الكتاب: تذكرة الفقهاء (ط.ق)
المؤلف: العلامة الحلي
الجزء: ٢
الوفاة: ٧٢٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

المجلد الثاني
من كتاب
تذكرة الفقهاء
لمؤلفه العلامة الكبير جمال الدين الحسن بن يوسف بن
علي بن مطهر الحلي (قده)
المتوفى سنه 726 ه‍
من منشورات المكتبة المرتضوية لاحياء الآثار الجعفرية
المؤسس الشيخ عبد الكريم التبريزي
سوق بين الحرمين - پاساژ مهتاش
رقم التليفون 57135
1

كتاب تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي أعلى الله مقامه
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الديون وتوابعها وفيه مقاصد المقصد الأول في الديون
واحكامها وفيه فصول الأول في مطلق الدين. مسألة تكره الاستدانة كراهة شديدة مع عدم الحاجة قال أمير المؤمنين (ع) إياكم والدين
فإنه مذلة بالنهار ومذلة بالليل وقضاء في الدنيا وقضاء في الآخرة وقال الصادق (ع) نعوذ بالله من غلبة الدين وغلبة الرجال وبواد الاثم وقال معاوية
بن وهب للصادق (ع) انه ذكر لنا ان رجلا من الأنصار مات وعليه ديناران فلم يصل النبي صلى الله عليه وآله وقال صلوا على صاحبكم حتى ضمنها بعض قرابته فقال الصادق عليه السلام ذلك
الحق ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله انما فعل ذلك ليتعظوا وليرد بعضهم على بعض ولئلا يستخفوا بالدين وقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه دين ومات الحسن (ع) وعليه
دين وقتل الحسين (ع) وعليه دين وقال الباقر (ع) كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله عز وجل الا الدين لا كفارة له الا اداءه أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحق. مسألة
وتخف الكراهية مع الحاجة فان اشتدت زالت ولو خاف التلف ولا وجه له الا الاستدانة وجبت قال الرضا (ع) من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على عياله
ونفسه كان كالمجاهد في سبيل الله عز وجل فان غلب عليه فليستدن على الله عز وجل وعلى رسوله ما يقوت به عياله فان مات ولم يقضه كان على الامام
قضاؤه فإن لم يقضه كان عليه وزره ان الله يقول انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين فهو فقير مسكين مغرم. مسألة:
ويكره له الانقطاع عن طلب الرزق ومنع صاحب الدين دينه قال أبو تمامة للجواد (ع) اني أريد ان الزم مكة والمدينة وعلي دين فما تقول فقال ارجع إلى مؤدى دينك وانظر ان
تلقى الله عز وجل وليس عليك دين ان المؤمن لا يخون مسألة ولو احتاج إلى الدين وكان له من يقوم مقامه في الأداء بعد موته جاز له الاستدانة من غير كراهية
وكذا إذا كان له وفاء جاز له الاستدانة ولو لم يكن وتمكن من سؤال الناس كان أولي من الاستدانة قال سلمة سألت الصادق (ع) الرجل يكون منا عنده الشئ يبتلع به وعليه
دين أيطعمه عياله حتى يأتي الله عز وجل امره فيقضي دينه أو يستقرض على ظهره في خبث الزمان وشدة المكاسب أو يقبل الصدقة قال يقضي مما عنده دينه ولا يأكل
أموال الناس الا وعنده ما يودي إليهم حقوقهم ان الله يقول ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا يستقرض على ظهره الا وعنده
وفاء ولو طاف على أبواب الناس يردوه باللقمة واللقمتين والتمرة والتمرتين الا ان يكون له ولي يقضي من بعده ليس منا من يموت الا جعل الله عز وجل له وليا يقوم في عدته
ودينه فيقضي عدته ودينه. مسألة: ويجب على المستدين نية القضاء لأنه واجب قال الصادق عليه السلام: من كان عليه دين ينوي قضاءه وكان معه من الله عز وجل حافظان يعينانه على الأداء
عن امامه فان قصرت نيته عن الأداء قصرا عنه من المعونة بقدر ما نقص من نيته إذا ثبت هذا فإذا قضى الدين عن الميت برئت ذمته قال الوليد بن صبيح جاء رجل إلى الصادق (ع)
يدعي على المعلى بن خنيس دينا عليه وقال ذهب بحقي فقال له الصادق (ع) ذهب بحقك الذي قتله ثم قال للوليد قم إلى الرجل فاقضه حقه فاني أريد ان تبرد عليه جلدته وإن كان
باردا. مسألة: ويكره النزول على المديون لما فيه من الاضرار به فان فعل فلا يزيد على ثلاثة أيام لان الصادق (ع) كره ان ينزل الرجل على الرجل وله
عليه دين وإن كان بديها له ثلاثة أيام وسأل سماعة الصادق (ع) عن الرجل ينزل على الرجل وله عليه دين يأكل من طعامه قال نعم يأكل من طعامه ثلاثة أيام ثم لا يأكل
بعد ذلك شيئا وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادق (ع) انه كره للرجل ان ينزل على غريمه قال لا يأكل من طعامه ولا يشرب من شرابه ولا يعلف من علفه. مسألة: ولا ينبغي للرجل
ان يحبس الدين عن صاحبه مخافة الفقر لقول الباقر (ع) من حبس حق امرؤ مسلم وهو يقدر ان يعطيه إياه مخافة ان يخرج ذلك الحق من يديه ان يفتقر كان الله أقدر على أن
يفقره منه ان يغني نفسه بحبس ذلك الحق وينبغي للمديون السعي في قضاء الدين وان يترك الاسراف في النفقة وان يقنع بالقصد ولا يجب ان يضيق على نفسه بل يكون
بين ذلك قواما ويستحب لصاحب الدين الارفاق بالمديون وترك الاستقصاء في مطالبته ومحاسبته لما رواه حماد بن عثمان قال دخل على الصادق (ع) رجل من أصحابه فشكى إليه رجلا
من أصحابه فلم يلبس ان جاء المشكاة فقال له أبو عبد الله ما لأخيك فلان يشكوك فقال له يشكوني ان استقصيت حقي قال فجلس مغضبا ثم قال كأنك إذا استقصيت
حقك لم تسئ أرأيتك ما حكاه الله تعالى فقال يخافون سوء الحساب انما خافوا ان يجود الله عليهم لا والله ما خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب فمن استقصى
فقد أساء ويستحب لصاحب الدين ابراء المديون إذا مات معسرا قال أبو تميم ابن عبد الحميد للصادق (ع) إن لعبد الرحمن بن سيابة دينا علي رجل قد مات وكلمناه على أن يحلله فابى قال
ويحه إما يعلم له بكل درهم عشرة إذا حلله فإن لم يحلله فإنما له بدل درهم بدرهم وينبغي لصاحب الدين احتساب ما يهديه إليه المديون مما لم تجر عادته يهديه مثله له
من الدين لان رجلا اتى عليا (ع) قال إن لي على رجل دينا فاهدى إلي قال قال احسبه من دينك. مسألة: لو التجأ المديون إلى الحرم لم تجز مطالبته فيه بل يضيق عليه في المطعم والمشرب إلى أن
يخرج ويطالب حينئذ وكذا ان وجب عليه حد فالتجأ إليه لقوله تعالى ومن دخله كان أمنا ولان سماعة بن مهران سئل الصادق (ع) عن رجل لي عليه مال فغاب عني زمانا
فرأيته يطوف حول الكعبة فأتقاضاه قال قال لا تسلم عليه ولا ترعه حتى يخرج من الحرم إما لو استدان فيه فالوجه جواز المطالبة فيه كالحدود ولو غاب المديون قضى
عنه وكيله إن كان له وكيل والا قضاه الحاكم لما رواه محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال الغايب يقضى عنه إذا قامت البينة عليه ويباع ماله ويقضى عنه وهو غايب ويكون
الغايب على حجته إذا قدم ولا يدفع المال إلى الذي أقام البينة الا بكفلا إذا لم يكن مليا. الفصل الثاني: في القضاء. مسألة: يجب على المديون المبادرة إلى
قضاء الدين ولا يحل تأخيره مع حلوله وتمكنه من الأداء ومطالبة صاحب الدين فان أخر والحال هذه كان عاصيا ووجب على الحاكم حبسه لان الصادق (ع) قال كان
أمير المؤمنين يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه ثم يأمر فيقسم ماله بينهم بالحصص فان أبى باعه فقسمه بينهم يعني ماله إذا ثبت هذا فلو أصر على الالتواء؟ كان فاسقا
لا تقبل شهادته ولا يصح صلاته في أول الوقت بل إذا تضيق ولا يصح منه فعل شئ من الواجبات الموسعة المنافية للقضاء في أول أوقاتها وكذا غير الديون من الحقوق الواجبة
كالزكاة والخمس وان لم يطالب بها الحاكم لان أربابها في العادة مطالبون. مسألة: لو مات المديون ولم يتمكن من القضاء ولم يخلف شيئا البتة لم يكن معاقبا إذا لم ينفقه في المعصية
2

وكان في عزمه القضاء ولو أنفقه في المعصية أو لم يكن في عزمه القضاء كان مأثوما قال عبد الغفار [الرحمن] الخلدي [الحارى] سألت الصادق (ع) عن رجل مات وعليه دين قال إن كان على بدنه
أنفقه من غير فساد لم يؤاخذه الله عز وجل إذا علم من نيته الأداء الا من كان لا يريد ان يؤدي عن أمانته فهو بمنزلة السارق وكذلك الزكاة أيضا وكذلك من استحل ان يذهب
بمهور النساء. مسألة: إذا طولب المديون بالدين الحال أو المؤجل بعد حلوله وكان متمكنا من القضاء وجب عليه ويجب عليه دفع جميع ما يملكه عدا دار السكنى
وعبد الخدمة وفرس الركوب وقوت يوم وليلة له ولعياله ولا يجوز مع دار السكنى عند علمائنا أجمع خلافا للعامة لان في ذلك اضرارا بالمديون إذ لابد له من مسكن فان
الانسان مدني بالطبع لا يمكنه ان يعيش بغير مسكن فأشبه النفقة التي تقدم على الدين وقال زرارة للصادق (ع) ان لي على رجل دينا وقد أراد ان يبيع داره فيعطيني
قال فقال أبو عبد الله الصادق (ع) أعيذك بالله ان تخرجه من ظل رأسه وروى إبراهيم بن هشام ان محمد بن أبي عمير كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر وكان له على رجل عشرة
ألف درهم فباع دارا له كان يسكنها بعشرة ألف درهم وحمل المال إلى بابه فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال ما هذا قال هذا مالك الذي لك علي قال ورثته قال لا قال وهب لك قال لا
قال فهل هو ثمن ضيعة بعتها قال لا قال فما هو قال بعت داري التي اسكنها لأقضي ديني فقال محمد بن أبي عمير حدثني دريح المحاربي عن الصادق (ع) أنه قال لا يخرج الرجل عن مسقط
رأسه بالدين ارجعها فلا حاجة لي فيها والله إني لمحتاج في وقتي هذا إلى درهم واحد وما يدخل ملكي منها درهم واحد وفي وجه لبعض الشافعية مثل ما قلناه ثم اعترض
العامة على أنفسهم بان من وجبت عليه الكفارة لا يباع عليه مسكنه وخادمه فما الفرق وأجابوا بان حقوق الله تعالى وجبت على سبيل المساهلة والرفق وحقوق الآدميين
على سبيل المشاحة ولان الكفارة لها بدل ينتقل إليه والدين بخلافه ولان حقوق الله تعالى لم تجب على سبيل المعاوضة وحقوق الآدميين وجبت على سبيل المعاوضة فكانت
آكد ولهذا لو وجب حق الله تعالى على سبيل العوض مثل ان يتلف شيئا من الزكاة فإنه يباع فيه مسكنه ولهذا يباع مسكنه في نفقة الزوجة دون نفقة الأقارب وهو ممنوع ولهذا
جوزنا له اخذ الزكاة مع المسكن والخادم فكان في حكم الفقير. مسألة: ولو كانت دار غلة جاز بيعها في الدين كغيرها من أمواله إذ لا سكنى فيها وقال مسعدة بن صدقة
سمعت الصادق (ع) وسئل عن رجل عليه دين وله نصيب في داره وهي تغل غلة فربما بلغت غلتها قوته وربما لم تبلغ حتى يستدين فان هو باع الدار وقضى دينه لا دار له فقال إن
كان في داره ما يقضي به دينه ويفضل منها ما يكفيه وعياله فليبع الدار والا فلا. مسألة: وكذا لا يباع خادمه إذا كان من أهل الاخدام للحاجة إليه خلافا للعامة
لما قلناه في الدار ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام لاتباع الدار ولا الجارية في الدين وذلك أنه لابد للرجل من ظل يسكنه وخادم يخدمه وفيه وجه للشافعية
انه لا يباع إذا كان لايقا به كما اخترناه وفي وجه اخر انه يباع هو والمسكن كما قلناه وثالث انه يباع الخادم دون المسكن وكذا لا يباع عليه فرس الركوب ولو كان له خادمان بيع
أحدهما لاندفاع الضرورة بالآخر وكذا لو كان في دار سكناه فضلة يستغني عنها وجب بيع تلك الفضلة لعدم الضرورة إليها ولحديث مسعدة وقد سبق ولا يكلف
بيع داره وشراء أدون إذا كان داره بقدر كفايته وكذا لا يكلف بيع خادمه وشراء أدون ولا بيع فرسه وشراء أدون للأصل وعموم النهي عن بيع هذه الأشياء
قال ابن بابويه كان شيخنا محمد بن الحسن يروي انه إذا كانت الدار واسعة يكتفي صاحبها ببعضها فعليه ان يسكن منها ما يحتاج إليه ويقضي ببعضها دينه وكذا ان كفته
دار بدون ثمنها باعها واشترى من ثمنها دارا يسكنها ويقضي بباقي الثمن دينه نعم لو كانت دار السكنى وعبد الخدمة أو فرس الركوب أو ثوبه الذي يلبسه رهنا جاز بيعه
كما أنه لو باشر بيع هذه الأشياء باختياره جاز قبض ثمنه كذا هنا. مسألة: إذا غاب صاحب الدين وجب على المديون نية القضاء إذا وجده وان يعزل دينه عند وفاته
أو يوصي به ليوصل إلى مالكه ان وجد أو إلى وارثه ولو جهله اجتهد في طلبه فان آيس منه قيل يتصدق به عنه وإذا علم الله تعالى منه نية الأداء لم يكن عليه اثم لما رواه زرارة قال
قال سألت الباقر (ع) الرجل يكون عليه الدين لا يقدر على صاحبه ولا على ولي له ولا يدري بأي ارض هو قال لا جناح عليه بعد ان يعلم الله تعالى منه ان نيته الأداء وسأل الصادق (ع)
عن رجل كان له على رجل حق فقد وهو لا يدري أحي هو أم ميت ولا يعرف له وارث ولا نسب ولا بلد قال اطلبه قال إن ذلك قد طال فاصدق به قال اطلبه وهذه الرواية صحيحة
السند وهي تدل من حيث المفهوم على منع الصدقة ووجوب الطلب دائما ولو كفل الولي حال موت المديون المال سقط عن ذمة المديون مع رضي الغرماء لرواية اسحق ابن
عمار عن الصادق (ع) في الرجل يكون عليه دين فيحضره الموت فيقول وليه علي دينك قال يبرئه ذلك وان لم يوفه وليه من بعده وقال أرجو ان لا يأثم وانما إثمه على الذي يحبسه
وفي الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل يموت وعليه دين فيضمنه ضامن للغرماء فقال إذا رضي به الغرماء برئت ذمة الميت. مسألة: لا تحل مطالبة المعسر ولا
حبسه ولا ملازمته عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك لقوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ولقول الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يحبس في الدين فإذا تبين
له افلاس وحاجته خلى سبيله حتى يستفيد مالا ولان من ليس له مطالبته ليس له ملازمته كما لو كان دينه مؤجلا وقال أبو حنيفة إذا ثبت اعساره وخلاه الحاكم كان
للغرماء ملازمته الا انهم لا يمنعونه من الاكتساب فإذا رجع إلى بيته فان اذن لهم في الدخول دخلوا معه وان لم يأذن لهم منعوه من الدخول لقول النبي صلى الله عليه وآله لصاحب الحق
اليد واللسان ويريد باليد الملازمة وهو محمول على الموسر لما تقدم إذا تقرر هذا فان طولب المعسر وخاف الحبس أو الالزام ان اعترف جاز له الانكار للدين والحلف على
انتفائه ويجب عليه التورية ونية القضاء مع المكنة. مسألة: لو استدانت الزوجة النفقة الواجبة وجب على الزوج دفع عوضه لأنه في الحقيقة دين عليه ولما رواه الباقر (ع)
قال قال علي (ع) المراة تستدين على زوجها وهو غايب فقال يقضي عنها ما استدانت بالمعروف. مسألة: لا تصح المضاربة بالدين إلا بعد قبضه لعدم تعينه
قبل القبض ولما رواه الباقر عن أمير المؤمنين عليهما السلام ي رجل يكون له مال على رجل يتقاضاه فلا يكون
عنده ما يقضيه فيقول له هو عندك مضاربة فقال لا يصح
حتى يقبضه منه فإذا ثبت هذا فلو فعل فالربح بأجمعه للمديون إن كان هو العامل والا فللمالك وعليه الأجرة. مسألة: لا يجوز بيع الدين بالدين لما روي عن
الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يباع الدين بالدين ويجوز بيعه بغير الدين على من هو عليه وعلى غيره من الناس بأكثر مما عليه وباقل وبمساو الا في الربوي فيشترط
المساواة لان نهيه (ع) عن بيعه بالدين يدل من حيث المفهوم على تسويغه بغيره مطلقا وكذا يجوز بيعه نقدا ويكره نسية قاله الشيخ (ره) فان دفع المديون إلى المشتري
والا كان له الرجوع على البايع بالدرك لوجوب التسليم عليه قال الشيخ لو باع الدين بأقل مما له على المديون لم يلزم المديون أكثر مما وزن المشتري من المال لما رواه أبو حمزة
عن الباقر (ع) انه سئل عن رجل كان له على رجل دين فجائه رجل فاشترى منه بعوض ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال له اعطني ما لفلان عليك فاني قد اشتريته منه
فكيف يكون القضاء في ذلك فقال الباقر (ع) يرد عليه الرجل الذي عليه الدين ماله الذي اشتراه به الرجل الذي عليه الدين وهو مع ضعف سنده غير صريح فيما أدعاه
الشيخ لجواز ان يكون المدفوع مساويا وأيضا يحتمل ان يكون ربويا ويكون قد اشتراه بأقل فيبطل الشراء ويكون الدفع جايزا بالاذن المطلق المندرج تحت البيع إذا
ثبت هذا فالواجب على المديون دفع جميع ما عليه إلى المشتري مع صحة البيع. مسألة: أول ما يبدأ به من التركة بالكفن من صلب المال فان فضل شئ صرف في
3

الدين من الأصل أيضا فان فضل شئ أو لم يكن دين صرف في الوصية من الثلث ان لم يجز الورثة فان أجازت نفذت من الأصل ثم من بعد الوصية الميراث لقوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين جعل الميراث
مترتبا عليهما وروى السكوني عن الصادق عن الباقر عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أول ما يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث إذا ثبت هذا فان تبرع
انسان بكفنه كان ما تركه في الدين مع قصور التركة لما رواه زرارة في الصحيح قال سألت الصادق (ع) عن رجل مات وعليه دين بقدر كفنه قال يكفن بما ترك الا ان يتجر عليه
انسان فيكفنه ويقضي بما ترك دينه. مسألة: يجوز اقتضاء الدين والجزية من الذمي إذا باع خمرا أو خنزيرا على مثله من ذلك الثمن لأنه مباح عندهم وقد امرنا
ان نقرهم على احكامهم ولما رواه داود بن سرحان في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل كانت له على رجل دراهم فباع بها خنازيرا وخمرا وهو ينظر فقضاه قال لا بأس إما
للمقضي فحلال واما للبايع فحرام إذا ثبت هذا فلو كان البايع مسلما لم يحل اخذ الثمن لبطلان البيع حينئذ سواء كان المشتري مسلما أو كافرا وسواء وكل المسلم الكافر في مباشرة
البيع أو الشراء وعلى كل حال. مسألة: لا تصح قسمة الدين لعدم تعينه فلو اقتسم الشريكان ما في الذمم لم تصح القسمة وكان الحاصل لهما والتالف منهما لما رواه
الباقر عن علي عليهما السلام في رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غائب عنهما اقتسما الذي في أيديهما واحتال كل منهما بنصيبه فاقتضى أحدهما ولم يقتض الأخر قال
ما اقتضى أحدهما فهو بينهما وما يذهب بماله إذا ثبت هذا فان احتال كل منهما بحصة على مديون من المديونين بإذن شريكه وفعل الأخر مع المديون الأخر ذلك صح ولم يكن ذلك
قسمة على أن في ذلك عندي اشكال أيضا لان الحوالة هنا ليست بمال مستحق على المحيل. مسألة: ارزاق السلطان لا يصح بيعها الا بعد قبضها وكذا السهم من
الزكاة والخمس ولعدم تعينها وهل يجوز بيع الدين قبل حلوله الوجه عندي الجواز ولا يجب على المديون دفعه الا في الاجل ويجوز بيعه بعد حلوله على من هو عليه وعلى غيره
بحاضر أو مضمون حال لا بمؤجل ولو قيل بجوازه كالمضمون أو بمضمون بالمضمون كان وجها ولو أسقط المديون أجل الدين عليه لم يسقط وليس لصاحبه المطالبة
في الحال ويحوز دفعه قبال الاجل مع اسقاط بعضه لأنه يكون أبرأ وبغير اسقاط ان رضي صاحبه ولا يجوز تأخيره بزيادة فيه لأنه يكون ربا. مسألة: لا يجب دفع
المؤجل قبل اجله سواء كان دينا أو ثمنا أو قرضا أو غيرها فان تبرع من عليه لم يجب على من له الاخذ سواء كان على من عليه ضرر في التأخير أو لا وسواء كان على من له ضرر
بالتأخير أو لا فإذا حل وجب على صاحبه قبضه إذا دفعه من عليه فان امتنمع دفعه إلى الحاكم فيكون من ضمان صاحبه وللحاكم الزامه بالقبض أو الابراء وكذا البايع سلما يدفع إلى
الحاكم مع الحلول وهو من ضمان المشتري وكذا كل من عليه حق حال أو موجل فحل فامتنع صاحبه من اخذه ولو تعذر الحاكم وامتنع صاحبه من اخذه فالأقرب ان هلاكه من صاحب الدين لا من المديون
لأنه حق تعين للمالك بتعيين المديون وامتنع من اخذه فكان التفريط منه. الفصل الثالث: في القرض وفيه مباحث: الأول: القرض مستحب مندوب إليه
مرغب فيه اجماعا لما فيه من الإعانة على البر وكشف كربة المسلم روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه (كربة من) يوم القيمة والله في
عون العبد ما كان العبد في حاجة أخيه ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه قال قال الصادق (ع) في قول الله عز وجل لاخير في كثير من نجويهم الا من أمر بصدقة أو معروف
أو اصلاح بين الناس قال يعني بالمعروف القرض وقال الباقر (ع) من اقرض قرضا إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة عليه حتى يقبضه وقال الشيخ (ره)
روى أنه أفضل من الصدقة بمثله في الثواب وعن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قال قال النبي صلى الله عليه وآله ألف درهم اقرضها مرتين أحب إلي من أن أتصدق بها مرة و
كما لا يحل لغريمك ان يمطلك وهو مؤسر فكذلك لا يحل لك ان تستعسره إذا علمت أنه معسر. مسألة: أداء القرض في الصفة كالقرض فان دفع من غير جنسه لم يلزم
القبول لأنه اعتياض وذلك غير واجب فان اتفقا عليه جاز للأصل ولما رواه علي بن محمد قال كتبت إليه رجل له على رجل تمر أو حنطة أو شعير أو قطن فلما تقاضاه قال خذ
بقيمة مالك عندي دراهم أيجوز له ذلك أم لا فكتب يجوز ذلك عن تراض منهما إن شاء الله إذا ثبت هذا فإذا دفع إليه على سبيل القضا حسب بسعر يوم الدفع لا يوم المحاسبة
لان محمد بن الحسن الصفار كتب إليه (ع) رجل كان له على رجل مال فلما حل عليه المال أعطاه به أو قطنا أو زعفرانا ولم يقاطعه على السعر فلما كان بعد شهرين أو ثلثة ثم ارتفع
الطعام والزعفران والقطن أو نقص بأي السعرين يحسبه لصاحب الدين بسعر يومه الذي أعطاه وحل ماله عليه أو السعر الثاني بعد شهرين أو ثلثة يوم حاسبه فوقع (ع) ليس
له الاعلى حسب سعر وقت ما دفع إليه الطعام إن شاء الله إذا عرفت هذا فان دفع لا على وجه القضاء فإن كان المدفوع مثليا كان له المطالبة به فان تعدد فبالقيمة يوم
المطالبة وان لم يكن مثليا كان له المطالبة بقيمته يوم الدفع لأنه يكون قد دفعه على وجه الاقراض. مسألة: ولو دفع أجود من غير شرط وجب قبوله لأنه زاده
خيرا ولم يكن به بأس روى أبو الربيع قال سئل الصادق (ع) عن رجل اقرض رجلا دراهم فرد عليه أجود منها بطيبته نفسه وقد علم المستقرض والقارض إنه انما اقرضه ليعطيه أجود منها
قال لا باس إذا طابت نفس المستقرض وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) قال إذا أقرضت الدراهم ثم اتاك بخير منها فلا بأس ان لم يكن بينكما شرط وكذا إذا اخذ الدراهم
المكسرة فدفع إليه دراهم طازجية بالطاء غير المعجمة والزاي المعجمة والجيم وهي الدراهم الجيدة من غير شرط كان جايزا لما تقدم ولما رواه يعقوب بن شعيب في الصحيح قال سألت
الصادق (ع) عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة فيأخذ منه الدراهم الطازجية طيبة بها نفسه قال لا بأس وذكر ذلك عن علي (ع). مسألة: ولو دفع إليه أزيد
فان شرط ذلك كان حراما اجماعا لما روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال كل قرض يجر منفعة فهو حرام وان دفع الازيد في المقدار من غير شرط عن طيبة نفس منه بالتبرع
كان حلالا اجماعا ولم يكره بل كان أفضل للمقترض والأصل فيه ما روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله اقترض من رجل بكرا فقدمت عليه ابل الصدقة فامر أبا رافع يقضي الرجل بكرة فرجع
أبو رافع فقال لم أجد فيها الا جملا جبارا رباعيا فقال اعطه إياه ان خير الناس أحسنهم قضاء ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عن الرجل يستقرض
الدراهم البيض عددا ثم يعطي سود أو زنا وقد عرف انها أثقل مما اخذ وتطيب نفسه ان يجعل له فضلها فقال لا بأس به إذا لم يكن فيه شرط ولو وهبها كلها له صح وفي الصحيح عن
يعقوب بن شعيب قال سألت الصادق (ع) عن الرجل يكون عليه جلة من بسر فيأخذ جلة من رطب وهو أقل منها قال لا بأس قلت كيف عليه جلة من بسر فيأخذ جلة من تمر وهي أكثر منها قال لا بأس إذا كان معروفا بينكما. مسألة: ولا فرق في
تسويغ اخذ الأكثر والأجود والأدون والأردأ مع عدم الشرط بين ان يكون ذلك عادة بينهما أو لا يكون وهو قول أكثر الشافعية لما تقدم وقال بعضهم إذا كان ذلك
على عادة بينهما كان حراما ويجري العادة بينهما كالشرط وهو غلط وإذا كان القضاء أكثر مندوبا إليه فلا يكون مانعا من القرض ولا تقوم العادة مقام الشرط.
مسألة: وكذا لو اقترض منه شيئا ورهن عليه رهنا واباحه في الانتفاع بذلك الرهن كان جايزا إذا لم يكن عن شرط لما رواه محمد بن مسلم في الحسن قال سألت الصادق (ع)
عن الرجل يستقرض من الرجل قرضا ويعطيه الرهن إما خادما واما آنية واما ثيابا فيحتاج إلى شئ من منفعته فيستأذنه فيأذن له قال إذا طاب نفسه فلا بأس قلت إن
من عندنا يروون ان كل قرض يجر منفعة فهو فاسد قال أوليس خير القرض ما جر المنفعة وعن محمد بن عبيدة قال سألت الصادق (ع) عن القرض يجر المنفعة قال خير القرض
الذي يجر المنفعة إذا عرفت هذا فلا تنافي بين هذه الأخبار لأنا نحمل ما يقتضي التحريم على ما إذا كان عن شرط والإباحة على ما إذا لم يكن عنه جمعا بين الأدلة ولما تقدم ولقول
4

الباقر (ع) من اقرض رجلا ورقا فلا يشترط الا مثلها وان جوزي أجود منها فليقبل ولا يأخذ أحد منكم ركوب دابة أو عارية متاع يشترطه من أجل قرض ورقه. مسألة: ولا
فرق بين ان يكون مال القرض ربويا أو غير ربوي في تحريم الزيادة مع الشرط وعدمه مع غيره لما تقدم من أنه قرض جر منفعة بشرط فكان حراما وهو قول جماعة من الشافعية
وقال بعضهم ان ما لا يجري فيه الربا تجور فيه الزيادة كما يجوز ان يبيع حيوانا بحيوانين والفرق ان ما فيه الربا يجوز ان يبيع بعضه ببعض وإن كان أحدهما أكثر صفة كبيع
جيد الجوهر برديه والصحيح بالمكسر وإن كان ذلك لا يجوز في القرض. مسألة: مال القرض إن كان مثليا وجب رد مثله اجماعا فان تعذر المثل وجب رد قيمته عند
المطالبة وان لم يكن مثليا فإن كان مما ينضبط بالوصف وهو ما يصح السلف فيه كالحيوان والثياب فالأقرب انه يضمنه بمثله من حيث الصورة لان النبي استقرض بكرا
ورد بازلا والبكر الفتى من الإبل والبازل الذي تم له ثمان سنين وروي انه صلى الله عليه وآله استقرض بكرا فامر برد مثله وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم انه يعتبر في القرض بقيمته
لأنه لا مثل له فإذا ضمنه ضمنه بقيمته كالاتلاف والفرق ان القيمة أحضر فامر به وليس كذلك القرض فان طريقه الرفق فسومح فيه ولهذا يجوز فيه النسية وإن كان ربويا ولا
يجوز ذلك في البيع ولا في ايجاب القيمة في الاتلاف واما ما لا يضبط بالوصف كالجواهر والقسي وما لا يجوز السلف فيه تثبت فيه قيمته وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه
لا يجوز قرض مثل هذا لأنه لا مثل له فان قلنا إن ما لا مثل له يضمن بالقيمة وكذا ما لا يضبط بالوصف فالاعتبار بالقيمة يوم القبض لأنه وقت تملك المقترض (القرض) وهو
أحد قولي الشافعية وفي الأخر انه يملك بالتصرف فيعتبر قيمته يوم القبض أيضا على أحد الوجهين وعلى الثاني بالأكثر من يوم القبض إلى يوم التصرف وقال بعض الشافعية
بالأكثر من يوم القبض إلى يوم التلف فان اختلفا في القيمة قدم قول المستقرض مع يمينه لأنه غارم. البحث الثاني: في أركان القرض: أركان القرض ثلاثة
الأول الصيغة الصادرة من جايز التصرف ويعتبر فيه أهلية التبرع لان القرض تبرع ولهذا لا يقرض الولي مال الطفل الا لضرورة وكذلك لا يجوز شرط الاجل
لان المتبرع ينبغي ان يكون بالخيار في تبرعه وانما يلزم الاجل في المعاوضات والايجاب لابد منه وهو أن يقول أقرضتك وأسلفتك أو خذ هذا بمثله أو خذه واصرفه فيما
شئت ورد مثله أو ملكتك على أن ترد بدله ولو اقتصر على قوله ملكتك ولم يسبق وعد القرض كان هبة فان اختلفا في ذكر البدل قدم قول المقترض لأصالة عدم الذكر
إما لو اتفقا على عدم الذكر واختلفا في القصد قدم قول صاحب المال لأنه اعرف بلفظه والأصل عصمة ماله وعدم التبرع ووجوب الرد على الآخذ بقوله (ع) على
اليد ما أخذت حتى تؤدي ويحتمل تقديم دعوى الهبة قضية للظاهر من أن التمليك من غير عوض هبة واما القبول فالأقرب انه شرط أيضا لان الأصل عصمة مال الغير
وافتقار النقل فيما فيه الايجاب إلى القبول كالبيع والهبة وساير التملكات وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه لا يشترط لان القرض إباحة اتلاف على سبيل الضمان فلا يستدعي
القبول ولا بد من صدوره من أهله كالايجاب الا ان القبول قد يكون قولا وقد يكون فعلا. مسألة: لا يلزم اشتراط الاجل في الدين الحال فلو أجل الحال لم
يتأجل وكان له المطالبة به في الحال سواء كان الدين ثمنا أو قرضا أو اجارة أو غير ذلك وبه قال الشافعي لان التأجيل زيادة بعد العقد فلا يلحق به كما لا يلحق به في حق
الشفيع ولأنه حط بعد استقرار العقد فلا يلحق به كحط الكل ولان الأصل عدم اللزوم إذ قوله قد أجلت ليس بعقد ناقل فيبقى على حكم الأصل وقال أبو حنيفة إن كان
ثمنا يثبت فيه التأجيل والزيادة والنقصان ويلحق بالعقد الا ان يحط الكل فلا يلحق بالعقد ويكون ابراء وكذا في الأجرة والصداق وعوض الخلع فاما القرض وبدل
التلف فلا يثبت فيه وقال مالك يثبت الاجل في الجميع لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولان المتعاقدين يملكان التصرف في هذا العقد بالإقالة والامضاء فملكا فيه الزيادة
والنقصان كما لو كانا في زمن الخيار أو المجلس ولا دلالة في الخبر إذ لا يدل على الوجوب بحمل على الاستحباب بالأصل ولا يشبه هذا الإقالة لان هذا لا يجوز ان يكون فسخا للأول
وابتدأ عقد لأنه لم يوجد منه لفظ الفسخ ولا التمليك واما زمان الخيار فكذلك أيضا لان الملك قد انتقل إلى المشترى عندنا فلا يثبت الزيادة وعند الشيخ ان العقد لم يستقر
فيجوز منه ما لا يجوز بعد استقراره كما يجوز فيه قبض رأس مال السلم وعوض الصرف وعلى مذهب مالك ان هذا الحق يثبت حالا والتأجيل تطوع من جهته ووعد فلا
يلزم الوفاء به كما لو اعاره داره سنة كان له الرجوع قال مالك يثبت الاجل في القرض ابتداء وانتهاء إما ابتداء فبأن يقرضه مؤجلا واما انتهاء فبأن يقرضه حالا ثم يؤجله. الركن الثاني
المال: مسألة: الأموال إما من ذوات الأمثال أو من ذوات القيم فالأول يجوز اقراضه اجماعا واما الثاني فإن كان مما يجوز السلم فيه جاز اقراضه أيضا وان لم يكن مما
يجوز السلم فيه فقولان تقدما وهل يجوز اقراض الجواري إما عندنا فنعم وهو أحد قولي الشافعي للأصل ولأنه يجوز اقراض العبيد فكذا الجواري ولأنه يجوز السلف
فيها فجاز قرضها كالعبيد وبه قال المزني وداود وأظهرهما عندهم المنع لنهي السلف عن اقراض الولايد ولأنه لا يستبيح الوطئ بالقرض لأنه ملك ضعيف لا يمنعه من ردها
على المقرض ولا يمنع المقرض من اخذها منه ومثل ذلك لا يستباح به الوطي كما لا يستبيح المشترى الوطي في مدة خيار البايع ولأنه لا يمكنه ردها بعد الوطئ فيكون في معنى
الإعارة للوطي وذلك غير جايز وإذا ثبت انه لا يحل وطؤها لم يصح القرض لان أحدا لا يفرق بينهما ولان الملك إذا لم يستبح منه الوطي لم يصح لأنه من المنافع المقصودة به
بخلاف ما إذا كانت محرمة عليه فاشتراها لان الوطئ محرم من جهة الشرع وهنا التمليك لا يستباح به فهو بمنزلة العقد الفاسد وفي هذا انفصال عن السلم والعبد ولا يلزم المكاتب
إذا اشترى أمة ونهى السلف ليس حجة ويمنع عدم استباحة الوطي والرد من المقترض لا يوجب ضعف ملكه ويمنع عدم منع المقرض من استرداد العين لان القرض عندنا
يملك بالقبض وامكان الإعادة بعد الوطي لا يوجب مماثلتها للإعارة قال بعض الشافعية القولان مبنيان على الخلاف في أن القرض بم يملك وفي كيفية البناء طريقان
قال قائلون ان قلنا يملك بالقبض جاز اقراضها والا فلا لما في اثبات اليد من غير مالك من خوف الوقوع في الوطي وقال بعضهم انا ان قلنا يملك بالقبض لم يجز اقراضها أيضا
لأنه إذا ملكها فربما يطأها ثم يستردها المقرض فيكون ذلك في صورة إعارة الجواري للوطي وان قلنا لا يملك بالقبض فيجوز لأنه إذا لم يملكها لم يطأها. تذنيب:
الخلاف المذكور انما هو في الجارية التي يحل للمستقرض وطؤها إما المحرمة بنسب أو رضاع أو مصاهرة فلا خلاف في جواز اقراضها منه إذا ثبت هذا فإذا اقترض
من ينعتق عليه انعتق بالقبض لأنه حالة الملك. مسألة: يجوز قرض الحيوان عند علمائنا وبه قال الشافعي للأصل ولان النبي صلى الله عليه وآله اقترض بكرا ورد بازلا ولأنه يثبت
في الذمة بعقد السلم فجاز ان يثبت في الذمة بعقد القرض كالمكيل والموزون وقال أبو حنيفة لا يجوز القرض الا فيما له مثل من الأموال كالمكيل والموزون لان مالا مثل
له لا يجوز قرضه كالجواهر والإماء ويمنع حكم الأصل على ما تقدم ولان عند أبي حنيفة لو أتلف ثوبا ثبت في ذمة المتلف مثله ولهذا جوز الصلح عنه على أكثر من قيمة
التلف ولو سلمنا الحكم في الجواهر ولأنه لا يثبت في الذمة سلما بخلاف المتنازع ولو سلمنا المنع في الأمة فلان القرض ملك ضعيف فلا يباح به الوطئ فلا يصح الملك
على أن الحق عندنا منع الحكم في الأصل. مسألة: يجوز اقراض الخبز عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعية وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل للحاجة العامة إليه
واطباق الناس عليه ولان الصباح بن سيابة سأل الصادق (ع) انا نستقرض الخبز من الجيران فيه أصغر أو أكبر فقال (ع) نحن نستقرض الجوز الستين والسبعين عددا فيكون
5

فيه الصغيرة والكبيرة فلا بأس وقال أبو حنيفة لا يجوز وهو القول الآخر للشافعي لأنه ليس من ذوات الأمثال ونمنع حصر القرض في المثلى على ما تقدم. تذنيب: يجوز رد
مثله عددا أو وزنا وبه قال محمد بن الحسن للحديث السابق ولقضاء العادة به وقال أبو يوسف يرد وزنا وهو أحد قولي الشافعي ولا بأس به وللشافعي قول اخر انه يجب
رد القيمة والأصل في الخلاف انهم ان قالوا يجب في المتقومات المثل من حيث الصورة وجب الرد وزنا وان قالوا تجب القيمة وجب هنا القيمة فان شرط رد المثل فللشافعية
وجهان في جواز الشرط وعدمه. مسألة: يجب في المال ان يكون معلوم القدر ليمكن قضاؤه ويجوز اقراض المكيل وزنا والموزون كيلا كما في السلف وهو قول
أكثر الشافعية وقال القفال لا يجوز اقراض المكيل بالوزن بخلاف السلم فإنه لا يسوى بين رأس المال والمسلم فيه وزاد فقال لو أتلف مائة من الحنطة ضمنها بالكيل ولو باع
شقصا مشفوعا بمائة من من الحنطة ينظر كم هي بالكيل فيأخذه الشفيع بمثلها كيلا والأصح في الكل الجواز. الركن الثالث: الشرط يشترط في القرض ان لا يجر
المنفعة بالقرض لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنه فلا يجوز ان يقرضه شرط ان يرد الصحيح عن المكسر ولا الجيد عن الردي ولا زيادة القدر في الربوي وكذا في غيره
عندنا وللشافعي وجهان أحدهما الجواز لان عبد الله بن عمرو بن العاص قال امرني رسول الله صلى الله عليه وآله ان اجهز جيشا ففقدت الإبل فأمرني ان اخذ بعيرا ببعيرين إلى أجل وهو
محمول على السلم ولهذا قال إلى أجل والقرض لا يتأجل ولو قيل بالجواز كان وجها ويحمل النهي على الربوي فان شرط ذلك في القرض فسد ولم يفد جواز التصرف للمقترض
. مسألة: يجوز ان يقرضه شيئا بشرط ان يقضيه في بلد آخر عند علمائنا وهو وجه عند بعض الشافعية لعدم الزيادة وجره النفع لأنه قد يكون أضر ولما رواه
يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل يسلف الرجل الورق على أن ينقدها إياه بأرض أخرى ويشترط قال لا بأس وفي الصحيح عن أبي الصباح عن الصادق (ع)
في الرجل يسلف الرجل الورق على أن ينقدها يبعث بماله إلى ارض فقال الذي يريد ان يبعث به معه اقرضنيه وانا أوفيك إذا قدمت الأرض قال لا بأس بهذا ومنع أكثر
الشافعية منه لما فيه من دفع خطر الطريق ولو شرط كان القرض فاسدا ولو رده أزيد أو في بلد اخر أو أجود من غير شرط جاز اجماعا لقوله صلى الله عليه وآله خياركم أحسنكم قضاء رواه
العامة من طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن النبي صلى الله عليه وآله ليس من غريم ينطلق من عند غريمه راضيا الا صلت عليه دواب الأرض ونون البحور وليس من غريم ينطلق صاحبه
غضبان وهو ملي الا كتب الله تعالى بكل يوم يحبسه أو ليلة ظلما. مسألة: لو اقرضه بشرط ان يرد عليه أرداه أو رد المكسر عن الصحيح لغي الشرط وفي فساد العقد للشافعية
وجهان أحدهما نعم لأنه على خلاف قضية العقد كشرط الزيادة وأصحهما عندهم لا لان المنهى عنه جر المقرض المنفعة إلى نفسه وهنا لا نفع للمقرض في الشرط بل للمقترض
النفع فكأنه زاد في المسامحة ووعده وعدا حسنا وقال بعض الشافعية يصح الشرط والأقوى عندي صحته لا لزومه كما لو شرط التأجيل ولو شرط تأخير القضاء وضرب له اجلا
نظر ان لم يكن للمقرض فيه غرض فهو كشرط رد المكسر عن الصحيح وإن كان له فيه غرض بان كان زمان نهب والمقترض ملي فهو كالتأجيل لغرض أو كشرط رد الصحيح عن المكسر فيه
وجهان أظهرهما عندهم الثاني. مسألة: يجوز ان يقرضه بشرط الرهن أو الكفيل أو بشرط الاشهاد أو الاقرار به عند الحاكم لان ذلك من التوثيق واحكام الحجة فليست
منافع مالية ولو شرط رهنا بدين آخر فالأقرب عندي الجواز لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وقالت الشافعية انه كشرط زيادة الصفة وهو ممنوع. مسألة:
القرض عقد قابل للشروط السايغة فلو اقرضه شيئا بشرط ان يقرضه مالا آخر صح ولم يلزمه ما شرط بل هو
وعد وعده وكذا لو وهب منه ثوبا بشرط ان يهب منه غيره
وكذا لو اقرضه بشرط ان يقترض منه أو يبيعه بثمن المثل أو بدونه أو يسلفه أو يستسلف منه ولكن لا يلزم ذلك إما إذا باع بشرط قرض أو هبة أو بيع اخر فإنه يجوز عندنا
البيع والشرط وقد تقدم وقالت الشافعية يفسد البيع لأنهما جعلا رفق القرض أو الهبة أو البيع مع العشرة المذكورة مثلا ثمنا والشرط لغو فيسقط بسقوطه بعض
الثمن ويصير الباقي مجهولا وفي وجه للشافعية ان الاقراض بشرط الاقراض كالبيع بشرط الاقراض ولو شرط الاجل لغى الشرط ولم يفسد القرض. البحث الثالث:
في حكم القرض. مسألة: لا خلاف في أن المستقرض يملك القرض وفي الموجب للملك خلاف فعندنا انه يملك بالقبض وهو أصح قولي الشافعية لأنه
قبض لا يجب عليه يتعلق به جواز التصرف فوجب ان يتعلق به الملك كالقبض في الهبة ولأنه إذا قبضه ملك التصرف فيه من جميع الوجوه ولو لم يملكه لما ملك التصرف
فيه ولان الملك في الهبة يحصل بالقبض ففي القرض أولي لان للعوض مدخلا فيه والثاني انه يملك بالتصرف لأنه ليس تبرعا محضا إذ يجب فيه البدل وليس على
حقايق المعاوضات فوجب ان يملكه بعد استقرار بدله ولأن العين ما دامت باقية في يده كان للمالك ان يرجع فيها وللمقرض ان يردها وهو يدل على أنه لم يملكها وانها
كالعارية في يده ويمنع وقف التملك على استقرار بدله سلمنا لكنه يستقر بالقبض ونمنع ان للمالك الرجوع في العين واما دفع المقترض للعين فكدفعه للبدل فكما لا يقال إن
البدل لا يخرج عن ملكه لجواز دفعه كذا مال القرض. مسألة: عندنا ان المستقرض يملك بالقبض فليس للمقرض ان يرجع فيه مع بقائه في يد المستقرض بحاله وهو
أحد وجهي الشافعية صيانة لملكه وله ان يؤدي حقه من موضع آخر لانتقال الواجب إلى البدل من المثل أو القيمة وأظهر وجهي الشافعية ان للمقرض الرجوع في العين مع وجودها
وان ملك المستقرض بالقبض لأنه يتمكن من تغريمه بدل حقه عند الفوات فلئن يتمكن من مطالبته بعينه كان أولي ولا يبعد ان يرجع فيما ملكه غيره كما يرجع الواهب في الهبة
والحق الأول وانما تمكن من تغريمه بدل حقه لانتقال الواجب في الذمة بالقبض إليه كما يملك البايع الثمن بعقد البيع وليس له الرجوع في العين والفرق بينه وبين الهبة ان الواهب
ليس له الرجوع على المتهب بعوض الهبة بخلاف القرض. مسألة: يجب على المستقرض دفع مال القرض الحال عند المطالبة وبه قال الشافعي وقال مالك ليس للمقرض
الرجوع فيما اقرضه حتى يقضي المستقرض وطره منه أو يمضي زمان يسع لذلك ولو رد المستقرض العين التي اقترضها وجب على المقرض القبول لا محالة. مسألة: قد بينا
ان المستقرض يملك بالقبض بعد العقد وهو أحد قولي الشافعي والقول الأخر انه يملك بالتصرف على معنى انه إذا تصرف تبين لنا ثبوت الملك قبله وهذا يدل على أن
الملك لم يحصل بالتصرف بل بسبب آخر قبله ثم في ذلك التصرف وجوه أظهرها ان كل تصرف يزيل الملك والثاني كل تصرف يتعلق بالرقبة الثالث كل تصرف يستدعي
الملك فعلى الوجوه يكفي البيع والهبة والاعتاق والاتلاف ولا يكفي الرهن والتزويج والإجارة وطحن الطعام وخبز الطحين وذبح الشاة على الوجه الأول ويكفي ما سوى
الإجارة على الثاني وما سوى الرهن على الثالث لأنه يجوز ان يستعير الرهن فيرهنه كما سيأتي وقال بعضهم ضابطا في ذلك وهو ان التصرف الذي يملك به القرض
هو الذي يقطع رجوع الواهب والبايع عند افلاس المشتري وإذا فرعنا على الوجه الأول وهل يكفي البيع بشرط الخيار ان قلنا إنه لا يزيل الملك فلا وان قلنا إنه يزيله فوجهان
لأنه لا يزيل بصفة اللزوم. تذنيب: إذا كان المال حيوانا ملكه المقترض بالاقباض فإذا قبضه كانت نفقته على المقترض وهو أحد قولي الشافعي والاخر نفقته على
المالك لان الملك انما يحصل بالتصرف فإذا تصرف المقترض كانت النفقة عليه من تلك الحال. تذنيب اخر: لو يستقرض من ينعتق عليه انعتق بالقبض عندنا
ومن قال إن الملك بالتصرف ينعتق بالتصرف. مسألة: إذا اقترض دينار مكسور فأعطاه المقترض دينارا صحيحا عن قرضه نصف دينار والباقي يكون
6

وديعة عنده وتراضيا جاز لأنه زاده خيرا وانما شرطنا المراضاة لان الشركة عيب والكسر عيب فافتقر إلى المراضاة فان المقرض كان له ذلك لان هذا وإن كان خيرا من
حقه الا ان فيه نقصان الشركة والتزام الوديعة فان رضي واتفقا على كسره لم يجز لان ذلك قسمة اضرار الا مع الحاجة وعدم الراغب في شرائه بمكسورين وإذا اتفقا على أن يكون
نصفه قضاء ونصفه قرضا أو ثمنا أو قضاء لنصف آخر مكسور وجب القبول لأنه زاده خيرا جاز للأصل. مسألة قد بينا ان الدين الحال لا يتأجل بالتأجيل الا
ان يجعل التأجيل شرطا في عقد لازم كالبيع وشبهه مثل أن يقول بعتك كذا بشرط ان تصبر علي بالدين الحال كذا أو اشتري على هذا الشرط فإنه يبقى لازما لقوله (ع) المؤمنون
عند شروطهم وإذا دفع المقترض أو المديون قبل الاجل لم يجب على صاحبه قبضه سواء كان عليه في ذلك ضرر أو لا ولو مات المديون وكان الدين مؤجلا حل الاجل
بموته وسيأتي انشاء الله تعالى. مسألة: إذا رد المقترض العين في المثلى وجب القبول لأنه أقرب إلى الحق والمثل سواء رخصت أو لا إما غير المثلى إذا دفعه بعينه هل يجب على
المالك القبول يحتمل ذلك لان الانتقال إلى القيمة انما كان لتعذر العين وقد وجدت فلزمه القبول مع الدفع ولا يجب على المقترض الدفع بل له دفع القيمة وإن كانت العين
موجودة لأنه قد ملكها بالقبض وانتقل إلى ذمته قيمة العين لا نفسها وعلى هذا يحتمل ان لا يجب على المالك قبول العين لو دفعها المقترض بحالها إليه لان حقه القيمة
وللمالك مطالبة المقترض بالجميع مع الحلول وامكان الأداء وان اقرضه تفاريق ولو اقرضه جملة فدفع إليه تفاريق وجب القبول. مسألة: لو اقترض جارية جاز
له وطؤها مع القبض لأنه قد ملكها فإذا وطيها جاز له ردها على مالكها مجانا إذ لا عوض عليه في وطئه حيث صادف ملكا ولو حملت صارت أم ولد ولم يجز دفعها بل يجب
دفع قيمتها فان دفعها جاهلا بحملها ثم ظهر الحمل لأستردها وهل يرجع بمنافعها اشكال ويدفع قيمتها يوم القرض لأنه الواجب عليه لا يوم الاسترداد لظهور فساد الدفع
مسألة: قد بينا انه لا يجوز اقراض المجهول لتعذر الرد فلو اقرضه دراهم أو دنانير غير معلومة الوزن أو قبة من طعام غير معلومة الكيل ولا الوزن أو قدرها
بمكيال معين أو صنجة معينة غير معروفين عند الناس لم يصح فان تلفت العين تصالحا إذ قلما ثبت له في ذمة المقترض مال ولا يعلم أحدهما قدره ويتعذر ابراء الذمة الا
بالصلح فيكون الصلح متعينا ولو ادعى المالك العلم لم يقبل منه الا بالبينة ولو ادعى الغريم العلم قبل قوله مع اليمين لأنه غارم. مسألة: قد ذكرنا انه يجوز ان يقرضه
في بلد ويشترط رده في غيره ولو لم يشترط شيئا اقتضى الاطلاق أداء المثل في بلد القرض فان شرط القضا في بلد اخر جاز سواء كان في حمله مؤنة أم لا ولو طالبه المقرض من غير
شرط في غير البلد أو فيه مع شرط غيره وجب الدفع ولو دفع في غير بلد الاطلاق أو الشرط وجب القبول على اشكال. مسألة: لو اشترى منه سلعة بدراهم اقرضها
المشتري من البايع فخرجت الدراهم زيوفا فإن كان الشراء بالعين فكان البايع عالما بالعيب صح البيع وكان على المقترض رد مثل الزيوف ولو كان الشراء في الذمة كان للبايع
مطالبته بالثمن سليما وللمشتري احتساب ما دفعه ثمنا عن القرض ولو لم يكن البايع عالما بعيب الدراهم وكان الشراء بالعين كان له فسخ البيع. تذنيب: لو قال المقرض إذا مت
فأنت في حل كان وصية يمضى من الثلث إما لو قال إن حيت فأنت في حل كان ابراء باطلا لأنه علقه على شرط. مسألة: لو اقترض ذمي من مثله خمرا ثم أسلم أحدهما سقط القرض
إذ لا يجب على المسلم أداء الخمر ولا قيمته لأنه من ذوات الأمثال ولا يجوز للمسلم المطالبة به إما لو اقرض الذمي ذميا خنزيرا ثم أسلم أحدهما كان لصاحبه المطالبة بالقيمة لان
الخنزير من ذوات القيم لا من ذوات الأمثال فالذمي لما اقترض الخنزير وجب عليه بالقبض قيمته والخمر يجب عليه وقت القبض مثله. مسألة: لو اقترض دراهم ثم
اسقطها السلطان وجاء بدراهم غيرها لم يكن عليه الا الدراهم الأولى لأنها من ذوات الأمثال فكانت مضمونة بالمثل فان تعذر المثل كان عليه قيمتها وقت التعذر و
يحتمل وقت القرض من غير الجنس لا من الدراهم الثانية حذرا من التفاضل في الجنس المتحد والمعتمد الأول قال الشيخ (ره) ومن اقرض غيره دراهم ثم سقطت تلك الدراهم
وجاءت غيرها لم يكن عليه الا الدراهم التي اقرضها إياه أو سعرها بقيمة الوقت الذي اقرضها فيه وقد روى يونس في الصحيح قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا (ع)
انه كان لي على رجل دراهم وان السلطان أسقط تلك الدراهم وجاءت دراهم أغلى من تلك الدراهم الأولى ولهم اليوم وضيعة فأي شئ لي عليه الأولى التي اسقطها السلطان
أو الدراهم التي أجازها السلطان فكتب الدراهم الأولى وفي الصحيح عن صفوان قال سأله معوية بن سعيد عن رجل استقرض دراهم من رجل وسقطت تلك الدراهم أو تغيرت ولا يباع بها شئ لصاحب الدراهم الأولى أو الجايزة التي تجوز بين الناس قال فقال لصاحب الدراهم الدراهم
الأولى قال الصدوق (ره) عقيب رواية يونس كان شيخنا محمد بن الحسن (رض) يروي حديثا في أن له الدراهم التي تجوز بين الناس قال والحديثان متفقان غير مختلفين فمتى كان
للرجل على الرجل دراهم بنقد معروف فليس له الا ذلك النقد ومتى كان له على رجل دراهم بوزن معلوم
بغير نقد معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس. فروع: أ: لو جعل السلطان قيمتها أقل كان الحكم فيه كما في اسقاطها. ب: لو كان رأس مال المضاربة دراهم معينة
ثم أسقط السلطان تلك الدراهم احتمل ان يكون رأس المال تلك الدراهم بعينها التي اسقطها السلطان لأنها المدفوعة مضاربة ويحتمل جبر النقص بالربح لأنه من الخسران
ج: لو تبايعا والنقد في البلد تلك الدراهم ثم سقطت لم يكن للبايع الا النقد الأول الجاري بين الناس وقت العقد ولو تعاملا بعد النقص والعلم فلا خيار للبايع و
إن كان قبل العلم فالوجه ثبوت الخيار للبايع سواء تبايعا في بلد السلطان أو غيره لأنه عيب حدث بعد العقد وقبل الاقباض. المقصد الرابع: في مداينة
العبد وباقي معاملاته وفيه مباحث. الأول: في غير المأذون العبد إما ان يأذن له مولاه في الاستدانة أو لا والثاني إما ان يكون مأذونا له في التجارة أو لا
فالأقسام ثلثة قدم منها البحث عن غير المأذون له في التجارة ولا في الاستدانة وهذا ان استدان شيئا لم يلزم مولاه منه شئ بل يتبعه المدين إذا أعتق
رجع عليه بماله إن كان ذا مال وان مات عبد أسقط الدين بلا خلاف ولو كان المال الذي استدانه بغير اذن مولاه موجودا استعيد به فان تلف بيع به بعد العتق
ولا فرق بين ان يكون صاحب المال عالما بعبوديته أو جاهلا وكذا ان اشترى بمال في ذمته بغير اذن مولاه وهل يصح عقد الشراء أو القرض الأولى المنع لأنه محجور
عليه ولأنه سيأتي ان العبد لا يملك شيئا وبه قال بعض الشافعية لأنه عقد معاوضة فلا يصح من العبد بغير اذن سيده كالنكاح وقال بعضهم يصح لان العبد رشيد
وانما لا يملك شيئا فإذا تصرف في ذمته على وجه لا يستضربه السيد جاز كالحر المعسر بخلاف النكاح لان فيه اضرارا بالمولى لان النفقة تتعلق بكسبه وكذا المهر. مسألة:
لو اقترض بغير اذن سيده أو اشترى في ذمته بغير اذن سيده فان قلنا بالجواز فللبايع والمقرض الرجوع فيه إذا كان في يد العبد لأنه قد تحقق اعساره فكان للبايع
الرجوع وبه قال الشافعي وفيه اشكال من حيث إن المقرض والبايع عالمان باعساره فلم يكن لهما الرجوع في العين كما لو باع المعسر مع علمه باعساره وحجر الحاكم عليه
وإن كان قد تلف في يده فقد استقر الثمن وعوض القرض عليه في ذمته يتبع به بعد العتق واليسار ولو كان سيده قد اخذه منه فقد ملكه إذ كل ما يملكه العبد لمولاه
ولم يكن للبايع ولا للمقرض الرجوع فيه لان السيد اخذ ذلك بحق إذ له اخذه منه فيسقط حق البايع والمقرض كما يسقط حق البايع يبيع المبيع ويكون للبايع والمقرض
العود في ذمة العبد يتبعه به إذا أعتق وأيسر وان قلنا بالمنع وان البيع والقرض فاسدان فان البايع والمقرض يرجعان في العين إن كانت موجودة سواء كانت في يد العبد
7

أو يد السيد لبقاء ملك البايع والمقرض فيهما وإن كانت قد تلفت في يد العبد كان عليه القيمة يتبع (به) بها بعد العتق واليسار إن كانت من ذوات القيم وإن كانت من ذوات
الأمثال وجب عليه مثله وإن كان قد تلف في يد السيد كان على السيد المثل أو القيمة ان شاء رجع به على السيد في الحال وان شاء طلب به العبد مع عتقه ويساره إذا عرفت
هذا فالأقرب عندي انه لا يصح شراؤه في ذمته ولا قرضه لاستحالة ان يثبت الملك له فإنه ليس أهلا للتملك على ما يأتي ولا للمولى لأنه ان ملك بغير عوض فهو تجارة
بالباطل إذ المالك انما دفع العين ليسلم له العوض فإذا لم يكن هناك عوض يكون تسلطا على ملك الغير بغير اذنه وان ملك السيد بعوض فاما في ذمته وهو باطل لان السيد
ما رضي به أو في ذمة العبد وهو باطل لامتناع حصول الشئ لمن ليس عليه عوض بل على غيره وكلا القولين للشافعية بناء على القولين في أن المفلس المحجور عليه إذا اشترى
شيئا هل يصح ووجه الشبه كمالية كل واحد منهما في عقله وعبارته وانما حجر عليه لحق الغير هذا أحد الطريقين والطريق الأخر القطع بالفساد بخلاف المفلس لأنه أهل للتملك.
مسألة: ان قلنا الشراء صحيح فالملك للسيد وان علم البايع عبوديته لم يطالبه بشئ ولا للسيد بل يصبر حتى يعتق العبد فإن لم يعتق أو كان معسرا ضاع الثمن وان لم
يعلم بالعبودية تخير بين الصبر إلى العتق وبين الفسخ ويرجع إلى عين ماله وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم الملك للعبد والسيد بالخيار بين ان يقر عليه وبين
ان ينتزعه من يده وللبايع الرجوع إلى عين المبيع ما دام في يد العبد لتعذر تحصيل الثمن كما لو أفلس المشتري بالثمن فان تلف ما في يده فليس له الا الصبر إلى أن يعتق
وان انتزع السيد فهل للبايع الرجوع قال أكثر الشافعية انه لا يرجع كما لو زال يد المشتري عما اشتراه ثم أفلس بالثمن وقال بعضهم يرجع بناء على أن الملك للسيد ابتداء
لا بالانتزاع وان أفسدنا شراءه فللمالك استرداد العين مع بقائها سواء كانت في يد السيد أو العبد فان تلفت في يد العبد من غير أن يقبضها السيد تعلق الضمان برقبته
وان تلف في يد السيد طالبه بالضمان وان شاء طالب العبد بعد العتق ولو رآه السيد ولم يأخذ لم يضمن بذلك سواء
كان البايع والمقرض عالمين بالعبودية أو جاهلين
وسواء رضي السيد بما فعله العبد أو لا إذا لم يكن قد اذن له أو لا ولو أدي العبد الثمن من مال السيد كان للسيد استرداده لوقوعه فاسدا. مسألة: ليس للعبد
ان ينكح بدون اذن سيده سواء اضطر إليه أو لا والا لكان له الوطي متى شاء وذلك يورث ضعف البنية ويتضرر به السيد وكذا حكم؟؟ يتعلق برقبة العبد
إما الهبة منه والوصية له فإنه هبة للسيد ووصية له إذ لا يصح ان يملك العبد شيئا فان قبل المولى أو العبد باذنه ملك المولى والا فلا ولا يصح قبول العبد من دون
اذن السيد لعدم رضاه بثبوت الملك وبه قال بعض الشافعية وقال آخرون منهم يصح قبول العبد من دون اذن مولاه لأنه اكتساب لا يستعقب عوضا فأشبه الاصطياد
بغير اذنه ولان العبد لو خالع زوجته صح وثبت العوض ودخل في ملك السيد قهرا كذا هنا. مسألة: لو ضمن بغير اذن السيد فالأقرب الجواز لأنه تصرف في
الذمة لا في العين ثم إن علم المضمون له بالعبودية قبل الضمان لم يكن له الرجوع والا رجع لاعساره وسيأتي تمامه انشاء الله تعالى وبالجملة فغير المأذون له في الاستدانة أو التجارة
ممنوع من التصرف في نفسه وما في يده ببيع وإجارة واستدانة وغير ذلك من جميع العقود الا بإذن مولاه الا الطلاق فان له ايقاعه وان كره المولى. مسألة:
المشهور بين علمائنا ان العبد لا يملك شيئا سواء ملكه مولاه شيئا أو لا وبه قال أبو حنيفة والثوري واسحق واحمد في إحدى الروايتين والشافعي في الجديد من القولين لقوله تعالى
ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وقوله تعالى هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء نفى عن القدرة مطلقا ونفي ان يشارك العبد
مولاه في شئ البتة فكأنه تعالى قال إذا لم يشارك عبد أحد مولاه في ملكه ويساويه فكذلك لا يشاركني في ملكي أحد فيساويني فيه فثبت ان العبد لا يملك شيئا ولأنه مملوك
ولا يملك شيئا كالدابة وقال بعض علمائنا انه يملك كفاضل الضريبة وأرش الجناية وما يملكه مولاه وبه قال مالك والشافعي في القديم واحمد في إحدى الروايتين و
داود وأهل الظاهر لقوله تعالى وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله فبين تعالى انه يغنيهم بعد فقر ولو لم يملكوا لم يتصور
فيه الغنى ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من باع عبدا وله مال فماله للعبد الا ان يستثنيه السيد ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة عن الصادق (ع)
في الرجل يشتري المملوك وله مال لمن ماله فقال إن كان علم البايع ان له مالا فهو للمشتري وان لم يكن علم فهو للبايع ولأنه آدمي فأشبه الحر والغنى يكون بعد العتق
كما يكون في الحر بعد التجارة وخبر العامة غير ثابت عندهم وعارضوه بما رووه عنه (ع) أنه قال من باع عبدا وله مال فماله للبايع الا ان يشترطه المبتاع وقد رواه الخاصة في
الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهما السلام قال سألته عن رجل باع مملوكا فوجد له مالا فقال المال للبايع انما باع نفسه الا ان يكون شرط عليه ان ما كان
له من مال أو متاع فهو له ولو ملكه العبد لم يكن للبايع فلما جعله للبايع دل على أن العبد لم يملك وثبت بذلك ان الإضافة مجاز ويفارق الحر لأنه غير مملوك وملك النكاح لأنه موضع
حاجة وضرورة لأنه لا يستباح في غير ملك ولأنه لما ملكه لم يملك السيد إزالة يده عنه بخلاف المال والفايدة في القولين تظهر في الزكاة فان قلنا يملك فلا زكاة
لضعف ملكه إذ لمولاه انتزاعه منه متى شاء وان قلنا لا يملك وجبت الزكاة على المولى وإذا ملكه جارية وقلنا يملك استباح وطؤها والا فلا ويكفر بالمال ان قلنا يملك والا بالصوم
. البحث الثاني: في المأذون له في الاستدانة. مسألة: يجوز للسيد ان يأذن لعبده في الاستدانة والتجارة وساير التصرفات اجماعا ولأنه صحيح العبادة
وانما منع من التصرف لحق السيد فإذا امره زال المانع إذا ثبت هذا فإذا اذن له في الاستدانة فان استدان للمولى باذنه كان الضمان على المولى لأنه المستدين في الحقيقة
والمملوك نايبه وان استدان لنفسه بإذن المولى فان استبقاه مملوكا أو باعه فالضمان على المولى أيضا لأنه باذنه دفع المالك ماله إليه ولما رواه أبو بصير عن الباقر (ع) قال قلت
له الرجل يأذن لمملوكه في التجارة فيصير عليه دين قال إن كان اذن له ان يستدين فالدين على مولاه وان لم يكن اذن له ان يستدين فلا شئ على المولى ويستسعى العبد في الدين
. مسألة: لو أعتقه مولاه وقد اذن له في الاستدانة فاستدان فالأقرب الزام العبد بما استدانه لأنه أخرجه في مصلحته فكان عليه أداؤه بخلاف ما لو باعه
مولاه واستبقاه لان التفريط من المولى باذنه وعدم تمكن صاحب المال من اخذه ولما رواه عثمان بن عيسى عن طريف الاكفافي قال كان اذن لغلام له في الشراء والبيع فأفلس
ولزمه دين فاخذ بذلك الدين الذي عليه وليس يساوي ثمنه ما عليه من الدين قال فقال الصادق (ع) ان بعته لزمك وان أعتقه لم يلزمك فعتقه لم يلزمه شئ ويحتمل
الزام المولى لأنه اذن له في الاستدانة فكأنه قد اذن له في اتلاف مال الغير ولا شئ للعبد حالة الاذن فتضمن ذلك الالتزام بما يستدينه وهذا هو المشهور. مسألة:
لو استدان العبد بإذن المولى ثم مات المولى وعليه ديون وقصرت التركة عن الديون قسمت التركة على دين المولى ودين العبد بالنسبة لأنهما معا يستحقان في ذمة
المولى ولما رواه زرارة سألت الباقر (ع) عن رجل مات وترك عليه دينا وترك عبدا له مال بالتجارة وولدا وفي يد العبد مال ومتاع وعليه دين استدانه العبد في حياة سيده
في تجارة فان الورثة وغرماء الميت اختصموا فيما في يد العبد من المال والمتاع وفي رقبة العبد فقال ارى ان ليس للورثة سبيل على رقبة العبد ولا على ما في يديه من المتاع و.
المال الا ان يظهر دين الغرماء جميعا فيكون العبد وما في يده للورثة فإن كان أبوا كان العبد وما في يده للغرماء مقدم العبد وما في يديه من المال ثم يقسم ذلك بينهم
8

بالحصص فان عجز قيمة العبد وما في يده عن أموال الغرماء رجعوا على الورثة فيما بقي لهم إن كان الميت ترك شيئا قال فان فضل من قيمة العبد وما كان في يده عن دين
الغرماء رده على الورثة. مسألة: لو اذن المولى لعبده في الشراء للعبد صح والأقرب انه لا يملكه العبد فحينئذ يملكه المولى لاستحالة تملك لا مالك له ولكن للعبد
استباحة التصرف والوطي لو كان أمة لا من حيث الملك بل لاستلزامه الاذن إذا عرفت هذا فليس الاذن في الاستدانة للمملوك اذنا للمملوك المأذون لاختصاصه
بالمأذون فلا يتعدى إلى غيره بالأصل ولا بد في اذن الاستدانة من التصريح فلا يكفي السكوت لو رآه يستدين ولا ترك الانكار إما لو أمر صاحب المال بالإدانة لعبده فالأقرب
انه اذن للعبد فيستبيح العبد التصرف ويتعلق الضمان بالمولى بل هو أبلغ من الاذن للعبد. البحث الثالث: في المأذون له في التجارة والنظر فيه يتعلق بأمور
ثلثة الأول فيما يجوز له من التصرفات. مسألة: إذا اذن السيد لعبده في التجارة اقتصر على ما حده له ولا يجوز له التعدي إلى غيره سواء كان في جنس ما يشتريه
ويبيعه أو في القدر أو في السفر إلى موضع وان عمم له جاز ولم يختص الاذن بشئ من الأنواع دون شئ ويستفيد المأذون له في التجارة بالاذن كل ما يندرج
تحت اسم التجارة أو كان من لوازمها وتوابعها كنشر الثوب وطيه وحمل المتاع إلى المنزل والسوق والرد بالعيب والمخاصمة في العهدة ونحوها فلا يستفيد به غير ذلك
فليس له النكاح لان الاذن تعلق بالتجارة وهي لا تتناول النكاح فيبقى على أصالة المنع وكما أن المأذون له في النكاح ليس له ان يتجر كذا بالعكس لان كل واحد منهما لا يندرج
تحت اسم الآخر. مسألة: ليس للمأذون في التجارة ان يواجر نفسه لأنه لا يملك التصرف في رقبته فكذا في منفعته وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم انه يملك
ذلك وبه قال أبو حنيفة وهل له اجارة أموال التجارة كالعبيد والدواب الأقرب اتباع العادة في ذلك وللشافعية وجهان أحدهما المنع كما أنه لا يواجر نفسه والثاني الجواز
لاعتياد التجار ذلك ولان المنفعة من فوايد المال فيملك العقد عليها كالصوف واللبن ولان ذلك أنفع للمالك فيكون محسنا به فلا سبيل عليه لقوله تعالى ما على المحسنين
من سبيل. مسألة: لو اذن له السيد في التجارة في نوع من المال لم يصر مأذونا في ساير الأنواع وكذا لو اذن له في التجارة شهرا أو سنة لم يكن مأذونا بعد تلك
المدة عند علمائنا وبه قال الشافعي اقتصارا بالاذن على مورده لعدم تناوله غير ذلك النوع وقال أبو حنيفة ان الاذن في نوع يقتضي الاذن في غيره وكذا الاذن
في التجارة مدة يقتضي تعميم الأقارب لان في الاذن في مدة غرورا للناس لانهم يحسبونه مأذونا له في كل نوع والغرور من المغرور صد وحيث بنى الامر على التخمين
ولم يفحص في البحث عن حاله كما أنه لو لم يأذن لعبده في التجارة فعامل العبد فتوهم الغير الاذن لم يلزم المولى حكم كذا هنا واعلم أن أبا حنيفة سلم انه لو دفع
المولى إليه ألفا ليشتري به شيئا لا يصير مأذونا له في التجارة ولو دفع إليه ألفا وقال أتجر فيه فله ان يشتري بعين ما دفع إليه وبقدره في الذمة لا يزيد عليه ولو قال
اجعله رأس مالك وتصرف واتجر فيه فله ان يشتري بأكثر من القدر المدفوع إليه. مسألة: لو اذن لعبده في التجارة وكان للمأذون عبد لم يكن لعبد المأذون
التجارة ولا للمأذون ان يأذن له الا بإذن مولاه لان المولى انما اعتمد على نظر المأذون فلم يكن له ان يتجاوزه بالاستنابة كالتوكيل وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
ان للمأذون ان يأذن لعبده في التجارة وليس بمعتمد ولو اذن له السيد في ذلك ففعل جاز ثم ينعزل مأذونه بعزل السيد له أو للمأذون سواء انتزعه من يد المأذون
أو لا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا لم ينزعه لم ينعزل وهل للمأذون ان يوكل غيره في آحاد التصرفات (المأذون) الأولى المنع لان السيد لم يرض بتصرف غيره وللشافعية وجهان
هذا أحدهما والثاني ان له ذلك لأنها تصدر عن نظره وانما المنع؟ ان يقيم غيره مقام نفسه والمعتمد الأول. مسألة: ليس للمأذون التصدق الا مع علم انتفاء كراهية
المولى ولا ينفق على نفسه من مال التجارة لأنه ملك لسيده وعند أبي حنيفة له ذلك والشافعي وافقنا على ما قلناه ولا يتخذ الدعوة للمجهرين ولا يعامل سيده بيعا
وشراء لان تصرفه لسيده بخلاف المكاتب يتصرف لا لسيده وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة له ان يعامل سيده وربما قيد بعض الشافعية ذلك بما إذا ركبته الديون
. مسألة: لو احتطب المأذون له في التجارة أو اصطاد أو قبل الوصية أو اخذ من معدن أو مباح لم ينضم إلى مال التجارة فليس له التصرف فيه الا بإذن مولاه لأنه مال اكتسبه بغير التجارة فيكون للسيد والسيد لم يأذن له في التصرف
فيه ولا يسلمه إليه ليكون رأس المال وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم له ذلك لأنه من جملة اكتسابه وهو غير دال على الغرض إذا الكسب لا ينافي المنع. مسألة:
وفي انعزال المأذون بالاباق نظر أقربه ذلك قضاء للعادة فان خروجه عن طاعة مولاه يؤذن بكراهة المولى لتصرفه حيث خرج عن الأمانة وبه قال أبو حنيفة ويحتمل ان لا
ينعزل بالاباق بل له التصرف في البلد الذي خرج إليه الا إذا خص السيد الاذن بهذا البلد لان الاباق عصيان فلا يوجب الحجر كما لو عصى السيد من وجه آخر والفرق
ظاهر فان قهر المولى على نفسه بالاباق يقتضي قهره على ما بيده فلا يناسب الاذن له في التصرف فيه ولو اذن لجاريته في التجارة ثم استولدها ففيه هذا الخلاف
ولا خلاف في أن له ان يأذن لمستولدته في التجارة وعندنا لو اذن لجاريته في التجارة ثم استولدها لم يبطل الاذن. مسألة لو شاهد عبده يبيع ويشتري
فسكت عنه ولم ينكر عليه ولم يظهر منه اثر الاختبار لم يصر مأذونا له في التجارة وبه قال الشافعي كما لو رآه ينكح فسكت لم يكن مأذونا له في النكاح كذا هنا وقال أبو حنيفة
أنه يكون مأذونا له في التجارة بمجرد السكوت. مسألة: لو ركبت المأذون الديون لم يزل ملك سيده عما في يده فلو تصرف فيه المولى ببيع أو هبة أو اعتاق بإذن
المأذون والغرماء جاز فيكون الدين في ذمة العبد فان اذن العبد دون الغرماء لم يجز عند الشافعي وان اذن الغرماء دون العبد فللشافعية وجهان وقال أبو حنيفة
إذا ركبته الديون يزول ملك السيد عما في يده ولا يدخل في ملك الغرماء وهو يستلزم المحال وهو وجود ملك لا مالك له والأقرب ان ما في يده لولاه ويصح تصرفه فيه
بجميع أنواع التصرفات ولا اعتراض للمولى ولا للغرماء. مسألة: لو أقر العبد المأذون بديون المعاملة ففي قبوله اشكال ينشأ من أنه يملك ذلك فيملك الاقرار
به ومن انه اقرار في حق المولى والمعتمد الثاني وقالت الشافعية انه يقبل ولا فرق بين ان يقر بها لأجنبي أو لولده أو لأبيه وقال أبو حنيفة لا يقبل اقراره لهما إما لو أقر
بغير دين المعاملة فإنه غير نافذ وكذا لو أقر غير المأذون لأنه اقرار في حق المولى. مسألة: إذا أقر العبد بجناية توجب القصاص أو الدية أو أقر بحد أو تعزير
لم يقبل اقراره في حق مولاه بمعنى انه لا يقتص منه ما دام مملوكا ولا يطالب بالمال ولا بالحد ولا بالتعزير سواء كان مأذونا في التجارة والاستدانة أو لا وبه قال زفر و
المزني وداود الظاهري وابن جرير الطبري لأنه اقرار في حق المولى ولأنه يسقط حق السيد به فأشبه اقراره بالخطأ وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك يقبل اقراره
بما يوجب القصاص ويكون للمقر له استيفاءه لان ما لا يقبل فيه اقرار السيد على العبد يقبل اقرار العبد فيه كالطلاق بخلاف جناية الخطأ لان العبد يلحقه التهمة في ذلك وهذا يقبل اقرار السيد بها في مسئلتنا لا يلحقه التهمة
لأنه يتلف بذلك نفسه ولهذا يقبل اقرار المراة بالقتل وان تضمن ابطال حق الزوج ولا يقبل بما يحرمها عليه مع سلامتها ونمنع عمومية ان ما لا يقبل فيه اقرار السيد
يقبل فيه اقرار العبد والتمسك بالاطلاق تمسك بأمر جزئي لا يدل على الحكم الكلي وقال احمد يقبل اقراره في ما دون النفس ولا يقبل في النفس لما روى عن أمير المؤمنين (ع)
انه قطع عبدا باقراره ونحن نمنع ذلك وانما قطعه بالبينة إذا ثبت هذا فان أعتق نفذ اقراره وطولب بمقتضاه وان أقر بجناية الخطاء فعندنا لا يقبل اقراره في
حق مولاه على ما تقدم وقال الشافعي هنا بقولنا ويتعلق الاقرار بذمته يتبع به إذا أعتق وأيسر بخلاف المحجور عليه للسفه إذا أقر بالجناية فإنه لا يلزم لا حال الحجر ولا
9

بعد فكه لأنا أبطلنا اقراره لسفهه فلا نلزمه إياه لان ذلك تضييع لماله الذي حفظناه بالحجر والعبد رشيد وانما رددنا اقراره لحق سيده فإذا زال حقه
وملك المال ألزمناه حق اقراره. مسألة: لو أقر العبد بسرقة سواء كان مأذونا أو لا لم ينفذ اقراره في حق مولاه لأنه اقرار على الغير فان أعتق الزم بمقتضاه
سواء كانت السرقة مما توجب القطع أو لا كالسرقة من غير حرز أو لما دون النصاب ويكون المقر به في ذمته تالفا أو باقيا لأنه متهم في اقراره وقال الشافعي إن كانت السرقة
لا يوجب لم يقبل في حق المولى ويتبع العبد بها بعد العتق وان أوجبت القطع صح اقراره في وجوب القطع عليه كما يصح فيما يوجب القصاص واما المسروق فإن كان تالفا
فهل يصح اقراره ويتعلق برقبته أو يكون في ذمته للشافعية قولان أحدهما انه يصح ويتعلق برقبته لان اقراره متضمن للعقوبة فلا تهمة فيه كما لو أقر بجناية العمد فإنه
يصح وإن كان الولي إذا عفى وجب المال في رقبته والثاني لا يجب في رقبته وانما يتعلق بذمته لأنه اقرار بالمال فأشبه ما لا يجب به القطع ويفارق الاقرار بالقصاص لاقراره
بالعقوبة وانما يصير مالا بعفو الولي واختياره وهنا يقر بالمال الا ترى انه إذا أقام المسروق منه شاهدا وامرأتين ثبت المال دون القطع ولو شهد بقتل العمد شاهد
وامرأتان لم تثبت العقوبة ولا الدية فان رجع عن اقراره سقط القطع ويتعلق المسروق بذمته قولا واحدا لان التهمة تلحقه الان وإن كانت العين المسروقة قائمة فإن كانت
في يد السيد وأنكر السيد قدم قوله مع اليمين وأوجب اقرار العبد القطع ولا يجب به رد العين وانما يثبت بدلها في ذمته كالحر إذا أقر بسرقة عين في يد من يدعيها
لنفسه فإنه يقطع ولا يرد ويغرمها وإن كانت في يد العبد اختلفوا في ذلك على طريقين قال ابن شريح في رد ذلك قولين كما لو كانت العين تالفة وقال غيره لا ترد العين قولا
واحدا لان يده كيد سيده ولو كانت في يد سيده لم ترد ولان هذا يؤدي إلى أن يقبل اقراره في أكثر من قيمته وهو ان يكون العين أكثر منه قيمة وهذا كله عندنا باطل
وان اقراره لا ينفذ لا في المال ولا في القطع إذا ثبت هذا فان الشافعية قالوا إنه يقطع ولا ترد العين وبه قال مالك واحمد وقال أبو حنيفة لا يقطع ولا يرد العين
وهو مذهبنا لأن العين يحكم بأنها للسيد ولا يجوز ان يقطع في ملك سيده وقال محمد يقطع ويرد العين لأنه انما أقر بسرقة العين فإذا أوجبنا القطع فيها وجب ردها
واحتج الشافعي بأنه أقر بسرقة عين هي ملك لغيره في الظاهر فوجب ان يقبل اقراره في دون العين كما لو أقر الحر بسرقة ماله في يد غيره ويمنع انها ملك الغير بل هي ملك السيد
تذنيب: لو صدق المولى العبد في اقراره بما يوجب القصاص أو الحد قبل واستوفي من العبد ما يقتضيه اقراره. مسألة: من عامل المأذون وهو
لا يعرف رقه صح تصرفه ولا يشترط علمه بحاله ولو عرف رقه لم يجز له معاملته الا ان يعرف اذن السيد ولا يكفي قول العبد انا مأذون لان الأصل عدم الإذن فاشتبه ما إذا زعم
الراهن اذن المرتهن في بيع المرهون ولأنه مدع لنفسه فلا يقبل دعواه الا ببينة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يكفي قول العبد كما يكفي قول الوكيل قالت الشافعية بينهما
فرق لان في الوكيل لا حاجة إلى دعوى الوكالة بل يجوز معاملته بناء على ظاهر الحال وان لم يدع شيئا وهنا بخلافه وانما يعرف كونه مأذونا إما بسماع الاذن من السيد أو ببينة
تقوم عليه ولو شاع في الناس كونه مأذونا فوجهان أصحهما عندهم يكتفي فيه أيضا لان إقامة البينة لكل معامل مما يعسر والوجه عندي عدم الاكتفاء والعسر يندفع باثبات
الحاكم ولو عرف كونه مأذونا ثم قال العبد حجر علي السيد لم يعامل فان قال السيد لم احجر عليه فوجهان للشافعية أصحهما عندهم انه لا يعامل أيضا لأنه العاقد
والعقد باطل بزعمه والثاني انه يجوز معاملته وهو مذهبنا وبه قال أبو حنيفة اعتمادا على قول السيد. مسألة: لو عامل المأذون من عرف رقه ولم يعرف
اذنه ثم بان كونه مأذونا صحت المعاملة لظهور الاذن المقتضي لصحتها وليس العلم به شرطا في الصحة بل في العلم بها وقالت الشافعية انه يلحق بما إذا باع مال أبيه على ظن أنه حي
فبأن ميتا ويقرب منه قولان للشافعية فيما إذا كذب مدعي الوكالة ثم عامله ثم ظهر صدق دعوى الوكيل في الوكالة وكل هذا عندنا يقع صحيحا لما قلناه من أن العلم شرط في
العلم ولو عرف كونه مأذونا فعامله ثم امتنع من التسليم إلى أن يقع الاشهاد على الاذن فله ذلك خوفا من خطر انكار السيد كما لو صدق مدعي الوكالة بقبض الحق ثم امتنع
من التسليم حتى يشهد الموكل على الوكالة وهل يجوز معاملة من لا يعرف رقه وحريته الأقرب ذلك لان الأصل الحرية وعدم الحجر وهو أحد قولي الشافعية والثاني المنع
لان الأصل بقاء الحجر الثابت عليه بالصغر. مسألة: إذا اطلق له الاذن في الشراء انصرف إلى النقد فان اذن له في النسية جاز فيثبت الثمن في ذمة المولى وليس له
الاستدانة الا مع ضرورة التجارة المأذون له فيها فيلزم الدين المولى لان الاذن في الشئ يستلزم الاذن فيما لا يتم ذلك الشئ الا به إما لو استدان لغير مصلحة التجارة
فإنه لا يلزم المولى بل يتبع به بعد العتق فان أعتق اخذ منه والا ضاع ولا يستسعى على رأي لان في ذلك اضرارا بالمولى فكان المؤدي المولى. النظر الثاني: العهدة
مسألة: إذا باع المأذون سلعة وقبض الثمن فظهرت السلعة مستحقة وقد تلف الثمن في يد العبد فللمشتري الرجوع ببدله على السيد لأن العقد له والعبد
نايب عنه وعبارته مستعارة فكأنه البايع والقابض للثمرة وهو أحد قولي الشافعية وفي الثاني يرجع المشتري على العبد ببدله لأنه المباشر للعقد ولهم قولان آخران أحدهما
انه لا يرجع على العبد ولا السيد لان السيد بالاذن قد أعطاه استقلالا فشرط من معامله قصر الطمع عن يده وذمته والثاني انه إن كان في يد العبد وفاء فلا يطالب
لحصول غرض المشتري والا طولب السيد وقال ابن شريح إن كان السيد قد دفع إليه عين ماله وقال بعها وخذ ثمنها واتجر فيه أو قال اشتر هذه السلعة وبعها واتجر في
ثمنها ففعل ثم ظهر الاستحقاق وطالبه المشتري بالثمن فله ان يطالب السيد بقضاء الدين عنه لأنه أوقعه في هذه الغرامة وان اشترى باختياره سلعة وباعها ثم ظهر
الاستحقاق فلا. مسألة المأذون له في التجارة إذا اشترى شيئا للتجارة طولب السيد بالثمن لأنه نايب عنه ووكيل له وللشافعية الأوجه الثلاثة السابقة والوجه الأول
والثاني جاريان في عامل القراض مع رب المال لتنزيل رب المال العهدة على المال المعين ولو دفع شحص إلى وكيله مالا وقال اشتر لي عبدا وأد هذا في ثمنه فاشترى
الوكيل ففي مطالبة الموكل بالثمن عند الشافعية طريقان أحدهما انه يطالب ولا حكم لهذا التعيين مع الوكيل لان الوكيل سفير محض والمأذون مملوكه يلزمه الامتثال والزام
ما يلزم السيد ذمته وأحسنهما عندهم طرد القولين فيه والوجه أن يقول إن كان الموكل قد عين المدفوع في الثمنية في العقد فاشترى الوكيل به لم يطالب الموكل وان لم يدفعه
بطل الشراء ان سمي الموكل لمخالفته امره وان لم يسمه وقع الشراء له وكان عليه الثمن فلا يطالب الموكل وان لم يكن قد عين المدفوع في الثمنية في العقد كان للبايع مطالبة
الموكل. مسألة: إذا توجهت المطالبة على العبد لم تسقط ولا يندفع عنه بعتقه لكن في رجوعه بالمعزوم بعد العتق للشافعية وجهان أحدهما يرجع لانقطاع
استحقاق السيد بالعتق وأظهرهما عندهم لا يرجع لان المؤدي بعد العتق كالمستحق بالتصرف السابق على الرق
وهذا كالخلاف في السيد إذا أعتق العبد الذي
اجره في أثناء مدة الإجارة هل يرجع بأجرة مثله للمدة الواقعة بعد العتق. مسألة: لو سلم إلى عبده ألفا للتجارة فاشترى بالعين شيئا ثم تلف الألف في يده انفسخ العقد
كما لو تلف المبيع قبل القبض وان اشترى في الذمة على عزم صرف الألف في الثمن فالأقرب انه لا يجب على السيد دفع البدل لأنه اذن بالمعاملة بما دفعه وهو ينصرف إلى الشراء
بالعين لكن السيد ان دفع ألفا اخرا مضى العقد والا فللبايع فسخ العقد وهو أحد أقوال الشافعية والثاني انه ينفسخ بالعقد كما لو اشترى بالعين لان المولى حصر اذنه
في التصرف في ذلك الألف فقد فات محل الاذن فبطل البيع والثالث انه يحب على السيد الف اخر لأن العقد وقع له والثمن غير متعين فعليه الوفاء باتمامه ولا بأس به
10

إن كان السيد قد اطلق له ذلك بل هو المتعين حينئذ والا فالوجه ما قلناه وللشافعية وجه رابع وهو ان يكون الثمن في كسب العبد وكذا لو دفع إلى عامل القراض ألفا
فاشترى العامل بمال في الذمة وتلف الألف عنده هل يجب على رب المال الف اخر أو ينقلب العقد إلى العامل ان قلنا بالأول فعلى السيد الف اخر فهل للعبد ان ينصرف
فيه بالاذن السابق أم لا بد من اذن جديد فيه وجهان كالوجهين في أنه إذا اخرج ألفا اخرا في صورة القراض فرأس المال الف أو الفان ان قلنا الف فلابد من اذن جديد و
وان قلنا الفان كفى الإذن السابق والألف الجديد انما يطالب به البايع دون العبد ولا شك ان العبد لا يمد يده إلى الف من بمال السيد وانه لا ينصرف فيما قبضه البايع وانما
يظهر فايدة الخلاف فيما إذا ارتفع العقد بسبب من الأسباب ورجع الألف. مسألة: إذا أتجر المأذون وحصل عليه ديون وفى يده مال وكان الذي استدانه في مصلحة التجارة
قضيت ديونه مما يده وان شاء المولى دفع من عنده وان لم يكن بقي في يده شئ فان الديون يكون في ذمته يتبع بها إذا أعتق وأيسر ان صرفها في غير مصلحة التجارة
والشافعية اطلقوا وقالوا لا يتعلق برقبته وبه قال مالك لأنه دين ثبت على العبد برضى من له الدين فوجب ان لا يتعلق برقبته كما لو استقرض بغير اذن سيده وقال أبو
حنيفة يباع العبد فيه إذا طالبه الغرماء ببيعه لأنه دين تعلق بالعبد بإذن سيده فوجب ان يباع فيه كما لو رهنه وفرق بينهما لان الدين؟؟ فيه باختيار السيد وفي صورة
النزاع انما اذن له في التجارة ولم يأذن في تأخير الثمن في ذمته ويخالف أيضا النفقة في النكاح حيث تعلقت بكسبه لان اذن السيد في النكاح يتضمنها وهنا لا يتضمن اذنه
وانما اذن له في التجارة وطلب الفايدة دون المداينة والخسران وقال أحمد بن حنبل يتعلق بذمة السيد لأنه اذن له في التجارة فقد غر الناس بمعاملته واذن له فيها فصار ضامنا
وليس بصحيح لان السيد لم يضمن عن عبده ولا في ذلك غرر وانما اذن له في التجارة وهذا لا يتضمن تعديله ولا اثبات وفائه وتبطل بمن بايع رجلا معسرا وعامله فإنه قد
غر الناس ولا يضمن. النظر الثالث: في قضاء ديونه. مسألة: ديون معاملات المأذون تؤخذ مما في يده من مال التجارة سواء فيه الأرباح الحاصلة بتجاراته ورأس المال و
لو أداه السيد جاز وهل يودي من كسبه بغير طريق التجارة كالاصطياد والاحتطاب مقتضى مذهبنا ذلك لان جميع ذلك ملك السيد وللشافعية وجهان هذا أحدهما
كما يتعلق به المهر ومؤن النكاح الا ان الشافعية قالوا ما فضل من ذلك يكون في ذمته إلى أن يعتق والثاني لا كسائر أموال السيد وعلى الأول هل يتعلق بما كسبه بعد الحجر
وجهان للشافعية أصحهما عندهم انها لا يتعلق به ولا برقبته ولا بذمة السيد لأنه دين لزمه برضى من له الدين فلا يتعلق برقبته كما لو استقرض بغير اذن السيد وخالف
فيه أبو حنيفة واما انها لا يتعلق بذمة السيد فلان ما لزم بمعاوضة معقودة باذنه وجب ان يكون متعلقة كسب العبد كالنفقة في النكاح. مسألة: لو اذن
المولى لجاريته في التجارة فعلاها ديون لم يتعلق الديون بأولادها سواء ولدوا قبل الاذن في التجارة أو بعدها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان ولدوا بعد الاذن
في التجارة تعلق الدين بهم والا فلا ولو أتلف السيد ما في يد المأذون من أموال التجارة فعليه ما أتلف بقدر الدين ولو أنه قتل المأذون وليس في يده مال لم يلزمه قضاء
الديون الا ان يكون في مصلحة التجارة ولو تصرف فيما في يد المأذون ببيع أو هبة أو اعتاق ولا دين على العبد كان تصرفه ماضيا وفي وجه للشافعية يشترط ان يتقدم عليه
حجرا وإن كان عليه دين. مسألة: إذا باع المأذون أو أعتقه صار محجورا عليه وهو أصح وجهي الشافعية وفي قضاء ديونه مما يكسبه في يد المشتري الخلاف المذكور فيما
يكسبه بعد الحجر عليه وأكثر المسايل الخلافية في المأذون يبنى على أنه يتصرف لنفسه أو لسيده فعند أبي حنيفة يتصرف لنفسه وعندنا وعند الشافعي لسيده فلذلك
يقول ليس له ان يبيع نسيئة ولا بدون ثمن المثل ولا يسافر بمال التجارة الا بإذن السيد ولا يتمكن من عزل نفسه بخلاف الوكيل ولو اذن لعبده في التجارة مطلقا ولم
تعين مالا قال بعض الشافعية لا يصح هذا الاذن وقال بعضهم يصح وله التصرف في أنواع الأموال. مسألة: لو اذن السيد لعبده في أنه يضمن من انسان مالا
فضمنه تعلق المال بذمة العبد لأنه ثبت برضى من له الحق وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يتعلق بكسبه ويكون يمنزلة المهر والنفقة لأنه اذن في سببه. مسألة:
قد بينا انه لا يقبل اقرار العبد سواء كان مأذونا له أو لا بقصاص ولا حد ولا في مال في حق سيده وقال الشافعي يقبل في الجناية والحد وعندنا إذا صدقه السيد الأقرب القبول فإذا ثبت القبول مطلقا أو بتصديق السيد فولى الجناية مخير بين القصاص والعفو مطلقا
وعند الشافعي على مال ونحن انما نثبت له العفو على المال مع رضي الجاني قال بعض الشافعية على القول بان الجناية يوجب أحد الامرين إذا اختار الملك كان فيه
وجهان بناء على القولين في المسروق لا يقال لا يثبت العفو على مال لأنه يوجب التهمة لامكان ان يواطي العبد من يقر له بالعمد ليعفو عنه لأنا نقول إنه أقر بالعمد
الموجب للقصاص وذلك لا تهمة فيه لأنه لا يأمن استيفاه منه والعاقل لا يغرر بنفسه وليس بجيد لان المواطاة ينفي ذلك إذا ثبت هذا فان قيمته إذا كانت أقل من أرش
الجناية لم يكن للولي الا ذلك لان الجاني هو العبد فلا يجب على غيره شئ وإن كانت قيمة العبد أكثر كان الفضل للسيد إذ ليس لصاحب الجناية أكثر من حقه وان أراد
السيد ان يفديه ففيه قولان لعلمائنا وللشافعي أيضا كالقولين أحدهما بأقل الامرين من قيمته أو أرش جنايته إن كان أكثر فلا يستحق بغير العبد الجاني
وانما يجب قيمته إذ لا شئ له أزيد منها وإن كان الأرش أقل لم يجب بالجناية الا هو والثاني انه يفديه بأرش الجناية بالغا ما بلغ لأنه يجوز ان يشتري بأكثر من قيمته بان
يرغب به راغب أو يزيد به زايد. مسألة: قد عرفت انه إذا أقر العبد سواء كان مأذونا له في التجارة أو لا بدين لم يقبل لأنه في الحقيقة اقرار في حق السيد سواء كان قد تلف المال
في يده أو لا وللشافعي فيما إذا تلف في يده وجهان وقال ابن شريح؟ إذا كان المال في يده فقولان ومنهم من قال تقبل قولا واحدا والحق ما قلناه نعم يقبل اقراره بكل
ذلك في زمنه يتبع به بعد العتق تم الجزء الثامن من كتاب تذكرة الفقهاء بعون الله تعالى ويتلوه الجزء التاسع
بتوفيق الله تعالى. بسم الله الرحمن الرحيم المقصد الثاني: في الرهن وفيه مقدمة وفصول. إما المقدمة: ففيها بحثان: الأول: في ماهيته الرهن
عقد شرع للاستيثاق على الدين وفي اللغة وضع للثبوت والدوام يقال رهن الشئ إذا ثبت والنعمة الراهنة هي الثابتة الدائمة وقيل جعل الشئ محبوسا اي
شئ كان بأي سبب كان قال الله تعالى كل نفس بما كسبت رهينة اي محبوسة بوبال ما كسبت من المعاصي ويقال رهنت الشئ فهو مرهون ولا يقال أرهنت الا
في الشواذ من اللغة يقال رهن فهو مرهون وارتهنته فهو مرهن ويقال ارهن في الشئ إذا عدل فيه وارهن ابنه إذا جعله رهينه وخاطر به وجمع الرهن
رهون ورهان واما الرهن فقال الفراء انه جمع الجمع وقال الزجاج يحتمل ان يكون جمع رهن كما يقال سقف وسقف الثاني الرهن سائغ بالنص والاجماع قال الله تعالى فرهان مقبوضة وروى
العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه عزمه وعن الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي وعن
عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله رهن درعه عند يهودي واخذ منه شعيرا لأهله ويقال ان النبي صلى الله عليه وآله عدل عن الرهن عند المسلمين إلى اليهودي خوفا من أن يحابوه أو يبروه من القرض
11

ومن طريق الخاصة ما رواه أبو حمزة قال سألته عن الرهن والكفيل في بيع النسية قال لا بأس به وعن معوية بن عمار قال سألت الصادق (ع) عن الرجل يسلم في الحيوان و
الطعام ويرتهن الرجل قال لا بأس يستوثق من مالك والاخبار في ذلك كثيرة لا تحصى وقد أجمعت الأمة كافة على جواز الرهن في الجملة وليس واجبا اجماعا وقوله تعالى
وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة المراد منه الارشاد دون الامر الموجب وهو عقد لازم من طرف الراهن جايز من جهة المرتهن اجماعا فليس للراهن
فسخ الرهن ويجوز للمرتهن فسخه. الفصل الأول: في الأركان وهي أربعة يشتمل عليها أربعة مباحث. المبحث الأول: في الصيغة الرهن كالبيع في افتقاره
إلى صيغة تدل عليه والأصل فيه ان المعاملات لابد فيها من التراضي بين المتعاملين والرضا من الأمور الباطنة الخفية عنا ولا يمكن التوصل إلى معرفته الا بالصيغ
الدالة عليه والخلاف في الاكتفاء فيه بالمعاطاة والاستيحاب والايجاب عليه المذكورة في البيع بجملته آت ههنا واعلم أن الرهن إما ان يكون مبتداء متبرعا به وهو
الذي لا يقع شرطا في عقد بل يقول الراهن رهنت هذا الشئ عندك على الدين الذي علي فيقول المرتهن قبلت واما ان يقع شرطا في عقد كبيع أو اجارة أو نكاح أو
غير ذلك فيقول بعتك هذا الشئ بشرط ان ترهنني عبدك فيقول اشتريت ورهنت أو زوجتك نفسي على مهر قدره كذا بشرط ان ترهنني دابتك على المهر فيقول الزوج
قبلت ورهنت فالقسم الأول لابد فيه من الايجاب والقبول عند من اشترطهما ولم يكتف بالمعاطاة واما القسم الثاني فقد اختلفوا فيه فقال بعض الشافعية إذا
قال البايع بعتك كذا بشرط ان ترهنني كذا فقال المشتري اشتريت ورهنت لابد وأن يقول البايع بعد ذلك قبلت الرهن وكذا إذا قالت المراة زوجتك نفسي بكذا
بشرط ان ترهنني كذا فقال الزوج قبلت النكاح ورهنتك كذا فلابد أن يقول المراة بعد ذلك قبلت الرهن لأنه لم يوجد في الرهن سوى مجرد الايجاب وهو بمفرده غير
كاف في اتمام العقد وقال آخرون ان وجود الشرط من البايع والزوجة يقوم مقام القبول لدلالته عليه وكذا الاستيجاب يقول مقام القبول. مسألة: قد بينا انه
لابد في الرهن من ايجاب وقبول فالايجاب كقوله رهنتك أو هذا وثيقة عندك على كذا أو هو رهن عندك وما أدي هذا المعنى من الألفاظ والقبول كقوله قبلت أو رضيت
وما أدي معناه ولابد من الاتيان فيهما بلفظ الماضي فلو قال أرهنك كذا وانا اقبل لم يعتد به وكذا لا يقوم الاستيجاب مقام القبول لعدم دلالته على الجزم بالرضا
وهل يشترط في الصيغة اللفظ العربي الأقرب العدم ولا يكفي الإشارة ولا الكتابة الا مع العجز عن النطق فيكفي الإشارة الدالة عليه وكذا الكتابة مع الإشارة ولا يكفي
الكتابة المجردة عن الإشارة الدالة على الرضا. مسألة: الرهن عقد قابل للشروط الصحيحة التي لا تفضي إلى جهالة في بيع ان شرط فيه عند علمائنا أجمع لقوله (ع) المؤمنون
عند شروطهم ولقوله تعالى أوفوا بالعقود ومعنى الايفاء العمل بمقتضاه فإذا كان مشروطا دخل تحت هذا الامر وقالت الشافعية ان شرط في الرهن شرطا فاما ان يكون من
مقتضى عقد الرهن أو لا يكون من مقتضاه فإن كان الأول مثل ان يشرط كون الرهن في يد المرتهن أو عدل أو يبيعه عند محل الدين أو يشترط منافعه للراهن أو على أن
يباع الرهن في دينك عند الحاجة أو يتقدم به عند تزاحم الغرماء أو لا أبيعه الا باذنك فان مثل هذه الشروط كلها لا يضر التعرض بها لا في رهن التبرع ولا في رهن المشروط
في العقد وانما هو تصريح بمقتضى العقد وتأكيد لمقتضاه وإن كان الثاني فإما ان يتعلق بمصلحة العقد كالاشهاد أو لا يتعلق به غرض كقوله بشرط ان لا يأكل الا اللحم
أو ما عداهما والأولان فيهما قولان كما لو شرطا في البيع وقد سبق فيه حكمهما والثالث وهو ان يشترط ما عداهما فإما ان ينتفع المرتهن ويضر الراهن أو بالعكس فالنوع الأول
كما إذا رهن داره بشرط ان يرهن غيرها أو بشرط ان لا ينفك الرهن بعد أداء الدين شهرا أو ان يكون منافع المرهون أو زوايده للمرتهن أو ان لا يسلمه إليه أو ان لا
يبيعه عند محل الحق أو ان لا يبيعه الا بما يرضى به فهنا يبطل الشرط عند الشافعي ثم إن كان الرهن رهن تبرع فللشافعي قولان أصحهما عنده ان الرهن فاسد أيضا
لما فيه من تغيير قضية العقد والثاني وبه قال أبو حنيفة لا يفسد بفساد الشرط لان الرهن تبرع من الراهن وهذا الشرط فيه تبرع آخر واحد التبرعين لا يبطل
ببطلان الثاني كما لو اقرضه الصحاح وشرط رد المكسر يلغو الشرط ويصحح القرض وإن كان الرهن مشروطا في بيع نظر فإن لم يجر الشرط جهالة الثمن كما إذا اشترط في البيع رهنا
على أن يبقى محبوسا عنده بعد أداء الثمن شهرا ففي فساد الرهن القولان السابقان في رهن التبرع فان فسد ففي فساد البيع القولان في أن الرهن وساير العقود المستقلة
إذا شرطت في البيع على نعت الفساد هل يفسد البيع قولان تقدما فان قلنا بصحة البيع فللبايع الخيار صح الرهن أو فسد لأنه ان صح لم يسلم له الشرط وان لم يصح لم يسلم له
أصل الرهن فان جر الشرط جهالة الثمن كما إذا شرط في البيع وهنا وشرط ان يكون منافعه وزوايده للمرتهن فالبيع باطل لان المشروط استحقاقه يصير جزءا من الثمن وهو
مجهول وإذا بطل البيع بطل الرهن والشرط لا محالة هذا ما اتفق عليه جماهيرهم ووراؤه كلامان آخران أحدهما نقل المزني في المسألة ان للبايع الخيار في فسخ البيع
واثباته وتوهم انه ذهب إلى تصحيح العقد إذا حذف منه الشرط الفاسد واعترض عليه بأنه خلاف أصله في أن الفاسد لا خيار فيه وأصحابه خطاؤه في قيله وتوهمه والثاني ان
القاضي بن كح حكى طريقة أخرى ان في فساد الرهن قولين وان فسد ففي فساد البيع قولان كما سبق وكلام ثالث استحسنه بعضهم وهو ان الحكم بالبطلان فيما إذا اطلق فقال
بعتك هذا العبد بألف لترهن به دارك ويكون منفعتها لي فأما إذا قيد وقال يكون منفعتها لي سنة أو شهرا فهذا جمع
بين البيع والإجارة في صفقة واحدة وقد سبق
حكمه في البيع والنوع الثاني وهو ان يكون الشرط مما ينفع الراهن ويضر المرتهن كما لو قال رهنتك بشرط ان لا تبيعه عند المحل أو لا يبيعه بعد المحل الا إذا مضى شهرا والا
بما ارضى أو بأكثر من ثمن المثل فهو فاسد عندهم مفسد للرهن وقال بعضهم يجئ في افساده الرهن القولان المذكوران في النوع الأول واستغربه بعضهم والفرق على
ظاهر مذهبهم ان ما ينفع الرهن يزيد في الوثيقة ويؤكد ما وضع العقد له وما يضر يخل به فإن كان الرهن مشروطا في بيع عاد القولان في فساده بفساد الرهن المشروط
فإن لم يفسد فللبايع الخيار واعلم أن بعض الشافعية قسم فقال إن شرط ما هو من مقتضى عقد الرهن مثل كون الرهن في بد المرتهن أو في يد عدل صح الشرط وان
شرط ما ينافي مقتضى العقد مثل ان يشرط ان لا يسلمه إليه أو ان لا يبيعه عند محل الدين أو كون المنافع للمرتهن فسد الشرط لمنافاته مقتضى عقد الرهن وهل يفسد
الرهن ينظر فإن كان نقصانا من حق المرتهن بطل عقد الرهن قولا واحدا وإن كان زيادة في حق المرتهن فقولان أحدهما يفسد لان هذا شرط فاسد فأفسده كما لو كان نقصانا من حق المرتهن والثاني لا يفسد لان الرهن قد تم وانما شرط له زيادة لا يقتضيها فسقط الزيادة وبقي عقد الرهن ويفارق إذا كان
نقصانا من حق المرتهن لان الرهن لم يتم فان قلنا العقد فاسد ففي فساد البيع إذا شرط فيه قولان أحدهما يفسد وبه قال أبو حنيفة لان الشرط الفاسد إذا اقترن بالعقد
أفسده لان سقوطه يقتضي رد جزء من الثمن ترك لأجله وذلك مجهول والثاني لا يفسد البيع لان الرهن ينعقد منفردا عن البيع فلم يفسد بفساده كالصداق مع
النكاح إذا ثبت هذا فان أبا حنيفة قال لا يفسد الرهن بالشروط الفاسدة لأنه عقد يفتقر إلى القبض فلا يبطل بالشرط الفاسد كالهبة فان العمري يشترط فيها رجوع
الموهوب إليه ولا يفسد واحتجت الشافعية على الفساد بان هذا شرط فاسد قارن عقد الرهن فوجب ان يفسده كما لو قال رهنتك على أن يكون يوما في يدك ويوما
في يدي ومنعوا الهبة والعمري تقبل إذا قال أعمرتك حياة فلان فأما إذا قال حياتك ففيه قولان وان سلم فالفرق انه لم يشرط زوال ملكه وانما شرط عودها إليه بعد
12

موته وذلك شرط على ورثته فلم يؤثر بخلاف مسئلتنا فإنه شرط على العاقد معه ما ينافي العقد ففسد والأقرب عندي جواز اشتراط كل مباح في عقد الرهن إذا لم
يناف مقتضاه فأما إذا نافاه لم يصح مثل ان يشترط في الرهن عدم بيع الرهن مطلقا فإنه ينافي التوثيق على الدين ولو شرط الانتفاع بالرهن أو عود منافعه إليه أو ان لا
يبيعه المرتهن الا بحضور الراهن أو الا بعد شهر من حلول الدين أو شرط ان يرهن غير الرهن أو ان يشترط ان لا يسلمه إلى المرتهن أو ان لا يبيعه بما لا يرضى الراهن أو يبلغ حتى
كذا أو بعد محل الحق بشهر ونحو ذلك فان ذلك كله جايز لأنها شروط سايغة فيجب الوقوف عندها لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولا فرق في الرهن بين ان
يكون تبرعا أو شرطا في بيع وشبهه ولو شرط على المرتهن ان يرهنه عند غيره بطل لأنه مناف لمقتضى الرهن وإذا أبطل الشرط بطل المشروط لان الرضا بالعقد انما وقع على ذلك الشرط فإذا (قلنا) لم يصح لم يصح العقد
لأنه بدون الشرط غير مرضى به. مسألة: زوايد المرهون المتجددة بعد الرهن المتصلة تدخل في الرهن كالسمن وتعلم الصنعة وغيرها اجماعا وأما المنفصلة
فإنها لا تدخل على ما يأتي عند الاطلاق لكن لو شرط دخولها مثل ان يرهن الشجرة بشرط ان يحدث الثمرة مرهونة أو الشاة بشرط ان يحدث النتاج مرهونا فإنه يصح الشرط
ويصير النماء المتجدد مرهونا كالأصل عملا بالشرط وهو قول الشافعي في القديم والرهن اللطيف فإنه قال يصح الشرط ويتعدى الرهن إلى الزوايد لان الرهن عند الاطلاق انما لا يسري
إلى الزوايد لضعفه فإذا قوى بالشرط سرى ولأنه ليس بتملك الثمرة ولا النتاج وانما هو وثيقة فيكون رهنا كالأصل لأنه منه فأشبه السمن وقال في الام لا يصح وهو
الأصح عندهم لان الزوايد حال العقد معدومة غير مملوكة فيكون قد رهنه قبل ملكه ولأنها مجهولة فلا يصح أيضا رهنه فعلى القول بالصحة وهو مذهبنا يصح
الرهن والبيع وان قلنا لا يصح فهل يصح الرهن قولان مبنيان على أصلين أحدهما ان الزيادة في حق المرتهن إذا فسدت هل يفسد الرهن قولان والثاني ان
الرهن إذا فسد في بعضه هل يفسد في الباقي قولان على أحد الطريقين في تفريق الصفقة فان قلنا لا يصح الرهن فهل يفسد البيع قولان فحصل في ذلك أربعة أقاويل
أحدها يصح الرهن والشرط والبيع والثاني يفسد الشرط والرهن والبيع والثالث يفسد الشرط والرهن ويصح البيع والرابع يفسد الشرط ويصح الرهن والبيع وهو الذي
اختاره الشافعي ويثبت له الخيار في البيع لأنه لم يسلم له ما شرط قال المزني يجب ان لا يبطل البيع لبطلان الرهن لان الشافعي قال ولو تبايعا على أن يرهنه هذا العصير
فرهنه إياه فإذا هو من ساعته خمر فله الخيار لأنه لم يتم له الرهن وخطأه أصحابه لان الرهن صحيح وانما فسد بعد ذلك وهنا فاسد من أصله فإذا قارن العقد أوجب
الفساد. تذنيب: هل يصح اشتراط كون اكتسابات العبد مرهونة نظر أقربه المنع لأنها ليست من أجزاء الأصل فهي معدومة على الاطلاق وهو أحد وجهي الشافعية وعلى
القول بالفساد هل يفسد الرهن قولان مخرجان للشافعي أحدهما القولان في فساد الرهن بفساد الشرط الذي ينفع المرتهن وثانيهما انه جمع في هذا الرهن بين معلوم
ومجهول فيجئ فيه خلاف تفريق الصفقة ولو رهن وشرط كون المنافع مرهومة فالشرط باطل ولا يجري فيه القولان للشافعي المذكوران في الزوايد. تذنيب آخر:
لو اقترض بشرط ان يرهن به شيئا ويكون منافعه مملوكة للمقرض فالقرض فاسد لأنه جر منفعة وإذا بطل بطل الرهن وان شرط كون المنافع مرهونة أيضا فان سوغنا مثل
هذا الشرط في الرهن صح الشرط والرهن لأنه لم يجر القرض نفعا وعند الشافعية يفسد الشرط أو يصح القرض وفي الرهن القولان. مسألة لو كان له على زيد الف
بلا رهن فقال زيد المديون زدني ألفا اي اقرضني ألفا على أن ادفع إليك رهنا سماه بالألفين فدفع إليه فسد القرض لأنه شرط فيه منفعة وهو الاستيثاق على الألف الأولة وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن قرض جر منفعة لايق أليس لو شرط ان يعطيه
بما يقرضه رهنا جاز وإن كان قد شرط الاستيثاق لأنا نقول الشرط هنا تأكيد لما اقتضاه القرض فإنه يقتضي رد مثله فإذا شرطه عليه جاز فلم يجر القرض نفعا لان
وجوب الرد ثابت في أصل القرض لا من حيث شرط الرهن أما هنا فإنه شرط الاستيثاق في هذا القرض لدينه الأول فقد شرط استيثاقا بغير موجب فلم يجز وله
قال الشافعي وإذا فسد القرض لم يملكه المقترض ولا يثبت في ذمته بدله وإذا لم يثبت في ذمته شئ لم يصح الرهن لأنه رهن بالدين ولم يثبت ولا يصح بالألف الأولى لأنه
شرط في القرض أما لو قال بعني عبدا بألف على أن أعطيك بها وبالألف التي لك علي رهنا فباعه على هذا الشرط صح البيع والرهن عندنا لأنه شرط سايغ في عقد
بيع فكان لازما للآية والخبر وقال الشافعي يفسد البيع والرهن لأنه شرط في البيع رهنا على دين اخر فصار بمنزلة بيعين في بيعة وهو أن يقول بعني دارك على أن أبيعك
داري وذلك فاسد فكذا هنا والحكم في الأصل ممنوع عندنا وقد تقدم. مسألة: لو قال أقرضتك هذه الألف بشرط ان ترهن به وبالألف التي لي عليك كذا
أو بذلك الألف وحده فسد القرض على ما تقدم ولو قال المقترض اقرضني ألفا على أن ارهن به وبالألف القديم أو بذلك الألف كذا تردد الجويني فله بناء على أن
القبول من المستقرض غير معتبر والا صح اعتباره والتسوية بين ان يصدر الشرط من المقرض ويقبله المستقرض وبين عكسه وكذا لو باع بشرط ان يرهن بالثمن
والدين القديم عند الشافعي ويجوز عندنا على ما تقدم فلو رهن المستقرض أو المشتري كما شرط فاما ان يعلم فساد ما شرط أو يظن صحته فان علم الفساد فان رهن
بالألف القديم صح وان رهن بهما لم يصح بالألف الذي فسد قرضه لأنه لم يملكه وانما هو مضمون في بده للمقرض والأعيان لا يرهن عليها وفي صحته بالألف القديم للشافعية
قولان تفريق الصفقة فان صح لم يوزع بل كان الكل مرهونا بالألف القديم لان وضع الرهن على توثيق كل بعض من ابعاض الدين بجميع المرهون ولو تلف الألف الذي
فسد القرض فيه في يده صار دينا في ذمته وصح الرهن بالألفين وحينئذ وأما عند ظن الصحة فإذا رهن بالألف القديم قال بعض الشافعية لا يصح الرهن كما لو أدي ألفا
على ظن أن عليه ألفا ثم تبين خلافه فان له الاسترداد وظهر بطلان الأداء وقال بعضهم يصح بخلاف المقيس عليه لان أداء الدين يستدعي سبق ثبوته وصحة الرهن
لا يستدعي سبق الشرط ولو رهن بالألفين وقلنا بتفريق الصفقة فصحته بالألف القديم على هذا الخلاف وكذا لو باع بشرط بيع اخر فإنه يصح البيع والشرط
عندنا ولا يصح عندهم فلو أنشأ البيع الثاني ظانا صحة الشرط فقولان وكذا لو باع مال أبيه على ظن الحياة فبأن ميتا ولو شرط عليه رهنا في بيع فاسد بظن
لزوم الوفاء به فرهن فله الرجوع. مسألة: لو رهن أرضا وفيها أشجار أو أبنية فالوجه عدم دخول الأشجار والأبنية في الرهن لأنها ليست جزءا من المسمى ولا نفسه
فلا يندرج تحته على ما تقدم في البيع وان قال بحقوقها وتدخل لو قال بجميع ما اشتملت عليه حدودها وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني الدخول وقد سبق
في البيع ولو رهن شجرة لم يدخل المغرس تحت اسم الشجرة لما تقدم وللشافعية خلاف مرتب على الخلاف في البيع والرهن أولى بالمنع لضعفه وفي معناه دخول الأس تحت
الجدار ولا يدخل الثمرة المؤبرة تحت رهن الشجرة بحال وفي غير المؤبرة الحق عندنا ذلك وان دخلت في البيع اقتصارا على النص فيه ولا يتعدى إلى غيره وللشافعي قولان
هذا أصحهما لان الثمار الحادثة بعد استقرار العقد لا يثبت فيها حكم الرهن فالموجودة عند العقد أولى وبهذا يفارق البيع والثاني الدخول كالبيع وبه قال أبو حنيفة
فإنه قال يدخل الثمار في الرهن بكل حال بناء على أن رهن الشجرة دون الثمرة لا يصح ونفى بعض الشافعية الخلاف هنا وقطع بعدم الدخول ولا يدخل البناء بين الأشجار
تحت رهن الأشجار وإن كانت بحيث يمكن افراده بالانتفاع وان لم ينتفع به الا بتبعية الأشجار فكذلك وهو أشهر طريقي الشافعية وقال بعضهم انها على الوجهين
13

في المغارس ويدخل في رهن الأشجار الأغصان والأوراق وبه قال الشافعي أما التي تفصل غالبا كأغصان الخلاف وورق الآس والفرصاد فيها قولان له كالقولين في الثمار التي
لم تؤبر. مسألة: لا يدخل الجنين تحت رهن الام الحامل وهو أحد قولي الشافعي لعدم شمول الاسم له وكما في البيع عندنا والجنين عند الشافعي أولى بالاندراج كالثمرة
غير المؤبرة تحت الشجرة لان الحمل لا يقبل التصرف على الافراد فبالحري له ان يكون تبعا وأما اللبن في الضرع ففي دخوله اشكال وللشافعية طريقان أحدهما القطع بأنه
لا يدخل والمشهور انه على الخلاف ثم هو عند بعضهم في مرتبة الجنين وعند آخرين في مرتبة الثمار لتيقن وجوده وسواء ثبت الخلاف أم لا فالظاهر أنه لا يدخل في الرهن
والأقرب دخول الصوف على ظهر الحيوان لأنه كالجزء من الحيوان فدخل تحت رهنه وللشافعية طريقان أحدهما القطع بدخوله كالاجزاء والأعضاء وأظهرهما انه على قولين
أحدهما لدخول كالأغصان والأوراق في رهن الشجرة وأصحهما المنع كما في الثمار لان العادة فيه الجز ونقل بعضهم بدل القولين وجهين وزاد وجها آخر ثالثا هو الفرق
بين القصير الذي لا يعتاد جزه وبين المنتهي إلى حد الجز. مسألة: لو كان في يده حق أو خريطة فقال رهنتك هذا الحق بما فيه أو الخريطة وما فيها معلوم وما فيها صح الرهن اجماعا في
الظرف والمظروف وإن كان ما فيهما مجهولا لم يصح الرهن قطعا في المظروف خاصة للجهالة على اشكال وبه قال الشافعي وهل يصح الرهن في الظرف أما عندنا فنعم وأما عند الشافعي ففيه
قولان تفريق الصفقة ولو قال رهنتك هذا الحق دون ما فيه صح الرهن فيه قطعا ولو قال رهنتك هذا الحق وأطلق صح الرهن فيه خاصة دون ما فيه وأما الخريطة
فإذا قال رهنتك هذه الخريطة بما فيها لم يصح مع الجهالة (فيما) فيها للجهل به ويصح فيها خاصة وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يصح ومبنى الخلاف تفريق الصفقة ولو قال
رهنتكها دون ما فيها صح الرهن فيها خاصة كالحق وقال الشافعي لا يصح فيها أيضا لأن الظاهر أنها لا يقصد وانما يقصد ما فيها بخلاف الحق قال أصحابه ولو كانت الخريطة
مما يقصد لكثرة قيمتها كانت كالحق ولو كان الحق لا قيمة له مقصورة لم يصح رهنه كالخريطة إذا لم يكن لها قيمة مقصودة ولو قال رهنتك هذا الظرف دون ما فيه صح رهنه
وإن كانت قيمته قليلة لأنه إذا أفرده فقد وجه الرهن نحوه وجعله المقصود وان رهن الظرف ولم يتعرض لما فيه نفيا واثباتا فإن كان بحيث يقصد بالرهن وحده فهو المرهون لا غير وإن كان لا يقصد منفردا لكنه متمول فالمرهون الظرف وحده لأصالة
عدم رهن غيره وللشافعية وجهان أحدهما هذا والثاني أنه يكون رهنا مع المظروف ولو لم يكن متمولا فللشافعية وجهان أحدهما توجه الرهن إلى المظروف والثاني ان يلغى
البحث الثاني: في العاقد. مسألة: يشترط في المتعاقدين التكليف والاختيار والقصد وانتفاء الحجر عنه بسفه أو فلس فلا يصح رهن الصبي ولا المجنون المطبق
ولا من يعتوره حالة الجنون ايجابا وقبولا ولا المكره ولا الغافل ولا الساهي ولا النائم ولا المغمى عليه ولا السكران ولا العابث ولا الهاذل سواء في ذلك كله الايجاب
والقبول ولا بد ان يكون الراهن غير محجور عليه بالسفه أو الفلس لأنهما ممنوعان من التصرف في أموالهما ولا اعتبار باختيارهما مع أن عقد الرهن والتسليم لا يكون واجبا
وانما يكون إلى اختيار الراهن فإذا لم يكن له اختيار لم يصح منه ولان الرهن تبرع فان صدر من أهل التبرع فلا كلام والا فلابد من قايم يقوم مقام المالك ويشترط وقوعه على وفق
المصلحة والاحتياط فإذا رهن الولي مال الصبي والمجنون والسفيه أو ارتهن لهم فلا بد من اعتبار مصلحتهم والاحتياط وذلك مثل ان يشتري للطفل ما يساوي مأتين بمائة نسيئة
ويرهن به ما يساوي مائة من مال الطفل فان ذلك جايز لأنه ان لم يعرض تلف ففيه غبطة ظاهرة وان تلف الرهن كان في المشتري ما يجبره ولو لم يرض البايع الا برهن
يزيد قيمته على المائة فإن كان الرهن بما لا يخشى تلفه في العادة كالعقار جاز رهنه لما فيه من تحصيل الغبطة والمنفعة للصبي الخالية عن توهم التلف وظاهر مذهب الشافعي
المنع من هذه المعاملة ولو كان الرهن مما يخشى تلفه فالأقوى الجواز في موضع يجوز ايداعه ومنع الشافعي من ذلك لان الرهن يمنع من التصرف وربما يتلف ويتضرر به الطفل
ولو كان الزمان زمان نهب أو وقع حريق وخاف الولي على مال الطفل فله ان يشتري عقارا ويرهن بالثمن شيئا من ماله إذا لم يتهيأ أداؤه في الحال ولم يبع صاحب العقار عقاره
الا بشرط الرهن لأنه يجوز في مثل هذه الحالة ايداع المال ممن لا يهتدى النهب إلى ما في يده فهذا الرهن أولى ولو استقرض له شيئا والحال هذه لم يجز لأنه يخاف التلف على ما يستقرضه خوفه على
ما يرهنه ولو لم يجد الولي من يأخذ المال وديعة ووجد من يأخذه رهنا وكان المرهون أكثر قيمة من القرض جاز له الرهن. مسألة: يجوز للولي ان يستقرض للطفل
لحاجته إلى النفقة والكسوة أو لتوفية ما لزمه أو لاصلاح ضياعه ومرمتها وعمارة أبنيته أو إخراج ما يحتاج ارتفاع الغلات فيه أو لحلول ماله من الدين المؤجل ولنفاق
متاعه الكاسد فإن لم يرتقب شيئا من ذلك فبيع ما يقدر رهنه أولى من الاستقراض فان تعذر البيع استقرض ورهن من مال الطفل بحسب المصلحة وهو قول أكثر الشافعية
وقال بعضهم لا يجوز للولي رهن ماله بحال من الأحوال وكذا يجوز ان يرتهن للطفل بان يتعذر على الولي استيفاء دين الصبي فيرتهن به إلى وقت الاستيفاء ولو كان
له دين مؤجل إما بان ورثه كذلك أو بان باع الولي ماله نسيئة بالغبطة فيجوز له حينئذ الارتهان للصبي ولو كان المشتري مؤسرا لم يكتف الولي به بل لابد من الارتهان بالثمن ولو لم
يحصل أو حصل أو حسن الظن بيساره وأمانته أمكن البيع نسيئة بغير رهن كما بجوز ايضاع مال الطفل وإذا ارتهن على الثمن جاز ان يرتهن على جميعه وهو الاظهر من مذهب
الشافعية ولهم وجه اخر انه لابد ان يستوفي ما يساوي المبيع نقدا وانما يرتهن ويؤجل بالنسبة إلى الفاضل والمعتمد الأول. مسألة: يجوز للولي اقراض مال الطفل
مع المصلحة بان يخاف تلفه بنهب أو حريق وكذا يبيعه ويرتهن بالقرض أو ثمن المبيع للطفل شيئا حفظا لماله من النهب والحريق وهو قول أكثر الشافعية ولهم قول آخر ان الولي
أن لا يرتهن للطفل إذا كان المرهون مما يخاف تلفه لأنه قد يتلف ويرفع (الأولى)؟ الحاكم يرى سقوط الدين يتلف الرهن والوجه الأول وحيث يجوز للولي الرهن فالشرط ان يرهن
من امين يجوز الايداع منه ولا فرق بين الأولياء في ذلك سواء الأب والجد للأب والوصي والحاكم وأمينه وحيث يجوز الرهن والارتهان فللأب والجد ان يعاملا نفسهما
ويتوليا طرفي العقد للوثوق بشفقتهما وهل لغيرهم ذلك منع منه الشافعية وليس بقوي. مسألة: يحوز للمكاتب ان يرهن ويرتهن مع المصلحة والغبطة لانقطاع
تصرف المولى عنه ولكن يشترط النظر والمصلحة كما في الطفل وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجوز الرهن استقلالا ومع إذن السيد قولان بناء على أن
الرهن تبرع وللشافعية وجه آخر انه لا يجوز له الاستقلال بالبيع نسيئة بحال وهو المشهور عندنا ومع إذن السيد يجوز عندنا وللشافعي مع الاذن قولان أما المأذون فان
دفع إليه السيد مالا ليتجر فيه فهو كالمكاتب الا في وجهين أحدهما ان رهنه أولى بالمنع من رهن المكاتب لان الرهن ليس من عقود التجارات وشبهه الجويني بإجارة الرقاب
وفي نفوذها منه خلاف بين الشافعية والثاني ان له البيع نسيئة بإذن السيد اجماعا لأنه مال السيد فيكون تصرف المأذون فيه بإذن المولى في الحقيقة تصرف المولى
في ماله ولو قال له مولاه أتجر بجاهك ولم يدفع إليه مالا فله البيع والشراء في الذمة حالا ومؤجلا وكذا الرهن والارتهان لانتفاء الضرر فيه على المولى فان فضل في
يده ما كان للمولى ويكون حكمه حكم ما لو دفع إليه المولى مالا. مسألة: يشترط في الراهن ان يكون مالكا للرهن أو في حكم المالك بان يكون مأذونا له في الرهن لأنه
تصرف في مال الغير فلا يجوز الا بإذن المالك إما من جهة المالك كالمستعير للرهن أو من جهة الشرع كولي الطفل فان له ان يرهن على ما تقدم إذا عرفت هذا فإذا
استعار عبدا من غيره ليرهنه على دينه الذي عليه فرهنه صح قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا استعار من الرجل شيئا ليرهنه على دنانير
14

معينة عند رجل إلى وقت معلوم ففعل ان ذلك جايز وهذا يقتضي تعيين المرتهن وقدر الدين وجنسه ومدة الرهن لاختلاف العقود بذلك وهل يكون سبيل هذا
العقد سبيل العارية أو الضمان الحق عندنا الأول وهو أحد قولي الشافعي لأنه قبض مال غيره لمنفعة نفسه منفردا بها فكان عارية كما لو استعاره للخدمة ولأن الضمان يثبت
في الذمة وهنا يثبت في رقبة العبد وأصحهما ان سبيله سبيل الضمان ومعناه ان سيد العبد ضمن دين الغير في رقبة ماله كما لو إذن لعبده في ضمان دين غيره يصح
وتكون ذمته فارغة وكما ملك ان يلزم ذمته دين الغير وجب ان يملك الزامه عين ماله لان كل واحد منهما محل حقه وتصرفه ولان منفعة العبد لسيده والعارية
ما أفادت المنفعة وانما حصلت المنفعة للراهن لكونه وثيقة عنه فهو بمنزلة الضمان في ذمته ولان الحق المتعلق بالذمة ينبغي ان يتعلق مثله بالرقبة كالملك ثم
أجابوا عن الأول بان المقبوض للخدمة منفعة للمستعير بخلاف مسئلتنا وليس بجيد لأن الضمان عقد مستقل بنفسه يتضمن التعهد بدين الغير وانتقاله من
ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن ولم يوجد هنا فلم يكن ضمانا وقال بعض الشافعية ان هذا فيما يدور بين الراهن والمرتهن رهن محض وفيما بين المعير والمستعير عارية
وفيما بين المعير والمرتهن حكم الضمان أغلب فيرجع فيه ما دام في يد الراهن ولا يرجع بعد القبض على الأصح عندهم لأنه ضمن له الدين في عين ملكه ويقدر على اجبار الراهن
على فكه بأداء الدين لأنه معتبر في حقه إن كان الدين حالا وفي المؤجل قولان إذا عرفت هذا فان العارية هنا تكون مضمونة على المستعير اجماعا أما عند العامة فظاهر حيث
قالوا بان العارية مطلقا مضمونة وأما عندنا فلان المالك لم يدفعه ليملكه المستعير بل لينتفع به ويرده على مالكه فإذا عرضه للاتلاف بالرهن كان ضامنا له كالملتقط
إذا نوى التملك في اللقطة فإنه يكون ضامنا كذا هنا واعلم أن هذا الرهن صحيح وهو قول أكثر الشافعية وقال ابن شريح إذا قلنا إن ذلك عارية لم يصح رهنه لان
العارية لا تكون لازمة والرهن لازم فعلى هذا يشترط في الرهن كون المرهون ملكا للراهن وأبطله باقي الشافعية بان العارية غير لازمة من جهة المستعير فان لصاحب
العبد ان يطالب الراهن بافتكاكه قبل ان يحل الدين وإن كان قد إذن في رهنه بدين مؤجل ولان العارية قد تكون لازمة بان يعيره جذعا يبني عليه وكما لو استعار
أرضا للدفن فدفن ميته وأشباهها ولو قال المديون ارهن عبدك بديني من فلان فهو كما لو قبضه فرهنه. مسألة: إذا إذن له في رهن عبده على الدين
الذي عليه لثالث كان هذا التصرف سايغا بخلاف ما لو باع مال الغير لنفسه لان البيع معاوضة فلا يملك الثمن من لا يملك الثمن والرهن استيثاق والاستيثاق
يحصل بما لا يملك كما لا يحصل بالكفالة والاشهاد إذا ثبت هذا فان لمالك العبد الرجوع في الاذن قبل الرهن اجماعا لان العارية قد بينا انها غير لازمة ولم يحصل
الضمان بعد فعلى قول العارية ظاهر وعلى قول الضمان فلانه بعد لم يلزم وهل له الرجوع بعد عقد الرهن قبل
الاقباض ان قلنا إن القبض ليس شرطا في صحة الرهن لم يكن
له الرجوع لان الرهن قد لزم بنفس العقد وان قلنا إنه شرط صح الرجوع لان المستعير مخير في فسخ الرهن قبل القبض فإذا لم يلزم في حقه وهو المديون فأولى ان لا يلزم
في حق غيره وبه قالت الشافعية وأما بعد القبض فليس للمالك الرجوع في إذن الرهن وبه قال الشافعي على قول الضمان وأما على قول العارية فوجهان أحدهما
ان له ان يرجع جريا على مقتضى العارية والأظهر انه لا يرجع والا لم يكن لهذا الرهن معنى ولا (لأنه) حصل به توثق وقال بعضهم انه إذا كان الدين مؤجلا ففي جواز
الرجوع قبل حلول الأجل وجهان لمنافاته الاذن بمدة كما لو أعار للغراس مدة وإذا حكمنا بالرجوع فرجع وكان الرهن مشروطا في بيع فللمرتهن فسخ البيع إذا كان جاهلا بالحال
. مسألة: إذا إذن له في رهن عبده فرهنه المديون فإن كان الدين حالا كان لصاحب العبد مطالبة الراهن واجباره على افتكاكه مع قدرة المديون منه لأنه
عندنا عارية والعارية غير لا زمة بل للمالك الرجوع فيها متى شاء وأما على أحد قولي الشافعية من أنه ضمان فكذلك أيضا لاستخلاص ملكه المشغول بوثيقة الرهن ولا
يخرج على الخلاف بين الشافعية في أن الضامن هل يملك اجبار الأصيل على الأداء لتنزيه ذمته تشبيها للشغل الذي أثبته بأداء الدين وإن كان مؤجلا وإذن له
في الرهن عليه فليس لصاحب العبد اجباره على الفك قبل الحلول على القول بأنه ضمان كمن ضمن دينا مؤجلا لا يطالب الأصيل بتعجيله لابراء ذمته وان قلنا إنه
عارية كان له مطالبته بفكاكه لان العارية لا يلزم ثم إذا حل الاجل وامهل المرتهن الراهن فللمالك أن يقول إما ان ترد العبد إلي أو تطالبه بالدين ليؤديه فينفك الرهن كما
إذا ضمن دينا مؤجلا ومات الأصيل فللضامن أن يقول إما ان يطالب بحقك من التركة أو تبريني. مسألة: إذا إذن المالك في الرهن ثم حل الدين أو كان حالا
في أصله فإن كان الراهن معسرا جاز للمرتهن بيع الرهن واستيفاء الدين منه إن كان وكيلا في البيع والا باعه الحاكم إذا ثبت عنده الرهن سواء رضي المالك
بذلك أولا لان الاذن في الرهن إذن في لوازمه التي من جملتها بيعه عند الاعسار ولو كان الراهن موسرا مماطلا فالأقرب ان للمرتهن البيع أيضا ولا يكلف الصبر على
مطالبة الماطل ولا حبسه وان جاز له ذلك ولو لم يكن مماطلا وكان حاضرا يمكن استيفاء الدين منه لم يجز البيع وإن كان غائبا ولا مال له في بلد المرتهن فالأقوى
جواز البيع أيضا وأما الشافعية فقالوا ان قلنا إنه ضمان فلا يباع في حق المرتهن ان قدر الراهن على أداء الدين الا بإذن مجدد وإن كان معسرا فيباع وان كره المالك
وان قلنا إنه عارية فلا يباع الا بإذن مجدد سواء كان الراهن مؤسرا أو معسرا وقياس قول من قال منهم بلزوم الرهن على قول العارية انه يجوز بيعه عند الاعسار
من غير مراجعة كما على قول الضمان قال بعضهم الرهن وان صدر من المالك فإنه لا يسلط على البيع الا بإذن جديد فان رجع ولم يأذن فحينئذ يباع عليه فاذن المراجعة
لابد منها ثم إذا لم يأذن في البيع فقياس مذهبهم ان يقال إن قلنا إنه عارية فيعود الوجهان في أنه هل يمكن من الرجوع وان قلنا إنه ضمان ولم يؤد الدين الراهن
فلا يمكن من الاباء ويباع عليه معسرا كان الراهن أو مؤسرا كما لو ضمن في ذمته يطالب مؤسرا كان الأصيل أو معسرا. مسألة: إذا أعسر الراهن المستعير للرهن
وتعذر الاستيفاء منه فبيع الرهن في الدين وقضى به الدين فان فضل من الثمن شئ فهو لمالك العبد لأنه ثمن ملكه وان أعوز شئ لم يلزم صاحب العبد شئ
لان المعير ليس (نصا) من للدين وأما عند الشافعية فكذلك أيضا سواء قلنا إن الاذن في الرهن عارية أو ضمان لأنه انما ضمن في تلك العين المأذون في دفعها خاصة
وإذا حصر الضمان في عين لم يتعد إلى غيرها إذا عرفت هذا فإن كانت قيمة العبد بقدر الدين ولم يوجد باذل لأكثر منها بيع وصرف في الدين وإن كانت القيمة
أكثر من الدين فان وجد راغب في شراء شقص من العبد بقدر الدين وتساوت قيمة الشقص منفردا وقيمته منضما أو وجد باذل لذلك بيع الشقص وقضى منه
الدين ولو كان الباقي لمالك العبد ولو لم يرض المالك بالتشقيص بيع الجميع ولو كانت قيمة الشقص منضما أكثر من قيمته منفردا ولم يوجد باذل للزيادة مع الانفراد
بيع الجميع لئلا يتضرر المالك فان طلبه المالك أجيب إليه. مسألة: إذا بيع العبد المأذون في رهنه في الدين وقضي به الدين نظر فان بيع بقدر قيمته رجع المالك
بذلك على الراهن على مذهبنا ومذهب الشافعية سواء قالوا بأنه عارية أو مضمون لان المالك إن كان ضامنا فقد قضي عنه الدين وإن كان عارية فهو قيمتها
وهي مضمونة عليه وان بيع بأقل من ثمن المثل الا انه بما يتغابن الناس بمثله فالبيع صحيح ويرجع المالك بتمام القيمة وهو قول الشافعي على تقدير قول العارية
15

واما على قوله بالضمان فلا يرجع الا بما بيع لأنه لم يقض من الدين الا ذلك القدر وان بيع بأكثر من ثمن المثل رجع بذلك أيضا لأنه ثمن ماله وهو قول الشافعي على تقدير
القول بالضمان واما على قوله بالعارية فقولان أحدهما انه لا يرجع الا بالقيمة خاصة لان العارية تضمن بالقيمة مع التلف والبيع بمنزلة الاتلاف فيكون الواجب للمالك هو
القيمة لا غير كساير العواري التالفة إذا وجب ضمانها وهو قول أكثر أصحابه والثاني انه يرجع بجميع ما بيع به كما اخترناه لان بيع العيد واجب عليه وثمنه له ولهذا لو أسقط
المرتهن حقه عن الراهن رجع ثمن العبد إلى صاحبه فإذا قضى به دين الراهن رجع به عليه وانما يضمن القيمة إذا كان الثمن دونها. مسألة: لو تلف العبد المستعار للرهن
في يد المرتهن فإن كان بتفريطه ضمن القيمة للمالك وإن كان بغير تفريطه فلا ضمان عليه لان المرتهن امسكه على أنه رهن لا عارية والمرتهن امين للراهن لا يضمن ما يتلف
في يده من الرهن على ما يأتي ويضمن الراهن للمالك قيمته أو ما بيع به إن كان أكثر لأنه عندنا عارية مضمونة وهو أحد قولي الشافعي على تقدير انه عارية وعلى القول الآخر
انه ضمان لا شئ على الراهن عنده بل تلف من مالكه لأنه لم يقبض عنه شيئا والضامن انما يرجع بما أدي ولم يسقط الحق عن ذمة الراهن وقال أبو حنيفة انه يرجع عليه بما
سقط بذاك من حق المرتهن لان مذهبه ان الرهن مضمون على المرتهن بدينه فكأنه قضى عنه ذلك وان تلف العبد في يد الراهن ضمن سواء فرط فيه أو لا لما قلنا من أنه عارية
مضمونة وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه يبني على القولين كما لو تلف في يد المرتهن. مسألة: لو جنى في يد المرتهن أو في يد الراهن فبيع في الجناية كان على الراهن
ضمانه لما بينا انه عارية مضمونة وهو أحد قولي الشافعي بناء على القول بأنه عارية قال الجويني هذا إذا قلنا العارية تضمن ضمان المغصوب والا فلا إذا عرفت هذا
فان المالك يرجع بالأكثر من قيمة العبد ومن الثمن الذي بيع به في الجناية لأنه على كلا التقديرين ثمن ملكه فيكون له. مسألة: إذا اذن في الرهن فان سوغ له الرهن كيف
شاء جاز للراهن ان يرهنه على اي مقدار شاء وعند اي مرتهن شاء وكيف شاء من حلول أو تأجيل إلى اي أجل شاء لان تعميم هذا النوع من التصرف يجري مجرى التنصيص على
كل واحد من الجزئيات ولا ريب انه لو نص على اي جزئي كان صح فكذا مع ما يقوم مقامه وان خصص البعض وعمم الباقي تخصص ما خصصه ولا يجوز له التجاوز الا مع الغبطة للمالك
وساغ التصرف في الباقي كيف شاء فلو اذن له في الرهن على مائة عند من شاء وكيف شاء لم يجز له التجاوز في القدر الا في الأقل وجاز التعميم في الباقي ولو اذن له في الرهن
عند من شاء على اي قدر شاء إلى سنة تخير في القدر قلة وكثرة وفي الغرماء ولم يجز له التجاوز عن السنة الا إلى ما دون لاشتماله على الغبطة للراهن ولو عين المرتهن تعين ولم
يجز التجاوز مطلقا ولو اطلق الاذن ولم يقيده بتعميم ولا تخصيص احتمل الجواز للاطلاق وانتفاء التخصيص لعدم الأولوية بالبعض دون البعض وبه قال أبو حنيفة
والمنع لما فيه من التغرير بالمالك لاحتمال ان يرهنه على اضعاف قيمته والى مدة يزيد على عمره ولا غرر أعظم من ذلك وهو الأقوى فحينئذ يجب بيان جنس الدين وقدره و
صفته في الحلول والتأجيل وغيرهما وهو قول الشافعي على القول بأنه ضمان لاختلاف اغراض الضامن بذلك ونقل بعض الشافعية عن القديم للشافعي انه يجوز السكوت
عن ذكر الحلول والتأجيل وهل يجب بيان من يرهن عنده الأصح عندهم الوجوب ولهم وجه آخر انه لا يجب وعلى القولين إذا عين شيئا من ذلك لم تجز مخالفته نعم لو عين
قدرا جاز ان يرهن بما دونه. [شئ عليه وعلى القول الثاني انه ضمان فلا شئ عليه في هذه الصورة وقال بعض الشافعية قول الضمان أرجح] تذنيب: لو عين له القدر فزاد عليه احتمل بطلان الزايد خاصة ويبقى رهنا على المأذون فيه لا غير وبطلان الجميع للمخالفة كما لو
باع الوكيل بالغبن الفاحش لا يقول يصح من المبيع في القدر الذي يساوي الثمن وللشافعي قولان كالاحتمالين لكنهم قالوا على تقدير البطلان في الزيادة لا غير يبقى في المأذون
قولا تفريق الصفقة. تذنيب آخر: لو قال المستعير أعرني لأرهنه بألف أو من فلان فاعاره فالوجه التخصيص بما خصصه المستعير في السؤال كما لو خصصه المعير بنفسه وهو أظهر
وجهي الشافعية تنزيلا للاسعاف على الالتماس. مسألة: إذا طالب صاحب العبد الراهن بفكه فلم يفكه ففكه صاحبه فإن كان بغير اذنه لم يرجع على الراهن
وكان متبرعا متطوعا في قضاء دين الراهن فليس له مطالبته كما لو تبرع انسان بقضاء دين غيره من غير مسألة وان قضاه بإذن الراهن رجع عليه وان لم يشترط الرجوع
لأنه قد تعلق برقبة عبده فان اختلف الراهن وسيد العبد في الاذن فادعاه السيد وانكره الراهن فالقول قول الراهن مع اليمين وعدم البينة لأصالة براءة ذمته
وعدم الإذن في الفك من المرتهن فان أقام سيد العبد البينة ان المرتهن اذن له كان له الرجوع فان شهد له المرتهن بالاذن من الراهن قبلت شهادته لأنه لا يجر إلى نفسه
بشهادته نفعا ولا يدفع بها ضررا فانتفت التهمة تذنيب: لو رهن انسان عبده على دين غيره متبرعا من غير اذن المديون صح الرهن كما يصح الضمان متبرعا والأداء
كذلك ثم إن بيع العبد في الدين صح البيع وليس لمالكه الرجوع على المديون بشئ لأنه متبرع. مسألة: لو استعار عبدا من رجل فرهنه عند رجل بمائة وطالبه بفكاكه
فدفع الراهن إلى المرتهن خمسين قالت الشافعية لم ينفك شئ من الرهن حتى يقبضه جميع الدين وهو جيد ان شرط المرتهن ان يكون العبد رهنا على جميع الدين وعلى
كل جزء منه فحينئذ لو استعاره من رجلين فرهنه عنده فقضاه نصف الدين عن أحد النصيبين صح وخلص النصيب الذي أدي الدين عنه وللشافعي قولان قالهما في
الرهن الصغير أحدهما انه بمنزلة الصفقة الواحدة لان الراهن واحد والحق واحد والثاني يكون بمنزلة الصفقتين لأن الاعتبار بالمالك دون العاقد فإذا قلنا إنه بمنزلة الصفقة
الواحدة لم ينفك منه شئ وإذا قلنا إنه بمنزلة الصفقتين انفك نصف العبد وينظر في المرتهن فإن كان قد علم أنه لسيدين فلا خيار له لأنه علم أنه عقدين لأنه استفاده
بإذنهما وان لم يكن يعلم فإن لم يكن على بيع فلا خيار وإن كان مشروطا في بيع قال ابن شريح منهم فيه وجهان أحدهما لا خيار له لأنه حصل له رهن جميع العبد وانما انفك بعد
الكسر الثاني له الخيار لأنه دخل فيه على أن يكون رهنا واحدا فلا ينفك منه شئ الا بقضاء جميع الدين فإذا بان بخلافه ثبت له الخيار فلو رهن هذا العبد عند رجلين فقضى
أحدهما انفك نصيب كل واحد منهما وان دفع نصف أحدهما انفك نصف ما عنده وهو نصف نصيب أحدهما على أحد القولين. البحث الثالث: المحل وشروطه أربعة
ان يكون عينا مملوكة يصح تقبيضه للمرتهن ويمكن بيعه. الشرط الأول: ان يكون عينا فلا يصح رهن المنافع كما لو رهنه اجارة الدار سنة على الدين الذي له عليه
لان الدين إن كان مؤجلا فالمنافع يتلف إلى حلول الأجل فلا تحصل فايدة الرهن وإن كان حالا فبقدر ما يتأخر قضاء الدين بتلف جرء من المرهون فلا يحصل
الاستيثاق ولان المنافع لا يصح اقباضها الا باتلافها والرهن عند جماعة من شرطه الاقباض لا يقال يحصل الاقباض بقبض العين كما قلتم ذلك في الإجارة لأنا نقول انما
جعلنا ذلك قبضا في الإجارة لان الحاجة في المنافع داعية ولا حاجة إلى رهن المنافع ولان قبض العين ليس بقبض تام في الإجارة فلا ينتقل به الضمان وان رهن
اجرة داره سنة لم يصح لان الأجرة مجهولة ولأنها ليست مملوكة وانما يملك بعقد الإجارة ولم يوجد ورهن المدبر ابطال للتدبير على الأقوى لان التدبير وصية وكما تبطل
الوصية برهن الموصى به فكذا المدبر يبطل برهنه ولو شرط رهن الخدمة فيه بطل الشرط والرهن لان الخدمة ليست عينا يصح تعلق الرهن بها. مسألة: لا يصح رهن الدين
ان شرطنا في الرهن القبض لأنه لا يمكن قبضه لعدم تعينه حالة الرهن وللشافعية في جواز رهنه وجهان أحدهما الجواز تنزيلا لما في الذمم منزلة الأعيان الا ترى انه يجوز
شرط ما في الذمة وبيعه سلما وأصحهما عندهم المنع لان الدين غير مقدور على تسليمه ومنهم من رتب هذا الخلاف على الخلاف في بيع الدين والرهن أولي بالمنع لأنه لا يلزم الا
16

بالقبض والقبض لا يصادف ما تناوله العقد ولا مستحقا بالعقد لان البيع سبب الاستحقاق. مسألة: لا يشترط في صحة الرهن كونه مقررا بل يصح رهن المشاع كما يصح
رهن المقسوم سواء رهن من شريكه أو من غير شريكه وسواء كان ذلك مما يقبل القسمة أو لا يقبلها وسواء كان الباقي للراهن أو لغيره مثل ان يرهن نصف داره أو
نصف عبده أو حصته من الدار المشتركة بينه وبين غيره عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وابن أبي ليلى وعثمان البتي وعبيد الله بن الحسن العنبري
وسوار القاضي وأبو ثور وداود واحمد لعموم قوله تعالى فرهان مقبوضة وللأصل ولأنها عين يجوز بيعها في محل الحق فجاز رهنها كالمنفرد وقال أبو حنيفة لا يجوز رهن
المشاع من غير اذن الشريك ولو طرأت الإشاعة على الرهن بان يبيع بعضه ففيه وجهان وفي رهنه من الشريك روايتان لأنه يستحق زوال يده عنده بمعنى قارن الرهن
فلم يصح رهنه كالمغصوب ويمنع وجوب زوال اليد وينتقض بالقاتل والمرتد والمغصوب رهن في ملك غيره بغير اذنه ولا ولايته بخلاف المتنازع. مسألة: لو رهن نصيبه
من بيت معين من الدار المشتركة بإذن الشريك صح ولو لم يأذن الشريك فكذلك عندنا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه يصح بيعه بدون اذن الشريك فصح رهنه والثاني
لا يجوز لأنه ربما يتفق القسمة ويقع هذا البيت في نصيب صاحبه فيكون قد رهن ملك غيره بخلاف البيع فإنه إذا باع زال ملكه عن البيت واستحالت المقاسمة معه ولبعض
القائلين بالثاني قال إن الحكم في البيع مثله وعلى القول بالوجه الأول لو اتفقت القسمة كما قرر فهو كتلف المرهون أو يغرم قيمته فيه احتمالان أوجههما الثاني إضافة
للفوات إليه وكيف ينزل منزلة الآفة السماوية وقد حصل له في قطر اخر من الدار مثل ما كان له في ذلك البيت وقال بعضهم بقول متوسط بين القولين وهو انه إن كان
مختارا في القسمة غرم القيمة وإن كان مجبرا فهو كالفوات. تذنيب: القبض في رهن المشاع بتسليم الكل فإذا حصل القبض جرت المهاياة بين المرتهن والشريك
جريانها بين الشريكين ولا بأس بتبعيض اليد بحكم الشيوع كما لا بأس به لاستيفاء الراهن المنافع. الشرط الثاني: ان يكون العين مملوكة لان مقصود الرهن
استيفاء الحق من ثمن المرهون عند الحاجة وانما يتحقق الثمن فيما يصح بيعه وغير المملوك لا يصح بيعه فلا يصح رهنه ولا يصح رهن ما لا يصح تملكه مطلقا كالحر وكالحشرات
وما لا منفعة فيه كفضلات الانسان وأشباهها مما لا يعد ملكا إذ لا استيثاق فيه وسواء فرض له منفعة محرمة لم يعتبرها الشارع كآلات اللهو والقمار التي لا قيمة لها بعد
إزالة الوصف المحرم عنها أو لم يكن كالحشرات ولو كان لها قيمة بعد الكسر فالوجه المنع من رهنها ما دامت صحيحة كما لا يصح بيعها الا بعد كسرها وكذا لا يصح رهن ما لا
يصح تملكه للمسلم إن كان الراهن أو المرتهن مسلما كالخمر وشبهه ولو كانا ذميين جاز الرهن ولو أسلما أو أحدهما قبل فكه بطل الرهن ولو رهن الذمي خمرا عند مسلم لم يصح و
ان وضعها على يد ذمي على خلاف. مسألة: لو رهن ملك غيره بغير اذنه وقف على الإجازة فان اجازه المالك صح والا بطل ولو رهن المملوك له ولغيره صح الرهن في حصة
المملوكة خاصة وكان موقوفا على الإجازة في حصة الأخر سواء كان الرهن واحدا مشاعا بينهما أو رهن ملكين صفقة أحدهما له والآخر لصاحبه. مسألة: لا يصح رهن أرض الخراج
وهي الأرض التي صالح الامام أهل بلد على أن يكون ملكا للمسلمين وضرب عليهم الخراج فان ذلك اجرة وبه قال الشافعي لان الرهن لا يختص بها بل حكمها راجع إلى جميع المسلمين
بالسوية فلا يجوز بيع ذلك ولا رهنه وارض العراق وهو سواد الكوفة فهو من تخوم الموصل إلى عبادان طولا ومن القادسية إلى حلوان عرضا فهي من الأرض المفتوحة
عنوة فعندنا ان المحياة منها وقت الفتح للمسلمين قاطبة لا يختص بها المقاتلة والغانمون بل هي لجميع المسلمين لا يصح بيعها ولا وقفها ولا رهنها ومواتها وقت الفتح للامام
خاصة وقال الشافعي ان عمر فتحها عنوة وقسم الأراضي بين الغانمين ثم رأى انهم يشتغلون بها عن الجهاد فاستزلهم عنها وردها إلى أهلها وضرب عليهم الخراج وقال
بعض الشافعية انه وقفها على المسلمين وجعل الخراج اجرة يؤخذ في كل سنة وقال ابن شريح منهم ان الخراج ثمن الأرض يؤخذ منه كل سنة جزء وظاهر مذهب الشافعي الأول وهو
مذهب احمد وابن شريح يقول لم يرد الشافعي بقوله ارض العراق لان الناس يتبايعونها من لدن عمر إلى الان ولم ينكر ذلك منكر وقال أبو حنيفة ان عمر أقر أهلها عليها
وضرب الخراج فعلى قول ابن شريح من الشافعية يجوز بيعها ورهنها وعلى قول بعضهم انه لا يصح بيعها ولا رهنها وإن كان فيها بناء وغرس فإن كان البناء معمولا من ترابها
فحكمه حكمها وإن كان من غيرها جاز رهنه ورهن الغراس وان أفرد الغراس بالرهن صح وان رهنه مع الأرض لم يصح رهن الأرض فاما البناء والغراس فمبني على القولين في
تفريق الصفقة فان قلنا يفرق صح فيه وإذا قلنا لا يفرق لان الصفقة جمعت حلالا وحراما فسد في الجميع وان قلنا لا تفرق لان ذلك يؤدي إلى جهالة العوض في
الجايز منه صح الرهن هنا فيما يجوز لأنه لا عوض فيه وإذا صح الرهن في البناء والغراس فلا خراج على المرتهن وانما هو على الراهن فان الخراج مضروب على الأرض ولو كان
الخراج على الغراس أيضا كان على الراهن دون المرتهن لان الخراج تابع للملك وهو للراهن خاصة ولا شئ على المرتهن ولا على المستأجر فان أداه المرتهن عن الرهن بغير امره
لم يرجع عليه به لأنه متبرع به متطوع بقضاء الدين وقال بعضهم يرجع به لان نفع ذلك عاد إلى المقضى عنه وهو يبطل بالهبة وان قضاه باذنه فان شرط له الرجوع وجب
له الرجوع وان لم يشترط الرجوع بل اطلق الامر فللشافعية وجهان أحدهما يرجع لان امره بذلك يقتضي الرجوع عليه كما إذا امره بشراء شئ له فان الثمن يجب عليه والثاني
لا يرجع لأنه إذا لم يشترط العوض له كان متطوعا كما لو ملكه شيئا ولم يشترط العوض فإنه يكون هبة ولا يستحق عليه شيئا والأصل في الوجهين قولا الشافعي واختلافهما فإنه
قال الا ان يكون دفعه بأمره وهذا يعطي الاكتفاء بالامر في الضمان والرجوع وقال تارة لو دفع إلى قصار ثوبا فقصره فلا اجرة له عليه لأنه لم يشرطها له فجعل علة الاستحقاق
الاشتراط. مسألة: يجوز رهن العصير لأنه عين يصح تملكها ويجوز بيعها اجماعا فيصح رهنها وخوف تغيرها لا يمنع من صحة الرهن كما يجوز رهن المريض فان استحال
حلوا أو حامضا فالرهن بحاله وان صار خمرا بعد الاقباض في يد المرتهن خرج من كونه رهنا لبطلان الملك فيه وخرج من كونه مملوكا ولا خيار للمرتهن إن كان الرهن مشروطا
في بيع لحدوث العيب في يده وهو قول جمهور الشافعية فإذا عاد خلا عاد الرهن كما يعود الملك وقال بعضهم لا يعود الرهن الا بعقد جديد وقال بعضهم لا يخرج
عن كونه رهنا ولا يقول بأنها مرهونة بل يتوقف فان عاد خلا بان ان الرهن لا يبطل وان بقى على الخمرية ظهر بطلان الرهن وقال أبو حنيفة وأصحابه انه لا يزول ملك
الراهن عنه فهو رهن بحاله لان له قيمة في حال كونه عصيرا ويجوز ان يصير له قيمة في الثاني فلا يزول ملكه عنه كما لو ارتد العبد وليس بجيد لان كونه خمرا يمنع صحة
التصرف والضمان على المرتهن فبطل فيه الملك كموت الشاهد ويفارق المرتد لأنه يصح فيه التصرف إذا عرفت هذا فقولنا ان الرهن يبطل لا نريد به اضمحلال اثره بالكلية
والا لم يعد الرهن بل المراد ارتفاع حكمه ما دامت الخمرية ثابتة ولو رهن شاة فماتت في يد المرتهن بطل ملكها وخرجت من الرهن فان عاد الراهن فدبغ جلدها
لم يصح تملكه عندنا لبقاء نجاسته بعد الدبغ وعند العامة يطهر بالدباغ فعلى قولهم يعود ملك الراهن إليها وللشافعية في عود الرهن في الجلد بعد الدبغ
وجهان أحدهما انه يعود الرهن لان الملك الأول عاد فتبعه الرهن كما إذا انقلبت الخمر خلا وأظهرهما عند أكثر الشافعية لا يعود لان ماليته مخلوقة بالصنعة و
المعالجة فالراهن ملك الجلد بالدباغ وذلك اثر استحدثه وليس العايد ذلك الملك وهو قول أبي إسحاق بخلاف الخمر إذا تخللت لأنه عادت بنفسها و
17

اعترض بشاة ماتت لرجل فغصبها غاصب ودبغ جلدها هل يملكه الغاصب أو لا قال أبو إسحاق الأقوى ان الغاصب يملك بما استحدثه من الدباغ والفرق ان الغاصب يده بغير
حق فكان فعله لا حكم له ويد المالك يد بحق فنقص عليه برجل حجر أرضا مواتا فجاء ثان أحياها فان الثاني يملكها وإن كان يد الأول بحق فلو كان الدبغ سببا لملك مستحدث
لملكها به وإن كانت يده بغير حق فقال يد المحجر لم يسند إلى ملك سابق فلهذا كان أحق بالملك ولهذا هو الحجة
عليه لان يد الراهن إذا كانت مستندة إلى ملك سابق فإذا
عاد الملك ثبت انه للمالك السابق إذا عرفت هذا فقال أصحاب أبي حنيفة لا يزول ملك الراهن وحق المرتهن عن الجلد بالموت كما قالوا في الخمر ولو انقلب العصير المرهون خمرا
قبل القبض ففي بطلان الرهن البطلان الكلي وجهان للشافعية أحدهما نعم لاختلال المحل في حال ضعف الرهن وجوازه ويثبت للمرتهن الخيار في البيع الذي شرط فيه
ارتهانه والثاني لا كما لو تخمر بعد القبض وقضية ايراد أكثرهم ترجيح هذا الوجه لانهم قربوا هذا الخلاف من الخلاف في صورة عروض الجنون أو بنوه عليه فقالوا ان ألحقنا الرهن
بالوكالة بطل بعروض الجنون وانقلابه خمرا قبل القبض وان ألحقناه بالبيع الجايز لم يبطل قال بعضهم وعلى الوجهين لو كان الرهن مشروطا في بيع ثبت للمرتهن الخيار لان
الخل انقص من العصير ولا يصح الاقباض حالة الشدة ولو فعل وعاد خلا فعلى الوجه الثاني لابد من استيناف قبض وعلى الأول لابد من استيناف عقد ثم القبض فيه
على ما ذكرنا فيما إذا رهن من الانسان ما في يده ولو انقلب المبيع خمرا قبل القبض فالكلام في انقطاع البيع وعوده إذا عاد خلا على ما ذكرنا في انقلاب العصير المرهون خمرا
بعد القبض. مسألة: الخمر قسمان خمر محترمة وهي التي اتخذ عصيرها ليصير خلا وانما كانت محترمة لان اتخاذ الخل جايز اجماعا والعصير لا ينقلب إلى الحموضة الا بتوسط
الشدة فلو لم يحترم وأريقت في تلك الحال لتعذر اتخاذ الخل والثاني خمر غير محترمة وهي التي اتخذ عصيرها لغرض الخمرية فالأولى لا يجب اراقتها وهل يجب إراقة الثاني فيه قولان
للشافعية فان تلفت فلا كلام ولا خيار للمرتهن لان ذلك حصل في يده وان استحال خلا عاد ملكه لصاحبه مرهونا لأنه يعود مملوكا بحكم الملك الأول فيعود حكم الرهن لأنه
زال بزوال الملك فعاد بعوده فان قيل أليس ان العقد إذا بطل لا يصح حتى يبتدئ والرهن بطل فيه حين صار خمرا فالجواب ان العقد إذا وقع فاسدا لم يصح حتى يوجد صحيحا
وليس كذلك هنا لأن العقد وقع صحيحا وحدث بالمعقود معنى أخرجه من حكم العقد فإذا زال ذلك عاد حق العقد كما أن زوجة الكافر إذا أسلمت حرم وطؤها عليه وخرجت بذلك من حكم العقد فإذا أسلم الزوج قبل
انقضاء العدة عاد حكم العقد وكذلك إذا ارتد أحد الزوجين. مسألة: إذا كان في يده عصير فصار خمرا فاراقه فجمعه جامع فصار في يده خلا فالأقرب أنه يكون ملكا
للثاني لخروجه عن ملك الأول بصيرورته خمرا ولا يصح للمسلم تملكه ابتداء ولا استدامة وخروجه عن أولوية اليد بإراقته فانتفى تعلقه عنه بالكلية لأنه أسقط حقه منها وأزال
يده عنها فيكون ملكا للثاني لاستيلاء يده عليه وهذا أحد وجهي الشافعية والثاني انه يعود ملكا للأول لأنه مملوك بالمعنى الأول وهو الاظهر عندهم لان الجامع للخمر
ممنوع من ذلك محرم عليه ويده لا يثبت عليها فلا يصح تملكه بذلك وقوله الأول أسقط حقه ليس بصحيح لأنه فعل الإراقة التي امرها الشرع بها ولو كان كذلك لوجب ان يكون
مباحة كالصيود لا يختص بملكها الجامع بل يكون أحق بها لحصولها في يده ونمنع منعه من الجمع على تقدير إرادة التخليل وانما يمنع على تقدير إرادة استعماله خمرا ونمنع كون يده لا يثبت
عليها على تقدير إرادة التخليل ولا نعنى باسقاط حقه الا اراقته وعدم امساكه والجامع لا يملكها بالجمع بل يكون أحق باليد فإذا صارت خلا في يده فقد تجدد له الملك بالاستيلاء
على المباح كالاصطياد. مسألة: يجوز تخليل الخمر بطرح شئ فيها وتحل كما تحل لو استحالت من نفسها عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة ومالك في إحدى الروايتين
لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال يحل الدباغ الجلد كما يحل التخليل الخمر ولأنها خمر استحالت إلى حموضة الخل فصارت حلالا كما لو استحالت بنفسها ولأنها خرجت
عن كونها (خمرا) حراما وزال وصف الخمرية عنها فيزول التحريم المستند إلى الخمرية لان زوال العلة يوجب زوال المعلول وقال الشافعي ان استحالت الخمر بنفسها حلت وان طرح
فيها شئ إما عصير أو خل أو خبز حار أو غير ذلك من الأعيان فصارت خلا لم تحل ولا يجوز امساكها للتخليل وبه قال احمد وإسحاق ومالك في الرواية الثانية لما رواه انس ان أبا
طلحة سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أيتام ورثوا خمرا فقال له أهرقها فقال أنخللها فقال لا وإذا ثبت انه محظور لم يكن سببا في الإباحة كقتل الصيد في الحرم ولأنه مايع لا يطهر بالكثرة
فلم يطهر بالصنعة كاللبن النجس ولان ما يقع فيه ينجس فلا يمكن طهارة الخمر دونه والمطروح فيه لا يحصل فيه الاستحالة فهو باق على نجاسته والسؤال وقع عن قضية خاصة
فجاز ان لا يتخلل تلك الخمرة ولا يلزم من تحريم السبب لو سلم تحريمه هنا تحريم المسبب فان من اصطاد بآلة محرمة فعل محظورا وكان الصيد حلالا له وكذا لو طلق في الحيض عندهم
فعل سببا محرما وحصلت به البينونة ونظائره كثيرة لا يحصى وقتل الصيد في الحرم بمنزلة خفق الصيد والخمرية المقتضية للتنجيس قد زالت فيزول معلولها وهو التنجيس
بخلاف المقيس عليه واستحالة الخمر مطهرة له والمطروح فيه كالآنية. فروع: أ: إذا كانت الخمر في ظرف فنقلها من الظل إلى الشمس أو من الشمس إلى الظل فتخللت طهرت
عندنا وللشافعية وجهان هذا أحدهما لأنه لم يخالطها ما يمنعها الطهارة بخلاف المطروح فيها والثاني انها لا تحل لان ذلك فعل محظور وهو ممنوع وينتقض بما إذا
امسكها حتى تخللت فان امساكها لا يجوز وإذا تخللت في يده حلت. ب: لو طرح فيها شيئا نجسا غير الخمر فانقلبت خلا أو عالجها الذمي أو لمسها حال الخمرية فانقلبت
خلا لم تطهر بالانقلاب لان نجاسة المطروح لم يكن بسبب الخمر ولا بسبب ملاقاته إياه بل بنجاسة لا تطهر بالانقلاب فلا تطهر ما طرحت فيه بالانقلاب ولا فرق بين ان يكون نجاسة
ذاتية أو عرضية وربما خطر لبعض من لا مزيد تحصيل له الطهارة لأن النجاسة واحدة وحالة الخمرية العين نجسة فإذا لاقاها نجاسة أخرى لم يزد اثر التنجيس فيها فإذا انقلبت
خلا طهرت مطلقا وهو غلط لان النجاسات متفاوتة في قبول التطهير وعدمه وفي سبب التطهير - ج - حكى الجويني عن بعض الشافعية جواز تخليل المحترمة لأنها غير مستحقة
للإراقة لكن المشهور عندهم عدم الفرق بين المحترمة وغيرها في تحريم التحليل: د: لافرق بين الطرح بالقصد وبين ان يتفق من غير قصد كطرح الريح في اباحته وطهارته مع
الانقلاب وللشافعية قولان أحدهما لا فرق بينهما في التحريم وعدم الطهارة والثاني الفرق والخلاف مبني على أن المعنى تحريم التخليل أو نجاسة المطروح فيه والأظهر عندهم
انه لا فرق هذا إذا كان الطرح في حالة التخمير إما إذا طرح في العصير بصلا أو ملحا واستعجل به الحموضة بعد الاشتداد فللشافعية وجهان أحدهما انه إذا تخلل كان طاهرا لان
ما لاقاه انما لاقاه قبل التخمير فيطهر بطهارته كاجزاء الدن والثاني لا لان المطروح فيه ينجس عند التخمير وتستمر نجاسته بخلاف اجزاء الدن للضرورة. ه‍: لو طرح العصير على
الخل وكان العصير غالبا يتغير الخل فيه عند الاشتداد طهر إذا انقلب خلا لزوال المقتضى للنجاسة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان لا يطهر ولو كان الغالب الخل و
كان يمنع العصير من الاشتداد فلا بأس به وبه قال الشافعية. مسألة: قد بينا انه يجوز امساك الخمر المحترمة إلى أن تصير خلا وهو قول الشافعية والتي لا يحترم يجب
اراقتها لكن لو لم يرقها حتى تخللت طهرت عندنا أيضا وهو قول أكثر الشافعية لأن النجاسة والتحريم انما ثبتا للشدة وقد زالت وحكى الجويني عن بعض الخلافيين
انه لا يجوز امساك الخمر المحترمة بل يضرب عن العصير إلى أن يصير خلا فان اتفقت منا اطلاعة وهو خمر أرقناه وقال بعضهم لو أمسك غير المحترمة حتى تخللت لم يحل ولم
يطهر لان امساكها حرام فلا يستفاد به نعمة فإذا عادت الطهارة بالتخلل يطهر اجزاء الظرف أيضا للضرورة وقال بعضهم إن كان الظرف بحيث لا يشرب شيئا من الخمر
18

كالقوارير طهر وإن كان مما يشرب لم يطهر وكما يطهر الملاقى بعد التخلل يطهر ما فوقه الذي اصابته الخمر في حال الغليان واعلم أن بعض الشافعية تردد في بيع الخمر
المحترمة بناء على التردد في طهارتها مع الانقلاب والحق عندنا التحريم والعناقيد التي استحالت اجزاء من حباتها خمرا يجوز بيعها ولا يقصد بيع الحبات التي استحالت و
للشافعية وجهان في جواز بيعها أعني بيع الحبات التي استحالت اعتمادا على طهارة ظاهرها في الحال وتوقع فأيدتها في المال وطردوا الوجهين في البيضة المستحيل
باطنها دما والحق عندنا المنع. مسألة: لو رهنه عصيرا فصار خمرا قبل الاقباض بطل الرهن على ما بينا وكان للمرتهن الخيار في البيع الذي شرط فيه ارتهانه وان
صار خمرا بعد القبض خرج من الرهن ولا خيار للمرتهن فان اختلفا فقال المرتهن قبضته وهو خمر وقال الراهن بل قبضته وهو عصير وانما صار خمرا في يدك فالأقوى تقديم
قول المرتهن وبه قال الشيخ وأبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي لان من في يده مال لغيره فالقول قوله في صفته كالغاصب والمستعير وغيرهما ولان المرتهن ينكر ان
يكون قد قبض رهنا والقول قوله مع عدم الرهن والقول الثاني للشافعي ان القول قول الراهن لأنهما اتفقا على العقد والتسليم واختلفا في صفة المقبوض فكان
القول قول الذي سلم كالبايع والمشتري إذا اختلفا في العيب ويمكن حدوثه عند كل واحد منهما فان القول قول البايع فاما الغاصب والمستعير فان القول قولهما فيما
يغرمان لان القول قول الغارم لأنه مدعى عليه وهنا المرتهن يثبت لنفسه خيارا في العقد بذلك فهو بمنزلة المشتري إما لو اختلفا في العقد فقال المرتهن رهنتنيه خمرا و
قبضته خمرا وقال الراهن بل رهنتكه عصيرا وقبضته عصيرا قال بعض الشافعية القول قول المرتهن في هذه قولا واحدا لأنه ينكر العقد وقال آخرون منهم فيها القولان
لأنه معترف بحصول عقد وقبض وانما يدعي صفة في المعقود عليه والأصل عدمها ولو صار العصير خمرا في يد الراهن قبل القبض بطل الرهن فان عاد خلا لم يعد
ويخالف إذا كان بعد القبض لان الرهن قد لزم وقد صار تابعا للملك فاما إذا اشترى عصيرا فصار خمرا في يد البايع وعاد خلا فسد العقد ولم يعد ملك المشتري
لعوده خلا والفرق بينه وبين الرهن ان الرهن عاد تبعا لملك الراهن وههنا يعود ملك البايع لعدم العقد ولا يصح ان يتبعه ملك المشتري. مسألة لو جنى العبد
المرهون قبل القبض وتعلق الأرش برقبته وقلنا رهن الجاني ابتداء فاسد ففي فساد بطلان الرهن للشافعية وجهان الحاقا للجناية بتخمير العصير بجامع عروض الحاجة المانعة
من ابتداء الرهن قبل استحكام العقد وهذه الصورة أولي بان لا يبطل الرهن فيها لدوام الملك في الجاني بخلاف الخمر ولو ابق العبد المرهون قبل القبض قال الجويني
يلزم على سياق ما سبق تخريج وجهين فيه لانتهاء المرهون إلى حالة يمتنع ابتداء الرهن فيها. الشرط الثالث: ان يكون المرهون مما يمكن اثبات يد المرتهن
عليه فلو رهن عبدا مسلما عند كافر أو رهن مصحفا عنده فالأقرب المنع لما فيه من تعظيم شأن الاسلام والكتاب العزيز ومن نفي السبيل على المؤمن فان اثبات
يد المرتهن سبيل عليه وللشافعية طريقان أحدهما انه على القولين في بيعه منه ان صححنا البيع صح الرهن ويوضع على يد مسلم لان إزالة الرهن لا يمكن الا بفسخه والثاني
القطع بجوازه لأنه لا ملك للكافر فيه ولا انتفاع وانما هو مجرد استيثاق بخلاف البيع لان في التملك نوع اذلال وهذا انما هو استيثاق به وانما الذل بكونه
تحت يده فإذا أخرجناه من يده جاز ورهن السلاح من الحربي يترتب على بيعه منه وفي رهن كتب أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله والفقه الخلاف بين الشافعية
المتقدم ويجوزان يرهن عند الكافر ما سوى ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله رهن درعه عند أبي الشحم اليهودي وهل يصح رهن المصحف عند المسلم ان قلنا بجواز بيعه صح والا فلا
وعن أحمد روايتان إحديهما الصحة وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. مسألة: يجوز رهن الجواري والعبيد لانهم أموال يستوثق بهم الدين
فجاز رهنهم كغيرهم ولا فرق بين الجارية الحسناء وغيرها وسواء كانت الجارية الحسناء محرما للمرتهن أو غير محرم وسواء كان المرتهن عدلا أو فاسقا على كراهية فيه ولا
فرق بين ان يكون الجارية صغيرة لا تشتهى بعد أو كبيرة تشتهى للأصل والعمومات وقال بعض الشافعية رواية انه لا يجوز رهن الجارية الحسناء الا ان يكون محرما للمرتهن
والمذهب المشهور عندهم الجواز مطلقا ثم إن كانت صغيرة لا تشتهى بعد فهي كالعبد يجوز رهنها وإن كانت كبيرة تشتهى فان رهنت من محرم أو امرأة جاز وان رهنت من رجل
بالغ أو أجنبي فإن كان ثقة وعنده زوجته أو جاريته أو نسوة يؤمن معهن من المقاربة لها جاز أيضا والا وضعت عند محرم لها أو امرأة ثقة أو عدل بالصفة المذكورة في المرتهن ولو
شرط وضعها عند غير من ذكر نا فهو شرط فاسد عندهم لما فيه من الخلوة بالأجنبية وخوف الفتنة والحق الجويني بالصغيرة الصغيرة الجثة مع ذمامة الصورة و
الفرق بين بينهما عند الباقين ولو كان المرهون خنثى فهو كما لو كان جارية الا انه لا يوضع عند المراة. الشرط الرابع: ان يكون المرهون مما يصح بيعه عند
حلول الدين لان الغاية التي وضعها الشارع في الرهن استيفاء الحق من ثمن المرهون عند الحاجة فلابد وأن يكون قابلا للبيع ليصرف ثمنه في دين المرتهن فكل ما لا
يصح بيعه لا يجوز رهنه فلا يجوز رهن الحر وأم الولد والمكاتب والوقف وغير ذلك مما يمتنع شرعا بيعه. مسألة: لعلمائنا قولان في جواز التفرقة بين الام وولدها
الصغير بالبيع وشبهه فمنعه البعض وكرهه آخرون وقد تقدم القولان والشافعية وان حرموا التفريق ففي افساد البيع عندهم قولان إذا عرفت هذا فإنه يجوز عندنا
وعندهم رهن الجارية دون الولد الصغير لان الرهن يزيل الملك فيحصل بذلك تفرقة بينهما وانما هي ملك للراهن له الانتفاع وتسليم ولدها إليه ولان الجارية
المرهونة لو ولدت في يد المرتهن كان ولدها غير مرهون وهي مرهونة فكذا في الابتداء قال الشافعي ان ذلك تفرقة بين الام وولدها واختلف في معناه وقال بعضهم
ان الرهن لا يوجب تفرقة لان الملك فيهما باق للراهن والمنافع له فيمكن ان يأمرها بتعهد الولد وحضانته وإذا كان كذلك وجب تصحيح الرهن ثم ما يتفق من بيع وتفريق
فهو من ضرورة الجاء الراهن إليه وقال بعضهم معناه انه لا يفرقه في الحال وانما التفرقة يقع عند البيع وحينئذ يحترز منها بان يبيعها معا والقائل الأول لا يبالي بافراد
أحدهما بالبيع إذا وقعت الحاجة إلى البيع والأصح عندهم الثاني إذا ثبت هذا فإذا حل الحق وأراد بيع الجارية فإن كان قد تم للولد سبع سنين فما زاد جاز بيعها دونه
اجماعا لان بلوغ هذا السن يجوز معه التفريق وإن كان له أقل من ذلك فالأقرب بيعهما معا وهو أحد قولي
الشافعية لان الجمع بينهما في العقد ممكن بخلاف ما إذا ولدت
من الراهن فإنها تباع منفردة عن الولد لان الولد حر لا يمكن بيعه فإذا بيعا معا بيعا صفقة واحدة لئلا يقع التفريق للنهي عنه ويتعلق حق المرتهن من الثمن بقدر
قيمة الجارية فيقال كم قيمة هذه الجارية ذات الولد دون ولدها فيقال مائة ويقال كم قيمة الولد فيقال خمسون فيكون حصة الجارية ثلثي الثمن المسمى في العقد قال بعض
الشافعية ينبغي ان يقدم على كيفية توزيع الثمن. مسألة: هي انه إذ رهن أرضا بيضا ثم نبت فيها نخل فلها حالتان أحدهما ان يرهن الأرض ثم يدفن فيها
النوى أو يحمل السيل أو الطير النوى إليها فينبت فهي للراهن ولا يجبر في الحال على قلعها لامكان ان يؤدي الدين من موضع آخر فإذا دعت الحاجة إلى بيع الأرض نظر
فان قام ثمن الأرض وبيعت وحدها بالدين بيعت وحدها ولم يقلع النخل وكذا لو لم يف به الا ان قيمة الأرض وفيها الأشجار كقيمتها بيضا وان لم يف به ونقصت قيمتها
بالأشجار فللمرتهن قلعها لتباع الأرض بيضا الا ان يأذن الراهن في بيعها مع الأرض فيباعان ويوزع الثمن عليهما هذا إذا لم يكن الراهن محجورا عليه بالافلاس فإن كان
19

كذلك فلا قلع بحال لتعلق حق الغرماء بها بل يباعان ويوزع الثمن عليهما فما يقابل الأرض يختص به المرتهن وما يقابل الأشجار يقسم بين الغرماء فان انتقصت قيمة الأرض
بسبب الأشجار حسب النقصان على الغرماء لان حق المرتهن في ارض فارغة وانما منع من القلع لرعاية جانبهم فلا يهمل جانبه بالكلية. الحالة الثانية: ان يكون النوى مدفونة
في الأرض يوم الرهن ثم نبتت فإن كان المرتهن جاهلا بالحال فله الخيار في فسخ البيع الذي شرط فيه هذا الرهن فان استحقاق بقاء الأشجار في الأرض عيب فيها يوجب الخيار
فان فسخ فلا بحث وان لم يفسخ فهو بمنزلة العالم فلا خيار له وإذا بيعت الأرض مع النخل وزع الثمن عليهما والمعتبر في الحالة الأولى قيمة ارض فارغة وفي الثانية قيمة ارض
مشغولة لأنها كانت كذلك يوم الرهن وفي كيفية اعتبار قيمة الأشجار وجهان نقلهما الجويني في الحالية أظهرهما ان الأرض تقوم وحدها فإذا قيل قيمتها مائة قومت مع الأشجار
فإذا قيل مائة وعشرون فالزيادة بسبب الأشجار عشرون هي سدس المائة والعشرين فيراعى في ثمنها نسبة الأسداس والثاني انه كما قومت الأرض وحدها يقوم
الأشجار وحدها ثانيا فإذا قيل قيمتها خمسون عرفنا ان النسبة بالأثلاث وفي المثال المذكور لايضاح الوجهين يكون قيمة الأرض ناقصة بسبب الاجتماع لأنا فرضنا
قيمتها وحدها وقيمة الأشجار وحدها ثمانية وخمسون وقيمة المجموع مائة وعشرون إذا عرفت هذا فلنعد إلى مسألة الام والولد فإذا بيعا معا واردنا التوزيع قال الجويني
فيه طريقان أحدهما ان التوزيع عليهما كالتوزيع على الأرض والأشجار فيعتبر فيه قيمة الام وحدها وفي الولد الوجهان والثاني ان الام لا يقوم وحدها بل يقوم مع
الولد خاصة لأنها رهنت وهي ذات ولد والأرض بالأشجار وكذا اورده أكثر الشافعية إما لو رهنها حايلا ثم حملت بالولد بعد الرهن والتسليم من نكاح أو زنا وبيعا
معا فللمرتهن قيمة جارية لا ولد لها فتقوم خالية من ولد ويقوم الولد وينظر حصتها من الثمن فيكون للرهن والفرق بين المسئلتين ان في الأولى رضي بكونها
أم ولد فقومت أم ولد وفي الثانية لم يرض بكونها أم ولد فان قيل هذا الولد حدث في يد المرتهن وإذا كان ذلك حادثا في يده كان بمنزلة ما رضي به كما لو حدث فيه نقص وعيب قلنا إن ذلك لا يجري مجرى النقص الحادث
لتلف جزء من الرهن لان التالف مضمون عليه بسقوط حق الوثيقة وفي مسئلتنا الرهن بحاله وهذه الزيادة للراهن يقتضي وجوده نقصان قيمة الام لبيعه معها فإذا
لم يرض به لم يلزمه حكمه. مسألة: إذا رهن شيئا رطبا يسرع إليه الفساد نظر فإن كان يمكن استصلاحه وتجفيفه كالرطب والعنب صح رهنه ويجب على الراهن تجفيفه
واستصلاحه لان ذلك من مؤنة حفظه وتبقيته فكانت عليه كنفقة الحيوان المرهون فإن كان مما لا يمكن استصلاحه كالثمرة التي لا يجفف والبقول والطبايخ والريحان
وما أشبه ذلك نظر فإن كان الدين حالا أو يحل قبل فساده صح رهنه لان المقصود منه يمكن حصوله ثم إن بيع في الدين أو قضى الدين من موضع اخر فذاك والا بيع
وجعل الثمن رهنا لئلا يضيع ولا يفوت الوثيقة فلو تركه المرتهن حتى فسد ضمن ان أمكن رفع امره إلى الحاكم ولم يفعل ولو تعذر الحاكم فان نهاه الراهن عن البيع لم يضمن والا
احتمل الضمان وقال بعض الشافعية إن كان الراهن اذن له في بيعه ضمن والا لم يضمن وإن كان الرهن على دين مؤجل فأحواله ثلاثة. أ: ان يعلم حلول الأجل قبل فساده فهو
بحكم الرهن على الدين الحال. ب: ان يعلم عكسه فان شرط في الرهن بيعه عند الاشراف على الفساد وجعل ثمنه وهنا صح ولزم الوفاء بالشرط وان شرط الا يباع بحال قبل حلول الأجل
فهو فاسد ويفسد الرهن لمناقضته مقصود الاستيثاق وان اطلق العقد ولم يشترط البيع ولا عدمه فالأقرب الجواز ويجبر على بيعه لان العرف يقتضي ذلك لان
المالك للشئ لا يعرضه للتلف والهلاك بل يبيعه فيحمل مطلق العقد عليه كما على الاستصلاح وهو أحد قولي الشافعية والقول الثاني انه لا يصح لان الاجبار على البيع اجبار على
إزالة ملكه وبيع الرهن قبل حلول الأجل وذلك لا يقتضيه عقد الرهن فلم يجب وإذا ثبت ان البيع لا يجبر عليه فالمرهون لا يملك استيفاء الحق منه فلم يصح عقد الرهن
كما لو رهن عبدا علق عتقه بشرط يوجد قبل المحل وليس بجيد لان في ترك بيعه اضرارا إما بالمالك وبالمرتهن معا وفي بيعه احسان إليهما لاشتماله على مصلحتهما فوجب البيع حفظا
للحقين وما اخترناه والا هو الصحيح وبه قال أبو حنيفة واحمد كما لو شرطه فان الظاهر أنه لا يقصد فساد ماله فصار كالمأذون فيه. ج: ان لا يعلم واحد من الامرين وكانا محتملين
ففي جواز الرهن المطلق قولان مرتبان على القولين في القسم الثاني والصحة هنا أظهر. تذنيب: لو رهن مالا يسرع إليه الفساد فطرأ ما عرضه للفساد قبل حلول الأجل
كما لو ابتلت الحنطة وتعذر التجفيف لم ينفسخ الرهن بحال وان منع الصحة في الابتداء على قول للشافعية كما أن اباق العبد يمنع صحة العقد وإذا طرا لم يوجب الانفساخ
ولو طرا ذلك قبل قبض الرهن ففي الانفساخ للشافعية وجهان كما في عروض الجنون والموت وإذا لم ينفسخ يباع ويجعل الثمن رهنا مكانه. مسألة: المرتد إما ان
يكون عن فطرة أو لا عن فطرة والأول يجب قتله في الحال ولا تقبل توبته عند علمائنا والثاني تقبل توبته ولا يجب قتله في الحال الا بعد الامتناع من التوبة عند الاستتابة إذا عرفت هذا فلو ارتد العبد
فالأقرب ان الردة إن كانت عن فطرة لم يصح رهنه لأنه في كل آن يجب اعدامه شرعا ويتعين اتلافه فانتفت غاية الرهن فيه وهي التوثيق وان لم يكن عن فطرة صح رهنه لان
الردة لا يزيل الملك والعامة اطلقوا وقالوا يصح رهن المرتد كما يصح بيعه لبقاء الملك مع الردة وانما يعرضه للاتلاف فهو بمنزلة المريض المدنف وإذا ثبت هذا فإذا
رهنه فإن كان المرتهن عالما بالردة لم يكن له رده ولا يثبت له خيار في البيع الذي شرط رهنه فيه ثم ينظر فان عاد إلى الاسلام وتاب فقد زال العيب وان قتل بالردة في يد
المرتهن لم يثبت للمرتهن خيار فسخ البيع المشروط رهنه فيه لان القتل حصل في يده بسبب الردة وقد رضي بها فهو بمنزلة ان يرهنه مريضا فيعلمه بمرضه ثم يموت منه في يده
لا يقال الفرق ظاهر فان المريض تلف بتزايد المرض في يد المرتهن لأنا نقول والمرتد قتل بإقامته على الردة في يد المرتهن ولأنه وان قتل بما كان في يد البايع الا انه لما رضي به
سقط حكمه وصار كأنه قتل في يده ابتداء ويفارق الاستحقاق لأنه لا يصح الرضا به وهذا مذهب الشافعي وقيل إنه كالمستحق فعلى هذا يثبت الخيار في البيع فاما إذا لم يعلم
المرتهن حال الرهن بردته ثم علم بعد ذلك قبل ان يقتل فله الخيار في البيع المشروط رهنه فيه فان قتل قبل القبض فله فسخ البيع وان قتل بعده كان الحكم فيه كما لو رهنه وهو
عالم بردته واما ان قتل قبل ان يعلم بردته قال أبو إسحاق من الشافعية انه بمنزلة المستحق ويثبت الخيار للمرتهن وقال آخرون انه بمنزلة العيب ولا يثبت للمشتري الخيار في الرهن والشافعي قال هنا انه بمنزلة المستحق
فجعله مع العلم بمنزلة العيب ومع عدم العلم بمنزلة الاستحقاق لأنه هلك بسبب كان موجودا حال العقد ولم يرض به ولا يلزم المريض لأنه تلف بسبب حادث قال أصحابه ان
قلنا بقوله وقول أبي إسحاق ثبت للمرتهن الخيار في البيع وان قلنا بقول الآخرين فلا يثبت له الخيار ولا المطالبة بالأرش أو يكون رهنا ويفارق البيع حيث قلنا على هذا
الوجه انه يرجع بأرش العيب لان الرهن لا يلزم الا فيما حصل فيه القبض بخلاف البيع فما لم يسلمه إليه من صفات الرهن لا يمكنه المطالبة به ولا يثبت له الخيار لفقده لأنه
قد تلف الرهن في يده وتعذر عليه رده والرهن مضمون على المرتهن بحق الوثيقة وبه قال الشافعي في الام ولأنه دلس فيه بعيب وقبضه فمات في يده موتا قبل ان يختار فسخ
البيع لم يكن له خيار الفسخ لما فات من الرهن. مسألة: يصح رهن العبد الجاني سواء كانت الجناية عمدا أو خطأ والشافعية رتبوا حكم رهنه على بيعه فان قالوا
بأنه لا يصح بيعه فرهنه أولي وان صح ففي رهنه قولان وفرقوا بينهما بان الجناية العارضة في دوام الرهن يقتضي تقديم حق المجني عليه فإذا وجدت أو لا منعت من
ثبوت حق المرتهن وللشافعية ثلاث طرق أحدها إن كان القتل خطأ لم يصح قولا واحدا وإن كان عمدا فعلى قولين والثاني انه إن كان عامدا صح قولا واحدا وإن كان
20

خطأ فعلى قولين والثالث انه على قولين عمدا كان أو خطأ وقد مضى توجيه ذلك في البيع فإذا قلنا إنه يصح الرهن فالحكم فيه كما ذكرنا في المرتد سواء إذا عرفت هذا فإن لم
يصح الرهن ففداه السيد أو أسقط المجني عليه حقه فلابد من استيناف رهن وان صححناه قال بعضهم انه لا يكون مختارا للفداء كما سبق في البيع وقال بعضهم لا يلزمه
الفداء بخلاف ما في البيع والعتق لان محل الجناية باق هنا والجناية لا تنافي الرهن الا ترى انه لو جنى وهو مرهون تتعلق الجناية به ولا يبطل الرهن وان صححنا الرهن
والواجب القصاص ومنعناه والواجب المال فرهن والواجب القصاص ثم عفى المستحق على مال فيبطل الرهن من أصله أو هو كجناية تصدر من المرهون حتى يبقى
الرهن لو لم يبع في الجناية فيه للشافعية وجهان وإذا قيل به؟؟؟ فلو كان قد حفر بئرا في محل عدوان فتردى فيها بعد ما رهن انسان ففي تبين الفساد وجهان والفرق
انه في الصورة الأولى رهن وهو جان وهنا بخلافه. تذنيب: لو رهن عبدا سارقا أو زانيا صح الرهن ويكون ذلك بمنزلة الغيب على ما بيناه وإن كان قد قتل في
قطع الطريق فإن كان قبل قدرة الامام عليه صح على أحد القولين لأنه يصح منه التوبة وإن كان بعد القدرة لم يصح لأنه قتله متحتم. تذنيب آخر: قد بينا ان للشافعية
ثلاث طرق في رهن الجاني وان منهم من يقول في ذلك قولان فإذا قلنا فيها قولان فرعنا عليه إذا قلنا يصح الرهن كانت الجناية مقدمة عليه فان بيع فيها جميعه بطل الرهن
وان بيع بعضه بقي الباقي رهنا لا يقال إذا صححتم الرهن فالا ألزمتموه الفداء كما إذا أعتقه وصححتم عتقه لا نا نقول الفرق بينهما انا إذا صححنا أبطلنا محل الجناية فضمن المبطل
بالأرش وفي مسئلتنا محل الجناية باق والجناية لا تنافي الرهن ولهذا إذا جنى بعد ما رهن تعلقت به الجناية ولم يبطل الرهن واما إذا قلنا لا يصح الرهن فان فداه
السيد أو برئ من الجناية لم يصر رهنا حتى يبدأ رهنه قال الشافعي ولا فرق بين ان يكون الأرش درهما والعبد يساوي الوفا أو غير ذلك وانما كان كذلك لان اليسير يتعلق
بجميعه كتعلق الكثير الا ترى انه لو رهنه عبدا بدرهم يسوي الوفا لم يجز رهنه بشئ آخر عند غيره قولا واحدا وكذا الجناية أيضا. مسألة: يصح رهن المدبر عند علمائنا
لان التدبير عندنا وصية وللموصى الرجوع في وصيته وكذا المدبر له الرجوع في تدبيره وإذا صح الرهن بطل التدبير لان ذلك رجوع فيه والشافعية اختلفوا في هذه
المسألة على ثلاث طرق منهم من قال انما يكون الرهن مفسوخا على القول الذي يقول إن التدبير عتق بصفة لا يصح الرجوع فيه فاما إذا قلنا إنه وصية صح الرهن و
كان رجوعا عن التدبير كما إذا اوصى به لزيد ثم رهنه فإنه يكون رجوعا عن الوصية ويصح الرهن ومنهم من قال يكون الرهن مفسوخا على القولين لان السيد قد يموت
فجأة فيبطل مقصود الرهن ولا يعلم وقت موته حتى يباع قبله ولان الشافعي قال في الام ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخا ولو قال رجعت عن التدبير ثم رهنه
ففيها قولان وهذا نص في أنه قبل ان يرجع فيه لا يصح الرهن قولا واحدا قال هذا القائل وانما كان كذلك لان الرهن ليس بصريح في الرجوع عن التدبير فلم يكن رجوعا و
يفارق ساير الوصايا حيث كان الرهن رجوعا عنها لان التدبير وان قلنا إنه وصية فإنه اكد وأقوى منها لأنه عتق يتنجز بالموت وقد يكون بعض الوصايا اكد من بعض
فيقدم بعضها على بعض ومنهم من قال يصح الرهن ويكون التدبير بحاله لان الشافعي قال ما جاز بيعه جاز رهنه والمدبر يجوز بيعه ولان التدبير لا ينافي الوثيقة لأنه
لا يمنع من البيع عند محل الحق قال وقولي الشافعي يكون الرهن مفسوخا أراد به إذا امتنع الراهن من بيعه والرجوع في التدبير فإنه يحكم بانفساخ الرهن وبيان ذلك
ان على هذه الطريقة يكون رهنا مدبرا فان قضاه الراهن من غيره كان العبد مدبرا وان باعه في الدين بطل التدبير وان امتنع من بيعه ومن الرجوع في التدبير
فإن كان له مال غيره قضى الدين منه واجبر عليه وان لم يكن له مال قال أبو إسحاق من الشافعية فيه وجهان أحدهما يباع عليه وينفسخ التدبير والثاني يحكم بفساد الرهن و
هذا الوجه الذي تأول به صاحب هذه الطريقة كلام الشافعي وهو قوله وكان الرهن مفسوخا وحمله عليه وليس بصحيح لأنه إذا صحح رهنه لم يجز ان يحكم بفساده
بامتناع الراهن عن بيعه بل يجب بيعه بحكم الرهن ولزومه والطريقة الأولى أصح في القياس لان في كون التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة قولين معروفين وقضية
كونه وصية صحة الرهن والثانية ظاهر كلامه لان كلامه في الام كالصريح في القطع بالمنع لأنه قال ولو دبره ثم رهنه كان الرهن مفسوخا ولو قال رجعت عن التدبير ثم رهنه
فقولان فخص القولين بما بعد الرجوع والثالثة مخالفة لقوله وللقياس والمزني اختار ان الرهن يصح ويبطل التدبير كما ذهبنا نحن إليه لان التدبير عنده وصية كما
قلناه وقد ثبت انه لو اوصى بعبده ثم رهنه بطلت الوصية وان الشافعي قال لو دبر عبده ثم قال له ان أعطيت ورثتي كذا بعد موتي فأنت حر كان رجوعا في التدبير قال ولان الشافعي قال لو دبر عبده ثم وهبه هبة بتات؟ بطل التدبير اقبضه في التدبير أو لم يقبضه والرهن كالهبة
قبل القبض والجواب ان الذين قالوا إنه يصح الرهن على القول الذي يقول إنه وصية لا يلزمهم ذلك ويحملون كلام الشافعي الذي حكاه في العتق على أنه على هذا
القول قاله ومن قال لا يصح الرهن على القولين فقد ذكرنا فرقه بين التدبير وساير الوصايا فاما ما حكاه من مسألة الهبة فمن أصحابنا من يقول إذا قلنا التدبير
وصية صحة الهبة وكان رجوعا عن التدبير وإذا قلنا إنه عتق بصفة لم يكن ذلك مبطلا للتدبير ومنهم من قال يكون مبطلا للتدبير على القولين لان الهبة تنقل الملك إذا انضم إليها القبض وكانت
أقوى من الرهن لأنه لا يقضي عنده إلى إزالة الملك فافترقا واعلم أن عامة الشافعية مالوا إلى ترجيح بطلان الرهن لان العتق مستحق بالتدبير فلا يقوى الرهن على
رفعه والجويني اختار الصحة إما على قول انه وصية فظاهر واما على قول انه تعليق عتق بصفة فلانه مع ذلك محسوب من الثلث بخلاف العتق المطلق النازل في حياة
المعلق والدين محسوب من رأس المال ولو مات ولم يخلف الا هذا العبد والدين مستغرق ولا رهن لصرفناه إلى الدين ولم يبال باندفاع العتق فلا معنى لمنعه من
الرهن لغرض العتق. مسألة: لو رهن عبده ثم دبره قال الشيخ رحمه الله يبطل التدبير لأنه ليس له التصرف فيه والوجه ان يقال يقع موقوفا فان أجاز المرتهن صح التدبير
ويكون حكمه انه لو مات المالك قبل الرجوع في التدبير عتق من الثلث ولو قصر الثلث أو لم يكن سواه بيع إما كله أو ما يقوم بباقي الدين أو جميعه ويبطل التدبير كما لو لم
يكن رهنا ولو لم يجز المرتهن احتمل بطلان التدبير وعدمه لأنه تصرف في الرهن وقد منع المتراهنان من التصرف في الرهن وكون هذا التصرف غير مضر بالمرتهن فان
للمرتهن ان يبيعه في الدين وحينئذ يبطل التدبير ولو لم يبعه وطلب الدين من باقي التركة كان له ذلك فان وقت التركة بالدين قضى منها وعتق المدبر من الثلث
ولا يجبر المرتهن على ذلك وهذا كله إذا كان الرهن قد اقترن به الاقباض أو لم يقترن به وقلنا إن الرهن يلزم مع عدم الاقباض واما ان شرطنا في لزومه الاقباض
فدبره قبل الاقباض بطل الرهن لأنه جايز وإذا تصرف تصرفا يخالفه بطل ويحتمل الصحة وقال الشافعي في الام لو رهنه ولم يقبضه ثم دبره أو باعه أو صدقه أو وهبه
بطل الرهن قال الربيع من أصحابه وفيه قول اخر ان التدبير يصح والرهن بحاله وقال باقي الشافعية ان قول الربيع من نفسه وليس فيها الا قولا واحدا أو إما إن كان
بعد الاقباض قال الشافعي في الام يكون التدبير موقوفا يريد به ان التدبير يصح لان الرهن لا ينافيه ثم ينظر فان انفك من الدين قبل موت سيده فهو مدبر
وان حل الحق فان قضاه الراهن من غيره كان مدبرا وان باعه في الدين بطل التدبير وان امتنع من بيعه ومن الرجوع إلى التدبير فإن كان له مال قضى منه والا بيع
عليه وان مات قبل حل الحق فقد حل الحق بالموت ووجب العتق من الثلث ثم ينظر فان خلف تركة بقي بالدين قضى الدين منها وعتق المدبر من الثلث وان لم يكن
21

غيره فإن كان الدين يستغرق قيمته بيع فيه وإن كان له بقدر بعضه بيع بقدر الدين وكان عتق الباقي وصية يقف على اجازة الورثة فإن لم يجيزوا عتق ثلث الباقي و
قال بعض الشافعية عندي ان تدبير المرهون يبنى على القولين في عتقه لان التدبير سبب من أسباب العتق واستبعده بعضهم لان نص الشافعي بخلافه ولان
العتق يبطل حق المرتهن من غير الرهن لأنه يمنع من بيعه والتدبير لا يمنع البيع فلا يبطل حق المرتهن فاختلفا واعلم أن بين القول ببطلان الرهن لو وقع التدبير قبل
الاقباض للتنافي بينهما وبين صحته لو كان بعد الاقباض لعدم التنافي بينهما لا يخلو من مناقضة ما وباقي كلام الشافعي موافق لمذهبنا. مسألة: لا يصح تعليق
العتق بالوصف عند علمائنا أجمع على ما يأتي انشاء الله تعالى فلو قال لعبده ان دخلت الدار فأنت حر لم يصح عندنا خلافا للعامة فإنهم قالوا بصحته فعلى قولنا لو علق العتق
على الصفة ثم رهنه يصح الرهن عندنا سواء وجدت الصفة أو لم يوجد لبطلان العتق وقالت الشافعية رهن المعلق عتقه بصفة يصدر على وجوه أحدها ان يرهن
بدين حال أو مؤجل يتيقن حلوله قبل وجود الصفة مثل أن يقول إذا جاء رأس الشهر فأنت حر ثم يرهنه بحق حال أو يحل قبل ذلك فان الرهن صحيح قولا واحدا لان بيعه
ممكن عند محل الحق ويباع في الدين فإن لم يتفق بيعه حتى وجدت الصفة فيبنى على القولين في أن الاعتبار في العتق المعلق بحالة التعليق أو بحالة وجود الصفة فان قلنا
بالأول عتق وللمرتهن فسخ البيع المشروط فيه الرهن إن كان جاهلا وان قلنا بالثاني فهو كاعتاق المرهون وسيأتي والثاني ان يرهن بدين مؤجل يتيقن وجود الصفة قبل
حلوله مثل ان يعلق عتقه بشهر ومحل الدين بعد ذلك فان الرهن فاسد قولا واحدا ومن الشافعية من خرج منه قولا آخر من قول الشافعي في الثمرة والطعام إذا رهنه إلى محل
يفسد قبله وقال غيره هذا ليس بصحيح لان الطعام الرطب الظاهر من جهة الراهن بيعه إذا خشي تلفه وجعل ثمنه رهنا وهنا له غرض في حصول العتق فافترقا وقال بعض
الشافعية فيه طريقان أحدهما انه على القولين في رهن ما يتسارع إليه الفساد فعلى قول يباع إذا قرب أوان وجود الصفة ويجعل ثمنه رهنا قال الجويني هذا انما ينتظم إذا قلنا
بنفوذ العتق المعلق قبل الرهن عند وجود الصفة حالة الرهن إما إذا لم يقل بذلك فلا يخاف تسارع الفساد إليه وفوات الوثيقة فتوجه الخلاف بشئ اخر وهو ان
ان الرهن هل يصلح رافعا للعتق المستحق بالتعليق فتارة يقول نعم كالبيع واخرى يقول لا لضعفه والطريق الثاني وهو المشهور القطع بالمنع لفوات مقصود الرهن قبل المحل
وليس ذلك كرهن ما يتسارع إليه الفساد لأن الظاهر من حال صاحب الطعام الرضا بالبيع عند خوف الفساد لئلا يضيع فالظاهر من حال المعلق أيضا العتق وقد تقدم والثالث
ان يجوز تقدم الصفة على حلول الدين وبالعكس ولا يتيقن أحد الامرين مثل أن يقول إذا قام زيد فأنت حر أو إذا دخلت الدار أو كلمت فلانا قال أبو علي من الشافعية
لا يجوز قولا واحدا لأنه عقد الرهن على غرر وقال أبو حامد في ذلك قولان قال القاضي أبو الطيب ان القول الآخر مخرج من صحة رهن المدبر إذا قلنا إن التدبير عتق بصفة
قال وليس بصحيح لان المدبر يعتق بموت السيد والظاهر بقاء الحياة كما صح رهن الحيوان وان جاز ان يموت وهنا ليس لوجود الصفة قبل المحل أو بعده ظاهر فهو غرر لا حاجة
إليه قال أبو حنيفة ان الرهن صحيح لان ما جاز بيعه جاز رهنه إذا كان محرزا كساير الأعيان ولان الأصل استمرار الرق. مسألة: قد عرفت ان مذهبنا بطلان العتق
المعلق على الوصف إما لو نذر عتقه فإنه يصح اجماعا سواء علقه على وقت أو وصف مثل أن يقول لله علي ان أعتق عبدي هذا ان جاء زيد وإذا دخل الشهر أو اطلقه مثل
أن يقول لله علي ان أعتق هذا العبد أو قيد بالتعجيل مثل أن يقول لله علي ان أعتق هذا العبد الآن وعلى كل واحد من هذه التقادير الثلاثة فان ملكه لا يخرج عنه
بهذا النذر بل بنفس الاعتاق فحينئذ يقول إن اطلق النذر تعلق بذمته مقتضاه ووجب عليه العتق وهل يجب في الحال الأقرب المنع بل الأقرب ان يكون وقته العمر كالواجبات الموسعة وان قلنا إن
الامر للفور وجب عتقه معجلا فيكون حكمه حكم المعلق بالتعجيل وحكم القول الأقوى حكم النذر المعلق بالأجل
أو الوصف الا في شئ واحد وهوان المطلق يتعلق
وجوب العتق بذمة الناذر في الحال الوجوب الموسع وفي المقيد لا يجب فلو مات العبد في النذر المطلق أو المقيد بالتعجيل قبل عتقه فإن كان الناذر قد يمكن من عتقه بعد
النذر وجب عليه الكفارة لخلف النذر وان لم يتمكن لم يجب عليه شئ ولو مات في النذر المقيد قبل حصول الوصف أو الوقت لم يجب عليه شئ قلنا إنه يجزيه عتقه
قبل الوقت أو لا لان الوجوب يقيد الوقت أو وصف ولم يحصل القيد ولو قتله مولاه قبل عتقه فالأقرب وجوب الكفارة في الأقسام الثلاثة إما في المطلق والمعجل فظاهر واما في المقيد
بالأجل فلانه فوت محل العتق فكانت مخالفة النذر بسببه اختيارا وإذا تمهدت هذه المسائل فنقول إن كان النذر مطلقا أو مقيدا بالتعجيل لم نجز له رهنه لوجوب تعلق
حق العتق به ووجوب اخراجه عن ملكه فينافي جواز رهنه الذي يقتضي وجوب ابقائه في دين المرتهن محفوظا عليه حتى يستوفي منه أو من غيره وإن كان مقيدا بالوقت
أو الوصف فالأقرب جواز رهنه وهل يباع لو حل الدين قبل الوصف الأولى المنع لأنه وان لم يخرج عن ملكه بالنذر الا انه قد تعلق به حق لله وبيعه مبطل لذلك الحق. مسألة:
لا يصح رهن المكاتب عند علمائنا سواء كانت الكتابة مشروطة أو مطلقة لأنه عقد لازم لا يمكن استيفاء الدين منه لأنه لا يصح بيعه وبه قال الشافعي وابن المنذر ولأن استدامة
القبض في الرهن شرط ولا يمكن ذلك في المكاتب وقال مالك يصح رهنه لأنه يجوز بيعه وايفاء الدين منه فعلى هذا يكون ما يؤديه في نجوم كتابته رهنا معه فان عجز ثبت
الرهن فيه وفي مال الكتابة وان عتق كان ما أداه من نجومه رهنا بمنزلة ما لو تكسب العبد القن ثم مات والحق ما قلناه نعم لو كانت الكتابة مشروطة وعجز فإنه يصح رهنه لان
للمالك حينئذ فسخ الكتابة وقد يكون الرهن فسخا لها والأقرب ذلك. مسألة: إذا رهن الثمرة على الشجرة منضمة مع أصولها صح عندنا سواء كان يمكن تجفيفها أو لا وسواء
بدا اصلاحها أو لا وسواء كان الدين حالا أو مؤجلا لان الثمرة يصح بيعها مطلقا على ما تقدم في باب البيع فصح رهنها كذلك خصوصا وقد انضمت إلى أصولها وكذا
لو رهنها منفردة عن أصولها لما تقدم وقالت الشافعية ان رهنها منضمة مع الأصول فإن كانت الثمرة مما يمكن تجفيفها صح الرهن سواء بدا صلاحها أو لا وسواء
كان الدين حالا أو مؤجلا فإن كانت مما لا يمكن تجفيفها وقلنا بالمنع من صحة رهن ما يتسارع إليه الفساد فطريقان أشبههما عندهم انه لا يصح في الثمار وفي الأشجار قولان
تفريق الصفقة والثاني يصح فيها قولا واحدا تكون الثمار تابعة للأشجار وان رهنها منفردة عن الأصول فإن كان مما لا يمكن تجفيفها فهو كرهن ما يتسارع إليه الفساد
على وجه الأرض إن كان الرهن حالا أو كانت لا يفسد إلى حلوله صح الرهن وان أمكن تجفيفها فاما ان يرهن قبل بدو الصلاح أو بعده فان رهنها قبل بدو الصلاح
فان رهنها بدين حال وشرط قطعها وبيعها أو بيعها بشرط القطع جاز وان اطلق فقولان أحدهما لا يجوز كما لا يجوز بيعها مطلقا وأصحهما الجواز لان حق المرتهن لا يبطل
باحتياجها وحق المشتري يبطل وأيضا فان الحلول قرينة يتنزل منزلة شرط القطع ولان استحقاق البيع يوجب قطعها فأشبه شرط القطع وإن كان الدين مؤجلا فإن كان
يحل مع بلوغ الثمار أوان ادراكها أو بعده جاز كما لو كان حالا وإن كان يحل قبل بلوغها وقت الادراك فان شرط قطعها عند المحل كان بمنزلة البقول وقد اطلق
الشافعية جواز ذلك وللشافعية طريقان منهم من طرد القولين ووجه المنع الشبه بما إذا باع بشرط القطع بعد مدة ومنهم من قطع بالجواز وإن كان مطلقا ففيه ثلاثة
أقوال أحدها انه لا يصح كما لا يصح البيع ولان العادة في الثمار الابقاء إلى الادراك فأشبه ما لو رهن على أن لا يبيعه عند المحل الا بعد أيام والثاني انه يصح لان البيع انما
22

لم يصح لما فيه من الغرر وليس في الرهن غرر ولا يتلف ان تلف من مال صاحبه ولان مقتضى الرهن البيع عند المحل فكأنه شرط بيعه عند المحل والثالث نقله المزني انه ان شرط القطع حال المحل صح
وان اطلق لم يصح لان اطلاقه يقتضى بقاءه إلى حال الجذاذ وذلك يقتضي تأخير الدين عن محله فلا يحتاج إلى الشرط وما تقدم للقول الأخر من انتفاء الغرر فليس بصحيح
ولان وثيقة المرتهن تبطل بذلك ويلزم عليه الرهن المجهول فإنه لا يصح وان لم يكن فيه الا جهالة الوثيقة وقد جرت مجرى جهالة الملك قال أبو إسحاق والصحيح انه بمنزلة
البيع وقد نص عليه الشافعي في كتاب التفليس وان رهنها بعد بدو الصلاح جاز بشرط القطع ومطلقا ان رهنها بدين حال أو مؤجل في معناه وان رهنها بمؤجل يحل
قبل بلوغها أوان ادراكها فعلى ما تقدم من القسم الأول. فروع: إذا رهن الثمار على الأشجار وصح الرهن كانت مؤنة السقي والجذاذ والتجفيف على الراهن دون
المرتهن وان لم يكن له شئ باع الحاكم جزءا منها وانفقه عليها ولو توافق الرهن والمرتهن على ترك السقي جاز بخلاف علف الحيوان وقال بعض الشافعية يجبر عليه كما يجبر على علف
الحيوان. ب: لو أراد الراهن أو المرتهن قطع الثمرة قبل أوان الجذاذ فللآخر منعه وبعد الجذاذ ليس له ذلك بل يباع في الدين ان حل والا امسكه رهنا. ج: الشجرة التي
تثمر في السنة مرتين يجوز رهن ثمرتها الحاصلة بالدين الحال والمؤجل الذي يحل قبل خروج الثانية أو قبل اختلاطها بالأولى فان شرط ان لا يقطع عند خروج
الثانية لم يصح لأنه لا يتميز عند محل الحق مما ليس برهن وان شرط قطعها صح وان اطلق فللشافعية قولان فان صححنا انه رهن بشرط القطع ثم لم يتفق القطع حتى حصل
الاختلاط ففي بطلان الرهن قولان كالقولين في البيع إذا عرضت هذه الحالة قبل القبض لان المرتهن انما يتوثق بعد القبض فهو والمرهون عنده كالبايع والمبيع
محبوس عنده فان قلنا يبطل الرهن فكذلك وان قلنا لا يبطل فلو اتفق قبل القبض بطل وللشافعية فيه وجه اخر مضى نظيره فيما إذا تخمر العصير قبل القبض وإذا
لم يبطل فلو رضي الراهن بان يكون الكل رهنا أو توافقا على أن يكون النصف من الجملة مثلا رهن فذاك وان تنازعا في قدر المرهون فالقول قول الراهن مع يمينه كما لو
اختلطت الحنطة المرهونة بحنطة أخرى للراهن وقال المزني القول قول المرتهن مع يمينه لان اليد له كما لو تنازعا في ملك وأجاب باقي الشافعية بان اليد تدل على الملك دون الرهن
كما لو قال من في يده المال رهنتنيه وأنكر المالك كان القول قوله وقال بعضهم في مسألة الحنطة ان طرد الخلاف محتمل لتعذر الفرق. د: لو رهن زرعا بعد اشتداد الحب أو قبله صح عندنا لأنه مال مقول ينتفع به فصح كما صح بيعه وقالت
الشافعية إذا رهن الزرع بعد اشتداد الحب نظر إن كان ترى حباته في السنبلة صح والا فقولان كما في البيع والا صح عندهم المنع ولو رهنه وهو بغل فهو كما لو رهن الثمرة
قبل بدو الصلاح وقال بعضهم إذا كان الدين موجلا لم يجز قولا واحدا وان صرح بشرط القطع عند المحل لان الزرع لا يجوز بيعه إذا تسنبل عندهم وقد يتفق الحلول
في تلك الحال ولان زيادة الزرع بالطول فهي كثمرة يحدث ويختلط بالمرهون وزيادة الثمرة بكبر الحبة فهي كالسمن. البحث الرابع: في الحق المرهون به. مسألة:
يشترط في المرهون به أمور ثلاثة ان يكون دينا ثابتا في الذمة حالة الرهن لازما فلا يصح الرهن على الأعيان
التي ليست مضمونة كالوديعة والعارية غير المضمونة و
المستأجرة وغير ذلك من الأمانات لأنها ليست ثابتة في الذمة عينا ولا قيمة إما الأعيان المضمونة في يد الغير إما بحكم العقد كالمبيع أو بحكم ضمان اليد كالمغصوب
والمستعار المضمون والمأخوذ على جهة السوم وكل أمانة فرط فيها وبقيت بعينها فالأقوى جواز الرهن عليها وبه قال مالك وقال أبو حنيفة كل عين كانت
مضمونة بنفسها جاز اخذ الرهن بها يريد ما يضمن بمثله أو قيمته لأن المبيع يجوز اخذ الرهن به لأنه مضمون بفساد العقد ويجوز اخذ الرهن بالمهر وعوض الخلع
لأنه يضمن بمثله أو قيمته وكذلك الصلح عن دم العمد لأنه يمكن استيفاء القيمة من الرهن فصح اخذ الرهن على الأعيان المضمونة كالغصب
والثمن المعين والأجرة المعينة لأن العين قبل هلاكها في يده لا يثبت في الذمة فلا يصح أخد الرهن بذلك كالمبيع ولأنه ان رهنه على قيمتها إذا تلفت فهو رهن على ما ليس
بواجب ولا يعلم افضاؤه إلى الوجوب وان اخذ على عينها لم يصح لأنه لا يمكن استيفاء عينها من الرهن ولان غرض الرهن بيع المرهون واستيفاء الحق من ثمنه عند الحاجة
ويستحيل استيفاء تلك الأعيان من ثمن المرهون وليس بجيد لان الاستيفاء انما يكون مع الحاجة مع وجود العين والتمكن من اخذها لا حاجة إلى البيع وعند عدمها
أو تعذر أخذها على مالكها تجب القيمة ولهذا يجوز للمالك اخذ ما يجده من مال الغاصب إذا تعذر عليه استعادة عينه سواء ساوت العين أو خالفتها ونقل الجويني
للشافعية وجها انه يجوز اخذ الرهن بها بناء على تجويز ضمان الأعيان وفرق باقيهم بناء على الظاهر من مذهبهم ان الضمان التزام في الذمة فلو لم يتلف العين المضمونة
لم يجر الالتزام ضررا وفي الرهن دوام الحجر في المرهون يجر ضررا ظاهرا. مسألة: وشرطنا كون المرهون به ثابتا في الذمة حال عقد الرهن فان الذي لم يثبت بعد لا يجوز
الرهن به مثل ان يرهنه بما يستقرضه منه أو بثمن ما يشتريه منه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لأنها وثيقة على حق فلا يجوز قبل ثبوت الحق من غير حاجة كالشهادة
وقال أبو حنيفة ومالك يجوز عقده قبل الحق وإذا دفع إليه ثوبا وقال رهنتك هذا على عشرة دراهم تقرضنيها غدا وسلم إليه الثوب ثم اقرضه الدراهم لزم الرهن و
حكاه القاضي بن كح من الشافعية عن بعض أصحابه أيضا إذا عين ما يستقرضه ومنهم من قال لو تراهنا بالثمن ثم لم يفترقا حتى تبايعا صح الرهن الحاقا للحاصل في المجلس بالمقترن
بالايجاب والقبول وعلى ظاهر مذهب الشافعية لو ارتهن قبل ثبوت الحق وقبضه كان مأخوذا على جهة سوم الرهن فإذا استقرض أو اشترى لم يصر رهنا الا بعقد جديد
وفيه وجه لهم انه يصير رهنا واحتج أبو حنيفة بان ذلك وثيقة فجاز ان يكون عقدها موقوفا على حق يحدث في المستقبل كضمان الدرك والفرق على تقدير تسليم جوازه فإنه
عندنا باطل وللشافعي قولان انه جاز للحاجة إليه والاحتياط في المال بخلاف مسئلتنا. مسألة: يصح عقد الرهن بعد ثبوت الحق في الذمة وتقرره اجماعا لأنه دين ثابت
وتدعو الحاجة إلى اخذ الوثيقة فجاز اخذها كالضمان ولقوله تعالى فرهان مقبوضة جعله بدلا عن الكتابة فيكون في محلها بعد وجوب الحق لقوله تعالى إذا تداينتم
بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه فجعله جزاء للمداينة مذكورا بعدها بفاء التعقيب إما لو قارنه وامتزج الرهن بسبب ثبوت الدين مثل أن يقول بعتك هذا العبد بألف
وارتهنت هذا الثبوت به فقال المشتري اشتريت ورهنت أو قال أقرضتك هذه الدراهم وارتهنت بها دارك فالأقرب الجواز وبه قال مالك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي
لان الحاجة تدعو إليه فإنه لو لم ينعقد مع ثبوت الحق وشرطه فيه لم يتمكن من الزام المشتري عقده وكان الخيار إلى المشتري والظاهر أنه لا يبذله فيفوت الوثيقة بالحق
ولان شرط الرهن في البيع والقرض جايز لحاجة الوثيقة فكذا مزجه بهما بل هو أولي لان الوثيقة ههنا اكد فان الشرط قد لا يفي به وللشافعية وجه اخر انه فاسد لان
أحد شقي الرهن متقدم على ثبوت الدين ولو قال لعبده كاتبتك على الف وبعت منك هذا الثوب بكذا فقال قبلت الكتابة والبيع لا يصح البيع وفرقوا بوجهين أحدهما
ان العبد لا يصير أهلا للمعاملة مع مولاه حتى يتم الكتابة والثاني ان الرهن من مصالح البيع وليس من مصالح الكتابة ولا استبعاد في سبق أحد شقي الرهن على ثبوت الدين
وانما الممنوع منه سبق الرهن عليه ويمنع بطلان البيع المقترن بالكتابة. فروع: أ: لو قال البايع ارتهنت وبعت وقال المشتري اشتريت ورهنت لم يقع عند
الشافعية لتقدم أحد شقي الرهن على شقي البيع وكذا لو قال ارتهنت وبعت وقال المشتري رهنت واشتريت لتقدم شقي الرهن على أحد شقي البيع. ب: شرط الشافعية في الصحة تقدم خطاب البيع على خطاب الرهن وتقدم جواب البيع على جواب الرهن وبالجملة
23

الشرط ان يقع أحد شقي الرهن بعد أحد شقي البيع والاخر بعد شقي البيع. ج: لو قال بعني عبدك بكذا ورهنت به هذا الثوب فقال البايع بعت وارتهنت كان مبنيا على
مسألة الاستيجاب. د: لو قال البايع بعتك بكذا على أن ترهنني دارك به فقال المشتري اشتريت ورهنت فالأقرب الصحة ان انضم قول البايع ارتهنت أو قبلت
لان الذي وجد منه شرط ايجاب الرهن لا استيجابه كما لو قال افعل كذا لتبيعني لا يكون مستوجبا للبيع وهو أحد وجهي الشافعية وفي الأخر يتم العقد وان لم ينضم قول البايع
والوجه الأول. مسألة: يشترط مع ثبوت الدين لزومه فعلا حالة الرهن أو قوة قريبة من الفعل كالثمن في مدة الخيار لقرب حاله من اللزوم وكما لو شرط الرهن في
البيع فان الثمن غير ثابت بعد ويصح الشرط ولا فرق في صحة الرهن بالدين اللازم بين ان يكون الدين مسبوقا بحالة الجواز أولم يكن ولا بين ان يكون مستقرا كالقرض و
أرش الجناية وثمن المبيع المقبوض أو غير مستقر كالثمن قبل قبض المبيع والأجرة قبل استيفاء المنفعة والصداق قبل الدخول إما ما ليس بلازم ولا مصير له إلى
اللزوم بحال كنجوم الكتابة عند الشيخ رحمه الله وعند الشافعي فلا يصح الرهن به لان الرهن للتوثيق والمكاتب بسبيل من اسقاط النجوم متى شاء ولا معنى بتوثيقها
ولأنه لا يمكن استيفاء الدين من الرهن لأنه لو عجز صار الرهن للسيد لأنه من جملة مال المكاتب وقال أبو حنيفة يصح الرهن بها وهو الوجه عندي ويمنع من اثبات
السبيل للمكاتب بل يقول عقد الكتابة أوجب عليه المال فليس له اسقاطه باختياره بل بالعجز لا التعجيز من العبد بل من الأولى ونمنع عدم التمكن من استيفائه
الدين من الرهن فان المملوك إذا عجز ولم يعجزه مولاه أمكن استيفاء الدين من الرهن وان عجزه كان كالابراء فسقط الدين وبطل الرهن ولو جعلنا الخيار مانعا من
نقل الملك في الثمن إلى البايع فالظاهر منع الرهن عليه لوقوعه قبل ثبوت الدين ولا شك في أنه لا يباع الرهن في الثمن ما لم يمض مدة الخيار وما كان الأصل في وضعه الجواز
كالجعل في الجعالة فإن كان قبل الشروع في العمل لم يصح الرهن عليه لأنه لم يجب ولا يعلم افضاؤه إلى الوجوب واللزوم واما بعد الشروع في العمل وقبل اتمامه فالأقوى
جوازه لانتهاء الامر فيه إلى اللزوم فصار كالثمن في مدة الخيار وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الأصح
عندهم المنع لان الموجب للجعل هو العمل وبه يتم الموجب
فكأنه لا ثبوت له قبل العمل إما بعد تمام العمل فإنه يصح اجماعا لأنه لازم حينئذ وكذا لا يجوز الرهن على الدية من العاقلة قبل الحول لأنه لم يجب بعد ولا يعلم افضاؤها
إلى الوجوب فإنهم لو جنوا أو افتقروا أو ماتوا لم يجب عليهم فلا يصح اخذ الرهن بها فاما بعد الحلول فيجوز لاستقرارها ويحتمل جوازه قبل الحول لأصالة بقاء
الحياة واليسار والعقل والمسابقة ان جعلناها عقدا لازما كالإجارة صح الرهن على العوض قبل العمل والا فلا لأنه لا يعلم افضاؤها إلى الوجوب لان الوجوب
انما يثبت بسبق غير المخرج وهو غير معلوم ولا مظنون قال بعض العامة ان قلنا إنها اجارة جاز اخذ الرهن بعوضها وان قلنا جعالة فلا وقال بعضهم ان لم يكن
فيها محلل؟؟ فعلى وجهين وهذا كله بعيد لان الجعل ليس هو من مقابلة العمل بدليل انه لا يستحقه إذا كان مسبوقا وقد عمل العمل
وانما هو عوض عن السبق ولا يعلم القدرة عليه ولأنه لا فائدة للجاعل فيه ولا هو مراد له وإذا لم يكن اجارة مع عدم المحلل فمع وجوده أولي لان مستحق الجعل هو السابق
وهو غير معين ولا يجوز استيجار رجل غير معين. مسألة: لا يجوز اخذ الرهن بعوض غير ثابت في الذمة كالثمن المعين والأجرة المعينة في الإجارة والمعقود عليه في
الإجارة إذا كان منافع معينة مثل اجارة الدار والعبد المعين والجمل المعين مدة معلومة أو لحمل شئ معين إلى مكان معلوم لأنه حق تعلق بالعين لا بالذمة ولا
يمكن استيفاءه من الرهن لان منفعة العين لا يمكن استيفاؤها من غيرها وتبطل الإجارة بتلف العين ولو وقعت الإجارة على منفعة في الذمة كخياطة ثوب وبناء
جدار جاز اخذ الرهن لأنه ثابت في الذمة ويمكن استيفاؤه من الرهن بان يستأجر عنه من يعمل فجاز اخذ الرهن لأنه ثابت في الذمة ويمكن استيفاؤه من الرهن بان يستأجر
كالدين ويباع عند الحاجة ويحصل المنفعة من ثمنه إذا عرفت هذا فكلما جاز اخذ الرهن به جاز اخذ الضمين به وما لم يجز الرهن به لم يجز اخذ الضمين به الا ثلاثة أشياء
عهدة البيع يصح ضمانها ولا يصح الرهن بها والكتابة لا يصح الرهن بها على اشكال سبق والأقرب صحة الضمان فيها وما لم يجب لا يصح اخذ الرهن به ويصح ضمانه لان الرهن
بهذه الأشياء يبطل الارفاق فإنه إذا باع عبده بألف ودفع رهنا يساوي ألفا فكأنه ما قبض الثمن ولا ارتفق به والمكاتب إذا دفع ما يساوي كتابته فما ارتفق بالأجل
لأنه كان يمكنه بيع الرهن وامضاء الكتابة ويستريح من تعطيل منافع عبده بخلاف الضمان ولان ضرر الرهن يعم لأنه يدوم بقاؤه عند المشتري فيمنع البايع التصرف
فيه والضمان بخلافه ولا يجوز الرهن من المالك على الزكاة قبل الحلول ولا رهن العاقلة على الدية قبله لفوات الشرط ويجوز بعده. مسألة: لا يشترط في الدين
المرهون به ان لا يكون به رهن بل يجوز ان يرهن بالدين الواحد رهنا بعد رهن ثم هو كما لو رهنهما معا ولو كان الشئ مرهونا بعشرة واقرضه عشرة أخرى على أن يكون
مرهونا بها أيضا صح وبه قال مالك والشافعي في القديم كما يجوز الزيادة في الرهن بدين واحد والجديد انه لا يجوز وبه قال أبو حنيفة كما لا يجوز رهنه عند غير المرهون
وان وفي بالدينين جميعا فان أراد توثيقهما فليفسخا وليستأنفا رهنا بالعشرين بخلاف الزيادة في الرهن بدين واحد لان الدين يشغل الرهن ولا ينعكس فالزيادة
في الرهن شغل فارغ والزيادة في الدين شغل مشغول ويمنع حكم الأصل فإنه لا استبعاد في صحة الرهن عند غير المرتهن ويكون موقوفا على اجازة المرتهن فان
أجاز المرتهن الأول صح الثاني والأقرب انه لا يبطل الرهن الأول بل يتقدم الثاني فان فضل بعد دين الثاني في شئ اختص بالأول فإن كان قد بقي من العين شئ
اختص الأول به وان بيع الجميع وفضل من الثمن فضلة اختص الأول بها لأنه كقيمة المتلف من الرهن يختص المرتهن بها دون غيره من الديان سلمنا لكن الفرق
ظاهر فان الدينين إذا كانا لواحد لم يحصل من التنازع ما إذا تعدد ولو جنى العبد المرهون ففداه المرتهن بإذن الراهن على أن يكون العبد مرهونا بالفداء
والدين الأول صح عندنا وبه قال الشافعي ولأصحابه طريقان أظهرهما عندهم القطع بالجواز لأنه من مصالح الرهن من حيث يتضمن استبقاءه والثاني انهما
على القولين ولو اعترف الراهن بأنه رهن على عشرين ثم ادعى انه رهن أولا بعشرة ثم رهن بعشرة أخرى وباعه المرتهن فلا فائدة لهذا الاختلاف عندنا وعند قديم الشافعي وفي الجديد يقدم قول المرتهن مع اليمين لان اعتراف الراهن يقوي
جانبه ظاهرا ولو قال المرتهن في جوابه فسخنا الرهن الأول واستأنفنا بالعشرين قدم قول المرتهن أيضا لاعتضاد جانبه بقول صاحبه وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني قول الراهن لان الأصل عدم الفسخ وفرعوا عليه انه لو شهد شاهدان انه رهن بألف ثم رهن بالفين لم يحكم بأنه رهن بالفين ما لم يصرح الشهود
بان الثاني كان بعد فسخ الأول. الفصل الثاني: في القبض. مسألة: اختلف علمائنا في القبض هل هو شرط في لزوم الرهن أو لا على قولين أحدهما انه شرط
وهو أحد قولي الشيخ رحمه الله وقول المفيد رحمه اله فلو رهن ولم يقبض كان الرهن صحيحا غير لازم بل للراهن الامتناع عن الاقباض والتصرف فيه بالبيع وغيره لعدم
لزومه وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد في رواية وفي الثانية انه شرط في المكيل والموزون لقوله تعالى فرهان مقبوضة وصفها بكونها مقبوضة ولقول
الصادق عليه السلام لا رهن الا مقبوضا ولأنه عقد ارفاق يفتقر إلى القبول فافتقر إلى القبض كالقرض ولأنه رهن لم يقبض فلا يلزم اقباضه كما لو مات
24

الراهن والثاني انه ليس بشرط بل يلزم الرهن بمجرد العقد وهو القول الثاني للشيخ رحمه الله وقول ابن إدريس وبه قال مالك واحمد في الرواية الأخرى لقولة تعالى أوفوا بالعقود ولأنه
عقد يلزم بالقبض فلزم فيه كالبيع ولا حجة في وصف الرهن بالقبض لان القصد بالآية كمال الارشاد ولهذا أمر تعالى بالكتابة وليس شرطا مع الامر فكيف يكون الوصف شرطا
مع انتفاء الامر على أن نفس الرهن ليس شرطا في الدين والحديث ضعيف السند والفرق مع القرض ظاهر فإنه مجرد ارفاق بخلاف الرهن فإنه لا ينفك عن معاوضة ما. مسألة:
القبض هنا كالقبض في البيع وغيره وهو إما التخلية مطلقا على رأي أو النقل والتحويل فيما ينقل ويحول والكيل والوزن فيما يكال ويوزن والتخلية فيما لا يمكن فيه شئ من ذلك
وقال بعض الشافعية لو جوزنا التخلية في المنقول في البيع لم يكف هنا لان الرهن (القبض) مستحق في البيع وهنا بخلافه ويشترط في القبض صدوره من جايز التصرف وهو الحر المكلف
الرشيد غير المحجور عليه لسفه أو فلس ويعتبر ذلك حال رهنه واقباضه لأن العقد والتسليم ليس بواجب وانما هو إلى اختيار الراهن فإذا لم يكن له اختيار صحيح لم يصح ولأنه
نوع تصرف في المال فلا يصح من المحجور عليه من غير اذن كالبيع ويجري النيابة في القبض كما يجري في العقد ويقوم قبض الوكيل مقام قبضه في لزوم الرهن وساير احكامه وهل
يجوزان يستنيب المرتهن الراهن في القبض منع منه الشافعي لان الواحد لا يتولى طرفي القبض وليس جيد
كالجد والأب وحكم عبده ومدبره وأم ولده حكمه لان يدهم يده و
يجوز انابة مكاتبه لاستقلاله باليد والتصرف وفي عبد المأذون وجهان للشافعي أحدهما الجواز لانفراده باليد والتصرف وأصحهما المنع فإنه عبده القن وهو المتمكن
من الحجر عليه. مسألة: لو أودع مالا عند انسان أو اعاره منه أو كان مستاما أو كان وكيلا ثم رهنه منه فإن لم يشترط القبض فلا بحث ويلزم الرهن بمجرد العقد
وان شرطناه فالأقرب انه يلزم الرهن بمجرد العقد أيضا لأنه مقبوض للمرتهن فيندرج تحت الآية وبه قال احمد فان اليد ثابتة والقبض حاصل وانما يغير الحكم لا غير ويمكن
تغير الحكم مع استدامة القبض كما لو طولب بالوديعة فجحدها تغير الحكم وصار مضمونا عليه من غير أمر زايد ولو عاد الجاحد فاقر بها وقال لصاحبها خذ وديعتك فقال
دعها عندك وديعة كما كانت ولا ضمان عليك فيها لتغير الحكم من غير حدوث أمر زايد وقال الشافعي لا يصير رهنا حتى يمضي مدة ينافي قبضه فيها فإن كان منقولا
فيمضي مدة يمكن نقله فيها وإن كان مكيلا فيمضى مدة يمكن كيله فيها وإن كان غير منقول فيمضي مدة التخلية وإن كان غائبا عن المرتهن لم يصر مقبوضا حتى يوافيه هو أو وكيله ثم يمضي مدة يمكن قبضه فيها
لأن العقد يفتقر إلى القبض والقبض انما يحصل بفعله أو امكانه واعلم أن الشافعي قال في الجديد لابد من اذن جديد في القبض ولو وهبه منه فظاهر قوله إنه يحصل القبض
من غير اذن جديد ولأصحابه طرق ثلاثة أظهرها ان فيه قولين أحدهما انه لا حاجة في واحد من العقدين إلى الاذن في القبض بل انشاؤهما مع الذي في يده المال يتضمن
الاذن في القبض وأصحهما عندهم انه لابد منه لان اليد الثابتة كانت من غير جهة الرهن ولم يجر تعرض للقبض بحكم الرهن والثاني تقرير القولين والفرق ان الهبة عقد
تمليك ومقصوده الانتفاع لا يتم الا بالقبض والرهن توثيق وانه حاصل دون القبض ولهذا لو شرط في الرهن كونه في يد ثالث جاز ولو شرط مثله في
الهبة فسد وكانت الهبة ممن المال في يده رضا بالقبض والثالث القطع باعتبار الاذن الجديد فيهما فيتأول قوله في الهبة وسواء شرط اذن جديد في القبض أو لم يشترط فلا يلزم العقد
ما لم يمض زمان فيه صورة القبض لكن إذا شرط الاذن فهذا الزمان معتبر من وقت الاذن فإن لم يشترط فهو معتبر من وقت العقد وله قول اخر لا حاجة إلى مضى
هذا الزمان ويلزم العقد بنفسه والأقوى عندهم الأول لأنا نجعل دوام اليد كابتداء القبض فلا أقل من زمان يتصور فيه ابتداء القبض ولو كان غايبا اعتبر زمان يمكن المصير
فيه إليه ونقله وهل يشترط مع ذلك نفس المصير إليه ومشاهدته له وجهان أحدهما نعم ليتيقن حصوله ويثق به وأصحهما عندهم لا ويكتفي بان الأصل بقاؤه واختلفوا في
محل القولين منهم من جعله احتياطا ومنهم من حمله على ما إذا كان المرهون مما يتردد في بقائه في يده بان كان حيوانا غير مأمون الآفات إما إذا تيقنه فلا حاجة إليه وعلى
اشتراط الحضور والمشاهدة فهل يشترط النقل وجهان أحدهما نعم لان قبض المنقول به يحصل والثاني لا يشترط لان النقل انما يعتبر ليخرج من يد المالك وهو خارج
هنا وإذا شرط الحضور أو النقل معه فهل يجوز ان يوكل فيه وجهان أصحهما عندهم الجواز كما في ابتداء القبض والمنع لان ابتداء القبض وهو النقل وجد من المودع
فليصدر تتمته منه ولو ذهب إلى موضع المرهون فوجده قد خرج من يده فان اذن له في القبض بعد العقد فله اخذه حيث وجده وان لم يأذن لم يأخذه حتى يقبضه
الراهن سواء شرطنا الاذن الجديد أو لم نشترطه ولو رهن الأب مال الطفل من نفسه أو ماله من الطفل ففي اشتراط مضى الزمان يمكن فيه وجهان فان شرطناه فهو
كما لو رهن الوديعة من المودع فيعود الاختلاف المذكور وقصد الأب قبضا وافيا نازلا منزلة الاذن الجديد إما لو باع المالك الوديعة أو العارية ممن في يده فهل يعتبر زمان
امكان القبض لجواز التصرف وانتقال الضمان الأقرب عندنا المنع وهو أحد وجهي الشافعي لأنه مقبوض حقيقة ولان البيع يفيد الملك ولا معنى مع اجتماع الملك و
اليد لاعتبار شئ اخر والثاني نعم وهل يحتاج إلى الاذن في القبض إن كان الثمن حالا ولم يوفه لم يحصل القبض الا إذا اذن البايع فيه فان وفاه أو كان مؤجلا قال بعضهم انه كالرهن
والمشهور انه لا يحتاج إليه والفرق ان البيع يوجب القبض فدوام اليد يقع عن القبض المستحق ولا استحقاق في الرهن. مسألة: لو رهن المالك ماله المغصوب
في يد الغاصب صح الرهن وعلى قولنا بعدم اشتراط القبض يصير رهنا بمجرد العقد وعلى القول باشتراطه لابد من مضي زمان يمكن فيه تجديد القبض مع اذن في
القبض كما تقدم جديد وهو أحد قولي الشافعي والثاني القطع في الغصب بافتقاره إلى اذن جديد لان يده غير صادرة عن اذن المالك أصلا إذا عرفت هذا فإذا رهن
الغصب أو المستعار المشروط فيه الضمان أو المستام أو المبيع فاسدا صح الرهن اجماعا وهل يزول الضمان بالرهن قال الشيخ لا يزول ويثبت فيه حكم الرهن والحكم الذي كان
ثابتا فيه فيبقى بحاله وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور ولقوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤدي ولان الدوام أقوى من الابتداء ودوام الرهن لا يمنع ابتداء الضمان
فان المرتهن إذا تعدى في المرهون يصير ضامنا ويبقى الرهن بحاله فلئن لا يرفع ابتداء الرهن دوام الضمان كان أولي ولأنه لا تنافي بين الرهن وثبوت الضمان كما لو تعدى
في الرهن فإنه يصير مضمونا ضمان الغصب وهو رهن كما كان فكذلك ابتداؤه لأنه أحد حالتي الرهن وقال أبو حنيفة واحمد يزول الضمان وهو منقول عن مالك أيضا لأنه
مأذون له في امساكه وهنا لم يتجدد منه فيه عدوان فلم يضمنه كما لو قبضه منه ثم اقبضه إياه أو أبرأه من ضمانه ومنعوا عدم التنافي فان يد الغاصب عادية يجب عليه
ازالتها ويد المرتهن محقة جعلها الشرع له ويد المرتهن أمانة ويد الغاصب والمستام ونحوها يد ضامنة وهما متنافيان ولان سبب المقتضي للضمان زال فزال الضمان
لزواله كما لو رده إلى مالكه وذلك لان سبب الضمان الغصب أو العارية ونحوهما وهذا لم يبق غاصبا ولا مستاما ولا يبقى الحكم مع زوال سببه وحدوث سبب يخالف حكمه واما
وإذا تعدى في الرهن فإنه يضمن لعدوانه لا لكونه غاصبا ولا مستاما وهنا قد زال سبب الضمان ولم يحدث ما يوجبه فلم يثبت ويمنع استلزام اذن الامساك رهنا
لعدم الضمان فان المرتهن إذا تعدى والمودع وغيرهما من الامناء مأذون لهم في الامساك مع ثبوت الضمان والفرق بين اقباضه بعد استعادته واستمرار القبض ظاهر
فان اليد في الأول قد زالت حقيقة فلا موجب للضمان وغاية ثبوت الضمان الدفع إلى المالك وقد حصل فلا يثبت الضمان بعد الغاية له والابراء بمنزلته لأنه اسقاط فلا
25

ثبوت للساقط بعده لانتفاء سبب جديد سلمنا ان الغصب قد زال لكن نمنع زوال الضمان ولا نسلم به زوال المقتضي للضمان فان اليد باقية والاستصحاب يقتضي استمرار الضمان
إذا عرفت هذا فلو أراد المرتهن البراءة عن الضمان فليرده إلى الراهن ثم له الاسترداد بحكم الرهن ولو امتنع الراهن من قبضه ومن الابراء من ضمانه قال بعض الشافعية له
ان يجبره عليه وليس بجيد إذ لا يجب على صاحب الحق ترك حقه وقد ثبت للراهن ضمان على المرتهن فكيف يجب اسقاطه عنه ولو أودع الغاصب المال المغصوب فالأقوى هنا
سقوط الضمان وهو أصح وجهي الشافعية لان مقصود الايداع الاستيمان والضمان والأمانة لا يجتمعان ولهذا لو تعدى المودع في الوديعة ارتفعت الوديعة بخلاف الرهن لان
الغرض منه التوثق الا ان الأمانة من مقتضاه وهو مع الضمان قد يجتمعان والثاني انه لا يبرء كما في الرهن ولو اجر العين المغصوبة فالأولى ان الإجارة لا يفيد البراءة لأنه
ليس الغرض منها الإيتمان بخلاف الوديعة وللشافعية وجهان ولو وكله في بيع العبد المغصوب أو اعتاقه فالأقرب بقاء الضمان لأنه أولي من الإجارة به لان في الإجارة
تسليطا على القبض والامساك بخلاف التوكيل وللشافعية وجهان وفي معنى الإجارة والتوكيل ما إذا قارضه على المال المغصوب أو كانت جارية فتزوجها منه ولو
صرح المالك بابراء الغاصب عن ضمان الغصب والمال باق في يده احتمل عدم البراءة لأن الغصب سبب وجوب القيمة عند التلف والابراء لم يصادف حقا ثابتا وان صادف سببه
وهذا يؤكد ما تقدم من انتفاء البراءة مع عقود الأمانات لأنها أدون من التصريح بالابراء فإذا لم يحصل البراءة به فتلك العقود أولي ويحتمل قويا فيما عدا الغصب
من المستام والمبيع فاسدا والعارية المضمونة عدم الضمان لأنها أخف من ضمان الغصب لاستناد اليد فيها إلى رضا المالك. مسألة: استدامة القبض ليست شرطا في لزوم
الرهن وصحته عند علمائنا أجمع إما على قول من لا يشترط القبض في الابتداء فظاهر لأنه إذا لم يكن شرطا في الابتداء فأولى ان لا يكون في الاستدامة لان كل شرط يعتبر في الاستدامة
يعتبر في الابتداء وقد يعتبر في الابتداء ما لا يعتبر في الاستدامة واما على قول من جعل القبض شرطا في الابتداء فإنه لا يجعله شرطا في الاستدامة إما العامة فالقائل منهم بعدم اشتراط القبض فظاهر عندهم أيضا واما من قال إنه شرط
فقد اختلفوا فقال الشافعي انه ليس شرطا لأنه عقد يعتبر القبض في ابتداءه فلا يشترط استدامته كالهبة وقال أبو حنيفة ومالك واحمد استدامة القبض شرط لقوله تعالى
فرهان مقبوضة ولأنها إحدى حالتي الرهن فكان القبض فيها شرطا كالابتداء ولا دليل في الآية على ما تقدم والأصل ممنوع مع أن النص على خلافه قال (ع) الرهن محلوب ومركوب
وليس ذلك للمرتهن اجماعا فبقي ان يكون للراهن وهو يدل على عدم اشتراط استدامة القبض. مسألة: لو تصرف الراهن في الرهن قبل الاقباض بهبة أو بيع أو
عتق أو جعله صداقا أو رهنه ثانيا أو جعله مال اجارة فعلى ما قلناه من لزوم الرهن بمجرد العقد يكون التصرفات موقوفة على اجازة المرتهن فان أجازها صحت و
بطلت وثيقته الا في الرهن على اشكال سبق وان فسخها المرتهن بطلت وعلى القول بالاشتراط يكون ذلك رجوعا عن الرهن فبطل الرهن لأنه أخرجه عن امكان استيفاء
الدين عن ثمنه أو فعل ما يدل على قصد ذلك وسواء اقبض البيع والهبة والرهن الثاني أو لم يقبضه وكتابة العبد ووطي الجارية مع الأحبال كالبيع إما الوطؤ من غير احبال
أو التزويج فليس رجوعا إذ لاتعلق له بمورد الرهن فان رهن الزوجة ابتداء جايز وبه قال الشافعي واما الإجارة فان قلنا إن الرهن المكري وبيعه جايز فهي كالتزويج والا فهي
رجوع وقال بعضهم انها ليست برجوع بحال واما لو دبر العبد المرهون فيحتمل ان يقال إنه رجوع للتنافي بين مقصود التدبير ومقصود الرهن واشعاره بالرجوع
مسألة: لو مات المرتهن قبل القبض لم يبطل الرهن وهو ظاهر عند من لم يعتبر القبض واما من اعتبره فقد اختلفوا فقال بعضهم ببطلانه لأنه عقد جايز والعقود
الجايزة يرتفع بموت المتعاقدين كالوكالة وهو أحد أقوال الشافعي وفي الأخر لا يبطل الرهن ويقوم وارثه مقامه في القبض وهو أصح أقوال الشافعي لان مصيره إلى اللزوم
فلا يتأثر بموته كالبيع في زمن الخيار والدين باق كما كان وانما انتقل الاستحقاق فيه إلى الورثة وهم محتاجون إلى الوثيقة حاجة مورثهم وبه قال احمد لان المرتهن لو مات كان
الدين باقيا على تأجيله فكان الرهن بحاله ولو مات الراهن قبل الاقباض لم يبطل الرهن عند من لم يشترط القبض واما من اشترطه فقد اختلفوا فللشافعي أقوال
أحدها انه يبطل لأنه من العقود الجايزة كما تقدم والثاني انه لا يبطل بموت المرتهن ويبطل بموت الراهن ولأصحابه طرق أحدها ان في موتهما قولين نقلا وتخريجا أحدهما
انه يبطل بموت كل واحد منهما لأنه عقد جايز والعقود الجايزة يرتفع بموت المتعاقدين وثانيهما لا يبطل لان مصيره إلى اللزوم والثاني تقرير القولين وفرقوا بان
المرهون بعد موت الراهن ملك الورثة ومتعلق حق الغرماء إن كان له غريم آخر وفي استيفاء الراهن اضرار بهم وفي صورة موت المرتهن يبقي الدين كما كان وانما ينتقل
الاستحقاق فيه إلى الورثة وهم يحتاجون إلى الوثيقة حاجة مورثهم. والثالث القطع بعدم البطلان سواء مات الراهن أو المرتهن وإذا أثبتنا الرهن قام ورثة الراهن
مقامه في الاقباض وورثة المرتهن مقامه في القبض ثم اختلف أصحابه في موضع القولين فقال بعضهم موضعهما رهن المتبرع فاما الرهن المشروط في البيع فإنه لا يبطل بالموت قطعا
لتأكده بالشرط واقترانه بالبيع اللازم فلا يبعد ان يكتسب منه صفة اللزوم وقال بعضهم بل القولان جاريان في النوعين. مسألة: لو جن أحد المتعاقدين أو أغمي
عليه قبل القبض فإن لم يجعل القبض شرطا فالرهن لازم بمجرد العقد وان جعلناه شرطا لم يبطل الرهن لأنه عقد يؤول إلى اللزوم فلم يبطل بجنون أحد المتعاقدين
كالبيع الذي فيه الخيار ويقوم ولى المجنون مقامه فإن كان المجنون الراهن وكان الحظ في التقبيض بان يكون شرطا في بيع يتضرر بفسخه أو غير ذلك من المصالح اقبضه
وإن كان الحظ في تركه لم يجز له تقبيضه وإن كان المجنون المرتهن قال بعض العامة قبضه إليه ان اختار الراهن وان امتنع لم يجبر فإذا مات قام وارثه مقامه في القبض وقالت الشافعية
انه مرتب على الموت فان قلنا لا يؤثر الموت فالجنون أولي وان قلنا مؤثر ففي الجنون وجهان فان قلنا لا يبطل الرهن فان جن المرتهن قبض الرهن من نصبه الحاكم في ماله
فإن لم يقبض الراهن وكان الرهن مشروطا في بيع فعل ما فيه الحظ من الفسخ والإجازة وان جن الراهن فإن كان الرهن مشروطا في بيع وخاف القيم فسخ البيع لو لم يسلمه والحظ في
الامضاء سلمه وان لم يخف أو كان الحظ في الفسخ لم يسلمه وكذا لو كان الرهن رهن تبرع وينبغي ان يحمل على ما إذا لم يكن ضرورة ولا غبطة لأنه يجوز ان يرهن مال المجنون ابتداء
فالاستدامة أولي ولو حجر على الراهن بفلس قبل التسليم لم يكن له تسليمه لما فيه من تخصيص المرتهن بثمنه وليس له تخصيص بعض غرمائه وان حجر عليه لسفه فحكمه حكم ما لو
زال عقله بجنون وان أغمي عليه لم يكن للمرتهن قبض الرهن وليس لاحد تقبيضه لان المغمى عليه لا ولاية لاحد عليه فان أغمي على المرتهن لم يكن لاحد ان يقوم مقامه في
قبض الرهن أيضا وان خرس وكانت له كتابة مفهومة أو إشارة مفهومة فكالصحيح ان اذن في القبض جاز والا فلا وان لم يكن له إشارة مفهومة ولا كتابة لم يجز القبض و
إن كان أحد هؤلاء قد اذن في القبض أولا لم يعتد به لان اذنهم يبطل بما عرض لهم. مسألة: ليس للمرتهن قبض الرهن الا بإذن الراهن لأنه لا يلزمه تقبيضه فاعتبر
اذنه في قبضه كالواهب إما في الرهن المتبرع به فظاهر واما فيما وقع شرطا في عقد لازم كالبيع وشبهه فكذلك لا يجب إليه الاقباض سواء شرط الاقباض في العقد أو لم يشرط بل يتخير المرتهن في اجازة
العقد المشروط به وفسخه وليس له الزام الراهن بالاقباض فان تعدى المرتهن فقبضه بغير اذن لم يثبت حكمه وكان بمنزلة من لم يقبض ولو صدر من الراهن ما يدل
على الاذن في القبض وكان بمنزلة الاذن وقام مقامه مثل ان يرسل العبد إلى مرتهنه ورد ما اخذه من المرتهن إلى يده ونحو ذلك لأنه دليل على الاذن فاكتفى به كما لو دعا
26

غيره إلى طعام وقدمه بين يديه فان ذلك يجري مجرى الاذن في تناوله كذا هنا. مسألة: لو رهن عصيرا واقبضه فانقلب في يد المرتهن خمرا لم نقل انها مرهونة
واختلفت عبارة الشافعية فقال بعضهم يتوقف ان عاد خلا بان ان الرهن لم يبطل والأظهر بطلانه وقال أكثرهم يبطل الرهن لخروج الرهن عن كونه مالا ولاخيار
للمرتهن إن كان الرهن مشروطا في بيع لحدوثه في يده ثم إن عاد خلا يعود الرهن كما يعود الملك وهو أحد قولي الشافعي لأنه لا يراد ببطلان الرهن اضمحلال اثره بالكلية
بل ارتفاع حكمه ما دامت الخمرية والثاني انه لا يعود الرهن الا بعقد جديد وبه قال أبو حنيفة والوجه الأول لان الرهن تابع للملك والملك قد عاد إلى الراهن فلو رهن
شاة فماتت في يد المرتهن فدبغ جلدها لم يطهر ولم يدخل في ملك الراهن ولا المرتهن عندنا وللشافعي وجهان أحدهما عود الرهن كانقلاب الخمر خلا وأظهرهما عندهم
عدم العود لان ماليته مستندة إلى الصنعة والمعالجة وليس العايد ذلك الملك ولو انقلب العصير المرهون خمرا قبل القبض ففي بطلان الرهن البطلان الكلي للشافعي
وجهان أحدهما نعم لاختلال المحل في حال ضعف الرهن وجوازه والثاني لا كما لو تخمر بعد القبض وعلى الوجهين لو كان الشرط رهنا في بيع ثبت للمرتهن الخيار لان الخل
انقص من العصير ولا يصح الاقباض في حال الشدة فان فعل فعاد خلا فعلى الوجه الثاني لابد من استيناف قبض وعلى الأول لابد من استيناف عقد ولو انقلب المبيع خمرا
قبل القبض فالكلام في انقطاع البيع وعوده إذا عاد خلا كما تقدم في انقلاب عصير المرهون خمرا بعد القبض. مسألة: لو جنى العبد المرهون قبل القبض و
تعلق الأرش برقبته وقلنا رهن الجاني ابتداء فاسد ففي بطلان الرهن للشافعية وجهان الحاقا للجناية بتخمر العصير بجامع عروض الحالة المانعة من ابتداء الرهن قبل
استحكام العقد وهذه الصورة أولي بان لا يبطل الرهن فيها لدوام الملك في الجاني بخلاف الخمر ولو ابق العبد المرهون قبل القبض فللشافعية وجهان لانتهاء المرهون
إلى حالة تمنع ابتداء الرهن فيها. مسألة: الخمر قسمان خمر محترمة وهي التي اتخذ عصيرها ليصير خلا وانما هي محترمة لان اتخاذ الخل جايز اجماعا ولا ينقلب العصير إلى
الحموضة الا بتوسط الشدة فلو لم تحترم وأريقت في تلك الحالة لتعذر اتخاذ الخل والثاني خمر غير محترمة وهي التي اتخذ عصيرها لغرض الخمرية إذا عرفت هذا فان تخليل الخمر
بالاجسام الطاهرة جايز كطرح العصير أو الخل أو الخبز أو غيرها وبه قال أبو حنيفة لان المقتضى للتخليل وهو زوال الخمرية موجود والمانع وهو طرح شئ فيها لا يصلح للمانعية
والا لما طهرت البتة لان الآنية ينجس بملاقاتها فلو انفعلت الخمر بنجاسته لم يطهر وهو باطل بالاجماع وقال الشافعي ان تخليل الخمر بطرح العصير أو الخل أو الخبز الحار أو غيرها حرام و
الخل الحاصل نجس وبه قال احمد وعن مالك روايتان كالمذهبين لان انسان قال سئل رسول الله صلى الله عليه وآله أيتخذ الخمر خلا قال لا وهو بعد التسليم لا يدل على المطلق
لامكان إرادة الكراهة أو ان يستعمل الخمر عوض الخل وجوز بعض الشافعية تخليل المحترمة لأنها غير مستحقة للإراقة ثم اختلفوا في الفرق بين الطرح بالقصد وبغير قصد
كطرح الريح بناء على أن المعنى تحريم التخليل أو نجاسة المطروح فيه ولو طرح في العصير بصلا أو ملحا واستعجل به الحموضة بعد الاشتداد فلهم وجهان أحدهما إذا تخلل كان
طاهرا لان الملاقي انما لاقاه قبل التخمير فطهر بطهارته كاجزاء الدن والثاني لا لان المطروح فيه ينجس عند التخمير ويستمر نجاسته بخلاف اجزاء الدن للضرورة ولو طرح العصير على
الخل وكان العصير غالبا يتخمر الخل فيه عند الاشتداد فهل يطهر إذا انقلب خلا فيه هذان الوجهان ولو كان الغالب الخل وكان يمنع العصير من الاشتداد فلا بأس واما امساك
الخمر المحترمة إلى أن تصير خلا جايز والتي لا تحترم يجب اراقتها لكن لو لم يرقها حتى تخللت فهي طاهر أيضا لأن النجاسة والتحريم انما ثبتا للشدة وقد زالت وقال بعض الشافعية لا يجوز
امساك الخمر المحترمة بل يضرب عن العصير إلى أن تصير خلا فان اتفقت منا اطلاعة وهو خمر أرقناه وقال بعضهم لو أمسك التي لا تحترم حتى تخللت لم تحل ولم تطهر لان
امساكها حرام فلا يستفاد به نعمة ومتى عادت الطهارة بالتخليل طهرت اجزاء الظرف وقال بعض الشافعية إن كان الظرف لا يتشرب شيئا من الخمر كالقوارير طهر وإن كان
مما يشرب لم يطهر ويطهر أيضا ما فوقه الذي اصابته الخمر في حالة الغليان ولو كان ينقلها من الظل إلى الشمس أو يفتح رأسها ليصيبها الهواء استعجالا للحموضة فوجهان
أحدهما لا يطهر كما لو طرح فيها شيئا وأصحهما الطهارة عندهم لزوال الشدة وتردد بعض الشافعية في بيع الخمر المحترمة بناء على ترددهم في طهارتها. الفصل الثالث:
في منع المتراهنين من التصرفات. مسألة: الرهن وثيقة لدين المرتهن إما في عينه أو بدله ولا يحصل الوثيقة الا بالحجر على الراهن وقطع سلطنة كانت له ليتحرك
إلى الأداء وبتجديد سلطنة للمرتهن لم يكن ليتوسل بها إلى الاستيفاء وهذه الوثيقة ليست دائمة بل لها غاية ينتهي عندها على ما يأتي إذا ثبت هذا فالرهن يمنع الراهن
لا المرتهن من التصرفات على ما يأتي تفصيله في نظرين الأول في منع الراهن ويمنع الراهن من كل تصرف يزيل الملك إلى الغير كالبيع والهبة ونحوهما والا فاتت الوثيقة
ويمنع أيضا مما يزاحم المرتهن في مقصود الرهن وهو الرهن من غيره ومن كل تصرف ينقص المرهون ويقلل الرغبة فيه كالتزويج وبه قال الشافعي ومالك لان الرغبة في الجارية
الخلية فوق الرغبة في المزوجة فالتزويج يوجب نقص ثمنها ويشغل بعض منافعها فإنه يعطل منافع بعضها ويمنع مشتريها من وطئها ويعرضها بوطئها للحمل وتمكن زوجها
من الاستمتاع بها ليلا ويمنعها عن الخدمة بتربية ولدها فتقل الرغبة فيها وقال الشيخ رحمه الله إذا زوج الراهن عبده المرهون أو جاريته المرهونة كان تزويجه صحيحا وبه
قال أبو حنيفة لعموم قوله تعالى وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم واماءكم ولان محل النكاح غير محل الرهن ولهذا صح رهن الأمة المزوجة والعام مخصوص بما دل
منع الراهن والمرتهن من التصرف في الرهن ويمنع تغاير المحلين فان البيع يتناول جملتها ولهذا يستبيح المشتري نكاحها وانما صح رهن المزوجة لبقاء معظم المنفعة فيها و
بقاؤها محلا للبيع كما يصح رهن المستأجرة إذا عرفت هذا فقال أبو حنيفة يصح الرهن وللمرتهن منع الزوج من وطئها ومهرها رهن معها ولا بأس بقوله في المنع من الوطئ على
تقدير صحة العقد. مسألة: قال الشيخ رحمه الله لا يجوز للراهن ان يكري دارها المرهونة أو يسكنها غيره الا بإذن المرتهن فان اكراها وحصلت اجرتها كانت له وقال
الشافعي له ان يؤجرها ويسكنها غيره وهل له ان يسكنها بنفسه لهم فيه وجهان وفصل أصحابه فقالوا إن كان الدين حالا أو كان مؤجلا لكنه يحل قبل انقضاء مدة الإجارة
ففي رواية بناء صحة الإجارة على القولين في جواز بيع المستأجر ان جوزناه صحت الإجارة والا فلا
والمشهور بطلانها قطعا إما إذا لم نجز بيع المستأجر فظاهر واما إذا جوزناه فلان
الإجارة تبقى وان صح البيع وذلك مما يقلل الرغبة وقال بعضهم يبطل قدر الاجل وفي الزايد عليه قولا تفريق الصفقة وإن كان الاجل يحل مع انقضاء مدة الإجارة
أو بعدها صحت الإجارة ثم لو اتفق حلول الدين قبل انقضائها بموت الرهن فوجهان أحدهما انه ينفسخ الإجارة رعاية لحق المرتهن فإنه أسبق ويضارب المستأجر بالأجرة
المدفوعة مع الغرماء والثاني ان المرتهن يصبر إلى انقضاء مدة الإجارة كما يصبر الغرماء إلى انقضاء العدة ليستوفي المعتدة حق السكنى جمعا بين الحقين وعلى هذا يضارب
المرتهن بدينه مع الغرماء في الحال وإذا انقضت المدة وبيع المرهون قضى باقي دينه فان فضل منه شئ ء فهو للغرماء هذا كله فيما إذا اجر المرهون من غير المرتهن إما إذا
اجره منه يجوز ولا يبطل الرهن لان الحق لا يعدوهما وقد اتفقا على ذلك فجاز كما لو اتفقا على ايجار الغير وكذا لو كان مستأجرا مع المرتهن ثم ارتهنه وبه قال الشافعي
ولا نعلم فيه خلافا فلو كانت الإجارة قبل تسليم الرهن ثم سلمه عنهما جميعا جاز ولو سلم عن الرهن وقع عنهما جميعا لان القبض في الإجارة مستحق ولو سلم عن الإجارة
27

لم يحصل الرهن وقال أبو حنيفة الرهن والإجارة لا يجتمعان والمتأخر منهما يرفع المتقدم ويبطله والشافعي جوز ذلك لان الإعادة من المرتهن لا يبطل الرهن فكذا الإجارة
واعلم أن للشافعي قولين الجديد ان البيع من الراهن وغيره من التصرفات باطلة والقديم يجوز وقف العقود بكون هذه التصرفات موقوفة على الانفكاك وعدمه
مسألة: لا يصح من الراهن اعتاق العبد المرهون لأنه اتلاف للوثيقة وابطال الحق المرتهن منها وللشافعي في القديم الجزم بعدم النفوذ إن كان الرهن معسرا و
إن كان موسرا فقولان وفي الجديد الجزم بنفوذه إن كان موسرا وإن كان معسرا فقولان فيحصل له أقوال ثلاثة. أ: انه لا ينفذ بحال وهو الذي ذهبنا إليه لان الرهن عقد
لازم حجر به الراهن على نفسه فلا يتمكن من ابطاله مع بقاء الدين. ب: انه ينفذ لأنه اعتاق صادف الملك وأشبه اعتاق المستأجر والزوجة وبه قال أبو حنيفة واحمد الا ان أبا حنيفة
يقول يستسعى العبد في قيمته إن كان الراهن معسرا. ج: وهو الأصح عندهم وبه قال مالك انه إن كان موسرا نفذ والا فلا تشبيها لسريان بالعتق إلى حق المرتهن بسريانه من نصيب
أحد الشريكين إلى الأخر والمعنى فيه ان الوثيقة لا يتعطل ولا يتأخر إذا كان موسرا فان قلنا إنه لا ينفذ فالرهن بحاله فلو انفك بابراء أو بغيره فللشافعي قولان أظهرهما
عندهم انه لا يحكم بنفوذه أيضا لأنه لا يملك اعتاقه فأشبه ما إذا أعتق المحجور عليه للسفه ثم زال الحجر والثاني يحكم لان المانع من النفوذ في الحال حق المرتهن وقد زال والخلاف
فيه كالخلاف فيما إذا أعتق المحجور عليه بالفلس عبدا ثم انفك الحجر عنه ولم يتفق بيع ذلك العبد هل يعتق وان بيع في الدين ثم ملكه ولو يوما ما لم يحكم بالعتق ومنهم
من طرد الخلاف المذكور في الصورة الأولى وعن مالك انه يحكم بنفوذ العتق في الصورتين وان قلنا ينفذ العتق مطلقا فعلى الراهن قيمته باعتبار يوم الاعتاق ثم إن كان
موسرا أخذت منه في الحال وجعلت رهنا مكانه وإن كان معسرا انظر إلى اليسار فإذا أيسر أخذت منه وجعلت رهنا ان لم يحل الحق بعده وان حل طولب به ولا معنى للرهن
ويحتمل ان يقال كما أن ابتداء الرهن قد يكون بالحال وقد يكون بالمؤجل فكذا قد يقتضي المصلحة اخذ القيمة رهنا وان حل الحق إلى أن يتيسر استيفاؤه وبتقدير صحة التفصيل
الذي ذكروه وجب ان يجري مثله في القيمة التي يؤخذ من الموسر ومهما بذل القيمة على قصد الغرم صارت رهنا ولا حاجة إلى عقد مستأنف ولا اعتبار بقصد المؤدي وإذا كان المعتق
موسرا فعلى القول الثاني أو الثالث في وقت نفوذ العتق عندهم طريقان أحدهما انه على الأقوال في وقت نفوذ العتق في نصيب الشريك إذا أعتق الشريك نصيبه
ففي قول يتعجل وفي قول يتأخر إلى أن يغرم القيمة وفي قول يتوقف فإذا غرم تبينا صحة العتق وأظهرهما القطع بنفوذه في الحال والفرق ان العتق يسري إلى ملك الغير و
لابد من تقدير انتقاله إلى المعتق فجاز أن يقول انما ينتقل إذا استقر ملك المشتري ويده على العوض واعتاق الراهن يصادف ملكه إما لو علق الراهن عتق المرهون فعندنا
انه يبطل لأنه لا يصح تعليق العتق على شرط واما من جوزه كالشافعي فقال ينظر ان علق عتق المرهون بفكاك الرهن نفذ عند الانفكاك لان مجرد التعليق لا يضر المرتهن
وحين ينزل العتق لا يبقى له حق وان علق بصفة أخرى فان وجدت قبل فكاك الرهن ففيه الأقوال المذكورة في التنجيز فان وجدت بعده فوجهان أصحهما عندهم النفوذ
لأنه لا يبطل حق المرتهن والثاني عدمه ابطالا للتعليق مطلقا كالتنجيز في قول والخلاف هنا يشبه خلافهم فيما لو قال العبد لزوجته ان فعلت؟؟ كذا فأنت طالق ثلاثا ثم عتق فعلته هل يقع الطلقة الثالثة لكن الخلاف جار وان علق بالعتق فقال إن أعتقت فأنت طالق ثلاثا ولا
خلاف في تعليق العتق بالفكاك انه ينفذ عند الفكاك وفرقوا بان الطلقة الثالثة ليست مملوكة للعبد ومحل العتق مملوك للراهن وانما منع لحق المرتهن وفيه نظر فان
العتق غير مملوك للراهن كما أن الطلقة الثالثة غير مملوكة للعبد ومحل الطلاق مملوك للعبد كما أن محل العتق مملوك للراهن فلا فرق ولو رهن نصف عبده ثم أعتق نصفه فان
أضاف العتق إلى النصف المرهون ففيه الخلاف وان اضافه إلى الطلق أو اطلق عتق الطلق وهل يسري إلى المرهون ان جوزنا عتق المرهون فنعم والا فوجهان عند الشافعية
والذي يقتضيه مذهبنا انه يسري وهو أصح وجهي الشافعية لان اقصى ما في الباب تنزيل المرهون منزلة ملك الغير وهو يسري إليه فحينئذ هل يفرق بين الموسر والمعسر قولان
للشافعية أحدهما نعم والثاني لا لأنه ملكه ولو وقف المرهون لم يصح عندنا لما فيه من افساد حق الغير وللشافعية طريقان أحدهما انه كالعتق لما فيه من القربة؟ والتعليق الذي
لا يقبل النقض وأظهرها عندهم القطع بالمنع بخلاف العتق لأنه أقوى بالسراية وغيرها ولهم طريقة ثالثة ان قلنا الوقف لا يحتاج إلى القبول فهو كالعتق وان قلنا يحتاج
إليه فيقطع بالمنع. مسألة: ليس للراهن وطئ أمته المرهونة الا بإذن المرتهن سواء كانت بكرا أو ثيبا وسواء كانت من أهل الأحبال أو لا لان الوطي ربما أحبلها فينقص
قيمتها وربما ماتت في الولادة وقال الشافعي إن كانت الجارية بكرا لم يكن للراهن وطؤها بحال لان الافتضاض ينقص قيمتها وإن كانت ثيبا فكذلك في سن من يحبل لأنها ربما
حبلت فيفوت الوثيقة أو يتعرض للهلاك في الطلق ونقصان الولادة وليس له أن يقول أطأ فاعزل لأن الماء قد يسبق وإن كانت في سن من لا يحبل لصغر أو يأس فوجهان أحدهما
له ان يطأها كساير الانتفاعات التي لا يضر بالمرتهن وقال الأكثر يمنع من وطئها أيضا احتياطا لحسم الباب إذ العلوق ليس له وقت معلوم وهذا كما أن العدة على الصغيرة
والكبيرة والآيسة وإن كان القصد الأصلي استبراء الرحم ويجري الوجهان فيما إذا كانت حاملا من الزنا لأنه لا يخاف من وطئها الحبل نعم غشيان مثل هذه المرأة مكروه على
الاطلاق قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن للمرتهن منع الراهن من وطي أمته المرهونة ولان ساير من يحرم وطؤها لا فرق فيه بين الآيسة والصغيرة ونحوهما كالمعتدة و
المستبرأة والأجنبية. مسألة: لو خالف الراهن ما قلناه ووطى لم يكن زانيا لأنه وطي في ملك فلا حد عليه لان
التحريم عارض كما عرض في المحرمة والصائمة ولا مهر
عليه لان المرتهن لا حق له في منفعتها ووطئها لا ينقص قيمتها فأشبه ما لو استخدمها بخلاف ما لو وطي المكاتبة حيث يغرم المهر لان المكاتبة قد استلقت واضطر
الملك فيها أو زال ولهذا لو وطئها أجنبي كان المهر لها ولو وطي المرهونة أجنبي كان المهر للمولى ولو تلف جزء منها أو بعضها مثل ان افتض البكر أو أفضاها فعليه قيمة ما أتلف
فان شاء جعله رهنا معها وان شاء جعله قضاء من الحق ان لم يكن حل إذا رضي المرتهن وإن كان حل جعله قضاء إن كان من جنس الحق لا غير فإنه لا فائدة في جعله رهنا
ولا فرق بين الكبيرة والصغيرة فيما ذكرناه ولا نعلم في هذا خلافا فان أولدها فالولد حر لاحق به ولا قيمة عليه لان المرتهن لا حق له في ولد المرهونة بحال وهل تصير أم ولد
للراهن مذهبنا انها تصير أم ولد له ولا يبطل الرهن ثم إن كان الواطي موسرا لزمه قيمة الرهن من غيرها لحرمة ولدها يكون رهنا مكانها وإن كان معسرا كان الدين
باقيا وجاز بيعها فيه وللشافعي أقوال ثلاثة أحدها انها تصير أم ولد وتعتق سواء كان الراهن موسرا أو معسرا لكنه يجب على الموسر قيمتها يكون رهنا مكانها لان الاستيلاد
أولي بالنفوذ من الاعتاق لأنه فعل والفعل أقوى وأشد نفوذا ولهذا ينفذ استيلاد المجنون والمحجور عليه ولا ينفذ اعتاقهما وينفذ استيلاد المريض من رأس
المال واعتاقه من الثلث والثاني القطع بعدم نفوذ الاستيلاد ولا يخرج من الرهن ويباع في دين المرتهن سواء كان موسرا أو معسرا والثالث الفرق بين الموسر والمعسر
فإن كان موسرا صارت أم ولد له وان أعتقها عتقت ووجب عليه قيمتها يكون رهنا مكانها وإن كان معسرا لم يخرج من الرهن وبيعت في حق المرتهن فقد حصل ثلاثة
طرق أظهرها عندهم طرد الخلاف في الاستيلاد كما في الاعتاق والثاني القطع بنفوذ الاستيلاد والثالث القطع بعدمه وقال أبو حنيفة تصير أم ولد وتعتق سواء
كان موسرا أو معسرا فإن كان موسرا لزمته قيمتها يكون رهنا مكانها وإن كان معسرا استسعت الجارية في قيمتها إن كانت دون الحق ويرجع بها على الراهن وعندنا
28

ان أم الولد لا تخرج بالاستيلاد عن الرقية بل يجوز بيعها في مواضع تأتي نعم إن كان موسرا منع من بيعها لأجل ولدها ما دام حيا فان مات جاز بيعها مطلقا وان مات مولاها
قبله عتقت من نصيب ولدها وقضي الدين من التركة وإن كان معسرا ولا تركة بيعت في الرهن قالت الشافعية ان قلنا ينفذ الاستيلاد فعليه القيمة والحكم كما مر في العتق وان
قلنا لا ينفذ فالرهن بحاله فلو حل الحق وهي حامل بعد لم يجز بيعها لأنه حامل بحر وفيه وجه اخر وإذا ولدت فلا تباع حتى تسقي ولدها اللبا وإذا سقته ولم يوجد
مرضع فلا تباع حتى يوجد خوفا من أن يسافر بها المشتري فيهلك الولد ولو وجدت مرضع بيعت ولا يبالي بالتفريق بين الام وولدها للضرورة فان الولد حر وبيعه
ممتنع ثم إن كان الدين يستغرق قيمتها بيعت بأجمعها والا بيع منها بقدر الدين وان افضى التشقيص إلى نقص رعاية لحق الاستيلاد بخلاف ما لو كان قيمة العبد مائة وهو
مرهون بخمسين وكان لا يشتري نصفه الا بأربعين ويشتري الجميع بمائة فإنه يباع الجميع دفعا لتضرر المالك وان لم يوجد من يشتري البعض بيع الكل للضرورة وإذا
منها شئ بقدر الدين انفك الرهن عن الباقي واستقر الاستيلاد ويكون النفقة على المشتري والمستولد بقدر النصيبين والكسب بينهما كذلك ومهما عادت
إلى ملكه بعد ما بيعت في الدين فهل يحكم بنفوذ الاستيلاد طريقان أظهرهما انه على قولين كما لو استولد جارية الغير بالشبهة ثم ملكها قيل لا يحكم به وقيل يحكم وهو الاظهر
عندهم وإن كان الاظهر في هذه الصورة في الاعتاق عدم نفوذ العتق والفرق ان الاعتاق قول يقتضي العتق في الحال فإذا رد لغي بالكلية والاستيلاد فعل لا
يمكن رده وانما منع حكمه في الحال لحق الغير فإذا زال حق الغير عمل عليه والطريق الثاني القطع بنفوذ الاستيلاد لوقوعه في الملك بخلاف استيلاد جارية الغير بالشبهة
ولو انفك الرهن عنها ولم تبع لم يصح بيعها بعد الاستيلاد ومنهم من خرجه على الخلاف المذكور فيما إذا بيعت وعادت لان الملك هنا هو الملك الذي تصرف فيه وليس
للراهن ان يهب هذه الجارية للمرتهن وانما تباع في الحق للضرورة. مسألة: لو ماتت الجارية التي أولدها الراهن بالولادة فإن كان الوطي بإذن المرتهن فلا شئ
والا وجب عليه القيمة ويكون رهنا إما عند الشافعي فإذا لم يأذن المرتهن وقلنا الاستيلاد غير نافذ كما اختاره الشافعي في بعض أقواله فعليه قيمتها يكون رهنا
مكانها لأنه سبب إلى اتلافها بالاحبال والضمان كما يجب بالمباشرة يجب بالتسبيب كحفر البئر ونحوه وقال بعض الشافعية لا يجب عليه القيمة لان إضافة الهلاك إلى الوطي
بعيدة واحالته على علل وعوارض يقتضي شدة الطلق أقرب ولو أولد أمة الغير بالشبهة وماتت بالولادة وجب عليه الضمان عندنا واما عند الشافعية ففي وجوب القيمة
هنا الخلاف ولو كانت حرة ففي وجوب الدية وجهان أقيسهما عندهم الوجوب لان طريق وجوب الضمان لا يختلف بالرق والحرية وأشهرهما المنع لان الوطي سبب ضعيف وانما أوجبنا
الضمان في الأمة لان الوطي استيلاء عليها والعلوق من اثاره فأدمنا به اليد والاستيلاء كما لو نفر المحرم صيدا فبقى نفاره إلى التعثر والتلف والحرة لا تدخل تحت اليد
بالاستيلاء ولو أولد امرأة بالزنا وهي مكرهة وماتت بالولادة فإنه يجب عليه الضمان سواء كانت حرة أو أمة وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما عندهم المنع لان الولادة
في الزنا لا يضاف إلى وطيه لان الشرع قطع نسب الولد عنه وليس بجيد لان التكون من نطفته والسبب في التلف صادر عنه وهو أمر حقيقي لا يتغير بتغير الشرايع ولا خلاف في
عدم وجوب الضمان عند موت الزوجة من الولادة لان الهلاك مستند إلى سبب مستحق شرعا وكل موضع أوجبنا الضمان في الحرة فهي الدية المضروبة على العاقلة وكل موضع
وجبت فيه القيمة فالاعتبار باية قيمة ثلاثة أوجه للشافعية أحدها بأقصى القيم من يوم الأحبال إلى الموت تنزيلا له منزلة الاستيلاء والغصب وثانيها بقيمته يوم الموت
لان التلف حينئذ متحقق وأصحها عندهم بقيمته يوم الأحبال لأنه سبب التلف فصار كما لو جرح عبدا قيمته مائة وبقى ضمنا حتى مات وقيمته عشرة فان الواجب مائة
ولو لم تمت الجارية ونقصت قيمتها بالولادة فعليه الأرش ليكون رهنا معها وله ان يصرف القيمة أو الأرش إلى قضاء الحق ولا يرهن. مسألة: كل تصرف لا يضر
بالمرتهن يجوز للراهن فعله عند الشافعي ومالك في رواية عنه خلافا لأبي حنيفة وللشيخ رحمه الله قال الشيخ واما استخدام العبد المرهون وركوب الدابة المرهونة وزراعة
الأرض المرهونة وسكنى الدار المرهونة فان ذلك كله غير جايز عندنا ويجوز عند المخالفين وعن أحمد روايتان ويمكن الاحتجاج للأول بقوله (ع) الظهر يركب إذا
كان مرهونا وعلى الذي يركب نفقته ويروى أنه قال الرهن محلوب ومركوب ومن طريق الخاصة رواية السكوني عن الصادق عن أبيه الباقر عن ابائه عن علي عليهم السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركبه نفقته والدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب نفقته ولان في التعطيل
ضررا منفيا بالأصل وبقوله صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار فعلى هذا القول يجوز سكنى الدار وركوب الدابة واستكساب العبد ولبس الثوب إذا لم ينتقص باللبس ويجوز انزاء
الفحل على الإناث الا ان يؤثر نقصا والأنثى يجوز الانزاء عليها إن كان محل الدين قبل ظهور الحمل أو تلد قبل حلول الدين وإن كان يحل قبل ظهور الحمل وقبل الولادة فان قلنا الحمل لا يعرف جاز أيضا لأنها تباع مع الحمل و
ان قلنا يعرف وهو الصحيح عندهم لم يجز لأنه لا يمكن بيعها دون الحمل والحمل غير مرهون. مسألة: لا يجوز للراهن ان يبني في الأرض المرهونة ولا ان يغرس وبه قال
الشافعي وأبو حنيفة لأنه ينقص قيمة الأرض وللشافعية وجه انه يجوز إن كان الدين موجلا واما الزرع فان نقصت به قيمة الأرض لاستيفاء قوتها لم يجز وان لم
ينقص إن كان بحيث يحصد قبل حلول الأجل لم يمنع منه عند الشافعي ثم إن تأخر الادراك لعارض ترك إلى الادراك وإن كان بحيث لا يحصد بعد الحلول أو كان
الدين حالا منع منه لنقصان الرغبة في الأرض المزروعة وقيل لا يمنع منه لكن يجبر على القلع عند الحلول ان لم يف بيعها مزروعة دون الزرع بالدين ولو خالف
ما ذكرناه فغرس أو زرع حيث منع فلا يقلع قبل حلول الأجل فلعله يقضي الدين من غيره وللشافعية وجه اخر انه يقلع فاما بعد حلول الدين ومساس الحاجة إلى البيع يقلع إن كان
قيمة الأرض لا يفي بدينه ويزداد قيمتها بالقلع ولو صار الراهن محجورا بالافلاس ففي القلع للشافعية وجهان بخلاف ما لو نبت النخيل من نوى حمله السيل فإنه لا
يقلع جزما. مسألة: ان قلنا القبض شرط في الرهن أو لم نقل فإنه ليس للراهن السفر بالرهن سواء طال سفره أو قصر لما فيه من التعرض للاتلاف ولعظم الحيلولة
بين المرتهن والرهن كما يمنع زوج الأمة عن السفر بها وله ان يسافر بالحرة وما لا منفعة فيه مع بقاء عينه كالنقود والحبوب ولا تزال يد المرتهن عنه بعد استحقاقه
لليد لان اليد هي الركن الأعظم في التوثق فيه وما له منفعة ان أمكن تحصيل الغرض منه مع بقائه في يد المرتهن وجب المصير إليه جمعا بين الحقين وان لم يمكن واشتدت الحاجة
إلى إزالة يده جاز فالعبد المحترف إذا تيسر استكسابه في يد المرتهن لم يخرج من يده ان أراد الراهن الاستكساب فان أراد الاستخدام أو الركوب أو شيئا من الانتفاعات التي يحوج
استيفائها إلى اخراجها من يده لم يخرج وهو قول الشافعي في القديم ولا يرهن وثيقته والمشهور عندهم انه يخرج ثم ينظر ان استوفى تلك المنافع بإعادة من عدل أو اجارة
بالشرط السابق فله ذلك وان أراد استيفائها بنفسه قال الشافعي في الام له ذلك ومنع منه في القديم فحمل بعضهم الأول على الثقة والثاني على غيره وقال آخرون فيه قولان
مطلقا ووجهوا الثاني بما يخاف من جحوده وخيانته لو سلم إليه والأول بان ماله استيفائه بغيره له استيفاؤه بنفسه وهو أظهر عندهم ثم إن وثق المرتهن بالتسليم فذاك
والا اشهد عليه شاهدين انه يأخذه للانتفاع فإن كان مشهور العدالة موثوقا به عند الناس فوجهان أشبهما انه يكتفي بظهور حاله ولا يكلف الاشهاد في كل
29

اخذة لما فيه عن المشقة ثم إن كان اخراج المرهون من يد المرتهن لمنفعة يدوم استيفاؤها فذاك وإن كان لمنفعة يستوفى في بعض الأوقات كالاستخدام والركوب استوفى نهارا
ورد إلى المرتهن ليلا. تذنيب: لو باع عبدا ولم يقبض الثمن كان له حبس العبد في يده إلى أن يستوفي الثمن فلا يزال يده بسبب الانتفاع لان ملك المشتري غير مستقر
قبل القبض وملك الراهن مستقر وهل يستكسب في يده للمشتري لم يعطل منافعه الأولى الأول وللشافعية قولان. مسألة كل تصرف منع منه الراهن لحق المرتهن
إذا اقترن بإذن المرتهن نفذ فلو اذن له في الوطئ حل له الوطؤ ثم إن وطى ولم يحل فالرهن بحاله وان أحبل فكذلك عندنا واما عند الشافعية فإنه كالعتق والبيع بالاذن
يبطل معه الرهن وينفذ التصرف ويجوز ان يرجع المرتهن عن الاذن قبل تصرف الراهن كما يجوز للمالك ان يرجع قبل تصرف الوكيل وإذا رجع فالتصرف بعده كما لو لم يكن اذن
ولو اذن في الهبة والاقباض ورجع قبل الاقباض صح وامتنع الاقباض لان تمام الهبة بالاقباض ولو اذن في البيع فباع الراهن بشرط الخيار فرجع المرتهن لم يصح رجوعه وهو
أصح وجهي الشافعية لان مبنى البيع على اللزوم والخيار داخل انما يظهر اثره في حق من له الخيار والهبة الركن الأقوى فيها الاقباض والثاني يصح رجوعه لأن العقد لم يلزم
بعد كالهبة قبل الاقباض ولو رجع المرتهن ولم يعلم به الراهن فتصرف ففي نفوذه وجهان مبنيان على أن الوكيل هل ينعزل بالعزل قبل بلوغ الخبر الأصح الانعزال وهو
أصح وجهي الشافعية ولو باع باذنه انفسخ الرهن ولا يجب عليه قيمته مكانه ولو اذن المرتهن للراهن في ضرب الرهن فضربه فمات لم يجب عليه قيمته لأنه أتلفه باذنه وان ضربه
بغير اذنه فمات لزمته قيمته بخلاف ما إذا ضرب الزوج امرأته أو الامام انسانا تعزيرا لان المأذون فيه هناك ليس مطلق الضرب بل هو ضرب التأديب وهنا أيضا لو قال
أدبه فضربه حتى هلك ضمن. مسألة: لو أحبل الراهن أو باع أو أعتق وادعى اذن المرتهن فأنكر قدم قول المرتهن مع يمينه لأصالة عدم الإذن وبقاء الرهن فان
حلف فهو كما لو تصرف بغير اذنه وان نكل فحلف الراهن فهو كما لو تصرف باذنه وان نكل قال الشيخ رحمه الله لا يرد اليمين على الجارية لعدم دليل عليه وللشافعية في رد اليمين
على الجارية والعبد طريقان أحدهما فيه قولان كما لو نكل الوارث عن يمين الرد هل يحلف الغرماء وأشبههما القطع بالرد لان الغراء يثبتون الحق للميت أولا والجارية والعبد
يثبتان لأنفسهما ولو وقع هذا الخلاف بين الراهن وورثة المرتهن حلفوا على نفي العلم ولو جرى بين المرتهن وورثة الراهن حلفوا يمين الرد على القطع فيحلف ورثة المرتهن
انه لا يعلم أن مورثه اذن للراهن لأنه ينفى فعل الغير فيحلف على نفى العلم ويحلف ورثة الراهن على القطع لأنه يحلف على اثبات الاذن والحلف على اثبات فعل الغير حلف على
القطع واما الراهن والمرتهن فإنما يحلفان على القطع وهل يثبت اذن المرتهن برجل وامرأتين للشافعية وجهان والقياس عندهم المنع كالوكالة والوصاية. مسألة: إذا حصل عند الجارية المرهونة ولد فادعى
الراهن انه وطيها بالاذن فاتت بهذا الولد منى وهي أم ولد فقال المرتهن بل هو من زوج أو من زنا قدم قول الراهن إذا سلم المرتهن أربعة أشياء الاذن في الوطي والوطؤ و
انها ولدت ومضى مدة امكان الولد منه وهي ستة أشهر من حين الوطي إلى حين الولادة وكانت الجارية أم ولد الراهن والولد حر لاحق بأبيه الراهن ثابت النسب منه ولا
يمين على الراهن هنا لان المرتهن قد أقر بما يوجب الحاق الولد بالراهن وكونها أم ولده لأنه أقر بوطئها وانها ولدت بستة أشهر من ذلك الوطي ومع هذا لا يصدق على أن
الولد من غيره وإذا أقر الراهن بان الولد منه لم يقبل رجوعه فكيف يحلف عليه ولو منع المرتهن الاذن فقد بينا ان القول قوله ولو سلمه ومنع الوطي قال الشيخ الأصح ان
القول قول المرتهن مع يمينه انه لم يطأها وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون الأصح ان القول قول الراهن لأنه أخبر عما يقدر على انشائه ولو سلم الاذن والوطي وأنكر الولادة
وقال ما ولدته ولكن التقطته أو استعارته فالقول قوله وعلى الراهن البينة على الولادة ولو سلم الولادة أيضا وأنكر مضى مدة الامكان بان قال ولدته من وقت الوطي لما دون ستة
أشهر فالقول قوله أيضا مع يمينه ولو لم يتعرض المرتهن لهذه الأمور بالمنع والتسليم واقتصر على انكار الاستيلاد فالقول قوله مع اليمين وعلى الراهن اثبات هذه الوسايط
ولو حلف في هذه المسائل كان الولد حرا وكان نسبه لاحقا بالراهن لاقراره بذلك وحق المرتهن لا يتعلق به واما الجارية فلا يصير أم ولد في حق المرتهن ويباع في دينه فإذا
رجعت إلى الراهن كانت أم ولد فلا يجوز له بيعها وهبتها مع وجود ولدها وكذا لو قال الراهن أعتقتها باذنك وقال المرتهن لم اذن لك فيه وحلف وبيعت في دينه ثم ملكها الراهن
عتقت عليه لأنه أقر بأنها حرة بايقاع العتق. مسألة: إذا أعتق أو وهب بإذن المرتهن بطل حقه من الرهن سواء كان الدين حالا أو مؤجلا وليس عليه ان يجعل قيمته رهنا
مكانه ولو باع باذنه والدين موجل فكذلك خلافا لأبي حنيفة حيث قال يلزمه ان يرهن ثمنه مكانه أو يقضي الدين وقال الشافعي لا يلزمه قياسا على العتق والهبة ولو
كان الدين حالا قال الشافعي قضى حقه من ثمنه وحمل اذنه المطلق على البيع في عرضه لمجئ وقته والشيخ اطلق وقال لو باع باذنه انفسخ الرهن ولا يجب عليه جعل قيمته مكانه ثم قال رحمه الله
لو اذن له بالبيع مطلقا بعد محل الحق فباع صح البيع وكان ثمنه رهنا مكانه حتى يقضي منه أو من غيره لان عقد الرهن يقتضي بيع الرهن عند محله عند امتناع من عليه الدين
من بدله ولو اذن في البيع بشرط ان يجعل الثمن رهنا مكانه صح البيع والشرط عندنا لقوله صلى الله عليه وآله المؤمنون عند شروطهم ولا فرق بين ان يكون الدين حالا أو مؤجلا
وعلى الراهن الوفاء بالشرط وبه قال المزني وأبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي وأصحاب احمد لان الرهن قد ينتقل من العين إلى البدل شرعا كما لو أتلف المرهون فجاز ان ينتقل
إليه شرطا والثاني وهو الأصح عند بعضهم انها فاسدة إما الشرط فلان الثمن مجهول عند الاذن فأشبه ما إذا اذن بشرط ان يرهن به مالا اخر مجهولا وإذا بطل الشرط
بطل الاذن فإنه وقف الاذن على حصول الوثيقة في البدل وإذا بطل الاذن بطل البيع وتمنع الجهالة ولو اذن في الاعتاق بشرط ان يجعل القيمة رهنا أو في الوطي بهذا
الشرط ان أحبل ففيه القولان ولو اذن في البيع بشرط ان يعجل حقه من ثمنه وهو مؤجل صح عندنا لأنه شرط سائغ تدعو الحاجة إليه وبه قال أبو حنيفة والمزني وأصحاب
احمد الا انهم قالوا يصح البيع والاذن ويجعل الثمن رهنا مكانه لان فساد الشرط لا يوجب فساد الاذن في البيع فإنه لو وكل وكيلا يبيع عبده على أنه له عشر ثمنه صح الاذن
والبيع مع أن الشرط فاسد لكون الأجرة مجهولة ويرجع الوكيل إلى أجرة المثل وقال الشافعي يفسد الاذن والبيع بفساد الشرط ثم فرق بان الموكل لم يجعل لنفسه في مقابلة
الاذن شيئا وانما شرط للوكيل جعلا مجهولا فاقتصر الفساد عليه وهنا المرتهن شرط لنفسه شيئا في مقابلة اذنه وهو تعجيل الحق فإذا فسد ما يقابله وخرج أبو إسحاق من الشافعية
قولا اخر كما في المسألة السابقة وهي ما إذا باع الراهن بإذن المرتهن في البيع بشرط ان يجعل الثمن رهنا فان فيها قولين كذا هنا وقدح جماعة هذا التخريج قالوا لان
الشرط صحيح في المسألة الأولى على قول فصح الاذن القابل له وهنا الشرط فاسد قولا واحدا فلا يمكن تصحيح ما يقابله وعندنا الشروط هنا صحيحة لازمة. مسألة:
لو اختلفا فقال المرتهن أذنت في البيع بشرط ان يرهن الثمن وقال الراهن بل أذنت مطلقا فالقول قول المرتهن كما لو اختلفا في أصل الاذن ثم إن كان الاختلاف قبل
البيع فليس له البيع قاله الشافعية والأقوى ان له البيع إذا جعل الثمن رهنا وإن كان بعد البيع وحلف المرتهن فعلى قولنا يصح الاذن فيكون على المرتهن رهن الثمن
وهو أحد قولي الشافعي وعلى الأخر وهو بطلان الاذن ان صدق المشتري المرتهن فالبيع مردود وهو مرهون كما كان وان كذبه نظر ان أنكر أصل الرهن حلف على الراهن
ان يرهن قيمته وان أقر بكونه مرهونا وادعى مثل ما أدعاه الراهن فعليه رد البيع ويمين المرتهن حجة عليه ولو أقام المرتهن بينة على أنه كان مرهونا كما لو أقر المشتري به
30

مسألة: المديون إذا خلف تركة فالأقوى انتقالها بالإرث إلى ورثته إذ لا يصح نقلها إلى الغرماء اجماعا ولهذا لو ابرأوا الميت سقط حقهم منها وللوارث القضاء من غيرها
ولا بقاؤها على ملك الميت لعدم صلاحيته ولا إلى الله تعالى والا لصرفت على المساكين فإنهم مصب أمواله تعالى ولا إلى غير مالك فتعين انتقالها إلى الورثة نعم ان للديون تعلقا
بها لأنه تعالى انما جعل لهم التصرف بعد الدين والوصية وفي كيفية التعلق احتمال انه كتعلق الأرش برقبة الجاني لان كل واحد منهما يثبت شرعا من غير اختيار المالك وانه
كتعلق الدين بالمرهون لان الشارع انما أثبت هذا التعلق نظرا للميت لتبرء ذمته فاللايق به ان لا يسلط الوارث عليه وللشافعي قولان كالاحتمالين والثاني عندهم
أظهر فلو أعتق الوارث أو باع وهو معسر لم يصح سواء جعلناه كالعبد الجاني أو كالمرهون وفي الاعتاق للشافعية خلاف وإن كان موسرا نفذا في أحد وجهي الشافعي بناء على أن
التعلق كتعلق الأرش ولم ينفذا في وجه بناء على أن التعلق كتعلق الدين بالرهن ولهم وجه ثالث وهو انهما موقوفان ان قضى الوارث الدين تبين النفوذ والا فلا ولا فرق بين ان يكون الدين مستغرقا للتركة أو يكون أقل منها
على أظهر الوجهين كما هو قياس الديون والرهون والثاني انه إن كان الدين أقل نفذ تصرف الوارث إلى أن لا يبقى الا قدر الدين إذ في اثبات الحجر في مال كثير بشئ يسير جدا
بعد وإذا حكمنا ببطلان تصرف الوارث فلو لم يكن في التركة دين ظاهرا فتصرف ثم ظهر دين بان كان قد باع شيئا واكل ثمنه فرد بالعيب ولزم رد الثمن أو تردى مترد في بئر
كان قد احتفرها عدوانا فوجهان أحدهما انه تبين فساد التصرف الحاقا لما ظهر من الدين بالدين المقارن لتقدم سببه والثاني انه لا يتبين لأنه كان مسوغا لهم ظاهرا فعلى
هذا ان أدي الوارث الدين فذاك والا فوجهان أظهرهما انه يفسخ ذلك التصرف ليصل المستحق إلى حقه والثاني لا يفسخ ولكن يطالب الوارث بالدين ويجعل كالضامن
وعلى كل حال فللوارث ان يمسك عين التركة ويؤدي الدين من خالص ماله نعم لو كان الدين أكثر من التركة فقال الوارث اخذها بقيمتها والتمس الغرماء بيعها على توقع زيادة
راغب فالأقوى إجابة الوارث لأن الظاهر أنها لا يشترى بأكثر من القيمة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إجابة الغرماء وبنوا الوجهين على أن السيد يفدي العبد الجاني
بأرش الجناية أو بأقل الامرين من قيمته أو أرش الجناية وفي تعلق حقوق الغرماء بزاويد التركة كالكسب والنتاج خلاف والوجه المنع وللشافعية وجهان متفرعان على ما مر
من أن الدين هل يمنع الميراث ان منعه ثبت التعلق والا فلا. النظر الثاني: في منع المرتهن. مسألة: الرهن وثيقة لدين المرتهن فان جعلنا القبض شرطا
وكان لازما استحق المرتهن إدامة اليد ولا يزال يده الا للانتفاع على خلاف سبق ثم يرد إليه ليلا وإن كان العبد ممن يعمل بالليل كالحارس ردت إليه نهارا ولو شرطا في الابتداء
وضعه على يد ثالث صح ولزم لأنه ربما لا يثق أحدهما بالآخر ويثقان به ولو شرطا وضعه عند اثنين جاز أيضا ثم إن شرطا ان لكل منهما التفرد بالحفظ أو الاجتماع على
الحفظ في حرز اتبع الشرط وان اطلقا لم يكن لأحدهما التفرد بالحفظ كما لو اوصى إلى اثنين أو وكلهما بشئ لا يستقل أحدهما وهو أصح وجهي الشافعي فحينئذ يجعلانه في حرز لهما والثاني
يجوز الانفراد لئلا يشق عليهما فحينئذ ان اتفقا على كونه عند أحدهما جاز وان تنازعا والرهن مما ينقسم قسم وحفظ كل واحد نصفه وإن كان مما لا ينقسم تناوبا في حفظه
بالزمان ولو قسماه بالتراضي وقلنا بالثاني ثم أراد أحدهما ان يرد ما في يده على صاحبه احتمل المنع لاندفاع المشقة بما جرى. مسألة: ليس للمرتهن التصرف في
الرهن بشئ من التصرفات الفعلية والقولية إذ ليس له الأحق الاستيثاق فليس له البيع الا بإذن الراهن لقول الصادق (ع) في رجل رهن رهنا إلى غير وقت ثم غاب
هل له وقت يباع فيه رهنه قال لا حتى يجئ وكذا غير البيع من التصرفات القولية كالهبة والرهن وغيرهما وكذا التصرفات الفعلية يمنع من جميعها اجماعا فلو وطي الجارية المرهونة
فإن كان بغير اذن الراهن كان بمنزلة وطي غير المرهونة ان ظنها زوجته أو أمته فلا حد وعليه المهر والولد حر لاحق به وعليه قيمته للراهن يوم سقط حيا وان لم يظن ذلك ولم
يدع جهلا فهو زان ولا يكون عقد الرهن شبهة فيه بل يلزمه الحد كما لو وطي المستأجر الجارية المستأجرة ويجب المهر إن كانت مكرهة اجماعا وإن كانت مطاوعة فلعلمائنا قولان أحدهما انه لا
يجب وهو أصح قولي الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن مهر البغي والثاني الوجوب لأنه بضع مستحق لغير الموطوءة فلا يسقط برضاها ولأنه تصرف في مال الغير فيجب عليه أرش نقصه ويجب
عليها الحد ولو كانت جاهلة وجب المهر أيضا وإن كان الواطي عالما ويحد هو دونها ولو أحبلها كان الولد رقيقا لمولاها لان نسبه لا يثبت من المرتهن لأنه زان ويتبع
الام ولو ادعى الواطي الجهالة فإن كانت محتملة بان يكون قريب العهد بالاسلام أو نشاء في بلد بعيد عنه يجوز خفاء ذلك عليه أو نشاء في بلد الكفر قبلت دعواه ثم إن أكرهها
أو كانت نايمة وجب المهر وان طاوعته ولم تدع الجهالة أو ادعت وهي ممن لا تقبل دعواها ففي وجوب المهر قولان سبقا وإن كانت ممن يقبل منها دعوى الجهالة وجب المهر وسقط
عنها الحد وإذا ادعى الرجل الجهالة في موضع يسمع منه قبل قوله لدفع الحد اجماعا وهل يقبل لثبوت النسب وحرية الولد ووجوب المهر الأصح ذلك لان الشبهة كما تدرء الحد
تثبت النسب والحرية وإذا سقط وجب المهر ولو كان الوطي بإذن الراهن فإن كان على صيغة يباح بها البضع فلا حد ولا مهر ويلحق به الولد وفى قيمته قولان وان لم يكن على صيغة يباح بها البضع فاما ان يدعي الجهالة بتحريم الوطئ أو لا يدعيها فإن لم يدع فهو
زنا والحكم كما تقدم وللشافعية وجه انه لا يحد لان بعضهم قال بجواز وطي الجارية بإذن مالكها وهو مذهب عطا بن أبي رباح من التابعين وان ادعاها قبل منه وسقط
الحد ولحق به النسب وكان الولد حرا اجماعا ولا يلزمه قيمته وقيل يلزمه قيمته وكذا القولان في المهر والشيخ رحمه الله رجح في المبسوط عدم وجوبها عليه وقال بعض الشافعية إن كانت مطاوعة
لم يلزمه المهر لانضمام اذن المستحق إلى طواعيتها وإن كانت مكرهة فقولان أحدهما عدم الوجوب لان المستحق قد اذن فأشبه ما لو زنت الحرة وأصحهما عندهم وبه قال
أبو حنيفة يجب لان وجوب المهر حيث لا يجب الحد حق الشرع فلا يؤثر فيه الاذن كما أن المفوضة تستحق المهر بالدخول مع تفويضها واما الولد ففي وجوب قيمته لهم طريقان أحدهما
انه على القولين في المهر والثاني وهو الأصح عندهم الوجوب جزما والفرق ان الاذن في الوطي رضا باتلاف المنفعة جزما وليس رضا بالاحبال جزما ولان الاذن لا اثر له
في حرية الولد وانما الموجب لها ظن الواطي فحسب واما الجارية فقال الشيخ رحمه الله لا يخرج من الرهن في الحال وإذا بيعت في الرهن ثم ملكها المرتهن فإنها أم ولده وفيه نظر وقال الشافعي
لا تصير الجارية أم ولد للمرتهن بحال فان ملكها يوما من الدهر فقولان ولو ادعى المرتهن بعد الوطي ان الراهن كان قد باعها منه أو رهنها واقبضها وأنكر الراهن فالقول
قوله مع يمينه فان حلف فهي والولد رقيقان له ثم لو ملكها يوما من الدهر فهي أم ولد له على قول والولد حر لاقراره السابق كما لو أقر بحرية عبدا لغير ثم اشتراه فان نكل الراهن
وحلف المرتهن فالولد حر وهي أم ولد له. مسألة: ليس للمرتهن بيع الرهن فان حل الدين وطالب المرتهن كان على الراهن ايفاء الحق فان قضاه من غيره انفك الرهن
والا طولب ببيعه فان امتنع فإن كان وكيلا في البيع باع بالوكالة والا باعه بإذن الراهن فان تعذر اذن له الحاكم في البيع أو ولاه غيره أو أجبر الراهن على القضاء أو البيع بنفسه
أو بوكيله ويقدم المرتهن في الثمن على ساير الغرماء سواء كان الراهن حيا أو ميتا وسواء كان موسرا أو معسرا وسواء خلف وفاء لباقي الديان أو لا وسواء كان الرهن دارا يسكنها
الراهن أو لا والرواية التي رواها ابن فضال عن إبراهيم بن عثمان عن الصادق (ع) قال قلت له رجل لي عليه دراهم وكانت داره رهنا فأردت ان أبيعها فقال أعيذك
بالله ان يخرجه من ظل رأسه محمولة على الكراهية مع انا نمنع السند فان ابن فضال ضعيف وانما يبيعه الراهن أو وكيله بإذن المرتهن فلو لم يأذن وأراد الراهن بيعه قال
له الحاكم ايذن في بيعه وخذ حقك من ثمنه أو أبرئه ولو طلب المرتهن بيعه وامتنع الراهن ولم يقض الدين أجبره الحاكم على قضائه أو البيع إما بنفسه أو بوكيله فان أصر باعه
31

الحاكم وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يبيعه ولكن يحبس الراهن حتى يبيع ولو كان الراهن غايبا أثبت المرتهن الرهن عند الحاكم حتى يبيعه فإن لم يكن له بينة أو لم يكن في
البلد حاكم فله بيعه بنفسه كما أن من ظفر بغير جنس حقه من مال المديون وهو جاحد ولا بينة له يبيعه ويأخذ حقه من ثمنه. مسألة: لو اذن الراهن للمرتهن في بيع الرهن
بنفسه صح الاذن فان باع بالاذن صح البيع سواء كان الراهن حاضرا وقت البيع أو غائبا وللشافعي وجهان إذا باع في الغيبة أحدهما كما قلناه من الصحة وبه قال مالك واحمد وأبو حنيفة
كما لو اذن له في بيع مال اخر وأصحهما عندهم المنع لأنه يبيعه لغرض نفسه فيكون متهما في الاستعجال وترك النظر وان باعه بحضوره صح لانقطاع التهمة وهو ظاهر قول الشافعي
حيث قال ولو شرط للمرتهن إذا حل الحق ان يبيعه لم يجز ان يبيع بنفسه الا بان يحضر رب الرهن وفيه وجه انه لا يصح أيضا لأنه توكيل فيما يتعلق بحقه فعلى هذا لا يصح توكيله ببيعه
أصلا ويتفرع عليه انه لو شرط ذلك في ابتداء الرهن فإن كان الرهن مشروطا في بيع فالبيع باطل وإن كان رهن تبرع فعلى القولين في الشروط الفاسدة النافعة للمرتهن انها هل
تبطل الرهن ولو اذن الوارث لغرماء الميت في بيع التركة فهو كاذن الراهن للمرتهن وكذا اذن السيد المجني عليه في بيع العبد والحق عندنا صحة البيع في الغيبة والحضور
وصحة التوكيل عملا بمقتضى العقود. مسألة: لو قال الراهن للمرتهن بع المرهون لي واستوف الثمن ثم استوفه لنفسك صح البيع والاستيفاء للراهن ثم لا يحصل الاستيفاء
لنفسه بمجرد إدامة اليد والامساك لان قوله ثم استوف لنفسك مشعر باحداث فعل فلا بد اذن من وزن جديد أو كيل جديد ولو كانت الصيغة ثم امسكه لنفسك فلابد
من احداث فعل أيضا عند بعض الشافعية وقال بعضهم يكفي مجرد الامساك والأول أظهر عندهم ثم إذا استوفاه لنفسه فيه وجهان لاتحاد القابض والمقبض فان
صححناه وهو الأقوى عندي برئت ذمة الراهن عن الدين والمستوفي من ضمانه وان أفسدناه وهو الأصح عندهم لم يبرء ولكن يدخل المستوفي لضمانه أيضا لان القبض الفاسد
كالصحيح في اقتضاء الضمان ولو قال بعه لي واستوف الثمن لنفسك صح البيع ولم يصح استيفاء الثمن عند الشافعي لأنه ما لم يصح قبض للراهن لا يتصور منه القبص لنفسه وهنا
كما قبضه يصير مضمونا عليه والوجه الصحة لان قوله استوف الثمن لنفسك يتضمن التوكيل ولو قال بعه لنفسك فللشافعي قولان أصحهما ان هذا الاذن باطل ولا يمكن من البيع لأنه لا يتصور
ان يبيع الانسان مال غيره لنفسه والثاني انه يصح اكتفاء بقوله بعه والغاء لقوله لنفسك وأيضا فان السابق إلى الفهم منه الامر بالبيع لغرضه وهو التوسل به إلى قضاء الدين ولو
اطلق وقال بعه ولم يقل لي ولا لنفسك فللشافعية وجهان أصحهما صحة الاذن والبيع ووقوعه للراهن كما لو قال لأجنبي بعه والثاني المنع لان البيع مستحق للمرتهن بعد حلول
الحق والكلام مفروض فيه وإذا كان كذلك يقيد الاذن به وصار كأنه قال بعه لنفسك ولأنه متهم في ترك النظر استعجالا للوصول إلى الدين وعلى التعليلين لو كان الدين مؤجلا فقال
بعه صح الاذن لعدم الاستحقاق والتهمة فان قال بعه واستوف حقك من ثمنه جاءت التهمة وهذا عندنا ليس بشئ ولو قدر له الثمن لم يصح عندهم على التعليل الأول وصح على الثاني
وكذا لو كان الراهن حاضرا عند البيع. الفصل الرابع: في حكم الرهن في الضمان. مسألة: الرهن في يد المرتهن أمانة لا يسقط بتلفه شئ ء من الدين ولا يلزمه
ضمانه الا إذا تعدى فيه عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع) وعطا والزهري والأوزاعي والشافعي وأبو ثور واحمد وابن المنذر ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يغلق الرهن
الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه والمراد بالغنم الاستفادة والنماء والزيادة والغرم النقصان والتلف ومعنى من صاحبه انه من ضمان صاحبه ومعنى لا يغلق
اي لا يملكه المرتهن بالارتهان ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأل ه عبيد بن زرارة رجل رهن سوارين فهلك أحدهما قال يرجع عليه فيما بقي وعن الحلبي في رجل يرهن
عند الرجل رهنا فيصيبه شئ أو يضيع قال يرجع بماله عليه ولأنه وثيقة بالدين فلا يضمن كالزيادة على قدر الدين وكالكفيل والشاهد ولأنه مقبوض بعقد واخذ بعضه
أمانة فكان جميعه أمانة كالوديعة ولان الرهن شرع وثيقة للدين فهلاك محله لا يسقط كموت الكفيل وروى عن شريح والنخعي والحسن البصري ان الرهن يضمن بجميع الدين
وإن كان أكثر من قيمته لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الرهن بما فيه وهو محمول على التعدي وقال مالك إن كان تلفه بأمر ظاهر كالموت والحريق فمن ضمان الراهن
وان ادعى تلفه بأمر خفي لم يقبل قوله وضمن ويبطل بان ما لا يضمن به العقار لا يضمن به الذهب ونقل عنه أيضا انما يظهر هلاكه كالحيوان والعقار والأشجار أمانة وما يخفى
هلاكه كالنقود والعروض مضمون بالدين لأنه متهم فيه وقال الثوري وأصحاب الرأي يضمنه المرتهن بأقل الامرين من قيمته أو قدر الدين فإن كانت قيمته أقل سقط بتلفه
من الدين قدر قيمته والا سقط الدين فلا يضمن الزيادة ورووه عن عمر بن الخطاب لما رواه عطا ان رجلا رهن فرسا فنفق عند المرتهن فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره بذلك
فقال ذهب حقك ولأنها غير مقبوضة للاستيفاء فيضمنها من قبضها كالمبيع إذا حبس لاستيفاء ثمنه وحديث عطا مرسل قال الدارقطني برواية إسماعيل بن أمية وكان
كذابا وقيل يرويه مصعب بن ثابت وكان ضعيفا ويحتمل انه أراد ذهب حقك من الوثيقة بدليل انه لم يسأل عن قدر الدين وقيمة الفرس إذا عرفت هذا فلو شرط الراهن
ان يكون مضمونا على المرتهن لم يصح الشرط وكان فاسدا ويصح الرهن ولو فرط المرتهن في الحفظ أو تعدى فيه كان ضامنا له. مسألة: إذا برى الراهن عن الدين
بأداء أو ابراء أو حوالة كان الرهن أمانة أيضا في يد المرتهن ولا يصير مضمونا عليه الا إذا طلبه الراهن وامتنع من الرد بعد المطالبة وقال بعض الشافعية يكون المرتهن بعد
الابراء كمن طير الريح ثوبا إلى داره حتى يعلم المرتهن به أو يرده لأنه لم يرض بيده الا على سبيل الوثيقة وبالجملة فالرهن بعد القضاء أو الابراء أو شبهه أمانة في يد المرتهن
عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة إذا قضاه كان مضمونا وإذا أبراه (أو رهنه) ووهبه لم يكن مضمونا استحسانا وهو تناقض فان القبض المضمون منه لم
يزل ولم يبرأ منه وعندنا انه كان أمانة وبقي على ما كان عليه وليس عليه رده لأنه امسكه بإذن مالكه ولا يختص بنفعه فهو كالوديعة بخلاف العارية المضمونة فإنه يختص
بنفعها وبخلاف ما لو أطارت الريح إلى داره ثوبا لزمه رده إلى مالكه لان مالكه لم يأذن في امساكه ولو سأل مالكه في هذه الحال دفعه إليه لزم من هو في يده من المرتهن أو
العدل دفعه مع الامكان فإن لم يفعل صار ضامنا كالمودع إذا امتنع من رد الوديعة عند طلبها ولو كان امتناعه لعذر مثل ان يكون بينه وبينه طريق مخوف
أو باب مغلق لا يمكنه فتحه أو خاف فوت صلاة واجبة أو كان به مرض أو جوع شديد وشبهه فاخر التسليم لذلك فتلف فلا ضمان عليه لأنه لا تفريط منه فأشبه المودع
مسألة: إذا فسد الرهن وقبضه المرتهن لم يكن عليه ضمان لأنه قبضه بحكم انه رهن وكل عقد كان صحيحة غير مضمون ففاسدة كذلك وكل عقد كان صحيحة
مضمونا ففاسدة مثله إما الأول فلان الصحيح إذا أوجب الضمان فالفاسد أولي باقتضائه واما الثاني فلان من أثبت اليد عليه أثبته عن اذن المالك ولم يلتزم
بالعقد ضمانا ولا يكاد يوجد التسليم والتسلم الا من معتقدي الصحة إذا عرفت هذا فان أعار المرهون من المرتهن لينتفع به ضمنه عند الشافعي لان العارية مضمونة
عنده ولا يضمنه عندنا ولا عند أبي حنيفة لان العارية غير مضمونة فإذا كان الرهن أرضا واذن الراهن له في الغراس بعد شهر فهي بعد الشهر عارية وقبله أمانة فان غرس قبل
الشهر قلع لأنه متعد فيه وظالم وقال (ع) ليس لعرق ظالم حق ولو غرس بعده فقد غرسه بإذن الراهن لأنه ملكه إياه بعد انقضاء الشهر وكان مأذونا له في التصرف
وإن كان البيع فاسدا فان أراد المرتهن قلعه ونقله كان له لأنه عين ماله وان امتنع من قلعه تخير الراهن بين ان يقره في ارضه فيكون الأرض للراهن والغرس للمرتهن
32

وبين ان يعطيه ثمن الغراس فيكون الجميع للراهن وبين ان يطالبه بقلعه على أن يضمن له ما نقص الغراس بالقلع قاله الشيخ رحمه الله وهو جيد الا في قوله إن له ان يعطيه ثمن الغراس
فان الأقوى عندي افتقاره إلى رضا المالك والبناء كالغرس مسألة الشروط المقترنة بعقد الرهن ضربان صحيحة وفاسدة فالصحيحة ما كان من مقتضى عقد الرهن
مثل ان يشترط كونه على يد المرتهن أو على يد عدل عينه أو عدلين أو أكثر أو ان يبيعه العدل عند حلول الحق أو يشترط منافعه للراهن فهذه الشروط لا يؤثر في العقد لأنها
تأكيد لما اقتضاه ولا نعلم في صحة هذه الشروط خلافا ولو شرط ان يبيعه المرتهن صح الشرط والرهن وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لان ما جاز توكيل غير المرتهن فيه جاز
توكيل المرتهن كبيع عين أخرى وقال الشافعي لا يصح لأنه توكيل فيما يتنافى فيه الغرضان فلم يصح كما لو وكله في بيعه من نفسه وبيان التنافي ان الراهن يريد الصبر على المبيع والاحتياط
في توفير الثمن والمرتهن يريد تعجيل الحق وانجاز البيع ولا يضر اختلاف الغرضين إذا كان غرض المرتهن مستحقا له وهو استيفاء الثمن عند حلول الحق وايجاز البيع على أن
الراهن إذا وكله مع العلم بغرضه فقد سمح له بذلك والحق له فلا يمنع من السماحة كما لو وكل فاسقا في بيع ماله وقبض ثمنه ونمنع عدم جواز توكيله في بيع شئ من نفسه
وان سلمنا فلان الشخص الواحد يكون بايعا مشتريا موجبا قابلا قابضا من نفسه لنفسه بخلاف صورة النزاع ولو
رهن أمته وشرط كونها عند امرأة أو ذي محرم لها
أو كونها في يد المرتهن أو أجنبي على وجه لا يفضي إلى الخلوة بها مثل ان يكون لها زوجات أو سراري أو محارم معها جاز لأنه لا يفضي إلى محرم وان لم يكن كذلك فسد الشرط
لافضائه إلى الخلوة المحرمة ولا يؤمن عليها ولا يفسد الرهن لأنه لا يعود إلى نقص ولا ضرر في حق المتعاقدين ويكون حكمه كما لو رهنها من غير شرط يصح الرهن و
يجعلها الحاكم على يد من يجوز ان يكون عنده وإن كان الرهن عبدا فشرط موضعه أو لم يشرط جاز ولو كان مرتهن العبد امرأة لا زوج لها فشرطت كونه عندها
على وجه يفضي إلى خلوته بها لم يجز الشرط وصح الرهن واما الشروط الفاسدة فهو ما ينافي مقتضى عقد الرهن مثل ان يشترط ان لا يسلمه إليه على اشكال أو لا يبيعه
عند محل الحق أو لا يبيعه الا بما يرضى به الراهن أو بما يرضى به رجل اخر أو يكون المنافع للمرتهن أو الا يستوفي الدين من ثمنه فإنها شروط نافت مقتضى العقد ففسدت
وكذا ان شرط الخيار للراهن على اشكال أو ان لا يكون العقد لازما في صفة أو توقيت الرهن أو ان يكون رهنا يوما ويوما لا يكون رهنا أو يكون مضمونا على المرتهن أو
أو على العدل وهل يفسد الرهن به قال الشيخ رحمه الله لا يفسد به الرهن لأصالة صحة العقد وقال الشافعي ان اقتضى الشرط نقصانا من حق المرتهن بطل عقد الرهن قولا واحدا
وإن كان زيادة في حق المرتهن فقولان أحدهما يفسد لان هذا شرط فاسد فافسد كما لو كان نقصانا من حق المرتهن وهو الوجه عندي في كل شرط فاسد اقترن بعقد
فإنه يفسده لان العاقد انما بذل ملكه بهذا الشرط فإذا لم يسلم له لم يصح العقد لعدم الرضا به بدونه والثاني لا يفسده لان الرهن قد تم وانما شرط له زيادة لا يقتضيها
فسقطت الزيادة وبقي عقد الرهن بخلاف ما إذا كان نقصانا من حق المرتهن لان الرهن لم يتم فان قلنا إن العقد فاسد فهل يفسد به البيع إذا شرط فيه للشافعي
قولان أحدهما يفسد وبه قال أبو حنيفة وهو الأقوى عندي لان الشرط الفاسد إذا اقترن بالعقد أفسده لان سقوطه يقتضي رد جزء من الثمن ترك لأجله وذلك
مجهول والثاني لا يفسد البيع لان الرهن يقع منفردا عن البيع فلا يفسد بفساده كالصداق مع النكاح وقال أبو حنيفة لا يفسد الرهن بالشروط الفاسدة لأنه
عقد يفتقر إلى القبض فلا يبطل بالشرط الفاسد كالهبة فان العمري يشترط فيها رجوع الموهوب إليه ولا يفسده. مسألة: لو رهن وشرط المرتهن انه مضى
حل الحق ولم يوفه الراهن فالرهن له بالدين أو فهو مبيع له بالدين فهو شرط فاسد بلا خلاف لقوله (ع) لا يعلق الرهن قال احمد معناه لا يدفع رهنا إلى أجل ويقول إن
جئتك بالدراهم إلى كذا وكذا والا فالرهن لك ولأنه علق البيع على شرط فإنه جعله مبيعا بشرط ان لا يوفيه الحق في محله والبيع المعلق بشرط لا يصح وإذا شرط هذا الشرط
فسد الرهن لما تقدم في ساير الشروط الفاسدة وقال بعض العامة لا يفسد الرهن لقوله (ع) لا يعلق الرهن فنفى علقه دون أصله فدل على صحته ولان الراهن قد رضي
برهنه مع هذا الشرط فمع بطلانه أولي ان يرضى به ولو قال رهنتك هذا على أن تزيدني في الاجل بطل لان الاجل لا يثبت في الدين الا ان يكون مشروطا في عقد وجب فإذا
لم يثبت الاجل لم يصح الرهن لأنه جعله في مقابلته. مسألة: قد بينا انه إذا شرط في عقد الرهن انه إذا حل الاجل فهو مبيع أو على أن يكون مبيعا منه بعد شهر
فالرهن والبيع باطلان إما الرهن فلكونه مؤقتا واما البيع فلكونه مشروطا ويكون المال أمانة في يده قبل دخول وقت البيع وبعده يكون مضمونا لان البيع عقد
ضمان وقال بعض الشافعية انما يصير مضمونا إذا امسكه عن جهة البيع إما إذا امسكه على موجب الدين فلا والمشهور عندهم الأول فلو غرس أو بنى قبل دخول وقت البيع
قلع مجانا وكذا لو غرس بعده وهو عالم بفساد البيع وإن كان جاهلا لم يقلع مجانا لوقوعه بإذن المالك وجهله بعدم الجواز فيكون الحكم كما لو غرس المستعير ورجع المعير
مسألة: لو ادعى المرتهن تلف الرهن في يده قبل قوله مع اليمين وبه قال الشافعي لأنه قد يتعذر عليه إقامة البينة ولأنه امين وقال مالك ان خفي هلاكه لم يقبل ولو
ادعى رده إلى الراهن فالقول قول الراهن مع يمينه ولا يقبل قول المرتهن الا ببينة لأنه منكر فعليه اليمين وبه قال بعض الشافعية لأنه اخذه لمنفعة نفسه فأشبه المستعير
بخلاف دعوى التلف لأنه لا يتعلق بالاختيار فلا يساعد فيه البينة قالوا وكذا الحكم في المستأجر إذا ادعى الرد ويقبل قول المودع والوكيل بغير جعل مع اليمين لأنهما
اخذ المال لتحقق غرض المالك وقد ائتمنهما واما الوكيل يجعل والمضارب والأجير المشترك إذا لم يضمنه للشافعية فيهم وجهان أحدهما انهم مطالبون بالبينة لانهم
أخذوا لغرض أنفسهم في الأجرة والربح وأصحهما عندهم انه يقبل قولهم مع اليمين لانهم أخذوا العين لمنفعة المالك وانتفاعهم بالعمل بالغير لا بالعين بخلاف المرتهن
والمستأجر والأول عندي الأولى وقال بعضهم كل امين مصدق في دعوى الرد كالمودع ولا عبرة لمنفعته في الاخذ كما لا عبرة في وجوب الضمان عند التلف بخلاف المستعير
والمستام. مسألة: لو رهن الغاصب العين من انسان فتلف في يد المرتهن فللمالك تضمين الغاصب وبه قال الشافعي وهل له ان يطالب المرتهن الحق عندنا نعم لان
يده متفرعة على يد الغاصب والمالك لم يأتمنه وقال (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤدي وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لان يده يد أمانة وهو ممنوع وعلى ما اخترناه
لو رجع المالك على الغاصب كان للغاصب الرجوع على المرتهن مع علمه وان رجع على المرتهن كان له الرجوع على الغاصب مع جهله لأنه غره وعدمه مع علمه لأنه تلف في يده مع عدوانه وللشافعية
وجهان أحدهما ان الضمان يستقر على المرتهن لحصول التلف عنده ونزول التلف منزلة الاتلاف في المغصوبات وأظهرهما عندهم انه يرجع لتغرير الغاصب إياه
وعدم التعدي منه وكذا البحث في المستأجر من الغاصب والمستودع منه والمضارب والذي دفع المغصوب إليه ووكله ببيعه وكل ذلك فيما إذا جهلوا كونه مغصوبا
فان علموا فهم غاصبون أيضا والمستعير منه مع التضمين ومطلقا عند الشافعي والمستام يطالبان ويستقر عليهما الضمان لان يد كل واحد منهما يد ضمان. فروع: أ:
لو رهن بشرط ان يكون مضمونا على المرتهن فسد الرهن والشرط لما بينا من فساد العقد بفساد الشرط ثم لا يكون مضمونا عليه. ب: لو قال خذ هذا الكيس و
استوف حقك منه فهو أمانة في يده قبل ان يستوفى حقه منه فإذا استوفاه منه كان مضمونا عليه ولو فضل منه فضلة فالأقرب انها أمانة ولو قال وفيه دراهم خذ بدراهمك وكانت الدراهم التي فيه
33

مجهولة القدر أو كانت أكثر من دراهمه لم يملكه ودخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد وإن كانت معلومة وبقدر حقه ملكه. ج: لو قال خذ هذا العبد بحقك ولم يكن سلما
فقبل ملكه وان لم يقبل واخذه دخل في ضمانه بحكم الشراء الفاسد. مسألة: إذا احتاج الرهن إلى مؤنة يبقى بها الرهن كنفقة العبد وكسوته وعلف الدابة كانت على الراهن
لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه قوله من راهنه اي من ضمان راهنه ومن طريق الخاصة قول رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر يركب إذا كان
مرهونا وعلى الذي يركبه نفقته والدر يشرب إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب نفقته وقد قلنا إن المرتهن ممنوع من التصرف وان المنافع للراهن فيكون نفقته عليه
وفي معناه سقي الأشجار ومؤنة الجذاذ وتجفيف الأثمار واجرة الاصطبل والبيت الذي يحفظ فيه المتاع المرهون إذا لم يتبرع به المرتهن أو العدل خلافا لأبي حنيفة
في اجرة الاصطبل والبيت واجرة من يرد العبد من الاباق وما أشبه ذلك إذ ا عرفت هذا فهل يجبر الراهن على أداء هذه المؤنة حتى يقوم بها من خالص ماله للشافعية وجهان
أحدهما انه يجبر (يجب) لتبقى وثيقة المرتهن والثاني انه لا يجبر عند الامتناع بل يبيع القاضي جزءا من المرهون بحسب الحاجة فلو كانت النفقة يستوعب الرهن قبل الاجل فعلى
الثاني يلحق بما يفسد قبل الاجل فيباع ويجعل ثمنه رهنا قيل عليه هذا إما ان يلحق بما لا يتسارع إليه الفساد ثم عرض ما أفسده أو بما يتسارع إليه الفساد والأول باطل لان
العارض هناك اتفاقي غير متوقع والحاجة إلى المؤنة معلومة متحققة وإن كان الثاني لزم اثبات الخلاف المذكور في رهن ما يتسارع إليه الفساد في رهن كلما يحتاج إلى
نفقة أو مكان يحفظ فيه وعلى الأول وهو الأصح عندهم لو لم يكن للراهن شئ أو لم يكن حاضرا باع الحاكم جزأ من المرهون واكترى به بيتا يحفظ فيه الرهن واما المؤنة الزايدة
فيمكن ان يقال حكمها حكم ما لو هرب الجمال وترك الجمال المستأجرة أو عجز عن الانفاق عليها. مسألة: يجوز للراهن ان يفعل بالمرهون ما فيه مصلحته وليس للمرتهن
منعه منه كفصد العبد وحجامته والمعالجة بالأدوية والمراهم لكن لا يجبر عليها بخلاف النفقة وهو أحد وجهي الشافعية ثم إن كانت المداواة مما يرجى نفعه ولا يخاف غايلته
جاز وإن كان مما يخاف فالأقوى عدم المنع أيضا منه ويكتفي نفقته بان الغالب منه السلامة وللشافعية وجهان ويجريان في قطع اليد المتآكلة إذا كان في قطعها وتركها خطر فإن كان الخطر
في الترك دون القطع فله القطع وليس له قطع سلعته ولا إصبع لا خطر في تركها إذا خيف منه ضرر وإن كان الغالب فيه السلامة ففيه الخلاف وله ان يختن العبد والأمة في وقت
اعتدال الهواء إن كان يندمل قبل حلول الأجل لأنه أمر لا بد منه والغالب فيه السلامة وان لم يندمل وكان فيه نقص لم يجز وكذا لو كان به عارض يخاف معه من الختان وللراهن
تأبير النخل المرهون ولو ازدحمت وقال أهل الخبرة تحويلها أنفع جاز تحويلها وكذا لو رأوا قطع البعض لصلاح الأكثر وما يقطع منها أو يجف فهو مرهون بخلاف ما يحدث
من السعف ويجف فان الراهن مختص به وينزل منزلة النماء ولا يمنع من رعي الماشية في وقت الامن ويأوي ليلا إلى يد المرتهن أو العدل ولو أراد الراهن ان يبعد لطلب الرعي
وبالقرب ما يكفيها فللمرتهن المنع والا فلا ويأوي إلى يد عدل يتفقان عليه أو ينصبه الحاكم ولو أراد المرتهن ذلك وليس بالقرب ما يكفي لم يمنع وكذا لو أراد نقل المتاع من
بيت ليس محرز إلى حرز ولو نبا بهما المكان وأرادا الانتقال فإن كان إلى ارض واحدة فلا اشكال والا جعلت الماشية مع الراهن ويحتاط ليلا كما تقدم. الفصل الخامس:
في وضع الرهن على يد العدل. مسألة: يجوز ان يشترط المتراهنان وضع الرهن على يد أحدهما أو ثالث غيرهما سواء تعدد أو اتحد بقوله صلى الله عليه وآله المؤمنون عند شروطهم
إذا عرفت هذا فان ذلك العدل يكون وكيلا للمرتهن نايبا عنه في القبض فمتى قبضه صح قبضه وبه قال علماؤنا وجماعة الفقهاء منهم عطا وعمرو بن دينار ومالك والثوري
وابن المبارك والشافعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لأنه قبض في عقد فجاز فيه التوكيل كساير القبوض وقال الحكم والحرث العكلي وقتادة وداود وابن أبي ليلى لا يكون مقبوضا
بذلك لان القبض من تمام العقد يتعلق بأحد المتعاقدين كالايجاب والقبول والفرق بينه وبين القبول ان الايجاب إذا كان لشخص كان القبول منه لأنه مخاطب ولو وكل في
الايجاب والقبول قبل ان يوجب له صح وما ذكروه ينتقض بالقبض في البيع فيما يعتبر القبض فيه إذا عرفت هذا فإنه يجوز ان يجعلا الرهن على يد من يجوز توكيله وهو
جايز التصرف سواء كان مسلما أو كافرا عدلا أو فاسقا ذكرا كان أو أنثى ولا يجوز ان يكون صبيا لأنه غير جايز التصرف مطلقا فان فعلا ذلك كان قبضه وعدم قبضه واحدا ولا
يجوز ان يكون عبدا بغير اذن سيده لان منافع العبد لسيده ولا يجوز تضييعها في الحفظ بغير اذنه فان اذن مولاه جاز واما المكاتب فإن كان بجعل جاز لأنه مكاتب؟
وهو سايغ له بغير اذن السيد وإن كان بغير جعل لم يجز لأنه ليس له التبرع بمنافعه. مسألة: لو شرطا جعل الرهن على يد عدل وشرطا له ان يبيعه عند حلول الحق صح
ولان ذلك توكيلا في البيع منجزا وانما الشرط في التصرف وصح بيعه وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي واحمد وان عزل الراهن العدل عن البيع قال الشيخ رحمه الله لا ينعزل ولا ينفسخ
وكالته وكان له بيع الرهن وبه قال أبو حنيفة ومالك لان وكالته صارت من حقوق الرهن فلم يكن للراهن اسقاطه كساير حقوقه وقال الشافعي واحمد يصح العزل ولا يملك
البيع لان الوكالة عقد جايز فلم يلزم العاقد المقام عليها كساير الوكالات قالوا وكونه من حقوق الرهن لا يمنع بقاؤه على جوازه كما أن الرهن إذا شرط في البيع لا يصير لازما
قبل القبض فان عزله عن البيع فعلى صحة العزل يكون للمرتهن فسخ البيع الذي جعل الرهن بثمنه كما لو امتنع الراهن من تسليم الرهن المشروط في البيع هذا إذا كانت الوكالة شرطا
في عقد الرهن ولو شرطاها بعده انفسخت بعزل الموكل الوكيل اجماعا واما ان عزله المرتهن فلا ينعزل قاله الشيخ وبه قال احمد والشافعي في أحد قوليه لان العدل وكيل الراهن
إذ المرهون ملكه ولو انفرد بتوكيله صح فلم ينعزل بعزل غيره والثاني له عزله على معنى ان لكل واحد منهما منعه من البيع لان المرتهن له ان يمنعه من البيع لان البيع انما يستحق بمطالبته
فإذا لم يطالب بالبيع ومنعه منه لم يجز فاما ان يكون ذلك فسخا فلا. مسألة: إذا وضعا الرهن عند عدل وشرطا ان يبيعه عند المحل جاز قال الشيخ رحمه الله وليس للعدل
ان يبيعه حتى يستأذن المرتهن بإذن مجدد وهو أحد قولي الشافعي وبه قال احمد لان البيع لحقه فإذا لم يطالب به لم يجز بيعه بل يراجع ليعرف انه مطالب أو مهمل أو مبرء والثاني
انه لا يرجع لان غرضه توفية الحق واما الراهن فقال الشيخ رحمه الله لا يشترط تجديد اذنه ولا مراجعته ثانيا عند البيع وهو أحد قولي الشافعي لان الأصل دوام الاذن الأول
والثاني انه يشترط تجديد اذنه لأنه قد يكون له غرض في استبقاء المرهون ويريد قضاء الحق من غيره وابقاء الرهن لنفسه ولو مات الراهن أو المرتهن بطلت الوكالة
وإذا قلنا إن الوكيل لا ينعزل بعزل المرتهن فلو عاد إلى الاذن جاز البيع ولم يشترط تجديد توكيل من الراهن قال بعض الشافعية مساق هذا انه لو عزله الراهن ثم عاد
ووكل افتقر إلى اذن جديد للمرتهن ويلزم عليه ان يقال لا يعتد بإذن المرتهن قبل توكيل الراهن ولو وضعا الرهن على يد عدل فمات فان اتفق الراهن والمرتهن
على كونه في يد عدل اخر أو في يد أحدهما كان لهما وان اختلفا كان للحاكم ان يضعه عند عدل يرتضيه ولو كان الرهن في يد المرتهن فمات فالرهن بحاله فان رضي الراهن
ان يكون في يد ورثة المرتهن كان في أيديهم ان اختاروا وان أبى ذلك لم يجبر على تركه في أيديهم لأنه لم يرض الا بأمانة المرتهن دون ورثته ويضعه الحاكم عند من يراه
مسألة: يد العدل يد أمانة متطوع بحفظه فلو اتفقا على نقله من يده كان لهما لان الحق لهما وان اختلفا فيه فطالب
أحدهما بالنقل وامتنع الأخر لم ينقل لأنهما
قد رضيا بأمانته ورضيا بنيابته عنهما في حفظه فلا يجوز لأحدهما ان ينفرد بنقله وخراجه من يده ولو أراد العدل رد الرهن فان كانا حاضرين كان له ذلك وعليهما قبوله
34

منه لأنه امين متطوع بحفظه فلا يلزمه المقام على ذلك فإذا قبضاه فقد برء العدل من حفظه وان امتنعا من اخذه رفع امرهما إلى الحاكم ليجبرهما على تسليمه فان امتنعا
أو استترا نصب الحاكم أمينا يقبضه منه لهما لان للحاكم ولاية على الممتنع من حق عليه ولو رده العدل على الحاكم قبل ان يرده عليهما وقبل امتناعهما من قبضه لم يكن له
ذلك وكان ضامنا وكان الحاكم ضامنا أيضا لان الحاكم لا ولاية له على غير الممتنع وليس للعدل ان يدفع الرهن إلى غير المتراهنين صح حضورهما وامكان الايصال إليهما وكذا لو
دفعه العدل إلى ثقة امين مع وجودهما فإنه يضمن ويضمن القابض أيضا لأنه لا يجوز له ان يخرجه من يده إلى غير المتراهنين وليس للعدل القابض قبضه فضمنه لأنه قبضه
بغير حق فلزمه الضمان ولو دفعه إلى أحد المتراهنين فإنهما يضمنان أيضا لأنه وكيل لهما في حفظه فلم يجز له تسليمه إلى أحدهما دون صاحبه فإذا سلمه ضمن وضمن القابض لأنه
قبض ما لا يجوز له قبضه ولو امتنعا من القبض وليس هناك حاكم فتركه عند ثقة جاز ولا ضمان ولو امتنع أحدهما فدفعه إلى الأخر ضمن والفرق بينهما ان العدل يمسكه
لهما فإذا دفعه إلى أحدهما كان ماسكا لنفسه فلم يجز ولو كانا غائبين فإن كان للعدل عذر في الامتناع من بقائه في يده كسفر عزم عليه أو مرض خاف منه أو غير ذلك دفعه إلى
الحاكم وقبضه الحاكم عنهما أو نصب عدلا يقبضه لهما وان لم يجد حاكما جاز له ان يودعه عند ثقة ولا ضمان على أحدهما فإذا ودعه عند ثقة مع وجود الحاكم فالأقرب الضمان
لان الولاية في مال الغائب إلى الحاكم وللشافعية وجهان وان لم يكن له عذر قال الشيخ رحمه الله لم يجز له تسليمه إلى الحاكم وهو جيد وفصل الشافعي فقال إن كانت غيبتهما طويلة وهو
السفر الذي يقصر فيه الصلاة فان الحاكم يقبضه عنهما ولا يلجئه إلى حفظه وان لم يجد حاكما أودعه عند ثقة أو امين وإن كانت المسافة قصيرة فهو كما لو كانا حاضرين وإن كان
أحدهما غائبا والاخر حاضرا لم يجز تسليمه إلى الحاضر وكان كما لو كانا غائبين وليس له قسمته واعطاء الحاضر نصفه بخلاف ما لو أودع اثنان وديعة عند ثالث وغاب
أحدهما فحضر الأخر فطالب فان الحاكم يقسمها بينه وبين الغائب لان المودعين مالكان ظاهرا لثبوت يدهما معا عليها فقسمها الحاكم وهنا الملك لأحدهما وللآخر حق الوثيقة
وذلك لا يمكن قسمته فاختلفا. مسألة: لو جعلا الرهن على يد عدلين جاز اجماعا ولهما امساكه ولا يجوز لأحدهما الانفراد بحفظه فان سلمه أحدهما إلى الأخر ضمن النصف
لأنه القدر الذي تعدى فيه ولان الراهن لم يرض بأمانة أحدهما وانما رضي بأمانتهما جميعا فلا يجوز أحدهما ان ينفرد بحفظه ويحتمل عندي ان يكون عليهما معا ضمان الكل وليس
لهما ان يقتسما بالرهن وإن كان مما يمكن قسمته من غير ضرر مثل الطعام والزيت وهذا أحد وجهي الشافعية وفي الأخر يجوز ان يدفعه أحدهما إلى الأخر لان اجتماعهما
على حفظه مما يشق عليهما ويتعذر فحمل الامر على أن لكل واحد منهما الحفظ وهو ممكن لامكان جعله في محرز لهما لكل واحد منهما عليه قفل وقال أبو حنيفة إن كان مما لا
ينقسم جاز لكل واحد منهما امساك جميعه وإن كان مما يمكن قسمته لم يجز بل يقتسمانه وقال أبو يوسف ومحمد يجوز ان يضعاه في يد أحدهما بكل حال احتج أبو حنيفة بأنه إذا كان مما
ينقسم فقبض أحد النصفين لا يكون شرطا في الأخر لأنه مما لا يستحق عليه بدل كما لو وهب لرجل عينين فقبل إحديهما بخلاف البيع فإذا ثبت لأحدهما امساك نصفه لم يسلم
إلى غيره وعلى القول الثاني للشافعية وهو جواز دفع أحدهما إلى الأخر لو كان مما ينقسم فقسماه بينهما جاز وانفرد كل واحد منهما بحفظ ما في يده فان أراد أحدهما ان
يرد ما في يده إلى الأخر فوجهان أحدهما يجوز لأنه كان يجوز لكل منهما ان ينفرد بحفظ جميعه والثاني لا يجوز لأنه لما اقتسماه بينهما صار ما في يد كل واحد ينفرد بحفظه
فلم يكن له رده إلى غيره ولان قبل القسمة جاز ذلك لحصول المشقة وبعد القسمة زالت المشقة. مسألة: لو جنى على الرهن في يد العدل وجبت قيمته على الجاني وكانت
رهنا وللعدل حفظها لأنها بدل الرهن وله امساك الرهن وحفظه والقيمة قائمة مقامه وبطلت وكالته في بيع العين بتلفها فلا يتعلق الوكالة بالقيمة بل تبطل لان
الوكالة كانت في العين دون قيمتها وبطلت الوكالة لأنها لم تصر من حقوق الرهن وانما هي باقية على جوازها ولهذا للراهن الرجوع بخلاف امساك العدل الرهن ولو كان
الرهن في يد العدل فقبضه المرتهن وجب عليه رده إليه لان الراهن لم يرض بتسليمه إليه فإذا رده إلى العدل زال عنه الضمان ولو كان الرهن في يد المرتهن فتعدى فيه ثم زال التعدي
أو سافر به ثم رده لم يزل عنه الضمان لان استيمانه بطل بذلك فلم يعتد بفعله ولا تعود الأمانة الا بان يرجع إلى صاحبه ثم يرده إليه أو إلى وكيله أو يبرئه من ضمانه ولو غصب
المرتهن الرهن من يد العدل ضمنه فان رده إليه زال الضمان لأنه قد رده إلى وكيله ولو اقترض ذمي من مسلم مالا ورهن عنده خمرا وجعله على يد ذمي لم يصح الرهن فإذا حل
الحق وباعها الذمي العدل وجاء بالثمن قال الشيخ رحمه الله جاز له اخذه ولا يجبر عليه وللشافعي في اجبار المسلم قبض الثمن وجهان أحدهما لا يجبر لأنه قد تعين ثمن الخمر وذلك غير
مملوك والثاني يجبر لان أهل الذمة إذا تقابضوا في العقود الفاسدة جرى مجرى الصحيحة فيقال إما ان يقبض واما ان يبرئ وان جعلها على يد مسلم فباعها عند محل
الحق أو باعها الذمي من مسلم لم يجبر المرتهن على قبول الثمن لان ذلك البيع فاسد لا يقر ان عليه ولا حكم له. مسألة: إذا اذن الراهن والمرتهن للعدل في بيع الرهن
فان عينا له قدرا أو جنسا لم يجز له ان يعدل عما ذكراه إلى أقل لان الحق لهما لا شئ للعدل فيه فان اطلقا البيع جاز له البيع بثمن المثل حالا بنقد البلد وبه قال الشافعي
خلافا لأبي حنيفة فإنه جوز ان يبيعه ولو بدرهم واحد لاطلاق الأول وليس جيدا لان الاطلاق محمول على المعتاد المتعارف بين الناس وهو هنا مقيد بما قلناه فان
باعه العدل بدون ثمن المثل فإن كان بقدر ما يتغابن به الناس فالأقوى الجواز لأنه مندرج تحت المتعارف وإن كان بأزيد مما يتغابن به الناس لم يصح مثل ان يكون
الرهن يساوي مائة درهم ويتغابن الناس فيه بخمسة دراهم فباعه العدل بثمانين بطل ورجع الراهن في العين إن كانت باقية وإن كانت تالفة كان له الرجوع على أيهما شاء
فان رجع على المشتري رجع بقيمتها ولا يرد المشتري على العدل وان رجع على العدل رجع بجميع القيمة لأنه اخرج العين من يده على وجه لم يجز له فضمن جميع قيمتها وصار
كما لو أتلفها فإنه يرجع عليه بجميع القيمة وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه يرجع عليه بما نقص من ثمن مثلها الذي يتغابن به الناس فيرجع بالباقي على المشتري لان
ذلك هو القدر الذي فرط فيه فإنه لو باعها بما يتغابن الناس بمثله نفذ بيعه ويلزم عليه المشتري لأنه لو اشتراه بما يتغابن الناس عليه لم يرجع عليه بشئ ومع هذا
يجب عليه جميع القيمة وكذا لو أوجبنا تعميم العطاء في الزكاة واعطى بعض الأصناف الزكاة وحرم بعضا فكم يضمن للشافعية وجهان أحدهما القدر الذي لو أعطاهم في الابتداء
جاز لان التفضيل جايز والثاني يضمن بقدر ما يخصهم إذا سوى بين العدد وكذا لو قالوا في الأضحية فاما إذا باعه بثمن مثله أو بما يتغابن الناس بمثله صح البيع وان
باعه العدل بغير نقد البلد أو باعه بثمن مؤجل لم يصح البيع ويجب رد العين فإن كانت باقية استرجعها وإن كانت تالفة رجع بقيمتها على من شاء منهما فان رجع
على العدل رجع العدل على المشتري لان التلف كان في يده وان رجع على المشتري لم يرجع على العدل. مسألة: إذا باع العدل بثمن المثل أو بما يتغابن به الناس صح
البيع لان ما يتغابن به الناس لا يمكن الاحتراز عنه وهو يقع لأهل الخبرة والبصيرة والمرجع في ذلك إليهم فان جاء بعد البيع من زاد في ثمنه فإن كان بعد لزوم البيع
وانقطاع الخيار بينهما لم يعتد بهذه الزيادة لأنه لا يجوز له قبولها ولا يملك فسخ البيع في هذا الحال وإن كان ذلك في زمن الخيار مثل ان يكون قبل التفرق عن المجلس
أو في زمن خيار الشرط فإنه يجوز له قبول الزيادة وفسخ العقد فإن لم يقبل الزيادة لم ينفسخ العقد قاله الشيخ رحمه الله لأن العقد قد صح وهذه الزيادة مظنونة فلا ينفسخ
35

بها العقد وهو أحد قولي الشافعي وقال في الأخر انه ينفسخ لأنه مأمور بالاحتياط وحالة الخيار بمنزلة حال العقد ولو دفع إليه زيادة في حالة العقد وباع بالنقصان لم يصح بيعه
وإن كان قد باع بثمن المثل فكذا هنا فلو بدا للراغب فإن كان قبل التمكن من البيع منه فالبيع الأول بحاله وإن كان بعده فقد ارتفع ذلك البيع فلابد من بيع جديد وقال
بعض الشافعية إذا بدا له كان البيع بحاله كما لو بذل الابن الطاعة لأبيه في الحج وجعلناه مستطيعا به ثم رجع عن الطاعة قبل ان يحج أهل بلده عرفنا عدم الوجوب ولو لم يفسخ
العدل البيع الأول وباع من الراغب ففي كونه فسخا لذلك البيع ثم في صحته خلاف تقدم ولهم خلاف في أن الوكيل بالبيع لو باع ثم فسخ البيع هل يتمكن من البيع مرة أخرى
مسألة: إذا باع العدل الرهن بإذنهما فالثمن يكون أمانة في يده لا ضمان عليه فيه اجماعا ويكون من ضمان الراهن إلى أن يتسلمه المرتهن فان تلف في يده من غير تفريط
لم يسقط من دين المرتهن شئ وبه قال الشافعي واحمد لان العدل وكيل الراهن في البيع والثمن ملكه وهو امين له في قبضه فإذا تلف كان من ضمانه كساير الامناء وقال أبو حنيفة
ومالك يكون من ضمان المرتهن إما أبو حنيفة فبناه على أصله من أن الرهن مضمون على المرتهن والثمن بدله فيكون مضمونا وليس بجيد لما عرفت من أن الرهن أمانة
واما مالك فإنه يقول البيع حق للمرتهن وهو تابع لحقه والثمن يكون للمرتهن ويبرء الراهن ببيع الرهن وقوله الثمن يكون للمرتهن ليس بصحيح لأنه بدل الرهن وانما تعلق حق
المرتهن باستيفاء الثمن منه لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الرهن من راهنه بمعنى من ضمان راهنه وهذه عادة العرب في حذف المضاف ولو باع العدل وتلف
الثمن في يده من غير تفريط ثم خرج الرهن مستحقا فإن كان العدل قد اعلم المشتري انه وكيل الراهن فان العهدة على الراهن وكذا كل وكيل باع مال غيره وبه قال الشافعي واحمد
لأنه نايبه في عقد عن غيره فلم يلزمه الضمان كامين الحاكم وساير الوكلاء ولا يكون العدل طريقا للضمان في أصح وجهي الشافعية لأنه نايب الحاكم والحاكم لا يطالب فكذا نايبه
والثاني يكون طريقا كالوكيل والوصي وقال أبو حنيفة العهدة على الوكيل ويرجع على الراهن وبنى ذلك على أن حقوق العهدة يتعلق عنده بالوكيل وهو ممنوع على ما يأتي في
الوكالة وقال مالك لا عهدة على العدل ولكن يرجع المشتري على المرتهن ويعود دينه في ذمة الراهن كما كان لان البيع وقع للمرتهن بمطالبته واستحقاقه وكانت العهدة
عليه كالموكل وقد بينا انه نايب عن الراهن وكيل له دون المرتهن ولو خرج مستحقا بعد ما دفع الثمن إلى المرتهن فان للمشتري ان يرجع على الراهن وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
يرجع على العدل ويرجع العدل على المرتهن أو على الراهن أيهما شاء وإن كان المشتري رده عليه بعيب لم يكن له الرجوع على المرتهن لأنه قبضه بحق وانما يرجع على الراهن وإن كان
العدل حين باعه لم يعلم المشتري انه وكيل كان للمشتري الرجوع عليه ويرجع هو على الراهن ان أقر بذلك أو قامت به بينة وان أنكر ذلك كان القول قول العدل مع يمينه
فان نكل عن اليمين حلف المشتري ويرجع عليه ولم يرجع هو على الراهن لأنه مقر بأنه ظلمه. مسألة: لو باع العدل وقبض الثمن ثم ادعى تلفه في يده من غير تفريط فالقول
قوله مع اليمين ولا يكلف إقامة البينة على ذلك لأنه امين ويتعذر عليه إقامة البينة على ذلك فان كلفناه البينة شق عليه فربما أدي إلى أن لا يدخل الناس في الأمانات
وفي ذلك اضرار كثير ويكون تالفا من ضمان الراهن وقال أبو حنيفة يكون من ضمان المرتهن لأنه مرهون والرهن عنده مضمون ولو قال العدل دفعت الثمن إلى المرتهن وأنكر
المرتهن ذلك كان عليه إقامة البينة فإن لم يكن هناك بينة فالقول قول المرتهن مع يمينه كغيره من الدعاوى وبه قال الشافعي وأبو حنيفة القول قول العدل مع يمينه وإذا حلف المرتهن
اخذ حقه من الراهن ويرجع الراهن على العدل وإن كان قد اذن له في التسليم نعم لو اذن أولا وصدقه في التسليم احتمل التضمين أيضا لتقصيره بترك الاشهاد وعدمه لاعتراف
الراهن بأنه امتثل ما أمر به والمرتهن ظالم فيما يأخذه وللشافعية وجهان وكذا الوجهان فيما إذا اطلق الاذن في التسليم فاما إذا شرط عليه الاشهاد فتركه ضمن قطعا وإذا قلنا إنه
يضمن بترك الاشهاد فلو قال أشهدت ومات شهودي وصدقه الراهن فلا ضمان وان كذبه فوجهان يأتيان في باب الضمان انشاء الله تعالى احتج أبو حنيفة بأنه بمنزلة التلف في يده
لان العدل امين يقبل قوله في اسقاط الضمان عن نفسه ولا يقبل في ايجاب الضمان على غيره وهو ممنوع لأنه وكيل للراهن في دفع الدين إلى المرتهن وانما هو وكيل المرتهن في حفظ الرهن
فلم يقبل قوله فيما ليس بوكيل فيه من جهته كما لو وكل رجلا في قضاء دينه فادعى انه سلمه إلى صاحب الدين وأنكر ذلك ويمنع انه كالتلف لان قوله إذا لم يقبل على المرتهن وجب ان
يسقط قوله ولا يكون بمنزلة الاتلاف لأنه لم يدع التلف إذا عرفت هذا فإذا حلف المرتهن كان له الرجوع إما على الراهن واما على العدل فان رجع على العدل رجع بأقل الامرين
من دينه أو قيمة الرهن وإذا رجع عليه لم يرجع على الراهن بذلك لأنه يقول إن المرتهن ظالم له بما يرجع به عليه فلم يرجع به على غيره وان رجع على الراهن كان للراهن الرجوع على
العدل لان العدل فرط في الدفع لأنه وكله في دفع يبرئه من المرتهن وقد دفع دفعا لا يبرئه الا ان يكون الدفع بحضرة الراهن أو اشهد شاهدين فغابا أو ماتا. مسألة: قد بينا
انه ليس للعدل ان يبيع مع الاطلاق الا نقدا بثمن المثل من نقد البلد فان باع نسيئة فان أجازا له ذلك صح والا بطل وللشافعية وجه انه لو باع نسيئة صح ولم يعتبروا به فلو سلم
إلى المشتري صار ضامنا ثم إن كان باقيا أسترد ويجوز للعدل بيعه بالاذن السابق وان صار مضمونا عليه (فإذا باعه واخذ الثمن لم يكن الثمن مضمونا عليه) لأنه لم يتعد فيه وان هلك في يده فإن كان قد باع بغير نقد البلد
أو نسيئة فالراهن بالخيار في تضمين من شاء من العدل وللمشتري كمال القيمة وان باع بدون ثمن المثل فاصح قولي الشافعية ان الحكم كذلك لأنه أخرجه من يده على وجه
مسوغ والثاني انه ان غرم العدل حظ النقصان الذي كان محتملا في الابتداء ويحتمل الجميع وان غرم المشتري لزمه الجميع. مسألة: لو اختلف المتراهنان فقال له
أحدهما بع بدنانير وقال الآخر بع بدراهم لم يبع بواحد منهما لاختلافهما في الاذن ولكل منهما حق في بيعه
فللمرتهن حق الوثيقة في الثمن واستيفاء حقه منه وللبايع
ملك الثمن فإذا اختلفا دفع ذلك إلى الحاكم فيأذن له ان يبيعه بنقد البلد سواء كان من جنس حق المرتهن أو لم يكن وسواء وافق ذلك قول أحدهما أو خالفه لان الحظ
في البيع يكون بنقد البلد ولو كان النقدان جميعا نقد البلد باعه بأعلاهما وان كانا متساويين في ذلك باع بأوفرهما حظا فان استويا في ذلك باع بما هو من جنس الحق
منهما فإن كان الحق من غير جنسهما باع بما هو أسهل صرفا إلى جنس الأخر وأقرب إليه فان استويا في ذلك عين له الحاكم أحدهما فباع به وصرف نقد البلد إليه وقال بعض
الشافعية انه إذا قال الراهن بعه بدراهم وقال المرتهن بدنانير وكانت الدراهم بقدر حق المرتهن باعه بالدراهم لأنه لا غرض له في الدنانير. مسألة: لو مات الراهن و
الرهن موضوع على يد عدل بطلت وكالته لأنه وكيل للراهن والوكيل ينعزل بموت الموكل ثم الدين إن كان مؤجلا حل لان الاجل يسقط بموت من عليه الدين ويجب على
ورثة الراهن دفع الدين فان دفعوه من غير الرهن والا لزمهم بيع الرهن وتسليم الدين إلى المرتهن لانهم نايبين مناب الراهن فان امتنعوا رفع المرتهن ذلك إلى الحاكم
فينصب أمينا يبيع الرهن ويسلم الثمن إلى المرتهن أو قدر دينه منه لان الحاكم ينوب مناب من امتنع من الحق عليه في دفعه فإذا باع العدل وهلك الثمن من يده بغير تفريط منه
واستحق الرهن من يد المشتري فان الحاكم يأمر المشتري بتسليمه إلى من قامت البينة له به إذا استحلفه لأنه حكم على الميت ولا ضمان على العدل لأنه امين لا يقال لم لا يرجع
المشتري عليه لأنه قبض منه الثمن بغير حق لأنا نقول إنه سلمه إليه على أنه امين في قبضه يسلمه إلى المرتهن فلم يجب بذلك عليه ضمان واما المرتهن فقد بان له ان عقد الرهن
كان فاسدا فإن كان مشروطا في بيع ثبت له الخيار فيه والا سقط حقه واما المشتري فإنه يرجع بالثمن في تركة الراهن وكذا الحكم في المفلس إذا حجر عليه الحاكم ونصب عدلا فباع
36

