الكتاب: قواعد الأحكام
المؤلف: العلامة الحلي
الجزء: ٢
الوفاة: ٧٢٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: جمادي الأولى ١٤١٨
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك: ٩٦٤-٤٧٠-١٩٩-٢
ملاحظات:

قواعد الأحكام
تأليف
أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي
(العلامة الحلي)
648 - 726 ه‍
الجزء الثاني
تحقيق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة
1

2 - 199 - 470 - 964
قواعد الأحكام
في
معرفة الحلال والحرام
(ج 2)
المؤلف: أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الأسدي " العلامة الحلي "
الموضوع: الفقه
تحقيق ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ: جمادى الأولى 1418 ه‍.
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

كتاب المتاجر
3

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمات (1)
وفيه فصلان:
الأول: في أقسامها
وهي تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة:
فمنه (2) واجب، وهو: ما يحتاج الإنسان إليه لقوته وقوت عياله،
ولا وجه له سوى المتجر.
ومندوب، وهو: ما يقصد به التوسعة على العيال، أو نفع المحاويج مع
حصول قدر الحاجة بغيره.
ومباح، وهو: ما يقصد به الزيادة في المال لا غير، مع الغنى عنه.
ومكروه، وهو: ما اشتمل على وجه نهى الشرع عنه نهي تنزيه:
كالصرف، وبيع الأكفان والطعام والرقيق، واتخاذ الذبح والنحر صنعة،
والحياكة والنساجة، والحجامة مع الشرط والقابلة معه، وأجرة الضراب،

(1) في هامش النسخة و " ش ": " في المقدمات ".
(2) في المطبوع و (ب، د): " فمنها ".
5

وكسب الصبيان، وغير المتجنب للحرام، وأجرة تعليم القرآن وتعشير
المصحف بالذهب، والصياغة، والقصابة، وركوب البحر للتجارة، وخصاء
الحيوان، ومعاملة الظالمين والسفلة والأدنين والمحارفين وذوي العاهات
والأكراد ومجالستهم ومناكحتهم وأهل الذمة.
ومحظور (1)، وهو: ما اشتمل على وجه قبح، وهو أقسام:
الأول: كل نجس لا يقبل التطهير، سواء كانت نجاسته ذاتية: كالخمر
والنبيذ والفقاع، والميتة والدم، وأبوال ما لا يؤكل لحمه وأرواثها، والكلب
والخنزير وأجزائهما. أو عرضية: كالمائعات النجسة التي لا تقبل التطهير، إلا
الدهن النجس لفائدة الاستصباح به تحت السماء خاصة.
ولو كانت نجاسة الدهن ذاتية: كالألية المقطوعة من الميتة أو الحية لم
يجز الاستصباح به ولا تحت السماء، ويجوز بيع الماء النجس لقبوله الطهارة،
والأقرب في أبوال ما يؤكل لحمه التحريم للاستخباث، إلا بول الإبل
للاستشفاء، والأقرب جواز بيع كلب الصيد والماشية والزرع والحائط
وإجازتها واقتنائها - وإن هلكت الماشية - والتربية.
ويحرم اقتناء الأعيان النجسة، إلا لفائدة: كالكلب، والسرجين لتربية
الزرع، والخمر للتخليل. وكذا يحرم اقتناء المؤذيات: كالحيات والسباع.
الثاني: كل (2) ما يكون المقصود منه حراما: كآلات اللهو كالعود،
وآلات القمار كالشطرنج (3)، وهيا كل العبادة كالصنم (4)، وبيع السلاح

(1) في المطبوع و (ج) " وحرام ".
(2) " كل " لا توجد في (ج) و (ش).
(3) في المطبوع و (د) و (ش) زيادة " والأربعة عشر ".
(4) في المطبوع و (ش) زيادة " والصليب ".
6

لأعداء الدين وإن كانوا مسلمين، وإجارة السفن والمساكن للمحرمات،
وبيع العنب ليعمل خمرا، والخشب ليعمل صنما، ويكره بيعهما على من
يعملهما (1) من غير شرط، والتوكيل في بيع الخمر وإن كان الوكيل ذميا.
وليس للمسلم منع الذمي المستأجر داره من بيع الخمر فيها سرا، ولو
آجره لذلك حرم.
ولو استأجر دابة لحمل الخمر جاز إن كان للتخليل أو الإراقة، وإلا
حرم، ولا بأس ببيع ما يكن من آلة السلاح.
الثالث: بيع ما لا ينتفع به كالحشرات: كالفأر والحيات والخنافس
والعقارب، والسباع مما لا يصلح للصيد: كالأسد والذئب والرخم (2)
والحدأة (3) والغراب وبيضها، والمسوخ برية كالقرد - وإن قصد به حفظ
المتاع - والدب، أو بحرية (4) كالجري والسلحفاة والتمساح، ولو قيل بجواز
بيع السباع أجمع لفائدة الانتفاع بذكاتها إن كانت مما تقع عليها الذكاة
كان حسنا.
ويجوز بيع الفيل والهر وما يصلح للصيد كالفهد، وبيع دود القز، وبيع
النحل مع المشاهدة وإمكان التسليم، وبيع الماء والتراب والحجارة وإن كثر
وجودها.

(1) في (النسخة المعتمدة و (ب، ص): " يعمله ".
(2) الرخم: نوع من الطير، واحدته رخمه، وهو موصوف بالغدر والموق، وقيل بالقذر. لسان العرب
(مادة: رخم).
(3) قال الطريحي في مجمع البحرين (مادة: حدا): (في الحديث ذكر الحدأة كعنبة، وهو طائر خبيث،
ويجمع بحذف الهاء كعنب. وفي الخبر: لا بأس بقتل الحدو للمحرم).
(4) في (أ): " وبحرية ".
7

ويحرم بيع الترياق، لاشتماله على الخمر ولحم الأفاعي، ولا يجوز
شربه للتداوي إلا مع خوف التلف. أما السم من الحشائش والنبات
فيجوز بيعه إن كان مما ينتفع به، وإلا فلا.
وفي جواز بيع لبن الآدميات نظر، أقربه الجواز.
ولو باعه دارا لا طريق إليها ولا مجاز جاز مع علم المشتري، وإلا تخير.
الرابع: ما نص الشارع على تحريمه عينا: كعمل الصور المجسمة، والغناء
وتعليمه واستماعه، وأجر المغنية، وقد وردت رخصة (1) في إباحة أجرها في
العرس إذا لم تتكلم بالباطل، ولم تلعب بالملاهي، ولم تدخل (2) الرجال عليها.
ويحرم أجر النائحة بالباطل، ويجوز بالحق.
والقمار حرام، وما يؤخذ به، حتى لعب الصبيان بالجواز والخاتم،
والغش ما يخفى: كمزج اللبن بالماء، وتدليس الماشطة، وتزيين الرجل
بالحرام، ومعونة الظالمين في الظلم، وحفظ كتب الضلال ونسخها لغير
النقض أو الحجة، ونسخ التوراة والإنجيل وتعليمهما وأخذ الأجرة عليهما،
وهجاء المؤمنين والغيبة والكذب عليهم (3)، والنميمة، وسب المؤمنين (4)،
ومدح من يستحق الذم وبالعكس، والتشبيب (5) بالمرأة المعروفة المؤمنة،

(1) دليل الرخصة: رواية أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " أجر المغنية التي تزف العرائس
ليس به بأس، وليست بالتي يدخل عليها الرجال " وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب ما يكتسب به
ح 3 ج 12 ص 85.
(2) كذا في النسخة المعتمدة، وفي المطبوع والنسخ: " ولم يدخل ".
(3) (ه‍) زيادة " والتهمة ".
(4) في (د): (المؤمن).
(5) في المطبوع: " والتشبب ". والتشبيب: يقال: " شبب الشاعر بفلانة " قال فيها الغزل وعرض بحبها.
مجمع البحرين (مادة: شبب).
8

وتعلم السحر وتعليمه، وهو: كلام يتكلم به أو يكتبه أو رقية، أو يعمل
شيئا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة، والأقرب أنه
لا حقيقة له وإنما هو تخييل، وعلى كل تقدير لو استحله قتل. ويجوز حل
السحر بشئ من القرآن أو الذكر أو الأقسام لا بشئ منه.
وتعلم الكهانة حرام، والكاهن: هو الذي له رئي (1) من الجن يأتيه
بالأخبار، ويقتل ما لم يتب.
والتنجيم حرام، وكذا تعلم النجوم مع اعتقاد تأثيرها بالاستقلال، أو
لها مدخل فيه (2).
والشعبذة حرام، وهي: الحركات السريعة جدا بحيث يخفى على
الحس الفرق بين الشئ وشبهه، لسرعة انتقاله من الشئ إلى شبهه.
والقيافة حرام.
ويحرم بيع المصحف، بل يباع الجلد والورق، ولو اشتراه الكافر
فالأقرب البطلان. ويجوز أخذ الأجرة على كتابة القرآن.
وتحرم السرقة والخيانة وبيعهما، ولو وجد عنده سرقة ضمنها، إلا أن يقيم
البينة بشرائها، فيرجع على بائعها مع جهله. ولو اشترى به جارية أو ضيعة
فإن كان بالعين بطل البيع، وإلا حل له وطئ الجارية وعليه وزر المال.
ولو حج به مع وجوب الحج بدونه برئت ذمته، إلا في الهدي إذا ابتاعه

(1) في (أ): " رائي "، وفي (ج): " رؤيا " وفي المطبوع و (د): " رئي ". وهو إما من " الرؤية " أو
" الرأي "، قال ابن منظور في لسان العرب مادة " رأي ": (الرئي والرئي: الجني يراه الإنسان،
وقال أيضا: يقال للتابع من الجن: رئي - بوزن كمي - وهو فعيل أو فعول، سمي به لأنه يترائى
لمتبوعه، أو هو من الرأي من قولهم: فلان رئي قومه إذا كان صاحب رأيهم).
في المطبوع: " بالاستقلال وأن لها مدخلا فيه ".
9

بالعين المغصوبة، أما لو اشتراه في الذمة جاز. ولو طاف أو سعى في الثوب
المغصوب أو على الدابة المغصوبة بطلا.
والتطفيف حرام في الكيل والوزن.
ويحرم الرشا في الحكم وإن حكم على باذله بحق أو باطل.
الخامس: ما يجب على الإنسان فعله يحرم الأجرة عليه: كتغسيل الموتى
وتكفينهم ودفنهم.
نعم، لو أخذ الأجرة على المستحب منها فالأقرب جوازه.
وتحرم الأجرة على الأذان (1) وعلى القضاء. ويجوز أخذ الرزق عليهما من
بيت المال.
ويجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح والخطبة في الأملاك.
وتحرم الأجرة على الإمامة والشهادة وأدائها.
خاتمة تشتمل على أحكام
(أ) (2): تلقي الركبان مكروه على رأي، وهو: الخروج إلى الركب
القاصد إلى بلد للشراء منهم، من غير شعور منهم بسعر البلد، وينعقد، ومع
الغبن الفاحش يتخير المغبون على الفور على رأي، ولا فرق بين الشراء منهم
والبيع عليهم، ولا يكره لو وقع اتفاقا، ولا إذا كان الخروج لغير المعاملة.
وحده أربعة فراسخ، فإن زاد لم يكن تلقيا.
والنجش حرام، وهو: الزيادة من واطأه البائع (3)، ومع الغبن

(1) في المطبوع زيادة " والإقامة ".
(2) في المطبوع: " الأول " وكذا ما بعدها كتابة.
(3) لقد أورد المحقق الكركي في جامع المقاصد على هذا التعريف قائلا: (ليس هذا التعريف بجيد، بل
التعريف الصحيح: أنه الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها بمواطأة البائع له على ذلك لإيقاع
غيره، وهو غش وخداع). جامع المقاصد: في أقسام المتاجر 4 ص 39.
10

الفاحش يتخير المغبون على الفور على رأي.
(ب): يحرم الاحتكار على رأي، وهو: حبس الحنطة والشعير والتمر
والزبيب والسمن والملح بشرطين: الاستبقاء للزيادة، وتعذر غيره، فلو
استبقاها لحاجته أو وجد غيره لم يمنع.
وقيل (1): أن يستبقيها ثلاثة أيام في الغلاء وأربعين في الرخص، ويجبر
على البيع لا التسعير (2) على رأي.
(ج): لو دفع إليه مالا ليفرقه (3) في قبيل وكان منهم، فإن عين اقتصر
عليه، فإن خالف (4) ضمن، وإن أطلق فالأقرب تحريم أخذه منه، ويجوز أن
يدفع إلى عياله إن كانوا منهم.
(د): يجوز أكل ما ينثر في الأعراس مع علم الإباحة إما لفظا أو بشاهد
الحال، ويكره انتهابه، فإن لم يعلم قصد الإباحة حرم.
(ه‍): الولاية من قبل العادل مستحبة، وقد تجب إن ألزم أو افتقر في
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إليها، وتحرم من الجائر (5)، إلا مع التمكن
من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو مع الإكراه بالخوف على النفس
أو المال أو الأهل أو بعض المؤمنين، فيجوز - حينئذ - اعتماد ما يأمره إلا

(1) القائل: هو الشيخ (ره) في النهاية: في الاحتكار والتلقي ج 2 ص 115، وابن حمزة في الوسيلة:
ص 260.
(2) في (أ): " لا على التسعير ".
(3) في (د): " ليصرفه ".
(4) في المطبوع و (ب، د): " خالفه ".
(5) في المطبوع: " من قبل الجائر ".
11

القتل الظلم. ولو خاف ضررا (1) يسيرا بترك الولاية كره له (2) الولاية
حينئذ.
(و): جوائز الجائر إن علمت غصبا حرمت، وتعاد على المالك إن
قبضها، فإن جهلة تصدق بها عنه، ولا يجوز إعادتها إلى الظالم اختيارا.
والذي يأخذه الجائر من الغلات باسم المقاسمة ومن الأموال باسم
الخراج عن حق الأرض ومن الأنعام باسم الزكاة يجوز شراؤه واتهابه،
ولا تجب إعادته على أصحابه وإن عرفوا.
(ز): إذا امتزج الحلال بالحرام ولا يتميز يصالح أربابه، فإن جهلهم
أخرج خمسه إن جهل المقدار وحل الباقي.
(ح): لا يحل للأجير الخاص العمل لغير من استأجره إلا بإذنه، ويجوز
للمطلق.
(ط): لو مر بثمرة النخل والفواكه لا قصدا قيل (3): جاز الأكل دون
الأخذ، والمنع أحوط. ولا يجوز مع الإفساد إجماعا، ولا أخذ شئ منها، ولو
أذن المالك مطلقا جاز.
(ي): يحل ثمن الكفن، وماء تغسيل الميت، وأجرة البدرقة.
(يا): يحرم على الرجل أن يأخذ من مال ولده البالغ شيئا إلا بإذنه،
إلا مع الضرورة المخوف معها التلف مع غنائه أو إنفاق ولده عليه. ولو كان
صغيرا أو مجنونا فالولاية له، فله الاقتراض مع العسر واليسر. ويجوز له أن

(1) في (أ، ش): " ولو خاف على نفسه ضررا ".
(2) " له " ليست في (أ، ش).
(3) قاله الشيخ في النهاية: في المكاسب المباحة ج 2 ص 106، وفي تهذيب الأحكام: ب 7 في بيع
الثمار ذيل الحديث 392 ج 7 ص 92.
12

يشتري من مال ولده الصغير لنفسه بثمن المثل فيكون (1) موجبا قابلا، وأن
يقوم جاريته عليه ويطأها حينئذ. وللأب المعسر التناول من مال ولده الموسر
قدر مؤنته.
ويحرم على الولد أن يأخذ من مال والده شيئا إلا بإذنه.
ويحرم على الأم أن تأخذ من مال ولدها شيئا وبالعكس إلا مع
الإذن، وليس لها أن تقترض من مال ولدها الصغير.
ويحرم على الزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغير إذنه شيئا وإن قل،
ويجوز لها أن تأخذ المأدوم وتتصدق به ما لم تجحف، إلا أن يمنعها فيحرم.
وليس للبنت ولا للأخت ولا للأم ولا للأمة تناول المأدوم إلا مع الإذن.
ويحرم على الزوج أن يأخذ من مال زوجته شيئا إلا بإذنها، ولو دفعت
إليه مالا لينتفع به كره له يشتري به جارية يطأها إلا مع الإذن.
الفصل الثاني: في الآداب
يستحب لطالب التجارة أن يتفقه فيها أولا، والإقالة للمستقيل،
وإعطاء الراجح، وأخذ الناقص، والتسوية، وترك الربح للموعود بالإحسان
وللمؤمن إلا اليسير مع الحاجة، والتسامح في البيع والشراء والقضاء
والاقتضاء، والدعاء عند دخول السوق، وسؤال الله تعالى أن يبارك له فيما
يشتريه ويخير له فيما يبيعه، والتكبير والشهادتان عند الشراء.
ويكره: الدخول أولا إلى السوق، ومدح البائع، وذم المشتري، وكتمان
العيب، واليمين على البيع، والسوم بين طلوع الفجر والشمس، وتزيين

(1) في " أ، ب، ج، د) والمطبوع: " ويكون ".
13

المتاع، والبيع في الظلمة (1)، والتعرض للكيل والوزن مع عدم المعرفة،
والاستحطاط بعد العقد، والزيادة وقت النداء، والدخول في سوم المؤمن،
وأن يتوكل حاضر لباد.
ونهى النبي - صلى الله عليه وآله - عن بيع حبل الحبلة (2)، وهو: البيع
بثمن مؤجل إلى نتاج نتاج الناقة (3)، وعن المجر (4)، وهو: بيع ما في
الأرحام، وعن بيع عسيب الفحل (5)، وهو: نطفته، وعن بيع الملاقيح (6)،
وهي: ما في بطون الأمهات، والمضامين (7) وهي: ما في أصلاب الفحول،
وعن الملامسة (8)، وهو: أن يبيعه غير مشاهد على أنه متى لمسه صح البيع،
وعن المنابذة (9)، وهو أن يقول: إن نبذته إلي فقد اشتريته بكذا، وعن بيع
الحصاة (10)، وهو أن يقول: إرم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت فهو لك بكذا.
وقال: " لا يبع بعضكم على بعض " (11) ومعناه: أن لا يقول (12) الرجل

(1) في (ب، ش، ص) والمطبوع: " المظلمة ".
(2) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 2 ج 12 ص 262.
(3) في المطبوع: " إلى نتاج الناقة ".
(4) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 2 ج 12 ص 262.
(5) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب ما يكتسب به ح 3 ج 12 ص 77.
(6) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 2 ج 12 ص 262.
(7) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 2 ج 12 ص 262.
(8) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 13 ج 12 ص 266.
(9) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 13 ج 12 ص 266.
(10) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب عقد البيع وشروطه ح 13 ج 12 ص 266.
(11) لم نجده بهذا النص في كتب الحديث، لكن في المبسوط: ج 2 ص 160: أن النبي - صلى الله عليه
وآله - قال: " لا يبيع بعضكم على بيع "، وكذا في السرائر: ج 2 ص 237: أن النبي - صلى الله عليه
وآله - قال: " لا يبيع ببعضكم على بيع بعض "، والظاهر هو الأصح.
وفي مستدرك الوسائل: ب 37 من أبواب التجارة ح 4 ج 13 ص 286، عن عوالي اللآلي: ج 1
ص 133 ح 22: " لا يبيع أحدكم على بيع بعض ".
(12) في (أ، ب): " أن يقول ".
14

للمشتري في مدة الخيار: أنا أبيعك مثل هذه السلعة بأقل من الثمن أو خيرا
منها بالثمن أو أقل، وكذا لا ينبغي أن يقول للبائع في مدة خياره: أنا أزيدك
في الثمن.
وبيع التلجئة باطل، وهو: المواطأة على الاعتراف بالبيع من غير بيع
خوفا من ظالم.
* * *
15

المقصد الثاني
في البيع
وأركانه (1) ثلاثة: الصيغة، والمتعاقدان، والعوضان.
وفيه فصول (2):
الفصل الأول الصيغة
البيع: انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدر على وجه
التراضي، فلا ينعقد على المنافع، ولا على ما لا يصح تملكه، ولا مع خلوه
من العوض، ولا مع جهالته، ولا مع الإكراه.
ولا بد من الصيغة الدالة على الرضا الباطن، وهي: الإيجاب كقوله:
بعت وشريت وملكت، والقبول وهو: اشتريت أو تملكت أو قبلت (3).
ولا تكفي المعاطاة وإن كان في المحقرات، ولا الاستيجاب والإيجاب، وهو:
أن يقول المشتري: بعني، فيقول البائع: بعتك، من غير أن يرد المشتري.

(1) في (ب، د): " وفصوله ".
(2) " وفيه فصول " ليست في (أ، ب، ج، د)، وفي متن إيضاح الفوائد: " المقصد الثاني في البيع، وفيه
فصول، الفصل الأول: الصيغة ".
(3) في (أ): " اشتريت أو شربت أو تملكت ".
16

ولا بد من صيغة الماضي، فلو قال: اشتر أو ابتع أو أبيعك لم ينعقد
وإن قبل. ولا تكفي الإشارة إلا مع العجز. وفي اشتراط تقديم الإيجاب
نظر.
ولا بد من التطابق بين الإيجاب والقبول، فلو قال: بعتك هذين بألف
فقال: قبلت أحدهما بخمسمائة، أو: قبلت نصفهما بنصف الثمن، أو قال:
بعتكما هذا (1) بألف، فقال أحدهما: قبلت نصفه (2) بنصف الثمن لم يقع.
ولو قبض المشتري بالعقد الفاسد لم يملك وضمن.
الفصل الثاني: المتعاقدان
ويشترط فيهما: البلوغ والعقل والاختيار والقصد، فلا عبرة بعقد الصبي
وإن بلغ عشرا، ولا المجنون، سواء أذن لهما الولي أو لا، ولا المغمى عليه،
ولا المكره، ولا السكران والغافل والنائم والهازل، سواء رضي كل منهم بما
فعله بعد زوال عذره أو لا، إلا المكره فإن عقده ينفذ لو رضي بعد
الاختيار.
ولا يشترط إسلامهما. نعم، يشترط إسلام المشتري إذا اشترى مسلما
إلا أباه ومن ينعتق عليه، أو إذا اشترى مصحفا. وهل يصح له (3) استئجار
المسلم أو ارتهانه؟ الأقرب المنع، والأقرب جواز الإيداع له والإعارة عنده.
ولو أسلم عبد الذمي طولب ببيعه أو عتقه، ويملك الثمن والكسب

(1) في (ج): " هذان ".
(2) في (ج): " نصفهما ".
(3) " له " ليست في (أ).
17

المتجدد قبل بيعه أو عتقه، فلو باعه من مسلم بثوب ووجد في الثمن (1) عيبا
جاز له رد الثمن. وهل يسترد العبد أو القيمة؟ فيه نظر، ينشأ من كون
الاسترداد تملكا للمسلم اختيارا، ومن كون الرد بالعيب موضوعا على
القهر كالإرث، فعلى الأول يسترد القيمة كالهالك، وعلى الثاني يجبره
الحاكم على بيعه ثانيا (2). وكذا البحث لو وجد المشتري به عيبا، وبأي
وجه أزال الملك: من البيع والعتق والهبة حصل الغرض. ولا يكفي الرهن
والإجارة والتزويج، ولا الكتابة المشروطة (3)، أما المطلقة فالأقرب إلحاقها
بالبيع لقطع السلطنة عنه. ولا تكفي الحيلولة (4).
ولو أسلمت أم ولده لم يجبر على العتق، لأنه تخسير، وفي البيع نظر، فإن
منعناه استكسبت بعد الحيلولة في يد الغير.
ولو امتنع الكافر من البيع حيث يؤمر، باع الحاكم بثمن المثل، فإن لم
يجد راغبا صبر حتى يوجد فتثبت الحيلولة، ولو مات قبل بيعه: فإن ورثه
الكافر فحكمه كالمورث (5)، وإلا استقر ملكه.
وهل يباع الطفل بإسلام أبيه الحر أو العبد لغير مالكه؟ إشكال،
وإسلام الجد أقوى إشكالا.
وليس للملوك أن يبيع أو يشتري إلا بإذن مولاه، فإن وكله غيره في
شراء نفسه من مولاه صح على رأي.
ويشترط كون البائع: مالكا، أو وليا عنه: كالأب والجد له والحاكم

(1) في المطبوع و (ج، د): " الثوب ".
(2) في (أ) زيادة " أو عتقه ".
(3) في (أ): " المشروطة له "، وفي المطبوع: " المشروطة، وأما ".
(4) في (ه‍) زيادة " في يد الغير ".
(5) في المطبوع و (ب، ج): " كالمورث "، وفي (د): " كالمورث ".
18

وأمينه والوصي، أو وكيلا، فبيع الفضولي موقوف على الإجازة على رأي،
وكذا الغاصب وإن كثرت تصرفاته في الثمن بأن يبيع الغصب ويتصرف في
ثمنه مرة بعد أخرى. وللمالك تتبع العقود ورعاية مصلحته، ومع علم
المشتري إشكال. والأقرب اشتراط كون العقد له مجيزا (1) في الحال، فلو باع
مال الطفل فبلغ وأجاز لم ينفذ على إشكال، وكذا لو باع مال غيره ثم ملكه
وأجاز، وفي وقت الانتقال إشكال، ويترتب النماء.
ولو باع مال أبيه بظن الحياة وأنه فضولي فبان ميتا - حينئذ - وأن المبيع
ملكه فالوجه الصحة.
ولا يكفي في الإجازة السكوت مع العلم، ولا مع حضور العقد.
ولو فسخ العقد رجع على المشتري بالعين، ويرجع المشتري على البائع
بما دفعه ثمنا، وما اغترمه من نفقة أو عوض عن أجرة أو نماء مع جهله أو
ادعاء البائع إذن المالك، وإن لم يكن كذلك لم يرجع بما اغترم ولا بالثمن
مع علم الغصب، إلا أن يكون الثمن باقيا فالأقوى الرجوع به، ولا يبطل
رجوع المشتري الجاهل بادعاء الملكية للبائع، لأنه بنى على الظاهر.
ولو تلفت العين في يد المشتري كان للمالك الرجوع على من شاء منهما
بالقيمة إن لم يجز البيع (2)، فإن رجع على المشتري الجاهل ففي رجوعه
على البائع بالزيادة على الثمن إشكال.
ولو باع ملكه وملك غيره صفقة صح فيما يملك، ووقف الآخر على
إجازة المالك، فإن أجاز نفذ البيع وقسط الثمن عليهما بنسبة المالين، بأن
يقوما جميعا ثم يقوم أحدهما. هذا إذا كان من ذوات القيم، وإن كان من

(1) في المطبوع و (أ، ب، ج): " مجيز ".
(2) في (أ): " البائع ".
19

ذوات الأمثال قسط (1) على الأجزاء، سواء اتحدت العين أو تكثرت، ولو
فسخ تخير المشتري في فسخ الملوك والإمضاء، فيرجع من الثمن بقسط
غيره.
ولو باع مالك النصف النصف (2) انصرف إلى نصيبه، ويحتمل
الإشاعة، فيقف في نصف نصيب الآخر على الإجازة. أما الإقرار فيبنى
على الإشاعة قطعا، فلو قال: نصف الدار لك أو قال مع ذلك: والنصف
الآخر لي ولشريكي وكذبه الشريك فللمقر له ثلثا ما في يده. ولو قال:
والنصف الآخر لي أو: الدار (3) بيني وبينك أخذ نصف ما في يده.
ولو ضم إلى المملوك حرا أو خمرا أو خنزيرا صح في المملوك وبطل في
الباقي، ويقسط الثمن على المملوك وعلى الحر لو كان مملوكا، وعلى قيمة
الخمر عند مستحيلة.
ولو باع جملة الثمرة وفيها عشر الصدقة صح فيما يخصه دون حصة الفقراء
إلا مع الضمان، ولو باع أربعين شاة وفيها الزكاة مع عدم الضمان لم يصح
في نصيبه، إذ ثمن مجهول على إشكال.
ولو باع اثنان عبدين غير مشتركين صفقة بسط (4) الثمن على القيمتين،
اتفقتا أو اختلفتا.
وللأب والجد له ولاية التصرف ما دام الولد غير رشيد، فإن بلغ ورشد
زالت ولايتهما عنه، ولهما يتوليا طرفي العقد.

(1) في (أ) زيادة " الثمن ".
(2) " النصف " لا توجد في (أ).
(3) في المطبوع: " والدار ".
(4) في المطبوع و (أ): " قسط ".
20

والحاكم وأمينه إنما يليان المحجور عليه لصغر أو جنون أو فلس أو سفه
أو الغائب.
والوصي إنما ينفذ تصرفه بعد الموت مع صغر الموصى عليه أو جنونه، وله
أن يقترض مع الملاءة وأن يقوم على نفسه.
والوكيل يمضي تصرفه ما دام الموكل حيا جائز التصرف، فلو مات أو
جن أو أغمي عليه زالت الولاية، وله أن يتولى طرفي العقد مع الإعلام على
رأي. وكذا الوصي يتولاهما. وإنما يصح بيع من له الولاية مع المصلحة
للمولى عليه.
ولو اتفق عقد الوكيلين على الجمع والتفريق في الزمان بطلا، ولو سبق
أحدهما صح خاصة، ويحتمل التنصيف (1) في الأول فيتخيران.
ولو باعا (2) على شخص ووكيله أو على وكيله (3) دفعة: فإن اتفق
الثمن جنسا وقدرا صح، وإلا فالأقرب البطلان. ولو اختلف الخيار فالأقرب
مساواته لاختلاف الثمن، إلا أن يجعلاه مشتركا بينهما.
الفصل الثالث: العوضان
وشرط المعقود عليه:
لا طهارة فعلا أو قوة.
وصلاحيته للتملك (4)، فلا يقع العقد على حبة حنطة لقلته.

(1) في (أ): " النصف ".
(2) في (ب): " ولو باعاه ".
(3) في (أ): " وكيل ".
(4) في المطبوع و (د): " وصلاحيته للتملك "، وفي (ب، ج): " وصلاحيته التملك "، وفي (أ):
" وصلاحيته التملك ".
21

والمغايرة للمتعاقدين، فلو باعه نفسه فالأقرب البطلان وإن كان الثمن
مؤجلا، بخلاف الكتابة.
والانتفاع به، فلا يصح على ما أسقط الشرع منفعته كآلات الملاهي،
ولا على ما لا منفعة له: كرطوبات الإنسان وشعره وظفره، عدا اللبن.
والقدرة على التسليم، فلا يصح بيع الطير في الهواء إذا لم تقض عادته
بعوده، ولا السمك في الماء، إلا أن يكون محصورا ولا الآبق منفردا، إلا
على من هو في يده.
والعلم، فلا يصح بيع المجهول ولا الشراء به، ولا تكفي المشاهدة في
المكيل والموزون والمعدود، سواء كان عوضا أو ثمنا، بل لا بد من الاعتبار
بأحدها، ولا يكفي الاعتبار بمكيال (1) مجهول، ولو تعذر وزنه أو كيله أو عده
اعتبر وعاء (2) وأخذ الباقي بالحساب (3).
وتكفي المشاهدة في الأرض والثوب وإن لم يذرعا، ولو عرف أحدهما
الكيل أو الوزن وأخبر الآخر صح، فإن نقص أو زاد تخير المغبون.
ولو كان المراد الطعم أو الريح افتقر إلى معرفته بالذوق أو الشم،
ويجوز شراؤه من دونهما بالوصف، فإن طابق صح وإلا تخير، والأقرب صحة
بيعه من غير اختبار ولا وصف بناء على الأصل من السلامة، فإن خرج
معيبا فله الأرش إن تصرف، وإلا الأرش أو الرد. والأعمى والمبصر سواء.
ولو أدى اختباره إلى الإفساد كالبطيخ والجواز والبيض جاز بيعه بشرط
الصحة، فإن كسره المشتري فخرج معيبا فله الأرش خاصة إن كان
لمكسورة قيمة، والثمن بأجمعه إن لم يكن كالبيض الفاسد.

(1) في النسخة: " بمكيل ".
(2) في مفتاح الكرامة: اعتبر وعاء واحد وأخذ.
(3) في (ب): " بحسابه ".
22

ويجوز بيع المسك في فأرة وإن لم يفتق، وفتقه أحوط.
ولا يجوز بيع المباحات بالأصل قبل الحيازة: كالكلأ والماء والمسك
والوحش، ولا بيع الأرض الخراجية إلا تبعا لآثار التصرف.
والأقرب جواز بيع بيوت مكة.
ولو حفر بئرا في أرض مملوكة له أو مباحة ملك ماءها بالوصول إليه،
وكذا لو حفر نهرا فجرى الماء المباح فيه فإنه للحافر خاصة، وكذا لو حفر
فظهر معدن في أرض مباحة أو مملوكة.
ويشترط في الملك التمامية، فلا يصح بيع الوقف إلا أن يؤدي بقاؤه إلى
خرابه لخلف أربابه، ويكون البيع أعود، ولا بيع أم الولد ما دام ولدها حيا،
إلا في ثمن رقبتها مع إعسار المولى عنه، وفي اشتراط موت المولى نظر،
ولا بيع الرهن بدون إذن المرتهن.
ويجوز بيع الجاني وإن كان عمدا وعتقه، ولا يسقط حق المجني عليه
عن رقبته في العمد، ويكون في الخطأ التزاما للفداء، فيضمن المولى حينئذ
أقل الأمرين من قيمته وأرش الجناية على رأي، ثم للمجني عليه خيار
الفسخ إن عجز عن أخذ الفداء ما لم يجز البيع أولا.
فروع:
(أ): لو باع الآبق منضما إلى غيره ولم يظفر به لم يكن له رجوع على
البائع بشئ، وكان الثمن في مقابلة المنضم. أما الضال فيمكن حمله على
الآبق، لثبوت المقتضي وهو تعذر التسليم، والعدم، لوجود المقتضي لصحة
البيع وهو العقد.
فعلى الأول يفتقر إلى الضميمة، ولو تعذر تسليمه كان الثمن في مقابلة
23

الضميمة.
وعلى الثاني لا يفتقر، ويكون في ضمان البائع إلى أن يسلمه، إلا مع
الإسقاط.
(ب): لو باع المغصوب وتعذر تسليمه لم يصح، ولو قدر المشتري على
انتزاعه دون البائع فالأقرب الجواز، فإن عجز تخير، وكذا لو اشترى ما يتعذر
تسليمه إلا بعد مدة ولم يعلم المشتري كان له الخيار، ولو باع ما يعجز عن
تسليمه شرعا كالمرهون لم يصح، إلا مع إجازة المرتهن.
(ج): لو باع شاة من قطيع أو عبدا من عبيد ولم يعين بطل، ولو قال:
بعتك صاعا من هذه الصيعان مما تتماثل أجزاؤه صح، ولو قسم أو (1) فرق
العصيان وقال: بعتك أحدها لم يصح، وكذا يبطل [لو قال:] (2) بعتك
هذه العبيد إلا واحدا ولم يعين، أو: بعتك عبدا على أن تختار من شئت
منهم.
ولو باع ذراعا من أرض أو ثوب يعلمان ذرعانهما صح إن قصدا
الإشاعة، وإن قصدا معينا (3) بطل.
ويجوز ابتياع جزء معلوم النسبة مشاعا من معلوم تساوت أجزاؤه أو
اختلفت: كنصف هذه الدار أو هذه الصبرة مع علمها قدرا. ويصح بيع
الصاع من الصبرة وإن كانت مجهولة الصيعان إذا عرف وجود المبيع فيها.
وهل ينزل على الإشاعة؟ فيه نظر، فإن جعلنا المبيع صاعا من الجملة غير

(1) " قسم أو " لا توجد في المطبوع و (أ، ج، د، ش).
(2) أثبتناه من المطبوع و (ج، د).
(3) في المطبوع و (د): " إن قصد الإشاعة، وإن قصد معينا "، وفي (ج، ش): " إن قصد
الإشاعة ".
24

مشاع بقي المبيع ما بقي صاع، وعلى تقدير الإشاعة يتلف من المبيع
بالنسبة.
(د): إيهام السلوك كابهام المبيع، فلو باع أرضا محفوفة بملكه وشرط الممر
من جهة معينة صح البيع، وإن أبهم، وإن قال: بعتكها بحقوقها صح،
فيثبت للمشتري السلوك من جميع الجوانب وإن كانت إلى شارع أو ملك
المشتري على إشكال.
(ه‍): لو باع بحكم أحدهما أو ثالث من غير تعيين قدر الثمن أو وصفه
بطل، فيضمن المشتري العين لو قبضها بالمثل أو القيمة يوم القبض، أو
أعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف على الخلاف، وعليه أرش
النقص والأجرة إن كان ذا أجرة، لا تفاوت السعر، وله الزيادة إن كانت
من فعله عينا أو صفة، وإلا فللبائع وإن كانت منفصلة.
(و): تكفي المشاهدة عن الوصف وإن تقدمت بمدة لا تتغير عادة، ولو
احتمل التغير صح، للاستصحاب، فإن ثبت التغير تخير المشتري، والقول
قوله لو ادعاه على إشكال.
ولا يصح بيع السمك في الآجام وإن ضم إليه القصب، وكذا اللبن في
الضرع مع المحلوب منه، وكذا الجلد والصوف على ظهر النعم (1) وإن ضم
إليهما غيره، وكذا ما في بطونها، وكذا لو ضمهما (2) ويجوز بيع الصوف على
الظهر منفردا على رأي. وكل مجهول مقصود بالبيع لا يصح بيعه وإن انضم
إلى معلوم، ويجوز مع الانضمام إلى معلوم إذا كان تابعا.

(1) في المطبوع و (أ، ج، ش): " الغنم ".
(2) في (ب): " وكذا لو ضمها ".
25

(ز): رؤية بعض المبيع كافية إن دلت على الباقي، لكونه من جنسه
كظاهر صبرة الحنطة، ثم إن وجد الباطن بخلافه تخير في الفسخ. ولا تكفي
رؤية ظاهر صبرة البطيخ ورأس سلة العنب والفاكهة. ولو أراه أنموذجا
وقال: بعتك من هذا النوع كذا، بطل، لأنه لم يعين مالا ولا وصف. ولو
قال: بعتك الحنطة التي في البيت وهذا الأنموذج منها صح إن أدخل
الأنموذج لرؤية بعض المبيع، وإن لم يدخل على إشكال، ينشأ من كون
المبيع غير مرئي ولا موصوف، إذ لا يمكن الرجوع إليه عند الإشكال بأن
يفقد.
(ح): لو باع عينا غير مشاهدة افتقر إلى ذكر الجنس والوصف، فلو
قال: بعتك ما في كمي لم يصح ما لم يذكر الجنس والوصف الرافع
للجهالة، اتحد الوصف أو تعدد، ولا يفتقر معهما إلى الرؤية من
المتعاقدين، فلو وصف للبائع أو للمشتري أو لهما صح البيع، فإن خرج على
الوصف لزم، وإلا تخير من لم يشاهده، ففي طرف الزيادة يتخير البائع، وفي
طرف النقصان المشتري، ولو اختار صاحب الخيار اللزوم لم يكن للآخر
فسخه، ولو زاد ونقص باعتبارين تخيرا معا، سواء بيع بثمن المثل أو لا. ولو
رأى بعض الضيعة ووصف له الباقي تخير فيها كلها (1) لو خرجت على
الخلاف، وخيار الرؤية على الفور.
(ط): يجوز الإندار للظروف ما يحتمل الزيادة والنقيصة، لا ما يزيد،
إلا بالتراضي، ويجوز ضم الظرف في البيع من غير إندار.
(ي): لو باعه بدينار غير درهم نسيئة مما يتعامل به وقت الأجل أو نقدا

(1) في (ش ونسخة من ص): " كلها أجمع ".
26

مع جهله بالنسبة أو بما يتجدد من النقد بطل، ولو قدر (1) الدرهم من الدينار
صح، ولو باعه بعشرين درهما من صرف العشرين بالدينار بطل مع تعدد
الصرف بالسعر المذكور أو جهله، ولو باعه بنصف دينار لزمه شق دينار،
ولا يلزمه صحيح إلا مع إرادته عرفا.
(يا): لو باعه الصبرة كل قفيز بدينار وعلما قدرها صح، وإلا بطل
الجميع.
(يب): يجوز استثناء الجزء المعلوم في أحد العوضين، فيكون الآخر في
مقابلة الباقي. فلو قال: بعتك هذه السلعة بأربعة إلا ما يساوي واحدا بسعر
اليوم قال الشيخ (2): يبطل مطلقا للجهالة، والوجه ذلك، إلا أن يعلما بسعر
اليوم. ولو قال: إلا ما يخص واحدا قال (3): يصح في ثلاثة أرباعها بجميع
الثمن، والأقرب عندي البطلان، لثبوت الدور المفضي إلى الجهالة، فإن
علماه بالجبر والمقابلة أو غيرهما (4) صح البيع في أربعة أخماسها بجميع الثمن.
ولو باعه بعشرة وثلث الثمن فهو خمسة عشر، لأن الثمن شئ يعدل عشرة
وثلث شئ، فالعشرة تعدل ثلثي الثمن. ولو قال: وربع الثمن فهو ثلاثة عشر
وثلث. ولو قال: إلا ثلث الثمن فهو سبعة ونصف.
* * *

(1) في المطبوع: " ولو علم قدر ".
(2) القولان في المسألتين للشيخ في المبسوط: ج 2 ص 116.
(3) القولان في المسألتين للشيخ في المبسوط: ج 2 ص 116.
(4) في النسخة المعتمدة، و (ج، ش): " أو غيرها ".
27

المقصد الثالث
في أنواع المبيع
وفيه فصول:
الأول: الحيوان
وفيه مطلبان:
الأول:
الأناسي من أنواع الحيوان إنما يملكون بسبب الكفر (1) الأصلي إذا
سبيوا، ثم يسري الرق إلى ذرية الملوك وأعقابه وإن أسلموا ما لم
ينعتقوا (2).
ولو التقط الطفل من دار الحرب ملك، ولا يملك من دار الإسلام،
ولا من دار الحرب إذا كان فيها مسلم، فإن أقر بعد بلوغه بالرقية حكم عليه
بها ما لم يكن معروف النسب، وكذا كل من أقر بها بالغا رشيدا مجهولا وإن
كان المقر له كافرا، ولا يقبل رجوعه.
ولو اشترى عبدا يباع في الأسواق فادعى الحرية لم يقبل إلا بالبينة.
ويملك الرجل كل بعيد وقريب سوى أحد عشر: الأب والأم، والجد
والجدة لهما وإن علوا، والولد ذكرا أو أنثى، وولد الولد كذلك وإن نزل،

(1) في (ج): " بسبب كالكفر ".
(2) في (د): " ما لم يعتقوا ".
28

والأخت، والعمة والخالة وإن علتا، وبنت الأخ وإن نزلتا،
فمن ملك أحدهم عتق عليه.
وتملك المرأة كل أحد سوى الآباء وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا.
والرضاع كالنسب على رأي.
ويكره ملك القريب غير من ذكرنا.
ويصح أن يملك كل من الزوجين صاحبه فيبطل النكاح وإن ملك
البعض.
وما يؤخذ من دار الحرب بغير إذن الإمام فهو للإمام خاصة، لكن
رخصوا لشيعتهم في حال الغيبة التملك والوطء وإن كانت للإمام أو
بعضها، ولا يجب إخراج حصه غير الإمام منها، ولا فرق بين أن يسبيهم
المسلم أو الكافر.
وكل حربي قهر حربيا فباعه صح، وإن كان أخاه أو زوجته أو من
ينعق عليه كابنه وبنته وأبويه على إشكال، ينشأ من دوام القهر المبطل
للعتق لو فرض، ودوام القرابة الرافعة للملك بالقهر.
والتحقيق: صرف الشراء إلى الاستنقاذ وثبوت الملك للمشتري
بالتسلط، ففي لحوق أحكام البيع - حينئذ - نظر.
المطلب الثاني: في الأحكام
يجوز ابتياع بعض الحيوان بشرطين: الإشاعة وعلم النسبة، فلو باعه يده
أو رجله أو نصفه الذي فيه رأسه أو الآخر بطل، ولو باعه شيئا منه أو جزءا
أو نصيبا أو قسطا بطل، ويصح لو باعه نصفه أو ثلثه (1)، ويحمل مطلقه على

(1) في المطبوع: " نصفه مشاعا أو ثلاثة ".
29

الصحيح.
ولو استثنى البائع الرأس والجلد فالأقرب بطلان البيع والصحة في
المذبوح.
ولو اشتركا في الشراء وشرط أحدهما الرأس والجلد لم يصح، وكان له
بقدر ماله، ولو قال له: الربح بيننا ولا خسران عليك فالأقرب بطلان
الشرط.
ولو وطئها أحدهما لشبهة فلا حد، وبدونها يسقط بقدر نصيبه خاصة،
فإن حملت قومت عليه حصة الشريك وانعقد الولد حرا، وعلى أبيه قيمة
حصة الشريك منه يوم الولادة، ولا تقوم بنفس الوطئ على رأي.
ويتخير المشتري إذا تجدد العيب في الحيوان بعد العقد وقبل القبض،
في الفسخ والإمساك مجانا، وبالأرش على رأي، ولو تلف بعد قبضة في
الثلاثة فمن البائع إن لم يحدث فيه المشتري حدثا، ولو تجدد فيه عيب من
غير الجهة المشتري: فإن كان في الثلاثة تخير كالأول، وفي الأرش نظر،
ولا يمنع من الرد بالعيب السابق، فلو كان بعدها أو أحدث المشتري فيه
حدثا منع من الرد بالعيب السابق.
والحمل حال البيع للبائع على رأي، إلا أن يشترطه المشتري فيثبت له
معه، فإن سقط قبل قبضه أو في الثلاثة من غير فعله قومت في الحالين وأخذ
من الثمن بنسبة التفاوت.
ولو قال: اشتر حيوانا بشركتي أو بيننا صح البيع لهما، وعلى كل منهما
نصف الثمن، فإن أدى أحدهما الجميع بإذن صاحبه في الإنقاد عنه لزمه
الغرم له وإلا فلا، ولو تلف فهو منهما، ويرجع على الأمر بما نقد عنه بإذنه.
والعبد لا يملك مطلقا على رأي، فلو كان بيده مال فهو للبائع وإن علم
30

به، فإن شرطه المشتري صح إن لم يكن ربويا، أو كان واختلفا، أو تساويا
وزاد الثمن. ولو قال له العبد: اشترني ولك علي كذا لم يلزم على رأي.
ولو دفع إلى مأذون مالا ليشتري رقبة ويعتقها ويحج عنه بالباقي
فاشترى أباه ودفع إليه الباقي للحج ثم ادعى من مولى الأب والمأذون
وورثة الدافع كون الثمن من ماله (1) فالقول قول مولى المأذون مع اليمين
وعدم البينة، وتحمل الرواية (2) بالدفع إلى مولى الأب عبده كما كان
على إنكار البيع، فإن أقام أحدهما بينة حكم له. ولو أقام كل من الثلاثة
بينة: فإن رجحنا بينة ذي اليد فالحكم كالأول، وإلا فالأقرب ترجيح بينة
الدافع عملا بمقتضى صحة البيع، مع احتمال تقديم بينة مولى الأب
لادعائه ما ينافي الأصل وهو الفساد.
ولو اشترى كل من المأذونين صاحبه فالعقد للسابق، فإن اتفقا بطلا
إلا مع الإجازة، ولو كانا وكيلين صحا معا.
ولو اشترى مسروقة من أرض الصلح قيل: يردها على البائع ويستعيد
الثمن، فإن مات فمن وارثه، فإن فقد استسعيت (3)، والأقرب تسليمها إلى
الحاكم من غير سعي.
ولو دفع بائع عبد موصوف في الذمة عبدين ليتخير المشتري فأبق
أحدهما ضمنه بقيمته، ويطالب بما اشتراه، ولو اشترى عبدا من عبدين لم
يصح.

(1) في (ص): " من عين ماله ".
(2) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب بيع الحيوان ح 1 ج 13 ص 53، وهي رواية ابن أشيم، وخبرها
طويل فراجع.
(3) القائل: هو الشيخ (ره) في النهاية: كتاب المتاجر في بيع الحيوان ج 2 ص 205.
31

ويجب على البائع استبراء الموطوءة بحيضة أو خمسة وأربعين يوما قبل
بيعها إن كانت من ذوات الحيض، وكذا يجب على المشتري قبل وطئها لو
جهل حالها، ويسقط لو أخبر الثقة بالاستبراء، أو كانت لا مرأة، أو
صغيرة، أو آيسة، أو حاملا، أو حائضا.
ويحرم وطء الحامل قبلا قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام، ويكره
بعده إن كان عن زنا، وفي غيره إشكال، فإن وطئها عزل استحبابا، فإن لم
يعزل كره بيع (1) ولدها، ويستحب أن يعزل له من ميراثه قسطا.
ويكره وطء من ولدت من الزنا بالملك والعقد، فإن فعل فلا يطلب
الولد منها، ورؤية المملوك ثمنه في الميزان، والتفرقة بين الطفل وأمه قبل
الاستغناء ببلوغ سبع سنين، أو مدة الرضاع على خلاف، وقيل (2): يحرم.
ولو ظهر استحقاق الموطوءة غرم العشر مع البكارة، ونصفه لا معها،
والولد حر، وعلى الأب قيمته للمولى يوم سقوطه حيا، ويرجع على البائع
بما دفعه ثمنا وغرم عن الولد، وفي الرجوع بالعقر وأجرة الخدمة نظر، ينشأ
من إباحة البائع له بغير عوض، ومن استيفاء عوضه.
ويستحب لمن اشترى مملوكا تغيير اسمه، وإطعامه حلاوة، والصدقة
عنه بشئ.
ويصح بيع الحامل بحر، والمرتد وإن كان عن فطرة على إشكال،
والمريض المأيوس من برئه.

(1) في المطبوع و (أ، ج): " كره له بيع ".
(2) من القائلين بالتحريم: ابن الجنيد، كما نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب التجارة في بيع الحيوان
ص 381 س 18، والمفيد في المقنعة: ب 8 في ابتياع الحيوان ص 601، والشيخ في المبسوط: في
أحكام الأسارى من كتاب الجهاد ج 2 ص 21.
32

ولو باع أمة واستثنى وطئها مدة مدة معلومة لم يصح.
الفصل الثاني: في (1) الثمار
وفيه مطلبان:
الأول: في أنواعها
يجوز بيع ثمرة النخل بشرط الظهور عاما واحدا وأزيد، ولا يجوز قبله
مطلقا على رأي، ولا يشترط فيما بدا صلاحه - وهو: الحمرة أو الصفرة -
الضميمة، ولا زيادة على العام، ولا شرط القطع إجماعا. وهل يشترط
أحدها فيما لم يبد صلاحه؟ قولان (2)، أقربهما إلحاقه بالأول. ولو بيعت على
مالك الأصل أو باع الأصل واستثنى الثمرة فلا يشترط إجماعا.
وأما ثمرة الشجرة: فيجوز بيعها مع الظهور، وحده انعقاد الحب،
ولا يشترط الزيادة على رأي، ولا يجوز قبل الظهور عاما ولا اثنين على
رأي، ولا فرق بين البارز كالمشمس، والخفي كاللوز.
وأما الخضر: فيجوز بيعها بعد ظهورها وانعقادها، لا قبله لقطة
ولقطات.
والزرع يجوز بيعه، سواء انعقد السنبل فيه أو لا، قائما وحصيدا، منفردا

(1) في (أ) زيادة: بيع.
(2) ممن قال بالاشتراط: ابن الجنيد كما نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب التجارة ص 376 س 6،
وأبو الصلاح في الكافي في الفقه: ص 356، والشيخ في المبسوط: ج 2 ص 113، والخلاف: ج 3
ص 85 م 140، والقاضي ابن البراج في المهذب: ج 1 ص 380، وابن حمزة في الوسيلة: ص 250، والمحقق في شرائع الإسلام: ج 2 ص 52.
وذهب إلى عدم الاشتراط: المفيد في المقنعة: ب 9 في بيع الثمار ص 602، والشيخ في التهذيب:
ب 7 في بيع الثمار ج 7 ص 88 ذيل الحديث 18، وابن إدريس في السرائر: ج 2 ص 358.
33

ومع أصوله، بارزا كان كالشعير، أو مستترا كالحنطة والعدس والهرطمان
والباقلي، ولو كان مما يستخلف بالقطع كالكراث والرطبة وشبههما جاز
بيعه جزة وجزات، وكذا ما يخرط كالحناء والتوت خرطة وخرطات،
منفردة ومع الأصول بشرط الظهور في ذلك كله.
ولو باع الزرع بشرط القصل وجب قطعه على المشتري، فإن لم يفعل
فللبائع قطعه وتركه بالأجرة، وكذا لو باع الثمرة بشرط القطع.
المطلب الثاني: في الأحكام
ليس للبائع تكليف مشتري الثمرة القطع قبل بدو صلاحها إلا أن
يشترطه، بل يجب عليه (1) تبقيتها إلى أوان أخذها عرفا بالنسبة إلى جنس
الثمرة، فما قضت العادة بأخذه بسرا اقتصر على بلوغه ذلك، وما قضت (2)
بأخذه رطبا أو قسبا (3) أخر إلى وقته، وكذا لو باع الأصل واستثنى الثمرة
وأطلق وجب على المشتري إبقاؤها.
ولكل من مشتري الثمرة وصاحب الأصل سقي الشجر مع انتفاء الضرر،
ولو تضررا منعا (4)، ولو تقابل ضر (5) أحدهما ونفع الآخر رجحنا مصلحة
المشتري، ولا يزيد عن قدر الحاجة، ويرجع فيه إلى أهل الخبرة. ولو انقطع
الماء لم يجب قطع الثمرة وإن تضرر الأصل بمص الرطوبة.
ولو اعتاد قوم قطع الثمار قبل انتهاء الصلاح - كقطع الحصرم - فالأقرب

(1) " عليه " ليست في (أ).
(2) في المطبوع زيادة " العادة ".
(3) القسب: التمر اليابس يتفتت في الفم، صلب النواة. لسان العرب (مادة: قسب).
(4) في (أ): " معا ".
(5) في (ه‍، ش، ص): ضرر.
34

حمل الإطلاق عليه.
ولو ظهر بعض الثمرة فباعه مع المتجدد في تلك السنة صح، سواء
اتحدت الشجرة أو تكثرت، وسواء اختلف الجنس أو اتحد.
ويجوز أن يستثني ثمرة شجرة أو نخلة معينتين، ولو أبهم أو شرط الأجود
بطل البيع. وأن يستثني حصة مشاعة أو أرطالا معلومة، فإن اجتيحت الثمرة
سقط من المستثنى بالنسبة. ولو اجتيحت الثمرة بعد الإقباض - وهو: التخلية
هنا - أو سرقت فهي من مال المشتري، ولو كان قبل القبض فمن البائع، ولو
تلف البعض أخذ الباقي بحصته من الثمن وله الفسخ.
ولو أتلفه أجنبي تخير المشتري بين الفسخ وإلزام المتلف، والأقرب
إلحاق البائع به. وإتلاف المشتري كالقبض. ولا يجب على البائع السقي،
بل التمكين منه مع الحاجة، فلو تلفت بترك السقي فإن لم يكن قد منع
فلا ضمان عليه، وإن منع ضمن، وكذا لو تعيبت.
ويجوز بيع الثمرة والزرع بالأثمان والعروض، إلا بيع الثمرة بالتمر (1)،
وهي المزابنة (2)، وإلا الزرع (3) بالحب، وهي المحاقلة. ولو اختلف
الجنس جاز كما لو باع زرع حنطة بدخن. وهل يسري المنع إلى ثمر
الشجر؟ الأقرب ذلك، لتطرق الربا على إشكال، والأصح عدم اشتراط

(1) في المطبوع و (د): " إلا بيع التمر بالتمر "، وفي (ج): " إلا بيع التمرة بالتمر "، وفي (أ): " لا بيع الثمرة
بالثمرة ".
(2) قال الطريحي في مجمع البحرين: وفي الخبر " نهى عن المزابنة " وهي بيع الرطب في رؤوس النخل
بالتمر، وأصله من الزبن وهو: الدفع كأن كل واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقه بما يزداد
منه، والنهي عن ذلك لما فيه من الغبن والجهالة. مجمع البحرين ولسان العرب (مادة: زبن).
(3) في (ج، د): " ولا الزرع ".
35

كون الثمن من المثمن.
واستثني من الأول العرايا، فإنه يجوز بيع العرية - وهي: النخلة التي (1)
تكون في دار الإنسان أو بستانه - بخرصها تمرا لا منها، ولا يجوز ما زاد على
الواحدة مع اتحاد المكان، ويجوز مع تعدده، ولا يشترط التقابض في بيع
العرية قبل التفرق، بل الحلول، فلا يجوز إسلاف أحدهما في الآخر.
فروع
(أ): لا يجب التماثل في الخرص بين ثمرتها عند الجفاف وثمنها، ولا يجوز
التفاضل عند العقد.
(ب): لا تثبت العرية في غير النخل إن منعنا بيع ثمر الشجر بالمماثل.
(ج): يجوز بيع العرية وإن زادت على خمسة أوسق.
(د): إنما يجوز بيعها على مالك الدار أو البستان، أو مستأجر هما، أو
مشتري ثمرة البستان على إشكال.
(ه‍): لو قال: بعتك هذه الصبرة من الغلة أو الثمرة بهذه الصبرة سواء
بسواء، فإن عرفا المقدار صح، وإلا بطل وإن تساويا عند الاعتبار، سواء
اتحد الجنسان أو اختلفا.
(و): يجوز أن يتقبل أحد الشريكين بحصة صاحبه من الثمرة بشئ
معلوم منها لا على سبيل البيع، وأن يبيع الثمرة مشتريها بزيادة ونقصان قبل
القبض وبعده، ولو اشترى لقطة من الخضراوات فامتزجت بالمتجددة من
غير تمييز فالأقرب مع مماحكة (2) البائع ثبوت الخيار للمشتري بين الفسخ

(1) " التي " لا توجد في (أ) و (ص).
(2) قال ابن منظور في لسان العرب: مادة " محك ": (المحك: المشارة والمنازعة في الكلام. والمحك:
التمادي في اللجاجة عند المساومة والغضب ونحو ذلك. والمماحكة: الملاجة. وتماحك البيعان
والخصمان: تلاجا).
36

والشركة، ولا خيار لو وهبه البائع على إشكال.
(ز): يشترط في الثمن الذي يشترى العرية به: العلم بالكيل أو الوزن،
ولا تكفي المشاهدة.
(ح): لا يجوز بيع ما المقصود منه مستور كالجزر والثوم، إلا بعد قلعه
ومشاهدته، ولو اشترى الزرع قصيلا (1) مع أصوله فقطعه فنبت فهو له، أما
لو لم يشترط الأصل فهو للبائع، ولو سقط من الحب المحصود فنبت في القابل
فهو لصاحب البذر، لا الأرض.
الفصل الثالث: في الصرف
وهو: بيع الأثمان بمثلها، وشرطه: التقابض في المجلس وإن كانا
موصوفين غير معينين، والتساوي قدرا مع اتفاق الجنس، فلو افترقا قبله
بطل، ولا يتحقق الافتراق مع مفارقة المجلس مصطحبين (2)، ولو قبض
الوكيل قبل تفرقهما صح لا بعده، ولو قبض البعض صح فيه خاصة.
ولو اشترى منه دراهم ثم اشترى بها دنانير قبل قبض الدراهم بطل
الثاني، فإن افترقا بطلا.
ولو كان له دنانير فأمره بأن يحولها إلى دراهم أو بالعكس بعد المساعرة
على جهة التوكيل صح وإن تفرقا قبل القبض، لأن النقدين من واحد على

(1) القصل: القطع، وقيل: قطع الشئ من وسطه أو أسفل من ذلك قطعا وحيا. والقصيل: ما اقتصل
من الزرع أخضر، والجمع قصلان. لسان العرب (مادة: قصل).
(2) في (ص) زيادة " بأن لا يزداد البعد بينهما " بعد كلمة " مصطحبين ".
37

إشكال، ولو تفرقا قبل الوزن والنقد صح مع اشتمال المقبوض على الحق.
والجودة والرداءة والصياغة والكسر لا توجب إلا ثنينية.
ويجوز التفاضل مع اختلاف الجنس.
والمغشوش يباع بغير جنسه إن جهل قدره، وإلا جاز بجنسه بشرط زيادة
السليم في مقابلة الغش. ولا يجوز إنفاقه إلا إذا كان معلوم الصرف
بين الناس، فإن جهل وجب إبانته.
وتراب معدن أحد النقدين يباع بالآخر احتياطا، ولو جمعا بيعا
بهما، ولا اعتبار بالذهب اليسير في جوهر الصفر، ولا بالفضة في
جوهر الرصاص.
والمصاغ من النقدين إن جهل قدر كل واحد بيع بهما أو بغيرهما أو
بالأقل إن تفاوتا، وإن علم بيع بأيهما شاء مع زيادة الثمن على جنسه، ولو
بيع بهما أو بغيرهما جاز مطلقا.
وتراب الصياغة يباع بالجوهرين معا، أو بغيرهما لا بأحدهما، ثم
يتصدق به مع جهل أربابه.
والمحلى بأحد النقدين يباع مع جهل قدره بالآخر، أو بغيرهما، أو
بالجنس مع الضميمة، ومع علمه يباع بالآخر، أو بغيرهما مطلقا، وبجنسه
مع زيادة الثمن، أو اتهاب المحلى من غير شرط، ولو تشخص الثمن تعين
فليس له دفع المساوي.
فروع
(أ): لو عينا الثمن والمثمن ثم تقابضا فوجد أحدهما بما أخذه عيبا فإن
38

كان من غير الجنس بطل الصرف، كأن يجد الذهب نحاسا أو الفضة
رصاصا، وكذا في غير الصرف كما (1) لو باعه ثوبا كتانا فبان صوفا بطل، وإن
كان البعض من غير الجنس بطل فيه خاصة، ويتخير من انتقل إليه في
الفسخ وأخذه بحصته من الثمن.
وإن كان من الجنس: كخشونة الجوهر واضطراب السكة وسواد الفضة
تخير بين الرد والإمساك، وليس له مطالبة البدل (2) في الموضعين. ولو
اختلف الجنسان فله الأرش ما داما في المجلس، فإن فارقاه فإن أخذ
الأرش (3) من جنس السليم بطل فيه، وإن كان مخالفا صح.
ولو كانا غير معينين وظهر العيب من غير الجنس: فإن تفرقا بطل، وإلا
كان له المطالبة بالبدل، ولو اختص العيب بالبعض اختص بالحكم، ولو
كان من الجنس فله الرد والإمساك مع الأرش مع اختلاف الجنس،
ومجانا مع اتفاقه، والمطالبة (4) بالبدل وإن تفرقا على إشكال، وفي اشتراط
أخذ البدل في مجلس الرد إشكال.
(ب): نقص السعر وزيادته لا يمنع الرد (5)، فلو صارفه وهي تساوي
عشرة بدينار فردها وقد صارت تسعة (6) بدينار صح قطعا، وكذا لو صارت
أحد عشر.

(1) ليس في غير (د) " كما ".
(2) في (ج): " المطالبة بالبدل ".
(3) في (د): " فإن فارقاه وأخذ الأرش ".
(4) في النسخة المعتمدة فقط " وله المطالبة ".
(5) في (د): " من الرد ".
(6) في (أ): " وهي تساوي عشر بدينار، فردها وهي قد صارت تسعة، وفي المطبوع و (ج): " صارت
تساوي تسعة "، وفي المطبوع: " صارت تسوى أحد عشر ".
39

(ج): لو تلف أحدهما بعد التقابض ثم ظهر في التالف عيب من غير
الجنس بطل الصرف، ويرد الباقي، ويضمن التالف بالمثل أو القيمة، ولو
كان من الجنس كان له أخذ الأرش مع اختلاف الجنس، وإلا فلا.
(د): لو أخبره بالوزن ثم وجد نقصا بعد العقد بطل الصرف مع اتحاد
الجنس، ويتخير مع الاختلاف بين الرد والأخذ بالحصة.
ولو وجد زيادة فإن كان قال: بعتك هذا الدينار بهذا الدينار بطل،
وإن قال: بعتك دينارا صح وكانت الزيادة في يده أمانة، ويحتمل أن
يكون مضمونة، لأنه قبضه على أنه عوض ماله. أما لو دفع إليه أزيد من
الثمن ليكون وكيله في الزائد أو ليزن له حقه منه في وقت آخر فإن الزيادة
هنا أمانة قطعا، ولو كانت الزيادة لاختلاف الموازين فهي للقابض،
ولآخذ الزيادة الفسخ، للتعيب بالشركة إن منعنا الإبدال مع التفرق، وكذا
لدافعها، إذ لا يجب عليه أخذ العوض.
نعم، لو لم يفترقا رد الزائد وطالب بالبدل.
ه‍): لو كان لأحدهما على الآخر ذهب وللآخر على الأول دراهم
فتصارفا بما في ذمهما جاز من غير تقابض على إشكال منشؤه اشتماله (1)
على بيع دين بدين، أما لو تباريا أو اصطلحا جاز، ويجوز اقتضاء أحد
النقدين من الآخر ويكون صرفا بعين وذمة، ولو دفع القضاء على التعاقب
من غير محاسبة كان له الإندار (2) بسعر وقت القبض وإن كان مثليا.
(و): لو اشترى دينارا بعشرة ومعه خمسة جاز أن يدفعها عن النصف

(1) في (أ): " منشؤه من اشتماله ".
(2) أندر: أتى بنادر من قول أو فعل، وأندر الشئ: أسقطه، يقال: أندر من الحساب كذا. أقرب الموارد
(مادة: ندر).
40

ثم يقترضها ويدفعها عن الآخر ليصح الصرف وإن كان حيلة.
(ز): لو اشترى من المودع الوديعة عنده (1) صح إذا دفع إليه الثمن في
المجلس، سواء علما وجوده أو ظناه أو شكا فيه، فإن ظهر عدمه (2) بطل
الصرف.
(ح): روي: " جواز ابتياع درهم بدرهم (3)، وشرط (4) صياغة خاتم " (5)
ولا يجوز التعدية.
* * *

(1): في (أ): " التي عنده ".
(2) في (د): " وجودها.... فإن ظهر عدمها ".
(3) في (أ): " درهم بمثله ".
(4) كذا في (أ، ب) وفي سائر النسخ: ويشترط.
(5) وهي رواية " أبي الصباح الكناني، قال: سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن الرجل يقول
للصائغ: صغ لي هذا الخاتم وأبدل لك درهما طازجا بدرهم غلة؟ قال: " لا بأس ". وسائل الشيعة:
ب 13 من أبواب بيع الصرف ح 1 ج 12 ص 480.
41

المقصد الرابع
في أنواع البيع
وهي بالنسبة إلى الأجل أربعة، وإلى الإخبار برأس المال أربعة، إلى
مساواة الثمن للعوض (1) قسمان.
فهنا فصول ثلاثة (2):
الأول:
العوضان إن كانا حالين فهو النقد، وإن كانا مؤجلين فهو بيع الكالئ
بالكالئ (3) وهو منهي عنه (4)، وإن كان المعوض (5) حالا خاصة فهو
النسيئة، وبالعكس السلف.

(1) في (ج): " مساواة الثمن للمال ".
(2) " ثلاثة " لا توجد في (أ).
(3) الكالئ بالكالئ: النسيئة بالنسيئة، أو الدين بالدين، سواء كان مؤجلا أم لا. راجع التفصيل في
النهاية لابن الأثير والفائق في غريب الحديث وأساس البلاغة (مادة: كلأ).
(4) مستدرك الوسائل: ب 15 من أبواب الدين والقرض ح 1 ج 13 ص 405.
(5) في المطبوع و (أ، ج، د): " العوض ".
42

فهنا مطلبان (1):
المطلب الأول: في النقد والنسيئة
إطلاق العقد واشتراط التعجيل يقتضيان تعجيل الثمن، واشتراط
التأجيل في نفس العقد يوجبه بشرط الضبط، فلو شرطا أجلا من غير تعيين
أو عينا مجهولا كقدوم الحاج بطل.
ولو باعه بثمنين: الناقص في مقابلة الحلول أو قلة الأجل، والزائد في
مقابلة الأجل أو كثرته بطل على رأي.
ولو باعه نسيئة ثم اشتراه قبل الأجل بزيادة أو نقيصة حالا أو مؤجلا
جاز إن لم يكن شرطه (2) في العقد، ولو حل فابتاعه بغير الجنس جاز مطلقا،
والأقرب أن الجنس كذلك، وقيل: يجب المساواة (3).
ويجوز البيع نسيئة بزيادة عن قيمته أو نقصان مع علم المشتري، وكذا
النقد.
ولو شرط خيار الفسخ إن لم ينقده في مدة معينة صح، ولو شرط أن
لا بيع إن لم يأت به فيها ففي صحة البيع نظر، فإن قلنا به بطل الشرط على
إشكال.
* * *

(1) في النسخة المعتمدة و (ب، د): " فها هنا مطالب "، ولا توجد في (أ)، والصحيح ما أثبتناه - كما في
المطبوع و (ج) - والدليل متابعة عدد المطالب.
(2) في (ج): " إن لم يشرطه ".
(3) قاله الشيخ في النهاية: ج 2 ص 150، وفي الاستبصار: ب 48 في من باع طعاما إلى
أجل.... ج 3 ص 77 ذيل الحديث الثاني.
43

المطلب الثاني: في السلف
وفيه بحثان:
الأول: في شرائطه
وهي سبعة:
الأول: العقد، ولا بد فيه من إيجاب كقوله: بعتك كذا صفته كذا (1)
إلى كذا بهذه الدراهم. وينعقد سلما لا بيعا مجردا، فيثبت له وجوب قبض
رأس المال قبل التفرق، نظرا إلى المعنى لا اللفظ، أو أسلمت أو أسلفت
أو ما أدى المعنى.
والأقرب (2) انعقاد البيع بلفظ السلم فيقول: أسلمت إليك هذا
الثوب في هذا الدينار. وكذا لو قال (3): بعتك بلا ثمن أو على أن لا ثمن
عليك فقال: قبلت، ففي انعقاده هبة نظر، ينشأ من الالتفات إلى المعنى
واختلال اللفظ. وهل يكون مضمونا على القابض؟ فيه (4) إشكال ينشأ
من كون البيع (5) الفاسد مضمونا، ودلالة لفظه على إسقاطه. أما لو قال:
بعت ولم يتعرض للثمن فإنه لا يكون تمليكا، ويجب الضمان.
الثاني (6): معرفة وصفه ويجب أن يذكر اللفظ الدال على الحقيقة
كالحنطة مثلا، ثم يذكر كل وصف تختلف به القيمة اختلافا ظاهرا

(1) " كذا " ليست في (أ).
(2) في المطبوع: " الأقرب ".
(3) في (أ): " ولو قال ".
(4) " فيه " ليست في المطبوع.
(5) في المطبوع: " المبيع ".
(6) في المطبوع: " الشرط الثاني ".
44

لا يتغابن الناس بمثله في السلم بلفظ ظاهر الدلالة عند أهل اللغة، بحيث
يرجعان إليه عند الاختلاف.
ولا يجب في الأوصاف الاستقصاء إلى أن يبلغ الغاية لعسر الوجود،
بل يقتصر على ما يتناوله الاسم، فلو أفضى الإطناب إلى عزة الوجود -
كاللآلئ الكبار التي تفتقر إلى التعرض فيها للحجم والشكل والوزن
والصفاء، واليواقيت، والجارية الحسناء مع ولدها إلى ما أشبهه - لم يصح وإن
كان مما يجوز السلم فيه، لأدائه إلى عسر التسليم. والأقرب جوازه في
اللآلئ الصغار مع ضبط وزنها ووصفها لكثرتها (1).
ويجوز اشتراط الجيد والردئ والأردأ على إشكال - ينشأ من عدم
ضبطه، ووجوب قبض الجيد لا يقتضي تعيينه عند العقد - لا الأجود.
وكل ما يمكن ضبط أوصافه المطلوبة يصح السلم فيه وإن كان مما
تمسه النار، فيجوز في عيدان النبل قبل نحتها لا المعمول، والخضر
والفواكه، وما تنبته الأرض، والبيض، والجوز واللوز، وكل أنواع الحيوان
والأناسي، واللبن والسمن والشحم، والطيب، والملبوس، والأشربة،
والأدوية وإن كانت مركبة إذا عرفت بسائطها، وفي جنسين مختلفين
ينضبط كل منهما بأوصافه، وفي شاة لبون - ولا يجب ذات لبن بل ما من
شأنها - وفي شاة ذات ولد، أو جارية كذلك على رأي، أو حامل على
إشكال ينشأ من الجهل بالحمل، والمختلطة المقصودة الأركان إذا أمكن
ضبطها كالعتابي (2)، والخز الممتزج من الإبريسم والوبر، والشهد، إذ

(1) في (أ، ج، ش) والمطبوع: " لكثرته "، وفي (د): " ووصفه لكثرته ".
(2) هو قماش معروف، منسوب إلى " عين تاب " بلد بالشام، وأدغمت النون في التاء / جامع المقاصد:
ج 4 ص 215.
45

الشمع كالنوى. وكذا كل ما لا يقصد خليطه كالجبن وفيه الإنفحة،
ودهن البنفسج، والبان (1)، والخل وفيه الماء، والصفر والحديد والرصاص
والنحاس، والزئبق، والكحل، والكبريت.
وكل ما لا يمكن ضبطه بالوصف لا يصح السلم فيه كاللحم مطبوخه
ونيه، والخبز، والجلود، والجواهر التي يعسر ضبطها.
فروع
(أ): يجب أن يذكر في الحيوان النوع، واللون، والذكورة أو الأنوثة (2)،
والسن.
وفي الأناسي زيادة القد كرباعي - أي: أربعة أشبار - وخماسي (3)،
فيقول: عبد تركي، أسمر، ابن سبع، طويل أو قصير أو ربع: وينزل كل
شئ على أقل الدرجات.
ولا يجوز وصف كل عضو للعزة (4). والأقرب جواز اشتراط ما
لا يعز (5) وجوده وإن كان استقصاء كالسمن والجعودة.
ويرجع في السن إلى الغلام مع بلوغه، ومع صغره إلى السيد، فإن
جهل فإلى ظن أهل الخبرة.

(1) البان: ضرب من الشجر، له حب حار يؤخذ منه الدهن، واحده: بأنه، وقد يطلق البان على نفس
الدهن توسعا. مجمع البحرين (مادة: بون).
(2) في المطبوع و (ب): " الذكورة والأنوثة ".
(3) في (ج): " أو خماسي ".
(4) في (ج، ه‍): " للعسر "، وفي (ص): " للعسرة فيه ".
(5) في (ج): " ما لا يعسر ".
46

ولو اختلف النوع الواحد في الرقيق وجب ذكر الصنف، ولو اتحد لونه
كفى نوعه (1) عنه.
(ب): يذكر في الإبل: الذكورة أو الأنوثة، والسن كبنت مخاض،
واللون، كالحمرة، والنوع، كنعم بني فلان أو نتاجهم، بختي أو عربي إن
كثروا وعرف لهم نتاج، وإلا بطل كنسبة الثمرة إلى بستان.
وفي الخيل: السن، واللون، والنوع، كعربي أو هجين. ولا يجب
التعرض للشياه، كالأغر والمحجل.
وفي الطيور (2): النوع، والكبر والصغر من حيث الجثة.
ولا نتاج للبغال والحمير، بل يذكر عوضه النسبة إلى البلد.
(ج): يذكر في التمر أربعة أوصاف (3): النوع، كالبرني، والبلد إن
اختلف الوصف، كالبصري، والقد، كالكبار، والحداثة أو العتق.
وفي البر وغيره من الحبوب: البلد، والحداثة أو العتق، والصرابة (4) أو
ضدها.
وفي العسل: البلد (5) كالمكي، والزمان: كالربيعي، واللون، وليس
له إلا مصفى من الشمع.
وفي السمن: النوع، كالبقري، واللون: كالأصفر، والمرعى، والحداثة
أو ضدها.

(1) في (ج): " كفى ذكر نوعه ".
(2) في (ج): " الطير ".
(3) في (أ، ش): " أصناف ".
(4) الصراب - بالكسر -: الزرع بعد ما يرفع في الخريف، واصرأب الشئ: املاس وصفا. أقرب
الموارد (مادة: صرب).
(5) في (أ، ج، ش): " والعسل: البلد ".
47

وفي الزبد: ذلك، وأنه زبد يومه أو أمسه.
وفي اللبن: النوع، والمرعى، ويلزمه مع الإطلاق حليب يومه.
(د): يذكر في الثياب ثمانية (1): النوع، كالكتان، والبلد، واللون،
والطول والعرض، والصفاقة، والرقة، والنعومة، أو أضدادها، ولو ذكر الوزن
بطل لعزته، وله الخام، إلا أن يشترط المقصور.
ويذكر في الغزل: النوع، كالقطن، والبلد، واللون، والغلظ والنعومة،
أو أضدادها.
وفي القطن: ذلك، إلا الغلظ وضده، فإن شرط منزوع الحب فله، وإلا
كان له بحبه مع الإطلاق، كالتمر بنواه على إشكال.
ويذكر في الصوف: البلد، والنوع، واللون، والطول أو القصر (2)،
والزمان، وفي اشتراط الأنوثة أو الذكورة نظر، وعليه تسليمه نقيا من الشوك
والبعر.
(ه‍): يذكر في الرصاص: النوع، كالقلعي والأسرب، والنعومة أو
الخشونة، واللون، ويزيد في الحديد: ذكرا أو أنثى (3).
ولو انضبطت الأواني جاز السلف فيها، فيضبط الطست (4) جنسه
وقدره وسمكه ودوره وطوله.
وفي الخشب: النوع، واليبس أو الرطوبة، والطول والعرض،

(1) في النسخة: " ستة "، والصحيح ما أثبتناه كما في (أ، ب، ج، د) والمطبوع، وكما هو معلوم من
ملاحظة التعداد في السياق.
(2) في (د): " والقصر ".
(3) في (ج): " وأنثى ".
(4) في (أ، ج): " الطشت "، وفي (ش): " الطست بجنسه ".
48

والسمك (1)، ويلزمه أن يدفع من طرفه إلى طرفه بذلك السمك والدور.
ولو كان أحد طرفيه أغلظ من الشرط فقد زاده خيرا، ولا يلزمه القبول لو
كان أدق، وله سمح خال من العقد.
(و): الصفات إن لم تكن مشهورة عند الناس لقلة معرفتها - كالأدوية
والعقاقير - أو لغرابة لفظها فلا بد وأن يعرفها المتعاقدان وغيرهما. وهل تعتبر
الاستفاضة أم تكفي معرفة عدلين؟ الأقرب الثاني.
الشرط الثالث: الكيل أو الوزن في المكيل والموزون.
ولا يكفي العد في المعدودات، بل لا بد من الوزن في البطيخ والباذنجان
والبيض والرمان، وإنما اكتفي في البيع بعدها للمعاينة، أما السلم فلا،
للتفاوت، ولا يجوز الكيل في هذه لتجافيها في المكيال.
أما الجوز واللوز: فيجوز كيلا ووزنا وعددا، لقلة التفاوت. وفي جواز
تقدير المكيل بالوزن وبالعكس (2) نظر.
ويشترط في المكيل (3) العمومية، فلو عين ما لا يعتاد كجرة وكوز بطل،
ولو اعتيد فسد الشرط وصح البيع. وكذا صنجة (4) الوزن، فلو عينا صخرة
مجهولة بطل ولو كانت مشاهدة.
ويجوز في المذروع أذرعا. ولا يجوز في القصب أطنانا، ولا الحطب (5)
حزما، ولا الماء قربا، ولا المجزور جززا.

(1) في (ش) و (ب) زيادة " ودوره " وفي (ه‍) زيادة " والدور ".
(2) في (ج): " أو بالعكس ".
(3) في (أ، ج): " المكيال ".
(4) في (ش): " صخر " و " صنجة " معرب " سنگ " فارسية بمعنى صخرة.
(5) في (ج): " ولا في الحطب ".
49

وكذا يشترط في الثمن علم مقداره بالكيل أو الوزن العامين ولا تكفي
المشاهدة مع تقديره بأحدهما. ولو كان من الأعواض غير المتقدرة بأحدهما
جاز كثوب معلوم، ودابة مشاهدة، وجارية (1) موصوفة، فإنه يجوز إسلاف
الأعواض في الأعواض وفي الأثمان، والأثمان في الأعواض، ولا يجوز في
الأثمان بالأثمان.
الرابع (2): قبض الثمن في المجلس.
فلو تفرقا قبله بطل، ولو تفرقا بعد قبض البعض صح فيه خاصة،
وللبائع الامتناع من قبض البعض للتعيب، بخلاف الدين، ولو كان الثمن
خدمة عبد أو سكنى دار مدة معينة (3) صح، وتسليمها بتسليم العين.
ولا يشترط التعيين (4)، فلو قال: أسلمت إليك دينارا في ذمتي بكذا ثم
عين وسلم في المجلس جاز.
ولو أسلم مائة في حنطة ومثلها في شعير ثم دفع مائتين قبل التفرق
ووجد بعضها زيوفا (5) من غير الجنس وزع بالنسبة، وبطل من كل جنس
بنسبة حصته من الزيوف، ولو أحاله بالثمن فقبضه البائع من الحمال عليه
في المجلس فالأقوى عندي الصحة، ولو جعل الثمن في العقد ما يستحقه في
ذمة البائع بطل، لأنه بيع دين بدين على إشكال، ولو لم يعينه ثم حاسبه

(1) في (ج): " وكدابة مشاهدة وكجارية ".
(2) في (ب): " الشرط الرابع ".
(3) في (د): " عبد أو سكنى دار معينين ".
(4) في النسخة المعتمدة زيادة " للثمن ".
(5) الزيف: من وصف الدراهم، يقال: زافت عليه دراهمه، أي: صارت مردودة لغش فيها، وزاف
الدرهم يزيف زيوفا وزيوفة: ردو. لسان العرب (مادة: زيف).
50

بعد العقد من دينه عليه (1) فالوجه الجواز.
ولو شرط تعجيل نصف الثمن وتأخير الباقي لم يصح، أما في غير المقبوض
فلانتفاء القبض، وأما في المقبوض فلزيادته على المؤجل، فيستدعي أن
يكون في مقابلة أكثر مما في مقابلة المؤجل، والزيادة مجهولة.
الخامس: كون المسلم فيه دينا، فلا ينعقد في عين. نعم، ينعقد بيعا،
سواء كانت العين مشاهدة أو موصوفة.
السادس: الأجل المضبوط بما لا يقبل التفاوت، فلو شرط أداء المسلم
فيه عند إدراك الغلات أو دخول القوافل بطل، وكذا لو قال: متى أردت،
أو: متى أيسرت.
ويجوز التأقيت بشهور الفرس والروم، وبالنيروز والمهرجان، لأنهما
يطلقان على وقت انتهاء الشمس إلى أول برجي الحمل والميزان، ويجوز
بفصح النصارى وفطير اليهود إن عرفه المسلمون.
ولو أجل إلى نفير الحجيج احتمل البطلان، والحمل على الأول، وكذا
إلى ربيع أو جمادى.
وتحمل السنون والشهور على الهلالية، وتعتبر الأشهر بالأهلة، فإن
عقدا في أوله اعتبر الجميع بالأهلة، وإن عقدا في خلاله اعتبرت الشهور
بعده بالأهلة، ثم تمم المنكسر ثلاثين على رأي، ويحتمل انكسار الجميع
بكسر الأول، فيعتبر الكل بالعدد.
ولو قال: إلى الجمعة أو: إلى رمضان (2) حمل على الأقرب، ويحل

(1) في النسخة المعتمدة: " من دين له عليه ".
(2) في المطبوع و (أ، ب، ج، د): " أو رمضان ".
51

بأول جزء منهما. ولو قال: محله في الجمعة أو في رمضان فالأقرب البطلان.
ولو قال: إلى أول الشهر أو إلى آخره (1) احتمل البطلان، لأنه يعبر به عن
جميع النصف الأول والنصف الأخير، والصحة، فيحمل على الجزء الأول.
والأقرب عدم اشتراط الأجل، فيصح السلم في الحال، لكن يصرح
بالحلول، فإن أطلق حمل على الأجل واشتراط ضبطه، ولو أطلق ولم يضبطه
ثم ضبطه قبل التفرق بطل.
ولو قال: إلى شهر وأبهم اقتضى اتصاله بالعقد، فالأجل آخره (2)،
وكذا إلى شهرين أو ثلاثة، أما المعين فيحل بأوله كما تقدم.
ولا يشترط في الأجل أن يكون له وقع في الثمن، فلو قال: " إلى نصف
يوم " صح.
السابع: إمكان وجود المسلم فيه عند الحلول، ليصح التسليم وإن كان
معدوما وقت العقد أو بعد الحلول.
ولا يكفي الوجود في قطر آخر لا يعتاد نقله إليه في غرض المعاملة.
ولو احتاج تحصيله إلى مشقة شديدة - كما إذا أسلم في وقت الباكورة
في قدر كثير - فالأقرب الصحة.
ولو طرأ الانقطاع بعد انعقاد السلم - كما أسلم فيما يعم وجوده
وانقطع لجائحة (3)، أو وجد وقت الحلول عاما ثم أخر التسليم لعارض، ثم

(1) في المطبوع و (ب، ج، د، ه‍): " أو آخره ".
(2) في (ب): " إلى آخره ".
(3) الجوحة والجائحة: الشدة والنازلة العظيمة التي تجتاح المال من سنة، أو فتنة. لسان العرب (مادة:
جوح).
52

طالب بعد انقطاعه - تخير المشتري بين الفسخ والصبر، ولو قبض البعض تخير
في الفسخ (1) في الجميع، والمتخلف، والصبر.
ولو تبين العجز قبل المحل احتمل تنجيز الخيار وتأخيره.
البحث الثاني: في أحكامه
لا يشترط ذكر موضع التسليم - على إشكال - وإن كان في حمله مؤونة،
فلو شرطاه تعين، ولو اتفقا على التسليم في غيره جاز، ومع الإطلاق ينصرف
وجوب التسليم إلى موضع العقد.
ولو كانا في برية أو بلد غربة وقصدهما مفارقته قبل الحلول، فالأقرب
عندي وجوب تعيين المكان.
ويجب أن يدفع الموصوف، فلو دفع غير الجنس لم يجب القبول، وكذا
الأردأ، ولو كان من الجنس مساويا أو أجود وجب، ولو اتفقا على أن
يعطيه أردأ منه وأزيد فإن كان ربويا لم يجز على إشكال، وإلا جاز.
وليس له إلا أقل ما يتناوله الوصف. وله أخذ الحنطة خالية من التبن،
والزائد على العادة من التراب، وأخذ التمر جافا، ولا يجب تناهي جفافه.
ولا يقبض المكيل والموزون جزافا، وله ملء المكيال وما يحتمله،
ولا يكون ممسوحا من غير دق ولا هز.
ولا يجوز بيع السلف قبل حلوله، ويجوز بعده قبل القبض على الغريم
وغيره على كراهية، ويجوز بيع بعضه وتوليته، وتولية بعضه.
ويجوز أن يسلف في شئ ويشترط السائغ، كالقرض والبيع

(1) في المطبوع: " تخير المشتري في الفسخ ".
53

والاستسلاف والرهن والضمين.
ولو أسلف في غنم وشرط أصواف نعجات معينة صح.
ولو شرط كون الثوب من غزل امرأة معينة أو التمر (1) من نخلة بعينها لم
يلزم البيع، أما لو أسند التمر (2) إلى ما لا يحيل (3) عادة - كالبصرة - جاز.
فروع
(أ): لو أسلف عرضا في عرض موصوف بصفاته فدفعه عند الأجل
وجب القبول، فلو كان الثمن جارية صغيرة والمثمن كبيرة فجاء الأجل
وهي على صفة المثمن وجب القبول وإن كان البائع قد وطئها، ولا عقر
عليه وإن كان حيلة.
(ب): لو اختلفا في المسلم فيه فقال أحدهما: في حنطة والآخر: في
شعير. تحالفا وانفسخ العقد. ولو اختلفا في اشتراط الأجل فالأقرب أن
القول قول مدعيه إن كان العقد بلفظ السلم على إشكال، وعلى قولنا
بصحة الحال فالإشكال أقوى.
أما لو اختلفا في الزيادة فالقول قول نافيها. ولو اختلفا في الحلول فالقول
قول المسلم إليه، لأنه منكر. ولو اختلفا في أداء المسلم فيه فالقول قول
المنكر. ولو اختلفا في قبض الثمن فالقول قول البائع وإن تفرقا، لأنه منكر.
أما لو اختلفا بعد اتفاقهما على القبض في وقوعه قبل التفرق أو بعده
قدم قول مدعي الصحة، وكذا لو أقاما بينة، لأنها تضم إلى الصحة
الإثبات.

(1) في النسخ الأخرى عدا: " أ " والمطبوع: " الثمرة ".
(2) في النسخ الأخرى عدا: " أ " والمطبوع: " الثمرة ".
(3) قال ابن منظور في لسان العرب: " مادة: حول ": (حالت النخلة: حملت عاما ولم تحمل آخر).
54

ولو قال البائع: قبضته ثم رددته إليك قبل التفرق قدم قوله رعاية
للصحة.
(ج): يجب قبول المثل وقت الحلول أو الإبراء، فإن امتنع قبضه الحاكم
إن سأله البائع، ولو دفع أكثر لم يجب القبول، بخلاف الأجود.
ولو دفع من غير الجنس جاز مع التراضي، وكذا يجوز لو دفع بعضه أو
أردأ قبل الأجل وإن شرط التعجيل، ولو دفعه قبل الأجل لم يجب القبول،
سواء تعلق بالبائع غرض كتخليص الرهن، أو الضامن، أو خوف الانقطاع
في المحل، أو لم يكن غرض سوى البراءة، وسواء كان للممتنع غرض بأن
يكون في زمن نهب، أو كانت دابة يحذر من علفها، أو لم يكن.
ولو أسلم نصراني إلى نصراني في خمر فأسلم أحدهما قبل القبض
بطل، وللمشتري أخذ دراهمه، ويحتمل السقوط والقيمة عند مستحلية.
(د): إذا قبضه تعين وبرئ المسلم إليه، فإن وجده معيبا فرده زال
ملكه عنه، وعاد حقه إلى الذمة سليما. ولو وجد بالثمن عيبا فإن كان من
غير الجنس بطل إن تفرقا قبل التعويض أو كان معينا، وإن كان من
الجنس رجع بالأرش، وله البدل مع عدم التعيين وإن تفرقا على إشكال،
وإن تعين تخير بين الأرش والرد، فيبطل السلم، ولو كان الثمن (1) مستحقا
فإن كان معينا بطل، وإلا بطل إن تفرقا قبل قبض عوضه.
(ه‍): لو أسلم في شيئين صفقة بثمن واحد صح، تخالفا أو تماثلا.
ولو شرط الأداء في أوقات متفرقة صح إن عين ما يؤديه في كل وقت،
وإلا فلا.

(1) " الثمن " ليست في (أ).
55

ولو شرط رهنا أو ضمينا ثم تفاسخا أو رد الثمن لعيب بطل الرهن
وبرئ الضمين، ولو صالحه بعد الحلول على مال آخر عن مال (1) السلم
سقط الرهن، لتعلقه بعوض مال الصلح لا به.
الفصل الثاني: في المرابحة وتوابعها
المرابحة: هي البيع مع الإخبار برأس المال مع الزيادة عليه، وإيجابها
كالبيع ويزيد: بربح كذا.
ويجب العلم برأس المال والربح، فلو قال: بعتك بما اشتريت وربح
كذا ولم يعلم قدر الثمن لم يصح، وكذا لو علما قدر رأس المال وجهلا الربح،
ويجب ذكر الصرف والوزن مع الاختلاف.
ويكره نسبة الربح إلى المال، فيقول (2): رأس مالي مائة وبعتك بربح
كل عشرة واحدا، فإن قال فالثمن مائة وعشرة، بل ينبغي أن يقول: رأس
مالي مائة وبعتك بما اشتريت وربح عشرة.
ثم إن كان البائع لم يعمل فيه شيئا صح أن يقول: اشتريته بكذا، أو:
هو علي، أو: ابتعته، أو: تقوم علي، أو: رأس مالي، ولو عمل فيه ماله
زيادة عوض قال: اشتريته بكذا وعملت فيه بكذا، ولو استأجر في ذلك
العمل صح أن يقول: تقوم علي، أو: هو علي، ويضم الأجرة.
ولو قال: بعتك بما قام علي، استحق مع الثمن جميع المؤن التي يقصد
بالتزامها الاسترباح مثل ما بذله من دلالة وأجرة البيت والكيال

(1) كذا في غير (د) وفيه: " عن غير مال ".
(2) في (د): " بأن يقول ".
56

والحارس والحمال والقصار والصباغ مع علم قدر ذلك كله. ولا يستحق
المطالبة بالمؤن التي فيها بقاء الملك كنفقة العبد وكسوته، وعلف الدابة،
وليس له الرجوع بما عمل بنفسه كما لو قصر الثوب أو تطوع به متطوع،
ولا أجرة البيت إذا كان ملكه، ويخبر بعد أخذ الأرش من العيب السابق
بالباقي.
ولو جني على العبد فأخذ أرشه لم يضعه. ولو جنى العبد في يده ففداه لم
يضم الفداء ولا يضع قيمة النماء المتجدد.
ويجب على البائع حفظ الأمانة بالصدق في قدر الثمن، وفي الإخبار عما
طرأ في يده من عيب منقص أو جناية، ولا يجب الإخبار بالغبن، ولا بالبائع
وإن كان ولده أو غلامه.
ويجب ذكر تأجيل الثمن، ولو أسقط عنه البعض جاز أن يخبر بالأصل،
سواء كان الإسقاط في مدة الخيار أو بعده.
وليس له الإخبار بالشراء في الأبعاض مع تقسيط الثمن عليها، إلا أن
يخبر بصورة الحال، اتفقت أو اختلفت، ساوى بينها (1) أو لا، باع خيارها
بالأقل أو لا، وكذا الحامل إذا ولدت وأراد بيعها منفردة.
ولا يخبر الدلال بالشراء عن تقويم التاجر مجردا عن البيع، سواء ابتدأه
أو لا.
وأما التولية: فهي إعطاء المتاع برأس المال، فيقول: وليتك، أو بعتك،
وشبهه، فيقول: قبلت التولية، أو البيع.
وهو بيع يلحق به أحكام البيع من الشفعة والتقابض في المجلس إن

(1) في المطبوع و (أ، ب): " بينهما ".
57

كان صرفا، ويشترط العلم برأس المال لا ذكره، ويلزمه مثل الثمن الأول
جنسا ووصفا وقدرا.
وأما المواضعة: فهي مأخوذة من الوضع، وهي: أن يخبر برأس المال ثم
يقول: بعتك به ووضيعة (1) كذا.
ويكره لو قال: بوضيعة درهم من كل عشرة، فلو كان (2) الثمن مائة
لزمه تسعون.
ولو قال: من كل أحد عشر، كان الحط تسعة دراهم وجزءا من أحد
عشر جزءا من درهم، فيكون الثمن أحدا وتسعين إلا جزءا من أحد عشر
جزءا من درهم، وكذا لو قال: بوضيعة درهم لكل عشرة.
فروع
(أ) (3): يجوز لبائع المتاع شراؤه بزيادة ونقيصة، حالا ومؤجلا بعد
القبض، ويكره قبله إن كان مكيلا أو موزونا على رأي. ولو شرط الابتياع
حال البيع لم يجز، ويكره لو كان قصدهما ذلك ولم يشرطاه، فلو باع
غلامه (4) سلعة ثم اشتراها بزيادة قصدا للإخبار بالزائد جاز إن لم يكن
شرط الابتياع.
(ب): لو ظهر كذب البائع في إخباره تخير المشتري في الإمضاء
بالمسمى والفسخ، وليس له قدر التفاوت، سواء كان الكذب في قدر الثمن
أو جنسه أو وصفه أو حلوله.

(1) في (أ و ه‍) " وضيعته ".
(2) في (أ، ج): " فلو قال ".
(3) في المطبوع ذكر التعداد بالأرقام كتابة، وكذا ما بعده.
(4) في المطبوع: " غلامه الحر ".
58

وهل يسقط الخيار بالتلف؟ فيه نظر، ولا خيار لو علم بكذبه.
ولا تقبل بينة البائع لو ادعى كثرة الثمن، وله الإحلاف إن ادعى العلم،
ولو صدقه المشتري تخير البائع في الفسخ والإمضاء.
(ج): لو اشترى ثوبا بعشرة فباعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة جاز أن
يخبر بعشرة، ولا يجب حط الربح.
ولو اشتريا ثوبا بعشرين ثم اشترى أحدهما نصيب صاحبه بأحد عشر
أخبر بأحد وعشرين. ولو اشترى أحدهما نصفه بعشرة والآخر بعشرين ثم
باعاه صفقة مرابحة فالثمن بينهما نصفان.
(د): لو باعه تولية فحط البائع الأول عنه البعض فله الجميع، ولو كان
الحط قبل التولية فله الباقي إن كان (1) بما أدى (2)، ولو حط الجميع قبل
التولية لم تصح التولية (3) إن كان بما أدى أو بما قام (4).
الفصل الثالث: في الربا
وفيه مطلبان:
الأول: في محله
وله شرطان:
الأول: التماثل في الجنس: الثمن والمثمن إن اختلفا جنسا جاز اختلافهما

(1): في (د): " إن كان باع ".
(2) في النسخة المعتمدة: " بما أدى به "، وفي حاشيتها زيادة " أو بما قام ".
(3) " لم تصح التولية " لا توجد في المطبوع.
(4) في " ه‍ ": " بما قام به "، وفي (ج) زيادة: " إذا كان قد ولاه بما أداه إلى البائع ".
59

قدرا نقدا ونسيئة، إلا الصرف، فإنه لا يصح فيه النسيئة، وإن اتفقا وجب
اتفاقهما قدرا إن دخلهما الكيل أو الوزن (1) إجماعا، وإلا فلا.
ولا يشترط التقابض في المجلس قبل التفرق.
ويكره بيع أحد المختلفين بالآخر نسيئة وإن تساويا قدرا إذا دخلهما أحد
التقديرين على رأي، ولا يثبت الربا في غير البيع.
وضابط الاتفاق في الجنس شمول اللفظ الخاص لهما كالحنطة
والأرز، لا كالمطعوم المختلفة أفراده. والحنطة والشعير هنا جنس واحد على
رأي. وثمره النخل كلها جنس وإن اختلف أصنافه كردئ الدقل (2)
وجيد النوع، وثمرة الكروم (3) جنس (4).
وأصل كل شئ وفرعه جنس كالحنطة والدقيق والخبز، والدبس
والتمر والخل، والعنب ودبسه جنس، واللبن والزبد والأقط (5) والكشك
والسمن جنس، والسمسم والشيرج (6) جنس.
والمصنوع من جنسين يباع بهما أو بأحدهما مع زيادة على مماثلة.
واللحوم تابعة لأصولها، فلحم البقر عرابه وجاموسه جنس، ولحم الإبل
عرابها وبخاتيها جنس، ولحم الغنم ضأنها وماعزها جنس، والوحشي
والانسي جنسان. والحمام جنس على إشكال. والسموك جنس.

(1) في (ج): " والوزن ".
(2) " الدقل ": أردأ أنواع التمر. لسان العرب (مادة: دقل).
(3) في المطبوع و (ج): " الكرم ".
(4) في (أ): " الكرم كلها جنس واحد " وفي (د): " الكروم جنس واحد ".
(5) في (ب): " واللبن والزبد والأقط جنس ". والأقط: هو شئ يتخذ من اللبن المخيض، يطبخ ثم
يترك حتى يمصل. هامش الصحاح (مادة: أقط).
(6) الشيرج: دهن السمسم، معرب شيره. مجمع البحرين: مادة " شرج ".
60

واللبن والدهن تابعان، وكذا الخل، والدهن وما يتخذ منه جنس
كالشيرج ودهن البنفسج.
والجيد والردئ جنس، والصحيح والمكسور جنس، والتبر والمضروب
جنس.
الشرط الثاني: الكيل أو الوزن فلا ربا إلا فيما يكال أو يوزن مع
التفاوت، ولو تساويا قدرا صح البيع نقدا، ولو انتفى الكيل والوزن معا
جاز التفاضل نقدا ونسيئة كثوب بثوبين وبيضة ببيضتين، ولا فرق بين
اختلاف القيمة واتفاقها.
والحوالة في التقدير على عادة الشرع، فما ثبت أنه مكيل أو موزون في
زمانه - عليه السلام - حكم بدخولها فيه، فإن لم يعلم العادة الشرعية فعادة
البلد، فإن اختلفت البلدان فلكل بلد حكم نفسه على رأي، ولا يثبت
الربا في الماء ولا الطين إلا الأرمني.
والمراد هنا: جنس المكيل والموزون (1) وإن لم يدخلاه لقلته كالحبة
والحبتين، أو لكثرته كالزبرة.
فروع
(أ) (2): إذا خرج بالصنعة عن الوزن جاز التفاضل فيه كالثوب
بالثوبين، والآنية الحديد أو الصفر إذا لم تجر العادة بوزنها.
(ب): لا يجوز بيع الموزون بجنسه جزافا ولا مكيلا، ولا المكيل جزافا
ولا موزونا.

(1) في المطبوع: " أو الموزون ".
(2) في المطبوع ذكر التعداد كتابة: الأول... وما بعده.
61

(ج): لو كانا في حكم الجنس الواحد واختلفا في التقدير كالحنطة
المقدرة بالكيل والدقيق بالوزن احتمل تحريم البيع بالكيل أو بالوزن
للاختلاف قدرا، وتسويغه بالوزن.
(د): يجوز بيع الخبز بمثله وإن احتمل اختلافهما في الأجزاء المائية،
وكذا الخل بمثله.
المطلب الثاني: في الأحكام
كل ما له حالتا رطوبة وجفاف يجوز بيع بعضه ببعض مع تساوي
الحالتين، فيباع الرطب بمثله، والعنب بمثله، والفواكه الرطبة بمثلها، واللحم
الطري بمثله، والحنطة المبلولة بمثلها، والتمر والزبيب والفاكهة الجافة والمقددة
والحنطة اليابسة كل واحد بمثله، ولا يجوز مع الاختلاف في الحالتين،
فلا يباع الرطب بالتمر، ولا العنب بالزبيب، وكذا كل رطب مع يابسه،
سواء قضت العادة بضبط الناقص أو لا.
ولو اشتمل أحد العوضين على جنسين ربويين صح بيعهما بأحدهما مع
الزيادة، كمد تمر ودرهم بمدين، أو بدرهمين، أو بمدين ودرهمين، فإن تلف
الدرهم المعين أو استحق احتمل البطلان في الجميع وفي المخالف
والتقسيط، ولو كان أحد العوضين مشتملا على آخر (1) غير مقصود صح
مطلقا كبيع دار مموهة بالذهب، بالذهب.
ولا يجوز بيع اللحم بالحيوان إن تماثلا جنسا على أشكال، ويجوز مع
الاختلاف، وكذا يجوز بيع دجاجة فيها بيضة ببيضة (2) أو دجاجة، وشاة في

(1) في المطبوع: " على أجزاء ".
(2) " ببيضة " لا توجد في المطبوع.
62

ضرعها لبن بمثلها، أو بخالية، أو بلبن وإن كان من لبن جنسها،
ومكوك (1) حنطة بمثله وإن اشتمل أحدهما على عقد التبن أو زوان (2) أو
تراب تجري العادة بمثله.
ولو أراد المعاوضة على المتفاضلين المتفقين جنسا باع أحدهما سلعته
بجنس غيرهما ثم اشترى به الأخرى، أو باع المماثل قدرا ووهبه الزائد، أو
أقرضه إياه وتبارءا.
ولا ربا بين الولد وولده، فلكل منهما أخذ الفضل، ولا بين السيد
ومملوكه المختص، ولا بين الزوج وزوجته، ولا بين المسلم وأهل الحرب،
فللمسلم أخذ الفضل في دار الحرب أو الإسلام (3) دون العكس، ويثبت
بين المسلم والذمي على رأي.
والقسمة تمييز وليست بيعا، فتجوز فيما يثبت فيه الربا وإن تفاضلا وزنا
وخرصا (4)، ولو أخذ أحدهما الرطب والآخر التمر جاز.
ويجب على كل (5) من أخذ الربا رده إلى مالكه إن عرفه، أو إلى
ورثته إن فقد (6)، ويتصدق به عنه إن جهله، سواء استعمله مع علم
التحريم (7) أو جهله على رأي.

(1) المكوك: مكيال لأهل العراق وهو صاع ونصف. لسان العرب (مادة: مكك).
(2) الزوان والزوان: ما يخرج من الطعام فيرمى به، وهو الردئ منه، وخص بعضهم به الدوسر. لسان
العرب (مادة: زون).
(3) في (أ، د، ش): " أو دار الإسلام ".
(4) الخرص: حزر ما على النخل من الرطب تمر. لسان العرب (مادة: خرص).
(5) " كل " ليست في (ش).
(6) في النسخة المعتمدة " فقده ".
(7) في (أ): " مع التحريم ".
63

المقصد الخامس
في لزوم البيع
الأصل في البيع اللزوم، وإنما يخرج عن أصله بأمرين: ثبوت خيار
وظهور عيب، فهنا فصلان:
الأول: في الخيار
وفيه مطلبان:
الأول: في أقسامه
وهي سبعة:
الأول: خيار المجلس، ويختص بالبيع، ويثبت بعد العقد في كل مبيع لم
يشترط فيه سقوطه، فإن شرط سقط، ولو شرط أحدهما سقوطه عنه سقط (1)
بالنسبة إليه خاصة.
وهو ثابت للبائع والمشتري ما داما في المجلس وإن ضرب بينهما حائل،

(1) في النسخة المعتمدة: " ولو شرط سقوطه سقط "، وما أثبتناه كما في المطبوع و (أ، ب، ج، د).
64

أو فرقا كرها - إما بالضرب أو الحمل - ولم يتمكنا من الاختيار، أو فارقاه
مصطحبين.
ولو فارق أحدهما الآخر ولو بخطوة اختيارا - عالمين أو جاهلين، أو
بالتفريق - أو هرب أحدهما كذلك، أو التزما به، أو أوجبه أحدهما ورضي
الآخر، سقط، ولو التزم به أحدهما سقط خياره خاصة، ولو قال له: اختر
فسكت فخيارهما باق على رأي.
وخيار العاقد عن اثنين باق بالنسبة إليهما ما لم يشترط سقوطه، أو يلتزم
به عنهما بعد العقد، أو يفارق المجلس على قول (1). ويحتمل سقوط الخيار
وثبوته دائما ما لم يسقطه بتصرف أو إسقاط.
ولو كان الشراء لمن ينعتق عليه فلا خيار، وكذا في شراء العبد نفسه إن
جوزناه.
ولو مات أحدهما احتمل سقوط الخيار - لأن مفارقة الدنيا أولى من
مفارقة المجلس في الإسقاط - وثبوته، فينتقل إلى الوارث، فإن كان حاضرا
امتد الخيار بينه وبين الآخر ما دام الميت والآخر في المجلس، وإن كان
غائبا امتد إلى أن يصل إليه الخبر إن أسقطنا اعتبار الميت. وهل يمتد
بامتداد المجلس الذي وصل فيه الخبر؟ نظر، هذا كله إذا لم يفارق الآخر.
ولو حمل أحدهما ومنع من الاختيار لم يسقط خياره على إشكال.
أما الثابت فإن منع من التخاير أو المصاحبة لم يسقط، وإلا فالأقرب
سقوطه، فيسقط خيار الأول.

(1) لم نعرف قائله قبل المصنف، إلا أن الشيخ نسبه إلى القيل في المبسوط: ج 2 ص 78. وتبعه في النقل
ابن البراج في المهذب: ج 1 ص 353، وكذا المحقق في شرائع الإسلام: ج 2، ص 22، وقد احتمله
المصنف في المختلف: كتاب التجارة ص 350 س 20.
65

ولو جن أحدهما أو أغمي عليه لم يسقط الخيار، وقام الولي بما فيه
الحظ.
ولو جاءا مصطحبين وقال أحدهما: تفرقنا ولزم البيع وأنكر الآخر فعلى
المدعي البينة إن لم يطل الوقت، أما لو طال فيحتمل ذلك ترجيحا للأصل
على الظاهر مع التعارض، وتقديم قوله ترجيحا للظاهر.
أما لو اتفقا على التفرق واختلفا في الفسخ فالقول قول منكره مع
احتمال الآخر، لأنه أعرف بنيته.
الثاني: خيار الحيوان، ويمتد إلى ثلاثة أيام من حين العقد على رأي،
ويثبت للمشتري خاصة - على رأي - وإن كان الثمن حيوانا. ويسقط
باشتراط سقوطه في العقد، وبالتزامه بعده، وبتصرفه فيه وإن لم يكن لازما
كالهبة قبل القبض والوصية.
الثالث: خيار الشرط، ولا يتقدر بحد، بل بحسب ما يشترطانه بشرط
الضبط وذكره في صلب (1) العقد، فلو شرطا غيره كقدوم الحاج بطل العقد،
ولو شرطا مدة قبل العقد أو بعده لم يلزم.
ويجوز جعل الخيار لهما، أو لأحدهما (2)، أو لثالث (3) ولهما، أو لأحدهما
مع الثالث، واختلاف المدة لو تعدد صاحبه وعدم اتصالها (4)، واشتراط
المؤامرة إن عين المدة، ورد المبيع في مدة معينة يرد البائع فيها الثمن.
وأول وقته عند الإطلاق من حين العقد، لا التفرق، ولا خروج الثلاثة

(1) في المطبوع: " في طلب ".
(2) في النسخة و (د، ص): " ولأحدهما ".
(3) في (أ، ب، د، ش، ص): " ولثالث ".
(4) في المطبوع: " اتصالهما ".
66

في الحيوان. ولا يتوقف الفسخ به على حضور الخصم، ولا قضاء القاضي.
ولو أبهم الخيار في إحدى العينين أو أحد المتبايعين بطل العقد فيهما.
ولا يصح اشتراطه فيما يستعقب العتق، وفي ثبوته في الصرف إشكال.
الرابع: المغبون يثبت له الخيار بشرطين: عدم العلم بالقيمة وقت العقد،
والزيادة أو النقيصة الفاحشة التي لا يتغابن بمثلها وقت العقد، فيتخير
المغبون خاصة في الفسخ والإمضاء بما وقع عليه العقد، ولو دفع الغابن
التفاوت فلا خيار على إشكال، ولا يسقط بالتصرف، إلا أن يخرج عن
الملك بالبيع وشبهه، أو يمنع مانع من رده كاستيلاد الأمة أو عتقها،
ولا يثبت به أرش.
الخامس: من باع ولم يسلم المبيع (1) ولا قبض ولا شرط تأخير الثمن
يلزمه البيع ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري بالثمن فهو أحق [به] (2)، وإلا تخير
البائع في الفسخ والصبر والمطالبة بالثمن، ولا خيار لو أحضر الثمن قبل الفسخ
مطلقا، ولا يسقط بطلب الثمن بعدها، فإن تلف في الثلاثة فمن البائع على
رأي، وكذا بعدها إجماعا.
ولو اشترى ما يفسد ليومه فالخيار فيه إلى الليل، فإن تلف فيه احتمل
الخلاف. ولو قبض بعض الثمن أو سلم بعض المبيع فكالأول في الجميع،
ولو شرط نقد بعض الثمن وتأجيل الباقي ففي ثبوت الخيار مع تأخير النقد
إشكال، أقربه عدم الثبوت.
ولو شرط تأخير الثمن فأخره (3) عن الأجل لم يكن للبائع خيار.

(1) " المبيع ": ليست في (ب).
(2) أثبتناه من المطبوع و (أ).
(3) في (أ): " فإن أخره ".
67

السادس: خيار الرؤية: فمن اشترى عينا موصوفة شخصية تخير مع عدم
المطابقة بين الفسخ والإمضاء.
ويجب في هذا البيع ذكره اللفظ الدال على الجنس، والأوصاف التي
تثبت الجهالة برفع أحدها.
ولا يشترط رؤية البائع، فلو باع بوصف الوكيل ثم ظهر أجود تخير
البائع. ولو شاهد بعض الضيعة ووصف له الباقي ثبت له الخيار في الجميع
مع عدم المطابقة.
ولو نسج بعض الثوب فاشتراه على أن ينسج الباقي كالأول بطل.
السابع: خيار العيب: وسيأتي (1).
المطلب الثاني: في الأحكام
يثبت الشرط في كل عقد سوى الوقف والنكاح، ولا يثبت في
الطلاق، ولا العتق، ولا الإبراء.
ويسقط بالتصرف، فإن كان مشتركا (2) اختص السقوط بمن يختص
بالتصرف، ولو أذن أحدهما الآخر في التصرف فإن تصرف سقط الخياران،
وإلا خيار الإذن.
والخيار موروث بالحصص كالمال من أي أنواعه كان، إلا الزوجة غير
ذات الولد في الأرض على إشكال، أقربه ذلك إن اشترى بخيار لترث من
الثمن. وهل للورثة التفريق؟ نظر، أقربه المنع وإن جوزناه مع تعدد المشتري.

(1) يأتي في " الفصل الثاني في العيب "، وفي (ص): " وسيأتي إن شاء الله ".
(2) في المطبوع: " كان الخيار مشتركا ".
68

ولو زال عذر المجنون العاقد حالة العقد لم ينقض تصرف الولي بالخيار
إذا لم يخالف المصلحة.
ولو كان الميت مملوكا مأذونا فالخيار لمولاه.
ولو شرط المتعاقدان الخيار لعبد أحدهما ملك المولى الخيار، ولو كان
لأجنبي لم يملك مولاه، ولو يتوقف على رضاه إذا لم يمنع حقا للمولى (1)،
فلو مات لم ينتقل إلى مولاه، وكذا لو مات الأجنبي المشروط له الخيار.
والمبيع يملك بالعقد على رأي، فالنماء المتجدد بعد العقد للمشتري وإن
كان في (2) مدة الخيار، فإن فسخ العقد رجع بالثمن واسترد البائع الأصل
دون النماء.
وإذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه، فيرجع المشتري بالثمن
لا غير، وإن تلف بعد قبضه وانقضاء الخيار فهو من مال المشتري، وإن كان
في مدة الخيار من غير تفريط فمن المشتري إن كان الخيار للبائع أو لهما أو
لأجنبي، وإن كان للمشتري خاصة فمن البائع.
ويحصل الفسخ بوطئ البائع، وبيعه، وعتقه، وهبته وإن كان من
ولده.
والأقرب صحة العقود، ولا تحصل الإجازة بسكوته على وطئ
المشتري.
والمجعول فسخا من البائع إجازة من المشتري لو أوقعه، والإجارة
والتزويج في معنى البيع، والعرض على البيع والإذن فيه كالبيع على
إشكال.

(1) في (ش): " حق المولى ".
(2) في المطبوع: " كان النماء في ".
69

ولو باع المشتري أو وقف أو وهب في مدة خيار البائع أو خيارهما (1)، لم
ينفذ إلا بإذن البائع، وكذا العتق على إشكال.
نعم، له الاستخدام والمنافع والوطئ، فإن حبلت فالأقرب الانتقال
إلى القيمة مع فسخ البائع.
ولو اشترى عبدا بجارية ثم أعتقهما معا، فإن كان الخيار له بطل
العتقان، لأنه بعتق الجارية مبطل للبيع، وبعتق العبد ملتزم به، فعتق كل
منهما يمنع عتق الآخر فيتدافعان (2). ويحتمل عتق الجارية، لأن العتق فيها
فسخ، وفي العبد إجازة، وإذا اجتمع الفسخ والإجازة قدم الفسخ، كما لو
فسخ أحد المتعاقدين وأجاز الآخر، فإن الفسخ يقدم، وعتق العبد، لأن
الإجازة إبقاء للعقد، والأصل فيه استمرار.
وإن كان الخيار لبائع العبد لم ينفذ عتق الجارية ولا العبد، إلا مع
الإجازة على إشكال.
ولو اشترك الخيار صح عتق الجارية خاصة، لأن إعتاق البائع مع
تضمنه للفسخ يكون نافذا على رأي، ولا يعتق العبد وإن كان الملك فيه
لمشتريه، لما فيه من إبطال حق الآخر.
فروع
(أ): لا يبطل الخيار بتلف العين، فإن كان مثليا طالب صاحبه بمثله،
وإلا القيمة.

