويعتبرونه جهادا بالمال
والبدن ويرون تاركه على حد الكفر بالله. وإذا مات المكلف دون أن يحج اعتبر الحج
دينا ويحج عنه، وبلغ من ثبوت هذا الحق أنه يؤدي بغير إذن فيما لو حصل بيد إنسان
مال لميت عليه الحج. وعلم أن الورثة لا يؤدون، فإنه يجوز له أن يقتطع قدر أجرة الحج
ويبذلها لمن يحج عنه، لأن هذا دين الله وهو خارج عن ملك الورثة والديون تقضى
قبل التوريث. ودين الله أحق بالقضاء، ودرجة الوفاق في الأركان والمناسك والشعائر
بين هذا الفقه وغيره كبيرة إلى حد يجعل الحج أعظم مظهر لوحدة المسلمين، ولعل
هذا من بركات بيت الله العتيق
أما الاعتكاف والزكاة والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد
أفرد لكل منها كتاب خاص.
هذا شأن الإمامية في علاقاتهم بربهم: يعبدونه لا يشركون به شيئا،
ويحتاطون لعبادتهم أعظم احتياط. فما هو شأنهم مع الناس؟
إن أبواب المعاملات في فقه الإمامية تحدد كل جانب، وتلزم الكتاب والسنة
والقواعد المستقاة منهما، فهم يكثرون من الشروط التي تربط معاملاتهم بالروح الإسلامي،
ويستحبون البدء بالبسملة في كل معاملة، ويشترطون الصيغة العربية في العقود.
ويكرهون التعامل مع تارك الصلاة والمستهتر، ويحرمون الاتجار بالمحرمات
وما يترتب عليه فساد في المجتمع.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 9

والإمامية في النكاح والطلاق يتفقون مع بقية المذاهب، فإن يكن خلاف
ففي مثل أنهم يشترطون في الطلاق شاهدين عدلين لا يقع بدونهما لقوله تعالى:
" فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم " ولا يوقعون
طلاق الثلاث بلفظ واحد، أو متتابعا في مجلس واحد، ولا ينعقد عندهم الطلاق
بالحلف، وبعض هذا أخذ به أخيرا في الأحوال الشخصية في مصر مما يدل على
فائدة الاطلاع والتعرف على كل مذهب.
زواج المتعة، ليس أساس الخلاف فيه التردد في أن الرسول صلى الله عليه
وسلم شرعه، ولا أن من الصحابة من عمل به على عهده، ولا أن بعضهم استمر يرى
بقاء هذه المشروعية بعد وفاة الرسول، إنما الخلاف في أن هذا الحكم نسخ أو لم ينسخ
فثبت النسخ عند فريق، ولم يثبت عند الفريق الآخر. وسوف يدرك القارئ البون
الشاسع بين ما أشيع عن هذا الزواج، وبين ما هو حقيقة يجيزها المذهب، فهو زواج
امرأة خالية من الموانع الشرعية يلزم فيه عقد ومهر، ويترتب عليه ميراث الولد وعدة
الزوجة بانقضاء المدة أو الانفصال.
وكما انتفع في الأحوال الشخصية ببعض ما عند الإمامية من أحكام في الطلاق،
انتفع ببعض ما عندهم في الوصايا والوقف.
أما عن الحدود والتعزيرات، فإن هذا الفقه يشدد فيها درءا للمفاسد وضربا
على يد كل من يقدم على منكر.
فحد الزنا الجلد أو الرجم، وحد اللواط القتل، وحد السرقة القطع، وجزاء من
يدعي النبوة القتل، ومن قال: لا أدري أمحمد صادق أم كاذب وهو على ظاهر
الإسلام، فجزاؤه القتل، ومن سب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجزاؤه القتل.
هذا عرض سريع لبعض ما في هذا الجزء من الكتاب.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 10

كلمة عن المؤلف
أما المؤلف: فهو جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الحلي، المعروف
بالمحقق، أو المحقق الحلي المتوفى سنة 676 ه‍. إمام من الفقهاء الأفذاذ الذين لم يخلقوا
لعصر هم فحسب، والذين يستحقون خلود الاسم وبقاء الذكر. كان أستاذ مجتهدي
عصره، وصاحب متون من أكبر المتون التي تدرس إلى الآن. لم يقتصر في مطالعاته
على كتبه المذهبية الخاصة، وإنما اطلع على ما عند غيره، وهو في مؤلفاته المفصلة
يذكر آراء فقهاء المذاهب الأخرى باحترام يليق برجال العلم، ويناقش ما يخالف
رأيه منها بهدوء ويبرز حجته في غير تحامل ولا تعسف.
ولم يكن في بحوثه يقنع بالنظر اليسير، أو يقول برأي ثم يتصيد له ما يسنده.
بل كان موسوعة علمية، يقول بالرأي ويدعمه بالمتخير من الأسانيد، يدل على هذا
ما ذكره في إحدى وصاياه حين يقول " وأكثر من التطلع على الأقوال لتظفر بمزايا
الاحتمال، واستنفض البحث عن مستند المسائل لتكون على بصيرة فيما تتخيره (1) ".
ويقول في وصية أخرى: " ليكن تعلمك للنجاة لتسلم من الرياء والمراء،
وبحثك لإصابة الحق لتخلص من قواطع الأهوية ومآلف الغشاء (1)... "
ثم هو من التقى والورع بحيث يرى نفسه بين يدي الله حين يصدر الفتوى
فيقول في وصية من وصاياه: " إنك في حال فتواك، مخبر عن ربك وناطق بلسان
شرعه، فما أسعدك إن أخذت بالحزم، وما أخيبك إن بنيت على الوهم، فاجعل
فهمك تلقاء قوله تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) وانظر إلى قوله تعالى: (قل
أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على
الله تفترون) ثم يقول: " وتفطن كيف قسم - الله - مستند الحكم إلى القسمين
فما لم يتحقق الإذن فأنت مفتر (1) " ومعنى هذا أن الأمر عنده دقيق، وأن من يفتي

(1) من وصاياه في مقدمة كتابه " المعتبر "
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 11

يكون بين مأذون من الله أو مفتر عليه. وليس وراء ذلك في التحرز والاحتياط غاية
وهو يعطي صورة لما عليه فقهاء الإمامية حين يفتون.
هذا هو " المحقق الحلي " كما عرفناه من أقواله. فماذا قيل عنه في تراجم العلماء؟
يقول تلميذه الشيخ الجليل ابن داود الحلي (1) حين يتحدث عنه في " كتاب الرجال ":
" جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي شيخنا نجم الدين أبو القاسم المحقق
المدقق الإمام العلامة واحد عصره. كان ألسن أهل زمانه وأقومهم بالحجة وأسرعهم
استحضارا... توفي في شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وستمائة. وله تصانيف حسنة
محققة محررة عذبة. فمنها: كتاب شرائع الإسلام مجلدان، كتاب النافع في مختصرها
(المختصر النافع وهو مختصر الشرائع) مجلد، كتاب (المعتبر في شرح المختصر)
لم يتم - مجلدان، كتاب (نكت النهاية) مجلدان، كتاب (المسائل الغرية) مجلد
كتاب (المسائل المصرية) مجلد، كتاب (المسلك في أصول الدين) مجلد، كتاب
(المعارج) في أصول الفقه مجلد، كتاب (الكهنة) (2) في المنطق مجلد، وله كتب غير
ذلك ليس هذا موضع استيفائها فأمرها ظاهر، وله تلاميذ فقهاء فضلاء رحمه الله ا ه‍.
وجاء في إجازات بعض المشايخ ذكر كتب أخرى للمحقق منها كتاب في
اختصار مراسم سلار الديلمي (3) وكتاب سماه نهج الوصول إلى معرفة الأصول.
وهناك رسالة في القبلة ذكرها جمال الدين بن فهد الحلي في كتابه المهذب
في شرح المختصر بتمامها ويذكر سبب تأليف تلك الرسالة، وهو أن نصير الدين
الطوسي (4) حضر ذات يوم حلقه درس المحقق بالحلة، فقطع المحقق الدرس تعظيما له

(1) ابن داود تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي ولد سنة 647.
(2) من الكهانة بالفتح بمعنى الصناعة.
(3) أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي صاحب كتاب المقنع في المذهب والتقريب في أصولي
الفقه والمراسم في الفقه - المتوفى سنة 463 ه‍
(4) نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي الجهرودي. من كبار الحكماء المتكلمين.
صاحب تجريد الكلام، وهو من كتب الإمامية في الكلام، يحق لمن يريد الاطلاع على العقائد
الكلامية أن يطلع عليه: وعليه شروح من علماء السنة والشيعة. ويقول علاء الدين علي بن محمد
المشتهر بقوشجي من علماء الكلام عند الجمهور في شرحه لهذا الكتاب: " إنه كتاب كثير العلم جليل
الشأن حسن الانتظام مقبول عند الأئمة العظام لم يظفر بمثله علماء الأمصار.. " وله تلخيص المحصل للفخر
الرازي وكذلك شرح قسم الإلهيات من الإشارات لابن سينا وغيرها من الكتب. توفي سنة 672 ه‍.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 12

وإجلالا لمنزلته. فالتمس منه الطوسي إتمام الدرس. فجرى البحث في مسألة استحباب
التياسر للمصلي بالعراق. فقال نصير الدين إنه لا وجه لهذا الاستحباب، لأن
التياسر إن كان من القبلة إلى غير القبلة فهو حرام، وإن كان من غيرها إليها فهو
واجب، فقال المحقق في الحال: إنه منها إليها. فسكت نصير الدين، ثم إن المحقق
ألف رسالة بهذا المعنى وأرسلها إليه فاستحسنها ا ه‍.
أما بعد. فإن رجلا هذا شأنه، ليس بغريب أن يربي نخبة من العلماء الأجلاء
الذين صاروا من أئمة الفقهاء والمتكلمين. فمن تلامذته: ابن أخته جمال الدين العلامة
الحلي (صاحب كتاب تذكرة الفقهاء) التي تعد مرجعا لمذهبه وللمذاهب الأخرى
ومنهم الشيخ رضي الدين علي بن يوسف. وابن داود الحلي. والسيد عبد الكريم
ابن أحمد بن طاووس. وحسن بن أبي طالب اليوسفي الأبي. والسيد جلال الدين
محمد بن علي بن طاوس. والشيخ صفي الدين عبد العزيز الحلي، والوزير شرف الدين
أبو القاسم. والشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح، وكثير غير هؤلاء ممن لهم آثار
وتآليف عدة.
أما هذا الكتاب - وهو المختصر النافع - فقد لخصه المؤلف من كتاب
" شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام " الذي يعتبر متنا من المتون الحية إلى الآن.
وهو مرتب على أربعة أقسام (1): العبادات والعقود والإيقاعات والأحكام.

(1) جرت العادة عند المؤلفين من فقهاء الإمامية أن يقسموا الموضوعات الفقهية إلى أربعة
أقسام: (العبادات - العقود - الإيقاعات - الأحكام). ولعل وجه الخصر أن المبعوث
عنه في الفقه إما أن يتعلق بالأمور الأخروية - أي معاملة العبد ربه - أو الدنيوية
فإن كان الأول فهو عبادات، أما الثاني: فإما أن يحتاج إلى صيغة أولا، فغير المحتاج إلى صيغة
هو الأحكام كالديات والميراث والقصاص والأطعمة، وما يحتاج إلى صيغه فقد يكون من الطرفين
أو من طرف واحد، فمن طرف واحد يسمي الإيقاعات كالطلاق والعتق، ومن الطرفين يسمي
العقود ويدخل فيها المعاملات والنكاح. وتبدأ العبادات بكتاب الطهارة كمقدمة للعبادات.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 13

فقسم العبادات - يبدأ بكتاب الطهارة وينتهي بالأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر.
وقسم العقود - يبدأ بكتاب التجارة وينتهي بكتاب النكاح
" الإيقاعات - " " الطلاق " " النذر
" الأحكام - يبدأ بالصيد والذباحة وينتهي بالديات
واشتمال كل قسم على الكتب المشار إليها بهذه الصورة هو المتعارف عليه
في مؤلفات الإمامية منذ عصر المؤلف إلى الآن. أما قبل عصره فلم يكن الحال على
هذا النمط تماما. فمثلا في أبواب العبادات يقول يحيى بن سعيد الهذلي الحلي (1)
في مقدمة كتابه " نزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر ":
" قال شيخنا السعيد أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه
عبادات الشرع خمس: الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد. وقال الشيخ
أبو جعفر محمد بن علي الطوسي المتأخر (2) رضي الله عنه في " الوسيلة ": عبادات
الشرع عشر، أضاف إلى هذه الخمس غسل الجنابة والاعتكاف والعمرة والرباط.
وقال الشيخ أبو يعلي سلار: العبادات ست، أسقط الجهاد من الخمس الأولى وأضاف
إليها الطهارة والاعتكاف. وقال الشيخ أبو الصلاح (3): العبادات عشر، أسقط

(1) هو من كبار علماء الإمامية صاحب كتاب " الجامع " في الفقه " والمدخل " في الأصول
" ونزهة الناظر في الجمع بين الأشباه والنظائر " المتوفى سنة 689 ه‍.
(2) عالم إمامي من فقهاء القرن الخامس يطلق عليه " ابن حمزة " له تصانيف في الفقه منها
" الوسيلة إلى نيل الفضيلة " و " الواسطة " ويشتمل على جميع أبواب الفقه، وهما من المتون الفقهية
المشهورة. وكتاب " الرائع في الشرائع ومسائل الفقه ".
(3) هو من مشاهير علماء " حلب " ومن كبار علماء الإمامية. يعاصر شيخ الطائفة
" الطوسي ": وله تصانيف منها " كتاب " " تقريب المعارف " و " الكافي في الفقه "
و " البدائع في الفقه " و " شرح الذخيرة للسيد المرتضى علم الهدى " وكتاب " البرهان على
ثبوت الإيمان.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 14

الجهاد أيضا من الخمس الأولى وأصاف إليها الوفاء بالنذر والعهود والوعود وبراهين
الإيمان وتأدية الأمانة والخروج عن الحقوق والوصايا ".
ولأن الكتاب من المتون المختصرة فقد اهتموا كثيرا بشرحه. وله شروح
متداولة تدرس إلى الآن. وبقدر ما يحضرنا نذكر بعض تلك الشروح.
1 - للمحقق الحلي نفسه شرح للمختصر سماه " المعتبر في شرح المختصر "
2 - شرح عز الدين حسن بن أبي طالب اليوسفي الأبي. ذكره بحر العلوم
وقال في حقه أنه أول من شرح النافع، محقق فقيه قوي الفقاهة، وكان فراغه من
تأليف الكتاب سنة 672 ه‍ أي في زمن المحقق.
3 - شرح الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد الحلي. ويسمي " المهذب البارع
في شرح المختصر النافع ".
4 - شرح العلامة الحلي (1) على المختصر.
5 - شرح السيد محمد بن علي بن الحسين الموسوي الجبعي (2). وهو من
كتاب النكاح إلى آخر كتاب النذر.

(1) الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي المعروف بالعلامة المتوفى سنة 726 ه‍ من كبار
الإمامية. قرأ على المحقق الحلي وجماعة من العلماء بعضهم من السنة، وقرأ عليه كثير من أفاضل علماء
الفريقين، وهو صاحب المؤلفات الكثيرة في الفقه والأصولين والحكمة والتفسير والحديث.
ومنها تذكرة الفقهاء، في الفقه الاستدلالي المقارن، ومنتهى المطلب الذي قال في حقه: " لم
يعمل مثله ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه، وتلخيص المرام في معرفة الأحكام، وتحرير
الأحكام الشرعية، ومختلف الشيعة في أحكام الشريعة يذكر فيه الآراء المختلفة عند فقهاء الإمامية.
وكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، ونهاية المرام في علم الكلام، وتهذيب الوصول إلى علم
الأصول، وقواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام، ونهج المسترشدين في أصول الدين وغير ذلك
من كتبه النافعة.
(2) هو صاحب كتاب " مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام " خرج منه العبادات
في ثلاثة مجلدات وهو من أحسن الكتب الاستدلالية في فقه الإمامية فرغ منه سنة 998 ه‍.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 15

6 - شرح السيد نور الدين العاملي (1). وقد أطال في البحث والاستدلال
إلا أنه لم يتم.
7 - الشرح الكبير وهو " رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل
وهو أكبر شرح للمختصر، ألفه المير سيد علي بن السيد محمد علي بن السيد
أبو المعالي الطباطبائي المتوفى سنة 1231 ه‍. ويعد من أحسن الكتب الاستدلالية
في الفقه، ولصاحب الرياض شرح آخر للمختصر يسمي " الشرح الصغير ".
وقد علق بعض العلماء بحواش على " الرياض " منهم الوالد (2) قدس سره
في كتابه " تعليقات على الرياض " وكذلك السيد محمد بن عبد الصمد الشهشهاني
علق بحاشية سماها " أنوار الرياض على الشرح الكبير ". وغير ذلك من الشروح
والتعليقات على الشروح التي لو جمعت كلها لكونت مكتبة فقهية حول هذا الكتاب.
إن الكتاب على اختصاره واضح العبادة واف بالغرض. وما رأينا توضيحه
- وهو قليل - فسرناه بكلام المؤلف نفسه من كتبه الأخرى لا سيما " شرائع
الإسلام " و " المعتبر " أو بكلام بعض شراح كتبه أو كلام تلميذه العلامة الحلي.
" في تذكرة الفقهاء ".
ونحن لم نرد بهذا الكتاب تقديم فقه استدلالي. بل اخترناه لإعطاء صورة عن
فقه آل البيت. ومن يريد استقصاء الأدلة فعليه بالكتب المفصلة - وقد ذكرنا
بعضها - فليرجع إليها الباحث إذا شاء.

(1) هو أخو كل من صاحبي المدارك والمعالم والمتوفى 1068 ه‍.
(2) هو العلامة المجتهد الأقا أحمد القمي المتوفى سنة 1349 ه‍ بطهران.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 16

مصادر الأحكام عند الإمامية
مصادر الأحكام عند الإمامية أربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل
أو الأدلة العقلية.
الكتاب:
من أكبر نعم الله على المسلمين، أنهم لا يختلفون في كتابهم. فالمسلم في أقصى
المغرب لا يختلف كتابه عن المسلم في أقصى المشرق. والمصاحف في بلاد العرب هي
نفسها في كل بلد، لا يختلف في آية، ولا خط، ولا رسم حرف، فإن كتبت كلمة
" رحمت " بتاء مفتوحة، ألفيت ذلك في كل مصحف بأي أرض من بلاد المسلمين
لا فرق بين عربي وعجمي أو سني وشيعي.
وفوق هذا الاتفاق الكامل الشامل في كتاب الله، يجمع المسلمون على أن.
كتابهم هو حبل الله المتين، وأحد الثقلين، والأصل الأول للشريعة.
ولا بأس من أن نعطي فكرة عما يرويه الإمامية عن علي أمير المؤمنين عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم بشأن القرآن الكريم. قال: سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: إنها ستكون فتن، قلت فما المخرج منها يا رسول الله: قال
كتاب الله، فيه خبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس
بالهزل، هو الذي لا تزيغ به الأهواء. ولا تشبع منه العلماء. ولا يخلق عن كثرة رد.
ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره
أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي من عمل به أجر.
ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه دعا إلى صراط مستقيم (1).
هذا هو القرآن. وهذا هو الأصل الأول في التشريع عند الإمامية كما هو عند غيرهم

(1) مجمع البيان لعلوم القرآن للطبرسي.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 17

السنة:
لا يختلف الشيعي عن السني في الأخذ بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل
يتفق المسلمون جميعا عن أنها المصدر الثاني للشريعة ولا خلاف بين مسلم وأخر في أن قول
الرسول وفعله وتقريره سنة لا بد من الأخذ بها إلا أن هناك فرقا بين من كان في عصر
الرسالة يسمع عن الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبين من يصل إليه الحديث
الشريف بواسطة أو وسائط. ومن هنا جاءت مسألة الاستيثاق من صحة الرواية.
واختلفت الأنظار، أي أن الاختلاف في الطريق وليس في السنة، وهذا ما حدث
بين السنة والشيعة في بعض الأحايين. فالنزاع صغروي لا في الكبرى، فإن ما جاء
به النبي لا خلاف في الأخذ به، وإنما الكلام في مواضع الخلاف ينصب على أن
الفرد المروي: هل صدر عن الرسول أو لا؟
وإذا كان ينقل عن أئمة المذاهب في بعض المسائل روايتان، أو روايات مع قرب
عهدهم بنا نسبيا، وإذا كان الإمام علي - وهو عند الشيعة الإمام المنصوص، وعند
أهل السنة إمام يقتدى به - ينقل عنه في المسائل الخلافية روايتان مختلفتان، إحداهما
أخذت بها السنة والأخرى أخذت بها الشيعة، وإذا كنا نطلب الاستيثاق في
أقوال الأئمة وما يروى عنهم، فطبيعي أن الأمر بالنسبة للسنة النبوية يحتاج إلى دقة
واستيثاق أكثر.
إن كلامه صلى الله عليه وآله وسلم تشريع، وهو المشرع الوحيد للمسلمين،
حلاله حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة، والوصول إلى نص
عبارته بحيث يعرف إن كان حديثه مطلقا أو مقيدا. عاما أو خاصا، يتطلب إلمام
الراوي بفنون التعبير حتى لا يترك قرينة أو خصوصية لها تأثير في بيان الحكم.
فلا خلاف في أن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع، إنما الخلاف في ثبوت
مروي أو عدم ثبوته، وهذا ليس خاصا بالسنة والشيعة، وإنما يوجد بين مذاهب
السنة بعضها وبعض، فكم من مروي ثبت عند الشافعي ولم يثبت عند غيره.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 18

ومع أن الجمهور يأخذون برواية أي صحابي والشيعة تشترط أن تكون الرواية
عن طريق أئمة أهل البيت لأسباب عدة، منها اعتقادهم أنهم أعرف الناس بالسنة.
فإن النتيجة في أكثر الأحيان لا تختلف فهذه هي الصلاة لم يرد عنها في القرآن
تفضيلات. وكل ما جاء من ذلك كان عن طريق السنة ونقل ما فعله الرسول في
صلاته، ومع هذا فإنا نرى الخلاف فيها بين الفريقين يسيرا على كثرة ما فيها من
الأركان والفروع. وكذلك الحج وغيره.
وإذا كانت الشيعة تتبع أهل البيت وتقتدي بهم كأئمة، فليس هذا إلا لما ثبت
من فضلهم حسب ما هو مذكور في كتب الفريقين.
وإذا سميت طائفة بالسنة وطائفة بالشيعة. فليس هذا إلا اصطلاحا، فإن الشيعة
يعملون بالسنة، وأهل السنة يحبون آل البيت ويجلونهم أعظم الإجلال حسب ما في
كتبهم عنهم، مع فارق واحد هو أن الشيعة يعتقدون فيهم النص بالإمامة.
ولذلك سموا " الإمامية " وهذا أنسب لهم لاعتقادهم في إمامة أهل البيت.
الإجماع
أما الإجماع فهو أصل من أصول التشريع عند الإمامية كما هو عند غيرهم،
ويذكر بعد الكتاب والسنة كأصل ثالث.
وإن إجماع العلماء على حكيم يكشف في الحقيقة عن حجة قائمة هي النص من
المعصوم، ويورث عادة القطع بأن هذا العدد مع ورعهم في الفتوى، لولا الحجة لما
أجمعوا على رأي واحد.
فإن هناك حجة، وحجية الإجماع ترجع إليها، والإجماع يكشف عنها.
العقل أو الدلائل العقلية:
المعروف عن دليل العقل أنه البراءة الأصلية والاستصحاب، ويرى البعض أن
الاستصحاب ثبت بالسنة كما أن البعض الآخر يجعلون مع البراءة الأصلية والاستصحاب
التلازم بين الحكمين، وهو يشمل مقدمة الواجب. وأن الأمر بالشئ يستلزم
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 19

النهي من ضده الخاص، والدلالة الالتزامية، وفسره البعض بلحن الخطاب، وفحوى
الخطاب ودليل الخطاب، وما ينفرد العقل بالدلالة عليه، وهذا هو رأي مؤلف هذا
الكتاب في دليل العقل والاستصحاب نورده هنا من مقدمة كتابه " المعتبر ":
وأما دليل العقل فقسمان:
أحدهما: ما يتوقف فيه على الخطاب وهو ثلاثة:
(الأول) لحن الخطاب كقوله تعالى " أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت "
أراد فضرب.
(الثاني) فحوى الخطاب وهو ما دل على بالتنبيه كقوله تعالى: " ولا تقل
لهما أف ".
(الثالث) دليل الخطاب، وهو تعلق الحكم على أحد وصفي الحقيقة كقوله
" في سائمة الغنم الزكاة " فالشيخ يقول هو حجة، وعلم الهدى ينكره، وهو الحق.
أما تعليق الحكم على الشرط كقوله " إذا بلغ الماء قدر كر، لم ينجسه شئ "
وكقوله تعالى: " وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن " فهو
حجة. تحقيقا لمعنى الشرط. ولا كذا لو علقه على الاسم كقوله اضرب زيدا
خلافا للدقاق.
والقسم الثاني: ما ينفرد العقل بالدلالة عليه، وهو إما وجوب " كرد
الوديعة أو قبح كالظلم والكذب، أو حسن كالإنصاف والصدق. ثم كل واحد
من هذه كما يكون ضروريا فقد يكون كسبيا: كرد الوديعة مع الضرورة. وقبح
الكذب مع النفع ".
وأما الاستصحاب، فأقسامه ثلاثة:
استصحاب حال الفعل: وهو التمسك بالبراءة الأصلية... ومنه أن يختلف
الفقهاء، في حكم بالأقل والأكثر فيقتصر على الأقل...
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 20

(الثاني): أن يقال عدم الدليل على كذا فيجب انتفاؤه، وهذا يصح فيما يعلم
أنه لو كان هناك دليل لظفر به، أما لا مع ذلك فإنه يجب التوقف ولا يكون
ذلك الاستدلال حجة. ومنه القول بالإباحة لعدم دليل الوجوب والحظر.
(الثالث): استصحاب حال الشرع كالمتيمم يجد الماء في أثناء الصلاة فيقول
المستدل على الاستمرار: صلاة كانت مشروعة قبل وجود الماء فتكون كذلك
بعده، وليس هذا حجة لأن شرعيتها بشرط عدم الماء لا يستلزم الشرعية معه.
ثم مثل هذا لا يسلم عن المعارضة بمثله، لأنك تقول الذمة مغولة قبل الإتمام
فتكون مشغولة بعده (1).
من البديهي أنه ليس في إمكان من يكتب مقدمة وجيزة كهذه، إعطاء
فكرة كاملة عن مذهب إسلامي يعد فقهه ثروة عظمي إلى جانب ما لعلمائه من
ثمرات إنتاجية في شتى علوم الدين من تفسير وحديث وأصول ورجال وغير ذلك،
وإن ثمراتهم العلمية في هذه العلوم لا تقل عن ثمراتهم في علم الفقه، وإن هذا وذاك
ليكون مكتبة إسلامية عظمي تعد مجلداتها الضخمة بعشرات الألوف.
ولعل مما يمهد لنا سبيل العذر في عدم اضطلاعنا بهذا، وجود هذا العدد الضخم
من الكتب في شتى النواحي الدينية، وكثير منها مطبوع، وهي خير مرجع لمن
يريد الاطلاع على ما في هذا المذهب، وإنه لجدير بالباحثين في علوم الشريعة أن
يعطوا مزيدا من العناية لهذه الكتب، فإن الفكرة الإسلامية في أي مذهب،
هي ملك للمسلمين جميعا، لا لأصحاب هذا المذهب فحسب.

(1) وأما القياس فلا يؤخذ به عند الإمامية، ويقول صاحب الكتاب في ذلك:
" أما القياس فلا يعتمد عليه عندنا لعدم اليقين بثمرته، فيكون العمل به عملا بالظن المنهي عنه
ودعوى الإجماع من الصحابة على العمل به لم تثبت بل أنكره جماعة منهم ".
على أن من مذاهب أهل السنة من لا يرى العمل بالقياس، ومن علمائهم من بين أن كل حكم
قيل إنه مقيس قد أخذ عن دليل نص أو إشارة أو نحوهما.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 21

ثم إن هناك مبدأ علميا هاما متفقا عليه بين الباحثين الراسخين، ذلك هو أن
الإنصاف والأمانة العلمية، تحتمان على الباحث أن يستقي ما يريده من المعلومات من
مصادره الصحيحة، وإنه ما دامت المراجع المعتمدة لمذهب ما ميسرة. فلا يسوغ
الرجوع إلى غيرها، ولا سيما إذا كانت تستند إلى الشائعات، أو تصدر عن عصبيات،
وإنه لمن الخير أن يطبق أهل العلم في كل مذهب هذا المبدأ، وعندئذ سيتجلى لمن
يدرس مذهب الإمامية ويعرف أراءهم من الواقع الماثل أمامه، أي خبر وأي علم
في هذا المذهب، ثم يتجلى له مدى التجني الذي ناله من المتحيزين أو المتعصبين
عليه، حتى خلطوا بين الغلاة الذين ينتحلون وصف الشيعة، وبين الشيعة أنفسهم
الذين يبرؤون إلى الله منهم، ويحكمون بكفرهم.
وكم من كتب خلطت بين الشيعة والفرق البائدة التي لا وجود لها إلا في زوايا
التاريخ، أو في تفكير المتحيزين.
إننا معشر المسلمين إذا تمسكنا بهذا المبدأ في كتاباتنا وبحوثنا، فإنما نخلص
للحقيقة ونساعد على أن يزدهر هذا الميراث الثقافي الإسلامي ازدهارا يجعله موضع
أنظار العالم الحديث، كما كان موضع أنظار العالم القديم، وإننا بهذا لنخطو خطوات
كبرى في سبيل تحقيق الخير الكثير لامتنا. وفي سبيل إقامة وحدتنا. في الدين،
وأخوتنا في الإيمان،
" ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ". " ربنا اغفر لنا
ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك
رؤوف رحيم ".
محمد تقي القمي
القاهرة في أوائل رمضان المبارك سنة 1376 ه‍
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 22

قام بمراجعة النسخة الخطية (للمختصر النافع) وتحقيق نصها، والمقابلة بينها
وبين أصولها للمؤلف وغيره، والإشراف على إخراج الكتاب، لجنة علمية من
حضرات السادة:
صاحب السماحة العلامة الأستاذ محمد تقي القمي
السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية.
صاحب الفضيلة الشيخ محمد محمد المدني
رئيس قسم العلوم الإسلامية في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة.
صاحب الفضيلة الشيخ عبد العزيز محمد عيسى
أستاذ الفقه المساعد في كلية الشريعة بالجامع الأزهر.
من أعضاء اللجنة الثقافية لدار التقريب
صاحب الفضيلة الشيخ عبد الجواد السيد البنا
الأستاذ بقسم البحوث الإسلامية بالجامع الأزهر.
صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ محمد الغزالي
مدير إدارة تفتيش المساجد بوزارة الأوقاف
صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ سيد سابق
مدير إدارة الثقافة بوزارة الأوقاف.
عن وزارة الأوقاف.
مقدمة السكرتير العام لجماعة التقريب 23

[بسم الله الرحمن الرحيم]
الحمد لله الذي صغرت في عظمته عبادة العابدين، وحصرت عن شكر نعمته
ألسنة الحامدين، وقصرت عن وصف كماله أفكار العالمين، وحسرت عن إدراك
جلاله أبصار العالمين، (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو فادعوه مخلصين
له الدين) وصلى الله على أكرم المرسلين، وسيد الأولين والآخرين، محمد
خاتم النبيين، وعلى عترته الطاهرين، وذريته الأكرمين، صلاة تقصم ظهور
الملحدين، وترغم أنواف الجاحدين.
أما بعد: فإني مورد لك في هذا المختصر خلاصة المذهب المعتبر، بألفاظ محبرة
وعبارات محررة، تظفرك بنخبه، وتوصلك إلى شعبه، مقتصرا على ما بان لي سبيله،
ووضح لي دليله.
فإن أحللت فطنتك في مغانيه، وأجلت رويتك في معانيه، كنت حقيقا أن
تفوز بالطلب، وتعد في حاملي المذهب
وأنا أسال الله لي ولك الإمداد بالإسعاد، والإرشاد إلى المراد،
والتوفيق للسداد، والعصمة من الخلل في الإيراد، إنه أعظم من أفاد، وأكرم من
سئل فجاد.
1

كتاب الطهارة
وأركانه أربعة:
الركن الأول: في المياه، والنظر في المطلق والمضاف والأسآر (1).
أما المطلق فهو في الأصل طاهر ومطهر، يرفع الحدث ويزيل الخبث، وكله
ينجس باستيلاء النجاسة على أحد أوصافه، ولا ينجس الجاري منه بالملاقاة، ولا الكثير
من الراكد
وينجس القليل من الراكد بالملاقاة على الأصح.
وحكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة (2)، وكذا ماء الغيث حال نزوله.
وفي تقدير الكثرة روايات، أشهرها ألف ومائتا رطل، وفسر الشيخان (3) بالعراقي.
في نجاسة البئر بالملاقاة قولان، أظهرهما التنجيس.
منزوحات البئر:
وينزح - لموت البعير والثور وانصباب الخمر - ماؤها أجمع، وكذا قال
الثلاثة (4) في المسكرات. وألحق الشيخ (5) الفقاع (6) والمني والدماء الثلاثة (7).
فإن غلب الماء تراوح عليها قوم اثنين اثنين يوما. ولموت البغل والحمار ينزح كر (8)،
وكذا قال الثلاثة في الفرس والبقرة.

(1) جمع سؤر.
(2) أي أصل يمده.
(3) هما أبو جعفر الطوسي والشيخ المفيد.
(4) هم الطوسي، والمفيد والسيد المرتضى.
(5) هو أبو جعفر الطوسي إمام الطائفة.
(6) ماء الشعير المخمر.
(7) الحيض والنفاس والاستحاضة.
(8) السكر: ألف ومائتا رطل.
2

ولموت الإنسان سبعون دلوا.
وللعذرة عشرة، فإن ذابت فأربعون أو خمسون.
وفي الدم أقوال، والمروي في دم ذبح الشاة من ثلاثين إلى أربعين، وفي القليل.
دلاء يسيرة.
ولموت الكلب وشبهه أربعون، وكذا في بول الرجل.
وألحق الشيخان بالكلب موت الثعلب والأرنب والشاة.
وروى في الشاة تسع أو عشر. وللسنور أربعون، وفي رواية سبع.
ولموت الطير واغتسال الجنب سبع، وكذا للكلب لو خرج حيا، وللفأرة إن
تفسخت، وإلا فثلاث، وقيل: دلو.
ولبول الصبي سبع، وفي رواية ثلاث.
ولو كان رضيعا فدلو واحد، وكذا، في العصفور وشبهه.
ولو غيرت النجاسة ماءها تنزح كلها.
ولو غلب الماء فالأولى أن تنزح حتى يزول التغير، ويستوفى المقدر.
ولا ينجس البئر بالبالوعة ولو تقاربتا ما لم تتصل نجاستها، لكن يستحب
تباعد هما قدر خمس أذرع إن كانت الأرض صلبة أو كانت البئر فوقها، وإلا فسبع.
وأما المضاف: فهو ما لا يتناوله الاسم بإطلاقه، ويصح سلبه عنه،
كالمعتصر من الأجسام والمصعد (1) والممزوج بما يسلبه الإطلاق.
وكله طاهر لكن لا يرفع حدثا، وفي طهارة محل الخبث به قولان، أصحهما: المنع،
وينجس بالملاقاة وإن كثر.
وكل ما يمازج المطلق ولم يسلبه الإطلاق لا يخرج عن إفادة التطهير وإن غير
أحد أوصافه.
وما يرفع به الحدث الأصغر طاهر ومطهر، وما يرفع به الحدث الأكبر طاهر.

(1) كماء الورد المعتبر المؤلف.
3

وفي رفع الحدث به ثانيا قولان، المروي: المنع.
وفيما يزال به الخبث إذا لم تغيره النجاسة قولان، أشبههما: التنجس عدا
ماء الاستنجاء.
ولا يغتسل بغسالة الحمام إلا أن يعلم خلوها من النجاسة.
وتكره الطهارة بماء أسخن بالشمس في الآنية، وبماء أسخن بالنار في
غسل الأموات.
وأما الأسئار: فكلها طاهرة عدا سؤر الكلب والخنزير والكافر.
وفي سؤر ما لا يؤكل لحمه قولان، وكذا في سؤر المسوخ (1)، وكذا ما أكل
الجيف مع خلو موضع الملاقاة من عين النجاسة، والطهارة في الكل أظهر.
وفي نجاسة الماء بما لا يدركه الطرف من الدم قولان، أحوطهما: النجاسة.
ولو نجس أحد الإناءين ولم يتعين اجتنب ماؤهما.
وكل ماء حكم بنجاسته لم يجز استعماله ولو اضطر معه إلى الطهارة تيمم.
الركن الثاني - في الطهارة المائية، وهي وضوء وغسل.
[الوضوء]
فالوضوء يستدعي بيان أمور:
(الأول) في موجباته. وهي خروج البول والغائط والريح من الموضع
المعتاد والنوم الغالب على الحاستين (2) والاستحاضة القليلة.
وفي مس باطن الدبر وباطن الإحليل قولان، أظهرهما أنه لا ينقض.
(الثاني) في آداب الخلوة:
والواجب ستر العورة.

(1) كالقردة مثلا.
(2) السمع والبصر.
4

ويحرم استدبار القبلة واستقبالها ولو كان في الأبنية على الأشبه
ويجب غسل مخرج البول ويتعين الماء لإزالته، وأقل ما يجزئ مثلا ما
على الحشفة، وغسل موضع الغائط بالماء، وحده الإنقاء، فإن لم يتعد المخرج
تخير بين الأحجار والماء.
ولا يجزئ أقل من ثلاثة ولو نقى بما دونها.
ويستعمل الخزف بدل الأحجار.
ولا يستعمل العظم ولا الروث ولا الحجر المستعمل.
وسننها (1): تغطية الرأس عند الدخول. والتسمية. وتقديم الرجل
اليسرى والاستبراء والدعاء عند الدخول، وعند النظر إلى الماء، وعند الاستنجاء
وعند الفراغ. والجمع بين الأحجار والماء، والاقتصار على الماء إن لم يتعد. وتقديم
اليمنى عند الخروج.
(مكروهاتها): ويكره الجلوس في الشوارع والمشارع ومواضع اللعن وتحت
الأشجار المثمرة وفئ النزال. واستقبال الشمس والقمر، والبول في الأرض الصلبة،
وفي مواطن الهوام، وفي الماء جاريا وراكدا، واستقبال الريح به، والأكل
والشرب والسواك، والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى،
والكلام إلا بذكر الله أو لضرورة.
(الثالث): في الكيفية.
والفروض سبعة:
الأول: النية مقارنة لغسل الوجه، ويجوز تقديمها عند غسل اليدين، واستدامة
حكمها حتى الفراغ.
والثاني: غسل الوجه، وطوله من قصاص شعر الرأس إلى الذقن، وعرضه
ما اشتملت عليه الإبهام والوسطى.

(1) أي الخلوة.
5

ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية ولا تخليلها.
والثالث: غسل اليدين مع المرفقين مبتدئا بهما.
ولو نكس فقولان، أشبههما: أنه لا يجزئ.
وأقل الغسل ما يحصل به مسماه ولو دهنا (1).
والرابع: مسح مقدم الرأس ببقية البلل بما يسمى مسحا.
وقيل: أقله ثلاث أصابع مضمومة، [ولو استقبل فالأشبه الكراهية] (2)
ويجوز على الشعر أو البشرة، ولا يجزئ على حائل كالعمامة.
والخامس: مسح الرجلين إلى الكعبين وهما قبتا القدم، ويجوز منكوسا،
ولا يجوز على حائل من خف وغيره إلا للضرورة.
والسادس: الترتيب: يبدأ بالوجه ثم باليمنى ثم باليسرى ثم بالرأس ثم
بالرجلين ولا ترتيب فيهما.
والسابع: الموالاة. وهي أن يكمل طهارة قبل الجفاف.
مسائل: والفرض في الغسلات مرة، والثانية سنة، والثالثة بدعة، ولا تكرار
في المسح،
ويحرك ما يمنع وصول الماء إلى البشرة وجوبا كالخاتم، ولو لم يمنع حركه استحبابا.
والجبائر تنزع إن أمكن، وإلا مسح عليها ولو في موضع الغسل.
ولا يجوز أن يولي وضوءه غيره اختيارا.
ومن دام به السلس يصلي كذلك، وقيل يتوضأ لكل صلاة وهو حسن. وكذا
المبطون، ولو فجأه الحدث في الصلاة توضأ وبنى.

(1) جاء في كتاب (تذكرة الفقهاء) للعلامة الحلي المتوفى سنة 726 وهو كتاب مفصل في الفقه المقارن ومن أمهات كتب الفقه الإمامي: ويجب في الغسل مسماه وهو الجريان على العضو،
فالدهن إن صدق عليه الاسم أجزأ وإلا فلا وفي كتاب المعتبر للمؤلف في شرح المختصر:
(ولا يجري ما يسمي مسحا)
(2) هكذا في المخطوطة التي بأيدينا. وفي شرائع الإسلام: (والأفضل مسح الرأس مقبلا،
ويكره مدبرا على الأشبه).
6

والسنن عشرة: وضع الإناء على اليمين، والاغتراف بها، والتسمية، وغسل
اليدين مرة للنوم والبول، ومرتين للغائط قبل الاغتراف، والمضمضة، والاستنشاق،
وأن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه والمرأة بباطنهما، والدعاء عند غسل الأعضاء،
والوضوء بمد، والسواك عنده، ويكره الاستعانة فيه والتمندل (1). منه.
(الرابع) في الأحكام:
فمن تيقن الحدث وشك في الطهارة أو تيقنهما وجهل المتأخر تطهر.
ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو شك في شئ من أفعال الوضوء بعد انصرافه
بنى على الطهارة. ولو كان قبل انصرافه أتى به وبما بعده.
ولو تيقن ترك عضو أتى به على الحالين وبما بعده ولو كان مسحا.
ولو لم تبق على أعضائه نداوة أخذ من لحيته وأجفانه ولو لم تبق نداوة
استأنف الوضوء.
ويعيد الصلاة لو ترك غسل أحد المخرجين ولا يعيد الوضوء، ولو كان الخارج
أحد الحدثين غسل مخرجه دون الآخر.
وفي جواز مس كتابة المصحف للمحدث، قولان أصحهما المنع:
(الغسل)
وأما الغسل ففيه الواجب والندب. فالواجب منه ستة.
(الأول) غسل الجنابة، والنظر في موجبه وكيفيته وأحكامه.
أما الموجب: فأمران:
1 - إنزال الماء يقظة أو نوما ولو اشتبه اعتبر بالدفق وفتور البدن.
وتكفي في المريض الشهوة.

(1) تمندل بالمنديل: تمسح به.
7

ويغتسل المستيقظ إذا وجد منيا على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به.
2 - الجماع في القبل. وحده غيبوبة الحشفة وإن أكسل. وكذا في دبر
المرأة على الأشبه.
وفي وجوب الغسل بوطء الغلام تردد (1) وجزم علم الهدى (2) بالوجوب.
وأما كيفيته: فواجبها خمسة:
النية مقارنة لغسل الرأس أو متقدمة عند غسل اليدين. واستدامة حكمها
غسل البشرة بما يسمى غسلا ولو كان كالدهن (3). وتخليل ما لا يصل الماء إليه
إلا به. والترتيب. يبدأ برأسه، ثم ميامنه، ثم مياسره. ويسقط الترتيب بالارتماس (4)
وسننها سبعة: الاستبراء، وهو أن يعصر ذكره من المقعدة إلى طرفه ثلاثا
وينتره ثلاثا، وغسل يديه ثلاثا، والمضمضة، والاستنشاق، وإمرار اليد على الجسد
وتخليل ما يصل (5) الماء إليه والغسل، بصاع.
وأما أحكامه:
فيحرم عليه قراءة العزائم (6)، ومس كتابة القرآن، ودخول المساجد
إلا اجتيازا، عدا المسجد الحرام ومسجد النبي (7) صلى الله عليه وآله وسلم
ولو احتلم فيهما تيمم لخروجه. ووضع شئ فيها على الأظهر.
.

(1) الكلام إنما هو في وجوب الغسل بمجرد الإدخال أو عدم وجوبه، مع حرمة الفعل.
(2) هو السيد المرتضى
(3) جاء في (تذكرة الفقهاء وهو بصدد أحكام الغسل:، فالدهن إن تحقق معه الجريان
أجزأ وإلا فلا، لأن عليا عليه السلام كأن يقول: الغسل من الجنابة وضوء يجزئ منه ما جرى مثل
الدهن الذي يبل الجسد، فشرط الجريان).
(4) ارتمس في الماء: مثل الغمس.
(5) أما ما لا يصل إليه الماء فغسله واجب كما تقدم في الواجبات:
(6) العزائم: السور التي بها السجدات الواجبة وهي ألم تنزيل (السجدة)، وحم السجدة، والنجم، وسورة أقرأ (العلق):
(7) فإنه محرم اجتياز هما
8

ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات، ومس المصحف (1) وحمله، والنوم ما لم يتوضأ
والأكل والشرب ما لم يتمضمض ويستنشق، والخضاب.
ولو رأى بللا بعد الغسل أعاد إلا مع البول أو الاجتهاد (2).
ولو أحدث في أثناء غسله ففيه أقوال، أصحها: الإتمام والوضوء (3).
ويجزئ غسل الجنابة عن الوضوء، وفي غيره تردد أظهره أنه لا يجزئ
(الثاني): غسل الحيض، والنظر فيه وفي أحكامه.
وهو في الأغلب دم أسود أو أحمر غليظ حار له دفع.
فإن اشتبه بالعذرة حكم لها بتطوق القطنة.
ولا حيض مع سن اليأس ولا مع الصغر.
وهل يجتمع مع الحمل؟ فيه روايات، أشهرها أنه لا يجتمع.
وأكثر الحيض عشرة أيام، وأقله ثلاثة أيام.
فلو رأت يوما أو يومين فليس حيضا، ولو كمل ثلاثة في جملة عشرة فقولان،
المروي أنه حيض.
وما بين الثلاثة إلى العشرة حيض وإن اختلف لونه، ما لم يعلم أنه لعذر
أو قرح. ومع تجاوز العشرة ترجع ذات العادة إليها.
والمبتدئة والمضطربة إلى التميز، ومع فقده ترجع المبتدئة إلى عادة أهلها وأقرانها.
فإن لم يكن أو كن مختلفات رجعت هي والمضطربة إلى الروايات وهي ستة
أو سبعة، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر.
وتثبت العادة باستواء شهرين في أيام رؤية الدم ولا تثبت بالشهر الواحد.
ولو رأت في أيام العادة صفرة أو كدرة، وقبلها أو بعدها بصفة الحيض وتجاوز
العشرة، فالترجيح للعادة، وفيه قول آخر.
.

(1) أي غير الكتابة وأما الكتابة فقد تقدم أن مسها حرام.
(2) يريد أنه إذا كان قد بال أو اجتهد قبل الغسل فليس عليه إعادة للغسل إذا رأى بللا، والمراد بالاجتهاد الاستبراء.
(3) يريد أن إتمامه يجزئ غسلا ولا يجزئ وضوءا
9

وتترك ذات العادة الصوم والصلاة برؤية الدم.
وفي المبتدئة والمضطربة تردد، والاحتياط للعبادة أولى حتى يتيقن الحيض.
وذات العادة مع الدم تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين ثم تعمل ما تعمله
المستحاضة، فإن استمر وإلا قضت الصوم.
وأقل الطهر عشرة أيام ولا حد لأكثره.
وأما الأحكام فلا ينعقد لها صلاة ولا صوم ولا طواف، ولا يرتفع لها حدث،
ويحرم عليها دخول المساجد إلا اجتيازا عدا المسجدين، ووضع شئ فيها على الأظهر،
وقراءة العزائم (1)، ومس كتابة القرآن.
ويحرم على زوجها وطؤها موضع الدم ولا يصح طلاقها مع دخوله بها وحضوره.
ويجب عليها الغسل مع النقاء، وقضاء الصوم دون الصلاة.
وهل يجوز أن تسجد لو سمعت السجدة؟ الأشبه نعم.
وفي وجوب الكفارة بوطئها على الزوج روايتان أحوطهما الوجوب.
وهي أي الكفارة دينار في أوله، ونصف في وسطه وربع في آخره.
ويستحب لها الوضوء لوقت كل فريضة، وذكر الله تعالى في مصلاها
بقدر صلاتها.
ويكره لها الخضاب، وقراءة ما عدا العزائم، وحمل المصحف ولمس هامشه،
والاستمتاع منها بما بين السرة والركبة، ووطؤها قبل الغسل.
وإذا حاضت بعد دخول الوقت فلم تصل مع الإمكان قضت، وكذا لو أدركت
من آخر الوقت قدر الطهارة والصلاة وجبت أداء ومع الإهمال قضاء.
وتغتسل كاغتسال الجنب لكن لا بد معه من الوضوء.
(والثالث) غسل الاستحاضة، ودمها في الأغلب أصفر بارد رقيق.
.

(1) سبق تفسيرها في الهامش رقم 6 من الصفحة الثامنة.
(2) أي الكفارة
10

لكن ما تراه بعد عادتها مستمرا أو بعد غاية النفاس وبعد اليأس وقبل البلوغ
ومع الحمل على الأشهر، فهو استحاضة ولو كان عبيطا، ويجب اعتباره.
فإن لطخ باطن القطنة لزمها إبدالها والوضوء لكل صلاة.
وإن غمسها ولم يسل لزمها مع ذلك تغيير الخرقة وغسل للغداة.
وإن سال لزمها مع ذلك غسلان، غسل للظهر والعصر، تجمع بينهما، وغسل
للمغرب والعشاء تجمع بينهما، كذا تجمع بين صلاة الليل والصبح بغسل واحد إن
كانت متنفلة، وإذا فعلت ذلك صارت طاهرا.
ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد، وعليها الاستظهار في منع الدم من التعدي
بقدر الإمكان.
وكذا يلزم من به السلس والبطن.
(الرابع) غسل النفاس، ولا يكون نفاس إلا مع الدم ولو ولدت تاما.
ثم لا يكون الدم نفاسا حتى تراه بعد الولادة أو معها.
ولا حد لأقله، وفي أكثره روايات أشهرها أنه لا يزيد عن أكثر الحيض.
وتعتبر حالها عند انقطاعه قبل العشرة، فإن خرجت القطنة نقية اغتسلت،
وإلا توقعت النقاء أو انقضاء العشرة، ولو رأت بعدها دما فهو استحاضة
والنفساء كالحائض فيما يحرم عليها ويكره، وغسل كغسلها في الكيفية، وفي
استحباب تقديم الوضوء على الغسل وجواز تأخيره عنه.
(الخامس) غسل الأموات، والنظر في أمور أربعة:
الأول الاحتضار:
والفرض فيه استقبال الميت بالقبلة على أحوط القولين بأن يلقى على ظهره
ويجعل وجهه وباطن رجليه إليها.
والمسنون: نقله إلى مصلاه، وتلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبي صلى الله
عليه وسلم، وبالأئمة عليهم السلام، وكلمات الفرج، وأن تغمض عيناه، ويطبق فوه
11

وتمد يداه إلى جنبيه، ويغطى بثوب، وأن يقرأ عنده القرآن، ويسرج عنده إن
مات ليلا، ويعلم المؤمنون بموته، ويعجل تجهيزه إلا مع الاشتباه. ولو كان مصلوبا
لا يترك أزيد من ثلاثة أيام.
ويكره أن يحضره جنب أو حائض.
وقيل يكره أن يجعل على بطنه حديد.
الثاني الغسل:
وفروضه: إزالة النجاسة عنه، وتغسيله بماء السدر ثم بماء الكافور ثم
بالقراح، مرتبا كغسل الجنابة.
ولو تعذر السدر والكافور كفت المرة بالقراح.
وفي وجوب الوضوء قولان، والاستحباب أشبه.
ولو خيف من تغسيله تناثر جسده، ييمم.
وسننه: أن يوضع على مرتفع موجها إلى القبلة مظللا، ويفتق جيبه وينزع
ثوبه من تحته وتستر عورته وتلين أصابعه برفق ويغسل رأسه وجسده برغوة السدر
ويغسل فرجه بالحرض (1).
ويبدأ بغسل يديه ثم بشق رأسه الأيمن ويغسل كل عضو منه ثلاثا في كل
غسلة ويمسح بطنه في الأوليين (2) إلا الحامل.
ويقف الغاسل عن يمينه، ويحفر للماء حفيرة، وينشف بثوب.
ويكره إقعاده وقص أظفاره وترجيل شعره وجعله بين رجلي الغاسل، وإرسال
الماء في الكنيف، ولا بأس بالبالوعة.
الثالث في الكفن:
والواجب منه، مئزر وقميص وإزار مما تجوز الصلاة فيه للرجال.
.

(1) الحرض: الأشنان.
(2) أي في غسلي السدر والكافور
12

ومع الضرورة تجزئ اللفافة، وإمساس مساجده (1) بالكافور وإن قل.
والسنن: أن يغتسل قبل تكفينه أو يتوضأ، وأن يزاد للرجال حبرة يمنية عبرية
غير مطرزة بالذهب، وخرقة لفخذيه وعمامة تثنى عليه محنكا، ويخرج طرفا العمامة
من الحنك ويلقيان على صدره.
ويكون الكفن قطنا وتطيب بالزريرة ويكتب على الحبرة والقميص واللفافة
والجريدتين: فلان يشهد أن لا إله إلا الله.
ويجعل بين أليتيه قطنا.
وتزاد المرأة لفافة أخرى لثدييها ونمطا وتبدل بالعمامة قناعا.
ويسحق الكافور باليد، وإن فضل عن المساجد ألقى على صدره.
وأن يكون درهما أو أربعة دراهم، وأكمله ثلاثة عشر درهما وثلثا.
ويجعل معه جريدتان، إحداهما من جانبه الأيسر بين قميصه وإزاره، والأخرى
مع ترقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده، وتكونان من النخل
وقيل: فإن فقد فمن السدر، وإلا فمن الخلاف (2)، وإلا فمن غيره من الشجر.
ويكره بل الخيوط بالريق، وأن يعمل لما يبتدأ من الأكفان أكمام وأن
يكفن في السواد.
وتجمير الأكفان أو تطييب بغير الكافور والزريرة، ويكتب عليه بالسواد
وأن يجعل في سمع الميت أو بصره شئ من الكافور
وقيل يكره أن يقطع الكفن بالحديد.
الرابع الدفن:
والفرض فيه مواراته في الأرض على جانبه الأيمن موجها إلى القبلة.
فلو كان في البحر وتعذر البر (3) ثقل أو جعل في وعاء وأرسل إليه.
.

(1) أي أعضاء سجوده
(2) الخلاف ككتاب: شجر الصفصاف:.
(3) أي تعذر الوصول إلى البر
13

ولو كانت ذمية حاملة من مسلم، قيل: تدفن في مقبرة المسلمين، يستدبر بها القبلة (1)
إكراما للولد.
وسننه: اتباع الجنازة أو مع جانبيها وتربيعها (2) وحفر القبر قدر قامة أو إلى
الترقوة، وأن يجعل له لحد، وأن يتحفى النازل إليه ويحل أزراره ويكشف رأسه
ويدعو عند نزوله، ولا يكون رحما إلا في المرأة.
ويجعل الميت عند رجلي القبر إن كان رجلا، وقدامه إن كانت امرأة.
وينقل مرتين ويصبر عليه وينزل في الثالثة سابقا برأسه، والمرأة عرضا.
ويحل عقد كفنه ويلقنه ويجعل معه تربة ويشرج اللحد ويخرج من قبل
رجليه ويهيل الحاضرون بظهور الأكف مسترجعين ولا يهيل ذو الرحم.
ثم يطم القبر ولا يوضع فيه من غير ترابه.
ويرفع مقدار أربع أصابع مربعا، ويصب عليه الماء من رأسه دورا، فإن فضل ماء
صبه على وسطه.
ويضع الحاضرون الأيدي عليه مترحمين، ويلقنه الولي بعد انصرافهم.
ويكره فرش القبر بالساج - إلا مع الحاجة - وتجصيصه وتجديده، ودفن
ميتين في قبر واحد، ونقل الميت إلى غير بلد موته إلا إلى المشاهد المشرفة.
ويلحق بهذا الباب مسائل:
(الأولى) كفن المرأة على زوجها ولو كان لها مال.
(الثانية) كفن الميت من أصل تركته قبل الوصية والدين والميراث.
(الثالثة) لا يجوز نبش القبر ولا نقل الموتى بعد دفنهم.
(الرابعة) الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل ولا يكفن، بل يصلى عليه ويدفن
بثيابه وينزع عنه الخفان والفرو.
.

(1) ليقع وجه الولد إلى القبلة لما يقال من أن وجه الولد إلى ظهر أمه.
(2) أي حملها من جوانبها الأربعة
14

(الخامسة) إذا مات ولد الحامل قطع وأخرج، ولو ماتت هي دونه يشق جوفها
من الجانب الأيسر وأخرج. وفي رواية، يخاط بطنها.
(السادسة) إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر فهو كما لو وجد كله.
وإن لم يوجد الصدر غسل وكفن ما فيه عظم، ولف في خرقة ودفن ما خلا
من عظم.
قال الشيخان ولا يغسل السقط إلا استكمل شهورا أربعة، ولو كان لدونها
لف في خرقة ودفن.
(السابعة) لا يغسل الرجل إلا رجل وكذا المرأة.
ويغسل الرجل بنت ثلاث سنين مجردة، وكذا المرأة.
ويغسل الرجل محارمه من وراء الثياب وكذا المرأة.
(الثامنة) من مات محرما كان كالمحل، لكن لا يقرب الكافور.
(التاسعة) لا يغسل الكافر ولا يكفن ولا يدفن بين مقبرة المسلمين.
(العاشرة) لو لاقى كفن الميت نجاسة غسلت ما لم يطرح في القبر وقرضت
بعد جعله فيه
(السادس) غسل من مس ميتا:
يجب الغسل بمس الميت الآدمي بعد برده (بالموت)، وقبل تطهيره بالغسل على الأظهر.
وكذا يجب الغسل بمس قطعة فيها عظم، سواء أبينت من حي أو ميت، وهو
كغسل الحائض.
وأما المندوب من الأغسال: فالمشهور غسل الجمعة.
ووقته ما بين طلوع الفجر إلى الزوال، وكلما قرب من الزوال كان أفضل.
وأول ليلة من شهر رمضان، وليلة النصف منه، وليلة سبع عشرة وتسع عشرة،
وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة الفطر. ويومي العيدين. ويوم عرفة.
15

وليلة النصف من رجب، ويوم المبعث (1). وليلة النصف من شعبان، والغدير (2)
ويوم المباهلة (3). وغسل الإحرام. وزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة
عليهم السلام ولقضاء الكسوف. وللتوبة. ولصلاة الحاجة. والاستخارة. ولدخول
الحرم، والمسجد الحرام. والكعبة. والمدينة، ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وغسل المولود.
التيمم
الركن الثالث: في الطهارة الترابية، والنظر في أمور أربعة:
الأول: شرط التيمم عدم الماء، أو عدم الوصلة إليه، أو حصول مانع من
استعماله، كالبرد والمرض.
ولو لم يوجد إلا ابتياعا وجب وإن كثر الثمن، وقيل: ما لم يضر في الحال،
وهو الأشبه.
ولو كان معه ماء وخشي العطش تيمم إن لم يكن فيه سعة عن قدر الضرورة.
وكذا لو كان على جسده نجاسة ومعه ما يكفيه لإزالتها أو للوضوء أزالها
وتيمم، وكذا من معه ماء لا يكفيه لطهارته.
وإذا لم يوجد للميت ماء يمم كالحي العاجز.
الثاني: فيما يتيمم به، وهو التراب الخالص دون ما سواه من المنسحقة
كالأشنان والدقيق، والمعادن كالكحل والزرنيخ.
ولا بأس بأرض النورة والجص، ويكره بالسبخة والرمل.
وفي جواز التيمم بالحجر تردد، وبالجواز قال الشيخان.
.

(1) هو السابع والعشرون من رجب.
(2) هو يوم الثامن عشر من ذي الحجة.
(3) وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة
16

ومع فقد الصعيد تيمم بغبار الثوب واللبد وعرف الدابة، ومع فقده بالوحل.
الثالث: في كيفيته:
ولا يصح قبل دخول الوقت ويصح مع تضيقه.
وفي صحته مع السعة قولان، أحوطهما التأخير.
وهل يجب استيعاب الوجه والذراعين بالمسح؟ فيه روايتان، أشهر هما
اختصاص المسح بالجبهة وظاهر الكفين.
وفي عدد الضربات أقوال، أجودها للوضوء ضربة، وللغسل اثنتان.
والواجب فيه النية: واستدامة حكمها، والترتيب: يبدأ بمسح الجبهة ثم
بظاهر اليمنى، ثم بظاهر اليسرى.
الرابع: في أحكامه وهي ثمانية:
(الأول) لا يعيد ما صلى بتيممه، ولو تعمد الجنابة لم يجزئ التيمم ما لم
يخف التلف.
فإن خشي فتيمم وصلى ففي الإعادة تردد، أشبهه أنه لا يعيد.
وكذا من أحدث في الجامع ومنعه الزحام يوم الجمعة، تيمم وصلى
وفي الإعادة قولان، الأجود الإعادة.
(الثاني) يجب على من فقد الماء: الطلب في الحزنة غلوة سهم، وفي السهلة
غلوة سهمين.
فإن أخل فتيمم وصلى ثم وجد الماء، تطهر وأعاد.
(الثالث) لو وجد الماء قبل شروعه تطهر إجماعا، ولو كان بعد فراغه
فلا إعادة.
ولو كان في أثناء الصلاة فقولان، أصحهما البناء ولو كان على تكبيرة الإحرام (1).
.

(1) يعني: أن له أي الاستمرار في الصلاة بتيممه هذا ولو لم يكن أتى من أركانها إلا
بتكبيرة الإحرام
17

(الرابع) لو تيمم الجنب ثم أحدث ما يوجب الوضوء أعاد بدلا من الغسل.
(الخامس) لا ينقض التيمم إلا ما ينقض الطهارة المائية، ووجود الماء مع
التمكن من استعماله.
(السادس) يجوز التيمم لصلاة الجنازة مع وجود الماء ندبا.
(السابع) إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب وهناك ماء يكفي أحدهم تيمم المحدث.
وهل يخص به الميت أو الجنب؟ فيه روايتان أشهر هما أن يخص به الجنب.
(الثامن) روي فيمن صلى بتيمم فأحدث في الصلاة ووجد الماء قطع
وتطهر وأتم، ونزلها الشيخان على النسيان.
الركن الرابع: في النجاسات، والنظر في أعدادها وأحكامها:
وهي عشرة، البول، والغائط مما لا يؤكل لحمه ويندرج تحته الجلال، والمني
والميتة مما يكون له نفس سائلة، وكذا الدم والكلب والخنزير والكافر وكل
مسكر والفقاع.
وفي نجاسة عرق الجنب من الحرام، وعرق الإبل الجلالة، ولعاب المسوخ،
وذرق الدجاج والثعلب والأرنب والفأرة والوزغة اختلاف، والكراهية أظهر.
وأما أحكامها فعشرة:
(الأول) كل النجاسات يجب إزالة قليلها وكثيرها عن الثوب والبدن عدا الدم
فقد عفى عما دون الدرهم سعة في الصلاة، ولم يعف عما زاد عنه.
وفيما بلغ قدر الدرهم مجتمعا روايتان، أشهر هما وجوب الإزالة.
ولو كان متفرقا لم تجب إزالته، وقيل تجب مطلقا، وقيل بشرط التفاحش.
(الثاني) دم الحيض: تجب إزالته وإن قل.
وألحق الشيخ به دم الاستحاضة والنفاس.
وعفى عن دم القروح والجروح التي لا ترقأ، فإذا رقأ اعتبر فيه سعة الدرهم.
18

(الثالث) يجوز الصلاة فيما لا يتم الصلاة فيه منفردا مع نجاسته كالتكة
والجورب والقلنسوة.
(الرابع) يغسل الثياب والبدن من البول مرتين، إلا من بول الصبي، فإنه يكفي
صب الماء عليه، ويكفي إزالة عين النجاسة وإن بقي اللون.
(الخامس) إذا علم موضع النجاسة غسل، وإن جهل غسل كل ما يحصل
فيه الاشتباه.
ولو نجس أحد الثوبين ولم يعلم عينه، صلى الصلاة الواحدة في كل واحد مرة.
وقيل يطرحهما ويصلي عريانا.
(السادس) إذا لاقى الكلب أو الخنزير أو الكافر ثوبا أو جسدا وهو رطب
غسل موضع الملاقاة وجوبا، وإن كان يابسا رش الثوب بالماء استحبابا.
(السابع) من علم النجاسة في ثوبه أو بدنه وصلى عامدا أعاد في الوقت وبعده
ولو نسي في حال الصلاة فروايتان، أشهر هما: أن عليه الإعادة.
ولو لم يعلم وخرج الوقت فلا قضاء.
وهل يعيد مع بقاء الوقت؟ فيه قولان، أشبههما أنه لا إعادة.
ولو رأى النجاسة في أثناء الصلاة أزالها وأتم، أو طرح عنه ما هي فيه، إلا أن
يفتقر ذلك إلى ما ينافي الصلاة فيبطلها.
(الثامن) المربية للصبي إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد اجتزأت بغسله في اليوم
والليلة مرة واحدة.
(التاسع) من لم يتمكن من تطهير ثوبه ألقاه وصلى عريانا، ولو منعه مانع صلى
فيه، وفي الإعادة قولان، أشبههما أنه لا إعادة.
(العاشر) الشمس إذا جففت البول أو غيره عن الأرض والبواري والحصر
جازت الصلاة عليه، وهل تطهر؟ الأشبه نعم، والنار ما أحالته.
19

وتطهر الأرض باطن الخف والقدم مع زوال النجاسة.
وقيل في الذنوب يلقى على الأرض النجسة بالبول أنها تطهرها مع بقاء ذلك الماء
على طهارته.
ويلحق بذلك النظر في الأواني، ويحرم منها استعمال الأواني الذهب، والفضة،
في الأكل وغيره، وفي المفضض قولان أشبههما الكراهية.
وأواني المشركين طاهرة ما لم يعلم نجاستها بمباشرتهم أو بملاقاة نجاسة.
ولا يستعمل من الجلود إلا ما كان طاهرا في حال حياته مذكى.
ويكره مما لا يؤكل لحمه حتى يدبغ على الأشبه، وكذا يكره من أواني الخمر
ما كان خشبا أو قرعا.
ويغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا، أولاهن بالتراب على الأظهر.
ومن الخمر والفأرة ثلاثا، والسبع أفضل، ومن غير ذلك مرة، والثلاث أحوط.
20

كتاب الصلاة
والنظر في المقدمات والمقاصد
والمقدمات سبع:
(الأولى) في الإعداد:
والواجبات تسع: الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، والعيدين، والكسوف،
والزلزلة، والآيات، والطواف، والأموات، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه.
وما سواه مسنون.
والصلوات الخمس سبع عشرة ركعة في الحضر، وإحدى عشرة ركعة في السفر.
ونوافلها أربع وثلاثون ركعة على الأشهر في الحضر.
ثمان للظهر قبلها، وكذا العصر، وأربع للمغرب بعدها، وبعد العشاء ركعتان
من جلوس تعدان بواحدة، وثمان لليل، وركعتان للشفع، وركعة للوتر، وركعتان للغداة.
ويسقط في السفر نوافل الظهرين، وفي سقوط الوتيرة (1) قولان.
ولكل ركعتين من هذه النوافل تشهد وتسليم، وللوتر بانفراده.
(الثانية) في المواقيت، والنظر في تقديرها ولواحقها:
أما الأول: فالروايات فيه مختلفة، ومحصلها، اختصاص الظهر عند الزوال بمقدار
أدائها، ثم يشترك الفرضان في الوقت.
والظهر مقدمة حتى يبقى للغروب مقدار أداء العصر فتختص به ثم يدخل وقت
المغرب، فإذا مضى مقدار أدائها اشترك الفرضان.
.

(1) الوتيرة: الركعتان اللتان تؤديان بعد العشاء من جلوس وتعدان بواحده كما تقدم
21

والمغرب مقدمة حتى يبقى لانتصاف الليل مقدار أداء العشاء فتختص به.
وإذا طلع الفجر دخل وقت صلاته ممتدا حتى تطلع الشمس.
ووقت نافلة الظهر حين الزوال حتى يصير الفئ على قدمين.
ونافلة العصر إلى أربعة أقدام.
ونافلة المغرب بعدها حتى تذهب حمرة المغربية.
وركعتا الوتيرة تمتد بامتداد العشاء، وصلاة الليل بعد انتصافه، وكلما قرب من
الفجر كان أفضل.
وركعتا الفجر بعد الفراغ من الوتر، وتأخيرها حتى يطلع الفجر الأول أفضل،
ويمتد حتى تطلع الحمرة.
وأما اللواحق: فمسائل:
(الأولى) يعلم الزوال بزيادة الظل بعد انتقاصه، وبميل الشمس إلى الحاجب
الأيمن ممن يستقبل القبلة، ويعرف الغروب بذهاب الحمرة المشرقية.
(الثانية) قيل لا يدخل وقت العشاء حتى تذهب الحمرة المغربية، ولا تصلى
قبله إلا مع العذر، والأظهر الكراهية.
(الثالثة) لا تقدم صلاة الليل على الانتصاف إلا لشاب تمنعه رطوبة رأسه (1)
أو لمسافر، وقضاؤها أفضل.
(الرابعة) إذا تلبس بنافلة الظهر ولو بركعة ثم خرج وقتها أتمها متقدمة
على الفريضة، وكذا العصر.
وأما نوافل المغرب فمتى ذهبت الحمرة ولم يكملها بدأ بالعشاء.
(الخامسة) إذا طلع الفجر الثاني فقد فاتت النافلة عدا ركعتي الفجر.