شيئا من ماله وتلف في يده الثمن ثم بانت العين مستحقة وللشافعي قولان في أنه هل يقدم على المرتهن وساير الغرماء أحدهما أنه يكون أسوة الغرماء واختلفت الشافعية
على طريقين منهم من قال في المسألة قولان أحدهما يقدم حق المشتري لأنه لم يضر بثبوته في ذمة المفلس ولا الراهن ولأنه إذا لم يقدم حقه امتنع الناس من شراء مال
المفلس ويؤدي ذلك إلى الاضرار والثاني يكون أسوة الغرماء لتساويهم في ثبوت حقهم في الذمة فاستووا في قسمة ماله بينهم وما قالوه من عدم الاضرار يبطل بحق
المجني عليه وما ذكروه من الاضرار قيل نادر ولا يمنع من ابتياعه كما لا يمنع الاخذ من الشفعة من شراء ما فيه الشفعة ومنهم من قال ليست على قولين بل هي على اختلاف
حالين الموضع الذي قال إنه يقدم المشتري إذا كان للمفلس مال موجود والموضع الذي قال يكون أسوة الغرماء إذا لم يكن له غير الذي بيع ففك عنه الحجر ثم استفاد مالا فحجر عليه
سؤال (بسؤال) الغرماء فإنهم يستوون فيه. مسألة: لو تغيرت حال العدل بفسق أو ضعف وعجز يمنعه من حفظ الرهن فأيهما طلب اخراجه عن يده أخرجه الحاكم من يده
لأنه خرج من أهل الأمانة فيه وكذا إذا ظهر بينه وبين أحدهما عداوة فطلب نقله من يده أجيب له ثم إن اتفقا على عدل يضعانه على يده وضع لان الحق لهما وان اختلفا
عين الحاكم عدلا يضعه على يده وان اختلفا في تغير حاله بحث عنه الحاكم فان ثبت قول أحدهما عمل عليه فإن كانت حاله تغيرت نقله عنه والا أقره في يده ولم يكن لأحدهما
اخراجه الا بإذن الأخر لأنهما رضيا به في الابتداء وكذا لو كان الرهن في يد المرتهن فادعى الراهن تغير حاله بحث عنه الحاكم وعمل بما لا يثبت عنده فان مات لم يكن لورثته
امساكه الا بتراضيهما وكذا لو مات المرتهن. الفصل السادس: في زوايد الرهن وبدله. مسألة: الرهن إما ان لا يحتاج إلى مؤنة كالدار والمتاع ونحوه
فهذا ليس للمرتهن الانتفاع به بغير اذن الراهن بحال بلا خلاف لان الرهن ملك للراهن فكذا منافعه فليس لغيره اخذها بغير اذنه فان اذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير
عوض وكان دين الرهن من قرض فان شرط ذلك في القرض حرم وان لم يشترط فالأقرب الجواز خلافا لأحمد وإن كان الرهن بثمن مبيع أو اجرة دار أو دين غير القرض فاذن له الراهن
في الانتفاع جاز وبه قال احمد والحسن وابن سيرين وإسحاق للأصل ولو كان الانتفاع بعوض مثل ان يستأجر المرتهن الدار من الراهن بأجرة مثلها من غير محاباة جاز
في القرض وغيره لان الانتفاع ليس بالقرض بل بالإجارة وان حاباه في ذلك فحكمه حكم الانتفاع بغير عوض لا يجوز في القرض مع الشرط ويجوز في غيره وإذا استأجرها
المرتهن أو استعارها لم يخرج عن الرهن وهو إحدى الروايتين عن أحمد لان القبض مستدام ولا منافاة بين العقدين وفي الرواية الثانية يخرج عن كونها رهنا فمتى
انقضت الإجارة أو العارية عاد الرهن بحاله وإذا استعار المرتهن الرهن صار مضمونا عليه في موضع يضمن فيه العارية عندنا وعند الشافعي واحمد مطلقا بناء على أن
العارية مضمونة مطلقا وقال أبو حنيفة لا ضمان عليه وان شرط في الرهن ان ينتفع به المرتهن جاز مطلقا وقال احمد يفسد الشرط لأنه ينافي مقتضى الرهن وهو ممكن؟ وعن أحمد
رواية انه يجوز في البيع قال أصحابه معناه أن يقول بعتك هذا الثوب بدينار بشرط ان ترهنني عبدك يخدمني شهرا فيكون بيعا وإجارة وهو صحيح وان اطلق فالشرط
باطل لجهالة ثمنه وقال مالك لا بأس ان يشترط في البيع منفعة الراهن إلى أجل في الدور والأرضين وكرهه في الحيوان والثياب والقرض واما ان يحتاج إلى مؤنة فحكم
المرتهن في الانتفاع به بعوض أو بغير بإذن الراهن كالقسم الأول وان اذن له في الانفاق والانتفاع بقدره جاز لأنه نوع معاوضة واما مع عدم الإذن فإن كان الرهن
محلوبا أو مركوبا قال إسحاق واحمد للمرتهن وان ينفق عليه ويركب ويحلب بقدر نفقته وسواء أنفق مع تعذر النفقة من الراهن لغيبته أو امتناعه من الانفاق أو مع
القدرة على اخذ النفقة من الراهن واستيذانه وعن أحمد رواية لا يحتسب له بما أنفق وهو متطوع بها ولا ينتفع من الرهن بشئ وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي
لقوله صلى الله عليه وآله الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه ولأنه ملك غيره لم يأذن له في الانتفاع به ولا الانفاق عليه فلم يكن له ذلك كغير الرهن واحتج احمد بقوله (ع) الرهن يركب
بنفقته إذا كان مرهونا ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويشرب النفقة فجعل منفعته بنفقته ولا يصح ذلك في طرف الراهن لان انفاقه و
انتفاعه لا بطريق المعاوضة لأحدهما بالآخر ولان نفقة الحيوان واجبة وللمرتهن فيه حق وقد امكنه استيفاء حقه من نماء الرهن والنيابة عن المالك فيما وجب
عليه واستيفاء ذلك من منافعه فجاز ذلك كما يجوز للمرأة اخذ مؤنتها من مال زوجها عند امتناعه بغير اذنه والنيابة عنه في الانفاق عليها والنماء للراهن الا ان
للمرتهن ولاية صرفها إلى نفقته لثبوت يده عليه وولايته هذا ان أنفق محتسبا بالرجوع واما ان أنفق متبرعا بغير نية الرجوع فإنه لا ينتفع به قولا واحدا والوجه
رفع الحاكم إلى الحاكم فان تعذر اشهد بالانفاق وقاص بالنماء واما إن كان الرهن حيوانا غير محلوب ولا مركوب كالعبد والجارية فإنه لا يجوز للمرتهن استخدامه بنفقته
لأنه مال الغير فليس له التصرف فيه الا باذنه وهو أحد الروايتين عن أحمد وفي الرواية الأخرى له الانتفاع باستخدام العبد بنفقته وبه قال أبو ثور وليس بشئ واما
إن كان غير حيوان كدار استهدمت فعمرها المرتهن لم يرجع بشئ وليس له الانتفاع بها بقدر نفقته فان عمارتها غير واجبة على الراهن فليس لغيره ان ينوب عنه فيما لا يلزمه
فان فعل كان متبرعا بخلاف الحيوان فان نفقته واجبة على صاحبه ثم إن كان ذلك بإذن المالك رجع عليه لأنه نابه في الانفاق باذنه وكانت النفقة على المالك كما لو وكله
في ذلك وإن كان بغير اذنه فهل يرجع عليه عن أحمد روايتان بناء على ما إذا قضى دينه بغير اذنه لأنه ناب عنه فيما يلزمه وقال أبو الخطاب ان قدر على استيذانه فلم يستأذنه
فهو متبرع لا يرجع بشئ وان عجز عن استيذانه فعلى روايتين عنه وكذلك الحكم فيما إذا مات العبد المرهون وكفنه والأول أقيس عندهم إذ لا يعتبر في قضاء الدين العجز عن
استيذان الغريم فان انتفع المرتهن بالرهن باستخدام أو ركوب أو استرضاع أو استغلال أو سكنى أو غيره حسب من دينه بقدر ذلك. مسألة: زوايد الرهن إما متصلة
كسمن العبد وكبر الشجرة ويتبع الأصل اجماعا في دخولها تحت الرهن واما منفصلة كالثمرة والولد واللبن والبيض والصوف فإنها لا تدخل في الرهن سواء كانت
سابقة أو متجددة بعد الرهن الا مع الشرط وبه قال الشافعي واحمد في رواية وأبو ثور وابن المنذر لقوله (ع) الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه والنماء غنم فيكون للراهن
ومن طريق الخاصة رواية إسحاق بن عمار الصحيحة عن الكاظم (ع) قلت فان رهن دارا لها غلة لمن الغلة قال لصاحب الدار ولأنه حق تعلق بالأصل يستوفي من ثمنه فلا يسري
إلى غيره كحق الجناية ولأنها عين من أعيان ملك الراهن لم يعقد عليها عقد رهن فلم يكن رهنا كساير ماله وقال الشعبي والنخعي واحمد يدخل النماء المتصل والمنفصل
في رهن الأصل إذا تجدد المنفصل بعد الرهن واما المتصل فيدخل مطلقا لأنه حكم ثبت في العين بعقد الملك فيدخل فيه النماء والمنافع كالملك بالبيع وغيره وهو
ممنوع وقال الثوري وأصحاب الرأي في النماء يتبع وفي الكسب لا يتبع لان الكسب لا يتبع في حكم الكتابة والاستيلاد والتدبير فلا يتبع في الرهن كاعيان مال الراهن وقال مالك الولد يتبع في
الرهن خاصة دون ساير النماء لان الولد يتبع الأصل في الحقوق الثابتة كولد أم الولد وقال الشافعي لو رهنه ماشية مخاضا فالنتاج خارج من الرهن وخالفه أبو
ثور وابن المنذر وكما أن هذه الزوايد غير مرهونة فكذا مهر الجارية إذا وطئت بالشبهة وبلا ولي لأنه غير حاصل من نفس المرهون وبه قال الشافعي وعن (عند) أبي حنيفة انه مرهون
أيضا ولا خلاف في أن الكسب المرهون ليس بمرهون هذا في الزوايد الحادثة بعد الرهن. مسألة: لو رهن حاملا ومست الحاجة إلى البيع وهي حامل بعد فيباع كذلك
37

في الدين وبه قال الشافعي قال لأنا ان قلنا إن الحمل يعلم فكأنه رهنهما والا فقد رهنها والحمل محقق صفة ونحن نقول إن الرهن لا يتعدى إلى الحمل ما لم يشترطه في العقد سواء
كان ظاهرا أو لا ولو ولدت قبل البيع لم يكن رهنا كما تقدم وللشافعي قولان مبنيان على أن الحمل هل يعلم أن قلنا لا فهو كالحادث بعد العقد وان قلنا نعم فهو رهن
يباع مع الام كما لو رهن شيئين وزاد بعض الشافعية فقال إن قلنا نعم ففي كونه مرهونا قولان لضعف الرهن عن الاستتباع فان قلنا الولد لا يكون مرهونا كما اخترناه
وهو أحد قوليه فلو صرح في العقد فقال رهنتها مع حملها صح عندنا وتردد أصحاب الشافعي فيه والظاهر عندهم انه لا يكون مرهونا أيضا إذ لو جاز ذلك لجاز افراره
بالرهن لو حملت بعد الرهن وبقيت حاملا عند الحاجة إلى البيع فان قلنا الحمل لا يعلم بيعت وهو كالزيادة متصلة وان قلنا يعلم لم يكن الولد مرهونا وتعذر بيعها لان
استثناء الحمل لا يمكن ولا سبيل إلى بيعها حاملا وتوزيع الثمن على الام والحمل لان الحمل لا يعرف قيمته ولو رهن نخلة فاطلعت بعد الرهن لم يدخل الطلع في الرهن عندنا الا مع
الشرط وللشافعية طريقان أحدهما ان بيعها مع الطلع على قولين كما في الحمل والثاني القطع بان الطلع غير مرهون لأنه يمكن افراده بالعقد فلا يجعل تبعا فإذا قلنا إنه غير
مرهون يباع النخل ويستثنى الطلع بخلاف الجارية الحامل ولو كانت مطلعة وقت الرهن ففي دخول الطلع عندهم قولان فان أدخلناه فجاء وقت البيع وهو طلع بعد بيع
مع النخيل وان أبرت فطريقان أحدهما ان الحكم كما إذا ولدت الحامل والثاني القطع ببيعه مع النخل لأنه معلوم مشاهد وقت الرهن إذا عرفت هذا فمتى تعتبر الزيادة
إما عندنا فلا فائدة لهذا البحث لأنها لا تدخل في الرهن مطلقا الا مع الشرط واما عند الشافعي ففي اعتبارها وجهان أحدهما انها يعتبر حالة العقد في مقارنة الولد وحدوثه
بعده والثاني ان الاعتبار بحالة القبض لان الرهن به يتم. مسألة: لو جنى على المرهون فوجب الأرش كان الأرش رهنا كالأصل وليس من الزوايد لأنه بدل جزء من المرهون
وكذا لو افتض البكر كان الأرش رهنا لأنه عوض جزء الرهن ولو أفضاها وجب عليه قيمتها لأنه أتلف بضعها فيكون القيمة رهنا كالأصل ولو ضرب الجارية المرهونة
ضارب فألقت جنينا فعليه عشر قيمة الام ولا يكون مرهونا عندنا وعند الشافعي لأنه بدل الولد فان دخلها نقص لم يجب بسببه شئ اخر لكن قدر الأرش النقصان
من العشر يكون رهنا وان التقت حيا فمات فعلى الجاني قيمة الجنين حيا وأرش نقص الام ان انتقضت وهو أصح قولي الشافعي وحينئذ يكون قيمة الجنين لصاحبه غير داخل
في الرهن واما أرش النقص فإنه يكون داخلا في الرهن والثاني للشافعي انه يجب أكثر الامرين من أرش النقص أو قيمة الجنين فإن كان الأرش أكثر فالمأخوذ رهن كله وإن كانت
القيمة أكثر فقدر الأرش من المأخوذ رهن ولو ضرب دابة رهنا فألقت جنينا ميتا فليس على الضارب سوى أرش النقص ان نقصت ويكون رهنا. مسألة: بدل الرهن
رهن فإذا جنى جان على العبد المرهون قال الشيخ رحمه الله الخصم فيه هو السيد دون المرتهن لان السيد هو المالك لرقبته والأرش الواجب بالجناية ملكه وليس للمرتهن الا حق
الوثيقة فان أحب المرتهن ان يحضر خصومته كان له فإذا قضى للراهن بالأرش تعلق به حق الوثيقة للمرتهن وبه قال الشافعي وغيره وكذا إذا جنى على العبد المستأجر والعبد
المودع فان الخصم هو المالك فان ترك المطالبة أو اخرها أو كان غايبا أو له عذر يمنعه من المطالبة فللمرتهن المطالبة بها لان حقه متعلق بموجبها فكان له الطلب به كما لو كان
الجاني سيده فان أقر الجاني ثبت الجناية وان أنكر وكان لسيد العبد بينة أقامها وان لم يكن له بينة كان القول قول المدعى عليه الجناية مع يمينه فان حلف برئ وان نكل
رددنا اليمين على الراهن فان حلف يثبت الجناية وان نكل فهل يحلف المرتهن قولان للشافعي كما في يمين الغريم إذا نكل الوارث وسواء كانت الجناية عمدا أو خطأ لان
العمد وان أوجب القصاص فقد يعفو السيد ويتعلق حق المرهن بالدية إذا عرفت هذا فإن كانت الجناية عمدا كان للسيد ان يقتص لأنه حق له وانما ثبت ليستوفي وليس
للمرتهن مطالبته بالعفو فان اقتص سقط حق المرتهن من الرهن وليس له مطالبة الراهن ببدل عنه وبه قال الشافعي لأنه لم يجب بالجناية مال ولا استحق بمال وليس على
الراهن ان يسعى للمرتهن في اكتساب مال وقال احمد وإسحاق على السيد ان يجعل القيمة مكانه رهنا لأنه أتلف
مالا استحق بسبب اتلاف الرهن فغرم قيمته كما لو كانت الجناية
موجبة للمال وليس بجيد لان الواجب في قتل العمد عندنا القصاص وانما يثبت المال لو تصالحا عليه ثم قالوا انما يؤخذ من السيد أقل القيمتين فيجعل رهنا لان حق المرتهن
انما يتعلق بالمال والواجب من المال هو أقل القيمتين لان الرهن إن كان أقل لم يجب أكثر من قيمته وإن كان الجاني أقل لم يجب أكثر من قيمته فإذا اقتص المولى من الجاني
كان العبد المجني عليه مرهونا عند المرتهن وان عفى الولي على مال كان المال ملكا للسيد ورهنا مع العبد عند المرتهن لان الأرش عوض ما تلف من اجزاء العبد وان
عفى على غير مال أو عفى مطلقا صح العفو ولم يكن للمرتهن مطالبة الراهن بشئ وهو أحد قولي الشافعي لأنا قد بينا ان الواجب في العمد هو القصاص لا غير وليس للمرتهن مطالبة الراهن بالعفو على مال لان اختيار المال ضرب من الكسب ولا يجبر الراهن عليه بحق المرتهن والثاني للشافعي
ان الواجب في العمد أحد الامرين إما القصاص أو المال فإذا عفى على غير مال أو مطلقا لم يصح العفو ويثبت المال لان اسقاط القصاص يتعين به وجوب المال فإذا أسقطه
أسقط ما تعلق به حق المرتهن ويثبت المال ويكون رهنا. مسألة: بدل الرهن قد بينا أنه يكون رهنا كالأصل فيجعل في يد من كان الأصل في يده من المرتهن
أو العدل والى ان يؤخذ هل يقال بأنه مرهون قال بعض الشافعية لا يكون مرهونا لأنه دين والديون لا يكون مرهونة فإذا تعين صار مرهونا والحالة المتخللة
كتخمير العصير وتخلله بعده وقال آخرون هو مرهون كما كان والمسلم انه لا يرهن الدين ابتداء وقد بينا ان الخصومة يتعلق بالمالك والجاني فلو بعد المالك عن الخصومة
فالأقرب ان المرتهن يخاصم وكذا المستأجر إذا ادعى العين وقال لمن هي في يده انها ملك فلان اجرها مني وانما لا يدعي المستأجر القيمة لان حقه لا يتعلق بها وهذا
أقيس قولي الشافعي وأصحهما عندهم ان المرتهن لا يخاصم ثم الجاني ان أقر بالجناية أو أقام الراهن البينة أو حلف بعد نكول المدعي عليه يثبت الجناية فان نكل الراهن ففي
احلاف المرتهن للشافعي قولان كما إذا نكل المفلس هل يحلف الغرماء ولو لم يقتص الراهن في الحال ولا عفى ففي اجباره على أحدهما للشافعية طريقان أحدهما يجبر ليكون المرتهن
على بينة من امره والثاني انا ان قلنا إن موجب العمد أحد الامرين أجبر وان قلنا موجبه القود لم يجبر لأنه يملك اسقاطه فتأخيره أولي بان يملكه وإن كانت الجناية خطأ
أو عفى ووجب المال فعفى عن المال لم يصح عفوه لحق المرتهن وفيه قول ان العفو موقوف ويؤخذ المال في الحال لحق المرتهن فان انفك الرهن يرد إلى الجاني وبان صحة
العفو والا بان بطلانه ولو أراد الراهن ان يصالح عن الأرش الواجب على جنس اخر لم يجز الا بإذن المرتهن وإذا اذن صح وكان المأخوذ مرهونا ولو برأ المرتهن الجاني لم
يصح لأنه ليس بمالك والأقرب سقوط حقه عن الوثيقة بهذا الابراء وهو أحد وجهي الشافعية ويخلص المأخوذ للراهن كما لو صرح باسقاط حق الوثيقة وأصحهما لا لأنه
لم يصح ابراؤه فلا يصح ما تضمنه الابراء كما لو وهب المرهون من انسان لا يصح ولا يبطل الرهن. الفصل السابع: في فك الرهن. مسألة: الرهن ينفك
بأسباب ثلاثة الفسخ منهما أو من المرتهن وحده فان الرهن جايز من جهته فإذا قال المرتهن فسخت الرهن أو أبطلته أو أقلته منه وما أشبه ذلك جاز وينفك الرهن
والثاني تلف المرهون والثالث براءة ذمة الراهن عن الدين بتمامه إما بالقضاء أو الابراء أو الحوالة أو الإقالة المسقطة للثمن المرهون به أو المسلم فيه المرهون
به وإذا تلف الرهن بآفة سماوية بطل الرهن ولو جنى العبد المرهون لم يبطل الرهن بمجرد الجناية ولكن ينظر ان تعلقت الجناية بأجنبي قدم حق المجني عليه لان
38

حقه متعين في الرقبة وحق المرتهن متعلق بذمة الراهن وبالرقبة أيضا لكن تعلقه بالرهن أضعف من تعلق المجني عليه ولان له بدلا ولا بدل للمجني عليه ولان حق المجني عليه يتقدم
على حق المالك فأولى ان يتقدم على حق المسترهن ثم الجناية ان أوجب القصاص في النفس واقتص المجني عليه بطل الرهن وان أوجبت قصاصا في الطرف اقتص منه وبقي رهنا
على حاله وان أوجبت المال أو عفى على مال بيع العبد في الجناية وبطل الرهن أيضا حتى لو عاد إلى ملك الراهن لم يكن رهنا الا بعقد جديد ولو كان الواجب دون قيمة العبد
بيع منه بقدر الواجب وبقي الباقي رهنا فان تعذر بيع البعض أو انتقص بالتشقيص بيع الكل والفاضل من الثمن عن الأرش يكون رهنا ولو عفى المجني عليه عن المال أو
فداه الراهن بقي العبد رهنا كما كان وكذا لو فداه المرتهن ولا يرجع به على الراهن ان تبرع بالفداء وان فداه باذنه وشرط الرجوع رجع وان لم يشترط الرجوع فللشافعية وجهان
يجريان في أداء دين الغير بإذنه مطلقا وظاهر قول الشافعي الرجوع وقال أبو حنيفة ضمان جناية المرهون على المرتهن بناء على أن المرهون مضمون عليه فان فداه المرتهن بقي
رهنا ولا رجوع له بالفداء فان فداه السيد أو بيع في الجناية سقط دين المرتهن إن كان بقدر الفداء أو دونه واصله باطل بما تقدم هذا كله إذا جنى العبد بغير اذن
السيد إما لو امره السيد بالجناية فإن لم يكن مميزا أو كان أعجميا يعتقد وجوب طاعة السيد في جميع أوامره فالجاني هو السيد وعليه القصاص أو الضمان وهل يتعلق المال
برقبته الاظهر عند الشافعية المنع وهو الأقوى عندي فان قلنا يتعلق فبيع في الجناية فعلى السيد ان يرهن قيمته مكانه وعلى ما اخترناه من عدم التعلق إن كان السيد موسرا
أخذت منه الدية وإن كان معسرا ثبت في ذمته ولا يباع العبد بل يبقى رهنا بحاله وإذا جنى مثل هذا العبد فقال السيد انا امرته بذلك لم يقبل قوله في حق المجني عليه
بل يباع العبد فيها وعلى السيد القيمة لاقراره وإن كان العبد مميزا يعرف تحريم ذلك كله عليه بالغا كان أو غير بالغ فهو كما لو لم يأذن له السيد الا انه يأثم السيد بما فعل لامره
به وحينئذ يتعلق الجناية برقبته وان أكرهه السيد فالقصاص عندنا على العبد لكن يحبس المكره إلى أن يموت وعند الشافعية يجب القصاص على المكره وفي المكره قولان
مسألة: لو جنى العبد المرهون على السيد فإن كانت عمدا فإن كانت على ما دون النفس فللسيد القصاص عليه لان السيد لا يملك الجناية على عبده فيثبت عليه
بجنايته ولأنها يجب للزجر والانتقام والعبد أحق بالزجر عن سيده بخلاف القطع في السرقة لان القطع يجب بسرقة مال لا شبهة له فيه من حرزه والعبد له شبهة في مال سيده
وهو غير محرز عنه في العادة فان أراد المولى استيفاء القصاص كان له ذلك ان أراد العفو على مال قال الشيخ رحمه الله لا يصح لأنه لا يجوز ان يثبت له على عبده استحقاق مال
ابتداء ولهذا لو كانت الجناية خطأ كانت هدرا على هذا لان العبد مال للسيد فلا يجوز ان يثبت له مال في ماله وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال بعض أصحابه يثبت له
المال لان كل من استحق القصاص استحق العفو على مال وللسيد غرض في ذلك بأنه ينفك من الرهن والوجه الأول فيبقى الرهن كما كان وإن كانت الجناية على نفس سيده
عمدا كان للورثة القصاص فان اقتص الوارث بطل الرهن وهل لهم العفو على مال قال الشيخ رحمه الله ليس لهم ذلك لان هذا العبد ملك الورثة ولا يثبت للمولى على عبده مال
ولان المورث لم يكن له ذلك فكذلك الوارث وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه يثبت لهم الدية لان الجناية
حصلت في ملك غيرهم فكان لهم العفو على مال كما لو جنى على أجنبي
قال بعض الشافعية هذا مبني على القولين في وقت وجوب الدية أحدهما يجب في آخر جزء من اجزاء حياة المقتول ثم ينتقل إلى ورثته ولهذا يقضي منه ديونه وينفذ وصاياه
فعلى هذا لا يمكن العفو على المال لأنه يجب عليه لسيده والثاني يجب في ملك الورثة لأنها بدل لنفسه فلا يجب في غيره فعلى هذا يثبت للورثة لأنها يثبت لغير مولاه بالجناية و
قال بعض الشافعية هذا ليس بصحيح لأنها إذا وجبت بعد موت السيد فقد وجبت لهم على ملكهم لان العبد انتقل إليهم بموته وكذا لو كان القتل خطأ على القولين والصحيح
انه لا يثبت. مسألة: لو جنى العبد المرهون على من يرثه السيد كأبيه وابنه وأخيه وغيرهم فإن كانت على الطرف عمدا كان على المجني عليه القصاص في الطرف ويبقى الباقي
رهنا كما كان وله العفو على مال ولو كانت الجناية خطأ ثبت المال فان مات المجني عليه قبل الاستيفاء وورثة السيد قال الشيخ رحمه الله كان للسيد ما لمورثه من القصاص أو المال
وله بيعه فيه كما كان للمورث لان الاستدامة أقوى من الابتداء فجاز ان يثبت له على ملكه المال في الاستدامة دون الابتداء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه كما انتقل
إليه سقط ولا يجوز ان يثبت له على عبده استدامة الدين كما لا يجوز له ابتداؤه وشبهوا الوجهين بالوجهين فيما إذا ثبت له دين على عبد غيره ثم ملكه سقط أو يبقى حتى يبيعه
به بعد العتق واستبعد الجويني هذا التشبيه وقال كيف يكون الاستحقاق الطاري على الملك بمثابة الملك الطارئ على الاستحقاق ثم أجاب بان الدين إذا ثبت لغيره فنقله إليه بالإرث إدامة لما كان كما أن
بقاء الدين الذي كان له على عبد الغير بعد ما ملكه إدامة لما كان ولو كانت الجناية على نفس مورثه وكانت عمدا فللسيد القصاص وان عفى على مال أو كانت الجناية
خطأ بنى ذلك على أن الدية ثبت للوارث ابتداء أو يتلقاها الوارث من القتيل ان قلنا بالأول لم يثبت وان قلنا بالثاني فعلى الوجهين فيما إذا جنى على طرفه وانتقل إليه بالإرث
مسألة: لو جنى عبده المرهون على عبد له اخر فإن لم يكن المجني عليه مرهونا كان للسيد القصاص الا ان يكون المقتول ابن القاتل ويكون له حق القصاص مقدما
على حق المرتهن لما تقدم وان أراد العفو على مال لم يكن له ذلك كما لو جنى على نفس السيد خلافا لبعض الشافعية فإنه قال يثبت له المال لان كل من استحق القصاص استحق العفو على
مال وللسيد غرض في ذلك فإنه ينفك من الرهن وسواء كان المقتول قنا أو مدبرا أو أم ولد للسيد وإن كان المجني عليه مرهونا فإن كان مرهونا عند غير مرتهن الجاني كان
للسيد أيضا القصاص لان حق القصاص مقدم على حق المرتهن فان الجناية الموجبة للمال مقدمة على حق الرهن فالقصاص أولي وانما لم يقدم حق الجناية إذا كانت خطأ
وكانت للسيد لأنه لا يثبت له على عبده مال والقصاص يثبت له ويبطل الرهنان معا وان عفى على مال أو كانت الجناية خطأ ثبت المال ولحق المرتهن لان السيد لو جنى
على عبده المرهون وجب عليه أرش الجناية لحق المرتهن فبأن يثبت على عبده أولي فيتعلق المال حينئذ برقبة العبد لحق المرتهن المقتول وان عفى بغير مال فان قلنا يوجب العمد
أحد الامرين وجب المال ولم يصح عفوه عنه الا برضى المرتهن وان قلنا موجبه القود فان قلنا مطلق العفو لا يوجب المال لم يثبت شئ وان قلنا يوجبه فللشافعية وجهان
أصحهما انه لا يثبت أيضا وهو مذهبنا لان القتل غير موجب على هذا التقدير فعفوه المطلق أو على مال نوع اكتساب للمرتهن وان عفى مطلقا فان قلنا مطلق العفو يوجب
المال يثبت المال كما لو عفى على مال وان قلنا لا يوجبه صح العفو وبطل رهن مرتهن القتيل وبقى القاتل رهنا كما كان والحكم في عفو المفلس المحجور عليه كالحكم في عفو الراهن والراهن
محجور عليه في المرهون كما أن المفلس محجور عليه في جميع أمواله ومهما وجب المال ينظر إن كان الواجب أكثر من قيمة القاتل أو مثلها قال الشيخ رحمه الله يباع لأنه ربما رغب فيه راغب أو زاد
مزايد فيفضل من قيمته شئ يكون رهنا عند مرتهنه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه ينتقل إلى يد مرتهن المجني عليه رهنا وينفك من يد مرتهنه لأنه لا فايدة في بيعه
والأول أقوى لان حقه في مالية العبد لا في العين وإن كانت أقل فعلى الوجه الأول ينقل من القاتل بقدر الواجب إلى مرتهن القتيل وعلى الثاني يباع منه قدر الواجب
ويبقى الباقي رهنا فان تعذر بيع البعض أو نقص بالتشقيص بيع الكل وجعل الزايد على الواجب عند مرتهن القاتل وهذان الوجهان انما يظهران فيما إذا طلب الراهن
النقل وطلب مرتهن القتيل البيع ففي وجه يجاب هذا وفي وجه يجاب ذاك إما إذا طلب الراهن البيع ومرتهن المقتول النقل يجاب الراهن لأنه لا حق لصاحبه في عينه ولو اتفق
39

الراهن والمرتهنان على أحد الفعلين تعين لا محالة ولو اتفق الراهن ومرتهن القتيل على النقل قال الجويني ليس لمرتهن القاتل المناقشة فيه وطلب البيع وقضية التوجيه
الثاني ان له ذلك ولو كان مرهونا عند مرتهن القاتل أيضا فإن كان العبدان مرهونين بدين واحد فقد انتقضت الوثيقة ولا مستدرك كما لو مات أحدهما وان كانا مرهونين
بدينين نظر في الدينين فان اختلفا في الحلول والتأجيل فله ان يتوثق لدين القتيل بالقاتل لأنه إن كان الحال دين المقتول فقد يريد استيفاؤه من ثمنه في الحال وإن كان الحال دين القاتل فقد يريد الوثيقة للمؤجل ويطالب الراهن بالحال في الحال وكذا
الحكم لو كانا مؤجلين واحد الأجلين أطول وان اتفقا حلولا وتأجيلا فان اتفقا قدرا فان اختلف العبدان في القيمة وكانت قيمة المقتول أكثر لم ينقل الوثيقة وإن كانت قيمة القاتل أكثر نقل منه
قدر قيمة القتيل إلى دين القتيل وبقي الباقي رهنا بما كان وان تساويا في القيمة بقي القاتل مرهونا بما كان ولا فايدة في النقل وان اختلف الدينان قدرا فان تساوت
قيمة العبدين أو كان القتيل أكثرهما قيمة وإن كان المرهون بأكثر الدينين القتيل فله توثيقه بالقاتل وإن كان المرهون بأقلهما القتيل فلا فايدة في نقل الوثيقة وإن كان
مرهونا بأكثرهما نقل من القاتل قدر قيمة القتيل إلى الدين الأخر وحيث قلنا بنقل التوثيق فيباع ويقام ثمنه مقام القتيل أو يقام عينه مقامه فيه الوجهان السابقان
ولو اختلف الدينان في الجنس فهو كالاختلاف في القدر أو في الحلول والتأجيل واما ان اختلف الدينان بالاستقرار وعدمه كما لو كان أحدهما عوضا مما يتوقع
رده بالعيب أو صداقا قبل الدخول فإن كان القاتل مرهونا بالمستقر فلا فائدة لنقل الوثيقة وإن كان مرهونا بالآخر فالأقرب جواز النقل خلافا للشافعية ولو تساوى
الدينان في الأوصاف وحكم بعدم النقل وقال المرتهن اني لا آمنه وقد جنى فبيعوه وضعوا ثمنه مكانه الأقرب انه يجاب وللشافعية وجهان. تذنيب: لو كانت الجناية
على مكاتب السيد ثبت للمكاتب القصاص والعفو فان عجز نفسه ثبت للسيد القصاص والعفو على مال لأنه انتقل إليه من المكاتب وان قتل مكاتبه ثبت للسيد أيضا
القصاص والعفو على مال لأنه انتقل إليه من المكاتب لأنه بمنزلة الوارث لان الحق انتقل إليه من المكاتب وبالجملة إذا انتقل الحق من المكاتب إلى السيد بموته أو عجزه فهو كما لو انتقل من المورث. تذنيب اخر: لو قتل العبد المرهون سيده وله ابنان
كان لهما القصاص وهل لهما العفو على مال للشافعي قولان فان عفى أحدهما سقط القصاص عندهم لأنه متى سقط القصاص من أحد الوارثين سقط مطلقا عندهم وعندنا انه لا يسقط فعلى قولهم هل يثبت للاخر نصيبه من
الدية على القولين
واما العافي فان شرط المال فعلى القولين وان اطلق فان قلنا يوجب القتل العمد القصاص خاصة فلا شئ له وان قلنا الواجب أحد الامرين إما القصاص أو الدية فهل
يثبت الدية على القولين. مسألة: قد بينا ان من أسباب فك الرهن براءة ذمة الراهن عن جميع الدين إما بالقضاء أو الابراء أو الحوالة أو الإقالة المسقطة للثمن
المرهون به أو المسلم فيه المرهون به ولو اعتاض عن الدين عينا ارتفع الرهن أيضا لتحول الحق من الذمة إلى العين فبراءة الذمة من الدين فان تلفت العين قبل التسليم
بطل الاعتياض وعاد الرهن بحاله كما عاد الدين وفيه اشكال ولو برئ الراهن من بعض الدين بابراء أو قضاء أو غير ذلك من الأسباب لم ينفك شئ من الرهن قضية للاستيثاق
قال الشيخ رحمه الله لأنه مرهون بجميع الحق وبكل جزء من اجزائه (و) وثيقة به وبكل جزء منه كالشهادة وكما أن حق الجنس يبقى ما بقي شئ من الثمن ولا يعتق شئ من المكاتب ما بقي
من المال شئ. مسألة: ولو رهن عبدين لزم الرهن عندنا وان لم يقبض المرتهن على ما تقدم ومن شرط القبض كالشافعي لو رهن عبدين وسلم أحدهما كان المسلم
رهنا بجميع الدين عنده خلافا لأبي حنيفة وسلم أبو حنيفة انه لو سلمهما ثم تلف أحدهما كان الباقي رهنا بجميع الدين فقال الشافعي عليه ولان العقد كان صحيحا فيهما وانما طرء
انفساخ العقد في أحدهما فلم يؤثر في الأخر كما لو اشترى شيئين ثم رد أحدهما بعيب أو خيار أو إقالة والراهن مخير بين اقباض الباقي ومنعه ولو كان التلف بعد قبض الأخر
فقد لزم الرهن فيه فإن كان الرهن مشروطا في بيع ثبت للبايع الخيار لتعذر الرهن بكماله فان رضي لم يكن له المطالبة ببدل التالف لان الرهن لم يلزم فيه ويكون المقبوض
رهنا بجميع الثمن ولو تلف أحدهما بعد القبض فلا خيار للبايع لان الرهن لو تلف كله لم يكن له خيار فإذا تلف بعضه كان أولي ثم إن كان تلفه بعد قبض الأخر فقد لزم الرهن
فيه وإن كان قبل قبض الأخر فالراهن مخير بين اقباضه وتركه فان امتنع من قبضه ثبت للبايع الخيار كما لو لم يتلف الأخر ولو رهنه دارا فانهدمت قبل قبضها لم ينفسخ
عقد الرهن لان ماليتها لم يذهب بالكلية فان عرصتها وانقاضها باقية ويثبت للمرتهن الخيار إن كان الرهن مشروطا في بيع لأنها تعيبت ونقصت قيمتها ويكون
العرصة والانقاض رهنا بجميع الدين لأن العقد ورد على مجموع الدار المشتملة على العرصة والانقاض من الأخشاب والأحجار ونحوها وما دخل في العقد استقر بالقبض
تذنيب: انما يعرض انفكاك الرهن في بعض المرهون دون بعض بأحد أمور ستة أحدها تعدد العقد كما إذا رهن أحد نصفي العبد بعشرة في صفقة ونصفه الأخر
في صفقة أخرى فإنه إذا قضى دين أحد النصفين خرج ذلك النصف عن الرهن وبقي الأخر رهنا بدينه المختص به وثانيها ان يتعدد مستحق الدين وثالثها ان يتعدد من عليه الدين
ورابعها ان يقضى أحد الوكيلين وخامسها إذا فك المستعير نصيب أحد المالكين وسادسها ان يقضي أحد الوارثين ما يخصه من الدين ونحن نبين هذه الجملة. مسألة:
الفرض الأول ظاهر واما الثاني فإذا تعدد مستحق الدين كما لو كان لرجلين على رجل دينان فرهن منهما بدينهما عليه عينا صفقة واحدة ثم برئت ذمته عن دين أحدهما بأداء
أو ابراء انفك من الرهن بقسط دينه لان نصف العبد رهن عند أحدهما ونصفه الأخر عند الأخر كل واحد منهما بدينه فإذا وفى أحدهما خرجت حصته من الرهن
لان عبد الواحد مع الاثنين بمنزلة عبدين فكأنه رهن عند كل واحد منهما النصف منفردا فان أراد مقاسمة المرتهن واخذ نصيب من وفاه وكان الرهن مما لا ينقصه
القسمة كالمكيل والموزون لزم ذلك وإن كان مما ينقصه القسمة لم تجب قسمته لما فيه من تضرر المرتهن بالقسمة فيقره في يد المرتهن يكون نصفه رهنا ونصفه وديعة وبهذا
قال الشافعي واختاره الشيخ رحمه الله وقال أبو حنيفة لا ينفك شئ حتى يؤدي دينهما جميعا سواء كانا شريكين فيه أو لا وجميعها رهن عند كل واحد منهما لان الرهن أضيف إلى كل العين
في صفقة واحدة ولا شيوع في المحل باعتبار تعدد المستحق وموجبه صيرورته محبوسا بدين كل واحد منهما فكان استحقاق الحبس لهما استحقاقا واحدا من غير انقسام بينهما
بخلاف الهبة من اثنين عند أبي حنيفة فان هناك لابد من انقسام الحكم وهو الملك بينهما إذ يستحيل اثباته لكل منهما على الكمال في محل واحد فدخل فيه الشيوع ضرورة بخلاف
مسئلتنا إذ لا حاجة إلى هذا لأن العين الواحدة يجوز ان يكون محبوسة بحق كل واحد منهما على الكمال إذ لا تضايق في استحقاق الجنس الا ترى ان الرهن الواحد لا ينقسم على
اجزاء الدين بل يكون محبوسا كله بكله وبكل جزء منه فكذا هنا يكون العين محبوسة بحقهما وبحق كل واحد منهما فلا يدخل فيه الشيوع فان قضى الراهن دين أحدهما فالكل
رهن عند الأخر لان جميع العين رهن عند كل واحد منهما من غير تفرق وعلى هذا حبس المبيع إذا اشترى رجلان من رجل فادى أحدهما حصته لم يكن له ان يقبض شيئا وكان للبايع
ان يحبس الجميع حتى يستوفي ما على الأخر؟؟ والوجه الأول وللشافعية وجه غريب عندهم انه إذا اتحد جهة الدينين كما لو أتلف عليهما مالا أو ابتاع منهما لم ينفك شئ
بالبراءة عن دين أحدهما وانما ينفك إذا اختلفت الجهتان. مسألة: لو تعدد من عليه الدين كما لو استدان شخصان من رجل شيئا ورهنا عنده بدينه عليهما شيئا
صح الرهن لان رهن المشاع جايز عندنا وعند الشافعي خلافا لأبي حنيفة فإذا أدي أحدهما نصيبه أو أبرأه المستحق انفك نصيبه من الرهن وليس له ان يطالب المرتهن
بالقسمة بل المطالبة بالقسمة إلى الشريك المالك فان قاسمه المرتهن بإذن الراهن الأخر صحت القسمة وان قاسمه بغير اذنه لم يصح القسمة سواء كان مما يمكن قسمته بغير رضا الشريك الأخر وبغير حضوره
40

كالمكيل والموزون أو لم يكن قسمته الا بحضور الشريك الأخر كالعقار والأراضي والحيوان خلافا لبعض العامة وهذا كمذهب الشافعي وقال أبو حنيفة لا ينفك حتى يبرء
عن حقه جميعا والرهن رهن بكل الدين وللمرتهن ان يمسكه حتى يستوفي جميع الدين لان قبض المرتهن حصل في الكل من غير شيوع وتفرق املاكهما لا يوجب شيوعا في
الرهن فإنه يجوز ان يكون ملك الغير مرهونا بدين الغير كما لو استعار فرهن وجوز أبو حنيفة هذا الرهن وان لم يجز رهن المشاع. تذنيب: لو رهن ثلاثة عبدا عند
رجل بدين له على كل واحد منهم صح وكان الحكم من الخلاف كما تقدم فان مات العبد كان من ضمان المرتهن عند أبي حنيفة خلافا لنا وللشافعي فعلى قول أبي حنيفة يذهب من دين كل
واحد منهم بالحصة من العبد أو تراجعوا فيما بينهم حتى لو كان له على رجل الف وخمسمائة وعلى اخر الف وعلى اخر خمسمائة فرهنوا عبدا قيمته الفان بينهم أثلاثا فهلك صار مستوفيا
من كل واحد ثلثي ما عليه لان المرهون عنده مضمون بأقل من قيمته ومن الدين والرهن هنا أقل فيصير مستوفيا من الدين بقدر قيمة العبد وهي الفان وهي ثلاثا ثلاثة
آلاف هي الدين عليهم فيصير مستوفيا من الأكثر ألف درهم ومن الأوسط ستمائة وستة وستين وثلثين ومن الأقل ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث ويبقي على كل واحد
ثلث دينه ثم الذي عليه الأكثر يضمن لكل من صاحبيه ثلاثة مأة وثلاثة وثلاثين وثلثا لأنه صار قاضيا من دينه ألفا ثلثه من نصيبه وذلك ثلثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث
وثلثه من نصيب الأوسط وثلثه من نصيب الأقل فيضمن لهما مقدار ما قضى من دينه من نصيبهما والأوسط يضمن لكل من صاحبيه مائتين واثنين وعشرين درهما وتسع
درهم لأنه صار قاضيا من دينه ستمائة وستة وستين وثلاثين ثلثها من نصيبه وذلك مائتان واثنان وعشرون وتسعان وثلثها من نصيب الأكثر وثلثها من نصيب الأقل
فيضمن لهما مقدار ما قضى من دينه من نصيبهما والذي عليه الأقل صار قاضيا من دينه ثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلاثا ثلثه من نصيبه وذلك مائة واحد عشر وتسع وثلثه من نصيب
الأوسط وثلثه من نصيب الأكثر فيضمن لصاحبه ما قضى من نصيبهما ثم يقع المقاصة بينهم تقاصوا أو لم يتقاصوا لاتحاد الجنس فمن عليه الأقل استوجب على الكثير ثلثمائة وثلاثة
وثلاثين وثلثا وهو قد استوجب عليه مأة واحد عشر وتسع فتقع المقاصة بهذا القدر ويرجع الأقل عليه مما بقى وهو مأتان واثنان وعشرون وتسعان وكذا من عليه الأقل استوجب على من عليه الأوسط مأتين واثنين وعشرين وتسعين وقد استوجب الرجوع عليه بمأة
واحد عشر وتسع وكذا الأوسط استوجب الرجوع على الأكثر بثلاثمأة وثلاثة وثلاثين وثلاث وهو استوجب الرجوع عليه بمأتين واثنين وعشرين وتسعين فيقع المقاصة بهذا القدر ويرجع عليه بالفضل وهو مائة واحد عشر وتسع
مسألة: لو وكل رجلان رجلا ليرهن عبدهما من زيد بدينه عليهما فرهن ثم قضى أحد الموكلين ما عليه قال بعض الشافعية يخرج على قولين والصحيح عندهم الجزم بأنه
ينفك نصيبه ولا نظر إلى اتحاد الوكيل وتعدده قال الجويني لان مدار الباب على اتحاد الدين وتعدده ومهما تعدد المستحق أو المستحق عليه فقد تعدد الدين ويخالف ما نحن فيه
البيع والشراء حيث ذكروا خلافا في أن الاعتبار في تعدد الصفقة واتحادها بالمتبايعين أو الوكيل لان الرهن ليس عقد ضمان حتى ينظر فيه إلى المباشر. مسألة: لو كان
لاثنين عبد فاستعاره واحد ليرهنه فرهنه ثم أدي نصف الدين وقصد به الشيوع من غير تخصيص لحصته لم ينفك من الرهن شئ وان قصد اداءه عن نصيب أحدهما
بعينه لينفك نصيبه فقولان للشافعي أحدهما لا ينفك كما لو استعاره من واحد والثاني ينفك كما لو رهن رجلان من رجل ثم أدي أحدهما نصيبه والمعنى فيه النظر إلى تعدد
المالك وقطع النظر عن العاقد وهو أظهر القولين عندهم ولو كان لشخصين عبدان متماثلا القيمة فاستعارهما اخر للرهن فرهنهما ثم قضى نصف الدين ليخرج أحدهما عن
الرهن فللشافعية قولان قيل يخرج انضمام تعدد المحل إلى تعدد المالك والأصح طرد القولين وإذا قلنا بالانفكاك فلو كان الرهن مشروطا في بيع فهل للمرتهن الخيار إذا
كان جاهلا بأنه لمالكين فيه رأيان نسبهما الأكثرون إلى بعض الشافعية وقيل بل للشافعي قولان أصحهما ان له الخيار لان مقتضى الرهن المطلق لا ينفك شئ منه الا بعد
أداء جميع الدين ولم يحصل ذلك وفيه قول ثالث للشافعي وهو ان المرتهن إن كان عالما بان العبد لمالكين فللراهن فك نصفه بأداء نصف الدين وإن كان جاهلا لم يكن
للراهن فكه الا بأداء الكل قال الجويني ليس لهذا وجه فان عدم الانفكاك لاتحاد الدين والعاقدين وهذا لا يختلف بالعلم والجهل وانما اثر الجهل الخيار ولو استعار من رجلين
ورهن من رجلين كان نصيب كل واحد من المالكين مرهونا من الرجلين فلو أراد فك نصيب أحدهما بقضاء نصف دين كل واحد منهما فعلى القولين ولو أراد فك نصف العبد بقضاء
دين أحدهما فله ذلك بلا خلاف ولو استعار اثنان من واحد ورهنا من واحد ثم قضى أحدهما ما عليه انفك النصف لتعدد العاقد ولو استعار ليرهن من واحد فرهن
من اثنين أو بالعكس لا يجوز إما في الصورة الأولى فلانه لم يأذن واما بالعكس فلانه إذا رهن من اثنين ينفك بعض الرهن بأداء دين أحدهما وإذا رهن من واحد
لا ينفك شئ الا بأداء الجميع. مسألة: لو رهن عبدا بمائة ثم مات عن ولدين فقضى أحدهما حصته من الدين هل ينفك نصيبه من الرهن للشافعي قولان أحدهما
ينفك كما لو رهن في الابتداء اثنان وأصحهما وبه قطع جماعة انه لا ينفك لان الرهن في الابتداء صدر من واحد وانه أثبت وثيقة وقضيتها حبس كل المرهون إلى أداء
كل الدين فوجب ادامتها ولو مات من عليه الدين وتعلق الدين بتركته فقضى بعض الورثة نصيبه من الدين لم يبعد ان يخرج انفكاك نصيبه من الرهن على قولين بناء
على أن أحد الورثة لو أقر بالدين وأنكر الباقون هل على المقر أداء جميع الدين من حصته من التركة وعلى هذا البناء فالأصح عندهم الانفكاك لان القول الجديد للشافعي
انه لا يلزم أداء جميع الدين مما في يده من التركة وهو مذهبنا أيضا ولان تعلق الدين بالتركة إذا مات الراهن إن كان كتعلق الدين فهو كما لو تعدد الراهن وإن كان
كتعلق الأرش بالجاني فهو كما لو جنى العبد المشترك فادى أحد الشريكين نصيبه ينقطع التعلق عنه. مسألة: إذا رهن عينا عند رجلين فنصفها رهن عند كل
واحد منهما بدينه فإذا قبض أحدهما خرجت حصته من الرهن لان عقد الواحد مع اثنين بمنزلة عقدين فكأنه رهن عند كل واحد منهما النصف منفردا ولو رهن اثنان
عبدا لهما عند اثنين بألف فهنا أربعة عقود ويصير كل ربع من العبد رهنا بمائتين وخمسين فمتى قضاها من هي عليه انفك من الرهن ذلك القدر وإذا انفك نصيب أحد الشريكين
بأداء أو ابراء وأراد الذي انفك نصيبه القسمة وكان الرهن من المكيلات والموزونات قال الشيخ رحمه الله لم يكن له ذلك وقال الشافعي له ذلك والوجه الأول وإن كان مما لا
ينقسم بالاجزاء كعبدين مشتركين متساوي القيمة لا يجاب من أدي نصيبه من الدين لو سأل التقر؟؟ وحصر الرهن في عبد ولو كان الرهن أرضا مختلفة الأجزاء كالدار
وطلب من انفك نصيبه القسمة كان على الشريك اجابته وفي المرتهن اشكال لما في القسمة من التشقيص وقلة الرغبات وللشافعية وجهان وإذا جوزنا القسمة في موضع فسبيل
الطالب لها ان يراجع الشريك فان ساعده فذاك وان امتنع رفع الامر إلى القاضي ليقسم ولو قاسم المرتهن وهو ما دون من جهة المالك أو الحاكم عند امتناع المالك جاز
والا فلا وإذا منعنا القسمة لو رضي المرتهن قال أكثر الشافعية يصح وقال بعضهم لا يصح وان رضي لان رضاه انما يؤثر في فك الرهن فاما في بيع الرهن بما ليس برهن ليصير
رهنا فلا وهذا اشكال قوي لانهم يجعلون القسمة بيعا واعلم أن القسمة في الحقيقة انما تجري مع الشريك لأنه المالك ولو أراد الراهنان القسمة قبل فك شئ من المرهون
فعلى التفصيل السابق إلى مختلف الأجزاء ومتفقها ولو رهن واحد من اثنين وقضى نصيب أحدهما ثم أراد القسمة ليمتاز ما بقي فيه الرهن فالأقوى اشتراط رضا المرتهن
الأخر. مسألة: إذا سقط حق المرتهن بابراء أو قضاء كان الرهن عنده أمانة لأنه كان عنده أمانة ووثيقة فإذا سقطت الوثيقة بقى أمانة ولا يلزم رده حتى
يطالبه به لأنه بمنزلة الوديعة بخلاف ما إذا أطارت الريح ثوبا إلى دار انسان أو دخلت شاة إلى دار انسان فإنه يلزمه رده عليه أو اعلامه به لأنه لم يرض بكونه في يده وينبغي
41

ان يكون المرتهن إذا أبرأ الراهن من الدين ولم يعلم الراهن ان يعلمه بالابراء أو يرد الرهن عليه لأنه لم يتركه عنده الا على سبيل الوثيقة بخلاف ما إذا علم لأنه قد رضي بتركه
في يده وقال أبو حنيفة إذا قضاه كان مضمونا وإذا أبرأه أو وهبه له ثم تلف الرهن في يده لم يضمنه استحسانا
لان البراءة والهبة لا يقتضى الضمان وهو تناقض منه لان القبض
المضمون عنده لم يزل ولم يبرأ منه إذا عرفت هذا فلو سأل مالكه في هذا الحال دفعه إليه لزم من هو في يده من المرتهن أو العدل دفعه إليه إذا امكنه فإن لم يفعل صار ضامنا
كالمودع إذا امتنع من رد الوديعة بعد طلبها وإن كان امتناعه لعذر مثل ان يكون بينه وبين الرهن طريق مخوف أو باب مغلق لا يمكنه فتحه أو خاف فوت جمعة أو وقت فريضة
أو كان به مرض أو جوع شديد وما أشبه ذلك فاخر التسليم لذلك فتلف فلا ضمان عليه لأنه غير مفرط بامتناعه فان زال العذر وجبت المبادرة ولا حاجة إلى تجديد طلب
ولو رهن عند اثنين فوفى أحدهما بقي نصيب الأخر رهنا عنده ويقر الرهن بأسره في يده نصفه رهن ونصفه وديعة. الفصل الثامن: في التنازع الواقع
بين المتراهنين. مسألة: لو اختلفا في أصل العقد فقال رب الدين رهنتني كذا وأنكر المالك كان القول قول الراهن مع يمينه لان الأصل عدم الرهن سواء كان
الشئ ء المدعى رهنا في يد الراهن أو يد المرتهن فان أقام المرتهن البينة يثبت دعواه والا فلا ولو اتفقا على العقد واختلفا في وصف يبطله فادعاه أحدهما فأنكره الأخر فالقول
قول منكره سواء كان الراهن أو المرتهن لان الأصل صحة العقد ولو اختلفا في عين الرهن فقال رهنتني عبدك هذا فقال بل العبد الأخر أو الجارية أو الثوب خرج ما أدعاه الراهن
عن الرهن لاعتراف المرتهن بأنه ليس رهنا ثم يحلف الراهن على نفي ما أدعاه المرتهن وخرجا عن الرهن معا ولو اختلفا في قدر الدين المرهون به فقال الراهن رهنت
على الف وقال المرتهن بل علي الفين فالقول قول الراهن مع يمينه سواء اتفقا على أن الدين الفين وادعى الراهن ان الرهن على أحدهما وادعى المرتهن انه عليهما معا أو اختلفا
في قدر الدين وبه قال النخعي والثوري والشافعي والبتي وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لان الراهن منكر للزيادة التي يدعيها المرتهن فالقول قوله لقول النبي صلى الله عليه وآله
لو اعطى الناس بدعواهم لادعى قوم بدماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه رواه العامة ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الباقر (ع) في الرجل
يرهن عند صاحبه رهنا لا بينة فيه ادعى الذي عنده الرهن انه بألف درهم فقال صاحب الرهن انه بمائة قال البينة على الذي عنده الرهن انه بألف درهم فإن لم
يكن له بينة فعلى الراهن اليمين ولان الأصل عدم الرهن وعدم الزيادة التي يدعيها فالقول قول النافي كما لو اختلفا في أصل الدين وحكى عن الحسن وقتادة ان القول قول
المرتهن ما لم يجاوز ثمن الرهن أو قيمته ونحوه قال مالك لأن الظاهر أن الرهن بقدر الحق وقد روى الشيخ نحو هذا القول عن علي (ع) في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن
فقال الراهن هو بكذا وكذا وقال المرتهن هو بأكثر قال علي (ع) يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لأنه أمينه وما ذكروه من الظاهر ممكن؟ فان العادة يقضي رهن الشئ بأقل من
قيمته وبأكثر وبالمساوي لا ضابط لها فيه والرواية عن علي (ع) ضعيفة السند إذا ثبت هذا فلو اتفقا على أن الدين الفان وقال الراهن انما رهنتك بأحد الألفين وقال
المرتهن بل بهما فالقول قول الراهن كما تقدم مع يمينه لأنه ينكر تعلق حق المرتهن في أحد الألفين يرهنه والقول قول المنكر ولو اتفقا على أنه رهن بأحد الألفين لكن قال
الراهن هو رهن بالمؤجل وقال المرتهن بل بالحال فالقول قول الراهن مع يمينه ولأنه منكر ولان القول قوله في أصل الدين فكذا في صفته ولو كان هناك بينة حكم بها في جميع هذه
المسائل وكذا لو قال الراهن انه رهن على الحال وقال المرتهن انه على المؤجل يقدم قول الراهن مع يمينه. مسألة: لو اختلفا في قدر المرهون فقال الراهن رهنتك
هذا العبد فقال المرتهن بل هو والعبد الأخر قدم قول الراهن اجماعا لأنه منكر وكذا لو رهن أرضا فيها شجر ثم قال الراهن رهنت الأرض دون الشجر وقال المرتهن بل رهنتها
بما فيها قدم قول الراهن لما تقدم ولو قال الراهن رهنتك الأشجار خاصة فقال المرتهن بل رهنتها مع الأرض فالقول قول الراهن ولو قال المرتهن رهنت هذه الأشجار مع الأرض
يوم رهن الأرض وقال الراهن ان هذه الأشجار أو بعضها لم يكن يوم رهن الأرض وانما أحدثتها بعده فإن كان شاهد الحال يصدقه ولا يتصور وجودها يوم الرهن فالمرتهن
كاذب ويقدم قول الراهن بغير يمين وإن كان لا يتصور حدوثها فالراهن كاذب ثم إن ادعى في منازعتها انه رهن الأرض بما فيها ووافقه الراهن كانت الأشجار مرهونة كما يقوله
المرتهن ولا حاجة إلى الاحلاف وان زعم رهن الأرض وحدها أو رهن ما سوى الأشجار المختلف فيها أو اقتصر على نفي الوجود لم يلزم من كذبه في انكار الوجود كونها رهنا
فيطالب بجواب دعوى الراهن فان استمر على انكار الوجود واقتصر عليه المعلوم كذبه فيه جعل ناكلا وردت اليمين على المرتهن فان رجع إلى الاعتراف بالوجود وأنكر رهنها قبل
انكاره فان حلف خرجت عن الرهن وقبلت يمينه لأنه لا يلزم من كذبه في نفي الوجود كذبه في نفي الرهن ولو كانت الأشجار بحيث يحتمل وجودها يوم رهن الأرض وتجددها
بعده قدم قول الراهن لأصالة عدم الرهن فإذا حلف فهي كالشجرة الحادثة بعد الرهن في القلع وساير الاحكام يكفي انكار الوجود يوم الرهن لأنه لا؟ يضمن انكار ما يدعيه
المرتهن وهو رهنها مع الأرض وللشافعية قول انه لا بد من انكار الرهن صريحا ولا فرق بين ان يكون الاختلاف في رهن تبرع أو في رهن مشروط في بيع والشافعية فرقوا وقالوا
في الثاني يتحالفان كما في ساير كيفيات البيع وهو ممنوع عندنا. مسألة: لو ادعى انسان على اثنين انهما رهنا عبدهما المشترك بينهما عنده بمائة واقبضاه فان انكرا
الرهن أو الرهن والدين جميعا قدم قولهما مع اليمين ولو صدقه أحدهما خاصة فنصيب المصدق رهن بخمسين والقول في نصيب المكذب قوله مع يمينه فان شهد المصدق
للمدعي على شريكه المكذب قبلت شهادته لانتفاء شبهة جلب نفع أو دفع ضرر لجهالته مع عدالته وانتفاء عداوته وان شهد معه اخر كذلك ثبت حقه والا حلف المدعي
معه ويثبت الحق ورهن الجميع ولو أنكر كل واحد منهما رهن نصيبه وشهد على صاحبه الأخر برهن نصيبه وانه اقبضه قبلت شهادتهما وحلف لكل منهما يمينا وقضي له برهن
الجميع وان حلف لأحدهما ثبت رهن نصيبه وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يقبل شهادة واحد منهما لان المدعي يزعم أن كل واحد منهما كاذب ظالم بجحوده فإذا نسب المدعي
شاهده إلى الفسق منع من قبول شهادته له لكن أكثر الشافعية على الأول لأنهما ربما نسيا أو اشتبه عليهما ولحقهما شبهة فيما يدعيه وبالجملة انكار الدعوى لا يثبت فسق
المدعى عليه ولان الكذبة الواحدة لا يوجب الفسق ولهذا لو تخاصم اثنان في شئ ثم شهدا لغيرهما في قضية سمعت شهادتهما وإن كان أحدهما كاذبا في ذلك التخاصم
ولو ثبت الفسق بذلك لم يجز قبول شهادتهما جميعا مع تحقق الجرح في أحدهما فعلى هذا إذا حلف مع كل واحد منهما أو أقام شاهد اخر ثبت رهن الجميع وقال
بعض الشافعية الذي يشهد أو لا يقبل شهادته دون الذي شهد أخيرا لأنه انتهض خصما منتقما والضابط أن يقول متى حصلت تهمة في شهادة أحدهما لم تقبل
شهادته والا قبلت. مسألة: لو ادعى اثنان على رجل انه رهن عبده عندهما وقال كل واحد منهما انه رهنه عندي دون صاحبي واقبضنيه دون صاحبي
فان كذبهما جميعا فالقول قوله مع اليمين ويحلف لكل واحد منهما يمينا وان كذب أحدهما وصدق الأخر قضى بالرهن للمصدق وسلم إليه ويحلف للاخر وهو أحد
قولي الشافعي وأصحهما عنده انه لا يحلف وهذان مبنيان على أنه لو أقر بمال لزيد ثم أقر به لعمرو هل يغرم قيمته لعمرو فيه قولان وكذا لو قال رهنته من زيد و
أقبضته ثم قال لا بل رهنته من عمرو وأقبضته هل يغرم قيمته للثاني ليكون رهنا عنده ان قلنا يغرم فله تحليفه فربما يقر فيؤخذ القيمة وان قلنا لا يغرم بنى
42

على أن النكول ورد اليمين هل هو بمثابة الاقرار أو البينة ان قلنا بالأول لم يحلف لان غايته ان ينكل فيحلف وذلك مما لا يفيد شيئا كما لو أقر وان قلنا بالثاني حلفه فان نكل
فحلف اليمين المردودة ففيما يستفيد به وجهان أحدهما يقضى له بالرهن وينتزع من الأول وفاء لجعله كالبينة وأصحهما انه يأخذ القيمة من المالك ليكون رهنا عنده
ولا ينتزع المرهون من الأول لأنا وان جعلناه كالبينة فإنما يفعل ذلك بالإضافة إلى المتداعيين ولا يجعله حجة على غيرهما وان صدقهما جميعا فإن لم يدعيا السبق
أو أدعاه كل واحد منهما وقال المدعى عليه لا اعرف السابق منكما فصدقاه قيل يقسم الرهن بينهما كما لو تنازعا ملكا في يد ثالث واعترف صاحب اليد لهما بالملك وأصحهما عندهم
انه يحكم ببطلان العقد كما لو زوج وليان ولم يعرف السابق منهما وان ادعى كل واحد منهما السبق وعلم الراهن بصدقه ونفى علمه بالسبق فالقول قوله مع يمينه فان نكل
ردت اليمين عليهما فان حلف أحدهما دون الأخر قضى له وان حلفا أو نكلا تعذر معرفة السابق وعاد الوجهان وان صدق أحدهما في السبق وكذب الأخر قضى للمصدق
وهل يحلف للمكذب فيه القولان وحيث قلنا يقضي للمصدق فذاك إذا لم يكن العبد في يد المكذب فإن كان فقولان للشافعية أحدهما ان يده يرجح على تصديق المرتهن الأخر
ويقضي له بالرهن وأصحهما ان المصدق يقدم لان اليد لا دلالة لها على الرهن ولهذا لا يجوز الشهادة بها على الرهن ولو كان العبد في أيديهما معا فالمصدق يقدم
في النصف الذي هو في يده وفي النصف الآخر القولان والاعتبار في جميع ما ذكرناه بسبق العقد لا بسبق القبض حتى لو صدق هذا في سبق العقد وهذا في سبق القبض
فالمقدم الأول خلافا للشافعي فان الاعتبار عنده بسبق القبض. مسألة: لو ادعى رجلان على ثالث برهن عبده عندهما بمائة وانه أقبضهما إياه فان صدقهما حكم برهنه عندهما وان كذبهما فالقول قوله مع اليمين وعدم
البينة وان صدق أحدهما خاصة فنصف العبد مرهون عند المصدق بخمسين ويحلف للاخر فان شهد المصدق على المكذب فللشافعية ثلاثة أقوال أحدها انه لا يقبل مطلقا والثاني انه يقبل
مطلقا والثالث ان فيه وجهين بناء على أن الشريكين ان ادعيا حقا أو ملكا بابتياع أو غيره فصدق المدعى عليه أحدهما دون الأخر هل يختص المصدق بالنصف المسلم أو
يشاركه الأخر فيه وجهان ان قلنا بالاختصاص قبلت شهادته للشريك والا فلا لأنه يدفع بشهادته زحمة الشريك عن نفسه وقيل إن لم ينكر الا الرهن قبلت شهادته
للشريك وان أنكر الدين والرهن فحينئذ يفرق بين ان يدعيا الإرث أو غيره ويمكن ان يقال كما أن استحقاق الدين يثبت بالإرث تارة وبغيره أخرى فكذلك استحقاق الرهن فليجر؟
التفصيل وان لم يكن الا الرهن ولو ادعى زيد وعمرو على ابني ثالث انهما رهنا عبدهما المشترك منهما بمائة فصدقا أحد المدعيين ثبت ما أدعاه فكان له على كل واحد منهما ربع المأة ونصف نصيب كل واحد منهما
مرهونا به وان صدق أحد الاثنين زيدا والاخر عمروا ثبت الرهن في نصف العبد لكل واحد من المدعيين في ربعه المائة لان كل واحد منهما يدعي على الاثنين نصف العبد ولم
يصدقه الا أحدهما ثم إن شهد أحد الاثنين على الأخر قبلت شهادته ولو شهد أحد المدعيين للاخر فعلى ما تقدم في الصورة الثانية وفي فهمها تعسف قال ابن شريح ما
انتهيت إليها الا احتجت إلى الفكرة حتى أثبتها على حاشية الكتاب. مسألة: لو ارسل مع رجل سلعة إلى غيره ليستقرض منه للمرسل ويرهن به السلعة ففعل ثم اختلف
المرسل إليه والمرسل فقال المرسل إليه ان الرسول استقرض مائة ورهن السلعة باذنك وقال المرسل لم اذن الا في خمسين فالرسول ان صدق المرسل فالمرسل إليه مدع
عليهما إما على المرسل فبالاذن واما على الرسول فبالاخذ والقول قولهما في نفي ما يدعيه وقال بعض الشافعية ليس بين المتراهنين نزاع وليس بجيد لان الراهن لو أقر بالاذن
في الزيادة وقبضها لزمه حكم اقراره فكان للمرتهن احلافه وان صدق المرسل إليه فالقول في نفي الزيادة قول المرسل ولا يرجع المرسل إليه على الرسول بالزيادة ان صدقه في
الدفع إلى المرسل لأنه مظلوم بقوله وان لم يصدقه رجع عليه وفيه نظر لان الرسول وكيل المرسل وبقبضه يحصل الملك للموكل حتى يغرم له ان تعدى فيه ويسلمه إليه إن كان
باقيا وإذا كان كذلك فرجوع المرسل إليه إن كان بناء على توجه العهدة على الوكيل فليرجع وان صدقه في دفع المال إلى المرسل كما يطالب البايع الوكيل بالشراء بالثمن وان
صدقه في تسليم المبيع إلى الموكل وإن كان الرجوع لان للمقرض ان يرجع في عين القرض ما دام باقيا عندهم فهذا ليس بتغريم ورجوع مطلق وانما يسترد عين المدفوع فيحتاج إلى
اثبات كونه في يده ولا يكفي فيه عدم التصديق بالدفع إلى المرسل وإن كان غير ذلك فلم يرجع إذا لم يصدقه ولم يوجد منه تعد عليه ولا على حقه. مسألة: لو اختلف
المتراهنان في قبض الرهن فادعاه المرتهن وانكره الراهن فإن كان في يد الراهن وقت النزاع فالقول قوله مع يمينه كما في أصل الرهن لأنه منكر والأصل معه وإن كان في يد المرتهن
وقال اقبضنيه عن الرهن وأنكر الراهن فان قال غصبتها مني أو اجرتها لغيرك وحصلت في يدك فالقول قول الراهن مع يمينه لان الأصل عدم القبض وعدم الإذن فيه وعدم
الرضا به بخلاف العين المبيعة والمستأجرة إذا حصلت في يد المشتري والمستأجر حيث حكمنا بتمام العقد لان القبض لا يتعلق به لزوم العقد فيهما وانما يتعلق به انتقال الضمان
واستقراره وذلك حاصل بالقبض كيف حصل وهنا القبض يتعلق به لزوم العقد لأنه غير لازم الا به عند بعضهم فلا يلزمه الا بقبض يرضاه ولهذا لو آجره ثم رهنه صحت
الإجارة والرهن لأنهما لا يتنافيان فإذا اقبضه عن الإجارة لم يكن له قبضه عن الرهن الا باذنه فإذا اذن فيه ومضى زمان يمكن فيه القبض صار مقبوضا عن الرهن أيضا ولو رهنه
وسلمه إليه ثم اجره ومضى زمان يمكن قبضه فيه صار مقبوضا لان القبض في الإجارة لازم فلم يعتبر اذنه فيه وان ادعى قبضه عن جهة أخرى مأذون فيها سوى الرهن بان
قال أودعتكه واعترف أو اكتريته أو أكريته من فلان فأكراه منك فوجهان أحدهما ان القول قول المرتهن لأنهما اتفقا على قبض مأذون فيه وأراد الراهن ان يصرفه إلى
جهة أخرى والظاهر خلافه لتقدم العقد المحوج إلى القبض وأصحهما عندهم ان القول قول الراهن لان الأصل عدم اللزوم وعدم اذنه في القبض عن الرهن وله وجه بعيد فيما إذا قال
غصبته أيضا ان القول قول المرتهن لدلالة اليد على الاستحقاق كما يستدل بها على الملك ويجري مثل هذا التفصيل فيما إذا اختلف المتبايعان في القبض حيث كان للبايع
حق الحبس الا ان الاظهر هنا الحكم بحصول القبض إذا كان المبيع عند المشتري وادعى البايع انه اعاره أو أودعه لتقوى اليد بالملك وهذا يتفرع على أن حق الحبس لا يبطل
بالايداع والإعارة عند المشتري وفيه وجهان ولو سلم الراهن انه اذن له في قبضه عن جهة الرهن وادعى
الرجوع قبل القبض وأنكر المرتهن الرجوع فالقول قول المرتهن
لان الأصل عدم الرجوع ولو قال الراهن لم يقبضه بعد وقال المرتهن قبضته فإن كان الرهن في يد الراهن فالقول قوله مع يمينه وإن كان في يد المرتهن فالقول قوله مع يمينه
لان اليد قرينة دالة على صدقه. مسألة: يقبل اقرار الراهن بالقبض ويلزمه حكمه بشرط الامكان ولا يقبل لو ادعى المحال كما لو قال رهنته داري اليوم بالحجاز وهما في العراق
وأقبضتها إياه لم يلتفت إليه ولو أنكر الاقباض فالقول قوله مع اليمين فان أقام المرتهن شاهدين على اقراره حكم بالبينة في محل الامكان فان قال أشهدت على رسم القبالة ولم
اقبضه بعد كان له احلاف المرتهن على أنه اقبضه وكذا لو ذكر لاقراره تأويلا يمكن حمله عليه كما لو قال كنت أقبضته بالقول وظننت انه يكفي في القبض أو وصل إلى كتاب عن
وكيلي ذكر فيه انه اقبضه وظهر ان الكتاب مزور فله الاحلاف أيضا وان لم يذكر تأويلا فالأقرب ان يمكن من احلافه وهو ظاهر قول الشافعي لان الغالب في الوثايق وقوع الشهادة
قبل تحقيق ما فيها فأي حاجة إلى تلفظه بذلك وله قول اخر انه لا يلتفت إليه ولا يمكن من احلافه لمناقضته لكلامه الأول فلا يقبل انكاره بعد اعترافه ولو شهد الشاهدان
على نفس الاقباض وفعله فليس له الاحلاف بحال وكذا لو شهدا على اقراره بالاقباض فقال ما أقررت لم يلتفت إليه لأنه تكذيب للشهود هذا إذا قامت الحجة على اقراره إما
43

لو أقر في مجلس القضا بالاقباض فقد توجه الدعوى عليه ففي مساواته للاقرار في غيره نظر من حيث إنه لا يكاد يقر عند القاضي الا عن تحقيق سواء ذكر له تأويلا أو لا ولا
يمكن من احلافه وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم يمكن لشمول الامكان ولو باعه شيئا بثمن عليه وشرط على المشتري رهنا على الثمن فادعى المشتري انه رهنه أو قبضه
وان الرهن تلف فلا خيار له في البيع وان أقام شاهدين على اقراره بالقبض فأراد المرتهن تحليفه كان له ذلك وكذا لو أقام بينة على اقرار زيد بدين فقال زيد ما قبضت
وانما أقررت وأشهدت لتقرضني فلم تقرضني فحلفوه على ذلك كان له ذلك ولو شهدت البينة بمشاهدة القبض لم يكن له الاحلاف ونظايره كثيرة وإذا أقر الراهن بالاقباض
ثم ادعى تأويلا لاقراره فنفاه المرتهن كان للراهن احلافه على نفي ذلك التأويل ولو لم يتعرض لنفي التأويل واقتصر على قوله قبضت قنع منه بالحلف عليه. مسألة:
إذا أقر رجل بالجناية على العبد المرهون فان صدقه المتراهنان فالأرش رهن عند المرتهن لأنه عوض الرهن فان كذباه فلا شئ لهما وان صدقه الراهن وكذبه المرتهن
كان للراهن اخذ الأرش ولا حق للمرتهن فيه وان صدقه المرتهن وكذبه الراهن كان للمرتهن المطالبة بالأرش ويكون مرهونا عنده لان حقه متعلق به حيث هو عوض الجزء
الفايت من الرهن ولا يؤثر في سقوطه انكار الراهن فان اخذ المرتهن الأرش فان اتفق قضاء الدين من غيره أو سقوطه عن الراهن بابراء وشبهه رجع الأرش إلى الجاني المقر ولا
شئ للراهن فيه لانكار استحقاقه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني يجعل في بيت المال لأنه مال ضايع لا يدعيه أحد إذ المرتهن انقطعت علقته والراهن ينكر استحقاقه و
المقر يعترف بوجوب أدائه عليه ولا بأس بهذا القول. مسألة: إذا جنى العبد المرهون على انسان تعلقت الجناية به وكان حق المجني عليه مقدما على حق المرتهن لأنه مقدم
على حق المالك فعلى حق الرهن أولي ولو جنى على مال الغير تعلقت الجناية برقبته يتبع به بعد عتقه عندنا وقال احمد يتعلق بالعبد أيضا ويقدم على حق المرتهن كالجناية على
النفس وليس بشئ إذا عرفت هذا فلو أقر المرتهن بان العبد المرهون عنده جنى وساعده العبد أو لا لم يقبل من المرتهن في حق الراهن بل يقدم قول الراهن مع يمينه
لأنه المالك وضرر الجناية يعود إليه فإذا بيع في يد المرتهن لم يلزمه تسليم الثمن إليه باقراره السابق لان العبد إذا كان جانيا لم يصح بيعه للمرتهن لتعلق حق المجني عليه و
إذا لم يصح بيعه كان الثمن باقيا على ملك المشتري وان لم يكن جانيا فلا حق فيه لغير المرتهن وقد أقر بعدم استحقاقه له ولو أقر الراهن بالجناية وأنكر المرتهن فالقول قوله
مع اليمين لأصالة عدم الجناية واستصحاب الرهن فإذا بيع في الدين فلا شئ للمقر له على الراهن لان الراهن لا يغرم جناية الرهن ولم يتلف برهنه شيئا للمقر له لان الرهن
سابق على الجناية بخلاف ما لو أقر بجناية أم الولد حيث يغرم للمقر له وإن كان الاستيلاد سابقا على الجناية لان السيد يغرم جناية أم الولد وقال بعض الشافعية يقبل
اقرار الراهن ويباع العبد في الجناية ويغرم الراهن للمرتهن وليس بشئ هذا إذا تنازعا في جنايته بعد لزوم الرهن فان تنازعا فيها قبل لزوم الرهن فان أقر الراهن
بأنه كان قد أتلف مالا عندهم أو جنى على نفس جناية توجب المال فإن لم يعين المجني عليه أو عينه لكن كذبه ولم يدع ذلك فالرهن مستمر بحاله وان عينه وادعاه المجني عليه
فان صدقه المرتهن بيع في الجناية وثبت للمرتهن الخيار في البيع المشروط فيه الرهن لعدم سلامته له وان كذبه المرتهن لم يقبل اقراره وهو أصح قولي الشافعي وبه قال أبو حنيفة
لما فيه من ابطال حق المرتهن والتهمة فيه ظاهرة لجواز ان يكون الراهن والمقر له قد تواطيا على ذلك بحيث يرتفع الرهن والقول الثاني للشافعي انه يقبل لان الراهن مالك
فيما أقر به فلا تهمة في اقراره وهو ممنوع وكذا القولان لو أقر العبد بسرقة وقبلناه في القطع هل يقبل في المال وكذا لو قال الراهن كنت غصبته أو اشتريته شراء فاسدا
أو بعته قبل ان رهنته أو وهبته وأقبضته وكذا لو قال كنت أعتقته قال بعض الشافعية ولا حاجة في هذه الصورة صورة العتق إلى تصديق العبد دعواه بخلاف ساير الصور
وفي الاقرار بالعتق قول ثالث انه إن كان موسرا نفذ والا فلا تنزيلا للاقرار بالاعتاق منزلة الاعتاق ونقل بعض الشافعية الأقوال الثلاثة للشافعي في جميع الصور
فان قلنا لا يقبل اقرار الراهن فالقول في بقاء الرهن قول المرتهن مع يمينه يحلف على نفي العلم بالجناية وإذا حلف واستمر فهل يغرم الراهن للمجني عليه الوجه عندنا انه لا
يغرم لأنه أقر في رقبة العبد بما لم يقبل اقراره فكأنه لم يقر وهو أحد قولي الشافعي والثاني وهو الأصح عندهم انه يغرم كما لو قتله لأنه حال بينه وبين حقه وكذا القولان
فيما إذا أقر بدار لزيد ثم أقر لعمرو هل يغرم لعمرو فالوجه ذلك لأنه بالاقرار الأول حال بين من اعترف باستحقاقه ثانيا وبين حقه فان قلنا يغرم طولب في الحال إن كان
موسرا وإن كان معسرا فإذا أيسر وفيما يغرم للمجني عليه طريقان للشافعية قال بعضهم أصح القولين انه يغرم الأقل من قيمته وأرش الجناية وثانيهما انه يغرم الأرش بالغا ما بلغ
وقال أكثرهم يغرم الأقل بلا خلاف كما أن أم الولد لا تعتدى الا بالأقل إذا جنت لامتناع البيع بخلاف العبد القن وان قلنا لا يغرم الراهن ان بيع في الدين فلا شئ عليه
لكن لو ملكه يوما فعليه تسليمه في الجناية وكذا لو انفك الرهن عنه هذا إذا حلف المرتهن فان نكل فعلى من يرد اليمين فيه قولان للشافعية أحدهما على الراهن لأنه المالك للعبد
والخصومة تجري بينه وبين المرتهن وأصحهما عندهم على المجني عليه لان الحق فيما أقر له والراهن لا يدعي لنفسه شيئا وهذا الخلاف عند بعضهم مبني على أنه لو حلف المرتهن
هل يغرم الراهن للمجني عليه ان قلنا نعم ترد على المجني عليه لان الراهن لا يستفيد باليمين المردودة شيئا والمجني عليه يستفيد بها اثبات دعواه وسواء قلنا برد اليمين
على الراهن أو المجني عليه فإذا حلف المردود عليه بيع العبد في الجناية ولا خيار للمرتهن في فسخ البيع إن كان الرهن مشروطا في بيع لان اقرار الراهن إذا لم يقبل لا يفوت عليه
شئ وانما يلزم الفوات من النكول ثم إن كان الأرش يستغرق قيمة العبد بيع كله والا بيع منه بقدر الأرش وهل يكون الباقي رهنا فيه وجهان أصحهما عندهم لا
لان اليمين المردودة كالبينة أو كاقرار المرتهن بأنه كان جانيا في الابتداء فلا يصح الرهن في شئ منه وإذا رددنا على الراهن فنكل فهل يرد الان على المجني عليه قولان
أحدهما نعم لان الحق له فلا ينبغي ان يبطل بنكول غيره وأشبههما لا لان اليمين لا يرد مرة بعد مرة فحينئذ الراهن يحلف المرتهن في تقرير الرهن وهل يغرم الراهن للمقر له فيه القولان
وان رددنا على المجني عليه فنكل سقطت دعواه وانتهت الخصومة عند بعضهم ورد آخرون على الراهن وإذا لم يرد لم يغرم الراهن قولا واحدا ويحال بالحيلولة
على نكوله هذا إذا قلنا إن الراهن لا يقبل اقراره إما إذا قلنا إنه يقبل فهل يحلف أم يقبل قوله من غير يمين قولان أحدهما لا يحلف لان اليمين للزجر والتخويف ليرجع
عن قوله إن كان كاذبا وهنا لا سبيل إلى الرجوع وأصحهما عندهم انه يحلف لحق المرتهن وعلى هذا فيحلف على البت لأنه حلف على الاثبات وسواء قلنا بالتحليف أو عدمه
فيباع العبد في الجناية إما كله أو بعضه على ما مر وللمرتهن الخيار في فسخ البيع الذي شرط فيه هذا الرهن وان نكل حلف المرتهن لأنا انما حلفنا الراهن لحقه فالرد يكون
عليه وفايدة حلفه فيه قولان أحدهما ان فايدته تقرير الرهن في العبد على ما هو قياس الخصومات والثاني ان فايدته ان يغرم الراهن قيمته ليكون رهنا مكانه ويباع العبد
في الجناية باقرار الراهن فان قلنا بالأول فهل يغرم الراهن للمقر له لأنه بنكوله حال بينه وبين حقه قولان سبقا وان قلنا بالثاني فهل للمرتهن الخيار في فسخ البيع
الذي شرط فيه هذا الرهن فيه وجهان ينظر في أحدهما إلى حصول الوثيقة والثاني ان عين المشروط لم يسلم وان نكل المرتهن بيع العبد في الجناية ولا خيار في البيع ولا
غرم على الراهن ولو أقر بالعتق وقلنا انه لا يقبل اقراره قال الشافعي انه يجعل ذلك كانشاء الاعتاق حتى تعود فيه الأقوال لان من ملك انشاء أمر قبل اقراره به وقيل فيه وجهان
44

وان حكمنا بنفوذ الانشاء لأنه ممنوع عن الانشاء شرعا وان نفذناه إذا فعل كما أن اقرار السفيه بالطلاق مقبول بانشائه ولو أقر باتلاف مال ففي قبوله وجهان لأنه ممنوع عن الاتلاف
شرعا قالوا وجميع ما ذكرناه في مسألة الاقرار بالجناية مبني على أن رهن الجاني لا يجوز إما إذا جوزناه فعن بعض الشافعية انه يقبل اقراره لا محالة حتى يغرم للمجني عليه
ويستمر الرهن وقال آخرون يطرد فيه القولان ووجه عدم القبول انه يخل بلزوم الرهن لان المجني عليه يبيع المرهون لو عجز عن اخذ الغرامة من الراهن ولو أقر بجناية يوجب
القصاص لم يقبل اقراره على العبد ولو قال ثم عفى على مال فهو كما لو أقر بما يوجب المال. مسألة: إذا وطي جاريته ولم يظهر بها حمل جاز رهنها وان احتمل انها حملت
لان الأصل عدم الأحبال فلا يمتنع من التصرف لذلك الاحتمال فان ظهر بها حمل فإن كان لدون ستة أشهر من حين الوطي لم يلحق به الولد وكان مملوكا والرهن بحاله وكذا لو كان لأكثر من مدة الحمل وهو سنة نادرا عندنا وأربع سنين عند الشافعي
وإن كان لستة أشهر فأكثر إلى سنة عندنا والى أربع سنين عند الشافعي لحق به الحمل وصارت أم ولد وكان الولد حرا لاحقا به وهل يثبت ذلك في حق المرتهن ينظر
فإن كان اقراره بالوطي قبل الرهن أو بعده قبل القبض ان جعلنا القبض شرطا يثبت في حق المرتهن وخرجت من الرهن لأنه أقر في حالة ثبت ولم يثبت حق المرتهن في
الرهن وخرجت من الرهن وكذا لو كان اقراره بعد لزوم الرهن وصدقه المرتهن أو قامت عليه بينة فيكون أم ولد له ويبطل الرهن وللمرتهن فسخ البيع الذي
شرط فيه رهنها وقال بعض الشافعية لا خيار له لأنه قبضها مع الرضاء بالوطي فهو بمنزلة العيب وقال بعضهم إن كان قدا قر بالوطي قبل العقد فلا خيار له وإن كان بعد القبض فله الخيار وقال بعضهم يثبت له الخيار بكل حال لان الوطي لا يمنع صحة عقد
الرهن ولا يثبت الخيار للبايع وإذا شرط ارتهانها وأقر السيد بالوطي؟؟؟؟؟
؟؟ لم يثبت له بذلك الخيار فلم يكن قبضها رضي بالحمل الذي يؤل إليه الوطي ولانا إذا جعلنا الظاهر عدمه؟؟ فلا يجعل رضاه بالوطي رضا به فلم يسقط حقه بذلك
فاما إذا أقر بالوطي بعد ما قبضها المرتهن وكذبه المرتهن فللشافعي قولان أحدهما تقبل اقراره لثبوت الاستيلاد لأنه أقر في ملكه بما لا تهمة عليه لأنه يستضر
بذلك فيخرج من الرهن وبقي الدين في ذمته فلزم اقراره والثاني لا يقبل لأنه أقر بما فسخ به عقدا على غيره فلم يقبل كما لو باع جارية ثم أقر بعتقها قبل البيع وكذا القولان
فيما إذا رهن عبدا واقبضه ثم أقر بأنه جنى على انسان أو أعتقه وعلى كل حال فالولد حر ثابت النسب عند الامكان ولو لم يصادف ولدا في الحال وزعم الراهن انها ولدت
منه قبل الرهن ففيه الخلاف. مسألة: لو أقر بجناية يقصر أرشها عن قيمة العبد ومبلغ الدين قبل في مقدار الأرش على الخلاف السابق ولا تقبل فيما زاد
على ذلك لظهور التهمة فيه وقيل يطرد الخلاف ولو باع عبدا ثم أقر بأنه كان قد غصبه أو باعه أو انه اشتراه شراء فاسدا لم يعتد بقوله لأنه اقرار على
ملك الغير فيكون مردودا ظاهرا بخلاف اقرار الراهن فإنه اقرار في ملكه وقال بعض الشافعية يجري فيه الخلاف المذكور والحق الأول فيكون القول قول
المشتري فان نكل فالرد على المدعي أو على المقر البايع فيه قولان ولو اجر عبدا ثم أقر بأنه كان قد باعه أو اجره أو أعتقه لم تقبل وفيه الخلاف المذكور للشافعية في الرهن
لبقاء الملك ولو كاتبه ثم أقر بما لا يصح معه الكتابة جرى فيه الخلاف السابق والوجه عدم القبول لان المكاتب بمنزلة من زال الملك عنه. مسألة: لو اذن المرتهن
في بيع الرهن وباع الراهن ورجع المرتهن على الاذن ثم اختلفا فقال المرتهن رجعت قبل ان بعت فتبطل بيعك ويبقى المال رهنا كما كان وقال الراهن بل كان
رجوعك بعد البيع قال الشيخ رحمه الله تقدم قول المرتهن لان الراهن يدعي بيعا والأصل عدمه والمرتهن يدعي رجوعا والأصل عدمه فتعارض الأصلان ولم يمكن العمل بهما ولا بأحدهما لعدم الأولوية فسقطا
والأصل بقاء الوثيقة حتى يعلم زوالها وهو أحد قولي الشافعي والثاني ان القول قول الراهن لتقوى جانبه بالاذن الذي سلمه المرتهن وقال بعضهم ان قال الراهن
أو لا تصرفت باذنك ثم قال المرتهن كنت رجعت قبله فالقول قول الراهن مع يمينه وان قال المرتهن أو لا رجعت عما أذنت فقال الراهن كنت تصرفت قبل رجوعك
فالقول قول المرتهن مع يمينه لان الراهن حين ما أخبر لم يكن قادرا على الانشاء ولو أنكر الراهن أصل الرجوع فالقول قوله مع اليمين لان الأصل عدم الرجوع
مسألة: لو كان على انسان لاخر الفان الف برهن وألف بغير رهن فسلم المديون إليه ألفا ثم اختلفا فقال الراهن دفعت إليك وتلفظت لك انها على الألف
التي بالرهن قال المدفوع إليه بل دفعتها عن الألف الأخرى فالقول قول الدافع لأنه اعلم بما دفعه ولأنه يقول إن الدين الباقي بلا رهن والقول قوله في أصله فكذلك
في صفته وان اتفقا على أنه لم يتلفظ بشئ وقال الدافع نويتها عن الألف التي بالرهن وقال المرتهن بل أردت بذلك الألف الأخرى فالقول قول الدافع أيضا لما تقدم
ولأنه اعلم بنيته وكذا البحث لو كان أحدهما كفيل أو كان أحدهما حالا أو ثمن مبيع محبوس فقال سلمته عنه وأنكر صاحبه والاعتبار في أداء الدين بقصد المؤدى
حتى لو ظن المستحق انه يودعه عنده وقصد المديون أداء الدين برئت ذمته وصار المؤدي ملكا للمستحق إذا عرفت هذا فإن كان عليه دينان فادى عن أحدهما
بعينه وقع عنه فان أدي عنهما قسط على الدينين وان لم يقصد في الحال شيئا احتمل توزيعه على الدينين لعدم الأولوية ومراجعته حتى يصرفه الان إلى
أيهما شاء كما لو كان له مالان حاضر وغايب ودفع زكاة إلى المستحقين ولم يعين بالنية أحدهما صرفها إلى ما شاء منهما وكلا الاحتمالين للشافعية قولان
مثلهما وتردد بعضهم في الاحتمال الأول هل يوزع على قدر الدينين أو على المستحقين بالسوية ولهذه المسألة نظاير منها لو تبايع كافران درهما بدرهمين
وسلم للمشتري الدرهم أحد الدرهمين ثم أسلما ان قصد تسليمه عن الفضل فعليه الأصل وان قصد تسليمه عن الأصل فلا شئ عليه وان قصد تسليمه عنهما
وزع عليهما وسقط ما بقي من الفضل وان لم يقصد شيئا فالوجهان ومنها لو كان لزيد عليه مائة ولعمرو مائة ثم وكلا وكيلا بالاستيفاء فدفع المديون لزيد أو لعمرو
وانصرف إلى من قصده وان اطلق فالوجهان ومنها لو قال خذه وادفعه إلى فلان أو إليهما فهذا توكيل منه بالأداء وله التعيين ما لم يصل إلى المستحق ولو لم يعين فدفعه
الوكيل إلى وكيليهما فالوجهان ومنها لو كان عليه مائتان لواحد فأبرأه المالك عن مائة فان قصدهما أو واحدة منهما بعينها انصرف إلى ما قصده وان اطلق فالوجهان
فان اختلفا فقال المبري أبرأت عن الدين الخالي عن الرهن والكفيل فقال المديون بل عن الأخر فالقول قول المالك مع يمينه لأنه اعرف بنيته. مسألة: لو باعه شيئا
وشرط في العقد رهن شئ بعينه فرهنه ثم وجد المرتهن فيه عيبا وادعى قدمه وأنكر الراهن ليسقط خيار المرتهن في البيع فالقول قول من ينكر القدم ولو رهنه عصيرا ثم اختلفا بعد القبض فقال المرتهن قبضته وقد تخمر فلى الخيار في البيع المشروط فيه
الرهن وقال الراهن بل صار عندك خمرا فالقول قول الراهن مع يمينه لأصالة بقاء البيع والمرتهن يطلب بدعواه التدرج إلى الفسخ وهو أصح قولي الشافعي والثاني
ان القول قول المرتهن مع يمينه وبه قال أبو حنيفة لان الأصل عدم القبض الصحيح ولو زعم المرتهن انه كان خمرا يوم العقد وكان الشرط شرط
رهن فاسد فمن الشافعية من طرد القولين ومنهم من قطع بان القول قول المرتهن ومأخذ الطريقين ان فساد الرهن هل يوجب فساد البيع ان قلنا لا عاد القولان وان قلنا
نعم فالقول قول المرتهن لأنه ينكر أصل البيع والأصل عدمه وخرج قوم القولين على أن المدعي من يدعي أمرا خفيا والمدعى عليه من يدعى أمرا جليا والمدعى من لو سكت ترك والمدعى عليه من
لو سكت لم يترك فان قلنا بالأول فالمدعي الراهن لأنه يزعم جريان القبض الصحيح والأصل عدمه فيكون القول قول المرتهن وان قلنا بالثاني فالمدعي هو المرتهن لأنه لو سكت لترك
والراهن لا يترك لو سكت فيكون القول قول الراهن ولو سلم الراهن العبد المشروط رهنه في البيع ملفوفا في ثوب ثم وجد ميتا فقال الراهن مات عندك وقال المرتهن بل كان ميتا
45

فالأقوى تقديم قول المرتهن لأصالة عدم الاقباض وللشافعية فيه القولان السابقان ولو اشترى لبنا واتى بظرف فصبه البايع فيه فوجدت فيه فارة ميتة فقال البايع انها كانت
في ظرفك وقال المشتري بل دفعته وفيه الفارة فالقولان ولو زعم المشتري انها كانت فيه يوم البيع فهو اختلاف في أن العقد جرى صحيحا أو فاسدا فالقول قول مدعي الصحة
الفصل التاسع: في اللواحق. مسألة: الرهن شرعا جعل المال وثيقة على الدين ليستوفي منه إذا تعذر استيفاؤه من المديون وليس واجبا اجماعا وهو
جايز في السفر والحضر عند عامة أهل العلم وحكى عن مجاهد وداود انهما قالا لا يجوز الا في السفر لقوله تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فشرط السفر وليس
بشئ لان النبي صلى الله عليه وآله رهن درعه عن يهودي وكان بالمدينة ولأن هذه وثيقة يجوز في السفر فجازت في الحضر كالضمان والشهادة وشرط السفر في الآية بناء
على الأغلب فان عدم الكاتب في العادة لا يكون الا في السفر لقوله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا وشرط السفر لان العدم يكون في الغالب فيه الا ترى انه
شرط عدم الكاتب ويجوز الرهن وإن كان الكاتب غير معدوم. مسألة: قد بينا ان الرهن يتم عند أكثر علمائنا بنفس العقد وان لم يحصل القبض وقال بعضهم لابد
من القبض وللعامة قولان كهذين فلو رهن ثم جن لم يبطل الرهن عند الشافعي وقال بعض الشافعية يبطل لان الرهن قبل القبض عقد جايز غير لازم فيبطل بزوال التكليف كالوكالة
والشركة وأجابوا عنه بأنه وان لم يكن لازما الا انه يؤل إلى اللزوم فهو كعقد البيع المشروط فيه الخيار بخلاف الوكالة والشركة فإنهما لا يؤلان إلى اللزوم ولان تلك العقود تبطل
بموت كل واحد منهما وهنا لا يبطل الرهن فافترقا. تذنيب: لو كان بين شريكين دار فرهن أحدهما نصيبه من بيت بعينه فالأقرب الصحة لأنه يصح بيعه وهو أحد وجهي
الشافعية والثاني لا يصح لأنه قد يقاسم شريكه فيقع هذا البيت في حصة شريكه وهو مرهون لا يجوز. تذنيب اخر: لو كان له غرماء غير المرتهن وحجر عليه الحاكم لأجل
الغرماء لم يجز تسليم الرهن إلى من رهنه عنده قبل الحجر لأنه ليس له ان يرهن ابتداء في هذه الحالة كذلك تسليم الرهن لحق الغرماء وتعلقه بماله. مسألة: يجب على الولي
الاحتياط في مال الطفل والمجنون فلو ارتهن في بيع مع المصلحة جاز وفيه ثلاث مسائل. أ: لو كان له مال يساوي مائة نقدا فيبيعه بمائة نسيئة ويأخذ رهنا فان هذا بيع فاسد
الا ان يخاف النهب لان بيعه بذلك نقد الحظ. ب: ان يكون ماله يساوي مائة نقدا فيبيعه بمائة وعشرين مائة نقدا أو عشرين نسيئة ويأخذ بها رهنا فإنه يجوز لان له بيعه
بمائة نقدا وقد زاده خيرا وكان أولي بالجواز. ج: ان يساوي مائة نقدا فيبيعه بمائة وعشرين مؤجلة ويأخذ بالجميع رهنا فإنه يجوز مع المصلحة وللشافعية قولان
منهم من منع لما فيه من التغرير بمال الطفل وبيع النقد أحوط وليس بجيد لأنه مأمور بالتجارة وطلب الربح وهذه طريقة فكان جايزا واما قرض ماله فلا يجوز الا بشرطين أحدهما
ان يخاف عليه النهب أو الغرق وشبهه والثاني ان يكون المقترض ثقة مليا ليأمن جحوده فان رأى من المصلحة قبض الرهن قبضة وان رأى من المصلحة تركه لم يقبضه لأنه
إذا خاف عليه التلف فربما رفعه إلى حاكم يرى سقوط الدين بالتلف. مسألة: قد بينا انه ليس للراهن وطي الجارية المرهونة لجواز ان تحمل فيتلف أو ينقص قيمتها بالحمل
بخلاف الاستخدام وسكنى العقار لانتفاء الضرر ولو كانت صغيرة لا تحبل أو آيسة احتمل الجواز وبه قال بعض الشافعية لانتفاء الضرر فيه لما رواه الحلبي في الحسن قال سألت
الصادق (ع) عن رجل رهن جاريته عند قوم أيحل له ان يطأها قال إن الذين ارتهنوا يحيلون بينه وبينها قلت
أرأيت ان قدر عليها خاليا قال نعم لا ارى هذا عليه حراما
وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في رجل رهن جاريته قوما له ان يطأها فقال إن الذين ارتهنوا يحيلون بينه وبينها فقلت أرأيت ان قدر على ذلك خاليا قال نعم
لا ارى بذلك بأسا والشيخ رحمه الله منع من ذلك. مسألة: شرط الحنفية في تمام عقد الرهن القبض التام وهو ان يكون مقسوما مفرغا متميزا أو احترز بالمقسوم عن رهن
المشاع فإنه لا يصح عندهم وقد بينا بطلان قولهم واحترزوا بالمفرغ عن رهن دار فيها متاع للراهن وبالمتميز عن رهن متصل بغيره اتصال حلقة كما لو رهن الثمر على رأس الشجر
دون الشجر فإنه لا يجوز عندهم وكذا لا يجوز رهن الزرع في الأرض دونها ولا رهن النخل في الأرض دونها وكذا لا يجوز رهن الأرض دون النخل أو دون الزرع أو النخل دون
الثمر ولا رهن الدار دون البناء وفي رواية عن أبي حنيفة جواز رهن الأرض دون الأشجار ولا يصح دون البناء لأنه التابع وقد بينا فساد الجميع ولو رهن ثوبا قيمته عشرة بعشرة
فهلك عند المرتهن سقط دينه عند الحنفية ولو كانت قيمته خمسة رجع المرتهن على الراهن بخمسة أخرى ولو كانت قيمته خمسة عشر فالفضل أمانة عند أبي حنيفة وقال زفر يرجع
الراهن على المرتهن بخمسة لان الرهن عنده مضمون بالقيمة ولان الزيادة على الرهن مرهونة لكونها محبوسة فيكون مضمونة كقدر الدين ولقول علي (ع) يترادان
الفضل. مسألة: لو طالب المرتهن الراهن بالدين لم يكن للراهن أن يقول أحضر المرهون وانا أؤدي دينك من مالي بل لا يلزمه الاحضار بعد الأداء أيضا وانما عليه
التمكين كالمودع والاحضار وما يحتاج إليه من مؤنة على رب المال ولو احتاج إلى بيعه في الدين لم يكن عليه الاحضار أيضا بل يتكلف الراهن مؤنته ويحضره القاضي بقبضه
وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا طالب المرتهن الراهن بالدين أمر المرتهن باحضار الرهن لان قبض الرهن قبض استيفاء فلو أمر بقضاء الدين قبل احضار الرهن ربما
يهلك الدين بعد ذلك فيصير مستوفيا لدينه مرتين بناء على مذهبه من الضمان فإذا احضره أمر الراهن بتسليم دينه أولا ليتعين حقه كما تعين حق الراهن تحقيقا للتسوية
كما في تسليم المبيع والثمن يحضر المبيع ثم يسلم الثمن أولا وكذا ان طالبه بالدين في غير بلد الرهن ولا حمل له ولا مؤنة لان الأماكن كلها كمكان العقد فيما لا حمل له ولا مؤنة الا
ترى انه لا يشترط فيه بيان مكان الايفاء في السلم بالاجماع فيؤمر باحضاره وإن كان لحمله مؤنة يأخذ دينه ولا يكلف المرتهن باحضار الرهن لان المرتهن عاجز عن الاحضار
والتسليم غير واجب عليه في بلد لم يجز فيه العقد ولان الواجب عليه التسليم بمعنى التخلية لا النقل من مكان إلى مكان لأن العين أمانة. مسألة: لو باع الراهن الرهن
بغير اذن المرتهن فان فسخه المرتهن بطل وان أمضاه نفذ وان لم يحصل منه اذن ولا فسخ لعدم اطلاعه عليه كان البيع موقوفا على الإجازة ولا يقع باطلا في أصله وبه قال
أبو حنيفة وقال أبو يوسف ينفذ البيع كالاعتاق لأنه تصرف في خالص ملكه وليس بجيد لان حق المرتهن تعلق به فيقف على اجازته قال أبو حنيفة فان أجاز المرتهن نفذ
لان المانع من النفوذ حقه وحقه قد زال بالإجازة وان لم يجز البيع وفسخه انفسخ في رواية عن محمد حتى لا سبيل للمشتري عليه لأنه لا يملك الإجازة فيملك الفسخ كالمالك
لان حقه يضاهي الملك وأشار في الجامع الكبير إلى أنه لا ينفسخ لان التوقف مع المقتضى للنفاذ انما كان لصيانة حقه وحقه يصان بانعقاد هذا العقد موقوفا وإذا بقى موقوفا
فان شاء المشتري صبر حتى بفك الراهن الرهن فيسلم له المبيع لان المانع على شرف الزوال وان شاء رفع الامر إلى القاضي ليفسخ القاضي العقد بحكم العجز عن التسليم وولاية الفسخ
إلى القاضي وصار كما إذا ابق العبد المشترى قبل القبض فان المشتري بالخيار ان شاء صبر حتى يرجع الآبق وان شاء رفع الامر إلى القاضي ليفسخ العقد بحكم العجز عن التسليم.
مسألة: إذا باع الراهن الرهن من رجل ثم باعه بيعا ثانيا من غيره قبل ان يجيز المرتهن فالثاني أيضا موقوف على اجازته لان الأول موقوف والموقوف لا يمنع توقف
الثاني فجاز البيع الأول ان اجازه وجاز البيع الثاني ان اجازه وبه قال أبو حنيفة فان باع الراهن ثم اجر أو رهن أو وهب من غيره وأجاز المرتهن الإجارة أو الرهن من؟؟
؟؟؟؟؟؟ والهبة نفذت ولم ينفذ البيع السابق عندنا وقال أبو حنيفة ينفذ البيع السابق لان تصرف الراهن في الرهن إذا كان يبطل حق المرتهن
46

لا؟ ينفذ الا بإجازة المرتهن فإذا أجاز المرتهن تصرفه ينظر فيه فإن كان تصرفا يصلح حقا للمرتهن ينفذ بإجارة المرتهن التصرف الذي لحقه الإجازة وإن كان تصرفا لا يصلح
حقا للمرتهن فبالإجازة يبطل حق المرتهن والنفاذ يكون من جهة الراهن فينفذ السابق من تصرفات الراهن وإن كان المرتهن أجاز اللاحق فنقول حينئذ المرتهن ذو حظ من المبيع
الثاني لأنه يتحول حقه إلى الثمن بناء على مذهبه من أن اجازة المرتهن البيع يفيد تعلق الرهن بالثمن فيصير الثمن رهنا عنده ويكون المرتهن أحق بثمنه من الغرماء لو مات الراهن
فصح تعيينه لتعلق حق الفايدة به ولا حق للمرتهن في هذه العقود إذ لا بدل في الهبة والرهن واما الإجارة فبدلها في مقابلة المنفعة وحقه في مالية العين لا في المنفعة فكانت
اجازته اسقاطا لحقه فزال المانع من النفاذ فنفذ البيع السابق كما لو باع المستأجر من اثنين فأجاز المستأجر الثاني نفذ الأول لأنه لاحق له في الثمن فكانت الإجازة اسقاطا
وهذا الضابط الذي ذكروه ممكن. مسألة: لو استعار الراهن الرهن من المرتهن خرج من ضمان المرتهن عند أبي حنيفة لأن الضمان باعتبار قبضه وقد زال فان هلك في يد الراهن
هلك بغير شئ لفوات القبض الموجب للضمان وللمرتهن ان يسترده إلي يده لان عقد الرهن باق الا في حكم الضمان في الحال فإذا استرده عاد مضمونا عليه عنده لأنه عاد
القبض بحكم الرهن فيعود بصيغته وهو الضمان وكذا لو اعاره أحدهما أجنبيا بإذن الأخر خرج عن أن يكون مضمونا وبقي مرهونا لما تقدم ولكل منهما ان يرده رهنا كما كان
لان لكل منهما حقا محتوما فيه بخلاف ما إذا اجره ولو مات الراهن قبل الرد إلى المرتهن يكون أسوة الغرماء لان الإجارة تصرف لازم أوجبت حقا لازما للغير في الرهن فيبطل
به حكم الرهن ولم يتعلق بالعارية حق لازم فافترقا ولو استعار المرتهن الرهن من الراهن ليعمل به فهلك قبل اخذه في العمل هلك على ضمان الرهن لبقاء يد المرتهن فبقي ضمانه
وكذا ان هلك بعد الفراغ من العمل لان يد العارية ارتفعت وظهر الضمان وان هلك في حالة العمل هلك بغير ضمان لان يد العارية غير ضامنة وكذا إذا اذن الراهن للمرتهن
بالاستعمال. مسألة: لو استعار شيئا ليرهنه فتلف قبل رهنه أو بعد ما افتكه فالأقرب عدم الضمان وبه قال أبو حنيفة لان حفظ العين في الحال بإذن المالك وبالهلاك
قبل الرهن أو بعد الفك لم يصر قاضيا شيئا من دينه والضمان انما يتعلق باعتبار استيفاء الدين منه ولم يستوف هذا على قول أبي حنيفة ان المرتهن ضامن للرهن مطلقا
إما عندنا فإنه غير مضمون عليه لكن على الراهن وهل يثبت الضمان عليه بنفس القبض بالعارية للرهن أو بالرهن اشكال أقربه الثاني فان اختلف الراهن والغير بعد التلف
فادعى المالك تلفه في يد المرتهن وقال المستعير هلك قبل رهنه أو بعد فكه فالقول قول الراهن مع يمينه لأن الضمان انما يجب على المستعير بايفاء الدين منه أو بامساكه رهنا
وهو ينكرهما. مسألة: قد بينا الخلاف في القبض هل هو شرط أو لا والخلاف في ماهية القبض فقيل إنه التخلية مطلقا وانما يتحقق القبض بان يحضر المرتهن فيقبض
أو يوكل في قبضه فيصح قبض الوكيل ثم الرهن إن كان خفيفا يمكن تناوله باليد فالقبض فيه ان يتناوله بيده وإن كان ثقيلا كالعبد والدابة فالقبض فيه النقل
من مكان إلى آخر وإن كان طعاما فارتهن مكيالا من طعام بعينه فقبضه ان يكتاله وان ارتهن صبرة على أن كيلها كذا فقبضها أيضا ان يكتاله وان ارتهنها جزافا فقبضها النقل
من مكان إلى مكان وإن كان مما لا ينقل ولا يحول من ارض ودار وعليها باب مغلق فقبضها ان يخلي صاحبه بينه وبينها ويفتح بابها أو يدفع إليه مفتاحها وان لم يكن عليها باب فقبضه
التخلية بينه وبينها من غير حامل وإن كان الرهن مشاعا فإن كان مما لا ينقل خلى بينه وبينه سواء حضر شريكه أو لم يحضر وإن كان مما ينقل ويحول كالشقص من الجواهر والسيف
وغيرهما لم يجر تسليمه إلى مرتهنه الا بحضرة شريكه لأنه يريد نقل نصيبه ونصيب شريكه إلى يده فإذا حضر وسلمه إليه فان رضيا ان يكون الجميع على يد المرتهن جاز وان رضيا
ان يكون الجميع في يد الشريك جاز وناب عنه في القبض وان رضيا ان يكون على يدي عدل جاز وان تشاحا واختلفا انتزعه الحاكم من يدهما ووضعه على يد عدل ان لم يكن لمنفعته قيمة وإن كانت لمنفعته
قيمة وأمكن اجارته وكان الانتفاع به لا ينقصه فإنه يكرى ولو سلمه الراهن للمرتهن فقبضه حصل القبض لان الرهن حصل في يده مع التعدي في غيره فأشبه ما لو سلم الرهن وغيره
ولو كان في يد المرتهن بالعارية السابقة كفى ذلك في القبض وهل يفتقر إلى مضي زمان يتحقق فيه القبض لو لم يكن في يده الأقرب المنع وليس للمستعير بعد عقد الرهن الانتفاع به لان الرهن مانع من التصرف فليس له الانتفاع
به كما كان ينتفع به قبل الرهن قاله الشيخ رحمه الله وقال الشافعي له الانتفاع كما كان ولو رهنه ثوبا فاشتبه عليه بغيره فسلم إليه أحدهما لم يثبت القبض لعدم العلم بأنه اقبضه الرهن فان
ثبت انه الرهن تبينا صحة القبض ولو سلم إليه الثوبين معا صح القبض لأنه قد قبض الرهن قطعا ولو رهنه دارا فخلى بينه وبينها وهما فيها ثم خرج الراهن صح القبض في النصف
وقال الشافعي يصح القبض في الجميع لان التخلية يصح بقوله مع التمكين منها وعدم المانع فأشبه ما لو كانا خارجين عنها وقال أبو حنيفة لا يصح حتى يخلي بينه وبينها بعد خروجه
منها لأنه ما كان في الدار فيده عليها فلم يحصل التخلية واعترض بان خروج المرتهن منها لا يزيل يده عنها ودخوله إلى دار غيره لا يثبت يده عليها ولأنه بخروجه عنها محقق لقوله
فلا معنى لإعادة التخلية. مسألة: قد بينا انه يصح رهن العبد الجاني لبقاء الملك فيه لكن يقدم حق الجناية على حق الرهن لأنه متقدم عليه لو تأخر فمع التقدم
أولي ثم إن اقتص منه في النفس بطل الرهن وان اقتص في الطرف بقي الباقي رهنا بحاله وإن كانت الجناية خطأ فإن كان الأرش أقل من قيمته كان الفاضل منه رهنا وان ساواها أو
زاد فان سلمه المالك إلى المجني عليه في الجناية بطل الرهن وان فداه سقط الأرش عن رقبته وبقي العبد رهنا وان بيع في الجناية فسخ الرهن ثم إن استوعبت الجناية قيمته بطل الرهن
والا بيع بقدرها وكان الباقي رهنا والشيخ رحمه الله أبطل رهن الجاني عمدا أو خطأ لأنه إن كانت عمدا فقد وجب عليه القصاص وإن كانت خطأ فلسيده ان يسلمه إلى من جنى عليه فإنها
يتعلق برقبة العبد والسيد بالخيار بين ان يسلمه ليباع في الجناية وبين ان يفديه وأيهما فعل فالرهن على البطلان لأنه وقع باطلا في الأصل فلا يصح حتى يستأنف والوجه ما قلناه
ولو كانت الجناية أقل من قيمته ولم يمكن بيع بعضه بيع كله واعطى المجني عليه حقه وكان الباقي رهنا مكانه ولو فداه غير السيد أو أبرأه المجني عليه بقي رهنا كما كان
مسألة: قد بينا انه يصح رهن المدبر ويبطل التدبير لأنه وصية فكان الرهن رجوعا فيه كما لو اوصى به لزيد ثم رهنه فإنه يكون رجوعا عن الوصية ويصح الرهن قال
الشيخ رحمه الله وان قلنا إن الرهن صحيح والتدبير بحاله كان قويا لعدم دليل على ابطاله قال فعلى هذا إذا حل الاجل في الدين وقضاه المديون من غير الرهن كان جايزا وان باعه كان
له ذلك وان امتنع من أداء الدين نظر الحاكم فإن كان له مال غيره قضى دينه منه وزال الرهن من العبد وكان مدبرا بحاله وان لم يكن له مال غيره باعه الحاكم في الدين وزال
الرهن والتدبير معا. مسألة: إذا رهن جارية ذات ولد صغير صح فان علم المرتهن لم يكن له الرد ولا فسخ البيع المشروط فيه الرهن المذكور ولو لم يعلم أن لها ولدا صغيرا
دون سبع سنين ثم علم كان له ردها و؟ فسخ البيع أو لشروط رهنها ان حرمنا التفرقة لان ذلك نقص في الرهن فان بيعها منفردة أكثر لثمنها وهو غير جايز هنا لتحريم التفرقة
في البيع فان اختار امضاء الرهن ورضى بالنقص فهو بمنزلة العالم يبطل خياره في فسخ البيع ولو رهن أرضا بيضاء لم يكن له غرسها فان نبت فيها نخل بغرسه أو يحمل السيل إليها
نوى فنبت لم يدخل في الرهن وليس للمرتهن قلعه فان حل الدين ولم يقبض الا منها فان وفى ثمنها بالدين بيعت من غير نخل ويترك النخل على ملك الراهن ولو لم يف الا ان الغرس
الذي فيها لم ينقص ثمنها بيعت الأرض للمرتهن ولم يجب بيع الأشجار معها ولو نقص تخير الراهن بين بيعها جميعا وبين قلع الشجر وتسليم الأرض سليمة من الحفر ليباع للمرتهن
إذا لم يكن مفلسا فان فلس لم يجز قلعه بل يباعان ويدفع إلى المرتهن ما قابل أرضا بيضاء والباقي خارج عنه. مسألة: لو رهن عبدين وسلم أحدهما إلى المرتهن
47

فمات في يده وامتنع من تسليم الأخر قال الشيخ رحمه الله لم يكن للمرتهن الخيار في فسخ البيع لان الخيار في فسخ العيب انما يثبت إذا رد الرهن ولا يمكنه رد ما قبضه لفواته وكذلك إذا قبض
أحدهما وحدث به عيب في يده وامتنع الراهن من تسليم الأخر إليه لم يكن له الخيار في فسخ البيع لأنه لا يجوز له رد المعيب للعيب الحادث في يده والوجه أن يقول إن جعلنا القبض شرطا
في الرهن أو شرطاه تخير المرتهن في البيع حيث لم يف الراهن بما شرطه. مسألة: إذا اشترى شيئا بثمن على أن يكون المبيع رهنا قال الشيخ رحمه الله لا يصح البيع وبه قال الشافعي لان شرطه
ان يكون رهنا لا يصح لأنه شرط ان يرهن مالا يملك فان البيع لا يملكه المشتري قبل تمام العقد وإذا بطل الرهن بطل البيع لان البيع يقضي ايفاء الثمن من غير المبيع والرهن
يقتضي ايفاء الثمن من ثمن المبيع وذلك متناقض ولان الرهن يقتضى ان يكون أمانة في يد البايع والبيع يقتضي ان يكون المبيع مضمونا عليه وذلك متناقض واما
إذا شرط البايع ان يسلم المبيع إلى المشتري ثم يرده إلى يده رهنا بالثمن فان الرهن والبيع فاسدان كالأولى لا يقال أليس يصح شرط الرهن في العقد وإن كان الثمن لم يملكه البايع
لأنا نقول انما جوزنا ذلك لموضع الحاجة إلى شرطه ليصير حقا للبايع بخلاف مسئلتنا واما البيع فلا يصح أيضا عند الشافعية لان هذا استثناء منفعة المبيع وذلك
لا يجوز عندهم ولان البيع يقتضي ايفاء الثمن من غير البيع والرهن يقتضي ايفاء الدين منه ولان البيع يقتضي تسليم المبيع أولا والرهن يقتضي تسليم الدين أولا والبيع
يقتضي أيضا ان يكون امساك البايع مضمونا والرهن يقتضي ان يكون امساك المرتهن أمانة وذلك يوجب تناقض احكامها. مسألة: إذا رهن شيئا عند آخر فأيهما
مات قام وارثه مقامه في حق الرهن فإن كان الميت هو المرتهن ورث وارثه حق الوثيقة لان ذلك مما يورث الا ان للراهن ان يمتنع من كونه في يده لأنه قد رضي بأمانة
المرتهن ولم يرض بأمانة وارثه فله مطالبته بنقله إلى يد عدل وإن كان الميت هو الراهن قام وارثه مقامه في الرهن فيكون مستحقا عليه كما كان مستحقا على الراهن الا
ان الدين الذي كان مؤجلا في حق الراهن يصير حالا في حق وارثه لان الاجل لا يورث ويسقط بموت من عليه الدين وجملة ذلك ان وارث المرتهن يقوم مقام المرتهن الا في القبض
ووارث الراهن يقوم مقام الراهن الا في الاجل في الدين. مسألة: لو أراد الراهن أو المرتهن ان يقطع شيئا من الثمرة قبل محل الحق فإن كان بعد ادراكها وبلوغها
أوان اخذها وكان في قطعه مصلحة له وفي تركها مضرة أجبر الممتنع على القطع لان فيه صلاحا لهما جميعا وإن كان قبل ادراكها فإن كان للتخفيف عن الأصول أو لازدحام
بعضها على بعض وكان في قطع بعضها مصلحة للثمرة فإنه إذا قطع منها كان أقوى لثمرتها وأزكى لها فإذا كان كذلك قطع منها واجبر الممتنع وإن كان لا مصلحة في قطعها فإنه يمنع
من قطعها ولا يجبر الممتنع عليه فان اتفقا جميعا على قطعها أو قطع بعضها كان لهما لان الحق لهما فإذا رضيا بذلك لم يمنعا وما يلزم القطع من المؤنة فعلى الراهن فإن لم
يكن حاضرا اخذ الحاكم من ماله وأنفق عليه ولو لم يكن مال اخذ من الثمرة بقدر الأجرة فان قال المرتهن انا أنفق عليه على اني ارجع بها في مال الراهن اذن له الحاكم في ذلك فان
قال أنفق في ذلك على أن يكون الثمرة رهنا بها مع الدين الذي عنده جاز أيضا قال الشيخ رحمه الله ومن الناس من منع منه وهو الأحوط فان استأجر المرتهن من ماله بغير اذن
الحاكم فإن كان الحاكم مقدورا عليه لم يرجع على الراهن لأنه متطوع به وان لم يكن مقدورا عليه فان اشهد عليه عدلين انه يستأجر ليرجع بالأجرة عليه فيه قولان فإن لم يشهد
لم يكن له الرجوع. مسألة: يجب على المرتهن إذا قبض الرهن ان يحفظه كما يحفظ الوديعة لأنه أمانة في يده لغيره فلا يجوز له التفريط فيها ولا يجوز له ان يسلمه إلى غيره
وإن كان زوجة أو ولدا أو من هو في عياله وقال أبو حنيفة له ان يحفظه بنفسه وولده زوجته وخادمه الذي في عياله ولو حفظ بغير من في عياله أو أودعه ضمن
وليس بجيد ولو رهنه خاتما فجعله في خنصره فإن كان واسعا ضمنه لسقوطه غالبا والا فلا وقال أبو حنيفة يضمنه مطلقا لأنه مأذون في الحفظ دون الاستعمال وهذا لبس
واستعمال فصار ضامنا سواء في ذلك اليمنى أو اليسرى لان الناس يختلفون فيه تجملا ونحن نقول إن قصد التجمل والاستعمال ضمن والا فلا ولو جعله في بقية الأصابع كان
رهنا بما فيه عند أبي حنيفة وهو مذهبنا لأنه لا يلبس كذلك عادة فكان من باب الحفظ دون الاستعمال قال ولو رهنه سيفين فتقلدهما ضمن لان العادة قد جرت
بتقليد سيفين في الحرب ولو كانت ثلاثة فتقلدها لم يضمن لعدم جريان العادة بلبس الثلاثة قال ولو لبس خاتما فوق خاتم فإن كان ممن يتجمل بلبس خاتمين ضمن وإن كان
لا يتجمل بذلك فهو حافظ لا لابس والضابط ما قلناه من أنه ان قصد الاستعمال ضمن والا فلا. مسألة: قد بينا ان اجرة البيت الذي يحفظ فيه الرهن على الراهن
وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة انه على المرتهن وكذا اجرة الحافظ واما اجرة الراعي ونفقة الرهن فإنها على الراهن عنده والأصل ان ما يرجع إلى البقاء يكون على الراهن سواء
كان في الرهن فضل أو لا لبقاء العين على ملكه ومنافعها مملوكة له فيكون ابقاؤها عليه لأنه مؤنة ملكه كما في الوديعة وذلك مثل النفقة في ماكله ومشربه واجرة الراعي
لأنه يحتاج إليه لعلف الحيوان فهو كالطعام والشراب ومن هذا الجنس كسوة الرقيق واجرة ظئر ولد الرهن وسقي البستان وتلقيح النخل وجذاذه والقيام بمصالحه واما ما
يرجع إلى حفظه فهو على المرتهن كأجرة الحافظ لان الحفظ واجب عليه والامساك حق له فيكون بدله عليه وكذا اجرة البيت الذي يحفظ فيه الرهن لان الحفظ على المرتهن
ولا يتأتى الحفظ الا في منزل فمؤنة ذلك يكون على المرتهن وهذا لأنه في الحفظ عامل لنفسه لأنه يقصد به اضجار الراهن وقال أبو يوسف كري المأوى على الراهن لأنه بمنزلة
النفقة لكونه سعيا في تبقيته وما يلزمه لرد العين فهو على المرتهن وذلك كجعل الآبق لان يد الاستيفاء كانت ثابتة على المحل ويحتاج إلى إعادة يد الاستيفاء ليرده
على المالك فكانت من مؤن الرد فيكون عليه هذا إذا تساوت قيمة الدين والرهن فإن كانت قيمة الرهن أكثر فعلى المرتهن بقدر المضمون لان الرهن عنده مضمون وعلى الراهن
بقدر الأمانة لان في قدر الأمانة بمنزلة المودع بخلاف اجرة البيت فإنه يجب الكل على المرتهن وإن كان في قيمة الرهن فضل لان ذلك انما لزمه بسبب الحبس وحق الحبس في الكل ثابت
له واما الجعل وانما لزمه لأجل الضمان فيتقدر بقدر المضمون واما مداواة القروح والجروح ومعالجة الأمراض من الجناية ينقسم بقدر الأمانة والضمان لأنها للاصلاح
وبالاصلاح ينتفع المرتهن في المضمون والراهن في الأمانة والخراج على الراهن خاصة وهو جيد عندنا لأنه من مؤن الملك فيكون عليه كالنفقة والعشر فيما يخرج ويأخذه
الامام لان العشر متعلق به العين فيكون متقدما على حق المرتهن ولا يبطل الرهن في الباقي بخلاف ما إذا استحق بعض الرهن شايعا لان تعلق العشر بالخارج ولا يخرجه عن
ملكه ولهذا يجوز بيعه والأداء من محل آخر بخلاف الاستحقاق. مسألة قد بينا في اختلاف الناس في أن القبض شرط في صحة الرهن أو لزومه أوليس شرطا فيهما
فالحنفية جعلوه شرطا في اللزوم وكذا الشافعية وبعض علمائنا خلافا للباقي من علمائنا والمالك حيث جعلوه لازما بمجرد الايجاب والقبول إذا عرفت هذا فالقبض هنا
كالقبض في البيع فقبض الدار بالتخلية بينه وبينها ويفتح له بابها أو يسلم إليه مفتاحها ولو خلى بينه وبينها وفيها قماش للراهن صح التسليم عندنا وعند الشافعي خلافا لأبي حنيفة
وكذا يقول لو رهنه دابة عليها حمل للراهن وسلم الجميع إليه صح القبض عندنا وعند الشافعي خلافا لأبي حنيفة) ولو رهنه الحمل خاصة دون الدابة ورهنهما معا صح القبض عندنا وعند أبي حنيفة إما إذا رهنهما معا وسلمهما فظاهر واما إذا رهن الحمل فلان الحمل ليس مشغولا بالدابة
ولا هو تابع له فصار كما لو رهن متاعا في دار وليس بجيد لان كل ما كان قبضا في البيع كان قبضا في الرهن كالحمل وقد قال إذا رهنه سرج دابة ولجامها وسلمها بذلك لم يصح
القبض فيه لأنه تابع للدابة وهذا ينقض ما ذكرناه في الحمل وقوله إنه تابع يبطل به إذا باع الدابة فان السرج لا يدخل فيه على أن الدابة في يده فكذلك ما يتبعها قال ولو
48

رهن دابة عليها سرج أو لجام دخل ذلك في الرهن من غير ذكر وليس بمعتمد. مسألة: قد بينا انه لا يصح الرهن الا على دين ثابت في الذمة ولا يصح الرهن على
الأمانات كالوديعة والعارية ومال القراض ومال الشركة وشبهها من الأمانات وبه قال أبو حنيفة وعلل بان موجب الرهن ثبوت يد الاستيفاء من الرهن فكان قبض
الرهن مضمونا فلا بد من ضمان ثابت ليقع القبض مضمونا ويتحقق استيفاء الدين منه ولا يصح الرهن عنده بالأعيان المضمونة بغيرها كالمبيع في يد البايع لأن المبيع ليس بمضمون
فإنه لو هلك لم يضمن البايع شيئا ولكن يسقط الثمن وهو حق البايع فلا يصح الرهن به فلو هلك لهلك بغير شئ لأنه لا اعتبار للباطل فبقى قبضا باذنه ويصح على الأعيان المضمونة
بنفسها وهو ان يكون مضمونا بالمثل عند الهلاك إن كان مثليا أو بالقيمة ان لم يكن مثليا كالمغصوب والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد لأن الضمان مقدر فإنه
إن كان قائما وجب تسليمه وإن كان هالكا يجب قيمته ولو كان رهنا بما هو مضمون يصح قال والرهن بالدرك باطل ويصح الكفالة بالدرك والفرق ان الرهن مشروع الاستيفاء
ولاستيفاء قبل الوجوب ولان الواجب هو الذي يستوفي وضمان الدرك هو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع فلا يجب قبل الاستحقاق فلا يصح مضافا إلى حال وجود الدين
لان الاستيفاء معاوضة فلا يحتمل الإضافة لان إضافة التملك إلى زمان في المستقبل لا يجوز والكفالة مشروعة لالتزام المطالبة لا لالتزام أصل الدين والتزام
الافعال لا يصح مضافا إلى زمان الاستقبال كالتزام الصدقات والصيامات بالنذر وتفسير الرهن بالدرك كان يبيع رجل سلعة وقبض ثمنها وسلمها وخاف المشتري
الاستحقاق فاخذ بالثمن من البايع رهنا قبل الدرك فإنه باطل عنده حتى لا يملك حبس الرهن حل الدرك أو لم يحل وإذا هلك الرهن عنده كان أمانة حل الدرك أو لم يحل
لأنه لا عقد حيث وقع باطلا بخلاف الرهن بالدين الموعود بان يقول رهنتك هذا لتقرضني فقبض الرهن وهلك في يد المرتهن قبل ان يقرضه ألفا فإنه يهلك مضمونا
على المرتهن حتى يجب على المرتهن تسليم الألف إلى الراهن بعد الهلاك لان الموعود جعل كالموجود باعتبار الحاجة فكان الرهن حاصلا بعد القرض حكما إذ الظاهر أن الخلف
لا يجري في الوعد فكان مفضيا إلى الوجود غالبا بخلاف الرهن بالدرك لان الدرك لا يكون موجودا غالبا إذ الظاهر أن المسلم يبيع مال نفسه وهذا من اغرب الأشياء فان الدرك انما يثبت
إذا سبق السبب على الرهن فيكون مستحقا في الذمة والوعد بالقرض لا يثبت في الذمة شيئا فكيف يصح الرهن على الثاني دون الأول. مسألة: قد بينا ان الرهن أمانة
في يد المرتهن لا يسقط من الدين شئ بتلفه من غير تفريط خلافا لأبي حنيفة حيث قال يسقط من الدين بقدر ما تلف ونقص السعر لا يوجب سقوط شئ من الدين عنده
حتى لو رهن عبدا قيمته الف فنقص سعره حتى صار يساوي مائة لم يسقط شئ من الدين عند أبي حنيفة وقال زفر يسقط تسعمائة من الدين لنقصان المالية بتغير السعر كما لو
انتقصت المالية بتغير في البدن وهذا لأن الضمان الثابت بالرهن باعتبار المالية دون العين فإنه ضمان الاستيفاء والمالية ينتقص بنقصان السعر كما ينتقص بنقصان
العيب احتج أبو حنيفة بان نقصان السعر عبارة عن فتور رغبات الناس فيه وهذا غير معتبر في شئ من العقود ولهذا لا يثبت الخيار للمشتري بنقصان السعر ولا يسقط شيئا
من الثمن ولو انتقص سعر المغصوب لا يضمن الغاصب شيئا بخلاف نقصان البدن لان يد الراهن يد الاستيفاء وبفوات جزء منه يفوت الاستيفاء فإذا لم يسقط شئ من الدين
بنقصان السعر بقي مرهونا بكل الدين ولو قتله حر غرم قيمته مائة لان المتلف يعتبر قيمته يوم الاتلاف لان الجابر بقدر الفايت فيقبض المرتهن قضاء بمثلها من الدين
لأنه ظفر بجبس حقه ولا يرجع على الراهن بشئ من تسعمائة لان الفضل على المائة تلف في ضمان المرتهن فصار هالكا بالدين لان يد المرتهن يد استيفاء وبالهلاك يتقرر الاستيفاء
وقد كانت قيمته في الابتداء ألفا فيصير مستوفيا للكل من الابتداء وصار كما لو هلك الرهن فإنه يسقط كل الدين ولو باعه بمائة هي قيمته المتنازلة أو قال له بعه بما شئت
فباعه بمائة وإن كانت قيمته ألفا صح عند أبي حنيفة وصاحبيه فيصير المرتهن وكيل الراهن لما باعه بإذن وصار كان الراهن استرده وباعه بنفسه فلو كان كذلك يبطل الرهن
ويبقى الدين الا بقدر ما استوفى كذا هنا وهذا كله عندنا ساقط لما عرفت من أن الرهن أمانة ولو قتل العبد المرهون قتيلا خطأ فلا ضمان على المرتهن عندنا وقال
أبو حنيفة يضمن لان العبد في ضمانه ويقال للمرتهن افد العبد من الجناية وليس للمرتهن ان يدفع العبد لان الدفع تمليك وهو لا يملك التمليك فإذا فداه ظهر المحل وبقي الدين
على حاله ولا يرجع على الراهن بشئ من الفداء عنده لان الجناية حصلت في ضمانه فكان عليه اصلاحها وان أبى المرتهن ان يفدي قيل للراهن ادفع العبد أو افده بالدية لان ملك
الرقبة للراهن وانما بذل المرتهن الفداء لقيام حقه فان أبى عن الفداء طولب الراهن بحكم الجناية ومن حكمها التخيير بين الدفع والفداء فان اختار الدفع سقط الدين لان العبد
استحق لمعنى في ضمان المرتهن فصار كالهلاك وكذا ان فدا لأنه استخلص لنفسه بالفداء وكان الفداء على المرتهن فصار العبد كالحاصل له بعوض كأنه اشتراه من ولي الجناية
مسألة: يجوز الزيادة في الرهن بان يرهن ثوبا قيمته عشرة بعشرة ثم زاد الراهن ثوبا اخر ليكون موهونا مع الأول بعشرة وان الثوبين يكونان رهنا بكل الدين
وكذا يجوز الزيادة في الدين بان يرهن عبدا بألف ثم يقترض ألفا أخرى ويجعل العبد رهنا بهما وبه قال أبو يوسف وقال أبو حنيفة ومحمد يجوز الزيادة في الرهن دون
الدين ومنع الشافعي وزفر من الزيادة فيهما والأصل معنا ثم إذا صحت الزيادة في الرهن يقسم الدين على قيمة الأول عند أبي حنيفة يوم القبض وعلى قيمة الزيادة يوم قبضت
لان حكم الرهن في الزيادة انما يثبت بقبض المرتهن فتعتبر قيمتها حين يثبت حكم الرهن فيها كما يعتبر ذلك في قيمة الأصل حتى لو كانت قيمة الأصل يوم قبضه ألفا وقيمة الزيادة
يوم قبضت خمسمائة والدين الف يقسم الدين أثلاثا في الزيادة ثلث الدين وفي الأصل ثلثا الدين والولد لا يستتبع الزيادة حال بقاء أصله لان الولد تبع فلا يستتبع غيره حتى
يقسم الدين أولا على الام والزيادة ثم ما أصاب الام يقسم بينها وبين ولدها وعلى قدر قيمتها فان حصلت الزيادة بعد هلاك الام يكون رهنا تبعا للولد لان الولد صار
أصلا حتى يقسم الدين أولا على الام والولد ثم ما أصاب الولد يقسم بينه وبين الزيادة بشرط بقاء الولد إلى وقت انفكاك الرهن فلو رهن أمة قيمتها الف فولدت ولدا قيمته الف وزاد
عبدا قيمته الف قسم الدين أولا على الام والولد نصفين سقط عنده بهلاكها نصف الدين وبقي في الولد نصف الدين وتبعه العبد وقسم ما فيه عليهما نصفين بشرط بقاء
الولد إلى وقت الفك حتى لو هلك الولد قبل فكه ظهر انه لم يكن في الولد شئ من الدين وان الام هلكت وكل الدين وان الزيادة لم يصح حتى لو هلك العبد أيضا قبل هلاك
الولد أو بعد هلاكه فذلك أمانة ولو لم يهلك الولد وزادت قيمته ألفا فصارت قيمته يوم الفك الفين فالدين يقسم أولا على الام والولد أثلاثا ثلثه في الام وقد سقط
بهلاكها وثلثاه في الولد ثم يقسم ذلك بينه وبين الزيادة أثلاثا ثلثاه في الولد وثلثه في الزيادة ولو نقصت قيمته فصارت خمسمائة يقسم بين الام والولد أثلاثا ثلثاه في
الام وقد سقط وثلثه في الولد ثم ما أصاب الولد يقسم بينه وبين الزيادة ثلثه في الولد وثلثاه في الزيادة. مسألة: لو رهن أمة قيمتها الف بألف ثم قضى الراهن
نصف دين المرتهن ثم زاد عبدا قيمته الف فالزيادة يكون رهنا تبعا لنصف الأمة لان نصفها فارغ من الدين فيكون محسوبا بالدين غير مشغول بالدين والنصف الآخر
مشغول بالدين غير محبوس به فالزيادة تبع للنصف المشغول لا للنصف الفارغ فيقسم الدين الذي في النصف المشغول عليه وعلى الزيادة أثلاثا ثلثه في النصف
المشغول وثلثاه في الزيادة وهذا عندنا باطل لان الرهن عندنا مشغول بالدين وبكل جزء منه قال أبو حنيفة فلو هلكت الأمة هلكت بثلثي الدين لان النصف الفارغ
49

مضمون بالدين وان لم يبق مشغولا بالدين الا ترى انه محبوس به فيهلك ذلك النصف الدين المؤدي حتى يجب
على المرتهن رد ذلك النصف الذي اخذ
لأنه بين ان الاستيفاء وقع مكررا لما مر من أنه يصير مستوفيا عند الهلاك بالقبض السابق ثم يهلك النصف بما فيه وهو ثلث النصف فلهذا قلنا بأنها تهلك بثلثي
الدين إذ نصف الدين مع ثلث النصف يكون ثلثي الدين ولو زاد أمة قيمتها خمسمائة فولدت الزيادة ولدا ثم ولدت الجارية ولدا يقسم الدين أولا بين نصف الجارية وبين
الزيادة فما أصاب الزيادة يقسم بينها وبين ولدها على قدر قيمتها وما أصاب نصف الجارية يقسم بينها وبين ولدها ولو وجد المرتهن نصف المقبوض رصاصا
أو طيوفا؟ يكون الزيادة رهنا تبعا للأمة يقسم الدين بينهما نصفين لان الاستيفاء لم يصح لأنهما ليسا من جنس الدراهم فصح الاستيفاء ولو رهن أمتين قيمة كل واحد الف
فولدت إحديهما ولدا قيمته الف فماتت الام وبقي الولد يقسم الدين بين الأمتين ثم ما في الام يقسم بينها وبين ولدها نصفين فسقط بهلاك الام ربع الدين وبقي في الولد ربعه
وفي الأمة الحية نصفه وهذا مبني على أصول ممنوعة. مسألة: لو رهن عبد يساوي ألفا بألف ثم أعطاه عبدا اخر يساوي ألفا مكان الأول خرج الأول عن
الرهن بالتقابل وقال أبو حنيفة يكون الأول رهنا حتى يرده على الراهن والمرتهن في الأخر امين حتى يجعله مكان الأول لأن الضمان في الأول متعلق بالقبض والدين فيبقى
ما بقي القبض والدين وإذا لم يوجد الرد بقي الأول رهنا في يده ومن ضرورة بقائه انه لا يثبت الثاني لان الراهن لم يرض بجعلها رهنا وانما رضي بأحدهما فإذا لم يخرج
الأول من ضمان الرهن لم يتعلق بالثاني ضمان فإذا رد الأول انتقض الرهن فيه وقام الثاني مقام الأول ثم قيل ما لم يقبض الثاني قبضا مستأنفا لم يصر مضمونا لان
القبض الأول لم يوجب الضمان لان يد المرتهن عليه يد أمانة ويد الراهن يد أمانة ويد المرتهن يد استيفاء وضمان فلا ينوب الأدنى عن الاعلى كمن له على اخر
جياد فاستوفى زيوفا ظنها جيادا ثم علم بالزيادة وطالبه بالجياد فاخذها فالجياد أمانة في يده ما لم يرد الزيوف ويجدد القبض وقيل لا يشترط تجديد القبض لان يد
الأمانة تنوب عن يد المرتهن لان الرهن تبرع كالهبة وقبض الأمانة ينوب عن قبض الهبة ولان عين الهبة أمانة والقبض يرد على العين فينوب قبض الأمانة عن قبض
العين. مسألة: تصرفات الراهن في الرهن ببيع أو هبة أو اجارة لا يقع باطلة من أصلها بل لو أجازها المرتهن لزمت فتقع صحيحة ولو فسخها المرتهن بطلت ولو لم
يعلم حتى قضى الراهن الدين وأبرأه المرتهن احتمل بقاؤها فيكون لازمة للراهن ولو رهن الراهن الرهن عند آخر فان قلنا بالبطلان فلا بحث والا بقي موقوفا على اجازة
المرتهن الأول فان اجازه احتمل بطلان رهنه فيكون رهنا بالدين الثاني وبقاء صحته فلو بيع قدم دين الثاني فان فضل شئ فان قلنا ببطلان الأول كان جميع الغرماء
أسوة فيه والا اختص به المرتهن الأول. مسألة: إذا أبرء المرتهن الراهن عن الدين أو وهبه له ثم هلك الرهن في يد المرتهن ولم يحدث منعا بعد الابراء هلك
بغير شئ ولا ضمان على المرتهن عندنا وبه قال أبو حنيفة استحسانا وقال زفر يضمن قيمته للراهن وهو القياس عندهم لان القبض وقع مضمونا فيبقى الضمان ما بقي
القبض ونحن نمنع الضمان ولو ارتهنت امرأة رهنا بصداقها ثم أبرأته منه أو وهبته له أو ارتدت قبل الدخول أو اختلعت منه على صداقها ثم هلك الرهن في يدها هلك بغير
شئ ولم يضمن شيئا لسقوط الصداق فصار كالابراء عن الدين ولو استوفى المرتهن الدين بايفاء الراهن أو بايفاء متطوع ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين ويجب
عليه رد ما استوفى إلى من استوفي منه وهو من عليه الدين أو المتطوع عنده بخلاف الابراء والفرق ان الابراء يسقط الدين لوجود المسقط وبالاستيفاء لا يسقط
الدين بل يتقرر لكنه يتعذر المطالبة لخلوها عن الفائدة لأنه يعقبه مطالبة مثله فإذا هلك يتقرر الاستيفاء الأول فنبين انه استوفى مرتين فينتقض الاستيفاء الثاني
وكذا إذا أحال الراهن المرتهن بالدين على غيره ثم هلك الرهن بطلت الحوالة عنده ويهلك بالدين لان بالحوالة لا يسقط الدين عنده ولكن ذمة المحال عليه يقوم مقام ذمة المحيل
ولهذا يعود إلى ذمة المحيل إذا مات المحال عليه مفلسا وكذا لو تصادفا على أن لا دين ثم هلك الرهن يهلك بالدين لان الرهن عنده مضمون بالدين أو بجهته عند
توهم الوجود كما في الدين الموجود وقد بقيت الجهة لأنه يحتمل ان يتصادفا على قيام الدين بعد ان تصادقا على أن لا دين بخلاف الابراء لأنه مسقط ولو دفع مهر غيره
تطوعا فطلقت المراة قبل الوطي رجع المتطوع بنصف ما أدي عنده وكذا لو اشترى عبدا وتطوع رجل بأداء ثمنه ثم رد العبد بعيب رجع المتطوع بما أدي عنده
وقال زفر يرجع الزوج والمشتري بذلك على القابض لان المتطوع قضى عنهما فصار كقضائهما بامرهما ولو رهن شيئا عند اثنين فقال أحدهما ارتهنته انا وصاحبي بمائة
وأقام البينة وأنكر المرتهن الأخر والرهن في يدهما وأنكر الراهن الرهن يقضي للمدعي برهن نصفه ويوضع على يده ويد عدل فإذا قضى الراهن نصيب المدعي اخذ الرهن وبه
قال محمد بن الحسن وقال أبو يوسف وهو مروي عن أبي حنيفة لا يقضي بالراهن لواحد منهما ويرد الرهن على الراهن لأنه لو صح في النصف لكان مشاعا ورهن المشاع عنده باطل
وقد مر البحث فيه. المقصد الثالث: في التفليس وفيه فصول. الأول: المفلس من ذهب خيار ماله وبقي دونه وصار ماله فلوسا زيوفا
والافلاس مأخوذ من الفلوس وقولهم أفلس الرجل كقولهم أخبث اي صار أصحابه خبثاء لان ماله صار فلوسا وزيوفا ولم يبق له مال خطير وكقولهم أذل الرجل اي
صار إلى حالة يذل فيها وكذا أفلس اي صار إلى حالة يقال فيها ليس معه فلس أو يقال لم يبق معه الا الفلوس أو كقولهم أسهل الرجل واحزن إذا وصل إلى السهل والحزن لأنه
انتهى امره وما صرفه إلى الفلوس والأصل ان المفلس في العرف هو الذي لا مال له ولا ما يدفع به حاجته ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وآله أتدرون من المفلس قالوا يا رسول الله المفلس فينا
من لا درهم له ولا متاع قال ليس ذلك المفلس ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة حسناته أمثال الجبال ويأتي وقد ظلم هذا واخذ من عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته
وهذا من حسناته فان بقي عليه شئ اخذ من سيئاتهم فيرد عليه ثم صل في النار هذا في عرف اللغة واما في الشرع فقيل من عليه الديون لا يفي بها ماله وشمل من لا مال
له البتة ومن له مال قاصر سمي مفلسا وإن كان ذا مال لان ماله يستحق الصرف في جهة دينه فكأنه معدوم وقد دل عليه تفسير النبي صلى الله عليه وآله مفلس الآخرة فإنه أخبر ان له حسنات كالجبال
لكنها دون ما عليه فقسمت بين الغرماء فبقي لا حسنة له ومثل هذا الرجل يجوز للحاكم الحجر عليه بشرايط تأتي وهذا التعريف شامل لمن قصر ماله ولا مال له فيحجر عليه في المتجدد
باحتطاب؟ وشبهه والفلس سبب في الحجر بشروط خمسة المديونية وثبوت الديون عند الحاكم وحلولها وقصور ما في يده عنها والتماس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه
مسألة: إذا حجر الحاكم عليه ثبت حكمان تعلق الدين بماله وان تجددت المالية بعد الحجر حتى لا ينفذ تصرفه فيه بما يضر الغرماء ولا يزاحمها الديون الحادثة والثاني
ان من وجد عند المفلس عين ماله كان أحق به من غيره ولو مات مفلسا قبل ان يحجر عليه تعلقت الديون بالتركة لا فرق بين المفلس وغيره وهل يختص الغريم بعين ماله
الأقرب ان له الرجوع إن كان ما تركه المفلس يفي بالديون وان قصر فلا وقال أبو حنيفة ليس للحاكم ان يحجر عليه فان أدي اجتهاده إلى الحجر عليه وفعل وأمضاه حاكم ثبت الحجر وليس له
التصرف في ماله الا ان المبيع الذي يكون في يده يكون أسوة الغرماء وليس للبايع الرجوع فيه وهو خطأ فان النبي صلى الله عليه وآله حجر على معاذ قال عبد الرحمان بن كعب
كان معاذ بن جبل من أفضل شباب قومه لم يكن يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى أغرق ماله في الدين فكلم النبي صلى الله عليه وآله غرمائه فلو ترك أحد من أجل أحد لترك معاذ من أجل النبي صلى الله عليه وآله
50

فباع لهم رسول الله ماله حتى قام معاذ بغير شئ قيل انما لم يترك لمعاذ حين كلموا النبي صلى الله عليه وآله لانهم كانوا يهودا. مسألة: إذا مات المفلس ووجد البايع عين ماله فقد نقلنا
الخلاف فيه وقلنا انه لا يختص به البايع الا مع الوفاء وبه قال مالك خلافا للشافعي واحمد وذلك لان الميت قد انقطع تحصيله ولا ذمة له فلو خصصنا البايع بسلعته
مع عدم وفاء التركة بالديون كان اضرارا بباقي الديان لحصول اليأس من استيفاء الحق منه فوجب اشتراك جميع الديان في جميع التركة عملا بالعدل ولان الأصل
عدم الرجوع لانتقال العين إلى المفلس بالشراء ترك العمل به في صورة الحي للاجماع والنص فيبقي الباقي على حكم الأصل ولما رواه العامة من قول النبي صلى الله عليه وآله أيما رجل باع
متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البايع من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به وان مات فهو أسوة الغرماء ومن طريق الخاصة ما رواه أبو ولاد في الصحيح عن الصادق (ع)
قال سألته عن رجل باع من رجل متاعا إلى سنة فمات المشتري قبل ان يحل ماله وأصاب البايع متاعه بعينه له ان يأخذه إذا تحقق له قال فقال إن كان عليه دين وترك
نحوا مما عليه فيأخذ ان تحقق له ولو لم يترك نحوا من دينه فان صاحب المتاع كواحد ممن له عليه شئ يأخذ بحصته ولا سبيل له على المتاع إذا عرفت هذا فاعلم أن أكثر الشافعية
ذهبوا إلى أنه إذا مات وخلف وفاء لم يكن لصاحب السلعة الرجوع فيها وقال بعضهم ان له ان يرجع فيها إذا مات المشتري وخلف وفاء كما ذهبنا إليه لما قلناه من حديث
أبي هريرة وما رويناه من طريق الخاصة عن الصادق (ع) ولان قبض ثمن السلعة من التركة لا يستقر لأنه ربما ظهر غريم اخر فيلزمه رد بعض ما اخذه أو وكله واحتج الشافعي
بان ماله يفي بقضاء ديونه فلم يكن لصاحب السلعة الرجوع فيها كما لو كان حيا والفرق ظاهر فان الحي يرجع إلى ذمته لو خرج المقبوض مستحقا بخلاف الميت واعلم أن الشافعي
رد على مالك حيث لم يجوز له الرجوع بعين المال بعد موت المفلس قال قد جعلتم للورثة أكثر مما للموروث الذي عليه ملكوا وأكثر حال الوارث الا ان يكون له الا ما للميت
وقد اعترضه المزني بأنه قال في الحبس إذا هلك أهله رجع إلى أقرب الناس بالمحبس فجعل لأقرب الناس بالمحبس ما لم يجعل للمحبس وأجيب عن كلام المزني بان الواقف إذا وقف
وقفا منقطعا هل يصح قولان فان قلنا يصح فإنه يرجع إذا انقرض الموقوف عليهم إلى الفقراء من أقارب الواقف لا على سبيل الميراث عنه وانما جعله صدقة وسبيل الصدقة
الفقراء والمساكين فجعل أقارب الواقف أولي من غيرهم فاما الواقف فلا يرجع عليه صدقته لأنه لا يكون متصدقا على نفسه وفي مسئلتنا هذه جعل حق الورثة اكد
من حق مورثهم فاختلفا. مسألة: المنع من التصرف يفتقر إلى حكم الحاكم بالحجر اجماعا فلو لم يحجر عليه الحاكم نفذت تصرفات المفلس بأسرها وليس للغرماء منعه من شئ
منها الا بعد حجر الحاكم عليه إما الرجوع إلى عين المبيع أو عين القرض أو غير ذلك من أمواله التي هي معوضات الديون فهل يفتقر صاحبها إلى سبق الحجر كمنع التصرف أم لا
فيه اشكال ينشأ من قوله صلى الله عليه وآله أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه الذي رواه العامة أثبت الأحقية بمجرد الافلاس ومن طريق الخاصة رواية الكاظم (ع)
وقد سأله عمرو بن يزيد عن الرجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال لا تحاصه الغرماء ولم يشرط في ذلك الحجر ومن انه مال انتقل إليه بعقد شرعي فلا يخرج
عنه الا بوجه شرعي ولا وجه الا الحجر فإنه يمنعه من التصرف فيه فيتحقق حينئذ أولوية البايع والمقرض وغيرهما بعين أموالهم على أن الأحقية في حديث العامة لا يقتضي الاخذ
بدون الحجر فيجوز ان يكون أحق على معنى انه التمكن من الرجوع إلى عينه بسلوك الأسباب المفضية إليه ومن جملتها طلب الحجر والافلاس يفيد الأحقية وكذا في حديث الكاظم (ع)
في قوله لا تحاصه الغرماء فإنه لا يقتضي جواز الاخذ من غير حجر. الفصل الثاني: في شرايط الحجر عليه قد ذكرنا ان الشرايط خمسة المديونية ولا بد منه فان من لا
دين عليه لا يجوز الحجر عليه غنيا كان أو فقيرا مع بلوغه ورشده وعدم سفهه فلو حجر عليه الحاكم كان لغوا ولو استدان بعد ذلك لم يمنع من الاستدانة وكذا لا يمنع من ساير
التصرفات ولا يؤثر الحجر في منعه من التصرف فيما اكتسبه من الأموال ولان سؤال الغرماء شرط في الحجر فلا يتحقق من دون الدين. مسألة: من شرايط الحجر قصور
أموال المديون عن الديون فلو ساوت الديون أو فضلت عنها لم يجز الحجر عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعي لأصالة عدم الحجر ورفع اليد عن العاقل ثبت خلافه فيما إذا
قصرت أمواله عن ديونه حفظا لأموال الغرماء فبقى الباقي على الأصل ولان الغرماء يمكنهم المطالبة بحقوقهم واستيفاءها في الحال والثاني له الحجر إذا ظهرت عليه امارات
الفلس وهو ممنوع لان في ماله وفاء ديونه فلم يحجر عليه كما لو لم يظهر امارات الفلس وقال أبو حنيفة لا يجوز الحجر مطلقا بل يحبس الغريم ابدا إلى أن يقضيه. فروع: أ: لا فرق
عندنا في المنع من الحجر مع وفاء ماله بديونه بين ان يظهر عليه امارات الفلس مثل ان يكون نفقته من رأس ماله أو يكون ما في يده بإزاء دينه ولا وجه لنفقته الا ما في يده
أو لا يظهر بان يكون نفقته في كسبه أو ربح رأس ماله خلافا للشافعي. ب: إذا كان ماله يفي بديونه لم يحجر عليه اجماعا بل يطالب بالديون فان قضاها والا تخير الحاكم مع
طلب أربابها منه بين حبسه إلى أن يقضي المال وبين ان يبيع متاعه عليه ويقضي به الدين وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة حيث أوجب الحبس ومنع من البيع. ج: إذا رفع
الغرماء الغريم إلى الحاكم وسألوه الحجر عليه لم يجبهم إلى ذلك حتى يثبت عنده الديون وقصور أمواله فينظر في ماله هل يفي بديونه أم لا فينظر مقدار ما عليه من الديون ويقوم
ماله بذلك. د: معوضات الديون والأعيان التي أثمانها عليه يقوم من جملة أمواله وهو أحد قولي الشافعية لان أصحابها بالخيار بين ان يرجعوا وبين ان لا يرجعوا
ويطالبوه بالثمن وفي الثاني لا يقدم لان لأربابها الرجوع فيها فلا يحسب أثمانها عليه ولا يقومها مع ماله وما قلناه أقوى. ه‍: قد قلنا إنه إذا كان في أمواله وفاء لديونه لم يحجر
عليه وللشافعي قول اخر انه يحجر عليه مع ظهور امارات الفلس فحينئذ على قوله هل يكون لمن وجد متاعه بعينه ان يرجع له وجهان أحدهما له ذلك لقوله (ع) فصاحب المتاع أحق
بمتاعه ولم يفصل ولان الحجر موجود والثاني ليس له الرجوع فيها لأنه يصل إلى ثمنها من مال المشترى من غير تبرع الغرماء فلم يكن له الرجوع في العين كما قبل الحجر. و: لو لم يكن له مال البتة ففي جواز الحجر عليه اشكال ينشأ من عدم فايدة الحجر وهي التحفظ بما
في يده عن الاتلاف ومن الاكتفاء بمجرد الدين لجواز الحجر منعا له من التصرف فيما عساه يتجدد في ملكه باصطياد واتهاب وظفر بركاز وغيرها. مسألة من شرايط
الحجر ثبوت الدين عند الحاكم لان المتولي للحجر الحاكم وليس له الحجر مجانا بقول من كان بل ما لم يثبت الديون إما بالبينة أو بالاقرار لم يجز له الحجر. مسألة: ومن الشرايط
كون الديون حالة فلو كانت مؤجلة لم يجز الحجر بها سواء كان ماله يفي بها أو لا لأنه ليس لهم المطالبة في الحال وربما يجد الوفاء عند توجه المطالبة فلا تعجل عقوبته بمنعه من التصرف
ولو كان البعض حالا والباقي مؤجلا فان وفت أمواله بالديون الحالة فلا حجر لعدم اعتبار الديون المؤجلة وان قصرت عنها وجب الحجر وإذا حجر عليه بالديون الحالة لم يحل
عليه الديون المؤجلة وهو أصح قولي الشافعية واختاره المزني واحمد في إحدى الروايتين لان المقصود من التأجيل التخفيف ليكتسب في مدة الاجل ما يقضي به الدين وهذا
المقصود غير ثابت بخلاف الميت فان توقع الاكتساب منه قد بطل ولأنه دين مؤجل على حي فلا يحل قبل اجله كغير المفلس بخلاف الميت فان ذمته قد بطلت والثاني للشافعي
انها تحل وبه قال مالك واحمد في الرواية الأخرى لان الافلاس سبب في تعلق الدين بالمال فاسقط الاجل كالموت وقد مر الفرق ورتب بعض الشافعية هذين القولين على
القولين في أن من عليه الدين المؤجل لو جن هل يحل الاجل وان الحلول في صورة الجنون أولي لان المجنون لا استقلال له كالميت ووليه ينوب عنه كما ينوب الوارث عن
الميت ورأى الجويني الترتيب بالعكس أولي لان ولي المجنون له ان يبتاع له بثمن مؤجل عند ظهور المصلحة فإذا لم يمنع الجنون التأجيل ابتداء فلئن لا يقطع الاجل دواما كان
51

أولي وعندنا ان الجنون لا يوجب الحلول. مسألة: انما يقسم الحاكم أمواله على الديون الحالة خاصة على ما اخترناه من عدم حلول المؤجلة فيبيع أمواله ويقسمها على
الحالة بالنسبة ولا يدخر شيئا لأصحاب الديون المؤجلة ولا يدام الحجر بعد القسمة لأصحاب الديون المؤجلة كما لا يحجر بها ابتداء وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخر انها تحل
الديون المؤجلة فيقسم المال بين أصحاب هذه الديون والديون الحالة ابتداء كما لو مات وإن كان في الديون المؤجلة ما كان ثمن مبيع وهو قائم عند المفلس فلصاحبه الرجوع إلى عين
ماله عنده كما لو كان حالا ابتداء وقال بعض الشافعية فائدة الحلول ان لا يتعلق بذلك المتاع حق غير بايعه ويكون محفوظا إلى مضى المدة فان وجد المفلس وفاء فذلك
والا فحينئذ يفسخ وقيل لا يفسخ حينئذ أيضا بل لو باع بثمن مؤجل وحل الاجل ثم أفلس المشتري وحجر عليه فليس للبايع الفسخ والرجوع إلى المبيع لان البيع بالثمن المؤجل يقطع حق البايع عن
المبيع بالكلية ولهذا يثبت فيه حق الحبس للبايع والأصح عندهم الأول وقال احمد يكون موقوفا إلى أن يحل الدين فيفسخ البايع ان شاء أو يترك. مسألة: لو اشترى بعد
الحجر عليه أمتعة بأثمان مؤجلة أو حالة دخلت في البيع في قضاء الديون كساير أموال المفلس لأنه ملكها بالبيع فكانت كغيرها وليس لبايعها تعلق بها لأنه لا مطالبة له في
الحال إن كانت مؤجلة على ما اخترناه من عدم حلول المؤجل بالحجر وهو أصح وجهي الشافعية على القول بعدم الحلول والثاني انها لا تباع فإنها كالمرهونة بحقوق بايعها
بل توقف إلى انقضاء الأجل فان انقضى والحجر باق يثبت حق الفسخ وان اطلق فكذلك ولا حاجة إلى إعادة الحجر بل عزلها وانتظار الاجل كابقاء الحجر بالإضافة إلى المبيع وعلى
ما اخترناه من جواز بيعها لو لم يتفق بيعها وقسمتها حتى حل الاجل فالأقرب جواز الفسخ الان وللشافعية وجهان ولو اشتراها بثمن حال كان لصاحبها الاختصاص أو الضرب
بالثمن مع الجهل ومع العلم الصبر ويحتمل الضرب وكذا المقرض ونقل الجويني وجها آخر فيما إذا كان الثمن مؤجلا انه لابد من إعادة الحجر ليثبت حق الفسخ ولو لم
يكن عليه الا ديون مؤجلة وطلب أصحابها الحجر لم يجابوا وهو أصح وجهي الشافعية لان طلب الحجر فرع طلب الدين وعين تحصيله فلا يتقدم عليه والثاني نعم لانهم يتوسلون به
إلى الحلول والمطالبة. مسألة: قد ذكرنا انه يشترط كون الديون زايدة على قدر ماله فلو كانت مساوية والرجل كسوب يتفق من كسبه فلا حجر وان ظهرت امارات الافلاس
وقد تقدم ان للشافعي وجهين فيما إذا ظهرت امارات الافلاس الفلس ويجري الوجهان فيما إذا كانت الديون أقل وكان بحيث يغلب على الظن انتهاؤها إلى حد المساواة
ومنه إلى الزيادة لكثرة النفقة وهذه الصورة عندهم أولي بالمنع وإذا حجرنا في صورة المساواة فهل لمن وجد عين ماله عند المفلس الرجوع فيه وجهان أحدهما نعم لاطلاق
الحديث والثاني لا لتمكنه من استيفاء الثمن بتمامه وهل تدخل هذه الأعيان في حساب أمواله وأثمانها في حساب ديونه فيه عندهم وجهان وقال بعضهم ان الوجهين مبنيان
على الوجهين في جواز الرجوع في الصورة السابقة ان لم بثبت الرجوع أدخلت رجاء الوفاء وان أثبتناه فلا وهذا كله ساقط عندنا وقد عرفت مذهبنا فيه وان الحجر انما
يثبت مع القصور لا مع المساواة. مسألة يشترط في الحجر التماس الغرماء من الحاكم ذلك وليس للحاكم ان يتولى ذلك من غير طلبهم لأنه حق لهم وهو لمصلحة الغرماء
والمفلس وهم ناظرون لأنفسهم لا يحكم الحاكم عليهم نعم لو كانت الديون لمن للحاكم عليه ولاية كان له الحجر لأنه الغريم في الحقيقة فله التماس ذلك من نفسه
وفعله كما لو كانت الديون لمجانين أو أطفال أو المحجور عليهم بالسفه وكان وليهم الحاكم تولاه القاضي لمصلحتهم من غير التماس. فروع: أ: لو كان الدين للغياب لم يحجر عليه
الحاكم لان الحاكم لا يستوفي ما للغياب في الذمم بل يحفظ أعيان أموالهم. ب: لو التمس بعض الغرماء الحجر دون بعض فإن كانت ديون الملتمسين قدرا يجوز الحجر بها حجر عليه
لذلك القدر وأجيبوا إلى ذلك ثم لا يختص الحجر بهم بل يعم اثره الجميع وان لم يكن ديونهم زايدة على أمواله فالأقرب جواز الحجر ولا ينتظر التماس الباقين لئلا يضيع على المتمس
ماله بتكامل غيره ويحتمل العدم وهو أظهر الوجهين عند الشافعية. ج: لو لم يلتمس أحد من الغرماء الحجر فالتمسه المفلس فالأقرب عندي جواز الحجر عليه لان في الحجر مصلحة
للمفلس كما فيه مصلحة للغرماء وكما أجبنا الغرماء إلى تحصيل ملتمسهم حفظا لحقوقهم كذا يجب ان يجاب المفلس تحصيلا لحقه وهو حفظ أموال الغرماء ليسلم من المطالبة
والاثم وإذا تحقق ثبوت غرض للمفلس صحيح في الحجر عليه أجيب إليه وقد روى أن حجر النبي صلى الله عليه وآله على معاذ كان بالتماس من معاذ دون طلب الغرماء وهو أحد وجهي
الشافعي والثاني لايجاب المفلس إليه لان الحرية والرشد ينافيان الحجر وانما يصار إلى الحجر إذا حقت طلبه الغرماء. الفصل الثالث: في احكام الحجر. إذا حجر الحاكم
على المديون ثبتت احكام أربعة منعه من التصرف في ماله وبيع ماله للقسمة على الديون واختصاص صاحب العين بها وحبسه إلى ثبوت اعساره فهنا مباحث أربعة
البحث الأول: في منعه من التصرف. مسألة: يستحب للحاكم الاعلام بالحجر والنداء على المفلس ويشهد الحاكم عليه بأنه قد حجر عليه والاعلان بذلك بحيث
لا يستضر معاملوه فإذا حجر عليه منعه من التصرف المبتدأ في المال الموجود عند الحجر بعوض أو غيره سواء ساوى العوض أو قصر والتصرف قسمان إما ان يصادف المال
أو لا والأول إما انشاء أو اقرار والأول ضربان ما يصادف المال إما بتحصيل ما ليس بحاصل كالاصطياد
والاحتطاب وقبول الوصية وهذا لا يمنع منه اجماعا لان الغرض
من الحجر منعه مما يتضرر به الغرماء واما تفويت ما هو حاصل فان تعلق بما بعد الموت كالتدبير والوصية صح فان حصل زيادة على الديون نفذت الوصية والا بطلت
وإن كان غير متعلق بالموت فاما ان يكون مورده عين مال أو ما في الذمة واما ان لا يكون تصرفه مصادفا للمال فلابد من البحث عن هذه الأقسام بعون الله تعالى
مسألة: كل تصرف للمفلس غير مصادف للمال فإنه لا يمنع مه لكماليته وعدم المانع من التصرف فيما تصرف فيه حيث لم يك مالا وذلك كالنكاح ولا يمنع منه
واما مؤنة النكاح فسيأتي انشاء الله تعالى وكذا الطلاق لا يمنع منه لان تصرفه هذا لم يصادف مالا بل هو اسقاط ما يجب عليه من المال فكان أولي بالجواز وإذا صح منه
الطلاق مجانا كان صحة الخلع الذي هو في الحقيقة طلاق بعوض أولي بالجواز وكذا يصح منه استيفاء القصاص لأنه ليس تصرفا في المال ولا يجب عليه قبول الدية وان بذل
الجاني لان القصاص شرع للتشفي ودفع الفساد والدية انما ثبتت صلحا وليس واجبا عليه تحصيل المال باسقاط حقه وكذا له العفو عن القصاص مجانا بغير عوض إما لو
وجبت له الدية بالأصالة كما في جناية الخطأ فإنه ليس له اسقاطها لأنه بمنزلة الابراء من الدين وكذا له استلحاق النسب إذ ليس ذلك تصرفا في المال وان وجبت المؤنة ضمنا
وكذا له نفيه باللعان وكذا لا يمنع من تحصيل المال بغير عوض كالاحتطاب وشبهه وقد سلف. مسألة: لو صادف تصرفه عين مال بالاتلاف إما بمعاوضة
كالبيع والإجارة أو بغير معاوضة كالهبة والعتق والكتابة أو بالمنع من الانتفاع كالرهن قال الشيخ رحمه الله يبطل تصرفه وهو أصح قولي الشافعي وبه قال مالك والمزني لأنه محجور عليه
بحكم الحاكم فوجب ان لا يصح تصرفه كما لو كان سفيها ولان أمواله قد تعلق بها حق الغرماء فأشبهت تعلق المرتهن ولأن هذه التصرفات غير نافذة في الحال اجماعا فلا يكون
نافذة فيما بعد لعدم الموجب والقول الثاني للشافعي ان هذه التصرفات لا يقع باطلة في نفسها بل يكون موقوفة فان فضل ما يصرف به عن الدين إما لارتفاع سعر
أو لابراء بعض المستحقين نفذ والا بان انه كان لغوا لأنه محجور عليه بحق الغرماء فلا يقع تصرفه باطلا في أصله كالمريض وهذا القول لا بأس به عندي والأول أقوى و
الفرق بينه وبين المريض ظاهر فان المريض غير محجور عليه ولهذا لو صرف المال في ملاذه وماكله ومشربه لم يمنع منه بخلاف صورة النزاع. مسألة: ان قلنا ببطلان
التصرفات فلا بحث وان قلنا إنها تقع موقوفة فان فضل ما تصرف فيه وانفك الحجر ففي نفوذه للشافعي قولان وإذا لم يف بديونه نقضنا الأخف فالأخف من
52

التصرفات ونبدأ بالهبة فننقضها لأنها تمليك من غير بدل فإن لم يف نقضنا البيع بخلاف الوقف والعتق لان البيع يلحقه الفسخ فإن لم يف رددنا العتق والوقف
قال بعضهم هذه التصرفات على الترتيب فالعتق أولي بالنفوذ لقبوله الوقف وتعلقه بالاعتراض وتليه الكتابة لما فيها من المعاوضة ثم البيع والهبة لأنهما لا يقبلان التعليق
واختلفوا في محل القولين فقال بعضهم انهما مقصودان على ما إذا اقتصر الحاكم على الحجر ولم يجعل ماله لغرمائه حيث وجدوه فان فعل ذلك لم ينفذ تصرفه قولا
واحدا وقال آخرون انهما مطردان في الحالين وهو الأشهر عندهم فعلى هذا هل تجب الزكاة عليه فعلى الأول لا يجب وعلى الثاني تجب ما دام ملكه باقيا وقول الشافعي لا زكاة
عليه محمول عند هؤلاء على ما إذا باع المفلس ماله من الغرماء. مسألة: إذا قلنا بأنه ينفذ تصرفاته بعد الحجر وجب تأخير ما تصرف فيه وقضى الدين من غيره فربما
يفضل فإن لم يفضل نقضنا من تصرفاته الأضعف فالأضعف على ما تقدم ويؤخر العتق كما قلناه فإن لم يوجد راغب في أموال المفلس الا في العبد المعتق والتمس الغرماء
من الحاكم بيعه ليقبضوا حقهم معجلا فالأقرب اجابتهم إلى ذلك والا لزم أحد الضررين إما تضرر الغرماء بالصبر وليس واجبا واما تضرر المفلس والغرماء معا لو بيعت أمواله
بالرخص وقال بعض الشافعية يحتمل ان ينقض من تصرفاته الأخير فالأخير كما في تبرعات المريض إذ زادت على الثلث وهو حسن لا بأس به عندي فلو وقعت دفعة احتمل
القرعة ولو أجاز الغرماء بعض التصرفات نفذ قطعا سواء كان سابقا أو لاحقا وسواء كان عتقا أو غيره هذا إذا باع من غير الغرماء ولو باع منهم فسيأتي. مسألة: تصرفاته
الواردة على ما في الذمة صحيحة كما لو اشترى بثمن في الذمة أو باع طعاما سلفا صح وثبت في ذمته وهو أظهر مذهبي الشافعي والثاني انه لا يصح شراؤه كالسفيه والأول أقوى
لوجود المقتضي وهو صدور العقد من أهله في محله سالما عن معارضة منع حق الغرماء لأنه لم يرد الاعلى أعيان أمواله وكذا لو اقترض وليس للبايع فسخ البيع سواء كان
عالما بالحجر أو جاهلا به لان التفريط من جهته حيث أهمل الاحتياط في السؤال عن حالة معاملة إذا ثبت هذا فان هذه المتجددات وشبهها من الاحتطاب وغيره يدخل تحت الحجر
مسألة: لو باعه عبدا بثمن في ذمته بشرط الاعتاق فان أبطلنا جميع التصرفات سواء وردت على عين المال أو في الذمة فالأقوى بطلان البيع لأنه تصرف في المال وإن كان
في الذمة وان قلنا بالصحة فيما يكون مورده الذمة على ما اخترناه صح البيع والعتق معا ويكون العتق موقوفا فان قصر المال احتمل صرفه في الدين لا رجوعه إلى البايع والأقوى
عندي صحة عتقه في الحال ولو وهب بشرط الثواب ثم أفلس لم يكن له اسقاط الثواب. مسألة: لو أقر بدين فاما ان يكون قد أقر بدين لزمه واضافه إلى ما قبل الحجر
إما من معاملة أو قرض أو اتلاف أو أقر بدين لاحق بعد الحجر فالأول يلزمه ما أقر به لان الحجر ثبت عليه لحق غيره فلا يمنع صحة اقراره وهل يشارك المقر له الغرماء بمجرد إضافة اقراره إلى سبب سابق الأقرب ذلك لأنه عاقل فينفذ
اقراره لعموم قوله (ع) اقرار العقلاء على أنفسهم جايز وعموم الخبر في قسمة ماله بين غرمائه وهو أصح قولي الشافعي وبه قال ابن المنذر قال الشافعي وبه أقول وقال لو كان المفلس
قصارا أو صايغا وأفلس وحجر عليه وعنده ثياب الناس وحليهم أيقال لا يقبل قوله في رد أموال الناس ولان هذا دين ثابت عليه مضاف بقوله إلى ما قبل الحجر فوجب ان يشارك
صاحبه الغرماء كما لو ثبت بالبينة وبالقياس على ما إذا أقر المريض بدين يزاحم المقر له غرماء الصحة والقول الثاني للشافعي انه لا يقبل في حق الغرماء وبه قال مالك واحمد
ومحمد بن الحسن لان حق الغرماء تعلق بماله من المال وفي القبول اضرار بهم بمزاحمته إياهم ولأنه متهم في هذا الاقرار فلا يسقط به حق الغرماء المتعلق بماله كما لو أقر بما رهنه فحينئذ
لا يشارك المقر له الغرماء بل يأخذ ما فضل عنهم ويمنع التهمة لان ضرر الاقرار في حقه أكثر منه في حق الغرماء فلا تهمة فيه فان الظاهر من حال الانسان انه لا يقر بدين عليه وليس
عليه دين. مسألة: لو أقر بدين لاحق بعد الحجر وأسنده إلى ما بعد الحجر فإن كان قد لزمه باختيار صاحبه كالبيع والقرض وغيرهما من المعاملات المتجددة بعد الحجر
فإنه يكون في ذمته ولا يشارك المقر له الغرماء لان صاحب المال رضي بذلك ان علم أنه مفلس وان لم يعلم فقد فرط في ذلك وإن كان قد لزمه عن غير رضا صاحبه كما لو أتلف عليه مالا أو
جنى عليه جناية فالأقرب انه يقبل في حق الغرماء كما لو أسند الدين إلى سابق على الحجر لان حقه ثبت بغير
اختياره وهو أصح طريقي الشافعية لا يقال لم لا قدم حقه على حق الغرماء
كما قدم حق المجني عليه على حق المرتهن لأنا نقول الفرق ان الجناية لا محل لها سوى الرهن والدين متعلق بالرهن والذمة فقد اختص بالعين وفي مسئلتنا الدينان متعلقان
بالذمة فاستويا ولان الجناية قد حصلت من الرهن الذي علقه به صاحبه فقدمت الجناية كما تقدم على حق صاحبه وهنا الجناية كانت من المفلس دون المال فافترقا ونظيره
في حق المفلس ان يجنى عبده فيقدم على حق الغرماء والطريق الثاني انه كما لو قال عن معاملة ولو أقر بدين ولم يسنده إلى ما قبل الحجر ولا إلى ما بعده حمل على الثاني وجعل بمنزلة ما
لو أسنده إلى ما بعد الحجر لأصالة التأخر وعدم التعلق. مسألة: لو أقر المفلس بعين من الأعيان التي في يده لرجل وقال غصبته منه أو استعرته أو أخذته سوما أو وديعة
فالأقرب النفوذ ومضي الاقرار في حق الغرماء كما لو أقر بدين سابق وللشافعي قولان كالقولين في الاقرار بالدين السابق على الحجر لكن الاقرار بالدين السابق على الحجر اثره ان يزاحم المقر له الغرماء وهنا يسلم
المقر به على القول بالقبول وعلى القول بعدمه ان فضل سلم العين إلى المقر له والا غرم قيمتها بعد اليسار فان كذبه المقر له بطل اقراره وقسمت العين بين الغرماء وكذا لو أقر
بدين فكذبه المقر له لم يسمع اقراره ومع عدم قبول اقراره بالعين ان فضلت دفعت العين إلى المقر له قطعا بخلاف البيع فان فيه اشكالا وكذا الاشكال لو ادعى أجنبي شراء
عين في يده من قبل الحجر فصدقه واعلم أن الفرق بين الانشاءات حيث رددناها في الحال قطعا وقلنا الأصح انه لا يحكم بنفوذها عند انفكاك الحجر أيضا وبين الأقارير حيث
قبلناها في حق المفلس جزما وفي حق الغرماء على الأصح ان مقصود الحجر منعه من التصرف فيناسبه الغاء ما ينشئه والاقرار اخبار عما مضى والحجر لا يسلب العبارة عنه. مسألة:
لو أقر بما يوجب القصاص عليه ا والحد قتل واجري عليه حكم اقراره سواء أدي إلى التلف أو لا لانتفاء التهمة ولأنه عاقل أقر بما يؤثر في حقه حكما ولا مانع له إذ المانع التصرف
في المالية وليس ثابتا فثبت موجب اقراره ولو كان الاقرار بسرقة يوجب القطع قبل في القطع واما في المسروق فكما لو أقر بمال والقبول هنا أولي لبعد الاقرار عن التهمة ولو أقر
بما يوجب القصاص فعفى المستحق على مال فهو كاقرار بدين جناية وقال بعض الشافعية يقطع هنا بالقبول لانتفاء التهمة. مسألة: لو ادعى رجل على المفلس
مالا لزمه قبل الحجر فأنكر المفلس فان أقام المدعي بينة ثبت حقه وساوى الغرماء وان لم يكن له بينة كان على المفلس اليمين فان حلف برئ وسقطت الدعوى وان نكل
ردت اليمين على المدعي فإذا حلف ثبت الدين وهل يشارك المدعي الغرماء ان قلنا إن النكول ورد اليمين كالبينة زاحم المدعي الغرماء كما لو ثبت دينه بالبينة وان قلنا إنه
كالاقرار فكالقولين. مسألة: لا خلاف في أن الحجر يتعلق بالمال الموجود للمفلس حالة الحجر واما المتجدد بعده باصطياد أو اتهاب أو قبول وصية الأقرب ان
الحجر يتعدى إليه أيضا لان مقصود الحجر ايصال حقوق المستحقين إليهم وهذا لا يختص بالموجود عند الحجر وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الحجر لا يتعدى إلى المتجدد لان الحجر
على المفلس لقصر يده عن التصرف فيما عنده فلا يتعدى إلى غيره كما أن حجر الراهن على نفسه في العين المرهونة لا يتعدى إلى غيرها إذا ثبت هذا فإذا اشترى شيئا
وقلنا بصحة شرائه ففيه مثل هذا الخلاف وهل للبايع الخيار والتعلق بعين متاعه الأقرب العدم وهو أحد وجوه الشافعي لأنه وإن كان عالما كان بمنزلة من اشترى
معيبا يعلم بعيبه وإن كان جاهلا فقد قصر بترك البحث مع سهولة الوقوف عليه فان الحاكم يشهر أمر المحجور عليه بالنداء والاشهاد والاعلان والثاني ان البايع إن كان
53

عالما فلا خيار له وإن كان جاهلا فله الخيار والرجوع إلى عين ماله والثالث ان للبايع الخيار في الرجوع إلى عين ماله وإن كان عالما لتعذر الوصول إلى الثمن وكذا المقرض
ويقرب من هذا ما إذا باع من عبد بغير اذن مولاه وقلنا بصحة البيع فان الثمن يتعلق بذمته يتبع به بعد العتق فإن كان عالما ففي ثبوت الخيار وجهان وإن كان جاهلا
يثبت الخيار. مسألة: إذا لم يثبت للبايع الرجوع في المبيع على المفلس المحجور فهل يزاحم الغرماء بالثمن الأقرب المنع لأنه دين حادث بعد الحجر برضاء صاحبه وكل ما هذا
شانه من الديون لا يزاحم مستحقها الغرماء بل إن فضل منهم شئ اخذه والا صبر إلى أن يجد مالا وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه يزاحم لأنه وإن كان دينا جديدا
فإنه في مقابلة ملك جديد فلما زاد المال جاز ان يزيد الدين بخلاف الصداق الذي بنكاح بعد الفلس ودين ضمنه بعد الفلس فإنه لا مقابل له هناك. مسألة:
أقسام ديون المفلس الثابتة بعد الحجر ثلاثة. أ: ما لزم باختيار مستحقه فإن كان في مقابلته شئ كثمن المبيع فقد ذكرنا الخلاف في أنه هل له المطالبة به أم لا وان لم يكن في مقابلته
شئ فلا خلاف في أن مستحقه لا يضارب الغرماء بل يصبر إلى فكاك الحجر. ب: ما لزم بغير اختيار المستحق كإرش الجناية وغرامة الاتلاف وفيه وجهان انه لا يضارب به لتعلق
حقوق الأولين بأعيان أمواله فصار كما لو جنى الراهن ولا مال له غير المرهون لا يزاحم المجني عليه المرتهن والثاني انه يضارب لأنه لم يوجد منه تقصير فيبعد تكليفه الانتظار
ج: ما يتجدد بسبب مؤنات المال كأجرة الوزان والناقد والكيال والحمال والمنادي والدلال واجرة البيت الذي يحفظ فيه المتاع فهذه المؤن كلها مقدمة على ديون
الغرماء لأنها لمصلحة الحجر وايصال أرباب الحقوق حقوقهم ولو لم يقدم لم يرغب أحد في تلك الأعمال وحصل الضرر بالمفلس والغرماء وهذا كله إذا لم يوجد متطوع
بذلك ولا في بيت المال سعة له فان وجد متطوع أو كان في بيت المال سعة لم يصرف مال المفلس إليها. مسألة: شرطنا في التصرف الذي يمنع المفلس منه كونه
مبتدء كالابتداء بالبيع والصدقة والوقف والكتابة والهبة إما ما ليس بمبتدأ فإنه لا يمنع منه فلو اشترى قبل الحجر شيئا ثم اطلع على عيبه بعد الحجر فله الرد بالعيب إن كانت
الغبطة في الرد لأنه ليس ابتداء تصرف بل هو من احكام البيع السابق ولواحقه والحجر لا يمنع من الاحكام السابقة عليه وليس ذلك كما لو باع مع الغبطة لان ذلك تصرف
والفسخ ليس تصرفا مبتداء فافترقا فان منع من الرد بالعيب السابق تصرف أو عيب حادث لزم الأرش ولم يملك المفلس اسقاطه لأنه تصرف في مال وجب له بالاتلاف إلى غير عوض وهو ممنوع من الاتلاف
بالعوض فبغيره أولي ولو كانت الغبطة في ترك الرد بان كان قيمته مع العيب أكثر من ثمن المثل لم يكن له الرد لما فيه من تفويت المال بغير عوض وكذا المريض لو اشترى حال صحته
شيئا ثم وجد عيبه في مرضه فامسكه والغبطة في الرد كان المقدار الذي ينقصه العيب معتبرا من الثلث وكذا ولي الطفل إذا وجد ما اشتراه للطفل معيبا وكانت الغبطة في ابقائه
لم يكن له الرد ويثبت في هذه المواضع كلها الأرش لأنا لا نشترط في وجوب الأرش امتناع الرد وقال الشافعي لا يثبت الأرش في هذه الصور بناء على أصله من أن الأرش
لا يثبت مع امكان الرد والرد هنا ممكن غير ممتنع في نفسه بل انما امتنع لان المصلحة اقتضت الامتناع منه. مسألة: لو تبايعا بخيار ففلسا أو أحدهما لم يبطل
خيار المفلس وكان له اجازة البيع ورده سواء رضي الغرماء أو سخطوا ولا يعتبر هنا الغبطة لان ذلك ليس تصرفا مبتدأ وانما منع المفلس من التصرفات المستحدثة وفارق الفسخ
والإجازة بالخيار الرد بالعيب لأن العقد في زمن الخيار متزلزل لاثبات له فلا يتعلق حق الغرماء بالمال ويضعف تعلقه به بخلاف ما إذا خرج معيبا وإذا ضعف التعلق
جاز ان لا يعتبر شرط الغبطة وهو أظهر وجوه الشافعي والثاني ان تجويز الفسخ والإجازة متقيد بالغبطة كالرد بالعيب وهو مخرج من عقد المريض في صحته بشرط الخيار
ثم يفسخ أو يجيز؟ حالة المرض على خلاف الغبطة فإنه تصرف من الثلث والفرق ان حجر المريض أقوى فان امضاء الورثة تصرف المريض قبل الموت لا يفيد شيئا وامضاء الغرماء واذنهم فيما يفعله
المفلس يفيدهم الصحة والاعتبار والثالث ان كل واحد من الفسخ والامضاء ان وقع على وفق الغبطة فهو صحيح والا فالنظر إلى الخلاف في الملك في زمن الخيار والى ان الذي
أفلس أيهما هو فإن كان المشتري وقلنا الملك للبايع فللمشتري الإجازة والفسخ إما الإجازة فلانها جلب ملك واما الفسخ فلا يمنع دخول شئ في ملكه لأنه أزال ملكا وان
قلنا الملك للمشتري فله الإجازة لأنه يستديم الشئ في ملكه فان فسخ لم يجز لما فيه من إزالة الملك وان أفلس البايع فان قلنا الملك له فله الفسخ لأنه يستديم الملك وليس له
الإجازة لأنه يزيله وان قلنا الملك للمشتري فللبايع الفسخ والإجازة كما قلنا في طرف المشتري وما ذكرناه أولي ولو قيل في الرد بالعيب انه لا يتقيد بالغبطة كما في
الخيار كان وجها. مسألة: لو جنى على المفلس أو على مملوكه أو على مورثه جناية فإن كانت خطأ وجب المال وتعلق به حقوق الغرماء ولا يصح منه العفو عنه وإن كانت
عمدا يوجب القصاص تخير بين القصاص والعفو وليس للغرماء مطالبته بالعفو على مال لأنه اكتساب للمال وتملك وهو غير لازم كما لا يلزمه الكسب وقبول الهبة
فان استوفي القصاص فلا كلام وان عفى على مال ورضى الجاني ثبت المال وتعلق به حقوق الغرماء وان عفى مطلقا سقط حقه من القصاص ولم يثبت له مال وهو أحد قولي
الشافعي لان موجب جناية العمد القصاص وله قول اخر ان موجبها أحد الامرين إما القصاص أو الدية فان عفى على القصاص يثبت له الدية وتعلق بها حقوق
الغرماء وان عفى على غير مال فان قلنا الواجب القصاص خاصة لم يثبت له شئ وان قلنا الواجب أحد الامرين ثبتت الدية ولم يصح اسقاطه لها لحق الغرماء لان عفوه
عن القصاص يوجب الدية فلا يصح منه اسقاطها. مسألة: للمفلس المحجور عليه الدعوى لأنه ليس تصرفا في مال بل استيجاب مال ولا نعلم فيه خلافا فإذا ادعى على غيره
بمال فان اعترف المدعى عليه أو قامت له البينة ثبت له المال وتعلق به حق الغرماء وان أنكر ولا بينة فان حلف برئ وسقطت الدعوى ولو أقام المفلس شاهدا واحدا
بدعواه فان حلف مع شاهده جاز واستحق المال وتعلق به حق الغرماء وان امتنع لم يجبره على اليمين لأنا لا نعلم صدق الشاهد ولو علمناه يثبت الحق بشهادته من غير يمين
فلا نجبره على الحلف على ما لا يعلم صدقه ولأنه تكسب وليس واجبا عليه ولم يحلف الغرماء مع الشاهد عندنا وهو الجديد للشافعي وبه قال احمد لأنه لا يجوز للانسان ان يحلف
ليثبت بيمينه ملكا لغيره حتى يتعلق حقه به كما لا يجوز للزوجة ان تحلف لاثبات مال لزوجها وإن كان إذا ثبت تعلقت نفقتها به وقال في القديم ان للغرماء يحلفون لان
حقوقهم يتعلق بما يثبت للمفلس كما يحلف الورثة مع شاهدهم بمال لمورثهم وللوكيل في العقد إذا حالفه من العقد معه تحالفا وان ثبت العقد غيره والفرق ظاهر فان الورثة
يثبتون بايمانهم الملك لأنفسهم والوكيل في العقد واليمين متعلقة به لأنه هو العاقد فيثبت بيمينه فعل نفسه ولهذا لا يحلف موكله على ذلك وكذا من مات وعليه دين
فادعى وارثه دينا له على رجل وأقام عليه شاهدا وحلف معه يثبت الحق وجعل المال في ساير تركاته وان امتنع من اليمين أو لم يكن له شاهد ونكل المدعى عليه عن اليمين
ولم يحلف الوارث اليمين المردودة فهل يحلف الغرماء إما عندنا فلا لما تقدم واما عند الشافعي فقولان له في الجديد كقولنا لان حقه فيما يثبت للميت إما اثباته للميت
فليس إليه ولهذا لو وصى لانسان بشئ فمات قبل القبول ولم يقبله وارثه لم يكن للغريم القبول وقال في القديم يحلف الغريم لأنه ذو حق في التركة فأشبه الوارث إذا عرفت
هذا فالقولان أيضا في اليمين الثابتة بالنكول وهو ما إذا لم يكن للمفلس بينة ورد المدعى عليه اليمين فلم يحلف المفلس ففي احلاف الغرماء للشافعي قولان وعندنا ليس لهم
الحلف واعلم أن بعض الشافعية ذكر طريقين في احلاف غرماء المفلس مع شاهده أحدهما طرد القولين والثاني القطع بالمنع هنا والخلاف في الميت والفرق ان الحق للمفلس
54

فامتناعه عن اليمين يورث ريبة ظاهرة وفي الصورة الأولى صاحب الحق غير باق وانما يحلف الوارث على معرفته بحال مورثه وهو يخفي عنه ولا يخفي عن الغرماء
ولان غرماء الميت آيسون عن حلفه فنكلوا؟ من اليمين لئلا يضيع الحق وغرماء المفلس غير آيسين عن حلفه قال الجويني الطريقة الثانية أصح وحكى عن شيخه طرد الخلاف
في ابتداء الدعوى من الغرماء وقطع أكثرهم بمنع الدعوى ابتداء وتخصيص الخلاف باليمين بعد دعوى الوارث والمفلس ولا فرق بين ان يكون الدعوى بعين أو بدين
فروع: أ: لو حلف بعض الغرماء عن القائلين به دون بعض استحق الحالفون بالقسط كما لو حلف بعض الورثة لدين الميت. ب: ليس لمن امتنع من اليمين من
الغرماء ان جوزنا لهم الحلف مشاركة الحالف كالوارث إذا حلف دون باقي الورثة لم يكن للباقين مشاركته لان المقبوض باليمين ليس عين مال الميت ولا عوضه
بزعم الغريم. ج: لو حلف الغرماء ثم ابرأوا عن ديونهم فالمحلوف عليه يحتمل ان يكون للمفلس لخروجه عن ملك المدعي عليه يحلف الغرماء وعن ملك الغرماء بابرائهم عن
الدين فيبقى للمفلس وأن يكون للغرماء لأنه يثبت بحلفهم ويلغوا الابراء وهو ضعيف أو يبقى على المدعى عليه ولا يستوفي أصلا وللشافعي ثلاثة أوجه كهذه. مسألة:
الدين إن كان حالا أو حل بعد الاجل وأراد المديون السفر كان لصاحب الدين منعه من السفر حتى يقبض حقه وليس في الحقيقة هذا منعا من السفر كما يمنع السيد عبده
والزوج زوجته بل يشغله عن السفر يرفعه إلى الحاكم ومطالبته حتى يوفي الحق وحبسه ان ماطل وإن كان الدين مؤجلا فإن لم يكن السفر مخوفا لم يمنع منه إذ ليس له مطالبته
في الحال بالحق وليس له أيضا ان يطالبه برهن ولا كفيل لأنه ليس له مطالبته بالحق فكيف يكون له المطالبة بالرهن أو الكفيل وهو المفرط في حظ نفسه حيث رضي بالتأجيل من
غير رهن ولا كفيل وهل له ان يكلفه الاشهاد قال الشافعي ليس له ذلك والأقرب عندي انه يجب عليه الاشهاد لما فيه من ابراء الذمة وإن كان السفر مخوفا كالجهاد وركوب البحر لم يكن له المنع منه أيضا ولا المطالبة برهن ولا كفيل إذ لا مطالبة
له في الحال وهو أصح وجوه الشافعي والثاني انه يمنعه إلى أن يؤدي الحق أو يعطي كفيلا لأنه في هذا السفر يعرض نفسه للهلاك فيضيع حقه والثالث ان لم يخلف وفاء
منعه وان خلف لم يكن له منعه اعتمادا على حصول الحق منه. مسألة: ولا فرق بين ان يكون الاجل قليلا أو كثيرا ولا بين ان يكون السفر طويلا أو قصيرا فلو بقى
للأجل نصف نهار ثم أراد انشاء سفر طويل في أوله لم يكن لصاحب الدين منعه منه فإنه لا يجب عليه إقامة كفيل ولا دفع رهن وليس لصاحب الدين مطالبته بأحدهما
وبه قال الشافعي وقال مالك إذا علم حلول الأجل قبل رجوعه فله ان يطالبه بكفيل وهو قول بعض الشافعية لان عليه ضررا في تأخر حقه والضرر لحقه بواسطة التأجيل
وهو من فعله ورضى به من غير كفيل فلم يكن له ازالته بعد ذلك وكما أنه ليس له مطالبته بالحق في الحال كذا ليس له المطالبة بكفيل كما لو لم يسافر ولو أراد صاحب المال ان
يسافر معه ليطالبه عند الحلول فله ذلك بشرط ان لا يلازمه ملازمة الرقيب إذا ثبت هذا فإنه إذا حل الاجل وهو في السفر وتمكن من الأداء وجب عليه إما برجوعه أو
بانفاذ وكيله أو ببعث رسالته أو بغيره من الوجوه. مسألة: الهبة من الأدنى إلى الاعلى لا يقتضي الثواب للأصل وهو أحد قولي الشافعي فان شرطه صح عندنا لقوله صلى الله عليه وآله
المؤمنون عند شروطهم وللشافعي قولان على تقدير عدم اقتضاء الثواب فان قلنا بالاقتضاء أو شرطه مطلقا ففيه ثلاثة أقوال للشافعي أحدها قدر قيمة الموهوب والثاني
ما جرت العادة بان يثاب مثله في تلك الهبة والثالث ما يرضي به الواهب فإذا وهب المفلس هبة يوجب الثواب ثم حجر عليه لم يكن له اسقاطه لأنه تصرف في المال بالاسقاط
فيمنع منه فان قلنا بوجوب القيمة أو ما جرت العادة بمثله لم يكن له ان يرضى الا بذلك وان قلنا له ما يرضيه كان له ان يرضى بما شاء وان قل جدا ولا يعترض عليه وبه قال
الشافعي لان المال لا يثبت الا برضاه فلو عينا عليه الرضا لكان تعيينا للاكتساب. مسألة: قد بينا انه لو أقر بعين دفعت إلى المقر له على اشكال ويحتمل عدم
الدفع ويكون حق الغرماء متعلقا بها فعلى تقدير عدم القبول لو فضلت عن أموال الغرماء دفعت إلى المقر له قطعا عملا بالاقرار إما البيع فلو باعها حالة الحجر وقلنا
بعدم النفوذ ففضلت عن أموال الغرماء ففي انفاذ البيع فيها اشكال وكذا الاشكال لو ادعى أجنبي شراء عين منه في يده قبل الحجر فصدقه ولو قال هذا المال مضاربة
لغائب قيل يقر في يده عملا بمقتضى اقراره كما لو أقر بدين أو بعين ولو قال الحاضر فان صدقه دفع إليه على اشكال وان كذبه قسم بين الغرماء ويضرب المجني عليه بعد الحجر
بالأرش وقيمة المتلف ويمنع من قبض بعض حقه ولا يمنع من وطي مستولدته والأقرب منع غير المستولدة من إمائه فان فعل وأحبل صارت أم ولد ولا يبطل حق الغرماء
منها مع القصور دونها. البحث الثاني: في بيع ماله وقسمته. مسألة: كل من امتنع من قضاء دين عليه مع قدرته وتمكنه منه وامتنع من بيع ماله
فان على الحاكم ان يلزمه بأدائه أو يبيع عليه متاعه سواء كان مفلسا محجورا عليه أو لا ويقسمه بين الغرماء وبه قال الشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله
حجر على معاذ وباع ماله في دينه وخطب عمر فقال في خطبته الا ان اسفع جهينة قد رضي من دينه وأمانته وان يقال سبق الحاج فأدان معترضا فأصبح وقد دين به فمن كان له
عليه مال فليحضر غدا فانا بايعوا ماله وقاسموه بين غرمائه وهذا رجل من جهينة كان يشتري الرواحل ويسرع السير فيسبق الحاج فأفلس وأدان يعني استقرض وقوله
معترضا اي اعترض الناس فاستدان ممن امكنه ودين به اي وقع فيما لا يستطيع الخروج منه قال أبو عبيد كلما غلبك فقد دان بك ودانك ومن طريق الخاصة ما رواه
عمار عن الصادق (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) يحبس الرجل إذا التوى عن غرمائه ثم يأمر فيقسم ماله بينهم بالحصص فان أبى باعه فقسمه بينهم يعني ماله
وقال أبو حنيفة لا يباع ماله بل يحبسه ليبيع بنفسه الا ان يكون ماله أحد النقدين وعليه الأخر فيدفع الدراهم عن الدنانير والدنانير عن الدراهم ولأنه رشيد لا ولاية
لاحد عليه فلم يجز للحاكم ان يبيع ماله عليه كما لو لم يكن عليه دين وقياسهم ينتقض ببيع الدراهم بالدنانير وبالعكس فإنه عنده جايز فجاز في غير النقدين ويمنع عدم الولاية
لأنه يمنعه ظالم فجاز ان يثبت الولاية عليه كما أن الحاكم يخرج الزكاة من مال الممتنع من أدائها مسألة: إذا حجر الحاكم على المفلس استحب له المبادرة إلى بيع ماله
وقسمته لئلا يتلف منه شئ ولئلا يطول مدة الحجر ولا يفرط في الاستعجال لئلا يطمع المشتريون فيه بثمن بخس ويستحب احضار المفلس أو وكيله لأنه يحصي ثمنه ويضبطه
ولأنه أخبر بمتاعه واعرف من غيره بجيده من رديه وثمنه فيتكلم عليه ويخبر بقدره ويعرف المعيب من غيره ولأنه يكثر الرغبة فيه فان شراءه من صاحبه أحب إلى المشتريين
ولأنه ابعد من التهمة وأطيب لنفس المفلس واسكن لقلبه وليطلع على عيب إن كان ليباع على وجه لا يرد وكذا يفعل إذا باع الرهون وليس ذلك واجبا فيهما ويستحب أيضا احضار
الغرماء لأنه يباع لهم وربما رغبوا في شراء شئ منه فزادوا في ثمنه فانتفعوهم والمفلس ولأنه أطيب لقلوبهم وابعد من التهمة. مسألة: وينبغي للحاكم ان يبدأ
ببيع المرهون وصرف الثمن إلى المرتهنين لاختصاص حق المرتهن بالعين ولأنه ربما زادت قيمة الرهن على الدين فينضم الباقي إلى مال المفلس وربما نقصت عن الدين
فيضرب المرتهن بباقي دينه مع الغرماء ثم إن كان له عبد جان قدم بيعه أيضا لما قلناه من تعلق حق المجني عليه برقبته واختصاصه به وربما فضل من قيمته شئ فأضيف إلى مال
مولى الجاني ولا يساوى الرهن فإنه ان نقص قيمته عن حق الجناية لم يستحق الباقي ولان حقه لا يتعلق بالذمة بل بالعين خاصة والمرتهن يتعلق حقه بالعين والذمة معا
مسألة: ويقدم بيع ما يخاف عليه الفساد كالفواكه وشبهها لئلا يضيع على المفلس وعلى الغرماء ثم الحيوان لحاجته إلى النفقة وكونه عرضة للهلاك ثم
55

ساير المنقولات لان التلف إليها أسرع من العقارات ثم ساير العقارات لأنه لا يخشى عليها التلف ولا السرقة ولا مسكنه فإنه لا يباع وينبغي ان يشهر حال بيعها بين الناس فيظهر الراغبون
مسألة: ينبغي للحاكم أن يقول للمفلس والغرماء ارتضوا من ينادي على الأمتعة والأموال لان الحاكم لا يكلف ذلك بل يرده إليهم فإنه
ابعد من التهمة فان اتفقوا على رجل وكان مرضيا أمضاه الحاكم وان لم يكن ثقة رده لا يقال أليس إذا اتفق الراهن والمرتهن على بيع الرهن من غير ثقة لم يكن للحاكم الاعتراض عليهما
لأنا نقول الفرق ان الحاكم لا نظر له مع الراهن والمرتهن وفي صورة المفلس له نظر واجتهاد في مال المفلس ولأنه قد يظهر غريم فيتعلق حقه فلهذا نظر فيه بخلاف الرهن فان اختار
المفلس رجلا واختار الغرماء غيره نظر الحاكم فإن كان أحدهما غير ثقة دون الأخر أقر الثقة منهما فان كانا ثقتين فإن كان أحدهما متطوعا دون الأخر أقر المتطوع لأنه وفر
عليهما فان كانا متطوعين ضم أحدهما إلى الأخر لأنه أحوط وان كانا غير متطوعين اختار اوثقهما واعرفهما وأقلهما اجرة فإن كان المبيع رهنا أو جانيا أمر بدفع الثمن إلى المرتهن
أو ولي المجني عليه وان لم يتعلق به الا حق الغرماء امرهم باختيار ثقة يكون المال عنده مجموعا ليقسم بينهم على قدر حقوقهم. تذنيب: ينبغي ان يرزق المنادي من
بيت المال وكذا من يلي حفظه لان بيت المال معد للمصالح وهذا من جملتها فإن لم يكن في بيت المال سعة أو كان يحتاج إليه لما هو أهم من ذلك فان وجد متطوع ثقة
لم يدفع اجرة وان لم يوجد دفع الأجرة من مال المفلس لان البيع حق عليه. مسألة: ينبغي ان يباع كل متاع في موضع سوقه فتباع الكتب في سوق الوراقين والبز في
البزازين والحديد في الحدادين وما أشبه ذلك لان بيعه في سوقه أحوط له وأكثر لطلابه ومعرفة قيمته فان باع
شيئا منه في غير سوقه بثمن مثله جاز كما لو قال لوكيله بع هذا المتاع
في السوق الفلاني بكذا فباعه بذلك الثمن في غير ذلك السوق وكان غرض الموكل تحصيل ذلك القدر من الثمن لا غير فإنه يصح كذا هنا بخلاف ما لو قال له بع من فلان بكذا
فباع من غيره بذلك الثمن فإنه يكون قد خالف لأنه قد يكون له غرض في بيعه من واحد دون واحد فإذا باع بثمن المثل ثم جاءته الزيادة فإن كان في زمن الخيار فسح البيع احتياطا
للمفلس والغرماء وهل يجب ذلك اشكال أقربه الوجوب كما لو جاءت الزيادة على ثمن المثل قبل البيع وان جاءت بعد لزوم البيع وانقطاع الخيار سئل المشتري الإقالة ويستحب
له الإجابة إلى ذلك لتعلقه بمصلحة المفلس والغرماء وقضاء دين المحتاج فإن لم يفعل لم يجبر عليه. مسألة: ويجب ان يبيع المتاع بثمن مثله حالا من نقد البلد فإن كان
بقرب بلد ملك المفلس بلد فيه قوم يشترون العقار في بلد المفلس انفذ الحاكم إليهم واعلمهم ليحضروا للشراء ليتوفر الثمن على المفلس فإذا باع بثمن مثله باعه ويبيع
بنقد البلد وإن كان من غير جنس حق الغرماء لأنه أوفر ثم إن كان الثمن من جنس مال الغرماء دفع إليهم وإن كان من غير جنسه فإن لم يرض المستحقون الا بجنس حقهم صرفه
إلى جنس حقهم والا جاز صرفه إليهم ولو كان سلمان ومنعنا من المعاوضة عليه قبل قبضه اشترى الحاكم لهم من جنس حقهم ودفعه إليهم ولو أراد الغريم الاخذ من المال المجموع
وقال المفلس لا أوفيك الا من جنس مالك قدم قول المفلس لأنه معاوضة ولا يجوز الا بتراضيهما عليه. مسألة: لا يدفع السلعة إلى المشتري حتى يقبض الثمن حراسة
لمال المفلس عن التلف وقد سبق للشافعية أقوال ثلاثة في البداية بالبايع أولا فقول انه يبدأ بالبايع فيسلم المبيع ثم يقبض الثمن وقول انهما يجبران على التسليم إلى عدل
والثالث انهما لا يجبران وهذا الأخير لا يتأتى هنا لتعلق حق الغرماء بالثمن وهو حال فلا سبيل إلى تأخيره بل إما يجبر المشتري على التسليم أولا أو يجبران معا ولا يجئ جبر البايع
أو لا لان من يتصرف للغير لا بد وان يحتاط فان خالف الواجب وسلم المبيع قبل قبض الثمن وضمن ما يقبضه الحاكم من أثمان المبيع من أموال المفلس على التدريج إن كان الغريم واحدا
سلم إليه من غير تأخير وكذا ان أمكنت قسمته بسرعة لم يؤخر وإن كان يعسر قسمته لقلته وكثرة الديون فله ان يؤخر ليجتمع فان امتنعوا من التأخير قسمه عليهم وقال بعض
الشافعية يجبره الحاكم على التأخير وليس بجيد وإذا تأخرت القسمة فان وجد الحاكم من يقترضه من الامناء ذوي اليسار اقرضهم إياه فإنه أولي من الايداع لان القرض مضمون
على المقترض بخلاف الوديعة فإنها غير مضمونة على المستودع وهي أمانة في يده لا يؤمن تلفها فلا يرجع المفلس والغرماء إلى شئ فإن لم يجد من يقرضه إياه جعله وديعة
عند امين ولو أودع مع وجود المقترض الأمين الملي كان جايزا لكنه يكون قد ترك الأولى إذا ثبت هذا فإنه يقرض المال من الملي الثقة حالا غير مؤجل لان الديون حالة ولو اجله
بان شرط الاجل في بيع وشبهه عندنا ومطلقا عند مالك لم يجز قال الشافعي مال الصبي يودع ولا يقرض وفرق بعض أصحابه بان مال الصبي يعد لمصلحة يظهر له من شراء
عقار أو تجارة وقرضه قد يتعذر معه المبادرة إلى ذلك ومال المفلس معد للغرماء خاصة فافترقا. مسألة: إذا لم يوجد المقترض أودعه الحاكم عند الثقة ولا
يشترط فيه اليسار بل إن حصل كان أولي وينبغي ان يودع ممن يرتضيه الغرماء فان اختلفوا أو عينوا من ليس بعدل لم يلتفت الحاكم وعين هو من أراد من الثقات ولا يودع من
ليس بعدل ولو تلف شئ من الثمن في يد العدل فهو من ضمان المفلس وبه قال الشافعي واحمد وقال المالك العروض من ماله والدراهم والدنانير من مال الغرماء وقال المغيرة
الدنانير من مال أصحاب الدنانير والدراهم من مال أصحاب الدراهم وليس بشئ لان المال للمفلس وانما يملكه الغرماء بقبضه لكن تعلق حقهم به يجري مجرى الرهن حيث تعلق
حق المرتهن به وكما أن تلف الرهن من الراهن وإن كان في يد المرتهن كذا هنا واعلم أنه لا فرق في ذلك بين ان يكون الضياع في حياة
المفلس أو بعد موته وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ما يتلف بعد موته فهو من ضمان الغرماء. مسألة: إذا ثبت الديون عند الحاكم وطلب أربابها القسمة عليهم
لم يكلفهم الحاكم إقامة البينة على أنه لا غريم سواهم ويكتفي الحاكم في ذلك بالاعلان والاشهاد بالحجر عليه إذ لو كان هناك غريم لظهر وطالب بحقه ولا فرق بين القسمة على الغرماء
والقسمة على الورثة الا ان الورثة يحتاجون إلى إقامة البينة على أنه لا وارث غيرهم بخلاف الغرماء والفرق ان الورثة اضبط من الغرماء وهذه شهادة على النفي يعسر تحصيلها
ومدركها فلا يلزم من اعتبارها حيث كان الضبط أسهل؟ اعتبارها حيث كان أعسر. مسألة: إذا قسم الحاكم مال المفلس بين غرمائه ثم ظهر غريم اخر احتمل عدم نقض
القسمة بل يشاركهم الغريم الظاهر بالحصة لان المقصود يحصل به وقال الشافعي ينقص القسمة فيسترد المال من الغرماء ويستأنف القسمة كالورثة إذا قسموا التركة ثم ظهر دين فإنه ينقص
القسمة لان الغريم لو كان حاضرا قاسمهم فإذا ظهر بعد ذلك كان حقه باقيا ولا يلزم من ذلك نقض حكم الحاكم بالقسمة لان ذلك ليس حكما منه كما لو زوج الصغيرة لم يصح نكاحه
ولو حكم بالتزويج حاكم اخر نفذ عند الشافعي واما عندنا فالجواب أن يقول إنه قسم على أنه لا غريم هناك فإذا ظهر غريم آخر كان ذلك خطأ فلهذا نقضت القسمة وعن مالك
روايتان إحديهما ينقض والثانية لا ينقض ولا يخاصمهم الغريم الظاهر لأنه نقض لحكم الحاكم ووافقنا احمد على أنه يشارك. مسألة: لو قسم الغريمان المال
وهو خمسة عشر ولأحدهما عشرون وللآخر عشرة أثلاثا فاخذ صاحب العشرين عشرة وصاحب العشرة خمسة ثم ظهر غريم ثالث وله ثلاثون فان قلنا بالنقض نقضت
القسمة وبسط المال على نسبة ما لكل واحد منهم وان قلنا بعدم النقض أسترد الظاهر من كل واحد منهما نصف ما حصل له ولو كان الذي ظهر له عشرة رجع على كل واحد
منهما بثلث ما اخذ فان أتلف أحدهما ما اخذ وهو معسر لا يحصل منه شئ احتمل ان يأخذ الغريم الذي ظهر من الأخر شطر ما اخذ فكأنه كل المال ثم إن أيسر المتلف اخذ
منه ثلث ما اخذه وقسماه بينهما وان لا يأخذ منه الا ثلث ما اخذه وثلث ما اخذه التلف دين عليه له ولو أن الغريم الثالث ظهر وقد ظهر للمفلس مال قديم أو حادث بعد الحجر
56

صرف منه إلى من ظهر بقسط ما أخذه الأولان فان فضل شئ قسم على الثلاثة وانما يشارك الغريم والظاهر لو كان حقه سابقا على الحجر إما لو كان حادثا بعد الحجر فلا يشارك الأولين
في المال القديم وان ظهر مال قديم وحدث مال اتهاب أو احتطاب أو شبهه فالقديم للقدماء خاصة والحادث للجميع. مسألة: إذا باع المفلس شيئا من ماله قبل الحجر و
تلف الثمن في يده باتلافه أو بغير اتلافه ثم حجر عليه الحاكم كان ذلك كدين ظهر على المفلس الحكم ما تقدم ولو باع الحاكم ماله وظهر الاستحقاق بعد قبض الثمن وتلفه رجع المشتري
مال المفلس ولا يطالب الحاكم به ولو نصب الحاكم أمينا حتى باعه ففي كونه طريقا اشكال كما في العدل الذي نصبه القاضي لبيع الرهن ثم رجوع المشتري في مال المفلس ورجوع الأمين
ان قلنا إنه طريق للضمان وغرم للشافعي فيه قولان أحدهما انه يضارب مع الغرماء لأنه دين في ذمة المفلس كساير الديون والثاني انه يقدم على الغرماء لأنا لو قلنا بالضمان
به لرغب الناس عن شراء مال المفلس فكان التقديم من مصالح الحجر كأجرة الكيال ونحوها من المؤن والثاني عندي أقوى. مسألة: يجب على الحاكم ان ينفق على
المفلس إلى يوم الفراغ من بيع ماله وقسمته فيعطيه نفقة ذلك اليوم له ولعياله الواجبي النفقة من الزوجات والأقارب لأنه موسر ما لم يزل ملكه وكذا يكسوهم بالمعروف وكل
هذا إذا لم يكن له كسب يصرف إلى هذه الجهات وهل ينفق على الزوجات نفقة المعسرين أو الموسرين الأقرب عندي الأول ويحتمل الثاني لأنه لو أنفق نفقة المعسر لما لزمه نفقة
الأقارب وللشافعي قولان. مسألة: لا يباع على المفلس مسكنه ولا خادمه ولا فرس ركوبه وقد تقدم ذلك في باب الدين وقد وافقنا على عدم بيع المسكن أبو حنيفة واحمد
وإسحاق لأنه مما لا غنا للمفلس عنه ولا يمكن حياته بدونه فلم يصرف في دينه كقوته وكسوته وقال الشافعي يبيع جميع ذلك وبه قال شريح ومالك ويستأجر له بدلها واختاره ابن المنذر
لقوله (ع) في المفلس خذوا ما وجدتم وقد وجد عقاره وهو قضية شخصية جاز ان يقع فيمن لا عقار له مع أن الشافعي قال إنه يعدل في الكفارات المرتبة إلى الصيام وإن كان له
مسكن وخادم ولا يلزمه صرفهما إلى الاعتاق فبعض أصحابه خرج منه قولين في الديون وبعضهم قرر القولين وفرقوا من وجهين أحدهما ان الكفارة لها بدل ينتقل إليه والدين
بخلافه وثانيهما ان حقوق الله تعالى مبنية على المساهلة وحقوق الآدميين على الشح والمضايقة ثم قالوا المسكن أولي بالابقاء من الخادم فينتظم ان يرتب الخلاف فيقال فيهما ثلاثة أوجه
في الثالث يبقى المسكن دون الخادم فان قلنا بالابقاء فذاك إذا كان لايقا بالحال دون النفيس الذي لا يليق به ويشبه ان يكون المراد ذلك أنه إن كان ثمينا بيع والا فلا. مسألة:
يجب على الحاكم ان يترك له دست ثوب يليق بحاله وقميص وسراويل ومنديل ومكعب ويزيد في الشتاء حبة ويترك له العمامة والطيلسان والخف ودراعة يلبسها فوق القميص
إن كان لبسها يليق بحاله لان حطها عنه يزري بحاله وفي الطيلسان والخف نظر والأولى الاعتبار بما يليق بحاله في افلاسه لا في حال ثروته ولو كان يلبس قبل الافلاس أزيد
مما يليق بحاله رد إلى اللايق وإن كان يلبس دون اللايق تقييرا لم يزد عليه في الافلاس ويترك لعياله من الثياب ما يترك له ولا يترك الفروش والبسط بل يسامح باللبد والحصير القليل
القيمة. مسألة: يجوز ان يترك له نفقة يوم القسمة وكذا نفقة من عليه نفقته لأنه موسر في أول ذلك اليوم ولا يزيد على نفقة ذلك اليوم فإنه لا ضبط بعده وكل ما
يترك له إذا لم يوجد في ماله اشترى له لقوله ابدا بنفسك ثم بمن تعول ومعلوم ان فيمن يعوله من يجب نفقته ويكون دينا عليه وهي الزوجة فإذا قدم نفقة نفسه على نفقة الزوجة
فكذا على حق الغرماء لان حرمة الحي اكد من حرمة الميت لأنه مضمون بالاتلاف ويتقدم تجهيز الميت ومؤنته على دينه فكذا نفقة الحي وتقدم أيضا نفقة أقاربه كالوالدين والولد لانهم
يجرون مجرى نفسه لان النفقة لاحيائهم ولأنهم يعتقون عليه إذا ملكهم كما يعتق إذا ملك نفسه فكانت نفقتهم كنفقته وكذا زوجته تقدم نفقتها لان نفقتها اكد
من نفقة الأقارب لأنها يجب على طريق المعاوضة ويجب قضاؤها بخلاف نفقة الأقارب وفيها معنى الاحياء كما في الأقارب ويجب كسوتهم أيضا لان البقاء لا يتم بدونه فإن كان
ممن عادته الثياب الخشنة دفع إليه من الخشن وإن كانت عادته الناعم دفع إليه أوسط الناعم وإن كان لباسه من فاخر الثياب الجيدة اشترى له من ثمنها أقل ما يلبس اقصد من
هو في مثل حاله ولو كان ذا كسب جعلت نفقته في كسبه فان فضل الكسب فالفاضل للغرماء وان أعوز اخذ من ماله. مسألة: ولو مات كفن من ماله لان نفقته كانت
واجبة في ماله حالة الحياة فوجب تجهيزه إذا مات كأقاربه وهو أحد قولي الشافعي وقال في الأخر لا يلزمه كفنها وبه قال احمد لان النفقة وجبت في مقابلة الاستمتاع
وقد فات بالموت فسقطت النفقة بخلاف الأقارب فان قرابتهم باقية وينتقض بالعبد فان النفقة وجبت بالملك وقد زال بموته ومع هذا يجب تجهيز العبد إذا ثبت
هذا فإنه يكفن الكفن الواجب وهو ثلاثة أثواب ميزر وقميص وازار عندنا ومن اقتصر في الواجب على الواحدة اقتصر عليها هنا ولا يجوز ان يكفن أزيد مما يستحب زيادته الا بإذن
الغرماء. مسألة: لا يؤمر المفلس بتحصيل ما ليس بحاصل له وان لم يمكن من تفويت ما عنده حتى لو جنى على المفلس أو على عبده جان فله القصاص ولا يلزمه ان
يعفو عن المال لأنه اكتساب ولو أوجبت الجناية المال لم يكن له العفو مجانا لأنه تفويت الا بإذن الغرماء وكذا لو قتل المفلس لم يكن لوارثه العفو مجانا إن كان قتل خطأ
ولو أسلم في شئ لم يكن له ان يقبض أدون صفة أو قدرا الا بإذن الغرماء فإذا قسم ماله وقصر عن الديون أو لم يكن له مال البتة لم يؤمر بالتكسب ولا بان يواجر نفسه ليصرف الأجرة
والكسب في الديون أو في نفقتها وبه قال الشافعي ومالك واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ولما رواه العامة عن أبي سعيد الخدري
ان رجلا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال النبي صلى الله عليه وآله تصدقوا عليه فتصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه فقال النبي صلى الله عليه وآله خذوا ما وجدتم ليس لكم الا ذلك
ولان النبي صلى الله عليه وآله لما حجر على معاذ بن جبل لم يزد على بيع ماله ومن طريق الخاصة ما رواه غياث بن إبراهيم عن الصادق (ع) عن الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يحبس في الدين فإذا تبين له
افلاس وحاجة خلى سبيله حتى يستفيد مالا واستعدت امرأة على زوجها عند أمير المؤمنين (ع) انه لا ينفق عليها وكان زوجها معسرا فابى ان يحبسه وقال إن مع العسر يسرا
ولو كان التكسب واجبا لأمر به ولان هذا تكسب للمال فلا يجبر عليه كما لا يجبر على قبول الهبة والصدقة ولا يجبر المراة على التزويج ليأخذ المهر كذا هنا وعن مالك رواية أخرى انه إن كان
ممن يعتاد اجارة نفسه لزمه وقال احمد في الرواية الشهيرة عنه وإسحاق يواجر فان امتنع أجبره القاضي وبه قال عمر بن عبد العزيز و عبد الله بن الحسن العنبري وسوار القاضي
لان النبي صلى الله عليه وآله باع سرقا في دينه وكان سرقا دخل المدينة وذكر ان له مال فدانته الناس فركبته الديون ولم يكن وراءه مال فاتى به النبي صلى الله عليه وآله فسماه وباعه بخمسة أبعرة
قالوا والحر لا يجوز بيعه فثبت انه باع منافعه رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه السكوني عن الصادق عن الباقر (على) ان عليا (ع) كان يحبس في الدين ثم
ينظر فإن كان له مال اعطى الغرماء وان لم يكن له مال دفعه إلى الغرماء فيقول لهم اصنعوا به ما شئتم ان شئتم أجروه وان شئتم استعملوه وذكر الحديث ولان المنافع تجري
مجرى الأعيان في صحة العقد عليها وتحريم اخذ الزكاة كالأعيان والحديث الذي رووه من طرق العامة منسوخ بالاجماع لان البيع وقع على رقبته ولهذا روى في الحديث
ان غرماه قالوا للذي يشتريه ما تصنع به فقال أعتقه فقالوا لسنا بأزهد منك في اعتاقه فاعتقوه وحديث الخاصة ضعيف السند لأنه رواية السكوني وهو عامي المذهب و
المنافع لا تجري مجرى المال في جميع الأحكام فإنه لا يجب عليه الحج لأجل المنافع ولا الزكاة. مسألة: لو كانت له أم ولد أو ضيعة موقوفة عليه ففي وجوب مواجرتها نظر من
حيث إن المنافع وان لم يكن مالا فإنها تجري مجريها فيجعل بدلها للدين ومن حيث إن المنافع لا تعد أموالا حاضرة حاصلة ولو كانت تعد من الأموال لوجب اجارة المفلس
57

نفسه ولوجب بها الحج والزكاة والثاني أقرب وللشافعية وجهان كهذين فعلى الأول يواجره مرة بعد أخرى إلى أن
نفى (يفي) الدين فان المنافع لا نهاية لها وقضية إدامة الحجر إلى قضاء
الدين لكنه كالمستبعد وفي جواز بيع أم الولد نظر أقربه ذلك إن كانت قد رهنت قبل الاستيلاد فإنها تباع في الرهن أو كان ثمنها دينا على مولاها ولا وجه له سواها
مسألة: إذا قسم الحاكم مال المفلس بين الغرماء انفك حجره ولا حاجة إلى حكم الحاكم بذلك لان الحجر لحفظ المال على الغرماء وقد حصل الغرض فيزول الحجر وهو أحد قولي
الشافعي والأظهر عنده انه لابد من فك القاضي لأنه حجر لا يثبت الا باثبات القاضي فلا يرفع الا برفعه كالسفيه ولأنه حجر يحتاج إلى نظر واجتهاد كحجر السفيه ونمنع الملازمة الأولى
فان الحجر هنا لمعنى وقد زال بخلاف السفيه فإنه لا يعلم زواله الا بعد الاختيار المستند إلى الحاكم ولان هذا الحجر لتفريق ماله وقد حصل وذلك لحفظ ماله فتركه محجورا عليه
يزيد في الغرض ولأنه حجر الغرماء وقد اعترفوا بسقوطه لهذا إذا اعترف الغرماء بان لا مال له سواه ولو ادعوا مالا فسيأتي. مسألة: لو اتفق الغرماء على رفع الحجر عنه
فالأقوى رفعه لان الحجر لهم وهو حقهم وهم في أموالهم كالمرتهن في حق المرهون وهو أحد قولي الشافعي والاخر انه لا يرتفع لاحتمال ان يكون هناك غريم اخر سواهم غايب فلا بد من
نظر الحاكم واجتهاده وإدامة العقوبة بالتجويز غير جايز ولهذا إذا قسم المال لم يزل تجويز ورود غريم ولو باع المفلس ماله من غريم بدينه ولا يعرف له غريم سواه فالأقرب صحة
البيع لان الحجر عليه لدين ذلك الغريم فإذا رضي وبرئت ذمته وجب ان يصح وهو أحد قولي الشافعي والأظهر عنده انه لا يصح من غير مراجعة القاضي لان الحجر على المفلس لا يقتصر
على الغريم الملتمس بل يثبت على العموم ومن الجايز ان يكون له غريم اخر والوجهان مفرعان على أن بيع المفلس من الأجنبي لا يصح فان صح فهذا أولي ولو حجر لديون جماعة وباع
أمواله منهم بديونهم فعلى الخلاف ولو باع ماله من غريمه الواحد بعين أو ببعض دينه فهو كما لو باع من الأجنبي لان ذلك لا يتضمن ارتفاع الحجر بخلاف ما إذا باع من أجنبي
بإذن الغرماء لم يصح والوجه الصحة وهو أحد قولي الشافعية كما يصح بيع المرهون بإذن المرتهن وإذا قلنا إنه إذا فرقت أمواله وقضيت الديون ارتفع الحجر عنه صح البيع من
الغريم بالدين لتضمنه البراءة من الدين ويمكن ان يقال لا يجزم بصحة البيع وان قلنا إن سقوط الدين يسقط الحجر لان صحة البيع إما ان يفتقر إلى ارتفاع الحجر أو لا فان افتقرت
وجب الجزم بعدم الصحة والا لزم الدور لأنه لا يصح البيع ما لم يرتفع الحجر ولا يرتفع الحجر ما لم يسقط الدين ولا يسقط الدين ما لم يصح البيع وان لم يفتقر فغاية الممكن اقتران
صحة البيع وارتفاع الحجر فليخرج الصحة على الخلاف فيما إذا قال كلما ولدت ولدا فأنت طالق فولدت ولدا بعد ولد هل يطلق بالثاني وفيما إذا قال العبد لزوجته ان مات
سيدي فأنت طالق طلقتين وقال السيد لعبده إذا مت فأنت حر فمات السيد هل له نكاحها قبل زوج وإصابة وهذا عندنا لا يتأتى. البحث الثالث: في حبسه
مسألة: من وجب عليه دين حال فطولب به ولم يؤده نظر الحاكم فإن كان في يده مال ظاهر أمر الحاكم بالقضاء فان ذكر انه لغيره حكم عليه باقراره ان صدقه المقر له
أو لم يعلم منه تصديق ولا تكذيب فان كذبه لم يقبل منه اقراره وألزمه بالخروج من الديون فان امتنع مع قدرته على القضاء حبسه الحاكم ويحل لصاحب الدين الاغلاظ له في
القول بان يقول يا ظالم يا متعدي ونحو ذلك لقوله صلى الله عليه وآله لي الواجد يحل عقوبته وعرضه واللي المطل والعقوبة حبسه والعرض الاغلاظ له في القول وقال (ع) ان لصاحب الحق مقالا ولو
ظهر عناده باخفاء ماله وعلم يساره وتمكنه كان للحاكم ضربه ولو لم يكن في يده مال ظاهر فإن كان أصل الدعوى مالا أو كان قد عرف له أصل مال ثم خفى امره طولب بالبينة على الاعسار
وإن كانت الدعوى غرامة عن اتلاف أو جناية ولم يعرف له قبل ذلك أصل مال حكم بقوله مع اليمين. مسألة: إذا ثبت اعسار المديون عند الحاكم بالبينة أو باقرار الغريم
لم يجز حبسه ولا ملازمته ووجب انظاره لقوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الغرماء الذي كثر دينه خذوا ما وجدتم
وليس لكم الا ذلك ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يحبس في الدين فإذا تبين له الافلاس وحاجة خلى سبيله حتى يستفيد مالا ولان الحبس إما لاثبات الاعسار
أو لقضاء الدين والأول ثابت والقضاء متعذر فلا فايدة في الحبس وقال أبو حنيفة للغريم ملازمته لكن لا يمنعه من التكسب. مسألة: إذا كان للمديون مال امره الحاكم
ببيعه وايفاء الدين من ثمنه مع مطالبة أربابها فان امتنع باع الحاكم متاعه عليه وقضى منه الدين وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يبيع الحاكم بل يحبس الغريم إلى أن يبيع هو بنفسه
وقد تقدم البحث في ذلك وهل للحاكم ان يحجر عليه الأقرب عندنا المنع لان التقدير انه متمكن من الايفاء فلا معنى للحجر بل يحبس أو يباع عليه وهو أحد وجهي الشافعي والثاني
انه يحجر عليه إذا التمسه الغرماء لئلا يتلف ماله ولو اخفى ماله حبسه القاضي حتى يظهره روى أنه صلى الله عليه وآله قال الملازمة فإن لم ينزجر زاد في تعزيره بما يراه من ضرب وغيره ولو كان له
مال ظاهر فهل يحبسه لامتناعه الأولى ذلك لأنه صلى الله عليه وآله حبس رجلا أعتق شقصا له من عبد في قيمة الباقي فان ادعى انه قد تلف ماله وصار معسرا فعليه البينة فان شهدوا على التلف قبلت
شهادتهم ولم يعتبر فيهم الخيرة الباطنة وان شهدت على اعساره قبلت ان كانوا من أهل الخبرة الباطنة ويحمل على قولهم إنهم معسر على أنهم وقفوا على تلف المال فان ادعى الديون
انه معسر لا شئ له أو قسم مال المحجور على الغرماء وبقي بعض الدين فزعم أنه لا يملك شيئا آخر وأنكر صاحب الدين أو الغرماء اعساره فإن كان الدين لزمه في مقابلة مال كما إذا
ابتاع أو استقرض أو باع سلما فهو كما لو ادعى هلاك المال فعليه البينة وان لزم لا في مقابلة مال قبل قوله مع اليمين لان الأصل العدم وهو أصح وجوه الشافعية والثاني انه
لا يقبل ويحتاج إلى البينة لأن الظاهر حال الحر انه يملك شيئا قل أم كثر والثالث انه لزمه باختياره كالصداق والضمان لم يقبل قوله وعليه البينة وان لزمه لا باختياره كأرش
الجناية وغرامة تلفت قبل قوله مع اليمين لأن الظاهر أنه لا يشغل ذمته اختيارا ولا يلتزم بما لا يقدر عليه. مسألة: إذا ادعى المديون الاعسار وكان أصل الدعوى
مالا أو كان له مال فادعى تلفه افتقر إلى البينة لان بقاء المال في يده فإذا ادعى خلاف الأصل كان عليه البينة فإن لم يكن بينة حلف الغرماء على عدم التلف فإذا
حلفوا حبس قال ابن المنذر وأكثر من يحفظه عنه العلم من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين منهم مالك والشافعي وأبو عبيدة والنعمان وسوار و عبد الله بن الحسن و
شريح والشعبي وقال عمر بن عبد العزيز يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس وبه قال عبد الله بن جعفر والليث بن سعد وان شهدت بالبينة بتلف ماله سمعت فان طلب الغرماء
يمينه على ذلك مع البينة لم يجابوا لان ذلك تكذيب للشهود وان شهدت البينة بالاعسار وقد كان له مال لم تسمع الا ان يكون البينة من أهل الخبرة الباطنة لان الاعسار
أمر خفي فافتقرت الشهادة به إلى العشرة الطويلة والاختبار في أكثر الأوقات فان شهدت
بذلك وكانت من أهل الخبرة الباطنة سمعت الشهادة وثبت الاعسار عندنا وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال لقبيصة بن المخارق يا قبيصة ان المسألة لا تحل الا لاحد
ثلاثة رجل يحمل حماله فحلت له المسألة حتى يوديها ثم يمسك ورجل اصابته فاقة حتى شهد وتكلم ثلاثة من
ذوي الحجى من قومه ان به حاجة فحلت له المسألة حتى يصيب سدادا من
عيش أو قال قواما من عيش ورجل اصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصاب فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش
وقال مالك لا تسمع البينة على الاعسار لأنها شهادة على النفي فلا تسمع كما لو شهدت انه لا حق لزيد على عمرو وهو غلط لأن هذه الشهادة وان تضمنت النفي الا انها تشهد
بثبوت حال تظهر ويوقف عليها كما لو شهد ان لا وارث غير هذا فإنه يسمع شهادته بخلاف الشهادة بأنه لا حق عليه لان ذلك مما لا يوقف عليه ولا يشهد به حال يتوصل
58

بها إلى معرفته بخلاف صورة النزاع. مسألة: يسمع بينة الاعسار في الحال وبه قال الشافعي واحمد لان كل بينة أجاز سماعها بعد مدة جاز سماعها في الحال كساير البينات
وقال أبو حنيفة لا يسمع في الحال ويحبس المفلس واختلف أصحابه في الضابطة لمدة الحبس فقال بعضهم يحبس المفلس شهرين ثم يسمع البيتة وقال الطحاوي يحبس شهرا
وروى ثلاثة أشهر وروى أربعة أشهر حتى يغلب على ظن الحاكم انه لو كان له مال لأظهره وليس بصحيح والا لاستغني بذلك عن البينة. مسألة: إذا أقام مدعي الاعسار
البينة شرط فيها ان يكونوا من أهل الخبرة الباطنة والعشرة المتقادمة وكثرة الملابسة سرا وجهرا أو كثرة المجالسة وطول الجوار فان الأموال قد يخفي ولا يعرف تفصيلها الا بأمثال
ذلك فان عرف القاضي انهم من أهل الخبرة فذاك والا جاز له ان يعتمد على قولهم إذا كانوا بهذه الصفة ويكفي شاهدان على ذلك كما في ساير الأموال وقال بعض الشافعية
لا تقبل هذه الشهادة الا من ثلاثة لان رجل ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله ان جايحة أصابت ماله وسأله ان يعطيه من الصدقة فقال صلى الله عليه وآله حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه وهو محمول
على الاحتياط والاستظهار وإذا لم يعرف له أصل مال ولم يكن أصل الدعوى مالا قدم قوله فيحلف ويسقط عنه المطالبة وان أقام بينة بالاعسار قبلت فان طلب غريمه يمينه
مع البينة لم يجب إليه لقوله صلى الله عليه وآله البينة على من المدعى واليمين على من المنكر وقال الشافعي يحلف وهل الاحلاف واجب أو مستحب قال في حرمله انه واجب لجواز ان يكون له مال لم يقف عليه البينة فإذا
ادعى ذلك حلف له وقال في الام انه مستحب لان ذلك قدح في الشهادة فلم يسمع كما إذا شهد شاهدان على رجل انه أقر لزيد بكذا فقال المقر له احلفوا لي المقر انني أقررت
له لم يلزم لأنه قدح في الشهادة كذا هنا. مسألة: صورة الشهادة بالاعسار يجب ان يكون على الاثبات المتضمن للنفي ولا يجعل الشهادة على النفي صرفه خالصة عن
الاثبات فيقول الشهود انه معسر لا يملك الا قوت يومه وثياب بدنه وان قالوا مع ذلك أنه ممن تحل له الصدقة كان جيدا وليس شرطا ولا يفتقرون على قوله لا شئ له
لئلا يتمحض شهادتهم نفيا لفظا ومعنى فان طلب الغرماء احلافه مع البينة لم يلزم خلافا للشافعي في أحد قوليه وفي الثاني انه مستحب نعم لو ادعى ان له مالا لا يعرفه الشاهد
فالأقوى عندي ان له احلافه على ذلك لامكان صدقه في دعواه وحينئذ يتوقف اليمين على استدعاء الخصم لأنها حقه ويجوز ان يعفو عنها فلا يتبرع الحاكم باحلافه و
والشافعي لما أثبت اليمين مطلقا إما على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب على اختلاف قوليه تردد في أنه هل يتوقف الحلف على استدعاء الخصم على وجهين أحدهما لا
كما لو كانت الدعوى على ميت أو غايب وعلى هذا فهو من آداب القضاء وأظهرهما نعم كيمين المدعى عليه. مسألة: قد بينا انه يقبل قوله في الاعسار إذا لم يعرف
له سابقة مال مع يمينه فحينئذ يقول إنه يقبل في الحال كما لو أقام البينة يسمع في الحال وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم يتأنى القاضي ويبحث عن باطن حاله ولا يقنع بقوله
بخلاف ما إذا أقام البينة وحيث قنا انه لا يقبل قوله الا بالبينة لو ادعى ان الغرماء يعرفون اعساره كان له احلافهم على نفي المعرفة فان نكلوا حلف وثبت اعساره
وان حلفوا حبس وكلما ادعى ثانيا وثالثا وهلم جرا انه قد ظهر لهم اعساره كان له تحليفهم الا ان يعرف القاضي انه يقصد الايذاء واللجاج فإذا حبسه فلا يغفل عنه بالكلية
ولو كان غريبا لا يتمكن من إقامة البينة وكل به القاضي من يبحث عن منشؤه ومنتقله ويفحص عن أحواله بقدر الطاقة فإذا غلب على ظنه افلاسه شهد به عند القاضي
لئلا يتخلد عليه عقوبة السجن. مسألة: إذا ادعى الاعسار وأقام البينة عليه لم يكن للغرماء مطالبته باليمين مع البينة على ما تقدم سواء شهدت البينة بالاعسار
أو بتلف المال الذي كان في بده وهو أحد قولي الشافعي وظاهر كلام احمد ولهما قول اخر انه يستحلف الاحتمال ان يكون له مال لا يعرفه الشهود ويحتمل قويا الزامه باليمين
على الاعسار وان شهدت البينة بتلف المال وسقوطها عنه ان شهدت بالاعسار لأنها إذا شهدت بالتلف صار كمن ثبت له أصل مال واعترف الغريم بتلفه وادعى مالا
غيره فإنه يلزمه اليمين كذا هنا إذا قامت البينة بالتلف فإنها لا يزيد على الاقرار. مسألة: لو ثبت الاعسار خلاه الحاكم على ما تقدم فان عاد الغرماء بعد أوقات
وادعوا انه استفاد مالا وأنكر قدم قوله مع اليمين وعدم البينة وعليهم إقامة البينة فان جاؤوا بشاهدين شهدا بأنهما رأيا في يده مالا يتصرف فيه اخذه الغرماء فان
قال أخذته من فلان وديعة أو مضاربة وصدقه المقر له حكم عليه بذلك وليس للغرماء فيه حق وهل للغرماء احلافه على عدم المواطاة مع المقر له وانه أقر عن تحقيق
الأقرب المنع لأنه لو رجع عن اقراره لم يقبل فلا معنى لتحليفه ويحتمل احلافه لجواز المواطاة فإذا امتنع من اليمين حبس حتى يسلم المال أو يحلف ولأنه لو أقر بالمواطاة حبس
على المال مع تصديق الغير ولو طلب الغرماء يمين المقر له فالأقرب ان لهم احلافه لأنه لو كذب المقر ثبت المال لهم فإذا صدقه حلف وللشافعي الوجهان وان كذبه المقر له
صرف إليهم ولم يفد اقراره شيئا ولو أقر به ثانيا لغير الأول لم يلتفت إليه ولو أقر به لغايب وقف حتى يحضر الغايب وان صدقه اخذه ولا حق فيه للغرماء وان كذبه
اخذه الغرماء أو يحلف بأنه للغايب وتسقط المطالبة عنه لأصالة العسرة وامكان صدقه. مسألة: لو ادعى الغرماء بعد فك الحجر انه قد استفاد مالا كان القول قوله
مع اليمين وعدم البينة لان الأصل بقاء العسرة وان أقر بالمال انه استفاده وطلب الغرماء عليه نظر الحاكم فإن كان ما حصل له يفي بالديون لم يحجر عليه وإن كان أقل
حجر عليه وقسم ماله بين الغرماء وإن كان قد تجدد له الغرماء قبل الحجر الثاني قسم بينهم وبين الأوايل وبه قال الشافعي لاستواء حقوقهم في الثبوت في الذمة حال الحجر
فأشبه غرماء الحجر الأول وقال مالك يختص به الغرماء المتأخرون لأنه استفاده من جهتهم وهو غلط لأنا لا نعلم ذلك ولانا نقسم مال المفلس بين غرمائه وزوجته
وإن كان حقها ثبت لا بمعاوضة. مسألة: لو ثبت للولد على والده مال وكان الأب معسرا لم تحل مطالبته وإن كان موسرا كان له مطالبته اجماعا فان امتنع
من الأداء فالأقرب عندي انه لا يحبس لأجل ولده لان الحبس نوع عقوبة ولا يعاقب الوالد بالولد ولان الله تعالى قد بالغ في الوصية في الأبوين حتى أنهما لو امراه بالكفر
لم يطعهما ومع ذلك يقول لهما قولا حسنا ولقوله صلى الله عليه وآله أنت ومالك لأبيك اي في حكم مال الأب فكما انه لا يحبس في ماله كذا في مال ولده الذي هو في حكم ماله ولما رواه الحسنين
أبي العلا عن الصادق (ع) قال قلت له ما يحل للرجل من مال ولده قال قوته بغير صرف إذا اضطر إليه قال فقلت له فقول رسول الله صلى الله عليه وآله للرجل الذي اتاه فقدم أباه
فقال أنت ومالك لأبيك فقال انما جاء بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله صلى الله عليه وآله هذا أبي قد ظلمني ميراثي من أمي فأخبره الأب انه قد أنفقه عليه وعلى نفسه فقال أنت و
مالك لأبيك ولم يكن عند الرجل شئ أفكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبس الأب للابن وهذا استفهام في معرض الانكار وهو يدل على المراد وهو أحد قولي الشافعي وله قول
اخر انه يحبس والا لعجز الابن عن الاستيفاء ويضيع حقه وهو ممنوع بل إذا أثبت الابن الدين عند القاضي اخذه القاضي منه قهرا من غير حبس وصرفه إلى دينه ولأنه قد
يتمكن من اخذه غيلة فلا يكون عاجزا ولا فرق بين دين النفقة وغيرها ولا بين ان يكون الولد صغيرا أو كبيرا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة انه لا يحبس الا في نفقة
الولد إذا كان صغيرا أو زمنا. مسألة: لو استؤجر المديون اجارة متعلقة بعينه ووجب حبسه ففي منع الإجارة المتعلقة بعينه نظر ينشأ من جواز الحبس
مطلقا عملا باطلاق الامر ومن كون عينه مستحقة المنافع للغير فلا يجوز حبسه لئلا يتعطل شغل الغير والأقرب الأول هذا فيما إذا لم يمكن الجمع بين الحبس واستيفاء المنافع
إما لو لم يمتنع الجمع فإنه يجوز حبسه قطعا. البحث الرابع: في الاختصاص. مسألة: من أفلس وحجر عليه الحاكم وكان من جملة ماله عين اشتراها
59

من غيره ولم يقبض الثمن فوجدها بايعها كان بالخيار بين ان يفسخ البيع ويأخذ عينه بالشرايط الآتية وبين الضرب مع الغرماء بالثمن وبه قال في الصحابة علي (ع) وعثمان و
أبو هريرة وفي التابعين عروة بن الزبير ومن الفقهاء مالك والأوزاعي والشافعي والعنبري واحمد وإسحاق لما رووا العامة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا أفلس الرجل
ووجد البايع سلعته بعينها فهو أحق بها من الغرماء وعن أبي حلوة البروقي قاضي المدينة قال آتينا أبا هريرة في صاحب لنا أفلس فقال أبو هريرة هذا الذي قضى فيه رسول
الله صلى الله عليه وآله أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه ومن طريق الخاصة ما رواه عمرو بن يزيد في الصحيح عن أبي الحسن (ع) قال
سألته عن رجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه قال لا يحاصه الغرماء ولان هذا العقد يلحقه الفسخ بتعذر العوض فكان له الفسخ كما لو تعذر المسلم فيه
ولأنه لو شرط في البيع رهنا فعجز عن تسليمه استحق البايع الفسخ وهو وثيقة بالثمن فالعجز عن تسليم الثمن إذا تعذر أولي وقال أبو حنيفة ليس للحاكم ان يحجر عليه وليس للبايع الرجوع في عينه بل
يكون أسوة الغرماء لتساويهم في سبب الاستحقاق فيتساوون في الاستحقاق ولان البايع كان له حق الامساك يقبض الثمن فلما سلمه قبل قبضه فقد أسقط حقه من الامساك فلم يكن له
ان يرجع في ذلك بالافلاس كالمرتهن والبايع وان ساوى الغرماء في السبب لكن اختلفوا في الشرط فان بقاء العين شرط تملك الفسخ وهو موجود في حق من وجد متاعه دون من لم يجده
والفرق ان الرهن مجرد الامساك على سبيل الوثيقة وليس يبدل رهنا هو بدل عنها فإذا تعذر استيفاؤه رجع في البدل قال احمد لو أن حاكما حكم له أسوة الغرماء ثم رجع
إلى حاكم يرى العمل بالرجوع جاز له نقض حكمه إذا عرفت هذا فلو مات المفلس قبل القسمة فإن كان في التركة وفاء للديون اختص صاحب العين بماله والا كان أسوة الغرماء لما
رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض البايع من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به وان مات فهو أسوة الغرماء وغالب الافلاس
انما يكون مع قصور المال عن الديون على ما سلف ومن طريق الخاصة روى أبي ولاد عن الصادق (ع) وقد سلف ومالك لم يفصل بل اطلق القول بان الغريم لا يختص بعين
ماله في صورة الميت بل يشارك الغرماء لما تقدم من الرواية وقد بينا ان الافلاس انما يكون مع القصور ولأنه إذا مات انتقل الملك إلى الورثة فمنع ذلك الرجوع كما لو باعه
المشتري ثم أفلس وهو ممنوع لان الوارث يقوم مقام المورث ولهذا يتعلق به ديونه بخلاف ما لو باعه. مسألة: وهذا الخيار يثبت للبايع والمقرض والواهب بشرط
الثواب وبالجملة كل معاوضة سواء وجد غير هذه العين أو لم يوجد سواها للعموم والأقرب ان هذا الخيار على الفور وهو أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد
لان الأصل عدم الخيار فيكون الأصل عدم بقائه لو وجد ولأنه خيار يثبت في البيع لنقص في العوض فكان على الفور كالرد بالعيب والحلب والشفعة
ولان القول بالتراخي يؤدي إلى الاضرار بالغرماء من حيث إنه يؤدي إلى تأخير حقوقهم والثاني انه على التراخي لأنه حق رجوع لا يسقط إلى عوض فكان على
التراخي كالرجوع في الخبة وما قلناه أشبه من خيار الهبة فعلى ما اخترناه من الفورية لو علم بالحجر ولم يفسخ بطل حقه من الرجوع وقال بعض الشافعية يتاقب ثلاثة
أيام كما هو أحد أقوال الشافعي في خيار المعتقة تحت الرقيق وفي الشفعة. مسألة: لا يفتقر هذا الخيار إلى اذن الحاكم بل يستبد به الفاسخ من غير الحاجة إلى
حكم الحاكم لأنه ثابت بالبينة الصحيحة فصار كخيار المدة فسخ النكاح والعتق ولوضوح الحديث ذهب بعض الشافعية إلى أنه لو حكم حاكم بالمنع من الفسخ نقض حكمه وهو
أحد وجهي الشافعية والثاني انه يفتقر إلى حكم الحاكم واذنه لأنه فسخ مختلف فيه كالفسخ بالاعتبار. مسألة: الفسخ قد يتصل بالقول كما ينعقد البيع وصيغة
الفسخ فسخت البيع ونقضته ورفعته ولو اقتصر على قوله رددت الثمن أو فسخت البيع فيه اشكال أقربه الاكتفاء به وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه لا يكتفي بذلك
لان حق الفسخ ان يضاف إلى العقد المرسل ثم إذا انفسخ العقد ثبت مقتضاه وقد يحصل بالفعل كما لو باع صاحب السلعة سلعته أو وهبها أو وقفها وبالجملة
إذا تصرف فيها تصرفا يدل على الفسخ كوطي الجارية المبيعة على الأقوى صونا للسلم عن فاسد التصرفات وتكون هذه التصرفات تدل على حكمين الفسخ والعقد وهو أحد قولي الشافعي
والأصح عنده انه لا يحصل الفسخ بها وتلغو هذه التصرفات واعلم أن حق الرجوع للبايع لا يثبت على الاطلاق بالاجماع بل هو مشروط بأمور يأتي ذكرها
انشاء الله تعالى ولا يختص الرجوع بالبيع على ما تقدم بل يثبت في غيره من المعاوضات وانما يظهر الغرض بالنظر في أمور ثلاثة العوض المتعذر تحصيله و
العرض المسترجع والمعاوضة التي بها انتقل الملك إلى المفلس. النظر الأول في العوض: يشترط في العوض امران الحلول وتعذر استيفاءه
بسبب الافلاس فلو كان الثمن مؤجلا لم يكن له الرجوع لان لا مطالبة له في الحال فكيف يفسخ البيع اللازم بغير موجب والا لحل الاجل بالمفلس على ما تقدم
ولو حل الاجل قبل انفكاك الحجر فالأقرب انه لا يشرك صاحبه الغرماء لسبق تعلق حقهم بالأعيان بخلاف ما لو ظهر دين حال سابق فإنه يشارك الغرماء
فعلى هذا ليس لصاحب الدين الذي قد حل الرجوع في عين ماله سواء كان الحاكم قد دفعها في بعض الديون أو لا. مسألة: لو كانت أمواله وافية بالديون
لم يجز الحجر عليه عندنا وهو الظاهر من مذهب الشافعي وله قول اخر انه يجوز الحجر عليه فعلى تقدير جواز
الحجر لو حجر فهل لصاحب العين الرجوع في عينه للشافعي وجهان أحدهما
انه لا يرجع لأنه يصل إلى الثمن والثاني انه يرجع لأنه لو لم يرجع لما امن ان يظهر غريم اخر فيتزاحمه فيما اخذه وهذان الوجهان عندنا ساقطان لأنهما فرع الحجر وقد
منعناه. مسألة: لو ترك الغرماء لصاحب السلعة الثمن ليتركها قال الشيخ رحمه الله لم يلزمه القبول وكان له اخذ عينه وبه قال الشافعي واحمد لما فيه من تحمل المنة ولعموم الخبر
ولأنه ربما يظهر غريم اخر فيزاحمه فيما اخذ وللشافعية فيه وجه اخر انه لا يبقى له الرجوع في العين تخريجا مما إذا حجر عليه الحاكم وفي ماله وفاء وقال مالك ليس له الرجوع في العين
لان ذلك انما جعل له لما يلحقه من النقص في الثمن فإذا بدل له لم يكن له الرجوع كما إذا زال العيب من المبيع لم يكن له رده ويمكن أن يقول إن كان المدفوع من مال المفلس لم يجب القبول
لامكان تجدد غريم اخر فلا يأمن من مزاحمته فكان له الرجوع في العين وإن كان من مال الغرماء أو تبرع به أجنبي فإنه لا يجب عليه الإجابة أيضا لأنه تبرع يدفع الحق غير من
هو عليه فلم يجبر صاحب الحق على قبضه كما لو أعسر الزوج بالنفقة فبذل غيره النفقة أو عجز المكاتب فبذل عنه متبرع ما عليه لسيده والوجه أن يقول إذا دفع الغرماء من خالص
أموالهم ثمن السلعة وكان في السلعة زيادة بان غلا سعرها أو كثر الراغبون إليها ويرجى لها صعود سعر كان على صاحب السلعة اخذ ما بذله الغرماء لما فيه من انتفاعهم
بالسلعة بخلاف التبرع عن الزوج والمكاتب إذ لا حق لهم في المعوض والغرماء حق في المعوض فكان لهم ذلك لما في منعهم من الاضرار بالمفلس وهو منفي. مسألة: إذا؟؟ عليه
اخذ ما بذله الغرماء من مالهم أو أجابهم إليه تبرعا منه ثم ظهر غريم اخر لم يشارك صاحب السلعة فيما اخذه منهم إما لو كان المدفوع من مال المفلس وخصوه ثم ظهر غريم اخر يشاركه
فيما اخذه ولو دفع الغرماء الثمن إلى المفلس من مالهم فبدله للبايع لم يكن له الفسخ لأنه زال العجز عن تسليم الثمن فزال مال الفسخ كما لو أسقط ساير الغرماء حقوقهم عنه ملك الثمن
ولو أسقط الغرماء حقهم عنه فيتمكن من الأداء ووهب له مال فامكنه الأداء منه أو غلت أعيان أمواله فصارت قيمتها وافية بحقوق الغرماء بحيث يمكن أداء الثمن كله لم يكن للبايع الفسخ لزوال
سببه ولأنه امكنه الوصول إلى ثمن سلعته من المشتري فلم يكن له الفسخ كما لو لم يفلس ولو دفع الغرماء إلى المفلس من عين ماله قدر الثمن ليدفعه إلى البايع لم يجب على البايع القبول حذرا من ظهور اخر. مسألة: لو مات المشتري المفلس لم يزل الحجر عن المال بل يتأكد
60

فإنه لو مات غير محجور عليه حجر عليه فلو قال وارثه للبايع والسلعة باقية لا يرجع حتى أقدمك على الغرماء لم يلزمه القبول أيضا لما ذكرنا من محظور ظهور غريم اخر ولو أقل أؤدي
الثمن من مالي فالوجه ان عليه القبول ولم يكن له الفسخ لان الوارث خليفة المورث فله تخليص المبيع وكما أن المديون لو دفع الثمن إلى المشتري لم يكن له الفسخ كذا وارثه هذا
على تقدير ان يكون المديون قد خلف وفاء إما إذا لم يخلف وفاء فإنه لا اختصاص له بالعين على ما بيناه. مسألة: لو امتنع المشتري من تسليم الثمن مع يساره أو هرب
أو مات وهو ملي فامتنع الوارث من دفع الثمن فإن كان الثمن حالا ولم يسلم السلعة إلى المشتري فإنه يتخير البايع بعد ثلاثة أيام في الفسخ والصبر عندنا خاصة ولو كان البايع قد
سلم السلعة إلى المشتري لم يكن له الفسخ وان تعذر عليه ثبوته أو مطله أو شبه ذلك وهو أصح وجهي الشافعي لأنه لم يوجد عيب الافلاس ويمكن التوصل إلى الاستيفاء بالسلطان
فان فرض عجز كان نادرا لا عبرة به والثاني ان له الفسخ لتعذر الوصول إلى الثمن. مسألة: لو باع السلعة وضمن المشتري ضامن بالثمن فإن كان البايع قد رضي بضمانه
انتقل حقه عن المشتري إلى الضامن لأن الضمان عندنا ناقل وقد رضي بانتقال المال من ذمة المشتري إلى ذمة الضامن فبرئت ذمة المشتري ولم يكن للبايع الرجوع في العين
سواء تعذر عليه الاستيفاء من الضامن أو لا ولو لم يرض البايع بضمانه لم يكن بذلك الضمان اعتبار إذا عرفت هذا فإنه لا اعتبار لاذن المشتري في الضمان عندنا بل متى
ضمن ورضي البايع صح الضمان سواء صم بإذن المشتري أو تبرع بالضمان عنه وقال الشافعي ان ضمن بإذن المشتري فلا رجوع للبايع في العين لأنه ليس بمتبرع على المشتري و
الوصول من يده كالوصول من يد المشتري وان ضمن بغير اذنه فوجهان أحدهما انه يرجع كما لو تبرع متبرع بالثمن والثاني انه لا يرجع لان الحق قد تقرر في ذمته وتوجهت المطالبة
عليه بخلاف المتبرع. تذنيب: لو أعير المشتري ما يرهنه بالثمن صح ولم يكن له الرجوع في العين لامكان ايفائه من الدين بالرهن وللشافعي الخلاف السابق في الضمان
مسألة: لو انقطع جنس الثمن فان جوزنا الاعتياض عنه إذا كان في الذمة والاستبدال فلا يعذر في استيفاء عوض عنه ولم يكن للبايع فسخ البيع وان منعنا
من الاعتياض فهو كانعتاق المسلم فيه والمسلم فيه إذا انقطع كان اثره ثبوت حق الفسخ وهو أصح قولي الشافعي وفي الثاني الانفساخ وهو أضعف قوليه فكذا هنا النظر
الثاني: في المعاوضة يعتبر في المعاوضة التي يملك فيها المفلس شرطان سبق المعاوضة على الحجر وكونها محض معاوضة فلو باع من المفلس شيئا بعد الحجر عليه فالأقرب
الصحة على ما تقدم وهل يثبت له حق الفسخ والرجوع في العين خلاف سبق فان قلنا لا رجوع تحقق شرط سبق المعاوضة على الحجر والا فلا ولو آجر الانسان داره وسلمها
إلى المستأجر وقبض الأجرة ثم أفلس وحجر عليه فالإجارة مستمرة بحالها لا سبيل للغرماء عليها كالرهن يختص به المرتهن فان انهدمت الدار في أثناء المدة وفسخت الإجارة
فيما بقي منها ضارب المستأجر مع الغرماء بحصته ما بقي منها إن كان الانهدام قبل قسمة المال بينهم وإن كان بعد القسمة فالأقوى انه يضارب أيضا وهو أصح وجهي الشافعي لأنه
دين أسند إلى عقد سابق على الحجر وهو الإجارة فصار كما لو انهدم قبل القسمة وفي الأخر انه لا يضارب لأنه دين حدث بعد القسمة فصار كما لو استقرض ويضعف بان السبب
متقدم فيكون مسببه كالمتقدم. مسألة: لو باعه جارية بعبد وتقايضا ثم أفلس مشتري الجارية وحجر عليه وهلكت الجارية في يده ثم وجد بايعها بالعبد عيبا فرده
فله طلب قيمة الجارية قطعا والأقرب في الطلب انه يضارب كساير أرباب الديون وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يقدم على ساير الغرماء بقيمتها لأنه ادخل في مقابلتها
عبدا في مال المفلس وهذان الوجهان يخالفان الوجهين في رجوع من باع منه بعد الحجر شيئا بالثمن إذا قلنا لا يتعلق بعين متاعه فانا في وجه نقول يضارب وفي وجه نقول
يصير إلى أن يستوفي الغرماء حقوقهم ولا نقول بالتقدم بحال والفرق ان الدين هناك حادث بعد الحجر وهنا مستند إلى سبب سابق على الحجر فإذا انضم إليه ادخال
شئ في ملك المفلس اثر في التقديم على أحد القولين. مسألة: قد بينا اشتراط التمحض للمعاوضة فيها فلا يثبت الفسخ في النكاح والخلع والصلح بتعذر استيفاء
العوض وهو ظاهر على معنى ان المراة لا يفسخ النكاح بتعذر استيفاء الصداق ولا الزوج الخلع ولا العافي عن القصاص الصلح بتعذر استيفاء العوض وللشافعي قول
بتسلط المراة على الفسخ بتعذر استيفاء الصداق وسيأتي انشاء الله تعالى وكذا ليس للزوج فسخ النكاح إذا لم يسلم المراة نفسها وتعذر الوصول إليها إما إذا انفسخ النكاح من جهتها
فسقط صداقها أو طلقها قبل الدخول فسقط نصفه نصفه فاستحق الزوج الرجوع بما دفعه أو بنصفه فأقل وعين
الصداق موجودة فهو أحق بعين ماله لقوله
من أدرك متاعه بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به. مسألة: إذا أفلس المسلم قبل توفية مال السلم فاقسامه ثلاثة. أ: ان يكون رأس المال باقيا بحاله فللمسلم
فسخ العقد والرجوع إلى رأس ماله كما في البايع وان أراد ان يضارب مع الغرماء بالمسلم فيه ولا يفسخ أجيب إليه. ب: ان يكون بعض رأس المال باقيا وبعضه تالفا وحكمه
حكم ما لو تلف بعض المبيع دون بعض وسيأتي. ج: ان يكون رأس المال تالفا فالأقرب انه لا يفسخ السلم بمجرد ذلك كما لو أفلس المشتري بالثمن والمبيع بألف بخلاف الانقطاع فإنه هناك
إذا فسخ رجع إلى رأس المال بتمامه وهنا إذا فسخ لم يكن له المضاربة برأس المال ولو لم يفسخ لضارب بالمسلم فيه وهذا يقع إذا تعالت زيادة قيمة المسلم فيه رأس المال فحينئذ يقدم
المسلم فيه ويضارب المسلم بقيمته مع الغرماء فإذا عرفت حصته نظر إن كان في المال من جنس المسلم فيه اخذ منه بقدر نصيبه وان لم يكن اشترى له من جنس حقه ويبقى له الباقي في
ذمة المفلس فليس له ان يأخذ القيمة إذا لم يكن من جنس الحق لأنه يؤخذ بدل المسلم فيه وهذا أصح وجهي الشافعية والثاني ان للمسلم فسخ العقد والمعاوضة مع الغرماء
برأس المال لأنه تعذر عليه الوصول إلى تمام حقه فليمكن من فسخ السلم كما لو انقطع جنس المسلم فيه وليس عندي بعيدا من الصواب وعلى هذا فهل يجئ قول بانفساخ السلم
كما لو انقطع جنس المسلم فيه قال بعض الشافعية نعم اتماما للتشبيه وقال بعضهم لا لامكان حصوله باستقراض وغيره بخلاف الانقطاع وإذا كان رأس المال تالفا وانقطع
جنس المسلم فيه فالأقوى انه يثبت له حق الفسخ لان سببه ثابت وهو الانقطاع فإنه سبب للفسخ في حق غير المحجور عليه ففي حقه أولي ولان ما ثبت في حق غير المحجور عليه كالرد
بالعيب وله فايدة هنا فان ما يخصه لو فسخ لصرف إليه في الحال عن جهة رأس المال وما يخصه لو لم يفسخ لم يصرف إليه بل يوقف إلى أن يعود السلم فيه فيشترى به. مسألة:
لو قوم المسلم فيه فكانت قيمته مثلا عشرين فأقررنا له من المال عشرة لكون الديون ضعف المال ثم رخص السعر قبل الشراء فكانت العشرة يفي بثمن جميع المسلم فيه فالأقرب
انه يشترى به جميع حقه ويسلم إليه لأن الاعتبار انما هو يوم القسمة والموقوف وان لم يملكه أسلم لكنه صار كالمرهون بحقه وانقطع حقه عن غيره من الحصص حتى لو تلف
قبل التسليم إليه لم يتعلق بشئ مما عتد الغرماء فكان حقه في ذمة المفلس ولا خلاف في أنه لو فضل الموقوف عن جميع حق المسلم كان الفاضل للغرماء وليس له أن يقول الزايد
قد زاد لي وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انا نرد الموقوف إلى ما يخصه باعتبار قيمة الأجزاء فتصرف إليه خمسة والخمسة الباقية توزع عليه وعلى باقي الغرماء لان الموقوف لم
يدخل في ملك المسلم بل هو باق على ملك المفلس وحق المسلم في الحنطة لا في ذلك الوقوف فإذا صارت القيمة عشرة فليس دينه الا ذلك ولا استبعاد فيه ولو غلا السعر وكنا قد
أوقفنا العشرة ولم يوجد القدر الذي أسلم فيه الا بأربعين فعلى الأول لا يزاحمهم وليس له الا ما وقف له وهو العشرة يشتري له بها ربع حقه ويبقى الباقي في ذمة المفلس وعلى
الوجه الأول ظهر ان الدين أربعون فيسترجع من ساير الحصص ما يتم به حصة الأربعين. مسألة: إذا ضرب الغرماء على قدر رؤوس أموالهم واخذ المسلم بما خصه
61

قدرا من المسلم فيه وارتفع الحجر عنه ثم حدث له مال وأعيد الحجر واحتاجوا إلى الضرب ثانيا قومنا المسلم فيه فان اتفقت قيمته الآن والقيمة السابقة فذاك والا فالتوزيع
الان يقع القيمة الزايدة وان نقصت فالاعتبار بالقيمة الثانية أو بالأقل الأقرب الأول وهو أصح وجهي الشافعية ولو كان المسلم فيه ثوبا أو عبدا فحصة المسلم يشتري
به شقص منه للضرورة فإن لم يوجد فللمسلم الفسخ. مسألة: الإجارة نوعان الأول ما يتعلق بالأعيان كالأرض المعينة للزرع والدار للسكنى والعبد للخدمة
والدابة للحمل ثم في كل من واحد من القسمين إما ان يفلس المستأجر أو المؤجر فلو استأجر أرضا أو دابة ثم أفلس قبل تسليم الأجرة وقبل مضي شئ من المدة كان للمؤجر فسخ الإجارة
تنزيلا للمنافع في الإجارة منزلة الأعيان في البيع وهو المشهور عند الشافعية وحكى الجويني قولا اخر للشافعي انه لا يثبت الرجوع بالمنافع ولا ينزل منزلة الأعيان القائمة إذ ليس
لها وجود مستقر إذا عرفت هذا فنقول للمؤجر الخيار في فسخ الإجارة والرجوع بالعين والمنافع وفي امضاء الإجارة والضرب مع الغرماء بالأجرة فإن كانت العين المستأجرة
فارغة آجرها الحاكم على المفلس وصرف الأجرة إلى الغرماء ولو كان التفليس بعد مضي بعض المدة فللمؤجر فسخ الإجارة في المدة الباقية والمضاربة مع الغرماء بقسط المدة
الماضية من الأجرة المسماة بناء على أنه إذا باع عبدين فتلف أحدهما ثم أفلس يفسخ البيع في الباقي ويضارب بثمن التالف وبه قال الشافعي خلافا لأحمد حيث يذهب انه
إذا تلف بعض المبيع لم يكن للبايع الرجوع في البعض الباقي كذا هنا إذا مضى بعض المدة كان يمنزلة تلف بعض المبيع ويحتمل فسخ العقد في الجميع إذا مضى بعض المدة ويضرب
بقسط ما حمل من أجرة المثل. مسألة: لو أفلس مستأجر الدابة وحجر عليه في خلال الطريق ففسخ المؤجر لم يكن له طرح متاعه في البادية المهلكة ولا في موضع غير
محترز بل يجب نقله إلى مأمن بأجرة المثل لذلك النقل من ذلك المكان ويقدم به على الغرماء لأنه لصيانة المال وحفظه وايصاله إلى الغرماء فأشبه اجرة الكيال
والحمال واجرة المكان المحفوظ فيه فإذا وصل إلى المأمن وضعه عند الحاكم ولو وضعه على يد عدل من غير اذن الحاكم فوجهان وكذا لو استأجر لحمل متاع فحمل بعضه
فروع: أ: لو كان المأمن في صوب المقصد وجب المضي إليه وهل للمؤجر تعجيل الفسخ في موضع العلم بالحجر أو يجب عليه الصبر إلى المأمن الأقرب الأول لان حجر سبب في تخييره
بين الفسخ والامضاء وقد وجد السبب فيوجد المسبب ويحتمل الثاني لأنه يجب عليه المضي إلى المأمن سواء فسخ أو لا فلا وجه لفسخه. ب: تظهر الفايدة فيما لو كان الأجرة في
نقله من موضع الحجر إلى موضع المأمن مخالفا لما يقع له بعد التقسيط من المسمى فان قلنا له الفسخ ففسخ كان له أجرة المثل إلى المأمن سواء زادت عن القسط من المسمى أو نقصت
أو ساوته وان قلنا ليس له الفسخ فله القسط من المسمى. ج: لو قلنا ليس له الفسخ أو قلنا له الفسخ ولم يفسخ هل يقدم بقسط النقل من موضع الحجر إلى المأمن من المسمى اشكال ينشأ
من أنه مستمر على الإجارة السابقة التي يجب الضرب بمسماها مع الغرماء فلم يقدم على باقي الغرماء في هذا القسط كما لم يقدم في القسط للنقل من مبدأ المسافة إلى موضع
الحجر ومن أن له النقل من المخافة إلى المأمن بأجرة مقدمة فيجب تقديم هذا القسط من المسمى. د: لو كان النقل إلى المأمن انما هو في منتهى مسافة الإجارة وجب النقل إليه ويجئ
الاحتمالان في أن المؤجر هل له الفسخ أم لا لكن احتمال عدم الفسخ هنا أقوى منه في الأول. ه‍: لو كان النقل إلى المأمن انما يحصل بأجرة مساوية للنقل إلى المقصد أو أكثر
فالأولى وجوب النقل إلى المقصد وعدم تخييره في الفسخ بل يجب عليه امضاء العقد وهل يقدم بالقسط للنقل من موضع الحجر إلى المقصد من المسمى أم لا اشكال. و: لو كان
المأمن في صوب المقصد وصوب مبدأ المسافة على حد واحد وتعددت مواضع الامن وتساوت قربا وبعدا فإن كان اجرة الجميع واحدة نظر إلى المصلحة فان تساوت كان له سلوك أيها
شاء لكن الأولى سلوك ما يلي المقصد لأنه مستحق عليه في أصل العقد وان اختلفت الأجرة سلك أقلها اجرة وان تفاوتت المصلحة فان اتفقت مصلحة المفلس والغرماء في شئ
واحد تعين المصير إليه وان اختلفت فالأولى تقديم مصلحة المفلس. مسألة: لو فسخ المؤجر للأرض اجارتها لافلاس المستأجر فإن كانت فارغة اخذها فإن كانت قد مضى
من المدة شئ كان كما تقدم وينبغي ان يكون الماضي من الزمان له وقع بحيث يقسط المسمى عليه فيرجع في الباقي من المدة بقسطه وإن كانت الأرض مشغولة بالزرع فإن كان
الزرع قد استحصد فله المطالبة بالحصاد وتفريغه وان لم يكن استحصد فان اتفق الغرماء والمفلس على قطعه وان اتفقوا على التبقية إلى الادراك فلهم ذلك بشرط ان يقدموا
المؤجر بأجرة المثل لبقية المدة محافظة للزرع على الغرماء وان اختلفوا فأراد بعضهم القطع وبعضهم التبقية فالأولى مراعاة ما فيه المصلحة حتى لو كانت الأجرة تستوعب
الحاصل ويزيد عليه قطع والا فلا وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخر ينظر إن كانت له قيمة لو قطع أجيب من يريد القطع من المفلس والغرماء إذ ليس عليه تنمية ماله لهم ولا عليهم
الصبر إلى أن ينموا ولا بأس به عندي فعلى هذا لو لم يأخذ المؤجر اجرة المدة الماضية فهو أحد الغرماء فله طلب القطع وان لم يكن له قيمة لو قطع أجيب من يريد التبقية إذ لا فايدة
لطالب القطع فيه وإذا أبقوا الزرع بالاتفاق أو بطلب بعضهم حيث لم يكن للمقطوع قيمة فالسقي وساير المؤن ان تطوع بها الغرماء أو بعضهم أو انفقوا عليها على قدر
ديونهم فذاك وان أنفق عليها بعضهم ليرجع فلا بد من اذن الحاكم واتفاق الغرماء والمفلس وإذا حصل الاذن قدم المنفق بقدر النفقة لأنه لاصلاح الزرع وكذا لو اتفقوا
على قدر الديون ثم ظهر غريم قدم المنفقون في قدر النفقة عليه وهل يجوز الانفاق عليه من مال المفلس الوجه الجواز لاشتماله على التنمية وهو أحد وجهي الشافعي والثاني
المنع لعدم اليقين بحصول الفايدة وانما هو موهوم. النوع الثاني. الإجارة الواردة على الذمة. مسألة. هذه الإجارة لا يكون حكمها حكم السلم
في وجوب قبض مال الإجارة في المجلس كما يجب قبض رأس مال السلم فيه للأصل الدال على عدم الوجوب السالم عن معارضة النص الوارد في السلم لانفراد السلم عن الإجارة ومغايرته لها
فلا يجب اشتراكهما في الحكم وهو أحد قولي الشافعي والثاني انهما متساويان في وجوب الاقباض في المجلس فعلى الأول يكون كالإجارة الواردة على العين وعلى الثاني لا اثر للافلاس
بعد التفرق لصيرورة الأجرة مقبوضة قبل التفرق. تذنيب. لا يثبت خيار المجلس في الإجارة لاختصاص النص بالبيع وعدم مشاركته للإجارة في الاسم والأصل
عدم الخيار وهو أحد قولي الشافعي ووفي الأخر يثبت الخيار فان أثبته كان فيه غنية عن هذا الخيار والا فهو كما في اجارة العين. القسم الثاني. في افلاس المؤجر وفيه
نوعان. الأول. في اجارة العين فإذا اجر دابة من انسان أو دارا ثم أفلس وحجر عليه الحاكم لم ينفسخ الإجارة ولم يكن للمستأجر ولا للغرماء فسخ الإجارة لان ذلك عقد لازم عقده
قبل الحجر والمنافع المستحقة للمستأجر متعلقة بعين ذلك المال فيقدم بها كما تقدم في حق المرتهن وكما لو أفلس بعد بيع شئ معين فان المشتري أحق بما اشتراه ثم الغرماء لهم
الخيار بين الصبر حتى ينقضي مدة الإجارة ثم يبيعونها وبين البيع في الحال فان اختاروا الصبر إلى انقضاء مدة الإجارة فان انقضت المدة والدار بحالها فلا بحث وان
انهدمت الدار في أثناء المدة انفسخت الإجارة ان اختار المؤجر الفسخ فيما بقي من المدة فإن كانت الأجرة لم يقبض منه سقطت عنه فيما بقي من المدة وإن كانت قد قبضت
منه رجع على المفلس بحصته ما بقي من المدة وهل يضرب بذلك مع الغرماء ينظر فإن كان ذلك قبل قسمة ماله فهل يرجع على الغرماء وجهان مبنيان على أن وجود السبب كوجود المسبب أو لا فان قلنا
بالأول رجع عليهم بما يخصه لان سبب وجوبه وجد قبل الحجر ولو كان الاعتبار بحال وجوبه لكان إذا وجب قبل القسمة ان لا يشارك وان قلنا بالثاني لم يرجع لان دينه تجدد
بعد الحجر فلم يحاصر به الغرماء والأول أقوى فان طلب الغرماء البيع في الحال أجيبوا إليه لأنه يجوز عندنا بيع الأعيان المستأجرة وهو أحد وجهي الشافعي لأنه عقد على
62

منفعة فلا يمنع من بيع أصل العين كالنكاح والثاني لا يصح البيع لان يد المستأجر حايلة دون التسليم فأشبه المغصوب فعلى قولنا يباع في الحال ويكون المستأجر أحق بالمنافع
واليد مدة اجارته ولو اختلف الغرماء في البيع والصبر أجيب الذي يطلب البيع لأنه يتعجل حقه ولا مبالاة بما ينقص من ثمنه بسبب الإجارة إذ لا يجب على الغرماء الصبر
إلى أن يزداد مال المفلس النوع الثاني. الإجارة الواردة على الذمة. مسألة. إذا التزم المفلس نقل متاع من بلد إلى آخر أو عمل شغل ثم أفلس فإن كان
مال الإجارة باقيا في يده فله فسخ الإجارة والرجوع إلى عين ماله وإن كانت تالفة فلا فسخ كما لا فسخ والحال هذه عند افلاس المسلم إليه على الأصح وبه قال الشافعي و
يضارب المستأجر الغرماء بقيمة المنفعة المستحقة وهي أجرة المثل كما يضارب المسلم بقيمة المسلم فيه إذا عرفت هذا فان هذا النوع من الإجارة ليس سلما وهو أحد قولي
الشافعي وفي الثاني يكون سلما فعلى قوله هذا ما يخصه بالمضاربة من مال المفلس لا يجوز تسليمه إليه لامتناع الاعتياض عن المسلم فيه بل ينظر فإن كانت المنفعة
المستحقة قابلة للتبعيض كما لو استأجره لحمل مائة رطل فينقل بالحصة بعضها وان لم يقبل التبعيض كما إذا كان الملتزم قصارة ثوب أو رياضة دابة وحمل المستأجر
إلى بلد ولو نقل إلى بعض الطريق ضاع فوجهان للشافعي قال الجويني للمستأجر الفسخ بهذا السبب والمضاربة بالأجرة المبذولة وعلى ما اخترناه نحن يسقط عنا هذا ويقبض
الحصة بعينها لجواز الاعتياض ويلزم على قوله ابطال مذهبه من منع جواز الاعتياض في السلم فيما صورناه هذا إذا لم يسلم المؤجر عينا إلى المستأجر يستوفي المنفعة الملتزمة
منها إما إذا التزم النقل إلى البلد في ذمته ثم سلم دابة لينقل بها ثم أفلس فان قلنا إن الدابة المسلمة يتعين بالتعيين فلا فسخ ويقدم المستأجر بمنفعتها لو كانت الدابة معينة
في عقد الإجارة وان قلنا لا يتعين فكما لو لم يسلم الدابة فيفسخ المستأجر ويضارب بمال الإجارة. تذنيبان. آ: لو استقرض مالا ثم أفلس وهو باق في يده فللمقرض
الرجوع إلى عين ماله كالبايع في عين السلعة وان ملكها المفلس بالشراء وهو قول الشافعي أيضا سواء قلنا إن القرض يملك بالقبض أو بالتصرف إما إذا كان لا يملك بالقبض
فلانه يقدر على الرجوع من غير افلاس ولا حجر فمعهما أولي واما إذا كانت تملك بالقبض فلانه مملوك ببدل تعذر تسليمه فأشبه البيع. ب: لو باع شيئا واستوفى ثمنه وامتنع من تسليم المبيع أو هرب
لم يكن للمشتري الفسخ لان حقه تعلق بالعين ولا نقصان في نفس المبيع فان تعذر قبضه تخير حينئذ وللشافعية وجهان. النظر الثالث: في المعوض. مسألة:
يشترط في المعوض وهو المبيع مثلا ليرجع إليه مع افلاس المشتري شيئان بقاؤه في ملك المفلس وعدم التغير فلو هلك المبيع لم يكن للبايع الرجوع لقوله صلى الله عليه وآله فصاحب المتاع
أحق بالمتاع إذا وجده بعينه فقد جعل صلى الله عليه وآله وجدان المتاع شرطا في أحقية الاخذ ولا فرق بين ان يكون الهلاك بآفة سماوية أو بجناية جان أو بفعل المشتري ولا بين ان
يكون قيمته مثل الثمن أو أكثر وليس له الا مضاربة الغرماء بالثمن عملا بالأصل واختصاص المخالف له
بالوجدان وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه إذا زادت القيمة
ضارب بها دون الثمن واستفاد بها زيادة حصته. مسألة: لو خرجت العين عن ملك المشتري ببيع أو هبة أو عتق أو وقف فهو كما لو هلك وليس له فسخ
هذه التصرفات بخلاف الشفيع فان له رد ذلك كله لان حق الشفعة كان ثابتا حين تصرف المشتري لان الشفعة يثبت بنفس البيع وهنا حق الرجوع لم يكن ثابتا حين التصرف
لأنه انما يثبت بالافلاس والحجر وكذا لا رجوع للبايع ولو كاتب المشتري العبد المبيع أو استولد الجارية المبيعة إما لو دبر فان له الرجوع ولو نذر عتقه مطلقا أو نذره عند
شرط فكذلك لا يرجع الا ان يبطل ذلك الشرط ويعلم بطلان النذر ولو علق العتق بصفة لم يصح عندنا وعند الشافعي يصح وله الرجوع ولو اجر العين فلا رجوع له في المنافع
بل في العين عندنا لأنه يجوز بيع المستأجر وهو أحد قولي الشافعية ان جوزوا بيع المستأجر وان منعوه لم يكن له الرجوع في العين فإذا جوزنا له الرجوع اخذه مسلوب المنفعة
لحق المستأجر والا ضارب بالثمن. مسألة: لو رهن المشتري العين لم يكن للبايع الرجوع لتقدم حق المرتهن وكذا لو جنى العبد المبيع فالمجني عليه أحق ببيعه فان قضى
حق المرتهن أو المجني عليه ببيع بعضه فالبايع واجد لباقي المبيع وسيأتي حكمه انشاء الله تعالى وان انفك الرهن أو برئ عن الجناية فله الرجوع ولو زوج الجارية لم يمنع
البايع من الرجوع فيها إما لو باع صيدا ثم أحرم وأفلس المشتري لم يكن للبايع الرجوع في العين لان تملكه للصيد حرام ولو نقل العين ببيع وشبهه ثم حجر عليه بعد ذلك ثم عادت
العين فالوجه عندي انه لا يرجع البايع فيها لان ملك المشتري فيها الان متلقى من غير البايع ولأنه قد تخللت حالة لو صادفها الافلاس والحجر لما رجع فيستصحب حكمها
وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه ان عاد إليه بغير عوض كالهبة والإرث والوصية له ففي الرجوع وجهان أحدهما انه يرجع لأنه وجد متاعه بعينه والثاني لا يرجع لان
الملك قد تلقاه عن غير البايع وهذان الوجهان مبنيان عندهم على ما إذا قال لعبده إذا جاء رأس الشهر فأنت حر ثم باعه واشتراه وجاء رأس الشهر هل يعتق وان
عاد الملك إليه بعوض كما لو اشتراه ان وفر الثمن على البايع الثاني فكما لو عاد بلا عوض فإن لم يوفر وقلنا بثبوت الرجوع للبايع لو عاد بلا عوض فالأول أولي بالرجوع
لسبق حقه أو الثاني لقرب حقه أو يستويان ويضارب كل واحد منهما بنصف الثمن فيه ثلاثة أوجه. تذنيب: لو كاتب العبد كتابة مطلقة لم يكن للبايع
الرجوع في العين لأنه كالعتق في زوال سلطنة السيد عنه وإن كانت شروطه فإن كانت باقية لم يكن له الرجوع أيضا لأنها عقد لازم وان عجز المكاتب عن الأداء فللمفلس
الصبر إليه لأنه كالخيار ويحتمل عدمه فان رده في الرق فهل للبايع الرجوع فيه الأقرب ذلك لأنه ليس بملك يتجدد بل هو إزالة مانع وللشافعي طريقان أحدهما ان رجوعه
إلى الرق كانفكاك الرهن والثاني انه يعود الملك بعد زواله لمشابهة الكتابة زوال الملك وافادتها استقلال المكاتب والتحاقه بالأحرار مسألة قد بينا
انه يشترط للرجوع في العين في المعوض امران بقاء الملك وقد سلف وبقى الشرط الثاني وهو عدم التغير فنقول البايع ان وجد العين بحالها لم يتغير لا بالزيادة ولا
بالنقصان فان للبايع الرجوع لا محالة وان تغير فاما ان يكون بالنقصان أو بالزيادة. القسم الأول: ان يكون التغير بالنقصان وهو قسمان الأول
نقصان ما لا ينقسط الثمن ولا يفرد بالعقد وهو المراد بالعيب ونقصان الصفة كتلف بعض أطراف العبد والثاني نقصان بعض المبيع مما ينقسط عليه الثمن ويصح
افراده بالعقد ونحن نذكر حكم هذه الأقسام بعون الله تعالى ثم نتبع ذلك بقسم الزيادة الأول نقصان الصفة. مسألة: إذا نقصت العين بالتعيب فان
حصل بآفة سماوية تخير البايع بين الرجوع في العين ناقصة بغير شئ وبين ان يضارب بالثمن مع الغرماء كما لو تعيب المبيع في يد البايع يتخير المشتري بين أخذه
معيبا بجميع الثمن عند بعض أصحابنا وبين الفسخ والرجوع بالثمن وعلى ما اخترناه نحن من أن المشتري يرجع بالأرش لا يتأتى هذا وانما لم يكن للبايع هنا الرجوع
بالأرش وكان للمشتري في صورة البيع الرجوع به لأن المبيع مضمون في يد البايع وكما يضمن جملته يضمن اجزائه سواء كانت صفاتا أو غيرها لان الثمن في مقابلة
الجميع واما هنا فان البايع لا حق له في العين الا بالفسخ المتجدد بعد العيب وانما حقه قبل الفسخ في الثمن فلم يكن العين مضمونة له فلم يكن له الرجوع بأرش المتجدد
بل يقال له إما ان يأخذ العين مجانا أو يضارب بالثمن وهو أحد قولي الشافعي وله اخر انه يأخذ المعيب ويضارب مع الغرماء بما نقص كما يأتي في الضرب الثاني وهو
غريب عندهم إذا عرفت هذا فقد وافقنا مالك والشافعي على أن للبايع الرجوع وإن كانت معيبة وقال احمد إذا تلف جزء من العين كتغير أطراف العبد أو ذهاب
63

عينه أو تلف بعض الثوب أو انهدم الدار أو اشترى نخلا مثمرا فتلف الثمرة ونحو هذا لم يكن للبايع الرجوع لأنه لم يدرك متاعه بعينه وهو غلط إما أولا فلان
العين باقية وان تلف بعض صفاتها واما ثانيا فلانه إذا ثبت له الرجوع في جميع العين بالثمن فاثبات الرجوع له في بعضها بالثمن أولي كما لو قال انا ارجع في نصف العين
بجميع الثمن فإنه يجاب إليه كذا هنا. مسألة: إذا تعيبت العين بجناية جان فاما ان يكون الجاني أجنبيا أو البايع أو المشتري فإن كان أجنبيا فعليه الأرش
وللبايع يأخذه معيبا أو يضارب الغرماء مثل نسبة ما انتقص من القيمة من الثمن لان المشتري اخذ بدلا للنقصان وكان مستحقا للبايع فلا يجوز تضييعه عليه
بخلاف التعيب بالآفة السماوية حيث لم يكن لها عوض وانما اعتبرنا في حقه نقصان القيمة دون التقدير الشرعي لان التقدير انما أثبته الشرع في الجنايات والاعواض
يتقسط بعضها على بعض باعتبار القيمة ولو اعتبرنا في حقه المقدر لزمنا ان نقول إذا قطع يدي الجاني ان يأخذه البايع وقيمته وهذا محال بل ينظر فيما انتقص من قيمته
بقطع اليدين ويقول يضارب البايع الغرماء بمثل نسبته من الثمن ولو قطع إحدى يديه وغرم نصف القيمة وكان الناقص في السوق ثلث القيمة ضارب البايع بثلث
الثمن واخذه وعلى هذا القياس. مسألة: لو كان الجاني على العين البايع فهو كجناية الأجنبي لان جنايته على ما ليس بمملوك له ولا هو في ضمانه وإن كان الجاني المشتري
احتمل ان يكون جنايته كجناية الأجنبي أيضا لان اتلاف المشتري نقص واستيفاء منه على ما مر في موضعه وكانه صرف جزء من المبيع إلى عرضه وأن يكون جنايته كجناية البايع
على المبيع قبل القبض لان الفلس والمبيع في يده كالبايع في المبيع قبل القبض من حيث إنه مأخوذ منه غير مقرر في بده وللشافعي قولان أحدهما انه كجناية الأجنبي و
وأصحهما عنده انها كالآفة السماوية ولا يقال إن حق تشبيه جناية المشتري هنا بجناية البايع قبل القبض تشبيه جناية البايع هناك حتى يقال كأنه استرجع بعض المبيع
إذ ليس له الفسخ والاسترجاع الا بعد حجر الحاكم عليه فليس قبل الحجر حق ولا ملك. تذنيب: لو باع المفلس قبل الحجر بعض العين أو وهبه أو وقفه فهو بمنزلة تلفه
القسم الثاني: نقصان العين. مسألة: إذا نقص المبيع نقصا ينقسط الثمن عليه ويصح افراده بالعقد كما لو اشترى عبدين صفقة أو ثوبين كذلك
فتلف أحدهما في يد المشتري ثم أفلس وحجر عليه فللبايع ان يأخذ الباقي بحصته من الثمن ويضارب مع الغرماء بحصة التالف وله ان يضارب بجميع الثمن وبه قال الشافعي و
احمد في إحدى الروايتين لأنه عين ماله وجدها البايع فله اخذها لقوله صلى الله عليه وآله من أدرك متاعه بعينه عند انسان قد أفلس فهو أحق به ولأنه مبيع وجده بعينه فكان للبايع الرجوع
فيه كما لو وجد جميع المبيع وفي الرواية الأخرى لأحمد ليس له الرجوع لأنه لم يجد المبيع بعينه أشبه ما لو كان عينا واحدة وقد تعيبت ولان بعض المبيع تالف فلم يملك
الرجوع فيه كما لو قطعت يد العبد والحكم في الأصل ممكن وقد سبق وهذا كما لو بقي جميع المبيع وأراد البايع فسخ البيع في بعضه ممكن منه لأنه أنفع للغرماء من الفسخ في الكل فهو
كما لو رجع الواهب في نصف ما وهب. مسألة: إذا اختار فسخ البيع في الباقي واخذه ضرب بقسط التالف من الثمن ولا يجب عليه فسخ البيع واخذ الباقي بجميع الثمن
لان الثمن ينقسط على المبيع فكأنه في الحقيقة بيعان بثمنين وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه يأخذ الباقي بجميع الثمن ولا يضارب بشئ وطردوا هذا القول في
كل مسألة تضاهي هذه المسألة حتى لو باع سيفا وشقصا بمائة يأخذ الشقص بجميع المائة على قول وهو بعيد هذا إذا تلف أحد العبدين ولم يقبض من الثمن شيئا
ولو باع عبدين متساوي القيمة بمائة وقبض خمسين وتلف أحدهما في يد المشتري ثم أفلس فإنه يرجع في الباقي من العبدين لان الافلاس سبب يعود به جميع العين فجاز ان
يعود بعضه كالفرقة في النكاح قبل الدخول يريد بها جميع الصداق إلى الزوج تارة وبعضه أخرى ولاندراج صورة النزاع فيما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال إذا أفلس الرجل ووجد البايع سلعته بعينها فهو أحق بها من الغرماء ومن طريق الخاصة قول أبي الحسن (ع) وقد سئل عن رجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده
بعينه قال لا يحاصه الغرماء وهو الجديد للشافعي وقال في القديم ليس له الرجوع إلى العين بل يضارب بباقي الثمن مع الغرماء لقول النبي صلى الله عليه وآله أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه
ولم يقبض البايع من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به وإن كان قد اقبض من ثمنه شيئا فهو أسوة الغرماء وهذا الحديث مرسل وعلى ما اخترناه يرجع في جميع العبد الباقي بجميع ما بقي من الثمن وبه قال الشافعي على قول الرجوع
وله فيما إذا أصدقها أربعين شاة وحال عليها الحول فأخرجت شاة ثم طلقها قبل الدخول قولان أحدهما انه يرجع بعشرين شاو والثاني انه يأخذ نصف الموجود ونصف قيمة
الشاة المخرجة واختلف أصحابه هنا على طريقين أظهرهما انه يأخذ جميع العبد الباقي بما بقي من الثمن ويجعل ما قبض من الثمن في مقابلة التالف كما لو رهن عبدين بمائة
واخذ خمسين وتلف أحد العبدين كان الأخر مرهونا بما بقي من الدين بجامع ان له التعلق بكل العين فليثبت له التعلق بالباقي من العين للباقي من الحق والثاني انه يأخذ
نصف العبد الباقي بنصف الباقي من الثمن ويضارب الغرماء بنصفه لان الثمن يتوزع على المبيع فالمقبوض والباقي يتوزع كل واحد منهما على العبدين ولا بأس به عندي
والطريق الثاني القطع بأنه يرجع في جميع العبد الباقي بما بقي من الثمن والفرق بينه وبين الصداق ان الزوج إذا لم يرجع إلى عين الصداق واخذ القيمة بتمامها والبايع هنا
لا يأخذ الثمن بل يحتاج إلى المضاربة. مسألة: لو قبض بعض الثمن ولم يتلف من المبيع شئ احتمل الرجوع في البعض بنسبة الباقي من الثمن فلو قبض نصف
الثمن رجع في نصف العبد المبيع أو العبدين المبيعين وهو الجديد للشافعي وقال في القديم لا يرجع وقد سلف. مسألة: لو كان المبيع زيتا فأغلاه المشتري
حتى ذهب بعضه ثم فلس فهو بمثابة تلف بعض المبيع كما لو انصب بعضه وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه كما لو تعيب المبيع وكان الزايل صفة الثقل فعلى الأول لو ذهب
نصفه اخذه بنصف الثمن وضارب مع الغرماء بالنصف فان ذهب ثلثه اخذ بثلثي الثمن وضارب بالثلث وعلى الثاني يرجع إليه وينتفع به وإذا ذهب نصفه مثلا فالوجه ان يطرد
ذلك الوجه في أغلاء الغاصب الزيت المغصوب ولو كان مكان الزيت العصير فالوجه المساواة بينه وبين الزيت هنا وفي الغاصب وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
الفرق بان الذاهب من العصير ما لا مالية له والذاهب من الزيت متمول ويمنع عدم المالية لأنه قبل الغليان مال فقد أتلفه بالغليان وعلى القول بالتسوية بين
العصير والزيت لو كان العصير المبيع أربعة أرطال قيمتها ثلثة دراهم فأغلاها حتى عادت إلى ثلثة أرطال رجع إلى الباقي ويضارب بربع الثمن الذاهب ولا عبرة بنقصان
قيمة المغلى كما إذا عادت قيمته إلى درهمين وان زادت قيمته بان صارت أربعة بنى على أن الزيادة الحاصلة بالصنعة اثر أو عين ان قلنا إنه اثر فإنه للبايع بما زاد وان
قلنا عين قال بعض الشافعية انه كالأول وعن بعضهم ان المفلس يكون شريكا بالدراهم الزايدة وان بقيت القيمة ثلثه كما كانت فيكون بقاؤها بحالها مع نقصان
بعض العين لازدياد الباقي بالطبخ فان جعلنا هذه الزيادة اثرا فان البايع بها وان جعلناها عينا فكذلك عند بعض الشافعية وقال غيره يكون المفلس شريكا بثلثه
أرباع درهم فان هذا القدر هو قسط الرطل الذاهب وهو الذي زاد بالطبخ في الباقي لو كان المبيع دارا فانهدمت ولم يهلك شئ من النقص فقد
أتلف صفة كعمي العبد ونحوه ولو هلك بعضه باحتراق وغيره فهو تلف عين وللشافعية خلاف هنا مبني على تلف سقف الدار المبيعة قبل القبض انه كالتعيب أو
تلف أحد العبدين. مسألة: قد ذكرنا انه إذا نقصت مالية المبيع بذهاب صفة مع بقاء عينه كهزال العبد أو نسيانه صنعة أو كبره أو مرضه أو تغير عقله أو كان
64

ثوبا فخلق لم يمنع الرجوع لان نقد الصفة لا يخرجه عن كونه عين ماله لكن يأخذ العين بتمام الثمن أو يترك ويضرب مع الغرماء بالثمن لان الثمن لا ينقسط على صفة السلعة من
سمن أو هزال أو علم فيصير كنقصه لتغير السعر ولو كان المبيع أمة ثيبا فوطئها المشتري ولم تحمل فله الرجوع لأنها لم تنقص في ذات ولا صفة وإن كانت بكرا فكذلك عندنا وعند الشافعي
واحمد في إحدى الروايتين لان الذاهب صفة لا عين ولا جزء عين وفي الأخرى لا يرجع لأنه اذهب منها جزءا فأشبه ما لو فقا عينها وعنده ان فوات الجزء مبطل للرجوع. مسألة:
لو كان المبيع عبدا فجرح كان الرجوع فيه عندنا وعند الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه فقد صفة فأشبه نسيان الصنعة وخلق الثوب وفي الأخرى لا يرجع لأنه ذهب جزء
ينقص به الثمن فأشبه ما لو فقئت عين العبد ولأنه ذهب من العين جزء له بدل فمنع الرجوع كما لو قطعت يد العبد ولأنه لو كان نقص صفة لم يكن للبايع مع الرجوع بها شئ
سواه كما في هزال العبد ونسيان الصنعة وهنا بخلافه ولان الرجوع في المحل المنصوص عليه يقطع النزاع ويزيل المعاملة بينهما ولا يثبت في محل لا يحصل منه هذا المقصود
ونمنع ذهاب الجزء سلمنا لكن نمنع صلاحيته للمنع من الرجوع في العين إذا عرفت ان له الرجوع في العين فلينظر إلى الجرح فإن لم يكن له أرش كالحاصل من فعله تعالى أو فعل بهيمة أو
فعل المشتري أو جناية عبده أو جناية العبد على نفسه فليس له مع الرجوع أرش وان أوجب أرشا كجناية الأجنبي فللبايع إذا رجع ان يضرب مع الغرماء بحصة ما نقص من الثمن
فينظركم نقص من قيمته فيرجع بقسط ذلك من الثمن لأنه مضمون على المشتري للبايع بالثمن لا يقال هلا جعلتم له الأرش الذي وجب على الأجنبي لأنا نقول لما أتلفه الأجنبي صار
مضمونا باتلافه للمفلس وكان الأرش له وهو مضمون على المفلس للبايع بالثمن فلا يجوز ان يضمنه بالأرش وإذا لم يتلفه أجنبي فلم يكن مضمونا فلم يجب بفواته شئ لا يقال هلا
كان هذا الأرش للمشتري ككسبه لا يضمنه للبايع لأنا نقول الكسب يدل منافعه ومنافعه مملوكة للمشتري وبغير عوض وهذا بدل جزء من العين والعين ضمنها جميعا بالعوض
فلهذا ضمن ذلك للمشتري. القسم الثاني: التغير بالزيادة اعلم أن التغير بالزيادة نوعان أحدهما الزيادات الحاصلة لا من خارج وأقسامه ثلاثة أحدها
الزيادة المتصلة من كل وجه كالسمن وتعلم الحرفة وكبر الشجر والأقرب عندي انه ليس للغرماء الرجوع في العين وبه قال أحمد بن حنبل لما فيه من الاضرار بالمفلس لأنها زيادة قد
حصلت في ملكه فلا وجه لاخذ الغرماء لها ولأنه فسخ بسبب حادث فلم يملك به الرجوع في عين المال الزايد زيادة متصلة كالطلاق فإنه ليس للزوج الرجوع في عين ما دفعه من المهر مع
زيادته المتصلة ولأنها زيادة في ملك المفلس فلا يستحقها البايع كالمنفصلة وكالحاصلة بفعله ولان الزيادة لم تصل إليه من البايع فلم يكن له أخذها منه كغيرها
من أمواله وقال الشافعي ومالك لا يبطل رجوع البايع في العين بسبب الزيادة المتصلة بل يثبت له الرجوع فيها إن شاء من غير أن يلتزم للزيادة شيئا إلا أن مالكا خير الغرماء
بين أن يعطوه السلعة أو ثمنها الذي باعها به للخبر ولأنه فسخ لا يمنع منه الزيادة المنفصلة فلا يمنعه المتصلة كالرد بالعيب وفارق الطلاق فإنه ليس بفسخ ولان الزوج
يمكنه الرجوع في قيمة العين فيصل إلى حقه تاما وهنا لا يمكنه الرجوع في الثمن والخبر لا يدل على صورة النزاع لأنه وجد أزيد من عينه التي وقع العقد عليها والفرق واقع
بين صورة النزاع وبين الرد بالعيب لان الفسخ فيه من المشتري فهو راض باسقاط حقه من الزيادة وتركها للبايع بخلاف المتنازع ولان الفسخ هناك لمعنى قارن العقد وهو
العيب القديم والفسخ هنا لسبب حادث فهو أشبه بفسخ النكاح الذي لا يستحق به استرجاع العين الزايدة وقولهم إن الزوج انما لم يرجع في العين لكونه يندفع عنه الضرر
بالقيمة لا يصح فان اندفاع الضرر عنه بطريق اخر لا يمنعه من اخذ حقه من العين ولو كان مستحقا للزيادة لم يسقط حقه منها بالقدرة على اخذ القيمة كمشتري العيب ثم
كان ينبغي ان يأخذ قيمة العين زايدة لكون الزيادة مستحقة له فلما لم يكن كذلك علمنا أن المانع من الرجوع كون الزيادة للمراة ولأنه لا يمكن فصلها وكذا هنا بل أولي
فان الزيادة يتعلق بها حق المفلس والغرماء فمنع المشتري من اخذ زيادة ليست له أولي من تفويتها على الغرماء الذين لم يصلوا إلى تمام ديونهم والمفلس المحتاج إلى تبرية ذمته
عند اشتداد حاجته. تذنيب: لو زاد الصداق زيادة متصلة ثم أعسرت الزوجة فطلقها الزوج فالأقرب عندي انه لا يرجع في العين ويضرب بالقيمة
مع الغرماء وقال الشافعي يرجع في نصف العين زايدة ولا يضرب بالقيمة مع الغرماء كما تقدم. الثاني: الزيادة المنفصلة من كل وجه كالولد واللبن وثمر الشجرة
وهنا يرجع البايع في الأصل خاصة دون الزوايد بل تسلم الزوايد للمفلس ولا نعلم فيه خلافا الا من مالك لأنه انفصل في مالك المفلس فلم يكن للبايع الرجوع فيه كما لو
وجد بالمبيع عيبا فإنه يرده دون النماء المنفصل كذا هنا نعم لو كان الولد صغيرا فللشافعية وجهان أحدهما انه ان بذل قيمته فذاك والا بيعا معا وصرف ما يخص الام إلى البايع
وما يخص الولد للمفلس قال بعض الشافعية قد ذكرنا وجهين فيما إذا وجد الام معيبه وهناك ولد صغير انه ليس له الرد وينتقل إلى الأرش ويحتمل التفريق للضرورة وفيما إذا رهن الام دون الولد انهما يباعان معا أو يحتمل التفريق ولم يذكر
وفيما نحن فيه احتمال التفريق وانما احتالوا في دفعه فيجوز ان يقال بخروجه هنا أيضا لكنهم لم يذكروه اقتصارا على الأصح ويجوز ان يفرق بان مال المفلس مبيع كله ومصروف
إلى الغرماء فلا وجه لاحتمال التفريق مع امكان المحافظة على جانب الراجع بكون ملكه مزالا. مسألة: لو كان المبيع بذرا فزرعه المفلس ونبت أو كان بيضة
فاحضنها وفرخت في يده ثم أفلس لم يكن للبايع الرجوع في العين عندنا لما تقدم من أن الزيادة المتصلة يمنع من الرد فهنا أولي لاشتمالها على تغير العين بالكلية
وهو أحد قولي الشافعية وإن كان يذهب إلى أن الزيادة المتصلة لا يمنع من الرد لأن المبيع قد هلك وهذا شئ جديد له اسم جديد والثاني انه يرجع لأنه
حدث من عين ماله أو هو عين ماله اكتسب هيئة أخرى فصار كالودي إذا صار نخلا وسيأتي مزيد بحث في باب الغصب انشاء الله تعالى ويجري مثل هذا الخلاف في العصير إذا تخمر في يد المشتري
ثم تخلل. مسألة: لا فرق في الرجوع بالعين دون الزيادة المنفصلة بين ان يكون الزيادة قد نقص بها المبيع وان لا يكون ولا فرق أيضا بين ان تزيد قيمة العين
لزيادة السوق أو ينقص في جواز الرجوع فيها وقد بينا ان العلماء أطبقوا على أن الزيادة للمفلس ونقل عن مالك وأحمد بن حنبل في رواية ان الزيادة للبايع كالمتصلة
وهو خطأ لأنها زيادة انفصلت في ملك المشتري فكانت له ولقوله عليه السلام الخراج بالضمان وهو يدل على أن النماء للمشترى لكون الضمان عليه والفرق بين المتصلة و
المنفصلة ظاهر فان المتصلة يتبع في الرد بالعيب دون المنفصلة فيبطل القياس ولو اشتري زرعا أخضر مع الأرض ففلس وقد اشتد الحب لم يرجع في العين عندنا للزيادة
والشافعية طردوا الوجهين وبعضهم قطع بالرجوع. القسم الثالث: الزيادات المتصلة من وجه دون وجه وذلك كالحمل ووجه اتصاله ظاهر و
وجه انفصاله أن يقول إذا حدث الحمل بعد الشراء وانفصل قبل الرجوع فحكم الولد ما تقدم من أنه للمشتري خاصة وإن كانت حاملا عند الشراء وعند الرجوع جميعا
فهو كالسمن وقد بينا ان المعتمد عندنا فيه انه ليس له الرجوع في العين ان زادت قيمتها بسببه وعند الشافعي ومالك يرجع فيها حاملا لان الزيادة المتصلة عندهما
لا يمنع من الرجوع في العين وإن كانت حاملا عند الشراء وولدت قبل الرجوع لم يتعد الرجوع إلى الولد عندنا وهو ظاهر وللشافعي قولان مبنيان على الخلاف في أن
الولد هل له حكم أم لا فان قلنا له حكم رجع فيهما كما لو اشتري شيئين وان قلنا لا حكم له لم يرجع في الولد وكان الحكم كما لو باعها حاملا وربما توجه قول التعدي إلى
الولد بأنه كان موجودا عند العقد ملكه المشتري بالعقد فوجب ان يرجع إلى البايع بالرجوع وقول المنع بأنه ما لم ينفصل تابع ملحق بالأعضاء فلذلك تبع في البيع إما
65

عند الرجوع فهو مشخص مستقل بنفسه منفرد بالحكم وكأنه وجد حين استقل وإن كانت حاملا عند الشراء أو حملت عند الرجوع لم يكن له الرجوع عندنا ان زادت
قيمتها بالحمل ومن جوز الرجوع مع الزيادة المنفصلة وهو الشافعي فعنده قولان موجهان بطريقين أشهرهما البناء على أن الحمل هل يعرف وله حكم ان قلنا لا اخذها
مع الحمل وان قلنا نعم قال بعضهم انه لا رجوع له ويضارب الغرماء بالثمن والأصح عندهم ان له الرجوع إلى الولد لان الولد تبع الجارية حال البيع فكذا حال الرجوع ووجه المنع ان البايع
يرجع إلى ما كان عند البيع أو حدث فيه من الزيادة المتصلة ولم يكن الحمل موجودا ولا يمكن عده من الزيادات المتصلة لاستقلاله وانفراده بكثير من الاحكام ثم قضية المأخذ
الأول ان يكون الأصح اختصاص الرجوع بالام لان الأصح ان الحمل يعلم وله حكم الا ان أكثر الشافعية مالوا إلى ترجيح القول الآخر وإذا قلنا باختصاص الرجوع بالام فقد
قال بعض الشافعية يرجع فيها قبل الوضع فإذا ولدت فالولد للمفلس وقال بعضهم يصير إلى انفصال الولد ولا يرجع في الحال ثم الاحتراز عن التفريق ما تقدم. مسألة:
لو كان المبيع نخلا فلا يخلو إما ان يكون عليها ثمرة حال البيع أو لا فإن كان فلا يخلو إما ان يكون الثمرة مؤبرة حال البيع أو لا فإن كانت مؤبرة حال البيع فهي للبايع الا ان يشترطها
المشتري فان اشترطها دخلت في البيع فإذا أفلس وفسخ فاما ان يكون الثمرة باقية أو تلفت فإن كانت باقية فإن لم تزد كان له الرجوع في النخل والثمرة معا وان زادت ففي الرجوع
مع الزيادة المتصلة الخلاف السابق فان قلنا به رجع فيهما معا أيضا وان منعناه رجع في النخل خاصة بحصته من الثمن دون الثمرة وان تلفت رجع في النخل وضرب بقيمة الثمرة مع
الغرماء فإن لم يكن مؤبرة حال البيع فحالة الرجوع إما ان يكون مؤبرة أو لا فإن كانت مؤبرة لم يدخل في الرجوع عندنا للزيادة التي حصلت بين الشراء والرجوع ومن أثبت الرجوع
مع الزيادة المتصلة كالشافعي فله طريقان أحدهما ان اخذ البايع الثمرة على القولين في اخذ الولد إذا كانت حاملا وقت البيع ووضعت قبل الرجوع وقد ذكرنا ان في الرجوع
في الولد له قولان فكذا في الثمرة والطريق الثاني بالقطع بأنه يأخذ الثمرة هنا لأنها وإن كانت مستترة فهي مشاهدة موثوق بها قابلة للاقرار بالبيع فكانت إحدى مقصودي العقد
فيرجع فيها رجوعه في النخل والحاصل أن يقول إن قلنا بأخذ الولد فالثمرة أولي بالأخذ والا فقولان فإن لم يكن مؤبرة حال الرجوع أيضا فان زادت فيما بين الشراء والرجوع
لم يكن له الرجوع عندنا وان لم يزد أو زادت عند من يجوز الرجوع كان له الرجوع فيهما معا وإن كانت الثمرة عير موجودة حال البيع ثم ظهرت وأفلس بعد ظهورها فان رجع
وعليها الثمرة فإما ان يكون مؤبرا أو غير مؤبرة أو مدركة أو مجذوذة لم يكن له الرجوع في الثمرة قطعا لأنها نماء حصلت للمشتري على ملكه فلا يزول عنه
الا بسبب ولم يوجد المزيل ولا فرق بين ان يفلس قبل التأبير أو بعده فإذا أفلس قبل ان يؤبر فلم يرجع فيها حتى أبرت لم يكن له الرجوع في الثمرة لأن العين لا ينتقل إلى البايع الا
بالفلس والاختيار لها وهذا لم يخترها الا بعد ان حصل التأبير فلم يتبعها في الفسخ وإن كانت الثمرة عند الرجوع غير مؤبرة لم يكن له الرجوع فيها لأنها نماء حصل على ملكه
ودخول الطلع غير المؤبر في البيع لا يقتضي دخوله في الرجوع ولا يسقط رجوعه في عين النخل وللشافعي قولان هذا أحدهما لان الطلع يصح افراده بالبيع فلا يجعل بيعا كالثمار
المؤبرة بخلاف البيع لأنه أزال ملكه باختياره وهنا بغير اختياره والثاني انه يأخذه مع النخل لأنه تبع في البيع فكذلك في الفسخ كالسمن وفيه طريقة أخرى للشافعية انه لا يأخذ الطلع
للوثوق به واستقلاله له في البيع بخلاف البيع على ما تقدم وبالجملة كل موضع أزال ملكه باختياره على سبيل العوض يتبع الطلع وكل موضع زال بغير اختياره فهل يتبع قولان
كالرد بالعيب والاخذ بالشفعة وكذا إذا زال بعير عوض باختياره وبغير اختياره على القولين كالهبة والرجوع فيها فان فيها قولين للشافعي إذا عرفت هذا فلو باع نخلا قد اطلع
ولم يؤبر فإنها تدخل في البيع فان أفلس بعد تلف الثمرة أو تلف بعضها أو بعد بدو صلاحها لم يكن له الرجوع في البيع عند احمد لان تلف بعض المبيع أو زيادته زيادة متصلة
يمنع من الرجوع وهنا الثمرة دخلت في البيع فكان المبيع شئ واحد فإذا تلفت أو بدا صلاحها يكون المبيع قد تلف بعضه أو زاد فلا رجوع إما لو كانت الثمرة مؤبرة وقت البيع
فشرطها ثم أتلفها بالاكل أو تلفت بجايحة ثم أفلس فإنه يرجع في الأصل ويضارب بالثمرة لأنهما عينان بيعا معا قال ولو باعه نخلا لا ثمرة عليه فاطلعت وفلس قبل تأبيرها فالطلع
زيادة متصلة يمنع الرجوع عنده في النخل وليس بصحيح لان للثمرة حكما منفردا يمكن بيعها منفردة ويمكن فصله ويصح افراده بالبيع فهو كالمؤبر بخلاف الثمن وعنه رواية أخرى انه يحرم؟
البايع في الثمرة أيضا كما لو فسخ بعيب وهذا كقول الشافعي ولو أفلس بعد التأبير لم يمنع من الرجوع في النخل اجماعا والطلع للمشتري عند احمد ولو أفلس والطلع غير مؤبر فلم يرجع
حتى أبر لم يكن له الرجوع عنده كما لو أفلس بعد ثمرتها فان ادعى البايع الرجوع قبل التأبير وانكره المفلس قدم قوله مع اليمين لأصالة بقاء ملكه وعدم زواله ولو قال البايع
بعت بعد التأبير وقال المفلس قبله قدم قول البايع لهذه العلة فان شهد الغرماء للمفلس لم يقبل شهادتهم لانهم يجرون إلى أنفسهم نفعا وان شهدوا للبايع قبلت مع عدالتهم
لعدم التهمة مسألة قد بينا انه إذا باع النخل ولا حمل له ثم اطلع عند المشتري ثم جاء وقت الرجوع وهي غير مؤبرة فان الثمرة للمفلس دون البايع وهو أحد قولي
الشافعي ونقل المزني وحرملة عنه انه يأخذ الثمرة مع النخل لأنه تبع في البيع فكذا في الفسخ فعلى قوله لو جرى التأبير وفسخ البايع ثم قال البايع فسخت قبل التأبير فالنماء لي وقال المفلس
بل بعده قدم قول المفلس مع يمينه لأصالة عدم الفسخ حينئذ وبقاء الثمار له وللشافعية وجه اخر ان القول قول البايع لأنه اعترف بتصرفه وخرج بعضهم قولا ان المفلس يقبل
قوله من غير يمين بناء على أن النكول ورد اليمين كالاقرار فإنه لو أقر لما قبل اقراره وانما يحلف على نفي العلم بسبق الفسخ على التأبير لا على نفي السبق فإذا حلف بقيت الثمار له
وان نكل فهل للغرماء ان يحلفوا فيه ما تقدم من الخلاف فيما إذا ادعى المفلس دينا وأقام شاهدا ولم يحلف معه هل يحلف الغرماء فان قلنا لا يحلفون أو قلنا يحلفون
فنكلوا عرضت اليمين على البايع فان نكل فهو كما لو حلف المفلس وان حلفت فان جعلنا اليمين المردودة بعد النكول كالبينة فالثمار له وان جعلناه كالاقرار فيخرج على قولين
في قبول اقرار المفلس من مزاحمة المقر له الغرماء فإن لم يقبله صرفت الثمار إلى الغرماء كساير الأموال وان فضل شئ أخذه البايع بحلفه هذا إذا كذب الغرماء البايع كما كذبه المفلس و
ان صدقوه لم يقبل اقرارهم على المفلس بل إذا حلف بقيت الثمار له وليس له المطالبة بقسمتها لانهم يزعمون أنها ملك البايع لا ملكه وليس له التصرف فيها للحجر واحتمال ان
يكون له غريم آخر نعم له اجبارهم على أخذها إن كانت من جنس حقوقهم أو ابراء ذمته عن ذلك القدر كما لو جاء المكاتب بالنجم فقال السيد انه حرام أو مغصوب لم يقبل منه في حق
المكاتب ويقال له خذه أو أبرأه عنه وكذا لو دفع الديون دينه إلى صاحبه فقال لا اقبضه لأنه حرام وله تخصيص بعض الغرماء به لانقطاع حق الباقين عنه فاما ان يقبضه
أو يبرئه وللشافعية وجه انهم لا يجبرون على أخذها بخلاف المكاتب لأنه يخاف العود إلى الرق لو لم يؤخذ منه وليس على المفلس كثير ضرر فإذا أجبروا على أخذها فاخذوها
فللبايع أخذها منهم لاقرارهم انها له ويجب عليهم الدفع إليه لو لم يطلبها كما لو أقروا بعتق عبد في ملك غيرهم ثم اشتروه منه وان لم يجبروا وقسم ساير أمواله فله طلب فك
الحجر ان قلنا بتوقف الرفع على اذن الحاكم ولو كانت من غير جنس حقوقهم فدفعها المفلس إليهم كان لهم
الامتناع لأنه انما يلزمهم الاستيفاء من جنس ديونهم الا ان يكون منهم
من له من جنس الثمرة كالقرض والسلم فيلزمه أخذ ما عرض عليه إذا كان بعض حقه ولو لم يكن من جنس حق أحد منهم فبيعت وصرف ثمنها إليهم تفريعا على الاجبار لم يكن للبايع
الاخذ منهم لانهم لم يقروا له بالثمن وعليهم رده إلى المشتري فإن لم يأخذ فهو مال ضايع ولو شهد بعض الغرماء أو أقر بعضهم دون بعض لزم الشاهد أو المقر الحكم الذي
66

ذكرناه ولو كان في المصدقين عدلان شهدا للبايع على صفة الشهادة وشرطها أو عدل واحد وحلف البايع معه قبلت الشهادة وقضى له ان شهد الشهود قبل تصديق البايع
أو بعده وقلنا انهم لا يجبرون على أخذ الثمرة وإلا فهم يرفعون الضرر عن أنفسهم بشهادتهم إذ يجبرون على أخذها ويضيع عليهم بأخذ البايع ولو صدق بعض الغرماء البايع
وكذبه بعضهم فللمفلس تخصيص المكذبين بالثمار ولو أراد قسمتها على الجميع فالأقرب انه ليس له ذلك لان من صدق البايع يتضرر بالأخذ لان للبايع أخذ ما أخذه منه والمفلس
لا يتضرر بان لا يصرف إليه لامكان الصرف إلى المكذبين بخلاف ما إذا أصدقه الكل وهو أحد قولي الشافعي والثاني ان له ذلك كما إذا صدقوه جميعا إذا عرفت هذا فإذا صرف إلى المكذبين ولم يف بحقوقهم فيضاربون المصدقين في ساير الأموال ببقية ديونهم مؤاخذة لهم بزعمهم أو بجميع ديونهم لان زعم
المصدقين ان شيئا من دين المكذبين لم يتأد للشافعية وجهان أظهرهما عندهم الأول وجميع ما ذكرناه فيما إذا كذب المفلس للبايع أما لو صدقه المفلس على سبق الفسخ للتأبير
نظر فان صدقه الغرماء أيضا قضى له وان كذبوه وزعموا أنه أقر عن مواطاة جرت بينهما فعلى القولين الجاريين فيما لو أقر بعين مال أو بدين لغيره فان قلنا لا نفوذ لان حقوق
الغرماء تعلقت بالثمرة ظاهرا فلم يقبل اقراره كما لو أقر بالنخل فللبايع تحليف الغرماء على أنهم لا يعرفون فسخه قبل التأبير ومنهم من قال هو على القولين السابقين في أن الغرماء
هل يحلفون إذا ادعى حقا وأقام شاهدا ولم يحلف والأول أصح عندهم لان اليمين هنا وجبت عليهم ابتداء وثم ينوبون عن المفلس واليمين لا تجري فيها النيابة في مسئلتنا
الأصل ان هذا الطلع قد تعلقت حقوقهم به لكونه في يد غيرهم ومتصل فعليه التخلية والبايع يدعي ما يزيل حقوقهم عنه فأشبه ساير أعيان ما له وبابه النظر في انفصال
الجنين وفي ظهور الثمار بالتأبير إلى حال الرجوع دون الحجر لان ملك المفلس باق إلى أن يرجع البايع مسألة لو كان المبيع أرضا فإن كانت بيضاء كان له الرجوع عند
الافلاس بها فان زرع المشتري الأرض قبل الحجر كان له الرجوع في الأرض والزرع للمفلس لأنه عين ماله وليس الزرع مما يتبع الأرض في البيع فأولى ان لا يتبعها في الفسخ وكذا لو باعه
حايطا لا ثمر فيه ثم أفلس وقد أبرت النخلة لم يكن له الرجوع في الثمرة لأنها لا تتبع الأصل في البيع فكذا في الفسخ إذا ثبت هذا فإنه ليس لبايع الأرض ولبايع النخل المطالبة بقلع
الزرع ولا قطع الثمرة قبل أوان الجذاذ والحصاد وبه قال الشافعي واحمد لان المشتري زرع في أرضه بحق وكذا طلعه على النخل بحق فلم يكن لاحد مطالبته بفعله كما لو باع نخلا فيه ثمرة
ظاهرة أو أرضا فيها زرع لم يكن للمشترى مطالبة البايع بقطع الثمرة والزرع وكذا هنا والأجرة لصاحب الأرض في ذلك إلا أن المشترى زرع في أرضه والزرع يجب تبقيته فكأنه استوفى
منفعة الأرض فلم يكن عليه ضمان ذلك لا يقال أنتم قلتم في المؤجر للأرض إذا زرعها المستأجر وأفلس رجع المؤجر في الأرض وله أجرة التبقية للزرع فلم لا يكون لبايع الأرض الأجرة لأنا نقول
الفرق ظاهر فان المعقود عليه في البيع الرقبة وانما يحصل له بالفسخ وان لم يأخذ الأجرة وفي الإجارة المنفعة فإذا فسخ العقد فيها لم يجز ان يستوفيها المستأجر بلا عوض فإذا
لم يتمكن من استيفائها ولم يمكنه من أخذ بدلها خلا الفسخ عن الفايدة ولم يعد إليه حقه فلا يستفيد بالفسخ شيئا ولان المستأجر دخل في العقد على أن يضمن المنفعة فلهذا
وجب عليه الأجرة بخلاف المتنازع فان المشتري دخل على أنه لا يضمن المنفعة فجرى مجرى البايع للأصول دون ثمرتها وحكى بعض الشافعية قولا ان للبايع طلب أجرة المثل لمدة بقاء
الزرع كما لو بنى المشتري أو غرس كان للبايع الابقاء بأجرة المثل إذا ثبت هذا فان اتفق المفلس والغرماء على تبقيته كان لهم ذلك فان اختلفوا فطلب المفلس قطعه أو طلب الغرماء
قطعه أو بعضهم طلبه أجيب من طلب القطع على اشكال لما في التبقية من الغرور ومن طلب قطعه أراد تعجيل حقه وكذا المفلس يريد براءة ذمته فأجيب إلى ذلك ويحتمل إجابة من طلب
ما فيه الحظ فيعمل عليه وهو حسن وكلاهما قولان للشافعية لان النفع متوقع ولهذا جاز لولي الطفل الزرع له مسألة لو باعه أرضا وفيها بذر مودع فان باعها
مع البذر فان قصد التبعية جاز وإلا بطل لان بعض المبيع المقصود مجهول فلا يصح بيعه وان باع الأرض وشرط البذر أو قصد التبعية دخل في البيع فإذا أفلس المشتري
بعد ما استحصد واشتد حبه أو كان قد حصده أو ذرأه ونقاه لم يكن لصاحب الأرض ان يرجع فيه لان هذا الزرع أعيان ابتداها الله تعالى ولم يكن موجودا حال البيع والثاني
ان ذلك مما من نماء الزرع فهو كالطلع يصير (تمرا) ولهذا لو غصب رجل حبا فبذره في ملكه واستحصد كان لصاحب البذر دون صاحب الأرض وكذا البيض لو صار فرخا والفرق
بين الغاصب والمتنازع ظاهر مسألة لو كانت الثمرة مؤبرة حال البيع وشرطها في البيع كانت جزءا من المبيع ينقسط الثمن عليها وعلى الأصول فإذا أفلس المشتري و
تلفت الثمرة بأكله أو بجايحة أو بأكل أجنبي فقد بينا ان للبايع أخذ الشجر بحصته من الثمن ويضارب مع الغرماء بحصة الثمرة وسبيل التوزيع ان يقوم الأشجار وعليها
الثمار فإذا قيل قيمتها مائة قومت الأشجار وحدها فإذا قيل تسعون علمنا أن قيمة الشجرة عشرة فيضارب بعشر الثمن فان اتفق في قيمتها انخفاض وارتفاع فالاعتبار في قيمة
الثمار بالأقل من قيمتي وقت العقد ويوم القبض لأنها إن كانت يوم القبض أقل مما قبض قبله فهو من ضمان البايع فلا يحسب على المشتري وإن كان يوم العقد أقل فالزيادة
حصلت في ملك المشتري وتلفت فلا تعلق للبايع بها نعم لو كانت العين باقية رجع فيها بايعه للأصل ان لم يحصل زيادة عندنا ومطلقا عند الشافعي الاعتبار في قيمة يوم
القبض واحتسب الزيادة للبايع بعد التلف كما انها لو بقيت العين لحصلت له وهذا ظاهر كلام الشافعي لكن أكثر أصحابه حملوه على ما إذا كانت قيمته يوم القبض
أقل أو لم يختلف القيمة فسواء أضفتها إلى هذا اليوم أو ذاك اليوم وأما الأشجار فللشافعية وجهان أظهرهما ان الاعتبار فيها بأكثر القيمتين لأن المبيع بين العقد
والقبض من ضمان البايع فنقصانه عليه وزيادته للمشتري ففيما يأخذه البايع تعين الأكثر لكون النقصان محسوبا عليه كما أن فيما يبقى للمشتري ويضارب البايع بثمنه بقيمة
الأقل لكون النقصان محسوبا عليه والثاني ان الاعتبار بقيمته يوم العقد سواء كانت أكثر القيمتين أو أقلهما أما إذا كانت أكثرهما فلما ذكرنا في الوجه الأول واما إذا كانت
أقلهما فلان ما زاد بعد ذلك من جملة الزيادات المتصلة وعين الأشجار باقية فيفوز بها البايع ولا يحسب عليه قال الجويني ولصاحب الوجه الأول أن يقول نعم البايع يفوز بها
لكن يبعد ان يفوز بها وهي جارية في ملك غيره ثم لا يحتسبها من المبيع فإذا فاز بها فلنقدر كأنها وجدت يوم البيع ولنذكر مثالا في اختلاف قيمة الأشجار والثمار فنقول كانت
قيمة الشجرة يوم البيع عشرة وقيمة الثمرة خمسة فلو لم يختلف القيمة لاخذ الشجرة بثلثي الثمن ولو زادت قيمة
الثمرة فكانت عشرة يوم البيع فكما لو كانت القيمة بحالها على أشهر
الوجهين وعلى الأخر يضارب بنصف الثمن ولو نقصت فكانت يوم القبض درهمين ونصفا يضارب بخمس الثمن ولو زادت قيمة الشجرة أو نقصت فالحكم على الوجه الثاني
كما لو بقيت بحالها وعلى الأول كذلك ان نقصت وان زادت وكانت خمسة عشرة ضارب بربع الثمن تذنيبان آ إذا اعتبر في الثمار أقل القيمتين فلو كانتا متساويتين لكن
وقع بينهما نقصان نظر أن كان بمجرد انخفاض السوق فلا عبرة به وإن كان لعيب طرأ وزال فكذلك على الظاهر كما أنه يسقط بزواله حق الرد وان لم يزل العيب لكن عادت قيمته إلى
ما كان بارتفاع السوق اعتبرت قيمته يوم العيب دون البيع والقبض لان النقصان الحاصل من ضمان البايع والارتفاع بعده في ملك المشتري لا يصلح جابرا له ب ان (إذا) اعتبرنا في
الأشجار أكثر القيمتين فلو كانت قيمة الشجرة يوم العقد مائة وخمسين ويوم الرجوع إلى البايع مائتين فالوجه القطع باعتبار المائتين ولو كانت قيمتها يوم العقد ويوم
القبض ويوم الرجوع مائة اعتبر يوم الرجوع فان ما طرأ من زيادة وزال ليس ثابتا يوم العقد حتى يقول إنه وقت المقابلة ولا يوم أخذ البايع يحسب عليك ولقائل أن يقول
هذا ان استقام في طرف الزيادة تخريجا على ما سبق ان ما فاز به البايع من الزيادة الحادثة عند المشتري يقدر كالموجود عند البيع فلا يستقيم في طرف النقصان لان
النقصان الحاصل في يد المشتري كعيب حدث في المبيع وإذا رجع البايع (إلى) على العين المبيعة لزمه القناعة بها ولا يطالب المشتري للعيب بشئ مسألة قد ذكرنا أولا ان الزيادة
67

إما أن يكون حاصلة لا من خارج وقد ذكرنا أقسامه وأحكام تلك الأقسام وإما أن يكون من خارج وأقسامها ثلاثة آ ان يكون عينا محضة ب أن يكون صفة محضة
ج ما يتركب منهما أما الأول فله ضربان آ ان يكون قابلة للتميز عن المبيع ب ان لا يكون قابلة للتميز فالأول كما إذا اشترى أرضا فغرس فيها أو بنى ثم فلس قبل ايفاء الثمن
وأراد البايع الرجوع في أرضه فان اتفق الغرماء والمفلس على القلع وتفريغ الأرض وتسليمها بيضاء رجع فيها لان ذلك الحق لهم لا يخرج من بينهم فإذا فعلوا فللبايع الرجوع في أرضه
لأنه وجد متاعه بعينه وهل يرجع قبل القلع أو بعده قال بعض الحنابلة لا يستحقه حتى يوجد القلع لان قبل القلع لم يدرك متاعه إلا مشغولا بملك المشتري وقال الشافعي
يرجع قبله وهم يشتغلون بالقلع وهو قول أكثر الحنابلة وليس له ان يلزمهم أخذ قيمة الغراس والبناء ليتملكها مع الأرض وإذا قلعوا الغراس والبناء وجب تسوية الحفر من مال
المفلس وان حدث في الأرض نقص بالقلع وجب أرش النقص في ماله ويضارب به أو يقدم قال بعض الشافعية يقدم على ساير الديون لأنه لتخليص ماله واصلاحه فكان
عليه كما لو دخل فصيل دار انسان فكبر فلم يمكنه اخراجه إلا بهدم بابها فان الباب يهدم ليخرج ويضمن صاحبه ما نقص بخلاف ما لو وجد البايع عين ماله ناقصة فرجع فيها
فإنه لا يرجع في النقص لان النقص كان في ملك المفلس وهنا النقص حدث بعد رجوعه في العين فلهذا ضمنوه ويضرب بالنقص مع الغرماء وان قلنا ليس له الرجوع
قبل القطع لم يلزمهم تسوية الحفر ولا أرش النقص لانهم فعلوا ذلك في أرض المفلس قبل رجوع البايع فيها فلم يضمنوا النقص كما لو قطعه المفلس قبل فلسه ولو اختلفوا
فقال المفلس يقلع وقال الغرماء يأخذ القيمة من البايع ليتملكه أو بالعكس أو وقع هذا الاختلاف بين الغرماء (أجيب)؟ من المصلحة في قوله ولو امتنع الغرماء والمفلس معا
من القلع لم يجبروا عليه لأنه حين البناء والغرس لم يكن متعديا بهما بل فعل ذلك بحق ومفهوم قوله (ع) ليس لعرق ظالم حق انه إذا لم يكن ظالما فله حق وحينئذ ينظر ان رجع على أن
يتملك البناء والغراس مع الأرض بقيمتها أو يقلع ويغرم أرش النقص فله ذلك لان الضرر يندفع من الجانبين بكل واحد من الطريقين والاختيار فيهما إليه وليس للمفلس
ولا للغرماء الامتناع من القبول لان مال المفلس متعرض للبيع فلا يختلف عرضهم بين ان يتملكه البايع أو يشتريه أجنبي ويخالف هذا ما إذا زرع المشتري الأرض وفلس و
رجع البايع في الأرض حيث لا يتمكن من تملك الزرع بالقيمة ولا من القلع وغرامة الأرش لان للزرع أمدا منتظرا يسهل احتماله والغراس والبناء للتأبيد قال كل ذلك
الشافعي واحمد إذا بذل البايع قيمة الغرس والبناء ليكون له ذلك أو قال انا اقلع واغرم الأرش فان قلنا له الرجوع قبل القلع فله ذلك لان البناء والغراس حصل في ملكه لغيره
بحق فكان له أخذه بقيمته أو قلعه وضمان نقصه كالشفيع إذا أخذ الأرض وفيها غراس وبناء للمشتري والمعير إذا رجع في أرضه بعد غرس المستعير وان قلنا ليس له
الرجوع قبل القلع لم يكن له ذلك لان المفلس بنى وغرس في ملكه فلم يجبر على بيعه لهذا البايع ولا على قلعه كما لو لم يرجع في الأرض وليس عندي بعيدا من الصواب ان يقال ليس للبايع
اجبار المفلس والغرماء على القلع ودفع الأرش ولا على دفع قيمة البناء والغرس بل إما أن يختار العين أو يمضي البيع فان اختار العين وفسخ البيع لم يكن له القلع ولا دفع القيمة
بل يرجع والأرض مشغولة بهذا البناء والغراس فيكون قد تعيبت بالشغل بهما مؤبدا فان انهدم البناء أو قلع الغرس أو مات سقط حق المفلس وليس لصاحب
الأرض الرجوع بالأجرة مدة مقامها فيها لأنه انما يرجع في المعيب ثم يباع البناء أو الغراس على صاحب الأرض أو غيره مستحقين للبناء ولأحمد قول اخر أنه يسقط حق
بايع الأرض من الرجوع فيها لأنه لم يدرك البايع متاعه على وجه يمكنه أخذه منفردا عن غيره فلم يكن له أخذه كالحجر والبناء والمسامير في الباب وكما لو كانت العين مشغولة
بالرهن وهو قول بعض الشافعية ولان في ذلك ضررا على المشتري والغرماء فإنه لا يكون له طريق يسلكون منه إلى البناء والغراس ولا يزال الضرر بمثله ولأنه لا يحصل
بالرجوع هنا انقطاع النزاع والخصومة بخلاف ما إذا وجدها مفرغة مسألة لو أراد البايع الرجوع في الأرض وحدها وابقاء الغراس والبناء للمفلس و
الغرماء أجيب إلى ذلك بل هو الوجه عندنا لو أراد الرجوع في العين على ما تقدم وللشافعي قولان أحدهما انه يجاب إلى ذلك كقولنا والثاني انه ليس له الرجوع في الأرض
خاصة وابقاء البناء والغراس للمفلس ولأصحابه طريقان أحدهما ان في المسألة قولين أحدهما وهو اختيار المزني له يرجع كذلك كما لو اشترى صبغ الثوب ثم أفلس ورجع البايع في
الثوب ويكون المفلس شريكا معه بالصبغ وأصحهما عنده المنع لما فيه من الضرر فان الغراس بلا أرض والبناء بلا مقر ولا ممر ناقص القيمة والرجوع انما يثبت لدفع الضرر
فلا يدفع بضرر بخلاف الصبغ فان الصبغ كالصفة التابعة للثوب والثاني تنزيل (للصفتين) النصين على حالين وله طريقان أحدهما قال بعض الشافعية انه حيث قال يرجع أراد
ما إذا كانت الأرض كثيرة القيمة والبناء والغراس مستحقرين بالإضافة إليها وحيث قال لا يرجع أراد ما إذا كانت الأرض مستحقرة بالإضافة إليهما والمعنى في الطريقين ابتاع الأقل للأكثر ومنهم من قال حيث قال يرجع أراد ما إذا رجع في البياض المتخلل بين الأبنية والأشجار
وضارب للباقي بقسطه من الثمن يتمكن منه لأنه ترك بعض حقه في العين فإذا فرعنا على طريقة القولين فان قلنا ليس له الرجوع في الأرض وابقاء العين والغراس للمفلس
فالبايع ترك الرجوع ويضارب مع الغرماء بالثمن أو يعود إلى بدل قيمتها لو قلعها وغرامة أرش النقصان فان
مكناه منه فوافق البايع الغرماء وباع الأرض معهم حين باعوا
البناء والغراس فذلك وإن أبى فهل يجبر فيه للشافعية قولان أحدهما يجبر كما في مسألة الصبغ وأصحهما عندهم لا يجبر لان افراد البناء والغراس بالبيع ممكن بخلاف الصبغ
فإذا لم يوافقهم فباعوا البناء والغراس بقي للبايع ولأنه المتملك بالقيمة مع غرامة الأرش وللمشتري الخيار في المبيع إن كان جاهلا بحال ما اشتراه واعلم إن الجويني نقل أربعة
أقوال في هذه المسألة آ ان يقال إن البايع فاقد عين ماله ولا رجوع بحال لان الرجوع في الأرض ينقص قيمة البناء والغراس ب ان الأرض والبناء أو الغراس يباعان
معا دفعا للخسران عن المفلس كما في الثوب المصبوغ ج انه يرجع في الأرض ويتخير بين أمور ثلاثة إما تملك البناء والغراس بالقيمة واما قلعهما مع غرامة أرش النقصان واما
ابقاؤهما بأجرة المثل يؤخذ من مالكها فإذا عين واحدة من هذه الخصال الثلاث فاختار المفلس والغرماء غيرها أو امتنعوا من الكل فللشافعية وجهان في أنه يرجع إلى
الأرض يقلع مجانا أو يجبرون على ما عينوا د انه إن كانت قيمة البناء أكثر فالبايع فاقد عين وإن كانت قيمة الأرض أكثر فواجدها مسألة لو اشترى من رجل
أرضا فارغة واشترى من اخر غرسا وغرسه في تلك الأرض ثم أفلس كان لصاحب الأرض الرجوع فيها ولصاحب الغراس الرجوع فيه ثم ينظر فان أراد صاحب الغراس قلعه كان له ذلك وعليه تسوية الحفر لأنه لتخليص ماله
وأرش نقص الأرض ان حصل نقص فان أراد صاحب الأرض ان يعطيه قيمته ان لم يختر صاحبه قلعه قال الشافعي يكون له مطلقا والأقوى عندي أنه يكون ذلك ان رضي
صاحب الغرس وإلا فلا وان أراد صاحب الأرض قلعه ويضمن ما نقص كان له وان أراد قلعه بغير ضمان فالأقرب انه ليس له ذلك لان غرسه ثابت في الأرض بحق فلا يكون له
قلعه مجانا ولو كان الغراس من المفلس لم يجبر على قلعه من غير ضمان وهو أحد وجهي الشافعي والثاني انه يجاب إلى ذلك لأنه انما اشترى منه الغراس مقلوعا فكان عليه ان يأخذه
كذلك وليس له تبقيته في ملك غيره ويفارق المفلس لأنه غرسه في ملكه فيثبت حقه في ذلك ويحتمل عندي وجه اخر وهو ان يقال صاحب الغرس لا يستحق الا بقاء في الأرض
وصاحب الأرض لا يستحق القلع مجانا لأنه أثبت بحق فيقوم الغراس مقلوعا وثابتا ويأخذ المفلس التفاوت بينهما لأنه مستحق له مسألة قد ذكرنا حكم الزيادة
من خارج القابلة للتميز وبقي ما لا يقبله كمزج ذوات الأمثال بعضها ببعض مثل ان يشتري صاعا من حنطة أو شعير أو دخن أو غير ذلك من الحبوب ويمزجه بصاع له أو
68

يشتري مكيلة من زيت أو سمن أو شيرج أو غير ذلك من الادهان ثم يمزجه بمكيلة وكذا جميع ذوات الأمثال إذا امتزجت بحيث لا يمكن تخليص بعضها من بعض فاقسامه
ثلاثة آ ان يكون الممتزجان متماثلين ليس أحدهما أجود من الأخر لم يسقط حقه من العين وبه قال الشافعي ومالك ويكون له المطالبة بالقسمة لان عين ماله موجودة فيه
ويمكنه التوصل إلى حقه بالقسمة لان الزيت كله سواء فيأخذ حقه بالكيل أو الوزن وقال احمد يسقط حقه من العين لأنه لم يجد عين ماله فلم يكن له الرجوع كما لو تلف ولان
ما يأخذه من عين ماله ممتزجا بغير ماله انما يأخذه عوضا عن ماله فلم يختص به إذن الغرماء كما لو تلف
ماله ويمنع عدمه وجد أنه لعين ماله بل وجدها ممتزجة بغيرها والفرق بينه وبين التلف ظاهر لأنه نقيضه وما لم يأخذ
من عين ماله وإن كان عوضا عن ماله الا انه يدخل بواسطته في حق المفلس مالا فكان مقدما به على باقي الغرماء وان لم يجز القسمة فطالب بالبيع فالأقرب انه يجاب إلى ذلك لان
بالقسمة لا يصل إلى عين ماله وربما كان له غرض في أن لا يأخذ من زيت المشتري شيئا وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه لا يجاب إليه لأنه يصل إلى جميع حقه بالقسمة فهو كجماعة
ورثوا زيتا لا يكون لبعضهم ان يطالب بعضا بالبيع والفرق ان الوراث ملكوا الزيت ممزوجا والمفلس كان قد ملك متميزا عن ملك البايع وكذا البايع ملك متميزا
عن ملك المفلس فافترقا ب ان يمزجه المشتري بأردأ منه وللبايع هنا أيضا الخيار بين الفسخ فيرجع في عينه بالكيل أو الوزن وبه قال الشافعي ومالك لما تقدم في
المساوي فإذا رضي بالارداء كان أولى وقال احمد يسقط حقه من العين بمجرد المزج سواء بالأجود والأردى أو المساوي وقد تقدم بطلانه لان عين ماله موجودة من
طريق الحكم فكان له الرجوع كما لو وجد عين ماله منفردة لأنه ليس فيها أكثر من اختلاطها وهو لا يخرج الحقيقة عن حقيقتها فأشبهت صبغ الثوب وبل السويق بالزيت
وفي كيفية أخذ حقه للشافعي طريقان أحدهما وهو الأصح عنده وعندي انه يقسم بالمكيال أو الوزن فان تساويا قدرا أخذ النصف وان تفاوتا أخذ مقدار الذي
له وان شاء ضارب مع الغرماء والثاني ان المكيلين يباعان معا ويقسم الثمن بينهما على قدر القيمتين لأنه ان أخذ مكيله من الممتزج نقص حقه ولا يجب عليه المسامحة
وان أخذ أكثر من مكيله لزم الربا فعلى هذا لو كان المبيع يساوي درهمين والممتزج به يساوي درهما قسم الثمن بينهما أثلاثا وهو خطأ لان هذا نقصان حصل في المبيع فأشبه
تعيب العبد والثوب ج ان يمزج بالأجود فالأصح انه يسقط حقه من العين وليس له الا المضاربة بالثمن قال الشافعي بهذا أقول وهو أصح الوجهين ولان عين زيته
تالفة من طريق المشاهدة والحكم إما من طريق المشاهدة والحقيقة فللاختلاط واما من طريق الحكم فلانه لا يمكنه الرجوع إلى عينه بالقسمة وأخذ المكيل بالممتزج
لما فيه من الاضرار بصاحب الأجود ولا المطالبة بقيمته بخلاف المساوي فإنه يمكنه المطالبة بقسمته فيه وبخلاف الثوب المصبوغ فان عينه موجودة محسوسة وكذا السويق فان
عينه لم يفقد وهي مشاهدة وقال المزني له الفسخ والرجوع إلى حقه من المخلوط كالخلط بالمثل والأردأ كما لو صبغ الثوب ولت السويق لا يقطع حق الرجوع فكذا هنا و
الفرق ان الزيت إذا اختلط لم يمكن الإشارة إلى شئ من المخلوط بأنه المبيع فكأنه هلك بخلاف الثوب والسويق ومن هذا الفرق خرج بعضهم في المزج بالمثل والأردأ قولا
اخر انه ينقطع به حق الرجوع وأيد ذلك بان الحنطة المبيعة لو انثالت عليها أخرى قبل القبض ينفسخ المبيع على قول تنزيلا له منزلة التلف والمعتمد عندنا وعندهم
ان الخلط بالمثل والارداء لا يمنع الرجوع على ما سبق ويفارق اختلاط المبيع قبل القبض لان الملك غير مستقر فلا يبعد تأثره بما لا يتأثر به الملك المستقر وعلى قول
المزني بالرجوع في صورة المزج بالأجود فيه قولان للشافعي في كيفية الرجوع أصحهما عندهم أنه يكون شريكا مع المفلس بقدر قيمة مكيله فيباع المكيلتان ويقسم بينهما
على قدر القيمتين كما في صبغ الثوب والثاني ان نفس المكيلتين يقسم بينهما باعتبار القيمة فإذا كانت المكيلة المبيعة تساوي درهما والمخلوطة درهمين أخذ من
المكيلتين ثلثي مكيله وقد خرج بعضهم هذا الخلاف على أن القسمة بيع أو افراز حق ان قلنا إنها بيع لم يقسم عين الزيت لما في القسمة من مقابلة مكيله بثلثي مكيله
وان قلنا بالثاني فيجوز وكأنه أخذ بعض حقه وترك البعض وقال بعضهم ان هذا ليس بصحيح لان ذلك إن كان بيعا كان ربا وإن أخذ ثلثه وأبرأه عما بقي من مكيله (ويتبرء)؟
لم يكن البراءة واجبة عليه فيكون له ان لا يفعل ويطالب بالباقي ولا يجوز ذلك أنه لا يأخذ حينئذ أكثر مما له فلم يبق الا البيع لهما تذنيبان آ إذا قلنا الخلط
يلحق المبيع بالمفقود كما هو قول بعض الشافعية وقول احمد لو كان أحد الخليطين كثيرا والاخر قليلا ولا يظهر به زيادة في الحس ويقع مثله بين المثلين فإن كان
الكثير للبايع فهو واجد عين ماله وإن كان الكثير للمشتري فهو فاقد وقال بعض الشافعية الحكم الأول قطعي والثاني ظاهر ب لو كان المخلوط من غير جنس المبيع كالزيت والشيرج
فهو فاقد عين ماله وليس له الفسخ حينئذ ويكون بمثابة ما لو تلف المبيع فيضارب بالثمن قاله الجويني وفيه احتمال سيما على قوله ببيع المخلوط وقسمة الثمن مسألة
قد ذكرنا من أقسام النوع الثاني من الزيادات قسما واحدا وهو ان يكون الزيادة عينا محضة وبقي قسمان ما يكون صفة محضة وما يتركب منهما فنبدأ بالصفة المحضة
فنقول إذا اشترى عينا وعمل فيها ما يزيد في صفتها مثل ان يشتري حنطة فيطحنها أو يزرعها أو رقيقا فيخبزه أو ثوبا فيقصره أو يخيطه قميصا بخيوط من الثوب أو
غزلا فينسجه أو خشبا فينشره ألواحا أو ألواحا فينجرها بابا وبالجملة ان يعمل شيئا يزيل اسمه فإنه لا يسقط حق الرجوع بذلك عندنا إذا أفلس وبه قال الشافعي لأن العين
لم يخرج عن حقيقتها بتوارد هذه الصفات عليها فكان واجدا عين ماله فله الرجوع فيها وقال احمد يسقط حق البايع من الرجوع لأنه لم يجد عين ماله بعينه فلم يكن له الرجوع
كما لو أتلفه ولأنه غير اسمه وصفته فلم يكن له الرجوع كما لو كان نوى فنبت شجرا وليس بصحيح لأنا قد بينا ان العين لم يخرج عن حقيقتها والا لكان الغاصب يملك المغصوب
إذا فعل به هذه الصفات وكان ينتقل حق المغصوب منه إلى المثل أو القيمة وليس كذلك وتغيير الوصف لا ينافي بقاء العين ويخالف النوى لان الحقيقة قد زالت
ووجدت أخرى إذا عرفت هذا فنقول ان لم يزد قيمة المبيع بهذه الصفات لم يكن للمفلس شركة فيه بل يأخذه البايع موصوفا بهذه الصفة سواء غرم عليها المفلس شيئا
أو لا وان نقصت قيمة فلا شئ للبايع معه وان زادت صار المفلس شريكا فيها كما في زيادات الأعيان قال الشافعي وبه أقول وهو أصح القولين لأنها زيادة حصلت
بفعل متقوم محترم فوجب ان لا يضيع عليه كما لو صبغ الثوب ولان الطحن والقصارة أجريت مجرى الأعيان ولهذا كان للطحان ان يمسك الدقيق على الأجرة وكذا القصار
والقول الثاني للشافعي وبه قال المزني ان الزيادة في هذه الأعمال يجري مجرى الآثار ولا شركة للمفلس فيها لأنها صفات تابعة وليس للمفلس فيها عين مال بل اثر صنعة
فهي كسمن الدابة بالعلف وكبر الودي بالسقي والتعهد وكتعلم الغلام صنعة وكما لو اشترى لوزا فقشره أو غنما فرعاها ولان القصارة تزيل الوسخ وتكشف عما فيه من البياض
فلا يقتضي الشركة كما لو كان المبيع لوزا فكسره وكشف اللب وزادت به القيمة ويدل عليه ان الغاصب لو قصر الثوب أو طحن الحنطة لم يستحق شيئا والفرق ظاهر بين المتنازع
وسمن الدابة بالعلف وكبر الودي بالسقي لان القصار إذا قصر الثوب صار الثوب مقصورا بالضرورة وأما السقي والعلف فقد يوجد ان كثيرا من غير سمن ولا كبر لان الأثر
فيه غير منسوب إلى فعله بل هو محض صنع الله تعالى ولهذا لا يجوز الاستيجار على قسمين الدابة وكبر الودي ويجوز الاستيجار على القصارة ويخالف المشتري الغاصب فان
69

الغاصب متعد بفعله فلم يثبت له فيها حق بخلاف مسئلتنا لا يقال أليس لو صبغ الغاصب الثوب كان شريكا فيه مع تعديه لأنا نقول الصبغ عين ماله وله قلعه فإذا تعذر
ذلك كان شريكا بخلاف المتنازع الا ان هذا الفرق يمنع اعتبار مسئلتنا أيضا بالصبغ مسألة لو اشترى دقيقا فخبزه أو لحما فشواه أو شاة فذبحها أو
أرضا فضرب من ترابها لبنا أو عرصة وآلات البناء فبناها فيها دارا ثم أفلس كان شريكا بهذه الافعال وللشافعي قولان أما لو علم العبد القرآن أو الصنعة أو الكتابة
أو الشعر المباح أو راض الدابة فكذلك عندنا لأن هذه الأفعال تصح المعاوضة عليها فكانت زيادة وقد اختلفت الشافعية فقال أبو إسحاق ان هذه لا يلحق بما تقدم
ولا تجري مجرى الأعيان قطعا لأنه ليس بيد المعلم والرايض الا التعليم وقد يجتهد فيه فلا يحصل الغرض فكان كالسمن ونحوه والأصح عندهم وبه قال ابن شريح انها من
صور القولين لأنها اعمال يجوز الاستيجار عليها ومقابلتها بالعوض وضبط صور القولين ان يصنع المفلس بالمبيع ما يجوز الاستيجار عليه فيظهر به اثر فيه وانما اعتبرنا
ظهور الأثر فيه لان حفظ الدابة وسياستها عمل يجوز الاستيجار عليه ولا يثبت به الشركة لأنه لا يظهر بسببه اثر على الدابة ثم الأثر قد يكون صفة محسوسة كالطحن والقصارة
وقد يكون من قبيل الأخلاق كالتعليم والرياضة فعلى أحد قولي الشافعي يأخذ البايع العين زايدة بهذا الوصف ويفوز بالزيادة مجانا وعلى ما اختاره وهو القول
الثاني له يباع العين ويكون للمفلس من الثمن بنسبة ما زاد في قيمته فلو كانت قيمة الثوب خاما خمسة ومقصورا ستة كان للمفلس سدس الثمن فلو ارتفعت القيمة
بالسوق أو انخفضت فالزيادة أو النقصان بينهما على النسبة ولو ارتفعت قيمة الثوب خاصة بان صار مثل ذلك الثوب خاما يساوي ستة ويسوي مقصورا سبعة فليس
للمفلس الا سبع الثمن لان قيمة صنعته والزيادة حصلت في الثوب للبايع ليس للمفلس فيها شئ لأنها زيادة سوقية ولو انعكس الفرض فزادت قيمة الصنع خاصة بان كان
مثل هذا الثوب يسوي مقصورا سبعة ويساوى خاما خمسة فالزيادة للمفلس خاصة فيكون له سبعا الثمن وعلى هذا القياس وهل للبايع امساك المبيع ببذل
قيمة ما فعله المفلس ومنعه من بيعه الأقرب ذلك لوجوب البيع على كل تقدير واعتبار الأصل بالبقاء أولى إذ لا يجب بذل عينه للمبيع وبه قال بعض الشافعية قياسا على أنه
يبذل قيمة الغراس والبناء ومنع بعضهم منه لأنه الصنعة لا يقابل بعوض ونحن لما منعنا فيما تقدم وجوب بذل البناء والغراس بدفع القيمة وأوجبنا هنا
دفع الصنعة قلنا ذلك للفرق بين الأعيان التي تعد أصولا وبين الصفات التابعة تذنيبان آ إذا استأجره للقصارة أو الطحن فعمل الأجير عمله كان له حبس الثوب
والدقيق لاستيفاء الأجرة ان جعلنا القصارة والطحن كالأعيان كما يحبس البايع المبيع لقبض الثمن وان جعلنا القصارة وشبهها من الآثار فلا ب إذا تمم القصار
والطحان العمل وتلف الثوب والطحين في يده ان قلنا إن فعله اثار لا تجري مجرى الأعيان استحق الأجرة كأنه وقع مسلما بالفراغ وان قلنا إنه أعيان لم يستحق حيث تلف قبل
التسليم كما يسقط الثمن بتلف المبيع قبل تسليمه مسألة قد ذكرنا حكم الزيادة إذا كانت صفة محضة وبقي ما إذا كانت الزيادة عينا من وجه وصفة من وجه
فنقول إذا اشترى ثوبا فصبغه أو سويقا ولته بزيت وأشباه ذلك ثم فلس فإن لم يزد القيمة بالصبغ والزيت أو نقصت كان للبايع الرجوع في عين ماله ولا شئ للمفلس
فيه وجرى الصبغ هنا مجرى الصفة إذا لم يزد بها قيمة الثوب فان الثوب مع الصفة يكون للبايع وكذا الصبغ هنا وان زادت القيمة فاما ان يزيد بقدر قيمة الصبغ
أو أقل أو أكثر فالأول كما لو كان الثوب يساوي أربعة وكان الصبغ يساوي درهمين وبيع مصبوغا بستة فللبايع
فسخ البيع في الثوب ويكون شريكا في الصبغ للمفلس ويكون
الثمن بينهما أثلاثا وقال احمد إذا صبغ الثوب وطحن الحنطة أو نسج الغزل أو قطع الثوب قميصا سقط حقه من الرجوع وفي تقدير (تنزيل) الشركة للشافعية احتمالان أحدهما ان يقال
كل الثوب للبايع وكل الصبغ للمفلس كما لو غرس الأرض والثاني ان يقال بل يشتركان فيهما جميعا بالأثلاث لتعذر التميز كما في خلط الزيت بمثله والوجه عندي الأول ولو كانت
الزيادة أقل من قيمة الصبغ كما لو كانت قيمته مصبوغا خمسة فالنقصان على الصبغ لأنه يتفرق اجزاؤه في الثوب ويهلك في الثوب والثوب قايم بحاله فإذا بيع قسم الثمن بينهما
أخماسا أربعة للبايع وواحد للمفلس وإن كانت الزيادة أكثر من قيمة الصبغ كما لو بلغ مصبوغا ثمانية فالزايد على القيمتين انما زاد بصنعة الصبغ فان قلنا إن الصنعة
كالقصارة ونحوها من الأعمال أعيان فالزايد على الصبغ للمفلس فيكون لصاحب الثوب أربعة وللمفلس أربعة وان قلنا إنها اثار وقلنا إن الآثار يتبع العين للبايع وليس
للمفلس عنها شئ كان للبايع قيمة الثوب واجرة الصبغ وذلك ستة دراهم هي ثلاثة أرباع الثمن وللمفلس قيمة صبغه لا غير وهو درهمان ربع الثمن قال بعض الشافعية
وقال بعضهم نقص الزيادة على الثوب والصبغ حتى يجعل الثمن بينهما أثلاثا فيكون ثلثاه للبايع والثلث للمفلس لان الصنعة اتصلت بالثوب والصبغ جميعا
والوجه عندي ان الزيادة بأجمعها للمفلس لأنها عوض الصبغ والصنعة معا وهما له لا شئ للبايع فيها ولو ارتفعت القيمة بعد الصبغ فبلغت ستة عشر أو وجد
زبون اشتراه بهذا المبلغ ففي كيفية القسمة عند الشافعية الوجوه الثلاثة والربح على كل حال يقسم بحسب قيمة الأصل فإذا عرفت قيمة القدر الذي يستحقه المفلس من
الثمن فان شاء البايع تسليمه ليخلص له الثوب مصبوغا فله ذلك ومنع منه بعض الشافعية ولو فرضنا ان المرتفع قيمة الصبغ خاصة كانت الزيادة بأسرها للمفلس
لان قيمة الثوب لم تزد فلا يأخذ البايع منها شيئا مسألة لو اشترى ثوبا من زيد وصبغا منه أيضا ثم صبغه وفلس بعد ذلك فللبايع فسخ البيع والرجوع إليهما
معا الا ان يكون قيمة الصبغ والثوب معا بعد الصبغ كقيمة الثوب وحدها قبل الصبغ أو دونها فيكون فاقدا للصبغ ويحتمل عندي انه يخير بين اخذه مصبوغا ولا
يرجع بقيمة الصبغ وبين الضرب بالثمنين معا مع الغرماء ولو زادت القيمة بان كانت قيمة الثوب أربعة وقيمة الصبغ درهمين وقيمة الثوب مصبوغا ثمانية فعلى
ما تقدم من الخلاف في أن الصناعات هل هي اثار أو أعيان ان قلنا اثار اخذها ولا شركة للمفلس وان قلنا أعيان فالمفلس شريك بالربع وقد بينا انه لا يرجع هنا
عندنا للزيادة بالصنعة الا في الثوب خاصة فيكون الصبغ والزيادة بأجمعها للمفلس مسألة لو اشترى الثوب من واحد بأربعة هي قيمته والصبغ من
آخر بدرهمين هما قيمته وصبغه به ثم أفلس فأراد البايعان الرجوع في العينين فإن كان الثوب مصبوغا لا يساوي أكثر من أربعة وكان خاما يساوي أربعة أيضا فصاحب
الصبغ فاقد ماله وصاحب الثوب واجد ماله بكماله ان لم ينقص عن أربعة وناقصا ان نقص وإن كان خاما يساوي ثلاثة ومصبوغا يساوي أربعة كان لصاحب الثوب ثلثه
ولصاحب الصبغ درهم واحد والشافعية لم يفصلوا بين الصورتين بل حكموا حكما مطلقا ان الثوب إذا كان مصبوغا يساوي أربعة لا غير فهي لصاحب الثوب وصاحب
الصبغ فاقد وإن كان الثوب مصبوغا يساوي أكثر من أربعة فصاحب الصبغ أيضا واجد لماله بكماله ان بلغت الزيادة درهمين وناقصا ان لم تبلغ وإن كانت القيمة بعد
الصبغ ثمانية فان قلنا الأعمال اثار فالشركة (فالزيادة) بين البايعين كما قلنا في البايع والمفلس إذا صبغه بصبغ نفسه تفريعا على هذا القول وان قلنا أعيان فنصف الثمن لبايع
الثوب وربعه لبايع الصبغ والربع للمفلس مسألة لو اشترى صبغا فصبغ به ثوبا له ثم أفلس أو اشترى زيتا فلت به سويقا ثم أفلس فالأولى ان لبايع الصبغ والزيت
الرجوع في عين مالهما وبه قال الشافعي لأنهما وجدا عين أموالهما ممتزجين فكانا واجدين وقال احمد ان بايع الصبغ والزيت يضربان بالثمن مع الغرماء لأنه لم يجد عين ماله فلم يكن له
70

الرجوع كما لو تلف إذا عرفت هذا فان الشافعي قال بايع الصبغ انما يرجع في عين الصبغ لو زادت قيمة الصبغ مصبوغا على ما كانت قبل الصبغ والا فهو فاقد وقد بينا
ما عندنا فيه إذا رجع فالشركة بينهما على ما تقدم واعلم أن هذه الأحكام المذكورة في القسمين مفروضة فيما إذا باشر المفلس القصارة والصبغ وما في معناهما بنفسه
أو استأجر لهما أجيرا ووفاه الأجرة قبل التفليس فاما إذا حصلهما بأجرة ولم يوفه فسيأتي تذنيب لو صبغ المشتري الثوب وفلس ورجع البايع في عين الثوب وأراد
قلع الصبغ عند الامكان وان يغرم للمفلس أرش النقصان ففي اجابته إلى ذلك اشكال ينشأ من أنه اتلاف مال فلا يجاب إليه ومن مشابهته للبناء والغراس وهو قول
الشافعي مسألة لو اشترى ثوبا واستأجر قصارا يقصره ولم يدفع إليه اجرته وفلس فللأجير المضاربة بالأجرة مع الغرماء وقال الشافعي ان قلنا القصارة اثر فليس
للأجير إلا المضاربة بالأجرة وللبايع الرجوع في الثوب المقصور ولا شئ عليه لما زاد وليس بجيد وقال بعض الشافعية ان عليه اجرة القصار وكأنه استأجره وغلطه باقي الشافعية
في ذلك وان قلنا إنها عين فإن لم تزد قيمته مقصورا على ما كان قبل القصارة فهو فاقد عين ماله وان زادت فلكل واحد من البايع والأجير الرجوع إلى عين
ماله فإن كانت قيمة الثوب عشرة والأجرة درهما والثوب المقصور يساوي خمسة عشر بيع بخمسة عشر وصرف منها عشرة إلى البايع ودرهم إلى الأجير والباقي للغرماء
ولو كانت الأجرة خمسة دراهم والثوب بعد القصارة يساوي أحد عشر فان فسخ الأجير الإجارة فعشرة للبايع ودرهم للأجير ويضارب مع الغرماء بخمسة لا يقال إذا جعلنا القصارة
عينا وزادت بفعله خمسة وجب ان يكون الكل له كما لو زاد المبيع زيادة متصلة فإن كانت اجرته خمسة ولم يحصل بفعله الا درهم وجب ان لا يكون له الا ذلك لان من وجد عين ماله ناقصة ليس له الا القناعة بها والمضاربة مع الغرماء لأنا نقول معلوم
ان القصارة صفة تابعة للثوب ولا نعني بقولنا القصارة عين انها في الحقيقة تفرد بالبيع والاخذ والرد كما يفعل بساير الأعيان ولو كان كذلك لجعلنا الغاصب شريكا للمالك
إذا غصب الثوب وقصره وليس كذلك اجماعا بخلاف ما إذا صبغه الغاصب فإنه يكون شريكا بالصبغ وانما المراد انها مشبهة بالأعيان من بعض الوجوه لان الزيادة الحاصلة
بها متقومة مقابلة بالعوض فكما لا يضيع الأعيان على المفلس لا يضيع الأعمال عليه وأما بالإضافة إلى الأجير فليست القصارة مورد الإجارة حتى يرجع إليها بل مورد الإجارة
فعله المحصل للقصارة وذلك الفعل يستحيل الرجوع إليه فيجعل الحاصل بفعله لاختصاصه به متعلق حقه كالمرهون في حق المرتهن وبقوله هي مملوكة للمفلس مرهونة بحق
الأجير ومعلوم ان الرهن إذا زادت قيمته على الدين لا يأخذ المرتهن منه الا قدر الدين وإذا نقصت لا يتأدى به جميع الدين ولو قال الغرماء للقصار خذ اجرتك ودعنا
نكن شركاء صاحب الثوب هل يجبر عليه قال بعض الشافعية يجبر وهو موافق ان القصارة مرهونة بحقه إذ ليس
للمرتهن التمسك بعين المرهون إذا أدي حقه وقال بعضهم
لا يجبر قياسا على البايع إذا قدمه الغرماء بالثمن وهذا القايل كأنه يعطي القصارة حكم الأعيان من كل وجه ولو كانت قيمة الثوب عشرة فاستأجر صباغا فصبغه بصبغ قيمته
درهم وصارت قيمته مصبوغا خمسة عشر فالأربعة الزايدة على القيمتين ان حصلت بصفة الصبغ فهي للمفلس وقال الشافعي هذه الزيادة حصلت بصفة الصبغ فيعود فيها القولان في أنها اثر أو عين فإذا رجع كل واحد من الصباغ
والبايع إلى ماله بيع بخمسة عشر وقسمت على أحد عشر ان جعلناها اثرا للبايع عشرة وللصباغ واحد لان الزيادة تابعة لماليهما وان جعلناها عينا فعشرة منها للبايع ودرهم
للصباغ وأربعة للمفلس يأخذها الغرماء ولو بيع بثلثين لارتفاع السوق أو للظفر براغب قال بعض الشافعية للبايع عشرون وللصباغ درهمان وللمفلس ثمانية وقال
بعضهم يقسم الجميع على أحد عشر عشرة للبايع وواحد للصباغ ولا شئ للمشتري (للمفلس) فالأول بناء على انها عين والثاني على انها اثر وكذا لو اشترى ثوبا قيمته عشرة واستأجر على قصارته
بدرهم وصارت قيمته مقصورا خمسة عشر ثم بيع بثلثين قال بعض الشافعية بناء على قول العين انه يتضاعف حق كل منهم كما في الصبغ وقال الجويني ينبغي ان يكون للبايع
عشرون وللمفلس تسعة وللقصار درهم كما كان ولا يضعف حقه لان القصارة غير مستحقة للقصار وانما هي مرهونة عنده بحقه مسألة لو اخفى المديون بعض
ماله وقصر الظاهر عن الديون فحجر الحاكم عليه ورجع أصحاب الأعيان إليها وقسم الحاكم الباقي بين الغرماء ثم ظهر فعله لم ينقص شئ من ذلك فان للقاضي ان يبيع أموال الممتنع
المماطل وصرف الثمن في ديونه والرجوع إلى عين المال بامتناع المشترى وأداء الثمن مختلف فيه فإذا اتصل به حكم الحاكم فقد قاله بعض الشافعية وتوقف فيه بعض لان القاضي
ربما لا يعتقد جواز الرجوع بالامتناع فكيف يجعل حكمه بناء على ظن اخر حكما بالرجوع بالامتناع وكل من له الفسخ بالافلاس لو ترك الفسخ على مال لم يثبت المال وهل يبطل حقه
من الفسخ إن كان جاهلا بجوازه الأقرب عدم البطلان وللشافعي فيه قولان كما في الرد بالعيب البحث الخامس في اللواحق مسألة الأقرب عندي
ان العين لو زادت قيمتها لزيادة السعر لم يكن للبايع الرجوع فيها لان الأصل عدم الجواز ترك في محل النص وهو وجد أن العين بعينها مع مساواة قيمة الثمن أو نقصها عنه للاجماع من
مجوزيه فبقي الباقي على الأصل لما في مخالفته من الضرر الحاصل للمفلس والغرماء فيكون منفيا وكذا لو اشترى سلعة بدون ثمن المثل لم يكن للبايع الرجوع لما فيه من الاضرار
به بترك المسامحة التي فعلها البايع معه أولا ولو نقصت قيمتها لنقص السوق لم يمنع من أخذ عينه مسألة لو أقر الغرماء بان المفلس أعتق عبدا قبل فلسه فأنكر
المفلس ذلك فان شهد منهم عدلان قبل والا لم يقبل قولهم فان دفع العبد إليهم وجب عليهم قبوله أو ابراء ذمته من قدر ثمنه فإذا قبضوه عتق عليهم ولو أقروا بأنه
أعتق عبده بعد فلسه فان منعنا من عتق المفلس فلا اثر لاقرارهم وان جوزناه فهو كاقرارهم بعتقه قبل فلسه فان حكم الحاكم بصحته أو فساده نفذ حكمه على كل حال لأنه
فعل مجتهد فيه فيلزم ما حكم به الحاكم ولا يجوز نقضه ولا تغييره ولو أقر المفلس بعتق بعض عبده فان سوغنا عتق المفلس صح اقراره به وعتق لان من ملك شيئا ملك الاقرار به
لان الاقرار بالعتق يحصل به العتق فكأنه أعتقه في الحال وان قلنا لا يصح عتقه لم يقبل اقراره وكان على الغرماء اليمين انهم لا يعلمون عتقه وكل موضع قلنا على
الغرماء اليمين فإنها على جميعهم فان حلفوا أخذوا وان نكلوا قضى للمدعي مع اليمين وان حلف بعض دون بعض أخذ الحالف نصيبه وحكم الناكل ما تقدم ولو أقر المفلس انه
أعتق عبده منذ شهر وكان بيد العبد كسب اكتسبه بعد ذلك فأنكر الغرماء فان قلنا لا يقبل اقراره حلف الغرماء على نفي العلم واخذوا العبد والكسب وان قلنا يقبل اقراره
مطلقا قبل في العتق والكسب ولم يكن للغرماء عليه ولا على كسبه سبيل وان قلنا في العتق خاصة وانه يقبل عتقه قبل في العتق لصحته منه ولبنائه على التغليب والسراية ولا
يقبل في المال لعدم ذلك فيه ولانا نزلنا اقراره بالعتق منزلة اعتاقه في الحال فلا يثبت له الحرية فيما مضى فيكون كسبه لسيده كما لو أقر بعبد ثم أقر له بعين في يده مسألة
إذا قبض البايع الثمن وأفلس المشتري ثم وجد البايع بالثمن عيبا كان له الرد بالعيب والرجوع في العين ويحتمل ان يضرب مع الغرماء بالثمن لان استحقاقه للعين
متأخر عن الحجر لأنه انما يستحق العين بالرجوع والرد لا بمجرد العيب ولو قبض البايع بعض الثمن والسلعة قائمة وفلس المشتري لم يسقط حقه من الرجوع بل يرجع في قدر
ما بقي من الثمن لأنه سبب يرجع به العين كلها إلى العاقد فجاز ان يرجع به بعضها وهو القول الجديد للشافعي وقال في القديم إذا قبض من الثمن شيئا سقط حقه
من الرجوع وضارب بالباقي مع الغرماء وبه قال احمد وإسحاق لما رواه أبو هريرة عن النبي (ص) أنه قال أيما رجل باع سلعته فأدرك سلعته بعينها عند رجل
قد أفلس ولم يكن قد قبض من ثمنها شيئا فهي له وإن كان قد قبض من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء ولان الرجوع في قسط ما بقي ببعض الصفقة على المشتري اضرار به
71