(1) في المطبوع: " أو خياريهما ".
(2) في (أ): " فيندفعان ".
70

(ب): لو قبلت الجارية المشتري فالأقرب أنه ليس بتصرف وإن كان
مع شهوة إذا لم يأمرها، ولو انعكس الفرض فهو تصرف وإن لم يكن عن
شهوة.
(ج): ليس للمشتري الوطئ في مدة الخيار المشترك أو المختص بالبائع
على إشكال، فإن فعل لم يحد، والولد حر، ولا قيمة عليه، فإن فسخ البائع
رجع بقيمة الأم خاصة، وتصير أم ولد، ولو وطئ البائع كان فسخا
ولا يكون حراما.
(د): لا يكره نقد الثمن وقبض المبيع في مدة الخيار.
(ه‍): البيع بالوصف قسمان: بيع عين شخصية موصوفة بصفات
السلم، وهو ينفسخ (1) برده على البائع وتلفه قبل قبضه، ويجوز التفرق قبل
قبض ثمنه وقبضه، وبيع عين موصوفة بصفات السلم غير معينة، فإذا سلم
إليه غير ما وصف فرده طالب بالبدل ولا يبطل، وكذا لو كان على
الوصف فرده فأبدله صح أيضا. وهل يجب قبض الثمن في المجلس أو قبضه؟
نظر.
(و): لو شرط الخيار لأجنبي كان الفسخ إليه لا إلى المشترط، إلا أن
نقول: إن شرط الخيار للأجنبي شرط له وتوكيل للأجنبي.
(ز): لو شرط الخيار شهرا - مثلا - بعد مضي مدة معينة احتمل بطلان
الشرط، لأن الواجب لا ينقلب جائزا، والصحة عملا بالشرط، فلا يتخير
قبل انقضاء المدة.
(ح): لو فسخ المشتري بخياره فالعين في يده مضمونة، ولو فسخ البائع

(1) في المطبوع: " وينفسخ ".
71

فهي في يد المشتري أمانة على إشكال.
الفصل الثاني: في العيب
وفيه مطالب:
الأول: في حقيقته
وهو: الخروج عن المجرى الطبيعي لزيادة أو نقصان موجب لنقص
المالية: كالجنون والجذام والبرص والعمى والعور (1) والعرج والقرن (2)
والفتق والرتق (3) والقرع والصمم، والخرس وأنواع المرض، سواء استمر
كما في الممراض، أو لا كالعارض ولو حمي يوم، والإصبع الزائدة،
والحول، والخوص (4)، والسبل: وهو زيادة في الأجفان، والتخنيث، وكونه
خنثى، والجب والخصاء وإن زادت بهما قيمته، وبول الكبير في الفراش،
والإباق، وانقطاع الحيض ستة أشهر وهي في سن من تحيض، والثفل
الخارج عن العادة في الزيت أو البزر (5)، واعتياد الزنا والسرقة، والبخر
والصنان (6) الذي لا يقبل العلاج، وكون الضيعة منزل الجنود، وثقيل

(1) " والعور " ليس في (أ).
(2) القرن والقرن: العفل، والقرناء من النساء: التي في فرجها مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما
غدة غليظة أو لحمة مرتتقة أو عظم. والرتقاء: المرأة المنضمة الفرج التي لا يكاد الذكر يجوز فرجها.
لسان العرب (مادتا - قرن، رتق).
(3) القرن والقرن: العفل، والقرناء من النساء: التي في فرجها مانع يمنع من سلوك الذكر فيه إما
غدة غليظة أو لحمة مرتتقة أو عظم. والرتقاء: المرأة المنضمة الفرج التي لا يكاد الذكر يجوز فرجها.
لسان العرب (مادتا - قرن، رتق).
(4) في المطبوع: " والحوص " بالحاء المهملة. و " الحوص ": ضيق في مؤخر العين حتى كأنها خيطت،
وقيل: هو ضيق مشقها، وقيل: هو ضيق في إحدى العينين دون الأخرى. و " الخوص ": ضيق العين
وصغرها وغورها، وقيل: أن تكون إحدى العينين أصغر من الأخرى، وقيل: هو ضيق مشقها خلقة
أو داء. لسان العرب (مادتا: حوص، خوص).
(5) في المطبوع و (أ): " البرز ".
(6) البخر: النتن يكون في الفم والرائحة المتغيرة فيه. والصنان: ذفر الإبط. لسان العرب (مادتا: بخر،
صنن).
72

الخراج، واستحقاق القتل بالردة أو القصاص، والقطع بالسرقة أو
الجناية (1)، والاستسعاء في الدين، وعدم الختان في الكبير دون الصغير
والأمة والمجلوب من بلاد الشرك مع علم (2) المشتري بجلبه.
والثيوبة ليست عيبا، ولا الصيام، ولا الإحرام، ولا الاعتداد،
ولا التزويج، ولا معرفة الغناء والنوح، ولا العسر على إشكال، ولا الكفر،
ولا كونه ولد زنا وإن كان جارية، ولا عدم المعرفة بالطبخ والخبز وغيرهما.
المطلب الثاني: في الأحكام
كل ما يشترطه المشتري من الصفات المقصودة مما لا يعد فقده عيبا
يثبت الخيار عند عدمه كاشتراط الإسلام، أو البكارة، أو الجعودة في
الشعر، أو الزجج (3) في الحواجب، أو معرفة الطبخ، أو غيره من الصنائع، أو
كونها ذات لبن، أو كون الفهد صيودا.
ولو شرط غير المقصود فظهر الخلاف فلا خيار كما لو شرط السبط أو
الجهل.
ولو شرط الكفر أو الثيوبة فظهر الضد تخير، لكثرة طالب الكافرة من
المسلمين وغيرهم، وعدم تكلفها العبادات، وربما عجز عن البكر.
ولو شرط الحلب كل يوم شيئا معلوم أو طحن الدابة قدرا معينا لم
يصح، ولو شرطها حاملا صح، ولو شرطها حائلا فبانت حاملا فإن كانت
أمة تخير، وإن كانت دابة احتمل ذلك، لإمكان إرادة حمل ما تخير تعجز عنه

(1) في (ش): " والجناية ".
(2) في (أ، ج، ص): " مع عدم علم ".
(3) زججت المرأة حاجبها بالمزج: دققته وطولته، وقيل: أطالته بالأثمد. لسان العرب (مادة: زجج).
73

حينئذ، وعدمه للزيادة إن قلنا بدخول الحمل كالشيخ (1).
وإطلاق العقد واشتراط الصحة يقتضيان السلامة من العيب، فلو وجد
المشتري عيبا سابقا على العقد ولم يكن عالما به تخير بين الفسخ والأرش.
ولو تبرأ البائع من العيوب في العقد وإن كانت مجملة أو علم المشتري
به قبله أو أسقطه بعده سقط الرد والأرش.
ولو أحدث فيه حدثا قبل العلم بالعيب أو بعده أو حدث عنده عيب
آخر بعد قبضه من جهته مطلقا أو من غير جهته - إذا لم يكن حيوانا في مدة
الخيار - فله الأرش خاصة. ولو كان العيب الحادث قبل القبض لم يمنع الرد
مطلقا.
وينبغي إعلام المشتري بالعيب، أو التبرؤ مفصلا، فإن أجمل برئ.
ولو ابتاع شيئين صفقة ووجد بأحدهما عيبا سابقا تخير في رد الجميع أو
أخذ الأرش، وليس له تخصيص الرد بالمعيب، فإن كان قد تصرف في أيهما
كان سقط الرد خاصة.
وليس للمشتريين صفقة الاختلاف - فيطلب أحدهما الأرش والآخر
الرد، بل يتفقان - على إشكال. أما لو ورثا خيار عيب فلا إشكال في
وجوب التوافق، ولا إشكال في جواز التفريق لو باعهما في عقدين.
ولو اشترى من اثنين جاز له الرد على أحدهما والأرش من الآخر،
سواء اتحد العقد أو تعدد.
والأرش جزء من الثمن، نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب عن
الصحيح، وطريقه أن يقوم في الحالين، فيحتمل حين العقد والقبض

(1) الخلاف: كتاب البيوع ج 3 ص 28 م 39.
74

والأقل منهما، ويؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت بينهما، ويؤخذ بالأوسط إن
اختلف المقومون.
ولو ظهرت الأمة حاملا قبل العقد كان له الرد وإن تصرف بالوطئ
خاصة، ويرد معها نصف عشر قيمتها، فإن تصرف بغيره فلا رد، وكذا
لا رد لو وطئ وكان العيب غير الحمل.
فروع
(أ): لو قتل بردة سابقة فللمشتري الأرش - وهو نسبة ما بين قيمته
مستحقا للقتل وغير مستحق - من الثمن، وكذا لو قطع في قصاص أو سرقة فله
أرش ما بين كونه مستحقا وغير مستحق للقطع.
(ب): لو حملت من السحق فوطئها المشتري بكرا فالأقرب أن عليه
عشر قيمتها، ويحتمل نصف العشر وعدم الرد، وكذا الإشكال في وطئ
الدبر، ونصف العشر فيه أقرب.
(ج): لو كان المبيع غير الأمة فحمل عند المشتري من غير تصرف
فالأقرب أن للمشتري الرد بالعيب السابق، لأن الحمل زيادة، ولو كانت
حاملا فولدت عنده ثم ردها رد الولد.
(د): لو كان كاتبا أو صانعا فنسيه عند المشتري لم يكن له الرد
بالسابق.
(ه‍): لو باع المعيب سقط رده وإن عاد إليه بالعيب، ولا يسقط الأرش
وإن خرج عن ملكه (1)، وكذا لو مات أو أعتقه أو وقفه، والأرش بعد العتق
له.

(1) في (أ): " عن الملكية ".
75

(و): لو باع الجاني خطأ ضمن أقل الأمرين على رأي، والأرش على
رأي، وصح البيع إن كان موسرا، وإلا تخير المجني عليه، ولو كان عمدا
وقف على إجازة المجني عليه، ويضمن الأقل من الأرش والقيمة، لا الثمن
معها، وللمشتري الفسخ مع الجهل فيرجع بالثمن أو الأرش، فإن
استوعبت الجناية القيمة فالأرش ثمنه أيضا، وإلا فقدر الأرش، ولا يرجع
لو كان عالما، وله أن يفديه - كالمالك - ولا يرجع به، ولو اقتص منه فلا رد،
وله الأرش - وهو: نسبة تفاوت ما بين كونه جانيا وغير جان - من الثمن.
(ز): لو باعه من ينعتق عليه ولما يعلم عتق عليه ولا شئ له. ولو
اشترى زوجته بطل النكاح، ولو ظهر تحريم الجارية عليه مؤبدا (1) فلا فسخ
ولا أرش وإن نقص انتفاعه، لبقاء القيمة محفوظة بالنسبة إلى غيره.
المطلب الثالث: في التدليس
التدليس بما يختلف الثمن بسببه يثبت به الخيار بين الفسخ والإمضاء
مع عدم التصرف، ومعه لا شئ، ولا أرش إذا لم يكن عيبا، وذلك
كتحمير الوجه، ووصل الشعر وأشباه ذلك.
والتصرية في الشاة تدليس لا عيب، ويرد معها مثل اللبن الموجود
حال البيع دون المتجدد - على إشكال - مع فقده، ولو زال وصفه حتى
الطراوة فالأرش، فإن تعذر فالقيمة السوقية. ولا يثبت الرد مع التصرف
إلا هنا وفي الجارية الحامل مع الوطئ.
والأقرب ثبوت التصرية في البقرة والناقة، أما الأتان والأمة مع

(1) في المطبوع و (أ، ب، ج، د): " مؤبدا عليه ".
76

الإطلاق فلا.
ولو تحفلت (1) الشاة بنفسها فالأقرب سقوط الخيار.
وتختبر التصرية بثلاثة أيام، فإن زالت التصرية قبل انقضائها فلا
خيار، ويثبت لو زالت بعدها.
ولو كان المشتري عالما بالتصرية فلا خيار له، ولو علم بالتصرية قبل
الثلاثة تخير على الفور.
ولو رضي بالتصرية ثم ظهر على آخره (2) فإن كان حلبها فلا رد، وإلا
فله ذلك.
ولو شرط كثرة اللبن في الأمة والفرس والأتان (3) فظهر الخلاف فله
الفسخ.
أما لو أشبع الشاة فامتلأت خواصرها فظنها المشتري حبلي أو سود
أنامل العبد أو ثوبه فظنه كاتبا أو كانت الشاة عظيمة الضرع خلقة فظنها
كثيرة اللبن فلا خيار، لأنه لا يتعين في الجهة التي يظنها.
ولو ماتت الشاة المصراة أو الأمة المدلسة فلا شئ له، وكذا لو تعيبت
عنده قبل علمه بالتدليس.
المطلب الرابع: في اللواحق
لو ادعى البائع التبري من العيوب قدم قول المشتري مع اليمين وعدم

(1) التحفيل مثل التصرية، وهو: أن لا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع. الصحاح
(مادة: حفل).
(2) في المطبوع و (أ، ج): " على عيب آخر ".
(3) في (د): " أو الفرس أو الأتان ". والأتان: الأنثى خاصة من الحمر، لسان العرب: أتن.
77

البينة، ويقدم قول البائع مع اليمين وعدم البينة وشهادة الحال (1) لو ادعى
المشتري سبق العيب.
والخيار ليس على الفور، فلا يسقط إلا بالإسقاط ولو علم بالعيب
وتطاول زمان السكوت، ولا يفتقر في الفسخ إلى حضور الغريم
ولا الحاكم.
ويتخير المشتري بين الرد والأرش لو تجدد العيب قبل القبض وبعد
العقد على رأي، ولو قبض البعض وحدث في الباقي عيب فله الأرش أو رد
الجميع دون المعيب على إشكال.
وكل عيب يحدث في الحيوان بعد القبض وقبل انقضاء الخيار فإنه
لا يمنع الرد في الثلاثة.
وترد الجارية والعبد من الجنون والجذام والبرص وإن تجددت ما بين
العقد والسنة وإن كان بعد القبض ما لم يتصرف المشتري، فإن تصرف
وتجدد أحد هذه على رأس السنة فله الأرش.
ولو زاد المبيع ثم علم بالعيب السابق فله الرد، والزيادة المنفصلة له،
والمتصلة للبائع.
ولو باع الوكيل فالمشتري يرد (2) بالعيب على الموكل، ولا يقبل إقراره
على موكله في تصديق المشتري على تقدم العيب مع إمكان حدوثه، فإن
رده المشتري على الوكيل لجهله بالوكالة لم يملك الوكيل رده على الموكل
لبراءته باليمين، ولو أنكر الوكيل حلف، فإن نكل فرد عليه احتمل عدم

(1) في المطبوع: " وعدم شهادة الحال ".
(2) في (د): " فللمشتري أن يرد ".
78

رده على الموكل لإجرائه مجرى الإقرار، وثبوته لرجوعه قهرا كالبينة.
ولو اشترى بشرط البكارة فادعى الثيوبة حكم بشهادة أربع من النساء
الثقاة.
ولو رد المشتري السلعة لعيب فأنكر البائع أنها سلعته قدم قوله مع
اليمين. ولو ردها بخيار فأنكر البائع أنها سلعته احتمل المساواة وتقديم قول
المشتري مع اليمين، لاتفاقهما على استحقاق الفسخ بخلاف العيب.
ولو كان المبيع حليا (1) من أحد النقدين بمساويه جنسا وقدرا فوجد
المشتري عيبا قديما وتجدد عنده آخر لم يكن له الأرش، ولا الرد مجانا،
ولا مع الأرش، ولا يجب الصبر على المعيب مجانا، فالطريق (2) الفسخ
وإلزام المشتري بقيمته من غير الجنس، معيبا بالقديم سليما عن الجديد،
ويحتمل الفسخ مع رضى البائع، ويرد المشتري العين وأرشها، ولا ربا، فإن
الحلي في مقابلة الثمن، والأرش للعيب المضمون كالمأخوذ للسوم.
* * *

(1) في (أ): " خاليا ".
(2) في المطبوع: " في الطريق ".
79

المقصد السادس
في أحكام العقد
وفيه فصول:
الأول: ما يندرج في المبيع
وضابطه: الاقتصار على ما يتناوله اللفظ لغة وعرفا، والألفاظ ستة:
الأول: الأرض، وفي معناها: البقعة، والعرصة، والساحة.
ولا يندرج فيها: الأشجار، ولا البناء (1)، ولا الزرع، ولا أصل البقل،
ولا البذر وإن كان كامنا، ولا يمنع صحة بيع الأرض، لكن للمشتري مع
الجهل الخيار بين الفسخ والإمضاء مجانا ولو قال: بحقوقها.
أما لو قال: وما أغلق عليه بابه، أو: وما هو فيه، أو: وما اشتملت عليه
حدوده دخل الجميع. وتدخل لو لم يقل في ضمان المشتري ويده بالتسليم
إليه وإن تعذر انتفاعه.
والأحجار إن كانت مخلوقة أو مدرجة في البناء دخلت، وإن كانت
مدفونة لم تدخل، فإن كان المشتري عالما فلا خيار له وله إجبار البائع على
القلع، ولا أجرة له عن مدة القلع وإن طالت، وعلى البائع تسوية الحفر،
وإن كان جاهلا تخير في الفسخ والإمضاء.

(1) في (أ، ج): " والبناء ".
80

والأقرب عدم ثبوت الأجرة عن مدة القلع أو مدة بقاء الزرع، لأنها
مستثناة كمدة نقل المتاع، وله أرش التعيب مع التحويل.
ولو ترك البائع الحجارة للمشتري ولم يكن بقاؤها مضرا سقط خيار
المشتري، ولا يملكها المشتري بمجرد الإعراض، بل لا بد من عقد.
الثاني: البستان والباغ: ويدخل فيه الشجرة والأرض والحيطان، وفي
دخول البناء إشكال أقربه عدم الدخول، ويدخل فيه العريش (1) الذي
يوضع عليه القضبان على إشكال، ويدخل المجاز والشرب على إشكال.
الثالث: الدار: ويدخل فيها الأرض، والبناء على اختلافه، حتى
الحمام المعدود من مرافقها، والأعلى والأسفل، إلا أن تشهد العادة
باستقلال الأعلى، والمثبت سواء عد من أجزاء الدار - كالسقوف
والأبواب المنصوبة والحلق والمغاليق - أو لا، بل أثبت للارتفاق كالسلم
المثبت، والرفوف المثبتة، والأوتاد المغروزة، دون الرحى المثبت،
والدنان (2)، والإجانات المثبتة، وخشبة القصارين (3)، والخوابي (4) المدفونة،
والكنوز المذخورة، والأحجار المدفونة، وما ليس (5) بمتصل كالفرش،
والستور، والرفوف الموضوعة على الأوتاد من غير سمر، والحبل والدلو

(1) العريش: شئ يعمل من الخشب وغيره يشبه السقف، تلقى عليه قضبان شجر العنب وغيره،
والقضبان بضم أوله وكسره. القاموس المحيط (مادة: عرش وقضب).
(2) الدن: هو كهيئة الحب وقيل: الدن و - جمعه الدنان - أصغر من الحب له عسعس فلا يعقد إلا أن يحفر
له. لسان العرب (مادة: دنن).
(3) في (ج): " القصار ".
(4) جمع خابية: وهي فارسية معربة، وهي الحب الذي يجعل فيه الماء. لسان العرب (مادة: حبب
وخبا).
(5) في المطبوع و (ب، ج، د): " ولا ما ليس ".
81

والبكرة، والقفل، إلا المفاتيح فإنها تدخل.
وفي ألواح الدكاكين إشكال، من حيث إنها تنقل وتحول فصارت
كالفرش، ومن حيث إنها أبواب، ويدخل فيها المجاز.
ولو قال: " بحقوقها " وتعدد دخل الجميع، ولو لم يقل فإشكال، فإن
قلنا بدخل الجميع فلا بحث، وإلا وجب التعيين.
الرابع: القرية والدسكرة (1): ويدخل فيها الأبنية، والساحات التي
تحيط بها البيوت، والطرق المسلوكة فيها، وفي دخول الأشجار النابتة وسطها
إشكال، أقربة عدم الدخول.
ولا تدخل المزارع حول القرية وإن قال: بحقوقها، إلا مع القرينة
كالمساومة عليها وعلى مزارعها بثمن ويشتريها به، أو يبذل ثمنا لا يصلح إلا
للجميع.
الخامس: الشجر: ويندرج تحته الأغصان الرطبة، والأوراق، والعروق
دون الفراخ، ولو تجددت فلمالك الأرض الإزالة عند صلاحية الأخذ،
ويستحق الإبقاء مغروسا لا المغرس، فلو انقلعت سقط حقه.
ولو اشترى الشجرة بحقوقها لم يستحق الأرض أيضا، بل الإبقاء،
وليس له الإبقاء في المغرس ميتة، إلا أن يستخلف عوضا من فراخها
المشترطة.
ولا تندرج الثمرة المؤبرة فيها إلا أن يشترطه المشتري، سواء أبرها البائع
أو تشققت من نفسها فأبرتها اللواقح، وعلى المشتري التبقية إلى بلوغ
الصلاح مجانا، ويرجع في الصلاح إلى العادة، ففيما يؤخذ بسرا إذا تناهت

(1) الدسكرة: القرية والصومعة، والأرض المستوية، وبيوت الأعاجم يكون فيها الشراب والملاهي، أو
بناء كالقصر حوله بيوت، وجمعه دساكر. القاموس المحيط (مادة: دسر).
82

حلاوته، وما يؤخذ رطبا إذا تناهى ترطيبه، وما يؤخذ تمرا إذا نسف نسافا
تاما، وكذا لو اشترى ثمرة كان له إبقاؤها.
ولو لم يكن مؤبرا دخل بشرطين:
أن يكون من النخل: فلو اشترى شجرة غير النخل وقد ظهرت ثمرتها، لم
تدخل، سواء كانت في كمام وقد تفتح عنها أو لم يكن قد تفتح، أو كانت
بارزة.
الثاني: الانتقال بالبيع: فلو انتقلت النخلة بغيره من صلح بعوض أو
غيره، أو هبة بعوض أو غيره، أو إجارة، أو إصداق، أو غير ذلك لم يدخل.
فروع
(أ): إذا ظهرت الثمرة بعد البيع فهي للمشتري إذا لم تكن موجودة حال
العقد، إلا أن يشترطها البائع.
(ب): لو كان المقصود من الشجر، الورد، فإن كان موجودا حال العقد
فهو للبائع وإن لم يكن تفتح.
(ج): إنما يعتبر التأبير في الإناث من النخل، لأن التأبير هو شق أكمة
النخل الإناث وذر طلع الفحل فيها، فحينئذ لا شئ للمشتري في طلع
الفحول إن كان موجودا حال البيع.
(د): لو أبر البعض فثمرته للبائع، وثمرة غير المؤبر للمشتري، وسواء
اتحد النوع أو اختلف، وسواء اتحد البستان أو تعدد، أما لو كان بعض
طلع النخلة مؤبرا وبعضه غير مؤبر احتمل دخول غير المؤبر خاصة، وعدم
الدخول مطلقا لعسر التمييز.
(ه‍): لا يدخل الغصن اليابس ولا السعف اليابس على إشكال، وفي
83

ورق التوت نظر.
(و): لو خيف على الأصول مع تبقية الثمرة ضرر يسير لم يجب القطع،
ولو خيف الضرر الكثير فالأقرب جواز القطع، وفي دفع الأرش نظر.
(ز): لو كانت الثمرة موبرة فهي (1) للبائع، فلو تجددت أخرى فهي
للمشتري، فإن لم يتميزا فهما شريكان، فإن لم يعلما قدر مالكل (2) منهما
اصطلحا ولا فسخ لإمكان التسليم، وكذا لو اشترى طعاما فامتزج بطعام
البائع قبل القبض فله الفسخ.
(ح): لو باع أرضا وفيها زرع فهو للبائع، سواء ظهر أو لا، إلا أن
يشترطه المشتري فيصح، ظهر أو لا، ولا تضر الجهالة، لأنه تابع. وللبائع
التبقية إلى حين الحصاد مجانا، فلو قلعه قبله ليزرع غيره لم يكن له ذلك
وإن قصرت مدة الثاني عن إدراك الأول.
وعلى البائع قلع العرق (3) إذا كان مضرا، كعرق القطن والذرة،
وتسوية الحفر. ولو كان للزرع أصل ثابت يجز مرة بعد أخرى فعليه تفريغ
الأرض منه بعد الجزة الأولى على إشكال، أقربه الصبر حتى ينقلع (4).
والأقرب عدم دخول المعادن في البيع، ولو لم يعلم به البائع (5) تخير إن
قلنا به.
(ط): يدخل في الأرض البئر والعين وماؤهما.
(ي): لو استثنى نخلة كان له الممر إليها والمخرج، ومدى جرائدها من

(1) " فهي " ليست في المطبوع.
(2) في النسخة و (أ، ب): " مال كل " وما أثبتناه كما في المطبوع و (ج، د).
(3) في (د): " العروق ".
(4) في المطبوع و (ج، ش): " يستقلع ".
(5) في المطبوع: " بها هذا البائع "، وفي (د): " بها البائع ".
84

الأرض، فلو انقلعت لم يكن له غرس أخرى، إلا أن يستثني الأرض، وكذا
لو باع أرضا وفيها نخل أو شجر.
السادس: العبد، ولا يتناول ماله الذي يملكه (1) مولاه، إلا أن يستثنيه
المشتري إن قلنا: إن العبد يملك، وينتقل إلى المشتري مع العبد، وكان (2)
جعله للمشتري إبقاء له على العبد، فيجوز أن يكون مجهولا أو غائبا، أما إذا
أحلنا تملكه وباعه وما معه صار جزءا من المبيع، فيعتبر فيه شرائط البيع،
وهل تدخل الثياب التي عليه؟ أقربه دخول ما يقتضي العرف دخوله معه.
الفصل الثاني: في التسليم
وفيه مطلبان:
الأول: في حقيقته
وهو: التخلية مطلقا على رأي، وفيما لا ينقل ولا يحول: كالأراضي
والأبنية والأشجار، والنقل في المنقول، والكيل أو الوزن فيما يكال أو يوزن
على رأي، فحينئذ لو اشترى مكايلة وباع مكايلة فلا بد لكل بيع من كيل
جديد ليتم القبض.
ويتم القبض بتسليم البائع له (3) وغيره، وله أن يتولى القبض لنفسه
كما يتولى الوالد الطرفين، فيقبض لولده من نفسه ولنفسه من ولده.
ويجب التسليم مفرغا، فلو كان في الدار متاع وجب نقله، ولو كان في

(1) في المطبوع و (ب، ج): " ملكه ".
(2) في جامع المقاصد: ج 4 ص 387 " يجوز في (كان) التخفيف والتشديد ". أي (كان) و (كأن).
(3) " له " ليست في (ش).
85

الأرض زرع قد بلغ وجب نقله، وكذا يجب نقل العرق المضر كالذرة،
والحجارة المدفونة المضرة، وعلى البائع تسوية الأرض، ولو احتاجت إلى
هدم شئ هدم، وعلى البائع الأرش.
ويصح القبض قبل نقد الثمن وبعده، باختيار البائع وبغير اختياره.
وأجرة الكيال، ووزان المتاع، وعاده، وبائع الأمتعة على البائع،
وأجرة ناقد الثمن ووزانه، ومشتري الأمتعة وناقلها على المشتري، ولا أجرة
للمتبرع وإن أجاز المالك.
ولا يتولاهما الواحد، بل له أجرة ما يبيعه على الآمر بالبيع، وما يشتريه
على الآمر بالشراء.
ولو هلك المتاع في يد الدلال من غير تفريط فلا ضمان، ويضمن لو
فرط، ويقدم قوله مع اليمين وعدم البينة في عدم التفريط، وفي القيمة لو ثبت
التفريط (1) بالإقرار أو البينة.
المطلب الثاني: في حكمه ووجوبه
حكم القبض: انتقال الضمان إلى المشتري والتسلط على التصرف
مطلقا على رأي، للنهي (2) عن بيع ما لم يقبض خصوصا الطعام (3)،
والأقوى الكراهية. وله بيع ما انتقل إليه بغير بيع قبل قبضه: كالميراث
والصداق وعوض الخلع.
ولو أحال من له عليه طعام من سلم بقبضه على من له عليه مثله من

(1) " التفريط ": ليست في (أ، ب، ش، ص).
(2) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أحكام العقود ج 12 ص 387 لاحظ أحاديث الباب.
(3) في المطبوع: " عن الطعام ".
86

سلم فالأقوى الكراهية، وعلى التحريم يبطل، لأنه قبضه عوضا عن ماله
قبل أن يقبضه صاحبه، وكذا لو دفع إليه مالا وأمره بشراء طعام له لم يصح
الشراء، ولا يتعين له بالقبض.
أما لو قال: اشتر به طعاما واقبضه لي ثم اقبضه لنفسك صح الشراء،
وفي القبض قولان (1).
ولو كان المالان أو المحال به قرضا صح، وكذا يصح بيعه على من هو
عليه.
ولمالك الوديعة والقراض ومال الشركة البيع في يد المستودع والعامل
والشريك، وكذا كل أمانة هي في يد الغير: كالمرتهن والوكيل.
ولو باع ما ورثه صح، إلا أن يكون الميت قد اشتراه ولم يقبضه
فخلاف، وكذا الإشكال في الإصداق وشبهه.
ولو قبض أحد المتبايعين فباع ما قبضه ثم تلفت الأخرى قبل القبض
بطل الأول، وعلى البائع الثاني قيمة ما باعه، والإطلاق يقتضي تسليم الثمن
والمثمن، فإن امتنعا أجبرا، ويجبر أحدهما لو امتنع، سواء كان الثمن عينا أو
دينا، ولو اشترط أحدهما تأخير ما عليه صح، وكذا يصح لو اشترط البائع
سكنى الدار سنة، أو الركوب مدة.
وإذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من ضمان البائع، وينفسخ العقد.
وإتلاف المشتري قبض، وإتلاف الأجنبي لا يوجب الانفساخ على

(1) قول بالجواز: قاله ابن إدريس في السرائر: ج 2 ص 309، وهو اختيار المصنف في مختلف الشيعة:
كتاب التجارة ص 394 س 20.
وقول بالمنع: قاله الشيخ الطوسي في المبسوط: ج 2 ص 121، وابن البراج في المهذب: ج 1
ص 387.
87

الأقوى. نعم، يثبت للمشتري الخيار. وإتلاف البائع كإتلاف الأجنبي
على الأقوى.
ولو تعيب بجناية أجنبي (1) فللمشتري الفسخ ومطالبة الجاني بالأرش،
والأقوى: أن جناية البائع كذلك. ولو كان بآفة سماوية فللمشتري الخيار
بين الرد والأرش على إشكال.
ولو تلف أحد العبدين (2) انفسخ البيع فيه وسقط قسطه من الثمن، وكذا
كل جملة تلف بعضها وله قسط من الثمن، ولو لم يكن له قسط من الثمن:
كقطع يد العبد فللمشتري الرد، وفي الأرش نظر، والسقف من الدار كأحد
العبدين، لا كالوصف.
ولو اشترى بدينار فدفعه فزاد زيادة لا تكون إلا غلطا أو تعمدا فالزيادة
في يد البائع أمانة، وهي للمشتري في الدينار مشاعة.
ولو ادعى المشتري النقصان قدم قوله مع اليمين وعدم البينة إن لم يكن
حضر الكيل أو الوزن، وإلا فالقول قول البائع مع يمينه، بخلاف ما لو
ادعى إقباض الجميع.
ولو أسلفه طعاما بالعراق لم يجب الدفع في غيره، فإن طالبه بالقيمة لم
يجز على رأي، لأنه بيع الطعام قبل قبضه، ولو كان قرضا جاز أخذ السعر
بالعراق. ولو كان غصبا فله المثل حيث كان، فإن تعذر فالقيمة الحاضرة
عند الإعواز.
* * *

(1) " أجنبي " لا توجد في (أ).
(2) في (ص) زيادة " المبيعين ".
88

فروع
(أ): النماء قبل القبض إذا تجدد بعد العقد للمشتري، فإن تلف (1)
الأصل قبل القبض بطل البيع ولا ثمن على المشتري وله النماء، فإن تلف
النماء من غير تفريط لم يضمن البائع.
(ب): لو امتزج المبيع بغيره قبل القبض تخير المشتري بين الفسخ
والشركة.
(ج): لو غصب قبل القبض وأمكن استعادته بسرعة لم يتخير المشتري،
وإلا تخير المشتري (2)، وفي لزوم البائع بالأجرة عن مدة الغصب نظر، ولو
منعه البائع عن التسليم ثم سلم فعليه أجرة مدة المنع (3).
الفصل الثالث: في الشرط
عقد البيع قابل للشروط التي لا تنافيه، وهي: إما أن يقتضيها العقد:
كالتسليم، وخيار المجلس، والتقابض، وخيار الحيوان، فوجود هذه الشروط
كعدمها. وإما أن لا يقتضيها:
فإما أن يتعلق بمصلحة المتعاقدين: كالأجل، والخيار، والرهن، والضمين،
والشهادة، وصفة مقصودة في السلعة: كالصياغة (4) والكتابة، وهو جائز
إجماعا. وإما أن لا يتعلق:

(1) في (أ): " فإن نقل ".
(2) " المشتري " ليست في المطبوع و (أ، ج، د، ش).
(3) في (أ): " البيع ".
(4) في (ب، د، ش): " كالصناعة ".
89

فإما أن لا ينافي مقتضى العقد: كاشتراط منفعة البائع: كخياطة (1)
الثوب، أو صياغة الفضة، أو اشتراط عقد في عقد: كأن يبيعه بشرط أن
يشتري منه، أو يبيعه شيئا آخر (2)، أو يزوجه، أو يسلفه، أو يقرضه، أو
يستقرض منه، أو يؤجره، أو يستأجر، أو يشترط ما بني (3) على
التغليب والسراية: كشرط عتق العبد، فهذه الشروط كلها سائغة.
وإما أن ينافي مقتضى العقد: كما لو شرط أن لا يبيعه، أو لا يعتقه، أو
لا يطأ، أو لا يهب، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثمن، أو أن يعتقه
والولاء للبائع، فهذه الشروط باطلة.
والضابط: أن كل ما ينافي المشروع، أو يؤدي إلى جهالة الثمن أو
المثمن فإنه باطل، والأقوى بطلان البيع أيضا.
ويجوز اشتراط ما يدخل تحت القدرة من منافع البائع دون غيره:
كجعل الزرع سنبلا والبسر تمرا، ولو شرط التبقية صح، ولو شرط الكتابة أو
التدبير صح (4) ولو شرط أن لا خسارة لم يصح.
فروع
(أ): لو شرط (5) أجلا يعلمان عدمهما قبله - كما لو شرط تأخير الثمن ألف
سنة، أو الانتفاع بالمبيع كذلك (6) - فالأقرب الصحة على إشكال. ولو

(1) في (ب، د): " كاشتراط خياطة ".
(2) في (أ، ش): " يشتري منه شيئا آخر أو يبيعه ".
(3) في (ج): " ما يبني ".
(4) " ولو شرط الكتابة أو التدبير صح " لا توجد في المطبوع.
(5) في المطبوع: " لو شرطا ".
(6) في المطبوع وجميع النسخ عدا (د): " ذلك ".
90

شرطا (2) أجلا مجهولا بطل البيع، لاشتماله على جهالة في أحد العوضين.
(ب): الأقرب وجوب تعيين الرهن المشروط إما بالوصف أو المشاهدة،
وتعيين الكفيل إما بالاسم والنسب أو المشاهدة، أو الوصف: كرجل
موسر ثقة. ولا يفتقر إلى تعيين الشهود، بل الضابط العدالة، فلو عينهم
فلأقرب تعينهم.
وهل تشترط مغايرة الرهن للمبيع؟ نظر. نعم، تشترط المغايرة في
المبيع (2)، فلو قال: بعتك هذا بشرط أن تبيعني إياه لم يصح، ولو شرط أن
يبيع فلانا صح.
ولو أخل المشتري بالرهن أو الكفيل تخير البائع، فإن أجاز فلا خيار
للمشتري، ولو امتنع الشاهدان - اللذان عينا - من التحمل تخير البائع أيضا،
ولو هلك الرهن أو تعيب قبل القبض أو وجد به عيبا قديما تخير البائع
أيضا، ولو تعيب بعد القبض فلا خيار.
(ج): لو باعه العبد بشرط العتق مطلقا أو عن المشتري صح، والأقرب
أنه حق للبائع لا لله تعالى، فله المطالبة به.
ولو امتنع المشتري تخير البائع في الفسخ والإمضاء، لا إجبار المشتري،
فإن تعيب أو أحلبها المشتري أعتق (3) وأجزاه لبقاء الرق، وإن استغله (4) أو
أخذ من كسبه فهو له.
ولو مات أو تعيب بما يوجب رجع البائع بما نقصه شرط (5)

(1) في (أ): " ولو شرط ".
(2) في (ب): " في البيع ".
(3) في (ج): " أو عتق ".
(4) في المطبوع و (أ، د، ش، ص): " وإن استعمله ".
(5) في (أ): " بما يقبضه بشرط "، وفي (ج): " بما ينقصه شرط ".
91

العتق، فيقال: كم قيمته لو بيع مطلقا وبشرط العتق؟ فيرجع بالنسبة من
الثمن، وله الفسخ، فيطالب بالقيمة (1) وفي اعتبارها إشكال، وفي التنكيل
إشكال.
ولو باعه أو وقفه أو كاتبه تخير البائع بين الفسخ والإمضاء، وإذا أعتق
المشتري فالولاء له، ولو شرطه البائع لم يصح.
(د): لو شرط: أن الأمة حامل أو الدابة كذلك صح، أما لو باع الدابة
وحملها أو الجارية وحبلها بطل، لأنه كما لا يصح بيعه منفردا لا يصح (2)
جزءا من المقصود، ويصح تابعا.
(ه‍): لو باعه متساوي الأجزاء على أنه قدر معين فزاد فالزيادة للبائع،
ولا خيار للمشتري، ولو نقص تخير المشتري بين الفسخ والإمضاء بقدر
حصته من الثمن.
ولو كان مختلف الأجزاء فنقص تخير المشتري بين الفسخ والإمضاء
بقدر حصته من الثمن على رأي - ولو كان للبائع أرض بجنب تلك الأرض لم
يكن للمشتري الأخذ منها على رأي - ولو زاد احتمل البطان والصحة،
فالزيادة للبائع وله جملة الثمن، ويتخير المشتري - حينئذ - للعيب (3) بالشركة،
فإن دفع البائع الجميع سقط خياره.
والأقرب: أن للبائع الخيار في طرف الزيادة بين الفسخ والإمضاء في
الجميع في متساوي الأجزاء ومختلفها (4)، وللمشتري الخيار في طرف

(1) " بالقيمة " ليست في (ص).
(2) في (ش): " كذا لا يصح ".
(3) في المطبوع و (أ، ج): " للتعيب ".
(4) في (أ): " أو مختلفه ".
92

النقصان فيهما بين الفسخ والإمضاء بالجميع.
ولو باعه عشرة أذرع من ها هنا (1) إلى هناك صح، ولو قال: من ها هنا
إلى حيث ينتهي الذرع لم يصح، لعدم العلم بالمنتهى. ولو قال: بعتك نصيبي
من هذه الدار ولا يعلمانه أو: بعتك نصف داري مما يلي دارك لم يصح،
لعدم العلم بالمنتهى.
(و): كل شرط يقتضي تجهيل أحد العوضين فإن البيع يبطل به، وما
لا يقتضيه لكنه فاسد فإن الأقوى (2) بطلان البيع ولا يحصل به ملك
للمشتري، سواء اتصل به قبض أو لا. ولا ينقذ تصرف المشتري فيه ببيع أو
هبة أو غيرهما، وعليه رده مع نمائه المتصل والمنفصل، وأجرة مثله، وأرش
نقصه، وقيمته لو تلف يوم تلفه، ويحتمل أعلى القيم. ولو وطئها لم يحد،
وعليه: المهر وأرش البكارة، والولد حر، وعلى أبيه قيمته يوم سقط حيا،
- ولا شئ لو سقط ميتا - وأرش ما نقص بالولادة.
ولو باع المشتري فاسدا لم يصح، ولمالكه أخذه من الثاني، ويرجع على
الأول بالثمن مع جهله، فإن تلف في يد الثاني تخير البائع في الرجوع، فإن
زادت القيمة على الثمن ورجع المالك على الثاني لم يرجع بالفضل على
الأول، لاستقرار التلف في يده، وإن رجع على الأول رجع بالفضل على
الثاني.
ولو زاد في يد المشتري الأول ثم نقص في يده إلى ما كان احتمل
رجوع المالك عليه بتلك الزيادة، لأنها زيادة في عين مضمونة، وعدمه،

(1) في المطبوع و (أ، ب، د): " من هنا " في الموضعين، وفي (ه‍): " من هناك ".
(2) في (أ، د): " فالأقوى ".
93

لدخوله على انتفاء العوض في مقابلة الزيادة، فحينئذ إن تلفت بتفريطه
ضمن، وإلا فلا.
ولو أتلف البائع فاسدا الثمن ثم أفلس رجع في العين، والمشتري أسوة
الغرماء.
(ز): لو قال (1): بع عبدك من فلان على أن علي خمسمائة فباعه بهذا
الشرط بطل، لوجوب الثم الثمن بأجمعه على المشتري، فليس له أن يملك العين
والثمن على غيره، بخلاف: " أعتق عبدك وعلي خمسمائة " أو: " طلق
امرأتك وعلي مائة "، لأنه عوض في مقابلة فك، ولو كان (2) على وجه
الضمان صح البيع والشرط.
(ح): يجوز أن يجمع بين شيئين مختلفين فما زاد في عقد: كبيع وسلف،
أو إجارة وبيع، أو نكاح وبيع وإجارة، ويقسط العوض (3) على قيمة
المبيع، وإجارة المثل (4)، ومهر المثل من غير حصر على إشكال، ولو كان
أحد الأعواض (5) مؤجلا قسط عليه كذلك.
ويجوز بيع السمن بظروفه، وأن يقول: " بعتك هذا الزيت بظروفه كل
رطل بدرهم ".
الفصل الرابع: في الاختلاف
إطلاق العقد يقتضي نقد البلد، فإن تعدد فالغالب، فإن تساوت
النقود افتقر إلى التعيين لفظا، فإن أبهماه بطل، وكذا الوزن.

(1) في النسخة المعتمدة: " لو قال له ".
(2) في (ب): " ولو قال ".
(3) في (أ): " الثمن ".
(4) في المطبوع و (ج، ص): " وأجرة المثل ".
(5) في (أ): " العوضين ".
94

ولو اختلفا في قدر ما عيناه أو وصفه (1) بعد اتفاقهما على ذكره في العقد
ولا بينة فالقول قول البائع مع يمينه إن كانت السلعة قائمة، وقيل: إن
كانت في يده، وقول المشتري مع يمينه إن كانت تالفة (2)، وقيل: إن كانت
في يده (3).
ويحتمل تقديم قول المشتري، لأنه منكر، ويحتمل التحالف وبطلان
البيع، فيحتمل استحباب تقديم البائع في الإحلاف، لعود الملك إليه
فجانبه أقوى، والمشتري، لأنه ينكر الزيادة، والتساوي، لأن كلا منهما مدع
ومدعى عليه، فإن البائع يدعي الزيادة وينكر تملك المبيع بدونها،
والمشتري بالعكس، فيقرع.
ثم يحتمل أن يحلف كل منهما يمينا واحدة جامعة بين النفي والإثبات
- فيقول البائع: ما بعت (4) بعشرة بل بعشرين، ويقول المشتري: ما اشتريت
بعشرين بل بعشرة - أو يمينا على النفي، فإن نكل أحدهما بعد يمين صاحبه
- الجامعة بين النفي والإثبات - قضي عليه، وبعد المنفردة بالنفي تعاد عليه
يمين الإثبات، فإن نكل فهو كما لو تحالفا، لأن نكول المردود عليه عن يمين
الرد كحلف صاحبه.
ولو كان المبيع تالفا وجبت القيمة عند التحالف يوم التلف، ويحتمل
يوم القبض.

(1) في (ج): " أو وصفاه ".
(2) في (ش): " كانت السلعة تالفة ".
(3) إن أردت تحقيق تلك الأقوال وتسمية قائليها انظر السرائر باب الشرط في العقود ج 2 ص 282 - 283،
والمختلف للمصنف - قدس سره - ص 395 س 22.
(4) في المطبوع: " ما بعتك ".
95

ولو تلف بعضه أو تعيب أو كاتبه المشتري أو رهنه أو أبق أو آجره رجع
بقيمة التالف، وأرش العيب، وقيمة المكاتب والمرهون والآبق والمستأجر،
وللبائع استرجاع المستأجر، لكنه يترك عند المستأجر مدة الإجارة، والأجرة
المسماة للمشتري، وعليه أجرة المثل للبائع.
ولو زالت الموانع بأن: عاد الآبق أو فك الرهن أو بطلت الكتابة بعد
دفع القيمة فالأقرب عود ملك البائع إلى العين، فيسترد المشتري القيمة،
والنماء المنفصل للمشتري على إشكال.
ولو اختلفا في تأخير الثمن وتعجيله أو في قدر الأجل أو في اشتراط رهن
من البائع على الدرك أو ضمين عنه أو في المبيع، فقال: " بعتك ثوبا "
فقال: " بل ثوبين " ولا بينة قدم قول البائع مع اليمين. ولو قال: " بعتك
العبد بمائة " فقال: " بل الجارية " تحالفا وبطل البيع. ولو قال: " بعتك
بعبد " فقال: " بل بحر " أو قال: " فسخت قبل التفرق " وأنكر الآخر قدم
قول مدعي الصحة مع اليمين. واختلاف الورثة كالمتعاقدين.
فروع
(أ) (1): لو قلنا بالتحالف عند التخالف (2) فاختلفا في قيمة السلعة
التالفة رجعا إلى قيمة مثلها موصوفا بصفاتها، فإن اختلفا في الصفة قدم
قول المشتري مع يمينه.
(ب): لو تقايلا المبيع أو رد بعيب بعد قبض الثمن ثم اختلفا في قدر الثمن

(1) في المطبوع: " الأول "، وكذا ما بعده من التعداد كتابة.
(2) " عند التخالف " ليست في (أ، ج).
96

قدم قول البائع مع يمينه، لأنه منكر لما يدعيه المشتري بعد الفسخ.
(ج): لو قال: " بعتك وأنا صبي " احتمل تقديم قول مدعي الصحة مع
يمينه، وتقديم قول البائع لأصالة البقاء.
ولو قال: " كنت مجنونا " ولم يعلم له سبقه، قدم قول المشتري مع يمينه،
وإلا فكالصبي.
(د): لو قال: " وهبت مني " فقال: " بل بعته بألف " احتمل: أن يحلف
كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر ويرد إلى المالك، وتقديم قول مدعي
الهبة مع اليمين.
(ه‍): لو قال البائع: " رددت بالعيب (1) العبد المؤجل ثمنه " فقال: " بل
المعجل " مع اتفاق الثمنين جنسا (2) فالقول قول البائع مع اليمين، ومع
اختلافهما يتحالفان ويبطل البيع (3).
خاتمة
الإقالة: فسخ لا بيع في حق المتعاقدين وغيرهما، وشرطها عدم الزيادة
والنقصان في الثمن، فتبطل بدونه، ويرجع كل عوض إلى مالكه إن كان
موجودا، أو مثله، أو قيمته على التفصيل مع عدمه.
ولا يثبت بها شفعة، ولا تسقط أجرة الدلال بها على البيع، وتصح في
الكل والبعض والسلم وغيره. ولو اختلفا في قيمة التالف فالقول قول من
ينكر الزيادة مع اليمين.

(1) في المطبوع و (ب، ه‍): " إلي " بدل " بالعيب "، وفي (أ): " إليك ".
(2) في المطبوع و (أ): " جنسا وقدرا ".
(3) الفرع الأخير من الفروع (ه‍) إلى آخره ساقط من (ش، ه‍).
97

كتاب الدين وتوابعه
99

كتاب الدين وتوابعه
وفيه مقاصد: الأول
في الدين
وفيه مطلبان:
الأول:
تكره الاستدانة اختيارا، وتخف الكراهية لو كان له ما يرجع إليه
لقضائه، وتزول مع الاضطرار إليه، فيقتصر على كفايته ومؤنة عائلته على
الاقتصاد، ويجب العزم على القضاء.
ويكره لصاحب الدين النزول عليه، فإن فعل فلا يقيم أكثر من ثلاثة
أيام، وينبغي له احتساب ما يهديه إليه - مما لم تجر له به عادة - من الدين.
والأفضل للمحتاج قبول الصدقة ولا يتعرض للدين.
ولو التجأ المديون إلى الحرم لم تجز مطالبته، أما لو استدان فيه فالوجه
الجواز. ويجب على المديون السعي في قضاء الدين، وترك الإسراف في النفقة
بل يقنع بالقليل، ولا يجب أن يضيق على نفسه.
101

ولو طولب وجب دفع ما يملكه أجمع، عدا دار السكنى، وعبد الخدمة،
وفرس الركوب، وقوت يوم وليلة له ولعياله إن كان حالا، وعند حلول
الأجل مع المطالبة إن كان مؤجلا.
ولا تصح صلاته في أول وقتها، ولا شئ من الواجبات الموسعة المنافية
في أول أوقاتها قبل القضاء مع المطالبة، وكذا غير الدين من الحقوق:
كالزكاة (1) والخمس.
وتباع دار الغلة، وفاضل دار السكنى، ودار السكنى إن كانت رهنا.
ولو غاب المدين وجب على المديون نية القضاء، والعزل عند وفاته،
والوصية به ليوصل إلى مالكه أو وارثه، ولو جهله اجتهد في طلبه، فإن أيس
منه قيل: يتصدق به عنه (2).
والمعسر لا يحل مطالبته ولا حبسه، ويجوز له الإنكار والحلف إن خشي
الحبس مع الاعتراف، ويوري، وينوي القضاء مع المكنة.
ولو استدانت الزوجة النفقة الواجبة وجب على الزوج دفع عوضه.
ولا تصح المضاربة بالدين قبل قبضه، لأن تعينه بقبضه، فإن فعل
فالربح بأجمعه للمديون إن كان هو العامل، وإلا فللمالك وعليه الأجرة.
ويصح بيع الدين على من هو عليه وعلى غيره، فيجب على المديون
دفع الجميع إلى المشتري وإن كان الثمن أقل على رأي.
ولو باع الذمي على مثله خمرا أو خنزيرا جاز أخذ الثمن في الجزية
والدين، ولو كان البائع مسلما لم يحل.

(1) في (د): " من الحقوق الواجبة كالزكاة ".
(2) قاله الشيخ في النهاية: ج 2 ص 26 باب وجوب قضاء الدين. وابن سعيد في الجامع للشرائع:
ص 284، هو اختيار المصنف في الإرشاد: ج 1 ص 390، وتبصرة المتعلمين: ص 149.
102

ولا يصح قسمة الدين، فلو اقتسما ما في الذمم كان الحاصل لهما
والتالف منهما.
نعم، لو أحال كل منهما صاحبه بحصته وقبل المدينان صح (1).
ولا يصح بيع الدين بدين آخر، ولا بيعه نسيئة.
ولو كان الثمن والمثمن من الربويات اشترط في بيعه بجنسه التساوي
قدرا، والحلول.
وأرزاق السلطان لا يصح بيعها إلا بعد قبضها، وكذا السهم من الزكاة
والخمس.
المطلب الثاني: في القرض
وفيه فضل كثير، وهو أفضل من الصدقة بمثله في الثواب.
ولا بد فيه (2) من إيجاب صادر عن أهله: كقوله: أقرضتك، أو: تصرف
فيه، أو: انتفع به، أو: ملكتك وعليك رد عوضه وشبهه، وقبول، وهو: ما
يدل على الرضى قولا أو فعلا.
وشرطه: عدم الزيادة في القدر أو الصفة، فلو شرطها فسد، ولم يفد جواز
التصرف وإن لم يكن ربويا، ولو تبرع المقترض بالزيادة جاز.
ولو شرط رد المكسرة عوض الصحيحة أو الأنقص أو تأخير القضاء لغي
الشرط وصح القرض، لأنه عليه لا له.
ولو شرط رهنا أو كفيلا به جاز، لأنه إحكام ماله، أما لو شرط رهنا

(1) في المطبوع: " وقبل المدينان - وهما المحتالان - صح ".
(2) " فيه " لا توجد في النسخة المعتمدة و (ش).
103

بدين آخر فالأقرب الجواز، وكذا يجوز لو أقرضه بشرط أن يقترض منه، أو
يقرضه آخر، أو يبيعه بثمن المثل، أو بدونه، أو يسلفه، أو يستلف منه، ولو
قال: أقرضتك بشرط أن أقرضك غيره صح ولم يجب الوعد، بخلاف البيع.
ويصح قرض كل ما يضبط وصفه وقدره، فإن كان مثليا ثبت في الذمة
مثله: كالذهب والفضة وزنا، والحنطة والشعير كيلا ووزنا، والخبز وزنا
وعددا للعرف. وغير المثلي تثبت قيمته وقت القرض لا يوم المطالبة، ولو
تعذر المثل في المثلي وجبت القيمة يوم المطالبة.
ويجوز اقتراض الجواري واللآلئ، لما قلنا من ضمان القيمة.
ويملك المقترض القرض بالقبض، فليس للمقرض ارتجاعه، بل
للمقترض دفع المثل مع وجود الأصل، فلو اقترض من ينعتق عليه انعتق
بالقبض.
ولو شرط الأجل في القرض لم يلزم، لكن يصح أن يجعل أجله شرطا في
عقد لازم فيلزم، وكذا لا يلزم لو أجل الحال بزيادة فيه، ولا تثبت الزيادة،
وله تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه مع التراضي.
فروع
(أ): لو قال: ملكتك وعليك رد عوضه فهو قرض. ولو قال: ملكتك
وأطلق ولم يوجد قرينة دالة على القرض - كسبق الوعد به - فهو هبة. فإن
اختلفا احتمل تقديم قول الواهب، لأنه أبصر بنيته، وتقديم المتهب (1) قضية
للظاهر من: أن التمليك من غير عوض هبة.

(1) في (أ، ش): " وتقديم قول المتهب ".
104

(ب): لو رد المقترض العين في المثلي وجب القبول وإن رخصت،
وكذا غير المثلي على إشكال منشؤه: إيجاب قرضه القيمة.
(ج): للمقرض مطالبة المقترض حالا بالجميع وإن أقرضه تفاريق، ولو
أقرضه جملة فدفع إليه تفاريق وجب القبول.
(د): لو اقترض جارية كان له وطؤها وردها - إذا لم ينقص - على
المالك (1) مجانا، ولو حملت صارت أم ولد يجب دفع قيمتها، فإن دفعها
جاهلا بحملها ثم ظهر استردها، وفي الرجوع بمنافعها إشكال، ويدفع قيمتها
يوم القرض، لا يوم الاسترداد.
(ه‍): لو أقرضه دراهم أو دنانير غير معروفة الوزن، أو قبة من طعام غير
معلومة الكيل، أو قدرها بمكيال معين أو صنجة معينة غير معروفين (2) عند
الناس لم يصح، لتعذر رد الثمل.
(و): ينصرف إطلاق القرض أداء المثل في مكانه، فلو شرط
القضاء في بلد آخر جاز، سواء كان في حمله مؤنة أو لا، ولو طالبه المقرض
من غير شرط في غير البلد أو فيه مع شرط غيره وجب الدفع مع مصلحة
المقترض، ولو دفع في غير بلد الإطلاق أو الشرط وجب القبول مع
مصلحة المقرض.
(ز): لو اقترض نصف دينار فدفع دينارا صحيحا وقال: نصفه قضاء
ونصفه أمانة جاز ولم يجب القبول، أما لو كان له نصف آخر فدفعه عنهما

(1) " على المالك " لا توجد في (ش).
(2) في (أ، ج): " غير معروفتين ".
105

وجب القبول.
(ح): لو دفع ما اقترضه ثمنا عن سلعة اشتراها من المقرض فخرج الثمن
زيوفا: فإن كان المقرض عالما وكان الشراء بالعين صح البيع، وعلى
المقترض رد مثل الزيوف. وإن كان في الذمة طالبه بالثمن سليما،
وللمشتري احتساب ما دفعه ثمنا عن القرض، ولو لم يكن عالما وكان
الشراء بالعين كان له فسخ البيع.
(ط): لو قال المقرض: إذا مت فأنت في حل كان وصية، ولو قال: إن
مت، كان إبراء باطلا، لتعلقه على الشرط.
(ي): لو دفع المديون أعواضا على التفاريق من غير جنس الدين قضاء
ثم تغيرت الأسعار كان له سعر يوم الدفع، لا وقت المحاسبة وإن كان
مثليا، ولو كان الدفع قرضا لا قضاء كان له المثل إن كان مثليا، وإلا
فالقيمة وقت الدفع، لا وقت المحاسبة في البابين معا.
(يب): يجوز بيع الدين بعد حلوله على الغريم وغيره بحاضر أو مضمون
حال، لا بمؤجل (1).
(يج): لا يجب دفع المؤجل - سواء كان دينا، أو ثمنا، أو قرضا، أو
غيرها - قبل الأجل، فإن تبرع لم يجب أخذه وإن انتفى الضرر بأخذه، ومع
الحلول يجب قبضه، فإن امتنع دفعه إلى الحاكم ويكون من ضمان

(1) في (ب): " حالا لا مؤجلا "، وفي (ش): " أو بمضمون ".
106

صاحبه، وكذا البائع سلما يدفع إلى الحاكم مع الحلول، ويبرأ (1) من
ضمان المشتري، وكذا كل من عليه حق حال أو مؤجل فحل وامتنع (2)
صاحبه من أخذه. ولو تعذر الحاكم وامتنع (3) صاحبه من أخذه فالأقرب: أن
هلاكه منه لا من المديون.
(يد): لو أسقط المديون أجل الدين الذي عليه لم يسقط، وليس لصاحبه
المطالبة في الحال.
(يه): لو اقترض دراهم ثم أسقطها السلطان فجاء (4) بدراهم غيرها، لم
يكن عليه إلا الدراهم الأولى، فإن تعذرت فقيمتها وقت التعذر، ويحتمل
وقت القرض، من غير الجنس، لا من الدراهم الثانية، حذرا من التفاضل
في الجنس المتحد، وكذا لو جعل قيمتها أقل.
ولو ضارب فالأقرب أن رأس المال الدراهم الساقطة، مع احتمال جبر
النقص بالربح.
ولو سقطت أو نقصت بعد البيع لم يكن للبائع إلا النقد الأول.
ولو تعاملا بعد النقص والعلم فلا خيار، وإن كان قبل العلم فالوجه (5)
ثبوت الخيار للبائع، سواء تبايعا في بلد السلطان أو غيره.
* * *

(1) في المطبوع و (ش): " وهو ". وفي (ب): " ويكون ".
(2) في المطبوع و (أ، ب، ج، د): " فامتنع ".
(3) في (أ): " فامتنع ".
(4) في المطبوع و (أ، ب، ج، د): " وجاء ".
(5) في (ش و ض): " فالظاهر ".
107

المقصد الثاني
في الرهن
وهو: وثيقة لدين المرتهن، وأركانه أربعة: الصيغة، والمحل، والعاقد،
والحق.
فهنا (1) فصول:
الأول: الصيغة
ولا بد فيه من إيجاب كقوله: رهنتك، أو: هذا وثيقة عندك على كذا،
أو ما أدى معناه من الألفاظ، وتكفي الإشارة مع العجز كالكتابة وشبهها،
وقبول كقوله: قبلت، أو ما يدل على الرضى.
وهل يقوم شرط الرهن في عقد البيع مقام القبول؟ نظر، وشرط ما هو
من قضايا الرهن كعدمه: كقوله: على أن يباع في الدين، أو يتقدم به على
الغرماء.
ولو شرط ما ينافي العقد بطل، كالمنع من بيعه في حقه.
أما لو شرط في البيع إذن فلان أو بكذا (2) فالوجه الصحة، وكذا يصح

(1) في المطبوع: " فهاهنا ".
(2) في المطبوع و (ش): " أو بيعه بكذا ".
108

لو شرط أن ينتفع به المرتهن، أو أن (1) يكون النماء المتجدد رهنا.
ولو شرط عليه رهن في بيع فاسد بظن (2) اللزوم فرهن فله الرجوع.
ويصح الرهن سفرا وحضرا. وهو عقد لازم من جهة الراهن خاصة،
فإن أدى أو أبرئ (3) أو أسقط المرتهن حقه من الرهن كان له أخذه.
ولا يجب على المرتهن دفعه مع خروجه عن الرهانة إلا بعد المطالبة به،
ويبقى أمانة في يده.
الثاني: المحل
وشروطه أربعة: أن يكون عينا، مملوكة، يصح قبضه للمرتهن، ويمكن
بيعه.
فلا يصح رهن المنافع، ورهن المدبر إبطال للتدبير على رأي، فلو شرط
رهن الخدمة فيه بطل على رأي.
ولا رهن الدين، ولا ما لا يملك فيقف على الإجازة، ولو ضمه مع
المملوك مضى فيه، ووقف الآخر على إجازة المالك.
ولا رهن ما لا يصح تملكه: كالحشرات، ولا ما لا يملكه المسلم إن
كان أحدهما مسلما: كالخمر وإن كان المرتهن ذميا أو الراهن عبدا
لمسلم (4) وإن وضعها على يد ذمي على رأي.
ولا الأرض المفتوحة عنوة، ويصح رهن الأبنية والأشجار فيها.

(1) " أن " لا توجد في (أ، ب).
(2) في المطبوع و (أ، ب، ج، د، ش): " فظن ".
(3) في (أ، ش): " أبرأه "، وفي المطبوع و (ج، ه‍): " أبرأ ".
(4) في (أ، د): " عند المسلم ".
109

ولا رهن الطير في الهواء، ولا السمك في الماء، ولا العبد المسلم أو
المصحف عند الكافر، فإن وضعا على يد مسلم فالأقرب الجواز، وكذا يجوز
رهن الحسناء عند الفاسق لكنه يكره.
ولا رهن الوقف، ولا المكاتب وإن كان مشروطا. وفي رهن أم الولد في
ثمن رقبتها مع إعسار المولى إشكال، ومع يساره أشكل، وغير (1) الثمن أشد
إشكالا.
ويصح رهن ذي الخيار لأيهما كان، ورهن الأم دون ولدها الصغير وإن
حرمنا التفرقة، وحينئذ: إما أن يبيع الأم خاصة ويقال: تفرقة ضرورية، أو
نقول: يباعان ثم يختص المرتهن بقيمة الأم فتقوم منفردة، فإذا قيل: مائة
ومنضمة فيقال: مائة وعشرون فقيمة الولد السدس، ويحتمل تقدير قيمة
الولد منفردا حتى تقل قيمته، فإذا قيل: عشرة فهو جزء من أحد عشر.
فروع
(أ): يصح رهن المشاع وبعضه على الشريك وغيره، ويكون على
المهاياة كالشركاء.
(ب): يصح رهن المرتد وإن كان عن فطرة على إشكال، والجاني
عمدا أو خطأ، ولا تبطل الحقوق، بل تقدم على الرهن، فإن كان عالما
بالعيب أو تاب أو فداه مولاه ثم علم فلا خيار، لزوال العيب، وإلا تخير في
فسخ البيع المشروط به، لأن الشرط اقتضاه سليما، فإن اختار إمساكه
فليس له أرش، وكذا لا أرش (2) لو قتل قبل علمه. ولا يجبر السيد على فداء

(1) في (أ): " وفي غير ".
(2) في المطبوع: " وكذا الأرش ".
110

الجاني وإن رهنه أو باعه، بل يتسلط المجني عليه، فإن استوعب الأرش
القيمة بطل الرهن، وإلا ففي المقابل.
(ج): لو رهن ما يسرع إليه الفساد قبل الأجل، فإن شرط بيعه وجعل
الثمن رهنا صح، وإن شرط منعه بطل، وإن أطلق فالأقرب الجواز، فيباع
ويجعل الثمن رهنا، ولو طرأ ما عرضه للفساد فكذلك.
(د): لو نذر العتق عند شرط ففي صحة رهنه قبله نظر.
(ه‍): لو رهن عصيرا فصار خمرا في يد المرتهن زال الملك، فإن أريق
بطل الرهن ولا يتخير المرتهن، لحصول التلف في يده، فإن عاد خلا عاد
الملك والرهن. ولو استحال قبل القبض تخير المرتهن في البيع (1) المشروط
فيه، فإن عاد خلا تعلق حق المرتهن به إن لم يشترط القبض في الرهن.
ولو جمع خمرا مراقا فتخلل في يده ملكه، ولو غصب خمرا فتخلل في يده
فالأقرب أنه كذلك، أما لو غصبه عصيرا خمرا في يده ثم تخلل فإنه
يرجع إلى مالكه.
(و): يجوز أن يستعير مالا ليرهنه، فيذكر قدر الدين وجنسه ومدة
الرهن، فإن خالف فللمالك فسخه، وإلا فلا.
ولو رهن على أقل صح، وعلى أكثر يحتمل البطلان مطلقا وفيما زاد.
ولو لم يعين تخير الراهن في رهنه بما شاء، عند من شاء، إلى أي وقت
شاء، وللمالك مطالبته بالفك عند الحلول، وقبله إشكال (2). وللمرتهن
البيع لو لم يقبضه الغريم، فيرجع المالك على الراهن بالأكثر من القيمة وما

(1) في (ج): " في نسخ البيع ".
(2) في (ب): " على إشكال ".
111

بيعت به، وللمالك الرجوع في الإذن قبل العقد، وبعده قبل القبض إن
جعلنا القبض شرطا.
ولو تلف في يد المرتهن فالأقرب سقوط الضمان عنه (1)، ويضمنه
المستعير - وإن لم يفرط - بقيمته (2)، وكذا إن تعذر إعادته. ولو لم يرهن ففي
الضمان إشكال.
(ز): لو قال: أدنت لي في رهنه بعشرة فقال: بل بخمسة، قدم قول
المالك مع اليمين. (ح): لا يصح رهن المجهول.
(ط): لو غضب عينا ثم باعها أو رهنها أو آجرها ثم ظهر
مصادفة التصرف الملك بميراث أو شراء وكيل وشبهه (3) صح التصرف.
(ي): لو رهن ما له الرجوع فيه قبله لم يصح على إشكال: كموهوب له
الرجوع فيه، وكالبائع مع إفلاس المشتري. أما لو رهن الزوج قبل الدخول
نصف الصداق فإنه باطل.
(يا): لو رهن الوارث التركة وهناك دين فالأقرب الصحة وإن
استوعب، ثم إن قضى الحق، وإلا قدم حق الديان.
الفصل الثالث: في العاقد
ويشترط كمالية الموجب والقابل، وتملك الموجب أو حكمه
كالمستعير، وولي الطفل مع المصلحة كالاقتراض في نفقته، أو إصلاح

(1) " عنه " ليست في (أ).
(2) في (أ): " فإن لم يفرط فقيمته ".
(3) في (ه‍): " أو شبهه ".
112

ولو استدانا ورهنا ثم قضى أحدهما صارت حصته طلقا إن لم يشترط
المرتهن رهنه على كل جزء من الدين.
ولو تعدد المرتهن واتحد العقد من الواحد فكل منهما مرتهن للنصف
خاصة، وفي التقسيط مع اختلاف الدين إشكال، فإن وفى أحدهما صار
النصف طلقا، فإن طلب قسمة المفكوك ولا ضرر على الآخر أجيب، وإلا
فلا، بل يقر في يد المرتهن نصفه رهنا ونصفه أمانة.
والراهن والمرتهن ليس لأحدهما التصرف إلا بإذن الآخر، فلو بادر
أحدهما بالتصرف لم يقع باطلا، بل موقوفا، إلا عتق المرتهن، فإنه يبطل
وإن أجازه الراهن، ولو سبق إذنه صح. فلو افتك الرهن ففي لزوم العقود
نظر، والأقرب اللزم من جهة الراهن قبل الفك.
ولو أجاز الرهانة الثانية ففي كونه فسخا لرهنه مطلقا أو فيما قابل الدين
الثاني أو العدم مطلقا نظر، ويترتب حكم إسقاط الثاني حقه. ولو لم يعلم
الأول حتى مات الراهن ففي تخصيص الثاني بالفاضل عن (1) دين الأول
من دون الغرماء إشكال. ولا حكم لإجازة الأول ولا فسخه بعد موت
الراهن.
ولو أعتق الراهن بإذن المرتهن وبالعكس (2) سقط الغرم.
ولو أذن في الهبة فوهب فرجع قبل الإقباض صح الرجوع على
إشكال، ينشأ من: سقوط حقه بالإذن وعدمه.
ولو أحبلها الراهن لم يبطل الرهن وإن كان بإذن المرتهن وإن صارت
أم ولده، وفي بيعها إشكال. ولو ماتت في الطلق فعليه القيمة. وكذا لو

(1) " عن " لا توجد في المطبوع.
(2) في المطبوع و (د): " أو بالعكس ".
113

وطئ أمة غيره بشبهة (1). ولا يضمن زوجته، ولا المزني بها الحرة المختارة،
لأن الاستيلاد إثبات يد، والحرة لا تدخل تحت اليد، وفي اعتبار القيمة يوم
التلف، أو الإحبال، أو الأعلى نظر.
ولو باع الراهن بإذن المرتهن صح، ولا يجب رهنية (2) الثمن إلا أن
يشترط. ولو قال: أردت بالإطلاق أن يكون الثمن رهنا لم يقبل. ولو ادعى شرط
جعل الثمن رهنا حلف المنكر.
ولو انعكس الفرض لم يكن للمرتهن التصرف في الثمن قبل الأجل.
ولو باع الراهن فطلب المرتهن الشفعة ففي كونه إجارة إشكال، فإن قلنا
به فلا شفعة، ولو أسقط حق الرهانة فله الشفعة إن قلنا بلزوم العقد.
ويجوز أن يشترط المرتهن الوكالة في العقد لنفسه، أو لغيره، أو وضعه
على يد عدل، وليس للراهن فسخ الوكالة حينئذ. نعم، لو مات بطلت دون الرهانة.
ولو مات المرتهن: فإن شرط في العقد انتقال الوكالة إلى الوارث لزم، وإلا لم
ينتقل. أما الرهنية فتنتقل بالميراث كالمال بين الورثة، ولو أقر المرتهن بالدين
انتقلت الرهنية دون الوكالة والوصية.
وإذا امتنع الراهن من الأداء وقت الحلول باع المرتهن إن كان وكيلا، وإلا
فالحاكم، وله حبسه حتى يبيع بنفسه.
الفصل الرابع: الحق
وشروطه ثلاثة: أن يكون دينا لازما أو آئلا إليه يمكن استيفاء الدين

(1) في المطبوع و (أ، ب، ج، د): " لشبهة ".
(2) في المطبوع: " رهنية ".
114

منه (1)، فلا يصح الرهن على الأعيان وإن كانت مضمونة كالغصب،
والمستعار مع الضمان، والمقبوض بالسوم على إشكال، ولا على ما ليس
بثابت حالة الرهن كما لو رهن على ما يستدينه، أو على ثمن ما يشتريه
منه، فلو دفعه إلى المرتهن ثم اقترض لم يصر بذلك رهنا.
ولو شرك بين الرهن وسبب الدين في عقد (2) ففي الجواز إشكال ينشأ
من: جواز اشتراطه في العقد، فتشريكه في متنه آكد، ومن توقف الرهن
على تمامية الملك، لكن يقدم السبب فيقول: بعتك هذا العبد بألف،
وارتهنت الدار بها، فيقول: اشتريت ورهنت، ولو قدم الارتهان لم يصح. ولو
رهن على الثمن في مدة الخيار أو على مال الجعالة بعد الرد أو على النفقة
الماضية أو الحاضرة صح، لا على المستقبلة.
والأقرب جواز الرهن على مال الكتابة. ولا يصح على مال الجعالة
قبل الرد، ولا على الدية قبل استقرار الجناية. ويجوز على كل قسط بعد
حلوله في الخطأ على العاقلة، ومطلقا في غيره. ومع فسخ المشروطة يبطل
الرهن إن جوزناه.
ولو رهن على الإجارة المتعلقة بعين المؤجر كخدمته لم يصح، لعدم
تمكن الاستيفاء، ويصح على العمل المطلق الثابت في الذمة.
ولا يشترط كون الدين خاليا عن رهن، بل تجوز الزيادة في الرهن بدين
واحد، وكذا تجوز زيادة الدين على موهون واحد.

(1) في المطبوع و (أ، ب، ج، ش، ص): " يمكن استيفاؤه منه ".
(2) في (أ، د، ش): " في عقد واحد ".
115

الفصل الخامس:
في القبض
وليس شرطا على رأي، وهل له المطالبة به؟ إشكال، وقيل:
يشترط (1)، فيجب إذن الراهن فيه، ولو قبض من دونه أو أذن ثم رجع
قبله أو جن أو أغمي عليه أو مات قبله بطل.
ولا يشترط الاستدامة، فلو استرجعه صح، ويكفي الاستصحاب، فلو
كان في يد المرتهن لم يفتقر إلى تجديد قبض، ولا مضي زمان يمكن فيه.
ولو باع من المستودع دخل في ضمانه بمجرد البيع، والأقرب زوال
الضمان بالعقد لو كان غصبا، ويحتمل الضمان، لأن الابتداء أضعف من
الاستدامة، ويمكن اجتماعه مع الرهن كما لو تعدى المرتهن فيه (2)، فلأن
لا يرفع ابتداء الرهن دوام الضمان أولى.
ولو أودع الغاصب أو آجره فالأقرب زوال الضمان، وفي العارية
والتوكيل بالبيع والإعتاق نظر.
ولو أبرأ الغاصب عن ضمان الغصب والمال في يده فإشكال منشؤه
الإبراء (3) مما لم يجب، ووجود سبب وجوبه، لأن الغصب سبب وجوب
القيمة عند التلف. والأقرب أنه لا يبرأ، ولا تصير يده يد أمانة.

(1) من القائلين به: ابن الجنيد - كما نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب الديون في أحكام الرهن
ص 416 س 27 - والمفيد في المقنعة: باب الرهون ص 622، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه:
ص 334، وسلار في المراسم: ص 192، والشيخ في النهاية: باب الرهون ج 2 ص 244،
والطبرسي في مجمع البيان: في تفسير " فرهان مقبوضة " في الآية 283 من سورة البقرة ج 1 - 2
ص 400، والقطب الراوندي في فقه القرآن: ج 2 ص 58، وابن حمزة في الوسيلة: ص 265، والمحقق
في شرائع الإسلام: ج 2 ص 75، وابن سعيد في الجامع للشرائع: ص 287.
(2) " فيه " ليس في سائر النسخ عدا (أ، ب) والمطبوع.
(3) في المطبوع و (ج): " منشأ الإبراء ".
116

أما المستعير المفرط أو المشروط عليه الضمان أو القابض بالسوم أو
الشراء الفاسد، فلأقرب زوال الضمان عنهم بالارتهان، لأن ضمانهم أخف
من ضمان الغاصب.
ولا يجير الراهن على الإقباض، فلو رهن ولم يسلم لم يجبر عليه. نعم، لو
كان شرطا في بيع فللبائع الخيار، وكيفيته كما تقدم.
وإنما يصح القبض من كامل التصرف، وتجري فيه النيابة كالعقد،
لكن لا يجوز للمرتهن استنابة الراهن، وهل له استنابة عبد الراهن
ومستولدته؟ إشكال (1) ينشأ: من أن أيديهم يده، ويستنيب مكتابه.
وكل تصرف يزيل الملك قبل القبض فهو رجوع: كالبيع، والعتق،
والإصداق، والرهن من آخر مع القبض، والكتابة، ويلحق به الإحبال،
وإن لم يزل فلا: كالوطئ من دون إحبال، والتزويج، والإجارة،
والتدبير.
ولو انقلب خمرا قبل القبض فلأقرب الخروج، ولو عاد افتقر إلى تجديد
عقد، بخلاف ما لو انقلب خمرا بعد القبض فإنه يخرج عن الرهن، ثم يعود
إليه عند العود خلا، ولا يجوز إقباضه وهو خمر، ولا يحرم الإمساك
ولا العلاج ولا النقل إلى الشمس.
ولو رهن الغائب لم يصر رهنا حتى يقبضه هو أو وكيله، ويحكم على
الراهن لو أقر بالإقباض ما لم يعلم كذبه، فإن ادعى المواطأة فله
الإحلاف.
ولا يجوز تسليم المشاع إلا بإذن الشريك، فلو سلم بدونه ففي الاكتفاء به

(1) في (أ، ش): " فيه إشكال ".
117

في الانعقاد نظر، أقربه ذلك، للقبض وإن تعدى في غير الرهن.
ولو رضي الراهن والمرتهن بكونها في يد الشريك جاز وناب عنه في
القبض.
ولو تنازع الشريك والمرتهن نصب الحاكم عدلا يكون في يده لهما،
فيكون قبضا عن المرتهن.
ولو تنازع الشريك والمرتهن في إمساكه انتزعه الحاكم وآجره إن كان له
أجرة ثم قسمها، وإلا استأمن من شاء.
ولو حجر عليه لفلس لم يكن له الإقباض، لاشتماله على تخصيص
بعض الغرماء.
ولو كانا ساكنين في الرهن فخلي بينه وبينها صح القبض مع خروج
الراهن.
ولو اختلفا في القبض قدم قول من هو في يده. ولو اختلفا في الإذن
احتمل ذلك، وتصديق الراهن مع اليمين.
ولو تلف بعض الرهن قبل القبض وكان الرهن شرطا في البيع تخير
البائع بين الفسخ والقبول للباقي، وليس له المطالبة ببدل التالف، ويكون
الباقي رهنا بجميع الثمن، ولا خيار لو تلف بعد القبض، وكذا يتخير البائع لو
تعيبت العين قبل القبض كانهدام الدار.
وهذه الفروع كلها ساقطة عندنا، لعدم اشتراط القبض. نعم، لو شرطه
وجب.
فروع
(أ): لو شرطا وضعه على يد غيرهما لزم، ويشترط فيه كونه ممن يجوز
118

توكيله، وهو الجائز التصرف وإن كان كافرا أو فاسقا أو مكاتبا لكن
بجعل، لا صبيا ولا عبدا إلا بإذن مولاه.
(ب): لو جعلاه على يد عدلين جاز، وليس لأحدهما التفرد به
ولا ببعضه، ولو سلمه أحدهما التفرد به
ولا ببعضه، ولو سلمه أحدهما إلى الآخر ضمن النصف، ويحتمل أن
يضمن كل منهما الجميع (1)، ففي استقراره على أيهما إشكال (2).
(ج): ليس لأحدهما ولا للحاكم نقله عن العدل الذي اتفقا عليه، ما
دام على العدالة ولم (3) يحدث له عداوة، ولو اتفقا على النقل جاز، فإن
تغيرت حاله أجيب طالب النقل، فإن اتفقا على غيره، وإلا وضعه الحاكم
عند ثقة.
ولو اختلفا في التغيير عمل الحاكم على ما يظهر له (4) بعد البحث.
ولو كان في يد المرتهن فتغيرت حاله في الثقة أو الحفظ نقله الحاكم إلى
ثقة.
ولو مات العدل نقلاه إلى من يتفقان عليه، فإن اختلفا نقله الحاكم.
ولو كان المرتهن اثنين فمات أحدهما ضم الحاكم إلى الآخر عدلا
للحفظ.
(د): للعدل رده عليهما لا على أحدهما، إلا باتفاق الآخر، أو إلى من
يتفقان عليه، ويجب عليهما قبوله، ولو سلمه إلى الحاكم أو إلى أمين مع
وجودهما وقبولهما للقبض من غير إذن ضمن، فإن اختفيا عنه سلمه إلى
الحاكم.

(1) في (ب): " في الجميع ".
(2) في (ب): " كان إشكال ".
(3) في (أ، د، ه‍): " ما لم ".
(4) " له " ليس في النسخ عدا (د) والمطبوع.
119

ولو كانا غائبين أو أحدهما لم يجز له (1) تسليمه إلى الحاكم
ولا غيره (2) من غير ضرورة فيضمن، ومع الحاجة يسلمه إلى الحاكم أو إلى
من يأذن له، فإن سلمه إلى الثقة من غير إذن الحاكم ضمن، ولو تعذر
الحاكم وافتقر إلى الإيداع أودع من ثقة ولا ضمان.
(ه‍): لو لم يمتنعا من القبض فدفعه إلى عدل بغير إذنهما ضمن، ولو أذن
له الحاكم ضمن أيضا، لانتفاء ولايته عن غير الممتنع، ويضمن القابض
أيضا. ولو امتنعا لم يضمن بالدفع إلى العدل مع الحاجة وتعذر الحاكم، فإن
امتنع أحدهما فدفعه إلى الآخر ضمن. والفرق: أن العدل يقبض لهما،
والآخر يقبض لنفسه.
(و): لو أمر العدل بالبيع عند الحلول فله ذلك، وللراهن فسخ الوكالة،
إلا أن تكون شرطا في عقد الرهن، وليس للمرتهن عزله، لأن العدل وكيل
الراهن لكن ليس له البيع إلا بإذنه.
ولو لم يعزلاه لم يبع عند الحلول إلا بتجديد إذن المرتهن، لأن البيع لحقه
فلم يجز حتى يأذن فيه، ولا يفتقر إلى تجديد إذن الراهن.
ولو أتلف الرهن أجنبي فعليه القيمة، تكون رهنا في يد العدل، وله
المطالبة بها، وهل له بيعها بالإذن في بيع الأصل؟ الأقرب المنع.
(ز): لو عينا له ثمنا لم يجز له التعدي، فإن اختلفا لم يلتفت إليهما، إذ
للراهن حق ملكية الثمن، وللمرتهن حق الوثيقة، فيبيعه بأمر الحاكم بنقد
البلد، وافق الحق أو قول أحدهما أو لا، فإن تعدد فبالأغلب، فإن تساويا

(1) " له " ليس في (ه‍، ش، ص).
(2) في (ه‍): " ولا إلى غيره ".
120

فبمساوي الحق، وإن باينهما عين له الحاكم، ولو باعه نسيئة لم يصح إلا
بإذن.
(ح): كل موضع يحكم فيه ببطلان البيع يجب رد المبيع، فإن تلف تخير
المرتهن في الرجوع على من شاء من العدل والمشتري بالأقل من الدين
والقيمة، لأنه يقبض قيمة الرهن مستوفيا لحقه لا رهنا، فإن فضل من
القيمة عن الدين فللراهن الرجوع به على من شاء من العدل والمشتري.
ولو استوفى المرتهن من الراهن دينه رجع الراهن بالقيمة على من
شاء، ومتى ضمن العدل رجع به على المشتري، ولا يرجع المشتري عليه لو
ضمن.
(ط): لو عينا له قدرا لم يجز (1) بيعه بأقل، ولو أطلقنا باع بثمن المثل أو
زيادة خاصة، ولو باع بأقل مما لا يتغابن الناس به بطل البيع وضمن، ولو
كان مما يتغابن به صح ولا ضمان.
(ي): لو تلف الثمن في يده من غير تفريط فلا ضمان، والأقرب أنه من
ضمان الراهن لأنه وكيله، ويحتمل المرتهن لأن البيع لأجله، ويقبل قوله مع
اليمين لو ادعى التلف. ولو ادعى قبضه من المشتري وخالفاه احتمل
المساواة، لأنه أمين فيبرأ بيمينه دون المشتري، وتقديم قولهما لأنهما منكران.
(يا): لو خرج الرهن مستحقا فالعهدة على الراهن، لا العدل إن علم
المشتري بوكالته، فإن علم بعد تلف الثمن في يده رجع على الراهن
خاصة (2)، ولو علم بعد دفع الثمن إلى المرتهن رجع المشتري عليه لا على

(1) في (ه‍): زيادة " له ".
(2) " خاصة " ليست في المطبوع والنسخة المعتمدة.
121

العدل، ولو رده بعيب (1) رجع على الراهن خاصة، لأن العدل وكيل،
والمرتهن قبض بحق.
ولو لم يعلم المشتري بوكالة العدل حالة البيع فله الرجوع على العدل،
ويرجع العدل على الراهن إن اعترف بالعيب، أو قامت به بينة، فإن أنكر
فالقول قول العدل مع يمينه، فإن نكل فحلف المشتري رجع على العدل،
ولا يرجع العدل على الراهن، لاعترافه بالظلم.
(يب): لو تلف العبد في يد المشتري ثم بان مستحقا قبل أداء الثمن
رجع المالك على من شاء: من الغاصب والعدل، والمرتهن القابض
والمشتري، ويستقر الضمان على المشتري للتلف في يده، ولو لم يعلم
بالغصب استقر الضمان على الغاصب.
(يج): لو ادعى العدل دفع الثمن إلى المرتهن قبل قوله في حق
الراهن، لأنه وكيله على إشكال، ولا يقبل في حق المرتهن، لأنه وكيله في
الحفظ خاصة، فلا يقبل في غيره، كما لو وكل رجلا في قضاء دين فادعى
تسليمه إلى صاحب الدين.
ويحتمل قبول قوله على المرتهن في إسقاط الضمان عن نفسه لا عن
غيره، فعلى هذا: إن حلف العدل سقط الضمان عنه، ولم يثبت على
المرتهن أنه قبضه. وعلى الأول يحلف المرتهن فيرجع على من شاء، فإن
رجع على العدل لم يرجع العدل على الراهن، لاعترافه بالظلم، وإن رجع
على الراهن لم يرجع على العدل إن كان دفعه بحضرته أو ببينة ماتت أو
غابت، لعدم التفريط في القضاء، وإلا رجع على إشكال منشؤه: التفريط،

(1) " بعيب " ليس في (ه‍ ش، ص).
122

وكونه أمينا له اليمين عليه (1) إن كذبه.
(يد): لو غصبه المرتهن من العدل ثم أعاده إليه زال الضمان عنه.
الفصل السادس: في اللواحق
لو مات المرتهن ولم يعلم الرهن كان كسبيل ماله. ويجوز للمرتهن ابتياع
الرهن، فإن كان وكيلا فالأقرب جواز بيعه من نفسه بثمن المثل. وحق
المرتهن أقدم في حق الحي والميت، فإن قصر الثمن ضرب بفاضل دينه مع
الغرماء. والرهن أمانة في يده لا يضمن إلا بالتفريط، ولا يسقط من دينه
شئ. فإن تصرف بركوب أو سكنى أو لبن وشبهه فعليه الأجرة والمثل،
ويقاص في المؤونة، فإن تلف ضمن قيمته إن لم يكن مثليا، قيل: يوم
قبضه (2)، وقيل: يوم هلاكه (3)، وقيل: إلا رفع (4).
ولو علم جحود الوارث استقل بالاستفاء، ولو اعترف بالرهن لم
يصدق في الدين إلا بالبينة، وله إحلاف الوارث على عدم العلم.
ويجب على المرتهن بالوطئ العشر أو نصفه، ولو طاوعت فلا شئ.
ولو شرط كون الرهن مبيعا عند تعذر الأداء بعد الحلول بطلا، فإن

(1) في (أ): " وله عليه اليمين "، وفي (ج): " فله اليمين عليه "، وفي (ص): " واليمين عليه ".
(2) قاله المحقق في شرائع الإسلام: في لواحق الرهن المتعلقة بالنزاع الواقع فيه ج 2 ص 85، وهو اختيار
المصنف في تبصرة المتعلمين: في الرهن ص 113.
(3) قاله المفيد في المقنعة: ص 623، والشيخ في النهاية: ج 2 ص 244، وسلار في المراسم: ص 193، وابن
سعيد الحلي في الجامع للشرائع: ص 288، والمحقق في المختصر النافع: ص 138، وهو اختيار المصنف
في إرشاد الأذهان: ج 1 ص 393.
(4) لم نجد قائله، إلا أن فخر المحققين نسبه إلى الشيخ في المبسوط، ولم نجده في كتاب الرهن من المبسوط،
وقال بعده في إيضاح الفوائد ج 2 ص 35: " وهو الأقوى عندي ".
123

تلف قبل مدة الحلول لم يضمن، ولو تلف بعدها ضمن.
وفوائد الرهن للراهن، ولا تدخل فيه إن كانت موجودة، والأقرب عدم
دخول المتجددة إلا مع الشرط، أو كانت متصلة.
ولو أدى ما يخص أحد الرهنين لم يجز إمساكه بالآخر ولا بالخالي،
ويقدم قول الدافع.
ولا يدخل التمرة غير المؤبرة في رهن النخلة، ولا الشجر في رهن الأرض
وإن قال: " بحقوقها " إلا مع الشرط، وكذا ما ينبت بعد رهنها، سواء أنبته
الله تعالى أو الراهن أو أجنبي، إلا أن يكون الغرس من الشجر المرهون.
وفي دخول الأس تحت الجدار، والمغرس تحت الشجر، واللبن في
الضرع، والصوف المستجز على ظهر الحيوان، وأغصان الشجر نظر،
والأقرب جواز إجبار الراهن على الإزالة.
ولو رهن ما يمتزج بغيره كلقطة من الباذنجان صح إن كان الحق يحل
قبل تجدد الثانية، أو بعدها وإن لم يتميز على رأي.
ويقدم حق المجني عليه - وإن تأخر - على حق المرتهن (1)، فيقتص في
العمد أو يسترق الجميع أو مساوي حقه فالباقي رهن، وفي الخطأ إن فكه
مولاه فالرهن بحاله، وإن سلمه فللمجني عليه استرقاقه وبيعه (2)، أو بيع
مساوي حقه، فالباقي رهن.
ولو جرح مولاه عمدا اقتص (3)، ولا يخرج عن الرهن، وإن قتله فللورثة
قتله، والعفو، فيبقي رهنا. ولو جرح خطأ لم يثبت لمولاه عليه شئ، فيبقي

(1) " وإن تأخر على حق المرتهن " ليست في (أ).
(2) في المطبوع و (ج،): " أو بيعه ".
(3) في المطبوع و (أ): " اقتص منه ".
124

الرهن بحاله.
ولو جنى على مورث المالك فللمالك القصاص، أو الافتكاك من
الرهن فيه، وفي الخطأ (1) مع الاستيعاب، والمقابل مع عدمه، فالباقي رهن.
ولو جنى على عبد مولاه فكمولاه، إلا أن يكون رهنا من غير المرتهن فله
قتله، ويبطل حق المرتهنين، والعفو على مال فيتعلق به حق المرتهن الآخر،
ولو عفا بغير مال فكعفو المحجور (2)، ولو أوجبت أرشا فللثاني.
ولو اتحد المرتهن وتغاير الدين فله بيعه وجعل ثمنه رهنا بالدين الآخر،
وفي الخطأ مع الاستيعاب، والمقابل مع عدمه، والباقي (3) رهن.
ويتعلق الرهن بالقيمة لو أتلفه المرتهن أو أجنبي، ولا يتعلق بها
الوكالة.
ولو صارت البيضة فرخا أو الحب زرعا فالرهن بحاله.
وذا لزم الرهن استحق المرتهن إدامة اليد، وعلى الراهن مؤونة
المرهون، وأجرة الاصطبل، وعلف الدابة، وسقي الأشجار، ومؤونة
الجذاذ (4) من خاص ماله، ولا يمنع من الفصد والحجامة والختان، ويمنع من
قطع السلع.
ولو رهن الغاصب فللمالك تضمين من شاء، ويستقر الضمان (5)
على الغاصب، وكذا المودع والمستأجر والمستعير من الغاصب. هذا إن

(1) في النسخة المعتمدة: " من الرهن في الخطأ ".
(2) في المطبوع و (ج، ه‍): " المحجور عليه ".
(3) في المطبوع و (ص): " فالباقي ".
(4) في المطبوع و (أ، ج، ه‍، ش): " الجداد " بالمهملتين: صرام النخل، و " الجذاذ " - مثلثة -: فضل كل
شئ.
(5) " الضمان " ليس في سائر النسخ عدا (أ، ه‍).
125

جهلوا، ولو علموا لم يرجعوا عليه.
وأحكام الوثيقة كما تثبت كما تثبت في الرهن تثبت في بدله الواجب بالجناية
على المرهون، والخصم في بدل الرهن الراهن، فإن امتنع فالأقرب: أن
للمرتهن أن يخاصم.
ولو نكل الغريم حلف الراهن، فإن نكل ففي إحلاف المرتهن نظر، فإن
عفا الراهن فالأقرب: أخذ المال في الحال لحق المرتهن، فإن انفك ظهر
صحة العفو، وإلا فلا.
ولو أبرأ المرتهن لم يصح، والأقرب بقاء حقه (1)، فإن الإبراء الفاسد
يفسد ما يتضمنه كما لو وهب الرهن من غيره.
ولو اعتاض (2) عن الدين ارتفع الرهن. ولو أدى بعض الدين بقي كل
المرهون رهنا بالباقي على إشكال، أقربه ذلك أن شرط كون الرهن رهنا
على الدين، وعلى كل جزء منه.
ولو رهن عبدين منهما رهن بالجميع، إلا أن يتعدد العقد والصفقة،
أو مستحق الدين، أو المستحق عليه.
ولا اعتبار بتعدد الدين، ولا المالك في المرهون المستعاد من
شخصين.
ولو دفع أحد الوارثين نصف الدين لم ينفك نصيبه على إشكال، أما لو
تعلق الدين بالتركة فأدى أحدهما نصيبه فالأقرب انفكاك حصته، إذ

(1) في (د): " حقه في الرهن ".
(2) اعتاض: أخذ العوض، واعتاضه منه واستعاضه وتعوضه، كله: سأله العوض. لسان العرب (مادة:
عوض).
126

وإذا انفك نصيب أحد مالكي المرهون فأراد القسمة قاسم المرتهن بعد
إذن الشريك، سواء كان مما يقسم بالأجزاء: كالمكيل والموزون، أو لا:
كالعبيد (1).
وإذا قال المالك: بع الرهن لي واستوف الثمن لي ثم اقبضه لنفسك
فالأقرب صحة الجميع، لكن لا يكفي في الاستيفاء لنفسه مجرد الإمساك،
بل لا بد من وزن جديد أو كيل، لأن قوله: ثم استوف لنفسك يقتضي
الأمر بتجديد فعل.
ولو قال: بعه لي واقبضه لنفسك صح البيع دون القبض، لأنه لم يصح
قبض الراهن، لكن ما قبضه يكون مضمونا عليه، فإن القبض الفاسد
يشابه الصحيح في الضمان.
ولو قال: بعه لنفسك، بطل الإذن، لأنه لا يتصور أن يبيع ملك غيره
لنفسه.
ولو قال: بع مطلقا صح.
الفصل السابع: في التنازع
لو اختلفا في عقد الرهن قدم قول الراهن مع يمينه.
ولو ادعى دخول النخل في رهن قدم قول الراهن في إنكار
الدخول والوجود عند الرهن، فإن كذبه الحس وأصر جعل ناكلا، وردت
اليمين على المرتهن، وإن عدل إلى نفي الرهن حلف.
ولو ادعى عليهما رهن عبدهما فلأحدهما - إذا صدقه - أن يشهد على

(1) في (أ، ج): " أو كالعبيد ".
127

الآخر، ما لم يجر نفعا بأن يشهد (1) بالرهن على الدين، وعلى كل جزء
منه.
ولو كذبه كل منهما عن نصيبه وشهد على شريكه لم يقبل شهادتهما،
لزعمه أنهما كاذبان، إلا أن نقول: الصغيرة لا تطعن في العدالة والكذب
منها.
ولو ادعيا واحد رهن عبده عندهما وصدق أحدهما خاصة فنصفه
مرهون عند المصدق، فلو شهد للآخر فإشكال ينشأ من: تشارك الشريكين
المدعيين حقا يصدق الغريم أحدهما عليه، أو لا، فإن قلنا بالتشريك لم
يقبل، وإلا قبلت.
ولو اختلفا في متاع فادعى أحدهما أنه رهن وقال المالك: وديعة (2) قدم
قول المالك مع اليمين على رأي.
ولو قال: الرهن (3) العبد فقال: بل الجارية، بطل رهن ما ينكره المرتهن،
وحلف الراهن على الآخر وخلصا عن الرهن.
أما لو ادعى البائع اشتراط رهن العبد على الثمن، فقال المشتري: بل
الجارية، احتمل تقديم قول الراهن وهو الأقوى، والتحالف، وفسخ البيع.
ولو قال: رهنت العبد، فقال: بل هو والجارية، قدم قول الراهن.
ولو قال: دفعت ما على الرهن من الدينين، صدق مع اليمين دون
صاحبه، أما لو أنكر الغريم القبض قدم قوله.
ولا فرق بين الاختلاف في مجرد النية أو في اللفظ.

(1) في (أ) والمطبوع: " كأن يشهد ".
(2) في (أ، ش): " وقال الآخر: هو وديعة ". وفي (ه‍): " إنه وديعة ".
(3) في (ص): زيادة " هو - خ ل ".
128

ولو قال: لم أنو عند التسليم أحد الدينين احتمل التوزيع، وأن يقال له:
اصرف الأداء الآن إلى ما شئت.
وكذا نظائره: كما لو تبايع مشركان (1) درهما بدرهمين وسلم مشتري
الدرهم درهما ثم أسلما (2): فإن قصد عن الفضل فعليه الأصل، وإن
قصد عن الأصل فلا شئ عليه، وإن قصدهما وزع وسقط ما بقي من
الفضل، وإن لم يقصد فالوجهان.
ولو كان لزيد عليه مائة ولعمرو مثلها ووكلا من يقبض لهما فدفع
المديون لزيد أو لعمرو فذاك، وإلا فالوجهان.
ولو أخذ من المماطل قهرا فالاعتبار بينة الدافع، ويحتمل (3) القابض،
ولو فقدت فالوجهان.
ولو كان التداعي في الإبراء قدم قول المرتهن، ويقدم قول الراهن في
عدم الرد مع اليمين، وفي قدر الدين على رأي، وفي أن الرهن على (4) نصف
الدين لا كله، وعلى المؤجل منه لا الحال، وقول المرتهن في عدم التفريط
والقيمة، وفي أن رجوعه (5) عن إذنه للراهن في البيع قبله ترجيحا للوثيقة،
ولأن الأصل عدم بيع الراهن في الوقت الذي يدعيه، وعدم رجوع المرتهن في
الوقت الذي يدعيه، فيتعارضان ويبقى الأصل استمرار الرهن، ويحتمل
تقديم قول الراهن عملا بصحة العقد.

(1) في المطبوع و (أ، ج، د): " مشتركان ".
(2) في (أ، ج): " استلما ".
(3) في (ش): " ويحتمل بنية القابض ".
(4) في (أ، ش): " كان على ".
(5) في (أ): " وفي رجوعه ".
129

ولو ادعى الراهن الغلط في إقراره بقبض المرتهن الرهن تعويلا على
كتاب وكيله فخرج مزورا أو قال (1): أقبضته بالقول وظننت الاكتفاء
قدم قول المرتهن مع اليمين، وكذا لو قال: تعمدت الكذب إقامة لرسم
القبالة، أما لو أقر في مجلس القضاء بعد توجه دعواه فالوجه أنه لا يلتفت
إليه، وكذا لو شهدت البينة بمشاهدة القبض.
ولو اعترف الجاني بالجناية على الرهن فصدقه الراهن خاصة أخذ
الأرش، ولم يتعلق به حق (2) المرتهن، ولو صدقه المرتهن خاصة أخذ الأرش
وكان رهنا إلى قضاء الدين، فإذا قضى من مال آخر فهو مال ضائع
لا يدعيه أحد.
ولو جنى العبد فاعترف المرتهن خاصة قدم قول الراهن مع اليمين (3).
ولو اعترف الراهن خاصة قدم المرتهن مع اليمين، فإن بيع في الدين
فلا شئ للمقر له، ولا يضمن الراهن، ويحتمل الضمان مع تمكنه من
الفك لقضاء ثمنه في دينه.
ولو قال الراهن: أعتقته أو غصبته أو جنى على فلان قبل أن رهنت
حلف المرتهن على نفي العلم، وغرم الراهن للمقر له للحيولة. ولو نكل
فالأقرب إحلاف المقر له لا الراهن - فيباع العبد في الجناية، والفاضل رهن -
أو العبد فيعتق.
ولو نكل المقر له احتمل الضمان، لاعترافه بالحيلولة، وعدمه، لتقصيره

(1) " قال " ليس في النسخ عدا (ب، ج) والمطبوع.
(2) " حق " لا توجد في (ب، ج، ص).
(3) في (أ): " مع تعين اليمين ".
130

بالنكول مع تمكين المقر بإقراره (1)، والمرتهن بنكوله (2)، وغرامته للعبد بفكه
من الرهن عند الحلول، فإن تعذر وبيع وجب فكه بالقيمة مع البذل،
وبالأزيد على إشكال، فإن أعتق فلا ضمان إلا في المنافع التي استوفاها
المشتري لا غيرها، إذ منافع الحر لا تضمن بالفوات، وقبله يضمنها لما يتبع
به بعد العتق كالجناية.
وإن كوتب بالقيمة أو بالأدون أو بالأزيد مع عدم التخلص إلا به
وجب على المقر تخليصه به، فإن سعى العبد ضمن الأجرة خاصة على
الأقوى، بخلاف الميراث.
وإن أعتق من الزكاة فلا ضمان فيه، وكذا لو أبرأه السيد.
ولو عجز عن أداء الجميع وجب دفع ما يتمكن منه.
ولو كانت مشروطة فدفع القيمة لعجزه عن تمام مال الكتابة ثم
استرق رجع المقر بما دفعه في التخليص.
ولو جنى على عبد المقر أو نفسه أو مورثه وكان عبدا أو مكاتبا خلص
منه بقدرها.
ولو أوصى لشخص بخدمته دائما ولآخر برقبته فأعتق ضمن له أجرة
المثل لكل خدمة مستوفاة.
ولو مات عبدا ضمن لوارثه الحر أجرة منافعه المستوفاة، وما وصل إلى
مولاه من كسبه، ولو أعتقه فأخذ كسبه بالولاء ضمنه للإمام.
ولو انتقل إلى مورث المقر فأعتقه في كفارة أو نذر غير معين وحاز المقر

(1) (ه‍): " بإقراره له ".
(2) في (ص): " بنكوله له ".
131

التركة أو بعضها أخرج الكفارة أو النذر، ولا يزاحم الديون والوصايا مع
التكذيب.
ولو استولدها المشتري لم يحتسب على الولد نصيب المقر لو كان وارثا، ولا يحسب من مال المشتري بالنسبة إلى المقر، فلا يخرج ما أوصى له
المشتري به منه، إلا في أخذه في دينه لو دفع إليه فيعتق عليه (1).
ولو اعترفا بقبض العدل الرهن لم يضر إنكاره في اللزوم إن شرطناه، ولو
اعترف أحدهما خاصة فالقول قول المنكر، ولا تقبل شهادة العدل عليه.
ولو قال المالك: " بعتك السلعة بألف " فقال: بل رهنتها عندي بها
فالقول قول كل منهما في العقد الذي ينكره بعد اليمين، ويأخذ المالك
سلعته.

(1) العبارات من قوله: " ولو نكل المقر له احتمل الضمان - إلى قوله -: لو دفع إليه فيعتق عليه " سقطت
من النسخة المعتمدة.
132

المقصد الثالث
في الحجر
وهو: المنع عن التصرف، وأسبابه ستة: الصغر والجنون والرق والمرض
والسفه والفلس.
فهنا فصول:
الأول: الصغير (1)
ويحجر عليه في جميع التصرفات، ويعتد بإخباره عن الإذن في فتح
الباب، والملك عند إيصال الهدية. وإنما يزول عنه الحجر بأمرين: البلوغ
والرشد.
أما البلوغ فيحصل بأمور:
(أ) (2): إنبات الشعر الخشن على العانة، سواء كان مسلما أو كافرا،
ذكرا أو أنثى، والأقرب أنه أمارة، ولا اعتبار بالزغب (3)، ولا الشعر الضعيف،
ولا شعر الإبط.
(ب): خروج المني الذي يكون منه الولد من الموضع المعتاد، سواء

(1) في (ب): " الصغر ".
(2) في المطبوع: " الأول " وكذا ما بعده من التعداد كتابة.
(3) الزغب - محركة -: صغار الشعر والريش ولينه، أو أول ما يبدو منهما. القاموس المحيط (مادة: زغب).
133

الذكر والأنثى.
(ج): السن: وهو بلوغ خمس عشرة سنة هلالية في الذكر (1)، وتسع في
الأنثى.
وفي رواية: إذا بلغ الصبي عشرا بصيرا جازت وصيته وصدقته،
وأقيمت عليه الحدود التامة (2)، وفي أخرى: خمسة أشبار (3).
(د): الحيض والحمل دليلان على سبقه، ولا يعرف الحمل إلا
بالوضع، فيحكم - حينئذ - بالبلوغ قبل الوضع بستة أشهر وشئ. والخنثى
المشكل إن أمنى من الفرجين أو حاض من فرج النساء وأمنى من الآخر
حكم ببلوغه، وإلا فلا.
وأما الرشد: فهو كيفية نفسانية تمنع من إفساد المال وصرفه في غير
الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء، ولا تعتبر العدالة، ويعلم باختباره بما يناسبه
من التصرفات (4)، فإذا عرف منه: جودة المعاملة وعدم المغابنة إن كان
تاجرا، والاستغزال والاستنساج في الأنثى - إن كانت من أهلها - وأشباهه
حكم بالرشد. وفي صحة العقد - حينئذ - إشكال.
ولا يزول الحجر بفقد أحد الوصفين وإن طعن في السن.
ويثبت الرشد في الرجال بشهادتهم، وفي النساء بها وبشهادتهن.

(1) في سائر النسخ عدا (ص): " في الذكر هلالية ".
(2) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب أحكام الوصايا ح 3 و 4 ج 13 ص 429، باختلاف يسير.
(3) في (ش، ص): إذا بلغ خمسة أشبار ". وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب القصاص في النفس ح 1
ج 19 ص 66.
(4) في النسخة المعتمدة: " التصرف " وما أثبتناه موافق لجميع النسخ الثمانية.
134

وصرف المال إلى وجوه الخيرات ليس بتبذير، وصرفه إلى الأغذية
النفيسة التي لا تليق بحاله تبذير.
وولي الصبي أبوه، أو جده لأبيه وإن علا، ويشتركان في الولاية، فإن
فقدا فالوصي (1)، فإن فقد فالحاكم. ولا ولاية للأم، ولا لغيرها من الإخوة
والأعمام وغيرهم، عدا من ذكرنا (2).
وإنما يتصرف الولي بالغبطة، فلو اشترى لا معها لم يصح، ويكون
الملك باقيا للبائع. والوجه: أن له استيفاء القصاص، والعفو على مال
لا مطلقا.
ولا يعتق عنه إلا مع الضرورة: كالخلاص من نفقة الكبير العاجز،
ولا يطلق عنه بعوض ولا غيره، ولا يعفو عن الشفعة إلا لمصلحة،
ولا يسقط مالا في ذمة الغير. وله أن يأكل بالمعروف مع فقره، وأن
يستعفف مع الغنى، والوجه: أنه لا يتجاوز أجرة المثل.
ويجب حفظ مال الطفل، واستنماؤه قدرا لا تأكله النفقة على
إشكال، فإن تبرم الولي به فله أن يستأجر من يعمل.
ويجب عليه (3) البيع إذا طلب متاعه بزيادة مع الغبطة، وكذا يجب
الشراء للرخيص (4).
وإذا تبرع أجنبي بحفظ مال الطفل لم يكن للأب أخذ الأجرة على
إشكال. وله أن يرهن ماله عند ثقة لحاجة الطفل، والمضاربة بماله، وللعامل

(1) " فإن فقدا فالوصي " لا توجد في المطبوع.
(2) في (أ): " ذكرناه ".
(3) كذا في النسخة المعتمدة في الموضعين وكذا في (ب، ج) بدل نسخته، وفي بقية النسخ في الموضعين:
" يستحب له ".
(4) في (ب): " شراء الرخيص ".
135

ما شرط له.
وهل للوصي أن يتجر لنفسه (1) مضاربة؟ فيه إشكال ينشأ: من أن له
الدفع إلى غيره فجاز لنفسه، ومن أن الربح نماء مال اليتيم فلا يستحق عليه
إلا بعقد.
ولا يجوز أن يعقد الولي المضاربة (2) مع نفسه.
ويجوز إبضاع ماله، وهو: أن يدفع إلى غيره والربح كله لليتيم، وأن
يبني له عقارا ويشتريه (3)، ولا يجوز له بيع عقاره إلا للحاجة، ويجوز كتابة
رقيقة وعتقه على مال مع الغبطة، وخلطه مع عياله في النفقة، وينبغي أن
يحسب عليه أقل، وجعله في المكتب بأجرة، أو في صنعة، وقرض ماله إذا
خشي تلفه من غرق أو نهب وشبهه (4)، فيأخذ عليه رهنا يحفظ قيمته، فإن
تعذر أقرضه من الثقة، ولا يجوز قرضه مع الأمن.
ولو احتاج إلى نقله جاز إقراضه خوفا من الطرق، وكذا لو خاف تلفه
بتطاول مدته ولم يتمكن من بيعه، أو تعيبه: كتسويس التمر وعفن الحنطة.
ولو أراد الولي السفر كان له إقراضه، فإن تمكن من أخذ الرهن
وجب، وإلا فلا. وللأب الاستنابة فيما يتولى مثله (5) فعله، والأقرب في
الوصي ذلك.
ويقبل قول الولي في الإنفاق بالمعروف على الصبي، أو ماله، والبيع

(1) في (أ، ب، ج، د، ه‍، ص): " بنفسه ".
(2) في (ه‍) زيادة " به ".
(3) في (أ، ب، ج) والمطبوع: " أو يشتريه ".
(4) في (د): " وشبههما ".
(5) في (د): " مثل الأب ".
136

للمصلحة، والقرض لها، والتلف من غير تفريط، سواء كان أبا (1) أو غيره
على إشكال.
وهل يصح بيع المميز (2) وشراؤه مع إذن الولي؟ نظر.
الفصل الثاني: في المجنون والسفيه
أما المجنون: فهو ممنوع من التصرفات أجمع، المالية وغيرها، وأمره إلى
الأب والجد له وإن علا، فإن فقدا فالوصي، فإن فقد فالحاكم، وللولي
التصرف في ماله بالغبطة.
وحكمه حكم الصبي فيما تقدم، إلا الطلاق فإن للولي أن يطلق عنه،
وإلا البيع فإنه لا ينفذ وإن أذن له الولي، وله أن يزوجه مع الحاجة
لا بدونها.
وأما السفيه: فهو الذي يصرف أمواله على غير الوجه الملائم لأفعال العقلاء.
ويمنع من التصرفات المالية وإن ناسبت أفعال العقلاء: كالبيع
والشراء بالعين أو الذمة (3)، والوقف، والهبة، والإقرار بالدين والعين،
والنكاح (4)، فإن عقد لم يمض.
وهل يتوقف الحجر عليه على حكم الحاكم أو يكفي ظهور السفه؟
الأقرب: الأول. ولا يزول (5) إلا بحكمه، فإن اشترى بعد الحجر فهو

(1) في (ج): " أباه ".
(2) في (أ): " الصبي المميز ".
(3) في المطبوع: " أو في الذمة ".
(4) في (أ، ج، د، ش): " والعتق والنكاح ".
(5) في (أ): " ولا يزول الحجر ".
137

بحجره (1) باطل. ويسترد البائع سلعته إن وجدها، وإلا فهي ضائعة إن
قبضها بإذنه، عالما كان البائع أو جاهلا وإن فك حجره، وكذا لو اقترض
وأتلف المال.
ولو أذن له الولي صح إن عين، وإلا فلغو، وكذا يجوز لو باع فأجاز
الولي.
ولو أتلف ما أو دع قبل الحجر أو غصب بعده أو أتلف مال غيره مطلقا
ضمن.
ولو أقر بدين لم ينفذ، سواء أسنده إلى ما قبل الحجر أو لا، وكذا لو أقر
بإتلاف مال أو بجناية توجب مالا.
ويصح طلاقه ولعانه وظهاره ورجعته وخلعه، ولا يسلم مال الخلع
إليه، وإقراره بالنسب، وينفق على من استلحقه من بيت المال، وبما يوجب
القصاص، ولو صولح فيه أو هبة جاز، لبقاء أهلية التصرف.
وللولي أن يشتري له جارية ينكحها مع المصلحة، فإن تبرم بها أبدلت.
وهو في العبادات كالرشيد، إلا أنه لا يفرق الزكاة بنفسه. وينعقد
إحرامه في الواجب مطلقا، وفي التطوع إن استوت نفقته سفرا وحضرا، أو
أمكنه تكسب الزائد، وإلا حلله الولي بالصوم، وله أن يعفو عن القصاص لا الدية والأرش، والولاية في ماله
للحاكم خاصة. ولو فك حجره ثم عاد التبذير أعيد الحجر، وهكذا.

(1) " بحجره " ليست في المطبوع و (ش، ص).
138

الفصل الثالث: في المملوك
المملوك ممنوع من التصرف في نفسه وما في يده ببيع وإجارة واستدانة
وغير ذلك من جميع العقود، إلا بإذن مولاه، عدا الطلاق فإن له إيقاعه وإن
كره المولى.
والأقرب: أنه لا يملك شيئا، سواء كان فاضل الضريبة أو أرش (1)
الجناية - على رأي - كو غيرهما، وسواء ملكه مولاه - على رأي - أو لا.
ولا يصح له الاستدانة، فإن استدان بدون إذن مولاه استعيد، فإن
تلف فهو في ذمته، إن أعتق أداه، وإلا ضاع، سواء كان المدين جاهلا
بعبوديته أو لا، ولو أذن له مولاه في الاستدانة لزم المولى إن استبقاه، أو
باعه، ولو أعتقه فالأقوى إلزام المولى. ويتشارك غرماؤه وغرماء المولى في
التركة القاصرة على النسبة.
ولو أذن له في التجارة لم يجز (2) التعدي فيما حده، وينصرف الإذن في
الابتياع إلى النقد، وله النسيئة أذن فيها، فيثبت الثمن في ذمة المولى،
ولو تلف الثمن (3) قبل التسليم فعلى المولى عوضه. وليس له الاستدانة إلا
مع ضرورة التجارة المأذون فيها له فيلزم المولى، وغيره يتبع به بعد العتق،
وإلا ضاع، ولا يستسعي على رأي، ولا يتعدى الإذن إلى مملوك المأذون.
ولو أخذ المولى ما استدانه وتلف في يده تخير المقرض بين اتباع العبد
بعد العتق، وإلزام المولى معجلا. ويستعيد المقرض والبائع العين لو لم يأذن
المولى فيهما، فإن تلفت طولب بعد العتق.

(1) في المطبوع. (ب، ج، د، ص): " وأرش ".
(2) في (أ، د) زيادة " له ".
(3) " الثمن " لا توجد في (أ).
139

ولو أذن له المولى في الشراء لنفسه ففي تملكه إشكال، وهل يستبيح
العبد البضع؟ الأقرب ذلك، لا من حيث الملك، بل لاستلزامه الإذن.
وإذا أذن له في التجارة جاز كل ما يندرج تحت اسمها أو استلزمته:
كحمل المتاع إلى المحرز (1) والرد بالعيب. وليس له أن ينكح ولا يؤاجر
نفسه، والأقرب أن له يؤجر أموال التجارة.
ولو قصر الإذن في نوع أو مدة لم يعم، ولا يتصدق ولا ينفق على نفسه
ولا يضم ما اكتسبه بالاحتطاب والاصطياد إلى مال التجارة.
وهل ينعزل بالإباق؟ نظر، ولا يصير مأذونا بالسكوت عند مشاهدة
بيعه وشرائه.
وإذا ركبته الديون لم يزل ملك سيده عما في يده. ويقبل إقراره بديون
المعاملة في قدر ما أذن له لا أزيد، سواء أقر لأجنبي أو لأبيه أو لابنه.
ولا يجوز معاملته بمجرد دعوى الإذن ما لم يسمع من السيد أو تقم به بينة
عادلة، والأقرب قبول الشياع.
ولو عرف كونه مأذونا ثم قال: حجر علي السيد لم يعامل، فإن قال
السيد: لم أحجر عليه احتمل أن لا يعامل، لأنه العاقد والعقد باطل بزعمه،
والمعاملة أخذا بقول السيد.
ولو ظهر استحقاق ما باعه المأذون بعد تلف الثمن في يده رجع المشتري
على السيد، ولا يقبل إقرار غير المأذون بمال ولا حد، وهل يتعلق بذمته؟
نظر.

(1) في (أ): " المخزن ".
140

ولا يقبل إقرار المأذون وغيره بالجناية، سواء أو جبت قصاصا أو مالا،
ولا بالحد، ولو صدقه المولى في ذلك فالأقرب النفوذ.
الفصل الرابع: في المريض
ويحجر على المريض في التبرعات - كالهبة والوقف والصدقة والمحاباة -
فلا تمضي إلا من ثلث تركته وإن كانت منجزة على رأي، بشرطه موته في
ذلك المرض، وإقراره كذلك إن كان متهما، وإلا فمن الأصل، سواء كان
لأجنبي أو لوارث على رأي. وإذا مات حل ما عليه من الديون دون ماله
على رأي، والأقرب إلحاق مال السلم والجناية به، ولا يحل المؤجل بالحجر.
وديون المتوفى متعلقة بتركته، وهل هو كتعلق الأرش برقبة الجاني، أو
كتعلق الدين بالرهن؟ احتمال، ويظهر الخلاف فيما لو أعتق الوارث أو باع
نفذ على الأول دون الثاني.
وهل يشترط استغراق الدين؟ إشكال، أقربه ذلك، فينفذ تصرف
الولي في الزائد عن الدين، فإن تلف الباقي قبل القضاء ضمن الوارث، فإن
أعسر فالوجه: أن للمدين الفسخ.
وعلى القول ببطلان تصرف الوارث لو لم يكن في التركة دين ظاهر
فتصرف ثم ظهر دين - بأن كان قد باع متاعا وأكل ثمنه فرد بالعيب، أو
تردى في بئر حفرها عدوانا، أو سرت جنايته بعد موته - احتمل فساد
التصرف، لتقدم سبب الدين فأشبه الدين المقارن، وعدمه، فإن أدى
الوارث الدين وإلا فسخ التصرف، وعلى كل حال فللوارث إمساك عين
التركة وأداء الدين من خالص ماله.
وهل تتعلق حقوق الغرماء بزوائد التركة: كالكسب والنتاج والثمرة؟
141

الأقرب المنع.
ويحتسب من التركة الدية في الخطأ والعمد إن قبلها الوارث، ولا يلزمه
ذلك وإن لم يضمن الدين على رأي.
الفصل الخامس: في (1) المفلس
وفيه مطالب:
الأول: المفلس: من ذهب جيد ماله وبقي رديئه وصار ماله فلوسا وزيوفا،
وشرعا: من عليه ديون ولا مال له يفي بها، وهو شامل لمن قصر ماله، ومن
لا مال له، فيحجر عليه في المتجدد باحتطاب وشبهه.
والفلس سبب في الحجر بشروط خمسة (2): المديونية، وثبوت الديون عند
الحاكم، وحلولها، وقصور ما في يده عنها، والتماس الغرماء الحجر أو بعضهم.
ويحتسب من جملة ماله معوضات الديون.
ولو حجر الحاكم تبرعا لظهور أمارة الفلس أو السؤال المديون لم ينفذ.
نعم، يحجر الحاكم لديون المجانين والأيتام دون الغياب (3).
ولو كان بعض الديون مؤجلا: فإن كانت الحالة يجوز الحجر بها حجر
مع سؤال أربابها، وإلا فلا، ثم يقسم في أرباب الحالة خاصة، ولا يدخر
للمؤجلة شئ، ولا يدام الحجر عليه لأربابها، كما لا يحجر بها ابتداءا. أما

(1) " في " ليست في (ب، ج، ه‍).
(2) في المطبوع زيادة: " الأول " وهو اشتباه من النساخ.
(3) في (أ): " الغائب "، وفي (ج): " المغيبات ".
142

لو سأل بعض أرباب الديون الحالة حجر عليه إن كان ذلك البعض يجوز
الحجر به، ثم يعم الحجر الجميع.
ولو ساوى المال الديون والمديون كسوب ينفق من كسبه فلا حجر، بل
يكلف القضاء، فإن امتنع حبسه الحاكم أو باع عليه، وكذا غير الكسوب
إلى أن يقصر المال وإن قل التفاوت.
ويستحب إظهار الحجر لئلا يستضر معاملوه.
ثم للحجر أحكام أربعة: منعه من التصرف، وبيع ماله للقسمة،
والاختصاص، والحبس.
المطلب الثاني: في المنع من التصرف
ويمنع من كل تصرف مبتدأ في المال الموجود عند الحجر، بعوض أو
غيره، ساوى العوض أو زاد أو قصر (1) ولا يمنع مما لا يصادف المال
كالنكاح، والطلاق، واستيفاء القصاص، والعفو، واستلحاق النسب،
ونفيه باللعان، والخلع، وكذا (2) ما يصادف المال بالإتلاف بعد الموت: كالتدبير والوصية، إذ لا ضرر فيه على الغرماء.
أما لو صادف المال في الحال: فإن كان مورده عين مال: كالبيع والهبة
والرهن والعتق، احتمل البطلان من رأس، والايقاف، فإن فضلت تلك
العين من الدين لارتفاع القيمة أو الإبراء أو غيرهما نفذ، فحينئذ يجب تأخير

(1) في (أ): " أو قصر عنه ".
(2) في (أ): " وكذا كل ".
143

ما تصرف فيه، فإن قصر الباقي أبطل الأضعف: كالرهن والهبة، ثم البيع
والكتابة (1)، ثم العتق، وإن كان المورد في الذمة فيصح، كما لو اشترى في
الذمة، أو باع سلما، أو اقترض.
وليس للبائع الفسخ وإن كان جاهلا، ويتعلق بالمتجدد - كالقرض (2)
والمبيع والمتهب وغيرها - الحجر.
ولو باع عبدا بثمن في ذمته بشرط الإعتاق: فإن أبطلنا التصرفات
فالأقوى بطلان البيع، وإلا جاز العتق ويكون موقوفا، فإن قصر المال
احتمل صرفه في الدين، لا رجوعه إلى البائع، والأقوى صحة عتقه في
الحال.
ولو وهب بشرط الثواب ثم أفلس لم يكن له إسقاط الثواب.
ولو أقر بدين سابق لزمه، وهل ينفذ على الغرماء؟ إشكال ينشأ: من
تعلق حقهم بماله كالمرتهن، ومن مساواة الإقرار للبينة ولا تهمة فيه.
ولو أسنده إلى ما بعد الحجر: فإن قال: عن معاملة لزمه خاصة لا في
حق الغرماء، وإن قال: عن إتلاف مال أو: جناية فكالسابق. وكذا
الإشكال لو أقر بعين، لكن هنا مع القبول تسلم إلى المقر له وإن قصر
الباقي.
ولو كذبه المقر له قسمت، ومع عدم القبول إن فضلت دفعت إلى المقر
له قطعا، بخلاف المبيع فإن فيه إشكالا. وكذا الإشكال لو ادعى أجنبي
شراء عين في يده منه قبل الحجر فصدقه.

(1) في (ب): " ثم الكتابة ".
(2) في (أ): " كالمقرض ".
144

ولو قال: هذا مضاربة لغائب قيل: يقر في يده (1)، ولو قال: " لحاضر "
وصدقه دفع إليه وإلا قسم.
ويصبر من باعه بعد الحجر بالثمن إن كان عالما، ويحتمل في الجاهل
بالحجر: الضرب، والاختصاص بعين ماله، والصبر، وكذا المقرض.
ويضرب المجني عليه بعد الحجر بالأرش وقيمة المتلف.
وأجرة الكيال والوزان والحمال وما يتعلق بمصلحة الحجر مقدم على
سائر الديون.
وله الرد بالعيب مع الغبطة، لا بدونها، وله الفسخ بالخيار والإمضاء
من غير تقييد بشرط الغبطة.
ويمنع من قبض بعض حقه، ولا يمنع من وطئ مستولدته، وفي
وطئ غيرها من إمائه نظر، فإن أحبل فهي أم ولد، ولا يبطل حق الغرماء
منها مع القصور دونها.
ولو أقر بمال وأطلق لم يشارك المقر له، لاحتمال كون السبب
لا يقتضي الضرب.
ولو أقام شاهدا (2) بدين حلف معه وجعل في سائر أمواله، فإن نكل
ففي إحلاف الغرماء إشكال، وكذا لو كان الدين لميت ونكل الوارث.
ويمنعه صاحب الدين الحال من السفر قبل الإيفاء لا المؤجل،
ولا يطالبه بكفيل ولا إشهاد وإن كان الدين يحل قبل الرجوع، ولا يمنع
المالك من السفر معه ليطالبه عند الأجل، لكن لا يلازمه ملازمة الرقيب.