(1) بريد: يخشى نومه.
22

ولو تلبس من صلاة الليل بأربع زاحم بها الصبح ما لم يخش فوات الفرض.
ولو كان التلبس بما دون الأربع ثم طلع الفجر، بدأ بالفريضة وقضى نافلة الليل.
(السادسة) تصلى الفرائض أداء وقضاء، ما لم يتضيق وقت الفريضة الحاضرة،
والنوافل ما لم يدخل وقت الفريضة.
(السابعة) يكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس، وغروبها، وقيامها نصف
النهار، وبعد الصبح، والعصر، عدا النوافل المرتبة، وماله سبب.
(الثامنة) الأفضل في كل صلاة تقديمها في أول أوقاتها، إلا ما نستثنيه
في مواضعه، إن شاء الله تعالى.
(التاسعة) إذا صلى ظانا دخول الوقت، ثم تبين الوهم، أعاد، إلا أن يدخل
الوقت ولم يتم، وفيه قول آخر.
(الثالثة) في القبلة:
وهي الكعبة مع الإمكان، وإلا فجهتها وإن بعد.
وقيل هي قبلة لأهل المسجد الحرام، والمسجد قبلة من صلى في الحرم، والحرم
قبلة أهل الدنيا، وفيه ضعف.
ولو صلى في وسطها (1) استقبل أي جدرانها شاء.
ولو صلى على سطحها أبرز بين يديه شيئا منها ولو كان قليلا، وقيل
يستلقي ويصلي موميا إلى البيت المعمور.
ويتوجه أهل كل إقليم إلى سمت الركن الذي يليهم.
فأهل المشرق يجعلون المشرق إلى المنكب الأيسر، والمغرب إلى الأيمن، والجدي
خلف المنكب الأيمن، والشمس عند الزوال محاذية لطرف الحاجب الأيمن مما يلي الأنف.

(1) أي في جوف الكعبة
23

وقيل يستحب التياسر لأهل الشرق عن سمتهم قليلا وهو بناء على أن توجههم
إلى الحرم.
وإذا فقد العلم بالجهة والظن، صلى الفريضة إلى أربع جهات، ومع الضرورة
أو ضيق لوقت يصلي إلى أي جهة شاء، ومن ترك الاستقبال عمدا أعاد.
ولو كانا ظانا أو ناسيا وتبين الخطأ لم يعد ما كان بين المشرق والمغرب.
ويعيد الظان ما صلاه إلى المشرق والمغرب في وقته لا ما خرج وقته، وكذا
لو استدبر القبلة، وقيل يعيد وإن خرج الوقت.
ولا يصلي الفريضة على الراحلة اختيارا، ويرخص في النافلة سفرا حيث
توجهت الراحلة.
(الرابعة) في لباس المصلي:
لا يجوز الصلاة في جلد الميتة ولو دبغ، وكذا ما لا يؤكل لحمه ولو ذكي ودبغ،
ولا في صوفه وشعره ووبره ولو كان قلنسوة أو تكة. ويجوز استعماله لا في الصلاة.
ولو كان مما يؤكل لحمه جاز في الصلاة وغيرها، وإن أخذ من الميتة جزا أو قلعا
مع غسل موضع الاتصال نتفا.
ويجوز في الخز (1) الخالص لا المغشوش (2) بوبر الأرانب والثعالب.
وفي فرو السنجاب قولان، أظهرهما الجواز.
وفي الثعالب والأرانب روايتان أشهر هما، المنع.
ولا يجوز الصلاة في الحرير المحض للرجال إلا مع الضرورة أو في الحرب.
وهل يجوز للنساء من غير ضرورة؟ فيه قولان أظهرهما الجواز.
وفي التكة والقلنسوة من الحرير تردد، أظهره الجواز مع الكراهية
وهل يجوز الركوب عليه والافتراش له؟ المروي نعم، ولا بأس بثوب مكفوف به.

(1) الخز دابة بحرية ذات أربع، ويطلق اسم الخز على الثياب المتخذة من وبرها
(2) والمراد بالمغشوش بوبر الأرانب والثعالب المخلوط به:
24

ولا يجوز في ثوب مغصوب مع العلم، ولا فيما يستر ظهر القدم ما لم يكن له
ساق كالخف.
ويستحب في النعل العربية، ويكره في الثياب السود ما عدا العمامة والخف.
وفي الثوب الذي يكون تحته وبر الأرانب والثعالب أو فوقه، وفي ثوب واحد
للرجال، ولو حكى ما تحته لم يجز.
وأن يأتزر فوق القميص، وأن يشتمل الصماء، وفي عمامة لا حنك لها، وأن يؤم
بغير رداء، وأن يصحب معه حديدا ظاهرا، وفي ثوب يتهم صاحبه، وفي قباء فيه
تماثيل، أو خاتم فيه صورة.
ويكره للمرأة أن تصلي في خلخال له صوت، أو متنقبة.
ويكره للرجال اللثام، وقيل يكره في قباء مشدود إلا في الحرب.
مسائل ثلاث:
(الأولى) ما يصح فيه الصلاة يشترط فيه الطهارة، وأن يكون مملوكا
أو مأذونا فيه.
(الثانية) يجب للرجل ستر قبله ودبره، وستر ما بين السرة والركبة أفضل،
وستر جسده كله مع الرداء أكمل.
ولا تصلي الحرة إلا في درع وخمار ساترة جميع جسدها عدا الوجه والكفين،
وفي القدمين تردد، أشبهه الجواز.
والأمة والصبية تجتزئان بستر الجسد، وستر الرأس مع ذلك أفضل.
(الثالثة) يجوز الاستتار في الصلاة بكل ما يستر العورة كالحشيش وورق
الشجر والطين.
ولو لم يجد ساترا صلى عريانا قائما موميا إذا أمن المطلع، ومع وجوده يصلي
جالسا موميا للركوع والسجود.

(1) يريد أنه لا يتحرى الطهارة.
25

(الخامسة) في مكان المصلي:
يصلي في كل مكان إذا كان مملوكا أو مأذونا فيه.
ولا يصح في المكان المغصوب مع العلم.
وفي جواز صلاة المرأة إلى جانب المصلي قولان، أحدهما المنع سواء صلت
بصلاته أو منفردة محرما كانت أو أجنبية، والآخر الجواز على كراهية.
ولو كان بينهما حائل، أو تباعدت عشرة أذرع فصاعدا أو كانت متأخرة عنه
ولو بمسقط الجسد صحت صلاتهما.
ولو كانا في مكان لا يمكن فيه التباعد صلى الرجل أولا ثم المرأة.
ولا يشترط طهارة موضع الصلاة إذا لم تتعد نجاسته، ولا طهارة موضع السجدة
عدا موضع الجبهة.
ويستحب صلاة الفريضة في المسجد إلا في الكعبة (1)، والنافلة في المنزل.
ويكره الصلاة في الحمام، وبيوت الغائط، ومبارك الإبل، ومساكن، النمل ومرابط
الخيل والبغال والحمير، وبطون الأودية، وأرض السبخة والثلج، إذا لم تتمكن جبهته
من السجود (2)، وبين المقابر إلا مع حائل، وفي بيوت المجوس والنيران والخمور،
وفي جوار الطرق، أن يكون بين يديه نار مضرمة أو مصحف مفتوح أو حائط ينز
من بالوعة، ولا بأس بالبيع والكنائس ومرابض الغنم.
وقيل يكره إلى باب مفتوح أو إنسان مواجه.
(السادسة) فيما يسجد عليه:
لا يجوز السجود على ما ليس بأرض كالجلود والصوف، ولا ما يخرج باستحالته
عن اسم الأرض كالمعادن.

(1) يعني في جوفها، وفي تذكرة الفقهاء: (وتكره الفريضة جوف الكعبة.. لأنه
باستقبال أي جهة شاء يستدبر قبلة أخرى) أي يستدبر جزءا آخر من الكعبة.
(2) أي على أصل الأرض.
26

ويجوز على الأرض وما ينبت منها ما لم يكن مأكولا بالعادة.
وفي الكتان والقطن روايتان، أشهر هما المنع، إلا مع الضرورة.
ولا يسجد على شئ من بدنه، فإن منعه الحر سجد على ثوبه.
ويجوز السجود على الثلج والقير وغيره مع عدم الأرض وما ينبت منها، فإن لم
يكن فعلى كفه.
ولا بأس بالقرطاس، ويكره منه ما فيه كتابة، ويراعى فيه أن يكون مملوكا
أو مأذونا فيه، خاليا من نجاسة.
(السابعة) في الأذان والإقامة:
والنظر في المؤذن وما يؤذن له وكيفية الأذان والإقامة ولو أحقهما.
أما المؤذن فيعتبر فيه العقل والإسلام، ولا يعتبر فيه البلوغ.
والصبي يؤذن، والعبد يؤذن، وتؤذن المرأة للنساء خاصة.
ويستحب أن يكون عادلا صيتا بصيرا بالأوقات متطهرا قائما على مرتفع
مستقبل القبلة، رافعا صوته، وتسر به المرأة، ويكره الالتفات به يمينا وشمالا.
ولو أخل بالأذان والإقامة ناسيا وصلى، تداركهما ما لم يركع واستقبل صلاته.
ولو تعمد لم يرجع.
وأما ما يؤذن له: فالصلوات الخمس لا غير، أداء وقضاء، استحبابا للرجال
والنساء، والمنفرد والجامع، وقيل يجبان في الجماعة.
ويتأكد الاستحباب فيما يجهر فيه، وآكده الغداة والمغرب.
وقاضي الفرائض الخمس يؤذن لأول ورده، ثم يقيم لكل صلاة واحدة.
ولو جمع بين الأذان والإقامة لكل فريضة كان أفضل.
ويجمع يوم الجمعة بين الظهرين بأذان واحد وإقامتين.
ولو صلى في مسجد جماعة ثم جاء الآخرون، لم يؤذنوا ولم يقيموا ما دامت
الصفوف باقية، ولو انفضت أذن الآخرون وأقاموا.
27

ولو أذن بنية الانفراد ثم أراد الاجتماع استحب له الاستئناف.
وأما كيفيته: فلا يؤذن لفريضة إلا بعد دخول وقتها، ويتقدم في الصبح رخصة،
لكن يعيده بعد دخوله.
وفصولهما على أشهر الروايات خمسة وثلاثون فصلا، والأذان ثمانية عشر
فصلا (1)، والإقامة سبعة عشر فصلا (2).
وكله مثنى عدا التكبير في أول الأذان فإنه أربع، والتهليل في آخر الإقامة فإنه
مرة، والترتيب فيه شرط.
والسنة فيه الوقوف على فصوله، متأنيا في الأذان، هادرا في الإقامة.
والفصل بينهما بركعتين أو جلسة أو سجدة، أو خطوة، خلا المغرب، فإنه
لا يفصل بين أذانيها إلا بخطوة، أو سكتة، أو تسبيحة.
ويكره الكلام في خلالهما، والترجيع إلا للإشعار، وقول: الصلاة خير
من النوم.
وأما اللواحق فمن السنة حكايته عند سماعه، وقول ما يخل به المؤذن،
والكف عن الكلام بعد قوله: (قد قامت الصلاة) إلا بما يتعلق بالصلاة.

(1) هي: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد
أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على
الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، الله أكبر،
الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله ا ه‍ من المعتبر شرح المختصر للمؤلف.
(2) هي: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله،
أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على
الفلاح، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة،
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
حاشية: نقل عن سيد الساجدين علي بن الحسين وابن عمر أنهما كانا يقولان في أذانيهما بعد
حي على الفلاح: (حي على خير العمل) وصح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم
كانوا يقولون في أذانيهم: (حي على خير العمل: راجع السيرة الحلبية وكتاب المحلي لابن حزم.
28

مسائل ثلاث:
(الأولى): إذا سمع الإمام أذانا جاز أن يجتزئ به في الجماعة ولو كان
المؤذن منفردا.
(الثانية): من أحدث في الصلاة أعادها، ولا يعيد الإقامة إلا مع الكلام.
(الثالثة): من صلى خلف من لا يقتدى به أذن لنفسه وأقام.
ولو خشي فوات الصلاة اقتصر من فصوله على تكبيرتين وقد (قامت الصلاة).
وأما المقاصد فثلاثة:
الأول: في أفعال الصلاة، وهي واجبة ومندوبة.
فالواجبات ثمانية:
(الأول): في النية، وهي ركن، وإن كانت بالشرط أشبه، فإنها تقع مقارنة.
ولا بد من نية القربة والتعيين والوجوب أو الندب، والأداء أو القضاء.
ولا يشترط نية القصر ولا الإتمام، ولو كان مخيرا.
ويتعين استحضارها عند أول جزء من التكبير، واستدامتها حكما.
(الثاني) التكبير. وهو ركن في الصلاة، وصورته: الله أكبر، مرتبا، ولا
ينعقد بمعناه، ولا مع الإخلال ولو بحرف.
ومع التعذر تكفي الترجمة، ويجب التعلم ما أمكن.
والأخرس ينطق بالممكن، ويعقد قلبه بها مع الإشارة.
ويشترط فيها القيام، ولا يجزئ قاعدا مع القدرة.
وللمصلي الخيرة في تعيينها من السبع (1).

(1) ستأتي في مندوبات الصلاة: أن المصلي يتوجه بسبع تكبيرات، واحدة منها واجبة.
29

وسننها النطق بها على وزن (أفعل) من غير مد، وإسماع الإمام من خلفه، وأن
يرفع بها المصلي يديه محاذيا وجهه.
(الثالث) القيام: وهو ركن مع القدرة، ولو تعذر الاستقلال اعتمد.
ولو عجز عن البعض أتى بالممكن، ولو عجز أصلا صلى قاعدا.
وفي حد ذلك قولان، أصحهما مراعاة التمكن، ولو وجد القاعد خفة نهض
قائما حتما.
ولو عجز عن القعود صلى مضطجعا موميا. وكذا لو عجز صلى مستلقيا.
ويستحب أن يتربع القاعد قارئا، ويثني رجليه راكعا، وقيل يتورك متشهدا.
(الرابع) القراءة: وهي متعينة ب‍ (الحمد) والسورة في كل ثنائية، وفي الأوليين
من كل رباعية وثلاثية.
ولا تصح الصلاة مع الإخلال بها عمدا ولو بحرف، وكذا الإعراب، وترتيب
آياتها في (الحمد) والسورة، وكذا البسملة في (الحمد) والسورة، ولا تجزئ
الترجمة، ولو ضاق الوقت قرأ ما يحسن بها. ويجب التعلم ما أمكن.
ولو عجز قرأ من غيرها ما تيسر، وإلا سبح الله وكبره وهلله بقدر القراءة.
ويحرك الأخرس لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه.
وفي وجوب سورة مع (الحمد) في الفرائض للمختار مع سعة الوقت وإمكان
التعلم قولان، أظهرهما الوجوب.
ولا يقرأ في الفرائض عزيمة (1)، ولا ما يفوت الوقت بقراءتها، ويتخير المصلي
في كل ثالثة ورابعة بين قراءة الحمد والتسبيح.
ويجهر من الخمس واجبا، في الصبح وأوليي المغرب والعشاء، ويسر في الباقي
وأدناه أن يسمع نفسه. ولا تجهر المرأة.

(1) السور أربع التي بها سجدات واجبة وهي مذكورة في الهامش رقم 6 في صفحة 8
30

ومن السنن: الجهر بالبسملة في موضع الإخفات من أول (الحمد) والسورة، وترتيل
القراءة، وقراءة سورة بعد (الحمد) في النوافل، والاقتصار في الظهرين والمغرب على
قصار المفصل، وفي الصبح على مطولاته، وفي العشاء على متوسطاته. وفي ظهري
الجمعة بها (1) وب‍ (المنافقين) وكذا لو صلى الظهر جمعة على الأظهر.
ونوافل النهار، إخفات والليل جهر.
ويستحب إسماع الإمام من خلفه قراءته ما لم تبلغ العلو، وكذا الشهادتين.
مسائل أربع.
(الأولى) يحرم قول (آمين) آخر (الحمد) وقيل يكره (2).
(الثانية) و (الضحى) و (ألم نشرح) سورة واحدة، وكذا (الفيل)
و (الإيلاف)، وهل تعاد البسملة بينهما؟ قيل لا:، وهو الأشبه.
(الثالثة) يجزئ بدل (الحمد) من الأواخر (3) تسبيحات أربع صورتها،
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
وروي تسع، وقيل عشر، وقيل اثنا عشر، وهو الأحوط.
(الرابعة) لو قرأ في النافلة إحدى العزائم سجد عند ذكره، ثم يقوم فيتم ويركع.
ولو كان السجود في آخرها قام وقرأ (الحمد) استحبابا، ليركع عن قراءة.
(الخامسة) الركوع: وهو واجب في كل ركعة مرة، إلا في الكسوف
والزلزلة. وهو ركن في الصلاة.
والواجب فيه خمسة. الانحناء قدر ما تصل معه كفاه إلى ركبتيه، ولو عجز اقتصر
على الممكن وإلا أومأ.

(1) أي بسورة الجمعة.
(2) وجهة النظر في هذا: أن لفظ (آمين) ليس من القرآن وأنه اسم فعل للدعاء وليس بدعاء.
(3) أي ما بعد الأوليين من الركعات.
31

والطمأنينة بقدر الذكر الواجب، وتسبيحة واحدة كبيرة صورتها: سبحان ربي
العظيم وبحمده أو سبحان الله ثلاثا، ومع الضرورة تجزئ واحدة صغرى وقيل
يجزئ الذكر (1) فيه وفي السجود. ورفع الرأس. والطمأنينة في الانتصاب.
والسنة فيه: أن يكبر له رافعا يديه، محاذيا بهما وجهه، ثم يركع بعد إرسالهما
ويضعهما على ركبتيه، مفرجات لأصابع، رادا ركبتيه إلى خلفه، مسويا ظهره،
مادا عنقه، داعيا أمام التسبيح، مسبحا ثلاثا كبرى، فما زاد، قائلا بعد انتصابه:
سمع الله لمن حمده، داعيا بعده. ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه.
(السادس) السجود: ويجب في كل ركعة سجدتان، وهما ركن في الصلاة،
وواجباته سبع: السجود على الأعضاء السبعة: الجبهة والكفين، والركبتين،
وإبهامي الرجلين. ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه. وألا يكون موضع
السجود عاليا بما يزيد عن لبنة. ولو تعذر الانحناء رفع ما يسجد عليه.
ولو كان بجبهته دمل احتفر حفيرة ليقع السليم على الأرض.
ولو تعذر السجود سجد على أحد الجبينين، وإلا فعلى ذقنه، ولو عجز أومأ،
والذكر فيه أو التسبيح كالركوع.
والطمأنينة بقدر الذكر الواجب. ورفع الرأس مطمئنا عقيب الأولى.
وسننه: التكبير الأول قائما، والهوي بعد إكماله سابقا بيديه، وأن يكون
موضع سجوده مساويا لموقفه، وأن يرغم بأنفه، ويدعو قبل التسبيح. والزيادة على
التسبيحة الواحدة: والتكبيرات ثلاثا. ويدعو بين السجدتين. والقعود متوركا.
والطمأنينة عقيب رفعه من الثانية. والدعاء. ثم يقوم معتمدا على يديه سابقا برفع
ركبتيه. ويكره الإقعاء بين السجدتين.
(السابع) التشهد: وهو واجب في كل ثنائية مرة. وفي الثلاثية والرباعية مرتين.
وكل تشهد يشتمل على خمسة: الجلوس بقدره. والطمأنينة. والشهادتان.
والصلاة على النبي وآله.

(1) أي غير التسبيح.
32

وأقله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
ثم يأتي بالصلاة على النبي وآله.
وسننه: أن يجلس متوركا. ويخرج رجليه. ثم يجعل ظاهر اليسرى إلى الأرض
وظاهر اليمني إلى باطن اليسرى. والدعاء بعد الواجب. ويسمع الإمام من خلفه.
(الثامن) التسليم: وهو واجب في أصح القولين.
وصورته: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبأيهما بدأ، كان الثاني مستحبا.
والسنة فيه: أن يسلم المنفرد تسليمة إلى القبلة، ويومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه.
والإمام بصفحة وجهه. والمأموم تسليمتين يمينا وشمالا.
ومندوبات الصلاة خمسة:
(الأول): التوجه بسبع تكبيرات. واحدة منها الواجبة (1)، بينها ثلاثة
أدعية، يكبر ثلاثا ثم يدعو، واثنتين ثم يدعو، ثم اثنتين ويتوجه (2).
(الثاني): القنوت في كل ثانية قبل الركوع، إلا في الجمعة، فإنه في الأولى
قبل الركوع، وفي الثانية بعده. ولو نسي القنوت قضاه بعد الركوع.
(الثالث): نظره قائما إلى موضع سجوده. وقانتا إلى باطن كفيه. وراكعا
إلى ما بين رجليه. وساجدا إلى طرف أنفه. ومتشهدا إلى حجره.
(الرابع): وضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه. وقانتا تلقاء وجهه.
وراكعا على ركبتيه. وساجدا بحذاء أذنيه. ومتشهدا على فخذيه.
(الخامس): التعقيب، ولا حصر له، وأفضله: تسبيح الزهراء عليها
السلام (3).

(1) وهي تكبيرة الإحرام وتتعين بالنية كما سبق.
(2) المراد الاستفتاح بنحو (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض)..
(3) يكبر أربعا وثلاثين، ثم يحمد ثلاثا وثلاثين، ثم يسبح ثلاثا وثلاثين.
33

خاتمة
يقطع الصلاة ما يبطل الطهارة ولو كان سهوا. والالتفات دبرا، والكلام بحرفين
فصاعدا عمدا. وكذا القهقهة. والفعل الكثير الخارج عن الصلاة. والبكاء لأمور الدنيا
وفي وضع اليمين على الشمال قولان، أظهرهما: الإبطال.
ويحرم قطع الصلاة إلا لخوف ضرر، مثل فوات غريم، أو تردى طفل،
وقيل: يقطعها الأكل والشرب، إلا في الوتر لمن عزم على الصوم ولحقه عطش (1)
وفي جواز الصلاة بشعر معقوص قولان، أشبههما: الكراهية.
ويكره الالتفات يمينا وشمالا، والتثاؤب، والتمطي، والعبث، ونفخ موضع
السجود، والتنخم، والبصاق، وفرقعة الأصابع، والتأوه بحرف، ومدافعة الأخبثين،
ولبس الخف ضيقا.
ويجوز للمصلي تشميت العاطس، ورد السلام، مثل قوله: السلام عليكم،
والدعاء في أحوال الصلاة بسؤال المباح دون المحرم.
المقصد الثاني: في بقية الصلوات: وهي واجبة ومندوبة.
فالواجبات منها:

(1) جاء في تذكرة الفقهاء: الأكل والشرب يبطلان، لأنهما فعل كثير إذ تناول المأكول
ومضغه وابتلاعه أفعال متعددة وكذا المشروب وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وحكي عن سعيد بن
جبير أنه شرب الماء في صلاة النفل.. وبه قال الشيخ (الطوسي) في كتاب (الحلاف) واستدل
يقول الصادق عليه السلام: (إني أريد الصوم وأكون في الوتر وأعطش فأكره أن أقطع وأشرب
وأكره أن أصبح وأنا عطشان..) فيختص الترخص بالوتر مع إرادة الصوم وخوف العطش
وكونه في دعاء الوتر.
34

الجمعة
وهي ركعتان يسقط معها الظهر.
ووقتها ما بين الزوال حتى يصير ظل كل شئ مثله.
وتسقط بالفوات وتقضي ظهرا.
ولو لم يدرك الخطبتين أجزأته الصلاة. وكذا لو أدرك مع الإمام الركوع
ولو في الثانية.
ويدرك الجمعة بإدراكه راكعا على الأشهر.
ثم النظر في شروطها، ومن تجب عليه، ولواحقها، وسننها:
والشروط خمسة:
الأول: السلطان العادل.
الثاني: العدد، وفي أقله روايتان أشهر هما خمسة، الإمام أحدهم.
الثالث: الخطبتان، ويجب في الأولى حمد الله والثناء عليه، والوصية بتقوى
الله، وقراءة سورة خفيفة، وفي الثانية حمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم وآله وأئمة المسلمين. والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.
ويجب تقديمهما على الصلاة، وأن يكون الخطيب قائما مع القدرة
وفي وجوب الفصل بينهما بالجلوس تردد، أحوطه: الوجوب.
ولا يشترط فيهما الطهارة.
وفي جواز إيقاعهما قبل الزوال روايتان، أشهرهما: الجواز.
ويستحب أن يكون الخطيب بليغا، مواظبا على الصلاة متعمما مرتديا ببرد يمني،
معتمدا في حال الخطبة على شئ، وأن يسلم أولا، ويجلس أمام الخطبة، ثم يقوم
فيخطب جاهرا.
(الرابع) الجماعة، فلا تصح فرادى.
35

(الخامس) ألا يكون بين الجمعتين أقل من ثلاثة أميال (1).
والذي تجب عليه: كل مكلف، ذكر حر سليم من المرض والعرج، والعمى
غيرهم (2) ولا مسافر.
وتسقط عنه لو كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين.
ولو حضر أحد هؤلاء وجبت عليه، عدا الصبي والمجنون والمرأة.
وأما اللواحق فسبع:
(الأولى) إذا زالت الشمس وهو حاضر حرم عليه السفر، لتعين الجمعة،
ويكره بعد الفجر.
(الثانية) يستحب الإصغاء إلى الخطبة، وقيل يجب، وكذا الخلاف في تحريم
الكلام معها.
(الثالثة) الأذان الثاني بدعة، وقيل مكروه.
(الرابعة) يحرم البيع بعد النداء، ولو باع انعقد.
(الخامسة) إذا لم يكن الإمام موجودا وأمكن الاجتماع والخطبتان استحب
الجماعة (3) ومنعه قوم.
(السادسة) إذا حضر إمام الأصل مصرا، لم يؤم غيره إلا لعذر.
(السابعة) لو ركع مع الإمام في الأولى ومنعه زحام عن السجود، لم يركع مع
الإمام في الثانية.
فإذا سجد الإمام سجد ونوى بهما للأولى.
ولو نوى بهما للأخيرة بطلت الصلاة. وقيل: يحذفهما ويسجد للأولى.

(1) أي لا يكون هناك جمعة أخرى وبينهما دون ثلاثة أميال، فإن اتفقتا بطلتا وإن سبقت
إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام بطلت المتأخرة (شرائع الإسلام).
(2) الهم الشيخ الفاني.
(3) إذا لم يكن الإمام موجودا، ولا من نصبه للصلاة، وأمكن الاجتماع والخطبتان قيل
يستحب أن يصلي جمعة، وقيل: لا يجوز، والأول أظهر (شرائع الإسلام).
36

وسنن الجمعة: التنفل بعشرين ركعة، ست عند انبساط الشمس، وست عند
ارتفاعها، وست قبل الزوال، وركعتان عنده. وحلق الرأس، وقص الأظفار. والأخذ
من الشارب. ومباكرة المسجد على سكينة ووقار، متطيبا، لابسا أفضل ثيابه.
والدعاء أمام التوجه.
ويستحب الجهر جمعة وظهرا. وأن تصلى في المسجد ولو كانت ظهرا، وأن
يقدم المصلي ظهره إذا لم يكن الإمام مرضيا.
ولو صلى معه ركعتين وأتمهما بعد تسليم الإمام جاز.
ومنها:
صلاة العيدين
وهي واجبة جماعة بشروط الجمعة ومندوبة مع عدمها جماعة وفرادى.
ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى الزوال. ولو فاتت لم يقض.
وهي ركعتان يكبر في الأولى خمسا، وفي الثانية أربعا، بعد قراءة (الحمد) والسورة في
الركعتين، وقيل تكبير الركوع على الأشهر، ويقنت مع كل تكبيرة بالمرسوم استحبابا.
وسننها: الإصحار بها (1)، والسجود على الأرض، وأن يقول المؤذن: الصلاة
ثلاثا، وخروج الإمام حافيا، على سكينة ووقار، وأن يطعم قبل خروجه في الفطر
وبعد عوده في الأضحى مما يضحي به.
وأن يقرأ في الأولى ب‍ (الأعلى) وفي الثانية ب‍ (والشمس).
والتكبير في الفطر عقيب أربع صلوات: أولها المغرب، وآخرها صلاة العيد.
وفي (الأضحى) عقيب خمس عشرة: أولها ظهر يوم العيد لمن كان ب‍ (منى) وفي
غيرها عقيب عشر.

(1) الإصحار بها: صلاتها في الصحراء. والمذهب أن ذلك في غير مكة. جاء في (تذكرة الفقهاء):
(وأما استثناء مكة فلقول الصادق عليه السلام: السنة على أهل الأمصار أن يبرزوا من أمصارهم
في العيدين إلا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد. ولتميزه عن غيره من المساجد بوجوب التوجه
إليه من جميع الآفاق فلا يناسب الخروج عنه).
37

يقول الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر على
ما هدانا. الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.
وفي الفطر يقول، الله أكبر ثلاثا، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد،
الله أكبر على ما هدانا.
ويكره الخروج بالسلاح، وأن يتنفل قبل الصلاة وبعدها إلا بمسجد النبي
صلى الله عليه وآله وسلم قبل خروجه.
مسائل خمس:
(الأولى) قيل: التكبير الزائد واجب، والأشبه الاستحباب، وكذا القنوت.
(الثانية) من حضر العيد فهو بالخيار في حضور الجمعة، ويستحب للإمام
إعلامهم بذلك.
(الثالثة) الخطبتان بعد صلاة العيدين. وتقديمهما بدعة، ولا يجب استماعهما (1).
(الرابعة) لا ينقل المنبر بل يعمل منبر من طين
(الخامسة) إذا طلعت الشمس حرم السفر حتى يصلي العيد، ويكره قبل ذلك.
ومنها:
صلاة الكسوف
والنظر في سببها، وكيفيتها، وأحكامها:
وسببها: كسوف الشمس، أو خسوف القمر، والزلزلة.
وفي رواية تجب لأخاويف السماء.

(1) جاء في تذكرة الفقهاء: (الخطبتان واجبتان كما قلنا، للأمر وهو للوجوب وقال الجمهور
بالاستحباب، ولا يجب حضورهما ولا استماعهما إجماعا، ولهذا أخرتا عن الصلاة ليتمكن المصلي من
تركهما. بل يستحب روى عبد الله بن السائب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد صلاته
(إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب. وقال
المؤلف في المعتبر: (والخطبتان مستحبتان فيهما بعد الصلاة، وتقديمهما أو إحداهما بدعة ولا يجب
حضورهما ولا استماعهما أما استحبابهما فعليه الإجماع وفعل النبي والصحابة والتابعين).
38

ووقتها من الابتداء إلى الأخذ في الانجلاء.
ولا قضاء مع الفوات، وعدم العلم، واحتراق بعض القرص.
ويقضي لو علم وأهمل، أو نسي، وكذا لو احترق القرص كله على التقديرات.
وكيفيتها: أن ينوي ويكبر، ويقرأ (الحمد)، وسورة أو بعضها، ثم يركع.
فإذا انتصب، قرأ (الحمد) ثانيا، وسورة إن كان أتم في الأولى وإلا قرأ من
حيث قطع.
فإذا أكمل خمسا (1) سجد اثنتين، ثم قام بغير تكبيرة فقرأ وركع معتمدا
ترتيبه الأول ثم يتشهد ويسلم.
ويستحب فيها الجماعة، والإطالة بقدر الكسوف، وإعادة الصلاة إن فرغ
قبل الانجلاء، وأن يكون ركوعه بقدر قراءته، وأن يقرأ السور الطوال مع السعة،
ويكبر كلما انتصب من الركوع، إلا في الخامس والعاشر، فإنه يقول: سمع الله لمن
حمده، وأن يقنت خمس قنوتات.
والأحكام فيها: اثنان:
(الأول) إذا اتفق في وقت حاضرة، تخير في الإتيان بأيهما شاء، على الأصح
ما لم يتضيق الحاضرة، فيتعين الأداء.
ولو كانت الحاضرة نافلة فالكسوف أولى، ولو خرج وقت النافلة.
(الثاني) تصلى هذه الصلاة على الراحلة، وماشيا. وقيل بالمنع، إلا مع العذر
وهو أشبه.

(1) مراده أن يقرأ خمس مرات يعقب كل قراءة ركوع فإذا انتصب من الركوع الخامس
هوى ساجدا.
39

ومنها:
صلاة الجنازة
والنظر فيمن يصلي عليه، والمصلي، وكيفيتها، وأحكامها:
تجب الصلاة على كل مسلم، ومن بحكمه (1) ممن بلغ ست سنين، ويستوي
الذكر والأنثى والحر والعبد.
ويستحب على من لم يبلغ ذلك ممن ولد حيا.
ويقوم بها كل مكلف على الكفاية.
وأحق الناس بالصلاة على الميت أولاهم بالميراث، والزوج أولى بالمرأة من الأخ.
ولا يؤم إلا وفيه شرائط الإمامة، وإلا استناب.
ويستحب تقديم الهاشمي، ومع وجود الإمام فهو أولى بالتقديم.
وتؤم المرأة النساء، وتقف في وسطهن، ولا تبرز، وكذا العاري إذا
صلى بالعراة.
ولا يؤم من لم يأذن له المولى.
وهي خمس تكبيرات، بينها أربعة أدعية، ولا يتعين.
وأفضله أن يكبر ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ويصلي على النبي وآله، ثم
يكبر ويدعو للمؤمنين.
وفي الرابعة يدعو للميت، وينصرف بالخامسة مستغفرا.
وليست الطهارة من شرطها، وهي من فضلها، ولا يتباعد عن الجنازة بما يخرج
عن العادة، ولا يصلى على الميت إلا بعد تغسيله، وتكفينه.
ولو كان عاريا جعل في القبر، وسترت عورته، ثم يصلى عليه.
وسننها: وقوف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة.

(1) (من يصلى عليه وهو كل من كان مظهرا للشهادتين أو طفلا له ست سنين ممن له حكم
الإسلام) (شرائع الإسلام).
40

ولو اتفقا (1) جعل الرجل إلى الإمام، والمرأة إلى القبلة، يحاذي بصدرها وسطه
ولو كان طفلا فمن ورائها.
ووقوف المأموم وراء الإمام ولو كان واحدا.
وأن يكون المصلي متطهرا، حافيا، رافعا يديه بالتكبير كله، داعيا للميت
في الرابعة، إن كان مؤمنا وعليه إن كان منافقا، وبدعاء المستضعفين مستضعفا، وأن
يحشره مع من يتولاه، إن جهل حاله.
وفي الطفل: اللهم اجعله لنا ولأبويه فرطا شفيعا، ويقف موقفه حتى ترفع الجنازة
والصلاة في المواضع المعتادة.
وتكره الصلاة على الجنازة الواحدة مرتين.
وأحكامها أربعة:
(الأول) من أدرك بعض التكبيرات أتم ما بقي ولاء،. وإن رفعت الجنازة،.
ولو على القبر.
(الثاني) لو لم يصل على الميت صلى على قبره يوما وليلة حسب.
(الثالث) يجوز أن يصلي هذه في كل وقت، ما لم يتضيق وقت حاضرة.
(الرابع) لو حضرت جنازة في أثناء الصلاة تخير الإمام في الإتمام على الأولى
والاستئناف على الثانية، وفي ابتداء الصلاة عليهما.
وأما المندوبات: فمنها صلاة الاستسقاء.
وهي مستحبة مع الجدب، وكيفيتها كصلاة العيد، والقنوت بسؤال الرحمة وتوفير
المياه، وأفضل ذلك: الأدعية المأثورة.
ومن سننها: صوم الناس ثلاثا، والخروج في الثالث، وأن يكون الاثنين
أو الجمعة، والإصحار بها، حفاة، على سكينة ووقار، واستصحاب الشيوخ والأطفال
والعجائز من المسلمين خاصة، والتفريق بين الأطفال والأمهات، ويصلى جماعة،

(1) أي اجتمع رجل وامرأة.
41

وتحويل الإمام الرداء، واستقبال القبلة، مكبرا، رافعا صوته، وإلى اليمين مسبحا،
وإلى اليسار مهللا، واستقبال الناس داعيا، ويتابعه الناس، والخطبة بعد الصلاة،
والمبالغة في الدعاء، والمعاودة إن تأخرت الإجابة.
ومنها:
نافلة شهر رمضان:
وفي أشهر الروايات استحباب ألف ركعة، زيادة على المرتبة في كل ليلة
عشرون ركعة:
بعد المغرب ثمان ركعات، وبعد العشاء اثنتا عشرة ركعة.
وفي العشر الأواخر، في كل ليلة ثلاثون، وفي ليالي الإفراد في كل ليلة
مائة زيادة على ما عين.
وفي رواية يقتصر على المائة ويصلى في الجمع أربعون بصلاة علي (1) وجعفر (2)
وفاطمة عليهم السلام (3).
وعشرون في آخر جمعة بصلاة علي (ع)،.
وفي عشيتها عشرون بصلاة فاطمة عليها السلام.
ومنها:
صلاة ليلة الفطر:
وهي ركعتان، في الأولى مرة ب‍ (الحمد) وب‍ (الإخلاص) ألف مرة.

(1) هي: أربع ركعات بتشهدين وتسليمتين يقرأ في كل ركعة (الحمد) مرة و (قل هو الله أحد)
خمسين مرة.
(2) هي: أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في الأولى (الحمد) مرة و (إذا زلزلت) مرة، ثم يقول خمس
عشرة مرة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يقولها عشرا في كل من الركوع
والانتصاب والسجدتين والرفع منهما فيكون مجموعها 75 في الركعة ويقرأ في الركعات الباقية على
الترتيب بعد (الحمد): (العاديات) و (إذا جاء نصر الله) و (قل هو الله أحد).
(3) هي ركعتان يقرأ في الأولى (الحمد) مرة و (القدر) مائة مرة وفي الثانية (الحمد) مرة وسورة
التوحيد مائة مرة.
42

وفي الثانية ب‍ (الحمد) مرة وب‍ (الإخلاص) مرة.
ومنها:
صلاة يوم الغدير:
وهي ركعتان، قبل الزوال بنصف ساعة.
ومنها:
صلاة ليلة النصف من شعبان: أربع ركعات.
ومنها:
صلاة ليلة البعث ويومها: وكيفية ذلك وما يقال فيه وبعده مذكور في كتب
تخص به، وكذا سائر النوافل فليطلب هناك.
المقصد الثالث،. في التوابع وهي خمسة:
(الأول) في الخلل الواقع في الصلاة، وهو إما عمد، أو سهو، أو شك.
أما العمد: فمن أخل معه بواجب أبطل صلاته، شرطا كان أو جزءا أو كيفية
ولو كان جاهلا، عدا الجهر والإخفات، فإن الجهل عذر فيهما.
وكذا تبطل لو فعل ما يجب تركه.
وتبطل الصلاة في الثوب المغصوب، والموضع المغصوب، والسجود على الموضع
النجس مع العلم، لا مع الجهل بالغصبية والنجاسة.
وأما السهو: فإن كان عن ركن وكان محله باقيا أتى به، وإن كان دخل في
آخر أعاد، كمن أخل بالقيام حتى نوى، أو بالنية حتى افتتح، أو بالافتتاح حتى قرأ
أو بالركوع حتى سجد، أو بالسجدتين حتى ركع.
وقيل: إن كان في الأخيرتين من الرباعية، أسقط الزائد وأتى بالفائت.
ويعيد لو زاد ركوعا أو سجدتين عمدا وسهوا.
ولو نقص من عدد الصلاة ثم ذكر أتم، ولو تكلم على الأشهر.
43

ويعيد لو استدبر القبلة.
وإن كان السهو عن غير ركن، فمنه ما لا يوجب تداركا، ومنه ما يقتصر معه
على التدارك، ومنه ما يتدارك مع سجود السهو.
(فالأول) من نسي القراءة، أو الجهر أو الإخفات، أو الذكر في الركوع
أو الطمأنينة فيه، أو رفع الرأس منه، أو الطمأنينة في الرفع أو الذكر في السجود،
أو السجود على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه، أو رفع الرأس فيه، أو الطمأنينة
في الرفع من الأولى، أو الطمأنينة في الجلوس للتشهد.
(الثاني) من ذكر أنه لم يقرأ (الحمد) وهو في السورة قرأ (الحمد) وأعادها
أو غيرها.
ومن ذكر قبل السجود أنه لم يركع قام فركع، وكذا من ترك السجود
أو التشهد، وذكر قبل ركوعه، قعد فتدارك.
ومن ذكر أنه لم يصل على النبي وآله عليهم السلام بعد أن سلم، قضاهما.
(الثالث) من ذكر بعد الركوع أنه لم يتشهد، أو ترك سجدة، قضى ذلك
بعد التسليم وسجد للسهو.
وأما الشك: فمن شك في عدد الثنائية أو الثلاثية أعاد، وكذا من لم يدر كم
صلى أو لم يحصل الأوليين من الرباعية أعاد.
ولو شك في فعل، فإن كان في موضعة أتى به وأتم.
ولو ذكر أنه كان قد فعله، استأنف صلاته إن كان ركنا، وقيل في الركوع
إذا ذكر وهو راكع أرسل نفسه.
ومنهم من خصه بالأخريين، والأشبه: البطلان، ولو لم يرفع رأسه ولو كان بعد
انتقاله مضى في صلاته، ركنا كان أو غيره.
فإن حصل الأوليين من الرباعية عددا وشك في الزائد، فإن غلب بنى على
ظنه، وإن تساوى الاحتمالان فصوره أربع:
44

أن يشك بين الاثنين والثلاث، أو بين الثلاث والأربع، أو بين الاثنين
والأربع، أو بين الاثنين والثلاث والأربع.
ففي الأول بنى على الأكثر ويتم، ثم يحتاط بركعتين جالسا، أو ركعة قائما
على رواية.
وفي الثاني كذلك.
وفي الثالث بركعتين من قيام.
وفي الرابع بركعتين من قيام، ثم بركعتين من جلوس.
كل ذلك بعد التسليم.
ولا سهو على من كثر سهوه، ولا على من سها في سهو ولا على المأموم،
ولا على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه، ولو سها في النافلة تخير في البناء.
وتجب سجدة السهو على من تكلم ناسيا. ومن شك بين الأربع والخمس،
ومن سلم قبل إكمال الركعات، وقيل لكل زيادة أو نقصان. وللقعود في موضع.
قيام، وللقيام في موضع قعود.
وهما بعد التسليم على الأشهر، عقيبهما تشهد خفيف وتسليم.
ولا يجب فيهما ذكر.
وفي رواية الحلبي: أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول فيهما: بسم الله
وبالله وصلى الله على محمد وآله.
وسمعه مرة أخرى يقول: بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته.
والحق رفع منصب الإمامة عن السهو في العبادة.
(الثاني) في القضاء:
من أخل بالصلاة عمدا أو سهوا أو فاتته بنوم، أو سكر، مع بلوغه وعقله
وإسلامه، وجب القضاء، عدا ما استثنى.
45

ولا قضاء مع الإغماء المستوعب للوقت، إلا أن يدرك الطهارة والصلاة ولو بركعة،
وفي قضاء الفائت لعدم ما يتطهر به تردد، أحوطه: القضاء.
وتترتب الفوائت كالحواضر، وفي الفائتة على الحاضرة، وفي وجوب ترتيب
الفوائت على الحاضرة تردد، أشبه الاستحباب.
ولو قدم الحاضرة مع سعة وقتها ذاكرا أعاد، ولا يعيد لو سها.
ويعدل عن الحاضرة إلى الفائتة لو ذكر بعد التلبس.
ولو تلبس بنافلة ثم ذكر فريضة أبطلها، واستأنف الفريضة.
ويقضي ما فات سفرا قصرا، ولو كان حاضرا، وما فات حضرا تماما،
ولو كان مسافرا، ويقضي المرتد زمان ردته.
ومن فاتته فريضة من يوم ولا يعلمها، صلى اثنين وثلاثا وأربعا.
ولو فاته ما لم يحصه، قضى حتى يغلب الوفاء.
ويستحب قضاء النوافل المؤقتة، ولو فاتته بمرض لم يتأكد القضاء.
ويستحب الصدقة عن كل ركعتين بمد، فإن لم يتمكن، فعن كل يوم بمد.
(الثالث) في الجماعة: والنظر في أطراف:
(الأول) الجماعة مستحبة في الفرائض، متأكدة في الخمس.
ولا تجب إلا في الجمعة والعيدين، مع الشرائط، ولا تجمع في نافلة عدا ما استثنى.
ويدرك المأموم الركعة بإدراك الركوع، وبإدراكه راكعا على تردد.
وأقل ما تنعقد، بالإمام ومؤتم.
ولا تصح وبين الإمام والمأموم ما يمنع المشاهدة، وكذا بين الصفوف.
ويجوز في المرأة.
ولا يأتم بمن هو أعلى منه، بما يعتد به كالأبنية على رواية عمار.
ويجوز لو كانا على أرض منحدرة، ولو كان المأمون أعلى منه صح.
ولا يتباعد المأموم بما يخرج عن العادة، إلا مع اتصال الصفوف.
46

وتكره القراءة خلف الإمام في الإخفاتية على الأشهر، وفي الجهرية لو سمع
ولو همهمة، ولو لم يسمع قرأ.
ويجب متابعة الإمام، فلو رفع قبله ناسيا عاد، ولو كان عامدا استمر.
ولا يقف قدامه، ولا بد من نية الإتمام.
ولو صلى اثنان وقال كل منهما: كنت مأموما أعادا، ولو قال: كنت إماما
لم يعيدا.
ولا يشترط تساوي الفرضين، ويقتدي المفترض بمثله، وبالمتنفل، والمتنفل
بمثله، وبالمفترض.
ويستحب أن يقف الواحد عن يمين الإمام والجماعة خلفه.
ولا يتقدم العاري أمام العراة، بل يجلس وسطهم بارزا بركبتيه.
ولو أمت المرأة النساء وقفن معها صفا.
ولو أمهن الرجل وقفن خلفه ولو كانت واحدة.
ويستحب أن يعيد المنفرد صلاته إذا وجد جماعة، إماما أو مأموما، وأن
يخص بالصف الأول الفضلاء، وأن يسبح المأموم حتى يركع الإمام إن سبقه
بالقراءة، وأن يكون القيام إلى الصلاة إذا قيل: (قد قامت الصلاة).
ويكره أن يقف المأموم وحده إلا مع العذر، وأن يصلي نافلة بعد الإقامة.
(الطرف الثاني): يعتبر في الإمام العقل، والإيمان، والعدالة، وطهارة المولد،
والبلوغ على الأظهر.
ولا يؤم القاعد القائم، ولا الأمي القارئ، ولا المئوف اللسان بالسليم، ولا المرأة
ذكرا، ولا خنثى.
وصاحب المسجد والمنزل والإمارة أولى من غيره، وكذا الهاشمي.
وإذا تشاح الأئمة، قدم من يختاره المأموم.
ولو اختلفوا قدم الأقرأ، فالأفقه، فالأقدم هجرة، فالأحسن، فالأصبح وجها.
47

ويستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين.
ولو أحدث قدم من ينوبه، ولو مات أو أغمي عليه قدموا من يتم بهم.
ويكره أن يأتم الحاضر بالمسافر، والمتطهر بالمتيمم، وأن يستناب المسبوق، وأن
يؤم الأجذم، والأبرص والمحدود بعد توبته، والأغلف. ومن يكرهه المأمومون،
والأعرابي المهاجرين.
(الطرف الثالث) في الأحكام ومسائله تسع:
(الأولى) لو علم فسق الإمام أو كفره أو حدثه بعد الصلاة لم يعد.
ولو كان عالما أعاد.
(الثانية) إذا خاف فوت الركوع عند دخوله فركع جاز أن يمشي راكعا ليلحق.
(الثالثة) إذا كان الإمام في محراب داخل، لم تصح صلاة من إلى جانبيه
في الصف الأول (1).
(الرابعة) إذا شرع في نافلة فأحرم الإمام قطعها إن خشي الفوات.
ولو كان في فريضة، نقل نيته إلى النفل وأتم ركعتين استحبابا،
ولو كان إمام الأصل، قطعها واستأنف معه.
ولو كان ممن لا يقتدى به، استمر على حالته.
(الخامسة) ما يدركه المأموم يكون أول صلاته، فإذا (حلم) الإمام أتم هو ما بقي.
(السادسة) إذا أدركه بعد انقضاء الركوع، كبر وسجد معه.
فإذا سلم الإمام، استقبل هو، وكذا لو أدركه بعد السجود.
(السابعة) يجوز أن يسلم قبل الإمام، مع العذر، أو نية الانفراد.
(الثامنة) النساء يقفن من وراء الرجال.
فلو جاء رجال، تأخرن وجوبا، إذا لم يكن لهم موقف أمامهن.

(1) المراد المحراب الداخل في المسجد، لا في الحائط، ووجه بطلان صلاة من إلى جانبيه لعدم
مشاهدتهم للإمام أو مشاهدة من يشاهده (كتاب المسالك).
48

(التاسعة) إذا استنيب المسبوق فانتهت صلاة المأمومين أومأ إليهم ليسلموا،
ثم يتم ما بقي.
خاتمة
يستحب أن تكون المساجد مكشوفة، والميضات على أبوابها والمنارة مع
حائطها، وأن يقدم الداخل يمينه، ويخرج بيساره ويتعاهد نعله، ويدعو داخلا
وخارجا، وكنسها، والإسراج فيها وإعادة ما استهدم.
ويجوز نقض المستهدم خاصة، واستعمال آلته في غيره من المساجد.
ويحرم زخرفتها، ونقشها بالصور، وأن يؤخذ منها إلى غيرها من طريق
أو ملك، ويعاد لو أخذ، وإدخال النجاسة إليها، وغسلها فيها، وإخراج الحصى
منها، ويعاد لو أخرج.
وتكره تعليتها، وإن تشرفت، وأن تجعل محاريبها داخلة، أو تجعل طريقا.
ويكره فيها البيع والشراء، وتمكين المجانين، وإنفاذ الأحكام، وتعريف
الضوال، وإقامة الحدود، وإنشاد الشعر، وعمل الصنائع، والنوم، ودخولها
وفي الفم رائحة الثوم أو البصل، وكشف العورة، والبصاق فإن فعله، ستره بالتراب.
(الرابع) في صلاة الخوف:
وهي مقصورة سفرا وحضرا جماعة وفرادى.
وإذا صليت جماعة والعدو في خلاف القبلة ولا يؤمن هجومه وأمكن أن يقاومه
بعض، ويصلي مع الإمام الباقون، جاز أن يصلوا بصلاة ذات الرقاع.
وفي كيفيتها: روايتان، أشهرهما رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: قال
يصلي الإمام بالأولى ركعة ويقوم في الثانية حتى يتم من خلفه، ثم تأتي الأخرى،
فيصلي بهم ركعة ثم يجلس، ويطيل حتى يتم من خلفه ثم يسلم بهم.
وفي المغرب يصلي بالأولى ركعة، ويقف بالثانية حتى يتموا، ثم تأتي الأخرى
فيصلي بهم ركعتين، ثم يجلس عقيب الثالثة حتى يتم من خلفه، ثم يسلم بهم.
49

وهل يجب أخذ السلاح؟ فيه تردد، أشبهه: الوجوب، ما لم يمنع أحد
واجبات الفرض.
وهنا مسائل:
(الأولى) إذا انتهى الحال إلى المسايفة والمعانقة، فالصلاة بحسب الإمكان
واقفا أو ماشيا أو راكبا، ويسجد على قربوس سرجه، وإلا موميا.
ويستقبل القبلة ما أمكن وإلا بتكبيرة الإحرام.
ولو لم يتمكن من الإيماء اقتصر على تكبيرتين عن الثنائية وثلاثة عن الثلاثية.
ويقول في كل واحدة: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنه
يجزئ عن الركوع والسجود.
(الثانية) كل أسباب الخوف يجوز معها القصر والانتقال إلى الإيماء مع الضيق،
والاقتصار على التسبيح إن خشي مع الإيماء ولو كان الخوف من لص أو سبع.
(الثالثة) الموتحل والغريق يصليان بحسب الإمكان إيماء ولا يقصر أحدهما
عدد صلاته إلا في سفر أو خوف.
(الخامس) في صلاة المسافر، والنظر في الشروط والقصر.
أما الشروط فخمسة:
(الأول) المسافة، وهي أربعة وعشرون ميلا.
والميل أربعة آلاف ذراع، تعويلا على المشهور بين الناس، أو قدر مد البصر
من الأرض، تعويلا على الوضع.
ولو كانت أربع فراسخ وأراد الرجوع ليومه قصر.
ولا بد من كون المسافة مقصودة.
فلو قصد ما دونها ثم قصد مثل ذلك أو لم يكن له قصد فلا قصر، ولو تمادى في السفر.
ولو قصد مسافة فتجاوز سماع الأذان ثم توقع رفقة قصر ما بينه وبين شهر، ما لم
ينو الإقامة، ولو كان دون ذلك أتم.
(والثاني) ألا يقطع السفر بعزم الإقامة.
50

فلو عزم مسافة وله في أثنائها منزل قد استوطنه ستة أشهر، أو عزم في أثنائها
إقامة عشرة أيام، أتم.
ولو قصد مسافة فصاعدا وله على رأسها منزل قد استوطنه القدر المذكور،
قصر في طريقه وأتم في منزله.
وإذا قصر ثم نوى الإقامة لم يعد، ولو كان في الصلاة أتم.
(الثالث) أن يكون السفر مباحا.
فلا يترخص العاصي، كالمتبع للجائر، واللاهي بصيده.
ويقصر لو كان الصيد للحاجة.
ولو كان للتجارة قيل: يقصر صومه ويتم صلاته.
(الرابع) ألا يكون سفره أكثر من حضره، كالراعي، والمكاري،
والملاح، والتاجر، والأمير، والرائد، والبريد، والبدوي.
وضابطه: ألا يقيم في بلده عشرة، ولو أقام في بلده أو غير بلده ذلك قصر.
وقيل: هذا يختص المكارى، فيدخل فيه الملاح والأجير.
ولو أقام خمسة قيل: يقصر صلاته نهارا ويتم ليلا، ويصوم شهر رمضان على رواية.
(الخامس) أن تتوارى جدران البلد الذي يخرج منه، أو يخفى أذانه فيقصر
في صلاته وصومه، وكذا في العود من السفر على الأشهر
وأما القصر فهو عزيمة، إلا في أحد المواطن الأربعة:
مكة، والمدينة، وجامع الكوفة، والحاير. فإنه مخير في قصر الصلاة.
والإتمام أفضل.
وقيل: من قصد أربع فراسخ ولم يرد الرجوع ليومه تخير في القصر والإتمام،
ولم يثبت.
ولو أتم المقصر عامدا أعاد ولو كان جاهلا لم يعد، والناسي يعيد في الوقت
لا مع خروجه.
51

ولو دخل وقت الصلاة فسافر والوقت باق قصر على الأشهر.
وكذا لو دخل من سفره أتم مع بقاء الوقت.
ولو فاتت اعتبر حال الفوات، لا حال الوجوب.
وإذا نوى المسافر الإقامة في غير بلده عشرة أيام أتم، ولو نوى دون ذلك قصر.
ولو تردد، قصر ما بينه وبين ثلاثين يوما، ثم أتم، ولو صلاة.
ولو نوى الإقامة ثم بدا له، قصر ما لم يصل على التمام ولو صلاة.
ويستحب أن يقول عقيب الصلاة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ثلاثين مرة، جبرا (1).
ولو صلى المسافر خلف المقيم لم يتم، واقتصر على فرضه، وسلم منفردا.
ويجمع المسافر بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء.
ولو سافر بعد الزوال ولم يصل النوافل، قضاها سفرا وحضرا.

(1) أي جبرا للفريضة.
52

كتاب الزكاة
وهي قسمان:
الأول: زكاة المال، وأركانها أربعة:
(الأول) من تجب عليه، وهو كل بالغ عاقل حر مالك للنصاب، متمكن
من التصرف.
فالبلوغ يعتبر في الذهب والفضة إجماعا.
نعم لو اتجر من إليه النظر أخرجها استحبابا.
ولو ضمن الولي واتجر لنفسه كان الربح له، إن كان مليا، وعليه الزكاة استحبابا.
ولو لم يكن مليا ولا وليا ضمن ولا زكاة، والربح لليتيم.
وفي وجوب الزكاة في غلات الطفل روايتان، أحوطهما: الوجوب.
وقيل: تجب في مواشيهم، وليس بمعتمد.
ولا تجب في مال المجنون، صامتا كان أو غيره.
وقيل: حكمه حكم الطفل، والأول أصح.
والحرية معتبرة في الأجناس كلها، وكذا التمكن من التصرف.
فلا تجب في مال الغائب إذا لم يكن صاحبه متمكنا منه، ولو عاد اعتبر الحول
بعد عوده.
ولو مضت عليه أحوال زكاه لسنة استحبابا.
ولا في الدين، وفي رواية، إلا أن يكون صاحبه هو الذي يؤخره.
وزكاة القرض على المقترض إن تركه بحاله حولا.
ولو اتجر به استحب.
53

(الثاني) فيما تجب فيه وما يستحب.
تجب في الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، وفي الذهب والفضة.
وفي الغلات الأربع: الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، ولا تجب فيما عداها.
ويستحب في كل ما تنبته الأرض، مما يكال أو يوزن، عدا الخضر.
وفي مال التجارة قولان، أصحهما: الاستحباب.
وفي الخيل الإناث، ولا تستحب في غير ذلك، كالبغال والحمير والرقيق.
ولنذكر ما يختص كل جنس إن شاء الله تعالى.
القول في زكاة الأنعام، والنظر في الشرائط واللواحق.
والشرائط أربعة:
(الأول) في النصب.
وهي في الإبل: اثنا عشر نصابا، خمسة، كل واحد خمس، وفي كل واحد شاة.
فإذا بلغت ستا وعشرين ففيها بنت مخاض.
فإذا بلغت ستا وثلاثين فيها بنت لبون.
وإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة.
فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة.
فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون.
فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان.
ثم ليس في الزائد شئ حتى يبلغ مائة وإحدى وعشرين، ففي كل خمسين حقة.
وفي كل أربعين بنت لبون دائما.
وفي البقر نصابان.
ثلاثون: وفيها تبيع أو تبيعة، وأربعون وفيها مسنة.
وفي الغنم خمسة نصب:
أربعون، وفيها شاة.
54

ثم مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان.
ثم مائتان وواحدة، ففيها ثلاث شياه.
فإذا بلغت ثلاثمائة وواحدة فروايتان، أشهرهما، أن فيها (لأربع) شياه حتى يبلغ
أربعمائة فصاعدا، ففي كل مائة شاة، وما نقص فعفو.
وتجب الفريضة في كل واحد من النصب. ولا يتعلق بما زاد.
وقد جرت العادة بتسمية ما لا يتعلق به الزكاة من الإبل شنقا، ومن البقر
وقصا (1)، ومن الغنم عفوا.
الشرط الثاني: السوم. فلا تجب في المعلوفة ولو في بعض الحول.
(الثالث) الحول. وهو اثنا عشر هلالا، وإن لم يكمل أيامه.
وليس حول الأمهات حول السخال. بل يعتبر فيها الحول كما في الأمهات.
ولو تم ما نقص عن النصاب في أثناء الحول استأنف حوله من حين تمامه،
ولو ملك مالا آخر كان له حول بانفراده.
ولو ثلم النصاب قبل الحول سقط الوجوب.
وإن قصد الفرار ولو كان بعد الحول لم يسقط.
(الرابع) ألا تكون عوامل.
وأما اللواحق فمسائل:
(الأولى) الشاة المأخوذة في الزكاة، أقلها الجذع من الضأن، أو الثنى من
المعز، ويجزئ الذكر والأنثى.
وبنت المخاض هي التي دخلت في الثانية، وبنت اللبون، هي التي دخلت في
الثالثة. والحقة هي التي دخلت في الرابعة. والجذعة، هي التي دخلت في الخامسة.

(1) الشنق: ما بين الفريضتين في الزكاة وفي الحديث: لا شناق، أي لا يؤخذ من الشنق حتى
يتم، والوقص كذلك، وفي مختار الصحاح: (وبعض العلماء يجعل الوقص في البقر خاصة والشنق في
الإبل خاصة.
55

والتبيع، من البقر: هو الذي يستكمل سنة ويدخل في الثانية.
والمسنة: هي التي تدخل في الثالثة.
ولا تؤخذ الربى (1) ولا المريضة ولا الهرمة ولا ذات العوار ولا تعد
الأكولة (3) ولا فحل الضراب.
(الثانية) من وجب عليه سن من الإبل وليست عنده، وعنده أعلى منها
بسن دفعها، وأخذ شاتين أو عشرين درهما، ولو كان عنده الأدون دفعها ومعها
شاتان أو عشرون درهما.
ويجزئ ابن اللبون الذكر، عن بنت المخاض مع عدمها من غير جبر.
ويجوز أن يدفع عما يجب في النصاب من الأنعام وغيرها من غير الجنس
بالقيمة السوقية، والجنس أفضل، ويتأكد في النعم.
(الثالثة) إذا كانت النعم مراضا لم يكلف صحيحة.
ويجوز أن يدفع من غير غنم البلد ولو كانت أدون.
(الرابعة) لا يجمع بين متفرق في الملك، ولا يفرق بين مجتمع فيه ولا اعتبار بالخلطة.
القول في زكاة الذهب والفضة:
ويشترط في الوجوب النصاب، والحول، وكونهما منقوشين بسكة المعاملة.
وفي قدر النصاب الأول من الذهب روايتان، أشهرهما: عشرون دينارا، ففيها عشرة
قراريط. ثم كلما زاد أربعة ففيها قيراطان. وليس فيما نقص عن أربعة زكاة.
ونصاب الفضة الأول مائتا درهم ففيها خمسة دراهم، ثم كلما زاد أربعون، ففيها
درهم، وليس فيما نقص عن أربعين زكاة.
والدرهم ستة دوانيق، والدانق ثماني حبات من الشعير يكون قدر العشرة
سبعة مثاقيل.

(1) الربى: الشاة التي وضعت حديثا. وقيل: التي تحبس في البيت للبنها ا ه‍ مصباح
وفي (شرائع الإسلام) ولا تؤخذ الربى وهي الوالدة إلى خمسة عشر يوما، وقيل: إلى خمسين.
(2) الأكولة: الشاة تسمن وتعزل لتذبح وليست بسائمة.
56

ولا زكاة في السبائك، ولا في الحلي، وزكاته إعارته.
ولو قصد بالسبك الفرار قبل الحول لم تجب الزكاة، ولو كان بعد الحول لم تسقط.
ومن خلف لعياله نفقة قدر النصاب فزائدا لمدة، وحال عليها الحول وجبت عليه زكاتها
لو كان شاهدا، ولم تجب لو كان غائبا.
ولا يجير الجنس بالجنس الآخر.
القول في زكاة الغلات:
لا تجب الزكاة في شئ من الغلات الأربع حتى تبلغ نصابا، وهو خمسة أوسق،
وكل وسق ستون صاعا، يكون بالعراقي ألفين وسبعمائة رطل.
ولا تقدير فيما زاد، بل تجب فيه وإن قل.
ويتعلق به الزكاة عند التسمية حنطة أو شعيرا أو زبيبا أو تمرا.
وقيل: إذا احمر ثمر النخل أو اصفر. أو انعقد الحصرم.
ووقت الإخراج إذا صفت الغلة. وجمعت الثمرة.
ولا تجب في الغلات إلا إذا نمت في الملك، لا ما يبتاع حبا أو يستوهب.
وما يسقى سيحا أو بعلا أو عذيا (1) ففيه العشر.
وما يسقى بالنواضح والدوالي ففيه نصف العشر.
ولو اجتمع الأمران حكم للأغلب.
ولو تساويا أخذ من نصفه العشر، ومن نصفه نصف العشر، والزكاة بعد المؤونة.
القول فيما تستحب فيه الزكاة:
يشترط في مال التجارة الحول، وأن يطلب برأس المال أو الزيادة في الحول كله
وأن يكون قيمته نصابا فصاعدا، فيخرج الزكاة حينئذ عن قيمته دراهم أو دنانير.
ويشترط في الخيل حؤول الحول، والسوم، وكونها إناثا.

(1) في مختار الصحاح: قال الأصمعي: العذى: ما سقته السماء، والبعل ما شرب بعروقه من
غير سقي ولا سماء.
57

فيخرج عن العتيق ديناران، وعن البزدون دينار.
وما يخرج من الأرض مما تستحب فيه الزكاة، حكمه حكم الأجناس الأربعة في
اعتبار السقي وقدر النصب وكمية الواجب.
الركن الثالث: في وقت الوجوب
إذا أهل الثاني عشر وجبت الزكاة، وتعتبر شرائط الوجوب فيه كله.
وعند الوجوب يتعين دفع الواجب.
ولا يجوز تأخيره إلا لعذر، كانتظار المستحق وشبهه.
وقيل: إذا عزلها جاز تأخيرها شهرا أو شهرين.
والأشبه: أن جواز التأخير مشروط بالعذر فلا يتقدر بغير زواله.
ولو أخر مع إمكان التسليم ضمن.
ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب على أشهر الروايتين.
ويجوز دفعها إلى المستحق قرضا واحتساب ذلك عليه من الزكاة، إن تحقق
الوجوب وبقي القابض على صفة الاستحقاق.
ولو تغير حال المستحق استأنف المالك الإخراج.
ولو عدم المستحق في بلده، نقلها، ولم يضمن لو تلفت، ويضمن لو نقلها مع
وجوده، والنية معتبرة في إخراجها وعزلها.
الركن الرابع: في المستحق والنظر في الأصناف والأوصاف واللواحق.
أما الأصناف فثمانية:
الفقراء والمساكين. وقد اختلف في أيهما أسوأ حالا ولا ثمرة مهمة في تحقيقه.
والضابط: من لا يملك مؤونة سنة له ولعياله، ولا يمنع لو ملك الدار والخادم،
وكذا من في يده ما يتمعيش به ويعجز عن استنماء الكفاية، ولو كان سبعمائة درهم.
ويمنع من يستنمي الكفاية ولو ملك خمسين، وكذا يمنع ذو الصنعة إذا
نهضت بحاجته.
58

ولو دفعها المالك بعد الاجتهاد فبان الآخذ غير مستحق ارتجعت.
فإن تعذر فلا ضمان على الدافع.
والعاملون، وهم جباة الصدقة.
والمؤلفة، وهم الذين يستمالون إلى الجهاد بالإسهام في الصدقة وإن كانوا كفارا.
وفي الرقاب وهم المكاتبون والعبيد الذين تحت الشدة، ومن وجب عليه
كفارة ولم يجد ما يعتق ولو لم يوجد مستحق جاز ابتياع العبد ويعتق.
والغارمون، وهم المدينون في غير معصية دون من صرفه في المعصية.
ولو جهل الأمران قيل يمنع، وقيل لا، وهو أشبهه، ويجوز مقاصة المستحق
بدين في ذمته، وكذا لو كان الدين على من يجب الإنفاق عليه جاز القضاء عنه
حيا وميتا.
وفي سبيل الله وهو كل ما كان قربة أو مصلحة، كالحج، والجهاد، وبناء
القناطر، وقيل يختص بالجهاد.
وابن السبيل، وهو المنقطع به، ولو كان غنيا في بلده، والضيف.
ولو كان سفر هما معصية منعا.
وأما الأوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين. فأربعة:
الإيمان: فلا يعطى منهم كافر، ولا مسلم غير محق.
وفي صرفها إلى المستضعف مع عدم العارف تردد، أشبهه: المنع وكذا في الفطرة،
ويعطى أطفال المؤمنين.
ولو أعطى مخالف فريضة ثم استبصر، أعاد.
(والثاني) العدالة وقد اعتبرها قوم وهو أحوط.
واقتصر آخرون على مجانبة الكبائر.
(الثالث) ألا يكون ممن تجب نفقته كالأبوين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا،
والزوجة، والمملوك، ويعطى باقي الأقارب.
59

(الرابع) ألا يكون هاشميا، فإن زكاة غير قبيلته محرمة عليه دون زكاة الهاشمي،
ولو قصر الخمس عن كفايته، جاز أن يقبل الزكاة ولو من غير الهاشمي.
وقيل لا يتجاوز قدر الضرورة، وتحل لمواليهم.
والمندوبة لا تحرم على هاشمي ولا غيره.
والذين يحرم عليهم الواجبة، ولد عبد المطلب.
وأما اللواحق فمسائل:
(الأولى) يجب دفع الزكاة إلى الإمام إذا طلبها، ويقبل قول المالك لو ادعى
الإخراج، ولو بادر المالك بإخراجها أجزأته.
ويستحب دفعها إلى الإمام ابتداء، ومع فقده إلى الفقيه المأمون من الإمامية،
لأنه أبصر بمواقعها.
(الثانية) يجوز أن يخص بالزكاة أحد الأصناف ولو واحدا.
وقسمتها على الأصناف أفضل.
وإذا قبضها الإمام أو الفقيه برئت ذمة المالك ولو تلفت.
(الثالثة) لو لم يجد مستحقا استحب عزلها والايصاء بها.
(الرابعة) لو مات العبد المبتاع من مال الزكاة ولا وارث له ورثته أرباب
الزكاة، وفيه وجه آخر، وهذا أجود.
(الخامسة) أقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول، وقيل: ما يجب
في الثاني، والأول أظهر، ولا حد للأكثر فخير الصدقة ما أبقت غنى.
(السادسة) يكره أن يملك ما أخرجه في الصدقة اختيارا، ولا بأس أن يعود
إليه بميراث وشبهه.
(السابعة) إذا قبض الإمام أو الفقيه الصدقة دعا لصاحبها استحبابا على الأظهر.
(الثامنة) يسقط مع غيبة الإمام سهم السعاة والمؤلفة، وقيل: يسقط سهم
السبيل وعلى ما قلناه لا يسقط
60

(التاسعة) ينبغي أن يعطى زكاة الذهب والفضة أهل المسكنة وزكاة النعم
أهل التحمل، والتوصل إلى المواصلة بها ممن يستحي من قبولها.
القسم الثاني في زكاة الفطر.
وأركانها أربعة:
الأول: فيمن تجب عليه.
إنما تجب على البالغ العاقل الحر الغني.
يخرجها عن نفسه وعياله، من مسلم وكافر وحر وعبد، وصغير وكبير، ولو عال تبرعا.
ويعتبر النية في أدائها، وتسقط عن الكافر لو أسلم.
وهذه الشروط تعتبر عند هلال شوال.
فلو أسلم الكافر أو بلغ الصبي أو ملك الفقير القدر المعتبر قبل الهلال
وجبت الزكاة.
ولو كان بعده لم تجب، وكذا لو ولد له أو ملك عبدا، وتستحب لو كان ذلك
ما بين الهلال وصلاة العيد.
والفقير مندوب إلى إخراجها، عن نفسه، وعن عياله، وإن قبلها ومع الحاجة
يدبر على عياله صاعا ثم يتصدق به على غيرهم.
(الثاني): في جنسها وقدرها.
والضابط إخراج ما كان قوتا غالبا كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز
والأقط واللبن.
وأفضل ما يخرج التمر، ثم الزبيب، ويليه ما يغلب على قوت بلده.
وهي من جميع الأجناس صاع، وهو تسعة أرطال بالعراقي، ومن اللبن
أربعة أرطال، وفسره قوم بالمدني.
ولا تقدير في عوض الواجب، بل يرجع إلى قيمة السوقية.
61

(الثالث): في وقتها.
ويجب بهلال شوال، ويتضيق عند صلاة العيد، ويجوز تقديمها في شهر رمضان،
ولو من أوله أداء.
ولا يجوز تأخيرها عن الصلاة إلا لعذر، أو انتظار المستحق.
وهي قبل صلاة العيد فطرة، وبعدها صدقة، وقيل يجب القضاء وهو أحوط.
وإذا عزلها وأخر التسليم لعذر، لم يضمن لو تلفت، ويضمن لو أخرها مع
إمكان التسليم.
ولا يجوز نقلها مع وجود المستحق، ولو نقلها ضمن، ويجوز مع عدمه، ولا يضمن.
(الرابع): في مصرفها.
وهو مصرف زكاة المال، ويجوز أن يتولى المالك إخراجها.
وصرفها إلى الإمام أو من نصبه أفضل، ومع التعذر إلى فقهاء الإمامية.
ولا يعطى الفقير أقل من صاع، إلا أن يجتمع من لا تتسع لهم، ويستحب أن
يخص بها القرابة، ثم الجيران مع الاستحقاق.
62

كتاب الخمس
وهو يجب في غنائم دار الحرب، والكنائز، والمعادن، والغوص، وأرباح
التجارات، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم، وفي الحرام إذا اختلط بالحلال
ولم يتميز.
ولا يجب في الكنز حتى تبلغ قيمته عشرين دينارا، وكذا يعتبر في المعدن على
رواية البزنطي، ولا في الغوص حتى تبلغ دينارا، ولا في أرباح التجارات إلا فيما
فضل منها عن مؤونة السنة له ولعياله، ولا يعتبر في الباقية مقدار.
ويقسم الخمس ستة أقسام (1) على الأشهر: ثلاثة للإمام، وثلاثة لليتامى والمساكين
وأبناء السبيل ممن ينتسب إلى عبد المطلب بالأب، وفي استحقاق من ينتسب إليه
بالأم قولان، أشبههما: أنه لا يستحق.
وهل يجوز أن تخص به طائفة حتى الواحد، فيه تردد، والأحوط بسطه عليهم.
ولو متفاوتا.
ولا يحمل الخمس إلى غير بلده، إلا مع عدم المستحق فيه.
ويعتبر الفقر في اليتيم، ولا يعتبر في ابن السبيل.
ولا تعتبر العدالة، وفي اعتبار الإيمان تردد، واعتبار أحوط.
ويلحق بهذا الباب مسائل:
(الأولى) ما يخص به الإمام من الأنفال، وهو ما يملك من الأرض بغير قتال،
سلمها أهلها، أو انجلوا.