وليس ذلك للبايع لا يقال لا ضرر على المفلس في ذلك لان ماله يباع ولا يبقي له فيزول عنه الضرر لأنا نقول لا يندفع الضرر بالبيع فان قيمته ينقص بالتشقيص ولا
يرغب فيه مشقصا الا البعض فيتضرر المفلس والغرماء بنقص القيمة ولأنه سبب يفسخ به البيع فلم يجز تشقيصه كالرد بالعيب والخيار ولا فرق بين كون المبيع عينا واحدة
أو عينين وقال مالك هو مخير ان شاء رد ما قبضه ورجع في جميع العين وان شاء حاص الغرماء ولم يرجع ولا بأس بقول احمد عندي لما فيه من التضرر بالتشقيص
مسألة لو باعه سلعة فرهنها المشتري قبل ايفاء الثمن ثم أفلس المشتري لم يكن للبايع الرجوع في العين لسبق حق المرتهن اجماعا وقد سلف فإن كان دين المرتهن
دون قيمة الرهن فبيع كله فقضى منه دين المرتهن كان الباقي للغرماء وان بيع بعضه فهل يختص البايع بالباقي بقسطه من الثمن الأقوى عندي ذلك وبه قال الشافعي
لأنه عين ماله لم يتعلق به حق غيره وقال احمد لا يختص به البايع لأنه لم يجد متاعه بعينه فلم يكن له اخذه كما لو لم يكن الدين مستغرقا وهو غلط فان بعض حقه يكون حقا
له والأصل فيه ان تلف بعض العين لا يسقط حق الرجوع عندنا خلافا له فكذا ذهاب بعضها بالبيع ولو رهن بعض العين كان له الرجوع في الباقي بالقسط ومنع منه احمد
لما فيه من التشقيص وهو يقتضي الضرر وليس بجيد لان التشقيص حصل من المفلس برهن البعض لا من البايع أما لو باع عينين فرهن أحدهما فإنه يرجع في العين الأخرى
وعند احمد في إحدى الروايتين ولا يرجع في الأخرى ولو فك الرهن لو أبرئ المفلس من دينه فللبايع الرجوع لأنه أدرك متاعه بعينه عند المشتري ولا فرق بين ان يفلس
المشتري بعد فك الرهن أو قبله تذنيب لو رهنه المشتري عند البايع على الثمن ثم أفلس المشتري تخير البايع بين فسخ البيع للافلاس فيأخذ العين وبين امضاء
البيع فقدم حقه فان فضل عن الثمن شئ كان للغرماء وإن كان رهنا عنده على دين غير الثمن تخير في فسخ البيع
والرهن فيأخذ عين ماله ويضرب بالدين مع باقي
الغرماء وبين (يثبت) امضاء البيع والاختصاص في العين المرهونة بقدر الدين ثم يشارك الغرماء في الفاضل من العين ويضارب بالثمن وهل له فسخ البيع فيما قابل الزايد عن الرهن بقدره من الثمن الأقرب ذلك مسألة لو باع عبدا فأفلس المشتري
بعد تعلق أرش الجناية برقبة فللبايع الرجوع لأنه حق لا يمنع تصرف المشتري فيه فلم يمنع الرجوع كالدين في ذمته وهو إحدى الروايتين عن أحمد والثانية انه ليس للبايع
الرجوع لان تعلق الرهن يمنع الرجوع وأرش الجناية مقدم على حق المرتهن فهو أولى ان يمنع والفرق بينه وبين الرهن ظاهر فان الرهن يمنع تصرف المشتري فيه فعلى قوله بعدم
الرجوع فحكمه حكم الرهن وعلى قولنا بالرجوع تخير انشاء رجع فيه ناقصا بأرش الجناية وان شاء ضرب بثمنه مع الغرماء وان أبرأ الغريم من الجناية فللبايع الرجوع فيه عندنا وعنده
لأنه قد وجد عين ماله خاليا من تعلق حق غيره به مسألة لو كان المبيع شقصا مشفوعا فالشفيع أحق من البايع إذا أفلس المشتري لان حقه أسبق لان حق البايع يثبت بالحجر وحق الشفيع بالبيع والثاني أسبق ولان حقه آكد لأنه يأخذ
الشقص من المشتري وممن نقله إليه وحق البايع انما يتعلق بالعين ما دامت في يد المشتري وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان البايع أحق للخير ولأنه إذا رجع فيه عاد
الشقص إليه فزال الضرر عن الشفيع لأنه عاد كما كان قبل البيع ولم يتجدد شركة غيره وهذان الوجهان للحنابلة أيضا وللشافعية وجه ثالث ان الثمن يؤخذ من الشفيع
فيختص به البايع جمعا بين الحقين فان غرض الشفيع عين الشقص المشفوع وغرض البايع في ثمنه ويحصل الغرضان بما قلناه ويشكل بان حق البايع انما يثبت في العين
فإذا صار الامر إلى وجوب الثمن تعلق بذمته فساوى الغرماء فيه وللحنابلة وجه ثالث غير ما ذكروه من الوجهين وهو ان الشفيع إن كان قد طالب بالشفعة فهو أحق لان
حقه اكد وقد تأكد بالمطالبة وان لم يكن طالب بها فللبايع أولى مسألة لو باع صيدا فأفلس المشتري وكان البايع حلا لا في الحرم والصيد في الحل فللبايع الرجوع
فيه لان الحرم انما يحرم الصيد الذي فيه وهذا ليس من صيده فلا يحرمه ولو أفلس المحرم وفي ملكه صيد وكان البايع حلالا كان له اخذه لانتفاء المانع عن البايع مسألة
لو اشترى طعاما نسية ونظر إليه وقلبه وقال اقبضه غدا فمات البايع وعليه دين فالطعام للمشتري وتبيعه الغرماء بالثمن وإن كان رخيصا وبه قال الثوري واحمد وإسحاق
لان الملك يثبت للمشتري فيه بالشراء وقد زال ملك البايع عنه فلم يشارك الغرماء المشتري فيه كما لو قبضه مسألة رجوع البايع في المبيع فسخ للبيع لا يفتقر إلى
شروط البيع فيجوز الرجوع مع عدم المعرفة بالمبيع ومع عدم القدرة عليه ومع اشتباهه بغيره فلو كان المبيع غايبا وأفلس المشتري كان للبايع فسخ البيع ويملك المبيع
سواء مضت مدة يتغير فيها المبيع قطعا أو لا ثم إن وجده البايع على حاله لم يتلف منه شئ صح رجوعه وان تلف منه شئ فكذلك عندنا وعند احمد يبطل رجوعه لفوات
شرط الرجوع عنده ولو رجع في العبد بعد اباقة وفي الجمل بعد شروده صح وصار ذلك له فان قدر عليه اخذه وان تلف كان من ماله ولو ظهر انه كان تالفا حال الاسترجاع بطل الرجوع وكان له ان يضرب مع الغرماء في الموجود من ماله ولو رجع في المبيع واشتبه بغيره
فقال البايع هذا هو المبيع وقال المفلس بل هذا فالقول قول المفلس لأنه منكر لاستحقاق ما أدعاه البايع والأصل معه والغرماء كالمفلس مسألة لو كان
عليه ديون حالة ومؤجلة فقد قلنا إن المؤجلة لا تحل بالحجر عليه فإذا كانت أمواله تقصر عن الحالة فطلبوا القسمة قسم ماله عليها خاصة فان تأخرت القسمة حتى حلت
المؤجلة شارك الغرماء كما لو تجدد على المفلس دين بجناية ولو حل الدين بعد قسمة بعض المال شاركهم في الباقي وضرب بجميع ماله وضرب باقي الغرماء ببقية ديونهم
ولو مات وعليه دين مؤجل حل أجل الدين عليه وسيأتي إن شاء الله تعالى مسألة قد ذكرنا ان المفلس محجور عليه في التصرفات المالية فلو أعتق بعض عبده
لم ينفذ عتقه وبه قال مالك وابن أبي ليلى والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه تبرع وهو ممنوع منه بحق الغرماء فلم ينفذ عتقه كالمريض المستغرق دينه ماله ولأنه محجور
عليه فلم ينفذ عتقه كالسفيه وقال أبو يوسف واحمد في الرواية الأخرى وإسحاق انه ينفذ عتقه لأنه مالك رشيد فينفذ كما قبل الحجر بخلاف ساير التصرفات لان للعتق
تغليبا وسراية والفرق بين ما بعد الحجر وقبله ظاهر لتعلق حق الغرماء في الثاني دون الأول وتعلق حق الغير يمنع من نفوذ العتق كالرهن والسراية من شرطها الأيسار
حتى يؤخذ منه قيمة نصيب شريكه ولا يتضرر ولو كان معسرا لم ينفذ عتقه الا في ملكه صيانة لحق الغير وحفظا له عن الضياع فكذا هنا مسألة لو جنى
المفلس بعد الحجر جناية أوجبت مالا شارك المجني عليه الغرماء لان حق المجني عليه يثبت بغير اختياره ولو كانت الجناية موجبة للقصاص فعفى صاحبها عنها إلى (على)
مال وصالحه المفلس على مال قال احمد شارك الغرماء لان سببه يثبت بغير اختياره فأشبه ما لو أوجبت المال ويحتمل عندي انه لا يشارك لان الجناية موجبها
القصاص وانما يثبت المال صلحا وهو متأخر عن الحجر فلا يشارك الغرماء كما لو استدان بعد الحجر لا يقال لم لا قدم حق المجني عليه على ساير الغرماء كما لو جنى عبد المفلس
فان حق المجني عليه مقدم هنا لأنا نقول الفرق ظاهر فان المجني عليه في صورة العبد تعلق حقه بعين العبد وهنا تعلق حقه بالذمة فكان كغيره من الغرماء مسألة
قد بينا انه لا يجوز ان يباع على المفلس مسكنه ولا خادمه إن كان من أهله سواء كان المسكن والخادم اللذان لا يستغني عنهما عين مال بعض الغرماء أو كان جميع
أمواله أعيان أموال أفلس بأثمانها ووجدوها أصحابها أو لا وقال احمد إن كان المسكن والخادم عين مال بعض الغرماء كان له اخذها لقوله (ع) من أدرك متاعه عند
رجل بعينه قد أفلس فهو أحق به ولان حقه تعلق بالعين فكان أقوى سببا من المفلس ولان منعهم من اخذ أعيان أموالهم يفتح باب الحيل بان يشتري من لا مال له في ذمته ثيابا
72

يلبسها ودارا يسكنها وخادما يخدمه وفرسا يركبها وطعاما له لعياله ويمتنع على أربابها اخذها لتعلق حاجته بها فيضيع أموالهم ويستغني هو والحديث ليس
على اطلاقه لأنه مشروط اجماعا بشرايط مذكورة فخرج عن الاحتجاج به في صورة النزاع لان شرط الاخذ عندنا ان لا يكون مما يحتاج إليه المفلس في ضروريات معاشه و
لعموم الأخبار الدالة على المنع من بيع المسكن وقد ذكرنا بعضها في باب الدين وحق المفلس تعلق أيضا بالعين حيث لا سواها والتفريط في الحيل المذكورة من البايع لا من المفلس
ولو كان للمفلس صنعة تكفيه لمؤنته وما يجب عليه لعياله أو كان يقدر على تكسب ذلك لم يترك له شئ وان لم يكون له شئ من ذلك ترك له قوت يوم القسمة وما قبله من
يوم الحجر ولا يترك له أزيد من ذلك وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الثانية يترك له ما يقوم به معاشه وليس بجيد إذا عرفت هذا فينبغي ان يترك له النفقة إلى يوم القسمة
ويوم القسمة أيضا ويجعل ذلك مما لا يتعلق به حق بعضهم لان من تعلق حقه بالعين أقوى سببا من غيره ولو
تعلقت حقوق الجميع بالأعيان قسط بينهم بالنسبة
مسألة لا يجب على المفلس التكسب وقد تقدم فلا يجبر على قبول هدية ولا صدقة ولا وصية ولا قرض ولا تجبر المراة على اخذ مهرها من الزوج لما في ذلك من
المنة والتضرر ولو قهرت الزوج على اخذ المهر ان خافت من ذلك والا اخذ منه ولا يجبر على النكاح لتأخذ مهرها لما في النكاح من وجوب حقوق عليها مسألة
لو اشترى حبا فزرعه واشترى ماء فسقاه فنبت ثم أفلس فإنهما يضربان بثمن الحب والماء مع الغرماء ولا يرجعان في الزرع لان عين مالهما غير موجودة فيه كما لو اشترى
طعاما فاطعمه عبده حتى كبر فإنه لاحق له في العين ولان نصيب الماء منه غير معلوم لاحد من الناس وكذا لو اشترى بيضة وتركها تحت دجاجة حتى صارت فرخا ثم أعسر
لم يرجع بايع البيضة في الفرخ لان عينها غير موجودة وللشافعي وجهان مسألة إذا باع امين الحاكم عينا للمفلس فتلف الثمن في يده بغير تفريط ثم ظهر ان العين مستحقة
رجع بالدرك على المفلس لأنها بيعت عليه ونقل المزني عن الشافعي ان المشتري يأخذ الثمن من مال المفلس وروى غيره انه يضرب بالثمن مع الغرماء واختلف أصحابه على طريقين منهم من قال على قولين
منهم من قال على اختلاف حالين والوكيل والولي كالأب والجد وامين الحاكم إذا باعوا مال غيرهم ثم استحق المال على المشتري كانت العهدة على من بيع عليه وقد تقدم
الكلام على ذلك في الرهن فان أبا حنيفة يقول على الوكيل بخلاف الأب والجد وقد سبق وإذا جنى عبد المفلس تعلق الأرش برقبته وكان ذلك مقدما على حقوق
الغرماء لان الجناية لا محل لها سوى رقبة الجاني وديون الغرماء متعلقة بذمة المفلس فيقدم الحق المختص بالعين كما يقدم حق الجناية على حق الرهن إذا ثبت
هذا فإنه يباع العبد في الجناية فإن كان وفق الجناية فلا بحث وان زادت قيمته رد الباقي إلى الغرماء وإن كانت أقل لم يثبت للمجني عليه سوى ذلك
مسألة قد بينا انه إذا ظهر غريم اخر نقض الحاكم القسمة أو يرجع على كل واحد بحصة يقتضيها الحساب ومع نقض القسمة لو كان قد حصل نماء متجدد
بعد القسمة هل يتشارك الغرماء فيه الأقرب ذلك لظهور بطلان القسمة وكذا لو قسم التركة ثم ظهر بطلان القسمة وحصل النماء أما لو ظهر دين على الميت وأبطلت
القسمة فان قلنا النماء للوارث فلا بحث والا تبع التركة ولو تلف المال بعد القبض ففي احتسابه على الغرماء اشكال المقصد الرابع في الحجر
الحجر في اللغة المنع والتضييق ومنه سمى الحرام حجرا لما فيه من المنع قال الله تعالى يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا اي حراما محرما وسمي العقل حجرا لأنه
يمنع صاحبه من ارتكاب القبايح وما يضر عاقبته قال الله تعالى هل في ذلك قسم لذي حجر واعلم أن المحجور عليه نوعان أحدهما من حجر عليه لمصلحة الغير والثاني من حجر عليه
لمصلحة نفسه وأقسام الأول خمسة آ حجر المفلس لحق الغرماء ب حجر الراهن لحق المرتهن ج حجر المريض لحق الورثة د حجر العبد لحق السيد والمكاتب لحق السيد
وحق الله تعالى ه‍ حجر المرتد لحق المسلمين وهذه الأقسام خاصة لا تعم جميع التصرفات بل يصح منهم العقوبات وكثير من التصرفات ولها أبواب مختصة بها وأقسام الثاني
ثلاثة آ حجر المجنون ب حجر الصبي ج حجر السفيه والمذكور في هذا المقصد ثلاثة الصغير والمجنون والسفيه والحجر على هؤلاء عام لانهم يمنعون من التصرف في أموالهم
وذممهم فهنا فصول الأول الصغير وهو محجور عليه بالنص والاجماع سواء كان مميزا أو لا في جميع التصرفات الا ما يستثنى كعباداته واسلامه واحرامه وتدبيره
ووصيته وايصاله الهدية واذنه في دخول الدار على خلاف في ذلك قال الله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم
شرط في تصرفهم الرشد والبلوغ وعبر عن البلوغ بالنكاح لأنه يشتهى بالبلوغ وقال الله تعالى فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع ان يمل هو
فليملل وليه بالعدل قيل السفيه المبذر والضعيف الصبي لان العرب يسمي كل قليل العقل ضعيفا والذي لا يستطيع ان يملي المغلوب على عقله
مسألة الحجر بالصبي يزول بزوال الصبي وهو البلوغ وله أسباب منها ما هو مشترك بين الذكور والإناث ومنها ما هو مختص بالنساء أما المشترك فثلاثة
الانبات للشعر والاحتلام والسن والمختص امران الحيض والحبل وهما للنساء خاصة وهنا مباحث الأول الانبات والانبات مختص بشعر العانة الخشن ولا اعتبار
بالزغب والشعر الضعيف الذي قد يوجد في الصغر بل بالخشن الذي يحتاج إلى ازالته الحلق حول ذكر الرجل أو فرج المراة ونبات هذا الشعر الخشن يقتضي الحكم بالبلوغ
والأقرب انه دلالة على البلوغ فانا نعلم سبق البلوغ عليه لحصوله على التزويج وللشافعي قولان أحدهما انه بلوغ والثاني انه دليل على البلوغ وقال أبو حنيفة الانبات
ليس بلوغا ولا دليلا عليه لأنه انبات شعر فأشبه شعر الرأس وساير البدن والفرق ظاهر فان التجربة قاضية بان هذا الشعر لا ينبت الا بعد البلوغ بخلاف غيره من
الشعور التي في البدن والرأس ولما روى العامة ان سعد بن معاذ حكم على بني قريظة بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم فكان يكشف عن موتزر المراهقين فمن انبت
منهم قتل ومن لم ينبت جعل في الذراري وعن عطية القرطي قال عرضنا على رسول الله صلى الله عليه وآله يوم قريظة وكان من انبت قتل ومن لم ينبت خلى سبيله فكنت فيمن لم
ينبت فخلى سبيلي ومن طريق الخاصة ما رواه حفص بن البختري عن الصادق عن الباقر عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله عرضهم يومئذ عن العانات فمن وجده انبت
قتله ومن لم يجده انبت الحقه بالذراري ولأنه خارج ملازم للبلوغ غالبا ويستوي فيه الذكر والأنثى فكان علما على البلوغ ولان الخارج ضربان متصل ومنفصل
فلما كان من المنفصل ما يثبت به البلوغ كذا المتصل مسألة نبات هذا الشعر دليل على البلوغ في حق المسلمين والكفار عند علمائنا أجمع وبه قال مالك
واحمد والشافعي في أحد القولين لان ما كان علما على البلوغ في حق المشركين كان علما في حق المسلمين كالحمل وفي الثاني انه لا يكون علما على البلوغ في المسلمين و
يكون دليلا في حق الكفار هذا إذا قال إنه دليل على البلوغ وان قال إنه بلوغ كان بلوغا في حق المسلمين والكفار ووجه انه بلوغ حقيقة قياسه على ساير الأسباب
ووجه انه دليل عليه وهو أظهر القولين عندنا ان البلوغ غير مكتسب والانبات شئ يستعجل بالمعالجة وانما فرق بين المسلمين والكفار إذا قلنا إنه دليل على البلوغ
بان جعله دليلا في حق الكفار خاصة لأنه يمكن الرجوع إلى المسلمين في معرفة البلوغ ومراجعة الاباء من المسلمين والاعتماد على اخبارهم عن تواريخ المواليد سهل
بخلاف الكفار فإنه لا اعتماد على قولهم ولان التهمة يلحق هذه العلامة في المسلمين دون الكفار لان المسلم يحصل له الكمال في الاحكام بذلك واستفادة الولايات
73

فربما استعجلوا بالمعالجة بخلاف الكفار فإنهم لا يتهمون بمثله لانهم حينئذ يقتلون أو يضرب عليهم الجزية والتهمة بالاستعجال قد لا يحصل في المسلمين لما روى أن غلاما من الأنصار شبب بامرأة
في شعره فدفع إلى عمر بن الخطاب فلم يجده انبت فقال لو انبت الشعر لجلدتك مسألة ولا اعتبار بشعر الإبط عندنا وللشافعي وجهان هذا أصحهما إذ لو
كان معتبرا في البلوغ لما كشفوا عن المؤتزر لحصول الغرض من غير كشف العورة والثاني ان نبات كنبات شعر العانة لان انبات العانة يقع في أول تحريك الطبيعة في أول الشهوة
ونبات الإبط يتراخى عن البلوغ في الغالب فكان أولى بالدلالة على حصول البلوغ وأما نبات اللحية والشارب فإنه أيضا لا اثر لهما في البلوغ وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
انهما يلحقان بشعر العانة وبعض الشافعية ألحق شعر الإبط بشعر العانة ولم يلحق اللحية والشارب بالعانة وأما ثقل الصوت ونهود الثدي ونثق طرف الحلقوم وانفراق
الأرنبة فلا اثر له كما لا اثر لاخضرار الشارب وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه ملحق بشعر العانة ولا بأس به عندي بناء على العادة القاضية بتأخر ذلك عن البلوغ
البحث الثاني في الاحتلام مسألة الاحتلام وهو خروج المني وهو الماء الدافق الذي يخلق منه الولد بلوغ في الرجل والمراة عند علمائنا أجمع
ولا نعلم خلافا في الذكر قال الله تعالى وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا وقال تعالى والذين لم يبلغوا الحلم منكم وقال رسول الله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلث
عن الصبي حتى يحتلم وروى حتى يبلغ الحلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يتنبه وقال صلى الله عليه وآله لمعاذ خذ من كل حالم دينارا وقد أجمع العلماء كافة على أن الفرايض
والاحكام يجب على المحتلم العاقل مسألة ولا فرق في إفادة خروج المني البلوغ بين الرجال والنساء كما في الشعر عند عامة أهل العلم وللشافعي قول ان خروج المني
من النساء لا يوجب بلوغهن لأنه نادر فيهن ساقط العبرة وعلى هذا قال الجويني الذي يتجه عندي ان لا يلزمها الغسل لأنه لو لزم لكان حكما بان الخارج مني والجمع بين الحكم
بأنه مني وبين الحكم بأنه لا يحصل البلوغ به متناقض قال بعض الشافعية إن كان التناقض مأخوذا من تعذر التكليف بالغسل مع القول بعدم البلوغ فنحن لا نعني
بلزوم الغسل سوى ما نعنيه بلزوم الوضوء على الصبي إذا أحدث فبالمعنى الذي اطلقنا ذلك ولا تكليف نطلق هذا وإن كان غير ذلك فلا بد من بيانه وعلى هذا
القول تصير أسباب البلوغ ثلاثة أقسام قسم مشترك بين الرجال والنساء وقسم مختص بالنساء وقسم مختص بالرجال وهو خروج المني لكن اطباق أكثر العلماء على خلاف
هذا قالت أم سلمة سألت النبي صلى الله عليه وآله عن المراة ترى في منامها ما يرى الرجل قال النبي صلى الله عليه وآله إذا رأت ذلك فلتغتسل مسألة الحلم هو خروج المني من الذكر أو قبل المراة
مطلقا سواء كان بشهوة أو غير شهوة وسواء كان بجماع أو غير جماع وسواء كان في نوم أو يقظة ولا يختص بالاحتلام بل هو منوط بمطلق الخروج مع امكانه باستكمال تسع
سنين مطلقا عند الشافعي وعندنا في المراة خاصة ولا عبرة بما ينفصل قبل ذلك وفيه للشافعية وجهان آخران ذكرهما الجويني أحدهما ان امكان الاحتلام
يدخل بمضي ستة أشهر من السنة العاشرة والثاني انه يدخل بتمام العاشرة وهذه الوجوه عندهم كالوجوه في أقل سني الحيض لكن العاشرة هنا بمثابة التاسعة
هناك لان في النساء حدة في الطبيعة وتسارعا إلى الادراك مسألة الخنثى المشكل إذا خرج المني من أحد فرجيه لم يحكم ببلوغه لجواز ان يكون الذي
خرج منه المني خلقة زايدة وان خرج المني من الفرجين جميعا حكم ببلوغه وان خرج الدم من فرج النساء والمني من الذكر حكم ببلوغه لأنه إن كان رجلا فخروج الماء بلوغه
وإن كان أنثى فخروج دم الحيض بلوغه هذا هو المشهور عند علمائنا وعند الشافعي وللشافعي قول انه إذا امني وحاض لم يحكم ببلوغه وتأوله أصحابه بوجهين أحدهما
انه يريد بذلك انه ان امني وحاض من فرج واحد والثاني انه أراد ان حاض وامنى لم احكم ببلوغه لما ذكرناه إذا ثبت هذا فإذا خرج من ذكره ما هو بصفة المني ومن فرجه
ما هو بصفة الحيض ففي الحكم ببلوغه عند الشافعية وجهان أصحهما عندهم انه يحكم به لأنه إما ذكر وقد امني وإما أنثى وقد حاضت والثاني لا لتعارض الخارجين
واسقاط كل واحد منهما حكم الأخر ولهذا لا يحكم والحال هذه بالذكورة ولا بالأنوثة وهو ظاهر قول الشافعي وان وجد أحد الامرين دون الأخر كما لو امني وحاض من الفرج فعامة
الشافعية انه لا يحكم ببلوغه لجواز ان يظهر من الفرج الأخر ما يعارضه وقال الجويني ينبغي ان يحكم بالبلوغ بأحدهما كما يحكم بالذكورة والأنوثة ثم إن ظهر خلافه غيرنا الحكم
وكيف ينتظم منا ان نحكم بأنه ذكر امني ولا نحكم بأنه قد بلغ قال أكثر الحنابلة ان خرج المني من ذكر الخنثى المشكل علم بلوغه وانه ذكر وان خرج من فرج المراة أو حاض فهو علم على
بلوغه وكونه أنثى لان خروج البول من الفرجين دليل على كونه رجلا وامرأة فخروج المني أو الحيض أولى وإذا ثبت كونه خرج المني من ذكره أو امرأة خرج الحيض من فرجها لزم وجود
البلوغ ولان خروج مني الرجل من المراة أو الحيض من الرجل مستحيل فكان دليلا على التعيين فإذا ثبت التعيين لزم كونه دليلا على البلوغ كما لو تعين قبل خروجه ولأنه
مني خارج من ذكر أو حيض خارج من فرج أنثى فكان علما على البلوغ كالمني الخارج من الغلام والحيض الخارج من الجارية ولان خروجهما معا دليل على البلوغ فخروج أحدهما أولى لان
خروجهما معا يفضي إلى تعارضهما واسقاط دلالتهما إذ لا يتصور ان يجتمع حيض صحيح ومني رجل فوجب ان يكون أحدهما فضلة خارجة من غير محلها وليس أحدهما بذلك
أولى من الأخر فتبطل دلالتهما كالبينتين إذا تعارضتا وكالبول إذا خرج من المخرجين جميعا بخلاف ما إذا وجد أحدهما منفردا فان الله تعالى اجرى العادة ان الحيض يخرج من
فرج المراة عند بلوغها ومني الرجل يخرج من ذكره عند بلوغه فإذا وجد ذلك من غير معارض وجب ان يثبت حكمه ويقضي بثبوت حكم دلالته كالحكم بكونه رجلا بخروج
البول من ذكره وبكونه امرأة بخروجه من فرجها والحكم للغلام ببلوغه مع المني من ذكره وللجارية بخروج الحيض من فرجها فعلى هذا ان خرجا جميعا لم يثبت كونه رجلا
ولا امرأة لان الدليلين تعارضا فأشبه ما لو خرج البول من الفرجين وهذا لا بأس به عندي تذنيب إذا خرج المني من الذكر والحيض من الفرج فقد بينا
انهما تعارضا في الحكم بالذكورة أو بالأنوثة وسقط اعتبارهما فيهما وهل يثبت دلالتهما على البلوغ الأقرب ذلك وبه قال الشافعي لأنه أما رجل فقد خرج المني من
ذكره وأما امرأة فقد حاضت وقال بعض الجمهور لا يثبت البلوغ لأنه يجوز ان لا يكون هذا حيضا ولا منيا ولا يكون فيه دلالة وقد دل تعارضهما على ذلك فانتفت
دلالتهما على البلوغ كانتفاء دلالتهما على الذكورية والأنوثية البحث الثالث في السن مسألة السن عندنا دليل البلوغ وبه قال جماهير العامة
كالشافعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل لما رواه العامة عن ابن عمر قال عرضت على رسول الله صلى الله عليه وآله في جيش يوم بدر وانا ابن ثلاث عشرة سنة فردني وعرضت
عليه يوم أحد وانا ابن أربع عشرة سنة فردني ولم يرني بلغت وعرضت عليه عام الخندق وانا ابن خمس عشر سنة فقبلني واخذني في المقاتلة وعن أنس عن النبي صلى الله عليه وآله
قال إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه واخذت منه الحدود ومن طريق الخاصة رواية أبي
حمزة الثمالي عن الباقر عليه السلام قال قلت له جعلت
فداك في كم تجري الاحكام على الصبيان قال في ثلاث عشرة سنة وأربع عشرة سنة قلت فإنه لم يحتلم قال وان لم يحتلم فان الاحكام تجري عليه وقال مالك ليس للسن دليل على البلوغ
ولا بلوغا في نفسه ولا حد للسن في البلوغ بل يعلم البلوغ بغلظ الصوت وشق الغضروف وهو رأس الانف وقال داود لا حد للبلوغ من السن لان النبي صلى الله عليه وآله قال رفع القلم
عن ثلثة عن الصبي حتى يحتلم فلا يحصل البلوغ بدون الاحتلام وان طعن في السن ولا دلالة في الخبر على امتناع اثبات البلوغ بغير الاحتلام إذا ثبت بالدليل مسألة
74

الذكر والمراة مختلفان في السن فالذكر يعلم بلوغه بمضي خمسة عشر سنة والأنثى بمضي تسع سنين عند علمائنا ومن خالف بين الذكر والأنثى أبو حنيفة وسوى بينهما الشافعي
والأوزاعي وأبو ثور وأحمد بن حنبل ومحمد وأبو يوسف إذا عرفت هذا فان الشافعي والأوزاعي وأبا ثور واحمد وأبا يوسف ومحمد قالوا حد بلوغ الذكر والأنثى بلوغ
خمس عشر سنة كاملة وقال أبو حنيفة حد بلوغ المراة سبع عشرة سنة بكل حال وله في الذكر روايتان إحديهما سبع عشرة أيضا والاخرى ثماني عشرة سنة كاملة وقال أصحاب مالك
حد البلوغ في الغلام والمراة سبع عشرة سنة وثماني عشرة سنة وما قلناه أولى لان الغالب في مني الرجل انه يحصل ببلوغ خمس عشرة سنة والمراة قد تحيض ببلوغ تسع سنين
فإذا توافقت العلامات دل على حصول البلوغ بذلك وقول أبي حنيفة ومالك وداود يدفعه ما تقدم في خبر ابن عمر وغيره تذنيب لا يحصل البلوغ بنفس الطعن
في السن الخامسة عشر إذا لم يستكملها عملا بالاستصحاب وفتوى الأصحاب وهو الظاهر من مذهب الشافعي وله وجه اخر ان البلوغ يحصل بذلك لأنه حينئذ يسمى ابن خمس عشرة سنة
وهو ممنوع ورواية أبي حمزة عن الباقر (ع) في طريقها قول على أن جريان الاحكام عليه بمعنى التحفظ أو على سبيل الاحتياط حتى يكلف العبادات للتمرين عليها والاعتقاد لها
فلا يقع منه عند البلوغ الاخلال بشي ء منها البحث الرابع في الحيض والحبل مسألة الحيض في وقت الامكان دليل البلوغ ولا نعلم فيه خلافا
والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وآله قال لأسماء بنت أبي بكر ان المراة إذا بلغت الحيض لا يصلح ان يرى منها الا هذا وأشار إلى الوجه والكفين علق وجوب الستر بالحيض وذلك
نوع تكليف وقال صلى الله عليه وآله لا يقبل صلاة من حايض الا بخمار اشعارا بأنها (اشعرانها) بالحيض كلفت الصلاة ولو اشتبه الخراج هل هو حيض أم لا لم يحكم بالبلوغ الا مع تيقن بأنه حيض عملا
بالاستصحاب مسألة الحبل دليل البلوغ لأنه مسبوق بالانزال لان الله تعالى اجرى عادته بان الولد لا يخلق الا من ماء الرجل وماء المراة قال الله تعالى أمشاج نبتليه
وقال تعالى فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب لكن الولد لا يتيقن الا بالوضع فإذا وضعت حكمنا بالبلوغ قبل الوضع بستة أشهر
وشئ لان أقل الحمل ستة أشهر ولا فرق بين ان يكون ما ولدته تاما أو غير تام إذا علم أنه ادمي ومبدء صورة آدمي كعلقة تصورت فإن كانت مطلقة واتت بولد يلحق
الزوج حكمنا ببلوغها لما قبل الطلاق الفصل الثاني الجنون ولا خلاف بين العلماء كافة في الحجر على المجنون ما دام مجنونا وانه لا ينفذ شئ من تصرفاته
لسلب أهليته عن ذلك والحديث يدل عليه وهو قوله (ع) رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يتنبه ولا خلاف في أن زوال
الجنون مقتض لزوال الحجر عن المجنون سواء حكم به حاكم أو لا وسواء كان الجنون يعتوره دائما أو يأخذ أدوارا نعم ينفذ تصرفه حال افاقته إذا عرف رشده ولا ينفذ
حالة جنونه بلا خلاف الفصل الثالث السفيه وفيه مباحث الأول في الحجر عليه مسألة قال الله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي
جعل الله لكم قياما وقال تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وانما أضاف الله تعالى الأموال إلى الأولياء وهي لغيرهم لانهم
القوام عليها والمدبرون لها وقد يضاف الشئ إلى غيره بأدنى ملابسة كما يقال لاحد حاملي الخشبة خذ طرفك فقد شرط الله في دفع المال إلى اليتيم أمرين البلوغ وقد سبق
والرشد لان الحجر عليه انما كان لعجزه عن التصرف في ماله على وجه المصلحة حفظا لماله على وبالبلوغ والرشد يقدر على التصرف ويحفظ ماله فيزول الحجر لزوال سببه
إذا عرفت هذا فإنما يزول الحجر عن الصبي بأمرين البلوغ والرشد لقوله تعالى فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم والبلوغ قد سلف وأما الرشد فقال الشيخ رحمه الله
هو ان يكون مصلحا لماله عدلا في دينه فإذا كان مصلحا لماله غير عدل في دينه أو كان عدلا في دينه غير مصلح لماله فإنه لا يدفع إليه وبه قال الشافعي والحسن البصري
وابن المنذر ولقوله تعالى فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم والفاسق موصوف بالغي لا بالرشد وروى عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى فان انستم منهم رشدا هو ان
يبلغ ذا وقار وحلم وعقل ومثله عن مجاهد ولان الفاسق غير رشيد فلو ارتكب شيئا من المحرمات مما يسقط به العدالة كان غير رشيد وكذا لو كان مبذرا لماله وتصرفه في
الملاذ النفيسة والثياب الرفيعة والمركوبات الجليلة التي لا يليق بحاله كان سفيها ولم يكن رشيدا وقال أكثر أهل العلم الرشد الصلاح في المال خاصة سواء كان صالحا
في دينه أو لا وهو قول مالك وأبي حنيفة واحمد وهو المعتمد عندي لقوله تعالى فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم روى عن ابن عباس أنه قال يعني صلاحا في
أموالهم وقال مجاهد إذا كان عاقلا وإذا كان حافظا لماله فقد انس منه الرشد ولان هذا نكرة مثبتة يصدق في صورة ما ولا ريب في ثبوت الرشد للمصلح لماله وإن كان
فاسقا لأنه قد وجد منه رشد ولان العدالة لا يعتبر في الرشد في الدوام فلا يعتبر في الابتداء كالزهد في الدنيا ولان هذا مصلح لماله فأشبه العدل ولان الحجر عليه انما كان
لحفظ ماله عليه وحراسته عن التلف بالتبذير فالمؤثر فيه ما اثر في تضييع المال والفاسق وان لم يكن رشيدا في دينه لكنه رشيد في ماله وينتقض قولهم بالكافر فإنه غير
رشيد في دينه ولا يحجر عليه كذا الفاسق ولأنه لو طرأ الفسق على المسلم بعد دفع ماله إليه لم يزل رشده ولم يحجر عليه لأجل فسقه ولو كانت العدالة شرطا في الرشد لزال
بزوالها كحفظ المال ولا يلزم من منع قبول شهادته منع دفع ماله إليه فان المعروف بكثرة الغلط والغفلة والنسيان ومن لا يتحفظ من الأشياء المفضية إلى قلة المروة
كالاكل في السوق وكشف الرأس بين الناس ومد الرجل عندهم وأشباه ذلك لا يقبل شهادته فيدفع إليهم أموالهم اجماعا إذا عرفت هذا فان الفاسق إن كان ينفق
ماله في المعاصي كشراء الخمور وآلات اللهو والقمار أو يتوصل به إلى الفساد فهو غير رشيد لا تدفع إليه أمواله اجماعا لتبذيره لماله وتضييعه إياه في غير فايدة وإن كان
فسقه لغير ذلك كالكذب ومنع الزكاة وإضاعة الصلاة مع حفظه لماله دفع إليه ماله لان الغرض من الحجر حفظ المال وهو يحصل بدون الحجر فلا حاجة إليه وكذا لو طرأ
الفسق الذي لا يتضمن تضييع لمال ولا تبذيره فإنه لا يحجر عليه اجماعا واعلم أن الشافعي قال الصلاح في الدين حين يكون الشهادة جايرة وقد بينا ان الشهادة قد ترد بترك
المروة والصنايع الدنية كالزبال والسؤال على أبواب الدور وإن كان ذلك لا يثبت الحجر مسألة لو بلغ الصبي غير رشيد لم يدفع إليه ماله وان صار شيخا وطعن
في السن وهذا قول أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر فإنهم يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيرا كان أو كبيرا وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل
وأبو يوسف ومحمد لقوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم علق دفع المال على شرطين البلوغ والرشد فلا يثبت الحكم
بدونهما وقال تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم يعني أموالهم وقال تعالى فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع ان يمل هو فليملل وليه بالعدل أثبت الولاية على السفيه
ولأنه مبذر لماله فلا يجوز دفعه إليه كغير البالغ خمسا وعشرين سنة وقال أبو حنيفة لا يدفع إليه ماله إذا كان قد بلغ سفيها وان تصرف نفذ تصرفه فإذا بلغ خمسا وعشرين سنة
فك عنه الحجر ودفع إليه ماله وإن كان سفيها لقوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن وقد زال اليتم ولأنه قد بلغ أشده وصلح ان يصير جدا ولأنه حر بالغ عاقل
مكلف فلا يحجر عليه كالرشيد والآية لا دلالة فيها ولو دلت فإنما تدل بمفهوم الخطاب وهو ليس حجة عنده ثم هي مخصوصة بما قبل خمس وعشرين سنة بالاجماع فيجب
ان يخص بما بعدها لان الموجب للتخصيص علة السفه وهي موجودة في ما بعدها فيجب ان يختص بها كما أن الآية لما خصصت في حق المجنون لأجل جنونه قبل خمس وعشرين
75

خصت أيضا به بعد خمس وعشرين والمنطوق الذي استدللنا به أولى من مفهومه وكونه جدا ليس تحته معنى يقتضي الحكم ولا أصل له في الشرع يشهد له بالاعتبار فيكون اثبات للحكم
بالتحكم ثم هو ثابت فيمن له دون هذا السن فان المراة تكون جدة لاحدى وعشرين وقياسهم منتقض بمن له دون خمس وعشرين سنة وموجب الحجر قبل خمسة وعشرين ثابت
بعدها فيثبت حكمه مسألة هذا المحجور عليه للسفه قبل بلوغه خمسا وعشرين سنة وبعد بلوغه بالاحتلام لا ينفذ تصرفه البتة في شئ ولا ينفذ اقراره
ولا يصح بيعه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لأنه لا يدفع إليه ماله لعدم رشده فلا يصح تصرفه واقراره كالصبي والمجنون ولأنه إذا نفذ اقراره وبيعه تلف ماله بذلك
ولم يفد منعه من ماله وقال أبو حنيفة يصح بيعه واقراره وانما لا يسلم إليه ماله الا بعد خمس وعشرين سنة وبني ذلك على أصله من أن البالغ لا يحجر عليه وانما يمنع من تسليمه
المال للآية وهو خطأ فان تصرفه لو كان نافذا لسلم إليه ماله كالرشيد ولأنه لا فرق بين ان يسلم إليه أو إلى من يقبضه بسببه فإنه إذا باع وجب تسليمه إلى المشتري والا لم يفد
تصرفه شيئا فكان يتسبب إلى اتلاف ماله بوسايط المشتريين؟ مسألة لو بلغ وصرف أمواله في وجوه الخير كالصدقات وفك الرقاب وبناء المساجد والمدارس
وأشباه ذلك فذلك ظاهر مما لا يليق به كالتاجر وشبهه تبذير وبه قال بعض الشافعية لأنه اتلاف للمال قال الله تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما
محسورا ان ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وهو صريح في النهي عن هذه الأشياء وتضييع المال بالقائه في البحر أو باحتمال الغبن الفاحش في المعاملات ونحوها
تبذير وكذا الانفاق في المحرمات وكذا صرفه في الأطعمة النفيسة وبه قال بعض الشافعية للعادة وقال أكثرهم لا يكون تبذيرا لان الغاية في تملك المال الانتفاع به
والالتذاذ وكذا قالوا إن شراء الثياب الفاخرة وان لم يكن لايقة به والاكثار من شراء الغانيات والاستمتاع بهن وما أشبه ليس تبذيرا وبالجملة حصر أكثرهم التبذير في
التضييعات كالرمي في البحر واحتمال الغبن الفاحش وشبهه وفي الانفاق في المحرمات وليس بجيد على ما سلف مسألة المراة كالذكر إذا بلغت وعلم رشدها زال
الحجر عنها ودفع إليها مالها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وعطا والثوري وأبو ثور وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لعموم قوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا
النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولأنها يتيم بلغ وأنس منه الرشد فيدفع إليه ماله كالرجل ولأنها بالغة رشيدة فدفع إليها مالها ونفذ تصرفها
كالتي دخل بها الزوج وعن أحمد رواية أخرى ان المراة لا يدفع إليها مالها ما لم تتزوج أو تلد أو يمضي لها في بيت زوجها سنة سواء بلغت رشيدة أو لا وبه قال عمر بن الخطاب وشريح
والشعبي وإسحاق لما رواه شريح قال عهد إلي عمر بن الخطاب ان لا تحبين الجارية عطية حتى تحول في بيت زوجها أو تلد ولدا وهذا الخبر ليس حجة لان قول عمر لا يجب المصير إليه
وليس مشهورا لا ورد به الكتاب ولا عضده خبر عن النبي صلى الله عليه وآله ولا افتى به أحد من الصحابة ولا دل عليه قياس ولا نظر مع أنه لو كان حجة لكان مختصا بالعطية ولا يلزم
من منع العطية منع مالها عنها ولا منعها من قبضه والتصرف فيه بما شاءت وقال مالك لا يدفع إليها مالها حتى تتزوج ويدخل عليها زوجها فإذا نكحت دفع إليها مالها
بإذن الزوج ولا ينفذ تبرعها بما زاد على الثلث الا بإذن الزوج ما لم تصر عجوزا لان كل حالة جاز للأب تزويجها فيها من غير اذنها لم ينفك عنها الحجر كالصغير فإذا كان للأب
اجبارها على النكاح كانت ولاية المال لغيرها ونحن نمنع اجبارها على النكاح بل متى بلغت رشيدة كان امرها في النكاح وغيره إليها على ما سيأتي إن شاء الله تعالى سلمنا لكن الفرق
ظاهر فان مصلحتها في النكاح لا يقدر على معرفتها الا بمباشرة الأب أو بمباشرتها بعد وقوعه وبالجملة فان للأب اجبارها على النكاح لان اختيارها لا يمكن بالنكاح بخلاف
المعاملات من البيع والشراء وغيرهما فإنه يمكن معرفته ومباشرته قبل النكاح وبعده وعلى هذه الرواية إذا لم يتزوج دام الحجر عليها عند احمد ومالك لفقد رفع شرط الحجر
مسألة إذا بلغت المراة رشيدة صح تصرفها في مالها سواء اذن زوجها أو منع وسواء كانت متبرعة أو لا وسواء كان بقدر الثلث أو أزيد عند علمائنا أجمع و
به قال الشافعي وأبو حنيفة وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لعموم قوله تعالى فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وهو ظاهر في فك الحجر عنهم واطلاقهم
في التصرف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن وأنهن تصدقن فقبل صدقتهن ولم يسأل ولم يستفصل وجاءته امرأة
عبد الله وامرأة أخرى يقال لها زينب فسألته عن الصدقة هل يجزيهن ان يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن فقال نعم ولم يذكر لهن هذا الشرط ولان من وجب دفع ماله إليه
برشده جاز له التصرف فيه من غير اذن كالغلام ولأن المرأة من أهل التصرف ولا حق لزوجها في مالها فلا يملك الحجر عليها في التصرف بجميعه كحليها وقال مالك واحمد في
الرواية الأخرى ليس لها ان تتصرف في مالها بأزيد من الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها وحكى عن مالك في امرأة أعتقت جارية لها ليس لها غيرها فخشيت ولها زوج من ذلك
يقليها زوجها قال له ان يرد عليها وليس لها عتق لما روى أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي صلى الله عليه وآله بحلي لها فقال النبي صلى الله عليه وآله لا يجوز للمرأة عطية حتى يأذن زوجها فهل استأذنت
كعبا فقالت نعم فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى كعب فقال هل أذنت لها ان تتصدق بحليها فقال نعم فقبله وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال في خطبة خطبها لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها إذ هو مالك عصمتها
ولقوله صلى الله عليه وآله ينكح المرأة لدينها وجمالها ومالها والعادة جارية ان ينبسط في مالها وينتفع بجهازها قالوا وكذا يجب عليها عنده التجهيز فلهذا كان له منعها ولان العادة
يقضي بان الزوج يزيد في مهرها من أجل مالها وإذا أعسر بالنفقة انظر فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المتعلقة بمال المريض وحديثهم مرسل على أنه محمول على ما هو
الظاهر منه وهو انه لا يجوز عطيتها بماله بغير اذنه لأنه وافق على تجويز عطيتها من مالها دون الثلث وليس معهم حديث يدل على تحديد المنع بالثلث فيكون التحديد
الثلث تحكما لا دليل فيه ولا قياس يدل عليه والفرق بين الزوجة والمريض من وجوه آ المرض يفضي إلى وصول النظر إليهم بالميراث والزوجية انما تجعله من أهل الميراث
فهو أحد وصفي العلة فلا يثبت الحكم بمجردها كما لا يثبت للمرأة الحجر على زوجها ولا لساير الوراث بدون المرض ب تبرع المريض موقوف فان برأ من مرضه صح تبرعه
وهنا أبطلوه على كل حال والفرع لا يزيد على أصله ج ينتقض ما ذكروه بالمرأة فإنها تنتفع بمال زوجها وتنبسط عليه عادة ولها النفقة منه وانتفاعها بماله أكثر من
انتفاعه من مالها وليس لها الحجر عليه على أن هذا المعنى ليس موجودا في الأصل ومن شرط صحة القياس ثبوت الحكم في الأصل والمرأة قد ترغب في الرجل لماله ولا تعترض عليه
في تصرفه فكذا الرجل وانتفاعه بمالها لا يستحقه ولا يجب عليها التجهيز له ولو كان لذلك لاختص بما يستعمل دون ساير مالها مسألة قد بينا ان للمرأة الصدقة
من مال زوجها بالشئ اليسير من المأكول والمأدوم بشرط عدم الاضرار وعدم المنع منه وهو إحدى الروايتين عن أحمد لان عايشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما أنفقت المرأة من
بيت زوجها غير مفسدة كان لها اجره وله مثله بما كسب ولها بما أنفقت وللجارية مثل ذلك من غير أن ينتقض من أجورهم شئ ولم يذكر اذنا أتت أسماء النبي صلى الله عليه وآله فقالت
يا رسول الله صلى الله عليه وآله ليس لي شئ الا ما ادخل الزبير فهل علي جناح ان أوضح مما يدخل علي فقال أوضحي مما استطعت ولا توعى؟ عليك واتت امرأة النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنأكل
على أزواجنا وابائنا فما يحل لنا من أموالهم قال الرطب تأكله ولان العادة قاضية بالسماح به وطيب النفس عنه فجرى مجرى التصريح بالاذن كما أن تقديم الطعام بين يدي
الاكل قائم مقام صريح الاذن في اكله والرواية الثانية عن أحمد انه لا يجوز لان أبا أمامة الكاهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا تنفق المرأة من بيتها الا بإذن زوجها
76

قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله والطعام قال ذاك أفضل أموالنا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه وقال إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم كحرمة
يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ولأنه تبرع بمال غيره بغير اذنه فلم يجز كغير الزوجة والحق الأول لما تقدم من الأدلة والأحاديث من طريق العامة والخاصة خاصة
فتقدم على أحاديث احمد العامة والحديث الخاص بهذه الصورة ضعيف وقياس المرأة على غيرها باطل لان العادة قاضية بالفرق بينهما فان المرأة تنبسط في مال زوجها ويتصرف
بالمأكول منه بالعادة والاذن العرفي قائم مقام الاذن الحقيقي أما لو منعها فقال لا تتصدقي من مالي لا بقليل ولا بكثير ولا تبرعي بشئ منه فإنها لا يجوز لها التصرف في شئ الا
باذنه اجماعا لان المنع الصريح نفي الاذن العرفي ولو كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته كجارية وأخت وخادمة وبنت ممن يتصرف في مأكول الرجل جرى مجرى الزوجة
ان لم يعلم الكراهية ولو كانت امرأته ممنوعة من التصرف في بيت زوجها كالتي يطعمها بالفرض ولا يمكنها من طعامه ولا من التصرف في شئ من ماله لم يجز لها الصدقة بشئ
من ماله مسألة إذا بلغ الصبي لم يدفع إليه ماله الا بعد العلم برشده ويستديم التصرف في ماله من كان متصرفا فيه قبل بلوغه أبا كان أو جدا أو وصيا أو
حاكما أو امين حاكم فان عرف رشده انفك الحجر عنه ودفع إليه المال وهل يكفي العلم بالبلوغ والرشد في فك الحجر عنه لم يفتقر إلى حكم الحاكم وفك القاضي الأقرب الأول لقوله تعالى فان انستم
منهم رشدا فادفعوا ولزوال المقتضي للحجر وهو الصبى وعدم العلم بالرشد فيزول الحجر ولأنه حجر لم يثبت بحكم الحاكم فلا يتوقف زواله على إزالة الحاكم كحجر المجنون فإنه يزول
بمجرد الإفاقة ولأنه لو توقف على ذلك لطلب الناس عند بلوغهم فك الحجر عنهم من الحكام ولكان ذلك عندهم من أهم الأشياء وهو أصح قولي الشافعية وقال بعضهم
يحتاج إلى فك القاضي لان الرشد يعلم بنظر واجتهاد قال هؤلاء فكما ينفك الحجر عن الصبي عند البلوغ والرشد بفك القاضي ينفك بفك الأب والجد وفي الوصي والقيم
لهم وجهان وهو يقتضي بطلان قولهم بحاجة إزالة الفك إلى النظر والاجتهاد قالوا وإذا كان الحجر لا يزول حتى يزيله القاضي أو من ذكرنا فتصرفه قبل إزالة الحجر
كتصرف من أنشأ الحجر عليه بالسفه الطارئ بعد البلوغ ويجري الخلاف فيما إذا بلغ غير رشيد ثم صار رشيدا مسألة إذا بلغ رشيدا وزال الحجر عنه ثم
صار مبذرا وعاد إلى السفه حجر عليه ثانيا عند علمائنا وبه قال القاسم بن محمد ومالك والشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وأبو يوسف ومحمد لقوله تعالى
فان انستم منهم رشدا فادفعوا دل بمفهومه على تعليل جواز الدفع بعلم الرشد فإذا انتفت العلة انتفى الحكم واستدل الشافعي أيضا باجماع الصحابة عليه لما رواه عروة بن
الزبير ان عبد لله بن جعفر رحمه الله ابتاع بيعا فقال علي (ع) لآتين عثمان يحجر عليك فاتى عبد الله بن جعفر الزبير فقال قد ابتعت بيعا وان عليا (ع) يريد ان يأتي عثمان
فيسأله الحجر علي فقال الزبير انا شريكك في البيع فاتى علي (ع) عثمان فقال له ان عبد الله بن جعفر قد ابتاع بيع كذا فاحجر عليه فقال الزبير انا شريكه في البيع فقال عثمان
كيف احجر على رجل شريكه الزبير قال احمد لم اسمع هذا الا من أبي يوسف القاضي ولم يخالف علي (ع) ذلك وهذه قضية مشهورة يشتهر مثلها ولم ينقل خلاف فكانت
اجماعا ولان التبذير لو قارن البلوغ منع من دفع المال فإذا حدث أوجب انتزاع المال كالجنون ولا المقتضي للحجر عليه أولا حفظ المال لان الصبي وان لم يتلف المال
فإنه غير مأمون عليه لامكان صدور الاتلاف عنه فإذا كان الاتلاف صادرا عنه حقيقة كان الحجر عليه أولى وقال أبو حنيفة وزفر لا يحجر عليه وتصرفه نافذ في ماله
وهو مروي عن ابن سيرين والنخعي لأنه حر مكلف فلا يحجر عليه كالرشيد ولأنه يصح طلاقه فتصح عقوده كالرشيد والقياس باطل لان الرشيد حافظا لماله فدفع إليه بخلاف
السفيه والطلاق ليس اتلاف مال ولا يتضمنه فلم يمنع منه ولهذا يملكه العبد دون التصرف في المال بغير اذن سيده مسألة إذا عاد مبذرا مضيعا لماله بعد
رشده ودفع المال إليه فإنه يحجر عليه ويؤخذ المال منه كما تقدم ولا يحجر عليه الا الحاكم ولا يصير محجورا عليه الا بحكم القاضي وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف لان
التبذير يختلف ويحتاج إلى الاجتهاد فإذا افتقر السبب إلى الاجتهاد لم يثبت الا بحكم الحاكم كما أن ابتداء مدة العنة لا يثبت الا بحكم الحاكم لموضع الاختلاف فيها والاجتهاد
فكذا هنا ولأنه حجر مختلف فيه فلا يثبت الا بحكم الحاكم كالحجر على المفلس وقال محمد يصير بالتبذير محجورا عليه وان لم يحكم به الحاكم لان التبذير سبب يثبت معه الحجر فلم يفتقر
إلى حكم الحاكم كالجنون والفرق ان الجنون لا يفتقر إلى الاجتهاد ولا خلاف فيه وقال بعض الشافعية ان الحجر يعيده الأب والجد وليس مشهورا مسألة إذا قلنا
بمذهب الشيخ رحمه الله ان الرشد عبارة عن العدالة وصلاح المال فلو بلغ رشيدا عدلا فأزيل الحجر عنه ثم صار بعد فك الحجر عنه فاسقا في دينه فهل يعاد عليه الحجر قال الشيخ رحمه الله
الأحوط ان يحجر عليه واستدل عليه بقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وما رواه العامة ان النبي (ص) قال اقبضوا على أيدي سفهائكم ولا يصح القبض الا بالحجر ومن طريق
الخاصة ما روى عنهم عليهم السلام انهم قالوا شارب الخمر سفيه وللشافعي وجهان أحدهما يحجر عليه وهو قول أبي العباس بن شريح لان ذلك مانع في فك الحجر فأوجب الحجر
عليه ويستدام الحجر به كالتبذير والثاني لا يحجر عليه وبه قال أبو إسحاق لان الحجر انما كان لحفظ المال والفسق في الدين يورث تهمة فيه فمنع ذلك ثبوت الرشد وفك
الحجر وإذا طرأ بعد ذلك أورث تهمة في المال فلم يثبت بذلك ابتداء الحجر بخلاف التبذير لأنه قد علم منه افساده للمال منه ولم ينقل عن أحد انه حجر حاكم على فاسق ولا
يجوز القياس على استدامة الحجر لان الحجر هناك كان ثابتا والأصل بقاؤه وهنا ثبت الاطلاق والأصل بقاؤه فلا يلزم من الاكتفاء بالفسق استصحاب الاكتفاء
به لترك الأصل ويخالف التبذير لأنه يتحقق به إضاعة المال وبالفسق لا يتحقق ونحن لما ذهبنا إلى أن الفسق لا يوجب الحجر وانه لا يشترط في الرشد العدالة لم يثبت
الحجر عندنا بطريان الفسق ما لم ينضم إليه تضييع المال في المحارم وغيرها مسألة السفيه إذا زال بتبذيره أو فسقه فك الحاكم الحجر عنه فان عاد إلى ذلك أعاد
عليه الحجر لان الحجر كان لعلة وإذا زالت العلة زال الحكم فان عادت العلة عاد الحكم قضاء للعلية ولا يحجر عليه الا بحكم الحاكم ولا يزول الحجر عنه الا بحكمه لاحتياجه إلى الاجتهاد
في حجره وفي فكه معا وحجر المفلس قد بينا انه لا يثبت الا بحكم الحاكم والأقرب زواله بقضاء الديون وللشافعي وجهان وأما المرتد فإنه يحجر عليه بنفس الردة وهو أحد قولي
الشافعي والثاني انه بحكم الحاكم كالسفيه فإذا أسلم ولم يكن عن فطرة زال حجره اجماعا بنفس الاسلام إذا ثبت هذا فكل من صار محجورا عليه بحكم الحاكم فأمره في ماله إلى الحاكم
ومن حجر عليه بغير حكم الحاكم فأمره في ماله إلى الأب والجد للأب إذا عرفت هذا فإذا حجر من طرأ عليه السفه ثم عاد رشيدا فان قلنا الحجر عليه لا يثبت الا بحكم الحاكم فلا يرفع
الا برفعه وان قلنا يثبت بنفسه ففي زواله خلاف بين الشافعية كما في ما إذا بلغ رشيدا ومن الذي يلي أمر من حجر عليه للسفه الطاري ان قلنا إنه لا بد من ضرب الحاكم
فهو الذي يليه وان قلنا إنه يصير محجورا عليه بنفس السفه فوجهان عند الشافعية مشبهان بالوجهين فيما إذا طرأ عليه الجنون بعد البلوغ أحدهما انه يلي امره الأب أو الجد كما
في حالة الصغر وكما إذا بلغ مجنونا والثاني يليه الحاكم لأن ولاية الأب قد زالت فلا يعود والثاني أصح عندنا وعندهم بخلاف المجنون فان حجره بالجنون لا بحكم الحاكم
فكان امره إلى الأب فروع آ ذهب بعض الشافعية إلى أن عود مجرد الفسق أو مجرد التبذير لا اثر له في الحجر وانما المؤثر في عود الحجر أو اعادته عود الفسق والتبذير جميعا
وليس بجيد وقد أطبق أكثر الشافعية على أن عود التبذير وحده كاف في عود الحجر أو اعادته ب لو كان يغبن في بعض التصرفات خاصة فالأولى الحجر عليه في ذلك
77

النوع خاصة لعدم مقتضى الحجر في غيره ووجوده فيه ولا بعد في تجزي الحجر كما في العبد حيث يحجر عليه في المال دون الطلاق وكما في المفلس وللشافعية وجهان هذا أحدهما
والثاني استبعاد اجتماع الحجر والاطلاق في الشخص الواحد وقد بينا وقوعه فكيف يستبعد ج الشحيح على نفسه جدا مع اليسار ولا يحجر عليه لان الغرض من الحجر حفظ المال
والتقدير انه بالغ في الحفظ الغاية وللشافعية وجهان أحدهما انه يحجر عليه والأصح عندهم المنع البحث الثاني في الاختبار مسألة يجب اختبار
الصبي قبل فك الحجر عنه فان انس منه الرشد دفع إليه المال والا فلا لقوله تعالى وابتلوا اليتامى والابتلاء الاختبار كما قال تعالى لنبلوكم أيكم أحسن عملا اي نختبركم وكيفية
الاختبار ان اليتيم إن كان صبيا فإن كان من أولاد التجار فوض إليه البيع والشراء فإذا تكرر ذلك منه وسلم من الغبن والتضييع واتلاف شئ من المال وصرفه في غير وجهه
فهو رشيد وإن كان من أولاد الدهاقين والوزراء والأكابر الذين يصانون عن الأسواق فان اختباره يكون بان يسلم إليه نفقة مدة قريبة كالشهر لينفقها في مصالحه
فإن كان قيما بذلك يصرفها في مواضعها ويستوفي الحساب على وكيله ويستقصي عليه فهو رشيد وإن كان أنثى لم يختبر بالبيع والشراء في الأسواق لان العادة ان المرأة
لا تباشر ذلك في السوق وانما يختبر بان يفوض عليها ما يفوض إلى رب البيت من استيجار الغزالات وتوكيلها في شراء القطن والكتان والإبريسم والاعتناء بالاستغزال
والاستنساج فإذا كانت ضابطة في ذلك حافظة للمال الذي في يدها مستوفية لما استأجرت له من الاجراء فهي رشيدة تذنيب لا تكفي المرة الواحدة في
الاختبار بل لابد من التكرار مرارا يحصل معها غلبة الظن بالرشد مسألة وقت الاختبار قبل البلوغ وهو قول بعض الشافعية واحمد في إحدى الروايتين
لقوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وظاهر الآية ان الابتلاء قبل البلوغ لأنه تعالى سماهم يتامى وانما يصدق
عليهم هذا الاسم قبل البلوغ ولأنه تعالى مد اختبارهم إلى البلوغ بلفظ حتى فدل على أن الاختبار قبل البلوغ ولان تأخير اختباره إلى بعد البلوغ يؤدي إلى الحجر على
البالغ الرشيد لان الحجر يمتد إلى أن يختبر ويعلم رشده بمنع ماله واختباره قبل البلوغ يمنع ذلك فكان أولى وقال بعض الشافعية واحمد في الرواية الأخرى ان الاختبار
انما يكون بعد البلوغ لأنه قبل البلوغ محجور عليه لبقاء الصغر وانما يزول الحجر عنه بالبلوغ وتصرف الصبي قد بينا انه غير نافذ والأول أصح الوجهين عند الشافعية
وهو الذي اخترناه فعليه كيف يختبر الأولى ان الولي يأمره بالمساومة في السلم ويمتحنه في الممارسة والمماكسة والمساومة وتقرير الثمن فإذا آل الامر إلى العقد عقده الولي فإذا رآه
قد اشترى بثمن مثله ولم يغبن واستوفى مقاصد البيع علم رشده لان تصرف الصبي لا ينفذ فكيف يمكن ان يتولى العقد وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يسلم الولي
إليه شيئا من المال ليشتري به ويصح بيعه وشراؤه لموضع الحاجة إلى ذلك وقال بعضهم يشتري الولي سلعة ويتركها في يد البايع ويواطئه على بيعها من الصبي فان اشتراها
منه وفعل ما يكون صلاحا ورشدا علم منه الرشد والأول عندي أقوى جمعا بين المصالح تذنيب ان قلنا إنه يدفع إليه المال للاختبار فتلف في يده لم يكن على الولي
الضمان لأصالة براءة الذمة البحث الثالث في فائدة الحجر على السفيه مسألة السفيه إذا حجر عليه الحاكم منع من التصرف في ماله ولا يصح منه
العقود المتعلقة بالمال سواء صادف التصرف في العين كبيع السلعة التي له وشراء غيرها من السلع والعتق والكتابة والهبة أو صادف ما في الذمة كالشراء بعين مال في الذمة أو صادف غير المال كالنكاح لان فائدة
الحجر حفظ ماله وانما يحصل بمنعه من ذلك كله وللشافعية وجه ضعيف في الشراء بمال في ذمته تخريجا من
شراء العبد بغير اذن مولاه والمذهب المشهور لهم كما ذهبنا إليه من
المنع من ذلك أيضا لان الحجر تبرع في حقه نظرا له وذلك يقتضي الرد حالا ومآلا والحجر على العبد لحق مولاه فلا يمتنع الحكم بصحته بحيث لا يضر بالمولى مسألة إذا
باع السفيه بعد الحجر واقبض أسترد المتاع من المشتري ولو تلف في يده ضمن لعدوانه بالقبض من غير من له أهلية الاقباض ولو اشتري وقبض أو استقرض فتلف المال في
يده أو أتلفه فلا ضمان عليه والذي أقبضه ذلك هو المضيع لماله ولوليه استرداد الثمن إن كان قد اقبضه ولا فرق بين أن يكون من عامله عالما بحاله أو جاهلا إذ كان من حقه
ان يبحث عنه ولا يعامل أحدا الا عن بصيرة كما لا يجب الضمان في الحال على السفيه لا يجب بعد رشده ورفع الحجر عنه لأنه حجر ضرب لمصلحته فأشبه الصبي الا ان الصبي لا يأثم والسفيه
يأثم لأنه مكلف وقال بعض الشافعية إذا أتلف بنفسه ضمن بعد رفع الحجر عنه ولا بأس به مسألة يستحب للحاكم إذا حجر على السفيه أن يشهر حاله ويشيع حجره عند الناس
ليمتنعوا من معاملته وتسلم أموالهم عليهم وان احتاج في ذلك إلى النداء عليه نادى بذلك ليعرفه الناس ولا يشترط الاشهاد عليه لأنه قد يشتهر امره ويعرفه الناس فإذا حجر عليه
واشترى كان الشراء باطلا واسترجع الحاكم منه العين ودفعها إلى البايع وكذا ما يأخذه من أموال الناس بقرض أو شبهه مما يرضى به أرباب الأموال فان الحاكم يسترده من
السفيه ويدفعه إلى أربابه إن كان باقيا وإن كان تالفا فهو من ضمان صاحبه كما تقدم هذا إن كان صاحبه قد سلطه عليه وأما ان حصل في يده باختيار صاحبه من غير تسليط
عليه كالوديعة والعارية فالأقرب عندي انه يلزمه الضمان ان أتلفه أو تلف بتفريطه لان المالك لم يسلطه عليه وقد أتلفه بغير اختيار صاحبه فكان ضامنا له كما لو غصبه
واتلفه وهو قول بعض العامة وقال قوم منهم لا يضمن لان التفريط من المالك حيث سلطه عليه باقباضه إياه وعرضه لاتلافه وإن كان المالك لم يدفع إليه ولم يسلطه
بل أتلفه بغير اختياره كالغصب والجناية فعليه ضمانه لأنه لا تفريط من المالك هنا ولان الصبي والمجنون لو فعلا ذلك لزمهما الضمان فالسفيه أولى ومذهب الشافعي في ذلك
كما قلناه مسألة وحكم الصبي والمجنون كما قلنا في السفيه في وجوب الضمان عليهما إذا اتلفا مال غيرهما بغير اذنه أو غصباه فتلف في يدهما وانتفاء الضمان عنهما فيما
حصل في أيديهما باختيار صاحبه كالمبيع والقرض وأما الوديعة والعارية إذا دفعهما صاحبهما إليهما فتلفتا فلا ضمان عليهما فان اتلفاهما فالأقرب انه كذلك ولبعض العامة
وجهان أحدهما لا ضمان لأنه عرضها للاتلاف وسلطه عليها فأشبه المبيع والثاني عليه الضمان لأنه أتلفها بغير اختيار صاحبها فأشبه الغصب مسألة لو اذن
الولي للسفيه في التصرف فان اطلق كان لغوا وان عين له نوعا من التصرف وقدر العوض فالأقرب الجواز كما لو اذن له في النكاح لان المقصود عدم التضرر وان لا يضر نفسه
ولا يتلف ماله فإذا اذن له الولي امن من المحذور وانتقى المانع وهو أحد قولي الشافعية والثاني المنع لأنه المحجور عليه لمصلحة نفسه فلا يصح الاذن له في شئ من التصرفات كالصبي
ولان الحجر عليه لتبذيره لسوء تصرفه فإذا أذن له فقد اذن فيما لا مصلحة فيه فلم يصح كما لو أذن في بيع ما يساوى عشرة بخمسة والفرق ظاهر بين الصبى والسفيه مع الاذن لأنه مكلف
عاقل والتبذير مانع الا مع الاذن لأنا نشترط فيه الاقتصار على ما يعينه له من جنس المبيع والثمن وبعض الشافعية منع من الاذن في النكاح وهذا يقتضي سلب عبارته بالكلية وعلى
ما قلناه انما سلبنا عنه الاستقلال بالنكاح وعلى هذين الوجهين لو وكله غيره في شئ من التصرفات فعندنا يصح لان عبارته معتبرة لم يسلب الشارع حكمها عنه فصح
عقده للموكل حيث لم يصادف تصرفه مالا ولا ما يتضرر به وللشافعية وجهان وكذا عندنا يصح أن يقبل الهبة والوصية لحصول النفع الذي هو ضد المحذور وللشافعية وجهان مسألة لو أقر السفيه بما يوجب قصاصا أو حدا أو تعزيرا كالزنا والسرقة
الشرب والقذف والشتم والقتل العمد وقطع الجارحة قبل منه لأنه مكلف عاقل ويحكم عليه به في الحال ولا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم لأنه لا تعلق لهذا الاقرار بالمال حتى
يتأثر بالحجر ويقبل في السرقة اقراره بها ويقطع والأقوى انه لا يقبل في المال وهو أحد قولي الشافعي لأنه متهم فيه بخلاف القطع لتعلقه بالبدن وهو ليس محجورا عليه فيه
78

والثاني انه يقبل وبناه على اختلاف قوليه في العبد إذا أقر بالسرقة هذا ان قلنا لا يقبل اقراره بدين الاتلاف فان قبلناه فأولى ان يقبل هنا مسألة
إذا أقر السفيه بما يوجب القصاص فعفى المقر له على مال لم يثبت عندنا لان موجب العمد القصاص لا غير والدية انما يثبت بالصلح أما من يقول إن موجب العمد أحد
الامرين إما الدية أو القصاص فيحتمل ثبوت الدية وبه قال الشافعي لان المال تعلق ثبوته باختيار الغير لا باقرار السفيه ولأنه عفو على مال عن قصاص ثابت فصح كما
لو ثبت بالبينة والأقوى ما قلناه ولأنه لو صح لاتخذ ذلك وسيلة إلى الاقرار بالمال بان يتواطأ المحجور عليه والمقر له على الاقرار والعفو عنه إلى مال ولان وجوب المال
مستند إلى اقراره فلم يثبت كالاقرار به ابتداء فعلى هذا القول الذي اخترناه لا يسقط القصاص ولا يجب المال في الحال مسألة لو أقر السفيه بنسب صحيح صح
وثبت النسب لانتفاء المانع وهو مصادفة الاقرار المال ولو وجب الانفاق على المقر به أنفق عليه من بيت المال وقال بعض العامة يثبت احكام النسب كما يثبت النسب
من وجوب النفقة وغيرها لكون ذلك حصل ضمنا فأشبه نفقه الزوجة والوجه ما قلناه مسألة إذا أقر السفيه بدين أو بما يوجب المال كجناية
الخطاء وشبه العمد واتلاف المال وغصبه لم يقبل اقراره به لأنه محجور عليه لحظه فلم يصح اقراره كالصبي والمجنون ولانا لو قبلنا اقراره في ماله لزال معنى الحجر لأنه يقر به
فيأخذه المقر له ولأنه أقر بما هو ممنوع من التصرف فيه فلم ينفذ كاقرار الراهن بالرهن ولا فرق بين ان يسنده إلى ما قبل الحجر أو إلى ما بعده وهو قول أكثر الشافعية واحمد في إحدى
الروايتين وللشافعية قول اخر انه إذا أسند اقراره إلى ما قبل الحجر قبل تخريجا من الخلاف في أن المفلس إذا أقر بدين سابق على الحجر هل يزاحم المقر له الغرماء وللشافعية
فيما إذا أقر باتلاف أو جناية توجب المال قولان أصحهما الرد كما لو أقر بدين معاملي والثاني القبول لأنه لو أنشأ الغصب والاتلاف يضمن فإذا أقر به يقبل مسألة
إذا أقر السفيه بالمال وقد كان حجر عليه الحاكم فقد قلنا إنه لا يقبل وان لم يكن قد حجر عليه قبل لعدم المانع كما أنه لا يمنع من البيع والشراء وغيرهما الا بالحجر وإذا أقر
بالمال بعد الحجر لم ينفذ في الحال وهل يلزمه حكم اقراره بعد فك الحجر عنه الوجه انه لا يلزمه بل يرد كما رددناه حالة السفه لأنه محجور عليه لعدم رشده فلم يلزمه حكم
اقراره بعد فك الحجر عنه كالصبي والمجنون ولان المنع من نفوذ اقراره في الحال انما ثبت لحفظ ماله عليه ودفع الضرر عنه ولو نفذ بعد فك الحجر لم يفد إلا تأخر الضرر
عليه إلى أكمل حالتيه بخلاف المحجور عليه للفلس فان المانع تعلق حق الغرماء بماله فيزول المانع بزوال الحق عن ماله فيثبت مقتضى اقراره وفي مسئلتنا انتفى الحكم لانتفاء
سببه فلم يثبت كونه سببا وبزوال الحجر لم يكمل السبب ولا يثبت الحكم باختلال السبب كما لم يثبت قبل فك
الحجر ولان الحجر حق الغرماء لا يمنع تصرفهم فأمكن تصحيح اقرارهم
على وجه لا يضر بذلك الغير بان يلزمهم بعد زوال حق الغير والحجر هنا ثبت لحفظ نفسه من أجل ضعف عقله وسوء تصرفه ولا يندفع الضرر الا بابطال اقراره بالكلية
كالصبي والمجنون وهو قول الشافعي وقال أبو ثور انه يلزمه ما أقر به بعد فك الحجر عنه لأنه مكلف أقر بمال فيلزمه لقوله (ع) اقرار العقلاء على أنفسهم جايز منع من
امضائه في الحال بسبب الحجر فيمضي بعد فك الحجر عنه كالعبد يقر بدين والراهن يقر على الرهن والمفلس وقد سبق الفرق مسألة هذا حكم تكليفنا في الظاهر أما
حكمه فيما بينه وبين الله تعالى فان علم بصحة ما أقر به كدين لزمه وجناية لزمته ومال لزمه قبل الحجر عليه فيجب عليه أداؤه بعد فك الحجر عنه لأنه حق ثابت عليه فلزمه أداؤه كما
لو لم يقر به وان علم فساد اقراره مثل ان يقر بدين ولا شئ عليه أو أقر بجناية ولم يوجد منه لم يلزمه أداؤه لأنه يعلم أنه لا دين عليه فلم يلزمه شئ كما لو لم يقر به وكذا لا يجب
عليه الأداء فيما أتلفه بدفع صاحب المال إليه وتسليطه عليه بالبيع وشبهه تذنيب لو ادعى عليه شخص بدين معاملة لزمه قبل الحجر فأقام عليه البينة
سمعت وحكم عليه بمقتضى الشهادة وان لم يكن بينة فان قلنا إن النكول ورد اليمين كالبينة سمعت دعواه وان قلنا كالاقرار لم يسمع لان غايته أن يقر واقراره غير
مقبول مسألة إذا طلق السفيه نفذ طلاقه سواء طلق قبل الحجر عليه أو بعده في قول عامة أهل العلم لأنه لا يدخل تحت حجر الولي وتصرفه ولهذا لا يطلق الولي
أصلا بل المحجور عليه يطلق بنفسه إذا كان مكلفا كالعبد ولان الحجر انما يثبت عليه لابقاء ماله عليه والبضع ليس بمال ولا هو جار مجرى الأموال ولهذا لا ينتقل إلى
الورثة ولا يمنع المريض من إزالة الملك عنه ولأنه ليس بتصرف في المال فصح وقوعه منه كالاقرار بالحد والقصاص ولا يصح من العبد بغير إذن سيده مع منعه من
التصرف في المال وهذا يقتضي ان البضع لا يجري مجرى المال ولأنه مكلف طلق مختارا فوجب ان ينفذ كالعبد والمكاتب وقال ابن أبي ليلى لا يقع طلاقه لان البضع يجري
مجرى المال بدليل انه يملك بمال ويصح ان يزول ملكه عنه بمال فلم يملك التصرف فيه كالمال وقد سلف بطلانه مسألة يصح الخلع من السفيه لأنه إذا صح منه الطلاق
مجانا من غير مقابلة بشئ فصحة الخلع الذي هو طلاق بعوض أولى إذا ثبت هذا فان مال الخلع لا يدفع إليه وان دفع إليه لم يصح قبضه وان أتلفه لم يضمنه ولم تبرا المرأة
بدفعه إليه وهو من ضمانها ان أتلفه أو تلف في يده لأنها سلطنة على إتلافه وهل يشترط في خلعه أن يخالع بمهر المثل أو أزيد اشكال ينشأ من أنه يصح الطلاق بغير شئ
البتة فمهما كان من العوض يكون أولى ومن أنه يجري مجرى المعاوضة فلا يجوز بدون مهر المثل كالبيع بدون ثمن المثل وكذا يصح منه الظهار ويكفر بالصوم ويصح منه
الرجعة لأنها ليست ابتداء نكاح بل تمسك بالعقد السابق ويصح منه نفي النسب باللعان وما أشبه ذلك لأن هذه لا تعلق لها بالمال ولو كان السفيه مطلاقا مع
حاجته إلى النكاح فتسري بجارية فإن تبرم بها أبدلت له مسألة قد بينا أن عتق السفيه غير نافذ لأنه اتلاف للمال وتصرف فيه بغير عوض فلا يصح ولأنه إذا
منع من البيع الذي هو إخراج ملكه عن العين بعوض يساويها أو يزيد عليها فمنعه عن العتق أولى فإن أعتق لم يصح ولا يلزمه حكمه بعد رفع الحجر عنه وبه قال الشافعي
والحكم واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى انه يصح عتقه معجلا لأنه عتق من مكلف مالك تام الملك فصح كعتق الراهن والمفلس والفرق ظاهر لان المفلس والراهن حجر
عليهما لحق غيرهما مع انا نمنع الحكم في الأصل ولأنه تبرع فلم ينفذ كهبته ووقفه ولأنه محجور عليه لحفظه فلم يصح عتقه كالصبي والمجنون مسألة الأقوى
انه لا يصح عقد النكاح مستقلا بل يشترط اذن الولي في النكاح وبه قال الشافعي وأبو ثور لأنه تصرف يتضمن المال وهو الالتزام بالصداق فكان ممنوعا منه
لتعلقه بالمال ولأنه يجري مجرى المعاوضة المالية فمنع منه كالبيع وقال أبو حنيفة واحمد يصح منه الاستقلال بالنكاح وان منعه الولي لحاجته إليه ولأنه عقد غير مالي
فصح منه كخلعه وطلاقه وان لزم منه المال فحصوله بطريق الضمن ولا يمنع من العقد كما لو لزم ذلك من الطلاق ويمنع من كونه غير مالي لان التصرف في المال ممنوع منه سواء كان
بطريق الأصالة أو الضمن ولهذا أوجبنا نفقة الولد الذي أقر به في بيت المال وأثبتنا النسب مسألة لا يصح تدبير السفيه ولا وصيته بالتبرعات لأنه تصرف في المال
فلم ينفذ منه كغيرهما من التصرفات المالية وقال احمد يصحان لان ذلك محض مصلحة لأنه يقرب إلى الله تعالى ويمنع صلاحية التقرب للنفوذ فان صدقته ووقفه لا ينفذان
وان تقرب بهما إلى الله تعالى ويصح منه الاستيلاد ويعتق الأمة المستولدة بمؤنة (بموته) لأنه إذا صح ذلك من المجنون فصحته من السفيه العاقل أولى وله المطالبة بالقصاص لأنه موضوع
للتشفي والانتقام وله العفو على مال لأنه تحصيل للمال وليس تضييعا له وإذا ثبت المال لم يكن له التصرف فيه بل يقبضه الولي وان عفى على غير مال صح عندنا لان الواجب
79

في العمد القصاص والدية انما ثبت بالصلح والتراضي والقصاص ليس مالا فلا يمنع من التصرف فيه بالاسقاط لان ذلك ليس تضييعا للمال ومن قال الواجب أحد الشيئين
لم يصح عفوه عن المال ووجب المال كما لو سقط القصاص بعفو أحد الشريكين عندهم مسألة حكم السفيه في العبادات حكم الرشيد إلا أنه لا يفرق الحقوق
المالية بنفسه كالزكاة والخمس لأنه تصرف في المال وهو ممنوع منه على الاستقلال ولو أحرم بالحج أو بالعمرة صح احرامه بغير اذن الولي ثم إن كان قد أحرم بحجة الاسلام أو بعمرته
لم يكن للولي عليه الاعتراض سواء زادت نفقة السفر أو لا وينفق عليه الولي وكذا لو أحرم بحج أو عمرة واجبتين بنذر أو شبهه كان قد أوجبه قبل الحجر عليه وإن كان الحج
أو العمرة مندوبين فان تساوت نفقته سفرا وحضرا انعقد احرامه وصح نسكه وكان على الولي الانفاق عليه أو يدفع النفقة إلى ثقة لأنه لا ضرر على المال في هذا الاحرام
وإن كان نفقة السفر أكثر فان قال انا اكتسب الزيادة فكالأول يدفع إليه نفقته الأصلية في الحضر ويتكسب هو في الطريق الزيادة لانتفاء الضرر عن ماله وان لم
يكن له كسب أو كان ولا يفي بتلك الزيادة فللولي منعه وتحلله بالصوم كالمحصور إذا جعلنا لدم الاحصار بدلا لأنه محجور عليه في المال وهو أصح وجهي الشافعية والثاني
ان عجزه عن النفقة لا يلحقه بالمحصر بل هو كالمفلس الفاقد للزاد والراحلة لا يتحلل الا بلقاء البيت وهو مشتمل على الضرر فالأول أولى ولو نذر الحج بعد الحجر عليه فالأقوى
انعقاده لكن لا يمكن منه ان زادت نفقته في السفر ولم يكن له كسب يفي بها بل إذا رفع الحجر عنه حج وقال بعض الشافعية الحجة المنذورة بعد الحجر كالمنذورة قبله ان
سلكنا بالمنذور مسلك واجب الشرع والا فهي بحجة التطوع ولو نذر التصدق بعين ماله لم ينعقد ولو نذر في الذمة انعقد ولو حلف انعقد يمينه فان حنث كفر
بالصوم كالعبد لو فك الحجر عنه قبل تكفيره بالصوم في اليمين وخلف النذر والظهار والافطار وغير ذلك لزمه العتق ان قدر عليه لأنه الان متمكن ولو فك بعد
صومه للكفارة لم يلزمه شئ الفصل الرابع في المتولي لمال الطفل والمجنون والسفيه مسألة قد بينا انه ليس للصغير التصرف في شئ ما من
الأشياء قبل بلوغه خمس عشرة سنة في الذكر وتسع سنين في الأنثى سواء كان مميزا أو لا مدركا لما يضره وينفعه أو لا حافظا لماله أو لا وقد روى أنه إذا بلغ الطفل عشر
سنين بصيرا جازت وصيته بالمعروف وصدقته وأقيمت عليه الحدود التامة وفي رواية أخرى إذا بلغ خمسة أشبار والمعتمد ما تقدم ولو اذن له الولي لم يصح الا في صورة
الاختبار ان قلنا بأنه قبل البلوغ على ما تقدم ولو قلنا بالرواية نفذ تصرفه في الوصية بالمعروف والصدقة وقبل اقراره بهما لان من ملك شيئا ملك الاقرار به وهل يصح
بيع المميز وشراؤه بإذن الولي الوجه عندي انه لا يصح ولا ينفذ وهو إحدى الروايتين عن أحمد وبه قال الشافعي لقوله تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم وانما يعرف زوال
السفه بالبلوغ والرشد ولأنه غير مكلف فأشبه غير المميز ولان العقل لا يمكن الوقوف عليه على الحد الذي يصلح به التصرف والذي لا يصلح لخفائه وتزايده إلى وقت
البلوغ على التدريج والمراتب خفية في الغاية فجعل الشارع له ضابطا وهو البلوغ فلا يثبت له احكام العقلاء قبل وجود المظنة وقال أبو حنيفة واحمد في الرواية الأخرى يجوز
بيع المميز وشراؤه وتصرفه بإذن الولي لقوله تعالى وابتلوا اليتامى اي اختبروهم ليعلم رشدهم وانما يتحقق اختبارهم بتفويض التصرف إليهم من البيع والشراء وغيرهما ليعلم
هل بلغ حد الرشد أم لا ولأنه عاقل مميز محجور عليه فصح تصرفه بإذن الولي بخلاف غير المميز فإنه لا يصلح تحصيل المصلحة بتصرفه لعدم تميزه وعدم معرفته ولا حاجة إلى
اختباره لأنه قد علم حاله وقد بينا الخلاف في أن الاختبار هل هو قبل البلوغ أو بعده فان قلنا إنه بعد البلوغ فلا بحث وان قلنا إنه قبله قلنا المراد المساومة والمماكسة
فإذا وقف الحال على شئ باع الولي وباشر العقد بيعا وشراء دون الصبي وبهذا يحصل الاختبار والعقل غير معلوم السمة له وانما يعلم بما ضبطه الشارع علامة
عليه وهو البلوغ كالمشقة المنوطة بالمسافة تذنيب قال أبو حنيفة لو تصرف الصبي المميز بالبيع والشراء وشبههما صح تصرفه ويكون موقوفا على اجازة
الولي وأما غير المميز فلا يصح تصرفه سواء اذن له الولي أو لا لسلب أهليته عن مباشرة التصرفات ولا فرق بين الشئ اليسير والكثير في المنع من تصرف غير المميز وقال احمد يصح
تصرف غير المميز في الشئ اليسير لان أبا الدرداء اشترى عصفورا من صبي وأرسله وفعله ليس حجة وجاز ان يكون قد عرف انه ليس ملكا للصبي فاستنقذه منه مسألة
يثبت الرشد عند الحاكم بشهادة رجلين عدلين في الرجال وفي النساء أيضا لان شهادة الاثنين مناط الاحكام ويثبت في النساء بشهادة أربع أيضا لأنه مما يطلع عليه النساء
ولا يطلع عليه الرجال غالبا فلو اقتصرنا في ثبوت رشدهن على شهادة الرجال لزم الحرج والضيق وهو منفي بالاجماع وكذا يثبت بشهادة رجل وامرأتين وبشهادة أربع
خناثى لجواز أن يكون نساء ولا يثبت بتصديق الغريم سواء كان ممن يؤخذ منه الحق أو يدفع إليه لما فيه من التهمة مسألة الولاية في مال المجنون والطفل للأب والجد
له وأن علاء ولا ولاية للام اجماعا إلا من بعض الشافعية بل إذا فقد الأب والجد وان علاء كانت الولاية لوصي أحدهما ان وجد فإن لم يوجد كانت الولاية للحاكم يتولاها بنفسه
أو يوليها أمينا ولا ولاية لجد الام كما لا ولاية للام ولا لغير الأب والجد له من الأعمام والأخوال أو غيرهما من الأنساب قربوا أم بعدوا وقد روى أن للام ولاية الاحرام بالصبي والمعتمد
ما قلناه وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية ان للام ولاية المال بعد الأب والجد ويقدم على وصيهما لزيادة شفقتها وهو خارق للاجماع مسألة الولاية
في مال السفيه للحاكم سواء تجدد السفه عليه بعد بلوغه أو بلغ سفيها لان الحجر يفتقر إلى حكم الحاكم وزواله أيضا يفتقر إليه فكان النظر في ماله إليه ولا ولاية للأب ولا
للجد ولا لوصيهما على السفيه وقال احمد ان بلغ الصبي سفيها كانت الولاية للأب أو الجد له أو الوصي لهما مع عدمهما وإلا فالحاكم ولا بأس به إذا عرفت هذا فإن كان
الأب للصبي والجد موجودين اشتركا في الولاية وكان حكم الجد أولى لو عارضه حكم الأب الفصل الخامس في كيفية التصرف مسألة الضابط في تصرف
المتولي لأموال اليتامى والمجانين اعتبار الغبطة وكون التصرف على وجه النظر والمصلحة فللولي أن يتجر بمال اليتيم ويضارب به ويدفعه إلى من يضارب له به ويجعل له نصيبا
من الربح ويستحب له ذلك سواء كان الولي أبا أو جدا له أو وصيا أو حاكما أو أمين حاكم وبه قال علي (ع) وعمر وعايشة والضحاك ولا نعلم فيه خلافا إلا ما روى عن الحسن البصري
كراهة ذلك لان خزنه احفظ وابعد له من التلف والأصح ما ذكرناه لما رواه العامة عن عبد الله بن عمرو بن العاص ان النبي صلى الله عليه وآله قال من ولي يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى
يأكله الصدقة ومن طريق الخاصة ما رواه أسباط بن سالم أنه قال للصادق (ع) كان لي أخ هلك فأوصى إلى أخ أكبر مني وأدخلني معه في الوصية وترك ابنا صغيرا وله
مال أفيضرب به للابن فما كان من فضل سلمه لليتيم وضمن له ماله فقال إن كان لأخيك مال يحيط بمال اليتيم ان تلف فلا بأس به وان لم يكن له مال فلا يعرض لمال اليتيم
ولان ذلك أنفع لليتيم وأكثر حظا له لأنه ينفق من ربحه ويستدرك من فايدته ما يعلمه الانفاق كما يفعله البالغون في أموالهم وأموال من يغر عليهم من أولادهم
مسألة وإذا أتجر لهم ينبغي ان يتجر في المواضع (الامنة ولا يدفعه إلا لأمين ولا يغرر بماله وقد روى أن عايشة أبضعت مال محمد بن أبي بكر في البحر
ويحتمل ان يكون في موضع مأمون قريب من الساحل أو أنها ضمنته ان هلك غرمته هي أو انها أخطأت في ذلك فليس فعلها حجة إذا عرفت هذا فان للوصي ان يتجر
بنفسه ويجعل الربح بينه وبين اليتيم على جاري العادة لأنه جاز ان يدفعه كذلك إلى غيره فجاز ان يأخذ ذلك لنفسه وقال بعض العامة لا يجوز أن يعمل به بنفسه لان الربح
80

نماء مال اليتيم فلا يستحقه غيره الا بعقد فلا يجوز ان يعقد الولي المضاربة مع نفسه وهو ممنوع لجواز ان يتولى طرفي العقد وإذا دفعه إلى غيره كان للعامل ما جعله له الولي
ووافقه عليه لان الوصي نايب عن اليتيم فيما فيه مصلحته وهذا فيه مصلحته فصار تصرفه فيه كتصرف المالك في ماله مسألة ويشترط في التاجر بمال اليتيم ان يكون وليا وأن يكون مليا
فان انتفى أحد الوصفين لم يجز له التجارة في ماله فان أتجر كان الضمان عليه والربح لليتيم لما رواه ربعي بن عبد الله عن الصادق (ع) في رجل عنده مال اليتيم
فقال إن كان محتاجا ليس له مال فلا يمس ماله وان هو أتجر به فالربح لليتيم وهو ضامن وفي الحسن عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) في مال اليتيم قال العامل به
ضامن ولليتيم الربح إذا لم يكن للعامل به مال وقال إن أعطب أداه مسألة ويجوز لولي اليتيم ابضاع ماله وهو دفعه إلى من يتجر به والربح كله لليتيم لان ذلك أنفع
من المضاربة لأنه إذا جاز دفعه بجزء من ربحه فدفعه إلى من يدفع جميع ربحه إلى اليتيم أولا ويستحب ان يشترى له العقار لأنه مصلحة له لأنه يحصل منه الفضل ولا يفتقر إلى كثير مؤنه وسلامته
متيقنة والأصل باق مع الاستنماء والغرر فيه أقل من التجارة بل هو أولى منها لما في التجارة من الاخطار
وانحطاط الأسعار فإن لم يكن في شرائه مصلحة أما الفضل الخراج
وجور السلطان أو اشراف الموضع على البوار لم يجز ويجوز ان يبني عقاره ويستجده إذا استهدم من الدور والمساكن لأنه في معنى الشراء الا ان يكون الشراء أنفع فيصرف
المال إليه ويقدمه على البناء فان فضل شئ صرفه في البناء وإذا أراد البناء بنى بما فيه الحظ لليتيم ويبنيه بالآجر والطين وان اقتضت المصلحة البناء باللبن فعل والا
فلا لأنه إذا هدم لا مرجوع له وبالجملة يفعل الأصلح وقال الشافعي يبني بالآجر والطين لا غير لأنه إذا بني باللبن خاصة لم يكن له مرجوع وإذا بناه بالاجر والجص لم يتخلص
منه الا بكسره وما قلناه أولى لأنه إذا كان الحظ في البناء بغير الاجر فتركه تضييع حظه وماله ولا يجوز تضييع الحظ العاجل وتحمل الضرر المتيقن لتوهم مصلحة بقاء
الاجر عند هدم البناء وربما لا يقع ذلك في حياته ولا يحتاج إليه مع أن كثيرا من البلاد لا يوجد فيها الاجر وكثيرا من البلدان لم تجر عادتهم بالبناء بالاجر فلو كلفوا
البناء به لاحتاجوا إلى غرامة كثيرة لا يحصل منها طائل فالأولى البناء في كل بلد على عادته مسألة لا يحوز بيع عقار الصبي لغير حاجة لأنا نأمر الولي بالشراء
له لما فيه من الحظ والمصلحة فيكون بيعه تفويتا للحظ فان احتيج إلى بيعه جاز وبه قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي وإسحاق واحمد وقال بعض العامة لا يجوز الا
في موضعين آ ان يكون به ضرورة إلى كسوة أو نفقة أو قضاء دين أو ما لا بد له منه ولا يندفع حاجته الا بالبيع أو يصرف عليه عن الوفاء بنفقته وما يحتاج إليه ب
ان يكون في بيعه غبطة بان يدفع فيه زيادة كثيرة على ثمن مثله ويرغب إليه شريك أو جار بأكثر من ثمن مثله وهو يجد مثله ببعض ذلك الثمن أو يخاف عليه الخراب أو الهلاك
بغرق أو حرق أو نحوه أو يكون ثقيل الخراج ومنزل الولاة ونحوه وبه قال الشافعي وقال احمد كل موضع يكون البيع أنفع ويكون نظرا لهم جاز ولا يختص بما تقدم وكذا لو
كانت الدار سيئة الجيران ويتضرر الصبي بالمقام فيها جاز بيعها وشراء عوضها والجزئيات غير محصورة فالضابط اعتبار الغبطة وقد يكون الغبطة له في ترك البيع
وان أعطاه الباذل ضعفي ثمنه إذا لم يكن به حاجة إلى الثمن أو لا يمكن صرف ثمنه في مثله ويخاف ضياعه فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من باع دارا أو عقارا ولم يصرف ثمنه في مثله
لم يبارك له فيه مسألة يجوز للولي عن الطفل والمجنون بيع عقاره وغيره في موضع الجواز بالنقد والنسيئة وبالعرض بحسب ما يقتضيه المصلحة وإذا باع
نسيئة زاد على ثمنه نقدا واشهد عليه وارتهن به رهنا وافيا فإن لم يفعل ضمن وهو قول أكثر الشافعية ونقل الجويني وجهين في صحة البيع إذا لم يرتهن وكان المشتري مليا
وقال الأصح الصحة ولا يكون ضامنا اعتمادا على ذمة الملي وليس بمعتمد لأنه في معرض الاتلاف بخلاف الاقراض لأنه يجوز عند خوف الاتلاف ولا يحتاج الأب إذا باع مال
ولده من نفسه نسيئة ان يرتهن له من نفسه بل يؤتمن في حق ولده وكذا البحث لو اشترى له سلما مع الغبطة بذلك مسألة إذا باع الأب أو الجد عقار الصبي أو
المجنون وذكر انه للحاجة ورفع الامر إلى الحاكم جاز له ان يسجل على البيع ولم يكلفهما اثبات الحاجة أو الغبطة لأنهما متهمين في حق ولدهما ولو باع الوصي أو امين
الحاكم لم يسجل الحاكم الا إذا قامت البينة على الحاجة أو الغبطة فإذا بلغ الصبي وادعى على الأب أو الجد بيع ماله من غير مصلحة كان القول قول الأب أو الجد مع اليمين
وعليه البينة لأنه يدعي عليهما خلاف الظاهر إذ الظاهر من حالهما الشفقة وعدم البيع الا للحاجة ولو أدعاه على الوصي أو الأمين فالقول قوله في العقار وعليهما البينة
لأنهما مدعيان فكان عليهما البينة وفي غير العقار الأولى ذلك أيضا لهذا الدليل وهو أحد وجهي الشافعية وفي الأخر انه يقبل قولهما مع اليمين والفرق عسر
الاشهاد في كل قليل وكثير يبيعه ومن الشافعية من اطلق وجهين من غير فرق بين الأولياء سواء كانوا اباء أو أجدادا أو غرباء ولا بين العقار وغيره ودعوى
الصبي والمجنون على المشتري من الولي كدعواهما على الولي مسألة وهل للوصي والأمين بيع مال الطفل والمجنون من نفسه وبيع مال نفسه منه منع منه
جماعة من علمائنا والشافعي أيضا لقوله صلى الله عليه وآله لا يشتري الوصي من مال اليتيم والأقرب عندي الجواز والتهمة منتفية مع الوثوق بالعدالة ولان التقدير انه بالغ في
النصيحة ولا استبعاد في كونه موجبا قابلا كما في الأب والجد إذا عرفت هذا فهل للأب والجد للأب ذلك الأولى ذلك وبه قال الشافعي لان شفقتهما عليه يوجب المناصحة
وكذا يبيع الأب أو الجد عن أحد الصغيرين ويشتري للاخر وهل يشترط العقد فيقول بعت كذا عن فلان اشتريت كذا من فلان الأقرب ذلك كما لو باع من غيره وهو أحد
وجهي الشافعية والثاني انه يكتفي بأحدهما ويقام مقامهما كما أقيم الشخص الواحد مقام اثنين سواء كان بايعا عن أحد الصغيرين ومشتريا عن الأخر أو كان مشتريا
لنفسه وبايعا عن الصغير أو بالعكس وإذا اشترى الولي للطفل فليشتر من ثقة امين يؤمن من جحوده في الثاني وحيلته في افساد البيع بان يكون قد أقر لغيره قبل البيع
وما أشبه ذلك وحذرا من خروج الملك مستحقا ولا يجوز لولي الطفل ان يبيع الا بثمن المثل وقد تفرض المصلحة في البيع بدون ثمن المثل في بعض جزئيات الصور فليجز حينئذ
مسألة وأما قرض مال الطفل والمجنون فإنه غير جايز الا مع الضرورة لما فيه من التغرير والتعريض للاتلاف بل إن أمكن الولي التجارة به أو شراء عقار له
فيه الحظ لم يقرضه لما فيه من تفويت الحظ على اليتيم وان لم يمكن ذلك بان خاف من ابقائه في يده أو نهب أو سرقة أو حرق أو غير ذلك من الأسباب المتلفة أو المنقصة للمالية
وكذا إذا أراد الولي السفر وخاف من استصحابه معه أو ابقائه في البلد جاز له اقراضه من ثقة ملي وان تمكن من الارتهان عليه وجب فإن لم يتفق الرهن ووجد كفيلا
طالب بالكفيل ولو تمكن من الارتهان عليه فطلب الكفيل وترك الارتهان فقد فرط ولو استقرض الولي مع الولاية والملاءة جاز نظرا لمصلحة الطفل فقد روى العامة
ان عمر استقرض مال اليتيم ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الربيع عن الصادق (ع) انه سئل عن رجل ولى يتيم فاستقرض منه شيئا فقال إن علي بن الحسين عليهما السلام قد كان يستقرض
من مال أيتام كانوا في حجره فلا بأس بذلك ولأنه ولي له التصرف في ماله بما يتعلق به مصلحة اليتيم فجاز له اقراضه للمصلحة وإذا كان للصبي مال في بلد فأراد الولي نقله
عن ذلك البلد إلى أخر كان له اقراضه من ثقة ملي ويقصد بذلك حفظه من السارق وقاطع الطريق أو الغرق أو غير ذلك وكذا لو خاف على مال اليتيم التلف
كما إذا كان له غلة من حنطة وشبهها وخاف عليها تطرق الفساد إليها اقرضها من الثقة الملي خوفا من (تشويشها) تسويسها وتغيرها لأنه يشتمل على نفع اليتيم فجاز كالتجارة
ولو لم يكن لليتيم فيه حظ وانما قصد ارفاق المقترض وقضاء حاجته لم يجز اقراضه كما لم يجز هبته ولو أراد الولي السفر لم يسافر به واقرضه من ملي مأمون وهو أولى من الايداع
81

لان الوديعة لا تضمن ولو لم يوجد المقترض بهذه الصفة أودعه من ثقة امين فهو أولى من السفر به لأنه موضع الحاجة والضرورة ولو أودعه من الثقة مع وجود المقترض
الملي المأمون لم يكن مفرطا ولا ضمان عليه فإنه قد يكون الايداع أنفع له من القرض وهو أضعف وجهي الشافعية وأصحهما عندهم انه لا يجوز ايداعه مع امكان الاقراض
فان فعل ضمن وكل موضع جاز له ان يقرضه فيه فإنه يشترط ان يكون المقترض مليا أمينا ليأمن جحوده وتعذر الايفاء فان تمكن من الارتهان ارتهن وان تعذر جاز
من غير رهن لأن الظاهر ممن يستقرض من أجل حظ اليتيم انه لا يبذل رهنا فاشتراط الرهن تفويت لهذا الحظ ويشترط فيمن يودع عنده الأمانة وفي المقترض الأمانة
واليسار معا فان أودع أو اقرض من غير الثقة ضمن مسألة لو اخذ انسان من ولي اليتيم مالا وتصرف في بعضه بغير اذنه ثم أيسر بعد ذلك كان عليه رد المال
إلى الولي أو إلى الطفل إن كان قد بلغ رشيدا ويجوز إذا دفعه إلى الطفل ان لا يشعره بالحال وان يدفعه إليه موهما له انه على وجه الصلة لان الغرض والمقصود بالذات ايصال
الحق إلى مستحقه لما رواه عبد الرحمان بن الحجاج في الصحيح عن الكاظم (ع) في الرجل يكون عند بعض أهل بيته المال لأيتام فيدفعه إليه فيأخذ منه دراهم يحتاج إليها
ولا يعلم الذي كان عنده المال الأيتام انه اخذ من أموالهم شيئا ثم ييسر بعد ذلك اي ذلك خير له أيعطيه الذي كان في يده أم يدفعه إلى اليتيم وقد بلغ وهل يجزيه ان
يدفعه إلى صاحبه على وجه الصلة ولا يعلمه انه اخذ له مالا فقال يجزيه أي ذلك فعل إذا أوصله إلى صاحبه فان هذا من السرائر إذا كان من بيته ان شاء رده إلى اليتيم إن كان
قد بلغ على أي وجه شاء وان لم يعلمه انه كان قبض له شيئا وان شاء رده إلى الذي كان في يده وقال إذا كان صاحب المال غايبا فليدفعه إلى الذي كان له المال في يده مسألة
ومن كان عنده مال لأيتام فهلك الأيتام قبل دفع المال إليهم فيصالحه وارثهم على البعض حل له ذلك وبرئت ذمته من جميع المال مع اعلام الوارث لما رواه عبد الرحمان بن
الحجاج وداود بن فرقد جميعا عن الصادق (ع) قالا سألناه عن الرجل يكون عنده المال لأيتام فلا يعطيهم حتى يهلكوا فيأتيه وارثهم ووكيلهم فيصالحه على أن يأخذ بعضا
ويدع بعضا ويبرئه مما كان له أيبرأ منه قال نعم مسألة يجب على الولي الانفاق على من يليه بالمعروف ولا يجوز له التقتير عليه في الغاية ولا الاسراف في النفقة
بل يكون في ذلك مقتصدا ويجري الطفل على عادته وقواعد أمثاله من نظرائه فإن كان من أهل الاحتشام أطعمه وكساه ما يليق بأمثاله من المطعوم والملبوس وكذا
إن كان من أهل الفاقة والضرورة أنفق عليه نفقة أمثاله فان ادعى الولي الانفاق بالمعروف على الصبي أو على عقاره أو ماله أو دوابه إن كان ذا دواب فإن كان أبا أو جدا
كان القول قولهما فيه الا ان يقيم الصبي البينة بخلافه فان ادعى الصبي بعد البلوغ خلاف ذلك كان القول قول الأب أو الجد للأب مع يمينه الا ان يكون مع الابن بينة وإن كان وصيا أو
أمينا قبل قوله فيه مع اليمين ولا يكلفان البينة أيضا وهو أصح قولي الشافعية لتعذر إقامة البينة على ذلك وفي الأخر لا يقبل الا بالبينة كالبيع لا يقبل قولهما الا ببينة
والفرق عدم تعذر إقامة البينة على البيع لأن الظاهر من حال العدل الصدق وهو امين عليه فكان القول قوله مع اليمين ولو ادعى خلاف ما يقتضيه العادة فهو زيادة
على المعروف ويكون ضامنا وكذا لو ادعى تلف شئ من ماله في يده بغير تفريط أو ان ظالما قهره عليه وأخذه منه قدم قوله باليمين لأنه امين أما لو ادعى الانفاق عليه
منذ ثلاث سنين فقال الصبي ما مات أبي الا منذ سنتين قدم قول الصبي مع اليمين لان الأصل حياة أبيه واختلافهما في أمر ليس الوصي أمينا فيه فكان القول قول من يوافق
قوله الأصل مع اليمين مسألة لما نزل قوله تعالى ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا تجنب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أموال اليتامى
وأفردوها عنهم فنزل قوله تعالى وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم اي ضيق عليكم وشدد فخالطوهم في مأكولهم ومشروبهم
وينبغي للولي النظر في حال اليتيم فإن كانت الخلطة له أصلح مثل ان يكون إذا خلط دقيقة بدقيقة وخبزه دفعة واحدة كان ارفق باليتيم في المؤنة والين في الخبز وما أشبه
ذلك جاز له بل كان أولى نظرا لليتيم كما قال تعالى يسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وان تخالطوهم الآية وإن كان الافراد ارفق له وأصلح أفرده وسأل عثمان بن عيسى الصادق (ع)
عن قول الله عز وجل وان تخالطوهم فاخوانكم قال يعني اليتامى إذا كان الرجل يلي الأيتام في حجره فليخرج من ماله قدر ما يخرج لكل انسان منهم فيخالطهم ويأكلون جميعا ولا يزرأ
من أموالهم شيئا انما هي النار إذا عرفت هذا فينبغي ان يتغابن مع الأيتام فيحسب لكل واحد من عياله واتباعه أكثر من أكل اليتيم وان ساوى الواحد منهم تحفظا لمال
اليتيم وتحرزا من تلف بعضه ولو تعدد اليتامى واختلفوا كبرا وصغرا حسب على الكبير بقسطه وعلى الصغير بقسطه لئلا يضيع مال الصغير بقسطه على نفقة الكبير لما رواه
أبو الصباح الكناني عن الصادق (ع) في قوله عز وجل ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال ذلك رجل يحبس نفسه على المعيشة فلا بأس ان يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم
فإن كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا قال قلت أرأيت قول الله عز وجل وان تخالطوهم فإخوانكم قال يخرج من أموالهم قدر ما يكفيهم ويخرج من مالك قدر ما يكفيك ثم
تنفقه قلت أرأيت إن كان يتامى صغارا وكبارا وبعضهم أعلى من بعض وبعضهم اكل من بعض (بعضهم) ومالهم جميعا فقال أما الكسوة فعلى كل انسان ثمن كسوته وأما الطعام فاجعله
جميعا فان الصغير يوشك ان يأكل مثل الكبير مسألة إذا بلغ الصبي رشيدا زالت ولاية الوصي وغيره عنه سواء كان حاضرا أو غايبا فلا يجوز له بيع مال الغايب
بعد بلوغه ورشده فان باع كان باطلا وبه قال الشافعي ولا فرق بين ان يكون مال الغايب مشتركا مع صبي اخر له عليه ولاية أو لا ولا بين ان يكون الصغار محتاجون إلى بيع المشترك
مع الغائب أو لا ولا بين ان يكون المتاع مما يقبل القسمة أو لا لان البلوغ والرشد أزالا عنه الولاية فلا ينفذ تصرف غيره في ماله الا باذنه وبيع الوصي مال الغايب الرشيد
تصرف في مال غيره بغير وكالة ولا ولاية فلم يصح كبيع ماله المنفرد أو مالا تضر قسمته وقال احمد يجوز للوصي البيع على الغايب البالغ إذا كان من طريق النظر وقال أصحابه
يجوز للوصي البيع على الصغار والكبار إذا كانت حقوقهم مشتركة في عقار في قسمته اضرار وبالصغار حاجة إلى البيع إما لقضاء دين أو لمؤنة لهم وقال أبو حنيفة وابن
أبي ليلى يجوز البيع على الصغار والكبار فيما لا بد منه وكأنهما أرادا هذه الصورة لان في ترك القسمة نظرا للصغار واحتياطا للميت في قضاء دينه والحق ما قلناه
فان ما ذكروه لا أصل له يقاس عليه ولا له شهادة شرع بالاعتبار ولان مصلحة الصغار يعارضها ان فيه ضررا على الكبار ببيع مالهم بغير اذنهم ولأنه لا يجوز بيع غير العقار
فلم يجز له بيع العقار كالأجنبي مسألة قال بعض علمائنا ليس لولي الصبي استيفاء القصاص المستحق له لأنه ربما يرغب في العفو وليس له العفو لأنه ربما يختار
الاستيفاء تشفيا والوجه عندي ان له الاستيفاء مع المصلحة لان ولايته عامة فمهما فرض له مصلحة كان للولي السعي فيها تحصيلا وايفاء ولدلالة العفو على مال
إن كان ذلك أصلح لليتيم وان عفى مطلقا فالأقرب اعتبار المصلحة أيضا فإن كان المصلحة في العفو مجانا
اعتمدها كما أن له الصلح ببعض ماله مع المصلحة مسألة
ليس للولي ان يعتق عبد الطفل والمجنون مجانا لان فيه اتلاف ماله وهل له اعتاقه على مال إذا اقتضت المصلحة ذلك وكان الحظ للطفل فيه أو كتابته كذلك الأقرب
عندي الجواز وذلك مثل ان يكون قيمة العبد ألفا فيكاتبه على الفين أو يعتقه على الفين وان لم يكن للطفل فيه حظ لم يصح قطعا وبه قال احمد وقال أبو حنيفة ومالك
لا يجوز اعتاقه بمال لان الاعتاق بمال تعليق له على شرط فلم يملكه ولي اليتيم كالتعليق على دخول الدار وقال الشافعي لا يجوز كتابته ولا اعتاقه على مال لان المقصود
82

منها العتق دون المعاوضة فلم يجز كالاعتاق بغير عوض وهو غلط للفرق بين التعليق على أداء المال ودخول الدار فان في الأول نفعا لليتيم بخلاف الثاني فجاز الأول دون
الثاني كالبيع مع زيادة على ثمن المثل وبدونه وكذا الفرق واقع بين الاعتاق على عوض وبدونه كالفرق بين البيع بثمن المثل وبدونه والأصل فيه ان ذلك يشتمل على معاوضة
مطلوبة عند العقلاء فجاز للولي فعلها مع الطفل للمصلحة ولا فرق بينها وبين البيع بثمن مؤجل ولا عبرة بنفع العبد ولا يضره كونه معلقا فإنه إذا حصل الحظ للطفل
لم يتضرر بنفع غيره وما ذكروه انما امتنع الحكم فيه لانتفاء المقتضي إذا المقتضى لتسويغ التصرف حصول المصلحة ولا مصلحة في تعليق العتق بدخول الدار ولا في الاعتاق
بغير عوض ولو فرض ان المصلحة في العتق مجانا فالأقرب جوازه كما لو كان له عبد كبير لا ينتفع به في الاستخدام وغيره ولا يرغب في شرائه راغب فيعتقه ليخلص من مؤنته ونفقته
وكذا لو كان له جارية وأمها وهما يساويان مجتمعين مائة ولو انفردت البنت ساوت مائتين ولا يمكن افرادهما بالبيع فأعتقت الام ليكثر ثمن البنت كان جايزا مسألة
وللولي ان يهب مال الطفل بشرط الثواب مع المصلحة أما مع زيادة الثواب على العين أو مع تحصيل أمر من المتهب ينتفع به الطفل نفعا يزيد على بقاء العين له وقال الشافعي لا يجوز
الهبة لا مطلقا ولا بشرط الثواب إذ لا يقصد بالهبة العوض وهو ممنوع إذ التقدير انه قصد الثواب وكذا للولي بذل مال الطفل في مصالحه كاستكفاف الظالم بالرشوة
وتخليص ماله من تعويقه واطلاق زرعه وماء شربه وأشباه ذلك ولو طمع السلطان في مال اليتيم فأعطاه الوصي شيئا منه فإن كان يقدر على دفعه بدون المدفوع ضمن
والا فلا مسألة ليس للولي ان يطلق زوجة الصبي لا مجانا ولا بعوض لان المصلحة بقاء الزوجية لأنه لا نفقة لها عليه قبل الدخول ولو باع شريكه شقصا مشفوعا
كان له الاخذ أو الترك بحسب المصلحة فان ترك بحكم المصلحة ثم بلغ الصبي وأراد الاخذ لم يمكن منه لان ترك وليه مع اقتضاء المصلحة كان ماضيا والشفعة على الفور فكما
لا يثبت له لو كان بالغا وترك كذا لا يثبت مع ترك الولي وهذا أصح وجهي الشافعية كما لو أخذ بحكم المصلحة ثم بلغ وأراد رده لم يكن له ذلك والثاني يجاب إلى ذلك لأنه لو كان
بالغا لكان له الاخذ سواء وافق المصلحة أو خالفها والاخذ المخالف للمصلحة لم يدخل تحت ولاية الولي فلا يفوت عليه بتصرف الولي مسألة لا يجوز أن يشتري
الوصي أضحية ويضحي بها عن اليتيم وكذا الأب لا يضحي عن ولده الصغير من مال الصغير وان ضحى من مال نفسه كان متبرعا وبه قال أبو حنيفة إذ لا مصلحة لليتيم فيه
وقال احمد يجوز للولي ان يشترى للصبي أضحية إن كان من أهل ذلك وكان له مال وافر لا يتضرر بشراء الأضحية ويكون ذلك على وجه التوسعة في النفقة في هدم يوم
الفرح والسرور الذي هو عيد وفيه جبر قلب الطفل وأهله وتطييبه والحاقه بمن له أب فينزل منزلة شراء اللحم خصوصا مع استحباب التوسعة في هذا اليوم وجرى العادة
عليه قال رسول الله صلى الله عليه وآله انها أيام أكل وشرب وبعال ولا بأس به ويجوز للولي ان يجعل الصبي في المكتب وعند معلم القران العزيز والأدب والفقه وغيرها
من العلوم إن كان من أهل ذلك وله ذكاء وفطنة كما يفعل الانسان بولده ذلك لان ذلك كله من مصالحه فجري مجرى نفقته كمأكوله ومشروبه وملبوسه وبه قال احمد وقال
سفين ليس للوصي ان يسلم الصبي إلى معلم الكتابة الا بقول الحاكم وأنكر احمد ذلك غاية الانكار وكذا يجوز للوصي تسليم الصبي إلى معلم الصناعة إذا كانت مصلحته في ذلك
والأقرب عندي انه لا يسلم الا في صناعة يليق به ولا يثلم من مجده إن كان من أرباب البيوت وليس له ان يسلمه إلى معلم السباحة لما فيه من التغرير الا ان يكون تعليمه في ماء لا يغمره
ولا يخاف عليه الغرق فيه مسألة ويجب على الولي ان يخرج من ماله الحقوق الواجبة في ماله كأروش الجنايات والديون التي ركبته بسبب استدانة الولي عنه أو
بسبب ديون مورثه وكذا يخرج عنه الزكاة المستحبة مع ثبوت استحبابها وان لم تطلب ونفقة الأقارب ان طلبت وإذا دعت الضرورة في حريق أو نهب إلى المسافرة بماله
سافر به وان لم يكن هناك ضرورة فإن كان الطريق مخوفا لم يجز له السفر به فان سافر ضمن وإن كان أمينا فالأقرب انه لا يجوز الا مع تيقن الامن وللشافعية وجهان المنع مطلقا
كالمسافرة بالوديعة والجواز مطلقا لان المصلحة قد يقتضي ذلك والولي مأمور بالمصلحة بخلاف المودع وإذا كان له أن يسافر به كان له أن يبعثه على يد امين مسألة
لا يجوز لغير الولي والحاكم اقراض مال الصغير لانتفاء ولايته عليه فان اقرض ضمن الا ان يحصل ضرورة إلى الاقراض فيجوز للعدل اقراضه من ثقة ملي كما إذا حصل نهب أو حريق
ولا ضمان حينئذ لأنه بفعله محسن فلا يستعقب فعله الضمان لأنه سبيل وقد قال تعالى ما على المحسنين من سبيل وكذا لا يجوز للولي اقراض مال اليتيم لغير ضرورة من نهب
أو غرق أو حرق أو إذا سافر أما الحاكم فإنه يجوز له الاقراض وان لم يحصل هذه الموانع لكثرة اشتغاله قاله بعض الشافعية وسوى آخرون بين الحاكم وغيره في جواز الاقراض مع
الضرورة وعدمه مع عدمها وهو الوجه عندي مسألة قال الله تعالى وابتلوا اليتامى أي اختبروهم فان انستم منهم رشدا اي أبصرتم كما قال الله تعالى حكاية عن موسى (ع) اني
انست من جانب الطور نارا اي أبصرت وقوله تعالى ولا تأكلوها اسرافا وبدارا ان يكبروا معناه لا تأكلوا أموال اليتامى مبادرة لئلا يكبروا فيأخذوها ومن كان غنيا فليستعفف
ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف إذا عرفت هذا فالولي إما ان يكون غنيا أو فقيرا فإن كان غنيا استحب له ان يستعفف عنه فلا يأكل منه شيئا عملا بالآية وهل يسوغ
له مع الاستغناء اخذ شئ من ماله الأقرب ذلك على سبيل أجرة المثل ولا يأخذ زيادة عليه لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) في قول الله عز وجل فليأكل
بالمعروف قال المعروف هو القوت وانما عنى الوصي والقيم في أموالهم ما يصلحهم وعن حنان بن سدير عن الصادق (ع) قال قال الصادق سألني عيسى بن موسى عن القيم
للأيتام في الإبل ما يحل له منها فقلت إذا لاط حوضها وطلب ضالها وهنا جرباها فله ان يثيب من لبنها من غير نهك بضرع ولا فساد نسل وعن هشام بن الحكم عن
الصادق (ع) قال سألته فيمن تولي مال اليتيم ما له ان يأكل منه قال ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الاجر فليأكل بقدر ذلك فهذا يدل على الرجوع إلى أجرة المثل قال
الشيخ في النهاية فمتى كان وليا يقوم بأمرهم وبجمع أموالهم وسد خلاتهم وجمع غلاتهم ومراعاة مواشيهم جاز له ان يأخذ من أموالهم قدر كفايته وحاجته من
غير اسراف ولا تفريط ثم قال والمتولي لأموال اليتامى والقيم بأمورهم يستحق اجرة مثله فيما يقوم به من مالهم من غير زيادة ولا نقصان فان نقص نفسه كان له في
ذلك فضل وثواب وان لم يفعل كان له المطالبة باستيفاء حقه من أجرة المثل فأما الزيادة فلا يجوز له أخذها على حال ولأنه عمل يستحق عليه الأجرة فكان لعامله
المطالبة بالأجرة كغيرها من الأعمال وقال الشافعي إذا كان غنيا لم يجز له أخذ شئ من مال اليتيم وبه قال احمد للآية وقال احمد إن كان أبا كان له ان يأخذ الأجرة والآية
محمولة على الاستحباب لقوله فليستعفف فان المفهوم منه الاستحباب وقد روي سماعة عن الصادق (ع) في قول الله عز وجل ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال من
كان يلي شيئا لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم ويقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف وإن كانت ضيعتهم لا يشغله عما يعالج لنفسه
فلا يزرأ من أموالهم شيئا وإن كان فقيرا جاز ان يأخذ اجماعا وفى قدره خلاف الأقرب أن يقول يستحق أجرة المثل لما تقدم لكن يستحب له ان يأخذ أقل الأمرين
من أجرة المثل وقدر الكفاية لقوله تعالى ومن كان غنيا فليستعفف وبحصول الكفاية يحصل الاستغناء وقال الشافعي إن كان فقيرا وانقطع بسببه من الاكتساب
فله أخذ قدر النفقة وقال بعض أصحابنا يأخذ أقل الأمرين من قدر النفقة وأجرة المثل وبه قال احمد لأنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعا فلم يجز له ان يأخذ الا إذا وجدا
83

فيه فإذا أكل منه ذلك القدر ثم أيسر فإن كان أبا لم يلزمه عوضه عنده رواية واحدة لان للأب ان يأخذ من مال ولده ما شاء مع الحاجة وعدمها وإن كان غير
الأب فهل يلزمه عوض ذلك له روايتان إحديهما لا يلزمه وبه قال الحسن البصري والنخعي والشافعي في أحد القولين لان الله تعالى أمر بالاكل من غير ذكر عوض فأشبه
ساير ما أمر بأكله ولأنه عوض عن عمل فلم يلزمه بدله كالأجير والمضارب والثانية لا يلزمه عوضه وهو قول عبيدة السلماني وعطا ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية
والشافعي في أحد القولين لأنه استباحة للحاجة من مال غيره فلزمه قضاؤه كالمضطر إلى طعام غيره وبه رواية عندنا عن أحمد بن محمد أبي نصر عن أبي الحسن (ع)
قال سألته عن رجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج إليه فيمد يده فيأخذه وينوي ان يرده لا ينبغي له ان يأكل الا القصد ولا يسرف فإن كان من نيته ان لا يرده إليهم فهو
بالمنزل الذي قال الله عز وجل ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما والمعتمد الأول لما قلناه وهذه الرواية في طريقها قول ولأنه لو وجب أداؤه مع اليسار لكان واجبا في الذمة قبل
اليسار فان اليسار ليس بسبب للوجوب فإذا لم يجب بالسبب الذي هو الاكل لم يجب بعده بخلاف المضطر فان العوض واجب عليه في ذمته لأنه لم يأكله عوضا عن شئ وهنا بخلافه
مسألة للوصي الاستنابة في ما لا يقدر على مباشرته اجماعا دفعا للضرر وكذا ما يقدر عليه لكن لا يصلح مثله لمباشرته قضاء للعادة وتنزيلا للاطلاق
على المتعارف (بين الناس) من المباشرة والمعهود بينهم وأما ما يصلح لمثله ان يليه الأولى المنع لأنه يتصرف في مال غيره بالاذن فلم يكن له الاستنابة كالوكيل ولأنه غير مأذون له
فيه وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الأخرى يجوز للوصي ذلك وفي الوكيل روايتان أيضا عنده وعندنا ليس للوكيل أن يوكل غيره هذا كله مع الاطلاق أما مع
التنصيص على الاستنابة فإنه جايز اجماعا في الوكيل والوصي ومع التنصيص على المنع لا يجوز اجماعا مسألة يجوز لأمين الحاكم ان يبيع على الحاكم مال اليتيم
في موضع جواز البيع وكذا للوصي وإن كان الحاكم هو الذي جعله أمينا أو وصيا وهل للقاضي أن يبيع ماله من اليتيم أو يشتري لنفسه منه منع منه أبو حنيفة لان ذلك
قضاء منه وقضاؤه لنفسه باطل ولا بأس به ولو وكل رجل الوصي بان يشتري له شيئا من مال اليتيم واشترى الوصي لموكله فالأقرب الجواز عندنا خلافا لأبي حنيفة
مع أنه جوز ان يشتري الوصي مال اليتيم لنفسه إذا كان خيرا لليتيم واعتبر أصحابه الخيرية في غير العقار بان يبيع مال نفسه من اليتيم ما يساوي خمسة عشر بعشرة وان يشتري لنفسه
ما يساوي عشرة بخمسة عشر وفي العقار يعتبر الخيرية عند بعضهم بان يشتري لنفسه بضعف القيمة وان يبيع من اليتيم بنصف القيمة مسألة إذا أتجر الولي بمال
الطفل نظرا له وشفقة عليه فربح كان الربح للطفل والخسران على الطفل أيضا لأنه تصرف سايغ فلا يستعقب ضمان التصرف فيه ويستحب للولي ان يخرج زكاة التجارة حينئذ
وان أتجر لنفسه وكان مليا في الحال جاز له ذلك وكان المال قرضا عليه فان ربح كان له فان خسر كان عليه وكان عليه الزكاة في ماله استحبابا وان أتجر لنفسه من غير ولاية أو من غير
ملاءة بمال الطفل كان ضامنا للمال والربح للطفل لأنه تصرف فاسد والربح نماء ملك الطفل فيكون له وان خسر كان ضامنا لما رواه ربعي بن عبد الله في الصحيح عن الصادق (ع)
في رجل عنده مال لليتيم فقال إن كان محتاجا ليس له مال فلا يمس ماله وان هو أتجر به فالربح لليتيم وهو ضامن وفي الحسن عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) في
مال اليتيم قال العامل به ضامن ولليتيم الربح إذا لم يكن للعامل به مال وقال إن عطب أداه وبالجملة التنزه عن الدخول في أموال اليتامى أحوط وقد روى عبد الله بن
يحيى الكاهلي عن الصادق (ع) قال قيل له انا ندخل على أخ لنا في بيت أيتام ومعهم خادم لهم فنقعد على بساطهم ونشرب من مائهم ويخدمنا خادمهم وربما طعمنا فيه
الطعام من عند صاحبها وفيه من طعامهم فما ترى في ذلك قال إن كان دخولكم عليهم منفعة لهم فلا بأس وإن كان فيه ضرر فلا وقال بل الانسان على نفسه بصيرة وأنتم
لا يخفى عليكم وقد قال الله عز وجل وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح مسألة لو كانت مصلحة اليتيم في بيع عقاره جاز للوصي بيعه على ما
تقدم فان باعه على أنه ينفق على نفسه صح البيع وضمن الثمن لليتيم إذا أنفقه على نفسه ولو كان الورثة كبارا لا حجر عليهم وللميت وصي ولا دين عليه ولا وصية لم يكن للوصي
التصرف في شئ من التركة وإن كان عليه دين مستغرق للتركة أو أوصى بوصية مرسلة كان يؤخذ من التركة الف مثلا كان للوصي ان يبيع من التركة ما يقضي به
الدين أو ينفذه في الوصية من الثلاث ويقدم بيع العروض ويؤخر العقار فان دعت الحاجة إلى بيعه بيع ولو طلب الوراث قضاء الدين أو انفاذ الوصية من ماله وابقاء
عين التركة له أجيب إلى ذلك ولم يكن للوصي الاعتراض لان الحق عندنا ان التركة تنتقل إلى الوارث بالموت ويكون الدين متعلقا بالتركة تعلق الدين بالرهن أو أرش الجناية
بالمال وقد بينا ان الورثة إذا كانوا كبارا لم يكن للوصي عليهم ولاية سواء كانوا حضورا أو غيابا وليس للوصي ان يبيع أيضا شيئا من مالهم وقال أبو حنيفة يبيع ما ليس
بعقار استحسانا لأنه يخشى تلفه فكان البيع حفظا لماله وتحصنا ولا يملك الوصي اجارة شئ من مالك الكبار وقال أبو حنيفة يملك إذا كانوا غيابا اجارة الجميع ولو
كان بعض الورثة حاضرا وبعضهم غايبا أو واحد منهم غايب لم يملك الوصي بيع نصيب الغايب وقال أبو حنيفة يملك بيعه إذا كان عروضا ودقيقا ومنقولا
لأجل الحفظ ثم قال وإذا ملك بيع نصيب الغايب ملك بيع نصيب الحاضر أيضا وقال أبو يوسف ومحمد لا يملك
وهذه إحدى المسائل الأربع والثانية لو كان على الميت
دين لا يحيط بالتركة فان الوصي يملك البيع بقدر الدين عندنا وعند الحنفية وهل يملك بيع الباقي أما عندنا وعند أبي يوسف ومحمد فإنه لا يملك وقال أبو حنيفة
يملك بيع الباقي الثالثة لو كان في التركة وصية بمال مرسل فان الوصي يملك البيع بقدر ما ينفذ به الوصية عندنا وعندهم وهل يملك بيع ما زاد عليه أما عندنا
وعند أبي يوسف ومحمد فلا يملك وقال أبو حنيفة يملك الرابعة إذا كان الورثة كفارا وفيهم صغير فان الوصي يملك بيع نصيب الصغير عند الكل وهل يملك بيع نصيب الكبار
أما عندنا وعند أبي يوسف ومحمد فلا وأما عند أبو حنيفة فنعم مسألة حكم وصي وصي الأب حكم وصي الأب وكذا حكم وصي الجد للأب ووصي وصيه ووصي القاضي
ووصي وصيه عندنا وقال أبو حنيفة ان وصي القاضي بمنزلة وصي الأب الا في شئ واحد وهو ان القاضي إذا جعل وصيا في نوع كان وصيا في ذلك النوع خاصة والأب
إذا جعل وصيا في نوع كان وصيا في الأنواع كلها وإذا مات الرجل ولم يوص إلى أحد كان لأبيه وهو الجد بيع العروض والشراء الا ان وصي الأب لو باع العروض أو العقار لقضاء
الدين أو تنفيذ الوصية جاز والجد إذا باع التركة لقضاء الدين وتنفيذ الوصية لم يجز عنده وعندنا يجوز إذا لم تكن للميت وصي وإذا كان الوصي ثقة كافيا لم يجز للقاضي عزله
ولو عزله لم ينعزل وبه قال بعض الحنفية وقال بعضهم لو عزله انعزل وليس بجيد لأنه مخالف لقوله تعالى فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه أما لو فسق فإنه
يعزله الحاكم ويستبدل به قطعا ولو كان عدلا عاجزا لم يكن للحاكم الاستبدال به وكان عليه ان يضم إليه ثقة يعينه على التصرف وقال بعض الحنفية ان للقاضي عزله لعجزه
وليس بجيد مسألة للوصي ان يستقرض مال اليتيم مع ملائة كالأب لأنه ولي عليه وله ان يقضي دين نفسه من مال اليتيم ومنع منه الحنفية فجوزوه في الأب لان
الأب لو باع مال اليتيم من نفسه بثمن المثل جاز والوصي لا يملك البيع من نفسه الا ان يكون خيرا لليتيم وقال بعضهم لا فرق بين الأب والوصي في أنه ليس له ان يقضي دينه وروي
عن محمد انه ليس للوصي ان يستقرض مال اليتيم في قول أبي حنيفة وللأب والوصي ان يرهن مال اليتيم بدين نفسه مع ملاءة الوصي ومن قياس مذهب أبي حنيفة انه لا يجوز وبه
84

قال أبو يوسف وقال بعضهم يجوز للأب ان يرهن مال ولده بدين عن نفسه استحسانا ولو رهن الأب أو الوصي مال اليتيم بدينيهما (بدينهما) وقيمته أكثر من الدين فهلك الرهن عند
المرتهن ضمناه بقيمته عندنا وفرق الحنفية مما وراء النهرين بين الأب والوصي فقالوا يضمن الأب مقدار الدين خاصة والوصي يضمن جميع القيمة وقال بعض الحنفية
بما قلناه أو لا وهل لاحد الوصيين ان يبيع على الأخر مال اليتيم الأقوى عندنا ذلك لان الولاية لهما وقال أبو حنيفة لا يجوز لان أحد الوصيين إذا باع من الأجنبي
لم يجز عنده فكذا إذا باع من الوصي الأخر مسألة إذا كانت التركة في يد الوارث وظهر دين طولب الوارث ولو قضى الوارث الدين من مال نفسه بنية الرجوع
إذا كان هناك وارث اخر كان له الرجوع في التركة فيصير التركة مشغولة بدينه وان لم يقل وقت القضاء اني اقضي لأرجع في التركة وكان متبرعا لم يكن له الرجوع وقال أبو
حنيفة له الرجوع ويجوز للوصي ان يبيع مال الطفل نسيئة مع خوف التلف وبدونه مع الغبطة ولو باع بتأجيل فاحش بان لا يباع هذا المال بهذا الاجل لم يجز وكذا
ان خاف جحود المشتري عند حلول الأجل أو هلاك الثمن عليه لم يجز لانتفاء مصلحة اليتيم في ذلك ولو طلب الملي والاملى البيع ودفع الآملي أقل مما دفع الملي وكان بثمن
المثل استحب له ان يبيع الآملي وكذا المتواجران لو تفاوتا في الأجرة وصاحب الأقل املى من الأخر مسألة قال الشيخ إن كان لليتيم على انسان مال جاز لوليه ان يصالحه
على شئ يراه صلاحا في الحال ويأخذ الباقي وتبرء بذلك ذمته من كان عليه المال والوجه أن يقول إن كان ما في ذمة الغريم أكثر وعلم بذلك لم تبرأ ذمته إذ لا مصلحة
لليتيم في اسقاط ماله ولا تبرء ذمة الوصي أيضا أما إذا كان المدعي عليه منكرا للمال ولا بينة عليه فصالح الوصي برئت ذمته دون ذمة من عليه المال ولو كان من عليه
المال لا يعلم قدره فصالح على قدر لا يعلم ثبوته في ذمته أو ثبوت ما هو أو أزيد أو أقل صح الصلح وبرئت ذمته وينبغي له الاحتياط وتغليب الأكثر في ظنه وللوصي ان يصالح
من يدعي على الميت إن كان للمدعي بينة أو علم القاضي بدعواه والا لم يجز ولو احتال الوصي بمال اليتيم فإن كان المحال عليه أملي من الأول أو مساويا له في المال والعدالة
جاز وقال أبو حنيفة إذا كان مثله لم يجز وليس بجيد ولو كان أدون منه مالا وعدالة لم يجز قطعا تم الجزء التاسع من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى وحسن توفيقه
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي المقصد الخامس في الضمان وفصوله ثلاثة الأول
في ضمان المال وفيه مباحث الأول في مهية الضمان ومشروعيته وأركانه الضمان عقد شرع للتعهد بمال أو نفس ويسمى الأول ضمانا بقول مطلق ويخص الثاني
باسم الكفالة وقد تطلق الكفالة على ضمان المال لكن بقيد فيقال كفالة بالمال والضمان عندنا مشتق من التضمن (الضمن) لان ذمة الضامن تتضمن الحق وقال بعضهم انه مشتق من الضم فان
الضامن قد ضم ذمته إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعا ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما ونحن نخالف في ذلك على ما سيأتي إن شاء الله تعالى
ويقال ضامن وضمين وكفيل وزعيم وحميل وصبير وقبيل بمعنى واحد مسألة والضمان ثابت بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم
قال ابن عباس الزعيم الكفيل لا يقال هذه الآية لا يصح لكم الاستدلال بها لان حمل البعير مجهول ولأنها جعالة ولأنه حكاية عن منادي يوسف (ع) ولا يلزمنا شرعه لأنا نقول
حمل البعير ومعروف عندهم ولهذا سموه وسقا وعلق عليه النبي صلى الله عليه وآله نصاب الغلات فقال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وأما الجعالة فنمنع بطلان الكفالة
بها لأنها تؤل إلى اللزوم سلمنا عدم جواز الضمان فيها لكن اللفظ اقتضى جواز الكفالة وجوازها بالجعالة ثم قام دليل على أن الجعالة لا يتكفل بها وهذا الدليل لا
ينفي مقتضى اللفظ عن ظاهره وأما شرع من قبلنا فقد قيل إنه يلزمنا إذا لم يدل دليل على انكاره وليس هنا ما يدل على انكار الكفالة فيكون ثابتا في حقنا وأيضا قوله تعالى
سلهم أيهم بذلك زعيم وأما السنة فقد روي العامة ان النبي صلى الله عليه وآله خطب يوم فتح مكة فقال في خطبته العارية مؤدات والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم وعن
أبي سعيد قال كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في جنازة فلما وضعت قال هل على صاحبكم من دين قالوا نعم درهمان قال صلوا على صاحبكم فقال علي (ع) هما علي يا رسول الله وانا لهما
ضامن فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى عليه ثم أقبل على علي (ع) فقال جزاك الله عن الاسلام خيرا فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك وعن جابر بن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وآله
كان لا يصلي على رجل عليه دين فاتى بجنازة فقال هل على صاحبكم دين فقالوا نعم ديناران فقال صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة هما علي يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال فصلى عليه
قال فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وآله قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم من ترك مالا فلورثته ومن
ترك دينا فعلي وعن سلمة بن الأكوع ان النبي (ص اتى برجل ليصلي عليه فقال
هل عليه دين قالوا نعم ديناران فقال هل ترك لهما وفاء قالوا لا قالوا فتأخر فقيل لم لا تصلى عليه فقال ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة الا قام أحدكم فضمنه فقال
أبو قتادة هما علي يا رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة ما رواه عيسى بن عبد الله قال احتضر عبد الله بن الحسن فاجتمع عليه غرماؤه فطالبوه بدين لهم
فقال ما عندي ما أعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من بنى عمى علي بن الحسين عليهما السلام و عبد الله بن جعفر رحمه الله فقال الغرماء أما عبد الله بن جعفر فملئ مطول وعلي بن الحسين
رجل لا مال له صدوق وهو أحبهما إلينا فأرسل إليه فأخبره الخبر فقال اضمن لكم المال ولى غلة ولم يكن له غلة كملا فقال القوم قد رضينا وضمنوه فلما أتت الغلة أباح الله له بالمال
فأداه وعن عطا عن الباقر (ع) قال قلت له جعلت فداك ان علي دينا إذا ذكرته فسد علي ما انا فيه فقال سبحان الله أو ما بلغك ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول في خطبته من
ترك ضياعا فعلى ضياعه ومن ترك دينا فعلي دينه ومن ترك مالا فلله وكفالة رسول الله صلى الله عليه وآله ميتا ككفالته حيا وكفالته حيا ككفالته ميتا فقال الرجل نفست عني جعلني الله
فداك وقد أجمع المسلمون كافة على جوازه وان اختلفوا في فروعه إذا عرفت هذا فقد نقل العلماء ان امتناع النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة على المديونين في ابتداء
الاسلام ولم يكن صلى الله عليه وآله يصلي على من لا يخلف وفاء عن ديونه لان صلاته عليه شفاعة موجبة للمغفرة ولم يكن حينئذ في الأموال سعة فلما فتح الله تعالى الفتوح قال صلى الله عليه وآله
أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم وقال صلى الله عليه وآله في خطبته من خلف مالا أو حقا فلورثته ومن خلف كلا أو دينا فكله إلي ودينه علي قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى كل إمام بعدك قال
وعلى كل إمام بعدي إذا عرفت هذا فاركان الضمان خمسة البحث الثاني في أركان الضمان وأركان الضمان خمسة آ المضمون عنه ب المضمون له
ج الضامن د المال المضمون ه‍ الصيغة فالنظر هنا يتعلق بأمور خمسة النظر الأول في صيغة الضمان مسألة لابد في الضمان من صيغة
تدل على الالتزام مثل ضمنت لك مالك على فلان أو تكفلت به أو تحملته أو تقلدته أو التزمته أو انا بهذا المال ضمين أو كفيل أو ضامن أو زعيم أو حميل أو قبيل
وقال بعض الشافعية لفظ القبيل ليس بصريح في الضمان وقال أبو حنيفة كما قلناه من أنه صريح فيه ولو قال دين فلان علي فهو ضامن ولو قال دين فلان إلي ففيه للشافعية
وجهان ولو قال أؤدي المال أو احضره فهذا ليس بالتزام وانما هو وعد مسألة لا يكفي في الضمان الكتابة مع القدرة ولا بد من النطق صريحا فان عجز كتب
وفعل من الإشارة ما يدل على الرضا بالضمان ثبت والا فلا لامكان العبث ولا فرق بين ان يكون الكاتب غايبا أو حاضرا ولو عجز عن النطق والكتابة وأشار بما يدل عليه
صح عليه كالأخرس ولو قيل له ضمنت عن فلان أو تحملت عنه دينه فقال نعم كفى في الايجاب لان نعم في تقدير إعادة المسؤول عنه مسألة يشترط في الضمان
85

التنجيز فلو علقه بمجئ الشهر أو قدوم زيد لم يصح وكذا لو شرط الضامن الخيار لنفسه كان باطلا لأنه ينافي مقتضى الضمان فان الضامن على يقين من الغرر ولو شرط الخيار
للمضمون له لم يضر لان للمضمون له الخيار في الابراء والمطالبة أبدا سواء شرط له أو لا وكذا الكفالة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان شرط الخيار لا يبطلها لكنه يلغو ولو قال إن لم يؤد
إليك غدا فانا ضامن لم يصح عندنا وبه قال الشافعي لأنه عقد من العقود فلا يقبل التعليق كالبيع ونحوه وقال أبو حنيفة لو قال رجل لاخر ان لم يعطك فلان مالك
فهو علي فتقاضاه صاحب المال فلم يعطه المديون شيئا ساعة تقاضاه لزم الكفيل استحسانا وكما أن عقد الضمان لا يقبل التأقيت فلو قال انا ضامن إلى شهر فإذا مضى
ولم أغرم فانا برئ قال ابن شريح إذا جاز على القديم للشافعي ضمان المجهول أو ما لم يجب جاز التعليق لان من ضرورة الضمان قبل الوجوب تعليق مقصوده بالوجوب
وبه قال أبو حنيفة وقال الجويني ويجئ في تعليق الابراء القولان بطريق الأولى فان الابراء اسقاط مال وكان لا يمنع من جهة القياس المسامحة به في الجديد أيضا لان سبب امتناع التعليق في الصور المشتملة
على الايجاب والقبول خروج الخطاب والجواب بسببه عن النظم اللايق بهما فإذا لم يشترط القبول فيه كان بمثابة الطلاق والعتاق وكل هذا عندنا باطل فان التعليق في الضمان
والابراء مبطل لهما عملا بالاستصحاب مسألة إذا قال له إذا بعت عبدك من فلان بألف فأنا ضامن للثمن فباعه بألف (بالفين يبطل الضمان لفقدان الشرط ان قلنا إنه يصح ضمان الألف خاصة والفرق ان من) لم يصح الضمان عندنا لأنه ضمان ما لم
يجب وسيأتي بطلانه ولو باعه بالفين فكذلك ومن جوز التعليق جوز في الأول وقال أبو يوسف في الثاني انه يصير ضامنا للألف لان مقصود الضامن ان الزيادة على
الألف غير ملتزم ولا غرض له في قدر الثمن وقال بعض الشافعية انه وجه لهم وقال ابن شريح من الشافعية لا يكون ضامنا لشئ لان الشرط وهو البيع بالألف لم يتحقق ولو باعه
بخمس مائة ففي كونه ضامنا لها للشافعية الوجهان ولو قال إذا أقرضته عشرة فانا ضامن لها فاقرضه خمسة عشر لم يصح الضمان عندنا (لتعليقه) على الشرط وهو أحد قولي الشافعي
وعلى الأخر يصح ويضمن عشرة على الوجهين سواء قلنا إنه إذا قال إذا بعته بألف فانا ضامن من للثمن فباعه بالفين يبطل الضمان لفقدان الشرط أو قلنا إنه يصح ضمان
الألف خاصة والفرق ان من اقترض خمسة عشر فقد اقترض عشرة وأما البيع بخمسة عشرة فليس بيعا بعشرة ولو اقرضه خمسة فعن ابن شريح تسليم كونه ضامنا لها قال
الجويني وهو خلاف قياسه لان الشرط لم يتحقق مسألة لو ضمن الدين الحال حالا أو اطلق لزمه الدين حالا وان ضمن الدين المؤجل مؤجلا بذلك الاجل أو اطلق
لزمه كذلك وان ضمن الحال مؤجلا إلى أجل معلوم صح الضمان والأجل عندنا لأن الضمان تبرع فيحتمل فيه اختلاف الدينين في الكيفية للحاجة ولان فيه الجمع بين المصالح الحق
قد انتقل حقه إلى ذمة أوفى والضامن ارتفق بتأخير الحق عليه وكذا المضمون عنه وهو أصح وجهي الشافعية وفي الثاني انه لا يصح الضمان لان الملتزم مخالف لما على
الأصيل فعلى الأول يثبت الاجل ولا يطالب الضامن الا بعد حلول الأجل ولا يقول التحق الاجل بالدين الحال وانما ثبت عليه مؤجلا ابتداء ولا استبعاد عند الشافعية
في الحلول في حق الأصيل دون الكفيل كما لو مات الأصيل وعليه الدين المؤجل هذا قول بعضهم وادعى الجويني اجماع الشافعية على أن الاجل لا يثبت وهل يفسد الضمان
بفساد هذا الشرط عندهم وجهان أظهرهما الفساد وقد بينا ان الحق عندنا صحة الضمان والأجل لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وقوله تعالى أوفوا بالعقود والضامن
عقد مؤجلا فلا يثبت عليه الا كذلك تذنيب لو كان الدين مؤجلا إلى شهر فضمنه مؤجلا إلى شهرين فهو كما لو ضمن الحال مؤجلا وعلى قولنا بصحة
الضمان والشرط ليس لصاحب المال مطالبة الضامن قبل الاجل ولا مطالبة المضمون عنه لان الدين عندنا قد سقط عن ذمته وتحول إلى ذمة الضامن على ما يأتي
وأما الشافعي فإنه جوز على تقدير صحة الضمان المؤجل مطالبته المضمون عنه معجلا بناء على أصله من أن
الضمان غير ناقل بل هو مقتض لتشريك الذمتين بالدين وليس له
مطالبة الضامن معجلا مسألة لو كان الدين مؤجلا فضمنه الضامن حالا والتزم التبرع بالتعجيل صح الضمان عندنا كما يصح ضمان الحال مؤجلا وكان عليه
أداء المال في الحال كأصل الضمان وهو أحد وجوه الشافعية والثاني لهم أنه لا يصح الضمان لان الضامن فرع المضمون عنه فلا يستحق مطالبته دون أصيله والثالث لهم أنه
يصح الضمان ويكون مؤجلا كأصله ولا يلزم الضامن تبرعه بالتعجيل كما لو التزم الأصيل التعجيل لم يلزمه فكذا الضامن ولان الضامن فرع الأصيل فينبغي أن يكون
ما لزمه مضاهيا لما على الأصيل فعلى هذا القول هل يثبت الاجل في حقه مقصودا أم تبعا لقضاء حق المشابهة للشافعية وجهان وتظهر فأيدتهما فيما لو مات الأصيل
والحال هذه وعكس بعض الشافعية الترتيب فقال في صحة شرط التعجيل وجهان فان فسد ففي افساده الضمان وجهان تذنيب لو ضمن المؤجل إلى شهرين
مؤجلا إلى شهر فهو كما لو ضمن المؤجل حالا وعلى قولنا يصح ويكون لصاحب المال مطالبة الضامن بالمال بعد شهر وليس له مطالبة المضمون عنه لشئ تذنيب
على قولنا أنه يصح ضمان المؤجل حالا إذا أدي الضامن المال إلى صاحبه لم يكن له مطالبة المضمون عنه الا عند الاجل ان اذن له في مطلق الضمان ولو اذن له في الضمان عنه
معجلا ففي حلوله عليه اشكال أقربه عدم الحلول أيضا مسألة لو ضمن رجل عن غيره ألفا وشرط المضمون له ان يدفع إليه الضامن أو المضمون عنه كل شهر
درهما لا يحسبه من مال الضمان بطل الشرط اجماعا وهل يبطل الضمان الأقوى عندي بطلانه بناء على أن كل شرط فاسد تضمنه عقد فان العقد يبطل ببطلانه وهو
أحد وجهي الشافعية والثاني لا يبطل الضمان ببطلان هذا الشرط مسألة لو ضمن دينا أو كفل بدن انسان ثم ادعى انه كفل وضمن ولاحق على المضمون عنه
أو المكفول به فالقول قول المضمون له والمكفول له لأن الضمان والكفالة انما يصحان بعد ثبوت الحق على المضمون والمكفول وهل يحلف المضمون له والمكفول له الأقرب عندي
اليمين لأنه منكر لدعوى لو صدق فيها لبطلت دعواه وللشافعي وجهان فان قلنا باليمين فنكل حلف الضامن والكفيل وسقطت المطالبة عنهما ولو أقر الضامن
بأنه قد ضمن على شرط أو كفل عليه فأنكر صاحب الحق الشرط فالقول قول صاحب الحق مع اليمين لصحة الضمان في نفس الامر وأصالة عدم الشرط وقالت الشافعية ان هذا
مبنى على أن الاقرار هل يتبعض أم لا فان قيل بالتبعيض فالقول قول المضمون له وان قلنا لا يتبعض فالقول قول الضامن ولو ادعى الكفيل ان المكفول برئ من الحق
وارتفعت الكفالة وأنكر المكفول له فالقول قول المكفول له مع يمينه فان نكل وحلف الكفيل برئ من الكفالة ولم يبرء المكفول بيمين الكفيل النظر الثاني
الضامن مسألة يشترط في الضامن ان يكون صحيح العبادة أهلا للتبرع فلا يصح ضمان الصبي والمجنون لقوله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يبلغ
وعن المجنون حتى يفيق وعن النايم حتى ينتبه ولأنهما غير مكلفين فلم يكن لكلامهم حكم وكذا لا يصح ضمان الساهي والغافل والهاذل كل ذلك لسقوط التكليف في
حق أكثرهم وعدم الوثوق بعبارتهم والمعنى عليه المبرسم الذي يهذي ويخلط في كلامه والنايم لأنه لا عبرة بصيغتهم الصادرة عنهم كغيره من العقود ولو ضمن السكران
لم يصح عندنا لعدم الوثوق بعبارته وللشافعي قولان كما في سائر تصرفاته والأخرس الذي ليس له إشارة (مفهمة) مفهومة ولا كتابة ولا يعلم أنه ضمن حتى يصحح أو يبطل وإن كانت
له إشارة مفهومة وعلم ضمانه بها صح كما في بيعه وسائر تصرفاته وبه قال أكثر العامة وبعض الشافعية لا يصح ضمانه لأنه لا ضرورة إلى الضمان بخلاف سائر التصرفات
وهو خطأ فان الضرورة لا تصحح الدلالة الباطلة في نفسها ولو ضمن بالكتابة فان حصل معها إشارة مفهومة انه قصد الضمان صح وان انفردت إشارته المفهومة
86

بالضمان صح أيضا ولو انفردت كتابته عن الإشارة المفهومة للضمان لم يصح الضمان سواء كان يحسن الإشارة أو لا لان الكتابة قد يكون عبثا وتجربة القلم أو حكاية (خط)
فلم يثبت به الضمان وللشافعية في الكتابة المنفردة عن إشارة مفهومة ان قصد الضمان وجهان أصحهما عندهم الصحة عند وجود القرينة المشعرة بالمقصود ونحن أيضا
نقول بذلك وليس النزاع فيه بل في مجرد الكتابة وهذا الشرط يقتضي نفي الخلاف وان الكتابة المجردة غير كافية إما الناطق فلا يكفي في حقه الكتابة ما لم يتلفظ بالعقد
وللشافعية فيه الوجهان كما في الأخرس مسألة يشترط في الضامن الملاءة بالمال الذي ضمنه وقت الضمان أو علم المضمون له بالاعسار فلو ضمن المعسر ولم يعلم
المضمون له باعساره ثم ظهر الاعسار كان بالخيار في فسخ الضمان والرجوع عنه وبين اجازته والصبر على الضامن إلى زمان قدرته ولو علم باعساره وقت الضمان
ورضي به لم يكن له بعد ذلك خيار ولزمه الضمان وكذا يلزمه الضمان ولو كان الضامن مليا وقت الضمان وتجدد اعساره قبل الأداء وليس للمضمون له حينئذ الرجوع
على المضمون عنه بشئ مسألة لو ادعى المضمون له ان الضامن ضمن بعد البلوغ وقال الضامن بل ضمنت لك قبله فان عينا للضمان وقتا وكان البلوغ
غير محتمل فيه قدم قول الصبي لحصول العلم بعدم البلوغ ولا يمين على الصبي لأنها انما تثبت في المحتمل وإن كان الصغر غير محتمل قدم قول المضمون له من غير يمين للعلم
بصدقه فلا يزال باليمين شك حاصل وان احتمل الأمران أو لم يعينا وقتا فالقول قول الضامن مع يمينه وبه قال الشافعي لأصالة عدم البلوغ وقت الضمان وعدم ثبوت
الحق عليه وقال احمد القول قول المضمون له لان الأصل صحة العقد وسلامته كما لو اختلفا في شرط مبطل والفرق ان المختلفين في الشرط المفسد يقدم فيه قول مدعي الصحة
لاتفاقهما على أهلية التصرف والظاهر أن من له أهلية التصرف لا يتصرف الا تصرفا صحيحا وكان القول قول مدعي الصحة لأنه يدعي الظاهر وهنا اختلفا في أهلية التصرف
فليس مع من يدعي الأهلية ظاهر يستند إليه ولا أصل يرجع إليه فلا مرجح لدعواه وكذا لو ادعى انه ضمن بعد البلوغ وقبل الرشد وادعى المضمون له انه بعد الرشد وكذا
لو ادعى من يعتوره الجنون انه ضمن حال جنونه وادعى المضمون له ان ضمانه في حال افاقته فان القول قول الضامن لما تقدم أما لو لم يعهد منه جنون سابق فادعى انه حالة
الضمان كان مجنونا فإنه لا تسمع دعواه وله احلاف المضمون له ان ادعى علمه بالجنون وأما من يعتاد الشرب فادعى انه حالة الضمان كان سكران وادعى صاحب الحق انه كان
حالة الضمان صاحيا فالوجه تقديم قول الضامن مع اليمين ولو لم يعهد منه الشرب قدم قول المضمون له مع اليمين بانتفاء سكره مسألة ولا فرق بين ان يكون
الصبي مميزا أو غير مميز في بطلان ضمانه ولا بين أن يأذن له الولي في الضمان أو لا وهو قول الشافعي وعن أحمد روايتان إحديهما انه يصح ضمان المميز بإذن الولي كما يصح اقراره
وتصرفاته بإذن وليه والأصل عندنا ممنوع على أن الفرق واقع بين الضمان والبيع فان الضمان التزام مال لا فايدة له فيه فلم يصح منه كالنذر بخلاف البيع ولو قلنا بالرواية الدالة
على نفاذ (جواز) تصرفه في المعروف إذا بلغ عشرا وكان مميزا احتمل جواز الضمان إذا كان في معروف مسألة شرطنا في صحة الضمان كون الضامن أهلا للتبرع فلا يصح ضمان
العبد والمحجور عليه لسفه فإنه لو ضمن لم ينفذ لأن الضمان أما اقراض ان تعقبه الرجوع وإما تبرع ان لم يثبت الرجوع وكلاهما يتبع المحجور عليه لتبذير منه ولأنه اثبات مال
في ذمته فلم يصح منه كالبيع وغيره وبه قال الشافعي وقال بعض العامة يصح ضمانه ويتبع به بعد فك الحجر عنه لأنه مكلف يصح اقراره ويتبع به بعد فك الحجر عنه فكذا ضمانه
والفرق ان الاقرار اخبار بحق سابق وجاز ان يكون في ذمة حق فوجب عليه الاعتراف به بحيث يؤدي بعد فك الحجر عنه بخلاف الضمان فإنه تبرع محض فكان ممنوعا منه كساير
التبرعات وقال بعض أصحاب الشافعي انه يصح الضمان من المحجور عليه للتبذير لأنه اقراض لا محض تبرع لان الشافعي قال إذا ضمن في مرض موته بغير إذن من عليه الحق فهو محسوب من ثلثه
وان ضمن باذنه فهو محسوب من رأس المال لان للورثة ان يرجعوا على الأصيل والحق ما قلناه وان لم يكن تبرعا فإنه ممنوع منه كما منع من البيع وساير التصرفات المالية ولو
اذن له الولي في الضمان فهو كما لو اذن له في البيع وأما المحجور عليه للفلس فإنه يصح ضمانه مع رضي المضمون له ويتبع به بعد فك الحجر لأنه من أهل التصرف والحجر عليه في ماله
لا في ذمته فأشبه الراهن إذا تصرف في غير الرهن وكما لو اقترض أو اشترى في ذمته فإنه لا يزاحم الغرماء مسألة العبد ان اذن له مولاه في الضمان فضمن صح ولا نعلم فيه
خلافا لان الحجر لحق السيد فإذا اذن له فيه زال الحجر وكان كما لو أذن له في الاستدانة فاستدان وان ضمن بغير إذنه فإن لم يكن مأذونا له في التجارة فالأقرب عندي
صحة الضمان كما لو استدان بغير اذن سيده ويتبع به بعد العتق الا ان الفرق بين الدين والضمان ان صاحب المال لو وجد عين ماله كان له انتزاعها منه والمضمون له
ليس له انتزاع المال الذي ضمنه ما دام عبدا لأنه مكلف له قول صحيح وانما منع من التصرف فيما يتعلق بسيده لاشتماله على ضرر سيده والضمان لا ضرر فيه على السيد
لأنه انما يطالب به بعد العتق فلا يمنع منه ولهذا لو أقر بدين في ذمته لزمه الاقرار وكان للمقر له ان يتبعه به بعد العتق ولو أقر بالجناية لم يقبل لا يقال في ذلك اضرار بالسيد
لان السيد يستحق ارث ماله بالولاء إذا أعتق وثبوت الدين يمنع الإرث لأنا نقول حكم الإرث لا يمنع الضمان بخلاف الملك ولهذا لا يمنع الاقرار والملك يمنع
الاقرار فيه وكذا الحر لا يمنع من الضمان لحق ورثته وهو أحد قولي الشافعية والثاني لهم انه لا يصح ضمانه لأنه اثبات مال لادمي بعقد فلم يصح من العبد بغير اذن سيده
كالمهر والفرق ان المهر يتعلق بكسبه والنفقة بالسيد فيضربه على التقديرين والشيخ رحمه الله مال إلى بطلان الضمان لقوله تعالى عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وهو الأصح عند
الشافعية وبه قال ابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة وإن كان مأذونا له في التجارة فحكمه حكم غير المأذون في التجارة في الضمان ان ضمن بإذن سيده صح اجماعا وان ضمن
بغير اذن سيده فالقولان وقال أبو ثور إن كان من جهة التجارة جاز وإن كان من غير ذلك لم يجز مسألة إذا ضمن بإذن سيده صح قولا واحدا وهل يتعلق
المال بالذمة أو الكسب الأقرب الأول لان ذمة العبد محل الضمان فعلى هذا يتبع به بعد العتق ولا يجب على السيد شئ ولا يستكسب العبد فيه كما لو لم يأذن وهو أحد
قولي الشافعية لأنه انما اذن له في الالتزام دون الأداء وأظهرهما عندهم انه يتعلق بما يكسبه العبد بعد الاذن لأنه ثبت بإذن السيد كما لو اذن لعبده في النكاح
يتعلق النفقة والمهر باكتسابه وحكى بعض الشافعية وجها غريبا للشافعية انه يتعلق برقبته فيباع فيه وعن أحمد روايتان إحديهما انه يتعلق برقبة العبد والثانية
وهي الاظهر عنده انه يتعلق بذمة السيد هذا إذا لم يكن مأذونا له في التجارة ولو كان مأذونا له فيها فاذن له في الضمان فكالأول عندنا يتعلق بذمته لما تقدم
من أنه اذن له في التزام المال خاصة دون الأداء وللشافعية وجهان مرتبان على الوجهين في غير المأذون وأولى بان يحال على الذمة لاشعار ظاهر الحال بخلافه وعلى
هذا يتعلق بما يكسبه من بعد اذنه أم به وبما في يده من الربح الحاصل أم بهما وبرأس المال فيه وجوه ثلاثة أشبهها عندهم الثالث وعلى رأي لبعض الشافعية إذا كان
مأذونا له في الضمان تعلق بكسبه والا لم يتعلق الا بالذمة مسألة إذا قال السيد لعبده اضمن واقضه مم تكتسبه صح ضمانه وتعلق المال بكسبه وكذا لو قال للمأذون
له في التجارة اضمن واقض من المال الذي في يدك قضى منه وكذا ان عين مالا وأمره بالقضاء منه وحيث قلنا يؤدي مما في يده لو كان عليه ديون فان المضمون
له ان يشارك الغرماء لأنه دين لزم بإذن المولى فأشبه ساير الديون وهو أحد وجوه الشافعية والثاني لهم ان الضمان لا يتعلق بما في يده أصلا لأنه المرهون بحقوق
87

الغرماء والثالث انه يتعلق بما فضل عن حقوقهم رعاية للجانبين هذا إذا لم يحجر عليه الحاكم ويحتمل عندي ان مال الضمان يقدم على ديون الغرماء لان مولاه عينه
فيه أما لو حجر عليه الحاكم باستدعاء الغرماء ثم ضمن بإذن مولاه وجعل الضمان مما في يده لم يتعلق الضمان بما في يده لتعلق حقوق الغرماء به بمقتضى حجر الحاكم عليه
ولو عين السيد مال الضمان من رقبته تعين كما لو ضمن الحر على أن يؤدي من مال معين فان مال الضمان يتعلق بذلك المال المعين كذا هنا لان الحقوق تتعلق بأعيان
الأموال كالرهن وأما تعلق الضمان بعين ماله دون ذمته فلا يصح وصح هذا في حق العبد لان له ذمة ولو اذن للعبد في التجارة وفي الضمان ولم يعين المال من
أين يؤدى فقد قلنا إن الأقوى تعلقه بذمة العبد ويحتمل بكسبه وبذمة المولى وقال الشافعي يتعلق بما في يده من أموال التجارة فيقضيه منها على الوجه
الذي يتعلق بكسبه وليس بجيد لأنه انما اذن له في الضمان بالاطلاق فهو ينصرف إلى ذمته أو كسبه أو ذمة مولاه مسألة المدبر وأم الولد والمكاتب
المشروط كالقن في الضمان لا يصح الا بإذن سيده لأنه تبرع بالتزام مال فأشبه نذر الصدقة أو نقول يصح ويتبع به بعد العتق على الخلاف الذي سبق كما قلناه
في العبد القن ولو ضمن بإذن سيده صح كما لو اذن للعبد ولان الحق للمكاتب أو للسيد لا يخرج عنهما وقد اتفقا على الضمان فلا مانع ويحتمل ان لا يصح لان فيه
تفويت الحرية والوجه عندي الصحة ان استعقب ضمانه الرجوع كما لو اذن له المضمون عنه في الضمان ويكون الضمان مصلحة لا مفسدة فيه كما لو كان المضمون
عنه معسرا فإنه لا يصح وكما لو تبرع (عجز) لان السيد منعه من التصرف بغير الاكتساب وأما المكاتب المطلق فليس للسيد منعه من الضمان مطلقا كيف شاء لانقطاع تصرفات
المولى عنه ولو كان بعض العبد حرا وبعضه رقا ولا مهاياة بينه وبين السيد لم يكن له الضمان الا باذنه لتعلق حق السيد برقبته وتصرفه وكذا لو كان بينهما مهاياة
وضمن في أيام السيد ولو ضمن في أيام نفسه فالأقرب الجواز وقال بعض الشافعية يجوز ان يخرج ضمان المعتق بعضه على الخلاف في الاكتسابات النادرة هل يدخل في
المهاياة أم لا وضمان المكاتب عند الشافعية بغير اذن السيد كضمان القن وبالإذن مبني على الخلاف في تبرعاته
مسألة إذا اذن السيد لعبده في الضمان
صح وانتقل المال (الضمان) إلى ذمة العبد أو ذمة السيد أو مال العبد الذي في يده لمولاه على الخلاف فان أدي مال الضمان حالة الرق فحق الرجوع للسيد لان الأداء من مال
السيد سواء كان من رقبة العبد أو مما في يده أو من كسبه وان أداه بعد عتقه فحق الرجوع للعبد لأنه أداه من ماله ولو قلنا إنه إذا ضمن بإذن سيده تعلق الضمان بذمة
السيد أو بكسب العبد فالأقرب ان حق الرجوع للسيد أيضا وللشافعية وجهان فيما إذا أدي بعد العتق أصحهما ان حق الرجوع للعبد والثاني انه للسيد لان مال الضمان
كالمستثنى عن اكتسابه فلا يستحقها بالعتق ولو ضمن العبد لسيده عن أجنبي لم يصح لأنه يؤديه من كسبه وكسبه لسيده فهو كما لو ضمن المستحق لنفسه ولو ضمن لأجنبي
عن سيده فإن لم يأذن السيد فهو كما لو ضمن عن أجنبي وان ضمن باذنه صح ثم إن أدي قبل العتق فلا رجوع له وان
أدي بعده ففي رجوعه على السيد احتمال وللشافعية فيه وجهان مبنيان على الوجهين فيما لو اجره عبده مدة ثم أعتقه في ابتدائها أو في أثنائها هل يرجع بأجرة المثل
لبقية المدة (أو لا) مسألة يصح ضمان المراة ولا نعلم فيه خلافا كما يصح ضمان الرجل لأن الضمان عقد يقصد به المال فيصح من المراة كالبيع ولأنها حرة عاقلة مالكة
لأمرها نافذة التصرف في مالها تصح منه الاستدانة وغيرها من التصرفات فيصح منها الضمان كالرجل ولا فرق في صحة ضمانها بين أن تكون خلية من بعل أو تكون ذات بعل ولا (يشترط)
اذن الزوج كما في ساير تصرفاتها وبه قال أكثر أهل العلم من العامة والخاصة وقال مالك انه لا بد من اذن الزوج وليس بمعتمد مسألة المريض يصح ضمانه ولا نعلم فيه
خلافا سواء كان مرض الموت أو لا لكن ان لم يكن مرض الموت وعوفي من مرضه صح ضمانه مطلقا وإن كان مرض الموت فان تبرع بالضمان نفذ من الثلث عند كل من أثبت تبرعاته
من الثلث ومن جعل منجزاته من الأصل أمضاه هنا من الأصل وان لم يتبرع بالضمان بل ضمن بسؤال المضمون عنه كان حكمه حكم ما لو باع نسية والوجه انه ان علم تعذر الرجوع
لفقر (لفقد) المديون بحيث يعلم عدم وصول مال إليه كان ماضيا من الثلث كما لو تبرع والا مضى من الأصل وأطلق بعض العامة احتساب ضمان المريض من الثلث لأنه تبرع
بالتزام مال لا يلزمه ولم يأخذ عنه عوضا فأشبه الهبة ونمنع التبرع في المتنازع النظر الثالث في المضمون عنه مسألة المضمون عنه هو المديون
وهو الأصيل ولا يشترط رضاه في صحة الضمان بالاجماع كما يجوز أداء الدين عن الغير بغير اذنه فالتزامه في الذمة أولى بالجواز ولأنه يصح الضمان عن الميت بالاجماع ولما
تقدم من امتناع النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة على الميت حتى ضمنه أمير المؤمنين علي (ع) ومعلوم انه لا يتصور الرضي من الميت مسألة ولا يشترط حياة المضمون عنه
بل يجوز الضمان عن الميت سواء خلف الميت وفاء أم لا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد لما تقدم من أحاديث العامة عن أمير المؤمنين (ع)
وقتادة لما ضمن الدين عن الميت وما رواه الخاصة أيضا ولان كل من يصح الضمان عنه إذا كان له ضامن صح وان لم يكن له ضامن كما لو خلف وفاء أو كان حيا وقال أبو حنيفة
والثوري لا يصح الضمان عن الميت إذا لم يخلف وفاء بمال أو ضمان ضامن لان الموت مع عدم الوفاء يسقط المطالبة بالحق والملازمة عليه وجب ان يمنع صحة الضمان كالابراء
وهو باطل لان الابراء اسقاط للحق ولهذا لا يصح بعده ابراء وهنا بخلافه ويساعدنا أبو حنيفة فيما إذا ضمن عنه في حياته ثم مات معسرا انه لا يبطل الضمان مسألة
ولا يشترط معرفة المضمون عنه فلو ضمن الضامن عمن لا يعرفه صح ضمانه عند علمائنا وبه قال الشافعي في أصح القولين لما تقدم من أن عليا (ع) وأبا قتادة ضمنا
عمن لا يعرفانه ولان الواجب أداء الحق فلا حاجة إلى معرفة من يؤدي عنه لأنه لا معاملة بينهما في ذلك ولأنه لا يشترط رضاه فلا يشترط معرفته وبه قال احمد أيضا والثاني
للشافعي انه يشترط معرفته ليعرف حاله وانه هل يستحق اصطناع المعروف إليه أو لا وليس بشئ إذا عرفت هذا فهل يشترط معرفة ما يميزه عن غيره الأقرب العدم بل لو قال
ضمنت لك الدين الذي لك على من كان من الناس جاز على اشكال نعم لا بد من معرفة المضمون عنه بوصف يميزه عند الضامن بما يمكن القصد معه إلى الضمان عنه
لو لم يقصد الضمان عن اي من كان تذنيب لو تبرع الضامن بالضمان ورضى المضمون له بضمانه صح الضمان وانعقد وبريت ذمة المضمون عنه ولو أنكر
المضمون عنه الضمان لم يبطل ضمانه وبه قال الشافعي النظر الرابع في المضمون له مسألة المضمون له هو مستحق الدين وهل يشترط معرفته
عند الضامن اشكال ينشأ من عدم التعرض له والبحث عنه في ضمان علي (ع) وأبي قتادة ولان الواجب أداء الحق فلا حاجة إلى ما سوى ذلك ومن انه لا بد وان يعرفه الضامن
ليأمن الغرر فان الناس يتفاوتون في المعاملة والاقتضاء والاستيفاء تشديدا وتسهيلا وتختلف الأغراض في ذلك فالضمان مع اهماله غرر وضرر من غير ضرورة
وللشافعية وجهان أصحهما الثاني عندهم ولا بأس به لحصول المعاملة بين الضامن وبينه بالضمان فافتقر إلى معرفته للحاجة وقال الشيخ رحمه الله في الخلاف لا يشترط معرفة
الضامن المضمون له ولا المضمون عنه واستدل بضمان علي (ع) وأبي قتادة مسألة يشترط رضي المضمون له في صحة الضمان وهو قول أكثر علمائنا وبه قال
أبو حنيفة ومحمد والشافعي في أحد القولين لأنه اثبات مال لآدمي وتجدد سلطنته وولاية لم تكن فلا يثبت الا برضاه أو من ينوب عنه كالبيع والشراء ويبعد ان
88

يتملك الانسان بتمليك الغير شيئا من غير رضاه والقول الثاني للشافعي انه لا يشترط رضاه وهو قول الشيخ رحمه الله لان عليا (ع) وأبا قتادة ضمنا الدين عن الميت والنبي صلى الله عليه وآله لم يسئل
عن رضي المضمون له ثم قال الشيخ رحمه الله ولو قيل إن من شرطه رضي المضمون له كان أولى بدلالة انه اثبات حق في الذمة فلا بد من اعتبار رضاه كساير الحقوق ثم قال والأول
أليق بمذهبنا لان الثاني قياس إذا عرفت هذا فقد قال أبو يوسف بالقول الثاني للشافعي أيضا لأن الضمان محض التزام وليس موضوعا على قواعد المعاملات مسألة
أبو حنيفة وافقنا على اشتراط رضي المضمون له في الضمان الا في مسألة واحدة استثناها وهي ان المريض لو التمس من الورثة ان يضمنوا دينه فأجابوا صح وان لم يرهن
المضمون له مسألة نحن وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين لما اشترطنا في صحة الضمان رضي المضمون له تفرع عندنا فرع وهو انه هل يشترط قبول المضمون
له أو لا بل يكفي في صحة الضمان الرضي اشكال ينشأ من أنه تملك في مقابلة التمليك الضامن فيعتبر فيه القبول كساير التملكات والتمليكات ومن أصالة عدم الاشتراط
مع قيام الفرق بينه وبين ساير التملكات فان الضمان لا يثبت ملك شئ جديد وانما يتوثق به الدين الذي كان مملوكا وينتقض بالرهن فإنه لا يفيد الا التوثيق
ويعتبر فيه القبول وللشافعية قولان كالاحتمالين لكن الأصح عندهم الثاني والأقرب عندي الأول لأنه عقد فلا بد من القبول قال بعض الشافعية يقرب هذا
الخلاف من الخلاف في اشتراط القبول في الوكالة لان كل واحد منهم تجدد سلطنة لم تكن فان شرطنا القبول فليكن بينه وبين الضمان من التواصل ما بين الايجاب
والقبول في سائر العقود وان لم نشترط فيجوز ان يتقدم وقد فرع الجويني على عدم اشتراط رضي المضمون له فقال إذا ضمن من غير رضاه نظر ان ضمن بغير اذن المضمون
عنه فالمضمون له بالخيار ان شاء طالب الضامن وان شاء تركه وإن كان الضمان باذنه فحيث قلنا يرجع الضامن على المضمون عنه على قبوله لان ما يؤديه
في حكم ملك المضمون عنه وحيث قلنا لا يرجع فهو كما لو قال لغيره أد ديني عني ولم يشترط الرجوع وقلنا انه لا يرجع ويستحق المدين والحال هذه ان يمتنع من القبول فيه
وجهان بناء على أن المؤدي يقع فداء أو موهوبا ممن عليه الدين ان قلنا بالثاني لم يكن له الامتناع وهو الأشهر عندهم وقد ظهر من هذا ان للشافعية في اشتراط
المعرفة المضمون له والمضمون عنه ثلاثة أقوال قال بعضهم لا يشترط معرفتهما وقال آخرون يشترط معرفتهما وقال قوم يشترط معرفة المضمون له دون المضمون
عنه إذ لا معاملة معه وزاد الجويني قولا رابعا وهو اشتراط معرفة المضمون عنه دون المضمون له النظر الخامس في حق المضمون به مسألة
يشترط في حق المضمون به امران الأول المالية فلا يصح ضمان ما ليس بمال والضابط فيه ان يكون مما يصح تملكه وبيعه فكما لا يصح بيع المحرمات والربويات وغيرهما مما
تقدم كذا لا يصح ضمانها الثاني الثبوت في الذمة فلو ضمن دينا لم يجب بعد وسيجب بقرض أو بيع أو شبههما لم يصح ولو قال لغيره ما أعطيت فلانا فهو علي لم يصح أيضا
عند علمائنا أجمع وبه قال احمد لأن الضمان ضم ذمة إلى ذمة في التزام الدين فإذا لم يكن على المضمون عنه شئ فلا ضم فيه ولا يكون ضمانا ولأن الضمان شرع لوثيقة الحق فلا
يسبق (لا يستحق) وجوب الحق كالشهادة وللشافعية هنا طريقان أحدهما قال ابن شريح المسألة على قولين القديم انه يصح ضمان ما لم يثبت في الذمة ولم يجب لان الحاجة
قد تمس إليه كما أنه في القديم جوز ضمان نفقة المستقبل وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والجديد المنع وبه قال احمد والثاني القطع بالمنع ويخالف ضمان النفقة
لان النفقة على القديم يجب بالعقد فضمانها ضمان ما وجب لا ما لا يجب مسألة لو قال ضمنت لك ما تبيعه من فلان فباع الشئ بعد الشئ لم يصح هذا الضمان
عندنا وهو أحد قولي الشافعي وفي القديم يصح ويكون ضامنا للكل لان ما من أدوات الشرط فيقتضي التعميم ولو قال إذا بعت من فلان فانا ضامن فإنه يضمن الأول
لا غير لان إذا ليست من أدوات الشرط وقال أبو حنيفة إذا قال لغيره إذا بعت فلانا شيئا فهو علي فباعه شيئا ثم باعه شيئا اخر لزم الضامن المال الأول خاصة ولو قال
ما بعته اليوم فهو علي لزمه ما يبيعه اليوم ولو قال من باع فلانا اليوم فهو علي فباعه رجل لا يلزم الضمان مسألة إذا شرطنا معرفة المضمون له عند ثبوت
الدين فهنا أي في صورة ضمان ما لم يجب أولى وان لم نشترط فللشافعية وجهان وكذا معرفة المضمون عنه وإذا ضمن ما لم يجب فلا يطالب الضامن ما لم يلزم الدين
على الأصيل فيطالب حينئذ عند من جوزه وأما عندنا فلا قال مجوزوه إذا ضمن ما لم يجب ثم رجع عن الضمان فإن كان بعد لزوم المال لم يكن له الرجوع قبله فعن ابن شريح
من الشافعية ان له ان يرجع وقال غيره من الشافعية لا يرجع لان وضع الضمان على اللزوم وعلى قولنا ببطلان ضمان ما لم يثبت لو قال اقرض فلانا كذا وعلي ضمانه فارقضه
قال بعض الشافعية المذهب انه لا يجوز وقال ابن شريح انه يجوز لأنه ضمان مقرون بالقبض مسألة يصح ضمان النفقة الماضية للزوجة سواء كانت نفقة الموسرين أو نفقة المعسرين
وكذا ضمان الادام ونفقة الخادم وساير المؤن لأنها يثبت في الذمة واستقرت بمضي الزمان وكذا يصح ضمان نفقة اليوم الحاضر لأنها تجب بطلوع الفجر وأما النفقة
المستقبلة كنفقة الغد والشهر المستقبل والسنة المستقبلة فإنها غير واجبة في الذمة فلا يصح ضمانها لان النفقة عندنا انما تجب بالعقد والتمكين والتمكين في المستقبل لم يحصل فلم تجب النفقة الا مع حصوله
فيكون ضمانها ضمان ما لم يجب وهو القول الجديد للشافعي وقال في القديم يصح وهو مبني على أن النفقة يجب بالعقد خاصة والأول مبنى على انها تجب بالعقد والتمكين وقال الجويني ان قلنا بالقديم
صح الضمان وان قلنا بالثاني فالأصح البطلان وفيه قول آخر مع تفريعنا على أن ضمان ما لم يجب باطل لان سبب وجوب النفقة ناجز وهو النكاح وفيه اشكال
لان سبب وجوب النفقة إما النكاح أو التمكين في النكاح فإن كان الأول فالنفقة واجبة فكيف قال ولم تجب وإن كان الثاني فالسبب غير موجود مسألة قد بينا ان
نفقة ضمان المدة المستقبلة للزوجة باطل وعلى قول الشافعي بالجواز يشترط امران أحدهما ان يقدر المدة فلو اطلق لم يصح فيما بعد الغد وفي الغد وجهان اخذا
من الخلاف فيما إذا قال اجرتك كل شهر بدرهم ولم يقدر هل يصح في الشهر الأول قولان الثاني ان يكون المضمون نفقة المعسرين وإن كان المضمون عنه موسرا أو متوسطا لأنه
ربما يعسر فالزايدة على نفقة المعسر غير ثابت لأنه يسقط بالعسر وقال بعض الشافعية انه يجوز ضمان نفقة المعسرين والمتوسطين لأن الظاهر استمرار حاله وأما نفقة القريب
للمدة المستقبلة فإنها عندنا أولى بالبطلان لعدم وجوبها وبه قال الشافعي أما نفقة اليوم فالأقرب جواز ضمانها لوجوبها بطلوع الفجر وللشافعي وجهان أحدهما
انه لا يصح والفرق بينها وبين نفقة الزوجة ان سبيل هذه النفقة سبيل البر والصلة لا سبيل الديون ولهذا تسقط بمضي الزمان وضيافة الغير ونفقة
الزوجة نفقة معاوضة فسبيلها سبيل الديون مسألة لا يشترط في المال اللزوم بل مطلق الثبوت سواء كان مستقرا لازما كثمن المبيع إذا كان في الذمة
أو متزلزلا كضمان الثمن في مدة الخيار فإنه يصح ضمانه وهو أصح وجهي الشافعي لأنه ينتهي إلى اللزوم بنفسه فيحتاج فيه إلى التوثيق واصل وضع البيع اللزوم والثاني لا يصح
ضمانه لأنه ليس بلازم ويمنع اشتراط اللزوم وهذا الخلاف بين قولي الشافعي انما هو فيما إذا كان الخيار للمشتري أولهما أما إذا كان الخيار مختصا بالبايع فإنه يصح ضمانه
بلا خلاف لان الدين لازم في حق من هو عليه وهو ممنوع وقال الجويني تصحيح الضمان في بيع الخيار مبنى على أن الخيار لا يمنع نقل الملك في الثمن إلى البايع أما إذا منعه فهو ضمان
ما لم يثبت بعده مسألة الحقوق على أربعة اضرب حق لازم مستقر كالثمن بعد قبض المبيع والأجرة بعد انقضاء المدة والمهر بعد الدخول وهذا يصح ضمانه
89

اجماعا الثاني لازم غير مستقر كالثمن قبل القبض والمهر قبل الدخول والأجرة قبل انقضاء المدة فهذا يصح ضمانه أيضا لأنه لازم في الحال وان جاز ان يسقط كما
يسقط المستقر بالقضاء والابراء وبالرد بالعيب وغير ذلك وكذا السلم يصح ضمانه عندنا وعند الشافعي لأنه دين لازم فصح ضمانه كالقرض وقال أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين
انه لا يصح ضمانه لأنه يؤدي إلى استيفاء المسلم فيه من غير المسلم إليه فلا يجوز كالحوالة به والفرق انه في الحوالة يطالب ببدل الحق وفي الضمان يطالب بنفس الحق الثالث
ما ليس بلازم ولا يؤول إلى اللزوم كالكتابة عند بعض علمائنا الرابع ما ليس بلازم ولكن يؤول إلى اللزوم كمال
الجعالة مسألة الأقرب عندي انه يصح
ضمان مال الكتابة وهو إحدى الروايتين عن أحمد وبه قال أبو حنيفة والشافعي في وجه وخرجه بن شريح على ضمان ما لم يجب ووجد (وجه) سبب وجوبه وقال بعضهم انه مأخوذ
من تجويز ضمان الجعل في الجعالة على إحدى الروايتين لأنه دين على المكاتب فصح ضمانه كسائر الديون عليه وعلى غيره والمشهور من مذهب الشافعي واليه مال الشيخ رحمه الله واحمد في
الرواية الأخرى انه لا يصح لان مال الكتابة ليس بلازم ولا يؤول إلى اللزوم فان للمكاتب ان يعجز نفسه ويمتنع من أدائه فإذا لم يلزمه الأصيل فالضمين أولى ويمنع عدم لزومه
وان للمكاتب تعجيز نفسه بل يجب عليه القيام في المال لأنه قد صار دينا عليه تذنيب مسألة لو ضمن انسان عن المكاتب غير نجوم الكتابة فإن كان الدين لأجنبي صح الضمان
فإذا أدى الضامن رجع على المكاتب إن كان قد ضمن باذنه وان ضمنه لسيده جاز أيضا والشافعي بناه على أن ذلك الدين هل يسقط بعجره وهو على وجهين ان قلنا
نعم لم يصح كضمان النجوم والا جاز مسألة في ضمان ما ليس بلازم في الحال وله مصير إلى اللزوم والأصل في وضعه الجواز كمال الجعالة فنقول ان ضمن قبل الشروع في العمل
لم يصح الضمان لأنه ضمان ما لم يجب إذ العقد غير لازم والمال الثابت بالعقد غير ثابت في الذمة فكيف يلزم فرعه وان ضمن بعد فراغ العمل واستحقاقه للمال صح
ضمانه قطعا لأنه ضمان ما قد ثبت وجوبه وان ضمن بعد الشروع في العمل وقبل اتمامه فالأقرب جواز الضمان لوجود سبب الوجوب ولانتهاء الامر فيه إلى اللزوم كالثمن
في مدة الخيار وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما عنده المنع لان الموجب للجعل هو العمل إذ به يتم الوجوب فكأنه لا ثبوت له قبل العمل وقال بعض الشافعية يمكن بناء
الوجهين على الوجهين في جواز رجوع المالك بعد الشروع في العمل فنقول ان لم نجوز الرجوع فقد لزم الجعل من قبله وان جوزناه لم يصح ضمانه وأما مال المسابقة
والمنازلة فمبني على أن عقدهما جعالة أو اجارة وإن كان اجارة صح الضمان وإن كان جعالة فهو كضمان الجعل وقال الشيخ رحمه الله واحمد يصح ضمان مال الجعالة والمسابقة
لأنه يؤول إلى اللزوم ولقوله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم ولأنه يؤل إلى اللزوم إذا عمل العمل وانما الذي لا يلزم العمل والمال يلزم لوجوده والضمان للمال دون العمل
وكلامه يشعر بجواز الضمان قبل الشروع في العمل مسألة يصح ضمان أرش الجناية عند علمائنا سواء كان من النقدين أو من الإبل أو من غيرهما من الحيوانات
وبه قال احمد لأنه ثابت مستقر في الذمة فصح ضمانه كغيره من الحقوق الثابتة في الذمم وكغير الحيوانات من الأموال وقال أصحاب الشافعي إذا لم نجوز ضمان المجهول ففي
ضمان ابل الدية وجهان ويقال قولان أحدهما لا يصح لأنه مجهول الصفة واللون والثاني انه صحيح ونمنع بطلان ضمان المجهول سلمنا لكن نمنع الجهالة فان الإبل الواجبة في
الذمة عن النفس والأعضاء والجراحات معلومة العدد والسن وجهالة اللون وغيره من الصفات الباقية لا يضر لان الذي يلزمه أدنى لون أو صفة أو غالب ابل البلد
فتحصل معلومة ولان جهل ذلك لا يمنع وجوبه بالاتلاف فلم يمنع وجوبه بالالتزام ولأن الضمان تلو الابراء والابراء عنها صحيح فكذا الضمان وهذا الوجه عند الشافعية
أظهر حتى أن بعضهم قطع به تذنيب إذا كان الضمان بحيث يقتضي الرجوع كما إذا ضمن بسؤاله فإنه يرجع بالحيوان وللشافعية خلاف كما وقع في اقتراض الحيوان
وهل يصح ضمان الدية على العاقلة قبل تمام السنة الأقرب جوازه لان سبب الوجوب ثابت وقال الشافعية لا يجوز لأنها غير ثابتة مسألة إذا ضمن عينا لمالكها وهي في يد غيره
فإن كانت أمانة لم يتعد فيها الأمين لم يصح الضمان كالوديعة والعارية غير المضمونة ومال الشركة والمضاربة والعين التي تدفعها إلى الصايغ والمال في يد الوكيل والوصي
والحاكم وأمينه إذا لم يقع منهم تعد أو تفريط عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لأنها غير مضمونة العين ولا مضمونة الرد وانما الذي يجب على الأمين مجرد التخلية وإذا
لم يكن مضمونة على ذي اليد فكذا على ضامنه ولو ضمنها ان تعدى فيها لم يصح لأنه ضمان ما لم يجب ولم يثبت في الذمة فيكون باطلا كما لو ضمن عنه ما يدفعه إليه
غدا قرضا وقال احمد يصح ضمانه فعلى هذا ان تلفت بغير تعد من القابض ولا تفريط لم يلزم الضامن شئ لأنه فرع المضمون عنه والمضمون عنه لا يلزمه شئ وان تلفت بتعد
أو تفريط يلزمه ضمانها ولزم الضامن ذلك لأنها مضمونة على من هي في يده فلزم ضامنه كالمغصوب وهذا في الحقيقة ضمان ما لم يجب وقد بينا بطلانه مسألة
الأعيان المضمونة كالمغصوب والمستعار مع التضمين أو كونه أحد النقدين والمستام والأمانات إذا خان فيها أو تعدى فله صورتان الأولى ان يضمن رد أعيانها
وهو جايز لأنه ضمان مال مضمون على المضمون عنه وبه قال أبو حنيفة واحمد والمشهور عند الشافعية تخريجه على قول كفالة الأبدان ومنهم من قطع بالجواز مع اثبات
الخلاف في كفالة الأبدان والفرق ان حضور الخصم ليس مقصودا في نفسه وانما هو ذريعة إلى تحصيل المال فالتزام المقصود أولى بالصحة من التزام الذريعة
إذا ثبت هذا فان ردها الضامن أو الغاصب برئ من الضمان وان تلفت وتعذر الرد فهل عليه قيمتها فيه للشافعية وجهان كالوجهين في وجوب الغرم على
الكفيل ان لم يكن متعديا حكى الجويني فيه وجهين ولو ضمن تسليم المبيع وهو في يد البايع جرى الخلاف في الضمان فان صححناه وتلف انفسخ البيع فإن كان لم يوفر المشتري الثمن لم
يطالب الضامن بشئ وإن كان قد وفره عاد الوجهان في أن الضامن هل يغرم فان أغرمناه فيغرم الثمن أو أقل الأمرين من الثمن وقيمة المبيع للشافعية وجهان أظهرهما عندهم
الأول بان يضمن قيمتها لو تلفت والأقوى عندي الصحة لان ذلك ثابت في ذمة الغاصب فصح الضمان وقالت الشافعية يبني ذلك على أن المكفول ببدنه إذا مات
هل يغرم الكفيل الدين ان قلنا نعم صح ضمان القيمة لو تلفت العين والا لم يصح وهو الأصح عندهم ولو تكفل ببدن العبد الجاني جناية توجب المال فهو كما لو ضمن عينا من
الأعيان وجزم بعض الشافعية بالمنع هنا وفرق بان العين المضمونة مستحقة ونفس العبد ليست مستحقة وانما المقصود تحصيل الأرش من بدنه وبدله مجهول ولو
باع شيئا بثوب أو دراهم معينة فضمن ضامن عهدة المبيع حتى إذا خرج مستحقا رد عليه الثمن وهو قائم في يد البايع فهذا من صور ضمان الأعيان فان تلف في يد البايع فضمن
قيمته فهو كما لو كان الثمن في الذمة وضمن العهدة ولو رهن ثوبا من انسان ولم يقبضه فضمن رجل تسليمه لم يصح لأنه ضمان ما لم يجب إذا عرفت هذا فقد اختلف قول الشافعية
في صحة ضمان الأعيان المضمونة كالغصب وشبهه فقال بعضهم يصح وبه قال أبو حنيفة واحمد على ما تقدم لأنها مضمونة على من هي في يده فهي كالديون الثابتة
في الذمة والثاني لا يصح ضمانها لأنها غير ثابتة في الذمة وانما يصح ضمان ما كان ثابتا في الذمة ووصفنا إياها بأنها مضمونة معناه انه يلزمه قيمتها بتلفها
والقيمة مجهولة وضمان المجهولة لا يجوز مسألة للشيخ رحمه الله قولان في ضمان المجهول قال في الخلاف لا يصح وبه قال ابن أبي ليلى والثوري والليث واحمد لأنه اثبات
مال في الذمة بعقد لآدمي فلم يصح في المجهول كالبيع وكما لو قال ضمنت لك بعض مالك على فلان وقال في النهاية لو قال انا اضمن لك ما يثبت لك عليه ان لم يأت به
90

إلى وقت كذا ثم لم يحضره وجب عليه ما قامت به البينة للمضمون عنه ولا يلزمه ما لم تقم به البينة مما يخرج به الحساب في دفتر أو كتاب وانما يلزمه ما قامت له به البينة أو يحلف
خصمه عليه فان حلف على ما يدعيه واختار ذلك هو وجب عليه الخروج منه وهذا يشعر بجواز ضمان المجهول وبه قال أبو حنيفة ومالك وعن أحمد روايتان وللشافعية طريقان
أحدهما انه على القولين القديم انه يصح والجديد المنع والثاني القطع بالمنع واحتج المجوزون بقوله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم وحمل البعير مجول ويختلف
باختلاف الأجناس والعموم قوله تعالى الزعيم غارم ولأنه التزام حق في الذمة عن معاوضته فصح مع الجهالة كالنذر والاقرار ولأنه يصح تعليقه بغرر وخطر وهو ضمان العهدة
وكما إذا قال لغيره الق متاعك في البحر وعلي ضمانه أو قال ادفع ثيابك إلى هذا وعلي ضمانها فصح في المجهول كالعتق والطلاق تذنيب ان قلنا بصحة ضمان المجهول فإنما يصح في صورة
يمكن العلم فيها بعد ذلك كما لو قال انا ضامن للدين الذي عليك أو انا ضامن لثمن ما بعت من فلان وهو جاهل بالدين والثمن لان معرفته ممكنة والخروج عن العهدة
مقدور عليه أما لو لم يمكن الاستعلام فان الضمان فيه لا يصح قولا واحدا كما لو قال ضمنت لك شيئا مما لك على فلان مسألة الابراء عندنا من المجهول يصح لأنه اسقاط
عما في الذمة بل هو أولى من ضمان المجهول لأن الضمان التزام والابراء اسقاط والخلاف المذكور للشافعية في ضمان المجهولات لهم في الابراء وذكروا الخلاف في
الابراء مأخذين أحدهما الخلاف في صحة شرط البراءة من العيوب فان العيوب مجهولة الأنواع والاقدار والثاني ان الابراء محض اسقاط كالاعتاق أو هو تمليك للمديون
ما في ذمته ثم إذا ملكه يسقط وفيه قولان ان قلنا إنه اسقاط صح الابراء عن المجهول كما ذهبنا نحن إليه وبه قال أبو حنيفة ومالك وان قلنا تمليك لم يصح وهو ظاهر
مذهب الشافعي وخرجوا على هذا الأصل مسائل آ: لو عرف المبري قدر الدين ولم يعرفه المبرء عنه هل يصح أم لا وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الوكالة ب: لو كان له دين على
اثنين فقال أبرأت أحدكما ان قلنا إنه اسقاط صح وطولب بالبيان وان قلنا تمليك لم يصح كما لو كان في يد كل واحد منهما ثوب فقال ملكت أحدكما الثوب الذي في
يده ج: لو كان للأب دين على شخص فأبرأه الولد وهو لا يعلم موت أبيه ان قلنا إنه اسقاط صح كما لو قال لعبد أبيه أعتقتك وهو لا يعلم موت الأب وان قلنا إنه تمليك فهو كما
لو باع مال أبيه على ظن أنه حي وهو ميت د: الابراء إذا كان اسقاطا لم يحتج إلى القبول وهو ظاهر مذهب الشافعي وان قلنا إنه تمليك أيضا لأنه وإن كان تمليكا فالمقصود
منه الاسقاط فان اعتبرنا القبول ارتد بالرد وان لم نعتبره ففي ارتداده بالرد وجهان للشافعية وعندنا انه لا يرتد واحتج بعض الشافعية على أن الابراء تمليكا بأنه لو
قال للمديون ملكتك ما في ذمتك صح وبرئت ذمته من غير نية وقرينة ولولا أنه تمليك لافتقر إلى نية أو قرينة كما إذا قال العبد ملكتك رقبتك أو لزوجته ملكتك
نفسك فإنه يحتاج عندهم إلى النية ولا يتأتى ذلك على مذهبنا لان العتق والطلاق لا يقعان بالكناية وان الابراء عندنا اسقاط محض ولا يعتبر فيه رضي المبراء ولا
اثر لرده تذنيب لو اغتاب شخص غيره ثم جاء إليه فقال اني اغتبتك فاجعلني في حل ففعل وهو لا يدري بم اغتابه فللشافعية وجهان أحدهما انه يبرأ لان هذا اسقاط
محض فصار كما لو عرف ان عبدا قطع عضوا من عبده ولم يعرف عين العضو المقطوع فعفى عن القصاص يصح والثاني لا يصح لان المقصود حصول رضاه والرضا بالمجهول لا
يمكن بخلاف مسألة القصاص لان العفو عن القصاص مبني على التغليب والسراية واسقاط المظالم غير مبني عليه مسألة إذا منعنا من ضمان المجهول فلو قال
ضمنت مالك على فلان من درهم إلى عشرة فالأقوى الصحة لأن الضمان المجهول إذا أبطلناه فإنما كان باطلا لما فيه من الغرر ومع بيان الغاية ينتفي الغرر فينتفي المقتضي
للفساد ويبقى أصل الصحة سليما عن المبطل وحيث وطن نفسه على تلك الغاية فأي غرر يبقى فيه وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يصح لما فيه من الجهالة فإذا قلنا
بالصحة وكان له عليه عشرة أو أكثر فيلزمه العشرة ادخالا للطرفين في الملتزم وهو المتعارف وهو أحد وجوه الشافعية والثاني انه يلزمه ثمانية اخراجا للطرفين والثالث
تسعة ادخالا للطرف الأول لأنه مبدأ الالتزام وما اخترناه أصحهما عندهم أما لو قال ضمنت لك ما بين درهم وعشرة فان عرف ان دينه لا ينقص عن عشرة صح ضمانه
وكان ضامنا لثمانية وان لم يعرف ففي صحته في الثمانية للشافعية قولان ولو قال ضمنت لك الدراهم التي على فلان وقلنا ببطلان ضمان المجهول وهو لا يعرف قدرها
احتمل صحة ضمان ثلثه لدخولها قطعا في اللفظ على كل حال كما لو قال أجرتك كل شهر بدرهم هل يصح في الشهر الأول للشافعية وجهان وعلى كل هذه المسائل آتية في
الابراء تذنيب هل يجوز ضمان الزكاة عن من هي عليه الأقوى عندي الجواز لأنها دين ثابت لله تعالى فجاز ضمانها والمضمون له هنا الحاكم أو المستحق اشكال وللشافعية
وجه يمنع الضمان لأنها حق لله تعالى فأشبه الكفالة ببدن الشاهد لأداء الشهادة وعلى ما اخترناه هل يعتبر الاذن عند الأداء للشافعية وجهان أظهرهما الاعتبار
تذنيب يجوز ضمان المنافع الثابتة في الذمم كالأموال لأنها مستحقة في ذمة المضمون عنه معلومة فلا مانع من صحة ضمانها كالأموال. البحث الثاني
في ضمان العهدة مسألة من باع شيئا فخرج المبيع مستحقا لغير البايع وجب على البايع رد الثمن ولا حاجة فيه إلى شرط والتزام قال بعض العلماء من الحماقة اشتراط
ذلك في القبالات وان ضمن عنه ضامن ليرجع المشتري عليه بالثمن لو خرج مستحقا فهو ضمان العهدة ويسمى أيضا ضمان الدرك سمط ضمان العهدة لالتزام الضامن
ما في عهدة البايع رده أو لما ذكره صاحب الصحاح فقال يقال في الامر عهدة بالضم اي لم يحكم بعد وفي عقله عهدة اي ضعف فكان الضامن ضمن ضعف العقل والتزام ما
يحتاج إليه فيه من غرم أو ان الضامن التزم رجعة المشتري عليه عند الحاجة واما الدرك فقال في الصحاح الدرك التبعة وقيل سمى ضمان الدرك لالتزامه الغرامة عند ادراك
المستحق عين ماله وهذا الضمان عندنا صحيح إن كان البايع قد قبض الثمن وان لم يكن قد قبض لم يصح وللشافعي في صحة ضمان العهدة طريقان أظهرهما انه على قولين
أحدهما انه لا يصح لأنه ضمان ما لم يجب ولأنه لا يجوز الرهن به فكذا الضمين وأصحهما وهو قول الشافعي في كتاب الاقرار انه صحيح وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لاطباق الناس عليه وايداعه
الصكوك في جميع الأعصار ولان الحاجة تمس إلى معاملة من لا يعرف من الغرماء ولا يوثق بيده وملكه ويخاف عدم الظفر به لو ظهر الاستحقاق فيحتاج إلى التوثيق والثاني
القطع بالصحة ويمنع كون ضمان العهدة ضمان ما لم يجب لأنه إذا ظهر عدم استحقاق البايع للعين ظهر استحقاق الثمن عليه وثبوته في ذمته وانه يجب عليه رد الثمن إلى
المشتري الا انا لم نكن نعرف ذلك لخفاء الاستحقاق عندنا ونمنع عدم جواز الرهن عليه وقد روى داود بن
سرحان عن الصادق (ع) قال سألته عن الكفيل والرهن في بيع
النسيئة قال لا بأس سلمنا لكن الفرق ظاهر لان تجويز الرهن يؤدي إلى أن تبقى العين مرهونة ابدا مسألة قد بينا ان الضمان في عهدة الثمن ودركه إن كان بعد قبض
البايع الثمن صح وبه قال الشافعي في أصح القولين عنده وإن كان قبله فوجهان عنده أصحهما البطلان كما قلناه نحن لان الضامن انما يضمن ما دخل في ضمان البايع ولزمه رده
وقبل القبض لم يتحقق ذلك والثاني الجواز لان الحاجة تمس إليه والضرورة تعود إليه إذ ربما لا يثق المشتري بتسليم الثمن الا بعد الاستيثاق واعلم أن ضمان العهدة
في المبيع يصح عن البايع للمشتري وعن المشتري للبايع أما ضمانه عن البايع للمشتري فهو ان يضمن عن البايع الثمن متى خرج المبيع مستحقا أو رد بعيب أو أرش العيب وأما ضمانه
عن المشتري للبايع فهو ان يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه وان ظهر فيه عيب أو استحق رجع بذلك على الضامن فضمان العهدة في الموضعين ضمان الثمن أو جزء منه
91

عن أحدهما للاخر وحقيقة العهدة الكتاب الذي يكتب فيه وثيقة البيع ويذكر فيه الثمن فغرمه عن الثمن الذي يضمنه مسألة وكما يصح ضمان العهدة للمشترى ويصح
ضمان الصبخة للبايع فإذا جاء المشتري بصبخة ووزن بها الثمن فاتهمه البايع فيها فضمن ضامن النقصان إن كانت الصبخة ناقصة صح الضمان لأنه من ضمان العهدة وكذا
لو ضمن رداءة الثمن إذا شك البايع في أن الثمن الذي دفعه المشتري هل هو من الضرب الذي يستحقه صح فإذا خرج ناقصا طالب البايع الضامن بالنقصان وكذا لو خرج
رديا من غير الجنس الذي يستحقه المشتري فرده على البايع طالب المشتري الضامن بالضرب المستحق له ولو اختلف المتبايعان في نقصان الصبخة فالقول قول البايع مع يمينه
لأصالة عدم القبض فإذا حلف طالب المشتري بالنقصان ولا يطالب الضامن على أقيس الوجهين للشافعية لان للأصل براءة ذمته فلا يطالب الا إذا اعترف بالنقصان
أو قامت عليه البينة ولو اختلف البايع والضامن في نقصان الصبخة صدق الضامن وهو أصح وجهي الشافعية لان الأصل براءة ذمته بخلاف المشتري فان ذمته
كانت مشغولة بحق البايع فالأصل بقاء الشغل ويحتمل تقديم قول البايع لاعتضاده بالأصل ولو باع وشرط كون المبيع من نوع كذا فخرج المبيع من نوع ارداء ثبت للمشتري
الخيار والرجوع بالثمن فإذا ضمن ضامن كان له الرجوع على الضامن أيضا وفيه نظر عندي إذ الثمن هنا لم يكن واجبا على البايع وانما وجب بفسخ المشتري المبيع ولو شرط
كون المبيع كذا رطلا فخرج دونه فان قلنا ببطلان البيع كما هو أحد قولي الشافعي كان للمشتري الرجوع لي ضامن الصبخة عن البايع وان قلنا بان البيع صحيح وثبت للمشتري
الخيار فإذا فسخ رجع على الضامن أيضا وفيه النظر الذي قلناه مسألة لو ضمن رجل عهدة الثمن أو خرج مستحقا كما قلناه في طرف المبيع فإذا خرج الثمن مستحقا كان
للبايع مطالبة الضامن بالعين التي دفعها إلى المشترى إن كان ذلك بعد الدفع وفيما قبله قولان للشافعي تقدما ولو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع مستحقا فلا شك
في صحته كما سبق الا من بعض الشافعية وقد بينا خطاهم فيه أما لو ضمن عهدة الثمن لو خرج المبيع معيبا ورده أو بان فساد البيع بسبب غير الاستحقاق كتخلف شرط معتبر في
المبيع أو اقتران شرط فاسد به فالأقوى عندي عدم الجواز في الصورة التي خرج المبيع فيها معيبا لان وجوب رد الثمن على البايع بسبب حادث وهو الفسخ والضمان سابق
عليه فيكون ضمان ما لم يجب وهو أحد قولي الشافعي وأما إذا ظهر فساد البيع بسبب غير الاستحقاق من تخلف شرط معتبر واقتران شرط فاسد به فالأقوى عندي صحة
الضمان لان الثمن يجب رده على البايع فأشبه ما لو بان الفساد بالاستحقاق وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني لا يصح الضمان لان هذا الضمان انما جوز للحاجة انما تظهر الحاجة في
الاستحقاق لان التجوز عن ظهور الاستحقاق ولا يمكن والتحرز عن سائر أسباب الفساد ممكن بخلاف حالة ظهور الاستحقاق ونمنع امكان التحرز عن جميع أسباب الفساد
فان قلنا بالصحة لو ضمن ذلك صريحا قالت الشافعية فيه وجهان في اندراجه تحت مطلق ضمان العهدة مسألة الفاظ ضمان العهدة أن يقول الضامن
للمشتري ضمنت لك عهدته أو ثمنه أو دركه أو خلصتك منه ولو قال ضمنت لك خلاص المبيع أو العهدة لم يصح ضمان الخلاص لأنه لا يقدر على ذلك حتى خرج مستحقا وفي
العهدة قولا تفريق الصفقة للشافعية وقال أبو يوسف العهدة كتاب الابتياع فإذا ضمن العهدة كان ضمانا للكتاب وهو غلط لان العهدة صار في العرف عبارة عن
الدرك وضمان الثمن وإذا ثبت للاسم عرف انصرف الاطلاق إليه ولو شرط في البيع كفيلا بخلاص المبيع قال الشافعي بطل بخلاف ما لو شرط كفيلا بالثمن ويشترط ان
يكون قدر الثمن معلوما للضامن من أن شرطنا العلم بالمال المضمون فإن لم يكن فهو كما لو لم يكن قدر الثمن معلوما في المرابحة ويصح ضمان المسلم فيه للمسلم إليه ولو خرج رأس المال
مستحقا بعد تسليم المسلم فيه وقبله الشافعية وجهان أصحهما عندهم انه لا يصح ولا يجوز ضمان رأس المال للمسلم لو خرج المسلم فيه مستحقا لان المسلم فيه في الذمة والاستحقاق
لا يتصور فيه وانما يتصور في المقبوض وحينئذ يطالب بمثله لا برأس المال مسألة ضمان المال عندنا ناقل للمال من ذمة المديون إلى ذمة الضامن على ما يأتي
وفي ضمان الأعيان المضمونة والعهدة اشكال أقربه عندي جواز مطالبة كل من الضامن والمضمون عنه بالعين المغصوبة أما الضامن فللضمان وأما المضمون عنه
فلوجود العين في يده أو تلفها فيه وفي العهدة ان شاء المشتري طالب البايع وان شاء طالب الضامن لان القصد هنا بالضمان التوثيق لا غير ولا فرق بين ان يخرج
المبيع مغصوبا وبين ان يكون شقصا قد ثبتت فيه الشفعة ببيع سابق فأخذ الشفيع بذلك البيع ولو بان بطلان البيع بشرط أو غيره ففي مطالبة الضامن للشافعية
وجهان أحدهما يطالب كما لو خرج مستحقا وهو الذي قلنا نحن به والثاني لا يطالب للاستغناء عنه بامكان حبس المبيع إلى استرداد الثمن لان السابق إلى الفهم من ضمان
العهدة هو الرجوع بسبب الاستحقاق وليس بجيد بل بسبب الاستحقاق والفساد ولو خرج المبيع معيبا فرده المشتري ففي مطالبة الضامن بالثمن عندي اشكال وللشافعية
وجهان قالوا وأولى بان يطالب فيه لان الرد هنا بسبب حادث وهو فيه فأشبه ما إذا فسخ بخيار شرط أو مجلس أو تقايلا وهذا إذا كان العيب مقرونا بالعقد أما لو حدث
في يد البايع بعد العقد قال بعض الشافعية لا يطالب الضامن وهو المعتمد عندي لان سبب رد الثمن لم يكن مقرونا بالعقد ولم يوجد من البايع تفريط فيه وفي العيب
الموجود عند البيع سبب الرد ومقرون بالعقد والبايع مفرط بالاخفاء فالحق بالاستحقاق ولو تلف المبيع قبل القبض قبل قبض الثمن وانفسخ العقد فهل يطالب
الضامن بالثمن ان قلنا إن البيع ينفسخ من أصله فهو كظهور الفساد بغير الاستحقاق وان قلنا ينفسخ من حينه فكالرد بالعيب مسألة لو خرج بعض المبيع مستحقا كان
البيع في الباقي صحيحا وللمشتري فسخه على ما تقدم فللشافعي في الصحة البيع في الباقي قولا تفريق الصفقة فعلى ما اخترناه وعلى قوله بالصحة في تفريق الصفقة إذا أجاز
المشتري بالصحة من الثمن طالب المشتري الضامن بحصة المستحق من الثمن وان أجاز بجميع الثمن لم يكن له مطالبة الضامن بشئ وللشافعية قولان في أنه هل يجبر بجميع الثمن أو
بالحصة والحكم على ما قلناه وان فسخ طالب الضامن بحصة المستحق من الثمن وأما حصة الباقي من الثمن فإنه يطالبه بها لبايع وهل له مطالبة الضامن أما عندنا فلا وللشافعي
قولان كما لو فسخ بالعيب وعلى القول الثاني للشافعي في بطلان البيع مع تفريق الصفقة فله طريقان أحدهما انه كما لو ابان فساد العقد بشرط ونحوه والثاني القطع بتوجيه
المطالبة لاستناد الفساد إلى الاستحقاق لان فسخ العقد ثبت له بسبب الاستحقاق وما ثبت له بسبب الاستحقاق يرجع به على ضامن العهدة كما لو كان الكل مستحقا هذا
إذا ضمن بالصيغة المذكورة أولا أما إذا كان قد عين جهة الاستحقاق فقال ضمنت لك الثمن متى خرج المبيع مستحقا لم يطالب بجهة أخرى وكذا لو عين جهة أخرى لا
يطالب عند ظهور الاستحقاق مسألة لو اشترى أرضا وبنى فيها أو غرس ثم ظهر استحقاق الأرض وقلع المستحق البناء والغرس فهل يجب على البايع أرش النقصان
وهو ما بين قيمته قائما ومقلوعا فيه خلاف يأتي والظاهر وجوبه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إن كان البايع حاضرا رجع المشتري بقيمة البناء والغراس عليه
قائما ثم المستحق ان شاء اعطى البايع قيمته وان شاء أمر بقلعه وإن كان البايع غايبا قال المستحق للمشتري ان شئت أعطيتك قيمته مقلوعا والا فاقلعه فان
قلعه رجع المشتري بقيمته على البايع مقلوعا لأنه سلمه إليه مقلوعا وإذا قلنا بوجوب الأرش على البايع فلو ضمنه منه فإن كان قبل ظهور الاستحقاق لم يصح عند الشافعي
لان مجهول ولأنه ضمان ما ليس بواجب وإن كان بعد الاستحقاق وقبل القلع فكمثله وقال أبو حنيفة يصح في الصورتين فان ضمنه بعد القلع وكان قدره معلوما صح
92

والا فقولان وان ضمن ضامن عهدة الأرض وأرش البناء والغراس في عقد واحد قال الشافعي لم يصح في الأرش وفي العهدة قولا تفريق الصفقة ولو كان البيع بشرط ان
يعطيه كفيلا بهما فهو كما لو شرط في البيع رهنا فاسدا عند الشافعي وقال جماعة من الشافعية ان ضمان نقصان البناء والغراس كما لا يصح من غير البايع لا يصح من البايع
وهذا ان أريد به انه لغو كما لو ضمن العهدة لوجوب الأرش عليه من غير التزام فهو مستمر على ظاهر مذهب الشافعية والا فهو ذهاب منهم إلى أنه لا أرش عليه مسألة
استحقاق رجوع المشتري بالثمن إن كان بسبب حادث بعد العقد كتلف المبيع في يد البايع أو بغصب منه أو تقايل المشتري فان المشتري يرجع هنا على البايع خاصة لان
الاستحقاق لم يكن موجودا حال العقد وانما ضمن في العقد الاستحقاق الموجود حال العقد ومن جوز ضمان ما لم يجب جعل للمشتري هنا الرجوع على الضامن وإن كان
هذا الاستحقاق للثمن بسبب كان موجودا حال العقد فإن كان لا بتفريط من البايع كالشفعة فان اخذ الشقص من المشتري رجع المشتري عليه ولا يرجع على البايع ولا على الضامن
لان الشفعة مستحقة على المشتري وإن كان بتفريطه فإن كان المشتري رد بعيب كان موجودا حال العقد رجع على البايع وفي رجوعه على الضامن اشكال وللشافعية وجهان
وإن كان فيه عيب وحدث فيه عند المشتري عيب فليس له رده وله الرجوع بأرش العيب ويرجع به على البايع وفي رجوعه على الضامن الاشكال السابق والوجهان
للشافعية مسألة لو ضمن البايع له ما يحدث المشتري في المبيع من بناء أو غرس أو ما يلزمه من غرامة عن اجرة ونفع فالأقرب صحة الضمان وبه قال أبو حنيفة واحمد لان
ضمان ما لم يجب عندهما وضمان المجهول صحيحان وعندنا ان ضمان المجهول صحيح وضمان ما لم يجب باطل لكن نمنع هنا كون المضمون غير واجب وقال الشافعي لا يصح لأنه
مجهول ولم يجب وكلاهما لا يصح ضمانه فعلى قوله إذا ضمن ذلك البايع في عقد البيع أو ضمنه غيره وشرط ذلك في العقد فسد به العقد عنده وكذا إن كان في زمن
الخيار وإن كان بعد لزوم العقد لم يصح ولم يصح ولم يؤثر في العقد وان ضمن ذلك مع العهدة فإن كان البايع لم يصح ضمان ما يحدث عنده والعهدة واجبة عليه بغير ضمان
إن كان أجنبيا فسد ضمان ما يحدث عنده البحث الرابع في احكام الضمان وهي أربعة مطالبة المستحق والضامن والرجوع وما يرجع به ففيها أربعة انظار
الأول الضمان عندنا ناقل للمال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن فللمضمون له مطالبة الضامن بالمال وليس له مطالبة المضمون عنه عند علمائنا أجمع
وبه قال ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود وأبو ثور لما رواه العامة عن أبي سعيد الخدري انه كان مع النبي صلى الله عليه وآله في جنازة فلما وضعت قال هل على صاحبكم من دين
قالوا نعم درهما فقال صلوا على صاحبكم فقال علي (ع) يا رسول الله صلى الله عليك صل عليه وانا لهما ضامن فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى عليه
ثم اقبل على علي (ع) فقال جزاك الله عن الاسلام خيرا وفك رهانك كما فككت رهان أخيك فقلت يا رسول الله هذا لعلي خاصة أم للناس عامة قال للناس عامة
فدل على أن المضمون عنه برئ وعن جابر قال توفي صاحب لنا فاتينا به النبي صلى الله عليه وآله ليصلي عليه فخطا خطوة ثم قال أعليه دين قلنا نعم ديناران فانصرف فحملهما أبو قتادة فقال الديناران علي
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وجب حق الغريم وبرئ الميت منهما قال نعم فصلى عليه ثم قال بعد ذلك ما فعل الديناران قال انما مات أمس قال فعاد إليه من الغد فقال قد قضيتهما
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الان بردت جلده ومن طريق الخاصة ما رواه عطا عن الباقر (ع) قال قلت له جعلت فداك ان علي دينا إذا ذكرته فسد علي ما
انا فيه فقال سبحان الله أو ما بلغك ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول في خطبته من ترك ضياعا فعلي ضياعه ومن ترك دينا فعلي دينه ومن ترك مالا فلله فكفالة رسول الله صلى الله عليه وآله ميتا
ككفالته حيا وكفالته حيا ككفالته ميتا فقال الرجل نفست عني جعلني الله فداك فلولا براءة ذمته من الدين لم يحصل له نفع بالضمان ولا تنفس عنه كربه ولأنه دين
واحد فمحله واحد فإذا صار في ذمة الضامن برئت ذمة الأول كالمحال به وذلك لان الواحد لا يحل في محلين وثبوت دين اخر في ذمة الضامن يقتضي تعدد الدينين وقال
عامة الفقهاء كالثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأبي عبيد وأصحاب الرأي ان المضمون عنه لا يبرء من المال وللمضمون له مطالبته من شاء من الضامن ومن المضمون
عنه لقوله صلى الله عليه وآله لأبي قتادة حين قضى الدين عن الميت الان بردت عليه جلده وقوله (ع) نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه ولأن الضمان يفارق الحوالة باسم فاختص
عنها بحكم يخالفها وقوله لأبي قتادة انما كان لأنه بالقضاء تحقق فايدة الضمان وعلم ابراء دمة الميت وصح الحكم منه صلى الله عليه وآله ببرد جلده والضمان عنه قضاء أيضا والفرق بالاسم
لا يستلزم ما ذكروه لجواز اختصاص الضمان بأمور لا يثبت في الحوالة مسألة ليس للمضمون له مطالبة المضمون عنه بل يطالب الضامن خاصة عندنا
وقال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وغيرهم يرجع على من شاء من الضامن والمضمون عنه وقال مالك انه لا يطالب الضامن الا إذا عجز عن تحصيله من الأصيل لغيبة أو
اعساره لأن الضمان وثيقة فلا يستوفي الحق منها الا عند تعذره كالرهن واحتج الشافعي بان الحق ثابت في ذمة
كل منهما فكان له مطالبته كالضامنين ولا يشبه الرهن
لأنه مال من عليه الحق وليس بذي ذمة يطالب وانما يطالب من عليه الحق فيقضي منه أو من غيره هذا إذا ضمن مطلقا ولو ضمن بشرط براءة الأصيل ففي صحته
عند الشافعية وجهان أشبههما عندهم المنع لأنه قرن به شرطا يخالف مقتضى الضمان والثاني يصح لما روى أنه لما ضمن أبو قتادة الدينارين عن الميت فقال النبي صلى الله عليه وآله هما عليك وجب
حق الغريم وبرئ الميت فقال نعم فصلى عليه وهذا عندنا ساقط لأنا نقول ببراءة الأصيل وان لم يشترطه فلا فايدة لهذا الشرط عندنا واما عند الشافعي فوجهان
كما قلنا فعلى تقدير الصحة في صحة الشرط وجهان عندهم يشبهان الخلاف في براءة المحيل إذا أحال على من لا دين عليه وقلنا بصحة هذه الحوالة وقد يعكس بعض
الشافعية الترتيب فيقول في صحة الشرط وجهان ان فسد ففي فساد الضمان وجهان وإذا صححنا العقد والشرط برئ الأصيل وكان للضامن الرجوع عليه في الحال ان
ضمن باذنه لأنه حصل له براءة ذمته كما لو أدى وعندنا ينبغي ان لا يكون بل يرجع عليه مع الأداء مسألة إذا ابراء المالك للدين ذمة الضامن برء الأصيل
عند علمائنا لأن الضمان عندنا ناقل للدين من ذمة الأصيل إلى ذمة الضامن وليس للضامن ان يرجع على المضمون عنه الا بما أداه فإذا أسقط الدين عنه
لم يؤد شيئا فلم يرجع بشئ ولو تعدد الضمناء على الترتيب بان ضمن الدين ضامن ثم ضمن الضامن ضامن اخر فإذا أبرأ الضامن الأخير بري الأصيل ومن تفرع عليه عندنا
لما تقدم ولو ابراء المستحق للدين ذمة الأصيل لم يبرأ الضامن لان الحق سقط عن ذمة الأصيل بالنسبة إلى صاحب الدين فلا يصادف الابراء استحقاقا فلا يكون
صحيحا ولو ابراء المستحق الضامن الأوسط لم يبرأ الأخير وقال العامة إذا ابراء المستحق الأصيل برئ الضمناء بسقوط الحق كما لو أدى الأصيل الدين أو أحال مستحق الدين
على انسان أو أحال المستحق غريمه عليه وكذا يبرء ببرائته ضامن الضامن ولو ابراء الضامن لم يبرء الأصيل عندهم لان ابراءه اسقاط للوثيقة وذلك لا يقتضي سقوط
أصل الدين كفك الدين وهذا بناء على بقاء الدين في ذمة الأصيل وقد بينا بطلانه مسألة لو ضمن الدين المؤجل فمات الأصيل وحل عليه الدين لم تحل
على الضامن لأنه حي يرتفق بالأجل قاله أكثر الشافعية وقال بعضهم يحل عليه الضامن أيضا لأنه فرع على الأصيل ويحجر الحاكم من تركه الأصيل بقدر الدين فان تلف ضمن
الوارث كما أن النماء له ولو اخر المستحق المطالبة كان للضامن ان يطالبه بأخذ من تركة الأصيل ولا يجعل في يده لأنه انما يستحق ان يأخذ ما أدى وهو الان لم يؤد
93

شيئا بل يجعل في يد امين أو في يد الورثة مع التضمين ان رأى الحاكم ذلك صلاحا ويطالب المستحق بابراء ذمته لأنه قد يهلك التركة فلا يجد مرجعا إذا غرم وقال بعض
الشافعية ليس للضامن هذه المطالبة وليس بجيد لان الميت عليه دين قطعا لم تبرأ ذمته منه بالكلية اقصى ما في الباب ان المال انتقل من ذمته إلى ذمة الضامن بالنسبة
إلى المضمون له لا مطلقا والديون على الميت تحل قطعا بلا خلاف وليس للمضمون له المطالبة بهذا الدين من التركة عندنا على ما تقدم فيبقى المطالب الضامن خاصة
لكن القبض على ما صورناه ولو مات الضامن حل عليه الدين فان أخذ المستحق المال من تركة الضامن لم يكن لورثته الرجوع على المضمون عنه قبل حلول الأجل
وقال زفر انهم يرجعون عليه لأنه هو أدخلهم في ذلك مع علمه انه يحل بموته وهو غلط لان الدين مؤجل على المضمون عنه فلا يجوز مطالبته به قبل الاجل ولم يدخله
في الحال بل في المؤجل وحلوله بموته بسبب من جهته فهو كما لو قضى قبل الاجل وقال بعض الشافعية لا يحل على الضامن ما لم يحل على الأصيل النظر الثاني
في مطالبة الضامن مسألة إذا ضمن الضامن دينا على رجل من اخر لم يثبت للضامن حق على الأصيل الذي هو المضمون عنه إذا كان قد تبرع بالضمان
وضمن بغير سؤال المضمون عنه لأنه لم يدخله في الضمان وليس للضامن متبرعا مطالبة المضمون عنه بتخليصه من الضمان بل يؤد المال ولا يرجع به على أحد وان لم يكن
متبرعا بالضمان وضمن بسؤال المضمون عنه فهل يثبت للضامن حق عليه ويوجب علقة بينهما للشافعية وجهان أحدهما انه يثبت لأنه اشتغلت ذمته بالحق كما إذا (لما)
ضمن فليثبت له عوضه على الأصيل والثاني لا يثبت لأنه لا يفوت عليه قبل الغرم شئ فلا يثبت له شئ الا بالغرم إذا عرفت هذا فإن كان المضمون له يطالب
الضامن بأداء المال فهل للضامن مطالبة الأصيل بتخليصه قال أكثر الشافعية نعم كما أنه يغرم إذا غرم وقال القفال لا يملك مطالبته به وهو الأقوى عندي
إذا الضامن انما يرجع بما أدى فقبل الأداء لا يستحق الرجوع فلا يستحق المطالبة وإن كان المضمون له لم يطالب الضامن فهل للضامن ان يطالب المضمون عنه
بالتخليص للشافعية وجهان أحدهما نعم كما لو استعار عينا ليرهنها ورهنها فان للمالك المطالبة بالفك ولان عليه ضررا في بقائه لأنه قد يتلف مال المضمون عنه
فلا يمكنه الرجوع عليه وأصحهما عندهم انه ليس له المطالبة لأنه لم يغرم شيئا ولا توجهت عليه مطالبة والضمان تعلق بذمته وذلك لا يبطل شيئا من منافعه فإذا
لم يطالب لم يطالب بخلاف الرهن فان الرهن محبوس بالدين وفيه ضرر ظاهر ومعنى التخليص ان يؤدي دين المضمون له ليبرء ببرائة الضامن قال ابن شريح إذا قلنا ليس له
مطالبته بتخليصه فللضامن أن يقول للمضمون له إما ان تطالبني بحقك أو تبرئني مسألة إذا ضمن بسؤاله كان له الرجوع إذا غرم وليس له الرجوع قبل الغرم
وللشافعية في أنه هل يمكن الضامن من تغريم الأصيل قبل ان يغرم وجهان بناء على الأصل المذكور ان أثبتنا له حقا على الأصيل بمجرد الضمان فله أخذه والا فلا إذا
ثبت هذا فان أخذ الضامن من المضمون عنه عوضا عما يقضي به دين الأصيل قبل ان يغرم الأقرب انه لا يملكه لجواز السقوط بالابراء فيكون للأصيل وللشافعية
وجهان بناء على الأصل السابق ولو دفعه الأصيل ابتداء من غير خبر ومطالبة فان الضامن لا يملكه كما قلناه أولا فعليه رده وليس له التصرف فيه ولو هلك عنده
ضمن كالمقبوض بالشراء الفاسد على اشكال وهو أحد قولي الشافعي وفي الأخر يملكه فله التصرف فيه كالفقير إذا أخذ الزكاة المعجلة لكن لا يستقر ملكه الا بالغرم حتى
لو أبرأه المستحق كان عليه رد ما أخذ كرد الزكاة المعجلة إذا هلك المال قبل الحلول فلو دفعه إليه وقال اقض به ما ضمنت عني فهو وكيل الأصيل والمال أمانة في
يده مسألة لا يجوز للضامن حبس الأصيل لو حبس المضمون له الضامن وهو أصح قولي الشافعي والثاني وبه قال أبو حنيفة للضامن حبس المضمون عنه
بناء على اثبات العلاقة بين الضامن والأصيل وليس بجيد ولو أبرأ الضامن الأصيل عما سيغرم لا يصح الابراء لأنه أبرأ مما لم يجب وعما يتجدد والابراء اسقاط لم يستلزم
الثبوت قبل الابراء وقال الشافعي ان أثبتنا العلاقة بين الضامن والمضمون عنه في الحال صح الابراء والا خرج على الابراء عما لم يجب ووجد سبب وجوبه ولو صالح الضامن الأصيل
عن العشرة التي سيغرمها على خمسة لم يصح وقالت الشافعية ان أثبتنا العلاقة في الحال صح الصلح كأنه اخذ عوض بعض الحق وابراء عن الباقي والا لم يصح ولو ضمن ضامن
عن الأصيل للضامن بما ضمن احتمل صحة الضمان لان حق الضامن وان لم يكن ثابتا الا ان سبب ثبوته موجود وبطلانه ولو رهن الأصيل عند الضامن شيئا
بما ضمن ففي الصحة اشكال والمنع في هذه المسائل كلها عند الشافعية أصح الوجهين ولو شرط في ابتداء الضمان ان يعطيه الأصيل ضامنا ففي صحة الشرط للشافعية وجهان
ان صح فان أدى الضامن وأعطاه ضامنا فذاك والا فله فسخ الضمان وان فسد فسد به الضمان على أصح الوجهين النظر الثالث في الرجوع مسألة من كان
عليه دين فأداه غيره عنه تبرعا بغير اذنه من غير ضمان لم يكن له الرجوع به لأنه متبرع بفعله بخلاف ما لو (أوجر)؟ طعامه المضطر فإنه يرجع عليه وان لم يأذن المضطر لأنه ليس متبرعا
بذلك بل يجب عليه اطعام المضطر استبقاء لمهجته ويخالف الهبة فان في اقتضائها الثواب خلافا يأتي لان الهبة متعلقة باختيار المتهب ولا اختيار للمديون هنا وبه
قال الشافعي وقال مالك انه يثبت له الرجوع الا إذا أدى العدو دين العدو فإنه يتخذه ذريعة إلى ايذائه بالمطالبة وان أداه بإذن المديون فان شرط الرجوع ثبت
الرجوع وان لم يجر شرط الرجوع بينهما ففي الرجوع اشكال ينشأ من أنه لم يوجد منه سوى الاذن في الأداء وذلك لا يستلزم الرجوع إذ ليس من ضرورة الأداء الرجوع لانتفاء
الدلالات الثلاث في الأداء على الرجوع ومن أن العادة قاضية في المعاملات بان الرجوع تابع للاذن في الأداء والدافع جرى في ذلك على قانون العادات والثاني
أصح وجهي الشافعية فان بعض الشافعية يقرب هذا الخلاف من الخلاف في أن الهبة المطلقة هل يقتضي الثواب ويرتبه عليه والحكم بالرجوع أولى من الحكم بالثواب ثم لان الهبة مصرحة
بالتبرع والأداء بخلافه ولان الواهب مبتدي بالتبرع والأداء ههنا مسبوق بالاستدعاء الذي هو كالقرينة المشعرة بالرجوع وأيضا في الهبة قول فارق بين ان
يكون الواهب ممن يطمع مثله في ثواب المتهب أو لا يكون فخرج وجه ثالث للشافعية مثله هنا مسألة إذا كان عليه دين فضمنه ضامن عنه ويؤدي المال عنه
إلى المضمون له فأقسامه أربعة آ: ان يضمن بإذن الأصيل ويؤدي باذنه ب: ان يضمن متبرعا من غير سؤال ويؤدي كذلك ج: ان يضمن متبرعا ويؤدي بسؤال د:
ان يضمن بسؤال ويؤدي متبرعا فالأول يرجع الضامن فيه على المضمون عنه سواء قال له المضمون عنه اضمن عني أو أد عني أو اطلق وقال اضمن وأد عند علمائنا أجمع وبه
قال الشافعي ومالك واحمد وأبو يوسف لأنه صرف ماله إلى منفعته بأمره فأشبه ما لو قال اعلف دابتي فعلفها ولأنه ضمن باذنه فأشبه ما إذا كان مخالطا له أو قال
اضمن عني وقال أبو حنيفة ومحمد انما يرجع إذا قال اضمن عني وأد عني ولو لم يقل أد عني لم يرجع الا ان يكون مخالطا له يستقرض منه ويودع عنده أو يكون مخالطا له بشركة
أو زوجية ونحوهما لأنه إذا قال اضمن عنى وأد عنى كان قوله هذا اقرارا منه بالحق وإذا اطلق ذلك صار كأنه قال هب لي هذا أو تطوع علي به وإذا كان مخالطا له رجع استحسانه
لأنه قد يأمر مخالطه بالنقل عنه وليس بصحيح لأنه أذا امره بالضمان لا يكون إلا لما هو عليه لان امره انما يكون بذلك وأمره بالنقل بعد ذلك ينصرف إلى ما ضمنه بدليل
المخالطة له فيجب عليه أداء ما أدى عنه كما لو صرح به وليس هذا أمرا بالهبة هذا إذا عرف من الاطلاق إرادة الضمان عنه ولم يعرف ذلك ولا وجد قرينة تدل عليه فالوجه
94

ما قاله أبو حنيفة ومحمد مسألة لا فرق في ثبوت الرجوع بين ان يشترط الرجوع أو لا يشترط وبه قال أكثر الشافعية وقال الجويني يحتمل في القياس ان ينزل الاذن في الضمان
أو الأداء منزلة الاذن في الأداء من غير ضمان حتى نقول إن شرط الرجوع ثبت له الرجوع والا فلا كما في الاذن في الأداء من غير سبق ضمان وان لم يشترط فعلى الخلا ف
والمعتمد ما قلناه مسألة لو تبرع بالضمان والأداء معا فإنه لا يرجع الضامن على المضمون عنه بما أداه عند علمائنا كافة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة
وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لحديث علي (ع) وأبي قتادة بان النبي صلى الله عليه وآله صلى على الميتين بعد ضمانهما ما عليهما ولو كان لهما الرجوع لما صلى لبقاء
الدين في ذمتهما ولأنه صلى الله عليه وآله قال الان بردت جلده على النار ولو بقي الدين لما حصل التبريد ولأنه لو بقي الدين لما قال لعلي (ع) جزاك الله عن الاسلام
خيرا فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك ولولا براءة الذمة لما حصل فك الرهان ولأنه تبرع بذلك فلا يرجع عليه كما لو علف دوابه وأطعم عبيده بغير اذنه وقال
مالك واحمد في الرواية الثانية انه يرجع بما أدى وهو قول عبد الله بن الحسن وإسحاق لأنه قضاء مبرئ من دين واجب فكان من ضمان من هو عليه كالحاكم إذا قضاه
عنه عند امتناعه ولأن الضمان بغير اذنه صحيح فإذا ألزمه الدفع عنه رجع عليه كما لو كان بأمره والفرق بين الضامن والحاكم ظاهر لان للحاكم الاستدانة عن الممتنع والدفع
بخلاف الضامن والفرق بين الامر بالضمان والأداء وعدمه فلا يصح القياس مسألة لو ضمن متبرعا بغير سؤال وأدى المال بالسؤال لا يرجع هنا أيضا عند
علمائنا وهو أظهر وجهي الشافعية لان الدين لزمه بتبرعه فان اللزوم باعتبار الضمان ولم يأذن فيه وأمره بالقضاء انصرف إلى ما وجب عليه بالضمان كما لو امره بقضاء دينه
الذي وجب عليه بالأصالة كما لو إذن غير المضمون عنه وللشافعي وجه اخر انه يرجع وبه قال احمد لأنه دفع بأمره فأشبه ما إذا ضمن بأمره وما إذا لم يكن
ضامنا ولأنه أسقط الدين عن الأصيل باذنه وليس بصحيح لأنه لا يملك مطالبته بفكه فلا يرجع عليه إذا فك نفسه والفرق بين ما إذا ضمن باذنه وبغير اذنه ظاهر
فلا يصح القياس والحكم في غير الضامن ممنوع على ما تقدم واسقاط الدين مستند إلى ضمان الذي تبرع به والاذن انما كان في اسقاط الدين عن الضامن لا عنه وبعض
الشافعية رتب الوجهين على الوجهين فيما إذا أدي دين الغير بإذنه من غير ضمان ومن غير شرط الرجوع قال وهذه الصورة أولى بمنع الرجوع لان الاذن في الأداء بعد
اللزوم بالضمان في حكم اللغو وذكر احتمالين فيما إذا إذن في الأداء بشرط الرجوع والحال هذه أحدهما يرجع كما لو إذن في الأداء بهذا الشرط من غير ضمان والثاني
ان الأداء مستحق بالضمان والمستحق بلا عوض لا يجوز ان يقابل بعوض كساير الحقوق الواجبة مسألة لو ضمن بسؤال وأدى بغير سؤال ولا إذن فإنه يرجع الضامن
عليه عند علمائنا وبه قال مالك واحمد والشافعي في أحد الوجوه لان الضامن لم يتبرع بالضمان بل نقل المال إلى ذمته غير متبرع بل بسؤال المضمون عنه والأصل
في الباب الالتزام وقد صادفه الاذن فيكتفي به في الرجوع ولان اذنه في الضمان يتضمن الاذن في الأداء لأن الضمان يوجب عليه الأداء فكان له الرجوع عليه كما لو إذن
في الأداء والثاني للشافعي لا يرجع لان الغرم حصل بغير إذن الأصيل وربما لم يقصد الا التوثيق بالضمان ولأنه دفع بغير امره فكان كما لو ضمن بغير امره وقصد التوثيق
يستلزم قصد الأداء عنه لأن الضمان عندنا ناقل والقياس باطل للفرق وهو ما تقدم من أن الأصل في الالتزام انما
هو الضمان لا الأداء والثالث ان أدى
من غير مطالبة أو عن مطالبته لكن امكنه مراجعة الأصيل واستيذانه فلم يفعل لم يثبت له الرجوع لأنه لم يكن مضطرا إلى الأداء عنه فكان متبرعا به وان لم يتمكن من مراجعته
لغيبة أو حبس أو غير ذلك فله الرجوع والحق ما تقدم من وجوب المال بالضمان المأذون فيه وانه لا عبرة بالأداء وكذا لو وكله في أن يشتري عبدا له بألف فاشتراه فان الوكيل
يطالب بالثمن فان أدى من ماله فإنه يرجع عندنا إذا لم يكن البايع علما بالوكالة للشافعية الوجوه الثلاثة فيه مسألة لو أحال الضامن المضمون له بالدين الذي
ضمنه على انسان وقبل المحتال والمحال عليه الحوالة كان كالأداء في صورة الرجوع له على المضمون عنه في كل موضع ثبت له الرجوع فيه وعدمه في موضع العدم ولو
أحال رب المال غريما له على الضامن بالمال الذي ضمنه له فقبل الضامن الحوالة عليه كان كالأداء أيضا يرجع فيما يرجع في الأداء ولو تصالح المضمون له والضامن على
مال الضمان على عوض كان كالأداء أيضا ولو صار الدين ميراثا للضامن كان كالأداء في ثبوت الرجوع وعدمه النظر الرابع فيما به يرجع الضامن مسألة
إذا دفع الضامن المال إلى ربه وكان قد ضمن بسؤال المضمون عنه وكان المدفوع من جنس الدين وعلى صفته رجع به وان اختلف الجنس فالمأذون له في الضمان لو صالح
رب الدين على غير جنسه رجع اجماعا لأن الضمان سبب لاثبات الحق في ذمته بثبوته في ذمة الأصيل والمصالحة معاملة مبنية عليه ثم ننظر إن كانت قيمة المصالح عليه
أكثر من قدر الدين لم يرجع بالزيادة لأنه متطوع بها وإن كانت أقل كما لو صالح عن الف على عبد يساوي ستمائة لم يرجع الا بستمائة لا غير وهو أصح وجهي الشافعية
لما رواه عمر بن زيد عن الصادق (ع) في رجل ضمن على رجل ضمانا ثم صالح عليه قال ليس له الا الذي صالح عليه وعن ابن بكير قال سألت الصادق (ع) عن رجل ضمن عن رجل
ضمانا ثم صالح على بعض ما عليه قال ليس له الا الذي صالح عليه ولأنه لم يغرم الا سواها وبه قال احمد والثاني انه يرجع بالألف لأنه قد حصل براءة ذمته بما فعل
ومسامحة رب الدين جرت معه ولو باع العبد بألف وتقاصا احتمل الرجوع بالألف لأنه ثبت في ذمته الف وقيمة العبد لأن الضمان وضع للارتفاق والشافعية على
الأول خاصة مسألة لا فرق بين ان يدفع الأقل أو الأكثر في القدر أو الوصف فيما ذكرنا فلو ضمن ألفا مكسرة ودفع ألفا صحيحة لم يكن له الرجوع الا بالمكسرة لأنه
تبرع بالزيادة فلا يرجع بها ولو انعكس الفرض فضمن ألفا صحيحة وأدى ألفا مكسرة لم يكن له الرجوع بالصحيحة الا بالمكسرة لأنه انما يرجع بما غرم وبالأقل من المغروم
والمال وللشافعية فيما إذا أدى الضامن الأجود قولان أحدهما ان فيه الخلاف المذكور في اختلاف الجنس والثاني القطع بأنه يرجع بما أدى والفرق ان غير الجنس يقع عوضا
والمكسرة لا يقع عوضا عن الصحاح ولا يبقى الا رعاية حكم الايفاء والاستيفاء مسألة لو ضمن ألفا ودفع إليه عبدا قيمته ستمائة فقال للمضمون له بعت منك
هذا العبد بما ضمنته لك عن فلان ففي صحة البيع وجهان للشافعية فان صححنا البيع رجع بالأقل عندنا من المال المضمون ومن قيمة العبد وهو أحد وجهي الشافعية
وفي الثاني يرجع بما ضمنه ولو لم يضمن بل إذن له المديون في الأداء بشرط الرجوع لو صالح رب الدين على غير جنسه فهل له الرجوع أو لا للشافعية ثلاثة أوجه أصحها
عندهم ان له الرجوع لان مقصوده ان تبرئ ذمته وقد فعل وثانيها ليس له الرجوع لأنه انما إذن في الأداء دون المصالحة وثالثها الفرق بين أن يقول أد
ما علي من الدنانير مثلا فلا يرجع وبين ان يقتصر على قوله أد ديني أو ما علي فيرجع ويرجع بما سبق في الضامن مسألة لو ضمن عشرة وأدى خمسة وأبراه
رب المال عن الباقي لم يرجع الضامن الا بالخمسة التي غرمها وتسقط الخمسة الأخرى عن الأصيل عندنا لان ابراء الضامن يستلزم ابراء المضمون عنه خلافا للجمهور
فإنهم قالوا تبقى الخمسة في ذمة الأصيل يطالبه بها المضمون له لان ابراء الضامن لا يوجب براءة الأصيل ولو صالحه من العشرة على خمسة لم يرجع الا بالخمسة أيضا لكن يبرأ الضامن
والأصيل عن الباقي وإن كان صلح الحطيطة ابراء في الحقيقة عند الشافعية لان لفظ الصلح يشعره برضى المستحق بالقليل عن الكثير بخلاف ما إذا صرح بلفظ
95

الابراء عندهم واعترض بعض الشافعية بان الصلح يتضمن الرضا بالقليل ممن يجري الصلح معه أم على الاطلاق الأول مسلم والثاني ممنوع ولم يتضح لهم الجواب ولو أدى
الضامن جميع الدين ولم يبرئه المضمون له من شئ منه لكن وهبه الدين بعد دفعه إليه فالأقرب ان له الرجوع وفيه للشافعية وجهان مبنيان على القولين كما لو
وهب الصداق من الزوج ثم طلقها قبل الدخول وسيأتي إن شاء الله تعالى مسألة لو ضمن ذمي لذمي دينا عن مسلم ثم تصالحا على خمر فهل يبرء المسلم أم لا يحتمل
البراءة لان المصالحة بين الذميين وان لا يبرء كما دفع الخمر بنفسه وفيه للشافعية وجهان فان قالوا بالأول ففي رجوع الضامن على المسلم وجهان ان اعتبروا بما أدى لم يرجع
بشئ وان اعتبروا بما أسقط يرجع بالدين والوجه عندي ان المضمون عنه يؤدي أقل الأمرين من قيمة الخمر عند مستحليه ومن الدين الذي ضمنه مسألة لو
ضمن الضامن ضامن اخر انتقل المال من ذمة الضامن الأول إلى ذمة الثاني وسقطت مطالبة المضمون له عن الأصيل والضامن الأول عند علمائنا وجماعة تقدم
ذكرهم وقال أكثر العامة لا ينتقل بل يبقى الذمم الثلث مشتركة ويصح الضمان لان الحق ثابت في ذمة الضامن كما هو ثابت في ذمة الأصيل فإذا جاز ان يضمن عن الأصيل
جاز ان يضمن عن الضامن لا يقال الضمان وثيقة على الحق فلا يجوز ان يكون له وثيقة كما لا يجوز ان يأخذ رهنا بالرهن لأنا نقول الفرق ان الضمان حق ثابت
في الذمة والرهن حق متعلق بالعين والرهن لا يصح بحق متعلق بالعين فافترقا فان أدى الثاني فرجوعه على الضامن الأول كرجوع الضامن الأول على الأصيل
فيراعى الاذن وعدمه وإذا لم يكن له الرجوع على الأول لم يثبت بأدائه الرجوع الأول على الأصيل لان الضامن انما يرجع بما أدى وغرم والضامن الأول لم يغرم شيئا
فلا يكون له مطالبته بشئ ولو ثبت له الرجوع على الأول فرجع عليه كان للأول الرجوع على الأصيل إذا وجد شرط الرجوع ولو أراد الثاني ان يرجع على الأصيل ويترك الأول
فإن كان الأصيل قد قال له اضمن عن ضامني ففي رجوعه عليه للشافعية وجهان كما لو قال الانسان أد ديني فأدى وليس هذا كقول القائل لغيره اقض دين فلان ففعل
حيث لا يرجع على الامر لان الحق لم يتعلق بذمته وان لم يقل له اضمن عن ضامني فإن كان الحال بحيث لا يقتضي رجوع الأول على الأصيل لم يرجع الثاني عليه وإن كان يقتضيه
فكذلك على أصح الوجهين عندهم لأنه لم يضمن عن الأصيل والوجه عندي انه ليس للثاني ان يرجع على الأصيل على كل تقدير الا أن يقول اضمن عن ضامني ولك الرجوع
علي ولو ضمن الثاني عن الأصيل أيضا لم يصح الضمان عندنا ان ضمن للمضمون له إذ لا مطالبة للمضمون له فيكون في الحقيقة ضمان ما لم يجب ولا يتحقق سبب الوجوب
وان ضمن للضامن فالأقوى الجواز لوجود سبب الوجوب وعند أكثر العامة يصح ضمان الثاني عن الأصيل لشغل ذمته وذمة الضامن الأول معا فتشارك الذمم الثلث
في الشغل فحينئذ لا يرجع أحد الضامنين على الأخر وانما يرجع المؤدي على الأصيل ولو ضمن عن الأول والأصيل جميعا لم يصح ضمانه عن الأصيل عندنا وعندهم يصح فان
أدى كان له ان يرجع على أيهما شاء وان يرجع بالبعض على هذا وبالبعض على ذاك ثم للأول الرجوع على الأصيل بما غرم إذا وجد شرط الرجوع مسألة لو كان
لرجل على اثنين عشرة على كل واحد منهما خمسة فضمن كل واحد منهما صاحبه فان أجاز المضمون له الضمان لم يفد الضمان شيئا عندنا في باب المطالبة لأن الضمان
عندنا ناقل فإذا ضمن كل واحد منهما الأخر فقد انتقل ما على كل واحد منهما إلى الأخر وكانا في الدين كما كانا قبل الضمان الا انه يستفاد بالضمان صيرورة المال الأصلي في
ذمة كل واحد منهما منتقلا إلى ذمة الأخر ولا نقول إنه يبطل الضمان من أصله لأنه قد يستفاد منه فايدة وهي لو أدى أحد الضامنين عن مال الضمان بعضه ثم ابراءه
صاحب الدين من الباقي لم يكن له الرجوع على المضمون عنه الا بما أداه وان لم يأذن لهما المضمون له بالضمان فضمنا فان رضي بضمان أحدهما خاصة كان الدينان معا عليه
ولم يبق له مطالبة الأخر لكن الضامن يرجع على الأخر ان ضمن باذنه والا فلا وعند أكثر العامة يصح ضمان كل منهما عن صاحبه ويبقى كل الدين مشتركا في ذمتهما معا على
ما هو أصلهم فلرب المال عندهم بان يطالبهما معا ومن شاء منهما بالعشرة فان أدى أحدهما جميع العشرة برئا معا وللمؤدي الرجوع بخمسة ان وجد شرط الرجوع وان
أدى كل واحد منهما خمسة عما عليه فلا رجوع فان أديها عن الأخر فلكل واحد الرجوع على الأخر ويجئ خلاف التقاص وان أدى أحدهما خمسة ولم يؤد الأخر شيئا فان أداها
عن نفسه بري المؤدي عما كان عليه وصاحبه عن ضمانه وبقي على صاحبه ما كان عليه والمؤدي ضامن له وان أداها عن صاحبه رجع عليه بالمغروم وبقي عليه ما كان عليه وصاحبه
ضامن له وان أداها عنهما فلكل نصف حكمه وان أدى ولم يقصد شيئا فوجهان عندهم التقسيط عليهما لأنه لو عينه عن كل واحد منهما وقع فإذا اطلق اقتضى ان يكون
بينهما لاستوائهما فيه وان يقال اصرفه إلى ما شئت كما لو أعتق عبده عن كفارته وكان عليه كفارتان كان له تعيين العتق عن أيتهما شاء وكذا في الزكاة المالين ومن فوائده
ان يكون بنصيب أحدهما رهن فإذا قلنا له صرفه إلى ما شاء فصرفه إلى نصيبه انفك الرهن والا فلا لو اختلفا فقال المؤدى أديت عما علي فقال رب المال بل أديت عن
صاحبك فالقول قول المؤدي مع يمينه وانما اختلفا لأنه قد يتعلق بهذا فوائد وإن كان قد يستحق المطالبة بالكل لأنه قد يكون ثمنا فإذا أفلس رجع في المبيع ويسقطا أيضا
عن صاحبه فإذا حلف برئ عما كان عليه ولرب المال مطالبته بخمسة لأنه إن كان صادقا فالأصل باق عليه وإن كان كاذبا فالضمان باق وقال بعض الشافعية لا مطالبة له لأنه إما
ان يطالب عن جهة الأصالة وقد حكم الشرع بتصديق المؤدي في البراءة عنها أو عن جهة الضمان وقد اعترف رب المال بأنه أدى عنها هذا حكم الأداء إما لو أبرأ رب الدين
أحدهما عن جميع العشرة برئ أصلا وضمانا عندهم وبرئ الأخر عن الضمان دون الأصيل عندهم لان الدين عندهم لا يسقط عن المضمون عنه بسقوطه عن الضامن
وعندنا يسقط ولو ابراء أحدهما عن خمسة فان ابراءه عن الأصيل برئ عنه وبرئ صاحبه عن ضمانه وبقى عليه ضمان ما على صاحبه وان أبرأ عن الضمان برء عنه وبقي عليه الأصيل وبقي على صاحبه الأصل والضمان وان ابراءه من الخمسة عن الجهتين جميعا
سقط عنه نصف الأصل ونصف الضمان وسقط عن صاحبه نصف الضمان ويبقى عليه الأصل ونصف الضمان فيطالب بسبعة ونصف ويطالب المبرء عنه بخمسة وان لم ينو
عند الابراء شيئا فيحمل على النصف أو يجبر ليصرف إلى ما شاء فيها الوجهان ولو قال المبرئ ما أبرأت عن الضمان وقال المبراء عنه بل عن الأصل فالقول قول المبرئ هذا
كله على مذهب الشافعي وقد بينا مذهبنا في صدر المسألة مسألة لو كان على زيد عشرة فضمنها اثنان كل واحد منهما خمسة وضمن أحدهما عن الأخر
وبالعكس فقد بينا انه بمنزلة عدم الضمان إذا أجاز المضمون له ضمانهما معا وعند أكثر العامة يصح ضمانهما معا فلرب المال عندهم مطالبة كل واحد منهما بالعشرة
نصفها عن الأصيل ونصفها عن الضامن الأخر فان أدى أحدهما جميع العشرة رجع بالنصف على الأصيل وبالنصف على صاحبه وهل له الرجوع بالكل على الأصيل إذا كان
لصاحبه الرجوع عليه ان غرم فيه الوجهان عندهم وان لم يؤد الا خمسة فان أداها عن الأصيل أو عن صاحبه أو عنهما ثبت له الرجوع بحسبه (بخمسة) مسألة لو باع شيئا وضمن ضامن
الثمن فهلك المبيع قبل القبض أو وجد به عيب فرده أو ضمن الصداق فارتدت المرأة قبل الدخول أو فسخت بعيب فإن كان ذلك قبل ان يؤدي الضامن برئ الضامن
والأصيل وإن كان بعده فإن كان بحيث ثبت له الرجوع رجع بالمغروم على الأصيل ورجع الأصيل على رب المال بما أخذ إن كان هالكا وإن كان باقيا رد عينه وهل
له امساكه ورد بدله فيه خلاف مأخوذ مما إذا رد المبيع بعيب وعين الثمن عند البايع فأراد امساكه ورد مثله والأصح المنع وبه قال الشافعي ولو كان الذي دفعه الضامن
96

أجود أو أزيد فالأقرب انه ليس للأصيل أخذ الزيادة وانما يغرم رب المال للأصيل دون الضامن لان في ضمن الأداء عنه اقراضه وتمليكه إياه وإن كان بحيث لا يثبت له الرجوع
فلا شئ ء للضامن على الأصيل وعلى المضمون له رد ما أخذه وعلى من يرد فيه احتمال ان يرده على الضامن أو على الأصيل وسيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى في المتبرع بالصداق إذا طلق الزوج قبل
الدخول مسألة لو كان لرجل على اخر دين دين فادعى صاحب الدين على اخر بأنه ضمنه له عن المديون فأنكر الضامن الضمان سقط حق رب المال عن الأصيل عندنا لانتقال
المال عن ذمته إلى ذمة الضامن خلافا لأكثر العامة ثم مدعي الضمان ان لم يكن له بينة فاحلف الضامن على أنه لم يضمن سقط ماله إما عن الضامن فلبرائته باليمين واما
عن الأصيل فلاعترافه ببراءة ذمته بالضمان وإن كان له بينة فأقامها على الضامن بالضمان ثبت له عليه المطالبة فإذا رجع عليه بالمال رجع الضامن على الأصيل وإن كان
قد كذب المدعى للضمان لان البينة أبطلت حكم انكاره فكأنه لم ينكره وهذا كما لو اشتري عينا فادعى اخر انها ملكه وان بايعها غصبها منه فقال المشتري في جوابه
انها ملك بايعي وليس لك فيها حق وانه اليوم ملكي فأقام المدعي البينة فان المشتري يرجع على البايع وان أقر له بالملك وكذا لو باع عينا على رجل وادعى على اخر انه ضمن
الثمن عن المشتري وأقام على ذلك بينة وأخذ الثمن من الضامن يرجع الضامن على الأصيل واعترض بعض الشافعية بان البينة انما تقام عند الانكار وإذا أنكر
كان مكذبا للبينة عما ان صاحب المال ظالم فيما أخذ منه فكيف يرجع على الأصيل بما ظلمه به والمظلوم انما يرجع على ظالمه والجواب انا نمنع ان البينة انما تقام عند الانكار
بل يجوز ان يقر الضامن وتقام البينة للاثبات على الأصيل سلمنا انه لم يقر لكن البينة لا تستدعي الانكار بخصوصيته بل يكفي الانكار وما يقوم مقامه كالسكوت فربما
كان ساكتا سلمناها استدعاء الانكار لكنها لا تستدعي الانكار منه بخصوصيته بل يكفي صدور الانكار من وكيله في الخصومات فلعل البينة أقيمت في وجه وكيله المنكر سلمنا
انه أنكر لكنه ربما أنكر الضمان وسلم البيع وهذا الانكار ولو منع لكان مانعا (بايعا) للرجوع بجهة غرامة المضمون وجايز ان يكون هذا الرجوع باعتبار ان المدعي ظلمه بأخذ ما على
الأصيل منه وللظالم مثل المأخوذ على (البايع) الغايب فيأخذ حقه مما عنده إما لو وجد منه التكذيب القاطع لكل الاحتمالات فاصح وجهي الشافعية انه يمنع من الرجوع وقيل
لا يمنع على ما اخترناه أولا البحث الخامس في اللواحق مسألة كل موضع قلنا فيه بان المأذون له في الأداء أو الضامن يرجع على الاذن والمضمون
عنه بما غرم فإنما هو مفروض فيما إذا شهد المؤدي أو الضامن على الأداء شهادة يثبت بها الحكم سواء اشهد رجلين أو رجلا وامرأتين ولو اشهد واحدا اعتمادا على أن
يحلف معه فالوجه الاكتفاء لان الشاهد مع اليمين حجة في نظر الشرع كافية لاثبات الأداء عند أكثر العلماء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يكفي
لأنهما قد يترافعان إلى حنفي لا يقضي بالشاهد واليمين فكان ذلك ضربا من التقصير وانما تنفع الشهادة ما إذا أشهد عدلين أو عدلا وامرأتين ثقتين أو عدلا
واحدا على الخلاف ولو أشهد فاسقين مشهورين بالفسق لم يكف وكان مقصرا أو لو أشهد مستورين فبانا فاسقين فالأقرب الاكتفاء إذ يمتنع الاطلاع على البواطن
فكان معذورا وهو أصح وجهي الشافعية وفي الثاني لا يكفي ويكون بمنزلة من لم يشهد لان الحق لا يثبت بشهادتهما وهو غلط كما لو فسقا بعد الاشهاد والأداء
ولا يكفي شهادة من يعرف طعنه عن قريب لأنه لا يقضي إلى المقصود أما إذا أدى من غير اشهاد فإن كان الأداء في غيبة الأصيل فهو مقصر بترك الاشهاد إذ كان
من حقه الاحتياط وتمهيد طريق الاثبات وإن كان بحضوره فلا تقصير مسألة لو جحد رب الدين أداء الضامن إليه وادعاه الضامن ولا بينة فان كذب
الأصيل الضامن في الدفع لم يرجع عليه فإذا حلف رب الدين أخذ من الضامن ثانيا ويرجع الضامن على المضمون عنه بما أداه ثانيا الا ان يكون الذي أداه أولا أقل
مقدارا أو أقل صفة وادعى رضاه به فإنه يرجع بما أداه أولا وان صدقه الأصيل فالأقوى رجوع الضامن عليه بما أداه أولا لان ساوى الحق أو قصر عنه لا بما يؤديه ثانيا
بحلف المضمون له ويؤدي الضامن إلى المضمون له ثانيا لحلفه وللشافعية فيه وجهان هذا أحدهما والثاني انه ليس له الرجوع بما أداه أو لا وصدقه عليه لان لم يؤد
بحيث ينتفع له الأصيل فان رب المال منكر والمطالبة بحالها ولا بأس به عندي فعلى هذا القول لو كذبه الأصيل هل يحلف قال بعض الشافعية يبني على أنه لو صدقه
هل يرجع عليه ان قلنا نعم حلفه على نقى العلم بالأداء وان قلنا لا يرجع يبني على أن النكول ورد اليمين كالاقرار وكالبينة ان قلنا بالأول لم يحلفه لان غايته ان ينكل
فيحلف الضامن فيكون كما لو صدقه وذلك لا يفيد الرجوع وان قلنا بالثاني حلفه طمعا في أن ينكل كما لو أقام البينة ولو كذبه الأصيل وصدقه رب
المال فالأقوى انه يرجع على الأصيل لسقوط المطالبة باقراره واقراره أقوى من البينة مع انكاره وهو أظهر قولي الشافعية والثاني انه لا يرجع ولا ينهض قول رب المال حجة
على الأصيل ولو أدى في حضور الأصيل قال بعض الشافعية انه يرجع كما لو ترك الاشهاد في غيبته وظاهر مذهب الشافعي انه لا يرجع لأنه حال الغيبة مستبد بالامر فعليه
الاحتياط والتوثيق بالاشهاد وإذا كان الأصيل حاضرا فهو أولى بالاحتياط والتقصير بترك الاشهاد في حضوره مستند إليه مسألة إذا توافق الأصيل والضامن
على أن الضامن أشهد بالأداء ولكن مات الشهود أو غابوا ثبت له الرجوع على الأصيل لاعترافه بان الضامن اتى بما عليه من الاشهاد والتوثيق والموت والغيبة ليسا
إليه وهو قول الشافعي ونقل الجويني وجها بعيدا انه لا يرجع إذ لم ينتفع بأدائه فان القول قول رب المال في نفي الاستيفاء ولو ادعى الضامن الاشهاد وأنكر الأصيل الاشهاد
فالقول قول الأصيل مع اليمين لأصالة عدم الاشهاد وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان القول قول الضامن لان الأصل عدم التقصير ولان قد يكون صادقا
وعلى تقدير الصدق يكون منعه من الرجوع اضرارا فليصدق للضرورة كما يصدق الصبي في دعوى البلوغ إذ لا يعرف الا من جهة ولو قال أشهدت فلانا وفلانا
وكذباه فهو كما لو لم يشهد ولو قالا لا ندري وربما نسيناه احتمل تصديقه وتكذيبه ولو أقام بينة على الشاهدين بأنهما أقرا بالشهادة فالأقوى السماع وإذا لم يقم
بينة على الأداء وحلف رب المال بقيت مطالبته بحالها فان أخذ المال من الأصيل فذاك وان أخذه من الضامن مرة أخرى لم يرجع بهما لأنه مظلوم باحديهما فلا
يرجع الا على من ظلمه وفي قدر رجوعه للشافعية وجهان أحدهما انه لا يرجع بشئ أما بالأول فلانه قصر عند أدائه بترك الاشهاد وأما بالثاني فلاعترافه بأنه مظلوم به
والأظهر عندهم انه يرجع لأنه غرم لابراء ذمته وعلى هذا يرجع بالأول لأنه المبرء للذمة أو بالثاني لأنه المسقط للمطالبة فيه لهم وجهان مسألة إذا ضمن المريض
في مرض موته فإن كان على وجه يثبت له الرجوع ووجد الضامن مالا يرجع فيه فالضمان صحيح يخرج من طلب المال لأنه عقد شرعي ناقل للمال ولم يوجد تبرع من
المريض فكان ماضيا من الأصيل وإن كان الضمان متبرعا به غير متضمن للرجوع أو كان بالسؤال وله الرجوع لكن لم يجد مالا يرجع فيه بان يموت الأصيل معسرا فهذا
الضمان من الثلث لأنه تبرع محض فلا ينفذ في أكثر من الثلث فإذا ضمن المريض تسعين درهما عن رجل بأمره ولا مال للمريض سوى التسعين ومات الأصيل ولم يترك
الا نصف التسعين ومات الضامن دخلها الدور وتقريره ان نقول إذا وفت التركة بثلثي الدين فلا دور لان صاحب الحق ان أخذ من الحق تركة الضامن رجع ورثته بثلثي الدين في تركة الأصيل وان أخذ تركة الأصيل وبقى شئ أخذه من تركة الضامن
ويقع تبرعا لان ورثة الضامن لا يجدون مرجعا وان لم تف التركة بالثلاثين كما في هذه الصورة فقد ثبت الدور وتحقيقه ان نقول صاحب الحق بالخيار ان شاء
97

أخذ تركة الأصيل بتمامها وحينئذ فلا دور أيضا وله مطالبة ورثة الضامن بثلاثين درهما ويقع تبرعا إذ لم يبق للأصيل تركة حتى يفرض فيها رجوع فان أراد الاخذ من تركة الضامن
لزم الدور لان ما يغرمه ورثة الضامن يرجع إليهم بعضه من جهة انه يصير المغروم دينا لهم على الأصيل يتضاربون به مع صاحب الحق في تركته ويلزم من رجوع بعضه
زيادة التركة ومن زيادة التركة زيادة المغروم ومن زيادة المغروم زيادة الراجع وطريق معرفته ان يقال يأخذ صاحب الحق من ورثة الضامن شيئا ويرجع إليهم
مثل نصفه لان تركة الأصيل نصف تركة الضامن فيبقى عندهم تسعون الا نصف شئ وهي تعدل مثلي ما تلف بالضمان والتالف نصف شئ فمثلاه شئ فاذن
تسعون الا نصف شئ يعدل شيئا فإذا جبرنا وقابلنا عدلت تسعون شيئا ونصف شئ فيكون الشئ ستين فبأن لنا ان المأخوذ ستون وحينئذ يكون الستون دينا لهم
على الأصيل وقد بقى لصاحب الحق ثلاثون فيضاربون في تركته بسهمين وسهم وتركته خمسة وأربعون يأخذ منها الورثة ثلاثين وصاحب الحق خمسة عشر ويعطل باقي دينه وهو خمسة عشر فيكون
الحاصل للورثة ستون ثلاثون بقيت عندهم وثلاثون أخذوها من تركة الأصيل وذلك مثلا ما تلف ووقع تبرعا وهو ثلاثون ولو كانت المسألة بحالها لكن
تركة الأصيل ثلاثون قلنا يأخذ صاحب الحق شيئا ويرجع إلى ورثة الضامن مثل ثلثيه لان تركة الأصيل ثلث تركة الضامن فيبقى عندهم تسعون ناقصة ثلثي شئ
تعدل (بثلثي) مثلي المتلف بالضمان وهو ثلثا شئ فمثلاه شئ وثلث فاذن تسعون الا ثلثي شئ تعدل شيئا وثلث فيجبر ويقابل عدلت تسعون شيئين فالشئ خمسة
وأربعون وذلك ما أخذه صاحب الحق وصار دينا لورثة الضامن على الأصيل وبقى لصاحب الحق عليه خمسة وأربعون أيضا فيتضاربون في تركته بسهم وسهم فيجعل
بينهما نصفين ولو كانت تركة الأصيل ستين فلا دور بل لصاحب الحق أخذ تركة الضامن كلها بحق الرجوع ويقع الباقي تبرعا ولو كانت المسألة بحالها وكان قد
ضمن عن الضامن ضامن ثان ومات الضامن الثاني ولم يترك الا تسعين درهما أيضا كان لصاحب الحق ان يطالب ورثة أيهما شاء فان طالب به ورثة الضامن الأول قال
بعض الشافعيين كان كالمسألة الأولى يأخذ ستين ومن ورثة من كان عليه أصل المال خمسة عشر ويرجع ورثة الضامن على ورثة الذي كان عليه الحق بثلثين وان
طالب ورثة الضامن الثاني أخذ منهم سبعين درهما ومن ورثة من كان عليه الأصل خمسة عشر ويرجع ورثة الضامن الثاني على الضامن الأول بأربعين درهما ويرجع
الضامن الأول في مال من عليه أصل الحق بثلاثين وانما كانت هذه المسألة كالأولى فيما إذا طالب ورثة الضامن الأول لأنه لا يأخذ منهم الا ستين ويأخذ من تركة
الأصيل خمسة عشر كما في الصورة السابقة لكن لا يتلف من ماله شئ هنا بل يطالب بالباقي وهو خمسة عشر ورثة الضامن وأما إذا طالب ورثة الضامن الثاني
فقد غلطه جماعة من الشافعية في قوله من جهة انه أتلف من مال الثاني ثلثين لأنه أخذ منهم سبعين وأثبت لهم الرجوع بأربعين وكان الباقي عندهم عشرين فالمجموع
ستون ولم يتلف من مال الأول الا عشرة لأنه أخذ منهم أربعين وأثبت لهم الرجوع بثلاثين ومعلوم ان الضامن الثاني انما ضمن تسعين عمن يملك تسعين والأول ضمن بتسعين عمن يملك خمسة
وأربعين فكيف يؤخذ من الثاني أكثر مما يؤخذ من الأول واختلفت الشافعية في الجواب فقال الأستاذ أبو إسحاق يأخذ صاحب الحق من ورثة الضامن خمسة وسبعين
ويرجع بمثلها على ورثة الأول ويرجع الأول على ورثة الأصيل بتركته وهي خمسة وأربعون فيكون جملة ما معهم ستين خمسة عشر من الأصل والباقي من العوض
وذلك مثلا الثلثين التالفة عليهم ولم يثبت لصاحب الحق مطالبة ورثة الثاني بكمال الدين وقال الأكثر له مطالبة ورثة الثاني بجميع الدين ثم هم يرجعون على
ورثة الأول بخمسة وسبعين ويتلف عليهم خمسة عشر للضرورة ويرجع ورثة الأول على ورثة الأصيل بتركته كما ذكره الأستاذ قال الجويني كان الأستاذ اعتقد ان
ضمان الأول لم يصح الا في قدر لو رجع معه في تركة الأصيل لما زاد التالف من تركته على ثلثها وإذا لم يصح ضمانه فيما زاد لم يصح ضمان الثاني عنه والا دار قالوا انما لا
يؤخذ أكثر من الثلث لحق الورثة لكنه صحيح في الجميع متعلق بالذمة فيكون ضمان الثاني عنه فيما زاد كالضمان عن المعسر ويجب ان يكون هذا الخلاف جاريا في مطالبتهم
شمة (قيمة) التسعين إذا طالب أولا ورثة الضامن الأول وان يذكر ثم وان أخذ المستحق أولا بتركة الأصيل برئ الضامنان عن نصف الدين ثم المستحق على جوا ب الأكثرين
ان شاء أخذ من ورثة الأول ثلثين ومن ورثة الثاني خمسة عشر وان شاء أخذ الكل من ورثة الثاني وهم يرجعون على ورثة الأول بثلثين فيصل إلى تمام حقه
بالطريقين وعلى جواب الأستاذ ليس له من الباقي الا ثلاثون ان شاء أخذها من ورثة الأول ولا رجوع وان شاء أخذها من ورثة الثاني وهم يرجعون بها على ورثة
الأول مسألة يجوز ترامي الضمان الا إلى غاية معينة وهل يجوز دوره بان يضمن ضامن رجلا على دين ثم يضمن الرجل المضمون الضامن على ذلك الدين بعينه منع
منه الشافعية لان الضامن فرع المضمون عنه فلا يجوز ان يكون أصله وفيه عندي نظر أما لو ضمن غير ذلك الدين فإنه يجوز قطعا لان الأصل في شئ قد يكون فرعا
لفرعه في شئ اخر وكذا لو تبرع الضامن بالضمان فان الحق يثبت في ذمته وتبرأ ذمة المضمون عنه عندنا فيجوز حينئذ للمضمون عنه ان يضمن الضامن فلو كان له على اثنين
عشرة على كل واحد منهم خمسة فضمن كل واحد صاحبه فضمن ثالث عن أحدهما العشرة وقضاها سقط الحق عندنا وعند الشافعية عن الجميع بالأداء ورجع على
الذي ضمن عنه بخمسة لأنها هي التي تثبت في ذمته ولم يرجع على الأخر بشئ لأنه لم يضمن عنه شئ وانما قضى الدين عنه تبرعا وعند الشافعية يكون له الرجوع
على الذي ضمن عنه بالعشرة ولا يرجع على الأخر بشئ لأنه لم يضمن عنه وإذا رجع على الذي ضمن عنه رجع على الأخر بنصفها لأنه ضمنها عنه وقضاها ولو كان
المضمون عنه دفع مال الضمان إلى الضامن باذنه وقال له اقض هذا المال للمضمون له عني فقضاه كانت أمانة في يده لأنه نايب عنه في دفعه إلى صاحب الدين
فان تلف قبل الدفع بغير تفريط منه لم يضمنه وان دفعه إليه عن الذي ضمنه وقال له خذ هذا عوضا عما ضمنته فللشافعية وجهان أحدهما يصح ويملكه لان رجوعه
عليه يتعلق بسبب الضمان والغرم فإذا وجد أحد السببين (الشيئين) جاز ان يدفعه كالزكاة والثاني لا يصح ولا يملكه لأنه يدفعه عوضا عما يغرم ولم يغرم بعد فلا تصح المعاوضة
على ما لم يجب له ويمكن ان يقال هذا لا يجئ على مذهب الشافعية لان لصاحب الحق ان يطالب من عليه الدين بذلك فكيف تصح المعاوضة عنه مع توجه المطالبة
به فان قلنا إنه يملك صح التصرف فيه والا فلا ويكون مضمونا عليه لأنه قبضه على وجه المعاوضة مسألة لو ادعى على رجل حاضر انه باع منه ومن الغايب
شيئا بألف وكل منهما ضامن لصاحبه فان أقر الحاضر لم يلزمه عندنا الا النصف الذي ضمنه بناء على أصلنا من انتقال المال إلى ذمة الضامن وعند الشافعية
من اشتراك الذمتين في المال يؤدي الحاضر الألف فإذا قدم الغائب وصدقه رجع عليه وان أنكره وحلف لم يكن له الرجوع عليه وأما ان أنكر الحاضر الضمان فإن لم يكن للمدعي
بينة قدم قول المنكر مع يمينه وإذا حلف سقطت الدعوى عنه فإذا قدم الغائب فأنكر وحلف وبرئ وإن اعترف لزمه خمسمائة التي أعادها عليه وسقط عنه الباقي لان المضمون
عنه سقطت عنه بيمينه قاله بعض الشافعية وقال بعضهم انه غير صحيح لان اليمين لم تبرئه من الحق وانما أسقطت عنه في الظاهر فإذا أقر به الضامن لزمه ولهذا لو
أقام البينة عليه بعد يمينه لزمه ولزم الضامن فاذن الحق لم يسقط عنه ولا عن الضامن وأما إذا أقام على الحاضر البينة وجب عليه الألف عندهم فإذا قدم الغائب
98

لم يكن للحاضر الرجوع على الغايب لأنه منكر لما شهدت به البينة مكذب لها مدع انما أخذه ظلم فلم يرجع ونقل
المزني انه يرجع بالنصف على الغايب وتأوله الشافعية بأمور أحدها
انه يجوز ان تسمع البينة مع اقراره لأنه يثبت بذلك الحق على الغائب فتسمع عليهما أو يكون أنكر شراءه ولم ينكر شراء شريكه والضمان عنه بل سكت مسألة لو
شرط في الضمان (الضامن) الأداء من مال بعينه صح الضمان والشرط معا لتفاوت الأغراض في أعيان الأموال فلو تلف المال قبل الأداء بغير تفريط الضامن فالأقرب فساد الضمان
لفوات شرطه فيرجع صاحب المال على الأصيل وهل يتعلق الضمان بالمال المشروط تعلقه به تعلق الدين بالرهن أو الأرش بالجاني الأقرب الأول فيرجع على الضامن
لو تلف وعلى الثاني يرجع على المضمون عنه وكذا لو ضمن مطلقا ومات معسرا على اشكال ولو بيع متعلق الضمان بأقل من قيمته لعدم الراغب رجع الضامن بتمام القيمة لأنه
يرجع بما أدى ويحتمل بالثمن خاصة لأنه الذي قضاه ولو لم يساو المال قدر الدين فالأقرب الرجوع على الضامن ويرجع على المضمون عنه وقد بينا ان ضمان المجهول
صحيح فلو ضمن عنه ما في ذمته صح ولزمه ما تقوم به البينة وعلى ثبوته وقت الضمان لا ما يتجدد ولا ما يوجد في دفتر وكتاب ولا ما يقر به المضمون عنه أو يحلف عليه المالك
برد اليمين من المديون ولو ضمن ما تقوم به البينة لم يصح لعدم العلم بثبوته حينئذ مسألة لو ضمن الدين اثنان على التعاقب مع صاحب الحق عن المديون طولب
الضامن الأول وبطل الثاني لان الحق انتقل من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن فالضامن الثاني لم يصادف ضمانه حقا على المضمون عنه للمضمون له ولو قال
الضامن الثاني ضمنت لك هذا الدين على من كان فان قلنا يصح الضمان عن المجهول صح هذا الضمان وكان ضامنا عن الضامن السابق والا بطل ولو ضمن الثاني مع وكيل
صاحب الحق بطل الثاني ولو اتفق ضمان الأول مع صاحب الحق وضمان الثاني مع وكيله في الزمان الواحد بطل الضمانان معا لعدم أولوية أحدهما بالصحة والاخر بالبطلان مسألة
لو شرط الضمان في مال بعينه ثم أفلس وحجر عليه الحاكم كان حق الضمان في العين التي تعلق الضمان بها كالرهن مقدما على حق الغرماء فان فضل شئ من حق الضمان تعلق حق الغرماء بالفاضل والا فلا ولو ضمن كل من المديونين
ما على صاحبه تعاكست الأصالة والفرعية فيهما ان أجازهما المضمون له على ما بيناه ويتساقطان إذا أدى كل واحد منهما مال الضمان عن صاحبه فلو شرط أحدهما
كون الضمان من مال بعينه وحجر عليه بفلس قبل الأداء رجع على المؤسر بما أدى ويضرب المؤسر مع الغرماء ولو أجاز ضمان أحدهما خاصة رجع عليه بالجميع ويرجع المؤدي
على الأخر بنصيبه فان دفع النصف انصرف إلى ما قصده ويصدق باليمين وينصرف الابراء إلى ما قصده المبرئ فان اطلق فالتقسيط ولو ادعى الأصيل قصده ففي توجه
اليمين عليه أو على الضامن اشكال ينشأ من عدم توجه اليمين (لحق)؟ الغير ومن خفاء القصد ولو تبرع بالضمان ثم سأل ثالثا الضمان عنه فضمن رجع عليه دون الأصيل وإن أذن له الأصيل في الضمان
والأداء مسألة لو دفع الأصيل الدين إلى المستحق أو إلى الضامن فقد برئ سواء إذن له الضامن في الدفع أو لا ولو ضمن فأنكر الأصيل الاذن في الضمان
قدم قوله مع اليمين وعلى الضامن البينة بالاذن لأصالة عدمه وكذا لو أنكر الأصيل الدين الذي ضمنه عنه الضامن لأصالة براءة ذمته ولو أنكر الضامن الضمان
فاستوفى المستحق بالبينة لم يرجع على الأصيل ان أنكر الدين أيضا والاذن والأرجع اقتصاصا الا ان ينكر الأصيل الاذن ولا بينة ولو أنكر المستحق دفع الضامن
بسؤال قدم انكاره فان شهد الأصيل ولا تهمة قبلت ومع التهمة يغرم أيضا ثانيا ويرجع على الأصيل بالأول مع مساواته الحق أو قصوره ولو لم يشهد رجع بالأقل من الثاني
والأول والحق مسألة كما ينبغي التنزه عن الدين ينبغي التنزه عن الضمان مع الاعسار لما فيه من التغرير بمال الغير وقد روى أبو الحسن الجزار عن الصادق (ع) قال سمعته يقول لأبي الفضل العباس
ما منعك عن الحج قال كفالة تكفلت بها قال مالك والكفالات أما علمت أن الكفالة هي التي أهلكت القرون الأولى وعن داود الرقي عن الصادق (ع) قال مكتوب في التورية
كفالة ندامة غرامة وقد روى الحسن بن خالد عن الكاظم (ع) قال قلت له جعلت فداك قول الناس الضامن غارم قال فقال ليس على الضامن غرم الغرم على من اكل المال والمراد منه
ان الضمان يستقر على الأصيل الفصل الثاني في الكفالة وفيه مباحث الأول العقد مسألة الكفالة عقد شرع للتعهد بالنفس ويشابه
الضمان فان الشئ المضمون قد يكون حقا على الشخص وقد يكون نفس الشخص وهي عقد صحيح عند عامة أهل العلم وبه قال الثوري ومالك والليث وأبو حنيفة واحمد
والشافعي ولا نعرف فيه مخالفا الا ما نقل عن الشافعي من قوله في كتاب الدعاوى ان الكفالة بالبدن ضعيفة وقال في اختلاف العراقيين وفي الاقرار وفي المواهب وفي
كتاب اللعان ان الكفالة بالبدن جايزة واختلف أصحابه فقال بعضهم ان الكفالة صحيحة قولا واحدا وأراد بقوله انها ضعيفة اي ضعيفة في القياس وإن كانت ثابتة
بالاجماع والأثر ومنهم من قال إن فيها قولين أحدهما انها صحيحة وهو قول عامة العلماء والثاني انها غير صحيحة لأنها كفالة بعين فلم تصح كالكفالة بالزوجة
وبدن الشاهدين والحق الأول لقوله تعالى قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به الا ان يحاط بكم فطلب يعقوب (ع) من بنيه كفيلا ببدن يوسف (ع)
وقالوا ليوسف (ع) ان له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه وذلك كفالة بالبدن وما رواه العامة من قول النبي صلى الله عليه وآله الزعيم غارم ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
ان عليا (ع) اتى برجل كفل رجلا بعينه فاخذ الكفيل فقال احبسوه حتى يأتي بصاحبه ولاطباق الناس عليه في جميع الأمصار في كل الأصقاع ولو لم تكن صحيحة امتنع
اطباق الخلق الكثير عليه ولان الحاجة تدعو إليه وتشتد الضرورة إليه فلو لم يكن سايغا لزم الحرج والضرر ولان ما وجب تسليمه بعقد وجب تسليمه بعقد الكفالة
كالمال ووجوب تسليم البدن يكون بعقد النكاح والإجارة مسألة ويصح عقد الكفالة حالة ومؤجلة عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي للأصل الدال على الجواز
وقال الشيخ رحمه الله لا يصح ضمان مال ولا نفس الا بأجل معلوم وهو ممنوع إذا ثبت هذا فإذا اطلق عقد الكفالة أو شرط الحلول كانت حالة لان كل عقد دخله الحلول إذا اطلق
اقتضى الحلول كالثمن وإذا ذكر اجلا وجب تعيينه فان أبهم كان العقد باطلا عندنا وبه قال الشافعي واحمد لما فيه من الغرر بجهالة الاجل ولأنه ليس له وقت يستحق
مطالبته فيه وكذا الضمان فان جعله إلى الحصاد والجذاذ والقطع لم يصح عندنا وهو أحد قولي الحنابلة والأولى عندهم صحته لأنه تبرع من غير عوض جعل له اجلا
لا يمنع من حصول المعقود فيه فصح وعن أحمد رواية انه إذا قيد الكفالة بساعة صح ولزمه وتوقف لو عين الوقت المتسع ولأنه شرط فيها شرطا فاسدا فلم يصح مطلقا
لعدم الرضا به ولا مقيدها بهذا الشرط لفساده وللشافعي وجه اخر انها تصح كالعارية بأجل مجهول وهو غلط لان العارية لا يلزم ولهذا لو قال له أعرتك أحد
هذين الثوبين جاز وكان له الانتفاع بأحدهما ولو قال كفلت لك بأحد هذين لم يصح كذا هنا مسألة عقد الكفالة يصح
دخول الخيار فيه فان شرط
صح الخيار فيها مدة معينة صح لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وقوله تعالى أوفوا بالعقود أمر بالوفاء بالعقد وانما وقع العقد على هذا الشرط وليس منافيا لمقتضاه
كما لا ينافي غيره من العقود وقال الشافعي إذا شرط في الكفالة الخيار بطل العقد لأنه عقد لا يجوز فيه شرط الخيار فإذا شرط بطل كالسلم والصرف والمقدمة الأولى ممنوعة
والحكم في المقيس عليه ممنوع وقال أبو حنيفة إذا شرط في الكفالة صح العقد وبطل الشرط لأن الضمان يتعلق بغرر وخطر فلم يفسد بالشرط الفاسد كالنكاح مسألة
لابد في العقد من صيغة دالة على الايجاب والقبول فيقول الكفيل كفلت لك بدن فلان أو انا كفيل باحضاره أو كفيل به أو بنفسه أو ببدنه أو بوجهه أو برأسه
99

لان كل ذلك يعبر به عن الجملة ولو كفل رأسه أو كبده أو عضوا لا يبقى الحياة بدونه أو بجزء شايع فيه كثلثه وربعه قال بعض علمائنا لا يصح إذ لا يمكن احضار ما شرط
مجردا ولا يسري العقد إلى الجملة وقال بعض الشافعية يصح الكفالة لأنه لا يمكن احضار ذلك المكفول الا باحضار كله وهو الوجه عندي ولو تكفل بعضو تبقى الحياة
بعد زوال كبده ورجله وإصبعه وغيرها للشافعية وجهان أحدهما الصحة لأنه لا يمكنه احضار هذه الأعضاء على صفتها الا باحضار البدن كله فأشبه الكفالة
بالوجه والقلب ولأنه حكم تعلق بالجملة فيثبت حكمه إذا أضيف إلى البعض كالعتق والثاني لا يصح لأنه لا يمكن احضاره بدون الجملة مع بقائها وقال بعض الشافعية لا يصح
الكفالة في جميع ذلك كله سواء بقيت الحياة بدونه أو لا وسواء كان جزءا مشاعا أو لا لان ما لا يسري إذا خص به عضوا لم يصح كالبيع والإعارة والوصية والإجارة
البحث الثاني في الكفيل والمكفول والمكفول له مسألة يشترط في الكفيل البلوغ والعقل والحرية وجواز التصرف فلا تصح كفالة الصبي ولا المجنون ولا العبد
ولا من لا يجوز تصرفه كالسكران والغافل والنايم والساهي والمحجور عليه للسفه والفلس لان الكفالة تستلزم غرم المال مع عدم الاحضار وهؤلاء كلهم ممنوعون من
التصرف في أموالهم ولا يشترط ذلك في المكفول ولا في المكفول له فإنه يجوز الكفالة للصبي والمجنون وغيرهما إذا قبل الولي مسألة يشترط رضي الكفيل
فلا تصح كفالة المكره على الكفالة لأنه لا يصح ان يلزمه بالحق ابتداء الا برضاه ولا نعلم فيه خلافا وكذا يعتبر رضي المكفول له لأنه صاحب الحق فلا يجوز الزامه شيئا بغير
رضاه وكما يعتبر رضي المرتهن في الارتهان كذا المكفول له يعتبر رضاه في الكفالة وقال احمد لا يعتبر رضاه لأنه التزام حق له من غير عوض فلم يعتبر رضاه فيها وليس
بصحيح أما المكفول به فلا يعتبر رضاه بل تصح الكفالة وان كره المكفول به عند علمائنا وبه قال ابن شريح من الشافعية لأنها وثيقة على الحق فصحت بغير أمر من عليه
كالضمان وقال عامة الشافعية وهو منقول عن الشافعي انه يعتبر رضي المضمون به لأنه إذا لم يأذن المكفول به في الكفالة لم يلزمه الحضور معه فلم يتمكن من احضاره فلم
تصح كفالته لأنها كفالة بغير المقدور عليه بخلاف الضمان لأنه يمكنه الدفع من ماله ولا يمكنه ان ينوب عنه في الحضور ونمنع عدم لزوم الحضور وخلاف الشافعية
هنا مبني على أن الكفيل هل يغرم عند العجز ان قلنا لا يغرم لم تصح الكفالة لأنه إذا تبرع لم يتمكن من احضاره إذ لا يلزمه الإجابة فلا تقضي الكفالة إلى مقصود وان
قلنا نعم ويغرم عند العجز فعلى قولنا إذا تكفل به بغير امره فطالبه المكفول له باحضاره وجب عليه احضاره ووجب على المكفول به الحضور لا من جهة الكفالة ولكن
لان المكفول له امره باحضاره فهو بمنزلة وكيله في مطالبته بحضوره ولو لم يقل المكفول له احضره ولكن قال اخرج إلى من كفالتك أو اخرج عن حقي فهل يجب على المكفول
به الحضور الأقرب ذلك لان ذلك يتضمن الاذن له في احضاره وهو أحد وجهي الشافعية على قول ابن شريح والثاني لا يلزمه لأنه طالبه بما عليه من الاحضار فعلى هذا
له حبسه ولا يلزم المكفول به الحضور وهو باطل لأنه يحبس على ما لا يقدر عليه مسألة يشترط في المكفول به التعيين ولو قال كفلت أحد هذين أو كفلت
زيدا أو عمروا لم يصح لأنه لم يلتزم باحضار أحدهما بعينه وكذا لو قال كفلت لك ببدن زيد على اني ان جئت به والا فانا كفيل بعمرو لم يصح لأنه لم يلتزم احضار أحدهما
بعينه ولأنه علق الكفالة في عمرو بشرط والكفالة لا تتعلق بالشرط فلو قال إن جئت فانا كفيل به لم يصح وكذا لو قال إن جاء زيد فانا كفيل أو ان طلعت الشمس وبذلك كله قال الشافعي ولو قال انا احضره أو أودي
ما عليه لم يكن كفالة مسألة كل من عليه حق مالي صحت الكفالة ببدنه ولا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال لان الكفالة انما هي بالبدن لا بذلك المال والبدن معلوم
فلا تبطل الكفالة لاحتمال عارض ولانا قد بينا ان ضمان المجهول صحيح وهو التزام المال ابتداء فالكفالة التي لا تتعلق بالمال ابتداء أولى وهو قول أكثر الشافعية وقال
بعضهم لا تصح كفالة من عليه حق مجهول لأنه قد يتعذر احضار المكفول به فيلزمه الدين ولا يمكن طلبه منه لجهله ولأنهم قالوا ذلك بناء على أنه لو مات غرم الكفيل ما عليه
وهذا عندنا غير صحيح مسألة يشترط ان يكون ذلك المال ثابتا في الذمة بحيث يصح ضمانه فلو تكفل ببدن من لا دين عليه أو من جعل جعالة قبل الفعل والشروع
فيه لم يصح ولو تكفل ببدن المكاتب للنجوم التي عليه صح عندنا لان مال الكتابة عندنا ثابت في ذمة المكاتب على ما سلف وللشيخ قول بعدم الثبوت لان له ان يعجز نفسه
وبه قال الشافعي فعلى هذا لا يصح كفالة بدن المكاتب للنجوم التي عليه لأنه لو ضمن النجوم لم تصح فالكفالة بالبدن للنجوم أولى ان لا تصح ولان الحضور لا يجب على المكاتب
فلا تجوز الكفالة به كدين الكتابة مسألة إذا كان عليه عقوبة فإن كانت من حقوق الله تعالى كحد الزنا والسرقة والشرب لم تصح الكفالة ببدنه عليها عند علمائنا
وهو المشهور من مذهب الشافعي لان الكفالة للتوثيق وحقوق الله تعالى مبنية على الاسقاط وينبغي السعي في دفعها ما أمكن ولهذا لما أقر ماعز بالزنا عرض له رسول
الله صلى الله عليه وآله بالرجوع والانكار فقال له لعلك قبلتها لعلك لامستها واعرض بوجهه صلى الله عليه وآله عنه وطرد القاضي ابن سلمة وابن خيران من الشافعية القولين فيه والخلاف في هذا الباب
سببه الخلاف في ثبوت العقوبات بالشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي وأما إن كانت العقوبة من حقوق الآدميين كالقصاص وحد القذف فالأقرب
عندي ثبوتها في القصاص أما الحد فلا تصح الكفالة به لما رواه العامة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا كفالة في حد ومن طريق الخاصة ما رواه
الصدوق رحمه الله عن أمير المؤمنين علي (ع) قال قضى لنا انه لا كفالة في حد وهذا القول بعدم صحة الكفالة في الحد قول أكثر العلماء وبه قال شريح والحسن البصري وإسحاق
وأبو عبيدة وأبو ثور وأصحاب الرأي واحمد واختلف قول الشافعي فيه فقال في باب اللعان انه لا يكفل رجل في حد ولا لعان ونقل المزني عنه أنه قال يجوز الكفالة لمن عليه
حق أو حد واختلف أصحابه في ذلك على طرق أظهرها عندهم ويحكي عن ابن شريح انه على قولين أحدهما الجواز لأنه حق لازم لادمي فصحت الكفالة به كساير حقوق الآدميين
ولان الحضور مستحق عليه فجاز التزام احضاره والثاني المنع لان العقوبات مبنية على الدفع ولهذا قال (ع) ادرأوا الحدود بالشبهات فينبغي ابطال الدرء مع المؤدية إلى توسيعها
وتحصيلها ولأنه حق لا يجوز استيفاءه من الكفيل إذا تعذر احضار المكفول به فلم تصح الكفالة ممن هو عليه كحد الزنا وأبو حامد من الشافعية بنى على القولين على أنه إذا مات
المكفول ببدنه هل يغرم الكفيل ما عليه من الدين ان قلنا نعم لم تصح الكفالة لأنه لا يمكن مؤاخذته بما عليه وان قلنا لا صحت كما لو تكفل ببدن من عليه مال ولا قضية هذا
البناء ان يكون قول التصحيح أظهر وهو اختيار القفال وادعى الروباني ان المذهب المنع الطريق الثاني للشافعية القطع بالجواز وحمل ما ذكره في اللعان على الكفالة
بنفس الحد الطريق الثالث القطع بالمنع لأنه لا يجوز الكفالة بما عليه فلا يجوز ببدنه والضابط في ذلك ان نقول حاصل كفالة البدن التزام احضار المكفول ببدنه
فكل من يلزمه حضور مجلس الحكم عند الاستعداء ويستحق احضاره تجوز الكفالة مسألة لو ادعى شخص زوجية امرأة صحت الكفالة ببدنها لوجوب الحضور
عليها إلى مجلس الحكم وكذلك الكفالة بها ثم تثبت زوجيته وقال بعض الشافعية الظاهر أن حكم هذه الكفالة حكم الكفالة ببدن من عليه القصاص لان المستحق عليها
لا يقبل النيابة ولو تكفل ببدن عبد آبق لمالكه صح ويلزمه السعي في رده ويتأتى فيه ما قيل في الزوجة ومن في يده مال مضمون كالغصب والمستام والعارية بشرط
الضمان تصح كفالته وضمان عين المغصوب والمستام ليردها على مالكها فان رد برئ من الضمان وان تلفت ففي الزامه بالقيمة وجهان الأقرب العدم وتصح كفالة
100

المستودع والأمين لوجوب رد الوديعة عليه والميت قد يستحق احضاره ليقيم الشهود الشهادة على صورته إذا تحملوها كذلك من غير معرفة النسب ولا الاسم فتصح الكفالة
على احضار بدنه وأيضا الصبي والمجنون قد يستحق احضارهما لإقامة الشهادة على صورتهما في الاتلاف وغيره فيجوز الكفالة ببدنهما ثم إن كفل بإذن وليهما فله مطالبة
وليهما باحضارهما عند الحاجة وان كفل بغير اذنه فهو كالكفالة ببدن العاقل بغير اذنه وقد بينا جوازه عندنا وللشافعي قولان وقال الجويني لو كفل رجل ببغداد
ببدن رجل بالبصرة فالكفالة باطلة لان من بالبصرة لا يلزمه الحضور ببغداد في الخصومات والكفيل فرع المكفول ببدنه فإذا لم يجب عليه الحضور لا يمكن ايجاب
الاحضار على الكفيل وهو حسن مسألة كل من يستحق عليه الحضور إلى مجلس الشرع تجوز كفالته فتصح كفالة من ادعى عليه وان لم يقم البينة عليه بالدين وان
جحد لاستحقاق الحضور عليه والأصل فيه ان المنكر يجب عليه فصل الخصومة فإذا رضي بتأخيرها صحت الكفالة عليه وإن كانت الكفالة في نفسها ليست لازمة إذا طلب
الفصل في الحال وأما كفالة الحق فالحق الذي يدعى على المكفول ببدنه إن ثبت باقراره أو بالبينة فلا خلاف في صحة الكفالة ببدنه وإن لم يثبت لكن ادعى المدعي عليه
فإن لم ينكر ولم يصدق بل سكت صحت الكفالة أيضا لان الحضور يستحق عليه فجاز الزام احضاره ومعظم الكفالات انما يتفق قبل ثبوت الحقوق وهو أصح وجهي الشافعية
وإن أنكر صحت الكفالة أيضا والثاني البطلان لان الأصل براءة ذمة المكفول وقد تأيد ذلك بصريح الانكار والكفالة ببدن من لا حق عليه باطل والأول أقوى إذا عرفت هذا فان الكفالة
وإن صحت لكن ليس للمدعي قبل ثبوت دعواه الزام الغريم بكفيل على الحضور كما ليس له الزامه بكفيل على المال لكن لو كفله شخص على الحضور قبل ثبوت الدعوى صح إذا
ثبت هذا فإن الكفالة تصح ببدن الغايب والمحبوس وإن تعذر تحصيل الغرض في الحال كما يجوز من المعسر ضمان المال وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز وتصح كفالة
من يدعي عليه الكفالة وكذا من يدعي عليه القصاص والحد لان الحد وإن لم تصح الكفالة عليه فإنه تصح الكفالة ببدن من يدعي عليه الحد لوجوب حضوره عند الحاكم ليثبت
المدعي عليه حقه بالبينة أو الاقرار مسألة إذا عين الكفيل في كفالته مكان التسليم تعين ولم يجب عليه تسليمه في غير ذلك المكان سواء كان ارفق له أو لا ولو طلب
ذلك المكفول له لم تجب له اجابته وان اطلق فالأقرب وجوب تسليمه في موضع العقد لأنه المفهوم عند الاطلاق وقال بعض الشافعية ان فيه قولين كما لو اطلق السلم ولم يعين مكان
التسليم وقال الجويني يحمل على مكان الكفالة ولا يجئ فيه ذلك الخلاف وعلى كل تقدير فالأقوى جواز الاطلاق وحمله على مكان العقد وقد بينا أنه إذا عين المكان
أو اطلق وحملنا الاطلاق على موضع العقد فأحضره في غيره لم يلزمه تسلمه سواء كان عليه مؤنة أو مشقة في حمله إلى المعين أو لا وقال الشافعي إن كان عليه
مؤنة أو مشقة في حمله إلى الموضع الذي عينه لم يلزمه تسلمه وان لم يكن عليه في ذلك ضرر لزمه قبوله وحكى أبو العباس بن شريح فيه وجهين والحق ما قلناه من أنه لا يبرء
بالتسليم في غير المعين وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال بعض العامة إن احضره بمكان اخر من البلد وسلمه برئ من الكفالة وقال بعضهم متى احضره في أي مكان كان وفي
ذلك الموضع سلطان برئ من الكفالة لكونه لا يمكنه الامتناع من مجلس الحكم ويمكن اثبات الحجة فيه وهو غلط لأنه سلم ما شرط تسليمه في مكان غير ذلك المكان فلم يبرء
بهذا التسليم كما لو أحضر المسلم فيه في غير المكان المشترط ولأنه قد سلمه في موضع لا يقدر على اثبات الحجة فيه إما لغيبة شهوده أو لعدم معرفة الحاكم وأهل بلده بحالهم
أو غير ذلك وقد يهرب منه ولا يقدر على امساكه إذا عرفت هذا فان الكفيل إذا اتى بالمكفول في غير الموضع لم يلزم المكفول له قبوله لكن يجوز له قبوله له أن يمتنع وإن لم يكن غرض
خلافا للشافعي كما تقدم أو كان بان كان قد عين مجلس الحكم أو بقعة يجد فيها من يعينه على خصمه مسألة إذا دفع الكفيل المكفول ببدنه إلى المكفول
له من غير حايل من يد سلطان أو شبهه بل تسليما تاما لزمه قبوله وابراء ذمة الكفيل من الكفالة فان امتنع دفعه إلى الحاكم وسلمه إليه ليبرأ وان لم يجد حاكما اشهد
عدلين باحضاره إلى المكفول له وامتناع المكفول له والأقوى أنه يكفي الاشهاد على الامتناع وانه سلمه إليه فلم يتسلمه ولا يجب دفعه إلى الحاكم لان مع وجود
صاحب الحق لا يلزمه دفعه إلى من ينوب عنه من حاكم أو غيره وللشافعية القولان ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول في المكان الذي وجب التسليم فيه سواء طلب المستحق
أو لم يطلبه بل اتاه به بشرط ان لا يكون هناك حائل من يد سلطان ومتغلب وحبس بغير حق لينتفع بتسليمه ويطالب الخصم ولو كان المكفول محبوسا في حبس ظالم
لم يكن له ان يسلمه إليه محبوسا ولا يبرأ بذلك ولا يلزمه ان يسلمه محبوسا لان ذلك الحبس يمنعه من الاستيفاء بحقه وإن كان محبوسا عند الحاكم فسلمه إليه محبوسا لزمه تسلمه وبرئ الكفيل من الكفالة لان حبس الحاكم لا يمنعه من استيفاء حقه لامكان احضاره ومطالبته بالحق فإذا طالب الحاكم باحضاره
أحضره بمجلسه وحكم بينهما فإذا فرغت الحكومة رده إلى الحبس بالحق الأول وإن توجه عليه حق المكفول له حبسه بالحق الأول وحق المكفول له ومن أيهما خلص بقي محبوسا
على الأخر فروع أ: لو ارتد المكفول به ولحق بدار الحرب لزم الكفيل احضاره إن تمكن منه وإلا فلا وكذا المحبوس عند غير الحاكم ب: لا يشترط تسليم المكفول
به من الكفيل في براءة ذمة الكفيل بل لو جاء المكفول به وسلم نفسه إلى المكفول له تسليما تاما برئ الكفيل من الكفالة لان القصد رده إلى المكفول له فلا فرق بين
حصوله في يده بالكفيل أو بغيره نايبا عنه ج: لو أخذ المكفول له المكفول به إما طوعا أو كرها واحضره مجلس الحكم برئ الكفيل من الكفالة لما تقدم د: لو حضر
المكفول به وقال سلمت نفسي إليك عن جهة الكفيل برئ الكفيل كما يبرئ الضامن بأداء الأصيل الدين ولو لم يسلمه نفسه من جهة الكفيل لا يبرئ الكفيل لأنه لم يسلمه
إليه ولا أحد من جهته حتى قال بعض الشافعية لو ظفر به المكفول له في مجلس الحكم وادعى عليه لم يبرأ الكفيل وليس بجيد والوجه ما قلناه لولا ه‍: لو سلمه أجنبي لا عن
جهة الكفيل لم يبرأ الكفيل ولو سلمه عن جهة الكفيل فإن كان باذنه فهو كما لو سلمه بنفسه إذ لا يشترط المباشرة وإن كان بغير إذنه لم يجب على المكفول له القبول إذ لا
يجب عليه قبض الحق إلا ممن عليه لكن لو قبل برئ الكفيل مسألة لو تكفل واحد ببدن رجل لاثنين فسلم إلى أحدهما لم يبرأ من كفالة الأخر فإن العقد مع اثنين
بمنزلة العقدين فهو كما لو تكفل لكل واحد منهما به على الانفراد وكما لو ضمن دينين لشخصين فأدى دين أحدهما لم يبرء من دين الأخر ولو كفل رجلان برجل لرجل صحت
الكفالة كما يصح ان يضمن اثنان واحدا فإن رده أحدهما إلى المكفول منه فهل يبرأ الأخر الأقرب البراءة كما لو أدى الدين أحد الضمناء برئ الباقون وهو أحد قولي
الشافعية والثاني لهم انهما إن كفلا على الترتيب وقع تسليمه دون صاحبه سواء قال سلمت عن صاحبي أو لم يقل وإن كفلا معا فوجهان قال المزني يبرأ المسلم والاخر أيضا (عن المسلم)
كالضامنين إذا أدى أحدهما وقال ابن شريح والأكثر لا يبرء كما لو كان بالدين رهنا فانفك أحدهما لا ينفك الأخر بخلاف ما إذا أدى أحد الضامنين الدين فإنه يوجب
براءة الأصيل وإذا برئ الأصيل برئ كل ضامن وهنا سقطت الوثيقة عن أحدهما مع بقاء الحق ولو كفل اثنان بواحد وكفل كل من الكفيلين ببدن صاحبه صحت
الكفالات كلها لان كل مكفول هنا عليه حق فعلى ما قلناه إذا أحضر أحدهما المكفول به وسلمه يبرأ كل واحد منهما عن كفالة صاحبه وكفالة الذي كفلا به وعلى قول
ابن شريح وجهان أحدهما يبرأ الأصيل والكفيل والثاني ان الذي احضره يسقط كفالته بالمكفول به وتسقط عن الأخر كفالته بالكفيل الذي احضره وبقي عليه وجوب
احضار المكفول به مسألة يصح ترامي الكفالات فلو تكفل رجل ببدن من عليه الحق ثم تكفل آخر ببدن الكفيل وتكفل ثالث ببدن الكفيل الثاني جاز
101

كالضمان يصح أن يضمن الضامن الحق ويضمن ثان عن الضامن ويضمن عن ضامن الضامن ضامن اخر وهكذا فإذا أحضر عن الكفيل الأول من عليه الحق برئ وبرئ
الكفيلان الآخران لأنهما فرعاه وإن أحضر الكفيل الثاني الكفيل الأول برئ برئ الثالث لأنه فرعه ولم يبرء الأول ولا من عليه الحق فان مات من عليه الحق فعندنا
وعند الشافعي يبرأ الكفلاء الثلاثة ولا شئ عليهم وإن مات الكفيل الأول برئ الكفيلان الآخران وان مات الثاني برئ الثالث دون الأول وإن مات الثالث لم يبرء
الأولان مسألة إذا مات المكفول به بطلت الكفالة ولم يلزم الكفيل شئ عند علمائنا وبه قال شريح والشعبي وحماد ابن أبي سليمان وأبو حنيفة والشافعي واحمد
لأنه تكفل ببدنه على أن يحضره وقد سقط الحضور عن المكفول فيبرئ الكفيل كما لو برئ من الدين ولان ما التزمه به من اجله يسقط عن الأصيل فيبرأ الفرع
كالضامن إذا قضى المضمون عنه كالدين أو أبرء منه عندهم ولأنه تكفل ببدنه فلا يلزمه ما في ذمته كما لو غاب غيبة منقطعة ولأنه لا يلزمه بذل نفسه فما في ذمته
أولى وقال مالك والحكم والليث يجب على الكفيل المال الذي كان في ذمته وبه قال ابن شريح من الشافعية لان الكفيل وثيقة على الحق فإذا تعذر استيفاء الحق ممن هو
عليه استوفى من الوثيقة كالرهن والفرق ظاهر فإن الرهن تعلق بالمال فاستوفى منه وقال بعض الشافعية تبطل الكفالة ولا ينقطع طلب الاحضار عن الكفيل وهو أصح قولي
الشافعية عندهم بل عليه احضاره ما لم يدفن وقلنا بتحريم النبش لاخذ المال إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صورته كما لو تكفل ابتداء ببدن الميت وليس
بجيد لان الكفالة على الاحضار انما يفهم منها احضاره حال الحياة وهو المتعارف بين الناس والذي يخطر بالبال فيحمل الاطلاق عليه وعلى قول ابن شريح ومالك هل يطالب
بالدين أو بالأقل من الدين ودية المقتول وجهان مبنيان على القولين في أن السيد يفدي العبد الجاني بالأرش أو بالأقل من الأرش وقيمة العبد البحث الثالث
في الاحكام مسألة إذا كانت الكفالة حالة أو مؤجلة وحل اجلها فإن كان المكفول به حاضرا وجب على الكفيل احضاره إذا طلبه المكفول له فان احضره
وإلا حبس وإن كان غائبا فإن كان موضعه معلوما يمكنه رده منه امهل الكفيل بقدر ذهابه ومجيئه فإذا مضى قدر ذلك ولم يأت به من غير عذر حبس ولا يحبس في
الحال وبه قال عامة أهل العلم وقال ابن شبرمة يحبس في الحال لان الحق توجه عليه وهو غلط لان الحق وإن كان قد حل فإنه يعتبر فيه امكان التسليم وانما يجب عليه احضار الغائب عند امكان ذلك وإن
كان غايبا غيبة منقطعة والمراد منها ان لا يعرف موضعه وينقطع خبره لم يكلف الكفيل احضاره لعدم الامكان ولا شئ عليه لأنه لم يكفل المال وبه قال الشافعي
وقال احمد يجب عليه المال مع أنه قال إذا مات المكفول برئ الكفيل ولا شئ عليه فروع أ: لو عرف موضعه فقد بينا أنه يجب عليه احضاره سواء كان على أزيد من مسافة
القصر أو أنقص وقال بعض الشافعية إن كان دون مسافة القصر فعليه احضاره ويمهل مدة الذهاب والاياب ليتبعه وإن كان على مسافة القصر فوجهان
أظهرهما عندهم أنه كما لو كان دون مسافة القصر كما لو كان المديون غايبا إلى هذه المسافة يؤمر باحضاره والثاني انه لا يطالب باحضاره الحاقا لهذه الغيبة بالغيبة
المنقطعة كما لو غاب المولى أو شاهد الأصل إلى مسافة القصر يكون كما لو غاب غيبة منقطعة ب لو كان غائبا حين كفل فالحكم في احضاره كما لو غاب بعد الكفالة ج لو كانت الكفالة مؤجلة لم يكن للمكفول له مطالبة الكفيل بالاحضار
قبل الاجل سواء كان عليه مؤنة في التقديم أو لا ولو دفعه قبل الاجل لم يجب على المكفول له أخذه سواء كان عليه ضرر في أخذه أو انتفى الضرر وقال بعض العامة إذا
انتفى الضرر وجب عليه اخذه وليس بمعتمد د لو فرط الكفيل في تحصيله بان طالبه المكفول له باحضاره وكان متمكنا منه فهربه أو ماطل باحضاره حتى غاب غيبة منقطعة
ولم يعرف له خبر فان أوجبنا المال وجب هنا والا فاشكال مسألة قال الشيخ رحمه الله ومن ضمن لغيره نفس انسان إلى أجل معلوم بشرط ضمان ثم لم يأت به عند الاجل كان
للمضمون له حبسه حتى يحضر المضمون أو يخرج إليه مما عليه وهذا يقتضي وجوب أحد الامرين على الكفيل الاحضار أو الأداء فان طلب المكفول له بالاحضار لا غير فالأقرب
عندي إلزامه به لأنه قد يكون له غرض لا يتعلق بالأداء وقد يرغب المكفول له في القبض من غير الغريم وعلى ظاهر كلام الشيخ يبرأ الكفيل بأداء المال إذا عرفت هذا فإذا أدى
الكفيل المال فإن كان قد كفل باذنه أو أدى باذنه كان له الرجوع عليه بخلاف ما قلنا في الضمان انه لو ضمن متبرعا وأدى بالاذن لم يكن له الرجوع لان الكفالة ليست بالمال
فيكون حكمه حكم الأجنبي إذا أدى بإذن من عليه الدين كان له الرجوع على ما تقدم إن شرط الرجوع أو مطلقا على الخلاف وانما أوجبنا الرجوع هنا فيما إذا كفل باذنه لان
الاذن بالكفالة اذن في لوازمها ومن لوازمها الأداء مع عدم الاحضار إذا ثبت هذا فان تمكن من الاحضار وأدى المال من غير حبس أو معه فالأقرب انه لا يرجع وان
كفل باذنه لان الواجب في الكفالة الاحضار مع المكنة وقد امكنه الاحضار فيكون في أداء المال متبرعا مسألة قد بينا أنه لا يعتبر رضي المكفول به عندنا وهو أحد
قولي الشافعي وفي الثاني يشترط وإذا كفل بان المكفول به فأراد الكفيل احضاره إما لطلب المكفول له أو ابتداء ليخرج عن العهدة فعليه الإجابة ومؤنة الاحضار على الكفيل
وان كفل بغير اذنه عندنا أو على قوله بالصحة فطالبه المكفول له بالاحضار فللكفيل مطالبته بالحضور على جهة التوكيل من المضمون له ولو قال اخرج من حقي للشافعية
وجهان أحدهما قال ابن شريح لم يكن له مطالبة المكفول به بالاحضار كما لو ضمن بغير اذنه مالا وطالب المضمون له الضامن فإنه لا يطالب الأصيل والثاني نعم لتضمنه
التوكيل في الاحضار مسألة لو مات المكفول له انتقل حقه من الكفالة إلى ورثته وتكون الكفالة باقية وتقوم ورثته مقامه كما لو ضمن له المال وهو أظهر وجوه
الشافعية والثاني ان الكفالة تنقطع لأنها ضعيفة فلا يحكم بتوريثها والثالث إن كان له وصي أو عليه دين بقيت الكفالة لان الوصي نايبه وتمس حاجته إلى قضاء الدين
فإن لم يكن وصي ولا دين انقطعت الكفالة والصحيح عندنا الأول لأنه حق للميت فانتقل عنه إلى ورثته كغيره من الحقوق ونمنع ضعفها لكن ينتقل إلى الوارث ضعيفة
والثالث لا وجه له لان الكفالة إما ان تورث وتكون حقا متروكا للميت أو لا فإن كانت ورثت على التقديرين وان لم تكن لم يصيرها الدين والوصي حقا موروثا
مسألة إذا تكفل برجل إلى أجل ان جاء به والا لزمه ما عليه فان قدم كفالة النفس بان قال إن لم احضره كان على كذا لم يلزمه الا الاحضار عند علمائنا لأن الضمان
لا يقبل التعليق يخطر فإنه لا يصح لو علقه بقدوم زيد فلهذا بطل ضمان المال ووجب عليه الاحضار بالكفالة ولا يضر ضميمة الضمان الباطل لأنه قصد بالضمان
تأكيد الحجة عليه بالاحضار وتقوية حق الاحضار عليه وان قدم ضمان المال فقال على كذا إلى كذا ان لم احضره ولم يحضره وجب عليه ما ذكره من المال لما رواه الخاصة
عن أبي العباس عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يكفل بنفس الرجل إلى أجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهما قال إن جاء به إلى أجل فليس عليه مال وهو كفيل
بنفسه ابدا إلا أن يبدأ بالدراهم فان بدأ بالدراهم فهو له ضامن ان لم يأت إلى الاجل الذي اجله وعن أبي عباس أيضا عن الصادق (ع) رجل كفل لرجل بنفس رجل
فقال إن جئت به وإلا فعلي خمسة مائة درهم قال عليه نفسه ولا شئ عليه من الدراهم فان قال على خمس مائة درهم إن لم ادفعه إليه فقال تلزمه الدراهم ان لم يدفعه إليه إذا
عرفت هذا فان الشافعي ومحمد بن الحسن قالا إذا تكفل برجل إلى أجل ان جاء به فيه وإلا لزمه ما عليه لا تصح الكفالة ولا يلزمه ما عليه وكذا لو قال متى لم احضره كان على
كذا وكذا لان هذا خطر ولا يجوز تعليق الضمان به كما لو قال إن جاء المطر فأنا ضامن لم يصح وقال أبو يوسف وأبو حنيفة واحمد تصح الكفالة فان جاء به في الوقت وإلا لزمه
102

ما عليه لان هذا موجب الكفالة ومقتضاها تصح اشتراطه كما لو قال إن جئت به في وقت كذا والا فلك حبسي ولا بأس به عندي أما لو قال إن جئت به في وقت كذا أو لا
فأنا كفيل ببدن فلان أو فأنا ضامن مالك على فلان أو قال إذا جاء زيد فانا ضامن ما عليه وإذا قدم الحاج فأنا كفيل فلان أو قال أنا كفيل بهذا شهرا على اشكال في الأخير
لم تصح الكفالة وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن لأن الضمان خطر فلا يجوز تعليقه على شرط كالهبة وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف تصح لأنه أضاف الضمان إلى سبب الوجوب
فيصح كضمان الدرك وقال بعض العامة إذا قال كفلت بفلان ان جئت به في وقت كذا والا فانا كفيل بفلان أو ضامن المال الذي على فلان يصح والحق البطلان
لان الأول موقوف والثاني معلق على شرط مسألة لو قال كفلت ببدن فلان على أن يبرأ فلان الكفيل أو على أن تبرئه من الكفالة فالأقوى عندي
الصحة عملا بقوله تعالى أوفوا بالعقود وبقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وهذا شرط تمس الحاجة إليه ولا وجه لفساده لأنه شرط تحول الوثيقة التي على الكفيل إليه وقالت
الشافعية لا تصح الكفالة لأنه شرط فيها شرطا لا يلزمه الوفاء به فيكون فاسدا فيفسد به الكفالة ونمنع من عدم لزومه مع الشرط وقال ابن شريح كما قلناه
لأنه طلب تحويل الحق في الكفالة إليه فعلى هذا لا يلزمه الكفالة الا ان يبرئ المكفول له الكفيل الأول من الكفالة لأنه انما كفل بهذا الشرط فلا يثبت كفالته
بدون شرطه ولو قال كفلت لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان خرج فيه الوجهان والأولى عندي الصحة قال بعض العامة لا تصح لأنه شرط فسخ
عقد في عقد فلم يصح كالبيع بشرط فسخ بيع آخر ونمنع ثبوت الحكم في الأصل ولو شرط في الكفالة أو الضمان ان يتكفل المكفول له أو المكفول به باخر أو يضمن دينا
عنه أو يبيعه شيئا أو يوجره داره فالأقرب الصحة خلافا لبعض العامة مسألة تصح الكفالة ببدن المحبوس والغايب لان كل وثيقة صحت مع الحضور صحت
مع الغيبة والحبس كالرهن والضمان ولان الحبس لا يمنع من التسليم لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم أو أمر من حبسه ثم يعيده إلى الحبس بالحقين جميعا والغايب
يمضي إليه فيحضره إن كانت الغيبة منقطعة وان لم يعلم خبره لزمه ما عليه عند بعض العامة وقال أبو حنيفة لا يصح مسألة إذا دفع الكفيل المكفول
به إلى المكفول له في وقته ومكانه وسلمه تسليما تاما برئ من الكفالة عند أكثر أهل العلم لأنه عقد على عمل فيبرئ منه بعمل المعقود عليه كالإجارة وقال ابن أبي موسى
لا يبرء حتى يقول قد برئت يدي منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته وإذا أبرأ المكفول له الكفيل من الكفالة أو اعترف بذلك بان يقول أبرأته أو برئ
إلي أو رد إلي المكفول به برئ من الكفالة وإذا أبرى الكفيل لم يبرئ المكفول به من الدين بخلاف الضمان ولو أبرأ المكفول به من الحق الذي كفل الكفيل عليه برئ
الكفيل أيضا ولو ادعى الكفيل ان المكفول به برئ من الحق وان الكفالة سقطت عنه وأنكر ذلك المكفول له فالقول قوله مع يمينه إذا لم يكن للكفيل بينة فإذا حلف
برئ من دعوى الكفيل فان جاء المكفول به فادعى الابراء لم يكتف باليمين التي حلفها للكفيل بل كان عليه يمين أخرى ولو نكل في دعوى الكفيل حلف الكفيل وبرئ
من الكفالة ولا يبرأ المكفول به من الحق لأنه لا يجوز ان يبرئ بيمين غيره ولو نكل عن يمين المكفول به حلف المكفول به وبرئ هو والكفيل وإن كان قد حلف على
عدم الابراء له ولو قال تكفلت لك به ولا حق لك عليه أو ضمنت ما عليه ولا شئ عليه فالقول قول المكفول له
لأن الظاهر صحة الكفالة والضمان وهل يحلف للشافعية وجهان
أحدهما لا يحلف لان دعوى الكفيل يخالف ظاهر قوله والثاني يحلف لان ما يدعيه ممكن فان حلف فلا كلام وان نكل رددنا اليمين على الكفيل لجواز ان يعلم أنه لا حق
له عليه بقول المكفول له انه لا حق لي عليه فان قال تكفلت به بشرط الخيار لم يقبل منه في قوله بشرط الخيار وحكم عليه بالكفالة سواء قلنا إنه يدخلها الخيار أو لا
وهو أحد قولي الشافعية والثاني يسقط اقراره والأصل فيه انه إذا عقب اقراره بما يبطله هل يبطل الاقرار أو المبطل ولو قال رجل لاخر ان فلانا يلازم فلانا
ويضايقه على حقه فاذهب وتكفل به ففعل كانت الكفالة لازمة للمباشر دون الامر لان المباشر فعل باختياره والامر بذلك حث وارشاد مسألة
من خلى غريما من يد صاحبه قهرا واجبارا ضمن احضاره أو أداء ما عليه لأنه غصب اليد المستولية المستحقة من صاحبها فكان عليه اعادتها أو أداء الحق الذي بسببه
تثبت اليد عليه ولو خلى قاتلا من يد الولي لزمه احضاره أو الدية وإن كان القتل عمدا ولا يوجب عليه عين حق القصاص إذ لا يجب الا على المباشر فلما تعذر استيفائه
وجبت الدية كما لو هرب القاتل عمدا أو مات فان دفع الدية ثم حضر القاتل سلط الوارث على قتله ويدفع ما اخذه من المخلص لان الدية انما أخذها لمكان الحيلولة
وقد زالت وان لم يقتل وتمكن من استيفاء القصاص وجب دفع المال أيضا إلى صاحبه ولا يتسلط الكفيل لو رضي هو والوارث بالمدفوع بدية ولا قصاص ولو
تعذر عليه استيفاء الحق من قصاص أو مال وأخذنا المال أو الدية من الكفيل كان للكفيل الرجوع على الغريم الذي خلصه قصاصا مسألة إذا
كفل بدن شخص ادعى عليه مال ثم قال الكفيل لا حق لك عليه قدم قول المكفول له لاستدعاء الكفالة ثبوت المال فان تعذر احضاره فهل يجب عليه أداء المال
من غير بينة اشكال أقربه عدم الوجوب وان أوجبناه فدفع المال لم يكن له الرجوع على المكفول به لأنه اعترف ببرائة ذمته وانه مظلوم في أخذ المال منه والمظلوم انما
يرجع على من ظلمه مسألة لو كان لذمي على ذمي خمر وتكفل به ذمي اخر فأسلم المكفول له أو المكفول عنه برئ الكفيل والمكفول عنه وقال أبو حنيفة إذا أسلم
المكفول عنه لم يبرأ واحد منهما ويلزمهما قيمة الخمر لأنه كان واجبا ولم يوجد اسقاط ولا استيفاء ولا وجد من المكفول له ما أسقط حقه فبقى بحاله وهو
غلط لان المكفول به مسلم فلم يجب عليه الخمر كما لو كان مسلما قبل الكفالة وإذا برئ المكفول به برئ كفيله كما لو أدى الدين أو أبرئ منه ولو أسلم المكفول له
برئ الجميع وكذا ان أسلم المكفول به وان أسلم الكفيل وجده برئ من الكفالة لامتناع وجوب الخمر عليه وهو مسلم ولو كان ضمانا فإنه لا يسقط باسلام
المضمون عنه وفي رجوع الضامن المأذون عليه بالقيمة نظر مسألة لو قال اعط فلانا ألفا ففعل لم يرجع على الآمر ولم يكن ذلك كفالة ولا ضمان
مال الا أن يقول اعطه عني وقال أبو حنيفة يرجع عليه إذا كان خليطا له لجريان العادة بالاستقراض من الخليط ولو سلط الظالم عليه فأخذ منه شيئا لم يتسلط
المظلوم على الامر ولم يكن له الرجوع بما أخذه الظالم وإن كان سببا لان الحوالة مع اجتماع المباشر والسبب على المباشر أما لو قبض وسلم إلى الظالم فإنه يطالب قطعا
مسألة إذا كانت سفينة في البحر وفيها متاع فخيف عليها الغرق فالقى بعض الركبان متاعه في البحر لتسلم السفينة ومن فيها لم يكن له الرجوع على أحد
سواء ألقاه بنية الرجوع على الركبان أو لا بنية الرجوع لأنه أتلف مال نفسه باختياره من غير ضمان ولو قال له بعض الركبان الق متاعك فألقاه لم يرجع أيضا
على أحد لأنه لم يكرهه على القائه ولا ضمن له ولو قال الق متاعك وعلي ضمانه فألقاه فعلى القائل ضمانه وإن كان ضمان ما لم يجب لحاجة الداعية إلى ذلك ولو قيل بأنه
جعالة خلصنا من الالزام ولو قال القه وأنا وركبان السفينة ضمناء له ففعل فالأقرب ان نقول إن كان ضمان اشتراك فليس عليه الا ضمان حصته لأنه لم
يضمن الجميع انما ضمن حصته وأخبر عن سائر الركبان بضمان الباقي ولم يقبل قوله في حق الباقي وإن كان ضمان اشتراك وانفراد بان يقول كل واحد منا ضامن
103

لك متاعك أو قيمته لزم القائل ضمان الجميع وسواء قال هذا والباقون يسمعون وسكتوا أو قالوا لا نضمن شيئا أو لم يسمعوا لان سكوتهم لا يلزمهم به حق وقال
بعض العامة يضمنه القائل وحده الا أن يتطوع بقيتهم ولو قال القه وعلي ضمانه وعلى الركبان فقد أذنوا لي فأنكروا بعد الالقاء ضمن الجميع بعد اليمين على اشكال
ينشأ من استناد التفريط إلى المالك حيث القى متاعه قبل الاستيثاق ولو لم يكن خوف فالأقرب بطلان الضمان وكذا يبطل لو قال (مزق) ثوبك وعلي ضمانه ولو اجرح نفسك
وعلي ضمانه لعدم الحاجة فلا يصح الضمان ولا الجعالة ان ألحقنا مثل هذا بالجعالة لأنها ليست على عمل مقصود أما لو قال طلق زوجتك وعلي كذا أو أعتق عبدك وعلي
كذا ففعل لزمه ذلك لامكان ان يعلم التحريم بينهما فطلب التفرقة بالعوض أو طلب ثواب العتق مسألة لو انتقل الحق عن المستحق ببيع أو إحالة أو غيرهما برئ
الكفيل من الكفالة لأنه انما كفل له لا لغيره وقد انتقل المال عنه فلا يتعدى حق الكفالة إلى من انتقل إليه المال وكذا لو أحال المكفول به المكفول له بالمال الذي
عليه وقبل المحتال والمحال عليه برئ الكفيل أيضا لان الحوالة (كالأداء) إذا كان المحال عليه مليا أما لو كان معسرا ولم يعلم المحتال فالأقوى عدم البراءة إلا أن يرضى بالحوالة
على المعسر ولو أدى الكفيل لتعذر احضار المكفول ببدنه كان له مطالبة المكفول بما أداه عنه سواء كفل باذنه أو لا ولو ظهر بعد الأداء سبق موت المكفول رجع الكفيل
على المكفول له بما قبضه للعلم ببطلان الكفالة ولو مات المحال عليه الموسر ولم يترك شيئا برئ الكفيل وسقط دين المحتال مسألة قد بينا ان الميت تحل عليه
الديون المؤجلة عليه عند علمائنا أجمع وعليه عامة الفقهاء وبه قال الشعبي والنخعي وسعيد بن المسيب وسوار ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي واحمد في إحدى
الروايتين لان هذا الدين أما أن يبقى في ذمة الميت أو ذمة الورثة أو متعلقا بالمال والأول محال لان الميت خرجت ذمته وتعذرت مطالبته والثاني باطل لان صاحب
الدين لم يرض بذمتهم والذمم تختلف وتتباين وأيضا فإنهم لم يلتزموا به والثالث باطل إذ لا يجوز تعلقه بالأعيان وتأجيله لما فيه من الاضرار بالميت وصاحب الدين
ولا منفعة للورثة فيه بل ربما استضروا به أما الميت فلقوله (ع) الميت مرتهن بدينه حتى يقضى عنه وأما صاحبه فقد يتلف الأعيان فيسقط حقه ولا منفعة للورثة
فإنهم لا ينتفعون بالأعيان ولا يتصرفون فيها وان تصور في ذلك منفعة لهم فلا يسقط حق الميت وصاحب الدين ليحصل لهم منفعة وقال ابن سيرين و عبد الله بن
الحسن وإسحاق وأبو عبيد وطاوس وأبو بكر بن محمد والزهري وسعيد بن إبراهيم والحسن البصري واحمد في الرواية الأخرى لا تحل لأنه لو كان له دين مؤجل لم يحل فكذلك ما عليه كالحي
ولان الموت ما جعل مبطلا للحقوق وانما هو علامة على الوراثة وقد قال (ع) من ترك حقا أو مالا فلورثته والفرق ان الحي له ذمة وماله يمكن حفظه بخلاف ما عليه
فان المديون يتضرر بترك الحق متعلقا بالعين ولان النبي صلى الله عليه وآله لما امتنع من الصلاة على المديون حتى ضمن الدين علي (ع) تارة وأبو قتادة أخرى لم
يسأل هل كان الدين مؤجلا فلا مطالبته في الحال لو لم يحل ولم يكن هناك مانعا من الصلاة أو كان حالا وترك الاستفصال يدل على العموم وما رواه السكوني عن الصادق
عن الباقر عليهما السلام قال إذا كان على الرجل دين إلى أجل ومات الرجل حل الدين وعن الحسين بن سعيد قال سألته عن الرجل اقرض رجلا دراهم إلى أجل مسمى ثم مات المستقرض
أيحل مال القارض عند موت المستقرض منه أو لورثته من الاجل ما للمستقرض في حياته فقال إذا مات فقد حل مال القارض مسألة لو مات من له الدين
المؤجل قال أكثر علمائنا لا يحل دينه بموته وهو قول أكثر أهل العلم لعدم دليل الحلول وأصالة الاستصحاب وبراءة ذمة من عليه الدين من الحلول وقال الشيخ رحمه الله في النهاية
إذا مات وله دين مؤجل حل أجل ماله وجاز للورثة المطالبة به في الحال لما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) أنه قال إذا مات الميت حل ماله وما عليه من الدين ولأنه دين فحل
بموت صاحبه كما يحل بموت من هو عليه والرواية مقطوعة السند على انها غير دالة على المطالبة بالنصوصية إذا لم تشتمل على ذكر الاجل والفرق بين موت صاحب الدين
والمديون ظاهر فان الميت لازمة له فلا يبقى للدين محل ومن له الدين ينتقل حقه بعد موته إلى الورثة وانما كان له دين مؤجل فلا يثبت للوارث ما ليس له مسألة
قد بينا ان الدين المؤجل يحل بموت من عليه وان احمد قد خالف فيه في إحدى الروايتين فعلى قوله يبقى الدين في ذمة الميت كما كان ويتعلق بعين ماله كتعلق حقوق
الغرماء بمال المفلس عند الحجر عليه فان أحب الورثة أداء الدين والتزامه للغريم ويتصرفون في المال لم يكن لهم ذلك الا ان يرضى الغريم أو يوفوا الحق بضمين ملي
أو برهن يثق به لوفاء حقه فان الوارث قد لا يكون أمينا وقد لا يرضى به الغريم فيؤدي إلى فوات حقه وقال بعض العامة ان الحق ينتقل إلى ذمم الورثة بموت مورثهم من غير أن
يشترط التزامهم له ولا ينبغي ان يلزم الانسان دين لم يتعاط له ولو لزمهم ذلك بموت مورثهم للزمهم وان لم يخلف وفاء وهذا كله ساقط عندنا الا ان يرضى
الغريم بتذمم الورثة بالدين ويصير عليهم تبرعا منه وعلى قولنا بحلول الدين بموت المديون يتخير الوارث بين الدفع من عين التركة ومن غيرها لانتقال المال
إليهم فان امتنعوا من الأداء من عين التركة ومن غيرها باع الحاكم من التركة بما يقضي به الدين مسألة من مات وعليه دين لم يمنع الدين نقل التركة إلى الورثة على أشهر
قولي أصحابنا لان مستحق التركة إما الميت وهو محال إذ ليس هو أهلا للتمليك أو الغريم وهو محال لأنه لو أبرأه لم يكن له في التركة شئ أولا لمالك وهو محال فلم يبق الا الورثة
ولان تعلق الدين بالمال لا يزيل الملك في حق الجاني والرهن والمفلس فلم يمنع نقله هنا وان تصرف الوارث في التركة ببيع أو غيره صح تصرفهم ولزمهم أداء الدين
فان تعذر وفاؤه فسخ تصرفهم كما لو باع السيد عبده الجاني أو النصاب الذي وجبت فيه الزكاة وقال بعض علمائنا ان التركة لا تنتقل وعن أحمد روايتان لقوله
تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين فجعل التركة للوارث من بعد الدين والوصية فلا يثبت لهم الملك قبلها فعلى هذا لو تصرف الورثة لم يصح تصرفهم لانهم تصرفوا
في غير ملكهم الا بإذن الغرماء ولو تصرف الغرماء لم يصح الا بإذن الورثة والحق الأول لان المراد زوال الحجر عن التركة بعد الوصية والدين الفصل الثالث
في الحوالة وفيه مباحث الأول في ماهيتها ومشروعيتها الحوالة مشتقة من تحويل الحق من ذمة إلى ذمة وهي عقد وضع للارفاق منفرد بنفسه وليست
بيعا ولا محمولة عليه عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر العلماء والا لما صحت لأنها بيع دين بدين وذلك منهي عنه والحوالة مأمور بها فتغاير أو لأنها لو كانت بيعا لما جاز
التفرق قبل القبض لأنه بيع مال الربا بجنسه فلا يجوز مع التأخير والتفرق قبل القبض ولجازت بلفظ البيع ولجازت من جنسين كالبيع ولان لفظها يشعر بالتحويل
لا بالبيع فعلى هذا لا يدخلها خيار المجلس وفي خيار الشرط ما تقدم وتلزم بمجرد العقد وقد قيل إنها بيع فان المحيل يشتري ما في ذمته بماله في ذمة المحال عليه وجاز
تأخير القبض وخصة لأنه موضوع على الرفق فيدخلها حينئذ خيار المجلس لذلك والصحيح ما تقدم فان البيع مختص بألفاظ ولوازم منفية عن هذا العقد مسألة
الحوالة عقد جائز بالنص والاجماع روى العامة عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال مطل الغنى ظلم وإذا اتبع أحدكم على ملي فليتبع وفي لفظ اخر وإذا أحيل بحق
على ملي فليحتل ومن طريق الخاصة ما رواه منصور بن حازم عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه قال لا يرجع عليه ابدا إلا أن
يكون قد أفلس قبل ذلك وقد أجمع كل من يحفظ عنه العلم على جواز الحوالة في الجملة إذا عرفت هذا فمعنى اتبع هو معنى أحيل قال صاحب الصحاح يقال اتبع فلان بفلان
104

إذا أحيل له عليه المال والتبيع الذي لك عليه مال والأشهر في الرواية الثانية وإذا أحيل أحدكم بالواو ويروى فإذا بالفاء فعلى الأول هو مع قوله مطل الغنى ظلم جملتان
لا تعلق للثانية بالأولى ويصير كقوله (ع) العارية مردودة والرغيم غارم وعلى الثاني يجوز ان يكون المعنى في الترتيب انه إذا كان المطل ظلما من الغنى فليقبل من أحيل
بدينه عليه فان الظاهر أنه يحترز عن الظلم والمطل وهل الامر بالاحتيال على الايجاب أو الاستحباب الأقوى عندنا الثاني وبه قال الشافعي لأصالة البراءة وعن أحمد انه للوجوب
قضية لمطلق الامر مسألة مدار الحوالة على ستة أشياء اشخاص ثلاثة محيل ومحال عليه ومحتال ودينان ومعاملة فإذا كان لزيد عليك عشرة ولك على عمرو مثلها
فأحلت زيدا على عمرو فأنت محيل وزيد محتال وعمرو محال عليه وقد كان لزيد عليك دين ولك على عمرو دين وجرت بينك وبين زيد مراضاة بها انتقل حقه
إلى عمرو فهذه ستة أمور لابد منها في وجود الحوالة الا الخامس فان فيه خلافا يأتي انشاء الله تعالى ويشترط في صحتها أمور منها ما يرجع إلى الدينين ومنها ما يتعلق
بالاشخاص الثلاثة مسألة الحوالة عقد لازم فلا بد فيها من ايجاب وقبول كغيرها من العقود والايجاب كل لفظ يدل على النقل والتحويل مثل أحلتك
وقبلتك واتبعتك والقبول ما يدل على الرضا نحو رضيت وقبلت ولا يقع معلقة بشرط ولا صفة بل من شرطها التنجيز فلو قال إذا جاء رأس الشهر أو ان قدم
زيد فقد أحلتك عليه لم يصح لأصالة البراءة وعدم الانتقال ولا يدخلها خيار المجلس لأنه مختص بالبيع وليست بيعا عندنا وهل يدخلها خيار الشرط منع
منه أكثر العامة والحق جواز دخوله لقولهم عليهم السلام كل شرط لا يخالف الكتاب والسنة فإنه جايز ولو قال أحلني على فلان فقال أحلتك افتقر إلى القبول ولا يكفي
الاستيجاب (والخلاف) المذكور في البيع في الاستيجاب والايجاب آت هنا وقطع بعض الشافعية بالانعقاد هنا
لان الحوالة أجيزت رفقا بالناس فيسامح فيها بما لا يسامح
في غيرها والمعتمد ما قلناه مسألة اختلف العامة في أن الحوالة هل هي استيفاء حق أو بيع واعتياض فللشافعي قولان أحدهما وهو الأقوى عندي
انها استيفاء حق كان المحتال استوفى ما كان له على المحيل واقرضه المحال عليه لأنها لو كانت معاوضة لجاز ان يحيل بالشئ على أكثر منه أو أقل وأظهرهما عندهم
انها بيع لأنها تبديل مال بمال فان كل واحد من المحيل والمحتال يملك بها ما لم يملكه قبلها وهذا هو الحقيقة المعاوضة وليس فيها استيفاء ولا اقراض محقق فلا يقدران
وقد بينا عندنا هذا ما في القول وعلى تقديره هي بيع ماذا بأي شئ للشافعية وجهان أحدهما انها بيع عين بعين والا لبطلت للنهي عن بيع الدين بالدين وكان هذا الفاعل
نزل الدين على الشخص منزلة استحقاق منفعة يتعلق بعينه كالمنافع في اجارات الأعيان وهذا غير معقول والثاني وهو المعقول انها بيع الدين بالدين فان حق
الدين لا يستوفى من عين الشخص ولغيره ان يؤديه عنه واستثنى هذا العقد عن النهي لحاجة الناس إليه مسامحة وارفاقا ولهذا المعنى لم يعتبر فيه التقابض كما في
القرض ولم يجز فيه الزيادة والنقصان لأنه ليس بعقد مماكسة كالقرض وقال الجويني وشيخه لا خلاف في اشتمال الحوالة على المعنيين الاستيفاء والاعتياض والخلاف
في أيهما أغلب وكل هذه تمحلات لا فايدة تحتها ولا دليل عليها البحث الثاني في الشرايط وهي أربعة يشتمل عليها أربعة انظار الأول كمالية الثلاثة
أعني المحيل والمحتال والمحال عليه لان رضاهم شرط على ما يأتي وانما يعتبر الرضي ممن له أهلية التصرف فلا تصح من الصبي وإن كان مميزا أذن له الولي أو لا ولا المجنون
سواء كان محيلين أو محتالين أو محال عليهما وكذا يشترط رفع الحجر في الثلاثة أما المحيل فلما فيه من والتصرف المالي والسفيه والمفلس ممنوعان منه وأما المحتال فلذلك
أيضا لما فيه من الاعتياض عن ماله بماله وأما المحال عليه فلانه التزام بالمال مسألة يشترط ملاءة المحال عليه وقت الحوالة كالضمان أو علم المحتال
باعسار المحال عليه فلو كان معسرا واحتال عليه مع جهله باعساره كان له فسخ الحوالة ومطالبة المحيل بالمال سواء شرط التساوي أو اطلق عند علمائنا لما
فيه من الضرر والتغرير به ولما رواه منصور بن حازم عن الصادق (ع) انه سأله عن الرجل يحيل على الرجل الدراهم أيرجع عليه قال لا يرجع عليه أبدا إلا أن يكون قد أفلس
قبل ذلك وهو نص في الباب ولا يشترط استمرار الملاءة بل لو كان المحال عليه مليا وقت الحوالة ورضى المحتال ثم تجدد اعسار المحال عليه بالمال بعد الحوالة
يكن للمحتال الرجوع على المحيل لان الحوالة ألزمت أولا وانتقل الحق عن ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه فلا يعود الا بسبب ناقل للمال ولو رضي المحتال بالحوالة
على المعسر لم يكن له بعد ذلك الفسخ ولا الرجوع على المحيل بشئ بل لو مات المحال عليه معسرا ضاع ماله إذا ثبت هذا فقد وافقنا على أن المحتال يرجع إلى ذمة المحيل
عليه إذا ظهر افلاسه ولم يشترط للمحال عليه الملاءة ولم يعلم المحتال بإفلاسه مالك واحمد في إحدى الروايتين وجماعة من أصحابه لان الفلس عيب في المحال عليه لأن الظاهر
سلامة الذمة وقد ظهر انها معيبة فكان له الرجوع كما لو اشترى سلعة فوجدها معيبة ولان المحيل غره فكان له الرجوع كما لو دلس المبيع وقال الليث والشافعي
وأبو عبيد واحمد في الرواية الأخرى وابن المنذر ليس له الرجوع سواء أمكن استيفاء الق أو تعذر بمطل أو فلس أو موت أو غير ذلك لان هذا الاعسار لو حدث قبل قبضه
لم يثبت له الخيار فكذا حال العقد وهو ممنوع لان المتجدد لا يمكن الاحتراز منه ولا غرر فيه بخلاف المقارن مسألة قد بينا ان الحوالة تقتضي نقل الحق
من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه عند علمائنا أجمع وبه قال عامة الفقهاء الا ما يحكى عن زفر فإنه قال لا ينتقل الحق وأجراها مجرى الضمان وهو خطأ لان الحوالة
مشتقة من تحول الحق بخلاف الضمان عندهم فإنه مشتق من ضم ذمة إلى ذمة فعلق على كل واحد منهما ما يقتضيه لفظه وأما عندنا فان الضمان أيضا ناقل على
ما تقدم بيانه مسألة إذا تمت الحوالة باركانها وكان المحال عليه مؤسرا وعلم المحتال بافلاسه انتقل الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه ولم يكن للمحتال
الرجوع على المحيل ابدا وبه قال الشافعي ومالك واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة ان حربا جد سعيد بن المسيب كان له على علي (ع) دين فاحاله به فمات المحال
عليه فأخبره فقال أخبرت علينا أبعدك الله تعالى ابعده بمجرد احتياله ولم يخبره ان له الرجوع ولو كان له الرجوع لأخبره بذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
لا يرجع إليه ابدا وقد تقدم وعن عقبة بن جعفر عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن الرجل يحيل الرجل بمال على الصيرفي ثم يتغير حال الصيرفي أيرجع على صاحبه
إذا احتال وضمن قال لا ولان الحوالة براءة من دين ليس فيها قبض ممن عليه فلا يكون رجوع عليه كما لو أبرأه من الدين وقال شريح والشعبي والنخعي من أفلس
أو مات رجع على صاحبه وقال أبو حنيفة يرجع عليه في حالتين إذا مات المحال عليه مفلسا وإذا جحد وحلف عليه عند الحاكم وقال أبو يوسف ومحمد يرجع عليه في
هاتين الحالين وفي حال أخرى إذا أفلس وحجر عليه لما روى أن عثمان سئل عن رجل أحيل بحقه فمات المحال عليه مفلسا فقال يرجع بحقه لا يزرأ هذه العلامة بخط المصنف
على كتابه بيده وهذه اللفظة من كتابة مهملة فيوشك ان يكون بالزاء المعجمة والراء المهملة أخيرا قال في الصحاح والإزراء التهاون بالشئ فقال أزريت إذا قصرت به
على مال مسلم ولأنه عقد معاوضة لم يسلم العوض منه لاحد المتعاقدين فكان له الفسخ كما لو اعتاض بثوب فلم يسلمه إليه ولأنه نقل حق من ذمة إلى غيرها فإذا لم يسلم له
ما نقل إليه كان له الرجوع بحقه كما لو اخذ دينه عينا وتلفت في يد من عليه الحق ورواية عثمان ضعيفة لم تصح يرويها خالد بن جعفر عن معاوية بن عروة عن عثمان
105

ولم يصح سماعه منه وقد روى أنه قال في حوالة أو كفالة وهو يدل على شكه وتردده في الرواية فلا يجوز العمل بها على أن قول عثمان ليس بحجة خصوصا مع معارضته
للحجة وهو قول علي (ع) ولا نسلم ان الحوالة معاوضة لاشتماله على بيع الدين بالدين وهو منهي عنه والقياس على العين باطل لأنه لا يشبه مسئلتنا لان
في ذلك قبضا يقف استقرار العقد عليه وهنا الحوالة بمنزلة العوض المقبوض والا كان بيع دين بدين مسألة لو شرط المحتال ملاءة المحال عليه فبأن
معسرا كان له الرجوع لما بينا من أنه يرجع عند الاطلاق فمع شرط الملاءة الأولى وهو قول ابن شريح لقوله (ع) المسلمون على شروطهم ولا نشترط ما فيه مصلحة
العقد في عقد معاوضة فيثبت فيه الفسخ بفواته كما لو شرط صفة في المبيع وقد يثبت بالشرط ما لا يثبت باطلاق العقد كما لو شرط صفة في المبيع وقال المزني نقلا عن
الشافعي انه لا يرجع لأنه قال غره أو لم يغره لا يرجع قال ابن شريح هذا الذي نقله المزني لا نعرفه للشافعي والذي يشبه أصله انه يرجع كما إذا شرط صفة في المبيع فبأن بخلافها
قال بعض الشافعية الصواب ما نقله المزني لان الاعسار لا يرد الحوالة إذا لم يشترط الملاءة مع كونه نقصا فلو ثبت ذلك بالشرط لثبت بغير شرط ولان الاعسار
لو حدث لم يثبت له فسخ الحوالة بخلاف النقص الحادث في المبيع فكذلك عدم المشروط ولان الاعسار يثبت به فسخ البيع بغير شرط ولا يثبت مثل ذلك في الحوالة فاختلفا
ونمنع كون الاعسار لا يرد الحوالة إذا لم يشترط وقد سبق ونمنع الملازمة بين ثبوته بالشرط وبعدمه ونحن لا ندعي مساواة الحوالة للبيع في جميع احكامه تذنيب
لو كان المحال عليه معسرا أو لم يعلم المحتال ثم تجدد اليسار وعلم سبق الفقر احتمل ثبوت الخيار للاستصحاب وعدمه لزوال المقتضى مسألة إذا حصلت الحوالة
مستجمعة الشرايط انتقل المال إلى ذمة المحال عليه وبرئ المحيل سواء أبرأه المحتال أو لا وهو قول عامة الفقهاء لان الحوالة مأخوذة من التحويل للحق وانما يتحقق
هذا المعنى لو انتقل المال من ذمة إلى أخرى وليس هنا الا ذمة المحيل والمحال عليه فإذا تحول الحق من ذمة أحدهما إلى الأخر مع اليسار أو علم الاعسار لم يعد الحق إليه لعدم
المقتضي وقال شيخنا رحمه الله في النهاية ومن كان له على غيره مال فأحال به على غيره وكان المحال عليه مليا به في الحال وقبل الحوالة وأبرأه ذمته منه لم يكن له الرجوع عليه ضمن ذلك
المحال عليه أو لم يضمن بعد ان يكون قد قبل الحوالة فإن لم يقبل الحوالة الا بعد ضمان المحال عليه ولم يضمن من أحيل عليه ذلك كان له مطالبة المحيل ولم تبرأ ذمته
بالحوالة فان انكشف لصاحب المال ان الذي أحيل به عليه غير ملي بالمال بطلت الحوالة وكان له الرجوع على المديون بحقه عليه ومتى لم يبرأ المحال له بالمال المحيل
في حال ما يحيله كان له أيضا الرجوع عليه في اي وقت شاء وكان الحسن البصري أيضا لا يرى الحوالة مبرئة الا ان يبرئه واحتج الشيخ رحمه الله بما رواه زرارة في الحسن عن الصادق أو الباقر
عليهما السلام في الرجل يحيل الرجل بمال كان له على رجل فيقول له الذي احتال برئت من مالي عليك قال إذا برئه فليس له ان يرجع عليه فإن لم يبرئه فله ان يرجع على
الذي احاله وهذه الرواية لا بأس بها لصحة السند لكن المشهور عند الأصحاب والعامة البراءة بمجرد الحوالة فلابد من حمل الرواية على شئ وليس ببعيد من الصواب
حملها على ما إذا شرط المحيل البراءة فإنه يستفيد بذلك عدم الرجوع ولو ظهر افلاس المحال عليه أو تقول إذا لم يبرأه فله ان يرجع على الذي احاله إذا تبين له اعساره
وقت الحوالة النظر الثاني في الرضي بالحوالة مسألة يشترط في الحوالة رضي المحيل وهو الذي عليه الحق اجماعا فلو أكره على أن يحيل فأحال بالاكراه
لم تصح الحوالة ولا نعرف فيه خلافا لان من عليه الحق مخير في جهات القضاء فله ان يقضي من اي جهة شاء فلا يعين عليه بعض الجهات قهرا فلا يلزمه أداؤه
من جهة الدين الذي له على المحال عليه الا في صورة واحدة لا يعتبر فيها رضي المحيل وهي إذا ما جوزنا الحوالة على من لا دين عليه ولو قال للمستحق أحلت بالدين الذي لك
على فلان على نفسي فقبل صحت الحوالة فاذن لا يشترط هنا رضي المحيل بل رضي المحتال والمحال عليه خاصة مسألة يشترط رضي المحتال عند علمائنا أجمع وبه
قال الشافعي وأبو حنيفة لان حقه ثابت في ذمة المحيل فلا يلزمه نقله إلى ذمة أخرى الا برضاه كما أنه لا يجوز ان يجبر على أن يأخذ بالدين عوضا وكما إذا ثبت حقه
في عين لا يملك نقله إلى غيرها بغير رضاه وقال داود واحمد لا يعتبر رضاه إذا كان المحال عليه مليا لقوله صلى الله عليه وآله من أحيل على ملي فليحتل والامر للوجوب
ونحن نمنع الوجوب بل المراد به الارشاد مسألة يشترط عندنا رضي المحال عليه فلو لم يرض المحال عليه أو لم يعلم هل رضي أم لا لم تصح الحوالة وبه قال أبو حنيفة
والزهري المزني وقال أبو العباس بن العاص نص الشافعي في الاملاء على انها تفتقر إلى رضي المحال عليه واليه ذهب أبو سعيد الإصطخري من الشافعية لأنه أحد من تتم
به الحوالة فأشبه المحتال والمحيل ولان الناس يختلفون في الاقتضاء والاستيفاء سهولة وصعوبة ولان الأصل بقاء الحق في ذمة المحال عليه للمحيل فيستصحب إلى أن
يظهر المعارض وأصح القولين عند الشافعي انه لا يعتبر رضي المحال عليه إذا كانت الحوالة على من عليه دين للمحيل وبه قال مالك واحمد لان المحيل أقام المحتال مقام نفسه
في القبض بالحوالة فلم يفتقر إلى رضي من عليه الحق كما لو كان وكيلا في قبضه بخلاف المحتال فإنه ينتقل حقه ويبرئ ذمته منه ولان المحال عليه محل الحق والتصرف فلا يعتبر
رضاه كما لو باع عبدا لا يعتبر رضاه وبنوا الوجهين على أن الحوالة اعتياض أو استيفاء ان قلنا بالأول فلا يشترط لأنه حق للمحيل فلا يحتاج فيه إلى رضي الغير وان قلنا
بالثاني يشترط لتعذر أقراضه من غير رضاه وإن كانت الحوالة على من لا دين عليه لم تصح عند الشافعي الا برضى المحال عليه لأنا لو صححناه لألزمنا قضاء دين الغير قهرا
وان رضي في صحة الحوالة وجهان بناهما الجمهور على الأصل المذكور فسيأتي فقد ظهر من هذا الاجماع على اعتبار رضي المحيل الا في الصورة التي ذكرناها في أول النظر
وان أصحابنا اشترطوا رضي الثلاثة المحيل والمحتال والمحال عليه النظر الثالث في الدين مسألة إذا أحال زيد عمروا على بكر بألف فلا يخلو ما ان يكون ذمة
زيد مشغولة بالألف لعمرو أو لا وعلى كلا التقديرين فإما ان يكون بكر برئ الذمة منها أو مشغولها فالأقسام أربعة آ ان يكون ذمة زيد وبكر مشغولتان ولا
خلاف هنا في صحة الحوالة ب قسيم هذا وهو أن تكون ذمتهما بريئة فإذا أحال زيد وهو برئ الذمة عمروا ولا دين له عليه على بكر وهو برئ الذمة لم يكن ذلك إحالة
صحيحة لان الحوالة انما تكون بدين رهنا لم يوجد بل يكون ذلك وكالة في اقتراض وانما جازت الوكالة هنا بلفظ الحوالة لاشتراكهما في المعنى وهو استحقاق الوكيل ان
يفعل ما امره الموكل من الاقتراض وان يطالب من المحال عليه كما يستحق المحتال مطالبة المحال عليه ج ان يكون المحيل برئ الذمة والمحال عليه مشغولها فيحيل
من لا دين له على من للمحيل عليه دين بقبضه فلا يكون ذلك أيضا حوالة لان الحوالة مأخوذة من تحول الحق وانتقاله ولا حق فيها ينتقل ويتحول
بل يكون ذلك في الحقيقة وكالة في الاستيفاء لاشتراكهما في الاستحقاق الوكيل مطالبة من عليه الدين كاستحقاق المحتال مطالبة المحال عليه وتحول ذلك إلى
الوكيل كتحوله إلى المحيل د ان يكون المحيل مشغول الذمة والمحال عليه برئ الذمة وفي صحة هذه الحوالة اشكال أقربه الصحة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لان المحال
عليه إذا قبلها صار كأنه قضى دين غيره بذمته لان الحوالة بمنزلة الحق المقبوض وإذا قبض حقا من غيره صح وسقط عن غيره كذا هنا لكن يكون ذلك بالضمان
أشبه وللشافعي وجهان مبنيان على أن الحوالة اعتياض واستيفاء فان قلنا إنها اعتياض لم يصح لأنه ليس له على المحال شئ عليه يجعله عوضا عن حق المحتال وان قلنا
106