(1) قاله الشيخ في المبسوط: ج 2 ص 279.
(2) في (د): زيادة " واحدا ".
145

المطلب الثالث: في بيع ماله وقسمته
ينبغي للحاكم المبادرة إلى بيع ماله لئلا تطول مدة الحجر، وإحضار
كل متاع إلى سوقه، وإحضار الغرماء، والبدأة بالمخوف تلفه، ثم بالرهن
والجاني، والتعويل على مناد مرضي عند الغرماء والمفلس، فإن تعاسروا
عين الحاكم، وأجرته على المفلس.
ولا يسلم المبيع قبل قبض الثمن، بل متأخرا أو معا، وإنما يبيع بثمن
الثمل بنقد البلد حالا، فإن خالف جنس الحق صرف إليه، ثم يقسم الثمن
على نسبة الديون الحالة خاصة.
ولا يكلف الغرماء حجة على انتفاء غيرهم، بل يكتفي بإشاعة حاله
بحيث لو كان لظهر، فإن اقتضت المصلحة تأخير القسمة جعل في ذمة ملئ
احتياطا، فإن تعذر أودع.
ولا يباع دار السكنى ولا خادمه، ويباع فاضلهما ويجرى عليه نفقته
مدة الحجر (1) ونفقة من تجب عليه نفقته بالمعروف وكسوته جار عادة
أمثاله إلى يوم القسمة، فيعطى نفقتهم ذلك اليوم خاصة.
ولو اتفقت في طريق سفره فالأقرب الإجزاء إلى يوم وصوله. ويقدم
كفنه الواجب. فإن ظهر بعد القسمة غريم رجع على كل واحد بحصة
يقتضيها الحساب، ويحتمل النقض، ففي الشركة في النماء المتجدد إشكال،
ولو تلف المال بعد النقض ففي احتسابه على الغرماء إشكال.
ولو خرج المبيع مستحقا رجع على كل واحد بجزء من الثمن إن كان قد

(1) " الحجر " لا توجد في النسخة المعتمدة.
146

تلف، ويحتمل الضرب، لأنه دين لزم المفلس، والأقرب التقديم، لأنه من
مصالح الحجر لئلا يرغب الناس عن الشراء.
ولو بذلت زيادة بعد الشراء استحب الفسخ، فإن بقي من الدين شئ
لم يستكسب.
وهل تباع أم ولده من غير رهن؟ نظر، منعناه ففي مؤاجرتها ومؤاجرة
الضيعة الموقوفة نظر، ينشأ: من كون المنافع أموالا كالأعيان، ومن كونها
لا تعد مالا ظاهرا، والأول أقوى.
وإذا لم يبق له مال واعترف به الغرماء فك حجره، ولا يحتاج إلى إذن
الحاكم، وكذا لو اتفقوا على رفع حجره.
ولو باع من غير الغرماء بإذن فالأقرب الصحة. ولو باع من الغريم بالدين
ولا دين سواه صح على الأقوى (1)، لأن سقوط الدين يسقط الحجر.
والمجني عليه أولى بعبده من الغريم، فإن طلب فكه فللغريم منعه.
ولو تلف من المال المودع قبل القسمة فهو من مال المفلس، سواء كان
التالف الثمن أو العين.
المطلب الرابع: في الاختصاص
ومن وجد من الغرماء عين ماله كان أحق بها من غيره وإن لم يكن
سواها، وله الضرب بالدين، والخيار على الفور على إشكال، سواء كان
هناك وفاء أو لا.
ويفتقر الرجوع إلى أركان ثلاثة: العوض والمعوض والمعاوضة.

(1) في (ه‍): " صح قطعا ".
147

أما العوض: فهو الثمن، وشرطه أمران: تعذر الاستيفاء بالإفلاس، فلو
وفى المال به فلا رجوع، ولا يسقط الرجوع بدفع الغرماء، للمنة وتجويز ظهور
غريم، ولو امتنع المشتري الموسر من الدفع فلا رجوع، ويستوفيه القاضي.
الثاني (1): الحلول، فلا رجوع لو كان مؤجلا، ولو حل الأجل قبل فك
الحجر ففي الرجوع إشكال.
وأما المعاوضة: فلها شرطان:
كونها معاوضة محضة، فلا يثبت الفسخ في النكاح، والخلع، والعفو عن
القصاص على مال، فليس للزوجة فسخ النكاح، ولا للزوج فسخ الخلع،
ولا للعافي فسخ العفو بتعذر الأعواض.
ويثبت في الإجارة والسلم، فيرجع إلى رأس المال مع بقائه، أو يضرب
بقيمة المسلم فيه مع تلفه، أو برأس المال على إشكال، لتعذر الوصول إلى
حقه فيتمكن من فسخ السلم.
ولو أفلس مستأجر الدابة أو الأرض قبل المدة فللمؤجر فسخ الإجارة
تنزيلا للمنافع منزلة الأعيان، ولو الضرب فيؤجر الحاكم الأرض أو الدابة
ويدفع إلى الغرماء، ولو بذلوا له الأجرة لم يجب عليه الإمضاء.
ولو حجر عليه وهو في بادية ففسخ المؤجر نقلت العين إلى مأمن بأجرة
المثل مقدمة على حق الغرماء.
ولو كان قد زرع ترك زرعه بعد الفسخ بأجرة مقدمة على
الغرماء (2)، إذ فيه مصلحة الزرع الذي هو حق الغرماء.

(1) أي: الأمر الثاني من شرطي العوض (وهو الثمن). والأمر الأول هو: تعذر الاستيفاء، كما هو أعلاه.
(2) في المطبوع: " على حق الغرماء ".
148

ولو أفلس المؤجر بعد تعيين الدابة فلا فسخ، بل يقدم المستأجر بالمنفعة
كما يقدم المرتهن. ولو كانت الإجارة على الذمة فله الرجوع إلى الأجرة إن
كانت باقية، أو الضرب بقيمة المنفعة.
الثاني: (1) سبق المعاوضة على الحجر، فالأقرب عدم تعلقه بعين ماله لو
باعها عليه بعد الحجر.
ولو فسخ المستأجر بالانهدام بعد القسمة احتمل مزاحمة الغرماء بالباقي،
لاستناده إلى عقد سابق على الحجر، والمنع لأنه دين حدث بعد القسمة.
ولو باع عينا بأخرى وتقابضا ثم أفلس المشتري وتلفت العين في يده ثم
وجد البائع بعينه عيبا فرده فله قيمة ما باعه، ويضرب مع الغرماء. ويحتمل
التقديم، لأنه أدخل في مقابلتها عينا في مال المفلس.
وأما المعوض: فله شرطان.
بقاؤه في ملكه، فلو تلف أو باعه أو وهبه (2) أو أعتقه أو كاتبه ضارب
بالثمن، سواء زادت القيمة (3) عن الثمن أو لا. ولو عاد إلى ملكه بلا عوض:
كالهبة والوصية احتمل الرجوع، لأنه وجد متاعه، وعدمه لتلقي (4) الملك
من غيره. ومعه، فإن عاد بعوض كالشراء: فإن وفى البائع الثاني الثمن
فكالأول، وإلا احتمل عوده إلى الأول لسبق حقه، وإلى الثاني (5) لقرب
حقه وتساويهما، فيضرب كل بنصف الثمن.
الثاني: عدم التغير، فإن طرأ عيب لفعله أو من قبله تعالى فليس له إلا

(1) أي: الشرط الثاني من شرطي المعاوضة، والأول هو: كونها معاوضة محضة.
(2) في المطبوع و (أ، ب، ج، ص): " أو رهنه ".
(3) في (ج): " العين ".
(4) في (د): " لتلقيه ".
(5) في المطبوع: " لسبق حقه إلى الثاني ".
149

الرضى به، أو يضارب بالثمن إن كان العيب لا يفرد بالعقد، ولا يتقسط
عليه الثمن، وهو نقصان الصفة. وإن كان بجناية أجنبي أخذه البائع
وضرب بجزء من الثمن على نسبة نقصان القيمة، لا بأرش الجناية، إذ قد
يكون كل الثمن كما لو اشترى عبدا بمائة يساوي مائتين فقطعت يده فيأخذ
العبد والثمن، وهو باطل. هذا إن نقص الثمن عن القيمة، وإلا فبنقصان
القيمة.
ولو كان التالف قسط من الثمن: كعبد من عبدين فللبائع أخذ الباقي
بحصته من الثمن، والضرب بثمن التالف.
ولو قبض نصف الثمن وتساوى العبدان قيمة وتلف أحدهما احتمل:
جعل المقبوض في مقابلة التالف فيضرب بالباقي، أو يأخذ العبد الباقي
وعدم الرجوع أصلا، بل يضرب بالباقي خاصة، لا التقسيط للتضرر
بالشركة.
ولو تغير بالزيادة المتصلة: كالسمن والنمو وتعلم الصنعة فللبائع الرجوع
مجانا، وبالمنفصلة: كالولد والثمرة يرجع في الأصل خاصة بجميع الثمن.
ولو صار الحب زرعا والبيضة فرخا لم يرجع في العين.
ولو حبلت بعد البيع أو حملت النخلة بعده لم يكن له الرجوع في الثمرة
وإن لم تؤبر، ولا في الولد وإن كان جنينا، وعلى البائع إبقاؤها إلى
الجذاذ، وكذا إبقاء زرعه من غير أجرة لو فسخ بيع الأرض وقد شغلها.
أما لو آجر أرضا فزرع المستأجر وأفلس ففسخ المؤجر ترك الزرع إلى
الحصاد بأجرة المثل، لأن مورد المعاوضة هناك الرقبة وقد أخذها، وهنا
المنفعة ولم يتمكن من استيفائها.
ولو أفلس بعد الغرس أو البناء فليس للبائع الإزالة، ولا مع الأرش
150

على رأي، بل يباعان، فللبائع مقابل الأرض، ولو امتنع بيعت الغروس
والأبنية منفردة.
ولو أفلس بثمن الغرس فلصاحبه قلعه مع عدم الزيادة، وعليه تسوية
الحفر.
ولو أفلس بثمن الغرس وثمن الأرض فلكل منهما قلع الغرس إذا لم يزد،
لكن لو قلع صاحب الأرض لم يكن عليه أرش، لأن صاحب الغرس دفعه
مقلوعا. وإن قلع صاحب الغرس ضمن طم الحفر، لأنه لتخليص ماله.
ولصاحب الزيت الرجوع وإن خلطه بمثله أو أردأ، لا بالأجود، ويحتمل
الرجوع، فيباعان ويرجع بنسبة عينه من القيمة، فلو كانت قيمة العين
درهما والممزوج بها درهمين بيعتا وأخذ ثلث الثمن.
ولو كانت الزيادة صفة محضة: كطحن الحنطة وخبز الطحين وقصارة
الثوب ورياضة الدابة وما يستأجر على تحصيله سلمت إلى البائع مجانا،
لأنها كالمتصلة من السمن وغيره. ويحتمل الشركة، لأنها زيادة حصلت
بفعل متقوم محترم فلا يضيع عليه، بخلاف الغاصب فإنه عدوان محض،
فيباع المقصور، فللمفلس من الثمن بنسبة ما زاد عن قيمته، فلو كانت قيمة
الثوب خمسة وبلغ بالقصارة ستة سدس الثمن.
ولو لم يزد القيمة فلا شركة، فإن ألحقنا الصفة بالأعيان كان للأجير
على الطحن والقصارة حبس الدقيق والثوب لاستيفاء الأجرة، كما أن
للبائع حبس المبيع لاستيفاء الثمن، وإلا فلا، فإن تلف الثوب في يده: فإن
ألحقنا الصفة بالعين لم يستحق الأجرة قبل التسليم كالبائع بتلف (1)

(1) في المطبوع: " يتلف ".
151

العين (1) في يده قبل التسليم، فإنه يسقط ثمنه، وإلا استحق كأنه صار
مسلما بالفراغ.
ولو كانت الزيادة عينا من وجه وصفة من وجه: كصبغ الثوب فإن لم
تزد القيمة فلا شركة، وإن زادت بقدر قيمة الصبغ - كما لو كانت قيمة
الثوب أربعة والصبغ درهمين والمصبوغ ستة - فللمفلس ثلث الثمن وإن زادت
أقل - كما لو كان مصبوغا بخمسة - فالنقصان على الصبغ، لهلاكه وقيام
الثوب. ولو ساوى ثمانية: فإن ألحقنا الصفة بالأعيان فالزيادة للمفلس
فالثمن نصفان، وإلا احتمل تخصيص البائع به (2) كالسمن فالثمن
أرباعا، أو البسط فالثمن أثلاثا.
ولا فرق بين عمل المفلس بنفسه، أو بالأجرة في الشركة.
ولو أفلس قبل إيفاء الأجير أجرة القصارة: فإن ألحقناها بالأعيان: فإن
لم تزد قيمته مقصورا على ما كان فهو فاقد عين ماله، فلو ساوى قبل القصارة عشرة
والقصارة خمسة والأجرة درهم قدم الأجير بدرهم والبائع بعشرة، وأربعة
للغرماء.
ولبائع الجارية انتزاعها وإن حبلت منه مع الإفلاس بالثمن لا الولد.
ويتعلق حق الغرماء بعوض الجناية خطأ لا عمدا، إلا إذا رضي به،
ولا يجب عليه.
ويجب أن (3) يؤاجر الدابة والدار والمملوك وإن كانت أم ولد،

(1) " العين " لا توجد في (أ).
(2) " به " ليست في النسخ عدا (ص) والمطبوعة.
(3) في (ج): " ويجب عليه أن ".
152

لا نفسه.
ويتساوى غرماء الميت مع عدم الوفاء، ومعه لصاحب العين
الاختصاص.
المطلب الخامس: في حبسه
ولا يجوز حبسه مع ظهوره فقره، ويثبت بإقرار الغريم أو البينة المطلعة
على باطنه، ولو فقد الأمران: فإن عرف له مال ظاهر ألزم التسليم أو الحبس
أو يبيع الحاكم عنه ويوفي، وإن يظهر إعساره إن عرف له أصل مال، أو كان أصل
الدعوى مالا، وإلا قبل قوله، ولا يكلف البينة بعد اليمين.
ولو شهد عدلان بتلف ماله قبل يمين وإن لم تكن مطلعة على
باطنه، ولو شهدا بالإعسار مطلقا لم يقبل إلا مع الصحبة المؤكدة، وللغرماء
إحلافه مع البينة. ومع قسمة ماله يجب إطلاقه، ويزول الحجر عنه (1)
بالأداء لا بحكم الحاكم.
ويجوز الحبس في دين الولد، ولا تمنع الإجارة المتعلقة بعين المؤجر من
حبسه.
المطلب السادس: في بقايا مباحث هذا الباب
لو أفلس المشتري بعد جناية فالأقرب أن للبائع الرجوع ناقصا
بأرش الجناية، أو الضرب بثمنه مع الغرماء، ولا يسقط حق المجني عليه من

(1) " عنه ": ليست في (ب، ج، د) والمطبوع.
153

أخذ العين. والأقرب تقديم حق الشفيع على البائع لتأكد حقه، حيث
يأخذ من المشتري وممن نقله إليه وسبقه، ويحتمل تقديم البائع، لانتفاء
الضرر بالشفعة، لعود الحق كما كان وأخذ الثمن من الشفيع، فيختص به
البائع جمعا بين الحقين.
وليس للمحرم الرجوع في الصيد، والرجوع فسخ، فلا يفتقر إلى معرفة
المبيع، ولا القدرة على التسليم، فلو رجع في الغائب بعد مضي مدة يتغير
فيها ثم وجده على حاله صح، وإن تغير فله الخيار. ولو رجع في العبد بعد
إباقه صح، فإن قدر عليه وإلا تلف منه، ولو ظهر تلفه قبل الرجوع ضرب
بالثمن وبطل الرجوع، وبعده أمانة على إشكال.
ولو تنازعا في تعيين المبيع بعد الرجوع قدم قول المفلس لأنه منكر،
فيضرب بالثمن خاصة.
وكل ما يفعله قبل الحجر ماض.
154

المقصد الرابع
في الضمان
وهو: عقد شرع للتعهد بنفس أو مال ممن عليه مثله أو لا.
فهنا فصول ثلاثة:
الأول:
الضمان بالمال ممن ليس عليه شئ، ويسمى ضمانا بقول مطلق
وفيه مطلبان:
الأول: في أركانه
وهي خمسة:
الصيغة: وهي: " ضمنت، وتحملت، وتكفلت " وما أدى معناه. ولو
قال: أودي أو: أحضر لم يكن ضامنا. ولا تكفي الكتابة مع القدرة، وتكفي
مع عدمها مع الإشارة الدالة على الرضى، لإمكان العبث.
وشرطه التنجيز، فلو علقه بمجئ الشهر أو شرط الخيار في الضمان فسد.
والإبراء كالضمان في انتفاء التعليق فيه، ولو شرط تأجيل الحال صح.
والأقرب جواز العكس فيحل مع السؤال على إشكال.
155

الثاني: الضامن، وشرطه: البلوغ (1)، والرشد، وجواز التصرف،
والملاءة حين الضمان، أو علم المستحق بالإعسار، ولا يشترط استمرار
الملاءة، فلو تجدد لم يكن له فسخ الضمان، أما لو يعلم كان له الفسخ.
ويصح ضمان الزوجة بدون إذن الزوج. وفي صحة ضمان المملوك
بدون إذن السيد إشكال ينشأ: من أنه إثبات مال في الذمة بعقد فأشبه
النكاح، ومن (2) انتفاء الضرر على مولاه، فإن جوزناه تبع به بعد العتق،
ولو أذن احتمل تعلقه بكسبه، وبذمته، فيتبع به (3) بعد العتق، أما لو شرطه
في الضمان بإذن السيد صح كما لو شرط الأداء من مال بعينه.
والسفيه بعد الحجر كالمملوك، وقبله كالحر، وكذا المفلس كالحر، لكن
لا يشارك.
ولا يصح من الصبي وإن أذن له (4) الولي، فإن اختلفا قدم قول
الضامن، لأصالة براءة الذمة وعدم البلوغ. وليس لمدعي الأهلية أصل
يستند إليه، ولا ظاهر يرجع إليه، بخلاف ما لو ادعى شرطا فاسدا، لأن
الظاهر أنهما لا يتصرفان باطلا. وكذا البحث فيمن عرف له حالة جنون،
أما غيره فلا.
والمكاتب كالعبد. والمريض يمضى من الثلث. والأخرس إن عرفت
إشارته صح ضمانه، وإلا فلا.

(1) في (أ): " وشرطه في العقد: البلوغ "، وفي (ج): " البلوغ والعقل "، وفي (ش): " ويشترط
فيه ".
(2) " من " ليست في المطبوع و (أ، ب، ج، د).
(3) في (أ، ب، ج، د): " وتبع "، و " به " لا توجد في (د).
(4) " له " لا توجد في المطبوع و (أ، ب، ج، د).
156

الثالث: المضمون عنه، وهو الأصيل، ولا يعتبر رضاه في صحة الضمان،
لأنه كالأداء، فيصح ضمان المتبرع. ولو أنكر بعد الضمان لم يبطل على
رأي.
ويصح الضمان عن الميت وإن كان مفلسا.
ولا يشترط معرفة المضمون عنه. نعم، لا بد من امتيازه عن غيره عند
الضامن بما يمكن القصد معه (1) إلى الضمان عنه.
الرابع: المضمون له، وهو: مستحق الدين، ولا يشترط علمه عند
الضامن، بل رضاه، وفي اشتراط قبوله احتمال، فإن شرط اعتبر فيه
التواصل المعهود بين الإيجاب والقبول في العقود.
الخامس: الحق المضمون به، وشرطه: المالية، والثبوت في الذمة وإن
كان متزلزلا، كالثمن في مدة الخيار، والمهر قبل الدخول، أولم (2) يكن
لازما، لكن يؤول إليه: كمال الجعالة قبل الفعل، ومال السبق والرماية.
والأقرب صحة ضمان مال الكتابة وإن كانت مشروطة. ويصح
ضمان النفقة الماضية والحاضرة للزوجة، لا المستقبلة، والحاضرة للقريب
دونهما.
ولو ضمن ما سيلزمه ببيع أو قرض بعده لم يصح، ولا ضمان الأمانة:
كالوديعة والمضاربة.
ويصح ضمان أرش الجناية وإن كان حيوانا، ومال السلم، والأعيان
المضمونة: كالغصب، والعارية المضمونة، والأمانة مع التعدي على إشكال،

(1) " معه " ليست في (أ).
(2) في (أ): " ولم ".
157

وضمان العهدة عن المشتري بأن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل
تسليمه، وضمان عهدته إن ظهر عيب أو استحق، وللمشتري عن البائع
بأن يضمن عن البائع الثمن بعد قبضه متى خرج مستحقا، أو رد بعيب على
إشكال، أو أرش العيب.
ويصح ضمان نقصان الصنجة في الثمن للبائع، وفي السعلة للمشتري،
ورداءة الجنس في الثمن والمثمن.
والأقرب أنه لا يصح ضمان عهدة الثمن لو خرج المبيع معيبا ورده،
والصحة لو بان فساده بغير الاستحقاق: كفوات شرط معتبر في البيع، أو
اقتران شرط فاسد به.
والأقوى صحة ضمان المجهول كما في ذمته، فيلزم ما تقوم البينة (1) على
ثبوته وقت الضمان، لا ما يتجدد، ولا ما يوجد في دفتر وكتاب أو يقر به
المضمون عنه، أو يحلف عليه المالك برد اليمين من المديون. ولو ضمن ما
تقوم به البينة لم يصح، لعدم العلم بثبوته حينئذ، ولا ضمنت (2) شيئا مما
لك عليه. ويصح الإبراء من الجهول.
ولو قال: ضمنت من واحد إلى عشرة احتمل لزوم العشرة، وثمانية،
وتسعة باعتبار الطرفين.
المطلب الثاني: في الأحكام
الضمان ناقل وإن لم يرض المديون، فلو أبرأه المستحق بعده لم يبرأ

(1) في المطبوع و (أ، ج، د، ش): " ما يقوم به بالبينة ".
(2) في (أ): " ولا يضمن ".
158

الضامن، ولو أبرأ الضامن برئا معا. ولو ضمن الحال مؤجلا تأجل (1).
وليس للضامن مطالبة المديون قبل الأداء، فإن مات الضامن حل، ولورثته
مطالبة المضمون عنه قبل الأجل، ولو كان الأصل مؤجلا لم يكن لهم (2)
ذلك.
ولو مات الأصيل - حينئذ - خاصة حجر الحاكم من التركة بقدر العين،
فإن تلف فمن الوارث، كما أن النماء له.
ثم الضامن إن تبرع لم يرجع على المديون وإن أذن له في الأداء، وإلا
رجع بالأقل من الحق وما أداه وإن أبرئ، ولو أبرئ من الجميع فلا رجوع وإن
لم يأذن له في الأداء.
ويصح ترامي الضمان، ودوره، واشتراط الأداء من مال بعينه. فإن
تلف بغير تفريط (3) الضامن ففي بطلان الضمان إشكال، ومع عدمه يتعلق
به تعلق الدين بالرهن، لا الأرش بالجاني، فيرجع على الضامن، وعلى
الثاني يرجع على المضمون عنه. وكذا لو ضمن مطلقا ومات معسرا على
إشكال.
ولو بيع متعلق الضمان بأقل من قيمته لعدم الراغب رجع الضامن
بتمام القيمة، لأنه يرجع بما أدى، ويحتمل بالثمن خاصة، لأنه الذي قضاه.
وللضامن مطالبة الأصيل إن طولب، كما أنه يغرمه إذا غرم على
إشكال، وليس له المطالبة بالتخليص قبل المطالبة.
ومن أدى دين غيره من غير ضمان ولا إذن لم يرجع، وإن أداه بإذنه

(1) في (أ): " بأجل ".
(2) في (ب): " له ".
(3) في (د): " تفريط من ".
159

بشرط الرجوع رجع، ولو لم يشرط الرجوع احتمل عدمه، إذ ليس من
ضرورة الأداء الرجوع وثبوته للعادة.
ولو صالح المأذون في الأداء بشرط الرجوع على غير جنس الدين
احتمل الرجوع إن قال: " أد ديني، أو: ما علي "، بخلاف: " أد ما علي
من الدراهم " إن علق بالأداء وعدمه، لأنه أذن في الأداء لا الصلح.
ولو صولح (1) الضامن عن مائة بما يساوي تسعينا رجع بالتسعين (2)،
وكذا لو صولح بحط قدر أو نقص صفة.
ولو صالح بالأزيد رجع بالدين، ويرجع على ضامن عهدة الثمن في كل
موضع يبطل فيه البيع من رأس، لا ما يتجدد له الفسخ بالتقايل، أو العيب
السابق، أو تلفه قبل قبضه، بل يرجع على البائع، ولو طالب بالأرش
فالأقرب مطالبة الضامن.
ولو فسخ لاستحقاق بعضه رجع على الضامن بما قابل المستحق، وعلى
البائع بالآخر.
ولو أخذ بالشفعة رجع على الشفيع دون الضامن والبائع.
ولو باع أو أقرض بشرط رهن عين أو مطلقا فضمن تسليم الرهن لم
يصح، لأن الأصيل لا يلزمه ذلك.
ولو ضمن درك ما يحدثه المشتري من بناء أو غرس لم يصح، لأنه ضمان (3) ما لم يجب، وفي ضمان البائع ذلك إشكال.
ولو ضمن اثنان طولب السابق (4)، ومع الاقتران إشكال.

(1) في المطبوع و (أ، ش): " ولو صالح ".
(2) في (ش): " بالعين ".
(3) في (أ): " لأنه ضامن ".
(4) في المطبوع زيادة " منهما ".
160

ولو ضمن كل من المديونين ما على صاحبه تعاكست الأصالة
والفرعية فيهما إن أجازهما ويتساقطان، فلو شرط أحدهما الضمان (1) من
مال بعينه وحجر عليه لفلس قبل الأداء رجع على الموسر بما أدى، ويضرب
الموسر مع الغرماء، وإلا طولب من أجيز ضمانه بالجميع خاصة، فإن دفع
النصف انصرف إلى ما قصده المبرئ، فإن أطلق فالتقسيط.
ولو ادعى الأصيل قصده ففي توجه اليمين عليه أو على الضامن إشكال
ينشأ: من عدم اليمين لحق الغير، وخفاء القصد.
ولو ضمن الثالث المتبرع بسؤاله رجع عليه دون الأصيل وإن أذن له
الأصيل في الضمان والأداء. ولو دفع الأصيل إلى الضامن أو المستحق فقد
برئ وإن لم يأذن الضامن في الدافع، وعلى الضامن البينة بالإذن ولو أنكره
الأصيل، أو أنكر الدين.
ولو أنكر الضامن الضامن فاستوفى المستحق بالبينة لم يرجع على
الأصيل إن أنكر الدين أيضا أو الإذن، وإلا رجع اقتصاصا، إلا أن ينكر
الأصيل الإذن، ولا بينة.
ولو أنكر المستحق دفع الضامن بسؤال قدم إنكاره، فإن شهد الأصيل
ولا تهمة قبلت، ومعها يغرم ثانيا ويرجع على الأصيل بالأول مع مساواته
الحق أو قصوره، ولو لم يشهد رجع بالأقل من الثاني والأول والحق.
ولو ادعى القضاء المأذون له فيه فأنكر المستحق: فإن كان
القضاء (2) في غيبة الآذن فهو مقصر بترك الإشهاد، إذ كان من حقه

(1) في (ش): " الأداء ".
(2) القضاء " لا توجد في (أ، ب، ج، د، ش، ص).
161

الاحتياط وتمهيد طريق الإثبات، فلا يرجع عليه إن كذبه، وإن صدقه
احتمل ذلك حيث لم ينتفع به الأصيل، والرجوع لاعترافه ببراءة ذمته
وفعل ما أذن فيه، فلا يخرج استحقاق المأذون بظلم المستحق.
وهل له إحلاف الأصيل لو كذبه؟ إن قلنا بالرجوع مع التصديق حلفه
على نفي العلم بالأداء، وإن قلنا بعدمه: فإن قلنا: اليمين المردودة كالإقرار لم
يحلفه، لأن غايته النكول، فيحلف الضامن فيصير كتصديق الأصيل، وإن
قلنا كالبينة حلف، فلعله ينكل فيحلف.
ولو جحد الأصيل وصدقه المستحق احتمل الرجوع، ولسقوط المطالبة
بإقراره الذي هو أقوى من البينة، وعدمه، إذ قول المستحق ليس حجة على
الأصيل. ولو كان الدفع بحضور الأصيل فلا ضمان، إذ التقصير ينسب
إليه. ولا تفريط لو أشهد رجلا وامرأتين، أو مستورين، وفي رجل واحد
ليحلف معه نظر.
ولو اتفقا على الإشهاد وموت الشهود أو غيبتهم فلا ضمان.
ولو ادعاه الدافع فأنكر الأصيل الإشهاد تعرض أصلا عدم الإشهاد
وعدم التقصير، لكن تأيد (1) الأول بأصالة براءة ذمته عن حق الدافع.
الفصل الثاني: في الحوالة
وهو (2): عقد شرع لتحويل المال من ذمة إلى أخرى.
وشروطها ثلاثة: رضى الثلاثة، وعلمهم بالقدر، ولزوم الدين أو كونه

(1) في الطبوع و (ج، د، ص): " يؤيد ".
(2) في (ش، ص): " وهي ".
162

صائرا إليه، وعلم المحتال بإعسار المحال عليه - لو كان - أو رضاه به شرط
اللزوم وهل يشترط شغل ذمة المحال عليه بمثل الحق للمحيل؟ الأقرب
عدمه، لكنه أشبه بالضمان.
ولا يجب قبولها وإن كانت على ملئ، فإن قبل لزم، وليس له
الرجوع وإن افتقر. ولو ظهر له فقره حال الحوالة تخير في الفسخ، وهل يتخير
لو تجدد اليسار والعلم بسبق الفقر؟ إشكال.
وهي ناقلة، فيبرأ المحيل عن دين المحتال وإن لم يبرئه المحتال على رأي،
ويتحول حقه إلى ذمة المحال عليه، ويبرأ المحال عليه عن دين المحيل.
وتصح على من ليس عليه حق، أو عليه مخالف على رأي.
ويصح ترامي الحوالات، ودورها، والحوالة بما لا مثل له، وبالثمن في
مدة الخيار، وبمال الكتابة بعد حلول النجم، وقبله على إشكال.
ولو أحال عليه بمال الكتابة صح، لأنه يجب تسليمه.
ولو قضى المحيل الدين بمسألة المحال عليه رجع عليه، وإن تبرع لم يرجع
ويبرأ المحال عليه.
ولو طالب المحال عليه المحيل بما قبضه (1) المحتال فادعى شغل ذمته
قدم قول المنكر مع اليمين.
ولو احتال البائع ثم ردت السلعة بعيب سابق، فإن قلنا: الحوالة
استيفاء بطلت، لأنها نوع إرفاق، فإذا بطل الأصل بطلت هيئة الإرفاق،
كما لو اشترى بدراهم مكسرة صحاحا ثم فسخ فإنه يرجع

(1) في (د): " أقبضه ".
163

بالصحاح. وإن قلنا اعتياض (1) لم تبطل، كما لو استبدل عن الثمن
ثوبا ثم رد بالعيب فإنه يرجع بالثمن لا الثوب، فللمشتري الرجوع على
البائع خاصة إن قبض، ولا يتعين المقبوض، وإن لم يقبضه فله قبضه.
وهل للمشتري الرجوع قبل قبضه؟ فيه إشكال ينشأ: من أن الحوالة
كالقبض، ولهذا لا يحبس البائع بعدها السلعة، ومن أن التغريم للمقبوض
ولم تحصل حقيقته، فإن منعنا الرجوع فهل للمشتري مطالبته بتحصيل
الحوالة ليرجع؟ إشكال. وعلى تقدير البطلان لا يرد البائع إلى المحال
عليه، بل إلى المشتري، ويتعين حقه فيما قبضه، فإن تلف فعليه بدله، وإن
لم يقبضه فلا يقبضه، فإن قبضه فهل يقع عن المشتري؟ يحتمل ذلك، لأنه
كان مأذونا في القبض بجهة، فإذا بطلت بقي أصل الإذن، والأصح العدم،
لأن الإذن الذي كان ضمنا لا يقوم بنفسه.
والوكالة عقد مخلف للحوالة، بخلاف ما لو فسدت الشركة والوكالة
فإن الإذن الضمني يبقي ويصح التصرف، لأن (2) المحتال يقبض لنفسه
بالاستحقاق، لا للمحيل بالإذن وهما مختلفان، فبطلان أحدهما لا يفيد
حصول الآخر، وفي الشركة يتصرف بالإذن، فإذا بطل خصوص الإذن بقي
عمومه.
ولو أحال البائع رجلا على المشتري فالأقرب عدم بطلان الحوالة
بتجدد الفسخ، لتعلق الحوالة بغير المتعاقدين، سواء قبض أو لا. ولو فسد
البيع من أصله بطلت الحوالة في الصورتين، ويرجع المشتري على من شاء

(1) في (أ): " إقباض ".
(2) في (ب، ش): " ولأن ".
164

(أ): لو أحال بثمن العبد على المشتري وصدق الجميع العبد على
الحرية بطلت الحوالة، ويرد المحتال ما أخذه على المشتري ويبقي حقه على
البائع. وإن كذبهما المحتال وأقام العبد بينة الحرية (1) أو قامت بينة الحسبة
فكذلك، وليس للمتبايعين إقامتها، لتكذيبهما بالمبايعة إلا مع إمكان
الجمع: كادعاء البائع عتق وكيله، وادعاء المشتري عتق البائع مع جهله.
ولو فقدت البينة فلهما إحلافه على نفي العلم، فيأخذ المال من المشتري، وفي
رجوع المشتري على البائع إشكال ينشأ: من أن المظلوم يرجع على من
ظلمه، ومن أنه قضى دينه بإذنه.
ولو صدقهما المحتال وادعى أن الحوالة بغير الثمن صدق مع اليمين، لأن
الأصل صحة الحوالة، فإن أقاما بينة أن الحوالة بالثمن قبلت، لأنهما لم
يكذباها.
(ب): لو جرى لفظ الحوالة واختلفا بعد القبض فادعاها المحتال
وادعى المحيل قصد الوكالة فالأقرب تقديم قول المحيل، لأنه بلفظه
وقصده، واعتضاده بالأصل من بقاء حق المحيل على المحال عليه، وحق
المحتال على المحيل، ويحتمل تصديق المستحق لشهادة اللفظ له. ولو لم
يقبض قدم قول المحيل (2) قطعا، ولو انعكس الفرض قدم قول المحتال.

(1) " الحرية " زيادة في النسخة المعتمدة فقط.
(2) في (أ) زيادة " أيضا ".
165

ولو لم يتفقا على جريان بل قال المستحق: أحلتني وقال المديون:
وكلتك في استيفاء ديني صدق المديون، فإن لم يكن قبض فليس له ذلك،
لانعزاله بإنكاره الوكالة، وله مطالبة المديون بالمال لئلا يضيع حقه، ويحتمل
العدم، لاعترافه ببراءته بدعوى الحوالة.
أما لو قال المستحق: وكلتني فقال: لا (1) بل أحلتك، صدق منكر
الحوالة باليمين، وليس للمستحق القبض، لأن إنكار الوكالة يتضمن العزل.
وإن كان قبض فلأقرب أنه يتملكه، لأن جنس (2) حقه وصاحبه يزعم أنه
ملكه. وإن تلف احتمل عدم الضمان، لأن الوكيل أمين، وثبوته، لأن
الأصل ضمان مال الغير في يد آخر، لأن الوكيل أمين، وثبوته، لأن
الأصل ضمان مال الغير في يد آخر، ولا يلزم من تصديقه في نفي الحوالة
تصديقه في إثبات الوكالة ليسقط عنه الضمان.
(ج): لو شرط في الحوالة بعد شهر - مثلا - فلأقرب الصحة وإن
كان حالا.
(د): لو أحال البرئ على مشغول الذمة فهي وكالة تثبت فيها
أحكامها، وجازت بلفظ الحوالة، لاشتراكهما في المقصود وهو: استحقاق
المطالبة.
ولو انعكس الفرض: فإن شرطنا الشغل فهو اقتراض، فإن قبض
المحتال رجع على المحيل، وإن أبرأه لم يصح، لأنه إبراء لمن لا دين عليه.
وإن قبض منه ثم وهبه إياه رجع المحال عليه على المحيل، لأنه غرم عنه.
ولو أحال من لا دين عليه على من لا دين عليه فهي وكالة في

(1) " لا " ليست في (ه‍).
(2) في المطبوع و (أ، ش): " لأنه من جنس ".
166

اقتراض (1).
الفصل الثالث: في الكفالة
وهي: عقد شرع للتعهد بالنفس، ويعتبر فيها: رضى الكفيل والمكفول
له دون المكفول (2)، وتعيين المكفول (3)، فلو قال: كفلت أحدهما أو: زيدا
فإن لم آت به فبعمرو أو: بزيد أو عمرو بطلت، وتنجيز الكفالة، فلو قال:
إن جئت فإنا كفيل به لم يصح على إشكال، ولو قال: أنا أحضره أو:
أؤدي ما عليه لم تكن كفالة.
وتصح حالة ومؤجلة على كل من يجب عليه حضور مجلس الحكم: من
زوجة يدعي الغريم زوجيتها، أو كفيل تدعى (4) عليه الكفالة، أو صبي أو
مجنون، إذ قد يجب إحضارهما للشهادة عليهما بالإتلاف، وبدن المحبوس
لإمكان تسليمه بأمر من حبسه، ثم يعيده إلى الحبس، أو عبد آبق، أو من
عليه حق لآدمي من مال أو عقوبة قصاص.
ولا يشترط العلم بقدر المال، فإن الكفالة بالبدن لا به.
ولا تصح على حد الله تعالى.
والأقرب صحة كفالة المكاتب، ومن في يده مال مضمون: كالغصب
والمستام، وضمان عين المغضوب والمستام ليردها على مالكها، فإن رد برئ
من الضمان، وإن تلفت ففي إلزامه بالقيمة وجهان، الأقرب العدم:

(1) في (ه‍): " الاقتراض " وفي (ش): " اقتراض ".
(2) في (أ، ج، ش): " المكفول عنه ".
(3) في (ج): " المكفول عنه ".
(4) في (أ، ب، د) والمطبوع: " يدعي ".
167

كموت المكفول دون الوديعة والأمانة.
وتصح كفالة من ادعي عليه وإن لم تقم البينة عليه بالدين وإن جحد
لاستحقاق الحضور عليه، والكفالة ببدن الميت، إذ قد يستحق إحضاره
لأداء الشهادة على صورته. والإطلاق يقتضي التعجيل، فإن شرطا (1) أجلا
وجب ضبطه. والتسليم الكامل في بلد العقد، ولو عين غيره لزم. وللمكفول
له مطالبة الكفيل بالمكفول في الحال مع التعجيل والإطلاق، وعند الأجل
في المؤجلة.
ويخرج الكفيل عن العهدة بتسليمه تاما في المكان الذي شرطه، أو في
بلد الكفالة لو أطلق، أراده المستحق أو كرهه، وبموت المكفول في غير
الشهادة على عينه، أو فيها بعد الدفن إن حرمنا النبش لأخذ المال،
وبتسليمه نفسه، وبإبراء المستحق لأحدهما. ولا يبرأ بالتسليم ودونه يد
غالبة مانعة، ولا بتسليمه (2) قبل الأجل، ولا بتسليمه في حبس الظالم (3) بخلاف
حبس الحاكم (4).
ويلزم الكفيل اتباعه في غيبته إن عرف مكانه، وينظر في إحضاره
بمقدار ما يمكنه الذهاب إليه والعود به، ولو كانت مؤجلة أخر بعد الحلول
بقدر ذلك.
ولو امتنع الكفيل من إحضاره حبس حتى يحضره، أو يؤدي ما عليه،

(1) في (أ): " فإن شرطنا ".
(2) في (أ): " وبتسليمه ".
(3) في (ص): " في حبس الحاكم ".
(4) عبارة " بخلاف حبس الحاكم " لا توجد في (ص).
168

ولو قال: " إن لم أحضره كان علي كذا " لزمه الإحضار خاصة، ولو قال:
" علي كذا إلى كذا إن لم أحضره " وجب عليه ما شرط من المال.
ولو مات المكفول له فلأقرب انتقال الحق إلى ورثته.
ولو أطلق غريما من يد صاحب الحق قهرا ضمن إحضاره أو أداء ما
عليه.
ولو كان قاتلا لزمه إحضاره أو الدية، فإن دفعها ثم حضر الغريم تسلط
الوارث على قتله، فيدفع ما أخذه وجوبا وإن لم يقتل (1)، ولا يتسلط
الكفيل لو رضي هو والوارث بالمدفوع على المكفول بدية ولا قصاص.
فروع
(أ): لو قال الكفيل: لا حق لك على المكفول قدم قول المكفول له،
لاستدعاء الكفالة ثبوت حق، فإن أخذ منه المال (2) لتعذر المكفول لم يكن
له الرجوع لاعترافه بالظلم.
(ب): لو تكفل اثنان برجل فسلمه أحدهما فلأقرب براءة الآخر، ولو
تكفل لا ثنين فسلمه إلى أحدهما لم يبرأ من الآخر.
(ج): لو ادعى إبراء المكفول فرد المكفول له اليمين حلف وبرئ من
الكفالة دون المكفول من المال.
(د): لو ترامت الكفالات صح، فإن أبرئ الأصيل برئوا أجمع.
(ه‍): لو قال: أنا كفيل بفلان أو بنفسه أو ببدنه أو بوجهه أو برأسه
صح، إذ قد يعبر به عن الجملة، أما لو قال: كفلت كبده أو غيره مما

(1) في (ه‍): " لم يقتله ".
(2) في (ه‍): زيادة: " قهرا ".
169

لا يمكن الحياة بدونه، أو: ثلاثة وما شابهه من المشاعة، ففي الصحة نظر، ينشأ:
من عدم السريان كالبيع، ومن عدم إمكان إحضار الجزء إلا بالجملة
فيسري، وكذا لو كان جزءا يمكن الحياة مع انفصاله: كيده ورجله.
(و): لو هرب المكفول أو غاب غيبة منقطعة فلأقرب إلزام الكفيل
بالمال، أو إحضاره مع احتمال براءته، ويحتمل الصبر.
(ز): يجب على المكفول الحضور مع الكفيل إن طلبه المكفول له منه،
وإلا فلا إن كان متبرعا، وإلا فكالأول.
(ح): لو أسلم الكفيل على الخمر برئ من الكفالة، ولو أسلم أحد
الغريمين برئ الكفيل والمكفول على إشكال فيهما، أما لو كان ضمانا فإنه
لا يسقط بإسلام المضمون عنه، وفي رجوع الضامن المأذون عليه بالقيمة
نظر.
(ط): لو خيف على السفينة الغرق فألقى بعض الركبان متاعه لتخف
لم يرجع به على أحد وإن قصد الرجوع به أو قال له بعضهم: ألقه فألقاه.
أما لو قال له: ألقه وعلي ضمانه فألقاه فعلى القائل الضمان للحاجة.
ولو قال: علي وعلى ركبان السفينة ضمانه فامتنعوا: فإن قال: أردت
التساوي لزمه قدر نصيبه، ولو قال: وعلي (1) ضمانه وعلى الركبان فقد أذنوا
لي، فأنكروا بعد الإلقاء ضمن الجميع بعد اليمين على إشكال ينشأ: من
استناد التفريط إلى المالك. ولو لم يكن خوف فالأقرب بطلان الضمان،
وكذا (2) مزق ثوبك وعلي ضمانه (3) أو: اجرح نفسك وعلي ضمانه،

(1) في (ج، ش): " علي " بدون الواو.
(2) في (أ، ش): " وكذا لو قال ".
(3) في (أ، ب، ج، ش): " الضمان ".
170

بخلاف: طلق زوجتك وعلي كذا.
(ي): الأقرب انتقال حق الكفالة إلى الوارث. ولو انتقل الحق عن
المستحق ببيع أو إحالة وغيرها (1) برئ الكفيل، وكذا لو أحال المكفول
المستحق، لأنه كالقضاء.
(يا): لو أدى الكفيل لتعذر إحضار المكفول كان له مطالبة المكفول بما
أداه عنه، سواء كفل بإذنه أو لا، ولو ظهر بعد الأداء سبق موت المكفول
رجع الكفيل على المكفول له.
* * *

(1) في (ه‍): " أو غيرهما ".
171

المقصد الخامس
في الصلح
وفصوله ثلاثة (1):
الأول:
الصلح: عقد سائغ شرع لقطع التجاذب، إلا ما أحل حراما أو حرم
حلالا: كالصلح على استرقاق حر، أو استباحة بضع، أو صالحه بخمر أو
خنزير، أو صالحه - مع إنكاره ظاهرا - على بعض ما عليه، سواء عرف
المالك قدر حقه أو لا، فإن الصلح في مثل ذلك لا يثمر ملكا ولا إبراءا إلا
أن يعرف المالك ما عليه ويرضى باطنا، وكذا لو كان المدعي كاذبا
فصالحه المنكر، فإنه غير مباح، إلا مع الرضاء الباطن.
وهو أصل في نفسه ليس فرعا على غيره وإن أفاد فائدته.
ويصح على الإقرار والإنكار من غير سبق خصومة، ومع سبقها سواء
علما بقدر ما تنازعا عليه أو جهلاه، دينا كان أو عينا. وهو لازم من الطرفين
لا يبطل إلا باتفاقهما على فسخه.
ولا بد من متعاقدين كاملين، وما يتصالحان به وعليه، ويشترط فيهما
التملك.

(1) في (ه‍): " وفيه فصول ثلاثة ".
172

ولو صالح على عين بأخرى في الربويات ففي إلحاقه بالبيع نظر، وكذا
في الدين بمثله، فإن ألحقناه فسد لو صالح من ألف مؤجل بخمسمائة حال،
ولو صالح من ألف حال بخمسمائة مؤجل فهو إبراء على إشكال، ويلزم
التأجيل.
وليس طلب الصلح إقرارا، بخلاف بعني أو ملكني.
ولو اصطلح الشريكان على أن لأحدهما رأس ماله وللآخر الربح
والخسران صح.
ولو صالح عن الدنانير بدراهم أو بالعكس صح ولم يكن صرفا، ولو ظهر
استحقاق أحد العوضين بطل الصلح.
ويصح على كل من العين والمنفعة بجنسه أو مخالفه. ولو صالح على
ثوب أتلفه بدرهم على درهمين لزم.
الفصل الثاني: في تزاحم الحقوق
يجوز إخراج الروشن، والجناح، ووضع الساباط، واستجداد الأبواب،
ونصب الميازيب في الطرق النافذة مع انتفاء ضرر المارة وإن عارض (1)
مسلم. أما لو كانت مضرة أو أظلم بها الدرب على الأقوى أو كانت في
المرفوعة فإنه لا يجوز.
ولو أذن أرباب الدرب المرفوع أو فتح روزنة أو شباكا جاز، وإذنهم
إعارة يجوز الرجوع فيه. ويمنع من استجداد باب في المرفوعة على إحداث روشن

(1) في (د) زيادة " فيهما ".
173

وشبهه على رأي، وليس لغيرهم مع رضاهم الاعتراض.
ولكل من له الاستطراق فيه إزالة ما أحدثه بغير إذن.
ولذي الدارين المتلاصقتين (1) في دربين مرفوعين فتح باب بينهما، وفي
استحقاق الشفعة - حينئذ - نظر، وينفرد الأدخل بما بين البابين، ويتشاركان
في الطرفين، ولكل منهما الخروج ببابه مع سد الأول وعدمه، فإن سده فله
العود إليه، وليس لأحدهما الدخول، ويحتمله إذ قد كان (2) له ذلك في
ابتداء الوضع ورفع الحائط أجمع.
وليس للمحاذي في النافذ منع مقابلة من وضع الروشن وإن استوعب
الدرب، فإن خرج جاز لمقابلة المبادرة فليس (3) للأول منعه.
ويجوز جعل الدار اثنتين، ويفتح في المرفوع آخر (4) في موضع له
استطراقه، وفتح باب في النافذ لذات المرفوع دون العكس، إلا على
الاحتمال.
والجدار المختص ليس للجار التصرف فيه بتسقيف وطرح خشب وغير
ذلك، ولا يجب عليه الإعارة لو استعاره الجار، بل يستحب، ولو أذن جاز
الرجوع (5) قبل الوضع، وبعده على الأقوى، لكن مع الأرش على إشكال،
ولو انهدم افتقر في تجديد الوضع إلى تجديد الإذن.
ويجوز الصلح على الوضع ابتداء، بشرط عدد الخشب ووزنه ووقته.
ولو كان مشتركا لم يكن لأحدهما التصرف فيه بتسقيف وغيره إلا بإذن
شريكه، ولا يجبر أحدهما على الشركة في عمارته لو انهدم، ولو هدمه

(1) في غير (أ، ش، ص): " المتلاصقين ".
(2) في (ج): " إذ كان ".
(3) في المطبوع: " وليس ".
(4) في (أ): " في المرفوع باب آخر ".
(5) في المطبوع و (أ): " جاز له الرجوع ".
174

فالأقوى الأرش، وكذا لا يجبر على الشركة في عمارة الدولاب والبئر
وغيرهما، ولو انفرد بها أحدهما لم يمنع.
ولا يجبر صاحب السفل ولا العلو على عمارة الجدار الحامل للعلو. ولو
طلبا قسمته طولا أو عرضا جاز، ولا يجبر أحدهما لو امتنع عن القسمة في كل
الطول ونصف العرض، وكذا في نصف الطول وكل العرض، وتصح القرعة
في الثانية دون الأولى، بل يختص كل وجه بصاحبه.
ولو تعاونا على إعادة المشترك أو إعادة أحدهما بالآلة المشتركة فهو
على الشركة.
ولو طلب صاحب العلو عمارة السفل بنقض صاحبه كان له المنع، ولو
أعاده بآلة من عنده فله ذلك، والمعاد ملكه، ولا يمنع صاحب السفل من
الانتفاع بسفله، لكن يمنع من فتح كوة أو ضرب وتد.
ولو انفرد أحد الشريكين بلا نفاق على البئر والقناة لم يكن له منع
الآخر من الانتفاع بالماء، ولا يجب على مستحق إجراء الماء في ملك غيره
مشاركة المالك في عمارة سقف المجرى وإن خرب من الماء، ولا على المالك
إصلاح القناة لو خربت بغير سببه.
ويجوز لصاحب العلو الجلوس على السقف الحائل بينه وبين السفل
وإن كان مشتركا، ووضع ما جرت العادة بوضعه للضرورة، ولصاحب
السفل الاستكنان، وتعليق ما لا يتأثر به السقف المشترك كالثوب، أما
ضرب الوتد في السقف فلا.
فروع
(أ): إذا استحق وضع خشبة على حائط فسقطت أو وقع الحائط
175

استحق بعد عوده الوضع، بخلاف الإعارة، ولو خيف على الحائط السقوط
ففي جواز الإبقاء نظر.
(ب): لو وجد بناءه أو خشبه (1) أو مجرى مائه في ملك غيره ولم يعلم
سببه (2) فالأقرب تقديم قول مالك الأرض والجدار في عدم الاستحقاق.
(ج): لا يجوز بيع حق الهواء، ولا مسيل الماء ولا الاستطراق.
الفصل الثالث: في التنازع
لو صالح المتشبث المصدق لأحد المدعيين - بسبب يوجب التشريك
كالإرث - على شئ شاركه الآخر إن كان بإذنه، وإلا صح في الربع
ولا شركة، ولو تغاير السبب صح الصلح في حصته أجمع ولا شركة.
ويعطى مدعي الدرهمين أحدهما ونصف الآخر، ومدعي أحدهما الباقي
مع التشبث، وكذا لو استودع من اثنين ثلاثة ثم تلف واحد من غير تفريط
واشتبه، بخلاف ممتزج الأجزاء.
ويباع الثوبان مع الاشتباه معا إن لم يمكن الانفراد، ويقسط الثمن
على القيمتين مع التعاسر، فإن بيعا منفردين: فإن تساويا في الثمن فلكل
مثل صاحبه، وإن تفاوتا فالأقل لصاحبه.
ولو كان عوض الصلح سقي الزرع أو الشجر بمائه فالأقرب الجواز مع
الضبط، كما في بيع الماء، وكذا لو صالحه على إجراء الماء إلى سطحه أو
ساحته صح بعد العلم بالموضع الذي يجري الماء منه.

(1) في النسخة و (ج، د): " خشبته ".
(2) في (أ): " سبقه ".
176

ويصح جعل الخدمة المضبوطة بالعمل أو الزمان عوضا، فإن أعتقه
صح، وفي رجوع العبد إشكال، ينشأ: من أن إعتاقه لم يصادف للملك
سوى الرقبة، فلا يؤثر إلا فيه، كما لو أوصى لرجل برقبته، ولآخر
بخدمته فأعتق الأول، ومن اقتضاء العتق زوال الملك عن الرقبة والمنفعة،
وقد حال بين العبد والمنفعة حيث لم يحصل المنفعة للعبد.
والراكب أولى من قابض اللجام على رأي، وذو الحمل على الدابة
أولى من غيره. ويتساويان في الثوب في أيديهما وإن كان في يد أحدهما
أكثره (1)، وفي العبد وإن كان لأحدهما عليه ثياب. والأسفل أولى من
مدعي الغرفة بسبب فتح الباب إليه، ومع التصرف إشكال.
ولو صاح أجنبي عن المنكر صح، فإن كان عن دين بإذنه كان
توكيلا، وإلا تبرعا في القضاء، وإن كان عن عين بإذنه فكالأول، وبغير
إذنه افتداء للمنكر من الخصومة وإبراء له من الدعوى، ويرجع بما أداه إن
صالح بإذنه. ولو صاح الأجنبي المدعي لنفسه لتكون المطالبة له صح، دينا
كانت الدعوى أو عينا.
ولو خرجت أغصان الجار إليه قطعها من حد ملكه إن لم يمكن
العطف وإن لم يأذن الحاكم، فإن صالحه على الإبقاء على الجدار صح مع
تقدير الزيادة أو انتهائها والمدة، وكذا على الإبقاء في الهواء على الأقوى.
وكذا البحث في العروق الممتدة، والحائط المائل إلى هواء غيره، والخشبة
الواقعة على ملك غيره.

(1) في (ب، د، ه‍): " أكثر ".
177

ويصح الصلح عن المجهول - دينا كان أو عينا - إذا لم يمكن معرفته، كما
لو طحن قفيز حنطة وشعير ممتزجين، ولو علم أحدهما لم يصح، إلا أن يعلم
صاحبه.
ويصح الصلح عن كل ما يصح أخذ العوض عنه وإن لم يجز بيعه: كدم
العمد، وسكنى الدار.
ولو صاح عن القصاص بعبد فخرج مستحقا أو حرا فالأقرب الرجوع
بالقصاص، ولو صالح عن القصاص بحر يعلمان حريته أو بعبد يعلمان
استحقاقه ففي بطلان القصاص ووجوب الانتقال إلى الدية
نظر.
ولا يصح الصلح على ما لا يجوز أخذ العوض عنه: كالصلح مع امرأة
لتقر له بالزوجية، أو مع شاهد ليمتنع من إقامة الشهادة، أو عن حد
القذف.
ولو تداعيا جدارا بين ملكيهما فهو في أيديهما فيحكم لذي البينة، فإن
فقدت فلمن اتصل به بناؤه مع اليمين، أو لمن جذعه عليه على رأي، أو
بناؤه، أو عقده، أو قبته (1)، أو سترته، ولو كان متصلا بهما أو محلولا عنهما
ولا طرح لأحدهما ولا غيره فمن حلف فهو له مع نكول صاحبه، فإن حلفا
أو نكلا قضي لهما به، ولا يرجح بالدواخل: كالطاقات والمحاريب،
ولا بالخوارج: كالصور والكتابات بجص أو آجر، ولا بالروازن والشبابيك،
وفي رواية: يرجح في الخص بمعاقد قمطه (2)، ولو شهدت البينة لأحدهما

(1) " أو قبته " ليست في (ص).
(2) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب أحكام الصلح ح 2 ج 3 ص 173، باختلاف في اللفظ.
178

بالملك صار صاحب يد في الأس.
ويحكم لصاحب السفل بجدران البيت مع اليمين، ولصاحب العلو
بجدران الغرفة. أما السقف: فإن لم يكن إحداثه بعد بناء العلو - كالأزج
الذي لا يمكن عقده على وسط الجدار بعد امتداده في العلو - فهو لصاحب
السفل، لاتصاله ببنائه على الترصيف، وإن كان بحيث يمكن إحداثه
- كجذع ينقب (1) له في وسط الجدار ويجعل البيت بيتين - فهما مشتركان فيه،
ويحتمل التسوية، لأنه أرض لصاحب العلو وسماء لصاحب السفل،
واختصاص الأول والثاني.
ولو تنازع صاحب البيوت السفلى وصاحب العليا في العرصة: فإن
كان المرقى في صدر الخان تساويا في المسلك إلى العلو، واختص الأسفل
بالباقي، ولو كان في الدهليز أو في أول الباب فمن أول الباب إلى المرقى
بينهما والباقي للأسفل. ولو خرج المرقى عن خطة الخان فالعرصة بأجمعها
للأسفل، ويقضى بالدرجة لصاحب العلو، ويتساويان في الخزانة تحتها.
كل ذلك مع اليمين.
والمسناة بين الملكين كالجدار.
* * *

(1) في المطبوع و (د): " يثقب "، وفي (أ): " ثقب ".
179

كتاب الأمانات وتوابعها
181

كتاب الأمانات وتوابعها
وفيه مقاصد:
الأول:
الوديعة
وفيه فصول:
الأول: في حقيقتها
وهي عقد يفيد الاستنابة في الحفظ، جائزة من الطرفين.
ولا بد فيها من إيجاب وهو: كل لفظ دال على الاستنابة بأي عبارة
كان، وقبول فعلا أو قولا دالا على الرضى.
ولا بد من صدورهما من مكلف جائز التصرف، فلو استودع من صبي
أو مجنون ضمن، إلا إذا خاف تلفه فالأقرب سقوط الضمان، ولا يبرأ بالرد
إليهما في الصورتين، بل إلى الولي. ولا يصح أن يستودعا، فإن أودعا لم
يضمنا بالإهمال. أما لو أكلها الصبي أو أتلفها فالأقرب الضمان.
ولو استودع العبد فأتلف فالأقرب أنه يتبع بها بعد العتق، ولو طرح
الوديعة عنده لم يلزمه الحفظ إذا لم يقبلها، وكذا لو أكره على قبضها،
183

ولا يضمن لو تلفت وإن أهمل، أما لو استودع مختارا فإنه يجب عليه الحفظ.
وتبطل بموت كل واحد منهما، وبجنونه، وإغمائه، وبعزله نفسه. وإذا
انفسخت بقيت أمانة شرعية في يده، فلا يقبل قوله في الرد: كالثوب تطيره
الريح إلى داره يجب عليه إعلام صاحبه به، فإن أخر متمكنا ضمن.
الفصل الثاني: في موجبات الضمان
وينظمها شئ واحد وهو: التقصير، وأسبابه ستة:
الأول: الانتفاع: فلو لبس الثوب أو ركب الدابة ضمن، إلا أن يركب
لدفع الجموح عند السقي، أو يلبس لدفع الدود عند الحر. وكذا يضمن لو
أخرج الدارهم من كيسها لينتفع بها - وإن كان الكيس ملكه - وأعادها
إليه.
ولو نوى الأخذ للانتفاع ولم يأخذ لم يضمن، بخلاف الملتقط الضامن
بمجرد النية، لأن سبب أمانته مجرد النية. وكذا لو جدد الإمساك لنفسه، أو
نوى بالأخذ من المالك الانتفاع. وكذا لو أخرج الدابة من حرزها للانتفاع
وإن لم ينتفع، ولا تعود أمانته لو ترك الخيانة، فلو رد الوديعة إلى الحرز لم
يزل الضمان ما لم يجدد الاستئمان. ولو مزجها بماله بحيث لا يتميز
ضمن.
ولو أتلف بعض الوديعة المتصلة ضمن الباقي، كما لو قطع يد العبد أو
بعض الثوب. ولو كان منفصلا أو المودع مخطئا ضمنه خاصة، كما لو أخرج
بعض الدراهم، فإن أعادها بعينها ومزجها فكذلك، ولو أعاد مثلها ومزجها
ضمن الجميع. وكذا يضمن الجميع لو فتح الكيس المختوم، سواء أخذ منه
شيئا أو لا، بخلاف ما لو ختمه هو.
184

ولو مزج الوديعتين بحيث لا مائز (1) ضمن الجميع وإن اتحد المالك، ولو
مزج بإذن أحدهما ضمن الأخرى، ولو مزج غيره ضمنهما المازج.
والشد كالختم: إن كان من المالك ضمن إذا حله بنفس الحل وإن
لم يتصرف، وإلا ضمن بالأخذ، ولو أذن له المالك في أخذ البعض ولم يأذن
في رد البدل فرده ومزجه ضمن الجميع.
الثاني: الإيداع: فلو أودعها عند زوجته أو ولده أو عبده أو أجنبي
- وإن كان ثقة - من غير ضرورة ولا إذن ضمن، وكذا لو سافر بها مختارا مع
أمن الطريق.
أما لو سافر بها مع خوف تلفها مع الإقامة فإنه لا يضمن، وكذا لو
أودعه حالة السفر.
وإذا أراد السفر ردها على المالك، فإن تعذر فعلى الحاكم، فإن تعذر
أودعها من الثقة ولا ضمان. وكذا لو تعذر ردها على مالكها فإنه يعيدها
إلى الحاكم، فإن تعذر فإلى الثقة مع الحاجة. وإذا خالف هذا الترتيب في
الموضعين مع القدرة ضمن. والأقرب وجوب القبض على الحاكم. وكذا
المديون والغاصب إذا حملا الدين أو الغصب إليه.
ولو أراد السفر فدفنها ضمن، إلا أن يخاف المعاجلة.
ومن حضرته الوفاة وجبت عليه الوصية بما عنده من الوديعة، فإن أهمل
ضمن، إلا أن يموت فجأة على إشكال.
ولو أوصى إلى فاسق أو أجمل: كقوله: له (2) عندي ثوب، وله أثواب
ضمن، أما لو قال: عندي ثوب ولم يوجد في التركة ثوب لم يضمن، تنزيلا

(1) في (أ): " لا يتمايزان ".
(2) " له " ليست في المطبوع و (أ، ب، ج، ش، ص).
185

على التلف قبل الموت على إشكال.
ولو وجد على كيس مختوم: " أنه وديعة فلان " لم تسلم إليه، وكذا لو
وجد (1) في دستوره إلا بالبينة.
الثالث: التقصير في دفع المهلكات: فلو ترك علف الدابة أو سقيها مدة
لا يصبر عليه عادة فهلكت ضمن، سواء أمره المالك أو لا، ويرجع على
المالك وإن نهاه على إشكال إذا لم يتبرع، أما لو نهاه عن العلف أو السقي
فترك عصى ولا ضمان.
ويضمن لو ترك نشر الثوب المفتقر إليه، أو طرح الأقمشة في المواضع
التي تعفنها، أو لم يعرض الثوب الذي يفسده الدود للريح، ولو لم يندفع إلا
باللبس وجب، إلا مع نهي المالك.
ولو أمر خادمه بالسقي أو العلف لم يضمن، لاعتياده. ولو أخرجها من
منزله للسقي مع أمن الطريق أو خوفه ضمن، إلا مع الضرورة: كعدم التمكن
من سقيها أو علفها فيه وشبهه (2).
الرابع: المخالفة في كيفية الحفظ، فلو عين له موضعا للاحتفاظ وجب
الاقتصار عليه، ويضمن لو نقل، إلا إلى ما هو أحرز أو مساو على رأي،
فإن تلفت بالنقل إليه: كانهدامه ضمن، ولا يجوز نقلها إلى الأدون وإن
كان حرزا، إلا مع الخوف في إبقائها في الأول وعدم تمكنه من المساوي.
ولو نهاه عن النقل من حرز معين ضمن بالنقل إلى الأحرز والمساوي،
إلا أن يخاف تلفها فيه ولو قال: وإن تلفت.
ولو عين له حرزا بعيدا عنه وجب المبادرة إليه بما جرت العادة، فإن

(1) في النسخة: " لو وجده ".
(2) " وشبهه " ليست في (ص).
186

أخر متمكنا ضمن.
ولو وضعها فيما عينه له فخاف من غرق أو حرق وجب نقلها إلى حرز
غيره، فإن تركها والحال هذه ضمنها، سواء تلفت بالأمر المخوف أو بغيره.
ولو قال: لا تنقلها وإن خفت، فنقلها من غير خوف ضمن، ولو نقلها
مع الخوف أو تركها لم يضمن كما لو قال: أتلفها.
ولو ادعى الناقل عن المعين السبب: كالغرق فأنكر المالك احتمل
تقديم قول المالك، لإمكان إقامة البينة، وقول الودعي، لأنه أمينه.
ولو أمره بالوضع في المنزل فوضعها في ثيابه ضمن.
ولو قال: ضعها في كمك، فجعلها في جيبه لم يضمن، لأنه أحرز،
ويضمن بالعكس.
ولو قال: اربطها في ثوبك، فجعلها في يده احتمل الضمان، لكثرة
السقوط من اليد، وعدمه، لأنها أحفظ من الطرار بالبط، أما لو استرخى بنوم
أو نسيان فإنه يضمن، فإن ربطه امتثالا له وجعل الخيط الرابط من خارج
الكم ضمن، لأنه إغراء للطرار، ولا يضمن لو جعله من داخل.
ولو نقل من صندوق إلى صندوق والصناديق للمالك ضمن، ولو
كانت للمودع فهي كالبيوت، ولو أمره بجعلها في صندوق من غير قفل فقفل
عليها لم يضمن.
ولو قال: " اجعلها في هذا البيت ولا تدخله أحدا " فأدخل قوما (1)
ضمن، سواء سرقت حال الإدخال أو بعده، سرقها من دخل البيت أو
غيره.

(1) في (ب): " فيها " بدل " قوما ".
187

ولو قال: اجعل الخاتم في الخنصر، فوضعه في البنصر لم يضمن،
بخلاف العكس.
ولو لم يعين موضعا وجب حفظها في حرز مثلها (1)، ولا يضمن بالنقل
عنه وإن كان إلى أدون.
ولو كانت في بيت صاحبها فقال له: احفظها في موضعها، فنقلها من
غير خوف ضمن، لا معه.
الخامس: التضييع: بأن يلقيها في مضيعة، أو يدل (2) سارقا، أو أقر بها
للظالم، أو يسعى بها إلى من يصادر المالك فيضمن. ولو ضيع بالنسيان
فالأقرب الضمان.
ولو سلمها إلى الظالم مكرها استقر الضمان على الظالم، والأقرب
انتفاؤه عنه. وهل يجب عليه الاختفاء لو طلبه الظالم؟ الأقرب ذلك. ويجوز
الحلف كاذبا للمصلحة، ويجب التورية على العارف.
ولو أكرهه على التسليم أو اليمين فسلم ضمن، ولو أكره (3) على التسليم
لم يضمن به، فإن تمكن من الدفع وجب، فإن أهمل ضمن، ولا يجب
تحمل الضرر الكثير بالدفع.
السادس: الجحود: وهو موجب للضمان إن كان مع المالك بعد
مطالبته، لا مع مطالبة غيره، وفي سؤال المالك إشكال، فإن لم يقم بينة
ولم (4) يعترف فالقول قوله مع يمينه، وإن أقيمت عليه البينة فادعى الرد أو

(1) في المطبوع و (ج، د، ص): " وجب جعلها في حرز مثلها أو أعلى ".
(2) في نسخة من (ب) زيادة " عليها ".
(3) في (أ، د ": " أكرهه ".
(4) في (أ، ب، د، ص) والمطبوع: " أو لم ".
188

التلف من قبل: فإن كان صيغة جحوده إنكار أصل الوديعة لم يقبل قوله
بغير بينة، ولا معها على الأقوى لتناقض كلاميه، وإن كان صيغة الجحود:
" لا يلزمني شئ " قبل قوله في الرد والتلف مع البينة، بدونها في الأخير،
وفي الأول على رأي.
ولو أقر ربها (1) له بتلفها قبل الجحود من الحرز فلا ضمان، وفي سماع بينته
بذلك إشكال. نعم، تقبل لو شهدت بالإقرار.
الفصل الثالث: في الأحكام
يجب على المستودع حفظ الوديعة بمجرى العادة: كالثوب في
الصندوق، والدابة في الاصطبل، والشاة في المراح.
ويجب عليه ردها متى طلب المالك وإن كان كافرا، فإن أخر لغير عذر
ضمن، ومعه لا ضمان، وليس استتمام غرض النفس - كمن كان في
حمام أو على طعام - عذرا.
ولو قال: رد على وكيلي فطلب الوكيل فامتنع ضمن، ولو لم يطلب
وتمكن من الرد ففي الضمان إشكال، وكذا كل أمانة: كالثوب تصيره (2)
الريح في داره، فإن رده على الوكيل ولم يشهد فلا ضمان لو أنكر، بخلاف
التقصير في ترك الإشهاد على قضاء الدين، لأن مبنى الوديعة على
الإخفاء (3).
وأجرة المسكن إن احتاجت ومؤنة الرد على المالك وإن قلت. نعم، لو

(1) في (أ، د): " أقر بها ".
(2) في المطبوع و (ه‍): " تطيره ".
(3) في المطبوع و (أ): " الاختفاء ".
189

سافر بها بغير إذنه أو بغير ضرورة كانت مؤنة الرد عليه.
ولو كان المودع غاصبا لم يجز رد الوديعة إليه، بل إلى مالكها إن عرف،
ولو جهل عرفت (1) سنة، ثم تصدق بها عن المالك مع الضمان، وإن شاء
أبقاها أمانة أبدا من غير ضمان، وليس له التملك مع الضمان على
إشكال.
ولو مزجها الغاصب بماله: فإن تميزت وجب ردها على مالكها دون
المودع، وإلا رد الجميع على المودع على إشكال.
ولا يبرأ المفرط بالرد أو ادعى التلف وإن كان بسبب ظاهرا أو نقص
القيمة أو عدم التفريط فالقول قوله مع اليمين، وفي الرد نظر، أما لو ادعى
الإذن في التسليم إلى غير المالك فالمصدق المالك مع اليمين، فإن صدق
الإذن وأنكر التسليم فكدعوى الرد.
ولو مات المستودع ولم توجد الوديعة في تركته فهي والدين سواء على
إشكال، هذا إن أقر أن عنده وديعة، أو عليه وديعة، أو ثبت أنه مات
وعنده وديعة. أما لو كانت عنده (2) وديعة في حياته ولم توجد بعينها ولم يعلم
بقاؤها، ففي الضمان إشكال.
ويصدق المستودع مع اليمين في تعيين المدعيين (3) - فإن نكل غرم للآخر -
وفي نفي العلم، وتقر في يده حتى يثبت المالك، فإن ادعيا علمه أحلفاه على
نفي العلم يمينا واحدة، ويحتمل التعدد، فإن نكل أحلفا على علمه فيضمن

(1) في (ه‍): " عرف ".
(2) " عنده " ليست في (د).
(3) في المطبوع و (ج، د): " أحد المدعين ".
190

القيمة، فتجعل مع العين في أيديهما. وإن سلم العين بحجة إلى أحدهما رد
نصف القيمة إلى المودع، ولم يجب على الثاني الرد، لأنه استحق بيمينه ولم
يعد عليه المبدل.
ولو مات المالك سلمها إلى الورثة أجمع من غير تخصيص، فيضمن معه.
* * *
191

المقصد الثاني
في العارية
وفيه فصلان:
الأول في (1) الأركان
وهي خمسة:
الأول: العقد: وهو كل لفظ دل على تسويغ الانتفاع بالعين مع بقائها
مطلقا أو مدة معينة.
وثمرته التبرع بالمنفعة، ولا يختص لفظا، ولا يشترط القبول نطقا.
الثاني: المعير، ويشترط: كونه مالكا للمنفعة، جائز التصرف، فلا تصح
عارية الغاصب، ولا المستعير، ولا الصبي، ولا المجنون، ولا المحجور عليه
لسفه أو فلس، وتصح من المستأجر.
ويجوز للمستعير استيفاء المنفعة بنفسه وبوكيله (2).
الثالث: المستعير، وشرطه: أن يكون معينا، أهلا للتبرع عليه بعقد
يشتمل على إيجاب وقبول، فلا تصح استعارة الصبي ولا المجنون.
الرابع: المستعار، وشرطه: أن يكون منتفعا به مع بقائه: كالثوب للبس،

(1) " في " ليس في (ه‍، ش، ص).
(2) في (ب): " أو بوكيله ".
192

والدابة للركوب، والأرض للزرع والغرس والبناء، دون الأطعمة، فإن
منفعتها في استهلاكها.
والأقرب جواز إعارة الدراهم والدنانير إن فرضت لهما (1) منفعة حكمية:
كالتزيين بها والضرب على طبعها.
الخامس: إباحة المنفعة: فليس للمحرم استعاره الصيد من محرم،
ولا من محل، فإن أمسكه ضمنه للمحل وإن لم يشترط عليه. ولو كان في يد
محرم فاستعاره محل جاز، لزوال ملك المحرم عنه بالإحرام، كما يأخذ من
الصيد ما ليس (2) بملك.
ولا يجوز استعاره الجواري للاستمتاع، ويجوز للخدمة وإن كان المستعير
أجنبيا.
ويكره استعارة الأبوين للخدمة، وتستحب للترفه.
ويحرم إعارة العبد المسلم من الكافر.
فروع
(أ): لو تلف الصيد عند المحل المستعير من المحرم لم يضمنه المحل،
لزوال ملك المحرم بالإحرام (3)، وعلى المحرم الضمان، لأنه تعدى بالإعارة
لما يجب إرساله. (ب): لو قال: أعرتك حماري لتعيرني فرسك فالأقرب الجواز، لكن
لا يجب، وليس على واحد منهما أجرة، أما لو لم يعر الثاني فالأقرب الأجرة.

(1) في (ش، ص): " لها ".
(2) في (ج): " مما ليس ".
(3) في المطبوع: " المحرم عنه بالإحرام ".
193

ولو قال: أعرتك الدابة بعلفها فهي إجارة فاسدة تقتضي أجرة المثل، وكذا:
أعرتك (1) الدابة بعشرة دراهم.
(ج): لو أذن الولي للصبي في الإعارة جاز مع المصلحة.
(د): يجوز استعارة الفحل للضراب، والكلب للصيد، والسنور والفهد،
واستعارة الشاة للحلب وهي المنحة، وله الرجوع في اللبن مع وجوده
عنده، وكذا غيرها.
الفصل الثاني: في الأحكام
وهي أربعة:
الأول: الرجوع: العارية عقد جائز من الطرفين، إلا إذا أعار لدفن
الميت فيمتنع (2) نبش القبر إلى أن يندرس أثر المدفون.
فلو رجع في إذن البناء أو الغرس قبلهما وجب الامتناع، فإن غرس
- حينئذ - فللمالك القلع مجانا والمطالبة بالأجرة وطم الحفر. ولو رجع بعد
البناء أو الغرس أو الزرع فلأقرب إجابته، لكن يشترط (3) دفع أرش
الغرس والزرع ولو قبل إدراكه. والأقرب توقف تملك الغرس بالقيمة، أو
الإبقاء بالأجرة على التراضي بينهما (4).
ولو رجع في عارية الجدار لوضع الخشب قبله جاز، وبعده على الأقوى،
فيستفيد التخيير بين طلب الأجرة للمستقبل مع رضى المستعير، وبين القلع

(1) في (أ، ج، ش): " وكذا لو قال: أعرتك... ".
(2) في المطبوع: " فيمنع "، وفي (ب): " فنمنع "، وفي (د): " فيمنع من ".
(3) في المطبوع و (د، ش): " بشرط.
(4) في المطبوع و (أ، ب، ج، ش، ص): " منهما ".
194

مع دفع أرش النقص وإن أدى إلى خراب ملك المستعير لكون الأطراف
الأخر (1) مبنية عليه على إشكال.
ولو انهدم الحائط أو أزال المستعير الخشب مع اختياره أو بإكراه أو
انقلعت الشجرة لم يملك إعادته، سواء بنى الحائط بآلته أو بغيرها ما لم يجدد
له (2) الإذن.
فروع
(أ): لو رجع في الإعارة للدفن بعد وضع الميت في القبر قبل الطم جاز.
(ب): لو رجع قبل الغرس فلم يعلم حتى غرس جاز له القلع مجانا
على إشكال، وفي استحقاق الأجرة قبله نظر.
ولو حمل السيل نواة فنبتت في أرض غيره أجبر المالك على القلع،
والأقرب أن عليه تسوية الأرض، لأنه قلعه لتخليص ملكه، ولصاحب
الأرض الإزالة مجانا.
(ج): لو رجع في إذن الزرع وقد بلغ القصل (3) وجب قصله مجانا،
لانتفاء الضرر، ومع الضرر الأرش.
(د): لو شرط القلع عند الرجوع مجانا وتسوية الحفر، ألزم الوفاء
ولا أرش، وإن شرط الأول لم يكلف المستعير التسوية.
(ه‍): لو لم يشرط القلع فأراده المستعير فله ذلك، وهل عليه التسوية؟
إشكال ينشأ: من أنه كالمأذون في القلع بأصل الإعارة، ومن أنه قلع

(1) في (أ، د): " أطراف الآخر ".
(2) " له " ليست في (ب).
(3) في (د) والمطبوع " القصيل ".
195

باختياره فليرد الأرض كما كانت.
(و): يجوز للمعير دخول الأرض، والانتفاع بها، والاستظلال بالبناء
والشجر، وكل ما لا يضر البناء والغرس، وللمستعير الدخول لسقي الشجر،
ومرمة البناء دون التفرج.
(ز): لكل من المستعير والمعير بيع ملكه من صاحبه ومن أجنبي.
(ح): لو أعاره للغرس مدة معينة فله الرجوع قبله، وقبل انقضائها مع
الأرش وهو: التفاوت بين كونها قائمة إلى المدة ومقلوعة قبل انقضائها، وله
الرجوع بعدها والإلزام بالقلع مجانا.
ولا فرق بين الغرس والزرع على إشكال، ينشأ: من أن الغرس والبناء
للتأبيد، وللزرع مدة تنتظر فليس له الرجوع قبلها.
الثاني: الضمان: العارية أمانة لا يضمنها المستعير إلا بالتفريط في
الحفظ، أو التعدي، أو اشتراط الضمان، أو كانت ذهبا أو فضة وإن لم
يشترط الضمان إلا أن يشترط سقوطه، وفي دخول المصوغ نظر، أو استعار
من المستعير، أو صيدا في الحرم، أو كان محرما، فيضمن ما يجب ضمانه
بالمثل إن كان مثليا، وإلا فالقيمة يوم التلف، ويحتمل أعلى القيم من حين
الضمان إلى حين التلف.
ويجب رد العين مع الطلب والمكنة، فإن أهمل معهما ضمن. ولو تلفت
بالاستعمال: - كثوب انمحق باللبس - فإشكال ينشأ (1): من استناد التلف
إلى مأذون فيه، ومن انصراف الإذن غالبا إلى استعمال غير متلف، فإن
أوجبناه ضمن بالقيمة آخر (2) حالات التقويم، وكذا لو اشترط الضمان

(1) " ينشأ " لا توجد في (ج).
(2) في (ج): " بالقيمة في آخر ".
196

فنقصت بالاستعمال ثم تلفت أو استعملها ثم فرط، فإنه يضمن القيمة يوم
التلف، لأن النقص غير مضمون على إشكال.
وللمستعير الانتفاع بما جرت العادة، فلو نقص من العين شئ أو تلف
بالاستعمال فلا ضمان، إلا أن يشترط ذلك في العارية.
والمستعير من المستأجر والموصى له بالمنفعة كالمستعير من المالك.
ولو استعار من الغاصب عالما بالغصب فللمالك الرجوع على من شاء
بالأجرة وأرش النقص والقيمة لو تلفت، ويستقر الضمان على المستعير،
ومع الجهل يضمن الغاصب الجميع، إلا أن يكون (1) ذهبا أو فضة فإن
الأقرب الضمان على المستعير خاصة.
ولو جحد العارية بطل استئمانه وضمن، ولو تجاوز المأذون ضمن.
ولو أمر رسوله بالاستعارة إلى قرية فكذب الرسول وأخبر المعير بطلب
المستعير إلى أخرى فخرج بها المستعير إلى ما ذكره الرسول فتلفت لم
يضمن، لأن صاحبها أعارها إليه، ولو خرج بها إلى ما قال المستعير لرسوله
فتلفت ضمن ولا شئ على الرسول. وإنما يبرأ الضامن إذا ردها على
المالك أو وكيله، لا إلى الحرز. ولو تجاوز (2) المسافة المشترطة لم يبرأ بالرد
إليها.
الثالث: التسلط على الانتفاع: ويتقدر بقدر التسليط، وينتفع بما جرت
العادة به، فلو أعاره الدابة لحمل شئ (3) معين لم يجز له الزيادة، ويجوز
النقصان، ولو أطلق فله حمل المعتاد على مثلها.

(1) في (ب): " يكون هناك ذهب ".
(2) في (أ، ب) زيادة " في ".
(3) " شئ " لا توجد في المطبوع و (ه‍).
197

ولو أذن في زرع الحنطة (1) تخطى إلى المساوي والأدون، لا الأضر، ولو
نهاه حرم التخطي، وعليه الأجرة لو فعله. والأقرب (2) عدم إسقاط التفاوت
مع النهي لا الإطلاق، بخلاف حمل الأكثر.
وليس للمستعير أن يعير، ولا أن يؤجر. ولو أعار للغرس (3) لم يكن له
البناء وبالعكس، وله الزرع.
ولا يجب في العارية التعرض لجهة الانتفاع وإن تعددت، فلو استعار
الدابة ركب أو حمل، ولو استعار أرضا فله البناء أو الغرس أو الزرع، وكذا لو
قال: انتفع (4) كيف شئت، ولو استعار للزرع وأطلق زرع مهما شاء.
الرابع: التنازع: فلو ادعى العارية والمالك (5) الإجارة في الابتداء صدق
المستعير، ولو انتفع جميع المدة أو بعضها احتمل تصديقه بيمينه، لاتفاقهما
على إباحة المنفعة، والأصل براءة الذمة من الأجرة، وتصديق المالك
بيمينه، لأن الأصل مملوك له فكذا المنفعة، فيحلف على نفي العارية،
ويثبت له الأقل من أجرة المثل والمدعى.
ولو ادعى المالك الغصب صدق مع اليمين، ويثبت له أجرة المثل.
ولو ادعى استئجار الذهب - وسوغناه - بعد التلف وادعى المالك
الإعارة: فإن اتفقت الأجرة والقيمة أخذها المالك بغير يمين، وإن زادت
القيمة أخذها باليمين، وقبل التلف للمالك الانتزاع باليمين. ويصدق
المستعير في ادعاء التلف لا الرد، وفي القيمة مع التفريط أو التضمين على

(1) في النسخة المعتمدة زيادة " فله ".
(2) في (أ، ش): " لو فعله مع النهي لا مع الإطلاق، والأقرب " بتقديم لاحق العبارة على سابقها.
(3) في: المطبوع و (ب، ج، ه‍): " للغراس ".
(4) في المطبوع: " انتفع به ".
(5) في (أ): " وادعى المالك ".
198

رأي، وفي عدم التفريط.
فروع
(أ): ولد العارية المضمونة غير مضمون.
(ب): مؤنة الرد على المستعير.
(ج): لو رد إلى من جرت العادة بالقبض - كالدابة إلى سائسها - لم
يبرأ.
(د): لو أعار المستعير فللمالك الرجوع بأجرة المثل على من شاء،
ويستقر الضمان على الثاني مطلقا على إشكال، وكذا العين.
(ه‍): لو أذن المالك في الإجارة أو الرهن لزمه الصبر إلى انقضاء المدة
على إشكال، فيقدر المدة في الإجارة، ويضمن المستعير في المضمونة دون
المستأجر والمرتهن.
* * *
199

المقصد الثالث
في اللقطة
وفيه فصول: الأول: في اللقيط
وفيه مطلبان:
الأول:
الملقوط: إما إنسان، أو حيوان، أو غيرها. ويسمى الأول: لقيطا
وملقوطا ومنبوذا، وهو: كل صبي ضائع لا كافل له وإن كان مميزا، فإن
كان له من يجبر على نفقته أجبر على أخذه، ولو تعاقب الالتقاط أجبر
الأول.
والتقاطه واجب على الكفاية. ولا يجب الإشهاد. ولا يلتقط البالغ
العاقل.
ولو ازدحم ملتقطان قدم السابق، فإن تساويا ففي تقديم البلدي على
القروي، والقروي على البدوي، والموسر على المعسر، وظاهر العدالة على
المستور نظر، فإن تساويا أقرع أو شركا (1) في الحضانة. ولو ترك أحدهما

(1) في (أ، ب، ج): " أو يشتركا ".
200

للآخر صح، سواء كانا موسرين أو أحدهما، حاضرين أو أحدهما، أو كان
أحدهما كافرا مع كفر اللقيط، ولا يحكم لأحدهما بوصف العلائم.
ولو تداعيا بنوته ولا بينة أقرع، ولا ترجيح بالالتقاط، إذ اليد لا تؤثر في
النسب، وكذا لو أقاما بينة، ويحكم للمختص بها.
وفي ترجيح دعوى المسلم أو الحر على دعوى الكافر أو العبد نظر.
ولو انفردت دعوى البنوة حكم بها من غير بينة، حرا كان المدعي للبنوة
أو عبدا، مسلما أو كافرا.
ولا يحكم برقه ولا بكفره إذا وجد في دارنا (1)، إلا مع بينة البنوة.
والأقرب افتقار الأم إلى البينة، أو التصديق بعد بلوغه.
ولو كان اللقيط مملوكا وجب إيصاله إلى مالكه، فإن أبق أو ضاع من
غير تفريط فلا ضمان، ويصدق في عدم التفريط مع اليمين، ويبيعه في النفقة
بالإذن مع تعذر استيفائها، فإن اعترف المولى بعتقه فالوجه القبول، فيرجع
الملتقط عليه بما أنفق إن كان العتق بعده قبل البيع.
ولو كان بالغا أو مراهقا فالأقرب المنع من أخذه، لأنه كالضالة
الممتنعة، وإن كان صغيرا كان له التملك بعد التعريف.
وولاية الالتقاط لكل حر بالغ عاقل مسلم عدل، فلا يصح التقاط
العبد - فإن أذن له (2) المولى صح وانتقل الحكم إليه -، ولا المكاتب.
ولا حكم لالتقاط الصبي والمجنون، بل ينتزع من يدهما. ولا يصح التقاط
الكافر للمسلم، ويصح لمثله. ولا الفاسق، لأن الحضانة استئمان فلا يليق
به.

(1) أي: في دار الإسلام.
(2) " له " ليست في (أ، ب، ج، ش).
201

والأقرب ثبوت الولاية للمبذر، والبدوي، ومنشئ السفر.
ويجب على الملتقط الحضانة، فإن عجز سلمه إلى القاضي (1)، وهل له
ذلك مع التبرم والقدرة؟ نظر، ينشأ: من شروعه في فرض كفاية فلزمه.
والأقرب أن له السفر به والاستيطان به في غير بلد الالتقاط، ولا يجب
انتزاعه منه حينئذ.
ونفقته في ماله، وهو: ما وقف على اللقطاء، أو وهب منهم، أو أوصي
لهم، ويقبله القاضي، أو ما يده عليه عند الالتقاط: كالملفوف عليه،
والمشدود على ثوبه، والموضوع تحته، والدابة تحته، والخيمة والفسطاط
الموجود فيهما، والدار التي لا مالك لها، وما في هذه الثلاثة من الأقمشة.
ولا يحكم له بما يوجد قريبا منه، يوجد قريبا منه، أو بين يديه، أو على دكة هو عليها،
ولا بالكنز تحته وإن كان معه رقعة أنه له على إشكال.
فإن لم يكن له مال استعان الملتقط بالسلطان، فإن تعذر استعان
فإن نوى الرجوع رجع، وإلا فلا، ولو ترك الاستعانة مع إمكانها فلا رجوع.
ولو ظهر رقه رجع - مع التبرع - على سيده، وعليه مع الحرية إن
كان موسرا أو كسوبا، وإلا فمن سهم الفقراء أو الغارمين.
وليس للملتقط الإنفاق من مال اللقيط بدون إذن الحاكم، فإن بادر
بدونه ضمن، إلا مع التعذر، ولا يفتقر في احتفاظه إلى الإذن.
ولو اختلفا في قدر الإنفاق قدم قول الملتقط مع يمينه في قدر المعروف،
وكذا في أصل الإنفاق وإن كان للملقوط مال.

(1) في (ب، ه‍): " الحاكم ".
202

المطلب الثاني: في الأحكام
وهي أربعة:
الأول: النسب: فإن استلحقه الملتقط أو غيره ألحق به، ولا يلتفت إلى
إنكاره بعد بلوغه، وإن استلحق بالغا فأنكر لم يثبت.
الثاني: الإسلام: وإنما يحصل بالاستقلال بمباشرة البالغ العاقل دون
الصبي وإن كان مميزا، لكن يفرق بينه وبين أبويه خوف الاستزلال (1).
وغير المميز والمجنون لا يتصور إسلامهما إلا بالتبعية، وهي تحصل بأمور
ثلاثة:
(أ) (2): إسلام أحد الأبوين، فكل من انفصل من مسلم أو مسلمة فهو
مسلم، ولو طرأ إسلام أحد الأبوين حكم بالإسلام في الحال، وكذا أحد
الأجداد والجدات وإن كان الأقرب حيا على إشكال.
(ب): تبعية السابي المسلم - على رأي - إن سبي منفردا، ولو كان معه
أحد أبويه الكافرين لم يحكم بإسلامه، ولو سباه الذمي لم يحكم بإسلامه
وإن باعه من مسلم.
(ج): تبعية الدار، وهي المراد (3)، فيحكم بإسلام كل لقيط في دار
الإسلام، إلا أن ملكها (4) الكفار (5) ولم يوجد فيها مسلم واحد فيحكم

(1) في المطبوع و (ش): " الاستنزال ".
(2) في المطبوع و (ج): " الأول " بدل الحروف الأبجدية وهكذا في الأمرين الآخرين.
(3) في (ج، د) زيادة " هاهنا "، وفي (ب): زيادة " هنا " وفي (أ) ذكرت " هاهنا " بعد " فيحكم ".
(4) في المطبوع و (أ): " يملكها " وفي (د): " تملكها ".
(5) في (أ): " الكافر ".
203

بكفره وبكفر كل لقيط في دار الحرب، إلا إذا كان فيها مسلم ساكن ولو
واحد تاجر أو أسير، فإن بلغ وأعرب عن نفسه الكفر ففي الحكم بردته تردد،
ينشأ: من ضعف تبعية الدار.
الثالث: الجناية: وعاقلة اللقيط الإمام - إذا فقد النسب ولم يتوال أحدا -
دون الملتقط.
فإن جنى عمدا اقتص منه، وخطأ يعقله الإمام، وشيبه العمد في ماله،
وإن قتل عمدا فللإمام القصاص، وخطأ الدية.
ولو جنى على طرفه فالأقرب مع صغره جواز استيفاء القصاص أو
الدية له، ولا يتولى الملتقط ذلك، بل الحاكم.
ولو أخذ الحاكم الأرش في العمد فبلغ وطلب القصاص فإشكال ينشأ:
من أن أخذ المال للحيلولة، أو لإسقاط القصاص.
الرابع: الحرية: فإن لم يدع أحد رقه فالأصل الحرية، ويحكم بها في كل
ما لا يلزم غيره شيئا، فنملكه (1) المال، ونغرم (2) من أتلف عليه شيئا،
وميراثه لبيت المال. وإن (3) قتله عبد قتل، وإن قتله حر فالأقرب سقوط القود
للشبهة واحتمال الرق، فحينئذ يجب الدية، أو أقل الأمرين منها ومن القيمة
على إشكال.
وإن ادعي رقه لم يقبل من غير صاحب اليد، ولا منها إذا استندت إلى
الالتقاط، وإن استندت إلى غيره حكم ظاهرا على إشكال، فإن بلغ
وأنكر ففي زوال الرق إشكال.

(1) في (ج، د): " فتملكه " وفي المطبوع " فيملكه ".
(2) في المطبوع و (أ، ج، د): " ويغرم ".
(3) في المطبوع: " فإن ".
204

ولو أقام بينة حكم بها، سواء أطلقت أو أسندت إلى سبب: كارث أو
شراء، ولو شهدت بأنه ولد مملوكته فإشكال ينشأ: من أنها قد تلد حرا.
ولو بلغ وأقر بالعبودية حكم عليه إن جهلت حريته ولم يقر بها أولا، ولو
أقر أولا بالحرية ثم بالعبودية فالأقرب القبول.
ولو أقر بالعبودية أولا لواحد فأنكر فأقر لغيره فإشكال ينشأ: من الحكم
بحريته برد الأول إقراره، ومن عموم قبول إقرار العاقل.
ولو سبق منه تصرف، فإن أقيم بينة على الرق جعلت التصرفات كأنها
صدرت من عبد غير مأذون.
ولو عرف رقه بإقراره لم يقبل فيما يضر بالغير، فيستمر النكاح لو كانت
امرأة، ويثبت للسيد أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل، والأولاد أحرار،
وعدتها ثلاثة أقراء، وفي الوفاة بأربعة أشهر وعشرة أيام.
ولو قذفه قاذف وادعى هو الحرية تقابل أصلا براءة الذمة
والحرية، فيثبت التعزير.
ولو قطع حر يده تقابلا أيضا، لكن الأقرب هنا القصاص، لأن العدول
إلى القيمة مشكوك فيه أيضا، بخلاف التعزير المعدول إليه فإنه متيقن.
ولا ولاية للملتقط عليه، بل هو سائبة يتولى من شاء.
الفصل الثاني: في الحيوان
ويسمى: ضالة. ويجوز لكل بالغ عاقل على كراهية - إلا مع تحقق
تلفه وإن كان عبدا أو كافرا أو فاسقا - التقاط كل حيوان مملوك ضائع
لا يد لأحد عليه في الفلاة.
فالبعير لا يؤخذ إن كان صحيحا، أو كان في كلأ وماء، فإن أخذه
205

- حينئذ - ضمنه.
ويبرأ بتسليمه إلى المالك أو الحاكم مع فقده، لا بإرساله في موضعه،
ويرسله الحاكم في الحمى (1)، فإن لم يكن باعه وحفظ ثمنه لمالكه.
ولو تركه من جهد في غير كلأ ولا جاز أخذه، ويملكه الواجد
ولا ضمان.
وفي رد العين مع طلب المالك إشكال.
وكذا التفصيل في الدابة والبقرة والحمار. أما الشاة: فتؤخذ، ويتخير
الآخذ بين حفظها لمالكها أو دفعها إلى الحاكم، ولا ضمان فيهما، وبين
تملكها والضمان على إشكال، وكذا صغار (2) الإبل والبقر وغيرهما (3).
ولا تؤخذ الغزلان المملوكة وشبهها مما يمتنع بعدوه.
أما العمران: فلا يحل أخذ شئ من الضوال فيها وإن لم تكن ممتنعة:
كأطفال الإبل والبقر، فإن أخذها تخير بين حفظها لمالكها وعليه نفقتها من
غير رجوع، وبين دفعها إلى الحاكم، فإن تعذر أنفق ولم يرجع.
ولو كانت شاة حبسها ثلاثة أيام، فإن جاء المالك وإلا باعها - وفي
اشتراط إذن الحاكم إشكال - وتصدق (4) بثمنها وضمن، أو احتفظه ولا ضمان،
وفي الصدقة بعينها أو قبل الحول بثمنها إشكال.
ويجوز التقاط الكلاب المملوكة، ويلزم تعريفها سنة ثم ينتفع بها إن
شاء، ويضمن القيمة السوقية.
ويستحب الإشهاد على أخذ الضالة.

(1) الحمى: " الذي حماه الإمام لخيل المجاهدين والضوال ". مفتاح الكرامة: ج 6 ص 127.
(2) في (ج): " صعاب ".
(3) في (أ، ج): " وغيرها ".
(4) في المطبوع و (أ، ب، د، ص): " وفي اشتراط الحاكم إشكال، ويتصدق ".
206

ولو التقط الصبي أو المجنون الضالة انتزعه الولي وعرفه سنة، فإن لم
يأت المالك تخير مع الغبطة في إبقائها أمانة، وتمليكه مع التضمين.
وإذا لم يجد الآخذ سلطانا ينفق ورجع على إشكال، ويقاص (1) مع
المالك لو انتفع بالظهر وشبهه.
والضالة أمانة مدة حول التعريف، فإن قصد التملك ملك وضمن،
وإلا فلا، إلا مع التفريط.
ولو قصد التملك ثم نوى الحفظ أو قصد الحفظ ثم نوى التملك ضمن
بقصد التملك فيهما.
الفصل الثالث: في لقطة الأموال
وفيه مطلبان:
الأول: في الأركان
وهي ثلاثة:
الالتقاط (2): وهو عبارة عن أخذ مال ضائع للتملك بعد التعريف حولا،
أو للحفظ على المالك.
وهو مكروه وإن وثق من نفسه إن كان في غير الحرم، وفيه يحرم على
رأي، ولا يحل تملكه وإن عرف طويلا.
ويستحب الإشهاد، فيعرف الشهود بعض الأوصاف لتحصل فائدة
الإشهاد.

(1) في (ج، د): " ويتقاص ".
(2) في (ب): " الأول: الالتقاط ".
207

ولو علم الخيانة حرم الالتقاط، ولو خاف ففي الجواز نظر.
ويحصل الالتقاط بالأخذ، لا بالرؤية وإن اختصت بغير الملتقط إذا
أعمله بها، ولو قال: ناولنيها فإن نوى الأخذ لنفسه فهي له، وإلا فللآمر
على إشكال.
الثاني: الملتقط: وهو كل من له أهليه الكسب (1) وإن خرج عن
التكليف، أو كان عبدا أو كافرا أو فاسقا. نعم، يشترط في لقطة الحرم
العدالة.
ثم للعدل أن يحفظ اللقطة بنفسه، أو يدفع إلى الحاكم، وغيره يتخير
الحاكم بين انتزاعه منه، وبين نصب رقيب إلى أن تمضي مدة التعريف.
ثم إن اختار الفاسق أو الكافر التملك دفعه الحاكم إليه، وإلا فالخيار
للملتقط حينئذ (2)، إن شاء أبقاه أمانة في يد الحاكم أو غيره، وليس
للحاكم مطالبة الفاسق بعد الحول بكفيل.
أما الصبي والمجنون: فللولي نزعه من يدهما وتمليكهما إياه بعد مدة
التعريف، ويتولاه الولي أو أحدهما، ولو أتلفه (3) ضمن، ولو تلف في يده
فالأقرب ذلك، لأنه ليس أهلا للأمانة، ولم يسلطه المالك عليه، بخلاف
الإيداع. ولو قصر الولي فلم ينتزعه حتى أتلفه الصبي أو تلف فالأقرب
تضمين الولي.
وللعبد أخذ اللقطتين (4)، فإن عرف حولا ثم أتلفها تعلق الضمان
برقبته يتبع به بعد العتق، وكذا لو لم يعرف، ولو علم المولى ولم ينتزعها ففي

(1) في المطبوع و (أ، ج): " التكسب ".
(2) في (أ): " وحينئذ ".
(3) في (أ، ب) زيادة " الصبي ".
(4) في (ب): " اللقطة ".
208

تضمينه إشكال ينشأ: من تفريطه بالإهمال إذا لم يكن أمينا، ومن عدم
الوجوب بالأصل. ولو أذن له المولى في التملك بعد التعريف أو انتزعها بعده
للتملك ضمن السيد، ولو انتزعها السيد قبل مدة التعريف لزمه إكماله،
فإن تملك أو تصدق ضمن، وإن حفظها لمالكها (1) فلا ضمان، ولو
أعتقه المولى قال الشيخ: للسيد أخذها لأنها من كسبه (2)، والوجه ذلك
بعد الحول.
الثالث: اللقطة: وهي كل مال ضائع أخذ ولا يد لأحد عليه.
فإن كان في الحرم وجب تعريفه حولا، فإن لم يوجد المالك تخير بين
الصدقة به - وفي الضمان قولان (3) - وبين الاحتفاظ ولا ضمان.
وإن كان في غير الحرم: فإن كان دون الدرهم ملكه من غير تعريف،
ولو وجد المالك فالأقرب الضمان، وإن كان أزيد من ذلك وجب تعريفها
حولا، ثم إن شاء تملك أو تصدق فيهما (4)، وإن شاء احتفظها
للمالك ولا ضمان.

(1) " لمالكها " ليس في (ه‍، ش، ص)، وفي (ب): " للمالك ".
(2) المبسوط: ج 3 ص 326.
(3) قول بالضمان: قاله ابن الجنيد - كما نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 448 س 12 -، والشيخ في
النهاية: باب آخر من فقه الحج ج 1 ص 558. والمبسوط: ج 3 ص 321، والخلاف: ج 3 ص 585
م 12 في لقطة الحرم، وابن إدريس في السرائر: ج 2 ص 101، وقواه المصنف في مختلف
الشيعة.
وقول بعدم الضمان: قاله المفيد في المقنعة: ص 646، وسلار في المراسم: ص 206، وابن البراج
في المهذب: ج 2 ص 567، والشيخ في النهاية: باب اللقطة ج 2 ص 46. وابن حمزة في الوسيلة:
ص 278، وسديد الدين (والد العلامة)، كما نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 448 س 13.
(4) في المطبوع: و (أ، ج): " قيمتها ".
209

ويكره التقاط ما تقل قيمته وتكثر منفعة: كالعصا والشظاظ والوتد
والحبل والعقال وشبهها.
وأخذ اللقطة مطلقا مكروه، ويتأكد للفاسق، وآكد منه المعسر،
ويستحب الإشهاد.
المطلب الثاني: في الأحكام
وهي أربعة: الأول: التعريف: وهو واجب - وإن لم ينو التملك - سنة من حين
الالتقاط.
وزمانه: النهار دون الليل، ولا يجب التوالي، بل يعرف كل يوم في
الابتداء، ثم كل (1) أسبوع، ثم كل (2) شهر، بحيث لا ينسى أنه تكرار لما
مضى، وإيقاعه عند اجتماع الناس وظهورهم: كالغدوات والعشيات وأيام
المواسم، والمجتمعات: كالأعياد وأيام الجمع ودخول القوافل.
ومكانه: الأسواق، وأبواب المساجد، والجوامع، ومجامع الناس.
ويتولاه بنفسه ونائبه وأجيره، والأجرة عليه وإن نوى الحفظ. والأقرب
الاكتفاء بقول العدل، ففي وجوب الأجرة - حينئذ - نظر.
ويذكر في التعريف الجنس: كالذهب أو الفضة، وإن أوغل في الإبهام
كان أحوط، بأن يقول: من ضاع له مال أو شئ.
وينبغي أن يعرفها في موضع الالتقاط، ولا يجوز أن يسافر بها فيعرفها في
بلد آخر، ولو التقط في بلد الغربة جاز (3) أن يسافر بها إلى بلده بعد

(1) في (أ): " ثم في كل ".
(2) في (أ): " ثم في كل ".
(3) في (ه‍) زيادة " له ".
210

التعريف في بلد اللقطة، ثم يكمل الحول في بلده. ولو التقط في الصحراء
عرف في أي بلد شاء.
وما لابقاء له: كالطعام يقومه على نفسه وينتفع به مع الضمان، وله
بيعه وحفظ ثمنه ولا ضمان، أو يدفع إلى الحاكم، ولو افتقر بقاؤها إلى
العلاج: كالرطب المفتقر إلى التجفيف، باع الحاكم الجميع أو البعض
لإصلاح الباقي. ولو أخر الحول الأول عرف في الثاني، وله التملك بعده على
إشكال.
الثاني: الضمان: وهي أمانة في يد الملتقط أبدا ما لم ينو التملك أو يفرط.
ولو نوى التعريف والتملك بعد الحول فهي أمانة في الحول مضمونة
بعده.
ولو قصد الخيانة بعد قصد الأمانة ضمن بالقصد وإن لم يخن، بخلاف
المودع لتسليط المالك هناك.
ولو نوى التملك ثم عرف سنة فالأقرب جواز التملك، وبينة التملك
يحصل الضمان وإن لم يطالب المالك على رأي.
الثالث: التملك: وإنما يحصل بعد التعريف حولا، ونية التملك على رأي.
ولو قدم قصد التملك بعد الحول ملك بعده وإن لم يجدد قصدا. ولا يفتقر
إلى اللفظ، ولا إلى التصرف، سواء كان غنيا أو فقيرا، مسلما أو كافرا.
أما العبد: فيتملك المولى (1)، ولو نوى التملك دون المولى لم يملك. نعم،
له التصرف ويتبع به بعد العتق. ومن انعتق بعضه حكمه حكم الحر في قدر
الحرية، وحكم العبد في الرقية (2).

(1) كذا في جميع النسخ والمطبوع، والظاهر وجود حذف هنا تقديره: " فيتملك لقطته المولى ".
(2) في المطبوع و (أ، ب، ج، د، ش): " في الباقي "، وما أثبتناه كما في النسخة المعتمدة و (ص).
211

ولو نوى أحد الملتقطين اختص بملك نصيبه. وهل يملكها مجانا
ويتجدد وجوب العوض بمجئ مالكها أو بعوض يثبت في ذمته؟ إشكال،
والفائدة: وجوب عزلها من تركته، واستحقاق الزكاة بسبب الغرم،
ووجوب الوصية بها، ومنع وجوب الخمس بسبب الدين على التقدير
الثاني.
وتملك العروض كالأثمان، ولا يجوز التملك إلا بعد التعريف وإن
بقيت في يده أحوالا.
ويكفي تعريف العبد في تملك المولى لو أراده.
وما يوجد في المفاز أو في خربة قد باد أهلها فهو لواجده من غير تعريف
إن لم يكن عليه أثر الإسلام، وإلا فلقطة على إشكال، وكذا المدفون في
أرض لا مالك لها، ولو كان لها مالك فهو له.
ولو انتقلت عنه بالبيع إليه عرفه، فإن عرفه فهو أحق به، وإلا فهو
لواجده، وهل يجب تتبع من سبقة من الملاك؟ إشكال.
وكذا التفصيل لو
وجده في جوف دابة، أما لو وجده في جوف سمكة فهو لواجده، وتحته
دقيقة (1).
ولو وجد في صندوقه أو داره مالا ولا يعرفه فهو له إن لم يشاركه في
الدخول غيره، وإلا فلقطة.
ولو دفع اللقطة إلى الحاكم فباعها رد الثمن على المالك، فإن لم يعرف

(1) أي: وتحت العبارة تلك مسألة دقيقة في تتبع سبق اللقطة، هل هي للصياد أم للمشتري؟ وقد ذكر
المحقق الكركي (ره) في جامع المقاصد: ج 6 ص 178 قائلا: " وأصحابنا: على أنها للمشتري، وهو
المختار، لأنها لم تدخل في ملك الصياد، إذ لم يعلم بها، فإن الملك فرع القصد إلى الحيازة، وهو
منتف مع عدم العلم ".
212

بعد الحول ردها على الملتقط، لأن له التملك والصدقة.
ولو وجد عوض ثيابه أو مداسه لم يكن له أخذه، فإن أخذه عرفه سنة،
ثم ملكه إن شاء (1)، إلا أن يعلم بشاهد الحال أنه تركه عوضا، فيجوز أخذه
- حينئذ - من غير تعريف.
ولو مات الملتقط عرف الوارث حولا وملكها، والبحث فيه كالمورث،
ولو مات بعد الحول ونية التملك فهي موروثة، ولو لم ينو كان للوارث التملك
أو الحفظ.
ولو فقدت من التركة في أثناء الحول أو بعده من غير نية التملك احتمل
الرجوع في مال الميت، وعدمه.
الرابع: الرد: ويجب مع قيام البينة، ولا يكفي الواحد ولا الوصف وإن
ظن صدقه للإطناب فيه.
نعم، يجوز، فإن امتنع لم يجبر عليه، فلو دفع إلى الواصف فظهرت البينة
لغيره انتزعها الغير، فإن تلفت رجع على من شاء، ويستقر الضمان على
الواصف، إلا أن يعترف الدافع له بالملك، فلا يرجع عليه لو رجع عليه
المالك.
ولو أقام كل منهما بينة بعد الدفع إلى الأول - ولا ترجيح - أقرع، فإن
خرج الثاني انتزعت من الأول.
ولو تلفت لم يضمن الملتقط إن كان قد وقع بحكم الحاكم، وإن دفع
باجتهاده ضمن.
ولو تملك بعد الحول فقامت البينة لم يجب دفع العين، بل المثل أو

(1) في المطبوع: " ثم إن شاء ملكه ".
213

القيمة إن لم تكن مثلية، فإن رد العين وجب على المالك القبول، وكذا لو
عابت بعد التملك مع الأرش على إشكال.
والزيادة المتصلة والمنفصلة في الحول للمالك، وفي التبعية للقطة (1) نظر،
أقربه ذلك، وبعده للملتقط إن تجددت بعد نية التملك، وإلا فكالأول. ولو
رد العين لم يجب رد النماء.
ولو دفع العوض لمن قامت له البينة ضمن للثاني مع البينة، لأن المدفوع
ليس نفس (2) العين، ويرجع على الأول، لتحقق بطلان الحكم.
* * *

(1) في النسخة المعتمدة: " تبعية اللقطة "، وفي المطبوع و (ب): " تبعيته للقطة "، وفي (د): " تبعيتها
للقطة "، وفي (ه‍): " التبعية باللقطة ".
(2) في (أ): " بنفس ".
214

المقصد الرابع
في الجعالة
وفيه مطلبان: الأول: في الأركان
وهي أربعة:
الأول: الصيغة: كقوله: " من رد عبدي أو: فعل كذا - أما ما
أشبهه من اللفظ الدال على العمل - فله كذا " فلو رد إنسان ابتداء فهو متبرع
لا شئ له، وكذا لو رد من لم يسمع الجعالة على قصد التبرع، وإلا
فإشكال.
ولو كذب المخبر فقال: قال فلان: من رد ضالته فله كذا، لم يستحق
الراد على المالك، ولا على المخبر (1)، لأنه لم يضمن. ولو تبرع المخبر وقال:
من رد عبد فلان فله درهم لزمه، لأنه ضامن.
ولو قال: " من رد عبدي من العراق في شهر (2) فله كذا أو: من خاط
ثوبي في يوم (3) فله كذا " صح، بخلاف الأجرة، للزومها، بخلاف الجعالة.

(1) في (ه‍، ص): " ولا المخبر ".
(2) في المطبوع و (ب، ج، د، ش): " في شهر كذا ".
(3) في المطبوع و (ب): " في يوم كذا ".
215

الثاني: الجاعل: وشرطه أن يكون أهلا للاستئجار، وفي العامل إمكان
تحصيل العمل، ولا يشترط تعيينه، ولا القبول نطقا، ولو عين فرد غيره فهو
متبرع.
الثالث: العمل: وهو كل ما يصح الاستئجار عليه، وهو كل عمل
مقصود محلل وإن كان مجهولا، ولا يشترط الجهل، فلو قال: " من خاط ثوبي
أو: حج عني فله دينار " صح، لأن جوازه مع الجهل يستلزم أولوية جوازه
مع العلم.
الرابع: الجعل: وشرطه أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن أو العدد، ولو
كان مجهولا: كثوب غير معين أو دابة مطلقة ثبت بالرد أجرة المثل. ولو قيل
بجواز الجهالة إذا لم يمنع من التسليم كان حسنا كقوله: من رد عبدي فله
نصفه، ومن رد (1) ثوبي فله ثلاثة.
المطلب الثاني: في الأحكام
الجعالة جائزة من الطرفين، فللعامل الفسخ قبل إتمام العمل،
ولا شئ له، لأنه أسقط حقه، وكذا للجاعل قبل التلبس في العمل مطلقا
وبعده فيدفع (2) أجرة ما عمل.
ويستحق العامل الجعل بالتسليم، فلو جاء به إلى باب منزله فهرب أو
مات لم يستحق شيئا، ويحتمل الاستحقاق مع الموت بالنسبة. ويعمل
بالمتأخر من الجعالتين، سواء زادت أو نقصت قبل التلبس، وإلا فبالنسبة.

(1) في (ب): " ومن خاط ".
(2) في (ب): " وبعده إن دفع "، وفي (د): " أو بعده فيدفع ".
216

ولو حصلت الضالة في يد إنسان قبل الجعل وجب دفعها إلى مالكها
ولا شئ له، وكذا المتبرع، سواء عرف برد الآبق (1) أو لا، وسواء جعل
المالك وقصد العامل التبرع أو لم يجعل وإن لم يقصد التبرع.
ولو بذل له (2) جعلا غير معين كقوله: من رد عبدي فله شئ، لزمه
أجرة المثل، إلا في رد الآبق أو البعير، ففي رده من المصر دينار، ومن غير
مصره أربعة دنانير، وإن نقصت قيمة العبد أو البعير فإشكال.
ولو استدعى الرد ولم يبذل أجرة فالراد متبرع على إشكال أقر به ذلك
إن استدعى مجانا.
ولو جعل لفعل فصدر عن جماعة تشاركوا فيه، ولو صدر عن كل منهم
فعل تام فلكل جعل كامل.
ولو جعل لكل من الثلاثة على الرد جعلا متفاوتا فمن جاء به منهم فله
ما عينه له، ولو جاء به اثنان فلكل نصف جعله، ولو جاء به (3) الثلاثة
فلكل ثلث جعله، وكذا لو عين لأحدهم وجهل لغيره فللمعين بنسبة عمله
من المسمى، وللآخر بنسبة عمله من أجرة المثل.
ولو عين لواحد فتبرع آخر معه (4) فللمعين النصف ولا شئ للمتبرع،
ولو قصد الثاني إعانة العامل فللعامل الجميع، ولو قصد أجرة لنفسه فهو
متبرع.
ولو جعل للرد (5) من مسافة فرد من بعضها فله من الجعل بنسبة

(1) في المطبوع وأكثر النسخ: " الإباق ".
(2) " له " ليست في (ه‍).
(3) " به " ليس في سائر النسخ عدا (ش).
(4) " معه " ليست في (أ، ب، ج).
(5) في (أ): " للراد ".
217

المسافة، ولو رد من أبعد لم يستحق أزيد، بل المسمى إن دخل الأقل، دون
ضد الجهة على الأقوى، ولو لم يجده في المعين فإشكال.
والقول قول المالك مع اليمين في شرط أصل الجعل، وشرطه في عبد
معين وسعي العامل في الرد، بأن قال المالك: حصل العبد في يدك قبل
الجعل، تمسكا بالأصل.
ولو اختلفا في قدر الجعل أو جنسه تحالفا وثبت أقل الأمرين من الأجرة
والمدعى، إلا أن يزيد ما ادعاه المالك على أجرة المثل فتثبت الزيادة،
ويحتمل تقديم قول المالك كالأصل.
ولو قال: جعلت للرد (1) من بغداد، فقال العامل: بل من البصرة، قدم
قول المالك.
ولو قال: من رد عبدي فله دينار فرد أحدهما استحق نصف الجعل إن
تساوى الفعلان وإلا فبالنسبة (2).
ولو مات الجاعل بعد الرد أخذ الجعل من التركة. ولو مات قبله: فإن لم
يكن العامل قد عمل بطلت، وكذا إن كان قد عمل، لكن يؤخذ من التركة
بنسبة عمله.
* * *

(1) في (أ): " للراد ".
(2) " وإلا فبالنسبة " ليس في سائر عدا المطبوع و (ج)، ولكن في (ج): " وإلا بالنسبة ".
218

كتاب الغصب وتوابعه
219

كتاب الغصب وتوابعه
وفيه مقاصد:
الأول
في الغصب
وفيه مطلبان:
الأول: في الضمان
وأركانه ثلاثة:
الأول: الموجب
وهو ثلاثة:
الأول: التفويت بالمباشرة: وهي إيجاد علة التلف: كالقتل والأكل
والإحراق.
الثاني: التسبيب: وهو إيجاد ما يحصل التلف عنده، لكن بعلة أخرى
إذا كان السبب مما يقصد لتوقع تلك العلة: كالحافر، وفاتح رأس
الظرف، والمكره على الإتلاف.
الثالث: إثبات اليد: وإذا كان بغير حق غصب، وهو: الاستقلال
221

بإثبات اليد على مال الغير عدوانا، ولا يكفي رفع يد المالك ما لم يثبت
الغاصب يده.
والمودع إذا جحد أو عزم على المنع فهو من وقت الجحود أو العزم
غاصب.
ويتحقق إثبات اليد في المنقول بالنقل، إلا في الدابة فيكفي الركوب،
والفراش (1): الجلوس عليه، وفي العقار: بالدخول وإزعاج المالك، فإن
أزعج ولم يدخل أو دخل لا بقصد الاستيلاء ولم يزعج لم يضمن، وإن قصد
فهو غاصب للنصف.
ولو دخل الضعيف على القوي في داره وقصد الاستيلاء لم يضمن،
ويضمن لو كان القوي نائيا.
والحوالة على المباشر لو جامع السبب، إلا مع ضعفه بالتغرير: كمن
قدم طعام غيره إلى آكل جاهل، فالضمان يستقر على الآمر.
ولو دفع غيره في بئر حفرها ثالث فالضمان على الدافع.
ولو فتح غيره في بئر حفرها ثالث فالضمان على الدافع.
ولو فتح رأس زق فقلبته الريح الحادثة فسقط أو ذاب بالشمس ففي
الضمان إشكال ينشأ: من ضعف المباشر، ومن: أنه لا يقصد بفتح الزق
تحصيل الهبوب.
ولو فك قيد الدابة فشردت، أو عن المجنون فأبق، أو فتح قفصا عن
طائر فطار في الحال أو بعد مكث، أو أزال وكاء الظرف فسال ما فيه
ولا يحبسه إلا الوكاء، أو فتح رأسه فتقاطر قطرات فابتل أسفله وسقط، أو
قبض بالبيع الفاسد أو السوم على إشكال، أو استوفى منفعة الإجارة

(1) (ه‍): " وفي الفراش ".
222

الفاسدة، أو ألقى صبيا في مسبعة، أو حيوانا يضعف عن الفرار فقتله السبع
ضمن.
ولو فتح بابا على مال (1) فسرق، أو دل سارقا، أو أزال قيدا عن عبد
عاقل فأبق لم يضمن.
ولو حفر بئرا في غير ملكه، أو طرح المعاثر في المسالك، أو أتلف منفعة
- كسكنى الدار وركوب الدابة - وإن لم يكن هناك غصب ضمن.
ولو أرسل ماء في ملكه فأغرق مال غيره، أو أجج نارا فاحترق لم
يضمن، ما لم يتجاوز قدر الحاجة اختيارا مع علمه أو غلبة ظنه بالتعدي إلى
الإضرار فيضمن.
ولو غصب شاة فمات ولدها جوعا، أو حبس المالك عن حراسة ما شيته
فاتفق تلفها، أو غصب دابة فتبعها الولد ففي الضمان نظر.
ولو منع غيره من إمساك دابته المرسلة فتلفت أو من القعود على بساطه
أو منعه من بيع متاعه فنقصت قيمته السوقية أو تلفت عينه لم يضمن.
ولو مد بمقود دابة فقادها ضمن، إلا أن يكون المالك راكبا قادرا،
ويضمن حمل الغصب لا حمل المبيع بالفاسد والسوم.
والحر لا يضمن بالغصب وإن كان صغيرا، ولو تلف الصغير في يد
الغاصب بسبب: كلدغ الحية ووقوع الحائط ضمن على رأي.
ولو استخدم الحر فعليه الأجرة، ولو استأجره لعمل فاعتقله ولم يستعمله
ففي استقرار الأجرة نظر.
ولو حبس صانعا ولم ينتفع به لم يضمن أجرته.

(1) في (ه‍): " مال الغير ".
223

ولو استأجر دابة أو عبدا فحبسه بقدر الانتفاع ضمن.
ولو غصب خمرا من مسلم أو متظاهرا لم يضمن وإن كان (1) كافرا،
ويضمن من الكافر المستتر - وإن كان مسلما - بالقيمة عند مستحلية
لا بالمثل وإن أتلف الكافر على إشكال.
ولو نقل صبيا حرا إلى مسبعة فافترسه السبع ففي الضمان إشكال.
ولو فتح الزق عن جامد فقرب غيره النار منه حتى ذاب فالضمان على
الثاني.
والأيدي المرتبة على يد الغاصب أيدي ضمان، فيتخير المالك بين أن
يطالب الغاصب عند التلف ومن تترتب يده على يده، سواء علم الغصب
أو لا، وسواء كانت أيديهم يد غصب (2) للغاصب أو لا، وسواء استعاده
الغاصب غصبا أو لا، وللمالك الرجوع على الجميع ببدل واحد، لكن
الثاني إن علم بالغصب طولب بكل ما يطالب به الغاصب، ويستقر
الضمان عليه إن تلف عنده، فلا يرجع على الأول. هذا إذا تساوت القيمة، أو كانت في يد
الثاني أكثر. ولو زادت في يد الأول طولب بالزيادة دون الثاني، ولو جهل
الثاني الغصب: فإن كان وضع يده يد ضمان: كالعارية المضمونة
والمقبوض بالسوم والبيع الفاسد فقرار الضمان على الثاني، وإلا فعلى
الأول: كالوديعة والرهن والوكالة. ومهما أتلف الآخذ من الغاصب فقرار
الضمان عليه، إلا مع الغرور كما لو أضافه به، ولو كان الغرور للمالك

(1) في (ش) زيادة " للغاصب ".
(2) " غصب " ليست في (ص).
224

فالضمان على الغار، وكذا لو أودعه المالك أو آجره إياه.
ولو وهبه الغاصب من آخر فرجع المالك عليه احتمل رجوعه على
الغاصب لغروره، وعدمه، لأن الهبة لا تستعقب الضمان.
ولو زوج الجارية من المالك فاستولدها مع الجهل نفذ الاستيلاد وبرئ
الغاصب، وفي الأرش إشكال، وكذا لو وهب منه.
ولو قال: هو عبدي فأعتقه، فأعتقه (1) فالأقوى النفوذ، وفي الغرم
إشكال ينشأ: من الغرور، ومن زوال الملك بإزالته والصرف إلى مصلحته،
ولو قال: أعتقه عني ففعل ففي وقوعه عن الغاصب إشكال.
ولو أمر المالك بذبح الشاة فذبحها جاهلا بها ضمن الغاصب، ولو أمره
بالأكل فباع أو بالعكس أو عمم الانتفاع فالأقرب زوال الضمان إلا في
الأخير على إشكال.
الركن الثاني: المحل
المغصوب: إما عين أو منفعة، والأعيان: إما حيوان أو غيره، فالحيوان
يضمن نفسه حتى العبد بالجناية، وباليد العادية بأقصى القيمة.
وما لا تقدير فيه من الحر يجب من الرقيق ما ينقص من قيمته، حصل
بالجناية أو تحت اليد العادية، من أجنبي أو من (2) قبله تعالى والمقدر:
الأقرب الأكثر من المقدر والأرش، ولو تجاوزت قيمته دية الحر فالأقوى
تضمين الغاصب الزائد دون الجاني.