(1) وذلك مأخوذ من قوله تعالى (واعلموا أن ما غنمتم من شئ فإن لله خمسه ولرسوله ولذي
القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) فقوله (ما غنمتم) يعم الأنواع التي ذكرها المؤلف)
والثلاثة الأقسام التي يأخذها الإمام هي ما كان لله ولرسوله ولذي القربى.
63

والأرض الموات التي باد أهلها، أو لم يكن لها أهل، ورؤس الجبال، وبطون
الأودية، والآجام وما يختص به ملوك أهل الحرب من الصوافي (1)، والقطائع غير
المغصوبة وميراث من لا وارث له.
وفي اختصاصه بالمعادن، تردد أشبهه: أن الناس فيها شرع.
وقيل: إذا غزا قوم بغير إذنه، فغنيمتهم له، والرواية مقطوعة.
(الثانية) لا يجوز التصرف فيما يختص به مع وجوده، إلا بإذنه، وفي حال الغيبة
لا بأس بالمناكح (1)، وألحق الشيخ المساكن والمتاجر.
(الثالثة) يصرف الخمس إليه مع وجوده، وله ما يفضل عن كفاية الأصناف
من نصيبهم، وعليه الإتمام لو أعوز.
ومع غيبته يصرف إلى الأصناف الثلاثة مستحقهم.
وفي مستحقه عليه السلام أقوال، أشبهها: جواز دفعه إلى من يعجز حاصلهم من
الخمس، عن قدر كفايتهم على وجه التتمة لا غير.

(1) (صوافي الملوك) ما كان في أيديهم من غير غصب.
(2) (وفسرت المناكح بالجواري التي تسبي، فإنه يجوز شراؤها وإن كان فيه الخمس ولا يجب
إخراجه (شرح شرائع الإسلام).
64

كتاب الصوم
وهو يستدعي بيان أمور:
(الأول) الصوم وهو الكف عن المفطرات مع النية، ويكفي في شهر رمضان
نية القربة، وغيره يفتقر إلى التعيين، وفي النذر المعين تردد.
ووقتها ليلا، ويجوز تجديدها في شهر رمضان إلى الزوال، وكذا في القضاء ثم
يفوت وقتها.
وفي وقتها للمندوب روايتان، أصحهما: مساواة الواجب.
وقيل: يجوز تقديم نية شهر رمضان على الهلال ويجزئ فيه نية واحدة.
ويصام يوم الثلاثين من شعبان بنية الندب.
ولو اتفق من رمضان أجزأ، ولو صام بنية الواجب لم يجز، وكذا لو ردد نيته،
وللشيخ قول آخر.
ولو أصبح بنية الإفطار فبان من رمضان جدد نية الوجوب، ما لم تزل الشمس
وأجزأه، ولو كان بعد الزوال أمسك واجبا، وقضاه.
(الثاني) فيما يمسك عنه [الصائم] وفيه مقصدان:
(الأول) يجب الإمساك عن تسعة: الأكل والشرب المعتاد وغيره، والجماع،
والاستمناء وإيصال الغبار إلى الحلق متعديا، والبقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر،
ومعاودة النوم جنبا، والكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السلام، والارتماس
في الماء، وقيل يكره،
وفي السعوط ومضغ العلك تردد، أشبهه: الكراهية.
وفي الحقنة قولان، أشبههما: التحريم بالمائع.
65

والذي يبطل الصوم إنما يبطله عمدا اختيارا.
فلا يفسد بمص الخاتم ومضغ الطعام للصبي وزق الطائر.
وضابطه ما لا يتعدى الحلق، ولا استنقاع الرجل في الماء، والسواك في الصوم
مستحب ولو بالرطب.
ويكره مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبة، والاكتحال بما فيه صبر أو مسك،
وإخراج الدم المضعف، ودخول الحمام كذلك، وشم الرياحين، ويتأكد
في النرجس، والاحتقان بالجامد، وبل الثوب على الجسد، وجلوس المرأة في الماء.
المقصد الثاني: وفيه مسائل:
(الأولى) تجب الكفارة والقضاء بتعمد الأكل والشرب والجماع، قبلا،
ودبرا على الأظهر، والأمناء بالملاعبة والملامسة وإيصال الغبار إلى الحلق.
وفي الكذب على الله ورسول والأئمة عليهم السلام.
وفي الارتماس قولان، أشبههما: أنه لا كفارة.
وفي تعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر روايتان، أشهرها: الوجوب.
وكذا لو نام غير ناو للغسل حتى طلع الفجر.
(الثانية) الكفارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين
مسكينا، وقيل هي مرتبة.
وفي رواية يجب على الإفطار بالمحرم كفارة الجمع (1).
(الثالثة) لا تجب الكفارة في شئ من الصيام عدا شهر رمضان والنذر المعين
وقضاء شهر رمضان بعد الزوال والاعتكاف على وجه.
(الرابعة) من أجنب ونام ناويا للغسل حتى طلع الفجر، فلا قضاء ولا كفارة،
ولو انتبه ثم نام ثانيا فعليه القضاء.
ولو انتبه ثم نام ثالثة، قال الشيخان: عليه القضاء والكفارة.

(1) أي أداء الخصال الثلاثة للكفارة دون تخيير.
66

(الخامسة) يجب القضاء دون الكفارة في الصوم الواجب المتعين بسبعة أشياء:
فعل المفطر والفجر طالع ظانا بقاء الليل مع القدرة على مراعاته.
وكذا مع الإخلاد إلى المخبر ببقاء الليل مع القدرة على المراعاة والفجر طالع.
وكذا لو ترك قول المخبر بالفجر لظنه كذبه ويكون صادقا.
كذا لو أخلد إليه في دخول الليل فأفطر وبان كذبه مع القدرة على المراعاة،
والإفطار للظلمة الموهمة دخول الليل.
ولو غلب على ظنه دخول الليل لم يقض، وتعمد القئ، ولو ذرعا لم يقض،
وإيصال الماء إلى الحلق متعديا لا للصلاة.
وفي إيجاب القضاء بالحقنة قولان، أشبههما: أنه لا قضاء.
وكذا من نظر إلى امرأة فأمنى.
(السادسة) تتكرر الكفارة مع تغير الأيام.
وهل تتكرر بتكرر الوطئ في اليوم الواحد؟ قيل: نعم، والأشبه: أنها لا تتكرر.
ويعزر من أفطر لا مستحلا، مرة وثانية، فإن عاد ثالثة قتل.
(السابعة) من وطئ زوجته مكرها لها، لزمه كفارتان، ويعزر دونها.
ولو طاوعته، كان على كل منهما كفارة، ويعزران.
(الثالث) من يصح منه.
ويعتبر في الرجل العقل والإسلام، وكذا في المرأة مع اعتبار الخلو من الحيض
والنفاس.
فلا يصح من الكافر، وإن وجب عليه، ولا من المجنون، والمغمى عليه
ولو سبقت منه النية على الأشبه، ولا من الحائض والنفساء، ولو صادف ذلك أول
جزء من النهار أو آخر جزء منه، ولا يصح من الصبي غير المميز.
ويصح من الصبي المميز، ومن المستحاضة مع فعل ما يجب عليها من الأغسال.
67

ويصح من المسافر في النذر المعين المشترط سفرا وحضرا على قول مشهور، وفي ثلاثة
أيام لدم المتعة (1) وفي بدل البدنة لمن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا.
ولا تصح في واجب غير ذلك على الأظهر، إلا أن يكون سفره أكثر من
حضره، أو يعزم الإقامة عشرة.
والصبي المميز يؤخذ بالواجب لسبع استحبابا مع الطاقة، ويلزم به عند البلوغ
فلا يصح من المريض مع التضرر به، ويصح لو لم يتضرر، ويرجع في ذلك إلى
نفسه.
(الرابع) في أقسامه
وهي أربعة: واجب، وندب، ومكروه ومحظور.
فالواجب ستة، شهر رمضان، والكفارة، ودم المتعة، والنذر وما في معناه،
والاعتكاف على وجه، وقضاء الواجب المعين.
أما شهر رمضان فالنظر في علامته وشروطه وأحكامه:
(الأول) أما علامته، فهي رؤية الهلال.
فمن رآه وجب عليه صومه، ولو انفرد بالرؤية.
ولو رؤي شائعا، أو مضى من شعبان ثلاثون، وجب الصوم عاما.
ولو لم يتفق ذلك، يقبل الواحد احتياطا للصوم خاصة، وقيل لا يقبل مع
الصحو إلا خمسون نفسا، أو اثنان من خارج.
وقيل يقبل شاهدان كيف كان، وهو أظهر.
ولا اعتبار بالجدول، ولا بالعدد (2)، ولا بالغيبوبة بعد الشفق (3)، ولا

(1) متعة الحج.
(2) المراد بالعدد: عد شعبان ناقصا أبدا ورمضان تاما أبدا وقد صرح بذلك المصنف في
المعتبر فقال (ولا بالعدد فإن قوما من الحشوية يزعمون أن شهور السنة قسمان: ثلاثون يوما، وتسعة
وعشرون يوما، فرمضان لا ينقص أبدا، وشعبان لا يتم أبدا).
(3) يريد أن الهلال إذا غاب بعد الشفق فقد يدل ذلك على أنه ابن ليلتين فربما فهم أنه يجب
قضاء اليوم السابق باعتباره من رمضان لكن الحكم غير ذلك فلا عبرة بهذا لأن الرسول
صلى الله عليه وآله وسلم يقول (صوموا لرؤيته وهو لم ير في الليلة السابقة. والأصل براءة الذمة
فلا قضاء.
68

بالتطوق (1) ولا بعد خمسة أيام من هلال الماضية (2).
وفي العمل برؤيته قبل الزوال تردد.
ومن كان بحيث لا يعلم الأهلة، توخى صيام شهر، فإن استمر الاشتباه
أجزأه، وكذا إن صادف، أو كان بعده، ولو كان قبله استأنف.
ووقت الإمساك طلوع الفجر الثاني، فيحل الأكل والشرب حتى يتبين خيطه،
والجماع حتى يبقى لطلوعه قدر الوقاع والاغتسال.
ووقت الإفطار ذهاب الحمرة المشرقية.
ويستحب تقديم الصلاة على الإفطار إلا أن تنازع نفسه أو يكون من
يتوقع إفطاره.
أما شروطه فقسمان:
(الأول) شرائط الوجوب:
وهي ستة: البلوغ، وكمال العقل فلو بلغ الصبي، أو أفاق المجنون، أو المغمى
عليه، لم يجب على أحدهم الصوم، إلا ما أدرك فجره كاملا، والصحة من المرض،
والإقامة أو حكمها، ولو زال السبب قبل الزوال، ولم يتناول، أمسك واجبا وأجزأه.
ولو كان بعد الزوال أو قبله، وقد تناول أمسك ندبا وعليه القضاء، والخلو من
الحيض والنفاس.
(الثاني) شرائط القضاء:
وهي ثلاثة: البلوغ، وكمال العقل، والإسلام، فلا يقضي ما فاته لصغر،
أو جنون، أو إغماء، أو كفر.

(1) يعني ظهور الهلال بمظهر الطوق فليس دليلا معتبرا بعده هلال الليلة الثانية.
(2) بمعنى أنه لو تحقق الهلال في السنة الماضية عد من أوله خمسة أيام وصام اليوم الخامس كما
لو أهل في الماضي يوم الأحد فيكون أول رمضان الثاني يوم الخميس وبه روايات لا تبلغ حدا
لصحته فلذلك يقرر الصنف أن لا عبرة به ا ه‍ مبارك.
69

والمرتد يقضي ما فاته، وكذا كل تارك، عدا الأربعة، عامدا أو ناسيا
وأما أحكامه ففيه مسائل:
(الأولى) المريض إذا استمر به المرض إلى رمضان آخر سقط القضاء على الأظهر.
وتصدق عن الماضي، عن كل يوم بمد.
ولو برئ وكان في عزمه القضاء ولم يقض صام الحاضر وقضى الأول ولا كفارة.
ولو ترك القضاء تهاونا صام الحاضر وقضى الأول، وكفر عن كل يوم منه بمد.
(الثانية): يقضي عن الميت أكبر ولده ما تركه من صيام لمرض وغيره، مما
تمكن من قضائه ولم يقضه، ولو مات في مرضه لم تقض عنه وجوبا، واستحب.
وروى القضاء عن المسافر، ولو مات في ذلك السفر.
والأولى مراعاة التمكن ليتحقق الاستقرار، ولو كان وليان قضيا بالحصص.
ولو تبرع بعض صح، ويقضي عن المرأة ما تركته على تردد.
(الثالثة): إذا كان الأكبر أنثى فلا قضاء، وقيل يتصدق من التركة عن
كل يوم بمد.
ولو كان عليه شهران متتابعان جاز أن يقضي الولي شهرا، ويتصدق عن شهر.
(الرابعة): قاضي رمضان مخير حتى تزول الشمس، ثم يلزمه المضي، فإن
أفطر لغير عذر أطعم عشرة مساكين، ولو عجز صام ثلاثة أيام.
(الخامسة) من نسي غسل الجنابة حتى خرج الشهر، فالمروي قضاء الصلاة
والصوم، والأشبه: قضاء الصلاة حسب.
وأما بقية أقسام الصوم فستأتي في أماكنها إن شاء الله تعالى.
والندب من الصوم، منه ما لا يختص وقتا، فإن الصوم جنة من النار، ومنه
ما يختص وقتا.
والمؤكد منه أربعة عشرة، صوم أول خميس من الشهر، وأول أربعاء من
العشر الثاني، وآخر خميس من العشر الأخير، ويجوز تأخيرها مع المشقة من الصيف
إلى الشتاء، ولو عجز تصدق عن كل يوم بمد.
70

وصوم أيام البيض، ويوم الغدير، ومولد النبي عليه الصلاة والسلام ومبعثه،
ودحو الأرض، ويوم عرفة، لمن لم يضعفه الدعاء مع تحقق الهلال، وصوم عاشوراء حزنا،
ويوم المباهلة، وكل خميس وجمعة، وأول ذي الحجة، ورجب كله، وشعبان كله.
ويستحب الإمساك في سبعة مواطن:
المسافر إذا قدم أهله (بلده) أو بلدا يعزم فيه الإقامة بعد الزوال أو قبله، وقد
تناول، وكذا المريض إذا برئ، وتمسك الحائض والنفساء والكافر والصبي والمجنون
والمغمى عليه، إذا زالت أعذارهم في أثناء النهار، ولو لم يتناولوا.
ولا يصح صوم الضيف ندبا من غير إذن مضيفه، ولا المرأة من غير إذن الزوج،
ولا الولد من غير إذن الوالد، ولا المملوك بدون إذن مولاه.
ومن صام ندبا ودعى إلى طعام، فالأفضل الإفطار.
والمحظور صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان ب‍ " منى " وقيل: القاتل في أشهر
الحرم يصوم شهرين منها، وإن دخل فيهما العيد وأيام التشريق لرواية زرارة،
والمشهور: عموم المنع.
وصوم آخر شعبان بنية الفرض، وندر المعصية، والصمت والوصال وهو أن
يجعل عشاءه سحوره، وصوم الواجب سفرا عدا ما استثنى.
(الخامس) في اللواحق، وهي مسائل:
(الأولى) المريض يلزمه الإفطار مع ظن به الضرر، ولو تكلفه لم يجزه.
(الثانية) المسافر يلزمه الإفطار، ولو صام عالما بوجوبه قضاه، ولو كان
جاهلا لم يقض.
(الثالثة) الشروط المعتبرة في قصر الصلاة، معتبرة في قصر الصوم،
ويشترط في قصر الصوم تبييت النية.
وقيل: الشرط خروجه قبل الزوال، وقيل: يقصر ولو خرج قبل الغروب.
71

وعلى التقديرات لا يفطر إلا حيث يتوارى جدران البلد الذي يخرج منه،
أو يخفى أذانه.
(الرابعة) الشيخ والشيخة إذا عجزا تصدقا عن كل يوم بمد.
وقيل: لا يجب عليهما مع العجز، ويتصدقان مع المشقة.
وذو العطاش يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد، ثم إن برئ قضى.
والحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن، لهما الإفطار، ويتصدقان عن كل يوم
بمد ويقضيان.
(الخامسة) لا يجب صوم النافلة بالشروع فيه، ويكره إفطاره بعد الزوال.
(السادسة) كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر، بنى.
وإن أفطر لا لعذر استأنف، إلا ثلاثة مواضع:
من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فصام شهرا ومن الثاني شيئا.
ومن وجب عليه شهر بنذر فصام خمسة عشر يوما.
وفي الثلاثة الأيام عن هدي التمتع، إذا صام يومين وكان الثالث العيد، أفطر
وأتم الثالث بعد أيام التشريق إن كان ب‍ " منى ".
ولا يبني لو كان الفاصل غيره.
72

كتاب الاعتكاف
والنظر في شروطه، وأقسامه، وأحكامه
أما الشروط فخمسة:
(1) النية:
(2) والصوم: فلا يصح إلا في زمان يصح صومه ممن يصح منه.
(3) والعدد: وهو ثلاثة أيام.
(4) والمكان: وهو كل مسجد جامع.
وقيل لا يصح إلا في أحد المساجد الأربعة: مكة، والمدينة، وجامع الكوفة،
والبصرة.
(5) والإقامة في موضع الاعتكاف.
فلو خرج أبطله إلا لضرورة، أو طاعة مثل تشييع جنازة مؤمن أو عيادة
مريض، أو شهادة.
ولا يجلس لو خرج، ولا يمشي تحت ظل، ولا يصلي خارج المسجد إلا بمكة
وأما أقسامه فهو واجب، وندب.
فالواجب ما وجب بنذر وشبهه، وهو ما يلزم بالشروع.
والمندوب ما يتبرع به، ولا يجب بالشروع.
فإذا مضى يومان ففي وجوب الثالث قولان، المروي: أنه يجب.
وقيل: لو اعتكف ثلاثا فهو بالخيار في الزائد، فإن اعتكف يومين آخرين
وجب الثالث.
73

وأما أحكامه فمسائل:
(الأولى): يستحب للمعتكف أن يشترط كالمحرم فإن شرط جاز له الرجوع
ولم يجب القضاء.
ولو لم يشترط ثم مضى يومان وجب الإتمام على الرواية، ولو عرض عارض خرج
فإذا زال، وجب القضاء.
(الثانية) يحرم على المعتكف الاستمتاع بالنساء، والبيع، والشراء
وشم الطيب.
وقيل يحرم عليه ما يحرم على المحرم، ولم يثبت.
(الثالثة) يفسد الاعتكاف ما يفسد الصوم، ويجب الكفارة بالجماع فيه،
مثل كفارة شهر رمضان، ليلا كان أو نهارا.
ولو كان في نهار شهر رمضان لزمه كفارتان.
ولو كان بغير الجماع مما يوجب الكفارة في شهر رمضان، فإن وجب بالنذر
المعين لزمت الكفارة، وإن لم يكن معينا، أو كان تبرعا فقد أطلق الشيخان
لزوم الكفارة: ولو خصا ذلك بالثالث كان أليق بمذهبهما.
74

كتاب الحج
والنظر في المقدمات والمقاصد
المقدمة الأولى: الحج، اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة.
وهو فرض على المستطيع من الرجال، والخناثى والنساء.
ويجب بأصل الشرع مرة، وجوبا مضيقا.
وقد يجب بالنذر وشبهه، وبالاستيجار والإفساد.
ويستحب لفاقد الشرائط: كالفقير والمملوك مع إذن مولاه.
المقدمة الثانية: في شرائط حجة الإسلام، وهي ستة: البلوغ، والعقل،
والحرية، والزاد، والراحلة، والتمكن من المسير.
ويدخل فيه الصحة وإمكان الركوب وتخلية السرب (1).
فلا تجب على الصبي، ولا على المجنون.
ويصح الإحرام من الصبي المميز، وبالصبي غير المميز، وكذا يصح بالمجنون،
ولو حج بهما لم يجزئهما عن الفرض.
ويصح الحج من العبد مع إذن المولى. لكن لا يجزئه عن الفرض، إلا أن
يدرك أحد الموقفين معتقا.
ومن لا راحلة له ولا زاد لو حج كان ندبا، ويعيد لو استطاع.
ولو بذل له الزاد والراحلة صار مستطيعا.
ولو حج به بعض إخوانه أجزأه عن الفرض.

(1) السرب: الطريق والمراد عدم المانع من سلوكه: من لص أو عدو أو غيرهما والمرجع في
ذلك إلى ما يعلمه أو يغلب على ظنه بقرائن الأحوال ا ه‍ مدارك.
75

ولا بد من فاضل عن الزاد والراحلة يمون به عياله حتى يرجع.
ولو استطاع فمنعه كبر أو مرض أو عدو، ففي وجوب الاستنابة قولان.
المروي أنه يستنيب.
ولو زال العذر حج ثانيا.
ولو مات مع العذر أجزأته النيابة.
وفي اشتراط الرجوع إلى صنعة أو بضاعة قولان، أشبههما: أنه لا يشترط.
ولا يشترط في المرأة وجود محرم، ويكفي ظن السلامة.
ومع الشرائط لو حج ماشيا، أو في نفقة غيره أجزأه.
والحج ماشيا أفضل إذا لم يضعفه عن العبادة.
وإذا استقر الحج فأهمل، قضى عنه من أصل تركته، ولو لم يخلف سوى
الأجرة قضى عنه من أقرب الأماكن، وقيل من بلده مع السعة.
ومن وجب عليه الحج لا يحج تطوعا.
ولا تحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها، ولا يشترط إذنه في الواجب.
وكذا في العدة الرجعية.
مسائل:
(الأولى) إذا نذر غير حجة الإسلام لم يتداخلا.
ولو نذر حجا مطلقا، قيل: يجزئ إن حج بنية النذر عن حجة الإسلام.
ولا تجزئ، حجة الإسلام عن النذر، وقيل: لا تجزئ إحداهما عن الأخرى،
وهو أشبه.
(الثانية) إذا نذر أن يحج ماشيا وجب، ويقوم في مواضع العبور.
فإن ركب طريقه قضى ماشيا، وإن ركب بعضا قضى ومشى ما ركب، وقيل
يقضي ماشيا لإخلاله بالصفة.
ولو عجز قيل يركب، ويسوق بدنة، وقيل يركب ولا يسوق بدنة.
76

وقيل إن كان مطلقا توقع المسكنة، وإن كان معينا بسنة يسقط لعجزه.
(الثالثة) المخالف إذا لم يخل بركن، لم يعد لو استبصر، وإن أخل أعاد.
القول في النيابة:
ويشترط فيه (1): الإسلام، والعقل، وألا يكون عليه حج واجب.
فلا تصح نيابة الكافر، ولا نيابة المسلم عنه، ولا عن مخالف إلا عن الأب،
ولا نيابة المجنون، ولا الصبي غير المميز.
ولا بد من نية النيابة، وتعيين المنوب عنه في المواطن بالقصد، ولا ينوب من
وجب عليه الحج.
ولو لم يجب عليه جاز. وإن لم يكن حج.
وتصح نيابة المرأة عن المرأة والرجل.
ولو مات النائب بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه.
ويأتي النائب بالنوع المشترط، وقيل يجوز أن يعدل إلى التمتع، ولا
يعدل عنه.
وقيل: لو شرط عليه الحج على طريق، جاز الحج بغيرها.
ولا يجوز للنائب الاستنابة إلا مع الإذن.
ولا يؤجر نفسه لغير المستأجر في السنة التي استؤجر لها.
ولو صد قبل الإكمال استعيد من الأجرة بنسبة المتخلف.
ولا يلزم إجابته، ولو ضمن الحج (2) على الأشبه.
ولا يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة، لكن يطاف به.
ويطاف عمن لم يجمع الوصفين.
ولو حمل إنسانا فطاف به احتسب لكل واحد منهما طواف.

(1) في النائب.
(2) في المستقبل.
77

ولو حج عن ميت تبرعا برئ الميت.
ويضمن الأجير كفارة جنايته في ماله.
ويستحب أن يذكر المنوب عنه في المواطن، وأن يعيد فاضل الأجرة، وأن
يتمم له ما أعوزه، وأن يعيد المخالف حجه إذا استبصر وإن كانت مجزئة.
ويكره أن تنوب المرأة الصرورة (1).
مسائل:
(الأولى) من أوصى بحجة ولم يعين، انصرف إلى أجرة المثل.
(الثانية) لو أوصى أن يحج عنه، ولم يعين فإن عرف التكرار حج عنه حتى
يستوفي ثلثه، وإلا اقتصر على المرة.
(الثالثة) لو أوصى أن يحج عنه كل سنة بمال معين فقصر (جمع) ما يمكن به
الاستئجار ولو كان نصيب أكثر من سنة.
(الرابعة) لو حصل بيد إنسان مال لميت، وعليه حجة مستقرة، وعلم أن الورثة
لا يؤدون، جاز أن يقتطع قدر أجرة الحج (2).
(الخامسة) من مات وعليه حجة الإسلام وأخرى منذورة أخرجت حجة
الإسلام من الأصل، والمنذورة من الثلث، وفيه وجه آخر.
المقدمة الثالثة: في أنواع الحج، وهي ثلاثة: تمتع، وقران، وإفراد.
فالمتمتع هو الذي يقدم عمرته أمام حجه ناويا بها التمتع، ثم ينشئ إحراما آخر
بالحج من مكة.
وهذا فرض من ليس حاضري مكة، وحده: من بعد عنها ثمانية وأربعون
ميلا من كل جانب، وقيل اثنى عشر ميلا فصاعدا من كل جانب.

(1) المرأة الصرورة: التي لم تحج.
(2) قال في شرائع الإسلام: (لأنه خارج عن ملك الورثة) أي إن هذا دين لله، والديون
تقضى قبل التوريث.
78

ولا يجوز لهؤلاء العدول عن التمتع إلى الإفراد والقران، إلا مع الضرورة.
وشروطه أربعة: النية، ووقوعه في أشهر الحج، وهي شوال وذو القعدة
وذو الحجة، وقيل: وعشر من ذي الحجة. وقيل: تسع. وحاصل الخلاف إنشاء
الحج في زمان الذي يعلم إدراك المناسك فيه، وما زاد يصح أن يقع فيه بعض أفعال
الحج، كالطواف والسعي والذبح، وأن يأتي بالحج والعمرة في عام واحد، وأن
يحرم بالحج له من مكة.
وأفضله المسجد. وأفضله مقام إبراهيم، وتحت الميزاب.
ولو أحرم بحج التمتع من غير مكة لم يجزئه، ويستأنفه بها.
ولو نسي وتعذر العود أحرم من موضعه، ولو بعرفة.
ولو دخل مكة بمتعة وخشي ضيق الوقت جاز نقلها إلى الإفراد، ويعتمر
بمفردة بعده.
وكذا الحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل وإنشاء الإحرام بالحج.
والإفراد: وهو أن يحرم بالحج أولا من ميقاته ثم يقضي مناسكه وعليه عمرة
مفردة بعد ذلك.
وهذا القسم والقران فرض حاضري مكة.
ولو عدل هؤلاء. إلى التمتع اختيارا ففي جوازه قولان، أشبههما: المنع وهو مع
الاضطرار جائز.
وشروطه: النية، وأن يقع في أشهر الحج من الميقات، أو من دويرة أهله إن كانت
أقرب إلى عرفات.
والقارن كالمفرد، غير أنه يضم إلى إحرامه سياق الهدي.
وإذا لبى استحب له إشعار ما يسوقه من البدن بشق سنامه من الجانب الأيمن
ويلطخ صفحته بالدم ولو كانت بدنا دخل بينها وأشعرها يمينا وشمالا.
والتقليد أن يعلق في رقبته نعلا قد صلى فيه، والغنم تقلد لا غير.
79

ويجوز للمفرد والقارن الطواف قبل المضي إلى عرفات، لكن يجددان التلبية
عند كل طواف لئلا يحلا.
وقيل: إنما يحل المفرد، وقيل: لا يحل أحدهما إلا بالنية، ولكن الأولى
تجديد التلبية.
ويجوز للمفرد إذا دخل مكة العدول بالحج إلى المتعة.
لكن لا يلبي بعد طوافه وسعيه.
ولو لبى بعد أحدهما بطلت متعته وبقي على حجه على رواية.
ولا يجوز العدول للقارن.
والمكي إذا بعد ثم حج على ميقات أحرم منه وجوبا.
والمجاور بمكة إذا أراد حجة الإسلام وخرج إلى ميقاته فأحرم منه، ولو تعذر
خرج إلى أدنى الحل، ولو تعذر (أي الخروج إلى أدنى الحل) أحرم من مكة.
ولو أقام سنتين انتقل فرضه إلى الإفراد والقران.
ولو كان له منزلان: بمكة وناء، اعتبر أغلبهما عليه.
ولو تساويا تخير في التمتع وغيره.
ولا يجب على المفرد والقارن هدي، ويختص الوجوب بالتمتع.
ولا يجوز القران بين الحج والعمرة بنية واحدة. ولا إدخال أحدهما على الآخر.
المقدمة الرابعة: في المواقيت وهي ستة: لأهل العراق (العقيق) وأفضله
(المسلخ) وأوسطه (غمرة) وآخره (ذات عرق).
ولأهل المدينة (مسجد الشجرة) وعند الضرورة (الجحفة) وهي ميقات
لأهل الشام اختيارا.
ولليمن (يلملم).
ولأهل الطائف (قرن المنازل).
وميقات المتمتع لحجه، مكة.
80

وكل من كان منزله أقرب من الميقات فميقاته منزله.
وكل من حج على طريق فميقاته ميقات أهله، ويجرد الصبيان من فخ (1).
وأحكام المواقيت تشتمل على مسائل:
(الأولى) لا يصح الإحرام قبل الميقات إلا لناذر. بشرط أن يقع في أشهر
الحج، أو العمرة المفردة في رجب لمن خشي تقضيه.
(الثانية) لا يجاوز الميقات إلا محرما، ويرجع إليه لو لم يحرم منه.
فإن لم يتمكن فلا حج له أن كان عامدا
ويحرم من موضعه إن كان ناسيا، أو جاهلا، أو لا يريد النسك.
ولو دخل مكة خرج إلى الميقات، ومع التعذر من أدنى الحل، ومع التعذر يحرم
من مكة.
(الثالثة) لو نسي الإحرام حتى أكمل مناسكه، فالمروي: أنه لا قضاء.
وفيه وجه بالقضاء مخرج.
المقصد الأول: في أفعال الحج: وهي الإحرام والوقوف بعرفات، وبالمشعر،
والذبح ب‍ " منى "، والطواف وركعتاه، والسعي، وطواف النساء، وركعتاه.
وفي وجوب رمي الجمار والحلق أو التقصير تردد، أشبهه: الوجوب.
وتستحب الصدقة أمام التوجه، وصلاة ركعتين، وأن يقف على باب دار
ويدعو، أو يقرأ فاتحة الكتاب أمامه، وعن يمينه وشماله، وآية الكرسي كذلك،
وأن يدعو بكلمات الفرج، وبالأدعية المأثورة.
القول في الإحرام: والنظر في مقدماته وكيفيته وأحكامه.
ومقدماته كلها مستحبة.
وهي توفير شعر رأسه من أول ذي القعدة، إذا أراد التمتع، ويتأكد إذا أهل

(1) فخ: اسم بئر قريبة من مكة. وتأخير التجريد من الميقات إلى فخ رخصة لهم نظرا
لضعفهم عن تحمل الحر والبرد.
81

ذو الحجة، وتنظيف جسده، وقص أظافره، والأخذ من شاربه وإزالة الشعر عن
جسده وإبطيه بالنورة، ولو كان مطليا أجزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما، والغسل.
ولو أكل أو لبس ما لا يجوز له أعاد غسله استحبابا.
وقيل يجوز أن يقدم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء، ويعيده لو وجده.
ويجزي غسل النهار ليومه. وكذا غسل الليل ما لم ينم.
ولو أحرم بغير غسل أو بغير صلاة أعاد.
وأن يحرم عقيب فريضة الظهر أو عقيب فريضة غيرها، ولو لم يتفق فعقيب
ست ركعات.
وأقله ركعتان يقرأ في الأولى (الحمد) و (الصمد) وفي الثانية (الحمد)
و (الجحد) (1)، ويصلي نافلة الإحرام ولو في وقت الفريضة ما لم يتضيق.
وأما الكيفية: فتشتمل الواجب والندب.
والواجب ثلاثة: النية وهي أن يقصد بقلبه إلى الجنس من الحج أو العمرة
والنوع من التمتع أو غيره، والصفة من واجب أو غيره، وحجة الإسلام أو غيرها.
ولو نوى نوعا ونطق بغيره، فالمعتبر النية.
(الثاني) التلبيات الأربع، ولا ينعقد الإحرام للمفرد والمتمتع إلا بها.
وأما القارن فله أن يعقد بها أو بالإشعار أو التقليد على الأظهر.
وصورتها: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.
وقيل يضيف إلى ذلك: إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك.
وما زاد على ذلك مستحب.
ولو عقد إحرامه ولم يلب لم يلزمه كفارة بما يفعله.
والأخرس يجزئه تحريك لسانه والإشارة بيده.

(1) قال في شرائع الإسلام: (يقرأ في الأولى الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد
وقل هو الله أحد) والمراد بالجحد سورة الكافرون.
82

(الثالث) لبس ثوبي الإحرام، وهما واجبان.
والمعتبر ما يصح الصلاة فيه للرجل.
ويجوز لبس القباء مع عدمهما مقلوبا.
وفي جواز لبس الحرير للمرأة روايتان أشهرهما: المنع.
ويجوز أن يلبس أكثر من ثوبين، وأن يبدل ثياب إحرامه ولا يطوف
إلا فيهما استحبابا.
والندب: رفع الصوت بالتلبية للرجل، إذا علت راحلته البيداء، إن حج على
طريق المدينة.
وإن كان راجلا فحيث يحرم.
ولو أحرم من مكة رفع بها إذا أشرف على الأبطح، وتكرارها إلى يوم عرفة
عند الزوال للحاج، وللمعتمر بالمتعة حتى يشاهد بيوت مكة، وبالمفردة إذا دخل الحرم
إن كان أحرم من خارجه حتى يشاهد الكعبة إن أحرم من الحرم.
وقيل بالتخيير وهو أشبه.
والتلفظ بما يعزم عليه، والاشتراط أن يحله حيث حبسه.
وإن لم تكن حجة فعمرة.
وأن يحرم في الثياب القطن وأفضله البيض.
وأما أحكامه فمسائل:
(الأولى) المتمتع إذا طاف وسعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا، مضى
في حجه ولا شئ عليه، وفي رواية عليه دم.
ولو أحرم عامدا بطلت متعته على رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام.
(الثانية) إذا أحرم الولي بالصبي فعل به ما يلزم المحرم، وجنبه ما يتجنبه
المحرم، وكل ما يعجز عنه يتولاه الولي.
83

ولو فعل ما يوجب الكفارة ضمن عنه.
ولو كان مميزا جاز إلزامه بالصوم عن الهدي، ولو عجز صام الولي عنه.
(الثالثة) لو اشترط في إحرامه ثم حصل المانع تحلل.
ولا يسقط هدي التحلل بالشرط، بل فائدته جواز التحلل للمحصور من
غير تربص.
ولا يسقط عنه الحج لو كان واجبا.
ومن اللواحق: التروك، وهي محرمات، ومكروهات.
فالمحرمات أربعة عشر: صيد البر إمساكا وأكلا، ولو صاده محل، وإشارة،
ودلالة، وإغلاقا، وذبحا، ولو ذبحه كان ميتة، حراما على المحل والمحرم، والنساء،
وطئا، وتقبيلا، ولمسا، ونظرا بشهوة، وعقدا له ولغيره، وشهادة على العقد،
والاستمناء، والطيب.
وقيل لا يحرم إلا أربع: المسك، والعنبر، والزعفران، والورس.
وأضاف في (الخلاف) الكافور والعود، ولبس المخيط للرجال.
وفي النساء قولان، أصحهما: الجواز.
ولا بأس بالغلالة للحائض تتقي بها على القولين.
ويلبس الرجل السروال إذا لم يجد إزارا.
ولا بأس بالطيلسان وإن كان له أزرار فلا يزره عليه.
ولبس ما يستر ظهر القدم كالخفين والنعل السندي وإن اضطر جاز.
وقيل يشق عن القدم.
والفسوق، وهو الكذب، والجدال، وهو الحلف، وقتل هوام الجسد،
ويجوز نقله.
ولا بأس بإلقاء القراد والحلم.
ويحرم استعمال دهن فيه طيب.
84

ولا بأس بما ليس بطيب مع الضرورة.
ويحرم إزالة الشعر، قليله وكثيره ولا بأس به مع الضرورة.
وتغطية الرأس للرجل دون المرأة وفي معناه الارتماس.
ولو غطى ناسيا ألقاه واجبا، وجدد التلبية استحبابا.
وتسفر المرأة عن وجهها، ويجوز أن تسدل خمارها إلى أنفها
ويحرم تظليل المحرم سائرا، ولا بأس به للمرأة، وللرجل نازلا، فإن اضطر جاز.
ولو زامل عليلا أو امرأة اختصا بالظلال دونه.
ويحرم قص الأظفار وقطع الشجر والحشيش إلا أن ينبت في ملكه.
ويجوز خلع الإذخر، وشجر الفواكه والنخل.
وفي الاكتحال بالسواد، والنظر في المرآة، ولبس الخاتم للزينة ولبس المرأة
ما لم تعتده من الحلي، والحجامة لا للضرورة، ودلك الجسد، ولبس السلاح لا مع
الضرورة، قولان، أشبههما: الكراهية.
والمكروهات: الإحرام في غير البياض.
ويتأكد في السواد وفي الثياب الوسخة، وفي المعلمة، والحناء للزينة، والنقاب
للمرأة، ودخول الحمام، وتلبية المنادي، واستعمال الرياحين.
ولا بأس بحك الجسد، والسواك ما لم يدم.
مسألتان:
(الأولى) لا يجوز لأحد أن يدخل مكة إلا محرما إلا المريض أو من يتكرر،
كالحطاب والحشاش.
ولو خرج بعد إحرامه ثم عاد في شهر خروجه أجزأه.
وإن عاد في غيره أحرم ثانيا.
(الثانية) إحرام المرأة كإحرام الرجل، إلا ما استثنى.
ولا يمنعها الحيض عن الإحرام لكن لا تصلي له.
85

ولو تركته ظنا أنه لا يجوز رجعت إلى الميقات، وأحرمت منه. ولو دخلت مكة.
فإن تعذر أحرمت من أدنى الحل، ولو تعذر أحرمت من موضعها.
القول في الوقوف بعرفات: والنظر في المقدمة والكيفية واللواحق.
أما المقدمة فتشتمل مندوبات خمسة:
الخروج إلى (منى) بعد صلاة الظهرين يوم التروية، إلا لمن يضعف عن الزحام.
والإمام يتقدم ليصلي الظهر ب‍ " منى "، والمبيت بها حتى يطلع الفجر.
ولا يجوز (1) وادي محسر حتى تطلع الشمس.
ويكره الخروج قبل الفجر إلا لمضطر، كالخائف والمريض.
ويستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس، والدعاء عند نزولها، وعند
الخروج منها.
وأما الكيفية، فالواجب فيها النية، والكون بها إلى الغروب.
ولو لم يتمكن من الوقوف نهارا أجزأه الوقوف ليلا، ولو قبل الفجر.
ولو أفاض قبل الغروب عامدا عالما بالتحريم، لم يبطل حجه، وجبره ببدنة.
ولو عجز صام ثمانية عشر يوما، ولا شئ عليه لو كان جاهلا أو ناسيا.
و (نمرة) و (ثوية) و (وذو المجاز) و (غرنة) و (الأراك) حدود، لا يجزئ
الوقوف بها.
والمندوب: أن يضرب خباءه بنمرة، وأن يقف في السفح مع ميسرة الجبل
في السهل، وأن يجمع رحله، ويسد الخلل به وبنفسه، والدعاء قائما.
ويكره الوقوف في أعلى الجبل، وقاعدا، أو راكبا.
وأما اللواحق فمسائل.
(الأولى) الوقوف ركن، فإن تركه عامدا بطل حجه.

(1) أي لا يجتازه.
86

ولو كان ناسيا تداركه ليلا، ولو إلى الفجر.
ولو فات اجتزأ بالمشعر.
(الثانية) لو فاته الوقوف الاختياري (1) وخشي طلوع الشمس لو رجع، اقتصر
على المشعر ليدركه قبل طلوع الشمس.
وكذا لو نسي الوقوف ب‍ " عرفات " أصلا اجتزأ بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس.
ولو أدرك (عرفات) قبل الغروب ولم يتفق له المشعر حتى طلعت الشمس
أجزأه الوقوف به، ولو قبل الزوال.
(الثالثة) لو لم يدرك (عرفات) نهارا وأدركها ليلا ولم يدرك المشعر حتى طلعت
الشمس فقد فاته الحج
وقيل: يصح حجه ولو أدركه قبل الزوال
القول في الوقوف بالمشعر والنظر في مقدمته وكيفيته ولواحقه.
والمقدمة: تشتمل على مندوبات خمسة.
الاقتصاد في السير، والدعاء عند الكثيب الأحمر (2).
وتأخير المغرب والعشاء إلى المزدلفة ولو صار ربع الليل والجمع بينهما بأذان واحد
وإقامتين، وتأخير نوافل المغرب حتى يصلي العشاء.
وفي الكيفية واجبات ومندوبات.
فالواجبات: النية، والوقوف به.
وحده ما بين المأزمين إلى الحياض، إلى وادي محسر.
ويجوز الارتفاع إلى الجبل مع الزحام، ويكره لا معه.
ووقت الوقوف ما بين طلوع الفجر، إلى طلوع الشمس، للمضطر إلى الزوال.

(1) قال في شرائع الإسلام: (وقت الاختيار لعرفة من زوال الشمس إلى الغروب من تركه
عامدا فسد حجه، ووقت الاضطرار إلى طلوع الفجر من يوم النحر).
(2) بقوله. (اللهم ارحم موقفي وزدني في عملي، وسلم لي ديني، وتقبل مناسكي (شرائع
الإسلام.
87

ولو أفاض قبل الفجر عامدا عالما جبره بشاة، ولم يبطل حجه، إن كان وقف
ب‍ " عرفات ".
ويجوز الإفاضة ليلا للمرأة والخائف.
والمندوب: صلاة الغداة قبل الوقوف والدعاء، وأن يطأ الصرورة المشعر برجله.
وقيل: يستحب الصعود على قزح، وذكر الله عليه.
ويستحب لمن عدا الإمام الإفاضة قبل طلوع الشمس وألا يجاوز
وادي محسر حتى تطلع والهرولة في الوادي، داعيا بالمرسوم، ولو نسي الهرولة
رجع فتداركها.
والإمام يتأخر بجمع حتى تطلع الشمس.
واللواحق ثلاثة:
(الأول) الوقوف بالمشعر ركن، فمن لم يقف به ليلا ولا بعد الفجر عامدا بطل
حجه، ولا يبطل لو كان ناسيا.
ولو فاته الموقفان بطل ولو كان ناسيا.
(الثاني) من فاته الحج سقطت عنه أفعاله، ويستحب له الإقامة ب‍ " منى "
إلى انقضاء أيام التشريق، ثم يتحلل بعمرة مفردة ثم يقضي الحج إن كان واجبا.
(الثالث) يستحب التقاط الحصى من جمع وهو سبعون حصاة.
ويجوز من أي جهات الحرم شاء، عدا المساجد.
وقيل: عدا المسجد الحرام ومسجد الخيف.
ويشترط أن يكون أحجارا من الحرم أبكارا.
ويستحب أن تكون رخوة برشا بقدر الأنملة ملتقطة منقطة.
ويكره الصلبة والمكسرة.
القول في مناسك " منى " يوم النحر، وهي رمي جمرة العقبة، ثم الذبح: ثم الحلق.
أما الرمي: فالواجب فيه النية، والعدد وهو سبع وإلقاؤها بما يسمى رميا،
وإصابة الجمرة بفعله.
88

فلو تممها حركة غيره لم يجز.
والمستحب، الطهارة، والدعاء.
ولا يتباعد بما يزيد عن خمسة عشر ذراعا، وأن يرمي خذفا (1)، والدعاء مع كل
حصاة ويستقبل جمرة العقبة، ويستدبر القبلة.
وفي غيرها يستقبل الجمرة والقبلة.
وأما الذبح ففيه أطراف.
(الأول) في الهدي، وهو واجب على المتمتع خاصة، مفترضا ومتنفلا،
ولو كان مكيا، ولا يجب على غير المتمتع.
ولو تمتع المملوك كان لمولاه إلزامه بالصوم، أو أن يهدي عنه.
ولو أدرك أحد الموقفين معتقا لزمه الهدي مع القدرة، والصوم مع التعذر
وتشترط النية في الذبح، ويجوز أن يتولاه بنفسه وبغيره.
ويجب ذبحه ب‍ " منى ".
ولا يجزئ الواحد إلا عن واحد في الواجب.
وقيل: يجزئ عن سبعة، وعن سبعين عند الضرورة، لأهل الخوان الواحد،
ولا بأس به في الندب.
ولا يباع ثياب التجمل في الهدي.
ولو ضل فذبح لم يجز، ولا يخرج شيئا من لحم الهدي عن (منى) ويجب صرفه
في وجهه.
ويذبح يوم النحر وجوبا، مقدما على الحلق، ولو قدم الحلق أجزأه، ولو كان
عامدا، وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة.
(الثاني) في صفته: ويشترط أن يكون من النعم ثنيا غير مهزول.

(1) الحذف بالخاء: الرمي بالحصى.
(2) في شرائع الإسلام: (فلا يجزئ من الإبل إلا الثنى وهو الذي له خمس ودخل في السادسة
ومن البقر والمعز ماله سنة ودخل في الثانية، ويجزئ من الضأن الجذع لستة أي أشهر.
89

ويجزئ من الضأن خاصة، الجذع لستة، وأن يكون تاما.
فلا يجوز العوراء، ولا العرجاء، ولا العضباء ولا ما نقص منها شئ كالخصي.
ويجزئ المشقوقة الأذن، وألا تكون مهزولة بحيث لا يكون على كليتيها شحم.
لكن لو اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة، أجزأته.
فالثني من الإبل ما دخل في السادسة، ومن البقر والمعز، ما دخل في الثانية.
ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد وتمشي في سواد، وتبرك في مثله،
أي لها ظل تمشي فيه.
وقيل: أن يكون هذه المواضع منها سودا، وأن يكون مما عرف (1) به، إناثا من
الإبل أو البقر، ذكرانا من الضأن أو المعز وأن ينحر الإبل قائمة مربوطة بين الخف
والركبة، ويطعنها من الجانب الأيمن وأن يتولاه بنفسه، وإلا جعل يده مع يد
الذابح، والدعاء وقسمته أثلاثا: يأكل ثلثه، ويهدي ثلثه، ويطعم القانع
والمعتر ثلثه.
وقيل: يجب الأكل منه.
وتكره التضحية بالثور والجاموس والموجوء.
(الثالث) في البدل، فلو فقد الهدي ووجد ثمنه، استناب في شرائه، وذبحه
طول ذي الحجة، وقيل ينتقل فرضه إلى الصوم.
ومع فقد الثمن يلزمه الصوم، وهو ثلاثة أيام في الحج متواليات، وسبعة في أهله.
ويجوز تقديم الثلاثة من أول ذي الحجة، بعد التلبس بالحج، ولا يجوز قبل
ذي الحجة.
ولو خرج ذو الحجة ولم يصم الثلاثة، تعين الهدي في القابل ب‍ " منى ".
ولو صام الثلاثة في الحج ثم وجد الهدي لم يجب، لكنه أفضل.
ولا يشترط في صوم السبعة التتابع.

(1) هو الذي أحضر (عرفة) عشية (عرفة) ا ه‍ تذكرة الفقهاء.
90

ولو أقام بمكة انتظر أقل الأمرين من وصوله إلى أهله ومضى شهر.
ولو مات ولم يصم صام الولي عنه الثلاثة وجوبا، دون السبعة.
ومن وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر، وعجز، أجزأه سبع شياه.
ولو تعين عليه الهدي ومات، أخرج من أصل تركته.
(الرابع) في هدي القارن: ويجب ذبحه أو نحره ب‍ " منى " إن قرنه بالحج،
وب‍ " مكة " إن قرنه بالعمرة.
وأفضل مكة فناء الكعبة بالخرورة.
ولو هلك لم يقم بدله، ولو كان مضمونا لزمه البدل.
ولو عجز عن الوصول نحره أو ذبحه وأعلمه.
ولو أصابه كسر جاز بيعه والصدقة بثمنه أو إقامة بدله.
ولا يتعين الصدقة إلا بالنذر وإن أشعره أو قلده.
ولو ضل فذبح عن صاحبه أجزأه.
ولو ضل فأقام بدله ثم وجده فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول.
ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضر بولده.
ولا يعطى الجزار من الهدي الواجب، كالكفارات، والنذور، ولا يأخذ
الناذر من جلودها، ولا يأكل منها فإن أخذ ضمنه.
ومن نذر بدنة فإن عين موضع النحر وإلا نحرها بمكة.
(الخامس) الأضحية، وهي مستحبة.
ووقتها ب‍ " منى " يوم النحر وثلاثة بعده، وفي الأمصار يوم النحر ويومان بعده.
ويكره أن يخرج من أضحيته شيئا عن " منى " ولا بأس بالسنام، ومما يضحيه غيره.
ويجزئ هدي (التمتع) عن الأضحية والجمع أفضل.
ومن لم يجد الأضحية تصدق بثمنها.
فإن اختلف أثمانها جمع الأول والثاني والثالث وتصدق بثلثها.
91

ويكره التضحية بما يربيه وأخذ شئ من جلودها وإعطاؤها الجزار.
وأما الحلق: فالحاج مخير بينه وبين التقصير، ولو كان صرورة أو ملبدا على
الأظهر. والحلق أفضل.
والتقصير متعين على المرأة، ويجزئ ولو قدر الأنملة، والمحل ب‍ " منى "
ولو رحل قبله دعا للحلق أو التقصير.
ولو تعذر حلق أو قصر حيث كان وجوبا، وبعث بشعره إلى " منى " ليدفن
بها استحبابا.
ومن ليس على رأسه شعر، يجزيه إمرار الموسى.
والبدء برمي جمرة العقبة ثم بالذبح، ثم بالحلق، واجب. فلو خالف أثم ولم يعد.
ولا يزور البيت لطواف الحج إلا بعد الحلق أو التقصير.
فلو طاف قبل ذلك عامدا لزمه دم شاة. ولو كان ناسيا لم يلزمه شئ،
وأعاد طوافه.
ويحل من كل شئ عند فراغ مناسكه ب‍ " منى " عدا الطيب والنساء والصيد.
فإذا طاف لحجه حل له الطيب. وإذا طاف طواف النساء حللن له.
ويكره المخيط حتى يطوف للحج. والطيب حتى يطوف طواف النساء.
ثم يمضى إلى مكة للطواف، والسعي ليومه، أو من الغد.
ويتأكد في جانب المتمتع.
ولو أخر أثم، وموسع للمفرد والقارن طول ذي الحجة على كراهية.
ويستحب له إذا دخل مكة الغسل، وتقليم الأظفار، وأخذ الشارب، والدعاء
عند باب المسجد.
القول في الطواف: والنظر في مقدمته وكيفيته وأحكامه:
أما المقدمة: فيشترط تقديم الطهارة، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن،
والختان في الرجل.
92

ويستحب مضغ الإذخر قبل دخول مكة، ودخولها من أعلاها حافيا على
سكينة ووقار، مغتسلا من بئر " ميمون " أو " فخ ".
ولو تعذر اغتسل بعد الدخول، والدخول من باب بني شيبة، والدعاء عنده.
وأما الكيفية: فواجبها النية، والبداءة بالحجر، والختم به والطواف على
اليسار، وإدخال الحجر في الطواف، وأن يطوف سبعا، ويكون بين المقام والبيت.
ويصلي ركعتين في المقام، فإن منعه زحام صلى حياله، ويصلي النافلة حيث
شاء من المسجد.
ولو نسيهما رجع فأتى بهما فيه ولو شق صلاهما حيث ذكر.
ولو مات قضى عنه الولي.
والقرآن مبطل في الفريضة على الأشهر، ومكروه في النافلة.
ولو زاد سهوا أكملها أسبوعين (1)، وصلى ركعتي الواجب منهما قبل السعي
وركعتي الزيادة بعده.
ويعيد من طاف في ثوب نجس، ولا يعيد لو لم يعلم.
ولو علم في أثناء الطواف أزاله وأتم.
ويصلي ركعتيه في كل وقت ما لم يتضيق وقت حاضرة.
ولو نقص من طوافه وقد تجاوز النصف أتم،
ولو رجع إلى أهله استناب.
ولو كان دون ذلك استأنف.
وكذا من قطع الطواف لحدث أو لحاجة.
ولو قطعه لصلاة فريضة حاضرة صلى، ثم أتم طوافه. ولو كان دون الأربع،
وكذا للوتر.
ولو دخل في السعي فذكر أنه لم يطف استأنف الطواف، ثم استأنف السعي.

(1) الأسبوع من الطواف بضم الهمزة: سبع طوفات والجمع أسبوعات وأسابيع ا ه‍ مصباح.
93

ولو ذكر أنه طاف ولم يتم قطع السعي وأتم الطواف ثم تمم السعي.
ومندوبه: الوقوف عند الحجر والدعاء، واستلامه، وتقبيله.
فإن لم يقدر أشار بيده، ولو كانت مقطوعة فبموضع القطع.
ولو لم يكن له يد أشار، وأن يقتصد في مشيه، ويذكر الله سبحانه في طوافه،
ويلتزم المستجار، وهو بحذاء الباب من وراء الكعبة، ويبسط يديه وخده على
حائطه، ويلصق بطنه به، ويذكر ذنوبه، ولو جاوز المستجار رجع والتزم.
وكذا يستلم الأركان.
وآكدها ركن الحجر، واليماني، ويتطوع بثلثمائة وستين طوافا، فإن لم يتمكن
جعل العدة أشواطا.
ويقرأ في ركعتي الطواف، ب‍ (الحمد) و (الصمد) في الأولى، وب‍ (الحمد)
و (الجحد) في الثانية. ويكره الكلام فيه، بغير الدعاء والقراءة.
وأما أحكامه فثمانية: -
(الأول) الطواف ركن، ولو تركه عامدا بطل حجه، ولو كان ناسيا أتى به.
ولو تعذر العود استناب فيه، وفي رواية، لو على وجه جهالة أعاد وعليه بدنة.
(الثاني) من شك في عدده بعد الانصراف، فلا إعادة عليه.
ولو كان في أثنائه وكان بين السبعة وما زاد، قطع ولا إعادة.
ولو كان في النقيصة أعاد في الفريضة، وبنى على الأقل في النافلة.
ولو تجاوز الحجر في الثامن وذكر قبل بلوغ الركن قطع ولم يعد
(الثالث) لو ذكر أنه لم يتطهر، أعاد طواف الفريضة، وصلاته.
ولا يعيد طواف النافلة، ويعيد صلاته استحبابا.
ولو نسي طواف الزيارة حتى رجع إلى أهله وواقع عاد وأتى به.
ومع التعذر يستنيب فيه.
وفي الكفارة تردد، أشبهه: أنها لا تجب إلا مع الذكر.
94

ولو نسي طواف النساء استناب، ولو مات قضاه الولي.
(الرابع) من طاف فالأفضل له تعجيل السعي، ولا يجوز تأخيره إلى غده.
(الخامس) لا يجوز للمتمتع تقديم طواف حجه وسعيه على الوقوف وقضاء
المناسك، إلا لامرأة تخاف الحيض أو مريض أو هم (1)
وفي جواز تقديم طواف النساء مع الضرورة روايتان، أشهرهما: الجواز.
ويجوز للقارن والمفرد تقديم الطواف اختيارا، ولا يجوز تقديم طواف النساء
لمتمتع ولا لغيره.
ويجوز مع الضرورة والخوف من الحيض.
ولا يقدم على السعي، ولو قدمه عليه ساهيا لم يعد.
(السادس) قيل: لا يجوز الطواف وعليه برطلة (2). والكراهية أشبه، ما لم
يكن الستر محرما.
(السابع) كل محرم يلزمه طواف النساء، رجلا كان أو امرأة، أو صبيا،
أو حصيا، إلا في العمرة المتمتع بها.
(الثامن) من نذر أن يطوف على أربع قيل: يجب عليه طوافان.
وروى ذلك في امرأة نذرت.
وقيل: لا ينعقد، لأنه لا يتعبد بصورة النذر.
القول في السعي. والنظر في مقدمته، وكيفيته، وأحكامه.
أما المقدمة - فمندوبات عشرة:
الطهارة، واستلام الحجر، والشرب من زمزم، والاغتسال من الدلو المقابل
للحجر، والخروج من باب الصفا، وصعود الصفا، واستقبال ركن الحجر،
والتكبيرة والتهليل سبعا، والدعاء بالمأثور.

(1) (الهم) بكسر الهاء: الشيخ الفاني.
(2) (البرطلة) قلنسوة طويلة كانت تلبس قديما وعدم الجواز نظرا إلى تحريم تغطية الرأس ا ه‍
من المدارك.
95

وأما الكيفية - ففيها الواجب، والندب.
فالواجب أربعة: النية، والبداءة بالصفا، والختم بالمروة، والسعي سبعا
يعد ذهابه شوطا، وعوده آخر.
والمندوبات أربعة أشياء:
المشي طرفيه، وإلاسراع ما بين المنارة إلى زقاق العطارين.
ولو نسي الهرولة رجع القهقرى وتدارك، والدعاء، وأن يسعى ماشيا، ويجوز
الجلوس في خلاله للراحة.
وأما الأحكام - فأربعة:
(الأول) السعي ركن، يبطل الحج بتركه عمدا، ولا يبطل سهوا ويعود
لتداركه، فإن تعذر العود استناب فيه.
(الثاني) يبطل السعي بالزيادة عمدا، ولا يبطل بالزيادة سهوا.
ومن تيقن عدد الأشواط وشك فيما بدأ به، فإن كان في الفرد على الصفا أعاد
ولو كان على المروة لم يعد.
وبالعكس لو كان سعيه زوجا، ولو لم يحصل العدد أعاد.
ولو تيقن النقصان أتى به.
(الثالث) لو قطع سعيه لصلاة أو لحاجة، أو لتدارك ركعتي الطواف أو غير
ذلك، أتم ولو كان شوطا.
(الرابع) لو ظن إتمام سعيه فأحل وواقع أهله، أو قلم أظفاره ثم ذكر أنه
نسي شوطا، أتم، وفي الروايات: يلزمه دم بقرة.
القول في أحكام (منى):
بعد العود يجب المبيت ب‍ (منى) ليلة الحادي عشر والثاني عشر.
ولو بات بغيرها، كان عليه شاتان، إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة.
ولو كان بمن يجب عليه المبيت الليالي الثلاث لزمه ثلاث شياه.
96

وحد المبيت أن يكون بها ليلا حتى يجاوز نصف الليل.
وقيل لا يدخل مكة حتى يطلع الفجر.
ويجب رمي الجمار في الأيام التي يقيم بها: كل جمرة بسبع حصيات مرتبا، يبدأ
بالأولى، ثم الوسطى جمرة العقبة.
ولو نكس أعاد على الوسطى وجمرة العقبة.
ويحصل الترتيب بأربع حصيات على الوسطى وجمرة العقبة.
ووقت الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها.
ولو نسي رمى يوم، قضاه من الغد مرتبا.
ويستحب أن يكون ما لامسه غدوة، وما ليومه بعد الزوال.
ولا يجوز الرمي ليلا إلا لعذر، كالخائف، والرعاة، والعبيد. ويرمى عن
المعذور كالمريض.
ولو نسي جمرة وجهل موضعها رمى على كل جمرة حصاة.
ويستحب الوقوف عند كل جمرة، ورميها عن يسارها مستقبل القبلة.
ويقف داعيا عدا جمرة العقبة فإنه يستدبر القبلة، ويرميها عن يمينها ولا يقف.
ولو نسي الزمن حتى دخل مكة، رجع وتدارك، ولو خرج فلا حرج.
ولو حج في القابل استحب القضاء، ولو استناب جاز.
وتستحب الإقامة ب‍ " منى " أيام التشريق. ويجوز النفر في الأول وهو الثاني
عشر من ذي الحجة لمن اتقى الصيد والنساء وإن شاء في الثاني، وهو الثالث عشر.
ولو لم يتق تعين عليه الإقامة إلى النفر الأخير. وكذا لو غربت الشمس ليلة
الثالث عشر.
ومن نفر في الأول، لا ينفر إلا بعد الزوال وفي الأخير يجوز قبله.
ويستحب للإمام أن يخطب ويعلمهم ذلك.
والتكبير ب‍ " منى " مستحب (1)، وقيل يجب.

(1) صورته: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر على ما هدانا، والحمد لله
على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ا ه‍ شرائع الإسلام
97

ومن قضى مناسكه فله الخيرة في العود إلى مكة.
والأفضل العود لوداع البيت. ودخول الكعبة خصوصا للصرورة.
ومع عوده تستحب الصلاة في زوايا البيت، وعلى الرخامة الحمراء، والطواف
بالبيت واستلام الأركان والمستجار والشرب من زمزم والخروج من باب الحناطين،
والدعاء، والسجود مستقبل القبلة، والدعاء والصدقة بتمر يشتريه بدرهم.
ومن المستحب التحصيب والنزول بالمعرس على طريق المدينة وصلاة ركعتين به،
والعزم على العود.
ومن المكروهات: المجاورة بمكة، والحج على الإبل الجلالة ومنع دور مكة
من السكنى، وأن يرفع بناء فوق الكعبة.
والطواف للمجاور بمكة أفضل من الصلاة وللمقيم بالعكس.
واللواحق أربعة:
(الأول) من أحدث ولجأ إلى الحرم لم يقم عليه حد بجنايته، ولا تعزير،
ويضيق عليه في المطعم والمشرب ليخرج، ولو أحدث في الحرم قوبل بما تقتضيه جنايته.
(الثاني) لو ترك الحجاج زيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجبروا على ذلك،
وإن كان ندبا لأنه جفاء.
(الثالث) للمدينة حرم، وحده من عاير إلى وعير لا يعضد شجره.
ولا بأس بصيده، إلا ما صيد بين الحرتين.
(الرابع) يستحب الغسل لدخولها وزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم استحبابا
مؤكدا، وزيارة فاطمة عليها صلوات الله والسلام في الروضة والأئمة عليهم السلام
بالبقيع والصلاة بين المنبر والقبر وهو الروضة. وأن يصام بها الأربعاء ويومان بعده
للحاجة. وأن يصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة وليلة الخميس عند الأسطوانة
98

التي تلي مقام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والصلاة في المساجد وإتيان قبور
الشهداء خصوصا قبر حمزة عليه السلام.
المقصد الثاني في العمرة:
وهي واجبة في العمر مرة على كل مكلف بالشرائط المعتبرة في الحج.
وقد تجب بالنذر وشبهه وبالاستئجار والإفساد والفوات وبدخول مكة عدا من
يتكرر والمريض.
وأفعالها ثمانية: النية، والإحرام، والطواف، وركعتاه، والسعي، وطواف
النساء وركعتاه والتقصير أو الحلق.
وتصح في جميع أيام السنة، (وأفضلها) رجب.
ومن أحرم بها في أشهر الحج ودخل مكة، جاز أن ينوي بها التمتع، ويلزمه الدم.
ويصح الاتباع إذا كان بين العمرتين شهر، وقيل عشرة أيام.
وقيل: لا يكون في السنة إلا عمرة واحدة. ولم يقدر (علم الهدى) بينهما حدا.
والتمتع بها يجزئ عن المفردة. وتلزم من ليس من حاضري المسجد الحرام.
ولا تصح إلا أشهر الحج، ويتعين فيها التقصير، ولو حلق قبله لزمه شاة.
وليس فيها طواف النساء.
وإذا دخل مكة متمتعا كره له الخروج لأنه مرتبط بالحج.
ولو خرج وعاد في شهره فلا حرج، وكذا لو أحرم بالحج وخرج بحيث
إذا أزف الوقوف عدل إلى عرفات.
ولو خرج لا كذلك وعاد في غير الشهر جدد عمرة وجوبا ويتمتع بالأخيرة
دون الأولى.
المقصد الثالث في اللواحق: وهي ثلاثة:
الأول في الإحصار والصد.
99

المصدود من منعه العدو. فإذا تلبس بالإحرام فصد، نحر هديه وأحل من
كل شئ.
ويتحقق الصد مع عدم التمكن من الوصول إلى مكة أو الموقفين (1) بحيث
لا طريق غير موضع الصد، أو كان، لكن لا نفقة.
ولا يسقط الحج الواجب مع الصد، ويسقط المندوب.
وفي وجوب الهدي على المصدود قولان، أشبههما: الوجوب.
ولا يصح التحلل إلا بالهدي ونية التحلل. وهل يسقط الهدي لو شرط حله
حيث حبسه؟ فيه قولان، أظهرهما: أنه لا يسقط.
وفائدة الاشتراط جواز التحلل من غير توقع.
وفي إجزاء هدي السياق عن هدي التحلل قولان، أشبهها: أنه يجزئ.
والبحث في المعتمر إذا صد عن مكة كالبحث في الحاج.
والمحصر هو الذي يمنعه المرض.
وهو يبعث هدية لو لم يكن ساق.
ولو ساق اقتصر على هدي السياق. ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله وهو " منى "
إن كان حاجا، و " مكة " إن كان معتمرا.
فهناك يقصر ويحل إلا من النساء، حتى يحج في القابل، إن كان واجبا،
أو يطاف عنه للنساء إن كان ندبا.
ولو بان أن هديه لم يذبح، لم يبطل تحلله، ويذبح في القابل.
وهل يمسك عما يمسك عنه المحرم؟ الوجه: لا
ولو أحصر فبعث ثم زال العارض التحق، فإن أدرك أحد الموقفين صح حجه.
وإن فاتاه، تحلل بعمرة.