انها استيفاء حق صح كأنه أخذ المحتال حقه واقرضه من المحال عليه قال الجويني الصحيح عندي تخريج الخلاف في أنه هل يصح الضمان بشرط براءة الأصيل
بل هنا الصورة غير تلك الصورة فان الحوالة تقتضي براءة المحيل فإذا قبل الحوالة فقد التزم على أن يبرأ
المحيل وهذا ذهاب منه إلى براءة المحيل وجعلها أصلا
مفروغا عنه لكن للشافعية وجهان أحدهما انه يبرأ على قياس الحوالات والثاني وبه قال أكثرهم انه لا يبرأ وقبول الحوالة ممن لا دين عليه ضمان مجرد ثم فرعوا فقالوا ان
قلنا لا تصح هذه الحوالة فلا شئ على المحال عليه فان تطوع وأداه كان كما لو قضى دين الغير وان قلنا يصح فهو كما لو ضمنه فيرجع على المحيل ان أدى باذنه وكذا ان أدى بغير
إذنه عندنا وعلى أظهر الوجهين عند الشافعية (بجريان)؟ الحوالة باذنه وللمحال عليه الرجوع على المحيل هنا قبل الأداء وهو أحد وجهي الشافعية لان المحيل يبرء
فينتقل الحق إلى ذمة المحال عليه بمجرد الحوالة والثاني ليس له ذلك بناء على أن المحيل لا يبرئ كما أن الضامن لا يرجع على المضمون عنه قبل الأداء وإذا طالبه المحتال بالأداء
فله مطالبة المحيل بتخليصه وهل له ذلك قبل مطالبة المحتال الأقوى عندي ذلك وللشافعية وجهان كالوجهين في مطالبة الضامن ولو أبرأه المحتال لم يرجع على المحيل
بشئ ولو قبضه المحتال ثم وهبه منه فالأقوى الرجوع لأنه قد غرم عنه وانما عاد المال إليه بعقد مستأنف وللشافعية وجهان ينظر في أحدهما إلى أن الغرم لم يستقر
عليه فلم يغرم عنه في الحقيقة شيئا وفي الثاني إلى أنه عاد إليه بتصرف مبتدء وهما مأخوذان من القولين فيما إذا وهبت منه الصداق بعد القبض ثم طلقها قبل
الدخول ولو ضمن عنه ضامن لم يرجع على المحيل حتى يأخذ المحتال المال منه أو من ضامنه ولو أحال المحتال على غيره نظر ان أحاله على من عليه دين رجع على محيله بنفس الحوالة لحصول
الأداء بها وان أحال على من لا دين عليه لم يرجع على الذي احاله عليه مسألة الأقوى عندي انه لا يشترط في الدين المحال به اللزوم وهو أصح وجهي الشافعية
كما لو أحال بالثمن في مدة الخيار بان يحيل المشتري البايع على رجل أو يحيل البايع رجلا على المشتري ولأنه صاير إلى اللزوم والخيار عارض فيه فيعطى حكم اللازم
والثاني لهم المنع لأنه ليس بلازم وهو مصادرة على المطلوب قال بعض الشافعية هذا الخلاف مبني على أن الحوالة معاوضة أو استيفاء ان قلنا معاوضة
فهي كالتصرف في المبيع في زمان الخيار وان قلنا استيفاء فيجوز قالوا فان قلنا بالمنع ففي انقطاع الخيار وجهان أحدهما انه لا ينقطع لحكمنا ببطلانه وتنزيلنا إياه
منزلة العدم والثاني نعم لان التصرف في عوض العقد يتضمن الرضا بابطال الخيار فان قلنا بالجواز لم يبطل الخيار عند بعضهم وقال آخرون يبطل لان قضيته
الحوالة ولو بقي الخيار لما صادفت الحوالة مقتضاها وكانت هذه الحوالة كالحوالة على النجوم والأقوى بقاء الخيار مسألة إذا وقعت الحوالة بالثمن
المتزلزل بالخيار ثم إن فسخ البيع بفسخ صاحب الخيار وبطل الثمن وبطلت الحوالة المترتبة عليه فلو أحال البايع على المشتري بالثمن رجلا له عليه دين ثم فسخ المشتري
بالخيار بطلت الحوالة لأنها فرع البيع والبيع قد بطل وعندي فيه نظر لان البيع لم يبطل من أصله وانما تجدد له البطلان فلا يؤثر في الحوالة التي جرت منهما ولو أحال
المشتري البايع على غيره ثم فسخ البيع بالخيار بطلت الحوالة لترتبها على البيع والبيع قد بطل ويحتمل قويا عدم بطلان الحوالة وعلى قول الشافعية ببطلان الخيار لو
أحال المشتري البايع على ثالث يبطل خيارهما جميعا لتراضيهما ولو أحال البايع رجلا على المشتري لم يبطل خيار المشتري الا ان يقبل ويرضى بالحوالة مسألة
لو أحال زيد على عمرو بكرا بمال فأداه عمرو بعد قبول الثلاثة الحوالة إلى بكر ثم جاء عمرو يطالب زيدا بما أداه بحوالته إلى بكر فادعى زيد انه انما أحال بماله عليه وأنكر عمرو
ذلك وانه احتال ولا شئ لزيد عليه كان القول قول عمرو لأصالة براءة ذمته ويحتمل ان يقال إن قلنا بصحة الحوالة على من لا مال عليه كان القول قول المحال عليه
قطعا وان قلنا إنها لا تصح كان القول قول المحيل لاعترافهما بالحوالة وادعاء المحال عليه بطلانها والأصل الصحة مسألة لو أحال السيد على مكاتبه بمال النجوم فإن كان بعد حلوله
صح لثبوته في ذمة المكاتب وإن كان قبل الحلول فكذلك على الأقوى ويجئ على قول الشيخ رحمه الله المنع لان مال الكتابة غير واجب عنده على المكاتب إذ له ان يعجز نفسه فله
ان يمتنع من أدائه فللشافعية وجهان فيما إذا أحال السيد غيره على مكاتبه بالنجوم أحدهما الجواز كما قلناه لان النجوم دين ثابت على المكاتب فأشبه ساير الديون
وأصحهما عندهم المنع لان النجوم غير لازمة على المكاتب وله اسقاطها متى شاء فلا يمكن الزامه الدفع إلى المحتال وعلى ما اخترناه من صحة الحوالة لو أعتق السيد المكاتب
بطلت الكتابة ولم يسقط عن المكاتب مال الحوالة لان المال بقبوله صار لازما له للمحتال ولا يضمن السيد ما يغرمه من مال الحوالة ولو كان للسيد عليه دين معاملة غير
مال الكتابة صحت الحوالة به قطعا لان حكمه حكم الأحرار في المداينات وقال بعض الشافعية انه مبني على أن المكاتب لو عجز نفسه هل يسقط ذلك الدين ان قلنا نعم لم
تصح الحوالة والا صحت والمعتمد ما قلناه وهو قول أكثر الشافعية وقول أكثر العامة ولو أحال المكاتب السيد على انسان بمال الكتابة صحت الحوالة عندنا وعند أكثر الشافعية وأكثر المانعين من حوالة السيد عليه بالنجوم وتبرأ ذمة المكاتب من مال الكتابة ويتحرر
ويكون ذلك بمنزلة الأداء سواء أدى المحال عليه أو مات مفلسا لان ما احاله عليه مستقر والكتابة لازمة من جهة السيد فمتى أدى المحال عليه وجب على السيد
القبول أو الابراء وقال بعض الشافعية لا تصح هذه الحوالة أيضا فللشافعية اذن ثلاثة أقوال في الجمع بين الصورتين أحدهما جواز إحالة المكاتب بالنجوم وإحالة
السيد على النجوم وهو قول ابن شريح والثاني منعهما جميعا والثالث أظهرهما عندهم وهو جواز إحالة المكاتب بها ومنع إحالة السيد عليها ولو أحال السيد
بأكثر مال الكتابة ثم أعتقه سقط عن المكاتب الباقي ولم تبطل الحوالة مسألة مال الجعل في الجعالة ان استحق بالعمل صحت الحوالة به اجماعا وان لم يشرع في العمل
فالأقرب الجواز لأنا نجوز الحوالة على برئ الذمة وقياس الشافعية انه يجئ في الحوالة به وعليه الخلاف المذكور في الرهن به وفي ضمانه وقال بعض الشافعية تجوز
الحوالة به وعليه بعد العمل لا قبله ولو أحال من عليه الزكاة الساعي على انسان بالزكاة جاز سواء قلنا إن الحوالة استيفاء أو اعتياض لأنه دين ثابت في الذمة
فجازت الحوالة وعندنا يجوز دفع قيمة الزكاة عن عينها فجاز الاعتياض فيها أما الشافعية فإنهم منعوا من دفع القيمة في الزكاة ومن الاعتياض عنها
فهنا قالوا إن قلنا إن الحوالة استيفاء صحت الحوالة هنا وان قلنا إنها اعتياض لم يجز لامتناع اخذ العوض عن الزكاة ولو أحال الفقير المديون صاحب
دينه بالزكاة على من وجبت عليه لم تصح لأنها لم تتعين له الا بالدفع إليه ولو قبل من وجبت عليه صح ولزمه الدفع إلى المحتال مسألة يجوز الحوالة
بكل مال لازم ثابت في الذمة معلوم لأنها إما اعتياض ولا يصح على المجهول كما لا يصح بيعه وإما استيفاء وانما يمكن استيفاء المعلوم أما المجهول فلا ولاشتماله
على الغرر فلو قال أحلتك بكل مالك علي فقبل لم يصح ويحتمل الصحة ويكون على المحال عليه للمحتال كلما
تقوم به البينة كما قلناه في الضمان ولا يشترط اتفاق
الدينين في سبب الوجوب فلو كان أحدهما ثمنا والاخر اجرة أو قرضا أو بدل متلف أو أرش جناية وما أشبهه جازت الحوالة ولا نعلم فيه خلافا مسألة
تصح الحوالة بكل دين ثابت في الذمة سواء كان مثليا كالذهب والفضة والحبوب والادهان أو من ذوات القيم كالثياب والحيوان وغيرهما وهو أصح وجهي
الشافعية لأنه حق لازم ثابت في الذمة فأشبه ما له مثل والثاني المنع لان الغرض من الحوالة ايصال الحق إلى مستحقه من غير تفاوت وهذا الغرض لا يتحقق فيما
107

لا مثل له لان المثل لا يتحرز ولهذا لا يضمن بمثله في الاتلاف والأول أصح والوصول إلى الحق قد يكون بالمثل وقد يكون بالقيمة وكما يجوز ابراء المديون منه بالأداء
كذا المحال عليه ولو كان المال مما لا يصح السلم فيه ففي جواز الحوالة به اشكال أقربه الجواز لان الواجب في الذمة حينئذ القيمة وتلك العين لا تثبت في الذمة فلا تقع الحوالة بها ولا
بمثلها لعدمه بل بالقيمة ولو كان عليه خمس من الإبل أرش الموضحة مثلا وله على اخر مثلها فاحاله بها فالأقرب الصحة لأنها تنحصر بأقل ما يقع عليه الاسم في السن والقيمة
وسائر الصفات وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يجوز لان صفاتها مجهولة وهو ممنوع وقال بعض الشافعية إذا أحال بإبل الدية وعليها (وفرعنا)
على جواز الحوالة في المتقومات فوجهان أو قولان مبنيان على جواز المصالحة والاعتياض عنها والأصح عندهم المنع للجهل بصفاتها ولو كان الحيوان صداقا ودخل بها
جازت الحوالة عند بعض الشافعية لأنه لا يكون مجهولا ومنعه بعضهم لأنه لا تجوز المعاوضة معها النظر الرابع في تساوي الجنسين مسألة من
مشاهير الفقهاء وجوب تساوي الدينين أعني الدين الذي للمحتال على المحيل والذي للمحيل على المحال عليه وجنسا ووصفا فلو كان له دنانير على شخص فأحال
عليه بدراهم لم تصح لان الحوالة ان جعلناها استيفاء فلان مستحق الدراهم إذا استوفاها واقرضها فمحال ان ينتقل حقه إلى الدنانير وان جعلناها معاوضة
فلانها وإن كانت معاوضة فليست هي على حقيقة المعاوضات التي يقصد بها تحصيل ما ليس بحاصل من جنس مال أو زيادة قدر أو صفة وانما هي معاوضة
ارفاق ومسامحة للحاجة فاشترط فيها التجانس والتساوي في القدر والصفة لئلا يتسلط على المحال عليه كما في القرض ولانا نجبر المحال عليه عند من لا يشترط رضاه
ولا يمكن اجباره مع الاختلاف ولان الحوالة لا يطلب بها الفضل ولهذا جازت دينا بدين ألا ترى انه لا يجوز بيع الدين بالدين فلو جوزنا الإحالة مع الاختلاف في
الجنس أو الوصف لكان بيع الدين بالدين ومع هذا فقد قال المشترطون للتساوي انه تصح الحوالة على من لا دين عليه والاخرى جواز الإحالة على من عليه دين مخالف لكن
الغرض بقولهم إذا تغاير الدينان جنسا أو وصفا أو قدرا لم تصح الحوالة ان الحق لا يتحول بها من الدنانير إلى الدراهم وبالعكس لكنها إذا جرت فهي حوالة على من لا
دين له عليه وحكمه ما تقدم مسألة لو كان عليه ابل من الدية وله على اخر مثلها قرضا فأحاله صاحب القرض على المقترض بإبل الدية فان قلنا يرد في القرض مثلها
صحت الحوالة لأنه يمكن استيفاء الحق على صفته من المحال عليه ولان الخيرة في التسليم إلى من عليه الدين وقد رضي بتسليم ماله في ذمة المقترض وهو مثل الحق
فكانت الحوالة صحيحة وان قلنا إنه يرده في القرض القيمة لم تصح الحوالة لاختلاف الجنس وكذا ما يثبت في الذمة قيمته في القرض كالجواهر واللائي وغيرهما مما لا يصح السلم فيه لا تصح
الحوالة به ولو احتال المقرض بإبل الدية لم تصح لأنا ان قلنا يجب القيمة في القرض فقد اختلف الجنس وان قلنا يجب المثل فللمقرض مثل ما أقرض في صفاته والذي
عليه الدية لا يلزمه ذلك مسألة يجب تساوي الدينين في القدر فلا يحال بخمسة على عشرة ولا بعشرة على خمسة لما قلنا من أن هذا العقد للارفاق ولايصال
كل حق إلى مستحقه ولم يوضع لتحصيل زيادة أو حط شئ والمراد بذلك وقوع المعاوضة بالقليل عن الكثير وبالعكس والا فلو كان له عشرة فأحال بخمسة منها أو كان
له خمسة فأحال بها وبخمسة أخرى فإنه تصح وللشافعية وجه في الإحالة بالقليل على الكثير انها جايزة وكان المحيل تبرع بالزيادة وقال أبو العباس بن شريح الحوالة بيع إلا أنه
غير مبني على المكايسة والمغابنة وطلب الربح والفضل بل جعل رفقا كالقرض وإن كان نوع معاوضة فلا يجوز الا مع اتفاق الجنس جنسا وقدرا وصفة وقد قال الشافعي في
كتاب البيوع في باب الطعام قبل ان يستوفى وان حل عليه طعام فأحال به على رجل له عليه طعام أسلفه إياه لم يجز من قبل ان هذا الطعام لما لم يجز بيعه لم يجز الحوالة به لأنه بيع وهذا
نص منه وقيل ليست بيعا وهو ما اخترناه نحن أولا لان النبي صلى الله عليه وآله ندب إليها فقال من أحيل على ملي فليحتل ولأنها لا تصح بلفظ البيع ولا تجوز الزيادة فيها ولا النقصان
ولما جازت في النقود الا مع التقابض في المجلس الا ان هذا القائل لا يجوز الحوالة بالمسلم فيه وهذا تشمير لقول من قال إنه بيع لا يقال لو كان بيعا لكان على المحيل تسليمه إلى
المحال عليه لأنه عوض من جهته كما إذا باع شيئا في يد غيره فإنه يطالبهما به المشتري لأنا نقول أجاب من قال إنه بيع بأنه لما استحق مطالبة المحال عليه به لم يستحق مطالبة
المحيل لأنه لو استحق مطالبتهما لكان قد حصل له بالحوالة زيادة في حق المطالبة وقد ثبت ان الحوالة مبنية على أنه لا يستحق بها الا مثل ما كان يستحقه بخلاف البيع لأنه
يجوز فيه الزيادة وفائدة الاختلاف ثبوت خيار المجلس ان قلنا إنها بيع والحق ما تقدم والاعتذار باطل لان تخلف لازم البيع يقضي بانتفائه مسألة الأقرب
انه لا يشترط تساوي المالين في الحلول والتأجيل فيجوز ان يحيل بالمؤجل على الحال لأنه للمحيل ان يعجل ما عليه فإذا أحال به على الحال فقد عجل وكذا يجوز ان يحيل بالحال
على المؤجل ثم إن رضي المحال عليه بالدفع معجلا جاز والا لم يجز ووجب على المحتال الصبر كما احتال موجلا وللشافعية قولان أصحهما عندهم انه يشترط التساوي في
الحلول والتأجيل الحاقا للوصف بالقدر والثاني انه يجوز ان يحيل بالمؤجل على الحال لأنه تعجيل ولا يجوز العكس لان حق المحتال حال وتأجيل الحال لا يلزم ونحن نمنع عدم
اللزوم مطلقا بل إذا تبرع به لم يلزم أما شرطه في عقد لازم فإنه يلزم والحوالة عقد لازم والمحيل انما أحال بالمؤجل والمحال عليه انما قبل على ذلك فلم يكن للمحتال
الطلب معجلا فروع آ لو كان الدينان مؤجلين فان تساويا في الاجل صحت الحوالة قطعا وان اختلفا صحت عندنا أيضا وللشافعية وجهان بناء على
الوجهين في الحال والمؤجل فان منعناه هناك منعناه هنا وان جوزناه هناك أجاز هنا على حد ما جاز هناك على معنى انه يجوز ان يحال بالأبعد على الأقرب لأنه تعجيل
ولا يجوز العكس لأنه تأجيل الحال ب لو كان أحدهما صحيحا والاخر مكسرا قالت الشافعية لم تجز الحوالة بينهما على الوجه الأول وعلى الثاني يحال بالمكسر على الصحيح
ويكون المحيل متبرعا بصفة الصحة ولا يحال بالصحيح على المكسر إلا إذا كان المحتال تاركا لصفة الصحة ويرضى بالمكسرة رشوة ليحيله المحيل ج يخرج على هذا الخلاف عندهم
حوالة الارداء على الأجود في كل جنس وبالعكس والأقرب عندي جواز ذلك كله د لو أدى المحال عليه الأجود إلى المحتال وجب القبول وكذا الصحيح عوض المكسر
أما تعجيل المؤجل فلا يجبر عليه خلافا للشافعية فإنهم أوجبوه حيث يجبر المستحق على القبول وهذا يتفرع على الصحيح في أن المديون إذا جاء بأجود مما عليه من ذلك
النوع يجبر المستحق على قبوله ولا يكون ذلك معاوضة ه‍ لو كان الدينان حالين فشرط في الحوالة ان المحتال يقبض حقه أو بعضه بعد شهر صح عندنا خلافا لأحمد لعموم
قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولان مبنى الحوالة على الارفاق وهذا مناسب لمقتضى العقد فيكون لازما وكذا يصح لو كان الدين المحال به مؤجلا فشرط المحتال في الحوالة
الحلول ورضى الثلاثة به صح ولزم عملا بالشرط ولو اجتمعت شرايط الحوالة وجرى بينهما عقدها ثم رضي المحتال بأخذ الأقل أو الارداء أو الصبر إلى أجل صح اجماعا
ولم يكن للمحيل الرجوع على المحال عليه بتمام دينه وكذا لو رضي المحال عليه بدفع الأجود والأكثر والمعجل صح ولا نعلم فيه خلافا وبه لو احتال بالحق الذي له على من
عليه مثله فتعاوضا عن الحق بمخالفه جاز لأنه يجوز اقتضاء أحد الجنسين من الأخر مع التراضي وقد روى داود بن سرحان في الصحيح عن الصادق (ع) قال
سألته عن الرجل كانت له على رجل دنانير فأحال عليه رجلا بدنانير أيأخذ بها دراهم قال نعم البحث الثالث في الاحكام مسألة إذا جرت الحوالة بشرائطها
108

برئ المحيل من دين المحتال وتحول حق المحتال إلى ذمة المحال عليه وبرئ المحال عليه من دين المحيل حتى أفلس المحال عليه ومات أو لم يمت أو جحد وحلف لم يكن
للمحتال الرجوع على المحيل كما لو أخذ عوضا عن الدين وتلف في يده وقد سبق ولان النبي صلى الله عليه وآله تعرض للملاءة فقال إذا أحيل على ملي فليحتل ولو
تمكن المحتال من الرجوع لما كان للتعرض للملاءة كثير فايدة ولان الحوالة إما ان يتحول بها الحق فقد برئت ذمته فوجب ان لا يعود إليه كما لو أبرأه وان لم يتحول
فلتدم المطالبة كما في الضمان ولو شرط في الحوالة الرجوع بتقدير الافلاس أو الجحود ففي صحة الحوالة اشكال وللشافعية وجهان فان صحت ففي صحة الشرط وجهان لهم
إذا طرأ الافلاس أما لو اقترن الافلاس بعقد الحوالة وجهله المحيل فللمحتال هنا الرجوع عندنا على المحيل على ما تقدم وعند الشافعية ينظر ان لم يجر شرط الملاءة
فالمشهور انه لا رجوع للمحتال ولا خيار له وما يلحقه من الضرر فهو نتيجة ترك التفحص ولهم وجه نقله الجويني انه يثبت له الخيار تداركا لما لحقه من الخسران كما لو اشترى شيئا
فبأن معيبا وان شرط ملاءة المحال عليه فبأن معسرا فان قلنا بثبوت الخيار عند الاطلاق فهنا أولي وان منعناه ثم ففي الحكم هنا قول للمزني انه لا يرجع وقال ابن شريح
يرجع نقلا عن الشافعي كما لو اشترى عبدا بشرط انه كاتب فبأن خلافه يثبت له الخيار واختار أكثرهم نقل المزني لأنه لو ثبت الرجوع بالحلف في شرط اليسار لثبت عند
الاطلاق لان الاعسار نقص في الذمة كالعيب في المبيع يثبت الخيار سواء شرطت السلامة أو لا بخلاف شرط الكتابة فان فواتها ليس نقصا وانما هو عدم فضيلة
فإذا جمع بين صورة الاطلاق والاشتراط حصل للشافعية في ثبوت الخيار ثلاثة أوجه ثالثها الفرق بين الصورتين مسألة لو صالح مع أجنبي عن دين
على عين ثم جحد الأجنبي وحلف هل يعود إلى من كان عليه الدين قال بعض الشافعية نعم ويفسخ الصلح وقال بعضهم لا يعود مسألة لو خرج المحال عليه عبدا
فإن كان لأجنبي وللمحيل دين في ذمته صحت الحوالة كما لو أحال على معسر ويتخير المحتال عندنا لان اعسار العبودية أعظم اعسار فان رضي بالحوالة عليه تبعه المحتال بعد العتق
ولو كان الدين الذي على العبد للمحيل مما يجب قضاؤه من كسبه أو من رقبته وصحة الحوالة برضى المحتال كان له مطالبته على حد ما كان للمحيل وهل يلحق بالمعسر في تخير المحتال
لو كان الدين مما يتعلق بالرقبة كأرش الجناية الأقرب ذلك أيضا ولو كان عبدا للمحيل فالحوالة عليه حوالة على من لا دين عليه فان صححناها وقلنا انها ضمان فهذا ضمان
العبد عن سيده باذنه وقد سبق وانما قلنا إنها حوالة على من لا دين عليه لاستحالة ثبوت دين السيد في ذمة عبده وأما الشافعية فقالوا إن كان في ذمته دين
بان ثبت قبل ان ملكه وفرعنا على أنه لا يسقط إذا ملكه فهو كما لو كان لأجنبي مسألة لو اشترى عبدا وأحال المشتري البايع بالثمن على رجل ثم اطلع على عيب
قديم في العبد فرده قال الشيخ رحمه الله تبطل الحوالة لأنها فرع البيع فإذا بطل الأصل بطل فرعه وقال المزني انها لا تبطل وله قول اخر انها تبطل ولأصحاب الشافعي في ذلك ثلاثة
طرق أظهرها عندهم ان في بطلان الحوالة قولين أظهرهما البطلان وهما مبنيان على أن الحوالة استيفاء أو اعتياض ان قلنا إنها استيفاء بطلت وانقطعت لان
الحوالة على هذا التقدير نوع ارفاق ومسامحة فإذا بطل الأصل بطلت هيئة الارفاق التابعة له كما لو اشترى شيئا بدراهم مكسرة وتطوع بأداء الصحاح ثم رده بالعيب
فإنه يسترد الصحاح ولا يقال يطالب بمثل المكسرة ليبقى التبرع بصفة الصحة وان قلنا إنها اعتياض لم تبطل كما لو استبدل عن الثمن ثوبا ثم رد المبيع بالعيب فإنه لا يبطل
الاستبدال بل يرجع بمثل الثمن على أن بعض الشافعية منع هذه المسألة وجعلها كمسألة الحوالة والطريق الثاني القطع بالبطلان والثالث القطع بعدم البطلان
وقد تأول أصحاب الطريقين الآخرين وجمعوا بين قولي المزني بوجوه أحدها حمل قوله بالبطلان على ما إذا كان العيب لا يمكن حدوثه في يد المشتري أو كان بحيث يمكن
حدوثه الا ان البايع أقر بقدمه وحمل قوله بالصحة على ما إذا ثبت قدمه بالبينة ورده والفرق ان في الحالة الأولى اعترف البايع بسقوط الثمن عند الفسخ وأما في
الحالة الثانية فإنه يزعم بقاء حقه واستمرار الحوالة فلا يمنع من مطالبة المحال عليه بدعوى المشتري والثاني حمل الأول على ما إذا ذكر المحيل انه يحيله من جهة الثمن
وحمل الثاني على ما إذا لم يذكر ذلك فإنه إذا لم يذكر لا ينبغي العود إليه لبراءة ذمته عن حقه ظاهرا والثالث ان البطلان مفرع على أن الحوالة تفتقر إلى رضي المحال
عليه فان الحوالة حينئذ تتم برضى الثلاثة فلا تنقطع بموافقة اثنين والرابع حمل البطلان على ما إذا كانت الحوالة على من لا دين عليه ورضى المحال عليه فإنه إذا أسقط الثمن انقطع
تطوعه وسقطت المطالبة عنه وعندي في قول الشيخ رحمه الله بالبطلان نظر مسألة لم يفرق الشيخ رحمه الله بين ما إذا كان الرد بالعيب بعد قبض المبيع أو قبله وقال
بعض الشافعية ان محل الخلاف ما إذا كان الرد بعد قبض المبيع فإن كان قبله انقطعت الحوالة بلا خلاف لكون المبيع بعرض الانفساخ بعدم تأكده ولهذا جعلنا الفسخ
قبل القبض ردا للعقد من أصله على رأي ثم زيف ذلك وقضى بطرد القولين في الحالتين وقضية الطريقين معا تجويز الإحالة بالثمن قبل قبض المبيع لكونه قبل قبض
المبيع غير مستقر والمشهور في كتب الشافعية ان من شرط الحوالة استقرار ما يحال عليه وقال بعض الشافعية لا تجوز الحوالة بالثمن قبل قبض المبيع مسألة فرق
بعض الشافعية بين ان يتفق الرد بعد قبض المحتال مال الحوالة أو قبله وفيه للشافعية طريقان أحدهما ان الحوالة
لا ينقطع إذا اتفق الرد بعد القبض جزما
والخلاف مخصوص بما إذا كان قبل القبض والفرق تأكد الامر بالقبض وبراءة ذمة المحال عليه والثاني طرد القولين في الحالتين وهو قول أكثرهم قال المزني إذا رده
قبل قبض المحتال مال الحوالة بطلت الحوالة وتعدى حق المشتري إلى ذمة المحال عليه وقال أبو إسحاق لا تبطل وإن كان الرد في مدة الخيار فالحوالة باطلة لأنها كانت
بالثمن فصار له الثمن في ذمة المحال عليه وانتقل إليها من ذمة المحيل فإذا انفسخ البيع سقط الثمن فوجب ان يسقط عن ذمة المحال عليه واحتج القائل بعدم البطلان بان المشتري دفع
إلى البايع بدل ما له في ذمته وعاوضه عنه بما في ذمة المحال عليه فإذ انفسخ العقد الأول لم ينفسخ كما لو أعطاه بالثمن ثوبا وسلمه إليه ثم فسخ لم يرجع عليه بالثوب
كذا هنا وقد عرفت ما اخترناه هنا مسألة لو أحال البايع رجلا على المشتري بالثمن ثم ظهر عيب فرده المشتري بالعيب فالأقرب عدم البطلان الحوالة بل هو
أولي بعدم البطلان من المسألة السابقة التي احتال البايع فيها لان الحوالة هنا تعلقت بالأجنبي غير المتعاقدين واختلفت الشافعية هنا فمنهم من طرد القولين
والجمهور منهم قطعوا هنا بأنه لا تنقطع الحوالة سواء قبض المحتال مال الحوالة من المشتري أو لم يقبضه لان الحوالة هنا تعلق بها حق غير المتعاقدين وهو الأجنبي
المحتال فيؤخذ (فيوجد) ارتفاعها بفسخ يخص المتعاقدين وصار كما لو اشترى عبدا بجارية وقبضه وباعه ثم وجد بايع العبد بالجارية عيبا فردها لا يفسخ البيع الثاني لتعلق
حق الثالث به بخلاف المسألة الأولى فان المحال عليه لا حق له في الحوالة ولو ظهر بطلان البيع من أصله بطلت الحوالة في المسئلتين فيتخير المشتري في الرجوع على من شاء
من المحتال والبايع مسألة لو أحال المشتري البايع بالثمن ثم فسخ بالعيب فان قلنا لا تبطل الحوالة برئ المحال عليه ولم يكن للمشتري مطالبة المحال عليه بشئ
بحال لأنه قبض منه باذنه بل يرجع على البايع فيطالبه إن كان قد قبض مال الحوالة ولا يتعين حق المشتري فيما أخذه البايع من المحال عليه بل للبايع ان يدفع إليه عوضه
لبقاء الحوالة صحيحة وان لم يكن البايع قد قبض فله ان يقبضه وهل للمشتري الرجوع عليه قبل قبضه وجهان للشافعية أحدهما نعم لان الحوالة كالمقبوضة الا ترى
109

ان المشتري إذا أحال البايع بالثمن سقط حق الحبس والزوج إذا أحال المرأة سقط حق حبسها وأصحهما عندهم انه لا يرجع لأنه لم يوجد حقيقة القبض وإن كان للحوالة حكم القبض
والغرامة انما تكون بحسب القبض فان قلنا لا يرجع المشتري عليه قبل ان يقبض فله مطالبته بتحصيل مال الحوالة ليرجع عليه لان البايع انما ملك مطالبة المحال عليه من جهته
فكيف نمنعه من المطالبة مطلقا وفيه للشافعية وجه بعيد انه لا يملك المطالبة بالتحصيل أيضا وان قلنا تبطل الحوالة فإن كان قد قبض المال من المحال عليه فليس
له رده عليه لأنه قبضه بإذن المشتري ولو رد لم تسقط مطالبة المشتري عنه بل حقه الرد على المشتري ويبقى حقه فيما قبضه وإن كان تالفا فعليه بدله وان لم يكن قبضه
فليس له قبضه لأنه عاد إلى ملك المشتري كما كان ولو خالف وقبض لم يقع عنه وهل يقع عن المشتري وجهان أحدهما يقع لأنه كان مأذونا في القبض بحقه فإذا بطلت
تلك الجهة بقي أصل الاذن وأصحهما المنع لان الحوالة قد بطلت والوكالة عقد آخر يخالفها فإذا بطل عقد لم ينعكس عقد اخر وقد قرب بعضهم هذا الخلاف من
الخلاف في أن من يحرم بالظهر قبل الزوال هل تنعقد صلاته نفلا وأما في صورة المسألة الثانية وهي التي أحال البايع فيها ثالثا على المشتري بالثمن ان قلنا
بصحة الحوالة مع فسخ البيع بالعيب على ما هو الأصح عندنا فإن كان المحتال قد قبض الحق من المشتري رجع المشترى على البايع وان لم يكن قد قبضه فهل يرجع المشتري عليه أم لا
يرجع الا بعد القبض فيه الوجهان السابقان فروع آ لا فرق في هاتين المسئلتين بين ان يكون الرد بالعيب أو التحالف أو الإقالة أو الخيار أو غير ذلك ب إذا قلنا
بعدم بطلان إحالة المشتري البايع بالثمن فللمشتري مطالبة البايع بأمرين إما التحصيل ليغرم وإما الغرم في الحال فإذا قلنا له الرجوع قبل ان يقبض البايع مال الحوالة
فله أن يقول أغرم لي وله أن يقول تسهيلا خذه ثم أغرم لي وان قلنا لا رجوع له قبل ان يقبض مال الحوالة فله أن يقول خذه لتغرم لي وان رضيت بذمته فشانك
فاغرم لي ج الحوالة إذا انفسخت فالاذن الذي كان ضمنا لا يقوم بنفسه فيبطل أيضا لكن يشكل بالشركة والوكالة إذا فسدتا فان الاذن الضمني يبقى ويصح التصرف ويمكن
الفرق بان الحوالة تنقل الحق إلى المحتال فإذا صار الحق له ملك قبضه لنفسه بالاستحقاق لا للمحيل بالاذن بخلاف الوكالة والشركة فإنه إذا بطل خصوص الاذن جاز ان يبقى
عمومه مسألة لو أحالت المرأة على زوجها بالصداق قبل الدخول صح لثبوته في ذمته بالعقد وإن كان متزلزلا ومن شرط اللزوم ابطله ولو أحال الزوج زوجته
بالصداق على غريم صح لان له تسليمه إليها وحوالته به يقوم مقام تسليمه فإذا أحالها على الغريم ثم طلق قبل الدخول لم تبطل الحوالة وللزوج أخذها بنصف المهر
وهذه المسألة مترتبة على ما إذا أحال المشتري البايع على غريمه ان قلنا لا تبطل الحوالة هناك فهنا أولي وان قلنا تبطل ففي البطلان هنا في نصف الصداق وجهان
للشافعية والفرق ان الطلاق سبب حادث لا استناد له إلى ما تقدم بخلاف الفسخ والصداق أثبت من غيره ولهذا لو زاد الصداق زيادة متصلة لم يرجع في نصفه
الا برضاها بخلاف ما إذا كان في المبيع ولو أحالها ثم ارتدت قبل الدخول أو فسخ أحدهما النكاح بعيب الأخر ففي بطلان الحوالة هذان الوجهان والأظهر انها لا تبطل
ويرجع الزوج عليها بنصف الصداق في صورة الطلاق وبجميعه في الردة والفسخ بالعيب وإذا قلنا بالبطلان فليس لها مطالبة المحال عليه بل تطالب الزوج بالنصف في
الطلاق مسألة قد بينا الخلاف فيما إذا أحال المشتري البايع بالثمن ثم فسخ بعيب وشبهه فان المزني أبطل الحوالة لأنها كانت بالثمن فصار له الثمن في ذمة
المحال عليه وانتقل إليها من ذمة المحيل فإذا انفسخ البيع سقط الثمن فيسقط عن ذمة المحال عليه وقال غيره لا تبطل لان المشتري دفع مالا بدل ماله في ذمته وعاوضه
بما في ذمة المحال عليه فإذ انفسخ الأول لم تنفسخ المعاوضة كما لو أعطاه بالثمن ثوبا ثم فسخ بالعيب لم يرجع عليه بالثوب كذا منا وأجيب بان الثوب ملكه بعقد
اخر بخلاف الحوالة فان نفس الحق تحول إلى ذمة المحال عليه ولهذا لا يجوز ان يختلف ما في ذمة المحيل والمحال عليه وقال بعضهم لا نسلم مسألة الثوب أيضا بل إذا فسخ العقد
وجب رد الثوب الذي أخذه بدلا من الثمن لا يقال قد قال الشافعي إذا باع عبدا بثوب ثم سلم العبد وتصرف المشتري ثم وجد بالثوب عيبا فإنه يرده ولا يبطل التصرف
في العبد لأنا نقول إن العبد تعلق به حق لغير المتعاقدين فلم يكن لهما ابطاله وهنا لم يخرج الحق عنهما فلهذا إذا فسخا البيع بطلت الحوالة لا يقال المحال عليه قد كانت برئت
ذمته من المحيل لأنا نقول الحق في ذمته لا يتغير للمحيل أو للمحتال فهذا لا تفتقر الحوالة إلى رضاه عند بعضهم إذا ثبت هذا فإن كان المحتال قد قبض الحوالة فعلى الاختلاف
ان قلنا ينفسخ رد على المشتري ما أخذه وان قلنا لا ينفسخ رجع عليه بالثمن وكذا يجرى الوجهان لو أحال الزوجة بالصداق ثم ارتدت قبل الدخول فهل تبطل الحوالة
على ما تقدم من الخلاف مسألة لو كان المبيع عبدا وأحال البايع غريمه بالثمن على المشتري ثم تصادق المتبايعان على أنه حر الأصل إما ابتداء أو ادعى العبد بحرية
فصدقاه فان وافقهما المحتال بطلت الحوالة لاتفاقهم على بطلان البيع وإذا بطل البيع من أصله لم يكن على المشتري ثمن وإذا بطلت الحوالة رد المحتال على المشتري
وبقي حقه على البايع كما كان وان كذبهما المحتال فاما ان تقوم بينة على الحرية أو لا فان قامت بطلت الحوالة كما لو تصادقوا وهذه البينة يتصور ان يقيمها العبد
لان العتق حقه وان يبتدي الشهود على سبيل الحسبة ولا يمكن ان يقيمها المتبايعان لأنهما كذباها بالدخول في البيع ويحتمل ان يقيماها إذا أظهرا عذرا بان يكون
البايع قد وكل في العتق وصادف البيع العبد معتوقا فان للبايع هنا إقامة البينة حيث لم يكن في اقامته تكذيب لها وكذا لو ادعى المشتري عتق البايع وجهله وان لم
يكن بينة لم يلتفت إلى تصادقهما في حق المحتال كما لو باع المشتري العبد ثم اعترف هو وبايعه انه كان حرا لم يقبل قوله على المشتري لكن لهما تحليف المحتال على نفي علم
العتق فان حلف بقية الحوالة في حقه ولم يكن تصادقهما حجة عليه وإذا بقيت الحوالة فله أخذ المال من المشتري وهل يرجع المشتري على البايع المحيل الوجه ذلك لأنه قضى
دينه باذنه وعلى هذا فيرجع إذا دفع المال إلى المحتال هل يرجع قبله الأقرب لا ولو نكل المحتال حلف المشتري ثم إن جعلنا اليمين المردودة كالاقرار بطلت الحوالة
وان جعلناها كالبينة فالحكم كما لو لم يحلف لأنه ليس للمشتري إقامة البينة ولو نكل المشتري فهل للعبد الحلف الأقرب ذلك ان أدعاه ولا بينة ونكل المحتال عن اليمين
التي وجبت عليه للعبد وكذا للبايع الحلف أيضا هذا إذا اتفقوا على أن الحوالة بالثمن ولو لم يقع التعرض لكون الحوالة بالثمن وزعم البايع ان الحوالة على المشتري بدين
اخر له على المشتري فان أنكر المشتري أصل الدين فالقول قوله مع يمينه لأصالة براءة ذمته وان سلمه وأنكر الحوالة به فإن لم يعتبر رضي المحال عليه فلا عبرة بانكاره
وان اعتبرناه فالقول قول من يدعي صحة الحوالة أو قول من يدعي فسادها فيه للشافعية قولان أكثرهم على تقديم مدعي صحة الحوالة لان الأصل صحتها وهما يدعيان ما
يفسدها فكانت حيثيته أقوى فان أقاما البينة بان الحوالة كانت بالثمن سمعت البينة في ذلك لأنهما لم يكذباها ولو اتفق المحيل والمحتال على حرية العبد وكذبهما المحال
عليه لم يقبل قولهما عليه في حرية العبد لأنه اقرار على غيرهما وتبطل الحوالة لاتفاق المرجوع عليه بالدين والراجع به على عدم استحقاق الرجوع والمحال عليه يعترف
للمحتال بدين لا يصدقه فيه فلا يأخذ منه شيئا وإن كان قد أخذ (كم) لم يكن للمأخوذ منه الرجوع ولو اعترف المحتال والمحال عليه بحرية العبد عتق لاقرار من هو في يده
بحريته وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما وكان للمحيل الرجوع على المحال عليه بمال الحوالة ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل بشئ لان دخوله في قبول الحوالة بالثمن اعتراف
110

ببرائته فلم يكن له الرجوع عليه ولو اتفق المحيل والمحتال على الحرية وكذبهما المحال عليه لم تبطل العبودية وسقط الثمن عنه لاعتراف البايع والمحتال ببراءة ذمته لكنه
يعترف للمحتال بالثمن فليس للمحتال قبضه وإن كان قد قبضه لم يكن للمحال عليه استعادته لكن إن كان قد قبضه برئ المحيل على اشكال أقربه العدم لاعترافه بان المحتال
قد ظلم المحال عليه بأخذ المال منه فيجب عليه الدفع إلى المحتال مسألة إذا كان لرجل على اخر دين فاذن المديون له في قبض دين له على ثالث ثم اختلفا فقال
المديون للقابض وكلتك في قبض حقي من الثالث لي وقال القابض بل أحلتني على الثالث فان اختلفا في أصل اللفظ فزعم المديون انه وكله بلفظ الوكالة
وزعم القابض ان الجاري لفظ الحوالة وهي مقصودة فالقول قول المديون مع اليمين وعدم البينة لان الأصل استمرار حق القابض على المديون واستمرار
حق المديون على الثالث فالموكل يدعي بقاء الأصل والاخر يدعي خلافه فكان المقدم مدعي الوكالة ولو كان مع أحدهما بينة حكم بها لان اختلافهما في اللفظ
ويمكن إقامة البينة عليه ولو اتفقا على جريان لفظ الحوالة ثم ادعى المديون انه قصد التسليط بالوكالة وعبر عن الوكالة بلفظ الحوالة وادعى القابض انه
قصد حقيقة اللفظ وهو معنى الحوالة احتمل تقديم قول المديون لأنه اعرف بلفظه وأخبر من غيره بقصده ولان الأصل بقاء حق المحيل على المحال عليه
وبقاء حق المحتال عليه والمحتال يدعي نقلهما والمحيل ينكرهما والقول قول المنكر مع اليمين وكما يستعمل اللفظ في معناه الحقيقي يستعمل في معناه المجازي
والتعويل في إرادة أحدهما إلى المتكلم وهذا هو قول بعض الشافعية وأبي حنيفة وأصحابه لان اللفظ محتمل لما يدعيه المديون وهو اعرف بنيته وارادته فأشبه
ما إذا قال له المديون اقبض ثم اختلفا في المراد منه ويحتمل تقديم قول المحتال عملا بالظاهر من حمل الألفاظ على حقايقها ومن يدعي حملها على مجازاتها فقد ادعى
خلاف الظاهر لا يقبل منه كما لو ادعى ثوبا في يد زيد فانا نقضي لزيد به عملا بظاهر اليد كذا هنا فيقدم قول المدعي الحوالة عملا بظاهر اللفظ لشهادة لفظ الحوالة له هذا
إذا قال له المديون أحلتك بمائة على الثالث أما لو قال أحلتك بالمائة التي لك علي على المائة التي لي على الثالث فهذا لا يحتمل الا حقيقة الحوالة فالقول قول
مدعيها قطعا مسألة إذا قدمنا قول القابض باعتبار حمل اللفظ على حقيقته يحلف فان حلف ثبتت الحوالة وبرئت ذمته وان نكل حلف
المديون وبطلت الحوالة وان قدمنا قول المديون فيما إذا اختلفا في اللفظ أو اتفقا على جريان لفظ الحوالة واختلفا في المراد يحلف فان حلف نظر فإن كان القابض
قبض ما على الثالث برئت ذمة الثالث لان القابض إما وكيل كما زعم المديون أو محتال كما زعم القابض وعلى كلا التقديرين يبرئ الثالث بالدفع إليه وحكى الجويني
وجها ضعيفا انه لا يبرأ في صورة ما إذا اتفقا على جريان لفظ الحوالة ثم ينظر فإن كان المقبوض باقيا فعليه تسليمه وهل للقابض مطالبة المحيل الوجه ذلك
لأنه إن كان وكيلا فحقه باق على المديون وإن كان محتالا فقد استرجع لمحيل ماله منه ظلما فلا وجه لتضييع حقه وبه قال أكثر الشافعية وقال بعضهم ليس للقابض
مطالبة المحيل بحقه لاعترافه ببرائة المديون بدعوى الحوالة وليس شيئا هذا كله من حيث الظاهر فأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه إذا لم يصل إلى المحتال حقه من المحيل
فله امساك المأخوذ لأنه ظفر بجنس حقه من مال المديون والمديون ظالم له وإن كان المقبوض تالفا فإن لم يكن بتفريط من القابض احتمل ان لا يضمن لأنه وكيل بقول
المحيل والوكيل امين وليس للقابض مطالبة المديون بحقه لأنه قد استوفاه بزعمه وهلك عنده ويحتمل الضمان لأنه وكيل يحلف المحيل ويثبت وكالته والوكيل
إذا أخذ المال لنفسه ضمن وإن كان المحتال لم يقبض من الثالث شيئا فليس به القبض بعد حلف المحيل لان
الحوالة قد اندفعت بيمين المحيل وصار المحتال معزولا
عن الوكالة بانكاره للمديون ان يطالب الثالث بما كان له عليه وللمحتال مطالبة المديون بحقه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم انه ليس له المطالبة
وقطع بعضهم على أنه لا يطالب هنا وجها واحدا لاعترافه بان حقه ثابت على الثالث وان ما يقبضه المديون من الثالث ليس حقا بخلاف ما إذا كان قد قبض فان حقه
قد تعين في المقبوض فإذا أخذه المديون يكون قد اخذ مال المحتال فافترقا تذنيب إذا ادعى المحتال جريان لفظ الحوالة وصدقه المحيل على ذلك وادعى
قصد الوكالة وانه لا حق عليه للمحتال وادعى المحتال ثبوت الحق في ذمته فالوجه انه لا يثبت الحق بمجرد جرى لفظ الحوالة مسألة لو انعكس الفرض فقال المديون لزيد
أحلتك على عمرو وقال القابض بل وكلتني بقبض ما عليه وحقي باق عليك وتظهر الفائدة عند افلاس عمرو فان اختلفا في أصل اللفظ قدم قول مدعي الوكالة
مع يمينه عملا بأصالة بقاء الحقين والمديون يدعي خلافهما وانتقالهما فكان عليه البينة ولو اتفقا على جريان لفظ الحوالة فالوجهان في المسألة الأولى على
العكس هنا فكل من قال في المسألة الأولى القول قول مدعي الحوالة يقول هنا القول قول مدعي الوكالة وبالعكس مع اليمين فيهما لما مر في الوجهين السابقين
فإذا قلنا يقدم قول المدعي الحوالة فحلف برئ من دين المحتال وكان لزيد مطالبة عمرو إما بالوكالة أو بالحوالة وما يأخذه يكون له لان المديون يقول إنه
حقه وعلى زعم زيد هو للمديون وحق زيد على المديون فأخذه لحقه وإذا قلنا القول قول زيد المحتال فحلف نظر ان لم يكن قبض المال من عمرو فليس له
القبض لان قول الموكل ما وكلتك يتضمن عزله على اشكال يأتي لو كان وكيلا وله مطالبة المديون بحقه وهل للمديون الرجوع إلى عمرو فيه احتمال من حيث إن
المديون اعترف بتحول ما كان عليه إلى زيد ومن حيث إن زيدا إن كان وكيل المديون فإذا لم يقبض بقي حق المديون وإن كان محتالا فقد ظلم المديون
بأخذ المال منه وما على عمرو حقه فللمديون ان يأخذه عوضا عما ظلم المديون به وإن كان قد قبض المال من عمرو فقد برئت ذمة عمرو ثم إن كان المقبوض
باقيا فوجهان أحدهما انه يطالب المديون بحقه ويرد بالمقبوض على المديون والثاني انه يملكه الان وان لم يملكه عند القبض لأنه جنس حقه وصاحبه
يزعم أنه ملكه وهو المعتمد وإن كان تالفا نظر ان تلف بتفريط منه فللمديون عليه الضمان وله على المديون حقه وربما يقع في التقاص وان لم يكن مقصرا فلا
ضمان لأنا إذا صدقناه في نفي الحوالة كانت يده يد وكالة والوكيل امين ونقل الجويني وجها اخر انه يضمن لان الأصل فيما يتلف في يد الانسان من ملك غيره الضمان
ولا يلزم من تصديقه في نفي الحوالة ليبقي حقه تصديقه في اثبات الوكالة ليسقط عنه الضمان كما إذا اختلف المتبايعان في قدم العيب وحدوثه وصدقنا البايع
بيمينه في نفي الرد ثم اتفق الفسخ بتحالف وغيره فإنه لا يمكن من المطالبة بأرش ذلك العيب ذهابا إلى أنه حادث بمقتضى يمينه السابقة مسألة يجوز ترامي
الحوالات ودورها فلو أحال المديون زيدا على عمرو ثم أحال عمرو زيدا على بكر ثم أحال بكر زيدا على خالد وهكذا لان حق الثاني ثابت مستقر في الذمة فصح
ان يحيل به كالأول فيبرأ بالحوالة كما برئ المحيل الأول بالحوالة وكذا كلما أحال واحد على واحد كان كالأول وهنا قد تعدد المحال عليهم والمحتال واحد ولو
أحال المديون زيدا على عمرو فأحال عمرو زيدا على المديون صحت الحوالتان معا وبقي الدين كما كان ولو أحال المديون زيدا على عمرو ثم ثبت لعمرو مثل ذلك الدين
فأحال زيدا على المديون حاز مسألة لو كان لزيد على اثنين مائة على كل واحد خمسون وكل واحد ضامن عن صاحبه فأحال أحدهما زيدا بالمائة
111

على شخص فعندنا هذا الضمان لا فائدة تحته بل الدين كما كان عليهما قبل الضمان ومن جوزه قال يبريان معا ولو أحال زيد على أحدهما بالمائة برئ الثاني لان الحوالة
كالقبض وان أحال زيد عليهما على أن يأخذ المحتال المائة من أيهما شاء فيه للشافعية وجهان المنع لأنه لم يكن له الا مطالبة واحد فلا يستفيد بالحوالة زيادة كما لا
يفيد زيادة قدر وصفة والجواز للأصل ولا اعتبار بهذا الارتفاق كما لو أحاله على من هو أملا منه وأشد وفاء مسألة قد بينا انه يشترط ملاءة المحال عليه
أو علم المحتل بالاعسار في لزوم الحوالة فلو بان معسرا كان له الرجوع على الأصيل سواء شرط الملاءة أو لا ومع هذا لو شرط كان له الرجوع لو بان معسرا خلافا لأكثر الشافعية
لان الحوالة عندهم لا ترد بالاعسار إذا لم يشترط فلا ترد به وان شرط ولو لم يرض المحتال بالحوالة ثم بان اعسار المحال عليه أو موته رجع المحتال على المحيل بلا خلاف
فإنه لا يلزمه الاحتيال على المعسر لما فيه من الضرر وانما أمر النبي صلى الله عليه وآله بقبول الحوالة إذا أحيل على ملي ولو احاله على ملي فلم يقبل حتى أعسر فله الرجوع على قول بعض من أوجب
قبول الحوالة على الملي مسألة لو كان لزيد على عمرو ألف درهم ولخالد على زيد مثلها فجاء خالد إلى عمرو وقال قد أحالني زيد بالألف التي له عليك فان كذبه
فأقام خالد البينة بدعواه ثبت في حقه وحق زيد ولزمه الدفع إلى المحتال وان لم يكن له بينة فأنكر فالقول قوله مع اليمين فإذ حلف سقطت دعواه ولم يكن لخالد
الرجوع على زيد لأنه أقر انه برئ من دينه بالحوالة ثم ننظر في زيد فان كذب خالدا كان له مطالبة عمرو بدينه وان صدق خالدا برئ عمرو من دينه وقال بعض الشافعية
ليس من شرط الحوالة رضي المحال عليه عنده فحينئذ يثبت الحوالة بتصديقه المحتال ويكون له المطالبة واما ان صدق عمرو خالدا وجب عليه دفع المال إليه لاعترافه باستحقاقه عليه
ثم ننظر في زيد فان صدقه فلا كلام وان كذبه كان القول قوله مع يمينه فإذا حلف رجع على عمرو بالألف ولا يرجع خالد عليه بشئ لأنه قد استوفى حقه بالحوالة
باقراره له ان يستوفي ذلك من عمرو لتصادقهما على ذلك إذا عرفت هذا فإذا ادعى ان فلانا الغائب أحاله عليه فأنكر ولا بينة حلف المنكر وقال بعض العامة لا تلزمه
اليمين بناء على أنه لا يلزمه الدفع إليه لأنه لا يأمن انكار المحيل ورجوعه عليه فكان له الاحتياط لنفسه كما لو ادعى عليه اني وكيل فلان في قبض دينه منك فصدقه وقال لا
ادفعه إليك مسألة لو كان عليه الف ضمنه رجل فأحال الضامن صاحب الدين برئت ذمته وذمة المضمون عنه لان الحوالة كالتسليم ويكون الحكم هنا كالحكم
فيما لو قضى عنه الدين وإن كان لرجل دين اخر على اخر فطالبه به فقال قد أحلت به على فلان الغايب وأنكر صاحب الدين فالقول قوله مع اليمين وإن كان لمن عليه الدين
بينة بدعواه سمعت بينته لاسقاط حق المحيل عليه مسألة إذا كان له على رجل دين فأحاله به اخر ثم قضاه المحيل صح القضاء كما إذا قضى الانسان دين غيره عنه ثم
إن كان المحال عليه قد سأله القضاء عنه كان له الرجوع عليه بما أداه إلى المحتال وان لم يكن قد سأله ذلك بل قضاه متبرعا به لم يكن له الرجوع عليه وبه قال الشافعي
لأنه قضى عنه دينه بغير اذنه والمتبرع لا يرجع على أحد وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يكون متبرعا بذلك ويكون له الرجوع به لان الدين باق في ذمة المحيل من طريق الحكم
وان برئ في الظاهر لأنه يرجع عليه عند تعذره وهو غلط لأنه لا يملك ابطال الحوالة واسقاط حقه عن المحيل فما يدفعه يكون متبرعا إذا كان بغير اذن من عليه كالأجنبي وما
ذكروه فهو ممنوع وليس بصحيح أيضا لأنه لو كان الحق باقيا في ذمته حكما لملك مطالبته كالمضمون عنه وإذا أحاله على من لا دين عليه وقلنا بصحة الحوالة إذا رضي المحال عليه يكون للمحتال مطالبة المحال عليه
فإذا طالبه كان له مطالبة المحيل بتخليصه كالضامن يطالب المضمون عنه بتخليصه فان دفع بإذن المحيل رجع وان دفع بغير اذنه احتمل الرجوع لان الحوالة تقتضي التسليط
فإذا سلطه عليه بالمطالبة كان ضامنا لما يغرمه ولأنه يكون في الحقيقة ضمانا بسؤاله ويحتمل عدمه لأنه متبرع فان ادعى المحيل انه كان لي عليك ما أحلت به عليك وأنكر
المحال عليه ذلك قدم قوله مع اليمين لأصالة عدم ذلك ولو ضمن رجل عن رجل ألف درهم وأحال الضامن المضمون له على رجل له عليه الف بالألف وقبل الحوالة برئ الضامن
والمضمون عنه كما قررناه أولا ورجع الضامن على المضمون عنه إن كان ضمن باذنه سواء أدي باذنه أو لا عندنا وعند الشافعي إذا أدى بغير إذنه وجهان وسواء قبض المحتال
الحوالة أو أبرئ المحال عليه لان الضامن قد غرم والابراء قد حصل للمحال عليه فلا يسقط رجوع الضامن فأما إذا أحاله على من ليس له عليه شئ فان قلنا لا تصح الحوالة فالمال باق
على الضامن بحاله وان قلنا تصح فقد برئت ذمة الضامن والمضمون عنه ولكن لا يرجع على المضمون عنه بشئ في الحال لأنه لم يغرم شيئا فان قبض المحتال الحوالة ورجع
المحال عليه على الضامن رجع على المضمون عنه وان أبرأه من الحوالة لم يرجع على المحيل ولم يرجع الضامن على المضمون عنه لأنه لم يغرم شيئا واما ان قبضه منه ووهبه
فهل يرجع على المحيل وجهان إذا وهبت المرأة الصداق ثم طلقها فقال أبو حنيفة وأصحابه يرجع عليه وهب له أو تصدق به أو ورثه من المحتال ووافقنا في الابراء انه
لا يرجع وعندنا ان هبة قبل القبض بمنزلة الابراء وعندهم لا يكون بمنزلته ويثبت له الرجوع لأنه يملك ما في ذمته بالهبة والصدقة والميراث فكان له الرجوع
كالأداء فإنه يملك ما في ذمته بالأداء بخلاف الابراء لأنه اسقاط حق وهو غلط لأنه لم يغرم عنه شيئا فلم يرجع عليه كالابراء وقولهم إنه يملك ما في ذمته غلط لان
الانسان لا يملك في ذمته شيئا وانما يسقط عن ذمته بوجود سبب الملك فصار كالابراء مسألة لو كان لرجل على رجلين ألف درهم فادعى عليهما انهما أحالاه
على رجل لهما عليه ألف درهم فانكرا ذلك فالقول قولهما مع ايمانهما فان حلفا سقطت دعواه وان شهد له ابناه سمعت عندنا خلافا للشافعي وان شهد عليهما لبناهما
لم تسمع عندنا خلافا للشافعي ولو انعكس الفرض فادعيا عليه انما أحالاه وأنكر فالقول قوله مع يمينه فان شهد عليه ابناه لم يقبل عندنا خلافا للشافعي وان شهد ابناهما قبل عندنا خلافا للشافعي وهل يقبل
شهادة ابن كل واحد منهما للاخر للشافعي قولان بناء على أن الشهادة إذا ردت للتهمة في بعضها وهل ترد في الباقي ولو ادعى المديون عند مطالبه صاحب الدين ان
صاحب الدين أحال الغايب عليه فأنكر صاحب الدين فأقام المدعي بينة سمعت لاسقاط حق المحيل عنه ولا يثبت بها الحق للغايب قاله بعض الشافعية لان الغايب لا
يقضي له بالبينة فإذا قدم للغايب ودعى ذلك وأنكر صاحب الدين انه أحاله احتاج إلى إعادة البينة ليثبت له وفيه نظر لان المطالبة انما تسقط بالبينة عن المحال عليه فإذا
قدم الغايب وادعى فإنما يدعي على المحال عليه دون المحيل وهو يقر له بذلك فلا حاجة به إلى إقامة البينة الا ترى ان المحال عليه لو دفع إليه لم يكن لصاحب الدين مطالبته
بشئ لان حق المطالبة قد سقط عنه بالبينة ولو ادعى رجل على رجل انه احاله عليه فلان الغايب وأنكر المدعى عليه فان القول قوله مع اليمين فان أقام المدعي البينة
ثبت في حقه وحق الغايب لان البينة يقضي بها على الغايب تذنيب لو قال صاحب الدين لمن لا دين عليه قد أحلتك بالدين الذي لي على فلان فاقبضه منه
كان ذلك وكالة عبر عنها بلفظ الحوالة فلو مات المحيل بطلت لأنها وكالة وكان لورثة المحيل قبض المال وكذا لو جن كان للحاكم المطالبة بالمال مسألة الحوالة عند
أبي حنيفة ضربان مطلقة بان يقول المحيل للمحتال أحلتك بالألف التي لك علي على فلان سواء كان له على فلان الف أو لم يكن وإذا قبل فلان الحوالة لزمت ويبرأ المحيل الا إذا مات المحال عليه
مفلسا لم يدع مالا ولا كفيلا وإذا جحد المحال عليه الحوالة ولا بينة فيحلف فيرجع على المحيل في هاتين الصورتين ومقيدة بان يقول المحيل أحلتك على فلان بالألف
التي لك علي على أن يؤديها من الوديعة التي لي عنده أو من المال الذي لي عليه وإذا قبل فلان برئ المحيل من دين المحتال فلو قال أحلتك بالألف التي لي على فلان
112

فمات فلان مفلسا أو جحد المحال عليه الحوالة ولا بينة بطلت الحوالة وعاد دين المحتال على المحيل وقد بينا ما عندنا في ذلك ولو كانت الحوالة مقيدة بوديعة كانت
عند المحال عليه فهلكت الوديعة واستحقت بطلت الحوالة وعاد الدين إلى المحيل لان المحتال لم يضمن المال مطلقا وبه قال أبو حنيفة ولو كانت الحوالة مقيدة
بغصب كان عند المحال عليه فاستحق الغصب بطلت الحوالة ولو ملك لم تبطل إذا كان مليا بمال الحوالة لان مال الضمان قايم مقام عين المغصوب ومهما دام المال
الذي قصد به الحوالة قائما لا يكون للمحيل ان يأخذ ماله ولا دينه من المحال عليه لان ذلك المال صار مشغولا بمال الحوالة ولو كاتب المولى أم ولده ثم أحال غريمه
عليها بمال الكتابة ثم مات المولى انعتقت أم الولد وبطلت الكتابة قال أبو حنيفة ولا تبطل الحوالة استحسانا مسألة لو احاله بألف كانت للمحيل على المحال
عليه وقبل الثلاثة صحت الحوالة ثم لو أبرأ المحتال المحال عليه عن مال الحوالة برئ المحيل والمحال عليه عن دين المحتال أما المحيل فبالحوالة وأما المحال عليه فبالابراء ويبرأ أيضا المحال عليه من دين المحيل لأنه بالحوالة نقل حقه من
المحال عليه إلى المحتال وقال أبو حنيفة يرجع المحيل بدينه على المحال عليه وليس بجيد ولو وهب المحتال مال الحوالة للمحال عليه جازت الهبة وبطل ما كان للمحيل على
المحال عليه ولا يكون للمحيل ان يرجع بدينه على المحال عليه وبه قال أبو حنيفة مسألة لو كانت الحوالة مقيدة بوديعة كانت عند المحال عليه فمرض المحيل
فدفع المحال عليه الوديعة إلى المحتال ثم مات المحيل وعليه ديون كثيرة لم يضمن المستودع شيئا لغرماء المحيل لأنه دفع بأمر المحيل المالك الوديعة وهل يملكها المحتال
حينئذ الأقرب ذلك عملا بالحوالة الناقلة وقال أبو حنيفة لا تسلم الوديعة للمحتال بل تكون بينه وبين غرماء المحيل بالحصص لان الدفع وقع حالة الحجر بالمرض ولو أن
المحال عليه أمسك الوديعة لنفسه وقضى دين المحتال من مال نفسه قال أبو حنيفة تكون الوديعة ولا يكون متبرعا استحسانا والأقرب ذلك ان تراضيا وهو المحتال
على أخذ العوض فإن لم يقع بينهما عقد مراضاة كان للمحتال ان يرجع إلى العين وللمحال عليه استرداد ما دفعه إليه مسألة لو كان على رجل دين لرجل فأحال
صاحب الدين بجميع ماله عليه وهو الف مثلا على رجل وقبل المحال عليه الحوالة أحال المحتال على رجل اخر بجميع ماله عليه وقبل المحال عليه الثاني قال أبو حنيفة
يكون الحوالة الثانية نقضا للأولى لأنه لا صحة للثانية الا بعد نقض الأولى والمحيل والمحتال يملكان النقض فإذا نقضا الحوالة الأولى انتقضت وبرئ المحال
عليه الأول بخلاف ما إذا كان المديون اعطى صاحب الدين كفيلا اخر بعد الكفيل الأول فان الكفالة الثانية لا تكون ابطالا للكفالة الأولى لان المقصود من الكفالة
التوثيق مع بقاء الدين على الأصيل وضم الكفيل إلى الكفيل يزيد في التوثيق وهذا غير صحيح على أصلنا لان الحوالة ناقلة فإذا صار الدين الذي على المحال عليه
للمحيل (للمحتال) لم يمكن النقض لأنا نعتبر رضي المحال عليه نعم لو كان المحيل قد قصد بالحوالة الثانية الحوالة بما على المحال عليه من المال صح وبرئ المحال عليه وكان متبرعا بالحوالة
عن المحال عليه ولا يرجع على أحد مسألة إذا احتال بالحال على شرط الصبر مدة وجب تعيينها وصح الشرط عندنا خلافا لأحمد على ما بيناه ولو لم يعين المدة بطلت
الحوالة لبطلان شرطها ولو شرط أداء المال من ثمن دار المحال عليه أو من ثمن عبده صح الشرط لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وبه قال أبو حنيفة وهل يجبر المحال
عليه على بيع داره أو عبده معجلا الأقرب ذلك إن كانت الحوالة معجلة والا عند الاجل وقال أبو حنيفة لا يجبر على البيع وهو بمنزلة ما لو قبل الحوالة على أن يعطي المال عند
الحصاد أو ما أشبه ذلك فإنه لا يجبر على أداء المال قبل الاجل إذا عرفت هذا فهل يشترط الا حل في مثل هذه الحوالة يحتمل ذلك إذا الثمن ليس موجودا في الحال
بل لابد من مضي مدة يحصل فيها الراغب في الشراء ولو قل زمانه فأشبه المكاتب إذا عقد الكتابة حالة فحينئذ يجب تعيين المدة خلافا لأبي حنيفة مسألة لو كان
عليه دين لزيد فأحال زيدا به على عمرو وليس للمديون على عمرو شئ وقبل صحت الحوالة على الأقوى وبه قال أبو حنيفة فإذا جاء فضولي وقضى الدين عن المحال
عليه تبرعا كان للمحال عليه ان يرجع على المحيل كما لو أدى المحال عليه المال بنفسه وليس عليه دين فإنه يرجع على المحيل وبه قال أبو حنيفة ولو كان للمحيل دين على المحال
عليه فجاء الفضولي وقضى دين المحتال عن المحيل الذي عليه أصل المال لم يكن للمحيل ان يرجع بدينه على المحال عليه عندنا لان قضاء الفضولي عنه كقضائه
بنفسه ولو قضى المحيل دين الطالب بمال نفسه بعد الحوالة لم يكن له الرجوع إذا كان متبرعا وقال أبو حنيفة يرجع وقد سلف بطلانه فعلى قوله لو اختلف المحيل والمحال
عليه كل واحد منهما يدعي ان الفضولي قضى عنه رجع إلى الفضولي فان مات قبل البيان قال أبو حنيفة يكون القضاء عن المحال عليه لان القضاء يكون عن المطلوب ظاهرا
مسألة لو أحال البايع غريما له على المشتري حوالة مقيدة بالثمن لم يبق للبايع حق الحبس ولو أحال المشتري البايع على غريم له قال أبو حنيفة يكون للبايع
حق الحبس وقال لو أحال الزوج امرأته بصداقها على اخر كان للزوج ان يدخل بها ولو أحالت المراة على زوجها بالمهر غريما لها كان لها ان تمنع نفسها لان غريمها
بمنزلة وكيلها فما لم يصل الصداق إلى وكيلها كان لها حق المنع ويشكل إذا جعلنا الحوالة استيفاء المقصد السادس في الوكالة وفيه فصول
الأول في حقيقتها ومشروعيتها مسألة الوكالة عقد شرع للاستنابة في التصرف وهي جايزة بالكتاب والسنة والاجماع إما الكتاب فقوله تعالى انما الصدقات للفقراء
والمساكين والعاملين عليها فجوز العمل وذلك بحكم النيابة عن المستحقين وقوله تعالى فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم
برزق منه وهذه وكالة وقوله تعالى اذهبوا بقميصي هذا فالقوه على وجه أبي يأت بصيرا وهذه وكالة واما السنة فما روى العامة عن جابر بن عبد الله قال أردت
الخروج إلى خيبر فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وقلت له إني أريد الخروج إلى خيبر فقال إذا لقيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقا فان ابتغى منك أية فضع يدك على ترقوته وروى عنه صلى الله عليه وآله انه وكل عمرو بن أمية الضميري في قبول نكاح أم حبيبة بنت
أبي سفيان ووكل أبا رافع في نكاح ميمونة وروى عروة بن الجعد البارقي قال عرض للنبي صلى الله عليه وآله فأعطاني دينارا فقال يا عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاة قال
فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت شاتين بدينار فجئت أسوقهما أو أقودهما فلقيني رجل بالطريق فساومني فبعت منه شاة بدينار وأتيت النبي صلى الله عليه وآله بالدينار
والشاة فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله هذا ديناركم وهذه شاتكم قال كيف صنعت قال فحدثته الحديث فقال اللهم بارك في صفقة يمينه وروي انه وكل حكيم بن
حزام في شراء شاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من وكل رجلا على امضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة ابدا حتى يعلمه بالخروج منها كما اعلمه بالدخول
فيها وغير ذلك من الأحاديث وقد أجمعت الأمة في جميع الأعصار والامصار على جواز الوكالة في الجملة ولان اشتداد الحاجة الداعية إلى التوكيل ظاهرة فإنه لا يمكن كل
أحد مباشرة جميع ما يحتاج إليه من الافعال فدعت الضرورة إلى الاستنابة فكانت مشروعة ولا بد في الوكالة من عقد مشتمل على ايجاب وقبول ومن موكل
يصدر عنه الايجاب ومن وكيل يصدر عنه القبول ومن أمر تقع الوكالة فيه فأركان الوكالة أربعة نحن نذكرها في فصل ثم نعقب باحكام الوكالة في فصل اخر انشاء الله تعالى
الفصل الثاني: في أركان الوكالة وفيه أربعة مباحث الأول في الصيغة الوكالة عقد يتعلق به حق كل واحد من المتعاقدين فافتقر إلى الايجاب والقبول
كالبيع والأصل فيه عصمة مال المسلم ومنع غيره من التصرف فيه الا باذنه فلابد من جهة الموكل من لفظ دال على الرضي بتصرف الغير له وهو كل لفظ دال على الاذن
113

مثل أن يقول وكلتك في كذا أو فوضته إليك وأنبتك وما أشبهه ولو قال وكلتني في كذا فقال نعم أو أشار بما يدل على التصديق كفى في الايجاب ولو قال بع
واعتق ونحوهما حصل الاذن وهذا لا يكاد يسمى ايجابا بل هو أمر واذن وانما الايجاب قوله وكلتك أو استنبتك أو فوضت وما أشبهه وقوله أذنت لك
في فعله ليس صريحا في الايجاب بل اذن في الفعل وقد وكل النبي صلى الله عليه وآله عروة بن الجعد البارقي في شراء شاة بلفظ الشراء وقال تعالى مخبرا عن أهل الكهف فابعثوا أحدكم
بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه ولأنه لفظ دل على الاذن فجرى مجرى قوله وكلتك مسألة لابد من القبول إما لفظا
وهو كل ما يدل على الرضي بالفعل أو فعلا ويجوز القبول بقوله قبلت وما أشبهه من الألفاظ الدالة عليه وبكل فعل دل على القبول نحو أن يأمره بالبيع أو بالشراء
فيشتري لان الذين وكلهم النبي صلى الله عليه وآله لم ينقل عنهم سوى امتثال امره ولأنه اذن في التصرف فجاز القبول فيه بالفعل كأكل الطعام والقبول يطلق على معنيين أحدهما
الرضي والرغبة فيما فوضه إليه ونقيضه الرد والثاني اللفظ الدال عليه على النحو المعتبر في البيع وساير المعاملات ويعتبر في الوكالة القبول بالمعنى الأول حتى لو رد
وقال لا اقبل أو لا افعل بطلت الوكالة ولو ندم وأراد ان يفعل أو يرجع بل لابد من استيناف اذن جديد مع علم الموكل لان الوكالة جايزة من الطرفين ترتفع في الالتزام
بالفسخ فلان ترتد في الابتداء بالرد كان أولي واما بالمعنى الثاني وهو القبول اللفظي فالوجه عندنا انه لا يشترط لأنه إباحة ورفع حجر فأشبه إباحة الطعام لا يفتقر
إلى القبول اللفظي وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الاشتراط لأنه اثبات حق التسليط والتصرف للوكيل فليقبل لفظا كما في سائر المملكات ولهم طريق اخر ان الوجهين
فيما إذا اتى بصيغة عقد بان قال وكلتك أو استنبتك أو فوضت إليك واما في صيغ الامر نحو بع أو اشتر فلا يشترط القبول لفظا جزما بل يكفي الامتثال على المعتاد
كما في إباحة الطعام وقال بعض الشافعية ان قوله أذنت لك في كذا بمثابة قوله بع واعتق ولا بمثابة قوله وكلتك وإن كان أذنت على صيغ العقود إذا ثبت هذا فان الوكيل ان
شاء قبل بلفظه وان شاء تصرف وكان ذلك قبولا منه لان الوكالة أمر له فيصير بالتصرف محصلا للامر بخلاف سائر العقود من البيع والإجارة والهبة والوصية
فإنها تتضمن التمليك فافتقرت إلى القبول بالقول والتوكيل جار مجرى الوديعة والعارية لا يفتقر إلى القبول بالقول لان ذلك أمر وإباحة مسألة
ويجوز عندنا القبول على الفور والتراخي نحو ان يبلغه ان رجلا وكله في بيع شئ منذ سنة فيبيعه أو يقول قبلت أو يأمره بفعل شئ فيفعله بعد مدة طويلة
لان قبول وكلاء النبي صلى الله عليه وآله لوكالته كان بفعلهم وكان متراخيا عن توكيله إياهم ولأنه اذن في التصرف والاذن قائم ما لم يرجع عنه فأشبه الإباحة ولان
الوكالة عقد يحتمل فيخ ضروب من الجهالة ويصح في الموجود والمفقود فيحتمل فيه تأخير القبول كالوصية وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقال القاضي أبو حامد من
أصحابه انه يجب ان يكون على الفور كالبيع وقال بعضهم يكتفي بوقوعه في المجلس هذا في القبول اللفظي فأما بالمعنى الأول الفعلي فلا يجب التعجيل عندنا وعنده
بحال وان شرط القبول فلو وكله والوكيل لا يشعر به ففي ثبوت وكالته اشكال وللشافعية وجهان يقربان من القولين في أن العزل هل ينفذ قبل بلوغ خبره إلى
الوكيل والوكالة أولى ان لا تثبت لأنها تسليط على التصرف ان لم نثبتها فهل نحكم بنفوذها حالة بلوغ الخبر كالعزل أم لا للشافعية وجهان قال بعضهم ان لم نحكم
به فقد شرطنا اقتران علمه بالوكالة والأظهر ثبوت الوكالة وان لم يعلم فعلى هذا لو تصرف الوكيل وهو غير عالم بالتوكيل ثم ظهر الحال خرج على الخلاف فيما إذا
باع مال أبيه على ظن أنه حي وكان ميتا مسألة إذا شرطنا القبول لم يكتف بالكتابة والرسالة كما لو كتب بالبيع وان لم نشترط القبول كفت الكتابة
والرسالة وكان مأذونا في التصرف وهو الأقرب عندي وإذا شرطنا القبول لم يكف الاستدعاء بان يقول وكلني فيقول وكلتك بل يشترط القبول فيقول
بعد ذلك قبلت وللشافعية قولان كما في البيع بل الوكالة أحوج إلى الاشتراط لأنها ضعيفة وقيل يجوز لان الوكالة يحتمل فيها ما لا يحتمل في البيع فكانت أولي
بعدم الاشتراط ولا بأس به مسألة لا يصح عقد الوكالة معلقا بشرط أو وصف فان علقت عليهما بطلت مثل أن يقول إن قدم زيد أو إذا جاء رأس الشهر فقد
وكلتك عند علمائنا وهو أظهر مذهب الشافعي لأنه عقد يملك به التصرف حال الحياة لم يبن على التغليب والسراية فلم يجز تعليقه بشرط كالبيع ولان الشركة والمضاربة
وسائر العقود لا يقبل التعليق فكذا الوكالة وقال بعض الشافعية وأبو حنيفة واحمد يصح تعليقها على الشرط لان النبي صلى الله عليه وآله قال في جيش موته
أميركم جعفر فان قتل فزيد بن حارثة فان قتل بعبد الله بن رواحة والتأمير في معنى التوكيل ولأنه لو قال أنت وكيلي في بيع عبدي إذا قدم الحاج أو وكلتك في شراء
كذا في وقت كذا صح اجماعا ومحل النزاع في معناه والفرق ظاهر بين تنجيز العقد وتعليق التصرف وبين تعليق العقد إذا ثبت هذا فلا خلاف في تنجيز الوكالة وتعليق العقد مثل أن يقول وكلتك في بيع العبد
ولا تبعه الا بعد شهر فهذا صحيح وليس للوكيل ان يخالف واعلم أن بعض الشافعية خرج الخلاف بينهم في وجوب التنجيز وصحة التعليق على أن الوكالة هل تفتقر
إلى القبول ان قلنا لا يفتقر جاز التعليق والا لم يجز لان فرض القبول في الحال والوكالة لم يثبت بعد وتأخيرها إلى أن يحصل الشرط مع الفصل الطويل خارج
عن قاعدة التخاطب مسألة ويصح توقيت الوكالة فيقول وكلتك إلى شهر مثلا فليس للوكيل بعد مضي الشهر التصرف قد بينا بطلان الوكالة المعلقة
على الشرط وهو أظهر قولي الشافعية فلو تصرف الوكيل بعد حصول الشرط فالأقرب صحة التصرف لان الاذن حاصل لم يزل بفساد العقد وصار كما لو شرط في
الوكالة عوضا مجهولا فقال بع كذا على أن لك العشر من ثمنه تفسد الوكالة ولكن ان باع يصح وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح لفساد العقد ولا
اعتبار بالاذن الضمني في عقد فاسد الا ترى انه لو باع بيعا فاسدا وسلم إليه المبيع لا يجوز للمشتري التصرف فيه وان تضمن البيع والتسليم الاذن في التصرف
والتسليط عليه وليس بجيد لان الاذن في تصرف المشتري باعتبار انتقال الثمن إليه والملك إلى المشتري وشئ منهما ليس بحاصل وانما اذن له في التصرف لنفسه ليسلم
له الثمن وهنا انما اذن له في التصرف عن الاذن لا لنفسه قال بعض الشافعية أصل المسألة ما إذا كان عنده رهن بدين مؤجل فاذن المرتهن في بيعه على أن يعجل
حقه من الثمن وفيه اختلاف سبق وهذا البناء يقتضي ترجيح الوجه الثاني لان ظاهر مذهب للشافعية هناك فساد الاذن والتصرف فان قلنا بالصحة وهو الذي
اخترناه نحن فتأثير بطلان الوكالة انه يسقط الجعل المسمى إن كان قد سمى له جعلا ويرجع إلى أجرة المثل وهذا كما أن الشرط الفاسد في النكاح يفسد الصداق ويوجب
مهر المثل وان لم يؤثر في النكاح مسألة لو قال وكلتك بكذا ومهما عزلتك فأنت وكيلي صحت الوكالة المنجزة وبطل التعليق فله عزله فإذا عزله لم يصر وكيلا
بذلك العقد بل بتجدد عقد اخر وللشافعية في صحة الوكالة المنجزة وجهان أصحهما صحة الوكالة في الحال والثاني البطلان لاشتمالها على الشرط الفاسد وهو
الزام العقد الجايز فعلى قولنا وعلى الأصح من قولي الشافعية إن كان قوله مهما عزلتك مفصولا عن الوكالة فإذا عزله نظر ان لم يشعر به الوكيل واعتبرنا شعوره في نفوذ
العزل فهو على وكالته وان لم نعتبره أو كان شاعرا به لم يعد وكيلا بعد العزل عندنا وللشافعية وجهان مبنيان على أن الوكالة هل تقبل التعليق لأنه علق
114

التوكيل ثانيا بالعزل أظهرهما المنع والثاني وبه قال أبو حنيفة انه يعود وكيلا فعلى هذا ينظر في اللفظة الموصولة بالعزل فان قال إذا عزلتك أو مهما أو متى لم يقتض
ذلك عود الوكالة الا مرة واحدة وان قال كلما عزلتك اقتضى التكرار والعود مرة بعد أخرى لان كلما يقتضي التكرار دون غيرها فلو أراد ان لا يعود وكيلا فسبيله
ان يوكل غيره بعزله فينعزل لان المعلق عليه عزل نفسه فإن كان قد قال إن عزلتك أو عزلك أحد من قبلي
فالطريق أن يقول كلما عدت وكيلي فأنت معزول فإذا عزله لم ينعزل
لتقاوم التوكيل والعزل واعتضاد العزل بالأصل وهو الحجر في حق الغير وعصمة مال المسلم عن تصرف الغير قال الجويني وفيه نظر على بعد متلقى من استصحاب الوكالة هذا
كله عندنا باطل لان الوكالة عندنا لا تقبل التعليق مسألة كما أن الوكالة لا تقبل التعليق فالعزل هل يقبل التعليق الأقرب ذلك لأنه لا يشترط فيه القبول
واشتراطه في الوكالة مختلف فيه والخلاف للشافعية في أن الوكالة هل تقبل التعليق أم لا جاز في العزل هل يقبل التعليق أم لا ولكن بالترتيب فالعزل أولي لقبوله لما تقدم من عدم اشتراط القبول
فيه وتصحيح إرادة الوكالة والعزل جميعا مبني على قبولهما التعليق قال الجويني إذا انفذنا العزل وقلنا تعود الوكالة فلا شك ان العزل ينفذ في وقت وان لطف ثم
يترتب عليه الوكالة فلو صارف تصرف الوكيل ذلك الوقت اللطيف هل ينفذ فيه وجهان للشافعية وانما كان يتضح هذا الفرض والتصوير ان (لو وقع) بينهما ترتب حتى تصور
وقوع التصرف بينهما لكن الترتب في مثل هذا لا يكون الا عقليا مسألة تجوز الوكالة بجعل وغير جعل لان النبي صلى الله عليه وآله وكل انسا في إقامة الحدود وعروة في شراء
شاة من غير جعل وكان يبعث عماله ليقبضوا الصدقات ويجعل لهم عمالة ولهذا قال له ابتاعه لو بعثتنا على هذه الصدقات فنودي إليك ما يؤدي الناس نصيب
ما يصيبه الناس البحث الثاني في الموكل مسألة يشترط في الموكل ان يملك مباشرة ذلك التصرف ويتمكن من المباشرة لما يوكل فيه إما بحق الملك لنفسه أو بحق الولاية
عن غيره فلا يصح للصبي ولا المجنون ولا النايم ولا المغمى عليه ولا الساهي ولا الغافل ان يوكلوا سواء كان الصبي مميزا أو لا وسواء كانت الوكالة في المعروف أو لا
وعلى الرواية المقتضية لجواز تصرف المميز أو من بلغ خمسة أشبار في المعروف ووصيته بالمعروف ينبغي القول بجواز توكيله وكذا لو وكل من يعتوره الجنون
حال جنونه ولو وكل حال افاقته صحت الوكالة لكن إذا طرأ الجنون بطلت الوكالة مسألة كل من صح تصرفه في شئ تدخله النيابة صح ان يوكل فيه سواء
كان رجلا أو امرأة حرا أو عبدا مسلما أو كافرا فان المكاتب يتصرف في بيعه وشرائه بنفسه فصح ان يوكل فيه وأما البراءة فعندنا يصح ان توكل في النكاح خلافا للشافعية
وكذا يصح عندنا توكيل الفاسق في تزويج ابنته خلافا للشافعية في أحد القولين لان الفاسق عندنا له ولاية النكاح ولا يصح توكيل السكران كسائر تصرفاته عندنا
مسألة شرطنا في الموكل ان يكون متمكنا من المباشرة إما بحق الملك أو الولاية ليدخل فيه توكيل الأب أو الجد له في النكاح والمال ويخرج عنه توكيل الوكيل
فإنه ليس بمالك ولا ولي وانما يتصرف بالاذن نعم لو مكنه الموكل من التوكيل لفظا أو دلت عليه قرينة نفذ والعبد المأذون ليس له ان يوكل فيما اذن له مولاه فيه
لأنه انما يتصرف بالاذن وكذا العامل في المضاربة انما يتصرف عن الاذن لا بحق الملك ولا الولاية في توكيل الأخ والعم ومن لا يجبر في النكاح للشافعية وجهان
يعودان في النكاح لأنه من حيث إنه لا يعزل كالولي ومن حيث إنه لا يستقل كالوكيل وعندنا لا ولاية له ولا مدخل له في النكاح البتة فلا يصح له ان يوكل فيه وللمحجور عليه
بالفلس أو السفه أو الرق ان يوكلوا فيما لهم الاستقلال فيه من التصرفات فيصح من العبد ان يوكل فيما يملكه دون اذن سيده كالطلاق والخلع وكذا المحجور عليه لسفه لا يؤكل الا فيما له فعله كالطلاق والخلع وطلب القصاص والمفلس له التوكيل في الطلاق والخلع وطلب القصاص
والتصرف في نفسه فإنه يملك ذلك وأما ماله فلا يملك التصرف فيه وأما ما لا يستقل أحدهم بالتصرف فيه فيجوز مع اذن الولي والمولى ومن جوز التوكيل
بطلاق امرأة سينكحها وبيع عبد سيملكه فقياسه تجويز توكيل المحجور عليه بما يستأذن له فيه الولي وكل هذا عندنا باطل ومن منع من بيع الأعمى وشرائه من
العامة جوز له ان يوكل فيه للضرورة وإذا نفذ التوكيل الوكيل فمنصوبه وكيل الموكل أم وكيل الوكيل فيه خلاف سيأتي انشاء الله تعالى فإذا جعلناه وكيلا للوكيل لم يكن
من شرط التوكيل كون الموكل مالكا للتصرف بحق الملك أو الولاية مسألة الوكالة جايزة في كل ما يصح دخول النيابة فيه من البيع والشراء والمحاكمة
ومطالبة الحقوق ممن هي عليه واثباتها عند علمائنا كافة مع حضور الموكل وغيبته وصحته ومرضه وبه قال ابن أبي ليلى ومالك واحمد والشافعي وأبو يوسف
ومحمد لان الخصومة تصح فيها النيابة فكان له الاستنابة من غير رضي خصمه لدفع المال الذي عليه إذا كان غائبا أو مريضا ولان الخصومة حق يجوز النيابة فيه
فكان لصاحبه الاستنابة بغير رضي خصمه كحالة غيبة أو مرضه ولان الصحابة اجمعوا عليه فان العامة رووا ان عليا (ع) وكل عقيلا وقال ما قضى له فلي وما قضى
عليه فعلي ووكل عبد الرحمان بن جعفر أيضا وقال إن للخصومة قحما وان الشيطان ليحضرها واني أكره ان احضرها والقحم المهالك واشتهر ذلك بين الصحابة ولم ينكره
أحد فكان اجماعا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من وكل رجلا على امضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة ابدا حتى يعلمه بالخروج منها كما اعلمه بالدخول فيها
وهو من الفاظ العموم وقال أبو حنيفة للخصم ان يمتنع من مخاصمة الوكيل ومحاكمته إذا كان الموكل حاضرا لان حضوره مجلس الحكم ومخاصمته حق لخصمه عليه فلم يكن له
نقله إلى غيره بغير رضي خصمه كالدين يكون عليه والفرق ان الحوالة اسقاط الحق عن ذمته فلا يملكه وهنا الوكالة نيابة عنه فهو بمنزلة توكيله في تسليم الحق الذي عليه
ولان الحاجة قد تدعو إلى التوكيل فإنه قد لا يحسن الخصومة أم يرتفع عنها فإنه يكره للانسان ان يباشر الخصومة بنفسه بل ينبغي لذوي المروات وأهل المناصب الجليلة
التوكيل في محاكماتهم إذا احتاجوا إليها مسألة ولا فرق في ذلك بين الطلاق وغيره عند أكثر علمائنا وللشيخ رحمه الله قول انه إذا وكل الانسان غيره في أن يطلق
عنه امرأته وكان غائبا جاز طلاق الوكيل وإن كان شاهدا لم يجز طلاق الوكيل ولا وجه له والمعتمد جواز طلاق الوكيل في حضرة الموكل وغيبته وللفاسق ان يوكل
غيره في ايجاب العقد على ابنته وفي قبول النكاح عن ابنه وللشافعية فيهما وجهان وبعض العامة فرق بين القبول عن ابنه والايجاب عن ابنته فجوز الأول ومنع الثاني
وليس للكافر ولاية التزويج لابنته المسلمة فليس له ان يوكل فيه لقوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وكذا ليس للمحرم ان يوكل في شراء الصيد ولا
في عقد النكاح ايجابا وقبولا مسألة التوكيل على أقسام ثلاثة آ ان يأذن الموكل لوكيله في التوكيل فيجوز ان يوكل اجماعا لأنه عقد اذن له فيه فكان له فعله
كالتصرف المأذون فيه ب ان ينهاه عن التوكيل فليس له ان يوكل اجماعا لان ما نهاه عنه غير داخل في اذنه فلم يجز له فعله كما لو لم يوكله ج اطلق الوكالة وأقسامه
ثلاثة أحدها ان يكون العمل مما يرتفع الوكيل عن مثله كالأعمال الدنية في حق اشراف الناس المرتفعين عن فعل مثلها في العادة كما لو وكله في البيع والشراء والوكيل
ممن لا يتبذل بالتصرف في الأسواق ويعجز عن عمله لكونه لا يحسنه فله التوكيل فيه لان تفويض مثل هذا
التصرف إلى مثل هذا الشخص لا يقصد منه الا الاستنابة
وهو قول علمائنا أجمع وأكثر الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يوكل لقصور اللفظ وليس بجيد لان الوكيل إذا كان مما لا يعلمه عادة انصرف الاذن إلى ما جرت العادة
من الاستنابة فيه الثاني ان يكون العمل مما لا يرتفع الوكيل عن مثله بل له عادة بمباشرته الا انه عمل كثير منتشر لا يقدر الوكيل على فعل جميعه فيباشره بنفسه ولا
115

يمكنه الاتيان بالكل لكثرتها فعندنا يجوز له التوكيل ولا نعلم فيه مخالفا وله ان يوكل فيما يزيد على قدر الامكان قطعا وفي قدر الامكان اشكال أقربه ذلك أيضا لان
الوكالة اقتضت جواز التوكيل فيه فجازت في جميعه كما لو اذن له في التوكيل فيه بلفظ وللشافعية ثلاثة طرق أصحها عندهم انه يوكل فيما يزيد على قدر الامكان وفي قدر
الامكان وجهان أحدهما يوكل فيه أيضا لأنه ملك التوكيل في البعض فيوكل في الكل كما لو أذن صريحا وأصحهما عندهم انه لا يوكل في القدر المقدور عليه لأنه لا ضرورة
إليه بل يوكل في الزايد خاصة لان التوكيل انما جاز لأجل الحاجة فاختص بما دعت إليه الحاجة بخلاف وجود اذنه فيه لأنه مطلق والثاني انه لا يوكل في قدر الامكان
وفيما يزيد عليه وجهان والثالث اطلاق الوجهين في الكل قال الجويني والخلاف على اختلاف الطرق نظرا إلى اللفظ أو القرينة وفي القرينة تردد في التعميم والتخصيص
الثالث ما عدا هذين القسمين وهو ما امكنه فعله بنفسه ولا يرتفع عنه فقد قلنا إنه لا يجوز ان يوكل فيه الا بإذن الموكل لأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمنه
اذنه فلم يجز كما لو نهاه لان التوكيل استيمار فإذا استأمره فيما يمكنه النهوض به لم يكن له ان يوليه من لم يأتمنه عليه كالوديعة وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف
والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وقال في الأخرى يجوز له ان يوكل وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب لان الوكيل له ان يتصرف بنفسه فملكه نيابة للموكل الأول أولي
ولا يشبه الوكيل المالك فان المالك يتصرف في ملكه كيف شاء بخلاف الوكيل لا يقال للوصي ان يوكل وإن كان الموصى لم يأذن له في التوكيل لأنا نقول إن الوصي
يتصرف بولاية لأنه يتصرف فيما لم ينص له على التصرف فيه والوكيل لا يتصرف الا فيما نص له عليه كذلك التوكيل ولان الوصي لا يملك ان يوصى إلى غيره كذا أيضا
الوكيل ينبغي ان لا يملك ان يوكل غيره أما إذا اذن له الموكل في التوكيل فإنه يجوز له ان يوكل لان التوكيل عقد اذن له فيه فكان كما لو اذن له في البيع مسألة
إذا وكله بتصرف وقال له افعل ما شئت لم يقتض ذلك الاذن في التوكيل لان التوكيل يقتضي تصرفا يتولاه بنفسه وقوله اصنع ما شئت لا يقتضى التوكيل
بل يرجع إلى ما يقتضيه التوكيل من تصرفه بنفسه وهذا أصح قولي الشافعية وفي الثاني انه له التوكيل وبه قال احمد واختاره الشيخ رحمه الله في الخلاف لأنه اطلق الاذن
بلفظ يقتضي العموم في جميع ما شاء فيدخل في عمومه التوكيل وهو ممنوع مسألة كل وكيل جاز له التوكيل فليس له ان يوكل الا أمينا لأنه لا نظير للموكل
في توكيل من ليس بأمين فيفيد جواز التوكيل فيما فيه الحظ والنظر كما أن الاذن في البيع يفيد البيع بثمن المثل الا ان يعين له الموكل من يوكله فيجوز سواء كان أمينا
أو لم يكن اقتصارا على من نص عليه المالك ولان المالك قطع نظره بتعيينه ولو وكل أمينا فصار خائنا فعليه عزله لان تركه يتصرف في المال مع خيانته تضييع وتفريط
على المالك والوكالة يقتضي استيمان امين وهذا ليس بأمين فوجب عزله وللشافعية وجهان في أنه هل له عزله مسألة إذا اذن له ان يوكل فاقسامه ثلاثة
الأول أن يقول له وكل عن نفسك ففعل كان الثاني وكيلا للوكيل ينعزل بعزل الأول إياه لأنه نايبه وهو أحد قولي الشافعية والثاني لا ينعزل لان التوكيل
فيما يتعلق بحق الموكل حق الموكل وانما حصله بالاذن فلا يرفعه الا بالاذن ويجري هذا الخلاف في انعزاله بموت الأول وجنونه والا صح الانعزال ولو عزل الموكل
الأول انعزل وفي انعزال الثاني بانعزاله هذا الخلاف بين الشافعية ولو عزل الأول الثاني فالأقرب الانعزال لأنه وكيله وهو أصح وجهي الشافعية كما ينعزل بموته وجنونه
والثاني لا ينعزل لأنه ليس بوكيل بجهته والأصل في ذلك ان الثاني وكيل الوكيل كما صرح في التوكيل أو وكيل الموكل ومعنى كلامه أقم غيرك مقام نفسك والأصح
انه وكيل الوكيل لكن إذا كان وكيل الوكيل كان فرع الفرع كان فرع أصل الأصل فينعزل بعزله الثاني لو قال وكل عني فوكل عن الموكل فالثاني وكيل للموكل كما أن
الأول وكيل الموكل وليس لأحدهما عزل الأخر ولا ينعزل أحدهما بموت الأخر ولا جنونه وانما ينعزل أحدهما بعزل الموكل فأيهما عزل انعزل الثالث لو قال وكلتك بكذا
وأذنت لك في توكيل من شئت أو في أن توكل وكيلا أو في أن توكل فلانا ولم يقل عني ولا عن نفسك بل اطلق فللشافعية وجهان أحدهما انه كالصورة الأولى
وهو ان يكون وكيلا عن الوكيل لان المقصود من الاذن في التوكيل تسهيل الامر على الوكيل وأصحهما عندهم انه كالصورة الثانية يكون وكيلا عن الموكل لان التوكيل
تصرف يتولاه بإذن الموكل فيقع عنه وإذا جوزنا للوكيل ان يوكل في صورة سكوت الموكل عنه فينبغي ان يوكل عن موكله ولو وكله عن نفسه فللشافعية وجهان
لان القرينة المجوزة للتوكيل كالاذن في مطلق التوكيل مسألة يجوز للوصي ان يوكل وان لم يفوض الموصى إليه ذلك بالنصوصية لأنه يتصرف بالولاية كالأب
والجد لكن لو منعه الموصي من التوكيل وجب ان يتولى بنفسه وليس له ان يوكل حينئذ لقوله تعالى فمن بدله الآية ويجوز للحاكم ان يوكل عن السفهاء والمجانين والصبيان من
يتولى الحكومة عنهم ويستوفي حقوقهم ويبيع عنهم ويشتري لهم ولا نعلم فيه خلافا البحث الثالث في الوكيل مسألة كما يشترط في الموكل
التمكن من مباشرة تصرف الموكل فيه بنفسه يشترط في الوكيل التمكن من مباشرته لنفسه وذلك بان يكون صحيح العبارة فيه فلا يصح للصبي ولا للمجنون ان
يكونا وكيلين في التصرفات سواء كان الصبي مميزا أو لا وسواء بلغ عشر سنين أو خمسة أشبار أو لا وسواء كان في المعروف أو لا وعلى الرواية المسوغة تصرفات
الصبي إذا بلغ عشر سنين في المعروف والوصية يحتمل جواز وكالته فيما يملكه من ذلك لكن المعتمد الأول ولو جن الوكيل أو الموكل أو أغمي على أحدهما بطلت الوكالة لخروجه
حينئذ عن التكليف وسقوط اعتبار تصرفه وعبارته في شئ البتة وقد استثنى في الصبي الاذن في الدخول إلى دار الغير والملك في ايصال الهدية وفي اعتبار عبارته في
هاتين الصورتين للشافعية وجهان فان جاز فهو وكيله من جهة الآذن والمهدى فإذا قلنا إن تجويزهما على سبيل التوكيل فلو انه وكل غيره فيه فقياس (مذهب) الشافعية
انه على الخلاف في أن الوكيل هل يوكل فان أجاز لزم ان يكون الصبي أهلا للتوكيل أيضا وقال أبو حنيفة واحمد يجوز ان يكون الصبي وكيلا في البيع والشراء وغير ذلك
من أنواع التصرفات إذا كان يعقل ما يقول ولا يحتاج إلى اذن وليه لأنه يعقل ما يقول فجاز توكيله كالبالغ وهو غلط لأنه غير مكلف فلا يصح تصرفه كالمجنون والفرق بينه
وبين البالغ ظاهر فان البالغ مكلف بخلافه إذا عرفت هذا فيستحب ان يكون الوكيل تام البصيرة فيما لو وكل له عارفا باللغة التي يحاور بها مسألة يجوز للمرأة ان
يتوكل في عقد النكاح ايجابا وقبولا عندنا لان عبارتها في النكاح معتبرة بخلاف المحرم فإنه لا يجوز ان يتوكل فيه ايجابا ولا قبولا وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي
لا يجوز للمرأة أن تكون وكيلة في النكاح ايجابا ولا قبولا كالمحرم لأنهما مسلوبا العبارة في النكاح فلا يتوكلان فيه كما لا يوكلان ونحن نمنع ذلك في النكاح على ما يأتي
ويجوز توكيل المطلقة الرجعية في رجعة نفسها وتوكيل امرأة أخرى خلافا للشافعية لان الفرج عندهم لا يستباح بقول النساء ومنعوا من توكيل المرأة في الاختيار
للنكاح إذا أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة وكل هذا عندنا جايز وكذا يجوز توكيل المرأة في الاختيار للفراق لما زاد على أربع وللشافعية وجهان أحدهما المنع
لأنه يتضمن اختيار الأربع للنكاح مسألة يجوز تعدد الوكيل في الشئ الواحد و (وحدته) ولا نعلم فيه خلافا فإذا وكل اثنين في تصرف بان جعل لكل واحد
منهما الانفراد بالتصرف فله ذلك لأنه مأذون له فيه وان منعه من الانفراد لم يكن له التفرد وان اطلق فكذلك لا ينفرد أحدهما لأنه لم يأذن له في ذلك وانما يتصرف فيما
116

اذن له فيه موكله وبه قال الشافعية واحمد وأصحاب الرأي مسألة يجوز ان يتوكل العبد في الشراء لنفسه أو لغيره وللشافعية وجهان وفي توكله في قبول النكاح
بغير اذن السيد وجهان أحدهما المنع كما لا يقبل لنفسه بغير اذن السيد وأصحهما عندهم الجواز والحق ذلك ان لم يمنع شيئا من حقوق السيد وانما لم يجز قبوله لنفسه
لما يتعلق به من المهر ومؤن النكاح وكذا يصح ان يتوكل في طرف الايجاب لصحته عبارته وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه لا يزوج ابنته فأولى ان لا يزوج بنت
غيره والفرق انه انما لم يل أمر ابنته لأنه لا يتفرغ للبحث والنظر وهنا قد تم البحث والنظر من جهة الموكل ويوكل المحجور عليه بالسفه في طريق النكاح كتوكيل العبد ويوكل
الفاسق في ايجاب النكاح إذا سلبنا الولاية بالفسق ونحن لا نسلبه الولاية ولا خلاف في جواز قبوله بالوكالة والمحجور عليه بالفلس يتوكل فيما لا يلزم ذمته عهدة وكذا
فيما يلزم على أصح وجهي الشافعية كما يصح شراؤه على الصحيح ويجوز توكيل المرأة في طلاق زوجة الغير وهو أصح وجهي الشافعية كما يجوز ان يفوض الزوج طلاق زوجته
إليها ويوكلها في طلاق نفسها مسألة كل من لا يملك التصرف في شئ لنفسه لا يصح ان يتوكل فيه فالكافر في تزويج مسلمة والمحرم في شراء صيد والطفل
والمجنون في الحقوق كلها وللمكاتب ان يتوكل بجعل لأنه من اكتسابه للمال وان لم يأذن له مولاه لأنه ليس له منعه من الاكتساب بأنواع وجوهه وأما بغير جعل فإن لم
يمنع شيئا من حقوق السيد فالأقرب الجواز كما قلناه في العبد والا افتقر إلى اذن السيد لان منافعه كأعيان ماله وليس له بذل عين ماله بغير عوض فكذا منافعه وليس
للعبد المأذون له في التجارة التوكل في شئ يمنع بعض حقوق سيده بغير اذنه لان الاذن في التجارة لا يتناول التوكل مسألة مدار الوكالة بالنسبة
إلى الاسلام والكفر على ثمان مسائل تبطل فيها وكالة الذمي على المسلم وهو صورتان ان يتوكل الذمي للمسلم على المسلم أو للكافر على المسلم عند علمائنا أجمع لقوله تعالى
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ويكره ان يتوكل المسلم للذمي عند علمائنا أجمع ولم يذكر ذلك أحد من العامة بل اطلقوا القول بان المسلم إذا وكل
ذميا أو مستأمنا أو مرتدا أو حربيا صح التوكيل فيما يصح تصرف الكافر فيه لان العدالة غير مشروطة فيه فكذلك الدين كالبيع ولان كل ما صح ان يتصرف فيه لنفسه
ودخلته النيابة ولم يشترط فيه العدالة لم يعتبر فيه الدين كما لو كان الوكيل فاسقا فإنه يجوز فان وكل الكافر مسلما جاز وكان أولي وان وكل المسلم مرتدا جاز لان ردته
لا تؤثر في تصرفه وانما تؤثر في ماله مسألة لو وكل المسلم مسلما ثم ارتد الوكيل لم تبطل وكالته سواء لحق بدار الحرب أو لا لأنه يصح تصرفه لنفسه فلم تبطل وكالته
كما لو لم يلحق بدار الحرب ولان الردة لا تمنع ابتداء وكالته فلم تمنع استدامتها كساير الكفر وقال أبو حنيفة ان لحق بدار الحرب بطلت وكالته لأنه صار منهم ولا دلالة فيه
لجواز ان يكون الوكيل حربيا لو ارتد الموكل لم تبطل الوكالة فيما له التصرف فيه وتبطل فيما ليس للمرتد التصرف فيه وللشافعي أقوال ثلاثة ان قلنا يزول ملكه أو قلنا لا يزول ولكن لا يصح تصرفه لم تصح
وكالته فيه وان قلنا ببقاء ملكه وتصرفه فيه نافذ صح ان يوكل فيه وان قلنا إنه موقوف فالوكالة موقوفة ولو وكل المرتد مسلما في التصرفات المالية يبنى على انقطاع
ملكه وبقائه ان قطعناه لم تصح وان أبقيناه صح وان قلنا إنه موقوف فكذلك التوكيل فلو وكله مرتدا أو ارتد الوكيل لم يقدح في الوكالة لان التردد في تصرفه
لنفسه لا لغيره وقال بعض الشافعية انه يبنى على أنه يصير محجورا عليه ان قلنا نعم انعزل عن الوكالة والا فلا البحث الرابع فيما فيه التوكيل والنظر في شرايطه
وهي ثلاثة آ ان يكون مملوكا للموكل ب ان يكون قابلا للنيابة ج ان يكون ما به التوكيل معلوما ولو اجمالا النظر الأول أن يكون مملوكا للموكل
يشترط فيما يتعلق الوكالة به أن يكون مملوكا للموكل فلو وكل غيره بطلاق زوجة سينكحها أو عبدا سيملكه أو اعتاق رقيق يشتريه أو قضاء دين يستدينه
أو تزويج امرأة إذا انقضت عدتها أو طلقها زوجها وما أشبه ذلك لم يصح لان الموكل لا يتمكن من مباشرة ذلك بنفسه فلا ينتظم انابة غيره فيه وهو أصح
وجهي الشافعي والثاني انه صحيح ويكتفي بحصول الملك عند التصرف فإنه المقصود من التوكيل وقال بعض الشافعية الخلاف عايد إلى أن الاعتبار بحال التوكيل
أم بحال التصرف ولو وكله في شراء عبد وعتقه أو في تزويج امرأة وطلاقها أو في استدانة دين وقضائه صح ذلك كله لان ذلك مملوك للموكل النظر الثاني
في قبول متعلق الوكالة النيابة مسألة الضابط فيما تصح فيه النيابة وما لا تصح ان نقول كلما تعلق غرض الشارع بايقاعه من المكلف مباشرة لم تصح فيه
الوكالة وأما ما لا يتعلق غرض الشارع بحصوله من مكلف معين بل غرضه حصوله مطلقا فإنه تصح فيه الوكالة وذلك لان التوكيل تفويض وإنابة فلا تصح فيما لا تدخله
النيابة كالطهارة مع القدرة لا يصح التوكيل فيها لان غرض الشارع تعلق بايقاعها من المكلف بها مباشرة وهي عبادة محضة لا تتعلق بالمال ولان محلها
متعين فلا ينوب غيره منابه نعم عند الضرورة تجوز الاستنابة في غسل الأعضاء والاستنابة في صب الماء على أعضائه لان ايصال الماء إلى أعضائه واجب عليه فيجوز
ان يستنيب فيه ويجوز الاستنابة في إزالة النجاسة عن بدنه وثوبه مع القدرة لا في النية حتى لو غسله ساهيا أو مجنونا مع نية العاجز صح ولو غسله ناويا مع غفلة
العاجز بطل وكذا الصلاة الواجبة لا تصح فيها النيابة ما دام حيا فإذا مات جازت الاستنابة فيها كالحج عند علمائنا وكذا الاستنابة في ركعتي الطواف اجماعا في
(فعل الصلاة المنذورة عند احمد في إحدى الروايتين ومنع الجمهور من الاستنابة في الصلاة الا صلاة ركعتي
الطواف واما الصوم فلا يصح دخول النيابة فيه ما دام
حيا فإذا مات صح ان يصوم عنه غيره بعوض ومجانا وللشافعي قولان فيما لو مات فصام عنه وليه والاعتكاف لا تدخله النيابة بحال وبه قال الشافعي وعن أحمد
روايتان واما الزكاة فتجوز النيابة في أدائها فيؤديها عنه غيره وكذا كلما يتعلق بالمال من الصدقات الواجبة والمندوبة والخمس فإنه يجوز التوكيل في قبض
ذلك كله وتفريقه ويجوز للمخرج التوكيل في اخراجها وتفريقها إلى مستحقها ويستنيب الفقراء والامام أيضا في تسليمها من أربابها لان النبي (ص)
بعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن اعلمهم ان عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فان هم أطاعوك بذلك فإياك
وكرايم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله تعالى حجاب واما الحج فتجوز النيابة فيه إذ يئس المحجوج عنه من الحج بنفسه بزمانة عند الشيخ رحمه الله وعند الشافعي
وأكثر العامة أو بموته اجماعا وكذا العمرة وكثير من أفعال الحج كطواف النساء والرمي وكذا يجوز النيابة في ذبح الضحايا والهدايا لان النبي صلى الله عليه وآله أناب فيه ونحر عن علي (ع)
وهو غايب وعنه صلى الله عليه وآله مأة ناقة ثلثاها عنه صلى الله عليه وآله وثلثها عن علي (ع) ويجوز النيابة في الجهاد لان الغرض حراسة المسلمين وحفظ عمود الدين وليس الغرض متعلقا بمباشرة معين
الا ان يعينه الامام للخروج بنفسه إما لشدة بلائه في الحرب أو لجودة شوره ووفور عقله وربط جأشه وقوة بأسه أو لغير ذلك من الحكم والمصالح فحينئذ لا يجوز الاستنابة
فيه مسألة يصح التوكيل في البيع ايجابا وقبولا وفي جميع أنواعه كالسلم والصرف والتولية وغيرها وفي جميع احكامه وتوابعه من الفسخ بالخيار والاخذ
بالشفعة واسقاطهما فإنه قد يترفع عن التردد في الأسواق وقد لا يحسن التجارة وقد لا يتفرغ لها وقد يكون مأمورا بالتخدير كالمرأة وأجاز الشارع التوكيل فيه مأمورا
و (قد) فإنه وتحصيلا لمصلحة الآدمي المخلوق لعبادة الله تعالى كما قال عز من قائل وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ويجوز التوكيل في الحوالة والضمان والكفالة
117

وعقد الرهن والشركة والوكالة والصلح لأنه بيع عند الشافعي أو عقد مستقل برأسه والتفليس لا يتصور فيه الوكالة واما الحجر فيصح ان يوكل الحاكم من ينوب
عنه فيه ويوكل الغرماء من يطلبه من الحاكم واما المحجور عليه فلا يتصور فيه ان يستنيب من يحكم عليه بالحجر وكذا تصح الوكالة في القراض في عقده وفعله بان
يستنيب العامل ان اذن له المالك والا فلا وفي الاقرار خلاف يأتي ويصح التوكيل في الهبة والعارية لأنها هبة المنافع في عقدها وفعلها الا في مثل إعارة الثوب
ليلبسه والدابة ليركبها بنفسه وشبه ذلك والغصب لا يتصور فيه التوكيل فإذا وكل رجل رجلا في غصب كان الغاصب الوكيل دون الموكل لان فعل ذلك حرام فلا تصح
النيابة فيه وتصح النيابة في المطالبة بالشفعة واخذها وكذا تصح في المساقاة والمزارعة والإجارة والوديعة والجعالة والفعل المتعلق بالجعالة والحوالة والقرض عقدا وتسليما وأخذا والوقف
والجنس العمرى والرقبي والوصية ايجابا وقبولا وفعل متعلقها ولبعض الشافعية قول في منعها لأنها قربة والقربة لا تنافي النيابة كالحج وصلاة الطواف وتصح النيابة
في الصدقة كالزكاة وشبهها والابراء وقبض الأموال مضمونة كانت أو غير مضمونة وفي قبض الديون واقباضها لان ذلك كله في معنى البيع في الحاجة إلى التوكيل
فيها فيثبت فيها حكمه ولا نعلم في شئ من ذلك خلافا الا ما قلناه وكذا تصح النيابة في العطايا وقسمة الفئ والغنيمة والصدقة مسألة يصح التوكيل في عقد
النكاح ايجابا وقبولا لان النبي صلى الله عليه وآله وكل عمرو بن أمية الضميري وأبا رافع في النكاح له ولان الحاجة قد تدعو إلى ذلك فإنه ربما احتاج إلى التزويج من مكان
بعيد لا يمكنه السفر إليه فان النبي صلى الله عليه وآله تزوج أم حبيبة وهي يومئذ بأرض الحبشة ويجوز التوكيل في الطلاق حاضرا كان الموكل أو غايبا على ما قدمناه وفي الخلع وفي الرجعة
وهو أصح وجهي الشافعية كابتداء النكاح فان كل واحد منهما استباحة فرج محرم والثاني المنع كما لو أسلم الكافر على أكثر من أربع نسوة ووكل بالاختيار وكذا لتطلق
إحدى امرأتيه أو عتق أحد عبديه ووكل بالتعيين ونمنع الملازمة وثبوت الحكم في الأصل وكذا يصح التوكيل في تعيين المهر وقبضه ولا تصح الوكالة في القسم لأنه يتعلق
ببدن الزوج ويتضمن استمتاعا مسألة كما يصح التوكيل في العقود كذا يصح في فسخها والتوكيل في الإقالة منها وساير الفسوخ وما هو على الفور قد يكون
التأخير بالتوكيل تقصيرا ويصح التوكيل في خيار الرؤية وللشافعية خلاف فيه ويجوز التوكيل في الاعتاق والتدبير وللشافعية فيه وجهان يبنى على أنه وصية
أو تعليق عتق بصفة فان قلنا بالثاني منعناه والكتابة ولا يتصور ففي الاستيلاد لأنه متعلق بالوطي والوطي مختص بالفاعل ولا تصح الوكالة في الايلاء لأنه
يمين وكذا اللعان لا يصح التوكيل فيه أيضا لأنه يمين كالايلاء أو شهادة على خلاف وكلاهما لا تدخلهما النيابة وكذا القسامة ولا تصح في الطهارة لأنه منكر وزور وبهتان
فلا تدخله النيابة وللشافعية وجهان مبنيان على أن المغلب فيه معنى اليمين أو الطلاق ومعظمهم منع من التوكيل فيه واما العدة فلا تدخلها النيابة لأنها تجب لاستبراء
رحمها والرضاع لا تدخلها النيابة لأنه متعلق بالمرضع والمرتضع لأنه يختص بانبات لحم المرتضع وانتشار عظمه بلبن المرضع والنفقة يصح التوكيل في دفعها وقبضها
ولا تصح النيابة في الايمان لأنها عبادة ولان الحكم في الايمان يتعلق بتعظيم اسم الله تعالى فامتنعت النيابة فيها كالعبادات وكذا النذور والعهود لا تدخلها النيابة واما الشهادات
فلا يصح التوكيل فيها لأنا علقنا الحكم بخصوص لفظ الشهادة حتى لم يقم غيرها مقامها فكيف يحتمل السكوت عنها بالتوكيل ولان الشهادة تتعلق بعين الشاهد
لكونها خبرا عما سمعه أوراه ولا يتحقق هذا المعنى في نايبه فان استناب فيها كان النايب شاهدا على شهادته لكونه يؤدي ما سمعه من شاهد الأصل وليس ذلك
بتوكيل فحينئذ تصح الاستنابة في الشهادة على وجه الشهادة وكذا تصح النيابة في القضاء والحكم مسألة في صحة التوكيل في المباحات كالاصطياد والاحتطاب
والاحتشاش واحياء الموات وإجارة الماء وشبهه اشكال ينشأ من أنه أحد الأسباب الملك فكان كالشراء ولأنه عمل مقصود يصح أخذ الأجرة عليه فجاز فيه النيابة
كغيره من الأعمال فحينئذ يحصل الملك للموكل إذا قصده الوكيل وهو أصح وجهي الشافعية وبه قال احمد لأنه تمليك مال بسبب يتعين عليه فجاز التوكيل فيه كالشراء
والاتهاب والثاني للشافعية لا يصح كالاغتنام لان الملك يحصل فيها بالحيازة وقد وجدت من الوكيل فيكون الملك له فعلى هذا ان جوزنا التوكيل فيه جوزنا
الإجارة عليه فإذا استأجره ليحتطب أو يستقي الماء ويحيي الأرض جاز وكان ذلك للمستأجر وان قلنا بالمنع هناك منعناه هنا فيقع الفعل للأجير والجويني
رأى جواز الاستيجار عليه مجزوما به فقاس عليه وجه تجويز التوكيل مسألة يجوز التوكيل في قبض الجزية واقباضها والمطالبة بها وفي عقد الذمة وفي
تجويز توكيل الذمي المسلم منه خلاف بين الشافعية واما العقوبات كالقتل والجنايات والزنا والقذف والسرقة والغصب وأشباه ذلك فلا مدخل للتوكيل فيها
بل احكامها تثبت في حق متعاطيها ومرتكبها لان كل شخص بعينه مقصود بالامتناع منها فإذا لم يفعل اجرى حكمها عليه وأما حدود الله تعالى كحد الزنا والسرقة فيجوز
التوكيل فيها لاستيفائها لان النبي صلى الله عليه وآله أمر برجم ماعز فرجم وقال صلى الله عليه وآله اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإذا اعترفت فارجمها فغدا أنيس عليها فاعترفت
فأمر بها فرجمت ووكل أمير المؤمنين (ع) عبد الله بن جعفر في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة فاقامه ولان الحاجة تدعو إلى ذلك فان الامام لا يمكنه تولي
ذلك بنفسه فيجوز التوكيل في استيفائها للامام وللسيد ان يوكل في استيفاء الحد من مملوكه ويجوز التوكيل في اثبات حدود الله تعالى وبه قال بعض العامة لان
النبي صلى الله عليه وآله وكل أنيسا في اثبات الحد واستيفائه جميعا فإنه قال فإذا اعترفت فارجمها وهذا يدل على أنه لم يكن قد ثبت وقد وكله في اثباته ولان الحاكم إذا استناب نايبا في عمل
فإنه يدخل في تلك النيابة الحدود واثباتها فإذا دخلت في التوكيل بالعموم فبالتخصيص أولي وقال الشافعي لا يجوز التوكيل في اثباتها لأنها تدرأ بالشبهات وقد أمر بأدائها
بالشبهة والتوكيل توصل إلى اثباتها وهو غير مناف لقولنا فان للوكيل ان يدرأها بالشبهات واما عقوبات الآدميين فيجوز التوكيل في استيفائها في حضور
المستحق اجماعا وأما في غيبته فإنه يجوز ذلك أيضا عندنا للأصل وللشافعي فيه ثلاثة طرق أشهرها انه على قولين أحدهما المنع لأنه لا يتعين بقاء الاستحقاق عند
الغيبة لاحتمال العفو ولأنه ربما يرق قلبه حالة حضوره فيعفو فليشترط الحضور وأصحهما الجواز كما قلناه لأنه حق يستوفى بالنيابة في الحضور فكذا في الغيبة
كسائر الحقوق واحتمال العفو كاحتمال رجوع الشهود فيما إذا ثبت بالبينة فإنه لا يمنع الاستيفاء في عتقهم الثاني القطع بالجواز وحمل المنع على الاحتياط والثالث
القطع بالمنع لعظم خطر الدم وبهذا الأخير قال أبو حنيفة مسألة ويجوز التوكيل في اثبات حد القذف والقصاص عند الحاكم وإقامة البينة عليه عند عامة
الفقهاء لأنه حق لادمي فجاز التوكيل في اثباته كساير الحقوق وقال أبو يوسف لا يصح التوكيل فيه لأنه يثبت الحد بما قام مقام العفو والحد لا يثبت بذلك كما لا
يثبت بالشهادة على الشهادة ولا بكتاب القاضي إلى القاضي ولا برجل وامرأتين كذا هنا ونمنعه في الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي وعلى ان الحد
لا يثبت بالتوكيل وانما يثبت بالبينة فلم يصح ما قاله مسألة يجوز لكل واحد من المدعي والمدعى عليه التوكيل بالخصومة رضي صاحبه أو لم يرض وليس
لصاحبه الامتناع من خصومة الوكيل وقال أبو حنيفة له الامتناع الا ان يريد الموكل سفرا أو يكون مريضا أو تكون مخدرة وقال مالك له ذلك الا ان يكون
118

سفيها خبيث اللسان فيعذر الموكل في التوكيل والحق ما قلناه لأنه توكيل في خالص حقه فيمكن منه كالتوكيل باستيفاء الدين من غير رضا من عليه ولا فرق في التوكيل في الخصومة
بين ان يكون المطلوب مالا أو عقوبة للادميين كالقصاص وحد القذف وكذا حدود الله تعالى عندنا خلافا للشافعي مسألة في التوكيل بالاقرار اشكال وصورته
أن يقول وكلتك لتقر عني لفلان قال الشيخ رحمه الله انه جايز وهو أحد قولي الشافعية لأنه قول يلزم به الحق فأشبه الشراء وسائر التصرفات وبه قال أبو حنيفة أيضا ومعظم الشافعية
على المنع لان الاقرار اخبار عن حق عليه ولا يلزم الغير الا على وجه الشهادة وهذا كما لو قال رضيت بما يشهد به على فلان فإنه لا يلزمه كذلك هنا ولأنه اخبار فلا يقبل التوكيل
كالشهادة وانما يليق التوكيل بالانشاءات فعلى هذا هل يجعل مقرا به من التوكيل فيه للشافعية وجهان أحدهما نعم تخريجا واختاره الجويني لان توكيله دليل ثبوت الحق عليه
لان قوله أقر عني بكذا يتضمن وجوبه عليه وأظهرهما انه لا يجعل مقرا كما أن التوكيل بالابراء لا يجعل ابراء وكالتوكيل في البيع فإنه لا يكون بيعا ورضاه بالشهادة
عليه لا يكون قرارا بالحق وعندي في ذلك تردد فان قلنا بصحة التوكيل في الاقرار ينبغي ان يبين للوكيل جنس المقر به وقدره فلو قال أقر عني بشئ لفلان طولب
الموكل بالتقصير ولو اقتصر أقر عني لفلان فللشافعية وجهان أحدهما انه كما لو قال أقر عني له بشئ وأصحهما انه لا يلزمه شئ بحال لجواز ان يريد الاقرار بعلم أو شجاعة
لا بالمال مسألة لا يصح التوكيل بالالتقاط فإذا امره بالالتقاط فالتقط كان الملتقط أحق به من الآمر والميراث لا تصح النيابة فيه الا في قبض الموروث
وقسمته وتصح النيابة في دفع الديات إلى مستحقها والجنايات لا تصح النيابة فيها لأنها ظلم فيتعلق بفاعلها واما قتال أهل البغى فيجوز ان يستنيب فيه والأشربة لا
تصح النيابة فيها ويجب الحد على الشارب لأنه فعل المحرم واما الجهاد فقد منع الشافعي من دخول النيابة فيه بحال بل كل من حضر الصف توجه الفرض عليه وهو بهذا
المعنى صحيح وكذا ما قلناه أولا من الصحة النيابة في الجهاد على معنى ان للرجل ان يخرج غيره بأجرة أو غيرها وأما الذبح فيصح التوكيل فيه وكذا يصح في السبق والرمي
لأنه إما اجارة أو جعالة وكلاهما تدخله النيابة ويصح التوكيل في الدعوى لان ذلك مطالبة بحق غيره فهو كاستيفاء المال ويجوز التوكيل في مطالبة الحقوق واثباتها
والمحاكمة فيها حاضرا كان الموكل أو غائبا صحيحا أو مريضا النظر الثالث في العلم مسألة لا يشترط في متعلق الوكالة وهو ما وكل
فيه ان يكون معلوما من كل وجه فان الوكالة انما جوزت لعموم الحاجة وذلك يقتضي المسامحة فيها ولذلك جوز بعضهم تعليقها بالاقرار ولم يشترط القبول اللفظي
فيها ولا الفورية في القبول ولكن يجب ان يكون معلوما مبينا من بعض الوجوه حتى لا يعظم الغرر ولا فرق في ذلك بين الوكالة العامة والخاصة فأما الوكالة العامة
بان يقول وكلتك في كل قليل وكثير فإن لم يضف إلى نفسه فالأقوى البطلان لأنه لفظ مبهم في الغاية ولو ذكر الإضافة إلى نفسه فقال وكلتك في كل
أمر هو إلي أو في كل أموري أو في كل ما يتعلق بي أو في جميع حقوقي أو بكل قليل أو كثير من أموري أو فوضت إليك جميع الأشياء التي تتعلق بي أو أنت وكيلي مطلقا فتصرف
في مالي كيف شئت أو فصل الأمور المتعلقة به التي تجري فيها النيابة فقال وكلتك ببيع املاكي وتطليق زوجاتي واعتاق عبيدي أو لم يفصل على ما تقدم
أو قال وكلتك بكل أمر هو إلي مما يناب فيه ولم يفصل أجناس التصرفات أو قال أقمتك مقام نفسي في كل شئ أو وكلتك في كل تصرف يجوز لي أو في كل مالي التصرف فيه فالوجه
عندي الصحة في الجميع وبه قال ابن أبي ليلى ويملك كل ما تناوله لفظه لأنه لفظ عام فيصح فيما تناوله كما لو قال بع مالي كله ولأنه لو فصل وذكر جميع الجزئيات المندرجة
تحت اللفظ العام صح التوكيل سواء ضمها بعضها إلى بعض أو لا فيكون الاجمال صحيحا وقال الشيخ رحمه الله لا تصح الوكالة العامة وهو قول جميع العامة الا ابن أبي ليلى لما فيه من
الضرر العظيم والخطر الكثير لأنه يدخل فيه هبة ماله وتطليق نسائه واعتاق رقيقه وان يزوجه نساء كثيرة
ويلزمه المهور الكثيرة والأثمان العظيمة فيعظم لحوق الضرر
والجواب انا نضبط جواز تصرف الوكيل بالمصلحة فكل ما لا مصلحة للموكل فيه لم ينفذ تصرف الوكيل فيه كما لو وكله في بيع شئ وأطلق فإنه لا يبيع الا نقدا بثمن المثل من نقد
البلد كذا في الوكالة العامة وكذا يصح لو قال له اشتر لي ما شئت خلافا لبعض العامة وعن أحمد رواية انه يجوز عملا بالأصل ولان الشريك والمضارب وكيلان في شراء
ما شاء أو حينئذ ليس له ان يشتري الا بثمن المثل وأدون ولا يشتري ما يعجز الموكل عن ثمنه ولا ما لا مصلحة للموكل فيه ولو قال بع مالي كله واقبض ديوني كلها صح التوكيل
لأنه قد يعرف ماله وديونه ولو قال بع ما شئت من مالي واقبض ما شئت من ديوني صح التوكيل لأنه إذا أجاز التوكيل في الجميع ففي البعض أولي ووافقتنا العامة في جواز
وكلتك في بيع أموالي واستيفاء ديوني أو استرداد ودايعي أو اعتاق عبيدي والتفاوت ليس بطائل واما الوكالة الخاصة فهي المقصورة على نوع من الأنواع كبيع
عبد أو شراء جارية أو محاكمة خصم أو استيفاء دين منه وما أشبه بذلك ولا خلاف في جوازها مسألة إذا وكله في بيع أمواله صح ولا يشترط كون أمواله معلومة
حينئذ بل يتبعها الوكيل ويبيع ما يعلم انتسابها إليه وللشافعية فيه وجهان هذا أصحهما ولو قال وكلتك في قبض جميع ديوني على الناس جاز مجملا وان لم يعرف من عليه الدين
وانه واحد أو اشخاص كثيرة وأي جنس ذلك الدين أما لو قال وكلتك في بيع شئ من مالي أو في بيع طايفة منه أو قطعة منه أو في قبض شئ من ديوني ولم يعين فالأقوى
البطلان لجهالته من الجملة ولا بد من أن يكون الموكل فيه مما يسهل استعلامه أما لو قال بع ما شئت من أموالي أو اقبض ما شئت من ديوني فإنه يجوز وكذا لو قال بع من
رأيت من عبدي وقال بعض الشافعية لا يجوز حتى يعين وليس شيئا مسألة لو قال له بع ما شئت من مالي جاز خلافا لبعض الشافعية ولو قال بع ما شئت من
عبيدي جاز عندنا وعندهم وفرقوا بان الثاني محصور الجنس بخلاف الأول وليس بجيد لان ما جاز التوكيل في جميعه جاز في بعضه كعبيده ولو قال اقبض ديني كله
وما يتجدد من ديوني في المستقبل صح على اشكال في المتجدد ولو قال له اشتر لي شيئا أو حيوانا أو رقيقا أو عبدا أو ثوبا ولم يعين الجنس فالأقوى عندي الجواز ويكون
الخيار في الشراء إلى الوكيل ويكون ذلك كالقراض حيث امره صاحب المال بشراء شئ وقال أصحاب الشافعي لا يصح مع الاطلاق حتى يبين ان الرقيق عبد أو أمة ويبين
النوع أيضا من أنه تركي أو هندي أو غيره لان الحاجة قد تقل إلى شراء عبد مطلق على اي نوع ووصف كان وفي الابهام ضرر عظيم فلا يحتمل وانما تمس الحاجة في
الأكثر وتدعو إلى غلام من جنس معين هذا مذهب أكثرهم وذكر بعضهم وجها انه يصح التوكيل بشراء عبد مطلق مسألة إذا وكله في شراء عبد وأطلق فقد بينا
جوازه وعند الشافعية لا بد من تعيين جنسه وهل يفتقر مع تعيين النوع الثمن الأقرب عندي عدمه وهو أصح وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة وابن شريح لأنه
إذا ذكر نوعا فقد اذن له في أعلاها ثمنا فيقل الغرر ولان ضبط الثمن مما يعسر معه التحصيل لأنه قد لا يوجد به ولان تعلق الغرض بعبد من ذلك النوع نفيسا كان
أو خسيسا ليس ببعيد والثاني للشافعية لا بد من تقدير الثمن أو بيان غايته بان يقول مائة أو من مائة إلى الف لكثرة التفاوت فيه ويجوز ان يذكر له أكثر الثمن
أو أقله وإذا كان التفاوت في الجنس الواحد كثيرا لم يتم التوكيل الا بالتعيين وهو ممنوع ولا يشترط استقصاء الأوصاف التي تضبط في السلم ولا ما يقرب منها اجماعا
نعم إذا اختلفت الأصناف الداخلة تحت النوع الواحد اختلافا ظاهرا قال بعض الشافعية لا بد من التعرض له وليس شيئا وهل يكفي ذكر الثمن عن ذكر النوع فيقول له
119

مثلا اشتر لي عبدا بمائة وان لم يقل تركيا أو هنديا الوجه عندنا جوازه وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم بعدم الاكتفاء ولو قال اشتر لي عبدا كما تشاء جاز
أيضا عندنا وبه قال بعض الشافعية لأنه صرح بالتفويض التام بخلاف ما لو اقتصر على قوله اشتر لي عبدا فإنه لم يأت فيه ببيان معتاد ولا تفويض تام والأكثرون
منهم لم يكتفوا بذلك وفرقوا بينه وبين أن يقول في القراض اشتر من شئت من العبيد لان المقصود هناك الربح بنظر العامل وتصرفه فليس التفويض إليه وفي التوكيل
بشراء الدار يجب عندهم التعرض للمحلة والسكة وفي الحانوت للسوق وكل هذا عندنا غير لازم مسألة إذا وكله في الابراء من الحق الذي له على زيد صح
فان عرف الموكل مبلغ الدين كفى ولم يجب اعلام الوكيل قدر الدين وجنسه وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم لا بد من أن يبين للوكيل قدر الدين وجنسه والمعتمد الأول
لأصالة صحة الوكالة إما لو قال بع عبدي بما باع به فلان فرسه اشترط في صحة البيع علم الوكيل لان العهدة تتعلق به فلا بد ان يكون على بصيرة من الامر ولا عهدة في
الابراء ولو كان الموكل جاهلا بما باع به فلان فرسه لم يضر واشترط بعضهم العلم بما يقع الابراء منه واصل الخلاف ان الابراء هل هو محض اسقاط أو تمليك ان قلنا اسقاط صح
مع جهل من عليه الحق بمبلغ الحق وان قلنا تمليك فلا بد من علمه كما أنه لا بد من علم المتهب بما يوهب منه ولو قال وكلتك في أن تبرئه من الدين الذي لي عليه ولم يعلم الموكل
قدره ولا الوكيل صح أيضا عندنا ولو وكله في الابراء من شئ وأطلق لم يكن للوكيل التعيين بل يبرئه من شئ مبهم ويحمل على أقل ما يتمول لأنه المتيقن بالاسقاط
والزايد عليه ثابت في الذمة فلا يزول عنها الا بمزيل ولو قال وكلتك في أن تبرئه مما شئت أو مما شاء فالوجه الصحة ويرجع في القدر إلى مشيته أو مشية الغريم ولو
وكله بان قال ابراء فلانا عن ديني اقتضى ان يبريه من الجميع ولو قال عن شئ منه ابراءه عن أقل ما يتمول ولو قال أبرأه عما شئت لم يجز الاستيعاب مع احتماله
مسألة إذا وكله في الابراء من الحق الذي له عليه فأبرأه الوكيل صح وبرئت ذمته ولو كان له على رجل حق فوكل صاحب الحق من عليه الحق في ابراء نفسه صح لأنه وكله
في اسقاط حق عن نفسه فوجب ان يصح كما لو وكل العبد في اعتاق نفسه والمراة في طلاقها وهو المشهور عند الشافعية وقال بعضهم لا يصح لأنه لا يملك اسقاط الحق عن نفسه
وهو ضعيف لأنه يخالف اسقاط الحق عن الذمة لان ذلك لا يسقط الا بالقبض ولا يكون قابضا من نفسه (إلى) بنفسه كما لو كان في يده عين مضمونة عليه فإنه لا يصح ان يوكله
في اسقاط الضمان عن نفسه وهو ضعيف لأنه يخالف اسقاط الحق عن الذمة لان ذلك لا يسقط الا بالقبض ولا يكون قابضا من نفسه وهنا يكفي مجرد الاسقاط
على انا نمنع الحكم في الأصل إذا ثبت هذا فإذا وكل المضمون له المضمون عنه في ابراء الضامن جاز فإذا أبرأه برئ الضامن والمضمون عنه عندنا وعند العامة لا يبرأ المضمون
عنه وان وكل الضامن في ابراء المضمون عنه فأبرأه لم يبرأ الضامن عندنا لان الدين انتقل من ذمة المضمون عنه ولا تصح هذه الوكالة كما لو وكله في ابراء من لا
حق له عليه وعند العامة يبرأ الضامن لأنه فرع على المضمون عنه وهنا للشافعية وجه واحد انه لا يبرأ بإبراء نفسه وانما يبرأ ببرائة المضمون عنه تذنيب
لو وكله في إبراء غرمائه وكان الوكيل منهم لم يكن له ان يبرء نفسه كما لو وكله في حبس غرمائه أو مخاصمتهم ولعل بينهما فرقا ولو وكله في تفرقة شئ على الفقراء وهو
منهم لم يكن له ان يصرف إلى نفسه من ذلك شيئا عند الشافعية لأنه مخاطب في أن يخاطب غيره فلا يكون داخلا في خطاب غيره فان صرح له ان يبرئ نفسه فالوجهان والمعتمد
الجواز في ذلك كله مسألة إذا وكله في الخصومة وأطلق بان قال وكلتك لمخاصمة خصماي فإنه يصح ويصير وكيلا في جميع الخصومات عملا بالعموم وهو أصح قولي
الشافعية والثاني لا يصح بل يجب تعيين من يخاصم معه لاختلاف العقوبة وهذا الاختلاف قريب من الخلاف الذي سبق فيما إذا وكله ببيع أمواله وهي غير معلومة الفصل
الثالث في احكام الوكالة وفيه مطالب الأول في صحة ما وافق من التصرفات وبطلان ما خالف وتعرف الموافقة باللفظ تارة وبالقرينة أخرى وفيه مباحث
الأول المباينة والمخالفة مسألة يجب على الوكيل اعتماد ما عين الموكل له وقرره معه ولا يجوز له المخالفة في شئ مما رسمه له فيصح تصرف الوكيل فيما وافق
الموكل ويبطل فيما خالفه مع صحة الوكالة والموافقة والمخالفة قد يعرفان بالنظر إلى اللفظ تارة وبالقراين التي تنضم إليه أخرى فان القرينة قد تقوي فيترك لها اطلاق
اللفظ فإنه إذا امره في الصيف بشراء الجمد لا يشتريه في الشتاء وقد يتعادل اللفظ والقرينة وينشأ من تعادلهما خلاف في المسألة وهذا كما لو اطلق البيع وقال قد وكلتك
في بيعه ولم يعين ثمنا ولا نقدا ولا حلولا فباع بغير نقد البلد من العروض والنقود أو بغبن فاحش أو مؤجلا فإذا فعل ذلك لم يصح وكان مخالفا لان العرف اقتضى
انصراف اطلاق اللفظ إلى المعتاد المتظاهر بين الناس من البيع بالنقد ومن نقد البلد الذي يقع فيه البيع وبثمن المثل والحال فلا يملك الوكيل غير ذلك علمائنا أجمع
وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين ومالك قياسا على الوصي فإنه لا يبيع الا بثمن المثل من نقد البلد حالا ولأنه وكيل في عقد البيع فتصرفه بالغبن لا يلزم الموكل
كالوكيل بالشراء إذا اشترى بغبن فاحش ولأنه إذا باع وأطلق كان الثمن حالا فإذا وكل بالبيع وأطلق حمل على الثمن الحال وقال أبو حنيفة إذا وكله في البيع وأطلق جاز
له ان يبيع بأي ثمن كان قليلا كان أو كثيرا حالا ومؤجلا من اي نقد شاء لأن المبيع ملكه فإذا أمر ببيعه مطلقا حمل على العموم في كل بيع وهو ينتقض بالشراء فإنه إذا
اطلق له الشراء انصرف الاطلاق إلى الشراء بثمن المثل عنده وقال أبو يوسف ومحمد إذا اطلق له البيع لم يجز الا بثمن المثل من نقد البلد ويجوز حالا ومؤجلا لان
البيع يقع بالحال والمؤجل في العادة فانصرف الامر إليه وهو ممنوع فان الثمن أنه يكون حالا في غالب العادة فانصرف الاطلاق إليه كثمن المثل وأما إذا قيد الموكل الامر
فأمره بان يبيعه بنقد بعينه فإنه لا يجوز مخالفته الا ان يأذن له في بيعه بنقد فيبيعه بأكثر وقال احمد في الرواية الأخرى إذا باع بأقل من ثمن المثل بما لا يتغابن الناس
به صح ولا يصح الشراء بأكثر من ثمن المثل ويضمن الوكيل في صورة البيع النقص لان من صح بيعه بثمن المثل صح بدونه كالمريض فعلى هذه الرواية يكون البيع صحيحا وعلى
الوكيل ضمان النقص في قدره وجهان أحدهما ما بين ثمن المثل وما باعه به والثاني ما بين ما يتغابن الناس به وما لا يتغابن الناس به والوجه الأول لأنه لم يأذن للوكيل
في هذا البيع فأشبه بيع الأجنبي واما إذا باع بما يتغابن الناس بمثله فإنه يجوز ويعفى عنه ولا ضمان عليه إذا لم يكن الموكل قدر له الثمن لان ما يتغابن الناس به بعد من ثمن
المثل ولا يمكن التحرز عنه فروع آ إذا باع على الوجه الممنوع منه بان يبيع بأقل من ثمن المثل أو بالعروض أو نسيئة كان حكمه حكم الفضولي يكون بيعه موقوفا
ان اجازه الموكل صح البيع ولزم والا بطل ولا يقع باطلا من أصله وهو أحد قولي الشافعية والمشهور عندهم الأول ب لو كان في البلد نقدان واحدهما أغلب فعليه
ان يبيع به فان استويا في المعاملة باع بما هو أنفع للموكل فان استويا تخير وقال بعض الشافعية إذا استويا في المعاملة وجب ان لا يصح التوكيل ما لم يبين كما لو باع
بدراهم وفي البلد نقدان متساويان لا يصح حتى يقيد بأحدهما والمشهور عندهم ما اخترناه أولا ج لو باع الوكيل على أحد الوجوه المذكورة لم يصر ضامنا للمال
ما لم يسلم إلى المشتري فان سلم ضمن د بيع ما يساوي عشرة بتسعة محتمل في الغالب ما يتغابن الناس بمثله فيصح فعله من الوكيل وبيعه بثمانية غير محتمل وهو قول
بعض الشافعية وقال بعضهم يختلف القدر المحتمل باختلاف أجناس الأموال من الثياب والعبيد والعقارات وغيرها ه‍ كما لا يجوز ان ينقص الوكيل عن ثمن المثل
120

لا يجوز ان يقتصر عليه وهناك طالب بالزيادة بل يجب عليه بيعه على باذل الزيادة مع تساوي الغريمين لأنه منصوب لمصلحة الموكل وليس من مصلحته بيعه بالأقل مع
وجود الأكثر ولو باع بثمن المثل ووجد من يزيد عليه فإن كان بعد انقضاء الخيار فلا كلام وإن كان في زمن الخيار ولو في المجلس فالأقرب ان على الوكيل الفسخ لاقتضاء
مصلحة الموكل ذلك والتزام البيع مناف لها فلا يملكه الوكيل وقال بعض العامة انه لا يلزمه فسخ العقد لان الزيادة ممنوع منها منهى عنها فلا يلزمه الرجوع إليها ولان الزايد
قد لا يثبت على الزيادة ولا يلزم الفسخ بالشك وهو غلط لأنها زيادة في الثمن أمكن تحصيلها فأشبه ما لو جاء به قبل البيع والنهي يتوجه إلى الذي زاد لا إلى الوكيل فأشبه من جاءه
بالزيادة قبل البيع بعد الاتفاق عليه مسألة لو قال الموكل للوكيل بعه بكم شئت جاز البيع بالغبن ولا يجوز بالنسيئة ولا بغير نقد البلد لأنه فوض إليه تعيين القدر
بلفظ كم لأنها كناية عن العدد ويبقى في النقد والنسيئة على اطلاق الاذن فلا يتناول الا الحال بنقد البلد لان تعميمه في أحد الثلاثة لا يقتضي تعميمه في الباقيين ولو قال بعه
بما شئت فله البيع بغير نقد البلد ولا يجوز بالغبن ولا النسيئة ولو قال بعه كيف شئت فله البيع بالنسيئة ولا يجوز بالغبن ولا بغير نقد البلد وبه قال بعض الشافعية
وقال بعضهم يجوز الجميع ولا بأس به عندي ولو قال بعه بما عز وهان فهو كما لو قال بعه بكم شئت قاله بعض الشافعية وقال آخرون له البيع بالعروض والغبن ولا يجوز
بيعه بالنسيئة وهو المعتمد مسألة للحاكم بيع الرهون ومال المفلس بنقد البلد ولو لم يكن دين المستحقين من ذلك الجنس أو على تلك الصفة صرفه إلى
مثل حقوقهم وقد يحتاج الحاكم في ذلك إلى توسيط عقد اخر ومعاملة أخرى كما لو كان نقد البلد المكسر وحقهم الصحيح ولا يمكن تحصيل الصحيح بالمكسر الا ببذل
زيادة وانه ربا فيحتاج إلى شراء سلعة بالمكسرة ثم يشتري الصحيحة بتلك السلعة ولو رأى الحاكم المصلحة في البيع بمثل حقوقهم في الابتداء جاز وقد سبق والمرتهن
عند امتناع الراهن عن أداء الحق يرفع امره إلى الحاكم فان تعذر عليه أو افتقر إلى بينة ولم يكن له قام مقام الحاكم في توسيط المعاملة بالأخرى وفي بيعه بجنس الدين وعلى
صفته وبه قال بعض الشافعية ومنع بعضهم من تسلط المرتهن على بيع المرهون بمجرد امتناع الراهن عن أداء ما عليه وأداء حق المرتهن بالحاكم فيما ذكرنا أشبه ان يلحق وكيل
الراهن ببيع المرهون وقضاء الدين منه بالمرتهن بل أولي لان نيابة المرتهن حينئذ قهرية والوكيل قد رضي
بتصرفه ونصبه لهذا الغرض مسألة الوكيل بالبيع
المطلق يبيع من ابنه الكبير وأبيه وسائر أصوله وفروعه وهو أصح وجهي الشافعية لأنه باع بثمن المثل الذي لو باع به من أجنبي لصح فأشبه ما لو باع من صديقه ولأنه
يجوز للعم ان يزوج موليته من ابنه إذا أطلقت الاذن ولم يجعل تعيين الزوج شرطا فكذا هنا ولان القابل غير العاقد فصح البيع كالأجنبي والثاني للشافعية انه
لا يجوز وبه قال أبو حنيفة ويعتبر أبو حنيفة قبول الشهادة له لان التهمة تلحقه في حق أبيه وابنه الكبير بالميل إليهما كما تلحقه في حق نفسه ولهذا لا تقبل شهادته لهما
كما لا تقبل شهادته لنفسه ومن الجايز ان يكون هناك راغب بأكثر من الثمن واجري الوجهان للشافعية في البيع من الزوج والزوجة فإذا قلنا لا يقبل شهادة أحدهما للآخر فكالأب
والابن والا فلا وهذا عندنا باطل لأنا نجوز الشهادة لهم والبيع أيضا إذ الضابط ثمن المثل فإذا بذله من كان جاز البيع ولو باع من مكاتبه صح أيضا وللشافعية وجهان
الجواز لان المكاتب يملك دونه (واضع)؟ للتهمة لأنه يتعلق حقه بكسبه وكذا يصح البيع من جميع أقاربه كأخيه وعمه وغيرهما والوجهان للشافعية في الفروع والأصول المستقلين
أما لو باع من ابنه الصغير فإنه جايز عندنا أيضا ومنع منه الشافعية لأنه يستقصي لطفله في الاسترخاص وغرض الموكل الاستقصاء في البيع بالأكثر وهما
غرضان متضادان فلا يتأتى من الواحد القيام بهما وعن أحمد روايتان وللشافعية وجهان مسألة إذا وكله في بيع شئ فان جوز له ان يشتريه هو جاز ان يبيعه
عن نفسه وان منعه من ذلك لم يجز له ان يشتريه لنفسه اجماعا وان اطلق منع الشيخ من ذلك لأنه قال جميع من يبيع مال غيره وهم ستة الأب والجد ووصيهما
والحاكم وامين الحاكم والوكيل لا يصح لاحد منهم ان يبيع المال الذي في يده من نفسه الا الاثنين الأب والجد ولا يصح لغيرهما وبه قال مالك والشافعي وقال الأوزاعي يجوز على نفسه ويقبل
ذلك للجميع وهو منقول عن مالك أيضا وقال زفر لا يجوز لاحد منهم ان يبيع من نفسه شيئا وقال أبو حنيفة يجوز للأب والجد والوصي ذلك الا انه اعتبر في الوصي ان
يشتريه بزيادة ظاهرة مثل ان يشتري ما يساوي عشرة بخمسة عشر فان اشتراه بزيادة درهم لم يمض البيع استحسانا ثم استدل رحمه الله على مذهبه باجماع الفرقة واخبارهم
انه يجوز للأب ان يقوم جارية ابنه الصغير على نفسه ثم يستبيح وطيها بعد ذلك وأيضا روي أن رجلا وصى إلى رجل في بيع فرس فاشتراه الوصي لنفسه (فاستفتى)
عبد الله بن مسعود فقال ليس له ولم يعرف له مخالف إذا عرفت هذا فقد اختلفت الشافعية في صحة بيع الوكيل من نفسه والوصي ببيع مال الطفل من نفسه فالمشهور
عندهم المنع وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه يستقصي لنفسه في الاسترخاص وغرض البايع الاستقصاء في البيع بالأكثر وهما غرضان متضادان فلا يتأتى من
الواحد القيام بهما وأيضا فان التوكيل بالبيع مطلقا يشعر بالبيع من الغير والألفاظ المطلقة تحمل على العموم منها في العرف الغالب ولأنه تلحقه التهمة بخلاف
الأب والجد فان شفقتهما الطبيعية على الولد يمنعهما من التسامح معه فانتفت التهمة عنهما لشفقتهما عليه ونقل عن الإصطخري من الشافعية للوكيل ان
يبيع من نفسه لحصول الثمن الذي لو باع من غيره لحصل واحتج أبو حنيفة على جوازه للأب والجد والوصي إذا اشترى بأكثر من ثمن المثل لأنه إذا اشترى الوصي بأكثر من ثمن المثل فقد قرب مال اليتيم بالتي هي أحسن
فوجب ان يجوز واحتج من جوز مطلقا بان الوصي والوكيل نايب عن الأب فإذا جاز ذلك للأب جاز للنايب عنه وينتقض قول أبي حنيفة بان الوصي يلي بتوليته فأشبه
الوكيل واحتج زفر بان حقوق العقد تتعلق بالعاقد فلا يصح ان يتعلق به حكمان متضادان ويشبه في ذلك الوصي والوكيل واعلم أن المشهور ان للأب والجد ان يتوليا طرفي
العقد لان كل واحد منهما يلي بنفسه فجاز ان يتولى طرفي العقد كالجد يزوج ابن ابنه ببنت ابنه الأخر ولا نسلم ما ذكره من تعلق حقوق العقد بالعاقد وأما غيرهما فالمشهور المنع
وعندي في ذلك تردد فروع إذا منعنا من شراء الوكيل لنفسه لم يجز أيضا ان يشتري لولده الصغير ولا لمن يلي عليه بوصية لأنه يكون بيعا من نفسه وبه
قال الشافعي وعندي فيه نظر أقربه الجواز في ذلك كله وأما عبده المأذون له في التجارة فحكمه حكم بيعه من نفسه ب إذا اذن لوكيله ان يبيع من نفسه جاز عندنا
على ما تقدم وللشافعية وجهان قال ابن شريح كما لو اذن له في البيع من أبيه وابنه وكما لو قال لزوجته طلقي نفسك على الف ففعلت يصح وتكون نايبة من
جهته قابلة من جهة نفسها ولان التهمة قد انتفت عنه بذلك فجاز وهذا على قول من اعتبر التهمة وحكى أبو حامد من الشافعية في نكاح بنت العم من نفسه وجهين
أيضا وقال الأكثرون لا يجوز لما تقدم من تضاد الغرضين وأيضا فان وقوع الايجاب والقبول من شخص واحد بعيد عن التخاطب ووضع الكلام وتجويزه في حق الأب
والجد خلاف القياس ولأنه لا يكون موجبا قابلا فيما يتولاه بالاذن كما لا يجوز ان يزوج بنت عمه من نفسه باذنها ونحن نمنع الحكم في الأصل ج لو وكل أباه بالبيع فهو
كالأجنبي ان جوزنا في حق الأجنبي ان يشتري لنفسه جاز هنا وان منعناه ثم منعناه هنا وقال بعض الشافعية المانعين في حق الأجنبي يجوز هنا لان الأب يبيع مال ولده
من نفسه بالولاية فكذلك بالوكالة وفيه بعد د لو صرح له بالاذن في بيعه من ابنه الصغير قطع بعض الشافعية بالجواز كما اخترناه نحن لأنه رضي بالنظر إلى الطفل
121

وبترك الاستقصاء وتولي الطرفين في حق الولد معهود على الجملة بخلاف ما لو باع من نفسه ولان التهمة قد انتفت والقابل غير الموجب وقال بعضهم لا يجوز كما لو اذن
في بيعه من نفسه ويجرى الوجهان للشافعية فيما لو وكله بالهبة واذن له ان يهب من نفسه وبتزويج ابنته واذن له في تزويجها من نفسه والنكاح أولي بالمنع عندهم لانهم
رووا انه لا نكاح الا بأربعة خاطب وولي وشاهدين ه‍ لو وكل مستحق الدين المديون باستيفائه من نفسه أو وكل مستحق القصاص الجاني باستيفائه من نفسه أما
في النفس أو الطرف أو وكل الامام السارق ليقطع يده جاز وللشافعية وجهان إما لو وكله الامام في جلد نفسه فالأقرب المنع لأنه متهم بترك الايلام بخلاف القطع إذ لا
مدخل للتهمة فيه وظاهر مذهب الشافعية المنع في الجميع مسألة لو وكله المتداعيان ان يخاصم من الجانبين فيدعي عن أحدهما وينكر عن الأخر الأقرب الجواز لأنه
يتمكن من إقامة البينة للمدعي ثم من إقامة البينة الرافعة للمدعى عليه وعدالته وأمانته يمنعه من الميل عن أحد الجانبين وهو أضعف وجهي الشافعية وأصحهما عندهم المنع لما فيه من اختلال غرض
كل واحد منهما فإنه يحتاج إلى التعديل من جانب والى الجرح من جانب وعلى هذا ما إليه الخيرة يخاصم لأيهما شاء ولا منافاة لما بيناه من اقتضاء عدالته وأمانته
عدم الميل بغير الحق وهو مكلف باعتماد الصحيح حتى لو طلب الموكل منه الخروج عنه لم يجز له موافقته عليه ولو توكل رجل في طرفي النكاح أو البيع جاز عندنا وعند
الشافعية وجهان ومنهم من قطع بالمنع ولو وكل عليه من الدين بابراء نفسه جاز عندنا وللشافعية طريقان أحدهما التخريج على الوجهين والثاني القطع بالجواز
وهما مبنيان على أنه هل يحتاج إلى القبول ان قلنا نعم جرى الوجهان وان قلنا لا قطعنا بالجواز كما لو وكل من عليه القصاص بالعفو والعبد باعتاق نفسه
والوكيل بالشراء بمنزلة الوكيل بالبيع في أنه لا يشتري من نفسه ولا مال ابنه الصغير على الخلاف السابق وفي تخريج شرائه من ابنه البالغ على الوجهين في ساير الصور مسألة
كل ما جاز التوكيل فيه جاز استيفاؤه في حضرة الموكل وغيبته عند علمائنا وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين لان ما جاز استيفاؤه في حضرة الموكل جاز في
غيبته كالحدود وسائر الحقوق وقال أبو حنيفة وبعض الشافعية لا يجوز استيفاء القصاص وحد القذف في غيبة الموكل وهو الرواية الأخرى عن أحمد لاحتمال ان
يعفو وهو بعيد والظاهر أنه لو عفى لا علم الوكيل والأصل عدمه وقد كان قضاة رسول الله صلى الله عليه وآله يحكمون في البلاد ويقيمون الحدود التي تدرء بالشبهات
مع احتمال الفسخ وكذا لا يحتاط في استيفاء الحدود باحضار الشهود مع احتمال رجوعهم عن الشهادة أو بغير اجتهاد الحاكم مسألة إذا وكل عبده في اعتاق
نفسه أو امرأته في طلاق نفسها صح ولو وكل العبد في اعتاق عبيده أو المراة في طلاق نسائه لم يدخل العبد ولا المراة في ذلك على اشكال لان ذلك ينصرف باطلاقه إلى
التصرف في غيره ويحتمل ان يملكا ذلك عملا بعموم اللفظ كما يجوز للوكيل في البيع البيع من نفسه على ما اخترناه وكذا لو وكل غريمه في ابراء غرمائه بخلاف ما إذا وكله في حبسهم
أو في خصومتهم لم يملك حبس نفسه ولا خصومتها عملا بالظاهر ولو وكل رجلا في تزويج امرأة ولم يعين فالأقرب ان له ان يزوجه ابنته وبه قال أبو يوسف ومحمد ولو أذنت له في
تزويجها فالأقرب انه ليس له ان يزوجها من نفسه بل لولده ووالده وفيه لبعض العامة وجهان ولو وكله في شراء عبد جاز ان يشتري نفسه من مولاه والحكم في الحاكم
وأمينه والوصي كالحكم في الوكيل في بيع أحد هؤلاء لوكيله أو لولده الصغير أو طفل يلي عليه أو لوكيله أو لعبده المأذون وقد سبق الخلاف في ذلك كله مسألة لو وكل عبدا بشراء نفسه من سيده أو
يشتري منه عبدا اخر ففعل صح عندنا وبه قال أبو حنيفة واحمد وبعض الشافعية لأنه يجوز ان يشتري عبدا من غير مولاه فجاز ان يشتريه من هؤلاء كالأجنبي وإذا جاز
ان يشتري غيره من مولاه جاز ان يشتري نفسه كالمراة لما جاز توكيلها في طلاق غيرها جاز توكيلها في طلاق نفسها ولأنه قابل للنقل وقابل للاستنابة فيه فلا مانع مع وجود المقتضي وقال بعض الشافعية
لا يجوز لان يد العبد كيد سيده فأشبه ما لو وكله في الشراء من نفسه ولهذا يحكم للانسان بما في يد عبده وهو باطل لان أكثر ما يعذر فيه جعل توكيل العبد كتوكيل سيده
وقد ذكرنا صحة ذلك فان السيد يصح توكيله في الشراء والبيع من نفسه وهنا أولي فعلى هذا لو قال العبد اشتريت نفسي لزيد وصدقه سيده وزيد صح ولزم الثمن ولو
قال السيد ما اشتريت نفسك الا لنفسك فان جوزناه عتق العبد بقوله واقراره على نفسه ويلزم العبد الثمن لسيده ولان زيدا لا يلزمه الثمن لعدم حصول العبد
له وكون سيده لا يدعيه عليه فلزم العبد لأن الظاهر من يباشر العقد انه له وان صدقه السيد وكذبه زيد نظر في تكذيبه فان كذبه في الوكالة حلف وبرئ وللسيد
فسخ البيع واسترجاع عبده لتعذر ثمنه وان صدقه في الوكالة وكذبه في انك ما اشتريت نفسك لي فالقول قول العبد لان الوكيل يقبل قوله في التصرف المأذون فيه
مسألة لو وكله في اخراج صدقته على المساكين وهو منهم أو اوصى إليه بتفريق ثلاثة عليهم أو دفع إليه مالا وأمره بتفريقه على من يريد أو يدفعه إلى من شاء ففي
جواز الاخذ منه روايتان تقدمتا وقال احمد لا يجوز لأنه امره بتنفيذه وأصحابنا قالوا إذا اخذ شيئا فلا يفضل نفسه بل يأخذ مثل ما يعطي غيره وهل هذا على سبيل
الوجوب أو الاستحباب نظر وهل له الاختصاص إذا سوغ له تخصيص واحد به اشكال وله ان يعطي ولده وأباه وامرأته ومن يلزمه نفقته مع الاستحقاق وعن أحمد روايتان
مسألة إذا وكله في البيع مؤجلا فان قدر الاجل صح التوكيل وان اطلق فالأقرب الجواز ويرجع في ذلك إلى مصلحة الموكل والمتعارف إن كان فيه عرف وللشافعية
وجهان أحدهما انه لا يصح التوكيل مع الاطلاق لاختلاف الأغراض بتفاوت الآجال طولا وقصرا وأصحهما عندهم الصحة وعلى ماذا يحمل فيه ثلاثة أوجه أحدها انه ينظر في
المتعارف في مثله فإن لم يكن فيه عرف راعى الوكيل الأنفع للموكل والثاني له التأجيل إلى أية مدة شاء عملا باطلاق اللفظ والثالث يؤجل إلى سنة ولا يزيد عليها لان
الديون المؤجلة يتقدر بها كالجزية والدية البحث الثاني فيما يملك الوكيل بالبيع مسألة إذا وكله في البيع مطلقا لم يملك الوكيل قبض الثمن
الا إذا دلت القرينة عليه كما لو امره بالبيع في سوق بعيد من بلد اخر فضيع الثمن بترك قبضه أو لا يتمكن الموكل من قبض الثمن أو يقول له بعه على من كان من الغرماء
ولا تصاحبه ففي مثل ذلك يكون مأذونا له في القبض فان دفع السلعة إلى المشتري ولم يقبض كان ضامنا لان ظاهر حال الموكل انه انما امره بالبيع لتحصيل ثمنه ولا يرضى بتضييعه
ولهذا يعد من فعل ذلك مضيعا مفرطا وان لم تدل القرينة عليه فان دلت على المنع لم يجز له القبض اجماعا وان لم تكن هناك قرينة تدل على أحدهما لم يملك القبض
أيضا لان الوكالة بالبيع مغايرة للوكالة بالقبض واحدهما غير الأخر وغير دال عليه بإحدى الدلالات الثلاث فيكون القبض غير مأذون فيه والموكل انما اذن بالبيع
وقبض الثمن امرؤ راء البيع وليس كل من يرتضي للبيع يرتضى لقبض الثمن فقد لا يأتمنه عليه وأصحهما عند الشافعية انه يملكه لأنه من توابع البيع مقتضياته فالاذن
في البيع اذن فيه وان لم يصرح به مسألة إذا وكله في البيع فقد قلنا إنه لا يملك قبض الثمن لكن يملك تسليم المبيع إلى المشتري إن كان في يده وهو قول
أكثر الشافعية لان البيع يقتضى إزالة الملك فيجب التسليم ولان تسليم المبيع إلى المشتري من تمامه وحقوقه وقال بعضهم فيه وجهان هما الوجهان في أنه هل يملك قبض
الثمن فإنهما جاريان في أنه هل يملك تسليم المبيع واتفقوا على أن الوكيل بعقد الصرف يملك القبض والاقباض لأنه شرط صحة العقد وكذا في السلم يقبض وكيل
المسلم إليه رأس المال ووكيل المسلم يقبضه إياه لا محالة عندهم وعندي في ذلك كله نظر والوجه انه لا يملك القبض بحال مسألة إذا وكله في البيع لم يملك
122

قبض الثمن على ما تقدم ويملك تسليم المبيع إلى المشتري لكن لا يسلم قبل ان يقبض الموكل أو من يرتضيه الثمن فان سلمه قبل قبض الثمن كان ضامنا وقال بعض العامة ان قلنا لم يملك قبض الثمن وتعذر قبضه من المشترى لم
يكن ضامنا وان قلنا يملك قبض الثمن لم يملك تسليم المبيع قبل قبضه فان سلم قبل قبضه كان ضامنا والتقدير الأول يقتضي جواز ان يسلم المبيع قبل ايفاء الثمن
وهو ضعيف أما لو اذن له في البيع بثمن مؤجل فهنا يسلم المبيع إذ لا يثبت للبايع هنا حق حبس المبيع على الثمن عند تأجيل الثمن ويجئ للشافعية قول انه لا يجوز
له التسليم لا لغرض الحبس لكن لأنه لم يفوض إليه ثم إذا حل الاجل لم يملك الوكيل قبض الثمن الا بإذن مستأنف مسألة الوكيل في البيع يملك تسليم المبيع بعد الايفاء
على ما قلناه نحن ولا يملك قبض الثمن على ما اخترناه ولا يملك ابراء المشتري من الثمن عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان ابراء الموكل يصح فلا يصح ابراء وكيله
بغير اذنه لان الابراء ليس من المبيع ولا من تتمته وهو مغاير للبيع وغير لازم له فلا يكون التوكيل في البيع توكيلا فيه ولان فيه اضرارا بالبايع والوكيل منصوب لمصلحته لا
لفعل ما يتضرر به ولأنه مغاير للبيع حقيقة وغير مستلزم له ولا لازم فكان كالابراء من غير الثمن وقال أبو حنيفة الوكيل في البيع إذا أبرئ المشتري من الثمن برئ وضمنه
الوكيل لان حقوق البيع تتعلق بالوكيل فلما ملك المطالبة ملك الاسقاط وهو باطل فإنه انما يتعلق بالوكيل من الحقوق ما نص عليه الموكل أو تضمنه نصه ويبطل ما
قاله بأمين الحاكم والوصي والأب فإنه يملك المطالبة بثمن المبيع ولا يملك الابراء مسألة إذا وكله في البيع فباعه بثمن الحال وقلنا له قبض الثمن أو جعل له الموكل
ذلك فلا يسلم المبيع حتى يقبض الثمن كما لو اذن فيهما ولكل من الوكيل والموكل مطالبة المشتري بالثمن على كل حال وبه قال الشافعي لان الموكل يصح قبضه لهذا الدين
فجاز له المطالبة به كسائر ديونه التي وكل فيها قال أبو حنيفة ليس للموكل المطالبة بالثمن لان حقوق العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل ولهذا يتعلق مجلس الصرف
والخيار به دون موكله والفرق ظاهر لان مجلس العقد من شروط العقد وهو العاقد فيتعلق به واما الثمن فهو حق الموكل ومال من أمواله فكان له المطالبة به
مسألة إذا وكله في البيع ومنعه من قبض الثمن لم يكن للوكيل القبض اجماعا ولو منعه من تسليم المبيع فكذلك وقال بعض الشافعية هذا الشرط
فاسد فان التسليم مستحق بالعقد ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم ان الوكالة تفسد بهذا الشرط حتى أنه يسقط الجعل المسمى فيه ويرجع إلى أجرة المثل لان استحقاقه
مربوط بالبيع والامتناع من التسليم فكان الجعل مقابلا لشئ صحيح وشئ فاسد فليفسد المسمى وقيل المسألة مبنية على أن صورة الاطلاق هل للوكيل التسليم
أم لا ان قلنا لا فعند المنع أولي وان قلنا نعم فكذلك لأنه من توابع البيع وتمام العقد كالقبض لا لان تسليمه مستحق بالعقد فان المستحق هو التسليم لا تسليمه والممنوع
منه تسليمه نعم لو قال امنع المبيع فهذا الشرط فاسد لأنه لا يجوز منع المالك عن ملكه حيث يستحق اثبات اليد عليه وفرق بين أن يقول لا تسلمه إليه وبين أن يقول
امسكه وامنعه منه واما الوكيل بالشراء فإن لم يسلم الموكل إليه الثمن واشترى في الذمة فسيأتي الكلام في المطالبة على من يتوجه وان سلمه إليه واشترى بعينه أو في
الذمة (فالقول)؟ في أنه هل يسلمه وهل يقبض المبيع بمجرد التوكيل بالبيع وجزم بعض الشافعية هنا بتسليم الثمن وقبض المبيع لان العرف يقتضي ذلك ولان الملك بالشراء كالقول في أن وكيل البايع هل يسلم المبيع ويقبض الثمن بمجرد التوكيل
في الثمن معين الا بالقبض فيستدعي إذنا جديدا وأما المبيع فإنه متعين للملك وطرد الخلاف منع العرف الفارق بين الطرفين ولو كان المعنى الثاني معتبرا
ان (المبيع)؟ أيجزم بقبض وكيل البايع الثمن إذا كان معينا ولم يفرقوا بين ان يبيع بثمن معين أو في الذمة بل ذكروا الوجهين واطلقوا فيهما مسألة إذا دفع المشتري الثمن
(إلى قابل)؟ أو إلى الوكيل المأذون له أو إلى المطلق إذا جوزنا له قبض الثمن فالوكيل يسلم المبيع سواء اذن له الموكل أو لا أو منعه لان المشتري إذا دفع الثمن صار قبض المبيع
فيه (للخقا)؟ وللمشتري الانفراد بأخذه فان اخذه المشتري فذاك وان سلمه الوكيل فالامر محمول على اخذ (؟) ولا حكم للتسليم مسألة قد بينا انه ليس
للوكيل ان يسلم المبيع إلى المشتري قبل ان يستوفي الموكل الثمن أو الوكيل ان اذن له أو لغيره فلو سلمه إلى المشتري قبل ذلك غرمه الموكل قيمته إن كانت القيمة والثمن
متساويين ولو كان الثمن أكثر لم يكن عليه الا القيمة لأنه لم يقبض الثمن فلا يكون مضمونا عليه وانما يضمن ما فرط فيه وهو العين حيث سلمها قبل الايفاء ولو كانت القيمة
أكثر بان باعه بغبن محتمل يتغابن الناس بمثله فالأقوى انه يغرم جميع القيمة حيث فرط فيها كما لو لم يبع بل تلفها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يغرم القيمة
ويحط قدر الغبن لصحة البيع بذلك الثمن ولو باع بغبن فاحش بإذن الموكل احتمل الوجهان إما الأول فظاهر واما الثاني فقياسه ان لا يغرم الا قدر الثمن لصحة البيع
به بالاذن فان قبض الوكيل الثمن بعد ما غرم ودفعه إلى الموكل واسترد ما غرمه البحث الثالث فيما يملك الوكيل بالشراء مسألة الوكيل بالشراء
إذا اشترى ما وكل فيه ملك تسليم ثمنه لأنه من تتمته وحقوقه فهو كتسليم المبيع في الحكم والحكم في قبض المبيع كالحكم في قبض الثمن في البيع الوجه عندنا انه لا يملكه كما
قلنا في البيع لا يملكه الوكيل فيه قبض الثمن فإذا اشترى الوكيل بثمن معين فان في يده طالبه البايع به والا فلا فان اشترى عبدا ونقد ثمنه فخرج العبد مستحقا لم يملك
مخاصمة البايع في الثمن ولو اشترى شيئا وقبضه واخر دفع الثمن إلى البايع لغير عذر فهلك في يده ضمن وإن كان لعذر مثل ان مضى لينفذه فهلك أو نحو ذلك فلا ضمان
عليه لأنه في الصورة الأولى مفرط دون الثانية مسألة إذا وكله في الشراء فإما أن تكون العين شخصية أو كلية فإن كانت كلية مثل أن يقول وكلتك
في شراء عبد هندي أو تركي أو يطلق على الأصح كما قلنا اقتضى ذلك شراء التسليم دون المعيب عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان الاطلاق في الشراء يقتضي
السلامة كما أن الاطلاق في البيع يقتضي سلامة المبيع حتى أن للمشتري الرد لو خرج معيبا وقال أبو حنيفة يجوز ان يشتري العمياء والمقعدة والمقطوعة اليدين
والرجلين لعموم امره كالمضارب وهو خطأ بما تقدم ولأنه إذا أسلم في شئ موصوف واستحق السليم منه والفرق واقع بين الوكيل والمضارب حيث جوزنا له
ان يشتري الصحيح والمعيب لان صاحب المال امره ان يشتري ذلك للتجارة وطلب الربح وذلك قد يحصل بالمعيب كما يحصل بالسليم فلهذا كان له شراؤهما بخلاف الوكيل
فإنه يقتضي السلامة لجواز ان يريد المالك القنية والانتفاع والعيب قد يمنع بعض المقصود من ذلك وانما (يقتني)؟ ويدخر السليم دون المعيب وقد ناقض أبو
حنيفة نفسه في أصله فإنه قال في قوله تعالى فتحرير رقبة ولا تجوز العمياء ولا المقطوعة اليدين والرجلين مسألة لو اشترى الوكيل المعيب جاهلا بعيبه صح البيع
لأنه انما يلزمه الشراء الصحيح في الظاهر وليس مكلفا بالسلامة في الباطن لان ذلك لا يمكن الوقوف عليه فلا يجوز تكليفه به ويعجز عن التحرز عن شراء معيب لا يظهر
عيبه ويقع البيع للموكل وهو قول أكثر الشافعية كما اشتراه بنفسه جاهلا بعيبه وقال الجويني لا يقع عن الموكل لان الغبن يمنع الوقوع عن الموكل مع سلامة
المبيع وان لم يعرف الوكيل فعقد المعيب أولي ويفارق مجرد الغبن لأنه لا يثبت الخيار عندهم فلو صح البيع ولزم الموكل للزم ولحقه الضرر والعيب يثبت الخيار فالحكم
بوقوعه عنه لا يورطه في الضرر وحيث يقع عن الموكل وكان الوكيل جاهلا بالعيب فللموكل الرد إذا اطلع عليه لأنه المالك وهل يملك الوكيل الرد بالعيب أما عندنا فلا
لأنه انما وكله في الشراء وهو مغاير للرد فلا يملكه وهو قول بعض الشافعية وقال أكثرهم انه يملك الرد وينفرد الوكيل بالفسخ لان الموكل اقامه مقام نفسه في هذا
123

العقد ولواحقه ولأنه لو لم يكن له الرد وافتقر إلى استيذان الموكل فربما لا يرضى الموكل فيتعذر الرد حينئذ لكونه على الفور ويبقى المبيع في عهدة الوكيل وفيه ضرر عظيم
ونمنع إقامة الموكل له مقامه في جميع الأشياء بل انما اقامه مقام نفسه في العقد وهو مضاد للفسخ ونمنع كون الخيار على الفور سلمنا لكن بالنسبة إلى المالك فإذا علم
بالعيب اختار حينئذ على الفور إما الفسخ أو الامضاء كما لو اشترى شيئا فغاب ولم يعلم بعيبه الا بعد مدة ثم ظهر على العيب ولانا لو لم نثبت الرد له لكان كسائر الأجانب عن
العقد فلا اثر لتأخيره ولان من له الرد قد يعذر في التأخير لأسباب داعية إليه فهلا كانت مشاورة الوكيل عذرا وأيضا فإنه وان تعذر منه الرد فلا يتعذر نفس الرد
إذا الموكل يرد إذا كان قد سماه في العقد أو نواه على أن في كون المبيع للوكيل وفي تعذر الرد منه بتقدير كونه له خلافا سيأتي مسألة لو كان الوكيل في الشراء
وكيلا في رد العيب فاشترى معيبا جاهلا بعيبه كان له الرد للموكل أيضا الرد لان الملك له وان حضر الموكل قبل رد الوكيل ورضى بالعيب لم يكن للوكيل رده لان
الحق له بخلاف عامل المضاربة إذا اشترى المعيب جاهلا بعيبه فان له الرد وان رضي رب المال بالعيب لان له حقا في العين ولا يسقط حقه برضى غيره وان لم يحضر
الموكل وأراد الوكيل الرد فقال البايع توقف حتى يحضر الموكل فربما يرضى بالمعيب لم يلزمه ذلك لأنه لا يأمن فوات الرد بهرب البايع وفوات الثمن بتلفه فان اخره
بناء على هذا القول فلم يرض به الموكل لم يسقط الرد وان قلنا بان الرد على الفور لأنه اخره بإذن البايع وان قال البايع موكلك قد علم بالعيب فرضيه لم يقبل
قوله الا ببينة فإن لم يكن له بينة لم يستحلف الوكيل الا ان يدعي علمه فيحلف على نفيه عند الشافعي وقال أبو حنيفة لا يستحلف لأنه لو حلف كان نائبا في اليمين
وفيه اشكال من حيث إنه لا نيابة هنا وانما يحلف على نفي علمه وهذا لا ينوب فيه عن أحد وان أقر بذلك لزمه عندنا في حق نفسه دون موكله فيمينه في حقه دونه
وقال ابن أبي ليلى انه لا يرد حتى يحضر الوكيل ويحلف فان رد الوكيل فحضر الموكل ورضى بأخذه معيبا افتقر إلى عقد جديد لخروجه عن ملكه بالرد فلا يعود الا بالعقد
ولو قال الموكل قد كان بلغني العيب ورضيت به فصدقه البايع أو قامت به بينة بطل الرد وعلمنا انه لم يقع موقعه وكان للموكل استرجاعه وعلى البايع رده عليه
لان رضا به عزل للوكيل عن الرد لأنه لو علم لم يكن له الرد الا ان نقول إن الوكيل لا ينعزل حتى يعلم العزل وان رضي الوكيل بالعيب أو امسكه امساكا ينقطع به الرد فحضر الموكل فأراد
الرد فله ذلك ان صدقه البايع على أن الشراء له أو قامت به بينة وان كذبه ولم يكن له بينة فحلف البايع انه لا يعلم أن الشراء له فليس له الرد لأن الظاهر أن من اشترى شيئا
فهو له ويلزمه وعليه غرامة الثمن وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة للوكيل شراء المعيب عملا بالاطلاق مسألة لو اشترى الوكيل المعيب مع علمه بالعيب
فإن كان يأذن الموكل فلا رد هنا لا للوكيل ولا للموكل اجماعا كما لو باشر الوكيل العقد مع علمه بالعيب وان لم يأذن له فهل للوكيل الرد إن كان الموكل قد جعل
إليه ذلك أو قلنا إنه يملكه يحتمل عدمه لاقدامه على شراء المعيب عالما بعيبه فلا يكون له الرد وبه قال الشافعي ويحتمل ان يكون له الرد لأنه نائب عن الموكل
وللموكل الرد لجهله فكذا للوكيل أما الموكل فهل له الرد للشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه نزل الوكيل منزلة نفسه في العقد ولواحقه فيكون اطلاعه على العيب
كاطلاع الموكل كما أن رؤيته كرؤيته في اخراج العقد عن أن يكون على قولي شراء الغايب وأصحهما عندهم ان له الرد وهو المعتمد لان اطلاعه ورضاه بعد العقد لا يسقط
حق الرد للموكل فكذا اطلاعه في الابتداء وعلى هذا فينتقل الملك إلى الوكيل أو ينفسخ العقد من أصله للشافعية وجهان والقائل بالانتقال إلى الوكيل كأنه يقول
بانعقاد العقد موقوفا إلى أن تبين الحال والا فيستحيل ارتداد الملك من الموكل إلى الوكيل وهذه الاختلافات متفرعة على وقوع العقد للموكل مع علم الوكيل بالعيب
ومذهب الشافعية والوجه ان نقول إنه يقع عن الموكل ان نسبه إليه أو نواه وصدقه على ذلك لكن لا وقوعا لازما بل بمنزلة عقد الفضولي لان الاطلاق إذا كان يقتضي
شراء السليم فإذا اشترى المعيب يكون قد اشترى ما لم يوكل فيه فيكون فضوليا ولا يقع العقد عن الوكيل لان المالك لو رضي بالمعيب وأجاز عقد وكيله كان الملك له فدل
على أنه يقع عن الموكل لكن للموكل الفسخ حيث لم يأذن له فيه مسألة إذا كانت العين شخصية بان وكله في شراء عبد بعينه أو سلعة بعينها فاشتراها ثم
ظهر انها معيبة فإن كان الوكيل جاهلا بالعيب لم يكن له الرد بالاستقلال لأنه لم يكن له الرد مع الاطلاق فمع التعيين أولي ولان المالك قطع نظره بالتعيين وربما رضيه على جميع صفاته وربما كان
قد اطلع على عيبه وللشافعية وجهان هذا أحدهما لأنه ربما يتعلق غرضه بعينه فينتظر مشاورته والثاني وهو الأصح عندهم ان له الرد لأن الظاهر أن الموكل طلب السليم
لا المعيب فروع آ لا استبعاد عندي في أنه إذا اطلق بان قال له اشتر عبدا هنديا فاشترى معيبا جاهلا بعيبه انه يملك الرد لأنه اشترى ما لم يؤذن له
فيه لكن الأقرب المنع لأنه قد بينا ان الشراء وقع عن الموكل فلا ينتقل خيار الرد إلى الوكيل ب لم تذكر الشافعية فيما إذا وكله في ابتياع عين شخصية وظهر عيبها
انه متى يقع عن الموكل ومتى لا يقع والقياس عندهم يقتضي انه كما سبق في الحالة الأولى نعم لو كان المبيع معيبا يساوي ما اشتراه به وهو عالم به فايقاعه
عن الموكل هنا أولي لجواز الغرض بعينه ج لو وكله في الشراء مطلقا وعين له عينا شخصية فوجدها الوكيل معيبة قبل ان يعقد الشراء فهل للوكيل شراؤه
يحتمل ذلك والعدم قال بعض العامة فيه وجهان مبنيان على ما إذا علم عيبه بعد شرائه ان قلنا يملك رده فليس له شراؤه لان العيب إذا جار به الرد بعد العقد
فلئن يمنع الشراء أولي وان قلنا لا يملك الرد هناك فله الشراء هنا لان التعيين الموكل قطع نظره واجتهاده في جواز الرد في الشراء والوجه عندي انه يجوز له
شراؤه فإن كان الموكل قد علم بسبق العيب فلا رد وان لم يكن قد علم كان له الرد ولا يضره علم الوكيل لان الحق للموكل لا للوكيل سواء قلنا إنه يملك الرد لو علم بعد
البيع أو لا ونمنع الملازمة بين جواز الرد بعد العقد ومنع الشراء فإنه يجوز ان يملك الرد والشراء معا مسألة جميع ما ذكرنا في الحالين أعني في كلية
العين أو شخصيتها مفروض فيما إذا اشترى الوكيل بمال في الذمة إما إذا اشترى بعين مال الموكل فحيث قلنا هناك لا يقع عن الموكل فهنا لا يصح أصلا
وحيث قلنا يقع فكذلك هنا وهل للوكيل الرد إما عندنا فلا وهو أصح وجهي الشافعية والثاني نعم ويمكن ان يكون الوجهان عندهم مبنيين على المعنيين
السابقين فان عللنا انفراد الوكيل بالرد بأنه اقامه مقام نفسه في العقد ولواحقه فنعم وان عللنا بأنه لو اخر ربما
لزمه العقد وصار المبيع كلا عليه فلا لان
المشتري تملك العين لا يقع له بحال مسألة إذا ثبت الرد للوكيل في صورة الشراء في الذمة لو اطلع على العيب قبل اطلاع الوكيل أو بعده ورضيه
سقط عن الوكيل بخلاف عامل القراض فإنه يبقى له الرد وان رضي المالك لحظه في الربح ولا يسقط خيار الموكل بتأخير الوكيل وتقصيره فإذا أخر أو صرح بالتزام
العقد فله الرد لان أصل الحق باق بحاله على اشكال من حيث إنه نائب فكأنه بالتزام العقد أو التأخير عزل نفسه عن العقد والأظهر عند الشافعية المنع وإذا قلنا بأنه
ليس له العود إلى الرد وأثبتنا له العود ولم يعد فإذ اطلع الموكل عليه وأراد الرد فله ذلك ان سماه الوكيل في الشراء أو نواه وصدقه البايع عليه وان كذبه رده على
الوكيل ولزمه البيع لأنه اشترى في الذمة ما لم يأذن فيه الموكل فينصرف إليه وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان المبيع يكون للموكل والرد قد فات لتفريط الوكيل
124

فيضمن للموكل والذي يضمنه قدر نقصان قيمته من الثمن فلو كانت القيمة تسعين والثمن مائة رجع بعشرة ولو تساويا فلا رجوع وهو قول بعض الشافعية وقال
الأكثر منهم يرجع بأرش العيب من الثمن لفوات الرد بغير تقصيره فكان له الأرش كما لو تعذر الرد بعيب حادث الا ان هناك يؤخذ الأرش من البايع لتلبيسه وهنا من
الوكيل لتقصيره ولو التمس البايع من الوكيل تأخير الرد حتى يحضر الموكل فقد قلنا إنه لا يجب عليه الإجابة لان الرد حق ثبت فلا يكلف تأخيره فان أخر كما التمسه البايع
فحضر الموكل ولم يرض به قال بعض الشافعية المبيع للوكيل ولا رد لتأخيره مع الامكان وقال بعضهم له الرد لأنه لم يرض بالعيب ولو ادعى البايع رضي الموكل بالعيب فأنكر الوكيل
العلم ففي احلافه خلاف سبق فان قلنا بالحلف فعرضت اليمين على الوكيل فان حلف رده ثم إن حضر الموكل وصدق البايع فله استرداد المبيع من البايع ولموافقته إياه
على الرضي قبل الرد به قال بعض الشافعية وقال بعضهم لا يسترد وينفذ فسخ الوكيل وان نكل حلف البايع وسقط رد الوكيل فإذا حضر الموكل فان صدق البايع
فذاك وان كذبه قال بعض الشافعية لزم العقد الوكيل ولا رد لابطال الحق بالنكول مسألة هذا كله في طرف الشراء إما الوكيل بالبيع إذا باع فوجد المشتري
عيبا رده فيه ان لم يعلمه وكيلا ثم هو يرد على الموكل وان علمه وكيلا رده لي الموكل خاصة وقال بعض الشافعية ان شاء رده إلى الموكل فإذا رده على
الموكل وهو ممنوع لبراءة ذمته الوكيل من العهدة وهل للوكيل حط بعض الثمن للعيب للشافعية قولان ويحتمل انه ليس له ذلك لأنه مأمور بالبيع وان يكن له لان الامر
بالبيع انما يتناول ثمن مثل السلعة وثمن مثل سلعته ما قبضه ثمنا بعد اسقاط الأرش ولو زعم الموكل حدوث العيب في يد المشتري وصدق الوكيل المشتري رد المشتري
على الوكيل ولم يرد الوكيل على الموكل عند الشافعية والوجه انه مع عدم البينة يحلف المشتري البايع على عدم السبق ويستقر البيع للمشتري مجانا هذا ان علم المشتري
بالوكالة وان لم يعلم رد على الوكيل تذنيب هل لعامل القراض ان يشتري من ينعتق على المالك سيأتي فان قلنا له ذلك فلو اشترى إياه فظهر معيبا فللوكيل
رده ان جعلنا للوكيل الرد أو كان وكيلا فيه لأنه لا يعتق على الموكل قبل الرضي بالعيب البحث الرابع في تخصيصات الموكل مسألة يجب على
الوكيل تتبع تخصيصات الموكل ولا يجوز له العدول عنها ولا التجاوز لها الا في صورة السوق على ما يأتي بل يجب النظر إلى تقييدات الموكل في الوكالة ويشترط على الوكيل رعاية
المفهوم منها بحسب العرف فإذا عين الموكل بالبيع شخصا فقال بع على زيد لم يجز له بيعه على من غيره لاختلاف الأغراض في أعيان المشترين فقد يرغب إلى شخص دون غيره
إما لسهولة معاملته وإما لخلو ماله عن الشبهات فقد يكون أقرب إلى الحل وابعد عن الشبهة واما لإرادة تخصيصه بذلك المبيع إما لإفادته إياه شيئا أو لامكان
استرداده منه فان باع الوكيل من غير من عين له الموكل كان موقوفا فان اجازه الموكل صح البيع والا فلا تذنيب لو قال بعه من زيد بمائة لم يجز بيعه على
غيره بأزيد الا ان يجيز مسألة لو عين له زمانا لم يجز له التخطي ولا العدول عنه فإذا قال بعه اليوم أو يوم كذا لم يجز له التقديم ولا التأخير لأنه ربما يحتاج
إلى البيع في ذلك الوقت دون ما قبله وما بعده فان قدم أو اخر وقف على الإجازة ولو عين له مكانا من سوق ونحوه فإن كان له في ذلك المكان غرض صحيح بان كان
الراغبون فيه أكثر والنقد فيه أجود والمتعاملون فيه اسمح لم يجز له البيع في غيره وان لم يكن له فيه غرض فالأقرب جواز بيعه في غيره لان التعيين في مثل ذلك يقع اتفاقا
من غير باعث عليه وانما الغرض والمقصود تحصيل الثمن فإذا حصل في غيره جاز وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجوز التعدي لجواز ان يكون له فيه غرض صحيح
لا يطلع عليه وهو غير محل النزاع لأنا نفرض الكلام فيما لو انتفى الغرض بالكلية إما لو جوزنا حصول غرض صحيح فإنه لا يجوز له التعدي ولو نهاه صريحا عن البيع
في غير السوق الذي عينه لم يجز له التعدي إلى المنهي عنه اجماعا ولو قال بعه في بلد كذا احتمل ان يكون كقوله بعه في السوق الفلاني حتى لو باعه في بلد اخر جاء فيه التفصيل
إن كان له غرض صحيح في التخصيص لم يجز التعدي والا جاز لكن يضمن هنا الوكيل بالنقل إلى غير العين وكذا الثمن يكون مضمونا في يده بل لو اطلق التوكيل في بلد
يبيعه في ذلك البلد فلو نقله صار ضامنا مسألة الموكل إذا اذن للوكيل في البيع فاما ان يطلق أو يقيد فان اطلق فقد بينا انه يحمل على البيع بثمن
المثل بنقد البلد حالا وان قيد فقال بعه بمائة درهم لم يجز له البيع بأقل فان باع بالأقل كان موقوفا لأنه غير مأذون فيه ويكون الوكيل هنا فضوليا ان أجاز
المالك البيع صح والا فلا وكان للموكل فسخ البيع وقول الشيخ رحمه الله إذا تعدى الوكيل شيئا مما رسمه الموكل كان ضامنا لما تعدى فيه لا ينافي ما قلناه ولو باعه بأكثر من مائة
درهم فإن كانت الكثرة من غير الجنس مثل ان يبيعه بمائة درهم وثوب جاز عند علمائنا سواء كانت الزيادة قليلة أو كثيرة وسواء كانت الزيادة من الأثمان
أو لا لأنها زيادة تنفعه ولا تضره وقال أصحاب الشافعي لا يصح بيعه بمائة وثوب في أحد الوجهين لأنه من غير جنس الأثمان وكونه من غير جنس الأثمان ولا ينافي
كونها زيادة ولان الاذن في بيعه بمائة اذن في بيعه بزيادة عليها عرفا فان من رضي بمائة لا يكره الزيادة عليها بثوب ينفعه ولو باعه بمائة دينار أو بمائة ثوب أو
بمائة دينار وعشرين درهما أو بمهما كان غير ما عين له لم يجز لان المأتي به غير المأمور بتحصيله ولا هو مشتمل على تحصيل ما أمر بتحصيله والوكيل متصرف بالاذن
فإذا عدل عن المأذون فيه كان فضوليا ويحتمل عندي قويا جواز بيعه بأكثر من المائة ولا من غير الجنس الا ان يكون غرض صحيح في التخصيص بالدراهم خصوصا
إذا جعل مكان الدراهم دنانيرا ومكان بعضها لأنه مأذون فيه عرفا فان من رضي بدرهم رضي مكانه بدينار فجرى مجرى ما إذا باعه بمائة درهم ودينار
بخلاف ما لو باعه بمائة ثوب لأنه من غير الجنس ويحتمل عندي مع الزيادة الجواز ولو باعه بالأزيد ولو قل مثل ان يبيعه بمائة درهم ودرهم صح لان المقصود
من التقدير ان لا ينقص منها في العرف وقال بعض الشافعية إذا امره ببيعه بمائة درهم لم يجز ان يبيعه بالأزيد سواء كان من الجنس أو لا وسواء نهاه عن الزيادة أو لم
ينهه لأنه لم يرض بعهده ما فوق المائة ولان البيع بالمأتين غير البيع بالمائة ولهذا لو قال بعت بمائة درهم لم يصح القبول بمأتين كما لا يصح القبول بمأتي دينار
والأولى الصحة والتغاير مسلم لكن الاذن في أحدهما اذن في الأخر بطريق الأولى بخلاف القبول لان من شرطه المطابقة فعلى هذا البيع بعرض يساوي مائة
دينار كالبيع بمائة دينار فروع آ لو امره ببيعه بمائة ونهاه عن البيع بالأزيد لم يكن له البيع بالأزيد قطعا لاحتمال تعلق غرضه بذلك فلا يجوز التخطي
ب لو امره ببيعه بمائة وهناك من يرغب بالزيادة على المائة جاز له بيعه بالمائة امتثالا لامره ويحتمل المنع لأنه منصوب لمصلحة الموكل وترك الزيادة مضرة
به وللشافعية وجهان أحدهما الجواز لموافقته صريح اذنه والثاني المنع كما لو اطلق الوكالة فباع بثمن المثل وهناك من يرغب بالزيادة ج لا فرق بين ان يكون
المشتري قد عينه الموكل أو لا إذا لم يقصد ارفاقه فلو قال بعه من زيد بمائة وقصد ارفاق زيد لم يبع بأكثر فان باع كان فضوليا وان لم يقصد ارفاقه بل قصد سهولة
معاملته وخلوص ماله عن الشبهة أو بعده عنها جاز ان يبيع بأكثر من المائة كما لو اطلق ولو جهل الامر لم يبعه الا بالمائة مع احتمال الازيد د لو قال بع كذا ولا
تبعه بأكثر من مائة لم يبع بالأكثر وبيع بها وباقل لاحتمال امره الشيئين وشموله لهما نعم لا يبيع بأقل من ثمن المثل ولو كانت المائة أقل من ثمن المثل باع بها
125

لا بالأقل ه‍ لو قال بعه بمائة ولا تبعه بمائة وخمسين لم يبع بأقل من المائة ولا بمائة وخمسين للنهي وله بيعه بأزيد من مائة وأقل من مائة وخمسين وله بيعه أيضا بأزيد من مائة وخمسين وللشافعية في بيعه
بأزيد من مائة وخمسين وجهان أصحهما عندهم المنع لأنه نهاه عن زيادة خمسين فما فوقها أولي والبحث في طرف المشتري كالبحث في طرف البايع فلو قال له اشتر كذا
بمائة فله ان يشتري بما دونها الا مع النهي فلا يصح لأنه خالفه وصريح قوله مقدم على دلالة العرف وكذا لو قصد الارفاق للبايع وليس له ان يشتري بأزيد من مائة
ولو قال اشتر بمائة ولا تشتر بخمسين جاز له ان يشتري بما بين مائة وخمسين ولا يشتري بخمسين لان اذنه في الشراء بمائة دل عرفا على الشراء بما دونها خرج منه
المحصور بصريح النهي بقي فيما فوقها على مقتضى الاذن وفيما دونها للشافعية وجهان والوجه عندي الجواز لأنه لم يخالف صريح نهيه فأشبه ما إذا زاد على الخمسين
مسألة لو وكله في بيع عبد بمائة فباع نصفه بها أو وكله مطلقا فباع نصفه بثمن الكل جاز لأنه مأذون فيه من جهة العرف فان من رضي بمائة ثمنا للكل رضي
بها ثمنا للنصف ولأنه حصل له المائة وابقى له زيادة تنفعه ولا تضره فكان بمنزلة ما لو باعه بمائة وثوب أو عبد أو نصف عبد إذا ثبت هذا فله بيع النصف الآخر
لأنه مأذون له في بيعه فأشبه ما لو باع العبد كله بمثلي ثمنه ويحتمل المنع لأنه قد حصل للموكل غرضه من الثمن ببيع نصفه فربما لا يؤثر بيع باقيه للغنى عن باقيه بما
حصل له من ثمن نصفه وكذا لو وكله في بيع عبدين بمائة فباع أحدهما بالمائة صح وهل له بيع الأخر فيه الاحتمالان السابقان ولو وكله في بيع عبد بمائة فباع نصفه
بأقل منها لم يجز لأنه غير المأذون فيه وان وكله مطلقا فباع نصفه بأقل من ثمن الكل لم يجز وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يجوز كما
إذا اطلق الوكالة بناء على أصله في أن للوكيل المطلق البيع وهو غلط لما فيه من الضرر على الموكل ببيع بعضه ولم يوجد الاذن فيه نطقا ولا عرفا فلم يجز كما لو
وكله في شراء عبد فاشترى نصفه ولو قال اشتره بمائة دينار فاشتراه بمائة درهم فالحكم فيه كالحكم فيما لو قال بعه بمائة درهم فباعه بمائة دينار والأقرب الجواز
ولو قال اشتر نصفه بمائة فاشتريه كله أو أكثر من نصفه بالمائة صح لأنه مأذون فيه عرفا ولو قال اشتر نصفه بمائة ولا تشتر جميعه فاشترى أكثر من النصف وأقل
من الكل بمائة صح على ما تقدم في البيع لان دلالة العرف قاضية بالاذن في شراء كل ما زاد على النصف خرج الجميع بصريح نهيه فيبقى ما عداه على مقتضى الاذن مسألة
لو وكله في شراء عبد موصوف بمائة فاشتراه على الصفة بدونها جاز لأنه مأذون فيه عرفا فلو خالف في الصفة أو اشتراه بأكثر منها لم يلزم الموكل ولو قال اشتر لي
عبدا بمائة فاشترى عبدا يساوي مائة بدونها جاز لأنه لو اشتراه بمائة جاز فان اشتراه بدونها فقد زاده خيرا فيجوز وإن كان لا يساوي مائة لم يجز وإن كان يساوي أكثر مما اشتراه به
لأنه خالف امره ولم يحصل غرضه مسألة لو قال له بعه إلى أجل وبين قدره فامتثل صح وان باع حالا فان باع بما يساويه حالا لم يصح لأنه يكون ناقصا عنا امره به
فان ما يشترى به الشئ نقدا أقل مما يشترى به نسية وان باعه بما يساويه نسية إلى ذلك الاجل الذي عينه فإن لم يكن هناك للموكل غرض في النسية بان يكون في وقت
لا يؤمن فيه من النهب أو السرقة أو كان لحفظه مؤنة في الحال صح البيع لأنه زاده خيرا وقد أحسن إليه وقال تعالى ما على المحسنين من سبيل وهو أصح وجهي الشافعية وفي الثاني
المنع لأنه ربما كان يحتاج إلى الثمن في ذلك الوقت أو يخاف من التعجيل خروجه في النفقة وهو غلط لأنا فرضنا انتفاء الأغراض بأسرها إذ الكلام فيه وإن كان
هناك غرض صحيح مما ذكرناه أو غيره لم يصح البيع لأنه قد خالف ما امره فيكون فضوليا فيه ان اجازه صح والا فلا فروع آ لا فرق فيما ذكرناه بين ثمن المثل
عند الاطلاق وبين ما يقدره من الثمن بان قال بع بمائة نسية فباع نقدا ب لو قال بعه بكذا إلى شهرين فباعه به إلى شهر ففيه ما قدمناه في النسيئة والحال
ج لو قال اشتر حالا فاشتراه مؤجلا فان اشتراه بما يرغب فيه به إلى ذلك الاجل لم يصح الشراء للموكل لان الثمن يكون أكثر فيكون فضوليا في هذا الشراء فان اشتراه بما
يرغب فيه حالا إلى ذلك الاجل فللشافعية وجهان كما في طرف البيع والحق ان نقول إن كان له غرض بان يخاف هلاك المال وبقاء الدين عليه أو غير ذلك من الأغراض
لم يصح والا جاز وقال بعض الشافعية هذا إذا قلنا إن مستحق الدين المؤجل إذا عجل حقه يلزمه القبول إما إذا قلنا لا يلزمه القبول لا يصح الشراء هنا للموكل بحال
وخرجوا عليه ان الوكيل بالشراء مطلقا لو اشترى نسية بثمن مثله نقدا جاز لأنه زاده خيرا والوكل بسبيل من تفريغ ذمته بالتعجيل د إذا وكله في البيع نسية
ولم يعين الاجل صح عندنا وحمل الاطلاق على المتعارف بين الناس ولو عين له لم تجز الزيادة وفي النقصان قولان مسألة لو وكله في الشراء بخيار أو في
البيع به فاشتراه منجزا أو باعه منجزا كان فضوليا لأنه خالف ما أمر به فان أمضأه الموكل صح والا فلا ولو امره بالشراء بخيار له فجعله للاخر أو في البيع لم يلزم وكان فضوليا
لأنه خالف امره وربما كان له غرض في ذلك صحيح إما لو قال اجعل الخيار للاخر فجعل له أو قال اجعل
الخيار للجميع فجعله للموكل خاصة احتمل الصحة لأنه زاده خيرا وهو الأقوى والمنع للمخالفة مسألة
لو سلم إلى وكيله دينارا ليشتري له شاة موصوفة فاشترى الوكيل بالدينار شاتين كل واحدة بتلك الصفة تساوي دينارا صح الشراء وحصل الملك للموكل فيهما
لأنه إذا اذن له في شراء شاة بدينار فإذا اشترى شاتين كل واحدة منهما تساوي دينارا بدينار فقد زاده خيرا مع تحصيل ما طلبه الموكل فأشبه ما إذا امره ببيع
شاة بدينار فباعها بدينارين أو بشراء شاة تساوي دينارين بدينار فقد زاده خيرا مع تحصيل ما طلبه الموكل فأشبه ما إذا امره ببيع شاة بدينار فباعها بدينارين
أو يشترى شاة تساوي دينارا بدينار فاشتراها بنصفه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الشاتين معا لا يقعان للموكل لأنه لم يأذن له في شراء واحدة ولكن ينظر
ان اشتراهما في الذمة فللموكل واحدة بنصف الدينار والاخرى للوكيل ويرد على الموكل نصف دينار وللموكل ان ينتزع الثانية منه ويقرر العقد فيهما لأنه عقد
العقد فيهما له وان اشتراهما بعين الدينار فكأنه اشترى واحدة باذنه واخرى بغير اذنه فيبنى على أن العقود هل يتوقف على الإجازة ان قلنا لا يتوقف بطل العقد في
واحدة وفي الثانية قولا تفريق الصفقة وان قلنا يتوقف فان شاء الموكل اخذهما بالدينار وان شاء اقتصر على واحدة ورد الأخرى على المالك واستشكله بعض الشافعية
ومنعه لان تعيين واحدة للموكل وبطلان العقد فيها ليس بأولى من تعيين الأخرى والتخيير شبيه بما إذا باع شاة من شاتين على أن يتخير المشتري وهو باطل
ونقل الجويني فيما إذا اشترى في الذمة قولا ثالثا ان الشراء لا يصح للموكل في واحدة منهما بل يقعان للوكيل ولو كانت كل واحدة من الشاتين تساوي أقل من دينار
لم يلزم الشراء وكان فضوليا وإن كان مجموعهما تساوي أكثر من الدينار لأنه لم يمتثل ما امره به ولو كانت إحديهما تساوي دينارا والاخرى تساوي أقل من دينار صح الشراء
لأنه امتثل وزاد خيرا واعلم أن الشافعي ذكر في كتاب الإجارات هذه المسألة وقال إذا أعطاه دينارا وقال اشتر به شاة فاشترى به شاتين ففيها قولان أحدهما ينتقل
ملك أحدهما إلى الموكل والثاني ينتقل ملك إحديهما إلى الموكل وملك الأخرى إلى الوكيل ويكون الموكل فيها بالخيار ان شاء أقرها على ملك وكيله وان شاء انتزعها
قال القاضي أبو الطيب من أصحابه لا وجه لهذا القول الا ان يكون على قول محكى عن الشافعي في المبيع الموقوف وذكر أبو حامد انه إذا اشترى ذلك في الذمة وقع للموكل
في أحد القولين ووقع أحدهما للوكيل في القول الآخر وللموكل اخذه منه قال أبو العباس بن شريح ان ذلك جار مجرى الاخذ بالشفعة لتعلقه بملكه مشاركته له في
126

العقد فاما إذا اشتراهما بعين مال الموكل ففي أحد القولين يقع الكل للموكل وعلى القول الآخر لا يصح العقد في الشاتين لأنه لا يصح ان يقع الملك للوكيل والثمن
عين ملك الموكل والأول عندهم أشبه لان المسألة إذا دفع إليه دينارا وقال اشتر به شاة والقول الصحيح عند الشافعية ان الشاتين تقعان للموكل وهو مذهبنا
أيضا نص عليه الشيخ في الخلاف وقال أبو حنيفة تقع للموكل إحدى الشاتين بنصف دينار وتقع الأخرى للوكيل ويرجع الموكل عليه بنصف دينار لان الموكل لم يرض الا بان
تلزمه عهدة شاة واحدة فلا تلزمه شاتان واحتج الشيخ (ره) بحديث عروة البارقي فان النبي صلى الله عليه وآله اعطى عروة بن الجعد البارقي دينارا وقال له اشتر لنا به شاة
قال فأتيت الجلب فاشتريت به شاتين بدينار فجئت أسوقهما أو أقودهما فلقيني رجل بالطريق فساومني فبعت منه شاة بدينار واتيت النبي صلى الله عليه وآله بالدينار وبالشاة
فقلت يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم فقال وكيف صنعت فحدثته فقال اللهم بارك في صفقة يمينه ولأنه فعل المأذون فيه زيادة من جنسه ينفع ولا
يضر فوقع ذلك كله له كما لو قال بعه بدينار فباعه بدينارين وما ذكروه أبو حنيفة يبطل بالبيع مسألة قد بينا انه يصح شراء الشاتين للموكل استدلالا
بحديث عروة البارقي فإذا باع الوكيل إحدى الشاتين من غير اذن الموكل فالوجه عندي ان بيعه موقوفا على اجازة الموكل ان اجازه نفذ والا بطل وللشافعية
قولان أحدهما المنع كما قلناه لأنه لم يأذن له في البيع فأشبه ما إذا اشترى شاة بدينار ثم باعها بدينارين ولأنه باع مال موكله بغير امره فلم يجز كما لو باع الشاتين
معا والثاني انه يصح لأنه إذا جاء بالشاة فقد حصل مقصود الموكل فلا فرق فيما زاد بين ان يكون ذهبا أو غيره هذا إذا كانت الباقية تساوي دينارا وبالصحة قال احمد
لرواية عروة البارقي وعندنا ان بيع الفضولي يقع موقوفا ولا يلزم من اجازة بيع النبي صلى الله عليه وآله ملكه لذلك فجاز ان يجيز عقد الفضولي وأيضا جاز ان يكون عروة وكيلا
عاما في البيع والشراء وعند الشافعي يخرج على هذه ما إذا اشترى الشاتين بدينار وباعهما بدينارين ويقال هذا الخلاف هو بعينه القولان في بيع الفضولي فعلى الجديد
يلغو وعلى القديم ينعقد موقوفا على اجازة الموكل لكن فعل النبي صلى الله عليه وآله من تقرير البارقي على الشراء والبيع يعطي صحة وقوع العقد ولا يكون باطلا في أصله واحتج
أبو حنيفة للشافعية على أحد قوليه من وقوع إحدى الشاتين للوكيل بان الشاتين لو وقعتا للنبي صلى الله عليه وآله لما باع إحديهما قبل مراجعته إذ الانسان لا يبيع مال
الغير كيف وقد سلم وتصرف الفضولي فان حكم بانعقاده فلا كلام في أنه ليس له التسليم قبل مراجعة المالك واجازته فلما باع إحديهما دل على انها دخلت في ملكه
وهذا ليس بشئ لان عروة لما عرف ان الاحتياج إلى الشاة للأضحية لا إلى أزيد حصل المطلوب وباع فضوليا وسلم المبيع وقبض الثمن كذلك ويكون موقوفا على
الإجازة فلما رضي النبي صلى الله عليه وآله بالبيع وما فعله البارقي لزم ولو سلمنا ان إحديهما دخلت في ملكه لكنها لا يتعين ما لم يختر الموكل واحدة منهما أو يجري بينهما اصطلاح في ذلك
وإذا لم تكن التي ملكها متعينة فكيف يبيع واحدة على التعيين والقايلون بالصحة احتج من ذهب منهم إلى صحة بيع إحدى الشاتين بالحديث ومن منع حمل القضية
على أن عروة كان وكيلا مطلقا من جهة النبي صلى الله عليه وآله في بيع أمواله فيبيع إذا رأى المصلحة فيه لكن في هذا التأويل بحث لأنه إن كان قد وكله في بيع أمواله لم
يدخل فيه ما يملكه من بعد وان قيل وكله في بيع أمواله وما سيملكه وقع في الخلاف المذكور في التوكيل ببيع ما سيملكه الا ان يقال ذلك الخلاف فيما إذا خصص بيع
ما سيملكه بالتوكيل إما إذا جعله تابعا لأمواله الموجودة في الحال فيجوز هذا كما أنه لو قال وقفت على من سيولد من أولادي لا يجوز ولو قال على أولادي
ومن سيولد جاز ولو قال له بع عبدي بمائة درهم فباعه بمائة وعبد أو ثوب يساوي مائة درهم قال ابن شريح انه على قولين بالترتيب على مسألة الشاتين
وأولى بالمنع لأنه عدل عن الجنس الذي امره بالبيع به ان منع منه فليمنع في القدر الذي يقابل غير الجنس وهو النصف أو في الجميع كيلا يتفرق الصفقة فيه قولان
ان قلنا في ذلك القدر خاصة قال بعضهم انه لا خيار للبايع لأنه إذ رضي ببيع الجميع بالمائة كان راضيا ببيع النصف بها واما المشتري ان لم يعلم كونه وكيلا بالبيع
بالدراهم فله الخيار وان علم فوجهان لشروعه في العقد مع العلم بان بعض المعقود لا يسلم له مسألة لو دفع إليه ألفا وقال اشتر بها بعينها شيئا فاشترى
شيئا في الذمة لينقد ما سلمه إليه في ثمنه لم يلزم الوكيل فضوليا ان رضي المالك بالبيع جاز والا فلا وبه قال الشافعي لأنه امره بعقد ينفسخ لو تلف ما سلمه إليه والوكيل اتى بعقد لا ينفسخ لو تلف ما سلمه إليه ويلزم
ان يؤدي ألفا أخرى وقد لا يريد لزوم الف أخرى ولو قال اشتر في الذمة وسلم هذا في ثمنه فاشترى بعينه لم يلزم أيضا وكان الوكيل فضوليا لأنه ربما يريد حصول ذلك
المبيع له سواء سلم ما سلمه إليه أو أتلف وهو أصح قولي الشافعية وفي الثاني انه يلزم الوكيل لأنه زاد خيرا حيث عقد على وجه لو تلف ما سلمه إليه لم يلزمه شئ اخر ولو سلم إليه ألفا
وقال اشتر كذا بألف ولم يقل بعينه ولا قال في الذمة بل قال اصرف هذا في الثمن فالأقرب ان الوكيل يتخير بين ان يشتري بعينها أو في الذمة لأنه على التقديرين
يكون آتيا بالمأمور به ويجوز ان يكون غرضه من تسليمه إليه مجرد انصرافه إلى ثمن ذلك الشئ وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يشتري بالعين فان اشتري في الذمة
لم يصح ويكون بمنزلة ما لو قال اشتر بعينه لان قرينة التسليم تشعر به وهو ممنوع مسألة إذا وكله في بيع عين أو شرائها لم يملك العقد على بعضه لان التوكيل
انما وقع بالجميع وهو مغائر للاجراء ولان في التبعيض اضرارا بالموكل ولم يأذن له فيه فان فعله كان فضوليا إما لو اذن له في بيع عبيد أو شرائهم ملك العقد جملة
وفرادى لان الاذن تناول العقد عليهم جملة والعرف في بيعه وشرائه العقد على واحد واحد ولا ضرر في جمعهم ولا افرادهم ولو كان أحدهما أنفع وجب المصير؟
لان الوكيل منصوب للمصلحة ولو نص على الجمع فقال اشتر لي عبيدا صفقة واحدة أو بعهم كذلك أو على التفريق فقال اشتر لي عبيدا واحدا واحدا أو بعهم كذلك
وجب الامتثال فان خالف كان فضوليا لان تنصيصه على أحدهما بعينه يدل على ثبوت غرض له فيه فلا يجوز مخالفته ولم يتناول اذنه سوى ما عينه وان قال
اشتر لي عبدين صفقة فاشترى عبدين لاثنين مشتركين بينهما من وكيلهما أو من أحدهما وأجاز الأخر جاز وإن كان لكل واحد منهما عبد منفرد فاشتراهما
من المالكين فان أوجبا له البيع فيهما وقبل ذلك منهما بلفظ واحد صح وقال الشافعي لا يصح لان عقد الواحد مع الاثنين عقدان وليس بجيد لان القبول
من المشتري وهو متحد والغرض لا يختلف ولو اشتراهما من وكيلهما وعين ثمن كل واحد منهما مثل أن يقول بعتك هذين العبدين هذا بمائة وهذا بمائتين فقال
قبلت صح ولبعض العامة وجهان ولو لم يعين ثمن كل واحد منهما صح عندنا خلافا لبعض العامة ويسقط الثمن على قدر القيمتين مسألة إذا امره بشراء سلعة
لم يكن له ان يشتري غيرها فلو امره بشراء جارية معينة أو عبد معين فاشترى غير ما عين له فإن كان قد سماه أو نواه وصدقه البايع وقف العقد على
الإجازة وكان الوكيل فضوليا لأنه اشترى له شيئا لم يأذن له فيه فلا يلزمه ولا يقع عن الوكيل سواء اشتراه بعين مال الموكل أو في ذمته وان اطلق العقد ولم
يضفه إلى الموكل ولا نواه فان اشترى بالعين احتمل الوقوف على الإجازة فان اجازه المالك صح والا بطل لحديث عروة البارقي فإنه باع مال النبي (ص)
والشراء بالعين كبيع مال الغير وأقره النبي صلى الله عليه وآله ودعا له ولأنه تصرف له مجيز فصح ووقف على الإجازة كالوصية بالزايد على الثلث وهو أحدي الروايتين عن أحمد
127

وفي الأخرى يبطل وبه قال الشافعي لأنه عقد على مال من لم يأذن له في العقد فلم يصح كما لو باع مال الصبي ثم بلغ فأجاز وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله حكيم بن حزام
عن بيع ما ليس عنده فقال لا تبع ما ليس عندك يعني ما لا تملك فان اشترى في الذمة ثم نقد ثمنه وقع البيع للوكيل لأنه تصرف صدر من بالغ عاقل غير محجور
عليه فصح ووقع للوكيل حيث لم ينو الموكل ولا سماه ولا اشترى ما اذن له فيه وقال بعض الشافعية إذا اشترى بمال في ذمته للموكل فالشراء صحيح لأنه انما اشترى بثمن
في ذمته وليس ذلك ملكا ويقع البيع للوكيل وقال بعضهم لا يصح للموكل ولا للوكيل لأنه عقده على أنه للموكل فلم يقع عن الوكيل والموكل لم يأذن له فيه فلم يقع عنه
وعن أحمد روايتان إحديهما ان الشراء للوكيل لأنه اشترى في ذمته بغير اذنه فكان الشراء له كما لو لم ينو غيره والثانية ان يقف على اجازة الموكل كما قلناه نحن فان
اجازه صح لأنه اشترى له وقد اجازه فلزمه كما لو اشترى باذنه وان لم يجز قال يلزم الوكيل لأنه لا يجوز ان يلزم الموكل لأنه لم يأذن في شرائه ولزم الوكيل لأن الشراء صدر منه
ولم يثبت لغيره فيثبت في حقه كما لو اشتراه لنفسه وليس بحق لأنه اشترى لغيره فإذا لم يرض الغير بطل العقد وهذا الحكم في كل من اشترى شيئا في ذمته لغيره بغير اذنه
سواء كان وكيلا للذي قصد الشراء له أو لم يكن وكيلا مسألة إذا قال له بع هذا العبد فباع عبدا اخر فهو فضولي في بيع الأخر لأنه غير مأذون له فيه
فكان كالأجنبي بالنسبة إليه فان امضى المالك البيع صح والا بطل لان المالك لم يرض بإزالة ملكه عنه وقال الشافعي في أحد القولين انه باطل واما الشراء فان وقع
بعين مال الموكل فهو كالبيع إن كان في الذمة فإن لم يسم الموكل ولا نواه فهو واقع عن الوكيل لجريان الخطاب معه وانما ينصرف إلى الموكل بشرط ان ينويه أو يوافق
اذنه وقال الشافعي إذا نواه لم يعتبر بالنية ووقع الشراء للوكيل لأنه لم يوافق امره فلغت النية وليس بجيد قال ولو سماه فوجهان أحدهما انه يبطل العقد رأسا لأنه
صرح بإضافته إلى الموكل وامتنع ايقاعه عنه فيلغو وهو الذي اخترناه والأظهر عندهم انه يقع عن الوكيل وتلغو تسمية الموكل لان تسمية الموكل غير معتبرة في الشرع فإذا سماه
ولم يكن صرف العقد إليه صار كأنه لم يسمه ونحن نمنع وقوعه عن الوكيل لأنه لم يشتر لنفسه هذا كله فيما إذا قال البايع بعت منك فقال المشتري اشتريته لفلان
يعني موكله فاما إذا قال البايع بعت من فلان وقال المشتري اشتريته لفلان فظاهر مذهب الشافعية بطلان العقد لأنه لم يجر بينهما مخاطبة ويخالف النكاح حيث
يصح من الزوج ووكيل الزوج على هذه الصفة بل لا يجوز الا ذلك وللبيع احكام تتعلق بمجلس العقد كالخيار وغيره وتلك الأحكام انما يمكن الاعتبار فيها بالمتعاقدين
فاعتبر جريان المخاطبة بينهما والنكاح سفاوة؟ محضة ونحن لا فرق عندنا بين ان يوجب ويخاطب الوكيل أو يوجب للموكل في البطلان مسألة وكيل المتهب بالقبول
يجب ان يسمي موكله والا وقع عنه لجريان الخطاب معه ولا ينصرف بالنية إلى الموكل لان الواهب قد يقصده بالتبرع بعينه؟ وما كل أحد تسمح النفس بالتبرع عليه بخلاف
المشتري فان المقصود فيه حصول العوض هكذا قاله بعض الشافعية ولا استبعاد في هذا القول البحث الخامس في التوكيل بالخصومة مسألة
الوكيل بالخصومة إما ان يتوكل عن المدعي أو عن المدعى عليه فإن كان وكيلا عن المدعي ملك الدعوى وإقامة البينة أو تعديلها والتحليف وطلب الحكم على الغريم
والقضاء عليه وبالجملة كل ما يقع وسيلة إلى الاثبات واما الوكيل عن المدعى عليه فيملك الانكار والطعن على
الشهود وإقامة بينة الجرح ومطالبة الحاكم بسماعها
وتبيينها والحكم بها وبالجملة عليه السعي في الدفع ما أمكن ولو ادعى المنكر في أثناء حكومة وكيله الاقباض أو الابراء انقلب مدعيا وملك وكيله الدعوى بذلك وإقامة البينة
عليه وطلب الحكم بها من الحاكم وملك وكيل المدعي الانكار لذلك والطعن في البينة المشهود عليه مسألة لا يقبل اقرار الوكيل فلو أقر وكيل المدعي بالقبض
أو الابراء أو قبول الحوالة أو المصالحة على مال أو بان الحق مؤجل أو ان البينة فسقه أو قد زوروا أو قد أقر وكيل المدعي عليه بالحق المدعي لم يقبل سواء أقر في
مجلس الحكم أو غيره عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك وابن أبي ليلى وزفر واحمد لان الاقرار معنى يقطع الخصومة وينافيها فلا يملكه الوكيل فيها كالابراء
ولأنه غير وكيل في الاقرار فلا يكون نايبا عنه واخبار الغير عن حق الغير إن كان شهادة سمعت والا فلا والاقرار اخبار وقال أبو حنيفة ومحمد يقبل اقراره إذا كان في
مجلس الحكم فيما عدا الحدود والقصاص وقال أبو يوسف يقبل اقراره في مجلس الحكم وغيره لان الاقرار واحد جوابي الدعوى فصح من الوكيل في الخصومة كالانكار
والفرق ان الانكار لا يقطع الخصومة ولا يسقط حق الموكل منها بخلاف الاقرار الا ترى انه يصح منه الانكار في الحدود والقصاص ولا يصح منه الاقرار فنحن نقيس على
أبي حنيفة على الحدود والقصاص ودعوى النكاح والطلاق والعفو عن القصاص فإنه سلم انه لا يملك الوكيل الاقرار في ذلك كله فنقيس المتنازع عليه ولان الوكيل
لا يصالح ولا يبرئ فكذلك الاقرار وكذا ينقص عليه بما إذا أقر في غير مجلس الحكم لا يلزمه فكذا في مجلس الحكم ولان الوكيل لا يملك الانكار على الوجه يمنع الموكل من الاقرار
فلو ملك الاقرار لامتنع على الموكل الانكار فافترقا فروع آ لو وكله في الاقرار ففيه خلاف واختار الشيخ جوازه ولا استبعاد فيه ويلزم الموكل ما أقر به
فإن كان معلوما لزمه ذلك وإن كان مجهولا لا رجع في تفسيره إلى الموكل دون الوكيل ب لو أقر وكيل المدعي بالقبض أو الابراء لم يلزم اقراره الموكل على ما قلناه
لكن ينعزل الوكيل عن الوكالة وكذا وكيل المدعى عليه لو أقر بالحق في ذمة موكله لم يسمع في حقه لكن تبطل وكالته بالانكار لأنه بعد الاقرار ظالم في الخصومة بزعمه
وللشافعية وجهان في بطلان وكالته ج هل يشترط في التوكيل بالخصومة بيان ما فيه الخصومة من دم أو مال أو عين أو دين أو أرش جناية أو بذل مال الأقرب عندي
عدم الاشتراط بل يصح التعميم وللشافعية وجهان إما لو وكله في خصومة معينة وأبهم لم يصح د الأقرب عدم اشتراط تعيين من يخاصم معه وللشافعية وجهان
ه‍ الأقرب ان الوكيل بالخصومة من جهة المدعي لا يقبل منه تعديل بينة المدعى عليه لأنه كالاقرار في كونه قاطعا للخصومة وليس للوكيل قطع الخصومة بالاختيار
وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم ان تعديله وحده لا ينزل منزلة اقرار الموكل بعد التهم لكن رده مطلقا بعيد لان التعديل غير مستفاد من الوكالة الا
يوجه بأنه بالتعديل مقصر في الوكالة وتارك حق النصح مسألة لو وكله في استيفاء حق له على غيره فجحده من عليه الحق وأمكن ثبوته عليه لم يكن
للوكيل مخاصمته ولا محاكمته ولا يثبت الحق عليه لان الاذن انما انصرف إلى الاستيفاء وهذه طرق إليه مغايرة له فلا يملكها وقد يرتضي للقبض من لا يرتضي للخصومة وهو
أصح وجهي الشافعية وبه قال أبو يوسف ومحمد ورواه الحسن عن أبي حنيفة لان الأمين قد لا يحسن الخصومة فلا يرتضيه الموكل في القبض لها والثاني نعم لأنه لا يتمكن من
الاستيفاء عند انكار من عليه الا بالاثبات فليمكن مما يتوسل به إلى الاستيفاء وبه قال أبو حنيفة إذا عرفت هذا فلا فرق بين ان يكون الموكل باستيفاءه
عينا أو دينا فإذا وكله في قبض عين فجحدها من هي في يده لم يكن وكيلا في التثبيت أيضا وهو أحد قولي الشافعية وقال أبو حنيفة إن كان دينا ملك الاثبات وإن كان
عينا لم يملكه لأنه وكيل في النقل فلا يملك الاثبات كالوكيل في نقل الزوجة والحق ما قلناه فان القبض في العين كالقبض في الدين فإذا جاز له الخصومة في
الدين جاز له في العين بخلاف الزوجة لان ذلك ليس بقبض مسألة إذا وكله في تثبيت حقه على خصمه لم يكن للوكيل القبض وبه قال احمد لان القبض لم
128

يتناوله الاذن نطقا ولا عرفا إذ ليس كل من يرتضي للخصومة يرتضي للقبض فإنه قد يكون خائنا وللشافعية في استيفائه بعد الاثبات طريقان أحدهما ان
فيه وجهين أيضا كالوجهين في أن الوكيل بالبيع هل يملك قبض الثمن لأنه من توابع الاثبات ومقاصده كقبض الثمن بالإضافة إلى البيع وأظهرهما القطع بالمنع
لان الاستيفاء يقع بعد الاثبات فليس ذلك نفس المأذون فيه ولا واسطته بخلاف العكس بخلاف مسألة قبض الثمن لأنه إذا وكله بالبيع اقامه مقام نفسه فيه
وانه عقد يتضمن عهدا منها تسليم المبيع وقبض الثمن فجاز ان يمكن من قضاياه واما الاثبات فليس فيه ما يتضمن التزاما قال بعض الشافعية الخلاف في الصورة الثانية
في الأموال إما القصاص والحد فلا يستوفيهما بحال وقال بعضهم انه على الوجهين وإذا جمعت بين الامرين الاستيفاء والاثبات وقلت الوكيل بأحدهما هل يملك الثاني
حصل عند الشافعية في الجواب ثلاثة أوجه لكن الظاهر عندهم انه لا يقيد واحد منهما الثاني فروع آ الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح ولا الابراء منه ولا
نعلم فيه خلافا لان الاذن في الخصومة لا يقتضي شيئا من ذلك ب قال بعض العامة لو كان الموكل عالما بجحد من عليه الحق أو مطله كان التوكيل في القبض توكيلا
في الخصومة والتثبيت لعلمه بوقوف القبض عليه وليس بشئ لاحتمال ان يرجع الغريم إلى الحق أو يستنيب الموكل غير وكيل القبض وكيلا في التثبيت بعد المطالبة
وتصريح الجحود ج قد عرفت ان الوكيل بالبيع لا يسلم البيع قبل ان يقبض المالك أو وكيله الثمن فان سلمه قبله غرم للموكل قيمته إن كانت القيمة والثمن سواء أو كان
الثمن أكثر وإن كانت القيمة أكثر بان باعه بغبن محتمل غرمه (يحتمل غرم) جميع القيمة ويحتمل ان يحط قدر الغبن لصحة البيع بذلك الثمن وللشافعية وجهان كهذين أصحهما
عندهم الأول ولو باع بغبن فاحش بإذن الموكل فقياس الوجه الثاني عندهم ان المالك لا يغرمه الا قدر الثمن ثم لو قبض الوكيل الثمن بعد ما غرم دفعه إلى الموكل
واسترد الثمن د تقبل شهادة الوكيل مع الشرايط على موكله مطلقا ويقبل لموكله في غير ما هو وكيل فيه كما لو وكله في بيع دار فشهد له بعبد ولو شهد فيما هو
وكيل فيه فإن كان ذلك قبل الغرم لم يقبل لأنه متهم حيث يجر إلى نفسه نفعا وهو ثبوت ولاية التصرف لنفسه وإن كان بعد العزل فإن كان قد خاصم الغريم
فيه حال وكالته لم تقبل أيضا لأنه متهم أيضا حيث يريد تمشية قوله واظهار الصدق فيما أدعاه أولا وان لم يخاصم سمعت شهادته عندنا وبه قال أبو حنيفة
والشافعي في أصح الوجهين لأنه ما انتصب خصما ولا يثبت لنفسه حقا فكان كالأجنبي فأشبه ما لو شهد قبل التوكيل وفي الثاني للشافعي لا يقبل أيضا كما لو شهد قبل العزل
والفرق ظاهر وهو انه قبل العزل يثبت لنفسه محل ولاية التصرف وقال الجويني هذه هي الطريقة المشهورة عند الشافعية وقياس المراوزة ان ينعكس فيقال ان لم
يخاصم تقبل شهادته وإن كان قد خاصم فوجهان ورأى أن هذا التفصيل فيما إذا جرى الامر على التواصل فاما إذا طال الفصل فالوجه القطع بقبول الشهادة
مع احتمال فيه مسألة لو وكل رجلين بالخصومة ولم يصرح باستقلال كل واحد منهما لم يستقل بها أحدهما بل يتشاوران ويتباصران ويضد كل واحد
منهما صاحبه ويعينه على ما فوض إليهما كما لو وكل رجلين ببيع أو طلاق أو غيرهما أو اوصى إلى اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد وهو أصح قولي الشافعي والثاني ان لكل
واحد منهما الاستقلال لعسر الاجتماع على الخصومة وكذا لو وكل رجلين بحفظ متاع حفظاه معا في حرز لهما لان قوله افعلا كذا يقتضي اجتماعهما على فعله وهو
مما يمكن فتعلق بهما بخلاف قوله بعتكما حيث كان منقسما بينهما لأنه لا يمكن كون الملك لهما على الاجتماع فانقسم بينهما وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لهم انه ينفرد
به كل واحد منهما فان قبل التقسيم قسم ليحفظ كل واحد منهما بعضه والحق ما قدمناه لان الأصل عصمة مال المسلم ومنع الغير من التصرف فيه الا باذنه فإذا اذن
اتبع حد اذنه مسألة إذا وكل اثنين في التصرف فغاب أحدهما لم يكن للاخر ان يتصرف ولا للحاكم ضم امين إليه ليتصرفا لان الموكل رشيد جايز التصرف لا ولاية
للحاكم عليه فلا يقيم الحاكم وكيلا له بغير امره بخلاف ما لو مات أحد الوصيين حيث قال بعضهم بان الحاكم يضيف إلى الوصي أمينا ليتصرفا لكون الحاكم له النظر في حق
الميت واليتيم ولهذا لو لم يوص إلى أحد أقام أمينا في النظر لليتيم فان حضر أحد الوكيلين والاخر غايب وادعى الوكالة لهما وأقام البينة سمعها الحاكم
وحكم بثبوت الوكالة لهما ولم يملك الحاضر التصرف وحده فإذا حضر الأخر تصرفا معا ولا يحتاج إلى إعادة البينة لان الحاكم سمعها لها مرة لا يقال هذا حكم للغايب
لأنا نقول الأصل الحكم للحاضر وأما الغايب فدخل ضمنا كما أنه يحكم للوقف الذي ثبت ان يخلق بعد لأجل من يستحقه في الحال فكذا هنا ولو جحد الغايب الوكالة
أو عزل نفسه لم يكن للاخر ان يتصرف ولا نعلم فيه خلافا وجميع التصرفات في هذا سواء وقال أبو حنيفة إذا وكلهما في خصومة فلكل واحد منهما الانفراد بها وليس بجيد
لأنه لم يرض بتصرف أحدهما فأشبه البيع والشراء مسألة إذا وكل الرجل وكيلا بحضرة الحاكم في خصوماته واستيفاء حقوقه صحت الوكالة فإذا قدم الوكيل
خصما لموكله بعد ذلك إلى الحاكم حكم الحاكم بعلمه عندنا وهو أحد قولي الشافعية فيسمع الحاكم دعواه على خصم موكله وعند القائلين بان الحاكم لا يحكم بعلمه
لا يسمع دعواه حتى يشهد بوكالته شاهدان وإن كان قد وكله في غير حضور الحاكم (وحضر عند الحاكم) وادعى وكالة موكله واحضر شاهدين يشهدان له بالوكالة سمع الحاكم
الشهادة بذلك وبه قال مالك والشافعي ولو أحضر خصما وادعى عليه الحق لموكله قبل ثبوت الوكالة لم يسمع الحاكم دعواه وقال أبو حنيفة لا تسمع الشهادة
على الوكالة الا ان يقدم خصما من خصماء الموكل فيدعي عليه حقا لموكله فإذا أجاب المدعى عليه حينئذ يسمع الحاكم البينة فحصل الخلاف بيننا وبين أبي حنيفة في فصلين أحدهما ان عندنا يسمع الحاكم البينة من غير خصم وعنده لا يسمع والثاني ان عندنا
لا تسمع دعواه لموكله قبل ثبوت وكالته وعنده تسمع وأبو حنيفة بنى ذلك على أصله فان القضاء على الغايب لا يجوز وان سماع البينة بالوكالة من غير خصم
قضاء على الغايب وان الوكالة من الحاضر لا يلزم الخصم فما لم يجب عن دعوى الوكيل لم يكن رضاه بالوكالة والشافعي وافقنا على ما قلناه لأنه اثبات وكالة
فلم يفتقر إلى حضور الموكل عليه كما إذا كان الموكل جماعة فاحضر واحد منهم فان الباقين لا يفتقر إلى حضورهم كذلك هنا الواحد وانما لم يسمع الحاكم الدعوى
قبل ثبوت الوكالة لان الدعوى لا تسمع الا من خصم إما عن نفسه أو عن موكله وهذا لا يخاصم عن نفسه ولا ثبت انه وكيل لمن يدعي له فلا تسمع دعواه كما لو ادعى
لمن لم يدع وكالته مسألة إذا ادعى انه وكيل فلان في خصومة فلان فإن كان المقصود بالخصومة حاضرا وصدقه يثبت الوكالة وله مخاصمته على اشكال
وان كذبه أقام البينة على الوكالة فلا يحتاج إلى أن يدعي حقا لموكله على الخصم عند علمائنا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تسمع البينة على الوكالة حتى يدعي
عليه حقا لموكله فينكر وإن كان غائبا وأقام البينة على الوكالة سمعها وأثبتها ولا يعتبر حضور المقصود بالخصومة في اثبات الوكالة خلافا لأبي حنيفة حيث
قال لا تسمع البينة الا في وجه الخصم بناء على امتناع القضاء على الغايب وقد تقدم وقال بعض الشافعية لابد وان ينصب القاضي مشتجرا ينوب عن الغايب ليقيم
المدعي البينة في وجهه وهو مخالف لباقي الشافعية ثم قال وقد اصطلح القضاة على أن من وكل في مجلس القضاء وكيلا بالخصومة يختص الوكيل بالخصومة
في ذلك المجلس قال الجويني والذي يعرفه أصحاب الشافعي انه يخاصم في ذلك المجلس ولا نعرف للقضاة العرف الذي أدعاه مسألة لو وكل رجلا
129

عند القاضي بالخصومة عنه وطلب حقوقه فللوكيل ان يخاصم عنه ما دام حضرا اعتمادا على العيان فان غاب وأراد الوكيل الخصومة عنه بناء على اسم ونسب يذكره
ولم يكن معروفا عند الحاكم فلا بد من إقامة البينة على أن فلان بن فلان وكله أو على أن الذي وكله عند الحاكم هو فلان بن فلان وبالجملة لابد وان يعرف الموكل
أو شاهدان يعرفهما القاضي ويوثقها إما بمعرفته بعدالتهما أو بحضور اثنين يزكيانهما أو أكثر وقال بعض الشافعية ان القضاة عادتهم التساهل في هذه البينة بالعدالة الظاهرة
وترك البحث والاستزكاء تسهيلا على الغرماء وهو خطأ عندنا وقال بعضهم أيضا يمكن ان يكتفي بمعرف واحد إذا كان مأثوقا كما في تعريف المراة في تحمل الشهادة
عليها يحصل بمعرف واحد لأنه اخبار وليس بشهادة وهو خطأ عندنا أيضا بل لابد في التعريف من عدلين مسألة إذا وكله في شراء فاسد أو عقد باطل مثل
أن يقول اشتر لي شيئا إلى مقدم الحاج أو مجئ الغلة أو بع كذلك لم يملك هذا العقد لان الله تعالى لم يأذن في الفاسد ولان الموكل لا يملكه فالوكيل أولي ولا يملك الصحيح عندنا
وبه قال الشافعي واحمد لأنه اذن له في عقد فاسد فإذا عقد صحيحا يكون فضوليا قد فعل غير المأذون فيه ولأنه اذن له في عقد فاسد فإذا عقد صحيحا لم يلزم
كما لو اذن له في شراء خمر أو خنزير ولأنه اذن له في محرم فيكون الاذن محرما فلا يملك الحلال بهذا الاذن كما لو اذن له في شراء خمر أو خنزير لم يملك شراء الخل والغنم
وقال أبو حنيفة يملك بذلك الشراء الصحيح لأن الشراء الفاسد يملك عقده فإذا عقد له عقدا صحيحا فقد ملكه بما هو أولي وهو ممنوع وعلى ان البيع الصحيح يملك به
والفاسد لا يملك بالعقد فيه وانما يملك بالقبض ملكا غير لازم مسألة لو وكله بالصلح عن الدم على خمر ففعل حصل العفو كما لو فعله الموكل بنفسه لان
الصلح على الخمر وإن كان فاسدا فيما يتعلق بالعوض ولكنه صحيح فيما يتعلق بالقصاص فيصح التوكيل فيما لو فعله الموكل بنفسه لصح لأنا نصحح التوكيل في العقد الفاسد
ولو وكله بالصلح عن القصاص على خمر فصالح على خنزير فهو لغو ويبقى القصاص مستحقا على ما كان عليه قبل الصلح لأنه مستبد بما فعل غير موافق أمر الموكل وهو أظهر
وجهي الشافعية والثاني انه كما لو عفى على خمر لان الوكالة بالصلح تامة والخمر لا تثبت وان ذكرت وانما تثبت الدية فلا فرق فيما يصح ويثبت بين ان يذكر الخمر أو
الخنزير وعلى هذا لو صالح على ما يصلح عوضا كالعبد والثوب أو على الدية نفسها يجوز ولا خلاف بينهم في أنه لو جرى هذا الاختلاف بين الموجب والقابل في الصلح
يلغو لعدم انتظام الخطاب والجواب ولو وكله بان يخالع زوجته على خمر فخالع على خمر أو خنزير فعند الشافعية انه على ما تقدم في الصلح عن الدم المطلب الثاني
في حكم العهدة مسألة قد بينا انه يجوز التوكيل بجعل وبغير جعل فإذا وكله على البيع أو الشراء أو غير ذلك وجعل له جعلا كان للوكيل المطالبة بجعله قبل
ان يتسلم الموكل الثمن أو المثمن لان الأجرة مستحقة بالبيع أو الشراء وليس التسليم شرطا في ذلك وكذا لو وكله في حج أو غيره استحق الأجرة بنفس العمل وانما تقف الأجرة على
تسليم المنفعة التي يمكن تسليمها دفعة واحدة كالحياكة والخياطة والصناعة وأشباه ذلك فإذا استأجره على نساجة ثوب أو خياطته أو قصارته فإذا سلمه إلى المستأجر
معمولا فله الاجر ولو كان العمل في دار المستأجر فكلما عمل شيئا وقع مقبوضا فيستحق الخياط الجعل إذا فرغ من الخياطة واما في مسئلتنا فقد استحق الأجرة بالبيع فلا يقف
ذلك على تسليم الثمن إما لو قال وكلتك في بيع مالي فإذ سلمت الثمن إلى فلك كذا وكذا فإنه يقف استحقاقه على التسليم لأنه شرطه في الاستحقاق وبخلاف الأول
مسألة الوكيل امين ويده يد أمانة لا يضمن ما يتلف في يده الا بتفريط منه أو تعد فيه فان تلف ما قبضه من الديون أو الأثمان أو الأعيان من الموكل
أو غرمائه فلا ضمان عليه سواء كان وكيلا بجعل أو بغير جعل فان تعدى فيه كما لو ركب الدابة أو لبس الثوب أو فرط في حفظه ضمن اجماعا وكذا باقي الأمانات كالوديعة
وشبهها وبالجملة الأيدي على ثلاثة أقسام يد أمانة كالوكيل والمستودع والشريك وعامل المضاربة والوصي والحاكم وامين الحاكم والمرتهن والمستعير على وجه يأتي
ويد ضامنة كالغاصب والمستعير على وجه والمساوم والمشتري شراء فاسد أو السارق ويد مختلف فيها وهو يد الأجير المشترك كالقصار والصايغ والحايك والصباغ
وما أشبه ذلك وفيها للشافعية قولان وعندنا انها يد أمانة إذا عرفت هذا فكل يد أمانة لا ضمان على صاحبها الا بتعد أو تفريط لأنه لو كلف الضمان لامتنع
الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها فيلحقهم الضرر فاقتضت الحكمة زوال الضمان عنهم مسألة إذا تعدى الوكيل أو فرط مثل ان يلبس الثوب
الذي دفعه الموكل إليه ليبيعه أو ركب الدابة ضمن اجماعا سواء تلفت العين بذلك التصرف أو بغيره ولا تبطل وكالته بمجرد التعدي فله بيع الثوب بعد لبسه والدابة
بعد ركوبها وهو أصح وجهي الشافعية لان الوكالة تضمنت شيئين الأمانة والاذن في التصرف فإذا تعدى زالت الأمانة وبقي الاذن بحاله ولان الوكالة انابة
واذن في التصرف والأمانة حكم يترتب عليه فلا يلزم من ارتفاع هذا الحكم بطلان أصل العقد كما أن الرهن لما كان المقصود منه التوثيق ومن حكمه الأمانة لا يلزم من
ارتفاع حكم الأمانة فيه بطلان أصل الرهن بخلاف الوديعة فإنها أمانة محضة فلا يبقى مع التعدي والثاني انه يبطل الوكالة لأنها أمانة فترتفع بالتعدي كالوديعة
وقد بينا بطلانه فعلى ما اخترناه من صحة تصرفه إذا باع وسلم العين إلى المشتري زال الضمان عنه اجماعا لاستقرار ملك المشتري عليه وزوال ملك الموكل عنه وقد أخرجه
من يده بإذن المالك فروع آ هل يخرج من الضمان بمجرد البيع قبل التسليم الأقرب عدم الخروج لأنه ربما يبطل العقد بتلفه قبل قبض المشتري فيكون التلف
على ملك الموكل وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يخرج من ضمان عهدته لزوال ملك الموكل عنه بالبيع ودخوله في ملك المشتري وضمانه ونحن فيه من المترددين
ب إذا باع ما فرط فيه وقبض الثمن كان الثمن أمانة في يده غير مضمون عليه وإن كان أصله مضمونا لأنه لم يتعد فيه وقد قبضه بإذن الموكل فيخرج عن العهدة ج
لو دفع إليه مالا ووكله في شراء شئ به فتعدى في الثمن صار ضامنا له فإذا اشترى به وسلم زال الضمان وهل يزول بمجرد الشراء به وجهان تقدما وإذا قبض المبيع كان
أمانة في يده د لو تعدى في العين ثم باعها وسلمها زال الضمان على ما تقدم فإذا ردها المشتري عليه بعيب عاد الضمان مسألة لو دفع إلى وكيله دراهم ليشتري
بها طعاما مثلا فتصرف فيها على أن يكون قرضا عليه صار ضامنا لتعديه بالتصرف وليس له ان يشتري للموكل بدراهم من نفسه ولا في الذمة فان فعل ونسب
الشراء إلى الموكل أو نواه كان فضوليا فيه ان أجاز الموكل صح والا بطل وان لم ينوه ولا سماه وقع عنه ولو عادت الدراهم التي أنفقها إلى يده فأراد ان يشتري بها للموكل
ما امره كان له ذلك لان الوكالة لا تبطل بالتعدي وللشافعية قولان أحدهما كما قلناه والثاني ان الوكيل ينعزل بتعديه فليس له الشراء حينئذ فإذا اشترى شيئا
لم يكن مضمونا عليه لأنه لم يتعد فيه ولو رد ما اشتراه بعيب واسترد الثمن عاد مضمونا عليه مسألة إذا قبض الوكيل ثمن المبيع فهو أمانة في يده ولا
يلزمه تسليمه إليه قبل طلبه ولا يضمنه بتأخيره لأنه رضي بكونه في يده حيث وكله في القبض ولم يرجع عن ذلك فان طلبه الموكل فأخر رده فإن كان لعذر لم يضمن ويجب
عليه مع أول وقت الامكان وان لم يجدد الطلب فان اخر ضمن وإن كان تأخيره لا لعذر كان ضامنا كالمودع ولا نعلم فيه خلافا مسألة إذا وكله في الشراء
فان اشترى ما امره به على الوجه الذي امره به وقع الملك للموكل وانتقل من البايع إلى الموكل ولا ينتقل إلى الوكيل بحال عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي في أصح
130

قوليه واحمد لان الوكيل قبل عقدا لغيره فوجب ان ينتقل الملك إلى ذلك الغير دونه كالأب والوصي وقال أبو حنيفة يقع للوكيل أولا ثم ينتقل إلى الموكل لان حقوق
العقد يتعلق بالوكيل بدليل انه لو اشتراه بأكثر من ثمنه دخل في ملكه ولم ينتقل إلى ملك الموكل ولان الخطاب انما جرى مع الوكيل واحكام العقد تتعلق به ونمنع
تعلق حقوق العقد بالوكيل والخطاب وقع له على سبيل النيابة للغير وينتقض ما ذكره بشراء الأب للطفل ابتداء ثم نقول لو ثبت الملك للوكيل لكان إذا وكله في
شراء أب الوكيل فاشتراه وجب ان يعلق عليه لدخوله في ملكه وليس كذلك بل يملكه الموكل وألزمت بعض الحنفية بذلك فأجاب بأنه في الزمن الأول يقع للوكيل
وفي الزمن الثاني ينتقل إلى الموكل فألزمته بأنه بم يرجح الانتقال في الزمن الثاني إلى الموكل دون العتق مسألة إذا وكل المسلم ذميا في شراء خمر أو خنزير فاشتراه
له لم يصح الشراء عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان كل ما لا يجوز للمسلم العقد عليه بنفسه لا
يجوز ان يوكل فيه الذمي كالعقد على المجوسية وبهذا
خالف سائر الأموال وقال أبو حنيفة يصح ويقع للمسلم لان الخمر مال للذمي لان أهل الذمة يتمولونها ويتبايعونها فصح توكيلهم فيها كسائر أموالهم وهو باطل
فان المسلم لا يصح ان يملك الخمر سواء باشر شرائها بنفسه أو بوكيله وأي سبب اقتضى تجويز التمليك إذا اشتراها الذمي وإذا باع الوكيل بثمن معين ملك الموكل
الثمن دون الوكيل لأنه بمنزلة المبيع ولو كان الثمن في الذمة فالملك للموكل أيضا لكن له وللوكيل معا المطالبة به وقال أبو حنيفة ليس للموكل المطالبة وقد سبق
واما ثمن ما اشتراه إذا كان في الذمة فإنه تثبت في ذمة الموكل أصلا وإذا علم البايع ان الملك للموكل له مطالبة الوكيل انما يطالب الموكل خاصة عندنا
وقال بعض العامة ان الثمن يثبت في ذمة الوكيل تبعا وللبايع مطالبة من شاء منهما فان أبراء الوكيل لم يبرأ الموكل وان أبراء الموكل برئ الوكيل أيضا وان دفع الثمن
إلى البايع فوجد به عيبا فرده على الوكيل كان أمانة في يده وهو من ضمان الموكل ولو وكل رجل غيره حتى يستسلف له ألفا في كر طعام ففعل ملك الموكل الثمن وعليه
عهدة الطعام دون الوكيل وقال بعض العامة يكون الوكيل ضامنا عن موكله وليس بشئ مسألة إذا وكله في عقد كبيع أو شراء تعلق احكام العقد من رؤية
المبيع أو المشترى بالوكيل دون الموكل حتى يعتبر رؤية المبيع للوكيل دون الموكل ويلزم العقد بمفارقة الوكيل مجلس العقد ولا يلزم بمفارقة الموكل إن كان حاضرا فيه وتسليم رأس
المال في السلم والتقابض حيث يشترط التقابض يعتبر ان قبل مفارقة الوكيل والفسخ بخيار المجلس والرؤية يثبت للوكيل والأقرب انه يثبت للموكل وقال بعض
الشافعية يثبت للوكيل دون الموكل حتى لو أراد الموكل الإجازة كان للوكيل ان يفسخ وليس بجيد وفرقوا بينه وبين خيار العيب حيث قالوا لا رد للوكيل إذا
رضي الموكل مسألة إذا اشترى الوكيل بثمن معين فإن كان في يده طالبه البايع به والا طالب الموكل لان الملك يقع له وان اشترى في الذمة فإن كان
الموكل قد سلم إليه ما يصرفه إلى الثمن طالبه البايع أيضا وان لم يسلم فان أنكر البايع كونه وكيلا أو قال لا أدري هل هو وكيل أم لا ولا بينة طالبه وان اعترف بوكالته فالمطالب
بالثمن الموكل لا غير لوقوع الملك له والوكيل سفير بينهما ومعين للموكل فلا يغرم شيئا وهو أحد وجوه الشافعية والثاني ان البايع مع تصديق الوكالة يطالب
الوكيل لا غير لان احكام العقد يتعلق به والالتزام وجد منه والثالث انه يطالب من شاء منهما نظرا إلى المعنيين والمعتمد الأول مسألة قد بينا ان المطالبة
مع علم البايع بالوكالة انما تتوجه إلى الموكل وقال بعض الشافعية المطالبة للوكيل خاصة فعلى قوله هل للوكيل مطالبة الموكل قبل ان يغرم فيه للشافعية وجهان
لان بعضهم قال يثبت الثمن للبايع على الوكيل وللوكيل مثله على الموكل بناء على أن الوكيل يثبت الملك له ثم ينتقل إلى الموكل فعلى هذا للوكيل مطالبته بما ثبت
له وان لم يؤد ما عليه وقال آخرون ينزل الوكيل منزلة المحال عليه الذي لا دين عليه وعلى هذا ففي رجوعه قبل الغرم وجهان كالمحال عليه والأصح عندهم المنع فإذا غرم
الوكيل للبايع فقياس تنزيله منزلة المحال عليه الذي لا دين عليه الخلاف المذكور في الحوالة والمذهب عندهم القطع بالرجوع ولا لخرج المبيع ان يكون مملوكا للموكل
بالعوض وفي ذلك تغيير لوضع العقد وهذا ساقط عندنا لان البايع يطالب الموكل خاصة مسألة على قول القائلين بمطالبة البايع من شاء من الوكيل
أو الموكل فالوكيل كالضامن والموكل كالمضمون عنه فيرجع الوكيل إذا غرم والقول في اعتبار شرط الرجوع وفي انه يطالبه بتخليصه قبل الغرم كما سبق في الضمان
وقد فرع ابن شريح على الخلاف في المسألة فقال لو سلم دراهم إلى الوكيل ليصرفها إلى الثمن الملتزم في الذمة ففعل ثم ردها البايع بعيب فان قلنا بان البايع يطالب
الموكل أو يطالب من شاء فعلى الوكيل رد تلك الدراهم بأعيانها إلى الموكل وليس له امساكها أو ابدالها وان قلنا يطالب الوكيل فله ذلك لان ما دفعه الموكل
إليه على هذا الوجه كأنه اقرضه منه ليبرأ به ذمته فأعاد إليه فهو ملكه وللمقترض امساك ما استقرضه ورد مثله واعلم أنه لا خلاف في أن للوكيل ان يرجع على الموكل في
الجملة وانما الكلام في أنه متى يرجع وبأي شرط يرجع وإذا كان كذلك توجه ان يكون تسليم الدراهم دفعا لمؤنة التراجع لا اقراضا مسألة الوكيل بالبيع
إذا قبض الثمن إما بإذن صريح أو بالاذن في البيع على رأي جماعة من العامة وتلف المقبوض في يده ثم خرج المبيع مستحقا والمشتري معترف بالوكالة فحق رجوعه على
الموكل عندنا لان الوكيل واسطة بينهما وقال بعض الشافعية حق الرجوع بالثمن يكون على الوكيل لأنه الذي تولى القبض وحصل التلف في يده وقال بعضهم
كما قلناه من أنه يرجع على الموكل لان الوكيل سفير ويده يد موكل وقال بعضهم يرجع على من شاء كما تقدم فان قلنا حق الرجوع على الموكل فإذا غرم لم يرجع على
الوكيل لأنه أمينه فلا يضمن وقال بعض الشافعية إذا قلنا إن حق الرجوع على الموكل إذا رجع على الموكل رجع الموكل على الوكيل لان التلف في يده وهو مسلم لكن لا يجب عليه
الضمان كما لو تلف في يد الموكل لان يد الوكيل في الحقيقة هي يد الموكل وان جعلنا حق الرجوع على الوكيل فغرم يرجع على الموكل وإذا قلنا يرجع من شاء منهما فثلاثة
أوجه أشهرها عندهم انه ان غرم الموكل لم يرجع على الوكيل وان غرم الوكيل رجع على الموكل لان الموكل قد غر الوكيل والمغرور يرجع على الغار دون العكس والثاني ان واحدا
منهما لا يرجع على الأخر إما الموكل فلانه غار واما الوكيل فلحصول التلف في يده والثالث ان الموكل يرجع على الوكيل دون العكس لحصول التلف في يد الوكيل الذي
يفتي به عندهم من هذه الاختلافات ان المشتري يغرم من شاء منهما والقرار على الموكل وأما عندنا فمع تصديق الوكالة يرجع على الموكل خاصة سواء تلف بتفريط
من الوكيل أو لا الا انه إذا فرط الوكيل كان له ان يرجع عليه ولا يرجع هو على الموكل لان التلف حصل بتفريطه فكان ضامنا وان رجع على الموكل رجع الموكل على الوكيل
وانما كان له ان يرجع على الموكل لأنه سلط الوكيل على القبض منه وإن كان التلف بغير تفريط من الوكيل لم يضمن ولا يرجع المشتري عليه بالثمن وإن كان جاهلا
بالوكالة كان له ان يرجع على الوكيل لأنه القابض ولو قامت بينة الوكالة سقط رجوعه عليه وكان له الرجوع على الموكل خاصة
ولو اعترف الموكل بالوكالة لم يسقط رجوعه
على الوكيل لامكان تواطئهما على اسقاط حق المشتري من مطالبة الوكيل لكن له الرجوع على من شاء منهما مسألة إذا وكله في شراء عين فاشتراها وقبض
الوكيل العين وتلفت في يده بغير تفريط ثم ظهر انه كان المبيع مستحقا بغير البايع فللمستحق مطالبة البايع بقيمة المبيع ان لم يكن مثليا أو كان وتعذر المثل وبالمثل
131

إن كان مثليا انه غاصب ومن يده خرج المال وللشافعية ثلاثة أوجه أحدها هذا والثاني يطالب الوكيل والثالث
يطالب من شاء كما سبق في المسألة السابقة قال الجويني
الأقيس في المسئلتين انه لا رجوع له الا على الوكيل لحصول التلف عنده ولأنه إذا أظهر الاستحقاق بان فساد العقد وصار الوكيل قابضا ملك الغير بغير حق ويجري
الخلاف في الدار في هذه الصورة أيضا وأما نحن فهنا نقول للمستحق مطالبة الوكيل لأنه قبض مال فان تلفت بغير تفريط رجع على الموكل بما غرمه لأنه أمينه لا ضمان عليه
وان رجع على الموكل لم يرجع على الوكيل بل استقر الرجوع على الموكل وان تلفت بتفريط استقر الضمان عليه فان رجع عليه لم يرجع هو على موكله لأنه ضامن وان رجع على
الموكل رجع الموكل على الوكيل لأنه فرط بالاتلاف مسألة إذا وكله في البيع وأطلق انصرف إلى البيع بثمن المثل وهل يختص بالبيع بالعين أو يشمل المبيع بالعين والبيع
بثمن في الذمة اشكال فان قلنا بالشمول أو اذن فيه فباع بثمن في الذمة واستوفاه ودفعه إلى الموكل فخرج الثمن مستحقا أو معيبا ورده فللموكل ان يطالب المشتري بالثمن
وله ان يغرم الوكيل لأنه صار مسلما للمبيع قبل اخذ عوضه وفيما يغرم يحتمل قيمة العين لأنه فوت عليه العين والثاني الثمن لان حقه انتقل من العين إلى الثمن فان قلنا بالأول
فان اخذ منه القيمة طالب الوكيل المشتري بالثمن فإذا اخذه دفعه الموكل واسترد القيمة مسألة لو دفع إليه دراهم ليشتري له بعينها عبدا فاشترى العبد بالعين
وتلفت في يده قبل التسليم انفسخ البيع ولا شئ على الوكيل ولو تلفت قبل الشراء ارتفعت الوكالة ولو قال اشتر في الذمة واصرفها إلى الثمن الملتزم فتلفت في يد الوكيل
بعد الشراء لم ينفسخ العقد وكان للبايع مطالبة الموكل بعوض الثمن التالف ان علم الوكالة والا طالب الوكيل ويرجع الوكيل على الموكل ولا ينقلب الشراء إلى الوكيل
عندنا ولا يلزمه الثمن وهو أحد أقوال الشافعية والثاني ان البيع ينقلب إلى الوكيل ويلزمه الثمن والثالث ان يعرض الحال على الموكل فان رغب فيه واتى بمثل تلك الدراهم
فالشراء له والا وقع للوكيل وعليه الثمن والحق ما قدمناه ولو تلفت قبل الشراء لم ينعزل الوكيل وان اشترى للموكل وقع للموكل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
يقع للوكيل مسألة لو اشترى الوكيل شراء فاسدا وقبض المبيع وتلف إما في يده أو بعد تسليمه إلى الموكل فللمالك مطالبته بالضمان وهل يرجع هو
على الموكل إن كان قد اذن له في الشراء الفاسد أو علم به وقبضه كان له مطالبة الموكل والا فالأقرب انه لا يطالبه به لأنه انما وكله في عقد صحيح فإذا عقد فاسدا فقد
فعل غير المأمور به فكان الضمان عليه لان الموكل لم يأمره بهذا القبض بل هو قبض لنفسه عن الموكل والموكل لم يأذن فيه فلا يقع عنه ولو ارسل رسولا ليستقرض له
شيئا فاستقرض فهو كوكيل المشتري وفي مطالبته ما في مطالبة وكيل المشتري بالثمن والظاهر عند الشافعية انه يطالب ثم إذا غرم رجع على الموكل المطلب الثاني
في نسبة الوكالة إلى الجواز مسألة العقود على أربعة اضرب الأول عقد لازم من الطرفين لا ينفسخ بفسخ أحد المتعاقدين وهو البيع والإجارة والصلح والخلع والنكاح
وهو أظهر وجهي الشافعية وفيه وجه اخر ان النكاح غير لازم من جهة الزوج والقائل الأول منهم قال إن الزوج لا يملك فسخه وانما يملك قطعه وإزالة ملكه كما يملك المشتري
عتق العبد المشترى وإزالة ملكه عنه ولا يمنع ذلك لزومه في حقه وأما الخلع فان الرجل والمراة معا ليس لهما فسخه بل إذا رجعت المراة في البذل كان له الرجوع في النكاح
الثاني عقد جايز من الطرفين وهي الوكالة والشركة والمضاربة والجعالة فلكل واحد منهما فسخ العقد في هذه الثالث عقد لازم من أحد الطرفين جايز من
الأخر كالرهن فإنه لازم من جهة الراهن جايز من جهة المرتهن والكتابة عند الشيخ جايزة من جهة العبد لان له ان يعجز نفسه ولازمة من جهة المولى الرابع المختلف فيه
وهو السبق والرمي ان قلنا إنه اجارة كان لازما وان قلنا إنه جعالة كان جايزا ولا نعلم خلافا من أحد من العلماء في أن الوكالة عقد جايز من الطرفين لأنه عقد على تصرف
مستقبل ليس من شرطه تقدير عمل ولا زمان فكان جايزا كالجعالة فان فسخها الوكيل انفسخت وبطل تصرفه بعد الفسخ فان فسخها الموكل فكذلك والأصل في ذلك ان الوكالة
قد تبدو للموكل في الامر الذي أناب فيه وفي نيابة ذلك الشخص وقد لا يتفرغ له الوكيل فالالزام مضر بهما جميعا ولا خلاف في أن العزل مبطل للوكالة مسألة
قد بينا ان الوكالة جايزة من الطرفين وتبطل بعزل الموكل في حضرته وغيبته إما لفظا بلفظ العزل كقوله عزلتك عن الوكالة أو بلفظ يؤدي معناه مثل فسخت
الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها أو صرفتك عنها أو أزلتك عنها أو دفعت الوكالة أو أخرجتك عن الوكالة فينعزل ويبطل تصرفه بعد ذلك سواء ابتداء بالتوكيل
أو وكل بمسألة الخصم كما إذا سئلت المراة زوجها ان يوكل بالطلاق أو الخلع أو المرتهن الراهن ان يوكل ببيع الرهن أو الخصم الخصم ان يوكل في الخصومة ففعل المسؤول
عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان الوكالة استنابة تابعة لاختيار الموكل فله العزل متى شاء كغيرها من الوكالات وقال أبو حنيفة إذا كان التوكيل بمسألة الخصم
لم ينعزل وإما معنى بان يفعل متعلق الوكالة مسألة إذا عزل الموكل الوكيل في غيبته قال الشيخ (ره) لأصحابنا روايتان إحديهما انه ينعزل في الحال وان لم يعلم
الوكيل بالعزل وكل تصرف للوكيل بعد ذلك يكون باطلا والثانية انه لا ينعزل حتى يعلم الوكيل ذلك وكل تصرف له يكون واقعا موقعه إلى أن يعلم ثم استدل على صحة الثاني
بان النهي لا يتعلق به حكم في حق المنهى الا بعد حصول العلم به ولهذا لما بلغ أهل قباء ان القبلة قد حولت إلى الكعبة وهم في الصلاة داروا وبنوا على صلاتهم ولم يؤمروا
بالإعادة قال وهذا القول أقوى وقال في النهاية ومن وكل وكيلا واشهد على وكالته ثم أراد عزله فليشهد على عزله علانية بمحضر من الوكيل أو يعلمه ذلك كما اشهد
على وكالته فإذا علمه غرم له واشهد على عزله إذا لم يمكنه اعلامه فقد انعزل الوكيل عن الوكالة فكل أمر ينفذه بعد ذلك كان باطلا ولا يلزم الموكل منه قليل ولا كثير
وان عزله ولم يشهد على عزله أو لم يعلمه ذلك مع امكان ذلك لم ينعزل الوكيل وكل أمر ينفذه بعد ذلك يكون ماضيا على موكله إلى أن يعلم بعزله وقال أبو حنيفة
الوكيل إذ عزل نفسه لم ينعزل الا بحضرة الموكل واما الموكل إذا عزله فإنه لا ينعزل قبل علمه فان بلغه العزل من رجل ثقة أو امرأة انعزل وان بلغه من فاسق لم ينعزل
لان الوكيل يتصرف بإذن الموكل وأمره فلا يصح ان يرد امره بغير حضوره كالمودع وكذلك الامر الشرعي لا يثبت وقوعه في حق المأمور قبل علمه كالفسخ في حق
المأمورين قبل علمهم وكذا القاضي لا ينعزل ما لم يبلغه الخبر ولان تنفيذ العزل قبل بلوغ الخبر إليه يسقط الثقة بتصرفه وللشافعي قولان أحدهما انه لا ينعزل
بالعزل وأصحهما الانعزال لأنه رفع عقد لا يحتاج فيه إلى الرضي فلا يحتاج (فيه) إلى العلم كالطلاق ولأنه لو جن الموكل أو مات انعزل الوكيل وان لم يبلغه الخبر وكذا لو وكله
ببيع عبد أو اعتاقه ثم باعه أو أعتقه الموكل نفذ تصرفه وانعزل الوكيل وان لم يشعر بالحال ضمنا وإذا لم يعتبر بلوغ الخبر في العزل الضمني ففي صريح العزل أولي ولأنه
رفع عقد فلا يفتقر إلى حضور من لا يفتقر إلى رضاه كالنكاح وان عللت بعزل الموكل قلت فلم يفتقر إلى علم من لم يفتقر إلى حضوره واما الوديعة فمن الشافعية من يقول
لا تنفسخ الا بالرد لان الأمانة باقية ما لم ترد أو يتعدى فإذا لم يقف على العلم ومنهم من يقول إنها تنفسخ إذا علم أن الوديعة ليس فيها الا الاستيمان والاستحفاظ وانما
يلزمه الرد إذا علم وليس كذلك في مسئلتنا فان فيه تصرفا بالرجوع ليمنع صحة التصرف فلهذا أراد الرجوع من غير علم الوكيل واما الفسخ ففيه لهم وجهان على أنهما يفترقان
لان أمر الشريعة يتضمن تركه المعصية فلا يجوز ان يكون عاصيا من غير علمه وهنا يتضمن ابطال التصرف وهذا لا يمنع منه عدم العلم وأيضا لا فرق بين الفسخ
132

وما نحن فيه لان حكم الفسخ إما ايجاب امتثال الأمر الثاني واما اخراج الأول عن الاعتداد به فما يرجع إلى الايجاب والالزام لا يثبت قبل العلم لاستحالة التكليف بغير المعلوم
وهذا النوع لا يثبت فيه الوكالة أصلا ورأسا لان أمر الموكل غير واجب الامتثال واما النوع الثاني فهو ثابت هناك أيضا قبل العلم حتى يلزمه القضاء ولا تبرأ ذمته
بالأول وأما انعزال القاضي فمنهم من طرد الخلاف فيه وعلى التسليم وهو الظاهر من مذهبهم فالفرق تعلق المصالح الكلية بعلمه وعن أحمد روايتان كقولي الشافعي
وكذا عن أصحاب مالك قولان والشيخ (ره) استدل على عدم العزل قبل العلم بما رواه جابر بن يزيد ومعوية بن وهب عن الصادق (ع) قال من وكل رجلا على امضاء
أمر من الأمور فالوكالة ثابتة ابدا حتى يعلمه بالخروج منها كما اعلمه بالدخول فيها وفي طريقها عمرو بن شمر وهو ضعيف وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن الصادق (ع)
عن رجل وكل اخر على وكالة في امضاء أمر من الأمور واشهد له بذلك شاهدين فقام الوكيل فخرج لامضاء الامر فقال اشهدوا اني قد عزلت فلانا عن الوكالة فقال إن
كان الوكيل قد أمضى الامر الذي وكل عليه قبل ان يعزل عن الوكالة فان الامر واقع ماض على ما امضاء الوكيل كره الموكل أم رضي قلت فان الوكيل امضى الامر قبل
ان يعلم العزل أو يبلغه انه قد عزل عن الوكالة فالامر ماض على ما أمضاه قال نعم قلت له فان بلغه العزل قبل ان يمضي الامر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشئ
قال نعم ان الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض ابدا والوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بثقة أو يشافهه بالعزل عن الوكالة وعن العلاء بن سيابة عن
الصادق (ع) في حديث ان عليا (ع) اتته امرأة مستعدية على أخيها فقالت يا أمير المؤمنين وكلت أخي هذا بان يزوجني رجلا وأشهدت له ثم عزلته من ساعته
تلك فذهب وزوجني ولي بينة اني قد عزلته قبل ان يزوجني فأقامت البينة وقال الأخ يا أمير المؤمنين انها وكلتني ولم تعلمني بأنها عزلتني عن الوكالة حتى زوجتها
كما أمرتني فقال لها ما تقولين فقالت قد أعلمته يا أمير المؤمنين فقال لها ألك بينة بذلك فقالت هؤلاء شهودي يشهدون باني قد عزلته فقال أمير المؤمنين (ع)
كيف تشهدون قالوا نشهد انها قالت اشهدوا اني قد عزلت أخي فلانا عن الوكالة بتزويجي فلانا واني مالكة لامري من قبل ان يزوجني فلانا فقال أشهدتكم
على ذلك بعلم منه وبمحضر قالوا لا قال فتشهدون انها أعلمته العزل كما أعلمته الوكالة قالوا لا قال ارى الوكالة ثابتة والنكاح واقع أين الزوج فجاء فقال خذ بيدها
بارك الله لك فيها فقالت يا أمير المؤمنين احلفه اني لم اعلمه بالعزل وانه لم يعلم بعزلي إياه قبل النكاح قال وتحلف قال نعم يا أمير المؤمنين فحلف وأثبت وكالته وأجاز
النكاح وهذه الرواية تدل على أنه لا عبرة بالشهادة وقول العزل ان لم يعلم الوكيل ولا بأس به عندي تذنيب إذا قلنا بعدم العزل قبل بلوغ الخبر إليه فالمعتبر
اخبار من يقبل قوله من شهود العدالة دون الصبي والفاسق فإذا قلنا بالانعزال فينبغي ان يشهد الموكل على العزل لان قوله بعد تصرف الوكيل كنت قد عزلته غير
مقبول مسألة إذا قال الوكيل عزلت نفسي وأخرجتها عن الوكالة أو رددت الوكالة انعزل وقال بعض الشافعية إن كانت صيغة الموكل بع واعتق
ونحوهما من صيغ الامر لم ينعزل برد الوكالة وعزله عن نفسه لان ذلك اذن وإباحة فأشبه ما إذا أباح الطعام لغيره لا يرتد برد المباح ولا يشترط في انعزال الوكيل بعزله
نفسه حضور الموكل وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يشترط حضور الموكل فان عزله نفسه بغير حضور الموكل لم ينعزل وقد سبق إذا عرفت هذا فان عزل نفسه
ثم تصرف كان فضوليا سواء كان الموكل حاضرا أو غايبا ويحتمل مع الغيبة الصحة عملا بالإذن العام الذي تضمنته الوكالة وكذا مع الحضور وعدم الرضي بعزله
مسألة متى خرج الوكيل أو الموكل عن أهلية التصرف بموت أو جنون أو اغماء بطلت الوكالة سواء كان العارض للوكيل أو للموكل وفي الجنون إذا كان مما
يطرأ ويزول على قرب لبعض الشافعية تردد وموضع التردد ما إذا كان امتداده بحيث لا يعطل المهمات ويحوج إلى نصب قوام فيلحق حينئذ بالاغماء في وجه وفي الاغماء
لهم وجهان أظهرهما عندهم انه كالجنون في اقتضاء الانعزال والثاني وهو الاظهر عند الجويني انه لا يقتضي الانعزال لان المغمى عليه لا يلتحق بمن يولي عليه والمعتبر في
الانعزال اللحاق الوكيل أو الموكل بمن يولي عليه مسألة والمحجور عليه لسفه أو فلس في كل تصرف لا ينفذ من السفيه والمفلس كالمجنون لأنه لا يملك التصرف فلا
يملكه غيره من جهة ولا فرق في ذلك بين ان يحجر عليه قبل التوكيل أو بعده فان سبقت الوكالة الحجر بطلت وكذا إن كان الحجر سابقا لم تقع صحيحة ولو وكل أحدهما
فيما له التصرف فيه صح لأنه مكلف ولم يخرج عن أهلية التصرف فيه ولو تجدد الرق بان كان حربيا فاسترق بطلت وكالته السابقة إن كان هو الموكل فلو كان هو
الوكيل كان بمنزلة توكيل عبد الغير يشترط رضي المولى ان منعت الوكالة شيئا من حقوقه ولو حجر على الوكيل لفلس لم تبطل الوكالة سواء تعلقت بأعيان الأموال أو لا لأنه
بفقره لم يخرج عن أهلية التصرف ولو حجر على الموكل وكانت الوكالة في أعيان ماله بطلت لانقطاع تصرفه في أعيان أمواله وإن كانت في الخصومة أو الشراء في الذمة
أو الطلاق أو الخلع أو القصاص فالوكالة بحالها لان الموكل أهل لذلك مباشرة فله ان يستنيب فيه ابتداء للأصل السالم عن المعارض ولا ينقطع الاستدامة
مسألة لو فسق الوكيل لم ينعزل عن الوكالة اجماعا لأنه من أهل التصرف الا أن تكون الوكالة مما تنافى في الفسق كالايجاب في عقد النكاح عند العامة
فإنه ينعزل عندهم بمجرد فسقه أو فسق موكله لخروجه عن أهلية التصرف فيه عندهم وعندنا لا يخرج بالفسق أيضا إذ لا يشترط العدالة في ولي النكاح واما في
القبول فلو فسق الموكل فيه لم ينعزل وكيله بفسقه لأنه لا ينافي جواز قبوله وهل ينعزل الوكيل بفسق نفسه فيه للعامة وجهان ولو كان وكيلا فيما يشترط فيه
الأمانة كوكيل ولي اليتيم وولي الوقف على المساكين ونحوه انعزل بفسقه وفسق موكله لخروجهما بذلك عن أهلية التصرف وإن كان وكيلا لوكيل من يتصرف
في مال نفسه انعزل بفسقه لأنه ليس للوكيل ان يوكل فاسقا ولا ينعزل بفسق موكله لأنه وكيل لرب المال ولا
ينافيه الفسق ولا تبطل الوكالة بالنوم والسكر
لأن هذه اعذار يمكن زوالها بسهولة وسرعة ولا يثبت عليه ولاية ولا يخرج بها عن أهلية التصرف الا ان يجعل الفسق بالسكر فتبطل فيما شرط فيه العدالة
مسألة إذا فعل الموكل متعلق الوكالة أو تلف المتعلق بطلت الوكالة كما لو وكل غيره في بيع عبد ثم باعه الموكل أو مات العبد بطلت الوكالة إذ لا
متعلق لها حينئذ وقد ذهب محلها هذا إذا باعه الموكل بيعا صحيحا ولو باعه بيعا فاسدا احتمل البطلان أيضا إذ شروعه في البيع رغبة عن الوكالة وقال ابن المنذر
لا تبطل الوكالة لبقاء ملكه في العبد ولو دفع إليه دينارا ووكله في الشراء بعينه فهلك أو ضاع أو استقرضه الوكيل أو تصرف فيه بطلت الوكالة أيضا ولو وكله في
الشراء مطلقا ونقد الدينار عن الثمن بطلت أيضا إذا تلف ذلك الدينار ولأنه انما وكله في الشراء ومعناه ان ينقد ثمن ذلك المبيع إما قبل الشراء أو بعده وقد تعذر
ذلك بتلفه ولأنه لو صح شراؤه للزم الموكل ثمن لم يلزمه ولا رضي بلزومه وإذا استقرضه الوكيل ثم عزل دينارا عوضه واشترى به فهو كالشراء له من غير اذن
لان الوكالة بطلت والدينار الذي عزله عوضا لا يصير للموكل حتى يقبضه فإذا اشترى للموكل وقف على اجازته فان اجازه صح ولزم الثمن والا لزم الوكيل
الا ان يسميه في العقد وقال بعض العامة إذا اشترى بعين ماله لغيره شيئا فالشراء باطل لأنه لا يصح ان يشتري الانسان بعين ماله ما يملكه غيره بذلك العقد
133

وقال أصحاب الشافعي إذا اشترى لغيره بمال نفسه صح الشراء للوكيل سواء اشتراه بعين المال أو في الذمة والوجه المنع لأنه اشترى له ما لم يأذن له في شرائه فأشبه ما لو
اشتراه في الذمة مسألة لو وكله في بيع عبد أو جارية ثم أعتقه قبل البيع بطلت الوكالة لان ذلك هلاك للمالية فأشبه هلاك العين ولو اجره الموكل
فالوجه بطلان الوكالة أيضا وبه قال بعض الشافعية لان الإجارة ان منعت البيع لم يبق الوكيل مالكا للتصرف ولا الموكل أيضا وان لم تمنعه فهي علامة الندم لان
من يريد البيع لا يواجر لقلة الرغبات فيه بسبب الإجارة وكذا تزويج الجارية ويحتمل عدم بطلان الوكالة ولو كاتبه أو دبره انفسخت الوكالة لأنه يعطي رجوعه عن اذن اخراجه
عن ملكه ولان الكتابة تقطع تصرف المولى فيه فلم يبق محلا للبيع وفي طحن الحنطة الموكل ببيعهما للشافعية وجهان أحدهما الانعزال لبطلان اسم الحنطة واشعاره
بالامساك والثاني العدم عملا بالاستصحاب وبقاء العين صالحة للنقل هذا إذا عين وقال له بع هذه الحنطة ولو اطلق فقال له بع حنطة ثم طحن غلته لم تبطل
وكالته ولو عرض السلعة المأمور ببيعها على البيع لم يكن عزلا لوكيله عن بيعها لجواز طلب التساعد في الاعراض وكذا لو وكل وكيلا اخر لم ينعزل الأول لجواز
طلب المساعدة والاعتضاد مسألة إذا وكل السيد عبده في بيع أو شراء أو غيرهما من التصرفات ثم أعتقه أو باعه فان قلنا إن توكيله لعبده توكيل حقيقي
لم ينعزل بالبيع ولا بالعتق وبقي الاذن بحاله عملا بالاستصحاب ولأنه بعد العتق صار أكمل حالا ما كان عليه أولا وان قلنا إنه ليس بتوكيل حقيقي ولكنه استخدام
وامر ارتفع الاذن لزوال الملك لأنه انما استخدمه وأمره بحق الملك وقد زال بالبيع والعتق وإذا باعه فقد صار إلى ملك من لم يكن في توكيله وثبوت ملك غيره فيه
يمنع ابتداء توكيله بغير اذنه فيقطع استدامته وعلى تقدير ارتفاع الوكالة بالعتق أو البيع لو قال العبد عزلت نفسي فهو لغو وفصل بعض الفقهاء فقال إن
كانت الصيغة وكلتك بكذا بقي الاذن (وان امره ارتفع الاذن)؟؟ بالعتق والبيع إذا حكمنا ببقاء الاذن في صورة البيع فعليه استيذان المشتري لان منافعه صارت مستحقة له والكتابة
كالبيع والاعتاق في جريان الوجهين مسألة لو وكل عبد غيره في بيع شئ أو شرائه أو غير ذلك من التصرفات افتقر إلى اذن المالك فلو وكله باذنه ثم باع
المالك عبده ففي ارتفاع الوكالة أيضا وجهان أحدهما الارتفاع لبطلان اذنه بزوال ملكه وعدمه لان سيد العبد اذن له في بيع ماله وكذا لو أعتق سيد العبد عبده
لم تبطل الوكالة هنا قطعا لان توكيل عبد الغير توكيل حقيقي ليس استخداما ولا أمرا وهكذا ان باعه لكن يعتبر رضي المشتري وعلى الموكل ان يستأذن المشتري سواء كان
الوكيل عبده أو عبد الغير لان منافعه صارت مستحقة له فان رضي ببقاء الوكالة بقيت والا بطلت ولو لم يستأذن في الصورتين المشتري نفذ تصرفه لدوام الاذن
وان ترك واجبا قال الجويني وفيه احتمال مسألة لو وكل زوجته في بيع أو شراء أو غيرهما من التصرفات صح التوكيل فان طلقها لم تبطل الوكالة لان زوال النكاح
لا يمنع ابتداء الوكالة فلا يقطع استدامتها ولو وكل رجلا في نقل امرأته وبيع عبده أو قبض داره من فلان فقامت البينة بطلاق الزوجة وعتق العبد وانتقال الدار عن
الموكل بطلت الوكالة لأنه زالت تصرف الموكل فزالت وكالته مسألة لو وكله في قبض دينه من رجل فمات نظر في لفظ الموكل فان قال اقبض حقي من فلان
بطلت الوكالة ولم يكن له القبض من وارثه لأنه لم يؤمر بذلك وانما وكله في قبض مبدؤه من المديون وقد مات وان قال اقبض حقي الذي على فلان أو الذي
في قبل فلان فله مطالبة وارثه والقبض منه لان قبضه من الوارث قبض للحق الذي على مورثه وإذا قبض من الوارث لم يكن قبضا من فلان لا يقال لو قال له اقبض حقي من
زيد فوكل زيد انسانا في الدفع إليه كان له القبض منه فكذا ينبغي ان يقبض من الوارث لان الوارث نايب الموروث كما أن الوكيل نايب الموكل لأنا نقول الوكيل
إذا دفع عنه باذنه جرى مجرى تسليمه لأنه اقامه مقام نفسه وليس كذلك هنا فان الحق انتقل إلى الورثة فاستحقت المطالبة عليهم لا بطريق النيابة عن الموروث
ولهذا لو حلف لا يفعل شيئا حنث بفعل وكيله ولا يحنث بفعل وارثه مسألة إذا وقعت الوكالة مطلقة غير موقته ملك الوكيل التصرف ابدا ما لم يفسخ الوكالة
بقوله فسخت الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها أو عزلتك أو صرفتك عنها أو أزلتك أو نهاه عن فعل ما امره به ووكله فيه وما أشبه ذلك من الفاظ العزل
أو المؤدية معناه أو يعزل الوكيل نفسه أو يوجد من أحدهما ما يقتضي فسخ الوكالة فإذا وكله في طلاق زوجته ثم وطيها احتمل بطلان الوكالة لدلالة وطيه لها على رغبته فيها واختيار
امساكها وكذلك لو وطيها بعد طلاقها رجعيا كان ذلك ارتجاعا لها فإذا اقتضى الوطؤ رجعتها بعد طلاقها فلان يقتضي استبقاها على زوجيتها ومنع
طلاقها أولي وان باشرها دون الفرج أو قبلها أو فعل بها ما يحرم على غير الزوج فهل تنفسخ الوكالة في الطلاق اشكال ينشأ من حصول الرجعة به وعدمه مسألة
لو جحد الموكل الوكالة ففي كونه عزلا للوكيل اشكال ينشأ من استصحاب الحال وعدم التصريح بالعزل ومن حكمه بارتفاع الوكالة وبطلانها من أصلها ولو جحد الوكيل
الوكالة وأنكرها ففي كونه ردا للوكالة اشكال أقربه ان نقول إن كان هذا الانكار لنسيان أو لغرض في الاخفاء لم يكن ردا وان تعمد ولا غرض له في الاخفاء فالأقرب انه
رد تنبيه كون الوكالة جايزة حكم سار في الوكالة بجعل وغير جعل وقال بعض الشافعية إذا شرط فيها جعل معلوم واجتمعت شرائط الإجارة وعقد العقد بصيغة
الإجارة فهو لازم وان عقد بلفظ الوكالة أمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها ونحن لا ننازع في كون الإجارة لازمة مسألة لو وكله في
البيع وأمره بشرط الخيار فشرطه ثم رده المشتري بالخيار أو البايع أو ظهر فيه عيب فرده المشتري به أو ظهر في الثمن المعين عيب فرده البايع انفسخ البيع ولم يكن للوكيل
بيعه ثانيا عند علمائنا وبه قال الشافعي لان الوكيل فعل متعلق الوكالة فارتفعت وكالته لأنه لو بقي وكيلا فاما ان يكون في البيع الأول وهو محال لاستحالة تحصيل
الحاصل أو في البيع ثانيا ووكالته لم تتعلق الا ببيع واحد وقال أبو حنيفة لا ترتفع وكالته ويكون له البيع ثانيا وليس بجيد مسألة إذا وكله في بيع نصيبه
من دار أو في قسمته مع شركائه أو في اخذه بالشفعة فأنكر الخصم ملكية الوكل لم يملك التثبيت على ما قدمناه في نظائره وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني
وقال أبو حنيفة إذا وكله في القسمة أو طلب الشفعة كان وكيلا في تثبيت ذلك لأنه لا يتوصل إلى ذلك الا باثبات الملك فيه والحق ما قلناه لأنه قد يرتضي للاثبات
من لا يرتضى للمطالبة وبالعكس وقال بعض الشافعية لا يملك التثبيت قولا واحدا مسألة لو قال له بع كذا واشترط الخيار لي أو للمشتري أو لنا معا أو اشتر
كذا واشترط الخيار كذلك لم يملك البيع المنجز ولو امره بالبيع وأطلق لم يكن للوكيل شرط الخيار للمشتري وكذا لو وكله بالشراء لم يكن له شرط الخيار للبايع والأقرب
انهما يملكان شرط الخيار لأنفسهما ولموكليهما وللشافعية وجهان أحدهما المنع لأن اطلاق العقد يقتضي عقدا بلا شرط والوجه ما تقدم لأنه زاده خيرا مسألة
التوكيل في شراء العين أو بيعها لا يقتضي الاذن في شراء بعضها ولا بيعه للتضرر بالتبعيض ولو فرض فيه غبطة كما لو امره بشراء عبد بألف فاشترى نصفه بأربع مائة
ثم نصفه الأخر كذلك كان فضوليا ان سماه في عقد أو نواه والا وقع عنه ولا ينقلب الملك إلى الوكيل بعد انصراف العقد الأول عنه وفيه وجه ضعيف للشافعية
ولو قال له اشتره بهذا الثوب فاشتراه بنصفه صح لأنه إذا رضي بزوال كل الثوب في مقابلته فهو بزوال بعضه أشد رضي ولو قال بع هؤلاء العبيد أو اشتر لي خمسة
134

أعبد ووصفهم له فله الجمع والتفريق لعدم التضرر ولو قال اشترهم صفقة واحدة لم يفرق فان فرق لم يصح للموكل عند الشافعية وعندنا يكون فضوليا ولو اشترى
خمسة من مالكين أحدهما ثلاثة والاخر اثنان دفعة واحدة وصححنا مثل هذا العقد ففي وقوع شرائهم عن الموكل للشافعية وجهان أحدهما وبه قال بن شريح انه يقع
حملا لكلامه على الامر بتمليكهم دفعة واحدة وأظهرهما المنع لأنه إذا تعدد البايع لم تكن الصفقة واحدة والمعتمد عندنا الأول لصدق الوحدة باعتبار ولو قال بع
هؤلاء الاعبد الثلاثة بألف لم يبع واحدا منهم بدون الألف لجواز ان لا يشتري الباقيان بالباقي من الألف ولو باعه بألف صح وهل له بيع الآخرين للشافعية
وجهان أصحهما نعم وبه يقول عملا بالاذن السابق ولو قال بع من عبيدي من شئت بقي بعضهم ولو واحدا وكذا لو قال ما شئت فكذلك مسألة إذا وكله في البيع نسية
فباع كذلك لم يملك التقاضي ولم يلزمه أيضا لو طلبه المالك منه بعد حلول الأجل ولكن عليه بيان المعامل حتى لا يكون مضيقا لحقه وكذا لو قال ادفع هذا الثوب إلى
صانع فقال دفعته طالبه المالك ببيانه وكان عليه البيان فان امتنع كان متعديا فلو تلف في يد الصانع ثم بينه كان عليه الضمان عند بعض الشافعية وعندي
فيه نظر وقال أكثر الشافعية لا يلزمه البيان وليس بشئ ولو قال لغيره بع عبدك من فلان بألف ادفعه إليك فباعه منه فالأقوى ان البايع يستحق الألف على
الامر دون المشتري فإذا غرم الآمر رجع على المشتري مع الاذن ومطلقا على اشكال ولو قال اشتر عبد فلان لي بثوبك هذا أو بدراهمك ففعل فالأقرب البطلان
إذ لا يملك الانسان شيئا والثمن على غيره وقالت الشافعية يحصل الملك للامر ويرجع المأمور عليه بالقيمة أو المثل وفيه لهم وجه آخر انه إذا لم يجر شرط الرجوع لا
يرجع فإذا قبض وكيل المشتري المبيع وغرم الثمن من ماله لم يكن له حبس المبيع ليغرم الموكل له وفيه وجه للشافعية ان له الحبس وبه قال أبو حنيفة بناء على أن
الملك يحصل للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل مسألة لو وكله في استيفاء دينه من زيد فجاء إلى زيد للمطالبة فقال زيد للوكيل خذ هذه الدراهم واقض بها دين فلان يعني موكله فأخذها صار وكيل زيد في قضاء دينه حتى يجوز لزيد استردادها ما دامت
في يده ولو تلفت عنده بقي الدين بحاله ولو قال خذها عن الدين الذي تطالبني به لفلان فأخذ كان قابضا للموكل وبريت ذمة زيد وليس له الاسترداد
ولو قال خذها قضاء عن دين فلان احتمل الوجهان معا فلو تنازع الموكل وزيد فالقول قول زيد مع يمينه مسألة لو دفع إليه شيئا وقال تصدق به على الفقراء
فتصدق ونوى نفسه لغت نيته وكانت الصدقة للامر وعندي فيه نظر ولو وكل عبدا ليشتري له نفسه أو مالا اخر من سيده جاز عندنا وهو أظهر وجهي الشافعية
كما يجوز توكيله في الشراء من غير سيده والثاني لا يجوز لان يده يد السيد فأشبه ما لو وكل انسانا ليشتري له من نفسه وهو ممنوع فعلى ما اخترناه يجب
ان يصرح بذكر الموكل فيقول اشتريت نفسي منك لموكلي فلان ولو لم يضف بل قال اشتريت نفسي منك ونوى الإضافة إلى الموكل صح ووقع للموكل وقال
بعض الشافعية إذا لم يضف لم يقع له لان قوله اشتريت نفسي صريح في اقتضاء العتق فلا يندفع بمجرد النية وهو ممنوع ولو قال العبد لرجل اشتر لي نفسي
من سيدي ففعل جاز وبه قال بعض الشافعية والأقرب العدم بل تكفي النية وقال بعض الشافعية يشترط التصريح بالإضافة إلى العبد فلو اطلق وقع الشراء للوكيل إذا البايع قد لا يرضى بعقد يتضمن الاعتاق
قبل توفية الثمن والرضي بالمشتري غير شرط في البيع مسألة لو قال لغيره أسلم لي في كذا وأد رأس المال من مالك ثم ارجع علي جاز كما إذا قال اشتر هذه
السلعة بيني وبينك واد الثمن عني وبه قال ابن شريح من الشافعية ويكون رأس المال قرضا على الامر وقال بعض الشافعية لا يصح لان الاقراض لا يتم الا بالاقباض
ولم يوجد من المستقرض قبض فإذا ابراء وكيل المسلم المسلم إليه لم يلزم ابراؤه الموكل لكن المسلم إليه لو قال لا أعرفك وكيلا وانما التزمت لك شيئا فأبرأتني عنه نفذ
في الظاهر ويعطل بفعله حق المسلم وفي وجوب الضمان عليه قولان الغرم بالحيلولة للشافعية والأظهر عندهم وجوبه لكن لا يغرم مثل المسلم فيه ولا قيمته لئلا يكون
اعتياضا عن المسلم وانما يغرم له رأس المال قال الجويني وهو حسن وقال بعضهم انه يغرم للموكل مثل المسلم ولو قال اشتر لي طعاما بكذا قال الشافعي يحمل على الحنطة
اعتبارا بعرفهم والوجه عندي اعتبار العرف عند كل قوم وعلى قول الشافعي لو كان بطبرستان لم يجر التوكيل لأنه لا عرف فيه لهذا اللفظ عندهم فيكون في
مجهول ولو وكله في شراء ما ينطلق عليه الاسم بالاشتراك وجب التعيين في الوكالة والا بطلت ويجئ على قول من يحمل المشترك على كلا المعنيين الجواز وحمله على
المعنيين معا ولو قال له وكلتك في ابراء غرماي لم يملك ابراء نفسه فإن كان قد قال فان شئت تبرئ نفسك فافعل جاز وللشافعي خلاف تقدم في أنه هل يجوز
توكيل المديون بابراء نفسه ولو قال فرق ثلثي على الفقراء وان شئت ان تضعه في نفسك فافعل جاز عند الشافعي يبنى على الخلاف فيما إذا اذن للوكيل في البيع
من نفسه ولو قال له اشتر لي بديني عليك طعاما صح خلافا لبعض العامة ولو قال استسلف لي ألفا من مالك في كر طعام لم يصح لأنه لا يجوز ان يشتري الانسان بماله
ما يملكه غيره وان قال اشتر لي في ذمتك أو قال أسلف ألفا في كر طعام واقبض الثمن عني من مالك ومن الدين الذي عليك صح لأنه إذا اشترى في الذمة حصل الشراء
للموكل والثمن عليه فإذا قضاه من الدين الذي عليه فقد دفع الدين من ماله بأمر صاحب الدين بدفعه إليه وان قضاه من ماله غير الدين الذي عليه صار قرضا
عليه الفصل الرابع في التنازع وفيه مباحث الأول في النزاع في أصل الوكالة وصفتها مسألة إذا اختلفا في أصل الوكالة فادعى
الوكيل ان وكله في كذا وأنكر الموكل فإن كان هناك بينة حكم بها والا فالقول قول الموكل لأنه المنكر مع يمينه لأصالة عدم التوكيل ولم يثبت انه أمينه ليقبل قوله
عليه ولو اتفقا على أصل العقد واختلفا في بعض الكيفيات أو المقادير كما إذا قال وكلتني ببيع كله أو ببيعه نسية أو بشرائه بعشرين وقال الموكل بل ببيع بعضه
أو ببيعه نقدا أو بشرائه بعشرة فالقول قول الموكل لان الأصل عدم الإذن فيما يدعيه الوكيل ولان الاذن صادر عن الموكل وهو اعرف بحال الاذن ومقاصده
الصادرة عنه ولأنه لما كان القول قوله في أصل العقد وجب ان يكون في الصفة كذلك كما لو اختلف الزوجان في عدد الطلاق كان القول قول الزوج فيه لأنهما
لو اختلفا في أصله كان القول قوله والأصل في ذلك كله ان الوكيل يدعي خلاف الأصل فيكون القول قول الموكل مع اليمين وعلى من يدعي خلاف البينة
وفرق بين هذا وبين ما إذا اختلف الخياط ومالك الثوب فقال الخياط أمرتني بقطع الثوب قباء فقطعته كذلك كما أمرتني وقال المالك بل امرتك ان
تقطعه قميصا كان القول قول الخياط مع أنهما لو اختلفا في أصل الاذن كان القول قول المالك بان المالك هناك يريد الزام الخياط الأرش والأصل عدمه
وههنا الموكل لا يلزم الوكيل غرامة وان لزمه الثمن فإنما لزمه بحكم اطلاق البيع مسألة لو وكله في شراء جارية فاشتراها الوكيل بعشرين وزعم الوكيل
ان الموكل اذن له فيه وقال الموكل ما أذنت الا في الشراء بعشرة فالقول قول الموكل لما تقدم فإذا حلف فإن كان الشراء بعين مال الموكل فان ذكر في العقد ان
المال لفلان أو ان الشراء له كان باطلا لان المال في يده لم يتعلق به حق الغير قبل الشراء فيقبل اقراره فيه وحينئذ يكون العقد واقعا بمال الغير وقد ثبت بيمين صاحب
المال انه لم يأذن في الشراء الذي باشره الوكيل فيلغو العقد وان لم يذكره في العقد وقال بعد الشراء انني أشريت له فان صدقه البايع فالعقد باطل أيضا وإذا بطل
135

الشراء فالجارية باقية على ملك البايع وعليه رد ما اخذ وإن كان كذبه البايع وقال انما اشتريت لنفسك والمال لك ولا بينة حلف على نفي العلم بالوكالة وحكم بصحة الشراء
للوكيل في الظاهر وسلم الثمن المعين إلى البايع وغرم الوكيل مثله للموكل وإن كان الشراء في الذمة فان نوى الموكل ولم يسمه كانت الجارية للوكيل والشراء له ظاهرا لان التصرف
لغيره في الذمة يلزمه التصرف إذا لم يقع لذلك الغير وان سماه فان صدقه البايع بطل الشراء لاتفاقهما على كونه للغير لان البايع أوجبه للموكل فإذا لم يلزمه لم يصح كما
إذا تزوج امرأة لغيره بغير اذنه وهو أحد وجهي الشافعي والثاني انه يلزمه كما لو اطلق بخلاف النكاح لان ذكر الزوج شرط فيه بخلاف البيع وثبوت كونه بغير اذنه بيمينه
وان كذبه البايع وقال أنت مبطل في تسميته فيلزم المشتري الوكيل ويكون كما لو اقتصر على النية أو يبطل الشراء من أصله للشافعية وجهان والأظهر عندهم صحته ووقوعه
للوكيل وحيث صححنا الشراء وجعلنا الجارية للوكيل ظاهرا وزعمه انها للموكل فيأمره الحاكم بالرفق للمأمور فيقول له ان كنت امرتك ان تشتريها بعشرين فقد
بعتكها بعشرين ويقول الأخر قبلت ليحل له الفرج والضابط ان الوكيل إن كان كاذبا فيما أدعاه فان العين المبيعة له في الباطن والظاهر لان البيع وقع له وإن كان صادقا
فهي له في الظاهر دون الباطن واختلفت الشافعية في ذلك منهم من قال إن هذا الشرط لا يكون في كلام الموكل وانما يكون في كلام الحاكم وينبغي أن يقول الموكل
بعتكها بعشرين ليقع البيع فان البيع لا يقبل التعليق بالشرط ولهذا لو قال إن كان قدم فلان فقد بعتك لم يصح كذا هنا وقال بعضهم يجوز أن يقول ذلك
الموكل ويصح لأنه شرط يقتضيه الايجاب فلا يمنع صحته لأنه لا يصح الايجاب الا ان يكون الوكيل صادقا فيما قال وقد وقع البيع للموكل كما إذا قال إن كان مالي الغائب
سالما فهذه زكاته وان لم يكن سالما فهي نافلة يصح لان ذلك مقتضي الاطلاق وإن كانت الزكاة لا تتعلق بشرط قال بعض الشافعية القول الأول خطأ لان هذا
الموكل إذا اطلق قوله بعتك يكون ذلك اقرارا منه بالملك وتكذيبا لنفسه فيما أدعاه فلا يؤمر به واما الشرط المذكور فلا يضر لأنه أمر واقع يعلمان وقوعه
مثل ان يتفقا على أن هذا الشئ ملك أحدهما فيقول إن كان ملكي فقد بعتك فيصح وكذا كل شرط علما وجوده لا يؤدي إلى وقوف البيع بخلاف ما ذكره إذا
ثبت هذا فان أوجب الموكل البيع للوكيل إما مطلقا أو مشروطا فقد ملك الوكيل المبيع ظاهرا أو باطنا وان امتنع لم يجبره على ذلك لأنه قد يثبت بيمينه برائته
منه ولان البيع لا يجبر عليه الا ان هذا المبيع في يد هذا الوكيل فما يصنع به الأقوى عندي أنه يكون في يده للموكل وله عليه ما لزمه من الثمن فيكون له بيعه واستيفاء
ذلك منه لتعذر وصول حقه إليه الا بذلك وهو أحد وجوه الشافعية والثاني أنه يكون للوكيل ظاهرا وباطنا لأنا إذا فسخنا العقد في حق الموكل عاد إلى الوكيل
كالمتبايعين إذا تحالفا فسخنا العقد بينهما وعاد الملك إلى البايع والثالث انه لا يبيعه الوكيل بنفسه ولكن يواطئ رجلا يدعيه رهنا عليه فيقر به فيبيعه الحاكم
عليه والثاني ليس بشئ لأنه يفسخ البيع عن الموكل لا يرجع إلى الوكيل وانما يرجع إلى البايع بخلاف ما ذكره من المتبايعين لأنه هناك يرجع إلى البايع بملكه السابق وأما
الثالث فيشتمل على المشقة المنفية بالأصل وعلى الامر بالكذب فلهذا جوزنا له بيعه بنفسه كالمديون المماطل مع قدرته إذا ظفر صاحب الدين له بشئ يخالف
جنس دينه إذا عرفت هذا فسواء اطلق البيع أو علق لا يجعل ذلك اقرارا بما قاله الوكيل تكذيبا لنفسه إذا عرفت هذا فإذا امتنع الموكل من البيع مطلقا ومشروطا
فإن كان الوكيل كاذبا لم يحل له وطؤها ولا التصرف فيها بالبيع وغيره إن كان الشراء بعين مال الموكل لان
الجارية حينئذ تكون للبايع وإن كان الشراء في الذمة ثبت الحل
لوقوع الشراء للوكيل ضرورة كونه مخالفا للموكل وعندي انه لا يبطل ان سماه أو نواه وقال بعض الشافعية إذا كان كاذبا والشراء بعين مال الموكل فللوكيل بيعها
إما بنفسه أو بالحاكم لان البايع حينئذ يكون آخذا لمال الموكل بغير استحقاق وقد غرم الوكيل للموكل فله أن يقول للبايع رد مال الموكل أو أغرمه إن كان تالفا
لكنه قد تعذر ذلك بسبب اليمين فسيأخذ حقه من الجارية التي هي ماله وإن كان الموكل صادقا ففيه الوجوه الثلاثة السابقة أحدها انها تكون للوكيل ظاهرا
وباطنا حتى يحل له الوطؤ وكل تصرف وبه قال أبو حنيفة بناء على أن الملك يثبت للوكيل أولا ثم ينتقل منه إلى الموكل فإذا تعذر نقله منه بقي على ملكه ومنهم من خص
هذا الوجه بما إذا كان الشراء في الذمة ولم يطرده في الحالتين واليه مال الجويني وثانيها انه ان ترك الوكيل مخاصمة الموكل فالجارية له ظاهرا وباطنا وكان كذب نفسه والا فلا
وثالثها وهو الأصح انه لا يملكها باطنا بل هي للموكل وللوكيل الثمن عليه فهو كمن له على رجل دين لا يؤديه فظفر بغير جنس حقه من ماله فيجئ خلاف الشافعية
في أنه هل له بيعه واخذ الحق من ثمنه والأصح عندهم ان له ذلك كما اخترناه نحن ثم يباشر البيع أو يرفع الامر إلى القاضي فيه لهم وجهان أصحهما هنا ان له بيعها
بنفسه لان القاضي لا يجيبه إلى البيع ولان المظفور بماله في سائر الصور يدعي المال لنفسه فيسلط غيره عليه وقد يستبعد وهنا الموكل لا يدعي المال لنفسه وإذا
قلنا إنه ليس له ان يأخذ الحق من ثمنها فتوقف في يده حتى يظهر مالكها أو يأخذها القاضي فيحفظها فيه للشافعية وجهان مسألة لو اشترى الوكيل جارية
لموكله فأنكر الموكل الاذن في شرائها وقال ما وكلتك في شراء هذه بل الجارية الأخرى فالقول قول الموكل على ما تقدم فإذا حلف بقيت الجارية المشتراة في يد
الوكيل والحكم على ما تقدم في المسألة الأولى فيرفق الحاكم ويتلطف كما تقدم مسألة لو باع الوكيل نسيئة وادعى اذن المالك فيه فان صدقه المالك صح البيع فان
كذبه وقال ما أذنت لك في بيعه نسيئة بل في بيعه نقدا أو قلت لك بعه ولم أذكر شيئا لان الاطلاق ينصرف إلى النقد ثم إن صدقه الوكيل والمشتري جميعا حكمنا
بفساد البيع فإن كانت السلعة قايمة رجع بها وكان له ان يطالب أيهما شاء والا رجع بالقيمة على من شاء منهما وان كذباه فالقول قول المالك مع يمينه على
القطع وعدم البينة فان أنكر المشتري الوكالة وقال إن البايع باع ملكه فالموكل حينئذ يحتاج إلى إقامة البينة فإن لم يكن هناك بينة قدم قول المشتري مع
يمينه على نفي العلم بالوكالة لأنها يمين على نفي فعل الغير فان حلف قرر المبيع في يده ويكون للمالك الرجوع على الوكيل ان كذبه في عدم اذنه في النسية بعد حلف
الموكل له بالقيمة وان نكل المشتري عن اليمين على نفي علم الوكالة حلف الموكل على ثبوتها فإذا حلف حكم ببطلان البيع وان لم يحلف ونكل فهو كما لو حلف المشتري
ونكول الموكل عن يمين الرد في خصومة المشتري لا يمنعه من الحلف على الوكيل فإذا حلف عليه فله ان يغرم الوكيل قيمة المبيع أو مثله إن كان مثليا والوكيل لا يطالب
المشتري بشئ حتى يحل الاجل مواخذة له بموجب تصرفه فإذا حل نظر ان رجع عن قوله الأول وصدقه الموكل فلا يأخذ من المشتري الا أقل الأمرين من الثمن أو
القيمة لأنه إن كان الثمن أقل فهو موجب عقده وتصرفه فلا يقبل رجوعه فيما يلزمه من زيادة على العين وإن كانت القيمة أقل فهي التي غرمها فلا يرجع الا بما غرم
لأنه قد اعترف أخيرا بفساد العقد وان لم يرجع وأصر على قوله الأول فيطالبه بالثمن بتمامه فإن كان مثل القيمة أو أقل فذلك وإن كان أكثر فالزيادة في يده
للموكل بزعمه والموكل ينكرها فيحفظها أو يلزمه دفعها إلى القاضي فيه للشافعية خلاف اعترض بعض الفقهاء بان الموكل إذا أنكر التوكيل بالنسية كان ذلك
عزلا للوكيل على رأي فكيف يملك الوكيل بعده استيفاء الثمن وأجيب بأنه انما يستوفي الثمن لان الموكل ظلمه بتغريمه في زعمه وظفر بجنس حقه من مال من ظلمه وإن كان
136

من غير الجنس فيأخذه أيضا ولا يخرج على القولين في الظفر بغير جنس الحق في غير هذه الصورة لان المالك يدعيه لنفسه ويمنع الغير عنه والموكل لا يدعي الثمن
هنا فأولى مصرف يفرض له التسليم إلى الوكيل الغارم مسألة هذا وكله إذا لم يعترف المشتري بالوكالة فان اعترف لها فان صدق الموكل فالبيع باطل وعليه
رد المبيع إن كان باقيا وان تلف فالموكل بالخيار ان شاء غرم الوكيل لأنه تعدى ما امره الموكل وان شاء غرم المشتري لتفرع يده على يد مضمونة ولأنه أتلف السلعة
على الموكل بشرائه من غير اذن مالكها وقرار الضمان على المشتري لحصول الهلاك في يده فان رجع الموكل عليه لم يرجع على الوكيل لحصول التلف في يده بل
يرجع عليه بالثمن الذي سلمه إليه لخروج المبيع مستحقا وان صدق الوكيل قدم قول الموكل مع يمينه فان حلف اخذ العين وان نكل حلف المشتري وبقيت له
وان رجع على الوكيل لم يكن للوكيل ان يرجع في الحال لأنه يقر انه ظلمه بالرجوع عليه وانما يستحق عليه الثمن المؤجل فإذا حل الاجل كان للوكيل ان يرجع عليه بأقل
الامرين من القيمة والثمن لان القيمة إن كانت أقل فصاحب السلعة يقول إنه لا يستحق ذلك ولا يغرم الا القيمة وإن كان الثمن المسمى أقل رجع به لأنه معترف بان صاحب
السلعة ظلمه بأخذ القيمة وان ذلك الذي يستحقه الثمن فلا يرجع بأكثر منه وان كذبه أحدهما دون الأخر رجع على المصدق وحلف على المكذب ويرجع حسب ما ذكرناه
في تكذيبهما البحث الثاني في المأذون مسألة إذا وكله في بيع أو هبة أو صلح أو طلاق أو عتق أو ابراء أو غير ذلك ثم اختلف الوكيل والموكل
فادعى الوكيل انه تصرف كما اذن له وأنكر الموكل وقال لم تتصرف البتة بعد فان جرى هذا النزاع بعد عزل الوكيل لم يقبل قوله الا ببينة لان الأصل العدم
وبقاء الحال كما كان والوكيل غير مالك للتصرف حينئذ وان جرى قبل العزل فالأقرب انه كذلك وان القول قول الموكل لان الأصل العدم ولان الوكيل يقر عليه
بزوال الملك عن السلعة فوجب ان لا يقبل بخلاف ما إذا ادعى الرد أو التلف فإنه ينبغي رفع الضمان عن نفسه لا التزام الموكل شيئا وهو أحد قولي الشافعي والثاني
ان القول قول الوكيل لأنه أئتمنه فعليه تصديقه ولأنه مالك لانشاء التصرف ومن ملك الانشاء قبل اقراره كالولي المجيز إذا أقر بنكاح موليته وبهذا القول
قال أبو حنيفة الا في النكاح إذا اختلف فيه الوكيل والموكل فان القول قول الموكل واختلف أصحاب الشافعي فيما هو الأصح من القولين وما كيفيتهما أما الثاني فكلام أكثر
الشافعية ترجيح قول تصديق الموكل حتى أن بعضهم لم يورد غيره وقال بعضهم الأصح تصديق الوكيل من جهة القياس واما الأول فان قول تصديق الموكل
منقول عن الشافعي في مواضع واختلف الناقلون في القول الآخر فقال بعضهم انه منصوص الشافعي وقال آخرون انه مخرج خرجه ابن شريح وغيره وفي المسألة
وجه ثالث للشافعية وهو انما يستقل به الوكيل كالطلاق والاعتاق والابراء يقبل فيه قوله مع يمينه وما لا يستقل كالبيع لابد فيه من البينة مسألة
لو صدق الموكل الوكيل في البيع ونحوه ولكن قال كنت عزلتك قبل التصرف وقال الوكيل بل كان العزل بعد التصرف فهو لو قال الزوج راجعتك قبل انقضاء
العدة وقالت انقضت عدتي قبل ان راجعتني وحينئذ يحتمل تقديم قول الوكيل لأصالة صحة تصرفه وتقديم قول الموكل لأصالة سبق العقد والتحقيق إن كان واحد
منهما يدعي التقديم والأصل عدمه فلا أولوية من هذه الحيثية فيبقى أصالة بقاء الملك على صاحبه خاليا عن المعارض ولو قال الموكل قد باع الوكيل وقال الوكيل لم
أبع فان صدق المشتري الموكل حكم بانتقال الملك إليه والا فالقول قوله لأصالة عدم البيع مسألة إذا ادعى الوكيل تلف المال الذي في يده للموكل
أو تلف الثمن الذي قبضه عن متاعه في يده وأنكر المالك قدم قول الوكيل مع يمينه وعدم البينة لأنه أمينه فكان كالمودع ولأنه قد يتعذر إقامة البينة عليه
فلا يكلف ذلك ولا فرق بين ان يدعي التلف بسبب ظاهر كالحرق أو النهب أو بسبب خفي كالسرقة والتلف وكذا كل من في يده شئ لغيره على سبيل الأمانة كالأب
والوصي والحاكم وأمينه والودعي والشريك والمضارب والمرتهن والمستأجر والأجير المشترك لأنه لولا ذلك لامتنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها وقال
بعض العامة إذا ادعى التلف بأمر ظاهر كالحرق والنهب كان عليه إقامة البينة على وجود هذا الامر في تلك الناحية ثم يكون القول قوله في تلفها بذلك وبه قال الشافعي
أيضا لان وجود الامر الظاهر مما لا يخفى ولا يتعذر إقامة البينة عليه مسألة إذا اختلفا في الرد فادعاه الوكيل وانكره الموكل فإن كان وكيلا بغير جعل احتمل تقديم
قول الوكيل لأنه قبض المال لنفع مالكه فكان القول قوله مع اليمين كالودعي ويحتمل العدم لأصالة عدم الرد والحكم في الأصل ممنوع وإن كان وكيلا بجعل فالوجه
انه لا يقبل قوله لأنه قبض المال لنفع نفسه فلم يقبل قوله في الرد كالمستعير وهو أحد قولي العامة والثاني ان القول قول الوكيل لأنه وكيل فكان القول
قوله كالوكيل بغير جعل لاشتراكهما في الأمانة وسواء اختلفا في رد العين أو رد ثمنها وجملة الامناء على ضربين أحدهما من قبض المال لنفع مالكه لا غير كالمودع
والوكيل بغير جعل فيقبل قولهم في الرد عند بعض الفقهاء من علمائنا وغيرهم لأنه لو لم يقبل قولهم لامتنع الناس من قبول الأمانات فيلحق الناس الضرر
والثاني من ينتفع بقبض الأمانة كالوكيل بجعل والمضارب والأجير المشترك والمستأجر والمرتهن والوجه انه لا يقبل مسألة لو أنكر الوكيل قبض المال
ثم ثبت ذلك ببينة أو اعتراف فادعى الرد أو التلف لم يقبل قوله لثبوت خيانته بجحوده فان أقام بينة بما أدعاه من الرد أو التلف لم يقبل بينته
وللعامة وجهان أحدهما لا تقبل كما قلناه لأنه كذبها بجحده فان قوله ما قبضت يتضمن انه لم يرد شيئا والثاني يقبل لأنه يدعى الرد والتلف قبل وجود خيانته
وإن كان صورة جحوده انك لا تستحق علي شيئا أو مالك عندي شئ يسمع قوله مع يمينه لان جوابه لا يكذب ذلك لأنه إذا كان قد تلف أو رد فليس له عنده شئ
فلا تنافي بين القولين الا ان يدعي انه رد أو تلف بعد قوله مالك عندي شئ فلا يسمع قوله لثبوت كذبه وخيانته هذا كله فيما إذا ادعى الأمين الرد
على من أئتمنه إما إذا ادعى الرد على غيره فلا ولو ادعى القيم الرد على اليتيم الذي كان يقوم بأمره فكذلك ولو ادعى الوكيل الرد على رسول المالك لاسترداد
ما عنده فلا خلاف في أن الرسول إذا أنكر القبض كان القول قوله مع يمينه واما الموكل فإنه لا يلزمه تصديق الوكيل لأنه يدعي الرد على من لم يأتمنه فليقم
البينة وهو قول أكثر الشافعية وفي وجه عليه تصديقه لأنه معترف ويد رسوله يده فكأنه يدعي الرد عليه مسألة إذا وكل وكيلا باستيفاء
دين له على انسان فقال له قد استوفيته وأنكر الموكل نظر ان قال استوفيته وهو قايم في يدي فخذه فعليه اخذه ولا معنى لهذا الاختلاف وان قال استوفيته
وتلف في يدي فالقول قوله مع يمينه على نفي العلم باستيفاء الوكيل لأصالة بقاء الحق فلا يقبل قول الوكيل والمديون الا ببينة لان قولهما على خلاف الأصل
وهو الظاهر من مذهب وجعله بعض الشافعية على الخلاف المذكور فيما إذا اختلفا في البيع ونحوه وعلى ما اخترناه إذا حلف الموكل اخذ حقه ممن كان عليه
ولا رجوع له على الوكيل لاعترافه بأنه مظلوم مسألة لو وكله في البيع وقبض الثمن أو بالبيع مطلقا وقلنا إن الوكيل يملك بالوكالة في البيع قبض الثمن
واتفقا على البيع واختلفا في قبض الثمن فقال الوكيل قبضته وتلف في يدي وأنكر الموكل أو قال الوكيل قبضته ودفعته إليك وأنكر الموكل القبض فالأقوى عدم قبول قول الوكيل في ذلك وللشافعية في
137

ذلك طريقان أحدهما انه على الخلاف المذكور في البيع وساير التصرفات وأظهرهما عندهم ان هذا الاختلاف إن كان قبل تسليم المبيع فالقول قول الموكل كما في
المسألة السابقة وإن كان بعد تسليمه فوجهان أحدهما ان الجواب كذلك لان الأصل بقاء حقه وأصحهما ان القول قول الوكيل لان الموكل ينسبه إلى الخيانة بالتسليم
قبل قبض الثمن ويلزمه الضمان والوكيل ينكره فأشبه ما إذا قال الموكل طالبتك برد المال الذي دفعته إليك أو بثمن المبيع الذي قبضته فامتنعت مقصرا إلى أن تلف
وقال الوكيل لم تطالبني بذلك أو لم أكن مقصرا فان القول قوله وهذا التفصيل فيما إذا اذن في البيع مطلقا أو حالا فان اذن في التسليم قبل قبض الثمن
أو اذن في البيع بثمن مؤجل وفي القبض بعد الاجل فهنا لا يكون خائنا بالتسليم قبل القبض فالاختلاف كالاختلاف قبل التسليم مسألة إذا صدقنا الوكيل
فحلف فالأقوى براءة ذمة المشتري لأنا قبلنا قول الوكيل في قبض الثمن فكيف نوجبه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا تبرأ ذمة المشتري لأصالة عدم الأداء
وانما قبلنا من الوكيل في حقه لايتمانه إياه ولا بأس به فعلى الأول إذا حلف الوكيل وقلنا ببراءة ذمة المشتري ثم وجد المشتري بالمبيع عيبا فان رده على الموكل وغرمه
الثمن لم يكن له الرجوع على الوكيل لاعترافه بان الوكيل لم يأخذ شيئا وان رده على الوكيل وغرمه لم يرجع على الموكل والقول قوله مع يمينه في أنه لم يأخذ منه شيئا ولا يلزم
من تصديقنا الوكيل في الدفع عن نفسه بيمينه ان نثبت بها حقا على غيره ولو خرج المبيع مستحقا يرجع المشتري بالثمن على الوكيل لأنه دفعه إليه ولا رجوع له
على الموكل لما مر ولو اتفقا على قبض الوكيل الثمن وقال الوكيل دفعته إليك وقال الموكل بل هو باق عندك فهو كما لو اختلفا في رد المال المسلم إليه والظاهر أن القول
قول الوكيل ولو قال الموكل قبضت الثمن فادفعه إلي وقال الوكيل لم اقبضه بعد فالقول قول الوكيل وليس للموكل طلب الثمن من المشتري لاعترافه بان وكيله قد قبض
نعم لو سلم الوكيل المبيع حيث لا يجوز التسليم قبل قبض الثمن فهو متعد بفعله فللموكل ان يغرمه قيمة المبيع
البحث الثالث في الوكالة بالقضاء مسألة
إذا دفع إليه مالا ووكله في قضاء دينه ثم قال الوكيل دفعته إلى رب الدين فأنكر رب الدين فالقول قوله مع يمينه لأنه لم يأتمن الوكيل حتى يلزمه تصديقه والأصل
عدم الدفع فإذا حلف طالب الموكل بحقه وليس له مطالبة الوكيل ولا يقبل قول الوكيل على الموكل بل لابد من البينة لأنه امره بالدفع إلى من لم يأتمنه فكان من حقه
الاشهاد عليه فإذ لم يفعل كان مفرطا غارما وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه يقبل وبه قال أبو حنيفة لان الموكل قد أئتمنه فأشبه ما إذا ادعى الرد عليه فعلى
الأول ان ترك الاشهاد على الدفع فان دفع بحضرة الموكل فلا رجوع للموكل عليه وهو أصح وجهي الشافعية وان دفع في غيبته فله الرجوع ولا فرق بين ان يصدقه
الموكل على الدفع أو لا يصدقه وعن بعض الشافعية وجه انه لا يرجع عند التصديق وعلى الثاني يحلف الوكيل وينقطع مطالبة المالك عنه ولا يغنيه تصديق
المدفوع إليه عن اليمين وعلى قولنا لو اختلفا فقال الوكيل دفعته بحضرتك فأنكر الموكل فالقول قول الموكل مع يمينه وإن كان قد اشهد عليه ولكن مات الشهود
أو عرض لهم جنون أو فسق أو غيبة فلا رجوع وإن كان قد اشهد شاهدا واحدا أو مستورين فبانا فاسقين فالأقرب عدم الرجوع وللشافعية قولان ولكن
ذلك على ما تقدم في رجوع الضامن على الأصيل ولو امره بايداع ماله ففي لزوم الاشهاد اشكال يأتي انشاء الله تعالى مسألة لو ادعى قيم اليتيم أو الوصي دفع
المال إليه عند البلوغ لم يقبل قوله الا بالبينة لأصالة عدم الدفع وهو لا يأتمنه حتى يكلف تصديقه ولقوله تعالى فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا
عليهم أمر بالاشهاد ولو كان قوله مقبولا لما أمر به لقوله تعالى فليؤد الذي اؤتمن أمانته وان لم يأمره بالاشهاد ولان الصبي لم يأتمنه عليه فلم يقبل قوله عليه كما
إذا ادعى المودع أو الوكيل التسليم إلى غير المستودع والموكل لم يقبل قولهما عليه كما يقبل على المودع والموكل وهو أظهر مذهب الشافعي وله اخر انه يقبل قوله مع اليمين لأنه امين ولأنه يقبل قوله في النفقة عليه والاشهاد
للارشاد إلى التورع عن اليمين والأول أقوى والفرق ان النفقة تتعذر عليه إقامة البينة عليها بخلاف الدفع إذا عرفت هذا فكل من ادعى الرد على من لم يأتمنه
لم يقبل قوله عليه مثل ان يدعي الأب والجد رد المال إلى الصبي أو يدعي المودع الرد على ورثة المستودع أو يدعي الملتقط الرد على مالك اللقطة أو ورثته أو من
أطارت الريح ثوبا إلى داره فادعى رده لم يقبل قوله وكذا الشريك والمضارب إذا ادعيا الرد على ورثة شريكه مسألة كل من عليه حق أو في يده مال
لغيره يجب عليه رده إلى مالكه عند الطلب فلو قال من في يده المال أو عليه لا ادفع المال إليه الا بالاشهاد فالأقرب ان له ذلك سواء كان مما يقبل قوله فيه كالوديعة
وشبهها أو لم يكن كالدين والغصب وشبههما وسواء كان على من في يده المال بينة بالمال أو لا بينة عليه احترازا من لزوم اليمين وللانسان غرض في التحرز
من الاقدام على اليمين وإن كان صادقا لقوله تعالى ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم وعادة الامناء التحرز من الايمان وللشافعية تفصيل هنا واختلاف
قال أكثرهم ننظر في ذلك فإن كان الذي عنده المال أمينا لصاحب الحق إذا ادعى الرد قبل قوله كالوكيل والودعي كان عليه تسليم ما في يده من غير اشهاد فان اخر
الدفع لأجل الاشهاد ضمن لأنه لا ضرر عليه في التسليم لان قوله مقبول في الرد فلا حاجة به البينة وإن كان لا يقبل قوله في الرد كالمرتهن والشريك والمضارب
والوكيل يجعل في أحد الوجهين والمستعير نظر فإن كان الحق لا بينة لصاحبه به وجب عليه الدفع من غير اشهاد لأنه ان أدعاه عليه بعد رده امكنه الجواب بأنك لا
تستحق علي شيئا ويكون القول قوله مع يمينه وإن كان لصاحبه به بينة لم يجب عليه الرد الا بعد الاشهاد لأنه لا يأمن ان يطالبه به بعد الرد وتقوم به عليه البينة ولا
يقبل قوله في الرد فيلزمه غرمه وللشافعية وجه اخر وهو انه إن كان التوقف إلى الاشهاد يورث تأخيرا أو تعويقا في التسليم لم يكن له الامتناع والا فله ذلك ولا
فرق بين المديون والغاصب في هذا الباب ولو قال الموكل للوكيل انني طلبته منك فمنعتني فأنت ضامن لأنه كان يمكنك الرد فأنكر الوكيل ولا بينة قدم قوله مع اليمين
فإذا حلف كان على أمانته وهل يجب الرد حينئذ الأقرب ذلك وان نكل حلف الموكل بالله (بأنه) لقد طالبه فمنعه من غير عذر وصار الوكيل ضامنا فإن كان المال قد تلف في
يده وجب عليه ضمانه مسألة إذا كان لرجل على زيد دين أو كان له في يده عين فجاء شخص إلى زيد وقال إن الرجل وكلني في استيفاء دينه منك أو في اخذ العين
التي في يدك له فان قامت للوكيل بينة بذلك تثبت وكالته واستحق المطالبة وان لم يكن بينة فان صدقه الغريم في دعوى الوكالة فإن كانت الدعوى عينا لم يؤمر
بالتسليم إليه لجواز كذبهما معا ولصاحب العين تكذيبهما معا لكن لو دفع لم يمنع منه أيضا لأنه إذا علم أنه وكيله جاز له الدفع إليه وإن كان دينا احتمل وجوب الدفع
إليه لاعترافه بأنه مستحق للمطالبة والفرق بين الدين والعين ظاهر فان المدفوع في الدين ليس عين مال الموكل واما العين فإنها عين مال الغير ولم يثبت عند الحاكم
انه وكيل فلم يكن له امره بالدفع قال بعض الشافعية إن كان هناك بينة تثبت الوكالة وان لم تكن فإنه لا يجب على من عليه الدين تسليمه إليه سواء صدقه أو كذبه وإذا كذبه
لم يكن له احلافه ثم قال والذي يجئ على أصلنا انه لا تسمع دعواه عليه لان عندنا ان الوكيل في الخصومة لا يصح ان يدعي قبل ثبوت وكالته وقال أبو حنيفة إذا صدقه وجب
عليه تسليم الدين وله في تسليم العين روايتان أشهرهما انه لا يجب عليه تسليمها وان كذبه كان له احلافه وعنده لا تسمع بينة الوكيل الا بعد الدعوى واحتج بأنه أقر
138

بحق الاستيفاء فكان له مطالبته كما لو كان الحق عينا وكما لو أقر بان هذا وصي لصغير مسألة إذا دفع المديون الدين أو المستودع الوديعة إلى مدعي الوكالة بعد
ان صدقه عليها فإذا حضر المستحق وأنكر الوكالة فالقول قوله مع يمينه فإن كان الحق عينا أخذها إن كانت باقية وان تلفت فله الزام من شاء منهما ولا رجوع للغارم
منهما على الأخر لأنه مظلوم بزعمه والمظلوم لا يؤاخذ الا ظالمه هذا إذا تلف من غير تفريط منهما فاما إذا تلف بتفريط من القابض فننظر ان غرم المستحق القابض
فلا رجوع وان غرم الدافع فله الرجوع لان القابض وكيل عنده والوكيل يضمن بالتفريط والمستحق ظلمه يأخذ القيمة منه وماله في ذمة القابض فيستوفيه بحقه
مسألة إذا كان الحق دينا وكذب الموكل الوكيل في الوكالة بعد ان قبض الوكيل كان للموكل مطالبة الدافع بحقه وإذا غرمه فإن كان المدفوع باقيا فله
استرداده وان صار ذلك للمستحق في زعمه لأنه ظلمه بتغريمه وذلك مال له ظفر به فكان له اخذه قصاصا وإن كان تالفا فان فرط فيه غرمه والا فلا وهل للمستحق مطالبة
القابض ننظر ان تلف المدفوع عنده لم يكن له المطالبة لان المال للدافع بزعمه وضمانه له وإن كان باقيا احتمل
ذلك أيضا لان الاخذ فضولي بزعمه والمأخوذ
ليس حقا له وانما هو مال المديون فلا تعلق للمستحق به وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم ان له المطالبة بتسليمه إليه لأنه انما دفعه إليه ليدفعه إلى المستحق
وكأنه انتصب وكيلا في الدفع من حقه ولا بأس به وان قلنا به فإذا أخذه المستحق برئ الدافع إليه عن الدين وهل يلزم من عنده الحق دفعه إليه بعد التصديق
أم له الامتناع إلى قيام البينة على الوكالة الأقرب الأول ونص الشافعي انه لا يلزمه الدفع الا بعد البينة ونص فيما إذا أقر بدين أو عين من تركة انسان وبأنه مات
ووارثه فلان انه يلزمه الدفع إليه ولا يكلف البينة ولأصحابه في ذلك طريقان أحدهما ان المسئلتين على قولين في قول يلزمه الدفع إلى الوكيل والوارث لأنه
اعترف باستحقاقه الاخذ فلا يجوز له منع الحق عن المستحق وفي قول لا يلزمه الدفع إلى واحد منهما الا بالبينة أما في الصورة الأولى فلاحتمال انكار الموكل الوكالة
وأما في الثانية فلاحتمال استناد اقراره بالموت إلى ظن خطأ وأصحهما عندهم تقرير الحق للوارث وعدم البأس عن انكار الموكل للوكالة وبقاء الحق له
مسألة لو ادعى الوكالة فكذبه المديون أو من عنده الوديعة أو المال لم يكلف المديون والودعي الدفع إليه لتجرد دعواه عن البينة وعدم اعتضادها
بالتصديق فان دفع ثم حضر الموكل وأنكر الوكالة فالقول قوله مع اليمين فإذا حلف على نفي الوكالة وغرم الدافع كان له ان يرجع على القابض دينا كان أو عينا لأنه
لم يصرح بتصديقه وانما دفع بناء على الظاهر من قوله فإذا تبين خلافه غرم ما غرم ولو أنكر الوكالة أو الحق وكان الوكيل مأذونا له في إقامة البينة أو قلنا إن الوكيل
بالقبض مطلقا يملك إقامة البينة فله ان يقيم البينة ويأخذ فإن لم يكن بينة فهل له التحليف يبنى الامر على أنه إذا صدقه هل يلزمه
الدفع إليه ان قلنا نعم فله تحليفه فلعله يصدق إذا عرضت اليمين عليه وان قلنا لا فيبنى على أن النكول ورد اليمين كإقامة البينة من المدعي والاقرار من المدعى
عليه ان قلنا بالأول فله تحليفه طمعا في أن ينكل فيحلف الوكيل وان قلنا بالثاني فلا مسألة لو جاء رجل إلى المديون وقال قد أحالني عليك صاحب
الدين بكذا فصدقه وقلنا إذا صدق مدعي الوكالة فلا يلزمه الدفع إليه فالأقرب انه يلزمه الدفع إليه لأنه يقول الحق لك وانه لا حق لغيرك علي فصار كالوارث وهو
أحد قولي الشافعية والثاني لا يلزمه الدفع إليه لأنه دفع غير مبرئ فلا يأمن ان يجحد المحيل الحوالة فيحلف ويستحق الرجوع عليه كما قلنا في الوكالة قد ينكر الموكل
الوكالة ويفارق الميراث لأنه أمن من ذلك لأنه إذا لم يكن وارث غيره فقد أمن الغرامة ويبني على الوجهين انه لو كذبه ولم يكن بينة هل له تحليفه ان ألزمناه الدفع
إليه فله تحليفه والا فكما سبق مسألة لو قال مات زيد وله عندي كذا وهذا وصيه فهو كما لو قال هذا وارثه ولو قال مات وقد اوصى به لهذا الرجل
فهو كما لو أقر بالحوالة وإذا أوجبنا الدفع إلى الوارث والوصي أو لم نوجب فدفع ثم بان ان المالك حي وغرم الدافع فله الرجوع على المدفوع إليه بخلاف صورة
الوكالة لأنه صدقه على الوكالة وانكار صاحب الحق لا يرفع تصديقه فصدق الوكيل لاحتمال انه وكل ثم جحد وهنا بخلافه والحوالة في ذلك كالوكالة مسألة
إذا ادعى على انسان انه دفع إليه متاعا ليبيعه ويقبض ثمنه وطالبه برده أو قال بعته وقبضت ثمنه فسلمه إلي فأنكر المدعى عليه فأقام المدعى بينة على أنه ما أداه
فادعى المدعى عليه إن كان قد تلف أو رده ينظر في صيغة جحوده فان قال ما لك عندي شئ أو لا يلزمني تسليم شئ إليك قبل قوله في الرد والتلف لأنه إذا كان
قد تلف أو رده كان صادقا في انكاره ولم يكن بين كلاميه تناقض وان أقام عليه بينة سمعت بينته وإن كانت صيغة جحوده انك ما وكلتني أو ما دفعت
إلي شيئا أو ما قبضت الثمن نظر ان ادعى التلف أو الرد قبل ان يجحد لم يصدق لأنه مناقض للقول الأول ولزمه الضمان وان أقام بينة على ما أدعاه فوجهان
للشافعية أولاهما عندهم انها تسمع لأنه لو صدقه المدعى لسقط الضمان عنه فكذلك إذا قامت الحجة وأيضا فلما يأتي في الوديعة والثاني وهو الاظهر عند
الجويني انها لا تسمع لأنه بجحوده الأول كذب هذه البينة ولأنه لا تسمع دعواه وكل بينة تقام فان قيامها يستدعي دعوى من يقيمها فإذا فسدت الدعوى
استقلت البينة وهي غير مسموعة من غير دعوى لكن عدم سماع الدعوى ليس متفقا عليه ومن يسمع البينة يسمع الدعوى لا محالة فاذن الخلاف في سماع البينة
يجري في سماع الدعوى بل يجوز أن تكون الدعوى مسموعة جزما مع الخلاف في سماع البينة إذ الدعوى قد تسمع بمجرد تحليف الخصم وان ادعى الرد بعد الجحود
لم يصدق لصيرورته خاينا لكن لو أقام بينة فالمشهور عند الشافعية في هذا الباب انها تسمع لان غايته ان يكون عاصيا كالغاصب من ابتداء الامر ومعلوم انه لو
أقام بينة على الرد تسمع ورأى الجويني ان يكون سماع بينته على الوجهين السابقين لتناقض دعوى الرد والجحود وان ادعى التلف بعد الجحود صدق بيمينه لينقطع
عنه المطالبة برد العين ولكن يلزمه الضمان لخيانته كما لو ادعى الغاصب التلف مسألة قد بينا انه يجب على الوكيل رعاية تنصيص الموكل واتباع امره والعدول
عن مخالفته فإذا قال له بع هذا ثم هذا وجب عليه الامتثال في الترتيب ولو جعل للوكيل بالبيع جعلا فباع استحقه لأنه فعل ما امره به وان تلف الثمن في يده لان استحقاقه
بالعمل وقد عمل فإذا ادعى خيانة عليه لم تسمع حتى يبين القدر الذي خان به بان يقول بعت بعشرة وما دفعت إلي الا خمسة وإذا وكل بقبض دين أو استرداد وديعة
فقال المديون والمودع دفعت وصدقه الموكل وأنكر الوكيل غرم الدافع بترك الاشهاد وهو أحد وجهي الشافعية كما لو ترك الوكيل بقضاء الدين الاشهاد وإذا قال
شخص انا وكيل في بيع أو نكاح وصدقه من يعامله صح العقد فلو قال الوكيل بعد العقد لم أكن مأذونا فيه لم يلتفت إلى قوله ولم يحكم ببطلان العقد وكذا لو صدقه
المشتري لحق من يوكل منه الا ان يقيم المشتري بينة على اقراره بأنه لم يكن مأذونا من جهته في ذلك التصرف الفصل الخامس في اللواحق مسألة
إذا ولى الامام رجلا القضاء في ناحية فإذا اذن له في الاستنابة جاز له ذلك وان لم يأذن له نظر فإن كان المستولي يمكنه النظر بنفسه لم يجز له الاستنابة وإن كان
العمل كثيرا لا يمكنه النظر فيه بنفسه جازت له الاستنابة عملا بقرينة الحال وظاهر الامر وإذا جازت له فهل يجوز في جميع العمل أو فيما يتعذر عليه ان يتولاه الأقوى الأول
139

وللشافعية فيه وجهان والحكم في ذلك كما تقدم في الوكالة مسألة إذا ادعى الوكيل الرد إلى الموكل فالأقوى انه يفتقر إلى البينة وقسم الشافعية الامناء في ذلك على
ثلاثة اضرب منهم من يقبل قوله في الرد مع يمينه وهم المودعون والوكلاء بغير جعل ومنهم من لا يقبل قوله في الرد الا ببينة وهم المرتهن والمستأجر ومنهم من اختلف فيه على وجهين وهم
الوكلاء بجعل والشريك والمضارب والأجير المشترك إذا قلنا إنه امين أحدهما انه لا يقبل قولهم في الرد لانهم قبضوا المنفعة أنفسهم فصاروا كالمرتهن والمستأجر
والمستعير والثاني انه لا منفعة لهم في العين المقبوضة لان الوكيل ينتفع بالجعل دون العين التي قبضها وكذلك الشريك والمضارب ينتفعون بالربح وعوض عملهم بخلاف
المرتهن فإنه يتوثق بالعين وكذلك المستأجر فإنه يستوفي منفعتها فافترقا مسألة لو ادعى الوكيل بيع العين التي اذن الموكل له في بيعها فقال الموكل لم تبعها
أو يدعي قبض الثمن من المشتري فيصدقه في الاذن وينكر قبضه إياه فللشافعي قولان أحدهما يقبل اقرار الوكيل في ذلك وبه قال أبو حنيفة الا ان أبا حنيفة ناقض في
مسألة وهي إذا قال لوكيله زوجني من امرأة فاقر الوكيل انه تزوجها له وادعت ذلك المراة وأنكر الموكل العقد ولم يقبل قول الوكيل قال لأنه يمكنه البينة على النكاح
لأنه لا يعقد حتى يحضر البينة والثاني للشافعي انه لا يقبل اقراره على موكله لان الوكيل يقر بحق لغيره على موكله فلم ينتقل إليه كما لو أقر بدين عليه أو أبرأ من حق وهذا
يلزم عليه اقرار أب البكر فأما أبو حنيفة فلا يصح ما فرق به لان النكاح عنده ينعقد بفاسقين ولا يثبت بهما وقد تموت الشهود وتتعذر البينة مسألة
إذا وكله في البيع وقبض الثمن فقبضه كان أمانة في يده قبل ان يطالبه الموكل فإذا لم يسلمه إليه لم يضمنه بتأخيره عنده وان يطالبه وجب عليه رده على حسب امكانه فان أخر لعذر
مثل ان يكون في الحمام أو يأكل الطعام أو يصلي وما أشبه ذلك لم يصر مفرطا لأنه لا يلزمه في رد الأمانة ما يضر به فان تلفت الوديعة قبل زوال عذره أو بعد زوال
عذره حال اشتغاله بردها فلا ضمان لما بيناه وان اخر بغير عذر ضمن سواء تلفت قبل مضي زمان امكان الرد أو لم يمض لأنه خرج من الأمانة بمنعه الدفع من غير عذر
ولو طالبه الموكل بالدفع فوعده به ثم ادعى انه كان قد تلف قبل مطالبته أو قال كنت رددته قبل مطالبته لم يقبل قوله لأنه مكذب لنفسه وضامن في الظاهر بدفعه فان أقام البينة احتمل سماعها لان
الموكل لو صدقه على ما أدعاه سقط عنه الضمان فإذا أقام البينة على ذلك قبل وعدمه لأنه يكذب بينته فإنه كان وعده بدفعه إليه وإذا كذب بينته لم تسمع له ويفارق
ما إذا صدقه فإنه إذا صدقه فقد أقر ببراءته فلم يستحق مطالبته وان ادعى انه تلف بعد ما دفعه عن تسليمه أو انه رده إليه لم يقبل قوله لأنه صار بالدفع ضامنا ولا يقبل
قوله في الرد لأنه خرج من الأمانة فيحتاج إلى بينة بذلك وللشافعية وجهان كالاحتمالين فإن كان قد تلف قبل ان منعه ولم يعلم فلا ضمان عليه وللشافعية وجه
اخر انه يضمن كأنه لما منعه تبينا انه كان ممسكا على نفسه وليس بشئ مسألة لو دفع إلى وكيله عينا وأمره بايداعها عند زيد فاودعها وأنكر زيد فالقول
قوله مع اليمين فإذا حلف برئ واما الوكيل فإن كان قد سلمها بحضرة الموكل لم يضمن وإن كان بغيبته ففي الضمان اشكال وللشافعية وجهان أحدهما يضمن
كما في الدين لان الوديعة لا تثبت الا بالبينة والثاني لا يضمن لان الودعي إذا ثبت عليه البينة بالايداع كان القول قوله في التلف والرد فلم تفد البينة شيئا بخلاف الدين
لان القضاء لا يثبت الا بها وان صدقه المودع وادعى التلف وحلف لم يضمنها واما الوكيل فان سلم بحضرة الموكل لم يضمن وان سلم في غيبته فالوجهان فأما إذا قال الوكيل
دفع بحضرتك وقال الموكل لم يدفع بحضرتي أو قال لم تدفعها إلى المودع وقال دفعتها على الوجه الذي يقول لا يضمن إذا دفع بغير اشهاد قال بعض الشافعية القول قول
الوكيل مع اليمين كما إذا ادعى الرد إليه وانكره ولا يشبه هذا إذا أقر بأنه باع أو قبض وأنكر الموكل فإنه لا يقبل قوله في أحد القولين لأنه يثبت حقا على موكله لغيره
وهنا يسقط عن نفسه الضمان بما ذكره فكان القول قوله مع يمينه فيه مسألة إذا دفع إلى وكيله دراهم ليشتري له بها شيئا فاستقرضها الوكيل وأخرجها
بطلت الوكالة لأنه إن كان امره بان يشتري له بعين تلك الدراهم فقد تعذر بتلفها كما لو مات العبد الموكل ببيعه وإن كان قد وكله في الشراء مطلقا ونقد الدراهم
في الثمن بطلت أيضا لأنه انما امره بالشراء على أن ينقد ذلك الثمن فإذا تعذر نقد ذلك لم يكن له ان يشتري وقال أبو حنيفة لا تفسد الوكالة ولا يتعين الشراء
بتلك الدراهم ويجوز ان يشتري من مال نفسه ويأخذ الدراهم وهو غير صحيح لأنه وكله في الشراء بتلك الدراهم فإذا تلف سقط الاذن كما قلناه في العبد فان
اشترى للموكل بمثل تلك الدراهم من مال نفسه فإذا أضاف العقد إليه لم يصح والا وقع الشراء له لا للموكل لأنه اشترى لغيره شيئا بعين مال نفسه لأنه لا يصح ان يقبض
للموكل من نفسه بدل المال الذي أتلفه والثاني انه اشترى له بغير المال الذي عينه وان اشترى له في الذمة وقع أيضا للوكيل لأنه على غير الصفة التي اذن له فيها ويجب
على الوكيل رد مثل الدراهم التي قبضها من الموكل تذنيب إذا دفع إليه دراهم ليشتري بها سلعة ولم ينص على الشراء بالعين بل ينقدها عن الثمن الذي يشتري
به فاشترى في الذمة على أنه ينفذ تلك الدراهم كما امره الموكل صح الشراء فان استقرض بعد ذلك الدراهم وأخرجها وجب عليه دفع عوضها في الثمن ولم يخرج المبيع
عن ملك الموكل بالتفريط اللاحق مسألة إذا وكله في شراء عبد بدراهم في الذمة ثم دفع إليه دراهم لينقدها في الثمن ففرط فيها بان ترك حفظها
ضمنها فإذا اشترى العبد صح الشراء قولا واحدا لأنه لم يتعد فيما تناوله العقد فإذا نقد تلك الدراهم بعينها برئ من ضمانها ولا فرق في ذلك بين من قال إن
الوكيل بالتعدي يخرج من الأمانة وفي صحة بيعه وجهان عنده وبين من قال إنه يصح بيعه مع التعدي لا يقال لم لا يبطل بيعه عند القايل بعدم صحة بيع الوكيل
إذا تعدى لأنا نقول انما يخرج من الأمانة فيما تعدى فيه فإنه لو استودع شيئين ففرط في أحدهما لم يضمن الآخر ولم يخر ج من حكم الأمانة جملة كذا هنا مسألة
لو وكله في تزويج امرأة فزوجه غيرها بطل العقد عند العامة أو كان فضوليا عندنا لان من شرط صحة النكاح ذكر الزوج فإذا كان بغير امره لم يقع له ولا للوكيل
لان المقصود من النكاح أعيان الزوجين بخلاف البيع ولهذا يجوز ان يشتري من غير تسمية المشترى فافترقا وإذا عين الموكل للوكيل الزوجة صح اجماعا ولو وكله في أن
يزوجه بمن شاء فالأقرب الجواز فهو بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجوز لان الأغراض تختلف فلا يجوز حتى يصف واختار الزهري هذا الوجه والمعتمد الأول
فعلى هذا هل له ان يزوجه ابنته الأقرب الجواز وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال بعض العامة لا يجوز له ذلك ولو أذنت المراة له في تزويجها لم يكن له ان يزوجها
من نفسه لان القرينة اقتضت التزويج بالغير وقد روى الحلبي عن الصادق (ع) قال في المراة ولت امرها رجلا فقالت زوجني فلانا فقال لا زوجتك حتى تشهدي ان امرك
بيدي فأشهدت له فقال عند التزويج للذي يخطبها يا فلان عليك كذا وكذا فقال نعم فقال هو للقوم اشهدوا ان ذلك لها عندي وقد زوجتها من نفسي
فقالت المراة ما كنت أتزوجك ولا كرامة وما أمري الا بيدي وما وليتك أمر الا حياء قال تنزع منه ويوجع رأسه
ويحتمل مع اطلاق الاذن صحة ان يزوجها من نفسه وكذا
له ان يزوجها من ولده ووالده ولبعض العامة وجهان مسألة إذا وكله في شراء عبد فاشتراه ثم اختلف الوكيل والموكل فقال الوكيل اشتريته بألف
وقال الموكل بخمسمائة فالقول فيه كما قلنا فيما إذا اختلف الوكيل والموكل في تصرفه لان ذلك اثبات لحق البايع على الموكل وقال أبو حنيفة إن كان الشراء في الذمة
140

فالقول قول الوكيل وفرق بينهما بان الشراء إذا كان في الذمة فالموكل هو الغارم لأنه يطالبه بالثمن وإذا اشتراه بما في يده للموكل فان الغارم الوكيل لأنه يطالبه بالثمن
الوكيل لأنه يطالبه برد ما زاد على خمسمائة فالقول في الأصول قول الغارم وقد بينا ان اقرار الوكيل لا يصح على موكله وما ذكره من الفرق ليس بصحيح لان في الموضعين
يثبت بذلك الغرم على الموكل لأنه إما ان يطالبه به أو يؤدي من ماله الذي في يد الوكيل والحق يثبت بقول الوكيل عليه في الموضعين مسألة إذا دفع إلى
الوكيل ألفا ليشتري بها سلعة فاشترى بالعين ثم ظهر فيها عيب فردها البايع على الوكيل كانت أمانة في يده لموكله وإن كان اشتراه بألف في الذمة فان بان العيب
في الألف التي دفعها وقبضها الوكيل فهي أيضا على الأمانة ويبذلها من الموكل ان امتنع البايع من قبضها وان بان العيب بعد ان قبضها البايع فردها على الوكيل
فتلفت عنده لم يضمنها عندنا وللشافعية قولان مبنيان على ما ذكروه في الثمن ان قلنا إن الثمن يثبت في ذمة الموكل كان الوكيل وسيطا في الدفع وكان ذلك
في يده أمانة وان قلنا يثبت في ذمة الوكيل دون الموكل ان يسقط ذلك عن ذمته فإذا دفع إليه ألفا ليقضيها عن نفسه كانت أمانة ما لم يدفعها إلى البايع فإذا دفعها وقضى بها دينه وجب مثلها عليه للموكل وله الرجوع على الموكل بألف تقاصا وصارت مضمونة عليه
فإذا عادت إليه برد البايع كانت مضمونة عليه للموكل الف معيبة وعليه للبايع الف سليمة فإذا قضاها رجع على الموكل بألف سليمة مسألة إذا دفع إليه ألفا
ليسلمها في كر طعام تناول المتعارف عند الموكل ويحتمل عند الوكيل وقال بعض الشافعية ينصرف إلى الحنطة خاصة لانطلاقه إليه عرفا وهو غير سديد لاختلاف
العرف فيه ولو كان لرجل في ذمة اخر الف فقال أسلفها في طعام فأسلفها فيه صح وإذا أسلمها برئ من الدين وإذا قبض الطعام كان أمانة في يد الوكيل ان تلف فلا
ضمان عليه قال أبو العباس من الشافعية وان لم يكن عليه شئ فقال له أسلف من مالك ألفا في كر من طعام ويكون لك الف قرضا علي ففعل صح وقال بعضهم
هاتان المسئلتان سهو من أبي العباس لأنه لا يجوز ان يسلم ماله في طعام لغيره ومذهب الشافعي انه لا يجوز ان يكون العوض لواحد ويقع العوض لغيره وتأولوا المسئلتين
بان يقول إن أسلمت ألفا في كر من طعام ولا يعينه بالدين ثم يأذن له ان يسلم الدين عنه ويبرء هذا في المسألة الأولى وفي الثانية أسلم ألفا في ذمتي في كر من طعام فإذا فعل
هذا قال اقض عني الألف لأدفع إليك عوضها قال بعض الشافعية ان الذي أراد أبو العباس ان يسلم هكذا ولا يحتاج إلى ما شرطه من تأخر الاذن ويجوز ان يأذن له قبل
ان يعقد بدفع الثمن من عنده أو بدفع الدين الذي عليه لان التصرف من الوكيل يجوز تعليقه بالشرط وكذا لو قال اشتر به عبدا سواء عينه أو لم يعينه وبه قال الشافعي
وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة ان عين العبد جاز وان لم يعينه لم يجز لأنه إذا (لم) يعين فقد وكل في قبض الدين من ذمة البايع وهو مجهول ولنا انه دفع باذنه فأشبه ما إذا
عين وقول أبي حنيفة باطل لان المدفوع له ليس بوكيل له ولا يتعين بالشراء منه ويبطل عليه به إذا قال أطعم عني عشرة مساكين فإنهم غير معينين ويصح عنه مسألة
إذا دفع إليه ألفا ليشتري بها سلعة أو يسلف بها في طعام فاشترى السلعة واستسلف ولم يسم الموكل في العقد ثم اختلفا فقال الوكيل انما اشتريت لنفسي وقال الموكل
بل لي فالقول قول الوكيل مع يمينه فإذا حلف حكم له بذلك في الظاهر وكان للموكل الرجوع عليه بالألف وقال أصحاب أبي حنيفة يكون السلم للموكل لأنه دفع دراهمه واختلفوا إذا تصادقوا انه لم ينو لا له ولا للموكل فقال أبو يوسف يكون بحكم
الدراهم وقال محمد يكون للوكيل إما الأول فلانهما إذا اختلفا رجح قول الموكل لأنه دفع دراهمه فكان الظاهر معه وإذا اطلق قال أيضا يرجح بالدراهم ودليلنا إذا نوى ذلك
عن نفسه وصدقه عليه وقع لنفسه فإذا اطلق واختلفا كان القول قوله كما لو لم ينقد دراهم وما ذكروه فليس بصحيح لان اذن الدراهم بعد حصول العقد فلا يؤثر فيه
مسألة إذا كان وليا عن امرأة في التزويج بان يكون أبا أو جدا له كان له ان يوكل لأنه ولي بالأصالة ولاية الاجبار إما غيرهما كالوكيل هل له ان يوكل الوجه
عندنا لا الا مع الاذن ولأصحاب الشافعية فيه وجهان وعن أحمد روايتان لأنه لا يملك التزويج الا باذنها فلا يملك التوكيل فيه الا باذنها احتج احمد بان ولايته من
غير جهتها فلم يعتبر اذنها في توكيله كالأب وأما الحاكم فيملك تفويض عقود الأنكحة إلى غيره بغير اذن المولى عليه مسألة لو أنكر الموكل الوكالة بعد عقد
النكاح على المراة فالقول قول الموكل مع يمينه فإذا حلف برئ من الصداق وبطلت الزوجية بينهما وكان على الوكيل ان يدفع إليها نصف المهر لأنه أتلف عليها البضع
ثم إن كان الوكيل صادقا وجب على الموكل طلاقها لئلا يحصل الزنا بنكاحها مع الغير ولما رواه عمر بن حنظلة عن الصادق (ع) في رجل قال لآخر اخطب لي فلانة فما
فعلت من شئ مما قاولت من صداق أو ضمنت من شئ أو شرطت فذلك رضي لي وهو لازم لي ولم يشهد على ذلك فذهب فخطب وبذل عنه الصداق وغير ذلك مما طالبوه
وسألوه فما رجع إليه أنكر ذلك كله قال يغرم لها نصف الصداق عنه وذلك أنه هو الذي ضيع حقها فلما ان لم يشهد لها عليه بذلك الذي قال حل لها ان يتزوج ولا
يحل للأول فيما بينه وبين الله الا ان يطلقها لان الله تعالى يقول فامساك بمعروف أو تسريح باحسان فإن لم يفعل فإنه مأثوم فيما بينه وبين الله تعالى وكان الحكم الظاهر حكم الاسلام
قد انباح لها ان تتزوج مسألة للأب ان يقبض صداق ابنته الصغيرة تحت حجره لأنه الولي عليها فكان له طلب حقها أين كان ولو كانت كبيرة فوكلته بالقبض
كان له ذلك أيضا به وان لم توكله لم يكن له المطالبة لزوال ولايته عنها بالبلوغ والرشد فان اقبضه الزوج كان لها مطالبة الزوج بحقها ويرجع الزوج على الأب بما قبضه منه
لان ذمته لا تبرء بدفع حقها إلى غيرها وغير وكيلها ولم يقع القبض موقعه فكان للزوج الرجوع به ولو مات الأب كان له الرجوع به في تركته ان خلف مالا ولو مات
معسرا ضاع ماله لما رواه ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن الصادق (ع) في رجل قبض صداق ابنته من زوجها ثم مات هل لها ان تطالب زوجها بصداقها أو قبض
أبيها قبضها فقال (ع) إن كانت وكلته بقبض صداقها من زوجها فليس لها ان تطالبه وان لم تكن وكلته فلها ذلك ويرجع الزوج على ورثة أبيها بذلك الا أن تكون حينئذ صبية
في حجره فيجوز لأبيها ان يقبض عنها ومتى طلقها قبل الدخول بها فلأبيها ان يعفو عن بعض الصداق ويأخذ بعضا وليس له ان يدع كله وذلك قول الله عز وجل الا
ان يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح يعني الأب والذي توكله المراة وتوليه امرها من أخ أو قرابة أو غيرهما مسألة لو زوجها الولي أو الوكيل وكان
قد دلست نفسها وأخفت عيبها الذي يجب رد النكاح به فإذا ردها الزوج كان له الرجوع عليها بالمهر ولا يغرم الوكيل شيئا إذا لم يعلم حالها لعدم التفريط منه واستناد
الغش إليها خاصة ولما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) أنه قال في رجل ولته امرأة امرها إما ذات قرابة أو جارية له لا يعلم دخيلة امرها فوجدها قد (ولت)؟ عيبا
هو بها قال يؤخذ المهر منها ولا يكون على الذي زوجها شئ مسألة لو قال رجل لاخر وكلتني ان أتزوج لك فلانة بصداق كذا ففعلت وادعت المراة ذلك
فأنكر الموكل فالقول قوله فان أقام الوكيل أو المراة البينة والا حلف المدعى عليه عقد النكاح وقال أحمد بن حنبل لا يستحلف لان الوكيل يدعي حقا لغيره هذا ان ادعى الوكيل
وان ادعته المراة استحلف لأنها تدعي الصداق في ذمته ونحن لما أوجبنا نصف المهر على الوكيل كان له احلاف الموكل وقال احمد لا يلزم الوكيل شئ لان دعوى المراة
على الموكل وحقوق العقد لا تتعلق بالوكيل وعنه رواية أخرى انه يلزمه نصف الصداق كما قلناه لان الوكيل في الشراء ضامن للبايع مطالبته به كذا هنا إما لو ضمن
الوكيل المهر فلها الرجوع عليه بنصفه لأنه ضمنه للموكل وهو مقر بأنه في ذمته وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي لا يلزم الوكيل شئ وقال محمد بن الحسن يلزم الوكيل
141

جميع الصداق لان الفرقة لم تقع بانكاره فيكون ثابتا في الباطن فيجب جميع الصداق واحتج احمد بأنه يملك الطلاق فإذا أنكر فقد أقر بتحريمها عليه فصار بمنزلة ايقاعه
لما يحرم به إذا ثبت هذا فان المراة تتزوج وان لم يطلق الموكل لأنه لم يثبت عقده وقال احمد لا تتزوج حتى يطلق لعله يكون كاذبا في انكاره وقال أصحابه ظاهر هذا تحريم
نكاحها قبل طلاقها لأنها معترفة بأنها زوجته له فتؤخذ باقرارها وانكاره ليس ليس بطلاق وهل يلزم الموكل طلاقها الأقوى الالزام لإزالة الاحتمال وإزالة الضرر عليها
بما لا ضرر عليه فيه فأشبه النكاح الفاسد ويحتمل عدم اللزوم لأنه لم يثبت في حقه نكاح ولو ثبت لم يكلف الطلاق مسألة لو ادعى ان فلانا الغايب وكله
في تزويج امرأة فزوجها منه ثم مات الغائب فان صدقها الورثة على التوكيل أو قامت له البينة به ورثت المراة نصيبها من تركته وان لم تصدقه الورثة ولا قامت
البينة لم يكن لها ميراث ولها احلاف الوارث ان ادعت علمه بالتوكيل فان حلف فلا ميراث والا حلفت واخذت ولو أقر الموكل بالتوكيل في التزويج وأنكر ان يكون تزوج
له فهنا الاختلاف في تصرف الوكيل وقد سبق فقيل القول قول الموكل مع اليمين وبه قال أبو حنيفة وهو المعتمد لأنه مدع لما يتعذر إقامة البينة عليه خصوصا عند
العامة حيث إن البينة شرط في العقد عندهم فأشبه ما لو أنكر الموكل الوكالة من أصلها وقال بعض العامة القول قول الوكيل فيثبت التزويج هنا لأنهما اختلفا في فعل
الوكيل ما أمر به فكان القول قوله كما لو وكله في بيع الثوب فادعى انه باعه ولو غاب رجل فجاء آخر إلى امرأته فذكر ان زوجها طلقها وأبانها ووكله في تجديد نكاحها بألف
فاذنت في نكاحها فعقد عليها وضمن الوكيل الألف ثم جاء الزوج وأنكر ذلك كله فالقول قوله والنكاح الأول بحاله ثم المراة ان صدقت الوكيل لزمه الألف الا ان يطلقها
زوجها قبل الدخول وبه قال مالك وزفر لان الوكيل قد أقر بان الحق في ذمة المضمون عنه وانه ضامن عنه فلزمه ما أقر به كما لو ادعى على رجل انه ضمن له ألفا له على أجنبي
فاقر الضامن بالضمان وصحته وثبوت الحق في ذمة المضمون وأنكر المضمون عنه وكما لو ادعى شفعة على انسان في شقص اشتراه فاقر البايع بالبيع وأنكر المشتري فان
الشفيع يستحق الشفعة وقال أبو حنيفة والشافعي لا يلزم الضامن شئ لأنه فرع المضمون عنه والمضمون عنه لا يلزمه شئ فكذا فرعه ولو لم تدع المراة صحة ما ذكره
الوكيل لم يكن عليه شئ ويحتمل ان من أسقط عنه الضمان أسقطه في هذه الصورة ومن أوجب أوجبه في الصورة الأخرى مسألة قد بينا انه إذا اختلف الوكيل
والموكل فقال الموكل أذنت لك في البيع نقدا أو في الشراء بخمسة وقال الوكيل بل أذنت لي في البيع نسيئة وفي الشراء بعشرة ان القول قول الموكل مع يمينه لأصالة عدم الإذن
وبه قال الشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي وقال احمد القول قول الوكيل لأنه أمينه في التصرف فكان القول قوله في صفة كالخياط إذا قال أذنت لي في تفصيله قباء
فقال بل قميصا وكذا إذا قال وكلتك في البيع بالفين فقال بل بألف وقال مالك ان أدركت السلعة فالقول قول الموكل وان فاتت فالقول قول الوكيل لأنها إذا فاتت
لزم الوكيل الضمان والأصل عدمه بخلاف ما إذا كانت موجودة والأول أصح لأنه اختلاف في التوكيل الذي يدعيه الوكيل والأصل عدمه فالقول قول من ينفيه كما لو لم يقر
الموكل بتوكيله في غيره ولأنهما اختلفا في صفة قول الموكل فكان القول قوله في صفة كلامه ولو قال الوكيل اشتريت لك هذه الجارية باذنك فقال الموكل ما أذنت لك
الا في شراء غيرها أو قال اشتريتها لك بالفين فقال ما أذنت لك الا في شرائها بألف فالقول قول الموكل مع اليمين فإذا حلف برئ من الشراء ثم إن كان الشراء بعين
مال الموكل بطل البيع وترد الجارية على البايع وإن كان في الذمة وسماه أو نواه وصدقه البايع فكذلك والا وقع للوكيل ولو كذبه البايع في أن الشراء لغيره أو بمال غيره
بغير اذنه حلف البايع على عدم العلم لان الأصل ان ما في يد الانسان له وكان على الوكيل غرامة الثمن للموكل ودفع الثمن إلى البايع وتبقى الجارية له ولا تحل له لأنه إن كان صادقا
فهي للموكل وإن كان كاذبا فللبايع فإذا أراد استحلالها اشتراها ممن هي له في الباطن فان امتنع من بيعه إياها رفع الامر إلى الحاكم ليثبت له الدين ظاهرا وباطنا ويصير
له ما ثبت في ذمته قصاصا بالذي أخذ منه الأخر ظلما فان امتنع الأخر من البيع لم يجبر على البيع لأنه عقد مراضاة وان قال له إن كانت الجارية لي فقد بعتكها أو قال الموكل
ان كنت أذنت لك في الشراء فقد بعتكها صح توصلا إلى الخلاص وللشافعية وجهان وكل موضع كانت للموكل في الباطن فان امتنع من بيعها للوكيل فقد حصلت في يد
الوكيل وهي للموكل وفي ذمته للوكيل ثمنها فيأذن الحاكم في بيعها ويوفيه حقه من ثمنها فإن كانت للموكل فقد باعها الحاكم في ايفاء دين امتنع المديون من ايفائه وإن كانت
للوكيل فقد اذن في بيعها مسألة إذا بعث المالك إلى المديون رسولا ليقبض دينه الذي له عليه وكان الدين دراهم مثلا فبعث معه دينارا فضاع الدينار
من الرسول فهو من مال الباعث لأنه انما امره بقبض دينه وهو دراهم فإذ دفع إليه ذهبا يكون قد صارفه من غير امره وقد دفع المديون إلى الرسول غير ما أمر به المرسل
والصرف شرطه (رضي) المتصارفين فصار الرسول وكيلا للباعث في تأديته إلى صاحب الدين ومصارفته به فإذا تلف في يد وكيله كان من ضمانه ولو كان الرسول قد أخبر المديون بان
المالك قد اذن له في قبض الدينار عوضا عن الدراهم كان من ضمان الرسول لأنه غره وأخذ الدينار على أنه وكيل ولو قبض الدراهم فضاعت كانت من ضمان صاحبها لأنها
تلفت في يد وكيله ولو قبض أزيد مما امره بقبضه ثم تلف الجميع فالضمان في الأصل على صاحب الدراهم وفي
الزائد على الباعث حيث دفع إلى من لم يؤمر بالدفع
إليه ويرجع الباعث على الرسول لأنه غره وحصل التلف في يده فاستقر الضمان عليه للموكل وللموكل ان يضمن الوكيل لأنه تعدى بقبض ما لم يؤمر بقبضه فإذا ضمنه
لم يرجع على أحد لان التلف حصل في يده فاستقر الضمان عليه مسألة لو وكله في قبض دينه وغاب فأخذ الوكيل به رهنا فتلف الرهن في يد الوكيل فقد أساء
الوكيل بقبض الرهن وأخذه حيث لم يأمره المالك ولا ضمان عليه في الرهن لأنه رهن فاسد والقبض في العقد الفاسد كالقبض في الصحيح فكل قبض صحيح كان مضمونا
فالفاسد فيه يكون مضمونا وما لا يكون صحيحه مضمونا لا يكون فاسده مضمونا والرهن الفاسد كالصحيح في عدم الضمان بقبضه ولو دفع إليه دراهم ليشتري
بها سلعة فخلطها مع دراهمه فضاعا معا ضمن وان ضاع أحدهما فكذلك لأنه فرط بالمزج وقال بعض العامة ان ضاعا معا فلا شئ عليه وان ضاع أحدهما أيهما ضاع
غرمه وهذا كلام غير محصل وكيف جعل ضياع مال الاثنين شرطا في زوال الضمان عنه الفصل السادس فيما به تثبت الوكالة مسألة تثبت الوكالة باقرار الموكل على نفسه
بأنه وكله وبشهادة عدلين ذكرين ولا تثبت بشهادة رجل وامرأتين ولا بشهادة رجل ويمين عند علمائنا أجمع سواء كانت الوكالة بمال أو لا وبه قال الشافعي لان الوكالة اثبات
للتصرف فلا تثبت الا بشاهدين كالوصية وقال احمد في إحدى الروايتين انه يقبل في الوكالة بالمال شهادة رجل وامرأتين وشهادة رجل ويمين وهو غلط لأنها شهادة
بولاية فلا تقبل الا برجلين ويفارق ما إذا ادعى انه اوصى له بكذا فإنه يقبل فيه شاهد وامرأتان وشاهد ويمين لان المقصود فيه اثبات المال دون التصرف
مسألة يشترط بقاء شهادة الشاهدين على الوكالة فلو شهد أحدهما انه وكله ثم شهد الأخر انه وكله ثم عزله لم تثبت الوكالة بهذه الشهادة لان أحدهما
لم يثبت وكالته في الحال ولو شهدا له بالوكالة مطلقا ثم عاد أحدهما قبل الحكم بها فقال قد عزله بعد التوكيل لم يحكم بالشهادة لأنه رجوع عن الشهادة قبل الحكم فلا يصح
للحاكم الحكم بما رجع عنه وقال بعض الشافعية انه يقبل لأنه رجوع عن الشهادة فأشبه ما إذا كان بعد الحكم وهو غلط لأنه إذا رجع بعد الحكم فقد نفذ الحكم بالشهادة
142