(1) " فأعتقه " لا توجد في (ص).
(2) " من " لا توجد في (ه‍).
225

ولو جني عليه بما فيه القيمة فالأقوى وجوب دفعه مع القيمة، سواء
باشر الغاصب أو الأجنبي، بخلاف الجاني (1) على غير المغصوب، فإن
رجع على (2) الأجنبي دفع إليه العبد ورجع بقيمته على الغاصب، وإن
رجع على الغاصب بهما فالأقوى رجوع الغاصب على الجاني بالقيمة
مجانا. وفي عين البقرة والفرس وأطرافهما الأرش.
ولو مات في يده ضمن القيمة وإن تجاوزت دية الحر لو كان عبدا.
وغير الحيوان يجب ضمانه بالمثل إن كان مثليا، وهو: ما يتساوى قيمة
أجزائه، فإن تعذر فالقيمة يوم الإقباض، لا الإعواز وإن حكم الحاكم بها
يوم الإعواز.
وغير المثلي يضمن بالقيمة يوم الغصب على رأي، وأرفع القيم من حين
الغصب إلى حين التلف على رأي، ولا عبرة بزيادة القيمة ولا بنقصانها
بعد ذلك.
وإذا كسرت الملاهي فلا ضمان، فإن أحرقت ضمن قيمة
الرضاض (3)، وكذا الصليب والصنم.
والمستولدة، والمدبر، والمكاتب المشروط، وغير المؤدي كالعبد في
الضمان. والمنافع المباحة مضمونة بالفوات تحت اليد والتفويت.
ولو تعددت المنافع: كالعبد الخياط الحائك لزم أجرة أعلاها أجرة،
ولا يجب أجرة الكل.

(1) في (أ): " الجناية ".
(2) " على " ليست في المطبوع.
(3) قال ابن منظور في لسان العرب: ورضاض الشئ: فتاته، وكل شئ فقد كسرته فقد رضرضته. (لسان
العرب: مادة رضض).
226

ومنفعة البضع لا تضمن بالفوات وتضمن (1) بالتفويت، فلو وطئ
وجب مهر المثل. وتضمن منفعة كلب الصيد وما صاده به للغاصب.
ولو اصطاد العبد المغصوب فهو للمالك، وفي دخول الأجرة تحته نظر،
أقربه العدم.
ولو انتقصت قيمة العبد بسقوط عضو - مثلا - بآفة سماوية ضمن الأرش
والأجرة لما قبل النقص سليما، ولما بعده معيبا، وإن كان بالاستعمال:
كنقص الثوب باللبس فالأقرب المساواة للأول فيثبت الأجرة والأرش،
ويحتمل وجوب الأكثر من الأرش والأجرة.
ولو غرم قيمة العبد الآبق ضمن الأجرة للمدة السابقة على الغرم، وفي
اللاحقة إشكال.
الركن الثالث: الواجب
وهو المثل في المثلي (2)، والقيمة العليا في غيره على رأي.
ولو تلف المثلي في يد الغاصب - والمثل موجود فلم يغرمه حتى فقد - ففي
القيمة المعتبرة احتمالات:
(أ) (3): أقصى قيمته من يوم الغصب إلى التلف (4)، ولا اعتبار بزيادة
قيمة الأمثال.
(ب): أقصى قيمته من وقت تلف المغصوب إلى الإعواز.

(1) في (أ): " بل " بدل " وتضمن ".
(2) في (د): " للمثلي ".
(3) في المطبوع: " الأول " بدل الحروف الأبجدية، وكذا في بقية التعداد.
(4) في المطبوع: " إلى يوم التلف ".
227

(ج): أقصى القيم من وقت الغصب إلى الإعواز.
(د): أقصى القيم من وقت الغصب إلى وقت دفع القيمة.
(ه‍): القيمة يوم الإقباض.
ولو غرم القيمة ثم قدر على المثل فلا يرد القيمة، بخلاف القدرة على
العين.
ولو أتلف مثليا وظفر به في غير المكان فالوجه إلزامه بالمثل فيه.
ولو خرج المثل باختلاف الزمان أو المكان عن التقوم بأن أتلف عليه
ماء في مفازة (1) ثم اجتمعا على نهر أو أتلف جمدا في الصيف ثم اجتمعا
في الشتاء احتمل المثل، وقيمة المثل في مثل تلك المفازة أو الصيف.
ولو أتلف آنية الذهب ففي ضمان الزائد بالصنعة إشكال ينشأ: من
مساواة الغاصب غيره، وعدمها، فإن أوجبناه ففي التضمين بالمثل إشكال
ينشأ: من تطرق الربا، وعدمه لاختصاص بالبيع.
ولو اتخذ من السمسم الشيرج تخير: بين المطالبة بالسمسم أو بالشيرج،
والكسب والأرش إن نقصت قيمته، أو بالشيرج والناقص من السمسم.
ولو أبق العبد ضمن في الحال القيمة للحيلولة، فإن عاد ترادا،
وللغاصب حبس العبد إلى أن يرد القيمة عليه على إشكال، فإن تلف
العبد محبوسا (2) فالأقرب ضمان قيمته الآن واسترجاع الأولى، ولو تنازعا
في عيب يؤثر في القيمة ففي تقديم أحد الأصلين نظر.

(1) المفازة: المهلكة على التطير، وكل قعر مفازة، وقيل: المفازة والفلاة إذا كان بين الماءين ربع من ورد
الإبل وغب من سائر الماشية. لسان العرب (مادة: فوز).
(2) في المطبوع زيادة " عند الغاصب لاسترداد القيمة " بعد قوله: " محبوسا ".
228

والذهب والفضة يضمنان بالمثل، لا بنقد البلد على رأي، فإن تعذر (1)
واختلف المضمون والنقد في الجنس ضمنه بالنقد، وإن اتفقا فيه وفي الوزن
ضمنه به، وإن اختلفا في الوزن قوم بغير جنسه حذرا من الربا.
المطلب الثاني: في الأحكام
وفصوله (2) ثلاثة:
الأول: في النقصان
ولا عبرة بالنقص لتغير السعر مع بقاء العين على صفاتها، فلو ساوى
يوم الغصب عشرة ويوم الرد واحدا فلا شئ عليه، فإن تلف وجبت
العشرة.
ولو تلف بعضه حتى عاد إلى نصف درهم بعد رد الأصل إلى درهم
وجب القدر الفائت - وهو النصف - بنصف أقصى القيمة - وهو خمسة - مع
الباقي.
ولو عادت قيمته بالإبلاء إلى خمسة ثم انخفض السوق فعادت قيمته
إلى درهم لزمه مع الرد الخمسة الناقصة بالإبلاء، ولا يغرم ما نقص
بالسوق من الباقي.
ولو كانت القيمة عشرة فأبلاه حتى ساوى خمسة ثم ارتفعت السوق
فبلغت مع الإبلاء عشرة احتمل رده مع العشرة، لأن التالف نصفه، فلو بقي

(1) في نسخة من (ه‍): زيادة المثل.
(2) كذا في جميع النسخ، والظاهر أن الفصل أعم من المطلب والمطلب جزء منه كما هو المتعارف ولدى
المصنف كما مر ويأتي.
229

كله لساوى عشرين، ورده مع الخمسة الناقصة بالاستعمال، ولا عبرة
بالزيادة بعد التلف كما لو تلف كله ثم زادت القيمة، وهو أقوى.
ولو قطع الثوب قطعا لم يملكه، بل يرد القطع مع الأرش.
ولو كان العيب غير مستقر - كما لو بل الحنطة حتى تعفنت أو اتخذ منها
هريسة أو من التمر والسمن حلواء - فإن مصيره إلى الهلاك لمن لا يريده،
فالأقوى رد العين مع الأرش.
وكلما نقص شيئا ضمنه على إشكال ينشأ: من حصول البراءة بدفع
العين وأرش النقص، فيجوز أن يعانده المالك بعدم التصرف فيه إلى أن
يتلف، ومن استناد النقص إلى السبب الموجود في يد الغاصب.
ولو غصب شيئين ينقصهما التفريق: كزوجي خف ومصراعي باب
فتلف أحدهما وقيمة الجميع عشرة والواحد ثلاثة ضمن سبعة، وهي قيمة
التالف مجتمعا ونقصان الباقي، وكذا لو شق ثوبا نصفين فنقصت قيمة كل
واحد منهما بالشق ثم تلف أحدهما.
أما لو غصب أحدهما وحده ثم أو أتلف أحدهما فإنه يضمن قيمة
التالف مجتمعا خاصة وهي خمسة، ويحتمل سبعة، لأنه أتلف أحدهما
وأدخل النقص على الباقي بتعدية، ويحتمل ثلاثة، لأنه قيمة المتلف، ولو لم
ينقص الثوب بالشق رده بغير شئ.
ويجب رد العين ما دامت باقية، فإن تعذر دفع الغاصب البدل، ويملكه
المغصوب منه، ولا يملك الغاصب العين المغصوبة، فإن عادت فلكل منهما
الرجوع. وهل يجبر المالك على إعادة البدل لو طلبه الغاصب؟ إشكال
لا على رد النماء المنفصل، وعلى الغاصب الأجرة - إن كان ذا أجرة - من
حين الغصب إلى حين دفع البدل، والنماء المنفصل فيما بينهما للمالك، وكذا
230

المتصل فيضمنه الغاصب لو زال، وكذا المتصل والمنفصل على إشكال إذا
تجدد بعد دفع البدل، ويضمن الأجرة وإن لم ينتفع بأجرة المثل عن عمل
مطلق مدة الغصب، ولو انتفع بالأزيد ضمن الأزيد، وإن انتفع بالأنقص
ضمن أجرة المطلق.
ولو جنى العبد المغصوب فقتل قصاصا فعلى الغاصب أعلى القيم.
ولو جنى على الطرف فاقتص ضمن الغاصب الأرش - وهو ما ينقص
من العبد بذلك - دون أرش اليد، لأنها ذهبت بسبب غير مضمون، ويحتمل
أرش اليد، وأكثر الأمرين، وكذا لو اقتص منه بعد رده إلى السيد، وكذا لو
ارتد في يد الغاصب فقتل في يد المالك فإنه يضمن القيمة.
ولو غصبه مرتدا أو سارقا فقتل أو قطع في يده ففي الضمان على
الغاصب نظر، فإن منعناه ضمن النقص الزائد على المقدر لو حصل، وكذا
الإشكال لو انعكس.
ولو ارتد في يده ثم مات في يد مالكه من غير قتل ضمن الأرش خاصة،
وكذا لو اشترى مرتدا أو سارقا فقتل في يد المشتري ففي كونه من
ضمان البائع نظر.
ولو طلب الولي الدية في النفس أو المجني عليه في الطرف لزم الغاصب
أقل الأمرين من قيمته ودية الجناية، فإن زادت جناية العبد على قيمته ثم
مات فعلى الغاصب قيمته تدفع إلى السيد، فإذا أخذها السيد تعلق بها
أرش الجناية، فإذا أخذها الولي من السيد فللسيد الرجوع على الغاصب
بقيمة أخرى، لاستحقاق المدفوعة أولا بسبب في يده فضمنها.
ولو كان العبد وديعة فجنى بالمستغرق ثم قتله المودع فعليه قيمته ويتعلق
231

بها أرش الجناية، فإذا أخذها الولي لم تجب قيمة أخرى على المستودع،
لأنه جنى وهو غير مضمون.
ولو جنى في يد سيده (1) ثم غصب فجنى أخرى بالمستوعب ولم يحكم
به للأول بيع فيها، ورجع المالك على الغاصب بما أخذه الثاني منهما، لأن
الجناية وقعت في يده، وكان (2) للمجني عليه أولا أن يأخذه دون الثاني،
لأن الذي يأخذه المالك من الغاصب فعليه قيمته يقسم بينهما ويرجع
المالك على الغاصب بنصف القيمة، ويكون للمجني عليه أولا أن يأخذه.
ولو جنى على سيده فالضمان على الغاصب كالأجنبي على إشكال.
ولو خصي العبد فعليه كمال القيمة - على رأي - ورده، فإن سقط ذلك
العضو بآفة فلا شئ، لأنه تزيد به قيمته على إشكال، وكذا لو نقص
السمن المفرط ولم تنقص القيمة، وكذا الإصبع الزائدة.
ولو مثل به لم ينعق على رأي.
ولو ساوى بعد الغصب لزيادة السوق فقطعت يده فعادت
الأولى رد العبد ومساويه، ولو نقص الزائد ونصف الأصل: فإن أوجبنا (3)
الأكثر لزمه المجموع وإلا الزائد، وإن نقص الرابع: فإن أوجبنا الأرش لزمه
الربع وإلا النصف.

(1) في (ش، ص) زيادة: " بالمستوعب ".
(2) في المطبوع: " في يده فضمنها وكان ".
(3) في المطبوع و (ب، ج، د): " وأوجبنا ".
232

ولو غصب عبدا فقطع آخر يده تخير، فيضمن الجاني النصف خاصة
ولا يرجع على أحد، والغاصب الزائد إن نقص أكثر من النصف ولا يرجع
على أحد، ولو لم يحصل زيادة استقر الضمان على الجاني.
ولو غصبه شابا فصار شيخا ضمن النقص، وكذا لو كان أمردا فنبت له
لحية على إشكال.
ولو نقصت الأرض لترك الزرع - كأرض البصرة - ضمن على إشكال.
ولو نقل التراب رده بعينه، فإن تعذر فالمثل، وعليه الأرش وتسوية
الحفر.
والبائع إذا قلع أحجاره فعليه التسوية دون الأرش.
ولو حفر بئرا فله طمها، إلا أن ينهاه المالك فيزول ضمان التردي.
ولو ذهب نصف الزيت بالإغلاء ضمن مثل الذاهب وإن لم ينقص
القيمة، وكذا في إغلاء العصير على رأي.
ولا يجبر المتجدد من الصفات ما خالفه من التالف وإن تساويا قيمة،
بخلاف ما لو اتفقا جنسا.
ولو غصب عصيرا فصار خمرا ضمن المثل، وفي وجوب الدفع إشكال،
فإن أوجبناه فصار خلا في يد المالك ففي وجوب رد المثل إشكال، فإن صار
خلا في يد الغاصب رده مع أرش النقصان إن قصرت قيمة الخل.
ولو غصب خمرا فتخللت في يده حكم بها للغاصب، ويحتمل للمالك.
والبذر والبيض إذا زرع أو فرخ فهو للمالك.
الفصل الثاني: في الزيادة
لو غصب حنطة فطحنها أو ثوبا فقصره أو خاطه لم يملك العين، بل
233

يردها مع الزيادة وأرش النقص إن نقصت إن نقصت القيمة بذلك، ولا شئ له عن
الزيادة.
ولو صاغ النقرة (1) حليا ردها كذلك، فلو كسر ضمن الصنعة [وإن
كانت من جهته، وللمالك إجباره على ردها نقرة، ولا يضمن أرش
الصنعة] (2)، ويضمن ما نقص من قيمة أصل النقرة بالكسر.
ولو صبغه بما يساوي قيمته تشاركا، فالفاضل بينهما بالسوية والناقص
من الصبغ، فلو نقص المجموع عن قيمة الثوب رده مصبوغا مع أرش
النقص، وكذا تثبت الشركة لو أطارت الريح الثوب (3) إلى إجانة صباغ،
أو غصب اصبغ من آخر.
ولو قبل الصبغ الزوال أجبر الغاصب على فصله وإن استضر بعدم
الصبغ أو نقص قيمته، ولو طلب الغاصب الإزالة أجيب إليها، سواء هلك
الصبغ بالقلع - على إشكال - أو لا، فإن تعيب الثوب ضمن أرشه.
ولو طلب أحدهما ما لصاحبه بالقيمة لم يجب القبول، وكذا لو وهبه
إياه، ولصاحب الثوب الامتناع من البيع لو طلبه الغاصب دون العكس.
ولو كانت قيمة كل منهما خمسة وساوى المصبوغ عشرة إلا أن قيمة
الثوب ارتفعت للسوق إلى سبعة وانحطت قيمة الصبغ إلى ثلاثة
فللمالك سبعة، ولو ساوى اثني عشر فللمالك نصفها وخمسها، وللغاصب

(1) النقرة من الذهب والفضة: القطعة المذابة، وقيل: هو ما سبك مجتمعا منها، والنقرة: سبيكة،
والجمع: نقار. لسان العرب (مادة: نقر).
(2) ما بين المعقوفتين ليس في النسخة المعتمدة ولا في المطبوع.
(3) " الثوب " لا توجد في (أ).
234

خمسها وعشرها، وبالعكس، إذ النقض السوقي غير مضمون.
ولو مزج الزيت بزيته المساوي أو الأجود تشاركا، وبالأردأ يتخير
المالك في المثل، والعين مع الأرش، ولو مزجه بالشيرج فهو إتلاف فعليه
المثل. ومزج الحنطة بالشعير ليس بإتلاف، بل يلزم بالفصل بالالتقاط وإن
شق.
ولو استدخل الخشبة المغصوبة في بنائه ألزم بالعين وإن أدى إلى
الهدم.
ولو رقع باللوح المغصوب سفينته (1) وجب قلعه إن كانت على
الساحل، أو كان اللوح في أعلاها بحيث لا تغرق بقلعه، ولو كانت في
اللجة وخيف الغرق بقلعه فالأقرب الرجوع إلى القيمة إلى أن يخرج إلى
الساحل إن كان في السفينة حيوان له حرمة، أو مال لغير الغاصب، ولو
كان له فالأقرب العين.
ولو خاط ثوبه بخيوط مغصوبة وجب نزعها مع الإمكان، فإن خيف
تلفها لضعفها فالقيمة، وكذا لو خاط بها جرح حيوان له حرمة،
إلا مع أمن التلف والشين، ولو مات المجروح أو ارتد ففي النزع إشكال من
حيث المثلة.
ولو أدخل فصيلا في بيته أو دينارا في محبرته وعسر إخراجه كسر عليه
وإن نقصت قيمته عنها، ولو لم يكن بفعله غرم صاحب الفصيل والدينار
الأرش، سواء كان بفعله أو لا، ولو نقصت قيمة الدينار عن قيمة المحبرة
وأمكن إخراجه بكسره هو كسر.

(1) في (أ، د): " سفينة ".
235

ولو أدخلت دابة رأسها في قدر واحتيج إلى الكسر: فإن كانت يد
مالك الدابة عليها أو فرط في حفظها ضمن، وإن لم يكن يده عليها: فإن
فرط (1) صاحب القدر بأن جعلها في الطريق - مثلا - كسرت ولا شئ له،
ولو انتفى التفريط عنهما كسرت وضمن صاحب الدابة، لأن ذلك
لمصلحته.
ولو نقصت قيمته لعيب ثم زال العيب في يد الغاصب فلا ضمان مع
بقاء القيمة.
الفصل الثالث: في تصرفات الغاصب
ويحرم عليه كل تصرف سوى الرد، فلو وطئ الجارية جاهلين بالتحريم
فعليه مهر أمثالها، أو عشر قيمتها مع البكارة، ونصفه مع الثيوبة على
الخلاف، ويحتمل مع البكارة الأكثر من الأرش والعشر. ومع العقد
جاهلين: الأكثر من الأرش والعشر، ومهر المثل.
ولو افتضها بإصبعه فعليه دية البكارة، فإن وطئها مع ذلك لزمه
الأمران، وعليه أجرة مثلها من حين غصبها إلى حين عودها، فإن أحبلها
لحق به الولد وعليه قيمته يوم سقط حيا، وأرش ما نقص من الأم بالولادة.
ولو سقط ميتا فإشكال ينشأ: من عدم العلم بحياته، ومن تضمين الأجنبي.
أما لو وقع بجناية فالأقوى الضمان، ولو ضربها أجنبي فسقط فعلى الضارب
للغاصب دية جنين حر (2)، وعلى الغاصب للمالك دية جنين أمة.

(1) في (ش): " فإن كان قد فرط ".
(2) " حر " في (أ) ساقطة من المتن.
236

ولو كانا عالمين بالتحريم: فإن أكرهها فللمولى المهر والولد، والأرش
بالولادة والأجرة، وعلى الغاصب الحد، ولو طاوعته حدا، وفي عوض
الوطئ إشكال ينشأ: من النهي عن مهر البغي، ومن كونه حقا للمالك.
أما لو كانت بكرا فعليه أرش البكارة ولا يلحق به الولد، فإن مات في
يد الغاصب ضمنه، وإن وضعته ميتا فالإشكال (1) كما تقدم، ولو كان
بجناية جان ضمن جنين أمة.
ولو كان الغاصب عالما دونها لم يلحق به الولد، ووجب الحد، والمهر
عليه، وبالعكس تحد هي دونه، ولا مهر على إشكال، ويلحق به الولد.
ولو باعها الغاصب فوطئها المشتري عالما بالغصب فكالغاصب، وفي
مطالبة الغاصب بهذا المهر نظر، ينشأ: من أن منافع البضع هل يدخل تحت
الغصب أم لا (2)؟. ولا يجب إلا مهر (3) واحد بوطئات إذا اتحدت
الشبهة، وفي تعدده بتعدده مع الاستكراه نظر. ومع الجهل ينعقد حرا،
ويضمن المشتري القيمة ويرجع بها على الغاصب، فإن الشراء لا يوجب
ضمان الولد، ويضمن المشتري أجرة المنفعة التي فاتت تحت يده، ومهر
المثل عند الوطئ، وقيمة الولد عند انعقاد حرا، ويرجع بكل ذلك على
الغاصب مع جهلة ويغرم قيمة العين إذا تلفت ولا يرجع، وكذلك المتزوج
من الغاصب لا يرجع بالمهر، وفي رجوع المشتري بقيمة منفعة استوفاها
خلاف.
ولو بنى فقلع بناءه فالأقرب الرجوع بأرش النقص ولو تعيب في يده

(1) في (د): " فإشكال ".
(2) " أم لا " ليس في سائر النسخ عدا (أ)، وفي المطبوع " أولا ".
(3) في (ب): " بمهر ".
237

احتمل الرجوع، لأن العقد لا يوجب ضمان الأجزاء بخلاف الجملة،
وعدمه، ونقصان الولادة لا ينجبر بالولد، لأنه زيادة جديدة.
ولو غصب فحلا فأنزاه على الأنثى فالولد لصاحبها وإن كانت
للغاصب، وعليه الأجرة على رأي، الأرش لو نقص بالضراب،
ولا يتداخل الأجرة والأرش، فلو هزلت الدابة لزمه الأمران وإن كان
النقص بغير الاستعمال.
وفوائد المغصوب للمالك، أعيانا كانت: كالولد والثمرة، أو منافع:
كسكنى الدار مضمونة على الغاصب.
ولا يملك المشتري ما يقبضه بالبيع الفاسد، ويضمنه وما يتجدد (1) من
منافعه (2): الأعيان أو غيرها مع جهل البائع أو علمه مع الاستيفاء، وبدونه
إشكال. وما يزداد من قيمته (3) لزيادة صفة فيه، فإن تلف في يده ضمن
العين بأعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف إن لم يكن مثليا.
ولو اشترى من الغاصب عالما فاستعاد المالك العين لم يكن له الرجوع
بالثمن، ولو قيل: يرجع (4) مع وجود عين الثمن كان حسنا، وللمالك الرجوع
على من شاء مع تلف العين (5). ويستقر الضمان على المشتري، ومع
الجهل على الغاصب، ويرجع المشتري الجاهل على الغاصب بما يغرمه مما
ليس في مقابلته نفع: كالنفقة والعمارة وقيمة الولد لو غرمه المالك، وفي

(1) في المطبوع: " ويضمنه ما يتجدد "، وفي (أ): " ويضمن ما يتجدد ".
(2) في (أ): " من منافع ".
(3) في (ج): " من قيمة ".
(4) في (د): " يرجع به ".
(5) في (ه‍): زيادة " على من شاء ".
238

رجوعه بما حصل له نفع في مقابلته: كسكنى الدار وثمرة الشجرة وقيمة
اللبن نظر ينشأ: من ضعف المباشر (1) بالغرور، ومن أولوية المباشر.
ولو زرع الأرض المغصوبة أو غرسها فللمالك القلع مجانا وإن قرب
الحصاد، ولا يملكه المالك، بل هو للغاصب، وكذا النماء، وعليه أجرة
الأرض وطم الحفر والأرش.
ولو بذل صاحب الغرس قيمة الأرض أو بالعكس لم يجب القبول (2).
وقيل: لو خيف سقوط حائط أسند بجذع الغير (3).
ولو نقل المغصوب فعليه الرد وإن استوعبت أجرته أضعاف قيمته، ولو
طلب المالك أجرة الرد لم يجب القبول، ولو رضي المالك به في موضعه لم يجز
النقل.
ولو بنى الأرض المغصوبة (4) بتراب منها وآلات المغصوب منه لزمه
أجرة الأرض مبنية، ولو كانت الآلات للغاصب لزمه أجرة الأرض خرابا.
ولو غصب دارا فنقضها فعليه الأرش وأجرة دار إلى حين نقضها،
وأجرة مهدومة من حين نقضها إلى حين ردها، وكذا لو بناها بآلته، أما لو
بناها بآلتها فعليه أجرة عرصة من حين النقض إلى حين البناء، وأجرتها
دارا (5) قبل ذلك وبعده.

(1) في (ش): " المباشرة ".
(2) في (أ) زيادة: " ولو حفر بئرا فعليه طمها، إلا أن يمنعه المالك ".
(3) قاله الشيخ في المبسوط: كتاب الغصب ج 3 ص 86، وابن البراج في المهذب: كتاب الغصب
والتعدي ج 1 ص 447.
(4) " المغصوبة " لا توجد في (ب، ج، د، ه‍).
(5) في (أ، ب، د، ش): " وأجرها دارا "، وفي (ج): " وأجرة دار ".
239

ولا يجوز لغير الغاصب رعي الكلأ النابت في الأرض المغصوبة،
ولا الدفن فيها.
ولو وهب الغاصب فأتلفها المتهب رجع المالك على أيهما شاء، فإن
رجع على المتهب الجاهل احتمل رجوعه على الغاصب بقيمة العين
والأجرة وعدمه.
ولو أتجر بالمال المغصوب: فإن اشترى بالعين فالربح للمالك إن أجاز
البيع، وإن اشترى في الذمة فللغاصب، فإن ضارب به فالربح للمالك،
وعلى الغاصب أجرة العامل الجاهل.
ولو أقر بائع العبد بغصبه من آخر وكذبه المشتري أغرم البائع الأكثر من
الثمن والقيمة للمالك، ثم إن كان قد قبض الثمن لم يكن للمشتري مطالبته
به، وإن لم يكن قبضه فليس له طلبه، بل أقل الأمرين من القيمة والثمن،
فإن عاد العبد إليه بفسخ أو غيره وجب رده على مالكه واسترجع ما دفعه،
ولو كان إقراره في مدة خياره انفسخ البيع، لأنه يملك فسخه فيقبل إقراره بما
يفسخه
ولو أقر المشتري خاصة لزمه رد العبد إلى المقر له، ويدفع الثمن إلى
بائعه.
ولو أعتق المشتري العبد لم ينفذ إقرارهما عليه، وكذا لو باعه على ثالث.
ولو صدقهما العبد فالأقرب القبول، ويحتمل عدمه، لأن العتق حق لله
تعالى، كما لو اتفق السيد والعبد على الرق وشهد عدلان بالعتق.
خاتمة: في النزاع
لو اختلفا في تلف المغصوب قدم قول الغاصب مع يمينه، لأنه قد يصدق
240

ولا بينة، فإذا حلف طولب بالبدل وإن كانت العين باقية بزعم الطالب
للعجز بالحلف. وكذا لو تنازعا في القيمة - على رأي - ما لم يدع ما يعلم
كذبه: كالدرهم في قيمة العبد، وكذا لو ادعى المالك صفة يزيد بها
القيمة: كتعلم صنعة، أو تنازعا في الثوب الذي على العبد، أو الخاتم الذي
في إصبعه.
أما لو ادعى الغاصب عيبا تنقص به القيمة: كالعور أو ادعى رد العبد
قبل موته والمالك بعده أو ادعى رد الغصب أو رد قيمته أو مثله قدم قول
المالك مع اليمين.
ولو اختلفا بعد زيادة قيمة - فادعى المالك الزيادة
قبل التلف والغاصب بعده أو ادعى المالك تجدد العيب المشاهدة في يد
الغاصب والغاصب سبقه - على إشكال - أو غصبه خمرا وادعى المالك تخلله
عند الغاصب وأنكر الغاصب - قدم قول الغاصب.
ولو باع الغاصب شيئا أو وهبه ثم انتقل إليه بسبب صحيح فقال
للمشتري: بعتك ما لا أملك، وأقام بينة فالأقرب: أنه إن اقتصر على لفظ
البيع ولم يضم إليه ما يتضمن ادعاء الملكية سمعت بينته، وإلا فلا، كان
يقول: بعتك ملكي، أو: هذا ملكي، أو: قبضت ثمن ملكي، أو: أقبضته
ملكي.
* * *
241

المقصد الثاني
في الشفعة
وهي: استحقاق الشريك انتزاع حصه شريكة المنتقلة عنه بالبيع، وليست بيعا، فلا يثبت خيار المجلس.
وفيه فصول:
الأول: المحل
وهو: كل عقار ثابت مشترك بين اثنين قابل للقسمة، فلا يثبت في
المنقولات على رأي، ولا في البناء والغرس إذا بيعا منفردين، ولو بيعا
منضمين إلى الأرض دخلا في الشفعة تبعا. وفي دخول الدولاب نظر ينشأ:
من جريان العادة بعدم نقله، ولا تدخل الحبال التي تركب عليها الدلاء،
ولا في الثمرة وإن بيعت على شجرها مع الأرض.
واحترزنا بالثابت عن حجرة عالية مشتركة مبنية على سقف لصاحب
السفل، فإنه لا ثبات لها، إذ لا أرض لها، ولو كان السقف لهما فإشكال
من حيث إنه في الهواء فليس بثابت.
واحترزنا بالمشترك عن غيره، فلا يثبت بالجوار، ولا فيما قسم وميز، إلا
242

مع الشركة في الطريق أو النهر إذا ضمهما البائع (1).
واحترزنا بقبول القسمة عن الطاحونة، والحمام، وبئر الماء، والأماكن
الضيقة، وما أشبهها مما (2) لا يقبل القسمة لحصول الضرر بها، وهو إبطال
المنفعة المقصودة منه، فلا شفعة فيها على رأي. ولو انتفى الضرر بقسمة
الحمام ثبتت الشفعة، وكذا لو كان مع البئر بياض أرض بحيث يسلم البئر
لأحدهما، أو كان (3) في الرحي أربعة أحجار دائرة يمكن أن ينفرد كل منهما
بحجرين، أو كان الطريق واسعا لا تبطل منفعته بالقسمة.
ولو ضم المقسوم أو ما لا شفعة فيه إلى ما فيه الشفعة تثبت في الثاني
بنسبة قيمته من الثمن. وإنما تثبت لو انتقلت الحصة بالبيع، فلو وهب
الشقص بعوض أو جعله صداقا أو عوضا عن صلح أو غير ذلك لم تثبت
الشفعة.
ولو كان الشريك موقوفا عليه تثبت الشفعة في الطلق إن كان واحدا
على رأي.
والأقرب عدم اشتراط لزوم البيع، فلو باع بخيار تثبت الشفعة، اشترك
أو اختص بأحدهما، ولا يسقط خيار البائع حينئذ (4). وكذا لو باع الشريك
تثبت للمشتري الأول الشفعة وإن كان لبائعه خيار الفسخ، فإن فسخ بعد
الأخذ فالمشفوع للمشتري، وإن فسخ قبله فلا حق للبائع، وفي المشتري
إشكال.

(1) في (ب، ج، د، ش): " البيع ".
(2) في (ب): " فيما ".
(3) في (أ): " ولو كان ".
(4) " حينئذ " ليست في (أ).
243

الفصل الثاني: في الأخذ والمأخوذ منه
أما الآخذ: فكل شريك متحد بحصة مشاعة قادر على الثمن، فلا تثبت
لغير الشريك الواحد على رأي، ولا للعاجز، ولا المماطل والهارب.
فإن ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام، فإن أحضره وإلا بطلت شفعته
بعدها. ولو ذكر أنه في بلد آخر أجل بقدر وصوله منه ثلاثة أيام بعده، ما لم
يستضر المشتري.
فإن كان المشتري مسلما اشترط في الشفيع الإسلام وإن اشتراه من
ذمي، وإلا فلا.
وللأب وإن علا الشفعة على الصغير والمجنون وإن كان هو المشتري
لهما، أو البائع عنهما على إشكال، وكذا الوصي على رأي، والوكيل.
وتثبت للصغير والمجنون، ويتولى الأخذ عنهما الولي مع المصلحة، فلو
ترك فلهما بعد الكمال المطالبة، إلا أن يكون الترك أصلح، ولو أخذ الولي
مع أولوية الترك لم يصح، والملك باق للمشتري.
وتثبت: للغائب والسفيه والمكاتب وإن لم يرض المولى.
ويملك صاحب مال القراض بالشراء لا بالشفعة إن لم ربح، أو
كان، لأن العامل لا يملكه بالبيع وله الأجرة (1).
وأما المأخوذ منه: كل من تجدد ملكه بالبيع، واحترزنا، بالتجدد عن
شريكين اشتريا دفعة.
ولو باع المكاتب شقصا بمال الكتابة ثم فسخ السيد الكتابة للعجز لم

(1) في (د): " وللعامل الأجرة ".
244

تبطل الشفعة.
ولو اشترى الولي للطفل شقصا في شركته جاز أن يأخذ بالشفعة.
ولو حاجي في مرض الموت: فإن خرج من الثلث أخذه الشفيع
بالمسمى، وإلا ما يخرج منه بالنسبة وإن كان الوارث الشفيع. وللولي
البائع عن أحد الشريكين الأخذ للآخر، وكذا الوكيل لهما.
ولو بيع شقص في شركة حمل لم يكن لوليه الأخذ بالشفعة، إلا بعد أن
يولد (1) حيا.
ولو عفا ولي الطفل مع غبطة الأخذ كان للولي أيضا المطالبة على
إشكال ينشأ: من أدائه إلى التراخي، بخلاف الصبي عند بلوغه، لتجدد
الحق له حينئذ. ولو ترك لإعسار الصبي لم يكن له الأخذ بعد يساره،
ولا للصبي.
والمغمى عليه كالغائب.
وللمفلس الأخذ بالشفعة، وليس للغرماء الأخذ بها، ولا إجباره عليه،
ولا منعه منه وإن لم يكن له (2) فيها حظ. نعم لهم منعه من دفع المال ثمنا
فيها، فإن رضي الغرماء بالدفع أو المشتري بالصبر تعلق حق (3) الغرماء
بالمشفوع، وإلا كان للمشتري الانتزاع (4).
وللعبد المأذون في التجارة الأخذ بالشفعة، ولا يصح عفوه.
ولو بيع شقص في شركة مال المضاربة فللعامل الأخذ بها مع عدم

(1) في (أ): " يوجد ".
(2) " له " ليست في (د).
(3) " حق " لا توجد في النسخة المعتمدة.
(4) في (د): " الانتزاع به ".
245

الربح، ومطلقا إن أثبتناها مع الكثرة، فإن تركها فللمالك الأخذ، وقيل:
تثبت مع الكثرة، فقيل: على عدد الرؤوس (1)، وقيل: على قدر
السهام (2).
فروع على القول بالثبوت مع الكثرة
(أ): لو كان لأحد الثلاثة النصف ولآخر الثلث وللثالث السدس فباع
أحدهم فانظر مخرج السهام فخذ منها سهام الشفعاء، فإذا علمت العدة
قسمت المشفوع عليها، وتصير العقار بين الشفعاء على تلك العدة.
فلو كان البائع صاحب النصف فسهام الشفعاء ثلاثة: اثنان لصاحب
الثلث، وللآخر سهم، فالشفعة على ثلاثة، وتصير العقار كذلك.
ولو كان صاحب الثلث فالشفعة أرباعا: لصاحب النصف ثلاثة
أرباعه، وللآخر ربعه.
ولو كان صاحب السدس فهي بين الآخرين أخماسا: لصاحب
النصف ثلاثة، وللآخر سهمان. وعلى الآخر: يقسم المشفوع نصفين.
(ب): لو ورث أخوان أو اشتريا فمات أحدهما عن ابنين فباع أحدهما
نصيبه فالشفعة بين أخيه وعمه.
(ج): لو باع أحد الثلاثة من شريكه استحق الثالث الشفعة دون
المشتري، وقيل: بالشركة (3)، وحينئذ لو قال المشتري: قد أسقطت شفعتي
فخذ الكل أو اترك لم يلزم، لاستقرار ملكه على قدر حقه، فكان كما لو

(1) قاله الصدوق في من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 80 ذيل الحديث 3377.
(2) قاله ابن الجنيد، كما نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 403 س 34 وص 404 س 13.
(3) قاله الشيخ في الخلاف: ج 3 ص 452 م 35، والمبسوط: ج 3 ص 138.
246

أخذا (1) بالشفعة ثم عفا أحدهما عن حقه.
(د): لو عفا أحد الشركاء كان للباقي أخذ الجميع أو الترك، سواء
كان واحدا أو أكثر.
ولو وهب بعض الشركاء نصيبه من الشفعة لبعض الشركاء أو غيره لم
يصح.
ولو باع شقصا من ثلاثة دفعة فلشريكه أن يأخذ من ثلاثة، ومن
اثنين، ومن واحد، لأنه بمنزلة عقود متعددة فإذا أخذ من واحد لم يكن
للآخرين مشاركته، لعدم سبق الملك على استحقاق الشفعة.
ولو رتب فللشفيع الأخذ من الجميع ومن البعض، فإن أخذ من السابق
لم يكن لللاحق (2) المشاركة، وإن أخذ من اللاحق شاركه السابق.
ويحتمل عدم المشاركة، لأن ملكه حال شراء الثاني يستحق أخذه
بالشفعة فلا يكون سببا في استحقاقها، ولو أخذ من الجميع لم يشاركه أحد.
ويحتمل مشاركة الأول الشفيع في شفعة الثاني، ومشاركة الشفيع
والأول والثاني في شفعة الثالث، لأنه كان ملكا صحيحا حال شراء
الثالث (3)، ولهذا يستحق لو عفا عنه، فكذا إذا لم يعف، لأنه استحق
الشفعة بالملك، لا بالعفو كما لو باع الشفيع قبل علمه، فحينئذ للشفيع:
سدس الأول وثلاثة أرباع سدس الثاني وثلاثة أخماس الثالث، وللأول:
ربع سدس الثاني وخمس الثالث، وللثاني: خمس الثالث، فيصح من مائة
وعشرين: للشفيع مائة وسبعة، وللأول تسعة، وللثاني أربعة. وعلى الآخر

(1) في (أ، ج): " أخذ ".
(2) في (أ): " للآخرين ".
(3) في (أ، ج): " الثاني ".
247

للأول: نصف سدس الثاني وثلث الثالث، وللثاني: ثلث الثالث، فيصح
من ستة وثلاثين: للشفيع تسعة وعشرون، وللأول خمسة، وللثاني اثنان.
(ه‍): لو باع أحد الأربعة وعفا آخر فللآخرين أخذ المبيع.
ولو باع ثلاثة في عقود ثلاثة ولم يعلم الرابع ولا بعضهم ببعض فللرابع
الشفعة في الجميع، وفي استحقاق الثاني والثالث فيما باعه الأول واستحقاق
الثالث فيما باعه الثاني وجهان.
وفي استحقاق مشتري الربع الأول فيما باعه الثاني والثالث واستحقاق
الثاني شفعة الثالث ثلاثة أوجه: الاستحقاق، لأنهما مالكان حال البيع،
وعدمه، لتزلزل (1) الملك، وثبوته للمعفو عنه خاصة. فإن أوجبناه للجميع
فللذي لم يبع: ثلث كل ربع، لأن له شريكين فصار له الربع مضموما إلى
ملكه فيكمل له النصف، وللبائع الثالث والمشتري (2) الأول: الثلث لكل
منها سدس، لأنه شريك في شفعة مبيعين، وللبائع الثاني والمشتري (3)
الثاني: السدس لكل منهما نصفه، لأنه شريك في شفعة مبيع واحد، ويصح
من اثني عشر.
(و): لو كان الشفعاء الأربعة غيبا فحضر أحدهم أخذ الجميع وسلم
كل الثمن أو ترك، فإن حضر آخر أخذ من الأول النصف أو ترك، فإن
حضر الثالث أخذ الثلث أو ترك، فإن حضر الرابع أخذ الربع أو ترك.
ولو قيل: إن الأول يأخذ الجميع أو يترك أما الثاني فله أخذ حقه
خاصة لأن المفسدة - وهي تبعيض الصفقة على المشتري - منتفية هنا أو أخذ

(1) في (أ): " لزوال ".
(2) في (أ، ش): " وللمشتري ".
(3) في (أ، ش): " وللمشتري ".
248

النصف كان وجها، فإن امتنع الحاضر أو عفا لم تبطل الشفعة وكان
للغائبين أخذ الجميع، وكذا لو عفا ثلاثة أو امتنعوا فللرابع أحد (1) الجميع
إن شاء.
ولو حضر الثاني بعد أخذ الأول فأخذ النصف وقاسم ثم حضر الآخر
وطالب فسخت القسمة، ولو رده الأول بعيب فللثاني أخذ الجميع، لأن
الرد كالعفو، ويحتمل سقوط حقه من المردود، لأن الأول لم يعف بل رد (2)
بالعيب، فكان (3) كما لو رجع إلى المشتري ببيع أو هبة. ولو استغلها
الحاضر ثم حضر الثاني شاركه في الشقص دون الغلة.
ولو قال الحاضر: لا آخذ حتى يحضر الغائب لم تبطل شفعته على
إشكال.
وإذا دفع الحاضر الثمن فحضر الغائب دفع إليه النصف، فإن خرج
المبيع (4) مستحقا فدرك الثاني على المشتري دون الشفيع الأول، لأنه
كالنائب.
(ز): لو كان الشفعاء ثلاثة فأخذ الحاضر الجميع ثم قدم أحد الغائبين
وسوغنا له أخذ حقه خاصة أخذ الثلث، فإن حضر الثالث فله أن يأخذ من
الثاني ثلث ما في يده، فيضيفه إلى ما في يد الأول ويقتسمانه نصفين،
فيصح من ثمانية عشر، لأن الثالث أخذ من الثاني ثلث الثلث ومخرجه
تسعة، وليس للسبعة نصف، فيضرب اثنين في تسعة: للثاني أربعة، ولكل

(1) " أخذ " ليس في سائر النسخ عدا (أ، ش) والمطبوع.
(2) في (أ): " بل رده ".
(3) " فكان " ليست في (أ).
(4) " المبيع " ليست في النسخة المعتمدة.
249

من الباقيين (1) سبعة، لأن الثاني ترك سدسا كان له أخذه وحقه منه ثلثاه
وهو التسع، فيتوفر على شريكه في الشفعة، والأول والثالث متساويان في
الاستحقاق، ولم يترك أحدهما شيئا من حقه، فيجمع ما معهما ويقسم
بينهما.
(ح): لو اشترى واحد من اثنين شقصا فللشفيع أخذ نصيب أحدهما
دون الآخر وإن تبعضت الصفقة على المشتري، ولا خيار له.
ولو اشترى اثنان نصيب واحد فللشفيع أخذ نصيب أحدهما بعد
القبض وقبله.
ولو وكل أحد الثلاثة شريكة في بيع حصته مع نصيبه فباعهما لواحد
فللثالث أخذ الشفعة منهما ومن أحدهما.
ولو باع الشريك نصف الشقص لرجل ثم الباقي لآخر ثم علم الشفيع
فله أخذ الأول والثاني وأحدهما، فإن أخذ الأول لم يشاركه الثاني، وإن
أخذ الثاني احتمل مشاركة الأول، وعلى ما اخترناه من سقوط الشفعة مع
الكثرة: للشفيع أخذ الجميع، أو تركه خاصة.
الفصل الثالث: في كيفية الأخذ
يملك الشفيع الأخذ بالعقد وإن كان في مدة الخيار على رأي، وهو قد
يكون فعلا بأن يأخذه الشفيع ويدفع الثمن، أو يرضى المشتري بالصبر
فيملكه حينئذ، ولفظا كقوله: أخذته، أو: تملكته وما أشبه ذلك من
الألفاظ الدالة على الأخذ مع دفع الثمن، أو الرضى بالصبر.

(1) في (ه‍): " الباقين ".
250

ويشترط علم الشفيع بالثمن والمثمن معا، فلو جهل أحدهما لم يصح
الأخذ، وله المطالبة بالشفعة.
ولو قال: أخذته بمهما كان لم يصح مع الجهالة.
ويجب تسليم الثمن أولا، فلا يجب على المشتري الدفع قبله، وليس
للشفيع أخذ البعض، بل الترك أو الجميع، فلو قال: أخذت نصف (1)
الشقص فالأقوى بطلان الشفعة.
ويجب الطلب على الفور، فلو أخر مع إمكانه بطلت شفعته على رأي
وأن يفارق المجلس. ولا تجب مخالفة العادة في المشي، ولا قطع العبادة
وإن كانت مندوبة، ولا تقديمه على صلاة حضر وقتها.
ولو أهمل المسافر - بعد علمه - السعي أو التوكيل مع إمكان أحدهما
بطلت، ولو عجز لم تسقط وإن لم يشهد على المطالبة، ثم تجب المبادرة إلى
أحدهما في أول وقت الإمكان.
وانتظار الصبح، ودفع الجوع والعطش بالأكل والشرب، وإغلاق
الباب، والخروج من الحمام، والأذان والإقامة، وسنن الصلاة، وانتظار
الجماعة أعذار، إلا مع حضور المشتري، وعدم اشتغاله بالطلب عن هذه
الأشياء، ويبدأ بالسلام والدعاء.
وإنما يأخذ بالثمن الذي وقع عليه العقد، فإن كان مثليا فعلى الشفيع
مثله، وإن كان من ذوات القيم فعليه قيمته يوم العقد على رأي، سواء كان
مثل قيمة المشفوع أو لا، ولا يلزمه الدلالة والوكالة وغيرهما من المؤن.
ولو زاد المشتري في الثمن بعد العقد لم يلحق الزيادة وإن كان في مدة

(1) في (أ): " بعض ".
251

الخيار على رأي، ولا يسقط عنه ما يحطه البائع وإن (1) كان في مدة الخيار
على رأي (2)، ويسقط أرش العيب إن أخذه المشتري.
ولو كان الثمن مؤجلا فللشفيع الأخذ كذلك بعد إقامة كفيل إذا لم
يكن مليا، وليس له (3) الأخذ عند الأجل على رأي.
ولو مات المشتري حل الثمن عليه دون الشفيع.
ولو باع شقصين مع شريكين لواحد صفقة فلكل شريك أخذ شفعته
خاصة، ولو اتحد الشريك فله أخذ الجميع وأحدهما.
ولو ترك لتوهم (4) كثرة الثمن فبان قليلا، أو لتوهمه جنسا فبان غيره، أو
كان محبوسا بحق (5) هو عاجز عنه، أو بباطل مطلقا وعجز عن الوكالة، أو أظهر
له أن المبيع سهام قليلة فبانت كثيرة، أو بالعكس، أو أنه اشتراه لنفسه الكل
بثمن فبان أنه اشترى لشخص فبان لآخر، أو أنه اشترى الكل
بثمن فبان أنه اشترى نصفه بنصفه، أو بالعكس، أو أنه اشترى الشقص
وحده فبان (6) أنه اشتراه مع غيره أو بالعكس، لم تبطل شفعته.
ولو أظهر له (7) أنه اشتراه بثمن فبان أنه اشتراه بأكثر، أو أنه اشترى
الكل بثمن فبان أنه اشترى به بعضها بطلت شفعته.

(1) في (أ): " بما يحطه وإن ".
(2) " على رأي " ليست في (أ، ب، د).
(3) " له " ليست في (أ).
(4) في (د): " لتوهمه ".
(5) في (أ، د): " لحق ".
(6) في (د) والمطبوع: " وحده بثمن فبان ".
(7) " له " ليست في (ج).
252

وتصرف المشتري قبل الأخذ صحيح، فإن أخذه الشفيع بطل، فلو
تصرف بما يجب به الشفعة تخير الشفيع في الأخذ بالأول أو الثاني، فلو باعه
المشتري بعشرة بعشرين فباعه الآخر بثلاثين: فإن أخذ من الأول دفع عشرة
ورجع الثالث على الثاني بثلاثين والثاني على الأول بعشرين، لأن
الشقص يؤخذ من الثالث وقد انفسخ عقده، وكذا الثاني، ولو أخذ من
الثاني صح الأول ودفع عشرين، وبطل الثالث فيرجع بثلاثين، ولو أخذ من
الثاني صح الأول ودفع عشرين، وبطل الثالث فيرجع بثلاثين، ولو أخذ من
الثالث صحت العقود ودفع ثلاثين.
ولو وقفه المشتري أو جعله مسجدا أو وهبه فللشفيع إبطال ذلك كله،
والثمن للواهب أن يأخذه إن لم تكن لازمة، وإلا فإشكال.
فإن قلنا به رجع المتهب بما دفعه عوضا، وإلا تخير بينه وبين الثمن، فإن
تقايل المتبايعان أو رده بعيب فللشفيع فسخ الإقالة والرد، والدرك باق
على المشتري، ولو رضي بالشراء لم يكن له الشفعة بالإقالة (1).
ولو قلنا بالتحالف عند التخالف في قدر الثمن وفسخنا البيع به فللشفيع
أخذه بما حلف عليه البائع لأخذه منه هنا، والشفيع يأخذه (2) من المشتري
ودركه عليه، ولو كان في يد البائع كلف الأخذ منه أو الترك، ولا يكلف
المشتري القبض والتسليم، ويقوم قبض الشفيع مقام قبض المشتري،
والدرك مع ذلك على المشتري، وليس للشفيع فسخ البيع والأخذ من
البائع، ولا تصح الإقالة بين الشفيع والبائع.
ولو انهدم أو تعيب بفعل المشتري قبل المطالبة أو بغير فعله مطلقا تخير

(1) " بالإقالة " لا توجد في (أ).
(2) في (أ، ب، ج، ص): " يأخذ " وفي (د): " أن يأخذ ".
253

الشفيع بين الأخذ بالجميع أو الترك، والأنقاض للشفيع وإن كانت
منقولة.
ولو كان بفعل المشتري بعد المطالبة ضمن المشتري على رأي.
أما لو تلف بعض المبيع فلأقرب أنه يأخذه بحصته من الثمن وإن لم
يكن بفعل المشتري.
ولو بنى المشتري أو غرس بأن كان الشفيع غائبا أو صغيرا وطلب
المشتري من الحاكم القسمة فللمشتري قلع غرسه وبنائه، وليس عليه طم
الحفر، ويحتمل وجوبه، لأنه نقص دخل على ملك الشفيع لتخليص ملكه،
أما نقص الأرض الحاصل بالغرس والبناء فإنه غير مضمون، لأنه لم
يصادف ملك الشفيع، ويأخذ الشفيع بكل الثمن أو يترك.
ولو امتنع المشتري من الإزالة تخير الشفيع بين قلعه مع دفع الأرش على
إشكال، وبين بذل قيمة البناء والغرس إن رضي المشتري - ومع عدمه نظر -
وبين النزول عن الشفعة. فإن اتفقا على بذل القيمة أو أوجبنا قبولها على
المشتري مع اختيار الشفيع لم يقوم مستحقا للبقاء في الأرض ولا مقلوعا،
لأنه إنما يملك قلعه مع الأرش، بل إما أن يقوم الأرض وفيها الغرس ثم يقوم
خالية فالتفاوت قيمة الغرس فيدفعه الشفيع، أو ما نقص منه إن اختار
القلع، أو يقوم الغرس مستحقا للترك بالأجرة، أو لأخذه بالقيمة إذا امتنعا
من قلعه.
ولو اختلف الوقت واختار الشفيع قلعه في وقت أسبق تقصر قيمته عن
قلعه في آخر (1) فله ذلك.

(1) في نسخة من (ص): " في وقت آخر ".
254

ولو غرس المشتري أو بنى مع الشفيع أو وكيله في المشاع ثم أخذه
الشفيع فالحكم كذلك.
ولو زرع المشتري فللشفيع أخذه وعليه إبقاء الزرع إلى أوان الحصاد
مجانا.
والنماء المنفصل المتجدد بين العقد والأخذ للمشتري وإن كان نخلا لم
يؤبر على رأي، وعلى الشفيع التبقية إلى وقت أخذه مجانا، أما المتصل
فللشفيع.
ولو كان الطلع غير مؤبر وقت الشراء فهو للمشتري، فإن أخذه الشفيع
بعد التأبير أخذ الأرض والنخل دون الثمرة بحصتهما من الثمن.
ولو ظهر استحقاق الثمن: فإن لم يكن معينا فالاستحقاق باق، وإلا
بطلت الشفعة، ولا تبطل لو كان المدفوع من الشفيع مستحقا.
ولو ظهر عيب في الثمن المعين فرده البائع قدم حق الشفيع، فيطالب
البائع بقيمة الشقص إن لم يحدث عنده ما يمنع (1) الرد، وبالأرش إن
حدث، ولا يرجع على الشفيع إن كان أخذه بقيمة العوض الصحيح.
ولو عاد إلى المشتري بهبة أو شبهها لم يملك رده على البائع، ولو طلبه
البائع لم تجب إجابته.
ولو نقصت قيمة الشقص عن قيمة الثمن فالأقرب أن الشفيع لا يرجع
بالتفاوت. ولو كان في يد المشتري فرد البائع الثمن بالعيب لم يمنع الشفيع
لسبق حقه ويأخذه بقيمة الثمن، وللبائع قيمة الشقص وإن زادت عن قيمة
الثمن، ولا يرجع المشتري بالزيادة، ويحتمل تقديم حق البائع، لأن حقه

(1) في (ش): " عنده مانع يمنعه ".
255

استند إلى وجود العيب الثابت حالة البيع والشفعة تثبت بعده، بخلاف
المشتري لو وجد المبيع معيبا، لأن حقه استرجاع الثمن وقد حصل من
الشفيع، فلا فائدة في الرد.
أما لو لم يرد البائع الثمن حتى أخذ الشفيع فإن له رد الثمن، وليس له
استرجاع المبيع، لأن الشفيع ملكه بالأخذ، فلا يملك البائع إبطال ملكه
كما لو باعه المشتري لأجنبي.
ولو تلف الثمن المعين قبل قبضه: فإن كان الشفيع قد أخذ الشقص
رجع البائع بقيمته، وإلا بطلت الشفعة على إشكال.
ولو ظهر العيب في الشقص: فإن كان المشتري والشفيع عالمين
فلا خيار لأحدهما، وإن كانا جاهلين: فإن رده الشفيع تخير المشتري بين
الرد والأرش، وإن اختار الأخذ لم يكن للمشتري الفسخ، وهل له الأرش؟
قيل: لا (1)، لأنه استدرك ظلامته ورجع إليه جميع ثمنه فكان كالرد،
ويحتمل ثبوته، لأنه عوض جزء فائت من المبيع فلا يسقط بزوال ملكه،
فحينئذ يسقط عن الشفيع من الثمن بقدره، وكذا لو علم الشفيع خاصة. ولو
علم المشتري خاصة فللشفيع رده، وليس له الأرش.
ولو كان المشتري قد اشتراه بالبراءة من كل عيب: فإن علم الشفيع

(1) لم نجد قائله، لكن نسبه إلى الشيخ صاحب إيضاح الفوائد: ج 2 ص 217، وجامع
المقاصد: ج 6 ص 435، وقال في مفتاح الكرامة عن الشيخ في مبسوطه: في مسألة ما إذا كان
الشفيع عالما والمشتري جاهلا: (ليس للمشتري أن يطالب بأرش العيب قولا واحدا)، والجماعة
حكموا خلافه في المسألة، مع أنه لم يتعرض فيها للأرش، لأن المسألتين من سنج واحد، وما نسبوه إليه
من الاستدلال عليه بما في الكتاب لم يذكره في المبسوط أصلا ولا غيره، وإنما هو لبعض الشافعية،
ومعناه: أنه كما لا يجمع بين الرد والأرش فكذا لا يجمع بين أخذ الشفيع والأرش. فراجع مفتاح
الكرامة: ج 6 ص 392، والمبسوط: ج 3 ص 126 - 127.
256

بالشرط فكالمشتري، وإلا فله الرد.
الفصل الرابع: في مسقطات الشفعة
وتسقط بكل ما يعد تقصيرا أو توانيا في الطلب على رأي، فإذا بلغه
الخبر فلينهض للطلب، فإن منع لمرض أو حبس في باطل فليوكل إن لم يكن
فيه مؤنة ومنة ثقيلة، فإن لم يجد فليشهد، فإن ترك الإشهاد فالأقرب عدم
البطلان.
ولو بلغه متواترا أو بشهادة عدلين فقال: لم أصدق بطلت شفعته، ويقبل
عذره لو أخبره صبي أو فاسق أو عدل واحد.
ولو أخبره مخبر فصدقه ولم يطالب بالشفعة بطلت وإن لم يكن عدلا، لأن
العلم قد يحصل بالواجد للقرائن.
ولو أسقط حقه من الشفعة قبل البيع أو نزل عنها أو عفا أو أذن
فالأقرب عدم السقوط، وكذا لو كان وكيلا لأحدهما في البيع، أو شهد على
البيع، أو بارك لأحدهما في عقده، أو أذن للمشتري في الشراء، أو ضمن
العهدة للمشتري، أو شرطا له الخيار فاختار الإمضاء إن (1) ترتبت على
اللزوم.
ولو جهلا قدر الثمن، أو أخر المطالبة لبعده عن المبيع حتى يصل إليه، أو
اعترف الشفيع بغصبية الثمن المعين، أو تلفه قبل قبضه - على إشكال -
بطلت.
وتجوز الحلية على الإسقاط: بأن يبيع بزيادة عن الثمن ثم يدفع به عوضا

(1) " إن " ليست في (أ).
257

قليلا، أو يبرئه من الزائد، أو ينقله بغير بيع: كصلح أو هبة.
ولو قال الشفيع للمشتري: بعني ما اشتريت، أو: قاسمني بطلت.
ولو صالحه على ترك الشفعة بمال صح وبطلت الشفعة.
ولو كانت الأرض مشغولة بالزرع فإن أخذ الشفيع وجب الصبر، وهل
له الترك عاجلا والأخذ وقت الحصاد؟ نظر.
ولو باع الشفيع نصيبه بعد العلم بالشفعة بطلت، وللمشتري الأول
الشفعة على الثاني.
ولو باع بعض نصيبه وقلنا بثبوتها مع الكثرة: احتمل السقوط لسقوط
بعض ما يوجب الشفعة، والثبوت لبقاء ما يوجب الجميع ابتداء، فله أخذ
الشقص من المشتري الأول، وهل للمشتري الأول شفعة على الثاني؟ فيه
إشكال ينشأ: من ثبوت السبب وهو الملك، ومن تزلزله لأنه يؤخذ بالشفعة.
أما لو باع الشفيع نصيبه قبل علمه ففي الإبطال إشكال ينشأ: من
زوال السبب، ومن ثبوته وقت البيع.
والشفعة موروثة كالمال على رأي، سواء طالب الموروث أو لا،
فللزوجة مع الولد الثمن، ولو لم يكن وارث فهي للإمام، فإن عفا أحد
الوراث عن نصيبه لم تسقط، وكان للباقين أخذ الجميع أو الترك.
أما لو عفا الميت أو أخر الطلب مع إمكانه فإنها تبطل.
ولو عفا أحد الوارثين وطالب الآخر فمات الطالب فورثه العافي فله
الأخذ بالشفعة على إشكال.
ولو مات مفلس وله شقص فباع شريكه (1) كان لوارثه الشفعة.

(1) في (ج) زيادة " فيه ".
258

ولو بيع بعض ملك الميت في الدين لم يكن لوارثه المطالبة بالشفعة،
وكذا لو كان الوارث شريكا للموروث فبيع نصيب الموروث في الدين.
ولو اشترى شقصا مشفوعا ووصى به ثم مات فللشفيع أخذه بالشفعة
لسبق حقه، ويدفع الثمن إلى الورثة وبطلت الوصية، لتعلقها بالعين
لا البدل.
ولو أوصى لإنسان بشقص فباع الشريك بعد الموت قبل القبول استحق
الشفعة الورثة.
ويحتمل الموصى له إن قلنا: إنه يملك بالموت، فإذا قبل الوصية استحق
المطالبة، لأنا تبينا أن الملك كان له، ولا يستحق المطالبة قبل القبول،
ولا الوارث، لأنا لا نعلم أن الملك له قبل الرد.
ويحتمل مطالبة الوارث، لأن الأصل عدم القبول وبقاء الحق، فإذا
طالب الوارث ثم قبل الموصى له افتقر إلى (1) الطلب ثانيا، لظهور عدم
استحقاق المطالب.
ويحتمل أن المشفوع للوارث، لأن الموصى به إنما ينتقل إليه بعد أخذ
الشفعة. ولو لم يطالب الوارث حتى قبل الموصى له شفعة للموصى له،
لتأخر ملكه عن البيع، وفي الوارث وجهان مبنيان على من باع قبل علمه
ببيع شريكه.
ولو اشترى المرتد عن فطرة فلا شفعة إن قلنا ببطلان البيع، وعن غير
فطرة تثبت الشفعة.
ولو قارض أحد الشركاء الثلاثة آخر فاشترى من الثالث نصف نصيبه

(1) في (ب): " افتقر الوارث إلى ".
259

فلا شفعة، لأن أحدهما رب المال والآخر عامل، فإن باع الثالث باقي
نصيبه لأجنبي فالشفعة أخماسا: لكل من المالك والعامل خمسان، ولمال
المضاربة خمس بالسدس الذي له إن أثبتنا الشفعة مع الكثرة.
ولو باع أحد الثلاثة حصته من شريكه استحق الثالث الشفعة دون
المشتري، ويحتمل التسوية.
فإن باع المشتري على أجنبي ولم يعلم الثالث بالبيعين: فإن أخذ
بالعقد الثاني أخذ جميع ما في يد مشتريه، إذ لا شريك له في الشفعة. وإن
أخذ بالأول أخذ نصف المبيع وهو السدس، لأن المشتري شريكه، فيأخذ
نصفه من المشتري الأول ونصفه من الثاني، لأن شريكه لما اشترى الثلث
كان بينهما، فإذا باع الثلث (1) من جميع ما في يده - وفي يده (2) ثلثان - فقد
باع نصف ما في يده، والشفيع يستحق ربع ما في يده وهو السدس، فصار
منقسما في أيديهما نصفين، فيأخذ من كل واحد منهما نصفه وهو نصف
السدس، ويرجع المشتري الثاني على الأول بربع الثمن، وتكون المسألة من
اثني عشر، ثم يرجع إلى أربعة: للشفيع النصف ولكل واحد الربع.
وإن أخذ بالعقدين أخذ جميع ما في يد الثاني وربع ما في يد الأول، فله
ثلاثة أرباع ولشريكه الربع، ويدفع إلى الأول نصف الثمن الأول وإلى
الثاني ثلاثة أرباع الثمن الثاني.
ويرجع الثاني على الأول بربع الثمن الثاني، لأنه يأخذ نصف ما اشتراه
الأول وهو السدس، فيدفع إليه نصف الثمن كذلك، وقد صار نصف هذا

(1) في المطبوع: " الثالث ".
(2) " وفي يده " لا توجد في المطبوع.
260

النصف في يد الثاني وهو ربع ما في يده فيأخذ منه، ويرجع الثاني على
الأول بثمنه، وبقي المأخوذ من الثاني ثلاثة أرباع ما اشتراه فيأخذها منه
ويدفع إليه ثلاثة أرباع الثمن.
الفصل الخامس: في التنازع
لو اختلفا في الثمن ولا بينة قدم قول المشتري مع يمينه، ولو أقاما بينة
فالأقرب الحكم بينة الشفيع، لأنه الخارج، ولا تقبل شهادة البائع
لأحدهما، ويحتمل القبول على الشفيع مع القبض وله بدونه.
ولو كان الاختلاف بين المتبايعين وأقاما بينة فالأقرب الحكم لبينة
المشتري، ويأخذ الشفيع به، ولو لم تقم بينة حلف البائع، فيتخير الشفيع
بين الأخذ به والترك، والأقرب الأخذ بما ادعاه المشتري، وكذا لو أقام
البائع البينة.
ولو قال المشتري: لا أعلم كمية الثمن كلف جوابا صحيحا، ولو قال:
أنسيته (1) أو: اشتراه وكيلي ولا أعلم به حلف وبطلت الشفعة.
ولو اختلفا في قيمة العوض المجعول ثمنا عرض على المقومين، فإن تعذر
قدم قول المشتري على إشكال.
ولو اختلفا في الغراس أو البناء فقال المشتري: أنا أحدثته وأنكر
الشفيع قدم قول المشتري، لأنه ملكه والشفيع يطلب تملكه عليه.
ولو ادعى أنه باع نصيبه على أجنبي فأنكر الأجنبي قضي للشريك
بالشفعة بظاهر الإقرار على إشكال، وللشفيع دون البائع - على إشكال -

(1) في (أ): " نسبته ".
261

إحلاف المشتري.
ولو ادعى تأخير شراء شريكه فالقول قول الشريك مع يمينه، ويكفيه
الحلف على عدم استحقاقه الشفعة.
ولو ادعى كل منهما السبق تحالفا مع عدم البينة، ولا تكفي البينة على
الشراء المطلق، فإن شهدت بتقدم أحدهما قبلت، ولو شهدت بينتان لكل
منهما بالسبق احتمل التساقط والقرعة.
ولو ادعى الابتياع وادعى الشريك الإرث وأقاما بينة قيل: يقرع (1)،
والأقرب الحكم ببينة الشفيع، ولو صدق البائع الشفيع لم تثبت، وكذا إن
أقام الشفيع بينة أنه كان للبائع ولم يقم الشريك بينة بالإرث، لأنها لم
تشهد بالبيع، وإقرار البائع لم يقبل، لأنه إقرار على الغير، ولا تقبل شهادته
عليه، وليست الشفعة من حقوق العقد فيقبل فيها قول البائع.
ولو ادعى الشريك الإيداع وأقاما بينة قدمت بينة الشفيع، لعدم التنافي
بين الإيداع والابتياع.
نعم، لو شهدت البينة بالابتياع مطلقا والأخرى أن المودع أودعه ما هو
ملكه في تاريخ متأخر قيل: قدمت بينة الإيداع (2)، لانفرادها بالملك،
ويكاتب المودع: فإن صدق بطلت الشفعة، وإلا حكم للشفيع.
ولو شهدت بينة الشفيع أن البائع باع وهو (3) ملكه وبينة الإيداع مطلقا
قضي للشفيع من غير مراسلة، لانتفاء معناها.
ويطالب مدعي الشفعة بالتحرير، بأن يحدد مكان الشقص ويذكر

(1) قاله الشيخ في المبسوط: كتاب الشفعة ج 3 ص 129.
(2) قاله الشيخ في المبسوط: كتاب الشفعة ج 3 ص 129.
(3) في (أ، د): " ما هو ".
262

قدره وكميته الثمن.
فإن قال الخصم: اشتريته لفلان، سئل، فإن صدق ثبتت الشفعة عليه،
وإن قال: هو ملكي لم أشتره انتقلت الحكومة (1) إليه، وإن كذبه حكم
بالشفعة على الخصم على إشكال.
وإن كان المنسوب إليه غائبا انتزعه الحاكم ودفعه إلى الشفيع إلى أن
يحضر الغائب، ويكون على حجته إذا قدم.
وإن قال: اشتريته للطفل وله عليه ولاية احتمل ثبوت الشفعة، لأنه
يملك الشراء له فيملك إقراره فيه، والعدم، لثبوت الملك للطفل. والشفعة
إيجاب حق في مال الصغير بإقرار وليه، فإن اعترف - بعد إقراره بالملكية
للغائب أو للطفل - بالشراء لم تثبت الشفعة.
ولو ادعى الحاضر من الشريكين على من في يده حصة الغائب الشراء
من الغائب فصدقه احتمل ثبوت الشفعة، لأنه إقرار من ذي اليد، وعدمه،
لأنه إقرار على الغير. فإن قدم الغائب وأنكر البيع قدم قوله مع اليمين،
وانتزع الشقص، وطالب بالأجرة من شاء منهما، ولا يرجع أحدهما على
الآخر.
ولو أنكر المشتري ملكية الشفيع افتقر إلى البينة، وفي القضاء له باليد
إشكال، فلو قضي له بالنصف الذي ادعاه في يده مع مدعي الكل باليمين لم
يكن له الشفعة لو باع مدعي الكل إلا بالبينة إن لم يقبض باليد.
ولو ادعى كل من الشريكين السبق في (2) الشراء سمع من المدعي
أولا، فإن لم يكن بينة حلفنا المنكر، فإن نكل حلفنا المدعي وقضي له، ولم

(1) في (أ): " الخصومة ".
(2) في (ج): " السبق له في ".
263

تسمع دعوى الآخر، لأن خصمة قد استحق ملكه.
ولو اختلف المتبايعان في الثمن وأوجبنا التحالف أخذه الشفيع بما
حلف البائع، لا بما حلف المشتري، لأن للبائع فسخ البيع، فإذا أخذه بما
قال المشتري منع منه، فإن رضي المشتري بأخذه بما قال البائع جاز، وملك
الشفيع أخذه بما قال المشتري، فإن عاد المشتري وصدق البائع وقال: كنت
غالطا فهل للشفيع أخذه بما حلف عليه؟ الأقرب ذلك.
ولو ادعى على أحد وارثي الشفعة العفو فشهد له الآخر لم يقبل، فإن عفا
وأعاد الشهادة لم تقبل، لأنها ردت للتهمة، ولو شهد ابتداء بعد العفو
قبلت.
ولو ادعى عليهما العفو فحلفا ثبتت الشفعة، ولو نكل أحدهما: فإن
صدق الحالف الناكل في عدم العفو فالشفعة لهما، ويأخذ الناكل بالتصديق
لا بيمين غيره، ودركه على المشتري، وإن كذبه أحلف الناكل له، ولا
يكون النكول مسقطا، لأن ترك اليمين عذر على إشكال، فإن نكل قضي
للحالف بالجميع، وإن شهد أجنبي بعفو أحدهما: فإن حلف بعد عفو الآخر
بطلت الشفعة، وإلا أخذ الآخر الجميع.
ولو شهد البائع بعفو الشفيع بعد قبض الثمن قبلت.
ولو قال أحد الوارثين للمشتري: شراؤك باطل وقال الآخر: صحيح
فالشفعة بأجمعها للمعترف بالصحة، وكذا لو قال: إنما اتهبته، أو: ورثته
وقال الآخر: اشتريته.
ولو ادعى المتبايعان غصبية الثمن المعين لم ينفذ (1) في حق الشفيع، بل

(1) في (ج): " لم يقبل ".
264

في حقهما، ولا يمين عليه إلا أن يدعي عليه العلم، ولو أقر الشفيع والمشتري
خاصة لم تثبت الشفعة، وعلى المشتري رد قيمة الثمن على صاحبه، ويبقى
الشقص معه بزعم أنه للبائع ويدعي وجوب رد الثمن والبائع ينكرهما،
فيشتري الشقص منه اختيارا ويتبارءان فللشفيع في الثاني الشفعة، ولو أقر
الشفيع والبائع رد البائع الثمن على المالك، وليس له مطالبة المشتري
ولا شفعة.
ولو ادعى ملكا على اثنين فصدقه أحدهما فباع حصته على المصدق:
فإن كان المكذب نفى الملك عنه فلا شفعة، وإن نفى دعواه عن نفسه فله
الشفعة.
* * *
265

المقصد الثالث
في إحياء الموات
المشتركات أربعة ينظمها أربعة فصول:
الأول: الأراضي
والميت منها يملك بالإحياء، ونعني بالميت: ما خلا عن الاختصاص،
ولا ينتفع به: إما لعطلته لانقطاع (1) الماء عنه، أو لاستيفاء الماء عليه، أو
لاستئجامه، أو لغير ذلك.
وهو للإمام - عليه السلام - خاصة، لا يملكه الآخذ وإن أحياه ما لم
يأذن له الإمام فيملكه - إن كان مسلما - بالإحياء، وإلا فلا.
وأسباب الاختصاص ستة:
الأول: العمارة: فلا يملك معمور، بل هو لمالكه، وإن اندرست العمارة
فإنها ملك لمعين أو للمسلمين، إلا أن تكون عمارة جاهلية ولم يظهر أنها
دخلت في يد المسلمين بطريق الغنيمة، فإنه يصح تملكها بالإحياء.
ولا فرق في ذلك بين الدارين، إلا أن معمور دار الحرب يملك بما يملك به

(1) في (ص): " أو لانقطاع ".
266

سائر أموالهم، ومواتها التي لا يذب المسلمون عنها فإنها تملك بالإحياء
للمسلمين والكفار، بخلاف موات الإسلام فإن الكافر لا يملكها بالإحياء.
ولو استولى طائفة من المسلمين على بعض مواتهم ففي اختصاصهم بها
من دون الإحياء نظر، ينشأ: من انتفاء أثر الاستيلاء فيما ليس بمملوك.
وكل أرض لم يجر عليها ملك لمسلم فهي للإمام، وما جرى عليها ملك
مسلم فهي له وبعده لورثته، وإن لم يكن لها مالك (1) معين فهي للإمام
عليه السلام، ولا يجوز إحياؤها إلا بأذنه، فإن بادر وأحياها بغير إذنه لم
يملكها، وإن كان غائبا كان أحق بها ما دام (2) قائما بمعمارتها، فإن تركها
فبادت آثارها فأحياها غيره كان الثاني أحق بها، وللامام [عليه السلام]
بعد ظهوره رفع يده.
وما هو بقرب العامر من الموات يصح إحياؤه إذا لم يكن مرفقا للعامر
ولا حريما.
الثاني: اليد: فكل أرض عليها يد مسلم لا يصح إحياؤها لغير
المتصرف.
الثالث: حريم العمارة: فإذا قرر البلد بالصلح لأربابه لم يصح إحياء ما
حواليه من الموات: من مجتمع النادي، ومرتكض الخيل، ومناخ الإبل،
ومطرح القمامة، وملقى التراب، ومرعى الماشية، وما يعد من حدود
مرافقهم، وكذا سائر القرى للمسلمين، والطريق، والشرب، وحريم البئر
والعين.

(1) في (ه‍): " وارث ".
(2) في النسخة المعتمدة والمطبوع: " أحق وما دام ".
267

ويجوز إحياء ما قرب من العامر مما لا يتعلق به مصلحته.
وحد الطريق لمن ابتكر ما يحتاج إليه في الأرض المباحة خمس أذرع،
وقيل: سبع (1)، فيتباعد المقابل ذلك.
وحريم الشرب: مقدار مطرح ترابه، والمجاز على طرفيه.
ولو كان النهر في ملك الغير فتداعيا الحريم قضي له مع يمينه على
إشكال.
وحريم بئر المعطن: أربعون ذراعا، والناضح: ستون، والعين: ألف في
الرخوة وخمسمائة في الصلبة.
وحريم الحائط في المباح: مقدار مطرح ترابه لو استهدم، وللدار: مطرح
ترابها، ومصب الميزاب والثلج، والممر في صوب الباب. هذا في الموات،
ولا حريم في الأملاك لتعارضها.
ولكل واحد أن يتصرف في ملكه كيف شاء، ولو تضرر صاحبه
فلا ضمان، فلو جعل ملكه بيت حداد أو قصار أو حمام على خلاف
العادة فلا منع.
ولو غرس في أرض أحياها ما يبرز أغصانه أو عروقه إلى المباح لم يكن
لغيره إحياؤه، وللغارس منعه وإن كان في مبدأ الغرس.
الرابع: أن يكون مشعرا للعبادة: كعرفة ومنى وجمع وإن كان يسيرا
لا يمنع المتعبدين.
الخامس: التحجير، وهو: بنصب المروز، أو التحويط بحائط، أو بحفر

(1) قاله الشيخ في النهاية: ج 2 ص 218، وابن إدريس في السرائر: ج 2 ص 374 باب بيع المياه والمراعي
وحريم الحقوق و...، وابن سعيد في الجامع للشرائع: ص 276، وهو اختيار المصنف في مختلف
الشيعة: ج 2 ص 475 س 8.
268

ساقية محيطة، أو إدارة التراب حول الأرض أو أحجار. ولا يفيد ملكا - فإن
الملك يحصل بالإحياء لا بالشروع فيه، والتحجير شروع في الإحياء - بل
يفيد اختصاصا وأولوية، فإن نقله إلى غيره صار أحق به، وكذا لو مات
فوارثه أحق، فإن باعه لم يصح بيعه على إشكال. ويملك به التصرف فله
منع من يروم إحياءه، فإن قهره فأحياها لم يملك.
ثم المحجر إن أهمل العمارة أجبره الإمام على الإحياء أو التخلية عنها،
فإن امتنع أخرجها السلطان من يده، فإن بادر إليها من أحياها لم يصح ما لم
يرفع الإمام يده أو يأذن في الإحياء.
السادس: إقطاع الإمام، وهو متبع في الموات، فلا يجوز إحياؤه وإن كان
مواتا خاليا من التحجير كما أقطع النبي - صلى الله عليه وآله - بلال بن
الحارث العقيق (1)، فلما ولي عمر قال له: ما أقطعته لتحجبه فاقطعه
الناس، وأقطع أرضا بحضرموت (2)، وأقطع الزبير حضر فرسه فأجرى فرسه
حتى قام فرمى بسوطه (3)، وهو يفيد الاختصاص.
وليس للإمام إقطاع ما لا يجوز إحياؤه: كالمعادن الظاهرة على
إشكال، وفي حكم الإقطاع الحمى، وهو: منع الإمام الناس عن رعي
كلأ ما حماه في الأرض المباحة ليختص به دونهم، كما حمى النبي - صلى

(1) سنن أبي داود: ج 3 باب في قطاع الأرضين ص 173 ح 3061 و 3062، وسنن البيهقي: ج 6
ص 145، ومسند أحمد: ج 1 ص 306، والعقيق: واد بظاهر المدينة.
(2) سنن أبي داود: ج 3 ص 173 ح 3058، وسنن الترمذي: ج 3 ص 665 ح 1381.
(3) مستدرك وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب كتاب إحياء الموات ح 4 ج 17 ص 122 نقلا من عوالي
اللآلي: ج 1 ص 164 ح 168، وسنن أبي داود: ج 3 ص 177 ح 3072، وسنن البيهقي: ج 6
ص 144.
269

الله عليه وآله - النقيع، وللإمام أن يحمي لنفسه، ولنعم الصدقة والضوال،
وليس لغيره ذلك.
ولا يجوز نقض ما حماه الإمام ولا تغييره، ومن أحيى منه شيئا لم يملكه
ما دام الحمى مستمرا، فإن كان الحمى لمصلحة فزالت فالوجه جواز
الإحياء.
الفصل الثاني: المنافع
وهي: الطرق والمساجد والوقوف المطلقة: كالمدارس والربط
والمشاهد.
وفائدة الطرق: الاستطراق والجلوس غير المضر بالمارة، فإن قام بطل
حقه، وإن كان بينة العود قبل استيفاء غرضه فليس له دفع السابق إلى
مكانه.
ولو جلس للبيع والشراء في الأماكن المتسعة فالأقرب الجواز للعادة،
فإن قام ورحله باق فهو أحق به، فإن رفعه بينة العود فالأقرب بطلان حقه
وإن استضر بتفريق معامليه.
ولو ضاق على المارة أو استضر به بعضهم منع من الجلوس. وليس
للسلطان إقطاع ذلك، ولا إحياؤه، ولا تحجير. وله أن يظلل على نفسه بما
لا ضرر فيه من بارية وثوب، وليس له بناء دكة.
ولو استبق اثنان فالأقرب القرعة.
وأما المسجد: فمن سبق إلى مكان فهو أحق به، فإذا قام بطل حقه وإن
قام لتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو نوى العود، إلا أن يكون رحله باقيا
فيه.
270

ولو استبق اثنان ولم يكن الاجتماع أقرع. ولا فرق بين أن يعتاد جلوس
موضع منه لقراءة القرآن أو التدريس العلم، أو لا.
أما المدارس والربط: فمن سكن بيتا ممن له السكنى (1) لم يجز إزعاجه
وإن طال زمانه، ما لم يشترط الواقف مدة معينة فيلزم بالخروج عند
انقضائها.
ولو شرط على الساكن التشاغل بالعلم أو قراءة القرآن أو تدريسه
فأهمل أخرج، وله أن يمنع من المشاركة في السكنى ما دام على الصفة، فإن
فارق لعذر أو غيره بطل اختصاصه، وهل يصير أولى ببقاء رحله؟ إشكال.
الفصل الثالث: المعادن
وهي قسمان: ظاهرة وباطنة.
أما الظاهرة: وهي التي لا يفتقر في الوصلة إليها إلى مؤنة: كالملح
والنفط والكبريت (2) والقار والمومياء والكحل والبرام والياقوت (3)، فهذه
للإمام يختص بها عند بعض علمائنا (4)، والأقرب اشتراك المسلمين فيها،
فحينئذ لا يملك بالإحياء، ولا يختص بها المحجر، ولا يجوز إقطاعها،
ولا يختص المقطع بها.
والسابق إلى موضع منها لا يزعج قبل قضاء وطره، فإن تسابق اثنان

(1) في (د): " له أهلية السكنى ".
(2) في (أ): زيادة " والماء ".
(3) في (أ، د) زيادة " وأحجار الرحى ومقالع الطين ".
(4) منهم: المفيد في المقنعة: كتاب الزكاة ب 37 في الأنفال ص 278، وابن البراج في المهذب: ج 1
ص 183 و 186 في بابي: ذكر الأنفال وأرض الأنفال من كتاب الخمس.
271

أقرع مع تعذر الجمع، ويحتمل: القسمة وتقديم الأحوج.
ولو كان إلى جنب المملحة أرض موات فحفر فيها بئرا وساق الماء إليها
فصار ملحا صح ملكها، ولم يكن لغيره المشاركة.
ولو أقطع الإمام هذه الأرض جاز.
وأما الباطنة: وهي التي تظهر بالعمل: كالذهب والفضة والحديد
والنحاس والرصاص والبلور والفيروزج فقيل: إنها للإمام - أيضا -
خاصة (1)، والأقرب: عدم الاختصاص، فإن كانت ظاهرة لم تملك
بالإحياء أيضا، وإن لم تكن ظاهرة فحفرها إنسان وأظهرها أحياها، فإن
كانت في ملكه ملكها، وكذا في الموات.
ولو لم يبلغ بالحفر إلى النيل فهو تحجير لا إحياء، ويصير - حينئذ -
أحق (2) ولا يملكها بذلك، فإن أهمل أجبر على إتمام العمل أو الترك،
وينظره السلطان إلى زوال عذره، ثم يلزمه أحد الأمرين.
ويجوز للإمام إقطاعها قبل التحجير والإحياء، ولا يقتصر ملك المحيي
على محل النيل، بل الحفر التي حواليه وتليق بحريمه يملكها أيضا.
ولو أحيا أرضا ميتة فظهر فيها معدن ملكه تبعا لها، ظاهرا كان أو
باطنا، بخلاف ما لو كان ظاهرا قبل إحيائها.
ولو حفر فبلغ المعدن لم يكن له منع غيره من الحفر من ناحية أخرى،
فإذا وصل إلى ذلك العرق لم يكن له منعه (3)، لأنه يملك المكان الذي
حفره وحريمه.

(1) تقدم قول بعض العلماء فيها في الصفحة السابقة، فراجع.
(2) كذا في جميع النسخ، وفي شرح جامع المقاصد: " أخص ".
(3) في المطبوع: " منعه منه ".
272

ولو حفر كافرا أرضا فوصل إلى معدن ثم فتحها المسلمون ففي صيرورته
غنيمة أو للمسلمين إشكال.
ومن ملك معدنا فعمل فيه غيره فالحاصل للمالك، ولا أجرة للغاصب،
ولو أباحه كان الخارج له، ولو قال له: أعمل ولك نصف الخارج بطل،
لجهالة العوض إجارة وجعالة، فالحاصل للمالك وعليه الأجرة.
الفصل الرابع: في المياه
وأقسامها سبعة:
الأول: المحرز في الآنية أو الحوض أو المصنع، وهو مملوك لمن أحرزه
وإن أخذ من المباح، ويصح بيعه.
الثاني: البئر إن حفرت في ملك أو مباح للتملك اختص بها كالمحجر،
فإذا بلغ الماء ملكه، ولا يحل لغيره الأخذ منه إلا بإذنه، ويجوز بيعه كيلا
ووزنا، ولا يجوز بيعه أجمع، لتعذر تسليمه. والبئر العادية إذا طمت وذهب
ماؤها فاستخرجه إنسان ملكها.
ولو حفر في المباح لا للتملك بل للانتفاع فهو أحق به (1) مدة مقامه
عليها، وقيل: يجب بذل الفاضل من مائها عن قدر حاجته (2)، وفيه نظر،
فإذا فارق فمن سبق فهو أحق بالانتفاع، ولا يختص بها.
ولو حفرها جماعة ملكوها على نسبة الخرج.
وإذا حفر بئرا في ملكه لم يكن له منع جاره من حفر أعمق في ملكه

(1) " به " ليست في (أ، ب).
(2) قاله الشيخ في المبسوط: ج 3 ص 281.
273

وإن كان يسري الماء إليها. والملك في القناة المشتركة بحسب الاشتراك في
العمل أو الخرج.
الثالث: مياه العيون، والغيوث، والآبار في الأرض المباحة لا للتملك
شرع لا يختص بها أحد، فمن انتزع منها شيئا في إناء وشبهه ملكه، ويقدم
السابق مع تعذر الجمع، فإن اتفقا أقرع.
الرابع: مياه الأنهار الكبار: كالفرات ودجلة والناس فيها شرع.
الخامس: الأنهار الصغار غير المملوكة التي (1) يزدحم الناس فيها
ويتشاحون في مائها، أو مسيل (2) يتشاح فيه أهل الأرض الشاربة منه
ولا يفي بسقي ما عليه دفعة، فإنه يبدأ بالأول، وهو الذي يلي فوهته، ويحبس
على من دونه (3) حتى ينتهي سقيه للزرع إلى الشراك، وللشجر إلى القدم،
وللنخل إلى الساق، ثم يرسله إلى من دونه (4)، ولا يجب الإرسال قبل
ذلك وإن تلف الأخير، فإن لم يفضل عن الأول شئ أو عن الثاني
فلا شئ للباقين.
ولو كانت أرض الأعلى مختلفة في العلو والهبوط سقى كلا على
حدته.
ولو تساوى اثنان في القرب من الرأس قسم بينهما، فإن تعذر أقرع، فإن
لم يفضل عن أحدهما سقى من أخرجته القرعة بقدر حقه ثم يتركه للآخر،
وليس له السقي بجميع الماء، لمساواة الآخر له في الاستحقاق، والقرعة تفيد
التقديم، بخلاف الأعلى مع الأسفل.

(1) " التي " ليست في سائر النسخ عدا (أ).
(2) في (أ): " أو في سيل ".
(3) في المطبوع و (ص): " من هو دونه ".
(4) في المطبوع و (ص): " من هو دونه ".
274

ولو كانت أرض أحدهما أكثر قسم على قدرها، لأن الزائد مساو في
القرب.
ولو أحيا إنسان أرضا على هذا النهر لم يشارك السابقين، بل يقسم (1)
ما يفضل عن كفايتهم وإن كان الإحياء في رأس النهر، وليس لهم منعه من
الإحياء.
ولو سبق إنسان إلى الإحياء في أسفله ثم أحيا آخر فوقه ثم ثالث فوق
الثاني قدم الأسفل في السقي، لتقدمه في الإحياء، ثم الثاني، ثم الثالث.
السادس: الجاري من نهر مملوك ينتزع من المباح، بأن يحفر إنسان نهرا
في مباح يتصل بنهر كبير مباح، فما لم يصل الحفر إلى الماء لا يملكه، وإنما هو
تحجير وشروع في الإحياء، فإذا وصل فقد ملك بالإحياء، سواء أجرى فيه
الماء أو لا، لأن الإحياء: التهيئة للانتفاع، فإن كان لجماعة فهو بينهم على
قدر عملهم أو النفقة عليه. ويملكون الماء الجاري فيه على رأي، فإن
وسعهم أو تراضوا وإلا قسم على قدر الانصباء، فيجعل خشبة صلبة ذات
ثقب متساوية على قدر حقوقهم في مصدم الماء، ثم يخرج من كل ثقب
ساقية منفردة لكل واحد، فلو كان لأحدهم نصفه، ولآخر ثلاثة، وللثالث
سدسه، جعل لصاحب النصف ثلاث ثقب تصب في ساقية، ولصاحب
الثلث ثقبتان تصبان في أخرى، ولصاحب السدس ثقبة.
وتصح المهاياة، وليست لازمة.
وإذا حصل نصيب إنسان في ساقية (2) سقى به ما شاء، سواء كان له

(1) في (ش، ص) " يقسم له ".
(2) في (أ، ب): " ساقيته ".
275

شرب من هذا النهر أو لا، وكذا البحث في الدولاب له أن يسقي بنصيبه ما
شاء.
ولكل واحد أن يتصرف في يتصرف في ساقيته المختصة به بمهما شاء من إجراء غير
هذا الماء، أو عمل رحى، أو دولاب، أو عبارة أو غير ذلك، وليس له ذلك
في المشترك.
ولو فاض ماء هذا النهر إلى ملك إنسان فهو مباح: كالطائر يعشش في
ملك إنسان.
السابع: النهر المملوك الجاري من ماء مملوك، بأن يشترك جماعة في
استنباط عين وإجرائها فهو ملك لهم على حسب النفقة والعمل.
ويجوز لكل أحد الشرب من الماء المملوك في الساقية، والوضوء،
والغسل، وغسل الثوب ما لم يعلم كراهيته، ولا يحرم على صاحبه المنع،
ولا يجب عليه بذل الفاضل، ولا يحرم عليه البيع، لكن يكره.
ولو احتاج النهر إلى حفر أو إصلاح أو سد بثق (1) فهو عليهم على
حسب ملكهم، فيشترك الكل إلى أن يصلوا إلى الأدنى من أوله، ثم
لا شئ عليه، ويشترك الباقون إلى أن يصلوا إلى الثاني، وهكذا،
ويحتمل التشريك.
تتمة
المرجع في الإحياء إلى العرف، فقاصد السكنى يحصل إحياؤه
بالتحويط ولو بخشب أو قصب، وسقف.

(1) بثق النهر بثقا: كسر شطه لينبثق الماء. القاموس المحيط (مادة بثق).
276

والحظيرة: تكفيه الحائط، ولا يشترط تعليق الباب.
والزراعة: بالتحجير بساقية، أو مسناة، أو مرز وسوق الماء، ولا يشترط
الحرث ولا الزرع، لأنه انتفاع كالسكنى، والغرس به وسوق الماء إليه (1).
ولو كانت مستأجمة فعضد شجرها أو قطع المياه الغالبة وهيأها للعمارة
فقد أحياها.
ولو نزل منزلا فنصب فيه خيمة أو بيت شعر لم يكن إحياء، وكذا لو
أحاط بشوك وشبهه.
ولا يفتقر في الإحياء إلى إذن الإمام ولا الإسلام، إلا في أرض
المسلمين. وإحياء المعادن بلوغ نيلها.
* * *

(1) " إليه " ليست في المطبوع.
277

كتاب الإجارة وتوابعها
279

كتاب الإجارة وتوابعها
وفيه مقاصد: الأول
في الإجارة
وفيه فصول:
الأول: الماهية
وهي: عقد ثمرته نقل المنافع بعوض معلوم مع بقاء الملك على أصله.
ولا بد فيه من الإيجاب والقبول الصادرين عن الكامل الجائز التصرف،
فلا تنعقد إجارة المجنون، ولا الصبي غير المميز، ولا المميز وإن أذن له الولي
على إشكال.
والإيجاب: آجرتك أو أكريتك، والقبول: كل لفظ يدل على الرضا.
ولا يكفي في الإيجاب: ملكتك، إلا أن يقول سكنى هذه الدار شهرا
- مثلا - بكذا.
ولا تنعقد بلفظ العارية ولا البيع، سواء نوى به الإجارة أو قال: بعتك
سكناها سنة، لأنه موضوع لملك الأعيان، وهو لازم من الطرفين.
ولا تبطل بالبيع ولا العذر إن أمكن الانتفاع، ولا بموت أحدهما على
281

رأي، إلا أن يكون المؤجر موقوفا عليه فيموت قبل انتهاء المدة فالأقرب
البطلان في الباقي، فيرجع المستأجر على ورثة المؤجر بباقي الأجرة.
ولا يتعلق به خيار المجلس.
ولو شرطا خيارا لهما أو لأحدهما أو لأجنبي صح، سواء كانت معينة
- كان يستأجر هذا العبد - أو في الذمة: كالبناء مطلقا.
الفصل الثاني: في أركانها
وهي ثلاثة: المحل - وهو: العين التي تعلقت الإجارة بها: كالدار والدابة
والآدمي وغيرها - والعوض، والمنفعة.
المطلب (1) الأول: المحل
كل عين تصح إعارتها تصح إجارتها، وإجارة المشاع جائزة: كالمقسوم،
وكذا إجارة العين المستأجرة إن لم يشترط المالك التخصيص (2).
ولا بد من مشاهدتها، أو وصفها بما يرفع الجهالة إن أمكن فيها ذلك،
وإلا وجبت المشاهدة، فإن باعها المالك صح، فإن لم يكن المشتري عالما
تخير بين فسخ البيع وإمضائه مجانا مسلوب المنفعة إلى آخر المدة.
ولو كان هو المستأجر فالأقرب الجواز، ويجتمع عليه الأجرة والثمن.
ولو وجدها المستأجر معيبة بعيب لم يعلمه فله الفسخ وإن استوفى
بعض المنفعة، ولو لم يفسخ لزمه جميع العوض.

(1) " المطلب " ليس في المطبوع.
(2) في (أ): " التحصيص ".
282

ولو كانت العين مطلقة موصوفة لم ينفسخ العقد، وعلى المؤجر الإبدال.
ولو تعذر فله الفسخ، فإن رد المستأجر العين لعيب بعد البيع فالمنفعة للبائع.
ولو تلفت العين قبل القبض أو عقيب القبض بطلت مع التعين، وإلا
بطلت في الباقي، ويرجع من الأجرة بما قابل المتخلف، وكذا لو ظهر
استحقاقها.
ويستقر الضمان على المؤجر مع جهل المستأجر، وفي الزائد من أجرة
المثل إشكال. وتصح إجارة العقار مع الوصف والتعيين، لا في الذمة.
ويفتقر الحمام إلى: مشاهدة البيوت والقدر والماء والأتون ومطرح الرماد
وموضع الزبل ومصرف مائه، أو وصف ذلك كله.
ويجب على المستأجر علف الدابة وسقيها، فإن أهمل ضمن.
ولو استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه فنفقته على المستأجر، إلا أن
يشترط على الأجير، فإن تشاحا في قدره فله أقل مطعوم مثله وملبوسه.
ولو قيل بوجوب العلف على المالك والنفقة على الأجير كان وجها،
فحينئذ إن شرطه على المستأجر لزم بشرط العلم بالقدر والوصف، فإن
استغنى الأجير لمرض أو بطعام (1) نفسه لم يسقط حقه. ولو احتاج إلى
الدواء لمرض لم يلزم المستأجر. ولو أحب الأجير أن يستفضل بعض طعامه
منع منه إن كان قدر كفايته، ويخشى الضعف عن العمل أو اللين معه.
ولو آجر الولي الصبي مدة يعلم بلوغه فيها أولا لكن اتفق لزمت الأجرة
إلى وقت البلوغ، ثم يتخير في الفسخ والإمضاء.
ولو مات الولي أو انتقلت الولاية إلى غيره لم يبطل به.

(1) في (ج): " أو إطعام ".
283

ولو آجر عبده أعتقه في الأثناء لم تبطل الإجارة، ويجب على العبد
إيفاء المنافع باقي المدة. والأقرب عدم رجوعه على مولاه بأجرة (1)، ونفقته
بعد العتق على المستأجر إن شرطت عليه، وإلا فعلى المعتق، لأنه كالباقي
على ملكه حيث ملك عوض نفعه.
المطلب الثاني: في العوض
ويشترط أن يكون مال الإجارة معلوما بالمشاهدة، أو الوصف الرافع
للجهالة. ثم إن كان مكيلا أو موزونا وجب معرفة مقداره بأحدهما، وفي
الاكتفاء بالمشاهدة نظر.
وكل ما جاز يكون ثمنا جاز أن يكون عوضا، عينا كان أو منفعة،
ما ثلث أو خالفت.
ولو استأجر دارا بعمارتها لم يصح، للجهالة، وكذا لو استأجر السلاخ
بالجلد، وكذا الراعي باللبن أو الصوف المتجدد أو النسل أو الطحان
بالنخالة. أما بصاع من الدقيق أو المرضعة بجزء من المرتضع الرقيق
فالأقرب الجواز، وكذا لو استأجر الحاصد بجزء من الزرع.
ولو قال: إن خطته اليوم فلك درهمان وإن خطته غدا فدرهم احتمل
أجرة المثل والمسمى، وكذا: إن خطته روميا فدرهمان وفارسيا فدرهم.
ولو استأجر لحمل متاع إلى مكان في وقت معلوم فإن قصر عنه نقص
من أجرته شيئا معينا صح.
ولو أحاط الشرط بجميع الأجرة لم تصح، ويثبت له الأجرة المثل.

(1) في المطبوع و (ص): " بأجرته ".
284

ولو آجره (1) كل شهر بدرهم ولم يعين أو استأجره لنقل الصبرة المجهولة
وإن كانت مشاهدة كل قفيز بدرهم أو استأجره (2) مدة شهر بدرهم فإن
زاد فبحسابه فالأقرب البطلان، إلا الأخير فإن الزائد باطل.
ويملك فيه العلم، سواء تعدد أو اتحد، وسواء كانت معينة أو مطلقة.
ويجب تسليمها مع شرط التعجيل أو الإطلاق. وإن وقعت الإجارة
على عمل ملك العامل الأجرة بالعقد أيضا، لكن لا يجب تسليمها إلا بعد
العمل، وهل يشترط تسليمه؟ الأقرب ذلك، فإذا استوفى المستأجر المنافع
استقر الأجر (4)، فإن سلمت العين التي وقعت الإجارة عليها ومضت المدة
وهي مقبوضة استقر الأجر، وإن لم ينتفع. وإن كانت على عمل فسلم
المعقود عليه: كالدابة يركبها إلى المعين فقبضها ومضت مدة يمكن ركوبها
فيها (5) استقر عليه الأجر وإن كانت الإجارة فاسدة، وتجب أجرة المثل
فيها.
ولو بذل له العين فلم يأخذها المستأجر حتى انقضت المدة استقر الأجر
عليه إن كانت الإجارة صحيحة، وإلا فلا.
ولو شرط ابتداء العمل في وقت ومضت مدة يمكن فيها العمل خالية
عنه وطلبه (6) المالك فلم يدفع العين إليه صار غاصبا، فإن عمل بعد ذلك لم

(1) في (أ): " ولو استأجره ".
(2) في المطبوع: " أو استأجر ".
(3) في (أ، د، ش): " إلا يشترط الأجل فيلزم ".
(4) في (أ): " استحق الأجير ".
(5) " فيها " ليست في (أ).
(6) في (أ، د) " فطالبه ".
285

يستحق أجرة. ولو ظهر العيب في الأجرة المعينة تخير المؤجر في الفسخ
والأرش، وفي المضمونة له العوض، فإن تعذر فالفسخ أو الرضا بالأرش،
وللمؤجر الفسخ إن أفلس المستأجر.
ويجوز أن يؤجر العين بأكثر مما استأجرها به وإن لم يحدث شيئا
متقوما (1) وكان الجنس واحدا على رأي، وكذا لو سكن البعض وآجر
الباقي بالمثل أو الزائد، وكذا لو تقبل عملا بشئ وقبله لغيره بأقل.
واستيفاء المنفعة أو البعض مع فساد العقد يوجب أجرة المثل، سواء زادت
عن المسمى أو نقصت عنه (2).
ويكره استعمال الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة، وإن تضمن مع
انتفاء التهمة.
المطلب الثالث: في المنفعة
وشروطها ثمانية:
الأول: أن تكون مباحة: فلو استأجر بيتا ليحرز فيه خمرا أو دكانا ليبيعه
فيه أو أجيرا ليحمل له مسكرا - سواء كان لمسلم أو كافر - أو جارية للغناء
أو كلبا للصيد لهوا أو ناسخا ليكتب كفرا أو غناء أو استأجر الكافر مسلما
للخدمة أو مصحفا للنظر فيه لم يصح.
الثاني: أن تكون مملوكة: إما بالتبعية: كمالك العين، أو بالاستقلال:
كالمستأجر، فلا يصح إجارة الغاصب.
ولو عقد الفضولي وقف على الإجازة.

(1) " متقوما " ليست في (أ).
(2) " عنه " ليست في (أ، د).
286

ولو شرط المالك المباشرة لم يكن له أن يؤجر، فإن فعل وسلم العين
- حينئذ - ضمن.
ويجوز مع عدم الشرط أن يؤجر لمثله أو أقل ضررا، ويضمن العين
بالتسليم.
الثالث: أن تكون متقومة: فلو استأجر تفاحة للشم أو طعاما لتزيين
المجلس أو الدرهم أو الدنانير أو الشمع كذلك أو الأشجار للوقوف في ظلها
ففي الجواز نظر، ينشأ: من انتفاء قصد هذه المنافع، ولهذا لا تضمن منفعتها
بالغصب، وكذا لو استأجر حائطا مزوقا للتنزه بالنظر إليه. أما لو استأجر
شجرا (1) ليجفف عليها الثياب أو يبسطها عليها ليستظل بها فيه فالوجه
الجواز.
الرابع: انفرادها بالتقويم: فلو استأجر الكرم يتضمن من بيع الأعيان قبل وجودها.
والاستئجار إنما يتعلق بالمنافع.
ولو استأجر الظئر لإرضاع الولد مع الحضانة جاز، والأقرب جوازه مع
عدمها للحاجة. وهل يتعدى إلى الشاة لإرضاع السخلة؟ الأقرب ذلك.
وكذا يجوز استئجار الفحل للضراب على كراهية، وفي جواز استئجار البئر
للاستسقاء (2) منها إشكال.
ويجوز استئجار الأطياب للشم وإن نقضت أعيانها، بخلاف الشمع

(1) في المطبوع: " شجرة ".
(2) في (ش): " للاستقاء ".
287

للإشعال، والطعام للأكل. والإجارة في الاستحمام للبث فيه، واستعمال
الماء تابع للإذن.
الخامس: إمكان وجودها: فلو استأجر الأرض للزراعة ولا ماء لها
بطلت. أما لو لم يعين الزرع انصرف إلى غيره من المنافع ولو كان نادرا،
وكذا لو استأجر عبدا مدة يعلم موته قبل انقضائها، أو استأجر أعمى
للحفظ، أو أخرسا للتعليم، أو استأجر حيوانا لعمل لم يخلق له ويمتنع حصوله
منه: كما لو استأجر شاة للحرث أو الحمل. أما لو أستأجر ما يمكن منه وإن
لم يخلق له جاز: كالإبل للحرث، والبقر للحمل.
السادس: القدرة على التسليم: فلو استأجر الآبق منفردا لم يصح، ولو
آجر للسنة القابلة صح، وكذا لو آجر سنة متصلة بالعقد ثم أخرى له أو
لغيره.
ولو استأجر الدابة ليركبها نصف الطريق صح واحتيج إلى المهاياة إن
قصد التراوح، وإلا افتقر إلى تعيين أحد النصفين، والمنع الشرعي
كالحسي. فلو استأجر لقلع ضرس صحيح أو قطع يد صحيحة أو استأجر
جنبا أو حائضا لكنس المسجد لم يصح.
ولو كانت السن وجعة أو اليد متآكلة صحت، فإن زال الألم قبل
القلع (1) انفسخت الإجارة.
ولو استأجر منكوحة الغير بدون إذنه فيما يمنع حقوق الزوج لم يصح.
ولو كان (2) للرضاع: فإن منع بعض حقوقه بطل، وإلا فلا.

(1) في (أ، د): " القطع ".
(2) في (أ): " وكذا لو كان ".
288

ولو استأجرها الزوج أو غيره بإذنه صح وإن كان لإرضاع ولده منها في
حباله.
ولو تلفت العين المستأجرة قبل القبض بطلت الإجارة، وكذا بعده
بلا فصل.
ولو تلفت في الأثناء انفسخت في الباقي، فإن تساوت أجزاء المدة فعليه
بقدر ما مضى، وإلا قسط المسمى على النسبة، ودفع ما قابل الماضي.
ولو انهدمت الدار أو غرقت الأرض أو انقطع ماءها في الأثناء
فللمستأجر الفسخ، فإن بادر المالك إلى الإعادة فالأقرب بقاء الخيار.
ولو شرط منفعة: كالزرع فتلفت وبقي غيرها: كصيد السمك منها بعد
الغرق فهي كالتالفة تنفسخ فيها الإجارة.
ولو أمكن الانتفاع بالعين فيما اكتراها له على نقص تخير المستأجر أيضا
في الفسخ والإمضاء بالجميع.
ولو غرق بعض الأرض بطلت الإجارة فيه، وتخير في الباقي بين الفسخ
وإمساكه بالحصة.
ولو منعه المؤجر من التصرف في العين فالأقرب تخيره بين الفسخ
فيطالب بالمسمى، وبين الإمضاء فيطالب بأجرة المثل.
ولو غصبه أجنبي قبل القبض تخير المستأجر أيضا في الفسخ فيطالب
المؤجر بالمسمى، وفي الإمضاء فيطالب الغاصب بأجرة المثل.
ولو ردت العين في الأثناء استوفى المستأجر المنافع الباقية، وطالب
الغاصب بأجرة مثل الماضي. وهل له الفسخ فيه ومطالبة المؤجر؟ نظر.
ولو كانت الإجارة على عمل مضمون: كخياطة ثوب أو حمل شئ
فغصب العبد الخياط أو الدابة الحاملة فللمستأجر مطالبة المالك بعوض
289

المغصوب، فإن تعذر البدل تخير في الفسخ والإمضاء.
ولو كان الغصب بعد القبض لم تبطل الإجارة، وطالب المستأجر
الغاصب بأجرة المثل خاصة وإن كان في ابتداء المدة. ولو حدث خوف منع
المستأجر من الاستيفاء - كما لو استأجر جملا للحج فتنقطع السابلة - فالأقرب
تخير كل من المؤجر والمستأجر في الفسخ والإمضاء.
ولو استأجر دارا للسكنى فحدث خوف عام يمنع من الإقامة بذلك
البلد ففي تخير المستأجر نظر.
ولو أخرجه المالك في الأثناء لم تسقط عنه أجرة السالف.
ولو استأجره لصيد شئ بعينه لم يصح، لعدم الثقة بحصوله.
السابع: إمكان حصولها للمستأجر: فلو آجر من وجب عليه الحج مع
تمكنه نفسه (1) للنيابة عن غيره لم يقع، وكذا لو آجر نفسه للصلوات (2)
الواجبة عليه فإنها لا تقع عن المستأجر. وهل تقع عن الأجير؟ الأقوى
العدم.
ويصح الاستئجار للجهاد والحج والصلاة لمن لا تجب عليه، ويقع عن
المستأجر لكن يشترط في الصلاة الموت، وكذا الصيام.
ولو استأجر ولي الميت عنه لصلاته الفائتة وجب على الأجير الإتيان
بها على ترتيبها في الفوات. فلو استأجر أجيرين كل واحد عن سنة جاز،
لكن يشترط الترتيب بين فعليهما، فإن أوقعاه دفعة: فإن علم كل منهما بعقد
الآخر وجب على كل واحد (3) منهما قضاء نصف سنة، وإن جهلا

(1) في المطبوع: " بنفسه ".
(2) في المطبوع: " للصلاة ".
(3) " واحد " ليست في (د، ش 132).
290

فكذلك. وفي ضمان الولي إشكال.
ويجوز الاستئجار للزيارة عن الحي والميت.
وفي جواز الاستئجار على الاحتطاب أو الاحتشاش أو الالتقاط أو
الاحتياز (1) نظر: ينشأ: من وقوع ذلك للمؤجر، أو المستأجر.
الثامن: أن تكون معلومة: والإجارة إما أن تكون في الذمة أو على
العين، والعين إن لم يكن لها سوى فائدة واحدة كفى الإطلاق، وإلا
وجب بيانها، وعلى كل حال لا بد من العلم بقدر المنفعة.
والأعيان يعسر ضبطها، لكن تكثر البلوى بثلاثة، ويحال غيرها عليها:
الأول: الآدمي: ويصح استئجاره خاصا: وهو الذي يستأجر مدة معينة،
فلا يجوز له (2) العمل لغيره فيها إلا بإذنه، فإن عمل من دون الإذن
فالأقرب تخير المستأجر بين الفسخ، والمطالبة بأجرة المثل، أو المسمى الثاني
له، أو لمستأجره.
ومشتركا: وهو الذي يستأجر لعمل مجرد عن المباشرة، أو المدة، وتملك
النفقة (3) بنفس العقد كما تملك الأجرة به، فإذا استؤجر لعمل قدر إما
بالزمان: كخياطة يوم، أو بمحل العمل: كأن يستأجره لخياطة ثوب معين.
ويصح هذان في الذمة ومعينا، فإذا عينه بالمحل وجب تعيين الثوب
وطوله ونوع التفصيل ونوع الخياطة، ولو جمع بين الزمان والمحل بطل للغرور.
ويعين في تعليم القرآن السور أو الزمان.
وفي الإرضاع تعيين الصبي، ومحل الإرضاع أهو في بيتها فهو أسهل، أو

(1) في (ه‍): " الاختباز ".
(2) " له " ليست في (أ).
(3) في (ش، ص): " المنفعة ".
291

بيت الصبي فهو أوثق للولي في حفظه ومدته ولا تدخل الحضانة فيه؟
وهل يتناول العقد اللبن أو الحمل ووضع الثدي في فيه ويتبعه اللبن
كالصبح في الصباغة وماء البئر في الدار؟ الأقرب الأول، لاستحقاق
الأجرة به بانفراده دون الباقي بانفرادها، والرخصة سوغت تناول الأعيان.
وعلى المرضعة تناول ما يدر به لبنها من المأكول والمشروب، فإن
اسقته (1) لبن الغنم لم تستحق أجرا. ولو دفعته إلى خادمتها فالأقرب ذلك
أيضا. ويقدم قولها لو ادعته، لأنها أمينة.
وله أن يؤجر أمته ومدبرته وأم ولده للإرضاع دون مكاتبته، فإن كان
لإحداهن ولد لم يجز له أن يؤجرها، إلا أن يفضل عن ولدها.
ولو كانت مزوجة افتقر المولى إلى إذن الزوج، فإن تقدم الرضاع صح
العقدان، وللزوج وطؤها. وإن لم يرض المستأجر: فإن مات المرتضع أو
المرضعة بطلت الإجارة إن كنت معينة، ولو كانت مضمونة فالأقرب
إخراج أجرة المثل من تركتها، ويكفي في العمل مسماه. ولو اختلف
فالأقرب وجوب اشتراط الجودة وعدمها.
ولو مرض الأجير: فإن كانت مضمونة لم تبطل (2) وألزم بالاستئجار
للعمل، وإن كانت معينة بطلت، وكذا لو مات.
ولو اختلف العمل باختلاف الأعيان فالأقرب أنه كالمعينة مثل:
الفسخ (3) لاختلاف الأغراض باختلاف الأعيان.
ويجوز الاستئجار لحفر الآبار والأنهار والعيون، فيفتقر إلى معرفة الأرض

(1) في (أ): " فإن اشتبه ".
(2) في المطبوع و (أ): " لم تقبل ".
(3) في (ش، ص): " النسخ ".
292

بالمشاهدة وإن قدر (1) العمل بالمدة.
ولو قدر بتعين المحفور كالبئر وجب معرفة دورها وعمقها، وطول النهر
وعمقه وعرضه.
ويجب نقل التراب عن المحفور. ولو تهور تراب من جانبيه لم تجب
إزالته كالدابة إذا وقعت فيه (2).
ولو وصل إلى صخرة لم يلزم حفرها فله من الأجرة بنسبة ما عمل.
وروي: " تقسيط أجرة (3) عشر قامات على خمسة وخمسين جزءا، فما
أصاب واحدا فهو للأولى، والاثنين للثانية " (4)، وهكذا، فإن عمل به
احتمل تعديه، فيقسم الخمسة على خمسة عشر.
ولو استأجره لعمل اللبن: فإن قدره بالعمل احتيج إلى عدده وموضع
ضربه، وذكر قالبه، فإن قدره بقالب معروف، وإلا احتيج إلى تقدير
الطول والعرض والسمك، ولا تكفي الحوالة على قالب مشاهدة غير معروف.
ولو قدر البناء بالعمل وجب ذكر موضعه وطوله وعرضه وسمكه، وآلة
البناء من لبن وطين، أو حجر وجص، فإن سقط بعد البناء استحق
الأجر (5) إن لم يكن لقصور في العمل كما لو بناه محلولا.
ولو شرط ارتفاع الحائط عشرة أذرع فسقط قبلها لرداءة العمل وجب
عليها الإعادة.

(1) (ش، ص): " وأن يقدر ".
(2) " إذا وقعت فيه " ليس في سائر النسخ عدا (د، وهامش ش).
(3) " أجرة " ليست في (د).
(4) الكافي: ج 7 ص 433 حديث 22، وتهذيب الأحكام: ج 6 ص 287 حديث 794.
(5) في (ج): " الأجير ".
293

ولو استأجر لتطيين السطح أو الحائط جاز وإن قدره بالعمل.
ويتقدر النسخ (1) بالمدة والعمل، فيفتقر (2) في الثاني إلى عدد الورق
والسطور والحواشي ودقة القلم، فإن عرف وصف الخط، وإلا وجبت
المشاهدة.
ويجوز تقدير الأجر بأجزاء الفرع، أو الأصل والمقاطعة على الأصل.
ويعفى عن الخطأ اليسير، للعادة، لا الكثير، وليس له محادثة غيره وقت
النسخ.
ويجوز على نسخ المصحف، وعلى تعليم القرآن، إلا مع الوجوب فيقدره
بالعمل، فيعدد (3) السور، أو بالزمان على إشكال ينشأ: من تفاوت السور
في سهولة الحفظ.
ولو قال: عشر آيات (4) ولم يعين السورة لم يصح، ويكفي إطلاق الآيات
منها وحدة الاستقلال بالتلاوة، ولا يكفي تتبعه نطقه (5).
ولو استقل بتلاوة الآية ثم لقنه غيرها فنسي الأولى ففي وجوب إعادة
التعليم نظر.
ويجوز جعله صداقا، فلو استفادته من غيره كان لهم أجرة التعليم.
ويجوز الاستئجار على تعليم الخط والحساب والآداب. وهل يجوز على
تعليم الفقه؟ الوجه المنع مع الوجوب، والجواز لا معه.

(1) في (ش): " الفسخ ".
(2) في (ب): " فيضيف ".
(3) في (ب): " بتعدد ".
(4) " عشر آيات " ليست في (ص).
(5) في المطبوع: " فلا تكفي تبعية نطفة "، وفي (د): " تتبع لفظه ".
294

وعلى الختان والمداواة وقطع السلع (1) والحجامة - على كراهية - أجرة
مع الشرط، وعلى الكحل فيقدر بالمدة خاصة، ويفتقر إلى تعيين المرة في
اليوم أو المرتين.
والكحل على المريض، ويجوز اشتراطه على الأجير، والأقرب جواز
اشتراط الأجر على البناء. ولو لم يحصل البرء في المدة استقر الأجر.
ولو برئ في الأثناء انفسخ العقد في الباقي، فإن امتنع مع عدمه من
الاكتحال استحق الأجير أجرة بمضي المدة. ولو جعل له على البرء (2) صح
جعالة لا إجارة.
ولو اشتراط الدواء على الطبيب فالأقرب الجواز. ولو قدر الرعي بالعمل
افتقر إلى تعيين الماشية فيبطل بموتها، ويحتمل عدمه، لأنها ليست المعقود
عليها، وإنما يستوفي المنفعة بها، وإن تلف بعضها بطل فيه.
ولو ولدت لم يجب عليه رعيها. ولو قدره بالمدة افتقر إلى ذكر جنس
الحيوان.
ولا تدخل الجواميس والبخاتي في إطلاق البقر والإبل، لعدم التناول
عرفا على إشكال، ويذكر الكبر والصغر والعدد.
ويجوز الاستئجار للزرع، ولحصاده، وسقيه، وحفظه، ودياسه، ونقله.
وعلى استيفاء القصاص في النفس والأعضاء. وعلى الدلالة على
الطريق، وعلى البذرقة (3) فيجب تعينهما بالعمل، ولا يكفي المدة. وعلى
الكيل والوزن والعدد فيتعين بالعمل أو المدة. وعلى ملازمة الغريم فيعين

(1) في (ج): " السلعة ".
(2) في (أ): " على غير البرء ". وفي (ش، ص): " عن البرء ".
(3) البذرقة: الحراس يتقدمون القافلة، المعجم الوسيط، 1: 45.
295

بالمدة. وعلى الدلالة على بيع ثياب معينة (1) وشرائها. وعلى السمسرة (2).
وعلى الاستخدام، سواء كان الخادم رجلا أو امرأة، حرا أو عبدا، لكن يحرم
عليه النظر إلى الأمة من دون إذن وإلى الحرة (3) مطلقا.
الثاني: الدواب: فإذا استأجر للركوب وجب معرفة الراكب بالمشاهدة،
وفي الاكتفاء بوصفه في الضخامة والنحافة ليعرف الوزن تخمينا نظر،
ويركبه المؤجر على ما شاء: من سراج وإكاف (4) وزاملة (5) على ما يليق
بالدابة، فإن كان يركب على رحل للمستأجر (6) وجب تعيينه، فيجب أن
يشاهد المؤجر الآلات، فإن شرط المحمل وجب تعيينه بالمشاهدة أو الوزن،
وذكر الطول والعرض والغطاء وجنسه، أو عدمه، ولو عهد (7) اتفاق المحامل
كفى ذكر جنسها والوطاء وجنسه أو عدمه، ووصف المعاليق إن شرط بما
يرفع الجهالة أو الوزن أو المشاهدة.
ولا بد من تعيين الراكبين في المحمل، ولا بد من (8) مشاهدة الدابة

(1) في المطبوع: " بعينها ".
(2) السمسار - بكسر السين المهملة -: المتوسط بين البائع والمشتري، الجمع: السماسرة، والمصدر:
السمسرة. القاموس المحيط (مادة: سمر).
(3) في (ه‍): " المولى والى الحرة ".
(4) الإكاف والأكاف من المراكب: شبه الرحال والأقتاب. لسان العرب (مادة: أكف).
(5) الزاملة: التي يحمل عليها من الإبل وغيرها. القاموس المحيط (مادة: زمل). والظاهر أن الزاملة هي:
نوع مما يوطأ به على الدابة كما هو الظاهر من قول المصنف: " على ما يليق بالدابة ".
(6) في (ب، د): " المستأجر ". والرحل: يقال لمركب البعير، وهو ما يركب عليه، ولما يستصحبه من
الأثاث. القاموس المحيط (مادة: رحل).
(7) في (أ): " فلو عرف "، وفي (ب): " فلو عهد ".
(8) " من " ليس في (أ).
296

المركوبة أو وصفها بذكر جنسها: كالإبل، ونوعها: كالبخاتي أو العراب،
والذكورة والأنوثة، فإن لم يكن السير إليهما لم يذكر، وكذا إذا كانت المنازل
معروفة، فإذا اختلفا فيه أو السير ليلا أو نهارا حمل على العرف، وإن لم
تكن معروفة وجب ذكرها.
وإذا شرط جمل الزاد وجب تقديره، وليس له إبدال ما فنى بالأكل
المعتاد إلا مع الشرط. وإن ذهب بسرقة أو سقوط (1) أو بأكل غير معتاد فله
إبداله وإن شرط عدم الإبدال مع الأكل.
ويجب على المؤجر كلما جرت العادة أن يوطئ للركوب به (2) للراكب
من الحداجة والقتب (3) والزمام والسرج واللجام والحزام والبرذعة ورفع
المحمل وحطه وشده على الجمل ورفع الأحمال وشدها وحطها، والقائد
والسائق إن شرط مصاحبته.
وإن آجره الدابة ليذهب بها المستأجر فجميع الأفعال على الراكب،
وأجرة الدليل والحافظ على الراكب. وعلى المؤجر إركاب المستأجر إما
رفعه أو ببروك الجمل إن كان عاجزا: كالمرأة والكبير، وإلا فلا. ولو انتقل
إلى الطرفين تغير الحكم فيهما.
وعلى المؤجر إيقاف الجمل للصلاة وقضاء الحاجة دون ما يمكن فعله
عليه: كصلاة النافلة والأكل والشرب.
ولو استأجر للعقبة جاز، ويرجع في التناوب إلى العادة، ويقسم

(1) في (د): " أو بسقوط ".
(2) في (أ): " للركوب له "، وفي (د): " المركوب به ".
(3) الحدج - بالكسر -: الحمل، ومركب من مراكب النساء. والقتب - بالتحريك - رحل البعير صغير على
قدر السنام، وجمعه أقتاب. مجمع البحرين (مادة: حدج وقتب).
297

بالسوية إن اتفقا، وإلا فعلى ما شرطاه، وأن يستأجر نوبا مضبوطة: إما
بالزمان فيحمل على زمان السير، أو بالفراسخ.
وإن استأجر للحمل: فإن اختلف الغرض باختلاف الدابة من
سهولتها وسرعتها وكثرة حركتها وجب ذكره، فإن الفاكهة والزجاج يضره
كثرة الحركة، وبعض الطرق يصعب قطعه على بعض الدواب، وإلا فلا.
وأما الأحمال: فلا بد من معرفتها بالمشاهدة أو الوزن، مع ذكر الجنس، وذكر
المكان المحمول إليه، والطريق.
ولو استأجر إلى مكة فليس له الإلزام بعرفة ومنى، بخلاف ما لو
استأجر للحج.
ولو شرط حمل مائة رطل من الحنطة فالظرف غيره، فإن كان معروفا
وإلا وجب تعيينه. ولو قال: مائة رطل دخل الظرف فيه.
ولو استأجر للحرث وجب تعيين الأرض بالمشاهدة أو الوصف وتقدير
العمل بالزمان أو بالطعام.
ولا بد من مشاهدة الدولاب إن استؤجر له، ومعرفة الدلاء، وتقدير
العمل بالزمان أو بملء البركة مثلا، لا بسقي البستان، لاختلاف العمل (1)
لقرب عهده بالماء وعطشه. ولو كان لسقي الماشية فالأقرب الجواز، لقرب
التفاوت.