(1) الوقوف بعرفات، والمشعر.
100

ويقضي الحج إن كان واجبا، ولا ندبا (1).
والمعتمر يقضي عمرته عند زوال المنع، وقيل: في الشهر الداخل.
وقيل لو أحصر القارن حج في القابل قارنا وهو على الأفضل إلا أن يكون
القران متعينا بوجه.
وروى استحباب بعث الهدي، والمواعدة لا شعاره، وتقليده واجتناب ما يجتنبه
(المحرم). وقت المواعدة، حتى يبلغ محله.
ولا يلبى لكن يكفر لو أتى (بما) يكفر له المحرم استحبابا.
الثاني في الصيد، وهو الحيوان المحلل الممتنع.
ولا يحرم صيد البحر وهو ما يبيض ويفرخ فيه. ولا الدجاج الحبشي.
ولا بأس بقتل الحية والعقرب والفأرة، ورمي الغراب والحدأة، ولا كفارة
في قتل السباع.
وروي في الأسد كبش إذا لم يرده، وفيها ضعف.
ولا كفارة في قتل الزنبور خطأ، وفي قتله عمدا صدقة بشئ من طعام.
ويجوز شراء القماري والدباسي، وإخراجها من مكة لا ذبحها.
وإنما يحرم على المحرم صيد البر.
وينقسم قسمين:
الأول: ما لكفارته بدل على الخصوص، وهو خمسة:
(الأول) النعامة. وفي قتلها بدنة. فإن لم يجد فض ثمن البدنة على البر وأطعم
ستين مسكينا كل مسكين مدين.
ولا يلزمه ما زاد عن ستين، ولا ما زاد عن قيمتها.
فإن لم يجد، صام عن كل مدين يوما. فإن عجز صام ثمانية عشر يوما.

(1) أي ولا يقضه إن كان ندبا
101

(الثاني) في بقرة الوحش، بقرة أهلية.
فإن لم يجد أطعم ثلاثين مسكينا، كل مسكين مدين.
ولو كانت قيمة البقرة أقل اقتصر على قيمتها.
فإن لم يجد صام عن كل مسكين يوما.
فإن عجز صام تسعة أيام.
وكذا الحكم في حمار الوحش على الأشهر.
(الثالث) الظبي، وفيه شاة.
فإن لم يجد فض ثمن الشاة على البر وأطعم عشرة، كل مسكين مدين.
ولو قصرت قيمتها اقتصر عليها.
فإن لم يجد، صام عن كل مسكين يوما. فإن عجز صام ثلاثة أيام.
والإبدال في الأقسام الثلاثة على التخيير، وقيل: على الترتيب وهو أظهر.
وفي الثعلب والأرنب شاة. وقيل: البدل فيهما كالظبي.
(الرابع) في بيض النعام إذا تحرك الفرخ، فلكل بيضة بكرة.
وإن لم يحرك أرسل فحولة الإبل في إناث بعدد البيض. فما نتج كان
هديا للبيت.
فإن عجز فعن كل بيضة شاة. فإن عجز فإطعام عشرة مساكين، فإن عجز صام
ثلاثة أيام
(الخامس) في بيض القطاة والقبج إذا تحرك الفرخ، من صغار الغنم.
وفي رواية، عن البيضة مخاض من الغنم.
وإن لم يتحرك أرسل فحولة الغنم في إناث بعدد البيض، فما نتج كان هديا.
ولو عجز كان فيه، ما في بيض النعام.
الثاني: ما لا بدل لفديته،. وهو خمسة:
الحمام، وهو كل طائر يهدر ويعب الماء، وقيل: كل مطوق.
102

ويلزم المحرم في قتل الواحدة شاة، وفي فرخها حمل، وفي بيضها درهم.
وعلى المحل فيها درهم، وفي فرخها نصف درهم، وفي بيضها ربع درهم.
ولو كان محرما في الحرم اجتمع عليه الأمران كفارتان.
ويستوي فيه الأهلي وحمام الحرم. غير أن حمام الحرم يشتري بقيمته علفا لحمامه.
وفي القطاة حمل قد فطم ورعى الشجر. وكذا في الدراج وشبههما
وفي رواية دم.
وفي الضب جدي، وكذا في القنفذ واليربوع.
وفي العصفور مد من طعام، وكذا في القنبرة والصعوة.
وفي الجراد كف من طعام، وكذا في القملة يلقيها عن جسده، وكذا قيل
في قتل [الشاة].
ولو كان الجراد كثيرا فدم شاة.
ولو لم يمكن التحرز منه فلا إثم ولا كفارة.
ثم أسباب الضمان: إما مباشرة، وإما إمساك، وإما تسبب:
أما المباشرة، فمن قتل صيدا ضمنه، ولو أكله، أو شيئا منه لزمه فداء آخر،
وكذا لو أكل ما ذبح في الحل، ولو ذبحه المحل، ولو أصابه ولم يؤثر فيه فلا فدية.
وفي يديه كمال القيمة وكذا في رجليه، وفي قرنيه نصف قيمة.
ولو جرحه أو كسر رجله أو يده ورآه سويا فربع الفداء.
ولو جهل حاله ففداء كامل، قيل: وكذا لو لم يعلم حاله، أثر فيه أم لا.
وقيل في كسر يد الغزال نصف قيمته، وفي يديه كمال القيمة، و
كذا في رجليه وفي قرنيه نصف قيمته وفي كل واحدة ربع، وفي المستند ضعف.
ولو اشترك جماعة في قتله لزم كل واحدة منهم فداء.
ولو ضرب طيرا على الأرض فقتله لزمه ثلاث قيم.
وقال الشيخ: دم وقيمتان.
103

ولو شرب لبن ظبية، لزمه دم وقيمة اللبن.
وأما اليد (1): فإذا أحرم ومعه صيد زال عنه ملكه ووجب إرساله،
ولو تلف قبل الإرسال ضمنه.
ولو كان الصيد نائيا عنه لم يخرج عن ملكه.
ولو أمسكه محرم في الحل وذبحه بمثله (2) لزم كلا منهما فداء.
ولو كان أحدهما محلا، ضمنه المحرم.
وما يصيده المحرم في الحل، لا يحرم على المحل،
وأما التسبب: فإذا أغلق على حمام وفراخ وبيض، ضمن بالإغلاق.
الحمامة بشاة، والفرخ بحمل، والبيضة بدرهم، ولو أغلق قبل إحرامه
ضمن الحمامة بدرهم، والفرخ بنصف، والبيضة بربع.
وشرط الشيخ مع الإغلاق الهلاك.
وقيل: إذا نفر حمام الحرم ولم يعد فعن كل طير شاة.
ولو عاد فعن الجميع شاة.
ولو رمى اثنان فأصاب أحدهما، ضمن كل واحد منهما فداء.
ولو أوقد جماعة نارا فاحترق فيها حمامة أو شبهها، لزمهم فداء.
ولو قصدوا ذلك، لزم كل واحد فداء.
ولو دل على صيد، أو أغرى كلبه فقتل، ضمنه.

(1) يعني الإمساك.
(2) أي محرم آخر.
(3) جاء في (شرائع الإسلام) من أغلق على حمام من حمام الحرم وله فراخ وبيض ضمن
بالإغلاق فإن زال السبب وأرسلها سليمة سقط الضمان ولو هلكت ضمن الحمامة بشاة والفرخ بحمل
والبيضة بدرهم إن كان محرما، وإن كان محلا ففي الحمامة درهم وفي الفرخ نصف وفي البيضة ربع.
وقيل: يستقر الضمان بنفس الإغلاق وبظاهر الرواية. والأول: أشبه.
104

ومن أحكام الصيد مسائل:
(الأولى) ما يلزم المحرم في الحل، والمحل في الحرم. يجتمعان على المحرم في
الحرم ما لم يبلغ بدنة.
(الثانية) يضمن الصيد بقتله عمدا أو سهوا أو جهلا.
وإذا تكرر خطأ دائما، ضمن.
ولو تكرر عمدا، ففي ضمانه في الثانية روايتان، أشهرهما: أنه لا يضمن.
(والثالثة) ولو اشترى محل بيض نعام لمحرم فأكله المحرم ضمن كل بيضة
بشاة، وضمن المحل عن كل بيضة درهما.
(الرابعة) لا يملك المحرم صيدا معه، ويملك ما ليس معه.
(الخامسة) لو اضطر إلى أكل صيد وميتة، فيه روايتان، أشهرهما: يأكل
الصيد ويفديه.
وقيل: إذا لم يمكنه الفداء أكل الميتة.
(السادسة) إذا كان الصيد مملوكا ففداؤه للمالك، ولو لم يكن مملوكا
تصدق به.
وحمام الحرم يشتري بقيمته علفا لحمامه.
(السابعة) ما يلزم المحرم يذبحه أو ينحره (بمنى) ولو كان معتمرا
فبمكة).
(الثامنة) من أصاب صيدا فداؤه شاة.
وإن لم يجد أطعم عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام في الحج.
ويلحق بهذا الباب صيد الحرم، وهو بريد (1) في بريد.
من قتل فيه صيدا ضمنه ولو كان محلا.
وهل يحرم وهو يؤم الحرم؟ الأشهر: الكراهية.

(1) البريد: اثنا عشر ميلا
105

ولو أصابه فدخل الحرم ومات لم يضمن على أشهر الروايتين.
ويكره الصيد بين البريد والحرم.
ويستحب الصدقة بشئ لو كسر قرنه أو فقأ عينه.
والصيد المربوط في الحل، يحرم إخراجه، لو دخل الحرم.
ويضمن المحل لو رمي الصيد من الحرم فقتله في الحل، وكذا لو رماه من
الحل فقتله في الحرم.
ولو كان الصيد على غصن في الحل وأصله في الحرم ضمنه القاتل.
ومن أدخل الحرم صيدا وجب عليه إرساله، ولو تلف في يده ضمنه.
وكذا لو أخرجه فتلف قبل الإرسال.
ولو كان طائرا مقصوصا حفظه حتى يكمل ريشه ثم أرسله.
وفي تحريم حمام الحرم في الحل تردد، أشبهه: الكراهية.
ومن نتف ريشة من حمام الحرم فعليه صدقة يسلمها بتلك اليد.
وما يذبح من الصيد في الحرم ميتة.
ولا بأس بما يذبح المحل في الحل.
وهل يملك المحل (صيدها) في الحرم؟ الأشبه: أنه يملك، ويجب إرسال
ما يكون معه.
الثالث في باقي المحظورات:
وهي تسعة: الاستمتاع بالنساء:
فمن جامع أهله قبل أحد الموقفين، قبلا أو دبرا، عامدا عالما بالتحريم، أتم
حجه ولزمه بدنة والحج من قابل، فرضا كان حجه أو نفلا.
وهل الثانية عقوبة؟ قيل: نعم.
والأولى فرضه، وقيل: الأولى فاسدة والثانية فرضه. والأول هو المري:
ولو أكرهها وهي محرمة، حمل عنها الكفارة، ولا حج عليها في القابل.
106

ولو طاوعته لزمها ما يلزمه. ولم يتحمل عنها كفارة.
وعليهما الافتراق إذا وصلا موضع الخطيئة حتى يقضيا المناسك.
ومعناه ألا يخلوا إلا مع ثالث.
ولو كان ذلك بعد الوقوف بالمشعر لم يلزمه الحج من قابل وجبره ببدنة.
ولو استمنى بيده لزمته البدنة حسب، وفي رواية: الحج من قابل.
ولو جامع أمته المحرمة بإذنه محل لزمه بدنة أو بقرة أو شاة.
ولو كان معسرا، فشاة أو صيام ثلاثة أيام.
ولو جامع قبل طواف الزيارة لزمه بدنة، فإن عجز فبقرة أو شاة.
ولو طاف من طواف النساء خمسة أشواط، ثم واقع، لم يلزمه الكفارة
وأتم طوافه.
وقيل: يكفي في البناء مجاوزة النصف.
ولو عقد المحرم لمحرم على امرأة ودخل، فعلى كل واحد كفارة.
وكذا لو كان العاقد محلا على رواية سماعة.
ومن جامع في إحرام العمرة قبل السعي فعليه بدنة وقضاء العمرة.
ولو أمني بنظره إلى غير أهله فبدنة إن كان موسرا، وبقرة، إن كان متوسطا،
أو شاة، إن كان معسرا.
ولو نظر إلى أهله لم يلزمه شئ، إلا أن ينظر إليها بشهوة فيمني فعليه بدنة.
ولو مسها بشهوة، فشاة، أمني أو لم يمن.
ولو قبلها بشهوة كان عليه جزور، وكذا لو أمني عن ملاعبة.
ولو كان عن تسمع على مجامع، أو استماع إلى كلام امرأة من غير نظر، لم
يلزمه شئ.
والطيب: ويلزم باستعماله شاة، صبغا وإطلاء وبخورا وفي الطعام.
ولا بأس بخلوق الكعبة وإن مازجه الزعفران.
107

والقلم: وفي كل ظفر مد من طعام.
وفي يديه ورجليه شاة إذا كان في مجلس واحد.
ولو كل واحد منهما في مجلس فدمان.
ولو أفتاه بالقلم فأدمى ظفره فعلى المفتي شاة.
والمخيط: يلزم به دم، ولو اضطر جاز. ولو لبس عدة في مكان.
وحلق الشعر: فيه شاة أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان، أو عشرة،
لكل مسكين مد، وصيام ثلاثة أيام مختارا، أو مضطرا.
وفي نتف الإبطين شاة. وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين.
ولو مس لحيته أو رأسه وسقط من رأسه شعر تصدق بكف من طعام.
ولو كان بسبب الوضوء للصلاة فلا كفارة.
والتظليل: فيه سائرا شاة. وكذا في تغطية الرأس ولو بالطين أو الارتماس
أو حمل ما يستره.
والجدال: ولا كفارة فيما دون الثلاث صادقا. وفي الثلاث شاة.
وفي المرة كذبا شاة. وفي المرتين بقرة. وفي الثلاث بدنة.
وقيل: في دهن للتطييب شاة. وكذا قيل في قلع الضرس.
مسائل ثلاث:
(الأولى) في قلع الشجر من الحرم الإثم، عدا ما استثنى، سواء كان أصلها
في الحرم أو فرعها. وقيل: فيها بقرة. وقيل: في الصغيرة شاة، وفي الكبيرة بقرة.
(الثانية) لو تكرر الوطء تكرر الكفارة.
ولو كرر اللبس، فإن اتحد اللبس لم يتكرر، وكذا لو كرر الطيب.
ويتكرر مع اختلاف المجلس.
(الثالثة) إذا أكل المحرم أو لبس ما يحرم عليه، لزمه دم شاة.
وتسقط الكفارة عن الناسي والجاهل إلا في الصيد.
108

كتاب الجهاد
والنظر في أمور ثلاثة:
(الأول) من يجب عليه. وهو فرض على كل من استكمل شروطا ثمانية.
البلوغ، والعقل، والحرية، والذكورة، وألا يكون هما ولا مقعدا ولا أعمى ولا
مريضا يعجز عنه.
وإنما يجب مع وجود الإمام العادل، أو من نصبه لذلك، ودعائه إليه.
ولا يجوز مع الجائر إلا أن يدهم المسلمين من يخشى منه على بيضة الإسلام
أو يكون بين قوم ويغشاهم عدو فيقصد الدفع عن نفسه في الحالين لا معاونة الجائر.
ومن عجز بنفسه وقدر على الاستنابة وجبت، وعليه القيام بما يحتاج إليه النائب،
ولو استناب مع القدرة جاز أيضا.
والمرابطة: إرصاد لحفظ الثغر (1)، وهي مستحبة. ولو كان الإمام مفقودا
لأنها لا تتضمن جهادا، بل حفظا وإعلاما.
ولو عجز جاز أن يربط فرسه هناك.
ولو نذر المرابطة وجبت مع وجود الإمام وفقده
وكذا لو نذر أن يصرف شيئا إلى المرابطة وإن لم ينذره ظاهرا ولم يخف
الشنعة، ولا يجوز صرف ذلك في غيرها من وجوه البر على الأشبه.

(1) جاء في (تذكرة الفقهاء:) قال سلمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول (رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه).. وتستحب المرابطة بنفسه وغلامه
وفرسه.. ولو عجز عن المرابطة بنفسه، رابط فرسه أو غلامه أو جاريته أو أعان المرابطين. ويستحب الحرس
في سبيل الله قال ابن عباس: سمعت رسول الله يقول: عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله،
وعين باتت تحرس في سبيل الله.
109

وكذا لو أخذ من غيره شيئا ليرابط له لم تجب عليه إعادته وإن وجده،
وجاز له المرابطة أو وجبت.
النظر الثاني فيمن يجب جهادهم وهم ثلاثة:
(الأول) البغاة: يجب قتال من خرج على إمام عادل إذا دعا إليه هو أو من
نصبه. والتأخر عنه كبيرة.
ويسقط بقيام من فيه غنى، ما لم يستنهضه الإمام على التعيين.
والفرار منه في حربهم كالفرار في حرب المشركين.
ويجب مصابرتهم حتى يفيئوا أو يقتلوا.
ومن كان له فئة أجهز على جريحهم وتبع مدبرهم، وقتل أسيرهم.
ومن لا فئة له يقتصر على تفريقهم.
فلا يذفف على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم ولا يسترق ذريتهم
ولا نساءهم ولا تؤخذ أموالهم التي ليست في العسكر.
وهل يؤخذ ما حواه العسكر مما ينقل؟ فيه قولان، أظهرهما: الجواز.
وتقسم كما تقسم أموال الحرب.
(الثاني) أهل الكتاب: والبحث فيمن تؤخذ الجزية منه وكميتها
وشرائط الذمة.
وهي تؤخذ من اليهود والنصارى، وممن له شبهة كتاب، وهم المجوس.
ويقاتل هؤلاء كما يقاتل أهل الحرب حتى ينقادوا لشرائط الذمة، فهناك يقرون
على معتقدهم.
ولا تؤخذ الجزية من الصبيان والمجانين والبله والنساء والهم على الأظهر.
ومن بلغ منهم، أمر بالإسلام أو التزام الشرائط، فإن امتنع صار حربيا،
والأولى ألا يقذ الجزية فإنه أنسب بالصغار.
وكان علي عليه السلام يأخذ من الغني ثمانية وأربعين درهما، ومن المتوسط
أربعة وعشرين، ومن الفقير اثنى عشر درهما، لاقتضاء المصلحة، لا توظيفا لازما.
110

ويجوز وضع الجزية على الرؤوس أو الأرض.
وفي جواز الجمع قولان، أشبههما: الجواز.
وإذا أسلم الذمي قبل الحول سقطت الجزية.
ولو كان بعده وقبل الأداء فقولان، أشبههما: السقوط.
وتؤخذ من تركته، لو مات بعد الحول ذميا.
أما الشروط فخمسة. قبول الجزية، وألا يؤذوا المسلمين، كالزنا بنسائهم أو السرقة
لأموالهم، وألا يتظاهروا بالمحرمات كشرب الخمر، والزنا، ونكاح المحارم،
وألا يحدثوا كنيسة ولا يضربوا ناقوسا، وأن تجري عليهم أحكام الإسلام.
ويلحق بذلك: البحث في الكنائس والمساجد والمساكن.
ولا يجوز استئناف البيع والكنائس في بلاد الإسلام، وتزال لو استحدثت
ولا بأس بما كان عاديا قبل الفتح، وبما أحدثوه في أرض الصلح، ويجوز رمتها.
ولا يعلي الذمي بنيانه فوق المسلم ويقر ما ابتاعه من مسلم على حاله
ولو انهدم لم يعل به.
ولا يجوز لأحدهم دخول المسجد الحرام ولا غيره، ولو أذن له المسلم.
مسألتان
(الأولى) يجوز أخذ الجزية من أثمان المحرمات كالخمر.
(الثانية) يستحق الجزية من قام مقام المهاجرين في الذب عن الإسلام
من المسلمين.
(الثالث) من ليس لهم كتاب ويبدأ بقتال من يليه إلا مع اختصاص
الأبعد بالخطر.
ولا يبدؤون إلا بعد الدعوة إلى الإسلام، فإن امتنعوا حل جهادهم
ويختص بدعائهم الإمام، أو من يأمره.
وتسقط الدعوة عمن قوبل بها وعرفها.
111

وإن اقتضت المصلحة المهادنة جاز، لكن لا يتولاها إلا الإمام، أو من يأذن له.
ويذم (1) الواحد من المسلمين للواحد، ويمضي ذمامه على الجماعة ولو كان أدونهم.
ومن دخل بشبهة الأمان فهو آمن حتى يرد إلى مأمنه.
لو استذم فقيل: لا نذم، فظن أنهم أذنوا فدخل وجب إعادته إلى مأمنه
نظرا في الشبهة.
ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف أو أقل، إلا لمتحرف
أو متحيز إلى فئة ولو غلب على الظن العطب على الأظهر، ولو كان أكثر جاز.
ويجوز المحاربة بكل ما يرجى به الفتح: كهدم الحصون، ورمي المناجيق.
ولا يضمن ما يتلف بذلك المسلمين بينهم.
ويكره بإلقاء النار، ويحرم بإلقاء السم، وقيل يكره.
ولو تترسوا بالصبيان والمجانين أو النساء ولم يمكن الفتح إلا بقتلهم جاز.
وكذا لو تترسوا بالأسارى من المسلمين فلا دية.
وفي الكفارة قولان.
ولا يقتل نساؤهم ولو عاون، إلا مع الاضطرار.
ويحرم التمثيل بأهل الحرب والغدر والغلول منهم.
ويقاتل في أشهر الحرم من لا يرى لها حرمة. ويكف عمن يرى حرمتها.
ويكره القتال قبل الزوال، والتبييت، وأن تعرقب الدابة، والمبارزة بين الصفين
بغير إذن الإمام.
النظر الثالث في التوابع وهي أربعة:
(الأول) في قسمة الفئ: يجب إخراج ما شرطه الإمام أولا كالجعائل.
ثم بما تحتاج إليه الغنيمة كأجرة الحافظ والراعي. وبما يرضخ (2) لمن لا قسمة له
كالنساء والكفار والعبيد.

(1) أذمه: أجاره، ا ه‍ مختار الصحاح.
(2) الرضخ: القليل من العطية.
112

ثم يخرج الخمس، ويقسم الباقي بين المقاتلة ومن حضر القتال وإن لم يقاتل حتى
الطفل ولو ولد بعد الحيازة قبل القسمة.
وكذا من يلتحق بهم من المدد. للراجل سهم وللفارس سهمان.
وقيل: للفارس ثلاثة.
ولو كان معه أفراس أسهم للفرسين دون ما زاد.
وكذا يقسم لو قاتلوا في السفن وإن استغنوا عن الخيل، ولا سهم لغير الخيل،
ويكون راكبها في الغنيمة كالراجل.
والاعتبار بكونه فارسا عند الحيازة لا بدخول المعركة.
والجيش يشارك سريته ولا يشاركها عسكر البلد.
وصالح النبي عليه السلام الأعراب عن ترك المهاجرة بأن يساعدوا إذا استنفر بهم،
ولا نصيب لهم في الغنيمة.
ولو غنم المشركون أموال المسلمين وذراريهم ثم ارتجعوها لم تدخل في الغنيمة.
ولو عرفت بعد القسمة فقولان، أشبههما: ردها على المالك.
ويرجع الغانم على الإمام بقيمتها مع التفرق، وإلا فعلى الغنيمة.
(الثاني) في الأسارى: والإناث منهم والأطفال يسترقون، ولا يقتلون.
ولو اشتبه الطفل بالبالغ، اعتبر بالإنبات.
والذكور البالغون يقتلون حتما، إن أخذوا والحرب قائمة ما لم يسلموا
والإمام مخير بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وتركهم
حتى ينزفوا.
وإن أخذوا بعد انقضائها لم يقتلوا. وكان الإمام مخيرا بين المن والفداء
والاسترقاق، ولا يسقط هذا الحكم لو أسلموا.
ولا يقتل الأسير لو عجز عن المشي ولا يعد الذمام له ويكره أن يصبر على القتل.
ولا يجوز دفن الحربي ويجب دفن المسلم.
113

ولو اشتبهوا قيل: يوارى من كان كميشا كما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
في قتلى بدر.
وحكم الطفل حكم أبويه. فإن أسلما أو أسلم أحدهما لحق بحكمه.
ولو أسلم حربي في دار الحرب حقن دمه وماله مما ينفل دون العقارات
والأرضين ولحق به ولده الأصاغر.
ولو أسلم عبد في دار الحرب قبل مولاه ملك نفسه.
وفي اشتراط خروجه تردد، المروي: أنه يشترط.
(الثالث) في أحكام الأرضين وكل أرض فتحت عنوة وكانت محياة فهي
للمسلمين كافة، والغانمون في الجملة، لا تباع ولا توقف ولا توهب ولا تملك
على الخصوص.
والنظر فيها إلى الإمام، يصرف حاصلها في المصالح.
وما كان مواتا وقت الفتح فهو للإمام لا يتصرف إلا بإذنه.
وكل أرض فتحت صلحا على أن الأرض لأهلها، والجزية فيها، فهي لأربابها
ولهم التصرف فيها.
ولو باعها المالك صح، وانتقل ما كان عليها من الجزية إلى ذمة البائع.
ولو أسلم سقط ما على أرضه أيضا، لأنه جزية.
ولو شرطت الأرض للمسلمين كانت كالمفتوحة عنوة، والجزية على رقابهم.
وكل أرض أسلم أهلها طوعا فهي لهم.
وليس عليهم سوى الزكاة في حاصلها، مما تجب فيه الزكاة.
وكل أرض ترك أهلها عمارتها فللإمام تسليمها إلى من يعمرها، وعليه
طسقها لأربابها.
وكل أرض موات سبق إليها سابق فأحياها فهو أحق بها.
وإن كان لا مالك فعليه طسقها له.
114

(الرابع) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وهما واجبان على الأعيان في أشبه القولين.
والأمر بالواجب واجب وبالمندوب مندوب، والنهي عن المنكر كله واجب.
ولا يجب أحدهما ما لم يستكمل شروطا أربعة:
العلم بأن ما يأمر به معروف، وما ينهى عنه منكر.
وأن يجوز تأثير الإنكار، وألا يظهر من الفاعل أمارة الإقلاع.
وألا يكون فيه مفسدة.
وينكر بالقلب، ثم باللسان، ثم باليد.
ولا ينتقل إلى الأثقل إلا إذا لم ينجح الأخف.
ولو زال بإظهار الكراهية اقتصر، ولو كان بنوع من إعراض.
ولو لم يثمر انتقل إلى اللسان.
ولو لم يرتفع إلا باليد، كالضرب جاز.
أما لو افتقر إلى الجراح أو القتل لم يجز إلا بإذن الإمام أو من نصبه.
وكذا الحدود لا ينفذها إلا الإمام أو من نصبه.
وقيل: يقيم الرجل الحد على زوجته وولده.
وكذا قيل: يقيم الفقهاء الحدود في زمان الغيبة إذا أمنوا، ويجب على
الناس مساعدتهم.
ولو اضطر الجائر إنسانا إلى إقامة حد جاز ما لم يكن قتلا محرما فلا تقية فيه.
ولو أكرهه الجائر على القضاء، اجتهد في تنفيذ الأحكام على الوجه الشرعي
ما استطاع.
وإن اضطر عمل بالتقية ما لم يكن قتلا.
115

كتاب التجارة
وفيه فصول:
الفصل الأول
فيما يكتسب به، والمحرم منه أنواع
(الأول) الأعيان النجسة، كالخمر، والأنبذة والفقاع، والميتة، والدم،
والأرواث، والأبوال مما لا يؤكل لحمه.
وقيل بالمنع من الأبوال مما لا يؤكل لحمه، وقيل بالمنع من الأبوال إلا أبوال
الإبل، والخنزير والكلاب عدا كلب الصيد.
وفي كلب الماشية والحائط والزرع قولان، والمائعات النجسة عدا الدهن
لفائدة الاستصباح.
ولا يباع ولا يستصبح بما يذاب من شحوم الميتة وألبانها.
(الثاني) الآلات المحرمة كالعود والطبل والزمر وهياكل العبادة المبتدعة،
كالصنم والصليب، وآلات القمار، كالنرد والشطرنج.
(الثالث) ما يقصد به المساعدة على المحرم كبيع السلاح لأعداء الدين في حال
الحرب، وقيل مطلقا، وإجارة المساكن والحمولات للمحرمات، وبيع العنب ليعمل
خمرا، والخشب ليعمل صنما، ويكره بيعه، ممن يعمله.
(الرابع) ما لا ينتفع به كالمسوخ، برية كانت، كالدب والقرد أو بحرية،
كالجري والسلاحف وكذا الضفادع والطافي.
ولا بأس بسباع الطير والهر والفهد.
وفي بقية السباع قولان، أشبههما: الجواز.
(الخامس) الأعمال المحرمة، كعمل الصور المجسمة، والغناء عدا المغنية لزف
116

العرايس، إذا لم تغن بالباطل ولم تدخل عليها الرجال. والنوح بالباطل.
أما بالحق فجايز.
وهجاء المؤمنين وحفظ كتب الظلال ونسخها لغير النقض، وتعلم السحر
والكهانة والقيافة والشعبذة والقمار والغش بما يخفى، وتدليس الماشطة، ولا بأس
بكسبها مع عدمه.
وتزيين الرجل بما يحرم عليه، وزخرفة المساجد والمصاحف، ومعونة الظالم،
وأجرة الزانية.
(السادس) الأجرة على القدر الواجب من تغسيل الأموات وتكفينهم وحملهم
ودفنهم، والرشا في الحكم، والأجرة على الصلاة بالناس، والقضاء.
ولا بأس بالرزق من بيت المال، وكذا على الأذان.
ولا بأس بالأجرة على عقد النكاح.
والمكروه: إما لإفضائه إلى المحرم غالبا كالصرف وبيع الأكفان، والطعام،
الرقيق، والصباغة، والذباحة؟ وبيع ما يكن من السلاح لأهل الكفر،
كالخفين والدرع.
وإما لضيعته كالحياكة والحجامة إذا شرط الأجرة. وضراب الفحل.
ولا بأس بالختانة وخفض الجواري.
وإما لتطرق الشبهة، ككسب الصبيان ومن لا يجتنب المحارم.
ومن المكروه، الأجرة على تعليم القرآن ونسخه، وكسب القابلة مع الشرط
ولا بأس به لو تجرد.
ولا بأس بأجرة تعليم الحكم والآداب.
وقد يكره الاكتساب بأشياء أخر تأتي إن شاء الله تعالى.
مسائل ست:
الأولى: لا يؤخذ ما ينثر في الأعراس إلا ما يعلم معه الإباحة.
117

الثانية: لا بأس ببيع عظام الفيل واتخاذ الأمشاط منها.
الثالثة: يجوز أن يشتري من السلطان ما يأخذه باسم المقاسمة واسم الزكاة من
ثمرة وحبوب ونعم. وإن لم يكن مستحقا له.
الرابعة: لو دفع إليه مالا ليصرفه في المحاويج وكان منهم فلا يأخذ منه إلا بإذنه
على الأصح.
ولو أعطى عياله جاز إذا كانوا بالصفة، ولو عين له لم يتجاوز.
الخامسة: جوائز الظالم محرمة إن علمت بعينها، وإلا فهي حلال.
السادسة: الولاية من العادل جائزة، وربما وجبت، وعن الجائر محرمة
إلا مع الخوف.
نعم لو تيقن التخلص من المآثم والتمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر استحبت.
ولو أكره لا مع ذلك أجاب دفعا للضرير، وينفذ أمره ولو كان محرما،
إلا في قتل المسلم.
الفصل الثاني
في البيع وآدابه
أما البيع فهو الإيجاب والقبول اللذان تنتقل بهما العين المملوكة من مالك
إلى غيره بعوض مقدر، وله شروط:
الأول: يشترط في المتعاقدين كمال العقل والاختيار، وأن يكون البائع مالكا
أو وليا كالأب والجد للأب والحاكم وأمينه والوصي، أو وكيلا.
ولو باع الفضولي فقولان: أشبههما: وقوفه على الإجازة.
ولو باع ما لا يملكه مالك كالحر، وفضلات الإنسان، والخنافس والديدان لم ينعقد.
ولو جمع بين ما يملك وما لا يملك في عقد واحد كعبده وعبد غيره صح في
عبده، ووقف الآخر على الإجازة.
118

أما لو باع العبد والحر، أو الشاة والخنزير صح فيما يملك وبطل في الآخر، ويقومان
ثم يقوم أحدهما ويسقط من الثمن ما قابل الفاسد.
الثاني: الكيل أو الوزن أو العدد.
فلو بيع ما يكال أو يوزن أو يعد لا كذلك بطل.
ولو تعسر الوزن أو العدد أعتبر مكيال واحد بحسابه.
ولا يكفي مشاهدة الصبرة ولا المكيال المجهول.
ويجوز ابتياع جزء مشاع بالنسبة من معلوم وإن اختلفت أجزاؤه.
الثالث: لا تباع العين الحاضرة إلا مع المشاهدة أو الوصف.
ولو كان المراد طعمها أو ريحها فلا بد من اختبارها إذا لم يفسد به.
ولو بيع ولما يختبر فقولان، أشبههما: الجواز، وله الخيار لو خرج معيبا،
ويتعين الأرش بعد الإحداث فيه.
ولو أدى اختباره إلى إفساده كالجوز والبطيخ جاز شراؤه.
ويثبت الأرش لو خرج معيبا لا الرد، ويرجع بالثمن إن لم يكن
لمكسوره قيمة.
وكذا يجوز بيع المسك في فأره وإن لم يفتق.
ولا يجوز بيع سمك الآجام لجهالته ولو ضم إليه القصب على الأصح، وكذا
اللبن في الضرع ولو ضم إليه ما يحتلب منه وكذا أصواف الغنم مع ما في بطونها
وكذا كل واحد منها منفردا، وكذا ما يلقح للفحل، وكذا ما يضرب
الصياد بشبكته.
الرابع: تقدير الثمن وجنسه.
فلو اشتراه بحكم أحدهما فالبيع باطل ويضمن المشتري تلف المبيع مع قبضه ونقصانه.
وكذا في كل ابتياع فاسد.
119

ويرد عليه ما زاد بفعله كتعليم الصنعة والصبغ على الأشبه، وإذا أطلق النقد
انصرف إلى نقد البلد، وإن عين نقدا لزم.
ولو اختلفا في قدر الثمن فالقول قول البائع مع يمينه، إن كان المبيع قائما،
وقول المشتري مع يمينه إن كان تالفا.
ويوضع لظروف السمن والتمر ما هو معتاد لا ما يزيد.
الخامس: القدرة على تسليمه.
فلو باع الآبق منفردا لم يصح، ويصح لو ضم إليه شيئا.
وأما الآداب: فالمستحب التفقه فيه والتسوية بين المبتاعين، والإقالة لمن
استقال، والشهادتان، والتكبير عند الابتياع، وأن يأخذ لنفسه ناقصا
ويعطي راجحا.
والمكروه: مدح البائع، وذم المشتري، والحلف، والبيع في موضع يستر فيه
العيب، والربح على المؤمن إلا مع الضرورة وعلى من بعده بالإحسان، والسوم
ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ودخول السوق أولا، ومبايعة الأدنين وذوي
العاهات..، والتعرض للكيل أو الوزن إذا لم يحسن، والاستحطاط بعد
الصفقة، والزيادة وقت النداء، ودخوله في سوم أخيه وأن يتوكل الحاضر للبادي،
وقيل يحرم، وتلقي الركبان، وحده أربعة فراسخ فما دون، ويثبت الخيار إن
ثبت الغبن والزيادة في السلعة مواطأة للبائع، وهو النجش والاحتكار وهو
حبس الأقوات، وقيل يحرم.
وإنما يكون في الحنطة والشعير، والتمر والزبيب، والسمن، وقيل: وفي الملح،
وتتحقق الكراهية إذا استبقاه لزيادة الثمن، ولم يوجد بائع غيره.
وقيل: أن تستبقيه في الرخص أربعين يوما، وفي الغلاء ثلاثة.
ويجبر المحتكر على البيع. وهل يسعر عليه؟ الأصح: لا.
120

الفصل الثالث
في الخيار والنظر في أقسامه وأحكامه
وأقسامه ستة:
(الأول) خيار المجلس وهو ثابت للمتبايعين في كل مبيع لم يشترط فيه سقوطه
ما لم يفترقا.
(الثاني) خيار الحيوان وهو ثلاثة أيام للمشتري خاصة، على الأصح.
ويسقط لو شرط سقوطه، أو أسقطه المشتري بعد العقد، أو تصرف فيه
المشتري، سواء كان تصرفا لازما كالبيع أو غير لازم كالوصية والهبة قبل القبض.
(الثالث) خيار الشرط وهو بحسب ما يشترط.
ولا بد أن تكون مدته مضبوطة.
ولو كانت محتملة لم تجز كقدوم الغزاة وإدراك الثمرات.
ويجوز اشتراط مدة يرد فيها البائع الثمن ويرتجع المبيع.
فلو انقضت ولما يرد لزم البيع.
ولو تلف في المدة تلف من المشتري، وكذا لو حصل له نماء كان له.
(الرابع) خيار الغبن، ومع ثبوته وقت العقد بما لا يتغابن فيه غالبا وجهالة
المغبون يثبت له الخيار في الفسخ والإمضاء.
(الخامس) من باع ولم يقبض الثمن ولا قبض المبيع ولا اشترط التأخير
فالبيع لازم ثلاثة أيام. ومع انقضائها يثبت الخيار للبائع.
فإن تلف، قال المفيد: يتلف في الثلاثة من المشتري، وبعدها من البائع.
والوجه تلفه من البائع في الحالين لأن التقدير أنه لم يقبض.
ولو اشترى ما يفسد من يومه، ففي رواية يلزم البيع إلى الليل، فإن لم يأت بالثمن فلا بيع له.
(السادس) خيار الرؤية:
وهو يثبت في بيع الأعيان الحاضرة من غير مشاهدة.
ولا يصح حتى يذكر الجنس والوصف.
121

فإن كان موافقا لزم. وإلا كان للمشتري الرد
وكذا لو لم يره البائع واشترى بالوصف كان الخيار للبائع لو كان بخلاف الصفة.
وسيأتي خيار العيب إن شاء الله تعالى.
وأما الأحكام: فمسائل:
(الأولى) خيار المجلس، يختص البيع دون غيره.
(الثانية) التصرف يسقط خيار الشرط.
(الثالثة) الخيار يورث، مشروطا كان أو لازما بالأصل.
(الرابعة) المبيع يملك بالعقد. وقيل: به وبانقضاء الخيار.
وإذا كان الخيار للمشتري، جاز له التصرف، وإن لم يوجب البيع على نفسه.
(الخامسة) إذا تلف المبيع قبل قبضه، فهو من مال البائع وكذا بعد قبضه
وقبل انقضاء خيار المشتري ما لم يفرط، ولو تلف بعد ذلك كان من المشتري.
(السادسة) لو اشترى ضيعة رأى بعضها ووصف له سائرها كان له الخيار فيها
أجمع، إن لم يكن على الوصف.
الفصل الرابع
في لواحق البيع وهي خمسة
(الأول) النقد والنسيئة.
من أبتاع مطلقا فالثمن حال، كما لو شرط تعجيله.
ولو شرط التأجيل مع تعيين المدة صح.
ولو لم يعين بطل. وكذا لو عين أجلا محتملا كقدوم الغزاة.
وكذا لو قال: بكذا نقدا، وبكذا نسيئة، وفي رواية، له أقل الثمنين نسيئة.
ولو كان إلى أجلين بطل.
ويصح أن يبتاع ما باعه نسيئة قبل الأجل بزيادة ونقصان بجنس الثمن غيره،
حالا ومؤجلا إذا لم يشترط ذلك.
122

ولو حل فابتاعه من المشتري بغير جنس الثمن أو بجنسه من غير زيادة ولا نقصان صح
ولو زاد عن الثمن أو نقص ففيه روايتان، أشبههما: الجواز.
ولا يجب دفع الثمن قبل حلوله وإن طلب. ولو تبرع بالدفع لم يجب القبض،
ولو حل فدفع وجب القبض.
ولو امتنع البائع فهلك من غير تفريط من الباذل تلف من البائع.
وكذا في طرف البائع لو باع سلما.
ومن أبتاع بأجل وباع مرابحة فليخبر المشتري بالأجل.
ولو لم يخبره، كان للمشتري الرد أو الإمساك بالثمن حالا.
وفي رواية، للمشتري من الأجل مثله.
مسألتان:
(الأولى) إذا باع مرابحة فلينسب الربح إلى السلعة.
ولو نسبه إلى المال (1) فقولان، أصحهما: الكراهية (2).
(الثانية) من اشترى أمتعة صفقة، لم يجز بيع بعضها مرابحة سواء قومها
أو بسط الثمن عليها وباع خيارها.
ولو أخبر بذلك جاز لكن يخرج عن وضع المرابحة.
ولو قوم على الدلال متاعا ولم يواجبه البيع وجعل له الزائد أو شاركه فيه
أو جعل لنفسه منه قسطا وللدلال الزائد، لم يجز بيع ذلك مرابحة.
ويجوز لو أخبر بالصورة كما قلناه في الأول، ويكون للدلال الأجرة.
والفائدة للتاجر، سواء كان التاجر دعاه أو الدلال ابتدأه.
ومن الأصحاب من فرق.
(الثاني) فيما يدخل في المبيع.
من باع أرضا لم يدخل نخلها ولا شجرها إلا أن يشترط.
وفي رواية، إذا أبتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها.

(1) بأن يقول رأس مالي مائة، مثلا، وبعتك بربح درهم في كل عشرة المسالك
(2) لأنه وإن لم يكن ربا في الواقع إلا أن عبارته موهمة ذلك.
123

ولو أبتاع دارا، دخل الأعلى والأسفل، إلا أن تشهد العادة للأعلى بالانفراد.
ولو باع نخلا مؤبرا، فالثمرة للبائع، إلا أن يشترط.
وكذا لو باع شجرة مثمرة أو دابة حاملا على الأظهر.
ولو لم تؤبر النخلة فالطلع للمشتري.
(الثالث) في القبض:
إطلاق العقد يقتضي تسليم المبيع والثمن.
والقبض هو التخلية فيما لا ينقل كالعقار. وكذا فيما ينقل.
وقيل: في القماش هو الإمساك باليد. وفي الحيوان هو نقله.
ويجب تسليم المبيع مفرغا، فلو كان فيه متاع فعلى البائع إزالته.
ولا بأس ببيع ما لم يقبض، ويكره فيما يكال أو يوزن.
وتتأكد الكراهية في الطعام، وقيل يحرم.
وفي رواية لا تبيعه حتى تقبضه، إلا أن توليه.
ولو قبض المكيل وادعى نقصانه فإن حضر الاعتبار فالقول قول البائع مع يمينه.
وإن لم يحضره فالقول قوله مع يمينه.
وكذا القول في الموزون والمعدود والمذروع.
(الرابع) في الشروط:
ويصح منها ما كان سائغا داخلا تحت القدرة كقصارة الثوب.
ولا يجوز اشتراط غير المقدور، كبيع الزرع على أن يصيره سنبلا.
ولا بأس باشتراط تبقيته.
ومع إطلاق الابتياع، يلزم البائع إبقاؤه إلى إدراكه، وكذا الثمرة ما لم
يشترط الإزالة.
ويصح اشتراط العتق والتدبير، والكتابة.
ولو اشترط ألا يعتق أو لا يطأ الأمة، قيل يبطل الشرط دون البيع.
124

ولو شرط في الأمة ألا تباع ولا توهب فالمروي: الجواز.
ولو باع أرضا جربانا معينة فنقصت فللمشتري الخيار بين الفسخ والإمضاء بالثمن.
وفي رواية، له أن يفسخ أو يمضي البيع بحصتها من الثمن.
وفي الرواية، إن كان للبائع أرض بجنب تلك الأرض لزم البائع أن يوفيه منها.
ويجوز أن يبيع مختلفين صفقة. وأن يجمع بين سلف وبيع.
(الخامس) في العيوب.
وضابطها ما كان زائدا عن الخلقة الأصيلة أو ناقصا.
وإطلاق العقد يقتضي السلامة.
فلو ظهر عيب سابق تخير المشتري بين الرد والأرش ولا خيرة للبائع.
ويسقط الرد بالبراءة من العيب ولو إجمالا. وبالعلم به قبل العقد. وبالرضا
بعده. وبحدوث عيب عنده. وبإحداثه في المبيع حدثا، كركوب الدابة والتصرف
الناقل ولو كان قبل العلم بالعيب.
أما الأرش. فيسقط بالثلاثة الأول، دون الأخيرين.
ويجوز بيع المعيب وإن لم يذكر عيبه، وذكره مفصلا أفضل.
ولو أبتاع شيئين فصاعدا صفقة فظهر العيب في البعض، فليس له رد المعيب
منفردا، وله رد الجميع أو الأرش.
ولو اشترى اثنان شيئا صفقة فلهما الرد بالعيب أو الأرش.
وليس لأحدهما الانفراد بالرد على الأظهر.
والوطئ يمنع رد الأمة إلا من عيب الحبل، ويرد معها نصف عشر قيمتها.
وهنا مسائل
(الأولى) التصرية (1) تدليس، يثبت بها خيار الرد. ويرد معها مثل لبنها
أو قيمته مع التعذر. وقيل صاع من بر.

(1) صرى الشاة تصرية: إذ لم يحلبها أياما حتى يجتمع اللبن في ضرعها. ا ه‍ مختار.
125

(الثانية) الثيوبة ليست عيبا.
نعم لو شرط البكارة فثبت سبق الثيوبة كان له الرد.
ولو لم يثبت التقدم فلا رد، لأن ذلك قد يذهب بالنزوة (1).
(الثالثة) لا يرد العبد بالإباق الحادث عند المشتري. ويرد بالسابق.
(الرابعة) لو اشترى أمة لا تحيض في ستة أشهر فصاعدا ومثلها تحيض، فله
الرد، لأن ذلك لا يكون إلا لعارض.
(الخامسة) لا يرد البزر (2) والزيت بما يوجد فيه من التفل المعتاد.
نعم لو خرج عن العادة جاز رده، إذا لم يعلم.
(السادسة) لو تنازعا في التبري من العيب ولا بينة، فالقول قول منكره مع يمينه.
(السابعة) لو ادعى المشتري تقدم العيب ولا بينة. فالقول قول البائع مع يمينه
ما لم يكن هنا قرينة حال تشهد لأحدهما.
(الثامنة) يقوم المبيع صحيحا ومعيبا، ويرجع المشتري على البائع بنسبة ذلك
من الثمن.
ولو اختلف أهل الخبرة رجع إلى القيمة الوسطى.
(التاسعة) لو حدث العيب بعد العقد وقبل القبض، كان للمشتري الرد.
وفي الأرش قولان، أشبههما الثبوت.
وكذا لو قبض المشتري بعضا وحدث في الباقي كان الحكم ثابتا فيما لم يقبض.
الفصل الخامس
في الربا
وتحريمه معلوم من الشرع.
حتى إن الدرهم منه أعظم من سبعين زنية.

(1) يريد الوثبة، وفي (شرائع الإسلام) قد يذهب بالخطوة.
(2) بالكسر وقيل بالفتح: (دهن؟) الكتان.
126

ويثبت في كل مكيل أو موزون مع الجنسية.
وضابط الجنس ما يتناوله اسم خاص، كالحنطة بالحنطة، والأرز بالأرز.
ويشترط في بيع المثلين التساوي في القدر.
فلو بيع بزيادة حرم نقدا ونسيئة.
ويجب إعادة الربا مع العلم بالتحريم.
فإن جهل صاحبه وعرف الربا تصدق به. وإن عرفه وجهل الربا صالح عليه.
وإن مزجه بالحلال وجهل المالك والقدر تصدق بخمسه.
ولو جهل التحريم كفاه الانتهاء.
وإن اختلفت أجناس العروض جاز التفاضل نقدا.
وفي النسيئة قولان، أشبههما: الكراهية.
والحنطة والشعير، جنس واحد في الربا، وكذا ما يكون منهما كالسويق
والدقيق والخبز.
وثمرة النخل وما يعمل منها جنس واحد، وكذا ثمرة الكرم وما يكون منه.
واللحوم تابعة للحيوان في الاختلاف.
وما يستخرج من اللبن جنس واحد. وكذا الأدهان تتبع ما يستخرج منه.
وما لا كيل ولا وزن فيه فليس بربوي كالثوب بالثوبين والعبد بالعبدين.
وفي النسيئة خلاف والأشبه: الكراهية.
وفي ثوب الربا في المعدود تردد، أشبهه: الانتفاء.
ولو بيع شئ كيلا أو وزنا في بلد وفي بلد آخر جزافا، فلكل بلد حكمه.
وقيل يغلب تحريم التفاضل.
وفي بيع الرطب بالتمر روايتان، أشهرهما المنع.
وهل تسرى العلة في غيره كالزبيب بالعنب، والبسر بالرطب؟ الأشبه: لا.
127

ولا يثبت الربا بين الوالد والولد، ولا بين الزوج والزوجة، ولا بين المملوك
والمالك، ولا بين المسلم والحربي.
وهل يثبت بينه وبين الذمي؟ فيه روايتان أشهرهما أنه يثبت.
ويباع الثوب بالغزل ولو تفاضلا.
ويكره بيع الحيوان باللحم ولو تماثلا.
وقد يتخلص من الربا بأن يجعل مع الناقص متاع من غير جنسه مثل درهم ومد
من تمر بمدين، أو ببيع أحدهما سلعته لصاحبه ويشتري الأخرى بذلك الثمن.
ومن هذا الباب، الكلام في الصرف.
وهو بيع الأثمان بالأثمان.
ويشترط فيه التقابض في المجلس. ويبطل لو افترقا قبله على الأشهر.
ولو قبض البعض صح فيما قبض.
ولو فارقا المجلس مصطحبين لم يبطل
ولو وكل أحدهما في القبض فافترقا قبله بطل.
ولو اشترى منه دراهم ثم اشترى بها دنانير قبل القبض لم يصح الثاني.
ولو كان له عليه دنانير فأمره أن يحولها إلى الدراهم وساعره فقبل صح وإن لم
يقبض، لأن النقدين من واحد.
ولا يجوز التفاضل في الجنس الواحد منهما، ويجوز في المختلف.
ويستوي في اعتبار التماثل: الصحيح، والمكسور، والمصوغ.
وإذا كان في أحدهما غش لم يبع بجنسه إلا أن يعلم مقدار ما فيه، فيزاد الثمن عن
قدر الجوهر بما يقابل الغش.
ولا يباع تراب الذهب بالذهب. ولا تراب الفضة بالفضة ويباع بغيره.
ولو جمعا جاز بيعه بهما.
ويباع جوهر الرصاص والنحاس بالذهب أو الفضة وإن كان فيه يسير من ذلك.
128

ويجوز إخراج الدراهم المغشوشة إذا كانت معلومة الصرف.
ولو لم تكن كذلك لم يجز إلا بعد بيانها.
مسائل:
(الأولى) إذا دفع زيادة عما للبائع صح، وتكون الزيادة أمانة.
وكذا لو بان فيه زيادة لا يكون إلا غلطا أو تعمدا.
ولو كانت الزيادة مما يتفاوت به الموازين لم تجب إعادته.
(الثانية) يجوز أن يبدل له درهما بدرهم. ويشترط صياغة خاتم ولا يتعدى الحكم.
ويجوز أن يقرضه الدراهم ويشترط أن ينقدها بأرض أخرى.
(الثالثة) الأواني المصوغة من الذهب والفضة إن أمكن تخليصها لم يبع
بأحدهما، وإن تعذر وكان الغالب أحدهما بيعت بالأقل. وإن تساويا بيعت بهما.
(الرابعة) المراكب والسيوف المحلاة.
إن علم مقدار الحلية بيعت بالجنس مع زيادة تقابل المراكب أو النصل نقدا.
ولو بيعت نسيئة نقد من الثمن ما قابل الحلية.
وإن جهل بيعت بغير الجنس.
وقيل: إن أراد بيعها بالجنس ضم إليها شيئا.
(الخامسة) لا يجوز بيع شئ بدينار غير درهم، لأنه مجهول.
(السادسة) ما يجتمع من تراب الصياغة يباع بالذهب والفضة، أو بجنس غيرهما
ويتصدق به، لأن أربابه لا يتميزون.
الفصل السادس
في بيع الثمار
لا يصح بيع ثمرة النخل قبل ظهورها ولا بعد ظهورها ما لم يبد صلاحها.
وهو أن يحمر أو يصفر على الأشهر.
نعم لو ضم إليها شئ أو بيعت أزيد من سنة أو بشرط القطع جاز.
129

ويجوز بيعها مع أصولها وإن لم يبد صلاحها.
وكذا لا يجوز بيع ثمرة الشجر حتى تظهر ويبدو صلاحها وهو أن ينعقد الحب.
وإذا أدرك ثمرة بعض البستان جاز بيع ثمرته أجمع.
وإن أدرك ثمرة بستان ففي جواز بيع بستان آخر لم يدرك منضما إليه تردد،
والجواز أشبه.
ويصح بيع ثمرة الشجر ولو كان في أكمامه منضما إلى أصوله ومنفردا.
وكذا يجوز بيع الزرع قائما وحصيدا.
ويجوز بيع الخضر بعد انعقادها لقطة ولقطات.
وكذا يجوز، كالرطبة جزة وجزات.
وكذا ما يخرط كالحناء والتوت خرطة وخرطات.
ولو باع الأصول من النخل بعد التأبير فالثمرة للبائع.
وكذا الشجر بعد انعقاد الثمرة ما لم يشترطها المشتري، وعليه تبقيتها إلى أوان بلوغها.
ويجوز أن يستثنى البائع ثمرة شجرات بعينها، أو حصة مشاعة أو أرطالا معلومة
ولو خاست الثمرة سقط من الثنيا بحسابه.
ولا يجوز بيع ثمرة النخل بثمر منها وهي المزابنة (1).
وهل يجوز بثمر من غيرها فيه قولان، أظهرهما: المنع.
وكذا لا يجوز بيع السنبل بحب منه وهي المحاقلة.
وفي بيعه بحب من غيره قولان، أظهرهما: التحريم.
ويجوز بيع العرية بخرصها، وهي النخلة تكون في دار آخر فيشتريها صاحب
المنزل بخرصها تمرا.
ويجوز بيع الزرع قصيلا وعلى المشتري قطعه، ولو امتنع فللبائع إزالته.
ولو تركه كان له أن يطالبه بأجرة أرضه.

(1) (المزابنة): مفاعلة من الزبن وهو الدفع، ومنه الزبانية، لأنهم يدفعون الناس إلى
النار سميت بذلك، لأنها مبنية على التخمين، والغبن فيها يكثر، وكل منهما يريد دفعه عن نفسه
إلى الآخر فيتدافعان ا ه‍ من المسالك
130

ويجوز أن يبيع ما ابتاعه من الثمرة بزيادة عن الثمن قبل قبضها على كراهية.
ولو كان بين اثنين نخل فتقبل أحدهما بحصة صاحبه من الثمرة بوزن معلوم صح.
وإذا مر الإنسان بثمرة النخل جاز له أن يأكل ما لم يضر أو يقصد.
ولا يجوز أن يأخذ معه شيئا.
وفي جواز ذلك في غير النخل من الزرع والخضر تردد.
الفصل السابع
في بيع الحيوان
إذا تلف الحيوان في مدة الخيار فهو من مال البائع، ولو كان بعد القبض، إذا
لم يكن بسببه ولا عن تفريط منه.
ولا يمنع العيب الحادث من الرد بالخيار.
وإذا بيعت الحامل فالولد للبائع على الأظهر، ما لم يشترطه المشتري.
ويجوز ابتياع بعض الحيوان مشاعا.
ولو باع واستثنى الرأس أو الجلد ففي رواية السكوني، يكون شريكا (بسبه)
قيمة ثنياه.
ولو اشترك جماعة في شراء حيوان واشترط أحدهم الرأس والجلد بماله، كان له
منه بنسبة ما نقد لا ما شرط.
ولو قال: اشتر حيوانا بشركتي صح، وعلى كل واحد نصف الثمن.
ولو قال: الربح لنا ولا خسران عليك، لم يلزم الشرط.
وفي رواية: إذا شارك في جارية وشرط الشريك الربح دون الخسارة جاز.
ويجوز النظر إلى وجه المملوكة ومحاسنها إذا أراد شراءها.
ويستحب لمن اشترى رأسا (1) أن يغير اسمه ويطعمه شيئا حلوا ويتصدق
عنه بأربعة دراهم. ويكره أن يريه ثمنه في الميزان.

(1) يريد عبدا أو أمة.
131

ويلحق بهذا الباب مسائل:
(الأولى) المملوك يملك فاضل الضريبة وقيل: لا يملك شيئا.
(الثانية) من اشترى عبدا له مال، كان ماله للبائع، إلا مع الشرط.
(الثالثة) يجب على البائع استبراء الأمة قبل بيعها بحيضة، إن كانت ممن
تحيض. وبخمسة وأربعين يوما، إن لم تحض وكانت من سن من تحيض.
وكذا يجب الاستبراء على المشتري إذا لم يستبرئها البائع.
ويسقط الاستبراء على الصغيرة واليائسة والمستبرأة، وأمة المرأة.
ويقبل قول العدل إذا أخبر بالاستبراء.
ولا توطأ الحامل قبلا حتى تمضي لحملها أربعة أشهر.
ولو وطئها عزل. ولو لم يعزل كره له بيع ولدها، واستحب أن يعزل له من
ميراثه قسطا.
(الرابعة) يكره التفرقة بين الأطفال وأمهاتهم حتى يستغنوا.
وحده سبع سنين. وقيل: أن يستغني عن الرضاع، ومنهم من حرم.
(الخامسة) إذا وطئ المشتري الأمة ثم بان استحقاقها انتزعها المستحق.
وله عقرها نصف العشر إن كانت ثيبا والعشر إن كانت بكرا.
وقيل: يلزمه مهر أمثالها وعليه قيمة الولد يوم سقط حيا.
ويرجع بالثمن وقيمة الولد على البائع.
وفي رجوعه بالعقر قولان، أشبهها: الرجوع.
(السادسة) يجوز ابتياع ما يسبيه الظالم وإن كان للإمام بعضه أو كله.
ولو اشترى أمة سرقت من أرض الصلح ردها على البائع واستعاد ثمنها.
فإن مات ولا عقب له سعت الأمة في قيمتها على رواية مسكين السمان.
وقيل: يحفظها كاللقطة.
ولو قيل: يدفع إلى الحاكم ولا تكلف السعي، كان حسنا.
132

(السابعة) إذا دفع إلى مأذون مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحج ببقية المال
فاشترى أباه وتحاق مولاه ومولى الأب وورثة الأمر بعد العتق والحج، وكل يقول:
اشترى بمالي، ففي رواية ابن أشيم مضت الحجة ويرد المعتق على مواليه رقا.
ثم أي الفريقين أقام البينة، كان له رقا، وفي السند ضعف وفي الفتوى اضطراب.
ويناسب الأصل الحكم بإمضاء ما فعله المأذون ما لم يقم بينة تنافيه.
(الثامنة) إذا اشترى عبدا فدفع البائع إليه عبدين ليختار أحدهما فأبق واحد،
قيل: يرتجع نصف الثمن.
ثم إن وجده تخير، وإلا كان الآخر بينهما نصفين، وفي الرواية ضعف.
ويناسب الأصل أن يضمن الآبق ويطالب بما ابتاعه.
ولو أبتاع عبدا من عبدين لم يصح، وحكى الشيخ في الخلاف: الجواز.
(التاسعة) إذا وطئ أحد الشريكين الأمة سقط عنه من الحد ما قابل نصيبه
وحد بالباقي مع انتفاء الشبهة.
ثم إن حملت قومت عليه حصص الشركاء.
وقيل: تقوم بمجرد الوطئ وينعقد الولد حرا.
وعلى الواطئ قيمة حصص الشركاء منه عند الولادة.
(العاشرة) المملوكان المأذون لهما في التجارة إذا أبتاع كل منهما صاحبه حكم للسابق.
ولو اشتبه مسحت الطريق وحكم للأقرب.
فإن اتفقا بطل العقدان. وفي رواية يقرع بينهما.
الفصل الثامن
في السلف
وهو ابتياع مضمون إلى أجل بمال حاضر أو في حكمه.
والنظر في شروطه وأحكامه ولواحقه.
133

الأولى - الشروط. وهي خمسة: -
(الأول) ذكر الجنس والوصف.
فلا يصح فيما لا يضبطه الوصف كاللحم والخبز والجلود.
ويجوز في الأمتعة والحيوان والحبوب وكل ما يمكن ضبطه.
(الثاني) قبض رأس المال قبل التفرق، ولو قبض بعض الثمن ثم افترقا صح
في المقبوض.
ولو كان الثمن دينا على البائع صح على الأشبه لكنه يكره.
(الثالث) تقدير المبيع بالكيل أو الوزن، ولا يكفي العدد ولو كان مما يعد.
ولا يصح في القصب أطنانا (1) ولا في الحطب حزما ولا في الماء قربا.
وكذا يشترط التقدير في الثمن وقيل: يكفي المشاهدة.
(الرابع) تعيين الأجل بما يرفع احتمال الزيادة والنقصان.
(الخامس) أن يكون وجوده غالبا وقت حلوله، ولو كان معدوما وقت العقد.
(الثاني) في أحكامه. وهي خمسة مسائل:
الأولى لا يجوز بيع السلم قبل حلوله ويجوز بعده وإن لم يقبضه على كراهية
في الطعام على من هو عليه وعلى غيره.
وكذا يجوز بيع بعضه وتولية بعضه. وكذا بيع الدين.
فإن باعه بما هو حاضر صح. وكذا إن باعه بمضمون حال.
ولو شرط تأجيل الثمن قيل: يحرم، لأنه بيع دين بدين.
وقيل يكره، وهو الأشبه.
أما لو باع دينا في ذمة زيد، بدين المشتري في ذمة عمرو فلا يجوز لأنه بيع دين بدين.
الثانية إذا دفع دون الصفة وبرضي المسلم صح.
ولو دفع بالصفة وجب القبول وكذا لو دفع فوق الصفة، ولا كذا لو دفع أكثر.

(1) في المصباح الطن فيما يقال: حزمة من حطب أو قصب، والجمع أطنان.
134

الثالثة إذا تعذر عند الحلول أو انقطع فطالب، كان مخيرا بين الفسخ والصبر.
الرابعة إذا دفع من غير الجنس ورضي الغريم ولم يساعره، احتسب بقيمة
يوم الإقباض.
الخامسة عقد السلف قابل لاشتراط ما هو معلوم.
فلا يبطل باشتراط بيع، أو هبة، أو عمل محلل أو صنعة.
ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات بعينها قيل: يصح.
والأشبه: المنع، للجهالة.
ولو شرط ثوبا من غزل امرأة معينة أو غلة من قراح (1) بعينه لم يضمن.
النظر الثالث: في لواحقه وهي قسمان:
(الأول) في دين المملوك، وليس له ذلك إلا مع الإذن ولو بادر لزم ذمته
يتبع به إذا أعتق ولا يلزم المولى.
ولو أذن له المولى لزمه دون المملوك إن استبقاه أو باعه.
ولو أعتقه فروايتان: إحداهما يسعى في الدين والأخرى لا يسقط عن ذمة المولى
وهو الأشهر.
ولو مات المولى كان الدين في تركته.
ولو كان له غرماء كان غريم المملوك كأحدهم.
ولو كان مأذونا في التجارة فاستدان لم يلزم المولى.
وهل يسعى العبد فيه؟ قيل: نعم. وقيل: يتبع به إذا أعتق وهو الأشبه.
القسم الثاني في القرض.
وفيه أجر ينشأ من معونة المحتاج تطوعا ويجب الاقتصار على العوض.
ولو شرط النفع ولو زيادة في الصفة حرم.
نعم لو تبرع المقترض بزيادة في العين أو الصفة لم يحرم.

(1) القراح: المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر، ا ه‍ مختار.
135

ويقترض الذهب والفضة وزنا، والحبوب كالحنطة والشعير، كيلا ووزنا.
والخبز وزنا وعددا.
ويملك الشئ المقترض بالقبض، ولا يلزم اشتراط الأجل فيه.
ولا يتأجل الدين الحال مهرا كان أو غيره.
فلو غاب صاحب الدين غيبة منقطعة نوى المستدين قضاءه وعزله عند وفاته
موصيا به.
ولو لم يعرفه اجتهد في طلبه. ومع اليأس قيل: يتصدق به عنه.
ولا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض. ولو باع الذمي ما لا يملكه المسلم (1)
وقبض ثمنه جاز أن يقبضه المسلم عن حقه.
ولو أسلم الذمي قبل بيعه قيل يتولاه غيره وهو ضعيف.
ولو كان لاثنين ديون فاقتسماها، فما حصل لهما، وما توى (2) منهما.
ولو بيع الدين بأقل منه لم يلزم الغريم أن يدفع إليه أكثر مما دفع على تردد:
خاتمة
أجرة الكيال ووزان المتاع على البائع.
وكذا أجرة بائع الأمتعة وأجرة الناقد ووزان الثمن على المشتري، وكذا أجرة
مشتري الأمتعة.
ولو تبرع الواسطة لم يستحق أجرة.
وإذا جمع بين الابتياع والبيع فأجرة كل عمل على الآمر به. ولا يجمع بينهما لواحد.
ولا يضمن الدلال ما يتلف في يده ما لم يفرط.
ولو اختلفا في التفريط ولا بينه، فالقول قول الدلال مع يمينه. وكذا لو اختلفا
في القيمة.

(1) يعني سلعة لا يصح للمسلم تملكها كالخمر والخنزير
(2) (توى) أي هلك
136

كتاب الرهن
وأركانه أربعة:
الأول في الرهن: وهو وثيقة لدين المرتهن. ولا بد فيه من الإيجاب والقبول
وهل يشترط الإقباض؟ الأظهر: نعم.
ومن شرطه أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه.
ويصح بيعه منفردا كان أو مشاعا.
ولو رهن مالا يملك وقف على إجازة المالك.
ولو كان يملك بعضه مضى في ملكه. وهو لازم من جهة الراهن.
ولو شرطه مبيعا عند الأجل لم يصح.
ولا يدخل حمل الدابة ولا ثمرة النخل والشجر في الرهن. نعم لو تجدد بعد
الارتهان دخل. وفائدة الرهن للراهن.
ولو رهن رهنين بدينين ثم أدى عن أحدهما لم يجز إمساكه بالآخر.
ولو كان دينان، وبأحدهما رهن لم يجز إمساكه بهما.
ولم يدخل زرع الأرض في الرهن سابقا كان أو متجددا.
الثاني في الحق: ويشترط ثبوته في الذمة مالا كان أو منفعة.
ولو رهن على مال ثم استدان آخر فجعله عليهما صح.
الثالث في الراهن: ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرف
وللولي أن يرهن لمصلحة المولى عليه.
وليس للراهن التصرف في الرهن بإجارة ولا سكنى ولا وطء، لأنه تعريض
للإبطال، وفيه رواية بالجواز مهجورة.
ولو باعه الراهن وقف على إجازة المرتهن.
137

وفي وقوف العتق على إجازة المرتهن تردد، أشبهه: الجواز.
(الرابع) في المرتهن: ويشترط فيه كمال العقل وجواز التصرف.
ويجوز اشتراط الوكالة في الرهن. ولو عزل له لم ينعزل.
وتبطل الوكالة بموت الموكل دون الرهانة.
ويجوز للمرتهن ابتياع الرهن.
والمرتهن أحق من غيره باستيفاء دينه من الرهن، سواء كان الراهن حيا
أو ميتا. وفي الميت رواية أخرى.
ولو قصر الرهن عن الدين، ضرب مع الغرماء بالفاضل.
والرهن أمانة في يد المرتهن، ولا يسقط بتلفه شئ من ماله ما لم يتلف بتعد
أو تفريط.
وليس له التصرف فيه، ولو تصرف من غير إذن ضمن العين والأجرة.
ولو كان الرهن دابة قام بمؤنتها وتقاصا.
وفي رواية: الظهر يركب والدر يشرب، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة.
وللمرتهن استيفاء دينه من الرهن إن خاف جحود الوارث.
ولو اعترف بالرهن وادعى الدين ولا بينة فالقول قول الوارث.
وله إحلافه إن ادعى عليه العلم.
ولو باع الرهن وقف على الإجازة.
ولو كان وكيلا فباع بعد الحلول صح.
ولو أذن الراهن في البيع قبل الحلول لم يستوف دينه حتى يحل.
ويلحق به مسائل النزاع. وهي أربع:
(الأولى) يضمن المرتهن قيمة الرهن يوم تلفه.
وقيل: أعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف.
138

ولو اختلفا، فالقول قول الراهن. وقيل القول قول المرتهن، وهو أشبه.
(الثانية) لو اختلفا فيما على الرهن فالقول قول الراهن.
وفي رواية القول قول المرتهن ما لم يدع زيادة عن قيمة الرهن.
(الثالثة) لو قال القابض: هو رهن، وقال المالك: هو وديعة فالقول قول
المالك مع يمينه. وفيه رواية أخرى متروكة.
(الرابعة) لو اختلفا في التفريط فالقول قول المرتهن مع يمينه.
139

كتاب الحجر *
المحجور هو الممنوع من التصرف في ماله.
وأسبابه ستة، الصغر والجنون، والرق، والمرض، والفلس، والسفه.
ولا يزول حجر الصغير إلا بوصفين: -
(الأول) البلوغ. وهو يعلم بإنبات الشعر الخشن على العانة. أو خروج المني
الذي منه الولد من الموضع المعتاد. ويشترك في هذين الذكور والإناث
أو السني وهو بلوغ خمس عشرة.
وفي رواية، من ثلاث عشرة إلى أربع عشرة.
وفي رواية أخرى، بلوغ عشرة، وفي الأنثى بلوغ تسع.
(الثاني) الرشد. وهو أن يكون مصلحا لماله.
وفي اعتبار العدالة تردد.
ومع عدم الوصفين أو أحدهما يستمر الحجر ولو طعن في السن.
ويعلم رشد الصبي باختباره بما يلائمه من التصرفات. ويثبت بشهادة رجلين
في الرجال. وبشهادة الرجال أو النساء في النساء.