وإذا كان قبل الحكم لا يمكن الحكم بشهادة مرجوع عنها فاما إذا حكم بذلك ثم قالا أو أحدهما انه عزله بعد ما وكله فإن كان ذلك رجوعا عن الشهادة لم يقبل وكذا لو شهد
الشاهدان بالوكالة ثم شهد ثالث غيرهما بالعزل لم يثبت العزل بشهادة واحد لان العزل انما يثبت بما يثبت به التوكيل ولو شهد الشاهدان بالوكالة ثم شهدا معا
بالعزل تمت الشهادة في العزل كتمانها في التوكيل مسألة من شرط قبول الشهادة اتفاق الشاهدين على الفعل الواحد فلو شهد أحدهما انه وكله يوم الجمعة وشهد
الأخر انه وكله يوم السبت لم تتم البينة لان التوكيل يوم الجمعة غير التوكيل يوم السبت فلم تكمل شهادتهما على فعل واحد ولو شهد أحدهما انه أقر بتوكيله يوم الجمعة
وشهد الأخر انه أقر به يوم السبت ثبتت الشهادة لان الاقرارين اخبار عن عقد واحد ويشق جمع الشهود على اقرار واحد ليقر عندهم في حالة واحدة فجوز له الاقرار عند كل
واحد وحده رخصة للمقر وكذا لو شهد أحدهما انه أقر عنده بالوكالة بالعربية وشهد الأخر انه أقر بها بالعجمية تثبت الوكالة ولو شهد أحدهما انه وكله بالعربية شهد
الأخر انه وكله بالعجمية لم تثبت لان الانشاء هنا متعدد لم يشهد بأحدهما شاهدان وكذا لو شهد أحدهما أنه قال وكلتك وشهد الأخر أنه قال أذنت لك في التصرف
أو قال جعلتك وكيلا أو شهد أنه قال جعلتك حريا اي وكيلا لم تتم الشهادة لاختلاف اللفظ ولو شهد أحدهما انه وكله وشهد الأخر انه اذن له في التصرف تمت
الشهادة لأنهما لم يحكيا لفظ الموكل وانما عبرا عنه بلفظهما واختلاف لفظهما لا يؤثر إذا اتفق معناه ولو قال أحدهما اشهد أنه أقر عندي انه وكيله وشهد الأخر انه
وكله لم تثبت الوكالة لان الاقرار غير الانشاء وكل واحد لم يكمل شهادته ولو قال أحدهما اشهد أنه أقر عندي انه وكيله
وقال الآخر اشهد أنه أقر انه حرية أو انه اوصى إليه بالتصرف في حياته تثبت الوكالة
بذلك لأنهما اخبرا بلفظها ولو شهدا على الانشاء لكن شهد أحدهما انه وكله في بيع عبده وشهد الأخر انه وكله وزيدا أو شهد انه وكله في بيعه وقال لا تبعه حتى
تستأمرني أو تستأمر فلانا لم تتم الشهادة لان الأول أثبت استقلاله بالبيع من غير شرط والثاني ينفي ذلك فاختلفت الشهادة أما لو شهد أحدهما انه وكله في بيع عبده
وشهد الأخر انه وكله في بيع عبده وجاريته حكم بالوكالة في العبد لاتفاقهما عليه وزيادة الثاني لا يقدح في تصرفه في الأول وهكذا لو شهد أحدهما انه وكله في بيعه لزيد
وشهد الأخر انه وكله في بيعه لزيد وان شاء لعمرو على اشكال مسألة لا تثبت الوكالة والعزل بشهادة واحد ولا بخبره عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي
واحمد لأنه حق مالي فلا يثبت بخبر الواحد ولا بشهادته كالبيع وقال أبو حنيفة تثبت الوكالة بخبر الواحد وان لم يكن ثقة ويجوز التصرف للمخبر بذلك إذا غلب على
ظنه صدق المخبر بشرط الضمان ان أنكر الموكل ويثبت العزل بخبر الواحد إذا كان رسولا لان اعتبار شاهدين عدلين في هذا مشق فسقط اعتباره لأنه اذن في التصرف
ومنع منه فلم يعتبر في هذا شرط الشهادة كاستخدام غلام واسلام عبد وهو غلط لأن العقد لا يثبت بشاهد واحد بخلاف الاستخدام واسلام العبد لأنه ليس
بعقد ولو شهد اثنان ان فلان الغائب وكل فلانا الحاضر فقال الوكيل ما علمت هذا وانا أتصرف عنه تثبت الوكالة لان معنى ذلك اني لم اعلم إلى الان وقبول الوكالة تجوز
متراخيا وليس من شرط التوكيل حضور الوكيل ولا علمه ولا يضر جهله به ولو قال ما اعلم صدق الشاهدين لم تثبت وكالته لقدحه في شهادتهما على اشكال أقربه ذلك
ان طعن في الشهود والا فلا لأن الاعتبار بالسماع عند الحاكم وجهله بالعدالة مع علم الحاكم بها إما بنفسه أو بالتزكية لا يضر في ثبوت حقه مسألة يصح سماع البينة
بالوكالة على الغايب وهو ان يدعي ان فلانا الغايب وكلني في كذا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لأنه لا يعتبر رضاه في سماع البينة فلا يعتبر حضوره كغيره وقال أبو حنيفة
لا يصح وإذا قال له من عليه الحق انك لا تستحق مطالبتي أو لست بوكيل لم تسمع دعواه لان ذلك طعن في الشهادة ولو طلب منه الحلف على استحقاق المطالبة لم يسمع كذلك
ولو قال قد عزلك الموكل فاحلف انه ما عزلك لم يستحلف لان الدعوى على الموكل واليمين لا تدخلها النيابة ويحتمل الحلف لأنه يدعي عليه استحقاق المطالبة فيحلف على
نفي العلم ولو قال له أنت تعلم أن موكلك قد عزلك سمعت دعواه وان طلب اليمين من الوكيل حلف انه لا يعلم أن موكله عزله لان الدعوى عليه وان أقام الخصم بينة بالعزل سمعت
وانعزل الوكيل مسألة تقبل شهادة الوكيل على موكله وله فيما ليس بوكيل فيه ولا تقبل لموكله فيما هو وكيل فيه لأنه يثبت لنفسه حقا ولو شهد بما كان وكيلا فيه
بعد عزله فإن لم يكن قد خاصم قبلت والا فلا وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل لا تقبل
شهادته سواء خاصم أو لا لأنه بعقد الوكالة صار خصما فيه فلم تقبل شهادته
فيه كما لو خاصمه فيه بخلاف ما إذا لم يكن وكيلا فإنه لم يكن خصما فيه وهو خطأ لان الوكيل بعد عزله كالأجنبي بل ربما كان متهما في حق موكله مسألة لو كانت الأمة بين اثنين
فشهد الزيد ان زوجها وكله في طلاقها لم تسمع شهادتهما لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا وهو زوال حق الزوج من البضع الذي هو ملكهما ولو شهدا بعزل الوكيل في الطلاق لم
تقبل شهادتهما لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعا وهو ابقاء النفقة على الزوج وتقبل شهادة ولدي الرجل له بالوكالة وشهادة أبويه خلافا للعامة وتقبل شهادة ابني الموكل
وأبويه بالوكالة وبه قال بعض الشافعية أما عندنا فلانه تقبل شهادة الولد لوالده وبالعكس وأما عنده فلان هذا حق على الموكل يستحق به الوكيل المطالبة فقبلت
فيه شهادة قرابة الموكل كالاقرار ونحن متى فرضت الشهادة على الأب منعنا قبولها وقال احمد لا تقبل شهادة يثبت فيها حقا لأبيه أو ابنه فلم يقبل شهادة ابني
الوكيل وأبويه لأنهما يثبتان لأبيهما نايبا متصرفا وفارق الشهادة عليه بالاقرار فإنها شهادة عليه متمحضة والأقرب انه إن كانت الشهادة على الأب لم تسمع وإن كانت
له أو على الولد أو للولد سمعت ولو ادعى الوكيل الوكالة فأنكرها الموكل فشهد عليه ابناه لم تثبت عندنا لأنه لا تقبل شهادة الولد على والده خلافا للعامة ولو شهد
عليه أبواه قبلت عندنا وعندهم وان ادعى الموكل انه تصرف بوكالته وأنكر الوكيل فشهد عليه ابناه لم تقبل فان شهد أبواه سمعت وان ادعى وكيل لموكله الغائب حقا
وطالب به فادعى الخصم ان الموكل عزله وشهد له بذلك أبناء الموكل لم تقبل إن كانت شهادة عليه وقال الجمهور تسمع ويثبت العزل لأنهما يشهدان على أبيهما وان لم يدع
الخصم عزله لم تسمع شهادتهما لأنهما يشهدان لمن لا يدعيهما فان قبض الوكيل فادعى انه كان قد عزل الوكيل وان حقه باق في ذمة الغريم وشهد له ابناه قبلت لأنهما يثبتان حقا
لأبيهما خلافا للعامة ولو ادعى مكاتب الوكالة فشهد له سيده لم تقبل ولو شهد له ابنا سيده أو أبواه قبلت عندنا خلافا للعامة ولو أعتق العبد وأعاد السيد
الشهادة احتمل عدم القبول لأنها ردت للتهمة والقبول لأنها ردت للملك لا للتهمة وقد زال المانع وللشافعية قولان مسألة لو حضر رجل وادعى على غايب مالا في وجه وكيله
فأنكره فأقام بينة بما أدعاه حلفه الحاكم وحكم له بالمال فإذا حضر الموكل وجحد الوكالة أو ادعى انه كان قد عزله لم يؤثر ذلك في الحكم لان القضاء على الغايب لا يفتقر
إلى حضور وكيله ولو قال له بع هذا الثوب بعشرة فما زاد عليه فهو لك فمال الجعالة هنا مجهول فيبطل المسمى ويثبت له أجرة المثل ولا يلزم ما عينه له وبه قال الشافعي وقال احمد
يصح ويكون للمأمور الزائد لان ابن عباس كان لا يرى بذلك بأسا ولأنه يتصرف في مال باذنه فصح شرط الربح له كالمضارب والعامل في المساقاة والفرق تعذر تعيين الأجرة
في المضارب والمساقي بخلاف الدلالة مسألة لو ادعى الوكالة على الغايب وأقام شاهدان وثبتت عند الحاكم وثبت الحق لموكله فادعى من عليه الحق ان الموكل
143

أبرأه من الحق أو قضاه ولم يدع الوكيل بذلك لم تسمع منه هذه الدعوى لان سماع هذه الدعوى يؤدي إلى ابطال الوكالة في استيفاء حق الغايب لأنه متى ادعى ذلك من عليه الحق وسمعت منه
وقفت المطالبة بالحق إلى حضور الموكل ويمينه فيقف بذلك الحقوق فيقال له ادفع الحق الذي عليك وتقف دعواك إلى حضور الموكل ويمينه وان ادعى علم الوكيل
بذلك سمعت دعواه وسأله عن ذلك فان صدقه بطلت وكالته وسقطت مطالبته وان أنكر ذلك وبه قال الشافعي وزفر وقال أبو حنيفة وصاحباه لا يحلف لأن هذه
اليمين متوجهة على الموكل فلا ينوب فيها الوكيل وليس بصحيح لأنه ليس بنايب عن الموكل لان اقراره بذلك لا يثبت به حق على الموكل عندنا فلا تسقط بيمينه
الدعوى ويدل على قولنا انه لو أقر الوكيل بذلك سقطت مطالبته فإذا أنكر توجهت عليه اليمين كصاحب الحق المقصد السابع في الاقرار وفيه فصول
الفصل الأول في ماهيته ومشروعيته نريد ان نبحث في هذا الفصل عن جميع ما يتعلق بالاقرار ولا شك في أنه متعلق بمقر ومقر له ومقر به
وصيغة يترتب عليها المؤاخذة وهذه الأربعة هي أركان الاقرار ثم المقر به قد يكون مالا وقد يكون غيره وعلى التقديرين فالمستعمل فيه قد يكون مفصلا وقد يكون
مجملا وعلى كل تقدير فقد يعقب الاقرار بما يرفعه وقد لا يعقب وإذا لم يكن المقر به مالا فقد يكون عقوبة من قصاص أو حد وقد يكون نسبا وغيره ثم قد يحصل بحيث
يكون من لواحق ذلك فالفصول خمسة الاقرار الاثبات من قولك قر الشئ يقر وأقررته وقررته إذا أفدته القرار ولم يسم ما يشرع فيه اقرارا من حيث إنه افتتاح اثبات
ولكن لأنه اخبار عن ثبوت ووجوب سابق وهو اخبار عن حق سابق وهو معتبر بالكتاب والسنة والاجماع إما الكتاب فقوله تعالى وإذ اخذ الله ميثاق النبيين إلى قوله أأقررتم
واخذتم على ذلكم إصري قالوا اقررنا الآية وقوله تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم وقوله تعالى الست بربكم قالوا بلى وقوله تعالى كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم قال
المفسرون شهادة المرء على نفسه اقراره والآيات في ذلك كثيرة في القران العزيز وأما السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه أقر ماعز عنده بالزنا فرجمه رسول الله صلى الله عليه وآله
وكذلك العامرية وقال اغد يا أنيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها والاعتراف هو الاقرار وقال قولوا الحق ولو على أنفسكم وأما الاجماع فقد أجمعت الأمة كافة على
صحة الاقرار ولان الاقرار اخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة لان العاقل لا يكذب على نفسه فيما يضرب بها ولهذا كان آكد من الشهادة لان المدعى عليه إذا اعترف
لم تسمع عليه الشهادة وانما الشهادة يحتاج إليها إذا أنكر ولو كذب المدعي بينة لم تسمع وان كذب المقر ثم صدقه سمع الفصل الثاني في أركانه وهي أربعة
لان الاقرار انما يتم بالصيغة والمقر والمقر له والمقر به فهنا مباحث البحث الأول في الصيغة مسألة الصيغة هي اللفظ الدال على الاخبار بحق واجب كقوله له علي أو
عندي أو في ذمتي ويشترط فيها التنجيز والجزم بالحكم فإذا قال علي لفلان كذا فهو صيغة اقرار وكذا لفلان علي أو في ذمتي اقرار بالدين ظاهرا وقوله عندي أو معي
اقرار بالعين ولو قال له قبلي الف فهو دين ويحتمل ان يصلح للدين والعين معا ولو علق اقراره على الشرط لم يصح وكان لاغيا مسألة إذا قال لغيره لي
عليك الف فقال في الجواب زن أو خذ لم يكن اقرارا لأنه لم يوجد صيغة التزام وقد يذكر مثل ذلك من يستهزئ ويبالغ في الجحود وكذا لو قال استوف أو اتزن فكذلك
وقال بعض الشافعية ان قوله اتزن اقرار لأنه يستعمل في العادة فيما يستوفيه الانسان لنفسه بخلاف قوله زن وبه قال أبو حنيفة ولو قال زنه أو خذه فليس باقرار
أيضا للاحتمال المذكور وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال بعض العامة يكون اقرارا لان الكناية تعود إلى ما تقدم في الدعوى ولو قال شده في هميانك أو اجعله في كيسك
أو اختم عليه فهو كقوله زنه أو خذه مسألة يصح الاقرار بالعربية والعجمية معا من العربي والعجمي معا بالاجماع لان كل واحدة منهما لغة كالأخرى يعتبر بها
عما في الضمير وتدل على المعاني الذهنية بسبب العلاقة الراسخة بينهما بحسب المواضعة فإذا كان اللفظ موضوعا لشئ دل عليه فان أقر عربي بالعجمية أو عجمي بالعربية
فان عرف انه عالم بما أقر به لزمه وان قال ما علمت معناه فان صدقه المقر له على ذلك سقط الاقرار وان كذبه به فالقول قول المقر مع يمينه لأن الظاهر من حال العجمي ان لا يعرف
العربية وكذا العربي لا يعرف العجمية ظاهرا مسألة لو قال المدعي لي عليك الف فقال في الجواب نعم أو بلي أو أجل أو صدقت كان اقرارا لأن هذه الألفاظ
موضوعة للتصديق في عرف اللغة قال الله تعالى هل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم ولو قال لعمري قيل يكون اقرارا لأنه يستعمل فيه والأقرب انه ليس كذلك لاختلاف
العرف فيه ولو قال انا مقر به أو بما تدعيه أو بما ادعيت أو بدعواك أو لست منكرا له فهو اقرار ولو قال انا مقر ولم يقل به أو قال لست منكرا أو انا أقر لم يكن اقرارا لجواز
ان يريد الاقرار ببطلان دعواه أو بان الله تعالى واحد وهذا يدل على أن الحكم بان قوله انا مقر به اقرار فيما إذا خاطبه وقال انا مقر لك به والا فيجوز الاقرار به لغيره ولو
قال انا أقر لك به لم يكن اقرارا لجواز إرادة الوعد ولأنه ليس صريحا في الاخبار لجواز إرادة الانشاء والوعد بالاقرار في ثاني الحال وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه اقرار
لان قرينة الخصومة وتوجه الطلب يشعر بالتنجيز والأول أصح ولو قال لا أنكر ما تدعيه كان اقرارا غير محمول على الوعد عند بعض الشافعية لان العموم إلى النفي أسرع منه إلى
الاثبات ولهذا كانت النكرة في معرض المنفي تعم وفي الاثبات لا تعم وهو مشكل والأقرب انه كالاثبات ولو سلم الفرق لكنه لا ينفي الاحتمال وقاعدة الاقرار الاخذ
بالقطع وألبت والحكم بالمتيقن لأصالة براءة الذمة وقال الجويني من الشافعية بتقدير حمله على الوعد فالقياس ان الوعد بالاقرار كما انا نقول التوكيل بالاقرار
اقرار وهو غلط والحكم في الأصل ممنوع ولو قال في الجواب لا أنكر ان يكون محقا لم يكن مقرا بما يدعيه لجواز ان يريد في شئ اخر ولو قال فيما يدعيه فهو اقرار ولو قال لا أقر به
ولا أنكره فهو كما لو سكت فيجعل منكرا أو يطالب بالجواب وقيل يعرض عليه اليمين ولو قال أبرأتني عنه أو قبضته قهو اقرار وعليه بينة القضاء أو الابراء وقال بعض الشافعية ان
قوله أبرأتني عنه ليس باقرار لقوله تعالى فبراه الله مما قالوا تبريته عن عيب الادوة لا يقتضي اثباته له ولو قال أقررت بأنك أبرأتني أو استوفيت مني لم يكن اقرارا ولو قال في
الجواب لعل أو عسى أو أظن أو احسب أو أقدر أو أتوهم لم يكن مقرا مسألة اللفظ قد يكون صريحا في التصديق وتنضم إليه قرائن تصرفه عن موضوعه إلى الاستهزاء
والتكذيب ومن جملتها الأداء والابراء وتحريك اللسان الدال على شدة التعجب والانكار فعلى هذا يحمل قوله صدقت وما في معناه على هذه الحالة فلا يكون اقرارا فان وجدت
القرائن الدالة على الاقرار حكم به وان وجدت القرائن الدالة على غيره حكم بعدم الاقرار ولو قال عليك الف فقال في الجواب لك علي الف على سبيل الاستهزاء لم يكن اقرارا وحكى أبو سعيد
التولي من الشافعية ان فيه وجهين مسألة لو قال لي عليك الف فقال بلى كان مقرا ولزمه الألف لأنه تصديق للايجاب المناقض للنفي لقوله تعالى الست
بربكم قالوا بلى ولو قال نعم فاحتمالان أحدهما انه لا يكون مقرا والفرق ان نعم في جواب الاستفهام وبلى تكذيب له من حيث إن أصل بلى زيدت عليه الياء وهي لرد
الرد والاستدراك وإذا كان كذلك فقوله بل رد لقوله ليس لي عليك الف فإنه الذي دخل عليه حرف الاستفهام ونفى له ونفي النفي اثبات فكأنه قال لك علي الف
وقوله نعم تصديق له فكأنه قال ليس لي (ولك علي ظ) عليك هذا تلخيص ما نقل عن الكسائي وجماعة من فضلاء اللغة وعلى وفقه ورد القرآن العزيز قال الله تعالى الست بربكم قالوا بلى قيل
لو قالوا نعم لكفروا وقال تعالى أم يحسبون انا لا نسمع سرهم ونجويهم بلى وقال تعالى أيحسب الانسان ان لن نجمع عظامه بلى وقال تعالى في نعم فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم
144

وقال إن لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين قال نعم والثاني أنه يكون مقرا لان كل واحد من نعم وبلى يقام مقام الأخر في العرف والاحتمالان وجهان أيضا للشافعية وقال
الآخرون ان الأقارير تحمل على مفهوم أصل العرف لا على دقايق العربية ولو قال هل لي عليك الف فقال نعم فهو اقرار مسألة إذا قال لغيره اشتر مني عبدي
هذا أو اعطني عبدي هذا فقال نعم فهو اقرار له بملكية العبد وكذا لو قال أعتق عبدي هذا فقال نعم ويحتمل عدمه وبه قال بعض الشافعية ولو قال بعني هذا العبد
فهو اقرار بعدم ملكية القائل له وهل هو اقرار للمخاطب بالملكية اشكال لاحتمال ان يكون وكيلا ولو قال اشتر مني هذا العبد فقال نعم فهو اقرار بان المخاطب مالك
للبيع وليس اقرارا بأنه مالك للمبيع ولو ادعى عليه عبدا في يده فقال اشتريته من وكيلك فلان فهو اقرار له ويحلف المدعي عليه على أنه ما وكل فلانا بالبيع مسألة
لو قال له علي الف في علمي أو فيما اعلم أو اشهد فهو اقرار لان ما في علمه لا يحتمل الا الوجوب ولو قال كان له علي الف وسكت أو كانت هذه الدار له في السنة الماضية
فالأقرب انه يلزمه الألف وتسليم الدار إليه وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه لأنه أقر بالوجوب ولم يذكر ما يرفعه فيبقى على ما كان عليه ولهذا لو تنازعا دارا
فاقر أحدهما للاخر انها كانت ملكه حكم بها له الا انه هنا ان عاد فادعى القضاء والابراء سمعت دعواه لأنه لا تنافي بين اقراره وبين ما يدعيه وللعمل بالاستصحاب
والثاني للشافعية انه ليس باقرار في الحال بشئ لأصالة براءة الذمة ولأنه لم يذكر ان عليه شيئا في الحال وانما أخبر بذلك في زمن ماض فلا يثبت في الحال وكذا لو شهدت
البينة به لم يثبت مسألة لو قال هذه داري اسكنت فيها فلانا ثم أخرجته منها لم يكن اقرارا بالملكية قطعا وهل يكون اقرارا باليد قال بعض الشافعية
نعم لأنه اعترف بثبوتها من قبل وادعى زوالها وقال بعضهم انه ليس باقرار لأنه لم يعترف بيد فلان الا من جهته وهو الأقوى عندي ولو قال ملكت هذه الدار من زيد
فهو اقرار بالملك لزيد على اشكال وادعى انتقالها منه إليه فإن لم يصدقه زيد دفعت إليه وان صدقه أقرت في يده ولو قال اقض الألف التي لي عليك فقال نعم فهو
اقرار ولو قال في الجواب أعطي غدا لو ابعث من يأخذه وامهلني يوما أو امهلني حتى اضرب الدراهم أو افتح باب الصندوق أو اقعد حتى تأخذ ولا اخذ اليوم أو لا تدم
التقاضي أو قال ما أكثر ما تتقاضى والله لأقضينك قال أبو حنيفة يكون مقرا في جميع هذه الصور وعندي فيه تردد واضطربت الشافعية فيه وكذا لو قال أسرج
دابة فلان هذه فقال نعم أو قال اخبرني زيد ان لي عليك كذا فقال نعم أو قال متى تقضي حقي فقال غدا أو قال له قائل غصبت ثوبي فقال ما غصبت من أحد قبلك ولا
بعدك لم يكن مقرا لان نفي الغصب من غيره لا يقتضي ثبوت الغصب فيه وكذا لو قال ما علي لزيد أكثر من مائة درهم لان نفي الزايد على المائة لا يوجب اثبات المائة ويحتمل
يكون اقرارا بالمائة وهو أيضا وجه للشافعية مسألة قد بينا ان من شرط صحة الصيغة بالاقرار التنجيز فلو علق اقراره على شرط أو صفة بطل كقوله
ان جاء زيد فله علي كذا أو إذا جاء رأس الشهر فله كذا أو لا فرق بين ان يكون الشرط معلوم الوقوع أو
مجهوله ولو قال المعسر لفلان علي الف ان رزقني الله تعالى مالا لم يكن
اقرارا للتعليق وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم انه اقرار وصيغة الشرط لبيان وقت الأداء والمعتمد ان يستفسره فان فسر بالتأجيل صح وان فسره بالتعليق بطل
وكذا في قوله إذا جاء رأس الشهر فله علي كذا ان قصد بيان وقت الأداء لزم وان قصد التعليق بطل مسألة لو ادعى عليه ألفا وقال إن فلانا يشهد لي بها فقال
المدعى عليه ان شهد بها على فلان فهو صادق وجب الألف عليه في الحال سواء شهد فلان أو لا ولو قال فلان لا اشهد أو ان المدعي كاذب أو انا اشهد ببراءة
المقر فكان عليه الأداء في الحال لأنه حكم بصدقه على تقدير الشهادة وانما تتم هذه الملازمة ويصدق هذا الحكم لو كان الحق ثابتا في ذمته لأنه لو لم يكن ثابتا
لم يصدق هذا الحكم لو شهد فتكون الملازمة كاذبة لكنا انما نحكم بصدقها كغيره من الاقرارات وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه لا يكون اقرارا لما فيه
من التعليق والأقرب انه ان ادعى عدم علمه بما قال وان المقر له لا يستحق في ذمته شيئا وانه توهم ان فلانا لا يشهد عليه فإن كان ممن يخفى عنه ذلك قبل قوله وحمل
على التعليق وكان كلامه لاغيا والا ثبت ولو شهد عليه شاهد بألف فقال هو صادق أو عدل لم يكن مقرا ولو قال إنه صادق فيما شهد به أو عدل فيما قال كان
مقرا ولو قال إن شهدا علي صدقهما لم يكن مقرا لان غير الصادق قد يصدق ولو قال إن شهد علي فلان فهو حق أو صحيح فكقوله صادق ولو قال له علي الف ان شهد
بها فلان لم يكن اقرارا لأنه معلق على شرط مسألة لو علق اقراره بمشية الله تعالى بطل فلو قال لك علي الف إن شاء الله لم يكن اقرارا وهو قول الشافعية لأنه علق
اقراره على شرط فلم يصح كما لو علقه على مشية زيد لان المعلق على مشية الله تعالى لا سبيل إلى معرفته وقال أحمد بن حنبل أنه يكون اقرارا لأنه وصل اقراره بما يرفعه بأجمعه ولا
يصرفه إلى غير الاقرار فلزمه ما أقر به وبطل صلته به كما لو قال له علي الف الا ألفا ولأنه عقب الاقرار بما لا يفيد حكما اخر ولا يقتضى رفع الحكم فأشبه ما لو قال له علي الف في مشية
الله تعالى وهو ممنوع لأنه محض تعليق على شرط فأشبه التعليق بدخول الدار ومشية زيد ولو قال له علي الف الا ان يشاء الله تعالى صح الاقرار لأنه علق رفع الاقرار على أمر
لا يعلم فلا يرتفع فلو قال لك علي الف ان شئت أو ان شاء زيد لم يصح وبه قال احمد أيضا وقال بعض أصحابه يصح لأنه عقب بما يرفع الاقرار فأشبه استثناء الكل وهو
غلط لأنه علقه على شرط يمكن علمه فلم يصح كما لو قال له علي الف ان شهد به فلان وذلك لان الاقرار اخبار بحق سابق فلا يتعلق على شرط مستقبل ولو قال له علي الف
إن شاء الله وقصد التبرك بالمشية والصلة والتفويض إلى الله تعالى فهو اقرار كقوله تعالى لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله وقد علم الله تعالى انهم سيدخلونه مسألة
لو قال له علي الف ان شاء زيد أمكن جعل مشية زيد شرطا يتوقف الامر على وجودها لان مشيته متجددة وأما مشية الله فإنها غير متجددة والماضي لا يمكن فتعين حمل
الامر في مشية زيد على المستقبل فيكون وعدا لا اقرارا ولو قال بعتك إن شاء الله أو زوجتك إن شاء الله لم يقع البيع ولا النكاح وقال أبو حنيفة يقع النكاح والبيع
وبه قال احمد ولو قال بعتك بألف ان شئت فقال قد شئت وقبلت لم يصح على اشكال لان هذا الشرط من موجب العقد ومقتضاه فان الايجاب إذا وجد من
البايع كان القبول إلى مشية المشتري واختياره والحق البطلان من حيث التعليق إذ لا نعلم حاله عند العقد هل يشاء أم لا فأشبه ما لو قال إن شاء زيد ولو قال له
علي الف ان قدم فلان لم يلزمه لأنه لم يقر به في الحال وما لا يلزمه في الحال لا يصير واجبا عند وجود الشرط البحث الثاني في المقر مسألة
يشترط في المقر البلوغ فأقارير الصبي لاغية سواء كان مميزا أو لا وسواء اذن له الولي أو لا عند علمائنا وبه قال الشافعي لقول النبي صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة
عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النايم حتى ينتبه وقال أبو حنيفة إذا كان الصبي مميزا صح الاذن في البيع والشراء ويصح اقراره فيه وقال احمد اليتيم
إذا اذن له في التجارة وهو يعقل البيع والشراء فبيعه وشراؤه جايز وان أقر انه قبض شيئا من ماله جاز بقدر ما اذن له فيه وليه وليس بشئ وقول أبي حنيفة إذا كان
مأذونا من جهة الولي صح اقراره قياسا على تصرفاته باطل بالحديث واصله ممنوع ولنا وللشافعية قول في صحة تدبيره ووصيته فعلى هذا القول عندنا وعند الشافعي
يصح اقراره بهما والحق ما تقدم لان اقراره لا يصح بغير ذلك وبغير ما أذن له فيه فكذا بهما وبالبيع والشراء كالمجنون ولو ادعى انه قد بلغ بالاحتلام أو ادعت
145

الجارية البلوغ بالحيض قبل إن كان ذلك في وقت الامكان والا فلا ولو فرض ذلك في خصومة لم يحلفا لأنه لا يعرف ذلك الا من جهتهما فأشبه ما إذا علق نذر العتق
بمشية الغير فقال شئت تصديق بغير يمين ولأنهما ان صدقا فلا تحليف وان كذبا فكيف يحلفان واعتقاد المكذب انهما صغيران ولأنه لو حلفناه لا راد في تحليفه
تغرير الصبي والصبي لا يحلف فاذن لو حلف لما حلف ولو بلغ مبلغا تيقن بلوغه فيه لم يحلف أيضا على أنه كان بالغا حينئذ لأنا إذا حكمنا بموجب قوله فقد أنهينا الخصومة
نهايتها فلا عود إلى التحليف ولو جاء واحد من الغزاة يطلب سمم المقاتلة وذكر انه احتلم دفع إليه سهمه لأنا لا نشترط البلوغ في استحقاق سهم الغنيمة وعند المشترطين
يحلف ويأخذ السهم فإن لم يحلف فللشافعية وجهان قال بعضهم يعطى لأن الظاهر استحقاقه بحضور الوقعة وقال بعضهم لا يعطى لعدم العلم بالبلوغ وقوله متهم
ولو ادعى البلوغ بالسن طولب بالبينة لامكانها ولو كان غريبا أو خامل الذكر التحق بدعوى الاحتلام وقال بعض الشافعية يطالب بالبينة لامكانه في جنس المدعي
أو ينظر إلى الانبات لتعذر كعرفة التاريخ كما في صبيان الكفار والأظهر عند الشافعية الثاني لأنه إذا أمكن إقامة البينة كلف اقامتها ولم ينظر إلى حال المدعي وعجزه
والوجه ان دعوى الصبي البلوغ بالاحتلام ليس اقرارا لان المفهوم من الاقرار الاخبار عن ثبوت حق عليه للغير ونفس البلوغ ليس كذلك ولهذا يطالب مدعي البلوغ
بالسن بالبينة واختلفوا في تحليف مدعى البلوغ بالاحتلام والمقر لا يكلف البينة ولا اليمين نعم لو قال انا بالغ فقد اعترف بثبوت الحقوق المنوطة بالبلوغ فحق هذا
الوجه ان يكون متضمنا للاقرار لا انه نفسه اقرار وبتقدير كونه اقرارا فليس ذلك باقرار لأنه إذا قال انا بالغ يحكم ببلوغه سابقا على قوله فلا يكون اقراره
اقرار الصبي مسألة يشترط في المقر العقل فلا يقبل اقرار المجنون لأنه مسلوب القول في الانشاء والاقرار بغير استثناء ولا فرق بين ان يكون الجنون
مطبقا أو يأخذه أدوارا الا ان الذي يأخذه أدوارا إن أقر في حال افاقته صح لأنه حينئذ عاقل ولابد من كمالية العقل في الاقرار فالسكران الذي لا يحصل أو لا يكون كامل
العقل حالة سكره لا يقبل اقراره عند علمائنا أجمع وكذا بيعه وجميع تصرفاته لعدم الوثوق بما يقول وعدم العلم بصحته ولا ينتفي عنه التهمة فيما يخبر به فلم يوجد
معنى الاقرار الموجب لقبول قوله وللشافعي فيه اضطراب قال بعض أصحابه يصح اقرار السكران ولا يصح بيعه وقال بعضهم بيع السكران يحتمل وجهين الجواز وعدمه
وقال بعضهم بالجواز لان أفعاله تجري مجرى أفعال الصاحي قال الشافعي لو شرب رجل خمرا أو نبيذا فسكر فاقر في حال سكره لزمه ما أقر به وروى المزني في ظهار السكران
ما إذا صح كان بمنزلة المجنون في اقراره ومن أكره فاوجر خمرا حتى ذهب عقله ثم أقر لم ينفذ اقراره وعند الشافعي أيضا لأنه معذور ولا فرق عندنا بين ان يسكر قاصدا
أو غيره خلافا للشافعي مسألة لابد من القصد في الاقرار فلا عبرة باقرار الغافل والساهي والنائم لقوله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن
المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه وكذلك المغمي عليه لا ينفذ اقراره لزوال رشده وتحصيله وكذا المبرسم ولا نعلم فيه خلافا لدخول المبرسم والمغمى عليه في
معنى المجنون والنايم ولأنه قول من غلب العقل فلا يثبت له حكم كالبيع والطلاق مسألة يشترط في المقر الاختيار فلا يقع اقرار المكره على الاقرار عند علمائنا أجمع
وبه قال الشافعي واحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح كالبيع ولو أقر بغير
ما أكره عليه مثل ان يكره على الاقرار لرجل فيقر لغيره أو يكره على أنه يقر بنوع من المال فيقر بغيره أو يكره الاقرار بطلاق امرأة فيقر بطلاق أخرى أو يكره على الاقرار بعتق
عبد فيقر بعتق غيره صح لأنه أقر بما لم يكره عليه فصح كما لو أقر به ابتداء ولو أكره على الاقرار بمائة فاقر بمائتين فالأقرب نفوذه ولو أكره على الاقرار بمائة فاقر بخمسين لم
ينفذ ولو أكره على أداء مال فباع شيئا من ماله ليؤدي ذلك صح بيعه لأنه لم يكره على البيع ولو ادعى المقر الاكراه على الاقرار لم يقبل قوله الا بالبينة سواء أقر عند سلطان
أو عند غيره لأصالة عدم الاكراه الا ان يكون هناك دلالة على الاكراه كالقيد والحبس والتوكيل به فيكون القول قوله مع يمينه لدلالة هذه الحال على الاكراه على
اشكال ولو ادعى انه كان زائل العقل حالة اقراره لم يقبل قوله الا بالبينة لأصالة السلامة حتى يعلم غيرها ولو لم يعلم له حالة جنون البتة لم يلتفت إليه ولو علم فالقول
قوله مع اليمين ولو شهد الشهود باقراره لم يفتقر صحة الشهادة إلى أن يقولوا أقر طوعا في صحة عقله وبدنه لأن الظاهر سلامة الحال وصحة الشهادة مسألة
لا يقبل اقرار المحجور عليه للسفه بالمال ويصح في الحد والقصاص لانتفاء التهمة فيه وإذا فك الحجر عنه لم يقبل يلزمه المال الذي أقر به في الحجر لأن عدم قبول اقراره صيانة لماله لموضع التهمة فيه فلو ألزمناه بعد فك الحجر عنه بطل معنى الحجر ولو أقر بالسرقة لزمه القطع دون المال وللشافعي
في المال قولان اللزوم لئلا يتبعض اقراره والعدم لعدم قبول قوله في المال والتبعيض غير ضائر كما لو شهد رجل وامرأتان ثبت المال دون القطع واما في الباطن
فإن كان الذي أقر به حقا تعلق به حالا الحجر برضى صاحبه كالقرض لم يلزمه أيضا لان الحجر منع من معاملته فصار كالصبي وان لزمه بغير اختيار صاحبه كالاتلاف لزمه أداء
ذلك المال في الباطن ولهذا لو قامت البينة عليه حال الحجر لزمه ويقبل اقرار المحجور بالفلس في النكاح دون السفيه المحجور اعتبارا للاقرار بالانشاء وقال الجويني اقرار
السفيهة بأنها منكوحة فلان كاقرار الرشيدة إذ لا اثر للسفه في النكاح من جانب المراة قال وفيه احتمال من جهة ضعف قولها وخبل عقلها لأنها غير تام الرشد
ولا كامل العقل فأشبه المجنون أما المحجور عليه للفلس فالأقرب نفوذ اقراره في حقه خاصة وقد سبق البحث فيه ويقبل اقرار المفلس قبل الحجر عليه سواء أقر بعين أو دين
مسألة يشترط في صحة الاقرار الحرية فلا يقبل اقرار العبد بالعقوبة ولا بالمال عند علمائنا أجمع سواء كانت العقوبة توجب القتل أو لا ووافقنا احمد
والمزني على أنه لا يقبل اقراره بعقوبة توجب القتل دون غيرها من العقوبات لأنه لا يملك نفسه ولا التصرف وهو مال غيره فاقراره على نفسه اقرار على مولاه وهو
غيره واقرار الشخص على غيره غير مسموع وقال الشافعي يقبل اقراره فيما يوجب الحد والقصاص في النفس والطرف لان عليا (ع) قطع عبدا باقراره ولأنه لو قامت البينة
قبل فالاقرار أولي ونمنع استناد القطع إلى الاقرار فجاز ان يكون اقترن بتصديق المولى والفرق بين الاقرار والبينة ظاهر ولو صدقه المولى على العقوبة به نفذ الحكم فيه
كالبينة ولو أقر المولى عليه ولم يقر هو لم يسمع لأنه غيره واقرار الشخص على غيره غير مسموع ولان المولى لا يملك من العبد الا المال وقال بعض العامة يصح اقرار
المولى عليه بما يوجب القصاص ويجب المال دون القصاص لان المال تعلق برقبته وهي مال السيد فصح اقراره به كجناية الخطاء ولو أقر بما يوجب القتل لم يقبل عندنا
وقال احمد لا يقبل أيضا ويتبع به بعد العتق وبه قال زفر والمزني وداود بن جرير الطبري لأنه يسقط حق سيده باقراره ولأنه متهم في أن يقر لرجل ليعفو عنه ويستحق اخذه
فيتخلص بذلك من سيده وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي يصح اقراره بما يوجب القتل أيضا لأنه أحد نوعي القصاص فصح اقراره به كما دون النفس وينبغي على هذا القول إن
لا يصح عفو ولي الجناية على مال الا باختيار سيده لئلا يلزم ايجاب المال على سيده باقرار غيره وهذا كله عندنا باطل ولا شئ مما يوجب القصاص في النفس أو
الطرف أو الحد أو المال بثابت على العبد باقراره على نفسه ولا باقرار مولاه عليه ولا يقبل اقرار العبد بجناية الخطاء ولا شبيه العمد ولا بجناية عمد موجبها المال كالجايفة
والهاشمة والمأمومة لأنه ايجاب حق في رقبته وذلك يتعلق بالمولى ويقبل اقرار المولى عليه لأنه ايجاب حق في ماله ولو أقر بسرقة توجب المال لم يقبل اقراره ويقبل اقرار
146

المولى عليه وان أوجبت القطع في المال فاقر بها العبد لم يقبل منه وعند العامة يقبل في القطع ولم يجب المال سواء كان ما أقر بسرقته باقيا أو تالفا في يد العبد أو في يد السيد
ويتبع بذلك بعد العتق وللشافعي في وجوب المال في هذه الصورة وجهان ويحتمل ان لا يجب القطع عند العامة لأنه شبهة فيدرأ بها القطع لكونه حدا يدرأ بالشبهات
وبه قال أبو حنيفة وذلك لأن العين التي يقر بسرقتها لم يثبت حق السرقة فيها فلا يثبت حكم القطع بها مسألة لو أقر العبد برقيته لغير من هو في يده
لم يقبل اقراره بالرق لان اقراره بالرق اقرار بالملك والعبد لا يقبل اقراره بالمال بحال ولانا لو قبلنا اقراره لضررنا بسيده لأنه إذا شاء أقر بنفسه لغير سيده
فأبطل ملك سيده ولو أقر به السيد لرجل وأقر هو بنفسه لاخر فهو للذي أقر له به السيد لأنه في يد السيد لا في يد نفسه ولان السيد لو أقر به منفردا قبل ولو أقر العبد
مفردا لم يقبل فإذا لم يقبل اقرار العبد منفردا فكيف يقبل في معارضة السيد ولو قبل اقرار العبد لما قبل اقرار السيد كالحد وجناية العمد عندهم مسألة
المكاتب المشروط كالقن عندنا لا يقبل اقراره لأنه اقرار في حق الغير وعند العامة ان حكمه حكم الحر في صحة اقراره ولا بأس به ولو أقر بجناية خطأ أو عمد توجب المال فكالاقرار
بالمال يتبع به بعد العتق وعند العامة يقبل اقراره فان عجز عن الكتابة بيع في الجناية ان لم يفده سيده وقال أبو حنيفة يستسعى في الكتابة فان عجز بطل اقراره
بها سواء قضى بها أو لم يقض وعن الشافعي كقولنا وعنه قول اخر انه مراعى ان أدي لزمه وان عجز بطل واما المطلق فإذا تحرر بعضه كان حكم نصيب الحرية حكم الأحرار وحكم نصيب الرقية حكم العبيد
مسألة قد بينا ان العبد إذا أقر بالسرقة أو غيرها لم يلتفت إليه خلافا للعامة فان صدقه المولى نفذ اقراره ثم المال إن كان باقيا يسلم إلى المالك سواء
كان في يد العبد أو في يد المولى ولو كان تالفا تبع به بعد العتق ولو لم يصدقه المولى فللشافعية قولان أحدهما انه يقبل اقراره ويتعلق الضمان برقبته مع تلف العين لان
اقراره لما تضمن عقوبة انقطعت التهمة عنه وأصحهما عندهم انه لا يقبل كما لو أقر بمال ويتعلق الضمان بذمته الا ان يصدقه السيد وإن كان المقر به باقيا فإن كان في
يد السيد لم ينتزع من يده الا بتصديقه كما لو قال حر سرقته ودفعته إليه وإن كان في يد العبد لم ينتزع منه ولم يقبل قوله بسرقته وللشافعية طريقان أحدهما عن
ابن شريح ان في انتزاعه قولين ان قلنا لا ينتزع ثبت بدله في ذمته وبه قال أبو حنيفة ومالك وأبو حنيفة لا يوجب القطع أيضا والحال هذه ومن الشافعية من قطع بنفي القبول
في المال كما لو كان في يد السيد لان يده يد السيد بخلاف ما لو كان تالفا لان غاية ما في الباب فوات رقبته على السيد إذ يتبع في الضمان والأعيان التي تفوت عليه لو قبلنا
اقراره فيها لا تنضبط فيعظم ضرر السيد ومنهم من عكس وقال إن كان المال باقيا في يد العبد قبل اقراره بناء على ظاهر اليد وإن كان تالفا لم يقبل لأن الضمان حينئذ يتعلق
بالرقبة وهي محكوم بها للسيد فتخلص من أقوال الشافعية أربعة أقوال آ يقبل مطلقا ب لا يقبل مطلقا ج يقبل إذا كان المال باقيا د يقبل إذا كان المال تالفا ولو أقر
ثم رجع عن الاقرار بسرقة لم يجب القطع مسألة لو أقر العبد بما يوجب القصاص على نفسه لم يقبل وعند العامة يقبل فلو أقر فعفى المستحق على مال أو عفى مطلقا
وقلنا انه يوجب المال فوجهان أصحهما عند الشافعية انه يتعلق برقبته وان كذبه السيد لأنه انما أقر بالعقوبة والمال توجه بالعفو ولا ينظر إلى احتمال انه واطي
المستحق على أن يقر ويعفو المستحق ليفوت الرقبة على السيد لضعف هذه التهمة إذ المستحق ربما يموت أو لا يفي فيكون المقر مخاطرا بنفسه والثاني انه كذلك ان قلنا إن
موجب العمد القصاص أما إذا قلنا موجبه أحد الامرين ففي ثبوت المال عندهم قولان بناء على الخلاف في ثبوت المال إذا أقر بالسرقة الموجبة للقطع مسألة
إذا أقر العبد بدين جناية من جهة غصب أو سرقة لا توجب القطع أو اتلاف وصدقه السيد تعلق بذمته يتبع به بعد العتق لان ما يفعله العبد لا يلزم السيد منه شئ
وقال الشافعي يتعلق برقبته كما لو قامت عليه بينة فيباع فيه الا ان يختار السيد الفداء وإذا بيع فيه وبقي شئ من الدين فهل يتبع به بعد العتق قولان للشافعية
وان كذبه السيد لم يتعلق برقبته عندنا وعنده بل يتعلق بذمته ويتبع به بعد العتق ولا يخرج عندهم على الخلاف فيما إذا بيع في الدين وبقي شئ لأنه إذا ثبت التعلق
بالرقبة فكان الحق انحصر فيها وتعينت محلا للأداء وقال بعضهم ان القياسين خرجوه على ذلك الخلاف وقالوا الفاضل عن قدر القيمة غير متعلق بالرقبة كما أن
أصل الحق غير متعلق بها هنا مسألة لو أقر العبد بدين معاملة نظر ان لم يكن مأذونا له في التجارة لم يقبل اقراره على السيد ويتعلق المقر به بذمته يتبع به إذا
أعتق سواء صدقه السيد أو كذبه وإن كان مأذونا له في التجارة ففي قبوله اشكال وقال الشافعي يقبل ويؤدي من كسبه وما في يده الا إذا كان مما لا يتعلق بالتجارة كالقرض
ولو اطلق المأذون الاقرار بالدين ولم يبين جهته احتمل عندهم ان ينزل على دين المعاملة والأظهر انه ينزل على دين الاتلاف ولا فرق في دين الاتلاف بين المأذون وغيره
ولو حجر عليه مولاه فاقر بعد الحجر بدين معاملة أسنده إلى حال الاذن فللشافعية وجهان مبنيان على القولين فيما لو أقر المفلس بدين لزمه قبل الحجر هل يقبل في مزاحمة
الغرماء والأظهر عندهم هنا المنع لعجزه عن الانشاء في الحال ويمكن التهمة قال الجويني وجوب القطع على العبد في مسألة الاقرار بالسرقة إذا لم نقبله في المال
مخرج على الخلاف فيما إذا أقر الحر بسرقة مال زيد هل يقطع قبل مراجعة زيد لارتباط كل واحد منهما بالآخر مسألة من نصفه حر ونصفه رقيق إذا أقر بدين
جناية لم يقبل في حق السيد الا ان يصدقه ويقبل في نفسه وعليه قضاؤه مما في يده وان أقر بدين معاملة قضى نصفه نصيب الحرية مما في يده وتعلق نصيب الرقية بذمته
وقال الشافعي ان صححنا تصرفه قبلنا اقراره عليه وقضيناه مما في يده وإذا لم نصححه فاقراره كاقرار العبد واقرار السيد على عبده بما يوجب عقوبة مردود بدين الجناية
مقبول الا انه إذا بيع فيه وبقي شئ لم يتبع به بعد العتق الا ان يصدقه وأما اقراره بدين المعاملة فلا يقبل على العبد لأنه لا ينفذ اقرار رجل على اخر مسألة
المريض مرض الموت يقبل اقراره بالنكاح وبموجبات العقوبات ولو أقر بدين أو عين لأجنبي فالأقوى عندي من أقوال علمائنا انه ينفذ من الأصل ان لم يكن متهما
في اقراره وإن كان متهما نفذ من الثلث لأنه مع انتفاء التهمة يريد ابراء ذمته فلا يمكن التوصل إليه الا بالاقرار عن ثبوته في ذمته فلو لم يقبل منه بقيت في ذمته مشغولة
وبقي المقر له ممنوعا عن حقه وكلاهما مفسدة فاقتضت الحكمة قبول قوله إما مع التهمة فان الظاهر أنه لم يقصد الاخبار بالحق بل قصد منع الوارث عن جميع حقه أو بعضه
والتبرع به للغير فاجرى مجرى الوصية ويؤيده ما رواه العلاء (بياع)؟ السابري عن الصادق (ع) قال سألته عن امرأة استودعت رجلا مالا فلما حضرها الموت
قالت له ان المال الذي دفعته إليك وديعة لفلانة وماتت المراة فأتى أولياؤها الرجل وقالوا له انه كان لصاحبتنا مال لا نراه الا عندك فاحلف لنا ما قبلك شئ أفيحلف لهم
فقال إن كانت مأمونة عنده فليحلف وإن كانت متهمة فلا يحلف ويضع الامر على ما كان فإنما لها من مالها ثلثه وقال الشافعي يصح اقراره للأجنبي وأطلق وهو إحدى
الروايات عن أحمد وعنه رواية أخرى انه لا يقبل لأنه اقرار في مرض الموت فأشبه الاقرار لوارث وعنه ثالثة انه يقبل في الثلث ولا يقبل في الزايد لأنه ممنوع من عطية ذلك
للأجنبي كما هو ممنوع من عطية الوارث عندهم فلم يصح اقراره بما لا يملك عطيته بخلاف الثلث فما دون والحق ما قلناه من أنه إذا لم يكن متهما صح اقراره كالصحيح بل هنا
أولي لان حال المريض أقرب إلى الاحتياط لنفسه وابراء ذمته وتحري الصدق فكان أولي بالقبول إما الاقرار للوارث فإنه متهم فيه مسألة لو أقر لأجنبي
147

في مرضه وعليه دين ثابت بالبينة أو بالاقرار في الصحة وهناك سعة في المال لهما نفذ اقراره من الأصل مع نفي التهمة ومطلقا عند العامة ولو ضاق المال عنهما
فهو بينهما بالحصص وبه قال مالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وقال أبو عبيد انه قول أهل المدينة لأنهما حقان تساويا في وجوب القضاء من أصل المال لم يختص
أحدهما برهن فاستويا كما لو ثبتا ببينة وقال النخعي انه يقدم الدين الثابت بالبينة وبه قال الثوري وأصحاب الرأي وعن أحمد روايتان كالمذهبين لأنه أقر بعد تعلق
الحق بتركته فوجب ان لا يشارك المقر له من ثبت دينه ببينة كغريم المفلس الذي أقر له بعد الحجر عليه وانما
قلنا إنه تعلق الحق بتركته لان الشارع منعه من التصرف في أكثر
من الثلث ولهذا لم ينفذ هباته وتبرعاته من الأصل فلم يشارك من أقر له قبل الحجر ومن ثبت دينه ببينة الذي أقر له المريض في مرضه ولو أقر لهما جميعا في المرض فإنهما
يتساويان ولا يقدم السابق منهما مسألة لو أقر المريض لوارثه بمال فالأقوى عندي اعتبار العدالة فإن كان عدلا غير متهم في اقراره نقذ من الأصل
كالأجنبي وان لم يكن مأمونا وكان متهما في اقراره نفذ من الثلث لما تقدم في الأجنبي ولما رواه منصور بن حازم عن الصادق (ع) انه سأله عن رجل اوصى لبعض
ورثته ان له عليه دينا فقال إن كان الميت مرضيا فاعطه الذي أوصاه له وقال بعض علمائنا ان اقرار المريض من الثلث مطلقا وبعضهم قال إنه من الثلث في حق
الوارث مطلقا لان الوراثة موجبة للتهمة ولما رواه هشام عن رجل أقر لوارث له وهو مريض بدين عليه قال يجوز إذا كان الذي أقر به دون الثلث وقال
بعضهم ان اقرار المريض مطلقا من الأصل ولم يعتبر التهمة
قال ابن المنذر من العامة أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن
اقرار المريض في مرضه لغير الوارث جايز وللشافعية في الاقرار للوارث طريقان أحدهما انه على قولين أحدهما انه لا يقبل وبه قال شريح وأبو هاشم وابن أذينة والنخعي والثوري ويحيى
الأنصاري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل لأنه موضع التهمة بقصد حرمان بعض الورثة فأشبه الوصية للوارث ولأنه ايصال المال إلى وارثه بقوله في مرض موته
فلم يصح بغير رضي بقية ورثته كهبته ولأنه محجور عليه في حقه فلم يصح اقراره له كالصبي وأصحهما القبول كما ذهبنا إليه وبه قال الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز ومن
الفقهاء أبو ثور وأبو عبيد كما لو أقر لأجنبي كما لو أقر في حال الصحة والظاهر أنه لا يقر الا عن حقيقة ولا يقصد حرمانا فإنه انتهى إلى حالة يصدق فيها الكاذب ويتوب الفاجر
الطريق الثاني القطع بالقبول وحمل الشافعي فمن أجاز الاقرار لوارث اجازه ومن أبى رده حكاية مذهب الغير وقال مالك إن كان المقر متهما بطل
الاقرار وان لم يكن متهما صح ونفذ ويجتهد الحاكم فيه مسألة الأصل في اخبار المسلم الصدق فلا يحمل على غيره الا لموجب فإذا أقر المريض لوارثه أو لغيره واعتبرنا
التهمة كان الأصل عدمها لأصالة ثقة المسلم وعدالته فان أدعاه الوارث وقال المقر له انه غير متهم فالقول قول المقر له مع اليمين لالتزامه بالظاهر فلا يقبل قول الوارث الا بالبينة وان اعتبرنا التهمة
في الوارث خاصة أو جعلنا الوراثة موجبة للتهمة وأمضينا اقراره من الثلث كالوصية فالاعتبار في كونه وارثا بحال الموت أم بحال الاقرار الأقوى الثاني وبه قال مالك
والشافعي في القديم وهو قول عثمان البتي لان التهمة حينئذ تعرض وقال أبو حنيفة والشافعي في الجديد ان الاعتبار بحال الموت كما في الوصية وهذا لان المانع من القبول
كونه وارثا والوراثة يتعلق بحالة الموت وليس بمعتمد فعلى ما اخترناه لو أقر لزوجته ثم طلقها أو لأخيه ثم ولد له ولد صح الاقرار ولو أقر لأجنبية ثم نكحها أو لأخيه وله ابن فمات
لم يصح من الأصل وعلى الأخر بالعكس فيهما ولو أقر في المرض انه كان قد وهب من وارثه واقبض في الصحة فالأقوى انه لا ينفذ من الأصل وللشافعية طريقان أحدهما القطع
بالمنع لذكره ما هو عاجز عن انشائه في الحال والثاني انه على القولين في الاقرار للوارث رجح بعضهم القبول لأنه قد يكون صادقا فيه فليكن له طريق إلى ايصال الحق
إلى المستحق ولو أقر لمتهم وغير متهم نفذ في حق غير المتهم من الأصل وفي المتهم من الثلث وعند الشافعية لو أقر لوارثه وأجنبي معا هل يصح في حصته الأجنبي إذا لم يقبل
للوارث قولان والظاهر عندهم الصحة مسألة لو أقر في صحته أو مرضه بدين ثم مات فاقر وارثه عليه بدين لاخر وقصرت التركة عنهما احتمل تساويهما وانهما يتضاربان
في التركة كما لو ثبت الدينان وكما لو أقر بهما في حياته فان الوارث خليفته فاقراره كاقراره ويحتمل ان يقدم ما أقر به المورث لأنه تعلق بالتركة فليس للوارث صرف التركة
عنه وفي الثاني قوة وللشافعية وجهان كهذين والوجهان جاريان فيما لو أقر الوارث بدين عليه ثم أقر بدين عليه وهما مبنيان عليه على أن المحجور عليه بالفلس إذا أقر
بدين أسنده إلى ما قبل الحجر هل يقبل اقراره في زحمة الغرماء وللشافعي فيه قولان فالتركة كمال المحجور عليه من حيث إن الورثة ممنوعون عن التصرف فيها ولو ثبت عليه
دين في حياته بالبينة ثم مات فاقر وارثه عليه بدين جرى الخلاف أيضا كما تقدم مسألة لو ثبت عليه دين في حياته أو موته فان تردت بهيمة في بئر كان قد احتفرها في محل
عدوان زاحم صاحب البهيمة رب الدين القديم لان وجود السبب كوجود المسبب وللشافعي قولان تقدما فيما إذا جنى المفلس بعد الحجر عليه ولو مات وخلف ألف درهم فجاء مدع
وادعى انه اوصى بثلث ماله فصدقه الوارث ثم جاء اخر وادعى عليه ألف درهم دينا فصدقه الوارث احتمل صرف الثلث إلى الوصية لتقدمها وتقدم الدين لأنه
في وضع الشرع مقدم على الوصية وللشافعية قولان مخرجان على قولهم إن اقرار الوارث والموروث سواء ولو صدق الوارث مدعي الدين أولا فالأقوى صرف المال
إليه ولو صدق المدعيين دفعة قسم الألف بينهما أرباعا لأنا نحتاج إلى الف للدين والى ثلث الف للوصية فزاحم على الألف الألف وثلث الألف فيخص الوصية ثلث عايل فيكون ربعا وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم تبطل الوصية ويقدم الدين كما لو
ثبتا بالبينة وهو الأقوى سواء قدمنا عند الترتيب الأول منهما أو سوينا بينهما مسألة لو أقر المريض بعين مال لانسان ثم أقر بدين لاخر مستغرق أو غير مستغرق سلمت العين
للمقر له ولا شئ للثاني لان المقر مات ولا شئ له ولو أقر بالدين أولا ثم أقر بعين ماله احتمل مساواة هذه للأولى وهو أصح وجهي الشافعية لان الاقرار بالدين لا يتضمن
الحجر في العين ولهذا ينفذ تصرفاته فيه ويحتمل تزاحمهما وهو الثاني للشافعية وبه قال أبو حنيفة لان لاحد الاقرارين قوة السبق للاخر قوة الإضافة إلى العين
فاستويا البحث الثالث في المقر له وله شروط ثلاثة أهلية الاستحقاق وان لا يكذب المقر له والتعيين فهنا مطلبان الأول أهلية المقر له للاستحقاق
للحق المقر به والا كان الكلام لغوا لا عبرة به فلو قال لهذا الحمار أو الحايط أو لدابة فلان علي الف بطل اقراره ولو قال لفلان علي بسببها الف صح وحمل على أنه جنى
عليها أو استعملها أو اكتراها وقال بعض الشافعية لا يصح لان الغالب لزوم المال بالمعاملة ولا يتصور المعاملة معها ولو قال لعبد فلان علي أو عندي الف
صح وكان الاقرار لسيده بخلاف الدابة لان المعاملة معها لا تتصور وتتصور مع العبد والإضافة إليه كالإضافة في الهبة وسائر الانشاءات ولو قال له علي الف بسبب الدابة
ولم يقل لمالكها فالأقرب انه لا يلزمه لمالكها شئ لجواز ان يلزمه بسببها ما ليس لمالكها بان ينفرها على راكب أجنبي فيسقط أو يركبها ويجني بيديها على أجنبي نعم انه يسأل
ويحكم بموجب بيانه فان امتنع من البيان وادعى المالك قصده حلف له والا فلا مسألة الحمل يصح ان يملك ولهذا يعزل له في الميراث نصيب وتصح الوصية به وله
فإذا قال لحمل فلانة علي الف أو عندي له الف فاقسام أحواله ثلاثة فان أسنده إلى جهة صحيحة بان يقول ورثه
من أبيه أو اوصى به فلان له صح اقراره ثم إن انفصل الحمل
148

ميتا فلا حق له ويكون لورثة من قال إنه ورثه منه أو للموصى أو أو لورثته ان أسنده إلى الوصية وان انفصل حيا لدون ستة أشهر من يوم الاقرار استحق لأنا تبينا وجوده
يومئذ وان انفصل لأكثر من مدة الحمل وهي سنة على رواية وعشرة على أخرى وتسعة على ثالثة عندنا وعند الشافعي أربع سنين فلا شئ له لتيقن عدمه حينئذ وان انفصل
لستة أشهر فما زاد إلى السنة أو العشرة الأشهر أو التسعة عندنا أو إلى أربع سنين عند الشافعي فإن كانت فراشا فالأقرب صحة الاقرار عملا بأصالة الصحة ويحتمل البطلان
لاحتمال تجدد العلوق بعد الاقرار والأصل عدم الاستحقاق وعدم المقر له عند الاقرار والثاني قول الشافعية وان لم يكن مستفرشة فللشافعي قولان أحدهما انه
لا يستحق لأنا لا نتيقن وجوده عند الاقرار وأظهرهما عندهم الاستحقاق وهو المعتمد إذ لا سبب في الظاهر يتجدد به العلوق فالظاهر وجوده وقت الاقرار ولهذا يحكم بثبوت نسبته
ممن كانت فراشا له فان ولدت المرأة ذكرا فهو له وكذا لو ولدت ذكرين فصاعدا فلهم بالسوية وان ولدت أنثى فلها وان ولدتهما معا فهو بينهما بالسوية ان أسند إلى الوصية
والا فهو بينهما أثلاثا ان أسنده إلى الإرث ولو اقتضى جهة الوراثة التسوية بان يكونا ولدي الام كان ثلثه بينهما بالسوية ولو اطلق الإرث حكمنا بما يجيب به عند سؤالنا
إياه عن الجهة مسألة لو أسند الاقرار إلى جهة فاسدة بان يسند الاستحقاق إلى القرض منه أو البيع عليه فالوجه عندي الصحة وهو أظهر قولي الشافعية لأنه
عقبه بما هو غير معقول ولا منتظم فأشبه ما إذا قال لفلان علي الف لا تلزمني والثاني للشافعية البطلان ولهم طريق اخر ان المطلق إن كان فاسدا فهنا أولي
بالبطلان وان قلنا المطلق صحيح كانت المسألة على قولين ولو اطلق الاقرار فالأقوى عندي الصحة أيضا عملا بمقتضى اقراره وحملا للأقارير على الصحة والجهة الممكنة
في حقه وإن كانت نادرة وهو أصح قولي الشافعي وبه قال أبو حنيفة ومحمد (واحمد) والثاني للشافعي البطلان وبه قال أبو يوسف لان المال في الغالب انما يثبت بمعاملة أو جناية
ولا مساغ للمعاملة معه ولا للجناية عليه مسألة لو انفصل الحمل ميتا وقلنا بصحة الاقرار حاله ما إذا نسب الاقرار إلى المستحيل أو اطلق لم يكن له حق لأنه إن كان
عن وصية فقد ظهر بطلانها لأنه لا تصح الوصية الا بعد ان ينفصل حيا وإن كان ميراثا فلا يثبت له إذا انفصل ميتا ويسأل المقر عن جهة اقراره من الإرث أو الوصية
ويحكم بموجبها قال بعض الشافعية ليس لهذا السؤال والبحث طالب معين فكان القاضي يسأل حبسه ليصل إلى الحق إلى مستحقه فان مات قبل البيان كان كما لو أقر لانسان
فرده وقال بعضهم يطالب وارثه ليفسر وان انفصل حيا للمدة التي قدرنا من قبل وهي أقل من ستة أشهر فالكل له ذكرا كان أو أنثى وان انفصل لأقصى مدة الحمل فإن كان لها
زوج يطأها أو مولى لم يصح الاقرار لأنا لا نعلم وجوده حين الوصية لجواز ان يحدث بعدها وعندي فيه نظر لان الاقرار وغيره يحمل على الصحة ما أمكن وان لم يكن
زوج ولا مولى صحت الوصية لأنا نحكم بوجوده حال الوصية فصحت له وان ولدت ولدا بعد اخر فإن كان بينهما أقل من ستة أشهر فالمال لهما لأنهما حمل واحد وإن كان
بينهما ستة أشهر فصاعدا فهو للحمل الأول دون الثاني وان ولدت ذكرا وأنثى فهو لهما بالسوية لان ظاهر الاقرار يقتضي التسوية ومن المحتمل أن تكون الجهة الوصية
ومتى انفصل حي وميت جعل الميت كان لم يكن وينظر في الحي على ما ذكرنا مسألة لو أقر بحمل جارية أو حمل دابة لانسان صح الاقرار وفيه ما تقدم من التفصيل فيما
إذا أقر للحمل وينظر كم بين انفصاله وبين يوم الاقرار من المدة على ما سبق ويرجع في حمل البهيمة إلى أهل الخبرة وان اطلق أو أسند إلى جهة فاسدة خرج على ما تقدم
من الخلاف ولو أقر لرجل بالحمل وبالأم لاخر صح الاقرار وللشافعية خلاف قالوا إن جوزنا الاقرار بالحمل صح الأمران والا فلا قال بعضهم هما جميعا للأخير بناء على أن
الاقرار بالحامل اقرار بالحمل مسألة لو أقر لمسجد أو مشهد أو مقبرة أو رباط أو مدرسة ونحوها من القناطر وغيرها فان أسنده إلى جهة صحيحة كغلة
وقف عليه أو نذر لمصالحه صح وان اطلق فكذلك وللشافعي قولان تخريجا من القولين في مسألة الحمل على قياسه ما إذا أضاف إلى جهة فاسدة والأقوى عندي
اللزوم ولا يلتفت إلى الإضافة الفاسدة على ما تقدم المطلب الثاني في اشتراط عدم التكذيب مسألة يشترط في الاقرار والحكم بصحته عدم
تكذيب المقر له وعدم انكاره لما أقر له به نعم لا يشترط قبوله لفظا على رسم الايجاب والقبول في الانشاءات فإذا أقر لزيد بألف فكذبه زيد لم يدفع إليه ولا شئ عليه
في ذمته ولو أقر بعين له فأنكر زيد انها له لم تدفع العين إلى المقر له ثم للقاضي الخيار ان شاء انتزعه من يده وسلمه إلى أمينه ليحفظه لمالكه إذا ظهر سلمه إليه وان شاء أبقاه في يد
المقر كما كان لان يده أولي الناس بحفظه وبالجملة فالحاكم هو المتولي لحفظ ما يضيع وهذا في حكم مال ضايع فيحتاط لمالكه فإذا رأى استحفاظ صاحب اليد فهو كما
لو استحفظ عدلا اخر وقال بعض الشافعية فيه وجهان أظهرهما تركه في يد المقر والثاني يحفظه القاضي وقال قوم منهم انه يجبر له على القبول والقبض وهو بعيد
عن الصواب وقال بعضهم موضع الخلاف ما إذا قال صاحب اليد للقاضي في يدي مال لا اعرف مالكه فالوجه القطع بان القاضي يتولى حفظه وابعد بعضهم فقال
لا يجوز انتزاعه هنا أيضا مسألة لو رجع المقر له عن الانكار وصدق المقر في اقراره فالأقرب ان له الاخذ عملا باقرار المقر السالم عن الانكار لزوال حكمه بالتصديق
الطاري فتعارضا وبقي الاقرار سالما عن المعارض وبه قال بعض الشافعية وقال آخرون هذا تفريع على الخلاف السابق ان قلنا يترك في يد المقر فهذا حكم منا بابطال
ذلك الاقرار فلا يصرف إلى المقر له الا باقرار جديد وان قلنا ينتزعه الحاكم ويحفظه فكذلك لا يسلم إليه بل لو أراد إقامة البينة على أنه ملكه لم تسمع وانما يسلم له إذا فرعنا
على الوجه البعيد من أن المقر له يجبر على اخذه والظاهر من قول الشافعية انه لا يسلم إليه مسألة لو أقر لزيد فأنكر زيد ثم رجع المقر حال انكار زيد فقال غلطت
أو تعمدت الكذب والمال ليس لزيد لم يلتفت إلى رجوعه ان قلنا ينتزعه الحاكم وان قلنا يترك في يده احتمل ان لا يقبل انكاره أيضا بناء على أنه لو عاد المقر له إلى التصديق
قبل منه فإذا كان ذلك متوقعا لم يلتفت إلى رجوعه واحتمل القبول بناء على أن الترك في يده ابطال للاقرار وللشافعية وجهان أظهرهما الثاني مسألة لو أقر
لزيد بعبد فأنكر ملكيته فالحكم كما لو أقر بغيره من ثوب وشبهه لأنه محكوم له بالرق فلا يرفع الا بيقين وللشافعية وجهان أحدهما انه يحكم بعتقه وهو قول الشيخ
رحمه الله لان صاحب اليد لا يدعيه والمقر له ينفيه فيصير العبد في يد نفسه ويعتق وهذا كما إذا أقر اللقيط بعد البلوغ بأنه مملوك زيد فأنكر زيد يحكم له بالحرية كذا
هنا والثاني المنع كما قلناه ويبقى على الرقية المجهولة المالك بخلاف صورة اللقيط فإنه محكوم بحريته بالدار فإذا أقر ونفاه المقر له بقى على أصل الحرية فإذا لا
فرق بين العبد وغيره من أعيان الأموال ولو أقر العبد بأنه ملك لفلان غير من أقر له مولاه به كان لغوا وبقى على الرقية المجهولة المالك ولو كان المقر به قصاصا أو
حد قذف فكذبه المقر له سقط الاقرار وكذا لو أقر بسرقة توجب القطع وأنكر رب المال السرقة سقط القطع وفي المال ما تقدم ولو أقرت المراة بنكاح فأنكر
الزوج سقط حكم الاقرار في حقه مسألة لو كان في يده عبدان فقال أحد هذين العبدين لزيد طولب بالتعيين فان عين واحدا منهما فقال زيد ليس
هذا عبدي بل الأخر فهو مكذب للمقر في المعين وحكمه ما تقدم ومدع في العبد الأخر فان أقام البينة به حكم له والا حلف المقر وسقطت دعواه فيه ولو ادعى على اخر
ألفا من ثمن مبيع فقال المدعى عليه قد أقبضتك فأقام البايع على المشتري بينة بعد بينته بأنه ما اقبضه الثمن بعد ما سمعت وألزم المشتري الثمن لأنه وان قامت بينة
149

بينة المشتري على الاقرار بالقبض فقد قامت بينة البايع على التكذيب بالقبض فيتعارضان فرجع إلى الأصل وان قامت البينة على اقراره بالقبض فقد قامت على
صاحبه كذبه فيبطل حكم الاقرار ويبقى الثمن على المشتري مسألة قد ذكرنا ان من شرط صحة الاقرار تعيين المقر له فلو قال لانسان عندي كذا أو لواحد
من بني ادم أو لواحد من خلق الله تعالى أو لواحد من أهل البلد احتمل البطلان لعدم التعيين فلا يطالب به وللشافعية وجهان مبنيان على أنه إذا أقر لمعين بشئ فكذبه
المقر له هل يخرج من يده ان قلنا نعم لأنه مال ضايع فكذا هنا ويصح الاقرار ويكون معتبرا ويخرجه الحاكم من يده ويحفظه من صاحبه وان قلنا لا لم يصح هذا الاقرار والأقرب
عندي القبول وصحة هذا الاقرار ثم للحاكم انتزاعه من يده وابقاؤه في يده فعلى قولنا بالصحة لو جاء واحد وقال انا الذي أردتني ولي عليك الف فالقول
قول المقر مع يمينه في نفي الإرادة ونفي الألف ومن أبطل هذا الاقرار فرق بينه وبين قوله غصبت هذا من أحد هذين الرجلين أو هؤلاء الثلاثة حيث يعتبر
لأنه إذا قال هو لاحد هذين فله مدع وطالب فلا يبقى في يده مع قيام الطالب واعترافه بأنه ليس له واما إذا قال لواحد من بني آدم فلا طالب له ويبقى في يده والوجه ما
قلناه من عدم اشتراط تعيينه والقائلون به لا يشترطون التعيين من كل وجه بل إن يكون معينا ضرب تعيين يتوقع من الدعوى والطلب البحث الرابع
في المقر به مسألة يشترط في المقر به ان يكون مستحقا إما بان يكون مالا مملوكا أو بان يكون حقا تصح المطالبة به كشفعة وحد قذف وقصاص وغير
ذلك من الحقوق الشرعية كاستطراق في درب واجراء ماء في نهر واجراء ماء ميزاب إلى ملك وحق طرح خشب على حايط أو بان يكون نسبا ولو أقر بما لا يصح تملكه مطلقا
كالأبوال والعذرات وجميع الفضلات لم يصح وكان الاقرار (لغوا) لاغيا لا يجب به شئ ولو أقر بما يتموله أهل الذمة كالخمر والخنزير للمسلم لم يصح ويصح للذمي لان المسلم
يضمنه بقيمته عند مستحليه لو أتلفه عليهم وكانوا مستترين به مسألة يشترط في القضاء والحكم بالاقرار بالملكية لمن أقر له كون المقر به تحب يد المقر
وتصرفه فلو أقر بما ليس في يده بل في يد الغير كعبد في يد زيد أقر به لغيره لم يحكم بثبوت الملكية في العبد للمقر له بمجرد الاقرار بل يكون ذلك دعوى أو شهادة ولا يلغو
الاقرار من كل وجه بل لو حصل المقر به في يده بملكية ظاهرة ساعة من الزمان أمر بتسليمه إلى المقر له فلو قال العبد الذي في يد زيد مرهون عند عمرو بكذا ثم ملك العبد
ظاهرا أمر ببيعه في دين عمرو ولو أقر بحرية عبد في يد زيد لم يقبل منه أو شهد به فردت شهادته لم يحكم بحريته في الحال فإذا أقدم على شرائه من زيد صح تنزيلا للعقد
على قول من صدقه الشرع وهو البايع صاحب اليد بخلاف ما إذا قال فلانة أختي من الرضاع ثم أراد ان ينكحها لم يمكن منه لان في الشراء يحصل غرض استنقاذه من أسر الرق
وهذا الغرض لا يوجد في النكاح للاستمتاع بفرج اعترف بأنه حرام عليه ثم إذا اشترى العبد حكم بحريته وامر برفع يره عنه عملا باقراره مسألة إذا كان
صورة اقراره ان عبد زيد حر الأصل أو انه أعتق قبل ان اشتريه فإذا اشتراه فهو فداء من جهته اجماعا فإذا مات العبد وقد اكتسب مالا ولا وارث له من الأنساب
فالمال للامام وليس للمشتري ان يأخذ منه شيئا لأنه بتقدير صدقه لا يكون المال للبايع حتى يأخذ منه عوض ما دفعه إليه من الثمن ولو مات العبد قبل ان يقبضه
المشتري لم يكن للبايع ان يطالبه بالثمن لأنه لا حرية في زعمه والمبيع قد تلف قبل قبضه بطل البيع مسألة لو كانت صيغة الاقرار انك أعتقته والآن أنت
تسترقه ظلما ثم عقد البيع معه فالوجه انه بيع من جهة البايع لأنه ملكه وهو يدعي ملكيته واليد تشهد له ولا يلتفت إلى اقرار الغير عليه فكان بمنزلة ما لو باعه على غيره
ويكون اقتداء من جهة المقر لاعترافه بالحرية وان هذا العقد ليس بصحيح حيث لم يصادف محلا قابلا له وهو أحد وجوه الشافعية والثاني انه بيع من الجانبين والثالث
انه افتداء من الجانبين وهذا الثالث خطأ لأنه كيف يقال إنه استنقاذ في طرف البايع وكيف يأخذ المال لينقذ من يسترقه ويعرفه حر أيفتديه به بل لو قيل فيه
المعنيان معا والخلاف في أن الأغلب منهما ما إذا كان محتملا على ضعف وأكثر الشافعية على أنه بيع من جهة البايع واما من جهة المشتري فوجهان أحدهما انه شراء كما في
جانب البايع والثاني انه افتداء لاعترافه بحريته وامتناع شراء الحر مسألة إذا ثبت انه بيع من طرف البايع وافتداء من طرف المشتري لا يبطل خيار المجلس
في طرف البايع بل يثبت له الخيار ما داما في المجلس وكذا يثبت له خيار الشرط لو شرط وان طال زمانه وهو أحد قولي الشافعية بناء على ظاهر مذهبهم من أنه بيع من جانبه
ولو كان البيع بثمن معين فخرج معيبا ورده البايع كان له ان يسترد العبد بخلاف ما لو باع عبدا واعتقه المشتري ثم خرج الثمن المعين معيبا ورد فإنه لا يسترد العبد
بل يعدل إلى القيمة لاتفاقهما على العتق هناك واما المشتري فلا يثبت له خيار المجلس ولا خيار الحيوان لأنه ليس شراء في طرفه بل هو فداء ومن قال من الشافعية
انه شراء في طرفه أثبت له الخيار وعلى الوجهين فلا رد له لو خرج العبد معيبا لاعترافه بحريته لكن يأخذ الأرش ان جعلناه شراء والا فلا أرش له وبهذا الثاني نقول
وقال الجويني إذا لم يثبت خيار المجلس للمشتري ففي ثبوته للبايع وجهان لان هذا الخيار لا يكاد يتبعض وليس بمعتمد وقال بعض الشافعية لا يثبت للبايع خيار أيضا
كما لو باع عبده من نفسه أو باع عبده على من يعتق عليه وقال بعضهم بثبوت الخيار للبايع في هاتين الصورتين أيضا وليس بجيد مسألة إذا حكمنا بالعتق
في هذا العبد لم يكن للمشتري ولاؤه لاعترافه بأنه لم يعتقه ولا للبايع لأنه يزعم أنه لم يعتقه فيكون موقوفا ولو مات العبد وقد اكتسب مالا فإن كان له وارث
بالنسب فهو له والا فننظر ان صدق البايع المشتري رد الثمن وان كذبه وأصر على كلامه الأول قال بعض فقهائنا للمشتري ان يأخذ منه قدر ما دفعه ثمنا إلى البايع لان
المشتري إن كان كاذبا فجميع كسبه له لأنه مملوكه وإن كان صادقا فالكسب للبايع إرثا بالولاء وهو قد ظلمه بأخذ
الثمن وتعذر استرداده فإذا ظفر بماله كان له ان يأخذ منه حقه
وهو قول المزني وظاهر مذهب الشافعي انه يوقف المال بأسره كما كان الولاء موقوفا واضطرب أصحابه فقال بعضهم قول المزني خطأ لان المشتري لو أخذ شيئا فاما ان يأخذ بجهة
انه كسب مملوكه وقد بان انه حر باقراره أو بجهة الظفر بمال ظالمه وهو ممتنع لأنه انما بذله فداء تقربا إلى الله تعالى باستنقاذ حر فيكون سبيله سبيل الصدقات والصدقات
لا يرجع فيها ولا يدري انه يأخذ بجهة الملك أو بجهة الظفر بمال ظالمه فيمنع من الاخذ إلى ظهور جهته وأكثر الشافعية على ما قال المزني وقال جماعة منهم ان
الشافعي ذكر ما قاله المزني أيضا وانما حكم بوقف الزايد على الثمن وقف الولاء واما المستحق بكل حال فلا معنى للوقف فيه ويجوز الرجوع في المبذول فيه على جهة الفدية
والدية كما لو فدى أسيرا في يد المشركين ثم استولى المسلمون على بلادهم ووجد الباذل عين ماله اخذه واختلاف الجهة لا يمنع الاخذ بعد الاتفاق على أصل
الاستحقاق كما لو قال لي عليك الف ضمنته فقال ما ضمنت شيئا ولكن لك علي الف عن قيمة متلف والأصح الثبوت وقطع النظر عن الجهة مسألة لو استأجر
العبد الذي أقر بحريته بدلا عن الشراء صح العقد بالنسبة إلى المؤجر وكان له المطالبة بالأجرة ولا يحل للمستأجر استخدامه والانتفاع به فان استخدمه وجب عليه دفع
أجرة المثل إليه ولم يكتف بما دفعه إلى المؤجر ولو أقر بحرية جارية الغير ثم قبل نكاحها منه لم يحل له وطؤها الا برضاها بما عقد عليه مولاها وللمولى مطالبته بالمهر
وعليه مهر اخر ان أجازت نكاحه ولو قال لزيد العبد الذي في يدك غصبته من فلان وأنكر زيد فالقول قوله فان اشتراه فالأقرب صحة العقد كما لو أقر بحريته ثم
150

اشتراه ويحتمل البطلان لأنه مكذب لاقراره وانما صححناه في طرف الحرية لأن الشراء هناك افتداء من العبودية والانقاذ من الرق وهذا غير آت هنا وللشافعية
وجهان كهذين ولو أقر بعبد في يده لزيد وقال العبد بل انا ملك عمرو وسلم إلى زيد دون عمرو ولم يعتبر قول العبد في يد من يسترقه لا في يد نفسه ولو أعتقه زيد
لم يكن لعمرو اخذه ولو مات العبد عن مال لم يكن لعمرو والتصرف فيه لما فيه من ابطال الولاء على المعتق واستحقاق الكسب فرع الرق لم يثبت له مسألة
لا يشترط في الاقرار ان يكون المقر به ملكا للمقر حين يقر بل الشرط في الاقرار بالأعيان ان لا تكون مملوكة للمقر حين اقراره لان الاقرار لا يزيل الملك عن صاحبه
وانما هو اخبار عن كونه مملوكا للمقر له والخبر حكاية عن المخبر به والحكاية متأخرة وذو الحكاية متقدم فلا بد وأن يكون الملك للمقر له في نظر المقر وعنده حتى يقع
المطابقة بين اقراره وما هو في نفسه الامر عنده فلو قال داري هذه أو ثوبي الذي أملكه لفلان بطل الاقرار لما فيه من التناقض والمفهوم منه الوعد بالهبة ولا يحتمل
ان يقال إنه أضاف إلى نفسه لما بينهما من الملابسة وقد يضاف الشئ إلى غيره بأدنى ملابسة كما في قوله إذا كوكب الخرقاء وقول الرجل لاحد حاملي الخشبة خذ طرفك ولا
ريب في أن هذه الدار في يده أو قد كانت ملكه أو انها تعرف بأنها ملكه عند الغير فيحكم بصريح اقراره للغير لان الاحتمال ولو كان نادرا ينفي لزوم الاقرار عملا بالاستصحاب
ولو قال مسكني هذا لفلان كان اقرارا لأنه أضاف إلى نفسه السكنى وقد يسكن ملك غيره ولو قال هذه الدار التي في يدي أو تنسب إلي أو تعرف بي أو التي كانت ملكي كان اقرارا
لازما ولو شهدت البينة على أن فلانا أقر بان له دار كذا أو كانت ملكه إلى أن أقر كانت الشهادة باطلة ولو قال المقر هذه الدار لفلان وكانت ملكي إلى وقت الاقرار نفذ
اقراره والذي قاله بعده مناقض لأوله فيلغو كما لو قال هذه الدار لفلان وليست له ولو قالت البينة نشهد انه باع هذه الدار أو وقفها وكانت ملكه إلى حين البيع
أو الوقف سمعت الشهادة بل كانت مؤكدة لبيع والوقف مسألة حكم الديون حكم الأعيان في ذلك فلو كان له دين على زيد في الظاهر من قرض أو اجرة
أو ثمن مبيع فقال ديني الذي على زيد لعمرو فهو باطل ولو لم يضف بل قال الدين الذي على زيد لعمرو واسمى في الكتاب عارية ومعونة وارفاق صح لامكان ان يكون وكيلا عنه
في الاقراض والإجارة والبيع ثم عمرو يدعي المال على زيد لنفسه فان أنكر زيد تخير عمرو بين ان يقيم البينة على دين المقر على زيد ثم على اقراره له بما على زيد وبين ان يقيم
البينة أولا على الاقرار ثم على الدين واستثنى بعض الشافعية ثلاثة ديون منع من الاقرار بها أحدها الصداق في ذمة الزوج ولا تقر المراة به والثاني بدل الخلع في
ذمة المراة ولا يقر الزوج به والثالث أرش الجناية ولا يقر به المجني عليه لان الصداق لا يكون الا للمراة وبدل الخلع لا يكون الا للزوج وأرش الجناية لا يكون الا
للمجني عليه نعم لو كانت الجناية على عبد أو مال آخر جاز ان يقر به للغير لاحتمال كونه له يوم الجناية وهذا خطأ فاحش فان هذه الديون وان امتنع ثبوتها للغير ابتداء
وتقدير الوكالة فلا امتناع من انتقالها من ملاكها إلى الغير إما بالحوالة أو بالبيع فيصح الاقرار بها عند احتمال جريان ناقل نعم لو أقر بها عقيب ثبوتها بلا فصل بحيث
لا يحتمل جريان لم يصح لكن سائر الديون كلها كذلك بل الأعيان أيضا كذلك حتى لو أعتق عبده ثم أقر له السيد أو غيره عقيب العتق بلا فصل بدين أو عين لم يصح لان
أهلية التملك لم تثبت له الا في الحال ولم يجر بينهما ما يوجب المال ولو فرض ذلك كما لو نذر الصدقة على عبده بعد عتقه بشئ جاز له الاقرار به والضابط امكان التملك
فمتى فرض صح الاقرار والا فلا قال بعض الشافعية ان أسند الاقرار بالديون الثلاثة إلى جهة حوالة أو بيع فذاك والا فعلى قولين بناء على ما لو أقر للحمل بمال وأطلق
الفصل الثالث في الأقارير المجهولة وفيه مباحث الأول الاقرار بالشئ المطلق مسألة لا يشترط كون المقر به معلوما
بل يصح الاقرار بالمجهول لان الاقرار اخبار عن حق سابق والخبر قد يقع عن الشئ على جهة الاجمال كما قد يقع عنه على جهة التفصيل وربما
كان في ذمة الانسان شئ لا يعلم قدره فلا بد له من الاخبار عنه ليتواطأ هو وصاحبه على الصلح بما يتفقان عليه فدعت الحاجة واقتضت الحكمة إلى سماع الاقرار
بالمجمل كما يسمع بالمفصل بخلاف الانشاءات التي لا يحتمل الجهالة والاجمال في أغلبها احتياطا لابتداء الثبوت وتحرز عن الغرر وبخلاف الدعوى فإنها لا تسمع الا
محررة لكون الدعوى له والاقرار عليه فيلزمه مع الجهالة دون ماله ولان المدعي إذا لم يحرر دعواه انتفى داعيه مع أن له داعيا إلى تحريرها واما المقر فلا داعي له إلى التحرير
ولا يؤمن رجوعه مع اقراره فيضيع حق المقر له فألزمناه إياه مع الجهالة ولا فرق في الأقارير المجملة بين ان يقع ابتداء أو في جواب دعوى معلومة كما لو ادعى عليه
ألف درهم فقال لك علي شئ والألفاظ التي يقع فيها الاجمال لا ينحصر فلنقتصر على أكثرها دورانا بين الناس وأظهرها في الألسنة ولنبدأ بأعمها وهو الشئ ثم نعقبه
بما يتلوه من مشهورات الألفاظ انشاء الله تعالى مسألة إذا قال علي شئ طولب بالبيان والتفسير فان امتنع فالأقرب انه يحبس حتى يبين البيان واجب عليه
فإذا امتنع منه حبس عليه كما يحبس على الامتناع من أداء الحق وهو أحد وجوه الشافعية والثاني لهم انه لا يحبس بل ينظر ان وقع الاقرار المبهم في جواب دعوى
وامتنع عن التفسير جعل ذلك انكارا منه وتعرض اليمين عليه فان أصر جعل ناكلا عن اليمين وحلف المدعي وان أقر ابتداء قلنا للمقر له ادع عليه حقك فإذا ادعى
فاقر بما أدعاه أو أنكر أجرينا عليه حكمه وان قال لا أدري جعلناه منكرا فان أصر جعلناه ناكلا لأنه إذا أمكن تحصيل الغرض من غير حبس لا يحبس والثالث انه ان
أقر بغصب وامتنع من بيان المغصوب حبس وان أقر بدين مبهم فالحكم كما ذكرناه في الوجه الثاني وقال بعض الشافعية إذا قال علي شئ وامتنع من التفسير لم يحبس وان قال
علي ثوب أو فضة أو طعام ولم يبين حبس بناء على ما لو فسر الشئ بالخمر أو الخنزير قبل فحينئذ لا يتوجه بذلك مطالبة ولا حبس مسألة إذا أقر بالشئ وطولب
بالبيان فان فسره بما يتمول قبل سواء كان قليلا أو كثيرا وان فسره بما لا يتمول فإن كان من جنس ما يتمول كحبة من الحنطة أو الشعير أو السمسم وقمع باذنجانة فالأقوى القبول
وهو أصح وجهي الشافعية لأنه شئ يحرم اخذه وعلى من اخذه رده والثاني لهم انه لا يقبل منه هذا التفسير لأنه لا قيمة له فلا يصح التزامه بكلمة على ولهذا لا تصح الدعوى
به ونمنع عدم سماع الدعوى به والتمرة الواحدة والزبيبة الواحدة حيث لا قيمة لها من هذا القبيل وهي أولي بالقبول مما لو فسره بحبة حنطة وان لم يكن من جنس
ما يتمول فاما ان يجوز اقتناؤه لمنفعة أو لا فالأول كالكلب المعلم والسرجين وفي التفسير بهما اشكال أقربه القبول لأنهما أشياء يثبت فيها الحق والاختصاص ويحرم اخذها
ويجب ردها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يقبل لأنها ليست بمال وظاهر الاقرار للمال ولو فسر بجلد الميتة لم يقبل عندنا لأنه لا يطهر بالدباغ وللشافعية وجهان
لقبولها الدباغ ومن هذا القسم الخمر المحترمة والكلب القابل للتعليم وكلب الماشية والزرع والحايط ملحق بالمعلم والثاني كالخمر الذي لا حرمة لها والخنزير
وجلد الكلب والكلب الذي لا منفعة فيه وهذا لا يقبل تفسيره به عندنا وللشافعية وجهان هذا أصحهما والثاني انه لا يقبل والصحيح ما قلناه لأنه ليس فيه
حق واختصاص ولا يلزم رده وقوله علي يقتضي ثبوت حق للمقر له مسألة لو قال له علي شئ وفسره بالوديعة قبل لوجوب ردها عليه عند
الطلب وقد يتعدى فيها فيكون مضمونة عليه ونقل الجويني وجها للشافعية انه لا يقبل لأنها في يده لا عليه وهو غلط بما تقدم ولو فسره بحق الشفعة أو حد القذف
151

قبل أما لو فسره بالعيادة أو رد السلم أو جواب الكتاب لم يقبل لبعده عن الفهم في معرض الاقرار إذ لا مطالبة بهما والاقرار في العادة بما يطلبه المقر له ويدعيه
ولأنهما يسقطان لفواتهما ولا يثبتان في الذمة والاقرار يدل على ثبوت الحق في الذمة وكذا لو فسره بتسمية عطسة ويحتمل القبول إذا أراد ان حقا علي رد السلم
إذا سلم وتسميته إذا عطس لما روي في الخبر للمسلم على المسلم ثلثون حقا يرد سلامه ويسمت عطسته ويجيب دعوته إما لو قال له علي حق فإنه يقبل التفسير بالعيادة ورد السلم
وقال بعض الشافعية لا فرق بين أن يقول له علي شئ أو حق كيف والحق أخص من الشئ فيبعد ان يقبل تفسير الأخص بما لا يقبل به تفسير الأعم مسألة لو قال غصبته شيئا طولب بالتفسير
البيان فان فسر بما يقبل به التفسير في الصورة السابقة قبل هنا بطريق الأولى إذا احتمله اللفظ ليخرج الوديعة وحق الشفعة إذ لا يحتملها لفظ الغصب ولو فسره
بالخمر والخنزير وغيرهما مما لا يعد مالا قبل هنا لأن الغصب لا يقتضي الا الاخذ قهرا فليس في لفظه ما يشعر بالتزام وثبوت حق بخلاف قوله علي وبه قال الشافعي
ويحتمل قبوله إن كان المقر له ذميا وإن كان مسلما فاشكال وما ليس بمال يقع اسم الغصب عليه ولو قال غصبته شيئا ثم قال أردت نفسه فحبسته ساعة لم يقبل
لأنه جعل له مفعولين الثاني منهما شيئا فتجب مغايرته للأول إما لو قال غصبته ثم قال أردت نفسه قبل وقيل لا يقبل لأن الغصب لا يثبت عليه وكذا لو قال غبنته
لأنه قد يغصب ويغبن في غير المال قال الشافعي إذا قال الرجل للرجل غصبت منك شيئا ثم قال أردت به كلبا أجبر على دفعه إليه وكذا ان قال جلد ميتة فان قال
خمرا أو خنزيرا لم أجبره على دفعه إليه وقتلت الخنزير وأرقت الخمر وحكى عن أبي حنيفة أنه قال لو قال لفلان علي شئ أو كذا لم يقبل تفسيره بغير المكيل والموزون لان
غير ذلك لا يثبت في الذمة بنفسه وهو خطأ لان غير المكيل والموزون متمول يدخل تحت العقود فجاز ان يفسر به الشئ كالمكيل والموزون وتعليله باطل لأنه يثبت
في الذمة ولا اعتبار بسبب ثبوته في الاخبار عنه والاقرار به مسألة لو قال له عندي شئ قبل تفسيره بالخمر والخنزير على اشكال وهو المشهور من مذهب
الشافعية لأنه شئ مما عنده ويحتمل عدم القبول وهو قول الجويني لان لفظة له يشعر بثبوت ملك أو حق ويمكن منعه لتسويغ قول القائل لفلان عندي خمر
أو خنزير إذا عرفت هذا فلو شهد بالمجهول احتمل السماع كما إذا كان له عليه مائة فاقر صاحب الدين انه قبض منه شيئا من الحق وقامت بذلك بينة فإنها تسمع
ويقبل قول صاحب الدين في قدره مع اليمين فإن لم يحلف حتى مات قام وارثه مقامه وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان البينة ان شهدت بالاقرار بالمجهول
جاز وان شهدت بالمجهول فلا لان البينة سميت بينة لأنها تبين ما تشهد به وتكشف عنه بخلاف الاقرار لأنه ليس ببينة وعلى هذا فالأقوى ان الدعوى
كالاقرار فإذا ادعى انه أقر له بقبض شئ أو بان له عليه شيئا سمعت دعواه والا فلا مسألة إذا أقر بالمجهول وفسره بتفسير صحيح وصدقه المقر له فلا بحث
وان كذبه المقر له فليبين جنس الحق وقدره ويدعيه ويكون القول قول المقر في نفسه ثم لا يخلو التنازع إما ان يكون في القدر اوفى الجنس فإن كان في القدر مثل
ان يفسر اقراره بمائة درهم فيقول المقر له بل عليه مائتان فان صدقه المائة فهي ثابتة باتفاقهما ويحلف المقر على نفي الزيادة وان قال أراد به المأتين حلف المقر
على أنه ما أراد مائتين وانه ليس عليه الا مائة ويجمع بينهما في يمين واحدة وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم لا بد من يمينين والمشهور الأول فان نكل المقر حلف
المقر له على استحقاق المائتين ولا يحلف على الإرادة لعدم امكان الاطلاع عليها بخلاف ما إذا مات المقر وفسر الوارث وادعى المقر له زيادة فان الوارث يحلف على
إرادة المورث لأنه قد يطلع من حال مورثه على ما لا يطلع عليه غيره وكذا لو اوصى له بمجمل فبينه الوارث وزعم الموصى له انه أكثر حلف الوارث على نفى العلم باستحقاق
الزيادة ولا يتعرض للإرادة والفرق ان الاقرار اخبار عن سابق وقد يفرض فيه الاطلاع والوصية انشاء أمر عن الجهالة وبيانه إذا مات الموصى إلى الوارث مسألة
لو كان التنازع في الجنس مثل أن يقول له علي شئ ثم يفسره بعبد أو درهم أو بمائة درهم فيقول المقر له بل لي عليك جارية أو دينار أو مائة دينار فننظر ان صدقه
المقر له في الإرادة وقال هو ثابت لي عليه ولي عليه مع ذلك كذا يثبت المتفق عليه وكان القول قول المقر في
نفي غيره وان صدقه في الإرادة قال وليس لي عليه ما فسره به انما لي عليه
كذا بطل حكم الاقرار برده وكان مدعيا في غيره وان كذبه في دعوى الإرادة وقال انما أراد ما ادعيته حلف المقر على نفى الإرادة ونفي ما يدعيه ثم إن المقر له ان كذبه
في استحقاق المقر به بطل الاقرار فيه والا ثبت ولو اقتصر المقر له على دعوى الإرادة وقال ما أردت بكلامك ما فسرته به وانما أردت كذا إما من جنس المقر به
أو من غيره لم يسمع منه ذلك لان الاقرار والإرادة لا يثبتان له حقا بل الاقرار اخبار عن حق سابق فعليه ان يدعي الحق بنفسه وللشافعية وجه اخر ضعيف عندهم
انه يقبل دعوى الإرادة المجردة وهو كالخلاف في أن من ادعى على غيره انه أقر له بألف هل تسمع منه دعوى الاقرار أم عليه نفس الألف واعلم أن من لا يسمع دعوى
الإرادة لا يريد عدم الالتفات إليها أصلا وانما المراد انها وحدها غير مسموعة فاما إذا ضم إليها دعوى الاستحقاق فيحلف المقر على نفيهما على الأظهر للشافعية
في البيع وجهان انه إذا ادعى المشتري عيبا قديما بالمبيع وقال البايع بعته وأقبضته سليما يلزمه ان يحلف كذلك أو يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد فيجئ لهم هنا وجه انه
يكفيه نفي اللزوم ولا يحتاج إلى التعرض للإرادة مسألة إذا أقر بالمبهم ثم مات قبل التفسير طولب الوارث به لأنه المستحق للتركة فان فسر قبل منه بمهما كان فان
ادعى المقر له خلافه قدم قول الوارث مع اليمين فان نكل حلف المقر له وأخذ ما حلف عليه وان امتنع الوارث من البيان احتمل ان يوقف أقل ما يتمول وهو أحد قولي الشافعية
وان يوقف الكل وهو الاظهر لان الجميع وان لم يدخل في التفسير فهو مرتهن بالدين ولو قال الوارث لا أدري ما أراد ولا اعلم لك شيئا حلف ان طلب المقر له على نفي العلم
ثم سلم إلى المدعي أقل ما يتمول ولا يسلم إليه ما يدعيه مع اليمين إذ لا يمين على المدعي الا بالرد البحث الثاني في الاقرار بالمال مسألة إذا قال له
علي مال قبل تفسيره بأقل ما يتمول ولا يقبل تفسيره بما ليس بمال اجماعا كالكلب والخنزير وجلد الميتة ويقبل بالتمرة الواحدة حيث يكثر لأنه مال قليل وان لم يتمول في
ذلك الموضع وكل متمول مال ولا ينعكس وكذا لو فسره بالحبة من الحنطة والشعير إذا عرفت هذا فإنه يقبل فيما إذا قال له علي مال التفسير بالقليل والكثير عند علمائنا أجمع
وبه قال الشافعي واحمد لصدق اسم المال عليه والأصل عدم الزائد وقال أبو حنيفة لا يقبل تفسيره بغير المال الزكاتي لقول الله تعالى خذ من أموالهم صدقة وقوله تعالى
وفي أموالهم حق معلوم والآية عامة دخلها التخصيص بالسنة المتواترة فلا يخرج اللفظ عن حقيقته وقوله وفي أموالهم حق ليس المراد الزكاة لأنها نزلت بمكة قبل
فرض الزكاة فلا حجة له فيها ثم ينتقض بقوله تعالى ان تبتغوا بأموالكم والتزويج جايز بأي نوع كان من المال قليله وكثيره ولو بدرهم وعن مالك ثلثة أوجه أحدها
كما قلناه والثاني لا يقبل الا أقل نصاب من نصب الزكاة من نوع أموالهم الثالث ما يستباح به البضع والقطع في السرقة لقوله تعالى ان تبتغوا بأموالكم محصنين
ويبطل بوقوع اسم المال على القليل والكثير والبضع عندنا وعند الشافعي يستباح بالقليل والكثير وهل يقبل تفسيره بالمستولدة الأقرب ذلك لأنها مال يجوز
بيعها بعد موت ولدها وينتفع بها وتستأجر وإن كانت لا تباع وهو أظهر وجهي الشافعية ولو فسره بوقف عليه قبل وخرج بعض الشافعية ذلك على الخلاف في أن الملك في
152

الوقف هل هو للموقوف عليه أم لا مسألة لو قال له علي مال عظيم أو جليل أو نفيس أو خطير أو غير تافه أو مال وأي مال قبل تفسيره بأقل ما يتمول أيضا كما لو قال
مال لم يزد عليه لأنه يحتمل ان يريد به عظم خطره بكفر مستحله ووزر غاصبه والخاين فيه لان أصل ما يبنى عليه الاقرار الاخذ بالمتيقن والترك لغيره ولا يعتبر الغلبة
واختلف أصحاب أبي حنيفة فمنهم من قال لا يقبل أقل من عشرة دراهم وذكر انه مذهب أبي حنيفة لأنه يقطع به السارق ويكون صداقا عنده وقال أبو يوسف ومحمد
لا يقبل أقل من مأتي درهم قال الرازي هذا مذهب أبي حنيفة لأنه الذي يجب فيه الزكاة وقال أبو عبد الله الجرجاني نص أبو حنيفة على ذلك وقال إذا أقر بأموال عظيمة
يلزمه ست مائة درهم واختلف أصحاب مالك فمنهم من يقول يقبل ما يقبل في المال ومنهم من قال يزيد على ذلك أقل زيادة ومنهم من قال قدر الدية ومنهم من قال ثلاثة
دراهم نصاب القطع لان الدانق والحبة لا يسمى عظيما فلا يصح التفسير به كما لو قال مال جزيل وهو غلط لأنا نجري الجزيل مجرى العظيم والأصل في ذلك أنه ليس في العظيم
حد في الشرع ولا في اللغة ولا في العرف والناس يختلفون في ذلك فبعضهم يستعظم القليل وبعضهم لا يستعظم الكثير فلم يثبت في ذلك حد يرجع إليه ولا في اللغة
ولا في العرف قانون يعول عليه فيرجع إلى تفسيره وبيانه ولأنه اعرف بمراده مسألة لو قال له علي مال كثير قال الشيخ (ره) انه يلزمه ثمانون بناء على الرواية
التي تضمنت ان الوصية بالمال الكثير وصية بثمانين ولم يعرف هذا التفسير أحد من الفقهاء وقد عرفت قولهم في العظيم وكذا في الكثير عندهم وقال الليث بن
سعد يلزمه اثنان وسبعون درهما لان الله تعالى قال لقد نصركم الله في مواطن كثيرة وكانت غزواته صلى الله عليه وآله وسراياه اثنين وسبعين وهو غلط لان
ذلك ليس بحد لأقل الكثير وانما وصف ذلك بالكثرة ولا يمنع ذلك وقوع الاسم على ما دون ذلك وقد قال الله تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة وليس المراد
ما ذكره وكذا قوله تعالى اذكروا الله ذكرا كثيرا ولم ينصرف إلى ذلك ولهذا أمثال كثيرة في القران وأصحابنا التجأوا في ذلك إلى الرواية وكانت المواطن عندهم
ثمانين موطنا إذا عرفت هذا فنقول تقصر الرواية على ما ذكرت عليه ويبقى الباقي على الاجمال مسألة وافقنا أبو حنيفة في الجليل والنفيس والخطير على
قبول التفسير بأقل ما يتمول وقال بعض الشافعية انه يجب ان يزيد تفسير المال العظيم على تفسير مطلق المال ليكون لوصفيته بالعظيم فايدة فاكتفى بعضهم بالعظم من
حيث الجرم والجثة ولو قال له علي مال عظيم جدا أو عظيم عظيم فكقوله له علي مال ويقبل تفسيره بما قل وكثر وكذا لو قال وافر أو خطير ولو قال له علي مال قليل أو خسيس
أو تافه أو يسير فهو كما لو قال مال وتحمل هذه الصفات على استحقاق الناس إياه وعلى انه فان زايل فكثيره بهذا الاعتبار وقليل وقليله بالاعتبار الأول كثير وقد يستعظم
الفقير ما يستحقره الغني مسألة لو قال لزيد علي أكثر من مال فلان قبل تفسيره بأقل ما يتمول وان كثر مال فلان لأنه يحتمل ان يريد به انه دين لا يتطرق إليه
الهلاك وذلك عين معرض للهلاك أو يريد ان مال زيد على حلال ومال فلان حرام والقليل من الحلال أكثر بركة من الكثير من الحرام وكما أن القدر مبهم في هذا الاقرار
فكذلك الجنس والنوع مبهمان ولو قال له علي أكثر من مال فلان عددا فالابهام في الجنس والنوع ولو قال له علي من الذهب أكثر مما لفلان فالابهام في القدر والنوع ولو قال من
صحاح الذهب فالابهام في القدر وحده فلو قال له علي أكثر من مال فلان وفسره بأكثر منه عددا أو قدرا لزمه أكثر منه ويرجع إليه في تفسير الزيادة ولو حبة أو أقل ولو
قال ما علمت أن مال فلان كذا أو ما علمت فلان أكثر من كذا وقامت البينة بأكثر منه لم يلزمه أكثر مما اعترف به لان المال يخفى كثيرا عن الغير ولا يعرف أحد قدره في الأكثر
وقد يكون ظاهرا وباطنا فيملك ما لا يعرفه المقر فكان المرجع إلى ما اعتقده المقر مع يمينه إذا ادعى عليه أكثر منه وان فسره بأقل من ماله مع علمه بماله لم يقبل مسألة
لو قال لي عليك ألف دينار فقال لك علي أكثر من ذلك لم يلزمه أكثر من الألف بل ولا الألف لان لفظة أكثر مبهمة لاحتمالها الأكثرية في القدر أو العدد فيحتمل انه
أراد أكثر منه فلوسا أو حب حنطة أو حب شعير أو دخن فيرجع في ذلك إلى تفسيره واستبعده بعض العامة لان الأكثر انما تستعمل حقيقة في العدد أو في القدر فينصرف
إلى جنس ما أضيف أكثر إليه لا يفهم في الاطلاق غير ذلك قال الله تعالى كانوا أكثر منهم وقال تعالى انا أكثر منك مالا وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا مع أنه إذا قال له علي دراهم
لزمه ثلاثة أقل الجمع وازنة صحيحة حالة مع احتمال إرادة الأدون والارداء والمؤجل ولا يقبل تفسيره بهذه حملا للفظ على ظاهره واحتمال أكثر هنا ابعد والتحقيق
ان أكثر ان قرن بمن لم يجب مشاركته في الجنس والا وجب لان افعل بعض لما يضاف إليه مسألة لو قال لزيد علي مال أكثر مما تشهد به الشهود على فلان قبل
تفسيره بأقل ما يتمول أيضا لاحتمال انهم يعتقد انهم شهدوا زورا ويريد ان القليل من الحلال أكثر بركة ولو قال أكثر مما قضى القاضي على فلان فهو كما لو قال أكثر
مما شهد به الشهود لان قضاء القاضي قد يكون مستندا إلى شهادة الزور والى شهادة الفساق ويجوز ان يغلط أو يعصي فيقضي بغير الحق والحكم الظاهر لا يغير
ما عند الله تعالى وهذا أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يلزمه القدر الذي قضى به القاضي لان قضاء القاضي محمول على الحق والصدق وليس جيدا مسألة
لو قال لفلان علي أكثر مما في يد زيد قبل تفسيره بأقل ما يتمول كما لو قال أكثر من مال فلان ولو قال له علي أكثر مما في يد فلان من الدراهم لا يلزمه التفسير بجنس الدرهم
لكن يلزمه ذلك العدد من اي جنس شاء وزيادة بأقل ما يتمول وبه قال بعض الشافعية واعترض بأنه يخالف قياس ما سبق لوجهين الأول التزام ذلك العدد
والثاني التزام زيادة عليه والتأويل الذي تقدم للأكثرية ينفيهما جميعا ولو قال له علي من الدراهم أكثر مما في يد فلان من الدراهم وكان في يد فلان ثلاثة دراهم قال بعض الشافعية
يلزمه ثلاثة دراهم وزيادة أقل ما يتمول وقال بعضهم لا يلزمه زيادة حملا للأكثر على ما سبق والأقرب عندي انه يقبل لو فسر بما دون الثلاثة أيضا ولو كان في يده عشرة
دراهم وقال المقر لم اعلم وظننت انه ثلاثة قبل قوله مع يمينه البحث الثالث في الاقرار بكناية العدد مسألة لو قال لفلان علي كذا
فهو مبهم بمنزلة قوله له علي شئ فيقبل تفسيره بما يقبل به تفسير الشئ ولو قال له علي كذا كذا فهو كما لو قال كذا والتكرار للتأكيد لا للتجديد فكأنه قال له علي
شئ شئ ولو قال له علي كذا وكذا فعليه التفسير بشيئين مختلفين أو متفقين يقبل كل واحد منهما في تفسير كذا من غير عطف وكذا لو قال له علي شئ أو قال
شئ شئ ولو عقبه بالدرهم مثلا فقال له علي كذا درهم فلا يخلو إما ان ينصب الدرهم أو يرفعه أو يجره أو يقف عليه فان نصبه فقال له علي كذا درهما لزمه
درهم واحد وكان الدرهم منصوبا على التمييز لأنه تفسير لما أبهمه وقال بعض الكوفيين انه منصوب على القطع فكأنه قطع ما ابتداء به وأقر بدرهم وبه قال
الشافعي وقال أبو حنيفة يلزمه عشرون درهما لأنه أقر اسم عدد مفرد ينصب الدرهم المفسر عقيبه وهو جيد إن كان المقر عارفا بالعربية والأقرب الأول لأنه
المتيقن وان رفعه فقال كذا درهم لزمه درهم واحد اجماعا وتقديره شئ هو درهم فجعل الدرهم بدلا من كذا وان جره لزمه بعض درهم وصار تقديره له علي جزء
درهم أو بعض درهم ويرجع في تفسير قدره إليه ويكون كذا كناية عن ذلك الجزء وقال بعض أصحاب أبي حنيفة انه يلزمه مائة درهم لأنه أقل عدد يضاف اسم العدد إليه
وينجر به وما ذكرناه أولي لأنه المتيقن ولا ينظر إلى الاعراب في تفسير الألفاظ المبهمة ولا توازت (توازن) المبهمات للمبينات ولا فرق بين أن يقول علي كذا درهم صحيح أو لم يقل لفظة
153

صحيح وبعضهم فرق بأنه إذا قال له علي كذا درهم صحيح بالجر لم يجز حمله على بعض درهم فيتعين المائة والحق انه يلزمه درهم واحد وقال بعض الشافعية إذا جر لزمه درهم
واحد إذا لم يقل صحيح ولو وقف لزمه بعض درهم كما في حالة الجر لأنه المتيقن لأنه يجوز ان يسقط حركة الجر للوقف وقال بعض الشافعية يلزمه درهم مسألة
لو قال له علي كذا كذا فهو بمنزلة من لم يكرر يلزمه درهم واحد ثم التقدير ان نقول إما ان ينصب الدرهم أو يرفعه أو يجره أو يقف فان نصب لزمه درهم لا غير ولا يقتضي
التكرير الزيادة كأنه قال له شئ شئ وقال أبو حنيفة يلزمه أحد وعشرون درهما لأنه أقل عدد مركب ينتصب بعده المميز إن كان عالما بالعربية والأجود ما قلناه
تنزيلا للاقرارات على المتيقن لا علي المظنون حيث أخرجت أصالة براءة الذمة عن أصلها ولو دفع لزمه درهم واحد أيضا وتقديره كذا كذا هو درهم ولا خلاف فيه
ولو جر لزمه بعض درهم لاحتمال ان يكون قد أضاف جزءا إلى جزء ثم أضاف الجزء الآخر إلى الدرهم فيصير كأنه قال له بعض بعض درهم ويقبل تفسيره وكذا لو وقف وقال
بعض الشافعية يلزمه في الجر والوقف والنصب والرفع درهم واحد والوجه ما قلناه ولو قال كذا كذا كذا درهم لزمه بعض درهم أيضا لاحتمال انه أراد ثلث سبع عشر درهم
مسألة لو كرر كذا مع العطف فقال له علي كذا وكذا فان رفع الدرهم لزمه واحد لأنه ذكر شيئين ثم ابدل منهما درهما فكأنه قال هما درهم وهو أحد قولي
الشافعية الثاني انه يلزمه درهم وزيادة ولو نصب فالأقرب انه يلزمه درهم واحد لان كذا يحتمل ان يكون أقل من درهم فإذا عطف عليه مثله ثم فسرهما بدرهم واحد
جاز وقال الشافعي يلزمه درهمان لان كذا يقع على درهم يعني لما وصل الجملتين بالدرهم كان كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه واقعا على درهم فكأنه كناية عنه قال المزني
وقال في موضع اخر إذا قال كذا وكذا درهما قبل اعطه درهما أو أكثر من قبل ان كذا يقع على أقل من درهم وقوله أو أكثر اي إذا فسره بأكثر من درهم لزمه والا فالدرهم يتعين
ويروي في بعض النسخ وأكثر هذا ما نقله المزني واختلف أصحاب الشافعي في المسألة على طريقين أشهرهما انه على قولين أصحهما انه يلزمه درهمان لأنه أقر بجملتين
مبهمتين وعقبهما بالدرهم فالظاهر كونه تفسيرا لهما كما لو قال له علي عشرون درهما فان الدرهم تفسير للعشرين والثاني وهو اختيار المزني انه لا يلزمه الا درهم واحد لجواز
ان يريد له تفسير اللفظين معا بالدرهم وحينئذ يكون المراد من كل واحد نصف درهم وزاد بعضهم قولا ثالثا وهو انه يلزمه درهم وشئ إما الدرهم فلتفسير الجملة الثانية
واما الشئ فللأولى الباقية على ابهامها وهو موافق لرواية من روى اعطه درهما وأكثر والطريق الثاني القطع بأنه يلزمه درهمان واختلفوا في نقل المزني والتصرف
فيه من وجوه آ حمل ما نقله عن موضع آخر على ما إذا قال كذا وكذا درهم بالرفع كأنه يقول وكذا الذي أبهمته
درهم ب انه حيث قال درهمان أراد ما إذا اطلق اللفظ
وحيث قال درهم أراد ما إذا نواه فصرف اللفظ عن ظاهره بالنية ج انه حيث قال درهم أراد ما إذا قال كذا وكذا درهما فشك ان الذي يلزمه شيئان أو شئ واحد
د انه حيث قال يلزمه درهم صور فيما إذا قال كذا كذا درهما وقال أبو حنيفة يلزمه أحد وعشرون درهما لأنه أقل مفرد ميز عددين أحدهما معطوف على الأخر
وحكى عن أبي يوسف انه إذا قال كذا كذا أو كذا وكذا درهما لزمه أحد عشر درهما ولو جر الدرهم لزمه درهم عند بعض الشافعية والحق انه يلزمه بعض الدرهم والتقدير
انه يلزمه شئ وبعض درهم وكلاهما بعض درهم ولو قال كذا وكذا وكذا درهما فان قلنا إن كرر مرتين لزمه درهمان فهنا يلزمه ثلاثة وان قلنا يلزمه درهم فكذا
هنا مسألة لو قال له علي الف ودرهم أو الف ودراهم أو الف وثوب أو الف وعبد فقد عطف معين الجنس على مبهمه فله الألف بغير حبس المعطوف
بأي شئ أراد عندنا وبه قال الشافعي ومالك إذ لا منافاة بين عطف بعض الأجناس على ما يغايرها بل هو الواجب فبأي شئ فسره قبل حتى لو فسره بحبات الحنطة
قبل ولو فسره بألف كلب فوجهان على ما سلف وقال أبو حنيفة ان عطف على العدد المبهم موزونا أو مكيلا كان تفسيرا له وإن كان مذروعا أو معدودا بالجملة
يكون مفهوما لم يكن تفسيرا كالثوب والعبد لان على للايجاب في الذمة فإذا عطف عليه ما يثبت في الذمة بنفسه كان تفسيرا له كقوله مائة وخمسون درهما وقوله
خمسة وعشرون درهما فان الدرهم تفسير العشرين والعشرون تفسير الخمسة وما قدمناه أصح لأنه مفسر معطوف على مبهم فلم يكن تفسيرا كقوله مائة وثوب وما ذكره
أبو حنيفة منتقض بالثوب فإنه يثبت في الذمة بنفسه لأنه يقول إذا أتلف عبدا أو ثوبا وجب مثله في ذمته ولهذا يجوز ان يصطلحا على أكثر من قيمته وما ذكروه من
مائة وخمسين فان الدرهم المنصوب على التمييز تميز الجملتين جميعا ويكون لفظه بحكم ما يليه مبهما مع أن جماعة من الشافعية لا يسلمون ذلك وقد اختلف أصحاب
مالك فمنهم من وافقنا ومنهم من قال يفسر بالمعطوف بكل حال إذا عرفت هذا فلا فرق بين أن يقول علي الف ودرهم أو درهم وألف أو الف ودرهمان في أن الألف
مبهمة مسألة لو قال علي خمسة عشر درهما فالكل دراهم لأنه لا عطف وانما هما اسمان جعلا واحدا فالمذكور تفسير له فلو باعه بخمسة عشر درهما صح البيع اجماعا
ولو قال الف وثلاثة دراهم فالكل دراهم أيضا قضاء للعرف فيه ولو قال خمسة وعشرون درهما أو مائة وخمسة وعشرون درهما أو الف ومائة وخمسة وعشرون
درهما فالكل دراهم لان اللغة والاستعمال إذا أريد الاخبار بالدراهم كلها اتى بهذه العبارة لان لفظ الدرهم لا يجب به شئ زائد بل هو تفسير وليس تفسير البعض
لاحتياج الكل إلى التفسير فيكون تفسيرا للكل وقال بعض الشافعية في خمسة وعشرين الخمسة مجملة والعشرون مفسرة بالدرهم لمكان العطف فلو باعه بخمسة وعشرين
درهما لم يصح على هذا القول كذا الخلاف في مائة وخمسة وعشرين درهما وقوله الف مائة وخمسة وعشرون درهما أو خمسون وألف درهم أو مائة وألف
درهم فقال أبو علي بن خيران من الشافعية وأبو سعيد الإصطخري لا يكون تفسيرا الا لما يليه من الجملتين وما قبل ذلك يرجع إلى تفسيره وقال أكثر الشافعية أنه يكون
تفسيرا للجملتين ويكون الدرهم المفسر عايدا إلى الجملتين لان إحدى الجملتين تفسير للأخرى ولو قال ثمانية دراهم وألف فإنه لا يكون تفسيرا للألف ولو قال الف
وثلاثة أثواب فالجميع أثواب وكذا مائة وأربعة دنانير فالجميع دنانير ولو قال مائة ونصف درهم فالأقرب ان المائة دراهم ولو قال درهم ونصف فالنصف يرجع إلى الدرهم
وكذا عشرة دراهم ونصف وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان النصف مبهم لأنه معطوف على ما تقدم مفسرا فلا يتأثر به وأكثرهم قال الجميع دراهم لجريان العادة
به حتى لو قال له علي درهم ونصف درهم عد مطولا تطويلا زايدا على قدر الحاجة إما لو قال له علي نصف ودرهم فالنصف مبهم ولو قال مائة وقفيز حنطة فالمائة
مبهمة بخلاف قوله مائة وثلاثة دراهم لان الدراهم تصلح تفسيرا للكل والحنطة لا تصلح تفسيرا للمائة لأنه لا يصح ان يقال مائة حنطة ولو قال له علي الف الا درهم فسر الألف
بما لا تنقص قيمته عن درهم كأنه قال الألف مما قيمة الألف منه درهم البحث الرابع في الاقرار بالدرهم وفيه مطلبان الأول في المفرد مسألة
الدرهم الاسلامي المعتبر في نصب الزكوات ومقادير الديات وغيرها وزنه ستة دوانيق وزن عشرة دراهم منها سبعة مثاقيل والدانق ثماني حبات وخمسا حبة
فيكون الدرهم الواحد خمسين حبة وخمسي حبة والمراد من الحبة حبة الشعير لا من كباره ولا من صغاره بل المتوسط بينهما التي لم تقشر بل قطع من طرفها ما دق
وطال والدينار اثنتان وسبعون حبة منها هكذا قال أبو عبيد القسم بن سلام والمشهور عند علمائنا ان الدانق ثمان حبات وبه قال ابن شريح من الشافعية
154

فعلى هذا يكون الدرهم ثمانية وأربعين حبة إذا عرفت هذا فإذا قال له علي درهم وأطلق حمل على المتعارف عند القائل في المعاملة فان وافق المشروع فذاك
والا كان حمله على المتعارف أولي من حمله على العرف الشرعي فلو قال له علي ألف درهم ثم قال هي ناقصة كدراهم طبرية الشام الواحد منها أربعة دوانيق أو كدراهم
خوارزم وزن الخوارزمية أربعة دوانيق ونصف أو كدراهمنا اليوم السلطانية الواحد منها نصف مثقال فإن كان الاقرار في عرف المقر أو بلد الاقرار
ودراهمه تامة وكان قد ذكره متصلا فالأقوى القبول كالاستثناء فكأنه استثنى من كل درهم دانقين وهو أصح قولي الشافعية وقال ابن خيران انها على قولين
بناء على أن الاقرار هل يتبعض والثاني المنع لان اللفظ صريح فيه وليس كل لفظ يتضمن نقصانا يصلح للاستثناء ولهذا لو قال له علي (؟؟؟) مائة فيلزمه الألف
ولان قوله ألف درهم يقتضي الوازنة كما لو باع ولم يعين فإذا قال نقص فقد رجع عن اقراره لان الوازنة غير النقص وليس النقص من جملتها وهو خطأ لان
الدراهم يعبر بها عن الوازنة وعن الناقصة وانما حملت على الوازنة لان عرف الاسلام قايم فيها لأنها دراهم الاسلام فإذا فسرها بالناقصة فلم يرجع عن اقراره
وانما صرفه عن ظاهره إلى مستعمل فافترقا وان ذكره منفصلا لم يقبل لأنه كالاستثناء ولا يصح الاستثناء المنفصل وعليه وزن الدراهم المتعارفة
عند المقر وبلد الاقرار وان لم يكن هناك عرف حمل على وزن دراهم الاسلام الا ان يصدقه المقر له لان لفظ الدرهم صريح في المقدار المعلوم وعرف البلد
هو بدله واختار بعض الشافعية القبول لان اللفظ محتمل له والأصل براءة الذمة وإن كان الاقرار في بلد دراهمه ناقصة فان ذكره متصلا قبل لان اللفظ والعرف
يصدقانه فيه وان ذكره منفصلا واحتمل قويا القبول حملا لكلامه على نقد البلد لان للعرف اثرا بينا في تقييد الألفاظ حتى أنه لو طرأ على اللغة أو الشرع كان الحمل
عليه متعينا وصار كما في المعاملات وهو أظهر وجهي الشافعي والثاني لا يقبل ويحمل مطلق اقراره على وزن الاسلام كما أن نصب الزكاة لا تختلف باختلاف البلدان
والفرق ظاهر وكذا الخلاف فيما إذا أقر في بلد وزن دراهمه أكثر من وزن دراهم الاسلام احتمل حمل اقراره على دراهم البلد وعلى دراهم الاسلام فان قلنا بالأول فلو قال عنيت
دراهم الاسلام منفصلا لم يقبل ولو قال متصلا فالأقرب القبول وللشافعية وجهان هذا أصحهما مسألة ولا فرق بين ان يقر بمائة درهم ويسكت
ثم يقول ناقصة أو صغار وهي دين أو يقول هي وديعة أو غصب وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة في الغصب والوديعة يقبل لأنه أقر بفعل في عين وذلك لا يقتضي
سلامتها فأشبه ما لو أقر بغصب عبد ثم جاء به معيبا وهو ممنوع لأن اطلاق الاسم يقتضي الوازنة الجياد فلم يقبل تفسيره بما يخالف ذلك كالدين بخلاف العبد
فان العيب لا يمنع اطلاق اسم العبد عليه ولو أقر بدراهم وأطلق في بلد أوزانهم ناقصة أو مغشوشة أو بدنانير في بلد دنانيرهم مغشوشة فالأقرب الحمل على عرف
ذلك البلد ودنانيره لان مطلق كلامهم يحمل على عرف بلدهم كما في البيع والأثمان مسألة الدرهم عند الاطلاق انما يستعمل في النقرة فلو أقر بدراهم وفسرها
بالفلوس لم يقبل ولو فسر بالدراهم المغشوشة فهو كالتفسير بالناقصة لان وزنها لا يبلغ الدراهم فيجئ فيه التفصيل الذي تقدم في الناقصة فان سكت
بعد اقراره بالدراهم سكوتا يمكنه الكلام فيه واخذ في كلام غير ما كان فيه استقر عليه الخالصة فان عاد وقال زيوفا لم يقبل ولو وصل الكلأ م أو سكت للتنفس
أو لعروض سعال وشبهه ثم وصفها بالرداءة فالأقرب القبول لان الانسان قد يكون في ذمته دراهم ردية ويحتاج إلى الاقرار بها حذر الموت فلو لم يسمع منه ذلك
أدي إلى كتمان الحق وعدم التخلص وبراءة الذمة هو ضرر عظيم ولأنه كما قبل الاستثناء فالقبول هنا أولي لان في الاستثناء نقضا للأول بخلاف الوصف
بالغش ولو قال له علي دراهم صغار وليس للناس دراهم صغار وهي الناقصة قبل أيضا تفسيره خلافا لبعض الشافعية ولو فسر بجنس ردي من الفضة قبل كما لو قال علي ثوب
ثم فسر بجنس ردي أو ربما لا يعتاد أهل البلد لبسه بخلاف ما لو فسر بالناقصة لأنه يرفع شيئا مما أقر به وهنا بخلافه مسألة إذا أقر بدرهم انصرف الاطلاق إلى
سكة البلد الذي أقر بها فيه فان فسرها به قبل وان فسرها بسكة غير سكة البلد أجود منها قبل لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ وكذا إن كانت مثلها لأنه لا يفهم في ذلك وإن كانت
أدنى من سكة البلد لكنها متساوية في الوزن احتمل ان لا يقبل لان اطلاقها يقتضي دراهم البلد ونقده فلا يقبل منه دونها كما لا يقبل في البيع ولأنها ناقصة
القيمة فلم يقبل تفسيره بها كالناقصة وزنا ويحتمل القبول وهو الأقوى عندي وبه قال الشافعي لأنه يحتمل ما فسره به بخلاف الناقصة لأن اطلاق الشرع الدراهم
لا يتناولها بخلاف هذه ولأنه يرفع شيئا مما أقر به بخلاف هذه ولهذا يتعلق به مقدار النصاب في الزكاة وغيره بخلاف الثمن فإنه ايجاب في الحال وهذا اخبار عن
حق سابق ولان البيع انشاء معاملة والغالب ان المعاملة في كل بلده يقع فيما يروج فيها ويتعامل الناس بها والاقرار اخبار عن حق سابق ربما يثبت بمعاملة في تلك البلد وربما يثبت بغيرها
فوجب الرجوع إلى ارادته ولأنه لا بد من صيانة البيع عن الجهالة والحمل على ما يروج في البلد أصلح طريق ينتفي به الجهالة والاقرار لا يجب صيانته عن الجهالة وقال المزني
لا يقبل تفسيره بغير سكة البلد مسألة لو قال علي دريهم أو دريهمات أو درهم صغير أو دراهم صغار فالوجه قبول تفسيره بما أراد بما يطلق عليه هذا
الاسم واضطرب قول الشافعية فالذي رواه الجويني انه كما لو قال درهم أو دراهم فيعود في التفسير بالنقص التفصيل السابق وليس التقييد بالصغير كالتقييد بالنقصان
لان لفظ الدرهم صريح في الوازن والوصف بالصغر يجوز ان يكون من حيث الشكل ويحوز ان يكون بالإضافة إلى الدراهم البغلية وقال بعض الشافعية بذلك في قوله
دريهم وقال في قوله درهم صغيران كان بطبرية يلزمه نقد البلد وإن كان ببلد وزنه وزن مكة فعليه وزن مكة وكذلك إن كان بغرية وفي هذا القول اضطراب
لأنه إما ان يعتبر اللفظ أو عرف البلد ان اعتبرنا اللفظ فليجب الوازن بطبرية وان اعتبرنا عرف البلد فيجب نقد البلد بغرية وقال بعضهم إذا قال دريهم أو درهم صغير
لزمه درهم من الدراهم الطبرية لأنها أصغر من دراهم الاسلام وهي أصغر من البغلية فهي أصغر الصغيرين فيؤخذ باليقين ولم يفرق بين بلدة وبلدة ولانا لا نفرق
بين أن يقول مال وبين أن يقول مال صغير فكذلك في الدراهم مسألة لو قال له علي درهم كبير لزمه درهم من دراهم الاسلام لأنه كبير في العرف ولو كان
هناك ما هو أكثر وزنا منه فالأقرب المساواة فلو فسره بالأقل من دراهم الاسلام احتمل القبول لاحتمال إرادة الكبير لا في الوزن بل بالحلال ولو قال له دريهم
فهو كما لو قال درهم لان التصغير قد يكون لصغر في ذاته أو لقلة قدره عنده وقد يكون لمحبته المطلب الثاني في المتعدد مسألة إذا قال له علي دراهم ولم يفسر
العدد لزمه ثلاثة لأنه أقل الجمع ولا يقبل تفسيره بأقل منها وهو الظاهر من مذهب الشافعية لان العرب وضعت صيغة آحاد وتثنية وجمع فقالوا أرجل ورجلان
ورجال ويحتمل عندي القبول لو فسره باثنين لان الاثنين قد يعبر عنهما بلفظ الجمع كما في قوله تعالى فإن كان له اخوة والمراد اخوان وقال (ع) الاثنان فما فوقهما جماعة
ولان حقيقة الجمع موجودة في الاثنين ولو سلم انه مجاز فلا تستحيل ارادته فإذا فسر به قبل لأنه اعرف بقصده والألفاظ لا تدل على المعاني بذواتها بل باعتبار
قصد المتكلم وبه قال بعض الشافعية ولو قال له علي أقل اعداد الدراهم لزمه اثنان لان العدد هو المعدود وكل معدود متعدد فيخرج عنه الواحد ولان الاثنين
155

مبدأ العدد وأول مراتبه بخلاف الواحد مسألة لو قال له علي دراهم عظيمة أو جليلة أو جزيلة أو وافرة كان له ثلاثة وكان كقوله ثلاثة وبه قال الشافعي
لان الكثرة لا حد لها شرعا ولا لغة ولا عرفا ويختلف بالأوصاف وأحوال الناس فالثلاثة أكثر من الاثنين وأقل مما فوقها فيحتمل ان المقر أراد كثيرة بالنسبة إلى ما دونها
ولان الناس يختلفون فمنهم من يستعظم القليل ومنهم من يستقل الكثير فجاز ان يريد كثيرة في وهمه وظنه ويكون الثلاثة عنده كثيرة وقال أبو حنيفة لا يقبل تفسيره
في الكثرة بدون العشرة لأنها أقل جمع الكثرة وقال أبو يوسف ومحمد لا يقبل أقل من مائتين لان بها يحصل الغنى وتجب الزكاة والحمل على يقين الأقل وبراءة
الذمة أولي ولو قال علي دراهم كثيرة احتمل لزوم ثمانين على الرواية والوجه ما قلناه في العظيمة ولو قال دنانير كثيرة فعلى الرواية يلزمه ثمانون وعلى قول أبي حنيفة
يلزمه عشرة وعلى قول أبي يوسف ومحمد يلزمه عشرون ولو قال حنطة عظيمة أو كثيرة فعلى قول أبي حنيفة يرجع إلى بيانه فيما يسمى كثيرا في العادة وعلى قولهما يلزمه
خمسة أوسق ولو قال له علي مائة درهم عددا فالأقرب قبول قوله في إرادة الناقصة وقال بعض الشافعية يلزمه
مائة درهم بوزن الاسلام صحاح ولا يشترط ان
يكون لكل واحد ستة دوانيق وكذا في البيع ومنع من قبول مائة بالعدد ناقصة بالوزن الا ان يكون نقد البلد عددية ناقصة وظاهر مذهب الشافعية حينئذ القبول ولو
قال علي مائة عدد من الدراهم فهنا يعتبر العدد دون الوزن اجماعا مسألة إذا قال له علي ألف درهم زيف جمع زائف وهي التي لم تجر فان فسر وقال أردت
به انها كلها نحاس أو رصاص لم يقبل سواء فصله عن اقراره أو وصله به لان النحاس والرصاص لا يسمى دراهم فكأنه وصل اقراره بما رفعه فصار كاستثناء الكل وان
فسر ذلك بما لفظه نحاس أو رصاص قال بعض الشافعية الذي يقتضيه المذهب انه ان وصل ذلك باقراره أو فصله قبل منه لان الشافعي قال ولو قال هي من سكة كذا
صدق مع يمينه كانت أدنى الدراهم أو وسطها قال بعض الشافعية أدنى الدراهم هي المغشوشة وقول الشافعي ثم قال هي نقص أو زيف لم يصدق يريد إذا قال
زيف جميعها رصاص أو نحاس وقال بعضهم حكم الزيف كالنقص إذا وصلها باقراره قبل وان فصلها لم يقبل وهو ظاهر كلامه في المسألة لأنه جمع بين النقص والزيف
ولم يفصل والقول الأول غير لازم لان قوله أدنى الدراهم انما عاد إلى السكة لأنه قال ولو قال هي من سكة كذا لان المغشوشة خارجة عن ضرب الاسلام كالنقص
فعلى ما ذكرناه إذا كان البلد يتعامل فيه بالدراهم المغشوشة ينبغي إذا اطلق ان لا يلزمه منها الا كما قلنا في النقص ولو قال غصبت ألف درهم أو له عندي ألف درهم وديعة
ثم قال هي نقص أو زيف مفصولا لم يقبل وهو مذهب الشافعي كما لو قال له علي ألف درهم وقال أبو حنيفة يقبل في الغصب والوديعة لان ذلك ايقاع فعل في العين وذلك لا يقتضي
سلامتها كما لو أقر بغصب عبد فجاء به معيبا وهو غلط لان الاسم يقتضي الوازنة غير الزيوف فلم يقبل منه ما يخالف الاسم كما لو قال له علي الف وما علل به باطل
لأن الغصب وإن كان ايقاع فعل في عين فان ذلك يوجب وقوعه فيما سماه دون ما لا ينصرف إليه اطلاق الاسم ويفارق العيب لان العيب لا يمنع اطلاق الاسم فيه
مسألة إذا قال له علي ما بين واحد وعشرة لزمه ثمانية لان ذلك ما بينهما ولو قال ما بين واحد إلى عشرة فكالأولى ولم يفرق أكثر الشافعية بينهما
والوجه القطع في الأولى بالثمانية وفي الثانية احتمال ولو قال له علي من درهم إلى عشرة احتمل لزوم عشرة وبه قال محمد بن الحسن الشيباني ويدخل الطرفان فيها كما يقال من فلان
إلى فلان لا يرضى أحد بكذا وقد سبق في المرافق لان الحد إذا كان من جنس المحدود دخل فيه وقد حكى ابن العاص عن الشافعي انه إذا قال له علي ما بين الدرهم إلى العشرة
لزمه تسعة فعلى هذا يكون قوله مثل قول محمد بن الحسن لأنه ادخل الحد في الاقرار ولو قال قرأت القران من أوله إلى آخره دخل الطرفان أو اكلت الطعام من أوله
إلى اخره دخل الطرفان فكذا هنا وهو أحد وجوه الشافعية ويحتمل وجوب تسعة وبه قال أبو حنيفة واحمد وبعض الشافعية لان الأول ابتداء الغاية والعاشر
هو الحد فدخل الابتداء فيه ولم يدخل الحد ولان الملتزم زايد على الواحد والواحد مبدأ العدد والالتزام فيبعد اخراجه عما يلتزم ولان من لابتداء الغاية
وأول الغاية منها والى لانتهائها فلا يدخل فيها لقوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل ويحتمل وجوب ثمانية وبه قال زفر لان الأول والعاشر حدان لا يدخلان
في المحدود كما لو قال بعتك من هذا الجدار إلى هذا الجدار ولا يدخل الجداران في المبيع والمعتمد الأول وجماعة من الشافعية رجحوا الثاني لأنه لو قال لفلان من
هذه النخلة إلى هذه النخلة تدخل النخلة الأولى في الاقرار دون الأخيرة وما ينبغي ان يكون الحكم في هذه الصورة كما ذكره بل هو كما لو قال بعتك من هذا الجدار
إلى هذا الجدار ولو قال له علي ما بين درهم إلى عشرة فقد قلنا إنه يلزمه ثمانية لان ما بمعنى الذي كأنه قال له العدد الذي يقع بين الواحد إلى العشرة وهو
صريح في اخراج الطرفين وعن الشافعي انه يلزمه تسعة لان الحد إذا كان من جنس المحدود يدخل فيه فيضم الدرهم العاشر إلى الثمانية وحكى عن القفال انه يلزمه
عشرة فحصل للشافعية في هذه المسألة ثلاثة أوجه كما في قوله له علي من درهم إلى عشرة ولو قال أردت بقولي من واحد إلى عشرة مجموع الاعداد كلها لزمه خمسة وخمسون
درهما وطريقه ان يزيد أول العدد وهو الواحد على العشرة فيصير أحد عشر ثم يضربها في نصف العشرة فما بلغ فهو الجواب مسألة لو قال له علي درهم في
عشرة احتمل ان يكون العشرة ظرفا وأن يكون مضروبا فيها فان أراد الأول لزمه درهم كأنه قال له درهم في عشرة لي وان أراد الضرب والحساب لزمه عشرة ولو أراد بفئ
مع لزمه أحد عشر درهما لان في قد ترد بمعنى مع يقال جاء الأمير في جيشه اي مع جيشه ويرجع في ذلك إليه ويقبل قوله بغير يمين لان لفظه محتمل لذلك كله وهو
اعرف بمراده فان اطلق سئل فان تعذر لزمه واحد لأنه المتيقن والأصل براءة الذمة وعند الشافعية انه لو قال أنت طالق واحدة في اثنتين في قول لهم انه يحمل
على الحساب وان اطلق لأنه أظهر في الاستعمال وذلك القول عايد وهنا لو قال له علي درهمان في عشرة وقال أردت الحساب لزمه عشرون وان قال أردت درهمين مع
عشرة ولم يكن يعرف الحساب قبل منه ولزمه اثنا عشر لان كثيرا من العامة يريدون بهذا اللفظ هذا المعنى وقال بعض العامة لو كان عارفا بالحساب لم يقبل منه
لأن الظاهر من الحساب استعمال الفاظه لمعانيها في اصطلاحهم والوجه القبول منه لاحتمال ان يستعمل مصطلحات العامة وان قال أردت درهمين في عشرة لزمه درهمان لاحتمال ما يقول ولو قال درهمان في دينار ولم يحتمل الحساب وسئل عن المراد فان
قال أردت العطف أو معنى مع لزمه الدرهمان والدينار وان قال أسلمتهما في دينار فصدقه المقر له بطل اقراره لان سلم أحد النقدين في الأخر باطل وان كذبه
فالقول قول المقر له لان المقر وصل اقراره بما يسقطه فلزمه ما أقر به وبطل قوله في دينار وكذا لو قال له درهمان في ثوب وفسره بالسلم أو قال في ثوب اشتريته منه
إلى سنة فصدقه بطل اقراره لأنه إن كان بعد التفرق بطل السلم وسقط الثمن وإن كان قبل التفرق فالمقر بالخيار بين الفسخ والامضاء ولو كذبه المقر له فالقول قوله
مع يمينه وله الدرهمان البحث الخامس في الاقرار بالظرف والمظروف مسألة الاقرار بأحد شيئين لا يستلزم الاقرار بالآخر والظرف
والمظروف شيئان متغايران فلا يلزم من الاقرار بأحدهما الاقرار بالآخر لان الأصل البناء على اليقين فلا يلزم من الاقرار بالظرف الاقرار بالمظروف ولا بالعكس
فلو قال له عندي ثوب في منديل أو تمر في جراب أو لبن في كوز أو طعام في سفينة أو دراهم في كيس لم يدخل الظرف في الأقارير لاحتمال ان يريد في جراب لي أو في منديل لي
156

وإذا احتمل ذلك لم يلزمه من اقراره المحتمل ولا تناقض لو ضم هذه اللفظة إلى الاقرار ولو كان اللفظ المطلق يدل على الإضافة إلى المقر له لزم التناقض مع التصريح
بالإضافة إلى المقر وكذا لو قال غصبته زيتا في جرة أو ثوبا في منديل لم يكن مقرا الا بغصب الزيت والثوب
خاصة دون الجرة والمنديل وبه قال الشافعي ومالك
وقال أبو حنيفة إذا قال غصبت منه ثوبا في منديل كان غاصبا لهما لان المنديل يكون ظرفا للثوب فالظاهر أنه ظرف له في حال الغصب فصار كأنه غصب ثوبا ومنديلا
وهو خطأ لاحتمال ان يكون المنديل للمقر بان يقول غصبت ثوبا في منديل لي ولو قال ذلك لم يكن غاصبا للمنديل ومع الاطلاق يكون محتملا له فلم يكن مقرا بغصبه
كما لو قال له عندي ثوب في منديل وكما لو قال غصبته دابة في اصطبلها مسألة لو قال له عندي غمد فيه سيف أو جرة فيها زيت أو جراب فيه تمر فهو اقرار
بالظرف خاصة دون المظروف للتغاير الذي قلناه وعدم الاستلزام بين الاقرار بالشئ والاقرار بغيره ولصدق الإضافة إلى المقر في المظروف ولو قال
غصبته فرسا في اصطبل فهو اقرار بالفرس خاصة ولو قال غصبته دابة عليها سرج أو زمام أو بغلا عليه برذعة فهو اقرار بالدابة والبغل خاصة دون
السرج والزمام والبرذعة إما لو قال غصبته عبدا على رأسه عمامة أو في وسطه منطقة أو في رجله خف فهو اقرار بما مع العبد لان للعبد يدا على ملبوسة
وما في يد العبد فهو في يد سيده فإذا أقر بالعبد للغير كان ما في يده لذلك الغير بخلاف المنسوب إلى الفرس فإنه لا يدلها على ما هو عليها ولهذا لو جاء
بعبد وعليه عمامة وقال هذا العبد لزيد كانت العمامة له أيضا ولو جاء بدابة وعليها سرج وقال هذه الدابة لزيد لم يكن السرج له وقال بعض الشافعية هذا
يقتضي فرقا لا من جهة الاقرار وتكون العمامة غير داخلة في الاقرار وانما يثبت من جهة يد العبد وعامة أصحاب الشافعي على أنه لا فرق بينهما ولو قال له عندي
دابة مسروجة أو دار مفروشة لم يكن مقرا بالسرج والفرش بخلاف ما لو قال بسرجها وبفرشها فإنه يلزمه السرج والفرش لان الباء تعلق الثاني على الأول وكذا
لو قال له عندي سفينة بطعامها كان اقرارا بالطعام ولو قال سفينة فيها طعام أو طعام في سفينة لم يكن مقرا بالطعام في الأولى ولا بالسفينة في الثانية ولو
قال له عندي ثوب مطرز كاقرارا بالطراز لان الطراز جزء من الثوب وقال بعضهم ان ركب عليه بعد النسج فوجهان مسألة لو قال له علي فص في خاتم فهو
اقرار بالفص خاصة دون الخاتم ولو قال خاتم فيه فص فالأقوى انه لا يكون مقرا بالفص وهو أصح وجهي الشافعية لجواز ان يريد فيه فص لي فهو كالصورة السابقة والثاني
أنه يكون مقرا بالفص لان الفص من الخاتم حتى لو باعه دخل فيه بخلاف تلك الصورة واعلم أن بعض العامة ذكر وجهين في جميع الصور السابقة مثل قوله له عندي
درهم في ثوب أو زيت في جرة أو سكين في قراب أو فص في خاتم أو غصبت منه ثوبا في منديل أو زيتا في زق وبالجملة كل مظروف مع ظرفه وبالعكس
أحدهما دخول الظرف في المظروف وبالعكس والثاني عدم الدخول ولو اقتصر على قوله عندي خاتم ثم قال بعد ذلك ما أردت الفص فالأقوى عندي القبول
ولا يدخل الفص في الاقرار وأصح وجهي الشافعية انه لا يقبل تفسيره فيدخل الفص في الاقرار لان الفص مندرج تحت اسم الخاتم فتفسيره رجوع عن بعض المقر به
ولو قال له حمل في بطن جارية لم يكن مقرا بالجارية وكذا لو قال نعل في حافر دابة أو عروة في قمقمة ولو قال جارية في بطنها حمل ودابة في حافرها نعل وقمقمة عليها
عروة فالأقوى عدم الدخول وللشافعية وجهان كما في قوله خاتم فيه فص ويرتب الوجهان عند الشافعية في صورة الحمل على الوجهين فيما إذا قال هذه الجارية
لفلان وكانت حاملا هل يتناول الاقرار بالحمل فيه وجهان لهم أحدهما نعم كما في البيع وأظهرهما لا وله أن يقول لم أرد الحمل بخلاف البيع لان الاقرار اخبار عن حق
سابق وربما كانت الجارية له دون الحمل بان كان الحمل موصى به أو كان حرا أو سلم القفال انه لو قال هذه الجارية لفلان الا حملها يجوز بخلاف البيع فان قلنا الاقرار
بالجارية يتناول الحمل ففيه وجهان كما في الصورة السابقة والا فنقطع بأنه لا يكون مقرا بالحمل إذا قال جارية في بطنها حمل وعندنا ان الحمل لا يدخل في الاقرار
ولا في البيع مسألة لو قال له ثمرة على شجرة كان اقرارا بالثمرة خاصة ولم يكن مقرا بالشجرة ولو قال شجرة عليها ثمرة فليرتب على أن الثمرة هل
تدخل في مطلق الاقرار بالشجرة عند الشافعية هي لا تدخل بعد التأبير كما في البيع وفي فتاوى القفال انها تدخل وهو بعيد واما قبل التأبير فوجهان أظهرهما
انها لا تدخل أيضا لان الاسم لا يتناولها والبيع ينزل على المعتاد والمعتمد عندنا انها لا تدخل الشجرة ولا الثمرة لو أقر بأحدهما وضبط القفال فقال كل ما
يدخل تحت المبيع المطلق يدخل تحت الأقارير وما لا فلا الا الثمار المؤبرة وقال آخرون وما لا يتبع في المبيع ولا يتناوله الاسم فهو غير داخل وما يتبع ويتناول
فهو داخل وما يتبع ولا يتناوله الاسم ففيه وجهان مسألة لو قال له علي الف في هذا الكيس لزمه سواء كان فيه شئ أو لم يكن لان قوله علي يقتضي اللزوم ولا
الذي يكون مقرا بالكيس وإن كان فيه دون الألف فالأقوى انه يلزمه الاتمام كما لو لم يكن فيه شئ يلزمه الألف وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يلزمه الا ذاك القدر
لحصر المقر به فيه ولو قال علي الألف الذي في هذا الكيس فإن كان فيه دون الألف لم يلزمه الا ذلك القدر لجمعه بين التعريف والإضافة إلى الكيس وقال بعض الشافعية يلزمه
الاتمام وهو مبني على أن الإشارة الا عارضة اللفظ أيهما يقدم والأقوى عندي هنا لزوم الاتمام ولو لم يكن في الكيس شئ فللشافعية قولان مبنيان على ما إذا
حلف ليشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه هل ينعقد يمينه ويحنث أم لا والوجه عندي لزوم الألف وعدم انعقاد اليمين حيث لا متعلق لها مسألة
لو قال له في هذا العبد ألف درهم فهو مجمل يحتاج إلى الاستفسار فإذا طولب بالبيان فان قال أردت انه جنى عليه أو على عبده جناية أرشها الف قبل وتعلقت الجناية
برقبته وان قال أردت انه رهن عنده بألف علي فالأقوى القبول لان الدين وطن كان محله الذمة فله تعلق ظاهر بالمرهون فصار كالتفسير بأرش الجناية
وهو أظهر قولي الشافعية والثاني لا يقبل لان الألف يقتضي كون العبد محلا للألف ومحل الدين الذمة لا المرهون وانما المرهون وثيقة له وعلى هذا فإذا نازعه
المقر له أخذناه بالألف الذي ذكره في التفسير وطالبناه للاقرار المجمل بتفسير صالح والمعتمد الأول وان قال أردت انه وزن في ثمنه عني ألفا كان ذلك قرضا عليه
وان قال نقد في ثمنه لنفسه ألفا قيل له كم ثمنه وهل وزنت شيئا أم لا فان قال الثمن الف ولم أزن فيه شيئا قال الشافعي كان العبد كله للمقر له وان قال وزنت انا شيئا
أيضا في ثمنه سئل عن كيفية الشراء هل كان دفعة أو لا فان قال كان دفعة واحدة سئل عن قدر ذلك فان قال وزنت ألفا أيضا فالعبد بينهما بالسوية وان قال
وزنت الفين فثلثا العبد له والثلث للمقر له وعلى هذ القياس والقول قوله في ذلك مع يمينه سواء كانت القيمة أقل من ذلك أو أكثر فقد يكون غابنا وقد يكون
مغبونا فلا ينظر إلى قيمة العبد خلافا لمالك فإنه قال لو كان العبد يساوي الفين وقد زعم أنه وزن الفين ووزن المقر له ألفا يكون العبد بينهما بالسوية ولا يقبل
قوله أفي وزنت الفين في ثلثيه وقد يعبر عن مذهبه بان للمقر له من العبد ما يساوي ألفا والشافعي وافقنا على ما قلناه وان قال اشتريناه بايجابين وقبولين
ووزن هو في شراء عشرة مثلا ألفا وانا اشتريت تسعة أعشاره بألف قبل لأنه محتمل مع يمينه وسواء وافق قيمته أو لم يوافق وسواء كان الألف أقل ثمنا مما
157

عينه له من الحصة أو أكثر وسواء كان ما عينه لنفسه أزيد أو أقل وان قال أردت به انه اوصى له بألف من ثمنه قبل وبيع ودفع إليه الف من ثمنه وان أراد ان يعطيه ألفا
من غير ثمن العبد لم يكن له ذلك الا برضى المقر له لأنه استحق ألفا من ثمنه فوجب البيع في حقه الا ان يرضى بتركه وان فسره بأنه دفع إليه ليشتري له العبد ففعل فان صدقه
المقر له فالعبد له وان كذبه فقد رد اقراره بالعبد وعليه رد الألف الذي أخذه وان قال أردت انه اقرضني ألفا فصرفته إلى ثمنه قبل ولزمه الألف والخلاف للشافعية
فيما إذا فسره بالرهن آت هنا ولو قال له من هذا العبد ألف درهم فهو كما لو قال له في هذا العبد ولو قال من ثمن هذا العبد فكذلك عند بعض الشافعية ولو قال
له علي درهم في دينار فهو كما لو قال الف في هذا العبد وان أراد بفي مع لزمه الدرهم والدينار معا على اشكال مسألة لو قال له في ميراث أبي الف فهو اقرار على أبيه بدين
وكذا لو قال له من ميراث أبي ولو قال له في ميراثي من أبى أو قال من ميراثي من أبى الف رجع إليه في التفسير لأنه يحتمل انه يريد هبة منه غير لازمة فهو بالخيار بين ان يسلمها أو لا يسلمها
الا ان يريد اقرارا والفرق انه في الصورة الثانية أضاف الميراث إلى نفسه وما يكون له لا يصير لغيره بالاقرار فكان كما لو قال داري أو مالي لفلان وفي الأولى
لم يضف الميراث إلى نفسه فكان مقرا به يتعلق الألف بالتركة واقتضى قوله وجوبها له في الميراث ومع الإضافة إليه لا يحمل ذلك على الوجوب لأنه أضاف الميراث إلى
نفسه ثم جعل له جزءا فكان ذلك هبة لأنه جعل له جزءا من ماله وذلك كما يقول لفلان في هذه الدار نصفها فإنه يكون اقرارا بالنصف وان قال له من داري
نصفها كان ذلك هبة منه لا اقرارا ومنع بعض الشافعية التناقض بين إضافة الميراث إلى نفسه وبين تعلق دين الغير به فان تركة كل مديون مملوكه لورثته على
الصحيح والدين متعلق بها وقال أكثرهم ان الفرق انه إذا قال في ميراث أبي فقد ثبت حق المقر له في التركة وذلك لا يحتمل الا شياء واجبا فان التبرعات التي لا تلزم ترتفع
بالموت ولا تتعلق بالتركة وإذا قال في ميراثي من أبي لقد أضاف التركة إلى نفسه ثم جعل للمقر له شيئا فيها واضافه إليه وذلك قد يكون بطريق لازم وقد يكون على
سبيل التبرع فإذا فسر بالتبرع قبل واعتبر فيه شرطه وقال بعض الشافعية لا فرق بين الصورتين والمشهور الفرق ومثله لو قال له في هذه الدار نصفها
فهو اقرار ولو قال في داري نصفها فهو وعد بهبة واشتهر عن الشافعي انه لو قال له في مالي ألف درهم كان اقرارا ولو قال له من مالي كان وعدا بهبة لا اقرارا والبحث هنا
في موضعين أحدهما ان هذا القول في قوله في مالي يخالف ما قال قبل ذلك في قوله في ميراثي وفي داري والثاني لم فرق بين في ومن إما الأول فللشافعية فيه طريقان
فيما إذا قال له في مالي ألف درهم منهم من قال فيه قولان أحدهما انه وعد بهبة لإضافة المال إلى نفسه والثاني انه اقرار لان قوله له يقتضي الملك وتوعد الهبة لا يصلح
الملك ومنهم من قطع بأنه وعد هبة وحمل ما روى في القول الأخير (الأخر) على خطأ الناسخ وربما أوله على ما إذا اتى بصيغة الالتزام فقال علي في مالي ألف درهم فإنه يكون اقرارا
فإذا أثبتنا الخلاف فعن بعض الشافعية انه يطرد فيما إذا قال في داري نصفها وامتنع من طرده فيما إذا قال في ميراثي من أبي وقال آخرون انه يلزم تخريجه بطريق الأولى
لان قوله في ميراثي من أبي أولي بان يجعل اقرارا من قوله في مالي وفي داري لان التركة مملوكة للورثة مع تعلق الدين بها فيحسن إضافة الميراث إلى نفسه مع الاقرار بالدين
بخلاف المال والدار واما الثاني فمن الشافعية من قال لا فرق ولم يثبت هذا النص وأوله ومنهم من فرق بان في يقتضي كون مال المقر ظرفا لمال المقر له وقوله من مالي يقتضي
الفصل والتبعيض وهو ظاهر في الوعد بأنه يقطع شيئا من ماله له وإذا فرقنا بينهما لزم مثله في الميراث والدار لا محالة والظاهر عندهم عدم الفرق وان الحكم في
قوله في مالي كما قلنا أولي في ميراثي واستبعد الجويني تخريج الخلاف فيما إذا قال له في داري نصفها لأنه إذا أضاف الكل إلى نفسه لم ينتظم منه الاقرار ببعضه كما لا ينتظم
منه الاقرار بكله بان يقول داري لفلان وخصص طريقة الخلاف بما إذا لم يكن المقر به جزءا من مسمى ما اضافه إلى نفسه كقوله في مالي ألف درهم أو في داري ألف درهم
هذا كله إذا لم يذكر كلمة الالتزام فاما إذا ادخلها بان يقول علي ألف درهم في هذا المال أو في مالي أو في ميراثي أو في ميراثي من أبي أو في داري أو في عبدي أو في
هذا العبد فهو اقرار بكل حال والذي تقدم من التفصيل مفروض فيما إذا اقتصر على قوله في هذا العبد ولم يقل على ولو قال له في ميراثي من أبي أو في مالي الف بحق
لزمني وبحق ثابت أو بأمر صحيح وما أشبهه أو قال له في مالي بحق أو في داري نصفها بحق أو له داري هذه بحق لزم ذلك وكان كما لو قال علي يكون اقرار بكل حال لأنه
قد اعترف ان المقر له يستحق ذلك فلزمه واعلم أن قضية قولنا ان قولنا ان قوله على في هذا المال أو في هذا العبد ألف درهم اقرار له بالألف ان يلزمه الألف وان لم يبلغ ذلك
المال ألفا ربما يخطر الخلاف المذكور فيما إذا قال لفلان علي الف في هذا الكيس وكان فيه دون الألف الا ان ظرفية العبد للدراهم ليس كظرفية الكيس لها فيمكن
ان يختلفا في الحكم لكن لو قال في هذا العبد الف من غير كلمة علي وفسره بأنه اوصى له بألف من ثمنه فلم يبلغ ثمنه ألفا فلا ينبغي ان يجب عليه تتمة الألف بحال واعلم أن
بعض العامة قال لو قال له في مالي هذا أو من مالي الف وفسره بدين أو وديعة أو وصية فيه قبل لأنه أقر بألف فقبل كما لو قال في مالي ويجوز ان يضيف إليه مالا
بعضه بغيره ويجوز ان يضيف غير ماله إليه لاختصاص له أو يدله عليه أو ولاية كما قال تعالى ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وقال تعالى لا تخرجوهن من
بيوتهن وقال تعالى وقرن في بيوتكن فلا يبطل اقراره مع احتمال صحته ولو قال أردت هبة قبل منه لأنه محتمل وان امتنع من تقبيضها لم يجبر عليه لان الهبة فيها لا تلزم
قبل القبض وكذا لو قال لفلان في داري هذه نصفها أو من داري نصفها وعن أحمد روايتان ففي إحديهما فيمن قال نصف عبدي هذا لفلان لم يجز له الا أن يقول وهبته
وان قال نصف مالي هذا لفلان لا اعرفه والثانية إذا قال في شئ هذا لفلان فاقراره جايز وقد بينا ان الشافعي قال تارة إذا قال له في مالي ألف درهم كان اقرارا ولو قال
من مالي كان هبة واختلف أصحابه فقال بعضهم انه سهو وفرق بعضهم بين في ميراثي وفي داري لان في مالي يقتضي ان يكون ماله ظرفا فيكون قد امتزجت الف
للمقر له بماله وإذا قال من مالي لم يحتمل ذلك ويفارق الدار لان قوله في داري نصفها بمنزلة قوله من داري
لأنها لا تسمى بعد اخراج النصف دارا ويسمى ما بقي بعد الألف
مالا وبعد هذا كله فالقول الذي سوغ الاقرار بقوله في مالي أو في داري أو من مالي أو من داري أو ملكي هذا لفلان لا بأس به عندي وقد سلف مسألة
لو قال له في هذا العبد شركة صح اقراره وله التفسير بما شاء من قليل فيه وكثير وبأي قدر شاء وقال أبو يوسف يكون اقرارا بنصفه لقوله تعالى فهم شركاء في الثلث
واقتضى ذلك التسوية بينهم كذا هنا وهو غلط لان أي جزء كان له منه فله فيه شركة فكان له تفسيره بما شاء كالنصف وليس اطلاق لفظ الشركة على ما دون النصف
مجازا ولا يخالف الظاهر والتسوية في الآية ثبتت لدليل وكذا الحكم إذا قال هذا العبد بشركة بيننا البحث السادس في تكرير المقر به مع عدم العطف
ومعه وبالاضراب مع عدم السلب ومعه مسألة لو قال له علي درهم درهم درهم لم يلزمه الا درهم واحد لاحتمال إرادة التأكيد بالتكرير وكذا لو كرره
مائة مرة فما زاد ولو قال له علي درهم ودرهم أو ثم درهم لزمه درهمان لان العطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه ولا يصح عطف الشئ على نفسه
ولو قال له علي درهم ودرهم ودرهم لزمه بالأول والثاني درهمان وأما الثالث فان أراد به العطف والمغايرة لزمه ثلاثة لأنه أراد به درهما اخر وان قال ردت
158

به تكرير الثاني وتأكيده قبل ولزمه درهمان لا غير ويصدق باليمين ولو قال أردت به تكرير الأول لم يقبل ويلزمه ثلاثة لان التكرار انما يؤكد به إذا لم يتخلل بينهما فاصل
وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يقبل وكذا الحكم عندهم فيما إذا قال أنت طالق وطالق وطالق فان اطلق ففي الطلاق قولان ينظر في أحدهما إلى صورة
اللفظ وفي الثاني إلى احتمال التكرار وجريان العادة به وفي الاقرار طريقان وقال ابن خيران من الشافعية انه على قولين في الطلاق وقطع الأكثرون منهم بأنه يلزمه
ثلاثة وفرقوا بان دخول التأكيد في الطلاق أكثر منه في الاقرار لأنه يقصد به التخويف والتهديد ولأنه يؤكد بالمصدر فيقال هي طالق طلاقا والاقرار بخلافه وعلى هذا لو كرر عشر مرات
أو أكثر لزمه من الدراهم بعدد ما كرر ولان الواو للعطف والعطف يقتضي المغايرة فوجب ان يكون الثالث غير الثاني كما كان الثاني غير الأول والاقرار لا يقتضي تأكيدا
فوجب حمله على العدد والحق الأول لأنه يحمل على التأكيد ولو قصده وهو أخبر بلفظه ولا شك ان اللفظ محتمل للتأكيد والاقرار فلا يثبت في ذمته بالتجويز والاحتمال
وكذا لو قال له علي درهم ثم درهم ثم درهم فهو كما لو قال درهم ودرهم ودرهم ولو قال درهم ودرهم ثم درهم لزمه ثلاثة قطعا لتغاير لفظتي ثم والواو فلا تصلح للتأكيد
اللفظي مسألة لو قال له علي درهم مع درهم أو معه درهم أو فوق درهم أو فوقه درهم أو تحت درهم أو تحته درهم فالأقرب انه يلزمه درهم واحد لاحتمال ان يكون
المراد مع درهم لي أو فوق درهم لي وأيضا فقد يريد فوقية الجودة وتحتية الرداءة وبه قال أكثر الشافعية ولهم مذهبان آخران أحدهما انه يلزمه درهمان واختلف
هؤلاء منهم من ناسب له قول الشافعي ومنهم من قال إنه مخرج فقيل من الطلاق فإنه لو قال أنت طالق مع طلقة أو فوق طلقة وقعت طلقتان وقيل يخرج مما لو قال
له علي درهم قبل درهم فإنه يلزمه درهمان على ما يأتي وفرقوا بينه وبين الطلاق لان لفظه الصريح موقع فإذا أنشأه عمل عليه والاقرار اخبار عن سابق فإذا كان فيه
احتمال روجع حتى يتبين المراد الثاني قال بعض الشافعية ان قال درهم معه درهم أو فوقه درهم لزمه اثنان لرجوع الكناية إلى الأول الذي لزمه ولو قال درهم عليه درهم
أو على درهم فهو كما لو قال فوقه درهم أو فوق درهم ولو قال علي درهم قبل درهم أو قبله درهم أم بعده درهم روى المزني عن الشافعي انه يلزمه درهمان بخلاف الصورة
السابقة والفرق ان الفوقية والتحتية يرجعان إلى المكان فيتصف بهما نفس الدرهم والقبلية والبعدية يرجعان إلى الزمان ولا يتصف بهما نفس الدرهم فلابد
من أن يرجع إليه التقدم والتأخر وليس ذلك الا الوجوب عليه وفيه قول اخر للشافعية انه لا يلزمه الا درهم لان القبلية والبعدية كما يكونان بالزمان يكونان بالرتبة
وغيرها ثم هب انهما زمانيان فان نفس الدرهم لا يتصف بهما لكن يجوز رجوعهما إلى غير الوجوب بان يريد درهم مضروب بل درهم وما أشبهه سلمنا انهما
راجعان إلى الوجوب لكن يجوز ان يريد لزيد درهم قبل وجوب درهم لعمرو وفيه نظر إذ لو سمع من هذه الاحتمالات لسمع في مثل له عندي درهم ودرهم مع اتفاقهم على
لزوم درهمين وفي المسألة وجه اخر انه ان قال قبله أو بعده درهم لزمه درهمان وان قال قبل درهم أو بعد درهم لم يلزمه الا درهم لاحتمال ان يريد قبل لزوم درهم
أو بعد درهم كان لازما وقال أصحاب الرأي إذا قال فوق درهم لزمه درهمان وإذا قال تحت درهم لزمه واحد لان فوق يقتضي في الظاهر الزيادة وقوله تحت يقتضي ان ظاهر ذلك درهم
وكذا البحث لو قال له علي درهم مع دينار لزمه الدرهم لا غير عندنا وبه قال الشافعي ولو قال له علي دينار قبله قفيز حنطة كان عليه دينار لا غير ولم يكن عليه القفيز
وهذا قول اخر للشافعية واختلفوا فمنهم من قال في المسائل كلها يلزمه درهمان لان قوله فوق وتحت وقبله ومعه يجري مجرى العطف لان ذلك يقبل ضم درهم اخر ومنهم
من قال يلزمه درهم واحد ومنهم من قال إذا قال فوق أو تحت أو مع لزمه واحد وإذا قال قبل وبعد لزمه درهمان وفرقوا بان قبل وبعد لا يحتمل الا التأريخ فصار أحد
الدرهمين مضموما إلى الأخر في الاقرار وفوق وتحت يحمل على الجودة والرداءة ومع تحمل مع درهم لي واما احمد فإنه ذهب إلى أنه يلزمه درهمان في جميع الصور
مسألة إذا قال له علي أو عندي درهم فدرهم ان أراد العطف لزمه درهمان وان لم يرد العطف لم يلزمه الا درهم واحد وبه قال الشافعي مع أنه نص على أنه
إذا قال أنت طالق فطالق انه يقع طلقتان ونقل ابن خير ان الجواب من كل واحد منهما إلى الأخر وجعلهما على قولين للشافعي أحدهما انه يلزمه درهمان ويقع طلقتان
لان الفاء حرف عطف كالواو وثم والثاني انه لا يلزمه الا واحد ولا تقع الا طلقة لان الفاء قد تستعمل لغير العطف فيؤخذ باليقين وذهب الأكثر إلى تقرير النصين
وفرقوا بوجهين أحدهما انه يحتمل في الاقرار ان يريد فدرهم لازم أو فدرهم أجود منه ومثل هذا لا ينقدح في الطلاق والثاني ان الطلاق انشاء والاقرار اخبار
والانشاء أقوى وأسرع نفوذا ولهذا لو أقر اليوم بدرهم وغدا بدرهم لا يلزمه الا درهم ولو تلفظ اليوم بالطلاق ثم تلفظ به غدا وقعت طلقتان وقال أصحاب
الرأي واحمد انه يلزمه درهمان لان الفاء من حروف العطف كالواو والتحقيق عندي انه ان أراد العطف لزمه اثنان لان المعطوف يغائر المعطوف عليه وان لم يرد
العطف لم يلزمه الاثنان قطعا حيث لم يقصد التعدد ولا وجه للاختلاف وان اطلق حمل على ما يفسره وينبغي ان يكون موضع الخلاف الاطلاق لأنه يحتمل كل
واحد منهما لكن الحقيقة العطف أولا ان قلنا العطف لزمه التعدد والا فلا ونقل عن الشافعي انه يلزمه درهمان لأنه إذا قال له على درهم ودرهم لزمه درهمان ولا يمتنع فيه
مثل التقديرات المذكورة في الفاء ولو قال له علي درهم فقفيز حنطة فما الذي يلزمه قيل درهم لا غير لاحتمال إرادة قفيز حنطة خير منه وقيل الدرهم والقفيز ولو
قال بعتك بدرهم فدرهم يكون بايعا بدرهمين لأنه انشاء مسألة لو قال له علي درهم بل درهم لم يلزمه الا درهم واحد لجواز ان يقصد الاستدراك
لزيادة فتذكر انه لا حاجة إليه ولا زيادة عليه فلم يستدرك فيعيد الأول ولو قال له درهم لا بل درهم أو لا درهم فكذلك ولو قال له علي درهم لا بل درهمان أو قفيز حنطة
لا بل قفيزان لم يلزمه الا درهمان والا قفيزان لان بل للاستدراك ولا يمكن المقصود ههنا ففي المذكور أو لا لاشتمال الدرهمين والقفيزين على الدرهم
وعلى القفيز فلم يبق المقصود الا الاقتصار على الواحد واثبات الزيادة عليه قال زفر وداود يلزمه ثلاثة أقفزة وثلاثة دراهم لأنه أقر بقفيز ثم نفاه ثم أثبت
قفيزين ومن أقر بشئ ثم نفاه لم يقبل رجوعه فلزمه القفيز الذي نفاه والقفيزان اللذان أقر بهما أيضا كما لو قال قفيز حنطة لا بل قفيزا شعير والحق انه
يلزمه القفيزان لان قوله قفيزان ليس نفيا للقفيز بل نفيا للاقتصار على واحد واثبات الزيادة عليه وهذا بمنزلة ما إذا قال له قفيز لا بل أكثر فإنه يلزمه
أكثر من قفيز ولا يطالب بأكثر من قفيزين ولا يجوز ان يكون نفيا لان القفيزين الذين أقر بهما يشتملان على القفيز ويخالف هذا إذا قال له علي قفيز حنطة لا
بل قفيزا شعير لأنه نفي الاقرار الأول حيث لم يدخل في الاقرار الثاني وفي صورة النزاع دخل الأول في الثاني فافترقا وقد اورد بعض الشافعية اشكالا وهو
ما إذا قال أنت طالق طلقة بل طلقتين فإنه يقع الثلاث تنبيه هذا الخلاف انما هو مفروض فيما إذا ارسل المقر به ولم يعينه إما لو قال له عندي
هذا القفيز بل هذا القفيز أو بل هذان القفيزان أو هذا الدرهم بل هذان الدرهمان فإنه يلزمه الثلث قطعا لان القفيز المعين لا يدخل في القفيزين المعينين
وكذا لو اختلف جنس الأول والثاني لزماه معا مع الارسال أيضا كما لو قال له علي درهم بل دينار أو بل ديناران أو قفيز حنطة بل قفيز شعير أو قفيزا شعير لعدم دخول
159

الأول في الثاني فهو راجع عن الأول مثبت للثاني والرجوع غير مقبول فالذي أقر به ثانيا يلزمه ولو دخل الأول في الثاني لزمه الزايد فلو قال له علي هذا القفيز بل هذا القفيز وهذا الأخر فإنه يلزمه القفيزان معا لأنه ضم المقر به أولا إلى المقر به ثانيا وأقر بهما معا فلزماه معا ولا يلزمه
هنا ثلاثة قطعا فروع آ لو قال له درهمان بل درهم أو له علي عشرة لا بل تسعة لزمه الدرهمان والعشرة لا الأقل لان الرجوع عن الأكثر لا يقبل الا في الاستثناء
ويدخل الأقل فيه ويخالف ما إذا قال له علي درهم لا بل درهمان لأنه اضرب عن الاقتصار وادخله في اقراره الثاني ويخالف ما إذا قال درهم لا بل قفيز فإنه
يلزمه الجميع لان أحدهما لا يدخل في الأخر وهنا التسعة داخلة في العشرة ويخالف الاستثناء لأنه ليس باضراب بل عشرة الا درهما عبارة عن تسعة فافترقا
ب لو قال له علي درهم بل درهمان بل ثلاثة لزمه ثلاثة لا غير ولو قال له دينار بل ديناران بل قفيز بل قفيزان لزمه ديناران وقفيزان ج لو قال له علي
دينار وديناران بل قفيز وقفيزان لزمه ثلاثة دنانير وثلاثة أقفزة وعلى هذا القياس البحث السابع في تغائر الزمان مسألة إذا قال في يوم السبت
لزيد علي الف ثم أقر له يوم الأحد بألف لم يلزمه الا الألف الواحد والأصل فيه ان تكرير الاقرار للاخبار ولا يلزم من تكرير الخبر تكرير المخبر عنه فقد يخبر عن الشئ
الواحد اشخاص متعددة باخبارات متعددة أو مخبر واحد باخبارات كثيرة ولهذا يحتمل فيه الابهام ولو كان انشاء لما احتمل فتعدد الخبر لا يقتضي تعدد
المخبر عنه فيجمع الا إذا عرض ما يمنع الجمع والتنزيل على واحد فحينئذ يحكم بالمغايرة إما مع عدم المانع من الجمع فإنه يجمع ويكون الخبران عبارتان عن مخبر واحد لأصالة
البراءة واما لو اعترف بان الاقرار الثاني عبارة عن شئ مغاير لما أقر به أو لا فإنه يحكم بالتعدد وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد واحمد لان
الاقرار اخبار على ما بيناه فإذا أقر ثم أقر بذلك احتمل ان يكون الثاني هو الأول وأن يكون غيره فكان المرجع إليه ولا يلزمه لشك وقال أبو حنيفة يلزمه درهمان
واختلف أصحابه منهم من قال لا فرق بين المجلس الواحد والمجلسين ومنهم من فرق بين المجلسين والمجلس الواحد الا انهم لا يختلفون انه إذا قال درهم درهم موصولا أنه يكون
درهما واحدا وكذلك إذا سمع شاهدان اقراره بألف ثم رفع إلى الحاكم فاقر بألف فقال المدعي لي بينة باقراره بألف وهي أخرى وقال المقر هي واحدة لم تسمع
البينة وكذلك إذا أقر بما في كتاب عند جماعة فهو اقرار لأنه إذا أقر ثم أقر ولم يعرف الأول بالألف واللام فالظاهر أنه اقرار اخر فلزمه ذلك وهذا يبطل بما إذا وصل
كلامه وبما إذا أقر به عند الحاكم ولان التعريف انما يكون عند من له عهد به وقد يقر عند من لم يسمع الأول وقد يترك التعريف ولا يمنع ذلك صحة كلامه
فلم يكن تركه التعريف يوجب عليه مالا آخر واعلم أنه لا فرق عندنا بين ان يكون الاقراران في مجلس واحد أو مجلسين فما زاد وسواء كتب به صكا واشهد عليه شهودا
أو على التعاقب بان كتب صكا بألف واشهد عليه ثم كتب صكا اخر بألف واشهد عليه خلافا لأبي حنيفة فيما إذا كتب صكين اشهد عليهما أو فيما إذا أقر في
مجلسين ومن أصحابه من لا يفرق بين المجلس والمجلسين مسألة لو أقر باقرارين مختلفين بالعدد في مجلس واحد أو في مجلسين دخل الأقل في الأكثر سواء تقدم
الأقل أو تأخر فلو أقر في أحد اليومين بألف وفي الأخر بخمس مائة لزمه الألف خاصة ودخل الاقرار بالخمس مائة تحت الاقرار بالألف عندنا وعند الشافعي ولو أقر مرة بالعربية
واخرى بالعجمية لم يلزمه الا واحد ولا اعتبار باختلاف اللغات والعبارات فقد يعبر عن الشئ الواحد ويخبر عن المخبر الواحد باخبارات متعددة وألفاظ
مختلفة والمخبر عنه واحد في نفسه غير متعدد مسألة لو لم يمكن الجمع بين الاقرارين في عين واحدة ومخبر عنه واحد تعدد الحق وتغاير كما لو أضاف إلى
شيئين مختلفين فقال يوم السبت له علي الف من ثمن عبد ثم قال يوم الأحد له علي الف من ثمن جارية أو وصف كل واحد من المقر به بوصف مخالف مضاد للوصف
الأخر كما إذا قال يوم السبت له علي الف من صحاح الدراهم وقال يوم الأحد له علي ألف درهم من مكسر الدراهم لزمه الألفان في الصورتين معا لتغاير ثمن العبد وثمن الجارية
وصحيح الدراهم ومكسرها وكذا يتعدد لو قال قبضت منه يوم السبت ألف درهم ثم قال قبضت منه يوم الأحد ألف درهم لزمه الألفان لتغاير القبضين ويلزم
منه تغاير المقبوضين إذ لا يمكن تعدد القبض في الشئ الواحد الا مع الدفع إلى المقر له ولكن ذلك دعوى غير مسموعة الا بالبينة ولو قال طلقتها يوم السبت
طلقة ثم قال طلقتها يوم الأحد طلقة حكم عليه بوقوع طلقتين ولو قال يوم السبت طلقتها طلقة وقال يوم الأحد طلقتها طلقة لم يلزمه الا طلقة وكذا لو قال
يوم السبت طلقتها طلقة ثم قال ويوم الاحد تطليقتين لم يلزمه الا طلقتان إما لو وصف الدراهم بصفة في أحد الاقرارين وأطلق في الأخر أو أضاف أحد الاقرارين
إلى سبب وأطلق في الآخر نزل المطلق على المضاف ولم يجب التعدد لامكان الجمع له والأصل براءة الذمة وكذا لو قامت البينة على اقرارين بتأريخين يجمع بينهما لان
تكرير الاشهاد وتكرير الصك لا تأثير له لان الحجة على الاقرارين لا تفيد الا ثبوت الاقرارين وقد تقدم ان تعدد الاقرار لا يوجب تعدد المقر به مسألة لو شهد
شاهد على أنه أقر يوم السبت بألف أو بغصب ثوب وشهد شاهد آخر على أنه أقر يوم الأحد بألف أو بغصب ذلك الثوب يثبت الألف والغصب بتلفيق الشهادتين
لان الاقرار لا يوجب حقا بنفسه وانما هو اخبار عن شئ سابق فينظر إلى المخبر عنه والى اتفاقهما على الاخبار عنه وكذا لو شهد أحدهما على اقراره بألف بالعربية
والاخر على اقراره بالفارسية ولو شهد أحدهما على الإدانة والاخر على الاقرار بها لم يثبت الدين سواء اتفق الزمان أو اختلف وكذا لو شهد أحدهما انه وكل أو
طلق يوم السبت وشهد الأخر انه وكل أو طلق يوم الأحد أو شهد أحدهما على أنه وكل أو طلق يوم السبت والاخر على أنه أقر بالوكالة أو بالطلاق يوم السبت أو الاحد لم يثبت بشهادتهما شئ ء لأنهما
لم يتفقا على شئ واحد وليس هو اخبارا حتى ينظر إلى المقصود المخبر عنه واعلم أن بعض الشافعية لم يفرق بين الاقرارين والانشائين فكما لا يقبل إذا شهد
أحدهما على انشاء الطلاق أو الوكالة يوم السبت وشهد الأخر على انشائهما يوم الأحد كذا لا يقبل لو شهد أحدهما على أنه أقر يوم السبت وشهد الأخر على أنه أقر يوم الأحد
لان الشاهدين لم يشهدا على شئ واحد بل شهد هذا على اقرار وذلك على اقرار اخر والمقصود من اشتراط العدد في الشهادة زيادة التوثق والاستظهار
فإذا شهد كل واحد على شئ لم يحصل هذا المقصود فالمتجه ان لا يحكم بقولهما وبعض الشافعية اجرى الانشاءات مجرى الاقرارات فكما يقبل شهادة أحدهما
بالاقرار يوم السبت مع شهادة الأخر بالاقرار يوم الأحد يقبل لو شهد أحدهما بانشاء الطلاق مثلا يوم السبت والاخر بانشائه يوم الأحد وكلاهما غلط إما الأول
فلان أحد الشاهدين إذا شهد بالاقرار يوم السبت فقد شهد بثبوت حق في ذمته وإذا شهد الأخر بالاقرار يوم الأحد فقد شهد بثبوت حق في ذمته فحصل
الاتفاق بينهما على شئ واحد والاجتماع لا يفيد زيادة في هذا المشترك وصار كما لو اطلقا الشهادة بالاقرار أو من غير تعيين الزمان ولا يتأتى هذا في الانشاء
لان من طلق اليوم ثم طلق غدا والمراة رجعية فزعم أنه أراد طلقة واحدة لم يقبل منه خصوصا عند من لا يشترط الرجعة كالعامة بأسرهم فكيف يجمع بين شهادة
شاهد على طلاق اليوم وشهادة اخر على طلاق غد وكذا باقي الانشاءات والافعال كالقتل والغصب وغيرهما على أنه لا تخلو هذه الشهادة في كثير من المواضع من
المتضاد والتنافي فان شهادة قتل يوم السبت تنافي شهادة قتل يوم الأحد بخلاف الاقرارين واما الثاني فلما مر من التغاير بين الانشائين ولو شهد أحدهما
160

على أنه قذفه يوم السبت أو بالعربية قذفه والاخر انه قذفه يوم الأحد أو بالفارسية لم يثبت بشهادتهما شئ ولو شهد أحدهما على اقراره بأنه قذفه يوم السبت أو بالعربية
قذفه والثاني على اقراره بأنه قذفه يوم الأحد قذفه أو بالعجمية قذفه فلا يلفق بين الشهادتين أيضا لان المقر به شيئان مختلفان مسألة لو شهد أحدهما
عليه بألف من ثمن مبيع وشهد الأخر بألف من قرض أو شهد أحدهما بألف استقرضه يوم السبت والاخر بألف استقرضه يوم الأحد لم يثبت بشهادتهما شئ
الا ان للمدعي ان يعين أحدهما ويستأنف الدعوى عليه ويحلف مع الذي شهد به وله ان يدعيهما ويحلف مع كل واحد من الشاهدين وإن كانت الشهادتان
على الاقرار بان شهد أحدهما على أنه أقر بألف من ثمن مبيع وشهد الثاني على اقراره بألف من قرض فالأقرب انه لا يثبت الألف بهذه الشهادة وهو أظهر وجهي
الشافعية وبنوا الوجهين هنا على الوجهين فيما إذا ادعى عليه ألفا من ثمن مبيع فقال المدعى عليه لك علي الف ولكن عن قرض فهل يحل للمدعي اخذ الألف لاتفاقهما
عليه أو يحرم لاختلافهما في الجهة ان قلنا إن اختلاف الجهة يمنع الاخذ لم تثبت الألف والا ثبتت ولو ادعى ألفا فشهد أحد الشاهدين على أنه ضمن ألفا والثاني
على أنه ضمن خمس مائة ففي ثبوت خمس مائة اشكال للشافعي قولان وهو أحد أقسام الانشاءات وقد سبق البحث فيها ولو شهد أحد شاهدي المدعى عليه ان
المدعي استوفي الدين والثاني على أنه ابراءه فلا تلفيق على الأقوى وله ان يحلف مع أيهما شاء فلو شهد الثاني على أنه برئ إليه منه احتمل التلفيق لان إضافة البراءة
إلى المديون عبارة عن ايفاءه وهو أحد وجهي الشافعية مسألة لو ادعى على رجل الفين وشهد له شاهد بالفين وشهد له اخر بألف ثبتت الألف
بشهادتهما لاتفاقهما عليها وله ان يحلف مع الذي شهد بالفين فيأخذهما معا وكذا لو كانت الشهادتان على الاقرار هذا إذا لم يختلفا في الشهادة إما لو اختلفا
بان أضاف كل منهما ما شهد به إلى سبب غير الأخر مثل أن يقول أحدهما من ثمن عبد ويقول الأخر من ثمن جارية فإنه لا تلفيق ولا اتفاق ولا تقوم البينة بأحدهما
لأنهما مختلفان ويحلف مع كل واحد منهما ويستحق ما شهد به وكذا لو اختلفا في صفتها فقال أحدهما من ضرب كذا والاخر من ضرب اخر أو قال أحدهما حالة
وقال الآخر مؤجلة أو شهد أحدهما انه أقر عنده انها لزمته في شعبان وشهد الأخر انه أقر انها لزمته في شهر رمضان واما إذا أضاف الشاهدان الشهادة إلى سبب
واحد فقال كل واحد منهما من ثمن عبد أو اطلقا ولم يضيفا إلى سبب أو اطلق أحدهما وأضاف الأخر فان في هذه المسائل الثلاث تقوم البينة بألف واحدة ويحلف
للأخرى وبه قال الشافعي ومالك وقال أصحاب الرأي لا يثبت شئ من ذلك لان الشهادتين اختلفتا لفظا ومعنى كما لو أضافا ذلك إلى سببين مختلفين وهو غلط
لأنهما ما لان من نوع واحد غير مضافين إلى سببين مختلفين فإذا شهد بهما اثنان ثبت الأقل منهما كما لو شهد أحدهما بألف والاخر بألف وخمسمائة فان أبا حنيفة
سلم انه إذا شهد أحدهما بألف والاخر بألف وخمس مائة تثبت الألف ولو شهد أحدهما بعشرين والاخر بثلاثين ثبتت العشرون بشهادتهما كالالف والألفين على اشكال
ويحتمل عدم الثبوت لان لفظ الثلاثين لا يشتمل على لفظ العشرين ولفظ الألفين يشتمل على الألف فربما سمع أحد الشاهدين الألف وغفل عن اخره وللشافعية
وجهان مسألة لو ادعى ألفا فشهد له شاهد بألف واخر بالفين فالثاني قد شهد بالزيادة قبل ان يستشهد فيكون متبرعا تبطل شهادته بالزيادة
خاصة ويحتمل بطلانها في الجميع لأنه متبرع بهذه الشهادة وهي شهادة واحدة وقد ردت بخلاف ما لو قال اشهد له بألف وألف أخرى فإنه ترد شهادته
بالألف الأخرى خاصة وعلى التقديرين لا يصير مجروحا بهذه الزيادة وهي أحد وجهي الشافعية والثاني انه
يصير مجروحا وإذا لم يصير مجروحا عندهم فالشهادة
بالزيادة مردودة وفي المدعي قولان أحدهما انها ترد لان الشهادة لا تتبعض فإذا ردت في البعض ردت مطلقا وقال بعضهم لا ترد وتثبت الألف خاصة
والتبعيض مخصوص بما إذا اشتملت الزيادة على ما يقتضي الرد كما إذا شهد لنفسه ولغيره واما إذا زاد على المدعي فقوله في الزيادة ليس بشهادة بل هو كما لو أتى بلفظ
الشهادة في غير مجلس الحكم وعلى تقدير قولهم بالجرح فان المدعي يحلف مع شاهد الألف ويأخذها وقال الجويني انه على هذا الوجه انما يصير مجروحا في الزيادة فاما الألف
المدعاة فلا جرح في الشهادة عليه لكن إذا ردت الشهادة في الزائد كانت الشهادة في المدعي على قولي التبعيض فإن لم نبعضها فلو أعاد الشهادة بالألف قبلت
لموافقتها الدعوى فهل يحتاج إلى إعادة الدعوى قال فيه وجهان أظهرهما المنع البحث الثامن في لواحق هذا الفصل مسألة المقر به المجهول
قد يمكن استعلامه من غير رجوع إلى تفسير المقر بان يحيله على معرف وفيه قسمان أحدهما لو قال له علي من الدراهم بقدر وزن هذه الصبخة أو بالعدد المكتوب
في كتاب كذا أو بقدر ما باع به فلان عبده أو بقدر ما في يدي من الدراهم وما أشبه ذلك رجع إلى ما أحال عليه والثاني ان يذكر ما يمكن استخراجه بالحساب
وهو قسمان آ ما اشتمل على العطف مثل أن يقول لزيد علي مائة درهم ونصف ما لعمرو علي ولعمرو علي مائة ونصف ما لزيد فطريق معرفته بالجبر والمقابلة ان تفرض
ما لزيد شيئا فتقول ما لزيد شئ ولعمرو مائة ونصف شئ لأنه نصف ما لزيد فلزيد حينئذ مائة وخمسون وربع شئ تعدل شيئا تسقط من الشئ ربع شئ مقابلة الربع
بقي مائة وخمسون تعدل ثلاثة أرباع شئ فالربع خمس والشئ مائتان فلزيد عليه مائتان وكذا لعمرو عليه مائتان ولو قال لزيد علي مائة وثلث ما لعمرو وعلى
مائة وثلث ما لزيد فلكل منهما عليه مائة وخمسون لان لزيد شيئا ولعمرو مائة وثلث شئ فلزيد مائة وثلث مائة وتسع شئ يعدل شيئا فيسقط تسع شئ
بمثله شئ ويبقى مائة ثلث مائة تعدل ثمانية اتساع شئ فالشئ مائة وخمسون ولو قال لزيد علي مال ونصف ما لعمرو ولعمرو علي مال ونصف ما لزيد
فلكل من زيد وعمرو عليه أربعة لان لزيد شيئا ولعمرو مال ونصف شئ فلزيد مال ونصف مال وربع شئ يعدل شيئا تسقط ربع شئ بربع شئ يبقى مال
ونصف مال يعدل ثلاثة أرباع شئ فالشئ مالان ولكل مال نصف مسألة لو قال لزيد علي عشرة ونصف ما لعمرو ولعمرو علي عشرة وثلث ما لزيد
نفرض ما لزيد شيئا فلعمرو عشرة وثلث شئ فلزيد خمسة عشر وسدس شئ يعدل شيئا نسقط السدس بمثله يبقى خمسة عشر تعدل خمسة أسداس شئ
فالشئ ثمانية عشر هي مال زيد ولعمرو ستة عشر ولو قال لزيد ستة ونصف ما لعمرو ولعمرو اثنى عشر ونصف ما لزيد فلزيد ستة عشر ولعمرو عشرون لأنا نفرض ما لزيد شيئا فلعمرو اثنى عشر ونصف شئ أو لزيد اثنى عشر وربع شئ يعدل شيئا نسقط
ربع شئ بمثله يبقى اثنا عشر يعدل ثلاثة أرباع شئ فالشئ ستة عشر ولعمرو اثنى عشر وثمانية هي نصف ما لزيد فلعمرو عشرون ولو قال لزيد ستة ونصف ما لعمرو
ولعمرو اثنى عشر وثلث ما لزيد فلزيد أربعة عشر وخمسان ولعمرو ستة عشر وأربعة أخماس لأنا نفرض ما لزيد شيئا فلعمرو اثنا عشر وثلث شئ فلزيد اثنى عشر وسدس
شئ يعدل شيئا نسقط سدس شئ من الشئ يبقى اثنى عشر يعدل خمسة أسداس شئ فالشئ أربعة عشر وخمسان ولعمرو اثنى عشر وثلث أربعة عشر وخمسان
وهو أربعة وأربعة أخماس فيكمل لعمرو ستة عشر وأربعة أخماس ب ما اشتمل على الاستثناء مسألة إذا قال لزيد علي ستة الا نصف ما لبكر ولبكر ستة الا نصف ما لزيد نفرض ما لزيد شيئا
فلبكر ستة الا نصف شئ فلزيد ستة الا ثلاثة تعدل ثلاثة أرباع شئ لأنك تسقط الربع في مقابلة الربع المستثنى فإذا جبرت وقابلت صارت ستة تعدل ثلاثة
161

وثلاثة أرباع شئ فإذ أسقطت ثلاثة بمثلها بقي ثلثه تعدل ثلاثة أرباع شئ فالشئ أربعة فلكل منهما أربعة ولو قال لزيد عشره الا نصف ما لبكر ولبكر عشرة الا ثلث ما لزيد فلزمه شئ ولبكر عشرة الا ثلث
شئ فلزيد عشرة الا خمسة تعدل خمسة أسداس شئ فإذا جبرت وقابلت صارت عشرة تعدل خمسة وخمسة أسداس شئ فإذا أسقطت خمسة بمثلها بقي خمسة تعدل
خمسة أسداس شئ فالشئ يعدل ستة فهي لزيد ولبكر ثمانية ولو قال لزيد عشرة الا ثلث ما لبكر ولبكر خمسة عشر الا نصف ما لزيد فلزيد شئ ولبكر خمسة عشر
الا نصف شئ فلزيد عشرة وسدس شئ الا خمسة تعدل شيئا يسقط السدس بمثله يبقى خمسة تعدل خمسة أسداس شئ فالشئ يعدل ستة لزيد ولبكر اثنى عشر
واعلم أن الأقسام الممكنة في العطف منفردا أو الاستثناء منفردا ثمانية إما في العطف فأربعة آ ان يتفق المال فيهما والعطف فيهما ب ان يتفق المال
فيهما ويختلف العطف فيهما ج ان يختلف المال فيهما ويتفق العطف فيهما د ان يختلف المال فيهما والعطف فيهما واما في الاستثناء فأربعة أيضا آ ان
يتفق المال فيهما والاستثناء فيهما ب ان يتفق المال فيهما ويختلف الاستثناء ج ان يختلف المال فيهما ويتفق الاستثناء د ان يختلف المال فيهما والاستثناء
فيهما واعلم أنه قد يكون في أحدهما الاستثناء وفي الأخر العطف كما إذا قال لزيد علي الف ونصف ما لبكر ولبكر علي الف الا نصف ما لزيد فلزيد الف مائتان
ولبكر أربع مائة لأنا نجعل ما لزيد شيئا فلبكر الف الا نصف شئ فلزيد الف وخمسمائة الا ربع شئ تعدل شيئا كاملا فألف وخمسمائة كملا تعدل شيئا وربع شئ
فالشئ الف ومائتان هي لزيد ولبكر الف الا نصف ما لزيد ونصفه ستة مائة يبقى له أربع مائة مسألة واعلم أنه إذا اجتمع العطف في أحدهما والاستثناء في
الأخر يتفق المال وقد يختلف ومع الاتفاق قد يتفق العطف والاستثناء وقد يختلف وكذا مع الاختلاف وعلى كل تقدير فقد يقع الاستثناء في الأول
والعطف في الثاني وبالعكس فعليك باستخراج ذلك كله فإنه سهل بعد ما أعطيناك من القانون مسألة واعلم أنه قد يزيد الاقرار على اثنين وحكمه كما
تقدم فلو قال لزيد علي ستون مثقالا ونصف ما لعمرو والتقدير على سبيل التسهيل ان المثقال يساوي ثلاثة وعشرين درهما كما في زماننا ثم قال ولعمرو عندي
ستون وثلث ما لبكر ولبكر ستون وربع ما لزيد فلزيد شئ ولبكر ستون وربع شئ ولعمرو ثمانون مثقالا وثلث ربع شئ فلزيد مائة وسدس ربع شئ
يعدل شيئا يسقط سدس ربع شئ بسدس ربع شئ يبقى مائة يعدل ثلاثة أرباع شئ وخمسة أسداس ربع شئ فالشئ أربعة وعشرون فمائة مثقال تعدل ثلاثة
وعشرين جزءا من أربعة وعشرين فإذا بسطت مائة مثقال على ثلاثة وعشرين جزءا كان نصيب الجزء أربعة مثاقيل وثمانية دراهم مسألة إذا قال لزيد علي ألف درهم الا نصف ما لبكر ولبكر علي الف الا ثلث ما لزيد فلعمرو ذلك
طرق آ ان نجعل لزيد شيئا ونقول لبكر الف الا ثلث شئ فنأخذ نصفه وهو خمسمائة الا سدس شئ ونسقطه من الألف يبقى خمسمائة وسدس شئ وذلك يعدل
شيئا المفروض لزيد لأنه جعل له ألفا الا نصف ما لبكر فيسقط سدس شئ بسدس شئ يبقى خمسة أسداس شئ في مقابلة خمس مائة فيكون الشئ التام ستمائة
وهو ما لزيد وإذا أخذت ثلثها مائتين وأسقطته من الألف يبقى ثمان مائة وهو ما أقر به لبكر ب ان يجعل لزيد ثلاثة أشياء لاستثنائه الثلث منه ونسقط ثلثها
من الألف المضاف إلى الاثنين فيكون لهما الف ناقص شئ ثم نأخذ نصفه وهو خمس مائة ناقصة بنصف شئ ونزيد على ما فرضناه لزيد وهو ثلاثة أشياء يكون خمسمائة
وشيئين ونصف شئ وذلك يعدل ألف درهم يسقط خمسمائة بخمسمائة يبقى خمسمائة في مقابلة شيئين ونصف شئ فيكون الشئ مائتين وقد كان ثلاثة أشياء فهي
اذن ستمائة ح ان نقول استثنى من أحد الاقرارين النصف ومن الأخر الثلث فنضرب مخرج أحدهما في مخرج الأخر يكون ستة ثم ننظر في الجزء المستثنى من الاقرارين
وكلاهما واحد فنضرب واحدا في واحد يكون واحدا ننقصه من الستة تبقى خمسة فنحفظها ونسميها المقسوم عليه ثم نضرب ما يبقى من مخرج كل واحد من الجزئين
بعد اسقاطه في مخرج الثاني وذلك بان نضرب ما يبقى من مخرج النصف بعد النصف وهو واحد في مخرج الثلث وهو ثلاثة يحصل ثلاثة نضربها في الألف
المذكورة في الاقرار بكون ثلاثة آلاف نقسمها على العدد المقسوم عليه وهو خمسة يخرج نصيب الواحد ستمائة فهي ما لزيد ونضرب ما يبقى من مخرج الثلث بعد الثلث وهو اثنان في مخرج النصف وهو اثنان
يكون أربعة نضربها في الألف يكون أربعة آلاف نقسمها على الخمسة يخرج من القسمة ثمان مائة وهي ما لبكر ولو قال لزيد علي عشرة الا ثلثي ما لعمرو ولعمرو عشرة
الا ثلاثة أرباع ما لزيد نضرب المخرج في المخرج يحصل اثنى عشر ثم نضرب أحد الجزئين في الثاني وهو اثنان في ثلاثة يكون ستة نسقطها من اثنى عشر يبقى ستة ثم نضرب
الباقي من مخرج الثلث بعد اخراج الثلثين وهو واحد في أربعة يكون أربعة نضربها في العشرة المذكورة في الاقرار يكون أربعين نقسمها على الستة يكون ستة وثلاثين
وذلك ما أقر به لزيد ثم نضرب واحدا وهو الباقي من مخرج الربع بعد اخراج الأرباع الثلاثة تكون ثلاثة نضربها في العشرة تكون ثلثين نقسمها على الستة تكون خمسة وهي ما أقر به
لعمرو والطريقان الأولان يجريان في أمثال هذه الصور بأسرها واما الطريق الثالث فإنه لا يطرد فيما إذا اختلف المبلغ المذكور في الاقرارين وإذا تكثرت الاقرارات
احتاج إلى تطويل ليس هذا موضعه كما لو قال لزيد عشرة الا (نصف ما لعمرو ولعمرو الا) ثلث ما لبكر ولبكر عشرة الا ربع ما لزيد ولو قال لزيد علي عشرة الا نصف ما لعمرو ولعمرو ستة الا ربع
ما لزيد يكون مقرا لزيد بثمانية ولعمرو بأربعة ولو قال لزيد علي عشرة الا نصف ما لعمرو ولعمرو عشرة الا ربع ما لزيد يكون مقرا لزيد بخمسة وخمسة أسباع ولعمرو
بثمانية وأربع أسباع وقد يتصور صدور كل اقرار من شخص بان يدعي ما لا على زيد وعلى عمرو فيقول زيد لك علي عشرة الا نصف ما لك على لعمرو وعشرة الا *) نصف مالك على عمرو ويقول عمرو
لك علي عشرة الا ثلث ما لك على زيد وطريق الحساب ما تقدم مسألة لو أقر لزيد بجميع ما في يده أو بجميع ما ينسب إليه أو يعرف به صح الاقرار فلو تنازع المقر
والمقر له في شئ هل كان في يد المقر وقت الاقرار أو لا فالقول قول المقر وعلى المقر له البينة لأصالة الاستصحاب وقضاء اليد بالملكية وعدم سبق النسبة
على الاقرار ولو قال ليس لي مما في يدي سوي الف صح الاقرار وعمل بمقتضاه ولو قال لا حق لي في شئ مما في يد فلان ثم ادعى شيئا منه وقال لم اعلم كونه في يده يوم الاقرار
صدق بيمينه ولو قال لزيد علي درهم أو دينار لزمه أحدهما وطولب بالتعيين وقال بعض الشافعية لا يلزمه شئ وهو خطأ ولو قال علي الف أو على زيد أو
على عمرو ولم يلزمه شئ وكذا لو قال على سبيل الاقرار أنت طالق أو لا وان ذكره في معرض الانشاء طلقت كما لو قال أنت طالق طلاقا لا يقع عليك ولو كان في يده
عبد وجارية فقال أحد هذين لفلان صح الاقرار وطولب بالتعيين فان قال له العبد نظرت في المقر له فان صدقه سلم العبد إليه وان قال لي الجارية دون العبد
كان القول قول المقر مع يمينه في الجارية واما العبد فقد رد اقراره وفيه وجهان أحدهما يقر في يده والثاني ينزعه الحاكم فيكون في يده مسألة لو قال غصبت
هذا العبد من أحد هذين صح هذا الاقرار وبه قال الشافعي لان الاقرار بالمجهول يصح كذا يصح الاقرار لمجهول ثم يطالب بالبيان فان قال لا اعرف عينه فان صدقاه
على ذلك انتزع العبد من يده وكانا خصمين فيه وان كذباه وادعى كل واحد منهما انه يعلم أنه غصبه منه كان القول قوله مع يمينه لأنه اعلم بما يعلمه فإذا حلف انتزع
منه وكانا خصمين فيه فان نكل حلف المدعي وكان بمنزلة الاقرار له إذا ثبت هذا فإذا كانا خصمين فيه فليس لأحدهما عليه يد فان أقام أحدهما البينة
162

حكم له به وان أقام كل واحد منهما بينة تعارضت البينتان وان لم يكن لكل واحد منهما بينة حلف كل واحد منهما وقسم أو وقف حتى يصطلحا وان حلف أحدهما
ونكل الأخر حكم به للحالف هذا إذا لم يبين فاما إذا بين فقال هو لهذا فإنه يكون له ولا يغرم للاخر قولا واحدا لأنه لم يقر به للاخر بخلاف قوله هذا لزيد لا
بل لعمرو فان قال الآخر حلفوه انه ليس لي فان قلنا إنه لو عاد فاقر للاخر لم يغرم له لم يحلفه لأنه إذا نكل لم يلزمه شئ وان قلنا يغرم عرضنا عليه اليمين فان حلف
سقطت الدعوى وان نكل حلف المدعي وغرم مسألة لو كان معه عشرة أعبد فقال هؤلاء العبيد لفلان الا واحدا صح الاستثناء لان الاقرار
بالمجهول صحيح وكذا الاستثناء لان مقتضاه تجهيل المقر به وهو غير قادح في الاقرار ثم يطالب بالبيان فان عين الاستثناء في واحد صح تعيينه وكان القول
قوله فان عين الواحد الذي استثناه كان الباقي للمقر له ولو عين ما للمقر به جاز وكان الواحد الفاضل له فان خالفه المقر له وقال ليس هذا الذي استثنيته
كان القول قول المقر مع يمينه لان ذلك بيان لاقراره وهو اعلم بما أقر به واستثناه فان هلك منها تسعة وبقي واحد فالوجه انه يقبل لو عين الاستثناء
في الباقي وهو أصح وجهي الشافعية لان التفسير يعتبر وقت الاقرار وتفسيره لا يرفع جميع المقر به وانما تعذر تسليم المقر به إليهم لا لمعنى يرجع إلى التفسير وجرى ذلك
مجرى ما لو قال هؤلاء العبيد لفلان الا غانما ثم مات الكل الا غانما كان غانم للمقر ولم يبطل ذلك اقراره كذا هنا والثاني لهم لا يقبل منه ان يدعي انه له لان
تفسيره بذلك يؤدي إلى أن لا يجعل للمقر له شيئا مسألة إذا أقر بمال لزيد لزمه وكان مؤاخذا باقراره وهو المشهور من مذهب الشافعي عملا بمقتضى الاقرار وقال
بعض الشافعية انه لا يلزمه حتى يسأل المقر عن سبب اللزوم لان الأصل براءة الذمة والاقرار ليس موجبا في نفسه وأسباب الوجوب يختلف فيها بين العلماء فربما توهم
ما ليس بموجب موجبا وهذا كما أن الجرح المطلق لا يقبل وكما لو أقر بان فلانا وارثه لا يقبل حتى يبين جهة
الوراثة ولو قال علي ألف درهم والا لفلان علي ألف دينار
لزمه هذا للتأكيد ولو قال وهبت منك كذا وخرجت منه إليك لم يكن مقرا بالجواز ان يريد بالخروج منه الهبة وقال القفال أنه يكون مقرا بالقبض لأنه نسب
إلى نفسه ما يشعر بالاقباض بعد العقد المفروغ عنه ولو قال وهبته ثم قال لم اقبضه سمع منه ذلك وكان دعوى ترك الاقباض مسموعة لان الهبة لا تستلزم
الاقباض لكن لا يلزم الا به وكذا الرهن والوقف وكل ما يشترط فيه القبض ولو قال وهبته وملكته ثم ادعى نفي الاقباض لم يسمع منه لان الهبة انما تملك بالقبض الا ان
يعتقد مذهب مالك فتسمع منه هذه الدعوى لأنه يعتقد الملكية بالهبة المجردة عن الاقباض مسألة لو أقر الأب بعين ماله لولده لم يكن له الرجوع
في اقراره فان رجع لم يقبل منه لان الأصل بقاء الملك للمقر له وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم له الرجوع لأنه لا يمكن ان يكون مستند اقراره ما يمنع الرجوع
ويمكن ان يكون مستنده ما لا يمنع كالهبة فيثبت له الرجوع تنزيلا للاقرار على أضعف الملكين وادنى السببين
كما ينزل على أقل المقدارين وقال آخرون ان أقر بانتقال الملك منه إلى الابن فإنه يثبت له الرجوع وان أقر بالملك المطلق لم يكن له الرجوع ولو أقر في وثيقة بأنه لا
دعوى له على فلان ولا طلبة بوجه من الوجوه ولا سبب من الأسباب ثم قال انما أردت في عمامته أو في قميصه لا في داره وبستانه قال بعض الشافعية انه يقبل بمقتضى
القياس لان غايته تخصيص عمومه وهو محتمل ويشكل بما إذا قال كل هذه الدراهم لزيد ثم قال لم أرد هذا الدرهم منها الفصل الرابع في تعقيب
الاقرار بما يرفعه وفيه بحثان الأول في الاستثناء مسألة الاستثناء جائز في الاقرار وغيره والأصل فيه قوله تعالى فسجد الملائكة كلهم
أجمعون الا إبليس وقوله تعالى فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما وهو كثير في القرآن والسنة ولسان العرب بشرط اتصاله بالمستثنى منه وعدم استغراقه له
فان سكت بعد الاقرار طويلا أو شرع في كلام أجنبي عما هو بصدده ثم استثنى لم يصح والرواية عن ابن عباس متأولة وكذا قوله (ع) إن شاء الله ولو كان الاستثناء
مستغرقا بطل فلو قال له علي عشرة الا عشرة كان الاستثناء لغوا وتثبت العشرة لبطلان الاستثناء في لغة العرب وعدم انتظامه بين أرباب اللسان والأصل
فيه انه رجوع وابطال لما أقر به لا بالكلية فكان باطلا وقواعد الاستثناء خمس آ حكم الاستثناء والمستثنى منه متناقضان فالاستثناء من النفي اثبات وبالعكس ب
الاستثناء المتكرر مع حرف العطف يعود إلى المستثنى منه ولو خلا عن حرف العطف فان زاد الثاني على الأول أو ساواه عادا معا إلى المستثنى منه كما في العطف
وان نقص عنه كان الاستثناء الثاني عايدا إلى الاستثناء الأول والاستثناء الأول إلى المستثنى منه وتناقضا ج إذا ورد الاستثناء عقيب جمل متعددة معطوف بعضها
على البعض فالأقوى عود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة الا مع القرينة د الاستثناء من الجنس جايز اجماعا ومن غيره جايز على الأقوى ه‍ الاستثناء المستوعب
والزايد باطل اجماعا واما الأقل فإنه جايز سواء زاد المستثنى على الباقي أو ساواه أو نقص عنه وقال ابن درستويه وأحمد بن حنبل لا يجوز ان يستثنى الا الأقل من الباقي
لأنه لم يوجد في كلام العرب الا ذلك واللغة توقيف ولان الاستثناء في الأصل استدراك لما غفل المتكلم عنه ولا يتأتى ذلك الا في القليل إما المساوي والازيد
فيبعد الغفلة عنه والنسيان له وهو يبطل بقوله تعالى ان عبادي ليس لك عليهم سلطان الا من اتبعك من الغاوين وهو يقتضي كون الغاوين أقل على ما
ذهبوا إليه وقال في موضع آخر لأغوينهم أجمعين الا عبادك منهم المخلصين وذلك يقتضي كون المخلصين أقل وهو تناقض وقال الشاعر أدوا التي نقصت
تسعين من مائة ثم اطلبوا حكما بالحق مقوالا وهذا استثناء للتسعين من المائة أو هو في معنى الاستثناء مسألة لا خلاف في أن الاستثناء من الاثبات هو نفي
لان الاستثناء مشتق من الثني وهو الصرف والصرف انما يكون من الاثبات إلى النفي وبالعكس ولان الاستثناء في الحقيقة اخراج بعض ما تناوله اللفظ عن الحكم الثابت للمستثنى
منه على وجه لولاه لدخل فيه ولا ريب ان الحكم بالاثبات مخالف للأصل وهو القدم في جميع الأشياء فإذا اخرج بعض الجملة من الحكم الاثباتي بقي على أصالة العدم
نفي على أصالة العدم فكان نفيا واما الاستثناء من النفي فهو اثبات عند المحققين لأنه اخراج من النفي ولا خروج عن النقيضين فيكون مثبتا ولأنه لولا ذلك
لم يكن قولنا لا إله إلا الله توحيدا ولما كان كافيا في الاسلام ولا خلاف في الاكتفاء به فان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا جاءه الأعرابي وتكلم بهذه اللفظة
وبالشهادة بالرسالة له عليه السلام حكم بتمام اسلامه ولو لم يكن الاستثناء من النفي اثباتا لم يكن ذلك اثباتا لله تعالى وقال أبو حنيفة الاستثناء من النفي ليس باثبات
لثبوت الواسطة بين الحكم بالثبوت والحكم بالنفي وهو نفي الحكم وليس بصحيح لما تقدم مسألة إذا قال له علي عشرة الا تسعة فقد بينا ان الاستثناء
يناقض المستثنى منه والمناقض للثبوت عدم ولو قال له علي عشرة الا واحدا لزمه تسعة وهو قول أكثر العامة وقال مالك منهم لا يصح استثناء الآحاد من العشرات
ولا المآت من الألوف وانما يصح استثناء الآحاد والعشرات من المئات والألوف ونقل عنه أيضا انه لا يصح الاستثناء في الاقرار أصلا وكلاهما باطل لأنه مخالف لمصطلح
الفصحاء ولما ورد به الكتاب العزيز والسنة المتواترة واستعمال أهل اللغة مسألة لو قال له علي عشرة الا تسعة الا ثمانية فهو اقرار بتسعة والمعنى الا
163

تسعة لا يلزم الا ثمانية تلزم فتلزم الثمانية والواحد الباقي من العشرة فإذا استثنى تسعة من العشرة فقد نفي التسعة من العشرة المثبتة فيبقى المثبت واحدا فإذا
استثنى من التسعة المسقطة ثمانية بقي الساقط واحدا لا غير وعلى هذا والطريق فيه وفي نظايره ان يجمع كل ما هو اثبات وكل ما هو نفي فيسقط المنفي من
المثبت فيكون الباقي هو الواجب فالعشرة في الصورة المذكورة مثبتة وكذا الثمانية تجمعهما وتسقط التسعة المنفية من المجموع تبقى تسعة ولو قال عشرة
الا تسعة الا ثمانية الا سبعة وهكذا إلى الواحد فعليه خمسة لان الاعداد المثبتة ثلثون والمنفية خمسة وعشرون وطريق تمييز المثبتة من المنفية ان ينظر إلى
العدد المذكور أولا فإن كان زوجا فالأوتار منفية والأزواج مثبتة وإن كان وترا فبالعكس وذلك بشرط أن تكون الاعداد المذكورة على التوالي الطبيعي أو
يتلو كل شفع منها وترا وبالعكس مسألة لو قال ليس لفلان علي شئ الا خمسة لزمه خمسة ولو قال ليس علي عشرة الا خمسة لم يلزمه شئ عند الأكثر لان عشرة
الا خمسة عبارة عن خمسة فكأنه قال ليس له علي خمسة وللشافعية وجه آخر انه يلزمه خمسة بناء على أن الاستثناء من النفي اثبات والتحقيق ان نقول إن هذا القول
صالح للامرين لأنه ان قصد بالنفي سلب المركب وهو عشرة الا خمسة لم يلزمه شئ وان قصد سلب العشرة لا
غير ثم قصد بالأنقص ذلك السلب في الخمسة لزمه خمسة
فحينئذ يرجع إليه في البيان ويقبل تفسيره مع اليمين مسألة لو كرر الاستثناء من غير عطف وكان الثاني مستغرقا صح الأول وبطل الثاني فإذا قال له علي عشرة
الا خمسة الا عشرة بطل ولزمه خمسة عملا بالاستثناء الأول لا غير ولو قال له علي عشرة الا خمسة بطل الاستثناء الثاني أيضا إذ لا يمكن عوده إلى المستثنى
منه الأول والا لم يبق منه شئ لخروج خمسة بالاستثناء الأول لا وخمسة بالثاني ولا إلى الاستثناء السابق عليه لأنه مستوعب له فوجب الحكم ببطلان الاستثناء
الثاني فيبقى اللازم في ذمته خمسة ولو كان الاستثناء الأول مستغرقا كما لو قال له علي عشرة الا عشرة الا أربعة فالأقرب انه يلزمه أربعة ويصح الاستثناء ان
معا لان الكلام انما يتم بآخره وآخره يخرج الأول عن كونه مستغرقا ويصير كأنه استثنى من أول الكلام ستة لان عشره الا أربعة في تقدير ستة فيصير قوله له
علي عشرة الا عشرة الا أربعة في تقدير له علي عشرة الا ستة وهو أحد وجوه الشافعية والثاني انه يلزمه عشرة ويبطل الاستثناء الأول لاستغراقه والثاني لبطلان
المستثنى منه وهو غلط إذ لا يمكن العدول إلى الهذرية في الكلام مع امكان الحمل على الصواب والثالث لهم انه يلزمه ستة لان الاستثناء الأول باطل لاستغراقه
فيكون وجوده كعدمه ورجع الاستثناء إلى أول الكلام ولو قال له علي عشرة الا عشرة الا خمسة فعلى الوجه الثاني يلزمه عشرة وعلى الأخيرين خمسة ولو
قال له علي عشرة الا ثلاثة الا ثلاثة لزمه أربعة لان الأصل التأسيس لا التأكيد ولا يمكن عود الثاني إلى الأول لأنه مستوعب ولا ابطال أحدهما إذ الأصل الإفادة فيرجعان
إلى المستثنى منه مسألة إذا كرر الاستثناء مع العطف رجعا جميعا إلى المستثنى منه فان استوعبا معا بطل الثاني فلو قال له علي عشرة الا خمسة والا أربعة
لزمه واحد وكذا لو قال له علي عشرة الا خمسة وأربعة لزمه واحد وكانا جميعا مستثنيين من العشرة ولا فرق بين ان يكون الاستثناء الثاني أكثر من الأول أو أقل أو
مساويا فإذا قال له علي عشرة الا أربعة والا أربعة لزمه اثنان ولو قال له علي عشرة الا أربعة والا خمسة لزمه واحد ولو قال له علي عشرة الا سبعة والا ثلاثة لزمه العشرة
لان الواو يجمعهما ويوجب الاستغراق هذا عند الشافعية وعند بعضهم ما اخترناه أولا من بطلان الثاني خاصة لان الأول صح استثناؤه والثاني مثل العدد
الباقي فهو المستغرق والأصح عندهم الثاني لأنه إذا قال له عندي عشرة الا سبعة فقد بقى مقرا بثلاثة فإذا قال والا ثلاثة أو قال له علي عشرة الا سبعة وثلاثة كانت
الثلاثة هي المستغرقة فوقعت باطلة وفرق بعضهم بين قوله عشرة الا سبعة وثلاثة وبين قوله عشرة الا سبعة والا ثلاثة فقطع في الصورة الثانية بالبطلان لأنهما
استثناءان مستقلان مسألة إذا كان في الاستثناء أو المستثنى منه عددان عطف أحدهما على الأخر ففي الجمع بينهما وجهان كما في الصورة السابقة
أصحهما عدم الجمع وهو الأصح عند الشافعية ونص عليه الشافعي لان الواو العاطفة وان اقتضت الجمع لكنها لا تخرج الكلام عن كونه ذا جملتين من جهة اللفظ
والاستثناء يدور على اللفظ مثلا لو قال له علي درهمان ودرهم الا درهما ان لم يجمع يلزمه ثلاثة لأنه استثنى درهما من درهم وان جمعنا لزمه درهمان وكان الاستثناء
من ثلاثة ولو قال له علي ثلاثة الا درهمين ودرهما ان لم نجمع لزمه درهم وصح استثناء الدرهمين وان جمعنا لزمه ثلاثة وكان الاستثناء مستغرقا ولو قال له ثلاثة
الا درهما ودرهمين فإن لم نجمع لزمه درهمان وان جمعنا فثلاثة ولو قال له درهم فدرهم ودرهم الا درهما ودرهما ودرهما لزمه ثلاثة على الوجهين لأنا ان جمعنا
في الطرفين الاستثناء والمستثنى منه وان لم نجمع كان مستثنيا درهما من درهم مسألة لو قال له علي عشرة الا خمسة أو ستة قال بعض الشافعية يلزمه
أربعة لان الدرهم الزايد مشكوك فيه فصار كما لو قال علي خمسة أو ستة لم يلزمه الا خمسة والوجه انه يلزمه خمسة لأنه حكم باثبات العشرة في ذمته واستثنى خمسة
واستثناء الدرهم الزايد مشكوك فيه فيبقى الأصل على الثبوت ولو قال له علي درهم غير دانق فان نصب غيرا كان استثناء للدانق من الدرهم ولزمه خمسة دوانيق
وان لم ينصبه كان عليه درهم تام لان معناه علي درهم لا دانق وحكم أكثر الشافعية بأنه استثناء سواء نصب أو رفع لان السابق إلى الفهم الاستثناء فيحمل عليه وان
أخطأ في الاعراب مسألة الاستثناء حقيقة في الجنس مجاز في غيره لتبادر الأول إلى الفهم دون الثاني ولان الاستثناء اخراج وانما يتحقق في الجنس
وفي غيره يحتاج إلى تقدير ومع هذا إذا استثنى من غير الجنس سمع منه وقبل وكان عليه ما بعد الاستثناء فإذا قال له علي ألف درهم الا ثوبا أو الا عبدا صح عند
علمائنا وبه قال الشافعية ومالك لوروده في القرآن العزيز قال تعالى فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس استثناه من الملائكة ولم يكن منهم لقوله تعالى الا إبليس
كان من الجن وقال تعالى لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة وأمثال ذلك كثيرة وقال النابغة وقفت فيها أصيلا لا
اسائلها أعيت جوابا وما بالربع من أحد الا أواري لأياما أبيتها والنوى كالحوض بالمظلومة الجلد وقال الشاعر وبلدة ليس لها أنيس الا
اليعافير والا العيس واليعافير ذكور الظبا والعيس الجمال والأواري المعالف وقال أبو حنيفة ان استثنى مكيلا أو موزونا جاز وان استثنى عبدا أو ثوبا
من مكيل أو موزون لم يجز وبالجملة لا يصح عنده الاستثناء من غير الجنس الا في المكيل والموزون والمعدود فيستثنى بعضها من بعض مع اختلاف الجنس
وقال محمد بن الحسن وزفر لا يجوز الاستثناء من غير الجنس مطلقا بحال وبه قال أحمد بن حنبل لان الاستثناء اخراج بعض ما تناوله اللفظ ولم يتناول اللفظ
الا جنسه فلم يصح استثناؤه منه والمرجع في ذلك إلى اللغة دون ما ذكروه ونمنع ان الاستثناء مطلقا ما حدوه فقد قيل معنى الاستثناء ان ينبئ خبرا بعد خبر
وذلك حاصل في غير الجنس مسألة إذا ثبت صحة الاستثناء من غير الجنس كما إذا قال له علي ألف درهم الا ثوبا أو الا عبدا وشبهه وجب عليه ان يبين
قيمة الثوب والعبد بما لا يستغرق فان فسره بالمستغرق بطل التفسير كما لو قال له علي ألف درهم الا ثوبا وقيمته ألف درهم لأنه رجوع ونقض لما اعترف به أولا
164

وهل يبطل الاستثناء اشكال ينشأ من أنه بين ما أراد باللفظ فكأنه تلفظ به ولا ريب في أنه لو قال له علي الف الا ألفا بطل الاستثناء وكذا لو قال له علي الف الا
ثوبا قيمته الف فكذا إذا استثنى الثوب ثم فسره بالمستوعب فيبطل الاستثناء ويلزمه الألف ومن انه استثناء صحيح من جهة اللفظ وانما الخلل فيما فسر
به اللفظ فيقال له هذا التفسير غير صحيح ويطالب بتفسير صحيح وللشافعية وجهان كهذين والأول أصح عند الجويني مسألة إذا قال له علي الف الا درهما
فقد استثنى المعين من المبهم فان قلنا بان الاستثناء من غير الجنس باطل اقتضى كون الألف دراهم لصحة الاقرار والاستثناء وانما يصحان لو كان الألف
دراهم وان قلنا بالجواز سواء كان الاستثناء من غير الجنس حقيقة أو مجازا طولب بتفسير الألف لان المجاز قد يراد خصوصا في هذا الموضع فان التعيين يقتضي
اثبات شئ في الذمة بالاجمال فان فسر الألف بما يساوي الدرهم أو يقل عنه بطل التفسير لاشتماله علي الاستثناء المستوعب ويقال له الاستثناء قد صح بحكم الاطلاق
ففسر ذلك بما يبقى بعد الدرهم منه شئ ويحتمل الزامه بما فسر به الألف فيبطل الاستثناء لأنه إذا بين المقر به كان الاستثناء دافعا لجميعه فيبطل ولو استثنى
المجهول من المعلوم صح وطولب بالبيان كما إذا قال له علي عشرة دراهم الا شيئا فيطالب بتفسير الشئ ويقبل تفسيره (بهما)؟ كان إذا قل عن العشرة فان استوعب أو زاد بطل
التفسير وفي الاستثناء الوجهان ولو استثنى المجهول من المجهول صح الاقرار والاستثناء وطولب بالتفسير فيهما على وجه لا يستوعب فان استوعب فالوجهان
كما لو قال له علي الف الا شيئا طولب بتفسير الألف والشئ فيبين جنس الألف أولا ثم يفسر الشئ بما لا يستغرق الألف من الجنس الذي بينه ولو قال له شئ
الا درهما فقد استثنى المعلوم من المجهول فيفسر الشئ بما يزيد على الدرهم وان قل كما تقدم في قوله علي الف الا درهما ولا يلزم من استثناء الدرهم أن تكون
الألف دراهم قال بعض الشافعية مهما بطل التفسير في هذه الصورة ففي بطلان الاستثناء وجهان ويشكل في استثناء المعلوم من المجهول مسألة لو اتفق
اللفظ في المستثنى منه والاستثناء كما لو قال له علي شئ الا شيئا أو له علي مال الا مالا فالأقوى صحة الاقرار والاستثناء لوقوعه على القليل والكثير فلا
يمتنع حمل الثاني على أقل ما يتمول وحمل المستثنى منه على الزايد على أقل ما يتمول وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يبطل الاستثناء كما لو قال له علي
عشرة الا عشرة ولا معنى لهذا التردد فان فيه غفلة لأنا إذا ألغينا استثناءه اكتفينا بأقل ما يتمول وان صححناه ألزمناه ابقاء ما يتمول فسبق الجوابان
قيل يمكن ان يقال حاصل الجواب لا يختلف لكن التردد غير خال عن فايدة فإذا أبطلنا الاستثناء لم نطالبه الا بتفسير اللفظ الأول وان لم نبطله طالبناه
بتفسيرهما وله اثار في الامتناع من التفسير وكون التفسير الثاني غير صالح للاستثناء من الأول وما أشبه ذلك مسألة قد بينا انه إذا فسر المجهول
بالمستوعب بطل التفسير مثلا إذا قال له علي ألف درهم الا ثوبا وألف الا درهما ثم فسر الثوب بما يزيد على قيمته على ألف درهم أو يساويه فان التفسير يبطل
وهل يطالب بتفسير آخر ممكن يبقى معه شئ من الألف أو لا مبني على بطلان الاستثناء ببطلان التفسير ان قلنا يبطل لزمه الألف ولم يطالب بتفسير اخر وان
قلنا لا يبطل الاستثناء طولب بتفسير يسمع فإذا قال له علي ألف درهم الا ثوبا صح الاستثناء على ما تقدم لأنه يحتمل ان يكون أتلف عليه ثوبا فتكون قيمته مستثناة
من الألف مسألة إذا قال له علي درهم ودرهم الا درهما قال بعض علمائنا ان قلنا إن الاستثناء المتعقب للجمل يعود إلى الجميع صح ولزمه
درهم واحد لان الواو يقتضي الجمع لأنها للعطف فيجمع بين المتفرقين كما يجمع واو الجمع في الأسماء المتفقة فيصير كأنه قال له علي درهمان الا درهما وبه قال بعض
الشافعية والحق بطلان الاستثناء سواء قلنا يعود الاستثناء المتعقب إلى الجمل السابقة أو إلى الأخيرة لان الاستثناء اخراج وانما احتمل مع اشتماله على
التناقض في الجمع لجواز إرادة الأكثر فإذا قال جاء المسلمون الا زيدا كان لفظ المسلمين صالحا لما عدا زيد كما صلح لذلك فجاز الاستثناء فيكون بالاستثناء
قد بين مراده إما إذا جاء بلفظ يدل بالنصوصية على كل فرد فرد فإنه لا يصح الاستثناء كما لو قال جاء زيد المسلم وعمرو المسلم وخالد المسلم الا زيدا لاشتماله
على التناقض الصريح بخلاف ما لو قال جاء المسلمون الا زيدا كذا هنا إذا قال له درهم ودرهم الا درهما فقد اخرج أحدهما بعد ان نص على ثبوته وهو تناقض صريح
مسألة قد بينا انه يجوز الاستثناء من الاستثناء فإذا قال له علي عشرة الا ثلثة الا اثنين لزمه تسعة والأصل في جواز الاستثناء من الاستثناء
قوله تعالى انا أرسلنا إلى قوم مجرمين الا آل لوط انا لمنجوهم أجمعين الا امرأته ومنع بعض أهل العربية من ذلك وانكره قال لان العامل في الاستثناء الفعل
الأول بتقوية حرف الاستثناء والعامل الواحد لا يعمل في معمولين ونقول في الآية ان الاستثناء الثاني من قوله عز وجل أجمعين ونمنع من امتناع تعدد
المعمول مع وحدة العامل هنا لان الاستثناء مقو للفعل وبعضهم قال العامل الا خاصة فيرد عليه ذلك مسألة يصح الاستثناء من الأعيان كما يصح
من الكليات فإذا قال لزيد هذه الدار الا هذا البيت أوله هذا القميص الا كمه أو هذه الدراهم الا هذا الواحد منها أو هذا القطيع الا هذه الشاة أو هذا
الخاتم الا هذا الفص وما أشبه ذلك صح الاستثناء وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يصح لان الاستثناء المعتاد هو الاستثناء عن الاعداد
المطلقة فاما المعينة فالاستثناء منها غير معهود ولأنه إذا أقر بالعين كان ناصا على ثبوت الملك فيه فيكون الاستثناء بعده رجوعا وقد ذكر بعض
الشافعية انه إذا قال أربعكن طوالق الا فلانة لم يصح هذا الاستثناء كما لو قال هؤلاء الاعبد الأربعة لفلان الا هذا الواحد لم يصح لعدم الاعتبار بالاستثناء
في الأعيان والحق الجواز وصحة الاستثناء في الاقرار بالأعبد الأربعة فلو قال هؤلاء العبيد لفلان الا واحدا فالمستثنى منه معين والاستثناء غير معين
وهو صحيح عندنا وعند أكثر الشافعية ويرجع إليه في التعيين فان ماتوا الا واحدا فقال هو الذي أردته بالاستثناء قبل منه مع اليمين وهو أحد وجهي
الشافعية لاحتماله والثاني لا يقبل للتهمة وندرة هذا الاتفاق ولو قال غصبتهم الا واحدا فماتوا الا واحدا فقال هو المستثنى قبل اجماعا لان اثر الاقرار يبقى
في الضمان وكذا لو قتلوا في الصورة الأولى الا واحدا لان حقه يثبت في القيمة ولو قال هذه الدار لفلان وهذا البيت منها لي أو له هذا الخاتم وفصه لي
قبل لأنه اخراج بعض ما يتناوله اللفظ فكان كالاستثناء تنبيه لو قال له ثلاثة ودرهمان الا درهمين صح وحمل على الاستثناء من الجملة الأولى لامتناع
رجوعه إلى الثانية لأنها مستوعبة أو على رجوعه إلى مجموعها ولو قال له درهمان ودرهمان الا درهمين فالأقرب الصحة ويكون عايدا إلى مجموع الجملتين
لان الاستثناء انما يرجع إلى الجملة الأخيرة لو لم توجد قرينة الرجوع إلى الجميع اخر لو قال له علي عشرة الا درهم بالرفع لزمه العشرة ويكون الا هنا قايمة مقام
غير ويكون وصفا ولو قال ماله عندي عشرة الا درهم فهو اقرار بدرهم ولو نصب لم يكن اقرارا بشئ نكتة
أدوات الاستثناء حكمها حكم الا فإذا قال
له عندي عشرة سوى درهم أوليس درهما أو خلا أو عدا أو ما خلا أو ما عد أو لا يكون أو غير درهم بالنصب فهو اقرار بتسعة ولو رفع في الأخير فهو وصف
165

إن كان عارفا والا لزمه تسعة البحث الثاني فيما عدا الاستثناء وفيه مطالب الأول فيما يقتضي رفع المقر به مسألة إذا قال
لفلان علي الف من ثمن خمر أو خنزير أو كلب فان فصل بين الاقرار وهو قوله علي الف وبين الرافع وهو قوله من ثمن خمر أو خنزير بسكوت أو كلام اخر لم يسمع منه ولزمه
الألف اجماعا لان وصفه بذلك رجوع عن الاقرار وإن كان موصولا بحيث لا يقع بين الاقرار ورافعه سكوت ولا كلام لم يقبل أيضا ولزمه الألف لما فيه من الرجوع
والتناقض وهو أحد قولي الشافعية لأنه وصل باقراره ما يرفعه فلم يقبل كما لو قال علي الف لا يلزمني أو فصل قوله من ثمن خمر عن الاقرار وبه قال أبو حنيفة والثاني
للشافعية انه يقبل وبه قال المزني ولا يلزمه شئ لان الجميع كلام واحد والكلام يعتبر باخره ولا يبعض ولان الاقرار اخبار عما جرى وهذه المعاملات على فسادها
جارية بين الناس فعلى هذا للمقر له تحليف المقر انه كان من ثمن خمر أو خنزير وليس بجيد لأنا نمنع وحدة الكلام سلمنا لكن انما يتم باخره لو لم يناقض أوله إما
إذا تناقضا فإنه يحكم بما عليه لا له وعلى ما اخترناه لو قال المقر كان ذلك من ثمن خمر وظننته لازما لي فله تحليف المقر له على نفيه مسألة إذا وصل اقراره
بما ينتظم لفظه عادة لكنه يبطل حكمه شرعا كما إذا أضاف المقر به إلى بيع فاسد كالبيع بأجل مجهول أو خيار مجهول أو قال تكفلت ببدين فلان بشرط الخيار وقلنا
ثبوت الخيار في الكفالة يقتضي بطلانها أو قال ضمنت لفلان كذا بشرط الخيار وأبطلناه به وما أشبه ذلك فالوجه بطلان الإضافة وصحة الاقرار والحكم
به فإذا قال له علي ألف درهم من ثمن مبيع مجهول أو بأجل مجهول أو بخيار مجهول لم يقبل منه ولزمه الألف في الحال وللشافعي قولان ولأصحابه مأخذان في هذا الخلاف
أحدهما بناؤه على القولين في تبعيض الشهادة إذا شهد لشريكه ولأجنبي وقيل إنه غير مشابه للمتنازع لان الشهادة للأجنبي والشهادة للشريك امران لا تعلق
لأحدهما بالآخر وانما قرن الشاهد بينهما لفظ أو الخلاف فيها شبه الخلاف في تفريق الصفقة واما ههنا فالمذكور أولا مسند إلى المذكور اخرا وانه فاسد في
نفسه مفسد للأول ولهذا لو قدم ذكر الخمر فقال لفلان من ثمن الخمر علي الف لم يلزمه شئ بحال وفي الشهادة لا فرق بين ان يقدم ذكر الشريك أو الأجنبي ثم هب
انهما متقاربان لكن ليس بناء الخلاف في الاقرار على الخلاف في الشهادة بأولى من العكس والثاني انه يجوز بناء هذا الخلاف على الخلاف في حد المدعي والمدعى
عليه ان قلنا المدعي من لو سكت ترك فههنا لو سكت عن قوله من ثمن خمر لترك فهو بإضافته إلى الخمر مدع فلا يقبل قوله ويحلف المقر له وان قلنا إن المدعي من
يدعي أمرا باطنا قبل قول المقر لأن الظاهر معه وهو براءة الذمة والمقر له هو الذي يدعي أمرا باطنا وهو زوال أصل البراءة وقيل لو صح هذا البناء لما افترق الحال بين ان يضيفه إلى الخمر موصولا أو مفصولا ولوجب ان يخرج التعقيب بالاستثناء
على هذا الخلاف قال الجويني بعد ذكر القولين كنت أود لو فصل بين ان يكون المقر جاهلا بان ثمن الخمر لا يلزم وبين ان يكون عالما فيعذر الجاهل دون العالم
لكن لم يصر إليه أحد من الشافعية إذا ثبت هذا فلو أقر بالكفالة بشرط الخيار وأنكر المكفول له شرط الخيار قدم قول المقر له عندنا وبه قال أبو حنيفة وللشافعي
قولان تقدما وكذا يجري القولان من كل من وصل اقراره بما يرفعه لا من الوجه الذي أثبته مثل أن يقول له علي الف من ثمن خمر أو خنزير أو مبيع هلك قبل قبضه
أو يقول قبضتها لأنه وصل اقراره بما يرفعه فلم يقبل منه كما لو قال له علي الف الا ألفا مسألة إذا قال له علي الف من ثمن عبد لم اقبضه إذا سلمه سلمت
الألف قال الشيخ رحمه الله ان وصل الكلام كان القول قوله مع اليمين وان أنكر المقر له وقال بل هي دين وقال قبضته فللشافعية طريقان أحدهما قبول قوله من
ثمن عبد لم اقبضه على القولين السابقين ففي قول يقبل ولا يطالب بالألف الا بعد تسليم العبد وفي قول يؤخذ بأول الاقرار ولا يحكم بثبوت الألف ثمنا
والا صح عندهم القطع بالقبول وثبوته ثمنا ويفارق صور القولين بان المذكور فيها أخيرا يرفع المقر به وهنا بخلافه واعلم أن الشيخ رحمه الله قسم هذه المسألة
على ثلاثة انحاء آ أن يقول له علي الف من ثمن مبيع لم اقبضه متصلا بعض الكلام ببعض وهذا يقبل قوله وهو أحد قولي الشافعية وقد تقدم ويكون القول
قول المقر مع يمينه ولا فرق بين ان يعين المبيع بان يقول له علي الف من ثمن هذا العبد ولم اقبضه أو لم يعينه وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة ان عين
المبيع قبل منه سواء وصل باقراره أو فصل وان اطلق لم يقبل منه لأنه إذا اطلق فقد وصل اقراره بما يبطله لأنه مبيع مجهول والمجهول لا يلزم فيه الثمن كما لو قال
من ثمن خمر أو خنزير واحتج الآخرون بأنه أقر بحق عليه في مقابلة حق له لا ينفك أحدهما عن الأخر فإذ لم يثبت ماله لم يثبت ما عليه كما لو عين المبيع وقول أبي حنيفة
ليس بصحيح لأن اطلاق الاقرار لا يوجب كونه مطلقا في البيع واما إذا قال من ثمن خنزير ففيه قولان وان سلمنا فان بيع الخنزير لا يصح بكل حال وهذا
المبيع يجور ان يكون معلوما حال العقد والوجه عندي عدم القبول مطلقا ب أن يقول له عندي الف ثم يسكت ثم قال بعد ذلك من ثمن مبيع لم اقبضه
فإنه لا يقبل قوله ويقدم قول المقر له مع يمينه فإذا حلف على أنه ليس على ما ذكر استحق الألف لأنه فسر اقراره بما يسقط وجوب تسليمه منفصلا عنه فلم
يقبل كما لو قال قبضتها وبه قال الشافعي ج إذا قال لفلان علي الف من ثمن مبيع ثم سكت ثم قال بعد ذلك لم اقبضه قبل قوله عنده رحمه الله وبه قال
الشافعي فان خالفه المقر له كان القول قول المقر مع يمينه لان اقراره تعلق بالمبيع والأصل عدم القبض فقبل قوله فيه والأقوى عندي عدم القبول
مسألة لو قال له علي الف لا تلزمني أو علي الف أو لا لزمه لان هذا الكلام غير منتظم فلا يبطل به الاقرار ويحتمل القبول بان يكون عليه ثمن مبيع
غير لازم أو من هبة له الرجوع فيها ولو قال له علي الف قضيته (اقبضته) لزمته الألف ولم يقبل دعواه في الاقباض وللشافعية فيه طريقان أحدهما القطع بلزوم الألف
لقرب اللفظ من عدم الانتظام فان ما قضاه لا يكون عليه وهو الذي اخترناه نحن بخلاف قوله من ثمن خمر لأنه ربما يظن لزومه والطريق الثاني انه على القولين
لان مثله يطلق في العرف والتقدير كان له على الف فقضيته وكذا يجري الطريقان فيما إذا قال لفلان علي الف أبراني عنه ولو ادعى عليه ألفا فقال قد قضيته
فالمشهور انه اقرار وجعله بعض الشافعية بمنزلة ما لو قال علي الف قضيته تذنيب (تنبيه) لو قال كان له علي
الف فالأقرب اللزوم ويحتاج في البراءة
إلى البينة وقيل لا يسمع هذا كما لا تسمع الشهادة به والاقرار بالاقرار اقرار مسألة لو قال لفلان علي الف انشاء الله تعالى احتمل بطلان الاقرار لأنه
تعلق على المشية وتعليق الاقرار باطل لأنه اخبار عن حق سابق ولم يجزم به وعلق اقراره على مشية الله تعالى وهي خفية عنا ولان الاقرار اخبار عن حق سابق
فيكون المخبر عنه واقعا والواقع عنه لا يعلق على متجدد ولا على غيره وقيل إنه بمنزلة قوله له علي الف من ثمن خمر لأنه لو اقتصر على أول الكلام لكان اقرارا
جازما والأقرب الأول لان تعليق السابق لا ينتظم فلا يقبل تعليقه ويلزمه ما أقر به وبه قال احمد وهو أصح قولي الشافعية ولو قال علي الف ان شئت
أو ان شاء فلان احتمل بطلان الاقرار لتعلقه علي الشرط وقال الجويني انه مخرج على القولين لأنه نفي باخر كلامه مقتضى أوله بخلاف قوله إن شاء الله فإنه يجري
في الكلام للتردد تارة وللتبرك أخرى بخلاف التعليق بمشية غيره ووجه بعض الشافعية البطلان في قوله إن شاء الله أو ان شاء زيد بان مثل هذا
166

الكلام قد يطلق للالتزام في المستقبل ولهذا يقال على كذا ان رددت عبدي الآبق أو جملي الشارد ويكون ذلك التزاما في المستقبل وكذا لو قال لك علي
الف ان جاء زيد أو قدم الحاج وكذا لو قال لك علي الف ان شهد لك بذلك شاهدان لان ذلك كله معلق بشرط وكذا لو قال إن شهد شاهدان بألف فهي
على لم يكن اقرارا ولو قال إن شهد شاهدان فهما صادقان كان اقرارا وقد سلف ولو قال لك علي الف ان قبلت اقراري لم يكن اقرارا لتعلقه على الشرط بخلاف
ما لو قال هذا لك بألف ان قبلت فإنه يكون ايجابا والفرق ان الايجاب يقع متعلقا بالقبول حتى إذا لم يقبل جوابا بطل الايجاب فيصح تعليقه فاما الاقرار فلا يتعلق بالقبول لأنه اقرار عن حق سابق لا يقال ليس المقر له إذا لم يقبل الاقرار بطل
لأنا نقول انما يبطل إذا كذبه أو رده فاما إذا سكت فالاقرار صحيح غير مفتقر إلى القبول بل لو كذب الاقرار ورده لم يكن باطلا في نفسه بل لا يتعلق به حكم ظاهرا
هذا ان جوزنا تعليق الايجاب بمثل هذا الشرط كما هو مذهب بعض الشافعية مسألة لو قال له علي الف إذا جاء رأس الشهر أو إذا قدم فلان قال بعض
الناس انه لا يكون اقرارا لان الشرط لا اثر له في ايجاب المال والواقع لا يعلق بشرط وقال الجويني انه على قولين لان صدر الكلام صيغة التزام والتعليق يرفع
حكمها والوجه عندي انه يرجع إلى استفساره فان قصد تعليق الاقرار بالشرط بطل اقراره بالشرط وان قصد التأجيل صح اقراره لاحتمال الصيغة لهذين ويسمع كلامه
مع اليمين لو أنكر المقر له هذا إذا قدم الاقرار واخر التعليق ولو عكس فقال إذا جاء رأس الشهر أو ان جاء رأس الشهر فعلي الف لم يلزمه شئ لأنه لم يوجد صيغة
التزام جازمة نعم لو قال أردت به التأجيل برأس الشهر قبل وقال بعض الشافعية مطلقة يحمل على التأجيل برأس الشهر واعلم أن المشهور بين الشافعية انه إذا
قال له علي الف إذا جاء رأس الشهر أنه يكون اقرارا ولو قدم الشرط فقال إذا جاء رأس الشهر فله علي الف لم يكن اقرارا والفرق انه إذا قال له علي الف فقد أقر بالألف فإذا
قال إذا جاء رأس الشهر احتمل ان يكون انه أراد محلها ووجوب تسليمها وإذا احتمل ذلك لم يبطل الاقرار فاما إذا قال إذا جاء رأس الشهر فبدأ بالشرط فإنه لم يقر بالحق
وانما علقه بالشرط فلم يكن اقرارا والحق انه لا فرق بين تقدم الشرط وتأخره لان الشرط وان تأخر لفظا فإنه مقدم معنى وله صدر الكلام واعترض بعض الشافعية
على قول الفارق بين قوله له علي الف من ثمن خمر وبين قوله له علي الف ان جاء رأس الشهر بان كل واحد منهما قد عقب اقراره بما يرفعه فلم كان التعقيب الأول باطلا
والثاني صحيحا وأجيب بأنه يمكن ان يقال دخول الشرط على الجملة يصير الجملة جزءا من الجملة الشرطية والجملة إذا صارت جزأ من جملة أخرى تغير معناها وقوله من ثمن خمر لا يغير
معنى صدر الكلام وانما هو بيان جهته فلا يلزم من أن لا يبعض الاقرار عند التعليق بل يلغي تحرزا من اتخاذ جزأ الجملة جملة برأسها ان لا يبعض في الصورة الأخرى
مسألة لو قال له علي الف مؤجل إلى سنة فان ذكر الاجل مفصولا بكلام غريب أو سكوت لم يقبل التأجيل ويثبت الدين في الحال وان ذكره موصولا بغير
فصل بسكوت ولا كلام البتة فالأقرب عندي قبول قوله كما لو قال له علي الف طبرية أو موصلية فإنه يقبل تفسيره وان اشتمل على عيب في المقر به كذا هنا ولأنه ربما يكون
في الحق ذمته مؤجلا ولا شاهد له بالتأجيل فلو منع من الاخبار ولم يصدق به تعذر عليه الاقرار بالحق وعدم تخليص ذمته بالاشهاد فوجب ان يسمع كلامه توصلا
إلى تحصيل هذه المصلحة وللشافعية طريقان كالطريقين فيما إذا قال له علي الف من ثمن عبد لم اقبضه أو علي الف قضيتها والظاهر عندهم القبول وبه قال أحمد بن حنبل لان هذا
لا يسقط الاقرار وانما وصفه بصفة دون صفة ولهم قول اخر انه لا يقبل لأنه وصل اقراره بما يسقط عنه المطالبة به فأشبه ما إذا قال قضيتها وقد تقدم الفرق
وقال أبو حنيفة أنه يكون مدعيا للأجل فالقول فيه قول المقر له مع يمينه لأنه أقر لغيره بحق وادعى فيه حقا لنفسه فلم يقبل كما لو قال هذه الدار لزيد ولي سكناها
سنة وعليه أكثر علمائنا وفيه نظر لان الدين المؤجل أحد نوعي الدين فوجب ان يثبت بالاقرار كالحال بخلاف ما قالوه لأنه هناك أقر له بالملك وادعى عليه عقدا
مستأنفا وفي صورة النزاع أقر بدين على صفة فقبل منه كما لو قال من نقد ردي وهذا الخلاف انما هو فيما إذا كان الدين المقر به مطلقا أو مستندا إلى سبب
وهو بحيث يتعجل ويتأجل إما إذا أسنده إلى جهة لا تقبل التأجيل كما إذا قال له علي الف اقرضنيها مؤجلة لغى ذكر الاجل اجماعا وان أسنده إلى جهة يلازمها
التأجيل كالدية على العاقلة فان ذكر ذلك في صدر اقراره بان قال قتل عمي فلانا خطأ ولزمني من دية ذلك القتل كذا مؤجلا إلى سنة انتقالها كذا فهو
مقبول لا محالة ولو قال له علي كذا من جهة تحمل العقل مؤجلا إلى وقت كذا فللشافعية طريقان أحدهما القطع بالقبول لأنه كذلك يثبت والثاني انه على قولين
والثاني عندهم أظهر لان أول كلامه ملزم لو اقتصر عليه وهو في الاسناد إلى تلك الجهة مدع كما في التأجيل تذنيبان آ لو قال بعتك أمس كذا فلم تقبل
فقال بل قبلت قدم قول مدعي القبول على اشكال وللشافعية قولا تبعيض الاقرار ان بعضوه فهو مصدق بيمينه في قوله قبلت وكذا الحكم فيما إذا قال
لعبده أعتقتك على الف فلم تقبل أو قال لامرأته خلعتك على الف فلم تقبلي وقال العبد قبلت وقالت المراة قبلت ب لو قال إني أقر الان بما ليس علي لفلان
على الف أو قال ما طلقت امرأتي ولكني أقر بطلاقها فالأقرب عدم نفوذ اقراره والحكم ببطلانه وللشافعية قولان أحدهما كما قلناه والثاني انه كما لو قال
علي الف لا تلزمني المطلب الثاني في تعقيب الاقرار بالايداع مسألة إذا قال لفلان علي ألف درهم وديعة ولم
يفصل بين كلامه فالأولى
القبول وبه قال الشافعي فان أنكر المقر له كان القول قول المقر مع يمينه لأنه أقر بما يمكن ولا تناقض في قوليه فكان مسموعا منه وقال أبو حنيفة واحمد القول
قول المقر له ويكون للمقر له ان يطالبه بالألف التي أقر لان على للايجاب وذلك يقتضي كونها في ذمته ولهذا لو قال ما على فلان على كان ضامنا والوديعة ليست
واجبة عليه فلم يقبل تفسيره بها ونحن نمنع من عدم وجوب الوديعة فإنه يجب عليه ردها وحفظها وذلك واجب عليه فإذا قال علي وفسر بها احتمل قوله ذلك
فقبل منه لأنه يجوز ان يريد بكلمة علي الاخبار عن هذا الواجب ويحتمل انه تعدى فيها حتى صارت مضمونة عليه فلذلك قال علي وقد يستعمل على بمعنى
عندي لقوله تعالى ولهم علي ذنب وحروف الصفات يقوم بعضها مقام بعض فيجوز ان تستعمل على بمعنى عندي وقال أبو إسحاق من الشافعية ان المسألة
على قولين عند الشافعي كما لو قال له علي الف قضيته مسألة لو فصل بين كلاميه فقال له علي الف ثم سكت ثم جاء بألف بعد اقراره وقال أردت
هذا وهو وديعة عندي وقال المقر له هو وديعة ولي عليك الف اخر دين وهو الذي أردته باقرارك فالأقوى عندي ان القول قول المقر مع يمينه وهو أصح
قولي الشافعي لما تقدم من أن الوديعة يجب حفظها والتخلية بينها وبين المالك فلعله أراد بكلمة على الاخبار عن هذا الواجب أو انه تعدى فيها فصارت مضمونة
عليه فلذلك قال علي أو أراد عندي على ما تقدم والثاني له ان القول قول المقر له وبه قال أبو حنيفة واحمد فما اتى به وديعة وعليه الف اخر لان كلمة علي يقتضي الثبوت
في الذمة وحكى الجويني طريقة قاطعة بالقول الأول لكن المشهور اثبات القولين وترجيح الأول ولو كان قد قال له علي الف في ذمتي أو له الف علي دينار وفسر كما تقدم
فإن لم تقبل تفسيره في السابق فهنا عدم القبول أولي وان قبلنا هناك فللشافعية فيه وجهان أحدهما يقبل لجواز ان يريد له الف في ذمتي ان تلفت الوديعة
167

لانى تعديت فيها وأصحهما عندهم انه لا يقبل والقول قول المقر له مع يمينه لأن العين لا تثبت في الذمة وكذا الوديعة لا تثبت في الذمة ويفارق ما إذا قال له على الف
ثم فسرها بالوديعة لأنه لم يصرح بالمحل واحتمل ان يكون المراد وجوب الحفظ والرد وهنا صرح بالذمة إذا عرفت هذا فإذا قبلنا منه التفسير بالوديعة فيما إذا قال له علي
الف ثم جاء بألف وقال هو وديعة عندي فإنه لا يقبل قوله في سقوط الضمان لو ادعى التلف لان الألف مضمون عليه وليس بأمانة لان قوله علي يتضمن الالزام
فلو ادعى تلف الألف التي زعم أنه وديعة لم يسقط الضمان عنه ولو ادعى رده لم يصدق لأنه ضامن وانما يصدق المؤتمن فخلص من هذا انه لا يصدق في دعوى
تلفه بعد الاقرار أو رده واشكل عليه بان كلمة علي كما يجوز ان يريد بها صيرورتها مضمونة عليه لتعدية يجوز ان يريد بها وجوب الحفظ والتخلية ويجوز
ان يريد بها عندي كما سبق وهذان المعنيان لا ينافيان الأمانة مع أن النقل عن الشافعي انه ان ادعى انه تلف أو رده قبل الاقرار لم يصدق لان التالف
والمردود لا يكون عليه بمعنى من المعاني وان ادعى انه تلف بعد الاقرار صدق مسألة لو قال له عندي ألف درهم وديعة دينا أو ألف درهم مضاربة
دينا فالذي يحتمل ذلك أن تكون الوديعة مضمونة عليه بان تعدى فيها وكذا مال المضاربة فان فسر بذلك قبل منه وان قال أردت انه شرط علي ضمانها
لم يقبل لأنها لا تكون دينا بذلك فان قال عندي الف وديعة شرط علي ضمانها كانت وديعة ولم تكن مضمونة بالشرط لان ما أصله الأمانة لا يصير بالشرط مضمونا وكذا ما أصله الضمان لا يصير بالشرط
أمانة الا ترى انه لو دفع مالا على وجه المساومة وشرط ان يكون أمانة لم يصر بذلك أمانة ولو قال لفلان علي ألف درهم في ذمتي فجاءه بألف فقال الألف
التي أقررت بها كانت وديعة وتلفت فهذه بدلها قبل ذلك لأنه يجوز ان يكون بتعد منه أو تفريط فيكون بدلها في ذمته ولو جاء بألف فقال الألف
التي أقررت بها هذه وهي وديعة لك فللشافعية وجهان على ما تقدم ولو قال لك علي الف ثم قال كانت وديعة وكانت تلفت قبل اقراري وكنت أظن أنها
باقية لم يقبل منه لأنه كذب بهذا اقراره فلم يقبل منه فان قال ما أقررت به كان وديعة وتلفت بعد اقراري قبل منه ولو قال له علي ألف درهم وديعة
وفسر اقراره بوديعة موجودة قبل وكذا إذا قال أقررت بوديعة وقد هلكت بعد اقراري فالقول قوله مع اليمين وان قال كانت هالكة حين أقررت
لم يقبل منه لان الوديعة الهالكة لا تكون عليه فيكون قد اكذب اقراره الا ان يكون هلكت بتعد أو تفريط فيكون اقراره صحيحا واما إذا وصل اقراره فقال
علي أو عندي الف وديعة هلكت فللشافعية قولان كما في قوله علي الف قضيتها ولو فصل فقال له علي الف وسكت ثم قال مفصولا وديعة هلكت لم يقبل
قولا واحدا لأنه فسر اقراره بما يرفعه منفصلا مسألة لو قال لفلان علي الف وديعة قبل علي ما تقدم من الخلاف فعلى القبول لو جاء بألف وقال هذا هو قنع
به وان لم يأت بشئ وادعى التلف أو الرد ففي القبول للشافعية وجهان مبنيان على تأويل كلمة علي ان حملناها على وجوب الحفظ قبل وهو الأصح عندهم وان
حملناها على صيرورته مضمونا عليه فلا ولو قال معي أو عندي الف وهو محتمل للأمانة فيصدق في قوله إنه كان وديعة وفي دعوى التلف والرد ولو قال له
عندي ألف درهم مضاربة دينا أو وديعة دينا فهو مضمون عليه ولا يقبل قوله في دعوى الرد والتلف على ما تقدم هذا إذا فسر منفصلا وان فسره متصلا
ففيه للشافعية قولا تبعيض الاقرار مسألة يجوز عندنا إعارة الدراهم والدنانير لأنه قد يمكن الانتفاع بها ورد عينها إن كان يتجمل بها وللشافعية
قولان أحدهما هذا والثاني المنع لأنه لا ينتفع بها مع بقاء عينها انتفاعا مقصودا وقد وافقنا على انها مضمونة إما عندنا فلان العارية وان لم تكن مضمونة
لكن لنا نظر في ضمان عارية الدراهم والدنانير وكان الأصل فيه ان الانتفاع التام بها انما يكون باتلافها فلهذا وقعت العارية مضمونة واما عند الشافعي
فلان العارية مطلقا مضمونة فعلى كلا التقديرين أعني تقدير صحة العارية فيها وفسادها تكون مضمونة لان حكم الضمان يستوي فيه الصحيح والفاسد من
العقود فإذا كان صحيح العقد يقتضي الضمان كان فاسده كذلك وان لم يقتض فلا إذا عرفت هذا فإذا أقر بألف عارية كان الألف مضمونة عليه مسألة
لو قال دفع إلي ألفا ثم فسره بوديعة وزعم تلفها في يده صدق بيمينه لان الدفع لا يستلزم الثبوت في الذمة فقبل تفسيره بالوديعة وبالتلف ولو قال أخذت منه
ألفا وديعة فكذلك وبه قال الشافعي إذ لا فرق بين الدفع والاخذ وقال أبو حنيفة إذا قال أخذت منه ألفا ثم فسره بوديعة وقال المأخوذ منه بل غصبته
فالقول قول المقر له لان الاخذ منه قد لا يكون برضاه والدفع قد يكون برضاه وبه قال بعض الشافعية ولو ذكره على الاتصال فقال أخذت من فلان ألفا وديعة
لم يقبل عند أبي حنيفة وعلى قول الشافعية يجرى فيه الوجهان في تبعيض الاقرار ولو قال اودعني ألفا فلم اقبضها أو اقرضني أو أعطاني فلم اقبض قبل قوله
مع الاتصال ولم يقبل مع الانفصال على اشكال وكذا إذا قال نقدني ألفا فلم اقبضها وبهذا قال الشافعي وقال أبو يوسف لا يصدق لان نقدني يفهم منه القبض
ولهذا يقولون بع بالنقد ويريدون بالقبض وهو غلط لأنه أضاف ذلك إلى المقر له فصار بمنزلة قوله أعطاني وأقرضني المطلب الثالث في تعقيب
الاقرار بالعارية والهبة بعدم القبض أو بعدم الفهم مسألة إذا قال لك هذه الدار عارية فهو اقرار بالإعادة فله الرجوع فيها متى شاء وبه قال
جماعة من الشافعية وقال بعضهم قوله هي لك اقرار بالملك لو اقتصر فذكر العارية بعده ينافيه فيكون على القولين في تبعيض الاقرار ورده قوم بان الإضافة
باللام يقتضي الاختصاص بالملك أو غيره فإذا تجرد وأمكن الحمل على الملك يحمل عليه لأنه أظهر وجوه الاختصاص وان وصل بها ذكر وجه اخر من الاختصاص أو لم
يمكن الحمل على الملك كقولنا الجل للفرس حمل عليه ولو قال هذه الدار لك هبة عارية بإضافة الهبة إلى العارية أو هبة سكنى فهو كما لو قال لك عارية بغير فرق
وإذا ثبت انها عارية كان له الرجوع في العارية فيقبل في المستقبل فاما ما استوفاه من المنفعة فلا فان قيل قوله هذه الدار لك اقرار بها فإذا قال هبة سكنى
كان رجوعا عن اقراره بالدار قلنا إن قوله هذه الدار لك يكون اقرارا بها إذا سكت فإذا قال له لك سكناها كان اقرارا بالسكنى ولان سكنى الدار منافعها
والمنافع منها فكأنه استثنى أكثر الجملة وهو جايز مسألة الاقرار بالهبة لا يتضمن الاقرار بالقبض لتغايرهما وعدم التلازم بينهما وكون القبض شرطا
في لزوم الهبة لا يوجب اشتراطه في تحقق حقيقتها وكيف لا والهبة متقدمة على القبض ولا يجوز اشتراط المتأخر في المتقدم والا دار لتقدم الشرط على المشروط
وهذا هو المشهور أيضا عند الشافعية وقال بعضهم إذا أقر بالهبة ثم قال ما كنت أقبضته فلي الرجوع وقال الموهوب له كنت قبضتها فالقول قول الواهب
لأصالة عدم القبض والاقرار بالهبة لا يتضمن القبض ومن الشافعية من قال إن الشافعي قال إذا كانت العين في يد الموهوب له كان القول قول الموهوب له
وهذا قاله على القول الذي يقول إنه إذا وهب له شيئا في يده لا يحتاج إلى الاذن في القبض وإذا مضى زمان يمكن فيه القبض صار مقبوضا ولو قال وهبته وخرجت
منه إليه فقد تقدم ان الظاهر أنه ليس اقرارا بالقبض أيضا وكذا لو قال وهبت منه وملكها أو ملكته لم يكن اقرارا بالقبض ان اعتقد رأي مالك والا كان
168

اقرارا به مسألة لو أقر بالهبة والقبض معا فقال وهبته وأقبضت أو سلمته منه أو أخذه مني لزمه الاقرار وحكم عليه بمقتضاه فان عاد وأنكر القبض
لم يلتفت إلى انكاره لاشتماله على تكذيب نفسه سواء ذكر لاقراره تأويلا بان يقول كان وكيلي اخبرني بأنه اقبضه فأقررت به ولم يكن قد قبض أو لم يذكر
ولو قال إني أقررت بالقبض لقضاء العادة بالاقرار بالشئ قبل تحققه فاحلفوه على أنه قبضه كان له احلافه وبه قال الشافعي وقال أبو إسحاق ان لم يكذب نفسه
احلف له بان يقول كان وكيلي اخبرني بأنه كان قبضه فأقررت به والشافعي لم يفرق بين الحالين لان العادة جرت ان يشهد قبل ان يقبض ليقبض بعد ذلك
المقبوض منه وكذا قبض الثمن والرهن والوقف وكذا لو أقر انه اقترض منه ألفا وقبضها ثم قال ما كنت قبضت وانما أقررت على رسم الشهادة لأقبض كان على المقر
له اليمين لان ذلك محتمل بحكم العادة ولو شهدت البينة بالقبض ثم قال احلفوه اني أقبضته لم تسمع دعواه لأنه طعن في البينة هذا إذا شهدت البينة بمشاهدة القبض
ولو شهدت بالاقرار به فهو كما تقدم مسألة لو أقر ببيع أو هبة وقبض ثم قال كان ذلك فاسد أو أقررت لظني الصحة لم يصدق لكن له تحليف المقر له
فان نكل حلف المقر وحكم ببطلان البيع والهبة ولو أقر باتلاف مال على انسان واشهد عليه ثم قال كنت عازما على الاتلاف فقدمت الاشهاد على الاتلاف لم يقبل منه بحال
بخلاف ما لو اشهد على نفسه بدين ثم قال كنت عازما على أن استقرض منه فقدمت الاشهاد على الاستقراض لان هذا معتاد وذلك غير معتاد والوجه عندي
تساوي الصورتين لأنه في الأولى ادعى دعوى لو صدقه المقر له برئ فكان له احلافه لانتفاعه بالنكول مسألة يصح الاقرار بالعربية وغيرها
من اللغات لأنه اخبار فلا ينحصر طريقه في لغة دون أخرى لدلالة كل واحد من اللغات على المعنى المراد فيصح اقرار كل أهل لغة بلغتهم وغير لغلتهم إذا عرفوها صحيحة
فلو أقر أعجمي بالعربية أو بالعكس ثم قال لم افهم معناه لكن لقنت فتلقنت صدق باليمين إن كان ممن يجوز عليه ذلك وممن يخفى عليه وكذا البحث في جميع العقود
والايقاعات ولو أقر ثم قال كنت يوم الاقرار صغيرا وهو محتمل صدق بيمينه إذ الأصل عدم الكبر وكذا لو قال كنت مجنونا يوم الاقرار وعد عهد له الجنون لأصالة
البراءة والاستصحاب ولو قال كنت مكرها وهناك امارة الاكراه من حبس أو وكيل فكذلك وان لم يكن هناك امارة لم يقبل قوله والامارة انما تثبت باقرار المقر له
أو بالبينة وانما تؤثر إذا كان الاقرار لمن ظهر منه الحبس والتوكيل إما لو كان في حبس غيره أو وكيل غيره لم يقدح ذلك في الاقرار للمقر له ولو شهد الشهود على اقراره
وتعرضوا لبلوغه وصحة عقله واختياره فادعى المقر خلافه لم يقبل لما فيه من تكذيب الشهود إما لو ادعى الاكراه وأقام به البينة وشهدت بينة المقر له بالاختيار
قدمت بينة المقر لأنها تشهد بأمر زايد ربما خفي عن بينة المقر له مسألة إذا شهد الشهود باقرار رجل سمعت شهادتهم ولم يفتقر صحة الشهادة إلى أن
يقولوا في صحة من عقله طايعا غير مكره حالة بلوغه وحريته ورشده بل يعول على الاكتفاء بان الظاهر وقوع الشهادة على الاقرار الصحيح فان قالوا ذلك كان تأكيدا
لأن الظاهر سلامة العقل وعدم الاكراه لأنه هو الأصل والظاهر أيضا من حال الشهود صحة الشهادة فإنهم لا يشهدون على زايل العقل ولا مكره فان ادعى المشهود
عليه انه كان حين الاقرار زايل العقل فان صدقه المشهود له بطلت الشهادة وان كذبه أحلف المشهود له لان الشهود ربما خفي عليهم باطن حاله لانهم يتحملون الشهادة
على الظاهر فلما أمكن صدق المدعي حلف المشهود له ولو كان المقر مجهول الحرية لم يشترط تعرض الشهود في شهادتهم إلى ذكر الحرية وبني على أصالة الحرية وهو
الظاهر من مذهب الشافعية ولهم قول آخر يشترط التعرض للحرية وخرجوا منه اشتراط التعرض لسائر الشروط لكن المشهور عندهم الأول وكل ما يكتب في الوثايق من أنه أقر طوعا
في صحة من عقله وجواز أمر ضرب من الاحتياط وقد بينا ان بينة الاكراه تقدم على بينة الاجبار لو تعارضتا
ولا تقبل الشهادة على الاكراه مطلقا بل لابد من
التفصيل المطلب الرابع في تعقيب الاقرار لواحد بالاقرار لغيره مسألة لو قال غصبت هذه الدار من زيد وهي ملك عمرو سلمت
إلى زيد لاعترافه له باليد والظاهر كونه محقا فيها لان قوله غصبتها من زيد يقتضي انها كانت في يده بحق وقوله وملكها لعمرو لا ينافي ذلك لأنه يجوز ان يكون
في يده بإجارة أو وصية فإذا سلمها إلى زيد وادعاها عمرو كانت الخصومة بين زيد وعمرو ولم تقبل شهادة المقر لأنه غاصب فلا تقبل شهادته لعمرو
إذا ثبت هذا فهل يغرم المقر لعمرو للشافعية طريقان أحدهما انه على القولين كما إذا قال غصبتها من زيد لا بل من عمرو وأصحهما عندهم القطع بأنه لا يغرم لان
الاقرارين هناك متنافيان والاقرار الأول مانع من الحكم بالثاني وهنا لا منافاة لجواز ان يكون الملك لعمرو وقد يكون في يد زيد بإجارة أو رهن أو وصية
بالمنافع فيكون الاخذ منه غصبا منه ونقل بعض الشافعية عن الشافعي قولا واحدا وهو عدم الغرم بخلاف ما إذا قال هذه الدار لزيد لا بل لعمرو حيث
يغرم لأنه أقر للثاني بما أقر به للأول ويعارض اقراره في صورة النزاع لا منافاة بين اقراره وليس الثاني رجوعا عن الأول فلم يلزمه ضمان به ويكون القول
قول زيد لان له يدا فيها ولو اخر ذكر الغصب فقال هذه الدار ملكها لعمرو وغصبتها من زيد فللشافعية طريقان منهم من قال لا فرق بين ان يقدم الغصب وبين
ان يؤخره لأنهما لا يتنافيان فيسلم إلى زيد ولا يغرم لعمرو ومنهم من قال إذا أقر بالملك لعمرو لم يقبل اقراره باليد لزيد ووجب تسليمه إلى عمرو وفي الغرم لزيد
القولان قيل إذا غرمنا المقر في الصورة السابقة للثاني فإنما تغرمه القيمة لأنه أقر له بالملك وهنا جعلناه مقرا باليد دون الملك فلا وجه لتغريمه القيمة بل
القياس ان يسال عن يده أكانت بإجارة أو رهن أو غيرهما فان اسندها إلى الإجارة غرم قيمة المنفعة وان اسندها إلى الرهن غرم قيمة المرهون ليتوثق به زيد
وكأنه أتلف المرهون ثم إن وفي الدين من موضع آخر ترد القيمة إليه مسألة لو قال هذه الدار غصبتها من زيد لا بل من عمرو أو قال غصبت هذه الدار
من زيد وغصبها زيد من عمرو أو قال هذه الدار لزيد لا بل لعمرو فإنه يسلم الدار إلى زيد المقر له أولا في المسائل الثلاث وهل يغرم المقر القيمة لعمرو الأقرب
الغرم وهو أصح قولي الشافعية وبه قال أحمد بن حنبل لأنه حال بين عمرو وبين داره باقراره الأول لزيد والحيلولة سبب الضمان كالاتلاف فإنه لو غصب عبدا فابق
في يده ضمنه وكذا لو شهد اثنان على شخص بأنه أعتق عبده ثم رجعا عن الشهادة بعد الحكم بالعتق فإنهما يغرمان القيمة لمولاه لأنهما حالا بينة وبين عبده بشهادتهما
كذا هنا والثاني انه لا يغرم لأنه أقر للثاني بما عليه وانما منع الحكم من قبوله وذلك لا يوجب الضمان عليه ولان الاقرار للثاني صادف ملك الغير فلا يلزمه شئ
كما لو أقر بالدار لعمرو التي هي في يد زيد وقطع بعض الشافعية في الصورة الثالثة وهي ما إذا قال هذه الدار لزيد لا بل لعمرو بعدم الغرم لأنه لم يقر بخيانة
في مال الغير بخلاف الصورتين الأولتين فإنه أقر فيهما بالغصب فضمن لذلك وقال أبو حنيفة إذا قال غصبت هذه الدار من فلان لا بل من فلان غرم
للثاني ولو قال هذه لفلان بل لفلان لا يغرم للثاني وتدفع إلى الأول وفرق بان الغصب سبب الضمان فإذا أقر به لزمه فاما اقراره فليس سبب الضمان وقد
اختلفت الشافعية في موضع القولين حيث بينا فقال بعضهم انهما مخصوصان بما إذا انتزعها الحاكم من يد المقر وسلمها إلى زيد فاما إذا سلمها المقر بنفسه
169

إليه غرم لعمرو بلا خلاف بينهم وقال آخرون منهم بجريان الخلاف لان سبب انتزاع الحاكم أيضا اقراره فتسليم الحاكم بمنزلة تسليمه بنفسه مسألة إذا باع عينا
واقبضها المشتري واستوفى الثمن ثم قال قد كنت بعته من فلان أو غصبته لم يقبل قوله على المشتري وهل يغرم القيمة للمقر له للشافعية طريقان أحدهما انه على
القولين وأصحهما عندهم القطع بالغرم لتفويته عليه بتصرفه وتسليمه ولأنه استوفى عوضه وللعوض مدخل في الضمان الا ترى انه لو غر بحرية أمة فنكحها وأحبلها
ثم أجهضت بجناية جان يغرم المغرور الجنين لمالك الجارية لأنه يأخذ الغرة أو دية الجنين ولو سقط ميتا من غير جناية لا يغرم ويبنى على هذا الخلاف ان مدعي
العين المبيعة هل له دعوى القيمة على البايع مع بقاء العين في يد المشتري ان قلنا لو أقر يغرم القيمة فله دعواها والا فلا ولو كانت في يد انسان عين فانتزعها
منه مدع بيمينه فقد يكون صاحب اليد ثم جاء آخر يدعيها هل له طلب القيمة من الأول ان قلنا النكول ورد اليمين كالبينة فلا كما لو كان الانتزاع بالبينة
وان جعلناها كالاقرار ففي سماع دعوى الثاني عليه القيمة الخلاف مسألة لو قال غصبت هذه العين من أحد كما صح الاقرار على ما تقدم فيطالب
بالتعيين فان عين أحدهما سلمت إليه وهل للثاني تحليفه يبنى على أنه لو أقر للثاني هل يغرم له القيمة ان قلنا لا فلا وان قلنا نعم فنعم لأنه ربما يقر له إذا عرضت
اليمين عليه فيغرم فعلى هذا ان نكل ردت اليمين على الثاني فإذا حلف فليس له الا القيمة ومنهم من قال إن قلنا إن النكول ورد اليمين كالاقرار من المدعى
عليه فالجواب كذلك إما إذا قلنا إنه كالبينة فينزع الدار من الأول ثم يسلم إلى الثاني ولا غرم عليه للأول وعلى هذا فله التحليف وان قلنا لا يغرم القيمة لو أقر
للثاني طمعا في أن ينكل فيحلف المدعي ويأخذ العين وان قال المقر لا أدري من أيكما غصبت وأصر عليه فان صدقاه فالعين موقوفة بينهما حتى يتبين المالك
أو يصطلحا وكذا لو كذباه وحلف لهما علي نفي العلم الفصل الخامس في الاقرار بالنسب وفيه قسمان الأول الاقرار بالولد مسألة
يشترط في المقر بالنسب مطلقا ان يكون بالصفات المعتبرة في المقرين كما سبق فإذا أقر بمن يلحق النسب بنفسه وهو الولد اشترط فيه أمور الأول ان لا يكذبه
الحس بان ما يدعيه ممكنا فلو كان في سن لا يتصور ان يكون ولدا للمقر بان يكون أكبر منه في السن أو مساويا له أو أصغر بقدر ما لا يولد لمثله فلا
اعتبار باقراره ولو قدمت امرأة من بلد كفر ومعها صبي فادعاه رجل من المسلمين فان احتمل انه خرج إليها أو انها قدمت قبل ذلك لحقه وان لم يحتمل ذلك لم يلحقه الثاني ان لا يكذبه
الشرع بان يكون المستلحق معروف النسب من غيره لان النسب الثابت من شخص لا ينتقل إلى غيره ولا فرق بين ان يصدقه المستلحق أو يكذبه ولو نفى نسب
ولده باللعان فاستلحقه اخر ففي صحة استلحاقه اشكال ينشأ من أنه أقر بنسب لا منازع له فيه فيلحق به ومن أن فيه شبهة للملاعن الثالث ان يصدقه المقر له إن كان
من أهل التصديق بان يكون بالغا عاقلا فلو ادعى بنوة بالغ رشيد فكذبه لم يثبت النسب الا ان يقيم عليه بينة فإن لم يكن بينة حلف المنكر فان حلف سقطت
دعواه وان نكل حلف المدعي ويثبت نسبه وكذا لو قال رجل لاخر أنت أبي فالقول قول المنكر مع يمينه فان استلحق صغيرا ثبت نسبه حتى يرث منه الصغير لو مات
ويرث المقر لو مات الصغير ولا اعتبار بتصديقه وتكذيبه حالة الصغر ولو استلحق صغيرا فلما بلغ كذبه فالأقرب انه لا اعتبار بالتكذيب ولا يندفع النسب لان النسب
ما يحتاط له فإذا حكم بثبوته لم يتأثر بالانكار كما لو ثبت بالبينة وهو أظهر قولي الشافعية والثاني انه يندفع النسب ويبطل اقراره لأنا انما حكمنا به حين لم يكن
انكار فإذا تحقق الانكار لم يثبت والمعتمد الأول وعلى ما اخترناه لو أراد المقر به تحليفه ينبغي ان لا يمكن منه لأنه لو رجع لم يقبل فلا معنى لتحليفه إما لو استلحق
مجنونا فافاق وأنكر فالأقرب انه كالصغير وللشافعية وجهان كالوجهين في الصغير الرابع ان لا ينازعه في الدعوى غيره مسألة لو استلحق صبيا
بعد موته وادعى بنوته وكان الصبي مجهول النسب لحق به وثبت نسبه سواء كان ذا مال أو لا ولا ينظر إلى التهمة بطلب المال بل يورث لان أمر النسب مبني
على التغليب ولهذا يثبت بمجرد الامكان حتى أنه لو قتله ثم استلحقه فإنه يقبل استلحاقه ويحكم بسقوط القصاص وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يلحقه ولا يثبت
نسبه به لثبوت التهمة في حقه وهو غلط لأنه لو كان حيا موسرا والمقر فقير مدقع فإنه يثبت نسبه باقراره وإن كان متهما لأنه يتصرف في ماله وينفق منه
على نفسه كذا هنا ولو كان الميت كبيرا فادعى شخص انه ولده وكان الميت مجهول النسب فاشكال ينشأ من أن شرط لحوق البالغ تصديقه ولا تصديق هنا ولان
تأخير الاستلحاق إلى الموت يوشك ان يكون خوفا من انكاره ومن أن التصديق انما يعتبر مع امكانه وهو ممتنع في طرف الميت كالصغير والمجنون ولهذا يثبت
نسبهما من غير تصديق من جهتهما لتعذره كذا هنا وللشافعية وجهان كهذين والثاني عندهم أظهر لأنا نمنع كون التصديق شرطا على الاطلاق بل هو شرط
إذا كان المستلحق أهلا للتصديق والتهمة غير معتبرة هنا فان النسب لا يلتفت فيه إلى التهمة على ما تقدم في الفقير إذا استلحق صبيا موسرا ويجرى
الوجهان فيما إذا استلحق مجنونا طرأ جنونه بعد ما بلغ عاقلا مسألة يشترط في الاستلحاق ان لا ينازع المقر بالبنوة اخر فلو ازدحم اثنان
فصاعدا على الاستلحاق نظر فإن كان المستلحق بالغا رشيدا يثبت نسبه ممن صدقه وإن كان صبيا لم يلحق بواحد منهما الا بالبينة أو القرعة وهل حكم
المراة في اقرارها بالولد حكم الرجل نظر وكذا النظر لو أقر العبد ببنوة (ولو أقر الرجل ببنوة؟) ولد بينه وبين امه مسافة لا يمكن الوصول في مثل عمر الولد إليها لم يقبل ولو دخل
من ارض الروم أو غيرها من بلاد الكفر امرأة ومعها صغير فاقر به رجل الحق به مع الامكان وعدم المنازع على ما قدمناه بان يمكن انه قد دخل دارهم أو دخلت
هي إلى دار الاسلام والا فلا قالت الشافعية وان أمكن ان ينفذ إليها الماء وتستدخله في فرجها لحق النسب ولا اعتبار بقول الأطباء ان الماء إذا برد لم يخلق منه
الولد لان ذلك مظنون والبيض يبرد ثم يخلق منه الفرخ فإذا كان النسب ممكنا ألحقناه به وإن كان خلاف الظن والظاهر قالوا ولا يجرى هذا مجرى ما يقوله أبو
حنيفة في المشرقي بالمغربية لأنه لا يعتبر امكان قطع المسافة وذلك خلاف القطع واليقين دون الظاهر ولو استلحق صغيرا مجهول النسب فكذبته امه وقالت إنه ليس
لك بل لغيرك فالأقرب عدم الالتفات إلى تكذيب الام وثبوت النسب من جهته مسألة لو أقر ببنوة عبد الغير أو ببنوة معتقه لم يلحق به إن كان صغيرا
محافظة على حق الولاء للسيد بل يفتقر إلى البينة وإن كان بالغا فصدقه فالأقرب انه كذلك ولو استلحق عبدا في يده نظر فإن لم يوجد الامكان بان كان
أكبر منه سنا لم يلتفت إلى قوله واقراره باطل وان أمكن الحاقه به فإن كان مجهول النسب لحقه إن كان صغيرا وحكم بعتقه وكذا إن كان بالغا وصدقه وان
كذبه لم يثبت النسب والأقرب عتقه عملا باقراره بالنسب المتضمن للعتق ويحتمل عدمه لعدم ثبوت النسب الذي هو الأصل للعتق وإذا لم يثبت الأصل لم
يثبت التبع ولو كان العبد مشهور النسب بالغير لم يثبت نسبه وفي العتق احتمال مسألة إذا أقر بالولد وحصلت الشرايط ثبت النسب بينه وبين
الولد وكذا بين الولد وبين كل من يثبت بينه وبين الولد المشهور وبه قال الشافعي وحكى عن مالك انه ان شاع بين الناس انه استلحق من ليس ولدا له لم يلحقه
170

وان اجتمعت الشرايط التي تقدمت واعلم أن انتفاء التكذيب في البالغ غير كاف في الالتحاق بل المعتبر تصديقه فلو أقر ببنوة البالغ فسكت البالغ لم يثبت النسب
ولم يكن كافيا في الالتحاق بل يعتبر ان يصدقه ولو استلحق بالغا عاقلا فصدقه الولد ثبت النسب على ما قلناه فان رجعا فالأقرب انه لا يسقط النسب لأنه
يثبت بتصادقهما والنسب المحكوم بثبوته لا يرتفع بالمواطاة والاتفاق على رفعه كما لو ثبت بالفراش ويحتمل رفع النسب لأنه ثبت لا بالفراش بل بمجرد الاقرار
فإذا رجعا عنه وجب ان يبقى الامر على ما كان عليه قبل الاقرار كما لو أقر بمال ورجع وصدقه المقر له وللشافعية وجهان كالاحتمالين مسألة إذا كان له جارية
ذات ولد فقال هذا ولدي من هذه الجارية ثبت نسبه مع الامكان وهل تكون الجارية أم ولد فيه اشكال ينشأ من امكان استيلادها بالنكاح ثم ملكها بعد
ذلك فلا تكون أم ولد وانه استولدها بشبهة أو بإباحة المولى فلا تكون أيضا أم ولد ومن أن الظاهر أنه استولدها في الملك لأنه حاصل محقق والنكاح غير معلوم
والأصل فيه العدم وكذا الأصل عدم الشبهة وعدم الإباحة وللشافعي قولان كهذين وللمسألة خروج ظاهرا عند الشافعية على قولي تقابل الأصل والظاهر
وما الاظهر من الخلاف في المسألة قال جماعة منهم ان الثاني أظهر وهو ظاهر نص مذهب الشافعي في المختصر لكن الأول أقرب إلى القياس وأشبه بقاعدة الاقرار وهي
البناء على المتيقن ولو قال إنه ولدي منها ولدته في ملكي فهي أم ولد لتصريحه بالولادة في الملك وللشافعية فيه طريقان أحدهما القطع بثبوت أمية الولد
لتصريحه بالولادة في الملك وأصحهما عندهم انه على القولين لاحتمال ان يحبلها قبل الملك بالنكاح ثم يشتريها فتلد في الملك ولا بأس به عندي ولو قال إنه ولدي
استولدتها به في ملكي أو علقت في ملكي فهي أم ولد قطعا وانقطع الاحتمال وكذا لو قال هذا ولدي منها وهي في ملكي منذ عشر سنين وكان الولد ابن سنة هذا
كله مفروض فيما إذا لم تكن الأمة مزوجة ولا فراشا عند الشافعي إما إذا كانت مزوجة لم ينسب الولد إلى السيد ولم يعتد باستلحاقه للحوقه بالزوج وإن كانت فراشا له
فان أقر بوطيها فالولد يلحقه بحكم الفراش لا بالاقرار عند الشافعي فلا يعتبر فيه الا الامكان ولا فرق في الاقرار بالاستيلاد بين ان يكون في الصحة أو في المرض
لان انشاءه نافذ في الحالين مسألة لو كان له جاريتان لكل واحدة منهما ولد فقال ولد إحديهما ولدي فللأمتين أحوال
آ ان لا تكون واحدة منهما مزوجة
ولا فراشا للسيد فيؤمر بالتفسير والتعيين كما لو أقر بطلاق إحدى امرأتيه فإذا عين أحدهما ثبت نسبه وكان حرا وورثه ثم إن صرح بأنه استولد امه في النكاح لم تصر أم
ولد وان اضافه وطى شبهة فكذلك على الأقوى وللشيخ رحمه الله فيه قول وللشافعية قولان ولو قال استولدتها بالزنا مفصولا عن الاستلحاق لم يقبل ولحق
به النسب عملا بأول كلامه وفي حريته اشكال الأقرب ذلك وفي أمية الولد للشافعية قولان كما إذا اطلق الاستلحاق وان وصله باللفظ قال بعض الشافعية لا
يثبت النسب ولا أمية الولد وينبغي ان يخرج ذلك عندهم على قول تبعيض الاقرار وقد سبق البحث في مثله إذا ثبت هذا فان الولد الأخر يكون رقا وكذا لو كانا
من أمة واحدة ولو ادعت الأمة الأخرى ان ولدها هو الذي استلحقه وانها التي استولدها فالقول قول السيد مع يمينه لتمسكه بالأصل وكذا لو بلغ الولد
وادعى فان نكل السيد حلف المدعي وقضى بمقتضى يمينه ولو مات السيد قبل التعيين قام ورثته مقامه في التعيين عند الشافعية والأقرب عندي القرعة فان
عين الورثة كان حكم تعيينهم حكم تعيين المولى في النسب والحرية والإرث عندهم وتكون ان المعين مستولدة ان ذكر السيد ما يقتضي الاستيلاد والا سئلوا
وحكم بيانهم حكم بيان المورث فان قالوا لا نعلم أنه استولدها فعلى الخلاف فيما إذا اطلق المستلحق استلحاقه ولو لم يكن وارث أو قال الورثة لا نعلم حكم بالقرعة
قطعا عندنا لأنه أمر مشتبه وقالت الشافعية يعرض الولدان على القافة فأيهما الحقوه به لحق والحكم في النسب والحرية والإرث كتعيين الموروث (للوريث)
عندهم وفي الاستيلاد كما لو اطلق الاستلحاق قالت الشافعية ويجوز ظهور الحال للقائف مع موت المستلحق بان كان قد رآه أو بان يراه قبل الدفن أو بان
يرى عصبته فيجد الشبه فان عجزنا عن الاستفادة من القايف لعدمه أو لالحاقه الولدين به أو نفيهما عنه أو أشكل الامر عليه أقرعنا بينهما لتعرف الحر منهما فاما عندنا
فإنه يحكم بالقرعة من رأس ولا ينتظر بلوغ الولدين عندنا وعندهم حتى ينتسبا بخلاف ما لو تنازع اثنان في ولد ولا قايف هناك لان الاشتباه ههنا في أن
الولد أيهما فلو اعتبر الانتساب ربما ينسب كل واحد منهما إليه فلا يرتفع الاشكال ولا يحكم عندهم لمن خرجت قرعته بالنسب والميراث لان القرعة عندهم على خلاف
القياس وانما ورد الخبر عندهم بها في العتق فلا تعمل في النسب والميراث وعندنا انها تجري في كل أمر مشكل بالنص عن الأئمة عليهم السلام ومع القرعة عندهم هل يوقف
نصيب ابن بين من خرجت له القرعة وبين الأخر للشافعية وجهان والأظهر عندهم انه يوقف واما الاستيلاد فهو على التفصيل السابق وعندنا القرعة
تنفذ في النسب وتوابعه من الميراث وغيره واما الاستيلاد فإن لم يوجد من السيد ما يقتضيه لم يثبت وان وجد فهل تحصل أمية
الولد في أم ذلك الولد بخروج القرعة ذكر الجويني للشافعية وجهين ثم قال المذهب انها لا تحصل لأنها تبع النسب فإذا لم نجعله ولدا لا نجعلها أم ولد والذي اورده
الأكثر انها تحصل لان المقصود العتق والقرعة عاملة فيه فكما تفيد حريته تفيد حريتها وهو الذي نذهب نحن إليه وهل يفتقر في اخراج الأمية لاحديهما إلى
قرعة أخرى أم يثبت بحكم القرعة الأولى الأقوى عندي الثاني وهو قول أكثر الشافعية إذ لا يؤمن من خروج القرعة على غير التي خرجت لولدها مسألة كل
موضع ثبت الاستيلاد فيه فالولد حر الأصل لا ولاء عليه وكل موضع لا يثبت فعليه الولاء الا إذا نسبه إلى وطي شبهة وقلنا انها لا تصير أم ولد له إذا ملكها بعد
ذلك وإذا لم يثبت الاستيلاد ومات السيد ورث الولد امه وعتقت عليه وهذا إذا تعين لا بالقرعة وإن كان معه وارث آخر عتق نصيبه عليه ولم يسر هذا
كله حكم الحالة الأولى في الأمتين وهو ان لا تكونا متزوجتين ب أن تكون الأمتان مزوجتين فإنه لا يقبل قول السيد وولد كل أمة ملحق بزوجها وان كانتا فراشا
للسيد فإن كان قد أقر بوطيهما لحقه الولدان بحكم الفراش ج لو كانت إحديهما مزوجة لم يتعين اقراره في الأخرى بل يطالب بالتعيين فان عين في ولد الزوجة
لم يقبل وان عين في ولد الأخرى قبل ويثبت نسبه وإن كانت إحديهما فراشا له لم يتعين اقراره في ولدها بل يؤمر بالتعيين فان عين في ولد الأخرى لحقه بالاقرار
والولد الأخر ملحق به بالفراش مسألة لو كان له جارية لها ثلاثة أولاد فقال أحد هؤلاء الثلاثة ولدي ولم تكن الأمة مزوجة ولا فراشا للسيد قبل ولادتهم
عندهم فإنها لو كانت مزوجة كان الولد للزوج لم يلتفت إلى اقراره وإن كانت موطوءة للمولى ثبت الولد بالفراش لا بالاقرار عندهم فحينئذ يطالب بالتعيين فمن عينه
منهم فهو نسيب حر وارث والقول في الاستيلاد على التفصيل الذي مر ثم إن عين الأصغر منهم ثبت نسبه وكان الأكبر ان رقيقين ولكل واحد منهما ان يدعي
انه الولد والقول قول المنكر مع يمينه وان عين الوسط فالأكبر رقيق واما الأصغر فمبني على استيلاد الأمة فإذا لم نجعلها مستولدة فهو رقيق كالأم
وان جعلناها مستولدة فنظر ان لم يدع الاستبراء بعد الأوسط فقد صارت فراشا له بالأوسط فيلحقه الأصغر ويرثه وان ادعى الاستبراء فيبنى على أن نسب
171

ملك اليمين هل ينتفي بدعوى الاستبراء وسيأتي الخلاف فيه في اللعان فان قلنا لا ينتفي فهو كما لو لم يدع الاستبراء وان قلنا ينتفي فلا يلحقه الأصغر وفي
حكمه للشافعية وجهان أظهرهما انه كالأم يعتق بوفاة السيد لأنه ولد أم الولد وأم الولد إذا ولدت من زوج أو زنا عتق ولدها بعتقها والثاني أنه يكون قنا لان ولد أم
الولد قد يكون كذلك كما لو أحبل الراهن الجارية المرهونة وقلنا انها لا تصير أم ولد له فبيعت في الحق فولدت أولادا ثم ملكها وأولادها فانا نحكم بأنها أم ولد له
على الصحيح عندهم والأولاد أرقاء لا يأخذون حكمها وأيضا فإنه إذا أحبل جارية بالشبهة ثم أتت بأولاد من زوج أو زنا ثم ملكها وأولادها يكون أم ولد على قول
والأولاد لا يأخذون حكمها فإذا أمكن ذلك لم يلزم من ثبوت الاستيلاد ان يأخذ الولد حكمها بالشك والاحتمال ولصاحب الوجه الأول أن يقول الأولاد في الصورتين
المذكورتين ولد قبل الحكم بالاستيلاد والأصغر ولد بعد الحكم بالاستيلاد على أن بعض الشافعية حكى في صورة الرهن وجها آخر ان الأولاد يأخذون حكمها ولا يبعد عندهم ان يجئ مثله في صورة
الأحبال بالشبهة وقد ذكر بعضهم وجها اخر فيما إذا لم يدع الاستبراء انه لا يثبت نسبه ويكون حكمه حكم الام يعتق بموت السيد لان الاستبراء حصل بالأوسط
وان عين الأكبر فالقول في حكم الأوسط والأصغر كما ذكرناه في الأصغر إذا عين الأوسط ولو مات السيد قبل التعيين عين وارثه ويحتمل القرعة عندنا فإن لم
يعين الوارث أو لم يكن عرضوا على القايف عند الشافعي وهو غلط عندنا فان تعذر معرفة القايف فالقرعة ونحن نقول بالقرعة ابتداء لمعرفة الحرية وثبوت
الاستيلاد على ما سلف واعترض المزني بان الأصغر حر بكل حال عند موت السيد لأنه إما ان يكون هو المقر به أو يكون ولد أم الولد وولد أم الولد يعتق بموت السيد
عندهم وإذا كان حرا بكل حال وجب ان لا يدخل في القرعة لكن عندنا لا يتحرر ولد أم الولد بموت السيد قالوا وانما لم يدخل في القرعة لأنه ربما يخرج القرعة على غيره
فيلزم ارقاقه واختلف أصحاب الشافعي في الجواب عنه فقال بعضهم انه حر ولا يدخل في القرعة ليرق ان خرجت لغيره بل ليرق غيره ان خرجت عليه ويقتصر العتق عليه
ومنع آخرون حريته على انها وإن كانت أم ولد فولد أم الولد يجوز ان يكون رقيقا وهذا مذهبنا لكن الاظهر عندهم الأول وهو عين الوجه الأول المذكور
فيما إذا عين الأوسط وادعى الاستبراء بعده وقلنا انه ينتفي به النسب ثم إذا أقرعنا بينهم وخرجت القرعة لواحد منهم فهو حر والمشهور ان النسب والميراث
لا يثبتان عندهم كما في المسألة الأولى وحكى عن المزني ان الأصغر نسيب بكل حال لأنه بين ان يكون هو المراد بالاستلحاق وبين ان يكون ولد أمته التي صارت فراشا
له بولادة من قبله ثم جرى أصحاب الشافعي على دأبهم في الطعن على اعتراضاته متبادرين وقال بعض الشافعية لكن الحق المطابق لما تقدم ان نفرق بين ما إذا كان
السيد قد ادعى الاستبراء قبل ولادة الأصغر وبين ما إذا لم يدعه ويساعد في هذه الحالة وإذا ثبت النسب ثبتت الحرية لا محالة وحيث لا نحكم بثبوت النسب فهل يوقف الميراث
فيه للشافعية وجهان أحدهما نعم لأنا نتيقن ان أحدهما ابنه وان لم تفد القرعة تعيينه عندهم فأشبه ما إذا طلق إحدى امرأتيه ومات قبل البيان حيث يوقف
نصيب امرأة والثاني لا لأنه اشكال وقع اليأس عن زواله فأشبه ما إذا غرق المتوارثان ولم يعلم هل ماتا معا أو على التعاقب لا توريث ولا وقف وهذا أصح عند
أكثر الشافعية واختار المزني الوقف ثم اختلف الرواية عنه في كيفيته ففي بعضها انه إذا كان له ابن معروف النسب يدفع إليه ربع الميراث ويرفع ربعه إلى الأصغر ويوقف
النصف وفي أخرى انه يدفع نصف الميراث إلى معروف النسب ويوقف النصف للمجهول والرواية الأولى مبنية على ما ذهب إليه المزني من أن الأصغر نسيب بكل حال
فهو والمعروف ابنان يقينا فيدفع إليهما ويوقف النصف بينهما وبين الأكبرين فيجوز ان يكونا ابنين أيضا ويجوز ان يكون واحد منهما ابنا ويجوز ان يكون
الأوسط دون الأكبر والرواية الثانية اختيار منه للشافعي جوابا على أنه لا يثبت نسب واحد منهم على التعيين لكن نعلم أن فيهم ابنا فيوقف النصف له ويدفع النصف
إلى الابن المعروف وإذا عرفت هذا فاعلم أن أبا حنيفة قال إذا مات المقر قبل البيان لم يقرع ويكون الأصغر حرا كله ويعتق من الأوسط ثلثاه لأنه حر في حالتين وهما إذا عينه
أو عين الأكبر رقيق في حالة واحدة وهي إذ عين الأصغر ومن الأكبر ثلثه لأنه حر في حالة واحدة وهي إذا عين فيه رقيق في حالتين وهما إذا عين الأوسط أو الأصغر وقال يعتق
من الام ثلثاها لأنه قد عتق ثلثا ولدها مسألة إذا أقر ببنوة صغير لم يكن ذلك اعترافا بزوجية الام سواء كانت امه مشهورة بالحرية أو بالزنا أو غير مشهورة
بأحدهما لان الزوجية والنسب امران متغايران غير متلازمين فلا يدل أحدهما على الأخر بالمطابقة ولا بالتضمن ولا بالالتزام وخالف فيه أبو حنيفة فقال إن كانت
امه مشهورة بالحرية كان الاقرار بالولد اقرارا بزوجية امه وان لم تكن مشهورة فلا ولو عين أحد الولدين في الاستلحاق ثم اشتبه ومات أو لم يعين وكانا من
جارية له استخرج بالقرعة وكان الأخر رقا له ويثبت الاستيلاد لام من أخرجته القرعة على ما تقدم ولو كان للجاريتين زوجان بطل اقراره ولو كان لاحديهما زوج
انصرف الاقرار إلى ولد الأخرى القسم الثاني الاقرار بغير الولد من الأنساب مسألة إذا أقر بمن يلحق النسب بغيره مثل أن يقول أخي كان معناه
انه ابن أبي أو ابن أمي ولو أقر بعمومة غيره كان النسب ملحقا بالجد فكأنه قال ابن جدي ويثبت النسب بهذا الالحاق بالشرايط السابقة وبشروط اخر زايدة
عليها آ ان يصدقه المقر به أو تقوم البينة على دعواه وإن كان ولد ولد ب ان يكون الملحق به ميتا فما دام حيا لم يكن لغيره الالحاق به وإن كان مجنونا
ج ان لا يكون الملحق به قد نفى المقر به إما إذا نفاه ثم استلحقه وارثه بعد موته فاشكال ينشأ من أنه لو استلحقه المورث بعد ما نفاه باللعان وغيره لحق به
وان لم يرثه عندنا ومن سبق الحكم ببطلان هذا النسب ففي الحاقه بعد الموت الحاق عار بنسبه وشرط الوارث ان يفعل ما فيه حظ المورث لا ما يتضرر به وللشافعية
فيه وجهان كهذين لكن الأول عندهم أشبه وهو الأقوى عندي د صدور الاقرار من الورثة الحايزين للتركة فلو أقر الأجنبي لم يثبت به النسب ولو مات مسلم عن ابن
كافر أو قاتل أو رقيق لم يقبل اقراره عليه بالنسب كما لا يقبل اقراره عليه بالمال ولو كان له ابنان مسلم وكافر لم يعتبر موافقة الكافر ولو كان الميت كافر كفى استلحاق الكافر عند العامة ولا فرق
في ثبوت النسب بين ان يكون المقر به كافرا أو مسلما مسألة لو مات وخلف ولدا فاقر ذلك الولد بابن اخر للميت ثبت نسبه ولو خلف ابنين أو جماعة
أولاد ذكور أو إناث أو ذكور وإناث لم يكن بد من اتفاقهم جميعا وكذا يعتبر موافقة الزوج والزوجة لأنهما من الورثة وهو قول أكثر الشافعية وفيه وجه اخر لهم انه لا يعتبر موافقتهما
له لان الزوجية تنقطع بالموت ولان المقر به النسب ولا شركة لهما فيه ويجرى مثل هذا الخلاف في العتق ولو مات وخلف بنتا لا غير ورثت الجميع عندنا فلو أقرت
بولد اخر ذكر أو أنثى ثبت النسب عندنا وفصل الشافعية فقالوا إن كانت حايزة بان كانت معتقة ثبت النسب باقرارها ان لم تكن حايزة ووافقها الامام
فوجهان جاريان فيما إذا مات من لا وارث له فالحق الامام به مجهولا والخلاف مبني عندهم على أن الامام له حكم الوارث أو لا قال بعض الشافعية انه يثبت النسب
بموافقة الامام ثم هذا الكلام فيما إذا ذكر الامام ذلك لا على وجه الحكم إما إذا ذكره على وجه الحكم فان قلنا إنه يقضي بعلم نفسه ثبت النسب والا فلا ولا فرق
عندهم بين ان يكون حيازة الملحق تركة الملحق به بواسطة أو بغيرها بان كان قد مات أبوه قبل جده والوارث ابن الابن فلا واسطة مسألة لو خلف
172

ابنين بالغين فاقر أحدهما باخ ثالث لم يستقل بالاقرار ولم يثبت النسب ان لم يوافقه ولو كان للثالث مشاركة المقر في الميراث دون الأخر وانما لم يثبت نسبه لان
المنكر يقدم قوله مع عدم البينة فلا يثبت النسب بالنسبة إليه ولا بالنسبة إلى المقر أيضا لان النسب لا يتبعض بل يشارك بالنسبة إلى حصة المقر فيأخذ ثلث ما في
يده وهو فضل ما في يد المقر عن ميراثه ولا فرق بين ان يقر أحدهما باب أو أخ ونقل الجويني وجها اخر انه ينفرد ويحكم بثبوت النسب في الحال لان أمر النسب
خطير فالظاهر من حال كامل الحال من الورثة انه يعتني به ولا يجازف فيه فلو كان أحد الولدين صغيرا وأقر البالغ فعلى ما اخترناه من عدم ثبوت النسب بقول الواحد
وهو قول أكثر الشافعية ينتظر بلوغ الصبي فإذا بلغ ووافق البالغ ثبت النسب حينئذ وان مات قبل البلوغ فإن لم
يكن الميت قد خلف سوى المقر ثبت النسب
ولا يحتاج إلى تجديد الاقرار وان خلف ورثة سواه اعتبر موافقتهم فإن كان أحد الوارثين مجنونا فهو كما لو كان أحدهما صبيا مسألة لو خلف وارثين
بالغين رشيدين فاقر أحدهما بوارث ثالث وأنكر الأخر قال الشافعي الذي احفظه من قول المدنيين فيمن خلف ابنين فاقر أحدهما باخ ان نسبه لا يلحق ولا يأخذ شيئا
لأنه أقر له بمعنى إذا ثبت ورث وورث فإذا لم يثبت ذلك عليه حق لم يثبت هنا قال وهذا أصح ما قيل عندنا وقد عرفت ان الذي نصير نحن إليه ثبوت الميراث
بالنسبة إلى المقر فيأخذ ما فضل عن نصيبه مما في يده خاصة واما عدم النسب فاجماع لان النسب لا يتبعض فلا يمكن اثباته في حق المقر دون المنكر ولا يمكن اثباته في
حقهما لان شهادة الواحد لا يثبت بها نسب إذا عرفت هذا فان المقر له يشارك المقر في الميراث بالنسبة فلو كان الميت قد خلف ابنين فاقر أحدهما بثالث وأنكر
الأخر فالتركة في قول المنكر نصفان بينه وبين المقر وفي قول المقر أثلاث وفي يده النصف فيدفع منه السدس الذي (فضل)؟ في يده إلى الثالث ويكون للمقر الثلث وللمنكر
النصف وللثالث السدس عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وابن أبي ليلى لأنه أقر بمال متعلق بسبب لم يحكم ببطلانه فوجب ان يلزمه المال كما لو أقر بيع شقص له وأنكر
المشتري وحلف فان الشفعة تثبت فيه وكذا لو أقر بدين على أبيه وانكره الأخر وقال أبو حنيفة واحمد يأخذ الثالث نصف ما في يد المقر وقال الشافعي ليس للمقر له شئ
من الميراث لا من حصة المقر ولا من أصل التركة وبه قال ابن سيرين لأنه أقر بنسب لم يثبت فوجب ان لا يثبت له ميراث كما لو أقر بنسب معروف النسب والملازمة ممنوعة
والفرق ظاهر بين مشهور النسب وغيره مسألة لو أقر أحد الولدين الرشيدين بثالث وأنكر الأخر ثم مات المنكر ولم يخلف الا أخاه المقر فالأقرب انه يثبت النسب والميراث
وبه قال الشافعية في أظهر الوجهين لان جميع الميراث قد صار له والثاني لهم المنع لان اقرار الفرع مسبوق بانكار الأصل ويجري هذا الخلاف فيما إذا خلف المنكر
غير المقر وارثا فاقر ذلك الوارث والوجهان عند بعض الشافعية مبنيان على الوجهين في استلحاق من نفاه المورث ولو أقر أحد الابنين وسكت الأخر ثم مات
الساكت وخلف ابنا وأقر الابن ثبت النسب قطعا عندنا وهو ظاهر وكذا عند الشافعي لان اقراره غير مسبوق بتكذيب الأصل مسألة إذا مات وخلف
ابنا بالغا رشيدا لا ولد له مشهور سواه فاقر الابن باخوة مجهول النسب وأنكر المجهول نسب المعروف المقر له لم يلتفت إلى انكاره ولم يتأثر بقوله نسب المشهور وهو قول
أكثر الشافعية وفيه وجه اخر لهم ان المقر يحتاج إلى البينة على نسبه لأنه قد اعترف بنسب مجهول وقد أنكر المجهول نسب المقر فالمجهول يثبت نسبه باقرار المنفرد في الميراث
لكن الأول أصح عندهم وفي ثبوت نسب المجهول عند الشافعية وجهان المنع لان المقر ليس بوارث بزعمه والثاني وهو الأصح عندهم وعندنا انه يثبت لأنا قد حكمنا
بأنه وارث حايز للتركة ولو أقر باخوة مجهول ثم إنهما معا اقرا بثالث وأنكر الثالث نسب الثاني ففي سقوط نسب الثاني للشافعية وجهان أصحهما عندهم السقوط لأنه ثبت
نسب الثالث فاعتبر موافقته لثبوت نسب الثاني ولو أقر باخوة مجهولين وصدق كل واحد منهما الأخر ثبت نسبهما فان كذب كل واحد منهما الأخر فللشافعية وجهان
أصحهما عندهم ثبوت النسبين لوجود الاقرار ممن يجوز التركة وان صدق أحدهما الأخر وكذبه الأخر ثبت نسب المصدق دون المكذب هذا إذا لم يكن المجهولان توأمين فان
كانا توأمين فلا اثر لتكذيب أحدهما الأخر فإذا أقر الوارث بأحدهما ثبت نسب كليهما مسألة لو أقر بنسب من يحجب المقر كما إذا مات عن عم أو أخ فاقر بابن
للميت فللشافعية وجهان أحدهما انه لا يثبت نسبه والا لزم الدور ولأنه لو ثبت لورث ولو ورث لحجب المقر ولو حجب لخرج عن أهلية الاقرار فإذا بطل الاقرار بطل
النسب وأصحهما عندهم وهو مذهبنا انه يثبت النسب لان ثبوت النسب بمجرده لا يرفع الاقرار وانما يلزم ذلك من التوريث وسيأتي البحث فيه ثم التوريث قد ينتفي
لأسباب وتوابع فلا يبعد ان يكون هذا منها وعندنا ان المقر به يرث وسيأتي مسألة المقر به لا يخلو إما ان يحجب المقر عن الميراث أو لا يحجب أو يحجب بعض الورثة
المقرين دون بعض فإن لم يحجب المقر اشتركا في التركة على فريضة الله تعالى ولو أقر أحد الابنين المستغرقين باخ وأنكر الأخر فالذي ذهبنا إليه ان المقر له يرث السدس يأخذه
من نصيب المقر وظاهر مذهب الشافعي وهو منصوصه انه لا يرث لان الإرث فرع النسب وانه غير ثابت كما سبق فإذا لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع وعن بعض
الشافعية ان المقر به يرث فيشارك المقر فيما في يده وهو منسوب إلى ابن شريح وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد وقد تقدم بيانه مسألة لو خلف الميت ابنين فقال
أحدهما فلانة بنت أبينا وأنكر الأخر حرم على المقر نكاحها وإن كان ذلك فرع النسب الذي لم يثبت ولو قال أحدهما ان العبد الذي في التركة ابن أبينا لم يثبت النسب لعدم
الاتفاق لكن الأقرب انه يعتق لاقراره بأنه حر فيثبت عتق نصيبه ولا يسري لأنه لم يباشر العتق فلا يقوم عليه وللشافعية في الحكم بعتقه وجهان ولو قال أحد شريكي
العقار لثالث بعت منك نصيبي فأنكر لا يثبت الشراء وفي ثبوت الشفعة للشريك خلاف ولو قال لزيد على عمرو كذا وانا به ضامن فأنكر عمرو ففي مطالبة المقر
بالضمان خلاف والأصح عند الشافعية المطالبة ولو اعترف الزوج بالخلع وأنكرت المراة ثبتت البينونة وان لم يثبت المال الذي هو الأصل فعلى ظاهر مذهب الشافعية
فهذه الاحكام في ظاهر الحكم واما في الباطن فهل على المقر إذا كان صادقا ان يشركه فيما في يده فيه وجهان أحدهما لا كما في الظاهر والثاني نعم وهو الصحيح عندهم لأنه عالم
باستحقاقه فيحرم عليه منع حقه منه وعلى هذا فيما يشركه فيه وجهان أحدهما بنصف ما في يده لان قضية ميراث البنين التسوية فلا يسلم لأحدهم شئ الا ويسلم
للاخر مثله والثالث بزعمهما غصبهما بعض حقهما وبه قال أبو حنيفة وأصحهما عندهم ما ذهبنا نحن إليه وهو قول مالك واحمد بثلث ما في يده لان حق الثالث
بزعم المقر شايع فيما في يد صاحبه فله الثلث من هذا والثلث من ذاك ويقال الوجهان مبنيان على القولين فيما إذا أقر أحد الابنين بدين على أبيه وأنكر الأخر هل
على المقر توفية جميع الدين مما في يده أم لا يلزمه الا القسط فان قلنا بالثاني وهو مذهبنا لم يلزمه الا الثلث لجعلنا الحق الثابت بالاقرار شايعا في التركة ولكل
واحد من الوجهين عبارة تجري مجرى الضابط لأخوات هذه الصورة فالعبارة على وجه النصف انا ننظر في أصل المسألة على قول المنكر ونصرف إليه نصيبه منها
ثم نقسم الباقي بين المقر والمقر به فان انكسر صححناه بالضرب واصل المسألة في الصورة التي نحن فيها اثنان على قول المنكر ندفع إليه واحدا منها يبقى واحد لا ينقسم على
اثنين فنضرب اثنين في أصل المسألة يكون أربعة سهمان منها للمنكر ولكل واحد من الآخرين سهم وعلى الوجه الذي حكمنا فيه بالثلث نأخذ أصل المسألة على قول المنكر
173

واصلها على قول المقر ونضرب أحدهما في الأخر ونقسم الحاصل باعتبار مسألة الانكار فندفع نصيب المنكر منه إليه ثم باعتبار مسألة الاقرار فندفع نصيب المقر
منه إليه وندفع الباقي إلى المقر به ومسألة الانكار فيما نحن فيه من ابنين ومسألة الاقرار من ثلاثة فنضرب أحدهما في الأخر يكون ستة ثلاثة منها للمنكر وسهمان للمقر
وسهم للمقر له ولو كانت المسألة بحالها وأقر أحد الابنين بأخريين (بأخوين) فعلى الوجه الأول المسألة على قول المنكر من اثنين تدفع نصيبه إليه يبقى واحد لا ينقسم على ثلاثة فنضرب
ثلاثة في اثنين يكون ستة ثلاثة منها للمنكر ولكل واحد من الباقين سهم وعلى الوجه الثاني أصلها على قول المنكر من اثنين على قول المقر من أربعة نضرب أحدهما في الأخر
يكون ثمانية أربعة منها للمنكر واثنان للمقر ولكل واحد من المقر بهما سهم وقال بعضهم نصرف بالتوسط بين الوجهين وهو ان ننظر فيما حصل في يد المقر لحصل بقسمة
أجبره المنكر عليها أم بقسمة هو مختار فيها إما على تقدير الاجبار فالجواب ما ذكرنا في الوجه الثاني واما على تقدير الاختيار فننظر إن كان عالما عند القسمة بان معهما ثالثا مستحقا
فالجواب ما ذكرناه في الوجه الأول لأنه متعد بتسليم حصة الثالث إليه فيغرم ما حصل في يد صاحبه كما يغرم الحاصل في يده وان لم يكن عالما حينئذ ثم علم فوجهان وجه
أحدهما بأنه لا يقتص منه والثاني بأنه لا فرق بين العلم والجهل فيما يرجع إلى الغرم مسألة لو كان المقر به مما يحجب المقرين عن الميراث أو بعضهم كما لو كان
الوارث في الظاهر أخا أو ابن عم أو معتقا فاقر بابن للميت حاز المال الابن بأجمعه ولا شئ للمقر واما الشافعي فقال إن لم يثبت نسبه فذاك وان ثبت ففي الميراث
وجهان أحدهما المنع وهو الاظهر عندهم والثاني انه يرث وبه قال ابن شريح أو يحجب المقر كما اخترناه نحن ومنعوا لزوم بطلان الاقرار من حرمانه وقالوا المعتبر كونه وارثا
لولا اقراره وذلك لا ينافي خروجه عن الورثة بالاقرار كما أن المعتبر كونه حايزا للتركة لولا اقراره وذلك لا ينافي خروجه عن كونه حايزا بالاقرار فلا جرم لو أقر الابن الحايز للتركة في الظاهر باخوة غيره قبل وتشاركا في الإرث كذا هنا ولو خلف بنتا هي
معتقه فأقرت باخ ورثا عندنا جميع المال وللشافعية في ميراثه وجهان تفريعا على الوجه الأول في المسألة السابقة أحدهما يثبت ويكون المال بينهما أثلاثا لان توريثه
لا يحجبها والثاني لا لأنه يحجبها عن عصوبة الولاء فصار كما لو خلف بنتا ومعتقا فأقرا بابن للميت لا يثبت الميراث لحجبه المعتق وقد عرفت مذهبنا في ذلك ولو ادعى
مجهول على أخ الميت انه ابن الميت فأنكر الأخ ونكل عن اليمين فحلف المدعي اليمين المردودة ثبت نسبه ثم إن جعلنا النكول ورد اليمين كالبينة ورث وحجب الأخ
وان جعلناها كالاقرار ففيه الخلاف المذكور فيما إذا أقر الأخ به ولو مات عن بنت وأخت فأقرتا بابن للميت فعندنا لا اعتبار باقرار الأخت إذ لا يثبت في حقها حيث إنها
لا ترث عندنا ولا في حق البنت لكن المعتبر اقرار البنت فتقسم التركة أثلاثا للبنت الثلث وللابن الثلثان إما العامة فإنهم حيث ورثوا الأخت هنا اعتبروا اقرارها
ثم اختلف قول الشافعية فقال بعضهم نصيب الأخت يسلم إليها على الوجه الاظهر عندهم لأنه لو ورث الابن لحجبها وعلى الثاني يأخذ ما في يدها كله وكذا
الحكم لو خلف زوجة واخا فاقرا بابن فعندنا للزوجة الثمن والباقي للابن وعند الشافعية للزوجة الربع على الوجه الاظهر عندهم وهذا الابن لا ينقص حقها
كما لا يسقط الأخ مسألة لو خلف ابنا واحدا فاقر بآخر لم يثبت نسب الأخر الا إذا صدقه أو أقام البينة ومع البينة يحكم بالنسب مطلقا ومع التصديق يتوارثان
بينهما ولا يتعدى التوارث إلى غيرهما ولو كان للمقر به ورثة مشهورون لم يقبل اقراره في النسب وان تصادقا وكان له الميراث ولو أقر أحد الابنين ببنت وأنكر
الأخر دفع المقر خمس ما في يده ولو اقرا معا ثبت لها خمس الجميع ولو تناكر الابنان اللذان أقر بهما الوارث دفعة لم يلتفت إلى تناكرهما لكن لا يثبت النسب ويأخذان
الميراث مسألة لا يشترط في المقر ان يكون جميع الورثة عندنا بل لو أقر بعضهم دون بعض لزم المقر حكم اقراره في نصيبه دون نصيب الباقي فلا يشترط
اقرار جميع الورثة ولا يشترط عندنا عدد الشهادة بل لو أقر واحد لزمه الحكم في نصيبه وقال الشافعي يشترط اقرار جميع الورثة وقال أبو حنيفة لا يشترط الجميع بل عدد
الشهادة شرط فإذا لم يكن الا ابن واحد لم يثبت النسب باقراره فإذا خلف بنين عدة فاقر اثنان منهم فان كانا عدلين أجيزت شهادتهما على باقي الورثة وثبت النسب
والميراث وان لم يكونا عدلين اخذ المقر به من نصيبهما بالنسبة خاصة وبه قال مالك مسألة اقرار الورثة بزوج أو زوجة للميت مقبول ويشارك المقر به ولو أقر
بعضهم ثبت نصيبه عندنا خاصة بالنسبة إليه دون باقي الورثة وللشافعي قولان في أنه هل يقبل اقرار جميع الورثة بالزوج أو الزوجة ففي الجديد كما قلناه انه يقبل
وفي القديم قول انه لا يقبل فان قبلنا فلو أقر أحد الابنين المستغرقين وأنكر الأخر فالتوريث على ما ذكرناه فيما إذا أقر أحدهما باخ وأنكر الأخر ولو قال ابن الميت فلان
أخي ثم فسره بالاخوة من الرضاع أو في الدين فالأقوى عندي القبول لاحتماله وهو اعلم بمراده من لفظه وقال بعض الشافعية لا يقبل هذا التفسير لأنه خلاف
الظاهر ولهذا لو فسر باخوة الاسلام لم يقبل وهو ممكن ولو أقر على أبيه بالولاء فقال إنه معتق فلان ثبت الولاء عليه وشرط الشافعية ان يكون المقر مستغرقا كالنسب ونحن
لا نشرط ذلك مسألة قد بينا ان المقر به إذا كان بالغا رشيدا افتقر المقر إلى تصديقه سواء كان المقر به ولدا أو غيره وللشيخ رحمه الله قول ان الولد الكبير لا
يعتبر تصديقه بل لو كذب المقر في اقراره ثبت نسبه كالصغير وليس بمعتمد ولو أقر الاخوان بابن للميت وكانا عدلين ثبت نسبه وحاز الميراث ولا دور عندنا ولو كانا
فاسقين اخذ الميراث ولم يثبت النسب وانما يثبت النسب بشهادة رجلين عدلين ولا يقبل فيه شاهد وامرأتان ولا شهادة فاسقين وان كانا وارثين وإذ أقر الولد
باخر فاقرا بثالث ثبت نسب الثالث ان كانا عدلين ولو أنكر الثالث الثاني لم يثبت نسب الثاني وأخذ السدس والثالث النصف والأول الثلث فان مات الثالث
عن ابن مقر دفع السدس إلى الثاني أيضا ولو كان الأولان معلومي النسب لم يلتفت إلى انكاره لأحدهما وكانت التركة أثلاثا ولو أنكر الأول وكان معلوم النسب لم يلتفت إلى انكاره والا فله النصف وللأول السدس ان صدقه الثاني ولو أقر الوارث بمن
هو أولي منه كان المال للمقر له فلو أقر العم باخ سلم إليه التركة فان أقر الأخ بولد سلمت التركة إلى الولد ولو كان المقر العم بعد اقراره بالأخ فان صدقه الأخ فالمال
للولد وان كذبه فالتركة للأخ ويغرم العم التركة للولد ان نفى وارثا غيره والا ففيه اشكال مسألة لو أقر الأخ بولد للميت فالمال للولد فان أقر باخر
فان صدقه الأول فالتركة بينهما وان كذبه فالتركة للأول ويغرم النصف للثاني وان أنكر الثاني الأول فان أقر بثالث وكان الأول قد كذب الثاني فان صدقه الأول
فللثالث نصف التركة وان كذبه الأول في الثالث أيضا غرم المقر للثالث الثلث ولو أقر الأخ بولد ثم أقر باخر
أيضا فصدقه الأول وأنكر الثاني الأول فالتركة للثاني
ولا غرم ولو أقرت الزوجة أو الزوج لولد الميت وهناك اخوة مشهورون فان صدقهما الاخوة فللزوج أو الزوجة نصيبهما الأدنى والباقي للولد ولا
شئ للاخوة وكذا كل وارث في الظاهر إذا أقر بمن هو أولي منه دفع ما في يده إلى المقر له وان أقر بمساو فبالنسبة وان كذبهما الاخوة فلهم النصف مع الزوج وثلاثة
الأرباع مع الزوجة وللزوج النصف يدفع نصفه إلى الولد وللمراة الربع تدفع نصفه إلى الولد مسألة لو أقر الأخ بولدين دفعة فصدقه كل واحد
عن نفسه خاصة لم يثبت النسب ويثبت الميراث فيأخذ كل واحد النصف ولو تناكرا بينهما لم يلتفت إلى تناكرهما ولو خلف الميت أخوين فاقر أحدهما بولد وكذبه
الأخر اخذ الولد نصيب المقر خاصة فان أقر المنكر باخر دفع إليه ما في يده ولو أقر بزوج لذات الولد أعطاه ربع ما في يده ولو لم يكن ولد أعطاه النصف فان أقر
174

بزوج اخر لم يقبل فان كذب اقراره الأول غرم للثاني ما دفع إلى الأول وهل يثبت الغرم بمجرد الاقرار أو بالتكذيب الظاهر من كلام الأصحاب الثاني ولو أقر بزوجة
لذي الولد أعطاها ثمن ما في يده ولو لم يكن ولد أعطاها الربع فان أقر بأخرى فان صدقته الأولى اقتسمتا والا غرم لها نصف ما أخذت الأولى من حصته
ولو أقر بثالثة أعطاها الثلث فان أقر برابعة أعطاها الربع فان أقر بخامسة لم يلتفت إليه على اشكال فان أنكر إحدى الأربع غرم لها ربع الثمن أو ربع الربع ولو كان
اقراره بالأربع دفعة واحدة ثبت نصيب الزوجية لهن ولا غرم سواء تصادقن أو لا مسألة لو أقر الأخ من الأب باخ من الام أعطاه السدس فان أقر الأخ من
الام بأخوين منها وصدقه الأول سلم الأخ من الام إليهما ثلث السدس بينهما بالسوية ويبقى معه الثلثان وسلم إليهما الأخ من الأب سدسا اخر ويحتمل ان يسلم الأخ من الام
الثلثين ويرجع كل منهم على الأخ من الأب بثلث السدس ولو كذبه فعلى الأول يكون للأول ثلثا السدس ولهما الثلث وعلى الثاني السدس بينهم أثلاثا ولو أقر
الولد بالزوجة أعطاها الثمن فان أقر بأخرى أعطاها نصف الثمن إذا كذبته الأولى فان أقر بثالثة فاعترفت الأوليان بهما واعترفت الثانية بالأولى استعاد
من الأولى نصف الثمن ومن الثانية سدسه فيصير معه ثلثا الثمن يسلم إلى الثالثة منه ثلثا ويبقى له ثلث اخر ولو كان أحد المذكورين عبدا أو كافرا فاقر الحر
المسلم بآخر فأعتق العبد أو أسلم الكافر قبل القسمة شارك والا فلا ولو كذب بعد زوال المانع أو قبله الثاني فلا شئ له الا ان يرجع إلى التصديق ولو كان
أحدهما غير مكلف فاقر المكلف باخر عزل لغير المكلف النصف فان اعترف بعد زوال المانع دفع الفاضل عن نصيبه وان كذب ملك المعزول ولو مات قبل الكمال
وقد تخلف السدس خاصة فإن كان قد أقره الحاكم للايقاف فهو للمقر له والا فثلثاه مسألة لو أقر أحد الولدين بابن فأنكر الثاني ثم مات المنكر عن ابن مصدق
فالأقرب ثبوت نسب العم ويحتمل العدم لكن يأخذ من تركة الميت ما فضل عن نصيبه ولو أقر الولد بزوجة وللميت أخرى فان صدقته الأخرى فالثمن بينهما والا
فللأخرى ولا غرم على اشكال ولو أقر الأخ من الام باخ إما من الأب أو من الام أو منهما فكذبه الأخ من الأب فللمقر حصته كملا وكذا لو أقر بأخوين من الأب أو منهما ولو
كانا من الام فإنه يدفع إليهما ثلث السدس لاعترافه بأنهما شريكان في الثلث لكل منهما تسع وفي يده تسع ونصف تسع فيفضل في يده نصف تسع ولو أقر الاخوان من الام
باخ منها دفعنا إليه ثلث ما في يدهما سواء صدقهما الأخ من الأب أو كذبهما ولو أقر به أحدهما خاصة دفع إليه ثلث ما في يده ولا اعتبار بتصديق الأخ من الأب أو تكذيبه
لكن لو صدق وكان عدلا كان شاهدا فإن كان المقر عدلا ثبت النسب والا فلا الفصل السادس في اللواحق مسألة لو كانت جارية في يد انسان
فجاء غيره وقال له بعتك هذه الجارية بكذا وسلمتها إليك فاد الثمن وقال المتشبث بل زوجتنيها على صداق كذا وهو علي فان جرى هذا التنازع وصاحب
اليد لم يولدها حلف كل واحد منهما على نفي ما يدعيه الأخر لان كل واحد منهما مدع وقد اتفقا معا على إباحة الوطي فان حلفا سقط دعوى الثمن والنكاح ولا
مهر سواء دخل بها صاحب اليد أو لم يدخل لأنه وان أقر بالمهر لمن كان مالكها فهو منكر له وتعود الجارية إلى المالك وفي جهة رجوعها احتمال بين انها تعود إليه كما
يعود المبيع إلى البايع لافلاس المشتري بالثمن وبين انها تعود بجهة انها لصاحب اليد بزعمه وهو يستحق الثمن عليه وقد ظفر بغير جنس حقه من ماله وللشافعية وجهان
كهذين فعلى هذا الثاني يبيعها ويستوفي ثمنها فان فضل شئ فهو لصاحب اليد ولا يحل له وطؤها وعلى الأول يحل له وطؤها والتصرف فيها ولا بد من التلفظ
بالفسخ وان حلف أحدهما دون الأخر فان حلف مدعي الثمن على نفي التزويج ونكل صاحب اليد عن اليمين على نفي الشراء حلف المدعي اليمين المردودة على الشراء
ووجب الثمن وان حلف صاحب اليد على نفي الشراء ونكل الآخر عن اليمين على نفي التزويج حلف المدعي اليمين المردودة على النكاح وحكم له بالنكاح وبان رقبتها للاخر
ثم لو ارتفع النكاح بطلاق أو غيره حلت للسيد في الظاهر وكذا في الباطن إن كان كاذبا وعن بعض الشافعية انه إذا نكل أحدهما عن اليمين المفروضة عليه اكتفى من الثاني
بيمين واحدة يجمع فيها بين النفي والاثبات والمشهور عند الشافعية الأول مسألة لو جرى هذا التنازع وصاحب اليد قد أولدها فالولد حر والجارية
أم ولد له باعتراف المالك القديم وهو يدعي الثمن فيحلف صاحب اليد على نفيه فان حلف على نفي الشراء سقط عنه ثمن المدعي وهل يرجع المالك عليه بشئ
فيه احتمال ان يرجع بأقل الامرين من الثمن أو المهر لأنه يدعي الثمن وصاحب اليد يقر له بالمهر فالأقل منهما متيقن عليه وان لا يرجع عليه بشئ لان صاحب اليد
أسقط الثمن عن نفسه بيمينه والمهر الذي يقر به لا يدعيه الأخر فلا يتمكن من المطالبة به وللشافعية كهذين الاحتمالين وهل لصاحب اليد تحليف المالك على نفي
الزوجية بعد ما حلف على نفي الشراء فيه للشافعية وجهان أحدهما لا لأنه لو ادعي ملكها وتزويجها بعد اعترافه انها أم ولد للاخر لا يقبل منه فكيف يحلف على ما لو
أقر به لم يقبل والثاني نعم طمعا في أن ينكل فيحلف فيثبت له النكاح ولو نكل صاحب اليد عن اليمين على نفي الشراء حلف المالك القديم اليمين المردودة واستحق
الثمن وعلى كل حال فالجارية مقررة في يد صاحب اليد وانها أم ولده أو زوجته وله وطؤها في الباطن وفي الحل ظاهرا وجهان للشافعية أظهرهما عندهم الحل ووجه
المنع انه لا يدري انه أيطأ زوجته أو أمته وإذا اختلفت الجهة وجب الاحتياط للبضع كما قال الشافعي انه إذا اشترى زوجته بشرط الخيار انه لا يطأها في زمن الخيار
لأنه لا يدري أيطأ زوجته أو أمته واعتذر الجويني عن قول الشافعي هذا وقال ليس المنع من الوطي في هذه الصورة لاختلاف الجهة بل لان الملك في زمن الخيار للمشتري
على قول وإذا ثبت الملك انفسخ النكاح والملك الثابت ضعيف لا يفيد حل الوطي ونفقتها على صاحب اليدان جوزنا له الوطي والا فللشافعي قولان أحدهما انها
على الملك القديم لأنها كانت عليه فلا يقبل قوله في سقوطها وان قبل فيما عليه وهو زوال الملك وثبوت الاستيلاد وأصحهما عندهم انها في كسب الجارية
ولا يكلف بها المالك القديم كما لا يكلف نفقة الولد وإن كانت حريته مستفادة من قوله أيضا فعلى هذا لو لم يكن لها كسب كانت من محاويج المسلمين ولو ماتت الجارية
قبل موت المستولد ماتت قنة وللمالك القديم اخذ الثمن مما تركته من كسبها لان المستولد يقول إنها بأسرها له وهو يقول إنها للمستولد وله عليه الثمن فيأخذ
حقه منها والفاضل موقوف لا يدعيه أحد وان ماتت بعد موت المستولد ماتت حرة ومالها لوارثها النسيب فإن لم يكن فهو موقوف لان الولاء لا يدعيه واحد
منهما وليس للمالك القديم اخذ الثمن من تركتها لان الثمن بزعمه على المستولد وهي قد عتقت بموته فلا يؤدي دينه مما جمعته بعد الحرية هذا كله فيما إذا
اصرا على كلاميهما إما إذا رجع المالك القديم وصدق صاحب اليد لم يقبل في حرية الولد وثبوت الاستيلاد فيكون اكتسابها له ما دام المستولد حيا فإذا مات
عتقت وكان اكتسابها لها ولو رجع المستولد وصدق المالك القديم لزم الثمن وكان ولاؤها له مسألة إذا أقر الورثة بأسرهم بدين على الميت أو بشئ
من ماله للغير كان مقبولا لأنها كاقرار الميت وذلك لان الاقرار هنا في الحقيقة على أنفسهم لانتقال التركة إليهم ولو أقر بعض الورثة عليه بدين وأنكر البعض
فان أقر اثنان وكانا عدلين ثبت الدين على الميت بشهادتهما وان لم يكونا عدلين نفذ اقرار المقر في حق نفسه خاصة ويؤخذ منه من الدين الذي أقر به بنسبة نصيبه
175

من التركة فإذا كانت التركة مائة ونصيب المقر خمسين فأقر الوارث بخمسين للأجنبي وكذبه الأخر الذي نصيبه أيضا خمسون أخذ من نصيب المقر خمسة وعشرون
وهو القدر الذي يصيبه من الدين لأنا نبسط جميع الدين على جميع التركة وقد أصاب المقر من التركة نصفها فعليه نصف الدين وبه قال الشافعي في الجديد
لان الوارث لا يقر بالدين على نفسه وانما يقر على الميت بحكم الخلافة عنه فلا ينفذ اقراره الا بقدر الخلافة ولان أحد الشريكين في العبد إذا أقر بجناية لم يلزمه
الا بقدر حصته فكذا هنا وفي قديم الشافعي ان على المقر توفية جميع الدين من نصيبه من التركة فإن كان وافيا والا صرف جميع نصيبه في الدين وبه قال أبو
حنيفة لان الدين مقدم على الميراث فإذا أقر بدين على الميت لم يحل اخذ شئ من التركة ما بقي شئ من الدين وبه قال ابن شريح من الشافعية لان المقر في نصيبه
لا يقصر عن الأجنبي في جملة التركة ولو أقر أجنبي بدين في التركة يستغرقها لزمه اقراره حتى لو وقعت التركة في يده يوما من الدهر أمر بصرفها إلى ذلك الدين وهو غلط لان
المقر انما يمضي اقراره في حق نفسه والذي يصيبه من التركة نصفها فكأنه يقول إنه يستحق كذا من نصيبي ونصيب أخي فينفذ في قدر نصيبه ويكون ما عينه في نصيب
أخيه لاغيا بخلاف اقرار الأجنبي لان الأجنبي أقر باستحقاق الغير لهذه التركة فإذا أخذ منها شيئا وجب دفعه إلى المقر له بخلاف المتنازع فإنه أقر فيه بجزء شايع
فلزمه الدفع بالنسبة واعلم أن الخلاف هنا محمول على أن اقراره يثبت جميع الدين على الميت تبعا لثبوته على المقر أم لا يثبت الا حصته وفايدته التقدم على الوصية فعلى
قول يتقدم جميع الدين المقر به على الوصايا وعلى قول حصته والمشهور الأول عند الشافعية وعلى الجديد لو مات المنكر ووارثه المقر فهل يلزمه جميع المقر به الان
فيه للشافعية وجهان أصحهما عندهم نعم لحصول جميع التركة في يده مسألة لو شهد بعض الورثة على المورث بدين فإن كان عدلا وكانا اثنين ثبت
الدين ولزم جميع الورثة أداؤه وان لم يكونا عدلين مضى الاقرار في قدر نصيبهما بالنسبة من الدين عندنا وقالت الشافعية ان قلنا لا يلزمه بالاقرار الا حصته
يقبل وان قلنا يلزمه الجميع لم يقبل وان كانا عدلين لأنه متهم باسقاط بعض الدين عن نفسه لكن لما لم نقل بهذا المذهب لم يلزمنا ذلك كما اختاره في الوجه الأول
قالوا ولا فرق بين ان يكون الشهادة بعد الاقرار أو قبله لأنه متهم بالعدول عن طريق الاقرار إلى طريق الشهادة وعليه اظهار ما على مورثه بأحد الطريقين وعند
أبي حنيفة ان شهد قبل الاقرار قبل وان شهد بعده لم يقبل ولو كان في يد رجلين كيس فيه ألف دينار فقال أحدهما للثالث لك نصف ما في الكيس فالأقرب حمل
اقراره على الإشاعة وان النصف المقر به من جميع ما في الكيس فان وافقه شريكه دفعا النصف كملا إلى المقر له وان كذبه في اقراره وجب على المقر دفع نصف نصيبه وهو الربع
وبطل في الربع الأخر وهو أحد قولي الشافعية والثاني حمل اقراره على النصف الذي في يده بأجمعه بناء على القولين السابقين لهم وبناء على أن الخلاف فيما
إذا أقر أحد الشريكين في العبد المشترك بالسوية لاخر بنصفه انه يحمل على نصيبه أم يوزع النصف المقر به على النصفين مسألة لو خلف الميت ابنين لا
غير فاقر أحدهما بان أباه اوصى لزيد بعشرة فهو بمنزلة ما لو أقر عليه بدين يلزمه من الوصية نصفها بالنسبة إلى ما في يده وعلى القديم للشافعي يتعلق كل العشرة
بثلث نصيبه وعلى الجديد يتعلق نصف العشرة بثلث نصيبه وهو الذي اخترناه وبه قال أبو حنيفة بخلاف ما قال في الاقرار بالدين ولو أقر أحدهما بأنه اوصى
بربع ماله وأنكر الأخر فعلى المقر ان يدفع ربع ما في يده إلى الموصى له ولو أقر بأنه اوصى بعين من أعيان أمواله فإن لم يقتسما التركة فنصيب المقر من تلك العين يصرف
إلى الموصى له والباقي للمنكر وان اقتسماه نظر فإن كانت تلك العين في يد المقر فعليه دفعها إلى الموصى له والباقي للمنكر وإن كانت في يد المنكر فللموصى له اخذ نصف
القيمة من المقر لأنه فوته عليه بالقسمة ولو شهد المقر للموصى له قبلت شهادته ويغرم المشهود عليه نصف قيمة العين كما لو خرج بعض أعيان التركة مستحقا مسألة
لو قال لعبده أعتقتك على الف وطالب بالألف فأنكر العبد وحلف سقطت دعوى المال ويحكم بعتق العبد لاقراره وكذا لو قال له بعت منك نفسك بألف
وجوزناه وهو الصحيح من مذهب الشافعي ولو قال لوالد عبده بعت منك ولدك بكذا فأنكر وحلف لم يجب الألف وعتق العبد باعتراف المولى واقراره بصيرورته حرا
لأنه أقر بدخول العبد في ملك أبيه ولو قال لفلان عندي خاتم ثم جاء بخاتم وقال هذا هو ما أقررت به فالأقرب وجوب التسليم عليه إلى المقر له ولو كذبه المقر له لم يجب
الا إذا طلبه بعد التكذيب وصدقه وقد اختلف قول الشافعي هنا فقال في موضع يقبل منه ويجب عليه تسليمه للمقر له وقال في موضع اخر لا يلزمه التسليم قال
أصحابه الأول محمول على ما إذا صدقه المقر له والثاني على ما إذا قال الذي أقررت به غيره وليس هذا لي فلا يسلم ما جاء به إليه والقول قول المقر في نفي غيره مسألة
قد بينا انه إذا كان له جارية لها ولد فقال إن هذا ولدي من هذه الجارية فإنه يطالب بالبيان فإذا قال استولدته في
ملكي كان حر الأصل لا ولاء عليه ولو كانت امه
أم ولد له يعتق بموته من نصيب ولدها عندنا ومن رأس مال الميت عند العامة قالوا ويقدم ذلك على حقوق الغرماء لان الاستيلاد اكد من حقوقهم
فإذا أقر به قدم الا ترى انه بعد الاقرار لا سبيل إلى ابطاله بخلاف الديون وعندنا ليس كذلك وسيأتي وان قال استولدتها في ملك الغير بشبهه فالولد حد الأصل
وهل تصير امه أم ولد له قولان للشافعية سبقا وان قال استولدتها في ملك غيري بنكاح فان الولد يكون حرا يملكه أباه ويثبت له عليه الولاء عند العامة
وعندنا لا ولاء له عليه ولا لغيره ولا تصير أم ولد وان لم يتبين حتى مات فالولد حر ولا يثبت عليه الولاء بالشك واختلفت الشافعية في الجارية فمنهم من قال لا يثبت
لها حكم الاستيلاد بالشك وتباع في ديون الغرماء ومنهم من قال يثبت لها حكم الاستيلاد لان الولادة موجودة وملكه عليها موجود فالظاهر حصولها في الملك
والأقوى عندي الأول مسألة قد بينا انه إذا أقر للحمل صح الاقرار على ما تقدم من التفصيل فيه فان ولدت واحدا فالمال له وان ولدت اثنين فان كانا
ذكرين أو انثيين فالمال بينهما بالسوية وان كانا ذكرا وأنثى فإن كان المال عن وصية كان بينهما بالسوية وإن كان عن ميراث فللذكر ضعف الأنثى الا
ان يكونا اخوة من الام فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى وان اطلق المقر سئل عن ذلك ورجع إلى بيانه وقال بعض الشافعية انه إذا كان مطلقا كانا فيه سواء إذا
ثبت هذا فان ولي الصبي يطالب المقر بالمال ويقبضه له وبه قال الشافعي واعترض المزني عليه بأنه خلاف قوله في الوكالة إذا أقر رجل بان فلانا الغايب
وكله في قبض دينه وصدقه من عليه الدين لأنه لا يلزمه دفعه إليه وهذه المسألة تنافيها وأجيب بالفرق بين ان يقر بان هذا المال لزيد وهذا وارثه وبين
الوكالة لان في الوكالة لا يتضمن اقراره براءة وهنا يتضمن براءة لأنه يقول ليس لهذا المال مستحق الا هذا الوارث الذي هو الصبي فلزمه باقراره دفع المال
إليه أو إلى من ينوب عنه المقصد الثامن في الصلح وفيه فصول الفصل الأول في ماهيته وأركانه وفيه بحثان البحث الأول
في ماهيته الصلح عقد شرع لقطع التنازع بين المتخاصمين وهو عقد سايغ بالنص والاجماع قال الله تعالى وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا
فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وقال تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ومن طريق العامة عن أبي هريرة ان النبي
176

صلى الله عليه وآله قال الصلح جايز بين المسلمين الا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وعن عبد الله بن كعب بن مالك ان كعب بن مالك اخبره انه تقاضا ابن أبي حدود دينا
كان له على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في بيته فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله إليهما حتى كشف سجف حجرته ونادى يا كعب قال
لبيك يا رسول الله صلى الله عليه وآله فأشار بيده ان ضع الشطر من دينك قال كعب قد فعلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال قم فاقبضه ومن طريق الخاصة ما رواه حفص بن البختري
في الحسن عن الصادق (ع) قال الصلح جايز بين الناس وفي الصحيح عن الباقر والصادق عليهما السلام انهما قالا في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه
لا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه فقال كل واحد منهما لصاحبه لك ما عندك ولي ما عندي فقال لا بأس بذلك وقد أجمعت الأمة على جواز الصلح
في الجملة ولم يقع بين العلماء فيه خلاف مسألة الصلح عند علمائنا أجمع عقد قائم بنفسه ليس فرعا على غيره بل هو أصل في نفسه منفرد بحكمه ولا (يتبع)؟
غيره في الاحكام لعدم الدليل على تبعيته على الغير والأصل في العقود الأصالة وقال الشافعي انه ليس بأصل ينفرد بحكمه وانما هو فرع على غيره وقسمه على خمسة اضرب
ضرب هو فرع البيع وهو ان يكون في يده عين أو في ذمته دين فيدعيها انسان فيقر له بها ثم يصالحه على ما يتفقان عليه وهو جايز فرع على البيع بل هو بيع عنده
يتعلق به احكامه وضرب هو فرع الابراء والحطيطة وهو ان يكون له في ذمته دين فيقر له بها ثم يصالحه على أن يسقط بعضه ويدفع إليه بعضه وهو جايز
فرع الابراء وضرب هو فرع الإجارة وهو ان يكون له عنده دين أو عين فيصالحه من ذلك على خدمة عبد أو سكنى دار مدة فيجوز ذلك ويكون فرع الإجارة
ضرب هو فرع الهبة وهو ان يدعي عليه دارين أو عبدين وشبههما في يده فيقر له بهما ويصالحه من ذلك على إحديهما فيكون هبة للأخرى وضرب هو فرع العارية
وهو أن تكون في يده دار فيقر له بها فيصالحه على سكناها شهرا وهو جايز ويكون ذلك عارية وقال بعض الشافعية الصلح فرع للبيع والابراء والهبة
خاصة ثم فسر الابراء والهبة بما ليس بصلح فقال إذا كان له في ذمته ألف درهم فقال قد أبرأتك من خمس مائة ويدفع إليه خمس مائة فإن كان بلفظ الصلح لم يصح
وكذا إذا قال أبرأتك من خمس مائة على أن تعطيني خمس مائة فإنه لا يجوز وقال بعضهم يجوز بلفظ الصلح ثم قال القائل الأول لو ادعى عليه عينين فاقر له بهما
فوهب له إحديهما واخذ الأخرى جاز ولا يجوز بلفظ الصلح أو بالشرط لان لفظ الصلح يقتضي المعاوضة فاما إذا صالحه على بعض الدين كان كأنه قد باع
ألفا بخمس مائة وهو حرام واما في الهبة فإذا كان بلفظ الصلح فكأنه قد باع ماله بماله فلهذا لم يجز والمشهور عندهم الجواز لان لفظ الصلح إذا ذكر فيما كان معاوضة
اقتضى ذلك ان يكون معاوضة فاما ان يكون لفظه يقتضيه فليس بصحيح لان الصلح انما معناه الاتفاق والرضي والاتفاق قد يحصل على المعاوضة وعلى غيرها
كما أن لفظ التمليك إذا كان في طريقة المعاوضة مثل أن يقول ملكتك هذا بهذا فإنه يكون بيعا فإذا قال ملكتك هذا كان هبة حيث تجرد عن العوض
كذا هنا أيضا وعلى القول الثاني يحرج قايله من أن يكون صلحا ولا يبقى له ثم تعلق لأنه إذا ادعى عليه شيئا فأقر به وأبرأه من بعضه واخذ بعضه بغير لفظ الصلح
فذلك براءة وقبض دينه ولو ابراءه من جميعه لم يسم صلحا ولو قبض جميعه فكذلك ما ذكره فاما إذا كان بلفظ الصلح سمي بذلك لوجود لفظه وان لم يوجد
معناه كما تسمى الهبة المشروطة بالثواب هبة لوجود لفظها وان لم يوجد في ذلك معناها وعلى هذا بخلاف ما تقدم لأنه معاوضة اجماعا فاما إذا قال أبرأتك من خمس
مائة على أن تعطيني خمس مائة فان الشافعية منعوا منه لان هذا الاشتراط يجعله بحكم العوض عن المتنازع وذلك لا يجوز وإذا ورث رجلان من أبيهما
أو أخيهما فصالح أحدهما الأخر على نصيبه كان ذلك صحيحا عندنا مستقلا بنفسه وعندهم انه فرع البيع فإذا شاهد التركة وعرفا المعوض صح الصلح مسألة
الصلح إما ان يجري بين المتداعيين أو بين المدعي وبين أجنبي والأول قسمان أحدهما ما يجري على الاقرار عند
الشافعية وهو نوعان أحدهما الصلح عن العين
والثاني الصلح عن الدين النوع الأول الصلح عن العين وهو قسمان صلح معاوضة وصلح حطيطة إما صلح المعاوضة فهو الذي يجرى على العين المدعاة
كما لو ادعى دارا فاقر له المتشبث بها وصالحه منها على عبد أو ثوب وحكمه حكم البيع عند الشافعي وان عقد بلفظ الصلح ويتعلق به جميع احكام البيع كالرد بالعيب
والشفعة والمنع من التصرف قبل القبض واشتراط القبض إن كان المصالح عنه والمصالح عليه متوافقين في علة الربا واشتراط التساوي في الكيل والوزن ان
اتحد جنسهما من أموال الربا وجريان التحالف عند الاختلاف وفساد العقد بالغرر والجهل هذا إذا صالح منها على عين أخرى وان صالح منها على منفعة دار
أخرى أو خدمة عبد سنة جاز وكان اجارة فيثبت فيه احكامها واما صلح الحطيطة وهو الجاري على بعض العين المدعاة كما لو صالح من الدار المدعاة على
نصفها أو ثلثها فإنه هبة بعض المدعى ممن هو في يده فيشترط القبول ومضي امكان القبض ويصح بلفظ الهبة اجماعا وما في معناها وفي صحتها بلفظ
الصلح وجهان عندهم أحدهما المنع لان الصلح يتضمن المعاوضة ولا يقابل الانسان ملك نفسه ببعضه وأظهرهما عندهم الصحة لان الخاصية التي يفتقر إليها
لفظ الصلح وهو سبق الخصومة قد حصلت مسألة لو صالحه من أرش الموضحة مثلا على شئ معلوم جاز إذا علما قدر أرشها وبه قال الشافعي ولو
باعه لم يجز عند بعض الشافعية وخالفه معظم الشافعية في افتراق اللفظين وقالوا إن كان الأرش مجهولا كالحكومة التي لم تقدر ولم تنضبط لم يجز الصلح عنه ولا بيعه وإن كان
معلوم القدر والصفة كالدراهم والدنانير إذا ضبطت في الحكومة جاز الصلح عليها وجاز بيعها ممن عليه وإن كان معلوم القدر دون الصفة على الحد المعتبر
في السلم كالإبل الواجبة في الدية وفي جواز الاعتياض عنها بلفظ الصلح وبلفظ البيع جميعا للشافعية قولان أحدهما الصحة كما لو اشترى عينا ولا يعرف صفاتها
وأظهرهما عندهم المنع كما لو أسلم في شئ غير موصوف هذا حكم الجراح الذي لا يوجب القود وان أوجبه إما في النفس أو فيما دونها فالصلح عنها مبني عندهم على الخلاف
في أن موجب العمد القصاص أو أحد الامرين وسيأتي إن شاء الله تعالى مسألة لا يشترط عندنا سبق الخصومة في الصلح لأصالة الصحة فلو كان الواحد
ملك فقال له غيره بعني ملكك بكذا فباعه صح البيع اجماعا ولو قال له صالحني عنه بألف ففعل صح عندنا لان الصلح عقد مستقل بنفسه وهو أحد وجهي
الشافعية لان مثل هذا الصلح معاوضة ولا فرق بين ان يعقده بلفظ الصلح أو بلفظ البيع وأظهرهما عندهم المنع لان لفظ الصلح انما يستعمل ويطلق إذا سبقت
الخصومة وهو ممنوع ولا عبرة باللفظ هذا إذا اطلقا لفظ الصلح ولم ينويا شيئا إما إذا استعملا ونويا البيع فإنه يكون كناية قطعا ويكون عند الشافعية
مبنيا على الخلاف المشهود في انعقاد البيع بالكنايات وعندنا الأصل عصمة مال الغير وعدم الانتقال عنه بالكناية مسألة لو صالح الامام أهل الحرب
من أموالهم على شئ يأخذه منهم جاز ولا يقوم البيع مقامه وبه قال بعض الشافعية واعترض بعضهم بان هذا الصلح ليس عن أموالهم وانما يصالحهم
ويأخذه منهم للكف عن دمائهم وأموالهم وهذا الكلام ساقط عندنا لان الصلح عقد مستقل بنفسه على ما تقدم النوع الثاني الصلح عن الدين
177

وهو قسمان صلح معاوضة وهو الجاري على ما يغاير الدين المدعى كما لو صالحه على الدين الذي له عليه بعبد أو ثوب أو شبهه وهو صحيح عندنا مطلقا سواء وقع
الصلح على بعض أموال الربا الموافق في العلة أو المخالف أو على غيره ولا يشترط التقابض في المجلس ولا يشترط تعيينه في عقد الصلح على أصح الوجهين عندهم وان لم يكن
العوضان كذلك فإن كان العوض عينا صح الصلح ولا يشترط قبضه في المجلس في أصح الوجهين عندهم لكن يشترط التعيين في المجلس ولا يشترط القبض بعد التعيين في أصح الوجهين
وكل ذلك آت في بيع الدين ممن عليه الدين القسم الثاني صلح الحطيطة وهو الجاري على بعض الدين المدعى وهو ابراء عن بعض الدين ثم لا يخلو إما ان يأتي بلفظ
الابراء أو ما يشبهه مثل أن يقول أبرأتك عن خمسمائة من الألف الذي لي عليك وصالحتك على الباقي فإنه يصح قطعا ويكون ابراء وتبرء ذمة المديون عما ابراءه منه
وهل يشترط القبول الأقرب عندي عدم الاشتراط وهو أظهر وجهي الشافعية ولهم وجه اخر بعيد مطرد في كل ابراء ولا يشترط قبض الباقي في المجلس واما ان لا
يأتي بلفظ الابراء ويقتصر على لفظ الصلح فيقول صالحتك عن الألف التي لي في ذمتك على خمس مائة صح عندنا أيضا وللشافعية وجهان كما تقدم في صلح الحطيطة
في العين والأصح عندهم الصحة وهل يشترط القبول اشكال ينشأ من كونه عقدا مستقلا ومن كونه في معنى الابراء وللشافعية وجهان كالوجهين فيما إذا قال لمن له
عليه الدين وهبته منك والأظهر عندهم الاشتراط لاقتضاء وضع اللفظ ذلك ولو صالح منه على خمس مائة معينة فللشافعية الوجهان واختار الجويني هنا
الفساد لان تعين الخمس مائة يقتضى كونها عوضا وكون العقد معاوضة فيصير كأنه قد باع الألف بنصفها وهو ربا وهو ممنوع لان الصلح على البعض المعين
ابراء للبعض واستيفاء للباقي ولا يصح هذا الضرب بلفظ البيع كما في نظيره من الصلح على العين لأنه ربا محقق مسألة يصح الصلح على الأعيان
المماثلة جنسا ووصفا سواء كانت ربوية أو لا وسواء تفاوتت في المقدار والحلول أو التأجيل أو لا عندنا لما تقدم من كون الصلح عقدا مستقلا بنفسه ليس يجب
ان يتبعه لواحق البيع فلو كان له الف مؤجلة على غيره فصالحه منها على الف حال أو بالعكس صح لما مهدناه من القاعدة وقالت الشافعية لو صالح عن الف
حال على الف مؤجل أو من الف مؤجل على الف حال كان لغوا لان الأول وعد من صاحب الدين بالحاق الاجل والثاني وعد من المديون باسقاط الاجل والأجل
لا يلحق ولا يسقط وهو ممنوع لأنه مبني على عدم استقلال عقد الصلح بنفسه إما لو عجل المديون الدين المؤجل ودفعه إلى صاحبه لم يجب على المالك القبول فان قبل
ورضى بالدفع سقط الاجل اجماعا لحصول الايفاء والاستيفاء وكذا البحث في الصحيحة والمكسرة ولو صالح عن الف مؤجل على خمس مائة حالة صح عندنا عملا بالأصل
وبما رواه أبان بن عثمان عن من حدثه عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيقول له قبل ان يحل الاجل عجل لي النصف من حقي على أن
أضع منك النصف أيحل ذلك لواحد منهما قال نعم وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) وعن الحلبي عن الصادق (ع) انهما قالا في الرجل يكون عليه الدين
إلى أجل مسمى فيأتيه غريمه فيقول انقدني من الذي لي عليك أو أضع عنك بقيته أو يقول انقدني بعضا وأمد لك في الاجل فيما بقي قال لا ارى به بأسا
ما لم يزد على رأس ماله شيئا يقول الله ولكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وقال الشافعي لا يصح الصلح عن الف مؤجل بخمس مائة حالة لأنه نزل عن بعض المقدار
لتحصيل الحلول في الباقي والصفة بانفرادها لا تقابل بالعوض ثم صفة الحلول لا تلتحق بالمال المؤجل فإذا لم يحصل ما نزل عن القدر لتحصيله لم يصح النزول
ونحن نمنع ذلك لعدم اتحاد المالين بالشخص ونمنع عدم التحاق صفة الحلول بالمال المؤجل في صورة النزاع لان الصلح عقد اثره ذلك فروع أ لو صالحه
عن الف حال بالفين مؤجلة أو عن الف مؤجلة إلى سنة بالفين مؤجلة إلى سنتين لم يجز عملا بحديث الباقر والصادق عليهما السلام وقد سبق ب لو صالح
عن الف حال على خمسمائة مؤجلة جاز لأنه يتضمن الابراء ولزم الصلح والأجل عملا بالشرط وقالت الشافعية ان هذا الصلح ليس فيه سابقة المعاوضة وانما هو
مسامحة من وجهين حط بعض القدر وهو سايغ فيبرأ عن خمسمائة ووعد بالأجل وهو غير لازم فله ان يطالبه بالباقي الحال وقد بينا فساده
ج لو صالحه عن الدراهم بالدنانير أو بالدراهم لم يكن ذلك صرفا عندنا فلا يشترط فيه ما يشترط في الصرف خلافا للشافعي البحث الثاني في الأركان
مسألة أركان الصلح أربعة المتصالحان والمصالح عليه والمصالح عنه إما المتصالحان فيشترط فيهما الكمالية بان يكون كل واحد منهما بالغا عاقلا
رشيدا جايز التصرف فيما وقع الصلح عليه اجماعا واما المصالح عليه والمصالح عنه فيشترط فيهما التملك فلو تصالحا على خمر أو خنزير أو استرقاق حر أو استباحة
بضع لم يقع ولم يفد العقد شيئا بل يقع باطلا بلا خلاف وكذا يبطل لو صالحه على مال غيره لعدم الملكية بالنسبة إليهما مسألة لا يشترط العلم بما يقع الصلح عنه لا
قدرا ولا جنسا بل يصح الصلح سواء علما قدر ما تنازعا عليه وجنسه أو جهلاه دينا كان أو عينا وسواء كان أرشا أو غيره عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة
واحمد لعموم قوله تعالى والصلح خير وعموم قوله عليه السلام الصلح جايز بين المسلمين الا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ولان النبي صلى الله عليه وآله قال في رجلين اختصما
في مواريث درست بينهما وتوخيا وليحلل أحدكما صاحبه رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه حفص بن البختري في الحسن عن الصادق (ع) قال الصلح
جايز بين الناس وقول الباقر والصادق عليهما السلام في رجلين كان لكل واحد منهما طعام عند صاحبه لا يدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه فقال
كل منهما لصاحبه لك ما عندك ولي ما عندي لا بأس بذلك إذا تراضيا وقد تقدم ولان من عليه حق يجهل قدره هو ومالكه ويريد ابراء ذمته والخلاص
من ذلك الحق الذي هو أمر مطلوب للعقلاء وجب ان يكون له طريق إلى ذلك ولا طريق الا الصلح فوجب ان يكون سايغا والا لزم الحرج والضيق
في الاحكام وهو منفي شرعا ولان الصلح اسقاط فيصح في المجهول كالطلاق ولأنه إذا صح الصلح مع العلم وامكان أداء الحق بعينه فلئن يصح مع الجهل أولي
ولأنه إذا كان معلوما فلهما طريق إلى التخلص وبراءة ذمة أحدهما دون صاحبه بدون الصلح ومع الجهل لا يمكن ذلك فلو لم يجز الصلح افضى إلى ضياع المال
على تقدير ان يكون بينهما مال لا يعرف كل واحد منهما قدر حقه وقال الشافعي لا يصح الصلح عن المجهول فلو ادعى مالا مجهولا فاقر المدعى عليه به وصالحه
عليه لم يصح الصلح لان ذلك نوع معاوضة ولهذا يثبت في الشقص الشفعة فيه فلم يصح في المجهول كالبيع ولان المصالح عليه يجب ان يكون معلوما فكذا المصالح
عنه قياسا وهو ممنوع مسألة يشترط في صحة الصلح الرضي من المتصالحين فلا يقع مع الاكراه عند علمائنا كافة كغيره من العقود لقوله تعالى ولا
تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل الا أن تكون تجارة عن تراض منكم ومن صور الاكراه ما لو كان على غيره حق مالي فأنكره المديون ظاهرا فصالحه على بعضه
أو على غيره توصلا إلى اخذ بعض حقه لم يصح الصلح ولم يتم أبرأ ذمة المديون من الحق الذي عليه سواء عرف المالك قدر حقه أو لا وسواء ابتداء المالك
بطلب الصلح عن حقه المعلوم أو المجهول أو لا ولا يفيد مثل هذا الصلح ملكا للاخر الا ان يحصل الرضا الباطن وكذا لو كان عليه حق غير معلوم القدر
178

للمالك فصالح المديون مالكه على شئ لم يكن ابراء للمديون الا ان يعلمه بقدره أو يرضى باطنا بالصلح عن اي مقدار كان أوقع عليه عقد الصلح لما رواه علي بن أبي حمزة
عن أبي الحسن (ع) قلت له رجل يهودي أو نصراني كانت له عندي وديعة أربعة آلاف درهم فمات أيجوز لي ان أصالح ورثته ولا اعلمهم كم كان قال لا يجوز حتى تخبرهم
ولان ذلك اكل مال الغير بالباطل فيدخل تحت النهي ومع الرضي بأي مقدار كان يكون سايغا القسم الثاني من الصلح وهو الواقع بين المدعي
والأجنبي مسألة الصلح الواقع بين المدعي والأجنبي إما ان يقع مع اقرار المدعي عليه ظاهرا أو مع انكاره إما الأول فاما ان يكون المدعي به عينا
أو دينا فإن كان عينا بان ادعى دارا أو عبدا أو ثوبا أو غير ذلك من الأعيان في يد غيره فصدقه المتشبث فجاء الأجنبي وقال إن المدعى عليه قد وكلني في مصالحتك
له على نصف المدعى أو على هذه العين الأخرى من مال المدعي عليه فصالحه على ذلك جاز لعموم قوله تعالى والصلح خير وقوله عليه السلام الصلح جايز بين المسلمين وكذا لو
قال الأجنبي انه وكلني على مصالحتك عنه على عشرة دنانير في ذمته ثم إن كان صادقا في الوكالة انتقل المدعى به إلى المدعى عليه والا كان حكمه حكم شراء الفضولي وان قال
امرني بالمصالحة له على هذا العبد من ملكي فصالحه عليه فهو بمنزلة ما لو اشتري لغيره بمال نفسه بإذن ذلك الغير وقد سبق الخلاف فيه فان قلنا بالصحة فالذي
يدفعه قرض أو هبة إما لو صالح الأجنبي لنفسه بمال له إما عن دين في ذمته أو عين لنفسه صح كما لو أبرأه وهو الاظهر عند الشافعية وعند بعضهم وجهان
كما لو قال ابتداء لغيره من غير سبق دعوى وجواب صالحني من دارك هذه على الف لأنه لم يجر مع الأجنبي خصومة فيه وهذه الصورة أولي بالصحة حيث ترتب
اللفظ على دعوى وجواب فيكتفي به في استعمال لفظ الصلح وإن كان المدعي به دينا وقال وكلني المدعي عليه بمصالحتك على نصفه أو على هذا الثوب وهو
ملكه أو ملكي صح عندنا وسقط الدين كما لو ضمن دينا وادى عنه عوضا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح لأنه يبيع شيئا بدين الغير ولو صالح لنفسه على
عين أو دين في ذمته فهو بمنزلة ابتياع دين في ذمة الغير وقد سبق واما الثاني وهو ان يقع الصلح مع انكار المدعى عليه ظاهرا فإذا جاء الأجنبي وقال أقر المدعى
عليه عندي ووكلني في مصالحتك له الا انه لا يظهر اقراره خيفة ان تنتزعه منه فصالحه صح لان قول الانسان في دعوى الوكالة مقبول في البيع والشراء وسائر
المعاملات وان قال الأجنبي هو منكر لكنه مبطل في الانكار فصالحني له على عبدي هذا لينقطع الخصومة بينكما
صح عندنا لان الأصل الصحة والصلح على الانكار
عندنا جايز وللشافعية وجهان أظهرهما على ما قاله الجويني البطلان لأنه صلح واقع لمنكر والصلح على الانكار عندهم باطل والثاني الصحة لأن العقد منوط
بالمتعاقدين وهما متوافقان والاعتبار في شرايط العقد بمن يباشره هذا إذا كان المدعى عينا فإن كان دينا صح عندنا أيضا وللشافعية طريقان أحدهما
انه على الوجهين وأصحهما عندهم القطع بالصحة والفرق انه لا يمكن تمليك الغير عين مال بغير اذنه (ويمكن) ويملك قضاء الدين عن الغير بغير اذنه وان قال الأجنبي
انه منكر وانا لا اعلم أيضا صدقك وصالحه مع ذلك صح عندنا خلافا للشافعية فإنهم قالوا لا يصح الصلح سواء كان المصالح عليه له أو للمدعى عليه كما لو جرى الصلح
مع المدعى عليه وان قال هو منكر ولكنه مبطل في انكاره فصالحني لنفسي بعبدي هذا أو بعشرة في ذمتي لاخذ منه فإن كان المدعى دينا صح عندنا وكذا إن كان عينا
وقالت الشافعية إن كان المدعى دينا فهو ابتياع دين في ذمة الغير وإن كان عينا فهو شراء غير الغاصب المغصوب فينظر في قدرته على الانتزاع وعجزه وقد سبق
حكمها في أول البيع فلو صالح وقال انا قادر على الانتزاع فلهم وجهان أظهرهما انه يصح العقد اكتفاء بقوله والثاني لا يصح لان الملك في الظاهر للمدعى عليه وهو عاجز
عن انتزاعه وقيل بالتفصيل فيقال إن كان الأجنبي كاذبا فالعقد باطل باطنا وفي مؤاخذته في الظاهر لالتزامه الوجهان وإن كان صادقا حكم بصحة العقد باطنا
وقطع بمؤاخذته لكن لا تزال يد المدعى عليه الا بحجة الفصل الثاني في الاحكام مسألة يصح الصلح على الاقرار والانكار معا سواء كان
المدعى به دينا أو عينا عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لعموم قوله تعالى والصلح خير وعموم ما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال الصلح جايز بين المسلمين ومن طريق الخاصة ما رواه حفص بن البختري في الصحيح عن الصادق (ع) أنه قال الصلح جايز بين الناس ولأنه سبب لاسقاط
الخصومة فجاز مع الانكار كالابراء والصلح مع الأجنبي ولان الصلح وضع لقطع التنازع وهو انما يتحقق مع المخالفة بين المتداعيين بان ينكر أحدهما ما أدعاه
الأخر فلو لم يسمع صلح الانكار انتفت أعظم فوايد الصلح وقال الشافعي لا يصح الصلح على الانكار وانما يصح الصلح على الاقرار خاصة وصورة الانكار ان يدعي رجل
على رجل اخر دينا أو عينا فينكر المدعى عليه فيصالحه على ثوب أو دين أو بعض المدعى أو غير ذلك لأنه عاوض على ما لم يثبت له لا فلم تصح المعاوضة كما لو باع
مال غيره وبالقياس على ما إذا أنكر الخلع أو الكتابة ثم تصالحا على شئ ونمنع بطلان المعاوضة على ما لم نثبت بالصلح فإنه المتنازع بخلاف ما لو باع مال غيره لان
ذلك تصرف في مال الغير بغير اذنه حتى أنه لو أجاز الغير صح البيع والرضي بالصلح رضي بالتصرف والقياس عندنا باطل فلا يكون حجة علينا على انا نمنع الحكم في الأصل
مسألة إذا ادعى عليه حقا دينا أو عينا فقال المدعى عليه صالحني على كذا إما بعضه أو غيره لم يكن ذلك اقرارا منه وهو ظاهر عندنا لأنا قد بينا ان الصلح
يصح مع الانكار كما يصح مع الاقرار واما الشافعي فإنه قال إذا قال المدعى عليه صالحني مطلقا أو صالحني عن دعواك الكاذبة أو صالحني عن دعواك فإنه لا يكون اقرارا
لأنه ربما يريد قطع الخصومة بل الصلح عن الدعوى لا يصح مع الاقرار أيضا لان مجرد الدعوى لا يعتاض عنه ولو قال بعد الانكار صالحني عن الدار التي ادعيتها
فوجهان للشافعية أحدهما انه اقرار لأنه طلب منه التمليك وذلك يتضمن الاعتراف بالملك فصار كما لو قال ملكني وأصحهما عندهم انه ليس باقرار لان الصلح
في الوضع هو الرجوع إلى الموافقة وقطع الخصومة فيجوز ان يكون المراد قطع الخصومة في المدعى لا غير فعلى هذا يكون الصلح بعد هذا الالتماس صلحا
على الانكار وان قال بعينها أوهبها مني فالمشهور انه اقرار لأنه صريح في التماس التمليك وقال بعض الشافعية انه كقوله صالحني والوجه الفرق وفي معناه
إذا كان التنازع في جارية وقال زوجنيها ولو قال اجرني أو أعرني فأولى ان لا يكون اقرارا ولو كان التنازع في دين وقال أبرئني فهو اقرار ولو أبرأ المدعي المدعى عليه والمدعي
هو منكر وقلنا لا يفتقر الابراء إلى القبول صح الابراء بخلاف الصلح لأنه مستقل في نفسه فلا حاجة فيه إلى تصديق الغير ولهذا لو أبرأه بعد التحليف صح
ولو تصالحا بعد التحليف لم يصح عندهم مسألة لو ادعى العين في يد الغير فأنكر الغير دعواه فصالحه على بعض تلك العين المدعاة وهو صلح الحطيطة
في العين صح عندنا لما بينا من صحة الصلح على الانكار وللشافعية وجهان أحدهما انه صحيح وبه قال القفال لاتفاق المتصالحين على أن النصف مستحق
للمدعي إما المدعي فإنه يزعم استحقاق الجميع واما المدعى عليه فإنه يسلم النصف له بحكم تشبثه منه وتسليمه إليه فاذن الخلاف بينهما في جهة الاستحقاق والثاني
وبه قال أكثر الشافعية انه باطل كما كان على غير المدعى قالوا ومهما اختلف القابض والدافع في الجهة فالقول قول الدافع كما لو دفع المديون دراهم إلى صاحب
179