(1) الجملة " إن استؤجر له... لاختلاف العمل " ليست في (أ).
298

ولو استأجر للاستقاء عليها وجب معرفة الآلة كالراوية أو القرية
بالمشاهدة أو الصفة وتقدير العمل بالزمان، أو عدد المرات، أو ملء معين.
ويجوز استئجار الدابة بآلتها (1) وبدونها، ومع المالك وبدونه.
الثالث: الأرض: ويجب وصفها، أو مشاهدتها، وتعيين المنفعة للزرع أو
الغرس أو البناء. فإن آجرها (2) لينتفع بها بمهما شاء فالأقرب الجواز،
ويتخير المستأجر في الثلاثة.
ولو قال: للزرع أو الغرس بطل، لأنه لم يعين أحدهما.
ولو استأجر لهما (3) صح واقتضى التنصيف، ويحتمل التخيير.
ولو آجرها لزرع ما شاء صح، ولو عين اقتصر عليه وعلى ما يساويه، أو
يقصر عنه في الضرر على إشكال.
ولو شرط الاقتصار على المعين لم يجز التخطي، ولا إلى الأقل. وكذا
التفصيل لو آجرها للغراس، وله الزرع وليس له البناء. وكذا لو استأجر
للبناء لم يكن له الغرس ولا الزرع.
وإذا استأجر للزرع ولها ماء دائم أو يعلم وجوده غالبا وقت الحاجة
صح. ولو كان نادرا: فإن استأجرها بعد وجوده صح للعلم بالانتفاع، وإلا
فلا.
ولو آجرها (4) على أن لا ماء لها أو كان المستأجر عالما بحالها صح،
وكان له الانتفاع بالنزول فيها، أو وضع رحله، وجمع حطبه، وزرعها رجاء

(1) في (ش، ص): " بآلاتها ".
(2) في (أ): " استأجرها ".
(3) في (أ): " لأحدهما ".
(4) في (أ): " استأجرها ".
299

للماء. وليس له البناء ولا الغرس.
ولو استأجر ما لا ينحسر الماء عنه غالبا بطل (1)، ولو كان ينحسر وقت
الحاجة وكانت الأرض معروفة أو كان الماء صافيا يمكن مشاهدتها صح،
وإلا فلا.
ولو استأجر ما لا ينحسر عنه الماء للزراعة لم يجز، لعدم الانتفاع، فإن
علم المستأجر ورضي جاز إن كانت الأرض معلومة، وكذا إن كان قليلا
يمكن معه بعض الزرع.
ولو كان الماء ينحسر على التدريج لم تصح، لجهالة وقت الانتفاع، إلا
أن يرضى المستأجر.
ولو كان الماء ينحسر على التدريج لم تصح، لجهالة وقت الانتفاع، إلا
أن يرضى المستأجر.
ولو أمكن الزرع إلا أن العادة قاضية بغرقها لم يجز إجارتها، لأنها
كالغارقة.
ولو اتفق غرقة أو تلفه بحريق أو غيره فلا ضمان على المؤجر، ولا خيار
للمستأجر، إلا أن يتعذر الزرع بسبب الغرق، أو انقطاع الماء، أو قلته بحيث
لا يكفي الزرع، أو تفسد الأرض فيتخير في الإمضاء بالجميع، ويحتمل بما
بعد الأرش، فإن فسخ رجع إلى أجرة الباقي واستقر ما استوفاه، ويوزع
على المدتين باعتبار القيمة، وهي أجرة المثل للمدتين، لا باعتبار المدة،
فإن تجدد بعد الزرع فله الفسخ أيضا ويبقى الزرع إلى الحصاد، وعليه من
المسمى بحصته إلى حين الفسخ، وأجرة المثل إلى الحصاد (2) لأرض لها
مثل ذلك الماء القليل.

(1) في (ه‍، ص): " غالبا للزرع بطل ".
(2) في (أ): " إلى حين الحصاد ".
300

ويجب تعيين المدة في إجارة الأرض لأي منفعة كانت: من زرع أو
غرس أو بناء أو سكنى أو غير ذلك، ولا يتقدر بقدر.
ولا يجب اتصال المدة بالعقد، فإن عين المبدأ وإلا اقتضى الاتصال،
فإن استأجر للزرع فانقضت المدة قبل حصاده فإن كان لتفريط المستأجر
كأن يزرع ما يبقى بعدها فكالغاصب، وإن كان لعروض برد أو شبهه
فعلى المؤجر التبقية، وله المسمى عن المدة وأجرة المثل عن الزائد. وللمالك
منعه من زرع ما يبقى بعد المدة على إشكال: فإن زرع بغير إذنه لم يكن له
المطالبة بإزالته إلا بعده المدة.
ولو استأجر مدة لزرع لا يكمل فيها: فإن شرط نقله بعد المدة لزم، وإن
أطلق احتمل الصحة مطلقا، ويقيد إمكان الانتفاع. فعلى الأول احتمل
وجوب الإبقاء بالأجرة. ولو شرط التبقية إلى وقت البلوغ تجهل العقد.
ولو استأجرها للغرس سنة صح، وله أن يغرس قبل الانقضاء، فإن
شرط القلع بعد المدة أو لم يشترط جاز القلع، ولا أرش على أحدهما:
ويحتمل مع عدم الشرط منع المالك من القلع لا الغارس فيتخير (1) بين دفع
قيمة الغراس والبناء فيملكه مع أرضه، وبين قلعهما مع أرش النقص، وبين
إبقائهما بأجرة المثل.
وإن استأجر للسكنى وجب مشاهدة الدار، أو وصفها بما يرفع
الجهالة، وضبط مدة المنفعة والأجرة.
ولو استأجر بأجرة معينة ولم يقدر لكل سنة قسطا صح.
ولو سكن المالك بعض المدة تخير المستأجر في الفسخ في الجميع، أو

(1) في المطبوع: " فيتخير المالك ".
301

في (1) قدر ما سكنه، فيسترد نصيبه من المسمى، وفي إمضاء الجميع فيلزمه
المسمى، وله أجرة المثل على المالك فيما سكن.
وله أن يسكن المساوي أو الأقل ضررا إلا مع التخصيص، ويضع فيه
ما جرت عادة الساكن من الرحل والطعام دون الدواب والسرجين
والثقيل على السقف.
وله إدارة الرحى في الموضع المعتاد، فإن لم يكن لم يكن له التجديد.
ويجوز استئجار الدار ليعمل مسجدا يصلى فيه.
الفصل الثالث: في الأحكام
إذا استأجر إلى العشاء أو إلى الليل فهو إلى غروب الشمس، وكذا
العشي، إلا أن يتعارف الزوال.
ولو قال: إلى النهار فهو إلى أوله، ولو قال: نهارا فهو من الفجر (2) إلى
الغروب، وليلا إلى طلوع الفجر. وإذا نمت الأجرة المعينة في يد المستأجر
فالنماء للمؤجر إن كان منفصلا، فإن انفسخت الإجارة ففي التبعية إشكال،
بخلاف المتصلة وظهور البطلان فإنها تابعة فيهما.
والأقرب عدم إيجاد الخيوط على الخياط. واستئجار كل من الحضانة
والرضاع لا يستتبع الآخر، فإن ضمهما فانقطع (3) اللبن احتمل: الفسخ
لأنه المقصود، والتقسيط، والخيار.

(1) " في " ليس في (أ).
(2) " من الفجر " ليست في (أ).
(3) في المطبوع: " فإن قطع ".
302

وفي إيجاب الحبر على الناسخ والكش (1) على الملقح والصبغ على
الصباغ إشكال.
ولو قدر المالك على التخليص لم يجبر عليه إذا كان الغصب بعد
الإقباض، ولا على العمارة، سواء قارن العقد الخراب - كدار لا غلق لها -
أو تجدد بعد العقد.
نعم، للمستأجر خيار الفسخ. وعلى المالك تسليم المفتاح دون القفل،
فإن ضاع بغير تفريط لم يضمن المستأجر، وليس له المطالبة ببدله، وعلى
المالك تسليم الدار فارغة، وكذا البالوعة، والحش، ومستنقع الحمام، فإن
كانت مملوءة تخير، فإن تجدد الامتلاء في دوام الإجارة احتمل وجوبه على
المستأجر، لأنه بفعله، وعلى المؤجر لتوقف الانتفاع عليه.
ولا يجب على المستأجر التنقية (2) عند انتهاء المدة، بل التنقية (3) من
الكناسات، ورماد الأتون (4) كالكناسة.
ولو استأجر أرضا للزرع ولها شرب معلوم والعادة تقتضي التبعية دخل،
ولو اضطربت العادة بأن يستأجر مرة الأرض منفردة وتارة معه احتمل
التبعية وعدمها.
ولو زرع أضر من المعين فللمالك المسمى وأرش النقص.
والظرف على المستأجر، وكذا الرشاء، ودلو الاستقاء.
وينزع الثوب المستأجر ليلا ووقت القيلولة، ويجوز الارتداء به على

(1) الكش: ما يلقح به النخل، وفي التهذيب عن الأعرابي: الكش: الحرق الذي يلقح به النخل. لسان
العرب (مادة: كشش).
(2) في (أ): " التبقية ".
(3) في (أ): " التبقية ".
(4) الأتون - بالتشديد -: الموقد. الصباح (مادة: أتن)..
303

إشكال، دون الاتزار.
الفصل الرابع: في الضمان
العين أمانة في يد المستأجر، لا يضمنها إلا بتعد أو تفريط في المدة،
وبعدها إذا لم يمنعها مع الطلب، سواء كانت الإجارة صحيحة أو فاسدة.
ولو ضمنه المؤجر لم يصح، فإن شرطه في العقد فالأقرب بطلان العقد.
وإذا تعدى بالدابة المسافة المشترطة أو حملها الأزيد ضمنها كلها بقيمتها
وقت العدوان، ويحتمل أعلى القيم من وقت العدوان إلى التلف، وعليه
أجرة الزيادة، ولا فرق في الضمان بين أن تتلف في الزيادة أو بعد ردها
إلى المشترطة (1).
ولو تلفت بعد ردها إلى مالكها بسبب تعيبها وشبهه ضمنها، وإلا فلا،
ولا يسقط الضمان بردها إلى المسافة.
ولو ربط الدابة مدة الانتفاع استقرت الأجرة، فإن تلفت فلا ضمان
وإن انهدم الاصطبل إذا لم يكن مخوفا. وكذا يد الأجير على الثوب الذي
يراد خياطته، أو صبغه، أو قصارته، أو على الدابة لرياضتها، سواء كان
مشتركا أو خاصا.
ولو تعدى في العين فغصبت ضمن وإن كانت أرضا شرط زرعها نوعا
فزرع غيره.
ولو سلك بالدابة الأشق من الطريق المشترط ضمن، وعليه المسمى
والتفاوت بين الأجرتين، ويحتمل أجرة المثل. وكذا لو شرط حمل قطن

(1) في (ج): " المشترط ".
304

فحمل بوزنه حديدا.
ولو شرط قدرا فبان الحمل أزيد: فإن كان المستأجر تولى الكيل من
غير علم المؤجر ضمن الدابة والزائد والمسمى. وإن كان المؤجر فلا ضمان
إلا في المسمى، وعلى المؤجر رد الزائد.
ولا فرق بين أن يتولى الوضع من تولى الكيل أو غيره. وإن تولاه
أجنبي من غير علمها فهو متعد عليهما.
ويضمن الصانع ما يجنيه وإن كان حاذقا: كالقصار يخرق الثوب،
والحمال يسقط حمله عن رأسه، أو يتلف بعثرته، والجمال يضمن ما يتلف
بقوده وسوقه وانقطاع حبله الذي يشد به حمله، والملاح يضمن ما تلف من
يده (1) أو جذفه أو ما يعالج به السفينة. والطيب، والكحال، والبيطار،
سواء كان مشتركا أو خاصا، وسواء كان في ملكه أو في (2) ملك المستأجر،
وسواء كان رب المال حاضرا أو غائبا، وسواء كان الحمل الساقط بالسوق
والقود آدميا أو غيره.
ولو أتلف الصانع الثوب بعد عمله تخير المالك في تضمينه إياه غير
معمول ولا أجر عليه، وفي تضمينه إياه معمولا ويدفع إليه أجره. ولو نقصت
قيمة الثوب عن الغزل فله قيمة الثوب خاصة، للإذن في النقص (3)
ولا أجر. وكذا لو وجب عليه ضمان المتاع المحمول تخير صاحبه بين تضمينه
إياه بقيمته في الموضع الذي سلمه ولا أجر له، وتضمينه في الموضع الذي
أفسده، ويعطيه الأجر إلى ذلك المكان.

(1) في المطبوع و (ه‍): " من مدة ".
(2) " في " ليست في (ش، ص).
(3) في (أ): " القبض ".
305

ولو استأجره لحياكة عشرة أذرع (1) في عرض ذراع فنسجه زائدا في
الطول أو العرض فلا أجر له عن الزيادة، وعليه ضمان نقص المنسوج فيها،
فإن كان حاكه زائدا في الطول خاصة فله المسمى، وإن زاد فيهما أو في
العرض احتمل عدم الأجر للمخالفة، والمسمى، وكذا لو نقص فيهما، لكن
هنا إن أجبناه (2) أسقط بنسبة الناقص.
ولو قال: إن كان يكفي قميصا فاقطعه فلم يكف ضمن. ولو قال: هل
يكفي قميصا؟ فقال: نعم، فقال: اقطعه فلم يكفه لم يضمن.
ولو قال: اقطعه قميص رجل فقطعه قميص امرأة احتمل ضمان ما بينه
صحيحا ومقطوعا، وما بين القطعين.
ولا يبرأ الأجير من العمل حتى يسلم العين: كالخياط إن كان العمل
في ملكه، ولا يستحق الأجرة حتى يسلمه مفروغا، فلو تلفت العين من غير
تفريط بعد العمل لم يستحق أجرة على إشكال.
ولو كان في ملك المستأجر برئ بالعمل واستحق الأجر به.
ولو حبس الصانع العين حتى يستوفي الأجرة ضمنها.
ولو اشتبه على القصار فدفع الثوب إلى غير مالكه كان ضامنا، وعلى
المدفوع إليه الرد مع علمه، فإن نقص بفعله ضمن ورجع على القصار، ثم
طالبه بثوبه، فإن هلك عند القصار احتمل الضمان، لأنه أمسك بغير إذن
مالكه بعد طلبه، وعدمه، لعدم تمكنه من رده.
والشروط السائغة لازمة، فإن شرط أن لا يسير عليها ليلا أو وقت

(1) " أذرع " ليس في سائر النسخ عدا (د، ه‍).
(2) في (ص): " أوجبناه ".
306

القائلة أو لا يتأخر بها عن القافلة أو لا يجعل سيره في آخرها أو لا يسلك بها
طريقا معينا فخالف ضمن وإن تلفت لا بسبب فوات الشرط.
وللمستأجر ضرب الدابة بما جرت العادة به، وتكبيحها باللجام وحثها
على السير، ولا ضمان.
وللمعلم ضرب الصبيان للتأديب، ويضمن لو جنى بتأديبه.
ولو ختن صبيا بغير إذن وليه، أو قطع سلعة إنسان بغير إذنه، أو من
صبي بغير إذن وليه فسرت الجناية ضمن. ولو أخذ البراءة ففي الضمان
إشكال.
ويضمن الراعي بتقصيره بأن ينام عن السائمة، أو يغفل عنها، أو يتركها
تتباعد عنه، أو تغيب عن نظره، أو يضربها بإسراف أو في غير موضع
الضرب أو لا لحاجة (1) أو يسلك بها موضعا يتعرض فيه للتلف.
ولو دفع إلى غيره شيئا ليعمل فيه عملا استحق الصانع أجرة مثل
العمل إن كان العمل ذا أجرة عادة، وإلا فلا.
ولو آجر مملوكه أو استؤجر بإذنه فأفسد ضمن المولى في سعيه،
ولا يضمن الحمامي إلا مع الإيداع والتفريط.
ويصح إسقاط الأجرة المعينة بعد تحققها في الذمة، والمنفعة الثابتة في
الذمة دون المنفعة المعينة.
ولو تسلم أجيرا ليعمل له صنعة فهلك لم يضمنه وإن كان صغيرا أو
عبدا.
ولو استأجر الدابة لحمل قفيز فزاد فهو غاصب ضامن للجميع.

(1) في (ه‍): " أو للحاجة ".
307

ولو سلم إلى المؤجر وقال (1) إنه قفيز وكذب فتلفت الدابة بالحمل
ضمن النصف، ويحتمل بالنسبة (2).
ولو استأجر للقصاص ثم عفا سقط القصاص ولا أجرة، فإن اقتص
الأجير مع العلم ضمن، ولا معه (3) يستقر الضمان على المستأجر إن تمكن
من الإعلام، وإلا فإشكال.
الفصل الخامس: في التنازع
لو اختلفا في الأصل الإجارة فالقول قول منكرها مع اليمين، فإن وقع
الاختلاف بعد استيفاء المنافع وإتلاف الأجرة: فإن كان المدعي المالك
فله المطالبة بالمتخلف من أجرة المثل، وليس للمستأجر طلب الفاضل من
المسمى لو كان، ولا ضمان في العين، وإن كان هو المستأجر لم يسقط
ضمان العين إن أنكر المالك الإذن في التصرف، ولم يكن للمستأجر
المطالبة بالفاضل عن أجرة المثل لو كان.
ولو اختلفا في قدر الأجرة فقال: آجرتك سنة بدينار فقال (4): بنصفه
فالقول قول المستأجر مع يمينه.
ولو اختلفا في المدة فقال: آجرتك سنة بدينار فقال: بل سنتين
بدينارين فالقول قول المالك مع يمينه.
ولو قال: بل سنتين بدينار فهنا قد اختلفا في قدر العوض والمدة،

(1) في المطبوع و (د): " وقال له ".
(2) في المطبوع زيادة " ويحتمل الجميع ".
(3) " معه " ليست في (ص).
(4) في (ش، ص): " فقال: بل ".
308

فالأقرب التحالف، فإذا تحالفا قبل مضي شئ من المدة فسخ العقدان،
ورجع كل منهما في ماله، وإن رضي أحدهما بما حلف عليه الآخر أقر
العقد، وإن كان بعد المدة أو شئ منها سقط المسمى ووجب أجرة المثل
ما لم يزد عما يدعيه المالك وينقص عما يدعيه المستأجر، ويحتمل مع
التحالف استحقاق المنافع سنة بالنسبة من الدينار.
ولو قال المالك: آجرتكها سنة بدينار فقال: بل استأجرتني لحفظها سنة
بدينار قدم قول المالك في ثبوت الأجرة، لأن السكنى قد وجدت من
المستأجر فيفتقر إلى بينة تزيل عنه الضمان.
ولو اختلفا في القدر المستأجر فالقول قول المالك، وكذا لو اختلفا في رد
العين المستأجرة.
ولو اختلفا في التعدي فالقول قول المستأجر، وكذا لو ادعى الصانع أو
الملاح أو المكاري هلاك المتاع وأنكر المالك فالقول قولهم مع اليمين، وكذا
لو ادعى إباق العبد من يده، أو أن الدابة نفقت أو شردت وأنكر المالك،
ولا أجرة على المستأجر مع اليمين.
لو ادعى أن العبد مرض في يده وجاء به صحيحا قدم قول المالك،
وإن جاء به مريضا قدم قوله.
ولو اختلفا في وقت الهلاك أو الإباق أو المرض فالقول قول المستأجر،
لأن الأصل عدم العمل إن قدر به وقلنا: إنه (1) يملك بالعمل، وإلا فإشكال.
وإن قدر بالزمان قدم قول المالك.
ولو قال: أمرتك بقطعه قباء فقال: بل قميصا قول المالك على

(1) " أنه " ليس في سائر النسخ عدا (أ).
309

رأي. فلو أراد الخياط فتقه لم يكن له ذلك إن كانت الخيوط من الثوب أو
المالك، ولا أجرة له وعليه الأرش.
ولو كانت الخيوط للخياط ففي أخذها أقربه ذلك. فلو قال المالك:
أنا أشد في كل خيط خيطا حتى إذا سله عاد خيط المالك في مكانه لم تجب
الإجابة (1)، وعلى رأي: قول الخياط، فيسقط عنه الغرم، وله أجرة مثله بعد
اليمين، لا المسمى إن زاد، لأنه لا يثبت بقوله.
ولو غصبت العين فأقر المؤجر بالملكية له (2) قبل في حقه دون المستأجر،
وللمستأجر مخاصمة الغاصب لأجل حقه في المنفعة. ولو اختلفا في المبطل
للعقد فالقول قول مدعي الصحة.
ولو قال: آجرتك كل شهر بدرهم من غير تعيين فقال: بل سنة بدينار
ففي تقديم قول المستأجر نظر، فإن قدمنا قول المالك فالأقوى صحة العقد في
الشهر الأول هنا (3)، وكذا الإشكال في تقديم قول المستأجر لو ادعى أجرة
مدة معلومة أو عوضا معينا وأنكر المالك التعيين فيهما، والأقوى التقديم فيما لم
يتضمن دعوى.
* * *

(1) في (أ، د، ه‍): " إجابته ".
(2) " له " ليست في (أ).
(3) " هنا " ليست في (ص).
310

المقصد الثاني
في المزارعة
وفيه فصلان:
الأول: في أركانها
وهي أربعة:
الأول: العقد:
المزارعة: مفاعلة من الزرع، وهي: معاملة على الأرض بالزراعة بحصة
من نمائها.
ولا بد فيها من إيجاب: كقوله: زارعتك، أو عاملتك، أو: ازرع هذه
الأرض على إشكال، أو: سلمتها إليك للزرع وشبهه مدة كذا بحصة معلومة
من حاصلها.
ومن قبول وهو: كل لفظ أو فعل دال على الرضا.
وهو عقد لازم من الطرفين، لا يبطل إلا بالتقايل، لا بموت أحدهما.
ولا بد في العقد من صدوره عن مكلف جائز التصرف.
ولو تضمن العقد شرطا سائغا لا يقتضي الجهالة لزم.
ولو عقد بلفظ الإجارة لم ينعقد وإن قصد الإجارة أو الزراعة (1).

(1) في (أ، ب): " أو المزارعة ".
311

نعم، يجوز إجارة الأرض بكل ما يصح أن يكون عوضا في الإجارة وإن
كان طعاما إذا لم يشترط أنه مما يخرج من الأرض. ويكره أن يشترط مع
الحصة شيئا من ذهب أو فضة.
الثاني: تعيين المدة:
ولا بد من ضبطها بالشهور والأعوام، ولا يكفي تعيين المزروع عنها،
ويجوز على أكثر من عام واحد من غير حصر إذا ضبط القدر. ولو شرط مدة
يدرك الزرع فيها قطعا أو ظنا صح.
ولو علم القصور فإشكال، فلو ذكر مدة يظن الإدراك فيها فلم يحصل
فالأقرب أن للمالك الإزالة مع الأرش، أو التبقية بالأجرة، سواء كان
بسبب الزراع: كالتفريط بالتأخير، أو من قبل الله تعالى: كتغيير الأهوية،
وتأخير المياه.
ولو اتفقا على التبقية بعوض جاز إن كان معلوما. ولو شرط في العقد
تأخيره عن المدة إن بقي بعدها فالأقرب البطلان. ولو ترك الزرع حتى
انقضت المدة لزمه أجرة المثل. ولو كان استأجرها لزمه المسمى، ولا يشترط
اتصال المدة بالعقد.
الثالث: إمكان الانتفاع بالزرع في الأرض بأن يكون لها ماء: إما من
نهر أو بئر أو عين أو مصنع، وكذا إن آجرها للزرع.
ولو زارعها أو آجرها له ولا ماء لها تخير العامل مع الجهالة، لا مع
العلم، لكن في الأجرة يثبت المسمى.
ولو استأجرها ولم يشترط الزرع لم يكن له الفسخ، وكذا لو شرط الزراعة
وكانت في بلاد تشرب بالغيث غالبا.
ولو انقطع في الأثناء فللزارع الخيار إن زارع أو استأجر له، وعليه أجرة
312

ما سلف.
الرابع: الحصة:
ويشترط فيها أمران: العلم بقدرها، والشياع، فلو أهمل ذكرها بطلت،
وكذا لو جهلا قدرها أو شرطا جزءا غير مشاع بأن يشترط أحدهما النماء
بأجمعه له، أو يشترط أحدهما الهرف (1) والآخر الأفل، أو ما يزرع على
الجداول والآخر في غيرها، أو يشترط أحدهما قدرا معلوما من الحاصل:
كعشرة أقفزة والباقي للآخر.
ولو شرطا أن يكون الباقي بعد العشرة بينهما أو شرطا إخراج البذر أولا
والباقي بينهما بطل على إشكال.
ويجوز التفاضل في الحصة والتساوي.
ولو شرط أحدهما على الآخر شيئا يضمنه له من غير الحاصل مضافا
إلى الحصة صح (2) على رأي.
الفصل الثاني: في الأحكام
إطلاق المزارعة يقتضي تخير العامل في زرع أي نوع شاء، ويتعين
بالتعيين، فإن زرع الأضر فللمالك الخيار بين المسمى مع الأرش، وبين
أجرة المثل.
ولو زرع الأخف تخير المالك بين الحصة مجانا المثل.
ولو شرط نوعين متفاوتين في الضرر افتقر إلى تعيين كل منهما،

(1) الهرف: ما زرع عاجلا، والأفل: خلافه. كما في جامع المقاصد: ج 7 ص 324.
(2) " صح " ليست في (أ).
313

وللمزارع أن يشارك غيره، وأن يزارع عليها غيره وإن لم يأذن المالك.
نعم، لو شرط الاختصاص لم تجز المشاركة ولا المزارعة، وخراج الأرض
ومؤنتها على المالك، إلا أن يشترطه على العامل.
وتصح المزارعة إذا كان من أحدهما الأرض خاصة، ومن الآخر البذر
والعمل والعوامل، وكذا إن كان البذر لصاحب الأرض أو العمل منه، أو
كان البذر منهما، سواء اتفقا في الحصة أو اختلفا، وسواء تساويا في البذر أو
تفاوتا. وفي صحة كون البذر من ثالث نظر، وكذا لو كان البذر من ثالث
والعوامل من رابع.
وكل مزارعة فاسدة فإن الزرع لصاحب البذر، وعليه أجرة الأرض
والفدان. ولو كان البذر من المالك فعليه أجرة العامل، والإطلاق يقتضي
كون البذر على العامل، ويحتمل البطلان.
ولو تناثر من الحاصل حب فنبت في العام الثاني فهو لصاحب البذر،
ولو كان من مال المزارعة فهو لهما.
ويجوز للمالك الخرص على العامل، ولا يجب القبول، فإن قبل كان
استقراره مشروطا بالسلامة، فلو تلف بآفة سماوية أو نقص لم
يكن عليه شئ، ولو زاد فإباحة على إشكال.
وإذا اختلف أنواع الزرع جاز الاختلاف في الحصة منها والتساوي.
ولو كان في الأرض شجر وبينه بياض فساقاه على الشجر وزارعه على
البياض جاز. وهل يجوز بلفظ المساقاة مع قصد الزرع والسقي؟ إشكال
ينشأ: من احتياج المزارعة إلى السقي.
ولو آجر الأرض بما يخرج منها لم يصح، سواء عينه بالجزء المشاع أو
المعين أو الجميع. ويقدم قول منكر زيادة المدة مع يمينه، وقول صاحب البذر
314

في قدر الحصة. ولو أقاما بينة احتمل تقديم بينة الآخر، وقيل: القرعة (1).
ولو ادعى العامل العارية والمالك الحصة أو الأجرة قدم قول المالك في
عدم العارية، وله أجرة المثل مع يمين العامل ما لم تزد عن المدعى، وللزارع
التبقية إلى وقت الأخذ.
أما لو قال: غصبتها (2) فإنه يحلف ويأخذ الأجرة والأرش إن عابت،
وطم الحفر وإزالة الزرع.
* * *

(1) انظر الخلاف: كتاب المزارعة م 10 ج 3 ص 521.
(2) في (ه‍، ص) وجامع المقاصد والإيضاح: " غصبتنيها ".
315

المقصد الثالث
في المساقاة
وفيه فصلان:
الأول: في أركانها
وهي خمسة:
الأول: العقد:
المساقاة معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها، وهي: مفاعلة من
السقي، وسميت به لأن أكثر حاجة الحجاز إليه، لأنهم يسقون من
الآبار.
وهي عقد لازم من الطرفين، ولا بد فيه من إيجاب دال على المقصود
بلفظ المساقاة وما ساواه (1) نحو: عاملتك وصالحتك (2)، أو أعمل (3) في
بستاني هذا، أو سلمت (4) إليك مدة كذا. وقبول: وهو اللفظ الدال على
الرضا.

(1) في (ه‍): " أو ما ساواه ".
(2) في (د): " أو صالحتك ".
(3) في (ب، ج، ش، ص): " واعمل ".
(4) في (ج): " وسلمت ".
316

ولو قال: استأجرتك لتعمل لي في هذا (1) الحائط مدة كذا بنصف
حاصله لم يصح على إشكال ينشأ: من اشتراط العلم في الأجرة إذا
قصدت. أما إذا تجوز بلفظها عن غيرها فلا.
ولا تبطل بموت أحد المتعاملين.
الثاني: متعلق العقد: وهو الأشجار كالنخل وشجر الفواكه والكرم.
وضابطه: كل ماله أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه، وفي المساقاة
على ما لا ثمرة له إذا قصد ورقه - كالتوت والحناء - إشكال أقربه الجواز،
وكذا ما يقصد زهره: كالورد وشبهه، والبقل والبطيخ والباذنجان وقصب
السكر وشبهه ملحق بالزرع. ولا تصح على ما لا ثمرة له، ولا يقصد ورقه
كالصفصاف.
ولا بد أن تكون الأشجار معلومة ثابتة، فلو ساقاه على ودي (2) غير
مغروس ليغرسه بطل. وأن تكون الثمرة بارزة فيبطل، إلا أن يبقى للعامل
عمل تستزاد به الثمرة وإن قل كالتأبير، والسقي، وإصلاح الثمرة، لا ما
لا يزيد كالجداد (3) ونحوه.
ولا بد أن تكون الثمرة مما تحصل في مدة العمل، فلو ساقاه على ودي
مغروس مدة لا يثمر فيها (4) قطعا أو ظنا أو متساويا بطل. ولو علم أو ظن
حصول الثمرة فيها صح.

(1) في (ش): " لتعمل في هذا ".
(2) الودي: فسيل النخل وصغاره. لسان العرب (مادة: ودي).
(3) في (ب، د، ص): " كالجذاذ ". قال الجوهري في الصحاح (مادة: جدد): الجداد والجداد مثل:
الصرام والقطاف.
(4) في (ش) زيادة " قطع الثمرة ".
317

ولو ساقاه عشر سنين وكانت الثمرة لا تتوقع إلا في العاشرة جاز، ويكون
ذلك في مقابلة كل العمل.
وتصح المساقاة على البعل (1) من الشجر، كما تصح على ما يفتقر إلى
السقي.
الثالث: المدة:
ويشترط تقديرها بزمان (2) معلوم كالسنة والشهر، لا بما يحتمل الزيادة
والنقصان، ولا تقدير لها كثرة، فيجوز أكثر من ثلاثين سنة.
أما القلة: فتتقدر بمدة تحصل فيها الثمرة غالبا، فإن خرجت المدة ولم
تظهر الثمرة فلا شئ للعامل. ولو ظهرت ولم تكمل فهو شريك، والأقرب
عدم وجوب العمل عليه. ولو قدر المدة بالثمرة فإشكال.
ولو مات العامل قبل المدة لم يجب على الوارث القيام به، فإن قام به (3)
وإلا استأجر الحاكم من تركته من يكمل العمل، فإن لم يكن له تركة أو
تعذر الاستئجار فللمالك الفسخ، فإن ظهرت الثمرة بيع من نصيب العامل
ما يحتاج إليه من العمل، أو بيع جميعه.
ولو لم تظهر ففسخ المالك لتعذر من يكمل العمل عن الميت وجبت
أجرة المثل عما مضى. ولو كان معينا بطلت قبل الظهور وله الأجرة.
الرابع: العمل:
ويجب على العامل القيام بما شرط عليه منه دون غيره، فإن أطلقا عقد

(1) البعل: ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقي من سماء ولا غيرها. لسان العرب (مادة: بعل).
(2) في (ج): " إما بزمان ".
(3) في (ه‍، ص): " قام الوارث به ".
318

المساقاة اقتضى الإطلاق قيامه بما فيه صلاح الثمرة وزيادتها: كالحرث تحت
الشجر، والبقر التي تحرث، وسقي الشجر، واستقاء الماء،
وإصلاح طرق السقي والأجاجين، وإزالة الحشيش المضر بالأصول، وتهذيب
الجريد من الشوك، وقطع اليابس من الأغصان، وزبار (1) الكرم، وقطع ما
يحتاج إلى قطعه، والتلقيح، والعمل بالناضح، وتعديل الثمرة، واللقاط،
والجداد، وأجرة الناطور، وإصلاح موضع التشميس، ونقل الثمرة إليه
وحفظها على رؤوس النخل وبعده حتى تقسم.
وعلى صاحب الأصل بناء الجدار، وعمل ما يستقى به من دولاب أو
دالية، وإنشاء النهر، والكش (2) للتلقيح على رأي.
وفي البقر التي تدير الدولاب تردد ينشأ: من أنها ليست من العمل
فأشبهت الكش، ومن أنها تراد للعمل فأشبهت بقر الحرث.
وإن احتاجت الأرض إلى التسميد فعلى المالك شراؤه، وعلى العامل
تفريقه، فإن أطلقا العقد فعلى كل منهما ما ذكرنا أنه عليه. وإن شرطاه
كان تأكيدا، وإن شرط أحدهما شيئا مما يلزم الآخر صح إذا كان معلوما،
إلا أن يشترط العامل على المالك جميع العمل فيبطل.
ويصح اشتراط الأكثر، ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك صح. ولو
شرط أن يكون عمل الغلام لخاص العامل فالأقرب الجواز.
ويجب تعيينه ونفقته على مولاه، فإن شرطها على العامل أو من الثمرة
صح بشرط العلم بقدرها وجنسها.

(1) " وزبار " ليست في (ص).
(2) تقدمت الإشارة إلى معناها في أول أحكام الإجارة، فراجع.
319

ولو شرط العامل أن أجرة الأجراء الذين يحتاج إلى الاستعانة بهم في
العمل على المالك أو عليهما صح، ولو لم يشترط فهي عليه، ومع الشرط يجب
التقدير.
أما لو شرط العامل أن يستأجر بأجرة على المالك في جميع العمل ولم
يبق للعامل إلا الاستعمال ففي الجواز إشكال.
الخامس: الثمار:
ويجب أن تكون مشتركة بينهما، معلومة بالجزئية المعلومة لا بالتقدير. فلو
اختص بها أحدهما، أو أهملا الحصة، أو شرط أحدهما لنفسه شيئا معلوما
والزائد بينهما، أو قدر لنفسه أرطالا معلومة والباقي للعامل أو بالعكس، أو
اختص أحدهما بثمرة نخلات معينة والآخر بالباقي، أو شرط مع الحصة من
الثمرة جزءا من الأصل - على إشكال -، أو ساقاه بالنصف إن سقى ناضحا
وبالثلث إن سقى عذبا أو بالعكس، أو ساقاه على أحد الحائطين لا بعينه،
أو شرط حصة مجهولة كالجزء أو النصيب بطلت المساقاة.
ولو شرط له النصف من أحد النوعين والثلث من الآخر صح إذا علم
مقدار كل منهما.
ولو ساقاه على النصف من هذا الحائط من النوعين لم يشترط العلم
بقدر كل منهما.
ولو ساقاه على النصف من هذا الحائط من النوعين لم يشترط العلم
بقدر كل منهما.
ولو شرط المالك على العامل شيئا من ذهب أو فضة مع الحصة كان
مكروها، ووجب الوفاء به ما لم تتلف الثمرة، أو لم تخرج فيسقط. وفي تلف
البعض أو قصور الخروج إشكال.
ولو قال: ساقيتك على أن لك النصف من الثمرة صح وإن أضرب عن
320

حصته، وفي العكس إشكال، فإن أبطلناه فاختلفا في الجزء المشروط لمن هو
منهما فهو للعامل. ولو قال: على أن الثمرة بيننا فهو تنصيف.
ولو ساقاه على بستانين بالنصف من أحدهما والثلث من الآخر صح مع
التعيين وإلا فلا.
ولو ساقاه على أحدهما بعينه (1) على أن يساقيه على الآخر بالثلث صح
على رأي.
ولو تعدد المالك وتفاوتا في الشرط صح إن علم حصة كل منهما، وإلا
فلا، ولو اتفقا صح وإن جهلهما.
ولو انعكس الفرض بأن تعدد العامل خاصة جاز، تساويا أو اختلفا.
ولو ساقاه على (2) أزيد من سنة وفاوت الحصة بينهما جاز مع
التعيين (3).
ولو ساقى أحد الشريكين صاحبه: فإن شرط للعامل زيادة على نصيبه
صح، وإلا فلا، ولا أجرة له.
الفصل الثاني: في أحكامها
يملك العامل الحصة بظهور الثمرة، فلو تلفت كلها (4) إلا واحدة فهي
بينهما، فإن بلغ حصة كل منهما نصابا وجبت عليه زكاته، وإلا فعلى من بلغ
نصيبه.

(1) في (ش، ص) زيادة " بالنصف ".
(2) " على " لا توجد في (ب، ج، د).
(3) في (أ) زيادة " وإلا فلا ".
(4) في (أ): " كلها أجمع ". و " كلها " ليست في (ه‍).
321

ولو فسد العقد كانت الثمرة للمالك، وعليه أجرة العامل.
ولو ظهر استحقاق الأصول فعلى المساقي أجرة العامل (1) والثمرة
للمالك، فإن اقتسماها وتلفت: فإن رجع المالك على الغاصب بالجميع
رجع الغاصب على العامل بحصته، وللعامل الأجرة عليه. ولو رجع على
العامل بالجميع فللعامل الرجوع بما وصل إلى الغاصب والأجرة، ولو رجع
على كل منهما بما صار إليه جاز. ولو كان العامل عالما فلا أجرة له.
ولو هرب العامل: فإن تبرع بالعمل عنه أحد أو بذل الحاكم الأجرة
من بيت المال فلا خيار، وإلا فللمالك الفسخ.
ولو عمل المالك بنفسه أو استأجر عليه فهو متبرع، وللعامل الحصة، إذ
ليس له أن يحكم لنفسه.
ولو أذن له الحاكم رجع بأجرة مثله، أو بما أداه إن قصر عن الأجرة.
ولو تعذر الحاكم كان له أن يشهد أنه يستأجر عنه ويرجع حينئذ، ولو
لم يشهد لم يرجع وإن نوى (2) على إشكال.
ولو فسخ فعليه أجرة عمله قبل الهرب، وله مع المتبرع الفسخ مع
التعيين.
ولو عمل الأجنبي قبل أن يشعر به المالك سلم للعامل غير المعين
الحصة، وكان الأجنبي متبرعا عليه، لا على المالك، والعامل أمين فيقبل
قوله في التلف، وعدم الخيانة، وعدم التفريط مع اليمين.
ولو ثبتت الخيانة فالأقرب أن يده لا ترفع عن حصته، وللمالك رفع

(1) في (أ): " أجرة المثل ".
(2) في (ج): " نوى الرجوع ".
322

يده عن نصيبه، فإن ضم إليه المالك حافظا فأجرته على المالك خاصة.
ولو لم يكن حفظه مع الحافظ فالأقرب رفع يده عن الثمرة والزامه بأجرة
عامل.
ولو ضعف الأمين عن العمل ضم غيره إليه، ولو عجز بالكلية أقيم
مقامه من يعمل عمله، والأجرة في الموضعين عليه.
ولو اختلفا في قدر حصة العامل قدم قول المالك مع اليمين، وكذا لو
اختلفا فيما تناولته المساقاة من الشجر.
ولو كان مع كل منهما بينة قدم بينة الخارج، ولو صدقه أحد المالكين
خاصة أخذ من نصيبه ما ادعاه، وقبلت شهادته على المنكر.
ولو كان العامل اثنين والمالك واحدا فشهد أحدهما على صاحبه
قبلت.
ولو استأجره على العمل بحصة منها أو بجميعها بعد ظهورها والعلم بقدر
العمل جاز، وإلا فلا. والخراج على المالك إلا أن يشترط على العامل أو
عليهما، وليس للعامل أن يساقي غيره.
ولو دفع إليه أرضا ليغرسها على أن الغرس لصاحبه فالمغارسة باطلة، سواء
شرطا (1) للعامل جزءا من الأرض أو لا، والغرس لصاحبه، ولصاحب
الأرض إزالته وأجرة أرضه، لفوات ما حصل الإذن بسببه، وعليه أرش
النقص بالقلع.
ولو دفع قيمة الغرس ليملكه أو الغارس قيمة الأرض ليملكها لم يجبر
الآخر عليه.

(1) في (ص): " شرط ".
323

ولو ساقاه على الشجر وزارعه على الأرض المتخللة بينهما في عقد واحد
جاز بأن يقول: ساقيتك على الشجر، وزارعتك على الأرض، أو: عاملتك
عليهما بالنصف.
ولو قال: ساقيتك على الأرض والشجر بالنصف جاز، لأن الزرع
يحتاج إلى السقي.
ولو قال: ساقيتك على الشجر ولم يذكر الأرض لم يجز له أن يزرع.
وكل شرط سائغ لا يتضمن جهالة فإنه لازم.
* * *
324

المقصد الرابع
في الشركة
وفيه فصلان:
الأول: الماهية
وهي: اجتماع حقوق الملاك في الشئ الواحد على سبيل الشياع.
والمحل: إما عين، أو منفعة، أو حق.
وسبب الشركة قد يكون إرثا، أو عقدا، أو مزجا، أو حيازة بأن يقلعا
شجرة أو يغترفا ماء دفعة بآنية.
وأقسامها أربعة:
شركة العنان: وهي (1) شركة الأموال.
وشركة الأبدان: بأن يشترك اثنان فصاعدا فيما يكتسبونه بأيديهم،
تساوت الصنعة أو اختلفت.
وشركة المفاوضة: وهي أن يشتركا فيما يتساويان من مال، ويلتزمان من
غرم بغصب أو بيع فاسد.
وشركة الوجوه: وهي أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ليكون له
بعضه. والكل باطل سوى الأول.

(1) " وهي " ليست في (ج).
325

وأركانها ثلاثة:
المتعاقدان: ويشترط فيهما أهلية التوكيل والتوكل.
والصيغة: وهي: ما يدل على الإذن في التصرف، ويكفي قولهما:
اشتركنا.
والمال: وهو: كل ما يرتفع الامتياز مع مزجه، سواء كان أثمانا أو
عروضا أو فلوسا. فلا يكفي مزج الصحيح بالقراضة، ولا السمسم بالكتان،
ولا عند اختلاف السكة.
وتحصل الشركة بالمزج، سواء كان اختيارا أو اتفاقا، والمختلف إنما
تتحقق فيه الشركة بالعقد الناقل كان يبيع أحدهما حصة مما في يده بحصة
مما في يد الآخر.
ولو باعا بثمن واحد أو عملا بأجرة واحدة ثبتت الشركة، سواء تساوت
القيمتان أو اختلفتا، ولكل منهما بقدر النسبة من القيمة.
وإذا تميز عمل الصانع من صاحبه اختص بأجرته، ومع الاشتباه
يحتمل التساوي والصلح.
ولا بد وأن يكون رأس المال معلوما جنسا وقدرا معينا، فلا تصح في
المجهول، ولا الجزاف، ولا الغائب، ولا الدين.
ولا يشترط التساوي قدرا، ويشترط امتزاجهما.
الفصل الثاني: في (1) الأحكام
لا يجوز لأحد الشريكين التصرف في المال الممتزج إلا بإذن صاحبه،

(1) " في " ليس في (ب، ه‍).
326

فإن اختص أحدهما بالإذن اختص بالتصرف، وإن اشترك اشترك.
ويقتصر المأذون على ما أذن له، فلو عين له جهة السفر أو بيع على
وجه أو شراء جنس لم يجز التجاوز.
ولو شرطا الاجتماع لم يجز لأحدهما الانفراد. ولو أطلق الإذن تصرف
كيف شاء، ويضمن لو تجاوز المحدود.
ويجوز الرجوع في الإذن والمطالبة بالقسمة، إذ الشركة من العقود الجائزة
من الطرفين. وليس لأحدهما مطالبة الشريك بإقامة رأس المال، بل
يقتسمان الأعراض (1) إذا لم يتفقا على البيع.
وتنفسخ بالجنون والموت، ولا يصح التأجيل فيها، ويبسط الربح
والخسران على الأموال بالنسبة.
ولو شرطا التفاوت مع تساوي المالين أو التساوي مع تفاوته فالأقرب
جوازه إن عملا، أو أحدهما، سواء شرطت الزيادة له للآخر. وقيل (2):
تبطل، إلا أن يشترط الزيادة للعامل.
والشريك أمين لا يضمن ما تلف في يده إلا بتعد أو تفريط، ويقبل
قوله في التلف - وإن ادعى سببا ظاهرا كالغرق - مع اليمين وعدم البينة،
وكذا لو ادعي عليه الخيانة أو التفريط.
ويقبل قوله في قصد ما اشتراه أنه (3) لنفسه أو للشركة، فإن قال: كان
مال الشركة فخلصت بالقسمة، فالقول قول الآخر في إنكار القسمة. ولو أقر

(1) في (ج، د) ونسخة من (ش): " الأعواض ".
(2) وهو قول الشيخ في المبسوط: ج 2 ص 349، والخلاف: ج 3 ص 332 مسألة: 9 من الشركة.
(3) " أنه " ليست في (أ).
327

الآذن في قبض البائع به دونه برئ المشتري من نصيب الآذن، لاعترافه
بقبض وكيله. ثم القول قول البائع في الخصومة بينه وبين المشتري، وبينه
وبين المقر.
وتقبل شهادة المقر عليه في حقه إن كان عدلا، وإلا حلف وأخذ من
المشتري، ولا يشاركه المقر، ثم يحلف للمقر، ولا تقبل شهادة المشتري له.
ولو ادعى المشتري على شريك البائع بالقبض: فإن كان البائع أذن
فيه فالحكم كما تقدم، وإن لم يأذن لم يبرأ المشتري من حصة البائع، لأنه لم
يدفعها إليه، ولا إلى وكيله، ولا من حصة الشريك لإنكاره، والقول قوله
مع يمينه.
ولا يقبل قول المشتري على الشريك، وللبائع المطالبة بقدر حقه
خاصة، لاعترافه بقبض الشريك حقه. وعلى المشتري دفع نصيبه إليه من
غير يمين، فإذا قبض حقه فللشريك مشاركته فيما قبض، وله أن لا يشاركه،
ويطالب المشتري بجميع حقه: فإن شارك في المقبوض فعليه اليمين أنه لم
يستوف حقه من المشتري، ويأخذ من القابض نصف نصيبه، ويطالب
المشتري بالباقي إذا حلف أنه لم يقبض منه شيئا، وليس للمقبوض منه
الرجوع على المشتري بعوض ما أخذ منه، لاعترافه ببراءة ذمة المشتري.
ولو خاصم المشتري شريك البائع فادعى عليه القبض لم تقبل شهادة
البائع، لأنه يدفع عن نفسه ضرر مشاركة شريكه له فيما يقبضه من المشتري،
فيحلف ويأخذ من المشتري نصف الثمن، فإن نكل أخذ المشتري منه
النصف.
ولو باع الشريكان سلعة صفقة ثم استوفى أحدهما شيئا شاركه الآخر
328

فيه (1) وإن تعدد المشتري. أما لو تعددت الصفقة فلا مشاركة وإن اتحد
المشتري.
ولو تساوى المالان وأذن أحدهما في العمل للآخر على أن يتساويا في
الربح فهو بضاعة.
فروع
(أ): لو دفع إلى آخر دابته ليحمل عليها والحاصل لهما فالشركة باطلة،
فإن كان العامل قد آجر الدابة فالأجر لمالكها، وعليه أجرة مثل العامل،
فإن قصر الحاصل عنهما تحاصا إن كان بسؤال العامل، وإلا فالجميع. وإن
تقبل حمل شئ فحمله عليها أو حمل عليها شيئا مباحا فباعه فالأجرة والثمن
له، وعليه أجرة مثل الدابة لمالكها.
(ب): لو دفع دابة إلى سقاء وآخر راوية على الشركة في الحاصل لم
تنعقد، وكان الحاصل للسقاء، وعليه أجرة الدابة والراوية.
ولو كان من واحد دكان ومن آخر رحى ومن ثالث بغل ومن رابع
عمل فلا شركة. ثم إن كان عقد أجرة الطحن من واحد منهم ولم يذكر
أصحابه أو ذكرهم كان كما لو عقد مع كل واحد منهم منفردا.
ولو استأجر من الجميع فقال: استأجرتكم لطحن هذا الطعام بكذا،
فالأجر بينهم أرباعا، لأن كل واحد منهم لزم طحن ربعه بربع الأجر،
ويرجع كل واحد (2) منهم على كل واحد من أصحابه بربع أجر مثله.

(1) " فيه " لا يوجد في (أ).
(2) " واحد " ليست في (ش).
329

ولو كان قال: استأجرت هذا الدكان والبغل والرحى والرجل بكذا
لطحن كذا فالأجر بينهم على قدر أجر مثلهم لكل واحد من المسمى بقدر
حصته.
(ج): لو صاد أو احتطب أو احتش أو أحاز بنية (1) أنه له ولغيره لم تؤثر
تلك النية، وكان بأجمعه له.
وهل يفتقر المحيز في تملك المباح إلى نية التملك؟ إشكال.
* * *

(1) " بنية " ليست في (أ).
330

المقصد الخامس
في القراض
وفصوله ثلاثة:
الأول: في أركانه
وهي خمسة:
الأول: العقد:
فالإيجاب: قارضتك، أو ضاربتك، أو عاملتك على أن الربح بيننا
نصفين أو متفاوتا.
والقبول: قبلت، وشبهه من الألفاظ الدالة على الرضا.
وهو عقد قابل للشروط الصحيحة مثل: أن لا يسافر بالمال، أو
لا يشتري (1) إلا من رجل بعينه، أو قماشا معينا وإن عز وجوده كالياقوت
الأحمر. أو لا يبيع إلا على رجل معين.
ولو شرط ما ينافيه فالوجه بطلان العقد مثل: أن يشترط ضمان المال،
أو سهما من الخسران، أو لزوم المضاربة، أو أن (2) لا يبيع إلا برأس المال أو
أقل.

(1) في المطبوع و (ج): " لا تسافر بالمال، أو لا تشتر ".
331

ولو شرط توقيت المضاربة لم يلزم الشرط والعقد صحيح، لكن ليس
للعامل التصرف بعده.
ولو شرط على العامل المضاربة في مال آخر أو يأخذ منه بضاعة أو
قرضا أو يخدمه في شئ بعينه فالوجه صحة الشروط.
الثاني: المتعاقدان: البلوغ، والعقل، وجواز التصرف.
ويجوز تعددهما واتحادهما وتعدد أحدهما خاصة، وأن يكون الدافع رب
المال أو من أذن له. فلو ضارب العامل غيره بإذن المالك (1) صح وكان
الأول وكيلا، فإن شرط لنفسه شيئا من الربح لم يجز، لأنه لا مال له
ولا عمل.
وإن ضارب بغير إذنه بطل الثاني، فإن لم يربح ولا تلف منه شئ رده
على المالك، ولا شئ له ولا عليه.
وإن تلف في يده طالب المالك من شاء منهما، فإن طالب الأول رجع
على الثاني مع علمه، لاستقرار التلف في يده، وكذا مع عدم علمه على
إشكال ينشأ من الغرور.
وإن طالب الثاني رجع على الأول مع جهله على إشكال، لا مع
علمه، وإن ربح فللمالك خاصة.
وفي رجوع الثاني على الأول بأجرة المثل احتمال. ولو قيل: إن كان
الثاني عالما بالحال لم يستحق شيئا وإن جهل فله أجرة المثل على الأول
كان وجها.

(1) في (ب) زيادة " أو وكيله ".
332

ويحتمل عدم لزوم الشراء إن كان بالعين، وإن كان في الذمة احتمل
اختصاص الثاني به، والقسمة بينه وبين العامل الأول في النصف،
واختصاص المالك بالآخر إن كان الأول شرط على الثاني أن للمالك
النصف والآخر بينهما.
ولو شرط المريض للعامل ما يزيد على أجرة المثل لم يحتسب الزائد من
الثلث، إذ المقيد بالثلث التفويت وليس حاصلا هنا، لانتفاء الربح
حينئذ.
وهل المساقاة كذلك؟ إشكال ينشأ: من كون النخلة تثمر بنفسها
فهي كالحاصل.
وإذا فسد القراض بفوات شرط نفذت التصرفات وكان الربح بأجمعه
للمالك، وعليه للعامل أجرة المثل، إلا إذا فسد بأن شرط جميع الربح
للمالك ففي استحقاق الأجرة إشكال ينشأ: من رضاه بالسعي مجانا.
الثالث: رأس المال: وشروطه أربعة:
(أ) (1): أن يكون نقدا، فلا يصح القراض بالعروض، ولا بالنقرة،
ولا بالفلوس، ولا بالدراهم المغشوشة.
ولو مات المالك وبالمال متاع فأقره الوارث لم يصح.
ولو دفع شبكة للصائد بحصة للصائد، وعليه أجرة الشبكة.
(ب): أن يكون معينا، فلا يصح على دين في الذمة.
ولو قال له: اعزل المال الذي لي عليك وقد قارضتك عليه، ففعل
واشترى بعين المال للمضاربة فالشراء له، وكذا إن اشترى في الذمة.

(1) في المطبوع و (ب): " الأول " كتابه، وكذا في ما بعده.
333

ولو أقرضه ألفا شهرا ثم هو بعده مضاربة لم يصح. ولو قال ضارب به
شهرا ثم هو قرض صح.
ولو قال: خذ المال الذي (1) على فلان واعمل به مضاربة لم يصح (2) ما
لم يجدد العقد، وكذا لو قال: بع هذه السلعة فإذا نض ثمنها فهو قراض.
ولو كان وديعة أو غصبا عند فلان صح. ولو كان قد تلف لم يصح،
وكذا يصح لو كان في يده وديعة أو غصب لم يتلف عينه فضاربه المالك به،
والأقرب زوال الضمان بالعقد، ويحتمل بقاؤه إلى الأداء ثمنا عما يشتريه.
ولو دفع إليه كيسين فقال: قارضتك على أحدهما والآخر وديعة ولم
يعين أو قال: قارضتك على أيهما شئت لم يصح.
(ج): أن يكون معلوما، فلا يصح على المجهول قدره، وفي المشاهد
إشكال، فإن جوزناه فالقول قول العامل مع يمينه في قدره.
(د): أن يكون مسلما في يد العامل، فلو شرط المالك أن يكون يده عليه
لم يصح.
أما لو شرط أن يكون مشاركا في اليد أو يراجعه في التصرف أو يراجع
مشرفه فالأقرب الجواز.
ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك جاز.
الرابع: العمل:
وهو: عوض الربح، وشرطه: أن يكون تجارة، فلا يصح على الطبخ
والخبز والحرف.

(1) في المطبوع و (د) زيادة " لي ".
(2) العبارة " ولو قال: ضارب به شهرا - إلى قوله -: واعمل به مضاربة صح " سقطت من (أ).
334

أما النقل والكيل والوزن ولواحق التجارة فإنها تبع للتجارة. والتجارة
هي: الاسترباح بالبيع والشراء، لا بالحرف والصنائع.
وإذا أذن في التصرف وأطلق اقتضى (1) الإطلاق ما يتولاه المالك من
عرض القماش، ونشره وطيه، وإحرازه، وبيعه، وقبض ثمنه، وإيداعه
الصندوق، واستئجار ما يعتاد الاستئجار له: كالدلال (2) والوزان والحمال.
ولو استأجر لما يجب عليه مباشرته فالأجرة عليه خاصة.
ولو عمل بنفسه ما يستأجر له عادة لم يستحق أجرة.
ولو شرط عليه ما تتضيق التجارة بسببه لزم، فإن تعدى ضمن كما لو
شرط أن لا يشتري إلا ثوبا معينا، أو ثمرة بستان معين، أو لا يشتري إلا
من زيد، أو لا يبيع إلا عليه، وسواء كان وجود ما عينه عاما أو نادرا.
ولو شرط الأجل لم يلزم. ولو قال: إن مضت سنة فلا تشتر بعدها وبع
صح، وكذا العكس.
ولو قال: على أني لا أملك فيها منعك لم يصح.
ولو شرط أن يشتري أصلا يشتركان في نمائه كالشجر أو الغنم فالأقرب
الفساد، لأن مقتضى القراض التصرف في رأس المال.
الخامس: الربح: وشروطه أربعة:
(أ) (3): أن يكون مخصوصا بالمتعاقدين، فلو شرط جزءا منه لأجنبي:

(1) في (د) زيادة " منه ".
(2) في (ش) زيادة " والكيال ".
(3) في المطبوع و (ب): " الأول " كتابة، وكذا ما بعده.
335

فإن كان عاملا صح، وإلا بطل.
ولو شرط لغلامه حصة معهما صح، سواء عمل الغلام أو لا.
(ب): أن يكون مشتركا، فلو قال: خذه قراضا على أن الربح لك أو لي
بطل. أما لو قال: خذه فاتجر به على أن الربح لك كان قرضا. ولو قال:
على أن الربح لي كان بضاعة.
(ج): أن يكون معلوما، فلو قال: على أن لك مثل ما اشترطه فلان
لعامله ولم يعلمه أحدهما بطل.
ولو قال: على أن (1) الربح بيننا فهو تنصيف، وكذا خذه (2) على
النصف (3)، أو على أن لك النصف وإن سكت عن حصته.
أما لو قال: على أن لي النصف وسكت عن حصة العامل بطل على
إشكال.
ولو قال: على أن لك الثلث ولي النصف وسكت عن السدس صح، وكان للمالك.
ولو قال: خذه مضاربة على الربع أو الثلث صح، وكان تقدير النصيب
للعامل.
ولو قال: لك ثلث الربح وثلث ما بقي صح، وكان له خمسة أتساع، لأنه
معناه.
ولو قال: لك ثلث الربح وربع ما بقي فله النصف.

(1) العبارة " لك مثل ما اشترطه فلان... ولو قال: على أن " ساقطة من نسخة (ب).
(2) في (د): " وكذا لو قال: خذه ".
(3) في (ب): " على التنصيف ".
336

ولو قال: لك الربع (1) وربع ما بقي فله ثلاثة أثمان ونصف ثمن،
سواء عرفا الحساب أو جهلاه، لأنه أجزاء معلومة.
(د) أن يكون مقدرا بالجزئية لا بالتقدير كالنصف أو الثلث، فلو
قال: على أن لك من الربح مائة والباقي لي أو بالعكس، أو: على أن لك
ربح هذه الألف ولي ربح الأخرى، أو: لك نصف الربح إلا عشرة دراهم
أو وعشرة، أو: على أن لي ربح أحد الثوبين أو إحدى السفرتين، أو: ربح
تجارة شهر كذا بطل، وكذا لو قال: على أن لك مائة والباقي بيننا.
ويصح لو قال: على أن لك ربح نصفه أو نصف ربحه.
الفصل الثاني: في الأحكام
ومطالبة أربعة:
الأول:
العامل كالوكيل في تنفيذ تصرفه بالغبطة، فليس له التصرف بالغبن،
ولا بالنسيئة بيعا ولا شراء، إلا مع عموم الإذن كافعل ما شئت، أو
خصوصه، فإن فعل لا معه وقف على الإجازة. والأقرب أنه يضمن
القيمة، لأنه لم يفت بالبيع بأكثر منها، ولا يتحفظ بتركه سواها، وزيادة
الثمن حصلت بتفريطه فلا يضمنها.
وليس له أن يبيع بدون ثمن المثل، ولا يشتري بأكثر منه مما لا يتغابن
الناس به، فإن خالف احتمل بطلان البيع وضمان النقص، وعلى

(1) " الربع " سقطت من (ب).
337

البطلان لو تعذر الرد ضمن النقض. ولو (1) أمكن الرد وجب رده إن كان
باقيا، ورد قيمته إن كان تالفا. وللمالك إلزام من شاء، فإن رجع على
المشتري بالقيمة رجع المشتري على العامل بالثمن، وإن رجع على العامل
رجع العامل بالزائد من قيمته على المشتري.
ولو ظهر ربح فللمالك المطالبة بحصته دون العامل.
ولو اشترى بأكثر من ثمن بعين المال فهو كالبيع. وإن اشترى في
الذمة لزم العامل إن أطلق الشراء ولم يجز المالك، وإن ذكر المالك بطل مع
عدم الإجازة.
وليس له أن يبيع إلا نقدا بنقد البلد، والأقرب أن له أن يبيع بالعرض
مع الغبطة.
وليس له الزراعة (2)، ولا يشتري إلا بعين المال، فإن اشترى في الذمة
من دون إذن وقع له إن لم يذكر المالك، وإلا بطل.
وليس له أن يشتري بأكثر من رأس المال، فلو اشترى عبدا بألف (3)
- هي رأس المال - ثم اشترى بعينها آخر بطل، وإن اشترى في ذمته صح له
إذا لم يذكر المالك، وإلا وقف على الإجازة. وله أن يشتري المعيب ويرد
بالعيب ويأخذ الأرش، كل ذلك مع الغبطة.
ولو اختلفا في الرد والأرش قدم جانب الغبطة، فإن انتفت قدم
المالك (4).

(1) في المطبوع: " أو أمكن ".
(2) في (ج، د، ص): " المزارعة ".
(3) في (ج): " بألف درهم ".
(4) في (أ) والمطبوع: " قدم قول المالك ".
338

وليس له أن يشتري من ينعتق على المالك إلا بإذنه، فإن فعل صح
وعتق وبطلت المضاربة في ثمنه، فإن كان كل المال بطلت المضاربة. ولو
كان فيه ربح فللعامل المطالبة بثمن حصته، والوجه الأجرة، وإن لم يأذن
فالأقرب البطلان إن كان الشراء بالعين أو في الذمة وذكر المالك، وإلا
وقع للعامل مع علمه، وفي جاهل النسب أو الحكم إشكال.
ولو اشترى من نذر المالك عتقه صح الشراء، وعتق على المالك إن لم
يعلم العامل بالنذر، ولا ضمان.
ولو اشترى زوج المالكة بإذنها بطل النكاح، وبدونه (1) قيل: يبطل
الشراء، لتضررها به (2). وقيل: يصح موقوفا (3).
ولا يضمن العامل ما يفوت من المهر ويسقط من النفقة. وقيل:
مطلقا (4)، فيضمن المهر مع العلم. وكذا لو اشترى من له عليه مال.
والوكيل في شراء عبد مطلق لو اشترى أبا الموكل احتمل الصحة
وعدمها. والمأذون له في شراء عبد كالوكيل، وفي التجارة كالعامل.
ولو اشترى العامل من ينعتق عليه ولا ربح في المال صح، فإن ارتفع
السوق وظهر ربح وقلنا: يملك به عتق حصته، ولم يسر على إشكال، إذ
لا اختيار في ارتفاع السوق، واختياره السبب. وإن كان فيه ربح وقلنا:
لا يملك (5) بالظهور صح ولا عتق، وإن قلنا: يملك فالأقرب الصحة،

(1) في (ج): " وبدون إذنها ".
(2) المبسوط: كتاب الإجارة ج 3 ص 176.
(3) هو قول كل من قال بصحة الفضولي ووقوفه على إجازة المالك، كما في إيضاح الفوائد: كتاب
الإجارة ج 2 ص 316.
(4) لم نظفر بقائله.
(5) في (ب): " إنه لا يملك ".
339

فينعتق نصيبه ويسري إلى نصيب المالك، ويغرم له حصته لاختياره
الشراء. ويحتمل الاستسعاء في باقي للمعتق وإن كان العامل
موسرا، والبطلان، لأنه مخالف للتجارة.
المطلب الثاني:
ليس للعامل أن يسافر إلا بإذن المالك، فإن فعل بدون إذن ضمن،
وتنفذ تصرفاته ويستحق الربح.
ولو أمره بالسفر إلى جهة فسافر إلى غيرها أو بابتياع شئ معين
فابتاع غيره ضمن، ولو ربح - حينئذ - فالربح (1) على الشرط.
ولو سوغ له السفر لم يكن له سلوك طريق مخوف، فإن فعل ضمن.
وإذا أذن في السفر من أصل (2) القراض كمال النفقة على رأي، فلو
كان معه غيره قسط. ويحتمل مساواة الحضر واحتساب الزائد على
القراض.
ولو انتزع المالك منه المال في السفر فنفقة العود على خاص العامل.
ولو مات لم يجب تكفينه.
المطلب الثالث:
ليس للعامل وطئ أمة القراض وإن ظهر الربح، فإن فعل من غير إذن
حد، وعليه المهر، وولده رقيق إن لم يظهر ربح، ولا تصير أم ولد. ولو ظهر

(1) في (ب) زيادة " بينهما ".
(2) في نسخة من (ص) زيادة " مال ".
340

ربح انعقد حرا، وهي أم ولد، وعليه قيمتها.
وليس للمالك وطئ الأمة أيضا، فإن فعل فهي أم ولد إن علقت،
ولا حد، ويحتسب قيمتها، ويضاف إليها بقية المال، وإن كان فيه ربح
فللعامل حصته.
ولو أذن له المالك في شراء أمة يطؤها قيل: جاز (1)، والأقرب المنع.
نعم، لو أحله بعد الشراء صح.
وليس لأحدهما تزويج الأمة، ولا مكاتبة العبد، فإن اتفقا عليهما جاز.
وليس له أن يخلط مال المضاربة بماله إلا مع إذنه فيضمن بدونه. ولو
قال: أعمل برأيك فالأقرب الجواز.
وليس له أن يشتري خمرا ولا خنزيرا إذا كان أحدهما مسلما، وليس له
أن يأخذ من آخر مضاربة إن تضرر الأول إلا بإذنه، فإن فعل وربح في
الثانية لم يشاركه الأول.
ولو دفع إليه قراضا وشرط أن يأخذ له بضاعة فالأقوى صحتهما.
ولو قارض اثنان واحدا وشرطا له النصف وتفاضلا في الباقي مع
تساوي المالين أو بالعكس فالأقوى الصحة.
ولو كان العامل اثنين وساواهما في الربح صح وإن اختلفا في العمل.
ولو أخذ من واحد مالا كثيرا يعجز عن العمل فيه ضمن مع جهل
المالك.
ولو أخذ مائة من رجل ومثلها من آخر واشترى بكل مائة عبدا فاختلطا
اصطلحا، أو أقرع.

(1) القائل بالجواز هو الشيخ في النهاية: ج 2 ص 242.
341

المطلب الرابع:
العامل يملك الحصة من الربح بالشرط دون الأجرة على الأصح،
ويملك بالظهور لا بالانضاض - على رأي - ملكا غير مستقر، وإنما يستقر
بالقسمة، أو بالانضاض، والفسخ قبل القسمة.
ولو أتلف المالك أو الأجنبي ضمن له حصته ويورث عنه، والربح
وقاية لرأس المال، فإن خسر وربح حبرت الوضيعة من الربح، سواء كان
الربح والخسران في مرة واحدة أو مرتين، أو في صفقة (1) أو اثنتين.
فلو دفع ألفين فاشترى بأحدهما سلعة وبالأخرى مثلها فخسرت الأولى
وربحت الثانية جبر الخسران من الربح، ولا شئ للعامل إلا بعد كمال
الألفين.
ولو تلف مال القراض أو بعضه بعد دورانه في التجارة احتسب التالف
من الربح، وكذا لو كان قبل دورانه على إشكال، سواء كان التلف للمال
أو للعوض باحتراق، أو سرقة، أو نهب، أو فوات عين، أو بانخفاض سوق،
أو طريان عيب. والزيادات العينية كالثمرة والنتاج محسوبة من الربح،
وكذا بدل منافع الدواب، ومهر وطئ الجواري، حتى لو وطئ السيد
كان مستردا مقدار العقر.
ولو كان رأس المال مائة فخسر عشرة ثم أخذ المالك عشرة ثم عمل
الساعي فربح فرأس المال ثمانية وثمانون أتساع، لأن المأخوذ
محسوب من رأس المال فهو كالموجود، فالمال في تقدير تسعين، فإذا بسط

(1) في (ص) زيادة " واحدة ".
342

الخسران - وهو عشرة - على تسعين أصاب العشرة المأخوذة دينارا وتسع،
فيوضع ذلك من رأس المال.
وإن أخذ نصف التسعين الباقية بقي رأس المال خمسين، لأنه أخذ
نصف المال فسقط نصف الخسران.
وإن أخذ خمسين بقي أربعة وأربعون وأربعة أتساع، وكذا في طرف الربح
يحسب المأخوذ من رأس المال والربح، فلو كان المال مائة وربح عشرين
فأخذها المالك بقي رأس المال ثلاثة وثمانين وثلثا، لأن المأخوذ سدس المال
فينقص سدس رأس المال - وهو ستة عشر وثلثان - وحظها (1) من الربح ثلاثة
وثلث، فيستقر ملك العامل على نصف المأخوذ من الربح (2) وهو درهم
وثلثان.
ولو انخفضت السوق وعاد ما في يده إلى ثمانين لم يكن للمالك أن
يأخذه ليتم له المائة، بل للعامل من الثمانين درهم وثلثان.
ولو كان قد أخذ ستين بقي رأس المال خمسين، لأنه أخذ نصف المال
فبقي نصفه. وإن أخذ خمسين بقي رأس المال ثمانية وخمسين وثلثا، لأنه أخذ
ربح (3) المال وسدسه فبقي ثلثه وربعه. فإن أخذ منه ستين ثم خسر فصار
معه أربعون فردها كان له على المالك خمسة، لأن الذي أخذه المالك
انفسخت فيه المضاربة فلا يجبر ربحه خسران الباقي، لمفارقته إياه وقد أخذ
من الربح عشرة، لأن سدس ما أخذه ربح. ولو رد منها عشرين بقي رأس
المال خمسة وعشرين.

(1) في بعض النسخ: حصتها.
(2) " من الربح " ليست في (أ).
(3) في (ش، ص): " ربع ".
343

ولو دفع ألفا مضاربة فاشترى متاعا يساوي ألفين فباعه بهما ثم اشترى
به جارية وضاع الثمن قبل دفعه رجع على المالك بألف وخمسمائة، ودفع
من ماله خمسمائة على إشكال، فإذا باعها بخمسة آلاف أخذ العامل
ربعها، وأخذ المالك من الباقي رأس ماله ألفين وخمسمائة، وكان الباقي ربحا
بينهما على ما شرطاه.
ولو دفع إليه ألفا مضاربة ثم دفع إليه ألفا أخرى مضاربة وأذن في ضم
أحدهما إلى الآخر قبل التصرف في الأول جاز وصار مضاربة واحدة. وإن
كان بعد التصرف في الأول في شراء المتاع لم يجز، لاستقرار حكم الأول،
فربحه وخسرانه مختص به، فإن نض الأول جاز ضم (1) الثاني إليه، وإن لم
يأذن (2) في الضم فالأقرب أنه ليس له ضمه.
ولو خسر العامل فدفع الباقي (3) ناضا ثم أعاده المالك إليه بعقد
مستأنف لم يجبر ربح الثاني خسران الأول، لاختلاف العقدين. وهل يقوم
الحساب مقام القبض؟ الأقرب أنه ليس كذلك.
وليس للعامل بعد ظهور الربح أخذ شئ منه بغير إذن المالك، فإن
نض قدر الربح واقتسماه وبقي رأس المال فخسر رد العامل أقل الأمرين
واحتسب المالك، وإن امتنع أحدهما من القسمة لم يجبر الآخر (4) عليها.
ولا يصح أن يشتري المالك من العامل شيئا من مال القراض، ولا أن
يأخذ منه بالشفعة، ولا من عبده القن، ويجوز من المكاتب والشريك،

(1) في (ش): " رد ".
(2) في (ج) زيادة " له ".
(3) في (ه‍) زيادة " إليه ".
(4) " الآخر " ليست في المطبوع و (أ)، وفي (ش): " لم يجبره عليها ".
344

فيصح في نصيب شريكه.
وللعامل أن يشتري من مال المضاربة، وإن ظهر ربح بطل البيع في
نصيبه منه.
الفصل الثالث: في التفاسخ والتنازع
القراض: عقد جائز من الطرفين لكل منهما فسخه، سواء نض المال أو
كان به عروض، وينفسخ بموت أحدهما وجنونه (1).
وإذا فسخ القراض والمال ناض لا ربح فيه أخذه المالك ولا شئ
للعامل، وإن كان فيه (2) ربح قسم على الشرط. وإن انفسخ وبالمال
عروض: فإن ظهر فيه ربح وطلب العامل بيعه أو وجد زبونا يحصل له ربح
يبيعه (3) عليه أجبر المالك على إجابته على إشكال، وإن لم يظهر ربح
ولا زبون لم يجبر المالك.
ولو طلب المالك بيعه: فإن لم يكن ربح أو كان وأسقط العامل حقه
منه فالأقرب إجباره على البيع ليرد المال كما أخذه، وكذا يجبر مع الربح.
ولو نض قدر رأس المال فرده العامل لم يجبر على إنضاض الباقي، وكان
مشتركا بينهما. ولو رد ذهبا ورأس المال فضة وجب الرد إلى الجنس.
وإذا فسخ المالك القراض ففي استحقاق العامل أجرة المثل إلى ذلك
الوقت نظر، فإذا انفسخ والمال دين وجب على العامل تقاضيه وإن لم يظهر
ربح.

(1) كذا في جميع النسخ، والظاهر أن الأصح " أو جنونه ".
(2) " فيه " ليس في سائر النسخ عدا (ج).
(3) في (أ) زيادة كلمة " المال "، وفي (ه‍): " ببيعه "، وفي (ص): " بيعه ".
345

ولو مات المالك فلورثته مطالبة العامل بالتنضيض، وتجديد عقد
القراض إن كان المال ناضا نقدا وإلا فلا.
ولو مات العامل فللمالك تقرير وارثه على العقد إن كان المال نقدا،
وإلا فلا. وهل ينعقد القراض هنا بلفظ التقرير إشكال؟
وإذا مات المالك قدمت حصة العامل على غرمائه.
ولو مات العامل ولم يعرف بقاء مال المضاربة بعينه صار ثابتا في ذمته،
وصاحبه أسوة الغرماء على إشكال، وإن عرف قدم وإن جهلت عينه.
وإذا تلف المال قبل الشراء انفسخت المضاربة، فإن اشترى بعد ذلك
للمضاربة فالثمن عليه وهو (1) لازم له، سواء علم بتلف المال قبل نقد الثمن
أو جهله.
ولو أجاز رب المال احتمل صيرورة الثمن عليه وبقاء المضاربة (2)، فإن
اشترى للمضاربة فتلف الثمن قبل نقده فالشراء للمضاربة، وعقدها باق،
وعلى المالك الثمن. وهل يحسب التالف من رأس المال؟ نظر. هذا إذا
كان المالك أذن في الشراء في الذمة، وإلا كان الثمن لازما للعامل، والشراء
له إن لم يذكر المالك، وإلا بطل البيع، ولا يلزم الثمن أحدهما.
ولو اشترى بالثمن عبدين فمات أحدهما كان تلفه من الربح، ولو ماتا
معا انفسخت المضاربة، لزوال مالها أجمع، فإن دفع المالك إليه شيئا آخر
كان الثاني رأس المال ولم يضم إلى المضاربة الأولى.
وينفذ تصرف العامل في المضاربة الفاسدة بمجرد الإذن كالوكيل (3)،

(1) " وهو " ليست في (ب).
(2) " وبقاء المضاربة " ليست في (ش، ص).
(3) في (ش): " كالتوكيل ".
346

والربح بأجمعه للمالك، وعليه أجرة المثل للعامل، سواء ظهر الربح أو لا،
إلا أن يرضى العامل بالسعي مجانا، كأن يقول له (1): قارضتك والربح
كله لي، فلا أجرة له حينئذ.
والعامل أمين لا يضمن ما يتلف إلا بتعد أو تفريط، سواء كان العقد
صحيحا أو فاسدا، والقول قوله مع اليمين قي قدر رأس المال، وتلفه، وعدم
التفريط، وحصول الخسران، وإيقاع الشراء لنفسه أو للمضاربة، وقدر
الربح، وعدم النهي عن شراء العبد - مثلا - لو ادعاه المالك.
والأقرب تقديم قول المالك في الرد، وفي عدم إذن النسيئة، وعدم الإذن
في الشراء بعشرة، وفي قدر نصيب العامل من الربح.
ولو قال العامل: ما ربحت شيئا أو ربحت ألفا ثم خسرت أو تلف
الربح قبل، بخلاف ما لو قال: غلطت، أو نسيت.
ولو اختلفا في قدر رأس المال فالقول قول العامل مطلقا على إشكال.
ولو ادعى المالك أن رأس المال ثلثا الحاصل فصدقه أحد العاملين
بالنصف وادعى الآخر الثلث قدم قول المنكر مع يمينه، فيأخذ خمسمائة من
ثلاثة آلاف، ويأخذ المالك ألفين رأس ماله بتصديق الآخر، وللآخر ثلث
المتخلف وهو خمسمائة، وللمالك ثلثاه، لأن نصيب المالك النصف،
ونصيب العامل الربع فيقسم الباقي على النسبة، وما أخذ (2) الحالف زائدا
على قدر نصيبه كالتالف منهما، والتالف من المضاربة يحسب من الربح.
ولو ادعى المالك القراض والعامل القرض فالقول قول المالك، فيثبت

(1) " له " ليست في (أ، ج، ش).
(2) في (ش، ص): " وما أخذه ".
347

له مع اليمين ما ادعاه من الحصة، ويحتمل التحالف، فللعامل أكثر الأمرين
من الأجرة والمشترط.
ولو أقاما بينة فعلى الأول تقدم بينة العامل.
ولو ادعى العامل القراض والمالك الإبضاع قدم قول العامل، لأن علمه
له فيكون قوله مقدما فيه، ويحتمل التحالف، فللعامل أقل الأمرين من
الأجرة والمدعى.
ولو ادعى العامل القرض (1) والمالك الإبضاع تحالفا وللعامل الأجرة.
ولو تلف المال أو خسر فادعى المالك القرض والعامل القراض أو الإبضاع
قدم قول المالك مع اليمين.
ولو شرط العامل النفقة أو أجبناها (2) وادعى أنه أنفق (3) ماله وأراد
الرجوع فله ذلك، سواء كان المال (4) في يده أو رده إلى المالك.
ولو شرطا لأحدهما جزءا معلوما واختلفا لمن هو فهو للعامل.
ولو أنكر القراض ثم ادعى التلف لم يقبل قوله، وكذا الوديعة وشبهها.
أما لو كان الجواب: لا يستحق عندي شيئا وشبهه لم يضمن.
* * *

(1) في (ص): " القراض ".
(2) في (أ): " وأوجبناها ".
(3) في (ش، ص) زيادة " من ".
(4) " المال " ليست في (ص).
348

المقصد السادس
في الوكالة
وفصوله ثلاثة:
الأول: في أركانها
وهي أربعة:
الأول: العقد
وهو ما يدل على استنابة في التصرف.
ولا بد فيه من إيجاب دال على القصد كقوله: وكلتك، أو استنبتك،
أو فوضت إليك، أو بع، أو اشتر، أو أعتق.
ولو قال وكلتني؟ فقال: نعم أو أشار بما يدل على التصديق كفى في
الإيجاب.
ومن قبول إما لفظا: كقبلت، أو رضيت وشبهه، أو فعلا كما لو قال:
وكلتك في البيع فباع. ولا يشترط مقارنة القبول، بل يكفي وإن تأخر.
نعم، يشترط عدم الرد منه، فلو رد انفسخ العقد. ويفتقر في التصرف
إلى تجديد الإيجاب مع علم الموكل.
ويجب أن تكون منجزة، فلو جعلها مشروطة بشرط متوقع أو وقت
مترقب بطلت.
349

نعم، لو نجز الوكالة وشرط تأخير التصرف إلى وقت أو حصول شرط
جاز، كأن يقول: وكلتك الآن، ولا تتصرف إلا بعد شهر.
وإذا فسد لتعلقها على الشرط احتمل تسويغ التصرف عند
حصوله بحكم الإذن، وفائدة الفساد سقوط الجعل المسمى والرجوع إلى
الأجرة.
الثاني: الموكل:
ويشترط فيه: أن يملك مباشرة ذلك التصرف بملك أو ولاية، فلا يصح
توكيل الصبي وإن كان مميزا أو بلغ عشرا مطلقا على رأي.
ولا المجنون، ولو عرض بعد التوكيل بطلت الوكالة.
ولا توكيل القن إلا بإذن المولى، إلا فيما لا يتوقف على الإذن:
كالطلاق والخلع.
ولا الوكيل (1) إلا بإذن موكله صريحا أو فحوى مثل: اصنع ما شئت.
والأقرب أن ارتفاع الوكيل عن المباشرة واتساعه وكثرته بحيث يعجز
عن المباشرة إذن في التوكيل معنى، فحينئذ الأقرب أنه يوكل فيما زاد على
ما يتمكن منه لا الجميع.
ولا المحجور عليه إلا فيما لا يمنع الحجر تصرفه فيه: كالطلاق والخلع
واستيفاء القصاص.
ولا يوكل المحرم في عقد النكاح محرما ولا محلا، ولا في ابتياع
الصيد.

(1) في (ه‍): " ولا للوكيل ".
350

وللمكاتب أن يوكل، وللمأذون له في التجارة فيما جرت العادة
بالتوكيل فيه، وللأب والجد له (1) أن يوكلا عن الصغير والمجنون، وللحاضر
أن يوكل في الطلاق على رأي.
وللحاكم أن يوكل عن السفهاء من يباشر الحكومة عنهم، ويكره لذوي
المروءات مباشرة الخصومة، ويستحب لهم التوكيل.
وللمرأة أن توكل في (2) النكاح، وللفاسق في تزويج ابنته وولده إيجابا
وقبولا.
وليس سكوت السيد عن النهي عن تجارة عبده إذنا له فيها. والأقرب
بطلان الإذن بالإباق.
وكل موضع للوكيل أن يوكل فيه فليس له أن يوكل إلا أمينا، إلا أن
يعين الموكل غيره.
ولو تجددت الخيانة وجب العزل، وكذا الوصي، والحاكم إذا ولي
القضاء في ناحية.
وإذا أذن الموكل في التوكيل فوكل الوكيل آخر كان الثاني وكيلا
للموكل، لا ينعزل بموت الأول ولا بعزله، ولا يملك الوكيل (3) الأول عزله.
وإن أذن له أن يوكل لنفسه جاز، وكان الثاني وكيلا للوكيل ينعزل بموته
وعزله وموت الموكل، وللأول عزله.

(1) " له " ليست في (ش، ص).
(2) في (ش) زيادة " عقد ".
(3) " الوكيل " ليست في (ش، ص).
351

الثالث: الوكيل: ويشترط فيه: البلوغ والعقل، فلا تصح وكالة الصبي ولا المجنون،
والأقرب جواز توكيل عبده.
ويستحب أن يكون تام البصيرة، عارفا باللغة التي يحاور بها.
ويصح أن يكون الوكيل فاسقا ولو في إيجاب النكاح، أو كافرا، أو
عبدا بإذن مولاه وإن كان في شراء نفسه من مولاه أو في إعتاق نفسه، وأن
يكون امرأة في عقد النكاح وطلاق نفسها وغيرها، وأن يكون محجورا عليه
لسفه أو فلس.
ولا يصح أن يكون محرما في عقد النكاح، وشراء الصيد وبيعه وحفظه،
ولا معتكفا في عقد البيع.
ولو ارتد المسلم لم تبطل وكالته.
ولا يصح أن يتوكل الذمي على المسلم لذمي (1) ولا لمسلم، ويكره أن
يتوكل المسلم للذمي على المسلم.
وللمكاتب أن يتوكل بجعل مطلقا وبغيره بإذن السيد.
وإذا أذن لعبده في التجارة لم يكن له أن يؤجر نفسه، ولا يتوكل لغيره.
ولو عين له التجارة في نوع لم يجز التجاوز عنه.
ولو وكل اثنين وشرط الاجتماع أو أطلق لم يجز لأحدهما التفرد بشئ
من التصرفات (2) وإن كان في الخصومة. ولو مات أحدهما بطلت الوكالة،
وليس للحاكم أن يضم إلى الثاني (3) أمينا، وكذا لو غاب.

(1) " لذمي " ليست في (ه‍).
(2) في (ه‍، ص): " التصرف ".
(3) في (ب): " إلى الباقي ".
352

ولو وكلهما في حفظ ماله حفظاه معا في حرز لهما.
ولو شرط لهما الانفراد جاز لكل منهما أن يتصرف من غير مشاورة
صاحبه في الجميع.
والأقرب جواز وكالة الواحد عن المتخاصمين وعن المتعاقدين، فيتولى
طرفي العقد حتى في استيفاء القصاص من نفسه، والدين منه، والحد. فلو
وكله شخص ببيع عبد وآخر بشراء عبد جاز أن يتولى الطرفين.
ولو وكل زوجته أو عبد غيره ثم طلق الزوجة أو أعتق العبد لم تبطل
الوكالة.
ولو أذن لعبده في التصرف في ماله ثم أعتقه أو باعه بطل الإذن، لأنه
ليس على حد الوكالة، بل هو إذن تابع للملك. ويحتمل بقاء وكالته لو
أعتقه.
ولو وكل عبد غيره ثم اشتراه لم تبطل وكالته.
الركن الرابع: في (1) متعلق الوكالة:
وشروطه ثلاثة:
الأول: أن يكون مملوكا للموكل، فلو وكله على طلاق زوجة سينكحها أو
عتق عبد سيملكه أو بيع ثوب سيشتريه لم يصح، وكذا لو وكل المسلم ذميا
في شراء خمر أو بيعه، أو المحرم محلا في ابتياع صيد أو عقد نكاح، أو الكافر
مسلما في شراء مسلم أو مصحف.
ولا يشترط استقرار الملك، فلو وكل في شراء من ينعتق عليه صح.

(1) " في " لا توجد في (ب، ج، ه‍)، وفي المطبوع لا توجد كلمة " الركن ".
353

ولو قال: اشتر لي من (1) مالك كر طعام لا يصح (2)، لأنه لا يجوز أن
يشتري الإنسان بماله ما يملكه غيره.
ولو قال: اشتر لي في ذمتك واقض الثمن عني من مالك صح.
ولو قال: اشتر لي من الدين الذي لي عليك صح، ويبرأ بالتسليم إلى
البائع.
الثاني: أن يكون قابلا للنيابة: كأنواع البيع، والحوالة، والضمان (3)،
والشركة، والقراض، والجعالة، والمساقاة، والنكاح، والطلاق، والخلع،
والصلح، والرهن، وقبض الثمن، والوكالة، والعارية، والأخذ بالشفعة،
والإبراء، والوديعة، وقسم (4) الصدقات، واستيفاء القصاص، والحدود مطلقا
في حضور المستحق وغيبته، وقبض الديات، والجهاد على وجه، وإثبات
حدود الآدميين لا حدوده تعالى، وعقد السبق والرمي، والكتابة، والعتق،
والتدبير، والدعوى، وإثبات الحجة، والحقوق، والخصومة وإن لم يرض
الخصم، وسائر العقود، والفسوخ.
والضابط: كل ما لا غرض للشارع فيه في التخصيص بالمباشرة من
فاعل معين.
أما ما لا تدخله النيابة فلا يصح التوكيل فيه، وهو: كل ما تعلق غرض
الشارع بإيقاعه من المكلف به مباشرة: كالطهارة مع القدرة وإن جازت
النيابة في تغسيل الأعضاء مع العجز، والصلاة الواجبة ما دام حيا، وكذا

(1) " من " ليست في (أ).
(2) في (ش، ص): " يصح ".
(3) " والضمان " ليست في (ب).
(4) في (ب): " وقسمة ".
354

الصوم، والاعتكاف، والحج الواجب مع القدرة، والنذر، واليمين، والعهد،
والمعاصي: كالسرقة والغصب والقتل، بل أحكامها تلزم متعاطيها، والقسم
بين الزوجات، لأنه يتضمن استمتاعا، والظهار، واللعان (1)، وقضاء
العدة.
وفي التوكيل بإثبات اليد على المباحات: كالالتقاط، والاصطياد،
والاحتشاش، والاحتطاب نظر.
ولا يصح التوكيل في الشهادة، إلا على وجه الشهادة (2) على
الشهادة، ولا في كل محرم.
وفي التوكيل على الإقرار إشكال، فإن أبطلناه ففي جعله مقرا بنفس
التوكيل نظر.
الثالث أن يكون معلوما نوعا ما من العلم لينتفي عظم الغرر، فلو وكله
في شراء عبد افتقر إلى وصفه لينتفي الغرر (3). ويكفي لو قال: عبدا تركيا
وإن لم يستقضي في الوصف. ولو أطلق فالأقرب الجواز.
ولو قال: وكلتك على كل قليل وكثير لم يجز، لتطرق الغرر، وعدم
الأمن من الضرر. وقيل (4): يجوز، وينضبط التصرف بالمصلحة.
ولو قال: وكلتك بما إلي من تطليق زوجاتي وعتق عبيدي وبيع
أملاكي جاز. ولو قال (5) بما إلي من كل (6) قليل وكثير فإشكال.

(1) في (أ): " والظهار، وفي التوكيل، واللعان ".
(2) " إلا على وجه الشهادة " لا توجد في (أ).
(3) في (أ): " لينتفي عظم الغرر ".
(4) قاله ابن إدريس في السرائر ج 2 ص 89 - 90.
(5) في (أ) زيادة " وكلتك ".
(6) " كل " لا توجد في (د).
355

ولو قال: بع مالي كله واقض (1) ديوني كلها جاز، وكذا: بع ما شئت
من مالي واقبض ما شئت من ديوني.
ولو قال: اشتر عبدا بمائة واشتر (2) عبدا تركيا فالأقرب الجواز.
والتوكيل بالإبراء يستدعي علم الموكل بالمبلغ المبرأ عنه.
ولو قال: أبرئه من كل قليل وكثير جاز. ولا يشترط علم الوكيل
ولا علم من عليه الحق.
ولو قال: بع بما باع به فلان سلعته استدعى علم الوكيل بالمبلغ أو
الموكل (3). ولو وكله لمخاصمة غرمائه جاز وإن لم يعينهم.
الفصل الثاني: في أحكامها
ومطالبه خمسة:
الأول: في (4) مقتضيات التوكيل
إطلاق الإذن في البيع يقتضي البيع بثمن المثل حالا بنقد البلد، إلا
ما يتغابن الناس بمثله، وليس له أن يبيع بدونه أو بدون ما قدره إن عين.
ولو حضر من يزيد على ثمن المثل فالأقرب أنه لا يجوز بيعه بثمن
المثل. ولو حضر في مدة الخيار ففي وجوب الفسخ إشكال.
وله أن يبيع على ولده وإن كان صغيرا على رأي، لا على نفسه، إلا

(1) في (أ، ب، ج، ش): " واقبض ".
(2) في (ب، ش، ص): " أو اشتر ".
(3) في (ب): " لا الموكل "، وفي (د): " والموكل ".
(4) " في " ليست في (أ).
356

أن يأذن (1) الموكل فله أن يتولى الطرفين. وإطلاق الإذن في الشراء يقتضي
ابتياع الصحيح دون المعيب بثمن بنقد البلد حالا، لا من نفسه.
والتوكيل في البيع يقتضي تسليم المبيع إلى المشتري، ولا يملك الإبراء من
الثمن ولا قبضه (2)، لكن هل له أن يسلم المبيع من دون إحضار الثمن؟
إشكال، الأقرب المنع، فيضمن لو تعذر قبض الثمن المشتري.
ولو دلت قرينة على القبض ملكه، بأن يأمره ببيع ثوب في سوق غائب
عن الموكل، أو في موضع يضيع الثمن بترك قبض الوكيل له.
وليس له بيع بعضه ببعض الثمن إلا مع القرينة كما لو أمره ببيع
عبدين.
ولو نص على وحدة الصفقة لم يجز له التجاوز، وله حينئذ (3) أن يشتري
من المالكين (4) صفقة.
ولو وكله في الشراء ملك تسليم الثمن، وقبض المبيع كقبض الثمن.
ولو وكله في التزويج كان له أن يزوجه ابنته، وله الرد (5) بالعيب مع
الإطلاق، ومع التعيين إشكال، فإن رضي المالك لم يكن له مخالفته.
ولو استمهله البائع حتى يحضر الموكل لم يلزم إجابته، فإن ادعى رضى
الموكل استحلف الوكيل إن ادعى علمه على نفي العلم. ولو رده فحضر

(1) في (ه‍): " إلا بإذن ".
(2) في (أ): " ولا من قبضه ".
(3) " حينئذ " ليست في (أ).
(4) هذا المقطع من " من المالكين " إلى عبارة " الجاهلين " قبل نهاية المطلب الرابع بثلاث أسطر قد
سقط من نسخة (أ).
(5) في (ش): " وأن ترد ".
357

الموكل وادعى الرضى وصدقه البائع بطل الرد إن قلنا بالعزل وإن لم يعلم
الوكيل، لأن رضاه به عزل للوكيل عن الرد.
ولو رضي الوكيل بالعيب (1) فحضر الموكل وأراد الرد فله ذلك إن
صدقه البائع على الوكالة، أو قامت البينة، وإلا على الوكيل الثمن (2).
الثاني: في تنصيص الموكل
لا يملك الوكيل من التصرف (3) إلا ما يقتضيه إذن الموكل صريحا أو
عرفا، فلو وكله في التصرف في وقت معين لم يكن له التصرف قبله
ولا بعده، ولو عين له المكان تعين مع الغرض، كأن يكون السوق معروفا
بجوده النقد، أو كثرة الثمن، أو حله، أو صلاح أهله، أو مودة بين الموكل
وبينهم، وإلا فلا.
ولو عين المشتري تعين. ولو أمره (4) بالبيع بأجل معين تعين، ولو أطلق
احتمل البطلان للجهالة، والصحة لتقييده بالمصلحة.
ولو وكله في عقد فاسد لم يملكه، ولا الصحيح.
ولو أمره بالشراء بالعين أو في الذمة تعين، ولو أطلق أو خيره تخير.
ولو عين النقد أو النسيئة تعين، ولو أطلق حمل على الحلول بنقد البلد،
فإن تعدد فالأغلب، فإن تساويا تخير.
ولو باعها نقدا بماله بيعها نسيئة مع تعيين النسيئة صح البيع، إلا مع

(1) في (د): " بالعيوب ".
(2) في (ج): " اليمين ".
(3) في (ه‍) " التصرفات ".
(4) في (ب): " وكذا لو أمره ".
358

الغرض: كالخوف على الثمن وشبهه. ولو اشترى نسيئة بما أمره به نقدا صح،
إلا مع الغرض: كخوفه أن يستضر ببقاء الثمن معه.
ولو وكله في بيع عبد بمائة فباع نصفه بها أو أطلق فباع نصفه بثمن المثل
للجميع صح، وله بيع الآخر، وكذا لو أمره ببيع عبدين بمائة فباع أحدهما
بها.
ولو وكله في شراء عبد معين بمائة فاشتراه بخمسين صح، إلا أن يمنعه
من الأقل.
ولو قال: اشتره بمائة لا بخمسين فاشتراه بأقل من مائة وأزيد من
خمسين أو أقل من خمسين صح.
ولو قال: اشتر نصفه بمائة فاشترى أكثر منه بها صح. ولو قال: اشتر لي
عبدا بمائة فاشترى مساويها بأقل صح.
ولو قال: اشتر لي شاة بدينار فاشترى شاتين ثم باع إحداهما بالدينار
فالوجه صحة الشراء. ووقف البيع على الإجازة.
ولو أمره بشراء سلعة معينة فاشتراها فظهر فيها عيب فالأقرب أن
للوكيل الرد بالعيب.
ولو قال: بع بألف درهم فباع بألف دينار وقف على الإجازة.
وليس التوكيل بالخصومة إذنا في الإقرار، ولا الصلح، ولا الإبراء.
ولو وكله على الصلح عن الدم على خمر ففعل حصل العفو كما لو فعله
الموكل. ولو صالح (1) على خنزير أو أبرأ (2) فإشكال. وليس للوكيل

(1) في (د): " ولو صالحه ".
(2) في (ج، د): " أو أبرأه ".
359

بالخصومة أن يشهد لموكله فيها، إلا إذا عزل قبل الخصومة.
ولو وكل اثنين بالخصومة ففي انفراد كل منهما إشكال.
ولو وكله في الخصومة لم يقبل إقراره على موكله بقبض الحق، ولا غيره
في مجلس الحكم وغيره.
ولو أذن (1) في تثبيت حق لم يملك قبضه، وبالعكس.
ولو وكله في بيع شئ أو طلب شفعة أو قسمة لم يملك تثبيته.
ولو قال: اقبض حقي من فلان فله القبض من وكيله، إلا من وراثه (2)
لو مات.
ولو قال: اقبض حقي الذي على فلان كان له مطالبة الوارث.
ولو أذن لعبده في عتق عبيده أو لغريمه في إبراء غرمائه أو حبسهم أو
لزوجته في طلاق نسائه فالأقرب دخول المأذون.
المطلب الثالث: في حكم المخالفة
إذا خالفه في الشراء: فإن اشترى في الذمة ثم نقد الثمن صح، إن أطلق،
ويقع له إن يجز الموكل، وإن أجاز فالأقرب وقوعه له. وإن أضاف الشراء
للموكل وقف على الإجازة، وإن اشترى بالعين وقف على الإجازة، فإن
فسخ الموكل بطل، ثم إن صدقه البائع أو ثبت بالبينة وجب عليه، ورد (3)
ما أخذه، وإلا حلف وضمن الوكيل الثمن المدفوع. ولو خالفه في البيع وقف
على الإجازة.

(1) في (ش، ص): " أذن له ".
(2) في (ش، ص): " لا من وارثه ".
(3) في (ش، ص): " رد " بدون واو.
360

ولو أذن له في الشراء بالعين فاشترى في الذمة كان له الفسخ، ولو
انعكس احتمل اللزوم، لأن إذنه في عقد يوجب الثمن مع تلفه يستلزم الإذن
في عقد لا يوجب الثمن إلا مع بقائه، والبطلان للمخالفة، وتعلق الغرض
وهو تطرق الشبهة في الثمن، أو كراهية الفسخ بتلف العين.
ولو باع بدون ثمن المثل وقف على الإجازة، وكذا لو اشترى بأكثر
منه.
ولو أذن له في تزويج امرأة فزوجه غيرها أو زوجه بغير إذنه فالأقرب
الوقوف على الإجازة، فإن أجاز صح العقد وإلا فلا، والأقرب إلزام
الوكيل بالمهر أو نصفه مع ادعاء الوكالة. أما لو عرفت الزوجة أنه فضولي
فالوجه سقوط المهر مع عدم الرضا.
ولو وكله في بيع عبد بمائة فباعه بمائة وثوب صح. وكل تصرف خالف
الوكيل فيه الموكل فحكمه حكم تصرف الأجنبي.
وإذا وكله في الشراء فامتثل وقع الشراء عن الموكل وينتقل الملك إليه،
لا إلى الوكيل، فلو اشترى أبا نفسه لم ينعتق عليه.
وإذا باع بثمن معين ملك الموكل الثمن، وإن كان في الذمة فللوكيل
والموكل المطالبة، وثمن ما اشتراه في الذمة يثبت في ذمة الموكل، وللبائع
مطالبة الوكيل إن جهل الوكالة، وحينئذ لو أبرأه لم يبرأ الموكل.
وإذا اشترى معيبا بثمن وجهل العيب وقع عن الموكل، وإن علم
وقف على الإجازة مع النسبة، وإلا قضى على الوكيل، وإن كان بغبن
وعلم لم يقع عن الموكل إلا مع الإجازة، وإن جهل فكذلك. وكل موضع
يبطل الشراء للموكل إلا مع الإجازة، وإن جهل فكذلك. وكل موضع
يبطل الشراء للموكل، فإن سماه عند العقد لم يقع عن أحدهما، وإلا قضى
361

به (1) على الوكيل ظاهرا.
المطلب الرابع: في الضمان
الوكيل أمين لا يضمن ما يتلف في يده إلا مع تعد أو تفريط، ويده يد
أمانة في حق الموكل، فلا يضمن وإن كان بجعل.
وإذا قبض الوكيل ثمن المبيع فهو أمانة في يده لا يلزمه تسليمه قبل
طلبه، ولا يضمنه بتأخيره، إلا مع الطلب وإمكان الدفع، ولا يضمن مع
العذر، فإن زال فاخر ضمن.
ولو وعده بالرد ثم ادعاه قبل الطلب لم يسمع منه، إلا أن يصدقه
الموكل، وفي سماع بينته إشكال. ولو لم يعده لكن مطله برده مع إمكانه ثم
ادعى التلف لم يقبل منه إلا بالبينة.
ولو أمره بقبض دينار من مال مودع فقبض دينارين فتلفا فللمالك
مطالبة من شاء بالزائد، ويستقر الضمان على الوكيل، والأقرب ضمان
المأذون فيه.
ولو كان من مال الدافع لم يكن له مطالبة الباعث بأكثر من الدينار،
ويطالب الرسول بالزائد.
ولو أمره بقبض دراهم من دين له عليه فقبض الرسول دنانير عوضها:
فإن أخبره الرسول بالإذن في الصرف ضمن الرسول، وإلا فلا.
ولو وكله في الإيداع فأودع ولم يشهد لم يضمن إذا أنكر المودع. ولو أنكر
الآمر الدفع إلى المودع فالقول قول الوكيل، لأنهما اختلفا في تصرفه فيما وكل
فيه.

(1) " به " ليست في (ج).
362

ولو كان وكيلا في قضاء الدين فلم يشهد بالقضاء ضمن على إشكال.
وكل من في يده مال لغيره أو في ذمته له أن يمتنع من التسليم حتى
يشهد صاحب الحق بقبضه، سواء قبل قوله في الرد أو لا، وسواء كان
بالحق بينة أو لا.
وإذا أشهد على نفسه بالقبض لم يلزمه دفع الوثيقة. وإذا باع الوكيل ما
تعدى فيه برئ من الضمان بالتسليم إلى المشتري، لأنه تسليم مأذون فيه،
وكان كقبض المالك.
وإذا وكله في الشراء ودفع إليه الثمن فهو أو الموكل المطالب به، وإن لم
يسلم إليه وأنكر البائع كونه وكيلا طالبه، وإلا فالموكل (1).
ولو تلف المبيع في يد الوكيل بعد أن خرج مستحقا طالب المستحق
البائع أو الوكيل أو الموكل الجاهلين (2)، ويستقر الضمان على البائع، وهل
للوكيل الرجوع على الموكل؟ إشكال.
ولو قبض وكيل البيع الثمن وتلف في يده فخرج المبيع مستحقا رجع
المشتري على الوكيل مع جهله، ويستقر الضمان (3) على الموكل، وإلا
فعليه.
المطلب الخامس: في الفسخ
الوكالة عقد جائز من الطرفين لكل منهما فسخها، وتبطل بموت كل
واحد منهما، أو جنونه، أو إغمائه، أو الحجر على الموكل لسفه أو فلس فيما

(1) في (ج) زيادة عبارة " وفي مطالبة الوكيل مع العلم إشكال ".
(2) إلى هنا سقط من نسخة (أ).
(3) " الضمان " ليست في (ب، د، ه‍).
363

يمنع الحجر التوكيل فيه. ولا تبطل بفسق الوكيل إلا فيما يشترط فيه أمانته:
كولي اليتيم، وولي الوقف على المساكين، وكذا ينعزل لو فسق موكله.
أما وكيل الوكيل عن الموكل فإنه ينعزل بفسقه، لا بفسق موكله.
ولا تبطل بالنوم وإن طال زمانه، ولا بالكسر، ولا بالتعدي مثل: أن
يلبس الثوب، أو يركب الدابة، وإن لزمه الضمان، فإذا سلمه إلى المشتري
برئ من الضمان.
ولو قبض الثمن لم يكن مضمونا، فإن رد المبيع عليه بعيب عاد الضمان،
لانتفاء العقد المزيل له على إشكال.
وتبطل بعزل الوكيل نفسه في حضرة الموكل وغيبته، وبعزل الموكل له،
سواء أعلمه العزل أو لا على رأي، وبتلف متعلق الوكالة: كموت العبد
الموكل في بيعه. وكذا لو وكله في الشراء بدينار دفعه إليه فتلف، أو ضاع، أو
اقترضه الوكيل وتصرف فيه، سواء وكله في الشراء بعينه أو مطلقا، لأنه
وكله في الشراء به، ومعناه أن ينقده ثمنا قبل الشراء أو بعده.
ولو عزل الوكيل عوضه دينارا واشترى به وقف على الإجازة، فإن
أجازه، وإلا وقع عن الوكيل.
ولو وكله في نقل زوجته أو بيع عبده أو قبض داره من فلان فثبت
بالبينة طلاق الزوجة (1) وعتق العبد وبيع الدار بطلت الوكالة.
وتبطل الوكالة بفعل الموكل متعلق الوكالة وما ينافيها مثل: أن يوكله في
طلاق زوجته ثم يطأها فإنه يدل عرفا على الرغبة واختيار الإمساك، وكذا
لو فعل ما يحرم على غير الزوج، بخلاف التوكيل (2) في بيع سريته. ولو

(1) في (أ): " زوجته ".
(2) في (د): " ما لو وكله ".
364

وكله (1) في بيع عبد (2) ثم أعتقه عتقا صحيحا أو باعه كذلك بطلت
الوكالة، ولا تبطل مع فساد بيعه وعتقه مع علمه، ومع جهله إشكال.
والأقرب في التدبير الإبطال.
ولو بلغ الوكيل الوكالة فردها بطلت، وافتقر فيها إلى تجديد عقد، وله
أن يتصرف بالإذن مع جهل الموكل، ومع علمه على إشكال. وجحد
الوكيل الوكالة مع العلم بها رد لها على إشكال، لا مع الجهل أو غرض
الإخفاء.
وصورة (3) العزل: أن يقول الموكل: فسخت الوكالة، أو نقضتها، أو
أبطلتها، أو عزلتك عنها (4)، أو صرفتك عنها، أو أزلتك عنها، أو ينهاه عن
فعل ما أمر به (5). وفي كون إنكار الموكل الوكالة فسخا نظر.
الفصل الثالث: في النزاع
وفيه بحثان:
الأول: فيما تثبيت به الوكالة:
وهو شيئان: تصديق الموكل، وشهادة عدلين ذكرين. ولا تثبت
بتصديق الغريم، ولا بشهادة النساء، ولا بشاهد وامرأتين، ولا بشاهد
ويمين.

(1) في (د): " أو وكله ".
(2) في المطبوع: " عبده ".
(3) في (ج): " وصور ".
(4) " عنها " ليس في (د، ش، ص).
(5) في (ب، د، ش، ص): " ما أمره به ".
365

ولا بد من اتفاقهما، فلو شهد أحدهما أنه وكله ويوم الجمعة أو أنه وكله
بلفظ عربي والآخر يوم السبت أو بالعجمية لم (1) تثبت ما لم ينضم إلى
شهادة أحدهما ثالث.
ولو شهد أحدهما أنه أقر بالوكالة يوم الجمعة أو بالعربية والآخر يوم
السبت أو بالعجمية ثبتت، وكذا لو شهد أحدهما بلفظ " وكلتك "، والآخر
" استنبتك "، أو جعلتك وكيلا، أو جريا (2)، فإن كانت الشهادة على
العقد لم تثبت، وإن كانت على الإقرار ثبتت.
ولو قال أحدهما: أشهد أنه وكله وقال الآخر: أشهد أنه أذن له في
التصرف ثبتت، لأنهما لم يحكيا لفظ الموكل.
ولو شهد أحدهما أنه وكله في البيع والآخر أنه وكله وزيدا أو أنه لا يبيعه
حتى يستأمر زيدا لم تتم الشهادة.
ولو شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده والآخر أنه وكله في بيع عبده
وجاريته ثبتت وكالة العبد، فإن شهد باتحاد الصفقة فإشكال. وكذا لو
شهد أحدهما أنه وكله في بيعه لزيد. والآخر في بيعه لزيد وإن شاء لعمرو.
ولو شهدا بوكالته ثم قال أحدهما: قد عزله لم تثبت الوكالة، ولو كان
الشاهد بالعزل ثالثا ثبتت الوكالة دونه. وكذا لو شهدا بالوكالة وحكم بها
الحاكم ثم شهد أحدهما بالعزل ثبتت الوكالة دون العزل، والأقرب
الضمان.
ولو شهدا معا بالعزل ثبتت. ولا تثبت الوكالة بخبر الواحد، ولا العزل.

(1) " لم " ليست في (ش).
(2) الجري - كغني -: الوكيل للواحد والجمع والمؤنث، والرسول والأجير والضامن. القاموس المحيط
(مادة: جري).
366

ويصح سماع البينة بالوكالة على الغائب، وتقبل شهادته على موكله،
وله فيما لا ولاية له فيه.
ولو شهد المكان بأن زوج أمتها وكل في طلاقها لم يقبل، وكذا لو
شهدا بالعزل، ويحكم الحاكم بعلمه فيها.
البحث الثاني: في صور النزاع:
وهي ستة مباحث:
(أ) (1): لو اختلفا في أصل الوكالة قدم قول المنكر مع يمينه وعدم البينة،
سواء كان المدعي هو الوكيل أو الموكل، فلو ادعى المشتري النيابة وأنكر
الموكل قضي على المشتري بالثمن (2)، سواء اشترى بعين أو في الذمة، إلا أن
يذكر في العقد الابتياع له فيبطل.
ولو زوجه امرأة فأنكر الوكالة ولا بينة حلف المنكر، وألزم الوكيل المهر،
وقيل: النصف (3) وقيل: يبطل العقد ظاهرا، ويجب على الموكل
الطلاق أو الدخول مع صدق الوكيل (4).
نعم، لو ضمن الوكيل المهر فالوجه وجوبه أجمع عليه، ويحتمل نصفه.
ثم المرأة إن ادعت صدق الوكيل لم يجز أن تتزوج قبل الطلاق، ولا يجبر
الموكل على الطلاق، فيحتمل تسلط المرأة على الفسخ، أو الحاكم على
الطلاق.

(1) في المطبوع: " الأول " كتابة، وكذا في ما بعدها.
(2) في (أ) بياض، وما أثبتناه من بقية النسخ والمطبوع.
(3) قاله الشيخ في المبسوط: ج 2 ص 386.
(4) نقله المحقق وقواه، لكنه أيضا لم يعين قائله، انظر الشرائع 2: 206.
367

ولو زوج (1) الغائب بامرأة لادعائه الوكالة فمات الغائب لم ترثه، إلا أن
يصدقها الورثة، أو تثبت الوكالة بالبينة.
ولو ادعى وكالة الغائب في قبض ماله من غريم فأنكر الغريم الوكالة
فلا يمين عليه، ولو صدقه وكانت عينا لم يؤمر بالتسليم. ولو دفع إليه كان
للمالك مطالبة من شاء بإعادتها، فإن تلفت ألزم من شاء مع إنكار
الوكالة، ولا يرجع أحدهما على الآخر. وكذا لو كان الحق دينا على
إشكال، إلا أنه لو دفعه هنا (1) لم يكن للمالك مطالبة الوكيل، لأنه لم ينتزع
عين ماله، إذ لا يتعين إلا بقبضه أو قبض وكيله. وللغريم العود على الوكيل
مع بقاء العين أو تلفها بتفريط، ولا درك لو تلفت بغير تفريط.
وكل موضع يجب على الغريم الدفع لو أقر يلزمه اليمين لو أنكر.
ولو ادعى أنه وارث صاحب الحق فكذبه حلف على نفي العلم، وإن
صدقه على أنه لا وارث له (2) سواه لزمه الدفع.
ولو ادعى إحالة الغائب عليه فصدقه احتمل قويا وجوب الدفع إليه،
وعدمه، لأن الدفع غير مبرئ، لاحتمال إنكار المحيل.
ولو قال الغريم للوكيل: لا تستحق المطالبة لم يلتفت إليه لأنه تكذيب
لبينة الوكالة على إشكال.
ولو قال: عزلك الموكل حلف الوكيل على نفي العلم إن ادعاه، وإلا
فلا، وكذا لو ادعى الإبراء أو القضاء.
(ب): أن يختلفا في صفة التوكيل، بأن يدعي الوكالة في بيع العبد، أو

(1) في (ج) زيادة " إليه ".
(2) " له " ليست في (ش، ص).
368

البيع بألف، أو نسيئة، أو في شراء عبد، أو بعشرة، فقال الموكل: بل في بيع
الجارية، أو بألفين، أو نقدا، أو في شراء جارية، أو بخمسة، قدم قول الموكل
مع اليمين (1).
ولو ادعى الإذن في شراء الجارية بألفين فقال: بل أذنت في شراء
غيرها، أو فيها بألف وحلف: فإن كان الشراء بالعين بطل العقد إن
اعترف البائع أن الشراء لغيره أو بمال غيره، وإلا حلف على نفي العلم إن
ادعاه الوكيل عليه، فيغرم الوكيل (2) الثمن للموكل، ولا تحل له الجارية،
لأنها مع الصدق للموكل، ومع الكذب للبائع، فيشتريها ممن هي له في
الباطن، فإن امتنع رفع الأمر إلى الحاكم ليأمر صاحبها ببيعها برفق،
وليس له جبره عليه، فإن قال: إن كنت الجارية لي فقد بعتكها، أو قال
الموكل: إن كنت أذنت لك في شرائها بألفين فقد بعتكها فالأقرب الصحة،
لأنه أمر واقع يعلمان وجوده، فلا يضر جعله شرطا، وكذا كل شرط علما
وجوده فإنه لا يوجب شكا في البيع ولا وقوفه.
وإن اشترى في الذمة صح الشراء له، فإن كان صادقا توصل إلى
شرائها من الموكل، فإن امتنع أذن الحاكم في بيعها أو بعضها وتوفية حقه
من ثمنها.
ولو اشتراها الوكيل من الحاكم بماله على الموكل جاز.
ولو ادعى الإذن في البيع نسيئة قدم قول الموكل مع يمينه، ويأخذ العين،
فإن تلفت في يد المشتري رجع (3) على من شاء بالقيمة، فإن رجع على
المشتري رجع على الوكيل بما أخذ منه الثمن، وإن رجع على الوكيل لم

(1) في (أ): " مع اليمين " لا توجد.
(2) " الوكيل " لا توجد في (أ).
(3) في (أ) زيادة " المالك ".
369

يكن للوكيل أن يرجع في الحال، بل عند الأجل بأقل الأمرين من الثمن
والقيمة (1).
ولو ادعى الإذن في البيع بألف فقال: إنما أذنت بألفين حلف الموكل
ثم يستعيد العين، ومع التلف المثل، أو القيمة على من شاء، فإن رجع
على المشتري لم يرجع على الوكيل إن صدقه، وإن رجع على الوكيل رجع
الوكيل عليه بأقل الأمرين من ثمنه وما اغترمه.
(ج): أن يختلفا في التصرف، كأن يقول: تصرفت كما أذنت في بيع أو
عتق، فيقول الموكل: لم تتصرف بعد الأقرب تقديم قول الوكيل، لأنه أمين
وقادر على الإنشاء والتصرف إليه. ويحتمل تقديم قول الموكل، للأصل
الدال على عدم إلزام الموكل بإقرار غيره.
ولو قال: اشتريت لنفسي أو لك قدم قوله مع اليمين. ولو قال: اشتريت
بمائة فقال الموكل: بل (2) بخمسين احتمل تقديم قول الوكيل، لأنه أمين،
والموكل، لأنه غارم، والوكيل إن كان الشراء بالعين، لأنه الغارم لما زاد على
الخمسين، والموكل إن كان الشراء في الذمة، لأنه الغارم.
(د): أن يختلفا في الرد، فلو ادعى الوكيل رد العين أو رد ثمنها قدم قول
الموكل على رأي، وقول الوكيل إن كان بغير جعل على رأي.
ولو أنكر الوكيل (3) قبض المال ثم ثبت ببينة أو اعترف فادعى الرد أو
التلف لم تسمع بينته. ويقبل قول الوصي في الإنفاق بالمعروف، لا في تسليم
المال إلى الموصى له، وكذا الأب والجد له والحاكم وأمينه لو أنكر الصبي

(1) في (أ) زيادة " ومهما اغترمه ".
(2) " بل " لا توجد في (ب، ه‍).
(3) " الوكيل " لا توجد في (أ).
370

بعد رشده التسليم إليه، والشريك والمضارب ومن حصل في يده ضالة.
(ه‍): أن يختلفا في التلف، فلو ادعى الوكيل تلف المال أو تلف الثمن
الذي قبضه فكذبه الموكل قدم قول الوكيل مع اليمين، وكذا الأب والجد (1)
والحاكم وأمينه، وكل من في يده أمانة. ولا فرق بين السبب الظاهر
والخفي.
ولو قال بعد تسليم المبيع: قبضت الثمن وتلف في يدي قدم قوله، لأن
الموكل يجعله خائنا بالتسليم قبل الاستيفاء.
ولو ظهر في المبيع عيب رده على الوكيل دون الموكل، لأنه لم يثبت
وصول الثمن إليه، فالأقرب رده على الموكل.
ولو قال قبله قدم قول الموكل، لأن الأصل بقاء حقه.
ولو أقر بقبض الدين من الغريم قدم قول الموكل على إشكال.
(و): أن يختلفا في التفريط أو التعدي فالقول قول الوكيل.
* * *

(1) في (ه‍): " والجد له ".
371

المقصد السابع
في السبق والرمي
وفيه بابان:
الأول: في السبق
مقدمة: السبق - بسكون الباء -: المصدر، وبالتحريك: العوض، وهو:
الخطر والندب والرهن. يقال: سبق - بتشديد الباء - إذا أخرج السبق وإذا
أحرزه.
والسابق: هو المتقدم بالعتق والكتد (1)، وقيل: بالإذن (2)، وهو المجلي
والمصلي: هو الثاني، لأنه يحاذي رأسه صلوى المجلي، والصلوان: عظمان
ناتئان عن يمين الذنب وشماله. والتالي: هو الثالث. والبارع: هو الرابع.
والمرتاح: هو (3) الخامس. والحظي: السادس. والعاطف: السابع. والمؤمل:
الثامن. واللطيم: التاسع. والسكيت: العاشر. والفسكل: الأخير.