* - في الكتب المفصلة ومنها كتب المؤلف؟ يذكر كتاب المفلس قبل كتاب الحجر. ولخلو
(المختصر النافع) من كتاب المفلس رأينا أن ننقل صدر الكتاب المذكور من مؤلفه (شرائع
الإسلام) وذلك قوله.
المفلس هو الفقير الذي ذهب خيار ماله وبقي فلوسه. والمفلس هو الذي جعل مفلسا أي منع من
التصرف في أمواله. ولا يتحقق الحجر عليه إلا بشروط أربعة: (الأول) أن يكون ديونه
ثابتة عند الحاكم. (الثاني): أن يكون أمواله قاصرة عن ديونه ويحتسب من جملة أمواله معوضات
الديون (الثالث): أن تكون حالة. (الرابع): أن يلتمس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه.
ولو ظهرت أمارة الفلس لم يتبرع الحاكم بالحجر. وكذا لو سأل هو الحجر. وإذا حجر عليه
تعلق به منع التصرف لتعلق حق الغرماء واختصاص كل غريم بعين ماله وقسمة أمواله بين غرمائه.
ه‍ ومن أراد التوسع فليراجع (شرائع الإسلام) أو غيره من المطولات.
140

والسفيه هو الذي يصرف أموال في غير الأغراض الصحيحة.
فلو باع والحال هذه لم يمض بيعه. وكذا لو وهب أو أقر بمال.
ويصح طلاقه وظهاره وإقراره بما لا يوجب مالا.
والمملوك ممنوع من التصرفات إلا بإذن المولى.
والمريض ممنوع من الوصية بما زاد على الثلث. وكذا في التبرعات المنجزة
على الخلاف.
والأب والجد للأب يليان على الصغير والمجنون. فإن فقدا فالوصي. فإن
فقد فالحاكم.
141

كتاب الضمان
وهو عقد شرع للتعهد بنفس أو مال. وأقسامه ثلاثة.
(الأول) ضمان المال.
ويشترط في الضامن التكليف، وجواز التصرف.
ولا بد من رضا المضمون له ولا عبرة بالمضمون عنه.
ولو علم فأنكر لم يبطل الضمان على الأصح.
وينقل المال من ذمة المضمون عنه إلى الضامن وتبرأ ذمة المضمون عنه.
ويشترط فيه الملاءة أو علم المضمون له بإعساره. ولو بان إعساره كان المضمون له مخيرا.
والضمان المؤجل جائز. وفي المعجل قولان، أصحهما: الجواز.
ويرجع الضامن على المضمون عنه، إن ضمن بسؤاله. ولا يؤدي أكثر مما دفع.
ولو وهبه المضمون له أو أبرأه لم يرجع على المضمون عنه بشئ ولو كان بإذنه.
وإذا تبرع الضامن بالضمان فلا رجوع.
ولو ضمن ما عليه صح وإن لم يعلم كميته على الأظهر.
ويثبت عليه ما تقوم به البينة، لا ما يثبت في دفتر وحساب، ولا ما يقر به
المضمون عنه.
القسم الثاني: الحوالة:
وهي مشروعة لتحويل المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله.
ويشترط رضاء الثلاثة. وربما اقتصر بعض على رضاء المحيل والمحتال.
ولا يجب قبول الحوالة ولو كان على ملئ. نعم لو قبل لزمت
ولا يرجع المحتال على المحيل ولو افتقر المحال عليه.
142

ويشترط ملاءته وقت الحوالة أو علم المحتال بإعساره.
ولو بان فقره رجع ويبرأ المحيل وإن لم يبرئه المحتال.
وفي رواية، وإن لم يبرئه فله الرجوع.
القسم الثالث: الكفالة:
وهي التعهد بالنفس.
ويعتبر رضاء الكافل والمكفول له دون المكفول عنه.
وفي اشتراط الأجل قولان.
وإن اشترط أجلا فلا بد من كونه معلوما.
وإذا دفع الكافل الغريم فقد برئ.
وإن امتنع كان للمكفول له حبسه حتى يحضر الغريم، أو ما عليه.
ولو قال: إن لم أحضره إلى كذا، كان علي كذا، كان كفيلا أبدا ولم يلزمه المال
ولو قال: علي كذا إلى كذا إن لم أحضره كان ضامنا للمال إن لم يحضره
في الأجل.
ومن خلى غريما من يد غريمه قهرا لزمه إعادته أو أداء ما عليه.
ولو كان قاتلا أعاده أو يدفع الدية:
وتبطل الكفالة بموت المكفول.
143

كتاب الصلح (1)
وهو مشروع لقطع المنازعة:
ويجوز مع الاقرار والإنكار إلا ما حرم حلالا، أو حلل حراما (2).
ويصح مع علم المصطلحين بما وقعت المنازعة فيه. ومع جهالتهما دينا تنازعا
أو عينا. وهو لازم من طرفيه. ويبطل بالتقايل.
ولو اصطلح الشريكان على أن الخسران على أحدهما والربح له وللآخر رأس
ماله صح.
ولو كان بيد اثنين درهمان فقال أحدهما: هما لي، وقال الآخر: هما بيني
وبينك، فللمدعي الكل، درهم ونصف، وللآخر ما بقي.
وكذا لو أودعه إنسان درهمين وآخر درهما فامتزجت لا عن تفريط وتلف
واحد فلصاحب الاثنين، درهم ونصف، وللآخر ما بقي.
ولو كان لواحد ثوب بعشرين درهما، وللآخر ثوب بثلاثين فاشتبها، فإن خير
أحدهما صاحبه فقد أنصفه وإلا بيعا وقسم الثمن بينهما أخماسا.
وإذا ظهر استحقاق أحد العوضين بطل الصلح.

(1) وفي شرائع الإسلام: وهو عقد شرع لقطع التجاذب وليس فرعا على غيره ولو
أفاد فائدته.
وجاء في تذكرة الفقهاء:
الصلح عند علمائنا أجمع عقد قائم بنفسه، ليس فرعا على غيره بل هو أصل في نفسه منفرد
بحكمه ولا يتبع غيره في الأحكام لعدم الدليل على تبعيته على الغير، والأصل في العقود الأصالة..
(تذكرة الفقهاء)
(2) لإطلاق النصوص بجوازه من غير تقييد بالخصومة كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم
(الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا).. والأصل في العقود الصحة
وللأمر بالوفاء بها (عن المسالك).
144

كتاب المضاربة
وهي أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليعمل فيه بحصة من ربحه.
ولكل منهما الرجوع سواء كان المال ناضا أو مشتغلا.
ولا يلزم فيها اشتراط الأجل. ويقتصر على ما تعين له من التصرف.
ولو أطلق، تصرف في الاستثمار كيف شاء. ويشترط كون الربح مشتركا.
ويثبت للعامل ما شرط له من الربح ما لم يستغرقه.
وقيل للعامل أجرة المثل.
وينفق العامل في السفر من الأصل كمال النفقة ما لم يشترطه.
ولا يشتري العامل إلا بعين المال.
ولو اشترى في الذمة وقع الشراء له والربح له.
ولو أمر بالسفر إلى جهة فقصد غيرها ضمن. ولو ربح كان الربح بينهما
بمقتضى الشرط.
وكذا لو أمره بابتياع شئ فعدل إلى غيره.
وموت كل واحد منهما يبطل المضاربة.
ويشترط في مال المضاربة أن يكون عينا: دنانير أو دراهم. ولا تصلح بالعروض.
ولو قوم عروضا وشرط للعامل حصة من ربحه كان الربح للمالك، وللعامل الأجرة.
ولا يكفي مشاهدة رأس مال المضاربة ما لم يكن معلوم القدر، وفيه قول بالجواز.
ولو اختلفا في قدر رأس المال فالقول قول العامل مع يمينه. ويملك العامل نصيبه من الربح بظهوره وإن لم ينض.
ولا خسران على العامل إلا عن تعد أو تفريط.
وقوله مقبول في التلف. ولا يقبل في الرد إلا ببينة على الأشبه.
145

كتاب الشركة
وهي اجتماع حق مالكين فصاعدا في الشئ على سبيل الشياع.
ويصح مع امتزاج المالين المتجانسين على وجه لا يمتاز أحدهما عن الآخر
ولا ينعقد بالأبدان والأعمال (؟).
ولو اشتركا كذلك كان لكل واحد أجرة عمله.
ولا أصل لشركة الوجوه والمفاوضة.
وإذا تساوى المالان في القدر فالربح بينهما سواء. ولو تفاوتا فالربح كذلك
وكذا الخسران بالنسبة.
ولو شرط أحدهما في الربح زيادة، فالأشبه: أن الشرط لا يلزم.
ومع الامتزاج ليس لأحد الشركاء التصرف إلا مع الأذن من الباقين.
ويقتصر في التصرف على ما تناوله الأذن ولو كان الأذن مطلقا صح.
ولو شرط الاجتماع لزم.
وهي جائزة من الطرفين. وكذا الأذن في التصرف.
وليس لأحد الشركاء الامتناع من القسمة عند المطالبة إلا أن يتضمن ضررا.
ولا يلزم أحد الشريكين إقامة رأس المال، ولا ضمان على أحد الشركاء ما لم (؟) يكن
بتعد أو تفريط.
ولا تصح مؤجلة، وتبطل بالموت.
وتكره مشاركة الذمي، وإبضاعه، وإيداعه.
146

ولو اشترى العامل أباه فظهر فيه ربح عتق نصيب العامل من الربح وسعى العبد
في باقي ثمنه.
ومتى فسخ المالك المضاربة صح وكان للعامل أجرته إلى ذلك الوقت.
ولو ضمن صاحب المال العامل صار الربح له.
ولا يطأ المضارب جارية القراض، ولو كان المالك أذن له. وفيه رواية
بالجواز متروكة.
ولا يصح المضاربة بالدين حتى يقبض.
ولو كان في يده مضاربة فمات، فإن عينها لواحد بعينه أو عرفت منفردة وإلا
تحاص فيها الغرماء.
147

كتاب المزارعة والمساقاة
أما المزارعة: فهي معاملة على الأرض بحصة من حاصلها.
وتلزم المتعاقدين. لكن لو تقايلا صح ولا تبطل بالموت.
وشروطها ثلاثة:
(1) أن يكون الماء مشاعا، تساويا فيه أو تفاضلا.
(2) وأن تقدر لها مدة معلومة.
(3) وأن تكون الأرض مما يمكن الانتفاع بها.
وله أن يزرع الأرض بنفسه وبغيره ومع غيره إلا أن يشترط عليه زرعها بنفسه.
وأن يزرع ما شاء إلا أن يعين له.
وخراج الأرض على صاحبها إلا أن يشترط على الزارع. وكذا لو زاد
السلطان زيادة.
ولصاحب الأرض أن يخرص على الزارع، والزارع بالخيار في القبول. فإن
قبل، كان استقراره مشروطا بسلامة الزرع.
وتثبت أجرة المثل في كل موضع تبطل فيه المزارعة.
وتكره إجارة الأرض للزراعة بالحنطة أو الشعير. وأن يؤجرها بأكثر مما
(يستأجرها؟) به إلا أن يحدث فيها حدثا، أو يؤجرها بغير الجنس الذي استأجرها به.
وأما المساقاة: فهي معاملة على الأصول بحصة من ثمرها. ويلزم المتعاقدين
كالإجارة.
ويصح قبل ظهور الثمرة وبعدها إذا بقي للعامل عمل فيه المستزاد.
ولا تبطل بموت أحدهما على الأشبه إلا أن يشترط تعيين العامل.
وتصح كل على أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه.
148

ويشترط فيها المدة المعلومة التي يمكن حصول الثمرة فيها غالبا.
ويلزم العامل من العمل ما فيه مستزاد الثمرة.
وعلى المالك بناء الجدران وعمل النواضح، وخراج الأرض إلا أن يشترط
على العامل.
ولا بد أن تكون الفائدة مشاعة، فلو اختص بها أحدهما لم يصح. وتملك
بالظهور.
وإذا اختل أحد شروط المساقاة كانت الفائدة للمالك، وللعامل الأجرة.
ويكره أن يشترط المالك مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة.
ويجب الوفاء به لو شرط ما لم تتلف الثمرة.
149

كتاب الوديعة والعارية
أما الوديعة: فهي استنابة في الاحتفاظ. وتفتقر إلى القبول قولا كان أو فعلا.
ويشترط فيهما الاختيار.
وتحفظ كل وديعة بما جرت به العادة.
ولو عين المالك حرزا اقتصر عليه ولو نقلها إلى أدون أو أحرز ضمن إلا مع
الخوف (1).
وهي جائزة من الطرفين. وتبطل بموت كل واحد منها.
ولو كانت دابة وجب علفها وسقيها، ويرجع به على المالك.
والوديعة أمانة لا يضمنها المستودع إلا مع التفريط أو العدوان.
ولو تصرف فيها باكتساب ضمن، وكان الربح للمالك.
ولا يبرأ بردها إلى الحرز. وكذا لو تلفت في يده بتعد أو تفريط فرد مثلها
إلى الحرز.
بل لا يبرأ إلا بالتسليم إلى المالك أو من يقوم مقامه.
ولا يضمنها لو قهره عليها ظالم لكن إن أمكنه الدفع وجب.
ولو أحلفه أنها ليست عنده حلف موريا. وتجب إعادتها إلى المالك مع المطالبة.
ولو كانت غصبا منعه وتوصل في وصولها إلى المستحق.
ولو جهله، عرفها كاللقطة حولا، فإن وجده وإلا تصدق بها عن المالك
إن شاء. ويضمن إن لم يرض.
ولو كانت مختلطة بمال المودع ردها عليه إن لم يتميز.

(1) ولو عين له موضع الاحتفاظ اقتصر عليه فلو نقلها ضمن إلا إلى الأحرز أو مثله على
قول ولا يجوز نقلها إلى ما دونه ولو كان حرزا إلا مع الخوف) ا ه‍ - شرائع.
150

وإذا ادعى المالك التفريط، فالقول قول المستودع مع يمينه.
ولو اختلفا في مال، هل هو وديعة أو دين، فالقول قول المالك مع يمينه أنه لم
يودع إذا تعذر الرد أو تلف العين.
ولو اختلفا في القيمة فالقول قول المالك مع يمينه.
وقيل: القول قول المستودع وهو أشبه.
ولو اختلفا في الرد فالقول قول المستودع.
ولو مات المودع وكان الوارث جماعة دفعها إليهم أو إلى من يرتضونه. ولو دفعها
إلى البعض، ضمن حصص الباقين.
وأما العارية: فهي الأذن في الانتفاع بالعين تبرعا وليست لازمة لأحد المتعاقدين.
ويشترط في المعير كمال العقل وجواز التصرف.
وللمستعير الانتفاع بما جرت به العادة.
ولا يضمن التلف ولا النقصان لو اتفق بالانتفاع.
بل لا يضمن إلا مع تفريط أو عدوان أو اشتراط، إلا أن تكون العين ذهبا
أو فضة فالضمان يلزم وإن لم يشترط.
ولو استعار من الغاصب مع العلم ضمن. وكذا لو كان جاهلا لكن يرجع
على المعير بما يغترم.
وكل ما يصح الانتفاع به مع بقائه تصح إعارته. ويقتصر المستعير على ما يؤذن له.
ولو اختلفا في التفريط. فالقول قول المستعير مع يمينه.
ولو اختلفا في الرد، فالقول قول المعير.
ولو اختلفا في القيمة فقولان، أشبههما: قول الغارم مع يمينه.
ولو استعار ورهن من غير إذن المالك، انتزع المالك العين ويرجع المرتهن بماله
على الراهن.
151

كتاب الإجارة
وهي تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم.
ويلزم من الطرفين وتنفسخ بالتقايل.
ولا تبطل بالبيع ولا بالعتق.
وهل تبطل بالموت. قال الشيخان: نعم. وقال المرتضى: لا تبطل وهو أشبه.
وكل ما تصح إعارته تصح إجارته.
وإجارة المشاع جائزة. والعين أمانة لا يضمنها المستأجر ولا ما ينقص منها،
إلا مع تعد أو تفريط، وشرائطها خمسة:
(1) أن يكون المتعاقدان كاملين جائزي التصرف.
(2) وأن تكون الأجرة معلومة، كيلا أو وزنا. وقيل تكفي المشاهدة
ولو كان مما يكال أو يوزن.
وتملك الأجرة بنفس العقد معجلة مع الإطلاق أو اشتراط التعجيل.
ويصح تأجيلها نجوما، أو إلى أجل واحد.
ولو استأجر من يحمل له متاعا إلى موضع في وقت معين بأجرة معينة، فإن
لم يفعل، نقص من أجرته شيئا معينا صح، ما لم يحط بالأجرة.
(3) وأن تكون المنفعة مملوكة للمؤجر أو لمن يؤجر عنه.
وللمستأجر أن يؤجر إلا أن يشترط عليه استيفاء المنفعة بنفسه.
(4) وأن تكون المنفعة مقدرة بنفسها كخياطة الثوب المعين. أو بالمدة المعينة
كسكني الدار. وتملك المنفعة بالعقد.
وإذا مضت مدة يمكن استيفاء المنفعة والعين في يد المستأجر استقرت الأجرة
ولو لم ينتفع.
152

وإذا عين جهة الانتفاع لم يتعدها المستأجر ويضمن مع التعدي.
ولو تلفت العين قبل القبض أو امتنع المؤجر من التسليم مدة الإجارة بطلب
الإجارة. ولو منعه الظالم بعد القبض لم تبطل. وكان الدرك على الظالم.
ولو انهدم المسكن تخير المستأجر في الفسخ وله إلزام المالك بإصلاحه.
ولا يسقط مال الإجارة لو كان الهدم بفعل المستأجر.
(5) وأن تكون المنفعة مباحة.
فلو آجره ليحمل الخمر وليعلمه الغناء لم تنعقد
ولا تصح إجارة الآبق.
ولا يضمن صاحب الحمام الثياب إلا أن يودع فيفرط.
ولو تنازعا في الاستئجار فالقول قول المنكر مع يمينه.
ولو اختلفا في رد العين فالقول قول المالك مع يمينه. وكذا لو كان في قدر
الشئ المستأجر.
ولو اختلفا في قدر الأجرة فالقول قول المستأجر مع يمينه. وكذا لو ادعى
عليه التفريط.
وتثبت أجرة المثل في كل موضع تبطل فيه الإجارة.
ولو تعدى بالدابة المسافة المشترطة ضمن، ولزمه في الزائد أجرة المثل.
وأن اختلفا في قيمة الدابة أو أرش نقصها فالقول قول الغارم. وفي رواية،
القول قول المالك.
ويستحب أن يقاطع (1) من يستعمله على الأجرة ويجب إيفاؤه عند فراغه.
ولا يعمل أجير الخاص لغير المستأجر.

(1) (يقاطع) أي يتفق المستأجر مع الأجير على مبلغ معين لئلا يتنازعا فيما بعد. وكلمة
(المقاطعة) بمعنى الاتفاق على قدر معين شائعة وبعض البلاد السورية كمدينة (حمص) وضواحيها.
153

كتاب الوكالة
وهي تستدعي فصولا:
(الأول) الوكالة، عبارة عن الإيجاب والقبول الدالين على الاستنابة في
التصرف. ولا حكم لوكالة المتبرع.
ومن شرطها أن تقع منجزة. فلا يصح معلقة على شرط ولا صفة.
ويجوز تنجيزها وتأخير التصرف إلى مدة. وليست لازمة لأحدهما.
ولا ينعزل ما لم يعلم العزل وإن أشهد بالعزل على الأصح.
وتصرفه قبل العلم ماض على الموكل.
وتبطل بالموت والجنون والإغماء وتلف ما يتعلق به.
ولو باع الوكيل بثمن فأنكر الموكل الأذن بذلك القدر، فالقول قول الموكل
مع يمينه.
ثم تستعاد العين إن كانت موجودة، ومثلها إن كانت مفقودة، أو قيمتها إن لم
يكن لها مثل. وكذا لو تعتذر استعادتها.
(الثاني) ما تصح فيه الوكالة.
وهو كل فعل لا يتعلق غرض الشارع فيه بمباشر معين، كالبيع، والنكاح.
وتصح الوكالة في الطلاق للغائب والحاضر على الأصح.
ويقتصر الوكيل على ما عينه الموكل.
ولو عمم الوكالة صح إلا ما يقتضيه الاقرار.
(الثالث) الموكل:
ويشترط كونه مكلفا جائز التصرف.
ولا يوكل العبد إلا بإذن مولاه. ولا الوكيل إلا أن يؤذن له.
وللحاكم أن يوكل عن السفهاء والبله.
154

ويكره لذوي المروءات أن يتولوا المنازعة بنفوسهم.
(الرابع) الوكيل:
ويشترط فيه كمال العقل.
ويجوز أن تلي المرأة عقد النكاح لنفسها ولغيرها.
والمسلم يتوكل للمسلم على المسلم، والذمي. وللذمي على الذمي.
وفي وكالته له على المسلم تردد.
والذمي يتوكل على الذمي للمسلم والذمي ولا يتوكل على مسلم.
والوكيل أمين لا يضمن إلا مع تعد أو تفريط.
(الخامس) في الأحكام وهي مسائل:
(الأولى) لو أمره بالبيع حالا فباع مؤجلا ولو بزيادة لم تصح ووقف على
الإجازة. وكذا لو أمره ببيعه مؤجلا بثمن فباع بأقل حالا.
ولو باع. بمثله أو أكثر صح إلا أن يتعلق بالأجل غرض.
ولو أمره بالبيع في موضع فباع في غيره بذلك الثمن صح.
ولا كذا لو أمره ببيعه من إنسان فباع من غيره فإنه يقف على الإجازة
ولو باع بأزيد.
(الثانية) إذا اختلفا في الوكالة، فالقول قول المنكر مع يمينه.
ولو اختلفا في العزل أو في الإعلام أو في التفريط فالقول قول الوكيل. وكذا
لو اختلفا في التلف.
ولو اختلفا في الرد فقولان.
أحدهما: القول قول الموكل مع يمينه.
والثاني، القول قول الوكيل ما لم يكن بجعل وهو أشبه.
(الثالثة) إذا زوجه مدعيا وكالته فأنكر الموكل فالقول قول المنكر مع
يمينه. وعلى الوكيل مهرها. وروى نصف مهرها لأنه ضيع حقها.
وعلى الزوج أن يطلقها سرا أن كان وكل
155

كتاب الوقوف والصدقات والهبات
أما الوقف: فهو تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة.
ولفظه الصريح (وقفت) وما عداه يفتقر إلى القرينة الدالة على التأييد. ويعتبر
فيه القبض.
ولو كان مصلحة كالقناطر أو موضع عبادة كالمساجد قبضه الناظر فيها.
ولو كان على طفل قبضه الولي، كالأب والجد للأب أو الوصي.
ولو وقف عليه الأب أو الجد صح، لأنه مقبوض بيده.
والنظر إما في الشروط أو اللواحق:
والشروط أربعة أقسام:
(الأول) في الوقف:
ويشترط فيه التنجيز والدوام، والإقباض وإخراجه عن نفسه.
فلو كان إلى أمد كان حبسا.
ولو جعله لم ينقرض غالبا صح. ويرجع بعد موت الموقوف عليه إلى ورثة
الواقف طلقا.
وقيل: ينتقل إلى ورثة الموقوف عليه. والأول مروي.
ولو شرط عوده عند الحاجة، فقولان، أشبههما: البطلان.
(الثاني) في الموقوف:
ويشترط أن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها انتفاعا محللا.
ويصح إقباضها، مشاعة كانت أو مقسومة.
(الثالث) في الواقف:
ويشترط فيه البلوغ وكمال العقل وجواز التصرف.
156

وفي وقف من بلغ عشرا تردد، المروي: جواز صدقته والأولى: المنع.
ويجوز أن يجعل الواقف النظر لنفسه على الأشبه وإن أطلق فالنظر لأرباب الوقف.
(الرابع) في الموقوف عليه:
ويشترط وجوده وتعيينه. وأن يكون ممن يملك. وألا يكون الوقف عليه محرما.
فلو وقف على من سيوجد لم يصح.
ولو وقف على موجود وبعده على من يوجد صح.
والوقف على البر يصرف إلى الفقراء ووجه القرب.
ولا يصح وقف المسلم على البيع والكنائس.
ولو وقف على ذلك الكافر صح، وفيه وجه آخر.
ولا يقف المسلم على الحربي ولو كان رحما ويقف على الذمي ولو كان أجنبيا.
ولو وقف المسلم على الفقراء انصرف إلى فقراء المسلمين.
ولو كان كافرا انصرف إلى فقراء نحلته.
والمسلمون من صلى إلى القبلة (1)، والمؤمنون الاثنا عشرية وهم الإمامية. وقيل:
مجتنبوا الكبائر خاصة. والشيعة: الإمامية والجارودية والزيدية: من قال بإمامة زيد.
والفطحية: من قال بالأفطح. والإسماعيلية: من قال بإسماعيل بن جعفر عليه السلام.
والناووسية: من وقف على جعفر بن محمد. والواقفية: من وقف على موسى بن جعفر
عليهما السلام. والكيسانية: من قال بإمامة محمد بن الحنفية.

(1) جاء في شرائع الإسلام للمؤلف:
(ولو وقف على المسلمين انصرف إلى من صلى إلى القبلة، ولو وقف على المؤمنين انصرف إلى
الاثني عشرية وقيل إلى مجتني الكبائر والأول أشبه. ولو وقف على الشيعة فهم الإمامية والجارودية
وولد غيرهم من فرق الزيدية. وهكذا إذا وصف الموقوف عليه بنسبة دخل فيهما كل من أطلقت
عليه فلو وقف على الإمامية كان للاثني عشرية، ولو وقف على الزيدية كان للقائلين بإمامة زيد
بن علي عليه السلام. ا ه‍
157

ولو وصفهم بنسبة إلى عالم، كان لمن دان بمقالته، كالحنفية.
ولو نسبهم إلى أب، كان لمن انتسب إليه بالأبناء دون البنات على الخلاف،
كالعلوية والهاشمية. ويتساوى فيه الذكور والإناث.
وقومه أهل لغته، وعشيرته الأدنون في نسبه. ويرجع بالجيران إلى العرف
وقيل بمن يلي داره إلى أربعين ذراعا. وقيل إلى أربعين دارا. وهو مطرح.
ولو وقف على مصلحة فبطلت قيل يصرف إلى البر.
وإذا شرط إدخال من يوجد مع الموجود صح.
ولو أطلق الوقف وأقبض لم يصح إدخال غيرهم معهم، أولادا كانوا أو أجانب.
وهل له ذلك مع أصاغر ولده؟ فيه خلاف، والجواز مروي.
أما النقل عنهم فغير جائز.
وأما اللواحق فمسائل:
(الأولى) إذا وقف في سبيل الله. انصرف إلى القرب، كالحج، والجهاد،
والعمرة، وبناء المساجد.
(الثانية) إذا وقف على مواليه دخل الأعلون والأدنون.
(الثالثة) إذا وقف على أولاده، اشترك أولاده البنون والبنات، الذكور
والإناث بالسوية.
(الرابعة) إذا وقف على الفقراء انصرف إلى فقراء البلد ومن يحضره.
وكذا كل قبيل متبدد كالعلوية والهاشمية والتميمية.
ولا يجب تتبع من لم يحضره.
(الخامسة) لا يجوز إخراج الوقف عن شرطه، ولا بيعه إلا أن يقع خلف
يؤدي إلى فساده على تردد.
(السادسة) إطلاق الوقف يقتضي التسوية، فإن فضل لزم.
(السابعة) إذا وقف على الفقراء وكان منهم جاز أن يشركهم.
ومن اللواحق: مسائل السكنى والعمرى.
158

وهي تفتقر إلى الإيجاب والقبول والقبض.
وفائدتهما التسليط على استيفاء المنفعة تبرعا مع بقاء الملك للمالك. وتلزم لو عين
المدة، وإن مات المالك.
وكذا لو قال له: عمرك، لم تبطل بموت المالك.
وتبطل بموت الساكن. ولو قال: حياة المالك، لم تبطل بموت الساكن وانتقل
ما كان له إلى ورثته.
وإن أطلق ولم يعين مدة ولا عمرا تخير المالك في إخراجه مطلقا.
ولو مات المالك والحال هذه كان المسكن ميراثا لورثته وبطلت السكنى
ويسكن الساكن معه من جرت العادة به كالولد والزوجة والخادم.
وليس له أن يسكن معه غيره إلا بإذن المالك.
ولو باع المالك الأصل لم تبطل السكنى إن وقتت بأمد أو عمر.
ويجوز حبس الفرس والبعير في سبيل الله. والغلام والجارية في خدمة
بيوت العبادة.
ويلزم ذلك ما دامت العين باقية.
وأما الصدقة: فهي التطوع بتمليك العين بغير عوض.
ولا حكم لها ما لم تقبض بإذن المالك.
وتلزم بعد القبض وإن لم يعوض عنها.
ومفروضها محرم على (بني هاشم) إلا صدقة أمثالهم أو مع الضرورة
ولا بأس بالمندوبة.
والصدقة سرا أفضل منها جهرا إلا أن يتهم.
وأما الهبة: فهي تمليك العين تبرعا مجردا عن القربة.
ولا بد فيها من الإيجاب والقبول والقبض.
ويشترط إذن الواهب في القبض.
159

ولو وهب الأب أو الجد للولد الصغير لزم، لأنه مقبوض بيد الولي.
وهبة المشاع جائزة كالمقسوم.
ولا يرجع في الهبة لأحد الوالدين بعد القبض، وفي غيرهما من ذوي الرحم
على الخلاف.
ولو وهب أحد الزوجين الآخر ففي الرجوع تردد أشبهه: الكراهية.
ويرجع في هبة الأجنبي ما دامت العين باقية ما لم يعوض عنها.
وفي الرجوع مع التصرف قولان، أشبههما: الجواز.
160

كتاب السبق والرماية
ومستندهما قوله عليه السلام لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر.
ويدخل تحت النصل، السهام والحراب والسيف. وتحت الخف الإبل.
وتحت الحافر الخيل والبغال والحمير، ولا يصح في غيرها.
ويفتقر انعقادها إلى إيجاب وقبول. وفي لزومها تردد، أشبهه: اللزوم.
ويصح أن يكون السبق عينا أو دينا.
ولو بذل السبق غير المتسابقين جاز. وكذا لو بذل أحدهما. أو بذل من
بيت المال.
ولا يشترط المحلل (1) عندنا.
ويجوز جعل السبق للسابق منهما. وللمحلل إن سبق.
وتفتقر المسابقة إلى تقدير المسافة والخطر وتعيين ما يسابق عليه. وتساوى ما به
السباق في احتمال السبق.
وفي اشتراط التساوي في الموقف تردد.
ويتحقق السبق بتقدم الهادي (2)
وتفتقر المراماة إلى شروط تقدير الرشق وعدد الإصابة وصفتها وقدر المسافة
والغرض والسبق.

(1) السبق: بسكون الباء المصدر، بالتحريك العوض
(2) المحلل: هو الذي يدخل بين المتراهنين إن سبق أخذ وإن سبق لم يغرم. وسمي محللا
لأن العقد لا يحل بدونه عند ابن الجنيد من الإمامية وكذا عند الشافعي
(3) الهادي العنق ا ه‍ مختار الصحاح.
161

وفي اشتراط المبادرة والمحاطة تردد.
ولا يشترط تعيين السهم ولا القوس.
ويجوز المناضلة على الإصابة وعلى التباعد.
ولو فضل أحدهما الآخر فقال: اطرح الفضل بكذا، لم تصح لأنه مناف
للغرض من النضال.
162

كتاب الوصايا
وهي تستدعي فصولا:
(الأول) الوصية تمليك عين أو منفعة، أو تسليط على تصرف بعد الوفاة.
ويفتقر إلى الإيجاب والقبول.
وتكفي الإشارة الدالة على القصد، ولا تكفي الكتابة، ما لم تنضم القرينة
الدالة على الإرادة.
ولا يجب العمل بما يوجد بخط الميت.
وقيل إن عمل الورثة ببعضها لزمهم العمل بجميعها، وهو ضعيف.
ولا تصح الوصية بمعصية كمساعدة الظالم. وكذا وصية المسلم للبيعة والكنيسة
(الثاني) في الموصي: ويعتبر فيه كمال العقل والحرية.
وفي وصية من بلغ عشرا في البر تردد، والمروي: الجواز.
ولو جرح نفسه بما فيه هلاكها ثم أوصى لم تقبل، ولو أوصى ثم جرح قبلت.
وللموصي الرجوع في الوصية متى شاء.
(الثالث) في الموصى له: ويشترط وجوده.
فلا تصح لمعدوم، ولا لمن ظن بقاؤه وقت الوصية فبان ميتا.
وتصح الوصية للوارث - كما تصح للأجنبي. وللحمل بشرط وقوعه حيا.
وللذمي ولو كان أجنبيا وفيه أقوال.
ولا تصح للحربي، ولا لمملوك غير الموصي ولو كان مدبرا أو أم ولد.
نعم لو أوصى لمكاتب قد تحرر بعضه مضت الوصية في قدر نصيبه من الحرية.
وتصح لعبد الموصي ومدبره ومكاتبه وأم ولده.
ويعتبر ما يوصي به لمملوكه بعد خروجه من الثلث.
163

فإن كان بقدر قيمته أعتق، وكان الموصى به للورثة.
وإن زاد أعطى العبد الزائد، وإن نقص عن قيمته سعى في الباقي.
وقيل: إن كانت قيمته ضعف الوصية بطلت، وفي المستند ضعف.
ولو أعتقه عند موته وليس غيره وعليه دين، فإن كان قيمته بقدر الدين
مرتين صح العتق، وإلا بطل، وفيه وجه آخر ضعيف.
ولو أوصى لأم ولده صح، وهل تعتق من الوصية أو من نصيب الولد؟ قولان.
فإن أعتقت من نصيب الولد كان لها الوصية.
وفي رواية أخرى تعتق من الثلث ولها الوصية.
وإطلاق الوصية تقتضي التسوية ما لم ينص على التفضيل.
وفي الوصية لأخواله وأعمامه رواية بالتفضيل كالميراث والأشبه: التسوية.
وإذا أوصى لقرابته فهم المعروفون بنسبه.
وقيل: لمن يتقرب إليه بآخر أب في الإسلام.
ولو أوصى لأهل بيته دخل الأولاد والآباء.
والقول في العشيرة والجيران والسبيل والبر والفقراء كما مر في الوقف.
وإذا مات الموصى له قبل الموصي انتقل ما كان إلى ورثته، ما لم يرجع الموصي
على الأشهر.
ولو لم يخلف وارثا رجعت إلى ورثة الموصى، وإذا قال: أعطوا فلانا دفع إليه
يصنع به ما شاء.
ويستحب الوصية لذوي القرابة، وارثا كان أو غيره.
(الرابع) في الأوصياء: ويعتبر التكليف والإسلام.
وفي اعتبار العدالة تردد، أشبهه أنها لا تعتبر (1).

(1) في شرائع الإسلام: وهل يعتبر العدالة؟ قيل نعم، لأن الفاسق لا أمانة له. وقيل
لا، لأن المسلم محل الأمانة كما في الوكالة والاستيداع، ولأنها ولاية تابعة لاختيار الموصي فيتحقق
بتعيينه أما لو أوصى إلى العدل ففسق بعد موت الموصي أمكن القول ببطلان وصيته، لأن الوثوق
ربما كان باعتبار صلاحه فلم يتحقق عند زواله، فحينئذ يعزله الحاكم ويستنيب مكانه ا ه‍
164

أما لو أوصى إلى عدل ففسق بطلت وصيته.
ولا يوصى إلى المملوك إلا بإذن مولاه.
ويصح إلى الصبي منضما إلى كامل لا منفردا.
ويتصرف الكامل حتى يبلغ الصبي، ثم يشتركان وليس له نقض ما أنفذه
الكامل بعد بلوغه.
ولا تصح الوصية من المسلم إلى الكافر وتصح من مثله.
وتصح الوصية إلى المرأة.
ولو أوصى إلى اثنين وأطلق، أو شرط الاجتماع، فليس لأحدهما الانفراد.
ولو تشاحا لم يمض إلا ما لا بد منه، كمؤونة اليتيم.
وللحاكم جبرهما على الاجتماع.
فإن تعذر جاز الاستبدال، ولو التمسا القسمة لم يجز، ولو عجز أحدهما ضم إليه.
أما لو شرط لهم الانفراد تصرف كل واحد منهما، وإن انفرد، ويجوز
أن يقتسما.
وللموصي تغيير الأوصياء، وللموصى إليه رد الوصية، ويصح إن بلغ الرد.
ولو مات الموصي قبل بلوغه لزمت الوصية، وإذا ظهر من الوصي خيانة
استبدل به.
والوصي أمين لا يضمن إلا مع تعد أو تفريط.
ويجوز أن يستوفي دينه مما في يده، وأن يقوم مال اليتيم على نفسه، وأن
يقترضه إذا كان مليئا.
وتختص ولاية الوصي بما عين له الموصي، عموما كان أو خصوصا.
ويأخذ الوصي أجرة المثل، وقيل قدر الكفاية، هذا مع الحاجة.
وإذا أذن له في الوصية جاز، ولو لم يؤذن فقولان، أشبههما: أنه لا يصح ومن
لا وصي له فالحاكم وصي تركته.
165

(الخامس) في الموصى به، وفيه أطراف.
(الأول) في متعلق الوصية: ويعتبر فيه الملك.
فلا تصح بالخمر ولا بآلات اللهو. ويوصى بالثلث فما نقص.
ولو أوصى بزيادة عن الثلث صح في الثلث وبطل الزائد.
فإن أجاز الورثة بعد الوفاة صح. وإن أجاز بعض صح في حصته.
وإن أجازوا قبل الوفاة ففي لزومه قولان، المروي: اللزوم.
ويملك الموصى به بعد الموت.
وتصح الوصية بالمضاربة بمال ولده الأصاغر.
ولو أوصى بواجب وغيره، أخرج الواجب من الأصل والباقي من الثلث.
ولو حصر الجميع في الثلث بدئ بالواجب.
ولو أوصى بأشياء تطوعا، فإن رتبه بدئ بالأول فالأول حتى يستوفى الثلث،
وبطل ما زاد.
وإن جمع أخرجت من الثلث ووزع النقص. وإذا أوصى بعتق مماليكه دخل
في ذلك المنفرد والمشترك.
(الثاني) في المبهمة: من أوصى بجزء من ماله، كان العشر، وفي رواية
السبع، وفي أخرى سبع الثلث.
ولو أوصى بسهم كان ثمنا. ولو كان بشئ كان سدسا. ولو أوصى بوجوه فنسي
الوصي وجها صرف في البر، وقيل: يرجع ميراثا.
ولو أوصى بسيف وهو في جفن وعليه حلية، دخل الجميع في الوصية على رواية،
يجبر ضعفها الشهرة.
وكذا لو أوصى بصندوق وفيه مال، دخل المال في الوصية. وكذا قيل:
لو أوصى بسفينة وفيها طعام استنادا إلى فحوى رواية.
ولا يجوز إخراج الولد من الإرث ولو أوصى الأب، وفيه رواية مطرحة.
166

(الطرف الثالث) في أحكام الوصية. وفيه مسائل:
(الأولى) إذا أوصى بوصية ثم عقبها بمضادة لها عمل بالأخيرة ولو لم يضادها
عمل بالجميع.
فإن قصر الثلث، بدئ بالأول فالأول حتى يستوفى الثلث.
(الثانية) تثبت الوصية بالمال بشهادة رجلين. وبشهادة أربع نساء. وبشهادة
الواحدة في الربع.
وفي ثبوتها بشاهد ويمين تردد.
أما الولاية فلا تثبت إلا بشهادة رجلين.
(الثالثة) لو أشهد عبدين له على أن حمل المملوكة منه ثم ورثهما غير الحمل فأعتقا
فشهدا للحمل بالبنوة صح وحكم له. ويكره له تملكهما.
(الرابعة) لا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، وتقبل للموصى في غير ذلك.
(الخامسة) إذا أوصى بعتق عبده. أو أعتقه عند الوفاة وليس له سواه انعتق ثلثه.
ولو أعتق ثلثه عند الوفاة وله مال، أعتق الباقي من ثلثه.
ولو أعتق مماليكه عند الوفاة أو أوصى بعتقهم ولا مال سواهم أعتق ثلثهم بالقرعة.
ولو رتبهم أعتق الأول فالأول حتى يستوفى الثلث، وبطل ما زاد.
(السادسة) إذا أوصى بعتق رقبة، أجزأ الذكر والأنثى، الصغير والكبير.
ولو قال: مؤمنة لزم. فإن لم يجد: أعتق من لا يعرف بنصب.
ولو ظنها مؤمنة فأعتقها، ثم بانت بخلافه أجزأت.
(السابعة) إذا أوصى بعتق رقبة بثمن معين، فإن لم يجد توقع.
وإن وجد بأقل أعتقها ودفع إليها الفاضل.
(الثامنة) تصرفات المريض.
إن كانت مشروطة بالوفاة فهي من الثلث. وإن كانت منجزة وكان فيها
محاباة أو عطية محضة فقولان، أشبههما: أنها من الثلث.
167

أما الاقرار للأجنبي فإن كان متهما على الورثة فهو من الثلث. وإلا فهو
من الأصل.
وللوارث من الثلث على التقديرين.
ومنهم من سوى بين القسمين.
(التاسعة) أرش الجراح ودية النفس، يتعلق بهما الديون والوصايا كسائر
أموال الميت.
168

كتاب النكاح
وأقسامه ثلاثة:
الأول: في الدائم وهو يستدعي فصولا:
(الأول) في صيغة العقد وأحكامه وآدابه.
أما الصيغة: فالإيجاب والقبول.
ويشترط النطق بأحد ألفاظ ثلاثة: زوجتك، وأنكحتك، ومتعتك (1).
والقبول وهو الرضاء بالإيجاب.
وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ بلفظ الماضي؟ الأحوط نعم، لأنه صريح
في الإنشاء.
ولو أتى بلفظ الأمر كقوله للولي: زوجنيها، فقال: زوجتك، قيل: يصح كما
في قصة سهل الساعدي.
ولو أتى بلفظ المستقبل كقوله: أتزوجك، قيل: يجوز كما في خبر أبان
عن الصادق عليه السلام في المتعة: أتزوجك، فإذا قالت: نعم، فهي امرأتك.
ولو قال زوجت بنتك من فلان فقال نعم فقال الزوج قبلت. صح، لأنه
يتضمن السؤال.
ولا يشترط تقديم الإيجاب.
ولا تجزي الترجمة مع القدرة على النطق، وتجزي مع العذر، كالأعجم وكذا
الإشارة للأخرس

(1) وفي (تذكرة الفقهاء): ولا ينعقد الدائم بلفظ (المتعة) عند أكثر علمائنا: وقال
بعضهم: ينعقد والأول أقوى.
169

وأما الحكم فمسائل:
(الأولى) لا حكم لعبارة الصبي ولا المجنون ولا السكران.
وفي رواية: إذا زوجت السكري نفسها ثم أفاقت فرضيت به أو دخل بها
وأقرته كان ماضيا.
(الثانية) لا يشترط حضور شاهدين (1) ولا ولي، إذا كانت الزوجة بالغة
رشيدة على الأصح.
(الثالثة) لو ادعى زوجية امرأة وادعت أختها زوجيته، فالحكم لبينة الرجل
إلا أن يكون مع المرأة ترجيح من دخول أو تقديم تاريخ.
ولو عقد على امرأة وادعى آخر زوجيتها لم يلتفت إلى دعواه إلا مع البينة.
(الرابعة) لو كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة ولم يسمها ثم اختلفا في

(1) جاء في تذكرة الفقهاء: يستحب الإعلان والإظهار في النكاح الدائم والإشهاد، وليس
الإشهاد شرطا في صحة العقد عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين، وبه قال
ابن عمر وابن الزبير وعبد الرحمن بن مهدي ويزيد بن هارون وأهل الظاهر: داود وغيره، وفعله
ابن الحسن بن علي وابن الزبير، وسالم وحمزة ابنا عمر وبه قال عبد الله بن إدريس والعنبري
وابن ثور وابن المنذر والزهري ومالك إلا؟ أن مالكا شرط عدم التواطؤ على الكتمان، للأصل
ولامتناع اشتراط ما ليس بشرط في القرآن مع ذكر ما ليس بشرط فيه فإن الله تعالى لم يذكر
الشهادة في النكاح وذكر الشهادة في البيع والدين مع أن الحكم في الشهادة في النكاح أكثر لما
فيها من حفظ النسب وزوال التهم والتوارث وغيره من توابع النكاح فلو كان الإشهاد فيه شرطا
لما أهمله الله تعالى في القرآن لأنه مناف للحكمة، ولما رواه العامة عن مالك بن أنس قال اشترى النبي
صلى الله عليه وآله وسلم جارية بسبعة أرواس وقال الناس ما ندري أتزوجها؟ فعلموا أنه تزوجها
فاستدلوا على تزوجها بالحجاب، وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما تزوج بصفية أو لم بتمر
وأقط فقال الناس ترى أنه تزوج بها أم جعلها أم ولده ثم قالوا إن حجبها فهي امرأته ولو كان أشهد
ما اختلفوا لا يقال إنه من خصائصه عليه الصلاة والسلام ترك الإشهاد، أو عدم النقل لا يدل على العدم
فجاز أنه أشهد ولم ينقل لأنا نقول يجب أن يبين أنه من خصائصه لعموم دليل التأسي وهو
مما تعم به البلوى فلا يترك نقله لو فعله
ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسيلم عن الباقر ع قال إنما جعلت البينة في النكاح من أجل
المواريث. وعن زرارة أنه سأل الصادق ع رجل تزوج منه بغير شهود؟ قال لا بأس بالتزويج
البتة بغير شهود فيما بينه وبين الله تعالى وإنما جعل الشهود من تزويج السنة من أجل الولد لولا
ذلك لم يكن به بأس).
170

المعقود عليها فالقول قول الأب، وعليه أن يسلم إليه التي قصدها في العقد إن كان
الزوج رآهن.
وإن لم يكن رآهن فالعقد باطل.
وأما الآداب فقسمان:
(الأول) آداب العقد.
ويستحب له أن يتخير من النساء البكر العفيفة الكريمة الأصل، وأن
يقصد السنة لا الجمال والمال فربما حرمهما.
ويصلي ركعتين ويسأل الله تعالى أن يرزقه من النساء أعفهن وأحفظهن
وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة.
ويستحب الإشهاد والإعلان والخطبة أمام العقد وإيقاعه ليلا.
ويكره والقمر في العقرب، وأن يتزوج العقيم.
(القسم الثاني)، في آداب الخلوة:
يستحب صلاة ركعتين إذا أراد الدخول، والدعاء، وأن يأمرها بمثل ذلك
عند الانتقال، وأن يجعل يده على ناصيتها ويكونا على طهر، ويقول: اللهم على
كتابك تزوجتها إلى آخر الدعاء، وأن يكون الدخول ليلا، ويسمى عند الجماع،
وأن يسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا ذكرا.
ويكره الجماع ليلة الخسوف ويوم الكسوف، وعند الزوال، وعند الغروب
حتى يذهب الشفق، وفي المحاق، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس، وفي أول ليلة من
كل شهر إلا شهر رمضان، وفي ليلة النصف، وفي السفر إذا لم يكن معه ماء
للغسل، وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء، ومستقبل القبلة ومستدبرها، وفي
السفينة، وعاريا، وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء، والجماع، وعنده من
ينظر إليه، والنظر إلى فرج المرأة، والكلام عند الجماع بغير ذكر الله تعالى.
171

مسائل:
(الأولى) يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وكفيها.
وفي رواية إلى شعرها ومحاسنها.
وكذا إلى أمة يريد شراءها. وإلى أهل الذمة لأنهن بمنزلة الإماء ما لم
يكن لتلذذ.
وينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا. وإلى محارمه ما خلا العورة.
(الثانية) الوطئ في الدبر، فيه روايتان، أشهرهما الجواز على الكراهية.
(الثالثة) العزل عن الحرة بغير إذنها، قيل يحرم وتجب به دية: النطفة عشرة
دنانير، وقيل مكروه وهو أشبه، ورخص في الإماء.
(الرابعة) لا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين.
ولو دخل قبل ذلك لم تحرم على الأصح.
(الخامسة) لا يجوز للرجل ترك وطء المرأة أكثر من أربعة أشهر.
(السادسة) يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا.
(السابعة) إذا دخل بالصبية لم تبلغ تسعا فأفضاها حرم عليه وطؤها مؤبدا
ولم تخرج عن حبالته. ولم يفضها لم يحرم على الأصح.
الفصل الثاني
في أولياء العقد
لا ولاية في النكاح لغير الأب، والجد للأب وإن علا، والوصي،
والمولى، والحاكم.
وولاية الأب والجد ثابتة على الصغيرة ولو ذهبت بكارتها بزني أو غيره (1)

(1) لما كان مناط الولاية للأب والجد على البنت صغرها فلا فرق مع وجود الوصف بين
كونها بكرا أو ثيبا لوجود المقتضي فيها ا ه‍ مسالك.
172

ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الأب، وقيل يشترط وفي المستند ضعف.
ولا خيار للصبية مع البلوغ وفي الصبي قولان، أظهرهما: أنه كذلك.
ولو زوجاها فالعقد للسابق، فإن اقترنا ثبت عقد الجد.
ويثبت ولايتهما على البالغ مع فساد عقله ذكرا كان أو أنثى ولا خيار له
لو أفاق.
والثيب تزوج نفسها، ولا ولاية عليها لأب ولا لغيره.
ولو زوجها من غير إذنها وقف على إجازتها.
أما البكر البالغة الرشيدة فأمرها بيدها.
ولو كان أبوها حيا قيل: لها الانفراد بالعقد دائما كان أو منقطعا.
وقيل: العقد مشترك بينها وبين الأب فلا ينفرد أحدهما به.
وقيل أمرها إلى الأب وليس لها معه أمر.
ومن الأصحاب من أذن لها في المتعة دون الدائم، ومنهم من عكس، والأول أولى.
ولو عضلها الولي سقط اعتبار رضاه إجماعا.
ولو زوج الصغيرة غير الأب والجد وقف على رضاها عند البلوغ، وكذا الصغير.
وللمولى أن يزوج المملوكة، صغيرة وكبيرة بكرا وثيبا، عاقلة ومجنونة ولا خيرة
لها، وكذا العبد.
ولا يزوج الوصي إلا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة، وكذا الحاكم.
ويلحق بهذا الباب مسائل:
(الأولى) الوكيل في النكاح، لا يزوجها من نفسه.
ولو أذنت في ذلك فالأشبه الجواز. وقيل: لا، وهي رواية عمار.
(الثانية) النكاح يقف على الإجازة في الحر والعبد.
ويكفي في الإجازة سكوت البكر، ويعتبر في الثيب النطق.
(الثالثة) لا ينكح الأمة إلا بإذن المولى، رجلا كان المولى أو امرأة.
173

وفي رواية سيف: يجوز نكاح أمة المرأة من غير إذنها متعة، وهي منافية للأصل.
(الرابعة) إذا زوج الأبوان الصغيرين صح وتوارثا، ولا خيار لأحدهما
عند البلوغ.
ولو زوجهما غير الأبوين وقف على إجازتهما.
فلو ماتا أو مات أحدهما بطل العقد.
ولو بلغ أحدهما فأجاز ثم مات عزل من تركته نصيب الباقي فإذا بلغ وأجاز
أحلف أنه لم يجز للرغبة (1) وأعطى نصيبه.
(الخامسة) إذا زوجها الأخوان برجلين، فإن تبرعا اختارت أيهما شاءت.
وإن كانا وكيلين وسبق أحدهما فالعقد له.
ولو دخلت بالآخر لحق به الولد وأعيدت إلى الأول بعد قضاء العدة ولها المهر للشبهة
وإن اتفقا بطلا،. وقيل: يصح عقد الأكبر.
(السادسة) لا ولاية للأم.
فلو زوجت الولد فأجاز صح، ولو أنكر بطل.
وقيل: يلزمها المهر. ويمكن حمله على دعوى الوكالة عنه.
ويستحب للمرأة أن تستأذن أباها بكرا أو ثيبا، وأن توكل أخاها إذا لم
يكن لها أب ولا جد وأن تعول على الأكبر، وأن تختار خيرته من الأزواج
الفصل الثالث
في أسباب التحريم وهي ستة:
(الأول) النسب: ويحرم به سبع. الأم وإن علت،. والبنت وإن سفلت،
والأخت وبناتها وإن سفلن، والعمة وإن ارتفعت،. وكذا الخالة، وبنات الأخ
وإن هبطن.

(1) أي في الميراث
174

(الثاني) الرضاع: ويحرم منه من النسب. وشروطه أربعة:
(الأول) أن يكون اللبن عن نكاح.
فلو در أو كان عن زنى لم ينشر.
(الثاني) الكمية. وهي ما أنبت اللحم وشد العظم،. أو رضاع يوم وليلة.
ولا حكم لما دون العشر، وفي العشر روايتان، أشهرهما: أنها لا ينشر.
ولو رضع خمس عشرة رضعة تنشر
ويعتبر في الرضعات قيود ثلاثة، كمال الرضعة، وامتصاصها من الثدي، وألا يفصل
بين الرضعات برضاع غير المرضعة.
(الثالث) أن يكون في الحولين، وهو يراعى في المرتضع دون ولد المرضعة
على الأصح
(الرابع) أن يكون اللبن لفحل واحد.
فيحرم الصبيان يرتضعان بلبن واحد ولو اختلفت المرضعتان.
ولا يحرم لو رضع كل واحد من لبن فحل آخر، وإن اتحدت المرضعة.
ويستحب أن يتخير للرضاع المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة.
ولو اضطر إلى الكافرة استرضع الذمية، ويمنعها من شرب الخمر ولحم الخنزير.
ويكره تمكينها من حمل الولد إلى منزلها.
ويكره استرضاع المجوسية، ومن لبنها عن زنى.
وفي رواية: إذا أحلها مولاها طاب لبنها.
وهنا مسائل:
(الأولى) إذا أكملت الشرائط صارت المرضعة أما، وصاحب اللبن أبا،
وأختها خالة وبنتها أختا
ويحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على المرتضع وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا
(الثانية) لا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا لأنهم
في حكم ولده.
175

وهل تنكح أولاده الذين لم يرتضعوا في أولاد هذه [المرضعة وأولاد فحلها]
قال في الخلاف: لا، والوجه الجواز.
(الثالثة) لو تزوج رضيعة فأرضعتها امرأته حرمتا إن كان دخل بالمرضعة
وإلا حرمت المرضعة حسب.
ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة حرمتا مع الدخول.
ولو أرضعتها الأخرى فقولان، أشبههما: أنها تحرم أيضا.
ولو تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأته حرمن كلهن إن كان دخل بالمرضعة،
وإلا حرمت المرضعة.
(السبب الثالث) في المصاهرة: والنظر في الوطء والنظر واللمس.
(أما الأول) فمن وطئ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أم الموطوءة وإن
علت وبناتها وإن سفلن، سواء كن قبل الوطء أو بعده.
وحرمت الموطوءة على أبي الواطئ وإن علا وأولاده وإن نزلوا.
ولو تجرد العقد عن الوطء حرمت أمها عليه عينا على الأصح، وبنتها جمعا لا عينا.
فلو فارق الأم حلت البنت.
ولا تحرم مملوكة الابن على الأب بالملك، وتحرم بالوطء. وكذا مملوكة الأب.
ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخر ما لم يكن عقد أو تحليل.
نعم يجوز أن يقوم الأب مملوكة ابنه الصغير على نفسه ثم يطأها.
ومن توابع هذا الفصل تحريم أخت الزوجة جمع لا عينا، وكذا بنت أخت
الزوجة وبنت أخيها، فإن أذنت إحداهما صح.
ولا كذا لو أدخل العمة أو الخالة علي بنت الأخ والأخت.
ولو كان عنده العمة أو الخالة فبادر بالعقد علي بنت الأخ أو الأخت كان
العقد باطلا.
وقيل: تتخير العمة أو الخالة بين الفسخ والإمضاء أو فسخ عقدها.
176

وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد، أشبهه: أنه لا يحرم.
وأما الزنى فلا تحرم الزانية (1) ولا الزوجة وإن أصرت على الأشهر.
وهل تنشر حرمة المصاهرة؟ قيل: نعم إن كان سابقا، ولا تنشر إن كان
لاحقا، والوجه: أنه لا ينشر
ولو زنى بالعمة أو الخالة حرمت عليه بناتهما.
وأما اللمس والنظر بما لا يجوز لغير المالك فمنهم من نشر به الحرمة على أب
اللامس والناظر وولده.
ومنهم من خص التحريم بمنظورة الأب. والوجه الكراهية في ذلك كله.
ولا يتعدى التحريم إلى أم الملموسة والمنظورة ولا بنتيهما.
ويلحق بهذا الباب مسائل:
(الأولى) لو ملك أختين فوطئ واحدة حرمت الأخرى
ولو وطئ الثانية أثم ولم تحرم الأولى.
واضطربت الرواية، ففي بعضها تحرم الأولى حتى تخرج الثانية عن الملك
لا للعود.
وفي أخرى: إن كان جاهلا لم تحرم، وإن كان عالما حرمتا عليه.
(الثانية) يكره أن يعقد الحر على الأمة، وقيل: يحرم إلا أن يعدم الطول
ويخشى العنت.
(الثالثة) لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين، أو حرة وأمتين،
أو أربع إماء.
(الرابعة) لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها.
ولو بادر كان العقد باطلا.

(1) أي على الزاني بشرط ألا يكون لها بعل - وفي شرائع الإسلام: ولو زنى بذات بعل
أو في عدة رجعية، حرمت عليه أبدا في قول مشهور. وسيشير المؤلف إلى ذلك فيما يلي: (12 - المختصر النافع - في فقه الشيعة الإمامية)
177

وقيل: كان للحرة الخيرة بين إجازته وفسخه.
وفي رواية: لها أن تفسخ عقد نفسها وفي الرواية ضعف
ولو أدخل الحرة على الأمة جاز.
وللحرة الخيار إن لم تعلم، إن كانت الأمة زوجة.
ولو جمع بينهما في عقد صح عقد الحرة دون الأمة.
(الخامسة) لا يحل العقد على ذات البعل ولا تحرم به.
نعم لو زنى بها حرمت، وكذا في الرجعية خاصة.
(السادسة) من تزوج امرأة في عدتها جاهلا، فالعقد فاسد.
ولو دخل حرمت أبدا ولحق به الولد ولها المهر بوطء الشبهة.
وتتم العدة للأول وتستأنف أخرى للثاني، وقيل: تجزي عدة واحدة.
ولو كان عالما حرمت بالعقد.
ولو تزوج محرما عالما حرمت وإن لم يدخل،. ولو كان جاهلا فسد ولم تحرم
ولو دخل (1).
(السابعة) من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أم الغلام وبنته وأخته.
(السبب الرابع) في استبقاء العدد:
إذا استكمل الحر أربعا بالغبطة (2) حرم عليه ما زاد.
ويحرم عليه من الإماء ما زاد على اثنتين.
وإذا استكمل العبد حرتين أو أربعا من الإماء غبطة حرم عليه ما زاد.
ولكل منهما أن يضيف إلى ذلك بالعقد المنقطع ويملك اليمين ما شاء.
وإذا طلق واحدة من الأربع حرم عليه ما زاد غبطة حتى يخرج من العدة أو
تكون المطلقة بائنة.

(1) (إذا عقد المحرم على امرأة عالما بالتحريم حرمت عليه أبدا، ولو كان جاهلا فسد عقده
ولم تحرم (شرائع الإسلام).
(2) أي بالعقد الدائم دون مالك اليمين ونحوه.
178

وكذا لو طلق امرأة وأراد نكاح أختها.
ولو تزوجهما في عقد بطل وقيل: يتخير، والرواية مقطوعة.
ولو كان معه ثلاث فتزوج اثنتين في عقد، فإن سبق بإحداهما صح دون
اللاحقة، وإن قرن بينهما بطل فيهما. وقيل يتخير أيتهما شاء.
وفي رواية جميل لو تزوج خمسا في عقد واحد يتخير أربعا ويخلي باقيهن.
وإذا استكملت الحرة طلقات ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا غيره، ولو كانت
تحت عبد.
وإذا استكملت الأمة طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا غيره، ولو كانت تحت حر.
والمطلقة تسعا للعدة تحرم على المطلق أبدا.
(السبب الخامس) اللعان. ويثبت به التحريم المؤبد. وكذا قذف الزوج
امرأته الصماء أو الخرساء بما يوجب اللعان
(السبب السادس) الكفر. ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعا.
وفي الكتابية قولان: أظهرهما: أنه لا يجوز غبطة. ويجوز متعة، وبالملك
في اليهودية والنصرانية.
وفي المجوسية قولان، أشبههما: الجواز.
ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال.
ولو كان بعد الدخول وقف على انقضاء العدة إلا أن يكون الزوج مولودا على
الفطرة فإنه لا يقبل عوده وتعتد زوجته عدة الوفاة.
وإذا أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه،. سواء كان قبل الدخول أو بعده.
ولو أسلمت زوجته دونه، انفسخ في الحال، إن كان قبل الدخول ووقف على
انقضاء العدة إن كان بعده.
وقيل: إن كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا ولا يمكن من الدخول عليها
ليلا، ولا من الخلوة بها نهارا
وغير الكتابيين يقف على انقضاء العدة بإسلام أيهما اتفق.
179

ولو أسلم الذمي وعنده أربع فما دون لم يتخير.
ولو كان عنده أكثر من أربع تخير أربعا.
وروى عمار عن أبي عبد الله عليه السلام: أن إباق العبيد بمنزلة الارتداد.
فإن رجع والزوجة في العدة فهو أحق بها
وإن خرجت من العدة فلا سبيل له عليها، وفي الرواية ضعف.
مسائل سبع:
(الأولى) التساوي في الإسلام شرط في صحة العقد.
وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ الأظهر: لا، لكنه يستحب ويتأكد
في المؤمنة.
نعم لا يصح نكاح الناصب ولا الناصبة بالعداوة لأهل البيت عليهم السلام.
ولا يشترط تمكن الزوج من النفقة.
ولا يتخير الزوجة لو تجدد العجز عن الإنفاق.
ويجوز نكاح الحرة العبد، والهاشمية غير الهاشمي، والعربية العجمي وبالعكس.
وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب إجابته وإن كان أخفض نسبا،
وإن منعه الولي كان عاصيا.
ويكره أن يزوج الفاسق ويتأكد في شارب الخمر، وأن تزوج المؤمنة المخالف.
ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة ومن لا يعرف بعناد.
(الثاني) إذا انتسب إلى قبيلة وبان من غيرها ففي رواية الحلبي: تفسخ النكاح.
(الثالث) إذا تزوج امرأة ثم علم أنها كانت زنت فليس له الفسخ ولا الرجوع
على الولي بالمهر.
وفي رواية لها الصداق بما استحل من فرجها، ويرجع به على الولي، وإن
شاء تركها.
180

(الرابعة) لا يجوز التعريض بالخطبة لذات العدة الرجعية ويجوز في غيرها،.
ويحرم التصريح في الحالين.
(الخامسة) إذا خطب فأجابت كره لغيره خطبتها ولا تحرم.
(السادسة) نكاح الشغار باطل وهو أن تتزوج امرأتان برجلين، على أن مهر
كل واحدة نكاح الأخرى.
(السابعة) يكره العقد على القابلة المربية وبنتها،. وأن يزوج ابنه بنت زوجته
إذا ولدتها بعد مفارقته لها: ولا بأس بمن ولدتها قبل ذلك. وأن يتزوج بمن كانت
صرة لأمه مع غير أبيه.
ويكره الزانية قبل أن تتوب.
القسم الثاني: في النكاح المنقطع
والنظر في أركانه وأحكامه:
وأركانه أربعة:
(الأول) الصيغة. وهو ينعقد بأحد الألفاظ الثلاثة خاصة (1).
وقال (علم الهدى): ينعقد في الإماء بلفظ الإباحة والتحليل.
(الثاني) الزوجة: ويشترط كونها مسلمة أو كتابية.
ولا يصح بالمشركة والناصبة.
ويستحب اختيار المؤمنة العفيفة وأن يسألها عن حالها مع التهمة وليس شرطا.
ويكره بالزانية وليس شرطا.
وأن يستمتع ببكر ليس لها أب، فإن فعل فلا يفتضها. وليس محرما،. ولا حصر
في عددهن.
ويحرم أن يستمتع أمة على حرة إلا بإذنها، وأن يدخل على المرأة بنت أخيها
أو بنت أختها ما لم تأذن.

(1) وهي زوجتك، وأنكحتك، ومتعتك.
181

(الثالث) المهر وذكره شرط ويكفي فيه المشاهدة، ويتقدر بالتراضي ولو بكف
من بر (1).
ولو لم يدخل ووهبها المدة فلها النصف ويرجع بالنصف عليها لو كان دفع المهر
وإذا دخل استقر المهر تماما. ولو أخلت بشئ من المدة قاصها.
ولو بان فساد العقد فلا مهر إن لم يدخل. ولو دخل فلها ما أخذت وتمنع ما بقي.
والوجه أنها تستوفيه مع جهالتها ويستعاد منها مع علمها.
ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهلها كان حسنا.
(الرابع) الأجل. وهو شرط في العقد.
ويتقدر بتراضيهما كاليوم والسنة والشهر ولا بد من تعيينه.
ولا يصح ذكر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر. وفيه رواية بالجواز، فيها ضعف.
وأما الأحكام فمسائل:
(الأولى) الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد.
وذكر المهر من دون الأجل يقلبه دائما.
(الثانية) لا حكم للشروط قبل العقد. ويلزم لو ذكرت فيه.
(الثالثة) يجوز اشتراط إثباتها ليلا أو نهارا وألا يطأها في الفرج، ولو رضيت
به بعد العقد جاز. والعزل من دون إذنها.
ويلحق الولد وإن عزل، لكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان.
(الرابعة) لا يقع بالمتعة طلاق إجماعا. ولا لعان على الأظهر. ويقع الظهار على تردد.
(الخامسة) لا يثبت بالمتعة ميراث بين الزوجين (2).
وقال المرتضى: يثبت، ما لم يشترط السقوط. نعم لو شرط الميراث لزم.
(السادسة) إذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر.