الدين وقال دفعتها عن دين الرهن وقال القابض بل دفعتها عن دين غيره قدم قول الدافع مع اليمين ولو دفع إلى زوجته دراهم ثم اختلفا فادعى الزوج انه
دفعها عن الصداق وقالت بل دفعتها عن دين أو هبة قدم قول الدافع فإذا كان كذلك فالدافع يقول إنها بذلت النصف لدفع الأذى حتى لا ترفعني إلى
القاضي ولا تقيم علي بينة زور مسألة لو ادعى عليه دينا وتصالحا على بعضه بعد الانكار صح عندنا ولزمه ما وقع الصلح عليه خاصة
وسقط عنه الباقي للأصل ولما رواه عمرو بن يزيد انه سأل الصادق (ع) عن رجل ضمن ضمانا ثم صالح على بعض ما صالح عليه قال ليس له الا الذي صالح
عليه وقال الشافعي ينظر ان صالحه من الف على خمس مائة مثلا في الذمة لم يصح لان التصحيح بتقدير الهبة وايراد الهبة على ما في الذمة ممتنع وان أحضر خمسمائة
وتصالحا عن المدعاة عليها فهو مرتب على صلح الحطيطة في العين ان لم يصح ذلك فهذا أولي وان صح ففيه وجهان والفرق ان ما في الذمة ليس ذلك المعين المحضر
ففي الصلح عليه المعاوضة ولا يمكن تصحيحه معاوضة مع الانكار عندهم واتفق القائلون على أن وجه البطلان هنا أرجح وكل هذا عندنا باطل لما بينا
من جواز الصلح على الانكار وجوازه على الاقرار مسألة لو تصالحا ثم اختلفا في أنهما تصالحا على الانكار أو على الاقرار لم يكن لذلك الاختلاف
عندنا فايدة لصحة الصلح في الموضعين إما الشافعية القائلون بصحته على الاقرار وبطلانه على الانكار فقال القاضي ابن كح منهم ان القول قول من
يدعي الانكار لان الأصل عدم العقد والمعتمد بناء ذلك على الخلاف السابق في نزاع المتعاقدين في أن العقد الواقع بينهما هل كان صحيحا أو فاسدا مسألة
لو قال أحد الوارثين لصاحبه تركت نصيبي من التركة إليك فقال قبلت لم يصح ذلك لان ذلك ليس من الفاظ العقود الناقلة ويبقى حقه كما كان لأنها إن كانت
اعيانا فلا بد فيها من ايجاب وقبول مقتضيان للتمليك وإن كان فيها دين فلابد من ابراء ولو قال صالحتك من نصيبي على هذا الثوب فقال قبلت
صح العقد ولزم وقالت الشافعية إن كانت التركة اعيانا فهو صلح عن العين وإن كانت ديونا عليه فهو صلح عن الدين وإن كانت على سائر الناس فهو بيع الدين
من غير من عليه الدين وقد سبق حكم ذلك وهو بناء منهم على أن الصلح فرع على غيره ولو كان في التركة عين ودين فإن كانت ديونا عليه فصلح عن الدين وإن كانت
على سائر الناس فهو بيع الدين من غير من عليه الدين وإن كان فيها عين ودين على الغير ولم يجوزوا بيع الدين من غير من عليه الدين فالصلح عندهم
باطل في الدين واما في العين فقولان عندهم مبنيان على قولي تفريق الصفقة وعندنا ان ذلك غير جايز وان الصلح ليس فرع غيره مسألة لا
يشترط في الصلح عن الأثمان ما يشترط في بيع الأثمان عندنا لان الصلح قد بينا انه عقد مستقل بنفسه فلو كان في يد غيره ألف درهم وخمسون دينارا
فصالحه منه على ألف درهم صح عندنا وقال الشافعي لا يجوز وكذا لو مات عن ابنين والتركة ألفا درهم ومائة دينار وهي في يد أحدهما فصالحه الأخر من نصيبه
على الفي درهم ولو كان المبلغ دينا في ذمة غيره فصالحه على الفي درهم يجوز عنده أيضا والفرق انه إذا كان الحق في الذمة فلا ضرورة إلى تقدير المعاوضة فيه
فيجعل مستوفيا لاحد الألفين معتاضا بالآخر عن الدنانير وإذا كان معينا كان الصلح عنه اعتياضا فكأنه باع ألف درهم وخمسين دينارا بألفي درهم وهو من
صور مد عجوة وهذه التفريعات عندنا باطلة لان صورة مد عجوة عندنا جايزة والصلح على الانكار جايز وليس الصلح عندنا فرع البيع مسألة: قد بينا
انه إذا قال المدعى عليه المنكر صالحني على كذا لم يكن اقرارا منه لان الصلح قد يراد به تارة المعاوضة وتارة قطع الدعوى والخصومة وإذا احتملهما لم تحمل على
الاقرار ولو قال ملكني هذا بكذا كان اقرارا لان ذلك اعترافا بأنه ملكه ولو قال بعني قال بعض الشافعية لا يكون اقرارا ويكون بمنزلة قوله صالحني لان الصلح
والبيع عند الشافعية واحد وقال الباقون أنه يكون اقرارا بمنزلة قوله ملكني وهو المعتمد عندنا وبه قال أبو حنيفة لان البيع لا يصح الا فيما يصح تمليكه فهو
بمنزلة قوله ملكني مسألة لو ادعى دارا في يده فأنكر المتشبث دعواه فتصالحا على أن يسكنها المدعي سنة صح وكان صلحا قايما بنفسه وليس فرعا على
غيره وقال الشافعي انه فرع العارية بل هو عين العارية للدار منه يرجع فيها متى شاء وليس بمعاوضة لان الرقبة والمنافع ملكه ومحال ان يعتاض بملكه عن ملكه
وهذا على تقدير ان يقع الصلح مع الاعتراف إذا ثبت هذا فإذا رجع عن العارية لم يستحق اجرة المدة التي مضت كما هو قضية العارية عند أكثر الشافعية ونقل
بعضهم وجها انه يستحق لأنه جعل سكنى الدار في مقابلة رفع اليد عنها وانه عوض فاسد فرجع إلى أجرة المثل ولو صالحه على أن يسكنها سنة بمنفعة عبد
سنة فهو كما لو اجر داره سنة بمنفعة عبد سنة مسألة قد بينا ان الصلح عقد قائم بنفسه فلو صالحه عن الزرع الأخضر بشئ صح سواء شرط
القطع أو لا وقال الشافعي يصح بشرط القطع ولو لم يشترطه لم يجز ولو كان الصلح عن الزرع مع الأرض جاز ولم يحتج إلى شرط القطع عنده في أصح الوجهين
ولو وجد المتنازع ثم أقر المدعا عليه وتصالحا عنه على شئ جاز عندنا سواء شرطا القطع أو لا وقال الشافعي لا يجوز سواء شرطا القطع أو لا كما لو باع نصف الزرع مشاعا لا يجوز شرط القطع أو لم
يشرطه والحكم في الأصل ممنوع مسألة لو ادعى على ورثة الميت دارا من تركته وزعم أن الميت غصبها منه فصالحهم عنها جاز الصلح سواء أقروا
له أو لا لما تقدم من جواز الصلح عندنا مع الاقرار والانكار وشرط الشافعية في جواز الصلح اعترافهم له بدعواه فإذا اعترفوا ودفعوا إلى واحد منهم ثوبا مشتركا
بينهم ليصالح عليه جاز وكان عاقدا لنفسه ووكيلا عن باقي الورثة ولو قالوا لواحد صالحه عنا على ثوبك فصالح عنهم فإن لم يسمهم في الصلح وقع الصلح
عنه وان سماهم وقع عنهم وللشافعية وجهان في أن التسمية هل تلغى أم لا فإن لم تلغ فالصلح يقع عنهم وهل يكون الثوب هبة لهم أو قرضا عليهم
للشافعية وجهان والأقرب عندي التفصيل فان ألغيت التسمية فالصلح كله للعاقد أو يبطل في نصيب الشركاء ويخرج حصته على قولي تفريق الصفقة
للشافعية وجهان وان صالحه أحدهم على مال له بدون اذن الباقين ليتملك جميع الدار جاز وان صالح ليكون جميع الدار له ولهم جميعا الغى ذكرهم وعاد
الوجهان في أن الكل يقع له أو يبطل في نصيبهم ويخرج في نصيبه على الخلاف في تفريق الصفقة والمعتمد انهم ان أجازوا ما صالح عنهم شاركوا والا فلا وكان
الباقي للغريم مسألة إذا أسلم الكافر عن أكثر من أربع نسوة خير أربعا منهن فان مات قبل الاختيار والتعيين وقف الميراث بينهن فان اصطلحن
على الاقتسام على تفاوت أو تساو مكن منه وأجبن إليه ووافق الشافعية على ذلك وقال بعضهم هذه المسألة تدل على جواز الصلح على الانكار لان
كل واحدة منهن تنكر نكاح من عداها سوى ثلث معها فالصلح الجاري بينهن صلح على الانكار قال بعض الشافعية انهن بين أمرين ان اعترفن بشمول
الاشكال فليست واحدة منهن بمنكرة لغيرها ولا مدعية لنفسها في الحقيقة وانما تصح القسمة والحالة هذه مع الجهل بالاستحقاق للضرورة
وتعذر التوقيف لا إلى نهاية وان زعمت كل واحدة منهن الوقوف على اختيار الزوج إياها فكل من أخذت شيئا تقول الذي أخذته حقي وسامحت الباقيات
180

بالباقي متبرعة والمالك غير ممنوع مما يتبرع به وقد سبق الخلاف بينهم في صلح الحطيطة في العين فمن صححه احتج بهذه المسألة وقال الاقتسام الجاري بينهن صلح حطيطة
ومن ابطله فرق بان المال هناك في يد المدعى عليه وفصل الامر ممكن بتحليفه وهنا استوت الاقدام ولا طريق إلى فصل الامر سوى اصطلاحهن ولو اصطلحن
على أن تأخذ ثلاث منهن أو أربع المال الموقوف ويبذلن للباقيات عوضا من خالص أموالهن جاز عندنا للعموم وقال الشافعي لا يجوز لان الصلح هكذا بذل
عوض مملوك في مقابلة ما لم يثبت ملكه ومن أخذ عوضا في معاوضة لابد وأن يكون مستحقا للعوض فإذا لم يكن الاستحقاق معلوما لم يجز أخذ العوض وكذا من طلق إحدى
زوجيته ومات قبل البيان وقفنا لهما الربع أو الثمن واصطلحتا وكذا لو ادعى اثنان وديعة في يد الغير وقال الودعي لا اعلم لأيكما هي وكذا لو تداعيا دارا في
يدهما وأقام كل منهما بينة ثم اصطلحا أو كانت في يد ثالث وقلنا لا تتساقط البينتان بالتعارض فاصطلحا مسألة لو
كان بين رجلين زرع فادعاه اخر فصالحه
أحدهما على نصف الزرع بعد ان أقر له بنصفه صح وكذا لو أنكر عندنا خلافا للشافعي ثم إن كان مطلقا وكانت الأرض لغير المقر المشتري فالصلح فاسد عنده
وإن كانت الأرض له فوجهان وان شرط القطع لم يصح عنده لان قسمته لا تصح وقطع جميعه لا يجوز لتعليق حق الشريك به ولو ادعى رجل على رجل زرعا في ارضه
فاقر له بنصفه ثم صالحه عن نصفه على نصف الأرض جاز عندنا وقال الشافعي لا يجوز لان من شرط بيع الزرع قطعه ولا يمكن ذلك في المشاع والاشتراط عندنا
ممنوع وكذا القياس على البيع فان صالحه منه على جميع الأرض بشرط القطع على أن يسلم إليه الأرض فارغة صح عنده أيضا لان قطع جميع الزرع واجب نصفه بحكم الصلح
والثاني (والباقي) لتفريغ جميع الأرض وأمكن القطع وجرى ذلك مجرى من اشترى أرضا فيها زرع وشرط تفريغ الأرض فإنه يجوز كذا هنا ولو كان قد أقر له بجميع الزرع فصالحه
من نصفه على نصف الأرض لتكون الأرض والزرع بينهما نصفين وشرط القطع نظر فإن كان الزرع في الأرض بغير حق جاز الشرط لان الزرع يجب قطع
جميعه وإن كان في الأرض بحق لم يجز عند الشافعي لأنه لا يمكن (قطع) الجميع وقال بعض الشافعية انه يجوز إذا شرط على بايع الزرع قطع الباقي وضعفه ومنعه آخرون
لان باقي الزرع ليس بمبيع فلا يصح شرط قطعه في العقد عنده بخلاف ما إذا أقر بنصف الزرع وصالحه على جميع الأرض لأنه شرط تفريغ المبيع مسألة
لو أتلف رجل على اخر عينا حيوانا أو ثوبا وشبههما قيمتها دينار فادعاه عليه فاقر له به ثم صالحه منه على أكثر من ذلك صح عندنا وكذا لو أنكره ثم صالحه
وبه قال أبو حنيفة للأصل ولان الثوب والحيوان يثبت في الذمة مثلهما في الاتلاف فكان الصلح على مثلهما وقال الشافعي واحمد لا يصح الصلح لان الواجب في
الذمة قيمة المتلف دون مثله ولهذا لا يطالبه بمثله وإذا كان الواجب القيمة فإذا صالحه عليها بأكثر من قيمتها أو أقل فقد عاوض عليه متفاضلا وذلك
ربا في النقود والكل ممنوع ولو كانت قيمة العبد ألفا فصالحه على الف مؤجلة صح ولزم الاجل عندنا وبه قال أبو حنيفة واحمد للأصل وللعموم ولأنهما نقلا الحق إلى
القيمة فكان ما سمياه تقديرا للقيمة فكان جايزا كما لو قدر الصداق للمفوضة مؤجلا وقال الشافعي لا يتأجل ولا يصح الصلح لان الواجب هو دين في ذمته فإن كان
العوض مؤجلا كان بيع الدين بالدين وهو باطل ونقل الحق من العبد إلى قيمته انما يكون على سبيل المعاوضة والبدل ويكون بيع الدين بالدين
وقد عرفت ان الواجب القيمة وهي حالة فلا تتأجل والصداق غير واجب وانما يجب بالفرض عند ايجابه فاختلفا ونحن نمنع كون الصلح تبعا مسألة
لو أتجر الشريكان وحصل ربح وكان بعض المال دينا وبعضه عينا فاصطلحا وقال أحدهما لصاحبه اعطني رأس المال والربح والخسران لك جاز ذلك للعموم
ولما رواه أبو الصباح في الصحيح عن الصادق (ع) في رجلين اشتركا في مال فربحا فيه ربحا وكان من المال دين وعين فقال أحدهما لصاحبه اعطني رأس
المال والربح لك وما توى فعليك فقال لا بأس به إذا شرط وإن كان شرطا يخالف كتاب الله رد إلى كتاب الله عز وجل مسألة لا تصح قسمة الديون
فلو اقتسم الشريكان الدين الذي لهما على الناس وقبض أحدهما وتلف نصيب الأخر وجب على القابض دفع نصيب الشريك مما قبضه إليه لبطلان القسمة لأنها
تمييز أحد الحقين من الأخر ولا تمييز في الديون لأنها مطلقة لا تتعين الا بالقبض ولما رواه سليمان بن خالد في الحسن انه سأل الصادق (ع)
عن رجلين كان لهما مال بأيديهما ومنه متفرق عنهما فاقتسماه بالسوية ما كان في أيديهما وما كان غايبا عنهما فهلك نصيب أحدهما مما كان غايبا واستوفى
الأخر فعليه ان يرد على صاحبه قال نعم ما يذهب بماله (ماله) مسألة لو ماطل المديون صاحب الدين عن دينه حتى مات فصالح ورثته على بعضه فعل حراما
ولم يكن للورثة المطالبة في الظاهر ولا تبرأ ذمة المصالح فيما بينه وبين الله تعالى لما تقدم ان ذلك من صور الاكراه ولما رواه عمر بن يزيد في الصحيح عن الصادق (ع)
قال إذا كان للرجل على الرجل دين فمطله حتى مات ثم صالح ورثته على شئ فالذي اخذ الورثة لهم وما بقى فهو للميت يستوفيه منه في الآخرة وان هو لم يصالحهم
على شئ منه حتى مات ولم يقض عنه فهو للميت يأخذه به وكذا لو ادعى كاذبا على غيره فصالحه الغير لم يستبح الكاذب بذلك الصلح مال الصلح الا مع الرضا الباطن
مسألة يصح الصلح على الأعيان بمثلها وبالمنافع وبابعاض الأعيان وعلى المنافع بمثلها وابعاضها ولا يشترط ما يشترط في البيع فلو صالحه عن الدنانير
بدراهم أو بالعكس صح ولم يكن صرفا ولو صالح على عين بأخرى من الربويات ففي الحاقه بالبيع نظر وكذا في الدين بمثله فان ألحقناه فسد لو صالح من الف مؤجل
بخمس مائة حالة ولو صالح من الف حال بخمس مائة مؤجلة ففي كونه ابراء اشكال ويلزم الاجل ولو ظهر استحقاق أحد العوضين بطل الصلح لوقوع التراضي على تلك
العين ولو صالح على ثوب أتلفه بدرهم على درهمين صح الصلح وقد سبق الفصل الثالث في تزاحم الحقوق وفيه مباحث الأول في الطرق
مسألة الطرق نوعان نافذة وغير نافذة الأول النافذة والناس كلهم في السلوك فيها شرع سواء مستحقون للممر فيه وليس لاحد ان يتصرف فيه
بما يبطل المرور فيه أو ينقصه أو يضر بالمارة من بناء حائط فيه أو دكة أو وضح جناح أو ساباط على جداره إذا أضر بالمارة اجماعا ولو لم يضر بالمارة بان كان عاليا لا
يظلم به الدرب جاز وضع الجناح والساباط من غير منع عند بعض علمائنا وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد لأنه ارتفق
بما لم يتعين ملك أحد عليه فكان جايزا وليس لاحد منعه كالاستظلال بحايط الغير والاستطراق في الدرب ولان الناس اتفقوا على اشراع الأجنحة والساباطات
في الطرق النافذة والشوارع المسلوكة في جميع الأعصار وفي ساير البقاع من غير انكار فكان سائغا ولان النبي صلى الله عليه وآله نصب بيده ميزابا في دار
العباس والجناج مثله لاشتراكهما في المنفعة الخالية عن الضرر وقال الشيخ (ره) وأبو حنيفة لا عبرة بالضرر وعدمه بل إن عارضه فيه رجل من المسلمين
نزع ووجب قلعه وان لم يكن مضرا به ولا بغيره والا ترك لأنه بنى في حق غيره بغير اذنه فكان له مطالبته بقلعه كما لو بنى دكة في المسلوك أو وضع الجناح في
ملك غيره والقياس ممنوع فان الضرر يحصل مع بناء الدكة بخلاف الجناح والساباط والروشن لان الأعمى يتعثر بها وكذا في الليل المظلم يحصل تعثر البصير بها
181

ويضيق الطريق بها بخلاف الشارع وملك الغير لا يجوز الممر فيه الا باذنه بخلاف الطرق فافترقا فروع أ شرط احمد في جواز اشراع الجناح اذن الامام فيه فان
اذن فيه جاز والا فلا وهو ممنوع لاتفاق الناس على عمله ب الضابط في التضرر وعدمه العرف ويختلف بحال الطرق فإن كان ضيقا لا يمر فيه الفرسان
والقوافل وجب رفعه بحيث يمر المارة تحته منتصبا والمحمل مع الكنيسة المنصوبة على رأسه على البعير لأنه يتفق ذلك وإن كان نادرا ولا يشترط الزيادة عليه
وقال بعض الشافعية يجب ان يكون بحيث يمر الراكب تحته منصوب الرمح وإن كان متسعا تمر فيه الجيوش والاحمال وجب ان لا يضر بالعماريات والكنايس
وان يتمكن الفارس من الممر تحته ورمحه منتصب لا يبلغه لأنه قد يزدحم الفرسان فيحتاج إلى أن ينصب الرماح وقال بعض الشافعية لا يقدر بذلك لأنه يمكنه
وضع الرمح على عنقه بحيث لا ينال رمحه أحد أوليس بجيد لان ذلك قد يعسر ج إذا وضع الجناح أو الروشن أو الساباط في الدرب المسلوك على وجه يضر
بالمارة يجب عليه ازالته وعلى السلطان الزامه بذلك ولو صالحه الامام على وضعه أو بعض الرعية على شئ لم يجز لان ذلك بيع الهواء منفردا وهو باطل
والهواء لا يفرد بالعقد بل يتبع الدار كالحمل مع الام ولأنه إن كان مضرا لم يجز اخذ العوض عنه كبناء الدكة في الطريق وان لم يكن مضرا كان جايزا وما يجوز
للانسان فعله في الطريق لا يجوز ان يؤخذ منه عوض عنه كالسلوك واحد من الرعية ليس هو المستحق ولا نايب المستحقين د لو أظلم الطريق بوضع الجناح أو
الروشن أو الساباط فان اذهب الضياء بالكلية منع اجماعا لأنه يمنع السلوك فيه وان لم يذهب الضوء جملة بل بعضه فالوجه المنع ان تضرر به المارة والا فلا
وللشافعية قولان أحدهما المنع مطلقا والثاني الجواز مطلقا مسألة لو اخرج روشنا في شارع أو درب نافذ لم يكن المقابلة الاعتراض عليه ولا منعه منه سواء
استوعب عرض الدرب أو لا إذا لم يحصل ضرر لاحد به وليس له وضع أطراف خشبه على حايط جاره وان لم يتضرر به الجار ولو اخرج روشنة إلى بعض الدرب كان
لمحاذيه اخراج روشن فيما بقي من الهواء وليس لصاحب الروشن الأول منعه ما لم يضع على خشبه شيئا وان أراد محاذيه بان يخرج روشنا تحت روشن محاذيه جاز
ذلك وان أراد روشنا فوق روشن محاذيه جاز إذا لم يتضرر بان يكون عاليا لا يضر بالمار في الروشن السفلاني ولو أظلم الدرب بوضع الروشن الثاني أزيل
خاصة دون الأول لان الضرر انما حصل بالثاني وإن كان لولا الأول لم يحصل مسألة إذا اخرج جناحا أو روشنا في الشارع النافذ فقد بينا
انه ليس لأحد منعه مع عدم التضرر به فلو تضرر جاره بالاشراف عليه فالأقرب ان له المنع لأنه قد حصل به الضرر بخلاف ما لو كان الوضع في ملكه أو ماله محل على
جاره فإنه لا يمنع وان حصل معه الاشراف لان للانسان التصرف في ملكه كيف شاء بخلاف الروشن الموضوع على شرط عدم تضرر الغير به فإذا فرض تضرر شخص
ما به لم يجز وضعه ويمنع في الملك من الاشراف على الجار لا من التعلية المقتضية لامكانه ولست اعرف في هذه المسألة بالخصوصية نصا من الخاصة ولا من
العامة وانما صرت إلى ما قلت عن اجتهاد ولعل غيري يقف عليه أو يجتهد فيؤديه اجتهاده إلى خلاف ذلك مسألة لو وضع جناحا لا ضرر فيه
أو روشنا كذلك فانهدم أو هدمه المالك أو جاره قهرا وتعديا ثم وضع الجار روشنا أو جناحا في محاذاته ومده إلى مكان روشن الأول جاز وصار أحق
به لان الأول كان يستحق ذلك بسبقه إليه فإذا زال وسبقه الثاني إلى مكانه كان أولي كرجل جلس في مكان مباح كمسجد أو درب نافذ ثم قام عنه أو أقيم فإنه يزول حقه
من الجلوس ويكون لغيره الجلوس في مكانه وليس للأول ازعاجه وان أزعج الأول فكذا هنا ومنع منه بعض الشافعية لان الجالس في الطريق المسلوك الواسع إذا ارتفق
بالقعود لمعاملة الناس لا يبطل حقه بمجرد الزوال عن ذلك الموضع وانما يبطل بالسفر والاعراض عن الحرفة على ما يأتي فقياسه ان لا يبطل بمجرد الانهدام والهدم
بل يعتبر اعراضه عن ذلك الجناح ورغبته عن اعادته ونحن نمنع الحكم في الأصل ونمنع اولويته على ما يأتي إن شاء الله تعالى مسألة لا يجوز لاحد بناء دكة ولا غرس شجرة في
الطريق المسلوك ان ضيق الطريق وضر بالمارة اجماعا لقوله عليه السلام لا ضرر ولا ضرار وإن كان متسعا لا يضر بالمارة وضعه فالأولى المنع أيضا الا فيما
زاد على حد الطريق النافذ لان ذلك يوجب اختصاصا له فيما هو مشترك وشرع بين الناس ولان المكان المشغول بالبناء والشجر لا يتأتى فيه السلوك والاستطراق
وقد يزدحم المارة ويعسر عليهم السلوك فيه فيتعثرون بها ولأنه ربما طالت المدة فأشبه مكان البناء والغراس بالاملاك فانقطع اثر استحقاق السلوك فيه
بخلاف الأجنحة والرواشن وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه يجوز ذلك كوضع الجناح أو الروشن الذين لا يضران بالمارة وقد عرفت الفرق مسألة حد
الطريق المتخذ في الأرض المباحة إذا تشاح أهله في وضعه وسعته وضيقه سبع أذرع لان ذلك قدر ما تدعو الحاجة إليه ولا يزيد عليه لما رواه مسمع بن عبد
الملك عن الصادق (ع) قال والطريق إذا تشاح عليه أهله فحده سبع أذرع ومثله روى السكوني عن الصادق (ع) والخبران موثقان إذا تقرر هذا
فهذا الحد حد مع تشاح أهل ذلك الدرب المتقابلة دورهم فيه ولا عبرة بغيرهم ولو اتفقوا على وضع أضيق منه في الابتداء جاز ولم يكن لاحد الاعتراض
وطلب التوسعة فيه وإذا وضعوه على حد السبع لم يكن لهم بعد ذلك تضييقه ولو وضعوه أوسع من السبع فالأقرب ان لهم ولغيرهم الاختصاص ببعضه
إلى حيث يبلغ هذا الحد فلا يجوز بعد ذلك النقص عنه مسألة الشوارع لا يجري عليها ملك أحد ولا يختص بها شخص من الاشخاص بل هي
بين الناس كافة شرع سواء بلا خلاف ولا فرق في ذلك بين الجواد الممتدة في الصحارى والبلاد وانما يصير الموضع شارعا بأمور ان يجعل الانسان ملكه
شارعا وسبيلا مسبلا ويسلك فيه شخص ما أو يحيي جماعة ارض قرية أو بلدة ويتركوا مسلكا نافذا بين الدور والمساكن ويفتحوا إليه الأبواب أو يصير موضعا
من الموات جادة يسلكه الناس فلا يجوز تغييره وكل موات يجوز استطراقه لكن لا يمنع أحد من احيائه وصرف الممر عليه فليس له حكم الشوارع الثاني الطرق
التي لا تنفذ كالسكة المسدودة المنتهية إلى ملك الغير ولا منفذ لها إلى المباح وتلك ملك لأرباب الأبواب فيها وهذه الطرق لا يجوز لاحد اشراع جناح
فيها ولا روشن ولا ساباط الا بإذن أرباب الدرب بأسرهم سواء كانوا من أهل الدرب أو من غيرهم وسواء أضر بالباقين أو لا لان أربابه محصورون
وملاكه معدودون فإذا تخصص به أحد منع الباقين منه فلم يجز وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يجوز لغير أهل السكة مطلقا واما أهل السكة
فيجوز لكل واحد منهم اشراع الجناح والروشن وغيرهما إذا لم يضر بالمارة لان لكل واحد منهم الارتفاق
بقرارها فليكن الارتفاق بهوائها كذلك
كالشوارع وهو ممنوع لان السكة مخصوصة بهم فلا يتصرف فيها أحد دون رضاهم كما أنه لا يجوز اشراع الجناح إلى دار الغير بغير رضاه سواء تضرر أو لا
إذ لا اعتبار بالتضرر مع اذن المتضرر وبمثل ما قلناه قال أبو حنيفة مسألة لو صالح واضع الروشن أو الجناح أو الساباط أرباب الدرب وأصحاب
السكة على وضعه جاز على الأظهر عندنا لكن الأولى اشتراط زمان معين لأنه حق مالي متعين المالك فجاز الصلح عليه واخذ العوض عنه كما في القرار ومنع
182

منه الشافعية بناء منهم على أن الهواء تابع فلا يفرد بالمال صلحا كما لا يفرد به بيعا ويمنع مانعية التبعية من الانفراد بالصلح بخلاف البيع لأنه يتناول
الأعيان والصلح هنا وقع عن الوضع مدة وكذا الحكم في صلح مالك الدار عن الجناح المشرع إليها من الجواز عندنا والمنع عندهم مسألة نعني بأرباب الدرب
المقطوع وأصحاب السكة من له باب نافذ إلى تلك السكة دون من يلاصق حد داره السكة ويكون حايطه إليها من غير نفوذ باب له فيها وهل يشترك جميعهم في
جميع السكة فيكون الاستحقاق في جميعها لجميعهم أم شركة كل واحد تختص بما بين رأس السكة وباب داره ولا تتخطا عنه المشهور عندنا اختصاص كل واحد بما بين رأس
السكة وباب داره لان محل تردده هو ذلك المكان خاصة ومروره فيه دون باقي السكة فحكم ما عدا ذلك حكم غير أهل السكة وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني
لهم الأول وهو ان الاستحقاق في جميعها لجميعهم لانهم ربما احتاجوا إلى التردد والارتفاق بجميع الصحن لطرح الأثقال ووضع الأحمال عند الاخراج والادخال
ويظهر الفايدة على أصح قولي الشافعي في منع اشراع الجناح الا برضاهم فعلى القول باشتراك الكل في الكل يجوز لكل واحد من أهل السكة المنع وعلى الثاني انما يجوز
المنع لمن موضع الجناح بين بابه ورأس السكة دون من بابه موضع الجناح ورأس السكة إذا تقرر هذا فعلى المشهور عندنا ان لا دخل ينفرد بما بين البابين ويتشاركان في الطرفين ولكل منهما الخروج
ببابه مع سد الأول وعدمه فان سده فله العود إليه مع الثاني وليس لأحدهما الدخول ببابه ويحتمله لأنه قد كان له ذلك في ابتداء الوضع فيستصحب وله رفع جميع
الحايط فالباب أولي مسألة قد بينا ان الدرب المقطوع لأربابه المحصورين دون الشوارع المسلوكة فلهم التصرف فيه كيف شاءوا لان للانسان التصرف
في ملكه بساير أنواع التصرفات ولهم سد باب السكة وهو قول أكثر الشافعية ومنع بعضهم من ذلك لان أهل الشارع يفزعون إليها إذا عرض لهم سبب من زحمة
وشبهها ولو امتنع بعضهم من سدها لم يكن للباقين سدها اجماعا ولو اتفقوا على السد لم ينفرد بعضهم بالفتح ولو اتفقوا على قسمة صحن السكة بينهم جاز
ولو أراد أهل رأس السكة قسمة رأس السكة بينهم منعوا الحق من يليهم إما لو أراد أهل الأسفل قسمة الأسفل فان قلنا باختصاصهم به كان لهم ذلك وان
قلنا باشتراك الجميع في الأسفل لم يكن لهم ذلك الا بإذن الباقين هذا كله أعني سد الباب وقسمة الصحن انما هو إذا لم يكن في السكة مسجد فإن كان فيها مسجد
قديم أو حديث فالمسلمون كلهم يستحقون الطروق إليه ولا يمنعون منه وكذا لو جعل بعضهم داره رباطا أو مسجدا أو مدرسة أو مستراحا لم يكن لاحد منعه
ولا منع من له الممر فيه وحينئذ لا يجوز لاحد ان يشرع جناحا ولا ساباطا ولا روشنا عند التضرر به وان رضي أهل السكة لحق سائر الناس مسألة قد بينا ان
الدرب إما نافذ واما مقطوع إما النافذ فلكل أحد فتح باب فيه سواء كان له ذلك بحق قديم أو لا واما المقطوع فليس لمن لا باب له فيه احداث باب الا برضا
أهل السكة بأسرهم لتضررهم إما بمرور الفاتح عليهم أو بمرورهم على الفاتح ولو فتح بابا للاستضاءة دون الاستطراق أو قال افتحه وأسمره بمسمار لا ينفتح
بابه معه فالأقرب منعه من ذلك لان الباب يشعر بثبوت حق الاستطراق فربما استدل به على الاستحقاق وهو أحد قولي الشافعية ويمكن ان يمكن منه لأنه
لو رفع جميع الدار لم يكن لاحد منعه فلئن يمكن من رفع بعضه أولي واما من له باب في تلك السدة لو أراد ان يفتح غيره نظران كان يريد به الفتح أقرب من بابه إلى رأس
السكة كان له ذلك لان له الاستطراق فيه وهو شريك فإذا فتح بابا كان ذلك بعض حقه وإن كان يريد الفتح أقرب من بابه إلى صدر السكة لم يكن له ذلك وهو أظهر
قولي الشافعية والثاني له ذلك لان له يدا في الدرب فكان الجميع في أيديهما إذا عرفت هذا فان أراد ان يتقدم ببابه إلى رأس السكة فان سد بابه الأول
كان له ذلك قطعا لأنه ينقص حقه وان لم يسد بابه فكذلك عندنا وللشافعية فيه قول بالمنع لان الباب الثاني إذا انضم إلى الأول أورث زيادة زحمة الناس
ووقوف الدواب في السكة فيتضررون به وان أراد ان يتأخر ببابه عن رأس السكة ويقرب من صدورها فلصاحب الباب المفتوح بين رأس السكة وداره المنع
وهل لمن داره بين الباب ورأس السكة المنع وجهان بناء على كيفية الشركة ولهم طريقة أخرى جازمة بأنه لا منع للذين يقع الباب المفتوح بين دارهم ورأس السكة
لان الفاتح لا يمر عليهم وتحويل الميزاب من موضع إلى موضع كفتح باب وسد باب فروع ا لو كان لرجلين بابان في سدة أحدهما قريب من باب الزقاق
وباب الأخر في وسطه فأراد كل واحد منهما ان يقدم بابه إلى أول الزقاق كان له ذلك على ما تقدم لان له استطراق ذلك فقد نقص من استطراقه وان أراد ان يؤخر
بابه إلى صدر الزقاق لم يكن له ذلك على ما سبق وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه تقدم ببابه إلى موضع لا استطراق له فيه ب لو كان لأحدهما باب يلي باب
الزقاق وللآخر باب في الصدر فأراد الثاني ان يقدم بابه إلى حد باب الأول فالأقرب ان له ذلك على ما سبق وعند الشافعية يبنى على الوجهين فان
قلنا لصاحب الباب الذي يلي باب الزقاق
ان يؤخر بابه لم يكن له ذلك وان قلنا ليس له ذلك كان لصاحب باب الصدر ان يقدمه إلى
باب الثاني وينبغي ان يكون له ان يقدمه في فنائه إلى فناء الثاني لأنه انما يفتح الباب في فناء نفسه ولا حق له فيما جاوز ذلك ج لو كان له دار في درب
مقطوع فجعلها حجرتين وجعل لها بابين جاز ذلك إذا وضع البابين في موضع استطراقه وان اخرهما أو أحدهما لم يجز وللشافعية فيه الوجهان مسألة
لو كان له داران ينفذ باب إحديهما إلى الشارع وباب الأخرى إلى سكة منسدة فأراد مالكهما فتح باب في إحديهما إلى الأخرى لم يكن لأهل السكة منعه لأنه يستحق
المرور في السكة ورفع الجدار الحايل بين الدارين تصرف منه مصادف للملك فلا يمنع منه وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني ان لهم المنع لأنه يثبت للدار
الملاصقة للشارع ممرا في السكة ويزيد فيما استحقه من الانتفاع وليس بشئ ولو كان له دار لها باب في زقاق غير نافذ ولها حد في شارع أو زقاق نافذ
وأراد ان يفتح في حده بابا إلى الشارع جاز له لأنه يرتفق بما لم يتعين ملك أحد عليه لا يقال إن في ذلك اضرارا باهل الدرب لأنه كان منقطعا وبفتح الباب
يصير الدرب نافذا مستطرقا إليه من الشارع لأنا نقول إنه بفتح الباب صير داره نافذة واما الدرب فإنه على حاله غير نافذ إذ ليس لأحد غيره استطراق
داره ولو انعكس الحال فكانت بابه إلى الشارع وله حايط في المنقطع فأراد فتح باب للاستطراق فقد بينا انه ليس له ذلك إذ لا حق له في درب قد تعين عليه
ملك أربابه فلم يكن له الانتفاع به بغير اذنهم ولو كان له داران متلاصقتان باب كل واحدة منهما في زقاق غير نافذ فأراد صاحبهما رفع الحاجز بينهما
بالكلية وجعلهما دارا واحدة جاز قولا واحدا وان أراد فتح باب من إحديهما إلى الأخرى جاز عندنا أيضا وللشافعية قولان أحدهما المنع لان ذلك يثبت
له حق الاستطراق من الدرب الذي لا ينفذ إلى دار لم يكن لها طريق منه ولان ذلك ربما أدي إلى اثبات الشفعة في قول من يثبتها بالطريق لكل واحدة
من الدارين في زقاق الأخرى وهذا قول أكثرهم وهو غلط لان له رفع الحاجز بالكلية فرفع بعضه أولي والمحذور لازم فيما لو رفع الحايط مع أنه لا يبطل به حق
183

الشفعة والثاني ان له ذلك كما اخترناه لان له رفع الحاجز بالكلية ففتح الباب أولي وقال بعضهم موضع القولين ما إذا سد باب إحدى الدارين وفتح الباب بينهما
لغرض الاستطراق إما إذا قصد اتساع ملكه أو نحوه فلا منع مسألة لو صالح الممنوع من فتح الباب في الدرب المقطوع أربابه على مال ليفتح الباب جاز
عندنا وبه قال الشافعي بخلاف الصلح عن اشراع الأجنحة والساباط والرواشن فإنهم خالفوا فيه وعللوا بأنه بذل مال في مقابلة الهواء المجرد قال بعضهم
ان قدروا مدة معينة كان الصلح اجارة وان اطلقوا أو شرطوا التأبيد فهو بيع جزء لمشاع من السكة وتنزيل له منزلة أحدهم وكان ذلك بمنزلة ما لو صالح
غيره عن اجراء نهر في ارضه على مال فإنه يكون ذلك تمليكا للنهر ولو أراد فتح باب من داره إلى دار غيره فصالحه عنه مالك الدار على مال صح ويكون ذلك كالصلح
عن اجراء الماء على السطح ولا يملك شيئا من الدار والسطح لان السكة لا تراد الا للاستطراق فاثبات الاستطراق فيها يكون نقلا للملك والدار والسطح ليس
القصد منهما الاستطراق واجراء الماء مسألة يجوز فتح الأبواب ونصب الميازيب في الشوارع النافذة لان الناس بأسرهم اتفقوا على وضع الميازيب ونصبها على
سطوحهم قديما وحديثا من غير انكار أحد منهم فكان اجماعا هذا إذا لم يتضرر بوضعها أحد فان تضرر أحد بوضع ميزاب في الدرب المسلوك وجب قلعه
واما الطرق الخاصة الغير النافذة فليس لأحد من أربابه وضع ميزاب يقذف فيها الا بإذن كل من له حق فيها وليس للمتقدم بابه في رأس الدرب المسدود
منع المتأخر بابه إلى صدر الدرب؟ من وضع ميزاب إذا لم نقل بشركته أو لم يصل ضرره إليه وكذا لا يجوز حفر بالوعة فيها الا بإذن أربابها وإن كانت
أنفع لهم إما الطرق المسلوكة فكذلك لا يحوز احداث بالوعة فيها بل كل بالوعة وضعت في أصل وضع الدرب فإنها تستمر ليس لأحد ازالتها وكل بالوعة
استحدثت فان لكل أحد من المسلمين ازالتها مسألة إذا كان له باب في شارع وظهر داره إلى درب غير نافذ فأراد ان يخرج روشنا فيه لم يكن له ذلك
لان الدرب مملوك لقوم بأعيانهم وليس له حق معهم فيه ولو كان له فيه باب فكذلك عندنا لا يجوز له الاحداث الا بإذن باقي أربابه وللشافعية قولان تقدما وإذا
اذن أرباب الدرب المختص بهم في وضع باب أو نصب ميزاب أو اشراع جناح أو روشن أو ساباط كان هذا الاذن عارية يجوز له الرجوع فيه متى شاء لكن مع الأرش
لأنه سبب في اتلاف مال الغير على اشكال مسألة يجوز فتح الروازن والشبابيك في الحيطان التي في الدروب المسدودة وليس لاحد منع ذلك سواء كان
لصاحب الحايط في ذلك الدرب باب أولم يكن لان له رفع جميع الحايط وان يضع مكانه شباكا فبعضه أولي وانما منع في الباب لمعنى غير موجود هنا وكذا له فتح
روزنة وشباك في حايطه الفاصل بينه وبين جاره وان حرم عليه الاطلاع إلى دار الغير بل ليستفيد الإضاءة في بيته وللجار ان يبني حايطا في وجه شباكه
وروزنته وان يمنع الضوء بذلك لا سد الروزنة والشباك مسألة يجوز لكل أحد الاستطراق في الطرق النافذة على اي حال شاء من سرعة وبطؤ
وركوب وترجل ولا فرق في ذلك بين المسلم والكافر لأنها موضوعة لذلك واما الطرق المقطوعة فكذلك مع اذن أربابها ولو منع واحد أو منعوا بأسرهم
فالأقرب عدم المنع لان لكل أحد دخول هذا الزقاق كدخول الدرب النافذ وفيه اشكال أقربه ان جواز دخولها من قبيل الإباحات المستندة إلى قراين الأحوال
فإذا عارضه نص المنع عمل به واما الجلوس بها وادخال الدواب إليها فالأقوى المنع الا مع اذن الجميع فيه ولو كان بين داريه طريق نافذ فحفر تحته سردابا من
إحديهما إلى الأخرى واحكم الأزج قال بعض الشافعية لا يمنع وهو جيد ان لم يتضرر به أحد من المارة وليس له ان يحفر على وجه الأرض ثم يعمل الأزج وكذا لا يجوز عمل السرداب
في الطريق المسدود الا بإذن أربابه وان احكم الأزج وحفر تحت الأرض لان أربابه محصورون وسواء حصل لهم ضرر بذلك أو لا خلافا لبعض الشافعية ولا
يجوز وضع ساقية مبتكرة في درب مسلوك سواء تضرر بها السايرون فيها أو لا ولو حفرها كان لكل أحد ازالتها ولو وضع عليها أزجا محكما فالأقرب جواز
ازالته لكل أحد ولو سد الطريق النافذ كان لكل أحد انفاذه كما كان وإزالة السد واعادته كما كان ولو جعل الطريق المقطوع مسلوكا بان جعل الاستطراق
في ملكه ورفع الحاجز فإن كان سبله مؤبدا وسلك فيه أحد لم يكن له بعد ذلك قطعه ولو لم يرد تسبيله كان كالعارية يجوز له الرجوع فيه ولو غصب ملك
غيره فجعله طريقا كان للمالك الرجوع إلى عين ملكه وقطع السلوك منه البحث الثاني الجدران والنظر في أمور ثلاثة الأول التصرف الجدار
بين الملكين إما ان يكون مختصا بمالك واحد أو يكون مشتركا بين صاحبي الملكين فإن كان مختصا بمالك واحد كان له التصرف فيه كيف شاء بهدم وبناء وغير
ذلك وليس للاخر وضع خشبة ولا جذع عليه الا بإذن مالكه عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد لقوله عليه السلام لا يحل مال امرء مسلم الا بطيب
نفس منه ولان العقل قاض بقبح تصرف الغير في مال الغير بغير اذنه وقال مالك واحمد ان للجار ان يضع الجذوع على جدار (جاره) غيره فان امتنع المالك أجبر على ذلك وهو
قول الشافعي في القديم لما رواه أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يمنع أحدكم جاره ان يضع خشبه على جداره قال فنكس القوم رؤوسهم فقال أبو
هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمينها اي لأضعن هذه السنة بين أظهركم ولو سلم الحديث لحمل على
الاستحباب لما تقدم من الحديث الأول إذا عرفت
هذا فقد شرط الشافعي في قوله القديم أمورا ثلاثة أ الا يحتاج مالك الجدار إلى وضع الجذوع عليه ب ان لا يزيد الجار في ارتفاع الجدار ولا يبني عليه أزجا
ولا يضع عليه ما لا يتحمله الجدار ويضر به ج ان لا يملك شيئا من جدران البقعة التي يريد تسقيفها أو لا يملك الا جدارا واحدا فان ملك جدارين فليسقف
عليهما ولا يجبر والحال هذه صاحب الجدار وجعل بعض الشافعية عوض الشرط الثالث ان يكون الجوانب الثلاثة من البيت لصاحب البيت وهو يحتاج إلى
جانب رابع فاما إذا كان الكل للغير فإنه لا يضع الجذوع عليها قولا واحدا مسألة قد بينا انه ليس للجار وضع جذع ولا غيره على حايط الغير وإن كان
محتاجا إلى الوضع وكان الجار مستغنيا عن الحايط الا باذنه فان اذن في الوضع بغير عوض فهو إعارة له الرجوع فيها متى شاء قبل الوضع مجانا قطعا واما
بعد الوضع للجذوع والبناء عليها فالأقرب ان له الرجوع أيضا كما في سائر العواري لكن ليس له القلع مجانا بل مع الأرش وإن كان القلع يؤدي إلى خراب ملك
الجار وان شاء أبقاه بالأجرة فيثبت الخيار بين القلع بالأرش وبين التبقية بالأجرة كما لو أعار أرضا للبناء وهو أظهر قولي الشافعية قالوا إلا أن في إعارة الأرض
أمرا ثالثا يتخير فيه وهو تملك البناء بالقيمة وليس لمالك الجدار ذلك لان الأرض أصل فجاز ان تستتبع البناء والجدار تابع فلا يستتبع وعندي ان لا ثالث
هنا ولا في الأرض وقال بعض الشافعية انه ليس له القلع لان ضرر القلع يتداعى إلى ما هو خالص ملك المستعير لان الجذوع إذا رفعت اطرافها من جدار لم تستمسك
على الجدار الثاني بل يثبت له الأجرة خاصة وقال بعضهم انه ليس له الرجوع أصلا ولا يستفيد به القلع ولا طلب الأجرة في المستقبل لان مثل هذه الإعارة
يراد بها التأبيد فكان بمنزلة ما لو أعار أرضا للدفن فدفن لم يتمكن المعير من قلعه ولا من طلب الأجرة ولعل بينهما فرقا مسألة لو اذن للجار في وضع الجذوع
184

على جداره فوضعها لم يستعقب ذلك المطالبة بالأجرة عما قبل الرجوع فان رفع صاحب الجذوع جذوعه لم يكن له اعادتها الا بإذن جديد لان الاذن الأول
زال بزواله وكذا لو اذن في وضع روشن على حايطه أو جناح أو ساباط وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان له الوضع عملا باستصحاب الاذن الأول وكذا لو
سقطت الجذوع أو الروشن أو الساباط أو الجناح بنفسه ولو سقط الجدار فبناه صاحبه بتلك الآلة فكذلك لان الاذن لا يتناول الا مرة وللشافعية وجهان
ولو بناه بغير تلك الآلة لم يعد الوضع إلا بإذن جديد عندنا وعند الشافعية قولا واحدا ولو صالحه على وضع الجذوع أو الجناح أو الروشن أو الساباط على حايطه
جاز وبه قال الشافعي بخلاف ما لو صالحه عن اشراع الجناح لأنه صلح عن الهواء المجرد فلا يجوز عنده وقد سبق كلامنا فيه ولو رضي مالك الجدار بوضع
الجذوع بعوض فذلك إما بيع أو اجارة وسيأتي على قول الشافعي بان له الاجبار على وضع الخشب لا يصح المعاوضة ولا الصلح عليه بمال لان من ثبت له حق لا يؤخذ
منه عوض عليه لكنا قد بينا بطلان هذا القول من رأس مسألة إذا كان الجدار مشتركا بين الاثنين أو أكثر لم يكن لاحد من الشركاء التصرف فيه بشئ
من وجوه الانتفاعات حتى ضرب الوتد فيه وفتح الكوة بل واخذ أقل ما يكون من ترابه ليترب به الكتاب بدون اذن جميع الشركاء فيه كغيره من الأموال المشتركة
مطلقا سواء كان وضع جذع عليه أو لا وللشافعي في الاجبار على وضع الجذوع قولان لان له ان يجبر جاره على وضع جذوعه على جداره فشريكه أولي والأصل
قد بينا بطلانه نعم يجوز الانتفاع منه بل ومن جدار الغير بما لا يقع المضايقة فيه كالاستناد إليه وإسناد المتاع إليه إذا لم يتضرر الجدار به لأنه بمنزلة الاستظلال بجدار الغير
والاستضاءة بسراجه ولو منع مالك الجدار من الاستناد فالوجه التحريم لأنه نوع تصرف بايجاد الاعتماد عليه ولو بنى في ملكه جدارا متصلا بالجدار المشترك
أو المختص بالجار بحيث لا يقع ثقله عليه جاز ولم يكن للاخر الاعتراض النظر الثاني القسمة مسألة لكل جسم ابعاد ثلاثة طول وعرض وعمق ونعني
بطول الحايط امتداده من زاوية من البيت إلى الزاوية الأخرى أو من حد من ارض البيت إلى حد اخر من ارضه ولا يريد به ارتفاعه عن الأرض فان ذلك هو
العمق والسمك باعتبار اخذ المساحة أو الاعتبار من تحت ومن فوق واما العرض فهو البعد الثالث منه فإذا كان طوله عشرة وعرضه ذراعا جاز قسمته
في الطول والعرض ان أرادها فإذا طلب أحدهما قسمته في كل الطول ونصف العرض ليصير لكل واحد نصف ذراع في طول عشرة واجابه الأخر جاز وكذا يجوز
ان يقتسماه في كل العرض ونصف الطول فيصير لكل واحد خمسة أذرع في عرض ذراع فان طلبا قسمته على الوجه الثاني كان للحاكم ان يعلم بينهما بعلامة
ويخط رسما للتنصيف أو يشق الجدار وينشره بالمنشار وان طلبا قسمته على الوجه الأول قسمه بالعلامة دون الشق والنشر لان شق الجدار في الطول اتلاف
له وتضييع ولو باشر الشريكان قسمته بالمنشار لم يمنعهما أحد كما لو نقضاه واقتسما الانقاض ولو طلب أحد الشريكين قسمة الجدار وامتنع الأخر نظر ان
طلب القسمة على الوجه الأول لم يجب الإجابة لأنا لو أوجبنا القسمة على هذا النحو لا قرع في التخصيص والقرعة ربما يعين شق الذي يلي أحدهما للاخر
والذي يلي الأخر للأول فلا يتمكن أحدهما من الانتفاع بما وقع له بالقسمة ولأنه لا يتمكن من افصال أحدهما من الأخر بفصل محقق لان غايته رسم خط
بين الشقين فإذا بنى أحدهما على ما صار إليه تعدى الثقل والتحامل إلى الشق الآخر نعم لو تراضيا على هذه القسمة جاز وكان رسم الخط كافيا في القسمة وعن
بعض الشافعية انه يجبر الممتنع عن القسمة ولا قرعة بل يخصص كل واحد منهما بما يليه ليقع النفع لهما معا واما ان طلب أحدهما القسمة على الوجه الثاني
وهو قسمة نصف الطول في كل العرض فان رضي الأخر واجابه إليها جاز وان امتنع فان انتفى الضرر عنهما أو عن الممتنع أجبر عليها وان تضرر الممتنع لم يجبر عليها
وللشافعية وجهان في الاجبار فمن اعتبر في القسمة الشق والقطع منع من القسمة لان القطع يوجب اتلاف بعض الجدار ولا اجبار مع الاضرار وقال بعض هؤلاء
ان التضرر والنقصان هنا هين في هذا النوع فكان بمنزلة قسمة الثوب الصفيق ومن اكتفى برسم العلامة والخط اختلفوا أيضا فبعضهم جوز
الاجبار لأنه يمكن تأتي الانتفاع بما يصير إليه وبعضهم منع لتعذر الفاصلة المحققة مسألة لو انهدم الجدار أو هدماه أو لم يرسماه في الأول فأرادا
قسمة عرصته في كل الطول ونصف العرض ولا ضرر مطلقا أو لا ضرر على الممتنع فان قلنا بتخصيص كل واحد بالشق الذي يليه من غير قرعة أجيب طالبها
إليها وان منعنا من قسمة الحايط في المسألة الأولى فللشافعية هنا وجهان مبنيان على أن المنع في الحايط حذرا من القرعة أو من عدم تأتي الفصل المحقق
فان قالوا بالأول استمر المنع من القسمة هنا لان المانع هناك موجود هنا وان قالوا بالثاني أجبر الممتنع عليها لزوال المانع لامكان الفصل هنا ولو طلب
قسمتها في نصف الطول وكل العرض أجيب لفقد الموانع المذكورة في الجدار هنا وإذا بنى الجدار وأراد ان يكون عريضا زاد في عرضه من عرصة بيته
النظر الثالث العمارة مسألة إذا استهدم الحايط أجبر صاحبه على نقضه ليلا يتأذى به أحد سواء كان المالك واحدا وأكثر ولو كان
لاثنين فنقضاه لاستهدامه أو لغير استهدامه أو انهدم الجدار بنفسه لم يجبرا على بنائه ولا يجبر أحدهما لو امتنع عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي
في أحد القولين وهو الجديد له ومالك واحمد في إحدى الروايتين عنهما لأنه ملكه فإذا لم يكن له حرمة في نفسه لم يجبر على الانفاق عليه كما لو انفرد به بخلاف
الحيوان ذي الحرمة فإنه يجب عليه الانفاق عليه لحرمته وتعلق غرض الشارع بالانتفاع به ولأنه ملكه فلا يجبر على عمارته كما لا يجبر على زراعة الأرض المشتركة ولأنه
بناء حائط فلا يجبر عليه كالابتداء ولأنه لو أجبر على البناء فاما لحق نفسه وهو باطل بما لو انفرد به أو لحق غيره ولا يجوز ان يجبر الانسان على عمارة ملك
الغير كما لو انفرد به الغير والقول القديم للشافعي انهما يجبران على عمارته ويجبر الممتنع عليها وهو الرواية الأخرى عن مالك وعن أحمد رفعا للضرر عن الشركاء
وصيانة للاملاك المشتركة عن التعطيل وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا ضرار وفي ترك بنائه اضرار فاجبر الممتنع عليه كما يجبر على القسمة بينهما لو طلب
أحدهما والملك وان لم يكن له حرمة يلزمه بسببها الانفاق عليه فان شريكه له حرمة ولا نسلم ان في ترك بنائه ضررا فان الضرر انما حصل بانهدامه وانما ترك البناء
ترك لما يحصل النفع به وفي ترك بنائه اضرار به ولا يزال الضرر بالضرر والخبر مشترك الدلالة لان في تكليف الشريك العمارة اضرارا عظيما به فلم يجبر عليها والفرق
بينه وبين القسمة ظاهر فان للانسان الاختصاص بالتصرف في ملكه وانما يتم بالقسمة والاجبار على العمارة يقتضي اجبار الغير على عمارة ملكه لينتفع الأخر به
والقسمة دفع الضرر عنهما بما لا ضرر فيه والبناء مضر لما فيه من الغرم ولا يلزم من اجباره على إزالة الضرر بما لا ضرر فيه اجباره على ازالته بما فيه ضرر
مسألة لو هدم أحد الشريكين الجدار المشترك من غير اذن صاحبه فإن كان لاستهدامه وفي موضع وجوب الهدم لم يكن عليه شئ وإن كان مما لا يجب
هدمه أو هدمه وهو معمور لا يخشى عليه السقوط فقد اختلف قول علمائنا قال بعضهم يجبر الهادم على عمارته واعادته إلى ما كان عليه أولا والأقوى لزوم
185

الأرش على الهادم لان الجدار ليس بمثلي مسألة: قد بينا انه لا يجب على الشريك في الجدار بناؤه لو انهدم ولا مساعدة شريكه فيه لإزالة الضرر عن شريكه
لان الممتنع قد لا يكون له نفع في الحايط بل وقد يكون عليه ضرر فيه أكثر من نفعه وقد يكون معسرا لا مال له ينفق على البناء فحينئذ لا يجبر لو امتنع عن الانفاق ولو كان
مؤسرا وكان يتضرر بترك البناء وعلى القديم للشافعي يجبر فان أصر على الامتناع أنفق الحاكم عليه ليرجع على الممتنع إذا وجد له مال فان استقل وبذل ان يبنيه
ويرجع عليه ففي الرجوع عليه قولان للشافعي ولأصحابه طرق أصحها عند أكثرهم القطع بعدم الرجوع وحمل قول الرجوع على ما إذا أنفق بالاذن والثاني ان القول
بعدم الرجوع تفريع على الجديد والقول بالرجوع تفريع على القديم والثالث ان قلنا بالقديم رجع
قطعا وان قلنا بالجديد فقولان الرابع ان امكنه عند البناء مراجعة الحاكم فلا يرجع أو لا يمكنه فيرجع إما اذن له الحاكم في البناء ليرجع أو بذل عن الشريك
اقراضه فان له الرجوع ان قلنا به مسألة لو كان بين الشريكين نهر مشترك أو قناة أو دولاب أو ناعورة أو بئر فاحتاج شئ من ذلك في الانتفاع به
إلى العمارة لم يجبر أحد الشريكين الأخر على العمارة كما قلنا في الجدار وهو الجديد للشافعي كما تقدم وفي القديم انه يجبر وبه قال أبو حنيفة وفرق بين هذه وبين
الجدار فأوجب على الشريك في هذه العمارة والاصلاح وتنقية البئر ولم يوجب بناء الجدار لان الشريك لا يتمكن من مقاسمته فيضر به بخلاف الحايط فإنه يمكنه
قسمته مع شريكه وقسمة عرصته وليس بجيد لان في قسمة العرصة اضرارا بهما وفي قسمة الحايط أكثر اضرارا والانفاق ارفق فكانا سواء مسألة لو كان
علو الجدار لواحد وسفلها لغيره فانهدمت لم يكن لصاحب السفل اجبار صاحب العلو على مساعدته في إعادة السفل لأصالة البراءة وكذا ليس لصاحب
العلو اجبار صاحب السفل على إعادة السفل ليبنى عليه علوه عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد واحمد في إحدى الروايتين وأبو الدرداء
لما تقدم من أن الانسان لا يجبر على عمارة ملكه ولا عمارة ملك غيره والحق لا يعدوهما وقال الشافعي في القديم ومالك واحمد في الرواية الأخرى وأبو ثور انه يجبر
صاحب السفل على الإعادة وإذا قلنا بالاجبار وجب عليه وحدة الاتفاق عليه لأنه خاص ملكه وكذا لو كان له ساباط استحق وضعه على حايط غيره فانهدم لم يجبر أحدهما على العمارة
وللشافعية قولان وهذا الخلاف فيما إذا انهدم الحايط أو هدمه صاحب السفل والعلو معا من غير شرط إما إذا استهدم فهدمه صاحب السفل بشرط ان
يعيده أجبر عليه قولا واحدا ويجري الخلاف فيما إذا طلب أحدهما اتخاذ سترة بين سطحيهما هل يجبر الأخر على مساعدته ومذهبنا انه لا يجبر لأصالة البراءة
مسألة إذا انهدم الحايط المشترك فطلب أحدهما بناءه لم يجبر الأخر على ذلك (لما) كما تقدم وهو الجديد للشافعي وفي القديم وبه قال مالك واحمد في رواية
عنهما انه يجبر فإن كان له مال وامتنع أنفق الحاكم منه وان لم يكن له مال فبذل شريكه ان يبينه ويرجع عليه اذن له الحاكم وكذا ان بذل غيره اقراضه فإذا بناه بإذن الحاكم
استحق ما أنفقه على شريكه عنده وكان الحايط بينهما يعيد كل واحد منهما رسومه عليه ولو بناه بغير اذن شريكه في الانفاق ولا اذن الحاكم عند امتناع
شريكه كان متطوعا ولا يرجع به على شريكه ثم ينظر فان بناه وأعاد الحايط بالآلة المشتركة القديمة فالجدار بينهما كما كان لان المنفق انما أنفق على التأليف
وذلك اثر لا عين يملكها ويختص بها ولو أراد الباني نقضه لم يكن له ذلك لأنه ملكهما فليس له التصرف بما فيه ضرر عليهما وكون التأليف منه لا يقتضي
جواز نقضه وكذا لو بنى صاحب السفل جدران السفل بانقاضه القديمة فهو لصاحب السفل كما كان وليس لصاحب العلو نقضه ولا منعه من الانتفاع
بملكه وان بناه بالة من عند مستجدة فالحايط له ينفرد بملكه وله ان يمنع شريكه من وضع خشبة عليه ويمكن من نقضه لأنه ملكه خاصة فله التبقية والإزالة
وبه قال الشافعي واحمد ويشكل فيما إذا كانت العرصة مشتركة ولو قال الشريك انا ادفع إليك نصف النفقة ولا تنقض فعلى القديم للشافعي لا يجوز له النقض
ويجب عليه القبول لان لاحد الشريكين اجبار الأخر على البناء فلئن يجبره على الاستدامة أولي فإن لم يبذل دفع قيمة نصف البناء كان للباني نقضه وعلى الجديد
لو أراد الشريك الطالب للعمارة الانفراد بها فان أراد عمارة الجدران بالنقض المشترك أو أراد صاحب العلو إعادة السفل بنقض صاحب السفل أو بآلة مشتركة
بينهما فللآخر منعه منها وان أراد بناءه بآلة من عنده فله ذلك وجاز ان يبنى على عرصة مشتركة بينه وبين غيره بغير اذنه ليصل إلى حقه من الحمل عليه والرسم
كما لو سقطت جذوعه الموضوعة على الجدار المشترك ينفرد بإعادتها ثم إن اعاده بآلته كان لشريكه وضع خشبة عليه لأنه ملك لهما فكان له رد رسومه عليه وان
بناءه بآلة من عنده مختصة به انفرد بملكه وكان له ان يمنع الذي كان لشريكه من وضع رسومه وكان المعاد ملكا للباني يضع عليه ما شاء وينقضه إذا شاء ولو
قال الشريك لا تنقض لأغرم لك نصف القيمة أو قال صاحب السفل لا تنقض لا غرم لك القيمة لم يلزمه اجابته على هذا القول وهو عدم الاجبار على البناء فلا يجبره
على التبقية كابتداء العمارة ولو طالبه شريكه بنقضه لم يكن له ذلك الا ان يكون له رسم خشب عليه فيقول إما ان تأخذ مني نصف قيمته وتمكن من وضع خشبي
عليه أو تقلع حايطك لبنيه جميعا كان له ذلك لأنه لا يجوز للباني ابطال رسومه ببنائه ولو قال صاحب السفل انقض ما أعدته لا بنيه بالة نفسي فإن كان قد طالبه بالبناء
لم يجب الان إلى ما يقوله وان لم يطالبه وقد بنى علوه عليه فكذلك لا يجاب وهل له ان يتملك السفل بالقيمة قال بعض الشافعية نعم وليس بجيد وان لم يبن عليه
صاحب العلو بعد أجيب صاحب السفل ومهما بنى الباني بآلة نفسه فله منع صاحبه من الانتفاع بالمعاد بفتح كوه وغرز وتد ووضع خشبة وغير ذلك وليس له منع
صاحب السفل (العلو) من السكون فان العرصة ملكه وقال بعض الشافعية له المنع من السكون أيضا وهو غلط ولو أنفق أحد الشريكين على البئر والنهر لم يكن له منع الشريك
من الزرع والانتفاع بالماء وله منعه من الانتفاع بالدولاب والبكرة المحدثين ولو كان للممتنع على الجدار الذي انهدم جذوع فأراد اعادتها بعد ما بناه الطالب
بالة نفسه كان على الباني تمكينه أو نقض ما اعاده ليبنى معه الممتنع ويعيد جذوعه مسألة لو كان بينهما دولاب (أو اعورة)؟ كان حكمهما حكم الحايط على
ما ذكرناه ولو كان بينهما بئر أو نهر فان قلنا ليس لأحدهما اجبار الأخر على الانفاق كان لكل واحد منهما ان ينفق على ذلك فان أنفق أحدهما عليه لم يكن له ان
يمنع الأخر من نصيبه من الماء لأن الماء ينبع من ملكهما المشترك بينهما وانما اثر أحدهما نقل الطين عنه وليس له ما فيه عين ملك بخلاف الحائط إذا بناه بغير
آلته وان قلنا يجبر الممتنع منهما كما هو قول الشافعي في القديم أجبره الحاكم فان امتنع وله مال ظاهر أنفق منه وان لم يكن له اذن لشريكه ينفق عليه ويرجع بقدر نصيب
شريكه عليه فان أنفق شريكه بغير اذنه ولا اذن الحاكم كان متبرعا لا يرجع عليه قولا واحدا وليس له منعه من حقه من الماء على ما تقدم وقد عرفت مذهبنا فيه
وان الشريك ليس له الاجبار على الانفاق مسألة قد ظهر بما مر من أن الجدار المشترك بين اثنين لو انفرد أحدهما بإعادته بالنقض المشترك فإنه يعود
مشتركا كما كان فلو عمراه معا وأعاداه بالنقض المشترك بينهما كان الاشتراك بينهما أولي إذا عرفت هذا فلو شرطا مع التعاون على الإعادة والشركة في بنائه زيادة لأحدهما
186

قالت الشافعية لا يجوز لأنه شرط عوض من غير معوض فإنهما متساويان في العمل وفي الجدار والعرصة والانقاض والأقوى عندي الجواز عملا بالشرط وقد
قال عليه السلام المؤمنون عند شروطهم وبه قال بعض الشافعية وكذا لو باع أحد الشريكين في دار أو متاع نصفه من المشترك بثلث المشترك من نصف صاحبه
صح ويصير المشترك بينهما أثلاثا بعد إن كان نصفين فلو باع أحدهما نصفه المشاع بنصف صاحبه فالأقوى الجواز ولم يقدر الشافعية ذلك بيعا ولا يترتب عليه
احكام البيع عندهم والأقرب ما قدمناه من صحة بيع أحدهما نصفه بالثلث من نصف الأخر وبنصفه وبعض الشافعية جوز البيع هنا ومنع من صحة الشرط في البناء
لان الموجود في البناء هو البناء بشرط الزيادة لأحدهما ومجرد الشرط والرضا بالتفاوت لا يغير كيفية الشركة القديمة الا ان البناء بالاذن والشرط قايم مقام
البيع إما لو انفرد أحد الشريكين بالبناء بالنقض المشترك بإذن صاحبه بشرط ان يكون له الثلثان جاز ويكون السدس الزايد له في مقابلة عمله في نصيب الأخر
وقال بعض الشافعية هذا انما يتصور لو شرط سدس النقض له في الحال ليكون الأجرة ممتدة فاما إذا شرط السدس الزايد له بعد البناء لم يصح فان الأعيان
لا تؤجل قيل عليه التصوير وان وقع فيما ذكره لكن وجب ان يكون الحكم فيه كالحكم فيما إذا شرط للمرضع جزءا من الرقيق المرتضع في الحال ولقاطف الثمار جزءا من الثمار
المقطوفة في الحال لان عمله يقع على ما هو مشترك بينه وبين غيره وسيأتي ولو بناه أحدهما بآلة نفسه بإذن الأخر بشرط ان يكون ثلثا الجدار له فقد قابل
ثلث الآلة المملوكة وعمله بسدس العرصة المبنى عليها وفي صحة المعاملة للشافعية قولان لأنه قد جمع فيها بين أمرين مختلفي الحكم وهما البيع والإجارة وهذا عندنا
صحيح والجمع بين الأمور المختلفة الاحكام جايز عندنا ويشترط في صحة ذلك العلم بالآلات وبصفات الجدار مسألة لو كان لشخصين ملكان متجاوران
ولا حايط يحجز بينهما قديم فطلب أحدهما من الأخر المساعدة على بناء حايط يحجز بينهما فامتنع الأخر لم يجبر على مساعدته وبه قال احمد رواية واحدة ولو أراد البناء
وحده لم يكن له البناء الا في ملكه خاصة لأنه لا يملك التصرف ملك جاره المختص ولا في الملك المشترك فان بناه في ملك جاره أو بعضه في ملكه وبعضه في
ملك جاره كان للجار هدمه لأنه وضع بغير حق ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو كان له حق اجراء الماء في ملك الغير أو على سطحه فانهدم ذلك الملك لم
يجب على مستحق الاجراء مشاركته في العمارة لان العمارة متعلقة بتلك الأعيان وهي لمالكها وليس لمستحق الاجراء فيها شركة ولا يجب أيضا على صاحب الملك العمارة لو طلبها صاحب الاجراء ولو كان الانهدام بسبب الماء فكذلك على الأقوى وليس على صاحب
الاجراء عمارة أيضا لأنه ليس بملك والانهدام حصل بسبب مستحق وهو أقوى وجهي الشافعية ولو حصل تفريط من أحد الشريكين أو من أحد المستحقين في ذلك
كله كان عليه الضمان البحث الثالث في السقف مسألة السقف الحايل بين العلو والسفل المختلفي المالكين قد يكون مشتركا بين المالكين
وتارة يكون خالصا لأحدهما كما تقدم في الجدار بين الدارين لمالكين لكن حكم القسمين في الانتفاع يخالف حكمهما في الجدار فإنه يجوز لصاحب العلو الجلوس
ووضع الأثقال عليه على الاعتياد ولصاحب السفل الاستظلال والاستكنان به لأنا لو لم نجوز له ذلك لعظم الضرر وتعطلت المنافع والأقرب انه ليس
لصاحب السفل تعليق الأمتعة فيه سواء كان لها ثقل يتأثر به السقف أو لا كالثوب ونحوه وللشافعية قولان فيما ليس له ثقل أحدهما انه غير جاير إذ لا
ضرورة فيه بخلاف الاستظلال والثاني الجواز بناء على الاعتياد تسوية بين صاحب العلو وصاحب السفل في تجويز تثقيل السقف فعلى هذا فلهم وجهان
أحدهما ان التعليق الجايز هو الذي لا يحتاج إلى اثبات وتد في السقف وأظهرهما انه لا فرق فان قلنا إنه ليس له اثبات الوتد والتعليق فيه فليس لصاحب العلو
غرز الوتد في الوجه الذي يليه إذ لا ضرورة إليه وان جوزنا ذلك لصاحب السفل ففي جوازه لصاحب العلو وجهان لندور الحاجة إليه بخلاف التعليق واما
ما لا ثقل له يتأثر به السقف فعند الشافعية قولا واحدا انه لا منع منه مسألة تصوير اشتراك السقف سهل واما خلوصه لأحدهما فاما لصاحب العلو
فبأن ببيعه صاحب السفل السقف والغرفة عندنا أو يكون لصاحب السفل جداران متقابلان فيأذن في غيره في وضع الجذوع عليهما والبناء على تلك
الجذوع بعوض أو بغير عوض عندنا وعند الشافعي واما لصاحب السفل فبأن ببيعه جدران الغرفة دون سقفها عندنا أو يأذن لغيره في البناء على سقف ملكه
فيبني عليه عندنا وعند الشافعي فإذا أذن المالك لغيره في البناء على ملكه بغير عوض كان عارية وإن كان بعوض فهو إما اجارة بان يكري ارضه أو رأس
جداره أو سقفه مدة معلومة بأجرة معينة وهو جايز وبه قال الشافعي وسبيل ذلك سبيل سائر الإجارات واما بيع بان يأذن له فيه بصيغة البيع ويبين
الثمن وهو صحيح عندنا وعند الشافعي للأصل ولعموم قوله تعالى وأحل الله البيع وقال أبو حنيفة لا يجوز وبه قال المزني وطريق ذلك ان يبيعه سطح البيت للبناء
عليه أو علوه بثمن معين وليس له ان يبيع حق البناء على ملكه خلافا لبعض الشافعية لان البيع انما يتناول الأعيان وحق البناء ليس منها قال بعض الشافعية
بيع سطح البيت أو علوه للبناء بثمن معلوم هو بعينه بيع حق البناء على ملكه فان المراد منهما شئ واحد وإن كان ظاهر اللفظ مشعرا بالمغايرة لان بيع العلو
للبناء إما ان يراد به جملة السقف أو الطبقة العليا منها وعلى التقديرين فهو بيع جزء معين من البناء أو السقف وأيضا فإنهم صوروا فيما إذا اشتراه ليبنى
عليه ومن اشترى شيئا انتفع به بحسب الامكان ولم يحتج إلى التعرض للانتفاع به وأيضا ما حقيقة هذا العقد إن كان بيعا فليفد ملك عين كساير البيوع وإن كان
اجارة فيشترط التأقيت كساير الإجارات واختلفت الشافعية فيه فقال بعضهم يملك المشتري به مواضع رؤوس الجذوع وهو مشكل عند الباقين
والأصح عندهم انه لا يملك به عين وحينئذ فوجهان أحدهما انه اجاره وانما لم يشترط تقدير المدة لأن العقد الوارد على المنفعة يتبع فيها الحاجة فإذا اقتضت الحاجة التأبيد
أبد على خلاف سائر الإجارات والحق بالنكاح وأظهرهما انه ليس بإجارة محضة بل فيه شائبة الإجارة وهي ان المستحق به منفعته وشايبة البيع وهي ان الاستحقاق
فيه على التأبيد وكان الشرع نظر إلى أن الحاجة تمس إلى ثبوت الاستحقاق المؤبد في مرافق الاملاك وحقوقها كما تمس إلى ثبوت الاستحقاق المؤبد في الأعيان
فجوز هذا العقد وأثبت فيه شبها من البيع وشبها من الإجارة وإذا قلنا إنه لا يملك به عين فلو عقد بلفظ الإجارة ولم يتعرض للمدة فوجهان عندهم
أشبههما انه ينعقد أيضا لأنه يخالف البيع في قضية كما يخالف الإجارة في قضية أخرى وهذا كله عندنا ليس بشئ بل الواجب ان أراد نقل السقف ان يبيعه
إياه أو يؤجره ويعين المدة مسألة إذا خرجت هذه المعاملة على ما اخترناه نحن أو على ما اختاره الشافعية وبني المشتري لم يكن للبايع ان يكلفه
النقض ليغرم له أرش النقصان ولو انهدم الجدار أو السقف بعد بناء المشتري عليه فأعاده مالكه فللمشتري إعادة البناء بتلك الآلات أو بمثلها ولو
انهدم قبل البناء فللمشتري البناء إذا اعاده وهل يجبر على اعادته فيه خلاف تقدم ولو هدم صاحب السفل أو غيره السفل قبل بناء المشتري فعلى الهادم
قيمة حق البناء لأنه حال بينه وبين حقه بالهدم فإذا أعاد مالك السفل السفل استرجع الهادم القيمة لارتفاع الحيلولة ولا يغرم اجرة البناء لمدة الحيلولة
187

ولو كان الهدم بعد البناء فعلى قول من يوجب إعادة المهدوم يكون عليه إعادة السفل والعلو وعلى قول من يوجب الأرش يكون عليه أرش نقص الآلات وقيمة حق البناء للحيلولة ولا تنفسخ هذه المعاملة بما يعرض من هدم
وانهدام لأنها ملتحقة بالبيوع مسألة إذا جرى الاذن في البناء بعوض وجب معرفة قدر الموضع المبني عليه طولا وعرضا وكذا إن كان بغير عوض عند
الشافعية وعندي فيه اشكال لان ذلك عارية فلا يجب فيها ما شرط في البيوع ولو كان البناء على الجدار أو السطح وجب مع ذلك بيان سمك البناء وطوله
وعرضه وكون الجداران منضدة أو خالية الأجواف وكيفية السقف المحمول عليها لاختلاف الأغراض في ذلك كله واختلاف حمل الجداران فان الجدار لا يحمل كل
شئ وكذا السقف فوجب البيان وقال بعض الشافعية إذا اطلق ذكر البناء وحمل الاطلاق على العادة فما يحتمله المبني عليه في العادة انصرف الاطلاق إليه وما لا فلا وهل
يشترط التعرض لوزن ما يبنيه عليه اشكال ينشأ من أن الاعلام في كل شئ على ما يليق به ويعتاد فيه من اختلاف المبني بالثقل والخفة اختلافا يختلف بسببه الأغراض
وحمل الجدران والسقوف والأقرب في الخشب ذلك دون الاجر واللبن للعادة ولو كانت الآلات حاضرة فاستغنى بمشاهدتها عن كل وصف وتعريف ولو كان
الاذن في البناء على ارضه لم يجب ذكر سمك البناء وكيفيته لان الأرض تحتمل كل شئ وبعض الشافعية شرطه لان الاذن إن كان على وجه الإعارة أو الإجارة
فان عند الرجوع عن الإعارة أو انقضاء مدة الإجارة يطول مدة التفريغ ويقصر بحسب كثرة النقض وقلته ويختلف الغرض بذلك وليس بشئ مسألة
لو ادعى بيتا في يد غيره فصالحه عليه إما مع اقراره عند الشافعي أو مطلقا عندنا على أن يبني المقر أو المنكر على سطحه جاز ولم يكن ذلك فرع العارية خلافا للشافعية
وعندهم أنه يكون قد اعاره المقر له سطح بيته للبناء فلو كان التنازع في سفله والعلو للمدعي عليه فاقر للمدعي بما أدعاه فتصالحا على أن يبني المدعي على السطح أو يكون
السفل للمدعي عليه جاز وكان عند الشافعي بيع السفل بحق البناء على العلو مسألة لا يجب على الجار اجراء ماء المطر من سطح جاره على سطحه ولا اجراء الماء في ساقية ارضه
عند علمائنا لأصالة البراءة ولتخصيص المالك التام ملكه بالانتفاع بملكه وهو قول أكثر الشافعية والجديد للشافعي وفي القديم له قول ان يجبر صاحب السطح
والأرض على اجراء الماء من سطح الجار على سطحه وارضه والحق خلافه ولو اذن له فيه جاز ولو باعه
الاجراء لم يصح ولو اجره السطح للاجراء أو باعه إياه صح لكن إذا باعه السطح ملكه
ملكا مطلقا يتصرف فيه كيف شاء بما لا يتضرر به وان اعاره أو آجره جاز ويشترط بيان معرفة الموضع الذي يجري عليه الماء في الإعارة والإجارة والبيع
والسطوح التي ينحدر منها الماء إليه في الإعارة والإجارة خاصة ولا يضر الجهل بقدر ماء المطر في ذلك كله إذ لا يمكن معرفته وضبطه وهذا عقد جوز للحاجة
ولو صالحه على اجراء ماءه على سطحه جاز ولم يكن هذا الصلح فرع غيره عندنا خلافا للشافعي ويشترط العلم بالسطح الذي يجري ماؤه لاختلاف الماء قلة وكثرة
باختلاف السطوح كبرا وصغرا وعند الشافعي ان هذا يكون فرع الإجارة ومع ذلك لا يحتاج إلى ذكر المدة وإذا اذن له في اجراء الماء على سطحه ثم بنى على سطحه بما يمنع الماء
من الجريان عليه فإن كان عارية كان ما فعله رجوعا فيها وإن كان بيعا أو اجارة كان للمشتري أو للمستأجر نقب البناء واجراء الماء فيه مسألة: لو ادعى
عليه مالا فصالحه منه على مسيل ماء في ارضه جاز إذا بينا موضعه وعيناه وعرفا عرضه وطوله ولا يحتاجان إلى أن يبينا عمقه إن كان قد عقد بلفظ البيع لذلك
الموضع لان من ملك الموضع كان له النزول فيه إلى تخومه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يجب بيانه بناء على أن المشتري يملك موضع الجريان أو لا يملك الا
حق الاجراء؟؟ التفصيل فان باعه مسيل الماء أو مكان اجراء الماء ملك موضع الجريان وان باع حق مسيل الماء بطل عندنا إن كان بلفظ البيع
وصح إن كان بلفظ الصلح ويصح عند الشافعية على الوجهين لأنه كبيع حق البناء وكذا ان عقد بلفظ الصلح على تلك الأرض إما لو كان على اجراء الماء فان الأرض
باقية لمالكها وافتقر حينئذ إلى تعيين العمق وتقدير المدة وإذا صالحه على أن يجري الماء في ساقية في ارض المصالح صح ولم يكن اجارة وعند الشافعي أنه يكون اجارة
قال في الام ويجب على تقدير المدة وهو جيد على مذهبنا وانما يصح إذا كانت الساقية محفورة وان لم تكن محفورة لم يجز لان المستأجر لا يتمكن من اجراء الماء
الا بالحفر والمستأجر لا يملك الحفر في ملك غيره ولأنه اجارة الساقية غير موجودة قاله بعض الشافعية وفيه نظر إذ التصرف في مال الغير بإذنه جايز ولما صالحه على
الاجراء فقد اذن له فيه فيستلزم الاذن فيما هو من ضروراته والإجارة وقعت على اجراء الماء مع انا نمنع كونه اجارة ولو حفر الساقية وصالحه جاز قطعا
ولو كانت الأرض في يد المدعى عليه بإجارة جاز ان يصالحه على اجراء الماء في ساقية فيها محفورة مدة معلومة لا تجاوز مدة اجارته وان لم تكن الساقية محفورة لم يجز ان يصالحه على ذلك لأنه لا يجوز له احداث ساقية في ارض
في يده بإجارة ولو كانت الأرض وقفا عليه جاز ان يصالح على اجراء الماء في ساقية محفورة مدة معلومة وان أراد ان يحفر ساقية فالأقرب الجواز ومنعه بعض
الشافعية لأنه لا يملكها وانما له ان يستوفي منفعتها كالأرض المستأجرة والأولى انه يجوز له حفر الساقية لان الأرض له وله التصرف فيها كيف شاء ما لم ينتقل
الملك فيها إلى غيره بخلاف المستأجر فإنه انما يتصرف فيها بالاذن له فيه فان مات الموقوف عليه في أثناء المدة فهل لمن انتقل إليه الفسخ فيما بقي من المدة مبني
على ما إذا اجره مدة فمات في الأثناء ولو صالحه على أن يسقي ارضه من نهره أو عينه جاز مع التعيين ومنعه الشافعي لان المعقود عليه هو الماء وهو مجهول وليس
بجيد لانضباطه بالوقت ولو صالحه على سهم من العين أو النهر كالثلث أو الربع أو غير ذلك وبينه جاز ولا يكون بيعا وان أفاد فايدته خلافا للشافعي فروع أ
ليس لمستحق اجراء الماء بإجارة أو صلح أو بيع الدخول إلى ارض الغير الذي تجري فيه الساقية وان ملك الساقية الا ان يأذن له المالك لأنه يستلزم التصرف في
مال الغير وهو قبيح عقلا الا ان يريد تنقية النهر أو الساقية فإنه يجوز لموضع الضرورة. ب: إذا نقى النهر أو الساقية وجب عليه ان يخرج ما يخرج من النهر أو
الساقية عن ارض المالك. ج: المأذون له في اجراء ماء المطر على سطح الاذن أو ارضه أو ساقيته ليس له القاء الثلج ولا ان يترك الثلج حتى يذوب فيسيل إليه ولا ان
يجري فيه ما يغسل به ثيابه وأوانيه بل لو صالح على ترك الثلوج على السطح أو اجراء الغسالات على مال فالأقرب عندي الجواز ومنع منه بعض الشافعية لان
الحاجة لا تدعو إلى مثله وهو ممنوع. د: المأذون له في القاء الثلج ليس له اجراء الماء لتغاير المنفعتين ولا يلزم من المصالحة على إحدى المنفعتين المصالحة على الأخرى
ولأنه لا يجوز العكس فكذا هنا. ه‍: تجوز المصالحة على قضاء في حش الغير على مال وكذا عن جمع الزبل والقمامة في ملكه ولا يكون ذلك اجارة خلافا للشافعية بل هو
عقد مستقل برأسه وعندهم انه اجارة فيراعى فيه شرائطها و: تجوز المصالحة على البيتوتة على سطح الجار ثم لو باع مستحق البيتوتة منزله فليس للمشتري ان يبيت
عليه بخلاف ما لو باع مستحق اجراء الماء على سطح الغير مدة داره فان المشتري يستحق الاجراء بقية المدة لان اجراء الماء من مرافق الدار دون البيتوتة. ن: لا يجب على
مستحق الاجراء الماء في ملك غيره مشاركة المالك في عمارة سقف المجرى وان خرب من الماء ولا على المالك اصلاح القناة لو خرب بغير سببه. ح: لو استحق وضع خشبة
على حايط الغير فسقطت أو وقع الحايط استحق بعد عوده الوضع بخلاف الإعارة ولو خيف على الحايط السقوط فالأقوى تحريم الابقاء لما فيه من الضرر
188

العظيم. ط: لو وجد بنائه أو خشبه أو مجرى مائة في ملك غيره أو سطحه ولم يعلم السبب احتمل تقديم قول مالك الأرض والحايط في عدم الاستحقاق وقال بعض العامة
يقدم قول صاحب البناء والخشبة والمسيل لأن الظاهر أنه حق له فجرى اليد الثابتة ولو اختلفا في ذلك هل هو بحق أو عدوان فالقول قول صاحب البناء والخشبة
والمسيل لأن الظاهر معه ولو زال الحايط أو السطح ثم عاد فله اعادته لأن الظاهر أن هذا الوضع بحق من صلح أو غيره وفيه نظر. ي: لا يجوز بيع حق الهواء ولا
مسيل الماء ولا الاستطراق خلافا للشافعية في الأخيرين وفرق بعضهم بين بيع حق البناء بان بيع حق الهواء اعتياض عن مجرد الهواء وحق البناء
يتعلق بعين الموضع المبني عليه حتى لو صالحه عن وضع الجذوع المشرعة على جداره يصح ولهذا يجوز اجارة الملك للبناء اجماعا ولا يجوز اجازة الهواء وكل حق
يتعلق بعين كمجرى الماء والممر فهو كحق البناء وبالجملة الحقوق المتعلقة بالأعيان لما كانت عندهم مقصورة على التأبيد ألحقت بالأعيان حتى استغنى العقد
الوارد عليها عن؟؟ وهو عندنا باطل. مسألة لو خرجت أغصان شجرة الجار إلى هواء داره المختصة به أو المشتركة بينهما أو على هواء جدار له أو بينهما
أو على بناء أو على نفس الجدار كان له المطالبة بإزالة الأغصان عن هواء الدار فإن لم يفعل مالك الشجرة من الإزالة لم يجبر لأنه من غير فعله فلم يجبر على ازالته
كما إذا لم يكن ملكا له وان تلف بها شئ لم يضمنه لذلك ويحتمل الزامه كما إذا مال حايطه وعلى التقديرين إذا
امتنع فله تحويلها عن ملكه فإن لم يمكن عطفها
عنه كان له قطعها ولا يحتاج فيه إلى اذن القاضي لأنه عدوان عليه فكان له ازالته عنه وان لم يأذن القاضي وهو أقوى وجهي الشافعية فان صالحه مالك
الشجرة على الابقاء على الجدار بعوض صح مع تقدير الزيادة أو انتهائها وتعيين المدة وكذا له ان يصالحه على الابقاء في الهواء عندنا خلافا للشافعية
فإنهم قالوا إن صالحه على الابقاء من غير أن يستند الغصن إلى شئ ء لم يجز لأنه اعتياض عن مجرد الهواء وان استند إلى جدار فإن كان بعد الجفاف جاز وإن كان
رطبا لم يجز لأنه يزيد ولا يعرف قدر ثقله وضرره وجوزه بعضهم لان ما ينمو يكون تابعا تذنيبان أ: لو سرت عروق الشجرة إلى ارض الجار كان
حكمها حكم سريان الأغصان من جواز عطفها فان تعذر قطعها لأنه ليس له التصرف في ملك غيره الا باذنه ولأنه عرق ظالم فله الإزالة لقوله عليه السلام ليس لعرق
ظالم حق ب لو مال جداره إلى هواء الجار كان له الإزالة كالأغصان والعروق لأنه شغل ملك الغير ومنعه من التصرف فيه بغير حق مسألة يجوز
للرجل التصرف في ملكه بأي أنواع التصرفات شاء سواء حصل به تضرر أو لا فله ان يبني ملكه حماما بين الدور وان يفتح خبازا بين العطارين أو يجعله
دكان قصارة بين المساكن وان أضرت الحيطان بالدق واخربها وان يحفر بئرا إلى جانب بئر جاره يجتذب ماءها أو يحفر بالوعة أو مرتفقا يجري ماؤه إلى
بئر جاره وبه قال الشافعي وبعض أصحاب أبي حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لقوله (ع) الناس مسلطون على أموالهم ولأنه تصرف في ملكه المختص ولم يتعلق به حق غيره
فلم يمنع منه كما لو طبخ في داره أو خبز فيها فإنه لا يمنع منها تحرزا من وصول دخانه إلى جاره وان تأذى به كذا هنا وقال احمد في الرواية الأخرى انه يمنع من ذلك كله وهو قول
بعض الحنفية لقوله (ع) لا ضرر ولا اضرار وهذا الفعل يضر بجيرانه ولان هذا اضرار بالجيران فمنع منه كما يمنع من ارسال الماء في ملكه بحيث يضر بجاره
ويتعدى إلى هدم حيطانه من اشعال نار يتعدى إلى احتراق الجيران والجواب الحديث مشترك لان منع المالك عن عمل مصلحة له في ملكه يعود نفعها إليه اضرار غير
مستحق فالضرر مشترك وليس مراعاة أحدهما أولي من مراعاة الأخر بل مراعاة المالك أولي والنار التي اضرمها والماء الذي أرسله تعديا فكان مرسلا لذلك في ملك
غيره فأشبه ما لو أرسلها إليه قصد أو لان ذلك غير عام إذ الممنوع منه الاضرام عند هبوب الرياح بحيث يعلم التعدي وليس ذلك دائما فلهذا منع وكذا ارسال
الماء على وجه الكثرة الفصل الرابع في التنازع مسألة إذا تنازعا عينا في يد أحدهما حكم به لصاحب اليد مع اليمين وعدم البينة لأنه منكر فان
صالحه عنها على شئ منها أو من غيرها جاز سواء كان عقيب اقرار أو انكار عند علمائنا خلافا للشافعي وقد سبق ولو كانت العين في يد اثنين فصدقه أحدهما
وكذبه الأخر ثبت له النصف باقرار المصدق وكان على المكذب اليمين مع عدم البينة لأنه منكر فلو صالح المدعي على مال فأراد المكذب اخذه بالشفعة لم يكن له ذلك
عندنا لان الشفعة يتبع البيع خاصة والصلح عندنا ليس بيعا وإن كان على مال بل هو عقد مستقل برأسه إما من يعتقده بيعا كالشافعي فقد اختلف طرق الناقلين
عنه في الجواب قال بعضهم ان ملكاها في الظاهر بسببين مختلفين فله ذلك لأنه لا تعلق لاحد الملكين بالآخر وان ملكاها بسبب واحد من ارث أو شراء فوجهان
أحدهما المنع لان الدار بزعم المكذب ليست للمدعي فان في ضمن انكاره تكذيب المدعي في نصيب المقر أيضا وحينئذ يبطل الصلح وأظهرهما عندهم ان له الاخذ لحكمنا في الظاهر
بصحة الصلح وانتقال الملك إلى المقر ولا استبعاد في انتقال نصيب أحدهما إلى المدعي دون الأخر وان ملكاها بسبب واحد واشكل على بعضهم هذه الطريقة بانا لا
نحكم بالملك الا بظاهر اليد ولا دلالة لليد على اختلاف السبب و؟ فأي طريق يعرف به الحاكم الاختلاف والاتحاد والى قول من يرجع ومن الذي يقيم البينة عليه
وقال بعضهم ان ادعى عليهما عن جهتين فللمكذب الاخذ بالشفعة وان ادعى عن جهة واحدة ففيه الوجهان ولا يخلو من اشكال لأنه ليس من شرط المدعي التعرض
لسبب الملك وبتقدير تعرضه له فليس من شرط الانكار نفي السبب بل يكفي نفي الملك وبتقدير تعرضه له فلا يلزم من تكذيبه المدعي في قوله ورثت هذه الدار
زعم أنه لم يرث نصفها وقال بعضهم ان اقتصر الكذب على أنه لا شئ لك في يدي أو لا يلزمني تسليم شئ إليك اخذ بالشفعة وان قال مع ذلك وهذه الدار ورثناها
ففيه الوجهان وقد عرفت ان هذا كله لا يتأتى على مذهبنا من الاقتصار في طلب الشفعة على الانتقال بالبيع خاصة مسألة لو ادعى اثنان دارا في
يد رجل فاقر لأحدهما بنصفها وكذب الأخر نظر فان كانا قد ادعياها بسبب يوجب الشركة كالإرث وشراء وكيلهما في عقد واحد تشاركا في النصف الذي دفعه
المدعى إليه إلى المقر له لان الإرث يقتضي إشاعة التركة بين الورثة فكل ما يخلص يكون بينهما وذلك كما لو تلف بعض التركة وحصل البعض فان التالف
يكون منهما والحاصل لهما وكذا لو تلف بعض المال المشترك هذا إذا لم يتعرضا لقبض الدار إما لو قالا ورثناها وقبضناها ثم غصبتها منا فالأقرب انه كذلك
أيضا يشتركان فيما يقبضه المقر له منه لان ايجاب الإرث الشيوع وهو لا يختلف وهو أحد قولي الشافعية ومحكى عن أبي حنيفة ومالك والقول الأخر لهم انه لا يشاركه
لان التركة إذا حصلت في يد الورثة صار كل واحد منها قابضا لحقه وانقطع حقه عما في يد الآخرين ولهذا يجوز ان يطر الغصب على نصيب أحدهما خاصة
بان تزال يده فان المغصوب لا يكون مشتركا بينهما وان ادعياها بجهة غير الإرث من شراء وغيره فإن لم يقولا اشترينا معا أو اتهبنا وقبضنا معا فالأقرب عندي
عدم الشركة في المقبوض حيث لم يثبت الشركة في السبب ولم يدعياه وان قالا اشتريناها معا أو اتهبناها وقبضنا معا فالأقرب انه كالإرث لاشتراك السبب وهو أحد
قولي الشافعية والثاني انهما لا يشتركان فيما أقر به لان البيع بين اثنين بمنزلة الصفقتين فان تعدد المشتري يقتضي تعدد العقد وكان بمنزلة ما لو ملكاه
189

بعقدين ولو لم يتعرضا لسبب الاستحقاق فلا شركة بحال مسألة كل موضع قلنا بالشركة في هذه الصور لو صدق المدعى عليه أحدهما وكذب الأخر
وصالح المصدق عليه عن المقر به على مال فإن كان بإذن الشريك صح وتشارك المدعيان في مال الصلح سواء كان بعين النصف أو غيره وإن كان بغير اذنه
بطل الصلح في نصيب الشريك وصح في نصيبه وللشافعية في صحته في نصيبه قولا تفريق الصفقة وقال بعض الشافعية يصح الصلح في جميع المقر به لتوافق المتعاقدين
وتغارهما؟ وليس بجيد مسألة لو ادعيا دارا في يد الغير فاقر لأحدهما بجميعها فإن كان قد وجد من المقر له في الدعوى ما يتضمن اقرارا لصاحبه بان
قال هذه الدار بيننا وما أشبه ذلك شاركه صاحبه فيها وكذا إن كان المقر له قد تقدم اقراره بالنصف لصاحبه وان لم يتلفظ بما يتضمن الاقرار بل اقتصر
على دعوى النصف نظر فان قال بعد اقرار المدعى عليه بالكل ان الكل لي سلم الجميع إليه وكان هو والاخر خصمين في النصف الذي أدعاه الأخر ويكون القول
قول مدعي الكل مع اليمين وعلى الأخر البينة ولا يلزم من ادعائه النصف ان ينتفي ملكه عن الباقي لجواز ان يكون معه بينة بالنصف ولا تساعده البينة على
الجميع في الحال بل على النصف ويخاف الجحود الكلي لو ادعى الجميع ولو قال النصف الآخر لصاحبي سلم إليه وان لم يقل شيئا ولا أثبت النصف الآخر لنفسه ولا لصاحبه
ولا نفاه فالأقرب انه يترك في يد المدعى عليه لان الأخر ادعى خلاف الظاهر ولا بينة له وهو أصح وجوه الشافعي والثاني انه ينتزع من يد المدعى عليه ويحفظه الحاكم
لمن يثبت له والثالث انه يسلم إلى المدعي لأنه يدعي مالا لا يدعيه أحد ويضعف الثاني بأنه يؤدي إلى اسقاط دعوى هذا المدعي عن المقر بغير حجة والثالث بأنه
يثبت حقا للمدعي بغير بينة ولا اقرار وإذا قلنا ينتزعه الحاكم فإنه يوجره ويحفظ الأجرة كالأصل وقال بعض الشافعية يصرفه في مصالح المسلمين وليس بصحيح لان
الأصل إذا كان موقوفا فالنماء كذلك. مسألة: لو تداعى اثنان حايطا بين ملكيهما فإن كان متصلا ببناء أحدهما خاصة دون الأخر اتصالا لا يمكن احداثه
بعد بنائه بان يكون لأحدهما عليه أزج أو قبة لا يتصور احداثهما بعد تمام الجدار وذلك بان أميل البناء من مبدأ ارتفاعه عن الأرض قليلا أو كان
متصلا ببناء أحدهما في تربيعه وعلوه وسمكه دون الأخر ودخل رصف من لبنات فيه في جداره الخاص ورصف من جداره الخاص في المتنازع فيه ويظهر
ذلك في الزوايا كان القول قوله مع يمينه لان ذلك ظاهر يشهد له ويحتمل ان يكون بناء القبة والأزج ورصف اللبن برضى الأخر واجازته فلهذا أوجبنا
اليمين وحكم له بها الا ان تقوم البينة على خلافه ولو كان رصف اللبن في مواضع معدودة من طرف الجدار لم يحكم له به لامكان احداثه بعد بناء الجدار لينزع
لبنة وادراج أخرى ولو كان الحايط مبينا على خشبة طويله طرفها تحت الحايط المتنازع فيه وطرفها الأخر تحت حائط اخر ينفرد به أحدهما كان ذلك ظاهرا انه
لمن بعض الخشب في ملكه والجدار المبني عليها تحت يده فيحلف ويحكم له به وإن كان الحائط غير متصل ببناء أحدهما بل كان منفصلا عنهما معا حائلا بين
ملكيهما لا غير أو متصلا ببنائهما معا فهو في أيديهما فان أقام أحدهما ببينة انه له قضي له به وان لم يكن لأحدهما بينة حلف كل واحد منهما للاخر على النصف الذي
في يده وحكم به لهما وكذا ان نكلا معا عملا بظاهر اليد وان حلف أحدهما ونكل الأخر أعدنا اليمين على الحالف في النصف الذي في يد صاحبه فان حلف
قضى له بالجميع وان نكل ونكل الأخر فهو لهما هذا ان حلفنا كل واحد منهما على النصف الذي في يده وللشافي في الحلف وجهان أحدهما ان كل واحد منهما يحلف
على النصف الذي يسلم له وهو أظهر وجهيه والثاني انه يحلف كل واحد منهما على الجميع لأنه ادعى الجميع فان قلنا بالثاني فإذا حلف الحاكم أحدهما على الجميع لم يمنع
ذلك حلف الأخر عليه بل يحلفه الحاكم على الجميع أيضا فان حلف الأخر أيضا على الجميع قسم الجدار بينهما لأنه لا أولوية في الحكم به لأحدهما دون الأخر وان نكل الأخر
بعد ان حلف الأول على الجميع حكم للحالف به من غير يمين أخرى ولو حلف الثاني على النصف بعد ان حلف الأول على الجميع والتماس الحاكم من الثاني الحلف
على الجميع أيضا احتمل عدم الاعتداد بهذه اليمين حيث إنه حلف على ما لم يحلفه الحاكم عليه والاعتداد حيث إن طلب الحلف على الجميع يستلزم طلب الحلف على ابعاضه
وان قلنا يعتد بها كان النصف بينهما مع احتمال انه للثاني خاصة وان التمس الحاكم من الثاني الحلف على الجميع فقال انا لا احلف الا على النصف كان في الحقيقة
مدعيا للنصف. تذنيب: كل من قضى له بالحايط إما بالبينة أو باليمين أو بشاهد الحال فإنه يحكم له بالأساس الذي تحته. مسألة: إذا لم يكن الحايط
متصلا ببناء أحدهما أو كان متصلا بهما معا وكان لأحدهما عليه بناء كحايط مبني عليه ويعتمد عليه وتداعياه حكم به لصاحب البناء وبه قال الشافعي لان
وضع البناء عليه بمنزلة اليد الثابتة عليه وهو نوع من التصرف فيه فأشبه الحمل على الأدبة والزرع في الأرض ولان الظاهر أن الانسان لا يمكن غيره من البناء
على حايطه وكذا لو كانت له سترة على الحايط قضاء للتصرف الدال بالظاهر على الملك. مسألة: لو كان لأحدهما على هذا الجدار المحلول عنهما أو المتصل
بهما جذوع دون صاحبه قال الشيخ (ره) في الخلاف لا يحكم بالحايط لصاحب الجذوع لأنه لا دلالة عليه وبه قال الشافعي لان العادة السماح بذلك للجار وقد ورد النهي
عن المنع عنه وعند مالك واحمد انه حق على مالك الجدار ويجب التمكين منه فلم تترجح به الدعوى كاسناد متاعه إليه وتجصيصه وتزويقه والوجه عندي الحكم
به لصاحب الجذوع وبه قال أبو حنيفة لما تقدم من دلالة الاختصاص بالتصرف على الاختصاص بالملكية ولأنهما تنازعا في العرصة والجدار لأحدهما
حكم بها لصاحبه والنهي لو ثبت صحته عن النبي صلى الله عليه وآله لكان محمولا على الكراهة لأصالة البراءة على أن النهي عن المنع عنه لا يمنع كونه دليلا على الاستحقاق
لأنا نستدل بوضعه على كون الوضع مستحقا على الدوام حتى لو زالت حازت اعادتها ولان كونه مستحقا مشروطه له الحاجة إلى وضعه ففيما لا حاجة إليه له
منعه من وضعه وأكثر الناس لا يتسامحون به ولهذا لما روى أبو هريرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله طأطؤا رؤوسهم كراهة لذلك فقال مالي أراكم
عنها معرضين والله لأرمنيها بين أكتافكم وأكثر العلماء منعوا من التمكن من هذا ولان الأزج يرجح به فكذا هذا الجامع الاشتراك في التصرف ولأنهما لو
تنازعا في الحايط وثبت بالبينة لأحدهما حكم بالأساس لأنه صار صاحب يد فيه فإذا قضى الجدار على الأساس الترجيح في الأساس وجب ان يقضى الجذوع لو
الجدار ولترجيح في الجدار. تذنيب: لا فرق بين الجذع الواحد في ذلك وما زاد عليه عند عامة أهل العلم في الدلالة على الاختصاص والمنع منها ورجح
مالك بالجذع الواحد كقولنا وفرق أبو حنيفة بين الجذع الواحد والجذعين فما زاد فرجح بما زاد على الواحد لان الحايط يبنى لوضع الجذوع عليه فرجح
به الدعوى كبناء الأزج بخلاف الجذع الواحد لان الحايط لا يبنى له في العادة وهو ممنوع لان الوضع يتبع الحاجة وقد تدعو إلى وضع الواحد وانما استدللنا
باختصاص التصرف وهو ثابت في الواحد كثبوته في الازيد مسألة ولا يحكم بالحايط المحلول عنهما أو المتصل بهما بالدواخل وهي الصور
والكتابات المتخذة في ظاهر الجدار بلبنات تخرج أو بجص أو آجر أو خشب ولا بالدواخل وهي الطاقات
والمحاريب في باطن الجدار ولا باتصاف اللبن وذلك بان
190

الجدار من لبنات مقطعة فيجعل الأطراف الصحاح إلى جانب ومواضع الكسر إلى جانب أو انصاف اللبن من أحد الجانبين ومن الأخر الشكيك والمدر وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة لأنه لابد وأن يكون وجه الحايط إلى أحدهما وان كانا شركاء فيه ولا يمكن ان يكون إليهما فبطلت دلالته فجرى مجرى تزويق الحايط وقال مالك وأبو
يوسف يحكم به لمن إليه وجه الحايط ولان العادة والعرف قاضيتان بان من بنى حايطا فإنه يجعل وجه الحايط إليه وهو ممنوع فان العادة جارية بان وجه الحايط يجعل
إلى خارج الدار ليشاهده الناس فلا يكون في كون وجهه إلى أحدهما دليل مسألة لو كان الحاجز بين الدارين أو السطحين خصا فتنازعا فيه فعند علمائنا
انه يحكم به لمن إليه معاقد القمط ومعاقد القمط التي تكون في الجدران المتخذة من القصب وشبهه وأغلب ما يكون ذلك في السور بين السطوح فتشد بحبال أو بخيوط وربما جعل
عليها خشبة معترضة ويكون العقد من جانب والوجه المستوي من جانب قال ابن بابويه (ره) الخص الطن الذي يكون في السواد بين الدور والقمط هو شد
الحبل وبه قال مالك وأبو يوسف واختلف النقل عن الشافعي فقال بعض أصحابه عنه ان معاقد القمط من حجة تحكم بالخص لمن المعاقد إليه كما قلناه لأنه إذا كانت
المعاقد إليه فالظاهر أنه وقف في ملكه وعقد ولما رواه العامة عن حارثة التميمي ان قوما اختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في جدار؟ فبعث؟ حذيفة بن اليمان ليحكم بينهم
فحكم به لمن إليه معاقد القمط ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وآله فأخبره فقال أصبت وأحسنت ومن طريق الخاصة ما رواه جابر عن الباقر عليه السلام عن أبيه عن جده
عن أمير المؤمنين عليهم السلام انه قضى في رجلين اختصما في خص فقال إن الخص للذي إليه القمط وسأل منصور بن حازم الصادق (ع) عن حظيرة بين دارين فذكر
ان عليا (ع) قضى لصاحب الدار الذي من قبله القماط والقول الثاني للشافعي انه يرجح من الوجه المستوي من المعاقد يليه لا من إليه المعاقد وليس بمشهور
والقول المشهور عنه وبه قال أبو حنيفة انه لا ترجح لأحدهما على الأخر لان كونه حايلا بين الملكين علامة قوية في الاشتراك وهو ممنوع تذنيبان أ لو كان الأزج
مبنيا على رأس الجدار رجح به لأنه تصرف من صاحبه في الجدار فيقضى له بملكيته وقال الشافعي لا يقضي له بذلك لاحتمال بناء الأزج بعد تمام الجدار ب
قد بينا انه يرجح بالجذوع الموضوعة عليه وقال الشافعي لا يرجح بذلك والجدار في أيديهما معا فيحلفان ويكون الجدار بينهما ولا يرفع الجذوع عنه بل تترك بحالها
لاحتمال انها وضعت بحق مسألة لو تنازع صاحب العلو والسفل في السقف المتوسط بين علو أحدهما وسفل الأخر فإن لم يمكن احداثه بعد بناء العلو
كالأزج الذي لا يمكن عقده على وسط الجدار بعد امتداده في العلو جعل لصاحب السفل لاتصاله ببنائه على سبيل الترصيف وان أمكن احداثه بعد بناء العلو
بان يكون السقف عاليا فينقب وسط الجدار ويوضع رؤوس الجذوع في البيت فيصير السقف بينهما قال الشيخ في الخلاف يقرع بين صاحب العلو وصاحب السفل
فيه إذا لم يكن هناك بينة فمن خرج اسمه حلف لصاحبه وحكم له به لاجماع الفرقة على أن كل مجهول تستعمل فيه القرعة ثم قال وان قلنا يقتسم بين صاحب البيت
وصاحب الغرفة كان جايزا وقال الشافعي يحكم به بينهما لأنه في يدهما معا فالقول قول صاحب البيت في نصفه مع يمينه وقول صاحب الغرفة مع يمينه في نصفه
لأنه حاجز بين ملكيهما غير متصل ببناء أحدهما اتصال البنيان فكان بينهما كالحايط بين الملكين وكل واحد منهما ينتفع به فإنه سماء لصاحب السفل بظله وارض
لصاحب الغرفة يقله فاستويا فيه وبه قال احمد وقال أبو حنيفة يحكم به لصاحب السفل لان السقف على ملك صاحب السفل فكان القول قوله فيه كما لو تنازعا
سرجا على دابة أحدهما فان القول قول صاحب الدابة ويبطل بحيطان الغرفة ولا يشبه السرج لأنه لا ينتفع به غير صاحب الدابة فكان في يده وهنا السقف ينتفع
به كلاهما على ما تقدم وهذا القول حكاه أصحاب مالك مذهبا له عنه وحكى الشافعية عن مالك انه لصاحب العلو ولا بأس به عندي لأنه ينتفع به دون صاحب
السفل وينفرد بالتصرف فيه فإنه ارض غرفته ويجلس عليه ويضع عليه متاعه ويمكن وجود بيت لا سقف له ولا يمكن وجود ملك لا ارض له مسألة لو
تنازع صاحب البيت والغرفة في جدران البيت حكم بها لصاحب البيت مع يمينه لان الحيطان في يده ولأنه هو المنتفع بها وان تنازعا في جدران الغرفة فهي لمن الغرفة
في يده والأول لا يخلو من اشكال لمشاركة صاحب الغرفة له في الانتفاع والتصرف معا بل تصرفه وانتفاعه أكثر مسألة لو تنازع صاحب علو الخان
وصاحب سفله أو صاحب علو الدار وصاحب سفلها في العرصة أو الدهليز فإن كانت الدرجة وشبهها في صدر الخان أو الدار أو في الدهليز جعلت العرصة
والدهليز بينهما لان لكل واحد منهما فيهما يدا وتصرفا من الممر ووضع الأمتعة وغيرها؟ قال الجويني ولا يبعد ان يقال ليس لصاحب العلو الا حق الممر ويجعل
الرقبة لصاحب السفل ولكن لم يصر إليه أحد من الشافعية وإن كانت الدرجة في دهليز الخان أو في الوسط فمن أول الباب إلى المرقى بينهما لأنه في تصرفهما وفيما وراء
ذلك للشافعية وجهان أصحهما انه لصاحب السفل لانقطاع الأخر عنه واختصاص صاحب السفل باليد والتصرف والثاني انه يجعل بينهما لأنه قد ينتفع به
صاحب العلو بالقاء الأمتعة فيه وطرح القمامات والمعتمد عندي الأول وإن كانت الدرجة خارجة من خطة الخان والدار فالعرصة بأجمعها لصاحب
السفل ولا تعلق للعلو بها بحال قالت الشافعية ومثال ما إذا كانت الدرجة في وسط الخان لا في صدره ولا خارجة عنه الزقاق المنقطع إذا كان فيه بابان لرجلين
أحدهما في وسطه والاخر في صدره فمن أوله إلى الباب الأول بينهما وما جاوزه إذا تداعياه فعلى الوجهين وقد عرفت مذهبنا فيه فيما تقدم مسألة
إذا تنازع صاحب العلو وصاحب السفل في الدرج فادعاها كل منهما فإن كانت دكة غير معقودة أو كانت سلما حكم بها لصاحب العلو لأنها في انتفاعه
خاصة وإن كانت معقودة تحتها موضع ينتفع به صاحب السفل فالأقرب انها لصاحب العلو أيضا لان الدرجة انما تبنى للارتقاء بها إلى العلو ولا تبنى
لما تحتها بالعادة بل القصد بها السلوك إلى فوق وهو أحد وجهي قولي الشافعية والثاني انها بينهما لان صاحب السفل ينتفع بها بظله وصاحب العلو
ينتفع بها ويرتقي عليها فهي كالسقف يتنازعه صاحب العلو والسفل وقد سبق كلامنا في السقف وان الأولى الحكم به لصاحب العلو مع قيام الفرق
بينهما لان السقف يبنى للبيت وان لم يكن له غرفة بخلاف الدرجة وبعضهم فصل فقال إن كان تحتها بيت يقصد بنيانها عليه كانت بينهما وإن كانت
تحتها عقد صغير يوضع فيه الحب أو شبهه فوجهان ولو تنازعا في السلم وهو غير خارج عن الخان فإن كان منقولا كالسلاليم التي توضع وترفع فإن كان في بيت
لصاحب السفل فهو في يده وإن كان في غرفة لصاحب العلو فهو في يده فيحكم به في الحالين لكل من هو في يده وإن كان منصوبا في موضع المرقى فهو لصاحب
العلو لعود منفعته إليه وظهور تصرفه فيه دون الأخر وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم انه لصاحب السفل كساير المنقولات وهو المعتمد عندي
ولهذا لا يندرج السلم الذي يسمره تحت بيع الدار ولو كان السلم مسمرا في موضع المرقى فهو لصاحب العلو لعود فايدته إليه وكذا الأخشاب المعقودة في المرقى
وكذا إن كان مبنيا من لبن أو آجر أو شبههما إذا لم يكن تحته بيت ولو تنازعا في البيت الذي تحت الدرجة احتمل اختصاص صاحب السفل به كساير البيوت
191

وصاحب العلو لان ملك الهواء يستتبع ملك القرار والشركة فيه ولو تنازعا في السقف الاعلى للغرفة فهو لصاحب الغرفة لاختصاصه بالانتفاع به دون
صاحب السفل الفصل الخامس في اللواحق مسألة قد بينا ان الصلح يصح عن الانكار كما يصح عن الاقرار وخالف فيه الشافعي ومنع من صحة الصلح
عن الانكار وقد سلف دليله وضعفه وربما احتج بعضهم بقوله (ع) الصلح بين المسلمين جايز الا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وهذا الصلح قد أحل
الحرام لأنه لم يكن له ان يأخذ من مال المدعى عليه وقد حل بالصلح وهو ضعيف لان المعنى الذي ذكروه آت في الصلح بمعنى البيع لأنه يحل لكل
واحد منهما ما كان محرما عليه وكذا الصلح بمعنى الهبة فإنه يحل للموهوب له ما كان محرما عليه والاسقاط يحل له ترك أداء ما كان واجبا عليه ولان الصلح
الصحيح هو الذي يحلل ما كان حراما لولاه كغيره من العقود والصلح الفاسد لا يحل به الحرام والمراد المنع من صلح يتوصل به إلى تناول المحرم مع بقائه
بعد الصلح على تحريمه كما لو صالحه على استرقاق حر أو شرب خمر أو إذا كان المدعي كاذبا في دعواه أو المنكر في انكاره ويتوصل الكاذب إلى اخذ المال بالصلح
من غير رضاء الأخر باطنا فإنه صلح باطل ولأنه يباح لمن له حق يجحده غريمه ان يأخذ من ماله بقدره أو دونه وإذا حل له ذلك من غير اختياره ولأعلمه فلان يحل
برضاه وبذله أولي ولأنه يحل مع اعتراف الغريم فلان يحل به مع جحده وعجزه عن الوصول إلى حقه الا بذلك أولي ولان المدعي هنا يأخذ عوض حقه الثابت
له والمدعى عليه يدفعه لدفع الشر عنه وقطع الخصومة وليس في الشرع ما يدل على تحريم ذلك في موضع ولان الصلح مع الانكار يصح مع الأجنبي فصح مع الغريم
كالصلح مع الاقرار بل هو أولي لأنه إذا صح مع الأجنبي مع غناه فلئن يصح مع الخصم مع حاجته إليه أولي واحتجاجهم بأنه معاوضة قلنا إن أردتم انه معاوضة
في حقهما فهو ممنوع وان أردتم انه معاوضة في حق أحدهما فمسلم لان المدعي يأخذ عوض حقه من المنكر لعلمه بثبوت حقه عنده فهو معاوضة في حقه والمنكر
يعتقد انه يدفع المال المدفوع لدفع الخصومة والمنازعة وتخليصه من شر المدعي فهو ابراء في حقه وغير ممتنع ثبوت المعاوضة في حق أحد المتعاقدين
دون الأخر كما لو اشترى عبدا شهد بحريته فإنه يصح ويكون معاوضة في حق البايع واستنقاذا في حق المشترى إذا ثبت هذا فإنما يصح الصلح لو اعتقد
المدعي حقية دعواه والمدعى عليه يعتقد براءة ذمته وانه لا شئ عليه للمدعي فيدفع إلى المدعي شيئا ليدفع عنه اليمين ويقطع الخصومة ويصون نفسه عن
التبذل وحضور مجلس الحكم فان أرباب النفوس الشريفة والمروات والمناصب الجليلة يترفعون عن ذلك ويصعب عليهم الحضور للمنازعة ويرون دفع ذلك
عنهم من أعظم مصالحهم والشرع لا يمنع من وقاية النفس وصيانتها ودفع الشر (السوء) عنها ببذل الأموال والمدعي يأخذ ذلك عوضا عن حقه الثابت له في زعمه ولا يمنعه
الشرع من ذلك أيضا ولا فرق بين ان يكون المأخوذ من جنس حقه أو من غير جنسه ولا بين ان يكون بقدر حقه أو أقل فان اخذ من جنس حقه بقدره فهو مستوف
لحقه وان أخذ دونه فقد استوفى بعض حقه وترك البعض وان اخذ من غير جنس حقه فقد أخذ عوضه فيجوز ان يأخذ أزيد حينئذ وان اخذ من جنس حقه أزيد فالأقرب
الجواز ومنع منه بعض الجمهور بناء على أن الزايد لا عوض له فيكون ظالما وهو غلط إذا رضي الدافع باطنا وظاهرا وقد سبق مسألة إذا ادعى عليه غيره
مال الأمانة فأنكر أو اعترف ثم صالح عنه إما بجنسه أو بغير جنسه جاز كالمضمون عملا بعموم قوله تعالى والصلح خير وقوله عليه السلام الصلح جايز بين المسلمين فلو ادعى على رجل وديعة
أو قراضا أو لقطة أو غيرها من الأمانات أو ادعى تفريطا في وديعة أو في قراض أو غير ذلك فصالح جاز لما تقدم مسألة قد ذكرنا انه يصح الصلح من الأجنبي
عن المنكر أو المعترف سواء اعترف الأجنبي للمدعي بصحة دعواه أو لم يعترف وسواء كان باذنه أو بغير اذنه وقال أصحاب الشافعي ان ما يصح إذا اعترف للمدعي بصحة
دعواه وهو بناء على أن الصلح عن الانكار باطل وقد بينا بطلانه ثم إن كان الصلح عن دين صح سواء كان بإذن المنكر أو بغير اذنه لان قضاء الدين عن غيره جايز باذنه
وبغير اذنه فان عليا (ع) وأبا قتادة قضيا عن الميت فاجازه النبي صلى الله عليه وآله وإن كان الصلح عن عين بإذن المنكر فهو كالصلح منه لان الوكيل يقوم مقام
الموكل وإن كان بغير اذنه فهو اقتداء للمنكر من الخصومة واعتياض للمدعى وهو جايز في الموضعين وإذا صالح عنه بغير اذنه لم يرجع عليه بشئ لأنه أدي عنه ما لا يلزمه
أداؤه ولأنه لم يثبت وجوبه على المنكر ولا يلزمه أداؤه إلى المدعى فكيف يلزمه أداؤه إلى غيره ولأنه متبرع بأدائه غير ما يجب عليه وقال بعض الحنابلة يرجع ويجعله
كالمدعي وهو غلط لأنه يجعله كالمدعى في الدعوى على المنكر إما انه يجب له الرجوع بما اداءه فلا وجه له أصلا وأكثر ما يجب لمن قضى دين غيره ان يقوم مقام صاحب
الدين وصاحب الدين هنا لم يجب له حق ولا يلزم الأداء إليه ولا يثبت له أكثر من جواز الدعوى فكذلك هنا ويشترط في جواز الدعوى ان يعلم صدق المدعى فإن لم يعلم لم يجز له دعوى شئ لا يعلم ثبوته
وإذا صالح عنه باذنه فهو وكيله والتوكيل في ذلك جايز ثم إن أدي عنه باذنه رجع عليه وهذا قول الشافعي وان أدي عنه بغير اذنه متبرعا لم يرجع بشئ وان قضاه
محتسبا بالرجوع احتمل الرجوع لأنه قد وجب عليه أداؤه بعقد الصلح بخلاف ما إذا صالح وقضى بغير اذنه فإنه قضى ما لا يجب على المنكر قضاؤه مسألة
إذا صالحه على سكنى دار أو خدمة عبد ونحوه من المنافع المتعلقة بالأعيان صح بشرط ضبط المدة ولا يكون ذلك اجارة بل عقدا مستقلا بنفسه خلافا للشافعي
فان تلفت الدار أو العبد قبل استيفاء شئ من المنفعة انفسخ الصلح ورجع بما صالح عنه وان تلف بعد استيفاء بعض المنفعة انفسخ فيما بقي من المدة ورجع بقسط
ما بقي ولو صالحه على أن يزوجه جاريته لم يصح لان البضع لا يقع في مقابله شئ وقال بعض الجمهور يصح
ويكون المصالح عنه صداقها وليس بشئ فان انفسخ النكاح
قبل الدخول بأمر يسقط الصداق رجع الزوج بما صالح عنه فان طالب قبل الدخول رجع بنصفه وإن كان المعترف امرأة فصالحت المدعي على أن تزوجه نفسها
على أن يكون بضعها عوضا لم يصح خلافا لبعض الحنابلة وكذا لو كان الصلح عن عيب في مبيعها فصالحته على نكاحها قال فان زال العيب رجعت بأرشه لان ذلك صداقها
فرجعت به لا بمهر مثلها وان لم يزل العيب لكن انفسخ نكاحها بما يسقط صداقها ورجع عليها بأرشه وهو مبني على جواز جعل البضع عوضا في الصلح مسألة
قد بينا انه يصح الصلح عن الدين ببعضه مع الرضا الباطن لان كعبا تقاضى ابن أبي حدود دينا كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وآله
فخرج إليهما ثم نادى يا كعب قال لبيك فأشار إليه ان ضع الشطر من دينك قال قد فعلت يا رسول الله وفي الذي أصيب في حديقته فمر به النبي صلى الله عليه وآله
وهو ملزم فأشار إلى غرمائه بالنصف فاخذوا منه وهذا يدل على تسويغه مع الرضاء الباطن ولو قال على أن توفيني ما بقي صح أيضا عندنا ومنعه
الحنابلة لأنه ما أبرأه عن بعض الحق الا ليوفيه بقيته فكأنه عاوض بعض حقه ببعض وهو ممنوع ولو كان له في يد غيره عينا فقال قد وهبتك نصفها فاعطني
نصفها صح واعتبر في ذلك شروط الهبة ولو أخرجه مخرج الشرط صح عندنا خلافا للشافعي واحمد لأنه إذا شرط الهبة في الوفاء جعل الهبة عوضا عن الوفاء فكأنه
عارض بعض حقه ببعض وهذا ليس بشئ ولو قال صالحني بنصف دينك علي أو بنصف دارك هذه فيقول صالحتك بذلك صح عندنا وهو قول أكثر
192

الشافعية ومنع منه بعض الشافعية والحنابلة لأنه إذا لم يجز بلفظ الصلح خرج عن أن يكون صلحا ولا يبقى له تعلق به فلا يسمى صلحا واما إذا كان بلفظ الصلح
سمى صلحا لوجود اللفظ ولم يختلف المعنى كالهبة بشرط الثواب وانما يقتضي لفظ الصلح المعاوضة إذا كان هناك عوض إما مع عدمه فلا وانما معنى الصلح
والرضاء والاتفاق وقد يحصل من غير عوض كالتمليك إذا كان بعوض سمى بيعا وان خلا عن العوض سمى هبة ولو ادعى على رجل بيتا فصالحه على بعضه أو على
بناء غرفة فوقه أو على أن يسكنه سنة صح عندنا خلافا للحنابلة للأصل احتجوا بأنه يصالحه عن ملكه ببعضه أو منفعته ونمنع عدم جوازه ولو صالحه بخدمة
عبده سنة صح عندنا وعندهم فان باع العبد في السنة صح البيع ويكون المشتري مسلوب المنفعة بقية السنة وللمصالح منفعته إلى انقضاء السنة ولو لم يعلم المشتري
بذلك كان له الفسخ لأنه عيب وان أعتق العبد في أثناء المدة صح العتق لأنه مملوكه يصح بيعه فيصح عتقه وللمصالح استيفاء منفعته في المدة لأنه أعتقه بعد ان
ملك منفعته فأشبه ما لو أعتق الأمة المزوجة بحر ولا يرجع العبد على سيده بشئ لأنه ما زال ملكه بالعتق الا عن الرقبة فالمنافع حينئذ مملوكة لغيره فلم يتلف
منافعه بالعتق فلا يرجع بشئ ولو أعتق مسلوب المنفعة كمقطوع اليدين أو الأمة المزوجة لم يرجع عليه بشئ وقال الشافعي يرجع على سيده بأجرة مثله
لان العتق اقتضى إزالة ملكه عن الرقبة والمنفعة جميعا فلما لم تحصل المنفعة للعبد هنا فكأنه حال بينه وبين منفعته ونمنع اقتضاء العتق زوال الملك
عن المنفعة لان اقتضاه انما يكون لو كانت المنفعة مملوكة له إما كانت مملوكة لغيره فلا يقتضي اعتاقه إزالة ما ليس بموجود ولو ظهر ان العبد مستحق تبين
بطلان الصلح لفساد العوض ويرجع المدعي فيما أقر له به ولو ظهر عيب في العبد تنقص به القيمة المنفعة فله رده وفسخ الصلح مسألة إذا ادعى زرعا في يد رجل
فاقر له به ثم صالحه منه على الوجه الذي يجوز بيع الزرع فيه صح وكذا لو صالحه على غير الوجه الذي يصح بيعه لان الصلح عقد مستقل بنفسه غير فرع على البيع
ولو كان الزرع في يد رجلين فاقر له أحدهما ثم صالحه عليه قبل اشتداد الحب جاز (صح) عندنا خلافا للشافعي لأنه ان صالحه عليه بشرط التبقية أو من غير شرط القطع
لم يجز ولأنه لا يجوز بيعه كذلك وقد قلنا إن الصلح عقد قايم برأسه فلا يشترط فيه ما يشترط في البيع وغيره ولو شرط القطع لم يجز لأنه لا يمكنه قطع زرع الأخر
وقسمته لا تصح ولو كان الزرع لواحد فاقر به للمدعي وصالحه عليه فان شرط القطع صح الصلح عندنا وعند الشافعي وان شرط التبقية صح الصلح عندنا خلافا
له ولو كانت الأرض للمصالح كان له تبقية الزرع في ارضه ولو اطلق صح عندنا
وقال الشافعي إن كان المشتري لا يملك الأرض لم يصح وإن كان يملك الأرض فوجهان كما إذا باع التمرة من صاحب النخل بغير شرط القطع مسألة
لو ادعى رجل على غيره زرعا في ارضه فاقر له بنصفه أو أنكر عندنا ثم صالحه من نصفه على نصف الأرض جاز عندنا عملا بالأصل وقال الشافعي لا يجوز لان من شرط بيع
الزرع قطعة ولا يمكن ذلك في المشاع ونحن نمنع من الاشتراط الذي ذكره وقد سبق ولو صالحه منه على جميع الأرض بشرط القطع على أن يسلم إليه الأرض
فارغة صح لان قطع جميع الزرع ثابت نصفه بحكم الصلح والباقي لتفريع الأرض فأمكن القطع وأشبه من اشترى أرضا وفيها زرع وشرط تفريغ الأرض فإنه يجوز
كذا هنا وإن كان أقر له بجميع الزرع وصالحه من نصفه على نصف الأرض ليكون الأرض والزرع بينهما نصفين وشرط القطع فإن كان الزرع في الأرض
بغير حق جاز الشرط لان الزرع يجب قطعه بأجمعه وإن كان في الأرض بحق جاز أيضا عملا بالشرط وقد قال (ع) المؤمنون عند شروطهم ولأنهما قد شرطا
قطع كل الزرع وتسليم الأرض فارغة وهو أحد قولي الشافعية والثاني لا يجوز الشرط لأنه لا يمكن قطع الجميع بخلاف ما إذا شرط على بايع الزرع قطع الباقي لان باقي
الزرع ليس بمبيع فلا يصح شرط قطعه في العقد ويخالف ما إذا أقر بنصف الزرع وصالحه على جميع الأرض لأنه شرط تفريع المبيع والحق الجواز لما تقدم ولا
يختص شرط القطع بالبيع مسألة قد بينا انه إذا خرجت أغصان الشجرة إلى ملك الجار كان للجار عطفها وازالتها عن ملكه فان أمكن ذلك بغير اتلاف
ولا قطع من غير مشقة تلزمه ولا غرامة لم يجز اتلافها كما إذا امكنه اخراج دابة؟ الغير من ملكه بغير اتلاف فان أتلفها والحال هذه وان لم يمكن ازالتها الا بالاتلاف
كان له ذلك ولا شئ عليه لأنه لا يلزمه اقرار مال غيره في ملكه فان صالحه على اقرارها بعوض معلوم صح وللشافعية والحنابلة قولان ولا فرق بين ان
يكون الغصن رطبا أو يابسا لان الجهالة في المصالح عنه لا يمنع الصحة لكونها لا تمنع التسليم بخلاف العوض فإنه يفتقر إلى العلم لوجوب تسليمه ولان الحاجة
تدعو إلى الصلح عنه لكون ذلك في الاملاك المتجاورة وفي القطع اتلاف وضرر والزيادة المتجددة يعفى عنها كالسمن الحادث في المستأجر للركوب والمستأجر
للغرفة يتجدد له الأولاد وعند احمد يصح الصلح في الرطب وان زاد أو نقص لان الجهالة في المصالح عنه لا
نمنع الصحة إذا لم يكن إلى العلم به سبيل لدعاء الحاجة إليه
وكونه لا يحتاج إلى تسليمه ولو صالحه على اقرارها بجزء معلوم من ثمرها أو كله لم يجز وبه قال الشافعية وأكثر العامة وعن أحمد روايتان لان العوض مجهول
والثمرة مجهولة وجزؤها مجهول ومن شرط الصلح العلم بالعوض والمصالح عليه أيضا مجهول لتغيره بالزيادة والنقصان كما تقدم واحتج احمد بأنه قد تدعو الحاجة
إليه وقد عرفت بطلان التعليل بالحاجة نعم لو أباح كل منهما لصاحبه حقه جاز من غير لزوم بل لكل منهما الرجوع فيستبيح صاحب الشجرة إباحة الوضع على الجدار
أو الهواء ويستبيح صاحب الدار ثمرة الشجرة كما لو قال كل منهما لصاحبه أسكن داري واسكن دارك من غير تقدير مدة ولا ذكر شروط الإجارة وكذا حكم
العروق إذا سرت إلى ارض الجار سواء اثرت ضررا كما في المصانع وطى الأبار وأساسات الحيطان أو منع من نبات شجر لصاحب الأرض أو زرع أولم يؤثر ضررا
فان الحكم في قطعه والصلح عليه كالحكم في الزرع الا ان العروق لا ثمر لها وكذا لو زلق من أخشابه إلى غيره فالحكم ما سبق مسألة قد بينا انه يصح ان يصالحه
عن المؤجل ببعضه حالا وبه قال ابن عباس والنخعي وابن سيرين والحسن البصري لان التعجيل جايز والاسقاط وحده جايز فجاز الجمع بينهما كما لو فعل ذلك
من غير مواطاة عليه وكرهه زيد بن ثابت وابن عمر وسعيد بن المسيب والقسم وسالم والشعبي ومنه أيضا مالك واحمد والشافعي والثوري وابن عيينة وهثيم وأبو
حنيفة وإسحاق وقد تقدم مسألة قد بينا انه يصح الصلح عن المجهول دينا كان أو عينا خلافا للشافعي حيث قال لا يصح لأنه بيع فلا يصح على المجهول
ونمنع كونه بيعا وكونه فرع بيع وانما هو ابراء ولو سلمنا كونه بيعا فإنه يصح في المجهول عند الحاجة كأساسات الحيطان وطي الأبار ولو أتلف رجل صبرة
طعام لا يعلم قدرها فقال صاحب الطعام لمتلفها بعتك الطعام الذي في ذمتك بهذا الدرهم أو بهذا الثوب لم يصح عندنا لان شرط البيع معلومية
العوضين وقال احمد يصح وعلى قولنا وقوله لو صالحه به عليه صح لان الجهل لا ينافي الصلح وإذا كان العوض في الصلح مما لا يحتاج إلى تسليمه ولا سبيل إلى معرفته
كالمواريث الدارسة والحقوق التالفة والأراضي والأموال التي لا يعلمها أحد من المتخاصمين ولا يعرف قدر حقه منها فان الصلح فيها جايز عندنا وعند احمد مع
193

الجهالة من الجانبين وقد سبق واما ما يمكنه معرفته كتركة موجودة يعلمها الذي هي في يده ويجهلها الأخر فإنه لا يصح الصلح عليه مع الجهل وكذا كل من له نصيب
في ميراث أو غيره يظن قلته إذا صولح عليه لا يصح مع علم الخصم الأخر لان الصلح انما جاز مع جهالتهما للحاجة إليه فان ابراء الذمة أمر مطلوب ولا طريق إليه الا
الصلح مسألة يجوز الصلح عن كل ما يجوز اخذ العوض عنه سواء كان مما يجوز بيعه أو لا يجوز فيصح عن دم العمد وسكنى الدار وعيب المبيع ومن صالح
عن ما يوجب القصاص بأكثر من ديته أو أقل جاز لان الحسن والحسين عليهما السلام وسعيد بن العاص بذلوا للذي وجب عليه القصاص على هدية بن حشره سبع
ديات فابى ان يقبلها وان صالح عن قتل الخطاء بأكثر من ديته من جنسها جاز عندنا خلافا لأحمد وكذا لو أتلف عبدا أو غيره فصالح على أكثر من قيمته أو أقل
سواء كان من جنس القيمة أو من غير جنسها جاز عندنا وبه قال أبو حنيفة خلافا للشافعي واحمد مسألة قد بينا انه إذا ظهر استحقاق أحد العوضين
بطل الصلح فلو صالحه على دار أو عبد بعوض فوجد العوض مستحقا أو كان العبد حرا فإنه يرجع في الدار وما صالح عن العبد إن كان موجودا وإن كان
تالفا رجع بمثله إن كان مثليا والا رجع بالقيمة ولو اشترى شيئا فوجده معيبا فصالحه عن عيبه بعبد فبأن مستحقا أو حرا رجع بأرش العيب ولو
ظهر استحقاق المعيب رجع بالثمن والعبد معا ولو كان البايع امرأة فزوجته نفسها عوضا عن أرش العيب فزال العيب لم يصح الصلح عندنا ويجوز عند
احمد فيرجع بأرشه لا بمهر المثل لأنها رضيت بذلك مهرا لها ولو صالحه عن القصاص بحر يعلمان حريته أو عبد يعلمان انه مستحق أو تصالحا بذلك عن
القصاص رجع بالدية والأقرب القصاص أو بما يصالح عنه لان الصلح هنا باطل يعلمان بطلانه فكان وجوده كالعدم ولو صالح عن القصاص بعبد
فخرج مستحقا رجع بقيمة العبد وكذا ان خرج حرا ويحتمل قويا الرجوع إلى القصاص فيهما وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة ان
خرج مستحقا رجع بقيمته وان خرج حرا رجع بما صالح عنه وهو الدية مسألة قد بينا انه يجوز ان يصالحه على اجراء ماء المطر على سطحه مع العلم بالمشاهدة
للسطح أو بالمساحة لاختلاف الماء بكبر السطح وصغره وهل يفتقر إلى ذكر المدة منع منه الحنابلة لان الحاجة تدعو إليه ويجوز العقد على المنفعة في موضع
الحاجة من غير تقدير كما في النكاح ولا يملك صاحب الماء مجراه لان هذا لا يستوفى به منافع المجرى دايما ولا في أكثر المدة بخلاف الساقية وفيه نظر ولا يحتاج
في اجراء الماء في الساقية إلى ما يقدر به لان تقدير ذلك حصل بتقدير الساقية فإنه لا يملك ان يجرى فيها أكثر من مائها والماء الذي يجري على السطح يحتاج
إلى معرفة مقدار السطح لأنه يجري فيه القليل والكثير ولو كان السطح الذي يجري عليه الماء مستأجرا أو عارية مع انسان لم يجز له ان يصالح على اجراء الماء عليه
لأنه يتضرر بذلك ولم يؤذن له فيه فلم يكن له التصرف فيه واما الساقية المحصورة فان منع المالك أو لم يعلم بالعرف اباحته فكذلك والا جاز لان الأرض لا
تتضرر به ولو كان ماء السطح يجري على الأرض جاز الصلح أيضا على ذلك سواء احتاج إلى حفر أو لا لأنه بمنزلة اجراء الماء إلى ساقية ويشترط المدة المعينة ومنع
احمد في إحدى الروايتين عنه مسألة لا يجوز للانسان ان يجري الماء في ارض غيره سواء اضطر إلى ذلك أو لا الا باذنه وهو إحدى الروايتين عن أحمد
لأنه تصرف في ارض غيره بغير اذنه فلم يجز كما لو لم تدع إليه ضرورة ولان مثل هذه الحاجة لا تبيح مال غيره كما أنه لا يباح له الزرع في ارض الغير ولا البناء ولا الانتفاع
بساير وجوه الانتفاعات وان احتاج إليها وفي الرواية الأخرى عن أحمد انه يجوز له اجراء الماء في ارض الغير عند الحاجة بان يكون له ارض للزراعة لها ماء
لا طريق له الا ارض جاره فإنه يجوز له اجراء الماء فيها وان كره المالك لما روى أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا من العريض فأراد ان يجريه في ارض محمد بن مسلمة
فابى فقال له الضحاك لم تمنعني وهو منفعة لك تشربه أولا واخرا ولا يضرك فابى محمد فكلم فيه الضحاك عمر فدعا عمر محمد بن مسلمة فأمره ان يخلي سبيله فقال محمد لا والله
فقال له عمر لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تشربه أولا واخرا فقال محمد لا والله فقال عمر ليمرن به ولو على بطنك فأمره عمر ان يمر به ففعل رواه مالك في موطأه
وسعيد في سننه وهو خطأ لتطابق العقل والنقل على قبح التصرف في مال الغير بغير اذنه وقول عمر وفعله ليس حجة فيما لا يخالف العقل والنقل فكيف فيما يخالفهما
مسألة يصح الصلح عن كل ما يجوز اخذ العوض عنه عينا كان كالدار والعبد أو دينا أو حقا كالشفعة والقصاص ولا يجوز على ما ليس بمال (والا)؟ يصح اخذ
العوض عنه فلو صالحته المرأة على أن تقر له بالزوجية لم يصح لأنها لو أرادت بذل نفسها بعوض لم يجز ولو دفعت إليه عوضا عن دعوى الزوجية ليكف عنها
فالأقرب الجواز وللحنابلة وجهان لان المدعي يأخذ عوضا عن حقه من النكاح فجاز كعوض الخلع والمراة تبذله لقطع خصومته وإزالة شره فجاز فان صالحته
ثم ثبتت الزوجية باقرارها أو بالبينة فان قلنا الصلح باطل فالنكاح باق بحاله لأنه لم يوجد من الزوج سبب الفرقة من طلاق ولا خلع وان قلنا يصح الصلح فكذلك
أيضا وعند الحنابلة انها تبين منه بأخذ العوض لأنه اخذه عما يستحقه من نكاحها فكان خلعا كما لو أقرت له بالزوجية فخالعها وليس بشئ ولو ادعت ان زوجها
طلقها ثلثا فصالحها على مال لترك دعواها لم يجز لأنه لا يجوز لها بذل نفسها لمطلقها بعوض ولا بغيره ولو دفعت إليه مالا ليقر بطلاقها لم يجز وللحنابلة
وجهان أحدهما الجواز كما لو بذلت له مالا ليطلقها مسألة لو ادعى على غيره انه عبده فأنكره فصالحه على مال ليقر له بالعبودية لم يجز لأنه يحل حراما
فان ارقاق الحر نفسه لا يحل بعوض ولا بغيره ولو دفع المدعى عليه مالا صلحا عن دعواه جاز لأنه يجوز ان يعتق عبده بمال ولأنه يقصد بالدفع إليه دفع اليمين
الواجبة عليه والخصومة المتوجهة إليه ولو ادعى على غيره ألفا فأنكره فدفع إليه شيئا ليقر له بالألف لم يصح فان أقر لزمه ما أقر به ويرد ما اخذه لأنا نتبين باقراره
كذبه في انكاره وان الألف عليه فيلزمه أداؤه بغير عوض ولا يحل له العوض عن أداء الواجب عليه فان دفع إليه المنكر مالا صلحا عن دعواه جاز مسألة
لو صالح شاهدا على أن لا يشهد عليه لم يصح لان المشهود به إن كان حقا لادمي كالدين أو لله تعالى كالزكاة فإن كان الشاهد يعرف ذلك لم يجز له اخذ العوض على تركه
كما لا يجوز له اخذ العوض على ترك الصلاة وإن كان كذبا لم يجز له اخذ العوض على تركه كما لا يجوز اخذ العوض على ترك شرب الخمر وان صالحه على أن لا يشهد عليه
بالزور لم يصح لان ترك ذلك واجب عليه ويحرم عليه فعله فلا يجوز اخذ العوض عنه كما لا يجوز ان يصالحه على أن لا يقتله أولا يغصب ماله وان صالحه على أن
لا يشهد عليه بما يوجب الحد كالزنا والسرقة لم يجز اخذ العوض عنه لان ذلك ليس بحق له فلا يجوز له اخذ عوضه كساير ما ليس بحق له ولو صالح السارق والزاني
والشارب بمال على أن لا يرفعه إلى السلطان لم يصح كذلك ولم يجز له اخذ العوض ولو صالحه عن حد القذف لم يصح لأنه إن كان لله تعالى لم يكن (يجز) له ان يأخذ عوضه
لكونه ليس بحق له فأشبه حد الزنا وإن كان حقا له لم يصح الصلح لأنه لا يجوز الاعتياض عنه لأنه ليس من الحقوق المالية ولهذا لا يسقط إلى بذل بخلاف القصاص
ولأنه شرع لتبرئة العرض فلا يجوز ان يعاوض عن عرضه بمال والأقرب عدم سقوط الحد بالصلح وللحنابلة وجهان مبنيان على كونه حقا لله تعالى فلا يصح الصلح عنه
194

كحد الزنا وكونه حقا للآدمي فيسقط كالقصاص ولو صالح عن حق الشفعة جاز عندنا لأنه حق تعلق بالمال فجاز الاعتياض عنه به كغيره من الحقوق المالية
ومنع منه الحنابلة لان الشفعة حق شرع على خلاف الأصل لدفع ضرر الشركة فإذا رضي بالتزام الضرر سقط الحق من غير بدل وهو ممنوع مسألة
لا يجوز ان يحفر في الطرق النافذة بئرا لنفسه سواء جعلها لماء المطر أو يستخرج منها ماء ينتفع به ولا غير ذلك ولو أراد حفرها للمسلمين ونفعهم أو لينتفع
بها الطريق بان يحفرها ليستقي الناس من مائها ويشرب منه المارة أو لينزل فيها ماء المطر عن الطريق فان تضرر بها المسلمون أو كان الدرب ضيقا أو
يحفرها في ممر الناس بحيث يخاف سقوط انسان فيها أو دابة أو يضيق عليهم ممرهم لم يجز ذلك لان ضررها أكثر من نفعها وان حفرها في زاوية من طريق
واسع وجعل عليها ما يمنع الوقوع فيها فالأقرب الجواز لأنه نفع لا ضرر فيه لكن مع الضمان وإن كان الدرب غير نافذ لم يجز شئ من ذلك مطلقا الا بإذن أربابه
لأنه ملك لقوم معنيين فلا يجوز فعله الا باذنهم كما لو فعله في بستان غيره ولو صالح أهل الدرب على ذلك جاز سواء حفرها لنفسه أو لينزل فيها ماء المطر
عن داره أو ليستقي منها ماء لنفسه أو حفرها للسبيل ونفع الطريق وكذا ان فعل ذلك في ملك انسان معين مسألة قد بينا انه يجوز اخراج الميازيب
في الطرق النافذة إذا لم يمنع منه أحد يتضرر به وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لان عمر بن الخطاب اجتاز إلى (على) دار العباس وقد نصب ميزابا إلى الطريق فقلعه
فقال العباس تقلعه وقد نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله بيده وما فعله النبي صلى الله عليه وآله جاز لغيره فعله عملا بالتأسي ما لم يقم دليل على اختصاصه
ولان الحاجة تدعو إلى ذلك ولا يمكنه رد مائه إلى داره وقال احمد لا يجوز لأنه تصرف في هواء مشترك بينه وبين غيره بغير اذنه فلم يجز كغير النافذ وعدم الإذن
ممنوع بوضع عامة الناس في الأمصار بأسرها على استمرار الدهور مسألة قد بينا انه لا يجوز وضع الجذوع على حايط الجار الا باذنه وبينا
الخلاف وكذا في جدار المسجد وعن أحمد روايتان إحديهما الجواز لأنه إذا جاز في ملك الجار مع أن حايطه مبني على الشح والتضييق ففي حق الله تعالى المبني على المسامحة
والمساهلة أولي وكلتا المقدمتين ممنوع فرع على قول احمد إذا كان له وضع خشب على جدار غيره لم يملك اعارته ولا اجارته لأنه انما كان له ذلك لحاجته
الماسة إلى وضع خشبه ولا حاجة له إلى وضع خشبة غيره فلم يملكه وكذلك لا يملك بيع حق من وضع خشبه ولا المصالحة عنه للمالك ولا لغيره لأنه أبيح له
لحاجته إليه فلا يجوز التخطية كطعام غيره إذا أبيح له للضرورة لم يملك إباحة غيره ولو تنازعا مسناة بين نهر أحدهما وارض الأخر أو بين أرضيهما
أو نهريهما تحالفا وكانت بينهما لأنها حاجز بين ملكيهما كالحايط بين الملكين مسألة لو كان السفل لرجل والعلو لاخر فانهدم السقف الذي
بينهما لم يجبر أحدهما على عمارته لو امتنع وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان للأصل ولو انهدمت حيطان السفل وأراد صاحب العلو بناءه لم يمنع من
ذلك توصلا إلى تحصيل ملكه فان بناه بآلته فهو على ما كان وان بناه بآلة من عنده لم يكن له منع صاحب السفل من السكنى وبه قال الشافعي لان ملكه لم يخرج
عن السفل والسكنى انما هي اقامته في فناء الحيطان من غير تصرف فيها فأشبه الاستظلال بها من خارج ومنع أبو حنيفة من السكنى لان البيت انما يبنى للسكنى
فلم يملكه كغيره وليس بشئ إذ لا يمنع من التصرف في ملكه المختص به وعن أحمد روايتان مسألة لو كان
الحائط بينهما نصفين فاتفقا على بنائه أثلاثا
أو بالعكس جاز كما لو تبرع أحدهما ببنائه ومنع الحنابلة من تساويهما في البناء لو اختلفا في الاستحقاق لأنه صالح على بعض ملكه ببعضه فلم يصح كما لو أقر له
بدار فصالحه على سكناها والملازمة ممنوعة وكذا الحكم في الأصل ممنوع ولو اتفقا على أن يحمله كل واحد منهما ما شاء لم يجز لجهالة الحمل وانه يحمله من الأثقال
ما لا طاقة له بحمله مسألة لو كان سطح أحدهما أعلى من سطح الأخر لم يمنع صاحب الاعلى من الصعود على سطحه ولا يحل له الاشراف على سطح جاره وقال
احمد ليس لصاحب العلو الصعود على سطحه على وجه يشرف على سطح جاره الا ان يبنى سترة تستره ومذهبنا انه لا يجب بناء السترة وبه قال الشافعي لأنه حاجز بين
ملكيهما فلا يجبر عليه كالأسفل احتج احمد بأنه يحرم عليه الاطلاع والاشراف على جاره لان النبي صلى الله عليه وآله قال لو أن رجلا اطلع عليك فخذفته؟ بحصاة
ففقأت عينه لم يكن عليك جناح ونحن نقول بموجبه فان الاطلاع حرام عندنا إما العلو بالسطح فلا مسألة لو تنازع اثنان جملا فإن كان لأحدهما
عليه حمل كان صاحب الحمل أولي وبه قال الشافعي وان لم يحكم بالجدار لصاحب الجذوع التي عليه وفرق بان الحايط ينتفع به كل واحد منهما وإن كان صاحب
الجذوع أكثر منفعة واما الجمل فالانتفاع لصاحب الحمل دون الأخر وهذا الفرق ليس بشئ بل انتفاع صاحب الجذوع بالجدار أدوم ولو تنازعا عبدا
ولأحدهما عليه ثوب لابسه تساويا فيه بخلاف الجمل لان صاحب الثوب لا ينتفع بلبس العبد له بخلاف الجمل ولان الجمل لا يجوز ان يجعله (يحمله) على الجمل الا بحق
ويجوز ان يجبر العبد على لبس قميص غير مالكه إذا كان عريانا وبذله فافترقا مسألة لو كان في يد شخصين درهمان فادعاهما أحدهما وادعى
الأخر واحدا منهما أعطي مدعيهما معا درهما وكان الدرهم الأخر بينهما نصفين لان مدعي أحدهما غير منازع في الدرهم الأخر فنحكم به لمدعيهما وقد تساويا
في دعوى أحدهما يدا ودعوى فيحكم به لهما هذا إذا لم توجد بينة والأقرب انه لا بد من اليمين فيحلف كل واحد منهما على استحقاق نصف الأخر الذي تصادمت
دعواهما فيه فمن نكل منهما قضى به للاخر ولو نكلا معا أو حلفا معا قسم بينهما نصفين لما رواه عبد الله بن المغيرة عن غير واحد من أصحابنا عن الصادق (ع)
في رجلين كان معهما درهمان فقال أحدهما الدرهمان لي وقال الآخر هما بيني وبينك قال فقال الصادق (ع) انما أحد الدرهمين ليس له فيه شئ
وانه لصاحبه ويقسم الدرهم الباقي بينهما نصفين مسألة لو أودع رجل عند آخر دينارين وأودعه اخر دينارا وامتزجا ثم ضاع دينار منهما
فإن كان بغير تفريط منه في الحفظ ولا في المزج بان اذنا له في المزج أو حصل المزج بغير فعله ولا اختياره فلا ضمان عليه لأصالة البراءة ولو فرط ضمن التالف
هذا بالنظر إلى المستودع واما المال الباقي فإنه يعطى صاحب الدينارين دينارا لان خصمه يسلم له انه لا يستحق منه شيئا ويبقى الدينار الأخر يتصادم
دعواهما فيه فيقسم بينهما نصفين لما رواه السكوني عن الصادق عن ابائه عليهم السلام في رجل استودع رجلا دينارين واستودعه اخر دينارا فضاع دينار
منهما فقال يعطى صاحب الدينارين دينارا ويقتسمان الدينار الباقي بينهما نصفين ولو كان ذلك في متساوي الأجزاء الممتزج مزجا يرفع الامتياز كما لو
استودعه أحدهما قفيزين من حنطة أو شعير أو دخن وشبهه واستودعه الأخر قفيزا مثلها ثم امتزج المالان وتلف قفيز من الممتزج فان الأقوى هنا ان
يقسم المال التالف بينهما على نسبة المالين فيكون لصاحب القفيزين قفيز وثلث قفيز ولصاحب القفيز ثلثا قفيز والفرق ظاهر لان عين أحد الدينارين
غير مستحق لصاحب الدينار مسألة لو اشترى العامل في البضاعة ثوبا بثلثين درهما واشترى من مال المباضع الآخر ثوبا بعشرين درهما ثم
195

امتزج الثوبان فان خير أحدهما صاحبه فقد انصفه وان تعاسرا بيعا معا وبسط الثمن على القيمتين فيأخذ صاحب الثلثين ثلثة أخماس الثمن ويأخذ صاحب العشرين
خمسي الثمن إذ الظاهر عدم التغابن وان كل واحد منهما اشترى بقيمته وباع بالنسبة ولما رواه إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) أنه قال في الرجل يبضعه الرجل
ثلثين درهما في ثوب وآخر عشرين درهما في ثوب فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه قال يباع الثوبان فيعطى صاحب الثلثين ثلاثة أخماس الثمن
والاخر خمسي الثمن قال قلت فان صاحب العشرين قال لصاحب الثلثين اختر أيهما شئت قال قد انصفه ولو بيعا منفردين فان تساويا في الثمن فلكل
مثل صاحبه ليميز حق كل واحد منهما عن حق الأخر وان تفاوتا كان أقل الثمنين لصاحب العشرين وأكثرهما لصاحب الثلثين قضاء بالظاهر من عدم الغبن
مسألة لو تنازعا في دابة فادعاها كل واحد منهما وكان أحدهما راكبها والاخر قابض لجامها ولا بينة وقال الشيخ (ره) يحكم بها لهما ويجعل بينهما نصفين
وبه قال أبو إسحاق المروزي لان لكل واحد منهما يدا عليها وقال باقي العامة يحكم بها للراكب لبعد تمكين صاحب الدابة غيره من ركوبها وامكان اخذ اللجام
من صاحب الدابة وهو الأقوى عندي ولو تنازعا ثوبا في يدهما قضى لهما معا به بالسوية وإن كان في يد أحدهما أكثر لتساويهما في اليد والدعوى وكل
ذلك مع عدم البينة واليمين ولو كان باب غرفة البيت مفتوحا إلى الجار فادعاها كل من صاحب الأسفل والجار حكم بالغرفة لصاحب الأسفل لان من
ملك القرار ملك الهواء وفتح الباب يحتمل الإعارة إما لو كانت الغرفة تحت تصرف الجار فالأقرب الحكم له بها قضاء باليد الدالة على الملكية تذنيب
لو بنى مسجدا اشتراها من غيره فادعاها ثالث فان صدقه المشتري أو البايع كان على المصدق القيمة ولو كذباه فصالحه بعض جيران المسجد صح الصلح
لأنه بذل مال على طريق البر تذنيب اخر لو تداعا ذو البابين في المنقطع الدريبة حكم بينهما لهما من رأس الدريبة إلى الأول وما بين البابين
للثاني والفاضل إلى صدر الدرب يحتمل قويا الشركة واختصاص الأخير تم الجزء العاشر من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى
ومنه ويتلوه في الجزء الحادي عشر بتوفيق الله تعالى كتاب الأمانات وتوابعها وفيه مقاصد فرغت من تسويده ثامن عشر من صفر ختم بالخير
والظفر من سنة خمس وعشر وسبعمائة بالسلطانية وكتب العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن المطهر (الحلي) الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا
ومولانا محمد النبي وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن
كتاب الأمانات وتوابعها وفيه مقاصد الأول الوديعة وفيه فصول الأول الماهية الوديعة مشتقة من ودع يدع إذا
استقر وسكن من
قولهم يدع كذا اي يتركه والوديعة متروكة مستقرة عند المستودع وقيل إنها مشتقة من الدعة وهي الخفض والراحة يقال ودع الرجل فهو وديع ووادع
لأنها في دعة عند المودع لا يتبدل ولا تستعمل والوديعة تطلق في العرف على المال الموضوع عند الغير ليحفظه والجمع الودايع واستودعه الوديعة اي
استحفظه إياها وعن الكسائي يقال أودعته كذا إذا دفعت إليه الوديعة وأودعته كذا إذا دفع إليك الوديعة فقبلتها وهو من الأضداد والمشهور في
الاستعمال المعنى الأول وهي جايزة بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقال تعالى فليؤد الذي اؤتمن أمانته
وليتق الله ربه وما رواه العامة عن أبي بن كعب ان النبي صلى الله عليه وآله قال أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وروى أنه (ع) كان عنده ودايع
فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن وامر عليا (ع) بردها على أهلها ومن طريق الخاصة ما رواه ابن أخي الفضيل بن يسار قال كنت عند الصادق (ع)
ودخلت امرأة وكنت أقرب القوم إليها فقالت لي أسأله فقلت عماذا فقالت إن أبي مات وترك مالا كان في يد أخي فاتلفه ثم أفاد مالا فأودعنيه فلي
ان اخذ منه بقدر ما أتلف من شئ فأخبرته بذلك فقال لا قال رسول الله صلى الله عليه وآله أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك وعن حسين بن
مصعب قال سمعت الصادق (ع) يقول ثلاثة لا عذر فيها لاحد أداء الأمانة إلى البر والفاجر وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين ووفاء بالعهد للبر والفاجر
وعن محمد بن علي الحلبي قال استودعني رجل من موالي بني مروان ألف دينار فغاب فلم أدر ما اصنع بالدنانير فاتيت أبا عبد الله الصادق (ع) فذكرت
ذلك له وقلت أنت أحق بها فقال لا لان أبي كان يقول انما نحن فيهم بمنزلة هدنة نؤدي أمانتهم ونرد ضالتهم ونقيم الشهادة لهم وعليهم فإذا تفرقت الأهواء لم يسع
أحد المقام وقال الصادق (ع) كان أبي يقول أربع من كن فيه كمل ايمانه ولو كان ما بين قرنه إلى قدمه ذنوب لم ينتقصه ذلك قال وهي الصدق وأداء الأمانة
والحياء وحسن الخلق وقال الكاظم (ع) أهل الأرض مرحومون ما يخافون وأدوا الأمانة وعملوا بالحق وقال الحسين الشيباني للصادق (ع) ان رجلا
من مواليك يستحل مال بني أمية ودمائهم وانه وقع له عنده وديعة فقال (ع) أدوا الأمانات إلى أهلها وان كانوا مجوسا فان ذلك لا يكون حتى يقوم قايمنا فيحل ويحرم
وقال الصادق (ع) اتقوا الله وعليكم بأداء الأمانة إلى من أئتمنكم فلو ان قاتل علي ائتمنني على أداء الأمانة لأديتها إليه وقد أجمع المسلمون كافة على جوازها
وتواترت الاخبار بذلك ولان الحكمة تقتضي تسويغها فان الحاجة قد تدعوا إليها لاحتياج الناس إلى حفظ أموالهم وربما تعذر ذلك عليهم بأنفسهم إما لخوف أو
سفر أو عدم حرز لو لم يشرع الاستيداع لزم الحرج المنفي بقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج ولأنه نفع لا ضرر فيه فكان مشروعا مسألة إذا عرفت
الوديعة في عرف اللغة فهي في عرف الفقهاء عبارة عن عقد يفيد الاستنابة في الحفظ لكن قد عرفت ان العرف اللغوي يقتضي ان يكون هي المال وكذا العرف العامي
والايداع هو العقد وهي جايزة من الطرفين بالاجماع لكل منهما فسخه ولا بد فيها من ايجاب وقبول فالايجاب هو كل لفظ دال على الاستنابة بأي عبارة كان ولا ينحصر في
لغة دون أخرى ولا في عبارة دون عبارة ولا يفتقر إلى التصريح بل يكفي التلويح والإشارة والاستعطاء والقبول قد يكون بالقول وهو كل لفظ يدل على الرضا
بالنيابة في الحفظ بأي عبارة كان وقد يكون بالفعل وهل الوديعة عقد برأسه أو اذن مجرد الأقرب الأول مسألة إذا دفع الانسان إلى غيره وديعة
وكان المدفوع إليه عاجزا عن حفظها لم يجز له قبولها لما فيه من إضاعة مال الغير وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عنه وإن كان قادرا لكنه غير واثق من نفسه بالأمانة
لم يجز له القبول لما فيه من التعريض للتفريط في مال الغير وهو محرم وهو أحد قولي الشافعية والثاني لهم انه يكره ولو كان قادرا على الحفظ واثقا بأمانة نفسه استحب له
القبول لما فيه من المعاونة على البر وقضاء حوائج الاخوان ولو لم يكن هناك غيره فالأقوى انه يجب عليه القبول لأنه من المصالح العامة وبالجملة فالقبول واجب
على الكفاية ولو تضمن القبول ضررا في نفسه أو ماله أو خاف على بعض المؤمنين أو تضمن اتلاف منفعة نفسه أو حرزه في الحفظ من غير عوض لم يجب القبول
مسألة الألفاظ المتداولة بين الناس من (القبول و) الايجاب الذي يتضمنه عقد الوديعة استودعتك هذا المال أو أودعتك أو استحفظتك أو أنبتك في حفظه
196

أو استنبتك فيه أو احفظه أو هو وديعة عندك وما في معناه من الصيغ الصادرة من جهة المودع الدالة على الاستحفاظ ولا يعتبر القبول لفظا كما تقدم
بل يكفي القبض يكفيه في العقار والمنقول وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يكفي القبض بل لابد من لفظ دال على القبول وقال بعضهم إن كان
المودع قد قال أودعتك وشبهه مما هو على صيغ العقود وجب القبول لفظا وان احفظه أو قال هو وديعة عندك لم يفتقر إلى لفظ يدل على القبول كما تقدم في الوكالة
مسألة لابد من التنجيز فلو قال إذا جاء رأس الشهر فقد أودعتك مالي معه لم يصح الايداع وهو قول بعض الشافعية لأصالة العدم وقال بعضهم يصح
وقال آخرون منهم القياس يخرجه على الخلاف في تعليق الوكالة وقيل الايداع عبارة عن الاستنابة في الحفظ وهو توكيل خاص ويسميان في هذا التوكيل المودع
والمودع ولو جاء بماله ووضعه بين يدي غيره ولم يتلفظ بشئ لم يحصل الايداع فان قبضه الموضوع عنده ضمنه وكذا لو كان قد قال من قبل اني أريد
ان أودعك ثم جاء بالمال ولو قال هذه وديعتي عندك فاحفظه ووضعه بين يديه فان اخذه الموضوع عنده تمت الوديعة لأنا لا نعتبر القبول اللفظي وان
لم يأخذه فإن لم يتلفظ بشئ لم يكن وديعة حتى لو ذهب وتركه فلا ضمان عليه لكن يأثم إن كان ذهابه بعد ما غاب المالك وان قال قبلت أو ضع فوضعه كان ايداعا
كما لو أخذه بيده وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم لا يكون ايداعا ما لم يقبض وقال آخرون بالتفصيل فإن كان الموضع في يده فقال ضعه دخل المال في يده لحصوله
في الموضع الذي في يده وان لم يكن كما لو قال انظر إلى متاعي في دكاني فقال نعم لم يكن وديعة وعلى ما اخترناه من أنه وديعة مطلقا لو ذهب الموضوع عنده وتركه فإن كان
المالك حاضرا بعد فهو رد للوديعة وان غاب المالك ضمنه مسألة قد ذكرنا ان الوديعة من العقود الجايزة من الطرفين لكل منهما فسخها اجماعا وقد
تقدم انه توكيل خاص والوكالة جايزة من الطرفين فإذا أراد المالك الاسترداد لم يكن للمستودع المنع ووجب عليه الدفع ولو أراد المستودع الرد لم يكن للمودع
ان يمتنع من القبول لأنه متبرع بالحفظ ولو عزل المستودع نفسه ارتفعت الوديعة وبقي المال أمانة مطلقة شرعية في يده كالثوب الطائر بالهواء إلى داره
وكاللقطة في يد الملتقط بعد ما عرف المالك وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان العزل لغو والأصل في هذا الخلاف مبني على أن الوديعة مجرد اذن أم عقد
ان قلنا إنها مجرد اذن فالعزل لغو كما لو اذن له في تناول طعامه للضيفان فقال بعضهم عزلت نفسي يلغو قوله ويكون له الاكل بالاذن السابق فعلى هذا يبقى
الوديعة بحالها وان قلنا إنه عقد ارتفعت الوديعة وبقي المال أمانة مجردة وعليه الرد عند التمكن وان لم يطالب المالك وهو أظهر وجهي الشافعية ولو لم يفعل
ضمن الفصل الثاني في المتعاقدين مسألة يشترط في المستودع والمودع التكليف فلا يصح الايداع الا من مكلف فلو أودع الصبي
أو المجنون غيره شيئا لم يجز له قبوله منهما فان قبله واخذه من أحدهما ضمن ولا يزول الضمان الا بالرد إلى الناظر في امرهما ولو رده إليهما لم يبرأ من الضمان
لأنهما محجور عليهما ولو خاف هلاكه فاخذه منهما ارفاقا لهما ونظرا في مصلحتهما على وجه الحسبة صونا له فالأقرب عدم الضمان لأنه محسن إليهما وقد قال تعالى
ما على المحسنين من سبيل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا ضمان عليه كالوجهين عندهم فيما إذا اخذ المحرم صيدا من خارجه ليتعهدها والظاهر
عندهم عدم الضمان مسألة كما أن التكليف شرط في المودع كذا هو شرط في المستودع فلا يصح الايداع الا عند مكلف لأنه استحفاظ والصبي والمجنون
ليسا من أهل الحفظ فلو أودع مالا عند صبي أو مجنون فتلف فلا ضمان عليهما إذ ليس على أحدهما حفظه فأشبه ما لو تركه عند بالغ من غير استحفاظ فتلف
ولو أتلفه الصبى أو المجنون فالأقرب عندي ان عليهما الضمان لأنهما اتلفا مال الغير بالاكل أو غيره فضمناه كغير الوديعة وبه قال احمد والشافعي في أظهر القولين
والثاني انهما لا يضمنان لان المالك سلطهما عليه فصار كما لو اقرضه أو باعه منه واقبضه فاتلفه لم يكن عليه ضمان الا ترى انه لو دفع إلى صغير سكينا فوقع عليها
فتلف كان ضمانه على عاقلة الدافع وبه قال أبو حنيفة وهو ممنوع للفرق بين الايداع والبيع والاقراض لان ذلك تمليك وتسليط على التصرف والايداع تسليط
على الحفظ دون الاتلاف والتصرف ويخالف دفع السكين لأنه سبب في الاتلاف ودفع الوديعة ليس سببا في اتلافها ولو أودع ماله عند عبد فان تلف
عنده من غير تفريط فلا ضمان عليه وان تلف بتفريطه أو أتلفه ضمن وكان المال متعلقا بذمته لا برقبته كما لو أتلف ابتداء ولا فرق بين ان يأذن له
سيده في الاستيداع أو يمنعه ويتبع ذلك بعد العتق فان مات عبد أسقط؟ المال ولم يتعلق بالسيد شئ منه وان اذن له لأنه انما اذن له في الاحتفاظ
لا في الاتلاف وللشافعية قولان أحدهما ان الضمان يتعلق برقبته كما لو أتلف ابتداء والأصل عندنا ممنوع والثاني انه متعلق بذمته دون رقبته كما قلناه
كما لو باع منه فيه الخلاف المذكور في الصبي وايداع السفيه والايداع عنده كايداع الصبي والايداع عنده مسألة ولابد في المتعاقدين من جواز التصرف
فلا يصح من المحجور عليه للسفه والفلس الايداع والاستيداع على اشكال في استيداع المفلس والأقرب عندي جوازه ولو جن المودع أو المستودع أو مات أحدهما
أو أغمي عليه ارتفعت الوديعة لأنها إن كانت مجرد اذن في الحفظ بالمودع (بعرضه) بعرض التغير وهذه الأحوال تبطل اذنه والمستودع يخرج عن أهلية الحفظ وإن كانت
عقدا فقد سبق انها توكيل خاص والوكالة جايزة فلا يبقى بعد هذه العوارض ولو حجر على المودع لسفه كان على المودع رد الوديعة إلى وليه وهو الحاكم
لان اذنه في الايداع بطل بذلك والناظر عليه الحاكم فوجب دفعها إليه مسألة ان قلنا إن الوديعة عقد برأسه لم يضمنه الصبي ولم يتعلق برقبة العبد
وهو قول بعض الشافعية وان قلنا إنها اذن مجرد ضمنه الصبي وتعلق برقبة العبد وهو قول باقي الشافعية لكنا بينا ان الحق الأول وان الصبي لا يضمن الا بالاتلاف
على الاشكال واما العبد فان الوديعة مع التفريط يتعلق بذمته إذا عرفت هذا فولد الجارية المودعة ونتاج الدابة المودعة وديعة كالأم وقال الشافعية ان
جعلنا الوديعة عقدا فالولد كالأم تكون وديعة والا لم تكن وديعة بل أمانة شرعية مردودة في الحال حتى لو لم يرد مع التمكن ضمن على أظهر الوجهين عندهم
وقال بعض الشافعية ان جعلنا الوديعة عقدا لم يكن الولد وديعة بل أمانة اعتبارا بعقد الرهن والإجارة والا فيتعدى حكم الام إلى الولد كما في الوصية
أو لا يتعدى كما في العارية وللشافعية وجهان وعلى الأصل المذكور خرج بعض الشافعية اعتبار القبول لفظا ان جعلناها عقدا اعتبرناها والا اكتفينا
بالفعل والموافق لاطلاق العامة كون الوديعة عقدا وذكروها من العقود الجايزة الفصل الثالث في موجبات الضمان اعلم أن الوديعة تستتبع
أمرين الضمان عند التلف والرد عند البقاء لكن الضمان لا يجب على الاطلاق بل انما يجب عند وجود أحد أسبابه وينظمها شئ واحد هو التقصير ولو
انتفى التقصير فلا ضمان لان الأصل في الوديعة انها أمانة محضة لا يضمن بدون التعدي أو التفريط لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ليس على
المستودع ضمان وقال عليه السلام من أودع وديعة فلا ضمان عليه ومن طريق الخاصة ما رواه إسحاق بن عمار (حماد) انه سأل الكاظم (ع) عن رجل استودع
197

رجلا الف ألف درهم فضاعف فقال الرجل كانت عندي وديعة وقال الآخر انما كانت عليك قرضا قال المال لازم الا ان يقيم البينة انها كانت وديعة والاستثناء
يقتضي التناقض بين المستثنى والمستثنى منه ولما حكم في الأول بالضمان ثبت في الاستثناء عدمه وعن زرارة في الحسن انه سأل الصادق (ع) عن وديعة
الذهب والفضة قال فقال كلما كان من وديعة ولم تكن مضمونة فلا يلزم وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) قال صاحب الوديعة والبضاعة
مؤتمنان ولان الله تعالى سماها أمانة والضمان ينافي الأمانة وهذا الحكم منقول عن علي (ع) وعن أبي بكر وعمر وابن مسعود وجابر ولم يظهر لهم مخالف
فكان اجماعا لا يقال قد روى أنه كان عند أنيس وديعة فذهبت فرفع إلى عمر فقال هل ذهب معها شئ من مالك قال لا قال اغرمها لأنا نقول قول عمر ليس حجة وربما
قال ذلك عند تفريط المستودع في حفظها ولان المستودع انما يحفظها لصاحبها متبرعا بذلك فلو ألزمناه الضمان أدي إلى الامتناع عن قبولها وفي ذلك
ضرر عظيم لما بيناه من الحاجة إليها ولان يد المستودع يد المالك وإذا عرفت ان السبب الجامع لموجبات الضمان هو التقصير فلابد من الإشارة إلى ما به يصير المستودع مقصرا
وهي سبعة تنظمها مباحث نذكر لكل سبب بحثا البحث الأول في الانتفاع مسألة من الأسباب الموجبة للضمان
الانتفاع بالوديعة فلو استودع
ثوبا فلبسه أو دابة فركبها أو جارية فاستخدمها أو كتابا فنظر فيه أو نسخ منه أو خاتما فوضعه في إصبعه للتزين به لا للحفظ فكل ذلك وما أشبهه خيانة توجب
التضمين عند فقهاء الاسلام لا نعلم فيه خلافا هذا إذا انتفى السبب المبيح للاستعمال إما إذا وجد السبب المبيح للاستعمال لم يجب الضمان وذلك بأن يلبس
الثوب الصوف الذي يفسده الدود للحفظ فان مثل هذه الثياب يجب على المستودع نشرها وتعريضها للريح بل يجب لبسها ان لم يندفع الا بان يلبسها
وتعبق بها رايحة الآدمي ولو لم يفعل ففسدت كان عليه الضمان سواء اذن المالك أو سكت لان الحفظ واجب عليه ولا يتم الحفظ الا بالاستعمال فيكون الاستعمال واجبا
لان (ط؟) لا يتم الواجب المطلق الا به وكان مقدورا للمكلف فإنه يكون واجبا إما لو نهاه المالك عن الاستعمال للحفظ فامتنع حتى فسدت لم يكن ضامنا وهو أظهر
قولي الشافعية ولهم قول اخر أنه يكون ضامنا والمعتمد الأول وهل يكون قد فعل حراما اشكال أقربه ذلك لان إضاعة المال منهي عنها وعند الشافعية يكره
ولو كان الثوب في صندوق مقفل ففتح القفل ليخرجه وينشره فالوجه انه لا يضمن لأنه لم يقصد الا الحفظ المأمور به وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب وهو أصح
وجهي الشافعية ولهم وجه اخر انه يضمن هذا إذا علم المستودع إما لو لم يعلم بان كان في صندوق أو كيس مشدود ولم يعلمه المالك به فلا ضمان على المستودع اجماعا
مسألة قد بينا ان ركوب الدابة خيانة لا مطلقا ولكن مع عدم احتياج الحفظ إليه فلو احتاج حفظ الدابة المودعة إلى أن يركبها المستودع إما ان
يخرج بها إلى السقي أو الرعى وكانت لا تنقاد الا بالركوب فلا ضمان لعدم التعدي والتفريط حينئذ ولو كانت الدابة تنقاد بغير ركوب فركب ضمن الا مع عجزه
عن سقيها أو رعيها بدون ركوبها فإنه يجوز ولا ضمان مسألة لو اخذ المستودع الدراهم المودعة عنده ليصرفها إلى حاجته أو أخذ الثوب
ليلبسه أو اخرج الدابة من مكانها ليركبها ثم لم يستعمل ضمن وبه قال الشافعي لان الاخراج على هذا القصد خيانة وقال أبو حنيفة لا يضمن حتى يستعمل
ولو نوى الاخذ ولم يأخذ أو نوى الاستعمال ولم يستعمل ففي الضمان اشكال ينشأ من أنه لم يحدث في الوديعة قولا ولا فعلا فلم يضمن كما لو لم ينو وهو
قول أكثر الشافعية ومن انه ممسك لها بحكم نيته كما أن الملتقط إذا نوى امساك اللقطة لصاحبها كانت أمانة وان نوى الامساك لنفسه كانت مضمونة
وهو قول ابن شريح من الشافعية وفرق المذكورون بين الوديعة واللقطة بأنه في الوديعة لم يحدث فعلا مع قصد الخيانة وفي اللقطة أحدث الاخذ مع قصد الخيانة
ولان سبب أمانته في اللقطة مجرد نية فضمن بمجرد النية بخلاف الوديعة فروع ا لو اخذ الوديعة على قصد الخيانة فالأقوى الضمان لأنها لم يقبضها على سبيل
الأمانة بل على سبيل الخيانة وللشافعية وجهان ب قياس ابن شريح في الضمان إذا نوى المستودع الاخذ والتصرف ولم يفعل على ما إذا أخذ الوديعة من
مالكها على قصد الخيانة في الضمان غير تام إما أولا فلان جماعة من الشافعية لم يوافقوه على هذا الأصل واما ثانيا فللفرق وهو ان الاخذ فعل أحدثه مع قصد
الخيانة ج لو نوى ان لا يرد الوديعة بعد طلب المالك ففي الضمان للشافعية الوجهان وعندي فيه التردد السابق مع أولوية عدم الضمان هنا إذا لم يطلب
المالك وثبوته إذا طلب وبعض الشافعية قال إذا نوى الاخذ ولم يأخذ لم يضمن وإذا نوى عدم الرد ضمن قطعا لأنه إذا نوى ان لا يرد صار ممسكا لنفسه وبنية الاخذ لا يصير ممسكا لنفسه
مسألة لو كان الثوب المودع في صندوق مالك الوديعة فرفع المستودع رأسه ليأخذ الثوب ويتصرف فيه ثم بدا له فلا يخلو الصندوق إما ان يكون
مفتوحا لا قفل عليه ولا ختم له أو يكون عليه شئ من ذلك فإن كان لا ختم عليه ولا قفل فالأقرب عدم الضمان لأنه لم يحدث في الثوب فعلا وهو أحد
وجهي الشافعية والثاني لهم انه يضمن وإن كان الصندوق مقفلا أو الكيس مختوما ففتح القفل وفض الختم ولم يأخذ شيئا فيه فالأقوى الضمان لما فيه من الثياب
والدراهم وهو أصح وجهي الشافعية لأنه هتك الحرز والثاني للشافعية انه لا يضمن ما في الصندوق والكيس بل يضمن الختم الذي تصرف فيه وبه قال أبو حنيفة وعلى الوجه الأول فهل يضمن الصندوق والكيس فالأقرب العدم لأنه لم يقصد الخيانة في الظرف
وللشافعية وجهان ولو خرق الكيس فإن كان الخرق تحت موضع الختم فهو كفض الختم وإن كان فوقه لم يضمن الا نقصان الخرق فروع ا لو أودعه شيئا مدفونا
فنبشه فهو بمنزلة فض الختم ان قلنا يضمن هناك ضمن هنا والا فلا. ب: لو حل الخيط الذي شد به رأس الكيس أو درمة الثياب لم يضمن ما في الكيس والدرمة
وان فعل ذلك للاخذ بخلاف فض الختم وفتح القفل لان القصد منه المنع من الانتشار ولم يقصد به الكتمان عنه. ج: لو كان عنده دراهم وديعة أو ثياب
فوزن الدراهم أو عدها أو عد الثياب أو ذرعها ليعرف طولها وعرضها ففي الضمان اشكال ينشأ من أنه تصرف في الوديعة ومن انه لم يقصد الخيانة
وللشافعية وجهان وكذا الوجهان فيما لو حل الشد. مسألة: إذا صارت الوديعة مضمونة على المستودع إما بنقل الوديعة أو اخراجها من الحرز باستعمالها
كركوب الدابة ولبس الثوب أو بغيرها من أسباب الضمان ثم إنه ترك الخيانة ورد الوديعة إلى مكانها وخلع الثوب لم يبرأ بذلك عند علمائنا أجمع ولم يزل عنه
الضمان ولم تعد أمانته وبه قال الشافعي لأنه ضمن الوديعة بعدوان فوجب ان يبطل الاستيمان كما لو جحد الوديعة ثم أقر بها وقال أبو حنيفة يزول عنه الضمان
لأنه إذا ردها فهو ماسك لها بأمر صاحبها فلم يكن عليه ضمانها كما لو لم يخرجها والفرق ظاهر فإنه إذا لم يخرجها لم يضمنها بعدوان بخلاف صورة
النزاع ثم ينقض على أبي حنيفة بما سلمه من أنه إذا جحد الوديعة وضمنها بالجحود ثم أقر بها فإنه لا يبرأ وبالقياس على السارق فإنه لو رد المسروق إلى موضعه
لم يبرأ فكذا هنا فروع آ لو رد الوديعة بعد ان تعلق ضمانها به إما بالاخراج من الحرز أو بالتصرف أو بغيرهما من الأسباب إلى المالك وأعادها عليه
ثم إن المالك أودعه إياها ثانيا فإنه يعود أمينا اجماعا ويبرأ من الضمان. ب: لو لم يسلمها إلى المالك ولكن أحدث المالك له استيمانا فقال أذنت لك في حفظها
198

أو أودعتكها أو استأمنتكها أو أبرأتك عن الضمان فالأقرب سقوط الضمان عنه وعوده أمينا لان التضمين لحق المالك وقد رضي بسقوطه وهو أصح قولي
الشافعية والثاني انه لا يزول الضمان ولا يعود أمينا وهو قول ابن شريح لظاهر قوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤدي وكذا الخلاف فيما لو حفر بئرا في ملك
غيره عدوانا ثم أبرأه المالك عم ضمان الحفر. ج: لو قال المالك أودعتك كذا ابتداء فان خنت ثم تركت الخيانة
عدت أمينا لي فخان وضمن ثم ترك الخيانة لم
تزل الخيانة ولم يعد أمينا وبه قال الشافعي لأنه لا ضمان حينئذ حتى يسقط وهناك الضمان ثابت فيصح اسقاطه ولان الاستيمان الثاني معلق مسألة: لو قال خذ
هذا وديعة يوما وغير وديعة يوما فهو وديعة ابدا ولو قال خذ هذه وديعة يوما وعارية يوما فهو وديعة في اليوم الأول وعارية في اليوم الثاني وهل
يعود وديعه منع الشافعية منه وقالوا لا يعود وديعة ابدا. مسألة: إذا مزج المستودع الوديعة بماله مزجا لا يتميز أحدهما عن صاحبه كدراهم مزجها بمثلها
أو دنانير مزجها بمثلها بحيث لا مايز بين الوديعة وبين مال المستودع أو مزج الحنطة بمثلها كان ضامنا سواء كان المخلوط بها دونها أو مثلها أو أزيد منها وبه
قال الشافعي لأنه قد تصرف في الوديعة تصرفا غير مشروع وعيبها بالمزج فان الشركة عيب فكان عليه الضمان ولأنه خلطها بماله خلطا لا يتميزا فوجب ان يضمنها
خلطها بدونه وقال مالك ان خلطها بمثلها أو الأجود منها لم يضمن وان خلطها بدونها ضمن لأنه لا يمكنه ردها الا ناقصة وهو آت في التساوي والا زيد
فان الشركة عيب والوقوف على عين الوديعة غير ممكن فاشتمل ذلك على المعاوضة وانما تصح برضاء المالك ولو مزجها بمال مالكها لان كان له عنده كيسان
وديعة فمزج أحدهما بالآخر بحيث لا يتميز ضمن أيضا لأنه تصرف تصرفا غير مشروع في الوديعة وربما ميز بينهما لغرض دعاء إليه فالخلط خيانة وكذا لو أودعه
كيسا وكان في يده له كيس آخر أمانة مجردة بان وقع عليه اتفاقا فمزج أحدهما بالآخر كان ضامنا أيضا وكذا لو كان الكيس الأخر في يده على سبيل الغصب من مالك
الوديعة وبالجملة على اي وجه كان. مسألة: لو أودعه عشرة دراهم مثلا في كيس فإن كان مشدودا أو مختوما فكسر الختم وحل الشد أو فعل واحدا منهما
ضمن لأنه هتك الحرز على ما تقدم وان لم يكن الكيس مشدودا ولا مختوما فاخرج منهما درهما لنفقته ضمنه خاصة لأنه لم يتعد في غيره فان رده لم يزل عنه الضمان
فإن لم يختلط بالباقي لم يضمن الباقي لأنه لم يتصرف فيه وكذا ان اختلط وكان متميزا لم يلتبس بغيره وان امتزج بالباقي مزجا ارتفع معه الامتياز فالوجه انه كذلك
لا يضمن الباقي بل الدرهم خاصة لان هذا الاختلاط كان حاصلا قبل الاخذ وهو أصح قولي الشافعية والثاني ان عليه ضمان الباقي لخلطه المضمون بغير المضمون
فعلى ما اخترناه لو تلفت العشرة لم يلزمه الا درهم واحد ولو تلف منها خمسة لم يلزمه الا نصف درهم ولو اتفق الدرهم الذي اخذه ثم رد مثله إلى موضعه لم
يبرأ من الضمان ولا يملكه صاحب الوديعة الا بالقبض والدفع إليه ثم إن كان المردود لا يتميز عن الباقي صار الكل مضمونا عليه لخلطه الوديعة بمال نفسه وإن كان
يتميز فالباقي غير مضمون عليه مسألة لو أتلف بعض الوديعة فإن كان ذلك البعض منفصلا عن الباقي كالثوبين إذا أتلف أحدهما لم يضمن
الا المتلف لان العدوان انما وقع فيه فلا يتعدى الضمان إلى غيره وإن كان الايداع واحدا وإن كان متصلا كالثوب الواحد يخرقه أو يقطع طرف البعد
أو البهيمة فإن كان عامدا في الاتلاف فهو جان على الجميع فيضمن الكل وإن كان مخطيا ضمن ما أتلفه خاصة ولم يضمن الباقي وهو أصح وجهي الشافعية لأنه لم يتعد
في الوديعة ولا خان فيها وانما ضمن المتلف لفواته وصدور الهلاك منه فيه مخطيا وفي الثاني لهم انه يضمنه أيضا ويستوي العمد والخطأ فيه كما استويا في
القدر التالف البحث الثاني في الايداع مسألة إذا أودع المستودع الوديعة غيره فإن كان بإذن المالك فلا ضمان عليه اجماعا لانتفاء
العدوان وان لم يكن بإذن المالك فلا يخلو إما ان يكون يودع من غير عذر أو لعذر فان أودع من غير عذر ضمن اجماعا لان المالك لم يرض بيد غيره وأمانته
ولا فرق بين ان يكون ذلك الغير عبده أو جاريته أو زوجته أو ولده أو أجنبيا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وذلك لعموم الدليل في الجميع وقال مالك ان
له ان يودع زوجته وقال أبو العباس بن شريح من الشافعية إذا استعان بزوجته أو خادمه في خباء الوديعة ولم يغب عن نظره جاز ولا ضمان عليه وقال أبو حنيفة
واحمد له ان يودع من عليه نفقته من ولد ووالد وزوجة وعبد ولا ضمان عليه بكل حال لأنه حفظ الوديعة بمن يحفظ به ماله فلم يلزمه الضمان كما لو حفظها بنفسه
وهو غلط لأنه لو سلم الوديعة إلى من لم يرض به صاحبها مع قدرته على صاحبها فضمنها كما لو سلمها إلى الأجنبي والقياس عليه باطل لأنه إذا حفظ ماله بخادمه
أو زوجته فقد رضي المالك بذلك بخلاف صورة النزاع مسألة إذا أودع من غير اذن المالك ولا عذر ضمن وكان لصاحبها ان يرجع على من شاء
منهما إذا تلفت فان رجع على المستودع الأول فلا رجوع له على الثاني وان رجع على المستودع الثاني كان للمستودع الثاني ان يرجع على المستودع الأول لأنه
دخل معه على أن لا يضمن وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ليس للمالك ان يضمن الثاني لان قبض الثاني تعلق به الضمان على الأول فلا يتعلق به ضمان على الأخر
وهو ممنوع لأنه قبض مال غيره ولم يكن له قبضه فإذا كان من أهل الضمان في حقه ضمنه كما لو استودعه إياه الغاصب ودليله ضعيف لان المستودع الأول ضمن
بالتسليم والثاني بالتسلم مسألة ولا فرق عندنا بين ان يودع المستودع الوديعة عند القاضي أو عند غيره وللشافعية وجهان حكاهما ابن حامد فيما إذا وجد
المالك وقدر على الرد عليه وفيما إذا لم يجد أحدهما انه لا يضمن إما إذا كان المالك حاضرا فلان أمانة القاضي أظهر من أمانة المستودع فكأنه جعل الوديعة في مكان
أحرز واما إذا كان غائبا فلانه لو كان حاضرا لألزمه المودع الرد فإن كان غايبا ناب عنه القاضي والأظهر عند أكثر الشافعية انه يضمن إما إذا كان المالك حاضرا
فلانه لا ولاية للقاضي على الحاضر الرشيد فأشبه سائر الناس واما إذا كان غايبا فلانه لا ضرورة بالمودع إلى اخراجها من يده ولم يرض المالك بيد غيره
فليحفظه إلى أن يجد المالك أو يتجدد له عذر وعلى تقدير تجويز الدفع إلى القاضي هل يجب على القاضي القبول إذا عرضها المستودع عليه إما إذا كان المالك
حاضرا والتسليم إليه متيسرا فلا وجه لوجوبه عليه واما إذا لم يكن كذلك ففي ايجاب القبول للشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه التزم حفظه فيؤمر بالوفاء
به وأظهرهما الايجاب لأنه نايب عن الغايب ولو كان المالك حاضرا لألزم القبول ولو دفع الغاصب الغصب إلى القاضي ففي وجوب القبول عليه الوجهان لكن
هذه الصورة أولي بعدم الوجوب ليبقى مضمونا للمالك والى المديون إذا حمل الدين إلى القاضي فكل موضع لا يجب على ذو الدين القبول لو كان حاضرا ففي
القاضي أولي وكل موضع يجب على المالك قبوله ففي القاضي الوجهان وهذه الصورة أولي بعدم الوجوب وهو الاظهر عندهم لان الدين ثابت في الذمة
لا يتعرض للتلف وإذا تعين تعرض له ولان من في يده العين يثقل عليه حفظها وجميع ما ذكرناه فيما إذا استحفظ الغير وأزال يده ونظره على الوديعة إما
إذا استعان به في حملها إلى الحرز فلا بأس كما لو استعان في سقي البهيمة وعلفها فروع آ لو كانت له خزانة مشتركة بينه وبين أبيه فدفع الوديعة إلى أبيه
199

ليضعها في الخزانة المشتركة فالأقرب الضمان الا إذا علم المالك بالحال ب لا يجوز ان يضع الوديعة في مكان مشترك بينه وبين غيره كدكان مشترك ودار مشتركة
فلو وضعها فيه ثم أراد الخروج لحاجاته فاستحفظ من يثق به من متصليه وكان يلاحظ المحرز في عوداته فلا بأس لأنه في الحقيقة ايداع مع الحاجة ولو فوض الحفظ
إلى بعضهم ولم يلاحظ الوديعة أصلا فالأقرب الضمان ج لو كان المحرز خارجا عن داره التي يأوي إليها وكان لا يلاحظه فإن كان يشاركه غيره ضمن والا فلا
مسألة لو جعل الوديعة في دار جاره فإن كان الموضع محرزا لا يدخله المالك وكان عارية أو مأذونا فيه فلا ضمان وان لم يكن كذلك ضمن لأنه فرط حيث
وضع الوديعة في غير حرز أو في حرز ممنوع منه شرعا ولما رواه محمد بن الحسن الصفار قال كتبت إلى أبي محمد العسكري (ع) رجل دفع إلى رجل وديعة فوضعها في منزل
جاره فضاعت هل تجب عليه إذا خالف امره وأخرجها من ملكه فوقع (ع) هو ضامن لها إن شاء الله مسألة إذا أراد المستودع رد الوديعة على صاحبها
كان له ردها عليه أو على وكيله في قبضها لان المستودع لا يلزمه امساكها فان دفعها إلى الحاكم أو إلى ثقة مع وجود صاحبها أو وكيله ضمنها على ما قدمناه
لان الحاكم والأمين لا ولاية له على الحاضر الرشيد وان لم يقدر على صاحبها ولا وكيله فدفعها إلى الحاكم أو امين فإن كان لغير عذر ضمن لأنه لا حاجة به إلى
ذلك ولا ينوب الحاكم في غير حال الحاجة وإن كان حاجة به إلى الايداع كان يخاف حريقا أو نهبا أو غير ذلك فدفعها إلى الحاكم أو إلى ثقة ليخلصها من ذلك جاز
وان تلفت لا ضمان عليه لأنه موضع حاجة وقد تقدم مسألة لو عزم المستودع على السفر كان له ذلك ولم يلزمه المقام لحفظ الوديعة لأنه متبرع بامساكها
ويلزمه ردها إلى صاحبها أو وكيله في استردادها أو في عامة اشغاله فإن لم يظفر بالمالك لغيبته أو تواريه أو حبسه وتعذر الوصول إليه ولا ظفر بوكيله
فإنه يدفعها إلى الحاكم ويجب عليه قبولها لأنه موضوع للمصالح فإن لم يجد دفعها إلى امين ولا يكلف تأخير السفر لان النبي (ص) كانت عنده
ودايع فلما أراد الهجرة سلمها إلى أم أيمن وامر عليا عليه السلام بردها فان ترك هذا الترتيب فيدفعها إلى الحاكم أو إلى الأمين مع امكان الدفع إلى المالك
أو وكيله ضمن وللشافعية خلاف في الحاكم سبق وان دفع إلى امين وهو يجد الحاكم فللشافعي قولان أحدهما وبه قال علمائنا وأحمد بن حنبل وابن خيران؟
من الشافعية والاصطخري منهم انه يضمنه لان أمانة الحاكم ظاهرة متفق عليها فلا يعدل عنها كما لا يعدل عن النص إلى الاجتهاد ولان الحاكم نايب الغايبين
فكان كالوكيل ولان له ولاية فهو يمسكها بالولاية والعدالة بخلاف غيره فإنه ليس له الولاية والثاني انه لا يضمن وبه قال مالك لأنه أودع بالعذر أمينا
فأشبه الحاكم ولان من جاز له دفعها إليه مع عدم الحاكم جاز دفعها إليه مع وجوده كوكيل صاحبها وقد نقل أصحاب الشافعي عنه اضطرابا في القول
فقالوا هذان القولان للشافعي قال في باب الرهن فيما إذا أراد العدل رد الرهن أو الوديعة يعنى إلى عدل بغير أمر الحاكم ضمن وقال هنا في رد الوديعة ولو لم يكن
حاضرا يعني رب الوديعة فاودعها أمينا يودعه ماله لم يضمن فلم يفرق بين ان يجد الحاكم أو لا يجد ونقل عنه طريقة قاطعة بأنه يضمن ونقل عنه أيضا طريقة قاطعة
انه لا يضمن وحكى بعض الشافعية وجها انه يشترط ان يكون الأمين الذي يودعه بحيث يأتمنه ويودع ماله عنده لكن الظاهر عندهم خلافه وقول الشافعي
يودعه ماله على سبيل التأكيد والايضاح مسألة ولا يجوز للمستودع إذا عزم على السفر ان يسافر بالوديعة بل يجب عليه دفعها إلى صاحبها أو وكيله الخاص في
الاسترداد أو العام في الجميع فإن لم يوجد أحدهما دفعها إلى الحاكم فان تعذر الحاكم دفعها إلى امين ولا يسافر بها فان سافر بها مع القدرة على صاحبها أو وكيله أو
الحاكم أو الأمين ضمن عند علمائنا أجمع سواء كان السفر مخوفا أو غير مخوف وبه قال الشافعي لأنه سافر بالوديعة من غير ضرورة بغير اذن مالكها فضمن كما
لو كان الطريق مخوفا ولان حرز السفر دون حرز الحضر وفي الحديث ان المسافر ومتاعه لعلى قلت الا ما وقى الله وقال أبو حنيفة إذا كان السفر أمنا لم يضمن
لأنه نقل الوديعة إلى موضع مأمون فلم يضمن كما لو نقلها في البلد من موضع إلى موضع وهو وجه للشافعية وكذا إذا كان السفر في البحر إذا كان الغالب فيه
السلامة والفرق ظاهر فان البلد يؤمن ان يطرأ عليه الخوف والسفر لا يؤمن فيه مثل ذلك ولان البلد في حكم المنزل الواحد وقد رضي مالك الوديعة به
بخلاف السفر مسألة لو اضطر المستودع إلى السفر بالوديعة بان يضطر إلى السفر وليس في البلد حاكم ولا ثقة ولم يجد المالك ولا وكيله أو اتفق جلاء لأهل
البلد أو وقع حريق أو غارة ونهب ولم يجد المالك ولا وكيله ولا الحاكم ولا العدل سافر بها ولا ضمان عليه اجماعا لان حفظها حينئذ في السفر بها والحفظ واجب وإذا لم يتم الا
بالسفر بها كان السفر بها واجبا ولا نعلم فيه خلافا إما لو عزم على السفر من غير ضرورة في وقت السلامة وامن البلد وعجز عن المالك ووكيله وعن الحاكم والأمين
فسافر بها فالأقرب الضمان لأنه التزم الحفظ في الحضر فليؤخر السفر أو ليلتزم خطر الضمان وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا ضمان عليه والا لزم ان ينقطع
عن السفر ويتعطل فيه مصالحه وفيه تنفير عن قبول الودايع وشرطوا لجواز السفر بها امن الطريق والا فيضمن إما عند وقوع الحريق ونحوه فانا نقول
إذا كان احتمال الهلاك في الحضر أقرب منه في السفر فله ان يسافر بها ولو كان الطريق أمنا فحدث خوف أقام ولو هجم القطاع فالقى المال في مضيعة اخفاء له
فضاع فعليه الضمان مسألة لو عزم المستودع على السفر فدفن الوديعة ثم سافر ضمنها إن كان قد دفن في غير حرز وان دفنها في منزله في حرز ولم يعلم
بها أحدا ضمنها أيضا لأنه غرر بها لأنه ربما هلك في سفره فلا يصل صاحبها إليها ولأنه ربما يخرب المكان أو يغرق فلا يعلم أحد بمكانها لينقلها فيتلف
وان اعلم بها غيره فإن كان غير أمين ضمن لأنه قد زادها تضييعا لأنه قد يخون فيها ويطمع وإن كان أمينا فإن لم يكن ساكنا في الموضع ضمنها لأنه لم يودعها عنده وإن كان
ساكنا في الموضع فإن كان ذلك مع عدم صاحبها والحاكم جاز لان الموضع وما فيه في يد الأمين فالاعلام كالايداع وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يضمن
لأنه اعلام لا ايداع وإن كان مع القدرة على صاحبها أو وكيله ضمن وإن كان مع القدرة على الحاكم فعلى
الوجهين السابقين ولو جعلها في بيت المال ضمن قاله
الشافعي في الام واختلف أصحابه في معناه فمنهم من قال أراد بذلك إذا تركها في بيت المال مع القدرة على صاحبها ومنهم من قال أراد إذا جعلها في بيت المال
بنفسه ولم يسلمها إلى الحاكم ولو خاف المعاجلة عليها فدفنها فلا ضمان فروع ا لو راقبها من الجوانب أو من فوق مراقبة الحارث فهو كالسكنى في الموضع
الذي دفنت فيه ب قال بعض الشافعية الاعلام كالايداع من غير فرق بين ان يسكن الموضع أو لا يسكنه وإذا دفن الوديعة في غير حرز عند إرادة
السفر ضمن على ما تقدم الا ان يخاف عليها المعاجلة وكذا يضمن لو دفنها في حرز ولم يعلم بها أمينا أو اعلم أمينا حيث لا يجوز الايداع عند الأمين ج
هل سبيل هذا الاعلام الاشهاد أو الايتمان اشكال وللشافعية وجهان فعلى الأول لابد من اعلام رجلين أو رجل وامرأتين والظاهر الثاني د كما
يجوز ايداع الغير لعذر السفر كذا يجوز لساير الاعذار كما لو وقع في البقعة حريق أو غارة أو خاف الغرق وفي معناها ما إذا أشرف الحرز على الخراب ولم يجد حرزا
200

ينقلها إليه ه‍ لو أودعه حالة السفر فسافر بها أو كان المستودع منتجعا فانتجع بها فلا ضمان لان المالك رضي به حيث أودعه فكان له إدامة السفر والسير
بالوديعة مسألة إذا مرض المستودع مرضا مخوفا أو حبس ليقتل وجب عليه الايصاء بالوديعة وان تمكن من صاحبها أو وكيله وجب عليه
ردها إليه وان لم يقدر على صاحبها ولا على وكيله ردها إلى الحاكم ولو أودعها عند ثقة مع عدم الحاكم جاز وإن كان مع القدرة عليه ضمن وللشافعية وجهان
ولو لم يوص بها لكن سكت عنها وتركها بحالها حتى مات ضمن لأنه غرر بها وعرضها للفوات فان الورثة يقتسمونها ويعتمدون على ظاهر اليد ولا يحبسونها
وديعة ويدعونها لأنفسهم فكان ذلك تقصيرا منه يوجب التضمين فروع ا التقصير هنا انما يتحقق بترك الوصاية إلى الموت فلا يحصل التقصير الا إذا
مات لكن يتبين عند الموت انه كان مقصرا من أول ما مرض فضمناه لو يلحق التلف إذا حصل بعد الموت بالتردي بعد الموت في بئر حفرها متعد ب قد توهم
بعض الناس ان المراد من الوصية بها تسليمها إلى الوصي ليدفعها إلى المالك وهو الايداع بعينه وليس كذلك بل المراد الامر بالرد من غير أن يخرجها من يده فإنه
والحالة هذه مخير بين ان يودع للحاجة وبين ان يقتصر على الاعلام والامر بالرد لان وقت الموت غير معلوم ويده مستمرة على الوديعة ما دام حيا ج
الأقرب الاكتفاء بالوصية وان امكنه الرد إلى المالك لأنه مستودع لا يدري متى يموت فيستصحب الحكم ويحتمل انه يجب عليه الرد إلى المالك أو وكيله عند
المرض فان تعذر أودع عند الحاكم أو اوصى إليه كما إذا عزم على السفر وهو قول أكثر الشافعية د يجب الايصاء إلى الأمين فان اوصى إلى غير ثقة فهو كما
لو لم يوص ويجب عليه الضمان لأنه غرر بالوديعة ولا يجب ان يكون أجنبيا بل يجوز ان يوصى بها إلى وارثه ويشهد عليه صونا لها عن الانكار وكذا الايداع
حيث يجوز ان يودع أمينا مسألة إذا اوصى بالوديعة وجب عليه ان يبينها ويميزها عن غيرها بالإشارة إلى عينها أو بيان جنسها ووصفها فلو لم
يبين الجنس ولا أشار إليها بل قال عندي وديعة فهو كما لو لم يوص ولو ذكر الجنس فقال عندي ثوب لفلان ولم يصفه فإن لم يوجد في تركته جنس الثوب
فأكثر علمائنا على أن المالك يضارب فيضارب رب الوديعة الغرماء بقيمة الوديعة لتقصيره بترك البيان وهو قول بعض الشافعية وهو ظاهر مذهبهم أيضا وقال
بعضهم لا يضمن لأنها ربما تلفت قبل الموت والوديعة أمانة فلا يضمن بالشك وان وجد في تركته جنس الثوب فاما ان يوجد أثواب أو ثوب واحد فان وجد
أثواب ضمن لأنه إذا لم يميز كان بمنزلة ما لو خلط الوديعة بغيرها وذلك سبب موجب للضمان فكذا ما ساواه وهو عدم تنصيصه على التخصيص وان وجد ثوب
واحد ففي تنزيل كلامه عليه اشكال قال بعض الشافعية انه ينزل عليه ويدفع إليه ومنهم من اطلق القول بأنه إذا وجد جنس الثوب ضمن ولا يدفع إليه عين الموجود إما الضمان فللتقصير بترك البيان واما انه لا يدفع إليه عين الموجود
فلاحتمال ان يكون الوديعة قد تلفت والموجود غيرها وهو جيد ولهم وجه اخر انه انما يضمن إذا قال عندي ثوب لفلان وذكر معه ما يقتضي الضمان إما إذا اقتصر
عليه فلا ضمان مسألة لو مات ولم يذكر ان عنده وديعة ولكن وجد في تركته كيس مختوم أو غير مختوم مكتوب عليه انه وديعة فلان أو وجد في جريدته ان
لفلان عندي كذا وكذا وديعة لم يجب على الوارث التسليم بهذا القدر لأنه ربما كتبه عبثا ولهوا وتلفتا أو ربما اشترى الكيس بعد تلك الكتابة فلم يمحها اورد
الوديعة بعد ما أثبت في الجريدة ولم يمحه وبالجملة انما يثبت كونها وديعة بان يقر ان هذه وديعة ثم بموت ولا يكون متهما في اقراره عندنا ومطلقا عند
جماعة من علمائنا أو يقر الورثة بأنها وديعة أو تقوم البينة بذلك فإذا ثبت الوديعة بأحد هذه الوجوه وجب على الورثة دفعها إلى مالكها فان أخروا
الدفع مع الامكان ضمنوا ولو لم يعلم صاحبها بموت المستودع وجب على الورثة اعلام ذلك ولم يكن لهم امساك الوديعة إلى أن يطلبها المالك منهم
لان المالك لم يأمنهم عليها وذلك كما لو أطارت الريح ثوبا إلى دار انسان وعلم صاحبها فان عليه اعلامه فان اخر ذلك مع امكانه ضمن تذنيب لو لم يوص
المستودع بالوديعة فادعى رب الوديعة انه قصر وقال الورثة لعلها تلفت قبل ان ينسب إلى التقصير فالظاهر براءة الذمة ويحتمل الضمان تذنيب اخر
جميع ما قلناه ثابت فيما إذا وجد فرصة للايداع أو الوصية إما إذا لم يجد بان مات فجأة أو قتل غيلة فلا ضمان لأنه لم يقصر مسألة قد بينا الخلاف
فيما إذا كان عنده وديعة ثم مات ولم توجد في تركته فان الذي يقتضيه النظر عدم الضمان والذي عليه فتوى أكثر العلماء منا ومن الشافعية وجوب
الضمان وقد قال الشافعي إذا لم توجد بعينها أحاص المالك الغرماء واختلف أصحابه في هذه المسألة على ثلاث طرق منهم من قال انما يحاص الغرماء بها
إذا كان الميت قد أقر قبل موته فقال عندي أو علي وديعة لفلان فإذا لم يوجد كان الظاهر أنه أقر ببدلها وانها تلفت على وجه مضمون واما إذا قامت
بالوديعة بينة أو أقر بها الورثة ولم يوجد لم يجب ضمانها لان الوديعة أمانة والأصل انها تلفت على الأمانة فلم يجب ضمانها ومنهم من قال صورة المسألة
ان يثبت ان عنده وديعة فتطلب فلا توجد بعينها ولكن يكون في تركته من جنسها فيحتمل ان يكون تلفت ويحتمل ان يكون قد اختلطت بماله فلما احتمل الأمران
اجرى مجرى الغرماء وحاصهم فاما إذا لم يكن في تركته من جنسها فلا ضمان لأنه لا يحتمل الا تلفها ومنهم من
قال بظاهر قوله وانه يحاص الغرماء بكل حال لان الوديعة
يجب عليه ردها الا ان يثبت سقوط الرد بالتلف من غير تفريط ولم يثبت ذلك ولان الجهل بعينها كالجهل وذلك لا يسقط عنه وجوب الرد كذا هنا
فروع آ إذا تبرم المستودع بالوديعة فسلمها إلى القاضي ضمن له الا مع الحاجة ب لا يلحق بالمرض علو السن والشيخوخة لأصالة براءة الذمة ج لو أقر
المريض بالوديعة ولا تهمة ثم مات في الحال فالأقرب هنا على قول من منع من المحاصة للحاصة هنا إذ اقراره بان عنده أو عليه وديعة يقتضي حصوله
في الحال فإذا مات عقيبه لم يمكن فرض التلف قبل الايصاء البحث الثالث في نقل الوديعة مسألة إذا أودعه في قرية فنقلها المستودع
إلى قرية أخرى فان اتصلت القريتان وكانت المنقول إليها أحرز أو ساوت الأولى في الامن ولا خوف بينهما فالأقرب عدم الضمان مع احتماله لأن الظاهر
من الايداع في قرية عدم رضي المالك بنقلها عنها و ان لم تتصل القريتان فالأقرب الضمان سواء كان الطريق أمنا أو مخوفا وهو أحد وجهي الشافعية لان
حدوث الخوف في الصحراء غير بعيد وأظهرهما عندهم عدم الضمان مع الامن وثبوته لا معه كما لو لم يكن بينهما مسافة بل اتصلت العمارتان وقال أكثر الشافعية
إن كان بين القريتين مسافة سمى المشي فيها سفرا ضمن بالسفر بها وبعضهم لا يقيد بل يقول إن كان بينهما مسافة ضمن ولم يجعل مطلق المسافة مصححا
اسم السفر وقال آخرون منهم إن كانت المسافة بينهما دون مسافة التقصير وكانت امنة والقرية المنقول إليها أحرز لم يضمن وهو يقتضي ان السفر بالوديعة
انما يوجب الضمان بشرط طول السفر وهو بعيد عندهم فان خطر السفر لا يتعلق بالطول والقصر وإن كانت المسافة بحيث لا تصحح اسم السفر فإن كان فيها
خوف ضمن والا فوجهان أحدهما ان الحكم كذلك لان الخوف في الصحراء متوقع وأظهرهما عندهم انه كما لو لم تكن مسافة وإن كانت القرية المنقول عنها أحرز
201

من المنقول إليها ضمن المستودع بالنقل فان المالك حيث أودعه فيها اعتمد حفظه فيها ولو كانت المنقول إليها أحرز أو تساويا فلا ضمان وبه قال الشافعي
وقد بينا احتمال الضمان مسألة إذا قلنا بالتفصيل وهو عدم الضمان مع كون القرية المنقول إليها أحرز وجب معرفة سبب كونها أحرز وهو متعدد
منها حصانتها في نفسها أو انضباط أهلها أو امتناع الأيدي الفاسدة عنها ومنها كونها عامرة لكثرة القطان بها ومنها أن تكون مسكنه ومسكن
أقاربه وأصدقائه بها فلا يقدم عليها اللصوص ولا يقوى طمعهم فيها ولان قرية أهله وأقاربه أحرز في حقه واعلم انا حيث منعنا النقل فذلك إذا لم
تدع ضرورة إليه فان اضطر إلى نقلها جاز كما جوزنا له السفر بها مع الحاجة إليه مسألة إذا أراد الانتقال ولا ضرورة إليه فالحكم فيه كما سبق
فيما إذا أراد السفر والنقل من محلة إلى محلة أو من دار إلى دار كالنقل من قرية إلى قرية متصلتي العمارة واما إذا نقل من بيت إلى بيت في دار واحدة
أو خان واحد لم يضمن وإن كان الأول أحرز إذا كان الثاني حرزا أيضا هذا إذا اطلق الايداع والتحقيق ان نقول إذا أودعه شيئا ففيه ثلاثة أقسام آ ان يودعه
ولا يعين له موضعا لحفظها فان المودع يحفظ الوديعة في حرز مثلها اي موضع شاء فان وضعها في حرز ثم نقلها إلى حرز مثلها جاز سواء كان مثل
الأول أو دونه وبه قال الشافعي لان المودع رد ذلك إلى حفظه واجتهاده فكل موضع هو حرز مثلها وهي محفوظة فيه فكان وضعها فيه داخلا تحت مطلق
الاذن بالوضع فيه حيث جعل ذلك منوطا باختياره ب إذا عين له موضعا فقال احفظها في هذا البيت أو في هذه الدار واقتصر على ذلك ولم
ينهه عن غيره فإن كان الموضع ملكا لصاحب الوديعة لم يجز للمستودع نقلها عنه فان نقلها ضمن لأنه ليس بمستودع في الحقيقة وانما هو وكيل في حفظها
وليس له اخراجها من ملك صاحبها وكذا إن كانت في موضع استأجره لها وإن كان الموضع ملكا للمستودع فان نقلها إلى مأذونه في الحرز أو وضعها فيه
ابتداء ضمن لأنه خالف امره في شئ مطلوب فيه مرغوب إليه فكان ضامنا كما لو وضعها في غير حرز وإن كان الثاني مثل الأول أو أحرز منه فلا ضمان عليه
لان تعيينه البيت انما أفاد تقدير الحرز به وليس الغرض عينه كما لو استأجر أرضا لزراعة الحنطة فإنه يجوز ان يزرعها ما يساويها في الضرر أو يقصر
ضرره عنها لان الغرض بتعيينها تقدير المنفعة لا عينها كذا هنا وحمل التعيين على تقدير الحرزية دون التخصيص الذي لا غرض فيه وبه قال الشافعي
نعم لو كان التلف بسبب النقل كما إذا انهدم عليه البيت المنقول إليه فإنه يضمن لان التلف هنا جاء من المخالفة وكذا مكتري الدابة للركوب إذا ربطها في
الاصطبل فماتت لم يضمن وان انهدم عليها ضمن وكذا لو سرقت من البيت المنقول إليه أو غصبت فيه على اشكال ج إذا عين له موضعا فقال احرزها
في هذا البيت أو هذه الدار ولا تخرجها منه ولا تنقلها عنه فاخرجها فإن كان لحاجة بان يخاف عليها في الموضع الذي عينه الحريق أو النهب أو اللص فنقلها
عنه إلى احرزها لم يضمن لان الضرورة سوغت له النقل وان نقلها لغير عذر ضمن مطلقا عندنا وهو اختيار أبي إسحاق الشيرازي سواء نقلها إلى حرز هو دون الأول
أو كان مساويا له أو أحرز منه لأنه خالف صريح الاذن لغير حاجة فضمن كما لو نقلها إلى حرز هو دون الأول وهو حرز مثلها وقال أبو سعيد الإصطخري إن كان
الحرز الثاني مثل الأول أو أحرز منه لم يضمن بالنقل إليه لأنه نقلها عنه إلى مثله فأشبه ما إذا عين له موضعا فنقلها عنه إلى مثله من غير نهي ثم تأول كلام
الشافعي بأنه أراد بذلك إذا كان الموضع الذي هي فيه ملكا لصاحب الوديعة وقال أبو حنيفة إذا نهاه عن نقلها عن دار فنقلها إلى دار أخرى ضمن وان نهاه عن نقلها عن بيت فنقلها إلى بيت اخر في الدار لم
يضمن لان البيتين في دار واحدة حرز واحد والطريق إلى أحدهما طريق إلى الآخر فأشبه ما لو نقلها من زاوية إلى زاوية وهو غلط لأنه قد يكون بيت في الدار
يلي الطريق والاخر لا يليه فالذي لا يليه أحرز والحق ما قلناه لأنه خالف لفظ المودع فيما لا مصلحة له فيه فوجب ان يضمن كما لو نقلها إلى موضع هو دونه في
الحرز مسألة قد بينا انه إذا نهاه عن النقل عن الموضع الذي عينه لم يجز له نقلها عنه الا لضرورة كحريق أو غرق أو نهب أو خوف اللص وشبهه فان حصلت
إحدى هذه الاعذار نقلها ولا ضمان سواء نقلها إلى حرز مثل الأول أو أدون منه إذا كان حرز مثلها إذا لم يجد أحرز منه فان وجد أحرز منه واقتصر على الأدون
احتمل الضمان لأنا قد بينا ان التعيين لا يفيد الاختصاص بل تقدير الحرز فإذا تعذر الشخص وجب الانتقال إلى المساوي أو الاحراز وعدمه ضعيفا لان التعيين قد
زال وساغ النقل للخوف فيتخير المستودع حينئذ ولو لم يعين له الحرز ابتداء جاز له الوضع في الأدون فكذا إذا عينه والأول أقوى ولو أمكن النقل عن المعين
مع عروض إحدى هذه الحالات ضمن لأنه مفرط حينئذ في الحفظ إذ الظاهر أنه قصد بالنهي عن النقل نوعا من الاحتياط فإذا عرضت هذه الأحوال فالاحتياط النقل
وهو أصح وجهي الشافعية ولو قال لا تنقلها وان حدثت ضرورة فحدثت ضرورة فإن لم ينقل لم يضمن كما لو قال أتلف مالي فاتلفه وهو أظهر وجهي الشافعية ولهم
وجه آخر وان نقل لم يضمن لأنه قصد الحفظ والصيانة والاصلاح فكان محسنا فيندرج تحت عموم قوله (ع)؟ ما على المحسنين من سبيل وهو أصح وجهي الشافعية
مسألة لو نقلها المستودع عن الموضع المعين المنهي عن نقلها عنه فادعى المستودع الخوف من الحريق أو الغرق أو اللص أو شبهه من الضرورات وأنكر المالك
فان عرف هناك ما يدعيه المستودع كان القول قوله مع اليمين لأنه ادعى الظاهر فصدق بيمينه والا طولب بالبينة فإن لم يكن هناك بينة صدق المالك بيمينه
لأنه منكر وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه آخر ان ظاهر الحال يغنيه عن اليمين ولهم وجه اخر غريب فيما إذا لم ينهه عن النقل فنقل إلى ما دونه لا يضمن وهذا كله فيما إذا كان البيت المعين أو الدار
المعينة ملكا للمستودع إما إذا كان ملكا للمالك فليس للمستودع اخراجها عن ملكه بحال الا ان تعرض ضرورة إلى ذلك البحث الرابع في التقصير في دفع
المهلكات مسألة يجب على المستودع دفع مهلكات الوديعة وما يوجب نقص ماليتها إذ الحفظ واجب ولا يتم الا بذلك فلو استودع ثياب صوف وجب
على المستودع نشرها وتعريضها للريح بمجرى العادة لئلا يفسدها الدود ولو لم يندفع الفساد الا بان يلبس وتعبق بها رايحة الآدمي وجب على المستودع لبسها
فإن لم يفعل ففسدت بترك اللبس وتعريض الثوب للريح كان ضامنا سواء امره المالك أو سكت عنه إما لو نهاه عن النشر وفعل ما يحتاج إليه الحفظ فامتنع من ذلك
حتى فسدت فعل مكروها ولا ضمان عليه وبه قال أكثر الشافعية ولهم وجه اخر ان عليه الضمان هذا إذا علم المستودع ذلك إما لو لم يعلم المستودع ذلك بان أودعه
صندوقا مقفلا لا يعلم ما فيه أو كيسا مشدودا ولم يعلمه المالك لم يضمن لعدم التفريط وانتفاء التقصير منه مسألة إذا كانت الوديعة دابة أو آدميا
وجب على المستودع القيام بحراستها ومراعاتها وعلفها وسقيها ثم لا يخلو إما ان يأمره المالك بالعلف والسقي أو ينهاه عنهما أو يطلق الايداع فان امره بالعلف
والسقي وجب عليه فعلهما ورعاية المأمور به فان امتنع المستودع من ذلك حتى مضت مدة تموت مثل الدابة في مثل تلك المدة نظر ان ماتت ضمنها وان لم تمت
دخلت في ضمانه وان نقصت ضمن النقصان ويختلف المدة باختلاف الحيوان قوة وضعفا فان ماتت قبل مضي تلك المدة لم يضمنها ان لم يكن بها جوع وعطش
202

سابق وإن كانت وهو عالم ضمن وكذا لو كان جاهلا وللشافعية في الجاهل وجهان كالوجهين فيما إذا حبس من به بعض الجوع وهو لا يعلم حتى مات وأظهرهما
عندهم عدم الضمان وعلى تقدير الضمان لهم وجهان هل يضمن الجميع أو بالقسط كما لو استأجر دابة لحمل قدر فزاد عليه وان نهاه المالك عن العلف والسقي فتركهما
كان عاصيا لما فيه من تضييع المال المنهى عنه شرعا وهتك حرمة الروح لان للحيوان حرمة في نفسه يجب احياؤه لحق الله تعالى وفي الضمان اشكال أقربه العدم وهو قول أكثر
الشافعية كما لو قال اقتل دابتي فقتلها أو امره برمي قماشه في البحر فرماه أو امره بقتل عبده فقتله فإنه يأثم ولا ضمان عليه كذا هنا وقال بعضهم يجب عليه الضمان
لحصول التعدي في الوديعة وهو مقتض للضمان فأشبه ما لو لم ينهه ولو علفها وسقاها مع نهيه عنهما كان الحكم كما تقدم في القسم الأول وقال بعض الشافعية الخلاف هنا
مخرج مما إذا قال اقتلني فقتله هل تجب الدية ولم يرتضه باقي الشافعية لأنا إذا أوجبنا الدية أوجبناها للوارث ولم يوجد منه اذن في الاتلاف وهنا بخلافه وان
اطلق الايداع ولم يأمره بالعلف والسقي ولا ينهاه عنهما فيجب على المستودع العلف والسقي لأنه التزم بحفظها ولأنه ممنوع من اتلافها جوعا فإذا التزم حفظها
تضمن ذلك علفها وسقيها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجب عليه العلف والسقي لأنه استحفظه إياها ولم يأمره بعلفها وقد بينا الامر الضمني
مسألة لا خلاف في أنه لا يجب على المستودع الانفاق على الدابة والآدمي من ماله لأصالة البراءة والتضرر المنفي شرعا لكن ان دفع إليه المالك النفقة فذاك
وان لم يدفع إليه فإن كان المالك قد أمره بعلفها وسقيها رجع به عليه لأنه امره باتلاف ماله فيما عاد نفعه إليه فكان كما لو ضمن عنه مالا بأمره وأداه عنه وان اطلق
الايداع ولم يأمره بالعلف والسقي ولا نهاه عنهما فإن كان المالك حاضرا أو وكيله طالبه بالانفاق عليها اوردها عليه أو اذن له المالك في الانفاق فينفق
فيرجع به ان لم يتطوع بذلك وان لم يكن المالك حاضرا ولا وكيله رفع الامر إلى الحاكم فان وجد الحاكم لصاحبها مالا أنفق عليها منه وان لم يجد مالا رأى الحاكم
المصلحة للمالك إما في بيعها أو بيع بعضها وانفاقه عليها أو اجارتها أو الاستدانة على صاحبها من بيت المال أو من المستودع أو من غيره فيفعل ما هو الأصلح
فان استدان عليه من بيت المال أو من غير المستودع دفعه إلى المستودع لينفقه عليها ان رأى ذلك مصلحة وان استدان من المستودع فالأقرب ان الحاكم يتخير بين
ان يأذن للمستودع في الانفاق عليها وبين ان يأذن لغيره من الامناء يقبض من المستودع وينفق لان المستودع امين عليها فجاز للحاكم الاخلاد في انفاق ما
يستدينه منه عليها كما أن للمالك امره بالانفاق وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم انه ليس للحاكم ان يأذن للمستودع في الانفاق مما يستدينه منه على المالك
بل يقيم الحاكم أمينا يقبض منه وينفق لأنه لا يجوز ان يكون أمينا في حق نفسه والوجه ما تقدم وعلى ما اخترناه من جواز اخلاد الحاكم إلى المستودع فالأقرب
انه لا يقدرها بل يكل الامر إلى اجتهاد المستودع وهو أحد قولي الشافعية والثاني لهم ان الحاكم يقدرها ولا يكلها إلى المستودع فالقول قوله فيما أنفق
إذا ادعى الانفاق بالمعروف ولو ادعى أكثر لم يقبل قوله الا بالبينة وكذا لو قدر له الحاكم النفقة فادعى انه أنفق أكثر ولو اختلف المستودع والمالك في قدر
المدة التي أنفق فيها قدم قول صاحبها لان الأصل عدم ذلك وبراءة ذمته ولو اختلفا في قدر النفقة قدم قول المستودع لأنه امين فيها ولو أنفق عليها
من غير اذن الحاكم فان قدر على اذن الحاكم ولم يحصله لم يكن له الرجوع لأنه متطوع وان لم يقدر على الحاكم فانفق فليشهد على الانفاق والرجوع فان ترك
الاشهاد مع قدرته عليه فالأقرب انه متبرع وان تعذر عليه الاشهاد فالأقرب انه يرجع مع قصده الرجوع ويقدم قوله في ذلك لأنه اعرف بقصده وإذا
قلنا ينفق ويرجع صار كالحاكم في بيعها أو بيع بعضها أو اجارتها أو الاقتراض على مالكها ولو ترك المستودع
الانفاق مع اطلاق الايداع ولم يرفعه إلى الحاكم
ولا أنفق عليها حتى تلفت ضمن إن كانت تلفت من ترك ذلك لأنه تعدى بتركه وان تلفت في زمان لا يتلف في مثله لعدم العلف لم يضمن لأنها لم يتلف بذلك
ولو نهاه عن السقي والعلف لم يضمن بترك ذلك على ما تقدم من الخلاف وهل يرجع على المالك اشكال ينشأ من تبرعه بالانفاق وعدمه مسألة إذا احتاج
المستودع إلى اخراج الدابة لعلفها أو سقيها جاز له ذلك لان الحفظ يتوقف عليه ولا ضمان ولا فرق بين ان يكون الطريق أمنا أو مخوفا إذا خاف التلف بترك السقي
واضطر إلى اخراجها ولو أخرجها من غير ضرورة للعلف أو السقي فإن كان الطريق أمنا لا خوف فيه وامكنه سقيها في موضعها فالأقرب عدم الضمان لاطراد العادة بذلك وهو أظهر
قولي الشافعية ولو علفها وسقاها في داره أو اصطبله حيث يعلف دوابه ويسقيها فقد بالغ في الحفظ وان أخرجها من موضعها وكان يفعل ذلك في دواب نفسه
لضيق الموضع أو لغيره فلا ضمان عليه وإن كان يسقي دوابه فيه قال الشافعي ضمن واختلف أصحابه فاطلق بعضهم وجوب الضمان لأنه اخرج الوديعة عن الحرز لغير ضرورة
وقيده بعضهم بما إذا كان ذلك الموضع أحرز فاما إذا كان الموضع المخرج إليه أحرز أو مساويا فلا ضمان وقال آخرون انه محمول على ما إذا كان في الاخراج خوف فإن لم
يكن فلا ضمان مسألة إذا تولى المستودع السقى والعلف بنفسه أو أمر به صاحبه وغلامه وكان حاضرا لم تزل يده فذاك وان بعثها على يده للسقي أو امره
بعلفها أو اخرج الدابة من يده فإن لم يكن صاحبه أو غلامه أمينا ضمن وإن كان أمينا فالأقرب عدم الضمان لقضاء العادة بالاستنابة في ذلك وهو أظهر وجهي الشافعية
والوجهان عند بعضهم مخصوصان بمن يتولى ذلك بنفسه واما في حق غيره فلا ضمان قطعا فروع آ لو نهاه عن العلف لعلة تقتضي النهي كالقولنج وشبهه
فعلفها قبل زوال العلة فماتت ضمن لأنه مفرط ب العبد المودع والأمة كالدابة في جميع ما تقدم ج لو أودعه نخلا فالأقرب ان سقيه واجب كما قلنا في الدابة وهو
أحد وجهي الشافعية وفي الثاني انه لا يضمن بترك السقي إذا لم يأمره بالسقي البحث الخامس في المخالفة في كيفية الحفظ مسألة يجب على المستودع
اعتماد ما أمره المالك في كيفية الحفظ فإذا امره بالحفظ على وجه مخصوص فعدل عنه إلى وجه آخر وتلفت الوديعة فإن كان التلف بسبب الجهة المعدول إليها
ضمن وكانت المخالفة تقصيرا لأنه لو راعى الوجه المأمور به لم يتحقق التلف ولو حصل التلف بسبب اخر فلا ضمان هذا إذا لم يتحقق المستودع التلف لو امتثل الامر
إما إذا تحقق التلف بالامتثال فخالف للاحتياط في الحفظ فاتفق التلف فلا ضمان لأنه محسن فلا سبيل عليه للآية مسألة إذا أودعه الا في صندوق
وقال له لا ترقد عليه فخالف ورقد عليه فان تلفت الوديعة بالرقود بان انكسر رأس الصندوق بثقله وتلف ما فيه ضمن لأنه خالف وتلفت الوديعة بالمخالفة
فكان ضامنا وان تلفت بغير الرقود فإن كان في بيت محرز فأخذه اللص أو كان في برية فأخذه اللص من رأس الصندوق فالأقرب عدم الضمان وبه قال الشافعي
لأنه زاده احتياطا وحفظا فالتلف ما جاء منه وللشافعية وجه اخر انه يضمن وبه قال مالك لان رقوده على الصندوق تنبيه عليه وتعظيم لما مر فيه وموهم
للسارق تقاسة ما في يده فيقصده وهو غلط لأنه زاده احتياطا وحرزا كما لو قال له ضع المال في صحن الدار فوضعه في البيت لم يضمن ولا يقال إن هذا يتضمن
التنبيه عليه كذا هنا وكذا الخلاف فيما لو قال لا تقفل عليها فقفل أو قال لا تقفل عليها الا قفلا واحدا فقفل قفلين أو قال لا تغلق باب البيت فاغلق فإن كان
203

في البرية فأخذه اللص من جنب الصندوق احتمل عدم الضمان لأنه إذا كان فوق الصندوق اطلع على الجوانب كلها فيكون أبلغ في الحفظ وثبوته لأنه إذا رقد
عليه أخلي جنب الصندوق وربما لا يتمكن السارق من الاخذ لو كان تحته وهذا انما يظهر إذا فرض الاخذ من الجانب الذي لو لم يرقد عليه لكان يرقد هناك
وذلك بان كان يرقد امام الصندوق فتركه فانتهز السارق الفرصة أو قال المالك ارقد قدامة فرقد فوقه فأخذ السارق المال من قدامه وللشافعية وجهان
كالاحتمالين والأول أقوى لأنه زاده حرزا وكذا لو قال ضعها في هذا البيت ولا تنقلها فخاف عليها فنقلها فلا ضمان لأنه زاده حرزا ولو امره بدفن الوديعة
في بيته وقال لا تبن عليه فبنى فهو كما لو قال لا ترقد عليه فرقد تذنيب لو نقل المستودع الوديعة عند الخوف إلى مكان غير ما عينه المالك بأجرة لم
يرجع بها على المالك لأنه متطوع متبرع مسألة إذا استودع دراهم أو دنانير أو شبهها وأمره المالك بان يربطها في كمه فامسكها في يده ضمن لأنه خالف
المالك في تعيين الحرز ولان الكم أحرز لان الانسان في معرض السهو والغفلة والنسيان فيرسل يده فيسقط الوديعة ببسط اليد والارسال فإذا خالف المستودع في الاحراز
عن الاعلى إلى الأدنى لا لضرورة كان ضامنا واختلفت الرواية عن الشافعي فروى المزني انه لا يضمن ونقل الربيع عنه الضمان واختلف أصحابه على طريقين منهم
من قال ليست على قولين وانما هي على اختلاف حالين وفيه طريقان أحدهما انه ان لم يربطها في الكم واقتصر على الامساك باليد ضمن كما نقله الربيع ورواية المزني
محمولة على ما إذا أمسك باليد بعد الربط في الكم وأصحهما عندهم ان رواية المزني محمولة على ما إذا تلفت بأخذ غاصب فلا يضمن لان اليد أحرز بالإضافة فان سقطت
بنوم أو نسيان ضمن لأنها لو كانت مربوطة في الكم ما ضاعت بهذا السبب فالتلف حصل بسبب المخالفة ومنهم من قال إن المسألة على قولين أحدهما الضمان
لان ما في اليد يضيع بالنسيان وبسط اليد وما في الكم لا يضيع بهما وهذا القول يقتضي الضمان بالوضع في اليد مطلقا لأنها ليست حرزا على هذا القول والثاني
عدمه لان اليد أحرز من الكم لان الطرار يأخذ من الكم ولا يتمكن من الاخذ باليد فروع ا لو امره بالربط في كمه فامتثل لم يحتج في ذلك إلى الامساك باليد
لأنه جعلها في حرز امره المالك به فلا يفتقر إلى الزيادة ب لو امره بربطها في كمه فجعلها في جيبه لم يضمن لان الجيب أحرز فإنه ربما نسى فسقط الشئ من كمه الا إذا كان
واسعا غير مزرور وهو أحد قولي الشافعية ولهم وجه ضعيف انه يضمن ولو انعكس فقال ضعها في جيبك فربطها في كمه ضمن لا محالة جاز ج إذا ربطها في كمه بأمر
المالك فان جعل الخيط الرابط خارج الكم فاخذها الطرار ضمن لان فيه اظهار الوديعة وهو يتضمن تنبيه الطرار وأغراه ولان قطعه وحله على الطرار أسهل وان
ضاع بالاسترسال وانحلال العقد أم يضمن إذا احتاط في الربط وقوة الشد لأنها إذا انحلت بقيت الدراهم في الكم وان جعل الخيط الرابط داخل الكم انعكس الحكم
فان اخذه الطرار لم يضمن وان سقط بالاسترسال ضمن لأن العقد إذا انحل تناثرت الدراهم واستشكل بعض الشافعية هذا التفصيل لان المأمور به مطلق الربط
فإذا أتى به وجب ان لا ينظر إلى جهات التلف بخلاف ما إذا عدل عن المأمور به إلى غيره فافضى إلى التلف وقضية هذا ان يقال إذا قال احفظ الوديعة في هذا البيت فوضعها في زاوية منه فانهدمت عليها يضمن لأنها لو كانت
في زاوية أخرى لسلمت ومعلوم انه بعيد مسألة إذا أودعه دراهم في طريق أو سوق ولم يقل له اربطها في كمك أو امسكها في يدك فربطها في كمه وامسكها
بيده فقد بالغ في الحفظ وكذا لو جعلها في جيبه وهو ضيق أو واسع مزرور ولو كان واسعا غير مزرور ضمن لسهولة اخذها باليد ولو امسكها بيده ولم يربطها
في كمه لم يضمن ان قلنا اليد حرز والا ضمن وقال الشافعي ان تلفت بأخذ غاصب لم يضمن وان تلفت بغفلة أو نوم أو بسط يد ضمن ولو ربطها ولم يمسكها بيده فالحكم
النظر إلى كيفية الربط وجهة التلف عندهم ولو وضعها في الكم ولم يربط فسقطت ضمن وفصل بعض الشافعية فقال إن كانت خفيفة لا يشعر به ضمن لتفريطه
في الاحراز وإن كانت ثقيلة يشعر به لم يضمن وقياس هذا يلزم طرده فيما سبق من صور الاسترسال كلها ولو وضعها في كور عمامته من غير شد ضمن مسألة
إذا أودعه شيئا وهو في السوق أو الطريق أو غيره وقال احفظ هذه الوديعة في بيتك وجب على المستودع المبادرة إلى بيته والاحراز فيه فان اخر من غير عذر
ضمن ولو كان لعذر فلا ضمان وكذا لو بادر إلى المضي إلى بيته فتلفت لم يضمن ولو تركها في دكانه ولم يحلمها إلى بيته مع امكانه ضمنها لان بيته أحرز لها ولو أودعه
في بيته وقال له احفظ هذه الوديعة في بيتك فجعلها في ثيابه فخرج بها ضمن سواء ربطها واحكم شدها أو لا ولو ربطها في كمه ولم يخرج بها مع امكان وضعها في
الصندوق ونحوه ضمن ولو كان ذلك لتعذر فتح قفل الصندوق وشبهه فلا ضمان لأنه أحرز من البيت ولو أودعه في البيت ولم يقل له شيئا فخرج بها مربوطة
في ثيابه احتمل عدم الضمان لأنه أحرز عليها بالشد والربط وذلك حرز مثلها ولم ينص المودع على حرز بعينه مسألة إذا نقل المستودع الوديعة من
صندوق إلى صندوق غيره أو من خريطة إلى أخرى أو من ظرف إلى آخر فإن كانت الظروف والصناديق للمالك ضمن لان المالك بوضعه قد عين الحرز فإذا خالف المستودع
ضمن الا مع الخوف والحاجة إلى النقل وإن كانت للمستودع لم يضمن لان له تفريغ ملكه ولا يتعين الحفظ فيما وضعه فيه فجاز له النقل واضطرب قول الشافعية هنا
فقال بعضهم إن كانت الخريطة للمالك ضمن المستودع بذلك لأنه نقلها عن ملك صاحبها إلى غيره فأشبه ما لو أخرجها من صندوقه وإن كانت الخريطة للمستودع
فقد عينها المالك فان نقلها إلى مثلها أو أحرز منها فلا ضمان وإن كان دونها في الحرز ضمن وأطلق بعضهم انه إذا كانت الظروف للمالك لا يضمن وأطلق آخرون
منهم والحالة هذه انه يضمن كما لو نقلها من بيته وفصل آخرون انه ان لم يجر فتح قفل ولا فض ختم ولا خلط ولم يعين المالك ظرفا فلا يضمن بمجرد النقل سواء كان الصناديق
للمستودع أو للمالك وإذا كانت للمالك فحصولها في يد المودع قد يكون بجهة كونها وديعة أيضا إما فارغة أو مشغولة بالوديعة وقد يكون بجهة العارية وان جرى
شئ من ذلك فاما الفض والفتح والخلط فإنها مضمنة واما إذا عين ظرفا فإن كانت الظروف للمالك فوجهان أحدهما انه يضمن لان التفتيش عن المتاع الموضوع
في الصندوق والتصرف فيه بالنقل ولا يليق بحال المستودع وأصحهما عدم المنع لان الظرف والمظروف كلاهما وديعتان وليس فيه الا حفظ أحدهما في حرز والاخر
في غيره فعلى هذا ان نقل إلى المثل أو الاحراز فلا بأس وان نقل إلى الأدون ضمن وإن كانت الظروف للمستودع فهو كالبيوت اجماعا مسألة لو امره بالحفظ في
بيت معين ونهاه عن أن يدخل إليها أحد أو عن الاستعانة بالحارثين فخالف فان حصل التلف بسبب المخالفة بان سرق الذين ادخلهم أو الحارسون ضمن قطعا
وان حصل بغير ذلك السبب إما بحريق أو بسرقة غير الداخلين أو نهب غير الحارسين وأشباه ذلك ففي الضمان اشكال ينشأ من حصول التفريط بالمخالفة ولولاه
لم يضمن لو تلف بذلك السبب ومن حصول التلف بغير سبب المخالفة والأول أقوى وعند الشافعية انه لا يضمن على التقدير الثاني ولو قال لا تخبر بوديعتي أحدا
فخالف وأخبر غيره فسرقها المخبر أو من اخبره ضمن لافضاء الاخبار إلى السرقة وان تلفت بسبب اخر قال بعض الشافعية لا يضمن وفيه اشكال أقربه الضمان لحصول التفريط
بالاخبار والا لم يضمن لو سرقه المخبر وقال بعض الشافعية لو أن رجلا من عرض الناس سأل المستودع هل لفلان عندك وديعة فأخبره بها ضمن لان كتمانها
204

من حفظها فإذا اخبره فقد ترك الحفظ مسألة لو أودعه خاتما وأمره بجعله في خنصره فجعله في البنصر لم يضمن لأنه زاده حفظا وحراسة فان البنصر
أغلظ من الخنصر والحفظ فيه أكثر ولو انكسر لغلظها ضمن وكذا يضمن لو ضاق عنها فوضعه في أنملته العليا من البنصر لأنه في أصل الخنصر أحرز ولو قال اجعله؟ في
البنصر فجعله في الخنصر فإن كان ضيقا لا ينتهي إلى أصل البنصر لم يضمن لان الذي فعله أحرز وإن كان ينتهي إليه ضمن لان ما يثبت في البنصر إذا جعله في الخنصر كان
في معرض السقوط ولو لم يعين المالك شيئا فان جعله في الخنصر لم يضمن ان قصد الحفظ لان الخنصر حرز في مثل الخاتم وان قصد الاستعمال والتزين به ضمن وهو
أحد الاحتمالين عند الشافعية والثاني انه يضمن وبه قال أبو حنيفة لأنه استعمال وبه قال بعض الشافعية ان جعل فصه إلى ظهر الكف ضمن والا فلا لأنه بجعله إلى
ظهر الكف يكون قد قصد الاستعمال يكون من آداب التختم جعل الفص إلى باطن الكف وهو يقدح في هذا التعليل ولو جعله في البنصر أو غيره غير الخنصر لم يضمن
إذا انتهى إلى اخر الإصبع الا ان المراة قد تتختم في غير الخنصر فيكون غير الخنصر في حقها كالخنصر مسألة إذا عين المالك له موضعا للحفظ لم يجز للمستودع التجاوز
عنه ويضمن لو نقل على ما تقدم ولو كان الحرز الذي عينه بعيدا عنه وجبت المبادرة إليه بما جرت العادة فان اخر متمكنا ضمن ولو لم يعين موضعا للحفظ وجب
على المستودع حفظها في حرز مثلها ولا يضمن بالنقل عنه وإن كان إلى حرز أدون البحث السادس في التضييع مسألة من الأسباب المقتضية
للتقصير التضييع فان المستودع مأمور بحفظ الوديعة في حرز مثلها بالتحرز عن أسباب التلف فلو اخر احرازها مع الامكان ضمن ولو جعلها في مضيعة أو في غير حرز
مثلها فكذلك ولو جعلها في حرز أكبر من حرز مثلها ثم نقلها إلى حرز مثلها لم يضمن لان الواجب هو الثاني والأول تبرع منه ولا فرق بين ان يكون التضييع بالنسيان
أو غيره فلو استودع فضيع الوديعة بالنسيان ضمن لأنه فرط في حفظها ولان التضييع سبب التقصير فيستوي فيه الناسي وغيره كالاتلاف وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني انه لا يضمن لان الناسي غير متعد والمستودع انما يضمن بالتعدي والصغرى ممنوعة وحكم الخطاء حكم النسيان فلو استودع آنية فكسرها مخطئا ضمن
ولان الناسي مفرط ولهذا لو نسي الماء في رحله فتيمم فصلى ثم ذكر وجب عليه القضاء ولأنه لو انتفع بالوديعة ثم ادعى الغلط وقال ظننته ملكي لم يصدق
مع أن هذا الاحتمال قريب فعلم أن الغلط غير دافع للضمان مسألة لو سعى المستودع بالوديعة إلى من يصادر المالك ويأخذ أمواله كان ضامنا لأنه فرط في الحفظ
بخلاف ما لو كانت السعاية عن غير المستودع فإنه لا يضمن لأنه لم يلتزم بالحفظ ولو أخبر المستودع اللص بالوديعة فسرقها فان عين له الموضع ضمن لأنه فرط في
حفظها ولو لم يعين المكان لم يضمن إما لو علم الظالم بالوديعة من غير اعلام المستودع فاخذها منه قهرا فإنه لا يضمن كما لو سرقت منه وان أكرهه الظالم بالوديعة حتى دفعها بنفسه
فكذلك لا ضمان عليه لانتفاء التفريط منه بل يطالب المالك الظالم بالضمان ولا رجوع له إذا غرم وهل للمالك مطالبة المستودع بالعين أو البدل الأقرب
ذلك لأنه مباشر لتسليم مال الغير إلى غير مالكه فإذا رجع المالك عليه رجع هو على الظالم وهو أحد وجهي الشافعية وفى الثاني ليس له ذلك وهذان الوجهان
كالوجهين في أن المكره على اتلاف مال الغير هل يطالب أم لا وعلى كل تقدير فقرار الضمان على الظالم ومعنى القرار ان لا يرجع الشخص إذا غرم ويرجع عليه غيره
إذا غرم مسألة إذا خاف المستودع من الظالم إذا منعه من الوديعة وامكنه مدافعته بالانكار والاختفاء عنه والامتناع منه وجب عليه ذلك على حسب ما
يقدر عليه فان ترك الدفع مع القدرة ضمن وان أنكر المستودع الوديعة فطلب الظالم احلافه جاز له ان يحلف لمصلحة حفظ الوديعة ويوري إذا كان يحسنها
وجوبا ولا كفارة عليه عندنا خلافا للجمهور فإنهم أوجبوا الكفارة لأنه كاذب قال بعض الشافعية وجوب الكفارة مبني على أن من أكره ليطلق إحدى امرأتيه
فطلقها هل يقع أم لا ان قلنا لا يقع لم ينعقد يمينه ولو أكره على أن يحلف بالطلاق أو العتاق حلف ولا يقع أحدهما وإن كان كاذبا لبطلان اليمين بأحدهما عندنا
ولا يسلم الوديعة إلى الظالم وقالت العامة حاصل هذا الاكراه التخيير بين الحلف وبين الاعتراف والتسليم فان اعترف وسلم ضمن لأنه قد فدى زوجته بالوديعة
وان حلف بالطلاق طلقت زوجته لأنه قدر على الخلاص بتسليم الوديعة ففدى الوديعة بالطلاق وقال بعض الشافعية ان قلنا إن من أكره على طلاق إحدى
امرأتيه فطلق لا يقع فهنا ان حلف بالطلاق لم يقع وان اعترف بالوديعة وسلمها كان كما لو سلمها مكرها البحث السابع في الجحود مسألة
إذا طلب المالك الوديعة من المستودع فجحدها كان ضامنا لخيانته بالانكار ولو كان الجحود لمصلحة الوديعة لم يضمن لأنه محسن ولو لم يطلبها المالك لكن قال
لي عندك وديعة فان سكت لم يضمن إذا لم يوجد منه تفريط ولا خيانة وان أنكر فالأقرب عدم الضمان لأنه لم يمسكها لنفسه بخلاف ما لو أنكر بعد الطلب وقد
يعرض له في الاخفاء والانكار غرض صحيح ويحتمل الضمان كما لو أنكر بعد الطلب وكلاهما للشافعية ولو قال بعد الجحود كنت غلطت أو نسيت الوديعة فان صدقه
المالك لم يضمن والا فالأقرب الضمان مسألة لو قال المستودع ابتداء من غير سؤال المالك لا وديعة عندي أو قال ذلك في جواب سؤال غير المالك لم يضمن
بمجرد الجحود والانكار لأنه لغير المالك والوديعة يسعى في اخفائها فإنه أقرب للحفظ سواء كان المالك حاضرا أو غايبا ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو ادعى عليه
وديعة فأنكر قدم قوله مع اليمين فان أقر بعد ذلك بها أو قامت عليه بينة بها طولب بها فان ادعى ردها أو تلفها قبل الجحود فإن كانت صورة جحوده انكار
أصل الايداع لم يصدق في دعوى الرد لاشتمال كلاميه على التناقض وثبوت خيانته واما في دعوى التلف فيصدق أيضا باليمين لكنه يكون ضامنا
كالغاصب والأقوى ان له تحليف المالك على عدم دعواه لامكان ان يكون قد نسي الوديعة فجحدها ثم ذكر فادعى التلف لوقوعه أو كذب في جحوده ولأنه لو صدقه المالك
في التالف بغير تفريط أو في دعوى الرد سقط حقه وكان متمكنا من احلافه ومن إقامة البينة على دعوى الرد أو التلف وهذا كما لو ادعى حقا وقال لا بينة لي
ثم جاء بالبينة فإنها تسمع منه كذا هنا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه لما أنكر أصل الايداع كان مكذبا لدعوى التلف ولبينة الرد لتوقفهما على
الايداع إذا تقرر هذا فان قامت البينة على الرد أو على الهلاك قبل الجحود برئ المستودع من الضمان وان قامت البينة على التلف بعد الجحود ضمن لخيانته
بالجحود ومنع المالك عنها الا إذا كان له عذر من خوف عليه أو عليها لو اعترف هذا كله إذا كانت صورة الجحود انكار أصل الايداع وإن كانت صورة جحوده
انه لا يلزمني تسليم شئ إليك أو مالك عندي وديعة أوليس لك عندي شئ فقامت البينة بالوديعة فادعى الرد أو التلف قبل الجحود سمعت دعواه لانتفاء
التناقض بين كلاميه ولو اعترف انه كان باقيا يوم الجحود لم يصدق في دعوى الرد الا ببينة وان ادعى الهلاك فهو كالغاصب إذا أدعاه وهو مصدق بيمينه في
دعواه وضامن لخيانته وهو ظاهر مذهب الشافعية الشافعي الفصل الرابع في وجوب الرد عند البقاء مسألة إذا كانت الوديعة باقية وطلبها مالكها
وجب على المستودع ردها عليه في أول أوقات الامكان ولا يجب عليه مباشرة الرد ولا تحمل مؤنته بل ذلك على المالك وانما يجب على المستودع رفع يده عنها
التخلية بين المالك والوديعة فان اخر المستودع ذلك مع امكانه وطلب الرد كان ضامنا وكان ذلك من أسباب التقصير السالفة ولو تعذر الرد لم يضمن وتجب
205

عليه في المبادرة أول أوقات زوال العذر فلو طالبه بالرد ليلا والوديعة في صندوق أو خزانة لا يمكن فتحهما في تلك الحال لم يكن مفرطا وكذا لو طالبه وهو مشغول
بالصلاة أو بقضاء حاجة أو طهارة أو في حمام أو على طعام فاخر حتى يفرغ أو كان ملازما لغريم يخاف فوته أو كان يجئ المطر والوديعة في البيت واخر حتى ينقطع
ويرجع إلى البيت وما أشبه ذلك فهو جايز ولا يعد ذلك تقصيرا ولا يؤثر ضمانا لو تلفت الوديعة في تلك الحال على اشكال أقربه التفصيل وهو ان التأخير إن كان
لتعذر الوصول إلى الوديعة فلا ضمان وكذا لو كان في صلاة فرض وإن كان لعسر يلحقه وغرض يفوته أو كان في صلاة نفل فالأقرب انه يضمن لان دفع الوديعة إلى
المالك مع المطالبة واجب مضيق وهذه الأشياء ليست اعذارا فيه وبعض الشافعية جوز له التأخير في هذه الأشياء بشرط التزام خطر الضمان مسألة
لو طلب المالك الوديعة فقال لا أرد إليك حتى تشهد عليك بالقبض فالأقرب ان المالك إن كان وقت الدفع اشهد عليه بالايداع فللمستودع ذلك ليدفع
عن نفسه التهمة وان لم يكن المالك اشهد عليه عند الايداع لم يكن له ذلك ويكون ضامنا وهو أحد وجوه الشافعية والثاني انه ليس للمستودع ذلك مطلقا
لان قوله في الرد مقبول فلا حاجة به إلى البينة والثالث ان له الامتناع مطلقا لئلا يحتاج إلى اليمين لان الامناء
يحترزون عنها ما أمكنهم والرابع إن كان
التوقف إلى الاشهاد يورث تأخيرا وتعويقا في التسليم لم يكن له الامتناع والا فله ذلك مسألة وانما يجب عليه الرد عند الطلب لو كان المردود عليه أهلا
للقبض فلو أودع ثم حجر الحاكم عليه للسفه لم يجب الدفع إليه بل يرفع امره إلى الحاكم وكذا لو كان الحجر للفلس لتعلق حق الغرماء بعين الوديعة ولو كان المالك (المودع)
نائما فوضع المستودع الوديعة في يده كان ضامنا لعدم التكليف على النائم ولو كان المودع جماعة وذكروا ان المال مشترك بينهم ثم جاء بعضهم يطلبه لم يكن
للمستودع دفعه إليه ولا قسمته معه بل يرفع الامر إلى الحاكم فيقسمه ويدفع إليه نصيبه ويجعل الباقي في يد المستودع مسألة لو امره المالك بدفع الوديعة
إلى وكيله وردها عليه فطلبها الوكيل لم يكن للمستودع الامتناع ولا التأخير مع المكنة فان فعل أحدهما كان ضامنا وحكمه حكم ما لو طلب المالك فلم يرد الا انهما
يفترقان في أن المستودع له التأخير هنا إلى أن يشهد المدفوع إليه على القبض لان المدفوع إليه وهو الوكيل لو أنكر الدفع صدق بيمينه وذلك يستلزم ضرر
المستودع بالغرم مسألة لو قال له المالك رد الوديعة على فلان وكيلي فلم يطلب الوكيل الرد فإن لم يتمكن المستودع من الرد فلا ضمان عليه قطعا لعدم
تقصيره وان تمكن من الرد احتمل الضمان لأنه لما امره بالدفع إلى وكيله فكأنه عزله فيصير ما في يده كالأمانات الشرعية وللشافعية فيه وجهان جاريان في كل
الأمانات الشرعية كالثوب تطيره الريح إلى داره وفيه للشافعية وجهان أحدهما انها يمتد إلى المطالبة كالودايع وأظهرهما انها تنتهي بالتمكن من الرد ويجري الوجهان
فيمن وجد ضالة وهو يعرف مالكها ولو قال المالك للمستودع رد الوديعة على من قدرت عليه من وكلاي ولا تؤخر فقدر على الرد على بعضهم وأخر ليرده على غيره
فهو ضامن عاص بالتأخير ولو لم يقل ولا تؤخر فاخر ضمن بالتأخير وفي العصيان للشافعية وجهان مسألة لو امره المالك بالدفع إلى وكيله أو امره بالايداع
لما دفعه إليه ابتداء فالأقرب انه لا يجب على المدفوع إليه الاشهاد على الايداع بخلاف قضاء الدين لان الوديعة أمانة وقول المستودع مقبول في الرد والتلف
فلا معنى للاشهاد ولان الودايع حقها الاخفاء بخلاف قضاء الدين وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني لهم انه يلزمه الاشهاد كقضاء الدين وقد بينا الفرق
وعلى القول الثاني الحكم فيه كما في الوكالة من أنه ان دفع في غيبة المالك من غير اشهاد ضمن وان دفع وهو حاضر لم يضمن مسألة إذا طلب المالك من المستودع الرد فادعى
التلف فالقول قوله مع اليمين عند علمائنا سواء ادعى التلف بسبب ظاهر أو خفي لأنه امين في كل حال فكان القول قوله في كل حال هو امين فيها وقال الشافعي إما ان يذكر
المستودع سبب التلف أو لا فان ذكر السبب فإن كان خفيا كالسرقة قبل قوله مع اليمين لأنه قد ايتمنه فليصدقه وإن كان سببا ظاهرا كالحريق والغارة والسيل فإن لم
يعرف ما يدعيه أهل تلك البقعة لم يقبل قوله بل يطالب بالبينة على ما يدعيه ثم يقبل قوله مع يمينه في حصول الهلاك به وان عرف ما يدعيه بالمشاهدة أو
الاستفاضة فان عرف عمومه صدق بغير يمين وان لم يعرف عمومه واحتمل انه لم يصب الوديعة صدق باليمين وان لم يذكر سبب التلف صدق بيمينه ولا يكلف
بيان سبب التلف وان نكل المستودع عن اليمين حلف المالك على نفي العلم بالتلف واستحق ولا بأس بهذا القول عندي وهل يلحق موت الحيوان والغصب بالأسباب
الظاهرة أو الخفية اشكال مسألة إذا ادعى المستودع رد الوديعة فإما ان يدعى ردها على من ايتمنه أو على غيره فان ادعى ردها على من ايتمنه وهو المالك
قدم قوله باليمين على اشكال ينشأ من أنه امين يقبل قوله مع اليمين كالتلف ومن كونه مدعيا فافتقر إلى البينة فان قدمنا قوله باليمين فان مات قبل ان يحلف
ناب عنه وارثه وان قطع الطلب عنه بحلفه وقال الشافعي انه يقدم قول المستودع مع اليمين كالتلف ولأنه امين له لا منفعة له في قبضه وبهذا خالف المرتهن فإنه امين
مع أنه لا يقبل قوله لأنه قبضه لمنفعته وقال مالك انه ان لم يشهد عليه بالايداع صدق في دعوى الرد وان أشهد عليه لم يصدق وان ادعى على غير من ايتمنه
طولب بالبينة لان الأصل عدم الرد وهو لم يأتمنه فلا يكلف تصديقه مسألة لو طلب المالك الوديعة فقال المستودع أودعتها عند وكيلك فلان
باذنك فان أنكر المالك الاذن والوكالة صدق باليمين إذا لم يكن بينة لأنه منكر فإذا حلف نظر إن كان فلان مقرا بالقبض والوديعة باقية ردت على المالك فان غاب
المدفوع إليه كان للمالك ان يغرم المستودع فإذا قدم الغايب اخذها المستودع وردها على المالك واسترد البدل الذي دفعه وإن كانت تالفة فللمالك ان
يغرم من شاء منهما وليس للغارم منهما ان يرجع على صاحبه لزعمه ان المالك ظالم بما اخذ وان أنكر فلان القبض الذي أدعاه المستودع قدم قوله مع اليمين وعدم البينة
فحينئذ يختص الغرم بالمستودع وان اعترف المالك بالاذن وأنكر الدفع إلى فلان احتمل تصديق المستودع وكان دعوى الرد على وكيل المالك كدعوى الرد على المالك
وهو وجه للشافعية وقول أبي حنيفة وتصديق المالك في عدم الدفع لان المستودع يدعي على من لم يأتمنه وهو أصح وجهي الشافعية ولو وافق فلان المدفوع
إليه المستودع في الدفع وقال إنها تلفت في يدي لم يقبل قوله على المالك بل يحلف ويضمن المستودع ولو اعترف المالك بالاذن والدفع معا لكنه قال إنك
لم تشهد عليه والمدفوع إليه ينكر كان مبينا على الخلاف السابق في وجوب الاشهاد على الايداع ان أوجبناه ضمن والا فلا ولو اتفقوا جميعا على الدفع إلى الأمين
الثاني وادعى الأمين الثاني الرد على المالك أو التلف في يده كان حكمه حكم المستودع الأول من أنه يصدق باليمين في دعوى التلف واما في الرد فلا اشكال
هذا فيما إذا عين المالك الثاني فاما إذا امره بان يودع أمينا ولم يعين فادعى الثاني التلف صدق باليمين وان ادعى الرد على المالك وأنكر المالك قدم قول
المالك باليمين لأنه يدعي الرد هنا على غير من أئتمنه ويحتمل مساواته للمعين لان امين أمينه أمينه كما يقال عند بعض الشافعية وكيل وكيله وكيله مسألة
إذا أراد المستودع سفرا فاودعها أمينا فادعى ذلك الأمين التلف قبل قوله مع اليمين ولو ادعى الرد على المالك لم يصدق الا بالبينة لأنه لم يأتمنه وان ادعى الرد على
206

المستودع قبل قوله مع اليمين لأنه ادعى الرد على من أئتمنه ان قلنا بتقديم قول المستودع في الرد ولو عاد المستودع الأول من سفره فهل له استعادتها من الثاني فيه اشكال
ينشأ من أنه المستودع بالأصالة ومن انه بري من الحفظ المأمور به ولا ريب في أن للمستودع الاسترداد من الغاصب ولو كان المالك قد عين أمينا فقال للمستودع إذا
سافرت فاجعل الوديعة عند فلان ففعل ثم ادعى فلان الرد على المالك صدق باليمين ان قدمنا قول المستودع فيه لأنه ادعى على من أئتمنه وان ادعى الرد على المستودع
الأول لم يقبل الا بالبينة مسألة إذا مات المالك وجب على المستودع رد الوديعة إلى ورثته لانتقال ملكها إليهم فان اخر مع التمكن من الرد إليهم كان ضامنا وهو
أصح وجهي الشافعية ولو لم يجد الوارث دفعها إلى الحاكم لأنه ولي الغايب ولا فرق بين ان يعلم الورثة بالوديعة أو لا وقال بعض الشافعية انما يجب عليه الدفع إلى الورثة
أو إلى الحاكم لو لم يعلموا بالوديعة إما إذا علموا بها فلا يجب الدفع الا بعد الطلب ولا بأس به ولو طالبه الوارث فقال رددت الوديعة إلى المالك أو تلفت في يدي حال حياته
قدم قوله مع اليمين إما لو قال رددتها عليك فأنكر الوارث قدم قول الوارث مع اليمين قطعا لأنه ادعى الرد على من لم يأتمنه وللشافعية وجهان هذا أحدهما
والثاني ان القول قول المستودع لأصالة براءة الذمة (ذمته) مسألة لو مات المستودع وجب على وارثه رد الوديعة إلى مالكها فلو اخر الدفع بعد التمكن من الرد
فتلفت في يده ضمن وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يضمن لأنه لم يطلب منه ولو كان المالك غائبا سلمها الوارث إلى الحاكم فان اختلفا فادعى وارث المستودع
رد مورثه على المالك أو قال تلفت في يده فالأقرب تقديم قوله مع اليمين لأصالة براءة ذمته وعدم حصولها في يده وللشافعية وجهان هذا أصحهما والثاني انه
يطالب بالبينة لان المالك لم يأتمنه حتى يصدقه وهو غلط لأن الضمان يترتب على الاستيلاء ولم يثبت إما لو قال انا رددت عليك وأنكر المالك فان القول
قول المالك ولو قال تلفت في يدي قبل التمكن احتمل تقديم قوله لأنه امين وجرى مجرى الثوب تطيره الريح إلى داره وتقديم قول المالك لقوله (ع) على اليد ما
أخذت حتى تودي ولو قال من طير الريح الثوب إلى داره رددت على المالك أو قال الملتقط رددت على المالك لم يصدقا الا بالبينة مسألة لو كان في يد
رجل مال فادعى رجلان الايداع فقال كل واحد منهما ان هذا المال لي وديعة عندك فان كذبهما معا فالقول قوله مع اليمين فيحلف لكل واحد منهما ويسقط دعواهما ويحلف
لكل واحد منهما انها له وملكه أو انه لا يلزمه تسليمه إليه ولو أقر به لأحدهما بعينه حكم بها للمقر له ودفع إليه ويحلف للاخر فإذا حلف سقطت دعوى الأخر وان نكل
حلف الأخر وكان له الزامه بالمثل إن كان مثليا والا فالقيمة وقت الحلف أو الاقرار اشكال وللشافعية في احلاف الأخر قولان مبنيان على أن من أقر بعين في يده لزيد
ثم أقر بها لعمرو هل يغرم لعمرو أو لا فان قلنا يغرم حلف وان قلنا لا يغرم فلا وجه لإحلافه لعدم الفايدة وعلى القول بالاحلاف للاخر للشافعية قولان في يمين
المدعى مع نكول المدعى عليه أحدهما ان ذلك يجري مجرى البينة والثاني انه يجرى مجرى الاقرار فخرج أبو العباس ابن شريح من الشافعية في هذا الموضع ثلاثة أوجه أحدها
انه يوقف المدعى بينهما إلى أن يصطلحا لان الاقرار للأول قد تقدم وقد حصل هنا ما هو أقوى من الاقرار فاستويا والثاني انه يقسم بينهما كما لو أقر لهما والثالث
وهو المذهب المشهور عندهم انه يغرم للثاني كما لو اعترف له بعد الاقرار الأول وقال بعض الشافعية بعبارة أخرى إذا أقر لأحدهما فهل للاخر دعوى القيمة يبنى على
الخلاف في الغرم ولو أقر للثاني ان قلنا يغرم فنعم وان قلنا لا فيبنى على أن اليمين بعد النكول كالاقرار أو كالبينة ان قلنا كالاقرار لم يدع القيمة وان قلنا كالبينة
فله دعواها فان حلف برئ وان نكل حلف المدعي وأخذها ولا ينزع العين من الأول لأنها وإن كانت كالبينة فليست كالبينة في حق غير المتداعيين وان قال هو
لكما دفع إليهما معا ويكون بمنزلة مال في يد شخصين يتداعيانه فان حلف أحدهما قضى له بها ولا خصومة للاخر مع المستودع لنكوله وان نكلا جعل بينهما وكذا لو حلفا
ويكون حكم كل واحد منهما في النصف كالحكم في الكل في حق غير المقر له وقد تقدم مسألة لو قال المالك لأحدكما وقد نسيت عينه فان قلنا إن المستودع
يضمن بالنسيان فهو ضامن وان لم نضمنه بالنسيان نظر فان صدقاه في النسيان فلا خصومة لهما معه بل الخصومة بينهما فان اصطلحا على شئ فذاك والا جعل المال
كأنه في أيديهما يتداعيانه لان صاحب اليد يقول إن اليد لأحدهما وليس أحدهما أولي من الأخر ولبعض الشافعية وجه آخر انه كمال في يد ثالث تداعاه اثنان لأنه
لم يثبت لأحدهما يد عليه فان قلنا بالأول فان أقام كل منهما بينة أو حلفا أو نكلا فهو بينهما وان أقام أحدهما البينة أو حلف ونكل صاحبه قضى له وان قلنا
بالثاني لو أقام كل منهما بينة فعلى الخلاف في تعارض البينتين وان نكلا أو حلفا وقف المال بينهما وسواء قلنا بالوجه الأول أو الثاني فان المال يترك في يد المدعى
إليه إلى أن تنفصل الحكومة بينهما على أحد قولي الشافعية لأنه لا بد من وضعه عند امين وهذا امين لم يظهر منه خيانة والثاني انه تنزع منه لان مطالبتها
بالرد يتضمن عزله وهذان القولان للشافعية فيما إذا طالب أحدهما الانتزاع والاخر الترك فاما ان اتفقا على أحد الامرين فان الحاكم يتبع رأيهما ويمكن ان يكون
هذا مبنيا على أنه يجعل المال كأنه في يدهما والا فيتبع الحاكم رأيه هذا إذا صدقاه في النسيان وان كذباه فيه وادعى كل واحد منهما علمه بأنه المالك وقالا انك تعلم
لمن الوديعة منا فالقول قول المستودع مع يمينه ويحلف لأنه لو أقر بها لأحدهما كانت له فإذا ادعى عليه العلم سمعت دعواه ويحلف فان حلف كفاه يمين واحدة
على نفي العلم وبه قال الشافعي لان المدعى شئ واحد وهو علمه بعين المال فكفاه يمين واحدة وقال أبو حنيفة يحلف يمينين لكل واحد منهما يمينا كما لو أنكر انهما لهما
والفرق انه إذا انكرهما فقد أنكر دعويين لان كل واحد منهما يدعى عليه انها له فهنا دعويان فإذا حلف كان كأنهما صدقاه وهل للحاكم تحليفه على نفي العلم إذا
لم يدعه الخصمان للشافعية وجهان ثم إذا حلف المدعى عليه فالحكم كما لو صدقاه في النسيان من أنه يقر في يده لأنه لا فايدة في نقله فإنه مستودع ولم يظهر منه خيانة
أو ينقل عنه لأنه قد اعترف بأنه لا حق له فيها فينقل عنه وقال بعضهم انه ينزع المال منه هنا وان لم ينزع هناك لأنه خائن عندهما بدعوى النسيان وان نكل عن
اليمين ردت اليمين عليهما فان نكلا فاما ان نقول يقسم المال بينهما أو يوقف حتى يصطلحا على الخلاف وان حلف أحدهما ونكل الآخر قضى بها للحالف وان حلفا
فللشافعية قولان أحدهما انه يقسم بينهما لأنه في أيديهما وهو الأصح عند الشافعية كما لو أقر بها لهما والثاني يوقف حتى يصطلحا وبه قال ابن أبي ليلى لأنه لا
يعلم المالك منهما وعلى القول بالقسمة فان المستودع يغرم القيمة ويقسم بينهما أيضا لان كل واحد منهما أثبت بيمين الرد جميع العين ولم يحصل له سوى
نصفها هذا أشهر ما قاله الشافعية فيما إذا نكل المستودع ولهم وجه اخر انه لا يغرم القيمة مع العين إذا حلفا ولهم وجه اخر ان المستودع إذا نكل لا ترد اليمين عليهما بل يوقف بناء على أنهما لو حلفا يوقف
المال بينهما فلا معنى لعرض اليمين وان قلنا برد اليمين فالأقرب ان الحاكم يقدم من رأى تقديمه منهما في الحلف ويحتمل القرعة بينهما وإذا حلفا وقسمت العين
بينهما أو القيمة فإن لم ينازع أحدهما الأخر فلا بحث وان نازع وأقام البينة على أن جميع العين له سلمت إليه
وردت القيمة على المستودع وان لم يكن بينة ونكل صاحبه
عن اليمين فحلف واستحق العين فيرد نصف القيمة إلى الذي اخذه لأنه عاد إليه البدل والناكل لا يرد ما أخذ لأنه استحقه بيمينه على المستودع ولم يعد إليه البدل
207

و (نكوله؟) كان مع صاحبه لا مع المستودع مسألة لو قال المستودع في الجواب هذا المال وديعة عندي ولا أدري أهو لكما أو لأحدكما أو لغير كما وادعيا عليه العلم
كان القول قوله مع اليمين فإذا حلف على نفي العلم ترك في يده إلى أن تقوم بينة وليس لأحدهما تحليف الأخر لأنه لم يثبت لواحد منهما فيه يد ولا استحقاق بخلاف
الصورة الأولى ولو ادعى عليه اثنان غصب مال في يده كل واحد منهما يقول غصبته مني فقال غصبته من أحدكما ولا اعرف عينه فالقول قوله مع اليمين أيضا فعليه ان
يحلف لكل واحد منهما على البت على أنه لم يغصب فإذا حلف لأحدهما تعين المغصوب للثاني فلا يحلف له مسألة تشتمل على فروع متعددة؟ لو تعدى في الوديعة
ثم بقيت في يده مدة لزمه اجرة مثلها عن تلك المدة لأنه خرج عن الأمانة ودخل في الخيانة من حين التعدي فكان كالغاصب عليه عوض المنافع وان لم ينتفع ولو
دخل خانا فجعل حماره في صحن الخان وقال للخاني احفظه كيلا يخرج وكان الخاني ينظر إليه فخرج في بعض غفلاته فالأقرب الضمان لأنه قصر في الحفظ بالغفلة وقال القفال من الشافعية
لا يضمن لأنه لم يقصر في الحفظ المعتاد وهو ممنوع ولو وقع في خزانة المستودع حريق فبادر إلى نقل الأمتعة وقدم أمتعته على الوديعة فاحترقت الوديعة
لم يضمن كما لو لم يكن فيها الا ودايع فاخذ في نقلها كلها فاحترق ما تأخر نقله ولو ادعى ابن مالك الوديعة ان أباه قد مات وان المستودع قد علم بذلك أو طلب الوديعة فأنكر
المستودع فللولد تحليفه على نفي العلم فان نكل حلف المدعى ولو مات المالك وطلب الوارث الوديعة فامتنع المستودع من الدفع إليه ليتفحص ويبحث هل في التركة وصية
ففي كونه متعديا ضامنا اشكال أقربه ذلك ولو وجد لقطة وعرف مالكها ولم يخبره حتى تلفت ضمن وكذا قيم الصبي والمسجد إذا كان في يده مال فعزل نفسه ولم يخبر
الحاكم حتى تلف المال كان ضامنا ومن كان قيما لصبي أو مجنون أو سفيه ولم يبع أوراق شجرة التي تقصد بالبيع حتى يمضى وقتها كان ضامنا أما لو أخر البيع
لتوقع زيادة لم يضمن وكذا قيم المسجد في أشجاره ولو دفع إلى رسوله خاتما ليمضى إلى وكيله علامة ويقبض منه شيئا وقال إذا قبضته ترد الخاتم علي فقبض المأمور
بقبضه ولم يرد الخاتم بل وضعه في حرزه فالأقرب الضمان لأنه قبضه على أنه يرده فإذا لم يرده كان ضامنا ويحتمل عدمه لأنه ليس عليه الرد ولا مؤنته بل عليه
التخلية ولو دفع قبالة إلى غيره وديعة ففرط فيها ضمن قيمة الكاغذ مكتوبا ولا شئ عليه مما في القبالة وكذا لو أودع انسانا وثيقة وقال لا تردها إلى زيد حتى يدفع
دينارا فردها قبله فعليه قيمة القبالة مكتوبة الكاغذ واجرة الوراق مسألة لو دخل الحمام فنزع ثيابه وسلمها إلى الحمامي وجب عليه حفظها فان فرط
ضمن وان لم يفرط لم يضمن وان لم يسلم إليه الثياب لم يضمن سواء احتفظها أو غفل عنها ولم يراعها وكان مستفيظا عند علمائنا لأنه انما أخذ الجعل على الحمام
ولم يأخذه على حفظ الثياب ولم يستودع شيئا وصاحبها لم يودعه ثيابه وخلعه في المسلخ والحمامي جالس في مكانه مستيقظا ليس استيداعا وقد روى من طريق الخاصة
غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام عن أبيه (ع) ان عليا (ع) اتى بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه وقال انما هو امين وقال بعض
الشافعية إذا سرقت الثياب والحمامي جالس في مكانه مستيقظ فلا ضمان عليه فان نام أو قام من مكانه ولا نايب هناك ضمن وان لم يستحفظه المالك عليها قضاء
للعادة وهو خطأ لما تقدم ولما رواه إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان يقول لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب
لأنه انما اخذ الجعل على الحمام ولم يأخذه على الثياب مسألة لو ادعى صاحب اليد ان المال وديعة عنده وادعى المالك الاقتراض قدم قول المالك
مع اليمين لان المتشبث يزيل بدعواه ما ثبت عليه من وجوب الضمان بالاستيلاء على مال الغير فكان القول قول المالك ولما رواه إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع)
قال سألته عن رجل استودع رجلا ألف درهم فضاعت فقال الرجل كانت عندي وديعة وقال الآخر انما كانت عليك قرضا قال المال لازم له الا ان يقيم البينة
انها كانت وديعة إذا عرفت هذا فهذا التنازع انما تظهر فايدته لو تلف المال أو كان غايبا لا يعرفان خبره أو لا يتمكن من دفعه إلى مالكه ولو كان باقيا يتمكن من
هو في يده من تسليمه فلا فايدة فيه ولو انعكس الفرض فادعى المالك الايداع والقابض الاقراض قدم قول المالك لان المال إن كان باقيا فالأصل استصحاب
ملكية المالك وإن كان تالفا فالأصل براءة ذمة القابض وقد وافق المالك الأصل مسألة ولا فرق بين الذهب والفضة وبين غيرهما من الأموال
في هذا الحكم وهو عدم الضمان مع عدم التفريط وثبوته معه بخلاف العارية على ما سيأتي لان الاستيمان لا يستعقب الضمان ولما رواه زرارة في الحسن عن الصادق (ع)
قال سألته عن وديعة الذهب والفضة قال فقال كلما كان من وديعة ولم تكن مضمونة فلا يلزم إذا عرفت هذا فالبضاعة أمانة في يد العامل لأصالة البراءة
وحكمها في عدم الضمان مع عدم التفريط حكم الوديعة للأصل ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان مسألة
إذا استودع مالا واتجر به بغير اذن صاحبه فإن كانت التجارة بعين المال فالربح للمالك ان أجاز المعاوضات والا بطلت بأسرها وإن كانت في الذمة ونقد مال الوديعة
عن دين عليه فالربح للعامل وعليه رد المال وقد روى أبو سيار مسمع عن الصادق (ع) قال قلت له اني كنت استودعت رجلا مالا فجحدنيه وحلف لي عليه ثم إنه
جائني بعد ذلك بسنتين بالمال الذي كنت استودعته إياه فقال لي ان هذا مالك فخذه وهذه أربعة آلاف درهم ربحتها في مالك فهي لك مع مالك واجعل في
حل فأخذت منه المال وأبيت ان اخذ الربح منه وأوقفته المال الذي كنت استودعته واتيت استطلع رأيك فما ترى قال فقال خذ نصف الربح واعطه النصف وحله
ان هذا رجل تايب والله يحب التوابين وهذه الرواية محمولة على الارشاد على فعل الأولى لقرينة قوله فما ترى والإمام (ع) أرشده إلى المعتاد بين الناس من
قسمة ربح التجارة نصفين مسألة من استودع من اللص مال السرقة لم يجز له ردها عليه بل يردها على مالكها ان عرفه بعينه فإن كان قد مات ردها
على ورثته ولو لم يعرف مالكها أبقاها في يده أمانة إلى أن يظهر المالك فإن لم يمكن معرفته كان بمنزلة اللقطة يعرفها سنة فان تعذر المالك تصدق بها
عنه وكان عليه ضمانها وان شاء حفظها لمالكها لما رواه حفص بن غياث عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل من المسلمين أودعه رجل من اللصوص
دراهم أو متاعا واللص مسلم هل يرد عليه قال لا يرده عليه فان امكنه ان يرده على صاحبه فعل والا كان في يده بمنزلة اللقطة يصيبها فيعرفها حولا فان أصاب
صاحبها ردها عليه والا تصدق بها فان جاء بعد ذلك خيره بين الاجر والغرم فان اختار الاجر فله وان اختار الغرم غرم له وكان الاجر له إذا عرفت هذا
فإن كان الظالم قد مزج الوديعة بماله مزجا لا يتميز لم يجز للمستودع حبسها ووجب عليه رد الجميع إليه ويحتمل عندي رد قدر ما يملكه اللص واحتفاظ
الباقي لمالكه والقسمة هنا ضرورية ولو خاف من الظالم لو منعها عنه جاز له ردها عليه مسألة تجب رد الوديعة إلى مالكها وإن كان كافرا
لقوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقد روى الفضيل عن الرضا (ع) قال سألته عن رجل استودع رجلا من مواليك مالا
له قيمة والرجل الذي عليه المال رجل من العرب يقدر على الا يعطيه شيئا والمستودع رجل خبيث خارجي شيطان فلم ادع شيئا فقال قل له يرد عليه فإنه
208

أئتمنه عليه بأمانة الله قلت فرجل اشترى من امرأة من بعض العباسيين بعض قطايعهم وكتب عليها كتابا قد قبضت المال ولم تقبضه فيعطيها المال أم يمنعها قال يمنعها
أشد المنع فإنما باعته ما لم تملكه المقصد الثاني في العارية وفيه فصلان الأول الماهية والأركان فهنا بحثان الأول
الماهية العارية بتشديد الياء عقد شرع لإباحة الانتفاع بعين من أعيان المال على جهة التبرع وشددت الياء كأنها منسوبة إلى العار لان طلبها عار
قاله صاحب الصحاح وقال غيره منسوبة إلى العارة وهي مصدر يقال أعار يعير إعارة وعارة كما يقال أجاب إجابة وجابة واطاق اطاقة وطاقة وقيل إنها
مأخوذة من عار يعير إذا جاء وذهب ومنه قيل للبطال العيار لتردده في بطالته فسميت عارية لتحولها من يد إلى يد وقيل إنها مأخوذة من التعاور والاعتوار
وهو ان يتداول القوم الشئ بينهم وقال الخطابي في غريبه ان لغة العالية العارية وقد تخفف مسألة العارية سايغة بالنص والاجماع إما النص فالكتاب
والسنة إما الكتاب فقوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى والعارية من جملة البر وقال تعالى ويمنعون الماعون قال أبو عبيد الماعون اسم لكل منفعة وعطية
وانشد فيه بأجود منه بماعونة إذا ما سماوهم لا تغم وروى عن ابن عباس وابن مسعود انهما قالا الماعون العواري وفسر ذلك ابن مسعود فقال ذلك القدر
والدلو والميزان وروى عن علي (ع) وعمر انهما قالا الماعون الزكاة واما السنة فما رواه العامة عن أبي أمامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال في خطبته عام حجة
الوداع العارية موداة والمنحة مردودة والدين مقضى والزعيم غارم وعن أمية بن صفوان ان النبي صلى الله عليه وآله استعار منه يوم خيبر ادراعا فقال
أغصبا يا محمد قال بل عارية مضمونة موداة ومن طريق الخاصة ما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال سمعته يقول بعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صفوان بن
أمية فاستعار منه سبعين درعا باطراقها قال فقال غصبا يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله بل عارية مضمونة وعن سلمة عن الصادق عن الباقر عليهم السلام
قال جاء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صفوان بن أمية فسأله سلاحا ثمانين ردعا فقال له صفوان عارية مضمونة أو غصبا فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله بل عارية
مضمونة فقال نعم واما الاجماع فلا خلاف بين علماء الأمصار في جميع الأعصار في جوازها والترغيب فيها ولأنه لما جازت هبة الأعيان جازت هبة المنافع
ولذلك صحت الوصية بالأعيان والمنافع جميعا مسألة العارية مستحبة مندوب إليها مرغب فيها لان اقتران المانع منها في الآية مع المرائي
في صلاته يدل على شدة الحث عليها والتزهيد في منعها والترغيب في فعلها ولأنها من البر وقد أمر الله تعالى بالمعاونة فيه وليست واجبة في قول أكثر أهل العلم
للأصل ولقول النبي صلى الله عليه وآله إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك وقال عليه السلام ليس في المال حق سوى الزكاة وسأله الأعرابي فقال له ماذا افترض الله
علي من الصدقة قال الزكاة قال هل علي غيرها قال لا الا ان تتطوع وقيل إنها واجبة للآية ولما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ما من صاحب
ابل لا يؤدى حقها الحديث قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما حقها قال إعارة دلوها واطراق فحلها ومنحة لبنها يوم وردها فذم الله تعالى مانع العارية
وتوعده رسول الله صلى الله عليه وآله بما ذكره في خبره والجواب المراد زيادة الترغيب على أن قول علي (ع) حجة في تفسيره الماعون بالزكاة ولا ريب في وجوبها ولو حملناها على
العارية فالتوعد انما وقع على الثلث قال عكرمة إذا جمع ثلاثتها فله الويل إذا سها عن الصلاة ورائي ومنع الماعون البحث الثاني في الأركان وهي أربعة الأول
المعير وله شرطان ملكية المنفعة وأهلية التصرف التبرعية فلا يصح إعارة الغاصب للعين لأنه منهي عن التصرف في الغصب والإعارة تصرف ولا فرق بين ان يكون
غاصبا للعين أو للمنفعة في أنه يحرم عليه اعارتها ولا يباح للمستعير التصرف فان علم وتصرف كان مأثوما ضامنا للعين والمنفعة بلا خلاف ولا يشترط ملكية
العين في المعير بل ملكية المنفعة فلو استأجر عينا جاز له ان يعيرها لغيره الا ان يشترط المالك مباشرة الانتفاع بنفسه فيحرم عليه حينئذ الإعارة ولو لم يشرطه
جاز له لأنه مالك للمنفعة ولهذا يجوز اخذ العوض عنها بعقد الإجارة وكذا الموصى له بخدمة العبد وسكنى الدار يجوز لهما ان يعيراهما مسألة وليس للمستعير
ان يعير وبه قال أحمد بن حنبل والشافعية في أصح الوجهين لان الأصل عصمة مال الغير وصيانته عن التصرف فلا يباح للمستعير الثاني الا بدليل ولم يثبت
ولأنه غير مالك للمنفعة ولهذا لا يجوز له ان يوجر وانما أبيح له الانتفاع والمستبيح لا يملك نقل الإباحة إلى غيره كالضيف الذي أبيح له الطعام ليس له ان يبيحه
لغيره وقال أبو حنيفة يجوز للمستعير ان يعير وهو الوجه الأخر للشافعية لأنه يجوز اجارة المستأجر للعين فكذا يجوز للمستعير ان يعير لأنه تمليك على حسب ما
ملك والفرق ان المستأجر ملك بعقد الإجارة الانتفاع على كل وجه فلهذا ملك ان يملكها واما في العارية فإنه ملك المنفعة على وجه ما اذن له فلا يستوفيه
بغيره فافترقا إذا ثبت هذا فإنه يجوز للمستعير ان يستوفى المنفعة بنفسه وبوكيله ولا يكون ذلك إعارة للوكيل إذا لم تعد المنفعة إليه مسألة وشرطنا
في المعير جواز التصرف فلا بد وأن يكون بالغا عاقلا جايز التصرف فلا تصح عارية الصبي لأنه ممنوع من التصرفات التي من جملتها الإعارة ولا عارية المجنون ولا المحجور عليه للسفه أو الفلس لان هؤلاء بأسرهم
ممنوعون من التبرعات والإعارة تبرع وكذا ليس للمحرم إعارة الصيد لأنه ممنوع من التصرف فيه بل وليس مالكا له عند الأكثر ولو أسلم عبد الكافر تحت يده وجب
بيعه من المسلمين فيجوز للكافر اعارته للمسلم مدة المساومة وكذا لو ورث أو ملك ان قلنا بصحة البيع مصحفا الركن الثاني المستعير وشرطه
ان يكون معينا أهلا للتبرع عليه بعقد يشتمل على ايجاب وقبول فلو أعار أحد هذين أو أحد هؤلاء لم يصح لعدم التعيين وكل واحد لا يتعين للإعارة لصلاحية
الأخر لها واستباحة منافع الغير لا يكون الا بوجه شرعي لان الأصل تحريم منافع الغير على غيره الا باذنه ولم يثبت ولو عمم المستعير جاز سواء كان التعميم في عدد
محصور كقوله أعرت هذا الكتاب لهؤلاء العشرة أو في عدد غير محصور كقوله لكل الناس ولأي أحد من اشخاص الناس أو لمن دخل الدار وبالجملة الكلي معين وان لم
يكن عاما كأي رجل وأي داخل واحد الشخصين مجهول مسألة شرطنا ان يكون أهلا للتبرع عليه لان من الأعيان ما لا يجوز لبعض الاشخاص الانتفاع
بها فلا يجوز اعارتها لهم وذلك مثل الكافر يستعير عبدا مسلما أو أمة مسلمة على اشكال ينشأ من جواز اعارتهم ومن السلطنة عليهم والتسلط ولثبات السبيل
وقد نفاه الله تعالى بقوله ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا بخلاف استيجاره الذي هو في مقابلة عوض والأقرب الكراهة وكذا لا يجوز للكافر
استعارة المصحف من المسلم وغيره تكرمة للكتاب العزيز وصيانة عن من لا يرى له حرمة واما استعارة أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وأحاديث أهل بيته
الأئمة المعصومين عليهم السلام فإنها مبنية على جواز شرائهم لها فان منعناه منعنا من الإعارة والا فلا مسألة لا يحل للمحرم استعارة الصيد
من المحرم ولا من المحل لأنه يحرم عليه امساكه فلو استعاره وجب عليه ارساله وضمن للمالك قيمته ولو تلف في يده ضمنه أيضا بالقيمة لصاحبه المحل وبالجزاء لله
تعالى بل يضمنه بمجرد الامساك وان لم يشترط صاحبه الضمان عليه فلو دفعه إلى صاحبه برئ منه وضمن لله تعالى ولو استعار المحرم صيدا من محرم وجب على كل واحد
209

منهما الفداء لو تلف ولو كان الصيد في يد محرم فاستعاره المحل فان قلنا المحرم يزول ملكه عن الصيد فلا قيمة له على المحل لأنه اعاره ما ليس ملكا له وعلى المحرم
الجزاء لو تلف في يد المحل لتعديه بالإعارة فإنه كان يجب عليه الارسال وان قلنا لا يزول صحة الإعارة وعلى المحل القيمة لو تلف الصيد عنده ولو تلف الصيد عنده ولو تلف الصيد عند
المحل المستعير من المحرم لم يضمنه المحل لزوال ملك المحرم عنه بالاحرام وعلى المحرم الضمان لأنه تعدى بالإعارة لما يجب ارساله مسألة المستعير هو المنتفع قوة
أو فعلا بالعين المستحقة للغير باذنه منه بغير عوض وقال بعض الشافعية المستعير كل طالب اخذ المال لغرض نفسه من غير استحقاق وزاد بعضهم فقال من غير
استحقاق وتملك وقصد بهذه الزيادة الاحتراز عن المستقرض وقصد بنفي الاستحقاق الاحتراز عن المستأجر واعترض عليه بوجهين أينتقض بالمستام
والغاصب ب التعرض لكونه طالبا غير جيد للاستغناء عنه إذ لا فرق بين ان يلتمس المستعير العارية وبين ان يبتدي المعير بها ولا تجوز الزيادة في الحدود
الركن الثالث: المستعار وله شرطان كونه منتفعا به مع بقاء عينه وإباحة المنفعة فكل ما ينتفع به انتفاعا محللا مع بقاء عينه تصح اعارته كالعقارات والدواب
والعبيد والثياب والأقمشة والأمتعة والصفر والحلي والفحل للضراب والكلب للصيد والحفظ وأشباه ذلك بلا خلاف لان النبي صلى الله عليه وآله
استعار ادراعا إماما لا ينتفع به الا باتلافه كالأطعمة والأشربة فلا يجوز اعارتها لان المنفعة المطلوبة منها انما تحصل في اتلافها والإباحة لم تقع على الاتلاف
ويجوز إعارة جميع أصناف الحيوان المنتفع بها كالآدمي والبهايم على ما تقدم لان منفعة الحيوان يجوز اجارتها فجاز اعارتها والإعارة أوسع من الإجارة
لأنه يجوز إعارة الفحل للضراب ومنع كثير من اجارته لذلك والكلب يجوز اعارته ولا يجوز اجارته على أحد وجهي الشافعية مسألة يجوز إعارة الغنم
للانتفاع بلبنها وصوفها وهي المنحة وذلك لاقتضاء الحكمة اباحته لان الحاجة قد تدعو إلى ذلك والضرورة تبيح مثل هذه الأعيان كما في استيجار الظئر
وقد روي العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال المنحة مردودة والمنحة هي الشاة ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) في
الرجل يكون له غنم يعطيها بضريبة سمنا شيئا معلوما أو دراهم معلومة من كل شاة كذا وكذا قال لا بأس بالدراهم ولست أحب ان يكون بالسمن وفي الصحيح
عن عبد الله بن سنان انه سأل الصادق (ع) عن رجل دفع إلى رجل غنمه للسمن ودراهم معلومة لكل شاة كذا وكذا في كل شهر قال لا بأس بالدراهم فاما السمن فلا
أحب ذلك الا أن تكون حوالب فلا بأس وإذا جاز ذلك مع العوض فبدونه أولي واختلفت الشافعية على قولين أحدهما كما قلناه والثاني المنع كما تجوز اجارتها
والفرق ان الإجارة لا تستباح بها الأعيان وكذا في الشجر وقال بعض الشافعية إذا دفع شاة إلى رجل وقال ملكتك درها ونسلها فهي هبة فاسدة وما حصل
في يده من الدر والنسل كالمقبوض بالهبة الفاسدة والشاة مضمونة عليه بالعارية الفاسدة ولو قال أبحت لك ردها ونسلها فهو كما لو قال ملكتك على
أحد الوجهين والثاني انه إباحة صحيحة والشاة عارية صحيحة وعلى هذا فقد تكون العارية لاستفادة عين وليس من شرطها ان يكون المقصود مجرد المنفعة
بخلاف الإجارة ولو قال ملكتك درها أو أبحتك على أن تعلفها فقد جعل العلف اجرة الشاة وثمن الدر والنسل فالشاة غير مضمونة لأنها مقبوضة بإجارة
فاسدة والدر والنسل مضمون عليه بالشراء الفاسد وكذا لو دفع فلسا إلى سقاء واخذ الكوز ليشرب فسقط من يده وانكسر ضمن الماء لأنه مأخوذ بالشراء
الفاسدة ولا يضمن الكوز لأنه في يده بإجارة فاسدة وان اخذه مجانا فالكوز عارية والماء كالمقبوض بالهبة الفاسدة مسألة يجوز إعارة الدراهم والدنانير
وهو أحد وجهي الشافعية لان لها منفعة حكمية لغرض مطلوبة للعقلاء فجاز التوصل إليها بالإعارة والاستعارة من التزين بها وجذب قلوب الراغبين
إلى معاملته واقراضه وذلك فايدة عظيمة وأيضا فقد يرغب إلى أن يطبع مثلها ويجوز رهنها والإجارة للارتهان سايغة فوجب ان تشرع اعارتها وأصح الوجهين
عند الشافعية المنع لأن هذه منفعة ضعيفة فلما يقصد ومعظم منفعتها في الانفاق والاخراج قال الجويني وما ذكر من المنفعة في الدراهم والدنانير تجري في
استعارة الحنطة والشعير وما في معناهما ويبطل ما ذكروه وبما إذا صرح في الإعارة بالمنفعة الضعيفة بان استعارها للترين بها فقد جعل هذه المنفعة مقصدا وان ضعفت
مسألة إذا استعار الدراهم والدنانير كانت مضمونة عليه سواء شرط المالك ضمانها عليه أو لا وإن كانت العارية في غيرهما غير مضمونة على ما سيأتي
والعامة أوجبوا الضمان في جميع العواري وللشافعية وجه في أن عارية الدراهم والدنانير خاصة غير مضمونة وان قالوا بالضمان في البواقي لما رواه ابن مسكان
في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا يضمن العارية الا ان يكون اشترط فيها ضمانا الا الدنانير فإنها مضمونة
وان لم يشترط فيها ضمانا وفي الحسن عن زرارة عن
الصادق (ع) قال قلت له العارية مضمونة قال فقال جميع ما استعرته فتوي فلا يلزمك تواه الا الذهب والفضة فإنهما يلزمان الا ان يشترط انه متى
توى يلزمك تواه وكذلك جميع ما استعرت واشترطت عليك والذهب والفضة لازمان لك وان لم يشترط عليك ولان المنفعة فيهما ضعيفة لا
يعتد بها في نظر الشرع والنفع المقصود بالذات فيهما الانفاق فكانت مضمونة عملا بالغاية الذاتية احتج القايل بعدم ضمانها بان العارية سواء صحت أو
فسدت تعتمد منفعة معتبرة فإذا لم توجد فما جرى بينهما ليس بعارية لأنه عارية فاسدة ومن قبض مال الغير بإذنه لا لمنفعة كان أمانة احتج الآخرون بان العارية
الصحيحة مضمونة فكذا الفاسدة لان كل عقد يضمن صحيحه يضمن فاسده وعارية الدراهم والدنانير فاسدة مسألة ولا بد وأن تكون المنفعة مباحة
لتحريم الإعانة على المحرم فلو استعار انية الذهب والفضة للاكل والشرب لم يجز ولو استعار كلبا للصيد لهو أو بطرا لم يجز وإن كان للقوت أو التجارة جاز وكذا
يجوز إعارة كلب الماشية والحايط والزرع لإباحة هذه المنافع منها وكل عين يفرض لها منفعة مباحة ومحرمة فإنه يجوز اعارتها لاستيفاء المنفعة المباحة
دون المحرمة فان استعارها لاستيفاء المحرمة لم تصح الإعارة ولا يستباح بها المنفعة المحللة والاطلاق ينصرف إلى المباح منها ولو لم يفرض لها منفعة مباحة
محللة البتة حرم استعارتها مسألة لا يجوز استعارة الجواري للاستمتاع على الأشهر لعموم قوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما
ملكت ايمانهم والبضع لا يستباح الا بأحد الأسباب الآتية الزوجية والملك والإباحة بلفظها أو بلفظ التحليل دون العارية والتمليك وشبهه ويجوز استعارتها
للخدمة سواء كان المستعير رجلا أو امرأة وسواء كانت الجارية شابة أو عجوزا وسواء كانت قبيحة المنظر أو حسنته لكن تشتد كراهية إعارة الشابة لمن لا يوثق
به ومنعه الشافعي خوف الفتنة ولو أعارها من المحرم أو كانت صغيرة لا يشتهى أو قبيحة المنظر كذلك أو كبيرة كذلك فلا كراهية وللشافعية وجهان أحدهما
التحريم والثاني الكراهية ويكره استعارة أحد الأبوين للخدمة لان استخدامهما مكروه لمنافاته التعظيم لهما والتوقير ويستحب اعارتهما للترفه مسألة
لا يشترط تعيين العين المستعارة عند الإعارة فلو قال أعرني دابتك أو دابة فقال ادخل الاصطبل فخذ ما شئت صحت العارية بخلاف الإجارة لان فيها عوضا فلا
210

يدخلها الغرر الذي لا يحتمل المعاوضة الركن الرابع الصيغة مسألة لما كان الأصل في الأموال العصمة لم يبح شئ منها على غير مالكها الا بالرضى
منه ولما كان الرضي من الأمور الباطنة الخفية تعذر التوصل إليه قطعا فاكتفى فيه بالظن المستفاد من العبارات والألفاظ وما يقوم مقامها ولا يختص لفظ
بعينه بل المعتد به في هذا الباب كل لفظ يدل على الاذن في الانتفاء بالعين مع بقائها مطلقا أو مدة معينة كقوله أعرتك أو أذنت لك في الانتفاع به أو انتفع به
أو خذه لتنتفع به وما أشبه ذلك ولا يشترط القبول نطقا فلو قال أعرتك جاز له الانتفاع وان لم يتلفظ بالقبول لأنه عقد ضعيف لأنه يثمر إباحة الانتفاع
وهي قد تحصل بغير عقد كما لو حسن ظنه بصديقه كفي في الانتفاع عن العقد وكما في الضيف بخلاف العقود اللازمة فإنها موقوفة على الفاظ خاصة
اعتبرها الشرع مسألة والأقرب عندي انه لا يفتقر العارية إلى لفظ بل يكفي قرينة الاذن بالانتفاع من غير لفظ دال على الإعارة أو الاستعارة
لا من طرف المعير ولا من طرف المستعير كما رآه عاريا فدفع إليه قميصا فلبسه تمت العارية وكذا لو فرش لضيفه فراشا وبساطا أو مصليا أو حصيرا أو
القى إليه وسادة فجلس عليها أو مخدة فاتكا عليها كان ذلك إعارة بخلاف ما لو دخل فجلس على الفرش المبسوطة لأنه لم يقصد بها انتفاع شخص بعينه
وهو قول بعض الشافعية قضاء بالظاهر وقد قال (ع) نحن نقضي بالظاهر وقال بعضهم يعتبر اللفظ من جهة المعير ولا يعتبر من جهة المستعير وانما يعتبر
منه القبول إما باللفظ أو بالفعل وقال بعضهم لابد من اللفظ من أحد الطرفين ولا يشترط أحدهما عينا بل إما لفظ المعير أو المستعير وفعل الأخر فلو قال
المالك أعرتك أو انتفع به إلى غير ذلك من الألفاظ فأخذه المستعير تمت العارية ولو قال المستعير أعرني فسلمه المالك إليه صحت العارية وكان كما لو قال خذه لتنتفع
به واخذه تشبيها للإعارة بإباحة الطعام والأقرب ما تقدم وقد جرت العادة بالانتفاع بظرف الهدية المبعوثة إليه واستعماله كأكل الطعام من القصعة المبعوث
فيها فإنه يكون عارية لأنه منتفع بملك الغير بإذنه وان لم يوجد لفظ يدل عليها بل شاهد الحال مسألة لو قال أعرتك حماري لتعيرني فرسك فهي اجارة
فاسدة وعلى كل واحد منهما اجرة مثل دابة الأخر وكذا لو اعاره شيئا بعوض مجهول كما لو اعاره دابته ليعلفها أو داره ليطين سطحها وكذا لو كان العوض معلوما
ولكن مدة الإجارة مجهولة كما لو قال أعرتك داري بعشرة دراهم أو لتعيرني في ثوبك شهرا هكذا قاله بعض الشافعية وليس بجيد بل هي عارية مشروط فيها استعارة
أو نفع مجهول فتكون الأولى صحيحة له الانتفاع إذا فعل الشرط والثانية له الانتفاع بالاذن ولا تضر الجهالة في العوض ولا في المدة لكونها من العقود الجايزة
وقال بعض الشافعية انها عارية فاسدة فتكون مضمونة عليه بناء منهم على أن العارية الصحيحة مضمونة نظرا إلى اللفظ وعلى القول بأنها اجرة فاسدة لا تكون
مضمونة ولو بين مدة الإعارة وذكر عوضا معلوما فقال أعرتك هذه الدار شهرا من اليوم بعشرة دراهم ولتعيرني ثوبك شهرا من اليوم ففي كونه اجارة صحيحة
أو إعارة فاسدة للشافعية وجهان مبنيان على أن النظر إلى اللفظ أو المعنى ولو دفع دراهم إلى رجل وقال اجلس على هذا الحانوت واتجر عليها لنفسك أو دفع إليه
بذرا وقال ازرع به هذه الأرض فهو معير للحانوت والأرض واما الدراهم والبذر فإن كان قد قبلها على سبيل الهبة حكم بها والا فهو قرض وللشافعية
قولان أحدهما انه قرض والثاني انه هبة مسألة إذا قال أعرتك فرسي لتعيرني حمارك فقد بينا انها عارية للفرس بشرط ان يعيره المستعير لكن لا يجب على المستعير
للفرس إعارة حماره لأصالة عدم الوجوب فان اعاره إياه استباح منفعة الفرس وان لم يعره لم يبح له الانتفاع فان انتفع به كان عليه الأجرة إذا الاذن في الانتفاع
لم يقع مطلقا بل مع سلامة نفع الحمار فإذا لم يسلم كان له المطالبة بالعوض الفصل الثاني في الاحكام ومباحثه ثلاثة الأول في التسلط
والرجوع مسألة العارية عقد جايز من الطرفين بالاجماع لكل منهما فسخه فللمالك الرجوع فيه متى شاء وكذا للمستعير الرد متى أراد لان العارية تبرع
وتفضل بالمنفعة فلا يناسب الالزام فيما يتعلق بالمستقبل وليس للمالك المطالبة بعوض عن المنفعة التي استوفاها المستعير قبل علم الرجوع ولو رجع قبل
ان يعلم المستعير فالأقرب انه كذلك لا عوض له ولو رجع وعلم المستعير برجوعه ثم استعمل فهو غاصب عليه الأجرة الا إذا أعار لدفن ميت مسلم ثم رجع بعد الدفن
لم يصح رجوعه ولا قلع الميت ولا نبش القبر الا ان يندرس اثر الميت لما فيه من هتك حرمة الميت ولا نعلم فيه خلافا إما لو رجع قبل الحفر أو بعده قبل وضع الميت فإنه
يصح رجوعه ويحرم دفنه فيه ولو رجع بعد وضع الميت في القبر وقبل ان يواريه في التراب فالأقرب له الرجوع أيضا ومؤنة الحفر إذا رجع بعد الحفر وقبل الدفن لازمة
لولي الميت ولا يلزم ولي الميت الطم لان الحفر مأذون فيه مسألة لو نبتت في القبر شجرة كان لمالك الأرض سقيها لان ان يفضى السقي إلى ظهور شئ من
الميت فيحرم لأنه نبش في الحقيقة واعلم أن الدفن من جملة منافع الأرض كالبناء والغراس فإذا اطلق إعارة الأرض لم يكن له الدفن فيها لان مثل هذه المنفعة لا
يكفي فيها اطلاق الإعارة بل يجب ذكرها بالنصوصية بخلاف ساير المنافع لأن هذه المنفعة يقتضي تسلط المستعير على المعير بما فيه ضرر لازم ولو قدر تسليطه
عليها كان ذلك ذريعة إلى الزام إعارة الأرضين مسألة لا تخلو العين التي تعلقت بها العارية إما ان يكون جهة الانتفاع فيها واحدة أو أكثر
فإن كانت واحدة لا ينتفع بالمستعار به الا بجهة واحدة كالدراهم والدنانير التي لا ينتفع بها الا بالتزين والبساط الذي لا ينتفع به الا في فرشه والخيمة التي
لا منفعة لها الا الاكتنان والدار التي لا منفعة فيها الا السكنى ومثل هذا لا يجب التعرض للمنفعة ولا ذكر وجه الانتفاع بها لعدم الاحتياج إليه إذ المقتضي
للتعيين في اللفظ حصر أسباب الانتفاع وهو في نفسه محصور فلا حاجة له إلى مايز لفظي وان تعددت الجهات التي يحصل بها الانتفاع كالأرض التي تصلح
للزراعة والغرس والبناء والدابة التي تصلح للحمل والسقي والركوب فلا يخلو إما ان يعمم الاذن أو يخصصه بوجه واحد أو أزيد أو يطلق فان عمم جاز له الانتفاع بسائر وجوه
الانتفاعات المباحة المتعلقة بتلك العين كما لو اعاره الأرض لينتفع بها في الزرع والغرس والبناء وغير ذلك بلا خلاف وان خصص الوجه كان يعيره الأرض
للزرع أو البناء أو الغرس اختص التحليل بما خصصه المعير وبما ساواه وقصر عنه في الضرر ما لم ينص على التخصيص ويمتنع من التخطي إلى غيره فلا يجوز له التجاوز
قطعا وان اطلق فالأقوى ان حكمه حكم التعميم لأن اطلاق الاذن في الانتفاع يشعر بعمومه والرضي بجميع وجوهه إذ لا وجه من الوجوه أولي يجوز التصرف من
الآخر وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه تبطل العارية لانهم اختلفوا في أنه هل يشترط في العارية التعرض لجهة الانتفاع فشرطه بعضهم لان الإعارة معونة؟
شرعية جوزت للحاجة فليكن على حسب الحاجة ولا حاجة إلى الإعارة المرسلة وبعضهم لم يشترط بخلاف الإجارة لان الجهالة في الإعارة غير مضرة بخلاف
الإجارة لأنه يحتمل في العارية ما لا يحتمل في الإجارة ولان الجهالة انما تؤثر في العقود اللازمة والإعارة إباحة فجاز فيها الاطلاق
كإباحة الطعام فإذا اعاره أرضا مطلقا كان له ان ينتفع بها بسائر وجوه الانتفاعات وجميع ماء العين معدة له في الانتفاع مع بقاع العين كالزرع
211

والغرس والبناء ويفعل فيها كل ما هي مستعدة له من الانتفاع وليس للمستعير ان يعير ولا ان يوجر لأنها رخصة وضعت للحاجة وهي منفية هنا وكذا ليس
له ان يبيع لأنه غير داخل في مفهوم الإعارة والأقرب ان له ان يرهن مع التعميم دون الاطلاق مسألة وحكم جزئيات المأذون فيه بالخصوصية حكم جزئيات
مطلق الانتفاع فلو اذن له في الزرع وأطلق استباح المستعير زرع ما شاء من أصناف الزرع كالحنطة والشعير والدخن والذرة والقطن والفوة (الفول) وما يبقى
زمنا طويلا وقصيرا وسائر أصناف الخضر وجميع ما يطلق عليه اسم الزرع وليس له البناء ولا الغراس لان ضررهما أكثر من ضرر الزرع والقصد منهما الدوام
والاذن في القليل لا يستلزم الاذن في الكثير بخلاف العكس الا مع التنصيص فلو استعارها للبناء أو الغراس كان له ان يزرع لقصور ضرره عنهما فكأنه
استوفى بعض المنفعة التي اذن فيها ولو منعه لم يسغ له الزرع ولو أعارها للغراس لم يكن له البناء وبالعكس لان ضررهما مختلف فان ضرر الغراس في باطن الأرض
لانتشار العروق فيها وضرر البناء في ظاهرها ولان البناء يكون على موضع واحد والغرس ينتشر عروقه في الأرض فلم يكن الاذن في أحدهما اذنا في الأخر وهو أصح
وجهي الشافعية والثاني انه إذا اذن له في أحدهما استباح له الأخر لتقارب ضررهما فان كلا منهما للدوام أو الأرض تتخذ للبناء وللغراس وليس بجيد للاختلاف كما
قلناه مسألة إذا اذن له في الزرع فاما ان يطلق أو يعمم أو يخصص ولا بحث في الأخيرين فاما الأول فإنه يصح عندنا ويستبيح المستعير جميع أصناف الزرع اختلف
ضررها أو اتفق وهو أصح وجهي الشافعية عملا باطلاق اللفظ والثاني انه لا يستبيح شيئا بهذه العارية وتكون عارية باطلة وقال بعضهم تصح الإعارة ولا يزرع
الا أقل الأنواع ضررا لأصالة عصمة مال الغير ولا بأس به ولو قال أعرتك كذا لتفعل به ما بدا لك أو لتنتفع به كيف شئت صح عندنا وكان له ان ينتفع به وكيف
شاء لاطلاق الاذن وهو أحد وجهي الشافعية والثاني البطلان وقال بعضهم ينتفع به بما هو العادة وهو حسن فلو اعاره الأرض كان له البناء والغرس
والزرع دون الرهن والوقف والإجارة والبيع ولو قال أعرتكها لزرع الحنطة ولم ينه عن غيرها كان له زرع ما هو أقل ضررا من الحنطة عملا بشاهد الحال كالشعير والباقلاء
وكذا له زرع ما ساوى ضرره ضرر الحنطة وليس له زرع ما ضرره أكثر من ضرر الحنطة كالذرة والقطن ولو نهاه عن زرع غير الحنطة لم يكن له زراعة
غيرها اقتصارا على المأذون فيه تذنيب إذا عين المزروع فزرع غيره كان لصاحب الأرض قلعه مجانا لأنه ظالم وقال (ع) ليس لعرق ظالم حق مسألة
تنقسم العارية باعتبار الزمان إلى ثلاثة أقسام كما انقسمت باعتبار المنافع إليها لان المعير قد يطلق العارية من غير تقييد بزمان وقد يوقت بمدة وقد يعمم الزمان
كقوله أعرتك هذه الأرض ولا يقرن لفظه بوقت وزمان أو أعرتك هذه الأرض سنة أو شهرا أو أعرتك هذه الأرض دايما وانما جاز الاطلاق فيها
بخلاف الإجارة لان العارية جايزة وله الرجوع فيها متى شاء فتقديرها لا يفيد شيئا وانما جار تقييدها لان اطلاقها جايز فتقييدها أولي مسألة
إذا اطلق العارية كان له الرجوع فيها متى شاء ولا يجوز للمستعير التصرف بعد الرجوع فان تصرف ضمن العين والأجرة الا في إعارة الدفن فلا يجوز الرجوع
بعده ولا مع دفع شئ ولا في إعارة الحايط للتسقيف وشبهه فلا يجوز له الرجوع قبل الخراب الا بدفع الأرش
وما عداهما يجوز الرجوع قبل التصرف وبعده
سواء كانت العارية موقتة أو لا وفايدة الرجوع بعد التصرف المطالبة بالأجرة فيما يستقبل الا فيما مضى عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد لان
المستعير استباح المنافع بالاذن فإذا رجع عن الاذن لم يجز له فعله لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه فكان غصبا ولان المنافع المستقبلة لم يحصل في يد المستعير
فلا يملكها بالإعارة كما لو لم تحصل العين في يده وقال مالك إذا كانت العارية موقتة لم يكن للمعير الرجوع فيها وان لم يكن موقتة لزمه تركه مدة ينتفع به في مثلها
لان المعير قد ملكه المنفعة مدة معلومة وصارت العين في يده بعقد مباح فلم يكن له الرجوع فيها بغير اختيار المالك كالعبد الموصى بخدمته والفرق ان العبد
الموصى بخدمته ليس للورثة الرجوع فيه لان المتبرع غيرهم واما الموصى المتبرع فله ان يرجع متى شاء مسألة إذا اعاره أرضا للبناء أو الغرس أو الزرع
أو اطلق له الانتفاع كان للمستعير الانتفاع فيما اذن له فيه ما لم يمنعه فان قدر له المدة كان له ان يبني ويغرس وينتفع بها حسب ما اذن ما لم يرجع عن اذنه أو ينقضي
المدة فان رجع عن اذنه قبل انقضاء المدة أو لم يرجع ولكن انقضت المدة المأذون فيها لم يكن له استحداث شئ من ذلك فان استحدث شيئا من ذلك بعد علمه
بالرجوع وجب عليه قلعه مجانا لقوله (ع) ليس لعرق ظالم حق ويجب عليه اجرة ما استوفاه من منفعة الأرض على وجه التعدي وطم الحفر التي حدثت لقلع ما
غرسه كالغاصب وإن كان جاهلا بالرجوع فالأقوى ان له القلع مع الأرش كما لو لم يرجع لأنه غير مفرط ولا غاصب وللشافعية وجهان كالوجهين فيما لو حمل
السيل نواة إلى ارضه فنبتت وقد يشبه بالخلاف في تصرف الوكيل جاهلا بالعزل واما ما بناه وغرسه قبل الرجوع ان أمكن رفعه من غير نقص يدخله رفع وان
لم يمكن الا مع نقص وعيب يدخل على المستعير نظر إن كان قد شرط عليه القلع مجانا عند رجوعه وتسوية الحفر الزم ذلك عملا بمقتضى الشرط وقد قال (ع)
المسلمون عند شروطهم فان امتنع قلعه المعير مجانا وإن كان قد شرط القلع دون التسوية لم يكن على المستعير التسوية لان شرط القلع رضي بالحفر وان لم يشرط القلع أصلا نظر ان أراد
المستعير القلع مكن منه لأنه ملكه فله نقله عنه وإذا قلع فهل عليه التسوية الأقوى ذلك لأنه قلع باختياره لتخليص ماله فكان عليه أرش ما نقصه الحفر كما لو
أراد اخراج دابته من دار الغير ولا يمكن الا بحفر الباب وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه ليس عليه التسوية لان الإعارة مع العلم بان للمستعير ان يقلع رضي بما يحدث
من القلع وان لم يختر المستعير القلع لم يكن للمعير قلعه مجانا لأنه بناء محترم صدر بالاذن ولكنه يتخير بين ان يقلعه ويضمن الأرش وهو قدر التفاوت بين قيمته متثبتا
ومقلوعا وبين ابقائه بأجرة المثل يأخذها وبين ان يتملكه بقيمته فان اختار القلع وبذل أرش النقص فله ذلك ويجبر المستعير عليه وليس له الامتناع عنه
وان اختار أحد الامرين الآخرين افتقر إلى رضي المستعير فيه لان أحدهما بيع والاخر اجارة وكلاهما يتوقفان على رضي المتعاقدين معا وهو أحد قولي الشافعية والثاني
انه لا يعتبر رضي المستعير فيه بل يجبر على ما يختاره المعير منهما وله قولان آخران أحدهما ان المعير ان طلب التملك بالقيمة أجبر المستعير عليه كتملك الشفيع الشقص قهرا وان طلب الابقاء بالأجرة اعتبر رضي المستعير فيه والثاني ان المعير يتخير بين أمرين خاصة أحدهما
القلع مع ضمان الأرش والثاني التملك بالقيمة والأصل فيه ان العارية مكرمة ومبرة؟ فلا يليق بها منع المعير من الرجوع ولا تضييع مال المستعير فأثبتنا الرجوع
على وجه لا يتضرر به المستعير وجعلنا الامر منوطا باختيار المعير لأنه الذي صدرت منه هذه المكرمة ولان ملكه الأرض وهي أصل البناء والغراس فإنهما
تابعان لها وكذلك يتبعانها في البيع ولو طلب المستعير تملك الأرض وقال انا ادفع قيمة الأرض إلى المعير ليبقى البناء والغراس لم يجبر المعير على ذلك والفرق
بينه وبين المستعير ما تقدم من كون البناء والغرس تابعان وكون الأرض متبوعة فلهذا أجيب المالك إلى طلبه من تملك البناء والغرس بالقيمة وما
طلبه المستعير من تملك الأرض بالقيمة مسألة لو لم يخير المستعير قلع غرسه ولا قلع بنائه مع الاذن المطلق فيهما لم يجبر على القلع الا ان يضمن المعير أرش
212

النقص فحينئذ يلزمه تفريغ الأرض من بنائه وغرسه وردها إلى ما كانت عليه واعلم أن من جعل الامر موكولا إلى اختيار المعير في القلع بالأرش والابقاع بالأجرة والتملك
بالقيمة قال منه الاختيار ومن المستعير الرضي واتباع مراده فإن لم يفعل وامتنع من ابلاغه مراده ألزمناه بتفريغ ارضه ومن اعتبر رضي المستعير في التملك بالقيمة
والابقاء بالأجرة فلا يكلف التفريغ بل يكون الحكم عنده كالحكم فيما إذا لم يختر المعير شيئا مما خيرناه فيه ومن قصر خيرة المعير على أمرين القلع بشرط الضمان لنقص
الأرض والتملك بالقيمة قال لو امتنع من بذل الأرش والقيمة وبذل المستعير الأجرة لم يكن للمعير القلع مجانا وان لم يبذلها فوجهان أظهرهما عندهم انه
ليس له ذلك أيضا وبه أجاب من خيره بين الخصال الثلاث إذا امتنع منها جميعا وما الذي يفعل اختلف الشافعية على قولين أحدهما ان الحاكم يبيع الأرض مع البناء
والغراس لتفاصل الأرض والثاني وهو قول الأكثر انه يعرض الحاكم عنهما إلى أن يختارا شيئا والتحقيق عندي هنا ان نقول إذا اعاره للبناء أو الغراس أو لهما
ففعل ثم رجع عن الاذن بعد وقوع الفعل فاما ان يطلب المعير القلع أو المستعير فان طلبه المستعير لم يكن للمعير رده عن ذلك وان طلبه المعير لم يكن للمستعير رده عن ذلك ويضمن كل منهما نقص ما دخل على الأخر مسألة يجوز
للمعير دخول الأرض والانتفاع بها والاستظلال بالبناء والشجر لأنه جالس على ملكه وليس له الانتفاع بشي ء من الشجر بثمر ولا غصن ولا ورق ولا غير ذلك
ولا بضرب وتد في الحايط ولا التسقيف عليه وليس للمستعير دخول الأرض للتفرج الا بإذن المعير لأنه تصرف غير مأذون فيه نعم يجوز له الدخول لسقي الشجر
ومرمة الجدار أو حراسة لملكه عن التلف والضياع وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه يشغل ملك الغير إلى أن ينتهي إلى ملكه وعلى ما اخترناه من الجواز لو تعطلت
المنفعة على صاحب الأرض بدخوله لم يكن منه الا بالأجرة جمعا بين حفظ المالين مسألة إذا بنى أو غرس في ارض المعير باذنه أو بغير اذنه جاز لكل منهما ان يبيع ملكه من
الأخر ويجوز للمعير ان يبيع الأرض من ثالث ثم يتخير المشتري كالمعير وكذا للمستعير ان يبيع من ثالث أيضا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه مملوك له في حال بيعه غير ممنوع
من التصرف فيه والثاني المنع لأنه في معرض النقص والهدم ولان ملكه عليه غير مستقر لان المعير بسبيل من ملكه وليس بجيد لان كونه متزلزلا لا يمنع من جواز بيعه
فان الحيوان المشرف على التلف في معرض الهلاك ويجوز بيعه ومستحق القتل قصاصا يجوز بيعه على الأقوى وتمكن المعير من تملكه لا يوجب منع بيعه كالشفيع المتمكن
من تملك الشقص إذا ثبت هذا فان المشتري إن كان جاهلا بالحال كان له خيار الفسخ لان ذلك عيب وإن كان عالما فلا خيار له ثم ينزل المشتري منزلة المستعير
وللمعير الخيار على ما تقدم ولو اتفق المعير والمستعير على بيع الأرض مع البناء أو الغراس بثمن واحد صح وهو أظهر وجهي الشافعية للحاجة والثاني المنع كما لو كان
لكل واحد منهما عبد فباعاهما معا صفقة واحدة ونحن نقول بالجواز هنا أيضا إذا تفرق هذا فان الثمن يوزع عليهما فيوزع على أرض مشغولة بالغراس أو البناء
على وجه الإعارة مستحق القلع مع الأرش أو الابقاء مع الأجرة أو التملك بالقيمة إن كان بالاذن وعلى ما فيها من بناء أو غرس مستحق للقلع على أحد الأنحاء
فحصة الأرض للمعير وحصة ما فيها للمستعير مسألة إذا اعاره أرضا للبناء أو الغرس عارية موقتة أو اطلق الإعارة مقيدة بالمدة كان للمستعير البناء أو الغرس
في المدة الا ان يرجع المعير وله ان يجدد كل يوم غرسا فإذا انقضت المدة لم يجز له احداث البناء ولا الغرس الا بإذن مستأنف ثم للمالك الرجوع في العارية قبل انقضاء
المدة بالأرش وبعدها مجانا ان شرط المعير القلع أو نقض البناء بعد المدة أو شرط عليه القلع متى طالبه بالقلع عملا بالشرط فان فايدته سقوط الغرم فلا يجب على صاحب
الأرض ضمان ما نقص الغرس بالقلع ولا يجب على المستعير طم الحفرة لأنه اذن له في القلع بالشرط فإن لم يكن قد شرط عليه القلع فان اختار
المستعير قلعها كان له ذلك لأنه ملكها وهل عليه تسوية الأرض الأقوى ذلك لأنه يقلعه باختياره من غير اذن المعير وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ليس عليه لان اذنه
في الإعارة رضي بقلع ذلك لأنه ملك لغيره فقلعه إلى اختياره وان لم يختر صاحب الغرس القلع وطالبه المعير بقلعه لم يكن له ذلك الا بان يضمن ما ينقص بالقلع
وليس للمستعير دفع قيمة الأرض الا باختيار المالك وللمالك دفع قيمة الغرس على اشكال أقربه ذلك مع رضي المستعير لا مع سخطه وبهذا قال الشافعي الا أنه قال للمالك
دفع قيمة الغرس وان لم يرض المستعير وروي مثل ذلك عن أحمد وقال أبو حنيفة ومالك له مطالبته بقلعه من غير ضمان عند انقضاء المدة وبه قال المزني
وقال أبو حنيفة الا ان يكون اعاره مدة معلومة ورجع مع انقضائها لان المعير لم يغره فإذا طالبه بالقلع كان له كما لو شرط عليه القلع وقالت الشافعية ليس له ذلك
الا بأرش نقص الغرس لأنه بنى وغرس في ملك غيره فلم يكن له المطالبة من غير ضمان كما لو طالبه قبل انقضاء المدة ثم منعوا من قول أبي حنيفة ان المالك لم يغره لان
الغراس والبناء يراد للتبقية وتقدير المدة يتصرف إلى ابتدائه كأنه قال لا تغرس فيما جاوز هذه المدة أو لطلب الأجرة والأول عندي أقرب مسألة
لو كانت الأرض مشتركة فبنى أحدهما بإذن الأخر أو غرس كذلك ثم رجع صاحبه فالأقرب عندي ان يكون حكمه حكم الأجنبي من جواز القلع بالأرش وقالت الشافعية
ليس له ذلك ولا ان يتملك بالقيمة إما الأول فلان قلعه يتضمن قلع غرس المالك في ملكه ونقض بنائه عن ملكه إذ له في الملك نصيب كما للمعير واما الثاني
فلان المستعير يستحق في الأرض مثل حق المعير فلا يمكننا ان نقول الأصل للمعير والبناء تابع بل له التقرير بالأجرة خاصة فان امتنع من بذلها فاما ان يباع أو
يعرض عنهما الحاكم وليس بشئ لان للمعير تخليص ملكه وتفريغه وانما يحصل بنقض مال الغير فوجب ان يكون جايزا له كما في الفصيل لو لم يمكن اخراجه الا بهدم الباب
مسألة يجوزان يعير الأرض للزراعة لأنها منفعة مباحة مطلوبة للعقلاء فصح في مقابلتها العوض بالإجارة فجازت الإعارة فإذا استعار للزرع فزرع
ثم رجع المعير في العارية قبل ان يدرك الزرع فإن كان مما يعتاد قطعه كالفصيل قطع فان امتنع المستعير من قطعه أجبر عليه ان لم ينقص بالقصل ولا شئ إذ لا نقص وان
نقص فله القطع أيضا لكن مع دفع الأرش وإن كان مما لا يعتاد قطعه فالأقرب ان حكمه حكم الرجوع في الغرس في القلع والتبقية واختلفت الشافعية فقال بعضهم ان له
ان يقطع ويغرم أرش القطع تخريجا مما إذا رجع في العارية الموقتة للبناء قبل مضي المدة وقال بعضهم انه يملك بالقيمة وقال الباقون وهو الظاهر من مذهبهم انه
ليس كالبناء في هاتين الخصلتين لان للزرع أمدا ينتظر والبناء والغرس للتأبيد فعلى المعير ابقاؤه للمستعير إلى أوان الحصاد ثم فيه وجهان أحدهما انه يبقيه بلا
اجرة لان منفعة الأرض إلى الحصاد كالمستوفاة بالزرع وأصحهما عندهم التبقية بالأجرة لأنه انما أباح المنفعة إلى وقت الرجوع وصار كما إذا اعاره دابة إلى بلد ثم رجع
في الطريق عليه نقل متاعه إلى مأمن بأجرة المثل ولو قيد المعير للزرع مدة فانقضت ولما يدرك فإن كان ذلك لتقصير المستعير كالتأخير في الزرع قلع مجانا وإن كان
لهبوب الرياح وقصور الماء وغير ذلك مما لا يعد تقصيرا للمستعير كان بمنزلة ما لو اعاره مطلقا ولو أعار لزرع القصيل فإن كان مما ينقل عادة فهو كالزرع
والا فكالبناء مسألة إذا أعار للزراعة مطلقا انصرف الاطلاق إلى الواحدة فإذا زرع ثم أخذ زرعه لم يكن له ان يزرع ثانيا الا بإذن مستأنف لأصالة عصمة
مال الغير وكذا لو أعار للغرس فغرس ثم ماتت الشجرة أو انقلعت لم يكن له غرس أخرى غيرها الا بإذن جديد وكذا في البناء لو أذن له فيه فبنى ثم انهدم أو أذن له في وضع
213

جذع على حايطه فانكسر وهو أحد وجهي الشافعية لان الاذن اختص بالأول والثاني ان له ذلك لان الاذن قايم ما لم يرجع فيه إما لو انقلع القصيل المأذون له
في زرعه في غير وقته المعتاد أو سقط الجذع كذلك وقصر الزمان جدا فالأولى ان له ان يعيده بغير تجديد الاذن مسألة لو حمل السيد حب الغير أو نواه
أو جوزه أو لوزه إلى ارض اخر كان على صاحب الأرض رده إلى مالكه ان عرفه والا كان لقطة فان نبت في ارضه وصار زرعا أو شجرا فإنه يكون لصاحب الحب والنوى
والجوز واللوز لأنه نماء أصله كما أن الفرخ لصاحب البيض ولا نعلم فيه خلافا ثم إن طلب صاحب الحب والنوى والجوز واللوز قلعه عن ارض غيره كان له ذلك لأنه ملكه
وعليه تسوية الحفر لأنها حدثت بفعله (بقلعه) لتخليص ملكه منها فأشبه قصيلا دخل دار انسان ثم كبر فاحتاج صاحبه إلى نقض باب الدار لاخراجه فان عليه رده واصلاحه لأنه فعله لتخليص ملكه وان طلب صاحب الأرض القلع كان له ذلك لان العرق نبت في ارضه بغير إذنه فأشبه الغاصب فان امتنع
صاحب الزرع أجبر عليه كما لو سرت أغصان شجرته في دار جاره فإنها تقطع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجبر إن كان زرعا لان قلعه اتلاف المال على مالكه
ولم يوجد منه تفريط ولا عدوان ولا يدوم ضرره فلم يجبر على ذلك كما لو حصلت دابته في دار غيره على وجه لا يمكن خروجها الا بقلع الباب أو قتلها فإننا
لا نجبره على قتلها بخلاف أغصان الشجر فإنه يدوم ضرره ولا يعرف قدر ما يشغل من الهواء حتى يؤدي اجره فحينئذ يقر في الأرض إلى حين حصاده بأجرة المثل وقال
بعض العامة ليس عليه اجر لأنه حصل في ارض غيره بغير تفريط فأشبه ما لو ماتت دابته في ارض انسان بغير تفريطه
وليس بجيد لان منع المالك من أرضه وابقاء ما لم يأذن فيه لمصلحة الغير اضرار به وليس اعتبار مصلحة صاحب الزرع أولى
من اعتبار مصلحة صاحب الملك ثم لو سلمنا وجوب التبقية لكن حرمان صاحب الأرض من الأجرة اضرار به وشغل لملكه اختياره من غير عوض فلم يجز كما
لو أراد بقاء بهيمته في دار غيره عاما واما إن كان النابت شجرا كالنخل والزيتون والجوز واللوز وغير ذلك فاجبره على ازالته كأغصان الشجرة السارية في هواء
ارض غيره ولو حمل السيل أرضا بشجرها فنبتت في ارض غيره كما كانت فهي لمالكها ويجبر على ازالتها كما تقدم وفي كل ذلك إذا ترك صاحب البذر والنوى ذلك
لصاحب الأرض التي انتقل إليها لم يلزمه نقله ولا اجرة ولا غير ذلك لأنه حصل بغير تفريطه ولا عدوانه وكان الخيار لصاحب الأرض المشغولة به ان شاء اخذه
لنفسه وان شاء قلعه تذنيب لو كان المحمول بالسيل ما لا قيمة له كنواة واحدة وحبة واحدة فنبتت احتمل ان يكون لمالك الأرض ان قلنا لا يجب عليه
ردها إلى مالكها لو لم تنبت لانتفاء حقيقة المالية فيها والتقويم انما حصل في ارضه وهو أحد وجهي الشافعية وأن يكون لمالكها ان قلنا بتحريم اخذها ووجوب
ردها قبل نباتها فعلى هذا في قلع النابت وجهان ولو قلع صاحب الشجرة الشجرة فعليه تسوية الحفر لأنه قصد تخليص ملكه المبحث الثاني في الضمان
وأقسامه ثلاثة ضمان الرد وهو واجب على المستعير فمؤنته عليه لقوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤديه ولان الإعارة نوع من معروف فلو كلف المالك مؤنة
الرد امتنع الناس من الإعارة وفى ذلك ضرر عظيم وضمان العين وضمان الأجزاء مسألة العارية أمانة مأذون في الانتفاع بها بغير عوض لا يستعقب
الضمان الا في مواضع تأتي انشاء الله تعالى عند علمائنا أجمع فإذا تلف في يد المستعير بغير تفريط منه ولا عدوان لم يكن عليه ضمان سواء تلفت بآفة سماوية أو أرضية
وبه قال الشعبي والنخعي والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي وابن شبرمة وهو قول الشافعي في الأمالي لما رواه
العامة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وآله قال ليس على المستعير غير المغل ضمان ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع)
قال ليس على مستعير عارية ضمان وصاحب العارية والوديعة مؤتمن وعن محمد بن مسلم في الصحيح انه سأل الباقر (ع) عن العارية يستعيرها فتهلك أو تسرق
فقال إذا كان أمينا فلا غرم عليه ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة ولان قول النبي صلى الله عليه وآله العارية موداة يدل على انها أمانة لقوله تعالى
إن الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقال الشافعي العارية مضمونة بكل حال واليه ذهب عطاء واحمد وإسحاق ورواه العامة عن ابن عباس وأبي هريرة
لما روى في حديث صفوان بن أمية ان النبي صلى الله عليه وآله استعار منه يوم خيبر أدرعا فقال أغصبا يا محمد صلى الله عليه وآله قال بل عارية مضمونة موداة وعن سمرة عن النبي
صلى الله عليه وآله أنه قال على اليد ما أخذت حتى توديه ولأنه اخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردا بنفعه من غير استحقاق ولا اذن في الاتلاف فكان مضمونا كالغاصب
والمأخوذ على وجه السوم والجواب أنا نقول بموجب الحديث فان المعير إذا شرط على المستعير الضمان لزمه وكذا نقول بموجب الثاني فإنه يجب على المستعير أداء
العين إلى مالكها والضمير عائد إلى المأخوذ لا إلى القيمة مع التلف والقياس على الغاصب غلط لأنه ظالم فلا يناسب الاستيمان والمأخوذ بالسوم انما
دفعه المالك طالبا للعوض بخلاف العارية مسألة لو شرط المعير الضمان على المستعير لزمه الضمان مع التلف بغير تفريط وان يشترط ضمانها كانت أمانة
عند علمائنا وبه قال قتادة وعبيد الله بن الحسن العنبري وهذا أحد المواضع المستثناة لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه شرط لصفوان ابن أمية
الضمان ومن طريق الخاصة رواية صفوان وقد سلفت وفي الصحيح عن ابن مسكان عن الصادق (ع) قال قال لا يضمن العارية الا ان يكون اشترط فيها
ضمانا الا الدنانير فإنها مضمونة وان لم يشترط فيها ضمانا وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) قال إذا هلكت العارية عند المستعير لم يضمنه الا ان
يكون قد اشترط عليه ولان الحاجة تدعو إلى العارية والى الاحتياط في الأموال فلو لم يشرع الشرط لزم امتناع ذوي الأموال من اعارتها وذلك فساد وضرر
وجرح وضيق ولقوله (ع) المسلمون عند شروطهم ومن أوجب الضمان من غير شرط كان ايجابه معه أولي وقال أبو حنيفة لا يضمن بالشرط كالوديعة والفرق ان
الوديعة أمانة لا تستعقب انتفاع الأمين بها فلا يليق فيها الضمان وان شرطه بخلاف العارية وقال ربيعة كل العواري مضمونة الا موت الحيوان وهو
منقول عن مالك مسألة لو شرطا في العارية سقوط الضمان سقط لان العارية لا يستعقب الضمان عندنا فوجود الشرط كالعدم وروى عن أحمد مع قوله
بان العارية مضمونة سقوطه هنا وبه قال قتادة والعنبري لأنه لو اذن له في اتلافها لم يجب ضمانها (فكذا إذا أسقط عنه ضمانها) وقال الشافعي واحمد لا يصح هذا الشرط ولا يسقط الضمان لان كل عقد اقتضى الضمان فكذا إذا أسقط عنه ضمانها لم
يغيره الشرط كالمقبوض بالبيع الفاسد أو الصحيح وما اقتضى الأمانة فكذلك كالوديعة والشركة والمضاربة وفارق اذن الاتلاف فان الاتلاف فعل يصح الاذن
فيه ويسقط حكمه إذ لا ينعقد موجبا للضمان مع الاذن واسقاط الضمان هنا نفي الحكم مع وجود سبب وليس ذلك للمالك ولا يملك الاذن فيه والجواب المنع من
قولهم كل عقد اقتضى الضمان لم يغيره الشرط لأنهما قضية كلية يكذبها قول النبي صلى الله عليه وآله المسلمون عند شروطهم واسقاط الحكم بعد وجود سببه ممكن
لأنه لو أسقطه بعد وجوده أمكن كاسقاط الدين الثابت في الذمة فاسقاطه بعد سببه أولي تذنيب لو شرط سقوط الضمان في العارية المضمونة كالذهب
والفضة وغيرهما مما يجب فيه الضمان على مذهبنا فالأولى السقوط عملا بالشرط وقد سبق وكذا لو شرط الضمان في العارية صح فإذا أسقطه بعد ذلك سقط
214

مسألة إذا استعار العين من غير مالكها ضمن بالقبض سواء فرط فيها وتعدى أو لا وسواء شرط المعير الضمان أو لا وسواء كانت يد المعير يد أمانة أو يد
ضمان لأنه استولى باليد على مال الغير بغير اذنه فكان عليه الضمان ولما رواه إسحاق بن عمار عن الصادق والكاظم عليهما السلام انهما قالا إذا استعيرت عارية بغير اذن
صاحبها فهلكت فالمستعير ضامن مسألة العارية يضمن في مواضع أ إذا كانت العارية للدراهم والدنانير وان لم يشترط الضمان وقد سلف وهل يدخل
المصوغ منهما فيه اشكال ينشأ من التنصيص على الدراهم والدنانير في بعض الروايات ومن ورود الذهب والفضة في بعض الروايات ففي رواية زرارة عن
الصادق (ع) قال جميع ما استعرته فتوى فلا يلزمك تواه الا الذهب والفضة فإنهما يلزمان ب العارية من غير المالك ج عارية المحرم الصيد مضمونة
عليه لان امساكه عليه حرام فيكون متعديا فيكون ضامنا ولا فرق بين ان يكون المستعير المحرم في الحل أو في الحرم وكذا لو استعار المحل صيدا في الحرم ضمنه لأنه
ممنوع منه فكان متعديا باستيلاء يده عليه د إذا تعدى المستعير أو فرط في العارية ضمن وهو ظاهر ومن جملته ما لو منعها عن المالك بعد طلبه لها متمكنا
من ردها إليه واما ولد العارية التي اشترط فيها الضمان عندنا ومطلقا عند القائلين بالتضمين إذا تجدد بعد الإعارة فإنه أمانة لا يجب ضمانه على المستعير لأنه
لم يدخل في الإعارة فلم يدخل في الضمان ولا فايدة للمستعير فيه فأشبه الوديعة واما إن كان عند المالك فكذلك عندنا وهو إحدى الروايتين عن أحمد
والرواية الأخرى انها تكون مضمونة لأنه ولد عين مضمونة كولد المغصوبة والحكم في الأصل ممنوع فان ولد المغصوبة لا يضمن إذا لم يكن
مغصوبا فكذا ولد العارية إذا لم يوجد مع امه وانما يضمن ولد المغصوبة إذا كان مغصوبا ولا اثر لكونه ولدا لها تذنيب لو استعار من غير المالك عالما
كان أو جاهلا بالملكية ضمن واستقر الضمان عليه لان التلف حصل في يده ولا يرجع على المعير ولو رجع المالك على المعير كان للمعير الرجوع على المستعير مسألة
إذا تلفت العين ووجب الضمان فإن كانت مثلية كانت مضمونة بالمثل وان لم تكن مثلية وجبت القيمة ثم لا يخلو إما ان يكون قد استعملها المستعير أو لا فإن كان
قد استعملها وتلفت بالاستعمال بعض اجزائها وجب عليه قيمة العين الناقصة لان تلك الأجزاء مأذون في اتلافها فلا تكون مضمونة الا ان يتعدى فيتلف بعض
الأجزاء بالتعدي فيضمن بخلاف ما إذا لم يتعد لان الاذن في الاستعمال يضمنه ولو تفلت قبل الاستعمال وهي مضمونة أو أتلفها أوجب عليه قيمة العين تامة
لا يقال إنه مأذون له في اتلاف الأجزاء والا سقط عنه ضمانها لأنا نقول الأجزاء انما يسقط ضمانها إذا أتلفها مفردة عن العين على وجه الاستعمال فاما إذا أتلفها
بتلف العين فإنه يضمنها لأنه لا يمكن تميزها من العين في الضمان مسألة إذا استعمل العارية المضمونة فنقص بعض اجزائها ثن تلفت وهي من ذوات القيم وجبت
القيمة يوم التلف لأنها لو كانت باقية في تلك الحال وردها لم يجب عليه شئ فإذا تلفت وجب مساويها في تلك الحال ولان الأجزاء التي تلفت بالاستعمال تلفت غير مضمونة لأنه اذن في اتلافها بالاستعمال فلا
يجوز تقديمها عليه وهو أحد أقوال الشافعي والثاني ان عليه اقصى القيم من يوم القبض إلى حين التلف لأنه لو تلف في حال زيادة القيمة لوجبت القيمة
الزايدة فأشبه المغصوب وليس بجيد لأنه يقتضي ايجاب ضمان الأجزاء التالفة بالاستعمال وهي غير مضمونة والثالث انه يجب عليه قيمتها يوم القبض تشبيها بالقرض والقائل بالثاني يمنع من كون الأجزاء غير مضمونة على الاطلاق ويقول انما لا يضمن إذا رد العين
واعلم أنه فرق بين المغصوب والمستعار لان المغصوب يجب رده في كل حال منهي عن الامساك في كل وقت فلهذا ضمن بأعلى القيم واما المستعير فان الرد لا يجب
عليه حالة الزيادة فافترقا ويبنى على هذا الخلاف فان الجارية المستعارة مع الضمان إذا ولدت في يد المستعير هل يكون الولد مضمونا في يده ان قلنا إن
العارية مضمونة ضمان الغاصب كان مضمونا عليه والا فلا وليس له استعماله اجماعا وهذا الخلاف الجاري في العارية انها كيف تضمن آت في المأخوذ على
وجه السوم لكن الأصح عند بعض الشافعية ان الاعتبار في المستام بقيمته يوم القبض لان تضمين اجزائه غير ممتنع وقال غيره الأصح كهو في العارية وهذا كله
فيما إذا تلفت العين بغير الاستعمال مسألة لو تلفت العين المستعارة المضمونة بالاستعمال مثل ان ينمحق الثوب باللبس فالوجه ضمان العين وقت التلف
لان حق العارية ان ترد والاذن في الانتفاع انما ينصرف غالبا إلى استعمال غير متلف فإذا تعذر الرد لزم الضمان وهو أحد قولي الشافعية والأصح عندهم
ان العين لا تضمن كالاجزاء لأنه اتلاف استند إلى فعل مأذون فيه وعلى الأول لهم وجهان أحدهما كما قلناه من أنه يضمن العين وقت التلف وهو اخر حالات
التقويم والثاني انه يضمن العين بجميع اجزائها مسألة قد مضى البحث في ضمان العين واما ضمان الأجزاء فان تلف منها شئ بسبب الاستعمال المأذون فيه
كانسحاق الثوب باللبس المأذون فيه لم يلزم المستعير ضمانه لحدوثه عن سبب مأذون فيه وهو قول الشافعية ولهم وجه اخر ضعيف انه يلزمه الضمان لان
العارية مؤداة فإذا تلف بعضها فقد فات رده فيضمن بدله والمعتمد الأول واما ان تلف من الأجزاء شئ بغير الاستعمال فإن كانت العين مضمونة
كان المستعير ضامنا للاجزاء والا كانت أمانة كالعين كما لو تلفت العين بأسرها وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه لا يجب ضمانها على المستعير كما لو تلفت
بالاستعمال ويكتفي برد الباقي واعلم أن تلف الدابة بسبب الركوب والحمل المعتاد كانمحاق الثوب وتعيبها بالركوب أو الحمل وشبهه كالانسحاق ولو قرح ظهرها
بالحمل وتلفت منه قال بعض الشافعية يضمن سواء كان متعديا بما حمل أو لا لأنه انما اذن له في الحمل لا في الجراحة وردها إلى المالك لا يخرجه عن الضمان لان السراية
تولدت من مضمون فصار كما لو قرح دابة الغير في يده وفيه نظر مسألة المستأجر يملك المنفعة ملكا تاما ولهذا أجاز له ان يؤجر العين مدة اجارته والمنفعة قابلة للنقل
فجاز ان يعيرها فإذا استعار من المستأجر أو الموصى له بالمنفعة كان حكمها حكم العارية من المالك في الضمان وعدمه والشافعي القايل بالضمان في مطلق
العارية له هنا قولان أحدهما انه يضمن المستعير هنا كما لو استعارها من المالك والثاني وهو الأصح عنده انه لا يضمن لان المستأجر لا يضمن وهو نايب
المستأجر الا ترى انه إذا انقضت مدة الإجارة ارتفعت العارية واستقرت الإجارة على المستأجر بانتفاع المستعير ومؤنة الرد في هذه الاستعارة على المستعير ان
رد على المستأجر وعلى المالك ان رد عليه كما لو رد عليه المستأجر مسألة إذا استعار من الغاصب العين المغصوبة وكان عالما أو جاهلا ثم قامت البينة بالغصب
لم يجز له ردها على المعير لأنه ظالم ووجب عليه ردها إلى مالكها فإن كان قد استعملها المستعير مدة لمثلها اجرة كان للمغصوب منه الرجوع بأجرة مثلها
على أيهما شاء وكذا ان نقص شئ من اجزائها فله الرجوع بقيمته ذلك لان الغاصب ضمنها باليد المتعدية والمستعير أتلف منافع الغير بغير اذنه
واتلف اجزاء عينه فان رجع على المستعير فالأقرب انه لا يرجع على المعير لان التلف وقع في يده ولأنه ضمن ما أتلفه ولا يرجع به على غيره وهو القول الجديد للشافعي
وقال في القديم يرجع عليه وبه قال احمد لأنه غره بأنه دخل في العارية على أنه لا يضمن المنفعة والاجزاء وان رجع على المعير فهل يرجع المعير على المستعير يبنى على القولين ان
قلنا لو رجع على المستعير رجع به على المعير فان المعير لا يرجع به وان قلنا لو رجع على المستعير لم يرجع به فان المعير يرجع به فاما ان تلفت العين في يد المستعير فان لصاحبها ان يرجع على من شاء منهما بقيمتها ومن أن الضمان
215

على المستعير لان المال حصل في يده في جهة مضمونة ثم إن تساوت القيمة في يده ويد الغاصب فلا بحث وان تفاوتت فإن كانت قيمتها في يد المستعير يوم
التلف أكثر فان رجع المالك بها على المستعير لم يرجع المستعير بها على المعير قولا واحدا لان العارية مضمونة على المستعير وإن كانت قيمتها في يد المعير
أكثر لم يطالب المالك المستعير بالزيادة لأنها تلفت في يد المعير ولم يحصل في يده وانما يطالبه بالزيادة المعير لأنها تلفت في يده وإذا طالب المالك بغرامة المنافع فان طالب المستعير غرمها بالمنفعة التي تلفت تحت يده قرار
ضمانها على المعير لان يد المستعير الجاهل في المنافع ليست يد ضمان والتي استوفاها بنفسه الأقوى ان الضمان يستقر عليه لأنه مباشر للاتلاف وهو أظهر
قولي الشافعي والثاني ان الضمان على المعير لأنه غره والمستعير من المستأجر من الغاصب حكمه حكم المستعير من الغاصب ان قلنا بان المستعير من المستأجر
ضامن والا فيرجع بالقيمة التي غرمها على المستأجر ويرجع المستأجر على الغاصب مسألة لو انفذ وكيله إلى موضع وسلم إليه دابة ليركبها إليه في شغله
فتلفت الدابة في يد الوكيل من غير تعد لم يكن عليه ضمان وهو ظاهر عندنا فانا لا نوجب الضمان على المستعير واما الشافعي القائل بالضمان فإنه نفاه هنا أيضا
لان الوكيل لم يأخذ الدابة لغرض نفسه بل لنفع الموكل فالمستعير في الحقيقة المالك وكذا لو سلم الدابة إلى الرايض ليروضها فتلفت لم يضمن لأنه في مصلحة
المالك وكذا لو كان له عليها متاع فاركب انسانا غيره فوق ذلك المتاع ليحفظه ويحترز عليه فتلفت الدابة لم يكن على الراكب ضمان لأنه في شغل المالك
ولو وجد ماشيا في الطريق قد تعب من المشي فاركبه دابته فعندنا لا ضمان إذا لم يتعد بناء على أصلنا من عدم تضمين العارية واما عند الشافعي فالمشهور
ان الراكب يضمن سواء التمس الراكب الركوب للاستراحة أو ابتدأ المالك باركابه لأنها عارية محضة والعارية على أصله مضمونة وقال الجويني من
الشافعية انه لا يضمن الراكب لان القصد من هذه العارية التصدق والقربة والصدقات في الأعيان تفارق الهبات الا ترى انه يرجع في الهبة ولا يرجع في
الصدقة فلذلك يجوز ان يفارق العارية التي هي صدقة وسائر العواري في الضمان ولو اركبه مع نفسه فلا ضمان عندنا على الرديف وعلى قول الشافعي
انه يضمن النصف وقال الجويني لا يلزمه شئ تشبيها له بالضيف وعلى الأول لو وضع متاعه على دابة غيره وامر ان يسير بالدابة ففعل كان صاحب المتاع
مستعيرا من الدابة بقسط متاعه مما عليها حتى لو كان عليها مثل متاعه وتلفت ضمن نصف الدابة ولو لم يقل صاحب المتاع سيرها ولكن سيرها المالك لم يكن
صاحب المتاع مستعيرا وضمن صاحب الدابة المتاع لأنه كان من حقه ان يطرح المتاع ولو كان لاحد الرفيقين في السفر متاع وللآخر دابة فقال صاحب المتاع للاخر احمل
متاعي على دابتك ففعل فصاحب المتاع مستعير لها ولو قال صاحب الدابة اعطني متاعك لأضعه على الدابة فهو مستودع للمتاع ولا يدخل الدابة في ضمان صاحب
المتاع في الصورتين عندنا وفي الثانية عند الشافعي مسألة يجوز استعارة الدابة للركوب والحمل سواء اطلق أو قيد بالزمان أو المنفعة وان يستعيرها
ليركبها لان يجوز اجارتها لذلك والإعارة أوسع لجوازها فيما لا يجوز اجارته فان استعارها إلى موضع فتجاوزه فقد تعدى في العارية من وقت المجاوزة وكان
ضامنا من حين العدوان ومطلقا عند الشافعي فإذا استعارها من بغداد إلى الحلة فتجاوزها إلى الكوفة فعليه اجرة ما بين الحلة والكوفة ذهابا وعودا وهل
يلزمه الأجرة من ذلك الموضع الذي وقع فيه العدوان وهو الحلة إلى أن يرجع إلى البلد الذي استعار منه وهو بغداد الأقرب العدم لأنه مأذون فيه من جهة المالك وهو
أحد وجهي الشافعية والثاني اللزوم لان ذلك الاذن قد انقطع بالمجاوزة وهو ممنوع إذا عرفت هذا فلو شرط الضمان في العارية أو اطلق وقلنا بضمان العواري
فان الدابة تكون مضمونة عليه إلى الحلة ضمان العارية ولا اجرة عليه لأنه مأذون له في ركوبها فإذا جاوز ضمنها ضمان الغصب ووجب عليه اجرة منافعها فإذا ردها
إلى الحلة لم يزل عنه الضمان وبه قال الشافعي وأبو حنيفة يقول إنها أمانة إلى الحلة فإذا جاوزها كانت مغصوبة فإذا ردها إلى الحلة لم يزل ضمان الغصب
بخلاف قوله في الوديعة إذا أخرجها من حرزها ثم ردها إليه إذا ثبت هذا فعلى قول الشافعي بانقطاع الاذن من حين التعدي ليس له الركوب من الحلة إلى بغداد
بل يسلم الدابة إلى حاكم الحلة الذي استعار إليه مسألة إذا دفع إليه ثوبا وقال إن شئت ان تلبسه فالبسه فهو قبل اللبس وديعة وبعده عارية وهو المشهور
عند الشافعية ولهم وجه اخر مخرج من السوم انه مقبوض على توقع الانتفاع فكما ان المأخوذ على سبيل السوم مقبوض على توقع عقد ضمان كذا هنا قال هذا
القائل لو قيل لا ضمان في السوم أيضا تخريجا مما نحن فيه لم يبعد ولو استعار عنه صندوقا فوجد فيه شيئا فهو أمانة عنده كما لو طير الريح الثوب في داره فلا ضمان فيه
وإن كانت العارية مضمونة الا مع التفريط أو التعدي مسألة قد بينا انه لا يجوز للمحرم ان يستعير الصيد فان استعاره من المحل لم يجز فان قبضه ضمنه
لقوله تعالى بالجزاء ولصاحبه ضمان العارية فان استعار محل من محرم صيدا كان يملكه قبل ان يحرم كان ذلك مبنيا على القولين في زوال ملكه عنه بالاحرام فان قلنا
لما أحرم زال ملكه فقد وجب عليه ارساله فإذا دفعه إلى المحل لم يجز له الا ان المحل لا يضمنه له لأنه ليس يملكه ولا يضمنه لله تعالى لأنه مأذون له في اتلاف الصيد الا انه
إذا تلف ضمنه المحرم لأنه تلف بسبب من جهته وهو تسليمه إلى المحل وان قلنا ببقاء ملك المحرم فيه جاز له اعارته ويكون مضمونا على المحل ضمان العارية لصاحبه
ولو كان المحرم في الحرم والصيد فيه لم يجز له اعارته ولا للمحل استعارته مسألة إذا رد المستعير العارية إلى مالكها أو إلى وكيله برئ من ضمانها وان ردها إلى ملك
مالكها بان حمل الدابة إلى اصطبل المالك وأرسلها فيه أو رد آلة الدار إليها لم يزل عنه الضمان وبه قال الشافعي بل عندنا ان لم يكن العارية مضمونة فإنها تصير بهذا
الرد مضمونة لأنه لم يدفعها إلى مالكها بل فرط بوضعها في موضع لم يأذن له المالك بالرد إليه كما لو ترك الوديعة في دار صاحبها فتلفت قبل ان يتسلمها المالك لأنه
لم يردها إلى صاحبها ولا إلى من ينوب عنه فلم يحصل به الرد كما لو ردها إلى أجنبي قال أبو حنيفة إذا ردها إلى ملك المالك صارت كأنها مقبوضة لان رد
العواري في العادة تكون إلى املاك أصحابها فيكون ذلك مأذونا فيه من طريق العادة وهو غلط لأنه يبطل بالسارق إذا رد المسروق إلى الحرز ولا نعرف العادة
التي ذكرها فيبطل ما قاله المبحث الثالث في التنازع مسألة إذا اختلف المالك والمستعير فقال المالك اجرتك هذه العين مدة
كذا بكذا وقال المستعير بل أعرتنيها والعين باقية بعد انقضاء المدة بأسرها أو بعضها مما له اجرة في العادة قال الشيخ (ره) في الخلاف القول قول المستعير
وبه قال أبو حنيفة لأنهما اتفقا على أن تلف المنافع كان على ملك المستعير لان المالك يزعم أنه ملكها بالإجارة والمستعير يزعم أنه ملكها بالاستيفاء لان المستعير
يملك بذلك وقد ادعى على عوض ما تلف على ملكه والأصل عدم وجوبه فكان القول قوله ولان الأصل براءة الذمة والمالك يدعي شغلها فيحتاج إلى البينة
وقال المالك القول قول المالك مع اليمين لان المنافع جارية مجرى الأعيان وقد ثبت انه لو كان أتلف عليه عينا كما لو اكل طعامه وقال كنت أبحته لي وأنكر المالك
فان القول قول المالك أو كانت في يده وادعى انه وهبها منه وأنكر صاحبها ذلك وادعى انه باعها منه ان القول قول صاحبها كذا هنا ولان المنافع تابعة للاعيان
216

في الملك فهي بالأصالة لمالك العين فادعا المستعير التفرد بالملكية لها على خلاف الأصل فيحتاج إلى البينة واما الشافعي فقد قال في كتاب العارية انه إذا اختلف
مالك الدابة وراكبها فقال صاحبها آجرتكها بكذا وقال الراكب أعرتنيها ولا اجرة لك علي فالقول قول الراكب وقال في كتاب المزارعة ولو اختلف الزارع وصاحب
الأرض وادعى صاحب الأرض انه اجره إياها وادعى الزارع انه اعاره إياها ان القول قول صاحب الأرض واختلف أصحابه في ذلك فقال أبو إسحاق وجماعة انه لا فرق
بين المسئلتين وان فيها قولين ونقلوا جوابه من كل واحدة منهما إلى الأخرى ومنهم من قال إن المسئلتين مختلفتين وفرق بينهما بان العادة جارية بان الدواب
تعار فكان الظاهر من الراكب ولم تجر العادة باعارة الأرضين فكان الظاهر مع صاحبها قال الأولون هذا ليس بصحيح لان مثل هذه العادة لا اعتبار بها في التداعي
ولهذا اختلف العطار والدباغ في آلة العطر لا يرجح قول العطار وإن كانت العادة جارية بان آلة العطار لا تكون للدباغ وفرقوا بين هذه المسألة وبين ما إذا
غسل ثوبه غسال أو خاطه خياط ثم قال فعلته بالأجرة وقال المالك بل فعلت ذلك مجانا فان القول قول المالك مع يمينه قولا واحدا لان الغسال فوت منفعة نفسه
ثم ادعى لها عوضا على الغير وهناك المتصرف فوت منفعة مال الغير وأراد اسقاط الضمان عن نفسه فلم يقبل إذا عرفت هذا فان قلنا القول قول المستعير
فحلف على نفي الإجارة كفاه وسقط عنه المطالبة ورد العين وان نكل حلف المالك واستحق بيمينه المسمى لان اليمين مع النكول إما ان يكون بمنزلة البينة أو الاقرار
وأيهما كان يثبت به المسمى وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه اخر ضعيف انه يستحق أجرة المثل لان الناكل ينفي أصل الإجارة فيقع يمين المدعي على اثباته وليس
هذا الوجه عندي بعيدا من الصواب وان قلنا القول قول المالك مع يمينه فإنه يحلف على نفي الإعارة التي تدعي عليه ولا يتعرض لاثبات الإجارة لأنه مدع
فيها وهو قول بعض الشافعية فحينئذ إذا حلف على نفي الإعارة فالأقوى عندي ان المستعير يحلف على نفي الإجارة فإذا حلف ثبت للمالك أقل الأمرين من أجرة المثل
والمسمى لأنه إن كانت أجرة المثل أقل فهو لم يقم حجة على الزيادة وإن كان المسمى أقل فقد أقر بأنه لا يستحق الزيادة وقال بعض الشافعية إذا حلف المالك على نفي
الإعارة استحق أقل الأمرين من أجرة المثل والمسمى ان لم يحلف المستعير قال وان قلنا إن المالك يحلف على اثبات الإجارة ونفي الإعارة ويجمع بينهما في يمينه
ففيما يستحقه وجهان أحدهما المسمى اتماما لتصديقه وأظهرهما وهو مقتضى منصوص الشافعي في الام أجرة المثل لأنهما لو اتفقا على الإجارة واختلفا في
الأجرة كان الواجب أجرة المثل فإذا اختلفا في أصل الإجارة كان أولي والجويني حكى الوجه الثاني على غير ما ذكر بل حكى بدله انه يستحق أقل الأمرين لما تقدم قال
والتعرض للإجارة على هذا ليس لاثبات المال الذي يدعيه لكن لينتظم كلامه من حيث إنه اعترف بأصل الاذن فحصل فيما يستحقه ثلاثة أوجه ولو نكل المالك
عن اليمين المعروضة عليه لم ترد اليمين على الراكب والزارع لأنهما لا يدعيان حقا على المالك حتى يثبتاه باليمين وانما يدعيان الإعارة وليست حقا لازما على
المعير وقال بعض الشافعية انها ترد ليتخلص من الغرم مسألة لو وقع هذا الاختلاف عقيب العقد قبل انقضاء مدة لمثلها اجر فالقول هنا قول المستعير
مع اليمين فإذا حلف على نفي الإجارة سقط عنه دعوى الأجرة واسترد المالك العين وان نكل حلف المالك اليمين المردودة واستحق الأجرة وهذا قول
الشافعي أيضا ولا قول له سواه لان الراكب هنا لا يدعي لنفسه حقا ولا أتلف المنافع على المالك والمدعي في الحقيقة هنا هو المالك وإذا تمحضت الدعوى له لم يتعدد
قوله كما يتعدد في الصورة الأولى لان المنافع هناك تلفت تحت يد الراكب وكان القول بسقوطها مجانا بعيدا فلهذا كان له في الصورة الأولى قولان
مسألة لو حصل هذا الاختلاف بعد تلف العين فان تلفت عقيب الاخذ قبل ان يثبت لمثلها اجرة وشرط في العارية الضمان أو قلنا به على مذهب
القائلين بضمان العارية فلا معنى للاختلاف لان صاحبها يدعي الإجارة وقد انفسخت بتلفها فالمستعير يقر بالقيمة ويعترف باستحقاقها في ذمته والمالك
ينكرها ليس للمالك حينئذ المطالبة بها ولو لم نقل بالضمان في العارية ولا شرطه المالك فلا بحث هنا لان كل واحد منهما يعترف ببرائة ذمة المستعير وان تلفت
بعد مضي مدة لمثلها اجرة مع شرطه الضمان أو القول به فالمستعير يقر بالقيمة والمالك ينكرها ويدعي الأجرة فتبنى على الخلاف بين العامة في أن اختلاف الجهة
هل يمنع الاخذ ان قلنا نعم سقطت القيمة برده والقول في الأجرة قول المالك أو المستعير على الخلاف الذي تقدم في الحالة الأولى وان قلنا إن اختلاف
الجهة لا يمنع الاخذ فإن كانت الأجرة مثل القيمة أو أقل اخذها بغير يمين وإن كانت أكثر اخذ قدر القيمة وفي المصدق في الزيادة الخلاف المتقدم
مسألة لو انعكس هذا الاختلاف فادعى المالك الإعارة والمتصرف الإجارة فإن كانت العين باقية وكان الاختلاف عقيب التسليم قبل مضي مدة لمثلها اجرة
كان القول قول المالك لان المتصرف يدعي عليه عقدا واستحقاق منفعة والمالك ينكره وإذا لم يكن بينة كان القول قول المنكر مع اليمين ثم تسترد العين
وان نكل حلف المتصرف واستحق المنفعة المدة والامساك طولها وإن كان بعد مضي مدة الإجارة فلا معنى للاختلاف لأنهما اتفقا على وجوب ردها والمتصرف يقر
للمالك بالأجرة والمالك ينكرها وإن كان بعد مضي المدة فالقول قول المالك لان الأصل عدم استحقاق الغير منفعة مال الغير فإذا حلف على نفي
الإجارة اخذ العين وليس له مطالبته بالأجرة عما مضى من المدة لأنه ينكرها والمتصرف معترف له بها هذا إذا
كان الاختلاف والعين باقية واما ان اختلفا والعين
تالفة فإن كانت الاختلاف عقيب القبض قبل انقضاء مدة لمثلها اجرة فالمالك هنا يدعي قيمتها على المتصرف مع شرط الضمان عندنا ومطلقا عند الشافعي
والمتصرف ينكرها فيقدم هنا قول المالك مع اليمين لأنهما اختلفا في صفة القبض والأصل فيما يقبضه الانسان من مال غيره الضمان لقوله (ع) على اليد ما أخذت
حتى تؤديه وإن كان الاختلاف بعد مضي المدة فالمتصرف يقر بالأجرة والمالك يدعي عليه القيمة في المضمونة فإن كانت القيمة بقدر الأجرة دفع إليه من غير يمين
لاتفاقهما على استحقاق ذلك المقدار وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يثبت الأجرة لأنه لا يدعيها ويكون القول قوله في وجوب القيمة وإن كانت
أقل كان في قدرها الوجهين وإن كانت أكثر كان قدر الأجرة منهما على الوجهين والباقي يستحقه بيمينه فإن كان التلف في أثناء المدة فقد أقر له ببعض الأجرة
وهو يدعي القيمة والحكم في ذلك على ما ذكر مسألة لو ادعى المالك الغصب والمتصرف الإعارة والعين باقية قايمة ولم يمض مدة لمثلها اجرة فلا معنى
لهذا الاختلاف إذا لم تفت العين فلا المنفعة ويرد التصرف العين إلى المالك وان مضت مدة لمثلها اجرة فالأقوى ان القول قول المالك مع يمينه لما تقدم
من أصالة تبعية المنافع للاعيان في التملك فالقول قول من يدعيها مع اليمين وعدم البينة لان المتصرف يدعي انتقال المنفعة إليه بالإعارة وبراءة
ذمته من التصرف في مال الغير فعليه البينة وقال الشيخ (ره) في الخلاف القول قول المتصرف وهو أحد أقوال الشافعي نقله المزني عنه لان المالك يدعي عليه
عوضا والأصل براءة ذمته منه ولان الظاهر من اليد انها بحق فكان القول قول صاحبها وليس بجيد لما بينا من أصالة تبعية المنافع للاعيان ولأصالة عدم
217