(1) الكتد - محركة -: مجتمع الكتفين من الإنسان والفرس كالكتد، أو هما: الكاهل، أو: ما بين الكاهل
إلى الظهر. القاموس المحيط (مادة: كتد).
(2) القائل بالتقدم بالعنق والكتد الشيخ الطوسي في المبسوط: ج 6 ص 295، والمحقق في الشرائع: ج 2
عنه فخر المحققين في إيضاح الفوائد: كتاب الإجارة وتوابعها ج 2 ص 363.
372

والمحلل: هو الذي يدخل بين المتراهنين، إن سبق أخذ، وإن سبق لم
يغرم.
والغاية: مدى (1) السباق. والمناضلة: المسابقة والمراماة.
وفي هذا الباب مطلبان:
الأول: في الشروط
وهي تسعة:
(أ) (2): العقد: ولا بد فيه (3) من إيجاب وقبول، وقيل (4): إنها جعالة
يكفي فيها الإيجاب، وهو البذل.
(ب): ما يسابق عليه: وإنما يصح على ما هو عدة للقتال، وهو من
الحيوان كل ما له (5) خف أو حافر، ويدخل تحت الأول: الإبل والفيلة،
وتحت الثاني: الفرس والحمار والبغل. فلا تصح المسابقة بالطيور، ولا على
الأقدام، ولا بالسفن، ولا بالمصارعة، ولا برفع الأحجار. وفي تحريم هذه مع
الخلو عن العوض نظر.
(ج): تقدير (6) المسافة ابتداء وانتهاء: فلو شرط للسابق حيث يسبق من

(1) في (د): " بدء ".
(2) في المطبوع: " الأول... ".
(3) " فيه " ليست في المطبوع و (ش).
(4) الأول قول ابن إدريس في السرائر 3: 149، والثاني قول الشيخ في المبسوط 6: 300،
والخلاف: كتاب السبق المسألة 9.
(5) في (د): " كل ما كان له ".
(6) في (أ): " في تقدير ".
373

غير تعيين غاية (1) لم يجز، لأن أحدهما قد يكون سريعا في أول عدوه مقصرا
في انتهائه، وبالعكس.
ولو شرط المال لمن سبق في وسط الميدان فإشكال. ولو استبقا بغير غاية
لينظر أيهما يقف (2) أولا لم يجز.
(د): تقدير الخطر: ويصح أن يكون عينا (3)، أو دينا حالا أو مؤجلا (4)،
وأن يبذله المتسابقان، أو أحدهما، أو غيرهما. ويجوز من بيت المال.
(ه‍): تعيين ما يسابق عليه بالمشاهدة: ولا يكفي العقد على فرسين (5)
بالوصف، ومع التعيين لا يجوز إبداله.
(و): تساوي ما به السباق في احتمال السبق: فلو كان أحدهما ضعيفا
يعلم قصوره عن الآخر لم يجز.
(ز): تساوي الدابتين في الجنس: فلا تجوز المسابقة بين الخيل والبغال،
ولا بين الإبل والفيلة، ولا بين الإبل والخيل.
ولو تساويا جنسا لا صنفا فالأقرب الجواز: كالعربي والبرذون
والبختي والعرابي.
(ح): إرسال الدابتين دفعة: فلو أرسل أحدهما قبل الآخر ليعلم هل
يدركه الآخر أو لا لم يجز.
(ط): جعل العوض للسابق منهما، أو منهما ومن المحلل، ولو جعل لغيرهما

(1) في المطبوع و (ش): " غايته ".
(2) في (أ، د): " يقصر ".
(3) في (ص): " دينا ".
(4) في (د، ه‍): " ومؤجلا ".
(5) في (أ، د): " على فرس ".
374

لم يجز، ولا يجوز لو جعله (1) للمسبوق، ولا جعل القسط الأوفر للمصلي
والأدون للسابق، ويجوز العكس. وهل يجوز جعله للمصلي لو كانوا ثلاثة؟
نظر، وكذا الإشكال في جعل قسط للفسكل.
ولو جعلا العوض للمحلل خاصة جاز، وكذا لو قالا: من سبق منا فله
السبق. ولا يشترط المحلل. والأقرب عدم اشتراط التساوي في الموقف.
المطلب الثاني: في الأحكام
عقد المسابقة والرماية لازم كالإجارة، وقيل (2): جائز كالجعالة، وهو
الأقرب، فلكل منهما فسخه قبل الشروع.
ويبطل بموت الرامي والفرس. ولو مات الفارس فللوارث الإتمام على
إشكال.
ولو أراد أحدهما الزيادة أو النقصان لم تجب إجابته وإن كان بعد
الشروع وظهور الفضل مثل: أن يسبق بفرسه في بعض المسافة، أو يصيب
بسهام أكثر، فللفاضل الفسخ، لا المفضول على إشكال.
وعلى القول باللزوم تجب البداية بالعمل، لا بتسليم السبق ويجوز
ضمانه والرهن به، فإن فسدت المعاملة بكون (3) العوض ظهر خمرا رجع إلى
أجرة مثله في جميع ركضه (4) لا في قدر السبق، وقيل (5): يسقط المسمى

(1) في (د): " ولا يجوز جعله ".
(2) تقدمت الإشارة إليه في الشرط الأول من شروط السبق وهو: العقد فراجع.
(3) في (أ، د): " بأن يكون ".
(4) في المطبوع: " ركض الفرس ".
(5) قاله المحقق في شرائع الإسلام: ج 2 ص 240.
375

لا إلى بدل.
ولو فسد لاستحقاق العوض وجب على الباذل مثله، أو قيمته،
ويحتمل أجرة المثل. وليس لأحدهما أن يجنب إلى فرسه فرسا يحرضه على
العدو، ولا يصيح به في وقت سباقه.
ولو قال: آخر (1) من سبق فله عشرة، فأيهم سبق استحقها، ولو جاؤوا
جميعا فلا شئ لأحدهم، ولو سبق اثنان أو أربعة تساووا، ويحتمل أن
يكون لكل واحد عشرة.
ولو قال: من سبق فله عشرة ومن صلى فله خمسة، فسبق خمسة وصلى
خمسة فللخمسة عشرة، أو لكل واحد على الاحتمال، وللثانية خمسة، أو
لكل واحد، ويحتمل البطلان على الأول، لإمكان سبق تسعة، فيكون
لكل (2) من السابقين درهم وتسع، وللمصلي خمسة.
ولو قال لاثنين: أيكما سبق فله عشرة وأيكما صلى فله عشرة لم يصح.
ولو قال: من سبق فله عشرة ومن صلى فله خمسة فسبق أحد الثلاثة
وصلى آخر وتأخر ثالث فلا شئ للمتأخر.
ويجوز أن يخرج أحدهما أكثر مما يخرجه الآخر ويختلفا، فلو قال
أحدهما: إن سبقتني فلك علي عشرة وإن سبقتك فلي عليك خمسة أو قفيز
حنطة جاز.

(1) في (ص): " آخر لجماعة ".
(2) في المطبوع: " لكل واحد ".
376

ولو أخرجا عوضين وأدخلا المحلل وقالا: من سبق فله العوضان: فإن
تساووا أحرز منهما سبقة، ولا شئ للمحلل، وكذا لو سبقا المحلل.
ولو سبق المحلل خاصة أو أحدهما خاصة أحرزهما السابق.
ولو سبق أحدهما والمحلل أحرز السابق مال نفسه، وكان مال المسبوق
بين السابق والمحلل نصفين.
ولو شرطا (1) السبق بأقدام معلومة: كثلاثة أو أكثر أو أقل لم يصح،
لعدم ضبطه، وعدم وقوف الفرسين عند غاية بحيث تعرف المسافة (2) بينهما.
الباب الثاني: في الرمي
مقدمة: الرشق - بفتح الراء -: الرمي، وبالكسر: عدده.
ويوصف السهم بالحابي، وهو: ما وقع بين يدي الغرض (3)، ثم وثب
إليه فأصابه، وهو المزدلف (4).
والخاصر: وهو ما أصاب أحد جانبي الغرض، ومنه الخاصرة.
والخاصل: وهو المصيب للغرض كيف ما كان.
والخازق: وهو ما خدشه ثم وقع بين يديه.
والخاسق: وهو ما فتح الغرض وثبت فيه.
والمارق: وهو ما نفذ الغرض ووقع من ورائه.
والخارم: وهو الذي يخرم حاشيته.

(1) في المطبوع و (أ، د): " ولو شرط ".
(2) كذا في المطبوع، وفي عدة من المخطوطات: المساحة.
(3) في (أ) زيادة " كلها ".
(4) فسر المصنف في التحرير: المزدلف: بأنه الذي يضرب الأرض ثم يثب إلى الغرض، تحرير
الأحكام: ج 2 ص 261.
377

والغرض: ما يقصد إصابته، وهو: الرقعة المتخذة من قرطاس أو رق أو
جلد أو خشب أو غيره.
والهدف (1): ما يجعل فيه الغرض من تراب أو غيره.
والمبادرة: هي أن يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرشق.
والمحاطة: هي إسقاط ما تساويا فيه من الإصابة.
وفي هذا الباب مطلبان:
الأول: في الشروط
وهي: اثنا عشر بحثا:
(أ): العقد: وقد سبق.
(ب): العلم بعدد الرشق، وهو شرط في المحاطة قطعا، وفي المبادرة على
إشكال.
(ج): العلم بصفتها، فيقولان: خواصل، أو خواسق، أو غيرهما. ولو
شرطا الخواسق والحوابي معا صح، ولو أطلقا فالأقرب حمله على الخواصل.
(ه‍): تساويهما في عدد الرشق والإصابة وصفتها وسائر أحوال الرمي.
فلو جعلا رشق أحدهما عشرة والآخر عشرين، أو إصابة أحدهما خمسة
والآخر ثلاثة، أو أحدهما خواسق والآخر خواصل، أو يحط أحدهما من
إصابته سهمين، أو يحط سهمين من إصابته بسهم من إصابة صاحبه، أو
يرمي أحدهما من بعد والآخر من قرب، أو يرمي أحدهما وبين أصابعه سهم

(1) في المطبوع زيادة " هو ".
378

والآخر سهمان، أو يحط أحدهما واحدا من خطئه لا له ولا عليه لم يصح.
(و): العلم بقدر الغرض إما بالمشاهدة أو بالتقدير، لاختلافه في السعة
والضيق.
(ز): معرفة المسافة إما بالمشاهدة أو بالتقدير: كمائة ذراع.
(ح): تعيين الخطر.
(ط): جعله للسابق.
(ي): تماثل جنس الآلة لا شخصها (1)، ولا تعيين السهم. ولو عينهما لم
يتعين، ولو لم يعينا الجنس انصرف إلى الأغلب في العادة، فإن اختلف
فسد (2).
(يا): تعيين الرماة، فلا يصح مع الإبهام، لأن الغرض معرفة حذق
الرامي، وفي الحيوان يعتبر تعيين الحيوان لا الراكب، لأن الغرض هناك
معرفة عدو الفرس (3) لا حذق الراكب.
وكل ما يعتبر تعيينه لو تلف انفسخ العقد، وما لا يعتبر (4) يجوز إبداله
لعذر وغيره.
ولو تلف قام غيره مقامه، فلو شرطا أن لا يرميا إلا بهذا القوس أو هذا
السهم أو لا يركب إلا هذا الراكب فسد الشرط.
وتصح المناضلة على التباعد كما تصح على الإصابة، فلا تعتبر شروط
الإصابة.

(1) في (د): " لا على شخصها ".
(2) في المطبوع: " فسدت ".
(3) في (أ): " عدد الرشق ".
(4) في (ب): " وما لا تعيين ".
379

(يب): إمكان الإصابة المشروط لا امتناعها، كما لو شرطا الإصابة من
خمسمائة ذراع، أو إصابة مائة على التوالي، ولا وجوبها: كإصابة الحاذق
واحدا من مائة، والوجه صحة الأخير لفائدة التعليم، والنادر الأقرب
صحته: كبعد أربعمائة.
ولا يشترط تعيين المبتدئ بالرمي، بل يقرع، ثم لا ينسحب في كمال
الرشق، ولا ذكر المبادرة، ولا المحاطة، ولا يحمل المطلق على المبادرة.
المطلب الثاني: في الأحكام
أقسام المناضلة ثلاثة:
المبادرة: مثل: من سبق إلى إصابة خمس من عشرين فهو السابق، فلو
أصاب أحدهما خمسة من عشرة والآخر أربعة فالأول سابق، ولا يجب
الإكمال.
ولو أصاب كل منهما خمسة فلا سبق، ولا يجب الإكمال أيضا.
ويحكم بالسبق لو أصاب أحدهما خمسة من تسعة والآخر أربعة منها
بدون العاشر.
والمفاضلة: مثل: من فضل صاحبه بإصابة واحدة (1) أو اثنتين أو ثلاث (2)
من عشرين فهو السابق.
ويجب الإكمال مع الفائدة، فلو شرطا ثلاثة (3) فرميا اثنتي عشرة
فأصابها أحدهما وأخطأها الآخر لم يجب الإكمال. ولو أصاب عشرا لزمهما

(1) " واحدة " لا توجد في (أ، ج، د) وفي (ب): " واحد ".
(2) في المطبوع و (ب): " أو ثلاثة ".
(3) في (أ): " ثلاثة عشر ".
380

رمي الثالثة عشرة (1)، فإن أصاباها أو أخطاها أو أصابها الأول فقد سبق،
ولا إكمال، فإن أصابها الثاني خاصة لزمهما الرابعة عشرة وهكذا.
ولو رميا ثماني عشرة فأصابها أو أخطاها أو تساويا في الإصابة فيها لم
يجب الإكمال.
والمحاطة مثل: من أصاب خمسا من عشرين فهو السابق، فلو أصابا خمسة
من عشرة تحاطا وأكملا، وكذا لو أصاب أحدهما تسعة منها والآخر خمسة.
ولو لم يكن في الإكمال فائدة من رجحان أو مساواة أو منع عن التفرد
بالإصابة بأن يقصر عن العدد لم يجب الإكمال كما (2) لو أصاب أحدهما
خمسة عشر منها والآخر خمسة.
ولو أصاب الأول أربعة عشر وجب الإكمال ما لم تنتف الفائدة قبله.
ولو شرطا جعل الخاسق بإصابتين جاز.
ويجوز عقد النضال بين حزبين كما يجوز بين اثنين.
ولا يشترط تساوي الحزبين عددا، بل تساوي الرميات، فيرامي واحد
ثلاثة، يرمي (3) هو ثلاثة وكل واحد واحدا، فإن عقد النضال جماعة على أن
يتناضلوا حزبين احتمل المنع، لأن التعيين شرط والجواز (4)، فينصب لكل
حزب رئيس يختار واحدا من الجماعة، والآخر آخر في مقابلة الأول، ثم
يختار الأول ثانيا والثاني ثانيا في مقابلة ثاني الأول، وهكذا إلى أن ينتهيا
على الجماعة.

(1) في المطبوع: " الثالث عشر ".
(2) " كما " ليست في المطبوع.
(3) في (ب): " ليرمي "، وفي (د): " فيرمي ".
(4) كذا في جميع النسخ، وفي جامع المقاصد: " شرط الجواز ".
381

والابتداء بالقرعة، فإن شرط الزعيم السبق على نفسه لم يلزم حزبه
شئ، وإلا كان عليهم بالسوية، ويكون للآخر (1) بالسوية بين من أصاب
ومن لم يصب، ويحتمل القسمة على قدر الإصابة فيمنع من لم يصب.
ويشترط قسمة الرشق بين الحزبين بغير كسر، فيجب إذا كانوا ثلاثة:
الثلث، وأربعة: الربع.
ولو كان في أحد الحزبين من لا يحسن الرمي بطل العقد فيه وفي
مقابله، ويتخير كل من الحزبين لتبعض الصفقة.
ولو ظهر قليل الإصابة فقال حزبه: ظنناه كثير الإصابة، أو كثير الإصابة
فقال الحزب الآخر: ظنناه قليل الإصابة لم يسمع.
ولو قال المسبوق: اطرح فضلك وأعطيك دينارا لم يجز.
وإذا شرطا الخاصل (2) - وهي: الإصابة المطلقة - اعتد بها كيف ما
وجدت بشرط الإصابة بالنصل، فلو أصاب بعرضه أو بفوقه لم يعتد به، لأنه
من سئ الخطأ.
ولو أطارت الريح الغرض فوقع في موضعه احتسب له. أما لو شرط
الخاسق (3): فإن ثبت في الهدف وكان بصلابة الغرض احتسب له، وإلا
فلا يحتسب له ولا عليه. ولو أصابه في الموضع الذي طار إليه: فإن كان
على صوب (4) المقصد حسب له، وإلا عليه.
ولو أخطأ لعارض مثل: كسر قوس أو قطع وتر أو عروض ريح شديدة لم

(1) في المطبوع و (ج): " الآخر ".
(2) في (ج، ش): " الخواصل ".
(3) في (ج): " الخواسق ".
(4) " صوب " ليست في (د).
382

يحسب عليه، ولو أصاب ففي احتسابه له نظر.
ولو شرط الخاسق فمرق حسب له، ولو خرقه حسب عليه. ولو ثقبه ثقبا
يصلح للخسق ووقع بين يديه فلأقرب احتسابه له. ولو وقع في ثقب قديم
وثبت احتمل الاحتساب له وعدمه. وإذا تم النضال ملك الناض العوض،
ولو شرط إطعامه لحزبه فالوجه الجواز.
ولو قال لرام: ارم خمسة عني وخمسة عنك فإن أصبت في خمسك فلك
دينار لم يجز.
ولو قال: ارم فإن كانت إصابتك أكثر العشرة فلك دينار صح.
ولو شرطا احتساب القريب وذكرا حد القرب جاز، وإن لم يذكر
احتمل الفساد، والتنزيل على أن الأقرب يسقط الأبعد كيف كان. ولو
شرطا ذلك لزم قطعا.
ولو شرطا إسقاط مركز القرطاس ما حواليه احتمل الصحة والبطلان
لتعذره.
ولو انكسر السهم بنصفين فأصاب بالمقطع من (3) الذي فيه الفوق
حسب (4)، وإن أصاب بالنصل من الآخر فإشكال.
* * *

(1) في المطبوع: " كيفما شاء ".
(2) في المطبوع: " يطعمه ".
(3) " من " ليست في المطبوع.
(4) في أ، ش): " حسب له ".
383

كتاب الوقوف والعطايا
385

كتاب الوقف والعطايا
وفيه مقاصد:
المقصد (1) الأول
الوقف
وفيه فصول:
الأول: في أركانه
وهي ثلاثة مطالب:
المطلب (2) الأول: الصيغة
الوقف: عقد يفيد تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة. ولفظه الصريح:
وقفت، وحبست، وسبلت على رأي، وغيره: حرمت، وتصدقت، وأبدت،
فإن قرن (3) أحد هذه الثلاثة بإحدى الثلاثة السابقة أو بما يدل على المعنى -
مثل: أن (4) لا يباع ولا يوهب ولا يورث أو صدقة مؤبدة (5) أو محرمة أو
بالنية - صار كالصريح، وإلا لم يحمل على الوقف، ويدين بنيته لو ادعاه أو

(1) " المقصد " ليست في (ش 132).
(2) " المطلب " ليست في (ص).
(3) في (ب): أقرن.
(4) " أن " ليس في (د).
(5) إلى هنا انتهى ما في نسخة (د).
387

ادعى ضده، ويحكم عليه بظاهر إقراره بقصده.
أما الموقوف عليه فيشترط قبضه في صحة الوقف، ولو رده بطل، ولو
سكت ففي اشتراط قبوله إشكال أقربه ذلك، وكذا الولي.
أما البطن الثاني: فلا يشترط قبوله ولا يرتد عنه برده، بل برد الأول،
ولو كان الوقف على المصالح لم يشترط القبول. نعم، يشترط القبض،
ويشترط أهلية الواقف للتصرف. ولا يحصل الوقف بالفعل: كبناء مسجد
وإن أذن في الصلاة فيه أو صلى فيه ما لم يقل: جعلته مسجدا. وإذا تم
الوقف بالإقباض كان لازما لا يقبل الفسخ وإن تراضيا.
ويشترط تنجيزه ودوامه وإقباضه وإخراجه عن نفسه ونية التقرب. فلو
علقه بصفة أو بشرط أو قرنه بمدة لم يقع.
ولو وقفه على من ينقرض غالبا ولم يذكر المصرف - كما لو وقف على
أولاده واقتصر، أو ساقه إلى بطون تنقرض غالبا - فالأقرب أنه حبس يرجع
إليه أو إلى ورثته بعد انقراضهم.
ولو أبد على أحد تقديرين دون الآخر - مثل: أن يقف على أولاده (1)
وعقبهم ما تعاقبوا فإذا انقرض العقب ولا عقب له فعلى الفقراء، ولو
انقرض الأولاد ولا عقب لهم فعلى إخوته، واقتصر - كان حبسا على التقدير
الثاني، وفي الأول إشكال.
ولو وقف على من سيولد له ثم على المساكين، أو على عبده ثم على
المساكين فهو منقطع الأول، فيحتمل الصحة كمنقطع الأخير، والبطلان،

(1) في (أ): " على أحد أولاده ".
388

إذ لا مقر في الحال.
والقبض شرط في صحته، فلو وقف ولم يسلم الوقف ثم مات كان
ميراثا.
ولو وقف على أولاده الأصاغر كان قبضه قبضا عنهم، وكذا الجد
والوصي. وفي اشتراط فوريته إشكال، وإنما يشترط القبض في البطن
الأول.
ولو كان الوقف على الفقراء فلا بد من نصب قيم يقبض الوقف ولو
كان على مصلحة تولى القبض الناظر فيها.
ولو وقف مسجدا أو مقبرة لزم إذا صلى فيه واحد أو دفن صلاة
صحيحة للإقباض. والأقرب أن قبض الحاكم كذلك.
ولو وقف على نفسه بطل.
ولو وقف على نفسه ثم على غيره فهو منقطع الأول.
ولو عطف بالواو فالأقرب اختصاص الغير بالنصف وبطلان النصف
في حقه.
ولو شرط قضاء ديونه أو إدرار مؤنته أو الانتفاع به بطل الوقف،
بخلاف ما لو وقف على الفقهاء وهو منهم، أو على الفقراء فصار فقيرا،
فإنه يشارك.
ولو شرط عوده إليه عند الحاجة صح الشرط وصار حبسا وبطل وقفا،
بل يرجع إليه مع الحاجة ويورث.
ولو شرط الخيار في الرجوع عنه بطل الشرط والوقف. ويجب اتباع كل
شرط لا ينافي مقتضى العقد.
ولو شرط إخراج من يريد بطل.
389

ولو شرط إدخال من يولد أو من يريد مع الموقوف عليهم جاز، سواء
كان الوقف على أولاده أو غيرهم.
ولو شرط نقله عن الموقوف عليهم إلى من سيوجد بطل على إشكال،
وكذا الإشكال لو قال: على أولادي سنة ثم على الفقراء.
ولو وقف على أصاغر أولاده لم يجز له أن يشارك غيرهم مع الإطلاق
على رأي.
ويجوز أن يشترط النظر لنفسه وللموقوف عليه ولأجنبي، فإن لم يعين
كان إلى الموقوف عليه إن قلنا بالانتقال إليه.
ولو شرط بيعه متى شاء أو هبته أو الرجوع منه بطل الوقف.
ولو شرط أكل أهله منه صح الشرط.
المطلب الثاني: في المتعاقدين
أما الواقف: فيشترط فيه: البلوغ والعقل وجواز التصرف، فلا يصح وقف
الصبي وإن بلغ عشرا، ولا المجنون، ولا المحجور عليه لسفه أو فلس،
ولا المكره، ولا الفضولي.
ويصح وقوعه من المالك ووكيله.
ولو وقف في مرض الموت خرج من الثلث مع عدم الإجازة، وكذا لو
جمع بينه وبين غيره، ويبدأ بالأول فالأول.
ولو قال: هو وقف بعد موتي احتمل البطلان، لأنه تعليق، والحكم
بصرفه إلى الوصية بالوقف.
وأما الموقوف عليه: فيشترط فيه أمور أربعة: الوجود، والتعيين، وصحة
التملك، وتسويغ الوقف عليه. فلو وقف على المعدوم ابتداءا أو على الحمل
390

كذلك لم يصح. ولو وقف عليهما تبعا للموجود صح.
ولو وقف على أحد الشخصين أو إحدى القبيلتين أو على رجل غير
معين أو امرأة بطل.
ولو وقف على قبلية عظيمة: كقريش وبني تميم صح.
ولو وقف على المسلمين فهو لمن صلى إلى القبلة. ويحرم (1) الخوارج
والغلاة.
ولو وقف على المؤمنين فهو للاثني عشرية، وقيل: لمجتنبي الكبائر (2).
والشيعة: كل من قدم عليها - عليه السلام - كالإمامية والجارودية من
الزيدية والكيسانية وغيرهم.
والزيدية: كل من قال بإمامة زيد بن علي.
والهاشميون: كل من انتسب إلى هاشم من ولد أبي طالب والحارث
والعباس وأبي لهب. والطالبيون من ولده أبو طالب.
وذا وقف على قبيلة أو علق بالنسبة إلى أب دخل فيهم الذكور
والإناث بالسوية، إلا أن يعين أو يفضل، ويندرج فيهم كل من انتسب
بالأب دون الأم خاصة: كالعلوية، فإنه يندرج تحته كل من انتسب إلى
علي - عليه السلام - من جهة الأب، ولا يعطى من انتسب إليه بالأم خاصة
على رأي.
ولو وقف على من اتصف بصفة أو دان بمقالة اشترك فيه كل من

(1)
في المطبوع و (ص) زيادة " على ".
(2) هو قول الشيخ في النهاية: باب الوقوف وأحكامها ج 3 ص 121.
391

يصدق عليه النسبة: كالشافعية يندرج فيهم كل من اعتقد مذهب الشافعي
من الذكور والإناث.
ولو وقف على الجيران فهو: لكل من يصدق عليه عرفا أنه جاز، وقيل:
لمن يلي داره إلى (1) أربعين ذراعا من كل جانب (2)، وقيل: أربعين
دارا (3).
ولو وقف على من لا يملك بطل: كالملوك القن ولا ينصرف الوقف
إلى مولاه، ولا على أم الولد، ولا المدبر، ولا الميت، ولا (4) الملك،
ولا الجن، ولا على (5) المكاتب.
ولو عتق بعضه صح فيما قابل الحرية.
ولو وقف على المصالح: كالقناطر والمساجد والمشاهد صح، لأنه في
الحقيقة وقف على المسلمين، لكن هو صرف إلى بعض مصالحهم،
بخلاف الوقف على البيع فإنه لا ينصرف إلى مصالح أهل الذمة.
ولو وقف على البيع والكنائس أو معونة الزناة أو قطاع الطريق أو
على كتبة التوراة والإنجيل لم يصح، ويصح من الكافر. وفي وقفه
على الذمي خلاف، والأقرب المنع في الحربي، والصحة في المرتد
عن غير فطرة.

(1) " إلى " ليست في (ص).
(2) وهو قول جماعة من الأصحاب، منهم: الشيخ المفيد في المقنعة: باب الوقوف والصدقات ص 653،
والشيخ الطوسي في النهاية ونكتها: ج 3 ص 125، وسلار في المراسم: ص 198.
(3) لم نظفر على قائله.
(4) في (ش، ص) زيادة " على ".
(5) " على " ليست في (أ، ب، ش، ص).
392

ويصح الوقف على الفاسق والغني.
ولو وقف على أقاربه اشتراك الذكور والإناث بالسوية، الأقرب
والأبعد، ويحمل على من يعرف بأنه قرابة له.
ولو شرط الترتيب أو التفضيل أو الاختصاص لزم.
ولو وقف على أخواله وأعمامه تساووا.
ولو وقف على أقرب الناس إليه ترتبوا كالميراث، لكن يتساوون في
الاستحقاق، إلا أن يفضل.
ولو وقف في وجوه البر وأطلق فهو للفقراء والمساكين، وكل مصلحة
يتقرب بها إلى الله تعالى. ويصرف الوقف على المنتشرين إلى من يوجد
منهم.
ولو وقف المسلم على الفقراء اختص بفقراء المسلمين.
ولو وقف الكافر اختص بفقراء نحلته.
ولو وقف على مصلحة فبطل رسمها صرف في وجوه البر.
المطلب الثالث: الموقوف
وشروطه أربعة: أن يكون عينا، مملوكة يصح الانتفاع بها مع بقائها،
ويمكن إقباضها. فلا يصح وقف الدين. ولا المطلق: كفرس غير معين،
وعبد في الذمة، أو ملك مطلق. ولا ما لا يصح تملكه: كالخنزير، نعم لو
وقفه الكافر على مثله فالأقرب الصحة. ولا الحر نفسه.
ولا ما لا يملكه الواقف: كملك الغير وإن أجاز المالك فالأقرب اللزوم.
ولا المستأجر ولا الموصى بخدمته. ولا وقف الطعام واللحم والشمع. وفي
الدراهم والدنانير إشكال. ولا وقف الآبق، لتعذر تسليمه.
393

ويصح وقف المشاع، ومن ينعتق على الموقوف عليه، فيبقى وقفا،
وقبضه كقبض المبيع (1).
ويصح وقف كل ما ينتفع به منفعة محللة مع بقائه: كالعقار والثياب
والأثاث والآلات المباحة والحلي والسلاح والكلب المملوك والسنور
والشجر والشاة والأمة والعبد دون المستولدة (2).
ولو جعل علو داره مسجدا دون السفل أو بالعكس أو جعل وسط داره
ولم يذكر الاستطراق جاز.
الفصل الثاني: في الأحكام
الوقف إذا تم زال ملك الواقف عنه، ثم إن كان مسجدا فهو فك
ملك كالتحرير، وإن كان على معين فالأقرب أنه يملكه، وإن كان على
جهة عامة فالأقرب أن الملك لله تعالى.
ولو وقف الشريك حصة (3) ثم أعتقها لم يصح العتق، وكذا لو أعتقها
الموقوف عليه. ولو أعتق الآخر لم يقوم عليه الوقف. ويملك الموقوف عليه
المنافع المتجددة ملكا تاما: كالصوف واللبن والنتاج وعوض البضع وأجرة
الدابة والدار والعبد.
ولو شرط دخول النتاج في الوقف فهو وقف. ويملك الموقوف عليه: الصوف واللبن الموجودين وقت الوقف ما لم يستثنه.

(1) في (ش، ص): " البيع ".
(2) في (أ، ب) زيادة " وفي وقف المستولدة نظر ".
(3) في (ش، ص): " حصته ".
394

ولا يصح بيع الوقف، ولا هبته، ولا نقله.
ولو خربت الدار لم تخرج العرصة عن الوقف، ولم يجز بيعها.
ولو وقع بين الموقوف عليه خلف بحيث يخشى خرابه جاز بيعه، ولو لم
يقع خلف ولا خشي خرابه بل كان البيع أنفع لهم لم يجز بيعه أيضا على
رأي.
ولو انقلعت نخلة قيل: جاز بيعها (1)، والأولى المنع مع تحقق المنفعة
بالإجارة للتسقيف وشبهه. ولو شرط بيعه عند التضرر به كزيادة خراج
وشبهه وشراء غيره بثمنه أو عند خرابه وعطلته أو خروجه عن حد الانتفاع
أو قلة نفعه ففي صحة الشرط إشكال، ومع البطلان ففي إبطال الوقف
نظر.
ونفقة المملوك على الموقوف عليهم وإن كان ذا كسب على رأي.
ولو اقعد أو عمي أو جذم عتق وسقطت النفقة.
ولو قتل قصاصا بطل الوقف.
ولو قطع فالباقي وقف.
ولو قطع فالباقي وقف.
ولو أوجبت مالا تعلق بكسبه إن قلنا بعدم الانتقال، وكذا إن كان
على المساكين أو على المعسر (2)، وإلا فعلى الموقوف عليه (3)، لتعذر بيعه
على إشكال ينشأ: من أن المولى لا يعقل عبدا، والأقرب الكسب، وليس
للمجني عليه استرقاقه في العمد على إشكال.

(1) قاله الشيخ الطوسي في المبسوط: كتاب الوقوف ج 3 ص 300، والخلاف: كتاب الوقف مسألة 23.
(2) في (ج): " المعسرين ".
(3) في (ج): " عليهم ".
395

ولو جني عليه بما يوجب المال احتمل اختصاص الموجودين به، فلهم
العفو وشراء عبد أو شقص عبد بها يكون وقفا، سواء أوجبت أرشا أو دية
فليس للموجودين العفو حينئذ (1).
ولو جنى عليه عبد بما يوجب القصاص: فإن اقتص الموقوف عليه
استوفى، وإن عفا فهل لمن بعده من البطون الاستيفاء؟ الأقرب ذلك إن لم
تكن نفسا.
ولو استرق الجاني أو بعضه فهل يختص به أو يكون وقفا؟ إشكال.
ولو اتفق هو ومولاه على الفداء فهل يختص أو يشتري به عبدا يكون
وقفا؟ إشكال.
ولو وقف مسجدا فخرب أو خربت القرية أو المحلة لم يجز بيعه، ولم يعد
إلى الواقف.
ولو أخذ السيل ميتا فالكفن للورثة.
ولو مات البطن الأول قبل انقضاء مدة الإجارة فالأقرب البطلان هنا،
ويرجع المستأجر على ورثة الموتى بما قابل الباقي مع الدفع.
ولا يجوز للموقوف عليه وطئ الأمة، فإن فعل فلا مهر. ولو ولدت فهو
حر، ولا قيمة عليه، وفي صيرورتها أم ولد إشكال، ومعه ينعتق بموته،
ويؤخذ من تركته قيمتها لمن يليه من البطون على إشكال.
ويجوز تزويج الموقوفة، ومهرها للموجودين، وكذا ولدها إن كان من
مملوك أو زنا، ويختص به الموجودون وقت الولادة على رأي.
ولو كان من حر بوطئ صحيح فالولد حر، إلا مع شرط الرقية. ولو

(1) " حينئذ " ليست في (ج).
396

كان بشبهة فالولد حر، وعليه قيمته للموقوف عليهم. ولو وطئها الواقف
فكالأجنبي.
الفصل الثالث: في اللواحق
لو وقف مسجدا على قوم بأعيانهم كالفقهاء، فالأقرب عدم
التخصيص، بخلاف المدرسة والرباط والمقبرة.
ولو وقف في سبيل الله انصرف إلى ما يتقرب به إلى الله تعالى:
كالجهاد والحج والعمرة وبناء القناطر وعمارة المساجد، وكذا لو قال (1): في
سبيل الله، وسبيل الخير، وسبيل الثواب.
ولا تجب القسمة أثلاثا.
وإذا وقف على أولاده اشتراك البنون والبنات والخناثى، ولا تدخل
الحفدة على رأي، إلا (2) مع قرينة الإرادة مثل أن يقول: والأعلى يفضل
على الأسفل، أو قال: الأعلى فالأعلى، أو قال: وقفت على أولاد فلان
وليس له ولد للصلب كما لو قال: وقفت على أولاد هاشم.
ولو قال: على أولادي وأولاد اختص بالبطنين الأولين على
رأي.
ولو قال: على أولاد أولادي اشتراك أولاد البنين وأولاد البنات
بالسوية.
ولو قال: على من انتسب إلي لم يدخل أولاد البنات على رأي،
ولا يدخل تحت الولد الجنين إلا بعد انفصاله حيا، ولا تدخل الخناثى تحت

(1) في (أ): " ولو قال ".
(2) " إلا ليست في المطبوع.
397

البنين والبنات إلا مع الجمع.
ولو قال: على ذريتي أو (1) عقبي أو نسلي دخل الأحفاد من أولاد
البنين والبنات.
ولو قال: على أولادي وأولاد أولادي فهو للتشريك، ولا يختص
الأقرب إلا بالشرط. ولو عطف بثم أو بالفاء اقتضى الترتيب، وكذا لو قال: الأعلى
فالأعلى. ولا يستحق البطن الثاني شيئا حتى ينقرض البطن الأول أجمع.
فلو بقي ولو واحد كان الجميع له.
ولو قال: وقفت على أولادي وأولادهم ما تعاقبوا على أن من مات
منهم عن ولد فلولده نصيبه اقتضى الترتيب بين الأدنى ووالده، والتشريك
بين الولد وعمه.
ولو رتب البعض وشرك البعض شرك فيمن شرك بينهم ورتب فيمن
رتب، كقوله: وقفت على أولادي، ثم على أولاد أولادي وأولادهم ما
تعاقبوا وتناسلوا، أو: وقفت على أولادي وأولاد أولادي، ثم على أولادهم
ما تعاقبوا الأعلى فالأعلى.
ولو قال: وقفت على أولادي الثلاثة ومن مات منهم عن ولد فنصيبه
لولده، وعن غير ولد فنصيبه لأهل الوقف، فلو خلف أحدهم ولدين فنصيبه
لهما، فلو مات الثاني عن غير ولد فنصيبه بين الثالث والولدين أثلاثا. ثم إن
مات أحد الولدين عن غير ولد فنصيبه لعمه ولأخيه، ولو مات أحد الثلاثة
عن غير ولد وخلف أخويه وابني أخ له فنصيبه لأخويه خاصة، فإن مات

(1) في (ش): " أو على ".
398

أبوهما صار نصيبه لهما، وصار ما خلفه الأول أثلاثا.
ولو قال: وقفت على أولادي على أن يكون للبنات ألف والباقي
للذكور لم يستحق الذكور شيئا حتى يستوفي البنات.
ولو شرط إخراج بعضهم بصفة أو رده بها جاز كقوله: من تزوج منهن
فلا نصيب له، فلو تزوجت سقط نصيبها، فإن طلقت عاد، وإن كان رجعيا
على إشكال.
وإذا وقف على الفقراء انصرف إلى فقراء البلد ومن يحضره. ولو غاب
أحدهم لم يجب التربص بسهمه، بل يجوز قسمته على غيره، والأقرب أنه
لا يجوز الدفع إلى أقل من ثلاثة، وكذا على كل قبيلة منتشرة. أما المنحصرة
فتجب التسوية والاستيعاب فيهم. ولو أمكن في ابتداء الوقف استيعابهم ثم
انتشروا فالأقرب وجوب التعميم فيمن يمكن والتسوية، لأن الواقف أراد
التسوية والتعميم لإمكانه، فإذا تعذر بعد ذلك وجب العمل بما أمكن،
بخلاف المنتشرين ابتداء.
ولو وقف على مستحقي (1) الزكاة فرق في الثمانية وأعطوا كما يعطون
هناك، فيعطى الفقير والمسكين ما يتم به غناه، والغارم قدر الدين،
والمكاتب ما يؤدي به الكتابة، وابن السبيل ما يبلغه، والغازي ما يحتاج
إليه لغزوه وإن كان غنيا.
ولو وقف على من يجوز الوقف عليه ثم على من لا يجوز فهو منقطع
الانتهاء يرجع إلى ورثته ميراثا بعد انقراض من يجوز الوقف عليه. ولو
انعكس فهو منقطع الابتداء، وفيه قولان: فإن قلنا بالصحة: فإن كان

(1) في (ج): " على مستحق ".
399

الأول (1) مما لا يمكن اعتبار انقراضه كالميت والمجهول والكنائس صرف
في الحال إلى من يجوز الوقف عليه. وإن أمكن اعتبار انقراضه كالعبد
والحربي ففي الانتقال في الحال أو بعد الانقراض احتمال. وكذا البحث
إذا كان صحيح الطرفين منقطع الوسط، أو بالعكس.
ولو وقف المريض (2) على ابنه وبنته ولا وارث غيرهما دفعة دارا هي
تركته: فإن أجاز ألزم، وإلا صح الثلث وقفا بينهما بالسوية على ما
شرط (3)، والباقي طلقا. وكذا لو وقف على وارثه الواحد جميع تركته كان
لازما من الأصل مع الإجازة، ومن الثلث مع عدمها.
ويصح من ثمانية عشر: للابن ثلاثة وقفا وثمانية ملكا، وللبنت ثلاثة
وقفا وأربعة ملكا.
ولو اختار الابن إبطال التسوية دون إبطال الوقف بطل الوقف في
التسع ورجع إليه ملكا، فيصير له النصف وقفا والتسع ملكا، وللبنت
السدس والتسعان وقفا إن أجازت الوقف أيضا، لأن لابن إبطال الوقف
فيما له دون مال غيره.
ولو قال: وقفت على زيد والمساكين فلزيد النصف.
ولو قال: على زيد وعمرو والمساكين فلزيد وعمرو ثلثان.
ولو وقف على مواليه صرف إلى الموجودين من الأعلى أو الأدون،
فإن اجتمعا فإلى من يعين منهما، فإن أطلق فالأقرب البطلان. وقيل
بالتشريك (4).

(1) " الأول " لا توجد في (ب).
(2) في (أ): " الوالد ".
(3) في المطبوع: " أو على ما شرط ".
(4) المبسوط: كتاب الوقوف والصدقات ج 3 ص 295، والسرائر: كتاب الوقوف والصدقات ج 3، ص 167.
400

ولو وقف على أولاده فإذا انقرضوا وانقرض أولاد أولاده فعلى الفقراء،
قيل: يصرف بعد أولاده إلى أولاد أولاده (1)، وليس بمعتمد، بل يكون
منقطع الوسط، فإذا انقرض أولاد أولاده عاد إلى الفقراء، والنماء قبل
انقراض أولاد أولاده لورثة الواقف على إشكال.
وليس له غرس شجرة في المسجد لنفسه، وهل له ذلك للوقف؟
الأقرب المنع مع التضرر بها، وإلا فلا.
والفاضل من حصر المسجد وآلاته يصرف في مسجد آخر، بخلاف
المشاهد.
ويصح قسمة الوقف من الطلق، إلا أن يتضمن ردا إلى الطلق منه.
وهل يجوز قسمة الوقف على نفرين؟ الأقرب المنع مع اتحاد الواقف
والموقوف عليه. أما لو تعدد الواقف والموقوف عليه فإشكال.
ولو اندرس شرط الواقف قسم بالسوية، فإن لم يعرف الأرباب صرف في
البر.
ولو آجر المتولي بأجرة المثل في الحال فظهر من يزيد لم ينفسخ. ولو آجر
زيادة على المدة المشترطة فالأقرب البطلان في الزائد خاصة.
ولو خلق حصير (2) المسجد وخرج عن الانتفاع به فيه أو انكسر الجذع
بحيث لا ينتفع به في غير الإحراق فالأقرب بيعه وصرف ثمنه في مصالح
المسجد.

(1) قاله الشيخ الطوسي في المبسوط: كتاب الوقوف والصدقات ج 3 ص 298.
(2) في (ب، ه‍): " حصر ".
401

المقصد الثاني
في السكنى والصدقة والهبة
وفيه فصول:
الأول: في السكنى
ولا بد فيها من إيجاب وقبول وقبض ونية التقرب، وليست ناقلة
للملك، بل فائدتها تسلط الساكن على استيفاء المنفعة المدة المشترطة، فإن
قرنت بالعمر سميت " عمري "، وإن قرنت بالإسكان قيل (1):
" سكنى "، أو بالمدة يقال: " رقبى ": إما من الارتقاب، أو من رقبة
الملك.
والإيجاب: أن يقول: أسكنتك، أو: أعمرتك، أو أرقبتك - أو شبهه
ذلك (2) - هذه الدار، أو (3): الأرض مدة عمري، أو عمرك، أو سنة وتلزم
بالقبض على رأي.
ولو قال: لك سكنى هذه (4) الدار ما بقيت أو حييت صح، ويرجع

(1) في (ش) زيادة " هي ".
(2) في المطبوع: أو ما أشبه ذلك.
(3) في (ش) زيادة " هذه ".
(4) " هذه " لا توجد في (أ) والمطبوع.
402

إلى المسكن بعد موت الساكن.
ولو قال: أعمرتك هذه الدار ولعقبك رجعت إليه بعد العقب،
ولا ينتقل إلى العمر وإن لم يشترط رجوعها إليه بعده.
وكل ما صح وقفه صح إعماره من: العقار والحيوان والأثاث وغير
ذلك.
ولو قرن الهبة بمدة بطلت.
وإذا وقت السكنى لم يجز له الرجوع قبل الانقضاء مع القبض، وكذا لو
قرنت بعمر المالك، فإن مات الساكن فلورثته السكنى حتى تنقضي المدة،
أو عمر المالك.
ولو قرنت بعمر الساكن فمات المالك لم يكن لورثته إزعاجه قبل وفاته
مطلقا على رأي.
ولو مات الساكن لم يكن لورثته السكنى.
ولو لم يعين مدة كان له إخراجه متى شاء.
ولا تبطل السكنى بالبيع، بل يجب توفية ما شرط له، ثم يتخير
المشتري مع جهله بين الرضى مجانا والفسخ.
ولو قرنت السكنى بالعمر بطل البيع على إشكال.
وإطلاق السكنى يقتضي أن يسكن بنفسه وأهله وأولاده، وليس له
إسكان غيرهم (1) إلا مع الشرط. ولا أن يؤجر المسكن، إلا مع الإذن.
ولا تجب العمارة على أحدهما، ولا له منع الآخر من غير المضر منها.
وإذا حبس فرسه في سبيل الله أو غلامه في خدمة البيت أو المشهد أو

(1) في (ب): " غيره ".
403

المسجد لزم.
ولا يجوز تغييره ما دامت العين باقية (1).
ولو خبس شيئا على رجل: فإن عين وقتا لزم، ويرجع إلى الحابس أو
ورثته بعد المدة، وإن لم يعين كان له الرجوع متى شاء.
الفصل الثاني: في الصدقة
ولا بد فيها: من إيجاب، وقبول، وقبض، ونية القربة، وتلزم مع
الإقباض.
ولو قبض بدون إذن المالك لم يملك به، وإذا تمت لم يجز له الرجوع فيها
مطلقا.
وصدقة السر أفضل من الجهر، إلا مع التهمة بترك المواساة.
والمفروضة من الزكاة محرمة على بني هاشم، إلا منهم، أو عند
الضرورة، ولا بأس بالمندوبة، وغير الزكاة: كالمنذورة.
والأقرب جواز الصدقة على الذمي.
وتتأكد الصدقة المندوبة في شهر رمضان، والجيران أفضل من غيرهم،
والأقارب أفضل من الأجانب. ومن احتاج إليه لعياله لم يستحب له
التصدق (2). ولا ينبغي أن يتصدق بجميع ماله.
* * *

(1) " باقية " ليست في (أ، ش).
(2) في (أ، ج): " لم تستحب له الصدقة "، و " له " ليست في (ص).
404

الفصل الثالث: في الهبة
وفيه مطلبان:
الأول: في أركانها
وهي ثلاثة:
الأول (1): العقد:
ولا بد فيه: من إيجاب، وهو: اللفظ الدال على تمليك العين من غير
عوض منجزا، كقوله: وهبتك، وملكتك، وأهديت إليك، وكذا:
أعطيتك، وهذا لك مع النية.
ومن قبول، وهو: اللفظ الدال على الرضا: كقوله: " قبلت ".
ومن قبض.
ويشترط صدورهما من مكلف جائز التصرف.
وهبة ما في الذمة لمن عليه إبراء لا يشترط فيه القبول، ولا تصح لغيره
على رأي.
وللولي عن الطفل القبول مع الغبطة، فلو وهب أباه الفقير العاجز لم
يصح قبوله، حذرا من وجوب الإنفاق.
ولا تكفي المعاطاة والأفعال الدالة على الإيجاب. نعم، يباح التصرف.
والهدية كالهبة في الإيجاب والقبول والقبض.
ولا يصح تعليق العقد، ولا توقيته، ولا تأخير القبول عن الإيجاب بحيث
يخرج عن كونه جوابا.

(1) " الأول " ليست في (ج).
405

الثاني: الموهوب: وكل ما صح بيعه جاز هبته، مشاعا كان أو مقسوما،
من الشريك وغيره.
ولا تصح هبة المجهول كأحد العبدين لا بعينه، والحمل، واللبن في
الضرع. وتصح في الصوف على الظهر، وكل معلوم العين وإن جهل قدره.
ولا تصح هبة دهن سمسم (1) قبل عصره، ولا هبة المعدوم: كالثمرة
المتجددة وما تحمله الدابة.
وتصح هبة المغصوب من الغاصب وغيره، والمستأجر من غير المستأجر،
والآبق، والضال، والكلب المملوك.
ولو وهب المرهون: فإن بيع ظهر البطلان، وإن انفك فللراهن الخيار في
الإقباض، وفي صحة الإقباض حالة الرهن من دون إذن المرتهن إشكال.
فإن سوغناه لم يحصل به الملك، فإن فك صحت الهبة.
ولا تصح هبة الدين لغير من عليه، لامتناع قبضه. وهبة الحامل
لا تقتضي هبة الحمل، وتصح البراءة من المجهول. ولو علمه المديون وخشي
من عدم الإبراء لو أظهره لم يصح الإبراء.
ولو أبرأه من مائة معتقدا أنه لا حق له وكان له مائة ففي صحة الإبراء
إشكال.
الثالث: القبض: وهو شرط في صحة الهبة، وشرطه إذن الواهب،
وإيقاع القبض للهبة. فلو قبض من دون إذنه لم ينتقل الملك إليه وإن كانا
في المجلس، وكذا لو أقبضه الواهب لا للهبة. ويقبل قوله في القصد. ولو أقر
بالهبة والإقباض حكم عليه وإن كان في يد الواهب، وله الإحلاف لو
ادعى المواطاة، ولا يقبل إنكاره.

(1) في (ب): سمسمه.
406

ولو مات الواهب قبله بطلت الهبة وإن كان بعد الإذن في القبض.
ولو وهب ما في يد المتهب صحت ولو يفتقر إلى تجديد قبض، ولا إذن،
ولا مضي زمان يمكن فيه القبض. وكذا لو وهب ولي الطفل ماله الذي في يده.
ولو كان مغصوبا أو مستأجرا أو مستعارا - على إشكال - افتقر إلى
القبض، بخلاف ما في يد وكيله.
ولو وهب غيره افتقر إلى قبض الولي أو الحاكم. وقبض المشاع هنا
كقبضه في البيع.
ولو وهب اثنين فقبلا وقبضا صحت لهما، ولو قبل أحدهما وقبض
صحت في نصيبه خاصة.
ولا يشترط فورية الإقباض على إشكال. ويحكم بالملك من حين
القبض لا من حين العقد.
ولا فرق في اشتراط القبض بين المكيل والموزون وغيرهما. والقبض فيما
لا ينقل التخلية، والقبض (1) فيما ينقل وفي المشاع بتسليم الكل إليه، فإن
امتنع الشريك قيل للمتهب: وكل الشريك في القبض لك ونقله، فإن
امتنع نصب الحاكم من يكون في يده لهما فينقله ليحصل القبض.
ولو قبضه من دون إذن الشريك ففي اعتباره نظر، وكذا في كل قبض
منهي عنه.
المطلب الثاني: في الأحكام
المتهب إن كان ذا رحم لم يجز الرجوع بعد الإقباض، وكذا إن كان

(1) في (ش، ص): " والنقل ".
407

أجنبيا وعوض وإن كان ببعضها، أو قصد الأجر، أو تلفت العين، أو
تصرف على رأي وإن لم يكن لازما، وإلا فللواهب الرجوع.
ويكره لأحد الزوجين الرجوع على رأي.
وإفلاس المتهب لا يبطل حق الرجوع، ومع الحجر إشكال. أما جناية
الهبة فالأقرب أنها تبطل حق رجوع الواهب.
ولو جوزنا الرجوع مع التصرف: فإن كان لازما كالكتابة والإجارة فهو
باق على حاله، ولو باع أو أعتق فلا رجوع (1).
ولو كان جائزا بطل: كالتدبير والوصية والهبة قبل القبض.
والرجوع يكون باللفظ مثل: رجعت، أو ارتجعت، أو أبطلت، أو
رددت، أو فسخت، أو غيرها من الألفاظ الدالة على الرجوع. وبالفعل
مثل: أن يبيع، أو يعتق، أو يهب. وهل يكون ذلك فسخا لا غير، أو فسخا
وعقدا؟ الأقرب: الثاني، والأقرب أن الأخذ ليس فسخا. وإذا رجع وهي
معيبة لم يرجع بالأرش وإن كان بفعل المتهب. وإن زادت زيادة متصلة
فهي للواهب وإن كانت بفعله إن سوغنا الرجوع مع التصرف. وإن كانت
منفصلة: كالولد واللبن فهي للمتهب.
ولو صبغ الثوب فهو شريك بقيمة الصبغ، ولكل منهما القلع، وفي
الأرش، إشكال، والأقرب عدم انتقال حق الرجوع إلى الوارث.
ولو مات المتهب لم يرجع الواهب، ولو جن فالأقرب جواز رجوع الولي
مع الغبطة.
ويكره تفضيل بعض الولد بعض في العطية. ويستحب: التسوية،

(1) في (ب) " في القيمة ".
408

والعطية لذي الرحم، ويتأكد في الوالد والولد.
وإذا باع الواهب بعد الإقباض بطل مع لزوم الهبة، وصح لا معه على
رأي، ولو كانت فاسدة صح إجماعا.
ولو باع مال مورثه معتقدا بقاءه أو أوصى بمن أعتقه وظهر بطلان عتقه
فكذلك.
ولو أنكر القبض صدق باليمين وإن اعترف بالهبة، ولو أنكره عقيب
قوله: وهبته وملكته فكذلك إن اعتقد رأي مالك.
ولا تستلزم الهبة العوض من دون شرط مطلقا على رأي، فإن عوض لم
يكن للمالك الرجوع، ولا يجب على الواهب القبول مع الإطلاق، فإن
دفع عوضا مع عدم شرط (1) فهي هبة أخرى، فإن شرطه صح مطلقا ومعينا،
وله الرجوع ما لم يدفع المشروط، ولا يجب على المتهب دفعه، لكن إن امتنع
فللواهب الرجوع. فلو تلف الموهوب أو عاب قبل دفع المشترط وقبل الرجوع
ففي التضمين نظر، فإن أوجبناه فالأقرب مع التلف ضمان أقل الأمرين من
العوض وقيمة الموهوب.
وإذا أطلق العوض دفع المتهب ما شاء، فإن رضي الواهب وقبضه لم
يكن له الرجوع، وإن لم يرض تخير المتهب بين دفع الموهوب وعوض المثل.
ولو خرج العوض أو بعضه مستحقا أخذه مالكه، ثم إن كانت الهبة
مطلقة لم يجب دفع بدله، لكن للواهب الرجوع. وإن شرطت بالعوض دفع
المتهب مثله أو قيمته مع التعين، أو العين، أو ما شاء إن رضي الواهب مع
الإطلاق.

(1) في (أ، ب، ش): " شرطه ".
409

ولو كان معيبا ألزم (1) بالأرش، أو دفع العين في المعينة لا المطلقة.
ولو ظهر استحقاق نصف العين رجع بنصف العوض، ولو ظهر
استحقاقها بعد تلفها في يد المتهب فالأقرب رجوعه على الواهب بما غرمه
من القيمة وإن زادت العوض أو خلت عنه.
ولو وهبه عصيرا خمرا ثم عاد خلا فله الرجوع على إشكال
منشؤه (2): الإشكال في الغاصب وأحد احتماليه.
ولو افتك (3) الرهن أو بطلت الكتابة إن سوغناه مع التصرف، ولو عاد الملك بعد زواله احتمل الرجوع.
* * *

(1) في (أ): " لزم الأرش ".
(2) في (ه‍): مبناه.
(3) في (ب) انفك.
410

المقصد الثالث
في الإقرار
وفيه فصول:
الأول: في أركانه
وفيه مطالب:
الأول: الصيغة
الإقرار: إخبار عن حق سابق لا يقتضي تمليكا بنفسه، بل يكشف
عن سبقه.
ولفظه الصريح: لك عندي، أو علي، أو في ذمتي، أو هذا وما أدى
معناه بالعربية وغيرها.
ويشترط تنجيزه، فلو علقه بشرط كقوله: لك كذا إن شئت، أو إن قدم
زيد، أو إن رضي فلان، أو إن شهد لم يصح. ولو فتح " أن " لزم.
ولو قال: إن شهد لك فلان فهو صادق أو فهو حق أو صحيح
لزمه وأن يشهد.
ولو قال: إن شهد لك صدقته أو لزمني أو أديته لم يكن مقرا.
ولو قال: له علي ألف إذا جاء رأس الشهر لزمه إن لم يقصد الشرط بل
الأجل، وكذا لو قال: إذا جاء رأس الشهر فله علي ألف.
411

ولو قال: كان له علي ألف لزمه، ولا تقبل دعواه في السقوط.
ولو قال: لي عليك ألف فقال: نعم أو: أجل أو: بلى أو: صدقت أو:
بررت أو: قلت حقا أو: صدقا أو: أنا مقر به أو: بدعواك أو: بما أدعيت
أو: لست منكرا له أو:
رددتها أو: قبضتها أو: قضيتكها أو: أبرأتني منها فهو
إقرار.
ولو قال: أليس لي عليك كذا؟ فقال: بلى كان إقرارا، ولو قال: نعم
لم يكن إقرارا على رأي، والإقرار بالإقرار (1) إقرار.
ولو قال: لي عليك ألف فقال: أنا مقر ولم يقل [على الأقوى] (2):
به (3): أو زنه أو خذه أو انتقده أو زن أو خذ لم يكن إقرار.
ولو قال: أنا أقر به احتمل الوعد.
ولو قال: اشتر مني هذا العبد أو استوهبه فقال: نعم فهو إقرار. وكذا لو
قال (4): بعني، أو: ملكني، أو هبني.
ولو قال: ملكت هذه الدار من فلان أو: غصبتها منه أو: قبضتها منه
فهو إقرار، بخلاف تملكها على يده.
ولو قال: بعتك أباك فحلف عتق ولا ثمن.
ولو قال: لك علي ألف في علمي أو: فيما أعلم أو: في علم الله تعالى
لزمه.
ولو قال: لك علي ألف إن شاء الله فالأقرب عدم اللزوم.

(1) " بالإقرار " ليست في المطبوع.
(2) ليست في (ص، ش، ج).
(3) كلمة " به " وقعت في (أ، ه‍) قبل " على الأقوى ".
(4) في المطبوع زيادة " أنا أقر به " بعد " قال ".
412

ولو قال: أنا قاتل زيد فهو إقرار، لا مع (1) النصب، والوجه التسوية في
عدم الإقرار.
الثاني: المقر
وهو قسمان: مطلق ومحجور.
فالمطلق ينفذ إقراره بكل ما يقدر على إنشائه ولا يشترط عدالته، فيقبل
إقرار الفاسق والكافر، وإقرار الأخرس مقبول مع فهم إشارته.
ويفتقر الحاكم إلى مترجمين عدلين، وكذا في الأعجمي.
وكل من ملك شيئا ملك الإقرار به.
والمحجور عليه سبعة:
(أ) (2): الصبي: ولا يقبل إقراره وإن أذن له الولي، سواء كان مراهقا
أو لا.
ولو جوزنا وصيته بالمعروف جوزنا إقرار بها.
ولو ادعى أنه بلغ بالاحتلام في وقت إمكانه صدق من غير يمين، وإلا
دار. ولو ادعاه بالسن طولب بالبينة.
ولو أقر المراهق ثم اختلف هو والمقر له في البلوغ فالقول قوله من غير
يمين، إلا أن تقوم بينة ببلوغه.
(ب): المجنون: وهو مسلوب القول مطلقا، وفي حكمه النائم، والمغمى
عليه، والمبرسم، والسكران، وشارب المرقد وإن تعمد لغير حاجة.
ولو ادعى زوال العقل حال إقراره لم تقبل دعواه إلا بالبينة، وإن كان
له حالة جنون فالأقرب سماع قوله.

(1) في (أ): " إلا مع ".
(2) في المطبوع: " الأول " كتابة، وكذا فيما بعده.
413

ولو شهد الشهود بإقراره لم يفتقر إلى أن يقولوا: طوعا في صحة من عقله.
(ج): المكره: ولا ينفذ إقراره فيما أكره على الإقرار به، ولو أقر بغير ما
أكره عليه صح.
ولو أكره على أداء مال فباع شيئا من ماله ليؤديه صح البيع مع عدم (1)
حصر السبب.
ولو ادعى الإكراه حالة الإقرار لم يقبل إلا بالبينة وإن أقر عند
السلطان إلا مع قرينة دالة (2) عليه: كالقيد أو الحبس أو التوكيل به
فيصدق مع اليمين.
(د): المفلس.
(ه‍): المبذر: وقد مضى حكمهما.
(و): المريض: ويقبل إقراره إن برئ مطلقا على إشكال (3)، وإن مات
في مرض الإقرار فكذلك إن لم يكن متهما، وإلا فمن الثلث.
ولو أقر بدين مستغرق ولا تهمة وثبت بالبينة آخر مستغرق أو أقر الوارث
به - على إشكال - ثبت التحاص. ولا فرق بين الإقرار للوارث وغيره على
رأي.
ولو أقر لزوجته بمهر مثلها أو دونه صح، ولو أقر بزائد أو بغيره نفذ من
الثلث مع التهمة، ومن الأصل بدونها.
ولو أقر لاثنين متهم في حق أحدهما اختص بالتشقيص.
ولو أقر بعين ماله وبدين في الذمة لآخر ولا تهمة فلا شئ للثاني، وكذا
لو قدم الثاني.

(1) " عدم " ليست في (أ).
(2) " دالة " لا توجد في (ب).
(3) " على إشكال " ليست في (ب).
414

ولو أقر بوارث فالأقرب اعتبار التهمة وعدمها، وكذا إقراره بإحبال
الأمة أو إعتاق أخيه المملوك له وله عم.
ولو أقر الوارث بدين على الميت ولا تركة له (1) لم يلزم. ولو خلف
تركة تخير في التسليم من التركة وغيرها، فيلزمه أقل الأمرين من الدين
والتركة.
ولو تعدد الوارث أدى كل واحد بقدر ميراثه، ولو أقر أحدهم لزمه من
الدين بقدر ميراثه، فلو كانا اثنين لزمه أقل الأمرين من نصف التركة
ونصف الدين.
(ز): العبد: ولا يقبل إقراره بمال ولا حد ولا جناية توجب أرشا أو
قصاصا، إلا أن يصدقه السيد، ويتبع بعد العتق بالمال.
ولو قيل: يقبل ويتبع به وإن لم يصدقه السيد كان وجها.
ولو كان مأذونا في التجارة فأقر بما يتعلق بها قبل، ويؤخذ ما أقر به مما
في يده، وإن كان أكثر لم يضمنه المولى، بل يتبع (2) بعد العتق. ولا يصح
إقرار المولى عليه بحد، ولا غيره.
ولو أقر عليه بالجناية فالأقرب قبول قوله، ويجب المال، ويتعلق برقبته
لا في حق العبد: كفك الإرث، فيعتق بالقيمة وإن قصرت على القولين.
ولا يقبل إقراره بالرق لغير من هو في يده.
ومن تحرر نصفه نفذ نصف إقراره، ويتبع بالباقي.
الثالث: المقر له: وله شرطان.
(أ) (3): أهلية التملك: فلو أقر لدابة أو لحائط لم يصح، ولو قال: بسبب

(1) " له " ليس في سائر النسخ عدا (ج) والمطبوع.
(2) في (ه‍، ص) زيادة " به ".
(3) في المطبوع و (ه‍): " الأول " كتابة، وكذا ما بعده.
415

الدابة قيل: يكون إقرارا للمالك على تقدير الاستئجار، وفيه نظر، إذ قد
يجب بسببها ما لا يستحق المالك كأرش الجناية على سائقها أو راكبها.
نعم، لو قال: لمالكها أو لزيد علي بسببها لزم. ولو قال: بسبب حملها لم
يزمه شئ، إذ لا يمكن إيجاب شئ بسبب الحمل.
ولو أقر لميت صح وانتقل إلى ورثته.
ولو قال: لا وارث له سوى هذا ألزم التسليم إليه إن كان دينا، وفي
العين نظر، أقر به وجوب البحث.
ولو أقر للعبد صح وكان للمولى. ولو أقر لحمل فلانة وعزاه إلى وصية
أو ميراث صح، فإن ولدت ذكرا وأنثى فهو بينهما على حسب استحقاقهما.
ولو عزاه إلى سبب ممتنع: كالجناية عليه والمعاملة له (1) فالأقرب اللزوم
وإلغاء المبطل. ولو أطلق فالوجه الصحة تنزيلا على المحتمل، ويكون بين
الذكر والأنثى نصفين.
ويملك الحمل ما أقر له به بعد وجوده حيا لدون ستة أشهر من حين
الإقرار، ولو ولد لأكثر من مدة الحمل بطل، ولو وضع فيما بينهما ولا زوج
ولا مالك حكم له، لتحققه وقت الإقرار.
ولو كان لها زوج أو مولى ففي الحكم له إشكال ينشأ: من عدم اليقين
بوجوده، ومن صحة الإقرار، وللعادة.
ولو سقط ميتا: فإن عزاه إلى إرث أو وصية عاد إلى مورث الطفل
والموصي (2)، وإن أطلق كلف السبب وعمل بقوله، وإن تعذر التفسير بموته

(1) " له " ليست في (ب).
(2) في المطبوع: " أو الموصى ".
416

أو غيره بطل الإقرار: كمن أقر لرجل لا يعرفه (1).
ولو ولدت اثنين أحدهما ميت فالمال للآخر.
ولو أقر لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو مصنع أو طريق وعزاه إلى سبب
صحيح مثل أن يقول: من غلة وقفه صح، وإن أطلق أو عزاه إلى سبب
باطل فالوجهان.
(ب): عدم التكذيب: فلو قال: هذه الدار لزيد فكذبه لم يسلم إليه، ثم
إما أن يترك في يد المقر أو القاضي: فإن رجع المقر له عن الإنكار سلم
إليه، فإن رجع المقر في حال الإنكار فالأقرب عدم القبول، لأنه أثبت الحق
لغيره، بخلاف المقر له فإنه اقتصر على الإنكار.
ولو أقر لعبد بنكاح أو تعزير قذف فكذب السيد فالأقرب اللزوم،
بخلاف ما لو كذب العبد، إذ لا حق للسيد هنا.
ولو أنكر المقر له بعبد قيل: يعتق (2)، وليس بجيد، بل يبقى على الرقية
المجهولة المالك، ويحتمل الحرية إن ادعاها العبد (3).
المطلب الرابع: في المقر به
وهو: إما مال أو نسب أو حق.
ولا يشترط في المال العلم، فيقبل بالمجهول، ثم يطالب بالبيان.
ولا أن يكون ملكا للمقر، بل لو كان بطل، فلو قال: داري لفلان أو

(1) " كمن أقر لرجل لا يعرفه " ليست في (ب).
(2) قول الشيخ في المبسوط: كتاب الإقرار ج 3 ص 23، وابن البراج في المهذب: كتاب الإقرار ج 1
ص 411.
(3) إلى هنا ما سقط من نسخة (د) من منتصف كتاب الإجارة.
417

مالي أو ملكي أو عبدي أو ثويي (1) لفلان بطل، للتناقض.
ولو شهد الشاهد بأنه أقر له بدار كانت ملك المقر إلى أن أقر فالشهادة
باطلة.
ولو قال: هذه الدار لفلان وكانت ملكي إلى وقت الإقرار لم تسمع
الضميمة وصح إقراره.
نعم، يشترط أن يكون المقر به تحت يده وتصرفه، فلو قال: الدار التي في
يدي أو تحت تصرفي لزيد لزم.
ولو قال: له في ميراث أبي أو من ميراث أبي مائة صح وكان إقرارا
بدين على التركة.
ولو قال: في ميراثي من أبي أو من ميراثي من أبي، لم يكن إقرارا،
ويصح لو قال: له من هذه الدار، بخلاف من داري، أو في مالي
ألف.
ولو قال في ذلك كله بحق واجب أو: سبب صحيح أو: ما جرى مجراه
صح.
وإذا قال: له في هذه الدار مائة صح، وطولب بالبيان، فإن أنكر المقر
له تفسيره صدق المقر مع اليمين.
ولو أقر بحرية عبد في يده غيره لم يقبل، فإن اشتراه صح تعويلا على قول
صاحب اليد، والأقرب أنه فداء في طرفه بيع في طرف البائع، فلا يثبت فيه
خيار المجلس والشرط والحيوان بالنسبة إلى المشتري، كما لا يثبت في بيع
من يعتق على المشتري، ولا يثبت للبائع ولاء ولا للمشتري، فإذا مات

(1) في (ب): " بقري ".
418

العبد أخذ المشتري من تركته الثمن، والفاضل يكون موقوفا.
الفصل الثاني: في الأقارير المجهولة
وهي أحد عشر بحثا:
(أ) (1): إذا قال: له علي شئ ألزم البيان، ويقبل تفسيره وإن قل.
ولو فسر بما لم يجر في العادة تملكه - كقشر جوزة أو حبة حنطة - أو بما
لا يتملك في شرع الإسلام مع إسلامه - كالخمر والخنزير وجلد الميتة - أو
بالكلب العقول والسرجين (2) النجس - وإن انتفع بهما - أو برد السلام أو
بالعيادة لم يقبل.
ولو قال: غصبته شيئا ففسره بالخمر والخنزير (3) قبل مع كفر المقر له،
ومع الإسلام إشكال.
ولو قال: أردت نفسه، لم يقبل، لأنه جعل له مفعولين، الثاني منهما شيئا
فيجب مغايرته للأول.
أما لو قال: غصبته، ثم قال: أردت نفسه، قبل، وكذا لو قال: غبنته،
لأنه قد يغصب ويغبن في غير المال.
ولو قال: له عندي شئ، لم يقبل بهما، لإفادة اللام الملك.
ولو امتنع من التفسير حبس حتى يبين (4). وقيل (5): يجعل ناكلا

(1) في المطبوع: " الأول " كتابة وكذا فيما بعده.
(2) في (ج): " أو السرجين ".
(3) العبارة من " وجلد الميتة " إلى قوله: " بالخمر والخنزير " ساقطة من نسخة (أ).
(4) في (ب): " يعين ".
(5) قول الشيخ الطوسي في المبسوط: كتاب الإقرار ج 3 ص 4، وابن إدريس في السرائر: كتاب المتاجر
باب الإقرار ج 2 ص 499.
419

فيحلف المدعي.
ولو فسره بكلب يجوز اقتناؤه قبل، وكذا لو فسره بحد قذف أو بحق
شفعة.
ولو فسره بدرهم فقال المدعي: بل أردت بقولك عشرة لم يقبل دعوى
الإرادة، بل عليه أن يدعي نفس العشرة، والقول قول المقر في عدم الإرادة
وعدم اللزوم.
ولو مات قبل التفسير طولب الورثة إن خلف تركة.
ولو ادعى المقر له جنسا غير ما فسره أو لم يدع شيئا بطل الإقرار.
(ب): لو قال: له علي مال قبل تفسيره بقليله وكثيره (1)، ولا يقبل
بغيره: كحد القذف وحق (2) الشفعة والكلب العقور، ويقبل بالمستولدة.
ولو قال: مال جزيل أو: جليل أو: عظيم أو: نفيس أو: خطير أو: عظيم
جدا أو: عظيم عظيم قبل تفسيره بالقليل أيضا.
ولو قال: كثير قيل: يكون ثمانين (3)، والأقرب المساواة.
ولو قال: أكثر مما لفلان وفسره بأكثر عددا أو قدرا ألزم بمثله، ويرجع
في الزيادة إليه.
ولو قال: كنت أظن ماله عشرة فثبت بالبينة مائة قبل تفسيره، لخفاء
المال.

(1) في (ب): " أو كثيرة ".
(2) " حق " ليست في (ش، ص).
(3) قاله الشيخ الطوسي في المبسوط: كتاب الإقرار ج 3 ص 6، وجماعة منهم: ابن زهرة في الغنية
(الجوامع الفقهية): ص 597، 597، وابن البراج في المهذب: ج 1 ص 405.
420

أما لو شهد بالقدر ثم أقر بالأكثرية لم يسمع.
ولو فسر بالبقاء أو المنفعة أو البركة وكان أقل في القدر والعدد بأن (1)
يقول: الدين أكثر بقاء من العين أو: الحلال أكثر من الحرام أو: أنفع ففي
السماع نظر.
ولو قال: لي عليك ألف دينار فقال: لك علي (2) أكثر من ذلك لزمه
الألف وزيادة. ولو فسر بأكثر فلوسا أو حب حنطة أو دخن فالأقرب عدم
القبول.
(ج): إذا قال: له علي كذا فهو كالشئ، ولو قال: كذا كذا فهو
تكرار. ولو فسر المفرد بدرهم نصبا لزمه درهم ونصب على التمييز، وقيل:
يلزمه عشرون (3).
ولو رفعه فكذلك، وتقديره: شئ هو درهم، فجعل الدرهم بدلا من
كذا.
ولو جره لزمه جزء درهم، ويرجع إليه في تفسيره، والتقدير: جزء
درهم، وكذا كناية عنه، وقيل: يلزمه مائة (4).
ولو وقف قبل تفسيره بجزء درهم، وكذا لو كرر بغير عطف،
ولا يقتضي الزيادة كأنه قال: شئ شئ.
وفي الجر يحتمل أنه صاف جزءا إلى جزء، ثم أضاف الآخر إلى
الدرهم: كنصف تسع درهم، وكذا لو قال: كذا كذا كذا، وقيل: لزمه

(1) في المطبوع: " بل عدد وأن ".
(2) " علي " ليست في (ش).
(3) قاله الشيخ في المبسوط: كتاب الإقرار ج 3 ص 13.
(4) قول الشيخ في المبسوط: ج 3 ص 13.
421

مع النصب أحد عشر (1) (2).
ولو عطف ورفع لزمه درهم، لأنه ذكر شيئين ثم أبدل منهما درهما،
فكأنه قال: هما درهم.
ولو نصب احتمل لزوم درهم، لأن كذا يحتمل أقل من درهم، فإذا
عطف مثله وفسرهما (3) بدرهم جاز، ودرهمين، لأنه ذكر جملتين وفسر
بدرهم، فيعود إلى الجميع كمائة وعشرين درهما يعود التفسير إلى الجميع،
وأكثر من درهم بناء على أن الدرهم تفسير للأخير، ويبقى الأول على
إبهامه. وقيل (4): يلزمه أحد وعشرون درهما (5).
ولو قال: ألف وثلاثة دراهم أو خمسون درهما، أو: ألف ومائة
وخمسة وعشرون درهما أو خمسة عشر درهما، أو: ألف ومائة درهم،
فالجميع دراهم على إشكال.
ولو قال: علي ثلاثة دراهم وألف أو: عشرون درهما وألف،
فالألف مجهولة.
ولو قال: درهم ونصف فالأقرب حمل النصف على السابق.
(د): إطلاق الإقرار بالموزون أو المكيل ينصرف إلى ميزان البلد

(1) قاله الشيخ في المبسوط: كتاب الإقرار ج 3 ص 13.
(2) في (أ، د) زيادة " درهما ".
(3) في (ج، د): " أو فسرهما ".
(4) قاله الشيخ الطوسي في المبسوط: كتاب الإقرار ج 3 ص 13.
(5) " درهما " ليست في (ص).
422

وكيله، وكذا الذهب والفضة ينصرف إلى نقده الغالب، سواء كان
نقدهم مغشوشا أو لا، وسواء كان الوزن ناقصا أو لا، فإن تعدد الوزن أو
النقد متساويا رجع إليه في التعيين.
ولو فسره بالناقص النادر قبل مع اتصاله، وكذا لو فسر بالمغشوشة مع
اشتمالها على الفضة لا بالفلوس.
ولو قال: له (1) علي دريهمات أو دراهم صغار وفسره بالناقص لم
يقبل إلا مع الاتصال.
(ه‍): الجمع يحمل على أقله وهو: ثلاثة، سواء كان جمع قلة أو
كثرة، وسواء كان معرفا بلام الجنس أو منكرا، وسواء وصفه بالقلة أو
الكثرة أو لا. فلو قال: له علي دراهم لزم ثلاثة، وكذا لو قال:
الدراهم أو: دراهم كثيرة أو: وافرة أو: قليلة.
ولو قال: ثلاثة آلاف واقتصر ألزم بتفسير الجنس بما يصح تملكه
مما يصدق عليه ذلك العدد.
(و): لو قال: (2) علي ما بين درهم وعشرة، لزمه ثمانية، ولو قال:
من درهم إلى عشرة، احتمل دخول الطرفين وخرجهما وخروج الغاية.
ولو قال: أردت المجموع لزمه خمسة وخمسون، لأنك تزيد أول العدد
وهو الواحد على آخره وهو العشرة، ثم تضرب المجموع في نصف العشرة.
ولو قال: له درهم في عشرة ولم يرد الحساب لزمه واحد (3). ولو قال (4):
درهمان في عشرة، وأراد الحساب لزمه عشرون. ولو أراد درهمين مع عشرة

(1) " له " ليست في (د، ص).
(2) في المطبوع و (ج) زيادة " له ".
(3) في (ج): " درهم واحد ".
(4) في (ش، ص) زيادة " له ".
423

قبل ولزمه اثنا عشر، ويقبل منه هذا التفسير وإن كان من أهل الحساب
على إشكال، لأن كثيرا من العامة يريدون هذا المعنى.
ولو قال: أردت درهمين في عشرة لي قبل ولزمه در همان.
ولو قال: درهمان في دينار لم يحتمل الحساب، وسئل، فإن فسر
بالعطف لزمه در همان ودينار، وإن قال: أسلمتهما في دينار فصدقه المقر له
بطل إقراره، لأن السلم لا يصح في الصرف، وإن كذبه صدق المقر له مع
اليمين.
ولو قال: له عندي زيت في جرة أو: سيف في غمد أو: كيس في
صندوق أو: فص في خاتم أو: غصبت منه ثوبا في منديل لم يدخل
الظرف.
ولو قال: له عندي غمد فيه سيف أو: جرة فيها زيت لم يدخل (1)
المظروف، وكذا له خاتم فيه فص أو عمامة في رأس عبد.
ولو قال: له عندي خاتم وأطلق أو: ثوب مطرز لزمه الخاتم بفصه
- على إشكال - والطراز.
ولو قال: له عندي جارية فجاء بها وهي حامل احتمل صحة
استثناء الحمل، بخلاف ما لو قال: له خاتم وجاء به وفيه فص
واستثناه، فإن الظاهر عدم قبوله.
ولو قال: له دار مفروشة أو عبد عليه عمامة احتمل
الأمرين.

(1) العبارة " الظرف. ولو قال: له عندي غمد فيه سيف أو جرة فيها زيت لم يدخل " سقطت من نسخة
(ب).
424

ولو قال: دابة بسرجها أو دار بفرشها أو سفينة بطعامها أو عبد
بعمامته لزمه الجميع.
ولو قال: له ألف في هذا الكيس ولم يكن فيه شئ لزمه الألف.
ولو كان الألف ناقصا احتمل إلزامه الإتمام (1).
ولو قال: الألف الذي في الكيس (2) لم يلزمه الإتمام، ولو لم يكن
فيه شئ ففي لزوم الألف وجهان.
ولو قال: له في هذا العبد ألف قبل تفسيره بأرش الجناية، وبكونه
مرهونا، وبأنه وزن في شراء عشرة ألفا واشتريت أنا جميع الباقي بألف،
ولم يلزمه إلا عشر العبد.
ولو قال: نقد عني في ثمنه ألفا كان قرضا، ولو قال (3): نقد ألفا في
ثمنه وأنا ألفا بإيجاب واحد فقد أقر بالنصف.
ولو قال: وزنت أنا ألفين فقد أقر بالثلث. ولو قال: أوصي له بألف
من ثمنه بيع وصرف إليه ألف، ولو أراد إعطاء ألف من ماله من غير
الثمن لم يجب القبول.
[ولو قال: جنى بألف فتعلقت برقبته قبل] (4).
ولو قال: له في هذه المال (5) أو: في (6) ميراث أبي ألف لزمه،

(1) في المطبوع: " بالإتمام ".
(2) في (أ): " في هذا الكيس ".
(3) في المطبوع: " ولو كان ".
(4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب، ه‍) وشطب عليه في (ش).
(5) في (أ) زيادة كلمة " ألف ".
(6) " في " ليس في (ب، ص).
425

بخلاف: له في مالي أو في ميراثي من أبي.
(ز): لو قال: له علي درهم درهم درهم لزمه واحد. ولو قال: درهم
ودرهم أو ثم درهم لزمه اثنان. ولو قال: فدرهم لزمه (1) واحد، وتقديره:
فدرهم لازم.
ولو قال: درهم ودرهمان لزمه ثلاثة، وكذا: درهم ودرهم ودرهم.
ولو قال: أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل. ولو قال: أردت بالثاني
تأكيد الأول لم يقبل، وكذا تجب الثلاثة لو قال: درهم ودرهم ثم درهم
أو بالعكس، لاختلاف حرفي العطف.
ولو قال: له علي درهم قبله درهم أو بعده درهم أو قبل درهم أو
بعد درهم لزمه درهمان، ولو قال: قبله وبعده لزمه ثلاثة، إذ القبلية
والبعدية لا تحتمل إلا الوجوب.
ولو قال: له (2) درهم مع درهم أو فوق درهم أو تحت درهم أو معه
أو فوقه أو تحته لزمه واحد، لاحتمال فوق درهم لي أو في الجودة.
(ح): لو أقر بدرهم في مجلسين أو بلغتين أو شهد عليه بذلك في
تأريخين فهما واحد، إلا أن يختلف السبب.
ولو أطلقه في أحدهما وقيده في الآخر حمل المطلق على المقيد، وكذا
لو قيده بقيدين يمكن جمعهما. أما لو قيده في أحد المجلسين بقيد يضاد ما
قيده به (3) في الآخر فهما اثنان. ولو شهد واحد بإقرار بتاريخ وآخر بإقرار
في تاريخ آخر جمع بينهما، لاتحاد المخبر عنه، ولا يجمع في الأفعال.

(1) في (أ) زيادة كلمة " درهم ".
(2) " له " ليست في (ش).
(3) " به " ليست في (د).
426

(ط): لو قال: هذه الدار لأحد هذين وهي في يده ألزم البيان (1)،
فإن عين قبل، وللآخر إحلافه وإحلاف الآخر، فإن أقر للآخر غرم
للثاني، إلا أن يصدقه الأول. وهل له إحلاف الأول؟ إشكال، وللثاني
إحلافه.
ولو أقر لزيد فشهد اثنان بسبق إقراره لعمرو وكذبهما زيد فلا غرم.
ولو قال: لا أعلم دفعها إليهما وكانا خصمين، ولكل منهما إحلافه لو ادعيا
علمه ولو قال: لزيد أو الحائط كذا ففي صحة الإقرار نظر. ولو قال: لزيد
والحائط كذا فالأقوى صحة النصف خاصة لزيد.
ولو صدق أحد المدعيين بما يوجب الاشتراك - كالإرث والابتياع
صفقة في النصف دون اشتراك السبب - فهو لهما، ولو لم يوجب الشركة لم
يشاركه الآخر، فإن أقر بالجميع لأحدهما: فإن اعترف المقر له للآخر
سلم إليه النصف، وإلا فإن ادعى الجميع بعد ذلك فهو له.
(ي): لو قال: أحد هذين العبدين لزيد طولب بالبيان، فإن عين
قبل، فإن أنكر زيد حلف المقر، ثم يقر الحاكم ما أقر به في يده، أو
ينتزعه إلى أن يدعيه زيد.
ولو قال: لزيد عندي درهم أو دينار فهو إقرار بأحدهما (2)، فيطالب
بالتفسير.
ولو قال: إما درهم أو درهمان ثبت الدرهم، وطولب بالجواب عن
الثاني.

(1) في (أ، ب، د): " بالبيان ".
(2) العبارات من قوله: " أو دينار فهو إقرار بأحدهما... " سقطت من نسخة (د).
427

ولو قال: لزيد في هذا المال (1) شركة قبل تفسيره بأقل من النصف.
(يا): لو قال: لزيد مائة ونصف ما لعمرو ولعمر مائة ونصف ما لزيد
فلزيد شئ، ولعمرو مائة ونصف شئ، فلزيد مائة وخمسون وربع شئ
يعدل شيئا، فالباقي بعد إسقاط الربع بمثله يعدل ثلاثة أرباع شئ،
فلكل مائتان. ولو ذكر الثلث فلكل مائة وخمسون، لأن لزيد شيئا،
ولعمرو مائة وثلث شئ، فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شئ يعدل
شيئا، فيسقط تسع شئ بمثله، فمائة وثلث تعدل ثمانية أتساع، فالشئ
مائة وخمسون.
ولو قال: لزيد عشرة ونصف ما لعمرو ولعمرو عشرة وثلث ما لزيد
فلزيد شئ ولعمرو عشرة وثلث شئ، فلزيد خمسة عشر وسدس شئ
يعدل شيئا يسقط السدس بمثله يبقى خمسة عشر (2) يعدل خمسة أسداس شئ
فالشئ ثمانية عشر هي ما لزيد، ولعمرو ستة عشر.
ولو قال: لزيد ستة ونصف ما لعمرو ولعمرو اثنا عشر ونصف ما
لزيد فلزيد ستة عشر ولعمرو عشرون.
ولو ذكر هنا عوض النصف في عمرو الثلث فلزيد أربعة عشر
وخمسان، ولعمرو ستة عشر وأربعة أخماس.
* * *

(1) في (ش): " في هذه الدار ".
(2) في (أ): خمسة.
428

الفصل الثالث: في تعقيب الإقرار بما ينافيه
وفيه مطلبان:
الأول: في الاستثناء
وقواعده خمس:
(أ) (1): حكم الاستثناء والمستثنى منه متناقضان، فالاستثناء من
النفي إثبات ومن الإثبات نفي.
(ب): الاستثناء المتكرر مع حرف العطف يعود إلى المستثنى منه،
وكذا لو زاد اللاحق على السابق أو ساواه، وبدونه يرجع اللاحق إلى
السابق.
(ج): الأقرب عود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة إلا مع القرينة.
(د): الاستثناء من الجنس جائز إجماعا، ومن غيره على الأقوى.
(ه‍): الاستثناء المستوعب باطل، ويجوز إبقاء فرد واحد على
الأقوى، فإذا قال: له علي عشرة دراهم إلا تسعة لزمه واحد. ولو قال:
له عشرة إلا تسعة إلا ثمانية فهو إقرار بتسعة. ولو عد إلى الواحد فهو
إقرار بخمسة. والضابط: إسقاط جملة المنفي من جملة المثبت بعد جمعهما،
فالمقر به الباقي.
ولو قال: له علي عشرة إلا اثنين وإلا واحدا فهو إقرار بسبعة. ولو
قال: له (2) عشرة إلا اثنين إلا اثنين لزمه ستة.

(1) في المطبوع: " الأول " كتابة، بالحروف، وكذا ما بعده.
(2) في (أ، ش): " له علي ".
429

ولو قال: له ألف إلا درهما: فإن سوغنا المنفصل طولب بتفسير
الألف، وقيل: إذا بقي بعد الاستثناء شئ، ولو لم يبق احتمل بطلان
التفسير أو الاستثناء، وإلا فالجمع دراهم.
ولو قال: له (1) ألف درهم إلا ثوبا: فإن منعنا المنقطع وجبت
الألف، وإلا طولب بذكر قيمة الثوب، فإن استوعب (2) بطل التفسير
فيطالب بغيره أو الاستثناء على الاحتمال.
ولو قال: له ألف شيئا كلف تفسيرهما.
ولو قال: له (3) ثلاثة بطل الاستثناء (4)، وكذا: له (5)
درهم إلا درهما (6).
ولو قال: له درهم ودرهم إلا درهما قيل (7): إن حكم بعوده إلى
الأخيرة بطل، وإلا صح، وليس بمعتمد.
أما لو قال: له ثلاثة ودرهمان إلا درهمين فإنه يصح، والأقرب
صحة: له درهمان ودرهمان إلا درهمين، لأن الاستثناء إنما يرجع إلى
الأخير لو لم يوجد قرينة الرجوع إلى الجميع.

(1) في المطبوع و (أ): " له علي ".
(2) في (ب): " استوعبت ".
(3) " له " ليست في (ش).
(4) العبارة " على الاحتمال... بطل الاستثناء " سقطت من (ب).
(5) في (ج): " وكذا لو قال: له ".
(6) في (ج): " إلا درهمان ".
(7) قاله الشيخ (ره) في المبسوط: كتاب الإقرار ج 3 ص 10، وابن إدريس في السرائر: كتاب المتاجر
باب الإقرار ج 2 ص 501.
430

ولو قال: له ثلاثة إلا درهما ودرهما ودرهما احتمل قويا بطلان
الأخير، وضعيفا الجميع. ولو قال له ثلاثة إلا ثلاثة إلا درهمين احتمل
بطلان الأول المستوعب، والثاني المتفرع عليه، وبطلان الأول خاصة،
فيعود الثاني إلى المستثنى منه، لبطلان ما بينهما فيلزمه درهم، وصحتهما
فيلزمه درهمان، لأن ثلاثة إلا درهمين في مقام درهم هو المستثنى من
الإقرار. والاستثناء من العين صحيح، كقوله: هذه الدار لزيد إلا هذا
البيت، و: هذا الخاتم له إلا فصه. ولو قال: له هذه العبيد إلا واحدا
فله التعيين، فلو ماتوا إلا واحدا فقال: هو المستثنى قبل.
ولو قال: له علي عشرة إلا درهم - بالرفع - لزمه (1) العشرة.
ولو قال: ماله عندي عشرة إلا درهم فهو إقرار بدرهم، ولو نصب لم
يكن إقرارا بشئ.
ولو قال: هذه الدار لزيد وهذا البيت لي فهو كالاستثناء.
ولا فرق بين أدوات الاستثناء مثل: له عشرة (2) سوى درهم، أوليس
، أو خلا، أو عدا، أو ما خلا، أو ما عدا، أو لا يكون، أو غير
درهم بالنصب. ولو رفع فهو وصف إن كان عارفا، وإلا لزمه تسعة.
ويشترط في الاستثناء كله الاتصال.
ولو قال: لزيد ستة إلا نصف ما لبكر ولبكر ستة إلا نصف ما لزيد
فلزيد شئ ولبكر ستة إلا نصف شئ، فلزيد ستة إلا ثلاثة تعدل
ثلاثة أرباع شئ، لأنك تسقط الربع في مقابلة الربع المستثنى، فإذا

(1) في (د): " فله ".
(2) في المطبوع: " له علي عشرة ".
431

جبرت وقابلت صار ستة تعدل ثلاثة وثلاثة أرباع شئ، فالشئ أربعة فلكل
منهما أربعة.
ولو قال: لزيد عشرة إلا نصف ما لبكر ولبكر عشرة إلا ثلث ما
لزيد فلزيد شئ ولبكر عشرة إلا ثلث شئ، فلزيد عشرة إلا خمسة
تعدل خمسة أسداس شئ، فإذا جبرت وقابلت صار عشرة تعدل خمسة
وخمسة أسداس شئ، فإذا أسقطت خمسة بمثلها بقي خمسة تعدل خمسة
أسداس شئ (1)، فالشئ يعدل ستة فهي لزيد ولبكر ثمانية.
ولو قال: لزيد عشرة إلا ثلث ما لبكر ولبكر خمسة عشر إلا نصف
ما لزيد فلزيد شئ ولبكر خمسة عشر إلا نصف شئ، فلزيد عشرة
وسدس شئ إلا خمسة تعدل شيئا، تسقط السدس بمثله يبقى خمسة
تعدل خمسة أسداس شئ، فالشئ ستة لزيد ولبكر اثنا عشر.
ولو أقر لأحدهما بمثل الآخر وعطف في أحدهما بالنصف واستثناه
من الآخر فلذي العطف ثلاثة أمثال ما للآخر.
المطلب الثاني: في ما عدا الاستثناء
وهو سبعة: (أ) (2): إذا عطف ب‍ " بل ": فإن كانا معينين أو مختلفين لم يقبل
إضرابه، ولزمه الأمران. ولو كانا مطلقين أو أحدهما لزمه واحدا والأكثر،

(1) قوله: " فإذا جبرت وقابلت... تعدل خمسة أسداس شئ " سقط من نسخة (ج).
(2) في المطبوع: " الأول ".
432

فلو قال: له هذا الدرهم (1) بل هذا أو قفيز حنطة بل قفيز شعير لزمه
الدرهمان والقفيزان.
ولو قال: له هذا الدرهم (2) بل درهم أو درهم بل هذا الدرهم لزمه
المعين، ويحتمل لزوم الدرهمين.
ولو قال: له (3) درهم بل درهم لزمه واحد، ويحتمل اثنين، لاستدعاء
الإضراب المغايرة.
ولو قال: له درهم بل درهمان لزمه درهمان.
ولو قال: له درهم بل درهمان لزمه درهمان.
ولو قال: له هذا الدرهم بل هذان لزمه الثلاثة، وكذا لو قال: له قفيز
شعير بل قفيزان حنطة.
ولو قال: له عشرة لا بل تسعة لزمه عشرة، بخلاف الاستثناء.
ولو عطف ب‍ " لكن " لزمه ما بعدها، إذ لا يعطف بها إلا بعد النفي،
فلو قال: ماله (4) عشرة لكن خمسة لزمه خمسة.
(ب): إذا كان في يده شئ على ظاهر التملك فقال: هذا الشئ لزيد بل
لعمرو قضي به للأول، وغرم قيمته للثاني، وكذا: غصبته (5) من زيد بل من
عمرو على إشكال، أو: غصبته من زيد لا بل من عمرو، أو: غصبته من
زيد وغصبه زيد من عمرو، وكذا استودعته من زيد بل من عمرو، وسواء
اتصل الكلام أو انفصل.
ولو قال: لزيد بل لعمرو بل لخالد حكم (6) للأول، وغرم لكل من

(1) في (أ): " هذه الدراهم ".
(2) في (أ): " هذه الدراهم ".
(3) " له " ليست في المطبوع.
(4) في (ص) زيادة كلمة " عندي ".
(5) في (أ، ش): " وكذا لو قال: غصبته ".
(6) في (أ، ش): زيادة " به ".
433

الباقين كما القيمة.
ولو قال: بل لعمرو وخالد فقيمة واحدة لهما (1). ولو قال: لزيد وعمرو
نصفين بل لخالد الجميع. ولو قال: بل ولخالد فالثلث. ولو قال:
بل لزيد وخالد فالنصف.
ولو صدقه الأول في ذلك كله فلا غرم.
ولو قال: غصبته من زيد وملكه لعمرو أو: وهو لعمرو لزمه الدفع إلى
زيد، ولا يغرم لعمرو، لأنه يجوز أن يكون في يد زيد. بحق إجارة، أو وصية،
أو عارية فلا ينافي ملكية عمرو، ولم يوجد منه تفريط يوجب الضمان،
بخلاف: هذا لزيد بل لعمرو، لأنه أقر للثاني بما أقر به للأول، فكان الثاني
رجوعا عن الأول بخلاف ما قلناه، ولا يحكم بالملك لعمرو، إذ هو بمنزلة
من أقر لغيره بما في يد آخر، ويحتمل الضمان. وكذا لو قال: هذا لزيد
وغصبته من عمرو فإنه يلزمه دفعه إلى زيد، ويغرم لعمرو على إشكال.
(ج): هل يصح البدل كالاستثناء؟ الأقرب ذلك إن لم يرفع مقتضى
الإقرار كما لو قال: له هذه الدار هبة أو صدقة.
أما لو قال: له هذه الدار عارية أو سكنى ففيه نظر ينشأ: من كونه رفعا
لمقتضى الإقرار، ومن صحة بدل الاشتمال لغة.
ولو قال: له هذه الدار ثلثها أو ربعها ففيه الإشكال.
(د): لو قال: كان له علي ألف وقضيته أو قضيته منها خمسمائة لم يقبل
قوله في القضاء إلا ببينة.
ولو قال: لي عليك مائة فقال: قضيتك منها خمسين فالأقرب لزوم

(1) في (ج): " بينهما ".
434

الخمسين خاصة، لاحتمال قوله: " منها " مما يدعيه.
ولو قال: أخذت منه ألف درهم من ديني أو من (1) وديعتي عنده فأنكر
السبب وادعى التملك حكم للمقر له بعد الإحلاف.
(ه‍): لو قال: له علي ألف من ثمن خمر أو خنزير أو ثمن مبيع هلك
قبل قبضه أو لم أقبضه أو ثمن مبيع فاسد لم أقبضه أو ضمنت به على أني
بالخيار لزمه الألف، ولم يقبل قوله في المسقط.
ولو قال: له علي ألف لا تلزم، لزمه.
ولو قال: له (2) علي ألف ثم سكت ثم قال: من ثمن مبيع لم أقبضه
لزمه الألف. ولو قال: له (3) علي ألف من ثمن مبيع ثم سكت ثم قال: لم
أقبضه احتمل القبول إن سمع مع الاتصال أو التصديق (4) واللزوم (5).
ولو قال: له (6) علي ألف من ثمن عبد إن سلم سلمت احتمل لزوم
الألف معجلا، وبعد تسليم العبد (7).
ولو قال: له ألف مؤجلة أو زيوف أو ناقصة لم يقبل مع الانفصال، ومع
الاتصال إشكال (8).
ولو قال: له (9) ألف مؤجل من جهة تحمل العقل قبل قطعا. ولو قال:
من حيث القرض لم يقبل قطعا.
ولو قال: ابتعت بخيار أو كفلت بخيار لم يقبل تفسيره.

(1) " من " ليست في (ش).
(2) " له " ليست في (ه‍).
(3) " له " ليست في (ب، ه‍، ص).
(4) " أو التصديق " ليست في (ش).
(5) في (أ): " أو اللزوم ".
(6) " له " ليست في (ص).
(7) في (ه‍): " العبد خاصة ".
(8) في (ج): " على إشكال ".
(9) " له " ليست في (ش).
435

ولو أقر العجمي بالعربية ثم قال: لقنت: فإن كان لا يفهم سمعت
دعواه، وإلا فلا.
(و): لو قال: له عندي دراهم وديعة قبل تفسيره، سواء اتصل كلامه
أو انفصل. ولو ادعى المالك أنها دين فالقول قوله مع اليمين، بخلاف ما لو
قال: أمانة.
ولو قال: له عندي وديعة وقد هلكت أو رددتها إليه لم يقبل منه. أما لو
قال: كان له عندي قبل.
ولو قال: له علي ألف وديعة لم يقبل تفسيره، ويلزمه لو ادعى التلف.
ولو قال: لك علي ألف وأحضرها وقال: هذه التي أقررت بها وهي وديعة
كانت لك عندي فقال المقر له: هذه وديعة والتي أقررت بها غيرها وهي
دين عليك احتمل تقديم قول المقر، لإمكان الضمان بالتعدي، ولا يقبل
قوله في سقوط الضمان لو ادعى التلف وتقديم قول المقر له.
وكذا لو قال: لك في ذمتي ألف وجاء بها وقال: هي وديعة وهذه
بدلها. أما لو قال: لك في ذمتي ألف وهذه التي بها كانت وديعة لم
يقبل.
ولو قال: له علي ألف ودفعها ثم قال: كانت وديعة وكنت أظنها
باقية فبانت تالفة لم يقبل، لأنه مكذب لإقراره. أما لو ادعى تلفها بعد
الإقرار قبل بالبينة.
ولو قال: له عندي وديعة دينا أو مضاربة دينا صح ولزمه الضمان،
لأنه قد يتعدى فيها فيكون دينا. ولو قال: أردت أنه شرط على ضمانها لم
يقبل.
ولو قال: أودعني مائة فلم أقبضها أو أقرضني مائة فلم آخذها قبل مع
436

الاتصال على إشكال.
(ز): لو أقر بالبيع وقبض الثمن ثم أنكر وادعى الإشهاد تبعا للعادة من
غير قبض فالأقرب سماع دعواه، فيحلف المشتري، وكذا لو أقر بالاقتراض
ثم ادعى الإشهاد في الصك قبل القبض حلف المقرض (1).
أما لو شهد الشاهدان بمشاهدة القبض في الموضعين لم تسمع دعواه،
ولا يمين على المدعي.
الفصل الرابع: في الإقرار بالنسب
المقر به: إما ولد، أو غيره. أما الولد فيشترط في الإقرار به عدم تكذيب
الحس، والشرع، والمقر به، وعدم المنازع، فلو أقر ببنوة من هو أكبر منه سنا
أو مساو أو أصغر بما لم تجر العادة بتولده عنه، أو بمن بينه وبين أمه مسافة
لا يمكن الوصول في مثل عمر الولد إليها، أو ببنوة مشهور النسب بغيره، أو
بمن كذبه الولد البالغ لم يثبت.
ولو نازعه غيره لم يلحق بأحدهما إلا بالبينة أو القرعة. وهل حكم المرأة
في إقرارها بالولد حكم الرجل؟ نظر.
ولا يعتبر تصديق الصغير، ولو أنكر بعد بلوغه لم يلتفت إلى إنكاره
لسبق ثبوت نسبه.
ولو مات الصغير ورثه الأب.
ولو اعترف ببنوة ميت مجهول النسب (2) ثبت نسبه وورثه وإن كان

(1) " المقرض " ليست في (أ).
(2) " النسب " ليست في (ه‍، ص).
437

كبيرا ذا مال مع عدم وارث غيره، وكذا المجنون لا يعتبر تصديقه، والأقرب
اشتراط التصديق في الكبير العاقل.
وليس الإقرار بالولد إقرارا بزوجية أمه وإن كانت مشهورة بالحرية.
ولو أقر ببنوة ولد أمته لحق به وكان حرا إن لم يكن لها زوج.
ولو أقر ببنوة ولد إحدى أمتيه وعينه لحق به وكان الآخر رقا، وكذا لو
كانا من أم واحدة، فإن ادعت الأخرى أن ولدها هو المقر به قدم قوله مع
اليمين، ولو لم يعين ومات فالأقرب القرعة. وهل يقبل تعيين الوارث؟
إشكال.
ولو عين واشتبه ومات أو لم يعين استخراج بالقرعة، وكان الآخر رقا،
ويثبت الاستيلاد لأم من أخرجته القرعة.
ولو كان لهما زوجان بطل إقراره (1). ولو كان لإحداهما زوج انصرف
الإقرار إلى ولد الأخرى.
وأما غير الولد: فيشترط التصديق أو البينة. وإن كان ولد ولد (2): فإذا
أقر بوالد أو أخ أو غيرهما ولا وارث له وصدقه المقر به توارثا بينهما،
ولا يتعدى التوارث إلى غيرهما.
ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل إقراره في النسب وإن تصادقا. وإذا
أقر أحد الولدين خاصة ولا وارث غيرهما بثالث لم يثبت نسبه في حق
المنكر، ولا المقر، لعدم تبعض النسب، بل يشارك بالنسبة إلى حصة
المقر (3)، فيأخذ ثلث ما في يده، وهو فضل ما في يد المقر عن ميراثه.

(1) في (ه‍) زيادة " به ".
(2) في (ه‍): " ولد ولده ".
(3) في (أ، ش): " المقر به ".
438

ولو كان الإقرار ببنت لزمه دفع خمس ما في يده. ولو أقرا معا ثبت للمقر
له كمال حصته.
ولو أقر اثنان من الورثة بالنسب للميت وكانا عدلين ثبت النسب
والميراث، وإلا أخذ من حصتهما بالنسبة.
ولو شهد الأخوان بابن للميت وكانا عدلين ثبت نسبه، وحاز الميراث
ولا دور، ولو كانا فاسقين أخذ الميراث، ولم يثبت النسب.
وإنما يثبت النسب بشهادة رجلين عدلين، لا بشهادة رجل وامرأتين،
ولا رجل ويمين، ولا بشهادة فاسقين وإن كانا وارثين.
فروع
(أ): لو أقر الولد بآخر فأقرا بثالث ثبت نسب الثالث مع عدالتهما، فلو
أنكر الثالث الثاني لم يثبت نسب الثاني ويأخذ السدس، والثالث
النصف، والأول الثلث، فإن مات الثالث عن ابن مقر دفع السدس إلى
الثاني أيضا.
ولو كان الأولان معلومي النسب لم يلتفت إلى إنكاره لأحدهما،
وكانت التركة أثلاثا.
ولو أنكر الأول وكان معلوم النسب لم يلتفت إلى إنكاره، وإلا فله
النصف، وللأول السدس إن صدقه الثاني.
(ب): لو أقر الوارث بمن هو أولى منه كان المال للمقر له، فلو أقر العم
بأخ سلم إليه التركة، فإن أقر الأخ بولد سلمت التركة إلى الولد.
ولو كان المقر العم بعد إقراره بالأخ: فإن صدقه الأخ فالتركة للولد،
439

وإن كذبه فالتركة للأخ، ويغرم العم التركة للولد إن نفى وارثا (1) غيره،
وإلا فإشكال.
(ج): لو أقر الأخ بولد للميت فالمال للولد، فإن أقر بآخر: فإن صدقه
الأول فالتركة بينهما، وإن كذبه فالتركة للأول، ويغرم النصف للثاني. وإن
أنكر الثاني الأول: فإن أقر بثالث: فإن صدقه الأول فله النصف، وإن
كذبه غرم المقر الثلث.
ولو أقر بولد بآخر فصدقه الأول وأنكر الثاني الأول فالتركة للثاني،
ولا غرم.
(د): لو أقرت الزوجة مع الإخوة بولد فإن صدقها الإخوة فالمال للولد،
وكذا كل وارث ظاهر أقر بأولى (2). ولو أقر بمساو دفع بنسبة نصيبه.
ولو كذبها الإخوة فلهم ثلاثة الأرباع، وللولد الثمن، وللزوجة الثمن.
(ه‍): لو أقر الأخ بولدين دفعة فصدقة كل واحد عن نفسه لم يثبت
النسب، ويثبت الميراث، فيأخذ كل واحد النصف. ولو تناكرا بينهما لم
يلتفت إلى تناكرهما.
ولو أقر أحد الأخوين بولد وكذبه الآخر أخذ الولد نصيب المقر خاصة،
فإن أقر المنكر بآخر دفع إليه ما في يده.
(و): لو أقر بزوج لذات الولد أعطاه ربع ما في يده، ولو لم يكن ولد
أعطاه النصف، فإن أقر بزوج آخر لم يقبل، فإن أكذب إقراره الأول غرم
للثاني ما دفع إلى الأول. وهل يثبت الغرم بمجرد الإقرار أو بالتكذيب؟
الظاهر من كلام الأصحاب الثاني.

(1) في (أ): " إن بقي وارث ".
(2) في المطبوع: " بأولى منه ".
440

ولو أقر بزوجة لذي الولد أعطاها ثمن ما في يده، ولو خلا عن الولد
أعطاها الربع، فإن أقر بأخرى: فإن صدقته الأولى اقتسمنا (1)، وإلا غرم
لها نصف ما أخذت الأولى من حصته.
ولو أقر بثالثة أعطاها الثلث، فإن أقر برابعة أعطاها الربع، فإن أقر
بخامسة لم يلتفت إليه على إشكال، فإن أنكر إحدى الأربع غرم لها ربع
الثمن أو الربع، ولو كان إقراره دفعة ثبت نصيب الزوجية لهن،
ولا غرم، سواء تصادقن أو لا.
(ز): لو أقر الأخ من الأب بأخ من الأم أعطاه السدس، فإن أقر الأخ
من الأم بأخوين منها وصدقه الأول سلم الأخ من الأم إليهما ثلث السدس
بينهما بالسوية ويبقى معه الثلثان، وسلم إليهما الأخ من الأب سدسا آخر،
ويحتمل أن يسلم الأخ من الأم الثلثين، ويرجع كل منهم على الأخ من
الأب بثلث السدس. ولو كذبه فعلى الأول للأول ثلثا السدس ولهما
الثلث، وعلى الثاني السدس بينهم أثلاثا.
(ح): لو اعترف الولد بالزوجة أعطاها الثمن، فإن أقر بأخرى أعطاها
نصف الثمن إذا كذبته الأولى، فإن أقر بثالثة واعترفت الأوليان بها
واعترفت الثانية بالأولى استعاد من الأولى نصف الثمن، ومن الثانية
سدسه، فيصير، معه ثلثا الثمن، يسلم إلى الثالثة منه ثلثا، ويبقى له ثلث آخر.
(ط): لو كان أحد الولدين عبدا أو كافرا فأقر الحر المسلم بآخر فأعتق
العبد أو أسلم الكافر قبل القسمة شارك، وإلا فلا. ولو كذب بعد زوال
المانع أو قبله الثاني فلا شئ له، إلا أن يرجع إلى التصديق.

(1) في (ج): " اقتسمتا به ".
441

ولو كان أحدهما غير مكلف فأقر المكلف بآخر عزل لغير المكلف
النصف، فإن اعترف بعد زوال المانع دفع الفاضل عن نصيبه، وإن كذب
ملك المعزول.
ولو مات قبل الكمال وقد تخلف السدس خاصة: فإن كان قد أفرده
الحاكم للإيقاف فهو للمقر له، وإلا فثلثاه.
(ي): لو أقر أحد الولدين بابن وأنكر (1) الثاني ثم مات المنكر عن ابن
مصدق فالأقرب ثبوت نسب العم، لكن يأخذ من تركة
الميت ما فضل عن نصيبه.
ولو أقر الولد بزوجة وللميت أخرى: فإن صدقته الأخرى فالثمن بينهما،
وإلا ما فضل عن نصيبه.
ولو أقر بزوجة وللميت أخرى: فإن صدقته الأخرى فالثمن بينهما،
وإلا فللأخرى، ولا غرم على إشكال (2).
ولو أقر الأخ من الأم بأخ إما من الأب أو من الأم أو منهما فكذبه الأخ
من الأب فللمقر حصته كملا، وكذا لو أقر بأخوين من الأب، أو منهما.
ولو كانا من الأم فإنه يدفع إليهما ثلث السدس، لاعترافه بأنهما
شريكان في الثلث، لكل منهم تسع وفي يده تسع ونصف تسع، فيفضل
في يده نصف تسع.
ولو أقر الأخوان من الأم بأخ منها دفعا إليه ثلث ما في يدهما، سواء
صدقتهما الأخ من الأب أو كذبهما.
ولو أقر به أحدهما خاصة دفع ما في يده. ولا اعتبار بتصديق الأخ
من الأب أو تكذيبه، لكن لو صدق وكان عدلا كان شاهدا، فإن كان
المقر عدلا ثبت النسب، وإلا فلا.

(1) في (ش): " وأنكره ".
(2) " على إشكال " ليست في المطبوع.
442

المقصد الرابع
في الوصايا
وفيه فصول: الأول: في أركانها
ومطالبه أربعة:
الأول:
الوصية تمليك عين أو منفعة بعد الموت. وتفتقر إلى إيجاب - وهو: كل
لفظ دال على ذلك القصد - نحو: أوصيت بكذا، أو افعلوا كذا، أو أعطوا
فلانا بعد وفاتي، أو لفلان كذا بعد وفاتي، أو جعلت له كذا.
ولو قال: هو له فهو إقرار (1) في الحال، لا يقبل منه حمله على الإيصاء
إلا أن يقرنه بما يفسد الإقرار كما لو قال: هو من مالي له فهو وصية.
ولو قال: عينت له كذا فهو كناية ينفذ مع النية.
ولو قال: وهبته وقصد الوصية لا التنجيز فالأقرب صحة التفسير، لأنه
بمنزلة ملكت.

(1) في النسخة من (ص) والمطبوع زيادة كلمة " يؤخذ " بعد إقرار ".
443

وقبول بعد الموت، فلا أثر له لو تقدم. وبهما ينتقل الملك مع موت
الموصي. ولا يكفي الموت بدون القبول، وبالعكس.
ولا يشترط القبول لفظا، بل يكفي الفعل الدال عليه، ولا اتصال
القبول، فلو قبل بعد الموت بمدة أو في الحياة بعد مدة صح ما لم يرد، فإن رد
في حياة الموصي جاز أن يقبل بعد الوفاة، إذ لا اعتبار بذلك الرد.
ولو رد بعد الموت قبل القبول بطلت وإن كان (1) بعد القبض، وبعده
لا يبطل وإن كان قبل القبض على رأي. ولو كان بعده لم تبطل إجماعا.
ولو رد بعضا صح ما فيما قبله، وفي رد رأس العبد - مثلا - إشكال ينشأ: من
بطلان إفراده، فيبطل الرد أو الوصية.
ولو مات قبل القبول قام وارثه مقامه في قبول الوصية، ولا يدخل في
ملك الميت، فلو أوصى بالحامل والحمل من الزوج له فمات قبل القبول
فقبل الوارث لم ينعتق عليه، ولا على الوارث، إلا أن يكون ممن ينعتق
عليه، ولا يرث إلا أن يكونوا جماعة.
ولو انعتق على بعضهم - كما لو كان الوارث ابنا وبنتا والحمل أنثى -
انعتق ثلثاها، وورثت ثلثي سهم بنت مما عداها خاصة، بخلاف ما لو
انعتق ثلثاه قبل الوفاة.
ولو قبل أحد الوارثين ورد الآخر صح في نصيب القابل، فإن كان
ممن ينعتق عليه عتق عليه وقوم الباقي.
وتصح مطلقة مثل: إن مت فثلثي للمساكين. ومقيده مثل: إن مت في
مرضي هذا أو في سفري هذا أو في سنتي هذه أو بلدي (2) فثلثي للمساكين،

(1) في المطبوع و (ب): " وإن كان الرد ".
(2) في (ج): " أو في بلدي ".
444

فإن برئ أو قدم أو خرجت السنة عليه حيا أو خرج من بلده فمات بطلت
المقيدة لا المطلقة.
ولو عجز عن النطق كفت الإشارة الدالة على المراد، ولا تكفي الكتابة
بدون الإشارة أو اللفظ وإن عمل الورثة ببعضها على رأي، سواء شوهد
كاتبا، أو اعترف بأنه خطه، أو عرف.
ولو كتب وصية وقال: اشهدوا علي بما في هذه الورقة أو قال: هذه
وصيتي فاشهدوا علي بها (1) لم يجز حتى يسمعوا منه ما فيه (2)، أو يقرأ عليه
فيقر به. فأما لو قرأه الشاهد مع نفسه فقال له الموصي: قد عرفت ما فيه
فاشهد علي به الأقرب القبول، وكذا البحث في المقر.
وإذا رد الوصية رجع المال إلى التركة، فإن عين بالرد واحدا وقصد
تخصيصه بالمردود لم يكن له ذلك.
أما لو رد في موضع يمتنع فيه الرد فإن له تخصيص من شاء هبة.
ويحصل الرد بقوله: رددت الوصية، أو لا أقبلها، أو ما أدى (3) معناه.
ولو كانت الوصية لغير معين كفى في التمليك الإيجاب والموت،
ولا يتوقف على القبول كمن أوصى للفقراء، وكذا لو أوصى للمصالح
كعمارة مسجد.
وهل القبول كاشف عن انتقال الملك إلى الموصى له بعد الموت، أو
سبب؟ فيه إشكال ينشأ: من انتفاء الملك عن الميت، وعدم دخوله في ملك

(1) في (ه‍) زيادة " أو فيها ".
(2) في (ش): " ما فيها ".
(3) في (ب، ج): " وما أدى ".
445

الورثة، لقوله تعالى: " من بعد وصية " (1)، فلو لم ينتقل إلى الموصى له بقي
بغير مالك. ومن كون القبول: إما جزءا من السبب أو شرطا - كقبول البيع
وانتفاء الملك عن الميت ممنوع، كما لو قتل، وكالمديون، وكما لو نصب
شبكة فوقع فيها صيد بعد موته. والآية يراد بها: من بعد وصية مقبولة،
والأقرب الأول.
وتمنع سببية القبول، بل هو كاشف عن صحة الوصية وفسادها،
والمقتول والمديون لا يملكان، لكن الدين يتعلق بالدية والتركة تعلق
الرهن (2)، والصيد لا يملكه الميت، فعلى الأول النماء المتجدد بين الموت
والقبول للموصى له، وللورثة على الثاني.
ولو أوصى له بزوجته (3) فأولدها بعد الموت وقبل القبول فالولد حر وأمه
أم ولد على الأول، وعلى الثاني الولد رق للورثة.
ولو مات الموصى له قبول والرد: فإن قبل وارثه ملك الجارية
والولد، وعتق عليه إن كان ممن ينعتق عليه على الثاني على قول
الشيخ (4) رحمه الله، وتكون الجارية أم ولد، ويرث الولد أباه، ويحجب
القابل إن كان أخا على الأول، ولا دور باعتبار أن توريثه يمنع كون
القابل وارثا فيبطل قبوله فيؤدي توريثه إلى عدمه، لأنا نعتبر من هو وارث

(1) النساء: 12، وفي المطبوع تكملة للآية في قوله تعالى: "... يوصى بها أو دين ".
(2) كذا في المطبوع و (ب، ح، ه‍) ومفتاح الكرامة والطبعة المحققة من جامع المقاصد، وفي (أ، ش)
والطبعة الحجرية من جامع المقاصد: " لكن الدين يتعلق بالدية والتركة تعلق الدين بالرهن "
والظاهر هو الأصح.
(3) أي: التي هي أمة الموصي.
(4) المبسوط: كتاب الوصايا ج 4 ص 32.
446

حال القبول لولاه كالإقرار، ولا يرث على الثاني، ولا تصير أمه أم ولد.
ولو أوصى له بأبيه فمات فقبل ابنه فعلى الأول تثبت حريته من حين
الموت فيرث السدس، ولا دور من حيث إنه لو ورث لاعتبر قبوله، ولا يجوز
إبطال توريثه، لأنه أقر جميع الورثة - وهم ابن الابن - بمشارك، فيثبت نسبه
ويرث. وعلى الثاني يعتق الجد على ابن الابن ولا يرث.
ولو كان على الموصى له دين وقبل وارثه قضي منه الديون والوصايا،
ويعتق من يعتق عليه على الأول دون الثاني.
ولو وطئ الوارث قبل القبول فعليه المهر، ولا تصير أم ولد لو أحبلها
على الأول دون الثاني. وزكاة الفطرة على الموصى له لو تخلل الهلال
الموت، والقبول الأول دون الثاني.
المطلب الثاني: في الموصي
ويشترط فيه: البلوغ والعقل والحرية، فلا ينفذ وصية الصبي وإن كان
مميزا في المعروف، وغيره على رأي، ولا وصية المجنون مطلقا، ولا السكران.
ولو جرح الموصي نفسه بما فيه هلاكها ثم أوصى لم يقبل. ولو قيل
بالقبول مع تيقن رشده بعد الجرح كان وجها، وتحمل الرواية (1) على عدم
استقرار الحياة على إشكال.
أما لو أوصى ثم قتل نفسه فإنها تمضي. وتصح وصية المبذر والمفلس.