(1) في صحيح مسلم عن جابر: (كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله
صلى عليه وسلم..) وأبي بكر حتى نهى عمر في شأن عمرو بن حريث،
(2) من شرائع الإسلام ا ه‍ وأما النسبة للولد فإنه يرثهما ويرثانه من غير خلاف.
182

وإن كانت ممن تحيض ولم تحض فخمسة وأربعون يوما.
ولو مات عنها ففي العدة روايتان أشبههما: أربعة أشهر وعشرة أيام.
(السابعة - لا يصح تجديد العقد قبل انقضاء الأجل.
ولو أراده وهبها ما بقي من المدة واستأنف.
القسم الثالث: في نكاح الإماء
والنظر إما في العقد وإما في الملك.
أما العقد فليس للعبد ولا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحا ما لم يأذن المولى.
ولو بادر أحدهما ففي وقوفه على الإجازة قولان، ووقوفه على الإجازة أشبه.
وإن أذن المولى ثبت في ذمة مولى العبد المهر والنفقة، ويثبت لمولى الأمة المهر.
ولو لم يأذنا فالولد لهما.
ولو أذن أحدهما كان للآخر.
وولد المملوكين رق لمولاهما.
ولو كانا لاثنين فالولد بينهما بالسوية ما لم يشترطه أحدهما.
وإذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر إلا أن يشترط المولى رقيته، على تردد.
ولو تزوج الحر أمة من غير إذن مالكها، فإن وطئها قبل الإجازة عالما فهو زان
والولد رق للمولى وعليه الحد والمهر.
ويسقط الحد لو كان جاهلا دون المهر، ويلحقه الولد: وعليه قيمته يوم سقط حيا.
وكذا لو ادعت الحرية فتزوجها على ذلك.
وفي رواية: يلزمه بالوطء عشر القيمة إن كانت بكرا، ونصف العشر لو كانت ثيبا.
ولو أولدها فكهم بالقيمة.
ولا عجز سعى في قيمتهم، ولو أبي عن السعي قيل: يفديهم الإمام وفي المستند
ضعف. ولو لم يدخل بها فلا مهر.
183

ولو تزوجت الحرة عبدا مع العلم فلا مهر وولدها رق، ومع الجهل يكون الولد حرا
ولا يلزمها قيمته.
ويلزم العبد مهرها إن لم يكن مأذونا ويتبع به إذا تحرر.
ولو تسافح المملوكان فلا مهر والولد رق لمولى الأمة وكذا لو زنى بها الحر.
ولو اشترى الحر نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده.
ولو أمضى الشريك العقد لم يحل وطؤها، وبالتحليل رواية فيها ضعف.
وكذا لو كان بعضها حرا، أو لو هايأها مولاها على الزمان ففي جواز العقد عليها
متعة في زمانها تردد، أشبهه: المنع.
ويستحب لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا
ولو مات المولى كان للورثة الخيار في الإجازة والفسخ، ولا خيار للأمة.
ثم الطوارئ ثلاثة: العتق، والبيع، والطلاق.
أما العتق: فإذا أعتقت الأمة تخيرت في فسخ نكاحها وإن كان الزوج حرا
على الأظهر.
ولا خيرة للعبد لو أعتق ولا لزوجته ولو كانت حرة.
وكذا تتخير الأمة لو كانا لمالك فأعتقا أو أعتقت.
ويجوز أن يتزوجها ويجعل العتق صداقها.
ويشترط تقديم لفظ (التزويج) في العقد.
وقيل: يشترط تقديم العتق.
وأم الولد رق وإن كان ولدها باقيا. ولو مات جاز بيعها.
وتنعتق بموت المولى من نصيب ولدها.
ولو عجز النصيب سعت في المتخلف.
ولا يلزم الولد السعي على الأشبه.
وتباع مع وجود الولد في ثمن رقبتها إن لم يكن غيرها.
184

ولو اشترى الأمة نسيئة فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها فحملت ثم مات
ولم يترك ما يقوم بثمنها فالأشبه: أن العتق لا يبطل ولا يرق الولد.
وقيل: تباع في ثمنها ويكون حملها كهيئتها لرواية هشام بن سالم.
وأما البيع: فإذا بيعت ذات البعل تخير المشتري في الإجازة والفسخ تخيرا
على الفور
وكذا لو بيع العبد وتحته أمة. وكذا قيل لو كان تحته حرة لرواية فيها ضعف.
ولو كانا لمالك فباعهما لاثنين فلكل منهما الخيار. وكذا لو باع أحدهما
لم يثبت العقد ما لم يرض كل واحد منهما.
ويملك المولى المهر بالعقد. فإن دخل الزوج استقر، ولا يسقط لو باع.
أما لو باع قبل الدخول سقط. فإن أجاز المشتري كان المهر له، لأن
الإجازة كالعقد.
وأما الطلاق: فإذا كانت زوجة العبد حرة أو أمة لغير مولاه فالطلاق بيده
وليس لمولاه إجباره.
ولو كانت أمة لمولاه كان التفريق إلى المولى، ولا يشترط لفظ الطلاق.
النظر الثاني في الملك: وهو نوعان:
(الأول) ملك الرقبة ولا حصر في النكاح به.
وإذا زوج أمته حرمت عليه وطئا ولمسا ونظرا بشهوة ما دامت في العقد.
وليس للمولى انتزاعها،. ولو باعها تخير المشتري دونه
ولا يحل لأحد الشريكين وطء المشتركة.
ويجوز ابتياع ذوات الأزواج من أهل الحرب وأبنائهم وبناتهم.
ولو ملك الأمة فأعتقها حل له وطؤها بالعقد وإن لم يستبرئها، ولا تحل لغيره
حتى تعتد كالحرة.
ويملك الأب موطوءة ابنه وإن حرم عليه وطؤها وكذا الابن.
185

(النوع الثاني): ملك المنفعة.
وصيغته أن يقول: أحللت لك وطأها أو جعلتك في حل من وطئها ولم
يتعدهما الشيخ.
واتسع آخرون بلفظ الإباحة ومنع الجميع لفظ العارية.
وهل هو إباحة أو عقد؟ قال: (علم الهدى): هو عقد متعة.
وفي تحليل أمته لمملوكه تردد، ومساواته بالأجنبي أشبه.
ولو ملك بعض الأمة فأحلته نفسها لم يصح.
وفي تحليل الشريك تردد والوجه: المنع.
ويستبيح ما يتناوله اللفظ.
فلو أحل التقبيل اقتصر عليه، وكذا اللمس.
لكن لو أحل الوطء حل له ما دونه. ولو أحل الخدمة لم يتعرض للوطء.
وكذا لا يستبيح بتحليل الوطء.
وولد المحللة حر.
فإن شرط الحرية في العقد فلا سبيل على الأب. وإن لم يشترط ففي إلزامه قيمة
الولد روايتان، أشبههما: أنه لا تلزم.
ولا بأس أن يطأ الأمة وفي البيت غيره، وأن ينام بين أمتين.
ويكره في الحرائر. وكذا يكره وطء الفاجرة ومن ولدت من الزنا.
ويلحق بالنكاح، النظر في أمور خمسة:
(الأول) في العيوب والبحث في أقسامها وأحكامها:
عيوب الرجل أربعة: الجنون والخصاء والعنن والجب.
وعيوب المرأة سبعة: الجنون والجذام والبرص والقرن والافضاء والعمى والإقعاد.
وفي الرتق تردد أشبهه: ثبوته عيبا لأنه يمنع الوطء.
ولا ترد بالعور ولا بالزنا ولو حدت فيه، ولا بالعرج على الأشبه.
186

وأما الأحكام فمسائل:
(الأولى) لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول.
وفي المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن.
وقيل تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن تجدد
(الثانية) الخيار فيه على الفور وكذا في تدليس.
(الثالثة) الفسخ فيه ليس طلاقا، فلا يطرد معه تنصيف المهر.
(الرابعة) لا يفتقر الفسخ بالعيوب إلى الحاكم، ويفتقر في العنن لضرب الأجل.
(الخامسة) إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر. ولو فسخ بعده فلها المسمى
ويرجع به الزوج على المدلس.
وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر إلا في العنن ولو كان بعده فلها المسمى.
ولو فسخت بالخصاء ثبت لها المهر مع الخلوة ويعذر.
(السادسة) لو ادعت عننه فأنكر فالقول قوله مع يمينه.
ومع ثبوته يثبت لها الخيار ولو كان متجددا، إذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن
وطء غيرها.
ولو ادعى الوطء فأنكرت، فالقول قوله مع يمينه.
(السابعة) إن صبرت مع العنن فلا بحث وإن رفعت أمرها إلى الحاكم أجلها
سنة من حين الترافع.
فإن عجز عنها وعن غيرها فلها الفسخ ونصف المهر.
تتمة
لو تزوج على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ. فلا مهر لو لم يدخل ولو دخل
فلها المهر على الأشبه ويرجع به على المدلس.
وقيل: لمولاها العشر أو نصف العشر إن لم يكن مدلسا.
187

وكذا تفسخ هي لو بان زوجها مملوكا.
ولا مهر قبل الدخول ولها المهر بعده.
ولو اشترط كونها بنت مهيرة فبانت بنت أمة فله الفسخ ولا مهر، ويثبت
لو دخل.
ولو تزوج بنت مهيرة فأدخلت عليه بنت الأمة ردها ولها المهر مع الوطء للشبهة
ويرجع به على من ساقها، وله زوجته.
ولو تزوج اثنان فأدخلت امرأة كل منهما على الآخر، كان لكل موطوءة
مهر المثل على الواطئ للشبهة وعليها العدة وتعاد إلى زوجها وعليه مهر ها الأصلي.
ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد.
وفي رواية ينقص مهرها.
(النظر الثاني) في المهر. وفيه أطراف:
(الطرف الأول) كل ما يملكه المسلم يكون مهرا، عينا كان أو دينا أو منفعة
كتعليم الصنعة والسورة، ويستوي فيه الزوج والأجنبي.
أما لو جعلت المهر استئجاره مدة فقولان، أشبههما: الجواز.
ولا تقدير للمهر في القلة ولا في الكثرة على الأشبه بل يتقدر بالتراضي.
ولا بد من تعيينه بالوصف أو الإشارة ويكفي المشاهدة عن كيله ووزنه.
ولو تزوجها على خادم فلم يتعين، فلها وسطه. وكذا لو قال: دار أو بيت.
ولو قال على السنة كان خمسمائة درهم.
ولو سمى لها مهرا ولأبيها شيئا سقط ما سمى له.
ولو عقد الذميان على خمر أو خنزير صح.
ولو أسلما أو أحدهما قبل القبض فلها (القيمة) عينا، أو مضمونا.
ولا يجوز عقد المسلم على الخمر ولو عقد صح.
ولها مع الدخول مهر المثل وقيل: يبطل العقد.
188

(الطرف الثاني) التفويض. لا يشترط في الصحة ذكر المهر.
فلو أغفله أو شرط ألا مهر لها فالعقد صحيح.
ولو طلق فلها المتعة قبل الدخول، وبعده لها مهر المثل.
ويعتبر في مهر المثل حالها في الشرف والجمال. وفي المتعة حاله.
فالغني يتمتع بالثوب المرتفع أو عشرة دنانير فأزيد.
والفقير بالخاتم أو الدرهم. والمتوسط بينهما.
ولو جعل الحكم لأحدهما في تقدير المهر صح.
ويحكم الزوج بما شاء وإن قل.
وإن حكمت المرأة لم تتجاوز مهر السنة.
ولو مات الحاكم قبل الدخول وقبل الحكم فالمروي لها المتعة.
(الطرف الثالث) في الأحكام وهي عشرة:
(الأول) تملك المرأة المهر بالعقد. وينتصف بالطلاق. ويستقر بالدخول وهو
الوطء قبلا أو دبرا.
ولا يسقط معه لو لم يقبض، ولا يستقر بمجرد الخلوة على الأشهر.
(الثاني) قيل إذا لم يسم لها مهرا وقدم لها شيئا قبل الدخول كان ذلك مهرا
ما لم يشترط غيره.
(الثالث) إذا طلق قبل الدخول رجع بالنصف إن كان أقبضها أو طالبت
بالنصف إذا لم يكن أقبضها.
ولا يستعيد الزوج ما تجدد من النماء بين العقد والطلاق، متصلا كان، كاللبن
أو منفصلا كالولد.
ولو كان النماء موجودا وقت العقد رجع بنصفه كالحمل.
ولو كان تعليم صنعة أو علم فعلمها رجع بنصف أجرته.
ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه.
189

(الرابع) لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين.
وقيل يبطل التدبير بجعلها مهرا، وهو أشبه.
(الخامس) لو أعطاها عوض المهر متاعا أو عبدا آبقا وشيئا ثم طلق رجع
بنصف المسمى دون العوض.
(السادس) إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع فسد الشرط دون
العقد والمهر.
كما لو شرطت ألا يتزوج أو لا يتسرى.
وكذا لو شرطت تسليم المهر في أجل،. فإن تأخر عنه فلا عقد.
أما لو شرطت ألا يفتضها صح، ولو أذنت بعده جاز.
ومنهم من حض جواز الشرط بالمتعة.
(السابع) لو شرط ألا (يخرجها) من بلدها لزم.
ولو شرط لها مائة إن خرجت معه، وخمسين إن لم تخرج، فإن أخرجها إلى
بلد الشرك فلا شرط له ولزمته المائة.
وإن أرادها إلى بلد الإسلام فله الشرط.
(الثامن) لو اختلفا في أصل المهر فالقول قول الزوج مع يمينه ولو كان بعد
الدخول، وكذا لو خلا فادعت المواقعة.
(التاسع) يضمن الأب مهر ولده الصغير إن لم يكن له مال وقت العقد،
ولو كان له مال كان على الولد.
(العاشر) للمرأة أن تمتنع حتى تقبض مهرها.
وهل لها ذلك بعد الدخول؟ فيه قولان، أشبههما: أنه ليس لها ذلك.
(النظر الثالث) في القسم والنشوز والشقاق.
أما القسم: فللزوجة الواحدة ليلة، وللاثنين ليلتان، وللثلاث ثلاث.
والفاضل من الأربع له أن يضعه حيث شاء.
190

ولو كن أربعا فلكل واحدة ليلة.
ولا يجوز الإخلال إلا مع العذر أو الإذن
والواجب المضاجعة لا المواقعة.
ويختص الوجوب بالليل دون النهار، وفي رواية الكرخي. إنما عليه أن يكون
عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها.
ولو اجتمعت مع الحرة أمة بالعقد فللحرة ليلتان وللأمة ليلة، والكتابية كالأمة.
ولا قسمة للموطوءة بالملك.
ويختص البكر عند الدخول بثلاث إلى سبع، والثيب بثلاث.
ويستحب التسوية بين الزوجات في الإنفاق وإطلاق الوجه والجماع، وأن
يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها.
وأما النشوز: فهو ارتفاع أحد الزوجين عن طاعة صاحبه فيما يجب له.
فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان وعظها، فإن لم ينجع هجرها في المضجع.
وصورته أن يوليها ظهره في الفراش.
فإن لم تنجع ضربها مقتصرا على ما يؤمل معه طاعتها ما لم يكن مبرحا.
ولو كان النشوز منه فلها المطالبة بحقوقها.
ولو تركت بعض ما يجب أو كله استمالة جاز له القبول.
وأما الشقاق: فهو أن يكره كل منهما صاحبه.
فإذا خشي الاستمرار بعث كل منهما حكما من أهله، ولو امتنع الزوجان
بعثهما الحاكم، ويجوز أن يكونا أجنبيين.
وبعثهما تحكيم لا توكيل، فيصلحان إن اتفقا، ولا يفرقان إلا مع إذن الزوج
في الطلاق والمرأة في البذل.
ولو اختلف الحكمان لم يمض لهما حكم.
191

(النظر الرابع) في أحكام الأولاد.
ولد الزوجة الدائمة يلحق به مع الدخول ومضى ستة أشهر من حين الوطء
ووضعه لمدة الحمل أو أقل، وهي تسعة أشهر، وقيل عشرة أشهر وهو حسن، وقيل
سنة وهو متروك.
فلو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم يلحق به.
ولو أنكر الدخول فالقول قوله مع يمينه.
ولو اعترف به ثم أنكر الولد لم ينتف عنه إلا باللعان.
ولو اتهمها بالفجور أو شاهد زناها لم يجز له نفيه.
ويلحق به الولد ولو نفاه لم ينتف إلا باللعان. وكذا لو اختلفا في مدة الولادة.
ولو زنى بامرأة فأحبلها لم يجز إلحاقه به وإن تزوج بها. وكذا لو أحبل أمة
غيره بزني ثم ملكها.
ولو طلق زوجته فاعتدت وتزوجت غيره وأتت بولد لدون ستة أشهر فهو للأول.
ولو كان لستة فصاعدا فهو للأخير.
ولو لم تتزوج فهو للأول ما لم يتجاوز أقصى الحمل، وكذا الحكم في الأمة
لو باعها بعد الوطء.
وولد الموطوءة بالملك يلحق بالمولى ويلزمه الاقرار به.
لكن لو نفاه انتفى ظاهرا، ولا يثبت بينهما لعان.
ولو اعترف به بعد النفي ألحق به، وفي حكمه ولد المتعة.
وكل من أقر بولد ثم نفاه لم يقبل نفيه.
ولو وطئها المولى وأجنبي حكم به للمولى، فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظن
أنه ليس منه لم يجز له إلحاقه ولا نفيه، بل يستحب أن يوصي له بشئ ولا يورثه
ميراث الأولاد.
ولو وطئها البائع والمشتري فالولد للمشتري، إلا أن يقصر الزمان عن ستة أشهر.
192

ولو وطئها المشتركون فولدت وتداعوه أقرع بينهم وألحق بمن يخرج اسمه ويغرم
حصص الباقين من قيمته وقيمة أمه.
ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل، ولا مع التهمة بالزنى.
والموطوءة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ.
ولو تزوج امرأة لظنه خلوها من بعل فباتت محصنة ردت على الأول بعد
الاعتداد من الثاني، وكانت الأولاد للواطئ مع الشرائط.
ويلحق بذلك أحكام الولادة، وسننها استبداد النساء بالمرأة وجوبا إلا مع
عدمهن، ولا بأس بالزوج وإن وجدن.
ويستحب غسل المولود، والأذان في أذنه اليمنى، والإقامة في اليسرى،
وتحنيكه بتربة الحسين عليه السلام، وبماء الفرات، ومع عدمه بماء فرات،
ولو لم يوجد إلا ماء ملح خلط بالعسل أو التمر.
ويستحب تسميته الأسماء المستحسنة (1)، وأن يكنيه.
ويكره أن يكنى محمدا بأبي القاسم، وأن يسمى حكما، أو حكيما، أو خالدا،
أو حارثا، أو مالكا، أو ضرارا.
ويستحب حلق رأسه يوم السابع مقدما على العقيقة، والتصدق بوزن شعره
ذهبا أو فضة، ويكره القنازع (2).
ويستحب ثقب أذنه وختانه فيه، ولو أخر جاز.
ولو بلغ وجب عليه الاختتان.
وخفض الجارية مستحب، وأن يعق عنه فيه أيضا ولا تجزئ الصدقة بثمنها
ولو عجز توقع المكنة.

(1) وأفضلها ما يتضمن العبودية لله سبحانه ا ه‍ شرائع الإسلام.
(2) القنزعة: الخصلة من الشعر تترك على الرأس. وفي شرائع الإسلام: ويكره أن يحلق
من رأسه موضع ويترك موضع وهي القنازع.
193

ويستحب فيها شروط الأضحية وأن تخص القابلة بالرجل والورك، ولو كانت
ذمية أعطيت ثمن الربع.
ولو لم تكن قابلة تصدقت به الأم، ولو لم يعق الوالد استحب للولد إذا بلغ
ولو مات الصبي في السابع قبل الزوال سقطت، ولو مات بعد الزوال لم يسقط
لاستحباب.
ويكره أن يأكل منها الوالدان، وأن يكسر شئ من عظامها، بل يفصل
مفاصل الأعضاء.
ومن التوابع: الرضاع والحضانة وأفضل ما رضع لبن أمه.
ولا تجبر الحرة على إرضاع ولدها ويجبر الأمة مولاها.
وللحرة الأجرة على الأب إن اختارت إرضاعه، وكذا لو أرضعته خادمتها.
ولو كان الأب ميتا، فمن مال الرضيع.
ومدة الرضاع حولان. ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا لا أقل،
والزيادة بشهر أو بشهرين لا أكثر.
ولا يلزم الوالد أجرة ما زاد عن حولين.
والأم أحق بإرضاعه إذا تطوعت أو قنعت بما تطلب غيرها، ولو طلبت زيادة
عن ما قنع غيرها فللأب نزعه واسترضاع غيرها.
وأما الحضانة: فالأم أحق بالولد بمدة الرضاع إذا كانت حرة مسلمة.
وإذا فصل فالحرة أحق بالبنت إلى سبع سنين، وقيل إلى تسع سنين. والأب
أحق بالابن.
ولو تزوجت الأم سقطت حضانتها.
ولو مات الأب فالأم أحق به من الوصي. وكذا لو كان الأب مملوكا أو كافرا
كانت الأم الحرة أحق به ولو تزوجت.
فإن أعتق الأب فالحضانة له.
194

(النظر الخامس): في النفقات:
وأسبابها ثلاثة: الزوجية، والقرابة، والملك.
أما الزوجية: فيشترط في وجوب نفقتها شرطان.
العقد الدائم، فلا نفقة لمستمتع بها، والتمكين الكامل، فلا نفقة
لناشزة.
ولو امتنعت لعذر شرعي لم تسقط كالمرض والحيض وفعل الواجب.
أما المندوب: فإن منعها منه فاستمرت سقطت نفقتها، وتستحق الزوجة النفقة
ولو كانت ذمية أو أمة. وكذا تستحقها المطلقة الرجعية دون البائن والمتوفى عنها
زوجها إلا أن تكون حاملا فتثبت نفقتها في الطلاق على الزوج حتى تضع،
وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين (1).
ونفقة الزوجة مقدمة على نفقة الأقارب وتقضى لو فاتت.
وأما القرابة: فالنفقة على الأبوين والأولاد لازمة.
وفيمن علا من الآباء والأمهات تردد، أشبهه اللزوم.
ولا تجب على غيرهم من الأقارب بل تستحب وتتأكد في الوارث.
ويشترط في الوجوب الفقر والعجز عن الاكتساب.
ولا تقدير للنفقة بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن.
ونفقة الولد على الأب، ومع عدمه أو فقره أب الأب وإن علا مرتبا،
ومع عدمهم تجب على الأم وآبائها الأقرب فالأقرب.
ولا تقضى نفقة الأقارب لو فاتت.
وأما المملوك فنفقته واجبة على مولاه، وكذا الأمة.

(1) وفي الحامل المتوفى عنها زوجها روايتان، أشهرهما: أنه لا نفقة لها، والأخرى ينفق
عليها من نصيب ولدها ا ه‍ شرائع الإسلام.
195

ويرجع في قدر النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى.
ويجوز مخارجة (1) المملوك على شئ. فما فضل يكون له، فإن كفاه
وإلا أتمه المولى.
وتجب النفقة على البهائم المملوكة، فإن امتنع مالكها أجبر على بيعها أو ذبحها
إن كانت مقصودة بالذبح.

(1) المخارجة: هي ضرب خراج معلوم على الرفيق يؤديه كل يوم أو مدة مما يكتسبه
ا ه‍. مسالك.
196

كتاب الطلاق
والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقه:
(الركن الأول) في المطلق: ويعتبر فيه البلوغ والعقل والاختيار والقصد.
فلا اعتبار بطلاق الصبي. وفيمن بلغ عشرا رواية بالجواز فيها ضعف.
ولو طلق عنه الولي لم يقع إلا أن يبلغ فاسد العقد.
ولا يصح طلاق المجنون، ولا السكران، ولا المكره، ولا المغضب، مع
ارتفاع القصد.
(الركن الثاني) في المطلقة: ويشترط فيها الزوجية والدوام والطهارة من
الحيض والنفاس، إذا كانت مدخولا بها، وزوجها حاضرا معها ولو كان غائبا صح.
وفي قدر الغيبة اضطراب، محصلة: انتقالها من طهر إلى آخر.
ولو خرج في طهر لم يقربها فيه صح طلاقها من غير تربص ولو اتفق
في الحيض.
والمحبوس عن زوجته كالغائب.
ويشترط رابع وهو أن يطلق في طهر لم يجامعها فيه.
ويسقط اعتباره في الصغيرة واليائسة والحامل.
أما المسترابة (1). فإن تأخرت الحيضة صبرت ثلاثة أشهر ولا يقع طلاقها قبله
وفي اشتراط تعين المطلقة تردد.
(الركن الثالث) في الصيغة: ويقتصر على (طالق) تحصيلا لموضع الاتفاق.
ولا يقع بخلية ولا برية، وكذا لو قال: اعتدى.

(1) المسترابة: هي التي لا تحيض، وفي سنها من تحيض
197

ويقع لو قال هل طلقت فلانة فقال: نعم.
ويشترط تجريده عن الشرط والصفة.
ولو فسر الطلقة باثنين أو ثلاث صحت واحدة وبطل التفسير.
وقيل. يبطل الطلاق.
ولو كان المطلق يعتقد الثلاثة لزم (1).
(الركن الرابع) في الإشهاد: ولا بد من شاهدين يسمعانه (2).
ولا يشترط استدعاؤهما إلى السماع، ويعتبر فيهما العدالة، وبعض الأصحاب
يكتفي بالإسلام.
ولو طلق ولم يشهد ثم أشهد، كان الأول لغوا ولا تقبل فيه شهادة النساء.
النظر الثاني في أقسامه: وينقسم إلى بدعة وسنة:
فالبدعة طلاق الحائض مع الدخول وحضور الزوج أو غيبته دون المدة المشترطة
وفي طهر قد قربها فيه. وطلاق الثلاث المرسلة (3). وكله لا يقع.
وطلاق السنة ثلاث: بائن، ورجعي، وللعدة.
فالبائن ما لا يصح معه الرجعة. وهو طلاق اليائسة على الأظهر. ومن لم يدخل
بها. والصغيرة. والمختلعة والمبارأة ما لم ترجعا في البذل. والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان
والرجعي ما يصح معه الرجعة ولو لم يرجع.
وطلاق العدة ما يرجع فيه ويواقع ثم يطلق.
فهذه تحرم في التاسعة تحريما مؤبدا.
وما عداها تحرم في كل ثالثة حتى تنكح غيره.
وهنا مسائل خمسة:
(الأولى) لا يهدم استيفاء العدة تحريم الثلاثة.

(1) لو كان المطلق من مذهب يرى وقوعه لزمه.
(2) لقوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) سورة الطلاق.
(3) أي طلاق الثلاث من غير رجعة بينها، شرائع الإسلام.
198

(الثانية) يصح طلاق الحامل للسنة كما تصح للعدة على الأشبه.
(الثالثة) يصح أن يطلق ثانية في الطهر الذي طلق فيه وراجع فيه، ولم يطأ
لكن لا يقع للعدة.
(الرابعة) لو طلق غائبا ثم حضر ودخل بها ثم ادعى الطلاق لم تقبل دعواه
ولا بينته، ولو أولدها لحق به.
(الخامسة) إذا طلق الغائب وأراد العقد على أختها، أو على خامسة تربص
تسعة أشهر احتياطا.
النظر الثالث. في اللواحق وفيه مقاصد:
(الأول) يكره طلاق المريض، ويقع لو طلق، ويرث زوجته في العدة
الرجعية، وترثه هي ولو كان الطلاق بائنا إلى سنة، ما لم تتزوج أو يبرأ من
مرضه ذلك.
المقصد الثاني: في المحلل:
ويعتبر فيه البلوغ والوطء في القبل بالعقد الصحيح الدايم.
وهل يهدم ما دون الثلاث؟ فيه روايتان أشهرهما: أنه يهدم.
ولو ادعت أنها تزوجت ودخل وطلقها فالمروي: القبول إذا كانت ثقة.
المقصد الثالث: في الرجعة:
تصح نطقا، كقوله: راجعت وفعلا كالوطء والقبلة واللمس بالشهوة.
ولو أنكر الطلاق كان رجعة.
ولا يجب في الرجعة الإشهاد بل يستحب.
ورجعة الأخرس بالإشارة، وفي رواية بأخذ القناع.
ولو ادعت انقضاء العدة في الزمان الممكن قبل.
المقصد الرابع: في العدد، والنظر في فصول:
(الأول) لا عدة على من لم يدخل بها عدا المتوفى عنها زوجها.
199

ونعني بالدخول الوطء قبلا أو دبرا، ولا تجب بالخلوة.
(الثاني) في المستقيمة الحيض. وهي تعتد بثلاثة أطهار على الأشهر إذا كانت
حرة. وإن كانت تحت عبد.
وتحتسب بالطهر الذي طلقها فيه. ولو حاضت بعد الطلاق بلحظة، وتبين برؤية
الدم الثالث.
وأقل ما تنقضي به عدتها ستة وعشرون يوما ولحظتان، وليست الأخيرة من
العدة بل دلالة الخروج.
(الثالث) في المسترابة: وهي لا تحيض، وفي سنها من تحيض، وعدتها
ثلاثة أشهر.
وهذه تراعى الشهور والحيض وتعتد بأسبقهما.
أما لو رأت في الثالث حيضة وتأخرت الثانية أو الثالثة، صبرت تسعة أشهر
لاحتمال الحمل ثم اعتدت بثلاثة أشهر.
وفي رواية عمار تصبر سنة ثم تعتد بثلاثة أشهر.
ولا عدة على الصغيرة. ولا اليائسة على الأشهر.
وفي حد اليأس روايتان، أشهرهما: خمسون سنة.
ولو رأت المطلقة الحيض مرة ثم بلغت اليأس أكملت العدة بشهرين.
ولو كانت لا تحيض إلا في خمسة أشهر أو ستة اعتدت بالأشهر.
(الرابع) في الحامل: وعدتها في الطلاق بالوضع ولو بعد الطلاق بلحظة،
ولو لم يكن تاما مع تحققه حملا.
ولو طلقها فادعت الحمل تربص بها أقصى الحمل.
ولو وضعت توأما بانت به على تردد، ولا تنكح حتى تضع الآخر.
ولو طلقها رجعيا ثم مات استأنفت عدة الوفاة.
ولو كان بائنا اقتصرت على إتمام عدة الطلاق.
200

(الخامس) في عدة الوفاة: تعتد الحرة بأربعة أشهر وعشرة أيام إذا كانت
حايلا، صغيرة كانت أو كبيرة دخل بها أو لم يدخل. وبأبعد الأجلين إن كانت حاملا.
ويلزمها الحداد وهو ترك الزينة دون المطلقة. ولا حداد على أمة.
(السادس) في المفقود: لا خيار لزوجته إن عرف خبره أو كان له ولي ينفق عليها.
ثم إن فقد الأمران ورفعت أمرها إلى الحاكم أجلها أربع سنين.
فإن وجده وإلا أمرها بعدة الوفاة ثم أباحها النكاح.
فإن جاء في العدة فهو أملك بها.
وإن خرجت وتزوجت فلا سبيل له.
وإن خرجت ولم تتزوج فقولان، أظهرهما: أنه لا سبيل له عليها.
(السابع) في عدد الإماء والاستبراء:
عدة الأمة في الطلاق مع الدخول قرآن، وهما طهران على الأشهر.
ولو كانت مسترابة فخمسة وأربعون يوما، تحت عبد كانت أو تحت حر.
ولو أعتقت ثم طلقت لزمها عدة الحرة، وكذا لو طلقها رجعيا ثم أعتقت في
العدة، أكملت عدة الحرة.
ولو طلقها بائنا أتمت عدة الأمة.
وعدة الذمية كالحرة في الطلاق والوفاة على الأشبه.
وتعتد الأمة من الوفاة بشهرين وخمسة أيام.
ولو كانت حاملا اعتدت مع ذلك بالوضع.
وأم الولد تعتد من وفاة الزوج كالحرة.
ولو طلقها الزوج رجعية ثم مات وهي في العدة استأنفت عدة الحرة.
ولو لم تكن أم ولد استأنفت عدة الأمة للوفاة.
ولو مات زوج الأمة ثم أعتقت أتمت عدة الحرة، تغليبا لجانب الحرية.
201

ولو وطئ المولى أمته ثم أعتقها اعتدت بثلاثة أقراء.
ولو كانت زوجة الحر أمة فابتاعها بطل نكاحه، وله وطؤها من غير استبراء.
تتمة
لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج الزوجة من بيته إلا أن تأتي بفاحشة،
وهو ما يجب به الحد.
وقيل أدناه أن تؤذي أهله.
ولا تخرج هي فإن اضطرت خرجت بعد انتصاف الليل وعادت قبل الفجر.
ولا يلزم ذلك في البائن ولا المتوفى عنها زوجها، بل تبيت كل واحد منهما
حيث شاءت.
وتعتد المطلقة من حين الطلاق حاضرا كان المطلق أو غائبا إذا عرفت الوقت.
وفي الوفاة من حين يبلغها الخبر.
202

كتاب الخلع والمباراة
والكلام في العقد والشرائط واللواحق.
وصيغة الخلع أن يقول: خلعتك أو فلانة مختلعة على كذا.
وهل يقع بمجرده؟ قال (علم الهدى) نعم. وقال (الشيخ): لا حتى
تتبع بالطلاق.
ولو تجرد كان طلاقا عند (المرتضى) وفسخا عند (الشيخ) لو قال
بوقوعه مجردا.
وما صح أن يكون مهرا، صح فدية في الخلع، ولا تقدير فيه، بل يجوز أن
يأخذ منها زائدا عما وصل إليها منه.
ولا بد من تعيين الفدية وصفا أو إشارة.
أما الشرائط: فيعتبر في الخالع البلوغ، وكمال العقل، والاختيار، والقصد.
وفي المختلعة مع الدخول، الطهر الذي لم يجامعها فيه، إذا كان زوجها حاضرا،
وكان مثلها تحيض، وأن يكون الكراهية منها خاصة صريحا.
ولا يجب لو قالت: لأدخلن عليك من تكره بل يستحب.
ويصح خلع الحامل مع الدم لو قيل إنها تحيض.
ويعتبر في العقد حضور الشاهدين عدلين وتجريده عن الشرط.
ولا بأس بشرط يقتضيه العقد، كما لو شرط الرجوع إن رجعت.
وأما اللواحق فمسائل:
(الأولى) لو خالعها والأخلاق ملتئمة لم يصح، ولم يملك الفدية.
(الثانية) لا رجعة للخالع. نعم لو رجعت في البذل رجع إن شاء.
ويشترط رجوعها في العدة، ثم لا رجوع بعدها.
203

(الثالثة) لو أراد مراجعتها ولم ترجع في البذل افتقر إلى عقد جديد في العدة
أو بعدها.
(الرابعة) لا توارث بين المختلعين ولو مات أحدهما في العدة لانقطاع
العصمة بينهما.
والمباراة: هو أن يقول: بارأتك على كذا.
وهي تترتب على كراهية الزوجين كل منهما صاحبه.
ويشترط اتباعها بالطلاق على قول الأكثر.
والشرائط المعتبرة في الخالع والمختلعة مشترطة هنا.
ولا رجوع للزوج إلا أن ترجع هي في البذل.
وإذا خرجت من العدة فلا رجوع لها.
ويجوز أن تفاديها بقدر ما وصل إليها منه فما دون، ولا يحل له ما زاد عنه.
204

كتاب الظهار
وينعقد بقوله: أنت علي كظهر أمي، وإن اختلفت حرف الصلة.
وكذا يقع لو شبهها بظهر ذوي رحم نسبا، ورضاعا.
ولو قال كشعر أمي أو يدها لم يقع، وقيل: يقع برواية فيها ضعف.
ويشترط أن يسمع نطقه شاهدا عدل.
وفي صحته مع الشرط روايتان، أشهرهما: الصحة.
ولا يقع في يمين ولا إضرار ولا غضب ولا سكر.
ويعتبر في المظاهر البلوغ، وكمال العقل، والاختيار، والقصد.
وفي المظاهرة طهر لم يجامعها فيه، إذا كان زوجها حاضرا ومثلها تحيض.
وفي اشتراط الدخول تردد، المروي: الاشتراط.
وفي وقوعه بالتمتع بها قولان، أشبههما: الوقوع، وكذا الموطوءة بالملك،
والمروي: أنها كالحرة.
وههنا مسائل:
(الأولى) الكفارة تجب بالعود وهو إرادة الوطء.
والأقرب أنه لا استقرار لوجوبها.
(الثانية) لو طلقها وراجع في العدة لم تحل حتى يكفر.
ولو خرجت فاستأنف النكاح، فيه روايتان، أشهرهما: أنه لا كفارة.
(الثالثة) لو ظاهر من أربع بلفظ واحد لزمه أربع كفارات.
وفي رواية كفارة واحدة وكذا البحث لو كرر ظهار الواحدة.
(الرابعة) يحرم الوطء قبل التكفير.
فلو وطئ عامدا لزمه كفارتان، ولو كرر لزمه بكل وطء كفارة.
205

(الخامسة) إذا أطلق الظهار حرمت مجامعتها حتى يكفر. ولو علقه بشرط
لم تحرم حتى يحصل الشرط.
وقال بعض الأصحاب: أو يواقع وهو بعيد، ويقرب إذا كان الوطء هو الشرط.
(السادسة) إذا عجز عن الكفارة قيل يحرم وطؤها حتى يكفر.
وقيل تجزي بالاستغفار وهو أشبه.
(السابعة) مدة التربص ثلاثة أشهر من حين المرافعة.
وعند انقضائها يضيق عليه حتى يفئ أو يطلق.
206

كتاب الإيلاء
ولا ينعقد إلا باسم الله سبحانه.
ولو حلف بالطلاق أو العتاق لم يصح، ولا تنعقد إلا في الإضرار.
فلو حلف لصلاح لم ينعقد كما لو حلف لاستضرارها بالوطء، أو لا صلاح اللبن.
ولا يقع حتى يكون مطلقا أو أزيد من أربعة أشهر.
ويعتبر في المولى البلوغ، وكمال العقل، والاختيار، والقصد.
وفي المرأة الزوجية، والدخول.
وفي وقوعه بالمتمتع بها قولان، المروي: أنه لا يقع.
وإذا رافعته أنظره الحاكم أربعة أشهر.
فإن أصر على الامتناع ثم رافعته بعد المدة، خيره الحاكم بين الفيئة والطلاق.
فإن امتنع حبسه وضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يكفر ويفئ، أو يطلق.
وإذا طلق وقع رجعيا، وعليها العدة من يوم طلقها.
ولو ادعى الفيئة فأنكرت فالقول قوله مع يمينه.
وهل يشترط في ضرب المدة المرافعة؟ قال الشيخ: نعم والروايات مطلقة.
ولنتبع ذلك بذكر: الكفارات، وفيه مقصدان:
(الأول) في حصرها: وتنقسم إلى مرتبة ومخيرة، وما يجتمع الأمران،
وكفارة الجمع.
فالمرتبة: كفارة الظهار: وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين،
فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ومثلها كفارة قتل الخطأ.
207

وكفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال عامدا إطعام عشرة
مساكين، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعات.
والمخيرة: كفارة شهر رمضان، وهي عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين أو
إطعام ستين مسكينا.
ومثله كفارة من أفطر يوما منذورا على التعيين، وكفارة خلف العهد
على التردد.
أما كفارة خلف النذر ففيه قولان. أشبههما: أنه لصغيرة.
وما فيه الأمران: كفارة يمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو
كسوتهم فإن لم يجد صام ثلاثة أيام متتابعات.
وكفارة الجمع: كقتل المؤمن عمدا عدوانا، وهي عتق رقبة وصيام شهرين
متتابعين وإطعام ستين مسكينا.
مسائل ثلاث:
(الأولى) قيل من حلف بالبراءة لزمه كفارة ظهار.
ومن وطئ في الحيض عامدا لزمه دينار في أوله ونصف في وسطه وربع
في آخره.
ومن تزوج امرأة في عدتها فارقها وكفر بخمسة أصواع من دقيق.
ومن نام عن العشاء الآخرة حتى جاوز نصف الليل أصبح صائما. والاستحباب
في الكل أشبه.
(الثانية) في جز المرأة شعر رأسها في المصاب كفارة شهر رمضان، وقيل
كفارة مرتبة، وفي نتفه في المصاب كفارة يمين، وكذا في خدش وجهها. وكذا
في شق الرجل ثوبه بموت ولده أو زوجته.
(الثالثة) من نذر صوم يوم فعجز عنه، تصدق عنه بإطعام المسكين مدين من
طعام. فإن عجز عنه، تصدق بما استطاع. فإن عجز استغفر الله.
208

المقصد الثاني: في خصال الكفارة.
وهي العتق والإطعام والكسوة والصيام
أما العتق فيتعين على الواحد في المرتبة.
ويتحقق ذلك بملك الرقبة أو الثمن مع إمكان الابتياع.
ولا بد من كونها مؤمنة أو مسلمة، وأن تكون سليمة من العيوب التي
تعتق بها.
وهل يجزي المدبر؟ قال في (النهاية): لا، وفي غيرها بالجواز وهو أشبه.
ويجزئ الآبق ما لم يعلم موته، وأم الولد.
وأما الصيام: فيتعين مع العجز عن العتق في المرتبة.
ولا تباع ثياب البدن، ولا المسكن في الكفارة، إذا كان قدر الكفاية،
ولا الخادم.
ويلزم الحر في كفارة قتل الخطأ أو الظهار صوم شهرين متتابعين، والمملوك
صوم شهر.
فإذا صام الحر شهرا ومن الثاني شيئا ولو يوما أتم.
ولو أفطر قبل ذلك أعاد إلا لعذر كالحيض، والنفاس، والإغماء، والمرض،
والجنون.
وأما الإطعام: فيتعين في المرتبة مع العجز عن الصيام.
ويجب إطعام العدد لكل واحد مد من طعام، وقيل مدان مع القدرة
ولا يجزي إعطاؤه لما دون العدد.
ولا يجوز التكرار من الكفارة الواحدة مع التمكن، ويجوز مع التعذر.
ويطعم ما يغلب على قوته، ويستحب أن يضم إليه أدما أعلاه اللحم، وأوسطه
الخل، وأدناه الملح.
ولا يجزي إطعام الصغار منفردين ويجوز منضمين.
209

ولو انفردوا احتسب الاثنان بواحد.
مسائل:
(الأولى) كسوة الفقير ثوبان مع القدرة. وفي رواية يجزي الثوب الواحد
وهو أشبه.
وكفارة الإيلاء مثل كفارة اليمين.
(الثانية) من عجز عن العتق فدخل في الصيام ثم تمكن من العتق لم يلزمه
العود وإن كان أفضل.
(الثالثة) كل من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز صام ثمانية
عشر يوما.
فإن لم يقدر تصدق عن كل يوم بمد من طعام، فإن لم يستطع
استغفر الله سبحانه.
(الرابعة) يشترط في المكفر البلوغ، وكمال العقل، والإيمان، ونية القربة،
والتعيين.
210

كتاب اللعان
والنظر في أمور أربعة:
الأول: السبب، وهو أمران.
(الأول) قذف الزوجة بالزنى مع ادعاء المشاهدة وعدم البينة.
ولا يثبت لو قذفها في عدة بائنة، ويثبت لو قذفها في رجعية.
(الثاني) إنكار من ولد على فراشه لستة أشهر فصاعدا من زوجة موطوءة
بالعقد الدائم، ما لم يتجاوز أقصى الحمل.
وكذا لو أنكره بعد فراقها ولم تتزوج، أو بعد أن تزوجت وولدت لأقل
من ستة أشهر منذ دخل.
الثاني: في الشرائط ويعتبر في الملاعن البلوغ وكمال العقل.
وفي لعان الكافر قولان أشبههما: الجواز، وكذا المملوك.
وفي الملاعنة البلوغ، وكمال العقل، والسلامة من الصمم والخرس.
ولو قذفها مع أحدهما بما يوجب اللعان حرمت عليه.
وأن يكون عقدها دائما.
وفي اعتبار الدخول قولان، المروي: أنه لا يقع قبله.
وقال ثالث بثبوته بالقذف دون النفي للولد.
ويثبت بين الحر والمملوكة، وفيه رواية بالمنع، وقول ثالث بالفرق.
ويصح لعان الحامل، لكن لا يقام عليها الحد حتى تضع.
الثالث: الكيفية: وهو أن يشهد الرجل أربعا بالله، إنه لمن الصادقين
فيما رماها به، ثم يقول إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ثم تشهد المرأة
أربعا إنه لمن الكاذبين فيما رماها به.
211

ثم تقول: إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
والواجب فيه النطق بالشهادة، وأن يبدأ الرجل بالتلفظ باللفظ العربي مع القدرة
والمستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة، وأن يقف الرجل عن يمينه، والمرأة
عن يساره، وأن يحضر من يسمع اللعن.
ووعظ الرجل بعد الشهادة قبل اللعن، وكذا المرأة قبل ذكر الغضب.
الرابع: في الأحكام. وهي أربعة:
(الأول) يتعلق بالقذف وجوب الحد على الزوج. وبلعانه سقوطه وثبوت الرجم
على المرأة إن اعترفت أو نكلت ومع لعانها سقوطه عنها، وانتفاء الولد عن الرجل،
وتحريمها عليه مؤبدا.
ولو نكل عن اللعان، أو اعترف بالكذب حد للقذف.
(الثاني) لو اعترف بالولد في أثناء اللعان لحق به وتوارثا وعليه الحد.
ولو كان بعد اللعان لحق به وورثه الولد ولم يرثه الأب ومن لا يتغرب به،
ويرثه الأم، ومن يتغرب بها.
وفي سقوط الحد هنا روايتان، أشهرهما: السقوط.
ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنى لم يثبت الحد إلا أن تقر أربعا على تردد.
(الثالث) لو طلق فادعت الحمل منه فأنكر، فإذا أقامت بينة أنه أرخى عليها
الستر لاعنها وبانت منه، وعليه المهر كملا. وهي رواية علي بن جعفر عن أخيه.
وفي (النهاية) وإن لم تقم بينه لزمه نصف المهر وضربت مائة سوط. وفي إيجاب
الجلد: إشكال.
(الرابع) إذا قذفها فماتت قبل اللعان فله الميراث وعليه الحد للوارث.
وفي رواية (أبي بصير) إن قام رجل من أهلها فلاعنه فلا ميراث له.
وقيل: لا يسقط الإرث لاستقراره بالموت، وهو حسن.
212

كتاب الحدود والتعزيرات *
وفيه فصول:
الفصل الأول
في حد الزنا
والنظر في الموجب، والحد، واللواحق:
أما الموجب: فهو إيلاج الإنسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك
ولا شبهة.
ويتحقق بغيبوبة الحشفة قبلا أو دبرا.
ويشترط في ثبوت الحد: البلوغ، والعقل، والعلم بالتحريم، والاختيار.
فلو تزوج محرمة كالأم أو المحصنة، سقط الحد مع الجهالة بالتحريم، ويثبت مع
العلم. ولا يكون العقد بمجرده شبهة في السقوط.
ولو تشبهت الأجنبية بالزوجية فعليها الحد دون واطئها.
وفي رواية: يقام عليها الحد جهرا وعليه سرا وهي متروكة.
ولو وطئ المجنون عاقلة، ففي وجوب الحد تردد، أوجبه الشيخان (1)
ولا حد على المجنونة.
ويسقط الحد بادعاء الزوجية، وبدعوى ما يصلح شبهة بالنظر إلى المدعى.
ولا يثبت الإحصان الذي يجب معه الرجم حتى يكون الزاني بالغا حدا له فرج
مملوك بالعقد الدائم أو الملك، يغدو عليه ويروح.

* - موضع هذا الكتاب من المختصر النافع في أواخر أبوابه بين الشهادات والقصاص، ولكنا رأينا تقديمه في هذا الجزء لتعلق بعض ما ذكر فيه به.
(1) الطوسي والمفيد.
213

ويستوي فيه المسلمة والذمية.
وإحصان المرأة كإحصان الرجل لكن يراعى فيها العقل إجماعا.
ولا تخرج المطلقة رجعية عن الإحصان، وتخرج البائن وكذا المطلق.
ولو تزوج معتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة.
ولو ادعيا الجهالة أو أحدهما قبل على الأصح إذا كان ممكنا في حقه.
ولو راجع المخالع لم يتوجه عليه الرجم حتى يطأ، وكذا العبد لو أعتق،
والمكاتب إذا تحرر.
ويجب الحد على الأعمى، فإن ادعى الشبهة فقولان، أشبهها: القبول
مع الاحتمال.
وفي التقبيل والمضاجعة والمعانقة: التعزير.
ويثبت الزنا بالإقرار أو البينة.
ولا بد من بلوغ المقر، وكماله، واختياره، وحريته، وتكرار
الاقرار أربعا.
وهل يشترط اختلاف مجالس الاقرار؟ أشبهه: أنه لا يشترط.
ولو أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه.
ولو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط عنه، ولا يسقط غيره.
ولو أقر ثم تاب كان الإمام مجزى في الإقامة، رجما كان أو غيره.
ولا يكفي في البينة أقل من أربعة رجال، أو ثلاثة وامرأتين.
ولو شهد رجلان وأربع نساء يثبت بهم الجلد لا الرجم.
ولا تقبل شهادة ست نساء ورجل، ولا شهادة النساء منفردات.
ولو شهد ما دون الأربع لم يثبت، وحدوا للفرية.
ولا بد في الشهادة من ذكر المشاهدة، كالميل في المكحلة
ولا بد من تواردهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد.

(1) يعني مخيرا.
214

ولو أقام الشهادة بعض حدوا لو لم يرتقب إتمام البينة.
وتقبل شهادة الأربعة على الاثنين فما زاد.
ولا يسقط الحد بالتوبة بعد قيام البينة. ويسقط لو كانت قبلها، رجما كان
أو غيره.
النظر الثاني في الحد:
يجب القتل على الزاني بالمحرمة، كالأم والبنت، وألحق (الشيخ) كذلك
امرأة الأب.
وكذا يقتل الذمي إذا زنى بالمسلمة، والزاني قهرا. ولا يعتبر الإحصان.
ويتساوى فيه الحر والعبد، والمسلم والكافر.
وفي جلده قبل القتل تردد.
ويجب الرجم على المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة.
ويجمع للشيخ والشيخة بين الحد والرجم إجماعا.
وفي الشاب روايتان، أشبههما: الجمع.
ولا يجب الرجم بالزنا بالصغيرة والمجنونة، ويجب الجلد. وكذا لو زنى
بالمحصنة صغير.
ولو زنى بها المجنون لم يسقط عنها الرجم.
ويجز رأس البكر مع الحد، ويغرب عن بلده سنة.
والبكر من ليس بمحصن، وقيل: الذي أملك ولم يدخل.
ولا تغريب على المرأة ولا جز.
والمملوك يجلد خمسين، ذكرا كان أو أنثى، محصنا أو غير محصن ولا جز
على أحدهما ولا تغريب.
ولو تكرر الزنى، كفى حد واحد.
ولو حد مع كل واحد مرة قتل في الثالثة، وقيل: في الرابعة وهو أحوط.
215

والمملوك إذا أقيم عليه حد الزنى سبعا قتل في الثامنة، وقيل: في التاسعة.
وهو أولى.
وللحاكم في الذمي الخيار في إقامة الحد عليه وتسليمه إلى أهل نحلته ليقيموا
الحد على معتقدهم.
ولا يقام على الحامل حد ولا قصاص حتى تضع وتخرج من نفاسها وترضع
الولد، ولو وجد له كافل جاز.
ويرجم المريض والمستحاضة، ولا يحد أحدهما حتى يبرأ.
ولو رأى الحاكم التعجيل ضربه بالضغث المشتمل على العدد.
ولا يسقط الحد باعتراض الجنون.
ولا يقام في الحر الشديد، ولا البرد الشديد، ولا في أرض العدو، ولا على
من التجأ إلى الحرم.
ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج للإقامة. ولو أحدث في الحرم
ما يوجب حدا، حد فيه.
وإذا اجتمع الحد والرجم جلد أولا.
ويدفن المرجوم إلى حقويه، والمرأة إلى صدرها.
فإن فر أعيد. ولو ثبت الموجب بالإقرار لم يعد.
وقيل: إن لم تصبه الحجارة أعيد.
ويبدأ الشهود بالرجم. ولو كان مقرا بدأ الإمام.
ويجلد الزاني قائما مجردا.
وقيل: إن وجد شابة جلد بها أشد الضرب، وقيل متوسطا.
ويفرق على جسده، ويتقي فرجه ووجهه.
وتضرب المرأة جالسة، وتربط ثيابها.
216

ولا يضمن ديته لو قتله الحد.
ويدفن المرجوم عاجلا. ويستحب إعلام الناس ليتوفروا.
ويجب أن يحضره طائفة، وقيل: يستحب، وأقلها واحد.
ولا يرجمه من لله قبله حد، وقيل يكره.
النظر الثالث: في اللواحق.
وفيه مسائل:
(الأولى) إذا شهد أربعة بالزنى قبلا فشهدت أربع نساء بالبكارة فلا حد،
وفي حد الشهود قولان.
(الثانية) إذا كان الزوج أحد الأربعة فيه روايتان.
ووجه السقوط أن يسبق منه القذف.
(الثالثة) يقيم الحاكم حدود الله تعالى، أما حقوق الناس فتقف على المطالبة.
(الرابعة) من افتض بكرا بأصبعه فعليه مهرها.
ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها.
(الخامسة) من زوج أمته ثم وطئها فعليه الحد.
(السادسة) من أقر أنه زنى بفلانة فعليه مع تكرار الاقرار حدان.
ولو أقر مرة فعليه حد القذف، وكذا المرأة، وفيهما تردد.
(السابعة) من تزوج أمة على حرة مسلمة فوطئها قبل الإذن فعليه ثمن
حد الزنى.
(الثامنة) من زنى في زمان شريف أو مكان شريف (1)، عوقب زيادة
على الحد.

(1) كمثل رمضان أو العيدين أو عرفة أو الحرم أو أحد المساجد.
217

الفصل الثاني
في اللواط والسحق والقيادة
فاللواط يثبت بالإقرار أربعا، ولو أقر دون ذلك عزر.
ويشترط في المقر التكليف والاختيار والحرية، فاعلا كان أو مفعولا.
ولو شهد أربعة يثبت، ولو كانوا دون ذلك حدوا.
ويقتل الموقب ولو لاط بصغير أو مجنون، ويؤدب الصغير، ولو كانا بالغين
قتلا، وكذا لو لاط بعبده.
ولو ادعى العبد إكراهه درئ عنه الحد.
ولو لاط الذمي بمسلم قتل وإن لم يوقب.
ولو لاط بمثله فللإمام الإقامة أو دفعه إلى أهل ملته ليقيموا عليه حدهم.
وموجب الإيقاب القتل للفاعل والمفعول إذا كان بالغا عاقلا، ويستوي فيه
كل موقب.
ولا يحد المجنون ولو كان فاعلا على الأصح.
والإمام مجزي في الموقب بين قتله ورجمه وإلقائه من جدار وإحراقه.
ويجوز أن يضم الإحراق إلى غيره من الآخرين.
ومن لم يوقب فحده مائة على الأصح، ويستوي فيه الحر والعبد.
ولو تكرر مع الحد قتل في الرابعة على الأشبه.
ويعزر المجتمعان تحت إزار مجردين ولا رحم بينهما، من ثلاثين سوطا إلى
تسعة وتسعين.
ولو تكرر مع تكرار التعزير حدا في الثالثة.
وكذا يعزر من قبل غلاما بشهوة.
ويثبت السحق بما يثبت به اللواط.
218

والحد فيه مائة جلدة، حرة كانت أو أمة، محصنة كانت أو غير محصنة،
للفاعلة والمفعولة.
وقال في (النهاية): ترجم مع الإحصان وتقتل، المساحقة في الرابعة مع تكرار
الحد ثلاثا.
ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة كاللواط، ولا يسقط بعد البينة.
ويعزر المجتمعان تحت إزار واحد مجردتين.
ولو تكرر مرتين مع التعزير أقيم عليهما الحد في الثالثة. ولو عادتا قال
في (النهاية) قتلتا.
مسألتان:
(الأولى) لا كفالة في الحد ولا تأخير إلا لعذر، ولا شفاعة في إسقاطه.
(الثانية) لو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت من مائه فالولد له، وعلى
زوجته الحد والمهر وعلى الصبية الجلد.
وأما القيادة:
فهي الجمع بين الرجال والنساء للزنا. أو الرجال والصبيان للواط.
ويثبت بشاهدين أو الاقرار مرتين.
والحد فيه خمس وسبعون جلدة. وقيل: يحلق رأسه ويشهر.
ويستوي فيه الحر والعبد والمسلم والكافر. وينفى بأول مرة.
وقال المفيد: في الثانية. والأول مروي.
ولا نفي على المرأة ولا جز.
219

الفصل الثالث
في حد القذف
ومقاصده أربعة:
(الأول) في الموجب: وهو الرمي بالزنا أو اللواط.
وكذا لو قال: يا منكوحا في دبره بأي لغة اتفق، إذا كانت مفيدة للقذف
في عرف القائل. ولا يحد مع جهالته فائدتها.
وكذا لو قال لمن أقر بنوته: لست ولدي.
ولو قال: زنى بك أبوك، فالقذف لأبيه. أو زنت بك أمك فالقذف لأمه.
ولو قال: يا بن الزانيين فالقذف لهما.
ويثبت الحد إذا كانا مسلمين ولو كان المواجه كافرا.
ولو قال للمسلم: يا بن الزانية وأمه كافرة، فالأشبه: التعزير، وفي (النهاية) يحد.
ولو قال: يا زوج الزانية فالحد لها (1). ولو قال: يا أبا الزانية، أو يا أخا الزانية
فالحد للمنسوبة إلى الزنا دون المواجه.
ولو قال: زنيت بفلانة، فللمواجه حد، وفي ثبوته للمرأة تردد.
والتعريض يوجب التعزير. وكذا لو قال لامرأته لم أجدك عذراء.
ولو قال لغيره ما يوجب أذى، كالخسيس والوضيع، وكذا لو قال يا فاسق
ويا شارب الخمر ما لم يكن متظاهرا.
ويثبت القذف بالإقرار مرتين من المكلف الحر المختار أو بشهادة عدلين.
ويشترط في القاذف البلوغ والعقل.
فالصبي لا يحد بالقذف ويعزر، وكذا المجنون.
(الثاني) في المقذوف.
ويشترط فيه: البلوغ، وكمال العقل، والحرية، والإسلام، والستر.

(1) يعني أنها صاحبة الحق فيه، وكذا يقال فيما بعده.
220

فمن قذف صبيا أو مجنونا أو مملوكا أو كافرا أو متظاهرا بالزنى لم يحد بل يعزر.
وكذا الأب لو قذف ولده.
ويحد الولد لو قذفه. وكذا الأقارب.
(الثالث) في الأحكام:
فلو قذف جماعة بلفظ واحد، فعليه حد إن جاءوا وطالبوا مجتمعين، وإن افترقوا
فلكل واحد حد.
وحد القذف يورث كما يورث المال. ولا يرثه الزوج ولا الزوجة.
ولو قال ابنك زان أو بنتك زانية فالحد لهما.
وقال في (النهاية): له المطالبة والعفو.
ولو ورث الحد جماعة فعفا أحدهم كان لمن بقي الاستيفاء على التمام.
ويقتل القاذف في الرابعة إذا حد ثلاثا، وقيل في الثالثة.
والحد ثمانون جلدة، حرا كان القاذف أو عبدا.
ويجلد بثيابه ولا يجرد. ويضرب متوسطا.
ولا يعزر الكفار مع التنابز.
(الرابع) في اللواحق، وهي مسائل:
(الأولى) يقتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم. وكذا من سب أحد
الأئمة عليهم السلام. ويحل دمه لكل سامع إذا أمن.
(الثانية) يقتل مدعي النبوة. وكذا من قال لا أدري محمد - عليه الصلاة
والسلام - صادق أو لا، إذا كان على ظاهر الإسلام.
(الثالثة) يقتل الساحر إذا كان مسلما. ويعزر إن كان كافرا.
(الرابعة) يكره أن يزاد في تأديب الصبي عن عشره أسواط.
وكذا العبد، ولو فعل استحب عتقه.
(الخامسة) يعزر من قذف عبده أو أمته. وكذا كل من فعل محرما أو ترك
واجبا: بما دون الحد.
221

الفصل الرابع
في حد المسكر
والنظر في أمور ثلاثة. -
(الأول) في الموجب: وهو تناول المسكر والفقاع اختيارا مع العلم بالتحريم.
ويشترط البلوغ، والعقل.
فالتناول يعم الشارب والمستعمل في الأدوية والأغذية ويتعلق الحكم
ولو بالقطرة.
وكذا العصير إذا غلا ما لم يذهب ثلثاه. وكل ما حصلت فيه الشدة المسكرة.
ويسقط الحد عمن جهل المشروب أو التحريم.
ويثبت بشهادة عدلين أو الاقرار مرتين من مكلف حر مختار.
(الثاني) في الحد: وهو ثمانون جلدة.
ويستوي فيه الحر والعبد والكافر مع التظاهر.
ويضرب الشارب عريانا على ظهره وكتفيه ويتقي وجهه وفرجه.
ولا يحد حتى يفيق.
وإذا حد مرتين قتل في الثالثة وهو المروي.
وقال (الشيخ) في الخلاف: يقتل في الرابعة.
ولو شرب مرارا ولم يحد كفى حد واحد.
(الثالث) في الأحكام: وفيه مسائل: -
(الأولى) لو شهد واحد يشربها وآخر بقيئها حد.
(الثانية) من شربها مستحلا استتيب، فإن تاب أقيم عليه الحد، وإلا قتل
وقيل: حكمه حكم المرتد، وهو قوي.
222

ولا يقتل مستحل غير الخمر (1) بل يحد مستحلا ومحرما.
(الثالثة) من باع الخمر مستحلا استتيب. فإن تاب وإلا قتل. وفيما
سواها يعزر.
(الرابعة) لو تاب قبل قيام البينة سقط الحد. ولا يسقط لو تاب بعد البينة،
وبعد الاقرار يتخير الإمام في الإقامة. ومنهم من حتم الحد.
الفصل الخامس
في حد السرقة
وهو يعتمد فصولا:
(الأول) في السارق:
ويشترط فيه: التكليف، وارتفاع الشبهة، وألا يكون الوالد من ولده،
وأن يهتك الحرز ويخرج المتاع بنفسه ويأخذ سرا.
فالقيود إذا ستة. فلا يحد الطفل، ولا المجنون لكن يعزران.
وفي النهاية يعفى عن الطفل أولا، فإن عاد أدب، فإن عاد حكت أنامله حتى
تدمى، فإن عاد قطعت أنامله، فإن عاد قطع كما يقطع البالغ.
ولو سرق الشريك ما يظنه نصيبا لم يقطع.
وفي سرقة أحد الغانمين من الغنيمة روايتان، إحداهما: لا يقطع، والأخرى: يقطع
لو زاد عن نصيبه قدر النصاب.
ولو هتك الحرز غيره وأخرج هو لم يقطع.
والحر والعبد، والمسلم والكافر، والذكر والأنثى سواء.
ولا يقطع عبد الإنسان بسرقة ماله. ولا عبد الغنيمة بالسرقة منها.
ويقطع الأجير إذا أحرز المال من دونه على الأظهر.

(1) قال في (شرائع الإسلام): (وأما سائر المسكرات فلا يقتل مستحلها لتحقق الخلاف
بين المسلمين فيها، ويقام الحد مع شربها مستحلا ومحرما).
223

والزوج والزوجة وكذا الضيف، وفي رواية لا يقطع.
وعلى السارق إعادة المال ولو قطع.
(الثاني) في المسروق:
ونصاب القطع ربع دينار، ذهبا خالصا، مضروبا بسكة المعاملة أو ما قيمته.
ذلك، ولا بد من كونه محرزا، بقفل أو غلق أو دفن.
وقيل: كل موضع ليس لغير المالك دخوله إلا بإذنه فهو حرز.
ولا يقطع من سرق من المواضع المأذون في غشيانها، كالحمامات، والمساجد.
وقيل إذا كان المالك مراعيا للمال كان محرزا.
ولا يقطع من سرق من جيب إنسان أو كمه الظاهرين، ويقطع لو كانا باطنين.
ولا يقطع في الثمر على الشجر، ويقطع سارقه بعد إحرازه.
وكذا لا يقطع في سرقة مأكول، في عام مجاعة.
ويقطع من سرق مملوكا، ولو كان حرا فباعه قطع لفساده، لا حدا.
ويقطع سارق الكفن لأن القبر حرز له
ويشترط بلوغه النصاب، وقيل: لا يشترط، لأنه ليس حد السرقة، بل
لحسم الجرأة.
ولو نبش ولم يأخذ عزر ولو تكرر وفات السلطان جاز قتله ردعا.
(الثالث) يثبت الموجب بالإقرار مرتين أو بشهادة عدلين. ولو أقر مرة عزر
ولم يقطع.
ويشترط في المقر: التكليف، والحرية، والاختيار. ولو أقر بالضرب لم يقطع.
نعم لو رد السرقة بعينها قطع،. وقيل: لا يقطع لتطرق الاحتمال وهو أشبه.
ولو أقر مرتين تحتم ولو أنكر.
(الرابع) في الحد.
وهو قطع الأصابع الأربع من يد اليمنى، وتترك الراحة والإبهام.
224

ولو سرق بعد ذلك قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك العقب.
ولو سرق ثلاثة حبس دائما.
ولو سرق في السجن قتل.
ولو تكررت السرقة من غير حد كفى حد واحد.
ولا يقطع اليسار مع وجود اليمنى بل يقطع اليمنى ولو كانت شلاء.
وكذا لو كانت اليسار شلاء.
ولو لم يكن يسار قطع اليمنى. وفي الرواية: لا يقطع.
وقال الشيخ (في النهاية): ولو لم يكن يسار قطعت رجله اليسرى. ولو لم
يكن له رجل لم يكن عليه أكثر من الحبس، وفي الكل تردد.
ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة لا بعدها.
(ويتخير) الإمام معها بعد الاقرار في الإقامة على رواية فيها ضعف.
والأشبه تحتم الحد ولا يضمن سراية الحد.
الخامس في اللواحق، وفيه مسائل:
(الأولى) إذا سرق اثنان نصابا، قال في (النهاية): يقطعان.
وفي الخلاف: اشترط نصيب كل واحد نصابا.
(الثانية) لو قامت الحجة بالسرقة ثم أمسك ليقطع. ثم شهدت عليه بأخرى
قال (في النهاية) قطعت يده بالأولى ورجله بالأخرى، وبه رواية.
والأولى التمسك بعصمة الدم إلا في موضع اليقين.
(الثالثة) قطع السارق موقوف على مرافعة المسروق منه.
فلو لم يرافعه لم يرفعه الإمام، ولو رافعه لم يسقط الحد ولو وهبه قطع.
225

الفصل السادس
في المحارب
وهو كل مجرد سلاحا في بر أو بحر، ليلا أو نهارا، لا خافة السابلة وإن لم
يكن من أهلها على الأشبه.
ويثبت ذلك بالإقرار ولو مرة أو بشهادة عدلين.
ولو شهد بعض اللصوص على بعض لم تقبل. وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض.
وحده: القتل، أو الصلب، أو القطع مخالفا، أو النفي.
وللأصحاب اختلاف قال المفيد: بالتخيير وهو الوجه.
وقال الشيخ: بالترتيب يقتل إن قتل، ولو عفا ولى الدم قتل حدا.
ولو قتل وأخذ المال استعيد منه وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم قتل وصلب.
وإن أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفا ونفى.
ولو جرح ولم يأخذ المال اقتص منه ونفي.
ولو شهر السلاح.. نفي لا غير.
ولو تاب قبل القدرة عليه سقطت العقوبة ولم تسقط حقوق الناس.
ولو تاب بعد ذلك لم تسقط.
ويصلب المحارب حيا على القول بالتخيير، ومقتولا، على القول الآخر.
ولا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام، وينزل ويغسل على القول بصلبه حيا
ويكفن ويصلى عليه ويدفن.
وينفى المحارب عن بلده ويكتب بالمنع من مؤاكلته ومجالسته ومعاملته حتى يثوب.
واللص محارب، وللإنسان دفعه إذا غلب السلامة، ولا ضمان على الدافع.
ويذهب دم المدفوع هدرا. وكذا لو كابر امرأة على نفسها، أو غلاما فدفع،
فأدى إلى تلفه، أو دخل دارا فزجره ولم يخرج فأدى الزجر والدفع إلى تلفه، أو ذهاب
226

بعض أعضائه، ولو ظن العطب سلم المال.
ولا يقطع المستلب ولا المختلس والمحتال، ولا المبنج ولا من سقى غيره مرقدا (1)،
بل يستعاد منهم ما أخذوا، ويعزرون بما يردع.
الفصل السابع
في إتيان البهائم ووطء الأموات وما يتبعه
إذا وطئ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم، كالشاة والبقرة، حرم لحمها
ولحم نسلها.
ولو اشتبهت في قطيع قسم نصفين وأفرغ هكذا حتى تبقى واحدة فتذبح وتحرق
ويغرم قيمتها إن لم يكن له.
ولو كان المهم (2) ما يركب ظهرها لا لحمها كالبغل والحمار والدابة أغرم ثمنها إن لم
تكن له، وأخرجت إلى غير بلده وبيعت.
وفي الصدقة بثمنها قولان، والأشبه: أنه يعاد عليه. ويعزر الواطئ على التقديرين
ويثبت هذا الحكم بشهادة عدلين أو الاقرار ولو مرة.
ولا يثبت بشهادة النساء منفردات ولا منضمات.
ولو تكرر الوطء مع التعزير ثلاثا، قتل في الرابعة.
ووطء الميتة كوطء الحية في الحد واعتبار الإحصان، ويغلظ هنا.
ولو كانت زوجة فلا حد ويعزر.
ولا يثبت إلا بأربعة شهود وفي رواية، يكفي اثنان لأنها شهادة على واحد.
ومن لاط بميت كمن لاط بحي ويعزر زيادة على الحد.
ومن استمنى بيده عزر بما يراه الإمام.
ويثبت بشهادة عدلين أو الاقرار مرتين ولو قيل: يكفي المرة كان حسنا

(1) لكن إن جنى ذلك شيئا ضمن الجناية. (شرائع الإسلام)
(2) يعني لو كان المقصود من البهيمة ركوب ظهرها لا أكل لحمها، أغرم ثمنها الخ.
227

كتاب العتق
والنظر في الرق وأسباب الإزالة:
أما الرق فيختص بأهل الحرب دون أهل الذمة، ولو أخلوا بشرائطها
جاز تملكهم.
ومن أقر على نفسه بالرقية مختارا في صحة من رأيه، حكم برقيته.
وإذا بيع في الأسواق ثم ادعى الحرية لم يقبل منه إلا ببينة.
ولا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وأن علوا، ولا الأولاد وإن
سفلوا. وكذا لا يملك الرجل ذوات الرحم من النساء المحرمات كالخالة والعمة
وبنت الأخت وبنت الأخ، وينعتق هؤلاء بالملك، ويملك غيرهم من الرجال
والنساء على كراهية، ويتأكد فيمن يرثه.
وهل ينعتق عليه بالرضاع من ينعتق بالنسب. فيه روايتان، أشهرهما: أنه
ينعتق. ولا ينعتق على المرأة سوى العمودين.
وإذا ملك أحد الزوجين صاحبه بطل العقد بينهما وثبت الملك.
أما إزالة الرق فأسبابها أربعة: الملك، والمباشرة، والسراية، والعوارض.
وقد سلف الملك.
أما المباشرة: فالعتق، والكتابة، والتدبير، والاستيلاد.
وأما العتق: فعبارته الصريحة التحرير. وفي لفظ العتق تردد، ولا اعتبار
بغير ذلك من الكنايات وإن قصد بها العتق، ولا تكفي الإشارة ولا الكتابة مع
القدرة على النطق، ولا يصح جعله يمينا، ولا بد من تجريده عن شرط متوقع
أو صفة، ويجوز أن يشترط مع العتق شئ، ولو شرط إعادته في الرق إن خالف
فقولان، المروي: اللزوم.
ويشترط في المعتق جواز التصرف، والاختيار، والقصد، والقربة.
228

وفي عتق الصبي إذا بلغ عشرا رواية بالجواز حسنة. ولا يصح عتق السكران
وفي وقوعه من الكافر تردد، ويعتبر في المعتق أن يكون مملوكا حال العتق
مسلما، ولا يصح لو كان كافرا، ويكره لو كان مخالفا. ولو نذر عتق أحدهما
لزم. ولو شرط المولى على المعتق الخدمة زمانا معينا صح، ولو أبق ومات المولى
فوجد بعد المدة فهل للورثة استخدامه؟ المروي: لا.
وإذا طلب المملوك البيع لم تجب إجابته.
ويكره التفريق بين الولد وأمه. وقيل: يحرم. وإذا أتى على المملوك المؤمن
سبع سنين يستحب عتقه، وكذا لو ضرب مملوكه ما هو حد.
مسائل سبع:
(الأولى): لو نذر تحرير أول مملوك يملكه فملك جماعة تخير في أحدهم،
وقيل: يقرع بينهم، وقال ثالث: لا يلزمه عتق.
(الثانية): لو نذر عتق أول ما تلده، فولدت توأمين عتقا.
(الثالثة): لو أعتق بعض مماليكه فقيل له: هل أعتقت مماليكك؟ فقال:
نعم. لم ينعتق إلا من سبق عتقه.
(الرابعة): لو نذر أمته إن وطأها صح فإن أخرجهما عن ملكه انحلت
اليمين وإن عادت بملك مستأنف.
(الخامسة): لو نذر عتق كل عبد قديم في ملكه أعتق من كان له في ملكه
ستة أشهر فصاعدا.
(السادسة): مال المعتق لمولاه وإن لم يشترط. وقيل: إن لم يعلم به فهو
له، وإن علم ولم يستثنه، فهو للعبد.
(السابعة): إذا أعتق ثلث عبيده استخرج الثلث بالقرعة.
وأما السراية: فمن أعتق شقصا من عبده عتق كله، ولو كان له شريك قوم
عليه نصيبه إن كان موسرا، وسعى العبد في فك باقيه إن كان المعتق معسرا
229

وقيل: إن قصد الإضرار فكه إن كان موسرا وبطل العتق إن كان معسرا، وإن
قصد القربة لم يلزمه فكه، وسعى العبد في حصة الشريك، فإن امتنع العبد استقر
ملك الشريك على حصته. وإذا أعتق الحامل تحرر الحمل ولو استثنى رقه لرواية
السكوني. وفيه مع ضعف السند إشكال منشأه عدم القصد إلى عتقه.
وأما العوارض: فالعمي، والجذام، وتنكيل المولى بعبده، وألحق الأصحاب
الإقعاد، فمتى حصل أحد هذه الأسباب فيه انعتق، وكذا إذا أسلم العبد في دار
الحرب سابقا على مولاه، وكذا لو كان العبد وارثا ولا وارث غيره دفعت قيمته
على مولاه.
كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد
أما التدبير. فلفظه الصريح: أنت حر بعد وفاتي، ولا بد فيه من النية
ولا حكم لعبارة الصبي. ولا المجنون، ولا السكران. ولا المحرج الذي لا قصد
له. وفي اشتراط القربة تردد. ولو حملت المدبرة من مولاها، لم يبطل تدبيرها
وتنعتق بوفاته من الثلث. ولو حملت من غيره بعد التدبير فالولد مدبر كهيئتها،
ولو رجع في تدبيرها لم يصح رجوعه في تدبير الأولاد، وفيه قول آخر
ضعيف. ولو أولد المدبر من مملوكة كان ولده مدبرا. ولو مات الأب قبل المولى
لم يبطل تدبير الأولاد وعتقوا بعد موت المولى من ثلثه. ولو قصر سعوا فيما بقي
منهم ولو دبر الحبلى لم يسر إلى ولدها، وفي رواية إن علم بحبلها فما في بطنها بمنزلتها.
ويعتبر في المدبر جواز التصرف والاختيار والقصد.
وفي صحته من الكافر تردد. أشبهه: الجواز.
والتدبير وصية يرجع فيه المولى متى شاء. فلو رجع قولا صح قطعا، أما
لو باعه أو وهبه. فقولان. أحدهما: يبطل به التدبير، وهو الأشبه.
230

الآخر: لا يبطل ويمضي البيع في خدمته (1) وكذا الهبة. والمدبر رق،
ويتحرر بموت المولى من ثلثه. والدين مقدم على التدبير سواء كان سابقا على
التدبير أو متأخرا. وفيه رواية بالتفصيل متروكة.
ويبطل التدبير بإباق المدبر. ولو أولد له في حال إباقه كان أولاده رقا،
ولو جعل خدمة عبده لغيره ثم قال: هو حر بعد وفاة المخدوم صح على الرواية، ولو
أبق لم يبطل تدبيره فصار حرا بالوفاة ولا سبيل عليه.
وأما المكاتبة: فتستدعي بيان أركانها وأحكامها.
والأركان أربعة: العقد، والملك، والمكاتب، والعوض، والكتابة مستحبة
مع الديانة وإمكان الاكتساب. وتتأكد بسؤال المملوك، وتستحب مع إلتماسه
ولو كان عاجزا.
وهي قسمان: فإن اقتصر على العقد فهي مطلقة، وإن اشترط عوده رقا مع
العجز فهي مشروطة. وفي الإطلاق يتحرر منه بقدر ما أدى. وفي المشروطة يرد
رقا مع العجز، وحده أن يؤخر النجم من محله. وفي رواية أن يؤخر نجما إلى
نجم، وكذا لو علم منه العجز. ويستحب للمولى الصبر لو عجز. وكل ما يشترطه
المولى على المكاتب لازم ما لم يخالف المشروع.
ويعتبر في المالك جواز التصرف والاختيار والقصد، وفي اعتبار الإسلام
تردد، أشبهه: أنه لا يعتبر. ويعتبر في المملوك التكليف، وفي كتابة الكافر
تردد، أظهره المنع.
ويعتبر في العوض كونه دينا مؤجلا معلوم القدر والوصف مما يصح تملكه
للمولى، ولا حد لأكثره لكن يكره أن يتجاوز قيمته، ولو دفع ما عليه قبل

(1) عبارة شرائع الإسلام: مضى البيع في خدمته دون رقبته وتحرر
بموت مولاه.
231

الأجل فالولي في قبضه بالخيار. ولو عجز المطلق عن الأداء فكه الإمام من
سهم الرقاب وجوبا.
وأما الأحكام فمسائل:
(الأولى): إذا مات المشروط (1) بطلت الكتابة وكان ماله وأولاده لمولاه
وإن مات المطلق وقد أدى شيئا تحرر منه بقدره وكان للمولى من تركته بنسبة
ما بقي من رقبته ولورثته بنسبة الحرية إن كانوا أحرارا في الأصل وإلا تحرر منهم
بقدر ما تحرر منه وألزموا بما بقي من مال الكتابة فإذا أدوه تحرروا، ولو لم يكن لهم
مال سعوا فيما بقي منهم، وفي رواية يؤدون ما بقي من مال الكتابة وما فضل لهم.
والمطلق إذا أوصى أو أوصي له، صح نصيب الحرية (2) وبطل في الزائد.
وكذا لو وجب عليه حد أقيم عليه من حد الأحرار بنسبة ما فيه من الحرية. ومن
ومن حد العبد بنسبة ما فيه من الرقبة. ولو زنى المولى بمكاتبته المطلقة سقط عنه
من الحد بقدر نصيبه منها وحد بما تحرر.
(الثانية): ليس للمكاتب التصرف في ماله بهبة ولا عتق ولا إقراض إلا بإذن
المولى وليس للمولى التصرف في ماله بغير الاستيفاء. ولا يحل له وطء المكاتبة
بالملك ولا بالعقد ولو وطئها مكرها لزمه مهرها. ولا تتزوج إلا بإذنه ولو حملت
بعد الكتابة كان حكم ولدها حكمها إذا لم يكونوا أحرارا.
(الثالثة): يجب على المولى إعانته من الزكاة ولو لم يكن، استحب تبرعا.
وأما الاستيلاد: فهو يتحقق بعلوق أمته منه في ملكه وهي مملوكة. لكن
لا يجوز بيعها ما دام ولدها حيا إلا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها ولا
جهة لقضائه غيرها، ولو مات ولدها جاز بيعها، وتتحرر بموت المولى من
نصيب ولدها ولو لم يخلف الميت سواها عتق منها نصيب ولدها وسعت فيما بقي.