الاذن وكما أن الظاهر أن اليد بحق كذا الظاهر التبعية ولأصحاب الشافعي هنا ثلاثة طرق أظهرها ان الحكم هنا على ما تقدم في المسألة السالفة فيفرق بين الدابة
والأرض على طريق ويجعلان على قولين في طريق لان المالك ادعى أجرة المثل هنا كما ادعى المسمى في الإجارة هناك والأصل براءة الذمة والثاني القطع بان القول
قول المالك بخلاف تلك المسألة لأنهما متفقان على الاذن هناك وهنا المالك منكر له والأصل عدمه ومن قال بهذا خطأ المزني في النقل قال أبو حامد لكنه
ضعيف لان الشافعي نص في الام على ما رواه المزني والثالث القطع بان القول قول المتصرف لأن الظاهر من حال المسلم انه لا يتصرف الا على وجه جايز هذا إذا
تنازعا والعين باقية مسألة لو وقع هذا الاختلاف وقد تلفت العين فان هلكت بعد انقضاء مدة لمثلها اجرة فالمالك يدعي أجرة المثل والقيمة
بجهة الغصب والمتصرف ينكر الأجرة ويقر بالقيمة بجهة العارية إن كانت مضمونة فالحكم في الأجرة على ما تقدم مع بقاء العين واما القيمة فإنه يحكم فيها
يقول المتصرف لأصالة براءة ذمته من الزايد عن القيمة وقت التلف ان أوجبنا على الغاصب أعلى القيم وقال بعض الشافعية ان قلنا إن اختلاف الجهة يمنع الاخذ
فلا يأخذ المالك الا باليمين وان قلنا لا يمنع فان قلنا العارية تضمن ضمان الغصب أو لم نقل به لكن كانت قيمته يوم التلف أكثر اخذها باليمين وإن كانت
قيمته يوم التلف أقل اخذها بغير يمين وفي الزيادة يحتاج إلى اليمين وان هلكت عقيب القبض قبل مضي وقت يثبت لمثله اجرة لزمه القيمة ثم قياس القول الأول
ان يقال إن جعلنا اختلاف الجهة مانعا من الاخذ حلف والا اخذ بغير يمين وقضية ما قاله الجويني في مسألة التنازع بين الإجارة والعارية انه لا يخرج على ذلك
الخلاف لا هذه الصورة ولا ما إذا كان الاختلاف بعد مضى مدة يثبت لمثلها اجرة قال لأن العين متحدة ولا وقع للاختلاف في الجهة مع اتحاد العين والظاهر الأول
عندهم وإن كانت العارية غير مضمونة فان القول قول المالك في عدم الإعارة وقول المتصرف في عدم الغصب لئلا يضمن ضمان الغصب ثم يثبت على المتصرف بعد
حلف المالك على نفي الإعارة قيمتها وقت التلف مسألة لو انعكس الفرض فقال المالك أعرتكها وقال المتصرف بل غصبتها فلا فايدة في هذا الخلاف لان
المتصرف يقر بالضمان والمالك ينكره إن كانت العارية غير مضمونة وإن كانت مضمونة فإنه ينكر ضمان الغصب وان مضت مدة لمثلها اجرة فالمالك ينفي استحقاق
العوض عنها والمتصرف يعترف له بها ولو قال المالك غصبتها وقال المتصرف بل آجرتني فإن كانت العين باقية ولم تمض مدة لمثلها اجرة فالأقوى التحالف إما
حلف المتصرف على نفي الغصب فلنفي زيادة الضمان ان أوجبنا أعلى القيم واما حلف المالك فلنفي استحقاق المتصرف المنافع المدة التي ادعاها المتصرف
وقالت الشافعية تفريعا على أصح الأقوال عندهم انه إن كانت العين باقية ولم تمض مدة لمثلها اجرة قدم قول المالك فإذا حلف أسترد المال فان مضت مدة لمثلها
اجرة فالمالك يدعي أجرة المثل والمتصرف يقر له بالمسمى فان استويا أو كانت أجرة المثل أقل أخذه بغير يمين وإن كانت أجرة المثل أكثر أخذه قدر المسمى بغير يمين والزيادة
باليمين قال بعض الشافعية ولا يجئ هنا خلاف اختلاف الجهة كما لو ادعى المالك فساد الإجارة والمتصرف صحتها يحلف المالك ويأخذ أجرة المثل وإن كان الاختلاف
بعد بقاء العين مدة في يد المتصرف وتلفها فالمالك يدعي أجرة المثل والقيمة والمتصرف يقر بالمسمى وينكر القيمة فللمالك أخذ ما يقر به بغير يمين وأخذ ما
ينكره باليمين ولو قال المالك غصبتني وقال المتصرف بل أودعتني فالقول قول المالك مع اليمين ان لم نوجب أعلى القيم وان أوجبناه حلف كل منهما على نفي ما
أدعاه الأخر ويثبت الضمان على المتصرف فان تلفت العين اخذ المالك المثل إن كان مثليا والقيمة إن كانت من ذوات القيم وأجرة المثل ان مضت مدة لمثلها
اجرة مسألة لو ادعى المستعير تلف العين وأنكر المالك قدم قول المستعير مع اليمين لأنه مؤتمن وربما تعذرت البينة عليه ولو ادعى المستعير الرد وأنكر المالك قدم قول
المالك مع اليمين لأصالة عدم الرد وعدم براءة الذمة بعد شغلها فان المستعير يدعي اسقاط ما ثبت في ذمته ولو تنازعا في القيمة بعد وجوب الضمان بالتفريط أو
التضمين قدم قول المستعير مع اليمين لأنه منكر لما يدعيه المالك من الزيادة ولو تنازعا في التفريط وعدمه قدم قول المستعير لأصالة براءة ذمته وعدم الضمان
فروع أ قد بينا انه ليس للمستعير ان يعير فان فعل فللمالك الرجوع بأجرة المثل على من شاء منهما فان رجع على المستعير لم يرجع المستعير على المعير وإن كان جاهلا
على اشكال وان رجع على المعير كان له الرجوع على المستعير العالم وفي الجاهل اشكال وكذا العين ب لو انتفع المستعير باستعمال العين بعد رجوع المالك في العارية
فإن كان عالما برجوعه كان ضامنا للعين والمنفعة معا ولو كان جاهلا احتمل ذلك أيضا لان الاستعمال منوط بالاذن وقد زال وعدم الضمان ج لو مات المستعير وجب
على ورثته رد العين وان لم يطالب المعير لأنه مال حصل في يدهم لغيرهم فيجب عليهم دفعه إليه مسألة يجوز الإعارة للارهان لأنها منفعة مباحة مطلوبة للعقلاء
فوجب تسويغها توسعة على المحاويج بالمباح قال ابن المنذر اجمعوا على أن الرجل إذا استعار من الرجل شيئا ليرهنه عند الرجل على شئ معلوم إلى وقت معلوم فرهن
ذلك على ما اذن له فيه ان ذلك جايز لأنه استعاره ليقضي به حاجته فصح كغيره من العواري ولا يعتبر العلم بقدر الدين وجنسه لان العارية لا يعتبر فيها العلم وبه
قال أبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لأنها عامة لجنس من النفع فلم يعتبر معرفة قدره كعارية الأرض للزرع وقال الشافعي يعتبر ذلك لاختلاف الضرر به وهو ممنوع فان
الزرع كذلك إذا ثبت هذا فان المعير لا يصير ضامنا للدين وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين لأنه استعاره ليقضي منه حاجته فلم يكن ضامنا كسائر العواري
وقال في الأخر انه يصير ضامنا له في رقبة عبده لان العارية ما يستحق به منفعة العين والمنفعة هنا للمالك فدل على أنه ضامن به إذا عرفت هذا فان المعير إذا عين
قدر الدين الذي يرهنه به وجنسه أو عين محلا تعين لان العارية يتعين بالتعيين فان خالفه في الجنس لم يصح لأنه عقد لم يأذن المالك له فيه فلم يصح كما لو لم يأذن له
في رهنه واما ان اذن له في أجل فرهنه إلى أقل من ذلك الاجل فقد خالفه أيضا لأنه قد لا يجد ما يفكه به في ذلك الأمد القليل فيتضرر المالك بالبيع وكذا لو اذن له في المؤجل فرهنه حالا لأنه قد لا يجد ما يفكه به في الحال فيتسلط المرتهن على العين بالبيع ولو اذن له
في رهنه حالا فرهنه مؤجلا لم يصح لأنه قد خالف أيضا لأنه لم يرض ان يحال بينه وبين عينه إلى أجل فلم يصح ولو خالفه في القدر بان اذن له في رهنه على مائة فرهنه على
مائتين لم يصح لان من رضي بقدر من الدين لا يلزمه ان يرضى بأكثر منه وهل يبطل من الرأس أو يصح في القدر المأذون فيه ويبطل في الزايد بحيث لو رضي المرتهن على رهنه بالعين؟
لزمه اشكال أقربه ذلك إما لو رهنه على خمسين فإنه يجوز قطعا لان من رضي بمائة رضي بخمسين التي هي أقل عرفا فأشبه ما إذا امره بالشراء بعشرة فاشترى بخمسة مسألة
إذا اعاره للرهن فرهنه كان للمالك مطالبة المستعير بفك الرهن في الحال سواء كان بدين حال أو مؤجل لان العارية عقد جايز من الطرفين للمالك الرجوع فيها متى
شاء فإذا حل الدين أو كان حالا فلم يفكه الراهن جاز بيعه في الدين لان ذلك مقتضى الرهن فإنه وثيقة على الدين وانما يتحقق هذا المعنى بامكان حصول الدين من
العين عند الامتناع من الأداء وانما يثبت ذلك ببيعه فكان البيع سايغا فإذا بيع في الدين رجع المالك بأكثر الامرين من القيمة ومن الثمن الذي بيعت فيه لان
القيمة إن كانت أكثر فهو المستحق للمالك لأنها عوض عينه وإن كان الثمن أكثر فهو عوض العين أيضا ولو تلفت العين في يد المرتهن بغير تفريط فلا ضمان عليه لان الرهن لا
218

يضمن من غير تعد والأقرب عندي ان المستعير يضمن لأنه استعار عارية هي في معرض الاتلاف ولو استعار عبدا من اثنين فرهنه بمائة ثم قضى خمسين
على أن يخرج حصة أحدهما من الرهن لم يخرج لأنه رهنه بجميع الدين في صفقة فلا ينفك بعضه بقضاء بعض الدين كما لو كان العبد لواحد هذا إذا كان الرهن
على جميع الدين وعلى كل جزء منه مسألة لو استعار الدراهم للانفاق بلفظ العارية فالأقرب انها عارية فاسدة لان مقتضى العارية الانتفاع بالعين مع بقائها
لمالكها فحينئذ ليس له ان يشتري بها شيئا لان العارية قد فسدت ولم يحصل هناك قرض ويحتمل استباحة التصرف عملا بالاذن وقال أصحاب الرأي أنه يكون قرضا
فعلى ما قلناه يكون أمانة محضة كالعارية الصحيحة وعند القائلين بضمان العارية الصحيحة تكون الفاسدة مضمونة أيضا لو استعار شيئا واذن المالك له
في اجارته مدة معلومة أو في عاريته جاز مطلقا ومدة معينة لان الحق لمالكه فاستباح ما اذن له فيه وليس للمعير الرجوع في العارية بعد عقد الإجارة حتى ينقضي المدة
لتعلق حق المستأجر بها وعقد الإجارة لازم ويكون العين غير مضمونة على المستأجر ولا على المستعير عندنا وعند العامة تكون مضمونة بناء على ضمان
العواري ولو اجر المستعير بغير اذن بطلت الإجارة وكان للمالك الرجوع بالأجرة على من شاء منهما فان أجاز الإجارة كان له المسمى وان لم يجز كان له أجرة المثل
مسألة لا يجوز للمعير الرجوع في العارية إذا حصل بالرجوع ضرر بالمستعير لا يستدرك كما لو اعاره لوحا يرقع به السفينة فرقعها به ثم يجج في البحر لم يجز للمعير
هنا الرجوع ما دامت السفينة في البحر لما فيه من خوف الغرق الموجب لذهاب المال أو تلف النفس ويحتمل ان له الرجوع ويثبت له المثل أو القيمة مع تعذر المثل
لما فيه من الجمع بين المصالح وله الرجوع لو لم يدخل السفينة في البحر أو خرجت منه لعدم التضرر فيه ولو اعاره حايطا ليضع عليه أطراف خشبه جاز له الرجوع قبل
الوضع اجماعا وبعده مع الأرش ما لم يكن الأطراف الأخر مبنية في ملك المستعير ويؤدي إلى خراب ما بناه المستعير عليه ففيه خلاف ولو قال المعير انا ادفع إليه أرش ما نقص بالقلع لم يجب على المستعير اجابته ان منعنا الرجوع هنا لأنه إذا
قلعه انقلع ما في ملك المستعير منه ولا يجب على المستعير قلع شئ من ملكه بضمان القيمة وقد سبق مسألة لو انفذ رسولا إلى شخص ليستعير منه دابة
يمضي عليها إلى قرية معينة فمضى الرسول وكذب في تعيين القرية وأخبر المالك بان المستعير يطلب الدابة إلى قرية أخرى فدفع المالك دابته إليه فان خرج بها المستعير
إلى ما عينه الرسول وكذب فيه فتلفت لم يكن على أحد ضمان لان صاحبها أعار الدابة إلى ذلك الموضع ولو خرج بها المستعير إلى ما طلبه المستعير وقاله لرسوله
فتلفت ضمن المستعير لان المالك انما اذن فيما اخبره الرسول لا فيما طلبه المستعير فيكون المستعير قد تجاوز الاذن فكان ضامنا سواء عرف المستعير بالحال
أو لا واما الرسول فلا ضمان عليه لان التلف حصل في يد المستعير فاستقر الضمان عليه المقصد الثالث في الشركة وفيه فصول الأول
الماهية الشركة هي اجتماع حقوق الملاك في الشئ الواحد على سبيل الشياع أو استحقاق شخصين فصاعدا على سبيل الشياع أمرا من الأمور وسبب الشركة
قد يكون إرثا أو عقدا أو مزجا أو حيازة بان يقتلعا شجرة أو يفترقا ماء دفعة بآينة فكل ما هو ثابت بين اثنين فصاعدا مشاع بينهما يقال إنه مشترك بينهما وهو
ينقسم إلى عين ومنفعة وحق وبالجملة فهو ينقسم إلى ما لا يتعلق بالمال كالقصاص وحد القذف ومنفعة كلب الصيد الباقي من مورثهم والى ما يتعلق
بالمال وهو إما ان يكون عينا ومنفعة كما لو ورث اثنان أو جماعة مالا أو غنموه أو اشتروه في عقد واحد أو متعدد أو اتهبوه أو قبلوا الوصية به أو الصدقة
واما ان يكون مجرد منفعة كما لو استأجروا عبدا واوصى لهم بسكنى دار واما ان يكون مجرد عين خالية عن المنفعة كما لو ورثوا عبدا موصى بخدمته
وجميع منافعه على التأبيد واما حق يتوسل به إلى مال كالشفعة التي يثبت لجماعة وخيار الشرط وخيار الرد
بالعيب والرهن ومرافق الطرق وعلى كل تقدير فالشركة
قد تحدث بغير اختيار الشريك كما لو ورثوا مالا وامتزج مالاهما بغير اختيارهما أو باختيارهما كما لو مزجا المالين أو اشتركا في الشراء والمقصود في هذا المقصد
البحث عن الشركة الاختيارية المتعلقة بالتجارة وتحصيل الربح والفايدة مسألة الشركة جايزة بالنص والاجماع إما النص فمن الكتاب والسنة إما الكتاب
فقوله تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل أضاف الغنيمة إليهم وجعل الخمس مشتركا بين الأصناف
المذكورين وقوله تعالى فان كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث وقال تعالى وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين امنوا وعملوا الصالحات
والخلطاء هو الشركاء في أمثال ذلك واما السنة فما رواه العامة عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله قال من كان له شريك في ربع أو حايط
فلا يبعه حتى يؤذن شريكه وعن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال انا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما يعني ان البركة
تنزع من مالهما وكان ابن السايب شريكا للنبي صلى الله عليه وآله قبل المبعث وافتخر بشركته بعد المبعث فلم ينكر عليه وكان البراء ابن عازب وزيد بن أرقم شريكين
فاشتريا فضة بنقد ونسية فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فأمرهما ان كل ما كان بنقد فأجيزوه وما كان نسية فردوه ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم في
الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل يشاركه الرجل في السلعة قال إن ربح فله وان وضع فعليه وعن الحسين بن المختار أنه سأل الصادق (ع) عن
الرجل يكون له الشريك فيظهر عليه انه قد اختان منه شيئا أ له ان يأخذ منه مثل الذي أخد من غير أن يبين ذلك فقال سترة لهما اشركا بأمانة الله اني لا أحب له
ان رأى شيئا من ذلك ان يستر عليه وما أحب له ان يأخذ منه شيئا بغير علمه والاخبار في ذلك كثيرة ومن طرق العامة وطرق الخاصة واما الاجماع فإنه لا خلاف
بين المسلمين في جوازها على الجملة وان اختلفوا في أنواع منها مسألة الشركة على أربع أنواع شركة العنان وشركة الأبدان وشركة المفاوضة وشركة
الوجوه فاما شركة العنان فان يخرج كل مالا ويمزجاه ويشترطا العمل فيه بأبدانهما واختلفوا في اخذها من اي شئ فقيل أخذت من عنان الدابة إما الاستواء
الشريكين في ولاية الفسخ والتصرف واستحقاق الربح على قدر رأس المال كاستواء طرف العنان أو تساويا الفارسين إذا سويا بين فرسيهما وتساويا في السير يكونان
سواء واما لان كل واحد منهما يمنع الأخر من التصرف كما يشتهي ويريد كما يمنع العنان الدابة واما لان الاخذ بعنان الدابة حبس إحدى يديه على العنان ويده
الأخرى مطلقة يستعملها كيف شاء كذلك الشريك بالشركة منع نفسه عن التصرف في المشترك كما يشتهي وهو مطلق اليد والتصرف في ساير أمواله وقيل هي مأخوذة
من الظهور يقال عن الشئ إذا ظهر إما لأنه أظهر لكل واحد منهما مال صاحبه وإما لأنه أظهر وجوه الشركة ولذلك وقع الاجماع من العلماء على صحتها واختلفوا
في غيرها وقيل إنها مأخوذة من المعانة وهي المعاوضة لان كل واحد منهما يخرج ماله في معاوضة اخراج الأخر فكل واحد من الشريكين معارض لصاحبه بماله
وفعاله وقال الفراء انها مأخوذة من عن الشئ إذا عرض يقال عنت لي حاجة إذا عرضت فسميت بذلك لان كل واحد منهما عن له ان يشارك صاحبه واما شركة
الأبدان فان يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبون بأيديهم كالصناع يشتركون على أن يعملوا في صناعتهم فما رزق الله تعالى فهو بينهم على التساوي أو التفاوت واما
219

شركة المفاوضة فهو ان يشتركا ليكون بينهما ما يكتسبان ويربحان ويلتزمان من غرم ويحصل لهما من غنم فيلتزم كل واحد منهما ما يلزم الأخر من أرش الجناية
وضمان غصب وقيمة متلف وغرامة الضمان أو كفالة ويقاسمه فيما يحصل له من ميراث أو يجده من ركاز أو لقطة أو يكتسبه في تجارته بماله المختص به قال
صاحب اصلاح المنطق شركة المفاوضة ان يكون مالهما من كل شئ يملكانه بينهما واما شركة الوجوه فقد فسرت بمعاني أشهرها ان صورتها ان يشترك
اثنان وجيهان عند الناس لا مال لهما ليبتاعا في الذمة إلى أجل على انما يبتاعه كل واحد منهما يكون بينهم فيبيعاه ويوديا الأثمان فما فضل فهو بينهما وقيل إن
يبتاع وجيه في الذمة ويفوض بيعه إلى خامل ويشترطا ان يكون الربح بينهما وقيل إن يشترك وجيه لا مال له وخامل ذو مال ليكون العمل من الوجيه والمال
من الخامل ويكون المال في يده لا يسلمه إلى الوجيه والربح بينهما وقيل إن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ليكون بعض الربح له مسألة لا يصح شئ من أنواع
الشركة سوى شركة العنان وقد بينا ان شركة العنان جايزة وعليه اجماع العلماء في جميع الأعصار واما شركة الأبدان فعندنا باطلة سواء اتفق عملهما
أو اختلف بان يكون كل واحد منهما خياطا ويشتركان في الخياطة أو يكون أحدهما خياطا والاخر نجار أو يعمل كل واحد منهما في صنعته ويكون الحاصل بينهما
وسواء كانت الصنعة البدنية في مال مملوك أو في تحصيل مال مباح كالاصطياد والاحتطاب والاحتشاش وبه قال الشافعي لان كل واحد منهما متميز ببدنه
ومنافعه مختص بفوائده وهذا كما لو اشتركا في ماشيتهما وهي متميزة ليكون الدر والنسل بينهما فإنه لا يصح ولأنها شركة على غير مال فلا يصح كما لو اشتركا
في الاحتطاب والاحتشاش فإنه يصح عند أبي حنيفة وكما لو اختلفت الصنعتان فإنه لا يصح عند مالك ولان الأصل استحقاق كل واحد منهما اجرة عمله
اختصاصه بها ونقله عنه يحتاج إلى دليل ولم يقم وقال أبو حنيفة شركة الأبدان صحيحة الا في الاحتطاب والاحتشاش والاغتنام والاصطياد وبالجملة فإنه
سوغ الشركة في الصناعة ومنعها في اكتساب المباح لان مقتضى الشركة الوكالة ولا تصح الوكالة في هذه الأشياء لان من اخذها ملكا ملكها ولان أكثر ما في هذه
الشركة ان كل واحد منهما يتقبل العمل لصاحبه ثم يشارك كل واحد منهما صاحبه في المال الذي اكتسبه وان لم يكن شاركه في نفس العمل ومثل ذلك جايز الا ترى
ان الرجل إذا استأجر قصارا ليقصر له فسلم الثوب إليه كان له ان يقصره بنفسه وبغيره ويستحق هو الأجرة والأول مسلم الا انا نمنع الشركة في هذه الأشياء وفي غيرها
ونمنع مساواتها للوكالة وقال مالك تصح شركة الأبدان بشرط اتفاق الصنعتين لأنه قال إذا اتفقت الصنعتان وتقارب الكسبان وتدعو الحاجة إلى
ذلك في الصنعة الواحدة دون الصنعتين لان التعاون في الصنعة أمر واقع غالبا وهو ممنوع فان الصانعين قد يختلف صنعتهما ويتفاوت ويتقارب في الجنسين
واما الحاجة فالإجارة تكفي للاستعانة فلا حاجة إلى الشركة وقال أحمد بن حنبل تجوز شركة الأبدان في جميع الأشياء سواء اختلفت الصنعتان أو اتفقت وسواء كان
في مال أو في تحصيل مباح كالاحتطاب وشبهه لان سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر اشتركوا فيما يغتنمونه فاتى سعد بأسيرين ولم يأتيا
بشئ فأقرهم النبي صلى الله عليه وآله قال احمد اشترك النبي صلى الله عليه وآله بينهم وهو غلط لان غنايم بدر كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله فكان له ان يدفعها إلى من شاء فيحتمل ان يكون
فعل ذلك لهذا وأيضا فالغنايم مشتركة بين الغانمين بحكم الله تعالى فكيف يصح اختصاص هؤلاء بالشركة فيها وأيضا فلا نسلم ان سعد أعطاهم على سبيل الوجوب
بل أراد التبرع والوفاء بالوعد الذي لا يجب انجازه إما على سبيل اللزوم فلا واعلم أن المذهب المشهور للشافعي ما نقلناه عنه أو لا من موافقة مذهبنا في
بطلان شركة الأبدان وقال بعض الشافعية ان للشافعي في هذه المسألة قولا اخر انها جايزة لان الشافعي قال في كتاب الاقرار ولو أقر أحد الشريكين على صاحبه
بمال قبل اقراره سواء كانا شريكين في المال أو العمل وقال غيره هذا ليس بقول اخر لأنه لا يتضمن صحة الشركة وعن أحمد رواية أخرى كمذهب مالك من صحة شركة الأبدان
مع اتفاق الصنعة وبطلانها مع الاتفاق لان مقتضى الشركة هنا ان ما يقبل كل واحد منهما من العمل لزمه ولزم صاحبه ويطالب به كل واحد منهما فإذا تقبل أحدهما شيئا
مع اختلاف صنايعهما لم يكن للاخر ان يقوم به وكيف يلزمه عمله أم كيف يطالب بما لا قدرة له عليه مسألة وشركة المفاوضة عندنا باطلة وليس لها أصل في
الشرع وبه قال الشافعي ومالك وإسحاق وأبو ثور لأنه عقد قد اشتمل على غرر عظيم لان ما يلزم أحدهما من غرامة يلزم الأخر والعقد يفسد بأقل من هذا غررا كبيع
الثمرة قبل خروجها أو قبل بدو صلاحها عند جماعة واستيجار الأرض ببعض ما يخرج منها ولهذا لا يصح بين المسلم والكافر عندهم ولا بين الحر والمكاتب وقال أبو حنيفة
والثوري والأوزاعي انها صحيحة ورواه أصحاب مالك عن مالك أيضا وشرط أبو حنيفة أمورا آ أن يكون الشريكان مسلمين حرين فلا يصح شركة المفاوضة
بين المسلم والكافر ولا بين الكافرين ولا بين الحر والعبد ب ان يكون مالهما في الشركة سواء ج ان يستعملا لفظ المفاوضة فيقولا تفاوضنا أو اشتركنا شركة
المفاوضة د ان يستويا في قدر رأس المال ه‍ ان لا يملك واحد منهما من جنس رأس المال الا ثلاثة أشياء قوت يومه وثياب بدنه وجارية يتسرى بها وان يخرجا جميع
ما يملكانه من جنس مال الشركة وهو الدراهم والدنانير لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا تفاوضتم فاحسنوا المفاوضة ولأن هذه نوع شركة يختص باسم فكان
فيها صحيح كشركة العنان والحديث ممنوع لأنه لم يروه صاحب السنن ثم ليس فيه ما يدل على أنه أراد هذا العقد فيحتمل انه أراد المفاوضة في الحديث ولهذا روى
فيه ولا تجادلوا فان المجادلة من الشيطان والقياس منقوض ببيع الحصاة فإنه لا يصح وكذا بيع المنابذة وغيرهما من البيوع الباطلة فإنها تختص باسم وهي فاسدة
ولا يقتضي اختصاصها بالاسم الصحة مع قيام الفرق بين الأصل والفرع فان شركة العنان تصح بين الكافرين والكافر والمسلم بخلاف هذه الشركة واعلم أن عند أبي
حنيفة لشركة المفاوضة موجبات فمنها ان يشارك أحدهما صاحبه في جميع ما يكتسبه ويشاركه فيما يلزمه من الغرامة كالغصب والكفارة وإذا ثبت لأحدهما شفعة
شاركه صاحبه وما ملك أحدهما بإرث أو هبة لا يشاركه الأخر فيه فإن كان فيه من جنس رأس المال شئ فسدت شركة المفاوضة وانقلبت إلى شركة العنان وما
لزم أحدهما بغصب أو بيع فاسد أو اتلاف كان مشتركا الا الجناية على الحر وبذل الخلع والصداق إذا لزم أحدهما لم يؤاخذ به الأخر قال الشافعي في اختلاف أبي حنيفة
وابن أبي ليلى لا اعلم شيئا في الدنيا يكون باطلا ان لم يكن شركة المفاوضة باطلة يعنى لما فيها من أنواع الغرر والجهالات الكثيرة مسألة شركة الوجوه عندنا
باطلة وبه قال الشافعي ومالك لما تقدم في شركة الأبدان وقال أبو حنيفة انها صحيحة لما تقدم من أنها نوع شركة اختصت باسم وقد سبق إذا عرفت هذا
فان اذن أحدهما للاخر في الشراء فاشترى لها وقع الشراء عنهما وكانا شريكين لأنه وكيل له اشترى له باذنه ويشترط فيه اعتبار شرايط الوكالة لما رواه داود الابزاري
عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل اشترى بيعا ولم يكن عنده نقد فاتى صاحبا له فقال انقد عني والربح بيني وبينك فقال إن كان ربح فهو بينهما
وإن كان نقصان فعليهما وعن إسحاق بن عمار عن العبد الصالح الكاظم (ع) أنه قال الرجل يدخل الرجل على السلعة فيقول اشترها ولي نصفها فيشتريها
220

الرجل وينقد من ماله قال له نصف الربح قلت فان وضع يلحقه من الوضيعة شئ قال عليه من الوضيعة كما اخذ من الربح الفصل الثاني في أركان الشركة
وهي ثلاثة الأول المتعاقدان ويشترط في كل منهما البلوغ والعقل والاختيار والقصد وجواز التصرف والضابط أهلية التوكل والتوكيل لان كل واحد
من الشريكين متصرف في جميع المال إما فيما يخصه فبحق الملك واما في مال غيره فبحق الاذن من ذلك الغير فهو وكيل عن صاحبه وموكل لصاحبه بالتصرف في ماله فلا يصح وكالة
الصبي لعدم اعتبار عبارته في نظر الشرع ولا المجنون لذلك ولا السفيه ولا المكره ولا الساهي والغافل والنائم ولا المفلس المحجور عليه لأنه ممنوع من جهة
الشرع من التصرف في أمواله ولا فرق بين ان يأذن من له الولاية عليهم في ذلك أو لا الا المفلس فإنه إذا اذن له الحاكم في التوكيل أو التوكل جاز وكذا السفيه
مسألة يكره مشاركة المسلم لأهل الذمة من اليهود والنصارى والمجوس وغير أهل الذمة من سائر أصناف الكفار عند علمائنا وبه قال الشافعي لما رواه
العامة عن عبد الله بن عباس أنه قال أكره ان يشارك المسلم اليهودي ولم يعرف له مخالف في الصحابة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن رئاب في الصحيح عن الصادق (ع)
قال لا ينبغي للرجل المسلم ان يشارك الذمي ولا يبضعه بضاعة ولا يودعه وديعة ولا يصافيه المودة ولان أموال اليهود والنصارى ليست بطيبة فإنهم
يبيعون الخمور ويتعاملون بالربا فكرهت معاملتهم وقال الحسن البصري والثوري وأحمد بن حنبل لا بأس بمشاركة اليهودي والنصراني ولكن لا يخلو اليهودي
والنصراني بالمال دونه يكون هو الذي يليه لما رواه العامة عن عطا قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن مشاركة اليهودي والنصراني الا ان
يكون الشراء والبيع بيد المسلم ومن طريق الخاصة ما رواه السكوني عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (ع) كره مشاركة اليهودي والنصراني والمجوسي
الا أن تكون تجارة حاضرة لا يغيب عنها ولان العلة في كراهة ما يخلو به معاملتهم بالربا وبيع الخمر والخنزير وهذا منتف فيما حضره المسلمون أو تولوه بأنفسهم
والخبران ممنوعان بضعف السند مع انا نقول بموجبهما وهو ان يكون المال أصله من المسلم بان يبيعه في ذمته ويعامل به بالوكالة من غير أن يباشر الكافر التصرف
واما إذا كان للكافر مال فان المعنى الذي استخرجوه في المنع ثابت فيه لان أصل أموالهم من التصرفات المحرمة
والذي احتجوا به من كون النبي صلى الله عليه وآله
قد عاملهم ورهن درعه عند يهودي على شعير اخذه لأهله وأرسل إلى اخر يطلب منه قرضا إلى الميسرة واضافه يهودي والنبي صلى الله عليه وآله لا يأكل ما ليس
بطيب لا حجة فيه لجواز ان يكون (ع) علم الطيب في ذلك خاصة وهذا المعنى غير ثابت في حق غيره مسألة لو شاركه المسلم فعل مكروها فإذا اشترى شيئا بمال
الشركة كان على أصل الإباحة مع جهالة المسلم بالحال أو علمه بالحلال إما لو علم أنه اشترى به أو عامل في الحرام كالربا وبيع المحرمات فإنه يقع فاسد وعلى الذمي الضمان
لان عقد الوكيل يقع عندنا للموكل والمسلم لا يثبت ملكه على الخمر والخنزير فأشبه ما لو اشتراه المسلم نفسه واما ما خفي امره ولم يعلم حاله فالأصل اباحته وحله
واما المجوس فحكمهم حكم أهل الذمة في كراهة مشاركتهم وقال احمد يكره معاملة المجوس ومشاركتهم وان نفى كراهة مشاركة أهل الذمة لان المجوس يستحلون
ما لا يستحله الذمي ولا خلاف في أنه لو عامل المسلم أحد هؤلاء أو شاركهم فإنه يكون تصرفا صحيحا للأصل إذا عرفت هذا فليس بعيدا من الصواب كراهة مشاركة
من لا يتوقى المحرمات كالربا وشراء الخمور من المسلمين أيضا لوجود المقتضي في أهل الذمة فيهم الركن الثاني الصيغة قد بينا ان الأصل عصمة الأموال
على أربابها وحفظها لهم فلا يصح التصرف فيها الا باذنهم وانما يعلم الرضي والاذن باللفظ الدال عليه فاشترط اللفظ الدال على الاذن في التصرف والتجارة
فان اذن كل واحد منهما لصاحبه صريحا فلا خلاف في صحته ولو قال كل منهما اشتركنا واقتصرا عليه مع قصدهما الشركة بذلك فالأقرب الاكتفاء به في تسلطهما على التصرف
به من الجانبين لفهم المقصود عرفا وهو أظهر قولي الشافعية وبه قال أبو حنيفة والثاني انه لا يكفي لقصور اللفظ عن الاذن واحتمال قصد الاخبار عن حصول الشركة
في المال عن غير الاختيار بان يمتزج المالان بغير رضاهما ولا يلزم من حصول الشركة جواز التصرف فإنهما لو ورثا مالا أو اشترياه صفقة واحدة فإنهما يملكانه بالشركة
وليس لأحدهما ان يتصرف فيه الا بإذن صاحبه وبه قال أكثر الشافعية ولو اذن أحدهما لصاحبه في التصرف في جميع المال ولم يأذن الأخر تصرف المأذون في الجميع
وليس للاخر ان يتصرف الا في نصيبه مشاعا وكذا لو اذن لصاحبه في التصرف في الجميع وقال انا لا أتصرف الا في نصيبي مسألة الشركة قد تقع بالاختيار وقد تقع
بالاجبار كما تقدم وكلامنا في الشركة المستندة إلى الاختيار وهي قد تحصل بمزج المالين بالاختيار من غير لفظ فلو امتزج المالان برضاهما حصلت الشركة
الاختيارية وان لم يكن هناك لفظ واما التصرف والاذن فيه والمنع منه فذاك حكم زايد على مفهوم الشركة ولو شرط أحدهما على الأخر ان لا يتصرف الا في
نصيبه لم يصح العقد لما فيه من الحجر على المالك في ملكه ثم الاذن قد يكون عاما بينهما بان يأذن كل منهما لصاحبه في التصرف في جميع المال والتجارة به في جميع الأجناس
أو فيما شاء منهما وقد يكون خاصا كما لو اذن كل منهما لصاحبه في التجارة في جنس واحد أو في بلد واحد بعينه فلا يجوز لأحدهما التخطي إلى غيره الا إذا استلزمه عرفا
وقد يكون عاما لأحدهما وخاصا للاخر فلمن عمم الاذن له التصرف فيما شاء واما الأخر فلا يجوز له ان يتعدى المأذون ولا خلاف في ذلك كله الا في صورة التعميم
منهما أو من أحدهما فان للشافعية وجها ضعيفا فيه انه لا يجوز الاطلاق بل لا بد من التعيين تذنيب لو استعملا لفظ المفاوضة وقصدا شركة العنان جاز
وبه قال الشافعي لان الكناية هنا معتبرة كالصريح الركن الثالث المال مسألة يشترط في المال المعقود عليه الشركة ان يكون متساوي الجنس
بحيث لو مزجا ارتفع الامتياز بينهما وحصل الاشتباه بينهما سواء كان المال من الأثمان أو العروض كما لو مزجا ذهبا بذهب مثله أو فضة بمثلها أو حنطة
بمثلها أو دخنا بمثله إلى غير ذلك مما يرتفع فيه المايز بينهما ولا خلاف في أنه يجوز جعل رأس المال الدراهم والدنانير لأنهما أثمان الأموال والبياعات ولم يزل
الناس يشتركون فيهما من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى وقتنا هذا من غير أن ينكره أحد في صقع من الأصقاع أو عصر من الاعصار فكان اجماعا واما العروض
فعندنا تجوز الشركة فيها مع الشرط المذكور سواء كانت من ذوات الأمثال أو من ذوات القيم وبه قال مالك لان الغرض من الشركة ان يملك أحدهما نصف مال
الأخر ويكون أيديهما عليه وهذا موجود في العروض فصحت الشركة فيها وكره ابن سيرين ويحيى بن أبي كثير والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي
الشركة في العروض ومنع الشافعي وأبو حنيفة من الشركة في العروض التي ليست من ذوات الأمثال لان الشركة لا تخلو إما أن تكون واقعة على الأعيان أو أثمانها
أو قيمتها والأول باطل لان الشركة توجب ان لا يتميز مال أحدهما عن الأخر وان يرجع عند المفاضلة إلى رأس المال ولا مال لهما فيرجع إليه وقد يزيد قيمة جنس
أحدهما دون الأخر فيستوعب بذلك جميع الربح أو ينقص قيمته فيؤدي ذلك إلى أن يشارك الأخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح وان تلف من مال الشركة
يختص به أحدهما وهو مالك العين فيبطل الرجوع إلى أعيانهما والثاني وهو أن تكون الشركة واقعة على أثمانها فهو باطل أيضا لان الأثمان معدومة حال
221

العقد ولا يملكانها ولأنه ان أراد ثمنها الذي اشتراها به فقد خرج عن ملكه وان أراد ثمنها الذي يبيعها به فهو باطل أيضا لان ذلك يكون مضاربة معلقة
بشرط وهو بيع الأعيان ويكون عقد الشركة على ما لا يملكانه حال العقد ويكون أيضا عقد الشركة قد وقع على مال مجهول والثالث وهو ان يكون الشركة واقعة على القيمة فإنه باطل أيضا لان القيمة ليست ملكهما
وهي مجهولة أيضا ولان القيمة قد تزيد في أحدهما قبل بيعه فشاركه الأخر في ثمن العين التي هي ملكه وهو غلط فانا نقول الشركة تقع في الأعيان والرجوع في المفاضلة
كالرجوع عند الامتزاج بغير الاختيار مسألة ويجوز الشركة في العروض التي هي من ذوات الأمثال عند علمائنا وبه قال مالك وللشافعي قولان
وعن أحمد روايتان أحدهما مثل ما قلناه لما تقدم والثاني المنع فإنه لا تصح الشركة الا على أحد النقدين كالمضاربة وهو غلط لان هذا مال له مثل فصح عقد الشركة
عليه إذا لم يتميز كالنقود ولان هذا يؤمن فيه المعاني السابقة المانعة من الشركة فيما لا مثل له لأنه متى تغيرت قيمة أحدهما تغيرت قيمة الأخر بخلاف المضاربة لأنه ربما زادت قيمة
جنس رأس المال فانفرد رب المال بجميع الربح ولان حق العامل محصور في الربح فلابد من تحصيل رأس المال ليوزع الربح وفي الشركة لا حاجة إليه بل كل المال
يوزع عليهما على قدر ماليهما مسألة إذا اشتركا فيما لا مثل له كالثياب وحصل المزج الرافع للامتياز تحققت الشركة وكان المال بينهما فان علمت قيمة كل
واحد منهما كان الرجوع إلى نسبة تلك القيمة والا تساويا عملا بأصالة التساوي وقال مالك يكون رأس المال بينهما وليس بمعتمد مسألة لا تصح الشركة
الا بمزج المالين وعدم الامتياز بينهما عند علمائنا وبه قال زفر فالخلطة شرط في صحة الشركة ومتى لم يخلطاه لم يصح وبه قال الشافعي حتى لو تلف مال أحدهما
لم يكن له نصيب في ربح مال الأخر لان مال كل واحد منهما يتلف منه دون صاحبه فلم تنعقد الشركة عليه كما لو كان من المكيل وقال أبو حنيفة ليس من شرط الشركة
خلط المالين بل متى اخرجا المالين وان لم يمزجاه وقالا قد اشتركنا انعقدت الشركة لان الشركة انما هي عقد على التصرف فلا يكون من شرطها الخلطة كالوكالة
والفرق ظاهر فان الوكالة ليس من شرطها ان يكون من جهة الوكيل مال بخلاف الشركة وقال مالك ليس من شرط الشركة الخلطة والمزج بل من شرطها ان يكون
يدهما على المالين أو يد وكيلهما بان يجعل في حانوت لهما أو في يد وكيلهما دون الخلط لان أيديهما على المال فصحت الشركة كما لو خلطاه والفرق ان المال
بالخلط يصير مشتركا فيوجد فيه الاشتراك بخلاف ما إذا لم يمتزجا مسألة قد بينا انه لا تصح الشركة الا مع المزج الرافع للامتياز فلو اخرج أحد الشريكين
دنانير والاخر دراهم لم ينعقد الشركة وان خلطاهما للامتياز بينهما حالة المزج ولو تلف أحدهما قبل التصرف تلف من صاحبه وتعذر اثبات الشركة في
الباقي وبه قال الشافعي وقد سبق دليله وقال أبو حنيفة ينعقد الشركة لأنهما يجريان مجرى الجنس الواحد لأنهما قيم المتلفات وأروش الجنايات ولأنه لا يوجب
المزج بل نقول ينعقد الشركة بالقول وان لم يخلطا المالين بان يعينا المال ويحضراه ويقولا قد تشاركنا في ذلك وهو غلط لأنهما مالان لا يختلطان
وهما متميزان فلا يصح عقد الشركة عليهما كالعروض وما ذكروه فليس بصحيح لأنهما يجريان في حكم الربا مجرى الجنسين عند جماعة ولأن الاعتبار بما ذكرناه
دون الجنس الواحد واحمد وافق أبا حنيفة في عدم اشتراط اتفاق الجنس بل يجوز ان يخرج أحدهما دنانير والاخر دراهم وهو منقول عن الحسن وابن سيرين
مسألة ولابد مع اتفاق الجنس من اتفاق الأوصاف بحيث لا يتميز أحدهما عن الأخر فلو تميز مال أحدهما من مال الأخر وأمكن تخليصه منه بعينه بعد
المزج لم يصح الشركة بان يختلف السكة أو يخرج أحدهما صحاحا والاخر مكسرة واحدهما مستوية والاخر معوجة أو اخرج أحدهما دراهم عتيقة أو سودا والاخر
حديثة أو بيضا لعدم حصول شرط الصحة وهو الاشتباه بعد المزج وقد وافقنا الشافعي في الصحاح والمكسرة ولأصحابه في السوداء والبيضاء قول بالجواز
مع اختلافهما بالامرين وقد بينا جواز الشركة في العروض وللشافعي في ذوات الأمثال قولان فعلى الجواز يشترط اتفاق المالين في الجنس والوصف فلو مزج
الحنطة الحمراء بالبيضاء لم تصح الشركة لامكان التمييز وان شق وعسر التخليص وقال بعض الشافعية تصح الشركة هنا لان الناس يعدون ذلك خلطاء وهو
ممنوع ان أراد المزج الرافع للتمييز وعدم اعتبار غيره مسألة لا يشترط تقدم العقد على الخلط بل لو مزجا المالين ثم اذن كل منهما في التصرف
وعقد الشركة صحت المشاركة بينهما سواء وقع الاذن في مجلس المزج أو في غيره وهو أحد وجوه الشافعي لان الشركة في الحقيقة توكيل وتوكل ولو حصل ذلك
بعد المزج صح فكذا هنا ولو وجد التوكيل والملكان متميزان ثم فرض الاختلاط لم ينقطع الوكالة نعم لو قدر الاذن بالتصرف في المال الفرد فلابد من تجديد
الاذن والوجه الثاني له المنع وهو الاظهر عندهم إذ لا اشتراط عند العقد والثالث انه يجوز ان وقع المزج في مجلس العقد لان المجلس كنفس العقد فان تأخر
لم يجز ولو ورثا عروضا أو اشترياها فقد ملكاها شايعة وذلك أبلغ من الخلط بل الخلط انما اكتفى به لإفادته الشيوع فإذا انضم إليه الاذن في التصرف
صح وتم العقد مسألة إذا أراد الشريكان الشركة في الأعيان المختلفة الجنس باع كل منهما نصف العين التي له بنصف العين التي لصاحبه أو نقلها إليه
بوجه آخر شرعي ثم يأذن كل منهما لصاحبه في التصرف فيصيرا شريكين وانما احتاج إلى الاذن لان عقد البيع الذي حصل بينهما لا يفيد الاذن في
التصرف وكذا يتحقق الشركة بينهما لو اشتريا معا سلعة من ثالث بثمن عليهما فيدفع كل واحد منهما العين التي في يده عوضا عما يخصه من الثمن فيكون
كل واحد منهما شريكا في العين ثم يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف وقال بعض الشافعية انه يصير العرضان مشتركين ويملكان التصرف بحكم
الاذن الا انه لا يثبت احكام الشركة في الثمن حتى يستأنفا عقدا وهو ناض وجمهور الشافعية قائلون بثبوت الشركة واحكامها على الاطلاق ولو لم يتبايعا العرضين
ولكن باعهما (باعاهما) بعرض أو نقد ففي صحة البيع للشافعية قولان ونحن اخترنا الصحة على ما تقدم فيكون الثمن مشتركا بينهما إما على التساوي أو التفاوت
بحسب قيمة العرضين فيأذن كل واحد منهما للاخر في التصرف مسألة لا يشترط في الشركة تساوي المالين في القدر بل يجوز ان يكون مال أحدهما أكثر من
مال الأخر وبه قال الحسن والشعبي واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وهو أحد قولي الشافعية لأنهما مالان إذا خلطا اختلطا فجاز عقد الشركة عليهما كما
لو كانا سواء وقال بعض الشافعية لا يجوز الشركة حتى يستوي المالان في القدر لان الشافعي شرط ان يخرج أحدهما مثل ما يخرج الأخر ولان الربح يحصل
بالمال والعمل ولا يجوز ان يختلف الربح بينهما مع استوائهما في المال فكذا أيضا لا يجوز ان يختلفا في الربح مع استوائهما في العمل فإذا
اختلف المالان اختلف الربحان مع التساوي في العمل ونمنع وجوب تساوي الربح مع تساويهما في المال إذا شرطا الاختلاف على ما يأتي ولان العمل لا يشبه المال والأصل كذلك
في هذه الشركة المال والعمل يتبع فيه فلهذا جاز ان يختلف معه الربح يدل على صحة هذا انه يجوز ان يعمل أحدهما أكثر من الأخر ويقتسما الربح وكذلك
222

إذا شرط أحدهما عمل الأخر والربح بينهما فاختلفا مسألة لا يشترط العلم حالة العقد بمقدار النصيبين بان يعرف هل مال كل واحد منهما مساو
لمال الأخر أو أقل أو أكثر وهل هو ثلثة أو ربعه أو غير ذلك من النسب ولا مقدار ماله كم هو وهو أظهر وجهي الشافعية إذا أمكن معرفته من بعد لان الحق لا يعدوهما
فيأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف وان جهل مقدار ما أذن له فيه وفي الوجه الثاني لا يجوز حتى يعلم كل منهما نسبة ماله من مال الأخر فلا يصح في المجهول
ولا الجزاف لأنه لا يدري في اي شئ اذن والمأذون لا يدري ماذا يستفيد بالاذن والوجه ما قلناه فحينئذ يكون الأثمان بينهما مشتركة مجهولة على الابهام؟
المثمنات مسألة لو اخرج أحد الشريكين دراهم واخرج الأخر دنانير لم يصح الشركة على ما قدمناه من وجوب التساوي في المالين في الجنس فاشتريا بعين الدرهم
والدنانير عبدا أو ثوبا وربحا فيه كان الثوب بينهما والربح بينهما فإذا أراد القسمة نظرا إلى نقد البلد فقوما الثوب
به ثم قوما مال الأخر به ويكون التقويم
حين الصرف الثمن فيه فإن كان مالهما متساويا تساويا في الثمن والربح وان تفاضلا كان بينهما على النسبة وللشافعية في صحة هذا الشراء قولان كما لو باعا عبديهما
صفقة واحدة لان الثمن إذا كان معينا كان بمنزلة المبيع مسألة يجوز ان يكون المال سبايك وتبرأ وحليا وغير ذلك من المصوغات من النقدين
وهو ظاهر على مذهبنا حيث جوزنا الشركة في جميع الأموال واما المانعون من الشركة في غير النقدين اختلفوا فأكثر الشافعية على المنع من الشركة فيها لان
قيمتها يزيد وينقص فهي كالعروض والأصل فيه ان التبر هل هو متقوم أو مثلي فان جعل متقوما لم يجز الشركة عليه كغيره من الأعيان والا ففيه قولان كالقولين في
المثليات من الأعواض واما الدراهم المغشوشة فعندنا تجوز الشركة فيها قل الغش أو كثر وللشافعية قولان مبنيان على جواز التعامل بها ان جوزنا التعامل
فقد ألحقنا المغشوش بالخالص وقال بعضهم إذا استمر رواجها في البلد جازت الشركة فيها وقال أبو حنيفة إن كان الغش أقل من النصف جازت الشركة فيها
وإن كان أكثر لم يجز لأن الاعتبار بالغالب في كثير من الأصول واما الفلوس فإنها إذا حصل فيها الاشتباه وارتفاع الامتياز مع المزج صحة الشركة بها وبه قال مالك
ومحمد بن الحسن وأبو ثور واحمد في إحدى الروايتين لأنها قد تقع أثمانا في العادة فجازت الشركة فيها كالدراهم وقال أبو حنيفة والشافعي واحمد في الرواية الأخرى
لا يجوز لأنها تنقص مرة وتكثر أخرى فأشبهت العروض إذا ثبت هذا فإذا صحت الشركة فيها فإن كانت باقية كان رأس المال مثلها وان سقطت
كانت قيمتها كالعروض وإن كان لهما ثوبان واشتبها عليهما لم يكن ذلك كافيا في عقد الشركة لان المالين متميزان وانما التبس الامر بينهما تذنيب
المثليات قد يتفاوت قيمتها فيقسط الثمن والربح على القيمتين كما لو كان لأحدهما كر حنطة قيمته عشرون وللآخر كر حنطة قيمته عشرة فهما شريكان بالثلث
والثلثين مسألة قد بينا ان شركة الوجوه عندنا باطلة حيث لا مال هناك يتحقق فيه الشركة ويرجعان إليه عند المفاضلة ثم ما يشتريه أحدهما يختص
بربحه وخسرانه لا يشاركه الآخر فيه الا ان يكون قد اذن له في الشراء عنه ويقصد المشتري موكله وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يقع المشتري مشتركا
بمجرد الشركة وان لم يوجد قصد من المشتري ولا اذن من صاحبه وقد سلف بطلانه مسألة قد بينا توقف تحقق الشركة على مزج المالين فلو لم يحصل
لم يتحقق الشركة فلا يصح في المال الغايب لانتفاء المزج فيه لتوقفه على الحضور عند المالكين أو وكيلهما ولا يصح الشركة في الدين أيضا لعدم تحقق هذا المعنى فيه
ولا يكفي في المزج الاختلاط مع امكان التخليص كحبات من الحنطة مع حبات الشعير والدخن مع السمسم وان شق التمييز بينهما كما لو مزج الصحيح من الدراهم
بالقراضة أو السمسم ببذر الكتان أو اختلفت السكة في بعض النقدين وبالجملة متى حصل المايز بين المالين انتفت الشركة ولو اشتركا بالأبدان لم يصح على
ما تقدم فان تميز عمل كل منهما من عمل صاحبه اختص كل واحد منهما بأجرة عمله وان اشتبه احتمل تساويهما لأصالته والصلح إذ لكل واحد منهما في المال
حق لا يعلم قدره ولا مخلص الا عقد الصلح مسألة قد بينا ان الشركة لا تصح الا بالمال الممتزج من الشريكين ولا تصح بالاعمال إذا تقرر هذا فلو دفع كل واحد
إلى رجل دابة ليعمل عليها فما رزق الله تعالى كان بينهما بالسوية أو أثلاثا أو على ما يتفقان عليه لم يصح عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر
وأصحاب الرأي لان الحمل الذي يستحق به العوض حصل من الدابة فالأجرة لصاحبها وعليه للعامل أجرة المثل لان هذا ليس من أقسام الشركة والمضاربة
بالاعواض غير صحيحة فعلى هذا إن كان الاجر المدفوع للدابة بعينها فالأجرة لمالكها واما إن كان قد تقبل حمل شئ فحمله عليها أو حمل عليها شيئا مباحا فباعه
فالأجرة له والثمن له وعليه أجرة المثل للدابة في الموضعين ونقل عن الأوزاعي صحة ذلك وبه قال احمد وكرهه الحسن والشعبي لأنها عين ينتمي بالعمل عليها فصح العقد
عليها كالشجرة في المساقاة والأرض في المزارعة والدراهم والدنانير وهذه المعاملة وان لم تكن شركة ولا مضاربة الا انها تشبه المساقاة والمزارعة لأنه دفع العين
إلى من يعمل عليها ببعض (مائها) مع بقاء عينها وهو غلط لان المساقاة والمزارعة خرجا عن الأصل بالنص فلا يقاس عليهما غيرهما الا بدليل مسألة ولو
استأجر دابة ليحمل عليها بنصف ما يرزقه الله تعالى لم يصح عند علمائنا وعند أكثر العامة وقال احمد في رواية انه يصح وهو غلط لان من شرط الإجارة وصحتها العلم
بالعوض وتقدير المدة أو العمل ولم يوجد ولأنه عقد غير منصوص عليه ولا هو في معنى المنصوص فيكون كغيره من العقود الفاسدة ولو اعطى شخص فرسه على
النصف من الغنيمة قال احمد أرجو ان لا يكون به بأس وبه قال الأوزاعي والحق ان السهم من الغنيمة له أو الأجرة وكذا لو دفع عبده إلى غيره ليكتسب عليه ويكون له
ثلث ذلك أو ربعه فإنه لا يصح عندنا خلافا له وكذا لا يصح لو دفع إلى رجل ثوبا ليفصله ويخيطه قميصا ويبيعه وله نصف الربح وكذا لو دفع غزلا إلى حايك
لينسجه بثلث ثمنه أو ربعه فان ذلك كله عندنا باطل وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وقال احمد يصح ذلك كله وهو خطأ لأنه عوض مجهول عن عمل
مجهول ولو دفع إليه الثوب لينسجنه وجعل له ربع ذلك دراهم معلومة قال احمد لا يجوز ولو أعطاه الثوب بالثلث ودرهم أو درهمين فروايتان
وجوز ذلك ابن سيرين والنخعي والزهري وأيوب وقال ابن المنذر كره هذا كله الحسن وقال أبو ثور وأصحاب الرأي هذا كله فاسد كما قلناه واختاره ابن المنذر
ولو دفع شبكة إلى الصياد ليصطاد بها على النصف أو غيره من الأجزاء المعلومة لم يصح وعليه اجرة الشبكة والحاصل للصياد وقال أصحاب احمد وقياس مذهب
احمد صحة الشركة فيكون الحاصل بينهما على ما شرطاه لأنها عين ينتمي بالعمل فيها فجاز دفعها ببعض نمائها كالأرض مسألة لو كان لواحد دابة ولآخر رواية
فتشاركا مع ثالث ليستقي الماء ويكون الحاصل بينهم فلا شركة هنا عندنا لأنها منافع أبدان متميزة وشركة الأبدان باطلة ولا يصح ان يكون مضاربة لان
رأس مالها العروض والعمل ولان من شرطها عود رأس المال سليما على معنى انه لا يستحق شيئا من الربح حتى يستوفي رأس المال بكماله والرواية هنا تخلق وتنقص وليس
ذلك أيضا اجارة لافتقار الإجارة إلى مدة معينة واجرة معلومة فتكون فاسدة إذا تقرر هذا فلو اجروا عليه واستقى الثالث فنقول الماء إن كان مملوكا للسقاء
223

فالثمن له وعليه أجرة المثل للدابة والراوية وإن كان مباحا فان أخذه بنية انه له فكالأول وان أخذه بنية الشركة فان قلنا إنه لا تجوز النيابة في تملك المباحات فكالأول
أيضا لان السقاء يكون قد ملكه بمجرد الحيازة والاخذ وان قلنا إنه تجوز النيابة في مثل ذلك فالماء بينهم وكيف يقسم يحتمل ان يقسم على نسبة أجور أمثالهم لأنه حصل
بالمنافع المختلفة وان يقسم بينهم بالسوية أتباعا لقصده فحينئذ يكون للسقاء ان يطالب كل واحد من صاحبيه بثلث اجرة منفعته لان منفعته لم يتصرف إليه منها
سوى الثلث وكذا يرجع كل واحد من صاحب الدابة والراوية على كل واحد من الآخر والسقاء بثلث اجرة منفعة ملكه وعلى الوجه الأول لا تراجع بينهم في الأجرة
لان كل واحد منهم قد أخذ حقه وهو أجرة مثل عمله لا أزيد مسألة لو استأجر رجل الدابة من صاحبها والراوية من صاحبها والسقاء لحمل الماء وهو
مباح فان أفرد كل واحد منهم بعقد صح والماء للمستأجر وعليه لكل واحد من الثلاثة ما عينه من الأجرة وان جمع بين الجميع في عقد واحد صح عندنا وحينئذ توزع
الأجرة المسماة على أجور الأمثال وهو أحد قولي الشافعي والثاني بطلان الإجارة فلكل واحد من الثلاثة أجرة المثل عليه والماء للمستأجر سواء قلنا إن الإجارة
صحيحة أو لا إما على تقدير الصحة فظاهر واما على تقدير الفساد فلان منافعهم مضمونة عليه بأجرة المثل فان نوى السقا نفسه وقلنا بفساد الإجارة قال بعض الشافعية
يكون للمستأجر أيضا وتوقف الجويني فيه لان منفعته غير مستحقة للمستأجر فليكن الحاصل له وموضع القولين للشافعي ما إذا وردت الإجارة على عين السقا
والدابة والراوية فاما إذا لزم ذمتهم نقل الماء صحت الإجارة لا محالة إذ ليست هنا أعيان مختلفة تفرض جهالة في أجورها وانما على كل واحد منهم ثلث العمل
مسألة لو اشترط أربعة لأحدهم بيت الرحاء ولآخر حجر الرحاء ولآخر دابة تديره والرابع يعمل الصماد للدواب في الحجر على أن الحاصل من اجرة الطحن بينهم
فهي شركة فاسدة على ما عرف ثم إن استأجر مالك الحنطة العامل والآلات من أربابها وأفرد كل واحد منهم بعقد لزمه ما سمى لكل واحد منهم ولا شركة
وان جمع بين الجميع في عقد واحد فان الزم ذمتهم الطحن صح العقد وكانت الأجرة المسماة بينهم أرباعا ويتراجعون أجرة المثل لان المنفعة المملوكة لكل واحد
منهم قد استوفى ربعها حيث أخذ ربع المسمى وانصرف ثلاثة أرباعا إلى أصحابه فيأخذ منهم ثلاثة أرباع أجرة المثل وان استأجر عين العامل وعين الآلات
صح عندنا وللشافعي قولان أحدهما فساد الإجارة فلكل واحد اجرة مثله والثاني الصحة فيوزع المسمى عليهم ويكون التراجع بينهم على ما سبق ولو الزم
صاحب الحنطة ذمة العامل الطحن لزمه وعليه إذا استعمل ما لأصحابه بأجرة المثل لهم الا ان يستأجرها بعقد صحيح فيكون عليه المسمى وقد روى العامة ان
رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قفيز الطحان وهو ان يعطى الطحان أقفزة معلومة ليطحنها بقفيز دقيق منها وعلة المنع انه جعل له بعض معموله اجرا لعمله فيصير الطحن مستحقا عليه
وقد أنكر جماعة منهم هذا الحديث وقياس قول احمد جوازه مسألة لو دفع إلى شخص عينا على أن يؤجرها المدفوع إليه ويكون الأجرة بينهما لم يصح ويكون
الإجارة لصاحب العين ان استوجرت العين أو يكون المدفوع إليه فالاجر له ولصاحب العين أجرة المثل ولو كان لرجل دابة ولآخر أكاف وجوالقات فاشتركا على أن
يؤاجرهما والأجرة بينهما نصفان فهو فاسد لأن هذه أعيان لا يصح الاشتراك فيها وكذا منافعها إذ تقديره اجر دابتك ليكون اجرها بيننا واجر جوالقاتي لتكون
أجرتها بيننا وذلك باطل فيكون الأجرة بأسرها لصاحب الدابة لأنه مالك الأصل وللآخر أجرة المثل على صاحب البهيمة لأنه استوفى منافع ملكه بعقد فاسد
هذا إذا اجر الدابة بما عليها من الأكاف والجوالقات في عقد واحد واما ان اجر كل واحد منهما ملكه منفردا فلكل واحد منهما اجرة ملكه والتحقيق ان نقول
لا اعتبار بهذه الشركة فوجودها كالعدم ثم المستعمل للدابة والجوالقات إن كان قد عقد معهما أو مع أحدهما بإذن الآخر عقد اجارة شرعية كان عليه المسمى
يقسط على اجرة مثل الدابة وأجرة المثل للجوالقات والأكاف وان لم يعقد معهما عقد اجارة كان عليه اجرة مثل الدابة لصاحبها واجرة مثل الأكاف والجوالقات
لصاحبها مسألة لو كان لواحد البذر ولآخر دواب الحرث ولثالث الأرض فاشتركوا مع رابع ليعمل ويكون الحاصل بينهم فالشركة باطلة والنماء لصاحب
البذر وعليه أجرة المثل لصاحب الأرض عن ارضه ولصاحب الدواب عن عملها ولصاحب العمل عن عمله فان أصاب صاحب الزرع آفة ولم يحصل شئ من الغلة لم يسقط
حقهم من أجرة المثل وقال بعض الشافعية لا شئ لهم لانهم لم يحصلوا له شيئا وهو غلط ظاهر لأنه قد تصرف في مال الغير بعمل له اجرة فكان عليه الأجرة الفصل
الثالث في الاحكام مسألة الشركة عقد جايز من الطرفين وليست من العقود اللازمة بالاجماع فإذا اشتركا بمزج المالين واذن كل منهما لصاحبه
في التصرف فلكل من الشريكين فسخها لان الشركة في الحقيقة توكيل وتوكل فلو قال أحدهما للاخر عزلتك عن التصرف أو لا تتصرف في نصيبي انعزل المخاطب عن
التصرف في نصيب العازل ويبقى له التصرف في نصيبه ولا ينعزل التصرف في نصيب المعزول الا بعزل متجدد منه ولو فسخاها معا فان الاشتراك باق وان لم يكن
لأحدهما التصرف في نصيب الآخر ولو قال أحدهما فسخت الشركة ارتفع العقد وانفسخ من تلك الحال وانعزلا جميعا عن التصرف لارتفاع العقد وقال بعض
الشافعية انعزالهما مبني على أنه يجوز التصرف بمجرد عقد الشركة أم لا بد من التصريح بالاذن ان قلنا بالأول فإذا ارتفع العقد انعزالا وان قلنا بالثاني
وكانا قد صرحا بالاذن فلكل منهما التصرف إلى أن يعزل وكيف ما كان فالشافعية على ترجيح القول بانعزالهما مسألة إذا عقدا الشركة ومزجا المالين فان وجد
من كل منهما الاذن لصاحبه في التصرف في جميع المال تسلط كل منهما على ذلك وكان حكم تصرفه حكم تصرف الوكيل مع الاطلاق فلا يبيع بالنسية ولا بغير نقد البلد
ولا يبيع ولا يشتري بالغبن الفاحش الا مع اذن الشريك فان خالف وباع بالغبن الفاحش لم يصح في نصيب الشريك ويصح في نصيبه عندنا ويتخير المشتري مع فسخ الشريك
للبيع وعند الشافعي قولان مبنيان على تفريق الصفقة فان قالوا ببطلان البيع بقي المبيع على ملكهما والشركة بحالها وان قالوا بالصحة على ما هو مذهبنا
انفسخت الشركة في المبيع وصار مشتركا بين المشتري والشريك الذي بطل في نصيبه ولو اشترى بالغبن فإن كان الشراء بعين مال الشركة كان حكمه حكم ما لو
باع بالغبن وقد سلف وان اشترى في الذمة لم يقع للشريك وكان عليه دفع الثمن من خالص ماله مسألة ليس لواحد من الشريكين التصرف في المال الممتزج
الا بإذن صاحبه فان اختص أحدهم بالاذن اختص بالتصرف لأصالة عصمة مال الشخص على غيره ولو اشترك الاذن اشترك جواز التصرف وإذا حصل الاذن
عاما من كل واحد منهما تصرف بحسبه في مال شريكه كما يتصرف الوكيل في مال موكله وإن كان عاما من
أحدهما وخاصا من الآخر استفاد من عمم له الاذن جواز
التصرف عاما والاخر ما عين له وكذا لو كان الاذن من كل منهما خاصا لم يجز له التخطي إلى غير المأذون وإذا عين له جهة السفر (أو البيع) على وجه أو شراء جنس بعينه
لم يجز التجاوز ولو شرطا الاجتماع لم يجز لأحدهما الانفراد ولو اطلق الاذن تصرف كيف شاء فان عين جهة فتجاوزها كان ضامنا ويجوز الرجوع في الاذن
فيحرم التصرف لأنه انما تصرف بالاذن وقد زال وليس لأحدهما السفر بمال الشركة ولا ان يبيعه الا بإذن صاحبه فان فعل بغير الاذن ضمن مسألة
224

قد بينا ان الشركة من العقود الجايزة لكل منهما فسخها فتنفسخ حينئذ وكذا تنفسخ بموت أحدهما وجنونه واغمائه والحجر عليه للسفه كالوكالة ثم في صورة الموت
ان لم يكن على الميت دين ولا هناك وصية تخير الوارث بين القسمة مع الشريك وفسخها وبين تقرير الشركة إن كان بالغا رشيدا أو كان صغيرا أو مجنونا
فعلى الولي ما فيه الحظ من فسخ الشركة أو ابقائها ولا بد في تقرير الشركة من عقد مستأنف وإن كان على الميت دين لم يكن للوارث التقرير على الشركة الا ان يقضى
الدين من غير مال الشركة ولو كان هناك وصية فإن كانت لمعين فهو كأحد الورثة يتخير بين التقرير والفسخ ان تعلقت الوصية بذلك المال وإن كانت
لغير معين كالفقراء لم يجز تقرير الشركة الا بعد خروج الوصية فإذا خرجت الوصية بقي المال كما لو لم يكن وصية يتخير فيه الوارث بين التقرير والفسخ مسألة
اطلاق الشركة يقتضي بسط الربح والخسران على قدر رؤوس الأموال لأنه نماء مالهما فكان بينهما على نسبة المالين وكذا إذا خسرا كالتلف ولو شرطا التفاوت في
الربح مع تساوي المالين أو تساويهما فيه مع تفاوت المالين قال الشيخ (ره) تبطل الشركة وجعل من شرط الشركة كون الربح والخسران على قدر رأس المالين فلا يجوز ان
يتفاضلا مع التساوي في المال ولا ان يتساويا مع التفاضل فيه وبه قال مالك والشافعي لان هذا الربح في هذه الشركة يتبع المال بدليل انه يصح عقد الشركة
واطلاق الربح فلا يجوز تغييره بالشرط كالخسران فإنهما لو شرطا التفاوت في الخسران مع تساوي المالين أو التساوي فيه مع تفاوتهما لغي الشرط ويتوزع الخسران
على المال والمعتمد جواز الشرط ولزومه لعموم قوله (ع) المسلمون عند شروطهم ولأنه شرط لا ينافي الكتاب والسنة فكان لازما كغيره من الشروط السايغة وبه قال أبو
حنيفة واحمد لأنه قد يكون ابصر بالتجارة من الآخر أو اجلد منه وأقوى في العمل فيشترط له زيادة الربح في مقابلة عمله ذلك وهو أمر سايغ كما لو شرط الربح في مقابلة
عمل المضارب تحقيقه ان هذه الشركة معقودة على المال والعمل معا ولكل واحد منهما حصة من الربح إذا كان مفردا فكذا إذ اجتمعا واما حالة الاطلاق فإنه لما
لم يكن بينهما شرط يقسم الربح عليه وبقدره قدرناه بالمال لعدم الشرط فإذا وجد الشرط فهو الأصل فيصار إليه كالمضاربة يصار فيه إلى الشرط وإذا عدم
وقالا الربح بيننا كان بينهما نصفين والحكم في الأصل ممنوع مع الفرق فان الوضيعة لا يتعلق لا بالمال بدليل المضاربة مسألة لو اختص أحدهما بمزيد عمل
وشرط مزيد ربح له صح عندنا وهو ظاهر على أصلنا واصل أبي حنيفة وللشافعي قولان أحدهما صحة الشرط ويكون القدر الذي يناسب ملكه له بحق الملك والزايد
يقع في مقابلة العمل ويتركب العقد من الشركة والقراض وأصحهما عندهم البطلان كما لو شرطا التفاوت في الخسران فإنه يلغو ويتوزع الخسران على المال ولا يمكن
جعله شركة وقراضا فان العمل في القراض مختص بمال المالك وهنا يتعلق بملكه وملك صاحبه وقد تقدم إذا عرفت هذا فلو شرطا زيادة الربح لقاصر العمل
جاز عندنا عملا بالشرط ويجئ على قول الشافعي البطلان لا يجوز مع التساوي في العمل فمع القصور (اوفى)؟ ولأنه يجوز التساوي في الربح مع التفاوت في العمل مسألة
قد بينا انه يجوز التساوي في الربح مع تفاوت المالين والتفاوت في الربح مع تساوي المالين بالشرط والشيخ (ره) قال إذا شرطا ذلك بطلت الشركة وهو قول الشافعي
وإذا فسد الشرط عند الشافعي لم يؤثر ذلك في فساد التصرفات لوجود الاذن فيكون الربح على نسبة المالين ثم يرجع كل منهما على صاحبه بأجرة مثل عمله في ماله
فان تساوى المالان والعملان كان نصف العمل كل واحد منهما يقع في ماله فلا يستحق به اجرة والنصف الواقع في مال صاحبه يستحق صاحبه مثل بدله عليه فيتقاصان
وان تفاوتا في العمل خاصة فكان عمل أحدهما يساوي مائة وعمل الآخر يساوي مائتين فإن كان عمل المشروط له الزيادة أكثر فنصف عمله مائة ونصف عمل الآخر
خمسون فيبقى له خمسون بعد المقاصة وإن كان عمل صاحبه أكثر ففي رجوعه بالخمسين على المشروط له الزيادة وجهان للشافعية أحدهما الرجوع كما لو فسد
القراض يستحق العامل أجرة المثل وأصحهما عندهم المنع وهو محكى عن أبي حنيفة لأنه عمل وجد من أحد الشريكين لم يشترط عليه عوض والعمل في الشركة لا يقابله عوض
بدليل ما إذا كانت الشركة صحيحة وزاد عمل أحدهما فإنه لا يستحق على الآخر شيئا ويجري الوجهان فيما إذا فسدت الشركة واختص أحدهما بأصل التصرف والعمل
هل يرجع بنصف اجرة عمله على الآخر وان تفاوتا في المال خاصة فكان لأحدهما مثلا الف وللآخر الفان فلصاحب الأقل ثلثا المائة على صاحب الأكثر وصاحب
الأكثر ثلث المائة عليه فيكون الثلث بالثلث قصاصا يبقى لصاحب الأقل ثلث المائة ثلث وثلثون وثلث وان تفاوتا فيهما بان كان لأحدهما الف
وللآخر الفان فإن كان عمل صاحب الأكثر أكثر بان كان عمله يساوي مأتين وعمل الآخر مائة فثلثا عمله في ماله وثلثه في مال صاحبه وعمل صاحبه على العكس
فيكون لصاحب الأكثر ثلث المأتين على صاحب الأقل ولصاحب الأقل ثلث المائة على صاحب الأكثر وقدرهما واحد فيقع في التقاص وإن كان عمل صاحب الأقل
أكثر والتفاوت كما صورناه فثلث عمل صاحب الأقل في ماله وثلثاه في مال شريكه وثلثا عمل صاحب الأكثر في ماله وثلثه في مال شريكه فلصاحب الأقل ثلثا
المأتين على صاحب الأكثر وهما مائة وثلثه وثلثون وثلث ولصاحب الأكثر ثلث المائة على صاب الأقل وهو ثلثه وثلثون وثلث فيبقى بعد التقابص لصاحب
الأقل مائة على الآخر وللشافعية قول اخر ان الشركة يفسد بهذا الشرط فتبطل التصرفات والأكثر جزموا بنفوذ التصرفات ويوزع الربح على المالين
وتجب الأجرة في الجملة ومعنى الفساد إن كان واحد منهما يرجع على صاحبه بأجرة عمله في ماله ولو صح عقد الشركة لم يرجع لأنه لا يثبت استحقاق الأجرة
وهذا لا يتأتى على مذهبنا حيث اخترنا صحة هذا الشرط ومعنى هذا الفساد المذكور عند تغير نسبة الربح جاز في ساير أسباب فساد الشركة ولو لم تكن بين
المالين شيوع ولا خلط فلا شركة على التحقيق وثمن كل واحد من المالين يختص بمالكه ولا يقع مشتركا مسألة لو تفاوتا في المال ولم يشترطا التساوي
ولا التفاوت والتوزيع على قدر المالين بل اطلقا فان الربح يكون على نسبة المالين ويكون زيادة العمل تبرعا من صاحبه ويحتمل ان يثبت للزيادة أجرة المثل
كما لو استعمل صانعا ولم يذكر له اجرة ولو شرط زيادة الربح لمن ازداد عمله ففي اشتراط استبداده باليد للشافعية وجهان وكذا لو شرطا انفراد أحدهما
بالعمل وجه لهم كشرطه في القراض وفي وجه لا على قضية الشركة والخلاف في جواز اشتراط زيادة الربح لمن زاد عمله فيما إذا اشترطا انفراد أحدهما بالتصرف
وجعلا له زيادة الربح وفي وجه لهم يجوز هنا ولا يجوز فيما إذا اشتركا في أصل العمل لأنه لا يدري ان الربح بأي عمل حصل فيحال به على المال مسألة
كل واحد من الشريكين امين يده يد أمانة على ما تحت يده كالمستودع والوكيل يقبل قوله في الخسران والتلف مع اليمين كالمستودع والوكيل إذا ادعى التلف سواء أسند
التلف إلى سبب ظاهر أو خفي وقال الشافعي إذا أسند التلف هو أو المستودع إلى سبب ظاهر طولب بالبينة عليه فإذا أقامها صدق في الهلاك وإذا ادعى أحد
الشريكين خيانة على الآخر لم تسمع الدعوى حتى يحررها بان يعين القدر الذي أدعاه من الخيانة على اشكال فإذا بين القدر وسمعت وكان عليه البينة
فان فقدت كان له احلاف الشريك ولو ادعى رد المال إلى الشريك قبل قوله مع اليمين كالمستودع والوكيل وبغير جعل وبه قال الشافعي وعندي فيه نظر
225

مسألة لو كان في يد أحد الشريكين مال واختلفا فيه فقال المكتسب انه لي خاصة وقال الآخر بل هو من مال الشركة فالقول قول المتشبث مع اليمين قضاء لليد وكذا لو
انعكس الفرض فقال المتشبث انه من مال الشركة وقال الآخر بل هو لي خاصة قدم قول المتشبث مع اليمين ولو قال الآخر بل هو لك كان في النصف حكمه حكم من أقر لغيره بعين في يده
وأنكر المقر له ولو اشترى أحد الشريكين شيئا ثم اختلفا قال المشتري انما اشتريته لنفسي وقال الآخر بل للشركة قدم قول المباشر للعقد لأنه ابصر بنيته وهذا
الاختلاف يقع عند ظهور الربح ولو قال المباشر انما اشتريته لنفسك فالقول قول مباشر العقد لأنه ابصر بنيته وهذا الاختلاف يقع عند ظهور الخسران ولو قال
صاحب اليد اقتسمنا مال الشركة وهذا قد خلص لي وقال الآخر لم يقتسم بعد وهو مشترك فالقول قول الثاني لأصالة بقاء الشركة وعدم القسمة فعلى مدعيها
البينة ولو كان في أيديهما أو في يد أحدهما مال وقال كل واحد منهما هذا نصيبي من مال الشركة وأنت أخذت نصيبك حلف كل منهما لصاحبه وجعل المال بينهما
فان حلف أحدهما ونكل الآخر قضى للحالف مسألة لو كان بينهما عبد مشترك فباعه أحدهما بإذن الثاني واذن له في قبض الثمن ثم اختلف الشريكان في قبض
الثمن فادعى الاذن على البايع قبض الثمن باسره وطالبه بدفع نصيبه إليه وصدقه المشتري على أن البايع قبض وأنكر البايع القبض بري المشتري من نصيب الاذن
في البيع لاعترافه بان البايع الذي هو وكيله بالقبض قد قبض ثم هنا خصومتان إحديهما بين البايع والمشتري والثانية بين الشريكين فان تقدمت الأولى على
الثانية فطالب البايع المشتري بنصيبه من الثمن وادعى المشتري انه أداه نظر فان قامت للمشتري بينة على الأداء اندفعت المطالبة عنه وبرئ المشتري من الحقين
لان البايع قد ثبت بالبينة انه قبض والاذن قد ثبت ان وكيله وهو البايع قد قبض ولو شهد له الشريك الاذن لم يقبل له شهادته في نصيبه لأنه لو ثبت ذلك
لطالب المشهود عليه بحقه وذلك جر نفع ظاهر فلا يقبل للتهمة وهل يقبل شهادته في نصيب البايع قال بعض علمائنا نعم وللشافعية قولان مبنيان على أن الشهادة
إذا أردت في بعض ما شهدت به للتهمة فهل ترد في الباقي ولو لم يكن للمشتري بينة بالقبض كان القول قول البايع مع يمينه لأنه منكر والأصل عدم القبض فيحلف
البايع انه لم يقبض فإذا حلف اخذ نصيبه من المشتري ولا يشاركه الاذن لاقراره ان البايع قبض أو لا ما هو الحق ويزعم أن الذي قبضه ثانيا بيمينه ظلم فلا يستحق
مشاركته فيه فان نكل البايع عن اليمين ردت اليمين على المشتري فإذا حلف انه اقبض البايع جميع الثمن انقطعت المطالبة عنه ولو نكل المشتري أيضا الزم بنصيب
البايع وقال بعض الشافعية لا يلزم بنصيب البايع أيضا لأنا نحكم بالنكول وهو غلط لان هذا ليس حكما بالنكول وانما هو مؤاخذة له باقراره بلزوم المال
بالشراء ابتداء فإذا انفصلت حكومة البايع مع المشتري فلو جاء الشريك الاذن وطالب البايع بحقه لزعمه انه قبض جميع الثمن فعليه البينة ويقدم قول
البايع مع اليمين انه لم يقبض الا نصيبه بعد الخصومة الجارية بينهما فان نكل البايع حلف الاذن واخد منه نصيبه ولا يرجع البايع به على المشتري لأنه
يزعم أن شريكه ظلمه بما فعل ولا يمنع البايع من الحلف نكوله عن اليمين في الخصومة مع المشتري لأنها خصومة أخرى مع خصم اخر هذا إذا تقدمت خصومة البايع
والمشتري وتبعتها خصومة الشريكين واما ان تقدمت خصومة الشريكين فادعى الذي لم يبع قبض الثمن على البايع وطالبه بحقه وأنكر البايع قدم قوله
مع اليمين وكان على الشريك الاذن البينة بان البايع قبض الثمن ولا يقبل شهادة المشتري له بحال البتة لأنه يدفع عن نفسه فان فقدت البينة حلف البايع
على أنه ما قبض فان نكل حلف الاذن على أنه قبض واخذ نصيبه من البايع ثم إذا انفصلت الخصومة بين الشريكين فلو طالب البايع المشتري بحقه وادعى المشتري
الأداء فعليه البينة فإن لم يكن بينة حلف البايع وقبض حقه فان نكل حلف المشتري وبرئ ولا يمنع البايع من أن يحلف ويطلب من المشتري حقه نكوله في الخصومة
الأولى مع شريكه وللشافعية وجه انه يمنع بناء على أن يمين الرد كالبينة أو كاقرار المدعى عليه إن كان كالبينة فكأنه قامت البينة على قبضه جميع الثمن وإن كانت كالاقرار
فكأنه أقر بقبض جميع الثمن وعلى التقديرين يمنع عليه مطالبة المشتري وضعفه باقي الشافعية لان اليمين انما تجعل كالبينة أو كالاقرار في حق المتخاصمين وفيما
فيه تخاصمهما لا غير ومعلوم ان الشريك انما يحلف على أنه قبض نصيبه فإنه الذي يطالب به فكيف تؤثر يمينه في غيره وعلى ضعفه فقد قال الجويني طرده فيما إذا تقدمت
وخصومة البايع والمشتري ونكل البايع وحلف المشتري اليمين المردودة حتى يقال ثبت للذي لم يبع مطالبة البايع بنصيبه من غير تجديد خصومة لكن يمين
الرد بمنزلة البينة أو الاقرار مسألة لو باع الشريك المأذون له في البيع العبد ثم اختلف الشريكان فادعى البايع على الاذن بأنه قبض الثمن باسره من المشتري فأنكر
الاذن القبض وصدق المشتري المدعي فإن كان الاذن له في البيع مأذونا له في القبض للثمن من جهة البايع برئ المشتري من حصة البايع لأنه قد اعترف بان
وكيله قد قبض ثم يفرض حكومتان كما تقدم فان تخاصم الذي لم يبع والمشترى فالقول قول الذي لم يبع في عدم القبض فيحلف ويأخذ نصيبه يسلم إليه المأخوذ
وان تخاصم البايع والذي لم يبع حلف الذي لم يبع فان نكل حلف البايع وأخذ منه نصيبه ولا رجوع له على
المشتري ولو شهد البايع للمشتري على القبض
لم يقبل لأنه يشهد لنفسه على الذي لم يبع وان لم يكن الاذن في البيع مأذونا في القبض من جهة البايع لم تبرأ ذمته المشتري عن شئ من الثمن إما
عن حق الذي لم يبع فلانه منكر للقبض والقول قوله في انكاره مع اليمين واما عن حق المباشر للبيع فلانه لم يعترف بقبض صحيح ثم لا يخلو إما ان يكون
البايع مأذونا له من جهة الذي لم يبع في القبض أو لا يكون هو مأذونا له أيضا فإن كان مأذونا فله مطالبة المشتري بنصيبه من الثمن ولا يتمكن من مطالبته
بنصيب الذي لم يبع لأنه لما أقر بقبض الذي لم يبع نصيب نفسه فقد صار معزولا عن وكالته ثم إذا تخاصم الذي لم يبع والمشتري فعلى المشتري البينة
على القبض فإن لم تكن بينة فالقول قول الذي لم يبع فإذا حلف ففيمن يأخذ حقه منه للشافعية وجهان قال المزني منهم ان شاء اخذ تمام حقه من المشتري وان شاء شارك البايع في المأخوذ وأخذ الباقي من المشتري
لان الصفقة واحدة وكل جزء من الثمن شايع بينهما فان اخذ بالخصلة الثانية لم يبق مع البايع الا ربع الثمن ويقارب هذا ما إذا كان الذي لم يبع مأذونا
في القبض حيث لا يشاركه البايع فيما أخذه من المشتري لان زعمه ان الذي لم يبع ظالم فيما أخذه فلا يشاركه فيما ظلم به وقال آخرون منهم ابن شريح ليس له الا اخذ
حقه من المشتري ولا يشارك البايع فيما أخذه لان البايع قد انعزل عن الوكالة باقراره ان الذي لم يبع قبض حقه فما يأخذ بعد الانعزال يأخذه لنفسه خاصة
وقال آخرون انه وان انعزل فالمسألة يحتمل وجهين بناء على أن مالكي السلعة إذا باعاها صفقة واحدة هل ينفرد أحدهما بقبض حصته من الثمن فيه وجهان
أحدهما لا بل إذا انفرد بأخذ شئ شاركه الآخر فيه كما أن الحق الثابت للورثة لا ينفرد بعضهم باستيفاء حصته منه ولو فعل شاركه الآخرون فيه وكذا
لو كاتبا عبدا صفقة واحدة لم ينفرد أحدهما بأخذ حقه من النجوم والثاني نعم كما لو باع كل واحد منهما نصيبه بعقد مفرد بخلاف الميراث والكتابة فإنهما
يثبتان في الأصل بصفة التجزي إذ لا ينفرد بعض الورثة لبعض أعيان التركة ولا يجوز كتابة البعض من العبد فلذلك لم يجز التجزي في القبض ولو شهد البايع
226

للمشتري على أن الذي لم يبع قد قبض الثمن فعلى قول المزني لا يقبل شهادته لأنه يدفع بها شركة صاحبه فيما اخذه وعلى قول ابن شريح يقبل وان لم يكن البايع
مأذونا في القبض قال بعض الشافعية للبايع مطالبة المشتري بحقه هنا وما يأخذه يسلم له ويقبل هنا شهادة البايع للمشتري على الذي لم يبع وقال آخرون
ينبغي ثبوت الخلاف في مشاركة صاحبه فيما أخذه ويخرج قبول الشهادة على الخلاف مسألة لو غصب واحد نصيب أحد الشريكين بان نزل نفسه منزلته
فأزال يده ولم يزل يد صاحب الآخر بل استولى على العبد ومنع أحدهما الانتفاع به دون الآخر فإنه يصح من الذي لم يغصب نصيبه بيع نصيبه ولا يصح من الآخر بيع نصيبه
الا من الغاصب أو ممن يتمكن من انتزاعه من يد الغاصب ولو باع الغاصب والذي لم يغصب نصيبه جميع العين في عقد واحد صح في نصيب المالك ووقف نصيب الآخر
ان أمضاه المغصوب منه صح والا فلا وقالت الشافعية يصح في نصيب من لم يغصب منه ويبطل في الآخر ولا يخرج على الخلاف في تفريق الصفقة عندهم لان الصفقة
تتعدد بتعدد البايع ومنهم من قال يبنى القول في نصيب المالك على أن أحد الشريكين إذا باع نصف العبد مطلقا ينصرف إلى نصيبه أو يشيع وجهان فان قلنا
ينصرف إلى نصيبه صح بيع المالك في نصيبه وان قلنا بالشيوع بطل البيع في ثلاثة أرباع العبد وفي ربعه قولان ولا ينظر إلى هذا البناء فيما إذا باع المالكان معا
واطلقا ولا يجعل كما إذا اطلق كل واحد منهما بيع نصف العبد لان هناك تناول العقد الصحيح جميع العبد مسألة قد بينا ان شركة الأبدان باطلة سواء
اشترك العمل أو اختص بأحدهما وتقبل الآخر فلو قال واحد لاخر انا أتقبل العمل وأنت تعمل والأجرة بيننا بالسوية أو على نسبة أخرى لم يصح عند علمائنا وبه قال زفر
ولا يستحق العامل المسمى بل له أجرة المثل وقال احمد يصح الشركة لأن الضمان يستحق به الربح بدليل شركة الأبدان وتقبل العمل يوجب الضمان على المتقبل ويستحق
به الربح فصار كتقبله المال في المضاربة والعمل يستحق به العامل الربح كعمل المضاربة فينزل منزلة المضاربة والحكم في الأصل ممنوع مسألة الربح في شركة الأبدان
على نسبة العملين لا على الشرط الذي شرطاه عند علمائنا لان الشركة باطلة على ما تقدم بيانه وقال احمد انها صحيحة والشركة على ما اتفقوا عليه من
مساواة وتفاضل ولكل منهما المطالبة وللمستأجر دفعها إلى كل واحد منهما والى أيهما دفع برئ منها وان تلفت في يد أحدهما من غير تفريط فهي
من ضمانهما معا لأنهما كالوكيلين في المطالبة وما يتقبله كل واحد منهما من عمل فهو من ضمانهما يطالب به كل واحد منهما ويلزمه عمله لأن هذه الشركة لا
تنعقد الا على الضمان ولا شئ منها ينعقد عليه الشركة حال الضمان فكان الشركة يتضمن ضمان كل واحد منهما عن الآخر ما يلزمه ولو أقر أحدهما بما في يده
قبل عليه وعلى شريكه لان اليد له فيقبل اقراره بما فيها ولا يقبل اقراره بما في يد شريكه ولا بدين عليه وهذا كله عندنا باطل ولو عمل أحدهما دون صاحبه
فالكسب للعامل خاصة عندنا وان حصل من الآخر سفارة فله اجرته عليها وقال احمد إذا عمل أحدهما خاصة كان الكسب بينهما على ما شرطاه سواء ترك العمل لمرض
أو غيره ولو طالب أحدهما الآخر ان يعمل معه أو يقوم مقامه من يعمل فله ذلك فان امتنع فللآخر الفسخ وهو باطل عندنا على ما سلف ولو كان لقصار دابة
ولآخر بيت فاشتركا على أن يعملا بأداة هذا في بيت هذا والكسب بينهما جاز والاجر بينهما على ما شرطاه عند احمد لان الشركة وقعت على عملهما والعمل يستحق
به الربح في الشركة والآلة والبيت لا يستحق بهما شئ وعندنا ان هذه الشركة باطلة وقد سلف مسألة إذا كانت الشركة باطلة قسمنا الربح على قدر
رؤوس أموالهما ويرجع كل منهما على الأخ بأجر عمله وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان المسمى يسقط في العقد الفاسد كالبيع الفاسد إذا
تلف المبيع في يد المشتري والنماء فايدة مالهما فيكون تابعا للأصل كالثمرة والرواية الأخرى لأحمد انهما يقسمان الربح على ما شرطاه ولا يستحق أحدهما على الآخر
اجر عمله وأجراها مجرى الصحيحة لأنه عقد يصح مع الجهالة فيثبت المسمى في فاسده كالنكاح إذا عرفت هذا فلو كان مال كل واحد منهما متميزا وكان ربحه معلوما كان
لكل ربح ماله ولا يشاركه الآخر فيه ولو ربح في جزء منه ربحا متميزا وباقيه مختلطا كان له تمام ما يتميز من ربح ماله وله بحصة باقي المال من الربح مسألة ليس لأحد الشريكين
ان يكاتب الرقيق ولا يعتق على مال ولا غيره ولا يزوج الرقيق لان الشركة منعقدة على التجارة وليست هذه الأنواع تجارة لا سيما تزويج العبد فإنه محض ضرر وليس له
ان يقرض ولا يحابي لأنه تبرع وليس له ان يشارك بمال الشركة ولا يدفعه مضاربة لان ذلك يثبت في المال حقوقا ويستحق غير المالك ربحه وليس له ذلك الا بإذن رب المال
وليس له ان يمزج مال الشركة بماله ولا مال غيره لأنه تعيب في المال وليس له ان يستدين على مال الشركة فان فعل فربحه له وعليه خسرانه وقال بعض العامة إذا استدان شيئا
لزم الشريكين معا وربحه لهما وخسرانه عليهما لان ذلك تملك مال بمال فأشبه الصرف وهو غلط لأنه ادخل في الشركة أكثر مما رضي الشريك ان يشاركه فيه فلم يجز
كما لو ضم إلى مال الشركة شيئا من ماله ويفارق الصرف لأنه بيع وابدال عين بعين فهو كبيع الثياب بالدراهم وليس له ان يقر على مال الشركة فان فعل لزم في حقه دون
صاحبه سواء أقر بدين أو عين لان شريكه انما اذن له في التجارة والاقرار ليس منها ولو أقر بعيب في عين باعها أو أقر الوكيل على موكله بالعيب لم يقبل خلافا
لأحمد ولو أقر بقبض ثمن المبيع أو اجر المكاري والجمال وأشباه ذلك فالأقرب القبول لأنه من توابع التجارة فكان له ذلك كتسليم المبيع وأداء ثمنه ولو ردت السلعة
عليه بعيب قبلها أو اعطى أرشها ولو حط من الثمن شيئا أو أسقط دينا لهما عن غيرهما لزم في حقه وبطل في حق شريكه لان ذلك تبرع والتبرع يمضي في حصته
دون شريكه ولو كان لهما دين حال فاخر أحدهما حصته من الدين جاز وبه قال أبو يوسف ومحمد لأنه أسقط حقه من التعجيل فصح ان ينفرد به أحدهما كالابراء
وقال أبو حنيفة لا يجوز مسألة قد بينا ان الشركة يتضمن نوع وكالة ولا يتعدى الشريك حد الوكالة فليس له ان يبيع نساء وإذا اشترى بجنس ما عنده
دفعه وان اشترى بغير جنسه لم يكن له ان يستدين الجنس ويصرفه في الثمن لأنا منعناه من الاستدانة لكن له ان يبيع بثمن من النقد الذي عينه ويدفع وليس له
ان يودع الا مع الحاجة لأنه ليس من الشركة وفيه غرور واما مع الحاجة فإنه من ضرورة الشركة فأشبه دفع المتاع إلى الجمال وهو إحدى الروايتين عن أحمد
الثانية يجوز لأنه عادة التجار وقد تدعو الحاجة إلى الايداع والعادة لا تقضى على الشرع والحاجة مسوغة كما قلنا وليس له ان يوكل فيما يتولاه بنفسه
كالوكيل وفي إحدى الروايتين عن أحمد الجواز فان وكل أحدهما بإذن صاحبه جاز وكان لكل منهما عزله وليس لأحدهما ان يرهن بالدين الذي عليهما
الا بإذن صاحبه أو مع الحاجة وعن أحمد روايتان وليس لأحدهما السفر بالمال المشترك الا بإذن صاحبه والأقرب ان له الإقالة لأنها إما بيع عند جماعة
من العامة وهو يملك البيع أو فسخ عندنا وهو يملك الفسخ ويرد بالعيب كل ذلك مع المصلحة ولو قال له اعمل برأيك جاز ان يعمل كلما يصلح في التجارة من الابضاع والمضاربة
بالمال والمشاركة وخلطه بماله والسفر والايداع والبيع نسية والرهن والارتهان والإقالة ونحو ذلك لأنه فوض إليه الرأي في التصرف الذي يقتضيه الشركة فجاز له كل ما هو
من التجارة فاما ما يكون تمليكا بغير عوض كالهبة والحطيطة لغير فايدة والقرض والعتق ومكاتبة الرقيق وتزويجه فلا يفعله الا باذنه لأنه انما فوض إليه
227

العمل برأيه في التجارة وليس ذلك منها ولو اخذ أحد الشريكين مالا مضاربة فربحه له دون صاحبه لأنه يستحق ذلك في مقابلة عمله وليس ذلك من المال الذي اشتركا فيه مسألة قد بينا ان الشركة من العقود الجايزة لكل منهما فسخها والرجوع في الاذن والمطالبة بالقسمة لان الانسان
مسلط على ماله فكان له المطالبة باقراره من مال غيره وتمييزه عنه وليس لأحدهما مطالبة الآخر بإقامة رأس المال بل يقتسمان الأعواض إذا لم يتفقا على البيع ولا
يصح التأجيل في الشركة ولو كان بعض المال في أيديهما والاخر غايب عنهما فاقتسما الذي في أيديهما والغايب عنهما صحت في المقبوض دون الغايب على الناس لان
الباقر (ع) سئل عن رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غايب عنهما فاقتسما الذي في أيديهما وأحال كل واحد منهما صاحبه بنصيبه من الغائب فاقتضى
أحدهما ولم يقتض الآخر قال ما اقتضى أحدهما فهو بينهما وما يذهب ماله وسأل معاوية بن عمار الصادق (ع) عن رجلين بينهما مال منه دين ومنه عين
فاقتسما العين والدين فتوى الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه وخرج الذي للاخر يراد على صاحبه قال نعم ما يذهب بماله مسألة لو كان لرجلين دين بسبب واحد
إما عقد أو ميراث أو استهلاك أو غيره فقبض أحدهما منه شيئا فللآخر مشاركته فيه وهو ظاهر مذهب أحمد بن حنبل لما تقدم في المسألة السابقة في رواية معوية بن
عمار عن الصادق (ع) ولان تمليك القابض ما قبضه يقتضي قسمة الدين في الذمة من غير رضي الشريك وهو باطل فوجب ان يكون المأخوذ لهما والباقي
بينهما ولغير القابض الرجوع على القابض بنصفه سواء كان باقيا في يده أو أخرجه عنها وله ان يرجع على الغريم لان الحق يثبت في ذمته لهما على وجه سواء فليس له تسليم
حق أحدهما إلى الآخر فان اخذ من الغريم لم يرجع على الشريك بشئ لان حقه ثابت في أحد المحلين فإذا اختار أحدهما سقط حقه من الآخر وليس للقابض منعه من الغريم
بان يقول انا أعطيك نصف ما قبضت بل الخيرة إليه من أيهما شاء قبض فان قبض من شريكه شيئا رجع الشريك على الغريم بمثله وان هلك المقبوض في يد القابض
تعين حقه فيه ولم يضمنه للشريك لأنه قدر حقه فيما تعدى بالقبض وانما كان لشريكه مشاركته لثبوته في الأصل مشتركا ولو أبرأ أحد الشريكين الغريم من حقه
برئ منه لأنه بمنزلة قبضه منه وليس لشريكه الرجوع عليه بشئ لأنه لم يقبض شيئا من حق الشريك ولو أبرأ أحدهما من جزء مشاع سقط من حقه وبسط ما يقبضانه
من الغريم على النسبة فلو أبرأ أحدهما الغريم من عشر الدين ثم قبضا من الدين شيئا قسماه على قدر حقهما في الباقي للمبري أربعة اتساعه ولشريكه خمسة اتساعه وان قبض
نصف الدين ثم أبرأ أحدهما من عشر الدين كله نفذت البراءة في خمس الباقي وما بقي بينهما على ثمانية للمبري ثلاثة أثمانه وللآخر خمسة أثمانه فما قبضاه بعد ذلك
اقتسماه على هذا ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين ثوبا قال بعض العامة كان للاخر ابطال الشراء فان بذل له المشتري نصف الثوب ولا يبطل البيع لم
يلزم ذلك وان أجاز البيع ليملك الثوب جاز ويبنى على بيع الفضولي هل يقف على الإجازة أو لا فعندنا نعم وبين العامة خلاف ولو أجل أحدهما نصيبه
من الدين جاز فإنه لو أسقط حقه جاز فتأخره أولي فان قبض الشريك بعد ذلك لم يكن لشريكه الرجوع عليه بشئ هذا إذا اجله في عقد لازم وان لم يكن في عقد
لازم كان له الرجوع لان الحال لا يتأجل بالتأجيل فوجوده كعدمه وعن أحمد رواية أخرى انما يقبضه أحدهما له دون صاحبه لان ما في الذمة لا ينتقل إلى العين الا
بتسليمه إلى غريمه أو وكيله وما قبضه أحدهما فليس لشريكه فيه قبض ولا لوكيله ولا يثبت له فيه حق وكان له ما قبضه لثبوت يده عليه بحق فأشبه ما لو كان الدين
بسببين ولان هذا يشبه الدين في الذمة وانما يتعين حقه بقبضه فأشبه تعيينه بالابراء ولأنه لو كان لغير القابض حق في المقبوض لسقط بتلفه كالسائر الحقوق
ولان هذا القبض إن كان بحق لم يشاركه غيره فيه كما لو كان الدين بسببين وإن كان بغير حق لم يكن له مطالبته ولان حقه في الذمة لا في العين فأشبه ما لو اخذ غاصب
منه مالا فعلى هذا ما قبضه القابض يختص به دون شريكه وليس لشريكه الرجوع عليه فان اشتري بنصيبه ثوبا أو غيره صح ولم يكن لشريكه ابطال الشراء وان قبض أكثر
من حقه بغير اذن شريكه لم يبرأ الغريم فيما زاد على حقه والمشهور ما قلناه أولا ولا يصح قسمة ما في الذمم لان الذمم لا تكافأ ولا تتعادل والقسمة تقتضي التعديل
والقسمة من غير تعديل ولا يجوز بيع الدين بالدين فلو تقاسما ثم توى بعض المال رجع من توى ماله على من لم يتو وبه قال ابن سيرين والنخعي واحمد في إحدى الروايتين وفي
الأخرى يجوز ذلك لان الاختلاف لا يمنع القسمة كما لو اختلفت الأعيان وبه قال الحسن وإسحاق وهذا إذا كان في ذمم متعددة فاما في ذمة واحدة فلا يمكن القسمة لان معنى القسمة
افراز حق ولا يتصور ذلك في ذمة واحدة مسألة قد بينا انه إذا تساوى المالان تساوى الشريكان في الربح وان تفاوت المالان تفاوتا في الربح على النسبة
فان شرطا خلاف ذلك جاز عندنا وصحت الشركة وبه قال أبو حنيفة خلافا للشافعي فلو كان لأحدهما الف وللآخر الفان فاذن صاحب الألفين لصاحب الألف ان
يتصرف فيهما على أن يكون الربح بينهما نصفين فإن كان صاحب الألفين شرط على نفسه العمل فيهما أيضا يصح عندنا وقال الشافعي تفسد الشركة ويكون الربح على قدر
المالين ويجب لكل واحد منهما على الآخر اجرة عمله في نصيبه وقال أبو حنيفة إذا كانت الشركة فاسدة لم يجب لواحد منهما اجرة لان العمل لا يقابله عوض في الشركة
الصحيحة فكذلك الفاسدة والمعتمد عندنا ان الشركة إذا فسدت كان لكل منهما اجرة مثل عمله كما هو قول الشافعي لان المتشاركين إذا شرطا في مقابلة عملهما ما لم
يثبت لم يجب ان يثبت عوض المثل كما لو شرطا في الإجارة شرطا فاسدا أو ما ذكره في الصحيحة فإنما يستحق في مقابلة العمل عوضا لأنه لم يشترط في مقابلته شيئا وفي مسئلتنا بخلافه
ولو شرط صاحب الألفين العمل على صاحب الألف خاصة صحت الشركة وكانت شركة وقراضا عند الشافعي ويكون لصاحب الألف ثلث الربح بحق ماله والباقي وهو ثلثا
الربح بينهما لصاحب المال ثلاثة أرباعه وللعامل ربعه وذلك لأنه جعل النصف له فجعلنا الربح ستة أسهم منه ثلاثة شرط حصة ماله منها سهمان وسهم هو ما يستحقه
لعمله على مال شريكه من حصة مال شريكه أربعة أسهم للعامل سهم وهو الربع وعندنا أنه يكون شركة صحيحة عملا بالشرط ولو كان لرجلين ألفا درهم فاذن أحدهما
لصاحبه ان يعمل في ذلك ويكون الربح بينهما نصفين فان هذا ليس بشركة ولا قراض لان الشركة العنان يقتضى ان يشتركا في المال والعمل والقراض يقتضي ان
يكون للعامل نصيب من الربح في مقابلة عمله وهنا لم يشترط له فإذا عمل كان الربح بينهما نصفين على قدر المالين وكان عمله في نصيب شريكه معونة له منه وتبرعا
لأنه لم يشترط لنفسه في مقابلته عوضا مسألة لو اشتريا عبدا وقبضاه فأصابا به عيبا فأراد أحدهما الامساك والاخر الرد لم يجز وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي
يجوز وقد سلف ذلك في كتاب البيوع إذا تقرر هذا فإذا اشترى أحد الشريكين عبدا فوجد به عيبا فان أراد الرد كان لهما وان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك
فإن كان قد اطلق الشراء ولم يذكرانه يشتريه له ولشريكه لم يكن له الرد لأن الظاهر أنه يشتريه لنفسه فلم يلزم البايع حكما بخلاف الظاهر وإن كان قد اعلمه انه يشتريه
بمال الشركة أو له ولشريكه لم يكن لأحدهما الرد وللآخر الأرش على ما تقدم وللشافعية وجهان أحدهما ليس له الرد لأنه انما أوجب ايجابا واحدا فلا يبعض
عليه والثاني له الرد لأنه إذا كان يقع الشراء لاثنين كان بمنزلة ان يوجب لهما ولو أوجب لهما كان في حكم العقدين كذا هنا وإذا باع أحد الشريكين عينا من أعيان
الشركة وأطلق البيع ثم ادعى بعد ذلك أنه باع ماله ومال شريكه بغير اذنه لم تسمع دعواه لأنه يخالف ظاهر قوله فان ادعى ذلك شريكه كان عليه إقامة البينة انه شريكه
228

فيه فإذا قامت البينة وادعى المشتري انه اذن للبايع في البيع كان القول قوله إنه لم يأذن مع يمينه فإذا حلف فسخ البيع في نصيبه ان لم يجز البيع ولا ينفسخ في الباقي الا
برضا المشتري وللشافعي قولان مبنيتان على تفريق الصفقة مسألة إذا كان لكل من الرجلين عبدا بانفراده صح بيعهما صفقة واحدة ومتعددة
اتفقت قيمتهما أو اختلفت عندنا وللشافعي قولان أحدهما يصح مطلقا لان جملة الثمن معلومة في العقد والثاني وهو الأصح عندهم ان البيع فاسد لأن العقد
إذا كان في أحد طرفيه عاقدان كان بمنزلة العقدين فيكون حصة كل واحد منهما مجهولة لان ما يخص كل واحد من العبدين من الثمن غير معلوم في العقد بخلاف
ما لو كان العبدان لواحد لوحدة العقد وهو غلط إذ مجموع الثمن في مقابلة مجموع الأجزاء وهما معلومان ولا يجب العلم بالمقابلة بين الأجزاء والاجزاء لا حالة
العقد ولا قبله إذا عرفت هذا فلو كان العبدان لرجلين لكل واحد منهما أحدهما فوكل واحد منهما الآخر في بيع عبده مع عبده فباعه معه صح عندنا وهو أحد قولي الشافعي
فيقوم كل واحد منهما ويقسم الثمن على قدر القيمتين وعلى القول الآخر للشافعي وهو فساد البيع ان صدق المشتري البايع انه باع عبده وعبد غيره كان البيع فاسدا
وان كذبه فالقول قول المشتري مع يمينه لأن الظاهر أنه باع ملكه ويحلف المشتري انه لا يعلم أن أحد العبدين لم يكن له فإذا حلف سقطت عنه الدعوى واما الثمن الذي
في يد البايع فإنه مقر انه لا يستحقه الا ان المشتري قد حال بينه ولين العبدين وقد استحق بذلك القيمة فينظر فإن كان الثمن قدر القيمة أو دونه كان لهما أخذه وإن كان
أكثر منهما لا يستحقان الا قدر القيمة والباقي لا يدعيانه فيردانه إلى يد الحاكم ليحفظه لصاحبه فإذا أدعاه رد إليه المقصد الرابع في القراض
وفصوله خمسة الأول الماهية مسألة القراض عقد شرع لتجارة الانسان بمال غيره بحصة من الربح فإذا دفع الانسان إلى غيره مالا ليتجر فيه
فلا يخلو إما ان يشترطا قدر الربح بينهما أو لا فإن لم يشرطا شيئا فالربح بأجمعه لصاحب المال وعليه أجرة المثل للعامل وان شرطا فان جعلا جميع الربح للعامل كان
المال قرضا ودينا عليه والربح له والخسارة عليه وان جعلا الربح بأجمعه للمالك كان بضاعة وان جعلا الربح بينهما فهو القراض الذي عقد الباب لأجله وسمى
المضاربة أيضا والقراض لغة أهل الحجاز والمضاربة لغة أهل العراق إما القراض فإنه لفظ مأخوذ من القرض وهو القطع كما يقال قرض الفار الثوب اي قطعه
ومنه المقراض لأنه يقطع به فكان صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل أو اقتطع له قطعة من الربح وقيل اشتقاقه من المقارضة وهي المساواة
والموازنة يقال تقارض الشاعران إذا وازن كل منهما الآخر بشعره وحكى عن أبي الدرداء أنه قال قارض الناس ما قارضوك فان تركتهم لم يتركوك يريد ساوهم
فيما يقولون وهذا المعنى متحقق هنا لان المال من جهة رب المال ومن جهة العامل العمل فقد تساويا في قوام
العقد بهما فمن هذا المال ومن الآخر العمل ويحتمل
ان يكون ذلك لاشتراكهما في الربح واما المضاربة فهي مأخوذة من الضرب قال الله تعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله والعامل يضرب
في الأرض للتجارة يبتغي الربح وقيل إنه مأخوذ من ضرب كل منهما في الربح بسهمه أو لما فيه من الضرب بالمال والتقليب ويقال للمالك من اللفظة الأولي مقارض
بكسر الراء وللعامل مقارض بفتحها ومن اللفظة الثانية يقال للعامل مضارب بكسر الراء لأنه الذي يضرب في الأرض بالمال ويقلبه ولم يشتق أهل اللغة لرب المال
من المضاربة اسما بخلاف القراض مسألة وهذه المعاملة جايزة بالنص والاجماع لما روى العامة ان الصحابة اجمعوا عليها قال الشافعي روى أبو حنيفة
عن حميد بن عبد الله عن جده ان عمر بن الخطاب أعطاه مال يتيم مضاربة فكان يعمل عليه في العراق وروى الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم عن
أبيه ان عبد الله وعبيد الله ابني عمر بن الخطاب خرجا في جيش إلى البصرة وفي منصرفيهما من غزوة نهاوند لقيا أبا موسى الأشعري وتسلفا من أبي موسى الأشعري
مالا وابتاعا متاعا وقدما به إلى المدينة فباعاه وربحا فأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله فقالا لو تلف كان ضمانه علينا فكيف لا يكون ربحه لنا فقال رجل
يا عمر لو جعلته قراضا قال قد جعلته واخذ منهما نصف الربح وقال بعض الشافعية ان ما جرى كان قرضا صحيحا وكان الربح ورأس المال لهما لكن عمر استنزلهما
عن نصف الربح خيفة ان يكون قد قصد أبو موسى ارفاقهما لا رعاية مصلحة بيت المال وكذلك قال بعض الروايات وأسلف كل الجيش كما أسلفكما وعن العلاء؟ بن
عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه ان عثمان أعطاه مالا مقارضة وروى قتادة عن الحسن بن علي (ع) أنه قال إذا حالف المضارب فلا ضمان وهما على ما شرطا
وعن ابن مسعود وحكيم بن حزام انهما قارضا ولا مخالف لهما فصار ذلك اجماعا ومن طريق الخاصة ما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام في الرجل يعطي الرجل
مالا مضاربة وينهاه ان يخرج به إلى ارض أخرى فعصاه فقال هو له ضامن والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادق (ع) قال المال
يعمل به مضاربة له من الربح وليس عليه من الوضيعة شئ الا ان يخالف أمر صاحب المال وعن إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) قال سألته عن مال المضاربة
قال الربح بينهما والوضيعة على رب المال والاخبار في ذلك كثيرة ولان الحاجة ماسة وداعية إلى المضاربة فان الدراهم والدنانير لا تنمى الا بالتقليب
ولا يدخر وليس كل من يملكها يمكنه التجارة ولا كل من يتمكن من التجارة ويعرفها يتمكن من المال فاقتضت الحكمة من اعاة طرفي العامل والمالك بتسويغ المضاربة
ولان السنة الظاهرة وردت في المساقاة وانما جوزت المساقاة للحاجة من حيث إن مالك النخيل قد لا يحسن تعهدها أو لا يتفرغ له ومن يحسن العامل
قد لا يملك ما يعمل فيه وهذا المعنى موجود في القراض فوجب مشروعيته الفصل الثاني في أركانه وهي خمسة تنظمها خمسة مباحث
الأول العقد مسألة لابد في هذه المعاملة من لفظ دال على الرضي من المتعاقدين إذ الرضي من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها
الا الله تعالى وهذه المعاملة وغيرها من المعاملات يعتبر فيها الرضي للآية فاللفظ الدال على الايجاب أن يقول رب المال قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك
على أن يكون الربح بيننا نصفين أو أثلاثا أو غير ذلك من الأجزاء بشرط تعيين الأكثر لمن هو منهما والأقل كذلك والقبول أن يقول العامل قبلت أو رضيت
أو غيرهما من الألفاظ الدالة على الرضي بالايجاب وكذا الايجاب لا يختص لفظا فلو قال خذه واتجر به على أن مهما سهل الله تعالى في ذلك من ربح وفايدة يكون
بيننا على السوية أو متفاوتا جاز مسألة ولابد من القبول على التواصل المعتبر في ساير العقود وهل يعتبر اللفظ الأقرب العدم فلو قال خذه هذه الدراهم
فاتجر بها على أن الربح بيننا على كذا فاخذها واتجر فالأقرب الاكتفاء به في صحة العقد كالوكالة ويكون قراضا هذا قول بعض الشافعية قال الجويني وقطع
شيخي والطبقة العظمى من نقلة المذهب على أنه لابد من القبول بخلاف الجعالة والوكالة فان القراض عقد معاوضة يختص بمعين فلا يشبه الوكالة التي
هي اذن مجرد والجعالة التي يبهم فيها العامل والوجه الأول تذنيب يجب التنجيز في العقد فلا يجوز تعليقه على شرط أو صفة مثل إذا دخلت الدار
أو إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك بكذا كما لا يجوز تعليق البيع ونحوه لان الأصل عصمة مال الغير مسألة وانما يصح العقد لو تعينت الحصة في الربح لكل واحد
229

منهما فلو ابهما الحصة لهما بان يقول على أن لي بعض الربح ولك البعض أو لأحدهما لم يصح قطعا ولو عين حصة العامل وسكت عن حصته فقال قارضتك
بهذا المال على أن النصف لك صح لان النماء والربح يتبع الأصل فهو بالأصالة للمالك وانما ينتقل إلى العامل بالشرط فإذا عين حصة العامل بقي الباقي للمالك
لأنه تابع لماله وللشافعية وجه ضعيف انه لا يصح الا ان يجري الإضافة إلى المتعاملين في الجزئين من الجانبين فيقول على أن الربح نصفه لك ونصفه لي والمعتمد ما
تقدم ولو عين حصة المالك خاصة فقال قارضتك بهذا على أن نصف الربح لي وسكت عن حصة العامل بطل لأنه لم يعين للعامل شيئا إذ النماء
المسكوت عنه يتبع المال فيكون للمالك الا إذا نسب شئ منه إلى العامل والتقدير انه لم ينسب إليه شئ وقال بعض الشافعية يصح أيضا ويكون النصف الآخر
للعامل لأنه الذي يسبق إلى الفهم منه ولو قال علي ان لك النصف ولي السدس وسكت عن الباقي صح على ما اخترناه وكان الربح بينهما بالسوية كما
لو سكت عن جميع النصف الذي للمالك لان الباقي مسكوت عنه فيتبع رأس المال البحث الثاني المتعاقدان وشرط كل واحد منهما البلوغ والعقل وجواز
التصرف فلا يصح القراض بين الصبي وغيره وكذا المجنون والسفيه والمحجور عليه للفلس والأصل فيه ان القراض توكيل وتوكل في شئ خاص وهو التجارة فيعتبر
في العامل والمالك ما يعتبر في الوكيل والموكل ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو قارض المريض في مرض موته صح وكان للعامل ما شرط له سواء زاد عن اجرة مثل
عمله أو ساواه أو قصر عنه ولا يحسب من الثلث لان المحسوب من الثلث انما هو ما يفوته المريض من ماله والربح ليس بحاصل حتى يفوته وانما هو شئ يتوقع
حصوله وإذا حصل حصل بتصرفات العامل وكسبه ولو مات المريض في مرض الموت وزاد الحاصل عن أجرة المثل فالأولى ان الزيادة عن أجرة المثل يحسب من الثلث لان النماء
وقتا معلوما ينتظر وهي حاصلة من عين النخل من غير عمل فكانت كالشئ الحاصل بخلاف أرباح التجارات التي يحصل من عمل العامل وهذا أظهر وجهي الشافعية
والثاني انه لا يحتسب من الثلث أيضا لأنه وقت العقد لم يكن ثمرة وحصولها منسوب إلى عمل العامل أيضا وتعهده مسألة يجوز تعدد كل من المالك
والعامل فيضارب الواحد اثنين وبالعكس فإذا تعدد العامل بان قارض الواحد اثنين اشترط تعيين الحصة لهما ولا يجب تفصيلها بل يجوز ان يجعل النصف
لهما فيحكم بالنصف لهما معا بالسوية لاقتضاء الاطلاق ذلك وأصالة عدم التفضيل ولو شرط التفاوت بينهما بان جعل لأحدهما ثلث الربح وللآخر ربعه وأبهم فلم يعين المستحق
للثلث بطل وان عين الثلث لواحد بعينه والربع للاخر جاز لان عقد الواحد مع اثنين كعقدين ويكون كأنه قد قارض أحدهما في نصف المال بنصف الربح
والاخر في نصفه بثلث الربح وبه قال الشافعي وقال مالك لا يجوز لأنهما شريكان في العمل بأبدانهما فلا يجوز تفاضلهما في الربح كالمفردين والمعتمد الأول لان ذلك
بمنزلة العقدين ولا شك في أنه لو ضارب اثنين في عقدين جاز ان يفاضل بينهما فكذا إذا جمعهما عقد واحد لأنه بمنزلتهما ولأنه مع تعدد العامل ووحدة العقد إما ان
ينظر إلى تعدد العامل فيجوز التفاضل قطعا واما ان ينظر إلى وحدة العقد فكذلك لأنه في الحقيقة قد شرط للعاملين الذين هما يمنزلة عامل واحد نصفا
وثلثا ولا شك في أنه يجوز ذلك في العامل الواحد فكذا ما هو بمنزلته وقياس مالك باطل عندنا فإنه لا يصح شركة الأبدان تذنيب يجوز ان يقارض
الاثنين وان لم يثبت لكل منهما الاستقلال بل شرط على كل واحد منهما مراجعة الآخر عملا بمقتضى الشرط وهو قول أكثر الشافعية وقال الجويني انما
يجوز ان يقارض اثنين إذا ثبت لكل واحد منهما الاستقلال فان شرط على كل واحد منهما مراجعة الآخر لم يجز ولا وجه له مسألة يجوز ان يقارض الاثنان
واحدا ويجب ان يبينا نصيب العامل من الربح ويكون الباقي بينهما على ما يشترطانه سواء كان على نسبة المالين أو لا فلو شرطا له النصف من نصيب أحدهما
والثلث من نصيب الآخر من الربح فان ابهما لم يجز قطعا للغرر بالجهالة وان عينا فإن كان عالما بقدر كل واحد منهما جاز والا بطل ولو شرط أحدهما للعامل النصف
من حصته من الربح وشرط الآخر الثلث على أن يكون الباقي بينهما نصفين جاز عندنا وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور عملا بالشرط وقد بينا انه يجوز اشتراط أحد
الشريكين لنفسه أكثر مما يحصل له بالنسبة من ماله وقال الشافعي لا يجوز لان أحدهما يستحق مما بقي بعد شرطه النصف والاخر الثلثين فلا يجوز ان يشرطا التساوي
فيكون قد شرط أحدهما على الآخر من ربح ماله بغير عمل عمله ولا مال يملكه فلم يجز وهو غلط لان الفاضل من حصة العامل لا من حصة شريكه مسألة
يجوز لولي الطفل والمجنون ان يقارض على مالهما مع المصلحة لأنه يجوز له ان يوكل عنهما في أمورهما فكذا يجوز ان يعامل على أموالهما قراضا ولا فرق بين الأب
والجد له ووصيهما والحاكم وأمينه ولو لم يكن الدافع وليا كان ضامنا والربح لليتيم لأنه متعد بدفعه مال الغير وقد سأل بكر بن حبيب الباقر (ع) عن رجل
دفع مال يتيم مضاربة فقال إن كان ربح فلليتيم وإن كانت وضيعة فالذي أعطاه ضامن إذا عرفت هذا فإن كان العامل جاهلا كان الربح لليتيم وعلى الدافع
إليه أجرة المثل وإن كان عالما فلا اجرة له وعلى التقديرين فالعامل ضامن لكن في الصورة الأولى يرجع على الدافع إليه وفي الصورة الثانية لا يرجع مسألة يشترط
ان يكون الدافع مالك المال أو من اذن له المالك فيه لان غيرهما ممنوع منه لما فيه من التصرف في مال الغير بغير اذنه وهذا العقد قابل للاستنابة فجاز ان يوقعه
المالك بنفسه أو وكيله لأنه نايبه في الحقيقة ويشترط في الوكيل الكمالية المشترطة في باقي الوكلاء مسألة ليس للعامل في القراض ان يضارب غيره الا بإذن المالك
فان فعل كان فاسدا لان المالك لم يأذن فيه ولا أيتمن على المال غيره ولا يجوز للعامل ان يتصرف في مال رب المال بما لا يتناوله اذنه ولا يجوز له ان يسلمه إلى من لم
يأتمنه فان قارض العامل غيره بغير اذن المالك كان ضامنا لأنه متعد فيه وان قارض بإذن المالك صح وكان المالك قد اذن له ان يقارض ان اختار أو عجز
عن العمل فإذا قارض باذنه كان العامل الأول وكيلا لرب المال في ذلك البحث الثالث في رأس المال وله شروط ثلاثة الأول ان يكون من النقدين
دراهم أو دنانير مضروبة منقوشة عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة لان القراض معاملة تشتمل على ضرر عظيم إذ العمل مجهول غير منضبط
والربح غير متيقن الحصول وانما سوغنا هذه المعاملة مع الغرر الكثير للحاجة والضرورة فيختص بما يسهل التجارة عليه ويروج في كل حال وكل وقت لان النقدين
أثمان البياعات والناس يتداولون بالمعاملة عليها من عهد النبي (ص) وقبله وبعده إلى زماننا هذا ويرجعون إليهما في قيم المتلفات ولان
النقدين ثمنان لا يختلفان بالأزمنة والأصقاع الا قليلا نادرا ولا يقومان بغيرهما واما غيرهما من العروض فان قيمتها تختلف دائما فلو جعل شئ منها رأس
المال لزم إما اخذ المالك جميع الربح أو اخذ العامل بعض رأس المال والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية انهما إذا جعلا رأس المال ثوبا مثلا فاما
ان يشترط رد ثوب بتلك الصفات أو رد قيمته فان شرطا الأول فربما كان قيمة الثوب في حال المعاملة يساوي دينارا ويبيعه به ويتصرف فيه حتى يبلغ المال
عشرة دنانير ثم يرتفع قيمة الثياب حتى لا يوجد مثل ذلك الثوب الا بعشرة فيحتاج العامل إلى أن يصرف جميع ما معه إلى تحصيل رأس المال فيذهب الربح في رأس
230

المال فيتضرر العامل وبالعكس قد يكون قيمة الثوب عشرة وقت المعاملة فيبيعه ولا يربح شيئا ثم يتنازل قيمة الثياب حتى يوجد مثله بنصف دينار فيدفعه
إليه ويبقى نصف دينار ويأخذ العامل منه حصته فيحصل بعض رأس المال وان شرطا رد القيمة فاما ان يشترطا قيمته حال المفاضلة أو قيمته حال الدفع
والقسمان باطلان إما الأول فلانها مجهولة ولان القيمة قد تزيد بحيث يستوعب الأصل والنماء فيلزم المحذور السابق والثاني باطل لأنه قد تكون قيمته في
الحال عشرة ويعود عند المفاضلة إلى واحد يلزم المحذور الثاني واما بطلان التالي فلانه مناف للمضاربة لان مقتضاها ان يرجع إلى رب المال رأس ماله
ثم يشتركان في الربح واعترض بان لزوم أحد الامرين مبني على أن رأس المال قيمة يوم العقد وبتقدير جواز القراض على العرض يجوز ان يكون رأس المال ذلك العرض
بصفاته من غير نظر إلى القيمة كما أنه المستحق في السلم وحينئذ فان ارتفعت القيمة فهو كخسران حصل في أموال القراض وان انخفضت فهو كزيادة قيمة فيها وادعى بعض
الشافعية الاجماع على اختصاص القراض بالنقدين والشيخ (ره) استدل على الاختصاص بان ذلك مجمع على جوازه بخلاف المتنازع وقال الأوزاعي وابن أبي
ليلى يجوز القراض بكل مال فإن كان له مثل أعيد مثله عند المفاضلة وان لم يكن له مثل أعيد قيمته وبه قال
طاوس وحماد بن أبي مسلم وعن أحمد روايتان لان ذلك
يجوز ان يكون ثمنا فجاز ان يكون رأس مال المضاربة كالنقود والفرق ظاهر بما قدمناه إذا ثبت هذا فلو دفع إليه كرا من طعام مضاربة فباعه واتجر بثمنه فان
القراض فاسد وكان البيع والتجارة صحيحين بالاذن والربح بأجمعه لصاحب المال وعليه أجرة المثل للعامل لأنه عمل على أن يكون شريكا في الربح ولم يثبت له ذلك لفساد
العقد فيكون له أجرة المثل مسألة لا يجوز المضاربة بالنقرة ولا بالتبر لأنهما متقومان كسائر الأعيان ولهذا يضمن بالقيمة في الاتلاف وكذا لا يجوز القراض
بالحلي وسائر المصوغات من النقدين وكل ما ليس بمضروب بسكة المعاملة حال العقد أو قبله واما الفلوس فلا يجوز القراض بها عند علمائنا وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة وأبو يوسف لأنها ليست أثمانا محضا غالبا فلا تصح المضاربة عليها كسائر الأعيان وقال محمد بن الحسن تجوز المعاملة على الفلوس استحسانا لأنها ثمن في
بعض البلاد وهو ممنوع واما الدراهم المغشوشة فلا يصح المعاملة عليها إذا لم يكن معلومة الصرف بين الناس سواء كان الغش أكثر أو أقل وبه قال الشافعي لأنها
تتقوم كالاعواض وقال أبو حنيفة إن كان الغش أكثر من النصف لم يجز وإن كان أقل جاز لأن الاعتبار بالغالب كما اعتبر ذلك في كثير من الأصول وهو ممنوع لأنه يقول
في الزكاة إذا كانت الفضة أقل لم يسقط حكمها واعتبر بلوغها النصاب وحكى الجويني وجها عن الشافعي انه يجوز القراض على المغشوش اعتبارا برواجه وحكى
بعضهم ان بين الشافعية خلافا في القراض بالفلوس تذنيب ظهر من هذا انه لا يجوز ان يجعل المنافع كسكنى الدار وخدمة العبد رأس مال القراض فان
العروض إذا لم يجز جعلها رأس المال له فالمنافع أولي بالمنع الشرط الثاني ان يكون معلوما فلا يصح القراض على الجزاف وإن كان مشاهدا مثل قبضة
من ذهب أو فضة مجهول المقدار أو كيس من الدراهم مجهول المقدار أو صبرة المجهولة المقدار سواء شاهدها العامل والمالك أو لا وبه قال الشافعي لعدم
امكان الرجوع إليه عند المفاضلة ولا بد من الرجوع إلى رأس المال عندها ولان جهالة رأس المال تستلزم جهالة الربح وقال أبو حنيفة يجوز ان يكون رأس
المال مجهولا ويكون القول قول العامل مع يمينه الا ان يكون لرب المال بينة فإن كانت لهما بينة فبينة رب المال أولي لان العامل امين لرب المال وقوله مقبول
فيما في يده فقام ذلك مقام المعرفة وقد قال أبو حنيفة يجب ان يكون رأس مال السلم معلوما وهو مذهبنا أيضا وهو أحد قولي الشافعي لأنه قد يرجع إليه عند
فساد السلم فما لابد من الرجوع أولي بان يكون معلوما وأجاب الشافعية بان المسلم إليه القول قوله أيضا في قدر رأس المال ولا يقوم ذلك مقام معرفته وفرقوا
بين المسلم على القول بجواز الجهالة فيه بان السلم لا يعقد لينفسخ والقراض يعقد لينفسخ ويميز بين رأس المال والربح الشرط الثالث ان يكون
معينا فلو أحضر المالك الفين وقال للعامل قارضتك على إحدى هاتين الألفين أو على أيتهما شئت لم يصح لعدم التعيين وصار كما لو قال قارضتك على هذه
الدراهم أو على هذه الدنانير أو قال بعتك أحد هذين العبدين وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يصح لتساويهما وينتقض بما تقدم نعم يصح القراض بالمال
المشاع فلو كان له نصف الف مشاعا فقارض غيره على ذلك صح لأنه معين وكذا لو كانت غايبة عنهما وقت العقد وأشار رب المال إليها بما يميزها عن
غيرها حالة العقد صح إما لو قارضه على الف وأطلق ثم أحضر إليه ألفا في المجلس وعينها فإنه لا يصح وهو أحد قولي الشافعية لعدم التعيين والاخر انه يصح كما
في الصرف ورأس مال السلم مسألة ولا يجوز القراض على الديون ولا نعلم فيه خلافا قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم انه لا يجوز ان يجعل
الرجل دينا له مضاربة ومن حفظنا عنه ذلك عطاء والحكم وحماد ومالك والثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وبه قال الشافعي فلو كان له في ذمة غيره
الف فقارضه عليها أو قارض غيره وقال قد قارضتك على الألف التي في ذمة فلان فاقبضه واتجر فيه لم يجز لأنا منعنا من القراض على العروض لعسر التجارة والتصرف
فيها ومعلوم ان التصرف في الدين أعسر فكان المنع منه فيه أولي ولان ما في الذمة لابد من تحصيله أولا وسيأتي انه لا يجوز في القراض ضم عمل إلى التجارة لكن مثل هذا
العمل يجوز ان يعد من توابع التجارة فلا يمتنع ضمه إلى عمل القراض كما أنه لو كان له عند غيره وديعة دراهم أو دنانير فقال لثالث قارضتك عليها فخذها وتصرف فيها
فإنه يجوز قطعا فاذن التعويل على ما تقدم وعلى ما رواه السكوني في الموثق عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) في رجل له على رجل مال فتقاضاه
فلا يكون عنده فيقول هو عندك مضاربة قال لا يصلح حتى يقبضه مسألة لو دفع إليه ثوبا فقال له بعه فإذا نض ثمنه فقد قارضتك عليه لم يصح عند علمائنا
وبه قال الشافعي لأنه عقد لا يصح على المجهول فلم يجز تعليقه بالشرط كالبيع ولان شرط مال القراض التعيين والتشخيص ولا يتحقق ذلك في الثمن الذي يحصل بعد عقد
القراض وقال أبو حنيفة يصح فإذا باعه وقبض الثمن كان قراضا لان ذلك أمر له بالتصرف فجاز تعليقه على شرط كالامارة والفرق ان الامارة يجوز ان يكون
شورى بين جماعة ولا يجوز مثل ذلك في القراض مسألة لو دفع إليه غزلا وقال انسجه ثوبا على أن يكون الفضل بيننا لم يصح وإذا نسجه كان الثوب
لصاحب الغزل وعليه اجرة الحايك وكذا إذا دفع إليه حنطة ليطحنها ويبيعه على أن الفاضل بينهما لم يصح لان القراض انما يجوز على التقديرين على ما تقدم فيكون
الدقيق لصاحب الحنطة وعليه اجرته ولو دفع إليه شبكة ليصطاد بها ويكون ما يحصل من الصيد بينهما أو دفع إليه راوية ليستقي عليها ويكون الماء أو ثمنه
بينهما لم يصح ويكون الصيد للصايد وعليه اجرة الشبكة لصاحبها وكذا الماء الذي استقاه وثمنه له أيضا وعليه اجرة الراوية وقد تقدم مسألة لو كان له
عند رجل وديعة فقارضه عليها صح القراض لأنه متعين وهو في يد العامل أمانة فهو بمنزلة كونه في يد رب المال وكذا لو كان عنده عارية ويجوز ان يتعامل
غير المستودع والمستعير بالوديعة والعارية ولو كان له مال عنده غصب فقارضه عليه وهو موجود معين صح عندنا أيضا لاستجماع شرائط الصحة مع
231

أصالتها وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح لان مال القراض أمانة وهذا المال في يده مضمون عليه فلا يوجد فيه معنى القراض والمذهب عندهم الوجه
الأول وهو الحق عندنا واجتماع ما أصله الضمان وما أصله الأمانة غير مناف فان العامل إذا تعدى في مال المضاربة ضمن والقراض بحاله وكذا إذا ارتهن ما هو
مغصوب عنده مع أن مقتضى الرهن الأمانة إذا ثبت هذا فإذا اشترى شيئا للقراض وسلم المال المغصوب إلى البايع صح وبرئ من الضمان حيث سلمه بإذن
صاحبه فان المضاربة تضمنت تسليم المال إلى البايع في التجارة وهل يزول عن الغاصب ضمان الغصب بعقد المضاربة عليه أو بدفعه إلى بايع السلعة للقراض أبو حنيفة
ومالك على الأول لأنه ماسك له بإذن صاحبه والشافعي على الثاني لعدم التنافي بين القراض وضمان الغصب كما لو تعدى فيه والوجه عندي الأول لان ضمان
الغصب يتبع الغصب والغصب قد زال بعقد القراض فيزول تابعه مسألة لو كان له في ذمة غيره مال فقال اعزل المال الذي لي في ذمتك وقد قارضتك
عليه بالنصف مثلا فعزل المال بطل القراض لأنه قبل العزل دين عليه وقد قارضه على الدين وقلنا انه لا يجوز وقال الشافعي لا يصح تعيينه بالدين لأنه لا يجوز
ان يكون قابضا لغيره من نفسه ولا تبرء ذمته منه ويكون الدين باقيا في ذمته فان اشترى شيئا للقراض فإن كان بعين المال كان ملكا له ولم يكن قراضا لان
المال ملكه ونية القراض لا تؤثر في الشراء به وان اشتري شيئا للقراض بطل ودفع المال واختلفت الشافعية فيه فمنهم من قال يكون المشتري للقراض ويكون قراضا
فاسدا لأنه جعل له شرطا وهو عزل المال الذي في ذمته كما لو قال له بع هذا العبد ويكون ثمنه قراضا وقد برئ من الدين بدفع ثمن الذي اشتراه لأنه دفعه بإذن
صاحبه ويكون له أجرة المثل والربح لرب المال ومنهم من قال لا يكون قراضا لا صحيحا ولا فاسدا ويكون ما اشتراه له ولا يصح ان يشتري بنية القراض الا إذا كان في
يده مال القراض وهذا المال الذي في يده ملكه فإذا اشتري وقع الشراء له ويكون الدين باقيا في ذمته ولو كان لرجل في ذمته غيره الف فقال لثالث اقبضها
منه وقد قارضتك عليها فقبضها منه لم يصح القراض وصح القبض لأنه قبض بإذن صاحب الدين وإذا اشترى بها للقراض صح الشراء له الا أنه يكون قارضا فاسدا
لأنه علقه بشرط فيكون الربح والخسران لرب المال وللعامل أجرة المثل كما إذا قال بع الثوب وقد قارضتك بثمنه فاما إذا قال قارضتك على الف ثم قال له خذها من
فلان أو قال للذي عليه الدين احملها إليه ففعل صح ان وقع ذلك في الحال لأنه لا فرق بين ان يدفعها بنفسه أو بغيره هذا إذا كانت معينة عندنا شخصية
ولو كانت دينا عليه لم يجز مسألة لو دفع إليه مائة دينار وألف درهم وقال قارضتك على أحدهما بالنصف لم يصح لعدم التعيين والجهالة يمنع العقد كما لو قال
بعتك أحد هذين العبدين ولو دفع إليه ألف درهم وقال له اعمل على هذه وربحها لي ودفع إليه ألفا أخرى وقال اعمل على هذه ويكون ربحها لك كان القراض فاسدا لأنه شرط
ان يكون جميع الربح في إحديهما للمالك وجميع الربح في الأخرى للعامل وذلك فاسد لأنه لا يجوز ان ينفرد أحدهما بالربح لان الربح يحصل بالمال والعمل فلا يصح عقد
المضاربة إما لو دفع الألفين وقال قارضتك على هذه على أن يكون الألف منهما ربحها لي والألف الأخرى ربحها لك حكى عن ابن شريح عن أبي حنيفة وأبي ثور
انهما قالا يصح ويكون كأنه قال نصف الربح لي ونصفه لك لان هذا معناه قال ابن شريح وهذا غلط لان موضوع القراض على أن يكون كل جزء من المال
ربحه بينهما فإذا شرط ربح الف فقد شرط لنفسه الانفراد بربح جزء منه فكان فاسدا ويفارق ما إذا شرط نصف الربح لان شرطه لم يتضمن الانفراد بجزء منه قال
الشيخ (ره) إذا أعطاه الفين وقال ما رزق الله تعالى من الربح كان لي ربح الف ولك ربح الف كان جايزا لأنه لا مانع منه والأصل جوازه وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور وهذا
موافقة منه (ره) لهما والمعتمد ان نقول إن قصد الإشاعة جاز وان قصد المعين بطل ولو أن صاحب الدين قال قارضتك عليه لتقبض وتتصرف أو اقبضه
فإذا قبضته فقد قارضتك عليه لم يصح أيضا وإذا قبض وتصرف فيه لم يستحق الربح المشروط بل الجميع لصاحب المال وعليه أجرة المثل للعامل عن التصرف
وإن كان قد قال إذا قبضت فقد قارضتك وان قال قد قارضتك عليه لتقبض وتتصرف استحق اجرة مثل التقاضي والقبض أيضا ولو قال قارضتك على الدين
الذي عليك لم يصح القراض أيضا لأنه إذا لم يصح والدين على الغير فلئن لا يصح والدين عليه كان أولي لان المأمور استوفى ما على غيره ملكه الامر وصح القبض وما
على المأمور لا يصير للمالك بعزله من ماله وقبضه للامر بل لو قال اعزل قدر حقي من مالك فعزله ثم قال قارضتك عليه لم يصح لأنه لم يملكه وإذا تصرف المأمور
فيما عزله فان اشترى بعينه للقراض فهو كالفضولي يشتري لغيره بعين ماله وان اشتري في الذمة ونقد ما عزله فللشافعية وجهان أحدهما انه للمالك لأنه اشترى
له باذنه والثاني انه للعامل لأنه انما اذن في الشراء بمال القراض إما بعينه أو في الذمة لينقده فيه فإذا لم يملكه فلا قراض والأقوى الأول فحيث كان المال المعزول
للمالك فالربح ورأس المال له لفساد القراض وعليه الأجرة للعامل ولو قال خذ المال الذي على فلان واعمل به مضاربة فاخذه ثم جدد عقد المضاربة بعد اخذه صح
وكذا لو قال بع هذا الثوب فإذا نض فهو قراض ثم جدد عقد القراض بعد الانضاض ولو قال خذ هذا المال قرضا شهرا ثم هو قراض بعد ذلك لم يصر قراضا بذلك
بل لابد من تجديد عقد بعد الشهر وقبضه من يد المقترض إما لو قال خذه قراضا شهرا ثم هو قرض بعد ذلك صح مسألة الأقرب عندي انه لا يشترط في
القراض ان يكون رأس المال مسلما إلى العامل بحيث يستقل يده عليه وينفرد بالتصرف فيه عند المالك وغيره فلو شرط المالك ان يكون الكيس في يده يوفي الثمن منه
إذا اشترى العامل شيئا أو شرط ان يراجعه العامل في التصرف أو يراجع مشرفا نصيبه جاز ذلك ولم يجز للعامل التجاوز وكان القراض صحيحا لأنه شرط سايغ لا يخالف الكتاب
والسنة إذ للانسان التوثق على ماله يحفظه في يده أو يد من يثق به وقد يستعان بالخاين في المعاملات (لحدقه)؟ بها فلو لم يشرع هذا الشرط لزم تضرر المالك إما بتسليم ماله
إلى من لا يوثق به واما بترك التجارة وكلاهما باطل وقالت الشافعية يشترط في القراض ان يكون رأس المال مسلما إلى العامل ويستقل باليد عليه والتصرف
فيه فلو شرط ان يكون الكيس في يده ويوفي الثمن منه إذا اشترى العامل شيئا أو شرط ان يراجعه العامل في التصرف أو يراجع مشرفا نصبه فسد القراض لأنه لا يجده
عند الحاجة أو لا يساعده على رأيه فيفوت عليه التصرف والربح والقراض موضوع تمهيدا وتوسيعا لطريق التجارة ولهذا الغرض احتمل فيه ضروب من الجهالة
فيصان عما يخل به ولو شرط ان يعمل معه المالك بنفسه فسد أيضا لان انقسام التصرف يقضي إلى انقسام اليد ويبطل الاستقلال وهذا ضعيف لأنه يجوز
ان يشترط المالك عليه نوعا من التجارة أو السفر إلى بلد بعينه أو عدم السفر وبالجملة له ان يخصص تجارته بنوع دون غيره وببلد دون غيره وبزمان دون غيره
ولم يعتبر الشارع هذه التضييقات فما نحن فيه أولي بعدم الالتفات لها فيه من حفظ رأس المال على صاحبه والزيادة في الربح وقد وافقنا بعض الشافعية على ما قلناه
مسألة يجوز ان يشترط المالك على العامل أو العامل على المالك ان يعمل معه عبد المالك وهو ظاهر كلام
الشافعي وبه قال أكثر الشافعية لان العبد مال
يدخل تحت اليد ولمالكه اعارته واجارته فإذا دفعه إلى العامل فقد جعله معينا وخادما للعامل فوقع تصرفه للعامل تبعا لتصرفه ولان ذلك عقد على
232

أصل يشترك رب المال والعامل على فايدته فجاز ان يشترط فيه على رب المال عمل غلامه كالمساقاة والقول الثاني للشافعي انه لا يجوز كما لو شرط ان يعمل بنفسه لان يد عبده
يده في الحقيقة والفرق ان تصرف العبد للعامل يقع تابعا لتصرف العامل بخلاف ما إذا شرط المالك ان يعمل بنفسه فإنه لا وجه وجعله تابعا لان عمل رب المال
لا يجوز ان يكون تابعا لعمل العامل ولا يصح ضمه إليه وعمل غلامه يصح ان يقع تابعا لعمل العامل ولان عمل غلامه مال له فصح ضمه إليه كما يصح ان يضم إليه بهيمة يعمل
عليها فافترقا وموضع الخلاف بين الشافعية ما إذا لم يحجر على العامل فاما ان صرح بالحجر بان قال على أن يعمل معك غلامي ولا تتصرف دونه أو يكون بعض المال في يده فإنه
يفسد عندهم لا محالة ونحن نقول بالصحة عملا بالشرط ولو كان الغلام حرا فان شرط عليه العمل مع العامل جاز وكانا جميعا عاملين وان لم يشترط عليه عملا لم يصح القراض
لان الربح لا يستحق الا بالمال أو العمل فكان الشرط فاسدا ولو شرط ان يكون الربح أثلاثا ثلث للمالك وثلث لعبده وثلث للعامل ولم يشترط عمل الغلام مع العامل
صح شرطه له لان ما شرطه للعبد فإنما يكون مشروطا لسيده فكأنهما شرطا لرب المال الثلثين وللعامل الثلث وبه قال الشافعي أيضا وكذا يجوز عندنا ان يشترط
عمل الغلام وأن يكون له نصيب من الربح لأنه في الحقيقة للسيد خلافا للشافعي في أحد القولين مسألة لو شرط في المضاربة ان يعطيه بهيمة يحمل عليها جاز
لأنه شرط سايغ لا ينافي الكتاب والسنة فوجب الوفاء به عملا بقوله (ع) المسلمون عند شروطهم وهو أصح قولي الشافعية والثاني المنع حملا على المنع ولو
شرط ان يعمل معه غلام المالك وقد سبق مسألة قد بينا انه يجوز القراض بالمال المشاع فلو كان بينه وبين غيره دراهم مشتركة فقال لشريكه قارضتك
على نصيبي منها صح إذ ليس فيه الإشاعة وانها لا تمنع صحة التصرفات فلو مزج الفين له بألف لغيره ثم قال صاحب الألفين للاخر قارضتك على أحدهما وشاركتك
في الآخر فان قصد بالتجزية الإشاعة صح والا فلا وعند الشافعية يصح وانفرد العامل بالتصرف في الف للقراض ويشتركان في التصرف في المال ولا يخرج على الخلاف
في الصفقة الواحدة بجمع عقدين مختلفين لأنهما جميعا يرجعان إلى التوكيل بالتصرف مع أن أصح القولين عندهم انه لو دفع إليه كيسين في كل واحد منهما الف
وقال قارضتك على أحدهما البطلان لعدم التعيين البحث الرابع العمل من العامل عوض ربح رأس المال المختص بالعامل وشرطه ان يكون
تجارة فلا يصح على الأعمال كالطبخ والخبز وغيرهما من الصنايع لأن هذه اعمال مضبوطة يمكن الاستيجار عليها فاستغنى به عن القراض فيها وانما يسوغ القراض
فيما لا يجوز الاستيجار عليه وهو التجارة التي لا يمكن ضبطها ولا معرفة قدر العمل فيها ولا قدر العوض والحاجة داعية إليها ولا يمكن الاستيجار عليها فللضرورة
مع جهالة العوضين شرع عقد المضاربة واما ما يتبع التجارة كالنقل والكيل والوزن والنقد ونشر القماش وطيه وغير ذلك فإنها لواحق التجارة وتابعة لها
والتجارة انما هي الاسترباح بالبيع والشراء لا بالحرف والصنايع مسألة لو دفع إليه مالا على أن يقارضه عليه وشرط ان يشتري مثلا حنطة يطحنها أو دقيقا يخبزه
أو طعاما يطبخه أو غزلا أو ثوبا يقصره أو يصبغه ثم يبيع ذلك ويقسم الربح بينهما لم يصح لما تقدم من أن الاسترباح بالقراض انما هو بالتجارة لا بالصنعة والحرفة
إما لو اشترى العامل هذه الأعيان وفعل فيها هذه الصنايع من غير شرط فإنه يصح ولا يخرج الدقيق ولا الخبز ولا المطبوخ ولا الثوب المنسوج أو المقصور
أو المصبوغ عن كونه رأس مال القراض وهو أحد قولي الشافعية ويكون القراض بحاله كما لو زاد عبد القراض بكبر أو بسمن أو تعلم صنعة فإنه لا يخرج بذلك عن
كونه مال القراض كذا هنا والقول الثاني للشافعية انه يخرج هذه الأعيان عن كونها مال القراض ولو لم يكن في يده غير ذلك انفسخ القراض لان الربح حينئذ
لا يحال على البيع والشراء بل على التغيير الحاصل في مال القراض بفعله وعين التجارة لا يقابل بالربح المجهول وما ذكرناه أصح وهذه الصفات لا تخرج الأعيان
عن كونها مال قراض كسمن العبد وكبره وعلى قولهم هذا لو أمر المالك العامل بان يطحن حنطة مال القراض كان فاسخا للعقد والحق ما قلناه من عدم الفسخ
لكن العامل إذا اشتغل بالطحن صار ضامنا وعليه غرم ما ينقص من قيمة وعين ان وجد نقص في الدقيق فان باعه لم يكن الثمن مضمونا عليه لأنه لم يتعد فيه ولا
يستحق العامل بهذه الصناعات اجرة على المالك ولو استأجر عليه أجيرا فالأجرة عليه والربح بينة وبين المالك كما شرطا مسألة لو دفع إليه دراهم قراضا على أن
يشتري بها نخيلا أو دواب ومزارع ويمسك رقابها لثمارها أو نتاجها أو غلاتها وتكون الفوايد بينهما بطل القراض وبه قال الشافعي لأنه ليس استرباحا بالتجارة
لان التجارة قد بينا انها التصرف بالبيع والشراء وهذه الفوايد تحصل من عين المال لا من تصرف العامل ولان عقد المضاربة يقتضي التصرف في رقبة المال
لأنه مضاربة بالمال بخلاف المساقاة لان عقدها يقتضي ذلك فحينئذ يصح الشراء بالاذن ويكون الحاصل بأجمعه للمالك لأنه نماء عينه وعليه أجرة المثل للعامل
هذا في النخل والشجر والدواب إما المزارع فإن كان البذر من مال القراض أو من المالك فكذلك وإن كان من غيره فالنماء لذلك الغير وعلى ذلك الغير اجرة الأرض ولو دفع
إليه بهيمة وقال تكريها وتنقل عليها والحاصل بيننا لم يصح ولم يكن ذلك قراضا لان القراض يقتضي تصرف العامل في رقبة المال فيكون ما حصل من المنفعة
لصاحب البهيمة وعليه أجرة المثل للعامل ولو دفع إلى صياد شبكة وأمره بالاصطياد بها وما يحصل يكون بينهما لم يصح هذه المعاملة أيضا وبه قال الشافعي لأنها
ليست بشركة ولا قراض ولا اجارة فان اصطاد بها شيئا ملكه الصايد دون صاحب الشبكة وعليه اجرة الشبكة لصاحبها والفرق بين الشبكة والدابة ظاهر
لان العمل في الدابة حاصل من الدابة لان العمل والحمل منها فكانت الأجرة لصاحبها واما الاصطياد فالعمل فيه للصايد والشبكة تبع لعمله لأنها آلة له فكان
الحاصل له دون صاحب الشبكة مسألة لو دفع إلى رجل أرضا وقال له اغرسها كذا وكذا على أن يكون الغرس بيننا نصفين والأرض بيننا نصفين لم تصح
هذه المغارسة لأنها ليست بشركة ولا قراض وليست بيعا لنصف الأرض بنصف الغراس لأنه انما شرط ذلك إذا ثبت غراسا وقرضا وذلك مجهول ولأنه يشتمل
على تعليق البيع بشرط وهو باطل إما لو باعه نصف الغرس قبل ان يغرسه أو بعد ما غرسه بنصف الأرض جاز وكانت الأرض والغراس بينهما إذا ثبت هذا فالغرس
في الصورة الأولى لصاحبه ويكون عليه اجرة الأرض للمالك لأنه بذل له نصف الأرض بعوض فإذا لم يثبت له للعوض وجب له أجرة المثل ثم ينظر فإن لم يكن في
قلع الغراس ضرر بان لا ينقص بالقلع كان لصاحب الأرض مطالبته لقلعه وإن كان بنقص؟ بالقلع لم يكن له مطالبته بقلعه الا ان يضمن له أرش ما ينقص بالقلع لأنه غرسه فيه باذنه فلم
يكن له مطالبته بازالته مع الاضرار به بخلاف الزرع إذا كان في ارضه باذنه حيث قال بعض الشافعية ليس له مطالبته بقلعه لان الزرع له أمد ينتهي إليه لا يطول
بقاؤه فيها بخلاف الغرس ولان الزرع إذا قطع لم يمكن زرعه في موضع آخر بخلاف الغرس فان قال صاحب الغرس لا تقلعه وعلى اجرة الأرض لم يجبر صاحب الأرض عليه
لان أحدا لا يملك الانتفاع بملك غيره بأجرته الا برضاه ولو انعكس الفرض فقال صاحب الأرض أقره في الأرض وادفع إلى الأجرة وقال الغارس اقلعه وعليك ما نقص
لم يجب اجابته لان صاحب الغرس لا يجبر على اكتراء الأرض له ولو قال صاحب الأرض خذ قيمته وقال الغارس بل اقلعه وعلى ما نقص فالقول قول الغارس لأنا لا نجبره
233

على بيع ماله ولو قال رب الأرض اقلعه وعلي ما نقص وقال الغارس ادفع إلي قيمته قدم قول صاحب الأرض لأنا لا نجبره على ابتياع مال غيره ولو قال رب الأرض خذ القيمة وقال الغارس خذ الأجرة وأقره في الأرض أو قال الغارس ادفع إلي قيمته وقال رب المال ادفع إلي الأجرة وأقره
لم يجبر واحد منهما على ذلك مسألة إذا اذن المالك للعامل في التصرف وأطلق اقتضى الاطلاق فعل ما يتولاه المالك من عرض القماش على المشتريين والراغبين
ونشره وطبه واحرازه وبيعه وقبض ثمنه وايداعه الصندوق واستيجار ما يعتاد للاستيجار له كالدلال والوزان والحمال ولو استأجر لما يجب عليه مباشرته كانت
الأجرة عليه خاصة ولو عمل بنفسه ما يستأجر له عادة لم يستحق اجرة لأنه متبرع في ذلك وفي الأول استأجر لما يجب عليه فعله فتكون الأجرة عليه مسألة لو خصص المالك
الاذن تخصص؟ لا يجوز للعامل التعدي فان خالف ضمن ولا يبطل القراض بالتخصيص فلو قال له لا تشتر الا من رجل بعينه أو سلعة بعينها أو لا تبع الا على زيد أو لا
تشتر الا ثمرة بستان معين أو نخلة بعينها أو لا تشتر الا ثوبا بعينه جاز ولزم هذا الشرط وصح القراض سواء كان وجود ما عينه عاما في الأصقاع والأزمان أو في
أحدهما أو خاصا فيهما وسواء قل وجوده وغر تحصيله وكان نادرا أو كثر عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه لما جاز ان يكون المضاربة خاصة في نوع جاز
ان يكون خاصة في رجل بعينه أو سلعة بعينها كالوكالة ولما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل يعطي الرجل مضاربة فيخالف ما شرط عليه قال هو ضامن
والربح بينهما وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يعطي المال مضاربة وينهى ان يخرج به فيخرج به قال يضمن المال والربح بينهما
وفي الصحيح عن رجل عن الصادق (ع) في رجل دفع إلى رجل مالا يشتري به ضربا من المتاع مضاربة فذهب فاشترى غير الذي امره قال هو ضامن والربح بينهما على ما شرط
وقال الشافعي ومالك يشترط في صحة القراض ان لا يضيق المالك على العامل بالتعيين فلو عين المالك نوعا بعينه فإن كان مما يندر وجوده كالياقوت الأحمر والخز الأدكن
والخيل البلق والصيد حيث يوجد نادرا فسد القراض لان هذا تضييق يخل بمقصوده وهو التقليب وطلب الربح وان لم يكن نادر الوجود بان كان مما يدوم شتاء
وصيفا كالحبوب والحيوان والخز والبز صح القراض وان لم يدم كالثمار الرطبة فوجهان أحدهما انه لا يجوز كما إذا قارضه مدة معينة ومنعه من التصرف بعدها
ولو قال لا تشتر الا من رجل بعينه أو سلعة بعينها لم يصح القراض وبه قال مالك لان ذلك مقصود القراض وهو التقليب وطلب الربح لأنه إذا لم يشتر الا من رجل
بعينه فإنه قد لا يبيعه وقد يطلب أكثر منه من ثمنه وكذا السلعة وإذا كان كذلك لم يصح كما لو قال لا تبع ولا تشتر الا من فلان والجواب بمنع كون هذا الشرط مانعا
من مقصود القراض نعم أنه يكون مخصصا للاطلاق وذلك جايز بالاجماع فكذا هنا فروع أ لو شرط ان لا يشتري الا نوعا بعينه وذلك النوع يوجد
في بعض السنة وينقطع جاز عندنا وعند أكثر الشافعية وقال بعضهم لا يجوز لان الشافعي قال بعد هذه المسألة وان اشترط ان يشتري صيدا موجودا
كما إذا قارضه مدة وشرط انها إذا انقضت لا يبيع ولا يشتري فإنه لا يصح القراض والصحيح عندهم الأول لان ذلك لا يمنع مقصود المضاربة بخلاف ما إذا قدره
بمدة لأنه قد ينقضي المدة وبيده أعيان لا فايدة فيها الا ببيعها فإذا منعه البيع تعذر المقصود بالمضاربة وما ذكرناه لا يوجد فيه ذلك فافترقا على انا نمنع بطلان
القراض مع الاقتران بالمدة اقصى ما في الباب ان هذا التأقيت لا يفيد الا منع العامل من العمل بعدها ب لو قال اشتر هذا الشئ وكان مما ينقطع فإذا انقطع
فتصرف في كذا جاز إما عندنا فظاهر واما عند الشافعي فلدوام القراض ج لا فرق عندنا بين أن يقول لا تشتر الا هذه السلعة والا هذا العبد وبين أن يقول
لا تشتر هذا العبد ولا هذه السلعة في الجواز ومنع الشافعي من الأول كما تقدم دون الثاني لان للعامل السعي فيما سواهما وهو كثير لا ينحصر د لا فرق عندنا
بين أن يقول المالك لا تبع الا من فلان ولا تشتر الا من فلان وبين أن يقول لا تبع من فلان أو لا تشتر منه في جواز القراض ووجوب الامتثال وفرق أكثر الشافعية
فجوزوا الثاني دون الأول على ما مر وقال بعضهم ان الثاني لا يجوز أيضا كالأول ه‍ لا فرق بين ان يعين شخصا للمعاملة وسلعة للشراء لا ينقطع عنده المتاع
الذي يتجر على نوعه غالبا وبين شخص ينقطع عنده ذلك المتاع الذي يتجر على نوعه غالبا في جواز القراض معهما وأكثر الشافعية على عدم الفرق في عدم الجواز
معهما وقال بعض الشافعية يجوز في الأول دون الثاني فقال إذا كان الشخص الذي نص المالك على تعيين المعاملة معه بياعا لا ينقطع عنده المتاع الذي يتجر على نوعه
غالبا جاز تعيينه مسألة يجوز للمالك ان يطلق المشية إلى العامل في شراء اي نوع شاء وبيع اي نوع أراد ولا يشترط في صحة القراض تعيين نوع يتصرف
فيه العامل لان الغرض تحصيل الفايدة والاسترباح فربما رأى العامل المصلحة في نوع يخفي عن المالك فكان له ان يفوض الامر إليه تحصيلا للغاية الذاتية
وللشافعية قولان في اشتراط تعيين نوع يتصرف فيه العامل كالخلاف في الوكالة والظاهر عندهم انه لا يشترط لان الوكالة نيابة محضة والحاجة تمس إليها
في الاشغال الخاصة والقراض معاملة يتعلق بها غرض كل واحد من المتعاقدين فمهما كان العامل ابسط يدا كان افضى إلى مقصودها ونحن نجوز تعميم المشية
للوكيل مسألة لا خلاف في أنه إذا جرى تعيين صحيح لم يكن للعامل مجاوزته ولا له العدول عنه كما في سائر التصرفات المستفادة من الاذن فان تجاوز ضمن وان
ربح كان الربح بينهما على ما شرطاه لما تقدم من الروايات ولما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) في الرجل يعطي الرجل مالا مضاربة وينهاه عن أن يخرج به إلى ارض
أخرى فعصاه فقال هو له ضامن والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه إذا عرفت هذا فالاذن في البر يتناول كل ما يلبس من المنسوج من الإبريسم أو القطن أو الكتان
أو الصوف ولا يتناول البسط والفرش وفي الأكسية احتمال لأنها ملبوسة لكن بايعها لا يسمى بزازا والأقرب اتباع الاسم وللشافعية فيه وجهان مسألة قد بينا
ان المضاربة عقد جايز من الطرفين لكل منهما فسخها متى شاء وهي يتضمن تصرف العامل في رقبة مال رب المال باذنه فكان جايزا كالوكالة فلا معنى للتأقيت
فيها ولا يعتبر فيها بيان المدة بخلاف المساقاة لان العامل في المساقاة لا يتصرف في رقبة المال وانما يعمل في اصلاح المال ولهذا افتقرت المساقاة إلى مدة معلومة
والمقصود من المساقاة الثمرة وهي تنضبط بالمدة فان للثمرة أمدا معينا ووقتا مضبوطا إما المقصود من القراض فليس له مدة مضبوطة فلم يشترط
فيه التأقيت إذا عرفت هذا فلو وقت القراض فقال قارضتك على هذا المال سنة فلا يخلو إما ان يطلق أو يقيد فان اطلق واقتصر لم يلزم التأقيت
ولكل من المالك والعامل فسخ القراض قبل السنة نعم انه يفيد منع العامل بعد ذلك من التصرفات الا بإذن مستأنف لان الأصل عصمة مال الغير ومنع الغير
من التصرف فيه الا بإذن مالكه والاذن لم يقع عاما فيتبع ما عينه المالك وان قيد فقال قارضتك سنة فإذا انقضت لا تبع ولا تشتر فالأقوى عندي
الجواز عملا بالشرط ولأنه مقتضى الاطلاق وقال الشافعي يبطل القراض لأنه شرط شرطا فاسدا فأفسده لان عقد القراض يقع مطلقا فإذا شرط قطعه
لم يصح كالنكاح ولان هذا الشرط ليس من مقتضى العقد ولا له فيه مصلحة فلم يصح كما لو قال علي ان لا تبع وانما لم يكن من مقتضاه لان القراض يقتضي رد
رأس المال تاما فإذا منعه من التصرف لم يكن له ذلك ولان هذا الشرط يؤدي إلى الاضرار بالعامل وابطال غرضه لان الربح والحظ قد يكون في تبقية
234

المتاع وبيعه بعد سنة فيمنع ذلك مقتضاه ونحن نمنع فساد العقد فان المتنازع نعم انه لا يلزم وقوع العقد مطلقا ولا ينافي قطعه بالشرط كسائر الشروط في العقود
والمقيس عليه ممنوع على ما يأتي وانما يقتضي القراض ورأس المال لو لم يمنعه المالك وبالشرط قد منعه واضرار العامل ينتفي بدفع اجرته إليه ومراعاة مصلحة العامل كمراعاة مصلحة
المالك فقد يكون المالك محتاجا إلى رأس ماله مسألة لو قال قارضتك سنة على اني لا أملك منعك فيها فسد القراض لان القراض من العقود الجايزة
لكل من المتعاقدين فسخه فلا يجوز ان يشترط فيه لزومه كالشركة والوكالة لأنه شرط ما ينافي مقتضى العقد وكذا لو قال قارضتك سنة على أن لا أملك الفسخ
قبل انقضائها وبه قال الشافعي أيضا ولو قال قارضتك سنة فإذا انقضت السنة فلا تشتر بعدها وبع صح القراض وبه قال الشافعي أيضا وكذا لو قال
قارضتك سنة على أن لا تشترى بعد السنة ولك البيع لان لصاحب المال ان يرجع عن القراض اي وقت شاء ويتمكن من منع العامل من الشراء مهما شاء فإذا
شرط منعه من الشراء كان قد شرط ما يقتضيه الاطلاق فلا يمنع ذلك صحة العقد ولو قال قارضتك سنة فإذا مضت فلا تبع بعدها فالأقرب الصحة وقال الشافعي
انه يبطل وصار كما لو شرط منعه من التصرف مطلقا بعد السنة لأنه يخل بمقصود العقد ويخالف مقتضاه إما انه يخل بالمقصود فلانه قد لا يجد راغبا في المدة
فلا تحصل التجارة والربح واما مخالفة مقتضاه فلانه قد يكون عنده عروض عند انقضاء السنة وقضية عقد القراض ان ينض العامل ما في يده في آخر
الامر ليتميز رأس المال عن الربح وقد بينا ان للعامل مع فسخ العقد الأجرة وهو يدفع المحاذير ولو قال قارضتك سنة وأطلق فقد بينا الجواز عندنا وعدم اللزوم وللشافعية مع فسخ العقد عندنا
وجهان أصحهما عندهم المنع لان قضية انتفاء القراض امتناع التصرف بالكلية ولان ما يجوز فيه الاطلاق من العقود فيه التأقيت كالبيع والنكاح والثاني يجوز ويحمل
على المنع من الشراء دون البيع استدامة للعقد على أن لهم وجها ضعيفا فيما إذا قارضه سنة وشرط ان لا يشتري بعدها قاضيا بالبطلان لان ما وضعه على
الاطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت لكن المعتمد عندهم الجواز تذنيب لو قال قارضتك الان ولكن لا تتصرف حتى يجئ رأس الشهر جاز عملا بمقتضى
الشرط وهو أحد وجهي الشافعية كما جاز في الوكالة والثاني وهو الأصح عندهم المنع كما لو قال بعتك بشرط ان لا تملك الا بعد شهر والفرق ظاهر البحث الخامس
في الربح وشروطه أربعة الأول اختصاصه بالمتعاقدين فلو شرط بعض الربح لغيرهما لم يصح سواء كان قريبا أو بعيدا كما لو قال علي ان يكون لك ثلث
الربح ولي الثلث ولزوجتي أو لابني أو لأجنبي الثلث الآخر ويبطل القراض لأنه ليس بعامل ولا مالك للمال إما لو شرط عمل الثالث فإنه يصح ويكون في الحقيقة
هنا عاملان لا واحد ولو كان المشروط له عبد المالك أو عبد العامل فقد بينا انه يجوز لأنه يكون ما شرطه للعبد للمالك فقد ضم المالك أو العامل إلى حصته
حصة أخرى ولو قال نصف الربح ونصفه لي ومن نصيبي نصفه لزوجته صح القراض وكان ما عينه للزوجة وعدا منه لها ان شاء أعطاها وان شاء منعها
ولو قال للعامل لك الثلثان على أن تعطي امرأتك نصفه أو ابنك لم يلزم الشرط فان أوجبه فالأقوى البطلان وقال بعض الشافعية ان أوجب ذلك عليه فسد
القراض والا لم يفسد الشرط الثاني ان يكون الربح مشتركا بينهما فلو شرط ان يكون جميع الربح للمالك بان قال قارضتك على أن يكون جميع الربح لي
فسد القراض وبه قال الشافعي لمنافاة الشرط مقتضاه فان مقتضاه الاشتراك في الربح لان إسحاق بن عمار سأل الكاظم (ع) عن مال المضاربة قال الربح
بينهما والوضيعة على المالك وقال أبو حنيفة انه يبطل القراض ويكون بضاعة وقال مالك يصح القراض ويكون الربح للمالك عملا بشرطه لأنهما دخلا في القراض
فإذا شرط الربح لأحدهما جعل كأنه وهب له الآخر نصيبه فلا يمنع ذلك صحة العقد وهو غلط لان الهبة لا تصح قبل حصول الموهوب ولو قال قارضتك على أن
يكون جميع الربح لك فسد القراض أيضا عندنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما تقدم وقال مالك يصح ويكون الربح باسره للعامل لأنهما دخلا في القراض وإذ شرط الربح
للعامل أو المالك كان لمن جعل له كان المالك قد وهبه نصيبه من الربح فلا يمنع ذلك صحة العقد وقد تقدم بطلانه وان هذا الشرط مناف للقراض لاقتضاء القراض
كون الربح بينهما لأنه عبارة عن أن يكون من أحدهما المال ومن الآخر العمل وذلك يقتضي الاشتراك فإذا شرطا ما يخالف ذلك فسد كشركة العنان إذا شرطا ان يكون
الربح لأحدهما إذا عرفت هذا فإذا قال قارضتك على أن يكون الربح كله لك فالقراض فاسد وما حكمه للشافعية وجهان أحدهما انه قراض فاسد رعاية للفظ والثاني
انه قرض صحيح رعاية للمعنى ولو قال قارضتك على أن الربح كله لي فهو قراض فاسد أو ابضاع فيه الوجهان
للشافعية إما لو قال خذ هذه الدراهم وتصرف فيها والربح كله
لك فهو قرض صحيح وبه قال ابن شريح بخلاف ما لو قال قارضتك على أن الربح كله لك لتصريح اللفظ بعقد اخر وقال بعض الشافعية لا فرق بين الصورتين وليس
جيدا وعن بعضهم ان الربح والخسران للمالك وللعامل أجرة المثل ولا يكون قرضا لأنه لم يملكه ولو قال تصرف في هذه الدراهم والربح كله لي فهو ابضاع مسألة
لو ضمن المالك العامل انقلب القراض قرضا وكان الربح باسره للعامل لان عقد القراض ينافي الضمان ولم رواه محمد بن قيس عن الباقر (ع) قال من يضمن
مضاربة فليس له الا رأس المال وليس له من الربح شئ وعن محمد بن قيس عن الباقر (ع) قال من يضمن تاجرا فليس له الا رأس ماله وليس له من الربح شئ إذا عرفت هذا
فان أراد المالك الاستيثاق اقرضه بعض المال وضاربه على الباقي ويكون ذلك قرضا صحيحا وقراضا جازا لان كل واحد منهما سايغ ولم يحدث عند الاجتماع
شئ زايد ولم رواه عبد الملك بن عتبة قال سألت بعض هؤلاء يعني أبا يوسف وأبا حنيفة فقلت اني لا أزال ادفع المال مضاربة إلى الرجل فيقول قد ضاع أو
قد ذهب قال فادفع إليه أكثره قرضا والباقي مضاربة فسألت أبا عبد الله الصادق (ع) عن ذلك فقال يجوز وسأل عبد الملك بن عتبة الكاظم (ع)
هل يستقيم لصاحب المال إذا أراد الاستيثاق لنفسه ان يجعل له في بعضه شركة ليكون أوثق له في مال قال لا بأس به الشرط الثالث ان يكون الحصة
لكل منهما معلومة فلو قارضه على أن يكون له في الربح شركة أو نصيب أو حصة أو شئ أو نصيب أو سهم أو حظ أو جزء ولم يبين بطل القراض ولم يحمل الشئ ولا السهم
ولا الجزء على الوصية اقتصارا بالنقل على مورده ولا خلاف في بطلان القراض مع تجهيل الربح ولو قال خذه مضاربة ولك من الربح مثل ما شرطه فلان لعامله فان
علما معا ما شرطه فلان صح لأنهما أشارا إلى معلوم عندهما ولو جهلاه معا أو أحدهما بطل القراض لأنه مجهول ولو قال والربح بيننا ولم يقل نصفين صح وحكم
بالنصف للعامل والنصف للمالك كما لو أقر بالمال ولو قال إنه بيني وبين فلان فإنه يكون اقرارا بالنصف فكذا هنا والأصل في ذلك أصالة عدم التفاوت وقد
أضاف الربح إليهما إضافة واحدة لم يرجح فيها أحدهما على الآخر فاقتضى التسوية وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني الفساد لأنه لم يبين ما لكل واحد منهما فأشبه
ما إذا شرط ان يكون الربح بينهما أثلاثا ولم يبين صاحب الثلثين من هو ولا صاحب الثلث من هو ولان التثنية تصدق مع التفاوت كصدقها مع
التساوي والعام لا دلالة له على الخاص ونحن نمنع صدقها بالتواطي بل دلالتها على التنصيف أقوى وعليه يحمل اطلاقها ويفتقر التفاوت إلى قرينة مسألة
235

لو قال خذ هذا المال مضاربة ولم يسم للعامل شيئا من الربح فسد القراض وكان الربح باسره لرب المال وعليه أجرة المثل للعامل والوضيعة على المالك وبه قال الثوري
والشافعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لان المضارب انما يستحق بالشرط ولم يوجد وقال الحسن وابن سيرين والأوزاعي الربح بينهما نصفين لأنه لو قال
والربح بيننا كان بينهما نصفين وكذا إذا لم يرد شيئا وهو ممنوع لان قوله مضاربة يقتضي ان له جزءا من الربح مجهولا فلا يصح ولو قال علي ان ثلث الربح لك وما
بقي فثلثه لي وثلثاه لك صح وحاصله اشتراط سبعة اتساع الربح للعامل لان الحاصل من عدد لثلثه ثلث وأقله تسعة هذا إذا علما عند العقد ان المشروط للعامل
بهذه اللفظة كم هو فان جهلاه أو أحدهما فوجهان للشافعية أحدهما الصحة وهو حسن لسهولة معرفة ما تضمنه اللفظ وكذا لو قال على أن لك من الربح سدس ربع
عشر الثمن وهما لا يعرفان قدره عند العقد أو أحدهما ولو قال لك الربع وربع الباقي فله ثلاثة أثمان ونصف ثمن سواء عرفا الحساب أو جهلاه لأنها اجزاء معلومة
ولو قال لك ثلث الربح وربع ما بقي فله النصف الشرط الرابع ان يكون العلم به من حيث الجزئية المشاعة كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من الأجزاء الشايعة
لا بالتقدير فلو قال قارضتك على أن لك من الربح مائة والباقي بيننا بالسوية فسد القراض لأنه ربما لا يربح الا ذلك القدر فيلزم ان يختص به أحدهما وكذا لو قال
لك نصف الربح سوى درهم أو لك نصف الربح ودرهم (وكذا إذا قال على أن لي من الربح مائة والباقي بيننا لم يصح القراض) مسألة لو دفع إليه الفين قال قارضتك على هاتين الألفين على أن يكون لك ربح الف منهما ولي
ربح الألف الأخرى فاما ان تكونا متميزتين أو ممتزجتين فان كانتا متميزتين وشرط تميزهما لم يصح القراض لأنه لا شركة بينهما في الربح إذ كل واحدة من الألفين متميزة
عن الأخرى وربح إحديهما بعينها للمالك لا يشاركه العامل فيه وربح الأخرى بعينها للعامل لا يشاركه المالك فيه مع أن كل واحدة منهما مال قراض فلا يوجد فيه
مقتضى القراض فيبطل ولأنه ربما يختص الربح باحديهما دون الأخرى فيحصل كل الربح لاحديهما ويمنع الآخر منه وذلك مناف لمقتضى القراض وان كانتا ممتزجتين
غير متميزتين فالأقرب الصحة ويحمل على الإشاعة والتسوية في الربح إذ لا فرق بين ذلك وبين قوله الربح بيننا نصفين ولا بينه وبين أن يقول نصف ربح الألفين
لك ونصفه لي وهو قول بعض الشافعية وقال ابن شريح لا يصح لأنه خصصه بربح بعض المال فأشبه ما إذا كان الألفان متميزين وما إذا دفع إليه ألفا على أن يكون
له ربحها ليتصرف له في الف أخرى والفرق ظاهر ولو قال علي ان لي ربح أحد الثوبين ولك ربح الآخر أو على أن لي ربح إحدى السفرتين ولك ربح الأخرى أو على أن لك
ربح تجارة شهر كذا ولي ربح تجارة شهر كذا لم يصح إذا عرفت هذا فإذا دفع إليه مالا قراضا وشرط ان يكون له نصف ربحه جاز وكذا لو شرط له ربح نصفه ولو قال علي
ان لك من الربح عشرة ولي عشرة احتمل البطلان لعدم العلم بحصولهما والصحة ان قصد التناسب في مطلق الربح قل عن ذلك أو كثر أو ساواه مسألة لو دفع
إليه مالا قراضا وشرط عليه ان يوليه سلعة كذا إذا اشتريها برأس المال احتمل الصحة عملا بقوله (ع) المسلمون عند شروطهم والبطلان وبه قال الشافعي لأنه ربما
لا يحصل الربح الا منها ولو شرط ان يلبس الثوب الذي يشتريه ويركب الدابة التي يشتريها قال الشافعي يبطل القراض أيضا لان القراض جوز على العمل المجهول
بالعوض المجهول للراحة ولا حاجة إلى ضم ما ليس من الربح إليه ولأنه ربما ينتقص بالاستعمال ويتعذر عليه التصرف والأقوى عندي الجواز تذنيب (مسألة) لو دفع
إليه ألفا قراضا على أن الربح بينهما وشرط المالك ان يدفع إليه ألفا يعمل بها بضاعة بحيث يكون الربح بأسره للمالك فيها فالوجه صحة القراض والشرط معا وقيل
يصح القراض ويبطل الشرط وقيل يبطلان معا مسألة لو دفع إلى عامل ألف درهم فقال له اعمل على هذه وربحها لي ودفع إليه ألفا أخرى وقال اعمل على هذه
ويكون ربحها لك فان قصد القراض بطل لأنه شرط ان يكون جميع الربح في إحديهما للمالك وفي الأخرى للعامل وهو باطل لأنه لا يجوز ان ينفرد أحدهما بالربح لان الربح
يحصل بالمال والعمل معا فلا يصح في واحدة من الألفين وان لم يقصد القراض صح فكان ما شرطه المالك له بضاعة وما شرطه العامل لنفسه قرضا ولو دفع الألفين
وقال قارضتك على هذه على أن يكون ربح الف منها لي وألف لك فالأقوى الصحة وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور لأنه بمنزلة أن يقول له نصف الربح لي ونصفه لك لأنه بمعناه
قال ابن شريح وهذا غلط لان وضع القراض على أن يكون كل جزء من المال ربحه بينهما فإذا شرط ربح الف فقد شرط لنفسه الانفراد بربح جزء منه فكان فاسدا بخلاف ما إذا
شرط نصف الربح لان شرطه لم يتضمن الانفراد بجزء منه الفصل الثالث في احكام القراض وفيه مباحث الأول في اعتبار الغبطة في التصرف مسألة
القراض إما صحيح واما فاسد فالصحيح له احكام نذكر في مسائل وكذا الفاسد فمن احكام الصحيح انه يلزم الحصة المشترطة للعامل ولا نعرف فيه مخالفا الا من شذ
قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن للعامل ان يشترط على رب المال ثلثا الربح أو نصفه وما يجمعان عليه بعد ان يكون ذلك معلوما جزءا من اجزاء والاخبار من
أهل البيت عليهم السلام متظافرة بذلك وقال شاذ من الفقهاء ان العامل لا يستحق الحصة بل أجرة المثل عن عمله لأن هذه المعاملة مجهولة وفيها غرر عظيم
وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر والجهالة لا يمنع الجواز لان العلم ببعض الاعتبارات كاف فإذا شرط جزء معلوما انتفت الجهالة الكلية والعام مخصوص
بالنقل المتواتر عن أهل البيت عليهم السلام وقد خص من عموم النهي عن الغرر كثير من الاحكام كالمساقاة والمزارعة وغيرهما فليكن المتنازع منها مسألة
لما كان الغرض الأقصى من القراض تحصيل الربح والفايدة وجب ان يكون تصرف العامل مقصورا على ما يحصل هذه الغاية الذاتية وان يمنع من التصرف في المؤدى
إلى ما يضادها فيتقيد تصرفه بما فيه من الغبطة والفايدة كتصرف الوكيل للموكل لأنها في الحقيقة نوع وكالة وإن كان له ان يتصرف في نوع مما ليس للوكيل التصرف به
تحصيلا للفايدة فان له ان يبيع بالعرض كما أن له ان يبيع بالنقد بخلاف الوكيل فان تصرفه في البيع انما هو بالنقد خاصة لان المقصود من القراض الاسترباح
والبيع بالعرض قد يكون وصلة إليه وطريقا فيه وأيضا له ان يشتري المعيب إذا رأى فيه ربحا بخلاف الوكيل ينفذ تصرفه مع الغبن الفاحش فليس له ان يبيع بدون ثمن
المثل ولا ان يشتري بأكثر من ثمن المثل لأنه مناف للاسترباح وبه قال الشافعي وأبو حنيفة انه يملك العامل البيع بالغبن الفاحش وكذا الشراء كالوكيل والأصل
ممنوع إما ما يتغابن الناس بمثله فإنه غير ممنوع لعدم التمكن من الاحتراز عنه ولو اشترى بأكثر من ثمن المثل ما لا يتغابن الناس بمثله فإن كان بالغبن بطل والا وقع الشراء له ان لم يذكر النسبة إلى القراض مسألة إذا دفع إلى العامل مال القراض فان نص
على التصرف بان قال نقدا أو نسية أو قال بنقد البلد أو غيره من النقود جاز ولم يكن للعامل مخالفته اجماعا لان ذلك لا يمنع مقصود المضاربة وقد يطلب بكل
ذلك الفايدة في العادة فان اطلق وقال أتجر به اقتضى ذلك ان يبيعه نقدا بنقد البلد بثمن مثله فان خالف ضمن كالوكيل إذا عرفت هذا فلو اشترى بأكثر من ثمن
المثل أو باع بدونه بطل ان لم يجز المالك لأنه تصرف غير مأذون فيه فأشبه بيع الأجنبي وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين فان تعذر رد المبيع كان العامل
ضامنا للمثل إن كان مثليا وان لم يكن أو تعذر المثل وجبت القيمة وللمالك الخيار في الرجوع على من شاء منهما فان اخذ من المشتري القيمة رجع المشتري على العامل بالثمن الذي دفعه إليه وان رجع على العامل
رجع العامل على المشتري بالقيمة ورد ما اخذه منه ثمنا لان التلف حصل في يد المشتري فاستقر الضمان عليه وعن أحمد رواية أخرى ان البيع صحيح ويضمن العامل
236

النقص لان ضرر المالك ينجبر بضمان النقص وهو قول بعض علمائنا والمعتمد الأول مسألة لو باع بغير نقد البلد مع اطلاق التصرف لم يصح لأنه
مناف لما يقتضيه الاطلاق وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الثانية يجوز إذا رأى العامل ان المصلحة فيه والربح حاصل به كما يجوز ان يبيع عرضا بعرض
ويشتريه به وان فعل وخالف وباع بغير نقد البلد كان حكمه حكم ما لو اشترى أو باع بغير ثمن المثل وليس بعيدا من الصواب اعتبار المصلحة ولو قال له اعمل برأيك
أو بما رأيت أو كيف شئت كان له ذلك وليس له المزارعة لان المضاربة لا يفهم من اطلاقها المزارعة وقال احمد في الرواية أخرى ان له ذلك وتصح المضاربة والربح بينهما
وليس بجيد لان المزارعة لا يدخل تحت قوله أتجر بما شئت فعلى ما قلناه لو تلف المال في المزارعة ضمن وعلى الرواية الأخرى عن أحمد لا يضمن مسألة وليس له ان يبيع
نسيئة بدون اذن المالك لما فيه من التغرير بالمال فان خالف ضمن عندنا وبه قال مالك وابن أبي ليلى والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه نايب في البيع فلم يجز له البيع نسيئة
بغير اذن صريح فيه كالوكيل والقرينة الحالية تفيد ما تفيده العبارات اللفظية فيصير كأنه قال بعه حالا وقال في الرواية الأخرى يجوز له ان يبيع نسيئة وبه قال أبو حنيفة
لان اذنه في التجارة والمضاربة ينصرف إلى التجارة المعتادة وهذا النوع من التصرف عادة التجار لأنه يقصد به الربح بل هو في النسيئة أكثر منه في النقد بخلاف
الوكالة المطلقة فإنها لا تختص بقصد الربح وانما المقصود تحصيل الثمن فإذا أمكن تحصيله من غير خطر كان أولي ولان الوكالة المطلقة في البيع تدل على
حاجة الموكل إلى الثمن بأجرة فلا يجوز تأخيره بخلاف المضاربة ولو قال له اعمل برأيك فله البيع نسيئة وكذا لو قال له تصرف كيف شئت وقال الشافعي ليس له البيع
نسيئة لان فيه غررا فلم يجز كما لو لم يقل له ذلك وهو ممنوع لأنه داخل في عموم لفظه وقرينة حاله تدل على رضاه برايه في صفات البيع وفي أنواع التجارة وهذا منها إذا
عرفت هذا فإذا باع نسيئة في موضع لا يجوز له فقد خالف مطلق الامر فيقف على اجازة المالك لأنه كالفضولي في هذا التصرف وقال جماعة من العامة منهم
الشافعي ان البيع يبطل فيجب عليه رده فان تعذر فالمثل فان تعذر فالقيمة وكل موضع يصح له البيع في النسيئة لا يكون على العامل ضمان إذا لم يفرط فمهما فات من
الثمن لا يكون عليه ضمانه ما لم يفرط ببيع من لا يوثق به أو من لا يعرفه فيلزمه ضمان الثمن الذي انكسر على المشتري مسألة كل موضع قلنا يلزم العامل الضمان يبطل
إما لمخالفة الامر في البيع بالنسيئة من غير اذن أو بالتفريط بان يبيع على غير الموثوق به أو على من لا يعرفه فان الضمان عليه من حيث إن ذهاب الثمن حصل بتفريطه
فان قلنا بفساد البيع وجب عليه قيمته ان لم يكن مثليا أو كان وتعذر إذا لم يتمكن من استرجاعه إما لتلف المبيع أو لامتناع المشتري من رده إليه وان قلنا بصحة
البيع احتمل ان يضمنه بقيمته أيضا لأنه لم يفت بالبيع أكثر منها ولا يتحفظ بتركه سواها وزيادة الثمن حصلت بتفريطه فلا يضمنها والأقرب انه يضمن الثمن لأنه يثبت
بالبيع الصحيح وملكه صاحب السلعة وقد فات بتفريط البايع ولو نقص الثمن عن القيمة لم يلزمه أكثر منه لان الوجوب انتقل إليه بدليل انه لو حصل الثمن لم يضمن
شيئا مسألة وكما ليس للعامل البيع نسية الا بإذن المالك كذا ليس له ان يشتري نسية الا باذنه لأنه ربما يتلف رأس المال فيبقى في عهدة الثمن متعلقه بالمالك
وذلك يستلزم اثبات مال على المالك وهكذا قد يتلف ما يدفعه المالك إليه فيحتاج إلى دفع عوضه وذلك من أعظم المحاذير وإذا اذن له في البيع نسية ففعل وجب
عليه الاشهاد كالوكيل إذا دفع الدين عن موكله فان ترك الاشهاد ضمن وإذا اذن له في البيع نسية فان منعه من البيع حالا أو قال له بعه نسية لم يكن له ان
يبيعه حالا لأنه مخالف لمقتضى امره وقد يحصل للبايع فايدة وهو انه لو باعه وهو انه لو باعه حالا لم يكن له تسليمه إلى المشتري الا بعد قبض الثمن وقد يتعلق رغبة البايع بالتسليم
قبل استيفاء الثمن خوفا من الظالم ولو لم يمنعه من البيع حالا كان له ذلك لأنه أنفع وإذا باعه حالا في موضع جوازه لم يجز له تسليمه إلى المشتري الا بعد استيفاء
الثمن فان سلمه قبل استيفاء الثمن ضمن كالوكيل ولو كان مأذونا في التسليم قبل قبض الثمن سلمه والأقرب وجوب الاشهاد وقال الشافعي لا يلزمه الاشهاد
لان العادة ما جرت بالاشهاد في البيع الحال مسألة يجوز للعامل ان يبيع بالقرض إذا ظن حصول الفايدة فيه بخلاف الوكيل لان الغرض من القراض الاسترباح
بالبيع وقد يحصل بالبيع بالعرض فكان مشروعا تحصيلا لفايدة القراض وكذا يجوز له ان يشتري المعيب إذا رأى فيه ربحا وان لم يكن ذلك للوكيل لأن الشراء
ليس للوكيل بل للموكل وقد يطلب به (القنية) بخلاف العامل الذي يقع الشراء له وللمالك في الحقيقة ويطلب به اخراجه إذا ثبت هذا فان اشتراه بقدر قيمته
أو بدونها صح وللشافعية فيما إذا اشتراه بالقيمة وجهان أحدهما المنع لان الرغبات تقل في المعيب وليس بشئ ولو اشتراه بظن السلامة فبأن العيب فله ان
يفعل ما يرى من المصلحة وما فيه الربح فإن كان الحظ في الرد بالعيب رده وإن كان الحظ له في الامساك بالأرش امسكه بالأرش فان اختلف المالك والعامل فاختار
أحدهما الرد والاخر الأرش فعل ما فيه النظر والحظ لان المقصود تحصيل الحظ والفايدة ولا يمنعه من الرد رضي للمالك بامساكه بخلاف الوكيل لان العامل
صاحب حق في المال ولو كانت الغبطة في امساكه امسكه وللشافعية وجهان في تمكنه من الرد إذا كانت الغبطة في امساكه أظهرهما المنع لاخلاله بمقصود العقد
وحيث يثبت الرد للعامل يثبت للمالك بطريق الأولى مسألة إذا ثبت الرد على البايع فان رد العامل رد على البايع ونقض البيع وان رد المالك
فإن كان الشراء بعين مال القراض كان له الرد على البايع أيضا وإن كان العامل قد اشترى في ذمته للقراض فالأقوى انه كذلك لان العامل في الحقيقة وكيل المالك
وللشافعية قولان أحدهما ان للمالك ان يصرفه عن مال القراض فينصرف إلى العامل على أحد القولين ولا ينصرف على القول الثاني كالخلاف في انصراف
العقد إلى الوكيل إذا لم يقع للموكل مسألة لا يجوز للمالك معاملة العامل في مال القراض بان يشتري من مال القراض شيئا لان ملكه فلا تصح المعاملة
عليه إذ لا يفيد انتقال الآخر إليه كما أن السيد لا يصح ان يشتري من عبده المأذون له في التجارة شيئا بخلاف السيد مع مكاتبه فإنه يجوز ان يشتري منه لان ما
في يد المكاتب قد انقطع تصرف المولى عنه وصار ملكا للمكاتب ولهذا لو انعتق لم يملك السيد منه شيئا وقد خالف بعض الشافعية في العبد المأذون
فقال إذا ركبته الديون جاز للسيد ان يشتري شيئا مما في يده لأنه لا حق له فيه وانما هو حق الغرماء وهو غلط نعم يأخذه السيد بقيمته كما يدفع قيمة العبد
الجاني ولا يكون بيعا وكذا ليس للمالك ان يأخذ من العامل من مال القراض بالشفعة لأنه في الحقيقة يكون أخذا من نفسه بل يملكه بعقد البيع وكذا
ليس له ان يشتري من عبده القن وله ان يشتري من المكاتب المطلق وان لم ينعتق منه شئ ومن المكاتب المشروط لانقطاع تصرفات المولى عن ماله
مسألة لا يجوز للعامل ان يشتري لمال القراض بأكثر من مال القراض لان المالك انما رضي من العامل ان يشغل ذمته بما دفعه إليه لا بغيره فان فعل
واشترى بأكثر من مال القراض لم يقع ما زاد عن جهة القراض فإذا دفع إليه مائة قراضا فاشترى بها عبدا للقراض ثم اشترى عبدا اخر بمائة للقراض أيضا
لم يقع الثاني للقراض لأنه غير مأذون فيه ثم إن اشترى الأول بعين المائة تعينت للبايع الأول فان اشترى الثاني بعينها أيضا بطل الثاني لأنه اشترى بعين
237

مال غيره وان اشترى في الذمة فقد اشترى بعد ان صارت المائة مستحقة للدفع إلى البايع الأول وكذا ان اشترى الأول في الذمة ثم اشترى الثاني بعينها
لم يصح لوجوب صرفها إلى البايع الأول وان اشترى الثاني في الذمة لم يبطل لكن ينصرف الشراء إلى العامل كما ينصرف شراء الوكيل المخالف لموكله إليه دون الموكل هذا
إذا لم يسم في العقد مع البايع شراؤه للقراض فاما ان سماه فسد الثاني وإذا انصرف العبد الثاني إلى العامل ولو دفع المائة في ثمنه فقد تعدى في مال القراض
ودخلت المائة في ضمانه واما العبد فيبقى أمانة في يده لأنه لم يتعد فيه فان تلفت المائة فإن كان الشراء الأول بعينها انفسخ العقد بتلف الثمن المعين قبل الاقباض
وإن كان في الذمة لم ينفسخ ويثبت للمالك على العامل مائة والعبد الأول للمالك وعليه لبايعه مائة فان أداها العامل بإذن المالك وشرط الرجوع ثبت له
مائة على المالك وتقاصا وان أدي من غير اذنه برئت ذمة المالك من حق بايع العبد ويبقى حقه على العامل مسألة لا يجوز للعامل ان يشتري بمال القراض
من يعتق على رب المال لان ذلك مناف للاكتساب لأنه تخسير محض فكان ممنوعا منه فان اشترى العامل فاما ان يشتريه بإذن صاحب المال أو بدون اذنه فان اشتراه
باذنه صح الشراء لأنه يجوز ان يشتريه بنفسه مباشرة فإذا اذن لغيره فيه جاز وانعتق ثم إن لم يكن في المال ربح عتق على المالك وارتفع القراض بالكلية ان
اشتراه بجميع المال القراض لأنه قد تلف وان اشتراه ببعضه صار الباقي رأس المال وإن كان في المال ربح فان قلنا إن العامل انما يملك نصيبه من الربح بالقسمة عتق
أيضا وغرم المالك نصيبه من الربح فكأنه أسترد طايفة من المال بعد ظهور الربح واتلفه والأقوى أجرة المثل وان قلنا إنه يملك بالظهور عتق منه حصة
رأس المال ونصيب المالك من الربح ويسري إلى الباقي إن كان مؤسرا ويغرمه وإن كان معسرا يبقى رقيقا وبه قال أكثر الشافعية وقال بعضهم إن كان في المال ربح وقد
اشتراه ببعض مال القراض ينظر ان اشتراه بقدر رأس المال عتق وكان المالك أسترد رأس المال والباقي ربح يقتسمانه بحسب الشرط وان اشتراه بأقل من رأس المال
فهو محسوب من رأس المال وان اشتراه بأكثر حسب قدر رأس المال من رأس المال والزيادة من حصة المالك ما أمكن والظاهر عندهم الأول وهو وقوعه سايغا على ما سنذكر فيما إذا أسترد شيئا من المال بعد الربح
والحكم فيما إذا أعتق المالك عبدا من مال القراض كالحكم في شراء العامل من ينعتق عليه باذنه وان اشتريه
العامل بغير اذن المالك فان اشتراه بعين المال بطل الشراء لان
العامل اشترى ما ليس له ان يشتريه فكان بمثابة ما لو اشترى شيئا بأكثر من ثمنه ولان الاذن في المضاربة انما ينصرف إلى ما يمكن بيعه وتقليبه في التجارة والاسترباح
منه لا يتناول غير ذلك فان في شراء من ينعتق على المالك تفويت رأس المال مع الربح فكان أولي بالبطلان وان اشتريه في الذمة فإن لم يذكر في العقد الشراء للقراض
ولا لمالك المال وقع الشراء له ولزمه الثمن من ماله وليس له دفع الثمن من مال المضاربة فان فعل ضمن ولو اشترى للقراض أو للمالك بطل وبه قال الشافعي وظاهر مذهب
احمد انه يصح الشراء بعين المال لأنه مال متقوم قابل للعقود فصح شراؤه كما لو اشتراه بإذن رب المال ثم ينعتق على رب المال لأنه دخل في ملكه فعتق عليه وينفسخ؟
المضاربة لطلب المال ويلزم العامل الضمان سواء علم أو لم يعلم لان تلف مال المضاربة حصل بسببه ولا فرق في الاتلاف الموجب للضمان بين العلم والجهل وهو غلط
لأنه فعل غير مأذون فيه ويلحق المالك به ضرر من اتلاف مال فكان باطلا فعلى قول احمد له وجهان فيما يضمنه العامل أحدهما قيمة العبد لان الملك ثبت فيه
ثم تلف بسببه فأشبه ما لو أتلفه بفعله والثاني انه يضمن الثمن الذي اشتراه به لان التفريط منه حصل فاشترى وبذل الثمن فيما يتلف بالشراء فكان ضمانه
عليه ضمان ما فرط فيه ومتى ظهر للمال ربح فللعامل حصته منه وقال بعض أصحابه ان لم يكن العامل عالما بأنه يعتق على رب المال لم يضمن لان التلف حصل
لمعنى في المبيع لم يعلم به المشتري فلم يضمن كما لو اشترى معيبا لم يعلم بعيبه فتلف به ثم قال ويتوجه ان لا يضمن وان علم به تذنيب لو اشترى من نذر المالك
عتقه صح الشراء ان لم يعلم العامل بالنذر وعتق على المالك ولا ضمان على العامل مع جهله مسألة ليس للعامل ان يشتري زوج صاحبة المال لو
كان صاحب المال امرأة لما فيه من تضررها إذ لو صح البيع لبطل النكاح لأنها تكون قد ملكت زوجها وينفسخ النكاح ويسقط حقها من النفقة والكسوة فلا يصح كما
لو اشترى من ينعتق عليها والاذن انما يتناول شراء ما لها فيه حظ ولاحظ في شراء زوجها إذا عرفت هذا فان اشتراه باذنها صح قطعا لان لها ان
تشتريه بنفسها فجاز ان تشتريه بوكيلها والعامل في الحقيقة وكيل صاحب المال وحينئذ يصح الشراء ويكون القراض بحاله لأنه لا ينعتق عليها وينفسخ نكاحها وان اشتراه
بغير اذنها فسد الشراء بمعنى أنه يكون موقوفا على اجازتها فان اجازته كان حكمه حكم المأذون له وان فسخته بطل وللشافعي قولان أحدهما انه يفسد الشراء
لما تقدم من منافاته لغرض القراض الذي يقصد منه الاسترباح والثاني يصح الشراء وبه قال أبو حنيفة لأنه اشترى ما يمكنه طلب الربح فيه ولا يتلف رأس المال
فجاز كما لو اشترى من ليس بزوج لها والفرق ظاهر للتضرر بالأول دون الثاني مسألة وليس للعامل ان يشتري زوجة المالك لاشتماله على فسخ عقد عقده
باختياره فلا يليق ان يفعل ما ينافيه وبه قال الشافعي وله قول اخر انه يصح الشراء وينفسخ النكاح وبه قال بعض الحنابلة ثم إن كان الشراء قبل الدخول ففي لزوم
نصف الصداق للزوج وجهان فان قلنا يلزم رجع به على العامل لأنه سبب تغريره وعليه فيرجع به عليه كما لو أفسدت امرأة نكاحها بالرضاع ولو اشترى زوج صاحبة
المال فللشافعية وجهان فعلى الصحة لا يضمن العامل ما يفوت من المهر ويسقط النفقة لان ذلك لا يعود إلى المضاربة وانما هو بسبب اخر ولا فرق بين شرائه في
الذمة أو بعين المال مسألة لو وكل وكيلا يشتري له عبدا فاشترى من ينعتق على الموكل فلأقرب انه لا يقع عن الموكل لأن الظاهر أنه يطلب عبد تجارة أو عبد
قنية وشراء من ينعتق عليه لا يحصل واحدا من الغرضين وهو أحد قولي الشافعية والثاني وهو الاظهر عندهم انه يقع للموكل لان اللفظ شامل فربما يرضى بشراء
عبد ان بقي له انتفع وان عتق عليه حصل له ثواب العتق وهذا بخلاف عامل القراض لان عقد القراض مبني على تحصيل الفايدة والاسترباح بتقليب المتاجر وبيعها وشراؤها
ولكن الأول أقوى فان اشترى بالعين بطل الشراء لما فيه من تضرر الموكل باخراج ماله عن ملكه وان اشترى في الذمة فان سمى الموكل وقف على الإجازة وان لم يسمه وقع للوكيل
في الظاهر مسألة ولو اشترى العامل أو الوكيل عبدا لصاحب المال عليه مال بغير اذنه احتمل البطلان لما فيه من تضرر المالك باسقاطه ماله عن غيره بواسطة
الشراء إذ ما يشتريه العامل للقراض أو الوكيل في الحقيقة لصاحب المال ولا يثبت للمولى على عبده شئ فيؤدي هذا الشراء إلى اسقاط حقه عنه ويحتمل الصحة لأنه
مملوك يقبل النقل وصاحب المال يصح الشراء له فصح العقد كغيره لكن الأول أقرب فان قلنا بالصحة ففي تضمين العامل اشكال ينشأ من اسقاط الدين بواسطة فعله
فكان ضامنا لأنه سبب الاتلاف مسألة إذا دفع السيد إلى عبده المأذون له في التجارة مالا وقال له اشتر عبدا فهو كالوكيل وان قال أتجر به فهو كالوكيل وان قال أتجر لي؟
كالعامل وتقرير ذلك ان العبد المأذون له في التجارة إذا اشترى من يعتق على سيده فإن كان بإذن السيد صح الشراء فإن لم يكن عليه دين عتق وإن كان على
العبد دين فكذلك عندنا فإذا كان على المأذون دين يستغرق قيمته وما في يديه وقلنا يتعلق الدين برقبته فعليه دفع قيمته إلى الغرماء لأنه الذي أتلف عليه
238

بالعتق وللشافعي قولان في نفوذ العتق فيه لانما في يد العبد كالمرهون بالديون وان اشترى بغير اذن سيده وكان المولى قد نهاه عن شرائه بطل الشراء
سواء كان عليه دين أو لم يكن لان العبد لا يملك البيع والشراء الا بإذن مولاه فإذا نهاه لم يملكهما وإن كان المالك قد اطلق الاذن ولم يأذن في شراء قريبه ولا نهاه
عنه فالأقرب البطلان أيضا لان اذنه يتضمن ما فيه حظ ويمكنه التجارة فيه فلا يتناول من ينعتق عليه كالعامل إذا اشترى من ينعتق على رب المال وهو أحد
قولي الشافعي والثاني انه يصح الشراء لأن الشراء يقع للسيد لا حق للعبد فيه إذ لا يتمكن العبد من الشراء لنفسه وانما يشتريه لمولاه فإذا اطلق الاذن انصرف ما يشتريه
إليه مقيدا كان أو غير مقيد بخلاف العامل فإنه يمكنه الشراء لنفسه كما يمكنه الشراء للمالك فما لا يقع مقصودا بالاذن ظاهرا ينصرف إلى العامل والأول عندهم
أصح وبه قال المزني كما قلنا في العامل لان السيد انما اذن في التجارة وهذا ليس منها وقطع الجويني بهذا القول فيما إذا كان الاذن في التجارة ورد الخلاف إلى ما إذا
قال تصرف في هذا المال واشتر عبدا فلهذا قيل إن قال السيد اشتر عبدا فهو كالوكيل وان قال أتجر فهو كالعامل إذا عرفت هذا فإذا اشترى العبد أب مولاه
فان قلنا لا يصح فلا بحث وان قلنا يصح لم يكن عليه دين عتق وإن كان على العبد دين فللشافعية ثلاثة أوجه أحدها انه يبطل الشراء لان الدين يمنع من عتقه فبطلان العقد أحسن
والثاني انه يصح ولا يعتق والثالث يعتق عليه ويكون ديون الغرماء في ذمة السيد وقال أبو حنيفة ان لم يكن دفع إليه المال وانما اذن له في التجارة صح
الشراء وعتق على مولاه وإن كان دفع إليه مالا لم يصح الشراء كالمضارب لان العبد إذا لم يدفع إليه المال فإنما يشتري لنفسه لهذا لا يصح نهيه عن نوع
أو سلعة وإذا لم يكن يشتري له صح شراؤه له ولم يعتق عليه كالأجنبي وليس بجيد لأنه اذن مطلق في الشراء فلا يتناول من يعتق على الاذن كما لو دفع إليه
مالا والمضارب والمأذون يشتري للمولى ولهذا يعتق عليه مسألة لو اشترى العامل من يعتق عليه صح الشراء ثم لا يخلو إما ان لا يكون في المال ربح أو يكون
فإن لم يكن لم يعتق على العامل لأنه لم يملكه ولا شيئا منه كالوكيل لشراء قريب نفسه لموكله ثم إذا ارتفعت الأسواق وظهر ربح فان قلنا العامل انما يملك
بالقسمة لم يعتق منه شئ أيضا وان قلنا يملك بالظهور عتق عليه قدر حصته من الربح لأنه ملك بعض أبيه فيعتق عليه كما لو اشتراه من ماله وهو أظهر
وجهي الشافعية والثاني لهم انه لا يعتق عليه لأنه ملكه ملكا غير تام لأنه وقاية لرأس المال فليكن هذا معدا لهذا الغرض إلى انفصال الامر بينهما بالقسمة لان بها
يتم الملك فجرى مجرى ملك المكاتب لأبيه يكون معدا ان عتق عتق والا ملك فإذا قلنا لا يعتق فلا كلام وان قلنا إنه يعتق فإن كان الربح بقدره عتق جميعه وإن كان
بقدر بعضه فإن كان له مال اخر قوم عليه الباقي كما لو اشتراه وفيه ربح وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه لا يقوم عليه لان العتق والحال هذه يحصل
في الدوام بسبب قهري وهو غير مختار فيه ومثل ذلك لا يتعلق به السراية كما لو ورث بعض قريبه عتق عليه ولم يسر وليس بجيد لأنه في صورة الإرث غير مختار البتة
واما هنا فان الشراء أو لا والامساك له إلى حين ارتفاع الأسواق اختياريان وان لم يكن مؤسرا استقر الرق في الباقي وهل يستسعى العبد حينئذ مذهبنا ذلك
وبه قال أبو حنيفة لما رواه محمد بن قيس في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم قال يقوم فان
زاد درهما واحدا أعتق واستسعى في مال الرجل وقال احمد لا يستسعى بل يبقى الباقي رقيقا وإن كان في المال ربح قبل الشراء أو حصل بنفس الشراء بان كان رأس المال
مائة فاشترى بها أباه وهو يساوي مأتين فان قلنا إن العامل يملك بالقسمة دون الظهور لم يعتق من العبد شئ وصح الشراء وان قلنا يملك بالظهور
صح الشراء أيضا وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه مطلق التصرف في ملكه لأنهما شريكان في المال واحد الشريكين إذا اشترى من ينعتق عليه صح شراؤه والثاني
لهم المنع لأنه لو صح فاما ان يحكم بعتقه وهو مخالف لغرض الاسترباح الذي هو مقصود التجارة ولان صحة الشراء تؤدي إلى تنجيز حق العامل قبل رب المال فكان
تصرفه يضر برب المال فلم يصح أو لا يحكم فيتخلف العتق عن ملك القريب فان قلنا بالمنع ففي الصحة في نصيب المالك قولا تفريق الصفقة وان قلنا بالصحة كما هو
مذهبنا وأظهر وجهي الشافعية ففي عتقه عليه الوجهان السابقان ان قلنا يعتق فإن كان مؤسرا سرى العتق إلى الباقي ولزمه الغرم لأنه ملكه باختياره والا بقى
رقيقا أو استسعى على ما تقدم هذا كله إذا اشترى العامل قريب نفسه بعين مال القراض واما إذا اشتراه في الذمة للقراض فكل موضع صححنا الشراء بعين
مال القراض أوقعناه هنا عن القراض وكل موضع أبطلناه هناك أوقعناه هنا عن العامل ان لم يكن يذكر النسبة إلى القراض وان ذكر فكالعين وقال بعض
الشافعية انه لو اطلق الشراء ولم ينسبه إلى القراض لفظا ثم قال كنت نويته وقلنا انه إذا وقع عن القراض لم يعتق منه شئ لا يقبل قوله لان الذي جرى عقد
عتاقة فلا يمكن رفعها ولا بأس به مسألة ليس لعامل القراض ان يكاتب عبد القراض بغير اذن المالك لما فيه من تضرر المالك باخراج ملكه عنه بثمن هو ملكه
لان الكتابة في الحقيقة بيع ماله بماله فان اذن المولى جاز فان كاتباه معا صح وعتق بالأداء ثم إن لم يكن في المال ربح وقلنا بثبوت الولاء في الكتابة كان الولاء باسره للمالك
ولا ينفسخ القراض بالكتابة في أظهر وجهي الشافعية بل ينسحب على النجوم وإن كان هناك ربح فالولاء بينهما على النسبة في الحصص فيه والزايد النجوم على القيمة ربح
البحث الثاني في قراض العامل مسألة قد بينا فيما تقدم انه ليس للعامل في القراض ان يقارض غيره وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان
المالك لم يأذن فيه وانما أيتمن على المال العامل دون غيره فليس له التغرير بمال صاحبه فان اذن له المالك فيه صح والا فلا وخرج بعض الحنابلة وجها في الجواز
بناء على توكيل الوكيل من غير اذن الموكل وهو غلط إما أولا فللمنع من حكم الأصل واما ثانيا فللفرق لان المالك انما دفع المال إلى العامل ليضارب به وان دفعه
إلى غيره خرج عن كونه مضاربا به بخلاف الوكيل ولان هذا يوجب في المال حقا لغيره ولا يجوز ايجاب حق في مال انسان بغير اذنه إذا عرفت هذا فلا يخلو إما ان يكون
المالك قد اذن للعامل في أن يقارض غيره أو لا فان اذن صح لان العامل الأول وكيل وهذا العقد يقبل الوكالة واعلم أن العامل يتصور ان يقارض غيره
بإذن المالك في موضعين أحدهما ان يخرج نفسه من القراض ويجعل نفسه وكيلا في القراض مع الثاني فان المالك سلم المال إليه واذن له في أن يقارض غيره ان بدا له
وهو قراض صحيح كما لو قارضه المالك بنفسه لان العامل الأول في الحقيقة وكيل في عقد القراض مع الثاني سواء كان العامل الأول قد عمل أو لا والثاني ان يأذن
له في أن يعامل غيره ليكون ذلك الغير شريكا له في العمل والربح المشروط له على ما يراه وهو جايز كما لو قارض المالك في الابتداء شخصين فكذا الانتهاء وهو
أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الاظهر عندهم انه لا يصح لأنه لو جاز ذلك لكان الثاني فرعا للأول منصوبا من جهته والقراض معاملة يضيق بحال القياس
فيها فلا يعدل بها عن موضعها وهو ان يكون أحد المتعاملين مالكا لا عمل له والثاني عاملا لا ملك له وهو ضعيف لان العاملين كالواحد مسألة
إذا اذن المالك للعامل في أن يقارض غيره جاز ثم لا يخلو إما ان يجعل الربح الذي جعله المالك بأسره للعامل الثاني أو يجعل له قسطا منه وللثاني الباقي فان جعل الربح
239

بين العامل الثاني والمالك نصفين أو ما قدره ولم يشترط لنفسه شيئا من الربح صح وكان الربح بين المالك والعامل الثاني على ما شرط وان جعل العامل الأول لنفسه
شيئا كأنه قال النصف لرب المال والباقي بيني وبينك نصفين لم يصح القراض لأنه شرط لنفسه نصيبا من الربح وليس من جهته مال ولا عمل فلم يصح ويكون الربح لرب المال
وللعامل الثاني اجرة مثل عمله على المالك مسألة لو دفع العامل الأول قراضا إلى الثاني بغير اذن المالك فسد لان المالك لم يأذن فيه ولا أيتمن على المال
غيره ولأنه لا يجوز ان يتصرف العامل في مال رب المال بما لا يتناوله اذنه فإذا عمل العامل الثاني فان حصل ربح فالأقرب انه للمالك ثم لا يخلو إما ان يكون العامل
الثاني عالما بالحال أو لا فإن كان عالما لم يكن له شئ لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه مع علمه بأنه ممنوع
منه ولا يستعقب ذلك استحقاق شئ وان لم يكن عالما رجع
على العامل الأول بأجرة المثل ونقل المزني من الشافعية انه إذا عمل العامل الثاني بغير اذن المالك وحصل في المال ربح كان لرب المال النصف الذي شرطه لنفسه وما
بقي بين العامل الأول والثاني ثم قال المزني هذا قول للشافعي قديم واصله الجديد المعروف وان كل فاسد لا يصح حتى يبتدأ بما يصح فان اشترى بعين المال بالشراء
فاسد وان اشترى في الذمة فالشراء صحيح والربح للعامل الأول وللعامل الثاني اجرة مثله وبنوا هذه المسألة على أصل هي مسألة البضاعة وهي انه إذا غصب رجل
مالا ثم أتجر يه وربح فيه ففيه قولان مبنيان على أن تصرفات الفضولي تنعقد موقوفة على الإجازة أم لا فان قلنا إن تصرفه باطل فلو ان الثاني تصرف في المال
وربح لمن يكون الربح وهذا يبتني على أن الغاصب إذا أتجر في المال المغصوب ما حكم تصرفه ولمن الربح الحاصل إما إذا تصرف في عين المغصوب فهو تصرف الفضولي واما إذا
باع سلما أو اشترى في الذمة وسلم المغصوب فيما التزمه وربح فعلى الجديد للشافعي الربح للغاصب لان التصرف صحيح والتسليم فاسد فيضمن المال الذي
سلمه ويسلم له الربح وهذا قياس ظاهر وعلى القول القديم هو للمالك لحديث عروة البارقي لان النبي صلى الله عليه وآله اخذ رأس المال والربح ولانا لو جعلناه
للغاصب لاتخذه الناس ذريعة إلى غصب الأموال والخيانة في الودايع والبضاعات ولان تصرفات الغاصب قد يكثر فيعسر تتبع الأمتعة التي تداولتها الأيدي المختلفة
أو يتعذر وفي هذا القول مباحث آ هل يجزم على هذا القول بان الربح للمالك أو يوقفه على اجازته واختياره قيل بالوقف على الإجازة وبناء هذا القول على قول الوقف في بيع الفضولي
ولم يتعرض الشافعي للفسخ والإجازة لان الغالب انه يجيز إذا رأى الربح فعلى هذا إذا رده يرتد سواء اشترى في الذمة أو بعين المغصوب وقال الأكثرون انه مجزوم به ويبنى
على المصلحة وكيف يستقيم توقيف شراء الغاصب لنفسه على اجازة غيره وانما يجرى قول الوقف إذا تصرف في عين مال الغير أو له ب إذا كان في المال ربح وكثرت
التصرفات وعسر تتبعها فهو موضع القول القديم إما إذا قلت وسهل التتبع ولا ربح فلا مجال له وحكى الجويني وجهين فيما إذا سهل التتبع وهناك ربح أو عسر
ولا ربح ج لو اشترى في ذمته ولم يخطر له ان يؤدي الثمن من الدراهم المغصوبة ثم عن له ذلك قال الجويني ينبغي ان لا يجئ فيه القول القديم ان صدقه
صاحب الدراهم وهذه المسألة تلقب بمسألة البضاعة إذا عرفت هذا فعلى الجديد وهو وقوع عقد الفضولي لاغيا ان اشترى بعين مال القراض
فهو باطل وان اشترى في الذمة فأحد الوجهين ان كل الربح للعامل الثاني لأنه المتصرف كالغاصب في صورة الغصب وأصحهما عندهم ان كله للأول لان الثاني
تصرف للأول باذنه فكان كالوكيل من حصته وعليه للثاني اجرة عمله وبه قال أبو حنيفة والمزني وان قلنا بالقديم وهو توقف عقد الفضولي على الإجازة ففيها
يستحقه المالك من الربح وجهان أحدهما ان جميعه للمالك كما في الغصب طردا للقياس هذا القول وعلى هذا فللعامل الثاني اجرة مثله وعلى من يجب وجهان
أحدهما انها على العامل الأول لأنه استعمله وغره والثاني على المالك لان نفع عمله عاد إليه وأصحهما وبه قال المزني ان له نصف الربح لأنه رضي به بخلاف الغصب
فإنه لم يوجد منه رضي فصرفنا الجميع إلى المالك قطعا لطمع من يغصب ويخون وعلى هذا ففي النصف الثاني وجوه آ ان الجميع للعامل الأول لان المالك ان ما
شرط له وعقده مع الثاني فاسد فلا يتبع شرطه لان المضاربة فاسدة والشرط لا يثبت في الفاسدة وعلى هذا فللشا في في اجرة مثل عمله على الأول لأنه غره الثاني
ان كله للثاني لأنه العامل إما الأول فليس له عمل ولا ملك فلا يصرف إليه شئ من الربح وأصحهما عندهم أنه يكون بين العاملين بالسوية لان تتبع التصرفات عسير والمصلحة
اتباع الشرط الا انه قد تعذر الوفاء به في النصف الذي اخذه المالك فكأنه تلف وانحصر الربح في الباقي وعلى هذا ففي رجوع العامل الثاني بنصف أجرة المثل وجهان أحدهما نعم
لأنه كان طمعه في نصف الربح بتمامه ولم يسلم له الا نصف النصف وأشبههما لا لان الشرط محصول؟ على ما يحصل لهما من الربح والذي حصل هو النصف والوجهان فيما إذا
كان العامل الأول قد قال للعامل الثاني على أن ربح هذا المال بيننا أو على أن لك نصفه إما إذا كانت الصيغة على أن ما رزقنا الله تعالى من الربح بيننا قطع أكثر
الشافعية بأنه لا رجوع لان النصف هو الذي حصل وعن بعضهم اجراء الوجهين لان المفهوم تشطر جميع الربح هذا كله إذا جرى القرضان على المناصفة وان كانا
أو أحدهما على نسبة أخرى فعلى ما تشارطا مسألة لو تلف المال في يد الثاني فإن كان عالما بالحال فهو غاصب أيضا حيث تصرف في مال الغير بغير اذنه مع علمه وإن كان
جاهلا وظن أن المالك هو العامل الأول فترتب يده على يد الأول كترتب يد المودع على يد الغاصب لأنه يد أمانة وفي طريق للشافعية انه كالمتهب من الغاصب لعود النفع
إليه والتحقيق ان العامل الثاني بمنزلة الغاصب في الاثم والضمان والتصرف وإن كان عالما بان هذا العامل الأول قارضه بغير اذن صاحب المال وإن كان غير عالم سقط
عنه الاثم وبقي حكم التصرف والضمان إما التصرف فقد تقدم واما الضمان فان المال مضمون على كل واحد منهما إما على الأول فبتعديه بتسليمه إلى الثاني واما على
الثاني فلانه تسلم مال غيره بغير اذنه وإن كان باقيا طالب أيهما شاء برده واخذه وإن كان تالفا كان له مطالبة أيهما شاء ببدله فان طالب العامل الأول لم يرجع على الثاني
لأنه دفعه إليه على وجه الأمانة وان طالب الثاني فهل يرجع على الأول للشافعية قولان أحدهما يرجع لان الأول غره فأشبه ما لو غره بحرية أمته والثاني لا يرجع لان
التلف حصل في يده فاستقر الضمان عليه إذا تقرر هذا فلو شرط العامل الأول على العامل الثاني ان نصف الربح للمالك وان النصف الآخر بينهما نصفين
قال بعض الحنابلة يكون على ما اتفقا عليه لان رب المال رضي بالنصف فلا يدفع إلى أكثر منه والعاملان على ما اتفقا عليه وليس بشئ مع أن احمد قال لا يطيب الربح
للمضارب الأول لأنه ليس له عمل ولا مال ولا للمضارب الثاني لأنه عمل في مال غيره بغير اذنه ولا شرطه فلا يستحق ما شرط له غير المالك كما لو دفعه إليه الغاصب مضاربة
ولأنه إذا لم يستحق ما شرط له رب المال في المضاربة الفاسدة فما شرطه له غيره بغير اذنه أولي مسألة لو اذن رب المال للعامل في دفع المال مضاربة جاز
ذلك ولا نعلم فيه خلافا ويكون العامل الأول وكيلا لرب المال في ذلك فإن كان بعد العمل جاز أيضا لما بينا من أن المضاربة من العقود الجايزة فإن كان قد ظهر
ربح في عمل العامل وقلنا يملك بالظهور استحق نصيبه من الربح وان قلنا بالقسمة أو لم يظهر ربح فله أجرة المثل وإذا دفعه العامل الأول لم يجز له ان يشترط لنفسه جزاء
من الربح فان شرط شيئا من الربح لم يجز إذ ليس من جهته مال ولا عمل والربح إما يستحق بأحدهما ولو قال له المالك اعمل في هذا المال برأيك أو بما أريك الله تعالى فالأقرب
240

انه يجوز له دفعه مضاربة لأنه قد يرى أنه يدفعه إلى من هو ابصر منه في التجارة وأقوى منه جلدا وبه قال احمد ويحتمل ان لا يجوز ذلك لأنه قوله اعمل برأيك يعنى في كيفية المضاربة
والبيع والشراء وأنواع التجارة وهذا يخرج عن المضاربة فلا يتناوله اذنه مسألة لا يجوز لعامل القراض ان يمزج مال المضاربة بماله بحيث لا يتميز فان فعل اثم
وضمن لأنه ليس أمانة فهو كالوديعة ولو قال له اعمل برأيك جاز ذلك وبه قال الثوري ومالك وأصحاب الرأي لأنه قد جعل النظر في المصلحة وفعلها موكولا إلى نظره
وربما رأى الحظ للمضاربة في المزج فإنه أصلح له فيدخل تحت قوله اعمل برأيك وقال الشافعي له ذلك لان ذلك ليس من التجارة وهو غير مسلم لأنه قد يكون من مصلحتها
وكذا ليس له المشاركة مع مال القراض الا أن يقول اعمل برأيك ويكون المشاركة مصلحة مسألة إذا اخذ العامل من غيره مضاربة جاز له ان يأخذ من غيره
مضاربة أخرى سواء اذن له الأول أو لا إذا لم يتضرر الأول بمعاملة الثاني بان يكون
مال الثاني كثيرا يحتاج ان يقطع زمانه في التجارة به ويشغله عن السعي في الأول أو يكون المال كثيرا متى اشتغل عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته فيه وفات باشتغاله
في الثاني بعض مصالحه وأكثر الفقهاء على جوازه أيضا لأنه عقد لا يملك به منافعه بأسرها فلم يمنع من المضاربة كما لو لم يكن فيه ضرر وكالأجير المشترك وقال الحنابلة
لا يجوز له ذلك لان المضاربة مبنية على الحظ والنماء فإذا فعل ما يمنعه لم يكن له كما لو أراد التصرف بالفين قالوا فعلى هذا إذا فعل وربح رد الربح في شركة الأول
ويقتسمانه فينظر ما ربح في المضاربة الثانية فيندفع إلى رب المال نصيبه من الربح فيضمه إلى ربح المضاربة الأولى ويقاسمه رب المضاربة الأولى لأنه استحق حصته من
الربح بالمنفعة التي استحقت بالعقد فكان بينهما كربح المنفعة المستحقة بالعقد الأول فاما حصة رب المال الثاني من الربح فيدفع إليه لان العدوان من المضارب لا يسقط
حق رب المال الثاني ولانا لو رددنا ربح الثاني كله في الشركة الأولى لاختص الضرر برب المال الثاني ولم يلحق المضارب شئ من الضرر والعدوان منه بل ربما
انتفع إذا كان قد شرط الأول النصف والثاني الثلث وهذا ليس بشئ والحق انه لا شئ لرب المضاربة الأولى من ربح الثانية لأنه انما يستحق بمال وعمل وليس له
في المضاربة الثانية مال ولا عمل وتعدى المضارب انما كان بترك العمل واشتغاله عن المال الأول وهذا لا يوجب عوضا كما لو اشتغل بالعمل في مال نفسه أو اجر نفسه
أو ترك التجارة للتعب أو لاشتغال بعلم أو غير ذلك ولأنه لو أوجب عوضا لأوجب شيئا مقدرا لا يختلف ولا ينحصر بقدر ربحه في الثانية البحث الثالث
في السفر مسألة لما كان مبنى القراض على التكسب المستلزم لحفظ رأس المال وحراسته وكان في السفر تغرير به وتعريض لاتلافه وجب في الحكمة مشروعية منع العامل
من السفر ولا خلاف في أنه لو نهاه المالك عن السفر بالمال فسافر به ضمن وكذا لو امره بالسفر إلى جهة معينة أو بلد معين فسافر إلى غير ذلك البلد وغير تلك الجهة
لان المال لصاحبه له التصرف فيه كيف شاء والاختيار في ذلك إليه فلا يجوز العدول عنه ولما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) في الرجل يعطي مالا مضاربة
وينهاه ان يخرج به إلى ارض أخرى فعصاه فقال هو له ضامن والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه وعن الحلبي عن الصادق (ع) عن الرجل يعطى الرجل المال فيقول له ايت ارض
كذا وكذا ولا تجاوزها اشتر منها قال إن جاوزها فهلك المال فهو له ضامن وان اشترى شيئا فوضع فهو عليه وان ربح فهو بينهما وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن
أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يعطى المال مضاربة وينهي ان يخرج به فيخرج قال يضمن المال والربح بينهما مسألة ولو لم ينهه عن السفر ولا اذن
له فيه لم يجز له السفر عند علمائنا الا بإذن صاحب المال سواء كان الطريق مخوفا أو أمنا لما تقدم من التغرير المنافي للاكتساب وبه قال الشافعي لما فيه من الخطر
والتغرير بالمال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان المسافر وماله لعلي قلت الا ما وقى الله اي لعلى هلاك ولا يجوز له التغرير بالمال الا بإذن مالكه وقال مالك يجوز له
السفر مع الاطلاق أو التنصيص على السفر وهو محكى عن أبي حنيفة وقياس مذهب احمد يقتضيه لان الاذن المطلق ينصرف إلى ما جرت العادة به والعادة جارية
بالتجارة سفرا وحضرا ولأنها مشتقة من الضرب في الأرض فملك ذلك مطلقا وهو ممنوع لان العادة انما قضت بالسفر مع الاذن صريحا أو قرينة حالية أو مقالية تدل
عليه لا بدون ذلك وأبو حنيفة بناه على أصله من أنه يجوز للمستودع ان يسافر بالوديعة إذا كان الطريق أمنا لأنه بمنزلة المصر وهو ممنوع إذ لا تغرير في المصر كما في السفر
وللشافعي قول في البويطي كقول أبي حنيفة أيضا لكن المشهور الأول وهذا البحث مع الاطلاق فاما ان اذن له في السفر أو نهى عنه أو وجدت قرينة دالة على أحد الامرين تعين
ذلك وثبت ما أمر به وحرم ما نهى عنه ولا خلاف في أنه لا يجوز له السفر في موضع مخوف على القولين معا وكذا لو اذن له في السفر مطلقا لم يكن له السفر في طريق مخوف
فان فعل فهو ضامن لما يتلف لأنه متعد بفعل ما ليس له فعله مسألة لو سافر مع انتفاء الاذن أو مع النهي عن السفر أو امره بالسفر في جهة بعينها فسافر في
غيرها أو إلى بلد فسافر إلى غيره فقد ضمن المال لمخالفته ثم ننظر فإن كان المتاع بالبلدة التي سافر إليها أكثر قيمة من الحضر أو من البلدة التي امره بالسفر إليها أو
تساوت القيمتان صح البيع واستحق الربح بالشرط ولما رواه الكناني قال سألت الصادق (ع) عن المضاربة يعطى الرجل المال يخرج به إلى ارض ونهى ان يخرج بها إلى ارض غيرها فعصى
فخرج به إلى ارض أخرى فعطب المال فقال هو ضامن فان سلم فربح فالربح بينهما وإن كان المتاع أقل قيمة لم يصح البيع بتلك القيمة الا ان يكون النقصان بقدر ما يتغابن
به وإذا قلنا بصحة البيع فان الثمن الذي يقبضه يكون مضمونا عليه أيضا ولو اشترى به متاعا ضمن المتاع بخلاف ما إذا تعدى الوكيل بالبيع في المال ثم باعه وقبض الثمن
لا يكون الثمن مضمونا عليه وإن كان ضامنا للأصل لان العدوان هنا لم يوجد في الثمن وسبب العدوان في المضاربة موجود في الثمن والمتاع الذي يشتريه به لان
سبب العدوان هو السفر وهو شامل للمال والثمن ولا تعود الأمانة بالعود من السفر وبه قال الشافعي مسألة لو سافر بالاذن فلا عدوان ولا ضمان
وله بيع المتاع في البلد المنقول إليه مثل ما كان يبيعه في المنقول عنه وبأكثر منه واما بدونه فالأقرب ان له ذلك لأنه غير متعد بالسفر ولا حكم له على زيادة الأسواق
ونقصانها بل الواجب عليه الاستظهار في طلب الربح ان حصل وقال بعض الشافعية إذا باع بدونه فان ظهر فيه غرض بان كانت مؤنة الرد أكثر من قدر النقصان
أو أمكن صرف الثمن إلى متاع يتوقع فيه ربحا فله البيع أيضا والا لم يجز لأنه محض تخسير مسألة العامل ان أتجر في الحضر كان عليه ان يلي من التصرف فيه ما
يليه رب المال في العادة كنشر الثوب وتقليبه على من يشتريه وطيه عند البيع وقبض الثمن وحفظه وذرع الثوب وادراجه في السقط؟ واخراجه ووزن ما يخف كالذهب
والفضة والمسك والعود وحفظ المتاع على باب الحانوت وفي السفر بالنوم عليه ونحوه في العادة كالاشراف عليه وجمعه والاحتياط عليه وليس عليه دفع الأحمال
ولا حطها وليس عليه ما لا يليه رب المال فلا يجب عليه وزن الأمتعة الثقيلة وحملها ونقل المتاع من الخان إلى الحانوت والنداء عليه بل يستأجر العامل له من يعمله
من مال المضاربة فان تولى العامل ذلك بنفسه لم يستحق له اجرة لأنه تبرع به واما ما يجب عليه فعله لو استأجر العامل من مال المضاربة من يعمل ما
عليه ان يعلمه بنفسه ضمن ما دفع إليه لان ذلك العمل يجب عليه دون رب المال مسألة ليس للعامل ان ينفق من مال القراض في الحضر على نفسه عند
241

علمائنا ولا ان يواسي منه بشئ وبه قال الشافعي لان الأصل حراسة مال الغير وحفظه وعدم تعلق وجوب الانفاق منه وقال مالك له ان ينفق منه على العادة
كالغذاء ودفع الكسرة إلى السقا واجرة المكيال والوزان والحمال في مال القراض وليس بمعتمد واما في السفر فالمشهور انه ينفق فيه كمال النفقة من أصل مال
القراض إذا شخص عن البلد من المأكول والمشروب والملبوس وبه قال علمائنا والحسن والنخعي والأوزاعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في أحد أقواله لان سفره
لأجل المال فكانت نفقته منه كاجر الحمال ولأنه في السفر قد سلم نفسه وجردها لهذا الشغل فأشبه الزوجة تستحق النفقة إذا سلمت نفسها ولا تستحق إذا لم تسلم ولما
رواه عن علي بن جعفر عن أخيه موسى الكاظم (ع) قال في المضاربة ما أنفق في سفره فهو من جميع المال وإذا قدم بلدة فما أنفق فمن نصيبه وظاهر مذهب الشافعي
انه لا نفقة للعامل بحال وبه قال ابن سيرين وحماد بن أبي سليمى واحمد كما في الحضر لان نفقته تخصه فكانت عليه كما في الحضر واجرة الطبيب وثمن الطيب ولأنه دخل على أنه
يستحق من الربح الجزء المسمى فلا يكون له غيره ولأنه استحق النفقة افضى إلى أن يختص بالربح إذا لم يربح سوى ما أنفقه فيخل بمقصود العقد والقول الثالث
للشافعي انه ينفق في السفر من ماله قدر نفقة الحضر والزايد من مال القراض لان الزيادة انما حصلت بواسطته وهو الأصح عندهم وهو منقول عن مالك أيضا مسألة
ولو شرط له النفقة في الحضر لزم الشرط ووجب له ما يحتاج فيه إليه من المأكول والمشروب والمركوب والملبوس وكذا لو شرطها في السفر على قول من لا يوجبها على المال
اجماعا عملا بالشرط وينبغي ان يعين قدر النفقة وجنسها فلا يجوز له التخطي ولو اطلق رجع إلى العادة وكان صحيحا وبعض الشافعية اشترط تعيين النفقة وليس
شيئا لان الأسعار قد تختلف وتقل وتكثر وقال احمد لا كسوة له مع الاطلاق إذا شرط له النفقة إذا عرفت هذا فان الكسوة يستحقها للاستمتاع بها على جهة
الملك الصريح فلو رجع إلى البلد من سفره وعليه كسوة أو دابة ركوب كانت مردودة إلى القراض وإذا قلنا له النفقة في السفر ولم يعين المالك واختلفا
في قدرها رجع إلى الاطعام في الكفارة وفي الكسوة إلى أقل ملبوس مثله وهذا كله في السفر المباح إما لو خالف المالك فسافر إلى غير البلد الذي امره بالسفر
إليه فإنه لا يستحق النفقة سواء قل الربح أو كثر عن البلد المأمور به ولو احتاج في السفر إلى خف وأدواة وقربة وشبهها اخرج من أصل المال لأنه من جملة المؤنة
ثم يرده بعد رجوعه إلى مال القراض مسألة لو أسترد المالك ماله وقد نض إما في الطريق أو في البلد الذي سافر إليه فأراد العامل ان يرجع إلى بلده لم
يستحق نفقة الرجوع كما لو مات العامل لم يكن على المالك تكفينه وهو أظهر وجهي الشافعية كما لو خالع زوجته في السفر والثاني ان له ذلك قاله الشافعي ثم تردد فقال
قولان ولا فرق بين الذهاب والعود وعن أحمد رواية كالثاني لأنه باطلاقه كأنه قد شرط له نفقة ذهابه وعوده وغره بتنفيذه إلى الموضع الذي اذن له فيه معتقدا
انه يستحق النفقة ذاهبا وراجعا فإذا قطع عنه النفقة تضرر بذلك والصحيح ما قلناه وإذا رجع العامل وبقي معه فضل زاد وآلات أعدها للسفر كالممطرة
والقربة وغير ذلك ردها إلى مال القراض لأنها من عينه وانما ساغ له التصرف فيها للحاجة قضاء للعادة وقد زالت الحاجة وهو أحد قولي الشافعية والثاني
انها تكون للعامل وليس شيئا مسألة لو كان مع العامل مالا لنفسه للتجارة واستصحبه معه في السفر ليعمل فيه وفي مال القراض قسطت النفقة على قدر المالين
لان السفر انما كان لماله ومال القراض فالنفقة اللازمة بالسفر تكون مقسومة على قدر المال وهو قول بعض الشافعية ويحتمل النظر إلى مقدار العمل على المالين
وتوزيع النفقة على اجرة مثلهما وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انما يوزع إذا كان ماله قدرا يقصد له فإن كان لا يقصد فهو كما لو لم يكن متاعه مال سوى
مال القراض إما لو كان معه قراض لغير صاحب الأول فان النفقة يقسط عليهما على قدر رأس المالين أو قدر العمل فيهما والأخير أقرب مسألة كل موضع
يثبت له النفقة فان المالك ان عين له قدرا لم يجز له التجاوز ولو احتاج إلى أزيد منه ولو نهاه عن الانفاق من مال القراض في السفر لم يجز له الانفاق سواء احتاج
أو لا بل ينفق من خاص ماله وإذا اطلق القراض كان له الانفاق في السفر بالمعروف من غير اسراف ولا تقتير والقدر المأخوذ في النفقة يحسب من الربح فإن لم يكن
هناك ربح فهو خسران لحق المال ولو أقام في طريقه فوق مدة المسافرين في بلد للحاجة كجباية المال أو انتظار الرفقة أو لغير ذلك من المصالح لمال
القراض كانت النفقة على مال القراض أيضا لأنه في مصلحة القراض إما لو أقام للاستراحة أو للتفرج أو لتحصيل مال له أو لغير مال القراض فإنه لا يستحق عن
تلك المدة شيئا من مال القراض في النفقة مسألة قد بينا ان العامل يستحق النفقة بالمعروف في السفر وان لم يشترط فلو شرطها في عقد القراض فهو تأكيد
وزيادة توثق وبه قال الشافعي على تقدير الوجوب إما على تقدير عدم استحقاقه للنفقة فله وجهان أحدهما ان القراض يفسد كما لو شرط نفقة الحضر والثاني
لا يفسد لأنه من مصالح العقد من حيث إنه يدعوه إلى السفر وهو مظنة الربح غالبا وعلى هذا فهل يشترط تقديره فيه للشافعية وجهان وهذا القول يشعر
بأنه ليس له ان يشترط النفقة في الحضر وليس بجيد لأنه سايغ تدعو الحاجة إليه فجاز اشتراطه ولزم لقوله (ع) المسلمون عند شروطهم مسألة لو كان معه مال قراض
لغير المالك الأول فقد قلنا إن النفقة تقسط إما على المالين أو على العملين فان شرط صاحب مال الأول النفقة من مال القراض مع علمه بالقراض الثاني جاز
وكانت نفقته على الأول ولو لم يعلم بالقراض الثاني بسطت النفقة وإن كان قد شرطها الأول لأنه انما اطلق له النفقة بناء على اختصاص عمله به لأنه الظاهر ولو
كان معه مال لنفسه يعمل به أو بضاعة لغيره فالحكم كما تقدم ولو شرط الأول له النفقة وشرطها الثاني أيضا لم يحصل له بذلك زيادة الترخص في الاسراف في النفقة
ولا تعددها بل له نفقة واحدة عليهما على قدر المالين أو العملين مسألة لو احتاج في السفر إلى زيادة نفقة فهي
من مال القراض أيضا ولو مرض فافتقر
إلى الدواء فإنه محسوب عليه وكذا لو مات كفن من ماله خاصة لان النفقة وجبت للقراض وقد بطل بموته فلا يكفن من مال القراض وكذا لو أبطل القراض وفسخه هو
أو المالك فلا نفقة كما لو اخذ المالك ماله لأنه انما استحق النفقة ما داما في القراض وقد زال فزالت النفقة ولو قتر على نفسه في الانفاق لم يكن له اخذ الفاضل مما
لا يزيد على المعروف لأن هذه النفقة مواساة وكذا لو أسرف في النفقة حسب عليه الزائد على قدر المعروف البحث الرابع في وقت ملك الربح مسألة
العامل يملك حصته المشروطة له من الربح بظهور الربح قبل القسمة وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين واحمد في أحدي الروايتين لان الشرط صحيح فيثبت
مقتضاه وهو ان يكون له جزء من الربح فإذا حصل وجب ان يملكه بحكم الشرط كما يملك عامل المساقاة حصته من الثمرة بظهورها وقياسا على كل شرط صحيح في
عقد ولان هذا الربح مملوك فلا بد له من مالك ورب المال لا يملكه ارتفاقا ولا يثبت احكام الملك في حقه فيلزم ان يكون للعامل إذ لا مالك غيرهما اجماعا
ولان العامل يملك المطالبة بالقسمة فكان مالكا كأحد شريكي العنان ولو لم يكن مالكا لم يكن له مطالبة رب المال بالقسمة ولأنه لو لم يملك بالظهور لم يعتق
عليه نصيبه من أبيه لو اشتراه والتالي باطل لحديث محمد بن قيس عن الصادق (ع) قال قلت له رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لا يعلم
242

قال يقوم فان زاد درهما واحدا عتق واستسعى في مال الرجل والشرطية ظاهرة إذا المقتضى للاعتاق دخوله في ملكه وقال مالك انما يملك العامل حصته من الربح بالقسمة
وهو القول الثاني للشافعي والرواية الثانية عن أحمد لأنه لو ملك بالظهور لكان شريكا في المال ولو كان شريكا لكان النقصان الحادث بعد ذلك شايعا
في المال فلما انحصر في الربح دل على عدم الملك ولأنه لو ملكه لاختص بربحه ولأنه لم يسلم إلى رب المال رأس ماله فلا يملك العامل منه شيئا من الربح كما لو كان رأس
المال ألفا فاشترى به عبدين كل عبد يساوي ألفا فان أبا حنيفة قال لا يملك العامل شيئا منهما وإذا اعتقهما رب المال عتقا ولا يضمن للعامل شيئا قال
المزني لو ملك العامل حصته بالظهور لكانا شريكين في المال وإذا تلف منه شئ كان بينهما كالشريكين شركة العنان ولان القراض معاملة جايزة والعمل فيها
غير مضبوط فوجب ان لا يستحق العوض فيها الا بتمام العمل كما في الجعالة والجواب لا امتناع في أن يملك العامل ويكون ما يملكه وقاية لرأس المال كما أن المالك
يملك حصته من الربح ومع ذلك فإنها وقاية لرأس المال أيضا ومن هنا امتنع اختصاصه بربحه ولأنه لو اختص بربح نصيبه لاستحق من الربح أكثر مما شرط
له ولا يثبت بالشرط ما يخالف مقتضاه ومع ظهور الربح يحصل تمام العمل وكذا لو اوصى لرجل بألف من ثلث ماله ولآخر بما يبقي من الثلث ومات وله أربعة آلاف
فقد ملك كل واحد منهما حصته وإذا تلف من ذلك شئ كان من نصيب الموصى له بالباقي مسألة ليس لأحد من العامل ولا المالك استحقاق شئ
من الربح استحقاقا تاما حتى يستوفي المالك جميع رأس ماله وإن كان في المال خسران وربح جبرت الوضيعة من الربح سواء كان الخسران والربح في مرة واحدة أو الخسران
في صفقة والربح في أخرى أو الخسران في سفرة والربح في سفرة أخرى لان معنى الربح هو الفاضل عن رأس المال وإذا لم يفضل شئ فلا ربح ولا نعلم في هذا خلافا
مسألة ملك كل واحد من العامل والمالك حصته من الربح بالظهور غير مستقر فليس للعامل ان يتسلط عليه ولا يتصرف فيه لان الربح وقاية لرأس المال عن
الخسران ما دامت المعاملة باقية حتى لو اتفق خسران كان محسوبا من الربح دون رأس المال ما أمكن ولهذا يقول ليس لأحد المتعاملين قسمة الربح قبل فسخ
القراض قسمة اجبار بل يتوقف على رضاهما معا فلا يجبر أحدهما لو امتنع إما العامل فإنه لا يجبر لو طلب المالك القسمة لأنه لا يأمن ان يخسر المال بعد ذلك ويكون قد
أخرجه فيحتاج إلى غرم ما حصل له بالقسمة وفي ذلك ضرر عليه فلا يلزمه الإجابة إلى ما فيه ضرر عليه واما المالك فلا يجبر على القسمة لو طلبها العامل لان الربح وقاية
لرأس ماله فله أن يقول لا ادفع إليك شيئا من الربح حتى تسلم إلي رأس المال إما إذا ارتفع القراض والمال ناض واقتسماه حصل الاستقرار وملك كل واحد
منهما ما حصل له بالقسمة ملكا مستقرا عليه وكذا لو كان قدر رأس المال ناضا فاخذه المالك واقتسما الباقي وهل يحصل الاستقرار بارتفاع العقد
وانضاض المال من غير قسمة الأقرب عندي ذلك لأن العقد قد ارتفع والوثوق بحصول رأس المال قد حصل وهو أصح وجهي الشافعية وفي الثاني لا يستقر الا
بالقسمة لان القسمة الباقية من تتمة عمل العامل وليس شيئا ولو كان بالمال عروض فان قلنا إن العامل يجبر على البيع والانضاض فلا استقرار لان العمل لم يتم وهو أظهر
وجهي الشافعية وان قلنا بعدم الاجبار فلهم وجهان كما لو كان المال ناضا مسألة لو اقتسما الربح بالتراضي قبل فسخ العقد لم يحصل الاستقرار بل لو
حصل خسران بعده كان على العامل جبره بما اخذ ولو قلنا إنه لا يملك الا بالقسمة فان له فيه حقا مؤكدا حتى لو مات وهناك ربح ظاهر انتقل إلى ورثته لأنه وان لم
يثبت له الملك لكن قد ثبت له حق التملك ويتقدم على الغرماء لتعلق حقه بالعين وله ان يمتنع عن العمل بعد ظهور الربح ويسعى في انضاض المال ليأخذ حقه
منه ولو أتلف المالك المال غرم حصته العامل وكان الاتلاف بمنزلة ما لو أسترد جميع المال فإنه يغرم حصة العامل فكذا إذا أتلفه ولو أتلف الأجنبي مال القراض
ضمن بدله وبقي القراض في بدله كما كان مسألة إذا اشترى العامل جارية للقراض لم يجز له وطؤها لأنها ملك لرب المال ان لم يكن هناك ربح وإن كان هناك ربح فهي مشتركة على
أحد القولين إذ له حق فيه وليس لاحد الشريكين وطؤ الجارية المشتركة فان وطيها العامل ولا ربح فيها وكان عالما حد ويؤخذ منه المهر بأسره ويجعل في مال
القراض لأنه ربما وقع خسران فيحتاج إلى الجبر ولو كان هناك ربح يحط منه بقدر حقه ويؤخذ بقدر نصيب المالك مع يساره وقومت عليه ان حملت منه وثبت لها حكم الاستيلاد ودفع إلى
المالك نصيبه منها ومن الولد ولو كان جاهلا فلا حد عليه هذا ان قلنا يملك بالظهور وان قلنا لا يملك الا بالقسمة لم تصر أم ولد لو استولدها فان اذن له
المالك في وطيها جاز ولا يجوز للمالك ان يطأها أيضا سواء كان هناك ربح أو لا لان حق العامل قد تعلق بها والوطؤ ينقصها إن كانت بكرا أو يعرضها للخروج
من المضاربة والتلف لأنه ربما يودي إلى احبالها فلو ظهر فيها ربح كانت مشتركة على أحد القولين فليس لأحدهما الوطؤ ولو لم يكن فيها ربح لم يكن أيضا للمالك
وطؤها لان انتفاء الربح في المتقومات غير معلوم وانما يتيقن الحال بالتنضيض للمال إما لو تيقن عدم الربح فالأقرب انه يجوز له الوطؤ قال بعض الشافعية
إذا تيقن عدم الربح أمكن تخريجه على أن العامل لو طلب بيعها وأباه المالك فهل له ذلك وفيه خلاف بينهم يأتي فان أجبناه فقد ثبت له علقة فيها فيحرم
الوطؤ بها وإذا قلنا بالتحريم ووطي فالأقرب انه لا يكون فسخا للقراض وهو أظهر وجهي الشافعية وعلى كل تقدير لا يلزمه الحد سواء ظهر ربح أو لا إما
مع عدم ظهور الربح فلانها ملك له خاصة واما مع ظهوره فلان الشبهة حاصلة إذ جماعة يقولون بأنه ليس للعامل فيها شئ الا بعد البيع وظهور الربح
والقسمة ولو وطيها وحملت صارت أم ولد لأنه وطي جارية في ملكه فصارت أم ولده والولد حر وتخرج من المضاربة ويحتسب قيمتها ويضاف إليه بقية المال
فإن كان فيه ربح فللعامل اخذ نصيبه منه تذنيب ليس للمالك ولا للعامل تزويج جارية القراض مستقلا عن صاحبه لان القراض لا يرتفع بالربح وهو
ينقص قيمتها فيتضرر كل واحد منهما فان اتفقا عليه جاز لان الحق لهما لا يعدوهما وذلك بخلاف أمة المأذون له في التجارة إذا أراد السيد تزويجها
فإنه ان لم يكن عليه دين جاز لان العبد لا حق له مع سيده فإن كان عليه دين لم يجز وان وافقه العبد لان حقوق الغرماء تعلقت بما في يده والمضاربة
لا حق فيها لغيرهما ولو أراد السيد ان يكاتب عبده للقراض لم يكن له الا برضى العامل البحث الخامس في الزيادة والنقصان مسألة إذا دفع
إلى غيره مال قراض ثم حصل فيه زيادة متصلة كما لو سمنت دابة القراض فان الزيادة تعد من مال القراض قطعا واما إن كانت منفصلة كثمرة
الشجرة المشتراة للقراض ونتاج البهيمة وكسب العبد والجارية وولد الأمة ومهرها إذا وطيت للشبهة فإنها مال القراض أيضا لأنها من فوايده وكذا
بدل منافع الدواب والأراضي سواء وجبت بتعدي المتعدى باستعمالها أو وجبت بإجارة تصدر من العامل فان للعامل الإجارة إذا رأى فيها المصلحة وهو
المشهور عند الشافعية وقال بعضهم بالتفصيل فإن كان في المال ربح وملكنا العامل حصته بالظهور كان الامر كما سبق من أنها من مال القراض وان
لم يكن فيها ربح أو لم تملكه فقد اختلفوا فقال بعضهم انها تعد من مال القراض كالزيادات المتصلة وأكثرهم قال إنها للمالك خاصة لأنها ليست من فوائد التجارة
243

ولا بأس به ثم اختلفوا فقال بعضهم انها محسوبة من الربح وقال بعضهم انها لا تعد من الربح خاصة ولا من رأس المال بل هي شايعة ولو وطي المالك السيد كان مستردا
مقدار العقر حتى يستقر نصيب العامل فيه ولهم وجه اخر انه إن كان في المال ربح وقلنا إن العامل يملك نصيبه بالظهور وجب نصيب العامل من
الربح والا لم يجب واستيلاد المالك جارية القراض كاعتاقها وإذا أوجبنا المهر بالوطي الخالي عن الأحبال فالظاهر الجمع بينه وبين القيمة مسألة
لو حصل في المال نقص بانخفاض السوق فهو خسران مجبور بالربح وكذا ان نقص المال بمرض حادث أو بعيب متجدد واما ان حصل نقص في العين بان
يتلف بعضه فان حصل بعد التصرف في المال بالبيع والشراء فالأقرب انه كذلك وأكثر الشافعية ان الاحتراق وغيره من الآفات السماوية خسران
مجبور بالربح أيضا واما التلف بالسرقة والغصب ففيه لهم وجهان وفرقوا بينهما بان في الغصب والسرقة يحصل الضمان على الغاصب والسارق وهو يجبر النقص
فلا حاجة إلى جبره بمال القراض وأكثرهم لم يفرقوا بينهما وسووا بين التلف بالآفة السماوية وغيرها فجعلوا في الوجهين النوعين أحدهما المنع لأنه نقصان
لا تعلق له بتصرف العامل وتجارته بخلاف النقصان الحاصل بانخفاض السوق وليس هو بناشئ من نفس المال الذي اشتراه العامل بخلاف المرض والعيب فلا
يجب على العامل جبره وكيف ما كان فالأصح عندهم انه مجبور بالربح وان حصل نقص العين بتلف بعضه قبل التصرف فيه بالبيع والشراء كما لو دفع إليه مائة
قراضا فتلف منها قبل الاشتغال خمسون فالأقرب انه من الربح أيضا يجبر به التالف لأنه تعين للقراض بالدفع وقبض العامل له فحينئذ يكون رأس المال مائة كما كان وهو أحد
قولي الشافعي وبه قال المزني والأظهر عندهم انه يتلف من رأس المال ويكون رأس المال الخمسين الباقية لأن العقد لم يتأكد بالعمل وليس بجيد إذ العمل فرع كون المال
مال قراض مسألة لو تلف المال باسره في يد العامل قبل دورانه في التجارة إما بآفة سماوية أو باتلاف المالك له انفسخت المضاربة لزوال المال الذي تعلق
العقد به فان اشتراه بعد ذلك للمضاربة كان لازما له والثمن عليه سواء علم بتلف المال قبل نقد الثمن أو جهل ذلك الا ان يجيز المالك الشراء فان أجاز
احتمل ان يكون قارضا كما لو لم يتلف المال وعدمه كما لو لم يأخذ شيئا من المال إما لو أتلف أجنبي قبل دورانه في التجارة وقبل تصرف العامل فيه فان العامل
يأخذ بدله ويكون القراض باقيا فيه لان القراض كما يتناول عين المال الذي دفعه المالك كذا يتناول بدله كأثمان السلع التي يبيعها العالم والمأخوذ
من الأجنبي عوض بدله وكذا لو أتلف بعضه ولو تعذر اخذ البدل من الأجنبي فالأقرب انه يجبر بالربح وهو أحد قولي الشافعية إذا عرفت هذا فان للعامل النزاع مع الأجنبي والمخاصمة له والمطالبة بالبدل والمحاكمة عليه وهو أحد
وجهي (بعض) الشافعية لان حفظ المال يقتضي ذلك ولا يتم الا بالخصومة والمطالبة خصوصا مع غيبة رب المال فإنه لو لم يطالبه العامل ضاع المال وتلف على المالك
وفي الوجه الثاني ليس له ذلك لان المضاربة عقد على التجارة فلا يندرج تحته الحكومة وليس بجيد لأنه من توابعها فعلى هذا لو ترك الخصومة والطلب مع غيبة
المالك ضمن لأنه فرط في تحصيله وإن كان حاضرا وعلم الحال لم يلزم العامل طلبه ولا يضمنه إذا تركه لان رب المال أولي بذلك من وكيله وفصل بعضهم فقال الخصم
المالك ان لم يكن في المال ربح وهما جميعا إن كان فيه ربح مسألة لو أتلف العامل مال القراض قبل التصرف فيه للتجارة احتمل ارتفاع القراض لأنه وان وجب
بدله عليه فإنه لا يدخل في ملك المالك الا ان يقبض منه فحينئذ يحتاج إلى استيناف القراض وبه قال الجويني وبقاء القراض في البدل كبقائه في أثمان المبيعات وفي بدله
لو أتلفه الأجنبي وعلى هذا التقدير يكون حكم البدل في كونه قراضا حكم المبدل المأخوذ من الأجنبي المتلف ولو كان مال القراض مأتين فاشترى بهما عبدين أو ثوبين
بكل مائة منهما عبدا أو ثوبا فتلف أحدهما فإنه يجبر التالف بالربح فيحسب المغروم من الربح لان العامل تصرف في رأس المال وليس له ان يأخذ شيئا من جهة الربح حتى
يرد ما تصرف فيه إلى المالك وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني البناء على تلف بعض العين قبل التصرف بان يقول لو تلف إحدى المأتين قبل التصرف جبرناها
بالربح فهنا أولي وان قلنا بتلف رأس المال فهنا كذلك لان العبدين بدل المأتين ولا عبرة بمجرد الشراء فإنها تهيئة محل التصرف والركن الأعظم في التجارة البيع لان ظهور
الربح منه يحصل والمعتمد ما قلناه مسألة لو اشترى عبدا للقراض فقتله قاتل فإن كان هناك ربح فالمالك والعامل غريمان مشتركان في طلب القصاص أو الدية
وليس لأحدهما التفرد بالجميع بل الحق لهما فان تراضيا على العفو على مال أو على القصاص جاز وان عفا أحدهما على غير شئ سقط حقه خاصة من القصاص والدية
وكان للاخر المطالبة بحقه منهما معا فان اخذ الدية فذاك وان طلب القصاص دفع الفاضل من المقتص منه واقتص وعند الشافعي يسقط حق القصاص بعفو
البعض دون الدية وليس بشئ وسيأتي وهذا بناء على ما اخترناه من أن العامل يملك بالظهور وان لم يكن هناك ربح فللمالك القصاص والعفو على غير مال وكذا
لو أوجبت الجناية المال ولا ربح كان العفو عنه مجانا ويرتفع القراض ولو اخذ المال أو صالح عن القصاص على مال بقي القراض فيه لأنه بدل مال القراض فإن كان بقدر
رأس المال أو دونه كان لرب المال وإن كان أكثر كان الفضل بينهما ولو كان هناك ربح وقلنا إن العامل لا يملك الا بالقسمة لم يكن للسيد القصاص بغير رضي العامل
لأنه وان لم يكن مالكا للربح فان حقه قد تعلق به فان اتفقا على القصاص كان لهما مسألة إذا اشترى العامل شيئا للقراض فتلف الثمن قبل دفعه إلى البايع
فإن كان بتفريط من العامل إما في عدم الحفظ أو في التأخير للدفع كان ضامنا ويكون القراض باقيا ويجب عليه الدفع إلى البايع فان تعذر كان حكمه بالنسبة
إلى صاحب المال ما سيأتي في عدم التفريط فنقول إذا تلف المال بغير تفريط من العامل فلا يخلو إما ان يكون الشراء بالعين أو في الذمة فإن كان قد اشترى بالعين بطل
البيع ووجب دفع المبيع إلى بايعه وارتفع القراض وإن كان الشراء في الذمة للقراض فإن كان بغير اذن المالك بطل الشراء ان أضاف إلى المالك أو إلى القراض لأنه
تصرف غير مأذون فيه ولا يلزم الثمن أحدهما بل يرد المبيع إلى بايعه وان لم يضف الشراء إلى المالك ولا إلى القراض بل اطلق ظاهرا حكم بالشراء للعامل
وكان الثمن لازما له وإن كان بإذن المالك وقع الشراء للقراض ووجب على المالك دفع عوض الثمن التالف ويكون العقد باقيا وهل يكون رأس المال مجموع التالف
والمدفوع ثانيا أم الثاني خاصة الأقوى ان المجموع رأس المال وبه قال أبو حنيفة ومحمد وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان رأس المال هو الثاني خاصة لان
التالف قد تلف قبل التصرف فيه فلم يكن من رأس المال كما لو تلف قبل الشراء وقال مالك ان المالك يتخير بين ان يدفع ألفا أخرى ويكون هو رأس المال دون
الأول وبين ان لا يدفع فيكون الشراء للعامل ويتخرج هذا القول وجها للشافعية على ما قالوه في مداينة العبد فيما إذا أسلم إلى عبده ألفا ليتجر فيه فاشترى في الذمة
شيئا ليصرفه إلى الثمن فتلف انه يتخير السيد بين ان يدفع إليه ألفا أخرى فيمضي العقد أو لا يدفع فيفسخ البايع العقد الا ان الفرق ان هنا يمكن صرف العقد إلى المباشر
إذا لم يخرج المعقود له ألفا اخر وهناك لا يمكن فيصار إلى الفسخ واعلم أن الشافعي قال لو قارض رجلا فاشترى ثوبا وقبض الثوب ثم جاء ليدفع المال فوجد المال قد
سرق فليس على صاحب المال شئ والسلعة للعامل وعليه ثمنها واختلف أصحابه هنا على طريقين منهم من قال انما أراد الشافعي إذا كانت الألف تلفت قبل الشراء
244

فاما إذا تلفت بعد الشراء كانت السلعة لرب المال ووجب عليه ثمنها والفرق بينهما انها إذا تلفت قبل الشراء فقد انفسخ القراض فإذا اشترى للقراض وقع الشراء
له ووجب الثمن عليه وإذا تلفت بعد الشراء فقد وقع الشراء للقراض وملكه رب المال وإذا تلف الثمن كان الثمن على مالكه يسلم إليه ألفا أخرى ليدفعها فان هلكت
أيضا سلم إليه أخرى وعلى هذا واختلفوا في رأس المال القراض منهم من قال إن الألفين الأولة والثانية تكونان رأس المال ومنهم من قال الثانية خاصة والأولى
انفسخ القراض فيها وقال ابن شريح ان الشراء يقع للعامل سواء تلف الألف قبل الشراء أو بعده وحمل الكلام الشافعي على عمومه وانما كان كذلك لأنها إذا تلفت
قبل الشراء فقد انفسخ القراض فان اشترى قبل تلفها فقد صح الشراء للقراض الا ان اذنه تناول الشراء بها أو بعدها في الثمن فإذا تعذر ذلك فقد حصل الشراء
على غير الوجه الذي اذن فيصير الشراء للعامل قال وهذا مثل ان يعقد الحج عن غيره فيصح الاحرام عنه فإذا أفسده الأجير صار عنه لأنه خالف في الاذن كذا هنا لا يقال
لو وكل وكيلا دفع إليه ألفا ليشتري له سلعة فاشتراها وقبل ان يدفع الثمن هلك في يده أليس يكون الشراء للموكل والألف عليه لأنا نقول قال ابن شريح في ذلك
وجهان أحدهما انه يلزم الوكيل كمسئلتنا والثاني انه يلزم الموكل والفرق بينهما انه اذن العامل في التصرف في الف واحدة على أنه لا يزيد عليها لان اذنه تناول المال
ولا يلزمه ان يزيد على ذلك وفي الوكالة تعلق اذنه بشراء العبد وقد اشتراه له وكان ثمنه عليه الفصل الرابع في التنازع مسألة لو ادعى
العامل التلف صدق باليمين وعدم البينة سواء أدعاه قبل دورانه في التجارة أو بعدها لأنه امين في المال كالمستودع والأصل فيه انه يتصرف في مال غيره
باذنه فكان أمينا كالوكيل ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان وفي الصحيح عن محمد بن مسلم انه سأل الباقر (ع)
عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أ على صاحبه ضمان قال ليس عليه غرم بعد ان يكون الرجل أمينا وبه قال الشافعي وفرق بين العامل وبين المستعير
حيث ذهب إلى أن المستعير ضامن بان المستعير قبضه لمنفعة نفسه خاصة بغير استحقاق وهنا معظم المنفعة لرب المال وفرق أيضا بين العامل وبين الأجير المشترك
فإنه عنده على أحد القولين ضامن لان المنفعة تعجلت له فكان قبضه للمال لمنفعة حصلت له وهنا لم يحصل له بالقبض منفعة معجلة فافترقا فإذا عرفت هذا
فان قوله مقبول في التلف سواء ادعى التلف بسبب ظاهر أو خفي أو لم يذكر سببا وسواء امكنه إقامة البينة على السبب أو لا وللشافعي تفصيل تقدم مثله في الوديعة
مسألة لو اختلف المالك والعامل في رد العامل وادعاه العامل وانكره المالك فالأقوى تقديم قول المالك وهو قول احمد واحد وجهي الشافعية لأنه قبض المال
لنفع نفسه فلم يقبل قوله في رده إلى المالك كالمستعير ولان صاحب المال منكر والعامل مدع فيقدم قول المنكر مع اليمين إذا لم يكن هناك بينة والوجه
الثاني لأصحاب الشافعي انه يقدم قول العامل مع اليمين لأنه امين ولان معظم النفع لرب المال والعامل كالمستودع ونمنع انه امين في المتنازع ولا ينفع في غيره
والفرق بينه وبين المستودع ظاهر فان المستودع لا نفع له في الوديعة البتة ونمنع ان معظم النفع لرب المال سلمنا لكن العامل لم يقبضه الا لنفع نفسه ولم يأخذه
لنفع رب المال مسألة لو اختلفا في الربح فالقول قول العامل مع يمينه وعدم البينة سواء اختلفا في أصله وحصوله بان ادعى المالك الربح وأنكر العامل وقال
ما ربحت شيئا أو في مقداره بان ادعى المالك انه ربح ألفا وادعى العامل انه ربح مائة لأنه امين وكذا لو قال
كنت ربحت كذا ثم خسرت وذهب الربح وادعى
المالك بقاءه في يده قدم قول العامل مع اليمين لأنه امين كما لو ادعى المستودع التلف وكما لو أدعاه العامل في أصل المال فكذا في ربحه ولأنه امين يقبل
قوله في التلف فيقبل في الخسارة كالوكيل وبه قال الشافعي وغيره واما لو قال العامل ربحت ألفا ثم قال غلطت في الحساب وانما الربح مائة أو نسيت انه لا ربح هنا
أو قال كذبت في الاخبار بالربح خوفا من انتزاع المال من يدي فأخبرت بذلك لم يقبل رجوعه لأنه أقر بحق عليه ثم رجع عنه فلم يقبل كسائر الأقارير وبه قال الشافعي
وقال مالك إن كان بين يديه موسم يتوقع فيه ربح قبل قوله له كذبت ليترك المال في يدي فأربح في الموسم بخلاف ما إذا قال خسرت بعد الربح الذي أخبرت عنه فإنه لا
يقبل كما لو ادعى عليه وديعة فقال له ما أودعت عندي شيئا ثم قامت البينة بالايداع فادعى التلف لم يقبل قوله إما لو قال ما تستحق علي شيئا ثم قامت البينة
بالايداع فادعى التلف كان القول قوله مع يمينه لأنه ليس فيه تكذيب لقوله الأول وكذا هنا هذا إذا كانت دعوى الخسران في موضع يحتمل بان عرض في الأسواق
كساد ولو لم يحتمل لم يقبل مسألة إذا اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح ثم اختلفا فقال صاحب المال اشتريته للقراض وقال العامل اشتريته لنفسي
قدم قول العامل مع اليمين وكذا لو ظهر خسران فاختلفا فادعى صاحب المال انه اشتراه لنفسه وادعى العامل انه اشتراه للقراض قدم قول العامل مع اليمين لان
الاختلاف هنا في نية العامل وهو ابصر بما نواه ولا يطلع على ذلك من البشر أحد سواه وانما يكون مال القراض بقصده ونيته وهو أحد قولي الشافعي لان في المسألة
الأولى المال في يد العامل فإذا ادعى ملكه فالقول قوله وقد ذكر الشافعي في الوكيل والموكل إذا اختلفا في بيع شئ أو شراء شئ فقال الموكل ما بعته أو قال ما اشتريته
وقال الوكيل بعت أو اشتريت قولان واختلف أصحابه فمنهم من قال هنا أيضا قولان يعني في المسألة الثانية التي ظهر فيها الخسران أحدهما ان القول قول رب المال
لان الأصل انه ما اشتراه لمال القراض والأصل عدم وقوعه للقراض كأحد القولين فيما إذا قال الوكيل بعت ما أمرتني ببيعه واشتريت ما أمرتني بشرائه فقال
الموكل لم تفعل والثاني القول قول الوكيل لأنه اعلم بما نواه ومنهم من قال هنا القول قول العامل قولا واحدا بخلاف مسألة الوكالة والفرق بينهما ان الموكل
والوكيل اختلفا في أصل البيع والشراء وهنا اتفقا على أنه اشتراه وانما اختلفا في صفة الشراء فكان القول قول من باشر الشراء ولو أقام المالك بينة في الصورة الثانية
ففي الحكم بها للشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه قد يشتري لنفسه بمال القراض متعديا يبطل البيع ولا يكون للقراض مسألة لو اختلفا في قدر حصة العامل
من الربح فقال المالك اشترطت لك الثلث وقال العامل بل النصف فالقول قول المالك مع يمينه وعدم البينة عند علمائنا وبه قال الثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي
وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لان المالك منكر لما أدعاه العامل من زيادة السدس والقول قول المنكر مع اليمين وقال الشافعي يتحالفان لأنهما اختلفا
في عوض العقد وصفته فأشبه اختلاف المتبايعين في قدر الثمن وكالاجارة فإذا حلفا فسخ العقد واختص الربح والخسران بالمالك وللعامل أجرة المثل عن
عمله كما لو كان القراض فاسدا وفيه وجه انها إن كانت أكثر من نصف الربح فليس له الا قدر النصف لأنه لا يدعي أكثر منه ولو حلف أحدهما ونكل الآخر حكم للحالف
بما أدعاه وعن أحمد رواية ثانية ان العامل إذا ادعى أجرة المثل وزيادة يتغابن الناس بمثلها فالقول قوله وان ادعى أكثر فيما وافق أجرة المثل والمعتمد ما قلناه لان المالك
منكر ولأنه اختلاف في فعله وهو ابصر به واعرف ولان الأصل تبعية الربح للمال فالقول قول من يدعيه وعلى من يدعي خلافه البينة مسألة لو اختلفا
في قدر رأس المال فقال المالك دفعت إليك الفين هي رأس المال وقال العامل بل دفعت إلي ألفا واحدة هي رأس المال قدم قول العامل مع اليمين قال
245

ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم ان القول قول العامل في قدر رأس المال كذلك قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي لان المالك يدعي عليه قبضا وهو
ينكره والقول قول المنكر والأصل عدم القبض الا فيما يقر به ولان المال في يد العامل وهو يدعيه لنفسه ربحا ورب المال يدعيه لنفسه فالقول قول صاحب
اليد ولا فرق عندنا بين ان يختلفا وهناك ربح أو لم يكن وهو أصح وجهي الشافعية ولهم وجه اخر ان الامر كذلك ان لم يكن هناك ربح وإن كان تحالفا
لان قدر الربح يتفاوت به فأشبه الاختلاف في القدر المشروط من الربح والحكم في الأصل ممنوع على ما تقدم مع أن الفرق ظاهر فان الاختلاف في القدر المشروط
من الربح اختلاف في كيفية العقد والاختلاف هنا اختلاف في القبض فيصدق فيه النافي كما لو اختلف المتبايعان في قبض الثمن فان المصدق البايع
مسألة لو كان العامل اثنين وشرط المالك لهما نصف الربح بينهما بالسوية وله النصف وتصرفا وأتجرا فنض المال ثلاثة آلاف ثم اختلفوا فقال رب
المال ان رأس المال الفان فصدقه أحد العاملين وكذبه الآخر وقال بل دفعت إلينا ألفا واحدة لزم المقر ما أقر به ثم يحلف المنكر لما بينا من تقديم قول العامل
في قدر رأس المال ويقضي للمنكر بموجب قوله فالربح بزعم المنكر الفان وقد استحق بيمينه منهما خمسمائة فيسلم إليه ويأخذ المالك من الباقي الفين عن رأس
المال لاتفاق المالك والمقر عليه يبقى خمسمائة تقسم بين المالك والمصدق أثلاثا لاتفاقهم على أن ما يأخذه المالك مثلا ما يأخذه كل واحد من العاملين
وما اخذه المنكر كالتالف منهما فيأخذ المالك ثلثي خمس مائة والمصدق ثلثها لان نصيب رب المال من الربح نصفه ونصيب المصدق الربح فيقسم بينهما على ثلاثة
أسهم وما اخذه الحالف كالتالف والتالف في المضاربة يحسب من الربح ولو كان الحاصل الفين لا غير فادعاها المالك رأس المال فصدقه أحدهما وكذبه الآخر وادعى ان
رأس المال الف والألف الأخرى ربح صدق المكذب بيمينه فإذا حلف اخذ ربعها مأتين وخمسين الزائدة على ما أقر به والباقي يأخذه المالك مسألة لو اختلفا
في جنس مال القراض فادعى المالك ان رأس المال كان دنانير وقال العامل بل دراهم فالقول قول العامل مع يمينه لما تقدم من أنه امين ولو اختلفا في أصل القراض مثل
ان يدفع إلى رجل مالا يتجر به فربح فقال المالك ان المال الذي في يدك كان قراضا والربح بيننا وقال التاجر بل كان قرضا على على ربحه كله لي فالقول قول المالك مع يمينه لأنه
ملكه والأصل تبعية الربح له فمدعي خلافه يفتقر إلى البينة ولأنه ملكه فالقول قوله في عدم خروجه عن يده فإذا حلف قسم الربح بينهما وقال بعض العامة يتحالفان ثم
ويكون للعامل أكثر الامرين مما شرط له أو اجرة مثله لأنه إن كان الأكثر الامرين؟ مما شرط له أو اجرة مثله لأنه إن كان الأكثر نصيبه من الربح فرب المال يعترف له به وهو يدعي
كله وإن كان اجرة مثله أكثر فالقول قوله مع يمينه في عمله كما أن القول قول رب المال في ماله فإذا حلف قبل قوله في أنه ما عمل بهذا الشرط وانما عمل لعوض لم يسلم له
فيكون له أجرة المثل ولو أقام كل منهما بينة بدعواه فالأقوى انه يحكم ببينة العامل لان القول قول المالك فيكون البينة بينة العامل وقال احمد انهما يتعارضان
ويقسم الربح بينهما نصفين ولو قال رب المال كان بضاعة فالربح كله لي وقال العامل كان قراضا فالأقرب انهما يتحالفان ويكون للعامل أقل الأمرين من نصيبه
من الربح أو اجرة مثله لأنه لا يدعي أكثر من نصيبه من الربح فلا يستحق زيادة عليه وإن كان الأقل اجرة مثله فلم يثبت كونه قراضا فيكون له اجرة عمله ويحتمل ان يكون
القول قول العامل لان عمله له فيكون القول قوله فيه ولو قال المالك كان بضاعة وقال العامل كان قرضا علي حلف كل منهما على انكار ما أدعاه خصمه وكان للعامل
اجرة عمله لا غير ولو خسر المال أو تلف فقال المالك كان قرضا وقال العامل كان قراضا أو بضاعة فالقول قول المالك كذا لو كان هناك ربح فادعى العامل القراض
والمالك الغصب فإنه يقدم قول المالك مع يمينه الفصل الخامس في التفاسخ واللواحق مسألة قد بينا ان القراض من العقود الجايزة من الطرفين
كالوكالة والشركة بل هو عينهما فإنه وكالة في الابتداء ثم قد يصير شركة في الأثناء فلكل واحد من المالك والعامل فسخه والخروج منه متى شاء ولا يحتاج فيه إلى حضور الآخر
ورضاه لان العامل يشتري ويبيع لرب المال باذنه فكان له فسخه كالوكالة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يعتبر الحضور كما ذكر في خيار الشرط والحكم في الأصل ممنوع
إذا ثبت هذا فان فسخا العقد أو أحدهما فإن كان قبل العمل عاد المالك في رأس المال ولم يكن للعامل ان يشتري بعده وإن كان قد عمل كان المال ناضا ولا
ربح فيه اخذه المالك أيضا وكان للعامل اجرة عمله إلى ذلك الوقت وإن كان فيه ربح اخذ رأس ماله وحصته من الربح واخذ العامل حصته منه وان لم يكن المال ناضا
فإن كان دينا بان باع نسية بإذن المالك فإن كان في المال ربح كان على العامل جبايته وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وان لم يكن هناك ربح قال الشيخ (ره) يجب على العامل
جبايته أيضا وبه قال الشافعي لان المضاربة يقتضي رد رأس المال على صفته والديون لا تجرى مجرى المال الناض فوجب عليه ان ينضه إذا امكنه كما لو كانت عروضا فإنه يجب
عليه بيعها والأصل فيه ان الدين ملك ناقص والذي اخذه كان ملكا تاما فليرد كما اخذ وقال أبو حنيفة إن كان في المال ربح كان عليه ان يجبيه وان لم يكن فيه ربح
لم يجب عليه ان يقتضيه لأنه إذا لم يكن فيه ربح لم يكن له عوض في العمل فصار كالوكيل والفرق ان الوكيل لا يلزمه بيع العروض والعامل يلزمه مسألة لو فسخ
المالك القراض والحاصل دراهم مكسرة وكان رأس المال صحاحا فان قدر على ابدالها بالصحاح وزنا أبدلها والا باعها بغير جنسها من النقد واشترى بها الصحاح
ويجوز ان يبيعها بعرض ويشري به الصحاح لأنه سعى في انضاض المال وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يجوز لأنه قد يتعوق عليه بيع العرض ولو كان رأس المال
دنانير والحاصل دراهم أو بالعكس أو كان رأس المال أحد النقدين والحاصل متاع فإن لم يكن هناك ربح فعلى العامل بيعه ان طلبه المالك وللعامل أيضا بيعه وان
كره المالك وبه قال الثوري والشافعي واحمد وإسحاق لان حق العامل في الربح لا يظهر الا بالبيع ولا يجب على المالك الصبر وتأخير البيع إلى موسم رواج المتاع وبه قال الشافعي
لان حق المالك معجل وقال مالك للعامل ان يؤخر البيع إلى الموسم ولو طلب المالك ان يأخذه بقيمته جاز وما يبقى بعد ذلك بينهما يتقاسمانه وان لم يطلب ذلك وطلب ان
يباع بجنس رأس المال لزم ذلك ويباع منه بقدر رأس المال ولا يجبر العامل على بيع الباقي ولو قال العامل قد تركت حقي منه فخذه على صفته ولا تكلفني البيع فالأقرب
انه لا يجبر المالك على القبول لان له طلب رد المال كما اخذه وفي الانضاض مشقة ومؤنة وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يجب على المالك القبول وقد اختلفت
الشافعية في مأخذ الوجهين هنا وفي كيفية خروجهما فقال بعضهم ان هذا مبني على الخلاف في أنه متى يملك العامل الربح ان قلنا بالظهور ولم يلزم المالك قبول ملكه
ولم يسقط به طلب البيع وان قلنا بالقسمة أجيب لأنه لم يبق له توقع فايدة فلا معنى لتكليفه تحمل مشقة وقال بعضهم بل هما مفرعان أولا على أن حق العامل هل يسقط
بالترك والاسقاط وهو مبني على أن الربح متى يملك ان قلنا بالظهور ولم يسقط كسائر المملوكات وان قلنا بالقسمة سقط على أصح الوجهين لأنه ملك ان يملك فكان
له العفو والاسقاط كالشفعة فان قلنا لا يسقط حقه بالترك لم يسقط بتركة المطالبة بالبيع وإذا قلنا يسقط ففيه خلاف سيأتي في أنه هل يكلف البيع إذا لم يكن في
المال ربح ولو قال المالك لا تبع وتقتسم العروض بتقويم عدلين أو قال أعطيك نصيبك من الربح ناضا فالأقوى ان للعامل الامتناع لأنه قد يجد زبونا يشتريه بأكثر
246

من قيمته وللشافعية وجهان بناهما قوم منهم على أن الربح متى يملك ان قلنا بالظهور فله البيع وان قلنا بالقسمة فلا لوصوله إلى حقه بما يقوله المالك وقطع بعضهم
على الثاني وقال إذا غرس المستعير في ارض العارية كان للمعير ان يتملكه بالقيمة لان الضرر مندفع عنه بأخذ القيمة فهنا أولي والأصل ممنوع ثم اختلفوا فالذي
قطع به محققوهم ان الذي يلزمه بيعه وانضاضه قدر رأس المال خاصة إما الزايد فحكمه حكم عرض اخر يشترك فيه اثنان لا يكلف واحد منهما بيعه لأنه في الحقيقة مشترك
بين المالك والعامل ولا يلزم الشريك ان ينض مال شريكه ولان الواجب عليه ان ينض رأس المال ليرد عليه رأس ماله على صفته ولا يوجد هذا المعنى في الربح وإذا باع
بطلب المالك أو بدونه باع بنقد البلد إن كان من جنس رأس المال ولو لم يكن من جنسه باعه بما يرى من المصلحة إما برأس المال أو بنقد البلد فان اقتضت بيعه بنقد
البلد باعه به وحصل به رأس المال مسألة لو لم يكن في المال ربح ففي وجوب البيع على العامل وانضاض المال لو كلفه المالك اشكال ينشأ من أن غرض البيع
ان يظهر الربح ليصل العامل إلى حقه منه فإذا لم يكن ربح وارتفع العقد لم يحسن تكليفه تبعا بلا فايدة ومن أن العامل في عهدة ان يرد المال كما اخذه لئلا يلزم المالك
في رده إلى ما كان مؤنة وكلفة وللشافعية وجهان كهذين وهل للعامل البيع لو رضي المالك بامساك المتاع اشكال ينشأ من أنه قد يجد زبونا يشتريه بزيادة فيحصل
له ربح ما ومن أن المالك قد كفاه مؤنة البيع وهو شغل لا فايدة فيه وللشافعية وجهان والثاني عندي أقوى لان المضارب انما يستحق الربح إلى حين الفسخ وحصول راغب
يزيد انما حصل بعد فسخ العقد فلا يستحقها العامل وقال بعضهم ان العامل ليس له البيع بما يساويه بعد الفسخ قطعا وله ان يبيع بأكثر مما يساويه عند الظفر بزبون
وتردد بعضهم في ذلك لأن هذه الزيادة ليست ربحا في الحقيقة وانما هو رزق يساق إلى مالك العروض وعلى القول بأنه ليس للعامل البيع إذا أراد المالك امساك
العروض أو اتفقا على اخذ المالك العروض ثم ظهر ربح بارتفاع السوق فهل للعامل نصيبه فيه لحصوله بكسبه
أو لا لظهوره بعد الفسخ الأقوى الثاني وهو أظهر وجهي
الشافعية مسألة يرتفع القراض بقول المالك فسخت القراض ورفعته وأبطلته وما أدي هذا المعنى وبقوله للعامل لا تتصرف بعد هذا أو قد أزلت يدك
عنه أو أبطلت حكمك فيه وباسترجاع المال من العامل لقصد رفع القراض ولو باع المالك ما اشتراه العامل للقراض فان قصد بذلك اعانة العامل لم يرتفع وان
قصد رفع حكم العامل فيه ارتفع كما أن الموكل لو باع ما وكل في بيعه فان الوكيل ينعزل كذا العامل هنا لأنه في الحقيقة وكيل خاص ولو لم يقصد شيئا منهما احتمل حمله
على الأول وعلى الثاني وللشافعية وجهان ولو حبس العامل ومنعه من التصرف أو قال لا قراض بيننا فالأقرب الانعزال مسألة القراض من العقود الجايزة
يبطل بموت المالك أو العامل أو جنون أحدهما أو اغمائه أو الحجر عليه للسفه لأنه متصرف في مال غيره باذنه فهو كالوكيل ولا فرق بين ما قبل التصرف وبعده فإذا مات
المالك فإن كان المال ناضا لا ربح فيه اخذه الوارث وإن كان فيه ربح اقتسماه وتقدم حصة العامل على جميع الغرماء ولم يأخذ شيئا من نصيبه لأنه يملك الربح
بالظهور فكان شريكا للمالك وليس لرب المال شيئا من نصيبه فهو كالشريك ولان حقه متعلق بعين المال دون الذمة فكان مقدما كحق الجناية ولأنه متعلق
بالمال قبل الموت فكان أسبق كحق الرهن وإن كان المال عرضا فالمطالبة بالبيع والتنضيض كما في حالة ظهور الفسخ في حياتهما وللعامل البيع هنا حيث كان له البيع هناك
ولا يحتاج إلى اذن الوارث اكتفاء بإذن من يتلقى الوارث الملك منه بخلاف ما إذا مات العامل حيث لا يتمكن وارثه من البيع دون اذن المالك لأنه لم يرض بتصرفه
وللشافعية وجه اخر ان العامل أيضا لا يبيع الا بإذن وارث المالك والمشهور عندهم الأول ولا بأس بالثاني ويجري الخلاف في استيفائه الديون بغير اذن الوارث
إما لو أراد العامل الشراء فإنه ممنوع منه لان القراض قد بطل بموت المالك مسألة إذا مات المالك وأراد هو والوارث الاستمرار على العقد فإن كان المال
ناضا لم يكن لهما ذلك الا بتجديد عقد واستيناف شرط بينهما سواء وقع العقد قبل القسمة أو بعدها وسواء كان هناك ربح أو لا لجواز القراض على المشاع
ويكون رأس المال وحصته من الربح رأس المال وحصة العامل من الربح شركة له مشاع كما لو كان رأس المال مائة والربح مأتين وجدد الوارث العقد على النصف
فرأس مال الوارث مائتان من ثلاثمائة والمائة الباقية للعامل فعند القسمة يأخذها وقسطها من الربح ويأخذ الوارث مأتين ويقتسمان ما بقي وهذه
الإشاعة لا تمنع القراض عندنا وعند العامة إما عندنا فلجواز القراض بالمشاع واما عندهم فلان الشريك هو العامل وذلك لا يمنع التصرف وكذلك يجوز
القراض مع الشريك بشرط ان لا يشاركه في اليد عندهم ويكون للعامل ربح نصيبه خاصة ويتضاربان في ربح نصيب الآخر إذا ثبت هذا فإنه لا بد فيه من عقد صالح
للقراض بألفاظه المشتركة لأنه عقد مبتداء وليس هو تقرير العقد ماض لأن العقد الماضي قد ارتفع فلا بد من لفظ صالح للابتداء والتقرير يشعر بالاستدامة
فلا ينعقد بلفظ الترك والتقرير بان يقول الوارث أو وليه تركتك أو أقررتك على ما كنت عليه وهو أحد قولي الشافعية لأن هذه العقود لا تنعقد بالكنايات
والثاني وهو الاظهر عند الجويني انه ينعقد بالترك والتقرير لفهم المعنى وقد يستعمل التقرير لانشاء عقد على موجب العقد السابق وإن كان المال عروضا
لم يصح تقرير الوارث عليه وبطل القراض عندنا وارتفع وهو أظهر وجهي الشافعية واحدى الروايتين عن أحمد لارتفاع القراض الأول بموت المالك فلو وجد
قراض اخر لكان عقدا مستأنفا فيرد على العروض وهو باطل والثاني انه يجوز تقرير الوارث عليه لأنه استصحاب قراض فيظهر فيه جنس المال وقدره فيجريان على
موجبه وهذا الوجه هو منصوص الشافعي والرواية الثانية عن أحمد ان القراض انما منع منه في العروض لأنه يحتاج عند المفاضلة إلى رد مثلها أو قيمتها ويختلف
ذلك باختلاف الأوقات وهذا غير موجود هنا لان رأس المال غير العروض وحكمه باق فان للعامل ان يبيعه ليسلم رأس المال ويقسم لا باقي وهو غلط لان المظنة
لا يناط الحكم بها بل بالوصف الضابط لها ولا ريب في أن هذا ابتداء قراض ولهذا لو كان المال ناضا كان ابتداء قراض اجماعا وكانت حصة العامل من الربح شركة
لا يختص بربحها ويضارب في الباقي وليس لرب المال في حصة العامل شركة في ربحها ولو كان المال ناقصا بخسارة أو تلف كان رأس المال الموجود منه حال ابتداء القراض
فلو جاز ابتداء القراض هنا وبناؤها على القراض الأول لصارت حصة العامل من الربح غير مختصة وحصتها من الربح مشتركة بينهما وحسب عليه العروض
بأكثر من قيمتها فيما إذا كان المال ناقصا وهذا لا يجوز في القراض بلا خلاف ويلزم أيضا ان يصير بعض رأس المال ربحا وذهاب بعض الربح في رأس المال
مسألة لو مات العامل فإن كان المال ناضا ولا ربح اخذه المالك وإن كان فيه ربح اخذ المالك المال وحصته من الربح ودفع إلى الوارث حصته ولو كان
متاع واحتيج إلى البيع والتنضيض فان اذن المالك لوارث العامل فيه جاز والا تولاه شخص ينصبه الحاكم ولا يجوز تقرير الوارث على القراض لأنه لا يصح
القراض على العروض والقراض الأول قد بطل بموت العامل أو جنونه وبه قال الشافعية ولا يخرج على الوجهين المذكورين عندهم في موت المالك حيث
قالوا هناك انه يجوز في أحد الوجهين تقرير العامل على القراض لان الفرق واقع بين موت المالك وموت العامل لان ركن القراض من جانب العامل
247

عمله وقد فات بوفاته ومن جانب المالك المال وهو باق بعينه انتقل إلى الوارث ولان العامل هو الذي اشترى العروض والظاهر أنه لا يشتري الا ما يسهل عليه
بيعه وترويجه وهذا المعنى لا يؤثر فيه موت المالك وإذا مات العامل فربما كانت العروض كلا على وارثه لأنه لم يشترها ولم يخترها وعند احمد انه يجوز القراض بالعروض
فيجوز هنا في كل موضع يجوز ابتداء القراض فيه بالعروض بان يقوم العروض ويجعل رأس المال قيمتها يوم العقد ولو كان المال ناضا وقت موت العامل
جاز ان يبتدي المالك القراض مع وارثه بعقد جديد ولا يصح بلفظ التقرير وللشافعية الوجهان السابقان فإن لم يرض لم يجز للوارث شراء ولا بيع إذا عرفت
هذا فالوجهان المذكوران في التقرير للشافعية كالوجهين في أن الوصية بالزايد على الثلث إذا جعلناها ابتداء عطية هل تنفذ بلفظ الإجازة ويجريان أيضا فيما إذا
انفسخ البيع الجاري بينهما ثم أرادا اعادته فقال البايع قررتك على موجب العقد الأول وقبل صاحبه وفي مثله من النكاح لا يعتبر ذلك عندهم وللجويني احتمال
فيه لجريان لفظ النكاح مع التقرير مسألة إذا مات العامل وعنده مال مضاربة لجماعة متعددين فان علم مال أحدهم بعينه كان أحق به وان جهل كانوا
فيه سواء وان جهل كونه مضاربة قضى به ميراثا ولو سمى الميت واحدا بعينه قضى له به وان لم يذكر كان أسوة الغرماء لما رواه السكوني عن الصادق (ع) عن الباقر
عن ابائه عن علي عليهما السلام انه كان يقول من يموت وعنده مال مضاربة فان سماه بعينه قبل موته فقال هذا لفلان فهو له وان مات ولم يذكر فهو أسوة الغرماء
مسألة إذا أسترد المالك بعض المال من العامل بعد دورانه في التجارة ولم يكن هناك ربح ولا خسران رجع رأس المال إلى القدر الباقي وارتفع القراض في القدر
الذي أخذه المالك وإن كان بعد ظهور ربح في المال المسترد شايع ربحا وخسران على النسبة الحاصلة من جملتي الربح ورأس المال ويستقر ملك العامل على ما يخصه
بحسب الشرط مما هو ربح منه فلا يسقط بالنقصان الحادث بعده وإن كان الاسترداد بعد ظهور الخسران كان الخسران موزعا على المسترد والباقي فلا يلزم جبر حصة
المسترد من الخسران كما لو أسترد الكل بعد الخسران لم يلزم العامل شئ ويصير رأس المال الباقي بعد المسترد وحصته من الخسران مثال الاسترداد بعد الربح لو كان
رأس المال مائة وربح عشرين ثم أسترد المالك عشرين فالربح سدس المال فالمأخوذ يكون سدسه ربحا ثلثه وثلث ويستقر مالك العامل على نصفه إذا
كان الشرط المناصفة وهو واحد وثلثا واحد ويبقى رأس المال ثلاثة ثمانين وثلثا لان المأخوذ سدس المال فينقص سدس رأس المال وهو ستة عشر
وثلثان وحظها من الربح ثلاثة وثلث فيستقر مالك العامل على درهم وثلثين حتى لو انخفضت السوق وعاد ما في يده إلى ثمانين لم يكن للمالك ان يأخذ الكل
ويقول كان رأس المال مائة وقد أخذت عشرين أضم إليها هذه الثمانين لتتم إلى المائة بل يأخذ العامل من الثمانين واحدا وثلثي واحد ويرد الباقي وهو ثمانية
وسبعون وثلث واحد ومثال الاسترداد بعد الخسران كان رأس المال مائة وخسر عشرين ثن أسترد المالك عشرين فالخسران موزع على المسترد والباقي يكون حصة
المسترد خمسة لا يلزمه جبرها حتى لو ربح بعد ذلك فبلغ المال ثمانين لم يكن للمالك اخذ الكل بل يكون رأس المال خمسة وسبعين والخمسة الزايدة تقسم بينهما
نصفين فيحصل للمالك من الثمانين سبعة وسبعون ونصف ولو كان رأس المال مائة فخسر عشرة ثم اخذ المالك عشرة ثم عمل الساعي فربح فرأس المال ثمانية
وثمانون وثمانية اتساع لان المأخوذ محسوب من رأس المال فهو كالموجود والمال في تقرير تسعين فإذا بسط الخسران وهو عشرة على تسعين أصاب العشرة المأخوذة
دينار وتسع دينار فيوضع ذلك من رأس المال وان اخذ نصف التسعين الباقية بقي رأس المال خمسين لأنه أخذ نصف المال فسقط نصف الخسران وان أخذ خمسين بقي
أربعة وأربعون وأربعة أتساع ولو كان رأس المال مائة فربح عشرين ثم أخذ المالك ستين بقي رأس المال خمسين لأنه اخذ نصف المال فبقى نصفه وان أخذ خمسة
بقى رأس المال ثمانية وخمسين وثلثا لأنه أخذ ربع المال وسدسه فبقى ثلاثة وربعه فان اخذ منه ستين ثم خسر فصار معه أربعون فردها كان له على المالك خمسة لان
الذي أخذه المالك قد انفسخت فيه المضاربة فلا يجبر ربحه خسران الباقي لمفارقته إياه وقد اخذ من الربح عشرة لان سدس ما اخذه ربح ولو رد منها عشرين لا غير
بقى رأس المال خمسة وعشرين مسألة حكم القراض الفاسد استحقاق المالك جميع الربح لان المال له ونماؤه تابع والعامل انما يستحق شيئا من الربح بالشرط
فإذا بطل الشرط لم يستحق العامل شيئا ويجب للعامل أجرة المثل سواء كان في المال ربح أو لم يكن ولا يستحق العامل قراض المثل بل أجرة المثل عندنا وعند الشافعي
لان عمل العامل انما كان في مقابلة المسمى فإذا لم تصح التسمية وجب رد عمله عليه وذلك يوجب له أجرة المثل كما إذا اشترى شيئا شراء فاسدا وقبضه وتلف فإنه يجب
عليه قيمته وقال مالك يجب للعامل قارض المثل يعني انه يجب ما يقارضه به مثله لان شبهة كل عقد فاسده مردود إلى صحيحه وفي صحيحه لا يستحق شيئا من الخسران
وكذلك في الفاسد والصحيح يستحق فيه المسمى سواء كانت اجرته دونه أو أكثر والتسمية انما هي من الربح وفي مسئلتنا بطلت التسمية وانما تجب له الأجرة وذلك
لا يختص بالربح فافترقا فبطل القياس إذا عرفت هذا فان القراض الفاسد له حكم اخر وهو صحة تصرف العامل ونفوذه لأنه اذن له فيه فوقع بمجرد اذنه إن كان
العقد فاسدا كما لو وكله وكالة فاسدة وتصرف فإنه يصح تصرفه لا يقال أليس إذا باع بيعا فاسدا وتصرف المشتري لم ينفذ لأنا نقول الفرق ظاهر لان تصرف المشتري انما
لم ينفذ لأنه يتصرف من جهة الملك ولم يحصل له وكذلك إذا اذن له البايع أيضا لان اذنه كان على أنه ملك المأذون فيه فإذا لم يملك لم يصح وهنا اذن له في التصرف
في ملك نفسه وما شرطه من الشروط الفاسدة فلم يكن مشروطا في مقابلة الاذن لأنه اذن في تصرف يقع له فما شرطه لا يكون في مقابلته مسألة لو دفع إليه مالا
قراضا وقال اشتر به هرويا أو مرويا بالنصف قال الشافعي يفسد القراض واختلف أصحابه في تعليله فمنهم من قال انما فسد لأنه قال بالنصف ولم يبين لمن النصف
ويحتمل ان يكون شرط النصف لرب المال وإذا ذكر في القراض نصيب رب المال ولم يذكر نصيب العامل كان القراض فاسدا وليس بشئ لان الشرط إذا اطلق
انصرف إلى نصيب العامل لان رب المال يستحق الربح بالمال ولا يحتاج إلى شرط كما لا يحتاج في شركة العنان إلى شرط الربح فإذا شرط كان الظاهر أنه شرط ذلك للعامل
وقال بعضهم انما فسد لأنه اذن له في الشراء دون البيع وفيه نظر لأن اطلاق المضاربة يقتضي تسويغ التصرف للعامل بيعا وشراء والتنصيص على الاذن في شراء
جنس لا يقتضي عدم الإذن في البيع فيبقى على الاطلاق وقال بعضهم انه يفسد للتعيين وليس بشئ وقال آخرون انما يفسد لأنه لم يعين أحد الجنسين وليس
بشئ لأنه يجوز ان يخيره بما يشتريه والمعتمد صحة القراض مسألة لا يجوز للعامل ان يبيع الخمر ولا يشتريه وكذا الخنزير وأم الولد سواء كان العامل مسلما
أو نصرانيا إذا كان رب المال مسلما أو كان العامل مسلما ولو كانا ذميين جاز وبه قال الشافعي لأنه وكيل المالك ولا يدخل ذلك في ملك المالك فيكون منهيا
عنه لما فيه من خروج الملك عن ملكه وقال أبو حنيفة إذا كان العامل نصرانيا فباع الخمر أو اشتراها صح ذلك وقال أبو يوسف ومحمد يصح منه الشراء ولا يصح منه
البيع وفرقوا بينهما بان الوكيل يدخل ما يشتريه أولا في ملكه فإذا باع ملك غيره لم يدخل في ملكه وكان العامل كان في يده عصيرا فصار خمرا فيكون ذلك لرب المال
248

ولا يكون بيعه الا من جهته ولا يصح من المسلم بيع الخمر إذا عرفت هذا فلو خالف العامل واشترى خمرا أو خنزيرا أو أم ولد دفع المال في ثمنه فإن كان عالما كان
ضامنا لان رب المال لا يملك ذلك فكأنه قد دفع ثمنه بغير عوض فكان ضامنا وإن كان جاهلا فكذلك وهو الأشهر للشافعية لان حكم الضمان لا يختلف
بالعلم والجهل وقال القفال من الشافعية يضمن في الخمر دون أم الولد لأنه ليس لها امارة يعرف بها وقال بعضهم
لا يضمن فيهما وقال آخرون لا يضمن في العلم أيضا
لأنه اشترى ما طلب فيه الفصل بحسب رأيه وهو خطأ لان رب المال لا يملك ذلك فلا يجوز له دفع المال في عوضه مسألة قد بينا انه إذا قال للعامل
قارضتك على أن يكون لك شركة في الربح أو شركة فإنه لا يصح لأنه لم يعين مقدار حصة العامل وبه قال الشافعي وقال محمد بن الحسن انه إذا قال شركة صح وإذا
قال مشترك لم يصح وقال أصحاب مالك يصح ويكون له مضاربة المثل وقد بينا غلطهم ولو قال خذه قراضا على النصف أو الثلث أو غير ذلك صح وكان ذلك تقديرا
لنصيب العامل قضية للظاهر من أن الشرط للعامل لان المالك يستحقه بماله والعامل يستحقه بالعمل والعمل يكثر ويقل وانما يتقدر حصته بالشرط فكان
الشرط له فان اختلفا فقال العامل شرطته لي وقال المالك شرطت ذلك لنفسي قدم قول العامل لأن الظاهر معه مسألة لو دفع إليه الفين قراضا فتلف
أحدهما قبل التصرف فقد قلنا إن الأقرب احتساب التالف من الربح وقال الشافعي يكون من رأس المال فإن كان التلف بعد ان باع واشترى فالتلف من الربح
قولا واحدا ولو اشترى بالألفين عبدين فتلف أحدهما فللشافعية وجهان أنه يكون من الربح لأنه تلف بعد ان رد المال في التجارة والثاني يكون من
رأس المال لان العبد التالف بدل أحد الألفين فكان تلفه كتلفها قال أبو حامد هذا خلاف مذهب الشافعي لان المزني نقل عنه انه إذا ذهب بعض المال
قبل ان يعمل ثم عمل فربح وأراد ان يجعل البقية رأس المال بعد الذي هلك فلا يقبل قوله ويوفي رأس المال من ربحه حتى إذا أوفاه اقتسما الربح على شرطهما لان
المال انما يصير قراضا في يد العامل بالقبض فلا فرق بين ان يهلك قبل التصرف أو بعده فيجب ان يحتسب من الربح وهذا كما اخترناه نحن مسألة لو دفع المالك
إلى العامل مالا قراضا ثم دفع إليه مالا اخر قراضا فإن كان بعد تصرف العامل في الأول بالبيع والشراء كانا قراضين والا كانا واحدا فلو دفع إليه ألفا قراضا
فأدارها العامل في التجارة بيعا وشراء ثم دفع إليه ألفا أخرى قراضا تعدد القراضان على معنى ان ربح كل واحدة منهما لا يجبر خسران الأخرى بل يختص
كل منهما بربحها وخسرانها وجبر خسرانها من ربحها خاصة فان قال المالك ضم الثانية إلى الأولى بعد ان اشتغل العامل بالتجارة لم يصح القراض الثاني
لان ربح الأول قد استقر فكان ربحه وخسرانه مختصا به فإذا شرط ضم الثانية إليه اقتضى ان يجبر به خسران الأولى إن كان فيه خسران ويجبر خسران الثانية
بربح الأولى وهو غير جايز لان لكل واحد من العقدين حكما منفردا فإذا شرط في الثاني ما لا يصح فسد وإن كان قبل ان يتصرف في الأولى وقال له ضم
الثانية إلى الأولى جاز وكان قراضا واحدا ولو كان المال الأول قد نض وقال له المالك ضم الثانية إليه جاز وبه قال الشافعي لأنه قد امن فيه المعنى
الذي ذكرناه وصار كأنه لم يتصرف ولما رواه محمد بن عذافر عن أبيه قال اعطى الصادق (ع) أبي ألفا وسبع مائة دينار فقال له أتجر بها ثم قال
إما انه ليس في رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوبا فيه ولكن أحببت ان يراني الله تعالى متعرضا (لفوائده) لعوايده قال فربحت فيها مائة دينار ثم لقيته فقلت قد ربحت
لك فيها مائة دينار قال ففرح الصادق (ع) بذلك فرحا شديدا ثم قال لي أثبتها لي في رأس مالي إذا عرفت هذا فإنه إذا دفع إليه ألفا قراضا ثم دفع
إليه ألفا أخرى قراضا ولم يأمره بضم إحديهما إلى الأخرى بل جعل الألف الأولى قراضا بعقد ثم دفع إليه الثانية قراضا بعقد اخر لم يجز له ضم الثانية إلى
الأولى ومزجها بها لأنهما قراضان بعقدين على مالين فلا يجوز مزجهما الا بإذن المالك كما لو قارضه اثنان بمالين منفردين فان ضم أحدهما إلى الأخرى
ومزجهما ضمن وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وقال إسحاق يجوز ضم الثانية إلى الأولى إذا لم يتصرف في الأولى وكذا لو ضم مال أحد المالكين إلى مال
الآخر ومزجه به ضمن الا ان يأذن كل واحد منهما ولا يكفي اذن الواحد في عدم ضمان مال الآخر بل في مال الاذن خاصة مسألة إذا دفع إليه ألفا قراضا
وقال له أضف إليها ألفا أخرى من عندك ويكون الربح لك منه الثلثان ولي الثلث أو قال لك الثلث ولي الثلثان فالأقرب عندنا الصحة للأصل وقال
الشافعي لا يصح لأنه ان شرط لنفسه الأكثر فقد فسد لتساويهما في المال وذلك يقتضي تساويهما في الربح فإذا شرط عليه العمل ونصيبه من الربح كان باطلا
وان شرط للعامل الأكثر فسد أيضا لان الشركة إذا وقعت على مال كان الربح تابعا له دون العمل فتكون الشركة فاسدة ويكون هذا قراضا فاسدا لأنه
عقد بلفظ القراض ولو كان قد دفع إليه الفين وقال له أضف إليهما ألفا من عندك فتكون الألف بيننا مشتركة والألف الأخرى قارضتك عليها
بالنصف جاز عنده أيضا لان أكثر ما فيه ان مال القراض مشاع والاشاعة إذ لم يمنع التصرف لم يمنع الصحة وقال أصحاب مالك لا يجوز ان يضم إلى القراض
الشركة لأنه لا يجوز ان يضم إليه عقد اجارة فلا يجوز ان يضم إليه عقد شركة والأصل ممنوع ولان أحد العقدين إذا لم يجعلاه شرطا في الآخر لم يمنع
من جمعهما كما لو كان المال متميزا والإجارة إن كانت متعلقة بزمان نافت القراض لأنه يمنعه من التصرف وإن كانت متعلقة بالذمة جاز ولو دفع إليه
ألفا قراضا فخلطها بألف له بحيث لا يتميز فقد تعدى بذلك فصار ضامنا كالمودع إذا مزج الوديعة بغيرها من ماله أو غير ماله ولأنه صيره بمنزلة التالف
مسألة إذا دفع إليه مالا قراضا وشرط عليه ان ينقل المال إلى موضع كذا ويشتري من أمتعته ثم يبيعها هناك أو يردها إلى موضع القراض جاز
ذلك للأصل بل لو خالف ضمن لما رواه الكناني عن الصادق (ع) قال سألته عن المضاربة يعطي الرجل المال يخرج به إلى الأرض ونهى ان يخرج به إلى ارض
غيرها فعصى فخرج إلى ارض أخرى فعطب المال فقال هو ضامن فان سلم فربح فالربح بينهما وقال أكثر الشافعية يفسد القراض لان نقل المال من قطر إلى
قطر عمل زايد على التجارة فأشبه شرط الطحن والخبز ويخالف ما إذا اذن له في السفر فان الغرض منه رفع الحرج وقال جماعة من محققيهم ان شرط المسافرة لا يضر
فإنها الركن الأعظم في الأموال والبضايع الخطيرة والأصل عندنا ممنوع ولو قال خذ هذه الدراهم قراضا وصارف بها مع الصيارفة لم يجز له ان
يصارف مع غيرهم لأنه قد خالف ما عينه له وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يصح لان الغرض من مثله ان يصرفه صرفا لا أقوام بأعيانهم مسألة
لو دفع إليه زيد مالا قراضا ودفع إليه عمرو كذلك فاشترى بكل واحد من المالين عبدا ثم اشتبها عليه بيع العبدان وبسط الثمن بينهما على النسبة ولو
ربح فعلى ما شرطاه له فان اتفق خسران فإن كان لتقصيره ضمن وإن كان لانخفاض السوق لم يضمن لان غايته ان يكون كالغاصب والغاصب لا يضمن نقصان
السوق وهو أحد قولي الشافعية لان قضية المال الممتزج هذا ولما رواه إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) أنه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في
249

ثوب واخر عشرين درهما في ثوب فبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ولا هذا ثوبه قال يباع الثوبان فيعطى صاحب الثلثين ثلثه أخماس الثمن والاخر خمسي
الثمن قال قلت فإن كان صاحب العشرين قال لصاحب الثلثين اختر أيهما شئت قال قد انصفه وللشافعية قول بان شراء العبدين ينقلب إلى العامل ويغرم لهما
للتفريط حيث لم يفردهما حتى تولد الاشتباه ثم المغروم عند الأكثرين الألفان وقال بعضهم يغرم قيمة العبدين وقد يزيد على الألفين ولهم قول غريب ثالث انه
يبقى العبدان على الاشكال إلى أن يصطلحا مسألة إذا تعدى المضارب وفعل ما ليس له فعله أو اشترى شيئا نهاه المالك عن شرائه ضمن المال في قول أكثر
أهل العلم روى ذلك عن أهل البيت عليهم السلام وبه قال أبو هريرة وحكيم بن حزام وأبو قلابه ونافع وأياس والشعبي والنخعي والحكم ومالك والشافعي واحمد وإسحاق وأصحاب
الرأي وروى العامة عن علي (ع) انه لا ضمان على من شورك في الربح ونحوه عن الحسن والزهري والمعتمد الأول والرواية عن أمير المؤمنين (ع) نحن نقول
بموجبها فإنه لا ضمان بدون التفريط والأصل فيه انه قد تصرف في مال غيره بدون اذنه فلزمه الضمان كالغاصب وقد تقدم انه يشارك في الربح إذا عرفت هذا
فلو اشترى شيئا نهاه المالك عن شرائه فربح فالربح على الشرط وبه قال مالك لما تقدم من الرواية عن أهل البيت عليهم السلام ولأنه تعد فلا يمنع كون الربح له لكون الربح لهما على
ما شرطاه كما لو لبس الثوب وركب دابة ليس له ركوبها وقال احمد الربح باسره لرب المال وعن أحمد رواية أخرى انهما يتصدقان بالربح على سبيل الورع وهو لرب المال في
القضاء لان عروة بن لبيد البارقي قال عرض للنبي (ص) جلب فأعطاني دينارا فقال يا عروة ائت الجلب فاشتر لنا شاة فاتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت
شاتين بدينار فجئت أسوقهما أو أقودهما فلقيني رجل بالطريق فساومني فبعت منه شاة بدينار فجئت بالدينار والشاة فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله هذا ديناركم
وهذه شاتكم فقال وكيف صنعت فحدثته الحديث فقال اللهم بارك له في صفقة يمينه ولأنه نماء عينه بغير اذن مالكه فكان لمالكه كما لو غصب حنطة فزرعها
والخبر لا يدل على المتنازع والفرق بين الغاصب والمضارب المأذون له إذا عرفت هذا فهل يستحق العامل الأجرة أم لا عن أحمد روايتان إحديهما انه لا
يستحق كالغاصب والثانية انه يستحق لان رب المال رضي بالبيع واخذ الربح فاستحق العامل عوضا كما لو عقده بإذن وفي قدر الأجرة عنه روايتان إحديهما اجرة
مثله ما لم يحط بالربح لأنه عمل ما يستحق به العوض ولم يسلم له فكان له اجرة مثله كالمضاربة الفاسدة والثانية له الأقل من المسمى أو أجرة المثل لأنه إن كان الأقل المسمى فقد رضي
به فلم يستحق أكثر منه وإن كان الأقل أجرة المثل لم يستحق أكثر منه لأنه لم يعمل ما رضي به ولو قصد الشراء لنفسه فإن كان الشراء بعين المال لم يصح ولا اجرة له وعن أحمد
روايتان وإن كان اشترى في الذمة ثم نقد المال فله الربح ولا اجرة له مسألة إذا اشترى العامل سلعة للتجارة فقال رب المال كنت نهيتك عن
ابتياعها وابتعتها بعد النهي فليست للقراض فقال العامل ما نهيتني قط قدم قول العامل لأنه امين ورب المال يدعي عليه الخيانة إما لو قال العامل أذنت لي
في شراء كذا فقال المالك لم اذن فيه أو قال العامل أذنت لي في البيع نسيئة أو في الشراء بعشرة فقال المالك بل أذنت في البيع نقدا أو في الشراء بخمسة قدم قول المالك وبه قال الشافعي لأصالة عدم الإذن ولان القول
قول المالك في أصل الاذن فكذا في صفته وقال أبو حنيفة واحمد يقدم قول العامل لأنهما اتفقا على الاذن واختلفا في صفته فكان القول قول العامل كما
لو قال كنت نهيتك عن شراء عبد فأنكر النهي والفرق ظاهر مسألة إذا دفع المالك إلى العامل ألفا قراضا فاتجر فيها ونض المال فخسر مائة فقال العامل لصديق
له اقرضني مائة أضمها إلى المال ليرى ذلك رب المال فلا ينتزع المال من يدي فإذا استبقاه في يدي رددت المائة إليك ففعل فلما حمل المال إلى صاحبه اخذه وفسخ
المضاربة لم يكن للمقرض الرجوع على رب المال لان العامل قد ملك المائة بالقرض وإذا دفعها إلى المالك وقال هذا مالك فلا يمكنه ان يرجع بعد ذلك وينكره
والمقرض فلا يرجع على رب المال لأنه ليس هو المقرض منه قال الشافعي قال أبو القاسم للمقرض ان يرجع بالمائة على رب المال وغلط فيه لما تقدم ولو دفع إليه ألفا
مضاربة فاشترى متاعا يساوي الفين فباعه بهما ثم اشترى به جارية وضاع الثمن قبل دفعه رجع على المالك بألف وخمس مائة دفع من ماله خمس مائة على اشكال
فإذا باعها بخمسة آلاف اخذ العامل ربعا وأخذ المالك من الباقي رأس ماله الفين وخمسمائة وكان الباقي ربحا بينهما على ما شرطاه مسألة عقد المضاربة
بل للشروط كغيره من العقود والشروط تنقسم إلى صحيحة وفاسدة فالصحيح مثل ان يشترط على العامل ان لا يسافر بالمال أو ان يسافر به أو لا يتجر الا في بلد بعينه
أو نوع بعينه أو لا يشتري الا من رجل بعينه فهذا بأجمعه صحيح سواء كان النوع مما يعم وجوده أو لا يعم أو الرجل مما يكثر عنده المتاع أو يقل وبه قال أبو حنيفة واحمد وقال
مالك والشافعي إذا شرط ان لا يشتري الا من رجل بعينه أو سلعة بعينها أو ما لا يعم وجوده كالياقوت الأحمر والخيل البلق لم يصح وقد تقدم والفاسد ينقسم عند العامة
إلى ما ينافي مقتضى العقد أو يعود إلى جهالة الربح أو يشترط ما ليس فيه مصلحة العقد ولا مقتضاه فالأول مثل ان يشترط لزوم المضاربة به أو لا يعزله مدة بعينها أو لا
يبيع الا برأس المال أو أقل أو لا يبيع الا ممن اشتري أو شرط ان لا يشتري ولا يبيع فهذه الشروط تنافي مقتضى العقد وهو الاسترباح والثاني مثل ان يشترط للمضارب
جزء إما من الربح من غير تعيين أو شرط له ربح أحد الكيسين أو أحد العبدين والثالث مثل ان يشترط على العامل المضاربة له في مال آخر أو يأخذ له بضاعة أو قرضا أو يخدمه في شئ
بعينه أو يرتفق بالسلع مثل ان يلبس الثوب ويستخدم العبد وعندي لا بأس بذلك إما لو شرط على المضارب ضمان المال أو سهما من الوضيعة أو انه متى باع السلعة
فهو أحق بها بالثمن فهذه شروط باطلة وهل يبطل العقد ببطلان الشرط الأقرب عندي ذلك المقصد الخامس في اللقطة وفيه مقصدان المقصد
الأول في لقطة الأموال اللقطة هي المال الضايع عن صاحبه يلتقطه غيره قال الخليل بن أحمد اللقطة بفتح القاف اسم للملتقط لان ما جاء على فعلة فهو اسم للفاعل
كقوله همزة لمزة ويقال فلان هزاة وبسكون القاف هي المال الملقوط مثل الضحكة بسكون الحاء هو الذي يضحك منه والهزاة بسكون الزاي هو الذي يهزأ به وقال
الأصمعي وابن الأعرابي والفراء؟ اللقطة بفتح القاف اسم للمال الملقوط أيضا والأصل في اللقطة ما رواه العامة
عن زيد بن خالد الجهني قال سئل رسول الله (ص)
عن لقطة الذهب والورق فقال اعرف وكأها وعقاصها ثم عرفها سنة فان جاء صاحبها والا فشأنك بها وفي رواية أخرى ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفع
بها ولتكن وديعة عندك فان جاء طالبها يوما من الدهر فادفعها إليه قال فضالة الغنم قال خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله فضالة الإبل
فغضب حتى احمرت وجنتاه وقال مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وترعى الشجر يجدها ربها والوكاء الخيط الذي يشد به المال في الخرقة والعفاص
الوعاء الذي هي فيه من خرقة أو قرطاس أو غيره والأصل في العفاص انه الجلد الذي يلبسه رأس القارورة وحذاؤها يعني به خفها لأنه لقوته وصلابته يجري
مجرى الحذاء وسقاؤها بطنها لأنها تأخذ فيه ماء كثيرا فيبقى معها يمنعها العطش وكونها ترد الماء وترعى الشجر أو محفوظة بنفسها ومن طريق الخاصة ما رواه
الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني وجدت شاة فقال هي لك أو لأخيك أو للذئب فقال اني
250

وجدت بعيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله خفه حذاؤه وكرشه سقاؤه ولا تهجه وعن داود بن سرحان عن الصادق (ع)
أنه قال في اللقطة يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله ولا نعلم في ذلك خلافا واعلم أن الملقوط إما انسان أو غيره من الأموال والغير إما حيوان أو غيره فالفصول ثلاثة الأول في لقطة الأموال غير الحيوان وفيه مطالب المطلب الأول في الأركان وهي ثلاثة الركن الأول الالتقاط وهو معلوم في اللغة
واما في الشرع فهو أخص وهو عبارة عن اخذ مال ضايع ليعرفه الاخذ سنة ثم يتملكه ان لم يظهر مالكه بشرط الضمان إذا ظهر ولم يكن في الحرم أو يحتفظه واجبا
فيه ومستحبا في غيره واعلم أن الالتقاط إن كان في غير الحرم كان مكروها عند علمائنا سواء وثق الملتقط من نفسه أو لا وسواء خاف ضياعها أو لا وبه قال ابن
عباس وابن عمر وجابر بن زيد والربيع بن حثيم وهو مذهب عطا ومالك واحمد لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يأوي الضالة الا ضال ومن
طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) في اللقطة إلى أن قال كان علي بن الحسين (ع) يقول لأهله لا تمسوها وفي الصحيح عن الحسين بن
أبي العلاء قال ذكرنا للصادق (ع) اللقطة فقال لا تعرض لها فان الناس لو تركوها لجاء صاحبها فاخذها واختلف قول الشافعي فقال في موضع إذا عرف الاخذ اللقطة
من نفسه الأمانة اخذها وفي موضع اخر ولا يحل ترك اللقطة لمن وجدها إذا كان أمينا عليها واختلف أصحابه في ذلك فمنهم من قال ليست على قولين وانما هي
على اختلاف حالين فالموضع الذي استحب اخذها ولم يوجبه انما أراد إذا وجدها في قرية أو محلة يعرف أهلها بالثقة والأمانة فالظاهر سلامتها فلا يجب
اخذها والموضع الذي قال يجب عليه اخذها إذا وجدها في موضع لا يعرف أهله بالثقة والأمانة أو كانت في مسلك أخلاط الناس وممر الفساق والخؤنة فان
الظاهر هلاكها فيجب عليه اخذها ومنهم من قال في المسألة قولان أحدهما يستحب لان ذلك اخذ أمانة فلم يلزمه كقبول الوديعة والثاني يجب لقوله تعالى والمؤمنون
والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وإذا كان وليه وجب عليه حفظ ماله إذا خاف هلاكه كولي الصغير بخلاف الوديعة فإنه لا يخاف هلاكها ولان حرمة مال المسلم كحرمة
دمه فيجب صونه عن الضياع وهو معارض بقول ابن عباس وابن عمر ولم يعرف لهما مخالف في الصحابة ولأنه تعريض لنفسه لاكل الحرام وتضييع الواجب من تعريفها وأداء
الأمانة فيها فكان تركه أولي واسلم كولاية مال اليتيم وقد احتج الشافعي على الاستحباب بحديث زيد بن خالد الجهني قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فسأله
عن اللقطة فقال اعرف عفاصها ووكائها وبما رواه أبي بن كعب قال وجدت مائة دينار وثمانين دينارا فاتيت بها النبي صلى الله عليه وآله فقال عرفها حولا فعرفتها
فلم تعرف فرجعت إليه فقال اعرف عدتها ووعاها ووكائها واخلطها بمالك فان جاء ربها فادها إليه ولأنه اخذ أمانة فلم يكره كالوديعة ولا دلالة في الحديثين لأنهما سألا
عن اللقطة إذا اخذها الملتقط ما حكمها وللشافعية طريقة أخرى ان الواجد إن كان لا يثق بنفسه لم يجب الالتقاط قولا واحدا والقولان فيمن يغلب على ظنه
انه لا يخون وطريقة رابعة قاطعة بنفي الوجوب مطلقا وحمل قوله بالوجوب على تأكيد الامر به وعلى القول بنفي الوجوب فإن كان الواجد غير امين لم يأخذها لأنه يعرضها
للتلف وإن كان أمينا فإن لم يثق بنفسه وليس هو في الحال من الفسقة لم يستحب له الالتقاط قولا واحدا وعن بعض الشافعية وجهان في الجواز أصحهما عندهم الثبوت
مسألة الأمين إذا وجد اللقطة ولم يأخذها لم يضمنها وهو على مذهبنا ظاهر لأنا نقول بكراهة الالتقاط إما الشافعي فكذلك عنده أيضا سواء قال
بوجوب الالتقاط أو استحبابه لأنها لم تحصل في يده وما لا يحصل في يده لا يضمنه كما لو حبس رجلا عن ماله حتى هلك فإنه لا يضمنه وان وجدها الخائن فاخذها لم يضمنها
الا بالتعدي أو نية التصرف وعدم الرد على المالك واما إذا اخذها على وجه الالتقاط فلا يضمنها كما أن المستودع إذا كان خائنا وقبل الوديعة لم يضمنها الا بالتعدي
فكذا هنا فان ردها الملتقط إلى الموضع الذي وجدها فيه لزمه ضمانها وبه قال الشافعي لأنه لما اخذها التزم بحفظها فإذا ردها إلى الموضع فقد ضيعها فلزمه
الضمان كما لو رماها إلى موضع اخر وقال أبو حنيفة لا يلزمه ضمانها ويبرء بردها إلى موضعها من الأمانة لأنه مأذون له في اخذها منه وإذا ردها إليه زال عنه الضمان
كالمستودع إذا رد الوديعة إلى يد صاحبها والفرق ظاهر لان الوديعة عادت إلى يد صاحبها ولهذا لو كان غصبها ثم ردها إلى صاحبها زال الضمان كذا هنا وذلك؟
المتنازع ان يرد المستودع الوديعة إلى الموضع الذي اخذها منه بنية التعدي وهناك لا يبرأ بالرد إلى موضعها على ما تقدم في باب الوديعة مسألة
الملتقط إذا علم الخيانة من نفسه فالأقرب انه يحرم عليه اخذها وبه قال بعض الشافعية لأنه نفسه تدعوه إلى كتمانها وضياعها عن مالكها وقال الأكثر منهم انه
مكروه واما الأمين في الحال إذا علم أنه لو اخذها لخان فيها وفسق فالأقرب الكراهة الشديدة فيه دون التحريم وبه قال أكثر الشافعية إذا عرفت هذا فإنه لا فرق بين الغني
والفقير في اللقطة واحكامها لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) في اللقطة يجدها الرجل الفقير أهو فيها بمنزلة الغني قال نعم مسألة اللقطة إما
ان يوجد في الحرم أو في غير الحرم إما لقطة غير الحرم فإنها مكروهة عند علمائنا على ما تقدم واما لقطة الحرم فلعلمائنا قولان أحدهما تحريم اخذها لقوله تعالى ومن دخله
كان أمنا وذلك يقتضي وجوب أمنه على نفسه وماله وانما يحصل الامن في المال بعدم اخذه ولما رواه إبراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه عن الكاظم (ع) قال
لقطة في الحرم لا تمس بيد ولا رجل ولو أن الناس تركوها لجاء صاحبها فاخذها والثاني الكراهة وهو الأقوى
عندي للأصل ولما فيه من حفظها على مالكها فإنه لا يجوز
له تملكها بوجه من الوجوه فإذا اخذها بنية الحفظ يكون محسنا إلى مالكها بحفظ ماله عليه ومنه يظهر الجواب عن الآية إذ نية الحفظ وفعله يقتضي امن صاحبها
عليها والرواية لا يقتضي التحريم فان النهي لفظ يدل على معنى مشترك بين التحريم والكراهة ولا دلالة للعام على الخاص مع أن الرواية مرسلة إذا ثبت هذا فإنه إذا
التقط في الحرم لم يجز له ان يملكها لا قبل التعريف ولا بعده بل إما ان يحفظها أو يتصدق بها بعد التعريف حولا وفي الضمان قولان لعلمائنا مسألة
يستحب لواجد اللقطة الاشهاد عليها حين يجدها فإن لم يشهد عليها لم يكن ضامنا وليس الاشهاد واجبا عند علمائنا وبه قال مالك واحمد والشافعي في
أظهر قوليه لأصالة عدم الوجوب ولان النبي صلى الله عليه وآله لم يذكر الاشهاد في خبر زيد بن خالد ولا خبر أبي بن كعب بل امرهما بالتعريف ولو كان الاشهاد واجبا
لبينه إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولأنه اخذ أمانة فلم يفتقر إلى الاشهاد كالوديعة وقال أبو حنيفة يجب الاشهاد فان أخل به ضمن وبالوجوب قال الشافعي
في القول الثاني لما روي عن عياض ابن حماد ان النبي صلى الله عليه وآله قال من التقط لقطة فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب وهذا أمر يقتضي
الوجوب ولأنه إذا لم يشهد كان الظاهر أنها اخذها لنفسه والحمل على الوجوب ممنوع بل الأصل عدمه فيحمل على الاستحباب لوروده فيهما فيكون للقدر والمشترك والا
لزم الاشتراك أو المجاز وكلاهما خلاف الأصل مع أن الظاهر أنه للاستحباب والا لما جاز له (ع) ان يؤخر بيانه في الخبرين السابقين والظاهر ممنوع لأنه إذا حفظها وعرفها
لم يكن قد اخذها لنفسه وفائدة الاشهاد صيانة نفسه عن الطمع فيها وحفظها من ورثته لو مات ومن غرمائه لو أفلس إذا ثبت هذا فإنه ينبغي له ان يشهد على
251

جنسها وبعض صفاتها من غير استقصاء لئلا يذيع خبرها فيدعيها من لا يستحقها فيأخذها إذا ذكر صفاتها ان اكتفينا بالصفة أو يواطي الشهود الذين عرفوا
صفاتها على التفصيل فيأخذها بشهادتهم إما إذا ذكر بعض صفاتها واهمل الباقي انتفت هذه المخافة ولا ينبغي الاقتصار في الاشهاد على الاطلاق بان يقول عندي لقطة ولا على ذكر الجنس من غير ذكر وصف ما لئلا يموت
فيتملكها الوارث بل ينبغي ان يذكر للشهود ما يذكره في التعريف من ذكر الجنس والنوع وللشافعي قولان أحدهما انه يشهد على أصلها دون صفاتها ويجوز
ان يذكر جنسها خوف الإذاعة فيدعيها الكاذب والثاني يشهد على صفاتها أيضا لئلا يأخذها الورثة والأوسط ما قلناه الركن الثاني في الملتقط مقدمة
اللقطة يشتمل على نوع أمانة وولاية واكتساب إما الأمانة والولاية ففي ابتداء امرها لان الملتقط يجب عليه التعريف حولا فهو في مدة الحول امين سبيله سبيل
سائر الامناء لا يضمن تلفها الا مع التعدي أو التفريط وقد فوض الشرع إليه حفظها كما فوض إلى الولي حفظ مال الصبي واما الاكتساب ففي انتهاء امرها لان له ان
يتملك اللقطة بعد الحول وللشافعية قولان أحدهما ان المغلب فيه معنى الأمانة والولاية لأنها معجلة في ابتداء الالتقاط والتملك منتظر إلى أن ينتهي حول
التعريف فيناط الحكم بالناخر الحاضر ويبنى الأخير على الأول والثاني ان المغلب الاكتساب لأنه مال الامر والقصد باللقطة والغرض منها فالنظر إليه أولي
فكونه مناط الحكم أولي ولان الملتقط مستقل بالالتقاط وآحاد الناس لا يستقلون بالأمانات الا بايتمان المالك ويستقلون بالاكتساب فإذا اجتمع في الشخص
أربع صفات الاسلام والحرية والعدالة والتكليف كان له ان يلتقط اجماعا ويعرف ويتملك لأنه أهل للولاية والأمانة والاكتساب جميعا وان خلا عن البعض
أو عن الجميع فله مسائل نذكرها الان انشاء الله تعالى مسألة ليس للذمي ان يلتقط في الحرم لأنه ليس أهلا للأمانة والاكتساب فيها منتف إذ ليس للملتقط
في الحرم التملك مطلقا وانما هو استيمان مجرد والكافر ليس أهلا له فلا يصح التقاطه فيه فان التقط منه نزعه الحاكم من يده واستأمن عليه ثقة يعرفه حولا ثم إما
ان يتصدق به أو يستديم الحفظ على ما يأتي واما لقطة غير المحرم فإنه يجوز للكافر اخذها سواء كانت في دار الاسلام أو دار الحرب وللشافعي قولان أحدهما
انه ليس للذمي ان يلتقط في دار الاسلام كما أنه ليس له ان يحيي شيئا من أرضها ولان الالتقاط أمانة وهو ليس من أهلها والثاني وهو الأصح عندهم ان له ان
يلتقط كما ذهبنا إليه لأنه من أهل الاكتساب وله ذمة صحيحة ويملك القرض ويصح ان يصطاد ويحتطب ويحتش ويملك ذلك كله فكذا له ان يلتقط ترجيحا لمعنى الاكتساب
وقطع بعض أصحابه بالجواز وشرط قوم في الجواز كونه عدلا في دينه وشبه الالتقاط بالاصطياد والاحتطاب أقوى من شبهه بالاحياء وعلى قول الشافعي بالمنع
من التقاط الذي في دار الاسلام لو التقط اخذه الامام وحفظه إلى ظهور مالكه مسألة المرتد إن كان عن فطرة زالت أمواله عنه فليس له ان يلتقط فان
التقط نزع من يده كما لو احتطب ينزع من يده وهل يكون ميراثا لورثته الأقرب انه ليس له ذلك لأنه لا يصح ان يملك لان وجوب قتله في كل آن ينافي جواز تملكه
لشئ من الأشياء في آن من الآنات فحينئذ لا حكم لالتقاطه بل يكون اللقطة في يده كهي على الأرض لكل أحد اخذها من يده فيكون هذا الاخذ منه التقاطا من الاخذ وانما
يورث عنه ما يدخل في ملكه ويحتمل ضعيفا دخوله في ملكه ولا ينافي خروجه عنه في ثاني الحال كما لو ملك الانسان من ينعتق عليه فحينئذ يكون لورثته ويجرى مجرى السيد
لو التقط عبده وعلى الوجه الأول لو اخذه الانسان من يده لم يكن للامام نزعه منه وهل يكون لقطة بالنسبة إلى الاخذ منه على معنى ان له ان يملكه بعد التعريف حولا اشكال
من حيث إنه يصدق عليه انه لقطة أم لا فان قلنا يصدق اسم اللقطة عليه كان له تملكه بعد التعريف حولا والا دفعه إلى الحاكم إما الشافعية فاختلفوا في المرتد هل يزول ملكه
أم لا فان قلنا يزول نزع من يده كما لو احتطب ينزع من يده وان قلنا إنه ملكه ولا يزول يكون كالفاسق يلتقط وقال بعضهم ان قلنا إن ملكه زايل فان ما يحتطبه ينزع
من يده ويحكم بكونه لأهل الفئ فإن كانت اللقطة كذلك فقياسه ان يجوز للامام ابتداء الالتقاط لأهل الفئ ولبيت المال وان يجوز للولي الالتقاط للصبي وان قلنا إن
ملكه غير زايل فهو بالذمي أشبه منه بالفاسق فليكن التقاطه كالتقاط الذمي مسألة يكره للفاسق الالتقاط لأنه لا يؤمن عليها أو يعرض نفسه للأمانة وليس
هو من أهلها فان التقط صح التقاطه لان الالتقاط جهة من جهات الكسب وهو من أهله ولأنه إذا صح التقاط الكافر فالفاسق أولي وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين
على تقدير ترجيح أصل الاكتساب على أصل الأمانة والولاية والثاني ليس للفاسق اخذ اللقطة ترجيحا لطرف الأمانة والولاية لأنه ليس من أهل ذلك فان اخذه كان حكمه
حكم الغاصب والأول أغلب عند أكثر أصحابه إذا عرفت هذا فإذا التقط الفاسق أقرت اللقطة في يده وضم الحاكم إليه مشرفا يشرف عليه لئلا يتصرف فيها ويتولى تعريفها
لئلا يخل به لأنه لا أمانة له وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين والثاني وهو الأصح عندهم انه لا يقر في يده عليها بل ينتزعها الحاكم من يده ويضعها
عند عدل لان مال أولاده لا يقر في يده فكيف مال الأجانب والمعتمد الأول لأنه يخلي بينه وبين الوديعة فكذا يخلى بينه وبين اللقطة كالعدل إذا عرفت هذا
فان ضم المشرف إليه على جهة الاستظهار والاستحباب دون الايجاب وبه قال أبو حنيفة ولو علم الحاكم خيانته فيها فالأقرب وجوب ضم مشرف إليه فإذا انتهى التعريف حولا
ملكها ملتقطها لان سبب الملك منه وجد إما الشافعية فسواء قالوا إنه ينتزع اللقطة من يده أو يضم إليه مشرف ففي التعريف لهم قولان أشبههما عندهم انه لا يعتمد
في التعريف لأنه ربما يخون فيه حتى لا يظهر المالك بل يضم إليه نظر العدل ومراقبته والثاني انه يكتفى بتعريفه فإنه الملتقط فإذا تم التعريف فللملتقط التملك
(تذنيب): مسألة الأقرب ان الفاسق يمنع من لقطة الحرم لأنها مجرد أمانة والفاسق ظالم فلا تركن إليه في تركها معه لقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فحينئذ لو التقط منه
انتزعه الحاكم كما قلناه في الكافر وأكثر العامة لم يفرقوا بين اللقط وسيأتي فيه انشاء الله تعالى. مسألة: التقاط العبد لا يخلو من أقسام ثلاثة إما ان يكون السيد
قد اذن له فيه أو نهاه عنه أو لم يأذن فيه ولا نهى عنه فإن كان المولى قد اذن له في الالتقاط مثل أن يقول مهما وجدت ضالة فخذها واتني بها جاز ذلك عند علمائنا
وبه قال أبو حنيفة واحمد كما لو اذن المولى في قبول الوديعة فإنه يصح منه قبولها ولعموم الخبر ولان الالتقاط سبب يملك به الصبي منه ويصح من العبد كالاحتطاب
والاحتشاش والاصطياد ولان من جاز له قبول الوديعة صح منه الالتقاط كالحر وللشافعية فيه طريقان أحدهما القطع بالصحة والثاني ان فيه قولين أحدهما
المنع لما في اللقطة من معنى الولاية والاذن لا يفيده أهلية الولاية وفي رواية الخاصة عن أبي خديجة عن الصادق (ع) انه سأله ذريح عن المملوك يأخذ اللقطة فقال ما
للمملوك واللقطة والمملوك لا يملك من نفسه شيئا فلا يعرض لها المملوك فإنه ينبغي للحر ان يعرفها سنة في مجمع فان جاء طالبها دفعها إليه والا كانت في ماله فان مات كانت ميراثا
لولده ولمن ورثه فان جاء طالبها بعد ذلك دفعوها إليه ولان الالتقاط أمانة وولاية في السنة الأولى ويملك بعوض في السنة الأخرى والعبد ليس من أهل الولايات
ولا يملك المال ولا له ذمة يستوفى منها والرواية لا تعطي التحريم فيحتمل الكراهة والولاية قد ثبتت له مع اذن مولاه والتملك لمولاه وإن كان المولى قد نهاه عن الالتقاط
حرم عليه لأنه محجور عليه في التصرف الا بإذن المولى فان التقط والحال هذه كان للمولى انتزاعها من يده وللشافعية طريقان أحدهما القطع بمنع العبد مع نهي
252

مولاه من الالتقاط والثاني طرد القولين وإن كان المولى لم يأمره بالالتقاط ولا نهاه عنه فإنه يصح التقاطه عندنا وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد
القولين لان يد العبد يد سيده فكأن السيد هو الملتقط وكما أنه يعتبر اصطياده واحتطابه كذا يعتبر التقاطه ويكون الحاصل للسيد ولا عبرة بقصده وهذا القول
نقله المزني عما وضعه بحنطة قال ولا اعلمه سمع منه والثاني نص عليه في الام واختاره المزني انه لا يصح لان اللقطة أمانة وولاية في الابتداء وتملك في الانتهاء والعبد لا
يملك ولا هو من أهل الأمانة والولاية قال ابن شريح القولان مبنيان على أن العبد يملك فاما إذا فرعنا على الجديد وهو انه لا يملك فليس له الالتقاط بحال
وقال بعضهم في هذا القياس من جهة انه ليس القولان في أن العبد هل يملك مطلقا وانما هما في أنه هل يملك بتمليك السيد ولا تمليك هنا من جهة السيد. مسألة:
قد بينا ان العبد يصح التقاطه فإذا التقط شيئا صح منه ان يعرفه كما صح التقاطه وهو أحد قولي الشافعي كالحر فإذا كمل حول التعريف لم يكن للعبد ان يتملكها
لنفسه لأنه ليس أهلا للتملك مطلقا عندنا وهو الجديد للشافعي وبدون تمليك السيد على قول بعض علمائنا والشافعي في القديم وهنا لم يملكه السيد فان اختار العبد التملك
على الوجه الذي لو فعله الحر ملك بلم يملك به لان التملك على وجه الاقتراض واقتراضه بغير اذن سيده لا يصح الا انها تكون في يده مضمونة لأنها في يده بقرض فاسد
فإذا تلفت ضمنها في ذمته يتبع بها بعد العتق وله التملك للسيد باذنه ولو لم يأذن السيد فالأقوى انه لا يدخل في ملك السيد بنية العبد والتملك له وللشافعية
طريقان أحدهما انه على الوجهين في أنه هل يصح اتهاب العبد من دون اذن السيد أو على القولين في شرائه بغير اذن والثاني القطع بالمنع بخلاف الهبة لان الهبة لا
يقتضي عوضا وبخلاف الشراء فانا ان صححناه علقنا الثمن بذمة العبد وهنا يبعد ان لا يطالب مالك اللقطة السيد الملك لأنه لم يرض بذمة العبد والأصح عندهم
المنع سواء ثبت الخلاف أم لا وعلى هذا فقد قال بعض الشافعية انه لا يصح تعريفه دون اذن السيد أيضا لكن الأصح عندهم الحاق التعريف بالالتقاط قال الجويني نعم
ان قلنا انقضاء مدة التعريف يوجب الملك فيجوز ان يقال لا يصح تعريفه ويجوز ان يقال يصح ولا يثبت الملك في هذه الصورة كما لا يثبت إذا عرف من قصده الحفظ
ابدا وعلى القول الثاني للشافعي بأنه لا يصح التقاط العبد لا يعتد بتعريفه ثم إن لم يعلم السيد بالتقاطه فالمال مضمون في يد العبد والضمان يتعلق برقبته سواء أتلفه
أو تلف بتفريطه أو بغير تفريط كما في المغصوب وان علم السيد فاقسامه ثلاثة أحدها ان يأخذه من يده وينبغي ان يقدم عليه مقدمة هي ان الحاكم لو اخذ المغصوب
من الغاصب ليحفظه للمالك هل يبرأ الغاصب من الضمان فيه للشافعية وجهان ظاهر القياس منهما البراءة لان يد الحاكم نايبة عن يد المالك فان قلنا لا يبرأ
فللقاضي اخذها منه وان قلنا يبرأ فإن كان المال عرضة للضياع والغاصب بحيث لا يبعد ان يفلس أو يغيب وجهه فكذلك والا فوجهان أحدهما انه لا يأخذ فإنه
أنفع للمالك والثاني يأخذ نظرا لهما جميعا وليس لآحاد الناس اخذ المغصوب إذا لم يكن في معرض الضياع ولا الغاصب بحيث تفوت مطالبته ظاهرا وإن كان كذلك
فوجهان أظهرهما عندهم المنع لان القاضي هو النايب عن الناس ولان فيه ما يؤدي إلى الفتنة وشهر السلاح والثاني الجواز احتسابا أو نهيا عن المنكر فعلى الأول لو اخذ
ضمن وكان كالغاصب من الغاصب وعلى الثاني لا يضمن وبراءة الغاصب على الخلاف السابق واولى بان لا يبرء وفصل قوم بين ان يكون هناك قاض يمكن رفع الامر إليه فلا
يجوز وبين ان لا يكون فيجوز إذا عرفت ذلك فقد قال أكثر الشافعية إذا اخذ السيد اللقطة من العبد صار هو الملتقط لان يد العبد إذا لم يكن يد التقاط كان الحاصل
في يده ضايعا بعد ويسقط الضمان عن العبد لوصوله إلى نايب المالك فإن كان أهلا للالتقاط كان نايبا عنه وبمثله أجابوا فيما لو اخذه الأجنبي الا ان بعضهم جعل
اخذ الأجنبي على الخلاف فيما لو تعلق صيد بشبكة انسان فجاء غيره واخذه واستبعد الجويني قولهم إن اخذ السيد التقاط لان العبد ضامن بالأخذ ولو كان اخذ
السيد التقاطا لسقط الضمان عنه فيتضرر به المالك وقال بعضهم ان السيد ينتزعه من يده ويسلمه إلى الحاكم
ليحفظه للمالك ابدا واما الجويني فإنه قال إذا قلنا إنه
ليس بالتقاط فأراد اخذه بنفسه وحفظه لمالكه ففيه وجهان مرتبان على اخذ الآحاد المغصوب للحفظ واولى بعدم الجواز لان السيد ساع لنفسه غير محتسب
ثم يترتب على جواز الاخذ حصول البراءة كما قدمناه وان استدعى من الحاكم انتزاعه فهذه الصورة أولي بان يزيل الحاكم فيها اليد العادية وإذا أزال فأولى
بان يصحل البراءة له لتعلق غرض السيد بالبراءة وكونه غير منسوب إلى العدوان حتى يغلظ عليه. الثاني: ان يقره في يده ويستحفظه عليه ليعرفه فإن كان
العبد أمينا جاز كما لو استعان به في تعريف ما التقطه بنفسه والأقرب عندهم عدم سقوط الضمان وقياس كلام جمهورهم سقوطه وان لم يكن أمينا فالمولى
متعد باقراره عليه وكانه اخذه منه ورده إليه. الثالث: ان يهمله فلا يأخذه ولا يقره بل يعرض عنه فللشافعي قولان ففي رواية المزني ان الضمان يتعلق برقبة
العبد كما كان ولا يطالب به السيد في سائر أمواله لأنه لا تعدي منه ولا اثر لعلمه كما لو رأى عبده يتلف ما لا فلم يمنعه منه وفي رواية الربيع تعلقه بالعبد وبجميع أموال السيد
لأنه متعد بتركه في يد العبد ثم اختلفوا فيهما على أربعة طرق قال الأكثر المسألة على قولين أظهرهما تعلقه بالعبد وبسائر أموال السيد حتى لو هلك العبد لا
يسقط الضمان ولو أفلس السيد قدم صاحب اللقطة في العبد على ساير الغرماء ومن قال به لم يسلم عدم وجوب الضمان فيما إذا رأى عبده يتلف مالا فلم يمنعه
وبعضهم حمل منقول المزني على ما إذا كان العبد مميزا وحمل منقول الربيع على ما إذا كان غير مميز وقطع بعضهم بما رواه المزني وبعضهم بما رواه الربيع وغلطوا
المزني في النقل واستشهدوا بأنه روى في الجامع الكبير كما رواه الربيع فاشعر بغفلته هنا عن آخر الكلام وهذا كله ساقط عندنا حيث قلنا إن للعبد الالتقاط
مسألة: إذا التقط العبد ولم يأمره السيد به ولا نهاه عنه صح التقاطه ثم لا يخلو إما ان يعلم السيد بالالتقاط أو لا يعلم فإن لم يعلم فالمال أمانة في يد
العبد فان اعرض عن التعريف ضمن وهو أحد وجهي الشافعية كالحر فان فيه وجهين لهم لو اعرض عن التعريف ولو أتلفه العبد بعد مدة التعريف أو تملكه لنفسه فهلك
عنده تعلق المال بذمة العبد كما لو استقرض قرضا فاسدا واستهلكه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يتعلق برقبته كما لو غصب شيئا فتلف وعنده ليس كالفرض
فان صاحب المال سلمه إليه والحكم في الأصل عندنا ممنوع ولو أتلفه في المدة تعلق بذمته عندنا يتبع به بعد العتق وأكثر الشافعية قالوا يتعلق برقبته وكذا لو تلف بتقصير
منه وعندنا يتعلق بذمته وعندهم يتعلق برقبته وفرقوا بينه وبين الاتلاف بعد المدة حيث كان على الخلاف السابق بان الاتلاف في السنة خيانة محضة لأنه لم يدخل وقت التملك
واما بعدها فالوقت وقت الارتفاق والانفاق فاستهلاك العبد يشابه استقراضا فاسدا وحكى بعض الشافعية ان المسألة على قولين أحدهما التعلق
بالرقبة والثاني التعلق بالذمة لأنا إذا جوزنا له الالتقاط فكان المال قد حصل في يده برضى صاحبه وحينئذ فالاتلاف لا يقتضي الا التعلق بالذمة كما لو أودع
العبد مالا فاتلفه يكون الضمان في ذمته ولمانع ان يمنع ذلك لأن الضمان في الوديعة أيضا يتعلق برقبته عند بعض الشافعية واما عندنا فيتعلق بذمته أيضا
؟؟ السيد فله انتزاعها من يده كالأموال التي يكتسبها العبد فان اللقطة نوع منها ثم يصير السيد كالملتقط بنفسه ان شاء حفظها على مالكها وان شاء
253

عرفها وتملكها ولو كان العبد قد عرف بعض الحول احتسب به وأكمل الحول وان أقره في يد العبد فإن كان خاينا ضمن بابقاءه في يده عند الشافعية والأقوى ذلك
إن كان قد قبضه المولى ثم دفعه إليه والا فلا ولو كان أمينا لم يضمن سواء قبضها ثم دفعها إليه أو أقرها في يده من غير قبض ولو تلف المال في يد العبد في مدة التعريف
فلا ضمان وان تلف بعدها فان اذن السيد في التملك وجرى التملك ضمن وان لم يجر التملك بعد فالأقوى تعلق الضمان بالسيد لأنه اذن في سبب الضمان فأشبه
ما لو اذن له في أن يسوم شيئا فاخذه وتلف في يده وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه لا يضمن كما لو اذن له في الغصب فغصب فان قلنا بالثاني تعلق الضمان برقبة
العبد عندهم وان قلنا بالأول تعلق بذمة العبد يتبع به بعد العتق كما أن السيد مطالب به وإن كان السيد لم يأذن له في التملك تعلق الضمان بذمة العبد وهو أظهر
وجهي الشافعية لأنه دين لزم لا برضى مستحقه ولا يتعلق الضمان بالسيد بحال لعدم الاذن والثاني للشافعية انه يتعلق برقبته ولو أتلفه العبد بعد المدة تعلق
بذمته وللشافعية قولان وهل يثبت الفرق بين ان يقصد العبد الالتقاط لنفسه أو لسيده الأقرب انتفاء الفرق فان كل واحد منهما يقع الالتقاط فيه للسيد
واختلفت الشافعية فقال بعضهم ان القولين في المسألة مفروضان فيما إذا نوى بالالتقاط نفسه فاما إذا نوى سيده فيحتمل ان يطرد القولان ويحتمل القطع
بالصحة وعكس بعضهم فقال القولان فيما إذا التقط ليدفعها إلى سيده فاما إذا قصد نفسه فليس له الالتقاط قولا واحدا بل هو متعد بالأخذ مسألة
قد بينا انه يجوز التقاط العبد وللشافعي قول اخر انه لا يجوز فإذا التقطها ضمنها في رقبة عبده سواء أتلفها أو تلفت في يده بتفريط أو بغير تفريط لأنه اخذ مال
غيره على وجه التعدي وسواء كان قبل الحول أو بعده لان تعريفه لا يصح لأنه ليس من أهل الالتقاط عنده فان علم به سيده فان انتزعها من يده كان له ذلك
وسقط عن العبد الضمان وكانت أمانة في يد السيد لأنه يأخذها على سبيل الالتقاط وهذا بخلاف ما لو غصب العبد شيئا فاخذه سيده منه فإنه لا يزول
عن العبد الضمان للفرق بينهما فان السيد لا ينوب عن المغصوب منه فلا يزول الضمان بأخذه وهنا ينوب عن صاحبها لو حفظها عليه وينبغي ان يكون لو اخذ
من العبد غير سيده من الأحرار جاز وزال الضمان عنه لان كل من هو من أهل الالتقاط نايب عن صاحبها إذا ثبت هذا فان اخذها سيده كان كما لو ابتداء
التقاطها ان شاء حفظها لصاحبها وان شاء تملكها بعد التعريف ولا يعتد بتعريف العبد عنده وان أقرها في يد العبد ضمن ان لم يكن أمينا والا فلا فإذا
قلنا لا ضمان على المولى تعلق الضمان برقبة العبد خاصة فان تلف سقط الضمان وان قلنا يضمن السيد تعلق الضمان بمحلين رقبة العبد وذمة السيد فان أفلس
السيد كان صاحب اللقطة أحق باستيفاء عوضها من العبد لان حقه تعلق برقبته عندنا وان مات العبد تعلق بذمة سيده يدفعه من سائر ماله مسألة
إذا التقط العبد لقطة ثم أعتقه السيد قبل علمه باللقطة أو بعد علمه وقبل ان يأخذها منه كان السيد أحق باخذها من يده لان التقاط العبد قد صح وكان
كسبا له وما كسبه العبد قبل عتقه يكون للسيد فيعرفها السيد ويتملكها فإن كان العبد قد عرف اعتد به وهذا ظاهر مذهب الشافعي وعن بعض الشافعية
وجهان ان السيد أحق بها اعتبارا بوقت الالتقاط أو العبد اعتبارا بوقت الملك وشبهه بما إذا أعتقت الأمة تحت عبد ولم يفسخ حتى تحرر العبد وعلى القول
الثاني للشافعي من منع التقاط العبد للشافعية قولان أحدهما انه ليس للسيد اخذها من يد العبد لأنه قبل ان يعتق لم يتعلق بها حق السيد لكون العبد متعديا
وقد زالت ولايته بالعتق فإذا عتق صار كأنه اكتسبها بعد عتقه وصار كأنه التقطها بعد حريته فلم يكن للسيد فيها حق وهل للعبد تملكها الوجه ذلك ويجعل كأنه
التقطه بعد الحرية وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه لم يكن أهلا للاخذ فعليه تسليمها إلى الامام تذنيب للعبد اخذ لقطة الحرم كما له اخذ لقطة
الحل ولا يجوز له التملك لا له ولا لسيده على ما يأتي والمدبر وأم الولد كالقن ولا نعلم فيه خلافا مسألة المكاتب إن كان مشروطا فكالقن يجوز له الالتقاط لكن
ليس للمولى انتزاعها من يده لأنها كسب له إذا لم يكن لقطة الحرم نعم لو عجز فاسترق كان للمولى انتزاعها كالقن وللشافعية في المكاتب طريقان مبنيان على اختلاف قولي
الشافعي فإنه قال في الام المكاتب كالحر وقال في موضع اخر انه كالعبد واختلف أصحابه فقال بعضهم ان المكاتب كالحر قولا واحدا وقطع صحة التقاطه لأنه مستقل بالتملك
والتصرف كالحر وله ذمة يمكن استيفاء الحقوق منها ثم تأولوا قوله كالعبد بأنه أراد به إذا كانت الكتابة فاسدة وقال بعضهم فيه قولان أحدهما انه كالحر
لأنه ماله كذا قال الشافعي في الام ونقل المزني ان ماله يسلم له والأول أولي لان المال في الحال له وقد يسلم بتمام الكتابة وقد لا يسلم بفسخها والثاني انه كالعبد
في التقاطه قولان لتعارض معنى الولاية والاكتساب فان الملك موجود في العبد وهو ينافي الولاية ولهذا لا تصح الوصية إليه فجرى مجرى العبد وللشافعية
هنا أمور غريبة آ عن ابن القطان رواية قاطعة بالمنع من التقاط المكاتب بخلاف القن لان سيده ينتزعه من يده واما المكاتب فقد انقطعت ولاية السيد عنه على
نقصانه ب حكى القاضي ابن كح خلافا في أن الخلاف المذكور في المكاتب سواء صحت الكتابة أو فسدت وفي المكاتب كتابة صحيحة واما المكاتب كتابة فاسدة فهو كالقن
لا محالة والصحيح عندهم الثاني ج نقل الجويني عن تفريع العراقيين على القطع بالصحة ان في ابقاء اللقطة في يده قولين على قياس ما مر في الفاسق وكتبهم ساكتة
عن ذلك الا ما شاء الله تعالى ونحن قد قلنا إن التقاط المكاتب صحيح فحينئذ يعرف اللقطة ويتملكها ان شاء وبدلها في كسبه وليس للمالك انتزاعها من يده وهو قول الشافعي
على تقدير قوله بصحة التقاطه وهل يقدم صاحب اللقطة بها على الغرماء الأقرب عندي ذلك وللشافعية وجهان وعلى القول للشافعي بان المكاتب كالحر لا بحث
وبأنه كالعبد ان قلنا إنه لا يصح التقاط العبد لا يصح التقاط المكاتب ويكون متعديا باخذها وعليه ضمانها وليس للسيد انتزاعها من يده لانتفاء ولاية السيد عن المكاتب
وانما يسلمها إلى الحاكم ليعرفها فإذا مضى الحول تملكها المكاتب لأنه من أهل التملك هكذا قال بعض الشافعية وليس بجيد لأنه إذا فسد الالتقاط لم يجز له الالتقاط فلا
يملكها بالحول والتعريف وانه إذا اخذها من يده من هو من أهل الالتقاط وإن كان أجنبيا يكون ملتقطا ولم يعتبروا الولاية وليس السيد في حق المكاتب بأدنى حالا من
الأجنبي في القن ان يجوز ذلك وبرئ من ضمانها كما قلنا في العبد إذا اخذها سيده منه لا يقال للسيد يد على العبد وعلى ما في يده دون المكاتب لأنا نقول انما له
ذلك فيما هو كسب للعبد ويقر يده عليه واما هذه اللقطة فلا يقر يد العبد عليها ولا له فيها كسب وقال بعض الشافعية يجب ان يسلمها إلى الحاكم ليحفظها ولا يعرفها
والكل عندنا غلط مسألة لو التقط المكاتب صح عندنا فإذا اشتغل بالتعريف فأعتق أتم التعريف وتملك وان عاد إلى الرق قبل تمام التعريف كان حكمه
حكم القن للمولى انتزاعها من يده وتقرير يده عليها وقال بعض الشافعية يأخذها القاضي ويحفظها للمالك وانه ليس للسيد اخذها وتملكها لان التقاط المكاتب لا يقع للسيد ابتداء فلا ينصرف إليه انتهاء
وليس بجيد لان الالتقاط اكتساب واكتساب المكاتب عند عجزه للسيد ولو مات المكاتب أو العبد قبل التعريف وجب ان يجوز للسيد التعريف والتملك كما أن
الحر إذا التقط ومات قبل التعريف يعرف الوارث ويتملك مسألة من نصفه حر ونصفه رقيق يصح التقاطه لان القن عندنا يجوز التقاطه فالمعتق
254

بعضه أولي وقال الشافعي انه كالمكاتب وللشافعية طريقان منهم من قال يصح التقاطه قولا واحدا لاستقلاله بالملك في التصرف وقوة ذمته ومنهم من قال فيه
قولان كالعبد وقال بعضهم بالتفصيل وهو انه يصح التقاطه بقدر الحرية قولا واحدا والطريقان انما هما في نصيب لرقية فعلى القول بمنع الالتقاط يكون متعديا
بالأخذ ضامنا بقدر الحرية في ذمته يؤخذ منه إن كان له مال وبقدر الرق في رقبته بناء على أن اتلافه متعلق برقبته وعندنا انه متعلق بذمته أيضا يتبع به بعد العتق
لو تعدى في اللقطة ولا يؤخذ نصيب الرقية من نصيب الحرية وذكر بعض الشافعية وجهين في أنه ينتزع منه أو يبقى في يده ويضم إليه مشرف والظاهر عندهم الانتزاع ثم
بعد الانتزاع وجهان في أنه يسلم إلى السيد أو يحفظه الحاكم إلى ظهور مالكه والأظهر عندهم الثاني فان سلم إلى السيد قال بعضهم ان السيد يعرفه ويتملكه وقال بعضهم
يكون بينهما بحسب الرق والحرية ويصيران كشخصين التقطا مالا وقال بعضهم بل يختص السيد بها الحاقا للقطته بلقطة القن. مسألة: من نصفه حر
ونصفه عبد يصح التقاطه على ما تقدم وهو أحد قولي الشافعي ثم لا يخلو إما ان يكون بينه وبين سيده مهايات أو لا فإن لم يكن هناك مهايات كان ما يكتسبه بينهما
على النسبة ومن جملته الالتقاط وإن كان بينهما مهايات فاللقطة من الاكتسابات النادرة فعندنا انها تدخل في المهايات وهو أحد قولي الشافعي لان هذا كسب
فكان حكمه حكم سائر الاكتسابات والثاني لا يدخل لان الالتقاط نادر غير معلوم الوجود ولا مظنونة فلا يدخل تحت المهايات والمعتمد ما قلناه فعلى ما اخترناه ان وقعت
اللقطة في نوبة المولى كانت للمولى وان وقعت في نوبة العبد كانت له وأيهما وقعت له فإنه يعرفها ويتملكها والاعتبار بيوم الالتقاط لأنه وقت حصول الكسب
لا بوقت الملك وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه اخر وهو اعتبار وقت التملك ولو وقع الالتقاط في نوبة أحدهما وانقضى مدة التعريف في نوبة الآخر فعندنا الحكم
بنوبة الالتقاط وعند من اعتبر التملك الحقه به وعلى القول بعدم دخول النادر في المهايات يكون الحكم فيه كما لو لم يكن
بينهما مهايات مسألة: قد بينا ان المدبر والمعتق نصفه عند من جوزه وأم الولد حكمهم حكم القن يصح التقاطهم عندنا وللشافعي قولان كالقن أيضا الا ان
أم الولد إذا التقطت فأتلفت اللقطة أو تلفت في يدها يكون حكمها عندنا حكم القن من أنها يتبع بعد العتق واما عند الشافعي على تقدير صحته التقاطها يتعلق
الضمان بذمة سيدها دون رقبتها لأنه لا يجوز بيعها وانما منع السيد بالاحبال من بيعها فضمن عنها وهذا مبني
على أصله من أن الضمان في القن يتعلق برقبته
دون ذمته إما هنا فلا يمكن بيعها فلزم الضمان مولاها سواء علم بالتقاطها أو لم يعلم لان جناية أم الولد على سيدها هذا هو المشهور عند الشافعية وقال الشافعي في
الام ليس للعبد ان يلتقط لان اخذه للقطة غرر وكذلك المدبر وأم الولد وان علم بها سيدها فالضمان في ذمته وان لم يعلم بها فالضمان في ذمتها وهذا مخالف لما ذكره
الأصحاب فمنهم من نسب ذلك إلى سهو الكاتب وقال بعضهم يكون هذا على القول الذي يقول لها ان يلتقط وهذا لا وجه له لأنه لا نص في هذا الكلام على أنه ليس
للعبد الالتقاط وتأوله بعضهم بأنه يكون قد التقطت لسيدها لا لنفسها قال ويجوز ذلك فإذا لم يدفعها إلى سيدها ضمنته في ذمتها كالقابض الفاسد وقال
هذا القائل وكذا العبد القن إذا التقط لسيده مسألة: لو التقط الصبط والمجنون أو السفيه فإن كان من الحرم اخذها الولي منهم لأن هذه اللقطة
مجرد أمانة ولا يجوز تملكها ومن ليس يملك لا يصح استيمانه فيجب على الولي انتزاعها من يده واحتفاظها لصاحبها وإن كانت لقطة غير الحرم صح التقاطهم لانهم من
أهل التكسب ويصح منهم الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد وهو أصح قولي الشافعية فإذا اخذ أحدهم اللقطة تثبت يده عليها فإن لم يعرف الولي بالتقاطه
واتلفه الصبي ضمن وان تلف في يده بغير تفريط منه لم يضمن لأنه اخذ ماله اخذه فلا يكون عليه ضمان كما لو أودع مالا فتلف عنده وان علم الولي لزمه اخذها منه
لأنه ليس من أهل الحفظ والأمانة فان تركها في يد الصبي ضمنها الولي لأنه يجب عليه حفظ ما يتعلق بالصبي من أمواله وتعلقاته وحقوقه وهذا قد تعلق به حقه
فإذا تركها في يده صار مضيعا لها فضمنها وإذا اخذها الولي عرفها لان الصبي والمجنون ليسا من أهل التعريف وبه قال الشافعي وعنه قول اخر ان الولي إذا لم يعلم
اللقطة وتلفت في يد الصبي من غير تفريط من الصبي كان الصبي ضامنا لها أيضا لأنه وإن كان أهلا للالتقاط فلا يقر المال في يده ولا يجعل أهلا للأمانة بخلاف
الوديعة لان مالك الوديعة سلطه عليه ونحن نقول تسليط الشرع يغني عن تسليط المالك مسألة إذا انتزع ولي الطفل أو المجنون اللقطة منهما وعرفها حولا اعتمد المصلحة فان
رأى المصلحة في تمليك الصبي إياها وتضمينه لها فعل ذلك كما يجوز له ان يقترض عليه لان تملك اللقطة استقراض وحينئذ اختلفت الشافعية فقال بعضهم إذا
اقتضت المصلحة تمليك الصبي ملكه حيث يجوز له الاستقراض ولا يجوز حيث لا يجوز له الاستقراض وقال بعضهم يجوز ان يتملك وإن كان ممن لا يجوز عليه الاستقراض
لاستغنائهما عنه لأن الظاهر عدم صاحبه لأنا نلحقه على هذا القول بالاكتساب وهو المعتمد عندي لأنه لو جرى مجرى الاقتراض في ذلك لم يصح الالتقاط من الصبي
والمجنون فلهذا جعلناه بمنزلة الاكتساب وان رأى أن المصلحة للطفل والمجنون في عدم التمليك احتفظها الولي أمانة وسلمها إلى القاضي ولو احتاج التعريف
إلى مؤنة لم يصرف مال الصبي إليه بل يرفع الامر إلى الحاكم ليبيع جزء من اللقطة لمؤنة التعريف ولو تلفت اللقطة في يد الصبي قبل الانتزاع من غير تقصير فلا ضمان
على الصبي وإن كان الولي قصر بتركها في يده حتى تلفت أو أتلفها فعليه الضمان كما لو احتطب وتركه في يده حتى تلف أو أتلفه يجب الضمان على الولي لان عليه حفظ الصبي عن مثله ثم يعرف التالف وبعد التعريف يتملك
الصبي إن كان النظر له فيه وللشافعي قول اخر انه لا يصح من الصبي والمجنون الالتقاط فلو التقط وتلفت للقطة في يده أو أتلفها وجب الضمان في ماله وليس للولي
ان يقروها؟ في يده بل يسعى في انتزاعها فان امكنه في رفع الامر إلى القاضي فعل فإذا انتزع القاضي ففي براءة الصبي عن الضمان للشافعية وجهان كالخلاف في انتزاع
القاضي للمغصوب من الغاصب واولى بحصول البراءة نظرا للطفل وان لم يمكنه رفع الامر إلى القاضي اخذه بنفسه وفى براءة الصبى عن الضمان للشافعية
قولان كالخلاف في براءة الغاصب بأخذ الآحاد فإن لم يحصل البراءة ففايدة الاخذ صون عين المال عن التضييع والاتلاف وإذا اخذ الولي فان امكنه
التسليم إلى القاضي فلم يفعل حتى تلف قال الشافعي يكون عليه الضمان وان لم يمكنه فقرار الضمان على الصبي وفي كون الولي طريقا وجهان وهذا إذا أخل الولي
لا على قصد الالتقاط إما إذا قصد ابتداء الالتقاط ففيه له وجهان وكذا الخلاف في الاخذ من العبد على هذا القصد إذا لم يصح التقاطه وعندي في ذلك نظر
أقربه بناء على بطلان التقاط الصبي عدم الضمان على الولي ويكون اخذه التقاطا مبتداء ولا حاجة إلى نية الالتقاط كما لو اخذه من الأرض لا بنية الالتقاط
ولو قصر الولي وترك المال في يده قال بعض الشافعية لا ضمان عليه بناء على أنه لا يصح التقاط الصبي لأنه لم يحصل في يده ولا حق للصبي فيه حتى يلزمه الحفظ له بخلاف
ما إذا قلنا إنه يصح التقاطه وخصص بعض الشافعية هذا بما إذا قلنا إن اخذه لا يبرئ الصبي إما إذا قلنا إنه يبرئه فعليه الضمان لالقائه الطفل في ورطة الضمان ويجوز
ان يضمن وإذا قلنا إن اخذه لا يبرء الصبي لان المال في يد الصبي في معرض الضياع فمن حقه ان يصونه والمجنون والسفيه المحجور عليه كالصبي في الالتقاط الا انه يصح
255