(1) وهي رواية أبي ولاد عن الصادق عليه السلام، قال: " فإن كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في
نفسه من جراحة أو قتل لعله يموت لم تجز وصية ". وسائل الشيعة ب 52 من أبواب أحكام الوصايا
ح 1 ج 13 ص 441.
447

ولو أوصى العبد لم تصح، فإن عتق وملك ففي النفوذ إشكال.
وتنفذ وصية الكافر إلا بخمر أو خنزير لمسلم - وفي الذمي إشكال -، أو
عمارة كنيسة. ولو أوصى بعمارة قبور أنبيائهم جاز.
وتنفذ وصية الأخرس بالإشارة المعقولة. ولو عقل لسان الناطق
فعرضت عليه وصيته فأشار بها وفهمت إشارته صحت وصيته.
ولو أوصى الفقير ثم استغنى صحت وصيته.
ولو قال العبد: متى عتقت ثم مت فثلثي لفلان فلأقرب الجواز.
وكل من عليه حق من مال أو غيره وجب عليه (1) أن يوصي به إذا ظن
الموت.
المطلب الثالث: الموصى له
ويشترط فيه أمران: الوجود، وصحة التملك (2). فلو أوصى لمعدوم لم
تصح، وكذا للميت، سواء علم بموته أو ظن حياته فبان ميتا، أو لما تحمله
المرأة، أو لمن لوجد من أولاد فلان. ويصح للحمل الموجود بأن تأتي به لأقل
من ستة أشهر، أو لأكثر مدة الحمل مع خلوها من زوج ومولى (3). ولو كان
بينهما - وهي ذات زوج أو مولى - لم تصح، لعدم العلم بوجوده حين الوصية،
وتستقر بانفصاله حيا، فلو وضعته ميتا بطلت. ولو مات بعد انفصاله حيا
صحت وكانت لورثته، ويسقط اعتبار القبول هنا على إشكال.
ولو رد (4) الولي للمصلحة فالأقرب بطلان الوصية إن رد بعد الموت،

(1) " عليه " ليست في (أ).
(2) في (أ، ج، ش): " الملك ".
(3) في (ش): " أو مولى ".
(4) في (أ، ش) زيادة " الوصية ".
448

وكذا لو رد بعد بلوغه. وهل النماء المتجدد بين الوفاة والرد تابع، أو للموصى
له؟ إشكال ولا تصح لمملوك الأجنبي، ولا لمدبره، ولا لأم ولده،
ولا لمكاتبه المشروط على إشكال، وغير المؤدي وإن أجاز مولاه ولو أعتق
عند الاستحقاق، ولا يكن وصية للمولى.
ولو أدى المطلق البعض صحت بنسبة الحرية، وفي الوصية للجزء الحر
إشكال.
وتصح بالجزء الشائع لعبد الموصى ومدبره ومكاتبه وأم ولده، ثم يعتبر
ما وصى به بعد خروجه من الثلث، فإن كان بقدر قيمته عتق ولا شئ
له وكان الموصى به للورثة. وإن كانت قيمته أقل أعتق وأعطي الفاضل،
وإن كانت أكثر سعى للورثة في الباقي وإن بلغت الضعف على رأي. وفي
المعين إشكال.
ولو أوصى بالدابة (1) فإن قصد التملك أو أطلق بطل. ولو قصد الصرف
إلى علفها فالأقرب الجواز، والأقرب التوقف على قبول المالك، وحينئذ
ففي الدفع إليه إشكال، فإن دفع ففي جواز الصرف إلى غير العلف إشكال.
والأقرب صحة الوصية للذمي وإن كان أجنبيا، والبطلان للحربي
والمرتد. وتصح الوصية للأجنبي والوارث، سواء أجاز بقية الورثة أو لا.
ولو أوصى لأم ولده فالأقرب أنها تعتق من الوصية، لا من النصب
على رأي.
وإطلاق الوصية يقتضي التساوي في المتعدد، فلو أوصى لأولاده وهم
ذكور وإناث تساووا، إلا أن يفضل، وكذا لو أوصى لأعمامه وأخواله.

(1) في (ش): " للدابة ".
449

ولو قال: على كتاب الله تعالى فللذكر ضعف الأنثى، وكذا الوقف.
ولو أوصى لقرابته فهو للمعروف بنسبه، ذكرا كان أو أنثى (1)، صغيرا
أو كبيرا، غنيا أو فقيرا، من قبل أب انتسب إليه أو من قبل أم، بعيدا كان
أو قريبا بالسوية، وقيل: لمن يتقرب إليه إلى آخر أب وأم (2) له في
الإسلام (3)، ومعناه: الارتقاء إلى أبعد جد في الإسلام وإلى فروعه،
ولا يرتقى إلى آباء الشرك، ولا يعطى الكافر، وكذا لو قال: لقرابة فلان.
ولو قال: لقرابة النبي - صلى الله عليه وآله - فهو لأولاد عبد المطلب
وأولاد هاشم، دون بني عبد شمس وبني نوفل، والأقرب دخول بني المطلب
هنا.
ولو أوصى لأقرب الناس إليه أو لأقرب أقاربه نزل على مراتب
الإرث، لكن يتساوى المستحق، فللذكر مثل الأنثى، وللمتقرب بالأب
مثل المتقرب بالأم. وفي تقديم ابن العم من الأبوين على العم من الأب
هنا نظر. وفي التسوية بين الأخ من الأم والأخ من الأبوين في العطاء نظر.
ولو أوصى لجماعة من أقرب الناس إليه ووجد ثلاثة من أقرب الناس
إليه فما زاد في درجة واحدة أعطوا، وفي جواز تخصيص ثلاثة به دون الزائد
نظر. ولو لم يوجد ثلاثة في درجة واحدة أكمل من الثانية أو الثالثة، فلو
كان له ابن وأخ وعم تساووا.
ولو كان له ابن وثلاثة إخوة دخلوا أجمع في الوصية، والأقرب إعطاء
الابن الثلث.

(1) في (ب): " سواء كان ذكرا أو أنثى ".
(2) في (أ): " أو أم ".
(3) قول الشيخ الطوسي - ره - في النهاية: باب الوصية المبهمة ج 3 157 - 158.
450

ولو أوصى للعصبة دخل فيهم القريب والبعيد، دون المتقرب بالأم خاصة.
ولو أوصى لأهل بيت فلان دخل فيه الآباء والأولاد والأجداد
والأعمام والأخوال وأولادهم.
ولو أوصى لأهل فلان فهو لزوجته، ويحتمل من تلزمه نفقته. والذرية:
الأولاد وأولادهم ذكورا وإناثا وخناثى. والأختان: أزواج البنات.
والأصهار: آباء زوجاته وأمهاتهن. والآل: القرابة. والعترة: الأقرب إليه
نسبا، وقيل: الذرية (1). والعشيرة: القرابة (2). والقوم: أهل لغته، والجيران:
من تلي (3) داره إلى أربعين ذراعا على رأي.
ولو أوصى لمواليه وله موال (4) من أحد الطرفين صرف إليه ولا يصرف
إلى موالي أبيه، ولو اجتمعا فالأقرب البطلان. ولو لم يكن له مولى (5) ففي
استحقاق مولى (6) أبيه نظر ينشأ: من كونه ليس مولى له، ومن المصير إلى
المجاز عند تعذر الحقيقة، فإن أعطيناه: فلو كان له موال ولأبيه موال (7)
فمات مواليه قبله لم يعط موال أبيه، بخلاف ما لو أوصى لأقرب الناس إليه
وله ابن فمات الابن في حياته، فإنه لابن الابن.
ولو أوصى المسلم لأهل قرية أو للفقراء فهو للمسلمين من أهل القرية،
ومن الفقراء دون الكفار، ولو كان جميع القرية كفارا صحت إن كانوا أهل
ذمة. ولو كان الأكثر أهل ذمة ففي تخصيص المسلمين نظر.

(1) القائل به: ابن زهرة في الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 541.
(2) في (أ): " الذرية: العشيرة والقرابة ".
(3) في (ب، ج): " لمن يلي ".
(4) " موال " ليست في (ه‍).
(5) في المطبوع و (أ، ش): " موالي ".
(6) في المطبوع و (أ، ش): " موالي ".
(7) " موال " ليست في (ش).
451

ولو أوصى الكافر للفقراء صرف إلى فقراء أهل نحلته، وكذا لو أوصى
لأهل قريته وإن كانوا كفارا. ولو كان فيها مسلمون ففي دخولهم نظر، ولو لم
يكن فيها إلا المسلمون صرف إليهم.
ولو أوصى للجارح صح وإن سرت، ولا تبطل، وكذا القاتل على
إشكال، وكذا لو قتلت المستولدة سيدها فإنها تعتق، وكذا المدبر، وذو
الدين المؤجل.
ولو أوصى لأصناف الزكاة أو لمستحقيها (1) فالأقرب استحقاق كل
صنف ثمن الوصية، والاكتفاء بواحد من كل صنف.
ولو أوصى للفقراء دخل فيهم المساكين، وبالعكس على إشكال.
أما لو أوصى للفقراء بعشر وللمساكين بخمس وجب التمييز.
ولو مات الموصى له قبل الموصي قيل: بطلت، وقيل: إن لم يرجع فهي
لورثة الموصى له، فإن لم يكن له وارث فلورثة الموصى (2).
ولو قال: أعطوا فلانا كذا ولم يبين ما يصنع به صرف إليه يعمل به ما
شاء.
ولو أوصى في سبيل الله فالأقرب صرفه إلى ما فيه قربة، وقيل: يختص
الغزاة (3). وتستحب الوصية للقرابة وارثا كان أو غيره.

(1) في (أ، ب، ش): " أو لمستحقها ".
(2) قال في إيضاح الفوائد (2: 497): " الأول قول المفيد ورواه ابن بابويه في كتابه، وهو قول مشهور
عند الأصحاب والثاني قول ابن الجنيد واستحسنه المصنف في المختلف وهو الأصح عندي " ونحوه في
جامع المقاصد (10: 79) والذي وجدناه في المقنعة والمختلف عكس ما نسباه إليهما، وخلاف
ما نسبه في الإيضاح إلى المختلف، انظر المقنعة: 677، والمختلف 2: 513.
(3) قاله ابن حمزة في الوسيلة: 371 (فصل الوقف).
452

فروع
(أ): لو أوصى لعبده برقبته احتمل ضعيفا البطلان والصرف إلى التدبير.
(ب): لو أوصى لمكاتبه فالأقرب أنه كالعبد، وحينئذ فالأقرب اعتبار
أقل الأمرين من القيمة ومال الكتابة، فإن ساواه الموصى به عتق.
(ج): لو أوصى لحمل امرأة من زوجها فنفاه باللعان بطلت على
إشكال، وكذا لو أوصى لولد فلان وأشار إلى معين فكذبت النسبة،
والأقرب البطلان مع تعلق غرضه بها.
(د): لو أوصى بعين لحي وميت أو للمالك أو للحائط مع علمه
احتمل تخصيص الحي بالجميع، أو النصف، ولو جهل فالنصف، وكذا لو
مات أحدهما بعد الوصية لهما، أو قال (1): أوصيت لكل من فلان وفلان
بنصف المائة فإن الحي يستحق النصف.
(ه‍): لو أوصى بشئ لزيد والمساكين (2) احتمل أن يكون لزيد
النصف والربع، وكواحد منهم. أما المساكين فلا يعطي أقل من ثلاثة.
(و): لو قال: اشتروا بثلثي رقابا وأعتقوهم لم يجز الصرف إلى
المكاتبين.
(ز): لو أوصى لحمل فأتت به لأقل من ستة أشهر استحق، فإن ولدت
آخر لأقل من ستة أشهر من ولادة الأول شاركه، لتحقق وجوده وقت
الوصية.
(ح): لو أوصى للمسجد صرف إلى مصالحه، سواء أطلق أو عينه. أما

(1) في (أ، ش): " أما لو قال ".
(2) في المطبوع: " وللمسكين "، وفي (ه‍): " وللمساكين ".
453

لو قصد التملك فإنه يبطل.
(ط): لو أوصى لكل وارث بقدر نصيبه فهو لغو. ولو خصص كل
واحد بعين هي قدر نصيبه فالأقرب الافتقار إلى الإجازة، لظهور الغرض
في أعيان الأموال، وكذا لو أوصى أن يباع عين ماله من إنسان ينقد بثمن
المثل. ولو باع عين ماله من وارثه بثمن المثل نفذ.
(ي): في اشتراط التعيين إشكال، فإن لم نقل به لو أوصى لأحد هذين
احتمل تخيير الوارث، والقرعة، وفي التشريك بعد.
ولو أوصى لمنكر: كرجل تخير الوارث، لتعذر القرعة. ولو أوصى لمن
يصدق عليه بالتواطؤ: كالرجل ولمن شاء عم.
(يا): لو أوصى لمن يتعذر حمل اللفظ عليه حقيقة فالأقرب صرفه إلى
المجاز، كما لو أوصى لأولاده وله أولاد أولاد لا غير، أو لآبائه وله أجداد،
إلا في مثل الدابة فإنه لا ينصرف إلى البليد إلا لقرينة، لأن الحقيقة هنا
ممكنة، أقصى ما في الباب أنه يقتضي بطلان الوصية، وهو حكم شرعي
فلا يخرج اللفظ باعتباره عن حقيقة. ومن ثم لا تحمل الوصية للموالي على
المجاز، وهو إرادة المعنيين على الأقوى. والفرق بين الموالي وبين أحد هذين
ظاهر، فإن الثاني متواطئ.
(يب): لو أوصى للحمل فوضعت حيا وميتا صرف الجميع إلى الحي
مع احتمال النصف، وكذا لو أوصى لأحد هذين وجوزنا الوصية المبهمة
ومات أحدهما قبل البيان.
المطلب الرابع: في الموصى به
وهو: كل مقصود يقبل النقل، ويشترط: أن يكون موجودا، مختصا
454

بالموصي، منتفعا به، غير زائد على الثلث، إلا مع إجازة الوارث.
ولا يشترط: كونه مالا، ولا معلوما، ولا معينا، ولا مقدورا على
تسليمه. ولا نعني بالموجود كونه موجودا بالفعل حال الوصية، بل ما يمكن
وجوده، فلو أوصى بما تحمله الجارية أو الدابة أو بالثمرة المتجددة في العام
المقبل أو بأجرة سكنى (1) السنة المستقبلة صح، لأنها في تقدير الموجود.
ولو أوصى بالمنافع صحت وإن لم تكن مالا، لمساواتها له في الانتفاع.
ولو أوصى بالمجهول أو بالآبق أو بالمغصوب صح.
ولو أوصى بمال الغير لم يصح، لعدم الاختصاص.
ولو أوصى بالمشترك صح في نصيبه، لاختصاصه به.
ولو أوصى بالخمر والخنزير وكلب الهراش وطبل اللهو لم يصح.
ولو أوصى بما ينتفع به في ثاني الحال: كالخمر المحترمة التي يرجى
انقلابها والجر والقابل لتعليم الصيد فالأقرب الجواز، وكذا لو أوصى بالزبل،
والمجهول: كأحد العبدين، أو بالقسط، أو بالنصيب.
وكل ما ينتقل إلى الوارث إلا القصاص وحد القذف فإنه لا يقع
للموصى له وإن انتقل إلى الوارث، لأن المقصود - وهو: التشفي - يحصل
للوارث دونه.
ولو أوصى بكلب ولا كلب له لم يصح، لتعذر شرائه إن منعنا بيعه
مطلقا، وإلا اشترى له ما يصح بيعه. وعلى الأول: لو كان له كلاب
ولا مال له فوجه اعتباره من الثلث تقدير القيمة لها. ويحتمل التقدير بتقويم
المنفعة، واعتبار العدد، ويتعذر الأولان لو أوصى ذو الكلب وطبل اللهو

(1) في نسخة من (ص) زيادة " الدار ".
455

وزق الخمر بأحدهما ولا مال (1) سواها. ولو كان له سواه نفذت الوصية وإن
قل، لأنه خير من ضعف الكلب الذي لا قيمة له.
ولو أوصى بطبل لهو بطل، إلا أن يقبل الإصلاح للحرب، أو غيره مع
بقاء الاسم. ولو لم يصلح إلا برضه لم يصح، فإن الوصية لا تنزل على
الرضاض، لاعتمادها اسم الطبل.
ولو كان الرضاض من ذهب أو عود كان هو المقصود، فتنزل الوصية
عليه، فكأنه أوصى برضاضه. ولو أوصى برضاضه صحت، كأنه قال:
يكسر الطبل ويعطى رضاضه.
ويشترط أن لا يكون الموصى به زائدا على ثلث الموجود عند الموت،
ويستحب التقليل، فالربع أفضل من الثلث، والخمس أفضل من الربع،
وهكذا. فلو أوصى بأزيد من الثلث: فإن أجاز الورثة صحت، وإن منعوا
بطلت. ولو أجاز بعض الورثة (2) نفذت الإجازة في قدر حصته من الزيادة،
ولو أجازوا بعض الزائد صح خاصة.
ولو أوصى ببيع تركته بثمن ففي اشتراط الإجازة إشكال.
والإجازة تنفيذ لفعل الموصي، لا ابتداء عطية، فلا يفتقر إلى قبض،
ويكفي: أجزت، أو أنفذت، وشبهه. فلو أعتق عبدا لا مال له (3) سواه أو
أوصى بعتقه فأجاز الورثة فالولاء كله لعصبته، دون عصبة الوارث.
ولا فرق بين أن يكون الموصي مريضا أو صحيحا، وتنفذ الإجازة إن
وقعت بعد الموت إجماعا، وفي نفوذها قبله قولان.

(1) في (ص) زيادة " له ".
(2) في (ه‍): " بعضهم ".
(3) في (ب): " ولا مال له ".
456

ولا تصح الإجازة إلا من جائز التصرف، فلا تنفذ إجازة المجنون،
والصبي، والسفيه. وتصح من المفلس.
ويعتبر الثلث وقت الوفاة لا الوصية، سواء كانت الوصية بمعين، أو
بجزء مشاع، أو لا. فلو أوصى الغني ثم افتقر أو الفقير ثم استغنى فالحكم
بحالة الموت.
ولو قتل خطأ أو استحق أرشا خرجت الوصية من ثلث تركته وثلث
ديته وأرشه، وكذا العمد إذا تراضوا بالدية.
ولو أوصى بالمضاربة بتركة أجمع (1) على أن نصف الربح للوارث
صح.
ولو أوصى بواجب وغيره بدئ بالواجب من صلب المال، والباقي من
الثلث إن لم يجز الوارث، ويبدأ بالأول فالأول مع القصور.
ولو كان الجميع غير واجب بدئ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث،
ويبطل الزائد إن لم يجز الوارث.
ولو أوصى لزيد بثلث ولعمرو بربع ولخالد بسدس ولم يجز الورثة صحت
وصية زيد خاصة.
ولو أوصى لزيد بثلث ولعمرو بربع ولخالد بسدس ولم يجز الورثة صحت
وصية زيد خاصة.
ولو أوصى بثلثه لزيد وبثلثه لعمرو كان رجوعا على إشكال، فإن
اشتبه الأول أقرع.
ولو أوصى بمعين زائد عن الثلث لاثنين ولو تجز الورثة فلهما منه بقدر
الثلث. ولو رتب أعطي الأول وكان النقص على الثاني، سواء أوصى لكل
منهما بشئ منه أو أوصى لكل منهما بشئ منفرد.

(1) " أجمع " ليست في (ب، ه‍).
457

ولو أجازوا وصية (1) النصف ثم ادعوا ظن القلة صدقوا مع اليمين.
ولو كانت الوصية بمعين فادعوا ظن أنه الثلث أو ما زاد بيسير أو أن
المال كثير أو أنه لا دين لم يقبل منهم، ويحتمل القبول.
وإذا أوصى بالثلث لزيد كان له من كل شئ ثلثه.
ولو أوصى بمعين يخرج (2) من الثلث ملكه الموصى له بالقبول بعد الموت
بغير اختيار الورثة، فإن كان هو الحاضر فله التصرف في الثلث، ويقف
الباقي حتى يحضر الغائب، لأنه معرض للتلف، ويحتمل منعه من التصرف
وإن كان مستحقا بكل حال، لأن حق الوارث التسلط على ضعف
تسلطه، وهو غير ممكن هنا.
تنبيه:
لو اشتملت الوصية أو المنجز (3) في مرض الموت على كل تقدير
التصرف (4) في أكثر من الثلث احتمل البطلان، لأنها وصية بغير المعروف،
والصحة، ويكون النقص كالإتلاف، ونقص السوق كما لو كانت قيمة
العين ثلاثين ولا شئ سواها. ورجعت بالتشقيص إلى عشرة، أو باعه،
أو أعتقه فرجع بالشركة في أقل جزء إلى عشرة. وكذا الإشكال لو أوصى
له بأحد مصراعي باب، أو أحد زوجي خف قيمتها معا ستة، وكل واحد
اثنان، ومع البطلان لا عبرة بإجازة بعض الورثة. أما نقص القيمة

(1) في (ج): " وصيته للنصف ".
(2) في (أ، ج، ش): " فخرج ".
(3) في المطبوع: " أو المنجزة ".
(4) في المطبوع و (ه‍): " على التصرف ".
458

بتشقيص الورثة فكالاتلاف في الإرث وفي الوصية، فتصح حينئذ وتؤثر
الإجازة.
الفصل الثاني: في الأحكام
ومطالبه ثلاثة:
الأول: الأحكام الراجعة إلى اللفظ
وفيه بحثان:
الأول: الموصى به:
لو أوصى بالحامل لم يدخل الحمل، ولو أوصى بالحمل لم تدخل الأم.
ولو سقط بجناية جان صحت، وعوض الجنين للموصى له، بخلاف ما
لو أوصى له فانفصل بالجناية ميتا.
ولو سقط ميتا بطلت الوصية به، وكانت مؤنة التجهيز على الورثة. ولو
تعدد دخلا معا. ولا بد من وجوده حال الوصية، فلو شككنا في وجوده
بطلت، ويرجع في الأمة إلى ضابط الشرع.
وأما البهائم فتختلف باختلاف أجناسها، فيرجع فيها إلى العادة.
أما لو أوصى بما تحمل لم يشترط الوجود.
ولو أوصى بما يقع اسمه على المحلل والمحرم انصرف إلى المحلل.
ولو أوصى بكلب نزل على المنتفع به، ولو لم يكن له سوى غيره يشتري
له.
ولو أوصى بطبل من طبوله وله طبل لهو وطبل حرب نزل على الحرب.
ولو لم يكن له إلا طبل لهو لا يصلح إلا له بطلت. وكذا لو أوصى
459

بالمحرم ويمكن إزالته عن صفته المحرمة كالعود. أما لو لم يكن فإنها تبطل.
أما لو قال: طبلا من مالي فإنه يشتري له طبل حرب.
ولو أوصى به بدف صحت. وإذا أوصى بعود من عيدانه وله عود لهو
وعود بناء وعود قوس بطلت، لأنه في عود اللهو أظهر، وفيه إشكال.
والضابط: أن كل لفظ يقع على أشياء وقوعا متساويا: إما لكونه
مشتركا أو لكونه متواطئا فإن للورثة الخيار في تعيين ما شاءوا، ويحتمل في
المشترك القرعة، ويحمل على الظاهر كالحقيقة دون المجاز.
ولو أوصى له بقوس انصرف إلى قوس النشاب والنبل وهي العربية،
والحسبان وهي فارسية (1) لها مجرى من قصب يجعل فيها سهام صغار ويرمى
بها، دون قوس الندف، ودون قوس الجلاهق: وهو قوس البندق. ويتخير
الوارث، ولو وجدت قرينة حمل على ما دلت عليه.
ولو قال: قوس الرمي إلى الطير أعطي الجلاهق. ولو قال: أعطوه قوسا
من قسي وله قوس ندف وبندق أعطي قوس البندق، لأنه أسبق إلى الفهم
ولو لم يكن (2) إلا قوس ندف أعطي منها. ولو اتحد شخصا فإشكال (3). أما
لو قال: قوسا فالأقرب أنه يشتري له، والأقرب دخول الوتر إن كان
موجودا، وإلا فلا.
ولو قال: أعطوه قوسي ولا قوس له إلا واحدة انصرفت الوصية إليه من
أي الأجناس كان.
ولو أوصى له برأس من مماليكه تخير الوارث في إعطاء الصغير والكبير،

(1) في (ب): " وهي عجمية فارسية ".
(2) في (ش) زيادة " له ".
(3) " ولو اتحد شخصا فإشكال " لا توجد في المطبوع و (ه‍).
460

والصحيح والمعيب، والذكر والأنثى والخنثى، والمسلم والكافر، فإن امتنع
أعطي الأقل، فإن تساووا فالقرعة (1). وكذا لو قال: اشتروا له من مالي
رأسا.
ولو قال: أعطوه رأسا من رقيقي وماتوا أو قتلوا - على إشكال - قبل الوفاة
بطلت، ولو قتلوا بعدها لم تبطل، وكان للموصى له مطالبة الجاني بقيمة من
يعينه الوارث.
ولو أعتقهم الموصي بطلت، ولو بقي واحد تعين للوصية. ولو لم يكن له
رقيق حال الوصية بطلت.
أما لو قال: أعطوه رأسا من الرقيق أو: اشتروا له من مالي أو: أوصيت
له بعبد من مالي لم تبطل.
ولو قال: أعطوه عبدا من مالي وله عبد تخير الوارث بينه وبين الشراء.
ولو أوصى بثلث عبده فخرج ثلثاه مستحقا صرفت الوصية إلى الثلث
الباقي.
ولو قال: أعطوه عبدا من عبيدي ولا عبيد له ثم تجدد له قبل الموت
احتمل الصحة، كما لو قال: أعطوه ألفا ولا مال له ثم تجدد (2)، أو: أعطوه
ثلث مالي وله درهم ثم ملك مالا كثيرا، والمنع اعتبارا بحال الوصية. وكذا
لو كان له مماليك ثم ملك آخرين، فإن أبطلنا الأول تعين حقه في الأولين،
وإلا تخير الوارث.
ولو لم يكن له سوى واحد ومات عنه فعلى البطلان يحتمل الصحة
هنا.

(1) في المطبوع: " ومع التساوي القرعة ".
(2) في (أ): " تجدد له ".
461

ولو أوصى له بشاة أجزأ الذكر والأنثى والخنثى، - لأن التاء للوحدة
وأصلها شاهة لأن (1) تصغيرها شويهة - والصغير والكبير، والصحيح
والمعيب، والضأن والمعز، ولا يجزئ الظبي.
والبعير يدخل فيه الصغير والكبير، وفي دخول الأنثى إشكال أقربه أنه
كالإنسان.
أما الجمل: فكالرجل، والناقة: كالأنثى، والبكرة بمنزلة الفتاة،
والبكر: بمنزلة الفتى، والثور للذكر، والبقرة للأنثى، وفي دخول الجاموس
في البقر نظر ولا تدخل بقرة الوحش. ولا تدخل في الكلب، ولا في الحمار
الأنثى.
والدابة اسم للخيل والبغال والحمير، فإن تخصص عرف بلد بالفرس أو
بغيره حمل عليه. ولا يدخل السرج ولا الثوب في العبد.
ولو أوصى بدار اندرج ما يدخل في المبيع، فإن انهدمت قبل موته ففي
انقطاع الوصية إشكال ينشأ: من عدم تناول الاسم له، ومن دخول
العرصة، والنقض في الوصية.
ولو انهدم بعضها لم تبطل، وكذا الموت وإن كان قبل القبول.
ولو زاد في عمارتها لم يكن رجوعا، بخلاف طحن الحنطة.
والجمع يحمل على الثلاثة، فلو قال: أعتقوا رقابا فأقله ثلاثة، فإن
وفى الثلث باثنين وبعض الثالث اشترى البعض على إشكال، فإن وفى
بخسيسين وبعض ثالث أو بنفيسين فالأقرب الأول.
تنبيه: الجمع بصيغة أقله يجزئ فيه الثلاثة مطلقا، وكذا بصيغة

(1) في (أ): " ولأن ".
462

أكثره (1) مع الإطلاق، ومع التقييد يجب الأزيد إذا احتمله القيد، وإن
كان أخس فتجب الخمسة الخسيسة، ولا يجزئ عتق الأربعة النفيسة
المساوية قيمة (2).
البحث الثاني: في الموصى له:
لو قال: إن كان حملها غلاما، أو: إن كان الذي في بطنها غلاما، أو: إن
كان ما في بطنها، أو: كل حملها (3) فاعطوه فولدت غلامين أو جاريتين أو
جارية أو غلاما وجارية (4) بطلت.
ولو قال: إن كان في بطنها غلام استحق الغلام دون الجارية وإن ولدا.
ولو ولدت غلامين احتمل تخيير الوارث، والتشريك، والايقاف حتى
يصطلحا، فإنه متداعى بينهما. وكذا لو قال: أوصيت لأحدهما ثم مات قبل
البيان، ويحتمل الفرق هنا.
ولو أوصى للقراء فهو لمن يحفظ جميع القرآن، والأقرب عدم اشتراط
الحفظ على (5) ظهر القلب. والعلماء ينزل على العلماء بعلوم الشريعة،
فيدخل التفسير والحديث والفقه، ولا يدخل سامع الحديث إذا لم يعلم
طريقه، ولا الأطباء، ولا المعبرون، ولا المنجمون، ولا الأدباء.
ولو أوصى لزيد ولجبرئيل - عليه السلام - أو لزيد والريح أو الحائط

(1) في (أ): " الكثير ".
(2) في (أ): " قيمتها ".
(3) في (ه‍) زيادة " غلاما ".
(4) في (ج): " وغلاما أو جارية ".
(5) في (ه‍): " عن ".
463

فالنصف لزيد والباقي (1) باطل. ويحتمل صرف الكل إلى زيد في الأخيرين،
إذ الإضافة إلى الريح والحائط باطلة، بخلاف جبرئيل عليه السلام.
ولو قال: لزيد والله احتمل: صرف الكل إلى زيد، فيكون ذكر الله
تعالى تأكيدا لقربة الوصية، وصرف سهم الله تعالى إلى الفقراء فإنهم
محل حقوقه.
ولو أوصى لأقارب علوي معين في زمانه ارتقى في بني الأعمام من
أقربه إلى أقرب جد ينسب إليه الرجل، فيرتقي إلى بني علي
عليه السلام، دون بني عبد المطلب وعبد مناف، وبعد زمانه لا يصرف إلا
إلى أولاد ذلك العلوي ومن ينسب إليه، لا إلى علي عليه السلام.
ولو أوصى لأقاربه دخل الوارث وغيره، ولو أوصى لأقارب أقاربه
دخل فيه الأب والابن.
ولو أوصى لغير المنحصر: كالعلويين صح، ولا يعطى أقل من ثلاثة.
ولا يجب تتبع من غاب عن البلد. وهل يجوز التخصيص؟ إشكال، وكذا
جواز التفضيل.
أما لو أوصى لثلاثة معينين فإنه يجب التسوية.
ولو أوصى لبني فلان وهم منحصرون اختص بالذكور، ولو كانوا
منتشرين دخل الإناث.
ولو أوصى للأرامل فهو لمن مات عنهن أزواجهن، أو بن عنهم بسبب.
ولو أوصى للأخوة لم تدخل الأخوات.
ولو أوصى للأيتام لم يدخل البالغ، ولا من له أب.

(1) في (ج، ه‍): " والثاني ".
464

ولو أوصى لورثة فلان ومات عن غير وارث بطلت. وفي الموالي إشكال.
ولو قال: لعصبة زيد فمات الموصي وزيد حي أعطي عصبته. ولو قال:
لورثته بطلت.
ولو أوصى للشيوخ صرف إلى من جاوز الأربعين، وللشبان إلى من
جاوز البلوغ إلى الثلاثين، وللكهول من بلغ الأربعين، والغلمان والصبيان
لمن لم يبلغ.
ولو أوصى لأعقل الناس صرف إلى الزهاد والعلماء. ولو قال:
لأحمقهم تبع العرف.
المطلب الثاني: في الأحكام المعنوية
لو أوصى بخدمة عبده أو أجرة داره أو ثمرة بستانه صح من الثلث
أيضا.
وهي: تمليك لا عارية، فلو مات الموصى له ورث عنه، وتصح إجارته
وإعارته.
ولا يضمن العبد إذا تلف في يده بغير تفريط.
وإذا أوصى له بمنافعه ملك جميع اكتساب العبد: من الاصطياد
والاحتطاب (1)، فإن عتق فإشكال.
وفي تملك ولد الجارية وعقرها إشكال ينشأ: من بطلان الوصية بمنفعة
البضع، وكون الولد جزءا من الأم يتبعها في الأحكام، ومن كون ذلك كله
من المنافع. وهل يملك الوطئ؟ الأقرب المنع، ويمنع أيضا الوارث منه، فإن

(1) في المطبوع زيادة " والاحتشاش ".
465

وطئ أحدهما فهو شبهة لا حد عليه، وتصير أم ولد حملت من الوارث،
لا من الموصى له.
وإذا منعنا من تملك الولد فالأقرب سقوط الخدمة عنه.
ولو وطئت للشبهة فعلى الواطئ العقر للموصى له على إشكال، وإن
أتت بولد فهو حر، وعلى الواطئ قيمته، فإن قلنا: الموصى له يملك الولد
فالقيمة له، وإلا فللوارث.
ولو ولدت من الموصى له فهو حر وعليه القيمة، وفي المستحق ما تقدم.
وهل له المسافرة بالعبد الموصى بخدمته؟ الأقرب ذلك، وليس للعبد
التزويج إلا برضاهما.
وإذا قتل الموصى بخدمته أبدا ووجب القصاص بطلت الوصية، وكان
المطالب بالقصاص الوارث.
ولو كان القتل موجبا للقيمة احتمل صرفها إلى الوارث، لانتهاء
الوصية بانتهاء العمر، وشراء عبد حكمه ذلك، وتقسيطها بينهما بأن تقوم
المنفعة المؤبدة والعين المسلوبة المنفعة وتقسط عليها.
ولو قطع طرفه احتمل في أرشه (1) التقسيط، واختصاص الوارث. ولو لم
تنقص به المنفعة - كالأنملة - فللوارث.
ولو جنى العبد قدم حق المجني عليه على الموصى له، فإن بيع بطل
حقه، وإن فداه الوارث استمر حقه، وكذا إن فداه الموصى له. وهل يجبر
المجني عليه على القبول؟ إشكال ينشأ: من تعلق حق الموصى له بالعين،
ومن كونه أجنبيا عن الرقبة التي هي متعلق الجناية، وكذا المرتهن.

(1) في (أ، ب): " احتمل أرش "، وفي (ش): " احتمل أرشه "، و " في " لا توجد في (ص).
466

وتصح الوصية بالمنفعة: مؤبدة، وموقتة (1)، ومطلقة، والأقرب تخيير
الوارث. ولو قيدها بالعام المقبل فمرض بطلت.
ولو قيدها بوقت مطلق: كسنة من السنين تخير الوارث، ويعتبر جميع
قيمته في الحالين، فيخرج التفاوت من الثلث، لأنه لا يتعين له سنة حتى
يعتبر منفعتها. ولا يملك الوارث بيعه إن كانت مؤبدة أو مجهولة، ولو كانت
مؤقتة جاز بيعه. وهل يجوز في المؤبدة بيعه من الموصى له؟ نظر، ويملك عتقه
مطلقا، ولا يخرج استحقاق الموصى له. وفي الإجزاء عن الكفارة إشكال،
وفي صحة كتابته إشكال ينشأ: من امتناع الاكتساب عليه لنفسه، ومن
إمكان أخذ المال من الصدقات. وليس له الوصية بمنفعته، ولا إجارته، وله
أن يوصي برقبته.
وهذه المنافع تحسب من الثلث إجماعا، لأنها تنقص قيمة العين وإن
كنا لا نقضي الديون من المنافع المتجددة بعد الموت. ولا تقع موروثة، بل
يملكها الوارث، فإن كانت مؤبدة احتمل خروج قيمة العين بمنافعها من
الثلث، لسقوط قيمتها إذا كانت مسلوبة المنفعة، والحيلولة مؤبدة، فكأنها
الفائتة، إذ عبد لا منفعة له وشجرة لا ثمرة لها لا قيمة لها غالبا.
وتقويم الرقبة على الورثة والمنفعة على الموصى له، فيقوم العبد بمنفعة،
فإذا قيل: مائة قوم مسلوب المنفعة، فإذا قيل: عشرة علم أن قيمة المنفعة
تسعون.
ولو كانت مؤقتة قومت مع المنفعة تلك المدة، وبدونها، فينظر كم
قيمتها.

(1) في المطبوع: " ومقيدة ".
467

ولو اشتمل على منفعتين: كالغزل والنساجة وأوصى بأحدهما صح،
وأمكن هنا التقويم، والأقرب (1) البناء على العادة في استيفاء إحدى
المنفعتين.
ولو انتفت وقصد الدوام وعدم استيعاب الأوقات فإشكال.
ولو أوصى باللبن دون الصوف قومت المنفعة خاصة، لبقاء العين
منتفعا بها.
وهل يحسب ما يبقى من القيمة للتوفية (2) على الورثة (3) من التركة؟
فيه إشكال ينشأ: من الحيلولة المؤبدة.
ونفقة العبد، والحيوان بخدمته، وفطرته على الوارث في المؤقتة،
وفي المؤبدة إشكال، وبعد العتق على العبد.
ولو أسقط الخدمة مطلقا أو موقتة فللوارث.
ولو أوصى لأحدهما بحب زرعه ولآخر بتبنه صح والنفقة عليهما، فإن
امتنع أحدهما احتمل إجباره، إذ في تركه ضرر وإضاعة للمال، وعدمه، إذ
لا يجبر على الإنفاق على مال نفسه ولا مال غيره.
ولو أوصى لأحدهما بفص خاتم ولآخر به فليس لأحدهما الانتفاع
بدون صاحبه، ولو طلب صاحب الفص قلعه أجبر عليه.
ولو احتاجت النخلة الموصى بثمرتها إلى السقي أو الدار الموصى بمنفعتها
إلى العمارة لم يجبر أحدهما لو امتنع.
ولو أوصى بالرقبة لواحد وبالمنفعة لآخر قومت الرقبة على الأول،

(1) في (أ، ش زيادة " هنا ".
(2) في (ه‍): " للرقبة ".
(3) في المطبوع: " على الوارث ".
468

والمنفعة على الثاني.
ولو أوصى له من غلة داره بدينار وغلتها ديناران صح، فإن أراد الوارث
بيع نصفها وترك النصف الذي أجرته دينار كان له منعه، لجواز نقص
الأجرة عن الدينار.
ولو لم تخرج الدار من الثلث فللوارث (1) بيع الزائد وعليهم ترك الثلث،
فإن كانت غلته دينارا أو أقل فهي للموصى له، وإن كانت أكثر فله دينار
والباقي للورثة.
ولو أوصى بعتق مملوكه وعليه دين قدم الدين، فإن فضل من التركة ما
يسع ثلاثة قيمة العبد عتق، وإلا عتق ما يحتمله ويسعى في الباقي.
ولو لم يبق شئ بطلت، وقيل: إن كانت قيمته ضعف الدين عتق
وسعى في خمسة أسداس قيمته، ثلاثة للديان وسهمان للورثة (2)، وإن كانت
أقل بطلت (3). وكذا لو نجز عتقه في مرض الموت.
ولو أوصى بعتق مماليكه دخل ما يملكه منفردا ومشتركا (4) فيعتق
النصيب، ويقوم عليه من الثلث على إشكال.
ولو أوصى بعتق مماليكه دخل ما يملكه منفردا ومشتركا (4) فيعتق
النصيب، ويقوم عليه من الثلث على إشكال.
ولو أوصى بعتق عبيده ولا تركة غيرهم أعتق ثلثهم بالقرعة، ولو رتب
بدأ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث.

(1) في المطبوع: " فللورثة ".
(2) في (ج): " للوارث ".
(3) هذا القول للشيخ الطوسي (ره) في النهاية: كتاب الوصايا ج 3 ص 150، وقد نقله العلامة في
المختلف: ص 506 عن ابن البراج، وهو اختيار الشيخ في المقنعة: ص 676.
(4) في (أ): " أو مشتركا ".
469

ولو أوصى بعتق عدد معين من عبيده ولم يعينهم استخراج العدد
بالقرعة إلى أن يستوفي الثلث، ويحتمل تخير الورثة (1).
ولو أعتق ثلث عبده منجزا عند الوفاة عتق أجمع إن خرجت قيمته من
الثلث، وإلا المحتمل.
ولو أعتقه أجمع ولا شئ له سواه عتق ثلاثة.
ولو أوصى بعتق رقبة مؤمنة وجب، فإن تعذر قيل: يعتق من لا يعرف
بنصب (3). ولو أعتق بظن الإيمان فظهر الخلاف أجزأ عن الموصي.
ولو أوصى بعتق رقبة بثمن فتعذر لم يجب الشراء بأزيد، ولو وجد بأدون
أجزأ عند الضرورة، فيعتق ويعطى الباقي.
ولو أوصى بعتق رقبة بثمن فتعذر لم يجب الشراء بأزيد، ولو وجد بأدون
أجزأ عند الضرورة، فيعتق ويعطى الباقي.
ولو أوصى بجزء من ماله فالسبع، وقيل: العشر (3)، والسهم: الثمن،
والشئ: السدس، وما عدا ذلك يرجع إلى تعيين الوارث، فيقبل وإن
قل: كقوله: أعطوه حظا من مالي، أو نصيبا، أو قسطا، أو قليلا، أو جزيلا،
أو يسيرا، أو عظيما، أو جليلا، أو خطيرا.
ولو ادعى الموصي فالقول قول الوارث مع يمينه إن
ادعى علمه، وإلا فلا يمين.
ولو قال: أعطوه كثيرا فكذلك، وقيل: يحمل على النذر. ولو قال:
أعطوه جزء جزء من مالي احتمل سبع السبع، أو عشر العشر، وما يعينه
الوارث. ولو أوصى بأشياء فنسي الوصي شيئا منها صرف قسطه في وجوه

(1) في (ش): " الوارث ".
(2) قول الشيخ الطوسي في النهاية: كتاب الوصايا ج 3 ص 162.
(3) قاله الصدوق في المقنع: 163.
470

البر، وقيل: يصير ميراثا (1).
ولو أوصى بسيف معين دخلت الحلية والجفن إن كان في غمده على
إشكال.
ولو أوصى له (2) بسفينة أو صندوق أو جراب قيل: دخل المظروف (3).
ولو أوصى بإخراج بعض ولده من التركة لم يصح. وهل يكون
وصيته (4) لباقي الورثة بالجميع أو يلغوا لفظه؟ إشكال.
ولو قال: حجوا عني بألف وأجرة المثل أقل فالزيادة وصية للنائب،
فإن كان معينا صح، وكذا إن كان مطلقا. ولو امتنع المعين في الندب
احتمل البطلان.
ولو قال: اشتروا عشرة أقفزة بمائة وتصدقوا بها فوجدوا عشرة أجود
أنواعها بثمانين فالعشرون للورثة لا للبائع.
ولو أوصى بثلاثة للفقراء وله أموال متفرقة جاز صرف كل ما في بلد
إلى فقرائه.
ولو صرف الجميع في فقراء (5) بلد الموصي أو غيره أجزأ، ويدفع إلى
الموجودين في البلد، ولا يجب تتبع الغائب.
ولو قال: أعتقوا رقابا وجب ثلاثة (6)، إلا أن يقصر الثلث، فيعتق من

(1) قاله الشيخ الطوسي في الحائريات: (الرسائل العشر): 297.
(2) " له " ليست في (ش).
(3) قاله الشيخ الطوسي في النهاية: في باب الوصية المبهمة ج 3 ص 155.
(4) في (ش): " وصية ".
(5) " فقراء " ليست في (أ، ش).
(6) في (ش): " وجب عتق ثلاثة ".
471

يحتمله ولو كان واحدا. ولو قصر فالأقرب عتق شقص إن وجد، وإلا
صرف إلى الورثة، أو يتصدق به على إشكال. وكذا الإشكال لو أوصى
بشئ في وجه فتعذر صرفه فيه.
ولو أوصى له بعبد ولآخر بتمام الثلث صح. ولو ذهب من المال شئ
فالنقص على الثاني.
ولو حدث عيب في العبد قبل تسليمه إلى الموصى له فللثاني تكملة
الثلث بعد وضع قيمة العبد صحيحا، لأنه قصد عطية التكملة والعبد
صحيح، بخلاف رخصه.
ولو مات العبد قبل الموصي بطلت وصيته، وأعطي الآخر ما زاد على
قيمة العبد الصحيح. ولو كانت قيمته بقدر الثلث بطلت الثانية.
ولو قبل المريض الوصية بأبيه عتق من أصل المال، لأنا نعتبر من
الثلث ما يخرج من ملكه، وهنا لم يخرجه، بل بالقبول ملكه وانعتق تبعا
لملكه، وكذا لو ملكه بالإرث. أما لو ملكه بالشراء فإنه يعتق من الثلث
على الأقوى.
والأقرب في الاتهاب أنه كالإرث، لأنه عتق مستحق ولا عوض في
مقابلته، فحينئذ لو اشترى ابنه وهو يساوي ألفا بخمسمائة فالزائد محاباة
حكمه حكم الموهوب.
ولو أوصى بالحج تطوعا فهي من الثلث، ولو كان واجبا فهي كالدين
لا حاجة فيه إلى الوصية، لكن لو قال: حجوا عني من ثلثي كانت فائدته
زحمة الوصايا بالمضاربة، ولا يقدم على الوصايا (1) في الثلث. ثم إن لم يتم

(1) في المطبوع: " ولا يقدم الوصايا ".
472

الحج بما حصل من المضاربة كمل من رأس المال، فيدخلها الدور، فإذا
كانت التركة ثلاثين وكل من أجرة المثل والوصية عشرة أخرج من الأصل
شئ هو تتمة الأجرة يبقى ثلاثون إلا شيئا، ثلثها عشرة إلا ثلث شئ،
فللموصى له خمسة إلا سدس شئ، وكذا الحج (1)، فإذا ضم إليه الشئ
صار للحج خمسة وخمسة أسداس شئ تعدل عشرة، فالشئ ستة،
فللموصى له أربعة.
المطلب الثالث: في الأحكام المتعلقة بالحساب
وفيه بحثان:
الأول: فيما خلا عن الاستثناء:
وفيه مقامان:
الأول: إذا كان الموصى له واحدا إذا أوصى له بمثل نصيب أحد ورثته
وأطلق: فإن تساووا فله مثل نصيب أحدهم مزادا على الفريضة، ويجعل
كواحد منهم زاد فيهم، وإن تفاضلوا فله مثل نصيب أقلهم ميراثا يزاد على
فريضتهم.
وإن أوصى بمثل نصيب واحد معين فله مثل نصيبه مزادا على
الفريضة، فإن زاد على الثلث ولم يجز الورثة أعطي الثلث، فلو كان له ابن
أو بنت فأوصى بمثل نصيبه: فإن أجاز فله نصف التركة، وإن رد فله
الثلث، وسواء (2) كان الموصى له أحد الورثة أو أجنبيا.

(1) في (ش): " للحج ".
(2) في (أ، ش): " سواء " بدون واو.
473

ولو كان له ابنان فأوصى له بمثل نصيب أحدهما فله الثلث. ولو كانوا
ثلاثة فله الربع (1). ولو كانوا أربعة فله الخمس (2)، وهكذا.
وطريقه (3): أن تصحح مسألة الفريضة، وتزيد عليها مثل نصيب من
أضيف الوصية إلى نصيبه، فلو كان له ابن وبنت وأوصى له (4) بمثل
نصيب الابن فله سهمان من خمسة إن أجازا.
ولو قال (5): مثل نصيب البنت فله الربع.
ولو كان له ثلاثة بنين وثلاث بنات وأوصى له (6) بمثل سهم بنت أو
أحد وراثه فله العشر.
ولو قال: مثل نصيب ابن فله سهمان من أحد عشر.
ولو قال: مثل نصيب بنتي وله مع البنت زوجة فأجازتا فله سبعة من
خمسة عشر، وكذا للبنت وللزوجة سهم واحد.
ولو قال: مثل نصيب الزوجة فله التسع. ولو كن الزوجات أربعا فله
سهم من ثلاثة وثلاثين. وكذا لو كان مع الزوجات ابن وأوصى بمثل
نصيبه فأجاز الورثة ففريضة الورثة من اثنين وثلاثين، يضيف إليها ثمانية
وعشرين هي سهام الموصى له، فتصير ستين.
ولو أوصى لأجنبي بنصيب ولده احتمل البطلان، والصرف إلى
المثل.

(1) في (ش): " فالربع ".
(2) في (ش): " فالخمس ".
(3) في (ج): " وطريقته ".
(4) " له " ليست في (ب، ج، ه‍).
(5) في المطبوع: " قال له ".
(6) " له " ليست في (أ).
474

ولو أوصى بمثل نصيب ابنه وكان قاتلا أو كافرا بطلت على رأي. ولو
أوصى بمثل نصيب ابنه ولا ابن له بطلت (1).
ولو أوصى بمثل نصيب وارث مقدر أعطي ما لو كان موجودا أخذه، فلو
خلف ابنين وأوصى بمثل نصيب ثالث - لو كان - فله الربع.
ولو كانوا ثلاثة فله الخمس، ويحتمل أن يكون له الثلث مع الاثنين، والربع مع الثلاثة.
ولو قال: مثل نصيب بنت - لو كانت - وله ثلاثة بنين فالثمن. ولو
أوصى بمثل نصيب ابنه وله ابن وبنت: فإن أجازا فالفريضة من خمسة،
وإن ردا فمن تسعة.
ولو أجاز أحدهما ورد الآخر (2) ضربت مسألة الإجازة في مسألة الرد،
تبلغ خمسة وأربعين، فمن أجاز ضربت نصيبه من مسألة الإجازة في مسألة
الرد، ومن رد ضربت نصيبه من مسألة الرد في مسألة الإجازة، فإن أجاز
الابن فله ثمانية عشر حاصلة من ضرب اثنين في تسعة، وللبنت عشرة
حاصلة من ضرب اثنين في خمسة، ويبقى سبعة عشر للموصى له.
ولو أجازت البنت فلها تسعة، حاصلة من ضرب واحد في تسعة،
وللابن عشرون، حصلت من ضرب أربعة في خمسة، وللموصى له ستة
عشر. وهذا ضابط في كل ما يرد من إجازة البعض ورد الآخرين.
ولو أوصى بجزء معلوم: فإن انقسم الباقي على الورثة صحت المسألتان
من مسألة الوصية، وإن انكسر فاضرب إحدى المسألتين في الأخرى إن لم

(1) في (ش): زيادة " الوصية ".
(2) في (ش): " ورد دون الآخر ".
475

يكن بينهما وفق، وإلا ضربت جزء الوقف من فريضة الورثة في فريضة
الوصية وإن شئت صححت فريضة الورثة، ثم انظر إلى جزء الوصية من
أصله وانظر إلى (1) نسبته إلى ما بقي، وزد على سهام الورثة مثل تلك
النسبة، فما بلغ صحت منه المسألتان.
فلو أوصى بثلث ماله وله ابنان وبنتان ففريضة الوصية ثلاثة (2)، سهم
للموصى له، ويبقى اثنان للورثة يوافق الفريضة في النصف، تضرب جزء
الوفق من فريضتهم - وهو ثلاثة - في فريضة الوصية تبلغ تسعة، للموصى له
ثلاثة.
وإن شئت صححت الفريضة أولا من ستة، ثم تنظر إلى جزء الوصية،
وهو ثلث يخرج من ثلاثة، فتأخذ جزء الوصية - وهو واحد - وتنسبه إلى ما
بقي - وهو سهمان - فإذا هو مثل نصفه، وتزيد على فريضة الورثة - وهو ستة -
مثل نصفه يصير (3) تسعة.
ولو كان له ثلاث أخوات من الأبوين وجد من الأم فعلى الأول تأخذ
جزء الوصية وهو الثلث، يبقى سهمان لا ينقسم على الورثة، لأنها من
تسعة، فتضرب تسعة في ثلاثة تبلغ سبعة وعشرين، ومنها تصح المسألتان،
للموصى له تسعة، وللأخوات اثنا عشر، وستة للجد. وعلى الثاني يزيد
على التسعة مثل نصفها، لأنها نسبة جزء الوصية مما يبقى من مسألة
الوصية، وليس للتسعة نصف، فتضربه في مخرج النصف تصير ثمانية عشر،
فتزيد عليه مثل نصفه يصير سبعة وعشرين. وهكذا الحكم لو أوصى بمثل

(1) " إلى " ليست في المطبوع.
(2) في (أ، ش): " ثلاثة سهام ".
(3) في (أ): " وهي ستة مثل نصفها تصير ".
476

نصيب ابنين أو أكثر، أو ابن وبنت، أو ابن وزوجة، وغيرهما.
ولو أوصى بجزء من حصة وارث معين خاصة فهنا احتمالات:
(أ) (1): وحدة الوصية.
(ب): تعددها مرتبا مقدما للوارث الآخر.
(ج): تقديم الأجنبي.
(د): عدم الترتيب، فيخرج الثلث ويقسم الباقي على الورثة، ويقسط
الثلث على النسب المحتملة بحسب الوصية. فلو أوصى له بنصف حصة ابن
وله آخر: فإن أجاز الابن تقاسما النصف بالسوية، وللآخر النصف، وإلا
دفع ثلث حصته على الأول والثاني، وعلى الثالث يدفع إلى الأجنبي
الربع، وإلى الآخر نصف السدس، وعلى الرابع يحتمل هنا التقسيط
أخماسا، لأن وصية الأجنبي بالربع وهي: ثلاثة من اثني عشر، ووصية
الابن بتكملة النصف وهي خمسان. والتسوية، لأن ما يحصل للمزاحم بعد
الوصية يحصل مثله بالميراث للآخر، وما زاد وصية، وهما متساويان.
ولو أوصى بالربع من حصة الابن دون البنت فعلى الثلاثة الأول كما
تقدم، وعلى الرابع يقسم الثلث من تسعة على ثلاثة عشرة بين البنت
والموصى له، فتضرب أحدهما في الآخر يبلغ مائة وسبعة عشر، أو تعطي
البنت سهما من تسعة بالوصية، والموصى له سهمين.
الفرق بين الإجازة وعدمها هنا زيادة حقها في الوصية، ونقصه في
الميراث، أو بالعكس.
ولو أوصى بمساواة البنت مع الابن احتمل الوحدة، فالوصية بالسدس،

(1) في المطبوع: " الأول " بالحروف كتابة، وكذا ما بعدها.
477

والتعدد فبالربح. وتظهر الفائدة فيما لو أوصى لآخر بتكملة الثلث.
ولو أوصى بنصف حصة الابن بعد الوصية دخلها الدور، فللابن
شئ، وللموصى له نصف شئ، وللبنت نصفهما، فالفريضة تسعة،
والشئ أربعة.
ولو أوصى بضعف نصيب ابنه أعطي مثله مرتين، وقيل: مثل
واحد (1).
ولو قال: ضعفاه فهو ثلاثة أمثاله، ويحتمل أربعة أمثاله.
ولو قال: ثلاثة أضعافه أعطي ستة، وهكذا.
ولو قال: ضعفوا لفلان ضعف نصيب ولدي فهو أربعة أمثاله، وكذا إذا
قال: أعطوه ضعف الضعف (2)، ويحتمل ثلاثة أمثاله.
ولو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة وينقص منه نصيب الزوجة
فصحح الفريضة تجدها من أربعة وعشرين، للزوجة الثمن ثلاثة، ولكل ابن
سبعة، أنقص سهم الزوجة من نصيب ابن تبقى أربعة وهي الوصية، فزدها
على أربعة وعشرين، للموصى له أربعة، وللمرأة ثمن الباقي، ولكل ابن
سبعة.
فإن أوصى لآخر بربع ما بقي من ثلث ماله بعد الأولى فخذ ثلث المال
وانقص منه الوصية الأولى، وهي أربعة أنصباء كما تقدم، يبقى ثلث مال
إلا أربعة أنصباء، فهذا باقي ثلث المال، ادفع ربعه إلى الثاني - وهو نصف

(1) ذكره في الإيضاح: ج 2 ص 548 عن قول أبي عبد الله القاسم بن سلام.
(2) في (أ): " ضعف النصف ".
478

سدس مال الانصباء - يبقى من الثلث ربع مال إلا ثلاثة أنصباء، زده
على ثلثي المال يكون خمسة أسداس مال ونصف سدس مال إلا ثلاثة
أنصباء تعدل أنصباء الورثة، وهي أربعة وعشرون نصيبا، فإذا جبرت
صارت خمسة أسداس مال ونصف سدس مال يعدل سبعة وعشرين نصيبا،
فكمل المال بأن تضرب جميع ما معك في مخرج الكسر وهو اثنا عشر، فيكون
مال يعدل ثلثمائة وأربعة وعشرين سهما، ومنها تصح (1)، والنصيب أحد
عشر.
المقام الثاني: في المتعدد.
ويصح مرتبا ومشتركا، كما لو قال: ثلثي لفلان وفلان، ويقتضي
التسوية ما لم يفضل.
ولو قال: ثلثي لفلان فإن مات قبلي فهو لفلان صح، وكذا إن رد فهو
لفلان.
ولو قال: ثلثي لفلان فإن قدم الغائب فهو له فقدم قبل موت الموصى
فهو للقادم، سواء عاد إلى الغيبة أو لا، لوجود شرط الانتقال إليه،
فلا ينتقل عنه بعده.
ولو مات الموصى قبل قدومه فهي للأول، سواء قدم أو لا، ويحتمل
تخصيص القادم بالعين ما لم يضف.
ولو أوصى له بثلث ولآخر بربع ولثالث بخمس ولرابع بمثل وصية
أحدهم فله الخمس.
ولو قال: فلان شريكهم فله خمس ما لكل واحد.

(1) في نسخة من (ص) زيادة " الوصية ".
479

ولو أوصى لأحدهم بمائة ولآخر بدار ولآخر بعبد ثم قال: فلان
شريكهم فله نصف ما لكل واحد، لأنه هنا يشارك كل واحد منهم
منفردا، والشركة تقتضي التسوية، وفي الأول الجميع مشتركون. ولو قيل:
له الربع في الجميع كان أولى.
ولو خلف ثلاثة بنين وأوصى لثلاثة بمثل أنصابهم فالمال على ستة إن
أجازوا، وإن ردوا فمن تسعة. ولو أجازوا لواحد وردوا على اثنين فللمردود
عليهما التسعان.
ويحتمل أمران في المجاز له:
أن يكون له السدس الذي كان له حالة إجازة الجميع، فيأخذ السدس
والتسعين من مخرجهما وهو ثمانية عشر، ويبقى أحد عشر لا تنقسم،
فتضرب عدد البنين في ثمانية عشر.
وأن تضم المجاز له إلى البنين، وتقسم الباقي بعد التسعين عليهم،
فتضرب أربعة في تسعة، فإن أجازوا بعد ذلك للآخرين أتموا لكل واحد
تمام السدس، فيصير المال بينهم أسداسا على الأول، وعلى الثاني يضمون
ما حصل لهم - وهو أحد وعشرون من ستة وثلاثين - إلى ما حصل لهما وهو
ثمانية، ويقسمونه على خمسة تنكسر، فتضرب خمسة في ستة وثلاثين تبلغ
مائة وثمانين.
ولو أجاز واحد خاصة فللمجيز السدس ثلاثة من ثمانية عشر، وللباقين
أربعة أتساع هي ثمانية، يبقى سبعة للموصى لهم تضرب ثلاثة في ثمانية
عشر.
ولو أجاز واحد لواحد دفع إليه ثلث ما في يده من الفضل، وهو ثلث
سهم من ثمانية عشر، فتضربها في ثلاثة تبلغ أربعة وخمسين.
480

ولو أوصى (1) بجزء مقدر ولآخر بمثل نصيب وارث احتمل إعطاء الجزء
لصاحبه، وقسمة الباقي بين ورثته والموصى له، وإعطاء صاحب النصيب
مثل نصيب الوارث كان لا وصية غيرها.
فلو أوصى له بثلث ماله ولآخر بمثل نصيب (2) أحد بنيه - وهم ثلاثة -
فعلى الأول للموصى له بالثلث الثلث، والباقي يقسم أربابا بين الثاني
والبنين. وتصح من ستة، فإن ردوا بطلت وصية الثاني، وعلى الثاني للأول
الثلث، وللآخر الربع مع الإجازة. وتصح من ستة وثلاثين.
ولو زاد الجزء على الثلث كالنصف احتمل وجها ثالثا، وهو: أن يجعل
لصاحب النصيب نصيبه من الثلثين وهو ربعها (3)، لأن الثلثين حق الورثة
لا يؤخذ منهم شئ إلا بإجازتهم.
فصاحب النصيب كواحد منهم لا ينقص من السدس شئ إلا
برضاه. فعلى الأول: لصاحب الجزء النصف، والباقي أرباعا للثاني
والورثة، وتصح من ثمانية. وعلى الثاني: للأول النصف، وللثاني الربع،
ويبقى الربع بين البنين، وتصح من اثني عشر. وعلى الثالث: للأول
النصف، وللآخر السدس، ويبقى الثلث للبنين، وتصح من ثمانية عشر.
ولو أوصى لرجل بمثل نصيب وارث ولآخر بجزء مما يبقى من المال
احتمل أن يعطى صاحب النصيب مثل نصيب الوارث إذا لم تكن ثمة
وصية أخرى، وأن يعطى مثل نصيبه من ثلثي المال، وأن يعطى مثل نصيبه
بعد أخذ صاحب الجزء نصيبه فيدخلها - حينئذ - الدور.

(1) في (ب، ش) زيادة " له ".
(2) " نصيب " ليست في (ش).
(3) في المطبوع: " ربعهما ".
481

فلو أوصى لواحد بمثل نصيب ابن وله ثلاثة ولآخر بنصف باقي المال
فعلى الأول: لصاحب النصيب الربع، وللآخر نصف الباقي، وما بقي
للبنين، وتصح من ثمانية. وعلى الثاني: للأول السدس، وللآخر نصف
الباقي، وتصح من ستة وثلاثين. وأما الثالث فله طرق:
أحدها: أن تأخذ مخرج النصف فتسقط منه سهما يبقي سهم، ثم تزيد
على عدد البنين واحدا يصير أربعة، تضربها في المخرج يصير ثمانية، تنقصها
سهما يبقى سبعة فهي المال: للموصى له بالنصيب سهم، وللآخر نصف
الباقي وهو ثلاثة، ولكل ابن سهم.
الثاني (1): أن تزيد على سهام البنين نصف سهم، وتضربها في المخرج
يكون سبعة.
الثالث: تأخذ سهام البنين وهي ثلاثة، فنقول: هذا بقية مال ذهب
نصفه، فإذا أردت تكميله زد عليه مثله، ثم زد عليه مثل سهم يكون سبعة.
الرابع: أن تجعل المال سهمين ونصيبا، وتدفع النصيب إلى صاحبه،
وإلى الآخر سهما، يبقى سهم للبنين يعدل ثلاثة، فالمال كله سبعة.
وبالجبر تأخذ مالا، فتلقي منه نصيبا يبقى مال إلا نصيبا، وتدفع نصف يعدل ثلاثة
أنصباء، فأجبره بنصف نصيب وزده على الثلاثة، يبقى نصف كامل
يعدل ثلاثة ونصفا، فالمال كله سبعة.

(1) في (أ، ب، ج، ص): " ب " وكذا ما بعده بالحروف الأبجدية، والأولى أن يقول: ثانيها، وما بعده
" ثالثها ورابعها ".
482

مسائل
(أ): لو أوصى له بمثل نصيب بنيه الثلاثة ولآخر بنصف ما يبقى
من الثلث أخذت مخرج النصف والثلث - وهو ستة - وتنقص منها واحدا (1)
يبقى خمسة فهو النصيب. ثم تزيد واحدا على سهام البنين وتضربها في
المخرج يكون أربعة وعشرين، تنقصها ثلاثة يبقى أحد وعشرون فهو المال،
تدفع إلى صاحب النصيب خمسة يبقى من الثلث اثنان، تدفع منهما سهما
إلى الموصى له الآخر يبقى خمسة عشر لكل ابن خمسة.
أو تزيد على سهام البنين نصفا وتضربها في المخرج يكون أحدا
وعشرين.
أو تجعل الثلث سهمين ونصيبا وتدفع النصيب إلى صاحبه، وإلى
الآخر سهما، يبقى من المال خمسة أسهم ونصيبان، تدفع نصيبين إلى ابنين
يبقى خمسة من المال فهي النصيب، فإذا بسطتها كانت إحدى وعشرين.
أو تأخذ ثلث مال تدفع منه نصيبا إلى صاحبه، ويبقى ثلث مال إلا
نصيبا، تدفع نصفه - وهو سدس مال إلا نصيب - إلى صاحبه يبقى
سدس مال إلا نصف نصيب (2)، تزيده على ثلثي المال، يبقى خمسة
أسداس مال إلا نصف نصيب تعدل أنصباء الورثة وهي ثلاثة، ثم تجبر
وتقابل تصير خمسة أسداس مال تعدل ثلاثة أنصباء ونصفا، فالمال يعدل
أربعة أنصباء وخمسا، فإذا بسطت بلغت إحدى وعشرين، والنصيب خمسة.

(1) في (أ): " سهما "، وفي (ش): " سهما واحدا ".
(2) الجملة " إلى صاحبه يبقى سدس مال إلا نصف نصيب " سقطت من نسخة (ج).
483

(ب): لو أوصى له (1) بمثل نصيب أحد بنيه وهم ثلاثة ولآخر بثلث ما
يبقى من الثلث بعد النصيب من الثلث فطريقه: أن تجعل ثلث المال ثلاثة
ونصيبا مجهولا، فالنصيب المجهول للموصى له بالنصيب بقي ثلاثة: سهم
للموصى له بالثلث، بقي سهمان من ثلث المال، تضمهما إلى ما بقي.
فنقول: إذا كان ثلث المال ثلاثة ونصيبا مجهولا فثلثاه ستة ونصيبان
مجهولان، يضم إليها (2) ما بقي من الثلث وهو سهمان، فتصير ثمانية ونصيبين
مجهولين، فالنصيبان للابنين، يبقى ثمانية للابن الثالث، فعرفنا: أن
النصيب المجهول في الابتداء ثمانية.
فنقول من رأس: لما قدرنا ثلث المال ثلاثة (3) أسهم ونصيبا مجهولا
وقد بان أن النصيب المجهول ثمانية فإذن: ثلث المال أحد عشر، فتخرج
النصيب ثمانية، ويبقى معنا من الثلث ثلاثة، فتعطي الموصى له ثلث (4)
ما بقي من الثلث سهما واحدا، ويبقى سهمان تضمهما إلى ثلثي المال وهو
اثنان وعشرون، لأن الثلث أحد عشر فيصير أربعة وعشرين، لكل ابن
ثمانية مثل النصيب.
وإنما تصح هذه الوصية بالثلث مما يبقى من الثلث إذا لم يكن
النصيب مستغرقا لثلث المال، فلو كان له ابنان بطلت الوصية، وإنما يتصور
في ثلاثة بنين أو أكثر.
أو نقول: نجعل ثلث المال عددا إذا أعطينا منه نصيبا يبقى عدد له

(1) " له " ليست في (ب).
(2) في (ش): " إليهما ".
(3) في (أ): " فبلغ ثلاثة ".
(4) في المطبوع و (ب، ش): " بثلث ".
484

ثلث، فوضعناه أربعة وأعطيناه الموصى له الأول نصيب ابن واحد، ونعطي
الثاني ثلث ما بقي - وهو: واحد - يبقى اثنان، ضممناهما إلى ثلثي المال - وهو:
ثمانية - صارت عشرة، فأعطينا كل ابن واحدا - كما فرضنا للموصى له
الأول - يبقى سبعة وهو الخطأ الأول زائدا، فجعلنا ثلث المال خمسة،
والنصيب اثنين، فأعطينا الموصى له الأول اثنين يبقى ثلاثة، وللموصى له
الثاني واحدا يبقى اثنان، ضممناهما إلى ثلثي المال - وهو عشرة - صار اثني
عشر، فأعطينا كل ابن اثنين يبقى ستة وهو الخطأ الثاني زائدا نلقي أقل
الخطأين من الأكثر يبقى واحد وهو المقسوم عليه، ثم نضرب العدد الأول
المفروض - وهو أربعة - في الخطأ الثاني - وهو ستة - يصير أربعة وعشرين، ثم
نضرب العدد الثاني المفروض - وهو خمسة - في الخطأ الأول - وهو سبعة - تصير
خمسة وثلاثين، ونلقي الأقل من الأكثر يبقى أحد عشر، وهو ثلث المال
المطلوب، وتمام المال ثلاثة وثلاثون.
وإذا أردنا النصيب: ضربنا النصيب الأول - وهو واحد - في الخطأ
الثاني - وهو ستة - وضربنا النصيب الثاني في الخطأ الأول - وهو سبعة - يصير
أربعة عشر، نقصنا أقل العددين من الأكثر يبقى ثمانية، فهو النصيب
المطلوب.
أو نقول: نأخذ المال كله ثلاثة أنصباء ووصيتين ونسمي الوصيتين
وصية، فيكون المال ثلاثة أنصباء ووصية، فنأخذ ثلث ذلك وهو نصيب
وثلث وصيته، فندفع إلى الموصى له الأول بوصية نصيبا، فيبقى من الثلث
ثلث وصية، فندفع إلى الموصى له الثاني ثلث ذلك وهو تسع وصية، فيبقى
من الثلث تسعا وصية، ونزيد ذلك على الثلثين، فيحصل معنا نصيبان
وثمانية أتساع وصية تعدل ذلك أنصباء الورثة وهي ثلاثة أنصباء، نسقط
485

نصيبين بنصيبين فيبقى ثمانية أتساع وصية تعدل نصيبا فنكمل الوصية،
وهو: أن نزيد على كل واحد من النصيبين مثل ثمنه، لأن كل شئ
أسقطت تسعه فثمن ما بقي مثل التسع الساقط (1)، فيصير معنا وصية تعدل
نصيبا وثمنا. وقد كنا جعلنا المال ثلاثة أنصباء ووصيته، فهو إذن أربعة
أنصباء وثمن، فنبسط ذلك من جنس الكسر فيصير المال ثلاثة وثلاثين،
والنصيب ثمانية.
أو نقول: المال وصية وأربعة أنصباء، بأن نزيد نصيب الموصى له على
أنصباء الورثة، ونجعل الوصية الثانية وصية، فالثلث: نصيب وثلث نصيب
وثلث وصية، ندفع منه إلى الموصى له الأول (2) نصيبا فيبقى ثلث نصيب
وثلث وصية، ندفع بالوصية الثانية ثلث ذلك، وهو تسع نصيب وتسع
وصية، فيبقى من الثلث بعد الوصيتين تسعا نصيب وتسعا وصية، نزيد
ذلك على الثلثين وذلك نصيبان وثلثا نصيب وثلثا (3) وصية، فيحصل معنا
نصيبان وثمانية أتساع نصيب وثمانية أتساع وصية يعدل ذلك أنصباء
الورثة وهي ثلاثة أنصباء، فنسقط نصيبين وثمانية أتساع نصيب بمثلها،
فيبقى تسع نصيب يعدل ثمانية أتساع وصية، فالنصيب الكامل يعدل
ثمان وصايا، فالنصيب ثمانية والوصية واحدة. وقد (4) جعلنا المال أربعة
أنصباء ووصية، فهو ثلاثة وثلاثون.
(ج): لو أوصى له بتكملة ثلث ماله بنصيب أحد بنيه - أي: بفضل

(1) " الساقط " ليست في (ش).
(2) " الأول " ليست في (ش).
(3) في (ش): " وثلثان وثلثا ".
(4) في المطبوع: " وقد كنا ".
486

الجزء المذكور من المال على النصيب - ولآخر بثلث ما بقي من الثلث والبنون
ثلاثة فنأخذ ثلث المال دفعناه (1) إلى الموصى له، ونستثني منه نصيبا،
فيبقى معنا من الثلث نصيب، ويبقى في يد الموصى له ثلث مال إلا نصيبا،
وهو التكملة الموصى بها.
ثم دفعنا إلى الموصى له الثاني ثلث ما بقي من الثلث بعد التكملة - وهو
ثلث نصيب - فيبقى من الثلث ثلثا نصيب، زدنا ذلك على ثلثي المال،
فيصير معنا ثلثا نصيب يعدل ذلك أنصباء البنين وهي ثلاثة
أنصباء. فنقابل: بأن نسقط ثلثي نصيب بمثله، فيبقى ثلثا مال يعدل
نصيبين وثلثا، فنكمل المال: وهو أن نزيد على ما معنا مثل نصفه، بأن
نضرب ذلك في ثلاثة ونقسمه على اثنين، فيحصل معنا مال يعدل ثلاثة
أنصباء ونصفا، فنبسطه أنصافا، فيصير المال سبعة، والنصيب سهمين.
والوصيتان من الثلث: فنضرب ثلاثة في سبعة فيصير أحدا وعشرين
والنصيب ستة أسهم.
وإذا أردنا التجزئة: أخذنا ثلث المال وهو سبعة، دفعنا إلى الموصى له
الأول بالتكملة فضل الثلث على النصيب - وهو واحد - فيبقى من ثلث المال
ستة، دفعنا إلى الموصى له الثاني ثلث ذلك - سهمين - فيبقى أربعة تزيد
ذلك على الثلثين، فيصير ثمانية عشر للبنين، لكل ابن ستة. ولولا الوصية
الثانية بطلت الأولى.
وبطريق الخطأين: نفرض الثلث أربعة، والتكملة واحدا، نسلمه إلى
الأول وإلى الثاني آخر، ويزداد الباقي على الثلاثين، ثم نقسم أثلاثا على

(1) في المطبوع: " ودفعنا " وفي (أ، ه‍): " ودفعناه ".
487

الورثة ونضم التكملة إلى نصيب أحدهم يصير أربعة وثلثا. وكان ينبغي أن
يكون أربعة، فالثلث الخطأ الأول.
ثم نفرض خمسة، والتكملة اثنين يبقى اثنان بعد الوصيتين، نضم إلى
الثلاثين، ونقسم المجموع على الورثة لكل ابن أربعة (1)، نضم إلى التكملة،
فالزائد واحد وهو الخطأ الثاني. فإذا نقص منه الأول بقي ثلثان هي المقسوم
عليه، ثم نضرب الخطأ الأول في العدد الثاني يكون أحدا وثلاثين، والخطأ
الثاني في الأول يصير أربعة، يبقى بعد النقص اثنان وثلث هي ثلث المال.
فإذا أردت التكملة ضربت التكملة الأولى في الخطأ الثاني يكون
واحدا، والثانية في الأول يكون ثلثين، وبعد الإسقاط يبقى ثلث هو
التكملة، والمال سبعة، وبعد البسط يكون أحدا وعشرين والتكملة واحدا.
(د): لو أوصى له بمثل نصيب (2) أحد بنيه الثلاثة ولآخر بنصف ما
يبقى من الثلث ولثالث بربع المال فخذ المخارج - وهي: اثنان وثلاثة
وأربعة - واضرب بعضها في بعض تبلغ أربعة وعشرين، وزد على عدد البنين
واحدا يصير أربعة، تضربها في أربعة وعشرين تبلغ ستة وتسعين، أسقط منها
ضرب نصف سهم في أربعة وعشرين - وهو اثنا عشر - يبقى أربعة وثمانون
فهي المال.
ثم انظر الأربعة والعشرين فأنقص سدسها لأجل الوصية الثانية،
وربعها لأجل الوصية الثالثة يبقى أربعة عشر فهي النصيب، فادفعها إلى
الموصى له بالنصيب. ثم ادفع إلى الثاني نصف ما يبقى من الثلث وهو

(1) في (ب): " لكل أربعة ".
(2) " نصيب " ليست في (ب).
488

سبعة، وإلى الثالث ربع المال أحدا وعشرين يبقى اثنان وأربعون لكل ابن
أربعة عشر.
وتصح (1) من اثني عشر، لأنا ندفع ربع المال إلى الموصى له به، ونأخذ
ثلث المال، وندفع منه نصيبا إلى الموصى له به (2) يبقى ثلث مال إلا
نصيبا، ندفع نصفه إلى الموصى له به ونضم الباقي - وهو سدس مال إلا
نصف نصيب - إلى الباقي من المال فيكمل نصف مال ونصف سدس مال
إلا نصف نصيب يعدل ثلاثة أنصباء. فإذا جبرت وقابلت بقي نصف مال
ونصف سدس مال يعدل ثلاثة أنصباء ونصفا، فالنصيب سدس والمال
اثنا عشر، لأنها مخرج الثلث والربع.
ولو أوصى (3) بمثل نصيب (4) أحد بنيه الستة وبخمس ما يبقى من
ربعه بعد النصيب ولآخر بمثل أحدهم إلا ربع ما يبقى من ثلاثة بعد
النصيب وبعد الوصية الأولى فخذ ربع مال وانقص منه نصيبا، وانقص
خمس الباقي من الربع فيبقى من الربع خمس مال إلا أربعة أخماس
النصيب، زد عليه نصف سدس مال - وهو فضل ما بين الثلث والربع -
ليكون باقيا من الثلث، فاجعل المال ستين، والذي بقي من الربع هو خمس
مال إلا أربعة أخماس النصيب، وذلك اثنا عشر إلا أربعة أخماس النصيب،
فإذا زدت عليه نصف سدس المال - وهو خمسة أسهم - صار سبعة عشر إلا
أربعة أخماس نصيب.

(1) في المطبوع: " وتصح أيضا ".
(2) " به " ليست في (ب).
(3) في (ش) زيادة " له ".
(4) " نصيب " ليس في سائر النسخ عدا (ش) والمطبوع.
489

فهذا هو الباقي من ثلث المال، فأخرج منه نصيبا للثاني يبقى سبعة عشر
إلا نصيبا وأربعة أخماس نصيب. ثم استرجع من النصيب ربع ما بقي من
الثلث، وذلك أربعة أسهم وربع سهم إلا ربع نصيب وخمس نصيب، وزد
ذلك على ما بقي من الثلث يكون أحدا وعشرين سهما - يكون
مالا وسدس ثمن مال إلا نصيبين وربع نصيب يعدل أنصباء البنين وهي
ستة. فإذا جبرت صار مالا وسدس ثمن مال يعدل ثمانية أنصباء وربع
نصيب، فاضرب ذلك في مخرج المال - وهو ثمانية وأربعون - يكون ثلاثمائة
وستة وتسعين نصيبا، والنصيب تسعة وأربعون سهما، وهو مثل عدد ما
كان معك من أجزاء المال وسدس ثمن المال.
وامتحانه: أن تأخذ المال - وهو تسعة وتسعون - وتنقص منه نصيبا - وهو
تسعة وأربعون - يبقى خمسون، تخرج خمسها - عشرة أسهم - فتكون الوصية
الأولى تسعة وخمسين سهما، فأنقصها من ثلث المال - وهو مائة واثنان
وثلاثون سهما - يبقى من الثلث ثلاثة وسبعون سهما، فأخرج منه نصيبا
للثاني يبقى أربعة وعشرون سهما، استثني ربع ذلك - ستة أسهم - يبقى من
النصيب ثلاثة وأربعون سهما وهي الوصية الثانية.
والوصيتان مائة سهم وسهمان، إذا أخرجتهما من المال يبقى مائتان
وأربعة وتسعون (1) للبنين الستة، لكل واحد تسعة وأربعون.
(ه‍): لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة ولآخر بثلث ما يبقى
من الثلث ولآخر بدرهم فاجعل المال تسعة دراهم وثلاثة أنصباء، فادفع

(1) في (أ، ش) زيادة " سهما ".
490

إلى الموصى له الأول نصيبا، وإلى الثاني والثالث درهمين بقي سبعة
ونصيبان، ادفع نصيبين إلى ابنين يبقى سبعة للابن الثالث، فالنصيب
سبعة، والمال ثلاثون، فإن كانت الوصية الثالثة درهمين فالنصيب ستة،
والمال سبعة وعشرون.
(و): لو أوصى له بثلث ماله ولآخر بمائة ولثالث بتمام الثلث على
المائة ولم يزد الثلث على المائة بطلت وصية التمام، وإن زاد على مائة وأجاز
الورثة مضت الوصايا.
ولو كان له ثلاثمائة فأوصى له بخمسين ولآخر بتمام الثلث فلكل منهما
خمسون، فإن رد الأول وصيته فللثاني خمسون.
ولو أوصى للأول بمائة فلا شئ للثاني، سواء رد الأول أو أجاز.
(ز): لو أوصى لزيد بالنصف ولآخر بالربع وقال: لا تقدموا إحداهما
على الأخرى فالأقوى عندي مع عدم الإجازة بسط الثلث على نسبة
الجزءين، فالفريضة من تسعة، ومع الإجازة من أربعة، فإن أجازوا لأحدهما
خاصة ضربت مسألة الرد في مسألة الإجازة وأعطيت المجاز له سهمه من
مسألة الإجازة مضروبا في مسألة الرد، والمردود عليه سهمه من مسألة الرد
مضروبا في مسألة الإجازة.
ولو أجاز بعض الورثة لهما دون البعض أعطيت المجيز سهمه من مسألة
الإجازة مضروبا في مسألة الرد ومن لم يجز سهمه من مسألة الرد مضروبا في
مسألة الإجازة وقسمت الباقي بين (1) الوصيتين على ثلاثة.
ولو كان ماله ثلاثة آلاف فأوصى له بعبد يساوي خمسمائة ولآخر بدار

(1) في (ج): " من ".
491

تساوي ألفا ولثالث بخمسمائة ومنع من التقديم ورد الورثة فلكل واحد
منهم نصف ما أوصى له به.
(ح): لو أوصى له بنصف ماله ولآخر بثلثه ولآخر بربعه على سبيل
العول من غير تقديم ولا رجوع فقد بينا: أن الوجه عندنا الصحة مع إجازة
الورثة، فيحتمل - حينئذ - قسمة المال على ثلاثة عشر سهما: للموصى له
بالنصف ستة، وبالثلث أربعة، وبالربع ثلاثة، وإعطاء صاحب النصف
خمسة وثلثي سهم، وصاحب الثلث ثلاثة وثلثي سهم، وصاحب الربع
سهمين وثلثي سهم، لأن صاحب النصف يفضل صاحب الثلث بسهمين
من اثني عشر فيدفعان إليه، وهما يفضلان صاحب الربع كل واحد منهما
بسهم فيأخذانه، فيبقى ثمانية بينهم أثلاثا، فيصح من ستة وثلاثين:
لصاحب النصف سبعة عشر، والثلث أحد عشر، والربع ثمانية.
(ط): لو أوصى له بنصيب أحد ولديه ولآخر بنصف الباقي وأجازا
فالفريضة من خمسة، لأن للأول نصيبا، يبقى مال إلا نصيبا، للثاني نصفه
يبقى نصف مال إلا نصف نصيب يعدل نصيبين. فإذا جبرت وقابلت بقي
نصف مال يعدل نصيبين ونصفا، فالمال يعدل خمسة: للأول سهم يبقى
أربعة، للثاني نصفها، ولكل ابن سهم.
ولو لم يجيزا بطلت الثانية وكان المال أثلاثا.
ولو أجاز أحدهما احتمل ضرب ثلاثة في خمسة: فللمجيز الخمس،
ولأخيه الثلث، يبقى سبعة: للأول أربعة، لأنه مع الإجازة يأخذ ثلاثة،
ومع عدمها خمسة. فإذا أجاز أحدهما نقص منه بالنسبة، وللثاني ثلاثة.
ويحتمل أن يكون للأول مثل نصيب المجيز، لأنه أقل الورثة سهاما،
فيصح من خمسة، لأن للثاني نصف نصيب المجيز، وللأول مثل نصفه أيضا،
492

وللآخر نصيب كامل، فالمال يعدل نصيبين ونصفا، فللمجيز واحد من
خمسة، ولكل من الموصى لهما واحد، وللآخر اثنان. ويضعف بأخذه أكثر
من الثلث.
ويحتمل من ستة، لتجدد النقص بعد الوفاة فلم يكن مرادا للموصي،
فيكون للأول الثلث سهمان، ولغير المجيز سهمان، وسهم للمجيز وسهم
للثاني.
والحق: الأول، لكن لكل من المجيز والأول ثلاثة، ولغير المجيز خمسة،
وللثاني أربعة.
ولو أوصى له بمثل نصيب أحد أولاده - وهم ثلاثة - ولآخر بثلث ما
يبقى من جميع المال بعد إخراج النصيب فطريقه: أن تقدر جميع المال ثلاثة
أسهم (1) ونصيبا مجهولا، والنصيب المجهول للموصى له بالنصيب، وسهم
للموصى له بالثلث بقي سهمان لا ينقسمان (2) على ثلاثة، تضرب ثلاثة
في ثلاثة تصير تسعة ونصيبا مجهولا، فالنصيب المجهول للموصى له
بالنصيب، بقي تسعة: ثلاثة للموصى له بالثلث، ولكل ابن سهمان، فظهر
أن النصيب المجهول سهمان، فالمسألة من أحد عشر: سهمان للموصى له
بالنصيب، وثلاثة للموصى له بالثلث، ولكل ابن سهمان.
أو نقول: ندفع إلى الموصى له الأول نصيبا، يبقى مال إلا نصيبا،
ندفع ثلثه إلى الثاني - وهو ثلث مال إلا ثلث نصيب - يبقى ثلثا مال إلا
ثلثي (3) نصيب يعدل ثلاثة أنصباء الورثة. فإذا جبرت وقابلت بقي ثلثا مال

(1) " أسهم " لا توجد في (ج، ه‍، ص).
(2) في (ب): " لا يستقيمان ".
(3) في المطبوع و (ب): " إلا ثلث ".
493

يعدل ثلاثة أنصباء (1) وثلثي نصيب، فإذا كملت المال بقي مال يعدل خمسة
أنصباء ونصفا، فإذا بسطت من جنس الكسر بقي المال أحد عشر والنصيب
اثنان. هذا مع إجازة الورثة.
ولو لم يجز الورثة فالفريضة من تسعة، لكل ابن سهمان، وللموصى له
بالنصيب سهمان، وللآخر سهم، لأنا ندفع إلى الأول نصيبا، وإلى الثاني
تمام الثلث، يبقى ثلثا مال يعدل ثلاثة أنصباء. فالثلث نصيب ونصف،
فالمال بعد البسط تسعة، والنصيب سهمان.
ولو أجاز أحدهم ضربت على الاحتمال الأول تسعة في أحد عشر، ثم
ثلاثة في المجتمع يصير مائتين وسبعة وتسعين: للأول اثنان وستون، وللثاني
تسعة وأربعون، وللمجيز أربعة وخمسون، ولكل من الآخرين ستة وستون.
وعلى الثاني من أحد عشر، لأنا نجعل المال تسعة ونصيبا، ويأخذ
الثاني من نصيب المجيز سهما، يبقى اثنان، فالنصيب اثنان، ويضعف بما
تقدم.
وعلى الثالث: للأول تسعة من ستة وثلاثين، وللثاني تمام الثلث
ثلاثة، ومن المجيز وله ستة، ولكل من الآخرين ثمانية.
ويحتمل عليه أن يكون للأول اثنان وعشرون من تسعة وتسعين، ولغير
المجيز كذلك، وللمجيز ثمانية عشر وللثاني خمسة عشر. وعلى المختار للأول
من الثلث ثمانية عشر وباقية وأربعة من المجيز للثاني، وللمجيز ثمانية عشر،
ولكل من الباقين (2) اثنان وعشرون.

(1) في المطبوع زيادة " الورثة ".
(2) في المطبوع: " الباقيين ".
494

ولو قال: إن لم يجز الورثة فلا تقديم لأحدهما فالوجه عندي الجواز،
ويحصل العول، فينقسم الثلث على نسبة الإجازة، فيجعل المال ثلاثة
أسهم: الثلث للموصى لهما لا ينقسم على خمسة، وسهمان للورثة لا ينقسم
على ثلاثة، نضرب ثلاثة في خمسة ثم ثلاثة في المجتمع تصير خمسة وأربعين،
ستة للموصى له بالنصيب، وتسعة للآخر، ولكل ابن عشرة.
(ي): لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الخمسة ولآخر بثلث ما يبقى
من الربع صح.
ولو كان البنون ثلاثة لم يصح وإنما يصح في أربعة فصاعدا.
وطريقه (1): أن نجعل ربع المال ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا نعطي واحدا
لصاحب الثلث (2) من الربع، يبقى سهمان، نضمهما إلى ثلاثة أرباع
المال - وهو تسعة وثلاثة أنصباء - فيصير أحد عشر سهما وثلاثة أنصباء
فندفع الانصباء الثلاثة إلى ثلاثة بنين، يبقى أحد عشر للابنين الباقيين،
لكل واحد خمسة ونصف. فعرفنا أن النصيب المجهول في الابتداء خمسة
ونصف.
فنقول من رأس: كنا قد جعلنا ربع المال ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا،
وقد ظهر أن النصيب المجهول (3) خمسة ونصف، فالربع ثمانية ونصف،
فنبسطها أنصافا فهي سبعة عشر: للموصى له بالنصيب أحد عشر، وهو
مبسوط خمسة ونصف، وللموصى له بثلث ما يبقى من الربع سهمان، يبقى

(1) في (ج): " وطريقته ".
(2) في (أ): " يعطي النصيب لصاحبه، وواحدا لصاحب الثلث " وفي (ش): " يعطي النصيب لصاحبه
وواحدا لصاحب الثلث "، وفي (ج): " يعطي النصيب وواحدا لصاحب الثلث ".
(3) " المجهول " ليس في سائر النسخ عدا (ش) والمطبوع.
495

معنا أربعة، نظمها إلى ثلاثة أرباع المال - وهو أحد وخمسون - يصير خمسة
وخمسين، يقسم على خمسة بنين، لكل ابن أحد عشر مثل حصة صاحب
النصيب.
ولو كان البنون ستة وأوصى لواحد بمثل أحدهم ولآخر بربع ما يبقى
من المال بعد النصيب فيأخذ مالا ويعطي صاحب النصيب منه نصيبا،
يبقى مال إلا نصيبا، ويعطي ربعه للثاني - وهو ربع مال إلا ربع نصيب -
يبقى من المال ثلاثة أرباع إلا ثلاثة أرباع نصيب تعدل أنصباء البنين
الستة، فأجبر ذلك بثلاثة أرباع نصيب، وزد مثله على أنصباء البنين يكون
ثلاثة أرباع مال يعدل ستة أنصباء وثلاثة أرباع نصيب، فكمل المال بأن
تزيد عليه ثلثه وتزيد على الانصباء ثلثها يكون مالا كاملا يعدل تسعة
أنصباء، والنصيب واحد، فاعط صاحب النصيب نصيبا (1) من المال يبقى
ثمانية، ربعه سهمان للثاني يبقى ستة، لكل ابن سهم. أو نضرب ستة
الانصباء وثلاثة أرباع النصيب في مخرج المال - وهو أربعة يكون سبعة
وعشرين، ونجعل النصيب عدد ما كان بقي من أجزاء المال وهو ثلاثة.
وهذه الطريقة تطرد في جميع المسائل.
(يا): لو ترك ثمانية بنين وأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم ولآخر
بخمس ما يبقى من المال بعد النصيب فخذ مالا وانقص منه نصيبا يبقى
مال إلا نصيبا، أنقص منه خمسة للثاني - وهو خمس مال إلا خمس نصيب -
يبقى أربعة أخماس النصيب تعدل أنصباء البنين
وهي ثمانية، أجبر ذلك بأربعة أخماس نصيب وزده على الانصباء يصير

(1) في (ب): " نصيبه ".
496

أربعة أخماس مال تعدل ثمانية أنصباء وأربعة أخماس نصيب، فكمل المال
بأن تزيد عليه ربعه فزد على ما معك ربعه فيصير مالا يعدل أحد عشر
نصيبا، ومنها تصح. والنصيب واحد تدفعه إلى الأول يبقى عشرة، تدفع
خمسها إلى الثاني تبقى ثمانية بين البنين.
أو تضرب الثمانية والأربعة الأخماس الذي هو النصيب في مخرج المال
- وهو خمسة - يصير أربعة وأربعين، ومنها تصح. والنصيب أجزاء المال الذي
هو أربعة. ولو كان البنون أربعة فالفريضة من ستة بالطريق الأول.
(يب): لو أوصى بمثل نصيب (1) أحد بنيه الأربعة ولآخر بنصف
باقي الثلث بعد النصيب فخذ ثلث مال وانقص منه نصيبا يبقى ثلث مال
إلا نصيبا، تنقص (2) نصفه للثاني يبقى من الثلث سدس مال إلا نصف
نصيب، تزيده على ثلثي المال يصير خمسة أسداس مال إلا نصف نصيب
تعدل أنصباء البنين. فأجبر (3) تكن خمسة أسداس مال تعدل أربعة أنصباء
ونصفا، فكمل المال بأن تزيد على ما معك خمسه يصير مالا يعدل خمسة
أنصباء وخمسي نصيب، فابسطها أخماسا تكن سبعة وعشرين، والنصيب
خمسة.
(يج): لو ترك أبوين وابنين وبنتين وأوصى لرجل بمثل نصيب ابن
ولآخر بتكملة السدس بنصيب بنت ولآخر بتكملة الخمس بنصيب الأم
ولآخر بثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصايا فالمسألة من ثمانية عشر:
للأبوين ستة، وللابنين ثمانية، وللبنتين أربعة.

(1) " نصيب " ليس في سائر النسخ عدا (أ، ج) ونسخة من (ص).
(2) في (ش) زيادة " منه ".
(3) في نسخة من (ص) زيادة: " ذلك ".
497

ثم تجعل التركة شيئا، ثم تأخذ السدس - وهو سدس شئ - فتلقي منه
نصيب إحدى البنتين وذلك سهمان، فيبقى سدس شئ إلا نصيبين،
فهذا هو التكملة الأولى.
ثم خذ خمس شئ فالق منه نصيب الأم - وهو ثلاثة أسهم - يبقى
خمس شئ إلا ثلاثة أنصباء، فهذا هو التكملة الثانية.
ثم خذ مثل نصيب أحد الابنين وذلك أربعة أنصباء للموصى له
بالمثل. ثم أجمع ذلك كله فيكون خمس شئ وسدس شئ إلا نصيبا،
فالق ذلك من الثلث فيبقى نصيب إلا ثلث عشر شئ. فخذ ثلثه - وهو
ثلث نصيب إلا تسع عشر شئ - فيبقى ثلثا نصيب إلا تسعي عشر شئ،
فزد ذلك على ثلثي المال - وهو ثلثا شئ - فيصير ثمانية وخمسين جزءا من
تسعين جزءا من شئ وثلثي نصيب، فهذا يعدل أنصباء الورثة وهي ثمانية
عشر، فالق (1) ثلثي نصيب بمثلها يبقى سبعة عشر وثلث نصيب يعدل ثمانية
وخمسين جزءا من تسعين جزءا من شئ.
فاضرب جميع ما معك في المخرج - وهو تسعون - فتصير الأنصاب ألف
نصيب وخمسمائة وستين، والأشياء ثمانية وخمسين فاقلب وحول واجعل
الشئ ألفا وخمسمائة وستين والنصيب ثمانية وخمسين.
وامتحان ذلك: أنك إذا أخذت لصاحب المثل نصيبه - وهو مائتان
واثنان وثلاثون - فهو له، ثم تأخذ سدس المال وهو مائتان وستون، فالق من
ذلك نصيب بنت - وهو مائة وستة عشر - فيبقى مائة وأربعة وأربعون، فهذا
هو التكملة الأولى.

(1) في (ه‍) زيادة " منه ".
498

ثم تأخذ خمس المال وذلك ثلاثمائة واثنا عشر، فالق منه نصيب الأم
- وهو مائة وأربعة وسبعون - فيبقى مائة وثمانية وثلاثون فهو التكملة الثانية.
ثم أجمع ذلك كله - أعني الوصايا الثلاث - فيكون مجموعها خمسمائة
وأربعة عشر، فالق ذلك من الثلث وهو خمسمائة وعشرون، فاعط من ذلك
ثلثه للموصى له الثالث - وذلك اثنان - فيبقى أربعة، فزدها على ثلثي المال
- وذلك ألف وأربعون - فيصير ألفا وأربعة وأربعين.
فأقسم ذلك بين الورثة على ثمانية عشر، فيخرج من القسمة ثمانية
وخمسون كما خرج النصيب أولا، فيكون للأم مائة وأربعة وسبعون، وللأب
مائة وأربعة وسبعون، وللبنتين مائتان واثنان وثلاثون، وللابنين أربعمائة
وأربعة وستون.
(يد): لو أوصى بأجزاء مختلفة من شئ غير مستوعبة يخرج من الثلث
لجماعة، وبسط الباقي على تلك (1) النسبة، فابسط الشئ على أقل عدد
تحصل منه تلك الأجزاء. مثلا: لو أوصى لزيد بثلث عبد ولآخر بربعه
ولثالث بسدسه والفاضل بينهم على النسبة بسطت العبد اتساعا، فإن
الأجزاء تخرج من اثني عشر: للأول أربعة، وللثاني ثلاثة، وللثالث اثنان،
الجميع تسعة. وكذا الفاضل، فتبسط العبد (2) أتساعا: للأول منها أربعة،
وللثاني ثلاثة، وللثالث اثنان.
ولو أوصى بالفاضل لغيرهم على النسبة أيضا ضربت ثلاثة وفق
التسعة مع اثني عشر فيها يصير ستة وثلاثين: للأوائل سبعة وعشرون،

(1) في (ش): " على قدر تلك ".
(2) " العبد " ليست في (أ، ش).
499

وللأواخر تسعة.
(يه): لو أوصى له بمثل [نصيب] (1) أحد بنيه الستة ولآخر بثلث ما
يبقى من الربع بعد النصيب ولثالث بنصف ما يبقى من الثلث بعد
الوصيتين فخذ ربع مال وانقص منه نصيبا للأول يبقى ربع مال إلا
نصيبا، أنقص ثلثه للثاني، وذلك نصف سدس مال إلا ثلث نصيب يبقى
من الربع سدس مال إلا ثلثي نصيب، زد عليه نصف سدس المال، لأن
الربع إذا زدت عليه نصف سدس يصير ثلثا، فيصير هذا والباقي من الربع
الباقي من الثلث، فيكون ربع مال إلا ثلثي نصيب. هذا هو الباقي من ثلث
المال بعد إخراج الوصيتين. فأنقص (2) نصفه للثالث يبقى ثمن مال إلا
ثلث نصيب، زده على ثلثي المال يكون ثلثي مال وثمن مال إلا ثلث نصيب
يعدل أنصباء الورثة وهي ستة.
فإذا جبرت صار ثلثا مال وثمن مال يعدل ستة أنصباء وثلث نصيب،
فكمل المال (3)، وهو: أن تزيد على ما معك خمسة أجزاء من تسعة عشر
جزءا، فيصير مالا يعدل ثمانية أنصباء، فخذ ربعها سهمين، واعط الأول
نصيبا يبقى من الربع سهم، أعط ثلاثة للثاني.
فالوصيتان سهم وثلث سهم، يبقى من الثلث سهم وثلث، إدفع نصفه
- وهو ثلثا سهم - إلى الثالث فالوصايا الثلاث سهمان يبقى ستة لكل ابن
سهم. فإن أردت أن يزول الكسر ضربت المال الذي هو ثمانية في ثلاثة
يكون أربعة وعشرين، والنصيب ثلاثة، والوصية الأولى ثلاثة، والثانية
واحد، والثالثة اثنان.

(1) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المطبوع.
(2) في (ش) زيادة " منه ".
(3) " المال " ليست في (ص).
500

البحث الثاني: فيما اشتمل على الاستثناء:
قاعدة: إذا أوصى بمثل نصيب وارث إلا جزءا معينا فابسط المسألة
أولا على سهام صحاح يخرج منه صاحب الغرض والورثة بسهام صحاح،
ثم تضيف إليها للموصى له مثل سهام من أوصى له بمثله، وتضربها في مخرج
المستثنى، ثم تعطي كل من استثني له من نصيبه ما استثني، وتعطي كل
واحد من باقي الورثة بحساب ذلك من المستثنى، وما بقي قسمته على جميع
سهام الورثة وسهام الموصى له، لكل واحد منهم بقدر سهامه. وانظر إن
كان من استثني يستغرق الجملة أو أكثرها حتى لا تصح القسمة على الباقي
فلا تتعرض للقسمة فإنها لا تصح. ولك طرق في بيان استخراج ما يرد في
هذا الباب.
ويشتمل هذا البحث على مقامات:
المقام (1) الأول: إذا كان الاستثناء من أصل المال:
وفيه مسائل:
(أ): لو ترك أبا وابنين وبنتا وأوصى لأجنبي بمثل ابن إلا ربع المال
فالفريضة من ستة، لكل من الأب والبنت سهم، ولكل ابن سهمان،
فتضيف سهمين للأجنبي، فتضرب الثمانية في أربعة يصير اثنين وثلاثين،
تعطي لكل (2) ابن ثمانية، لأنها الربع المستثنى، وتعطي البنت بحساب
ذلك من هذا الاستثناء أربعة وللأب أربعة.

(1) " المقام " ليست في (ب).
(2) في (ب، ج): " كل ".
501

فالجملة: أربعة وعشرون للورثة غير الموصى له، والباقي - وهو ثمانية -
يقسم على سهام الورثة والموصى له، لكل ابن سهمان، ولكل من البنت
والأب (1) واحد، وللموصى له اثنان، فلكل من الابنين في أصل المستثنى
ثمانية، وفي الباقي سهمان، فهي عشرة، وللبنت في الأصل أربعة، وفي
الباقي سهم، وللأب كذلك، فللموصى له إذن ما للابن: عشرة أسهم
إلا ربع المال، والربع ثمانية، يبقى له سهمان.
أو نقول: ندفع نصيبا من مال، ثم نسترد منه ربع المال، يبقى مال
وربع مال إلا نصيبا يعدل أنصباء الورثة وهي ثلاثة فتصير بعد الجبر مال
وربع مال يعدل أربعة أنصباء، فالمال يعدل ثلاثة أنصباء وخمسا. فإذا
بسطت صارت ستة عشر، والنصيب خمسة تسترد منه أربعة هي ربع المال،
يبقى للموصى له سهم، ولكل ابن خمسة، ولكل من البنت والأب اثنان
ونصف. فإذا أردت الصحاح بلغت اثنين وثلاثين، والنصب عشرة.
(ب): لو أوصى بمثل نصيب ابن وله ثلاثة إلا ربع المال فالوصية
صحيحة.
ولا يتوهم أن الاستثناء مستغرق من حيث إنه لولاه لكان له الربع وقد
استثناه.
لأنا نقول: حقيقة هذه الوصية أنه فضل كل ابن علي الموصى له بربع
المال، فنجعل المال أربعة أسهم، ونسلم لكل منهم ربع المال من غير
مزاحم، وهو الذي ينبغي أن يفضل به كل واحد على الموصى له،
فيبقى (2) واحد يقسم على الأولاد والموصى له بح السوية، فتضرب أربعة في

(1) في (أ، ج): " والابن ".
(2) في (أ): زيادة " له ".
502

الأصل فهي ستة عشر، لكل ابن أربعة، يبقى أربعة تقسم أرباعا، فلكل
ابن سهم، وللموصى له سهم. فكمل لكل ابن خمسة فيفضل على الموصى
له بأربعة هي الربع، إذا ضمت إلى سهم الموصى له صار مثل نصيب
ابن، فالسهم مثل النصيب إلا ربع المال. وبالجبر كالأولى.
ولو كان له ابن فأوصى له بمثل نصيبه إلا نصف المال فقد فضلة على
الموسى له بالنصف، فاجعل المال نصفين وخص الابن بأحدهما، وتقسم
الآخر عليهما، فللموصى له ربع المال وهو سهم من أربعة، فهو مثل نصيب
الابن إلا نصف المال.
ولو كان ابنان فأوصى بمثل نصيب أحدهما إلا نصف المال فالوصية
باطلة، لاستغراق الاستثناء، إذ قد فضل كل واحد بنصف المال، فإذا
سلمنا إلى كل واحد ما فضل به نفد (1) المال. وكذا لو أوصى بمثل أحدهم
وهم أربعة إلا ربع المال.
ولو قال: إلا سدس المال ضربت خمسة - وهي العدد - في مخرج
الاستثناء تبلغ ثلاثين، لكل ابن خمسة هي ضرب العدد في نصيبه، وهو
واحد من أربعة قبل الوصية، يبقى عشرة تقسم بينهم أخماسا، فيكمل لكل
ابن سبعة، وللموصى له اثنان، فله أيضا سبعة إلا سدس المال.
أو نقول: نخرج من المال نصيبا ونسترد منه سدسه، فيبقى مال وسدس
مال إلا نصيبا يعدل أنصباء الورثة، فبعد الجبر يبقى مال وسدس مال يعدل
خمسة أنصباء، فالمال يعدل أربعة أنصباء وسبعي نصيب، فللموصى له
اثنان، ولكل ابن سبعة.

(1) في (ص): " وقد نفد ".
503

(ج): لو ترك أبويه وابنا وثلاث بنات وأوصى له بمثل نصيب الأب
إلا ثمن المال فالفريضة من ثلاثين، وتضيف إليها خمسة، وتضرب المجموع
في ثمانية تصير مائتين وثمانين، فلكل من الأبوين ما استثني، وهو الثمن
خمسة وثلاثون، وهو سبعة أمثال نصيبه من الأصل، إذ له في أصل
المسألة (1) خمسة، وتعطي الابن سبعة أمثال نصيبه أيضا (2) سته وخمسين
سهما، ولكل بنت ثمانية وعشرون، يبقى سبعون تقسم على سهام الورثة
والموصى له، وهي خمسة وثلاثون، لكل سهم اثنان، فلكل من الأبوين
عشرة، وللابن ستة عشر ولكل بنت ثمانية، وللموصى له عشرة، فله، (3) ما
لأحد الأبوين إلا ثمن المال، لأن كلا من الأبوين له في أصل المستثنى،
وفي الباقي خمسة وأربعون، وللموصى له خمسة وأربعون إلا ثمن المال وهو (4)
خمسة وثلاثون، فيبقى له عشرة، وللابن في أصل المستثنى وفي الباقي اثنان
وسبعون، ولكل بنت في الأصل والباقي سته وثلاثون.
أو نقول: نأخذ مالا ونخرج منه نصيبا، ونسترد من النصيب ثمن
المال، يبقى مال وثمن مال إلا نصيبا يعدل أنصباء الورثة، وهي سته يصير
المال بعد الجبر والمقابلة وحذف الثمن الزائد يعدل ستة أنصباء وتسعى
نصيب، فالوصية تسعا نصيب.
(د): لو أوصت بمثل نصيب زوجها مع أب وابنين وثلاث بنات إلا
سدس المال فالفريضة من اثني عشر، ونضيف، ثلاثة ونضرب الجميع في

(1) في (ه‍): " المال ".
(2) في (أ) زيادة " وهي ".
(3) في (ه‍) زيادة " مثل ".
(4) في (ش) زيادة " مثل ".
504

ستة يصير تسعين، فللزوج ما استثني وهو السدس بثلاثة أسهم خمسة عشر،
وهو خمسة أمثال نصيبه، وللأب عشرة، وكذا لكل ابن ولكل بنت خمسة،
يبقى ثلاثون نقسمه على الورثة، وللموصى له (1) بقدر سهامهم وهي خمسة
عشر: لكل سهم اثنان، فللزوج من الباقي ستة، وللأب أربعة. وكذا لكل
ابن ولكل بنت سهمان، وللموصى له ستة، فيكمل له ستة، فيكمل للزوج في القسمين (2)
أحد وعشرون، وللموصى له مثله إلا سدس المال، وسدسه خمسة عشر
يتخلف ستة.
(ه‍): لو خلف أبوين وزوجة فأوصى بمثل نصيب (3) الأب إلا خمس
المال فالفريضة اثنا عشر (4)، فزد عليها خمسة للموصى له ثم تضرب المجموع
في خمسة فكل من كان له قسط من سبعة عشر أعطي مضروبا في خمسة، ثم
تأخذ سبعة عشر من الموصى له - هي خمس المال - وتبسطها على الجميع
بالنسبة فله ثلاثة عشر، وللأب ثلاثون، فله مثل نصيبه إلا خمس المال.
(و): لو أوصى له بمثل نصيب ابن إلا نصف سدس المال وخلف ابنين
وزوجة وأبوين وبنتا وخنثى فالفريضة من أربعة وعشرين: للزوجة ثلاثة،
ولكل من الأبوين والابنين أربعة، وللبنت سهمان، وللخنثى ثلاثة
تضيف أربعة وتضربها في اثني عشر مخرج نصف السدس تصير ثلاثمائة
وستة وثلاثين، فتعطي الورثة ما استثني لكل واحد بحصته (5)، فلكل ابن

(1) في (أ، ب، ش) والمطبوع: " والموصى له ".
(2) في (ج): " في القسمتين ".
(3) " نصيب " ليس في سائر النسخ عدا (ش) والمطبوع.
(4) في المطبوع: " من اثني عشر ".
(5) في (ج): " بحصة ".
505

بحصته (1) في المستثنى لأربعة ثمانية وعشرون، وذلك سبعة أمثال حقه وهو
نصف سدس المال. وكذا لكل من الأبوين ولكل من الزوجة والخنثى أحد
وعشرون، وللبنت أربعة عشر، نقسم الباقي - وهو مائة وثمانية وستون - على
الجميع والموصى له وسهامهم ثمانية وعشرون، لكل سهم ستة، فلكل ابن
أربعة وعشرون، وكذا لكل من الأبوين ولكل من الزوجة والخنثى ثمانية
عشر، وللبنت اثنا عشر، وللموصى له أربعة وعشرون، فلكل ابن اثنان
وخمسون من الأصل المستثنى ومن الباقي، وللموصى له كذلك إلا نصف
سدس المال وهو ثمانية وعشرون، يبقى له (2) أربعة وعشرون.
(ز): لو أوصى له بمثل نصيب (3) أحد ابنيه مع زوجة (4) إلا ربع المال
فالفريضة (5) ستة عشر، وتضيف إليها سبعة وتضرب المجتمع في مخرج الربع
يصير اثنين وتسعين، ومنها تصح: للموصى له اثنا عشر، ولكل ابن خمسة
وثلاثون، وللزوجة عشرة، لأنا نأخذ مالا ونخرج منه نصيبا ونستثني منه
الربع، يبقى مال وربع مال إلا نصيبا يعدل أنصباء الورثة وهي نصيبان
وسبعا نصيب. فإذا جبرت وقابلت يصير مالا وربع مال يعدل ثلاثة
أنصباء وسبعي نصيب، فالمال يعدل نصيبين وخمسي نصيب وأربعة
أخماس سبعي نصيب، فالنصيب خمسة وثلاثون، لأنه مضروب خمسة في
سبعة، فالمال اثنان وتسعون، فإذا استثنيت ربعه - وهو ثلاثة وعشرون - من

(1) في المطبوع و (ج): " بحقه ".
(2) " له " ليست في (ب).
(3) " نصيب " ليست في (ج، ش).
(4) في (ش): " مع زوجته ".
(5) في (ش): زيادة " من ".
506

النصيب يبقى اثنا عشر.
لكن معين الدين المصري (1) قال: فإذا أعطيت كل ابن بسهامه السبعة
الربع المستثنى من هذه المسألة - وهو ثلاثة وعشرون - انكسرت السبعة في
ثلاثة وعشرين، لأنه لا يمكن إخراج حق الزوجة من هذه المسألة على هذا
الحساب صحيحا، فاضرب جميع المسألة في سبعة فيصير ستمائة وأربعة
وأربعين، لكل ابن بسهامه السبعة الربع مائة وأحد وستون، وتعطى الزوجة
بحساب سهمهما (2) ستة وأربعين، يبقى مائتان وستة وسبعون يقسم على
سهام الورثة والموصى له، وهو ثلاثة وعشرون: لكل سهم اثنا عشر، فيكون
للزوجة أربعة وعشرون، ولكل واحد من الابنين أربعة وثمانون، وللموصى
له أربعة وثمانون، فله مثل ما لأحد الابنين إلا ربع المال.
(ح): لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة إلا مثل (3) ما ينقص
نصيب أحدهم بالوصية جعلنا المال ثلاثة أنصباء ووصية، فندفع إلى
الموصى له نصيبا، ونسترجع منه ثلث وصية، لأن نقصان كل نصيب ثلث
وصية، فيبقى من المال نصيبان ووصية وثلث (4) يعدل أنصباء البنين وهي
ثلاثة أنصباء، فتقابل نصيبين بمثلهما فيبقى نصيب يعدل وصية وثلثا،

(1) هو الشيخ معين الدين أبو الحسن سالم بن بدران بن سالم بن علي المازني المصري المتوفى في سنة
(672 ه‍) وله كتاب " التحرير " في الفقه وغيره، وقد أخذ الفقه عن الشيخ ابن إدريس صاحب
السرائر، وقد نقل أقواله وفتاواه في باب المواريث: العلامة في التذكرة والمختلف عنه أيضا، وكذا
الشهيد الأول في الدروس. هذا ما ذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة ج 7 ص 172 وفي جامع
الرواة والرياض وغيرها، فراجع.
(2) " سهمها " ليست في (ش)، وفي (أ، ج): " سهيمها ".
(3) " مثل " ليست في المطبوع.
(4) " وثلث " ليست في (أ)، وفي (ش): " وثلث وصية ".
507

فالنصيب أربعة، والوصية ثلاثة، فللموصى له ثلاثة من خمسة عشر، ولكل
ابن أربعة.
المقام الثاني: أن يكون الاستثناء من الباقي:
وفيه مسائل:
(أ): لو أوصى له (1) بمثل نصيب أحد ولديه إلا ثلث ما يبقى بعد
إخراج النصيب فطريقه: أن نجعل المال كله ثلاثة أسهم ونصيبا مجهولا،
وإنما جعلناه ثلاثة أسهم ليكون له ثلث بعد النصيب، ثم نسترد من
النصيب (2) سهما كاملا، فإنه ثلث باقي المال، ونضمه إلى السهام
الثلاثة، فيصير معنا أربعة أسهم نقسمها بين الولدين، فظهر أن النصيب
المجهول سهمان، لأنه بقدر النصيب.
ثم نعود فنقول: إن المال كان خمسة أسهم، والنصيب منه سهمان،
فنصرف إلى الموصى له سهمين يبقى ثلاثة، نسترد منه مثل ثلث الباقي
بعد النصيب وهو سهم، فإن الباقي بعد النصيب ثلاثة، ونضمه إلى
الثلاثة فيصير معنا أربعة بين الابنين، لكل واحد سهمان مثل النصيب
المخرج ابتداء.
(ب): لو قال: أعطوه مثل نصيب أحدهما إلا ثلث ما يبقى بعد الوصية
لا بعد النصيب - والوصية هي التي يتقرر الاستحقاق عليها بعد الاستثناء -
فطريقه: أن نجعل المال سهمين ونصيبا مجهولا، وإنما جعلناه سهمين ونصيبا

(1) " له " ليست في المطبوع.
(2) في (ج) زيادة " المجهول ".
508

بحيث إذا أخرجنا النصيب يبقى من المال ما إذا زيد عليه مثل نصفه يصير
ثلاثة حتى نسترد من النصيب مثل نصف الباقي بعد الباقي بعد النصيب فنكون قد
استرجعنا مثل ثلث الباقي بعد الوصية. فإذا جعلنا المال سهمين ونصيبا
مجهولا استرجعنا من النصيب سهما كاملا، فصار معنا ثلاثة ونصيب
مجهول، فنقسم الثلاثة على الاثنين، فلكل واحد سهم ونصف، فظهر لنا
أن النصيب المقدر أولا كان سهما ونصفا.
فنعود ونقول: ظهر أن المال كله قد كان ثلاثة أسهم ونصفا، فنبسطها
أنصافا تصير سبعة، والنصيب منها ثلاثة، فنصرف إلى الموصى له، ونسترد
مثل نصف الباقي بعد النصيب، فالباقي بعد النصيب أربعة، ومثل نصفه
سهمان فنستردهما ونضمهما إلى الأربعة ونقسمها (1) على الاثنين، لكل
واحد ثلاثة، فقد حصل الموصى له على ثلاثة إلا مثل ثلث الباقي بعد تجرد
الوصية وهو سهمان، فيبقى له واحد.
ولو أطلق وقال: أعطوه مثل نصيب أحد ولدي إلا ثلث ما يبقى من
المال ولم يقل بعد الوصية أو بعد النصيب نزل على الوصية، فإنها الأقل،
واللفظ متردد.
(ج): لو استثنى جزءا مقدرا من جزء مقدر كان يقول: أعطوه مثل
نصيب أحد أولادي الثلاثة إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد إخراج
النصيب فطريقه: أن نجعل ثلث المال ثلاثة ونصيبا مجهولا، ثم نسترد من
النصيب المجهول سهما كاملا، فيحصل معنا أربعة أسهم، نضمها إلى ثلثي
المال - وهو ستة أسهم ونصيبان - يصير عشرة أسهم ونصيبين، فنصرف

(1) كذا في جميع النسخ الخطية، وفي المطبوع ومتن جامع المقاصد وشرحه: " ونقسمهما ".
509

النصيبين إلى الابنين يبقى عشرة أسهم للابن الثالث، فعرفنا أن النصيب
كان عشرة.
فنعود ونقول: كنا قد (1) جعلنا ثلث المال ثلاثة أسهم ونصيبا، وقد
ظهر أن ثلث المال ثلاثة عشر سهما، والنصيب عشرة، وثلثاه ستة
وعشرون، وجملة المال تسعة وثلاثون، فنأخذ عشرة من الثلاثة عشر سهما
لصاحب النصيب، ونسترد منه ثلث ما بقي من الثلث بعد النصيب وهو
واحد، لأن الباقي ثلاثة فيصير معنا أربعة، نضمها إلى ثلثي المال فيصير
ثلاثين، لكل ابن عشرة مثل النصيب المخرج ابتداء.
ولو قال: ثلث (2) ما يبقى من الثلث بعد الوصية فنجعل ثلث المال
سهمين ونصيبا مجهولا، ونسترد من النصيب سهما ونضمه إلى سهمين
فيصير ثلاثة أسهم، فنضمها إلى ثلثي المال - وهو أربعة (3) ونصيبان - فيصير
سبعة ونصيبين، نعطي النصيبين لابنين، فيبقى سبعة لابن واحد، فظهر أن
النصيب كان سبعة.
فنرجع ونقول: ثلث المال كان تسعة، والنصيب سبعة، نخرجه إلى
الموصى له، ونسترد من النصيب ما إذا ضم إلى الباقي كان ثلاثة وهو
سهم واحد، ونضمه إلى السهمين الباقيين يصير ثلاثة، ونضمها إلى ثلثي
المال - وهو ثمانية عشر - فيصير أحدا وعشرين، لكل ابن سبعة، وهو مثل
النصيب المخرج ابتداء، والباقي في يد الموصى له ستة، وهو مثل نصيب
الابن إلا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية، وذلك ما أردنا أن نبين.