(1) المشروط والمطلق وصفان للمكاتب.
(2) صح له منها بقدر ما فيه من الحرية.
232

وفي رواية تقوم على ولدها إن كان موسرا، وفي رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر
عليه السلام في وليدة نصرانية أسلمت وولدت من مولاها غلاما ومات فأعتقت
وتزوجت نصرانيا وتنصرت فقال: ولدها لابنها من سيدها وتحبس حتى تضع
وتقتل. وفي (النهاية) يفعل بها ما يفعل بالمرتدة. والرواية شاذة.
كتاب الاقرار
والنظر في الأركان واللواحق
والأركان أربعة:
(الأول): الاقرار: وهو إخبار الإنسان بحق لازم له، ولا يختص لفظا
وتقوم مقامه الإشارة. لو قال: لي عليك كذا، فقال: نعم أو أجل فهو إقرار.
وكذا لو قال: أليس لي عليك كذا؟ فقال: بلى، ولو قال: نعم، قال الشيخ:
لا يكون إقرارا. وفيه تردد. ولو قال: أنا مقر لم يلزمه إلا أن يقول به. ولو
قال: بعنيه أو هبنيه فهو إقرار. ولو قال: لي عليك كذا. فقال: اتزن أو
انتقد لم يكن شيئا. وكذا لو قال: أتزنها أو انتقدها. أما لو قال: أجلتني بها
أو قضيتكها فقد أقر وانقلب المقر مدعيا.
(الثاني): المقر: ولا بد من كونه مكلفا حرا مختارا جائز التصرف.
فلا يقبل إقرار الصغير ولا المجنون ولا العبد بماله. ولا حد ولا جناية
ولو أوجبت قصاصا.
(الثالث): في المقر له: ويشترط فيه أهلية التملك: ويقبل لو أفر للحمل
تنزيلا على الاحتمال وإن بعد. وكذا لو أقر لعبد ويكون للمولى.
(الرابع): في المقر به. ولو قال: له علي مآل قبل تفسيره بما يملك وإن
233

قل: ولو قال: شئ فلا بد من تفسيره بما يثبت في الذمة. ولو قال: ألف ودرهم
رجع في تفسير الألف إليه. ولو قال: مئة وعشرون درهما فالكل دراهم. وكذا
كنايته عن الشئ، فلو قال: كذا درهم فالإقرار بدرهم. وقال الشيخ: لو قال:
كذا كذا درهما لم يقبل تفسيره بأقل من أحد عشر. ولو قال: كذا وكذا لم
يقبل أقل من أحد وعشرين. والأقرب الرجوع في تفسيره إلى المقر ولا يقبل
أقل من درهم. ولو أقر بشئ مؤجلا فأنكر الغريم الأجل لزمه حالا، وعلى
الغريم اليمين.
واللواحق ثلاثة:
(الأول): في الاستثناء ومن شروطه الاتصال العادي، ولا يشترط الجنسي
ولا نقصان المستثنى عن المستثنى منه. فلو قال: له علي عشرة إلا ستة لزمه أربعة.
ولو قال: ينتقص ستة لم تقبل منه. ولو قال: له عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة لزمه
ثمانية. ولو قال: له عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة كان الاقرار بالأربعة. ولو قال: درهم
ودرهم إلا درهمان لزمه درهمان. ولو قال: له عشرة إلا ثوبا سقط من العشرة
قيمة الثوب ويرجع إليه تفسير القيمة ما لم يستغرق العشرة.
(الثاني): في تعقيب الاقرار بما ينافيه. فلو قال: هذا لفلان بل لفلان فهو
للأول ويغرم القيمة للثاني. ولو قال: له علي مال من ثمن خمر لزمه المال.
ولو قال: ابتعت بخيار وأنكر البائع الخيار قبل إقراره في البيع دون الخيار.
وكذا لو قال: من ثمن مبيع لم أقبضه.
(الثالث): الاقرار بالنسب: ويشترط في الاقرار بالولد الصغير إمكان
البنوة وجهالة نسب الصغير وعدم المنازع ولا يشترط التصديق لعدم الأهلية. ولو
بلغ فأنكر لم يقبل. ولا بد في التكبير من التصديق وكذا في غيره من الأنساب.
وإذا تصادقا توارثا بينهما. ولا يتعدى المتصادقين. ولو كان للمقر ورثة
مشهورون لم يقبل إقراره بالنسب ولو تصادقا. فإذا أقر الوارث بآخر وكان
234

أولى منه دفع إليه ما في يده. وإن كان مشاركا دفع إليه بنسبة نصيبه من الأصل.
ولو أقر باثنتين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما. ولو أقر بأولى منه ثم بمن هو
أولى من المقر له فإن صدقه الأول دفع إلى الثاني وإن كذبه ضمن المقر ما كان
نصيبه. ولو أقر بمساو له فشاركه ثم أقر بمن هو أولى منهما فإن صدقه المساوي
دفعا إليه ما معهما، وإن أنكر غرم للثاني ما كان في يده ولو أقر للميتة بزوج
دفع إليه مما في يده بنسبة نصيبه. ولو أقر بآخر لم يقبل إلا أن يكذب نفسه فيغرم
له أن أنكر الأول. وكذا الحكم في الزوجات إذا أقر بخامسة. ولو أقر اثنان
عادلان من الورثة صح النسب وقاسم الوارث. ولو لم يكونا مرضيين لم يثبت
النسب ودفعا إليه مما في أيديهما بنسبة نصيبه من التركة.
كتاب الأيمان
والنظر في أمور ثلاثة:
(الأول): ما به ينعقد، ولا ينعقد إلا بالله وبأسمائه الخاصة وما ينصرف إطلاقه
إليه كالخالق والباري دون ما لا ينصرف إطلاقه إليه كالموجود. ولا ينعقد لو قال:
أقسم أو أحلف حتى يقول بالله، ولو قال: لعمر الله كان يمينا، ولا كذا لو قال:
وحق الله. ولا ينعقد الحلف بالطلاق والعتاق والظهار ولا بالحرم ولا بالكعبة ولا
بالمصحف. وينعقد لو قال: حلف برب المصحف. ولو قال: هو يهودي أو نصراني
أو حلف بالبراءة من الله أو رسوله أو الأئمة لم يكن يمينا، والاستثناء بالمشيئة
في اليمين يمنعها الانعقاد إذا اتصل بما جرت العادة. ولو تراخى عن ذلك عن غير
عذر لزمت اليمين وسقط الاستثناء إلى أربعين يوما وهي متروكة.
(الثاني): الحالف: ويعتبر فيه البلوغ والتكليف والاختيار والقصد: فلو
235

حلف عن غير نية كانت لغوا، ولو كان اللفظ صريحا، ولا يمين للسكران ولا
المكره ولا الغضبان إلا أن يكون لأحدهم قصد إلى اليمين. وتصح اليمين من
الكافر، وفي الخلاف لا يصح، ولا ينعقد يمين الولد مع الوالد إلا بإذنه. ولو بادر
كان للوالد حلها إن لم تكن في واجب أو ترك محرم. وكذا الزوجة مع زوجها
والمملوك مع مولاه.
(الثالث): في متعلق اليمين. ولا يمين إلا مع العلم. ولا يجب بالغموس كفارة
وتنعقد لو حلف على فعل واجب أو مندوب أو على ترك محرم أو مكروه. ولا
ينعقد لو حلف على ترك فعل واجب أو مندوب أو فعل محرم أو مكروه. ولو حلف
على مباح وكان الأولى مخالفته في دينه أو دنياه فليأت لما هو خير له ولا إثم
ولا كفارة. وإذا تساوى فعل ما تعلقت به اليمين وتركه وجب العمل بمقتضى
اليمين. ولو حلف لزوجته ألا يتزوج أو يتسرى لم تنعقد يمينه. وكذا لو حلفت
هي أن لا تتزوج بعده. وكذا لو حلفت أن لا تخرج معه. ولا تنعقد لو قال
لغيره: والله لنفعلن. ولا يلزم أحدهما. وكذا لو حلف لغريمه على الإقامة
بالبلد وخشي مع الإقامة الضرر، وكذا لو حلف ليضربن عبده فالعفو أفضل
ولا إثم ولا كفارة. ولو حلف على ممكن فتجدد العجز انحلت اليمين. ولو حلف
على تخليص مؤمن أو دفع أذية لم يأثم ولو كان كاذبا وإن أحسن التورية ورى
ومن هذا لو وهب له مالا وكتب له ابتياع وقبض ثمن فتنازعه الوارث على تسليم
الثمن حلف ولا إثم. ويوري بما يخرجه عن الكذب وكذا لو حلف أن مماليكه
أحرار وقصد التخلص من ظالم. لم يأثم ولم يتحرروا. ويكره الحلف على القليل
وإن كان صادقا.
مسألتان:
(الأولى): روى ابن عطية فيمن حلف ألا يشرب من لبن عنزة له ولا يأكل
من لحمها: أنه يحرم عليه لبن أولادها ولحومهم لأنهم منها، وفي الرواية ضعف.
236

وقال في النهاية: إن شرب لحاجة لم يكن عليه شئ والتقييد حسن.
(الثانية): روى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أعجبته جارية
عمته فخاف الإثم فحلف بالأيمان ألا يمسها أبدا، فورث الجارية أعليه جناح
أن يطأها؟ فقال: إنما حلف على الحرام ولعل الله رحمه فورثه إياها لما علم من عفته.
كتاب النذور والعهود
والنظر في أمور أربعة
(الأولى): الناذر، ويعتبر فيه التكليف والإسلام والقصد.
ويشترط في نذر المرأة إذن الزوج. وكذا نذر المملوك، فلو بادر أحدهما
كان للزوج والمالك فسخه ما لم يكن فعل واجب أو ترك محرم. ولا ينعقد في سكر
يرفع القصد ولا غضب كذلك (1).
(الثاني): الصيغة: وهي أن تكون شكرا كقوله: إن رزقت ولدا فلله علي
كذا. أو استدفاعا، كقوله: إن برئ المريض فلله علي كذا، أو زجرا كقوله:
إن فعلت كذا من المحرمات أو إن لم أفعل كذا من الطاعات فلله علي كذا.
أو تبرعا كقوله لله علي كذا. ولا ريب في انعقاده مع الشرط. وفي انعقاد التبرع
قولان، أشبههما: الانعقاد. ويشترط النطق بلفظ الجلالة، فلو قال علي كذا
لم يلزم، ولو اعتقد أنه إن كان كذا فلله عليه كذا ولم يتلفظ بالجلالة، فقولان،
أشبههما: أنه لا ينعقد، وإن كان الإتيان به أفضل. وصيغة العهد أن يقول:
عاهدت الله متى كان كذا فعلي كذا. وينعقد نطقا. وفي انعقاده اعتقادا قولان

(1) وفي شرائع الإسلام للمؤلف: ويشترط فيه القصد فلا يصح من المكره
ولا السكران ولا الغضبان الذي لا قصد له.
237

أشبههما: أنه لا ينعقد ويشترط فيه القصد كالنذر.
(الثالث): في متعلق النذر: وضابطه ما كان طاعة لله مقدورا للناذر ولا ينعقد
مع العجز، ويسقط لو تجدد العجز، والسبب إذا كان طاعة لله وكان النذر شكرا لزم.
ولو كان زجرا لم يلزم. وبالعكس لو كان السبب معصية. ولا ينعقد لو قال: لله
علي نذر واقتصر به. وينعقد لو قال: علي قربة، ويبر بفعل قربة، ولو صوم يوم
أو صلاة ركعتين. ولو نذر صوم حين صام ستة أشهر. ولو قال: زمانا، صام
خمسة أشهر. ولو نذر الصدقة بمال كثير كان ثمانين درهما. ولو نذر عتق كل
عبد قديم أعتق من كان له في ملكه ستة أشهر فصاعدا، هذا إذا لم ينو شيئا غيره.
ومن نذر في سبيل الله صرفه في البر. ولو نذر الصدقة بما يملك لزم، فإن شق
قومه وأخرج شيئا فشيئا حتى يوفي.
(الرابع): اللواحق: وهي مسائل.
(الأولى): لو نذر يوما معينا فاتفق له السفر أفطر وقضاه. وكذا لو مرض
أو حاضت المرأة أو نفست. ولو شرط صومه سفرا وحضرا صام وإن اتفق في السفر.
ولو اتفق يوم عيد أفطر. وفي القضاء تردد. ولو عجز عن صومه أصلا قيل:
يسقط. وفي رواية يتصدق عنه بمد.
(الثانية): ما لم يعين بوقت يلزم الذمة مطلقا. وما قيد بوقت يلزم فيه ولو
أخل لزمته الكفارة. وما علقه بشرط ولم يقرنه بزمان فقولان، أحدهما: يتضيق
فعله عند الشرط، والأخير: لا يتضيق، وهو أشبه.
(الثالثة): من نذر الصدقة في مكان معين أو الصوم والصلاة في وقت معين
لزم، فإن فعل ذلك في غيره أعاد.
(الرابعة): لو نذر: إن برأ مريضه أو قدم مسافره فبان البرء والقدوم
قبل النذر لم يلزم، ولو كان بعده لزم.
(الخامسة): من نذر إن رزق ولدا حج به أو حج عنه ثم مات، حج به
238

أو عنه من أصل التركة.
(السادسة): من جعل دابته أو جاريته هديا لبيت الله بيع ذلك وصرف ثمنه
في معونة الحاج والزائرين.
(السابعة): روى إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم عليه السلام في رجل كانت
عليه حجة الإسلام فأراد أن يحج، فقيل له: تزوج ثم حج، قال: (إن تزوجت
قبل أن أحج فغلامي حر، فبدأ بالنكاح، فقال: تحرر الغلام) وفيه إشكال
إلا أن يكون نذرا.
(الثامنة): روى رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل نذر الحج ولم يكن
له مال فحج عن غيره أيجزي عن نذره؟ قال: (نعم) وفيه إشكال إلا أن
يقصد ذلك بالنذر.
(التاسعة): قيل من نذر ألا يبيع خادما أبدا لزمه الوفاء وإن احتاج إلى
ثمنه، وهو استنادا إلى رواية مرسلة.
(العاشرة): العهد كاليمين يلزم حيث تلزم. ولو تعلق بما الأعود (1)
مخالفته دينا أو دنيا خالف إن شاء، ولا إثم ولا كفارة.
كتاب الصيد والذبائح
يؤكل من الصيد ما قتله السيف والرمح والسهم والمعراض إذا خرق، ولو
أصاب السهم معترضا حل إن كان فيه حديدة، ولو خلا منها لم يؤكل إلا أن
يكون حادا فيخترق وكذا ما يقتله الكلب المعلم دون غيره من الجوارح. ولا
يؤكل ما قتله الفهد وغيره من جوارح البهائم. ولا ما قتله العقاب وغيره من جوارح

(1) الأكثر فائدة ونفعا.
239

الطير إلا أن يذكى. وإدراك ذكاته بأن يجده ورجله تركض أو عينه تطرف.
وضابطه حركة الحيوان. ويشترط في الكلب أن يكون معلما يسترسل إذا أغري
وينزجر إذا زجر وألا يعتاد أكل صيده، ولا عبرة بالندرة. ويعتبر في المرسل
أن يكون مسلما أو بحكمه قاصدا بإرساله الصيد مسميا عند الإرسال. فلو ترك
التسمية عامدا لم يؤكل صيده، ويؤكل لو نسي إذا اعتقد الوجوب. ولو أرسل وسمى
غيره لم يؤكل صيده إلا أن يذكيه، ويعتبر ألا يغيب عنه، فلو غاب وحياته
مستقرة ثم وجده مقتولا أو ميتا لم يؤكل. وكذا السهم ما لم يعلم أنه القاتل
ويجوز الاصطياد بالشرك والحبالة وغيرهما من الآلة وبالجوارح لكن لا يحل منه
إلا ما ذكي.
والصيد ما كان ممتنعا، ولو قتل بالسهم فرخا أو قتل الكلب طفلا (1) غير
ممتنع لم يحل ولو رمى طائرا فقتله وفرخا لم يطر حل الطائر دون فرخه.
مسائل: من أحكام الصيد:
(الأولى): إذا تقاطعته الكلاب قبل إدراكه حل.
(الثانية): لو رماه بسهم فتردى من جبل أو وقع في ماء فمات لم يحل
وينبغي هنا اشتراط استقرار الحياة (2).

(1) الطفل: المولود، وولد كل وحشية أيضا طفل. ا ه‍ مختار الصحاح.
(2) هذا استدراك على الحكم السابق، لأنه يفيد عدم حله سواء أكان قبل
موته مستقر الحياة أم لا. مع أن عدم الحل إنما هو حكم خاص بمستقر الحياة
قبل التردي وبعد الإصابة والسهم.
ويدل على ذلك عبارته في شرائع الإسلام وهذا نصها: (ولو رمى صيدا
فتردى من جبل أو وقع في ماء فمات، لم يحل لاحتمال أن يكون موته من السقطة
نعم لو صير حياته غير مستقرة، حل لأنه يجري مجرى المذبوح).
240

(الثالثة): لو قطعه السيف اثنين فلم يتحركا حلا، ولو تحرك أحدهما فهو
الحلال إن كانت حياته مستقرة لكن بعد التذكية. ولو لم تكن مستقرة حلا.
وفي رواية يؤكل الأكبر دون الأصغر وهي شاذة. ولو أخذت الحبالة منه قطعة
فهي ميتة.
(الرابعة): إذا أدرك الصيد وفيه حياة مستقرة ولا آلة ليذكيه لم يحل حتى
يذكى. وفي رواية جميل: يدع الكلب حتى يقتله.
(الخامسة): لو أرسل كلبه فأرسل كافر كلبه فقتلا صيدا، أو مسلم لم يسم
أو لم يقصد الصيد، لم يحل.
(السادسة): لو رمى صيدا فأصاب غيره حل. ولو رمى لا للصيد فقتل
صيدا لم يحل.
(السابعة): إذا كان الطير مالكا جناحه فهو لصائده إلا أن يعرف مالكه
فيرده إليه. ولو كان مقصوصا لم يؤخذ لأن له مالكا. ويكره أن يرمي الصيد
بما هو أكبر منه ولو اتفق قيل يحرم والأشبه الكراهية. وكذا يكره أخذ الفراخ
من أعشاشها. والصيد بكلب علمه مجوسي. وصيد السمك يوم الجمعة قبل الصلاة.
وصيد الوحش والطير بالليل.
والذبائح: تستدعي بيان فصول:
(الأول): الذابح: ويشترط فيه الإسلام أو حكمه ولو كان أنثى.
وفي الكتابي روايتان، أشهرهما: المنع. وفي رواية ثالثة: إذا سمعت تسميته فكل
والأفضل أن يليه المؤمن. نعم لا تحل ذبيحة المعادي لأهل البيت عليهم السلام.
(الثاني): الآلة ولا تصح إلا بالحديد مع القدرة، ويجوز بغيره مما يفري
الأوداج عند الضرورة، ولو مروة أو ليطة أو زجاجة. وفي الظفر والسن مع
الضرورة تردد.
(الثالث): الكيفية: وهي قطع الأعضاء الأربعة: المرئ، والودجان،
241

والحلقوم، وفي الرواية: إذا قطع الحلقوم وخرج الدم فلا بأس. ويكفي في النحر
الطعن في الثغرة: ويشترط استقبال القبلة بالذبيحة مع الإمكان، والتسمية،
فلو أخل بأحدهما عمدا لم يحل، ولو كان نسيانا حل، ويشترط نحر الإبل
وذبح ما عداها. فلو نحر المذبوح أو ذبح المنحور لم يحل. ولا يحل حتى
يتحرك بعد التذكية حركة الحي، وأدناه أن يتحرك الذنب أو تطرف العين
ويخرج الدم المعتدل، وقيل: يكفي الحركة، وقيل: يكفي أحدهما،
وهو أشبه.
وفي إبانة الرأس بالذبح قولان، المروي: أنها تحرم ولو سبقت السكين
فأبانته لم تحرم الذبيحة.
ويستحب في الغنم ربط يدي المذبوح وإحدى رجليه وإمساك صوفه أو
شعره حتى يبرد. وفي البقر عقد يديه ورجليه وإطلاق ذنبه. وفي الإبل ربط
أخفافه إلى إبطيه. وفي الطير إرساله. ويكره الذباحة ليلا، ونخع الذبيحة (1)
وقلب السكين في الذبح، وأن يذبح حيوانا وآخر ينظر إليه، وأن يذبح بيده
ما رباه من النعم. ويحرم سلخ الذبيحة قبل بردها. وقيل يكره، وهو أشبه.
ويلحق به أحكام:
(الأول): ما يباع في أسواق المسلمين يجوز ابتياعه من غير تفحص.
(الثاني): ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان كالمستعصي والمتردي في بئر
يجوز عقره بالسيف وغيره مما يجرح إذا خشي تلفه.
(الثالث): ذكاة السمك: إخراجه من الماء حيا. ولا يعتبر في المخرج
الإسلام ولا التسمية، ولو وثب أو نضب عنه الماء فأخذ حيا حل. وقيل:

(1) نخعت الشاة نخعا من باب نخع: جاوزت بالسكين منتهى الذبح
إلى النخاع ا ه‍. مصباح.
242

يكفي إدراكه يضطرب، ولو صيد وأعيد في الماء فمات لم يحل وإن كان في الآلة.
وكذا الجراد ذكاته أخذه حيا. ولا يشترط إسلام الآخذ ولا التسمية ولا يحل
ما يموت قبل أخذه. وكذا لو أحرقه قبل أخذه. ولا يحل منه ما لم
يستقل بالطيران.
(الرابع): ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمت خلقته. وقيل: يشترط مع إشعاره
ألا تلجه الروح وفيه بعد. ولو خرج حيا لم يحل إلا بالتذكية.
كتاب الأطعمة والأشربة
والنظر فيه يستدعي أقساما:
(الأول): في حيوان البحر: ولا يؤكل منه إلا سمك له فلس ولو زال عنه
كالكنعت. ويؤكل الربيثا والأربيان والطمر والطبراني والايلامي. ولا يؤكل
السلحفاة، ولا الضفادع ولا السرطان. وفي الجري روايتان، أشهرها التحريم.
وفي الزمار والمارماهي والرهو، روايتان. والوجه: الكراهية.
ولو وجد في جوف سمكة سمكة أخرى حلت إن كانت مما يؤكل. ولو
قذفت الحية تضطرب، فهي حلال إن لم تنسلخ فلوسها.
ولا يؤكل الطافي وهو الذي يموت في الماء وإن كان في شبكة أو حظيرة.
ولو اختلط الحي فيهما بالميت حل والاجتناب أحوط. ولا يؤكل جلال السمك
حتى يطعم علفا طاهرا يوما وليلة.
وبيض السمك المحرم مثله. ولو اشتبه أكل منه الخشن لا الأملس.
(الثاني): في البهائم: ويؤكل من الأنسية: النعم، ويكره الخيل والحمر
وكراهية البغل أشد. ويحرم الجلال منها على الأصح وهو ما يأكل عذرة
243

الإنسان محضا. ويحل مع الاستبراء بأن يربط ويطعم العلف. وفي كميته اختلاف،
محصله: استبراء الناقة بأربعين يوما والبقرة بعشرين، والشاة بعشرة.
ويؤكل من الوحشية البقر، والكباش الجبلية، والحمر، والغزلان، واليحامير.
ويحرم كل ما له ناب، وضابطه: ما يفترس كالأسد. والثعلب، ويحرم
الأرنب، والضب، واليربوع، والحشار: كالفأرة، والقنفذ، والحية، والخنافس،
والصراصر، وبنات الوردان، والقمل.
(القسم الثالث): في الطير: ويحرم منه ما كان سبعا كالبازي والرخمة.
وفي الغراب روايتان، والوجه: الكراهية. ويتأكد في الأبقع.
ويحرم من الطير ما كان صفيفه أكثر من دفيفه، وما ليس له قانصة ولا
حوصلة ولا صيصية. ويحرم الخفاش والطاووس. وفي الخطاف تردد.
والكراهية أشبه.
ويكره الفاختة والقبرة. وأغلظ من ذلك كراهية الهدهد، والصرد،
والصوام، والشقراق.
ولو كان أحد المحللة جلالا حرم حتى يستبرأ، فالبطة وما أشبهها بخمسة
أيام. والدجاجة ثلاثة أيام، ويحرم الزنابير، والذباب، والبق والبرغوث، وبيض
ما لا يؤكل لحمه. ولو اشتبه أكل منه ما اختلف طرفاه وترك ما اتفق.
مسألتان:
(الأولى): إذا شرب المحلل لبن الخنزيرة كره. ولو اشتد به عظمه
حرم لحمه ولحم نسله.
(الثانية): لو شرب خمرا لم يحرم بل يغسل، ولا يؤكل ما في جوفه.
ولو شرب بولا لم يحرم وغسل ما في جوفه.
(القسم الرابع): في الجامد وهو خمسة:
(الأول): الميتات: والانتفاع بها محرم. ويحل منها ما لا تحله الحياة إذا
244

كان الحيوان طاهرا في حال الحياة وهو عشرة: الصوف، والشعر، والوبر،
والريش، والقرن، والعظم، والسن، والظلف، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى،
والإنفحة. وفي اللبن روايتان، والأشبه التحريم.
(الثاني): ما يحرم من الذبيحة وهو خمسة: القضيب، والأنثيان، والطحال،
والفرث، والدم.
وفي المثانة والمرارة تردد، أشبهه: التحريم للاستخباث.
وفي الفرج، والعلباء، والنخاع، وذات الأشاجع، والغدد، وخرزة الدماغ،
والحدق خلاف، أشبهه: الكراهية.
وتكره الكلى، والقلب والعروق.
وإذا شوى الطحال مثقوبا فما تحته حرام وإلا فهو حلال (1)..
(الثالث): الأعيان النجسة: كالعذرات وما أبين من حي، والعجين إذا
عجن بالماء النجس، وفيه رواية بالجواز بعد خبزه، لأن النار قد طهرته.
(الرابع): الطين: وهو حرام إلا طين قبر الحسين عليه السلام للاستشفاء
ولا يتجاوز قدر الحمصة.
(الخامس): السموم القاتلة، قليلها وكثيرها، وما يقتل كثيره فالمحرم
ما بلغ ذلك الحد.
(القسم الخامس): في المائعات. والمحرم خمسة:
(الأول): الخمر، وكل مسكر، والعصير إذا غلا.
(الثاني): الدم. وكذا العلقة ولو في البيضة، وفي نجاستها تردد، أشبه:
النجاسة. ولو وقع قليل دم في قدر وهي تغلي، لم يحرق المرق، ولا ما فيها إذا
ذهب بالغليان. ومن الأصحاب من منع من المائع وأوجب غسل التوابل وهو

(1) ولو شوى الطحال مع اللحم، ولم يكن مثقوبا لم يحرم اللحم، وكذا
لو كان اللحم فوقه، أما لو كان مثقوبا. وكان اللحم تحته حرم
245

حسن، كما لو وقع غيره من النجاسة.
(الثالث): كل مانع لاقته نجاسة فقد نجس، كالخمر، والدم، والميتة،
والكافر الحربي.
وفي الذمي روايتان، أشهرهما: النجاسة.
وفي رواية: إذا اضطر إلى مؤاكلته أمره بغسل يده وهي متروكة.
ولو كان ما وقعت فيه النجاسة جامدا ألقي ما يكتنف النجاسة وحل ما عداه.
ولو كان المائع دهنا جاز بيعه للاستصباح به تحت السماء خاصة لا تحت الأظلة.
ولا يحل ما يقطع من أليات الغنم، ولا يستصبح بما يذاب منها، وما يموت فيه
ما له نفس سائلة من المائع نجس دون ما لا نفس له.
(الرابع): أبوال ما لا يؤكل لحمه. وهل يحرم بول ما يؤكل لحمه؟
قيل: نعم، إلا بول الإبل، والتحليل أشبه.
(الخامس): ألبان الحيوان المحرم كاللبوة، والذئبة، والهرة، ويكره
ما كان لحمه مكروها كالأتن حليبه وجامده.
(القسم السادس): في اللواحق، وهي سبع:
(الأولى): شعر الخنزير نجس سواء أخذ من حي أو ميت على الأظهر.
فإن اضطر استعمل ما دسم فيه وغسل يده.
ويجوز الاستقاء بجلود الميتة ولا يصلي بمائها.
(الثانية): إذا وجد لحم فاشتبه ألقي في النار فإن انقبض فهو ذكي وإن
انبسط فهو ميتة. ولو اختلط الذكي بالميتة اجتنبا.
وفي رواية الحلبي: يباع ممن يستحل الميتة. على الأصح.
(الثالثة): لا يأكل الإنسان من مال غيره إلا بإذنه. وقد رخص مع عدم
الإذن في الأكل من بيوت من تضمنته الآية إذا لم يعلم الكراهية. وكذا ما يمر
الإنسان به من ثمرة النخل. وفي ثمرة الزرع والشجر تردد. ولا يقصد ولا يحمل.
246

(الرابعة): من شرب خمرا أو شيئا نجسا، فبصاقه طاهر ما لم يكن
متغيرا بالنجاسة.
(الخامسة): إذا باع ذمي خمرا ثم أسلم فله قبض ثمنها.
(السادسة): الخمر تحل إذا انقلبت خلا، ولو كان بعلاج، ولا تحل لو
ألقي فيها خل استهلكها. وقيل: لو ألقي في الخل خمر من إناء فيه خمر لم يحل
حتى يصير ذلك الخمر خلا وهو متروك.
(السابعة): لا يحرم الربوبات والأشربة وإن شم منها رائحة المسكر. ويكره
الأسلاف في العصير. وأن يستأمن على طبخه من يستحله قبل أن يذهب ثلثاه،
والاستشفاء بمياه الجبال الحارة التي يشم منها رائحة الكبريت.
كتاب الغصب
والنظر في أمور:
(الأول): الغصب هو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا. ولا
يضمن لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة. وكذا لو منعه من القعود على
بساطه ويصح (1) غصب العقار كالمنقول ويضمن بالاستقلال به. ولو سكن الدار
قهرا مع صاحبها ففي الضمان قولان، ولو قلنا بالضمان ضمن النصف. ويضمن
حمل الدابة لو غصبها. وكذا الأمة. ولو تعاقبت الأيدي على المغصوب فالضمان
على الكل. ويتخير المالك. والحر لا يضمن ولو كان صغيرا لكن لو أصابه تلف
بسبب الغاصب ضمنه. ولو كان لا بسببه كالموت ولدغ الحية فقولان. ولو حبس

(1) أي: يتحقق ويتصور. ا ه‍ من الشرح الكبير.
247

صانعا لم يضمن أجرته. ولو انتفع به ضمن أجرة الانتفاع. ولا يضمن الخمر لو
غصبت من مسلم ويضمنها لو غصبها من ذمي، وكذا الخنزير. ولو فتح بابا على مال
ضمن السارق دونه. ولو أزال القيد عن فرس فشرد أو عن عبد مجنون فأبق ضمن.
ولا يضمن لو أزاله عن عاقل.
(الثاني): في الأحكام: يجب رد المغصوب وإن تعسر كالخشبة في البناء واللوح
في السفينة. ولو عاب (1) ضمن الأرش. ولو تلف أو تعذر العود ضمن مثله
إن كان متساوي الأجزاء. وقيمته يوم الغصب إن كان مختلفا. وقيل: أعلى
القيم من حين الغصب إلى حين التلف، وفيه وجه آخر. ومع رده لا يرد زيادة
القيمة السوقية. وترد الزيادة لزيادة في العين أو الصفة. ولو كان المغصوب دابة
فعابت، ردها مع الأرش. ويتساوى بهيمة القاضي والشوكي، ولو كان عبدا
وكان الغاصب هو الجاني رده ودية الجناية إن كانت مقدرة. وفيه قول آخر.
ولو مزج الزيت بمثله رد العين. وكذا لو كان بأجود منه، ولو كان بأدون ضمن
المثل. ولو زادت قيمة المغصوب فهو لمالكه، أما لو كانت الزيادة لانضياف عين
كالصبغ والآلة في الأبنية أخذ العين الزائدة ورد الأصل، ويضمن الأرش إن نقص.
(الثالث): في اللواحق. وهي ستة.
(الأولى): فوائد المغصوب للمالك منفصلة كانت كالولد أو متصلة كالصوف
والسمن، أو منفعة كأجرة السكنى وركوب الدابة. ولا يضمن من الزيادة المتصلة
ما لم تزد به القيمة كما لو سمن المغصوب وقيمته واحدة.
(الثانية): لا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد أو يضمنه وما يحدث من
منافعه وما يزاد في قيمته لزيادة صفة فيه.
(الثالثة): إذا اشتراه عالما بالغصب فهو كالغاصب ولا يرجع المشتري بالثمن
البائع بما يضمن، ولو كان جاهلا دفع العين إلى مالكها ويرجع بالثمن على البائع

(1) عاب المتاع: صار ذا عيب.
248

وبجميع ما غرمه مما لم يحصل له في مقابلته عوض كقيمة الولد. وفي الرجوع
بما يضمن من المنافع كعوض الثمرة وأجرة السكنى تردد.
(الرابعة): إذا غصب حبا فزرعه، أو بيضة فأفرخت، أو خمرا فخللها،
فالكل للمغصوب منه.
(الخامسة): إذا غصب أرضا فزرعها فالزرع لصاحبه وعليه أجرة الأرض
ولصاحبها إزالة الغرس وإلزامه طم الحفرة والأرش إن نقصت. ولو بذل صاحب
الأرض قيمة الغرس لم تجب إجابته.
(السادسة): لو تلف المغصوب واختلفا في القيمة فالقول قول الغاصب.
وقيل: قول المغصوب منه.
كتاب الشفعة
وهي: استحقاق في حصة الشريك لانتقالها بالبيع.
والنظر فيه يستدعي أمورا:
(الأول): ما تثبت فيه: وتثبت في الأرضين والمساكن إجماعا. وهل تثبت
فيما ينقل كالثياب والأمتعة؟ فيه قولان، والأشبه: الاقتصار على موضع الإجماع.
وتثبت في النخل والشجر والأبنية تبعا للأرض، وفي ثبوتها في الحيوان قولان،
المروي: إنها لا تثبت. ومن فقهائنا من أثبتها في العبد دون غيره. ولا تثبت فيما
لا ينقسم كالعضايد والحمامات والنهر والطريق الضيق على الأشبه. ويشترط
انتقاله بالبيع فلا تثبت لو انتقل بهبة أو صلح أو صداق أو صدقة أو إقرار. ولو
كان الوقف مشاعا مع طلق فباع صاحب الطلق لم تثبت للموقوف عليه. وقال
المرتضى: تثبت، وهو أشبه.
(الثاني): في الشفيع، وهو كل شريك بحصة مشاعة قادر على الثمن (1).

(1) في شرائع الإسلام: ويشترط فيه الإسلام إذا كان المشتري مسلما.
249

فلا تثبت للذمي على مسلم. ولا بالجوار. ولا لعاجز عن الثمن. ولا فيما قسم وميز
إلا بالشركة في الطريق أو النهر إذا بيع أحدهما أو هما مع الشقص. وتثبت بين
شريكين. ولا تثبت لما زاد على أشهر الروايتين. ولو ادعى غيبة الثمن أجل
ثلاثة أيام، فإن لم يحضره بطلت. ولو قال إنه في بلد آخر، أجل بقدر وصوله
وثلاثة أيام ما لم يتضرر المشتري. وتثبت للغائب والسفيه والمجنون والصبي
ويأخذ لهم الولي مع الغبطة، ولو ترك الولي فبلغ الصبي أو أفاق المجنون فله الأخذ.
(الثالث): في كيفية الأخذ: ويأخذ بمثل الثمن الذي وقع عليه العقد،
ولو لم يكن الثمن مثليا كالرقيق والجواهر أخذه بقيمته. وقيل: تسقط الشفعة
استنادا إلى رواية فيها احتمال.
وللشفيع المطالبة في الحال. ولو أخر لا لعذر بطلت شفعته. وفيه قول
آخر. ولو كان لعذر لم يبطل. وكذا لو توهم زيادة ثمن أو جنسا من الثمن فبان
غيره. ويأخذ الشفيع من المشتري ودركه عليه. ولو انهدم المسكن أو عاب بغير
فعل المشتري أخذ الشفيع بالثمن أو ترك. وإن كان بفعل المشتري أخذ بحصته
من الثمن. ولو اشترى بثمن مؤجل قيل: هو بالخيار بين الأخذ عاجلا، والتأخير،
وأخذه بالثمن في محله. وفي النهاية يأخذ الشقص ويكون الثمن مؤجلا ويلزم كفيلا
إن لم يكن مليئا وهو أشبه. ولو دفع الشفيع الثمن قبل حلوله لم يلزم البائع أخذ
ولو ترك الشفيع قبل البيع لم تبطل. أما لو شهد على البائع أو بارك للمشتري
أو للبائع أو أذن في البيع ففيه التردد. والسقوط أشبه.
ومن اللواحق مسألتان:
(الأولى): قال الشيخ: الشفعة لا تورث. وقال المفيد، وعلم الهدى: تورث،
وهو أشبه. ولو عفا أحد الورثة عن نصيبه أخذه الباقون ولم تسقط.
(الثانية): لو اختلف المشتري والشفيع في الثمن فالقول قول المشتري مع
يمينه لأنه ينتزع الشئ من يده.
250

كتاب إحياء الموات
والعامر ملك لأربابه لا يجوز التصرف فيه إلا بإذنهم. وكذا ما به صلاح
العامر كالطريق والشرب والمراح.
والموات ما لا ينتفع به لعطلته مما لم يجر عليه ملك أو ملك وباد أهله، فهو
للإمام لا يجوز إحياؤه إلا بإذنه، ومع إذنه يملك بالإحياء. ولو كان الإمام
غائبا فمن سبق إلى إحيائه كان أحق به، ومع وجوده له رفع يده. ويشترط
في التملك بالإحياء: ألا يكون في يد مسلم. ولا حريما لعامر. ولا مشعرا
للعبادة كعرفة ومنى. ولا مقطعا (1) ولا محجرا، والتحجير يفيد أولوية لا ملكا
مثل أن ينصب عليها مرزابا. وأما الإحياء فلا تقدير للشرع فيه ويرجع
في كيفيته إلى العادة.
ويلحق بهذا مسائل:
(الأولى): الطريق المبتكر في المباح إذا تشاح أهله فحده: خمسة أذرع،
وفي رواية سبعة أذرع.
(الثانية): حريم بئر المعطن: أربعون ذراعا. والناضح ستون ذراعا.
والعين ألف ذراع. وفي الصلبة خمسمائة.
(الثالثة): من باع نخلا واستثنى واحدة كان له المدخل إليها والمخرج
ومدى جرائدها.
(الرابعة): إذا تشاح أهل الوادي في مائه حبسه الأعلى للنخل إلى الكعب.
وللزرع إلى الشراك. ثم يسرحه إلى الذي يليه.

(1) كما أقطع النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدار وأرضا بحضرموت.
251

(الخامسة): يجوز للإنسان أن يحمي المرعى في ملكه خاصة. وللإمام مطلقا.
(السادسة): لو كان له رحا على نهر لغيره لم يجز له أن يعدل بالماء عنها
إلا برضاء صاحبها.
(السابعة): من اشترى دارا فيها زيادة من الطريق ففي رواية: إن كان ذلك
فيما اشترى فلا بأس. وفي النهاية إن لم يتميز لم يكن له عليه شئ. وإن تميز رده
ورجع على البائع بالدرك، والرواية ضعيفة، وتفصيل النهاية في موضع المنع،
والوجه: البطلان. وعلى تقدير الامتياز يفسخ إن شاء ما لم يعلم.
(الثامنة): من له نصيب في قناة أو نهر جاز له بيعه بما شاء.
(التاسعة): روى إسحاق بن عمار عن العبد الصالح (1) في رجل لم يزل
في يده ويد آبائه دار، وقد علم أنها ليست لهم ولا يظن مجئ صاحبها. قال:
ما أحب أن يبيع ما ليس له، ويجوز أن يبيع سكناه. والرواية مرسلة، وفي
طريقها: الحسن بن سماعة، وهو واقفي، وفي النهاية يبيع تصرفه فيها،
ولا يبيع أصلها، ويمكن تنزيلها على أرض عاطلة أحياها غير المالك بإذنه فللمحيي
التصرف والأصل للمالك.

(1) هو الإمام أبو إبراهيم موسى بن جعفر الكاظم (ع).
252

كتاب اللقطة
وأقسامها ثلاثة:
(الأول): في اللقيط: وهو كل صبي أو مجنون ضائع لا كافل له. ويشترط
في الملتقط التكليف. وفي اشتراط الإسلام تردد. ولا يلتقط المملوك إلا بإذن
مولاه. وأخذ اللقيط مستحب واللقيط في دار الإسلام حر، وفي دار الشرك رق.
وإذا لم يتول أحدا فعاقلته ووارثه: الإمام إذا لم يكن له وارث ويقبل إقراره
على نفسه بالرقية مع بلوغه ورشده. وإذا وجد الملتقط سلطانا استعان به على
نفقته فإن لم يجد استعان بالمسلمين. فإن تعذر الأمر أنفق الملتقط ورجع عليه
إذا نوى الرجوع. ولو تبرع لم يرجع.
القسم الثاني - في الضوال: وهي كل حيوان مملوك ضائع. وأخذه في صورة
الجواز مكروه. ومع تحقق التلف مستحب. فالبعير لا يؤخذ ولو أخذ ضمنه
الآخذ وكذا حكم الدابة والبقرة. ويؤخذ لو تركه صاحبه من جهد في غير كلا
ولا ماء، ويملكه الآخذ. والشاة إن وجدت في الفلاة أخذها الواجد لأنها
لا تمنع من ضرر السباع ويضمنها وفي رواية ضعيفة: يحبسها عنده ثلاثة أيام فإن
جاء صاحبها وإلا تصدق بثمنها. وينفق الواجد على الضالة إن لم يتفق سلطان ينفق
من بيت المال. وهل يرجع على المالك؟ الأشبه: نعم، ولو كان للضالة نفع
كالظهر أو اللبن قال الشيخ في النهاية: كان بإزاء ما أنفق، والوجه التقاص.
القسم الثالث - وفيه ثلاث فصول:
(الأول): اللقطة: كل مال ضائع أخذ ولا يد عليه فما دون الدرهم ينتفع به
بغير تعريف. وفي قدر الدرهم روايتان، وما كان أزيد، فإن وجده في الحرم كره
أخذه وقيل يحرم ولا يحل أخذه إلا مع نية التعريف، ويعرف حولا فإن جاء صاحبه
253

وإلا تصدق به عنه أو استبقاه أمانة، ولا يملك. ولو تصدق به بعد الحول فكره
المالك لم يضمن الملتقط على الأشهر. وإن وجده في غير الحرم يعرف حولا. ثم
الملتقط بالخيار بين التملك والصدقة وإبقائها أمانة. ولو تصدق بها فكره المالك
ضمن الملتقط ولو كانت مما لا يبقى كالطعام قومها عند الوجدان وضمنها وانتفع
بها وإن شاء دفعها إلى الحاكم، ولا ضمان. ويكره أخذ الإدواة، والمخصرة،
والنعلين. والشظاظ، والعصا، والوتد، والحبل، والعقال، وأشباهها.
مسائل:
(الأولى): ما يوجد في خربة أو فلاة أو تحت الأرض فهو لواجده. ولو
وجده في أرض لها أو بائع ولو كان مدفونا، عرفه المالك أو البائع فإن عرفه
فهو أحق به وإلا كان للواجد. وكذا ما يجده في دابته. ولو وجد في جوف
سمكة قال الشيخ: أخذه بلا تعريف.
(الثانية): ما وجده في صندوقه أو داره فهو له، ولو شاركه في التصرف
كان كاللقطة إذا أنكره.
(الثالثة): لا تملك اللقطة بحول الحول وإن عرفها ما لم ينو التملك.
وقيل: تملك بمضي الحول.
(الثاني): الملتقط من له أهلية الاكتساب. فلو التقط الصبي أو المجنون
جاز ويتولى الولي التعريف. وفي المملوك تردد، أشبهه: الجواز. وكذا المكاتب،
والمدبر، وأم الولد.
(الثالث): في الأحكام وهي ثلاثة:
(الأول): لا يدفع اللقطة إلا بالبينة. ولا يكفي الوصف، وقيل: يكفي
في الأموال الباطنة كالذهب والفضة، وهو حسن.
(الثاني) لا بأس بجعل الآبق فإن عينه لزم بالرد، وإن لم يعينه ففي رد العبد
من المصر: دينار، ومن خارج البلد: أربعة دنانير، على رواية ضعيفة يؤيدها
254

الشهرة وألحق الشيخان: البعير، وفيما عداهما أجرة المثل.
(الثالث): لا يضمن الملتقط في الحول لقطة ولا لقيطا ولا ضالة ما لم يفرط.
كتاب المواريث
والنظر في المقدمات، والمقاصد، واللواحق
والمقدمات ثلاث:
(الأولى): في موجبات الإرث، وهي: نسب، وسبب.
فالنسب ثلاث مراتب:
1 - الأبوان، والولد وإن نزل.
2 - والأجداد وإن علوا، والأخوة وأولادهم وإن نزلوا.
3 - والأعمام والأخوال.
والسبب قسمان: زوجية وولاء. والولاء ثلاث مراتب: ولاء العتق، ثم ولاء
تضمن الجريرة (1) ثم ولاء الإمامة.
(الثانية): في موانع الإرث، وهي ثلاثة: الكفر، والرق، والقتل.
أما الكفر فإنه يمنع في طرف الوارث. فلا يرث الكافر مسلما، حربيا كان
الكافر أو ذميا أو مرتدا ويرث الكافر أصليا ومرتدا فميراث المسلم لوارثه المسلم
انفرد بالنسب أو شاركه الكافر أو كان أقرب حتى لو كان ضامن جريرة مع ولد كافر
فالميراث للضامن. ولو لم يكن وارث مسلم فميراثه للإمام. والكافر يرثه المسلم إن
اتفق ولا يرثه الكافر إلا إذا لم يكن وارث مسلم. ولو كان وارث مسلم كان أحق بالإرث
وإن بعد وقرب الكافر، وإذا أسلم الكافر، على ميراث قبل قسمته شارك إن كان
مساويا في النسب وحاز الميراث إن كان أولى سواء كان الموروث مسلما أو كافرا.

(1) هو المعروف عند فقهاء السنة بولاء الموالاة.
255

ولو كان الوارث المسلم واحدا لم يزاحمه الكافر وإن أسلم لأنه لا تتحقق هنا قسمة.
مسائل:
(الأولى): الزوج المسلم أحق بميراث زوجته من ذوي قرابتها الكفار،
كافرة كانت أو مسلمة، له النصف بالزوجية والباقي بالرد وللزوجة المسلمة الربع
مع الورثة الكفار والباقي للإمام. ولو أسلموا أو أسلم أحدهم، قال الشيخ:
يزد عليهم ما فضل عن سهم الزوجية، وفيه تردد.
(الثانية): روى مالك بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام في نصراني مات وله
ابن أخ وابن أخت مسلمان وأولاد صغار: لابن الأخ الثلثان، ولابن الأخت الثلث،
وينفقان على الأولاد بالنسبة فإن أسلم الصغار دفع المال إلى الإمام فإن بلغوا على
الإسلام دفعة الإمام إليهم. فإن لم يبقوا دفع إلى ابن الأخ الثلثين وإلى ابن الأخت الثلث.
(الثالث): إذا كان أحد أبوي الصغير مسلما الحق به فلو بلغ أجبر على
الإسلام. ولو أبي كان كالمرتد.
(الرابعة) المسلمون يتوارثون وإن اختلفت آراؤهم، وكذا الكفار وإن
اختلفت مللهم.
(الخامسة): المرتد عن فطرة (1) يقتل ولا يستتاب، وتعتد امرأته عدة
الوفاة. وتقسم أمواله. ومن ليس عن فطرة يستتاب. فإن تاب وإلا يقتل وتعتد
زوجته عدة الطلاق مع الحياة وعدة الوفاة لا معها. والمرأة لا تقتل بل تحبس
وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب ولو كانت عن فطرة.
(السادسة): لو مات المرتد كان ميراثه لوارثه المسلم. ولو لم يكن وارث
إلا كافرا كان ميراثه للإمام على الأظهر.
وأما القتل فيمنع الوارث من الإرث إذا كان عمدا ظلما ولا يمنع لو كان خطأ.

(1) هو من كان أبواه مسلمين عند بدء الحمل به.
256

وقال الشيخان: يمنع من الدية حسب. ولو اجتمع القاتل وغيره فالميراث لغير
القاتل وإن بعد، سواء تقرب بالقاتل أو بغيره. ولو لم يكن وارث سوى القاتل
فالإرث للإمام.
وهنا مسائل:
(الأولى): الدية كأموال الميت تقضي منها ديونه وتنفذ وصاياه وإن قتل
عمدا إذا أخذت الدية (1). وهل للديان منع الوارث من القصاص؟ الوجه: لا،
وفي رواية لهم المنع حتى يضمن الوارث الدين.
(الثانية): يرث الدية من يتقرب بالأب ذكرانا أو إناثا، والزوج والزوجة
ولا يرث من يتقرب بالأم، وقيل: يرثها من يرث المال.
(الثالثة): إذا لم يكن للمقتول عمدا وارث سوى الإمام فله القود أو الدية
مع التراضي وليس له العفو، وقيل: له العفو.
أما الرق، فيمنع في الوارث والموروث. ولو اجتمع مع الحر فالميراث للحر
دونه ولو بعد وقرب المملوك، ولو أعتق على ميراث قبل القسمة شارك إن كان
مساويا وحاز الإرث إن كان أولى ولو كان الوارث واحدا فأعتق الرق لم يرث
وإن كان أقرب لأنه لا قسمة، ولو لم يكن وارث سوى المملوك أجبر مولاه
على أخذ قيمته وينعتق ليحوز الإرث. ولو قصر المال عن قيمته لم يفك. وقيل:
يفك ويسعى في باقيه ويفك الأبوان والأولاد دون غيرهما وقيل: يفك ذو القرابة.
وفيه رواية ضعيفة. وفي الزوج والزوجة تردد. ولا يرث المدبر ولا أم الولد
ولا المكاتب المشروط. ومن تحرر بعضه يرث بما فيه من الحرية ويمنع بما
فيه من الرقية.
المقدمة الثالثة: في السهام: وهي ستة: النصف، والربع، والثمن، والثلثان

(1) يريد إذا صولح على القصاص عليهما.
257

والثلث، والسدس.
فالنصف للزوج مع عدم الولد وإن نزل، وللبنت، والأخت للأب والأم
أو للأب.
والربع للزوج مع الولد وإن نزل وللزوجة مع عدمه.
والثمن للزوجة مع الولد وإن نزل.
والثلثان للبنتين فصاعدا وللأختين فصاعدا للأب والأم، أو للأب
والثلث للأم مع عدم من يحجبها من الولد وإن نزل أو الأخوة، وللاثنين
فصاعدا من ولد الأم.
والسدس لكل واحد من الأبوين مع الولد وإن نزل. وللأم مع من يحجبها
عن الزائد. وللواحد من كلالة الأم ذكرا كان أو أنثى.
والنصف يجتمع مع مثله، مع الربع، والثمن، ومع الثلث والسدس.
ولا يجتمع الربع مع الثمن.
ويجتمع الربع مع الثلثين والثلث والسدس.
ويجتمع الثمن مع الثلثين والسدس.
ولا يجتمع مع الثلث، ولا الثلث مع السدس.
مسألتان:
(الأولى): التعصيب باطل. وفاضل التركة يرد على ذوي السهام عدا الزوج
والزوجة. والأم مع وجود من يحجبها على تفصيل يأتي:
(الثانية) لا عول في الفرائض لاستحالة أن يفرض الله سبحانه في مال
ما لا يفي بل يدخل النقص على البنت أو البنتين، أو على الأب أو من يتقرب به.
وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وأما المقاصد فثلاثة:
258

(الأول): في الأنساب. ومراتبهم ثلاث:
(الأولى): الآباء والأولاد: فالأب يرث المال إذا انفرد. والأم الثلث
والباقي بالرد. ولو اجتمعا فللأم الثلث وللأب الباقي. ولو كان له أخوة كان
لها السدس. ولو شاركهما زوج أو زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.
وللأم ثلث الأصل إذا لم يكن حاجب والباقي للأب، ولو كان لها حاجب كان
لها السدس.
ولو انفرد الابن فالمال له. ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية. ولو كانوا
ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان، وللأنثى سهم. ولو اجتمع معهما الأبوان فلهما
السدسان والباقي للأولاد ذكرانا كانوا أو إناثا أو ذكرانا وإناثا
ولو كانت بنت فلها النصف وللأبوين السدسان، والباقي يرد أخماسا.
ولو كان من يحجب الأم رد على الأب والبنت أرباعا.
ولو كانت بنتان فصاعدا فللأبوين: السدسان، وللبنتين أو البنات:
الثلثان بالسوية.
ولو كان معهما أو معهن أحد الأبوين كان له: السدس، ولهما أو لهن: الثلثان
والباقي يرد أخماسا.
ولو كان مع البنت والأبوين زوج أو زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة
الثمن، وللأبوين: السدسان، والباقي للبنت. وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد
عليها وعلى الأبوين أخماسا ولو كان من يحجب الأم رددناه على البنت والأب أرباعا. ويلحق مسائل:
(الأولى): الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق
نصيب من يتقرب به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين، أولاد ابن كانوا أو
أولاد البنت على الأشبه. (ويمنع) الأقرب الأبعد. ويرد على ولد البنت كما يرد
259

على أمه ذكرا كان أو أنثى. ويشاركون الأبوين كما يشاركهما الأولاد للصلب
على الأصح.
(الثانية): يحبى الولد الأكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه
إذا خلف الميت غير ذلك. ولو كان الأكبر بنتا أخذه الأكبر من الذكور ويقضي
عنه ما ترك من صيام أو صلاة. وشرط بعض الأصحاب ألا يكون سفيها ولا
فاسد الرأي.
(الثالثة): لا يرث مع الأبوين ولا مع الأولاد جد ولا جدة ولا أحد من
ذوي القرابة. لكن يستحب للأب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة
بالسوية، إذا حصل له الثلثان. وتطعم الأم أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية
إذا حصل لها الثلث فما زاد.
ولو حصل لأحدهما نصيبه الأعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة
دون صاحبه. ولا طعمة لأحد الأجداد إلا مع وجود من يتقرب به.
(الرابعة): لا يحجب الأخوة الأم إلا بشروط أربعة:
أن يكون أخوين أو أخا وأختين أو أربع أخوات فما زاد لأب وأم أو لأب
مع وجود الأب، غير كفرة ولا رق. وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب
وأن يكونوا منفصلين لا حملا.
(المرتبة الثانية): الأخوة والأجداد إذا لم يكن أحد الأبوين، ولا ولد
وإن نزل، فالميراث للأخوة والأجداد.
فالأخ الواحد للأب والأم يرث المال، وكذا الأخوة. والأخت إنما ترث
النصف بالتسمية، والباقي بالرد.
وللأختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.
ولو اجتمع الأخوة والأخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان
وللأنثى سهم.
260

وللواحد من ولد الأم السدس ذكرا كان أو أنثى. وللاثنين فصاعدا الثلث
بينهم بالسوية ذكرانا كانوا أو إناثا.
ولا يرث مع الإخوة للأب والأم ولا مع أحدهم أحد من ولد الأب، لكن
يقومون مقامهم عند عدمهم. ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.
ولو اجتمع الكلالات كان لولد الأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن
كانوا أكثر، والباقي لولد الأب والأم ويسقط أولاد الأب. فإن أبقت الفريضة
فالرد على كلالة الأب والأم، وإن أبقت الفريضة مع ولد الأم وولد الأب،
ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الأب، لأن النقص يدخل عليهم، مثل
أخت لأب مع واحد أو اثنين فصاعدا من ولد الأم، أو أختين للأب، مع واحد
من ولد الأم. والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.
وللجد المال إذا انفرد لأب كان أو لأم. وكذا الجدة.
ولو اجتمع جد وجدة، فإن كانا لأب فلهما المال، للذكر مثل حظ الأنثيين
وإن كانا لأم فالمال بالسوية.
وإذا اجتمع الأجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالأم الثلث على الأصح،
واحدا كان أو أكثر. ولمن يتقرب بالأب الثلثان ولو كان واحدا. ولو كان معهم
زوج أو زوجة أخذ النصيب الأعلى. ولمن يتقرب بالأم ثلث الأصل. والباقي لمن
يتقرب بالأب.
والجد الأدنى يمنع الأعلى.
وإذا اجتمع معهم الإخوة، فالجد كالأخ والجدة كالأخت.
مسألتان:
(الأولى): لو اجتمع أربعة أجداد لأب ومثلهم لأم كان لأجداد الأم
الثلث بينهم أرباعا. ولأجداد الأب وجداته الثلثان، لأبوي أبيه ثلثا الثلثين
261

أثلاثا ولأبوي أمه الثلث أثلاثا أيضا فيصح من مئة وثمانية.
(الثانية): الجد وإن علا يقاسم الأخوة والأخوات.
وأولاد الإخوة والأخوات وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم
في مقاسمة الأجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به. ثم إن
كانوا أولاد أخوة أو أخوات لأب اقتسموا المال، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإن كانوا لأم اقتسموا بالسوية.
(المرتبة الثانية): الأعمام والأخوال:
المعم المال إذا انفرد. وكذا للعمين فصاعدا. وكذا العمة والعمتان والعمات.
والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن
كانوا أكثر بالسوية. والباقي لمن يتقرب بالأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين
ويسقط من يتقرب بالأب معهم. ويقومون مقامهم عند عدمهم.
ولا يرث الأبعد مع الأقرب مثل ابن خال مع خال أو عم. أو ابن عم مع
خال أو عم، إلا ابن عم لأب وأم مع عم لأب فابن العم أولى.
وللخال المال إذا أنفرد. وكذا للخالين والأخوال والخالة والخالتين
والخالات. ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.
ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث
إن كانوا أكثر. والثلثان لمن يتقرب بالأب والأم. ويسقط من يتقرب بالأم معهم.
والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث وللأعمام الثلثان.
ولو كان معهم زوج أو زوجة فلهما النصيب الأعلى. ولمن يتقرب بالأم ثلث
الأصل. والباقي لمن يتقرب بالأب.
ولو اجمتع عم الأب وعمته وخاله وخالته وعم الأم وعمتها وخالها وخالتها كان
262

لمن يتقرب بالأم الثلث بينهم أرباعا. ولمن يتقرب بالأب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته
أثلاثا. وثلثه لخاله وخالته بالسوية، على قول.
مسائل:
(الأولى): عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى
من عمومة أبيه وخئولته.
وكذا أولاد كل بطن أقرب. أولى من البطن الأبعد.
ويقوم أولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم،
ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.
(الثانية): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.
فالأول كابن عم لأب هو خال لأم، وزوج هو ابن عم، وعمة لأب هي
خالة لأم.
والثاني كابن عم هو أخ لأم.
(الثالثة): حكم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ
من يتقرب بالأم ثلث الأصل والزوج نصيبه الأعلى. وما يبقى لمن يتقرب بالأب.
المقصد الثاني في ميراث الأزواج:
للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع. ومع وجوده وإن نزل نصف
النصيب. ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل. وفي الزوجة قولان:
أحدهما: لها الربع والباقي للإمام.
والآخر: يرد عليها الفاضل كالزوج. وقال ثالث: بالرد مع عدم الإمام
والأول: أظهر.
وإذا كن أكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.
وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج. وكذا الزوج. وكذا في العدة
263

الرجعية خاصة. لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة
ولم يبرأ ولم تتزوج. ولا ترث البائن إلا هنا.
ويرث الزوج من جميع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من
قيمة الآلات والأبنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرى، وعلم
الهدى يمنعها العين دون القيمة.
مسألتان:
(الأولى): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للأخيرة
ربع الثمن مع الولد أو ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الأربعة بالسوية.
(الثانية): نكاح المريض مشروط بالدخول، فإن مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.
المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة.
(القسم الأول): ولاء العتق: ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته.
فلو كان واجبا كان المعتق سائبة. وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة
ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.
ويرث مع الزوج والزوجة.
وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال
إن كانوا أكثر.
ولو عدم المنعم فللأصحاب فيه أقوال، أظهرهما. انتقال الولاء إلى الأولاد
الذكور دون الإناث. فإن لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم.
ولو كان المعتق امرأة فإلى عصبها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.
ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.
ولا يصح بيعه ولا هبته. ويصح جره من مولى الأم إلى مولى الأب إذا كان
الأولاد مولودين على الحرية.
264

القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة:
من توالى إنسانا يضمن حدثه: ويكون ولاؤه له. ثبت له الميراث ولا يتعدى
الضامن، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له.
ولا يرث الضامن إلا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق. ويرث معه الزوج
والزوجة نصيبهما الأعلى وما بقي له، وهو أولى من بيت مال الإمام.
القسم الثالث ولاء الإمامة:
ولا يرث إلا مع فقد وارث عدا الزوجة فإنها تشاركه على الأصح.
ومع وجوده (ع) فالمال له يصنع به ما شاء.
وكان علي عليه السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا.
ومع غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.
وأما اللواحق فأربعة:
(الأول): في ميراث ابن الملاعنة: ميراثه لأمه وولده، للأم السدس والباقي
للولد. ولو انفردت كان لها الثلث والباقي بالرد.
ولو انفردت الأولاد فللواحد النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان.
وللذكران المال بالسوية. وإن اجتمعوا فللذكر سهمان وللأنثى سهم.
ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الأعلى مع عدم الولد وإن نزل، والأدنى معهم.
ولو عدم الولد يرثه من تقرب بأمه الأقرب فالأقرب الذكر والأنثى سواء.
ومع عدم الوارث يرثه الإمام. ويرث هو أمه ومن يتقرب بها على الأظهر.
ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.
ولو اعترف به الأب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه
ولا عبرة بنسب الأب.
فلو ترك إخوة لأب وأم مع أخ أو أخت لأم كانوا سواء في المال.
وكذا لو ترك جدا لأم مع أخ أو أخت أو إخوة أو أخت من أب وأم.
265

خاتمة
تشتمل على مسائل:
(الأولى): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الأنساب. ويرثه ولده إن
نزل والزوج أو الزوجة. ولو لم يكن أحدهم فميراثه للإمام.
وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.
(الثانية): الحمل يرث إن سقط حيا وتعتبر حركة الأحياء كالاستهلال،
والحركات الإرادية، دون التقلص.
(الثالثة): قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.
ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الأدنى.
(الرابعة): يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالأب.
(الخامسة): إذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.
(السادسة): المفقود يتربص بماله. وفي قدر التربص روايات: أربع سنين،
وفي سندها ضعف. وعشر سنين وهي في حكم خاص. وفي ثالثة يقتسمه الورثة إذا
كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا.
وقال في الخلاف حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط
وأبعد من التهجم على الأموال المعصومة بالأخبار الموهومة.
(السابعة): لو تبرأ من جريرة ولده وميراثه، ففي رواية يكون ميراثه
للأقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.
(الثاني): في ميراث الخنثى:
من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه. فإن
266

بدر منهما قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.
وإن تساويا، قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى:
تعد أضلاعه.
وقال في النهاية والإيجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث رجل ونصف امرأة،
وهو أشهر.
ولو اجتمع مع الأنثى ذكر وأنثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة
وللأنثى سهمان.
وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة أنثى ويعطى نصف
النصيبين وهو أظهر. مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى،
وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر
فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.
ولو كان بدل الذكر أنثى حصل للخنثى سبعة وللأنثى خمسة.
ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب
الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.
ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.
ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به، فإن انتبه
أحدهما فهما اثنان.
(الثالث): في الغرقى والمهدوم عليهم: وهؤلاء يرث بعضهم إذا كان
لهم أو لأحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.
وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.
ومع الشرائط يورث الأضعف أولا، ثم الأقوى، ولا يورث مما ورث منه.
وفيه قول آخر. والتقديم على الاستحباب على الأشبه.
فلو غرق أب وابن، ورث الأب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة
267

أبيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.
ولو كان لأحدهما وارث أعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع
للآخر للإمام.
ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الإمام.
وإذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فإن
كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.
وإن كان لأحدهما مال صار ماله لأخيه، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر
شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الإمام.
ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.
(الرابع): في ميراث المجوس: وقد اختلف الأصحاب فيه.
فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب.
وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسده.
والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيد رحمه الله.
وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.
واختيار الفضل أشبه.
ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الأم دون الزوجة.
ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.
ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لأنه لا ميراث للأخت مع البنت.
268

خاتمة في حساب الفرائض
مخارج الفروض ستة:
ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.
فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث
من ثلاثة، والسدس من ستة.
والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر:
فما كان بقدرها فإن انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم
في أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الأربعة على الخمسة، فتضرب
خمسة في أصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لأنه لا وفق بين نصيبهن وعددهن.
ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في أصل الفريضة مثل:
أبوين وست بنات، للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وتعددهن وهو ستة،
وفق، وهو النصف فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة
فما اجتمع صحت منه.
ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على
البنت أو البنات أو من يتقرب بالأب والأم، أو الأب، مثل: أبوين، وزوج
وبنت. فللأبوين السدسان وللزوج الربع، والباقي للبنت.
وكذا الأبوان أو أحدهما، وبنت أو بنات وزوج، النقص يدخل على البنت
أو البنات، واثنان من ولد الأم والأختان للأب والأم أو للأب مع زوج أو زوجة
يدخل النقص على من يتقرب بالأب والأم، أو الأب خاصة.
ثم إن انقسمت الفريضة على صحة وإلا ضربت سهام من انكسر عليهم.
في أصل الفريضة.
269

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.
ولا تعصيب.
ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الأم مع وجود من يحجبها، مثل
أبوين وبنت.
فإذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.
وإن كان حاجب فالرد أرباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل الفريضة
فما اجتمع صحت منه الفريضة.
تتمة في (المناسخات)
ونعني به أن يموت الإنسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق
الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.
فإن اختلف الوارث أو الاستحقاق أو هما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على
وراثه وإلا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الأولى، إن كان بين
الفريضتين وفق.
وإن لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الأولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.
270

كتاب القضاء
والنظر في الصفات، والآداب، وكيفية الحكم، وأحكام الدعوى.
والصفات ست: التكليف، والإيمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذكورة
ويدخل في العدالة اشتراط الأمانة والمحافظة على الواجبات.
ولا ينعقد إلا لمن له أهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء.
ولا بد أن يكون ضابطا، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.
وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الأشبه: نعم، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير
النبي صلى الله عليه وآله إلا بها، ولا ينعقد للمرأة.
وفي انعقاده للأعمى تردد، والأقرب: أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة
وفي اشتراط الحرية تردد، الأشبه: أنه لا يشترط.
ولا بد من إذن الإمام ولا ينعقد بنصب العوام له.
نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.
ومع عدم الإمام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيت عليهم السلام،
الجامع للصفات.
وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه، وربما وجب
النظر الثاني في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة.
فالمستحب: إشعار رعيته بوصوله إن لم يشتهر خبره. والجلوس في قضائه
مستدبر القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم. والسؤال
عن أهل السجون وإثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب
إطلاقه، وتفريق الشهود عند الإقامة، فإنه أوثق، خصوصا في موضع الريبة.
271

عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من
يخاوضه (1) في المسائل المشتبهة.
والمكروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وأن يقضي مع ما يشغل النفس،
كالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن
يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في إسقاط أو إبطال.
مسائل:
(الأولى): للإمام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في حقوق
الناس، وفي حقوق الله قولان.
(الثانية): إن عرف عدالة الشاهدين حكم، وإن عرف فسقهما اطرح،
وإن جهل الأمرين، فالأصح: التوقف حتى يبحث عنهما.
(الثالثة): تسمع شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح إلا مفصلة.
(الرابعة): إذا التمس الغريم إحضار الغريم وجب إجابته ولو كان امرأة إن
كانت برزة.
ولو كان مريضا أو امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.
(الخامسة): الرشوة على الحاكم حرام وعلى المرتشي إعادتها.
النظر الثالث في كيفية الحكم، وفيه مقاصد:
(الأول): في وظائف الحاكم، وهي أربع:
(الأولى): التسوية بين الخصوم في السلام، والكلام، والمكان، والنظر،
والإنصات، والعدل في الحكم.
ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا
أو أعلى منزلا.
(الثانية): لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهر به على خصمه.