(1) " قد " ليست في (ب، ح، ه‍).
(2) في (أ، ش 132): " إلا ثلث ".
(3) في (أ، ش 387) زيادة " أسهم ".
510

أو نقول: نجعل المال ثلاثة أنصباء ووصية، فنأخذ ثلث ذلك نصيبا
وثلث وصية، وندفع إلى الموصى له نصيبا فيبقى معنا ثلث وصية، نسترجع
من النصيب نصف الباقي سدس وصية فيحصل معنا نصف وصية وهو
الباقي من الثلث بعد الوصية، ونزيد ذلك على الثلثين فيحصل معنا
نصيبان ووصية وسدس وصية تعدل ثلاثة أنصباء. ألق نصيبين بنصيبين
فيبقى وصية وسدس وصية (1) تعدل نصيبا، فالوصية ستة، والنصيب
سبعة، والمال كله سبعة وعشرون.
ولو قال: مثل نصيب أحدهم إلا ما أنقصت الوصية أحدهم من الثلث
فاجعل ثلث المال نصيبا وشيئا - والشئ: هو ما انتقص كل ابن من
الثلث - والمال ثلاثة أنصباء وثلاثة أشياء، وانقص من المال الوصية - وهو
نصيب إلا شيئا - يبقى نصيبان وأربعة أشياء تعدل أنصباء البنين وهي
ثلاثة أنصباء، فالق نصيبين بنصيبين يبقى نصيب يعدل أربعة أشياء،
فالشئ يعدل ربع نصيب، فاجعل النصيب أربعة أسهم والشئ سهما.
وقد كنا جعلنا المال ثلاثة أنصباء وثلاثة أشياء، فهو إذن خمسة عشر
سهما، للموصى له من ذلك نصيب إلا شيئا وهو ثلاثة أسهم، والشئ:
هو ما انتقص أحدهم من الثلث سهم واحد، إذا استثنيته من نصيب
أحدهم بقي ثلاثة أسهم وهو الوصية، فأنقص الوصية من المال يبقى اثنا
عشر للبنين.
وإن شئت أخذت مالا ونقصت منه نصيبا، واسترجعت من النصيب
ثلث مال إلا نصيبا، وهو ما انتقص أحدهم من الثلث، وزدت ذلك على

(1) " وصية " ليست في (ب، ه‍).
511

المال فيكون مالا وثلث مال إلا نصيبين تعدل أنصباء البنين وهي ثلاثة.
فإذا جبرت صار مالا وثلث مال يعدل خمسة أنصباء، فرد ما معك إلى مال
واحد بأن تنقص من الجميع مثل ربعه يبقى مال يعدل ثلاثة أنصباء
وثلاثة أرباع نصيب، فابسطه أرباعا يكون خمسة عشر سهما، فالنصيب
أربعة أسهم. فإذا استثنيت من النصيب ثلث مال إلا نصيبا بقي ثلاثة
أسهم وهو الوصية.
فإن أوصى لآخر بربع ما يبقى من الثلث فخذ ثلث مال وانقص منه
نصيبا، واسترجع من النصيب ما انتقص أحدهم من الثلث وهو ثلث مال
إلا نصيبا، وزد ذلك على باقي الثلث فيصير ثلثي مال إلا نصيبين. فإذا
دفع ربع ذلك إلى الموصى له بربع باقي الثلث - وذلك سدس مال إلا
نصف نصيب - يبقى من الثلث نصف مال إلا نصيبا ونصف نصيب (1)،
زده على ثلثي المال يكون مالا وسدس مال إلا نصيبا ونصف نصيب يعدل
أنصباء البنين وهي ثلاثة. فإذا جبرت صار مالا وسدس مال يعدل أربعة
أنصباء ونصفا، فأنقص سبع ما معك ليرجع إلى مال واحد يكون مالا
يعدل ثلاثة أنصباء وستة أسباع نصيب، فابسطه أسباعا يكون سبعة
وعشرين، والنصيب سبعة.
المقام الثالث: أن يكثر الاستثناء:
قاعدة:
إذا كانت الوصية لاثنين فما زاد تبسط المسألة على سهام الورثة،

(1) " نصيب " ليست في (ش)، وفيه " ونصفا " فقط.
512

وتضيف إليه لكل واحد من الموصى لهم مثل سهام من ذكر له مثله كما
تقدم، وتضربها في مخرج المستثنى الأول، فما بلغ تضربه في (1) مخرج
المستثنى الثاني، فما بلغ تضربه في مخرج المستثنى الثالث، وهكذا بالغا ما
بلغ.
ثم تأخذ جميع المستثنيات وتجمعه جملة واحدة، وتقسمه على من استثني
له من سهامه بنسبتهم، وتعطي من لم يستثن له من الورثة من باقي السهام
بنسبة ما أعطيت المستثنى له بسهامه، وما بقي بعد ذلك تقسمه على
الجميع وعلى الموصى لهم أجمعين كما فعلت في المستثنى المفرد، وتجمع
سهام الموصى لهم جملة (2).
ثم تنظر في سهام واحد واحد، فمن (3) استثني من حقه بشئ فتسقطه،
وما بقي من جملة سهامه فهو لمن أوصي له بمثل ماله، فتعطيه من تلك الجملة
التي عقدتها للموصى لهم واحدا واحدا إلى آخرهم.
هذا إذا كانت الكسور لا يدخل بعضها تحت بعض، فإذا دخل بعضها
تحت بعض من غير كسر مثل: أن المستثنى (4) من وصية أحد الموصى لهما
ثمن، ومن وصية الآخر سدس، فإن مخرج الثمن يدخل فيه مخرج السدس،
ويدخل فيه أيضا الربع والثلث والنصف إذا كانت سهام الورثة والموصى
لهم أزواجا، وغاية ما ينكسر في مخرج النصف تضربها في اثنين، أو في الربع
تضربها في أربعة، فلا يحتاج إلى أن تضرب في جميع المخارج، لكن التقسيم

(1) العبارة: " مخرج المستثنى الأول، فما بلغ تضربه في " ليست في (ش).
(2) في (ه‍) زيادة " واحدة ".
(3) في المطبوع و (ه‍): " ممن ".
(4) في (أ، ب): " أن يكون المستثى "، وفي (ش) زيادة " كان ".
513

وتمييز السهام باق على حاله كما ذكرناه.
وفي هذا المقام مسائل:
(أ): لو خلف ابنين وأوصى لواحد بمثل نصيب أحدهما إلا سدس المال
ولآخر بمثل ما للآخر إلا ثمن المال فأصل الفريضة سهمان، وتضيف إليهما
للوصية (1) آخرين. ثم تضربها في ستة، ثم تضرب المجتمع في ثمانية فتكون
مائة واثنين وتسعين، ثم تأخذ سدسه وثمنه جملة، تعطي كل ابن نصفها
- وهو ثمانية وعشرون - يبقى مائة وستة وثلاثون تقسم أرباعا، لكل ابن
أربعة وثلاثون، وللوصيتين ثمانية وستون، فللمستثنى منه سدس المال
ثلاثون، لأن لنظيره من الولدين في القسمين اثنين وستين، فله مثله إلا
سدس المال - وسدسه اثنان وثلاثون - يتخلف له ثلاثون، وللمستثنى منه
الثمن ثمانية وثلاثون، لأن لنظيره اثنين وستين، فله مثله إلا ثمن المال
- وثمنه أربعة وعشرون - يتخلف له ثمانية وثلاثون.
ويمكن قسمتها من ستة وتسعين، بأن تضرب ستة في أربعة، وتأخذ ثمن
المرتفع وسدسه - وهو سبعة لا تنقسم على الولدين - تضرب اثنين في المرتفع
تبلغ ثمانية وأربعين - ثمنه وسدسه أربعة عشر - يتخلف أربعة وثلاثون
لا تنقسم أرباعا، تضرب اثنين في ثمانية وأربعين تصير ستة وتسعين، لكل
ابن من الثمن والسدس أربعة عشر، وله من الباقي سبعة عشر سهما،
وللمستثنى منه السدس خمسة عشر، لأنها مثل نظيره الذي اجتمع له من
القسمين أحد وثلاثون إلا سدس المال، وهو ستة عشر سهما، ويبقى تسعة
عشر سهما للآخر، لأنه مثل نظيره إلا ثمن المال، وهو اثنا عشر.

(1) في (أ، ب): " للوصيتين ".
514

أو نقول: نأخذ مالا ونخرج منه نصيبين، ونسترد منهما إليه سدسه وثمنه
يصير مالا، وسدسه وثمنه إلا نصيبين (1) تعدل نصيبين.
فإذا جبرت صار الجميع - وهو مال وسدسه وثمنه - يعدل أربعة أنصباء،
والمال أربعة وعشرون، والمجموع أحد وثلاثون، والنصيب سبعة وثلاثة
أرباع: فللأول ثلاثة وثلاثة أرباع (2)، وللثاني أربعة وثلاثة أرباع. وتصح
من غير كسر من ستة وتسعين.
(ب): لو أوصى له بمثل نصيب أحد أولاده الثلاثة إلا سدس المال
ولآخر بمثل آخر إلا ثمن المال تضيف سهمين إلى ثلاثة أصل الفريضة،
ثم تضرب المجتمع في ستة، ثم المرتفع في ثمانية يصير مائتين وأربعين.
ثم تأخذ سدسه وثمنه للولدين، لكل ابن خمسة وثلاثون، وللآخر
كذلك، وتقسم الباقي - وهو مائة وخمسة وثلاثون - أخماسا، لكل ابن سبعة
وعشرون، فيكمل له بالقسمتين اثنان وستون، وللمستثنى منه السدس
اثنان وعشرون، لأن له مثل نظيره إلا سدس المال، وسدسه أربعون،
وللآخر اثنان وثلاثون، لأن الثمن - وهو ثلاثون - إذا أسقط من اثنين وستين
بقي ما قلناه.
وقد تصح من مائة وعشرين، بأن تضرب وفق أحد مخرجي الاستثناء
في الآخر، ثم تضرب الخارج في أصل الفريضة تبلغ مائة وعشرين، تقسم
أخماسا، ثم يؤخذ من المستثنى منه السدس عشرون، يقسم أخماسا، ويؤخذ
من المستثنى منه خمسة عشر، يقسم كذلك، فيكمل لكل ابن أحد وثلاثون،

(1) العبارة: " ونسترد منهما إليه... إلا نصيبين " ساقطة من نسخة (ج).
(2) في (ص): " ثلاثة أرباع ".
515

وللأول أحد عشر هي مثل النصيب إلا سدس المال، وللآخر ستة عشر هي
مثل النصيب إلا ثمن المال.
أو نقول نأخذ مالا ونخرج منه نصيبين، ونسترد الثمن والسدس،
فالمجموع أحد وثلاثون، والنصيب ستة وخمس، فللأول اثنان وخمس،
وللثاني ثلاثة وخمس، ونسقط سبعة.
(ج): لو أوصى له بمثل نصيب أحد أولاده الثلاثة إلا ربع المال
وللثاني بمثل آخر إلا سدس المال وللثالث بمثل آخر إلا ثمن المال فلنضف
ثلاثة إلى ثلاثة أصل الفريضة، ثم نضرب المجتمع في أربعة، ثم المرتفع في
ستة، ثم القائم في ثمانية يصير ألفا ومائة واثنين وخمسين.
ثم نأخذ المستثنيات: وهي الربع والسدس والثمن نقسمها على البنين
أثلاثا، فلكل ابن مائتان وثمانية أسهم، ونقسم الباقي - وهو خمسمائة
وثمانية وعشرون - على ستة، النصف للبنين، لكل ابن ثمانية وثمانون،
يتكمل له في القسمين (1) مائتان وستة وتسعون، وللمستثنى منه الربع
ثمانية أسهم، وللمستثنى منه السدس مائة وأربعة أسهم، وللمستثنى منه
الثمن مائة واثنان وخمسون.
وقد يقوم على الطريقة الثانية التي ذكرناها في أول هذا المقام من مائة
وأربعة وأربعين.
أو نقول: نأخذ مالا ونخرج منه ثلاثة أنصباء، ونسترد منها ربعه
وسدسه وثمنه، فالمجموع بعد الجبر يعدل ستة أنصباء، والمال أربعة
وعشرون، والمجموع سبعة وثلاثون، والنصيب ستة وسدس: للأول سدس،

(1) في (ب، ش): " القسمتين ".
516

وللثاني سهمان وسدس، وللثالث ثلاثة وسدس.
فإذا أردت التصحيح: ضربت ستة في أربعة وعشرين، ويرجع كل
منهم إلى ثمن ما كان له في المسألة الأولى.
ولو كان معهم بنت وأوصى لواحد بمثل نصيب (1) ابن إلا ربع ما
يبقى من المال بعد إخراج جميع الوصايا ولآخر بمثل البنت إلا ثمن ما يبقى
من ماله بعد نصيب البنت فنقول: الباقي بعد جميع الوصايا أنصباء الورثة
وهي سبعة، فخذ ربعه - وهو نصيب وثلاثة أرباع نصيب - فأنقصه من
نصيب ابن - وهو نصيبان - يبقى ربع نصيب وهو وصية الأول.
ثم خذ مالا وأنقص منه نصيب بنت يبقى مال إلا نصيبا، ثم استرجع
من نصيب البنت ثمن باقي المال بعد نصيب البنت، وذلك ثمن (2) إلا
ثمن نصيب، وزده على المال يكون مالا وثمن مال إلا نصيبا وثمن
نصيب، أنقص منه ربع نصيب الذي هو وصية صاحب الابن يبقى مال
وثمن مال إلا نصيبا وثلاثة أثمان نصيب تعدل أنصباء الورثة وهي سبعة
أنصباء.
فإذا جبرت صار مالا وثمن مال يعدل ثمانية أنصباء وثلاثة أثمان
نصيب، فإذا ضربته في مخرج الكسر - وهو ثمانية - يكون سبعة وستين
سهما. ومنها تصح، والنصيب تسعة، وهو ما كان معك من عدد أجزاء
المال والثمن.
وامتحانه: أن تخرج من المال نصيب البنت تسعة يبقى ثمانية

(1) ليست في (ش).
(2) في (ش): " ثمن مال ".
517

وخمسون، تأخذ ثمنه سبعة أسهم (1) وربع سهم، أنقصها من نصيب
البنت يبقى سهم وثلاثة أرباع سهم، وهو وصية صاحب البنت، فأخرجها
من المال، ثم أخرج ربع نصيب وهو وصية صاحب الابن، وذلك سهمان
وربع يبقى من المال ثلاثة وستون: للبنت تسعة، ولكل ابن ثمانية عشر،
فأضرب الفريضة في أربعة للكسر تكون مائتين وثمانية وستين.
(د): لو أوصى له بنصيب أحد أبويه مع أربعة بنين إلا ثمن المال
وسدس ثمن المال فالفريضة من ستة، وتضيف آخر للوصية وتضربها في
ثمانية، ثم تضرب المرتفع - وهو ستة وخمسون - في مخرج سدس الثمن - وهو
ثمانية وأربعون - تبلغ ألفين وستمائة وثمانية وثمانين، فتأخذ ثمنه وسدس
ثمنه - وهو ثلاثمائة واثنان وتسعون - وتقسمه بالسوية بين الأبوين والبنين
الأربعة، فيكمل لهم ألفان وثلاثمائة واثنان وخمسون، ويبقى ثلاثمائة وستة
وثلاثون تقسم أسباعا، لكل واحد من الورثة ثمانية وأربعون، وللموصى له
كذلك، فله مثل ما لأحد الأبوين إلا ثمن المال وسدس الثمن.
ويمكن قسمتها من ثلاثمائة وستة وثلاثين، بأن تأخذ مالا وتخرج منه
نصيبا، وتسترد منه ثمن المال وسدس ثمنه يصير بعد الجبر مالا، وثمنه
وسدس ثمنه يعدل سبعة أنصباء، والمجموع يعدل خمسة وخمسين، والنصيب
سبعة وستة أسباع سهم، فللموصى له ستة أسباع سهم، والمال ثمانية
وأربعون.
فإذا أردت الصحاح: ضربته في سبعة، وإذا ضربت الأصل - وهو ستة
وخمسون - في ستة على الطريقة الثانية فكذلك، لأنا نضرب وفق ثمانية

(1) " أسهم " ليس في سائر النسخ عدا (ه‍) والمطبوع.
518

وأربعين وأربعين مع ستة وخمسين وهو ستة في ستة وخمسين، لأن سدس الثمن يدخل
في الثمن، فإذا انكسرت تضرب في ستة.
لكن بعض المسائل لا يتأتى فيه ذلك، فحينئذ لكل من الورثة في
المستثنى بالثمن وسدس الثمن تسعة وأربعون، والباقي بعد ذلك اثنان وأربعون
يقسم على الورثة والموصى له، فيكون لكل سهم من سبعة أسهم ستة
أسهم، فللموصى له مثل ما لأحد الأبوين خمسة وخمسون إلا ثمن المال
وسدس الثمن وهو تسعة وأربعون، فله ستة.
ولو خلف أربعة بنين وأوصى بمثل أحدهم إلا ثلث ما يبقى من الثلث
بعد إخراج نصيب أحدهم إلا ربع ما يبقى من الثلث فمخرج الثلث والربع
اثنا عشر، تضرب الثلاثة التي هي مخرج الكسر المنسوب إلى المال فيها تبلغ
ستة وثلاثين، تزيد عليه سبعة هي مجموع الثلث والربع من اثني عشر تبلغ
ثلاثة وأربعين فهي حصة ابن واحد.
ثم تضرب سهام الورثة والموصى لهما - وهي ستة - في اثني عشر تبلغ
اثنين وسبعين، تزيد عليه السبعة تبلغ تسعة وسبعين، فهو ثلث المال، فما
يبقى من الثلث ستة وثلاثون: ثلثه اثنا عشر وربعه تسعة، فللموصى له
الأول أحد وثلاثون، وللثاني أربعة وثلاثون، وللبنين الأربعة مائة واثنان
وسبعون، فاصل المال مائتان وسبعة وثلاثون.
والطريق: أن تجعل الكسور المنسوبة إلى ما يبقى متفقة المخرج إن لم
تكن، ثم تضرب المخرج المنسوب إلى المال في ذلك المخرج فما بلغ تزيد عليه
جميع الكسور المنسوبة إلى ما يبقى من مخرجها المذكور إن كانت الوصايا
مستثناة بتلك الكسور، أو تنقصها منه إن كانت زائدة، فما بلغ أو بقي فهو
نصيب الوارث الموصى بمثل نصيبه.
519

ثم تضرب سهام الورثة والموصى لهم في مخرج الكسور المنسوبة إلى ما
يبقى أيضا، فما بلغ تزيد عليه الكسور المنسوبة أيضا، أو تنقصها منه كما
فعلناه أولا، فما حصل فهو عدد الكسر المنسوب إلى المال، فإن كان مثل
نصيب الوارث أو أقل فالوصية باطلة، وإلا فتضربه في مخرجه تبلغ أصل
المال.
أو تجعل ثلث المال نصيبا وشيئا، والشئ اثنا عشر، لاجتماع الثلث
والربع فيه، فالمال ستة وثلاثون وثلاثة أنصباء، تدفع نصيبا إلى الأول
ونسترد منه أربعة، وإلى الثاني نصيبا وتسترد منه ثلاثة يصير ثلاثة وأربعين
ونصيبا يعدل أنصباء الورثة، فالنصيب أربعة عشر وثلث، وللأول عشرة
وللثاني أحد عشر وثلث، والمال تسعة وسبعون، فإذا أردت الصحاح ضربتها
في ثلاثة.
(ه‍): قد يتحد المستثنى منه ويكثر الموصى له مختلفا، فاضرب مخارج
الكسور في الفريضة واجمع الجميع كما ذكرناه أولا، واقسمه على عدد
الموصى لهم، واعط الوارث المستثنى من حقه مثل سهم واحد من الموصى
لهم، وبقية الورثة من نسبته إن كان معه غيره.
ثم أضف ما حصل من المستثنى المجموع إلى ما بقي من الأصل إن بقي
منه شئ مرة أخرى، واقسمه على الوارث والموصى لهم، واجمع سهام
الموصى لهم كما ذكرناه، واجمع سهام الوارث المستثنى منه أولا وآخرا،
وأسقط من جملة ما استثني من كل واحد واحدا، فما فضل من
جملته بعد المستثنى فهو لكل واحد من الموصى لهم المستثنى ذلك القدر
المذكور من حقه.
مثاله: لو خلف ابنا واحدا وأوصى لواحد بمثل نصيبه إلا سدس المال
520

ولآخر بمثل النصيب إلا ربع المال ولآخر بمثل النصيب إلا ثمن المال وأجاز
الولد فأصلها سهم، وتضيف إليه ثلاثة وتضربها في مخرج الربع، ثم المرتفع
في مخرج السدس، ثم القائم في مخرج الثمن فهي سبعمائة وثمانية وستون،
ربعها وسدسها وثمنها أربعمائة وستة عشر تقسمها على عدد سهام الموصى
لهم وهو ثلاثة تنكسر، تضرب جملة المسألة في واحد ونصف يكون ألفا
ومائة واثنين وخمسين سهما، فالربع والسدس والثمن ستمائة وأربعة
وعشرون، تقسم على ثلاثة، وتعطي الوارث سهما - وهو مائتان وثمانية
أسهم - يبقى تسعمائة وأربعة وأربعون، تقسم على الوارث والموصى لهم،
فحق الوارث بالربع من الباقي مائتان وستة وثلاثون سهما، تضيفه إلى ما
أعطيته في الأصل، فيكون له أولا وآخرا أربعمائة وأربعة وأربعون،
وللمستثنى منه الربع مائة وستة وخمسون، فله مثل الابن إلا ربع المال،
وللمستثنى منه السدس مائتان واثنان وخمسون، فله مثل الابن إلا سدس
المال، وللموصى له المستثنى من حقه الثمن ثلاثمائة سهم.
وعلى الطريقة الثانية: تخرج من مائتين وثمانية وثمانين سهما.
وقد تصح من ستة وتسعين، بأن تضرب الستة في الفريضة وهي أربعة،
ثم وفق الثمانية مع المرتفع منه يبلغ ستة وتسعين، للابن أربعة وعشرون،
وكذا لكل من الثلاثة. ثم تقسم ما في يد المستثنى منه الربع أرباعا له
ربعه، وكذا للابن والباقين، ثم (1) ستة عشر مما في يد المستثنى منه
السدس أرباعا. ثم تقسم اثني عشر مما في يد الثالث، فيكمل للابن سبعة
وثلاثون، وللمستثنى منه الربع ثلاثة عشر، هي مثل ما في يد الابن إلا

(1) في (أ) زيادة " تقسم ".
521

ربع المال، وللمستثنى منه السدس أحد وعشرون، وهي مثل ما في يده إلا
سدس المال، وللثالث خمسة وعشرون، وهي مثل ما في يده إلا ثمن المال.
أو نقول: نأخذ مالا وندفع منه ثلاثة أنصباء، ونسترجع منه الكسور،
ومخرجها أربعة وعشرون، والمجموع سبعة وثلاثون، والنصيب تسعة وربع:
فللأول خمسة وربع، وللثاني ثلاثة وربع، وللثالث ستة وربع. فإذا أردت
الصحاح ضربت أربعة في أربعة وعشرين.
(و): لو أوصى له بنصيب أحد ابنيه إلا سدس المال ولآخر بمثله إلا
ثمن المال ولآخر بمثله إلا نصف سدس المال فالفريضة من اثنين، تضيف
إليهما (1) ثلاثة للأجانب، وتضرب الخمسة في ستة، ثم المجتمع في مخرج
الثمن، ثم المرتفع في نصف (2) السدس يصير ألفين وثمانمائة وثمانين،
فسدسها وثمنها ونصف سدسها ألف وثمانون سهما، نقسم على عدد
الأوصياء وهم ثلاثة، كل سهم ثلاثمائة وستون، نعطي كل ابن سهما،
فالمجموع سبعمائة وعشرون، يبقى ألفان ومائة وستون، نقسم أخماسا للولدين
والأوصياء، فلكل ابن أربعمائة واثنان وثلاثون، فيكمل مع الأول له
سبعمائة (3) واثنان وتسعون سهما، وللمستثنى منه السدس ثلاثمائة واثنا
عشر، وهو مثل النصيب إلا سدس المال، وهو أربعمائة وثمانون،
وللمستثنى منه الثمن أربعمائة واثنان وثلاثون، وذلك مثل النصيب إلا
ثمن المال، وهو ثلاثمائة وستون، وللمستثنى منه نصف السدس خمسمائة
واثنان وخمسون، وهو مثل النصيب إلا نصف سدس المال، وهو مائتان
وأربعون.

(1) في (ش): " إليها ".
(2) في (ه‍): " في مخرج نصف ".
(3) في (ج): " تسعمائة ".
522

وعلى الطريقة الثانية: ينقسم من مائة وعشرين سهما، لكل ابن ثلاثة
وثلاثون سهما، وللمستثنى منه السدس ثلاثة عشر، وللمستثنى منه الثمن
ثمانية عشر، وللمستثنى منه نصف السدس ثلاثة وعشرون.
أو نقول: نأخذ مالا وندفع منه ثلاثة أنصباء، ونسترد منها سدسه وثمنه
ونصف سدسه، فالمجموع يعدل أنصباء الورثة وهي نصيبان، وبعد الجبر
يعدل المجموع خمسة أنصباء، والمال أربعة وعشرون، والمجموع ثلاثة
وثلاثون، والنصيب ستة وثلاثة أخماس: فللأول اثنان وثلاثة أخماس،
وللثاني ثلاثة وثلاثة أخماس، وللثالث أربعة وثلاثة أخماس، فإذا أردت
الصحاح ضربت خمسة في أربعة وعشرين.
(ز): لو خلف ثلاثة بنين وثلاث بنات وأوصى لأجنبي بمثل أحد بنيه
إلا عشر المال ولآخر بمثل آخر إلا نصف سدس المال ولآخر بمثل بنت إلا
ثلث خمس المال ولآخر بمثل ما لأحد بنيه وإحدى بناته إلا سدس المال
فمخرج الكسور ستون، ومجموع الكسور منه خمسة وعشرون، وهو ما يخص
ثلاثة بنين وبنتين، وهم الموصى بمثل أنصبائهم، فيضاف إليه لبنت أخرى
ثلاثة وثمن تبلغ ثمانية وعشرين وثمنا، ويبقى أحد وثلاثون وسبعة
أثمان، تقسم على سهام الورثة والموصى لهم وهو سبعة عشر، نصيب كل
بنت واحد وسبعة أثمان، فيضاف إلى ما أصابها أولا - وهو ثلاثة وثمن -
فتبلغ خمسة وهو نصيب بنت واحدة من ستين، ونصيب الموصى لهم مجملا
بثمانية أسهم منها خمسة عشر، فللموصى له بمثل ابن إلا العشر أربعة، وبمثل
ابن إلا نصف السدس خمسة، وبمثل بنت إلا ثلث الخمس واحد، وبمثل
ابن وبنت إلا السدس خمسة، فالجميع خمسة عشر.
أو نقول: نأخذ مالا ونخرج منه أربعة أنصباء، ونسترد من الأول عشر
523

المال، ومن الثاني نصف سدسه، ومن الثالث ثلث خمسه، ومن الرابع
سدسه، فالمال والكسور إلا أربعة أنصباء تعدل أنصباء الورثة وهي أربعة
ونصف. فالمجموع بعد الجبر يعدل ثمانية أنصباء ونصفا، فالمال ستون،
والمجموع خمسة وثمانون، والنصيب عشرة، فللأول بعد حذف الكسور أربعة،
وللثاني خمسة، وللثالث واحد، وللرابع خمسة.
(ح): لو أوصت لأجنبي بمثل نصيب ابنها إلا ثمن المال ولآخر بمثل
نصيب بنتها إلا عشر المال ولثالث بتمام الثلث ولا وارث سواهما مع الزوج
فالفريضة أربعة تعدل ثلثي المال فهو ستة، ثم تضرب وفق مخرج الثمن فيها
تبلغ أربعة وعشرين، ثم تضرب وفق العشرة، وهو خمسة - تبلغ مائة
وعشرين، للابن من الثلثين أربعون، وللزوج عشرون، وكذا للبنت
وللموصى له الأول أربعون، نسترد منها خمسة عشر، وللثاني عشرون نسترجع
منها اثنا عشر، فيبقى من الثلث سبعة فهي للثالث.
ويحتمل أن يكون للثاني ثلاثة، وللثالث اثنا عشر، لأنه استثني من
وصيته عشر المال وهو اثنا عشر، والذي بقي من الثلث بعد الأول خمسة
عشر، فلم يبق مثل نصيب البنت بل أقل، فيخرج المستثنى من الباقي،
والأول أقوى.
(ط): لو أوصى له بمثل نصيب أحد بنيه الستة إلا خمس ما يبقى من
الثلث بعد النصيب ولآخر بمثل نصيب آخر إلا ثلث ما يبقى من الثلث
بعد ذلك كله، ولآخر بنصف سدس جميع المال فلنسم الوصايا وصية.
فيكون المال ستة أنصباء ووصية، فنأخذ ثلث ذلك - وهو نصيبان وثلث
وصية - وندفع منه إلى الموصى له الأول نصيبا، فيبقى من الثلث نصيب
وثلث وصية، ونسترجع من النصيب خمس ذلك، وهو خمس نصيب وثلث
524

خمس وصية، فيكون الباقي من الثلث بعد إخراج الوصية الأولى نصيبا
وخمس نصيب وخمسي وصية، لأن ثلث خمس وصية إذا زيد على ثلث
وصية بلغ خمسي وصية، فيدفع من ذلك إلى الموصى له الثاني نصيبا،
فيبقى خمس نصيب وخمسا وصية.
ونسترجع من النصيب الثاني ثلث الباقي من الثلث وهو ثلث خمس
نصيب وثلثا خمس وصية. نزيد ذلك على الباقي من الثلث فيحصل معنا
أربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا من نصيب، وثمانية أجزاء من خمسة عشر
جزءا من وصية، لأن ثلث خمس نصيب هو جزء واحد من خمسة عشر جزءا
من نصيب. فإذا أضيف إلى خمس نصيب - وهو ثلاثة أجزاء من خمسة
عشر جزءا - كان (1) أربعة أجزاء من خمسة عشر وثلثا خمس وصية (2)، وهو
سهمان من خمسة عشر جزءا من وصية إذا أضيف إلى خمسي وصية - وهو
ستة من خمسة عشر - صار ثمانية أجزاء من خمسة عشر جزءا من وصية.
فظهر أن الباقي من الثلث بعد إخراج الوصيتين أربعة أجزاء من خمسة
عشر جزءا من نصيب، وثمانية أجزاء من خمسة عشر جزءا من وصية. فنزيد
ذلك على ثلثي المال - وهو أربعة أنصباء وثلث وصية - فيحصل أربعة
أنصباء وأربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا من نصيب ووصية وخمس
وصية، لأن ثمانية أجزاء من خمسة عشر جزءا من وصية إذا أضيف إلى
ثلثي وصية - أعني: عشرة أجزاء من خمسة عشر جزءا من وصية - كان المجموع
وصية وخمس وصية.

(1) في (ب) زيادة " له ".
(2) العبارات من قوله: " نزيد ذلك على الباقي من الثلث - إلى قوله -: كان أربعة أجزاء من خمسة عشر
وثلثا خمس وصية " سقطت من نسخة (ج).
525

فندفع من المجموع - وهو أربعة أنصباء وأربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا
من نصيب ووصية وخمس وصية - إلى الموصى له الثالث نصف سدس
المال، وهو نصف نصيب ونصف سدس وصية، فيبقى ثلاثة أنصباء
ونصف وأربعة أجزاء من خمسة عشر جزءا من نصيب، ووصية وجزء
وثلاثة أرباع جزء من خمسة عشر جزءا من وصية، لأن نصف سدس وصية
- وهو سهم وربع من خمسة عشر جزءا من وصية - إذا أسقط من خمس وصية -
وهو ثلاثة أسهم من خمسة عشر جزءا من وصية - كان الباقي سهما وثلاثة
أرباع سهم فقد احتجنا إلى نصف نصيب من خمسة عشر التي جعلناها
نصيبا ينكسر. نضرب اثنين في خمسة عشر تبلغ ثلاثين، فالنصيب نقسمه
ثلاثين جزءا، واحتجنا إلى بسط الوصية إلى ستين، حيث احتجنا إلى
ربع جزء من خمسة عشر.
فظهر أن الباقي بعد الوصايا ثلاثة أنصباء وثلاثة وعشرون جزءا من
ثلاثين جزءا (1) من نصيب هي نصف نصيب قد كان سبعة ونصفا من
خمسة عشر، فهو الآن خمسة عشر وأربعة أجزاء من نصيب قد كان خمسة
عشر فهي الآن ثمانية أجزاء.
فالمجموع: ثلاثة وعشرون جزءا من ثلاثين جزءا من نصيب، وبقي معنا
أيضا وصية وسبعة أجزاء من ستين جزءا من وصية قد كان سهما وثلاثة
أرباع سهم من خمسة عشر فيكون من ستين سبعة أسهم.
وهذا الباقي كله - وهو ثلاثة أنصباء وثلاثة وعشرون جزءا من ثلاثين
جزءا من نصيب، ووصية وسبعة أجزاء من ستين جزءا من وصية - تعدل

(1) " من ثلاثين جزءا " ليست في (أ).
526

أنصباء الورثة وهي ستة أنصباء. نسقط ثلاثة أنصباء وثلاثة وعشرين
جزءا من ثلاثين جزءا من نصيب بمثلها، فيبقى نصيبان وسبعة أجزاء من
ثلاثين جزءا من نصيب تعدل وصية وسبعة أجزاء من ستين جزءا من
وصية.
فإذن: الوصية تعدل نصيبين، لأن عدد الأنصباء مثل نصف
الوصية (1)، فالوصية اثنان، والنصيب واحد، والمال ستة أنصباء ووصية،
فهو إذن ثمانية. فنضرب ذلك في ثلاثة، لأن المال يجب أن يكون له نصف
سدس ومخرجه اثنا عشر، وهو يوافق الثمانية بالربع، فنضرب ربع أحدهما في
الآخر فيصير أربعة وعشرين، فنأخذ ثلث المال ثمانية، ندفع إلى الموصى له
الأول نصيبا وهو ثلاثة، فيبقى خمسة، نسترجع من النصيب خمس الباقي
وهو واحد فحصل معنا ستة، فندفع إلى الموصى له الثاني نصيبا وهو ثلاثة،
فيبقى ثلاثة، ونسترجع منه ثلث ذلك وهو واحد يحصل معنا أربعة. زدنا
ذلك على ثلثي المال وهو ستة عشر فصار عشرين. ندفع إلى الثالث نصف
سدس المال سهمين بقي ثمانية عشر، لكل ابن ثلاثة. وقد كان للموصى له
الأول سهمان، فهي مثل النصيب إلا خمس الباقي من الثلث بعد
النصيب، وللموصى له الثاني سهمان وهو مثل النصيب إلا ثلث الباقي من
الثلث، وللموصى له الثالث سهمان وهي نصف السدس.
(ي): لو خلف تسعة بنين وأوصى بنصف ما يبقى من الربع بعد
إخراج نصيب ابن واحد منه ولآخر بثلث ما يبقى ولآخر بربع ما يبقى
فمخرج النصف والثلث والربع اثنا عشر، والنصف والثلث والربع منها

(1) في (ب): " مثلا عدد الوصية ".
527

ثلاثة عشر. تضرب أربعة في اثني عشر تبلغ ثمانية وأربعين، تنقص منها
ثلاثة عشر يبقى خمسة وثلاثون وهي نصيب ابن واحد.
ثم تضرب التسعة في اثني عشر تبلغ مائة وثمانية، تنقص منها ثلاثة
عشر تبقى خمسة وتسعون وهي ربع المال، فنصيب الموصى له الأول
ثلاثون، والثاني عشرون، والثالث خمسة عشر، وأصل المال ثلاثمائة
وثمانون.
وقد تصح من ستة وسبعين، بأن نأخذ مخرج الكسور وهي اثنا عشر.
فنقول: هي ربع مال إلا نصيبا، فإذا أكملناه بنصيب صار ربعا
كاملا، فمجموع المال ثمانية وأربعون وأربعة أنصباء. فإذا أخرج النصيب
من الربع بقي اثنا عشر: للأول ستة، وللثاني أربعة، وللثالث ثلاثة يبقى
من المال أربعة أنصباء وخمسة وثلاثون، تدفع أربعة أنصباء إلى أربعة من
الأولاد، ثم تقسم خمسة وثلاثين على خمسة أولاد، فلكل ابن سبعة،
فالنصيب سبعة، فالربع تسعة عشر، والمجموع ستة وسبعون.
هذا إن قصد إعطاء العائل من أصل المال. ولو حصره في الربع
فالطريق: أن يجعل المال أرباعا، ندفع ربعا إلا نصيبا إلى الموصى لهم
يبقى ثلاثة أرباع ونصيب للورثة تعدل تسعة أنصباء، فالربع نصيبان
وثلثان (1)، فالمجموع عشرة وثلثا نصيب، تضرب مخرج الكسر - وهو ثلاثة -
في عشرة وثلثين تبلغ اثنين وثلاثين، الربع ثمانية، والنصيب ثلاثة يبقى
خمسة، تقسم على ثلاثة عشر، تضرب ثلاثة عشر في اثنين وثلاثين.
وإنما طولنا الكلام في هذا الباب وخرجنا فيه عن مناسبة الكتاب لأن

(1) في (ج): " وثلثا ".
528

أصحابنا المتقدمين - رضوان الله عليهم أجمعين - أعطونا القوانين الكلية ولم
يتعرضوا لهذه التفريعات الجزئية، فتعرضنا نحن لها ليتمهر الفقيه الحاذق
لاستخراج ما يرد عليه من هذا الباب، والله الموفق للصواب.
الفصل الثالث: في تصرفات المريض
وهي قسمان: منجزه، ومعلقة بالموت.
أما المؤجلة: فكالوصية بالإجماع في إخراجها من الثلث، وكذا تصرفات
الصحيح المقترنة بالموت.
وأما المعجلة للمريض: فإن كانت تبرعا فالأقرب أنها من الثلث إن
مات في مرضه، وإن برئ لزمت إجماعا.
فهنا بحثان:
الأول: في بيان مرض الموت: الأقرب - عندي - أن كل تصرف وقع في
مرض اتفق الموت معه، سواء كان مخوفا أو لا، فإنه يخرج من الثلث إن
كان تبرعا، وإلا فمن الأصل، وقيل (1): إن كان مخوفا فكذلك، وإلا فمن
الأصل كالصحيح.
ولا بد من الإشارة إلى المرض المخوف، فنقول: قد يحصل في الأمراض
تفاوت، وله طرفان وواسطة.
أما الطرف الذي يقارن الموت فهو: أن يكون قد حصل معه يقين
التلف: كقطع الحلقوم والمرئ، وشق الجوف، وإخراج الحشوة، ففي اعتبار
نصفه إشكال ينشأ: من عدم استقرار حياته، فلا يجب بقتله - حينئذ - دية

(1) قول الشيخ في المبسوط: ج 4 ص 44.
529

كاملة، ولا قصاص في النفس، بل حكمه حكم الميت.
الطرف الثاني في مقابله وهو: ما له حكم الصحة: كوجع العين
والضرس، وحمى يوم، والفالج والسل المستمر لتطاول زمانهما، فهذا ليس
بمخوف.
وأما الواسطة: فكل مرض لا يقين معه بالتلف ولا يستبعد معه:
كالحمى المطبقة، لا كحمى الربع والغب، إلا أن ينضم إليهما برسام، أو
رعاف دائم، أو ذات جنب، أو وجع صدر أو رئة، أو قولنج. وكالاسهال
المفرط، أو المستصحب للزحير، أو الدم.
وكغلبة الدم: إما على جميع البدن فينتفخ البدن به مع الحمى وهو
الطاعون، لأنه من شدة الحرارة فيطفئ الحرارة الغريزية، أو على بعض
البدن فينتفخ به ذلك العضو.
وكغلبة البلغم - وهو ابتداء الفالج - فإنه مخوف في الابتداء، لأنه يعقل
اللسان ويسقط القوة، فإن صار فالجا تطاول.
وكغلبة المرة الصفراوية، وكالجرح الواصل إلى جوف الدماغ أو البدن.
أما غير الواصل إليه: كالحاصل في اليد والساق والفخذ: فإن حصل
منه انتفاخ وألم وضربان أو تآكل ومدة (1) فمخوف، وإلا فلا.
وأما ما ينذر بالموت ولا يمس البدن فلا يعد في المرض، والتبرعات معه
ماضية من الأصل: كحال المراماة، وكالأسير إذا وقع في يد المشركين،
وكركوب البحر وقت التموج، وكإقامة الحجة عليه بما يوجب القتل، وكظهور
الطاعون والوباء في بلده، وكالحمل قبل ضرب الطلق وبعده، أما لو مات

(1) المدة بالكسر: ما يجتمع في الجرح من القيح. الصحاح (مادة: مدد).
530

الولد معها فإنه مخوف. وهذا التفصيل عندي لا اعتبار به.
البحث الثاني: في حقيقة التبرع:
وهو إزالة الملك عن عين مملوكة، يجري الإرث فيها من غير لزوم ولا أخذ
عوض يماثلها. فلو باع بثمن المثل لزم وصح، وكذا لو اشترى به.
ولا يمنع من إخراج ما ينتفع به من مأكول وملبوس ومشروب،
ولا من (1) ابتياعه بثمن المثل، سواء كانت عادته ذلك أو لا.
أما لو باع بدون ثمن المثل أو اشترى بأكثر منه أو وهب أو أعتق أو
وقف أو تصدق فإنه يخرج من الثلث على الأقوى.
والإقرار مع التهمة من الثلث، ولا معها من الأصل.
فهنا مطالب:
الأول: في التبرعات:
وفيه مسائل:
(أ): الهبة والعتق والوقف والصدقة المندوبة محسوبة من الثلث، ولو نذر
الصدقة في مرض الموت فالأقرب أنه من الثلث. وكذا لو وهب صحيحا
وأقبض مريضا، لأن القبض هو المزيل للملك. وكذا لو أبرأ عن دين، أو
كاتب عبدا وإن زاد عن ثمن المثل.
ولو شرط في الهبة عوض المثل فمن الأصل، ودونه يكون الزائد من
الثلث، ويمضي من الأصل ما يؤديه من الديون وأروش الجنايات، سواء
وقعت في الصحة أو في مرض الموت. وكذا مهر المثل مع الدخول، أما لو زاد

(1) في (أ): " ولا بد من ".
531

كان الزائد من الثلث.
ولو خصص بعض الديون بالقضاء لم يكن لباقي الديان المشاركة وإن
قصرت التركة.
أما لو أوصى بتخصيصه بالقضاء لم يصح، ويمضي من الأصل
الكفارات الواجبة، وأجرة المثل عن حجة الإسلام أو المنذورة في الصحة
وأجرة الصلاة من الثلث وإن كانت واجبة. وبالجملة: كل واجب يخرج
من صلب المال.
(ب): لو أخذ عوضا هو ثمن مثل ما بذله من المال فهو من رأس المال:
كالبيع وأصناف المعاوضات، سواء كان مع أجنبي أو وارث، وسواء كان
متهما أو لا.
ولو باع الوارث بثمن المثل وأقر بقبض الثمن من غير مشاهدة نفذ البيع
وإن كان مستوعبا وكان الإقرار من الثلث مع التهمة. وما يتغابن الناس
بمثله يمضى من الأصل.
ولو أوصى أن يكفن بالمرتفع مضى الزائد عن المجزئ من الثلث.
ولو اشتمل البيع على المحاباة مضى ما قابل السلعة من الأصل، والزائد
من الثلث. وكذا لو شرط أقل من عوض المثل في الهبة.
(ج): نكاح المريض مشروط بالدخول، فإن مات قبله بطل العقد،
ولا مهر ولا ميراث، ولو ماتت فكذلك. وإن دخل صح العقد، فإن كان
المسمى بقدر مهر المثل أو أقل نفذ من الأصل، وإلا فالزائد من الثلث. وله
أن ينكح أربعا.
ولو زوجت المريضة نفسها فالأقرب الصحة، وعدم اشتراط الدخول،
فإن كان بدون مهر المثل فالأقرب النفوذ.
532

ويكره للمريض أن يطلق، ويمضي لو فعل، لكنهما يتوارثان في العدة
الرجعية، وترثه المرأة إن مات في الحول من حين الطلاق ما لم تتزوج أو يبرأ
من مرضه. فلو مات بعد الحول ولو بساعة، أو برأ في أثناء الحول ثم مات
قبل خروجه، أو تزوجت في أثنائه وإن طلق الثاني بائنا؟ فلا ميراث.
والأقرب انتفاء الإرث مع الخلع والمباراة، وسؤالها الطلاق، وكونها
كافرة أو أمة وقت الطلاق وإن أسلمت أو أعتقت في الحول، إلا في العدة
الرجعية.
ولو طلق أربعا (1) ونكح بعد العدة أربعا ودخل ثم مات ورث الثماني
نصيب الزوجة بالسوية. وكذا لو طلق الأواخر وتزوج أربعا غيرهن ورثه
الجميع، وهكذا.
ولو أعتق أمته في مرض الموت وتزوج بها ودخل صح العتق والعقد،
وورثت إن خرجت من الثلث، وإلا فبالنسبة.
ولو أعتق أمته وتزوجها بمهر ودخل صح الجميع إن خرجت من الثلث،
وورثت، وإلا بطل العتق في الزائد، وما قابله من المهر.
(د): لو آجر نفسه بأقل من أجرة المثل فهو كما لو نكحت بأقل من مهر
المثل.
ولو آجر دوابه وعبيده بأقل فهو من الثلث. ولو أوصى بأن يباع عبده (2)
من زيد وجب.

(1) في (أ): " بائنا ".
(2) في (أ): " تباع عبيده ".
533

المطلب الثاني: في كيفية التنفيذ
إن كانت العطايا معلقة بالموت مضت من الثلث، فإن اتسع لها، وإلا
بدئ بالأول فالأول. ولا فرق بين العتق (1) وغيره. وإن كانت منجزة
فكالوصية في خروجها من الثلث، أو إجازة الورثة، واعتبار خروجها من
الثلث حال الموت، وأنه يزاحم بها الوصايا في الثلث، وأنها مع الاجتماع
وقصور الثلث يبدأ بالأول منها فالأول.
وتفارقا: في كونها لازمة في حق المعطي، ليس له الرجوع فيها، وأن
قبولها على الفور، واشتراط ما يشترط لها في الصحة: كالعلم والتنجيز،
وأنها متقدمة على الوصية، وأنها لازمة في حق المعطي والوراث لو برأ.
وإذا وهب وتصدق وحابى: فإن وسع الثلث، وإلا بدئ بالأول
فالأول حتى يستوفي الثلث.
ولو جمع المنجزة والمؤخرة قدمت المنجزة، فإن وسع الثلث للباقي
أخرج، وإلا أخرج ما يحتمله (2).
ولو أعتق شقصا من عبد ثم شقصا من آخر ولم يخرج من الثلث إلا
العبد الأول عتق خاصة.
ولو أعتق الشقصين دفعة وكان الباقي من كل منهما يساوي الشقص من
الآخر واتسع الثلث للشقصين خاصة فالأقرب عتق الشقصين خاصة. ولو
خرج أحدهما (3) أقرع.

(1) في (أ): " المعتق ".
(2) في (أ، ش) زيادة " الثلث ".
(3) في (ص) زيادة " من الثلث ".
534

ولو ملك من يعتق عليه بغير عوض - كالهبة - أو بغير عوض موروث - كما
لو آجر نفسه للخدمة به - عتق من صلب المال وورث.
ولو انتقل بالشراء فالأقرب أنه كذلك، ولو اشتراه بتركة أجمع عتق.
ولو اشتراه بأكثر من ثمن المثل: فإن خرجت المحاباة من الثلث
فكذلك، وإلا نفذت المحاباة من الثلث، واستسعى القريب في الباقي.
ولو أوصى له بمن يعتق عليه فقبله انعتق من صلب المال، لأن اعتبار
الثلث إنما هو فيما يخرجه عن ملكه اختيارا. وكذا لو وهب أو ورث. وكذا
المفلس والمحجور عليه والمديون والمريض.
ولو وهب ابنه فقبله وقيمته مائة وخلف مائتين وابنا آخر عتق وأخذ
مائة. ولو كان قيمته مائتين والتركة مائة عتق أجمع وأخذ خمسين.
ولو اشترى ابني عم بألف لا يملك سواها ثم أعتق أحدهما ووهبه
الآخر وخلفهما مع مولاه ولا وارث له سواه عتق ثلثا المعتق، إلا أن يجيز
المولى، ثم يرث بثلثيه ثلثي بقية التركة، فيعتق منه ثمانية أتساعه، ويبقى
تسعة وثلث أخيه للمولى.
ويحتمل عتق جميعه، ويرث أخاه، لأنه بالإعتاق يصير وارثا لثلثي
التركة، فتنفذ إجازته في عتق باقيه، فتكمل له الحرية، ثم يكمل له الميراث.
ولو ملك من يرثه ممن لا يعتق عليه كابن عمه ثم مات ملك نفسه
وعتق، وأخذ باقي التركة إن لم يكن هناك وارث.
ولو كان هناك وارث لم يعتق وإن كان أبعد، فإن أعتقه في مرضه:
فإن خرج من الثلث عتق وأخذ التركة، وإلا عتق ما يحتمله الثلث،
وورث بنسبته. وكذا لو كان قد أقر بأنه كان أعتقه في صحته مع التهمة.
وكل ما يلزم المريض في مرضه من حق لا يمكنه دفعه: كأرش الجناية،
535

وجناية عبده، وما عاوض عليه بثمن المثل، وإتلاف مال الغير ظلما أو
غيره، والنكاح بمهر المثل يمضي من الأصل.
ولو أعتق المستوعب أو وهبه ثم مات المعتق أو الموهوب قبله احتمل
البطلان في الجميع، والصحة فيه.
ولو أعتق تبرعا ثم أقر بدين: فإن كان متهما نفذ العتق أولا، وإن لم
يكن متهما فالأقرب تقديم الدين.
ولو باع فحابى: فإن أجاز الورثة لزم البيع، وإن لم يجيزوا فاختار
المشتري الفسخ فله ذلك، لتبعيض الصفقة. وإن اختار الإمضاء قال
علماؤنا: يصح ما قابل الثمن من الأصل، والمحاباة من الثلث. والحق
عندي: مقابلة أجزاء المبيع كما في الربوي، ولأن فسخ البيع في
البعض يقتضي فسخه في قدره (1) من الثمن.
وكما لا يصح البيع في الجميع مع بقاء بعض الثمن كذا لا يصح في
البعض مع بقاء جميع الثمن. فلو باع عبدا لا يملك سواه وقيمته ثلاثون بعشرة
فقد حابى بثلثي ماله، فعلى الأول يأخذ ثلثي العبد بجميع الثمن، لأنه
استحق الثلث بالمحاباة والثلث الآخر بالثمن.
وعلى ما اخترناه: يأخذ نصف المبيع بنصف الثمن، ويفسخ البيع في
الباقي، لأن فيه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر جميعه، كما لو
اشترى قفيزا يساوي تسعة بقفيز يساوي ثلاثة. ولو باعه بخمسة عشر جاز
في ثلثيه بثلثي الثمن، وعلى الأول في خمسة أسداسه بالجميع.
وطريق هذا: أن ينسب الثمن وثلث التركة إلى قيمته، فيصح البيع في

(1) في (أ): " في قدر معين ".
536

مقدار تلك النسبة وهو خمسة أسداسه.
وعلى ما اخترناه: يسقط الثمن من قيمة المبيع، وينسب الثلث إلى
الباقي، فيصح البيع في قدر تلك النسبة، وهو ثلثاه بثلثي الثمن، أو ينسب
الثلث إلى المحاباة، فيصح البيع في قدر تلك النسبة.
فإن خلف عشرة أخرى فعلى قولنا يصح البيع في ثمانية أتساعه
بثمانية أتساع الثمن.
وعلى ما اختاره علماؤنا يأخذ المشتري نصفه وأربعة أتساعه بجميع
الثمن، ويرد نصف تسعه. أو ينسب الثمن إلى المثمن، ويستخرج قدر
المحاباة، فللورثة ضعفها من العبد والثمن.
فنقول في الأولى: صح البيع في شئ من العبد بثلث شئ من الثمن،
فالمحاباة بثلثي شئ، فللورثة شئ (1)، والشئ من العبد،
فيبطل من الثمن ثلث شئ، فالثمن في تقدير ثلثي شئ، والعبد في تقدير
شيئين، فالشئ خمسة عشر، فللمشتري خمسة عشر هي نصفه، ورجع إليه
من الثمن خمسة، وكذا للورثة.
وفي الثانية: يصح البيع في شئ بنصف شئ من الثمن، فالمحاباة
بنصف شئ، فللورثة شئ، وقد حصل لهم من الثمن نصف شئ، يبقى
لهم نصف شئ من العبد، فيبطل البيع في مقابلة، وهو ربع شئ من
الثمن، فالعبد في تقدير شئ ونصف، والثمن في تقدير نصف شئ وربع،
فالشئ عشرون.
وفي الثانية: يصح البيع في شئ من العبد بنصف شئ من الثمن،

(1) " شئ " ليست في (ش).
537

فللورثة مقابل المحاباة شئ من التركة والثمن، وقد حصل لهم نصف شئ
من الثمن، فالعبد والعشرة الزائدة في تقدير شئ ونصف، فالشئ ستة
وعشرون وثلثان.
المطلب الثالث: في المسائل الدورية في هذا الباب
وهي أنواع:
الأول: العتق (1)
(أ) (2): إذا خرجت العطية المنجزة من الثلث حال الموت تبينا صحتها
حال العطية، وإلا فما يحتمله الثلث: فإن نمى المعطى أو كسب شيئا قسم
بين الورثة وبين صاحبه على قدر ما لهما فيه، فربما أفضى إلى الدور. فلو
أعتق عبده ولا شئ سواه فكسب مثل قيمته ثم مات السيد فللعبد من
كسبه بقدر ما عتق، وباقية للسيد، فيزداد به مال السيد، وتزداد الحرية،
فيزداد حقه من كسبه، فينقص به حق السيد من الكسب فتنقص (3)
الحرية.
وطريقه استخراج قدر الحرية أن نقول: عتق منه شئ وله من كسبه
شئ، وللورثة من العبد وكسبه شيئان، لأن لهم ضعف ما عتق وقد عتق
منه شئ.
ولا يحسب على العبد ما حصل له من الكسب، لأنه استحقه لا من

(1) في (ص) زيادة " وفيه مسائل ".
(2) لا يوجد التعداد في المطبوع.
(3) في (ص) زيادة " به ".
538

سيده، بل من الحرية، فالعبد وكسبه نصفان بين الورثة والعبد، فيتحرر
نصف العبد، وله نصف الكسب.
ولو كسب ضعف قيمته فله من كسبه شيئان، فصار له ثلاثة أشياء،
وللورثة شيئان يقسم العبد وكسبه خمسة، للورثة خمساه وخمسا كسبه.
ولو كسب ثلاثة أمثال قيمته فله ثلاثة أشياء من كسبه مع ما عتق
منه، وللورثة شيئان، فيعتق ثلثاه وله ثلثا كسبه، ولهم الثلث منهما.
فإن اقرض (1) مولاه مثل قيمته فأتلفه ثم مات (2) عن ضعفه: فإن أبرأه
العبد عتق وسلم له باقي كسبه، وإلا عتق خمسة أسداسه، وله من
كسبه وقرضه بالنسبة.
ولو كسب نصف قيمته عتق منه شئ، وله نصف شئ، ولهم
شيئان، فالجميع ثلاثة أشياء ونصف، تبسط أنصافا، فله ثلاثة أسباعها،
فيعتق منه (3) ثلاثة أسباعه، وله ثلاثة أسباع كسبه، والباقي لهم.
ولو كانت قيمته مائة فكسب تسعة فاجعل له بإزاء كل دينار شيئا،
فقد عتق منه مائة شئ، وله من كسبه تسعة أشياء، ولهم مائتا شئ،
فيعتق منه مائة جزء وتسعة أجزاء من ثلاثمائة وتسعة، وله من كسبه مثل
ذلك، ولهم مائتا جزء من نفسه ومائتان من كسبه.
ولو استغرق دين المولى القيمة والكسب صرف الجميع في الدين، وإلا
صرف من العبد وكسبه ما يقضى به الدين، والباقي يقسم كالكامل
وكسبه. فلو كان كل من الدين والكسب كالقيمة صرف فيه نصف العبد

(1) في نسخة من (ص): " اقترض ".
(2) في (ش) زيادة " المولى ".
(3) " منه " ليست في (ش).
539

ونصف كسبه، وقسم الباقي نصفين، وكذا باقي الكسب.
ولو كان للسيد مثل قيمته وكسب العبد مثلا آخر قسمت العبد ومثلي
قيمته على الأشياء الأربعة، فلكل شئ ثلاثة أرباع، فيعتق ثلاثة أرباع
العبد، وله ثلاثة أرباع كسبه.
(ب): لو أعتق عبدا قيمته عشرون ثم آخر عشرة فكسب كل (1) مثل
قيمته أكملت الحرية في الأول، فيعتق منه شئ، وله من كسبه شئ،
وللورثة شيئان، ويقسم العبدان وكسبهما على الأشياء الأربعة فلكل شئ
خمسة عشر، فيعتق منه بقدر ذلك وهو ثلاثة أرباعه، وله ثلاثة أرباع
كسبه، والباقي لهم.
ولو بدأ بالأدنى عتق كله وأخذ كسبه (2)، واستحق الورثة من الآخر،
وكسبه مثلي المعتق وهو نصفه ونصف كسبه، ويبقى نصفه ونصف كسبه
بينهما نصفين، فيعتق ربعه، وله ربع كسبه، ويرق ثلاثة أرباعه، ويتبعه
ثلاثة أرباع كسبه، وذلك مثلا ما انعتق منهما.
ولو أعتقهما دفعة أقرع، فمن خرجت قرعته كان حكمه كما لو بدأ به.
(ج): لو أعتق ثلاثة قيمتهم سواء وعليه [دين] (3) مساوي أحدهم
وكسب أحدهم مثل قيمته أقرع لإخراج الدين، فإن وقعت على غير
المكتسب بيع في الدين، ثم أقرع بين المكتسب والآخر لأجل الحرية: فإن
وقعت على غير المكتسب عتق كله، ورق الآخر، وما له لهم، وإن وقعت
قرعة الحرية على المكتسب عتق ثلاثة أرباعه، وله ثلاثة أرباع كسبه،

(1) في (أ): كل منهم ".
(2) في المطبوع: " جميع كسبه ".
(3) أثبتناه من المطبوع.
540

وباقية وباقي كسبه والعبد الآخر للورثة.
ولو وقعت قرعة الدين على المكتسب قضى الدين بنصفه ونصف
كسبه، ثم أقرع بين باقية والآخرين للحرية: فإن وقعت على غيره عتق
كله، وإن وقعت عليه عتق باقية وأخذ باقي كسبه، ثم أقرع بين العبدين
لإتمام الثلث، فمن وقعت عليه عتق ثلثه.
وكذا لو وهب أحدهم كان للمتهب من العبد وكسبه مثل ما للعبد من
نفسه وكسبه في هذه المسائل.
(د): لو أعتق عبدين مستوعبين متساويين (1) دفعة فمات أحدهما: فإن
وقعت القرعة عليه فالحي رق وتبين أن الميت نصفه حر، لأن مع الورثة مثلي
نصفه. وإن وقعت على الحي عتق ثلثه، ولا يحسب الميت على الورثة. ولو
أعتق عبدا مستوعبا قيمته عشرة فمات قبل سيده وخلف عشرين فهي لسيده
بالولاء، وظهر أنه مات حرا. وإن خلف عشرة عتق منه شئ، وله من
كسبه شئ ولسيده شيئان، وقد حصل في يد سيده عشرة يعدل شيئين،
فتبين أن نصفه حر وباقيه رق، والعشرة يستحقها السيد، نصفها بالرق
والباقي بالولاء.
فإن خلف وارثا قريبا فله من رقبته شئ ومن كسبه شئ، يكون
لوارثه ولسيده شيئان، فيقسم العشرة على ثلاثة، للوارث ثلثها وللسيد
ثلثاها، وتبين أنه عتق من العبد ثلثه.
ولو كان المعتق جارية وخلفت زوجها ومعتقها ثم مات السيد قلنا:
نجعل (2) للجارية من تلك العشرة وصية، ثم نزيد عليها نصف وصية، لأن

(1) في (ص) زيادة " في القيمة ".
(2) في (ب، ص): " فلنا أن نجعل ".
541

الراجع إلى السيد من وصية الجارية نصفها، فيكون مع ورثة السيد عشرة
إلا نصف وصية وذلك مثل وصيتين، فنجبر العشرة بنصف وصية فيكون
العشرة مثل وصيتين ونصف. فالوصية الواحدة خمسا هذه، فأخرج من
العشرة خمسيها - وهو أربعة - فهي وصية الجارية والباقي سعاية الجارية.
وامتحانه: أن ندفع من العشرة التي هي تركته أربعة للوصية فيبقى ستة
وهي السعاية، فاجعلها في يد ورثة السيد، ثم أقسم الأربعة بين ورثة
الجارية وورثة السيد، نصفها للزوج اثنان، ونصفها للسيد اثنان، فزدهما
على الستة التي كانت في أيديهم، فيصير لهم ثمانية وهي مثلا الوصية، لأن
الوصية أبدا بالثلث.
ولو خلف عشرين فله من كسبه شيئان لوارثه، ولسيده شيئان،
فالعشرون بين السيد والوارث نصفان، وتبين أنه عتق نصفه (1).
فإن مات الولد قبل موت السيد وكان ابن معتقه ورثه السيد، لأنا
تبينا (2) أن أباه مات حرا، لأن السيد ملك عشرين - وهي مثلا قيمته -
فعتق وجر ولاء ابنه إلى سيده فورثه.
ولو لم يكن ابن معتقه لم ينجر ولاؤه ولم يرثه سيد أبيه، وكذا ينجر لو
خلف الابن عشرين ولم يخلف الأب شيئا، أو ملك السيد عشرين من أي
جهة كانت فإنه يرث الولد.
ولو لم يملك العشرين لم ينجر ولاء الابن إليه، لأن أباه لم يعتق، وإن
عتق بعضه جر من ولاء ابنه (3) بقدره. فلو خلف الابن عشرة وملك السيد

(1) في (أ، ش): " قد أعتق من نصفه ".
(2) في (أ، ج): " بينا ".
(3) في المطبوع: " أبيه ".
542

خمسة فنقول: عتق من العبد شئ وينجر من ولاء ابنه (1) بمثله، ويحصل له
من ميراثه شئ مع خمسة، وهما يعدلان شيئين، وباقي العشرة لمولى أمه،
فيقسم بين السيد ومولى الأم نصفين، وتبين أنه قد عتق من العبد نصفه،
وحصل للسيد خمسة من ميراث ابنه، وكانت له خمسة، وذلك مثل ما عتق
من الأب.
(ه‍): لو أعتق جارية قيمتها خمسمائة ثم ماتت وتركت خمسمائة وزوجا
وأوصت لرجل بالثلث ثم مات السيد وعليه خمسون تأخذ خمسمائة وتدفع
منها وصية، وتدفع تلك الوصية بوصية الجارية، ثم تدفع ثلثها إلى الموصى
له بالثلث، يبقى ثلثا وصية بين الزوج وورثة السيد نصفان، فللزوج ثلث
وصية، ولورثة السيد ثلث وصية، فزدها على خمسمائة التي هي القيمة، ثم ادفع
منها دين السيد يبقى (2) أربعمائة وخمسون وثلث وصية، وهو مثل ثلث وصايا،
فاطرح ثلث وصية بمثلها يبقى أربعمائة وخمسون مثل وصيتين وثلثي وصية.
فالوصية الواحدة ثلاثة أثمانه، فتخرج من أربعمائة وخمسين ثلاثة
أثمانها، وهو مائة وثمانية وستون درهما (3) وثلاثة أرباع درهم، فتلك وصية
الجارية، وسعايتها تمام القيمة، وهي ثلاثمائة واحد وثلاثون درهما وربع
درهم.
وامتحانه: أن تجعل السعاية في يد ورثة السيد، وهي ثلاثمائة واحد
وثلاثون درهما (4) وربع درهم (5)، ثم خذ الوصية - وهي مائة وثمانية

(1) في المطبوع: " أبيه ".
(2) في المطبوع زيادة " منها "، وفي جامع المقاصد: " دين السيد - خمسين - يبقى ".
(3) " درهما " ليست في (ش).
(4) " درهما " ليس في سائر النسخ عدا (ب، ش).
(5) " درهم " ليس في سائر النسخ عدا (ب، ش).
543

وستون وثلاثة أرباع درهم - فادفع ثلثها في وصية الجارية، لأنها أوصت
بثلث مالها، فيبقى مائة واثنا عشر ونصف، فاجعل للزوج نصف ذلك ستة
وخمسون وربع، ولورثة السيد ما بقي وهو (1) ستة وخمسون وربع، فتزيدها
على ما في أيديهم فيكون ثلاثمائة وسبعة وثمانين ونصفا، فادفع خمسين دين
السيد يبقى لهم ثلاثمائة وسبعة وثلاثون ونصف، وهي مثل الوصية مرتين.
النوع الثاني: المحاباة
أما النكاح: فلو تزوج وأصدق عشرة مستوعبة ومهر مثلها خمسة فلها مهر
المثل وثلث المحاباة، فإن ماتت قبله فورثها ولم يخلف سوى الصداق دخلها
الدور. فتصح المحاباة في شئ، فيكون لها خمسة بالصداق وشئ بالمحاباة،
ويبقى لورثة الزوج خمسة إلا شيئا، ثم رجع إليه بالميراث نصف مالها، وهو
اثنان ونصف ونصف شئ، صار لهم سبعة ونصف إلا نصف شئ
يعدل شيئين. أجبر وقابل يخرج الشئ ثلاثة، فكان لها ثمانية، يرجع إلى
ورثة الزوج نصفها أربعة، صار لهم ستة ولورثتها أربعة.
فإن ترك الزوج خمسة أخرى بقي مع ورثة الزوج اثنا عشر ونصف إلا
نصف شئ يعدل شيئين، فالشئ خمسة، فصح لها جميع المحاباة، ويرجع
ما حاباها به إلى ورثة الزوج، وبقى لورثتها صداق مثلها.
ولو كان للمرأة خمسة ولا شئ للزوج بقي مع الزوج عشرة إلا نصف
شئ يعدل شيئين، فالشئ أربعة، فيكون لها بالصداق تسعة مع خمسة،
أربعة عشر، يرجع إلى ورثة الزوج نصفها مع الدينار الذي يبقى لهم، صار

(1) " وهو " ليس في سائر النسخ عدا (أ، ش).
544

لهم ثمانية، ولورثتها سبعة.
ولو تركت دينارين عاد إلى الزوج من ميراثها ثلاثة ونصف ونصف
شئ، صار له (1) ثمانية ونصف إلا نصف شئ. أجبر وقابل يخرج
الشئ ثلاثة وخمسين، فصار لورثته ستة وأربعة أخماس، ولورثتها خمسة
وخمس.
وأما الخلع: فلو خالعها في مرضها بأكثر من مهرها فالزيادة محاباة تمضي
من الثلث، فلو خالعته بثلاثين مستوعبة وصداق مثلها اثنا عشر فله ثمانية
عشر، اثنا عشر قدر الصداق، وستة ثلث الباقي. ولو كان صداقها ستة فله
أربعة عشر.
ولو تزوج المريض بمائة مستوعبة ومهر المثل عشرة ثم مرضت فاختلعت
منه بالمائة - وهي تركتها - فلها مهر مثلها وشئ بالمحاباة، والباقي له، ثم
يرجع إليه مهر المثل وثلث شئ بالمحاباة، فصار بأيديهم مائة إلا ثلثي شئ
يعدل شيئين، فبعد الجبر يخرج الشئ ثلاثة أثمانها، وهو سبعة وثلاثون
ونصف، فصار لها ذلك مع مهر المثل، ويرجع إليه من مهر المثل وثلث
الباقي اثنا عشر ونصف، فيصير لورثته خمسة وسبعون، وهو مثلا المحاباة.
وأما البيع: فقد مضى حكمه، ونزيد فنقول: لو باع عبدا مستوعبا قيمته
ثلاثمائة بمائة فأتلفها فعلى ما اخترناه نحن فيما تقدم صح البيع في شئ من
العبد بثلث شئ من الثمن، ويبطل في ثلاثمائة إلا شيئا، فللمشتري ثلثها
بالمحاباة، لأن الجائز له بالمحاباة هو قدر ما يحتمله، وهو مائة إلا ثلث
شئ (2) وعلى الورثة دفع تمام المائة، لأن البائع أتلفها فصارت دينا وهو

(1) في (ه‍): " صار لهم ".
(2) العبارة: " فللمشتري ثلثها بالمحاباة... وهو مائة إلا ثلث شئ " سقطت من نسخة (أ).
545

مائة إلا ثلث شئ، فيبقى للورثة مائتان إلا ثلثي شئ يعدل مثلي ما جاز
بالمحاباة وهو الثمن شئ. فإذا جبرت وقابلت صار مائتين يعدل شيئين،
فالمائة تعدل شيئا، وهو الذي صح فيه البيع من العبد، وذلك ثلثه بثلث
الثمن، وبقي مع الورثة ثلثاه، فيردون على المشتري بقية الثمن وهو ثلثاه،
فيبقى معهم من العبد بعد الرد مائة وثلاثة وثلاثون وثلث، وهو مثلا ما
جاز بالمحاباة.
وعلى قول علمائنا: يصح البيع في خمسة أتساعه بجميع الثمن، وقد
حصل في ضمن ذلك المحاباة، وبقي للورثة أربعة أتساعه، وهو مثلا الجائز
بالمحاباة.
أو نقول: له بالمائة التي هي الثمن ثلث العبد، وله بالمحاباة ثلث الباقي
وهو تسعا العبد، فيجتمع له خمسة أتساع العبد بجميع الثمن، ويبقى مع الورثة
أربعة أتساعه وهو مثلا المحاباة.
ولو اشترى المريض عبدا قيمته ثلاثمائة بمائة ثم تقايلا ومات المشتري
ولا شئ له سوى العبد فطريقه: أن تصحح الإقالة في شئ من الثمن
بثلاثة أشياء من العبد، يبقى ثلاثمائة إلا ثلاثة أشياء، ورجع إليه شئ
من الثمن، يبقى ثلاثمائة إلا شيئين تعدل مثلي المحاباة، وذلك أربعة
أشياء، فيصير بعد الجبر والمقابلة ستة أشياء تعدل ثلاثمائة، فالشئ خمسون
وهو الجائز بالإقالة، وذلك نصف الثمن (1). فقد صحت الإقالة في نصف
العبد بنصف الثمن، وقد حصل في ضمن ذلك المحاباة، ويبقى مع الورثة
نصف العبد - وهو مائة وخمسون - ونصف الثمن بفسخ البيع، ومجموعهما

(1) في (ب): " العبد ".
546

مائتان، وهو مثلا المحاباة.
وعلى اختيار علمائنا: نجيز (1) الإقالة في ثلثي العبد بجميع الثمن، وقد
حصل في ضمن ذلك المحاباة، فيحصل لهم الثمن بفسخ البيع وثلث العبد
مجانا، فيجتمع لهم الثمن كله وثلث العبد، وهو مثلا المحاباة.
ولو كان المشتري قد خلف ثلاثمائة أخرى صحت الإقالة في جميع
العبد، لأنه قد حصل لهم الثلاثمائة التي خلفها، والمائة الثمن، فذلك
أربعمائة، وهو مثلا المحاباة.
تنبيه:
تنفيذ المريض لفعله أو لفعل مورثه كابتدائه وإن كان منجزا. فلو باع
صحيحا ما قيمته ثلاثون بعشرة والخيار اللزوم مريضا مضى من
الثلث، وكذا لو باع الصحيح بخيار ثم مات فورثه المريض قبل انقضائه
اعتبرت إجازته من الثلث على إشكال.
أما إجازته لوصية مورثه أو منجزاته في المرض فمن الثلث قطعا.
النوع الثالث: الهبة والعقر
وفيه مسائل:
(أ): لو وهب عبده المستوعب وأقبض قيمته مائتان وكسب مائة ثم
مات الواهب فنقول: صحت الهبة في شئ وتبعه من كسبه نصف شئ،
وللورثة شيئان مثلا ما جازت فيه الهبة، فيكون الجميع ثلاثة أشياء ونصفا
تعدل الكسب والرقبة، وذلك ثلاثمائة، فيخرج قيمة الشئ الواحد خمسة

(1) في (ج): " تخير ".
547

وثمانون وخمسة أسباع، وهو ثلاثة أسباع العبد، ويتبعه من الكسب مثل
نصفه اثنان وأربعون وستة أسباع، وهو ثلاثة أسباع الكسب، ويبقى للورثة
من العبد أربعة أسباعه، وذلك مائة وأربعة عشر وسبعان، ومن الكسب
مثل نصفه سبعة وخمسون وسبع، وهو أربعة أسباعه، ومجموع ذلك مائة واحد
وسبعون وثلاثة أسباع، وهو مثلا ما جاز بالهبة.
فإن كان المتهب مريضا فوهبه (1) من الواهب وماتا ولا مال لهما سواه
جازت الهبة في شئ، ويتبعه من كسبه مثل نصفه، فيصير شيئا ونصفا،
فلما عاد ووهبه من الواهب صحت هبته في ثلث ذلك وهو نصف شئ،
فزده على ما بقي بيد ورثة الواهب فيصير معهم ثلاثمائة إلا شيئا، وهو
يعدل مثلا ما جاز بالهبة وهو شيئان. فإذا جبرت وقابلت صار ثلاثمائة
تعدل ثلاثة أشياء، فالشئ الواحد مائة وهو نصف العبد، ويتبعه من
كسبه مثل نصفه وهو خمسون، ويبقى مع ورثة الواهب نصف العبد ونصف
الكسب، وذلك مائة وخمسون، ورجع إليهم بالهبة الثانية ثلث ما جاز بالهبة
وذلك خمسون، فيجتمع معهم مائتان وهو مثلا ما جاز بالهبة، وبقي مع ورثة
الموهوب له مائة، وهي مثلا ما جازت فيه هبة المتهب.
(ب): لو وهب أخته مائة لا يملك سواها وأقبض فماتت عنه وعن زوج
فقد صحت الهبة في شئ، والباقي للواهب، ورجع إليه بالميراث نصف
الشئ الذي جازت الهبة فيه، صار معه مائة إلا نصف شئ يعدل
شيئين.
أجبر وقابل يصير الشئ خمسي ذلك أربعون، يرجع إلى الواهب منها

(1) في (ه‍): " مريضا وعاد فوهبه ".
548

عشرون، فيكمل معه ثمانون، ويبقى للزوج عشرون.
ومن طريق الباب: تأخذ عددا لثلثه نصف وهو ستة، فتأخذ ثلثه
اثنين (1)، وتلقي نصفه سهما يبقى سهم فهو للأخت، ويبقى للواهب أربعة،
فتقسم المائة على خمسة، والسهم المسقط لا يذكر، لأنه يرجع على جميع
السهام الباقية بالسوية فيجب إطراحه.
(ج): لو وهب مريض مريضا مائة لا يملك سواها ثم عاد المتهب فوهبها
للأول ولا يملك غيرها فقد صحت الهبة في شئ، ثم الثانية في ثلثه، بقي
للموهوب الأول ثلثا شئ، وللواهب مائة إلا ثلثي شئ تعدل شيئين.
أجبر وقابل يخرج الشئ سبعة وثلاثين ونصفا، ورجع إلى الواهب
ثلثها اثنا عشر ونصف، وبقي للموهوب خمسة وعشرون.
ومن طريق الباب: تضرب ثلاثة في ثلاثة وتسقط من المرتفع سهما
يبقى ثمانية، فاقسم المائة عليها، لكل سهمين خمسة وعشرون، ثم خذ ثلثها
ثلاثة، أسقط منها سهما يبقى سهمان فهي للموهوب الأول، وذلك هو
الربع.
ولو خلف الواهب مائة أخرى فقد بقي مع الواهب مائتان إلا ثلثي
شئ تعدل شيئين، فالشئ ثلاثة أثمانها وذلك خمسة وسبعون، رجع إلى
الواهب ثلثها بقي مع ورثته خمسون.
(د): لو وهبه جارية مستوعبة قيمتها ثلاثون ومهر مثلها عشرة فوطئها
المتهب ثم مات الواهب فقد صحت الهبة في شئ، وسقط عنه من مهرها
ثلث شئ، وبقي للواهب أربعون إلا شيئا وثلثا يعدل شيئين.

(1) " اثنين " ليست في (ش).
549

فبالجبر والمقابلة يخرج الشئ خمس ذلك وعشرة، وهو اثنا عشر خمسا
الجارية، فتصح فيه الهبة، ويبقى للواهب ثلاثة أخماسها، وله على المتهب
ثلاثة أخماس مهرها ستة.
وكذا لو وطئها أجنبي، ويكون عليه ثلاثة أخماس المهر للواهب،
وخمسان للمتهب، إلا أن الهبة إنما تنفذ فيما زاد على الثلث مع حصول المهر
من الواطئ، فإن لم يحصل شئ لم تزد الهبة على الثلث. وكلما حصل منه
شئ نفذت الهبة في الزيادة على قدر ثلثه.
ولو وطئها الواهب فعليه من عقرها بقدر ما جازت الهبة فيه وهو ثلث
شئ، يبقى معه ثلاثون إلا شيئا وثلثا يعدل شيئين، فالشئ تسعة، وهو
خمس الجارية وعشرها وسبعة أعشارها لورثة الواطئ، وعليهم عقر الذي
جازت الهبة فيه ثلثه (1)، فإن أخذ من الجارية بقدرها صار لها خمساها.
(ه‍): لو تزوج على مائة مستوعبة ومهر المثل عشرون فلها بالمثل
عشرون، وبالمحاباة شئ، وللورثة ثمانون إلا شيئا يعدل مثلي ما جاز
بالمحاباة وذلك شيئان. أجبر وزد فيصير ثلاثة أشياء تعدل ثمانين، فالشئ
ستة وعشرون وثلثان، وهو الجائز لها بالمحاباة، فيجتمع لها بالمحاباة ومهر المثل
ستة وأربعون وثلثان، وللورثة ثلاثة وخمسون وثلث مثلا المحاباة، ولا دور.
فإن ماتت قبله دخلها الدور، فإن المحاباة تزيد، لرجوع بعضها إليه
بالإرث.
فنقول: لها بالمثل عشرون، وبالمحاباة شئ، وللزوج ثمانون إلا شيئا،
ورجع إليه نصف ما معها وهو عشرة ونصف شئ، فيجتمع معه تسعون

(1) " ثلثه " ليست في (ب).
550

إلا نصف شئ يعدل مثلي ما جاز بالمحاباة وذلك شيئان.
فإذا جبرت وقابلت صار معك شيئان ونصف يعدل تسعين، فالشئ
ستة وثلاثون وهو الجائز لها بالمحاباة، فيكون لها بالمثل عشرون، وبالمحاباة
ستة وثلاثون، وبقي مع الزوج أربعة وأربعون، ويرجع إليه بالإرث النصف
ثمانية وعشرون، فيجتمع معه اثنان وسبعون وهو مثلا الجائز بالمحاباة،
ويبقى مع ورثتها ثمانية وعشرون.
ولو أوصت بثلث مالها فلها بالمثل عشرون، وبالمحاباة شئ، والوصية
ثلثه وهو ستة وثلثان وثلث شئ، فيرجع إلى الزوج نصف الباقي وهو ستة
وثلثان وثلث شئ، فزده على ما بقي معه وذلك ثمانون إلا شيئا، فيجتمع
معه ستة وثمانون وثلثان إلا ثلثي شئ يعدل مثلي ما جاز بالمحاباة، وذلك
شيئان.
فإذا جبرت وقابلت صار معك شيئان وثلثا شئ يعدل ستة وثمانين
وثلثين، فابسط الجميع أثلاثا تصير الأشياء ثمانية والدراهم مائتين وستين،
فاقسم الدراهم على الأشياء يخرج من القسمة اثنان وثلاثون ونصف وهو
الشئ وذلك هو المحاباة. فزد ذلك على مهر المثل - وهو عشرون - يصير
اثنين وخمسين ونصفا، فاعط ثلثها للوصية وهو سبعة عشر ونصف، واعط
نصف الباقي وهو سبعة عشر ونصف للزوج بالإرث، فزد ذلك على مهر
المثل - وهو عشرون - يصير اثنين وخمسين ونصفا، فاعط ثلثها للوصية وهو
سبعة عشر ونصف، واعط نصف الباقي وهو سبعة وأربعون ونصف - يصير معه
خمسة وستون، وذلك مثلا المحاباة.
فإن كان عليها دين عشرة وأوصت بثلث ما لها فلها بالمثل عشرون
551

وبالمحاباة شئ، ويخرج من ذلك للدين عشرة ويبقى عشرة وشئ، للوصية
ثلثها ثلاثة وثلث وثلث شئ، وللزوج نصف الباقي ثلاثة وثلث وثلث
شئ، فزد ذلك على ما بقي معه - وهو ثمانون إلا شيئا - فيصير معه ثلاثة
وثمانون وثلث إلا ثلثي شئ مثلي ما جاز بالمحاباة وهو شيئان، فيصير
بعد الجبر والمقابلة ثلاثة وثمانون وثلث يعدل شيئين وثلثي شئ.
فإذا بسطت الجميع أثلاثا صار قيمة الشئ أحدا وثلاثين وربعا وهو
الجائز بالمحاباة، فزد ذلك على مهر (1) المثل - وهو عشرون - فيصير أحدا
وخمسين وربعا، فاعط الغريم منها عشرة يبقى أحد وأربعون وربع، فاعط
ثلثها للوصية وذلك ثلاثة عشر وثلاثة أرباع، واعط الزوج نصف الباقي
وهو ثلاثة عشر وثلاثة أرباع، ويبقى ثلاثة عشر وثلاثة أرباع لورثة
الزوجة (2)، ويحصل بيد ورثة الزوج ثمانية وأربعون وثلاثة أرباع شقص (3)
الصداق، وثلاثة عشر وثلاثة أرباع بالميراث، فيجتمع معهم اثنان وستون
ونصف، وهو مثلا ما جاز بالمحاباة.
(و): لو وهبه جارية مستوعبة وقيمتها مائة وعقرها خمسون فوطئها رجل
بشبهة ثم مات فالعقر من جملة الكسب.
فنقول: صحت الهبة في شئ من الجارية وتبعها من العقر مثل نصفه،
وللورثة شيئان مثلا الهبة، فتصير ثلاثة أشياء ونصفا، فاقسم عليها قيمة
الجارية والعقر وهو مائة وخمسون، يخرج من القسمة اثنان وأربعون وستة
أسباع وهو ثلاثة أسباعها، وفيه صحت الهبة من الجارية، وتتبعه من العقر

(1) " مهر " ليست في (ب، ج).
(2) في (ش): " الزوج ".
(3) في (أ) ونسخة من (ب): " بنقص ".
552

أحد وعشرون وثلاثة أسباع للمتهب، ويبقى للورثة أربعة أسباعها وهو
سبعة وخمسون وسبع، ومن العقر مثل نصف ذلك ثمانية وعشرون وأربعة
أسباع، فذلك خمسة وثمانون وخمسة أسباع، وهو مثلا ما صحت فيه الهبة.
ولو وطئها المتهب جازت الهبة من الجارية في شئ، وتبعها من العقر
مثل نصفه، فيصير شيئا ونصفا، وللورثة شيئان مثلا ما صحت فيه الهبة،
فالمجموع ثلاثة أشياء ونصف، فاقسم عليها مائة وخمسين قيمة الجارية
والعقر، يخرج بالقسمة اثنان وأربعون وستة أسباع، وهو ما صحت فيه الهبة،
وتبعه مثل نصفه من العقر فيسقط، لأنه حصل في ملكه، يبقى لورثة
الواهب من الجارية أربعة أسباعها سبعة وخمسون وسبع، ويبقى لهم من
العقر مثل نصف ذلك ثمانية وعشرون وأربعة أسباع فيأخذونها من الموهوب
له. ومجموع ذلك خمسة وثمانون وخمسة أسباع مثلا الجائز بالهبة.
ولو وطئها الواهب جازت الهبة في شئ، وتبعه مثل نصفه، ولورثة
الواهب شيئان، فاقسم عليها الرقبة - وهو مائة - ويسقط باقي العقر باستيفاء
الواهب له بالوطئ، فيخرج من القسمة ثمانية وعشرون وأربعة أسباع
وذلك قدر الهبة، وله بالعقر مثل نصف ذلك أربعة عشر وسبعان. ومجموع
ذلك اثنان وأربعون وستة أسباع، ويبقى لورثة الواهب سبعة وخمسون
وسبع، وهو مثلا الهبة.
ولو وطئها جميعا جازت الهبة في شئ، وبطلت في مائة إلا شيئا، وعلى
الواهب عقر ما جازت فيه الهبة وهو نصف شئ، وعلى الموهوب له عقر ما
بطلت فيه الهبة وهو خمسون إلا نصف شئ، فيصير مع الواهب مائة
وخمسون إلا شيئين، وهي تعدل مثلي ما صح فيه الهبة، وذلك شيئان.
فإذا جبرت وقابلت صار معك أربعة أشياء تعدل مائة وخمسين،
553

فالشئ يعدل سبعة وثلاثين ونصفا وذلك قدر الهبة، وبطلت في اثنين
وستين ونصف، وعلى الواهب عقر ما وطئ (1) نصف شئ، وذلك
ثمانية عشر وثلاثة أرباع، وعلى الموهوب له عقر ما وطئ خمسون إلا
نصف شئ، وهو واحد وثلاثون وربع.
فإذا تقاصا بقي على الموهوب له اثنا عشر ونصف، فزدها على ما بقي
للواهب، فيكون خمسة وسبعين، وذلك مثلا الجائز بالهبة.
(ز): لو أعتق جارية قيمتها ثلث التركة ثم تزوجها على ثلث آخر
ودخل سقط المسمى، وإلا دار، لأن ثبوته يستدعي النكاح المتوقف على
صحة العتق في الجميع المتوقف على بطلان المسمى ليخرج من الثلث.
نعم، يثبت مهر المثل وإن كان أكثر من المسمى، ولا يثبت الأقل منه
ومن مهر المثل، لأنه كالأرش. فلو كان بقدر ثلث صح العتق في شئ،
ولها من مهر المثل بإزائه، وللورثة شيئان بإزاء ما عتق، فالتركة في تقدير
أربعة أشياء، شيئان للجارية وشيئان للورثة، فيعتق ثلاثة أرباعها، ولها
ثلاثة أرباع مهر المثل، والباقي للورثة.
ولو كان مهرها نصف قيمتها وهي مستوعبة عتق منها شئ، ولها
بصداقها نصف شئ، وللورثة شيئان، تبسط الجميع سبعة، فلها ثلاثة
ولهم أربعة، فيتحرر ثلاثة أسباعها.
ولو أراد الورثة أن يدفعوا حصتها من مهرها - وهو سبعها - ويعتق منها
سبعاها ويسترقوا خمسة أسباعها فليس لهم ذلك.
ولو كان يملك مع الجارية قدر نصف قيمتها عتق ثلاثة أسباعها، ولها

(1) في (ش): " وعلى الواهب عقرها وبقي عقر ما وطئ ".
554

ثلاثة أسباع مهرها. وإنما قل العتق، لأنها لما أخذت ثلاثة أسباع مهرها
نقص المال، فيعتق منها ثلث الباقي وهو ثلاثة أسباعها.
وطريقه: أن نقول: عتق منها شئ، ولها بمهرها نصف شئ، وللورثة
شيئان يعدل ذلك الجارية ونصف قيمتها، فالشئ سبعاها وسبعا نصف
قيمتها وهو ثلاثة أسباعها، فهو الذي عتق منها، ويأخذ نصف ذلك من
المال بمهرها وهو ثلاثة أسباعها.
ولو كان يملك مثل القيمة عتق أربعة أسباعها، ولها أربعة أسباع
مهرها، يبقى للورثة ثلاثة أسباعها وخمسة أسباع قيمتها، وذلك يعدل مثلي
ما عتق منها.
وطريقه: أن يجعل السبعة الأشياء معادلة لها ولقيمتها، فيعتق منها بقدر
سبعي الجميع وهو أربعة أسباعها، ويستحق سبع الجميع بمهرها وهو أربعة
أسباع مهرها.
وإن كان يملك مثلي قيمتها عتقت كلها، وصح نكاحها (1)، لأنها
تخرج من الثلث إن أسقطت مهرها، وإن لم تسقطه عتق ستة أسباعها، ولها
ستة أسباع مهرها، ويبطل عتق سبعها ونكاحها.
ولو خلف أربعة أمثال قيمتها صح عتقها ونكاحها وصداقها، لأن ذلك
يخرج من الثلث.
ولو زوج أمته عبدا وقبض الصداق وأتلفه ثم أعتقها فلا خيار لها، إذ لو
فسخت لارتد المهر ولم يخرج من الثلث، فيبطل العتق والخيار.
ولو أوصى له ببنته فمات قبل القبول وخلف أخاه فقبل عتقت ولم

(1) في المطبوع زيادة " وصداقها ".
555

ترث، وإلا لحجبت الأخ فيبطل القبول فيبطل العتق.
النوع الرابع: الجنايات
(أ) (1): لو وهبه عبدا مستوعبا فقتل العبد الواهب: فإن اختار المتهب
الدفع دفعه أجمع، نصفه بالجناية، ونصفه لانتقاض الهبة فيه، لأن العبد قد
صار إلى الورثة وهو مثلا نصفه، فتبين صحة الهبة في نصفه. وإن اختار
الفداء فخلاف، قيل: بأقل الأمرين (2)، وقيل: بالأرش (3).
فإن كانت قيمته دية فنقول: صحت الهبة في شئ، ويدفع إليهم باقي
العبد وقيمته ما صحت الهبة فيه، وذلك يعدل شيئين، فالشئ نصف
العبد.
ولو كانت قيمته ثلاثة أخماس الدية فاختار فداه بالدية فقد صحت
الهبة في شئ ويفديه بشئ وثلثين، فصار مع الورثة عبد وثلثا شئ يعدل
شيئين، فالشئ ثلاثة أرباع، فتصح الهبة في ثلاثة أرباع العبد، ويرجع
إلى الواهب ربعه - مائة وخمسون - وثلاثة أرباع الدية - سبعمائة وخمسون -
صار الجميع تسعمائة، وهو مثلا ما صحت فيه الهبة.
ولو ترك الواهب مائة دينار ضممتها إلى قيمة العبد، فإن اختار دفع
العبد دفع ثلثه وربعه - وذلك قدر نصف جميع المال - بالجناية، وباقية
لانتقاض الهبة، فيصير للورثة العبد والمائة، وهو مثلا ما جازت الهبة فيه.
وإن اختار الفداء - وقد علمت أنه إذا لم يترك شيئا فدى ثلاثة أرباعه -

(1) في المطبوع: " الأول " وكذا بقية التعداد كتابة.
(2) وهو قول الشيخ في المبسوط: كتاب البيوع ج 2 ص 136.
(3) وهو قول الشيخ في الخلاف: كتاب البيوع ج 3 ص 117 م 198.
556

فزد على ذلك ثلاثة أرباع المائة، يصير ذلك سبعة أثمان العبد، فيفديه
بسبعة أثمان الدية.
(ب): لو أعتق عبدا مستوعبا قيمته مائة فقطع إصبع سيده خطأ عتق
نصفه، وعليه نصف قيمته، ويصير للسيد نصفه ونصف قيمته، وذلك مثلا
ما عتق، وأوجبنا نصف القيمة، لأن عليه من أرش جنايته بقدر ما عتق
منه.
فنقول: عتق منه شئ، وعليه شئ للسيد، فصار مع السيد عبد إلا
شيئا وشئ يعدل شيئين، فاسقط شيئا بشئ بقي ما معه من العبد يعدل
شيئا مثل ما عتق منه.
ولو كان قيمة العبد مائتين عتق خمساه، لأنه عتق منه شئ وعليه
نصف شئ للسيد، فصار للسيد نصف شئ وبقية العبد تعدل شيئين،
فيكون بقية العبد تعدل شيئا ونصفا، وهو ثلاثة أخماسه، والشئ الذي
أعتق خمساه.
ولو كانت قيمته خمسين فما دون عتق كله، لأنه يلزمه مائة، وهي مثلاه
أو أكثر. وإن كانت قيمته ستين قلنا: عتق منه شي، وعليه شئ وثلثا
شئ للسيد مع بقية العبد تعدل شيئين، فبقية العبد إذن ثلث، فيعتق منه
ثلاثة أرباعه.
وعلى هذا القياس، إلا أن ما زاد من العتق على الثلث ينبغي أن
يقف على أداء ما يقابله من القيمة، كما لو دبر عبدا وله دين، فكلما قضي
من الدين شئ عتق من الموقوف بقدر ثلثه.
(ج): لو أعتق عبدين دفعة قيمة أحدهما مائة والآخر مائة وخمسون
فجنى الأخس على النفيس جناية نقصته ثلث قيمته وأرشها كذلك في
557

حياة مولاه ثم مات أقرع بين العبدين، فإن وقعت قرعة الحرية على الجاني
منه عتق منه أربعة أخماس، وعليه أربعة أرش جنايته، وبقي لورثة
سيده خمسة وأرش جناية والعبد الآخر، وذلك مائة وستون مثلا ما عتق
منه. بأن نقول: عتق منه شئ وعليه نصف شئ، لأن جناية بقدر
نصف قيمته، بقي للسيد نصف شئ وبقية العبدين تعدل شيئين، فعلمنا
أن بقية العبدين شئ ونصف، فإذا أضيف إلى ذلك الشئ الذي عتق
صارا جميعا يعدلان شيئين ونصفا، فالشئ الكامل خمساهما، وذلك أربعة
أخماس أحدهما.
وإن وقعت على المجني عليه عتق ثلثه، وله ثلث أرش جنايته يتعلق
برقبة الجاني، وذلك تسع الدية، لأن الجناية على من ثلثه حر فيضمن بقدر
ما فيه من الحرية والرق، والواجب له من الأرش يستغرق قيمة الجاني
فيستحقه بها، ولا يبقى لسيده مال سواه، فيعتق ثلثه ويرق ثلثاه.
ولو كانت قيمة أحدهما خمسين وقيمة الآخر ثلاثين فجنى الأدنى على
الأعلى حتى صارت قيمته أربعين: فإن وقعت القرعة على الأدنى عتق
منه شئ، وعليه ثلث شئ يعدل الثلث، وباقي العبدين شيئين، فظهر أن
العبدين شيئان وثلثان، فالشئ ثلاثة أثمانهما وقيمتهما سبعون، فثلاثة
أثمانهما ستة وعشرون وربع، وهي من الأدنى نصفه وثلثه وربع سدسه.
وإن وقعت على الآخر عتق ثلثه، وحقه من الجناية أكثر من قيمة
الجاني، فيأخذه بها أو يفديه المعتق.
(د): لو جنى عبد على حر جناية وقيمته خمسمائة فعفى عن موجبها ثم
سرت ولا شئ له سوى موجبها: فإن اختار السيد الدفع فلا بحث، لأن
موجب الجناية مثلا قيمة العبد، فيكون العبد لورثة المجني عليه.
558

وإن اختار الفداء فنقول: جاز العفو في شئ من القيمة، وبقي
خمسمائة إلا شيئا يفديها السيد بمثلها، لأن الدية هي مثلا القيمة، فيصير
لورثة المجني عليه ألف إلا شيئين تعدل مثلي ما جاز فيه العفو وهو شيئان،
فيصير أربعة أشياء تعدل ألفا، فالشئ مائتان وخمسون وهو قدر العفو،
وذلك نصف العبد، ويفدي السيد النصف الآخر بمثلي قيمته وهو نصف
الدية، وهو مثلا ما جاز فيه العفو.
ولو كانت قيمته ستمائة واختار الفداء جاز العفو في شئ، ويفدي
السيد الباقي بمثله ومثل ثلثيه، فيصير لورثة المجني عليه ألف إلا شيئا وثلثي
شئ تعدل مثلي ما جاز بالعفو وهو شيئان. فإذا جبرت وقابلت صار ثلاثة
أشياء وثلثا شئ يعدل ألفا، فابسط الجميع أثلاثا يصير ثلاثة آلاف تعدل
أحد عشر شيئا، فالشئ الواحد يعدل مائتين واثنين وسبعين وثمانية أجزاء
من أحد عشر جزءا من دينار، وذلك هو الجائز من العفو، وهو خمسة أجزاء
من أحد عشر، ويفدي باقية بمثله ومثل ثلثيه من الدية، وذلك خمسمائة
وخمسة وأربعون وخمسة أجزاء من أحد عشر جزءا من دينار، وذلك مثلا ما
جاز فيه العفو.
ولو كانت قيمته سبعمائة فدى السيد الباقي بمثله ومثل ثلاثة أسباعه،
فيصير ألفا إلا شيئا وثلاثة أسباع شئ تعدل شيئين. فإذا جبرت وقابلت
صار ثلاثة أشياء وثلاثة أسباع شئ يعدل ألفا، فالشئ الواحد سدس
الألف وثمنه، وذلك مائتان واحد وتسعون وثلثان، وهو الجائز بالعفو من
العبد، وهو ثلثه وثلثا ثمنه، ويفدي السيد باقية - وهو نصفه وثلثا ثمنه - بمثله
من الدية، ومثل ثلاثة أسباعه، وذلك خمسمائة وثلاثة وثمانون وثلث، وهو
مثلا ما جاز فيه العفو من العبد.
559

ولو كانت قيمة العبد ثمانمائة كان الذي يجوز فيه العفو بموجب ما تقدم
من العمل خمسة أجزاء من ثلاثة عشر، ويفدي السيد باقيه بمثله ومثل ربعه
من الدية، وذلك ثمانية أجزاء من ثلاثة عشر، وهو أربعمائة واثنان
وتسعون وأربعة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من دينار بمثلها ومثل ربعها من
الدية، وذلك ستمائة وخمسة عشر دينارا وخمسة أجزاء من ثلاثة عشر جزءا
من دينار، وذلك مثلا ما جاز فيه العفو من العبد، لأن الجائز من العبد
بالعفو هو خمسة أجزاء من ثلاثة عشر، وذلك ثلاثمائة وسبعة دنانير وتسعة
أجزاء من ثلاثة عشر جزءا من دينار.
وعلى هذا، لو كانت قيمة العبد تسعمائة فإن العفو يجوز في ثلاثمائة
وأحد وعشرين دينارا وثلاثة أسباع دينار، وذلك سبعاه ونصف سبعه،
ويفدي السيد باقية - وذلك نصفه وسبعه - بمثله ومثل تسعة من الدية، وذلك
خمسة أسباع العبد وهو ستمائة واثنان وأربعون وستة أسباع دينار، وهو مثلا
ما جاز فيه العفو.
ولو كانت قيمته ألفا استوى الدفع والفداء، ولا يدخله الدور، لأن
العفو يصح في ثلثه، ويدفع ثلثيه، أو يفديه بمثلها من الدية، وذلك مثلا ما
جاز فيه العفو.
(ه‍): لو وهب عبدا مستوعبا قيمته مائة فجنى على الموهوب بنصف
قيمته جازت الهبة في شئ من العبد، ويجعل للموهوب نصف ما بطلت
فيه الهبة بالجناية، وذلك خمسون إلا نصف شئ، ويبقى لورثة الواهب
خمسون إلا نصف شئ، وذلك مثلا ما جازت فيه الهبة وهو شيئان. فإذا
جبرت وقابلت صار خمسين تعدل شيئين ونصفا، فالشئ عشرون، وذلك
ما جاز فيه الهبة، وبطلت في ثمانين، ورجع على المجني عليه نصفها
560

بالجناية أربعون، فيصير للموهوب له ستون، ويبقى للورثة أربعون، وهو مثلا
ما جاز فيه الهبة.
ولو جنى على المواهب بنصف قيمته جاز بالهبة شئ، ويرجع نصفه
بالجناية، فيصير للورثة مائة إلا نصف شي، وذلك يعدل مثلي ما جاز فيه
الهبة وهو شيئان. فإذا جبرت وقابلت صار معك مائة تعدل شيئين ونصفا،
فالشئ الواحد أربعون، وهو الذي جازت الهبة فيه، ويرجع نصفه
بالجناية، فيصير مع ورثة الواهب ثمانون مثلا ما جازت فيه الهبة.
ولو أنه جنى على الواهب والموهوب على كل واحد بنصف قيمته
جازت الهبة في شئ، ويرجع نصفه بالجناية، وتبطل الهبة في مائة إلا
شيئا، ويرجع نصف ذلك بالجناية. فإذا ترادا بقي مع الموهوب له بعد الأخذ
والرد خمسون، ومع ورثة الواهب خمسون بعد الأخذ والرد، وذلك يعدل مثلي
ما جازت فيه الهبة، وذلك شيئان، فيكون قيمة الشئ الواحد خمسة
وعشرين، وهو الجائز بالهبة، وتبطل في خمسة وسبعين. فإذا ترادا بقي في يد
ورثة الواهب خمسون مثلا ما جاز فيه العفو.
والفروع كثيرة، ذكرنا أصولها وطولنا الكلام هنا، لأن علماءنا رضي
الله عنهم (1) - لم يتعرضوا لشئ من هذه الفروع، ولا سلكوا هذه الطريق،
والله ولي التوفيق.
* * *

(1) في المطبوع زيادة " أجمعين ".
561

الفصل الرابع: في الوصية بالولاية
وفيه مطلبان:
الأول: في أركانها
وهي أربعة:
الأول: الموصى فيه:
الوصية بالولاية: استنابة بعد الموت في التصرف فيما كان له التصرف
فيه: من قضاء ديونه واستيفائها، ورد الودائع واسترجاعها. والولاية على
أولاده الذين له الولاية عليهم من الصبيان والمجانين، والنظر في أموالهم
والتصرف فيها بما لهم الحظ فيه، وتفريق الحقوق الواجبة والمتبرع بها، وبناء
المساجد.
ولا تصح في تزويج الأصاغر، لعدم الغبطة على إشكال. وتصح في
تزويج من بلغ فاسد العقل مع الضرورة إلى النكاح، ولا في بناء البيعة (1)
وكتبة التوراة فإنها معصية.
الثاني: الصيغة:
وهو قوله: وصيت إليك، أو فوضت إليك أمور أولادي، أو نصبتك
وصيا لهم، أو في حفظ مالي، أو فيما له فعله. ولا بد فيه من القبول في حياة
الموصي، أو بعد موته.
ولو قال: أوصيت إليك ولم يقل: لتتصرف (2) في مال الأطفال احتمل

(1) في (ه‍) زيادة " والكنيسة ".
(2) في (ج): " ولم يقل له: تصرف ".
562

الاقتصار على مجرد الحفظ والتصرف.
ولو اعتقل لسانه فقرئ عليه كتاب الوصية فأشار برأسه بما يدل على
الإيجاب كفى، ويقتصر على المأذون. فلو جعل له النظر في مال معين لم
يتعد إلى غيره.
ولو جعل له النظر في مال الطفل الموجود لم يكن له النظر في متجددات
أمواله. ولو أطلق له النظر في ماله دخل فيه المتجدد.
الثالث: الموصي:
وهو كل من له ولاية على مال، أو أطفال، أو مجانين شرعا: كالأب
والجد له.
أما الوصي: فليس له الإيصاء إلا أن يأذن له الموصي على رأي. فإن
لم يأذن كان النظر إلى الحاكم بعد موت الوصي. وكذا لو مات إنسان
ولا وصي له كان للحاكم النظر في تركته، فإن لم يكن حاكم جاز أن
يتولاه من المؤمنين من يوثق به على إشكال.
ولا يجوز نصب وصي على أولاده الكاملين، ولا على غير أولاده وإن
كانوا ورثة صغارا أو مجانين: كالأخوة والأعمام.
نعم، له نصب وصي في قضاء ديونه وتنفيذ وصاياه، ولا يجوز له نصب
وصي على ولده الصغير أو المجنون مع الجد للأب، بل الولاية للجد، وفي
بطلانها مطلقا إشكال. نعم، تصح في إخراج الحقوق.
وليس للأم أن توصي على أولادها وإن لم يكن لهم أب ولا جد،
وللجد للأب أن يوصي على أولاد أولاده إذا لم يكن لهم أب.
ولو أوصى بثلثه للفقراء ومات وله جد أطفاله لم يتصرف الجد في
563

الثلث، بل الحاكم إذا لم يكن وصي (1).
الرابع: الوصي، وشروطه ستة:
(أ): العقل: فلا تصح الوصية إلى المجنون منضما ومنفردا.
(ب): البلوغ: فلا يصح التفويض إلى الطفل منفردا، سواء كان مميزا
أو لا. ويصح منضما إلى البالغ، لكن لا يتصرف حال صغره، بل
يتصرف الكبير إلى أن يبلغ، وحينئذ لا يجوز للبالغ التفرد.
ولو بلغ الصبي فاسد العقل أو مات جاز للكبير الانفراد، ولا يداخله
الحاكم.
وليس للصبي بعد بلوغه نقض ما فعله الكبير قبله إذا لم يخالف
المشروع. وهل يقتصر البالغ من التصرف على ما لا بد منه؟ نظر.
(ج): الإسلام: فلا تصح وصية المسلم إلى الكافر وإن كان رحما.
ويصح أن يوصي إليه مثله. وهل يشترط عدالته في دينه؟ نظر.
وتصح وصية الكافر إلى المسلم، إلا أن تكون تركته خمرا أو خنزيرا.
(د): العدالة: وفي اعتبارها خلاف، الأقرب ذلك، ويشكل الأمر في
الأب الفاسق.
نعم، لو أوصى إلى العدل ففسق بعد موته عزله الحاكم ونصب غيره،
فإن عاد أمينا لم تعد ولايته. والأب تعود ولايته بالتوبة، ولا تعود ولاية
القاضي والوصي بالإفاقة بعد الجنون.
(ه‍): الحرية: فلا تصح الوصية إلى مملوك غيره إلا بإذن مولاه. وتجوز
الوصية إلى المرأة والأعمى والوارث.

(1) في المطبوع: " له وصي ".
564

(و): كفاية الوصي واهتداؤه إلى ما فوض إليه، فلو قصر عن ذلك
نصب الحاكم معه أمينا. وكذا لو تجدد العجز بعد الموت، ولا ينعزل،
بخلاف العدل إذا فسق.
وهل تعتبر الشروط حالة الوصية أو الوفاة؟ خلاف، أقربه الأول. فلو
أوصى إلى طفل أو مجنون أو كافر ثم مات بعد زوال المانع فالأقرب
البطلان.
المطلب الثاني: في (1) الأحكام
الوصية بالولاية كالوصية بالمال في أنها عقد جائز لكل من الموصي
والوصي الرجوع فيه، لكن الوصي إذا قبل الوصية لم يكن له الرد بعد وفاة
الموصي. ولو رد (2) في حال حياته: فإن بلغه الرد صح، وإلا بطل، ولزمه
حكم الوصية، فإن امتنع أجبره الحاكم على القيام بها.
ولو لم يقبل الوصية ابتداء أو لم يعلم بها حتى مات الموصي ففي إلزامه
بها نظر.
والوصي أمين لا يضمن ما يتلف إلا بتعد أو تفريط أو مخالفة لشرط
الوصية، وله أن يستوفي دينه على الميت مما في يده وإن كان له حجة من
غير إذن الحاكم. وأن يشتري لنفسه من نفسه، وأن يبيع على الطفل من
ماله، فيكون موجبا قابلا بشرط البيع بثمن المثل. وأن يقضي ديون
الصبي، وأن ينفق عليه بالمعروف.
وليس له أن يزوج الأطفال، وله تزويج إمائهم وعبيدهم، وليس له أن

(1) " في " ليست في المطبوع و (ب، ه‍).
(2) في (أ، ب، ه‍): " وله الرد ".
565

يشهد للأطفال بحق له فيه ولاية، ويجوز في غيره، إلا أن يكون وصيا في
الثلث فيشهد بما يتسع له التصرف باتساع الثلث، والقول قوله في الإنفاق
وقدره بالمعروف، لا في الزيادة عليه، وفي تلف المال من غير تفريط، وفي
عدم الخيانة في البيع وغيره.
ولو نازعه في تاريخ موت أبيه - إذ به تكثر النفقة - أو في دفع المال إليه
بعد البلوغ فالقول قول الصبي مع اليمين.
ولو أوصى إلى اثنين فصاعدا: فإن أطلق أو شرط الاجتماع لم يجز
لأحدهما التفرد عن صاحبه، بل يجب عليهما التشاور في كل تصرف، فإن
تشاحا لم ينفذ ما تفرد به أحدهما من التصرف، إلا فيما لا بد منه: كأكل
اليتيم ولبسه.
ويحتمل عندي مع نهيه عن التفرد تضمين المنفق، وحمل قول علمائنا
على ما إذا أطلق فإنه ينفرد بالإنفاق خاصة، ويجبرها الحاكم على
الاجتماع، فإن تعذر استبدال بهما، وليس لهما قسمة المال.
ولو مرض أحدهما أو عجز ضم إليه الحاكم من يعينه.
ولو مات أو فسق استبد الآخر بالحكم من غير ضم على إشكال. ولعل
الأقرب عندي وجوب الضم، لأنه لم يرض برأي واحد. ولو سوغ لهما
الاجتماع والانفراد تصرف كل منهما (1) كيف شاء وإن انفرد.
ويجوز أن يقتسما المال ويتصرف كل منهما في ما يصيبه وفيما في يد
صاحبه، كما يجوز انفراده قبل القسمة. فإن مرض أحدهما أو عجز لم يضم
الحاكم إليه معينا وإن قلنا بالضم مع الاجتماع.

(1) في (أ): " كل واحد منهما ".
566

ولو خرج عن الوصية بموت أو فسق لم يضم الحاكم.
ولو شرط لأحدهما الانفراد دون الآخر وجب اتباعه.
ولو شرط استقلال أحدهما عند موت الآخر صح شرطه.
ولو جعل لأحدهما النظر في قسط المال أو في طائفة من الأولاد أو في
المال خاصة والآخر في الباقي أو في الأولاد صح.
ولو أوصى إلى زيد ثم إلى عمرو لم يكن رجوعا ولو لم يقبل عمرو
إنفرد زيد.
ولو قبلا لم ينفرد أحدهما بالتصرف إلا مع قرينة دالة على الرجوع أو
على التفرد.
ولو قال لزيد: أوصيت إليك ثم قال: ضممت إليك عمرا: فإن قبلا
معا لم ينفرد أحدهما، وإن لم يقبل عمرو زيد، ولو قبل عمرو ضم
الحاكم آخر.
ولو اختلفا في التفريق على الفقراء تولى الحاكم التعيين على ما يراه.
ولو اختلفا في حفظ المال: فإن كان في يدهما موضع للحفظ حفظ فيه،
وإلا سلماه إلى ثالث يكون نائبا لهما، وإلا تولاه الحاكم.
ولو قال: أوصيت إلى زيد فإن مات فقد أوصيت إلى عمرو صح،
ويكون كل منهما وصيا، إلا أن عمرو وصي بعد زيد. وكذا: أوصيت إليك
فإن كبر ابني فهو وصيي.
ويجوز أن يجعل للوصي جعلا، ولو لم يجعل جاز له أخذ أجرة المثل عن
نظره في ماله. وقيل (1): قدر الكفاية، وقيل (2): أقلهما.

(1) وهو قول الشيخ في النهاية: كتاب المكاسب في باب التصرف في أموال اليتامى ج 2 ص 95.
(2) المبسوط ج 2 ص 163.
567

وإذا أوصى إليه بتفريق مال لم يكن له أخذ شئ منه وإن كان
موصوفا بصفات المستحقين، وله إعطاء أهله وأولاده مع الوصف.
ولو قال: جعلت لك أن تضع ثلثي فيمن شئت أو حيث رأيت فله أن
يأخذ كما يعطي غيره من غير تفضيل.
ولو أوصى إليه بتفريق ثلثه فامتنع الوارث من إخراج ثلث ما في يده
فالأقرب إخراج الثلث كله مما في يده، تجانس المال أو اختلف، وله أن
يقضي ما يعمله من الديون، من غير بينة بعد إحلاف أربابها ورد الوديعة.
الفصل الخامس: فيما به تثبت الوصية وأحكام الرجوع
تثبت الوصية بالمال بشهادة عدلين، ومع عدم عدول المسلمين تقبل
شهادة أهل الذمة خاصة، وشهادة واحد مع اليمين ومع امرأتين، وتقبل (1)
المرأة في ربع ما شهدت به.
وهل يفتقر إلى اليمين؟ فيه إشكال، وشهادة اثنتين في النصف،
وثلاث في ثلاثة أرباع، وأربع في الجميع.
وهل يثبت النصف أو الربع بشهادة الرجل من غير يمين؟ الأقرب:
ثبوت الربع إن لم نوجب اليمين في طرف المرأة، والأقرب: وجوب اليمين لو
شهد عدل وذمي.
ولا تثبت الولاية إلا بشهادة عدلين، ولا تقبل بشهادة النساء وإن
كثرن، ولا شاهد (2) ويمين. وفي قبول أهل الذمة مع عدم عدول المسلمين

(1) في (أ، ص) زيادة " شهادة "، وفي (ش): " وشهادة المرأة ".
(2) في (ش): " ولا بشهادة ".
568

نظر، أقربه: عدم القبول.
ولو أشهد عبدين على حمل أمته أنه منه وأنهما حران ثم مات فردت
شهادتهما وأخذ التركة غيره ثم أعتقهما وشهدا قبلت للولد ورجعا رقا، ويكره
له استرقاقهما.
ولا تقبل شهادة الوصي فيما هو وصي فيه، ولا فيما يجر به نفعا وإن كان
اتساع ولاية.
والوصية عقد جائز من الطرفين، يجوز للموصي الرجوع فيها، سواء
كانت بمال أو ولاية.
ويتحقق الرجوع: بالتصريح، وبفعل ما ينافي الوصية، وينظمها أمور
أربعة:
(أ): صريح الرجوع مثل: رجعت، ونقضت، وفسخت، وهذا لوارثي.
ولو قال: هو من تركتي فليس برجوع على إشكال.
ولو قال: هو ميراثي، أو: هو حرام على الموصى له، أو: هو ميراث، أو:
إرث (1) فهو رجوع.
(ب): ما يتضمن الرجوع: كالبيع والعتق والكتابة والهبة مع الإقباض
وبدونه، لكن لا يملك هنا المتهب. وكذا الرهن والوصية بالبيع أو الكتابة.
ولو أوصى به لزيد ثم أوصى به لعمرو فهو رجوع ما لم ينص على
التشريك.
ولو قال: الذي أوصيت به لزيد فقد أوصيت به لعمرو فهو رجوع.
والتدبير رجوع.

(1) في (أ): " أو: هو وارث ".
569

ولو أوصى بثلث ماله ثم باع المال لم يكن رجوعا، بخلاف ثلث معين
أو عين مخصوصة.
ولو رجع عن المصرف بأن أوصى لزيد بعين ثم لعمرو بأخرى وقصر
الثلث ثم أوصى بالأول (1) لبكر فالأقرب: تقديم وصية عمرو.
(ج): مقدمات الأمور التي لو تحققت لناقضت الوصية: كالعوض على
البيع، ومجرد الإيجاب في الرهن والهبة.
أما تزويج العبد والأمة وإجارتهما وختانهما وتعليمهما فليس برجوع.
والوطئ مع الاعتزال ليس برجوع، وبدونه دليل على قصد الرجوع، لأنه
تسري.
ولو أوصى له بسكنى دار سنة (2) ثم آجرها سنة لم ينفسخ، فإن مات
فالأقرب أن له سنة كاملة بعد انقضاء مدة الإجارة.
(د): الفعل المبطل للاسم، كما لو أوصى له بحنطة فطحنها، أو دقيق
فعجنه، أو غزل فنسجه، أو بقطن فغزله، أو بدار فهدمها، أو بزيت فخلطه
بغيره، وكذا الحنطة لو مزجها. هذا مع التعيين.
أما لو أوصى بصاع من صبرة ثم صب عليها غيرها فإنه لا يكون رجوعا
إن كان الممزوج به مماثلا، وإن كان أجود فهو رجوع، لأنه أحدث فيه
زيادة ولم يرض (3) بالتمليك فيها.
ولو كانت أردأ لم يكن رجوعا، ولو انهالت عليه حنطة أجود ففي كونه
رجوعا إشكال.

(1) في (ب) والمطبوع: " بالأولى ".
(2) " سنة " ليست في المطبوع.
(3) في (ب): " ولم يوص ".
570

ولو بنى عرصة أوصى بها فهو رجوع، وكذا لو غرسها، وكذا لو أوصى
بثوب فقطعه قميصا، أو بخشب فاتخذه بابا، أو بشئ فنقله من بلد الموصى
له إلى مكان بعيد على إشكال في ذلك كله.
ولو أوصى بخبر فجعله فتيتا أو بقطن فحشى به فراشا أو برطب فجففه
تمرا أو بلحم فقدده ففي كونه رجوعا إشكال.
ولو أوصى له بألف ثم أوصى له بألف فهي واحدة، وكذا بألف معينة
ثم بألف مطلقة وبالعكس. ولو أوصى بألف ثم بألفين فهي بألفين،
والرجوع في البعض ليس رجوعا في الباقي.
ولو تغير الاسم بغير فعل الموصي - كما لو سقط الحب في الأرض فصار
زرعا، أو انهدمت الدار فصارت براحا في حياة الموصي - بطلت الوصية على
إشكال.
ولو لم يكن الانهدام مزيلا لاسم الدار سلمت إليه دون ما انفصل منها
على إشكال.
وفي كون الجحود رجوعا إشكال ينشأ: من أنه عقد فلا يبطل بجحده
كغيره من العقود، ومن دلالته على أنه لا يريد إيصاله إلى الموصى له.
خاتمة تشتمل على مسائل متعددة:
(أ): لو أوصى بعبد مستوعب لزيد وبثلث ماله لعمرو ولم يقصد الرجوع
ومنع من التقديم وأجاز الوارث قسم العبد أرباعا، ويحتمل أسداسا. ولو
قصد الرجوع قسم أثلاثا، فإن خلف مع العبد مائتين وقيمة العبد مائة ولم
يقصد الرجوع أخذ الثاني على الأول مع الإجازة ثلث المال وثلثا عائلا من
العبد وهو ربعه، وللأول ثلاثة أرباعه.
571

ولو رد الورثة ما زاد على الثلث فللأول نصف العبد على الثاني،
ويحتمل على الأول أيضا (1)، وللثاني سدس التركة، فيأخذ سدس العبد
وسدس المائتين، فله من العبد ستة عشر وثلثان، ومن باقي التركة ثلاثة
وثلاثون وثلث.
ويحتمل قويا على الأول اقتسامهما الثلث حالة (2) الرد على حسب
ما لهما في الإجازة، فوصية صاحب العبد أقل، لأنه شرك معه في وصية (3)
غيره ولم يشرك في وصية الثاني غيره، فلصاحب الثلث ثلث المائتين من غير
مزاحمة.
ويشتركان في العبد: للثاني ثلثه، وللآخر جميعه، فيصير أرباعا، وفي
حال الرد ترد وصيتهما إلى ثلث المال، فتضرب مخرج الثلث في مخرج الربع
يكون اثني عشر، ثم في ثلاثة يكون ستة وثلاثين: فلصاحب الثلث ثلث
المائتين - وهو ثمانية من أربعة وعشرين - وربع العبد وهو ثلاثة أسهم صار له
أحد عشر. ولصاحب العبد ثلاثة أرباعه وهو تسعة، تضمها إلى سهام
صاحب الثلث، فالجميع عشرون.
ففي الرد تجعل الثلث عشرين، فالمال ستون، فلصاحب العبد تسعة من
العبد وهو ربعه وخمسه، ولصاحب الثلث ثمانية من الأربعين - وهي خمسها -
وثلاثة من العبد وهو عشرة ونصف عشره.
ويحتمل مع عدم الإجازة ضم سهامه الورثة، وبسط باقي

(1) " على الثاني، ويحتمل على الأول أيضا " ليس في (أ، ب)، وفي نسخة من (ب): " على الأول،
ويحتمل على الثاني ".
(2) في (أ، ش) " في حالة ".
(3) في (ب، ش): " وصيته ".
572

العبد والتركة أخماسا، فله عشر العبد وخمس المائتين على الثاني.
(ب): لو خلف عبدا مستوعبا قيمته مائة وأوصى به لواحد ولآخر بثلثه
ولآخر بسدسه على جهة العول قسم العبد تسعة: ستة لصاحب الكل،
واثنان لصاحب الثلث، وواحد لصاحب السدس.
ويحتمل أن يكون للأول تسعة وعشرون من ستة وثلاثين، وللثاني
خمسة، وللثالث اثنان.
ولو جعل العول بين المستوعب والآخرين دونهما: فللأول ثلاثة أرباع،
وللثاني السدس، وللثالث نصفه. ولو رد (1) الوارث قسم الثلث كذلك.
ولو كان مع العبد مائتان وأوصى لواحد به ولآخر بثلث ماله ولآخر
بسدسه: فلصاحب العبد مع الإجازة ثلثا العبد، ولصاحب الثلث تسعاه
وثلث الدراهم، ولصاحب السدس تسعه وسدس الدراهم.
ومع الرد: يضرب صاحب العبد بمائة، وصاحب الثلث بها، وصاحب
السدس بخمسين، وينحصر حق صاحب العبد فيه.
وعلى الاحتمال القوي: يجعل الثلث ثمانية عشر: للأول ستة من
العبد، وللثاني اثنان منه وستة من باقي التركة، وللثالث واحد منه
وثلاثة (2) من باقي التركة.
(ج): لو ترك ثلاثة قيمة كل واحد مائة وأوصى بعتق أحدهم ولآخر
بثلث ماله على سبيل العول عتق من العبد ثلاثة أرباعه، وكان للموصى له
ربعه وثلث العبدين الآخرين مع الإجازة.

(1) في (أ): " ولو زاد ".
(2) في المطبوع و (أ، ب): " وثلثه ".
573

ومع الرد: تبلغ الوصيتان مائتين، والثلث مائة وهو مثل نصفه، فلكل
واحد نصف ما أوصى له به، فينعتق من العبد نصفه، ولصاحب الثلث
سدس كل عبد، ويحتمل ما تقدم.
(د): إذا كان مال اليتيم غائبا فولاية التصرف في ماله إلى قاضي
بلده، لا قاضي بلد المال مع عدم الوصي.
ولو مات صاحب ديون غريبا لم يكن لقاضي بلد الموت استيفاء ديونه،
فإن أخذها حفظها على الوارث.
(ه‍): للوصي أن يوكل في آحاد التصرفات التي لم تجر عادته أن
يتولاها.
(و): لو أقام الأب وصيا لأطفاله لم يكن للقاضي تغييره بعد موته، إلا
أن يتغير حاله، ولو كان بأجرة ووجد القاضي المتبرع فالأقرب: أنه ليس
له العزل إن وفى الثلث، وإلا جاز، لخفة المؤنة على الأطفال.
(ز): لو أوصى إلى فاسق بتفريق ثلثه فقد سبق بطلان الوصية إليه
على رأي، فإن فرق لم يضمن إن كان الثلث لقوم معينين، لأنهم لو أخذوه
من غير دفع جاز، وإن كان لغير معينين ضمن، لأن تفريقه عليهم يتعلق
بالاجتهاد، والفاسق ليس من أهله فيضمن للتعدي.
وهل يقبل قول الأمين في التفرقة؟ الأقرب العدم إن كان على قوم
معينين، والقبول إن كان على غير معينين.
(ح): لو أوصى بالشقص الذي يستحق به الشفعة فحق الشفعة
للوارث، لا للموصى له.
(ط): لو دفع إليه مالا وقال: اصرف بعضه إلى زيد والباقي لك فمات
574

قبل الدفع انعزل. ولو قال: ادفع إليه بعد موتي لم ينعزل.
[تم الجزء الأول من كتاب قواعد الأحكام في
مسائل الحلال والحرام، ويتلوه إن شاء الله تعالى
في الجزء الثاني كتاب النكاح.
والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا
محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين، وسلم تسليما
كثيرا] (1)
إلى هنا انتهى المجلد الثاني من الكتاب
- حسب تجزءتنا - ويليه المجلد الثالث
إن شاء الله تعالى وأوله: كتاب النكاح

(1) أثبتناه هذه الخاتمة من نسخة (أ) وقد وردت في سائر. النسخ أيضا مع تفاوت.
575