(1) خاض القوم في الحديث وتخاوضوا: أي تفاوضوا فيه. ا ه‍ مختار.
272

(الثالثة): إذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، أو إن كنتما حضرتما
لشئ فاذكراه أو ما ناسبه.
(الرابعة): إذا بدر أحد الخصمين سمع منه. ولو قطع عليه غريمه منعه
حتى تنتهي دعواه أو حكومته.
ولو ابتدرا الدعوى. سمع من الذي عن يمين صاحبه.
وإن اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.
المقصد الثاني - في جواب المدعى عليه. وهو إما إقرار، أو إنكار، أو سكوت، أما الاقرار فيلزم إذا كان جائز الأمر، رجلا كان أو امرأة. فإن التمس
المدعي الحكم به حكم له.
ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه أو يشهد بذلك عدلان
إلا أن يقنع المدعي بالحلية.
ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه
حبس. ولو ادعى الإعسار كلف البينة، ومع ثبوته ينظر.
وفي تسليمه إلى الغرماء رواية، وأشهر منها: تخليته.
ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.
وأما الإنكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فإن قال: نعم، أمر بإحضارها
فإذا حضرت سمعها. ولو قال: البينة غائبة، أجل بمقدار إحضارها.
وفي تكفيل المدعى عليه تردد، ويخرج من الكفالة عند انقضاء الأجل. وإن
قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له اليمين.
ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي. فإن تبرع أو أحلفه الحاكم لم يعتد
بها، وأعيدت مع التماس المدعي.
ثم المنكر: إما أن يحلف أو يرد أو ينكل، فإن حلف سقطت الدعوى، ولو
ظفر له المدعي بمال لم يجز له المقاصة. ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه. ولو
273

أقام بينة لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها. ولو
أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.
فإن رد اليمين على المدعي صح. فإن حلف استحق. وإن امتنع سقطت دعواه.
ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول، وهو المروي.
وقيل: يرد اليمين على المدعي، فإن حلف ثبت حقه، وإن نكل بطل.
ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت إليه.
ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه
في ذمته استظهارا.
وأما السكوت: فإن كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره أو إنكاره. ولو
افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد. ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.
المقصد الثالث - في كيفية الاستحلاف:
ولا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا، لكن إن رأى الحاكم إحلاف
الذمي بما يقتضيه دينه أردع جاز.
ويستحب للحاكم تقديم العظة.
ويجزيه أن يقول: والله ما له قبلي كذا.
ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان.
ولا تغليظ لما دون نصاب القطع.
ويحلف الأخرس بالإشارة، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في المصحف
وقيل: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد إعلامه فإن شربه كان حالفا
وإن امتنع ألزم الحق.
ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض، أو امرأة
غير برزة.
274

ولا يحلف المنكر إلا على القطع. ويحلف على فعل غيره على نفي العمل كما
لو ادعى على الوارث فأنكر، أو ادعى أن يكون وكيله قبض أو باع.
وأما المدعي ولا شاهد له، فلا يمين عليه إلا مع الرد أو مع نكول المنكر
على قول. ويحلف على الجزم.
ويكفي مع الإنكار الحلف على نفي الاستحقاق. فلو ادعى المنكر الإبراء
أو الأداء انقلب مدعيا. والمدعي منكرا، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.
ولا يتوجه على الوارث بالدعوى على موروثه إلا مع دعوى علمه بموجبه أو
إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.
ولا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة. ولا يتوجه بها يمين على
المنكر. ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط
بالتركة أو لم يكن.
ويقضى بالشاهد واليمين في الأموال والديون.
ولا يقبل في غيره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.
ويشترط شهادة الشاهد أولا، وتعديله. ولو بدأ باليمين وقعت لاغية. ويفتقر
إلى إعادتها بعد الإقامة.
ولا يحلف مع عدم العلم ولا يثبت مال غيره (1).
مسألتان:
(الأولى): لا يحكم الحاكم بأخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم
عند غيره. نعم لو حكم بين الخصوم وأثبت الحكم وأشهد على نفسه فشهد شاهدان

(1) إي: مال لغيره. وفي الشرح الكبير: فلو ادعى غريم الميت مالا له (للميت)
على آخر مع شاهد فإن حلف الوارث ثبت وإن امتنع لم يحلف الغريم ولا يجبر
الوارث عليه.. لأن يمينه لإثبات مال الغير.
275

يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده إنفاذ ذلك الحكم.
(الثانية): القسمة تميز الحقوق ولا يشترط حضور قاسم بل هو أحوط فإذا
عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة.
وكل ما يتساوى إجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا
ما لا يتساوى أجزاؤه إذا لم يكن في القسمة ضرر. كالأرض، والخشب. ومع
الضرر لا يجبر الممتنع.
المقصد الرابع - في الدعوى. وهي تستدعي فصولا:
(الأول) في المدعي: وهو الذي يترك لو ترك الخصومة. وقيل: هو الذي
يدعي خلاف الأصل أو أمرا خفيا.
ويشترط التكليف، وأن يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وإيراد
الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعى به مملوكا.
ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها. ولو كان دينا والغريم مقر باذل أو مع
جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم.
ولو فات أحد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو
كان من غير جنس الحق.
وفي سماع الدعوى المجهولة تردد، أشبهه: الجواز.
مسائل:
(الأولى): من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به. ومن هذا أن يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.
(الثانية): لو انكسرت سفينة في البحر فما أخرجه البحر فهو لأهله.
وما أخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفي الرواية ضعف.
(الثالثة): روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها،
فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه
276

بماله ويرجع هو على أولئك بما أخذوا. ويمكن حمل ذلك على من خلط المال
ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.
(الرابعة): لو وضع المستأجر الأجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر
ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.
(الخامسة): يقضي على الغائب مع قيام البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه
ويكون الغائب على حجته، ولا يدفع إليه المال إلا بكفلاء.
(الفصل الثاني): في الاختلاف في الدعوى: وفيه مسائل:
(الأولى): لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت
المرأة حريتها وأنها بنتها، فإن أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى
تذهب حيث شاءت.
(الثانية): لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما إحلاف
صاحبه. ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج إحلافه. ولو كانت
في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه. ولو صدقهما قضى لهما
بالسوية. ولكل منهما إحلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده.
(الثالثة): إذا تداعيا خصا قضي لمن إليه القمط (1) وهي رواية عمرو بن شمر
عن جابر، وفي عمرو ضعف. وعن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام
أن عليا عليه السلام قضى بذلك، وهي قضية في واقعة.
(الرابعة): إذا ادعى أبو الميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره
من الأنساب. وفيه رواية بالفرق ضعيفة.
(الخامسة): إذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء
وما يصلح لهما يقسم بينهما. وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة.

(1) القمط بالكسر: الحبل الذي يشد به الخص.
277

وفي المبسوط: إذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.
(الثالث): في تعارض البينات:
يقضي مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الأشبه. ولصاحب
اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع. ولو تساويا
في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج.
ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين.
ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالأعدل فالأكثر، فإن تساويا عدالة
وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له. ولو امتنع أحلف الآخر.
ولو امتنعا قسم بينهما.
وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق. ويقسم إن شهدتا
بالملك المقيد. والأول أشبه.
كتاب الشهادات
والنظر في أمور أربعة:
(الأول): في صفات الشاهد، وهي ستة:
(الأول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا. وقيل: تقبل
إذا بلغ عشرا، وهو شاذ.
واختلفت عبارة الأصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات ومحصلها القبول
في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا، ويؤخذ بأول قولهم.
وشرط الشيخ في الخلاف: ألا يفترقوا.
(الثاني): كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته. ومن يناله الجنون
أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.
278

(الثالث): الإيمان: فلا تقبل شهادة غير المؤمن. وتقبل شهادة الذمي
في الوصية خاصة مع عدم المسلم. وفي اعتبار الغربة تردد.
وتقبل شهادة المؤمن على أهل الملل، ولا تقبل شهادة أحدهم على المسلم ولا
غيره. وهل تقبل على أهل ملته؟ فيه رواية بالجواز ضعيفة، والأشبه: المنع.
(الرابع): العدالة: ولا ريب في زوالها بالكبائر. وكذا في الصغائر مصرا.
وأما الندرة من اللمم فلا. ولا يقدح اتخاذ الحمام للأنس، وإنفاذ الكتب. أما
الرهان عليها فقادح لأنه قمار.
واللعب بالشطرنج ترد به الشهادة. وكذا الغناء وسماعه، والعمل بآلات اللهو
وسماعها، والدف إلا في الأملاك والختان. ولبس الحرير للرجل إلا في الحرب.
والتختم بالذهب، والتحلي به للرجال.
ولا تقبل شهادة القاذف. وتقبل لو تاب وحد توبته أن يكذب نفسه. وفيه
قول آخر متكلف.
(الخامسة): ارتفاع التهمة: فلا تقبل شهادة الجار نفعا، كالشريك فيما
هو شريك فيه. والوصي فيما له فيه ولاية. ولا شهادة ذي العداوة الدنيوية، وهو
الذي يسر بالمساءة ويساء بالمسرة. والنسب لا يمنع القبول.
وفي قبول شهادة الولد على أبيه خلاف، أظهره: المنع.
وكذا تقبل شهادة الزوج لزوجته. وشرط بعض الأصحاب انضمام غيره من
أهل الشهادة. وكذا في الزوجة. وربما صح فيها الاشتراط.
والصحبة لا تمنع القبول، كالضيف والأجير على الأشبه. ولا تقبل شهادة
السائل بكفه، لما يتصف به من مهانة النفس، فلا يؤمن خدعه.
وفي قبول شهادة المملوك روايتان، أشهرهما: القبول. وفي شهادته على المولى
قولان، أظهرهما: المنع. ولو أعتق قبلت للمولى وعليه.
ولو أشهد عبديه بحمل أنه ولده، فورثهما غير الحمل وأعتقهما الوارث فشهدا
279

للحمل (1) قبلت شهادتهما ورجع الإرث إلى الولد، ويكره له استرقاقهما.
ولو تحمل الشهادة الصبي أو الكافر أو العبد أو الخصم أو الفاسق ثم زال
المانع وشهدوا قبلت شهادتهم.
(السادس): طهارة المولد: فلا تقبل شهادة ولد الزنا، وقيل: تقبل
في الشئ الدون، وبه رواية نادرة.
ويلحق بهذا الباب مسائل:
(الأولى): التبرع بالأداء قبل الاستنطاق يمنع القبول لتطرق التهمة. وهل
يمنع في حقوق الله فيه تردد.
(الثانية): الأصم. تقبل شهادته فيما لا يفتقر إلى السماع. وفي رواية:
يؤخذ بأول قوله. وكذا تقبل شهادة الأعمى فيما لا يفتقر إلى الرؤية.
(الثالثة): لا تقبل شهادة النساء في الهلال، والطلاق. وفي قبولها في الرضاع
تردد، أشبهه: القبول. ولا تقبل في الحدود.
وتقبل مع الرجال في الرجم على تفصيل يأتي. وفي الجراح والقتل بأن يشهد
رجل وامرأتان، ويجب بشهادتهن. الدية لا القود. وفي الديون مع الرجال.
ولو انفردن كامرأتين مع اليمين فالأشبه: عدم القبول.
وتقبلن منفردات في العذرة وعيوب النساء الباطنة.
وتقبل شهادة القابلة في ربع ميراث المستهل، وامرأة واحدة في ربع الوصية.
وكذا كل امرأة يثبت شهادتها في الربع حتى تكملن أربعا فتقبل شهادتهن
في الوصية أجمع.
ولا ترد شهادة أرباب الصنائع المكروهة، كالصياغة. ولا الصنائع الدنيئة.
كالحياكة والحجامة، ولو بلغت الدناءة كالزبال والوقاد، ولا ذوي العاهات
كالأجذم والأبرص.

(1) أي: شهدا أنه ولد الموروث
280

(الثاني): فيما يصير به شاهدا، وضابطه: العلم، ومستنده: المشاهدة أو السماع. فالمشاهدة للأفعال: كالغصب، والقتل، والسرقة، والرضاع، والولادة
والزنا، واللواط.
أما السماع، فيثبت به النسب، والملك، والوقف، والزوجية.
ويصير الشاهد متحملا بالمشاهدة لما يكفي فيه المشاهدة، والسماع لما يكفي
فيه السماع وإن لم يستدعه المشهود عليه. وكذا لو قيل له: لا تشهد فسمع من
القائل ما يوجب حكما. وكذا لو خبئ فنطق المشهود عليه.
وإذا دعي الشاهد للإقامة وجب إلا مع ضرر غير مستحق (1). ولا يحل
الامتناع مع التمكن.
ولو دعي للتحمل فقولان، المروي: الوجوب. ووجوبه على الكفاية. ويتعين
مع عدم من يقوم بالتحمل.
ولا يشهد إلا مع المعرفة أو شهادة عدلين بالمعرفة.
ويجوز أن تسفر المرأة ليعرفها الشاهد.
ويشهد على الأخرس بالإشارة. ولا يقيمها بالإقرار (1).
مسائل:
(الأولى): قيل يكفي في الشهادة بالملك مشاهدته يتصرف فيه، وبه رواية،
والأولى الشهادة بالتصرف لأنه دلالة الملك وليس بملك.
(الثانية): يجوز الشهادة على ملك لا يعرفه الشاهد إذا عرفه المتبايعان.
(الثالثة): لا يجوز إقامة الشهادة إلا مع الذكر، ولو رأى خطه. وفي رواية:

(1) في الشرح: إلا مع خوف ترتب ضرر بسبب الشهادة غير مستحق على
الشاهد أو المشهود عليه أو بعض المؤمنين.
(2) أي: يشهد بالإشارة التي رآها منه لا بالإقرار الذي فهمه منها لاحتمال
خطئه في الفهم.
281

إن شهد معه آخر جاز إقامتها، وفي الرواية تردد.
(الرابعة): من حضر حسابا، وسمع شهادة ولم يستشهد كان بالخيار
في الإقامة ما لم يحس بطلان الحق إن امتنع. وفي الرواية تردد.
ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي أنه لو استدعاه إلى الحاكم يرد شهادته.
(الثالث): في الشهادة على الشهادة:
وهي مقبولة في الديون، والأموال، والحقوق، ولا تقبل في الحدود.
ولا يجزئ إلا اثنان على شاهد الأصل.
وتقبل الشهادة على شهادة النساء في الموضع الذي تقبل فيه شهادتهن على تردد (1).
وأجلى الألفاظ أن يقول: أشهد على شهادتي أنني أشهد على كذا.
ولا تقبل شهادة الفرع إلا مع تعذر حضور شاهد الأصل لمرض أو غيبة
أو موت.
ولو شهد الفرع فأنكر شاهد الأصل، فالمروي: العمل بأعدلهما، فإن تساويا
اطرح الفرع، وفيه إشكال، لأن قبول شهادة الفرع مشروط بعدم شاهد الأصل.
ولا تقبل شهادة على شهادة على شهادة في شئ.
(الرابع): في اللواحق، وفيه مسائل:
(الأولى): إذا رجع الشاهدان قبل القضاء لم يحكم. ولو رجعا بعد القضاء
لم ينقض الحكم وضمن الشهود.
وفي (النهاية): إن كانت العين قائمة ارتجعت ولم يغرما. وإن كانت تالفة
ضمن الشهود.
(الثانية): إذا ثبت أنهما شاهدا زور نقض الحكم واستعيدت العين مع بقائها

(1) هكذا في النسخة المخطوطة، وفي الشرح الكبير ما نصه: ويقبل على الشهادة:
شهادة النساء في الموضوع الذي يقبل فيه شهادتهن.
282

ومع تلفها، أو تعذرها، يضمن الشهود.
(الثالثة): لو كان المشهود به قتلا، أو رجما، أو قطعا، فاستوفي، ثم رجع
الشهود، فإن قالوا: تعمدنا اقتص منهم أو من بعضهم، ويرد البعض ما وجب
عليهم، ويتم الولي إن بقي عليه شئ.
ولو قالوا: أخطأنا لزمتهم الدية، ولو قال بعضهم: أخطأنا لزمه نصيبه من
الدية، ولم يمض إقراره على غيره. ولو قال: تعمدت رد عليه الولي ما يفضل،
ويقتص منه إن شاء.
وفي (النهاية): يرد الباقون من شهود الزنا ثلاثة أرباع الدية ويقتل،
والرواية صحيحة السند، غير أن فيها تسلطا على الأموال المعصومة بقول واحد.
(الرابعة): لو شهدا بطلاق امرأة فزوجت، ثم رجعا ضمنا المهر وردت إلى
الأول بعد الاعتداد من الثاني. وتحمل هذه الرواية على أنها نكحت بسماع الشهادة
لا مع حكم الحاكم، ولو حكم لم يقبل الرجوع.
(الخامسة): لو شهد اثنان على رجل بسرقة فقطع ثم قالا: أو همنا، والسارق
غيره. أغرما دية يد الأول، ولم يقبلا في الأخير لما يتضمن من عدم الضبط.
(السادسة): تجب شهرة شاهد الزور، وتعزيره بما يراه الإمام حسما للجرأة.
283

كتاب القصاص
وهو: إما في النفس وإما في الطرف. والقود موجبه: إزهاق البالغ العاقل
النفس المعصومة المكافئة عمدا.
ويتحقق العمد بالقصد إلى القتل بما يقتل ولو نادرا، أو القتل بما يقتل
غالبا وإن لم يقصد القتل. ولو قتل بما لا يقتل غالبا ولم يقصد القتل فاتفق،
فالأشهر: أنه خطأ كالضرب بالحصاة والعود الخفيف.
أما الرمي بالحجر الغامز (1) أو بالسهم المحدد فإنه يوجب القود لو قتل.
وكذا لو ألقاه في النار أو ضربه بعصا مكررا ما لا يحتمله مثله فمات.
وكذا لو ألقاه إلى الحوت فابتلعه أو إلى الأسد فافترسه لأنه كالآلة عادة.
ولو أمسك واحد وقتل الآخر ونظر الثالث، فالقود على القاتل، ويحبس
الممسك أبدا، وتفقأ عين الناظر.

(1) الغامز: الكابس على البدن لثقله ا ه‍ من الشرح الكبير.
284

ولو أكره على القتل فالقصاص على القاتل، لا المكره.
وكذا لو أمره بالقتل، فالقصاص على المباشر ويحبس الآمر أبدا.
ولو كان المأمور عبده، فقولان، أشبههما أنه كغيره. والمروي: يقتل به
السيد. قال في الخلاف: إن كان العبد صغيرا أو مجنونا سقط القود ووجبت الدية
على المولى.
ولو جرح جان فسرت الجناية دخل قصاص الطرف في النفس، أما لو جرحه
وقتله، فقولان: أحدهما لا يدخل قصاص الطرف في النفس، والآخر: يدخل.
وفي (النهاية). إن فرقه لم يدخل، ومستندها رواية محمد بن قيس.
وتدخل دية الطرف في دية النفس إجماعا.
مسائل من الاشتراك:
(الأولى): لو اشترك جماعة في قتل حر مسلم فللولي قتل الجميع، ويرد
على كل واحد ما فضل من ديته عن جنايته.
وله قتل البعض ويرد الآخرون قدر جنايتهم فإن فضل للمقتولين فضل قام
به الولي وإن فضل منهم كان له.
(الثانية): يقتص من الجماعة في الأطراف كما يقتص في النفس. فلو قطع
يده جماعة كان له التخيير في قطع الجميع ويرد فاضل الدية. وله قطع البعض ويرد
عليهم الآخرون.
(الثالثة): لو اشتركت في قتله امرأتان قتلتا ولا رد إذ لا فاضل لهما.
ولو كان أكثر رد الفاضل إن قتلهن. وإن قتل بعضا رد البعض الآخر.
ولو اشترك رجل وامرأة فللولي قتلهما ويختص الرجل بالرد. والمفيد:
جعل الرد أثلاثا. ولو قتل الرجل ردت عليه نصف ديته. ولو قتل المرأة فلا رد
له وله مطالبة الرجل بنصف الدية.
(الرابعة): لو اشترك حر وعبد في قتل حر عمدا، قال في (النهاية) له قتلهما
285

ويرد على سيد العبد نصف قيمته. وله قتل الحر ويرد عليه سيد العبد خمسة آلاف
درهم أو يسلم العبد إليهم أو يقتلوا العبد وليس لمولاه على الحر سبيل.
والحق أن نصف الجناية على الحر، ونصفها على العبد، فلو قتلهما الولي رد
على الحر نصف ديته وعلى مولى العبد ما فضل من قيمته عن نصف الدية ولو قتل
الحر رد مولى العبد عليه نصف الدية أو دفع العبد ما لم تزد قيمته عن النصف فتكون
الزيادة للمولى. ولو قتل العبد رد على المولى ما فضل عن نصف الدية إن كان
في العبد فضل.
ولو قتلت امرأة وعبد فعلى كل واحد منهما نصف الدية. فلو قتل العبد
وكانت قيمته بقدر جنايته فلا رد فإن زادت ردت على مولاه الزيادة.
القول في الشرائط المعتبرة في القصاص: وهي خمسة:
(الأول): الحرية. فيقتل الحر بالحر ولا رد، وبالحرة مع الرد، والحرة
بالحرة وبالحر. وهل يؤخذ منهما الفضل؟ الأصح: لا، وتتساوى المرأة والرجل
في الجراح قصاصا ودية حتى يبلغ ثلث دية الحر فتنصف ديتها ويقتص لها مع رد
التفاوت، وله منها ولا رد.
ويقتل العبد بالعبد، والأمة بالأمة وبالعبد.
ولا يقتل الحر بالعبد بل يلزمه قيمته لمولاه يوم القتل ولا يتجاوز دية الحر.
ولو اختلفا في القيمة فالقول قول الجاني مع يمينه. ويعزر القاتل، ويلزمه الكفارة.
ولو كان العبد ملكه عزر وكفر. وفي الصدقة بقيمته رواية فيها ضعف. وفي رواية:
إن اعتاد ذلك قتل به.
ودية المملوكة قيمتها ما لم تتجاوز به الحرة. وكذا لا يتجاوز بدية عبد
الذمي دية الحر منهم. ولا بدية الأمة دية الذمية.
ولو قتل العبد حرا لم يضمن مولاه وولي الدم بالخيار بين قتله واسترقاقه،
وليس للمولى فكه مع كراهية الولي.
286

ولو جرح حرا فللمجروح القصاص، وإن شاء استرقه إن استوعبته الجناية
وإن قصرت استرق منه بنسبة الجناية أو يباع فيأخذ من ثمنه حقه. ولو افتداه
المولى فداه بأرش الجناية. ويقاد العبد لمولاه إن شاء الولي.
ولو قتل عبدا مثله عمدا فإن كانا لواحد فالمولى بالخيار بين الاقتصاص والعفو.
وإن كانا لاثنين فللمولى قتله إلا أن يتراضى الوليان بدية أو أرش.
ولو كانت الجناية خطأ كان لمولى القاتل فكه بقيمته. وله دفعه، وله منه
ما فضل من قيمته عن قيمة المقتول، ولا يضمن ما يعوز (1).
والمدبر كالقن ولو استرقه ولي الدم ففي خروجه عن التدبير قولان، وبتقدير
ألا يخرج هل يسعى في فك رقبته؟ المروي: أنه يسعى.
والمكاتب إن لم يؤد وكان مشروطا فهو كالرق المحض. وإن كان مطلقا وقد
أدى شيئا فإن قتل حرا مكافئا (2) عمدا قتل. وإن قتل مملوكا فلا قود. وتعلقت
الجناية بما فيه من الرقية مبعضة، ويسعى في نصيب الحرية ويسترق الباقي منه أو
يباع في نصيب الرق.
ولو قتل خطأ فعلى الإمام بقدر ما فيه من الحرية. وللمولى الخيار بين فك
ما فيه من الرقية بالأرش، أو تسليم حصة الرق ليقاص بالجناية وفي رواية علي بن
جعفر عليه السلام: إذا أدى نصف ما عليه فهو بمنزلة الحر.
مسائل:
(الأولى): لو قتل حر حرين فليس للأولياء إلا قتله. ولو قتل العبد حرين

(1) أي: ما ينقص من قيمة الجاني.
(2) أي: مكافئا له في الحرية. وفي الشرح الكبير: المكاتب إن كان مطلقا
وقد أدى شيئا تحرر منه بقدر ما أدى فإن قتل حرا مكافئا له ولو كان عبدا من حرة.
ما لم تنقص حريته عن حريته وإلا فلا يقتص له منه ما لم تتساوى حريتهما أو ترد
حرية المقتول على حرية القاتل
287

على التعاقب ففي رواية هو لأولياء الأخير، وفي أخرى: يشتركان فيه ما لم يحكم
به لولي الأول.
(الثانية): لو قطع يمنى رجلين قطعت يمينه للأول ويسراه للثاني.
قال الشيخ في (النهاية): ولو قطع يدا وليس له يدان قطعت رجله باليد.
وكذا لو قطع أيدي جماعة قطعت يداه بالأول فالأول والرجل بالأخير فالأخير،
ولمن يبقى بعد ذلك الدية. ولعله استنادا إلى رواية حبيب السجستاني عن أبي
عبد الله (1) عليه السلام.
(الثالثة): إذا قتل العبد حرا عمدا فأعتقه مولاه ففي العتق تردد، أشبهه:
أنه لا ينعتق، لأن للولي التخيير للاسترقاق. ولو كان خطأ ففي رواية عمرو بن
شجر عن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام: يصح، ويضمن المولى الدية. وفي عمرو
ضعف، والأشبه: اشتراط الصحة بتقدم الضمان.
الشرط الثاني - الدين: فلا يقتل المسلم بكافر، ذميا كان أو غيره، ولكن
يعزر ويغرم دية الذمي.
ولو اعتاد ذلك جاز الاقتصاص مع رد فاضل دية المسلم.
ويقتل الذمي بالذمي وبالذمية بعد رد فاضل ديته. والذمية بمثلها وبالذمي ولا رد.
ولو قتل الذمي مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول، ولهم الخيرة
بين قتله واسترقاقه. وهل يسترق ولده الصغار؟ الأشبه: لا، ولو أسلم بعد القتل
كان كالمسلم.
ولو قتل خطأ لزمت الدية في ماله. ولو لم يكن له مال كان الإمام عاقلته
دون قومه.
الشرط الثالث -: ألا يكون القاتل أبا. فلو قتل ولده لم يقتل به. وعليه

(1) هكذا في النسخة الخطية. وفي المسالك والشرح الكبير عن أبي جعفر
الباقر عليه السلام.
288

الدية والكفارة والتعزير.
ويقتل الولد بأبيه. وكذا الأم تقتل بالولد. وكذا الأقارب. وفي قتل الجد
بولد الولد تردد.
الشرط الرابع -: كمال العقل. فلا يقاد المجنون ولا الصبي، وجنايتهما عمدا
وخطأ على العاقلة. وفي رواية يقتص من الصبي إذا بلغ عشرا. وفي أخرى: إذا
بلغ خمسة أشبار، وتقام عليه الحدود. والأشهر: إن عمده خطأ حتى يبلغ التكليف.
أما لو قتل العاقل ثم جن لم يسقط القود.
ولو قتل البالغ الصبي قتل به على الأشبه.
ولا يقتل العاقل بالمجنون. وتثبت الدية على القاتل إن كان عمدا أو شبيها.
وعلى العاقلة إن كان خطأ.
ولو قصد العاقل دفعه كان هدرا. وفي رواية: ديته من بيت المال.
ولا قود على النائم وعليه الدية.
وفي الأعمى تردد، أشبهه: أنه كالمبصر في توجه القصاص.
وفي رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام: أن جنايته خطأ يلزم العاقلة
فإن لم يكن له عاقلة فالدية في ماله تؤخذ في ثلاث سنين. وهذه فيها مع الشذوذ
تخصيص لعموم الآية.
الشرط الخامس -: أن يكون المقتول محقون الدم.
القول في ما يثبت به. وهو: الإقرار، أو البينة، أو القسامة.
أما الاقرار: فيكفي المرة. وبعض الأصحاب يشترط التكرار مرتين.
ويعتبر في المقر: البلوغ، والعقل، والاختيار، والحرية.
ولو أقر واحد بالقتل عمدا والآخر خطأ تخير الولي تصديق أحدهما.
ولو أمر واحد بقتله عمدا فأقر آخر أنه هو الذي قتله ورجع الأول درئ
عنهما القصاص والدية، وودي من بيت المال، وهو قضاء الحسن بن علي (ع).
289

أما البينة: فهي: شاهدان عدلان. ولا تثبت بشاهد ويمين. ولا بشاهد
وامرأتين. ويثبت بذلك ما يوجب الدية: كالخطأ، ودية الهاشمة، والمنقلة،
والجائفة، وكسر العظام.
ولو شهد اثنان أن القاتل زيد. وآخران أن القاتل عمرو. قال الشيخ في (النهاية)
يسقط القصاص ووجبت الدية نصفين. ولو كان خطأ كانت الدية على عاقلتهما.
ولعله احتياط في عصمة الدم لما عرض من تصادم البينتين.
ولو شهد بأنه قتله عمدا، فأقر آخر أنه هو القاتل دون المشهود عليه.
ففي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: للولي قتل المقر، ثم لا سبيل على المشهود عليه.
وله قتل المشهود عليه ويرد المقر على أولياء المشهود عليه نصف الدية. وله قتلهما
ويرد على أولياء المشهود عليه خاصة نصف الدية.
وفي قتلهما إشكال، لانتفاء العلم بالشركة. وكذا في إلزامهما بالدية نصفين
لكن الرواية من المشاهير.
مسائل:
(الأولى): قيل: يحبس المتهم بالدم ستة أيام، فإن ثبتت الدعوى وإلا خلى
سبيله، وفي المستند ضعف، وفيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.
(الثانية): لو قتل وادعى أنه وجد المقتول مع امرأته قتل به إلا أن يقيم
البينة بدعواه.
(الثالثة): خطأ الحاكم في القتل والجرح على بيت المال.
ومن قال: حذار، لم يضمن.
وإن اعتدي عليه فاعتدى بمثله لم يضمن وإن تلفت (1).
وأما القسامة: فلا تثبت إلا مع اللوث. وهو أمارة يغلب معها الظن بصدق
المدعي كما لو وجد في دار قوم، أو محلتهم، أو قريتهم، أو بين قريتهم، أو بين

(1) أي: وإن أدى الجزاء بالمال إلى تلف النفس
290

قريتين وهو إلى إحداهما أقرب. فهو لوث.
ولو تساوت مسافتهما كانتا سواء في اللوث.
أما من جهل قاتله، كقتيل الزحام، والفزعات، ومن وجد في فلاة، أو
في معسكر، أو سوق، أو جمعة فديته في بيت المال.
ومع اللوث يكون للأولياء إثبات الدعوى بالقسامة.
وهي في العمد: خمسون يمينا، وفي الخطأ: خمسة وعشرون على الأظهر.
ولو لم يكن للمدعي قسامة كررت عليه الأيمان.
ولو لم يحلف وكان للمنكر من قومه قسامة حلف كل منهم حتى يكملوا.
وإن لم يكن له قسامة كررت عليه الأيمان حتى يأتي بالعدد.
ولو نكل ألزم الدعوى عمدا أو خطأ.
ويثبت الحكم في الأعضاء بالقسامة مع التهمة، فما كانت ديته دية النفس
كالأنف واللسان، فالأشهر: أن القسامة ستة رجال يقسم كل منهم يمينا ومع عدمهم
يحلف الولي ستة أيمان.
ولو لم يكن قسامة أو امتنع أحلف المنكر مع قومه ستة. ولو لم يكن له
قوم أحلف هو الستة.
وما كانت ديته دون دية النفس فبحسابه من ستة.
القول في كيفية الاستيفاء:
قتل العمد يوجب القصاص. ولا تثبت الدية فيه إلا صلحا. ولا تخير للولي
ولا يقضي بالقصاص ما لم يتيقن التلف بالجناية.
وللولي الواحد المبادرة بالقصاص. وقيل يتوقف على إذن الحاكم.
ولو كانوا جماعة توقف على الاجتماع.
قال الشيخ: ولو بادر أحدهم جاز، وضمن الدية عن حصص الباقين.
ولا قصاص إلا بالسيف أو ما جرى مجراه. ويقتصر على ضرب العنق غير ممهل
291

ولو كانت الجناية بالتحريق أو التغريق أو الرضخ بالحجارة.
ولا يضمن سراية القصاص ما لم يتعد المقتص.
وهنا مسائل:
(الأولى): لو اختار بعض الأولياء الدية فدفعها القاتل لم يسقط القود على
الأشبه، وللآخرين القصاص بعد أن يردوا على المقتص منه نصيب من فأداه.
ولو عفا البعض لم يقتص الباقون حتى يردوا عليه نصيب من عفا.
(الثانية): لو فر القاتل حتى مات، فالمروي: وجوب الدية في ماله.
ولو لم يكن له مال أخذت من الأقرب فالأقرب. وقيل: لا دية.
(الثالثة): لو قتل واحد رجلين أو رجالا قتل بهم، ولا سبيل إلى ماله.
ولو تراضوا بالدية فلكل واحد دية.
(الرابعة) إذا ضرب الولي الجاني وتر كه ظنا أنه مات فبرأ، ففي رواية
يقتص من الولي ثم يقتله الولي أو يتتاركان، والراوي أبان بن عثمان، وفيه
ضعف مع إرسال الرواية.
والوجه: اعتبار الضرب، فإن كان بما يسوغ به الاقتصاص لم يقتص من الولي.
ولو قطع صحيح مقطوع اليد، فأراد الولي قتله رد دية اليد إن كانت قطعت
في قصاص أو أخذ ديتها، وإن شاء طرح دية اليد وأخذ الباقي.
وإن ذهبت من غير جناية جناها ولا أخذ لها دية كاملة قتل قاتله ولا رد،
وهي رواية سورة بن كليب عن أبي عبد الله عليه السلام.
القسم الثاني -: في قصاص الطرف:
ويشترط فيه التساوي كما في قصاص النفس. فلا يقتص في الطرف لمن لا يقتص
له في النفس. ويقتص للرجال من المرأة، ولا رد. وللمرأة من الرجل مع الرد
فيما زاد على الثلث.
ويعتبر التساوي في السلامة، فلا يقطع العضو الصحيح بالأشل. ويقطع الأشل
292

بالصحيح ما لم يعرف أنه لا ينحسم
ويقتص للمسلم من الذمي ويأخذ منه ما بين الديتين.
ولا يقتص للذمي من المسلم ولا للعبد من الحر.
ويعتبر التساوي في الشجاج مساحة طولا وعرضا لا نزولا بل يراعى حصول
اسم الشجة.
ويثبت القصاص فيما لا تعزير فيه كالحارضة (1) والموضحة.
ويسقط فيما فيه التعزير، كالهاشمة، والمنقلة والمأمومة، والجائفة
وكسر الأعضاء.
وفي جواز الاقتصاص قبل الاندمال تردد، أشبهه: الجواز.
ويجتنب القصاص في الحر الشديد والبرد الشديد، ويتوخى اعتدال النهار.
ولو قطع شحمة أذن فاقتص منه فألصقها المجني عليه كان للجاني إزالتها
ليتساويا في السنين ويقطع الأنف الشام بعادم الشمم. والأذن الصحيحة بالصماء.
ولا يقطع ذكر الصحيح بالعنين، ويقطع عين الأعور الصحيحة بعين ذي العينين وإن
عمي. وكذا يقتص له منه بعين واحدة.
وفي رد نصف الدية قولان، أشبههما: الرد.
وسني الصبي ينتظر به فإن عادت ففيها الأرش وإلا كان فيها القصاص.
ولو جنى بما أذهب النظر مع سلامة الحدقة اقتص منه بأن يوضع على أجفانها
القطن المبلول ويفتح العين ويقابل بمرآة محماة مقابلة للشمس حتى يذهب النظر.
ولو قطع كفا مقطوعة الأصابع، ففي رواية: يقطع كف القاطع ويرد
عليه دية الأصابع.
ولا يقتص ممن لجأ إلى الحرم. ويضيق عليه في المأكل والمشرب حتى يخرج
فيقتص منه ويقتص ممن جنى في الحرم فيه.

(1) الحارصة: الشجة هي التي تشق الجلد قليلا.
293

كتاب الديات
والنظر في أمور أربعة:
(الأول): أقسام القتل، ومقادير الديات.
وأقسامه ثلاثة: عمد محض، وخطأ محض، وشبيه بالعمد.
فالعمد أن يقصد إلى الفعل والقتل، وقد سلف مقاله.
والشبيه بالعمد: أن يقصد إلى الفعل دون القتل، مثل أن يضرب للتأديب،
أو يعالج للإصلاح فيموت.
والخطأ المحض: أن يخطئ فيهما، مثل أن يرمي للصيد فيخطئه السهم
إلى إنسان فيقتله.
فدية العمد: مئة من مسان الإبل، أو مئتا بقرة، أو مئتا حلة، كل حلة
ثوبان من برود اليمن، أو ألف دينار، أو ألف شاة، أو عشرة آلاف درهم، وتستأدى
في سنة واحدة من مال الجاني، ولا تثبت إلا بالتراضي.
وفي دية شبيه العمد روايتان أشهرهما: ثلاث وثلاثون بنت لبون، وثلاث
وثلاثون حقة، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل. ويضمن هذه الجاني لا العاقلة
وقال المفيد: تستأدى في سنتين.
وفي دية الخطأ أيضا روايتان، أشهرهما: عشرون بنت مخاض، وعشرون
ابن لبون، وثلاثون بنت لبون. وثلاثون حقة. وتستأدى في ثلاث سنين، ويضمنها
العاقلة لا الجاني.
ولو قتل في الشهر الحرام ألزم دية وثلثا تغليظا.
وهل يلزم مثل ذلك في الحرم؟ قال الشيخان: نعم، ولا أعرف الوجه.
294

ودية المرأة على النصف من الجميع:
ولا تختلف دية الخطأ والعمد في شئ من المقادير عدا النعم.
وفي دية الذمي روايات، والمشهور: ثمانمائة درهم. وديات نسائهم على النصف
من ذلك.
ولا دية لغيرهم من أهل الكفر.
وفي ولد الزنا قولان، أشبههما: أن ديته كدية المسلم الحر وفي رواية:
كدية الذمي، وهي ضعيفة.
ودية العبد قيمته، ولو تجاوزت دية الحر ردت إليها.
وتؤخذ من مال الجاني إن قتله عمدا أو شبيها بالعمد. ومن عاقلته إن قتله
خطأ. ودية أعضائه بنسبة قيمته: فما فيه من الحر ديته فمن العبد قيمته، كاللسان
والذكر. وما فيه دون ذلك فبحسابه.
والعبد أهل للحر فيما لا تقدير فيه.
ولو جنى جان على العبد بما فيه قيمته، فليس للمولى المطالبة حتى يدفع
العبد برمته. ولو كانت الجناية بما دون ذلك أخذ أرش الجناية وليس له دفعه
والمطالبة بالقيمة.
ولا يضمن المولى جناية العبد، لكن يتعلق برقبته، وللمولى فكه بأرش
الجناية، ولا تخير لمولى المجني على.
ولو كانت جنايته لا تستوعب قيمته تخير المولى في دفع الأرش أو تسليمه
ليستوفي المجني على قدر الجفاية استرقاقا أو بيعا. ويستوي في ذلك الرق المحض
والمدبر، ذكرا كان أو أنثى أو أم ولد على التردد
النظر الثاني -: في موجبات الضمان:
والبحث إما في المباشرة، أو التسبب، أو تزاحم الموجبات.
أما المباشرة: فضابطها الاتلاف لا مع القصد: فالطبيب يضمن في ماله من يتلف
295

بعلاجه. ولو أبرأه المريض أو الولي، فالوجه: الصحة، لا مساس الضرورة إلى
العلاج: ويؤيده رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: لا يصح،
لأنه إبراء مما لم يجب. وكذا البحث في البيطار.
والنائم إذا انقلب على إنسان، أو فحص برجله فقتل ضمن في ماله على تردد.
أما الظئر: فإن طلبت بالمظائرة العجز ضمنت الطفل في مالها إذا انقلبت
عليه فمات. وإن كان للفقر فالدية على العاقلة.
ولو أعنف بزوجته جماعا أو ضما فماتت ضمن الدية. وكذا الزوجة.
وفي (النهاية) إن كانا مأمونين فلا ضمان. وفي الرواية ضعف.
ولو حمل على رأسه متاعا فكسره أو أصاب إنسانا ضمن ذلك في ماله.
وفي رواية السكوني: إن عليا عليه السلام ضمن ختانا قطع حشفة غلام.
وهي مناسبة للمذهب. ولو وقع على إنسان من علو فقتل (1) فإن قصد وكان يقتل
غالبا قيد به، وإن لم يقصد فهو شبيه عمد يضمن الدية. وإن دفعه الهواء أو زلق،
فلا ضمان. ولو دفعه دافع فالضمان على الدافع.
وفي (النهاية): دية المقتول على المدفوع ويرجع بها على الدافع.
ولو ركبت جارية أخرى فنخستها ثالثة فقمصت فصرعت الراكبة فماتت قال
في (النهاية) الدية من الناخسة والقامصة نصفان. وفي (المقنعة): عليهما ثلثا
الدية. ويسقط الثلث لركوبها عبثا. والأول رواية أبي جميلة، وفيه ضعف.
وما ذكره المفيد حس.
وخرج متأخر (2) وجها ثالثا، فأوجب الدية على الناخسة إن كانت ملجئة
وعلى القامصة إن لم تكن ملجئة.
وإذا اشترك في هدم الحائط ثلاثة فوقع على أحدهم فمات، ضمن الآخران

(1) أي: وقع إنسان على غيره فقتله.
(2) هو محمد بن إدريس الحلي. ا ه‍ من الشرح الكبير.
وقع سهوا في الرقم بدل أن يجعل 317 وينتهى في 324 جعل رقم 321 إلى رقم 28
296

ديته. وفي الرواية ضعف، والأشبه: أن يضمن كل واحد ثلثا. ويسقط ثلث
لمساعدة التالف.
ومن اللواحق مسائل:
(الأولى): من دعا غيره فأخرجه من منزله ليلا ضمنه حتى يرجع إليه
ولو وجد مقتولا وادعى قتله على غيره وعدم البينة. ففي القود تردد، أشبهه:
أنه لا قود، وعليه الدية. ولو وجد ميتا ففي لزوم الدية قولان، أشبههما: اللزوم.
(الثانية): إذا عادت الظئر بالطفل فأنكره أهله. صدقت ما لم يثبت كذبها
فيلزمها الدية أو إحضاره، أو من يحتمل أنه هو.
(الثالثة): لو دخل لص فجمع متاعا ووطئ صاحبة المنزل قهرا فثار ولدها
فقتله اللص ثم قتلته المرأة ذهب دمه هدرا، ويضمن مواليه دية الغلام. وكان لها
أربعة آلاف درهم لمكابرته على فرجها. وهي رواية عبد الله بن طلحة عن أبي
عبد الله عليه السلام.
وعنه في امرأة أدخلت الحجلة صديقا لها ليلة بنائها، فاقتتل هو وزوجها
فقتله الزوج فقتلت المرأة الزوج ضمنت دية الصديق وقتلت بالزوج، والوجه أن
دم الصديق هدر.
(الرابعة): لو شرب أربعة فسكروا فوجد جريحان وقتيلان، ففي رواية
محمد بن قيس: أن عليا عليه السلام قضى بدية المقتولين على المجروحين بعد أن
أسقط جراحة المجروحين من الدية. وفي رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام:
أنه جعل دية المقتولين على قبائل الأربعة وأخذ دية المجروحين من دية المقتولين:
والوجه أنها قضية في واقعة، وهو أعلم بما أوجب ذلك الحكم.
ولو كان في الفرات ستة غلمان فغرق واحد فشهد اثنان منهم على الثلاثة أنهم
غرقوه وشهد الثلاثة على الاثنين، ففي رواية السكوني ومحمد بن قيس جميعا عن
أبي عبد الله عليه السلام، وعن أبي جعفر عليه السلام أن عليا عليه السلام قضى بالدية أخماسا بنسبة
297

الشهادة. وهي متروكة، فإن صح النقل، فهي واقعة في عين فلا يعتدي لاحتمال
ما يوجب الاختصاص.
البحث الثاني في التسبيب:
وضابطه: ما لولاه لما حصل التلف، لكن علته غير السبب كحفر البئر، ونصب
السكين، وطرح المعاثر والمزالق في الطريق، وإلقاء الحجر، فإن كان ذلك في ملكه
لم يضمن. ولو كان في غير ملكه أو كان في طريق مسلوك ضمن. ومنه نصب
الميازيب، وهو جائز إجماعا. وفي ضمان ما يتلف به قولان، أحدهما: لا يضمن،
وهو الأشبه. وقال الشيخ: يضمن، وهو رواية السكوني.
ولو هجمت دابة على أخرى ضمن صاحب الداخلة جنايتها، ولم يضمن صاحب
المدخول عليها. والوجه اعتبار التفريط في الأول.
ولو دخل دارا فعقره كلبها ضمن أهلها إن دخل بإذنهم وإلا فلا ضمان.
ويضمن راكب الدابة ما تجنيه بيديها. وكذا القائد. ولو وقف بها ضمن
جنايتها ولو برجليها. وكذا لو ضربها فجنت. ولو ضربها غيره ضمن الضارب.
وكذا السائق يضمن جنايتها. ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان. ولو كان معها
صاحبها ضمن دون الراكب. ولو ألقت الراكب لم يضمن المالك إلا أن يكون بتنفيره.
ولو أركب المملوك دابته ضمن المولى. ومن الأصحاب من شرط في ضمان
المولى صغر المملوك.
البحث الثالث في تزاحم الموجبات:
إذا اتفق المباشر والسبب ضمن المباشر كالدافع مع الحافر، والممسك مع
الذابح ولو جهل المباشر السبب ضمن السبب كمن غطى بئرا حفرها في غير ملكه
فدفع غيره ثالثا فالضمان على الحافر على تردد.
ومن الباب واقعة الزبية: وصورتها وقع واحد تعلق بآخر والثاني بالثالث
298

وجذب الثالث رابعا، فأكلهم الأسد فيه روايتان: إحداهما رواية محمد بن قيس
عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قضى أمير المؤمنين علي عليه السلام في الأول
فريسة الأسد، وأغرم أهله ثلث الدية للثاني. وغرم الثاني لأهل الثالث ثلثي
الدية، وغرم الثالث لأهل الرابع الدية. والآخر في رواية مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام
أن عليا عليه السلام: قضى للأول ربع الدية وللثاني ثلث الدية وللثالث نصف
الدية وللرابع الدية تماما، وجعل ذلك على عاقلة الذين ازدحموا. وفي سند
الأخيرة إلى مسمع ضعف، فهي ساقطة. والأولى مشهورة. وعليها فتوى الأصحاب
النظر الثالث في الجناية على الأطراف، ومقاصده ثلاثة:
(الأول): في دية الأعضاء. وفي شعر الرأس: الدية. وكذا اللحية. فإن نبتا
فالأرش. قال المفيد: إن لم ينبتا فمئة دينار: وقال الشيخ في اللحية: إن نبتت ثلث
الدية. وفي الرواية ضعف. وفي شعر رأس المرأة ديتها. فإن نبت فمهر مثلها.
وفي الحاجبين خمسمائة دينار. وفي كل واحد مئتان وخمسون. وفي بعضه بحسابه.
وفي العينين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية. وفي الأجفان الدية. قال
في (المبسوط) وفي كل واحد ربع الدية. وفي الخلاف في الأعلى الثلثان
وفي الأسفل الثلث وفي (النهاية) في الأعلى ثلث الدية، وفي الأسفل النصف.
وعليه الأكثر.
وفي عين الأعور الصحيحة الدية الكاملة إذا كان العور خلقة أو ذهبت بشئ
من قبل الله. وفي خسف (1) العوراء روايتان، أشهرهما ثلث الدية.
وفي الأنف الدية. وكذا لو قطع مارنه ففسد. ولو جبر على غير عيب فمئة
دينار. وفي شلله ثلثا ديته. وفي الحاجز نصف الدية وفي أحد المنخرين نصف

(1) خسف العين: فقأها.
299

الدية. وفي رواية ثلث الدية.
وفي الأذنين: الدية. وفي كل واحد نصف الدية. وفي بعضها بحساب ديتها.
وفي شحمتها ثلث ديتها. وفي خرم الشحمة ثلث ديتها.
وفي الشفتين الدية. وفي تقدير دية كل واحدة خلاف. قال في (المبسوط):
في العليا الثلث. وفي السفلى الثلثان. واختاره المفيد. وقال في (الخلاف):
في العليا أربعمائة دينار. وفي السفلى ستمائة. وكذا في (النهاية). وبه رواية فيها
ضعف. وقال ابن بابويه: في العليا نصف الدية. وفي السفلى الثلثان. وقال ابن
أبي عقيل: في كل واحدة نصف الدية، وهو قوي. وفي قطع بعضها بحساب ديتها.
وفي اللسان الصحيح: الدية الكاملة، وإن قطع بعضه اعتبر بحروف المعجم
وهي ثمانية وعشرون حرفا. وفي رواية: تسعة وعشرون حرفا، وهي مطروحة.
وفي لسان الأخرس ثلث ديته. وفي بعضه بحساب ديته، ولو ادعى ذهاب نطقه،
ففي رواية: يضرب لسانه بالإبرة فإن خرج الدم أسود صدق.
وفي الأسنان الدية، وهي ثمانية وعشرون منها المقاديم، اثنا عشر، في كل
واحدة: خمسون دينارا. والمآخير ستة عشر في كل واحدة: خمسة وعشرون،
ولا دية للزائد لو قلعت منضمة. ولها ثلث دية الأصلية لو قلعت منفردة.
وفي اسوداد السن ثلثا الدية. وكذا روي في انصداعها ولم تسقط. وفي الرواية
ضعف، فالحكومة أشبه. وفي قلع السوداء ثلث الدية.
ويتربص بسن الصبي الذي لم يثغر. فإن نبت فله الأرش. وإن لم (ينبت) فله
دية المثغر (1) وفي رواية: فيها بعير من غير تفصيل، وهي رواية السكوني ومسمع
والسكوني ضعيف، والطريق إلى مسمع في هذه ضعيف أيضا.

(1) وفي شرائع الإسلام: وينظر بسن الصغير فإن نبت لزم الأرش وإن
لم ينبت فدية سن المثغر.
300

وفي اليدين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية. وحدها المعصم. وفي الأصابع
الدية. وفي كل واحدة عشر الدية. وقيل: في الإبهام ثلث دية اليد. ودية كل
إصبع مقسومة على ثلاث عقد وفي الإبهام على اثنتين وفي الإصبع الزائدة ثلث
الأصلية. وفي شلل الأصابع أو اليدين ثلثا ديتها.
وفي الظفر إذا لم ينبت أو نبت أسود: عشرة دنانير، فإن نبت أبيض فخمسة
دنانير، وفي الرواية ضعف.
وفي الظهر إذا كسر الدية، وكذا لو احدودب أو صار بحيث لا يقدر على
القعود. ولو صلح فثلث الدية.
وفي ثديي المرأة ديتها. وفي كل واحد نصف الدية. وقال ابن بابويه:
في حلمة ثدي الرجل ثمن الدية مئة وخمسة وعشرون دينارا.
وفي حشفة الرجل فما زاد وإن استؤصل الدية. وفي ذكر العنين ثلث الدية.
وفيما قطع منه بحسابه. وفي الخصيتين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية. وفي رواية:
في اليسرى ثلثا الدية لأن الولد منها. وفي الخصيتين أربعمائة، فإن فحج
فلم يقدر على الشئ فثمانمائة دينار.
وفي الشفرتين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية. وفي الإفضاء الدية وهو
أن يصير المسكين واحدا. وقيل: أن يخرق الحاجز بين مخرج البول ومخرج
الحيض. ويسقط ذلك عن الزوج لو وطئها بعد البلوغ. أما لو كان قبله ضمن الدية
مع المهر لزمه الإنفاق عليها حتى يموت أحدهما.
وفي الرجلين الدية. وفي كل واحدة نصف الدية. وحدهما مفصل الساق
وفي أصابعهما ما في أصابع اليدين.
مسائل:
(الأولى): دية كسر الضلع: خمسة وعشرون دينارا إن كانت مما يخالط القلب.
301

وعشرة دنانير إن كان مما يلي العضدين.
(الثانية): لو كسر بعصوص (1) الإنسان أو عجانه (2) فلم يملك غائطه
ولا بوله ففيه الدية.
(الثالثة): قال الشيخان: في كسر عظم من عضو خمس ديته. فإن جبر
على غير عيب: فأربعة أخماس دية كسره. وفي موضحته ربع دية كسره.
وفي رضه ثلث دية العضو. فإن برأ على غير عيب فأربعة أخماس دية رضه.
وفي فكه بحيث يتعطل ثلثا ديته، فإن جبر على غير عيب فأربعة أخماس دية فكة
(الرابعة): قال بعض الأصحاب: في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير
عيب أربعون دينارا والمستند كتاب (ظريف).
(الخامسة): روي: أن من داس على بطن إنسان حتى أحدث ديس بطنه
أو يفتدي ذلك بثلث الدية. وهي رواية السكوني، وفيه ضعف.
(السادسة): من افتض بكرا بإصبعه فخرق مثانتها فلم تملك بولها ففيه
ديتها ومهر نسائها على الأشهر. وفي رواية ثلث ديتها.
المقصد الثاني في الجناية على المنافع:
في العقل الدية. ولو شجه فذهب لم تتداخل الجنايتان. وفي رواية: أن
كان بضربة واحدة تداخلتا. ولو ضربه على رأسه فذهب عقله انتظر به سنة فإن
مات قيد به. وإن بقي ولم يرجع عقله فعليه الدية.
وفي السمع دية. وفي سمع كل أذن نصف الدية. وفي بعض السمع بحسابه
من الدية. وتقاس الناقصة إلى الأخرى بأن تسد الناقصة وتطلق الصحيحة ويصاح
به حتى يقول: لا أسمع. وتعتبر المسافة بين جوانبه الأربع. ويصدق مع التساوي

(1) البعصوص: العصعص وهو عجب الذنب.
(2) العجان بكسر العين: ما بين الخصية وحلقة الدبر.
302

ويكذب مع التفاوت. ثم تطلق الناقصة وتسد الصحيحة، ويفعل به كذلك، ويؤخذ
من ديتها بنسبة التفاوت ويتوخى القياس في سكون الهواء.
وفي ضوء العينين الدية. ولو ادعى ذهاب نظره عقيب الجناية وهي قائمة
أحلف بالله القسامة، وفي رواية: تقابل بالشمس فإن بقيتا مفتوحتين صدق. ولو
ادعى نقصان أحداهما قيست إلى الأخرى. وفعل في النظر بالمنظور كما فعل بالسمع.
ولا يقاس من عين في يوم غيم. ولا في أرض مختلفة.
وفي الشمم الدية. ولو ادعى ذهابه اعتبر بتقريب الحراق فإن دمعت عيناه
وحول أنفه فهو كاذب.
ولو أصيب فتعذر المني كان فيه الدية.
وقيل: في سلس البول الدية. وفي رواية إن دام إلى الليل لزمه الدية. وإلى
الزوال ثلثا الدية. وإلى الضحوة ثلث الدية.
المقصد الثالث في الشجاج والجراح:
والشجاج ثمان: الحارصة، والدامية، والمتلاحمة، والسمحاق، والموضحة،
والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، والجائفة.
فالحارصة: هي التي تقشر الجلد، وفيها بعير، وهل هي الدامية؟ قال الشيخ:
نعم، والأكثرون على خلافه. فهي إذن التي تأخذ في اللحم يسيرا وفيها بعيران.
والمتلاحمة: هي التي تأخذ في اللحم كثيرا، وهل هي غير الباضعة؟ فمن
قال: الدامية غير الحارصة، فالباضعة هي المتلاحمة. ومن قال: الدامية هي الحارصة
فالباضعة غير المتلاحمة. ففي المتلاحمة إذن ثلاثة أبعرة.
والسمحاق: هي التي تقف على السمحاقة، وهي الجلدة المغشية للعظم وفيها
أربعة أبعرة.
والموضحة: هي التي تكشف عن العظم، وفيها خمسة أبعرة.
والهاشمة هي التي تهشم العظم، وفيها عشرة أبعرة.
303

والمنقلة: هي التي تحوج إلى نقل العظم، وفيها خمسة عشر بعيرا.
والمأمومة: هي التي تصل إلى أم الرأس، وهي الخريطة الجامعة للدماغ.
ثلاثة وثلاثون بعيرا.
والجائفة: هي التي تبلغ الجوف، وفيها ثلث الدية
مسائل:
(الأولى): دية النافذة في الأنف ثلث ديته، فإن صلحت فخمس ديته. ولو
كانت في أحد المنخرين إلى الحاجز، فعشر الدية.
(الثانية): في شق الشفتين حتى تبدو الأسنان: ثلث ديتهما، ولو برأ فخمس
ديتهما. ولو كانت في إحداهما: فثلث ديتها، ومع البرء فخمس ديتها.
(الثالثة): إذا أنفذت نافذة في شئ من أطراف الرجل فديتها مئة دينار.
(الرابعة): في احمرار الوجه بالجناية دينار ونصف. وفي اخضراره ثلاثة
دنانير. وفي اسوداده ستة، وقيل: فيه كما في الاخضرار. وقال جماعة منا: وهي
البدن على النصف.
(الخامسة): كل عضو له دية مقدرة، ففي شلله: ثلثا ديته. وفي قطعه
بعد شلله ثلث ديته.
(السادسة): دية الشجاج في الرأس والوجه سواء. وفي البدن بنسبة العضو
الذي يتفق فيه.
(السابعة): كل ما فيه من الرجل ديته، ففيه من المرأة ديتها، ومن الذمي
ديته، ومن العبد قيمته، وكل ما فيه من الحر مقدر فهو من المرأة بنسبة ديتها.
ومن الذمي كذلك. ومن العبد بنسبة قيمته، لكن الحرة تساوي الحر حتى تبلغ
الثلث ثم يرجع إلى النصف.
والحكومة والأرش عبارة عن معنى واحد، ومعناه: أن يقوم سليما أن لو كان
عبدا، ومجروحا كذلك. وينسب التفاوت إلى القيمة ويؤخذ من الدية بحسابه.
304

(الثامنة): من لا ولي له فالإمام ولي دمه، وله المطالبة بالقود أو الدية.
وهل له العفو؟ المروي: لا.
النظر الرابع في اللواحق وهي أربعة:
(الأول): دية الجنين الحر المسلم إذا اكتسى اللحم ولم تلجه الروح: مئة
دينار، ذكرا كان أو أنثى.
ولو كان ذميا فعشر دية أبيه. وفي رواية السكوني: عشر دية أمه.
ولو كان مملوكا فعشر قيمة أمه المملوكة، ولا كفارة.
ولو ولجته الروح فالدية كاملة للذكر ونصفها للأنثى.
ولو لم يكتسي اللحم ففي ديته قولان، أحدهما: غرة، والآخر: توزيع
الدية على حالاته، ففيه عظما ثمانون، ونصفه ستون، وعلقة أربعون ونطفة بعد
استقرارها في الرحم عشرون.
وقال الشيخ: وفيما بينهما بحسابه.
ولو قتلت المرأة فمات ولدها معها، فللأولياء دية المرأة ونصف الديتين
على الجنين إن جهل حاله. وإن علم ذكرا كان أو أنثى كانت الدية بحسابه.
وقيل: مع الجهالة يستخرج بالقرعة لأنه مشكل، وهو غلط لأنه لا إشكال
مع النقل.
ولو ألقته مباشرة أو تسبيبا فعليها دية ما ألقته ولا نصيب لها من الدية، ولو
كان بإفزاع مفزع فالدية عليه. ويستحق دية الجنين وراثه. ودية جراحاته
بنسبة ديته.
ومن أفزع مجامعا فعزل فعليه عشرة دنانير.
ولو عزل عن زوجته اختيارا قيل: يلزمه دية النطفة عشرة دنانير،
والأشبه: الاستحباب.
(الثاني): في الجناية على الحيوان.
305

من أتلف حيوانا مأكولا كالنعم بالذكاة لزمه الأرش، وهل لمالكه دفعه
والمطالبة بقيمته؟ قال الشيخان: نعم، والأشبه: لا، لأنه إتلاف لبعض منافعه
فيضمن التالف. ولو أتلفه لا بالذكاة لزمه قيمته يوم إتلافه. ولو قطع بعض
جوارحه أو كسر شيئا من عظامه فلمالك الأرش.
وإن كان مما لا يؤكل ويقع عليه الذكاة كالأسد والنمر ضمن أرشه.
وكذا في قطع أعضائه من استقرار حياته.
ولو أتلفه لا بالذكاة ضمن قيمته حيا.
ولو كان مما لا يقع عليه الذكاة كالكلب والخنزير، ففي كلب الصيد أربعون
درهما. وفي رواية السكوني: يقوم، وكذا كلب الغنم وكلب الحائط،
والأول أشهر.
وفي كلب الغنم كبش، وقيل: عشرون درهما، وكذا قيل في كلب الحائط،
ولا أعرف الوجه. وفي كلب الزرع قفيز من بر. ولا يضمن المسلم ما عدا ذلك.
أما ما يملكه الذمي كالخنزير فالمتلف يضمن قيمته عند مستحليه.
وفي الجناية على أطرافه الأرش، ويشترط في ضمانه استتار الذمي به
مسائل:
(الأولى): قيل قضى علي عليه السلام في البعير بين أربعة عقله أحدهم فوقع
في بئر فانكسر: أن على الشركاء حصته، لأنه حفظه وضيع الباقون. وهو حكم
في واقعة فلا يعدي.
(الثانية): في جنين البهيمة عشر قيمتها. وفي عين الدابة ربع قيمتها.
(الثالثة): روى السكوني عن أبي جعفر عليه السلام عن أبيه علي عليه السلام قال:
كان لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ويضمن ما أفسدته ليلا. والرواية مشهورة
غير أن في السكوني ضعفا. والأولى اعتبار التفريط ليلا كان أو نهارا.
(الثالث): في كفارة القتل.
306

تجب كفارة الجمع (1) بقتل العمد والمرتبة بقتل الخطأ مع المباشرة دون
التسبيب. فلو طرح حجرا في ملك غيره أو سابلة فهلك به عاثر، ضمن الدية ولا
كفارة (2) وتجب بقتل المسلم ذكرا كان أو أنثى، صبيا أو مجنونا، حرا أو
عبدا، ولو كان ملك القاتل.
وكذا تجب بقتل الجنين إن ولجته الروح. ولا تجب قبل ذلك.
ولا تجب بقتل الكافر ذميا كان أو معاهدا.
ولو قتل المسلم مثله في دار الحرب عالما لا لضرورة فعليه القود والكفارة.
ولو ظنه حربيا فبان مسلما فلا دية وعليه كفارة.
(الرابع): في العاقلة، والنظر في المحل وكيفية التقسيط واللواحق.
أما المحل: فالعصبة والمعتق، وضامن الجريرة، والإمام.
والعصبة: من تقرب إلى الميت بالأبوين أو بالأب كالأخوة وأولادهم،
والعمومة وأولادهم، والأجداد وإن علوا. وقيل: هم الذين يرثون دية القاتل لو
قتل، والأول أظهر.
ومن الأصحاب من شرك بين من يتقرب بالأم من يتقرب بالأب والأم
أو بالأب، وهو استناد إلى رواية مسلمة بن كهيل، وفيه ضعف.
ويدخل الآباء والأولاد في العقل على الأشبه. ولا يشركهم القاتل.
ولا تعقل المرأة ولا الصبي ولا المجنون وإن ورثوا من الدية. وتحمل العاقلة
دية الموضحة فما فوقها اتفاقا. وفيما دون الموضحة قولان، المروي: أنها لا تحمله،
غير أن في الرواية ضعفا. وإذا لم يكن عاقلة من قومه ولا ضامن جريرة ضمن
الإمام جنايته.

(1) وهي الخصال الثلاث: العتق، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستين مسكينا.
(2) في شرائع الإسلام: فلو طرح حجرا أو حفر بئرا أو نصب سكينا في غير
ملكه فعثر عاثر فهلك بها ضمن الدية دون الكفارة.
307

وجناية الذمي في ماله وإن كانت خطأ، فإن لم يكن له مال فعاقلته الإمام
لأنه يؤدي إليه ضريبته. ولا يعقله قومه.
وأما كيفية التقسيط: فقد تردد فيه الشيخ. والوجه وقوفه على رأي الإمام
أو من نصبه للحكومة بحسب ما يراه من أحوال العاقلة.
ويبدأ بالتقسيط على الأقرب فالأقرب، ويؤجلها عليهم على ما سلف.
وأما اللواحق فمسائل:
(الأولى): لو قتل الأب ولده عمدا دفعت الدية منه إلى الوارث. ولا نصيب
للأب منها. ولو لم يكن وارث فهي للإمام. ولو قتله خطأ فالدية على العاقلة
ويرثها الوارث. وفي توريث الأب قولان، أشبههما: أنه لا يرث ولو لم يكن
وارث سوى العاقلة فإن قلنا: الأب لا يرث فلا دية، وإن قلنا: يرث ففي أخذه
الدية من العاقلة تردد.
(الثانية): لا تعقل العاقلة عمدا ولا إقرارا ولا صلحا ولا جناية للإنسان
بالجناية على نفسه، ولا يعقل المولى عبدا كان أو مدبرا أو أم ولد على الأظهر.
(الثالثة): لا تعقل العاقلة بهيمة ولا إتلاف مال، ويختص ضمانها بالجناية
على الآدمي حسب.
خاتمة
(فهذا آخر ما أردنا ذكره، وقصدنا حصره، مختصرين مطوله، مجردين
محصله، ونسأل الله سبحانه أن يجعلنا ممن شكر عمله، وغفر الله، وجعل الجنة
منقلبة ومنقله، إنه لا يخيب من سأله، ولا يخسر من أمله، إنه ولي الإعانة
والتوفيق، والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين...).
308