تعريف السفيه دون الصبي والمجنون الركن الثالث في المال الملقوط اللقطة كل مال ضايع اخذ ولا يد لاحد عليه فإن كان في الحرم لم يجز تملكه عند
علمائنا أجمع بل في جواز التقاطها قولان ولا خلاف في الكراهة الشاملة للتحريم والتنزيه وعلى القول بالتحريم أو الكراهة لا يجوز التقاطها للتملك قطعا عندنا
بل ليحتفظها لصاحبها دائما ويعرفها حولا ويتصدق بها بعد الحول عن صاحبها وفي الضمان لعلمائنا قولان مع التصدق المشهور ثبوته لأنه دفع مال غيره
المعصوم إلى غير مالكه فكان ضامنا له ولما رواه علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح موسى الكاظم (ع) قال سألته عن رجل وجد دينارا في الحرم فاخذه قال
بئس ما صنع ما كان ينبغي له ان يأخذه قال قلت ابتلى بذلك قال يعرفه قلت فإنه قد عرفه فلم يجد له ناعتا فقال يرجع إلى بلده فيتصدق به على أهل بيت من
المسلمين فان جاء طالبه فهو له ضامن فقال بعض علمائنا لا يضمن إذا تصدق بها بعد الحول لأنه امتثل الامر بالصدقة بها فلا ضمان عليه والمشهور الأول
إذا عرفت هذا فاعلم أن أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين إلى ما اخترناه من الفرق بين لقطة الحل والحرم فحرم التقاط لقطة الحرم للتملك وانما يجوز
التقاطها لحفظها لصاحبها فان التقطها عرفها ابدا حتى يأتي صاحبها وهو أحد قولي الشافعي لقول النبي صلى الله عليه وآله في مكة لا يحل ساقطها الا لمنشد معناه
لا يحل لقطة مكة الا لمن يعرفها لأنها خصت بهذا من بين ساير البلدان وفي حديث اخر ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن لقطة الحاج قال أين ذهب يعني يتركها
حتى يجدها صاحبها وفي رواية أخرى أنه قال في مكة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجرها ولا يختلي خلاها ولا
تحل لقطتها الا لمنشد يعني لمعرف وهذا القول يوافق
قول علمائنا من وجه ويخالفه من وجه اخر إما وجه الموافقة ففي تحريم تملكها لللاقط واما وجه المخالفة فان أصحابنا جوزوا الصدقة بها بعد تعريفها
حولا وفي الضمان حينئذ خلاف ولم يذكر هؤلاء العامة الصدقة والقول الثاني للشافعي انه لا فرق بين لقطة الحرم والحل بل هما سواء في الحكم من التعريف حولا وتملكها
بعده وما رواه العامة عن ابن عباس وابن عمر وعايشة وابن المسيب وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لعموم الأحاديث ولأنه أحد الحرمين فأشبه المدينة
ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة والعمومات قد تخصص بالأدلة وقد بيناه والحرمة في حرم مكة أعظم منه في حرم المدينة ولهذا حرم فيه أشياء هي
مباحه في المدينة وجاز ان يختلف الأمانة باختلاف المحل فلا يتم القياس مسألة لقطة غير الحرم إن كانت قليلة جاز تملكها في الحال ولا يجب تعريفها ولا
نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة اخذ القليل والانتفاع به من غير تعريف ورواه العامة عن علي (ع) وعن عمر وابن عمر وعايشة وبه قال عطا وجابر وزيد وطاوس
والنخعي ويحيى بن أبي كثير ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل وان اختلفوا في قدر القليل والأصل فيه ما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه لم ينكر
على واجد التمرة حيث اكلها بل قال له لو لم تأتها لاتتك ورووا عنه صلى الله عليه وآله انه رأى تمرة فقال له لولا انني اخشى ان تكوني من تمر الصدقة لأكلتك وعن جابر قال رخص رسول الله صلى الله عليه وآله
في العصا والسوط والحبل وأشباهه فليلقطه الرجل يستنفع به وعن عايشة انها قالت لا بأس بما دون الدرهم ان يستنفع به وعن سعد بن زيد بن عقلة قال خرجت
مع سعد وزيد بن صوحان حتى إذا كنا بالتغلب التقطت سوطا فقال لي القه فلما قدمنا المدينة أتيت أبي بن كعب فذكرت ذلك له فقال أصبت ومن طريق الخاصة
ما رواه محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع) قال سألته عن اللقطة قال تعرف سنة قليلا كان أو كثيرا قال وما كان دون الدرهم فلا يعرف
مسألة وقد اختلف في حد القليل الذي لا يجب تعريفه فالذي عليه علمائنا انه ما نقص عن الدرهم فهذا لا يجب تعريفه ويجوز تملكه في الحال عند علمائنا أجمع
وما زاد على ذلك يجب تعريفه حولا لحديث محمد بن أبي حمزة وفي الحسن عن حريز عن الصادق (ع) قال لا بأس بلقط العصا والشظاظ والوتد
والحبل والعقال وأشباهه وقال قال الباقر (ع) ليس لهذا طالب وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى الكاظم (ع) قال سألته عن الرجال يصيب درهما
أو ثوبا أو دابة كيف يصنع قال يعرفها سنة فإن لم يعرف حفظها في عرض ماله حتى يجئ طالبها فيعطيها إياه وان مات اوصى بها وهو لها ضامن وقال الشافعي حد القليل
لا تتبعه النفس؟ ولا تطلبه فهذا يجوز الانتفاع به من غير تعريف وهذا غلط لأنه غير مضبوط ولا مقدر بقدر ولا يجوز التحديد به وهو مضطرب مختلف باختلاف
النفوس شرفا وضعة وغناء وفقرا أو مثل ذلك لا يجوز من الشارع ان يجعلها مناطا للأحكام وقال مالك وأبو حنيفة لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق وان اختلفا
في القدر الذي يقطع به السارق فعند مالك ربع دينار فما نقص عنه لا يجب تعريفه وعند أبي حنيفة عشرة دراهم فما نقص عنه لا يجب تعريفه لان ما دون ذلك
تافه فلا يجب تعريفه كالتمرة واللقمة وقد قالت عايشة كانوا لا يقطعون في الشئ التافه وروى العامة عن علي (ع) انه وجد دينارا فتصرف فيه وهو عندنا
ضعيف ويحمل على غير اللقطة ورووا عن سلمى بنت كعب قالت وجدت خاتما من ذهب في طريق مكة فسألت عايشة عنه قالت تمتعي به وليس قول عايشة بحجة البتة والتحديد
بما يجب فيه القطع مناف للأصل وهو عصمة مال الغبر وقد ثبت تحريم مال المسلم وان حرمته كحرمة دمه صرنا إلى ما نقص عن الدرهم للاجماع فيبقى الباقي على الأصل
فروع أ لو تملك ما دون الدرهم ثم وجد صاحبه فالأقرب وجوب دفعه إليه لأصالة بقاء ملك صاحبه عليه وتجويز التصرف للملتقط لا ينافي وجوب رده عليه ب
الأقرب وجوب دفع العين مع وجود صاحبه ويحتمل القيمة مطلقا كالكثير إذا تملكه بعد التعريف والقيمة ان نوى التمليك والا فالعين وهو أقرب ج لو تلف بتفريطه
ثم وجد صاحبه فالأقرب وجوب الضمان مع احتمال عدمه د الأقرب انه فرق بين لقطة الحرم والحل فيما دون الدرهم كما في الزايد عليه لحرمة الحرم الشاملة للقليل
والكثير مسألة إذا بلغت اللقطة درهما فما زاد وجب فيها التعريف فلا يجوز تملكها في الحال فان نواه لم يملك وضمن لان بعض أصحابنا سأل الصادق (ع)
عن اللقطة قال تعرف سنة قليلا كان أو كثيرا قال وما كان دون الدرهم فلا يعرف فلزم من هذا وجوب تعريف الدرهم وعن محمد بم قيس عن الباقر (ع) قال قضى
علي عليه السلام في رجل وجد ورقا في خربة ان يعرفها فان وجد من يعرفها والا تمتع بها وعن داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام أنه قال في اللقطة يعرفها سنة ثم هي
كسائر ماله إذا عرفت هذا فان وجوب التعريف حولا انما هو في الأموال التي يمكن بقاؤها ولا يسرع الفساد إليها إما بمعالجة كالرطب المفتقر إلى العلاج بالتشميس
والكيس حتى يصير تمرا أو بغير معالجة كالذهب والفضة والثياب وغيرها واما ما لا بقاء له كالهريسة والبطيخ وشبههما فإنه يجوز تناوله بعد التقويم على نفسه ويضمنه
للمالك مسألة يكره التقاط ما يكثر فايدته وتقل قيمته كالنعلين والإداوة والسوط وأشباه ذلك لان عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق (ع)
عن النعلين والإداوة والسوط يجده الرجل في الطريق أينتفع به قال لا يمسه ولان الاكتساب في ذلك منتف وربما تضرر مالكه بضياعه عنه وقول الصادق (ع)
لا بأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه لا ينافي ما قلناه لحقارة هذه الأشياء فلا يطلبها المالك ولهذا روى في تتمة الخبر عن أبيه
الباقر (ع) قال قال أبو جعفر (ع) ليس لهذا طالب فدل ذلك على البناء على العادة في الاعراض عن هذه الأشياء فيكون في هذه في الحقيقة إباحة من المالك
256

لها مع أن نفي البأس لا يضاد الكراهة إذا عرفت هذا فلو التقط أحد هذه الأشياء ثم ظهر مالكها كان له اخذها وبالجملة فاخذ اللقطة مطلقا عندنا مكروه
ويتأكد في مثل هذه الأشياء ويتأكد الكراهة في مطلق اللقطة للفاسق واكد منه المعسر مسألة ما ليس بمال مما يجوز اقتناؤه مثل كلب الصيد إذا منعنا
من بيعه وكذا غيره من الكلاب المنتفع بأعيانها مثل كلب الماشية والزرع والحايط فإنه يجوز التقاطه ويعرف سنة وبه قال الشافعي الا ان الشافعي شرط في الالتقاط
قصد الحفظ ابدا لأنه لا يجوز له تملكه بعد السنة بالعوض لأنه لا قيمة له عنده وبغير عوض مخالف لوضع اللقطة واما المنفعة فعلى وجهين ان جوزوا اجارة
الكلب كانت مضمونة والا فلا وقال أكثر الشافعية يعرفه سنة كما قلناه ثم يختص به وينتفع به فان ظهر صاحبه بعد ذلك وقد تلف لم يضمنه وهل عليه أجرة المثل
لمنفعة تلك المدة وجهان مبنيان على جواز اجارة الكلب واما عندنا فإن كان الكلب له قيمة مقدورة في الشرع فإذا عرفه حولا ولم يجد صاحبه جاز له ان يتملكه فيكون
عليه القيمة الشرعية المطلب الثاني في الاحكام ومباحثه أربعة الأول الضمان وعدمه مسألة اللقطة أمانة في يد الملتقط ما لو ينو
التملك أو يفرط فيها أو يتعدى فإذا اخذها بقصد الحفظ لصاحبها دائما فهي أمانة في يده ما لم ينو التملك أو يفرط أو يتعدى وان بقيت في يده أحوالا
ان قلنا بافتقار التملك إلى نية لأنه بذلك محسن في حق المالك بحفظ ماله وحراسته فلا يتعلق به ضمان لقوله تعالى ما على المحسنين من سبيل ولان حاله لم يختلف قبل
الحول ولا بعده فكذا الحكم بعدم الضمان ينبغي ان لا يختلف واما ان قلنا بدخولها في ملكه بعد الحول وان لم يقصد التملك فإنه يضمنها بدخولها في ملكه
لكن المعتمد عند علمائنا الأول وسيأتي مسألة إذا نوى الاحتفاظ لها دائما فهي أمانة في يده على ما تقدم فان دفعها إلى الحاكم وجب عليه القبول لأنه معد لمصالح
المسلمين وأعظمها حفظ أموالهم بخلاف الوديعة فإنه لا يلزمه قبولها على أحد وجهي الشافعية لأنه قادر على الرد إلى المالك بل لا يجوز له دفعها إلى الحاكم مع
القدرة على صاحبها لقوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الأمانات إلى أهلها ولو تعذر عليه الرد إلى المالك وافتقر إلى ايداعها أودعها الحاكم للضرورة ولو اخذ
للتملك ثم بدا له ودفعها إلى الحاكم لزمه القبول ولو قصد الحفظ ابدا لزمه التعريف حولا ولا يسقط وجوب التعريف حولا بقصد الحفظ دايما وهو أحد وجهي
الشافعية على ما يأتي فإن لم يجب لم يضمن بتركه عندهم وإذا بدا له قصد التملك عرفها سنة من حينئذ ولا يعتد بما عرف من قبل وان أوجبناه فهو ضامن بالترك
حتى لو ابتدا بالتعريف بعد ذلك فهلك في سنة التعريف ضمن مسألة لو نوى الخيانة والتملك بغير تعريف حين الالتقاط وأخفاها
عن المالك كان ضامنا غاصبا ولا يحل له اخذها بهذه النية فان اخذها لزمه ضمانها سواء تلفت بتفريطه أو بغير تفريطه فان دفعها إلى الحاكم فالأقرب زوال الضمان
لأنه نايب عن المالك فكأنه قد دفع إلى المالك وهو أحد وجهي الشافعية كما في الغاصب ولو لم يدفعها إلى الحاكم بل عرفها حولا فالأقرب انه يجوز له التملك لأنه قد وجد
سبب التملك وهو التعريف والالتقاط فيملكها به كالاصطياد والاحتشاش فإنه لو دخل حايط غيره بغير اذنه فاصطاد منه صيدا ملكه وإن كان دخوله محرما كذا
هنا ولان عموم النص يتناول هذا الملتقط فيثبت حكمه فيه ولانا لو اعتبرنا نية التعريف وقت الالتقاط لافترق الحال بين العدل والفاسق والصبي والسفيه
لان الغالب على هؤلاء الالتقاط للتملك من غير تعريف وهو أحد قولي الشافعية والأظهر عندهم والأشهر بينهم انه لا يمكن من التملك لأنه اخذ مال غيره على وجه
لا يجوز له اخذه فأشبه الغاصب ولا بأس به مسألة لو اخذ اللقطة بنية التعريف حولا والتملك بعده فإنها في الحول أمانة غير مضمونة لو تلفت بغير تفريط
منه أو نقصت فلا ضمان عليه كالوديعة الا بالتعدي أو التفريط أو نية التملك واما بعد السنة فالأقرب انها تصير مضمونة عليه إذا كان عزم؟ التملك مطردا وان لم يجر حقيقة
لأنه صار ممسكا لنفسه فأشبه المستام هذا ان قلنا إن اللقطة لا تملك بمضي السنة فان قلنا تملك فإذا تلفت تلفت منه لا محالة وهذا قول بعض الشافعية وأكثرهم على
انها أمانة إذا لم يجر التملك قصدا أو لفظا إذا اعتبرنا اللفظ كما كانت قبل الحول نعم إذا اختار وقلنا لا بد من التصرف فحينئذ يكون مضمونا عليه كالقرض وقد اعترض
على ذلك بأنه قد يغير القصد إلى الحفظ ما لم يتملك فلا يكون ممسكا لنفسه فلو كان قصد التملك يجعله ممسكا لنفسه لزم ان يكون الذي لا يقصد بالتعريف الا تحقيق شرط
التملك ممسكا لنفسه في مدة السنة أيضا مسألة لو اخذ اللقطة بنية الأمانة والتعريف ثم قصد الخيانة ضمن بقصده لان سبب أمانته مجرد نيته والا فاخذ
مال الغير بغير رضاه مما يقتضي الضمان ولأنه استيمان ضعيف لأنه ثبت من غير جهة المالك فيكفي في زواله أدنى سبب ولان نية الخيانة لو حصلت حالة الالتقاط
لاقتضت الضمان فكذا بعده لبراءة ذمته قبل الالتقاط وحالة الأمانة وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم انه لا يصير المال مضمونا عليه بمجرد القصد
كالمستودع لو جدد نية الخيانة في الوديعة بعد نية الحفظ لم يصر ضامنا بذلك كذا الملتقط والفرق ظاهر بين الملتقط والمستودع لان المستودع مسلط مؤتمن من جهة المالك
على أن في المستودع وجها للشافعية انه يضمن بمجرد القصد وعلى الظاهر من مذهب الشافعية من أن الودعي لا يضمن بقصد الخيانة بعد نية الحفظ لو اخذ الوديعة
على قصد الخيانة في الابتداء وجهان للشافعية في أنه هل يكون ضامنا أم لا وإذا قلنا صار الملتقط ضامنا في الدوام إما بنفس الخيانة أو بقصدها ثم رجع عن نية
الخيانة وقصد الأمانة وأراد ان يعرف ويتملك للشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه قد تعدى في أمانته وصار مضمونا عليه بنية الخيانة أو لا فلا يبرء من الضمان لان
الأمانة لا تعود بترك التعدي والثاني ان التقاطه في الابتداء وقع مفيدا للتملك فلا يبطل حكمه بتفريط يطرء ولان سبب التملك هو الالتقاط والتعريف غير
محرم وانما المحرم ما قصده ولم يتصل به تحقيق مسألة قال الشيخ (ره) اللقطة يضمن بمطالبة المالك لا بنية التملك وفيه نظر لان المطالبة تترتب على الاستحقاق
فلو لم يثبت الاستحقاق أولا لم يكن لصاحبها المطالبة فلو ترتب الاستحقاق على المطالبة لزم الدور ولو اخذ الملتقط اللقطة ولم يقصد خيانة ولا أمانة لم يكن
مضمونة عليه وله ان يتملك بشرطه وكذا لو اضمر أحدهما ونسي ما اضمره لأصالة البراءة البحث الثاني في التعريف مسألة ينبغي للملتقط
ان يقف على اللقطة ليميزها عن أمواله فلا يختلط امرها عليه ويشتبه بما يختص به وأيضا يستدل بها على معرفة صدق مدعيها إذا جاء وطلبها فحينئذ يستحب ان يعرف
عفاصها وهو الوعاء من جلد أو خرق أو غيرهما ووكاءها وهو الخيط الذي يشد به لورود ذلك في الخبر انه (ع) قال اعرف عفاصها ووكائها وينبغي ان يعرف أيضا جنسها
هل هي ذهب أو فضة أو ثوب هروي أو مروي ويعرف قدرها بالوزن أو العدد إن كان مما يعد في العادة لما ورد في حديث أبي بن كعب اعرف عدتها ومهما ازداد
عرفانا ازداد احتياطا في حفظها وتبينها على أنه لا يفرط في طرفها فيها وينبغي ان يقيد ذلك بالكتابة لئلا ينسى ما عرفه منها مسألة ويجب على الملتقط تعريف
اللقطة إذا بلغت درهما فما زاد والانشاد بها ليظهر خبرها لصاحبها فيأخذها سواء قصد الملتقط حفظها دائما لصاحبها أو نوي التملك بعد السنة عند علمائنا
وبه قال احمد لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث زيد بن خالد الجهني قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله يسأله عن اللقطة فقال اعرف عفاصها ووكائها
257

ثم عرفها سنة فان جاء صاحبها والا فشأنك بها ومن طريق الخاصة ما رواه داود بن سرحان عن الصادق (ع)
أنه قال في اللقطة يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله وفي
الصحيح عن الحلبي عن الصادق (ع) في اللقطة في حديث قال يعرفها سنة فان جاء طالبها والا فهي كسبيل ماله ولأنه مال للغير حصل في يده فيجب عليه دفعه إلى
مالكه ولا طريق إلى العلم به الا بالتعريف والانشاد وما لا يتم الواجب الا به يكون واجبا فوجب التعريف ولان ترك التعريف كتمان مفوت للحق على المستحق وهو أظهر
وجهي الشافعية والثاني انه ان قصد الملتقط التملك وجب التعريف حولا وان قصد الحفظ ابدا لم يجب لان التعريف انما يجب لتحقق شرط التملك وهو ممنوع
بل التعريف وجب لايصال الحق إلى مستحقه ولان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهما السلام لم يفرقوا بل اطلقوا وجوب التعريف ولان حفظها في يد الملتقط من غير
ايصالها إلى مستحقها مساو لعدمها عنه ولهلاكها ولان امساكها من غير تعريف تضييع لها عن صاحبها فلم يجز كردها إلى موضعها أو القائها في غيره ولأنه
لو لم يجب التعريف لما جاز الالتقاط لان بقائها في مكانها إذا أقرب إلى وصولها إلى صاحبها إما بان يطلبها في الموضع الذي ضاعت منه فيجدها واما ان يجدها من يعرفها
واخذ هذا لها يفوت الامرين معا فكان محرما لكن الالتقاط جايز فلزم التعريف كيلا يحصل هذا الضرر ولان التعريف واجب على من أراد تملكها فكذا يجب
على من أراد حفظها فان التملك غير واجب فلا تجب الوسيلة إليه فيلزم ان يكون الوجوب في المحل المتفق عليه لصيانتها عن الضياع عن صاحبها وهذا موجود
في محل النزاع مسألة لا يراد بالتعريف سنة استيعاب السنة وصرفها بأسرها في التعريف بل يسقط التعريف في الليل لان النهار مجمع الناس وملتقاهم دون الليل ولا
يستوعب الأيام أيضا بل على المعتاد فيعرف في ابتداء اخذ اللقطة في كل يوم مرتين في طرفي النهار ثم في كل يوم مرة ثم في كل أسبوع مرة أو مرتين ثم في كل شهر مرة بحيث
لا ينسى كونه تكرار الماضي وبالجملة فلم يقدر الشرع في ذلك سوى المدة التي قلنا إنه لا يجب شغلها به فالمرجع حينئذ في ذلك إلى العادة وينبغي المبادرة إلى التعريف
من حين الالتقاط لان العثور على المالك في ابتداء الضياع أقرب ويكرر ذلك طول الأسبوع لان الطلب فيه أكثر وللشافعية في وجوب المبادرة إلى التعريف من
حين الالتقاط قولان أحدهما الوجوب لما تقدم والثاني عدمه بل الواجب تعريفها سنة مطلقا وبه ورد الامر مسألة قدر مدة التعريف سنة فيما بلغ درهما فصاعدا
عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وابن عباس وعمرو بن المسيب والشعبي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأصحاب الرأي لحديث زيد بن خالد الذي رواه العامة وقد
تقدم ومن طريق الخاصة ما تقدم وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن اللقطة فقال لا ترفعوها فان ابتلبت فعرفها سنة فان جاء طالبها
والا فاجعلها في عرض مالك يجرى عليها ما يجري على مالك إلى أن يجئ لها طالب ولان السنة لا يتأخر عنها القوافل ويمضي فيها الأزمان التي يقصد فيها البلاد
من الحر والبرد والاعتدال وروي عن عمر روايتان اخريان إحديهما يعرفها ثلاثة أشهر والاخرى ثلاثة أعوام لان أبي بن كعب روى عن النبي صلى الله عليه وآله وأمره بتعريف
مائة دينار ثلاثة أعوام لأنه قد روي في حديث أبي بن كعب أنه قال له عرفها حولا فعرفها ثم عاد إليه فقال له عرفها فعرفها ثم عاد إليه فقال له عرفها حولا فأمره ان يعرفها ثلاثة أحوال
قال ابن داود شك الراوي في ذلك فقال له حولا أو ثلاثا قال ابن المنذر قد ثبت الاجماع بخلاف هذا الحديث وعلى ان حديث زيد بن خالد امره بسنة واحدة
فدل على اجزاء ذلك وقال أبو أيوب الهاشمي ما دون الخمسين درهما يعرفها ثلاثة أيام إلى سبعة أيام وقد روى عن أبان بن تغلب قال أصبت يوما ثلاثين دينارا فسألت الصادق (ع)
عن ذلك فقال لي أين أصبته قال فقلت كنت منصرفا إلى منزلي فأصبتها قال فقال صر إلى المكان الذي أصبت فيه فتعرفه فان جاء طالبه بعد ثلاثة أيام فاعطه والا
تصدق به والرواية في سندها قول فلا تعويل عليها على أنه يحتمل تعريفها سنة ثم يتصدق بها بعد ثلاثة أيام من تمام الحول استظهارا في الحفظ لصاحبها وقال الثوري
في الدرهم يعرفه أربعة أيام وقال الحسن بن صالح بن حي ما دون عشرة دراهم يعرفها ثلاثة أيام وإن كان فوق ذلك فليعرفها سبعة أيام وقال إسحاق ما دون الدينار يعرفه
جمعة أو نحوها وروى أبو إسحاق الجورجاني باسناده عن يعلى بن أمية قال قال رسول الله (ع) من التقط درهما أو حبلا أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام وإن كان فوق ذلك
فليعرفه سبعة أيام وهذا الحديث لم يعلم به قائل على وجهه فإذا الأحاديث التي أوردناها أولي بالعمل من هذا فان اطراح الفقهاء من العامة والخاصة له يدل
على الضعف في الرواية (مسألة)؟ لا يجب التوالي في التعريف فلو فرقه جاز بان يعرف شهرين ويترك شهرين وهكذا وهو أحد وجهي الشافعية كما لو نذر صوم سنة يجوز
ان يوالي وان يفرق كذا هنا وفي الآخر لا يجوز التفريق لأنه إذا فرق لم تظهر فايدة التعريف فعلى هذا لو قطع التعريف مدة وجب الاستيناف عندهم والأقرب وجوب
المبادرة في التعريف تحصيلا لغرض وقوف المالك عليها وهو في الغالب يعجل الطلب فإذا أخفاها عن مالكها فات الغرض المطلوب شرعا فان فرط في المبادرة
فعل محرما فإذا عرف متفرقا لم يجب الاستيناف وكفاه التلفيق مسألة الأحوط في التعريف الايغال في الابهام فلا يذكر الجنس فضلا عن النوع ووصفه
بل يقول من ضاع له شئ أو مال لأنه ابعد ان يدخل عليه بالتخمين واحفظ لها من ادعاء كاذب ولو ذكر الجنس جاز كان يقول من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب ولا يزيد
عليه فإنه ربما أدعاه الكاذب ولو ذكر بعض صفاتها لم يستقص على الجميع لئلا يعلم بصفتها من يسمع تلك الأوصاف المفصلة فلا يبقى صفتها دليلا على ملكها
لمشاركة غير المالك في ذلك ولا يؤمن ان يدعيها بعض من سمع صفاتها ويذكر صفتها التي يدفع اللقطة بها فيأخذها وهو غير مالك لها فتضيع على مالكها وقال
بعض الشافعية لابد وان يصف الملتقط بعض أوصاف اللقطة فإنه افضى إلى الظفر بالمالك وهل ذلك شرط أو مستحب فيه وجهان الاظهر منهما عندهم الثاني
وعلى القول بكونه شرطا فهل يكفي ذكر الجنس بان يقول من ضاع منه دراهم قال الجويني ما عندي انه يكفي ولكن يتعرض للعفاص والوكاء ومكان الالتقاط وتاريخه
ولا يستوعب الصفات ولا يبالغ لئلا يدعيها الكاذب فان استوعب جميع الصفات ففي الضمان عندهم الوجهان أحدهما المنع لأنه لا يلزمه الدفع الا بالبينة والثاني
الثبوت لان المدعي قد يرفع الملتقط إلى حاكم يعتقد وجوب الدفع إلى الواصف مسألة لا يجب على الملتقط مباشرة التعريف إذ الغرض به الاشهاد والاعلان
ولا غرض للشارع متعلق بمباشر دون اخر فيجوز ان يباشر النداء بنفسه وان يوليه غلامه وولده ومن يستعين به ويستأجر عليه ولا نعلم فيه خلافا فان تبرع الملتقط
بالتعريف أو بذل مؤنته فذاك والا فان اخذها للحفظ ابدا وجب التعريف أيضا عندنا وعلى أحد قولي الشافعي لا يجب حينئذ فهو متبرع إذا عرف فان قلنا يجب وهو الحق
عندنا إذا احتاج التعريف إلى مؤنة فان اخذها للتملك واتصل الامر بالتملك فمؤنة التعريف على الملتقط لأنه انما يفعل التعريف ليتشبث به إلى إباحة تملكه
لها فكانت مؤنة التعريف عليه لأنها لمصلحته ونفعه وان ظهر المالك فهي على الملتقط أيضا لقصده التملك وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انها على المالك
لعود الفايدة إليه ولو قصد الحفظ حين الالتقاط ابدا فالأقرب انه لا يجب على الملتقط اجرة التعريف بل يرفع الامر إلى الحاكم ليبذل اجرته من بيت المال أو
يستقرض على المالك أو يأمر الملتقط بالاقتراض ليرجع أو يبيع بعضها ان رآه أصلح أو لم يمكن الا به ولو قصد الأمانة أو لا دائما ثم قصد التملك ففيه للشافعية وجهان
258

مبنيان على أن النظر هل هو إلى منتهى الامر ومستقره أو إلى حالة ابتدائه ويحتمل عندي انه إذا قصد التملك دايما ان يكون مؤنة التعريف عليه أيضا لأنه واجب عليه
فإذا لم يتم الا بالاجر وجب لانما لا يتم الواجب الا به يكون لا شك واجبا وكذا البحث في اجرة لقطة الحرم إما اجرة مخزنها ونشرها وطيها وتجفيفها فإنه على المالك ولو وليه
الملتقط بنفسه لم يكن له اجرة وقال مالك إذا دفع الملتقط من اللقطة شيئا لمن عرفها لم يكن عليه غرم كما لو دفع منها شيئا لمن يحفظها والأصل ممنوع مسألة
مكان التعريف في مجتمع الناس كالأسواق وأبواب المساجد عند خروج الناس من الجماعات وفى الجوامع في الوقت الذي يجتمعون فيها وفي محافل (مجامع) الناس لان المقصود إشاعة ذكرها واظهارها ليظهر عليها مالكها فيجب تحري مجامع الناس ولا
ينشدها في وسط المسجد لان المسجد لم يبن لهذا وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا أداها الله
إليك فان المساجد لم تبن لهذا وكراهة تعريف الضالة ككراهة طلبها في المساجد وقال بعض الشافعية الأصح من الوجهين جواز التعريف في المسجد الحرام بخلاف
سائر المساجد ثم إذا التقط في بلد أو قرية فلابد من التعريف فيها فليكن أكثر تعريفه في البقعة بالمحلة التي وجد فيها فان طلب الشئ في موضع فقدانه أكثر
فان اتفق له سفر فوض التعريف إلى غيره ولا يسافر بها ولو التقط في الصحراء فان اجتازت به قافلة يتبعهم وعرفها فيهم والا فلا فايدة في التعريف في المواضع
الخالية ولكن يعرف عند الوصول إليها ولا يلزمه ان يغير قصده ويعدل إلى أقرب البلاد إلى ذلك الموضع أو يرجع إلى مكانه الذي انشاء السفر منه وقال
بعض الشافعية يعرفها في أقرب البلدان إليه نعم لو التقطها في منزل قوم رجع إليه وعرفهم فان عرفوها فهي لهم والا فلا لما رواه إسحاق بن عمار انه سأل الكاظم
(ع) عن رجل نزل في بعض بيوت مكة فوجد نحوا من سبعين درهما مدفونة فلم يزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع قال يسأل عنها أهل
المنزل لعلهم يعرفونها قلت فإن لم يعرفوها قال يتصدق بها إذا عرفت هذا فإنه لا يصحب اللقطة في السفر كما لا يصحب الوديعة ولكن يعرف في اي بلد دخله
مسألة ينبغي ان يتولى التعريف شخص امين ثقة عاقل غير مشهور بالخلاعة؟ واللعب ليحصل الوثوق باخباره ولا يتولاه الفاسق لئلا يفقد فايدة
التعريف وهذا على الكراهة دون التحريم وليس للملتقط تسليم اللقطة إلى غيره الا بإذن الحاكم فان فعل ضمن الا مع الحاجة بان يريد السفر ولا يجد حاكما
يستأذنه فيجوز ان يسلمها إلى الثقة وكذا لو التقط في الصحراء ولم يتمكن من حفظها ومراعاتها فإنه يجوز له الاستعانة بغيره وتسليمها إليه مع عدم القدرة
على الاستقلال بحفظها والمشاركة فيه مسألة قد بينا ان التعريف سنة يجب في قليل المال وكثيره ما لم يقصر عن درهم فلا يجب وهو أحد وجوه الشافعية
لما رواه العامة عن عايشة انه لا بأس بما دون الدرهم ان يستنفع به ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وما دون الدرهم فلا يعرف الثاني للشافعية
ان القليل ان انتهت قلته ان يسقط تموله كالحبة من الحنطة والزبيبة الواحدة فلا تعريف على واجده وله الاستبداد به وبينهم خلاف في أن من أتلف مما لا
يتمول ما هو من قبيل المثليات هل يغرمه والظاهر بينهم انه لا يغرمه كما لا يجوز بيعه وهبته وإن كان متمولا مع القلة فيجب تعريفه لان فاقده يطلبه خلافا لأبي
حنيفة ومالك واختلفوا في قدر مدة تعريفه على وجهين أحدهما سنة لاطلاق الاخبار والثاني المنع لان الشئ الحقير لا يدوم فاقده على طلبه سنة بخلاف الخطير
وعلى هذا فأوجه أحدها قال الإصطخري انه يكفي التعريف مرة لأنه يخرج بها عن حد الكاتم وليس بعدها مناط يعتمد والثاني يعرف ثلاثة أيام لأنه قد روي في
بعض الأخبار من التقط لقطة يسيرة فليعرفها ثلاثة أيام والثالث وهو الاظهر بينهم انه يعرف مدة يظن في مثلها طلب الفاقد له إذا غلب على الظن اعراضه
سقط الطلب ويختلف ذلك باختلاف قدر المال وقال بعض الشافعية دانق الفضة ويعرف في الحال ودانق الذهب يعرف يوما أو يومين أو ثلاثة واختلفوا
في الفرق بين القليل المتمول وبين الكثير على أوجه أحدها انه لا يتقدر بمقدار ولكن ما يغلب على الظن ان فاقده لا يكثر أسفه عليه ولا يطول طلبه له في الغالب فهو
قليل والثاني ان القليل ما دون نصاب السرقة فإنه تافه في الشرع وقد قالت عايشة ما كانت الأيدي تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في الشئ التافه
وبه قال أبو حنيفة ومالك والثالث ان القليل دينار فما دون لما رواه العامة ان عليا (ع) وجد دينارا فسأل النبي صلى الله عليه وآله فقال هذا رزق الله فاشتر به
دقيقا ولحما فاكل منه رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة عليهما السلام ثم جاء صاحب الدينار ينشد الدينار فقال النبي صلى الله عليه وآله يا علي أد الدينار ومن طريق الخاصة
ما رواه الفضيل بن غزوان عن الصادق (ع) قال كنت عنده فقال له الطيار ان حمزة ابني وجد دينارا في الطواف قد انسحق كتابته قال هو له ويحتمل ان يكون
الدينار التي طشت كتابته قصرت عن الدرهم وعليه تحمل رواية العامة تذنيب قال بعض الشافعية يحل التقاط السنابل وقت الحصاد ان اذن فيه المالك
أو كان قدر ما لا يشق عليه ان يلتقط وإن كان يلتقط بنفسه لو اطلع عليه والا لم يحل مسألة لو التقط ما لا بقاء له مما يفسد بسرعة كالطبايخ والرطب
الذي لا يثمر والبقول فإن كان في برية تخير بين ان يبيعه ويأخذ ثمنه فيعرفه وبين ان يتملكه في الحال فيأكل ويغرم قيمته لصاحبها ان وجده لما رواه العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال فمن وجد طعاما اكله ولم يعرفه وان وجده في قرية أو بلدة فكذلك عندنا يتخير بين البيع وتعريف الثمن وبين التقويم والتملك والتعريف حولا وقال
المزني ان وجده في الصحراء فكذلك وان وجده في القرية أو البلد فقولان أحدهما ليس له الاكل بل يبيعه ويأخذ ثمنه لمالكه لان البيع يتيسر في العمران والثاني انه
كما لو وجده في الصحراء لاطلاق الخبر وهو أشهر عند الشافعية ومنهم من قطع به إذا عرفت هذا فإنه إذا أراد بيعه إما في الصحراء أو في العمران فإنه يدفعه
إلى الحاكم ليتولى ذلك أو يأذن له فيه لأنه منصوب للمصالح وهذا منها فان تعذر الحاكم تولاه الملتقط وإذا دفعه إلى الحاكم فلا ضمان وعلى أحد قولي الشافعية
من عدم جواز الأكل في العمران لو اكل كان عاصيا عندهم وعلى القول الثاني بجواز الاكل فلهم في وجوب التعريف بعده وجهان أصحهما عندهم الوجوب
إذا كان في البلد كما أنه لو باع يعرف وإذا كان في الصحراء قال الجويني لا يجب لأنه لا فايدة فيه في الصحراء وعندنا ان تعريف ما بلغ قدر الدرهم واجب سواء كان المأكول في الصحراء أو العمران وإذا اكله وجب
عليه القيمة لأنه أتلف مال غيره بغير اذنه ثم بعد الوقوف على المستحق هل يجب افراز القيمة المعروفة للشافعية قولان أظهرهما انه لا يجب لان ما في الذمة لا يخاف
هلاكه وإذا أفرز كان المفروز أمانة في يده فربما تلف فما في الذمة احفظ ولان كل موضع جاز له التصرف في اللقطة لا يجب عليه عزل قيمتها كما بعد الحول
والثاني انه يجب احتياطا لصاحب المال ليتقدم صاحب المال بتلك القيمة لو أفلس الملتقط ولأنه لو باعها كان الثمن عنده معزولا فكذا إذا اكلها فحينئذ يجب ان
يرفع الامر إلى الحاكم ليقبض عن صاحب المال فإن لم يجد حاكما فهل للملتقط السلطنة الالتقاط ان ينيب عنه فيه عند الجويني احتمال وذكر انه إذا افرزها
لم يصر ملكا لصاحب المالك لكنه أولي بتملكها لأنه لو كان كذلك لما سقط حقه بهلاك القيمة المفروزة وقد نص الشافعي على السقوط وأيضا نص على أنه إذا
مضت مدة التعريف فله ان يتملك تلك القيمة كما يتملك نفس اللقطة وكما يتملك الثمن إذا باع الطعام وهو يقتضي صيرورتها ملكا لصاحب اللقطة
259

ولو اختلفت القيمة يوم الاخذ ويوم الاكل قال بعض الشافعية انه ان اخذ للاكل اعتبرت قيمته يوم الاخذ وان اخذ للتعريف اعتبرت قيمته يوم الاكل ولا بأس به عندي
ولو افتقر ما يمكن بقاؤه إلى المعالجة كتجفيف الرطب بحيث يصير تمرا فإن كان الحظ لصاحبه في بيعه رطبا بيع إما بأمر الحاكم ان وجد أو يتولاه الملتقط ان لم
يمكن الوصول إليه وان لم يكن الحظ في بيعه فان تبرع أحد بتجفيفه فذاك والا باع الحاكم أو الملتقط مع تعذره بعضه واتفق على تجفيف الباقي بخلاف الحيوان حيث
يباع بأجمعه لان النفقة قد تكرر فيؤدي إلى أن يأكل نفسه تذنيب إذا باع الطعام عرف المبيع دون الثمن كما أنه إذا اكل يعرف المأكول دون القيمة مسألة
ما لا يبقى عاما كالطبخ والبطيخ والفاكهة التي لا تجفف والخضراوات يتخير ملتقطها بين اكلها وحفظ ثمنها وبين دفعها إلى الحاكم ليبيعها ان تمكن منه ليبيعها
على ما قدمناه ولا يجوز له ابقاؤه ولأنه يتلف فان تركه حتى تلف ضمن لأنه فرط في حفظه فلزمه ضمانه كالوديعة وليس له بيعه بنفسه مع وجود الحاكم خلافا لأحمد
في الشئ القليل وهو يبطل بالكثير ولأنه مال الغير ولا ولاية له عليه ولا على مالكه فلم يجز بيعه الا بالحاكم كغير اللقطة احتج بأنه أبيح له اكله فأبيح له بيعه كماله ولأنه أبيح
له بيعه عند العجز عن الحاكم فجاز عند القدرة عليه وهو غلط لان في البيع ولاية على مال الغير بخلاف الاكل لان القصد به مع الانتفاع أداء القيمة إلى المالك وحالة
العجز لا قدرة على الحاكم فأبيح له البيع تخلصا من ضررها بخلاف حال القدرة إذا تقرر هذا فان أراد الاكل أو البيع عرف صفاته وحفظها ثم عرفه عاما فان جاء
صاحبه فإن كان قد باعه دفع ثمنه إليه وإن كان قد اكله غرمه له بقيمته ولو تلف الثمن منه بغير تفريطه قبل تملكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت بغير تفريط
فلا ضمان على الملتقط وان تلفت أو نقصت أو نقص الثمن أو تلف بتفريطه لزمه ضمانه وكذا لو تلف الثمن بعد ان تملكه أو نقص أو تلفت العين أو نقصت
بعد ان تملكها مسألة ما يفتقر إلى العلاج ينظر الحظ لصاحبه فيفعل كما قلناه أولا فإن كان في التجفيف جففه أو رفعه إلى الحاكم ليس له الا ذلك لأنه مال
غيره فيلزمه الحظ فيه لصاحبه كالولي عن اليتيم ولو افتقر إلى غرامة باع بعضه في ذلك ولو كان الحظ في بيعه باعه وحفظ ثمنه ولو تعذر بيعه ولم يمكن تجفيفه تعين
اكله كالبطيخ وعن أحمد رواية أخرى انه لا يؤكل بل إما ان يبيعه أو يتصدق به وكذا كل طعام يتغير لو بقى لا يجوز اكله بل يتخير بين الصدقة به والبيع وبه قال مالك
وأصحاب الرأي وقال الثوري يبيعه ويتصدق قيمته والكل باطل بما روي من طرق العامة والخاصة من قول النبي صلى الله عليه وآله في ضالة الغنم خذها فإنما هي لك
أو لأخيك أو للذئب وهذا تجويز للاكل فإذا جاز فيما هو محفوظ تبقيته ففيما يفسد ببقائه أولي تذنيب إذا باع الطعام الذي يخشى فساده أو الذي يحتاج
إلى العلاج تولاه الحاكم فان تعذر تولاه بنفسه لأنه موضع ضرورة وإذا باع وعرف صاحبه لم يكن له الاعتراض في البيع لأنه وقع جايزا إما لو باعه بدون اذن الحاكم
وفي البلد حاكم كان البيع باطلا فإذا جاء صاحبه كان له مطالبة المشتري به فإن كان تالفا رجع بالقيمة على من شاء لان الملتقط ضمنه بالبيع والتسليم والمشتري
بالتسلم فان رجع على الملتقط رجع الملتقط على المشتري لان التلف حصل في يده ويده ضامنة وان رجع على المشتري لم يرجع على الملتقط مسألة
قد بينا انه يجب المبادرة إلى التعريف فلو اخره عن الحول الأول مع الامكان اثم لان النبي صلى الله عليه وآله أمر به وقال لا يكتم ولا يغيب ولان ذلك وسيلة إلى أن لا
يعرفها صاحبها فان الظاهر أن صاحبها بعد الحول ييئس منها ويسلو عنها ويترك طلبها ولا يسقط التعريف بتأخيره عن الحول الأول لأنه واجب فلا يسقط
بتأخره عن وقته كالعبادات وسائر الواجبات ولان المقصود يحصل بالتعريف في الحول الثاني على نعت من القصور فيجب الاتيان به لقوله (ع) إذا امرتكم بأمر فاتوا منه
ما استطعتم وقال احمد يسقط التعريف بتأخره عن ذلك الحول الأول لان حكمة للتعريف لا يحصل بعد الحول الأول وهو ممنوع فعلى هذا لو ترك التعريف في بعض
الحول الأول عرف بقيته وأكمله من الحول الثاني وعن أحمد يكتفي بالتعريف باقي الحول خاصة وإذا عرفها حولا بعد الحول الأول جاز ان يتملكها بعده وكذا لو اخر بعد
الحول عرف باقية وأتمه من الثاني وتملكها بعد الاتمام عندنا وقال احمد ليس له ان يتملكها بعد اهماله سواء قلنا بسقوط التعريف لحول الحول الثاني أو قلنا بوجوبه
وسواء عرفها الحول الثاني أو بعض الأول وكمل من الثاني لان شرط الملك التعريف في الحول الأول وقد فات فيسقط لفوات شرط وهو ممنوع لان العبادات
لا تسقط بفوات أوقاتها فكيف إذا تعلق بها حق الغير إذا عرفت هذا فقال احمد انه يجب عليه إما حفظها ابدا أو الصدقة بها على روايتين وقال أصحابه يجوز ان يدفعها
إلى الحاكم كما إذا التقط مالا حول لالتقاطه ولو ترك التعريف في بعض الحول الأول لم يملكها أيضا بالتعريف فيما بعده عنده لان الشرط لم يكمل وعدم بعض الشرط كعدم
جميعه كما لو أخل ببعض الطهارة ولو ترك التعريف في الحول الأول لعجزه عنه بان يتركه لمرض أو حبس أو نسيان ونحوه لم يسقط التعريف عندنا وجاز وملك بعد التعريف
في الحول الثاني وللحنابلة وجهان أحدهما ان حكمه حكم ما لو تركه مع امكانه ليس له التملك بعد التعريف في الحول الثاني لان تعريفه في الحول الأول سبب الملك والحكم
ينتفي لانتفاء سببه سواء كان انتفاؤه لعذر أو لغير عذر والثاني انه يعرفه في الحول الثاني ويملكه لأنه لم يؤخر التعريف عن وقت امكانه فأشبه ما لو عرفه في الحول
الأول البحث الثالث في التملك مسألة إذا عرف الملتقط حولا ولم يكن من لقطة الحرم تخير بين أمور ثلاثة إما ان يستديم حفظها لمالكها ابدا
إلى أن يظهر فيسلمها إليه ولا ضمان عليه الا مع التفريط أو التعدي أو نية التملك بعده أو يتصدق بها ويضمن إذا جاء صاحبها خيره بين الاجر والقيمة أو أو يتملكها
ويتصرف فيها كيف شاء ويضمنها ويكون في ذمته سواء كان الملتقط كان غنيا أو فقيرا أو من تحل له الصدقة أو تحرم عند علمائنا وبه قال علي (ع)
وابن عباس والشعبي والنخعي وعمرو بن مسعود وعايشة وطاوس وعكرمة والشافعي لما رواه العامة في حديث زيد بن خالد فإن لم تعرف فاستنفقها وفي لفظ والا فهي
كسبيل مالك وفي لفظ ثم كلها وفي لفظ فانتفع بها وفي لفظ شأنك بها وفي حديث أبي بن كعب فاستنفقها وفي لفظ فاستمتع بها قال الشافعي وكان أبي أيسر
أهل المدينة أو كأيسرهم ومن طريق الخاصة وما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) في اللقطة يجدها الرجل الفقير أهو فيها بمنزلة الغني قال نعم اللقطة يجدها الرجل ويأخذها قال يعرفها سنة فان جاء بها
طالب والا فهي كسبيل ماله ولان من ملك بالعوض القرض مالك بالعوض اللقطة كالفقير ولان اللقطة سبب في التملك فاستوي فيه الغني والفقير كالاحتطاب ولان
تملك الغني لها أولي من تملك الفقير وانفع لمالكها حيث يجد لها عوضا بخلاف الفقير فإنه إذا تملكها لم يجد عوضا لها غالبا فيتلف منه وقال أبو حنيفة إن كان
الملتقط فقيرا تخير بين الثلاثة المذكورة الحفظ لصاحبها دايما أو الصدقة بها وتكون موقوفة على اجارة صاحبها والتملك لها الا ان يكون من ذوي القربى
وإن كان غنيا لم يكن له التملك بل يتخير بين الامساك والصدقة فإذا جاء صاحبها فان رضي بالاجر والا كان له الرجوع على الملتقط بها وبه قال الحسن بن صالح
والثوري لما رواه عياض بن حماد المجاشعي ان النبي صلى الله عليه وآله قال من وجد لقطة قال فليشهد عليها ذا عدل أو ذوي عدل ولا يكتم ولا يغيب فان وجد
صاحبها فليردها عليه والا فهو مال الله يؤتيه من يشاء قالوا وما يضاف إلى الله تعالى فإنما يملكه من يستحق الصدقة ولما روى العامة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله
260

انه سئل عن اللقطة فقال عرفها حولا فان جاء ربها والا تصدق بها فإذا جاء ربها فرضى بالاجر والا غرمها ومن طريق الخاصة ما رواه الحسين بن كثير عن
أبيه قال سأل رجل أمير المؤمنين (ع) عن اللقطة فقال يعرفها حولا فان جاء صاحبها دفعها إليه والا حبسها حولا فإن لم يجئ صاحبها أو من يطلبها تصدق
بها فان جاء صاحبها بعد ما تصدق بها ان شاء غرمها الذي كانت عنده وكان الاجر له وان كره ذلك احتسبها والاجر له ورواياتنا أظهر من حديث عياض
لان الأشياء كلها تضاف إلى الله تعالى فإنه خالقها ومالكها كما قال الله تعالى وأتوهم من مال الله الذي اتاكم فدعوى انما يضاف إلى الله تعالى لا يتملكه الا من يستحق الصدقة دعوى
باطلة بغير دليل وحديث أبي هريرة لم يثبت عند نقلة الاخبار ولا نقل في كتاب يوثق به عندهم فلا حجة فيه ومع ذلك فان الامر بالصدقة إما لأنه أحد الأشياء
المخير فيها فيتناوله الامر أو على وجه الاستحباب جمعا بين الأدلة وكذا الحديث من طريق الخاصة جمعا بين الأدلة وقد روي محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام
قال سألته عن اللقطة قال لا ترفعوها فان ابتليت فعرفها سنة فان جاء طالبها والا فاجعلها في عرض مالك يجرى عليها ما يجري على مالك إلى أن يجئ طالب
والاخبار في ذلك كثيرة وحكى الشافعية عن مالك عكس قول أبو حنيفة وهو أنه قال يتملكها الغني ولا يتملكها الفقير ولم يحكه أصحابه عنه مسألة:
لا يملك الملتقط اللقطة بمضي الحول من غير أن يختار الملتقط تملكها ولا يدخل في ملكه بعد الحول قهرا على أشهر القولين لعلمائنا وهو أحد قولي الشافعي
واحدى الروايتين عن أحمد لأنه تملك بعوض فلم يحصل الا باختيار التملك كالبيع ولما رواه العامة من قوله صلى الله عليه وآله فشأنك بها فوض الامر إلى خيرته ولم يحكم بقهره على
تملكها ومن طريق الخاصة ما روى عن الباقر (ع) قال في حديث أبي بصير من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتى يأتيه طالبه فإذا جاء طالبه رده إليه امره برده
وانما يثبت له رد العين ولو ملك لم يجب رد العين وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن الرجل يصيب درهما أو ثوبا أو دابة كيف يصنع
قال يعرفها سنة فإن لم تعرف في عرض ماله حتى يجئ طالبها فيعطيها إياه وان مات اوصى بها وهو لها ضامن ولو كان مالكا لها بغير اختياره كان له التصرف فيها
كيف شاء ولم يأمره بحفظها والقول الثاني للشافعي انه يملكها بمضي حول التعريف ويدخل في ملكه بغير اختياره كالإرث لان مضي حول التعريف هو السبب
في التملك فإذا حصل حصل الملك كالاحياء والاحتطاب وهو الرواية الشهيرة عن أحمد وقول لبعض علمائنا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله فإذا جاء
صاحبها فهي كسائر مالك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في اللقطة يعرفها سنة ثم هي كسائر ماله ونمنع كون التعريف حولا سببا للملك القهري نعم هو
سبب للملك الاختياري والحاصل انه بعد الحول يملك ان يملك وكونها كسائر ماله يصدق على الملك الاختياري مسألة يثبت الملك بعد التعريف
حولا واختيار الملتقط التملك بان يقول اخترت تملكها وهو أحد أقوال الشافعي لان الملك هنا حصل بالعوض وهو المثل أو القيمة فافتقر إلى الاختيار واللفظ
الدال عليه كالبيع وكالشفيع والغانمين في تملك الغنيمة والثاني للشافعي انه لا بد مع الاختيار واللفظ من التصرف فلو لم يتصرف الملتقط لم يملك اللقطة وان قال اخترت
التملك لان صاحبها لو حضر قبل التصرف كان أحق بها فلم تكن مملوكة لغيره ولان التملك باللقطة كالاستقراض لا يملكه المستقرض الا بالتصرف والعقد والقبض
وعلى هذا فيشبه ان يجئ الخلاف المذكور في القرض في أن الملك بأي نوع من التصرف يحصل والثالث انه يملك بمجرد النية والقصد من غير تلفظ ولا تصرف
لان التصرف يتوقف على الملك لان الأصل تحريم التصرف في مال الغير الا باذنه فلو توقف الملك عليه لزم الدور ولما خلا هذا التملك عن الايجاب لم يفتقر
إلى القبول وانما يراعى فيه الاختيار وذلك يحصل بالقصد والنية فحصل له أقوال أربعة فيما به يملك الثلاثة المذكورة والرابع انه يدخل في ملكه بغير اختياره
مسألة قد بينا انه لا يلتقط من حرم مكة وذكرنا الخلاف في التحريم والكراهة وعلى القولين معا لا يجوز تملكها مجال بل إن التقطها نوى الحفظ
لمالكها وعرفها دايما وهو أحد قولي الشافعي لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال إن هذا البلد حرمه
الله يوم خلق السماوات والأرض لا يعضد شوكه
ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته الا من عرفها وروى لا تحل لقطتها الا لمنشد اي لمعرف والمعنى على الدوام والا فالحكم في سائر البلاد كذلك ولا تظهر فايدة التخصيص
ومن طريق الخاصة ما رواه سعيد بن عمرو الجعفي قال خرجت إلى مكة وانا من أسوء الناس حالا فشكوت إلى أبي عبد الله الصادق (ع) فلما خرجت وجدت
على بابه كيسا فيه سبع مائة دينار فرجعت إليه من فوري في ذلك فأخبرته فقال يا سعيد اتق الله عز وجل وعرفه في المشاهد وكنت رجوت ان يرخص لي فيه فخرجت وانا
مغتم فاتيت مني فتنحيت عن الناس حتى أتيت الماقوفة فنزلت في بيت متنحيا عن الناس ثم قلت من يعرف الكيس فأول صوت صوت إذا رجل على رأسي يقول
انا صاحب الكيس فقلت في نفسي أنت فلا كنت قلت ما علامة الكيس فأخبرني بعلامته فدفعته إليه فتنحى ناحية فعدها فإذا الدنانير على حالها ثم عد منها سبعين دينارا
فقال خذها لك حلالا خير من سبع مائة حراما فأخذتها ثم دخلت على الصادق (ع) فأخبرته كيف تنحيت وصنعت فقال إما انك حين شكوت إلى امرنا؟
لك بثلثين دينارا يا جارية هاتيها فأخذتها وانا أحسن قومي حالا ولان مكة مثابة للناس وامنا يعودون إليها مرة بعد أخرى فربما يعود من أضلها أو يبعث في طلبها
والقول الثاني للشافعي ان مكة كغيرها من البقاع في حكم اللقطة يعرفها الملتقط سنة ثم إن شاء حفظها لمالكها وان شاء تملكها وبه قال أبو حنيفة ومالك وهو أظهر
الروايتين عن أحمد وقد بينا بطلانه مسألة كلما جاز التقاطه ملك بالتعريف عند تمامه حولا سواء كانت اللقطة أثمانا أو عروضا عند علمائنا أجمع
وهو قول جمهور العلماء فإنهم لم يختلفوا فيه ولم يفرقوا بين العروض والأثمان في التعريف حولا وجواز التصرف فيها بعد الحول لان الأخبار الواردة في ذلك
عامة تشتمل على القسمين روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن اللقطة فقال عرفها سنة ثم قال في آخره فانتفع بها أو فشانك بها وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله
فقال يا رسول الله كيف ترى في متاع يوجد في طريق المنتاب أو في قرية مسكونة قال عرفه سنة فان جاء صاحبها والا فشانك بها وروي الحرث بن الصباح
قال كنت عند ابن عمر بمكة إذ جاءه رجل فقال اني وجدت هذا البرد وقد نشدته وعرفته فلم يعرفه أحد وهذا يوم التروية ويوم يتفرق الناس فقال إن شئت فقومه
قيمته عدل والبسه وكنت ضامنا له متى جاءك صاحبه دفعته إليه وان لم يجئ له طالب فهو لك ان شئت ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم في الحسن عن الصادق (ع)
قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني وجدت شاة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هي لك أو لأخيك أو للذئب وفي الحسن عن حريز عن الصادق (ع) قال لا بأس بلقطة
العصاء والشظاظ والوتد والعقال وأشباهه قال وقال الباقر (ع) ليس لهذا طالب وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبي الحسن الرضا (ع)
عن الرجل يصيد الطير الذي يسوي دراهم كثيرة وهو مستوي الجناحين وهو يعرف صاحبه أيحل امساكه فقال إذا عرف صاحبه رده عليه وان لم يكن يعرفه وملك جناحه
فهو له وان جاءك طالب لا تتهمه رده عليه وعن أبي بصير عن الباقر (ع) قال من وجد شيئا فهو له فليتمتع به حتى يأتيه طالبه فإذا جاء طالبه رده إليه وهو عام في النقد
261

وغيره لان ما جاز التقاطه جاز ملكه بالتعريف كالأثمان وعن أحمد روايتان هذا أظهرهما عنده والثانية وعليها أكثر أصحابه ان العروض لا يملك بالتعريف وفرقوا
بينهما وبين الأثمان واختلفوا فيما يصنع بها فقال بعضهم يعرفها ابدا وقال بعضهم هو بالخيار بين ان يقيم على تعريفها حتى يجئ صاحبها وبين دفعها إلى الحاكم حتى
يرى فيها رأيه وهل له بيعها والصدقة بثمنها روايتان لان ابن عمر وابن عباس وابن مسعود قالوا بذلك ولأنها لقطة لا تملك في الحرم فلا تملك في غيره كالإبل ولان
الخبر في الأثمان وغيرها لا يساويها لعدم الغرض المتعلق بعينها فمثلها يقوم مقامها من كل وجه بخلاف غيرها ونقلهم عن ابن عمر وغيره ممنوع لما تقدم من نقل (ضده)؟
على أن قول هؤلاء ليس حجة ونمنع انها لا تملك في الحرم وهو منقوض بالأثمان ولا يصح قياسها على الإبل لان معها حذاها وسقاها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يأتيها مالكها
ولا يوجد ذلك في غيرها ولان الإبل لا يجوز التقاطها فلا تملك به وهنا يجوز التقاطها فتملك كالأثمان ولا يصح قياسها على لقطة الحرم لان الحرم متميز بان
لقطته لا يضمنها الا منشد ولهذا لم يضمن الأثمان بالتقاطها فيه فلا يلزم ان لا يملك في موضع اخر لم يوجد المانع نية ونمنع خصوصية النص في الأثمان بل هو عام في
كل لقطة وأيضا لو تخصص اللقطة بالأثمان لجاز القياس عليها عندكم إذا وجدت المشاركة بينهما في المعنى كسائر النصوص التي عقل معناها ووجد في غيرها وهنا
قد وجد المعنى بل هو اكد لان الأثمان للا يتلف بمضي الأزمنة عليها وانتظار صاحبها ابدا والعروض يتلف بذلك ففي النداء عليها دائما هلاكها وضياع ماليتها على
مالكها وملتقطها وسائر الناس وفي إباحة الانتفاع بها وملكها بعد التعريف حفظ لماليتها على صاحبها بدفع قيمتها ونفع غيره فيجب المصير إليه لان النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن إضاعة المال ولاشتماله على المصلحة والحفظ للمال على صاحبه وجب مشروعية التقاطه وتملكه ولان في الملك لها حثا على التقاطها وحفظها وتعريفها
لكونه وسيلة إلى الملك المقصود للآدمي وفي نفي ملكها تضييع لها البحث الرابع في وجوب الرد مسألة يجب رد لقطة الحرم على مالكها
بعينها مع ظهوره ولا يجوز تملكها بحال بل إما ان يحتفظها دائما ولا ضمان واما ان يتصدق بها بعد الحول وفي الضمان قولان واما لقطة غير الحرم فإن كانت أقل
من درهم لم يجب تعريفها وللملتقط التصرف فيها كيف شاء فان جاء صاحبها فإن كانت العين باقية فالأقرب وجوب ردها إليه لأصالة عصمة مال الغير سواء نوى
الملتقط التملك أو لا وإن كانت تالفة فالأقرب رد القيمة على اشكال واما ما زاد على ذلك فإن كانت العين باقية ولم يخرج حول التعريف وجب ردها بجميع زوايدها
المتصلة والمنفصلة لان النماء تابع للأصل والأصل هنا باق على ملك المالك لم يخرج عنه فيكون النماء له وكذا الحكم لو عرفها حولا ولم ينو التملك لبقاء ملك
صاحبها عليها حيث اعتبرنا في تملك الملتقط النية واللفظ ولو بقيت في يده أحوالا كذلك إذا لم ينو التملك ولو عرفها حولا ثم نوى التملك وتملك باللقطة وبالجملة
اتى بشرائط التملك أو كمل حول التعريف وقلنا يملك به ثم ظهر المالك فان ردها الملتقط عليه وجب عليه قبولها وليس له المطالبة ببدلها وإن كان الملتقط قد نوى
تملكها لأنها لا تنحط عن مرتبة المثل ولا شك في أنه لو دفع إليه المثل لم يكن له المطالبة بغيره فكذا العين ولو لم يدفعها الملتقط فالأقرب انه ليس للمالك انتزاعها لأنها
قد صارت ملكا للملتقط فلا ينتقل عنه الا بوجه شرعي كالقرض ليس للمقرض بعد تملك المقترض الرجوع في العين وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الاظهر
عندهم انه ليس للملتقط الزام المالك بأخذ البدل بل للمالك انتزاع العين لان الملتقط انما يملكها ملكا مراعى ولهذا قال (ع) عرفها سنة فان جاء صاحبها والا فشانك
بها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح قال يعرفها سنة فان جاء لها طالب والا فهي كسبيل ماله ولا حجة فيها لاحتمال فان جاء في السنة ونمنع كون
الملتقط يملكها ملكا مراعى فإنه نفس المتنازع مسألة إذا زادت اللقطة بعد تملك الملتقط لها ثم جاء المالك فإن كانت الزيادة متصلة تبعت العين
واخذها المالك وزيادتها لان الزيادة المتصلة تتبع العين في الرد بالعيب وفي الإقالة فكذا هنا لأنها انما تبعت هناك لكونها بمنزلة الجزء من العين وهذا
المقتضى موجود هنا وإن كانت الزيادة منفصلة فهي للملتقط خاصة ويأخذ المالك العين مسلوبة الزيادة كالولد والثمرة لان الزيادة نمت على ملك الملتقط
وهي متميزة غير تابعة للعين في المفسوخ فكان له كنماء المبيع إذا رد بعيب وللحنابلة وجه اخر ضعيف ان الزيادة تتبع الأصل أيضا وإن كانت منفصلة بناء على المفلس
إذا استرجعت منه العين بعد ان زادت زيادة متميزة والولد إذا استرجع أبوه ما وهبه له بعد زيادته والحكم في المثالين ممنوع بل الزيادة هنا لمن وقعت
في ملكه وهو المفلس والولد على انا نمنع الرجوع في هبة الولد بعد التصرف لكن يفرض ذلك في الأجنبي عندنا على أن الفرق قائم بين المتنازع وبين الصورتين المذكورتين
لان الملتقط ضمن الأصل وملكه مضمونا بالمثل أو القيمة فكان النماء له ليكون الخراج بالضمان وفي الصورتين لا ضمان على المفلس ولا على الولد فلم يكن لهما الزيادة
على أن الحق ما قلناه من كون الزيادة لهما أيضا مسألة لو التقط وعرف حولا ثم ملك ثم باع أو فعل أو وهب أو فعل ما يوجب خروجها عن ملكه ثم جاء المالك لم يكن له اخذ
العين لان الملتقط قد تصرف تصرفا صحيحا وكان له اخذ بدلها فان رجعت إلى الملتقط بفسخ أو عقد ناقل كبيع أو هبة أو غير ذلك قبل اخذ البدل فان قلنا للمالك
إذا وجد العين بعد التملك المطالبة بها كان له هنا ذلك لأنه وجد عين ماله في يد ملتقطه فكان له اخذه كالزوج إذا طلق قبل الدخول فوجد الصداق قد رجع إلى
المراة وان قلنا ليس له الرجوع هناك إلى العين بل الواجب له المثل أو القيمة فعدم الرجوع في العين هنا أولي ولو كان الملتقط قد باعها بخيار ثم جاء مالكها في مدة
الخيار لم يكن له فسخ العقد وهو أحد وجهي الشافعية لان فسخ العقد حق العاقد فلا يتمكن غيره منه بغير اذنه والثاني ان له الفسخ ورد بعض الشافعية الوجهين
إلى أنه هل يجبر الملتقط على الفسخ ويجوز عندهم فرض الوجهين في الانفساخ كالوجهين فيما إذا باع العدل الرهن بثمن المثل فظهر طالب في مجلس العقد بزيادة
مسألة لو باع الملتقط اللقطة أو اشترى بها شيئا بعد ان تملكها لم يكن للمالك الرجوع في الثمن الذي باع به الملتقط ولا في العين التي اشتراها
بها بل يرجع إلى مثل اللقطة أو قيمتها لأنه الواجب له الا ان يشتري لصاحبها لا له فان اشترى بالعين بعد التملك لم يصح لأنه لا يجوز ان يشتري الانسان لغيره
بمال ليس للغير وان اشترى في الذمة ونسب فان جاء صاحبها وأجاز الشراء كان له وان لم يجز الشراء كان له المطالبة بالمثل أو القيمة وإن كان الملتقط قد أضاف
الشراء إليه في العقد وسماه كان له الفسخ واخذ عين ماله لان الملتقط لم يشتر لنفسه بل على حد الوكالة التي لم يأذن الموكل في الشراء فيها ولو كان الملتقط قد اشترى
بالعين جارية لنفسه ثم ظهر انها بنت صاحب اللقطة لم يعتق عليه ولم يجز له اخذها من الملتقط لأن الشراء وقع له ولما رواه أبو العلاء عن الصادق (ع) قال
قلت له رجل وجد مالا فعرفه حتى إذا مضت السنة اشترى منه خادما فجاء طالب المال فوجد الجارية التي اشتريت بالدراهم هي ابنته قال ليس ان يأخذ الا دراهمه وليس
له البنت انما له رأس ماله كانت ابنته مملوكة قوم مسألة اللقطة في حول التعريف أمانة في يد الملتقط إذا لم يتملكها قبل التعريف ولا فرط ولا تعدى فيها
فلو تلفت لم يكن عليه شئ وكذا لو نقصت وان أتلفها الملتقط أو تلفت بتفريطه ضمنها بمثلها إن كانت من ذوات الأمثال وبقيمتها ان لم يكن لها مثل بغير
262

خلاف وان تلفت بعد الحول قبل نية التملك فكذلك ان لم نقض بالتملك بمجرد حلول الحول وان قلنا إنه يملك بمضي الحول بغير اختياره أو حال الحول وتملك
باختياره ثم تلفت واتلفها ثبت في الذمة مثلها إن كانت من ذوات الأمثال وإن كانت من ذوات القيم ضمن القيمة لأنه تصرف في مال الغير بالتملك أو الاتلاف
بغير اذنه ورضاه فكان ضامنا لما رواه حنان قال سأل رجل أبا عبد الله (ع) من اللقطة وانا اسمع قال تعرفها سنة فان وجدت صاحبها والا فأنت أحق
بها وقال هي كسبيل مالك وقال خيره إذا جاءك بعد سنة بين اجرها وبين ان تغرمها له إذا كنت اكلتها إذا عرفت هذا فإنه إن كانت العين من ذوات الأمثال
وجب رد المثل مع تلفها ان أمكن وان تعذر رد المثل كان عليه قيمته يوم الغرم وإن كانت من ذوات القيم وجب عليه رد قيمتها يوم التملك مسألة إذا
تملكها الغني أو الفقير بعد التعريف حولا ثم أتلفها أو تلفت كان عليه بدلها لصاحبها في قول عامة أهل العلم وإن كانت باقية ردها بعينها أو بقيمتها أو مثلها
على الخلاف الذي تقدم لما رواه العامة في حديث أبي ابن كعب أنه قال فان جاء صاحبها فادها إليه وامر النبي صلى الله عليه وآله عليا (ع) بغرم الدينار الذي وجده
لما جاء صاحبه فوجب ان يكون ضامنا في ذمته من يوم التلف ولولا تقومه لما تمكن المالك من طلبه إذا جاء ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) من وجد شيئا فهو له
فليتمتع به حتى يأتيه طالبه فإذا جاء طالبه رده إليه ولان هذا مال من له حرمة فإذا أتلفه بغير اذنه وكان من أهل الضمان في حقه لزمه بدله كما لو اضطر إلى طعام غيره
فاكله وقال بعض الشافعية إذا تملكها الملتقط بعد الحول لم يطالب بقيمة ولا بعين سواء كانت باقية أو تالفة وبه قال داود الظاهري لان النبي صلى الله عليه وآله قال
للسائل عرفها فان جاء صاحبها والا فشانك بها وروى فهي لك ولم يأمره برد بدلها وهو غلط لان الامر برد البدل قد ثبت بغير هذا الحديث ولا معارضة
له في هذا الحديث مسألة: قال أبو إسحاق من الشافعية إذا تملك اللقطة بعد الحول فان جاء صاحبها والا فهي مال الله يؤتيه من يشاء فجعلها من المباحات
ولأنه لو مات لم يعزل بدلها من تركته وهو غلط لأنه يستحق صاحبه المطالبة ببدله فدل على أنه يملكه بعوض كالقرض والحديث لو ثبت حمل على جواز التملك
واستباحته ولا نسلم انه لا يعزل بدله فان جماعة من الشافية قالوا لا نعرف هذه المسألة ولان سلمناها فإنما كان كذلك لأنه لا يعرف المستحق فالظاهر أنه لا
يعرف فلم توقف التركة إذا عرفت هذا فان اللقطة عندنا تملك بالتعريف والاختيار على ما تقدم وقال الحسن والنخعي وأبو مخلد والحرث العكلي ومالك وأبو
يوسف لا يجوز للملتقط تملك اللقطة بحال فإذا تلفت بعد الحول أو قبله من غير تعد ولا تفريط لم يضمنها الملتقط
وقد بينا جواز تملكها فيضمن
حينئذ وقد بينا ان داود وبعض الشافعية ذهب إلى أن الملتقط يملك العين بعد الحول فإذا أتلفها لم يضمنها وعن أحمد رواية بمثل ذلك وقد تقدم بطلانه ولأنها
عين يجب ردها لو كانت باقية فيلزمه ضمانها إذا أتلفها كما قبل الحول مسألة لو وجد المالك العين ناقصة فإن كان قبل التملك من غير تفريط من
الملتقط اخذها المالك بحالها ولا ضمان على الملتقط لأنها لو تلفت بأسرها لم يكن عليه ضمان فالاجزاء أولي لأنها تابعة للأصل وان نقصت قبل تملكه من غير
تفريط ثم تملكها ثم جاء المالك لم يكن له المطالبة بالأرش أيضا لان النقص وقع وهي في ملكه بعد لم ينتقل إلى الملتقط وانما ملكها ناقصة فلم يكن عليه ضمان كما لو تلفت قبله وكذا لو تلفت بعد ان تملكها ناقصة لم يكن عليها ضمان النقص
بل يضمن العين ناقصة بالمثل أو القيمة ناقصة ولو نقصت بعد التملك أو بتفريط منه ثم جاء مالكها فان قلنا المالك لا يرجع في العين بل ينتقل حقه
إلى المثل أو القيمة لم يكن له اخذها ويرجع إلى بدلها سليمة ولو دفعها الملتقط مع الأرش فان قلنا بوجوب قبولها لو كانت سليمة وجب هنا أيضا وان قلنا
للمالك ان يأخذ عين ماله كان له الاخذ هنا مع الأرش لان الكل مضمون على الملتقط لو تلف فكذا البعض وقال بعض الشافعية انه يقنع بها وليس له أرش
وليس بجيد ولو أراد الرجوع إلى بدلها وقال الملتقط انا ادفع العين مع الأرش فالأقوى انه يجب على المالك القبول وهو أحد وجهي الشافعية لأن العين الناقصة
مع الأرش كغير الناقصة وصار كالغاصب ولهم وجه اخر ان للمالك الرجوع إلى البدل وان أوجبنا عليه اخذ العين السليمة إذا دفعها الملتقط لان ما خرج عن ملكه
تغير عما كان وحينئذ هو بالخيار بين البدل والعين الناقصة إما مع الأرش كما ذهبنا إليه واما بدونه كما قاله بعض الشافعية مسألة إذا كانت اللقطة موجودة
وكتمها الملتقط ولم يعرفها ثم ظهر المالك كان له أخذها لا غير لأصالة براءة الذمة والملتقط لم تشتغل ذمته الا بعين اللقطة فلا يجب عليه رد ما عداها
وقد روى صفوان الجمال عن الصادق (ع) انه سمعه يقول من وجد ضالة فلم يعرفها ثم وجدت عنده فإنها لربها ومثلها من مال الذي كتمها وهو مناسب
لقول احمد في الغنيمة ان من غل منها شيئا وجب عليه ردها ومثله والرواية محمولة على الاستحباب أو على أنه قد مضى من الزمان الذي بقيت في يده ما يكون اجرته مساويا
لها فيجب عليه أداء ذلك إذا كان مالكها قد طلبها وكتمها عنه مسألة لو وجد اللقطة اثنان فالتقطاها معا دفعة وجب عليهما معا تعريفها حولا والأقرب
الاكتفاء بتعريف أحدهما إذا فعل ما يجب في التعريف لأنا قد بينا انه لا يجب على الملتقط مباشرة التعريف بل له ان يعرفها بنفسه وبغيره إذا عرفت هذا فان عرفاها
حولا وقلنا إن الملتقط يملك ملكا قهريا ملكاها معا بحلول الحول وليس لأحدهما نقل حقه إلى صاحبه الا بسبب ناقل من هبة أو غيرها كما لو ورثا معا مالا وكما أنه
ليس للملتقط نقل حقه إلى غيره وان قلنا لا يملك الملتقط الا باختياره لو اختارا معا تملكها ملكاها ولو اختارا حفظها وعدم تملكها لم يملكها أحدهما
وكانت أمانة في أيديهما ولو اختلفا فاختار أحدهما التملك دون الآخر ملك المختار نصفها دون الآخر ولو رأياها معا فبادر أحدهما فأخذها أو رآها أحدهما
فاعلم بها الآخر فاخذها فهي للاخذ خاصة لان استحقاق اللقطة بالأخذ لا بالرؤية كالاصطياد والاحتطاب ولو رآها أحدهما فاعلم بها صاحبه وقال له
هاتها أو اعطني إياها أو ارفعها إلي فان اخذها المأمور لنفسه فهي له دون الآمر لوجود سبب الملك في حقه دون صاحبه وان اخذها للامر أو لنفسه
والامر بني على جواز التوكيل في الاصطياد ونحوه ان سوغنا التوكيل عمل بمقتضى نية الاخذ والا كانت للاخذ خاصة ولو تنازعا في لقطة فادعى كل منهما انه
الذي التقطها دون صاحبه وأقام كل منهما بينة فان شهدت إحديهما بالسبق حكم له والا حكم بها للخارج عندنا وللداخل عند الشافعي مسألة
لو ضاعت اللقطة عن ملتقطها بغير تفريط منه فلا ضمان عليه لأنها أمانة في يده وكما لو تلفت في يده فأشبهت الوديعة فان التقطها اخر فعرف انها ضاعت
من الأول فعليه ردها إليه لأنه قد ثبت له حق التمول وولاية التعريف والحفظ فلا يزول ذلك بالضياع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان الثاني أحق
بها وليس بجيد ولو لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ملكها الثاني لان سبب الملك وجد منه من غير عدوان فيثبت الملك فيه كالأول ولا يملك الأول
انتزاعها لان الملك مقدم على حق التملك وإذا جاء صاحبها فله اخذها من الثاني وليس له مطالبة الأول لأنه لم يفرط فيها ولو علم الثاني بالأول فردها إليه
فامتنع من اخذها وقال عرفها أنت فعرفها ملكها أيضا لان الأول ترك حق اليد وولاية التعريف فسقط وان قال عرفها ويكون ملكها لي ففعل فهو مستنيب له
263

في التعريف ويملكها الأول لأنه وكله في التعريف فصح كما لو كانت في يد الأول وان قال عرفها وتكون
بيننا صح أيضا وكانت بينهما لأنه أسقط حقه من نصفها ووكله في الباقي ولو قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الأول احتمل ان يملكها الثاني لان
سبب الملك وجد منه فملكها كما لو اذن له الأول وعرفها لنفسه وان لا يملكها الثاني لأن ولاية التعريف للأول فأشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرفها
وكذا الحكم إذا علم الثاني بالأول فعرفها ولم يعلمه بها وهذا يشبه المحجر في الموات إذا سبقه غيره إلى ما حجره فأحياه بغير اذنه فاما ان غصبها غاصب من الملتقط فعرفها
لم يملكها لأنه متعد بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها فان الالتقاط من جملة السبب ولم يوجد منه بخلاف ما لو التقطها اثنان فإنه وجد منه الالتقاط والتعريف
ولو دفعها الثاني إلى الأول فامتنع الأول من اخذها فملكها الثاني واتلفها أو تلفت بعد تملكه مطلقا أو قبله بالتفريط فجاء المالك فطلبها تخير في الرجوع على
من شاء منهما إما الأول فلتمكنه من اخذ مال الغير الذي استولى عليه فكان كالدافع لها إلى الغير لكن يستقر الضمان على الثاني واما الثاني فلان التلف في يده
ولو تملكها الأول بعد التعريف حولا ثم ضاعت منه فالتقطها الثاني فعرفها حولا وملكها ثم جاء المالك فان قلنا له الرجوع في العين كان له مطالبة من شاء
منهما ويستقر الضمان على الثاني وان قلنا لا حق له في العين فالأقوى انه ليس له مطالبة الثاني بل الأول خاصة وللأول الرجوع على الثاني فروع أ: لو رأى
شيئا مطروحا على الأرض فدفعه برجله ليعرف جنسه أو قدره ثم لم يأخذه حتى ضاع قال بعض الشافعية لا يضمنه لأنه لم يحصل في يده وفيه نظر ب لو دفع
اللقطة إلى الحاكم وترك التعريف والتملك ثم ندم وأراد ان يعرف ويتملك كان له ذلك ويمكنه الحاكم منه وللشافعية وجهان ج لو وجد خمرا أراقها صاحبها لم
يلزمه تعريفها لان اراقتها مستحقة فان صارت عنده خلا ملكها لان الأول أسقط حقه منها وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لمن أراقها كما لو غصبها
فصارت خلا عنده والفرق انها في الغصب مأخوذة بغير رضي صاحبها وفي المتنازع قد أسقط صاحبها حقه منها وهذا البحث يستمر في الخمر المحترمة خاصة
فالقول حينئذ بان اراقتها مستحقة ممنوع إما في الابتداء فظاهر واما عند الوجدان فكذلك ينبغي ان يجوز امساكها إذا خلا عن قصد فاسد ثم هذا الحكم مخصوص
بما إذا أراقها لأنه بالإراقة معرض عنها فيكون كما لو اعرض عن جلد ميتة فدبغه غيره وفيه للشافعية وجهان واما إذا ضاعت الخمر المحترمة من صاحبها فلتعرف
كالكلب مسألة وانما يجب الدفع إلى المالك فإذا جاء من يدعيها فإن لم يقم بينة بها ولا وصفها لم يدفع إليه الا ان يعلم الملتقط انها له فيجب عليه
دفعها إليه وان أقام البينة ردت عليه وان لم يكن هناك بينة ولكن وصفها بصفاتها الخاصة التي تخفي عن غير المالك فإن لم يغلب على ظن الملتقط صدقه
وانها له لم تدفع إليه وهو المشهور للشافعية لأصالة عصمة مال الغير ولقوله (ع) البينة على المدعي وحكى الجويني وجها اخر في جواز الدفع وقال مالك وأبو عبيد
وداود واحمد وابن المنذر إذا عرف عفاصها ووكاءها وعددها وجب دفعها إليه سواء غلب على ظنه صدقه أو لم يغلب واما الشافعي وأبو حنيفة فإنهما قالا لا يجبر
على دفعها الا ببينة كما ذهبنا إليه ويجوز له دفعها إذا غلب على ظنه صدقه وبه قالا وقال أصحاب الرأي ان شاء دفعها إليه يأخذ كفيلا واحتج مالك واحمد بما
روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال فان جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فادفعها إليه قال ابن المنذر هذا الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وبه أقول ولان
إقامة البينة بذلك متعذر في اللقطة فاكتفى فيها بالوصف ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وآله الملتقط بمعرفة العفاص والوكاء والمعتمد ما قلناه لان وصف
الوعاء لا يستحق بها كالمغصوب وتعذر إقامة البينة قائم في المغصوب والمسروق وذكر النبي صلى الله عليه وآله الصفات لما قدمناه من الفوايد لا للتسليم إلى مدعيه بمجرد ذكرها
وان غلب على ظن الملتقط صدق المدعي الواصف لما جاز دفعها إليه ولا يجب وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أصح القولين لما تقدم من أنه مدع فيفتقر إلى البينة
والوجه الثاني للشافعي انه يجب دفعها وبه قال مالك واحمد لانهم أوجبوا الدفع مع وصف العفاص والوعاء والعدد وان لم يغلب على الظن الصدق فمعه أولي
مسألة: ولا يكفي في وجوب الدفع الشاهد الواحد وإن كان عدلا لان البينة لا يثبت به والامر بالاشهاد وقع باثنين ولا يكفي الواحد والأصل عصمة
مال الغير وللشافعية وجه اخر الاكتفاء بالعدل الواحد لحصول الثقة بقوله ويحتمل عندي جواز الدفع ان حصل الظن كما لو حصل الظن بالوصف ولو قال
الواصف يلزمك تسليمها إلي فله ان يحلف انه لا يلزمه ولو قال تعلم أنها ملكي حلف على نفي العلم فان نكل حلف المدعي وحكم له به مسألة إذا حضر طالب اللقطة ووصفها ولم
يقم بينة فدفعها الملتقط إليه ثم جاء الآخر وأقام البينة على انها له فإن كانت باقية انتزعت منه ودفعت إلى الثاني وان تلفت عنده تخير المالك بين ان يضمن الملتقط
لأنه حال بين المالك وملكه بدفعه إلى غيره أو الواصف لفساد القبض وبه فال الشافعي وأبو حنيفة فان ضمن الواصف لم يرجع على الملتقط لان التلف وقع في يده
ولان الثاني ظالم بزعمه فلا يرجع على غير ظالمه وان ضمن الملتقط رجع ان لم يقر للواصف بالملك وان أقر لم يرجع مواخذه له بقوله وقال بعض أصحاب مالك وأبو
عبيد انه لا يضمن الملتقط لأنه فعل ما أمر به وهو امين غير مفرط ولا مقصر فلم يضمن كما لو دفعها بأمر الحاكم لان الدفع واجب عليه فصار الدفع بغير اختياره فلم يضمنه
كما لو أكره هذا إذا دفع بنفسه واما إذا ألزمه الحاكم الدفع إلى الواصف لم يكن لمقيم البينة تضمينه لأنها مأخوذة منه على سبيل القهر فلم يضمنها كما لو غصبها غاصب
وإذا ضمن الواصف لم يرجع على أحد لان العدوان منه والتلف عنده ثم إن كان رأى الحاكم الدفع بالوصف كان لمقيم البينة تضمين المدفوع إليه خاصة وان لم يكن
رأيه ذلك كان مخيرا بين ان يرجع على الحاكم لبطلان الدفع عنده وبين ان يرجع على القابض ويستقر الضمان على القابض ولو جاء الواصف بعد ما تملك الملتقط
اللقطة واتلفها فغرمها الملتقط له لظنه صدقه ثم جاء اخر وأقام البينة بملكيتها كان له مطالبة الملتقط دون الواصف لان الذي قبضه الواصف ليس عين ماله
وانما هو مال الملتقط ثم إن الملتقط يرجع على الواصف ان لم يكن قد أقر له بالملك عند الغرامة وإن كان قد أقر لم يكن له الرجوع لاعترافه بأنه المستحق وان الثاني
ظالم ولو تعذر الرجوع على الملتقط فالأقوى ان له الرجوع على القابض اقتصاصا للملتقط ان لم يقم القابض البينة على الملتقط باعترافه له بالملكية مسألة
لو أقام واحد بينة بها فدفعت إليه ثم أقام اخر بينة أخرى بأنها له أيضا فإن لم يكن هناك ترجيح لاحدى البينتين على الأخرى أقرع بينهما لأنه مشكل لانتفاء الأولوية
والحكم بهما ودفعهما معا فان خرجت للأولى فلا بحث وان خرجت القرعة للثاني انتزعت من الأول وسلمت إليه ولو تلفت فإن كان الملتقط قد دفع بإذن الحاكم لم يضمن
وكان الضمان على الأول وإن كان قد دفعها باجتهاده ضمن لأنه ليس له الحكم لنفسه إما لو قامت البينة بعد الحول وتملك الملتقط ودفع العوض إلى الأول ضمن الملتقط
للثاني على كل حال لان الحق ثابت في ذمته لم يتعين بالدفع إلى الأول ورجع الملتقط على الأول لتحقق بطلان الحكم وعند الشافعي إذا أقام كل واحد بينة على انها له
ففيه أقوال التعارض تذنيب: لو أقام مدعي اللقطة شاهدين عدلين عنده وعند الملتقط وفاسقين عند القاضي لم يجز للقابض الدفع بشهادة
264

هذين الشاهدين وان اعترف الغريم بعدالتهما لأنه يعرف منهما ما يخفى على الغريم وللشافعية وجهان أصحهما عندهم هذا والثاني ان له الدفع لاعترافه بعدالتهما
وليس بشئ اخر لو وصفها اثنان وتداعياها فان قلنا بالدفع بالوصف وجوبا أقرع بينهما كما لو أقاما بينة وان قلنا به جوازا جازت القرعة والحكم كما تقدم
وقال بعض الحنابلة تقسم بينهما لتساويهما فيما يستحق به الدفع فتساويا فيه كما لو كانت في أيديهما وليس بشئ لأنهما لو تداعيا عينا في يد غيرهما وتساويا في
البينة أو عدمها تكون لمن وقعت له القرعة كما لو تداعيا وديعة في يد انسان واعترف لأحدهما من غير تعيين بخلاف ما لو كانت في يديهما لان يد كل واحد
منهما على نصفها فيرجع قوله فيه اخر لا تدفع إلى من خرجت له القرعة الا باليمين فان امتنع منها احلف الآخر فان امتنعا احتمل ايقافها إما عليهما حتى يصطلحا
أو على غيرهما ولا فرق في ذلك بين وجوب القرعة بالوصف أو بالبينة اخر لو وصفها واحد فدفعت إليه ثم جاء اخر فوصفها وادعاها لم يستحق شيئا لان الأول
استحقها لوصفه إياها وعدم المنازع فيها ويثبت يده عليها ولم يوجد ما يقتضي انتزاعها منه فيجب ابقائها له كسائر
أمواله مسألة لو جاء مدعي
اللقطة فادعاها ولم يقم بينة ولا وصفها لم يجز دفع اللقطة إليه سواء غلب على ظنه صدقه أو كذبه وبه قال جمهور العامة لأنها أمانة فلم يجب دفعها الا إلى
من يثبت انه صاحبها كالوديعة فان دفعها إليه فجاء اخر فوصفها أو أقام بينة لزم الدافع غرامتها لأنه فوتها على مالكها وحال بينه وبينها بدفعه وله الرجوع
على مدعيها لأنه اخذ مال غيره ولصاحبها تضمين اخذها فإذا ضمنه لم يرجع على أحد وان لم يأت أحد فللملتقط مطالبة اخذها بها لأنه لا يؤمن مجئ صاحبها
فيغرمه إياها ولأنها أمانة في يده فملك اخذها من غاصبها كالوديعة المطلب الثالث في اللواحق. مسألة: قد بينا الخلاف في أن الملتقط
هل يملك اللقطة ملكها مراعى يزول بمجئ صاحبها ويضمن له بدلها ان تعذر ردها أو يملكها ملكا مستقرا ويجب عليه دفع العوض إلى صاحبها وإن كانت
موجودة إذا تقرر هذا فهل يملكها الملتقط مجانا بغير عوض يثبت في ذمته وانما يتجدد وجوب العوض بمجئ صاحبها كما يتجدد زوال الملك عنها بمجيئه وكما يتجدد
وجوب نصف الصداق للزوج أو بدله ان تعذر ثبوت الملك فيه بالطلاق أو لا يملكها الا بعوض يثبت في ذمته لصاحبها اشكال ينشأ من قوله (ع) فان جاء
صاحبها والا فهي مال الله تعالى يؤتيه من يشاء فجعلها من المباحات رواه العامة ومن انه يملك المطالبة فأشبه القرض والثاني أولي والفائدة وجوب عزلها أو
عزل بدلها من تركته واستحقاق الزكاة بسبب الغرم ووجوب الوصية بها ومنع وجوب الخمس بسبب الدين على التقدير الثاني. مسألة: ما يوجد في المفاور
أو في خربة قد باد أهلها فهو لواجده من غير تعريف ان لم يكن عليه اثر الاسلام والا فهو لقطة وكذا المدفون في ارض لا مالك لها ولو كان لها مالك فهو له قضاء
لليد ولو انتقلت عنه بالبيع إليه عرفه فان عرفه فهو أحق به والا عرفه البايع السابق على بايعه وهكذا فإن لم يعرفه أحد منهم فهو لواجده لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما
قال سألته عن الورق يوجد في دار فقال إن كانت الدار معمورة فهي لأهلها وإن كانت خربة فأنت أحق بما وجدت وفى الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال سألته
عن الدار يوجد فيها الورق فقال إن كانت معمورة فيها أهلها فهو لهم وإن كانت خربة قد جلا عنها أهلها فالذي وجد المال أحق به ولا ينافي هذا ما رواه محمد بن
قيس عن الباقر (ع) قال قضى علي (ع) في رجل وجد ورقا في خربة ان يعرفها فان وجد من يعرفها والا تمتع بها لأنه محمول على ما إذا كان لها مالك معروف
أو كان على الورق اثر الاسلام ولو وجد في داره شيئا ولم يعرفه فإن كان يدخل منزله غيره فهو لقطة يعرفه سنة كما يعرف اللقطة ويكون حكمه حكم اللقطة وإن كان
لا يدخله غيره كان له بناء على الظاهر وقد يعرض له النسيان عما ملكه ولما رواه جميل بن صالح في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت له رجل وجد في بيته دينارا
قال يدخل منزله غيره قال نعم كثير قال هذه لقطة ولو وجد في صندوقه شيئا ولم يعرف انه له فالحكم كالدار إن كان غيره يشاركه في فتحه كان لقطة والا كان لصاحبه
لما رواه جميل بن صالح في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت فرجل قد وجد في صندوقه دينارا قال يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئا قلت لا
قال فهو له مسألة: لو وجد شيئا في جوف دابة فإن كانت الدابة قد انتقلت إليه من غيره عرفه المالك فان عرفه فهو أحق به والا كانت ملكا له ويحتمل ان يكون
لقطة يعرف البايع وغيره ويبدأ بالبايع لكن علمائنا على الأول وكذا لو لم ينتقل إليه من غيره بل تولدت عنده لما رواه عبد الله بن جعفر في الصحيح قال كتبت إلى
الرجل أسأله عن رجل اشترى جزورا أو بقرة للأضاحي فلما ذبحها وجد في جوفها صرة فيها دراهم أو دنانير أو جوهرا لمن يكون قال فوقع (ع) عرفها البايع فإن لم يكن يعرفها
فالشئ لك رزقك الله إياه ولو وجدت شيئا في جوف سمكة كالدرة يجدها في جوف السمكة فإن كان قد ملكها بالصيد فهو له قال الله تعالى يستخرجون منه حلية تلبسونها
فيكون لواجدها وإن كانت قد انتقلت إليه بالبيع من الصياد فوجدها المشتري ولم يعلم الصياد بها قال احمد تكون للصياد لأنه إذا لم يعلم ما في بطنها لم يبعه ولم يرض
بزوال ملكه عنه فلم يدخل في المبيع كمن باع دارا له مال مدفون فيها ولو وجد شيئا غير الدرة مما يكون في البحر فهو للصياد وكان حكمه حكم الجوهرة وان وجد دراهم
أو دنانير فهي لقطة لان ذلك لا يخلق في البحر ولا يكون الا لادمي فيكون لقطة كما لو وجده في البحر وكذا الدرة إذا كان فيها اثر ادمي كما لو كانت مثقوبة أو
متصلة بذهب أو فضة أو غيرها فإنها يكون لقطة لا يملكها الصياد لأنها لم يقع في البحر حتى ثبت اليد عليها فهي كالدينار واما علماؤنا فقد اطلقوا القول بان ما يجده
في جوف السمكة يكون له ولم يفصلوا إلى ما ذكره وهو يدل على أن تملك اللقطة يشترط فيه النية وبالجملة قول احمد لا بأس به عندي ولم يفرق علمائنا
بين ان يصطاد السمكة من البحر وغيره واحمد فرق بينهما فجعل ما يصطاد من السمك في النهر والعين كالشاة في أن ما يوجد في بطنها من ذلك يكون لقطة درة كانت
أو غيرها مسألة لو وجد عنبرة على ساحل البحر فهي له لامكان ان يكون البحر قد ألقاها والأصل عدم الملك فيها وكانت مباحة لاخذها كالصيد
قد روى أن بحر عدن القى عنبرة مثل البعير فاخذها ناس بعدن فكتب إلى عمر بن عبد العزيز فكتب عمر خذوا منها الخمس وادفعوها إليهم سائرها وان باعوا كرها؟
فاشتروها فأردنا ان نزنها فلم نجد ميزانا يخرجها فقطعناها باثنتين ووزناها فوجدناها ستمائة رطل فأخذنا خمسها ودفعنا سايرها إليهم ثم اشتريناها
بخمسة آلاف دينار وبعثنا بها إلى عمر بن عبد العزيز فلم يلبث الا قليلا حتى باعها بثلاثة وثلاثين ألف دينار وعلمائنا قالوا إن العنبر ان اخرج من البحر بالغوص اخرج منه الخمس
ان بلغ قيمته دينارا فصاعدا وكان الباقي للمخرج وان قلت قيمته عن دينار فهو له بأجمعه وان جبى من وجه الماء أو من الساحل كان للواجد يخرج منه خمسه ان بلغت قيمته
عشرين دينار والباقي له وقيل لا يشترط النصاب وقد روى الشعيري عن الصادق (ع) انه سئل عن سفينة انكسرت في البحر فاخرج بعضه بالغوص واخرج البحر
بعض ما غرق فيها فقال إما ما أخرجه البحر فهو لأهله الله أخرجه واما ما اخرج بالغوص فهو لهم وهم أحق به مسألة: لو اصطاد غزالا فوجد مخضوبا أو وجد في
عنقه خرزا أو في اذنه خيطا أو نحو ذلك مما يدل على ثبوت اليد عليه فهو لقطة لان ذلك دليل على أنه مملوكا لغيره ولو القي شبكة في البحر فوقع فيها سمكة فجذبت
265

الشبكة فمرت بها في البحر فصادها رجل فالسمكة للذي صادها واما الشبكة فيعرفها فان وجد صاحبها دفعها إليه ولا يملك صاحب الشبكة السمكة وان حصلت في
شبكته لان شبكته لم يثبتها فبقيت على الإباحة وكذا لو نصب فخا أو شركا فوقع فيه صيد من صيود البر فاخذه وذهب به وصاده آخر فهو للصايد ويرد الآلة إلى صاحبها
فإن لم يعرف صاحبها فهي لقطة إما لو وجد غزالا أو حمار وحش أو غيرهما من الصيود في شرك وقد شارف الموت فخلصه وذبحه فهو لصاحب الحبالة وما كان من الصيد في الحبالة
فهو لناصبها وإن كان صقرا أو عقابا مسألة: لو أخذت ثيابه في الحمام ووجد بدلها أو اخذ مداسه وترك بدله لم يملكه بذلك ولا بأس باستعماله ان علم أن صاحبه
تركه له عوضا ويعرفه سنة ثم إما ان يتملكه مع الضمان أو يحتفظه دايما أو يتصدق به ويضمن لان سارق الثياب لم يجر بينه وبين مالكها معاوضة يوجب زوال
ملكه عن ثيابه فإذا اخذها فقد اخذ مال غيره فلا يعرف مالكه فيعرفه كاللقطة الا ان يعلم أن السارق قصد المعاوضة بان يكون الذي له ارداء من الذي سرقه
وكانت مما لا يشتبه على الاخذ بالذي له فلا يحتاج له حينئذ إلى التعريف لان مالكها تركها قصدا والتعريف انما جعل للضايع عن صاحبه ليعلم به ويأخذه وتارك هذا
عالم به وراض ببدله عوضا عما أخذه فلا يحصل من تعريفه فايدة وحينئذ يباح للواجد استعمالها لأن الظاهر أن صاحبها تركها له باذلا له إياها عوضا عما اخذه فصار كالمبيح
له اخذها بلسانه وهو أحد وجوه الحنابلة ولهم اخر ان أحدهما الصدقة بها والثاني الرفع إلى الحاكم ليبيعها ويدفع ثمنها إليه عوضا عن ماله وما قلناه أولي لأنه ارفق
بالناس لان فيه نفعا لمن سرقت ثيابه لحصول عوضها له وللسارق بالتخفيف عنه من الاثم وحفظ هذه الثياب المتروكة من الضياع وقد أبيح لمن له على انسان حق من دين
أو غصب أو غير ذلك ان يأخذ من مال من عليه الحق بقدر ما عليه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك قضاء مع رضي من عليه الحق فاخذه هنا أولي فان وجد هناك قرينة تدل على
اشتباه الحال على الاخذ وانه انما اخذها ظنا انها ثيابه بان يكون المتروكة خيرا من المأخوذة أو مساوية لها وهي مما تشتبه فينبغي ان يعرفها لان صاحبها لم يتركها
عمدا فهي بمنزلة الضايعة منه والظاهر أنه إذا علم بها اخذها ورد ما كان اخذه إذا عرفت هذا فالظاهر أنه يتملكها باختياره بعد التعريف حولا فان ظهر المالك
قاصه بماله وتراد الفضل ولو دفعها إلى الحاكم بعد التعريف حولا ليبيعها ويأخذ ثمنها جاز مسألة لو كان عنده وديعة قد اتى عليها زمان لا يعرف
صاحبها يبيعها ويتصدق بثمنها فإذا جاء مالكها بعد ذلك خيره المستودع بين الغرم ويكون الاجر له وبين اجازة ما فعله ويكون الاجر للمالك ولو كان عنده رهون
لا يعرف أربابها لطول مكثها باعها الحاكم ودفع إليه دينه الذي له وتصدق بالباقي ولا يكون ذلك لقطة ولو كان الملاك قد أذنوا له في البيع جاز ان يتولاه بنفسه
ولو تعذر الحاكم ولم يكن أربابها أذنوا له في البيع جاز له التقويم والبيع للضرورة ولو وجد كنزا في فلاة أو خربة وليس عليه اثر الاسلام اخرج منه الخمس والباقي له ولو
كان عليه اثر الاسلام فهو لقطة ولو وجد لقطة في دار الحرب فإن لم يكن فيها مسلم ملكها وإن كان فيها مسلم عرفها حولا
ثم يملكها ان شاء ولا يجب عليه المقام في دار الحرب للتعريف بل يتم التعريف في دار الاسلام وكذا لو وجد لقطة في بلد عرفه فيه ثم جاز له ان يسافر ويكمل التعريف في غيره ولو
دخل دار الحرب بأمان فالتقط منها لقطة عرفها حولا لان أموالهم محرمة عليه فإن لم يعرفها أحد ملكها بعد التعريف ولو دخل إليهم متلصصا فوجد لقطة ملكها
ان لم يكن فيها مسلم والا عرفها حولا مسألة: لو مات الملتقط قبل التعريف قام وارثه مقامه في التعريف حولا ثم يتملكها بعده ويضمن كالمورث ولو كان الملتقط
قد عرف بعض الحول اكمله الوارث ولا يحتاج إلى استيناف التعريف بخلاف الملتقط من الملتقط لأنه يطلب المالك أو الملتقط فافتقر إلى استيناف التعريف حولا واما
الوارث فإنه يطلب المالك لا غير ولو كان المورث قد عرفها حولا ولم يتملك كان للوارث ان يتملك بغير تعريف ولو مات بعد ان عرفها حولا وتملكها صارت
موروثه عنه كغيرها من أمواله فان جاء صاحبها اخذها من الوارث كما يأخذها من المورث وإن كانت معدومة العين فصاحبها غريم للميت يطالبه بمثلها إن كانت
من ذوات الأمثال والا فبالقيمة فيأخذه من تركته ان اتسعت لذلك فان ضاقت زاحم الغرماء ببدلها سواء تلفت بعد التملك بفعله أو بغير فعله وكذا لو تلفت بعد بتعديه بفعله أو بغير فعله لأنها في الأول
دخلت في ملكه بينة التملك وفي الثاني في ضمانه بتعديه ولو علم أنها تلفت قبل الحول بغير تفريطه فلا ضمان عليه ولا شئ لصاحبها لأنها أمانة في يده تلفت بغير تفريطه فلم
يضمنها كالوديعة وكذا لو تلفت بعد الحول قبل التملك بغير تفريط على رأي من يعتقد انها لا تدخل في ملكه الا بنية التملك ولو لم تعلم تلفها ولم يوجد في تركته احتمل
ان يكون لصاحبها المطالبة من تركته سواء كان قبل الحول أو بعده لان الأصل بقاؤها ويحتمل ان لا يلزم الملتقط شئ
يسقط حق صاحبها لأصالة براءة ذمة الملتقط منها ويحتمل ان يكون قد تلفت بغير تفريط فلا تشتغل ذمته بالشك الفصل الثاني في لقطة الحيوان
ومطالبه ثلاثة الأول المأخوذ مسألة كل حيوان مملوك ضايع ولا يد عليه يجوز التقاطه الا ما يستثنى ويسمى ضالة واخذه في صور الجواز مكروه
لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يأوي الضالة الا ضال ومن طريق الخاصة ما رواه جراح المدايني عن الصادق (ع) قال الضوال لا يأكلها الا الضالون
إذا لم يعرفوها وعن وهب عن الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) قال لا يأكل الضالة الا الضالون (إذا لم يعرفوها) إما إذا تحقق التلف فإنه تزول الكراهة ويبقى طلقا إذا عرفت هذا فإنه يستحب
الاشهاد كما قلنا في لقطة الأموال (إذا لم يعرفوها) لمن لا يؤمن تجدده على الملتقط ولينتفي التهمة عنه مسألة: الحيوان إن كان مما يمتنع من صغر السباع إما الفضل قوته كالإبل
والخيل والبغال والحمير أو لشدة عدوه كالظباء المملوكة والأرانب أو بطيرانه كالحمام وبالجملة كلما يمتنع من صغار السباع وصغار الثعالب وابن اوى وولد الذئب
والسبع لا يجوز التقاطه ولا التعرض له سواء كان لكبر جثته كالإبل والخيل والبغال والحمير أو لطيرانه أو لسرعة عدوه أو لنابه كالكلاب والفهود وبه قال الشافعي
والأوزاعي وأبو عبيد واحمد لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن ضالة الإبل فغضب حتى احمرت وجنتاه وقال مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد
الماء وترعى الشجر وسئل (ع) فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا نصيب هؤلاء الإبل فقال ضالة المسلم حرق النار ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم في الحسن عن الصادق (ع)
قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني وجدت شاة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هي لك أو لأخيك أو للذئب فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله اني وجدت بعيرا فقال معه حذاؤه وسقاؤه حذؤم
خفه وكرشه سقاؤه فلا تهجه ولان مثل هذا الحيوان مصون عن أكثر السباع بامتناعه مستغن بالرعي فمصلحة المالك ترك التعرض له حتى يجده والغالب ان من أضل
شيئا طلبه حيث ضيعه فلو اخذه غيره ضاع عنه وقال مالك والليث في ضالة الإبل من وجدها في القرى عرفها ومن وجدها في الصحراء لا يقر بها ورواه
المزني عن الشافعي وكان الزهري يقول من وجد بدنة فليعرفها فإن لم يجد صاحبها فلينحرها قبل ان ينقضي الأيام ثلاثة وقال أبو حنيفة هي لقطة يباح التقاطها
لأنها لقطة اشبهت الغنم وما لا يمتنع بنفسه وهو غلط لأنه قياس في معرض النص مع قيام الفرق وقد نبه (ع) عليه لان الغنم ضعيفة لا تصبر على الماء وهي في
معرض التلف غالبا مسألة وهذا الحكم في البعير انما هو إذا كان صحيحا ضل عن صاحبه أو تركه من غير جهد ولا تعب إما إذا كان مريضا أو ضعيفا أو لا يتبع
266

صاحبه فإن كان صاحبه قد تركه من جهد في كلاء وماء فكذلك لا يجوز اخذه وإن كان قد تركه في غير كلاء ولا ماء فهو لواجده لأنه كالتالف ويملكه الاخذ ولا ضمان
عليه لصاحبه لأنه يكون كالمبيع له وكذا حكم الدابة والبقرة والحمار إذا ترك من جهد في غير كلاء ولا ماء لما رواه السكوني عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (ع) قضى
في رجل ترك دابته من جهد قال إن تركها في كلاء وماء وامن فهي له يأخذها حيث أصابها وإن كان تركها في خوف وعلى غير ماء ولا كلاء فهي لمن أصابها وفي الصحيح
عن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قال من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلت وقامت وسيبها صاحبها لما لم يتبعه فاخذها غيره فأقام عليها
وأنفق نفقة حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها وانما هي مثل الشئ المباح وعن مسمع عن الصادق (ع) قال إن أمير المؤمنين (ع)
كان يقول في الدابة إذا سرحها أهلها أو عجزوا عن علفها أو نفقتها فهي للذي أحياها قال وقضى أمير المؤمنين (ع) في رجل ترك دابته فقال إن كان تركها في كلاء
وماء وامن فهي له يأخذها متى شاء وان تركها في غير كلاء وماء فهي للذي أحياها مسألة لو اخذ البعير وشبهه في موضع المنع من اخذه بان كان في كلاء وماء
أو كان صحيحا كان ضامنا لأنه متعد بالأخذ لأنه اخذ ملك غيره بغير اذنه ولا اذن الشارع فهو كالغاصب ولا يبرء لو تركه في مكانه أو رده إليه بل انما يبرء بالرد إلى صاحبه
مع القدرة فان فقده سلمه إلى الحاكم لأنه منصوب للمصالح وبه قال الشافعي واحمد لان ما لزمه ضمانه لا يزول عنه الا برده إلى صاحبه أو نايبه كالمسروق والمغصوب
وقال أبو حنيفة ومالك يبرأ لان عمر قال أرسله في الموضع الذي أصبته فيه وجرير طرد البقرة التي لحقت ببقرة وقول عمر لا حجة فيه ولا جرير أيضا مع أنه لم يأخذ البقرة
ولا اخذها راعيه انما لحقت بالبقر فطردها عنها فأشبه ما لو دخلت داره فاخرجها على هذا متى لم يثبت يده عليها ويأخذها لم يلزمه ضمانها وان طردها
على اشكال مسألة: لو وجد شاة في الفلاة أو في مهلكة كان له اخذها عند علمائنا وهو قول أكثر أهل العلم قال ابن عبد البر اجمعوا على أن ضالة الغنم في
الموضع المخوف عليها له اكلها والأصل فيه ما رواه العامة والخاصة حين سئل عن ضالة الغنم قال خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب وكذا الحيوان الذي
لا يمتنع عن صغار السباع مثل الثعلب وابن آوى والذئب وولد الأسد ونحوها فان صغار الغنم كفصلان الإبل وعجول البقر وصغار الخيل والدجاج والإوز
ونحوها فان ذلك كله يجوز التقاطه في الفلوات والمواضع المهلكة وعن أحمد رواية أخرى انه لا يجوز لغير الامام التقاط الشاة وصغار النعم وقال الليث بن سعد
لا أحب ان يقربها الا ان يحرزها لصاحبها لقول النبي صلى الله عليه وآله لا يأوي الضالة الا ضال ولأنه حيوان فأشبه الإبل في المنع وحديثهم عام فيحمل على
ما يمتنع من الحيوان لكبره أو لسرعة عدوه أو طيرانه جمعا بين العام والخاص والقياس على الإبل لا يصح لأنه (ع) منع من التقاطها بان معها حذاها
وسقاها وهذا معنى مفقود في الغنم فلا يتم القياس وأيضا ان النبي (ع) فرق بينهما في خبر واحد فلا يجوز الجمع بين ما فرق الشارع ولا قياس ما أمر بالتقاطه على
ما منع ذلك فيه مسألة: وهذا الحكم في الشاة وغيرها من صغار الانعام التي لا يمتنع من صغار السباع انما يثبت لو وجدها في الصحراء أو في موضع
مهلكة إما لو وجدها في العمران فإنه لا يجوز له التقاطها بحال وفرق بين ما يمتنع بكبره أو سرعة عدوه أو طيرانه وبين ما لا يمتنع كالشاة وشبهها في تحريم
الاخذ من العمران وبه قال مالك وأبو عبيد وابن المنذر لأنه المفهوم من قوله صلى الله عليه وآله هي لك أو لأخيك أو للذئب والذئب لا يكون في المصر ولعموم قوله (ع) الضوال
لا يأكلها الا الضالون ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الشاة الضالة بالفلاة فقال
للسائل هي لك أو لأخيك أو للذئب قال وما أحب ان أمسها وإذا كان في موضع المخافة والهلاك وتعرضها للذئب كره اخذها ناسب التحريم وجدانها في العمران
وقال أحمد بن حنبل لا فرق بين ان يجدها في الفلاة أو في العمران لان النبي صلى الله عليه وآله قال خذها ولم يفرق ولم يستفصل بين وجدانها في العمران
والصحاري ولو افترق الحال لسال واستفصل ولأنها لقطة فيستوي فيها المصر والصحراء كغيرها من اللقطات ونمنع عدم الاستفصال لأنه مفهوم من قوله صلى الله عليه وآله
أو للذئب والقياس باطل خصوصا مع قيام الفارق مسألة: إذا اخذ الشاة وشبهها من صغار النعم من الفلاة تخير ان شاء تملكها وضمن على اشكال
وان شاء دفعها إلى الحاكم ليحفظها أو يبيعها ويوصل ثمنها إلى المالك وان شاء حبسها أمانة في يده لصاحبها وينفق عليها من ماله وان شاء تصدق بها وضمن
ان لم يرض المالك بالصدقة وقال الشافعي هو بالخيار بين ان يأكلها في الحال ويغرم قيمتها إذا جاء صاحبها وبين ان يعرفها سنة وينفق عليها من ماله وبين ان
يمسكها على صاحبها وينفق عليها من ماله ولا يعرفها ولا يتملكها وبين ان يبيعها بإذن الامام في الحال ويحفظ ثمنها على صاحبها قال ابن عبد البراء اجمعوا على أن
ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له اكلها لقوله هي لك أو لأخيك أو للذئب أضافها إليه بلفظة له المقتضية للتملك في الحال وسوى فيها بينه وبين الذئب
الذي لا يتأنى؟ باكلها ولان في اكلها في الحال دفعا لثقلها بالمؤنة عليها والانفاق وحفظها لماليتها على صاحبها إذا جاء اخذ قيمتها بكمالها من غير نقص فيه
وفي ابقائها تضييع للمالك بالانفاق عليها والغرامة في نقلها فكان اكلها أولي إذا ثبت هذا فإذا أراد اكلها حفظ صفتها حتى إذا جاء صاحبها غرمها له فان الغرامة
تجب عليه في قول عامة أهل العلم الا مالكا فإنه قال يأكلها ولا يغرم قيمتها لصاحبها ولا يعرفها لقول النبي صلى الله عليه وآله هي لك ولم يوجب تعريفا ولا غرما
وسوى بينه وبين الذئب والذئب لا يعرف ولا يغرم قال ابن عبد البر لم يوافق مالكا أحد من العلماء على قوله وقول النبي صلى الله عليه وآله رد على أخيك ضالته دليل على أن الشاة
على ملك صاحبها ولأنها لقطة لها قيمة وتتبعها النفس فيجب غرامة قيمتها لصاحبها إذا جاء كغيرها ولأنها ملك لصاحبها فلم يجز تملكها عليه بغير عوض من غير
رضاه كما لو كانت في التبيان؟ ولأنها عين تجب ردها مع بقائها فوجب غرمها إذا أتلفها كلقطة الذهب وقوله
صلى الله عليه وآله هي لك لا يمنع وجوب غرامتها فإنه قد اذن في لقطة
الذهب والورق بعد تعريفها في اكلها وانفاقها وقال هي كسائر مالك ثم قد اجمعوا على وجوب غرامتها ولم يذكره في الحديث فكذا الشاة ولا فرق بينهما في المالية
فلا فرق بينهما في الغرم مسألة: إذا اختار الملتقط للشاة في الفلاة حفظها على صاحبها كان عليه الانفاق عليها لان بقاؤها لا يتم بدونه ولأنه قد التزم
حفظها فقد الزم نفسه بما يتوقف حفظها عليه إذا ثبت هذا فإنه يتخير بين ان يتبرع بالانفاق عليها ولا يرجع به على مالكها أو بين ان يرفع امرها إلى الحاكم لينفق
عليها الحاكم أو يأمره بالانفاق عليها ليرجع به على مالكها ولو لم يرفع امرها إلى الحاكم وأنفق فهو متبرع كما لو أنفق على حيوان غيره مع تمكنه من استيذانه فان الحاكم ولي
المالك ونائب عنه مع غيبته ولو لم يجدها كما اشهد شاهدين بالرجوع بما ينفقه ويرجع به لأنه أنفق على اللقطة لحفظها فكان من مال صاحبها كمؤنة تجفيف
الرطب والعنب وهو إحدى الروايتين عن أحمد والرواية الثانية عنه انه لا يرجع بشئ وبه قال الشعبي والشافعي ولم يعجب الشعبي قضاء عمر بن عبد العزيز في من وجد
ضالة فلينفق عليها فإذا جاء ربها طالبه بما أنفق لأنه أنفق على مال غيره بغير اذنه فلم يرجع به وهو غلط لأنه محسن بالانفاق فلا سبيل عليه وفي عدم تمكنه
267

من الرجوع سبيل عليه باسقاط ماله بغير عوض ولو لم يتمكن من شاهدين فان نوى الرجوع بما ينفق رجع والا فلا لكن لا يقضى له بقوله وادعائه النية على اشكال
ينشأ من أن الرجوع في النية إليه ومن أصالة براءة الذمة مسألة: قد ذكرنا ان للملتقط الخيار بين تملكها وحفظها وبيعها فإذا اختار البيع جاز له وحفظ
ثمنها وهل له ان يتولى ذلك بنفسه أو يجب رفعها إلى الحاكم الأقرب الأول والأحوط الثاني وليس شرطا خلافا لبعض الشافعية لأنه يجوز له اكلها بغير اذنه فبيعها
أولي وهل يجب تعريفها الأقرب العدم لكن لو اختار ذلك عرفها حولا كما يعرف اللقطة ويغرم عليها النفقة إما من ماله أو من مال صاحبها على ما تقدم
وقال بعض العامة يجب تعريفها حولا لأنها لقطة لها خطر فوجب تعريفها كالمطعوم الكثير ولا يلزم من جواز التصرف فيها في الحول سقوط التعريف كالمطعوم
وقال آخرون لا يجب التعريف لقوله (ع) هي لك أو لأخيك أو للذئب ولم يأمر بتعريفها كما أمر (ع) في لقطة الذهب والورق والأقوى الأول فان اكلها ثبت في ذمته
قيمتها ولا يلزم عزلها لعدم الفايدة في ذلك لأنها لا ينتقل عن الذمة إلى المال المعزول ولو عزل شيئا ثم أفلس كان صاحب اللقطة أسوة الغرماء في المال المعزول
ولا يختص بصاحب اللقطة ولو باعها وحفظ ثمنها ثم جاء صاحبها اخذه ولم يشاركه فيه أحد من الغرماء لأنه ماله لا شئ للمفلس فيه بخلاف ما لو تملكها أو تملك
الثمن ويحتمل التخصيص لان من وجد عين ماله كان أحق به مع وجود سبب الانتقال منه فهنا أولي مسألة: قد بينا انه لا يجوز اخذ الشاة وشبهها في العمران
خلافا لأحمد فان اخذها لم يجز له تملكها بحال بل يتخير بين امساكها لصاحبها أمانة وعليه نفقتها من غير رجوع بها لتبرعه حيث اخذ في موضع المنع وبين
دفعها إلى الحاكم لأنه من المصالح ولو تعذر الحاكم أنفق ورجع بالقيمة ولا فرق في ذلك بين الحيوان الممتنع وغيره ولو وجد شاة في العمران حبسها ثلاثة أيام ثم تصدق
بها عن صاحبها ان لم يأت أو باعها وتصدق بثمنها والأقرب انه يضمن وقد روى ابن أبي يعفور عن الصادق (ع) أنه قال جاء رجل من أهل المدينة فسألني
عن رجل أصاب شاة قال فأمرته ان يحبسها عنده ثلاثة أيام ويسأل عن صاحبها فان جاء صاحبها والا باعها وتصدق بثمنها ونقل المزني عن الشافعي فيما وضعه بخطه
ولا اعلم أنه سمع منه إذا وجد الشاة أو البقرة أو الدابة ما قامت بمصر أو في قرية فهي لقطة فسوى في البلد والقرية بين الصغير والكبير واختلف أصحابه فقال أبو
إسحاق الذي نقله المزني هو الصحيح ويستوي الصغير والكبير في كونها لقطة بالمصر لان الكبير لا يهتدي فيه للرعي وورود الماء فيكون ضايعا كالصغير وقال الباقون
لا فرق بين المصر والصحاري والكبير لا يكون لقطة لان الكبير لا يضيع في البلد ولا يخفى امره بخلاف الصغير فعلى هذا الوجه لا فرق بين الصحاري والامصار الا في
حكم واحد وهو ان في الصحاري له اكل الصغار لأنه يتعذر عليه بيعها ولا يتعذر ذلك في الأمصار فليس له اكلها وعلى ما نقله المزني الصغار والكبار لقطة
وهي كالصغار في الصحاري في جواز الأكل وقد بينا مذهبنا في ذلك مسألة لا يجوز اخذ الغزلان واليحامير وحمر الوحش في الصحاري إذا ملكت هذه الأشياء
ثم خرجت إلى الصحراء وكذا باقي الصيود المستوحشة التي إذا تركت رجعت إلى الصحراء لأنها تمتنع بسرعة عدوها عن صغار السباع وهي مملوكة للغير فلا يخرج
عن ملكه بالامتناع كما لو توحش الأهلي إما لو خاف الواجد له ضياعها عن مالكها أو عجز مالكها عن استرجاعها فالأقوى جواز التقاطها لان تركها أضيع لها من
سائر الأموال والمقصود حفظها لصاحبها لا حفظها في نفسها ولو كان الغرض حفظها في نفسها لما جاز التقاط الأثمان فان الدينار محفوظ حيث ما كان
مسألة: حكم البقر حكم الإبل وبه قال الشافعي وأبو عبيد واحمد لأنها يمتنع عن صغار السباع ويجري في الأضحية والهدي عن سبعة فأشبهت الإبل وقال مالك
ان البقر كالشاة وليس بشئ إما الخيل والبغال فإنها كالإبل لأنها تمتنع عن صغار السباع وبه قال الشافعي واحمد واما الحمار فإنه كذلك أيضا لامتناعه عن صغار السباع
ولها أجسام عظيمة فأشبهت البغال والخيل ولأنها من الدواب فأشبهت البغال وهو أحد قولي الحنابلة والثاني انها كالشاة لان النبي صلى الله عليه وآله علل الإبل
بان معها حذاها وسقاها يريد شدة صبرها عن الماء لكثرة ما توعي في بطونها منه وقوتها على وروده وإباحة ضالة الغنم بأنها معرضة لاخذ الذئب إياها لقوله
هي لك أو لأخيك أو للذئب والحمر مساوية للشاة في علتها فإنها لا تمتنع من الذئب ومفارقة الإبل في علتها فإنها لا صبر بها على الماء والحاق الشئ بما ساواه في علة
الحكم وفارقه في الصورة أولي من الحاقه بما فارقه في الصورة والعلة مسألة: الاحجار الكبار كاحجار الطواحين والحباب الكبيرة وقدور النحاس الكبيرة العظيمة وشبهها مما يتحفظ بنفسه
ملحقة بالإبل في تحريم اخذه بل هو أولي منه لان الإبل في معرض التلف إما بالأسد أو بالجوع أو بالعطش أو غير ذلك وهذا بخلاف تلك ولأن هذه الأشياء لا يكاد
تضيع عن صاحبها ولا يخرج من مكانها بخلاف الحيوان فإذا حرم اخذ الحيوان فهذه أولي وكذا السفن المربوطة في الشرايع المعهودة لا يجوز اخذها والاخشاب
الموضوعة على الأرض إما السفن المحلولة الرباط السارية في الفرات وشبهها بغير ملاح فإنها لقطة إذا لم يعرف مالكها مسألة: ما يؤخذ من الحيوان قريبا من العمران حكمه حكم الموجود في العمران للعادة القاضية بان الناس يشمرون دوابهم قريبا
من عمارة البلد وقد تقدم ان للشافعي في جواز التقاط الممتنع في المفازة قولان وكذا له قولان في جواز التقاطها
في العمران أصحهما جواز التقاطها للتملك لأنها
في العمران يضيع بامتداد اليد الخاينة بخلاف المفازة فان طروق الناس بها لا يعم ولأنها لا تجد ما يكفيها ولان البهايم في العمران لا تهمل وفي الصحراء قد تسرح
وتهمل فيحتمل ان صاحبها يظفر بها ولا يضل عنها وحكى بعض الشافعية طريقين أحدهما القطع بالمنع والثاني القطع بالجواز هذا إذا كان الزمان زمان امن
إما في زمان النهب والفساد فيجوز التقاطها سواء وجدت في الصحارى أو العمران والمشهور عند الشافعية ان ما لا يمتنع من الغنم والعجاجيل والفصلان يجوز
اخذها للتملك سواء كانت في العمران في المفاوز وقال بعضهم انها لا يؤخذ كما ذهبنا نحن إليه فإذا وجدها في المفازة تخير بين ان يمسكها ويعرفها
ويتملكها وبين ان يبيعها ويحفظ ثمنها ويعرفها ثم يتملك الثمن وبين ان يأكلها إن كانت مملوكة مأكولة ويغرم قيمتها والأول أرجح من الثاني والثاني من الثالث
قالوا لو وجدها في العمران فله الامساك والتعريف ويملك الثمن وفي الاكل قولان أحدهما الجواز كما في الصحراء وأرجحهما عند أكثر الشافعية المنع بسهولة
البيع في العمران وهل يجوز تملك الصغار مما يوكل في الحال لهم وجهان أحدهما نعم كما لا يجوز اكل المأكول وأصحهما عندهم انه لا يجوز تملكها حتى يعرف سنة
كغيرها من اللقطة فإذا امسكها وأراد الرجوع بالانفاق استأذن الحاكم فان تعذر اشهد وقد سبق وان أراد البيع ولا حاكم هناك استقل به فإن كان
فوجهان لهم أحدهما جواز الاستقلال لأنه نائب عن المالك في الحفظ فكذا في البيع مسألة: لو وجد بعيرا في أيام منى في الصحراء مقلدا كما يقلد الهدي
لم يجز اخذه لأنه لا يجوز مع عدم التقليد فمعه أولي وقال الشافعي يأخذه ويعرفه أيام منى فان خاف ان يفوته وقت النحر نحره والأولى عنده ان يرفع إلى الحاكم حتى يأمره بنحره
ونقل بعضهم قولا اخر انه لا يجوز اخذه كما ذهبنا إليه ثم بنو القولين على القولين فيما إذا وجد بدنة منحورة غمس ما قلدت به في دمها وضرب صفحة سنامها هل يجوز
الاكل منها فان منعنا الاكل منعنا الاخذ هنا وان جوزنا الاكل اعتمادا على العلامة فكذا التقليد علامة كون البعير هديا والظاهر أن تخلفه كان لضعفه عن
268

المسير والأضحية المعينة إذا ذبحت في وقت النحر وقع في موقعه وان لم يأذن صاحبها قال الجويني لكن ذبح الضحية وان وقع في موقعه لا يجوز الاقدام عليه من غير اذن وجوز
بعض الشافعية الاخذ والنحر ولهذا الاشكال ذهب القفال تفريعا على هذا القول انه يجب رفع الامر إلى الحاكم لينحره وهذا ليس بشئ لان الاخذ الممنوع منه انما هو الاخذ للتملك
ولا شك ان هذا البعير لا يؤخذ للتملك المطلب الثاني: في الملتقط مسألة: يصح اخذ الضالة في موضع الجواز لكل بالغ عاقل ولو اخذه في موضع المنع
لم يجز وضمنه إما ما كان أو غيره لأنه اخذ ملك غيره بغير اذنه ولا اذن الشارع له فهو كالغاصب وهذا الفرض في الامام عندنا باطل لأنه معصوم إما عند العامة
الذين لم يوجبوا عصمة امامهم فإنه قد يفرض وكذا يفرض عندنا في نائب الامام وكذا يجوز للصبي والمجنون اخذ الضوال لأنه اكتساب وينتزع الولي ذلك من يدهما
ويتولى التعريف عنهما سنة فإن لم يأت مالك تملكاه وضمناه بتمليك الولي لهما وتضمينهما إياه ان رأى الغبطة في ذلك وان يكن في تمليكها غبطة أبقاها أمانة
. مسألة: الأقرب عدم اشتراط الحرية فيجوز للعبد القن والمدبر والمكاتب وأم الولد والمعتق بعضه التقاط الضوال في موضع الجواز لأنه اكتساب وهؤلاء من أهله
وهم أهل للحفظ والأقرب انه لا يشترط الاسلام ولا العدالة فيجوز للكافر اخذ الضالة وكذا للفاسق لأنه اكتساب وهما من أهله وقال الشافعي لا يجوز لغير الامام وغير
نايبه اخذ الضوال للحفظ لصاحبها فان اخذها غير الامام أو نايبه ليحفظها لصاحبها لزمه الضمان لأنه لا ولاية له على صاحبها ولأصحابه وجه اخر انه يجوز اخذها لحفظها قياسا على الامام
واحتج بان النبي صلى الله عليه وآله منع من اخذها من غير أن يفرق بين قاصد الحفظ وقاصد الالتقاط والقياس على الامام باطل لان له ولاية وهذا لا ولاية له ونحن
نقول بموجبه في موضع المنع من اخذها إما لو وجدها في موضع يخاف عليها فيه مثل ان يجدها في ارض مسبعة يغلب على الظن افتراس الأسد لها ان تركها فيه
أو وجدها قريبة من دار الحرب يخاف عليها من أهلها أو في موضع يستحل أهله أخذ أموال المسلمين أو في برية لا ماء لها ولا مرعى فالأولى جواز الاخذ للحفظ ولا ضمان
على اخذها لما فيه من انقاذها من الهلاك فأشبه تخليصها من غرق أو حرق وإذا حصلت في يده سلمها إلى بيت المال وبرئ من ضمانها وله التملك مع الضمان
لان الشارع نبه على علة عدم التملك لها بأنها محفوظة فإذا كانت في المهلكة انتفت العلة مسألة لو ترك دابة بمهلكة فاخذها انسان فاطعمها وسقاها
وخلصها تملكها وبه قال الليث والحسن بن صالح واحمد وإسحاق الا ان يكون تركها بنية العود إليها فاخذها أو كانت قد ضلت منه لما رواه العامة عن الشعبي ان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال من وجد دابة قد عجز عنها أهلها فسيبوها فاخذها فأحياها رجل فهي له وفي لفظ اخر عن الشعبي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ترك دابة بمهلكة
فأحياها رجل فهي لمن أحياها ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) قال من أصاب مالا أو بعيرا في فلاة من الأرض قد كلت
وباتت (ماتت) وسيبها صاحبها لما لم يتبعه فاخذها غيره فأقام عليها وأنفق نفقة حتى أحياها من الكلال ومن الموت فهي له ولا سبيل له عليها وانما هي مثل الشئ المباح
ولان القول بملكها يتضمن أحياها وانقاذها من الهلاك وحفظا للمال عن الضياع ومحافظة على حرمة الحيوان وفي القول بعدم الملك تضييع ذلك كله من غير
مصلحة تحصل ولان مالكه نبذه رغبة عنه وعجزا عن اخذه فملكه اخذه كالمتساقط من السنبل وسائر ما ينبذه الناس رغبة عنه وزهدا فيه المطلب الثالث
في الاحكام مسألة يجوز للامام ونايبه اخذ الضالة على وجه الحفظ لصاحبه ثم يرسله في الحمي الذي حماه الامام لخيل المجاهدين والضوال لان للامام
نظرا في حفظ مال الغايب وفي اخذه هذه حفظا لها عن الهلاك ثم يعرفها حولا فان جاء صاحبها والا بقيت في الحمى وقال احمد لا يلزمه تعريفها لان عمر لم يكن يعرف الضوال
وفعل عمر ليس حجة وإذا عرف انسان دابته أقام البينة عليها واخذها فلا يكفي وصفها لأنها ظاهرة بين الناس يعرف صفاتها غير أهلها فلا يكون الصفة لها دليلا
على ملكه لها ولان الضالة قد كانت ظاهرة للناس حين كانت في يد مالكها فلا يختص بمعرفة صفاتها دون غيره ويمكنه إقامة البينة عليها لظهورها
للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه بملكه إياها مسألة: الأقرب عندي انه يجوز لكل أحد اخذ الضالة صغيرة كانت أو كبيرة ممتنعة عن السباع أو غير
ممتنعة بقصد الحفظ لمالكها والأحاديث الواردة في النهي عن ذلك محمولة على ما إذا نوى بالالتقاط التملك إما قبل التعريف أو بعده إما مع نية الاحتفاظ فالأولى
الجواز كما أنه لا يجوز للامام ولا لنايبه اخذ ما لا يجوز اخذه على وجه التملك مسألة: ما يحصل عند الامام من الضوال فإنه يشهد عليها ويسمها بوسم انها
ضالة ثم إن كان له حمى تركها فيه ان رأى المصلحة في ذلك وان رأى المصلحة في بيعها أو لم يكن له حمي باعها بعد ان يصفها ويحفظ صفاتها ويحفظ ثمنها لصاحبها فان
ذلك احفظ لها لان في تركها ضررا على مالكها لافضائه إلى أن يأكل جميع ثمنها إما غير الامام ونائبه إذا التقط الضالة ولم يجد سلطانا ينفق عليها أنفق من نفسه
ويرجع مع نية الرجوع وقيل لا يرجع لان عليه الحفظ ولا يتم الا بالانفاق والأول أقرب دفعا لتوجه الضرر بالالتقاط ولا يبعد من الصواب التفصيل فإن كان قد نوى
التملك قبل التعريف أو بعده أنفق من ماله ولا رجوع لأنه فعل ذلك لنفعه وان نوى الحفظ دائما رجع مع الاشهاد ان تمكن والا فمع نيته ولو كان للقطة نفع كالظهر
للركوب أو الحمل أو اللبن أو الخدمة قال الشيخ (ره) يكون ذلك بإزاء ما أنفق والأقرب ان ينظر في قدر النفقة وقيمة المنفعة ويتقاصان مسألة: لا يضمن
الضالة بعد الحول الا مع قصد التملك ولو قصد حفظها دائما لم يضمن كما في لقطة الأموال الا مع التفريط أو التعدي ولو قصد التملك ضمن فان نوى الحفظ بعد
ذلك لم يبرأ من الضمان لأنه قد تعلق الضمان بذمته كما لو تعدى في الوديعة ثم نوى الحفظ ولو قصد الحفظ ثم نوى التملك لزمه الضمان من حين نية التملك
مسألة: لو وجد مملوكا بالغا أو مراهقا لم يجز له اخذه لأنه كالضالة الممتنعة يتمكن من دفع المؤذيات عنه ولو كان صغيرا كان له اخذه لأنه في معرض التلف والمال
إذا كان بهذه الحال جاز اخذه وهو نوع منه وإذا اخذ عبدا صغيرا للحفظ لم يدفع إلى مدعيه الا بالبينة ولا يكفي الشهادة على شهود الأصل بالوصف لاحتمال
الشركة في الأوصاف بل يجب احضار شهود الأصل ليشهدوا بالعين فان تعذر احضارهم لم يجب نقل العبد إلى بلدهم ولا بيعه على من يحمله ولو رأى الحاكم ذلك صلاحا
جاز ولو تلف قبل الوصول أو بعده ولم يثبت دعواه ضمن المدعي قيمة العبد واجره مسألة: لو ترك متاعا في مهلكة فخاصه انسان لم يملكه لأنه لا حرمة له في نفسه ولا يخشى عليه
التلف كالخشية على الحيوان فان الحيوان يموت إذا لم يطعم ويسقى وتأكله السباع والمتاع يبقى إلى أن يعود مالكه إليه ولو كان المتروك عبدا لم يملكه اخذه لان العبد
في العادة يمكنه التخلص إلى الأماكن التي يعيش فيها بخلاف البهيمة وله اخذ العبد والمتاع ليخلصه لصاحبه وهل يستحق الأجرة عن تخليص العبد أو المتاع الوجه انه لا يستحق
الا مع الجعل لأنه عمل في مال غيره بغير جعل فلم يستحق شيئا كالملتقط وقال احمد يستحق الجعل وليس بجيد مسألة: ما يلقيه ركبان البحر فيه من السفينة خوفا من الغرق
إذا أخرجه غير مالكه فالأقرب انه للمخرج وبه قال الليث بن سعد والحسن البصري وما نضب عنه الماء فهو لأهله وقال ابن المنذر يرده على أربابه ولا جعل له وهو
مقتضى قول الشافعي ويتخرج على قول احمد ان لمن أنقذه اجرة مثله والأقرب ما قدمناه لأنه مال ألقاه أربابه فيما يتلف بتركه فيه اختيارا منهم فملكه من أخرجه كالمنبوذ
269

بنية الاعراض عن تملكه ولو انكسرت السفينة في البحر فاخرج بعض المتاع الذي فيها بالغوص واخرج البحر بعض ما غرق فيها روى الشعيري فيه ان الصادق (ع)
سئل عن ذلك فقال إما ما أخرجه البحر فهو لأهله الله أخرجه واما ما اخرج بالغوص فهو لهم وهم أحق به وقال الشافعي وابن المنذر إذا انكسرت السفينة فأخرجه قوم
يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ولا شئ للذي أصابوه وعلى قياس قول احمد يكون لمستخرجه أجرة المثل لان ذلك وسيلة إلى تحصيله وحفظه لصاحبه وصيانة عن الغرق
فان الغواص إذا علم أنه يدفع إليه الاجر بادر إلى التخليص وان علم أنه يؤخذ منه بغير شئ لم يخاطر بنفسه في استخراجه مسألة: قد بينا انه يجوز للانسان ان يلتقط العبد الصغير
وكذا الجارية الصغيرة ويملك كل منهما بعد التعريف وقياس مذهب احمد انه لا يملكان بالتعريف وقال الشافعي يملك العبد دون الجارية لان التملك بالتعريف عنده
كالقرض والجارية عنده لا تملك بالقرض واستشكل بعض العامة ذلك فان الملقوط محكوم بحريته وإن كان ممن يعبر عن نفسه فاقر بأنه مملوك لم يقبل اقراره لان الطفل لا
قول له ولو اعتبر قوله في ذلك لاعتبر في تعريف سيده الفصل الثالث: في اللقيط وفيه مطالب الأول الأركان اللقيط كل صبي ضايع لا كافل له ويسمى
منبوذا باعتبار انه ينبذ اي يرمى ويسمى لقيطا أي ملقوطا واللقيط فعيل بمعنى مفعول كما يقال دهين وخضيب وجريح وطريح وانما هو مدهون ومخضوب ومجروح
ومطروح ويسمى ملقوطا باعتبار انه يلقط إذا عرفت هذا فالأركان ثلاثة الأول: الالتقاط وهو واجب على الكفاية لاشتماله على صيانة النفس عن الهلاك
وفي تركه اتلاف النفس المحترمة وقد قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولان فيه احياء النفس فكان واجبا كاطعام المضطر وانجائه
من الغرق وقد قال الله تعالى ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا وقال الله تعالى وافعلوا الخير ووجد سفيان بن جميلة منبوذا فجاء به إلى عمر بن الخطاب فقال ما حملك على اخذ
هذه النسمة فقال وجدتها ضايعة فأخذتها فقال عريفة انه رجل صالح فقال كذلك قال نعم اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته وهذا الخبر عندنا لا
يعول عليه والولاء عندنا لمن يتولاه الملتقط فإن لم يتوال أحدا كان ميراثه للامام وليس اخذ اللقيط واجبا على الأعيان بالاجماع وأصالة البراءة ولئلا يتضاد
الاحكام ولان الغرض الحفظ والتربية وذلك يحصل بأي واحد اتفق بل هو من فروض الكفايات إذا قام به البعض سقط عن الباقين ولو تركه الجماعة بأسرهم أتموا
بأجمعهم إذا علموا به وتركوه مع امكان اخذه مسألة: ويستحب الاشهاد على اخذه لأنه أصون واحفظ لأنه يحتاج إلى حفظ الحرية والنسب ولان اللقطة يشيع
امرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط وللشافعية طريقان أحدهما انه على وجهين أو قولين كما قدمنا في اللقطة والأصح القطع بالوجوب بخلاف اللقطة فان
الأصح فيها الاستحباب لان اللقيط يحتاج إلى حفظ الحرية والنسب فجاز ان يجب الاشهاد عليه كما في النكاح والأصل عندنا ممنوع وحكى الجويني وجها ثالثا هو الفرق
فإن كان الملتقط على ظاهر العدالة لم يكلف الاشهاد وإن كان مستور العدالة كلف ليصير الاشهاد قرينة يغلب على الظن الثقة وإذا أوجبنا الاشهاد فلو تركه
لم تسقط ولاية الحضانة وقال الشافعي تسقط ولاية الحضانة ويجوز الانتزاع وإذا اشهد فليشهد على الملتقط وما معه من يثاب وغيرها إن كان معه شئ الركن
الثاني: اللقيط وقد ذكرنا انه كل صبي ضايع لا كافل له والتقاطه من فروض الكفايات فيخرج بقيد الصبي البالغ فإنه مستغن عن الحضانة والتعهد فلا معنى لالتقاطه
نعم لو وقع في معرض هلاك أعين ليتخلص إما الصبي الذي بلغ سن التمييز فالأقرب جواز التقاطه لحاجته إلى التعهد والتربية وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يلتقط
لأنه مستقل ممتنع كضالة الإبل فلا يتولى امره الا الحاكم وقولنا ضايع يريد به المنبوذ لان غير المنبوذ يحفظه
أبوه أو جده لأبيه أو الوصي لأحدهما فإن لم يكن
أحد هؤلاء نصب القاضي له من يراعيه ويحفظه ويتسلمه لأنه كان له كافل معلوم وهو أبوه أو جده أو وصيهما فإذا فقد قال القاضي مقامه كما أنه يقوم لحفظ مال
الغايبين والمفقودين إما المنبوذ فإنه يشبه اللقطة ولهذا يسمى لقيطا فلم يختص حفظه بالقاضي وقولنا لا كافل له يريد به من لا أب له ولا جد للأب ومن
يقوم مقامهما والملتقط فمن هو في حضانة أحد هؤلاء لا معنى لالتقاطه نعم لو وجد في مضيعة اخذ ليرد إلى حاضنه الركن الثالث الملتقط مسألة
يعتبر في الملتقط التكليف والحرية والاسلام والعدالة فلا يصح التقاط الصبي ولا المجنون ولو كان الجنون يعتوره أدوارا اخذه الحاكم من عنده كما يأخذه
لو التقطه المجنون المطبق أو الصبي واما العبد فليس له الالتقاط لان منافعه ملك سيده فليس له صرفها إلى غيره الا باذنه ولان الالتقاط تبرع والعبد ليس
من أهله إذ أوقاته مشغولة بخدمة مولاه ولو اذن له السيد أو علم به فاقره في يده جاز وكان السيد في الحقيقة هو الملتقط والعبد نايبه قد استعان به عليه في الاخذ والتربية والحضانة فصار كما لو التقطه سيده وسلمه إليه وإذا اذن له السيد لم يكن له
الرجوع في ذلك إما لو كان الطفل في موضع لا ملتقط له سوى العبد فإنه يجوز له التقاطه لأنه تخليص له من الهلاك فجاز كما لو أراد التخليص من الغرق ولو التقط
العبد مع وجود ملتقط غيره لم يقر في يده وينتزعه الحاكم لأنه المنصوب للمصالح الا ان يرضى مولاه ويأذن بتقريره في يده فيقدم على الحاكم ولا فرق بين القن
المدبر وأم الولد والمكاتب والمحرر بعضه في ذلك كله لأنه ليس لأحد هؤلاء التبرع بماله ولا بمنافعه الا بإذن السيد وقال الشافعي المكاتب إذا التقط بغير اذن السيد
انتزع من يده كالقن وان التقط بإذن السيد جاء فيه الخلاف في تبرعاته بالاذن لكن الظاهر عندهم المنع لان حق الحضانة ولاية وليس المكاتب أهلا لها وليس بجيد
لان الحق لا يعذرهما وللشافعية وجهان في المعتق نصفه إذا التقط في يوم نفسه هل يستحق الكفالة مسألة: لا يجوز للكافر ان يلتقط الصبي المسلم
سواء كان الكافر ذميا أو معاهدا أو حربيا لأنه لا ولاية للكافر على المسلم قال الله تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ولأنه لا يؤمن ان يفتنه عن دينه
ويعلمه الكفر بل الظاهر أنه يربيه على دينه وينشوا على ذلك كولده فان التقطه لم يقر في يده إما لو كان الطفل محكوما بكفره فإنه يجوز للكافر التقاطه لقوله تعالى
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض وللمسلم التقاط الطفل الكافر مسألة: الأقرب اعتبار العدالة في الملتقط فلو التقطه الفاسق لم يقر في
يده وينتزعه الحاكم لان الفاسق غير مؤتمن شرعا وهو ظالم فلا يجوز الركون إليه لقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ولا يؤمن ان يبيع الطفل
أو يسرقه ويدعيه مملوكا له بعد مدة ولا يؤمن سوء تربيته له ولا يوثق عليه ويخشى الفساد به وهو قول الشافعي أيضا ويفارق اللقطة حيث أقرب في يد الفاسق
عندنا وفي أحد قولي الشافعي من ثلاثة أوجه أ: ان في اللقطة معنى التكسب والفاسق من أهل التكسب وههنا لا كسب بل هو مجرد الولاية ب: ان في اللقطة وجوب
ردها إليه لو انتزعناها منه بعد التعريف حولا ونية التملك ليتملكها فلم ينتزعها منه واستظهرنا عليه في حفظها وإن كان الانتزاع أحوط وهنا لا يرد
اللقيط إليه فكان الانتزاع أحوط وأسهل ج: المقصود في اللقطة حفظ المال ويمكن الاحتياط عليه بالاستظهار في التعريف وبنصب الحاكم من يعرفها فيزول
خوف الخيانة ولا يحتاج إلى أن ينتزعها الحاكم وهنا المقصود حفظ الحرية والنسب ولا سبيل إلى الاستظهار عليه لأنه قد يدعي رقه في بعض البلدان
وبعض الأحوال وقيل لا يشترط العدالة ولا ينتزع اللقيط من يد الفاسق لامكان حفظه في يده بالاشهاد عليه ويأمر الحاكم أمينا يشارفه عليه كل
270

وقت ويتعهده في كل زمان ويشيع امره فيعرف انه لقطة فينحفظ بذلك من غير زوال ولايته جمعا بين الحقين كما في اللقطة مسألة: من ظاهر حاله الأمانة الا انه لم يختبر حاله
لا ينتزع من يده لان ظاهر المسلم العدالة ولم يوجد ما يعارض هذا الظاهر ولان حكمه حكم العدل في لقطة المال والولاية في النكاح وأكثر الاحكام لكن يوكل الامام من يراقبه
من حيث لا يدري لئلا يتأذى فإذا حصلت للحاكم الثقة به صار كمعلوم العدالة وقيل ذلك لو أراد السفر به منع وانتزع منه لأنه لا يؤمن ان يسترقه وأن يكون اظهاره
العدالة لمثل هذا الفرض الفاسد وهو أحد قولي الشافعي والثاني له انه يقر في يده ويسافر به لأنه يقر في يده في الحضر من غير مشرف يضم إليه فكذا في السفر كالعدل
ولان الظاهر الستر والصيانة فاما من عرفت عدالته وظهرت أمانته فيقر اللقيط في يده في سفر وحضر لأنه مأمون عليه إذا كان سفره لغير النقلة ولها وجهان
مسألة: يعتبر في الملتقط الرشد فلا يصح التقاط المبذر المحجور عليه فلو التقط لم يقر في يده وانتزع منه لأنه ليس مؤتمنا عليه شرعا وإن كان عدلا ولا يشترط
في الملتقط الذكورة فان الحضانة أليق بالإناث ولا يشترط كونه غنيا إذ ليست النفقة على الملتقط والفقير يساوي الغني في الحضانة وللشافعية وجه آخر وهو انه لا يقر في
يد الفقير لأنه لا يتفرغ للحضانة به لاشتغاله بطلب القوت مسألة: لو ازدحم على لقيط اثنان فإن كان ازدحامهما عليه قبل اخذه وقال كل واحد منهما انا اخذه
وأحضنه جعله الحاكم في يد من رآه منهما أو من غيرهما لأنه لا حق لهما قبل الاخذ وان ازدحما بعد الاخذ بان تناولاه تناولا واحدا دفعة واحدة فإن لم يكن أحدهما
أهلا للالتقاط منع منه وسلم اللقيط إلى الآخر كما لو كان أحدهما مسلما حرا عدلا والاخر يكون كافرا أو فاسقا أو عبدا لم يأذن له مولاه أو مكاتبا كذلك فان المسلم
العدل الحر يقر في يده ولو يشاركه الآخر ولا اعتبار بمشاركته إياه في الالتقاط لأنه لو التقطه وحده لم يقر في يده فإذا شاركه من هو من أهل الالتقاط كان أولي
واما إن كان كل واحد منهما أهلا للالتقاط فان سبق أحدهما إلى الالتقاط منع الآخر من مزاحمته ولا يثبت السبق بالوقوف على رأسه من غير اخذ وهو أظهر وجهي الشافعية
والثاني انه يثبت وان لم يسبق أحدهما فان اختص أحدهما بوصف يوجب تقدمه قدم وكان أولي من الآخر وان تساويا من كل وجه فان سلم أحدهما لصاحبه ورضى
باسقاط حقه جاز لان الحق له فلا يمنع من الايثار به وان تشاحا أقرع بينهما وبه قال الشافعي لقوله تعالى وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ولأنه أمر مشكل
لعدم امكان الجمع بينهما وعدم أولوية أحدهما وكل مشكل ففيه القرعة بالنص عن أهل البيت عليهم السلام ولأنه لا يمكن ان يخرج عن أيديهما لاشتماله على ابطال حقهما
الثابت لهما بالالتقاط أو يترك في أيديهما إما جمعا والاجتماع على الحضانة مشق أو متعذر ولا يمكن ان يكون عندهما في حالة واحدة واما بالمهاياة وهو يشتمل على
الاضرار باللقيط لما في تبدل الأيدي من قطع الألفة واختلاف الأغذية والأخلاق أو يختص به أحدهما لا بالقرعة
ولا سبيل إليه لتساويهما فلم يبق مخلص الا
القرعة كالزوج يسافر بإحدى زوجاته بالقرعة وقال بعض الشافعية يرجح أحدهما باجتهاد القاضي من رآه خيرا للقيط أقره في يده وهو غلط لأنه قد يستوي
الشخصان في اجتهاد القاضي ولا سبيل إلى التوقف فلابد من مرجوع إليه وليس سوى القرعة وقال بعض الشافعية يخير الصبي في الانضمام إلى من شاء منهما
وهو غلط لأنه قد لا يكون مميزا بحيث يفوض إليه التخيير ولو كان مميزا فإنه لا يخير كما يخير الصبي بين الأبوين عند بلوغه سن التمييز عندهم لأنه هناك يعول على الميل
الناشي من الولادة وهذا المعنى معدوم في اللقيط مسألة: هذا إذا تساويا في الصفات فان ترجح أحد الملتقطين بوصف يوجب تخصيصه به دون الآخر وكانا
معا ممن يثبت لهما جواز الالتقاط أقر في يده وانتزع من يد الآخر والصفات المرجحة أربعة أ: الغنى فلو كان أحدهما غنيا والاخر فقيرا فللشافعية وجهان أحدهما انهما
يتساويان وهو قول بعض علمائنا لان الفقير أهل للالتقاط كالغني وأظهرهما عند الشافعية أولوية الغني لأنه ربما يواسيه بمال وينفعه في كثير من الأوقات ويواكله
أحيانا ولان الفقير قد يشتغل بطلب القوت عن الحضانة فان رجحنا الغني على الفقير وكانا معا غنيين الا ان أحدهما أكثر غنا من الآخر فللشافعية وجهان في تقديم
أكثرهما مالا ب: ان يكون أحدهما بلديا والاخر قرويا أو كان أحدهما بلديا أو قرويا والاخر بدويا تساويا عند بعض علمائنا ورجح البلدي على القروي والقروي
على البدوي لما فيه من حفظ نسبه وامكان وصول قريبه إليه وللشافعية وجهان ج: من ظهرت عدالته بالاختبار يقدم على المستور على خلاف بين علمائنا وللشافعية
وجهان أحسنهما انه يقدم احتياطا للصبي والثاني يستويان لان المستور لا يسلم ثبوت المزية للاخر ويقول لا اترك حقي بجهلكم لحالي د: الحر أولي من العبد والمكاتب وإن كان
التقاطه بإذن السيد لأنه في نفسه ناقص وليست يد المكاتب يد السيد مسألة: لا تقدم المراة على الرجل لان المراة وإن كانت بالحضانة أولي لشفقتها وملامستها الا
ان الرجل أقوى ولا فرق بين ان يكون المنبوذ ذكرا أو أنثى بخلاف الام فإنها تقدم على الأب في الحضانة لان المراعى هناك شفقة الأمومة في الحضانة وكذا لا يتقدم المسلم على الكافر في اللقيط المحكوم بكفره وقال بعض
الشافعية يقدم المسلم ليعلمه دينه فتحصل له سعادة الدنيا والآخرة ينجو من الجزية أو الصغار ويتخلص من النار وهذا أولي من الترجيح باليسار الذي انما
يتعلق بتوسعته عليه في الانفاق ولا بأس به عندي وقال بعض الشافعية يقدم الكافر لأنه على دينه وهو ينافي المعقول إذ الغرض اجتذاب الكافر إلى الاسلام
مسألة: إذا تساويا وأقرع بينهما فخرجت القرعة لأحدهما فترك حقه للاخر لم يجز لأنه ليس للمنفرد نقل حقه وتسليم اللقيط إلى الآخر وبتخصيصه بالقرعة
صار منفردا ولو قال قبل القرعة تركت حقي فالأصح عند الشافعية وهو المعتمد انفراد الآخر به لان الحق لهما فإذا أسقط أحدهما حقه استقل الآخر كالشفيعين
والثاني المنع كما لو ترك حقه بعد خروج القرعة بل يرفع الامر إلى الحاكم حتى يقره في يد الآخر ان رأى ذلك وله ان يختار أمينا اخر فيقرع بينه وبين الذي لم يترك حقه وقال بعض الشافعية ان التارك لا يتركه الحاكم ويقرع بينه وبين صاحبه فان
خرجت القرعة عليه الزم القيام بحضانته بناء على أن المنفرد إذا شرع في الالتقاط لا يجوز له الترك المطلب الثاني: في احكام الالتقاط وفيه بحثان
الأول: في نقله يجب على الملتقط حفظ اللقيط ورعايته ولا يجب عليه نفقته سواء كان موسرا أو معسرا فان عجز عن حفظه سلمه إلى القاضي ولو تبرم به
مع القدرة على حضانته وتربيته فالأقرب انه يسلمه إلى القاضي أيضا وللشافعية وجهان مبنيان على أن الشروع في فروض الكفاية هل يوجب اتمامها وهل يصير
الشارع فيها متعينا لها أم لا والكلام فيه مضى في كتاب السير وقطع بعض الشافعية بما ذهبنا إليه ولا شك في أن الملتقط يحرم عليه نبذه ورده إلى المكان الذي
التقطه فيه لما فيه من تعريضه للاتلاف إذا عرفت هذا فان الواجب على الملتقط حفظه وتربيته دون نفقته وحضانته مسألة: الملتقط للصبي إن كان
بلديا وقد التقطه في بلدته أقر في يده وليس له ان ينقله إلى البادية لو أراد الانتقال إلى البادية بل ينتزع منه لما في عيش أهل البوادي من الخشونة وقصورهم
عن معرفة علوم الأديان والصناعات التي يكتسب بها فلو انتقل باللقيط الزم تضرره ولان ظهور نسبه انما يكون في موضع التقاطه غالبا فلو سافر به لضاع
نسبه لان من ضيعه يطلبه حيث ضيعه ولو كان الموضع المنقول إليه من البادية قريبا من البلد ويسهل تحصيل ما يراد منها فان راعينا خشونة المعيشة
لم يمنع وان راعينا تحفظ النسب فإن كان أهل البلد يختلطون باهل تلك البادية لم يمنع أيضا والا منع وكما أنه ليس له نقله إلى البادية فكذا ليس له نقله إلى
271

القرى لان مقامه في الحضر أصلح له في دينه ودنياه وارفق له ولان بقائه في البلد أقرب إلى كشف نسبه وظهور أهله واعترافهم به ولو أراد النقلة به إلى بلد اخر فان
نظرنا إلى اعتبار المعيشة فالبلاد متقاربة وان اعتبرنا أمر النسب منعناه لان طلبه في موضع ضياعه أظهر فيكون كشف نسبه فيه أرجى فلا يقر في يد المنتقل عنه كما لا يقر
في يد المنتقل به إلى البادية وللشافعية وجهان ولا فرق في ذلك بين سفر النقلة والتجارة والزيارة ولو غلب على ظن الملتقط قصد رمي أهله له وتضييعه فالأقوى عندي
جواز نقله إلى أين شاء ولو وجده القروي في قريته أو في قرية أخرى أو في بلده فالحكم كما قلنا في البلدي والبدوي إذا التقطه في بلد أو قرية لم يقر يده عليه لو أراد الخروج
به إلى البادية لما فيه من خشونة العيش وضياع النسب ولو أراد المقام بها أقر في يده مسألة: لو التقطه الحضري في البادية فإن كان في مهلكة فلا بد من نقله
حراسة له عن التلف وللملتقط ان يتوجه به إلى مقصده ويذهب إليه به ومن أوجب من العامة تعريف اللقطة في أقرب الأماكن يقول لا يذهب به إلى مقصده رعاية
لأمر النسب ولو التقطه في حلة أو قبيلة فله نقله إلى البلدة والقرية وللشافعية وجهان ولو أقام هناك أقر في يده قطعا ولو التقطه البدوي في حلة أو قبيلة في البادية
فإن كان من أهل حلة مقيمين في موضع راتب أقر في يده لأنه كبلدة أو قرية وان كانوا ممن ينتقلون من موضع إلى موضع فوجهان للشافعية أحدهما المنع لما فيه من
التعب والثاني يقر لان أطراف البادية كمحال البلدة مسألة: لو ازدحم على لقيط في البلدة أو القرية اثنان أحدهما مقيم في ذلك الموضع والاخر ظاعن عنه
فالأولى انه يقر في يد المقيم لأنه ارفق له وارجى لظهور نسبه وهو أحد قولي الشافعية والثاني إن كان الظاعن يظعن إلى البادية فالمقيم أولي وإن كان إلى بلد اخر
فان منعنا المنفرد من الخروج باللقيط إلى بلد اخر فكذلك يكون المقيم أولي وان جوزنا له ذلك تساويا ولو اجتمع على لقيط في القرية قروي مقيم بها وبلدي فالأولى
تقديم القروي لأنه يطلب في موضع ضياعه وهو أحد قولي الشافعية والثاني انا إذا جوزنا النقل من بلد إلى بلد
تساويا وان منعناه فالقروي أولي ولو اجتمع
حضري وبدوي على لقيط في البادية فان وجد في حلة أو قبيلة والبدوي في موضع راتب تساويا وقال بعض الشافعية البدوي أولي إن كان مقيما فيهم
رعاية للنسبة وإن كان البدوي من المنتجعين فان قلنا يقر في يده لو كان منفردا فهما سواء والا فالحضري أولي وان وجد في مهلكة للشافعية قولان
أحدهما تقديم الحضري والثاني تقديم البدوي والأقرب تقديم من مكانه أقرب إلى موضع الالتقاط البحث الثاني: في النفقة على اللقيط
لا يجب على الملتقط النفقة على اللقيط اجماعا لأصالة براءة الذمة قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه العلم من أهل العلم على أن نفقة اللقيط غير واجبة
على الملتقط كوجوب نفقة الولد وذلك لان أسباب وجوب النفقة من القرابة والزوجية والملك منتفية عن الالتقاط لأنه عبارة عن تخليص نفس اللقيط
من الهلاك وتبرع بحفظه فلا يوجب ذلك النفقة كما لو فعله بغير اللقيط ولان محمد بن علي الحلبي سأل الصادق (ع) قال قلت له من الذي أجبر على نفقته
قال الوالدان والولد والزوجة والوارث الصغير يعني الأخ وابن الأخ وغيره رواه الصدوق بن بابويه (ره) ولم يذكر اللقيط ولان ايجاب الانفاق عليه يؤدي
إلى ترك التقاطه وإهماله فيلزم الافضاء إلى تلفه مسألة: اللقيط إن كان له مال أنفق عليه منه وماله ينقسم إلى ما يستحقه بعموم كونه لقيطا والى ما يستحقه بخصوصه
فالأول مثل الحاصل من الوقوف على اللقطا أو اوصى لهم قال بعض الشافعية أو وهب لهم واعترض عليه بان الهبة لا يصح لغير معين قال آخرون يجوز ان ينزل الجهة
العامة منزلة المسجد حتى يجوز له تمليكها بالهبة كما يجوز الوقف عليها وحينئذ يقبله القاضي وليس بشئ نعم تصح الوصية لهم والثاني ما يوجد تحت يده واختصاصه
لان للطفل يدا واختصاصا كالبالغ والأصل الحرية ما لم يعرف غيرها وذلك كثيابه التي عليه ملبوسة له والملفوفة عليه والمفروشة تحته والذي غطى به من لحاف
وشبهه وما شد عليه وعلى ثوبه أو جعل في جيبه من حلي أو دراهم وغيرها وكذا ما يكون الطفل مجعولا فيه كالسرير والمهد والسفط وما فيه من فرش أو دراهم
أو ثياب وبهذا قال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي لان الطفل يملك وله يد صحيحة ولهذا يرث ويورث ويصح ان يشتري له وليه ويبيع مسألة: الدابة
المشدودة في وسطه أو ثيابه أو التي عنانها بيده يحكم له بملكيتها وكذا الدنانير المنثورة فوقه والمصبوبة؟ تحته وتحت فراشه وللشافعية فيما يوجد تحته قولان
ولو كان في خيمة أو دار ليس فيهما غيره فهما له وفي البستان لو وجد فيه للشافعية وجهان ولو كان بالقرب منه ثياب أو أمتعة موضوعة أو دابة فالأقرب انه ليس
له كما لو كانت بعيدة عنه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني يجعل له لان مثل هذا يثبت اليد والاختصاص في حق البالغ فان الأمتعة في السوق بقرب الشخص يجعل
له والأصح من الوجهين عند الحنابلة الثاني لأن الظاهر أنه ترك له فهو بمنزلة ما هو تحته وكالحمال إذا جلس للاستراحة وترك حمله قريبا منه مسألة: لو وجد
تحت الطفل مال مدفون لم يحكم له به إذا كان في ارض لا يختص به إما الذي يختص به كالخيمة والدار فإنه يحكم له به لأنه لا يقصد بالدفن الضم إلى الطفل ولان
الظاهر أنه لو كان للطفل لشده واضعه في ثيابه ليعلم به ولم يتركه في مكان لا يطلع عليه وللحنابلة وجهان أحدهما انه إن كان الحفر طريا فهو له والا فلا لأن الظاهر أنه
كان طريا فواضع اللقيط حفره وإذا لم يكن طريا كان مدفونا قبل وضعه والثاني كما قلناه وهو قول الشافعية لأنه بموضع لا يستحقه إذا لم يكن الحفر طريا
فلم يكن له إذا كان طريا كالبعيد منه ولو وجد معه أو في ثيابه رقعة مكتوب فيها ان تحته دفينا وانه له فللشافعية وجهان حكاهما الجويني أظهرهما انه له بقرينة
الرقعة وقد سبق في العرف مثله والثاني الجري على القياس من غير مبالاة بالرقعة والأقرب الأول لأنه في الامارة والدلالة على تخصيص اللقيط به أقوى
من الموضوع تحته ولو أرشدت الرقعة إلى دفين بالبعد منه أو دابة مربوطة بالبعد فالأقوى عدم الالتقاط إلى الاستدلال بها ولو كانت الدابة مشدودة باللقيط
وعليها راكب قال بعض الشافعية يكون بينهما وعلى ما اخترناه من أن راكب الدابة أولي من قابض لجامها يكون الراكب هنا أولي وكل ما لا يحكم للقيط به من هذه
الأموال سوى الدفن يكون لقطة والدفن قد يكون ركازا وقد يكون لقطة على ما تقدم مسألة: كل ما حكم للقيط به فإن كان فيه كفايته لم يجب على أحد نفقته
لأنه ذو مال مستغن عن غيره فأشبه سائر الناس ولو لم يعرف له مال البتة وجب ان ينفق عليه الامام من بيت المال من سهم المصالح لان عمر استشار الصحابة في نفقة
اللقيط فقالوا من بيت المال وقال لأبي جميلة لما التقط الصبي اذهب فهو حر لك ولاؤه وعلينا نفقته ولان بيت المال وارث له وماله مصروف إليه فتكون نفقته
عليه كقرابته ومولاه وهو أصح قولي الشافعي لان البالغ المعسر ينفق عليه من بيت المال فاللقيط العاجز أولي ولأنه للمصالح وهذا منها والثاني انه لا يكون
من بيت المال لان بيت المال معد للصرف إلى ما لا وجه له سواه واللقيط يجوز ان يكون رقيقا فنفقته على سيده أو حرا له مال أو قريب فنفقته في ماله أو
على قريبه فعلى هذا يستقرض عليه الامام لنفقته من بيت المال أو من آحاد الناس فإن لم يكن في بيت المال شئ ولم يقرضه أحد من الناس استعان الامام بالمؤمنين في
الانفاق عليه إما على سبيل الصدقة أو القرض ثم إن ظهر انه مملوك رجع على سيده بما اقترضه الامام له وان ظهر انه حر وله من يجب عليه نفقته رجع عليه وان بان حرا
272

لا مال له ولا قريب ولا كسب قضى الامام من سهم الفقراء والمساكين أو الغارمين والأول أثبت مسألة: قد بينا ان نفقة اللقيط إذا لم يكن له مال على
بيت المال فإن لم يكن في بيت المال شئ أو كان لكن هناك ما هو أهم كسد ثغر يعظم امره وحاجة إلى رعاية عمارة عامة كسد بثق؟ يخشى الغرق منه أو غير ذلك من المصالح العظيمة
وجب على المسلمين القيام بكفايته ولم يجز لهم تضييعه ثم طريقه طريق النفقة لأنه محتاج عاجز فأشبه الفقير المزمن والمجنون والميت إذا لم يكن له كفن فعلى هذا إذا
قام به البعض سقط عن الباقين لحصول الغرض به وان امتنعوا بأسرهم استحقوا العقاب وطالبهم الامام فان امتنعوا قاتلهم فان تعذر استقرض الامام على بيت المال
وأنفق عليه وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان طريقه طريق القرض حتى يثبت الرجوع لان هذا يجب دفعه لاحيائه فأشبه المضطر يدفع إليه بالعوض كما يبذل
الطعام للمضطر بالعوض لما تقدم من أنه يجوز ان يكون رقيقا أو يكون له مال أو قريب كما تقدم فعلى هذا ان تيسر الاقتراض استقرض والا قسط الامام نفقته على
الموسرين من أهل البلد ثم إن ظهر عبدا فالرجوع على سيده وان ظهر له مال أو اكتسبه فالرجوع عليه وان لم يكن شئ قضى من سهم الفقراء أو الغارمين وان حصل
في بيت المال مال فنفقته منه ولو حصل في بيت المال مال وحصل اللقيط مال دفعة قضى من مال اللقيط كما أنه إذا كان له مال وفي بيت المال مال يكون نفقته في ماله ولا
يؤخذ من بيت المال شئ لاستغنائه عنه ولو احتاج الامام إلى التقسيط على الأغنياء قسط مع امكان الاستيعاب ولو كثروا وتعذر التوزيع يضربها السلطان
على من يراه بحسب اجتهاده فان استووا في نظره تخير والمراد أغنياء تلك البلدة أو القرية ولو احتاج إلى الاستعانة بغيرهم استعان ولو رأى المصلحة في التناوب عليه
في الانفاق منهم فعله مسألة: إذا كان للقيط مال فالأقرب عندي ان الملتقط لا يستقل بحفظه بل يحتاج إلى اذن الحاكم لان اثبات اليد على المال انما
يكون بولاية إما عامة أو خاصة ولا ولاية للملتقط ولهذا أوجبنا الرجوع إلى الحاكم في الانفاق عليه من ماله وهو أحد وجهي الشافعية وأرجحهما عندهم ان الملتقط
يستقل بحفظ ماله ولا يحتاج إلى اذن الحاكم لأنه مستقل بحفظ المالك بل هو أولي به من القاضي فكان أولي بحفظ ماله ثم اختلفوا بناء على هذا القول في أنه هل له
ان يخاصم عن اللقيط من يدعى ما يختص اللقيط به من الأموال والأصح عندهم انه لا يخاصم مسألة: إذا كان للقيط مال أنفق عليه منه اجماعا ولا يجب على
غيره الانفاق عليه كما أن الصغير الموسر تجب نفقته من ماله دون مال أبيه ولا يتولى الملتقط الانفاق عليه من ماله بالاستقلال ما لم يأذن الحاكم إذا أمكن مراجعته
وبه قال الشافعي لأنه لا ولاية له على ماله وانما له حق الحضانة لان الولاية للأب والجد له والحاكم على مال الصغير دون بقية الأقارب وإن كان لأقارب الصغار ولاية الحضانة
كذلك الملتقط يلي الحضانة ولا يلي المال وقال احمد ان الولاية للملتقط ينفق عليه بغير اذن الحاكم لأنه ولي له فلم يعتبر في الانفاق عليه في حقه اذن الحاكم كالوصي اليتيم
ولان هذا من الامر بالمعروف فاستوى فيه الامام وغيره كإراقة الخمر وقد روى عنه في رجل أودع رجلا مالا وغاب وطالت غيبته وله ولد ولا نفقة لهم هل ينفق
عليهم هذا المستودع من مال الغايب فقال يقوم امره إلى الحاكم حتى يأمره بالانفاق عليهم فلم يجعل له الانفاق من غير اذن الحاكم فقال بعض أصحابه هذا مثله
ومنع الباقون وفرقوا بوجهين أحدهما ان الملتقط له ولاية على اللقيط وعلى ماله فان له ولاية اخذه وحفظه والثاني انه انما ينفق على الصبي من مال أبيه بشرط
ان يكون الصبى محتاجا إلى ذلك لعدم ماله وعدم نفقة تركها أبوه برسمه وذلك لا يقبل قول المستودع فاحتيج إلى اثبات ذلك عند الحاكم ولا كذلك في مسئلتنا
ونمنع ثبوت الولاية على الملتقط في غير الحضانة مسألة: إذا ثبت ما قلناه من أنه لا يتولى الملتقط الانفاق عليه الا بإذن الحاكم فإنه يرفع امره إلى الحاكم فان اذن له
في الانفاق عليه جاز له كما يجعل أمينا للصغير إذا مات أبوه وبغير وصية فان أنفق عليه بغير اذن الحاكم مع امكانه ضمن ما أنفقه ولم يكن له الرجوع على اللقيط كمن
في يده وديعة ليتيم فانفقها عليه ولبعض الشافعية وجه غريب انه لا يصير ضامنا إذا تقرر هذا فإذا دفع الامر إلى الحاكم كان للحاكم ان يأخذ المال منه ويسلمه إلى
امين لينفق على اللقيط بالمعروف أو يصرفه إلى الملتقط يوما بيوم أو يتركه بحاله في يد الملتقط إذا رأى الامام الصلاح في ذلك ثم الأمين ان قتر عليه منع منه
وان أسرف ضمن الأمين والملتقط الزيادة ويستقر الضمان على الملتقط إذا كان الأمين قد سلمه إليه لحصول الهلاك في يده وقد قلنا إن للحاكم ان يأذن للملتقط في
الانفاق ويترك المال في يده إذا كان أمينا عنده واما الشافعية فقدموا على الحكم مقدمة وهي انه إذا لم يكن للقيط مال واحتيج إلى الاستقراض له هل يجوز للقاضي
ان يأذن للملتقط في الانفاق عليه من مال نفسه ليرجع نص الشافعي على الجواز ونص في الضالة انه لا يأذن لواجدها في الانفاق من مال نفسه ليرجع على صاحبها
بل يأخذ المال منه ويدفعه إلى امين ثم الأمين يدفع إليه كل يوم بقدر الحاجة فاختلف أصحابه فقال أكثرهم المسألة على قولين أحدهما المنع في الصورتين وبه قال
المزني والا كان قابضا للغير من نفسه ومقبضا وأشبههما عندهم الجواز لما في الاخذ والرد شيئا فشيئا من العسر والمشقة ولا يبعد ان يجوز للحاجة تولي الطرفين ويلحق الأمين
بالأب في ذلك ومثل هذا الخلاف آت فيما إذا أنفق المالك عند هرب العامل في المساقاة والمكتري عند هرب الجمال وقال آخرون بظاهر النصين وفرقوا بان اللقيط
لاولى له ظاهرا فجاز ان يجعل القاضي الملتقط وليا وصاحب اللقطة قد يكون رشيدا لا يولي عليه إذا تقرر هذا فأكثر الشافعية طردوا الطريقين في جواز ترك المال في
يد الملتقط والاذن في الانفاق والأحسن عندهم ما ذهبنا نحن إليه وهو القطع بالجواز لان ما ذكرنا من اتحاد القابض والمقبض لا يتحقق هنا بل هو لقيم
اليتيم يأذن له القاضي في الانفاق عليه من ماله وعلى ما قلناه من جواز الاذن له في الانفاق فإذا اذن ثم بلغ اللقيط واختلفا فيما أنفق قدم قول الملتقط في قدره
إذا لم يتجاوز المعروف وما يليق بحال الملتقط ويجئ للشافعية وجه اخر ان القول قول اللقيط ولو ادعى الملتقط الزايد على قدر المعروف فهو مقر على نفسه بالتفريط
فيضمن ولا معنى للتحليف الا ان يدعي الملتقط الحاجة وينكرها اللقيط نعم لو وقع النزاع في عين مال فزعم الملتقط انه أنفقها صدق مع اليمين لتنقطع المطالبة
بالعين ثم يضمن كالغاصب إذا ادعى التلف مسألة: ولو لم يتمكن من مرافعة (مراجعة) الحاكم أو لم يكن هناك حاكم فإنه ينفق الملتقط من مال الطفل عليه بنفسه وهو أحد
قولي الشافعية لأنه موضع ضرورة فأبيح له ذلك والا لزم تضرر الصبي والثاني الملتقط يدفع المال إلى امين لينفق عليه والأصح عندهم الأول إذ لا فرق بين
دفعه إلى الأمين والى اللقيط إذا ثبت هذا فهل يجب الاشهاد الأقرب ذلك لان الاشهاد مع عدم الحاكم قائم مقام اذن الحاكم مع وجوده كما في الضالة وإذا اشهد
على الانفاق لم يضمن وهو أحد قولي الشافعية لأنه موضع ضرورة والثاني انه يضمن ولو لم يشهد مع القدرة على الاشهاد وضمن ولا معها فلا ضمان وللشافعية
فيها وجهان أحدهما انه يضمن مع القدرة على الاشهاد وعدمها والثاني انه يضمن مع القدرة لا مع عدمها المطلب الثالث: في احكام اللقيط وفيه
مباحث البحث الأول: في اسلامه وكفره مسألة اسلام الشخص قد يكون بالاستقلال من نفسه وقد يكون بالتبعية لغيره إما الأول فإنما
يتحقق في طرف البالغ العاقل بان يباشر الاسلام إما بالعبادة إن كان ذا نطق أو بالإشارة المفهمة إن كان أخرس واما الصبي فلا يصح اسلامه لأنه غير مكلف ولا
273

اعتبار بعبارته في العقود وغيرها سواء كان مميزا أو لا وللشافعية في المميز قولان أظهرهما ما قلناه والثاني انه يعتبر اسلامه في الظاهر دون الباطن فإذا بلغ
ووصف الاسلام كان مسلما من حين وصفه قبل بلوغه وعلى القول الأول إذا بلغ ووصف الاسلام كان مسلما من وصفه بعد البلوغ قال الشيخ (ره) المراهق
إذا أسلم حكم باسلامه فان ارتد بعد ذلك يحكم بارتداده وان لم يتب قتل ولا يعتبر اسلامه باسلام أبويه وبه قال أبو
حنيفة وأبو يوسف ومحمد غير أنه قال لا يغفل؟ ان
ارتد لان هذا الوقت ليس وقت التعذيب حتى يبلغ وقال الشافعي لا يحكم باسلامه ولا بارتداده ويكون تبعا لوالديه غير أنه يفرق بينه وبينهما لئلا يفتناه وبه قال زفر
ثم استدل رحمه الله بروايات أصحابنا ان الصبي إذا بلغ عشر سنين أقيمت عليه الحدود التامة واقتص منه ونفذت وصيته وعتقه وذلك عام في جميع الحدود وبقوله (ع)
كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه حتى يعرب عنه لسانه فاما شاكرا واما كفورا وهذا عام الا من أخرجه الدليل وقال أبو حنيفة يصح اسلامه
وهو مكلف بالاسلام واليه ذهب بعض أصحابنا لأنه يمكنه معرفة التوحيد بالنظر والاستدلال فصح منه كالبالغ ونقل الشيخ عن أصحابه باسلام علي عليه السلام وهو غير
بالغ وحكم باسلامه بالاجماع وأجاب الشافعية عن الأول بأنه غير مكلف بالشرع فلم يصح اسلامه كالصغير ويفارق البالغ بأنه يقبل تزويجه ويصح طلاقه واقراره
بخلاف الصغير وعن الثاني بأنهم حكموا باسلام علي عليه السلام لأنه كان بالغا لان أقل البلوغ عند الشافعي تسع سنين وعند أبي حنيفة إحدى عشر سنة واختلف الناس
في وقت اسلام علي عليه السلام فمنهم من قال أسلم وله عشر سنين ومنهم من قال تسع سنين ومنهم من قال إحدى عشرة سنة قال الواقدي وأصح ما قيل إنه ابن إحدى عشرة سنة وروى
عن محمد بن الحنفية انه قتل علي (ع) السابع والعشرين من شهر رمضان وله ثلاث وستون سنة ولا خلاف في أنه قتل سنة أربعين من الهجرة فيكون لعلي (ع)
ثلاث وعشرون سنة حين هاجر النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة وأقام النبي صلى الله عليه وآله بمكة دون ثلاث عشرة سنة ثم هاجر إلى المدينة فظهر بهذا انه كان لعلي (ع) إحدى
عشرة سنة قال أبو الطيب الطبري وجدت في فضايل الصحابة لأحمد بن حنبل ان قتادة روى عن الحسين ان عليا (ع) أسلم وله خمس عشرة سنة قال واما البيت الذي
ينسب إليه غلاما ما بلغت أوان حلمي فيحتمل ان يكون قال غلاما قد بلغت أوان حلمي وقال أبو هريرة من الشافعية إذا أسلم المميز يتوقف فان بلغ واستمر على كلمة
الاسلام تبينا كونه مسلما من يومئذ فان وصف الكفر تبينا انه كان لغوا وهو الذي تقدم فإنه يعبر عنه بصحة اسلامه ظاهرا لا باطنا ومعناه انا نخرجه من أيدي
الكفار وتلحقه بزمرة المسلمين في الظاهر ولا ندري استمرار هذا الالحاق وتحققه ولهم وجه آخر انه يصح اسلامه حتى يفرق بينه وبين زوجته الكافرة ويورث من
قريبه المسلم لان عليا (ع) دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاسلام قبل بلوغه فاجابه وبه قال أبو حنيفة واحمد واختلفت الرواية عن مالك وعلى قول الشافعي بصحة اسلامه
وقول أبي حنيفة واحمد لو ارتد صحت ردته أيضا لكن لا يقتل حتى يبلغ فان تاب والا قتل وعلى ما اخترناه نحن يجب ان يفرق بينه وبين أبويه وأهله الكفار لئلا
يستدرجوه فان وصف الكفر بعد البلوغ هدد وطولب بالاسلام فان أصر رد إليهم إذا عرفت هذا فالأقرب وجوب الحيلولة بينه وبين أبويه احتياطا لأمر
الاسلام وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انها مستحبة فيستعطف بابويه ليؤخذ منهما فان أبيا فلا حيلولة هذا ما يتعلق بأمور الدنيا واما ما يتعلق بأمر
الآخرة فالوجه انه ناج وان ادخل الجنة فعلى جهة التفضل قال بعض الشافعية إذا اضمر الاسلام كما أظهره كان من الفايزين بالجنة وان لم يتعلق باسلامه احكام الدنيا
ويعبر عن هذا بان اسلامه صحيح باطنا لا ظاهرا واستشكله الجويني لان من يحكم له بالفوز في الآخرة وان لم يحكم باحكام الاسلام في الدنيا كمن لم تبلغه الدعوة وغير
المميز والمجنون لا يصح اسلامهما مباشرة اجماعا ولا يحكم باسلامهما الا بالتبعية لغيرهما مسألة: جهة التبعية في الاسلام عندنا أمور ثلاثة فالنظر هنا في أمور ثلاثة
الأول: اسلام الأبوين أو أحدهما وذلك يقع على وجهين أحدهما ان يكون الأبوان أو أحدهما مسلما حال علوق الولد فيحكم باسلام الولد لأنه جزء من مسلم فان بلغ
ووصف الاسلام فلا بحث وان اعرب عن نفسه بالكفر وأعتقده حكم بارتداده عن فطرة يقتل من غير توبة ولو تاب لم يقبل توبته والثاني ان يكون أبواه كافرين حالة
العلوق ثم يسلما أو أحدهما قبل الولادة أو بعدها إلى قبل البلوغ بلحظة فيحكم باسلام الولد من حين اسلام أحد الأبوين ويجري عليه احكام المسلمين فيقتص له من المسلم
لو قتله ويحكم له بدية المسلم بقتله ويرث قريبه المسلم ويجزي عتقه عن الظهار لو كان مملوكا هذا إذا قلنا إن اسلام الصبي غير صحيح إما إذا قلنا بصحة اسلام المراهق
فقد تردد أصحاب أبي حنيفة في تبعيته لمن أسلم من أبويه لان الجمع بين امكان الاستقلال وبين اثبات التبعية بعيد إذا عرفت هذا فإنه لا فرق عندنا بين ان يسلم الأب
أو الام في أن الولد يتبعه في اسلامه فأيهما أسلم تبعه الولد وكان مسلما باسلامه في الحال إذا لم يكن بالغا وبه قال الشافعي لأنه إذا كان أحد الأبوين مسلما وجب
تغليب الاسلام على طرف الكفر لقوله صلى الله عليه وآله الاسلام يعلو ولا يعلى عليه وقال مالك لا يكون الصغير مسلما باسلام الام بل باسلام الأب لقوله تعالى والذين امنوا وأتبعناهم ذرياتهم
ولأنه لا يدخل في أمان الام فلا يتبعها في الاسلام كالأجنبي ولا دلالة في الآية لدخول الام تحت لفظة الذين ولان الحكم باتباع الذرية للأب إذا امن لا ينافي اتباعهم
للام امنت ويعارضه بان الولد يتبع الام في الملك عنده وولادتها متحققة فكان أولي بالتبعية وقد سلم ان الولد إذا كان حملا في بطنها فأسلمت يتبعها الولد
في اسلامها فيقيس المتنازع عليه وعلى ما إذا كانت مسلمة يوم العلوق واعلم أنه متى تأخر اسلام أحدهما عن العلوق فلا فرق بين ان يتفق في حالة اجتنان الولد أو بعد انفصاله
وقال بعض الشافعية يجوز ان يجعل اسلام أحدهما في حالة الاجتنان كما لو كان مسلما يوم العلوق جوابا على أن الحمل لا يعرف حتى يلتحق ذلك بالوجه الأول مسألة:
في معنى الأبوين الأجداد والجدات سواء كانوا وارثين أو لا فلو أسلم الجد أو الجدة لأب كان أو لام يبعه الطفل فيحكم عليه بالاسلام من حين اسلام الجد ان لم يكن الأب حيا
لصدق الأب عليه ولان الأب يتبعه ويكون أصلا له فيكون أصالته للطفل وبه قال الشافعي ولو كان الأب حيا فاشكال ينشأ من أن سبب التبعية القرابة وانها
لا تختلف بحياة الأب وموته كسقوط القصاص وحد القذف ومن انتفاء ولاية الحضانة للجدين مع الأبوين وللشافعية قولان كهذين ولا فرق بين ان يكون المسلم
من الجدين طرف أحد الأبوين أو مقابله فلو أسلم جد الام والأب حي أو أسلم جد الأب والام حية جاء الاشكال وكذا البحث لو كان الأبوان والجدان القريبان موتي
واسلم الجد البعيد أو الجدة البعيدة إما من قبل الأب أو من الام أو من قبلهما معا فان الولد يتبعه والاشكال الثابت في طرف الأب والام مع الجد القريب والجدة
القريبة آت في طرف الأبوين والجدين البعيدين وكذا الاشكال لو كان الأبوان معدومين ووجد أحد الأجداد الأربعة الأدنين واحد الأجداد الثمانية الأباعد
واسلم أحد الثمانية مسألة: لا شك في أن الولد يحكم له بالاسلام إذا كان أبواه أو أحدهما مسلما بالأصالة أو تجدد اسلامه حال علوق الولد فإذا بلغ الولد
ووصف الاسلام تأكد ما حكم به وانقطع الكلام وان اعرب الكفر فهو مرتد عن فطرة يقتل في الحال وإن كان الأبوان كافرين وعلقت الام به قبل اسلام أحدهما ثم
أسلم أحدهما بعد العلوق وقبل بلوغ الصبي فإنه يحكم على الصبي بالاسلام من حين اسلام أحد الأبوية فإذا بلغ فان اعرب عن نفسه بالاسلام فقد تأكد ما حكمنا به أيضا
274

من اسلامه وان اعرب بالكفر فهو مرتد وهل يقبل توبته ويكون ارتداده كارتداد من أسلم عقيب كفره وقت بلوغه أو يكون مرتدا عن فطرة لا يقبل توبته ويكون
ارتداده كارتداد من هو مسلم بالأصالة لا عقيب الكفر حالة بلوغه الأقوى الأول لأنه كافر أصلي حكمنا بكفره أولا ثم أزيل بالتبعية فإذا استقل انقطعت
التبعية فوجب ان يعتبر بنفسه وللشافعية فيما إذا بلغ هذا الصبي الذي تجدد تكونه قبل اسلام أحد أبويه ثم أسلم أحد أبويه قبل بلوغه إذا اعرب بالكفر وجهان أصحهما انه مرتد لأنه سبق
الحكم باسلامه جزما فأشبه ما إذا باشر الاسلام ثم ارتد وما إذا حصل العلوق حالة الاسلام والثاني انه كافرا صلي لأنه كافر محكوم بكفره أولا وأزيل بالتبعية مسألة:
إذا حكمنا بارتداد هذا الصبي إذا أسلم أحد أبويه ثم بلغ واعرب الكفر بعد بلوغه لم ينقض شيئا مما أمضيناه من احكام الاسلام وان قلنا إنه كافرا صلي فللشافعية
وجهان أحدهما انها ممضاة بحالها لجريانها في حالة التبعية وأظهرهما عندهم انا نتبين الانتقاض ونستدرك ما يمكن استدراكه حتى يرد ما اخذه من تركة قريبه
المسلم ويأخذ من تركة قريبه الكافر ما حرم بمنعه ويحكم بان اعتاقه عن الكفارة لم يقع مجزيا هذا فيما يجري في الصغر فاما إذا بلغ ومات وله قريب مسلم قبل ان يعرب عن نفسه
بشئ أو أعتق عن الكفارة في هذه الحالة فان قلنا لو اعرب عن نفسه بالكفر لكان مرتدا أمضينا احكام الاسلام ولا نقض وان جعلناه كافرا أصليا فان اعرب
بالكفر تبينا انه ما اجزاء عن الكفارة فان فات الاعراب بموت أو قتل فوجهان أحدهما امضاء احكام الاسلام كما لو مات في الصغر وأظهرهما انا نتبين الانتقاض
لان سبب التبعية الصغر وقد زال ولم يظهر في الحال حكمه في نفسه فيرد الامر إلى الكفر الأصلي وللشافعية قول انه لو مات قبل الاعراب وبعد البلوغ يرثه قريبه المسلم
ولو مات له قريب مسلم فأرثه عنه موقوف منهم بناء على أن المسلم لا يرث الكافر قال الجويني إما التوريث منه فيخرج على أنه إذا مات قبل الاعراب هل ينقض الحكم
واما توريثه فان عنى بالتوقف انه يقال اعرب عن نفسك بالاسلام فهو قريب ويستفاد الخروج من الخلاف واما إذا مات القريب ثم مات هو وفات الاعراب
بموته فلا سبيل إلى الفرق بين توريثه والتوريث عنه ولو قتل بعد البلوغ وقبل الاعراب ففي تعلق القصاص بقتله قولان أحدهما التعلق كما لو قتل قبل البلوغ
والثاني المنع لان سكوته يحتمل الكفر والجحود والقصاص يدرأ بالشبهة ويخالف ما قبل البلوغ فإنه حينئذ محكوم باسلامه تبعا وقد انقطعت التبعية بالبلوغ والقولان
مبنيان على أنه لو اعرب بالكفر كان مرتدا أو كافرا أصليا ان قلنا بالأول وجب القصاص وان قلنا بالثاني فلا لكن الاظهر منع القصاص وإن كان الاظهر كونه مرتدا
تعليلا بالشبهة واما الدية فالذي اطلقه الشافعية وحكوه عن قول الشافعي تعلق الدية الكاملة بقتله وعلى القول بأنه لو اعرب بالكفر كان كافرا أصليا لا يوجب
الدية الكاملة على رأي وروى الجويني عن القاضي الحسين من الشافعية اجراء القول بمنع القصاص مع الحكم بأنه لو اعرب بالكفر لكان مرتدا وعده من هفواته تذنيب:
الصبي المحكوم بكفره إذا بلغ مجنونا كان حكمه حكم الصغير حتى أنه لو أسلم أحد أبويه تبعه إما لو بلغ عاقلا ثم جن ففي التبعية اشكال وللشافعية وجهان أحدهما انه لا يتبعهما
لأنه قد ثبت له حكم الاسلام بنفسه فلا يكون تبعا كالعاقل والثاني أنه يكون تبعا لأنه غير مكلف فأشبه الذي بلغ مجنونا واسلامه بنفسه قد بطل بجنونه فعاد تبعا
كما يعود موليا عليه ثم أصحهما عندهم انهم قالوا إنه إذا طرأ جنونه عادت ولاية المال إلى الأب فإذا أسلم استتبعه والا فلا النظر الثاني: في الجهة الثانية في تبعية
الاسلام مسألة: قال بعض علمائنا ان الصبي يتبع السابي في الاسلام فإذا سبي المسلم طفلا منفردا عن أبويه حكم باسلامه لأنه صار تحت ولايته وليس معه من
هو أقرب إليه فيتبعه كما يتبع الأبوين لان النبي صلى الله عليه وآله لما أبطل حريته قلبه قلبا كليا فعدم عما كان وتجدد له وجود تحت يد السابي وولايته فأشبه
تولده من الأبوين وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يحكم باسلامه وهو جيد لان يد السابي يد ملك فأشبهت يد المشتري لكن المشهور عندهم الأول
مسألة: لو كان السابي ذميا لم يحكم باسلامه وهو أصح وجهي الشافعية إذ لا سبب له من اسلام أحد أبويه أو اسلام سابيه فيبقى على حالة الكفر
والثاني انه يحكم باسلامه لأنه إذا سباه صار من أهل دار الاسلام لان الذمي من أهلها فيجعل مسلما تبعا للدار وليس بجيد لان كون الذمي من أهل دار الاسلام
لا يؤثر فيه ولا في حق أولاده فكيف يؤثر في حق مسبيه وتبعية الدار له انما تؤثر في حق المجهول حاله ونسبه ولو باعه الذمي السابي من مسلم لم يحكم باسلامه أيضا
لان ملك المسلم طرأ عليه وهو رقيق وانما تحصل التبعية في ابتداء الملك فان عنده يتحقق تحول الحال وكذا سبي الزوجين يقطع النكاح وتجدد الملك على الرقيقين لا
يقطعه عند الشافعي مسألة: لو سبي الطفل ومعه أبواه الكافران أو أحدهما لم يحكم باسلامه ولا يتبع السابي هنا في الاسلام وبه قال الشافعي لان والديه
أقرب إليه من سابيه فكانا أولي بالاستبتاع وقال احمد انه يتبع السابي أيضا في إحدى الروايتين ولو كانا معه ثم ماتا لم يحكم باسلامه أيضا لما تقدم من أن التبعية انما
يثبت في ابتداء السبي وحكم الصبي المحكوم باسلامه تبعا لأنه إذا بلغ واعلم أن الصبي المسبي والذي أسلم أحد أبويه إذا أعربا بالكفر وجعلناهما كافرين أصليين ألحقناهما
بدار الحرب فإن كان كفرهما مما يجوز التقرير عليه بالجزية ورثناهما ولو اعربا بنوع من الكفر غير ما كانا موصوفين به فهما منتقلان من ملة إلى ملة وهل يقبل قولان
سبقا ولو ماتا فالقول في تجهيزهما والصلاة عليهما ودفنهما في مقابر المسلمين إذا ماتا بعد البلوغ وقبل الاعراب يتفرع على القولين في أنهما إذا اعربا بالكفر
كانا مرتدين أو كافرين أصليين. النظر الثالث: في الجهة الثالثة في التبعية في الاسلام وهي تبعية الدار وهي المقصود هنا لان الغرض من عقد الباب بيان
احكام اللقيط في الاسلام وغيره والجهتان السابقتان لا يفرضان في حق اللقيط حتى يعرف بهما اسلامه وانما يحكم باسلامه بهذه الجهة خاصة مسألة:
الدار قسمان دار اسلام ودار كفر إما دار الاسلام فقسمها الشافعية اقساما ثلاثة آ دار خطها المسلمون كالبصرة والكوفة وبغداد فإذا وجد فيها لقيط حكم باسلامه
تبعا للدار وإن كان فيها أهل ذمة الظاهر الدار ولان الاسلام يعلو ولا يعلى ولأنه إن كان المسلمون أكثر فالظاهر أنه من أولادهم وإن كان أهل الذمة أكثر فيحتمل
ان يكون من أولاد المسلمين فيغلب حكم الاسلام حتى لو لم يكن فيها سوى مسلم واحد حكم باسلام اللقيط تغليبا
للاسلام ب: دار فتحها المسلمون فملكوها وأقروهم
فيها ببذل الجزية أو لم يملكوها وصالحوهم على بذل الجزية فإنها يكون دار الاسلام أيضا لان حكم الاسلام جار فيها فإذا كان في هذه ولو مسلم واحد حكم باسلام اللقيط
وان لم يكن فيها مسلم البتة حكم بكفره ولانا نغلب حكم الاسلام مع الاحتمال ج: دار غلب عليها المشركون كطرسوس فإنها كانت للاسلام فغلب عليها المشركون فإن كان
فيها ولو مسلم واحد حكمنا باسلام اللقيط واما إذا لم يكن فيها مسلم البتة لم يحكم باسلامه وهو قول أكثر الشافعية وقال أبو إسحاق منهم يحكم باسلامه لأنه لا
يخلو ان يكون فيها مسلم وان لم يظهر اسلامه ولان الدار دار الاسلام وربما بقي فيها من يكتم ايمانه ولو كان فيها مسلم واحد حكم باسلامه والأقوى ان دار الاسلام
قسمان آ: دار خطها المسلمون كبغداد والبصرة والكوفة فلقيط هذه محكوم باسلامه وإن كان فيها أهل الذمة ب: دار فتحها المسلمون كمداين والشام فهذه
إن كان فيها مسلم واحد حكم باسلام لقيطها والا فهو كافر وقال الجويني القسم الثالث السابق مجراه مجرى دار الكفر لغلبة الكفار عليها وعد القسم الثاني من بلاد الاسلام
275

يدل على أنه لا يشترط في بلاد الاسلام ان يكون فيها مسلمون بل يكفي كونها في يد الامام واستيلائه واما القسم الثالث فقال بعض الشافعية ان الاستيلاء القديم
يكفي لاستمرار الحكم ونزل بعضهم ما ذكروه على ما إذا كانوا لا يمنعون المسلمون عنها فان منعوهم فهي دار الكفر واما دار الكفر فعلى ما اخترناه قسمان. آ: بلد كان
للمسلمين فغلب الكفار عليه كالساحل فهذا إن كان فيه ولو مسلم واحد حكم باسلام لقيطه وان لم يكن فيها مسلم فهو كافر ويحتمل ان يكون مسلما لاحتمال ان يكون
فيه مؤمن يكتم ايمانه وقد سبق ب: ان لم يكن للمسلمين أصلا كبلاد الهند والروم فإن لم يكن فيها مسلم فلقيطها كافر لان الدار لهم وأهلها منهم وإن كان فيها مسلمون
كالتجار وغيرهم ساكنون فهو مسلم لقيام الاحتمال تغليبا للاسلام وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يحكم بكفره تبعا للدار ويجري الوجهان فيها إذا كان فيها أسارى
مسلمون وقال الجويني الخلاف في الأسارى مرتب على الخلاف في التجار لانهم تحت الضبط قال ويشبه ان يكون الخلاف في قوم منتشرين الا انهم ممنوعون من الخروج من
البلدة فاما المحبوسون في المطامير فيتجه ان لا يكون لهم اثر كما لا اثر لطروق العابرين من المسلمين قال ابن المنذر أجمع أهل عوام العلم على أن الطفل إذا وجد في بلاد
المسلمين ميتا في اي مكان وجد أن غسله ودفنه في مقابر المسلمين يجب وقد منعوا ان يدفن الطفل من أولاد المشركين في مقابر المسلمين قال وإذا وجد لقيط في قرية
ليس فيها الا مشرك فهو على ظاهر ما حكموا به انه كافر وهكذا قول الشافعي وأصحاب الرأي تذنيب: كل موضع حكمنا بكفر اللقيط فيه لو كان أهل البقعة
أصحاب ملل مختلفة فالأقرب ان يجعل من خيرهم دينا اخر انما نحكم باسلام من يوجد في بلاد الكفر إذا كان فيها مسلم ساكن فلا اعتبار بالطروق والاجتياز في ذلك
مسألة: كل صبي حكمنا باسلامه بأحد الأسباب الثلاثة فحكمه قبل بلوغه احكام المسلمين فيرث من المسلم ولا يرثه الكافر ويقتل قاتله ويصلى عليه فإذا بلغ ووصف
الاسلام فقد استقر اسلامه وحكمه حكم ما كان قبل بلوغه وان وصف الكفر فإن كان ممن حكمنا باسلامه تبعا لاحد أبويه فإنه مرتد وقال الشافعي انه يطالب بالاسلام
ولا يقر على الكفر فاجراه مجرى المرتد عن غير فطرة وقال بعض أصحابه انه يقر على الكفر لأنا حكمنا باسلامه تبعا لغيره فإذا بلغ صار حكمه حكم نفسه فروعي قوله وزال حكم
التبع عنه وحكى بعض الشافعية هذا قولا اخر للشافعي وليس بجيد لأنا حكمنا باسلامه باطنا وظاهرا فلم يقر على الكفر كما لو أسلم بعد بلوغه ثم ارتد وإن كان ممن حكمنا
عليه باسلامه تبعا للسابي قال الشافعي انه كالأول الذي حكمنا عليه باسلامه تبعا لاحد أبويه وليس بجيد لضعف العلاقة هناك وقوتها في النسب وإن كان ممن
حكمنا عليه باسلامه تبعا للدار فالأقرب انه لا يحكم بارتداده بل بكفره لان الحكم باسلامه وقع ظاهرا لا باطنا بدليل انه لو ادعى ذمي بنوته وأقام بينة على دعواه
سلم إليه وحكم بكفره ونقض الحكم باسلامه فإذا بلغ ووصف الكفر كان قوله أقوى من ظاهر اليد فأقررناه ولهذا لو حكمنا بحريته بظاهر الدار ثم بلغ وأقر بالرق
فإنه يحكم عليه بالرق وهذا بخلاف من تبع أباه لان الحكم هناك كان على علم منا بحقيقة الحال وهنا مبنى على ظاهر الدار فإذا اعرب عن نفسه الكفر ظهر كذب ما ظنناه
وقال الشافعي لا يتبين لي ان أقتله ولا أجبره على الاسلام ولأصحابه فيه طريقان أحدهما ان هذا ترديد قول منه وفي كونه مرتدا أو كافرا أصليا قولان كما في المحكوم
باسلامه تبعا لأبويه ولهم وجه اخر انه لا يقر عليه وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه حكم باسلامه قبل بلوغه فأشبه من تبع أبويه مسألة: إذا بلغ المحكوم باسلامه
تبعا للدار فاعرب بالكفر فان جعلناه كافرا أصليا ففي التوقف في الاحكام الموقوفة على الاسلام اشكال أقربه انا لا نتوقف بل نمضيها كما في المحكوم باسلامه تبعا
لأبويه ويحتمل التوقف إلى أن يبلغ فيعرب عن نفسه فان مات في صباه لم يحكم بشئ من احكام الاسلام وللشافعي قولان كالاحتمالين وقال أبو حنيفة واحمد انه مرتد
وبالجملة فالحكم باسلام الصبي تبعا للدار انما يثبت ظاهرا لا يقينا لاحتمال ان يكون أبوه كافرا فان ادعى كافر بنوته وأقام عليه بينة لحقه وتبعه في الكفر وارتفع
ما ظنناه أولا لضعف تبعية الدار ولو تجردت دعواه عن البينة فالأقرب عدم الالتفات إليه ويحكم باسلامه لأنا حكمنا له بالاسلام أولا فلا نغيره بمجرد دعوى الكافر
وجاز ان يكون ولده لكن من مسلمة فلا يتبع الدين النسب وهو أظهر قولي الشافعي والثاني انه يحكم بكفره لأنه يلحقه بالاستلحاق وإذا ثبت نسبه تبعه في الدين كما لو قامت
البينة على النسب ونمنع لحوقه وتبعية الدين النسب على ما تقدم وعلى كلي القولين سواء قلنا باسلامه كما اخترناه نحن أو قلنا بكفره كما قال الشافعي يحال بينه وبين مدعيه
الكافر لئلا يرغبه عن الاسلام ويزهده فيه ويقرب إليه الكفر ويزينه عليه إذا ثبت هذا فان بلغ ووصف الكفر فان قلنا بتبعيته في الكفر قرر عليه لكن يهدد ويخون أولا
لعله يسلم وان قلنا لا يتبعه ففي تقريره اشكال وللشافعية قولان فان قلنا يقر على كفره فان وصف كفرا يقر أهله عليه خيرناه بين التزام الجزية والرجوع إلى دار الحرب وان
وصف كفرا لا يقر أهله عليه قلنا له إما ان تسلم أو تخرج إلى دار الحرب أو نصف؟ كفرا تقر أهله عليه على الخلاف قاله بعض الشافعية وليس بجيد لان هذا إما ابن حربي
وقد حصل في يد المسلمين بغير عهد فيكون لواجده ويصير مسلما باسلام سابيا ويكون أحد أبويه ذميا فلا يقر على الانتقال إلى غير دين أهل الكتاب أو يكون ابن
مسلم فيكون مسلما فلا وجه لرده إلى دار الحرب تذنيب: اللقيط المحكوم باسلامه؟ ينفق عليه من بيت المال إذا لم يكن له مال ولم يوجد متبرع عليه على ما تقدم
إما المحكوم بكفره فاشكال ينشأ من أنه كافر فلا يعان من بيت مال المسلمين وبين؟ احتمال الانفاق عليه إذ لا وجه لتضييعه وفيه مصلحة للمسلمين فإنه إذا بلغ إما ان
يسلم ويصير من المسلمين أو يعطي الجزية ان بقى على كفره وكلاهما مصلحة للمسلمين البحث الثاني: في حكم جناية اللقيط والجناية عليه مسألة:
إذا جنى هذا اللقيط فإن كان بالغا وكانت الجناية عمدا وجب عليه القصاص عينا عندنا ولا يجب المال الا صلحا وعند الشافعي يتخير ولي الجناية بين ان يقتص أو
يعفو على مال فان عفى على مال كان الأرش في ذمته إما مع رضي الغريم عندنا ومطلقا عند الشافعي مغلظا يتبع إذا أيسر وإن كانت الجناية خطأ تعلقت بعاقلته
وهو الامام عندنا لان ميراثه له فإنه وارث من لا وارث له وعند العامة ولبيت مال المسلمين لأنه ليس له عاقلة خاصة وماله إذا مات مصروف إلى بيت المال
إرثا فلما كان بيت المال وارثا له عقل عنه وإن كانت الجناية صدرت منه قبل البلوغ فعندنا انها خطأ محض يكون على عاقلته مخففة والعاقلة عندنا هو
الامام وللشافعي قولان في أن عمده عمدا وخطاء فان قلنا بأنها عمد وجبت الدية مغلظة في ماله وان لم يكن له مال فهي في ذمته إلى أن يجد وان قلنا إن عمد الصبي
خطأ وجبت الدية مخففة في بيت المال ولو أتلف مالا كان الضمان عليه لا غير سواء أتلفه عمدا أو خطأ ولو كان اللقيط محكوما بكفره لم يضرب موجب جنايته
على بيت المال على ما تقدم وتركته له مسألة: لو جنى على اللقيط فإن كانت خطأ وكانت على النفس أخذت الدية ووضعت في بيت المال عند العامة
وعندنا للامام بناء على القولين في أن وارثه الامام أو بيت المال وإن كانت على الطرف فالدية على عاقلة الجاني ان تحملها العاقلة أو على الجاني ان قصرت عن الموضحة يستوفيه الحاكم له لأنه وليه
وإن كانت الجناية عمدا فإن كانت نفسا كان للامام ان يقتص ان رأى ذلك خطأ للملاقيط وكان له العفو على مال إذا رأى ذلك صلاحا ورضى به الجاني عندنا
ومطلقا عند الشافعي وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وابن المنذر الا ان أبا حنيفة يخيره بين القصاص والمصالحة كما ذهبنا نحن إليه واختلفت الشافعية
276

على قولين قال بعضهم بالقطع على ما قلناه ولم يثبتوا فيه خلافا وأثبت الأكثر منهم قولا اخر انه لا يجب القصاص وهو خطأ لان النبي صلى الله عليه وآله قال السلطان
ولي من لا ولي له ثم اختلف هؤلاء في شيئين أحدهما في مأخذ القولين قال قوم وجه الوجوب انه مسلم معصوم الدم فوجب القصاص كغير اللقيط ووجه المنع انه لو
وجب القصاص لوجب لعامة المسلمين كما يصرف ماله إليهم وفي المسلمين أطفال ومجانين ومهما كان في الورثة أطفال ومجانين لا يمكن استيفاء القصاص قبل البلوغ
والإفاقة وأيضا لا بد من اجتماع الورثة على الاستيفاء واجتماع جميع المسلمين متعذر وقال بعضهم بناؤهما على أن المحكوم باسلامه يجري عليه احكام الاسلام أو يتوقف
فيه إلى أن يعرب بالاسلام فان قلنا بالأول أوجبنا القصاص وان قلنا بالثاني فقد فات؟ الاعراب بقتله فلا يجري عليه حكم المسلمين قال والمأخذ الأول فاسد لان
الاستحقاق ينسب إلى جهة الاسلام لا إلى آحاد المسلمين ولهذا لو اوصى من ليس له وارث خاص لجماعة من المسلمين لا يجعل ذلك وصية للورثة فهذان مأخذان للمسألة
عند الشافعية وفرع بعضهم عليها ما إذا ثبت لرجل حق قصاص ولم يستوفه حتى مات وورثه المسلمون فعلى المأخذ الأول في بقاء القصاص القولان وعلى الثاني يبقى
لا محالة وهذا لا يتأتى على مذهبنا لان المستحق لقصاصه وديته هو الامام خاصة ولو قتل اللقيط بعد البلوغ والاعراب بالاسلام اقتص له مع العمد واخذت
الدية للامام مع الخطاء ويجري هنا الخلاف للشافعية على المأخذ الأول دون الثاني ولو قتل بعد البلوغ وقبل الاعراب جرى الخلاف على المأخذين ولكن الترتيب
على ما قبل البلوغ ان منعنا القصاص ثم فهنا أولي وان أوجبناه فهنا وجهان لقدرته على اظهار ما هو عليه والاختلاف الثاني في كيفية قول المنع فعن جماعة منهم الفريطي
والربيع انه غير منصوص عليه في المسألة بخصوصها لكن قال قايل ان اللقيط لا وارث له وروى الفريطي ان لا قصاص بقتل من لا وارث له فتناول اللقيط تناول
العموم للخصوص وعن القفال تخريجه من أحد القولين في أن من قذف اللقيط بعد بلوغه لا يحد ويخرج من هذا مأخذ ثالث وهو دراء القصاص بشبهة الرق
والكفر ثم الأصح من القولين عندهم وجوب القصاص بالاتفاق فإن كانت الجناية على طرف اللقيط فعلى المأخذ الأول يقطع وجوب القصاص لان الاستحقاق
فيه للقيط وهو متعين لا للعامة وعلى المأخذ الثاني إذا فرعنا على قول المنع هناك يتوقف في قصاص الطرف فان بلغ واعرب بالاسلام تبينا وجوبه والا تبينا عدمه
وعلى المأخذ الثالث يجري القولان بلا فرق وإذا كان الجاني على النفس أو الطرف كافرا رقيقا جري القولان على المأخذ الأول دون الثاني والثالث هذا ما يتعلق بوجوب
القصاص مسألة: إما استيفاء القصاص إذا قلنا بالوجوب فقصاص النفس يستوفيه الامام لنفسه عندنا وللمسلمين عند العامة ان رأى المصلحة فيه وان
رأى في اخذ المال عدل عنه إلى الدية مع رضي الجاني عندنا ومطلقا عند الشافعي ولو لم يجوز ذلك لاستحق هذا القصاص بالحدود المتحتمة وليس له العفو مجانا
عندهم لأنه خلاف المصلحة المسلمين والحق لهم عند العامة واما قصاص الطرف فإن كان اللقيط بالغا عاقلا فالاستيفاء إليه وان لم يكن بالغا عاقلا بل انتفى عنه الوصفان
أو أحدهما لم يكن للامام استيفاؤه لأنه قد يريد التشفي وقد يريد العفو فلا يفوت عليه قاله بعض الشافعية والأقوى عندي ان له الاستيفاء لأنه حق للمولى عليه
فكان للولي استيفاؤه كحق المال وبه قال أبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لأنه أحد نوعي القصاص فكان للامام استيفاؤه عن اللقيط كالقصاص في النفس
وقال القفال له الاستيفاء في المجنون لأنه لا وقت معين ينتظر لافاقته والتأخير لا إلى غاية قريب من التفويت وهو بعيد عند الشافعية وابعد منه عند الشافعية
قول بعضهم بجواز الاقتصاص حيث يجوز له الأرش لأنه أحد البدلين فله استيفاؤه كالثاني والمشهور عندهم الأول وعلى قول الشافعية بالمنع من استيفاء القصاص
هل له اخذ أرش الجناية ينظر إن كان المجني عليه مجنونا فقيرا فله الاخذ لأنه محتاج وليس لزوال علته غاية تنتظر وإن كان صبيا غنيا لم يأخذه لأنه لا حاجة في الحال
ولان زوال الصبوة له غاية منتظرة وإن كان مجنونا غنيا أو صبيا فقيرا فوجهان أحدهما جواز الاخذ لبعد الإفاقة في الصورة الأولى وقيام الحاجة في الثانية
والثاني المنع لعدم الحاجة في الأولى وقرب الانتظار في الثانية والظاهر في الصورتين المنع واعتبار الجنون والفقر معا لجواز الاخذ وحيث قلنا لا يجوز اخذ
الأرش أو لم نر المصلحة فيه فيحبس إلى أوان البلوغ والإفاقة وإذا جوزناه فاخذه ثم بلغ الصبي وافاق المجنون وأراد ان يرده أو يقبض فالوجه انه لا يمكن
من ذلك وهو أحد وجهي الشافعية لان فعل الولي حال الصغر والجنون كفعل البالغ العاقل والثاني انه يمكن من ذلك والوجهان شبيهان بالخلاف فيما لو عفا
الولي عن حق شفعة الصبي للمصلحة ثم بلغ وأراد اخذه والوجهان مبنيان على أن اخذ المال عفو كلي واسقاط
للقصاص أم شبيه الحيلولة لتعذر استيفاء القصاص
الواجب وقد يرجح التقدير الأول بان التضمين للحيلولة انما ينقدح إذا جاءت الحيلولة من قبل الجاني كما لو عيب الغايب المغصوب أو ابق العبد من يده وهنا لم يأت التعذر
من قبله وأيضا لو كان الاخذ للحيلولة لجاز الاخذ فيما إذا كان المجني عليه صبيا غنيا وهذا الذي ذكرناه في اخذ الأرش للقيط آت في كل طفل يليه أبوه أو جده وقال
بعض الشافعية ليس للوصي اخذه واستحسنه بعضهم على تقدير كونه اسقاط ولا يجوز الاسقاط الا لوال أو ولي إما إذا جوزناه للحيلولة جاز للوصي أيضا إذا عرفت هذا
فكل موضع قلنا ينتظر البلوغ فان الجاني يحبس حتى يبلغ اللقيط فيستوفي لنفسه البحث الثالث في نسب اللقيط والنظر في أمرين الأول ان يكون المدعي
واحدا مسألة كل صبي مجهول النسب سواء كان لقيطا أولا إذا ادعى بنوته حر مسلم الحق به لأنه أقر بنسب مجهول النسب يمكن ان يكون منه وليس في اقراره اضرار
بغيره فيثبت اقراره وانما شرطنا الامكان لأنه إذا أقر بنسب مجهول من هو أكبر منه أو مثله أو أصغر منه بما لو تجر العادة بتولده عنه علم كذبه وأبطلنا اقراره
وانما شرطنا ان لا يعود بالضرر على غيره لأنه إذا أقر بنسب عبد غيره لم يقبل اقراره لأنه يضر به لأنه يقدم في الإرث على المولى وقد عرفت فيما سبق شرايط الالحاق
فإذا حصلت هنا ألحقناه بالمدعي والا فلا قال الشافعي ويستحب للحاكم ان يسأله عن سبب نسبه لئلا يكون ممن يعتقد ان الالتقاط والتربية يفيد النسب فإن لم يسأله
فلا باس وقال مالك انه ان استلحقه الملتقط لم يلحق به لان الانسان لا ينبذ ولده ثم يلتقطه الا ان يكون ممن لا يعيش له ولد فيلحق به لأنه قد يفعل مثل ذلك تفالا
ليعيش الولد ولا خلاف بين أهل العلم ان المدعي الحر المسلم يلحق نسب الولد به إذا أمكن منه فكذا في اللقيط لأنه أقر له بحق فأشبه ما لو أقر له بالمال ولان الاقرار محض نفع
للطفل لاتصال نسبه والتزامه بتربيته وحضانته ولان إقامة البينة على النسب مما يعسر ولو لم نثبته بالاستلحاق لضاع كثير من الأنساب مسألة: لو ادعى أجنبي بنوته ووجدت
شرايط الالحاق الحق به لما تقدم وينتزع اللقيط من يد الملتقط ويسلم إلى الأب لأنه لو ثبت انه أبوه فيكون أحق بولده في التربية والكفالة من الأجنبي كما لو قامت
به بينة ولا فرق بين ان يكون المدعي لبنوته مسلما أو كافرا لان الكافر أقر بنسب مجهول النسب يمكن ان يكون منه وليس في اقراره اضرار بغيره فيثبت اقراره كالمسلم
لاستوائهما في الجهات المثبتة للنسب وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو ثور لا يلحق بالكافر لأنه محكوم باسلامه ولا نزاع فيه فانا نقول بموجبه ويلحقه به في النسب
لا في الدين ولا حق له في حضانته ولان الذمي أقوى من العبد في ثبوت الفراش فإنه يثبت له بالنكاح والوطؤ في الملك وسيأتي الالحاق بالعبد إذا عرفت هذا فان
277

اللقيط يلتحق بالكافر في النسب لا في الدين عندنا وعند احمد وللشافعي قولان أحدهما قال في باب اللقيط يلحق به فيه والثاني في الدعوى والبينات لا يلحق به فيه
واختلف أصحابه في ذلك على طريقين قال أبو إسحاق ليست المسألة على قولين وانما هي على اختلاف حالين فالموضع الذي قال يلحق به في الدين أراد به إذا ثبت نسبه بالبينة والموضع الذي قال لا يلحق به في الدين أراد به إذا أثبت بدعواه
وقال أبو علي من أصحابه انه يلحقه في الدين إذا أقام البينة بنسبه قولا واحدا وإذا ثبت نسبه بدعواه فقولان أحدهما لا يحلق به في الدين لأنه يجوز ان يكون ولده وهو مسلم
باسلام أمة وإذا احتمل ذلك لم يبطل ظاهر الاسلام بالاحتمال وانما قبلنا اقراره فيما يضره في النسب دون ما يضر غيره فعلى قولنا انه لا يلحقه في الدين يفرق بينه وبينه إذا
بلغ فان وصف الكفر لم يقر عليه وللشافعي قولان فان قلنا يلحق به في الدين كما هو مذهب الشافعي فإنه يحال أيضا بينه وبينه لئلا يعوده الكفر والتردد إلى البيع
والكنايس الا إذا بلغ ووصف الكفر أقر عليه (عنده على هذا)؟ القول وجها واحدا مسألة: لو ادعى بنوة عبد صح دعوته بكسر الدال وهي ادعاء النسب
وبضمها الطعام الذي يدعى إليه الناس وبفتحها مصدر دعاء وانما حكمنا بصحتها لان لمائه حرمة فلحقه نسب ولده كالحر فصحت دعوته إذا ادعى نسب لقيط نسبه فيلحقه
سواء صدقه السيد أو كذبه غير أنه لا يثبت له حضانته لأنه مشغول بخدمة سيده ولا يجب عليه نفقته لان العبد فقير لا مال له ولا يجب على سيده لان اللقيط محكوم
بحريته بظاهر الدار فتكون نفقته في بيت المال ويكون حكمه حكم من لم يثبت نسبه الا في ثبوت النسب خاصة وبه قال الشافعي ان صدقه السيد واما ان كذبه فله قولان أحدهما
قال في باب اللقيط انه يلحقه به كما قلناه والثاني قال في الدعاوي ان العبد ليس أهلا للاستلحاق فحصل قولان أحدهما المنع لما فيه من الاضرار بالسيد بسبب انقطاع الميراث
عنه لو أعتقه وأصحهما اللحوق لان العبد كالحر في أمر النسب لامكان العلوق منه بالنكاح وبوطئ الشبهة ولا اعتبار بما ذكر من الاضرار فان من استلحق ابنا وله أخ يقبل
استلحاقه وان أضر بالأخ وعن ناصر الشريف العمري طريقتان للشافعية اخريان إحديهما القطع بالقول الأول والثانية القطع باللحوق إذا كان مأذونا في النكاح ومضى
من الزمان ما يحتمل حصول الولد وتخصيص القولين بما إذا لم يكن مأذونا ويجري الخلاف فيما إذا أقر العبد باخ أو عم ولهم طريقة أخرى قاطعة بالمنع ههنا لان لظهور نسبه
طريقا اخر وهو اقرار الأب والجد ويجرى الخلاف فيما إذا استلحق حر عبد غيره لما فيه من قطع الإرث المتوهم بالولاء وقال بعضهم بالقطع بثبوت النسب هنا وقال الحر من
أهل الاستلحاق على الاطلاق ويجري الخلاف فيما إذا استلحق المعتق غيره والقول بالمنع هنا ابعد لاستقلاله بالنكاح والتسري وإذا جعلنا العبد من أهل الاستلحاق
فلا يسلم اللقيط إليه كما تقدم لأنه لا يتفرغ لحضانته وتربيته مسألة: لو ادعت المراة مولودا فان أقامت بينة لحقها ولحق زوجها إن كانت ذات زوج وكان
العلوق منه ممكنا ولا ينتفي عنه الا باللعان هذا ان قيدت البينة بأنها ولدته على فراشه ولو لم يتعرض للفراش ففي ثبوت نسبه من الزوج وجهان للشافعية وعندنا لا يثبت
نسبه من الزوج الا إذا شهدت بأنها ولدته على فراشه ولو لم تقم المراة بينة واقتصرت على مجرد الدعوى قال بعض علمائنا يثبت نسبه ويلتحق بها كالأب وهو أحد
أقوال الشافعي وهو رواية عن أحمد لأنها أحد الأبوين فصارت كالرجل بل أولي لان جهة اللحوق بالرجل النكاح والوطي بالشبهة والمراة تشارك الرجل فيه وتختص بجهة
أخرى وهي الزنا والأظهر عندهم المنع وبه قال أبو حنيفة لأنها يمكنها إقامة البينة على الولادة فلا يقبل قولها فيه ولهذا لو علق الزوج طلاقها بولادتها فقالت
قد ولدت لم يقع الطلاق حتى يقيم البينة وتفارق الرجل من حيث إنه يمكنها إقامة البينة على الولادة من طريق المشاهدة والرجل لا يمكنه فمست الحاجة إلى اثبات
النسب من جهته بمجرد الدعوى ولأنها إذا أقرت بالنسب فكأنها تقر بحق عليها وعلى غيرها ولأنها فراش الزوج وقد بطل اقرارها في حق الزوج فيبطل الجميع لان الاقرار
الواحد إذا بطل بعضه بطل كله وفيه نظر لان من أقر على نفسه وغيره بمال يلزمه في حق نفسه وان لم يقبل في
حق الغير والقول الثالث انها إن كانت ذات زوج لم يقبل اقرارها
لتعذر الالحاق بها دون الزوج وتعذر قبول قولها على الزوج وعن أحمد روايتان كالوجه الأول والثالث وإذا قبلنا استلحاقها ولها زوج ففي اللحوق به عند الشافعية
وجهان أحدهما اللحوق كما إذا قامت البينة وأصحهما عندهم المنع لاحتمال انها ولدته من وطي شبهة أو زوج آخر فصار كما لو استلحق الرجل ولدا وله زوجة فإنه لا يلحقها
واستلحاق الأمة كاستلحاق الحرة عند من يجوز استلحاق العبد فان قبلناه فهل يحكم برق الولد لمولاها للشافعية وجهان النظر الثاني: فيما إذا تعدد
المدعي مسألة: لو ادعى بنوته اثنان فإن كان أحدهما الملتقط فإن لم يكن قد حكم بنسب اللقيط للملتقط فقد استويا في الدعوى فالحكم فيه كما لو كانا أجنبيين
وسيأتي وإن كان قد حكم بنسب اللقيط للملتقط بدعواه ثم أدعاه أجنبي فان أقام بينة كان أولي لان البينة أقوى من الدعوى ولو أقام كل منهما بينة تعارضت البينتان
والشافعي وان حكم في الملك الذي اليد عند تعارض البينتين ونحن وأبو حنيفة وان حكمنا للخارج فهنا لا ترجيح باليد ولا تقدم بينة الملتقط باليد ولا بينة الأجنبي
بخروجه لان اليد لا تثبت على الانسان وانما تثبت على الاملاك ولهذا يحصل الملك باليد كما في الاصطياد والاغتنام والنسب لا يحصل باليد بل يحكم بالقرعة
وان لم يكن هناك بينة لأحدهما واستلحقاه معا فعندنا يحكم بالقرعة إذ لا مرجح هنا لان اليد قد قلنا إنها لا تدل على النسب فعندنا أيضا يقرع بينهما وعند
الشافعي واحمد انه يعرض على القافة وهو قول انس وعطاء وزيد بن عبد الملك والأوزاعي والليث بن سعد كأن عايشة روت ان النبي صلى الله عليه وآله دخل
عليها مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال ألم ترى ان محرزا نظرا آنفا إلى زيد وأسامة وقد غطيا رؤسهما وبدت اقدامهما فقال إن هذه الاقدام بعضها من
بعض فلولا جواز الاعتماد على القافة لما سر به النبي صلى الله عليه وآله ولا اعتمد عليه ولان عمر بن الخطاب قضى به والطريق عندنا ضعيف لا يعتمد عليه
مع أنهم قد رووا عن النبي صلى الله عليه وآله توله؟ في ولد الملاعنة انظروها فان جاءت به حمش الساقين كأنه وحرة فلا أداه الا وقد كذب عليها وان جاءت به اكحل جعدا
جميلا سابغ الأليتين مدبح الساقين فهو للذي رميت به فاتت به على النعت المكروه فقال النبي صلى الله عليه وآله لولا الايمان لكان لي ولها شأن وهو يدل على أنه لم يمنعه من
العمل بالشبه به الا الايمان فكان العمل بالشبه منافيا للايمان فكان مردودا والسرور الذي وجده النبي صلى الله عليه وآله ان ثبت فلانه طابق قوله وحكمه عليه السلام
في أن زيدا ولد أسامة لا ما يستدلون به من العرض على القافة إذا عرفت هذا فالقافة قوم يعرفون الانسان بالشبه ولا يختص ذلك بقبيلة معينة بل من عرف منه المعرفة
بذلك وتكررت منه الإصابة فهو قايف وقيل أكثر ما يكون هذا في بني مدلج رهط (مجرز المدلجي الذي رأى أسامة وأباه زيدا قد غطيا رؤسهما وبدت اقدامهما فقال إن
هذه الاقدام بعضها من بعض وكان اياس بن معاوية قايفا ولذلك قيل في شريح لا يقبل قول القايف الا ان يكون ذكرا عدلا مجربا في الإصابة حرا لان قوله حكم والحكم
يعتبر فيه هذه الشروط قال بعض العامة ويعتبر معرفة القايف بالتجربة وهو ان يترك الصبي مع عشرة من الرجال غير من يدعيه ويرى إياهم فان الحقه بواحد منهم
سقط قوله لأنا نتبين خطاءه وان لم يلحقه بواحد منهم أريناه إياه مع عشرين فيهم مدعيه فان الحقه لحق عند العامة ولو اعتبر بان يرى صبيا معروف النسب
مع قوم فيهم أبوه أو اخوه فإذا الحقه بقريبه علمت اصابته وان الحقه بغيره سقط قوله جاز وهذه التجربة عند عرصه على القايف للاحتياط في معرفة اصابته
278

وان لم يجر به في الحال بعد ان يكون مشهورا لإصابة في مرات كثيرة جاز وقد روت العامة ان رجلا شريفا شك في ولد له من جارية وأبى ان يستلحقه فمر به
اياس بن معاوية في المكتب وهو لا يعرفه فقال له ادع لي أباك فقال المعلم ومن أبو هذا فقال فلان فقال من أين قلت إنه أبوه فقال إنه أشبه من الغراب بالغراب فقام
المعلم مسرعا إلى أبيه فاعلمه بقول اياس فخرج الرجل وسأل اياسا من أين علمت أن هذا ولدي فقال سبحان الله وهل يخفى هذا على أحد انه لشبه بك من الغراب
بالغراب فسر الرجل واستلحق ولده وهذا كله عندنا باطل لان تعلم القيافة حرام ولا يجوز الحاق الانسان بها وسيأتي وظاهر كلام احمد انه لا بد من قول اثنين لأنهما
شاهدان فان شهد اثنان من القافة انه لهذا لأنه قول يثبت به النسب فأشبه الشهادة وعنه رواية أخرى انه يقبل قول الواحد لأنه حكم ويكفي في الحكم قول الواحد وهو قول أكثر أصحابه
وحملوا الأول على ما إذا تعارض أقوال القايفين فإذا تعارض اثنان تساووا وان عارض واحد اثنين حكم بقولهما وسقط قول الواحد لأنهما شاهدان قولهما
أقوى من قول الواحد ولو عارض قول الاثنين قول اثنين تساقطا ولو عارض قول الاثنين قول الثلاثة وأكثر سقط الجميع عنده كالبينات لا يعتبر فيها
زيادة العدد عنده ولو الحقه القافة بواحد ثم جاءت قافة أخرى فألحقته باخر كان لاحقا بالأول عندهم لان القايف جرى مجرى الحاكم ومتى حكم الحاكم بحكم لم
ينتقض بمخالفة غيره له وكذا لو ألحقته بواحد ثم عادت فألحقته بغيره كذلك ولو أقام الآخر بنية انه ولده حكم له به وسقط قول القايف لأنه بدل فسقط
مع وجود الأصل كالتيمم مع الماء ولو ألحقته القافة بكافر أو رقيق لم يحكم بكفره ولا برقه لان الحرية والاسلام ثبتا له بحكم الدار فلا يزول ذلك بمجرد الشبه
أو الظن كما لم يزل ذلك بمجرد الدعوى من المنفرد بها وقبول قول القافة في النسب للحاجة إلى اثباته ولأنه غير مخالف للظاهر ولهذا اكتفى فيه بمجرد الدعوى في المنفرد
ولا حاجة إلى اثبات رقة وكفره واثباتهما يخالف الظاهر وهذا كله عندنا وعند أبي حنيفة باطل لأنا لا نثبت النسب بقول القافة ولا حكم لها عندنا ولا عنده الا ان
أبا حنيفة يقول إذا تعارضت البينتان الحق بالمدعيين جميعا ونحن نقول بالقرعة لأنه موضع الاشكال والاشتباه وقد روى علمائنا عن أهل البيت عليهم السلام كل
أمر مشكل ففيه القرعة وقول أبي حنيفة باطل لأنه لا يمكن تولده منهما واتفقنا نحن وإياه على عدم اعتبار القافة لان الحكم بها حكم بمجرد الشبه والظن والتخمين
وقد نهى الله تعالى عن اتباع الظن والشبه يوجد بين الأجانب كما يوجد بين الأقارب فلا يبقى دليلا على النسب بل قد يثبت الشبه بين الأجانب وينتفي عن الأقارب ولهذا
روي عن النبي صلى الله عليه وآله ان رجلا اتاه فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان امرأتي ولدت غلاما اسود فقال عليه السلام هل لك ابل قال نعم قال فما ألوانها قال حمر قال هل فيها من اروق قال نعم
قال انى اتاها ذلك قال لعل عرقا ينزع قال وهذا لعل عرقا ينزع وأيضا لو كان الشبه كافيا لاكتفى به في ولد الملاعنة وفيما إذا أقر أحد الورثة باخ وانكره الباقون مسألة
لو أدعاه اثنان ولا بينة أو وجدت بينتان متعارضتان فالحكم القرعة عندنا وعند الشافعي واحمد يعرض على القايف على ما تقدم فان ألحقته القافة بهما سقط اعتبار
القايف عند الشافعي ولم يعتبر بقولها ولم يحكم به ويترك اللقيط حتى يبلغ فإذا بلغ أمر بالانتساب إلى أحدهما ولا ينتسب بمجرد التشهي بل يعول فيه علي ميل الطبع
الذي يجده الولد إلى الوالد والقريب إلى القريب بحكم الجيلة وعنه وجه اخر انه لا يشترط البلوغ بل يرجع إلى اختياره إذا بلغ سن التميز كما يخير حينئذ بين الأبوين في الحضانة لكن
المشهور عندهم الأول وفرقوا بان اختياره في الحضانة لا يلزم بل له الرجوع عن الاختيار والأول وهنا إذا انتسب إلى أحدهما لزمه ولم يقبل رجوعه والصبي ليس يتحقق في طرفه
قول ملزم وقال احمد إذا ألحقته القافة بهما لحق بهما وكان ابنهما يرثهما ميراث ابن وزيادة ويرثانه ميراث أب واحد ونقله عن علي (ع) وهو افتراء عليه ونقله أيضا عن عمر
وهو قول أبي ثور وقال أصحاب الرأي يلحق بهما بمجرد الدعوى والكل باطل لعدم امكان تولد الطفل من اثنين والحوالة على الامر المستحيل باطلة لأنه لا يتصور كونه
مولدا من رجلين فإذا ألحقته القافة بهما تبينا كذبها فيسقط قولها كما لو ألحقته باثنين ولو اتفقا على ذلك لم يثبت ولو أدعاه رجل واحد منهما وأقام بينة
سقطتها ولو جاز ان يلحق بهما لثبت لهما باتفاقهما والحق بهما عند تعارض بينتهما بل جاز ان يلحق بهما بمجرد دعواهما لعدم التنافي بين الدعوتين حينئذ ولما قدم في الحكم
البينة على الدعوى ولا على القافة ولا قدمت القافة على الدعوى واحتج احمد بما روى عن عمر في امرأة وطيها رجلان في طهر فقال القايف قد اشتركا فيه جميعا
فجعله بينهما وبما رواه الشعبي عن علي عليه السلام انه كان يقول هو ابنهما وهما أبواه يرثهما ويرثانه وعن سعيد بن المسيب في رجلين اشتركا في وطي امرأة فولدت غلاما يشبههما
فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فدعا القافة فنظروا فقالوا نراه يشبههما فالحقه بهما وجعله يرثهما ويرثانه وقول عمر لا حجة فيه والنقل عن علي (ع) لم يثبت لان أهل البيت
اعرف بمذهبه ومقالته عليه السلام من غيرهم مع أنهم اتفقوا على ابطال هذا القول والعقل أيضا دل عليه مسألة: لو أدعاه أكثر من اثنين أو من ثلاث حكم بالقرعة
مع عدم البينة ومع تعارضهما عندنا والقائلون بالقافة اختلفوا فعن احمد روايتان إحديهما انه يلحق بالثلاثة فما زاد لوجود المقتضي للالحاق عندهم والثانية انه
لا يلحق بأكثر من اثنين وهو قول أبي يوسف اقتصارا على ما ورد به الامر عن عمر وقال بعض أصحابه لا يحلق بأكثر من ثلاثة وهو قول محمد بن الحسن وروى ذلك
عن أبي يوسف أيضا والكل باطل عندنا ثم لو جوزنا الأكثر فأي دليل دل على الحصر في الثلاثة وهل هو الا تحكم محض فان القايل به لم يقتصر على المنصوص عن عمر
ولا قال بتعدية الحكم إلى كل ما وجد فيه المعنى وليس في الثلاثة معنى خاصا يقتضي الحاق النسب لهم فلا يجوز الاقتصار عليه بالتحكم مسألة: إذا تداعياه الاثنان
أو ما زاد وجب عليهما النفقة في مدة الانتظار إما إلى أن يثبت بالبينة أو بالقرعة التحاقه بأحدهما أو بالقافة عند القائلين بها أو باقراره عند بلوغه كما هو
قول الشافعي في الجديد؟ أو بلوغه حد التمييز عند الشافعي في القديم فإذا بلغ أو انتسب إلى أحدهما رجع الآخر عليه بما أنفق قاله الشافعي ويحتمل عدم الرجوع لأنه
مقر باستحقاق الانفاق عليه ولو انتفت البينة عنهما فقد قلنا بالقرعة وعند الشافعي واحمد الرجوع إلى القافة فإن لم توجد قافة أو أشكل الامر عليها أو
تعارضت أقوالها أو وجد من لا يوثق بقوله لم يرجح أحدهما بذكر علامة في جسده لان ذلك لا يرجح به في سائر الدعاوي سوى الالتقاط في المال وتضييع نسبه ولهم
قول اخر انه يترك حتى يبلغ وينتسب إلى من شاء وقال أصحاب الرأي يلحق بالمدعيين بمجرد الدعوى لان كل واحد منهما لو انفرد سمعت دعواه فإذا اجتمعا وأمكن العمل
بهما وجب كما لو اقرا له بمال وليس بجيد لان دعواهما تعارضت ولا حجة لواحد منهما فلم يثبت كما لو ادعيا رقه وقول الشافعي انه يحكم به لمن يميل قلبه إليه ليس بشئ لان الميل
القلبي لا ينحصر في القرابة فان المحسن يميل الطبع إليه فان القلوب جبلت على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها وقد يميل إليه لاسائة الآخر إليه وقد يميل إلى
أحسنهما خلقا وأعظمهما قدرا أو جاها أو مالا فلا يبقى للميل اثر في الدلالة على النسب وقول عمر وال أيهما شئت ليس بحجة لأنه انما امره بالموالاة لا بالانتساب وعلى قول
الشافعي انه يلحق بمن ينتسب إليه لو انتسب إلى أحدهما ثم عاد وانتسب إلى الآخر أو نفى نسبه من الأول ولم ينتسب إلى أحد لم يقبل منه لأنه قد ثبت نسبه فلا يقبل رجوعه
والتصديق عندنا معتبر في حق البالغ العاقل فيجئ هذا الحكم عليه مسألة: ولو لم ينتسب اللقيط إلى أحد المدعيين بقى الامر موقوفا على القرعة عندنا والى
279

ان يظهر نسبه بالقافة عند الشافعية أو بالبينة ولو انتسب إلى غير المدعيين وادعاه ذلك الغير ثبت نسبه منه وبه قال الشافعية ولهم وجه اخر انه إن كان الرجوع
إلى انتساب بسبب الحاق القايف بهما جميعا لم يقبل انتسابه إلى غيرهما ولو انتسب إلى أحدهما لفقد القايف ثم وجد القايف قال الشافعي يعرض عليه فان الحقه بالثاني
قدمنا قوله على الانتساب لأنه حجة أو حكم وقال بعضهم يقدم الانتساب على قول القايف وعلى هذا فمهما الحقه القايف بأحدهما فللآخر ان ينازعه ويقول ننتظر حتى
يبلغ فينتسب وهذا كله عندنا باطل إذ لا عبرة بقول القايف في مذهبنا لو خلا عن المعارض فكيف إذا عارضه التصديق وعلى قول الشافعي لو الحقه القايف
بأحدهما ثم أقام الآخر البينة قدمت البينة على قول القايف لان البينة حجة يعتمد عليها في كل خصومة وقول القايف مستنده حدس وتخمين وقال بعض الشافعية
لا ننقض ما حكمنا به ولا نعمل بالبينة مسألة: لو ادعت المراة بنوته ففي الحاقها بالرجل في ثبوت النسب بمجرد الدعوى من غير تصديق ولا بينة
إذا لم يكن معارض قولان لعلمائنا سبقا فان قلنا بمساواتها للرجل لو ادعت امرأتان بنوته وأقامتا بينتين أو لم يكن هناك بينة فالقرعة عندنا كالرجلين
للشافعية في عرضه على القافة وجهان أحدهما المنع لان معرفة الأمومة يقينا بمشاهدة الولادة ممكنة وأصحهما انه يعرض لان قول القايف حجة أو حكم فكان كالبينة
وعلى هذا يبتني تجربة القايف وامتحانه وإذا الحقه القايف باحديهما وهي ذات زوج لحق زوجها أيضا عند الشافعية كما لو قامت البينة ولهم وجه اخر انه لا يلحقه وهو
المعتمد لان قول القايف لا يصلح للالحاق بالمنكر فان القائف لا يلحق المنبوذ بمن لا يدعيه ولا فرق بين ان يكون إحدى الامرأتين مسلمة والاخرى كافرة أو كانتا
كافرتين وروى عن أحمد في يهودية ومسلمة ولدتا فادعت اليهودية ولد المسلمة فتوقف فقيل ترى القافة فقال ما أحسنه ولان الشبه يوجد بينها وبين
ابنها كما يوجد بين الرجل وابنه بل أكثر لاختصاصها بجملة وتعذيبة والكافرة والمسلمة والحرة والأمة في التشابه سواء وقد عرفت بطلان القول بالقافة عندنا
ولو ألحقته القافة بأمين لم يلحق بهما اجماعا عندنا وعند القائلين بالقافة لأنه يعلم خطأه يقينا وقال أصحاب الرأي يلحق بهما بمجرد الدعوى لان الام أحد الأبوين
فجاز ان يلحق بأمين كالاباء وهذا غلط لأنا نعلم يقينا استحالة كونه منهما فلم يجز الحاقه بهما كما لو كان أكبر
منهما أو مثلهما وفرق الشافعية بين الأمين والأبوين لأنه يجوز اجتماع
نطفتي الرجل في رحم امرأة ويمكن ان يخلق منهما ولد كما يخلق من نطفة الرجل وامرأة ولذلك قال القائف لعمر قد اشتركا فيه ولا يلزم من الحاقه بمن يتصور كونه منه الحاقه
بمن يستحيل تكونه منه كما لم يلزم من الحاقه بمن يولد مثله من مثله الحاقه بأصغر منه مسألة: ولو ادعى نسبه رجل وامرأة الحق بهما لأنه لا تنافي بينهما لامكان
ان يكون بينهما نكاح أو وطئ شبهة فيلحق بهما جميعا فيكون ابنهما بمجرد دعواهما كما لو انفرد كل واحد منهما بالدعوى ولو قال الرجل هذا ابني من زوجتي
وادعت زوجته ذلك وادعت امرأة أخرى انه ابنها فهو ابن الرجل وهل ترجح زوجته على الأخرى الأقرب ذلك لان زوجها أبوه فالظاهر أنها امه ولأنها ادعت وحصل
لدعواها قرينة تصديق الرجل إياها بخلاف الأخرى فإنه حصل لدعواها معارضه تكذيب الأب لها ويحتمل تساويهما لان كل واحدة منهما لو انفردت لالتحق بها
فإذا اجتمعتا تساويا ولو ادعت المراة الأخرى انه ابنها من زوجها وادعى الرجل غير الزوج انه ابنه من زوجته غير المدعية أولا وصدق الزوج المراة المدعية والزوجة
الرجل المدعي تعارضت الدعاوى وتساوى المتنازعان مسألة: إذا ادعى بنوته اثنان واحدهما عبد تساويا في الدعوى وبكون الحكم القرعة كالحرين وبه قال
احمد والشافعي على تقدير قبول استلحاق العبد الا انهما يعرضانه على القافة لان كل واحد منهما لو انفرد صحت دعوته فإذا تنازعوا تساووا في الدعوى كالأحرار
المسلمين وان قلنا لا يقبل استلحاق العبد كما ذهب إليه الشافعي في القول الآخر فان الحر يكون أولي من العبد وقال أبو حنيفة الحر أولي من العبد لان على اللقيط
ضررا في الحاقه بالعبد فكان الحاقه بالحر أولي كما لو تنازعا في الحضانة ونمنع الضرر لأنا لم نحكم برقه والنسب لا يشبه الحضانة لأنا نقدم في الحضانة الموسر والحضري ولا
نقدمهما في دعوى النسب مسألة: ولو كان أحد المدعيين مسلما والاخر كافرا تساويا أيضا وحكم بالقرعة عندنا وبالعرض على القافة عند الشافعي واحمد
لاستوائهما في الاستلحاق وجهات النسب وقال أبو حنيفة المسلم أولي من الذمي لما تقدم من لحوق الضرر باللقيط لو ألحقناه بالذمي وهو ممنوع لما تقدم
من انا لا نحكم بكفر اللقيط وان ألحقناه به في النسب وكذا لو كان أحدهما حرا مسلما والاخر عبدا كافرا فإنهما يتساويان عندنا وعند الشافعي واحمد ويقدم المسلم
الحر عند أبي حنيفة ولو كان أحدهما مسلما عبدا والاخر حرا كافرا تساويا عندنا ويتأتى على قول أبي حنيفة ذلك أيضا لما في كل واحد منهما من صفات الأرجحية (الراجحية)
والمرجوحية مسألة: لو اختص أحد المتداعيين باليد فإن كان صاحب اليد هو الملتقط لم يقدم لان اليد لا تدل على النسب نعم لو استحلقه الملتقط أولا وحكمنا
بالنسب ثم أدعاه اخر فالأقوى تقديم الملتقط لأنا أثبتنا نسبه قبل معارضة المدعي وقال الشافعي يعرض مع الثاني على القايف فان نفاه عنه فهو للثاني
وان الحقه به أيضا فقد تعذر العمل بقول القايف فيوقف وأم كان صاحب اليد غير الملتقط فقد حكى الجويني عنه انه كان قد استلحقه حكم بالنسب له ثم إن جاء آخر
وادعى نسبه لم يلتفت إليه لثبوت النسب من الأول معتضدا باليد وتصرف الآباء في الأولاد وان لم يسمع استلحاقه الا بعد ما جاء الثاني واستلحقه ففيه
وجهان أحدهما تقديم صاحب اليد كما يقدم استلحاقه وأشبههما عندهم التساوي لان الغالب من حال الأب ان يذكر نسب ولده ويشهره فإذا لم يفعل صارت يده
كيد الملتقط في أنها لا تدل على النسب مسألة: لو تداعياه اثنان فأقام كل واحد منهما بينة وتعارضتا أقرع بينهما عندنا وقد تقدم دليله وللشافعي
في تعارض البينتين في الاملاك قولان أحدهما التساقط فعلى تقديره يتساقطان هنا وأيضا ويرجع إلى قول القائف أو لا يتساقطان ويرجح أحدهما بقول القائف والثاني
انهما يستعملان إما بالتوقف أو بالقسمة أو بالقرعة على ثلاثة أقوال معروفة بينهم والتوقف لا يمكن هنا لما فيه من الاضرار بالطفل ولا القسمة إذ لا مجال لها في النسب
واما القرعة ففيه وجهان أحدهما انها تجري هنا فيقرع ويقدم من خرجت قرعته والثاني المنع لان القرعة لا يثبت في النسب ولا يعمل به ولو اختص أحدهما باليد لم يرجح بينته
باليد بخلاف الاملاك حيث تقدم فيها بينة ذمي اليد لان اليد تدل على الملك وقال بعض الشافعية لو أقام أحدهما البينة على أنه في يده منذ سنة والثاني على أنه
في يده منذ شهر وتنازعا في نسبة فالتي هي أسبق تاريخا أولي وصاحبها مقدم وهو باطل لان ثبوت اليد لا يقتضي ثبوت النسب ولو فرض تعرض البينتين
لنفس النسب فلا مجال فيه للتقدم والتأخر وان شهدا على الاستلحاق فيبنى على أن الاستلحاق من شخص هل يمنع غيره من الاستلحاق بعده فروع: آ
لو الحقه القايف بأحدهما ثم الحقه بالثاني لم ينتقل إليه فان الاجتهاد لا ينتقض بمثله ب: لو وصف أحد المتداعيين خالا أو اثر جراحة في ظهر أو بعض
أعضائه الباطنة وأصاب لا يقدم جانبه وبه قال الشافعي كما لو وصف أحدهما في الملك المتنازع بينهما وصفا خفيا لم يقدم باعتبار ذلك كذا هنا وقال أبو
حنيفة يقدم ويثبت النسب للواصف وليس بشئ ج: لو تداعياه ثم رجع أحدهما الحق بالآخر عملا بالمقتضى وهي الدعوى السالمة عن معارضة الدعوى الأخرى
280

لبطلانها بالرجوع ولو رجع من وقعت عليه القرعة فكذلك ولو رجع الآخر قبل القرعة أو بعدها فاشكال إما لو قامت لأحدهما بينة بدعواه ثم رجع فإنه لا يقبل رجوعه
وان بقى الآخر على دعواه مسألة: لو تنازع اثنان في التقاط الصبي وولاية الحضانة والتعهد فإن كان قبل اخذهما له أو حال اخذه فقد سبق وان قال كل واحد
منهما انا الذي التقطه والى حفظه فان اختص أحدهما باليد وقال الآخر انه اخذ مني فالقول قول صاحب اليد مع يمينه فإنها تشهد بقوله وان أقام كل منهما بينة
فبينة الخارج مقدمة عندنا كما في دعوى الملك فتقدم بينة الخارج وعند الشافعي تقدم بينة ذي اليد فتقدم هنا أيضا وان لم يختص أحدهما باليد فإن لم
يكن في يد واحد منهما فهو كما لو اخذاه معا وتشاحا في حفظه فيجعله الحاكم عند من يراه منهما أو من غيرهما وإن كان في أيديهما معا فان حلفا معا أو نكلا معا فالحكم
كما لو ازدحما على الاخذ وهما متساويان ومتساويا الحال فان حلف أحدهما دون الآخر خص به سواء كان في يدهما أو لم يكن في يد واحد منهما فلو أقام كل واحد منهما البينة
على ما يدعيه نظر فإن كانت البينتان مطلقتين أو مقيدتين بتاريخ واحد أو إحديهما مطلقة والاخرى مقيدة تعارضتا فان قلنا بالتساقط كما هو أحد قولي
الشافعي فكأنه لا بينة وان قلنا بالاستعمال لم يجئ قول الوقف للشافعية ولا قول القسمة بل قول القرعة كما نذهب نحن إليه فيقرع ويسلم إلى من خرجت قرعته بعد اليمين
وللشافعي في اليمين قولان وان قيدنا بتاريخين مختلفين حكم لمن سبق تاريخه لان الثاني انما اخذ من قد ثبت الحق فيه لغيره بخلاف المال عند الشافعي في أصح
قوليه حيث لا يحكم بسبق التاريخ فيه لأنه قد ينتقل ذلك عن الأسبق إلى الا حدث وليس كذلك الالتقاط فإنه لا ينقل اللقيط عن الملتقط ما دامت الأهلية
باقية فإذا ثبت السبق لزم استمراره قال بعض الشافعية هذا إذا قلنا إن من التقط لقيطا ثم نبذه لم يسقط حقه فان أسقطناه فهو على القولين في الأموال
لأنه ربما نبذه الأول فالتقطه غيره ويتفرع على تقديم البينة المتعرضة للسبق فيما إذا كان اللقيط في يد أحدهما وأقام من في يده البينة وأقام الآخر البينة على أنه كان
في يده انتزعه منه صاحب اليد تقديم بينة مدعي الانتزاع لاثباتها السبق ولو كان أحد المتداعيين من لا يقر يده على اللقيط أقر في يد الآخر ولم يلتفت إلى دعوى
من لا يقر اللقيط في يده بحال ولا إلى بينة مطلقا مسألة: لو ولدت امرأتان ابنا وبنتا فادعت كل واحدة منهما ان الابن ولدها دون البنت فحكمه حكم
المتنازع في الولد لو لم يكن هناك بينة وذلك بان يقرع بينهما ان ألحقنا الولد بالام بمجرد الدعوى وان اعتبرنا التصديق انتظر بلوغه فان صدق إحديهما لحق بها
والا لم يلحق بواحدة منهما وللحنابلة وجهان أحدهما ان يرى المراتان القافة مع الولدين فيلحق كل واحد منهما بمن ألحقته به كما لو لم يكن لهما ولد والثاني ان يعرض لبنهما
على أهل الطب والمعرفة فان لبن الذكر يخالف لبن الأنثى في الطبع والوزن فقد قيل إن لبن الذكر ثقيل ولبن الأنثى خفيف فيعتبر ان بطباعهما ووزنهما وما يختلفان به عند أهل
المعرفة فمن كان لبنها لبن الابن فهو لها والبنت للأخرى ولو كان الولدان ذكرين أو انثيين أقرع عندنا واعرضا على القافة عند العامة وقد روي عن أمير المؤمنين (ع)
في قضاياه ان امرأتين تداعيا ولدا وان كل واحدة منهما ادعت انها امه فوعظهما عليه السلام فلم يرجعا فامر قنبرا باحضار منشار فقالتا له (ع) ما تصنع بالمنشار
يا أمير المؤمنين فقال (ع) انشره بنصفين فاعطي كل واحدة منكما نصفه فرضيت إحديهما وبكت الأخرى وقالت يا أمير المؤمنين إذا كان الحال كذلك سلمه إليها فحكم
لها به مسألة: لو ادعى اللقيط رجلان فقال أحدهما هذا ابني وقال الآخر انه بنتي نظر فإن كان ابنا فهو لمدعيه وإن كانت بنتا فهي لمدعيها لان كل واحدة لا يستحق غير ما أدعاه ولو ظهر خنثى مشكلا أقرع بينهما ان لم يكن بينة ولو أقام كل
منهما بينة بما أدعاه فالحكم فيه كالحكم فيما لو انفرد كل واحد منهما بالدعوى وعند احمد يرى القافة مع عدم البينة وهو قول الشافعي لعدم أولوية تقديم قول
أحدهما على الآخر لتساويهما في الدعوى مسألة: لو وطى رجلان امرأة واحدة في طهر واحد فان كانا زانيين فلا حرمة لمائهما ولا يلتحق الولد بأحدهما وإن كان
أحدهما زانيا فالولد للاخر لقوله (ص) الولد للفراش وللعاهر الحجر ولو لم يكونا زانيين بان يطائا جارية مشتركة بينهما في طهر واحد أو يطي رجل امرأة أخرى لشبهة في
طهر وطيئها زوجها فيه أو وطئ جارية الآخر بشبهة انها زوجته أو أمته في طهر وطيها سيدها فيه بان يجدها على فراشه فيظنها زوجته أو أمته أو يدعو زوجته أو أمته
في ظلمة فتجيبه زوجة الآخر أو جاريته أو يتزوجها كل منهما تزويجا فاسدا ولا يعرفان فساده أو يكون نكاح أحدهما صحيحا ونكاح الآخر فاسدا بان يقع في العدة ولم يعلم فان
الحكم فيه عندنا بالقرعة لأنه أمر مشكل وعند الشافعية واحمد يعرض على القافة البحث الرابع: في رق اللقيط وحريته اللقيط إما ان يقر على نفسه بالرق
في وقت اعتبار الاقرار أو لا يقر على التقدير الثاني فاما ان يدعى رقه مدع أو لا يدعيه أحد فان أدعاه فاما ان يقيم عليه بينة أو لا يقيم فالأقسام أربعة القسم
الأول: ان لا يقر ولا يدعي رقه أحد فهو على أصالة الحرية لان الآدمي خلق لتسخير غيره لا لتسخيره غيره ولان الأغلب على الناس الحرية فالحاقه بالأغلب أولي وأيضا الأحرار؟ هم
أهل الدار والأرقا؟ مجلوبون إليها ليسوا من أهلها فكما نحكم بالاسلام بظاهر الدار نحكم بالحرية وبعض الشافعية لا يجزم بالاسلام ويذهب إلى الاستتباع وذلك
التردد يجري في الحرية عنده بل هو أولي بالتردد من الاسلام لقوة الاسلام واقتضاءه الاستتباع ولذلك يتبع الولد اي الأبوين كان في الاسلام دون الحرية
ويتبع السابي في الاسلام عند جماعة دون الحرية ثم فصل فقال نجزم بالحرية ما لم ينته الامر إلى التزام الغير شيئا فإذا انتهى إليه ترددنا ما لم يعترف الملتزم بحريته فيخرج من
ذلك انا نحكم له بالملك فيما يصادفه منه جزما وإذا أتلفه عليه متلف أخذنا العوض منه وصرفناه إليه لان المال المعصوم مضمون على المتلف فليس اخذ الضمان والعوض بسبب الحرية حتى تقع التردد فيه فان أخذناه فلا غرض للمتلف في أن يصرفه إلى
اللقيط لولا يصرفه ويكون ميراثه لبيت المال وأرش جنايته فيه وعندنا للامام وإذا قتل اللقيط ففي القصاص للشافعية وجهان تقدما فمن لا يجزم بحريته
واسلامه لا يوجب القصاص على الحر المسلم بقتله ويوجبه على الرقيق الكافر ومن يجزم بالحرية والاسلام من الشافعية يخرج وجوب القصاص بكل حال على قولين بناء
على أنه ليس له وارث معين وإذا قتل خطأ فالواجب الدية في أظهر الوجهين اخذا بظاهر الحرية وأقل الامرين من الدية أو القيمة في الثاني بناء على أن الحرية
غير متيقنة فلا يؤخذ الجاني بما لا يتيقن شغل ذمته به وقال الجويني قياس هذا ان يوجب له الأقل من قيمة عبد أو دية مجوسي لامكان الحمل على التمجس مسألة
قد بينا ان اللقيط ان التقط في دار الاسلام كان حرا بناء على الدار فإنها دار الاسلام والأصل فيه الحرية وهو قول عامة أهل العلم الا النخعي قال ابن المنذر
أجمع عوام أهل العلم على أن اللقيط حر روينا ذلك عن علي (ع) وعمر بن الخطاب وبه قال عمر بن عبد العزيز والشعبي والحكم وحماد ومالك والثوري والشافعي
واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي ومن تبعهم للأصل فان الله تعالى خلق ادم (ع) وذريته أحرارا وانما الرق لعارض فإذا لم يعلم ذلك العارض فله حكم الأصل وقال
النخعي ان التقطه الملتقط للحسبة فهو حر وإن كان بغرم انه يسترقه فذلك له وهو قول شاذ لم يصر إليه أحد من العلماء ولا يصح في النظر لأصالة الحرية فان التقط في
دار الحرب ولا مسلم فيها قال علمائنا أنه يكون رقا والأقرب عندي الحكم بحريته عملا بالأصل لكن يتجدد الرقية عليه بالاستيلاء عليه لأنه كافر تبعا للدار الخالية من مسلم
واحد مسألة: لو قذف أحد اللقيط فإن كان اللقيط صغيرا عزر وإن كان بالغا فان اعترف القاذف بحريته حد قطعا وان ادعى رقه فان صدقه اللقيط
281

سقط الحد ووجب التعزير لأنه الواجب في قذف العبيد لان المستحق أقر بسقوط الحد وان كذبه اللقيط وقال اني حر فالقول قوله لأنه محكوم بحريته فقوله موافق للظاهر
وأوجبنا له القصاص على الحر بناء على الظاهر والأمور الشرعية منوطة بالظاهر فيثبت الحد كثبوت القصاص وهو أحد قولي الشيخ (ره) وقال في الآخر لا يحد بل يعزر
لان الحكم بالحرية غير معلوم بل هو بالبناء على الظاهر وهو محتمل للنقيض فيحصل الاشتباه الموجب لسقوط الحد فان الحد يدرء بالشبهات بخلاف القصاص
لو ادعى الجاني انه عبد لان القصاص ليس بحد وانما وجب حقنا للآدمي وأصح قولي الشافعية عندهم الأول لان
الأصل الحرية فيحد القاذف الا ان يقيم بينة
على الرق وهو قول المزني والثاني أصالة البراءة وتصديق قول القاذف لاحتمال ان يكون رقيقا فلا يقطع بثبوت حق في الذمة بأمر محتمل وقطع بعض
الشافعية بالقول الأول لأنه محكوم بحريته بظاهر الدار وحمل القول الثاني على مجهول لم يعلم حريته بالدار مسألة: لو قطع حر طرفه وادعى رقه وادعى اللقيط
الحرية اقتص من الجاني وصدق اللقيط للأصل وللشافعية طريقان أحدهما اجراء القولين تخريجا لقول المنع من القصاص مما ذكر في اللعان فان الشافعي قال فيه
انه يحكم بقول القاذف انه رق لا بدعواه الحرية والاخر منصوص والثاني القطع بالوجوب وقد فرق القائلون بأمرين آ: بتصديق القاذف بان المقصود من الحد الزجر وفي
التعزير الذي يعدل إليه من الحد ما يحصل بعض هذا الغرض والمقصود من القصاص التشفي والمقابلة وليس في المال المعدول إليه من الحد ما يحصل هذا الغرض وهو ممنوع
لان بعض غرض التشفي يحصل بالاضرار له في اخذ ماله ب: ان التعزير الذي يعدل إليه متيقن لأنه بعض الحد فالعدول إليه عدول من ظاهر أو مشكوك إلى متيقن
وإذا أسقطنا القصاص عدلنا إلى نصف الدية أو القيمة وذلك مشكوك فيه لان الحرية شرط وجوب الدية والرق شرط القيمة فكان ذلك عدولا من ظاهر أو مشكوك فيه
إلى غير مشكوك فيه ولان حد القذف أقرب سقوطا بالشبهة من القصاص فلذلك افترقا مسألة: لو قذف اللقيط محصنا واعترف بأنه حر حد حد الأحرار
عملا بمقتضى اقراره وان ادعى انه رقيق وصدقه المقذوف حد حد العبيد وان كذبه فالأقرب وجوب الثمانين عليه عملا بأصالة الحرية وللشافعي قولان في أنه
يحد حد العبيد أو حد الأحرار وبنى أصحابه للأول على قبول اقراره مطلقا والثاني على أنه انما يقبل فيما يضره لا فيما ينفعه وهما على القولين فيما إذا ادعى قاذف على اللقيط
رقه ان صدقناه صدقنا اللقيط هنا والا فلا ولبعضهم وجه اخر انه ان أقر لمعين قبل اقراره وحد حد العبيد وان لم يعين حد حد الأحرار إذا عرفت هذا فقد
حصل للشافعية ثلاثة أوجه فيقال ان لم توجب الدية في قتله فالقصاص أولي وان أوجبناها في القصاص وجهان لسقوطه بالشبهة فثالث الوجوه وجوب
الدية دون القصاص القسم الثاني: ان يدعي رق اللقيط ولا بينة ولنقدم عليه مقدمة وهي ان كل من ادعى رقية صغير في يده ولا يعلم حريته فان تسمع
دعواه لامكانها إذا كانت غير اليد التي عرفنا استنادها إلى الالتقاط المنبوذ فإن كانت اليد هي يد اللقطة لم يحكم برقه وكان الحكم الأصل فيه الحرية وهو أصح
قولي الشافعي ويحتاج الملتقط في دعوى الرقية إلى البينة لأصالة الحرية فلا يخالف بمجرد الدعوى والثاني للشافعي انه يقبل قول الملتقط ويحكم له بالرق كما في يد
غير الالتقاط وكما لو التقط مالا وادعى انه لا منازع له فيه فإنه يقبل قوله ويصح شراؤه منه والفرق ظاهر فان اليد إذا كانت عن الالتقاط يعرف حدوثها لا بسبب الملك
لما بينا من أصالة الحرية ولم تظهر يد تدل على خلافها واما يد غير اللقطة فإنها تقضي بالملكية لأن الظاهر أن من في يده شئ وهو متصرف فيه تصرف السادات
في العبيد فإنه ملكه ولم يعرف حدوثها بسبب لا يقتضي الملك واما المال الملقوط فإنه يحكم للملتقط به إذا ادعى ملكيته لان المال في نفسه مملوك وليس في دعوى ملكيته
اخراج له عن صفة المال واما اللقيط فإنه حر ظاهرا وفي دعواه تغيير هذه الصفة فافترقا فلا يجوز القياس وإن كانت اليد
غير يد اللقطة حكم لصاحبها بالرق إذا أدعاه بناء على الظاهر الذي سبق ولا فرق بين ان يكون الصبي مميزا أو غير مميز ولا بين ان يكون مقرا أو منكرا إذ لا عبرة بكلام الصبي
ولا باقراره ولا بانكاره وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه إن كان مميزا منكرا افتقر مدعي رقيته إلى بينة لان لكلامه حكما واعتبارا في الجملة قال بعض الشافعية الوجهان
مبنيان على الوجهين في المولود إذا أدعاه اثنان ولا قائف هل يؤمر بالانتساب السن التمييز أم ينتظر إلى أن يبلغ وفي ان الخنثى المشكل هل يراجع بسن التمييز أم ينتظر
إلى أن يبلغ ثم يحلف المدعي والحالة هذه لخطر شأن الحرية وهل التحليف واجب أو مستحب للشافعية قولان ويحكى الوجوب عن نص الشافعي مسألة: لو بلغ الصبي وقال
انا حر (صغير) فإن كان المدعي الملتقط فالقول قوله مع اليمين لأصالة الحرية فيه وإن كان مدعي رقه غير الملتقط وهو صاحب يد وحكمنا له بالرقية أولا كان القول قول المدعي
ولا يقبل قول الصغير الا ان يقيم بينة على الحرية لأنا قد حكمنا برقه في حال الصغر فلا يرفع ذلك الحكم الا بحجة لكن له تحليف المدعي وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه
يقبل قوله الا ان يقيم مدعي الرق بينة على رقه لان الحكم بالرق انما جرى حين لا قول له ولا منازعة فإذا صار معتبر القول فلا بد من اقراره أو البينة عليه كما لو ادعى
مدع رق بالغ وهما كالوجهين فيما إذا التحق صغيرا فبلغ وأنكر والوجهان في المسئلتين مبنيان على القولين فيمن حكم باسلامه بأحد أبويه أو بالسابي ثم بلغ واعرب بالكفر
يجعل مرتدا أو كافرا أصليا ويقال انه الان صار من أهل القول فيرجع إلى قوله ولا ينظر إلى ما حكمنا به من قبل مسألة: لو ادعى رق اللقيط أو غيره من الصغار
المجهولي النسب مدع ولا يد له عليه لم يقبل دعواه الا بالبينة لأن الظاهر الحرية فلا يترك الا بحجة إما لو ادعى نسبه فإنه يقبل وان لم يكن له عليه يد إذا لم يدعه أحد والفرق
ان في دعوى النسب وقبولها مصلحة للطفل واثبات حق له وهنا في القبول اضرار به واثبات رقه عليه لأنه لا نسب له في الظاهر فليس في قبول قول المدعي ترك أمر ظاهر
والحرية محكوم بها ظاهرا ولو كان له عليه يد فادعى رقيته فقد بينا انه يحكم له بها إذا لم يكن ملتقطا على الخلاف فان بلغ الصغير وأقر بالرق لغير صاحب اليد لم يقبل
وان رأى صغيرا في يد انسان يأمره وينهاه ويستخدمه هل له ان يشهد بالملك للشافعية وجهان وقال بعضهم ان سمعه يقول هو عبدي أو سمع الناس يقولون إنه
عبد شهد بالملك والا فلا ولو كانت صغيرة في يد انسان فادعى نكاحها فبلغت وأنكرت قبل قولها واحتاج المدعي إلى البينة ولا يحكم في الصغر بالنكاح وهو
أصح وجهي الشافعية والفرق بينه وبين الملك ان اليد في الجملة دالة على الملك ويجوز ان تولد المولود وهو مملوك ولا يجوز ان تولد وهي منكوحة فالنكاح طاري
بكل حال فافتقر إلى البينة والثاني لهم انه يحكم بالزوجية قبل البلوغ القسم الثالث ان يقيم مدعي رقه بينة إذا ادعى مدع رق الصغير الملقوط أو المجهول
نسبه وأقام بينة فلا يخلو إما ان تشهد البينة باليد أو بالملك أو بالولادة فان شهدت بالملك أو اليد لم يقبل فيه الا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وان شهدت
بالولادة قبلت شهادة المراة الواحدة أو الرجل الواحد لأنه مما لا يطلع عليه الرجال وحيث يحتاج مدعي الرق إلى البينة فالأقرب سماع الشهادة بالملك مطلقا
أو الرق مطلقا والاكتفاء بهذه الشهادة في ثبوت الملك المطلق والرقية المطلقة كما لو شهدت البينة على الملك في دار أو دابة وشبههما فإنه يكفي الاطلاق كذا هنا
وهو أحد قولي الشافعي واختاره المزني وذكره الشافعي في الدعاوي والبينات وفي القديم والثاني وهو الذي ذكره في كتاب اللقيط انه لا يكتفي بها لأنا لا نأمن ان
282

يكون قد اعتمد الشاهد على ظاهر اليد ويكون اليد يد التقاط وإذا احتمل ذلك واللقيط محكوم بحريته بظاهر الدار فلا يزال ذلك الظاهر الا عن تحقيق ويخالف ساير الأموال
لان أمر الرق خطير وليس بجيد لان قيام البينة على مطلق الملك ليس بأقل من دعوى غير الملتقط رقية الصغير في يده فإذا اكتفينا به جاز ان يكتفى بالبينة على الملك المطلق وللشافعية قول ثالث انه لا يقبل من الملتقط البينة على الملك
المطلق أو الرقية المطلقة ويقبل من غيره لسقوط الخيال الذي قيل في الملتقط من جواز استناد البينة إلى يد اللقطة مسألة: ولو شهدت البينة باليد عقيب
ادعائه الرقية فإن كانت يد الملتقط لم يثبت بها ملكه لأنا عرفنا سبب يده ولانا لو شاهدناه تحت يده وهو ملتقط وادعى رقيته لم يثبت فكيف إذا شهد له بيد
الالتقاط إما لو كانت يد أجنبي فإنه يحكم له باليد والقول قوله مع يمينه في الملك وان شهدت له البينة بالولادة فان شهدت له ان مملوكته ولدته أو انه ابن مملوكته
فان ضمت إلى ذلك انها ولدته مملوكا له أو انها ولدته في ملكه حكم له بالملك قطعا وان اقتصرت البينة على أن مملوكته ولدته أو انه ابن مملوكته ولم يضم إليه شيئا
فالأقرب الاكتفاء بذلك إذ الغرض بذلك العلم بان شهادتهم لم تستند إلى ظاهر اليد وقد حصل هذا الغرض ولان الغالب ان ولد أمته ملكه وهو أظهر قولي الشافعي
والثاني عدم الاكتفاء لأنه قد يكون ابن مملوكته ولا يكون مملوكا له كما لو اشترى جارية كانت قد ولدت في ملك غيره أولادا له له أو ولدت في ملكه ولدا يكون ملكا لغيره إما
بان يشترطه مولى الأب أو لم يكن مولاه قد اذن له في النكاح وقد تلد حرا بالشبهة والغرور وقد يكون الولد مملوكا لغيره بالوصية بان يوصي لزيد بما تلد أمته ثم مات
فالمملوكة للورثة والولد للموصي له وهو كثير النظاير مسألة: إذا لم يكتف بالبينة المطلقة فلابد للمشهود من تعرضهم لسبب الملك من الإرث أو الشراء أو الاتهاب
ونحوه فلو شهدت البينة بان أمته ولدته في ملكه فالأقرب على هذا القول عدم الاكتفاء لأنه قد تلد أمته في ملكه حرا أو مملوكا للغير على ما تقدم وهو أظهر
قولي الشافعي والثاني الاكتفاء بهذا هذا على تقدير عود قوله في ملكه إلى المولود لا إلى الولادة ولا إلى الوالدة وحينئذ فلا فرق بينه وبين قوله ولدته مملوكا له ويكون قوله
في ملكه بمثابة قول القايل ولدته في مشيمته وعلى القولين يقبل هذه الشهادة من رجل وامرأتين لان الغرض اثبات الملك ولو اكتفينا بالشهادة على أنه ولدته أمته
فيقبل فيه أربع نساء أيضا لأنها؟ شهادة على الولادة ثم يثبت الملك في ضمنها كما يثبت النسب في ضمن الشهادة على الولادة وذكر الملك لا يمنع من ثبوت الولادة ثم يثبت
الملك ضمنا لا بتصريحهن مسألة: قد بينا انه لو شهدت البينة المدعي الرق باليد فإن كان المدعي الملتقط لم يحكم له وإن كان غيره حكم وللشافعي في الحكم
للغير قولان ولو أقام الغير المدعي البينة على أنه كان في يده قبل ان التقطه الملتقط قبلت بينة وثبتت يده ثم يصدق في دعوى الرق لان صاحب اليد على الصغير إذا
لم يعرف ان يده عن التقاط يصدق في دعوى الرق ولو أقام الملتقط بينة على أنه
كان في يده قبل ان التقط فالأقوى الحكم له بدعوى الرقية له لما تقدم وانضمام الالتقاط لا ينافي دعواه ولا ينافي يده أولا وللشافعي قولان هذا أحدهما
والثاني انه لا تسمع دعوى الملتقط في رقه ولا بينته حتى يقيم البينة على سبب الملك لأنه إذا اعترف بأنه التقطه فكأنه أقر بالحرية ظاهرا فلا تزال الا عن تحقيق وليس
بشئ القسم الرابع: ان يقر اللقيط على نفسه بالرق وانما نحكم عليه باقراره لو كان بالغا عاقلا فإذا أقر اللقيط أو غيره من البالغين العقلاء الذين
لا تعرف حريتهم ولا ادعاها أحدهم أولا انه مملوك حكم عليه بمقتضى اقراره لقوله عليه السلم اقرار العقلاء على أنفسهم جايز فان كذبه المقر له لم يثبت الرق عند الشيخ
وبه قال الشافعي ويحتمل ثبوت الرقية المجهولة المالك فان عاد المقر له فصدقه لم يلتفت إليه عند الشيخ والشافعي لأنه لما كذبه ثبتت حريته بالأصل فلا يعود رقيقا
والملازمة الأولى ممنوعة لما بيناه من ثبوت الرقية المطلقة فمن ادعاها حكم له بها إذ لا فرق بين العبد والمال في ذلك هذا إذا لم يسبق من اللقيط ما ينافي اقراره وللشافعي
قول اخر انه لا يقبل اقراره وان صدقه المقر له لأنه محكوم بحريته بالدار فلا ينقض كما أن المحكوم باسلامه بظاهر الدار إذا اعرب بالكفر لا ينقض ما حكم به في قول بل
يجعل مرتدا وليس بشئ لان الحكم بحريته انما هو ظاهر وظاهر اقراره أقوي من ظاهرية الدار لأنه كالبينة بل أقوى وانما لم يحكم بالكفر إذا اعرب به احتفاظا (احتياطا للدين)
بالدين مسألة: لو أقر اللقيط بعد بلوغه ورشده بأنه حر ثم أقر بالعبودية لم يقبل لأنه بالاقرار الأول التزم احكام الأحرار في العبادات وغيرها فلم يملك
اسقاطها ولان الحكم بالحرية بظاهر الدار قد تأكد باعرابه عن نفسه فلا يقبل منه ما يناقضه كما لو بلغ واعرب عن نفسه بالاسلام ثم وصف الكفر لا يقبل ويجعل مرتدا
ولأنه اعترف بالحرية وهي حق لله تعالى فلا يقبل رجوعه في ابطالها وبه قال الشافعي واحمد وقطع بعض الشافعية بالقبول تشبيها بما إذا أنكرت المراة الرجعة ثم أقرت
ولأنه لو قال هذا ملكي ثم أقر به لغيره يقبل مسألة: إذا ادعى رجل رقية اللقيط بعد بلوغه كلف اجابته فان أنكر ولا بينة للمدعي لم يقبل دعواه وكان
القول قول اللقيط مع يمينه وإن كان له بينة حكم بها فإن لم يكذبه بل صدق اللقيط المدعي لرقه حكم عليه بمقتضى اقراره على ما تقدم وبه قال أصحاب الرأي لأنه
مجهول الحال أقر بالرق فقبل كما لو تقدم رجلان من دار الحرب فاقر أحدهما للاخر بالرق وكما لو أقر بقصاص أو حد فإنه يقبل وان تضمن ذلك فوات نفسه وقال
ابن المنذر وأبو القاسم والشافعي في أحد الوجهين واحمد لا يقبل اقراره لأنه مبطل به حق الله تعالى في الحرية المحكوم بها فلم يصح كما لو كان قد أقر قبل ذلك بالحرية ولأنه
حال الطفولية لا يعلم رقه ولم يتجدد له رق بعد التقاطه فكان اقراره بالرقية باطلا وقد سبق الجواب مسألة: لو أقر بعد بلوغه ورشده بالرق لزيد فكذبه
زيد فاقر لعمرو حكم عليه بالرقية لعمرو كما لو أقر بمال لزيد فكذبه زيد فاقر لعمرو به ولان احتمال الصدق في الثاني قايم فوجب قبوله وهو قول بعض الشافعية والمنصوص لهم عن الشافعي المنع
لان اقراره الأول تضمن الملك لغيره فإذا رد المقر له خرج عن كونه مملوكا له أيضا فصار حرا بالأصل والحرية مظنة حقوق الله تعالى والعبادة فلا سبيل إلى ابطالها بالاقرار
الثاني وليس بجيد لان اقراره الأول تضمن الشيئين الرقية المطلقة واسنادها إلى زيد ولا يلزم من ابطال الثاني ابطال الأول وإذا حكم عليه بالرقية المطلقة
قبل اضافتها إلى عمرو كما يقول في المال فان ما ذكره بعينه آت فيه ولا مخلص الا ما قلناه مسألة: إذا بلغ اللقيط رشيدا ووجد منه بعد تصرفات يستدعي
نفوذها الحرية كالبيع والنكاح وغيرهما ثم أقر على نفسه بأنه رق فان قامت البينة برقه نقضت تصرفاته لأنه قد
ظهر فسادها حيث تصرف بغير اذن سيده وان لم
يكن بينة لكن أقر فإن كان قد اعترف قبل الاقرار بالرقية بأنه حر لم يقبل اقراره بالرقية وقالت الشافعية ان قلنا إنه لا يقبل اقراره بالرقية لو لم يدع الحرية أولا فاقراره بالرق هنا لاغ مطرح بل هو أولي
بالابطال نعم لو نكح ثم أقر بالرق فاقراره اعتراف بأنها محرمة عليه فلا يمكن القول بحلها وان قلنا بالقبول هناك ولا اقرار قبله ولا تصرف فقولان الا انه لو ثبت
الرق بالبينة والحالة هذه نقضت التصرفات المبينة على الحرية وتجعل صادرة من عبد لم يأذن له السيد ويسترد ما دفع إليه من الزكاة والميراث وما أنفق عليه
من بيت المال ويباع رقيته فيها وان لم تكن بينة بل اقرار لا غير الزم بما لزمه قبل اقراره وفي الزامه بالرق للشافعي قولان ولأصحابه فيما ذكره طريقان أحدهما
ان في قبول أصل الاقرار قولين عدم القبول لأنه محكوم بحريته بظاهر الدار وثبوته لان ذلك الحكم كان بناء على الظاهر فيجوز ان يغير بالاقرار كما أن من حكم باسلامه
283

بظاهر الدار فبلغ واعترف بالكفر يجعل كافرا أصليا على الأصح وأصحهما عندهم قبول أصل الاقرار وثبوت احكام الارقاق مطلقا وتخصيص القولين باحكام التصرفات
السابقة واحد القولين القبول في احكامها أيضا سواء كان مما يتضرر به أو ينتفع ويضر غيره لأنه لا تهمة فيه إذ الانسان لا يرق نفسه لالحاق ضرر جرى بالغير ولان تلك الأحكام
فروع الرق فإذا قبلنا اقراره في الرق الذي هو الأصل وجب القبول في احكامه التي هي فروع له وأصحهما المنع في الاحكام التي تضر بغيره وتخصيص القبول
بالأحكام التي تضر به كما لو أقر بمال على نفسه وعلى غيره فإنه يقبل عليه ولا يقبل على غيره وبهذا قال أبو حنيفة وعن أحمد روايتان كالقولين قال بعض الشافعية
وهذان القولان مع القبول في أصل الرق كما نقول فيما إذا أقر العبد بسرقة يوجب القطع والمال في يده يقبل اقراره في القطع وفي المال خلاف وأصحاب هذه
الطريقة قالوا قول الشافعي في الزامه الرق قولان معناه في الزامه احكام الرق ففي قول يلزمه الكل وفي قول تفصيل على ما يأتي قالوا واما قوله ما لزمه قبل الاقرار
ففي بعض الشروح تفسيره بالأحكام التي يلزم الأحرار والعبيد جميعا وقال بعض الشافعية لا أسقط بهذا الاقرار ما لزمه قبله من حقوق الآدميين وطرد
بعض الشافعية قول التفصيل بين ما يضره وبين ما يضر بغيره في المستقبل أيضا فخرج من ذلك ثلاثة أقوال أحدها القبول في احكام الرق كلها ماضيا ومستقبلا
والثاني تخصيص القبول بما يضر به والمنع فيما عداه ماضيا ومستقبلا والثالث تخصيص المنع بما يضر بغيره فيما مضى والقبول فيما عداه والأقوال الثلاثة
متفقة على القبول فيما عليه ويتفرع على الخلال مسائل نذكرها الان بعون الله تعالى مسألة: إذا بلغ اللقيط وكان أنثى ثم عقدت على نفسها عقد النكاح
ثم أقرت بالرق فعلى ما اخترناه من القبول مطلقا فهذه جارية نكحت بغير اذن سيدها فالنكاح صحيح في حق الزوج لأنه لا يبطل حقه بمجرد اقرارها ويكون فاسدا
بالنسبة إليها فإن كان قبل الدخول فلا شئ على الزوج لاقرارها بفساد نكاحها وانها أمة تزوجت بغير اذن سيدها والنكاح الفاسد لا يجب المهر
فيه الا بالدخول وإن كان اقرارها بعد الدخول بها لم يسقط مهرها وكان عليه الأقل من المسمى أو مهر المثل وبه قال بعض الشافعية لان المسمى إن كان أقل فالزوج
ينكر وجوب الزيادة وقولها غير مقبول في حقه وإن كان الأقل مهر المثل فهي وسيدها يقران بفساد النكاح وان الواجب مهر المثل فلا يجب أكثر منه وقال بعض الشافعية
ان قلنا يقبل اقرارها فيما يضر بالغير يجب مهر المثل للمقر له فإن كان قد سلم إليها المهر استرده إن كان باقيا والا رجع عليها بعد العتق وعن أحمد روايتان
إحديهما كما قلناه أولا والثانية وجوب المسمى لان النكاح الفاسد يجب فيه المسمى قل أو كثر لاعتراف الزوج بوجوبه واما الأولاد فإنهم أحرار لان الزوج ظن
الحرية ولا يثبت الرق في حق أولادها باقرارها وهل يجب قيمتهم على الزوج الأقرب العدم وبه قال احمد وبعض الشافعية لأنه لو وجب لوجب بقولها
ولا يجب بقولها حق على غيرها وقال بعض الشافعية بناء على قبول قولها فيما يضر بالغير يجب على الزوج قيمتهم للمقر له ويرجع عليها بالقيمة إن كانت هي التي
غرته وفي الرجوع بالمهر للشافعية قولان وهل تعتد عدة الإماء بناء على هذا القول الاظهر عندهم ذلك لان عدة الأمة بعقد النكاح الصحيح قران ونكاح الشبهة في
المحرمات كالنكاح الصحيح والثاني انه لا عدة عليها إذ لا نكاح ولكن تستبرء بقرء واحد لمكان الوطي قال الجويني ويجب طرد هذا التردد في كل نكاح شبهة على أمة
مسألة: إذا قلنا لا يقبل اقرارها فيما يضر بالغير لم يحكم بانفساخ النكاح بل يطرد كما كان قال الجويني ولا فرق بين الماضي والمستقبل هنا سواء فرقنا بين الماضي والمستقبل أو لم نفرق فكانا نجعل
النكاح في حكم المستوفي المقبوض فيما تقدم وعلى هذه القاعدة بينا ان الحر إذا وجد الطول بعد نكاح الأمة لم يقض بارتفاع النكاح بينهما واستدرك بعض الشافعية
فقال إن كان الزوج ممن لا يجوز له نكاح الإماء فيحكم بانفساخ النكاح لان الأولاد الذين يلدهم في المستقبل أرقاء فليس له الثبات عليه ومنع بعضهم من انفساخ
النكاح لان شروط نكاح الأمة لا يعتبر في استدامة العقد وانما يعتبر في ابتدائه وأطلق أصحاب الشافعي ان للزوج خيار فسخ النكاح لان حقه ناقص لحكمنا بالرق في الحال
والمستقبل وقال بعضهم هذا مفروض فيما إذا انكحها في الابتداء على انها حرة فان توهم الحرية ولم يجر شرطها فخلاف بينهم يذكر في موضعه مسألة: إذا قلنا
لا يقبل الاقرار فيما يضر بالغير فحكم المهر لو أقرت بالرق وأثبتنا للزوج الخيار ففسخ النكاح قبل الدخول فلا شئ عليه لظهور فساد العقد وإن كان بعده فعليه أقل الأمرين
من المسمى ومهر المثل لان المسمى إن كان أقل لم يقبل اقرارها في الزيادة عليه وإن كان مهر المثل أقل فالمقر له لا يدعي أكثر منه وان أجاز قال بعض الشافعية عليه
المسمى فان طلقها بعد الإجازة وقبل الدخول فعليه نصف المسمى ويشكل بان المقر له يزعم فساد العقد فإذا لم يكن دخول وجب ان لا يطالبه بشئ فإن كان الزوج قد دفع
الصداق إليها لم يطالب به مرة ثانية واما الأولاد منها فالذين حصلوا قبل الاقرار أحرار ولا يجب على الزوج قيمتهم لان قولها غير مقبول في الزامه واما الحادثون
بعده فهم أرقاء لأنه وطيها على علم بأنها أمة قال الجويني هذا ظاهر فيما إذا قبلنا الاقرار فيما يضر بالغير في المستقبل إما إذا لم نقبل فيه ماضيا ومستقبلا فيحتمل
ان يقال بحريتهم صيانة لحق الزوج فان الأولاد من مقاصد النكاح كما انا أدمنا النكاح صيانة لحقه في الوطي وسائر المقاصد ويحتمل عند الشافعية القول برقهم
لان العلوق أمر موهوم فلا يجعل مستحقا بالنكاح بخلاف الوطي وترددوا أيضا في انا إذا أدمنا النكاح نسلمها إلى الزوج تسليم الإماء أو تسليم الحرائر ولا نبالي
بتعطيل المنافع على المقر له والظاهر الثاني والا لعظم الضرر على الزوج واختلفت مقاصد النكاح ويخالف أمر الولد لما ذكرنا انه موهوم واما العدة فإن كانت
عدة الطلاق الرجعي نظر ان طلقها ثم أقرت فعليها ثلاثة اقراء وله الرجعة فيها جميعا لأنه قد ثبت ذلك بالطلاق فليس له اسقاطه بالاقرار وان أقرت ثم طلقها
فوجهان للشافعية أصحهما وهو الذي عول عليه أكثرهم ان الجواب كذلك لان النكاح أثبت له حق المراجعة في ثلاثة اقراء والثاني انها تعتد بقرئين عدة الإماء
لأنه أمر متعلق بالمستقبل فأشبه ارقاق الأولاد وإن كان الطلاق باينا فاصح الوجهين عندهم فيه كالحكم في الطلاق الرجعي لأن العدة فيهما لا تختلف والثاني
انها تعتد عدة الإماء على الاطلاق لأنها محكوم برقها وليس للزوج عوض المراجعة واما عدة الوفاة فإنها تعتد بشهرين وخمسة أيام عدة الإماء نص عليه الشافعي
ولا فرق بين ان تقر قبل موت الزوج أو بعده في العدة والفرق بين عدة الوفاة وعدة الطلاق ان عدة الطلاق حق الزوج وانما وجبت صيانة لمائه الا ترى انها لا
تجب قبل الدخول وعدة الوفاة حق الله تعالى الا ترى انها تجب قبل الدخول فقبول قولها في انتفاض عدة الوفاة لا يلحق ضررا بالغير وللشافعية وجه اخر انه لا يجب عليها
عدة الوفاة أيضا لأنها تزعم بطلاق النكاح من أصله وقد مات الزوج فلا معنى لمراعاة جانبه بخلاف عدة الطلاق وعلى هذا ان جرى دخول فعليها الاستبراء
وهل هو بقرء واحد أو بقرئين على ما سبق في التفريع على القول الأول وان لم يجر دخول احتمل انها تستبرء بقرء واحد كما إذا استبرئت من امرأة أو مجبوب
والثاني انه لا استبراء أصلا لأنا كنا نحكم بالنكاح لحق الزوج وقد انقطع كل حقوقه وهي والمقر له يقولان لا نكاح ولا دخول في؟ الاستبراء مسألة: لو كان اللقيط
ذكرا فبلغ ونكح ثم أقر بالرق فان قبلنا اقراره مطلقا قلنا هذا نكاح فاسد لأنه عبد نكح بغير اذن سيده فيفرق بينهما ولا مهر عليه ان لم يكن قد دخل
284

وإن كان قد دخل فعليه مهر المثل والأقرب الأقل من مهر المثل أو المسمى لأنه إن كان المسمى أقل فهي لا تدعي الزيادة وهل يتعلق الواجب بذمته أو برقبته الوجه
الأول وهو أصح قولي الشافعي في الجديد والثاني انه يتعلق برقبته وهو قول الشافعي في القديم والولد حر يتبع أشرف طرفيه وهو الام مع جهلها وان لم تقبل
اقراره فيما يتضرر به الغير بل قبلناه فيما يضره خاصة فالنكاح صحيح في حقها ونحكم بانفساخ النكاح باقراره لأنه لا نكاح بينهما ولم يقبل قوله في المهر فإن لم يكن دخل وجب
عليه نصف المسمى وان دخل وجب جميع المسمى ويؤدي ذلك مما في يده أو من كسبه في الحال أو المستقبل فإن لم يوجد فهو في ذمته إلى أن يعتق مسألة: لو كانت عليه
ديون وقت الاقرار بالرق وفي يده أموال فان قبلنا اقراره مطلقا فالأموال تسلم للمقر له والديون في ذمته لأنا حكمنا عليه بالرق وجميع ما في يد العبد لمولاه
ولا يقبل اقراره على ما في يده وان قبلناه فيما يضربه دون ما يضر بغيره قضينا الديون مما في يده لان الاقرار يضر بصاحب الدين فلا ينفذ فيه فيثبت له حق المطالبة
بدينه مما في يده ثم إن فضل من المال شئ حكم به للمقر له لأنه يضر به دون غيره فينفذ اقراره فيه وان بقى من الديون شئ كان ثابتا في ذمته إلى أن يعتق كما لو أقر
العبد بدين لغيره كان ثابتا في ذمته يتبع به بعد العتق مسألة: إذا باع اللقيط أو اشترى بعد البلوغ ثم أقر بالرق فان قبلنا الاقرار منه في كل شئ بطل
البيع والشراء لأنه قد صادف العبودية فلا يصح الا بإذن مولاه فإن كان ما باعه في يد المشتري اخذه المقر له والا طالبه بقيمته ثم الثمن إن كان قد اخذه
المقر واستهلكه فهو في ذمته يتبع به بعد العتق وإن كان باقيا رده وما اشتراه إن كان باقيا في يده رده إلى بايعه والا أسترد الثمن من البايع ويتعلق
حق البايع بذمته وان قبلنا اقراره فيما يضره خاصة دون ما يضر بغيره لم يحكم ببطلان البيع ولا الشراء لتعلق حق العاقد بايعا ومشتريا بالثمن والمثمن ثم
ما باعه ان لم يستوف ثمنه استوفاه المقر له وإن كان قد استوفاه لم يطالب المشتري ثانيا واما ما اشتراه فإن كان قد سلم ثمنه تم العقد والمبيع مسلم للمقر له وان لم
يكن قد سلمه فإن كان في يده مال حين أقر بالرق قضى الثمن منه لأنا لا نقبل اقراره فيما يضر بالبايع وان لم يكن في يده مال فهو كافلاس المشتري فيرجع البايع إلى
عين ماله إن كان باقيا وان لم يكن فهو في ذمة المقر حتى يعتق كما أنه إذا أفلس المشتري والمبيع هالك يكون الثمن في ذمته يطالب به بعد يساره مسألة: لو جنى اللقيط
بعد بلوغه ثم أقر بالرق فإن كانت الجناية عمدا فعليه القصاص سواء كان المجني عليه حرا أو عبدا على القولين عند الشافعية إما إذا قبلنا اقراره مطلقا فظاهر إما
إذا قبلناه فيما يضر به دون ما يضر بغيره فإن كان المجني عليه حرا فلا فضيلة للجاني وإن كان عبدا ألزمناه القصاص لأنه يضره وعندنا ان اقرار العبد بما يوجب
القصاص لا ينفذ في حق المولى بل يتعلق بذمته يتبع به بعد العتق وإن كانت الجناية خطأ فإن كان في يده مال اخذ الأرش منه قاله بعض الشافعية خلاف قياس
القولين لان أرش الخطاء لا يتعلق بما في يد الجاني حرا كان أو عبدا فإن كان في يده مال تعلق الأرش برقبته على القولين وقال بعض الشافعية ان قلنا بالقول الثاني
يكون الأرش في بيت المال وأجيب عنه بانا على القول الثاني انما لا تقبل اقراره فيما يضر بالغير وما يتعلق برقبته لا يضر المجني عليه بل ينفعه فاما ان يتبع ذلك تعلقه
ببيت المال فلا ضرر به فان قطع التعلق عن بيت المال اضرار فلو زاد الأرش على قيمة الرقبة فالزيادة في بيت المال على القول الثاني مسألة: لو جنى على
اللقيط بان قطع طرفه ثم أقر بالرق فإن كانت الجناية عمدا فإن كان الجاني عبدا اقتص منه وإن كان حرا لم يقتص منه لان قوله مقبول فيما يضر به ويكون الحكم كما لو كانت
الجناية خطأ فان قبلنا اقراره في كل شئ فعلى الجاني كمال قيمته ان صادفت قتلا والا فما يقتضيه جراحة العبد وان قبلنا اقراره فيما يضره خاصة دون ما يضر
بغيره وكانت الجناية قطع يد فإن كان نصف القيمة مثل نصف الدية أو كان نصف القيمة أقل فهو الواجب وإن كان نصف الدية أقل فللشافعية وجهان أحدهما انا
نوجب نصف القيمة ونغلظ على الجاني لان أرش الجناية يتبين مقداره بالآخرة قد بان رقه فلو نقصنا عن نصف القيمة لتضرر السيد وأصحهما عنده انه لا
يجب الا نصف الدية لان قبول قوله في الزيادة اضرار بالحال ونحن نفرع على أن قوله لا يقبل فيما يضر بالغير وعلى هذا فالواجب أقل الأمرين من نصف الدية أو نصف
القيمة وهذا كله تفريع على تعلق الدية بقتل اللقيط وفيه وجه اخر للشافعية وهو ان الواجب الأقل من الدية أو القيمة وهذا الوجه مطرد في الطرف من غير أن
يقر بالرقية مسألة: لو ادعى مدع رقه فأنكره ولا بينة للمدعي كان عليه اليمين لانكاره وقالت الشافعية ان قلنا بقبول أصل الاقرار منه فله ان يحلفه لرجاء
ان يقر وان منعنا أصل الاقرار لم يكن له تحليفه لان التحليف لطلب الاقرار واقراره غير مقبول هذا ان جعلنا اليمين مع النكول كاقرار المدعي عليه فان جعلناها
كالبينة فله التحليف فلعله ينكل فيحلف المدعي ويستحق كما لو أقام البينة واعلم أنه لا فرق فيما تقدم باسره بين ان
يقر اللقيط بالرق ابتداء وبين ان يدعي رقه فيصدق
المدعي ولو ادعى انسان رقه فأنكره ثم أقر ففي قبول قوله وجهان لأنه بالانكار لزم احكام الأحرار مسألة: ولاء اللقيط لمن يتولى فإن لم يتوال أحدا كان
ميراثه للامام عندنا لأنه وارث من لا وارث له وعند أكثر العامة ولاؤه لسائر المسلمين لان ميراثه لهم ولا ولاء للملتقط عليه عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع) وأهل بيته
عليهم السلام وأكثر الصحابة وهو قول مالك والشافعي واحمد وأكثر أهل العلم لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال انما الولاء لما أعتق وانما للحصر
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) المنبوذ ان شاء جعل ولاءه للذين ربوه وان شاء لغيرهم ولأنه حر في الأصل لم يثبت عليه رق ولا على ابائه فلم يثبت
عليه الولاء كالمعروف نسبه وقال شريح وإسحاق عليه الولاء لملتقطه لما رواه واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وآله المراة تجوز ثلث مواريث عتيقها
ولقيطها وولدها الذي لا عنت عليه ولقول عمر لأبي جميلة في لقيطه هو حر لك ولاؤه وعلينا نفقته وهما ممنوعان قال ابن المنذر حديث واثلة لم يثبت وأبو جميلة
مجهول المقصد السادس: في الجعالة وفيه فصول الأول: الماهية لما كانت الحاجة غالبا انما تقع في رد الضوال والأموال المنبوذة وجب ذكر
الجعالة بعقب اللقطة والضوال والجعالة في اللغة ما يجعل للانسان على شئ يفعله وكذلك الجعل والجعيلة واما في الشرع فصورة عقد الجعالة أن يقول
من رد عبدي الآبق أو دابتي الضالة أو من خاط لي ثوبا أو من قضا لي الحاجة المعينة وبالجملة كل عمل محلل مقصود فله كذا وهي جايزة ولا نعلم فيه خلافا لقوله
ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم وروى العامة عن أبي عمرو الشيباني قال قلت لعبد الله بن مسعود اني أصبت عبدا ابقا فقال لك اجر وغنيمة فقلت هذا الاجر
فما الغنيمة فقال من كل رأس أربعين (أربعون) درهما وهذا لا يقوله الا توقيفا ومن طريق الخاصة ما رواه وهب بن وهب عن الصادق عن الباقر عليهما السلام قال سألته
عن جعل الآبق والضالة فقال لا بأس وعن مسمع بن عبد الملك عن الصادق (ع) قال إن النبي صلى الله عليه وآله جعل في جعل الآبق دينارا إذا اخذ في
مصره وان اخذ في غير مصره فأربعة دنانير ولان الحاجة تدعو إلى ذلك فان العمل قد يكون مجهولا كرد الآبق والضالة ونحو ذلك فلا يمكن عقد الإجارة
فيه والحاجة داعية إلى ردهم وقل ان يوجد متبرع به فدعت الضرورة إلى إباحة بذل الجعل فيه مع جهالة العمل لأنها غير لازمة بخلاف الإجارة فان الإجارة
285

لما كانت لازمة افتقرت إلى تقدير مدة معينة مضبوطة لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان واما العقود الجايزة كالشركة والوكالة فلا يجب لها ضرب المدة ولان كل
عقد جايز يتمكن كل من المتعاقدين فيه من فسخه وتركه الفصل الثاني: في الأركان وهي أربعة الأول: الصيغة وهي كل لفظ دال على الاذن في العمل أو استدعائه؟
بعوض يلتزمه كقوله من رد عبدي أو ضالتي أو خاط لي ثوبا أو بنى لي حايطا أو ما أشبه ذلك من الأعمال المحللة المقصودة في نظر العقلاء سواء كان العمل مجهولا أو معلوما
لأنه عقد جايز كالمضاربة ولابد من الايجاب الصادر من الجاعل فلو عمل لغيره عملا أو ضاع لغيره مال غير الآبق والضالة فرده غيره تبرعا لم يكن له شئ سواء كان
معروفا برد اللقطة أو لم يكن ولا يعلم فيه خلافا لأنه عمل يستحق العوض مع المعاوضة فلا يستحق مع عدمها كالعمل في الإجارة مسألة: واما الآبق والضالة
من الحيوانات فان تبرع الراد بالرد أو حصل في يده قبل الجعل فلا شئ له عند أكثر علمائنا كما في غيرهما من الأموال وبه قال الشافعي والنخعي واحمد في إحدى الروايتين
وابن المنذر لأنه عمل لغيره عملا من غير أن يشترط له عوضا فلم يستحق شيئا كما لو ورد لقطته من الأموال وقال الشيخ (ره) لم ينص أصحابنا على شئ من جعل اللقط والضوال
الا على اباق العبد فإنهم رووا انه ان رده من خارج البلد استحق الأجرة أربعين درهما قيمتها أربعة دنانير وإن كان من البلد فعشرة دراهم قيمتها دينار وفيما عدا ذلك
يستحق الأجرة بحسب العادة ثم نقل عن الشافعي انه لا يستحق الأجرة على شئ من ذلك الا ان يجعل له الجاعل وعن مالك إن كان معروفا برد الضوال وممن يستأجر
لذلك فإنه يستحق الجعل وان لم يكن معروفا به لم يستحق وعن أبي حنيفة إن كان ضالة أو لقطة فإنه لا يستحق شيئا وإن كان ابقا فرده من مسيرة ثلاثة أيام فأكثر وهو ثمانية
وأربعين ميلا وزيادة استحق أربعين درهما وان نقص أحد الشرطين بان جاء به من ميسرة أقل من ثلاثة أيام فبحسابه وإن كان من ميسرة يوم فثلث الأربعين وإن كان
من ميسرة يومين فثلثا الأربعين وإن كان قيمته أقل من أربعين قال أبو حنيفة ومحمد ينقص عن قيمته درهم ويستحق الباقي إن كان قيمته أربعين فيستحق
تسعة وثلاثين وإن كان قيمته ثلاثين يستحق تسعة وعشرين وقال أبو يوسف يستحق أربعين وإن كان يسوي عشرة دراهم والقياس انه لا يستحق شيئا لكن أعطيناه
استحقاقا هكذا حكاه الشيخ (ره) عن الساجي إذا عرفت هذا فان قول الشيخ يحتمل الاستحقاق الرد للآبق وان لم يشرط المالك له جعلا ورواه العامة عن علي (ع)
وابن مسعود وعمر وشريح وعمر بن عبد العزيز ومالك وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه جعل في جعل الآبق إذا
جاء به خارجا من الحرم دينارا ولأنه قول من سميناه من الصحابة ولم نعرف لهم في زمنهم مخالفا فكان اجماعا ولان في شرط الجعل في ردهم حثا على رد الآبق وصيانة لهم عن
الرجوع إلى دار الحرب وردهم دينهم وتقوية أهل الحرب بهم فيكون مشروعا لهذه المصلحة بخلاف رد اللقط من الأموال فإنه لا يقضي إلى ذلك والقول الأولى
أقوى لان الأصل عدم الوجوب مسألة: لو استدعى الرد فقال لغيره رد أبقى استحق الجعل لأنه عمل يستحق في مثله الأجرة فكان عليه الجعل كما لو استدعى رد
اللقطة كان عليه أجرة المثل وان لم ينص له على الأجرة وكذا إذا اذن لرجل في عبد رده الآبق ولم يشرط له عوضا برده فالأقوى استحقاق الجعل وللشافعية قولان منهم
من قال إن كان معروفا برد الاباق بالأجرة استحق ومنهم من قال لا يستحق وهو ظاهر كلام الشافعي لأنه قال الا ان يجعل له جعلا وفيه الخلاف المذكور لهم فيما لو دفع
ثوبا إلى غسال فغسله ولم يجر للأجرة ذكر ولو حصلت الضالة في يد انسان قبل الجعل وجب دفعها إلى مالكها ولا شئ عليه وكذا المتبرع سواء عرف برد الاباق أو لا
وسواء جعل المالك وقصد العامل التبرع أو لم يجعل وان يقصد التبرع مسألة: لا فرق في صيغة المالك بين أن يقول من رد عبدي وبين أن يقول إن رده
انسان أو ان رددته أو رده ولك كذا ويصح التقييد بالزمان والمكان واحدهما والاطلاق فيقول من رد عبدي من بغداد في شهر كذا أو خاط ثوبي في بغداد
ففي؟ يوم فله كذا الركن الثاني: العاقد ويشترط فيه ان يكون من أهل الاستيجار مطلق التصرف فلا ينفذ جعل الصبي والمجنون والسفيه والمحجور عليه
لفلس والمكره وغير القاصد ولا نعلم فيه خلافا ولا يشترط ان يكون الملتزم هو المالك ولا ان يقع العمل في ملكه فلو قال شخص من رد عبدي فلان فله كذا استحقه
الراد عليه لأنه التزم فلزمه بخلاف ما إذا التزم الثمن في بيع غيره والثواب على هبة غيره لأنه عوض تمليك فلا يتصور وجوبه على غير من حصل له الملك والجعل
ليس عوض تمليك مسألة: لو قال فضولي قال فلان من رد عبدي فله كذا من يستحق الراد على الفضولي شيئا لأنه لم يلتزم اقصى ما في الباب انه كذب
وهو لا يوجب الضمان واما المالك فإن كان الفضولي قد كذب عليه لم يكن عليه شئ أيضا وكان من حق الراد ان يثبت ويتفحص ويسأل فالتفريط وقع منه فإن كان
قد صدق فالأقوى وجوب المال عليه خلافا لبعض الشافعية حيث قال بذلك إن كان المخبر ممن يعتمد على قوله والا فهو كما لو رد غير عالم باذنه والتزامه
مسألة: لا يشترط تعيين العامل فيجوز ان يكون شخصا معينا أو جماعة معينين مثل أن يقول إن رد زيد عبدي فله كذا وان رد زيد وعمرو وخالد فلهم
كذا ويجوز ان يكون مجهولا كغيره من رد عبدي من هؤلاء العشرة فله كذا أو من رد عبدي مطلقا فله كذا لان الغرض رد الآبق ولا تعلق للمالك بخصوصية الراد
فلم يكن شرطا ولان رد الآبق وما في معناه قد لا تمكن منه معين ومن يتمكن منه لا يكون حاضرا وربما لا يعرفه المالك فإذا اطلق الاشتراط وشاع ذلك سارع
من تمكن منه إلى تحصيله فيحصل الغرض فاقتضت مصلحة العقد احتمال التجهيل فيه مسألة: لو عين واحدا فرد غيره لم يستحق شيئا كما لو قال لزيد رد
عبدي ولك كذا وقال إن رده زيد فله كذا فرده عمرو لأنه لم يشرط لغير ذلك المعين فكان متبرعا ولو رده عبد ذلك المعين استحق المولى الجعل لان رد
عبده كرده ويده كيده ولو قال من رده فله كذا استحق الراد سواء سمع ندائه أو لا لأنه قد حصل المقصود وشمله اللفظ بعمومه ولم يقصد بقوله شخصا معينا
ولا جماعة معينين بل اطلق فيعمل بمقتضى اطلاقه كما لو قال من صلي فاعطه دينارا وهو أحد قولي الشافعية والثاني وهو الاظهر عندهم انه لا يستحق شيئا لأنه قصد
التبرع لم يستحق شيئا كما لو عينه وقال إن رددت عبدي فلك كذا وان رد زيد عبدي فله كذا فرده زيد متبرعا بعد سماعه بالجعالة لم يستحق شيئا لتبرعه وكذا
لو عينه وكان غايبا فقال إن رده فلان فله كذا فرده غير عالم باذنه والتزامه فان نوى التبرع لم يستحق شيئا وان لم ينوه استحق على ما تقدم مسألة:
لا يشترط القبول لفظا فلو قال من رد عبدي فله كذا فاشتغل واحد بالرد من غير أن يقول قبلت أو انا أرد صح العقد وتم سواء كان العامل معينا أو غير معين
وقالت الشافعية إذا لم يكن العامل معينا فلا يتصور للعقد قبول وإن كان معينا فلا يشترط قبوله أيضا على المشهور ويكفي الآيتان بالعمل كما ذهبنا إليه وقال
الجويني لا نمتنع؟ ان يكون كالوكيل في اشتراط القبول ونحن نمنع اشتراط القبول لفظا في الوكيل نعم يشترط في العامل المعين ان يكون له أهلية العمل فلو قال المسلم
من طالب بدين على فلان المسلم فله كذا لم يدخل الذمي تحته لما بينا من أن الذمي ليس أهلا للتوكيل على المسلم مسألة: لو قال من رد عبدي فله كذا وكان
العبد مسلما فهل للكافر رده الأقرب ذلك لأنه ليس بتوكل عليه فلا يندرج تحت النهي مع احتمال اندراجه لاستلزامه اثبات السبيل للكافر على المسلم وهو منفي
286

بالآية ويدخل تحته الرجل والمراة والحر والعبد والصبي والمسلم والكافر قطعا في غير رد العبد المسلم وعلى اشكال فيه ويدخل تحته الصبي والمجنون على اشكال ينشأ من عدم
اشتراط التبرع المشروط بالقصد المشروط بالعقل ومن اشتراط عدم التبرع ويدخل تحته أيضا الواحد والمتعدد مسألة: لو كان العوض شيئا لا يصلح للكافر تملكه كما لو
قال من رد عبدي أو ضالتي أو فعل كذا فله عبدي فلان وكان عبده مسلما أو فله المصحف الفلاني ففي دخول الكافر اشكال ينشأ من العموم الشامل للكافر ومن عدم
صحة تملكه للجعل فيكون قرينة تصرف اللفظ عن عمومه فان قلنا بالدخول ففي ملكه اشكال أقربه العدم فحينئذ هل يثبت له القيمة أو لا اشكال الركن الثالث:
العمل ويشترط فيه ان يكون محللا فلا تصح الجعالة على المحرم فلو قال من زنا أو قتل أو سرق أو ظلم أو شرب خمرا أو اكل المحرم أو غصب أو غير ذلك من الأفعال المحرمة فله
كذا لم يصح ولو فعل المجعول له ذلك لم يستحق العوض سواء كان المجعول له معينا أو مجهولا ولا نعلم فيه خلافا ويشترط أيضا ان يكون مقصودا للعقلاء فلو قال من استقى
من دجلة ورماه في الفرات أو حفر نهرا وطمه أو بئرا وطمها أو غير ذلك مما لا يعده العقلاء مقصودا لم يصح ويشترط ان لا يكون واجبا فلو قال من صلى الفريضة أو صام
شهر رمضان فله كذا لم يصح لان الواجب لا يصح اخذ العوض عليه مسألة: لا يشترط في العمل العلم اجماعا لان الغرض الكلي في الجعالة بذل العوض على ما لا يمكن
التوصل بعقد الإجارة إليه لجهالته فما لا تجوز الإجارة عليه من الأعمال لكونه مجهولا لا يجوز عقد الجعالة عليه لان مسافة رد الآبق قد لا تعرف فتدعوا الحاجة
إلى احتمال الجهالة فيه كما تدعوا إلى احتمالها في العامل فإذا احتملت الجهالة في القراض لتحصيل زيادة فلئن يحتمل في الجعالة أولي وهل يشترط الجهل في العمل الأصح
العدم فلو قال من خاط ثوبي فله درهم أو قال من حج عني أو من رد عبدي من بغداد فله مائة صح واستحق العامل الجعل لأنه إذا جاز مع الجهل فمع العلم أولي لانتفاء
الغرر فيه وهو أصح وجهي الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يجوز الجعالة على العمل المعلوم وانما يصح على المجهول لامكان التوصل في المعلوم بالإجارة وهو غير جيد لعدم
المنافاة ولا استبعاد في التوصل بأمرين أو أمور ولو قيد المعلوم بالمدة المعلومة فقال من رد عبدي الآبق من البصرة في الشهر فله كذا فالأقرب الجواز ومنع منه
بعض الشافعية لأنه يكثر بذلك الغرر مسألة: لو قال من رد علي مالي فله كذا فرده من كان المال في يده نظر فإن كان في رده من يده كلفة ومؤنة كالعبد الآبق
استحق الجعل وان لم يكن كالدراهم والدنانير فلا لان ما لا كلفة فيه لا يقابل بالعوض ولو قال من دلني على مالي فله كذا فدله من المال في يده لم يستحق الجعل لان ذلك
واجب عليه بالشرع فلا يجوز اخذ العوض عليه إما لو كان في يد غيره فدله عليه استحق لان الغالب انه يلحقه مشقة في البحث عنه واعلم أن كلما يجوز الاستيجار عليه يجوز الجعالة
فيه ويعتبر فيما تجوز الجعالة فيه ما يعتبر في جواز الإجارة سوى كونه معلوما فلو قال من رد عبدي أو جاريتي فله دينار صح جعالة لان الجهالة غير ضائرة في الجعالة ولا يجوز
عقد الإجارة على ذلك لجهالة العمل المبطلة للإجارة الركن الرابع: في الجعل مسألة يشترط في الجعل ان يكون مملوكا مباحا للعامل معلوما فلو شرط
جعلا لا يصح تملكه كالكلب والخنزير والخمر والعذرة وسائر ما لا يتملك لم يصح العقد ولم يستحقه العامل شيئا لا المسمى ولا غيره نعم لو توهم التملك بذلك أو الاستحقاق
فالأقرب أجرة المثل لأنه غير متبرع بالعمل والمسمى لا يصح ان يكون عوضا وهو مغرور فاستحق اجرة مثل
عمله ولو كان المجعول محرما ولم يعلم مثل أن يقول من رد عبدي
فله ما في هذا الدن أو في الرق أو ما في يدي وكان ذلك خمرا أو ما لا يتملك وجب أجرة المثل قطعا ولو كان مما لا تقع المعاوضة عليه كحبة من حنطة أو زبيبة واحدة احتمل
استحقاق ذلك خاصة وعدم استحقاق شئ البتة وشرطنا كونه مباحا بالنسبة إلى العامل لان الملك يقع له فإذا لم يصح له تملكه لم يصح العقد وقد سبق ذكره مسألة:
لا يجوز ان يكون العوض مجهولا بل يجب ان يكون معلوما بالكيل أو الوزن أو العدد إن كانت العادة جارية بعده كالأجرة فلو كان مجهولا فسد العقد ووجب بالعمل
أجرة المثل لانتفاء الحاجة إلى احتمال الجهالة فيه والفرق بينه وبين العمل حيث جاز ان يكون هنا مجهولا دعو الحاجة إلى كون العمل هنا مجهولا فان الغالب انه لا يعلم موضع
الآبق والضال فلو شرطنا العلم لزم الحرج وعدم دعو الحاجة إلى كون العوض مجهولا وأيضا العمل في الجعالة لا يصير لازما فلهذا لم يجب كونه معلوما وليس كذلك
العوض فإنه يصير بوجود العمل لازما فوجب كونه معلوما وأيضا فإنه لا يكاد يرغب أحد في العمل إذا لم يعلم الجعل فلا يحصل مقصود العقد فان شرط جعلا مجهولا بان
قال من رد عبدي الآبق فله ثوب أو دابة وقال لغيره ان رددت عبدي فعلي ان أرضيك أو أعطيك شيئا فسد العقد ووجب بالعمل أجرة المثل وكذا لو جعل العوض
خمرا أو خنزيرا وكانا أو أحدهما مسلمين ولو جعل العوض شيئا مغصوبا فسد العقد ووجب أجرة المثل أيضا وللشافعية هنا احتمالان أحدهما تخريجه على القولين
فيما إذا جعل المغصوب صداقا حتى يرجع في قول إلى قيمة ما يقابل الجعل وهو أجرة المثل وفي قول إلى قيمة المسمى والثاني القطع بأجرة المثل لان العوض
ركن في هذه المعاملة بخلاف الصداق ولو قال من رد عبدي فله ثيابه أو سلبه فإن كانت معلومة أو وصفها بما يفيد العلم فللراد المشروط والا فله أجرة المثل
ولو قال من رد عبدي فله نصفه أو ربعه فالأقوى الجواز للأصل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع وهو قريب من استيجار المرضعة بجزء من المرتضع
الرقيق بعد الفطام مسألة لو قال من رد عبدي من بغداد مثلا فله دينار صح عندنا وهو أصح وجهي الشافعية فان رده من نصف الطريق استحق
نصف الجعل وان رده من ثلثه فله الثلث لأنه عمل نصف العمل أو ثلثه فكان له من الجعل مقابل عمله وان رده من مكان ابعد لم يستحق زيادة لان المالك لم يلتزم ذلك
فيكون العامل فيه متبرعا بالزيادة فلا عوض له عنها ولو رده من غير ذلك البلد لم يستحق شيئا لأنه لم يجعل في رده منه شيئا فأشبه ما لو جعل في رد العبد شيئا فرد
جارية ولو قال من رد عبدي فله كذا فرد أحدهما استحق نصف الجعل وقاله بعض الشافعية وعندي فيه نظر إما لو كان الجعل شيئا تتساوى اجزاؤه ويقسط
عليها بالسوية لتساوي العمل فيها كان الحكم ذلك ولو قال لاثنين ان رددتما عبدي الآبق فلكما كذا فرده أحدهما استحق النصف لأنه لم يلتزم له أكثر من ذلك لأنه جعل
الجعل لاثنين فقد جعل لكل واحد منهما النصف على نصف العمل فيكون كل واحد منهما في النصف الآخر لو باشره متبرعا ولو قال لهما ان رددتما عبدي الآبقين
فلكما كذا فرد أحدهما أحدهما لم يستحق الا الربع ويشكل بان الالتزام متعلق بالرد من ذلك البلد ويرد العبدين ولو توزع الجعل في الجعالة على العمل لاستحق النصف إذا
رد من ذلك البلد إلى نصف الطريق ولما وقع النظر إلى كون المأتي به نافعا أو غير نافع كما في الإجارة مسألة: لو قال من رد عبدي فله كذا فان رده واحد
كان الجعل باسره له وان رده اثنان كان بينهما بالسوية وان رده جماعة اشترك الجعل بينهم كذلك لصدق لفظة من على كل واحدة من هذه المراتب ولو قال جماعة
ان رددتم عبدي فلكم كذا فردوه فالجعل بينهم بالسوية على عدد الرؤس وان تعاونوا في العمل لان العمل في أصله مجهول فلا ينظر إلى مقداره في التوزيع قاله بعض الشافعية
والمعتمد خلافه بل يوزع الجعل على قدر العمل كالإجارة لأنا انما ندفع الجعل إليهم عند تمام العمل وحينئذ فقد انضبط العمل فيوزع على أجور أمثالهم مسألة:
يجوز ان يخصص الجعل لواحد بعينه كما يجوز تعميمه فلو قال لزيد ان رددت عبدي فلك دينار فرده غيره لم يستحق الراد شيئا لأنه متبرع به ولا زيد لأنه لم يعمل
287

نعم يجوز الاستعانة فان استعان زيد المجعول له بغيره إما من عبد أو غيره استحق زيد ولو قال لزيد ان رددته فلك دينار فرده زيد وعمرو لم يكن لعمرو شيئا لتبرعه
ولم يلتزم المالك بشئ وان قصد عمرو معاونة زيد إما بعوض أو مجانا فلزيد تمام الجعل لأنه قد يحتاج إلى الاستعانة بالغير ومقصود المالك رد العبد بأي وجه
أمكن فلا يحمل لفظه على قصر العمل على المخاطب بالمباشرة ثم ذلك الغير ان تبرع على زيد بالإعانة لم يكن له شئ وان قصد العمل بالأجرة فاستعمله زيد عليها فان عين
قدر الأجرة استحق ما عينه له سواء زاد على مال الجعالة أو نقص وان لم يعين له شيئا كان له أجرة المثل على زيد وان زادت على ما حصل له بالجعالة ولو قال عمرو عملت
للمالك لم يكن لزيد تمام الجعل بل ما قابل عمله ثم هل يوزع مال الجعالة على الرؤس أو على قدر العمل الأقرب الثاني وهو قول بعض الشافعية والمشهور عندهم الأول
وكذا البحث لو عمل المالك مع زيد فإنه لا يستحق زيد كمال الجعالة الا ان يقصد المالك اعانته على اشكال ولو قصد عمرو العمل للمالك لم يكن له شئ سواء قصد التبرع
أو الشركة في الجعل لان المالك لم يلتزم له شيئا مسألة: لو قال لزيد ان رددت عبدي فلك كذا اختص بمال الجعالة مع كمال العمل فان شاركه في العمل اثنان
فان قصدا معا اعانة زيد فله تمام الجعل ولو قصدا معا العمل للمالك فلزيد ثلث الجعل لأنه عمل ثلث العمل وان قصد أحدهما اعانة زيد وقصد الآخر العمل للمالك
فلزيد الثلثان وهل لزيد ان يوكل الغير لينفرد بالرد كما يستعين به اشكال ينشأ من أن الغرض تحصيل الرد من غير التعرض إلى مباشر معين ومن انه كالوكيل ليس له
ان يوكل الا بالاذن ولو عمم الجعالة فقال من رد عبدي فله كذا فقد بينا ان كل من باشر الرد وانفرد به استحق كمال الجعل سواء كان واحدا أو أكثر وهل يصح لواحد
ان يوكل غيره ليرد له الأقرب انه كالتوكيل في الاحتطاب والاحتشاش مسألة: لو قال لواحد ان رددت عبدي فلك دينار وقال لاخر ان رددته فلك ديناران
وقال لثالث ان رددته فلك ثلثه دنانير فكل من رده منهم كان له ما جعله له خاصة ولو رده اثنان كان لكل واحد منهما نصف ما جعله له ولو رده الثلاثة كان لكل واحد
منهم ثلث ما جعله له هذا إذا عمل كل واحد من الثلاثة لنفسه إما لو قال أحدهم أعنت صاحبي وعملت لهما فلا شئ له ولكل واحد منهما نصف ما شرط له ولو قال اثنان
منهم عملنا لإعانة صاحبنا فلا شئ لهما وله جميع ما شرطه له ولو أعانهم رابع في الرد فلا شئ له ثم إن قال قصدت العمل للمالك فلكل واحد من الثلاثة ربع ما جعل له وان
قال أ عنتهم جميعا فلكل واحد منهم ثلث المشروط له كما لو لم يكن معهم غيرهم ولو قال أعنت فلانا فله نصف المشروط له ولكل واحد من الآخرين ربع المشروط له وعلى هذا القياس
ولو قال أعنت فلانا وفلانا فلكل واحد ربع المشروط وثمنه وللثالث ربع المشروط له ولو عين لاحد الاثنين وجهل للاخر فقال لزيد ان رددته فلك دينار وقال
لعمرو ان رددته أرضيتك أو فلك شئ أو ثوب فرداه معا فلزيد نصف دينار ولعمرو نصف أجرة المثل لا يقال إنه لو قال من دخل داري فله دينار فدخلها جماعة استحق
كل واحد منهم دينارا كاملا فليكن هنا كذلك لأنا نقول الفرق ان كل واحد من الداخلين قد صدر عنه دخول كامل كدخول المنفرد فاستحق كل واحد منهم
العوض كاملا وهنا لم يحصل من كل واحد منهم رد كامل بل اشتركوا جميعا في الرد الكامل وصدر عنهم بأسرهم رد واحد فاشتركوا في عوضه ونظير الدخول
ما لو قال من رد عبدا من عبيدي فله دينار فرد كل واحد منهم عبدا فان كل واحد منهم يستحق الدينار الكامل ونظير الرد ما لو قال من نقب السور فله دينار فنقب
ثلاثة نقبا واحدا كان الدينار للثلاثة بالسوية مسألة: لو قال من رد عبدي من بغداد فله دينار فرده انسان إلى نصف الطريق فهرب منه لم يستحق شيئا لأنه شرط
الجعل برده ولم يرده وكذا لو مات العبد بعد وصوله ولم يسلمه إلى المالك لأنه لم يرد إليه كما لو استأجره لخياطة ثوب فخاطه ولم يسلمه حتى تلف لم يستحق اجرة ولو قال من
وجد عبدي فله دينار فوجده واجد ثم هرب فالأقرب انه لا يستحق لان قرينة الحال تدل على اشتراط الرد إذ المقصود الرد لا الوجدان لان الوجدان بمجرد غير مقصود
للمالك وانما اكتفى بالوجدان لأنه سبب الرد فصار كأنه قال من وجد لقطتي فردها علي الفصل الثالث في الاحكام مسألة: الجعالة عقد جايز
من الطرفين اجماعا لكل منهما فسخها قبل التلبس بالعمل وبعده قبل تمامه لان الجعالة تشبه الوصية من حيث إنها تعليق استحقاق بشرط والرجوع عن الوصية جايز
وكذا ما يشبهها واما بعد تمام العمل فلا معنى للفسخ ولا اجر لان الجعل قد لزم بالعمل إذا عرفت هذا فان رجع المالك قبل شروع العامل في العمل أو فسخ العامل فلم
يعمل فلا شئ للعامل وإن كان بعد التلبس بالعمل فعمل البعض أو قطع بعض المسافة فان فسخ العامل لم يستحق لما عمل شيئا لأنه امتنع باختياره ولم يحصل غرض المالك
بما عمل وقد أسقط العامل حق نفسه حيث لم يأت بما شرط عليه العوض كعامل المضاربة إذا فسخ قبل ظهور الربح وان فسخ المالك فعليه للعامل اجرة مثله لأنه
انما عمل بعوض فلم يسلم له ولا يليق ان يحبط عمله بفسخ غيره وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان العامل لا يستحق أيضا شيئا كما لو كان الفسخ من العامل وليس بشئ فان الفرق
ظاهر ولو عمل العامل بعد الفسخ من المالك مع علمه بالفسخ فإنه لا يستحق في العمل بعد الفسخ شيئا لأنه متبرع فيه ويستحق فيما عمل قبل الفسخ ولو لم يعلم العامل
بالفسخ فالأقرب انه يستحق كمال الجعالة وللشافعية خلاف بنوه على فسخ الموكل الوكالة في غيبة الوكيل وهل ينفذ تصرفاته قبل علمه بالعزل (أم لا) تذنيب:
وكما ينفسخ الجعالة بالفسخ ينفسخ بالموت فلو مات المالك قبل العمل بطلت وكذا لو مات بعد التلبس قبل اكمال العمل ولا شئ للعامل فيما يعمل بعد الموت لأنه
متبرع بالنسبة إلى الوارث ولو قطع بعض المسافة فمات المالك فرده إلى وارثه استحق من المسمى بقدر ما عمل في حياته مسألة: كما يجوز الفسخ في أصل الجعالة يجوز
في صفات الجعل بالزيادة والنقصان وتغيير الجنس قبل التلبس بالعمل وبعده قبل اكماله فيعمل بالجعالة الأخيرة ان وقعت قبل التلبس بالعمل فلو قال من رد عبدي فله
عشرة ثم قال من رده فله خمسة فالعمل على الأخيرة وكذا بالعكس يعمل بالأخير فيه والمذكور فيه هو الذي يستحقه الراد ولو قال من رد عبدي فله دينار
ثم قال بعده قبل التلبس من رد عبدي فله ثوب عمل على الأخيرة من الجعالتين ولو لم يسمع العامل الجعالة الأخيرة قال بعض الشافعية يحتمل الرجوع إلى أجرة المثل ولا بأس
به إما لو كان التغيير بالزيادة والنقصان أو بالجنس بعد التلبس بالعمل فالأقرب الرجوع إلى أجرة المثل لان الجعالة الثانية فسخ للأولى والفسخ في أثناء العمل يقتضي
الرجوع إلى أجرة المثل مسألة: استحقاق العامل للجعل موقوف على تمام العمل فلو سعى في طلب الآبق فرده فمات في الطريق أو على باب دار المالك أو هرب أو غصبه
غاصب أو ترك العامل ورجع بنفسه فلا شئ للعامل لتعلق الاستحقاق بالرد وهو المقصود ولم يحصل وهذا بخلاف الإجارة فإنه لو استأجر ليحج عنه فتلبس بالعمل
ثم مات فإنه يستحق من الأجرة بقدر ما عمل لان المقصود من الحج الثواب وقد حصل ببعض العمل بعض الثواب وهنا لم يحصل شئ من المقصود والثاني
ان الإجارة لازمة يجب الأجرة فيها بالعقد ويستقر شيئا فشيئا والجعالة جايزة لا يثبت فيها شئ الا بالشرط ولم يوجد وظاهر ان الجعالة على العمل ليس كالإجارة
أيضا فلو قال من خاط ثوبي فله درهم فخاطه واحد بعضه ثم أهمل لم يستحق شيئا من احتمال استحقاقه ولو مات فاحتمال الاستحقاق أقوى وإذا رد الآبق لم يكن له حبسه
إلى استيفاء الجعل لان الاستحقاق بالتسليم ولا حبس قبل الاستحقاق ولو قال إن عملت ولدي القران أو علمتني فلك كذا فعلمه البعض وامتنع من تعليم الباقي فلا شئ له على
288

اشكال وكذا لو كان الصبي بليدا لا يتعلم على اشكال كما لو طلب العبد فلم يجده إما لو مات الصبي في أثناء التعليم فإنه يستحق اجر ما علمه لوقوعه مسلما بالتعليم بخلاف رد الآبق
فان تسليم العمل بتسليم الآبق وهنا ليس عليه تسليم الصبي ولا هو في يده ولو منعه أبوه من التعليم فللمعلم أجرة المثل لما علم ولو قال إن خطت لي هذا القميص فلك
درهم فخاط بعضه فان تلف في يد الخياط لم يستحق شيئا وان تلف في يد رب الثوب بعد ما سلمه إليه استحق من الأجرة بنسبة ما عمل مسألة: لو جاء بعبده أو
ضالته أو لقطته أو ثوبه مخيطا وطالبه بالعوض فأنكر المالك شرط الجعالة وقال لم اجعل لك شيئا فالقول قول المالك لأصالة عدم الشرط ولو اتفقا على الجعل واختلفا
في قدر العوض فالقول قول المالك أيضا لأنه منكر للزيادة وقال الشافعي يتحالفان ويثبت أجرة المثل كما لو اختلفا في الإجارة وثمن المبيع والأصل عندنا ممنوع ولو
اختلفا في عين العبد الذي شرط في رده العوض فقال العامل شرطت لي العوض في العبد الذي رددته وقال بل شرطت لك في العبد الذي لم يرده فالقول قول
المالك مع اليمين لأنه ادعى عليه شرط العوض في هذا العبد فأنكره والأصل عدم الشرط وكذا لو قال المالك شرطت لك العوض على رد العبدين فقال العامل بل على رد أحدهما
ولو اختلفا في جنس العوض فقال المالك جعلت لك عشرة دراهم وقال العامل بل عشرة دنانير فالقول قول المالك أيضا كما قلنا في القدر ان القول قول المالك مع يمينه
فإذا حلف المالك في الصورتين كان له أقل الأمرين من أجرة المثل والقدر المدعي قال الشيخ (ره) يحلف المالك ويثبت عليه أجرة المثل ولو اختلفا في السعي
بان قال حصل في يدك قبل الجعل فلا جعل لك وقال العامل بل حصل بعد الجعل فالقول قول المالك أيضا لأصالة براءة الذمة مسألة: لو قال من رد عبدي
إلى شهر فله كذا صح فان جاء به إلى شهر استحق الجعل وان خرج الشهر ولم يأت به لم يكن له شئ لأنه لم
يأت بما شرطه وقال بعض الشافعية لا يجوز لان تقدير هذه
المدة مخل بمقصود العقد فإنه ربما لا يظفر به في تلك المدة فيضيع سعيه ولا يحصل غرض المالك وهذا كما أنه لا يجوز تقدير مدة القراض ولو قال بع عبدي
هذا أو اعمل كذا ولك عشرة دراهم فإن كان العمل مضبوطا مقدرا قال بعض الشافعية أنه يكون اجارة وان احتاج إلى ترددات غير مضبوطة فهو جعالة
مسألة: الأقوى ان يد العامل على ما يحصل في يده إلى أن يرده يد أمانة ولم اقف فيه على شئ لكن النظر يقتضي ذلك لأصالة البراءة ثم إذا رفع اليد
عن الدابة وخلاها في مضيعة فهو تقصير مضمن ونفقة العبد وعلف الدابة في مدة الرد على المالك لأنه ملكه ويد العامل كيد الوكيل وقال بعض الشافعية
انه محمول على مكتري الجمال إذا هرب مالكها وخلاها عنده وقال بعضهم يجوز ان يقال ذاك أمر أفضت إليه الضرورة وهنا أثبت العامل اليد عليه باختياره
فليتكلف مؤنته ويؤيده العادة وليس بشئ ولو قال لغيره ان أخبرتني بخروج فلان من البلد فلك كذا فأخبره فإن كان له في الاخبار غرض صحيح استحق
والا فلا وقال بعض الشافعية إن كان له غرض صحيح في خروجه استحق والا فلا وهذا يقتضي ان يكون صادقا فان الغرض يحصل به بخلاف ما إذا قال إن أخبرتني
بكذا فأنت طالق فأخبرته كاذبة قال وينبغي ان ينظر في أنه هل يناله تعب أو لا مسألة: العامل ان رد الآبق أو الضالة أو غيرهما متبرعا بذلك فلا اجرة
له وان بذل المالك له جعلا فان عينه فعليه تسليمه مع الرد وان لم يعينه وجب على أجرة المثل الا في رد الآبق فان فيه أربعة دنانير قيمتها أربعون درهما
ان رده من خارج البلد وان رده من البلد ففيه دينار قيمته عشرة دراهم لما تقدم في رواية كردين عن الصادق (ع) قال الشيخ (ره) هذا على الأفضل
لا الوجوب والعمل على الرواية أولي ولو نقصت قيمة العبد عن ذلك ففي وجوب ذلك اشكال وقال بعض علمائنا الحكم في البعير الشارد كذلك ان رده من المصر
كان عليه دينار قيمته عشرة دراهم وان رده من غير مصره كان عليه أربعة دنانير وفيه نظر لعدم الظفر بدليل عليه ولو استدعى الرد ولم يبذل اجرة
لم يكن للراد شئ لأنه متبرع بالعمل مسألة: يجوز اخذ الآبق لمن وجده وبه قال الشافعي ومالك واحمد وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لان العبد لا يؤمن
لحاقه بدار الحرب وارتداده واشتغاله بالفساد في سائر البلاد ويكون أمانة في يده وان تلف بغير تفريط فلا ضمان عليه لأنه محسن فينتفي السبيل
عليه فان وجد صاحبه دفعه إليه إذا أقام به البينة أو اعترف العبد انه سيده وان لم يجد مولاه دفعه إلى الامام أو نايبه فيحفظه لصاحبه أو يبيعه ان رآه
مصلحة ونحوه وقال مالك واحمد وأصحاب الرأي ولا نعرف لهم مخالفا وليس لملتقطه بيعه ولا تملكه بعد تعريفه لأنه يتحفظ بنفسه فهو كالضوال الإبل فان باعه
فسد في قول عامة أهل العلم وان باعه الامام لمصلحة رآها في بيعه فجاء سيده واعترف بأنه قد كان أعتقه فالأقرب عدم القبول الا بالبينة لأنه الان
ملك لغيره فلا يقبل اقراره في ملك غيره كما لو باعه السيد ثم أقر بعتقه وقال بعض العامة يقبل قوله لأنه لا يجر إلى نفسه نفعا
ولا يدفع عنه ضررا وعلى ما اخترناه من عدم قبول قوله ليس له المطالبة بثمنه لاقراره بحريته لكن يؤخذ لبيت
المال لأنه لا مستحق له ظاهرا فان عاد السيد فأنكر العتق وطلب المال كان له اخذه لأنه مال لا
منازع له فيه فيحكم له به صورة ما كتبه المصنف طالب ثراه تم الجزء الحادي عشر من
كتاب تذكرة الفقهاء بعون الله تعالى ويتلوه في الجزء الثاني عشر بتوفيق الله تعالى
المقصد السابع في الإجارة وذلك على يد مصنفه العبد
الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن المطهر وقد فرغت
من تصنيفه وتسويده في ثالث جمادي الأولى
من سنة خمس عشر وسبعمائة بالسلطانية
والحمد لله وحده وصلى الله
على سيدنا ومولانا
محمد النبي وآله
الطاهرين
المعصومين والحمد لله رب العالمين يا رب العالمين
289

بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
المقصد السابع في الإجارة وفيه فصول الأول المهية الإجارة عقد يقتضي تمليك المنفعة خاصة بعوض معلوم لازم في حقيقتها ويستعمل في هذا العقد
لفظان أحدهما الإجارة وهي وإن اشتهرت في العقد فهي في اللغة اسم للأجرة وهي كراء الأجير ونقل بعضهم انه يقال لها اجارة أيضا بالضم ويقال استأجرت دار فلان فاجرني
داره ومملوكه يوجرها ايجارا فهو موجر وذاك موجر ولا يقال مواجر ولا اجرا أما المواجر فهو من قولك أجر الأجير مواجرة كما يقال نازعه منازعة وعامله وأما الاجر فهو فاعل
قولك اجره يأجره اجرا إذا أعطاه أجرة أو قولك اجره يأجره إذا صار أجيرا له وقوله تعالى على أن تأجرني ثماني حجج فسره بعضهم بالمعنى الأول فقال تعطيني من تزويجي
إياك رعى الغنم هذه المدة وبعضهم بالثاني فقال تصير أجيري وإذا استأجرت عاملا لعمل فأنت أجير بالمعنى الأول لأنك تعطي الأجرة وهو أجير بالمعنى الثاني لأنه يصير أجيرا لك
واجره الله تعالى لغة في اجره أي أعطاه اجره والأجير فعيل بمعنى فاعل كالجليس والنديم اللفظة الثانية الاكتراء يقال اكتريت الدار فهي مكراة ويقال اكتريت واستكريت وتكاريت بمعنى
ورجل مكاري والكرى على فعيل المكاري والمكترى أيضا والكرا وإن اشتهر اسما للأجرة فهو في الأصل مصدر كأريته إذا عرفت هذا فالإجارة عقلا يشتمل على إيجاب وقبول في
عرف الشرع مسألة هذا العقد جايز بالنص والاجماع قال الله تعالى فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن فأوجب لهن الإجارة فدل ذلك على جواز اخذ عوض المنافع واختلف
في أن الإجارة على الحضانة واللبن تابع أو على اللبن وقال تعالى يا أبت استأجره أن خير من استأجرت القوى الأمين قال إني أريد أن أنكحك أحد بنتي هاتين على أن تأجرني ثماني
حجج وقال تعالى في قصة الخضر وموسى (ع) فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لا اتخذت عليه اجرا وروي العامة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال أعطوا الأجير اجرته
قبل أن يجف عرقه وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال قال ربكم ثلاثة أنا خصمهم ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطاني عهدا ثم غدر ورجل باع حرا وأكل ثمنه ورجل استأجر
أجيرا فاستوفى عمله ولم يوفه اجره وعن ابن عباس في قوله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم أن يحج الرجل ويؤاجر نفسه ومن طريق الخاصة ما رواه علي بن يقطين
عن الكاظم (ع) عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة أو أكثر من ذلك أو أقل قال الكراء لازم إلى الوقت الذي نكاري إليه والخيار في أخذ الكراء إلى ربها أن شاء أخذ
وإن شاء ترك وفي الحسن عن هشام بن الحكم عن الصادق (ع) في الحمال والأجير قال لا يجف عرقه حتى تعطيه اجرته وعن شعيب قال تكارينا للصادق (ع) قوما يعملون له في بستان له
وكان اجلهم إلى العصر قال فلما فرغوا قال يا شعيب أعطهم أجورهم قبل أن يجف عرقهم وعن ابن سنان عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن الإجارة فقال صالح لا بأس به إذا نصح قدر طاقته
فقد اجر موسى (ع) نفسه فقال إن شئت فثمانا وإن شئت عشرا فأنزل الله تعالى فيه أن تأجرني ثماني حجج فأن أتممت عشرا فمن عندك ولا ينافي ذلك رواية عمار عن الصادق (ع)
قال قلت له الرجل يتجر فإن هو اجر نفسه اعطى نصيبه في تجارته فقال لا يواجر نفسه ولكن يسترزق الله عز وجل ويتجر فإنه إذا اجر نفسه خطر على نفسه الرزق لأنه للكراهة حيث يمتنع
به من التجارة وهي ابرك والاخبار في ذلك كثيرة واما الاجماع فلا خلاف بين علماء الأمصار في جميع الأعصار في جواز عقد الإجارة إلا ما يحكى عن عبد الرحمن الأصم أنه قال لا يجوز
لان ذلك غرر والنبي نهى عن الغرر يعني انه يعقد منافع مستقبله لم تخلق وهذا غلط لا يمنع انعقاد الاجماع لما تقدم من النصوص وأيضا الحاجة داعية إليه والضرورة ماسة له
فإنه ليس لكل أحد دار يسكنها ولا خادم يخدمه ولا يلزم غيره أن يسكنه داره ولا يخدمه تبرعا وكل أصحاب الصنايع يعملون ذلك بأجرة ولا يمكن أن يعمل ذلك ولا يجدون متطوعا
من الإجارة لذلك بل ذلك مما جعله له طريقا للرزق حتى أن أكثر المكاسب بالصنايع فلو لا تسويغ هذا العقد لزم الحرج وتعطيل أمور الناس بأسرها وهو مناف للحكمة العلم به
ضروري والغرر لا معنى له مع هذه الحاجة الشديدة والعقد على المنافع لا يمكن بعد وجودها لأنها لا يتلف بمضي الساعات فدعت الضرورة والحاجة الشديدة إلى العقد عليها
قبل وجودها واشتقاق الإجارة من الاجر وهي الثواب تقول اجرك الله أي أثابك الفصل الثاني في الأركان وهي أربع الأول المتعاقدان يشترط في المؤجر والمستأجر
شروط الأول البلوغ فلا تنعقد اجارة الصبي ايجابا ولا قبولا سواء كان مميزا أو لا وسواء اذن له الولي أو لا إذ لا عبرة بعبارة الصبي الثاني العقل فلا يصح عقد المجنون سواء
كان الجنون مطبقا لو أدوارا ولو كان يعتوره فاجر في حال افاقته صح لوجود الشرط حينئذ الثالث أن يكون مختارا فلا عبرة بعقد المكره عليه لقوله تعالى إلا أن تكون تجارة عن
تراض منكم ولا رضي للمكره على الفعل الرابع أن يكون قاصدا فلو تلفظ الساهي والنايم والغافل والسكران والمغمى عليه وشارب المرقد لم يعتبر بعقده الخامس ارتفاع
الحجر عن العاقد فلا تنعقد اجارة المحجور عليه للسفه ولا للفلس لأنهما ممنوعان من التصرفات المالية السادس أن يكون المؤجر مالكا للمنفعة التي وقعت الإجارة عليها أو وكيلا
له أو وليا عليه فلو عقد الفضولي كان العقد موقوفا ان اجازه مالك المنفعة أو من يلي امره جاز وإلا فلا مسألة ولا يشترط أن يكون المؤجر مالكا للعين التي تعلقت المنفعة
بها بل أن يكون مالكا للمنفعة وإن كانت العين مملوكة للغير فلو استأجر دابة أو دارا أو غيرهما من الأعيان التي يصح استيجارها جاز له أن يوجرها من غيره عند علمائنا أجمع وبه قال
سعيد بن المسيب وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وأبو سليمان بن عبد الرحمن والنخعي والشافعي وأصحاب الرأي واحمد في أحد الروايتين لأنه قد ملك المنفعة على حد ملك مالك
العين لها فجاز نقلها منه إلى غيره كما جاز نقل مالك العين لها وللأصل ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال لو أن رجلا استأجر دارا بعشرة دراهم وسكن بيتا منها
واجر بيتا منها بعشرة دراهم لم يكن به بأس ولا يواجرها بأكثر مما استأجرها إلا أن يحدث فيها شيئا والرواية الثانية عن أحمد انه لا يجوز للمستأجر أن يوجر العين المستأجرة وإن كانت
مقبوضة لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن ربح ما لم يقبض يضمنه والمنافع لم تدخل في ضمانه ولأنه عقد على ما لم يدخل في ضمانه فلم يجز كبيع المكيل أو الموزون قبل قبضه وهو غلط لان قبض
العين قام مقام قبض المنافع بدليل انه يجوز التصرف فيها فجاز العقد عليها كبيع الثمرة على الشجرة فيبطل القياس بهذا الأصل مسألة وكما تجوز اجارة العين المستأجرة بعد
القبض كذا تجوز اجارتها قبل القبض من غير المؤجر وهو قول بعض الشافعية لان قبض العين لا ينتقل به الضمان إليه فإذا كان القبض لا يتعلق به انتقال الضمان فلم يقف جواز التصرف
عليه ولأصالة الجواز والمشهور من قول الشافعي المنع وبه قال أبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لان المنافع مملوكة بعقد معاوضة فاعتبر في جواز العقد عليها القبض كالأعيان
والحكم في الأصل ممنوع وبالفرق؟ بما تقدم وأما لو اجرها من المؤجر قبل القبض فإنه يجوز أيضا ومن منع من اجارتها قبل القبض لغير المؤجر فله هنا وجهان أحدهما المنع أيضا لأنه عقد عليها
قبل قبضها فلم يجز كالأجنبي والثاني الجواز لان القبض هنا غير متعذر عليه بخلاف الأجنبي والأصل في بيع الطعام قبل قبضه لا يصح عن غير بايعه رواية واحدة عن أحمد وهل يصح من
بايعه على روايتين واما اجارتها بعد قبضها من المؤجر فإنها جايزة وبه قال الشافعي واحمد لان الأصل الجواز ولان المنفعة قابل للنقل والمؤجر أهل لتملكها كغيره فجاز العقد
معه كغيره ولان كل عقد جاز مع غير العاقد جاز مع العاقد كالبيع وقال أبو حنيفة لا يجوز والا لزم تناقض الاحكام لان التسليم مستحق على المؤجر فإذا اجرها منه صار التسليم حقا له فيصير مستحقا لما يستحق عليه وهو تناقض وهو غلط لان التسليم قد حصل والذي يستحقه بعد ذلك تسليم اخر ثم يبطل بالبيع
فإنه يستحق عليه تسليم العين فإذا اشتراها استحق تسليمها فإن قيل التسليم هنا مستحق في جميع المدة بخلاف البيع قلنا المستحق تسليم العين وقد حصل وليس عليه تسليم اخر
غير أن العين في ضمان المؤجر فإذا تعذرت المنافع بتلف الدار وغصبها رجع عليه لأنها تعذرت بسبب كان في ضمانه مسألة يجوز للمؤجر أن يوجر ما استأجره بأزيد مما
290

استأجره وباقل وبالمساوى سواء أحدث فيها حدثا من عمارة وشبهها أو لا عند أكثر علمائنا وبه قال عطا والحسن البصري والزهري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر واحمد في إحدى
الروايتين لأنه عقد يجوز برأس المال فجاز بزيادة كالبيع ولان كلما جاز اجارته بمثل ما استأجره به جاز بأكثر كما لو أحدث عمارة لا يقال الزيادة في مقابله العمارة وليست ربحا
لأنا نقول العمارة لا يقابلها جزء من الأجرة وللأصل وللآية وقال الشيخ (ره) إن كان المستأجر قد أحدث فيها حدثا جاز ان يوجرها بأكثر مما استأجرها به وإلا فلا وبه
قال الشعبي والثوري وأبو حنيفة واحمد في الرواية الأخرى لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن ربح ما لم يضمن وهذا لم يضمن المنفعة فلا يجوز ان يربح ولأنه يربح
فيها لم يضمن فلم يجز كما لو ربح في الطعام قبل قبضه ويخالف ما إذا عمل فيها لان الربح في مقابلة العمل ولا حجة في الخبر فإن المنافع قد دخلت من وجه الا ترى انها لو تلفت من
غير استيفائه كانت من ضمانه على انا نخصه والقياس على بيع الطعام باطل فإن البيع ممنوع منه بالكلية سواء ربح أو لا وهنا يجوز في الجملة على انا نمنع الحكم في الأصل وتعليلهم بان
الربح في مقابلة عمله فلغى بما إذا كنس الدار وغسلها ونظفها فإن هذا مما يوفر الأجرة في العادة ولا يجوز عندكم الزيادة بسببه وعن أحمد رواية ثالثة انه إن اذن له المالك
في الزيادة جاز وإلا لم يجز وكره ابن المسيب وابن سيرين ومجاهد وعكرمة الزيادة مطلقا لدخولها في ربح ما لم يضمن وقال أبو حنيفة واحمد في الرواية التي منع فيها الايجار
بأكثر مما استأجرها به انه ان اجر بزيادة تصدق بالزيادة وليس بشئ للقياس على ما إذا باع بأكثر مما اشتراه ويطيب له الربح تذنيب قال الشيخ (ره) لا يجوز أن يؤجر المسكن
ولا الخان ولا الأجير بأكثر مما استأجره إلا أن يوجر بغير جنس الأجرة أو يحدث ما يقابل التفاوت وكذا لو سكن بعض الملك لم يجز أن يوجرها الباقي بزيادة عن الأجرة
والجنس واحد ويجوز بأكثر لرواية الحلبي عن الصادق (ع) وقد تقدم آخر لو استعار شيئا لم يجز أن يوجره ولو استعاره ليؤجره جاز كما لو استعاره ليرهنه وللشافعية
وجهان مسألة لو تقبل عملا يعمله كخياطة ثوب أو بناء حائط وشبهه جاز أن يقبله غيره بأقل من ذلك ويكون الفضل له حلالا سواء عمل المتقبل فيه شيئا أو لا
وسواء كان مال القبالتين من جنس واحد أو من جنسين للأصل وهو قياس مذهب احمد لأنه إذا جاز أن يقبله بمثل الاجر الأول أو دونه جاز بزيادة عليه كالبيع وكاجارة العين
وما رواه أبو حمزة في الصحيح عن الباقر (ع) قال سألته عن الرجل يتقبل العمل فلا يعمل منه ويدفعه إلى اخر بربح فيه قال لا بأس وقال الشيخ (ره) لا يجوز ذلك مع اتحاد جنس المال فيهما إلا
أن يعمل فيه شيئا وهو رواية عن أحمد أيضا لما رواه على؟ الصابغ عن الصادق (ع) قال قلت له أتقبل العمل ثم اقبله من غلمان يعملون معي بالثلثين فقال لا يصلح ذلك إلا أن
تصالح (تعالج) معهم فيه قلت أنى ارتبه؟ لهم قال فقال ذاك عمل فلا بأس وعن مجمع عن الصادق (ع) قال قلت له أتقبل الثياب أخيطها ثم اعطيها الغلمان بالثلثين فقال أليس تعمل
فيها قلت اقطعها واشترى لها الخيوط وهو محمول على الكراهة جمعا بين الأدلة الركن الثاني الصيغة لا بد في كل عقد من إيجاب وقبول دالين على الرضا الباطن والعبارة الصريحة
عن الايجاب آجرتك هذه الدار مثلا أو أكريتك مدة كذا بكذا ثم يقول المستأجر على الاتصال قبلت أو استأجرت أو استكريت ولا يكفي ملكتك من غير أضافة إلى المنفعة
إما لو قال ملكتك سكنى هذه الدار بكذا سنة صح ولو قال أعرتك هذه الدار سنة بكذا فالوجه المنع ويحتمل الجواز لتحقق القصد إلى المنفعة مسألة الإجارة عقد يتعلق
بنقل المنافع وليست بيعا عندنا وقال الشافعي واحمد الإجارة نوع من البيع لأنها تمليك من كل واحد منهما لصاحبه فهي بيع للمنافع والمنافع بمنزلة الأعيان لأنه يصح تمليكها في حال
الحياة وبعد الموت وتضمن باليد والاتلاف ويكون عوضها عينا ودينا وإنما اختصت باسم كما اختص بعض البيوع باسم كالصرف والسلم وهو غلط لان البيع مختص بنوع بنقل
الأعيان إذا ثبت هذا فلو قال في الايجاب بعتك منفعة هذه الدار شهرا بكذا لم يصح عندنا لما بينا من اختصاص لفظة البيع بالأعيان وللشافعية وجهان أحدهما الجواز
لان الإجارة صنف من البيع واظهارهما عندهم المنع لان البيع موضوع لملك الأعيان فلا يستعمل في المنافع كما لا ينعقد البيع بلفظ الإجارة مسألة الأقوى أن المعقود
عليه في الإجارة المنافع دون العين نعم العين متعلقة للمنافع وهو قول أبي حنيفة ومالك وأكثر الشافعية لان المعقود عليه ما يستحق بالعقد ويجوز التصرف فيه والعين
ليست كذلك فإن المعقود عليه المنفعة وعليه ينطبق حد الإجارة الذي أطبق عليه الجمهور وهو أن الإجارة عقد يقتضي تمليك المنفعة بعوض معلوم ولان لأجرة في مقابلة
المنفعة ولهذا تضمن المنفعة دون العين وما كان العوض في مقابلة فهو المعقود تحقيقه ان عين الثوب مثلا يتعلق به أمور ثلاثة الأول صلاحية لان يلبس الثاني
الفايدة الحاصلة باللبس لدفع الحر والبرد الثالث نفس اللبس المتوسط بينهما واسم المنفعة يقع عليها جميعا ومورد العقد والمستحق إنما هو الثالث وقال بعض الشافعية
المعقود عليه العين ليستوفي منها المنفعة لان المنافع معدومة ومورد العقد يجب أن يكون موجودا ولان اللفظ يضاف إلى العين فيقول اجرتك هذه الدار ونمنع ان
يكون المعقود عليه موجودا تحقيقا فيكفي الوجود التقديري وقولهم اجرتك هذه الدار معناه منفعتها ولهذا لو قال اجرتك منفعتها جاز والتحقيق يقتضي ان الخلاف هنا
لفظي فإن الاجماع واقع على أن العين لا تملك بالإجارة كما تملك في البيع والقايل بان متعلق الإجارة العين يسلم ان المعقود عليه العين لاستيفاء المنفعة على أن الحق لان ينقطع
عن العين والقايل بان المعقود عليه المنفعة يسلم ذلك بل يقول الحق متعلق بالعين له تسلمها وامساكها مدة العقد لينتفع بها مسألة لو أضاف الإجارة إلى المنافع فقال
اجرتك منافع هذه الدار أو اجرتكها فالأقوى المنع لان لفظ الإجارة وضع مضافا إلى العين فلا يضاف إلى منافعها وبه قال الجويني من الشافعية والأظهر عند الشافعية
الجواز ويكون ذكر المنفعة ضربا من التأكيد كما لو قال بعتك عين هذه الدار أو رقبتها يصح البيع والفرق ظاهر لان البيع يتناول عين الدار ورقبتها بخلاف الإجارة التي لا
تضاف إلى المنافع ولو كان العقد في الذمة وقال ألزمت ذمتك كذا فقبل جاز واغنى عن الإجارة والاكراء على اشكال أقربه المنع والشافعية ذهبوا إلى الأول الركن الثالث
الأجرة مسألة يشترط في الأجرة المالية فلا ينعقد الإجارة بما ليس بمال كالخمر والخنزير وشبههما والضابط أن كلما صلح أن يكون ثمنا في البيع صح أن يكون عوضا قي عقد
الإجارة لأنه عقد معاوضة فأشبه البيع وأن يكون معلوما لأنه عوض في عقد معاوضة فوجب ان يكون معلوما كثمن المبيع ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله قال من
استأجر أجيرا فليعلمه اجره والعلم يحصل بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة كما في عقد البيع مسألة إذا كانت الأجرة من المكيل أو الموزون وجب علم مقدارها بهما حالة العقد
للمتعاقدين لأنه بدونه غرر والنبي نهى عن الغرر وما رواه مسعدة بن صدقة عن الصادق (ع) قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعمل أجيرا حتى يعلمه ما اجره وهل
يكفي المشاهدة كصبرة من الطعام مشاهدة أو قبضة من فضة مشاهدة الأقوى عندنا المنع لما تقدم من أنه عقد معاوضة فاشترط العلم بمقدار الثمن المتقدر بأحد
التقديرين كالبيع ولانتفاء الغرر معه وثبوته بدونه وللشافعية طريقان أحدهما أن في ذلك قولين كما إذا كان رأس مال السلم جزافا لان الإجارة تنفسخ بتعذر استيفاء
المنفعة كما ينفسخ السلم بتعذر المسلم فيه ويحتاجان إلى الرجوع إلى العوض فلو لم يكن معلوما وقع التشاجر ولم يعلم أحدهما القدر المستحق وذلك غرر عظيم والثاني انه
يجوز ذلك قولا واحدا بخلاف السلم لان المنفعة أجريت مجرى الأعيان لأنها متعلق بعين حاضرة والسلم يتعلق بمعدوم وموجود فافترقا مسألة الإجارة تنقسم إلى واردة
على العين كما لو استأجر دابة بعينها ليركبها أو ليحمل عليها أو شخصا بعينه ليخيط له ثوبا أو يبني جدارا وإلى واردة على الذمة كما لو استأجر دابة موصوفة للركوب أو للحمل
أو قال ألزمت ذمتك خياطة ثوب أو بناء جدار فقيل ولو قال استأجرتك لكذا أو تفعل كذا احتمل قويا أن يكون اجارة واردة على العين للإضافة المخاطب كما لو قال
استأجرت هذه الدابة وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني أن يكون اجارة في الذمة لان المقصود حصول العمل من جهة المخاطب فكأنه قال استحققت عليكم كذا وإنما
291

يكون اجارة عين على هذا ان أراد فقال استأجرت عينك أو نفسك لكذا أو لتعمل بنفسك كذا وإجارة العقارات لا تكون الا من القسم الأول لأنها لا تثبت في الذمة الا
ترى أنه لا يجوز السلم في دار ولا أرض مسألة إذا عقد عقد الإجارة على منفعة دار معينة إلى مدة ملك المستأجر النافع المعقود عليها إلى المدة ويكون حدوثها على
ملكه وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يحدث على ملك المؤجر ولا يملكها المستأجر بالعقد لأنها معدومة
فلا يكون مملوكة كالثمرة والولد وليس بشئ لان الملك
عبارة عن حكم يحصل به تصرف مخصوص وقد ثبت أن هذه المنفعة المستقبلة كان مالك العين يتصرف فيها كتصرفه فلما اجرها صار المستأجر مالكا للتصرف
فيها كما كان يملكه المؤجر فثبت انها مملوكه لمالك العين ثم انتقلت إلى المستأجر بخلاف الولد والثمرة فإن المستأجر لا يملك التصرف فيها وقولهم المنافع معدومة باطل
لأنها مقدرة الوجود ولهذا جعلت مورد العقد والعقد لا يرد الا على موجود مسألة الأجرة ان شرط تعجيلها في العقد كانت معجلة وإن شرط تأجيلها
إلى اخر المدة أو نجوما معينة كانت على الشرط لقوله (ع) المسلمون عند شروطهم ولا نعلم في ذلك خلافا وإن اطلق كانت معجلة وملكها المؤجر بنفس العقد واستحق استيفاؤها
إذا سلم العين إلى المستأجر عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد لان الأجرة عوض في عقد يتجعل بالشرط فوجب ان يتعجل بمطلق العقد كالثمن والصداق ولان المستأجر
يملك المنفعة في الحال وينفذ تصرفه فيها إلا أنه لما استحال استيفاؤها دفعة استوفيت على التدريج لضرورة الحال وقال أبو حنيفة ومالك لا يملك المؤجر الأجرة عند
الاطلاق بنفس العقد كما لا يملك المستأجر المنفعة فإنها معدومة ولكن يملكها شيئا فشيئا كذلك الأجرة إلا أن المطالبة كل لحظة مما يعسر فلا يمكن الضبط بالخطات؟ والساعات
فضبط أبو حنيفة باليوم وقال كلما مضى يوم طالبه بأجرته وهو رواية عن مالك وقال في رواية أنه لا يستحق الأجرة حتى ينقضى المدة بتمامها وهو قول الثوري ولو
شرط التعجيل ملكها في الحال عندهما وقال أبو حنيفة أيضا إن كانت معينة كالدار والثوب والعبد وملكها بالعقد وفي غيرها لا يستحق المؤجر الأجرة بالعقد ولا بتسليم العين
وإنما تجب يوما فيوما فإذا انقضى اليوم طالبه بأجرته لأنه يشق ساعة ساعة واحتجا بان المستأجر مالك المنافع بالعقد لأنها معدومة بل يملكها شيئا فشيئا فلا يملك عليه
الأجرة دفعة ولو كان يملكها فلم يتسلمها لأنه يتسلمها شيئا فشيئا فلا يجب عليه العوض مع تعذر التسليم في العقد ولان الله تعالى قال فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن أمرا بإيتائهن بعد الارضاع
وقال النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة انا خصمهم يوم القيامة رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه اجره قبل ان يجف عرقه ولأنه عوض لم يملك معوضه فلا يجب تسليمه كالعوض في
العقد الفاسد ونمنع عدم الملك بل قد ملك المستأجر المنافع وينتقض قولهم بأنها معدومة فلا يكون مملوكها لو شرط التعجيل فإن الشرط لا يجعل المعدوم موجودا
والمنافع إما موجودة أو ملحقة بالموجود ولهذا صح ايراد العقد عليها وجاز أن تكون الأجرة دينا في الذمة ولولا أنها ملحقة بالموجودات لكان في معنى بيع دين بدين
واما عدم التسليم فقد تسلم العين وجعل تسليم العين كتسليم المنافع في جواز تصرفه فيها فجرى مجرى قبضها في استحقاق العوض والمراد من الآية الامر بالايتاء عند الشروع
في الارضاع أو تسليم نفسها كما قال تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم اي إذا أردت القراءة ولان هذا تمسك بدليل الخطاب وهو غير حجة عند أبي حنيفة
وكذا الحديث فإن الامر بالايتاء في وقت لا يمنع وجوبه قبله ويعارض بقوله تعالى فاستمتعتم به منهم فاتوهن أجورهن والصداق يجب قبل الاستمتاع وهو
الجواب عن الحديث وبذل عليه انه إنما توعد على ترك الايفاء بعد الفراغ من العمل وقد قلتم يجب الأجرة شيئا فشيئا ويحتمل ان يكون توعده على ترك الايفاء في الوقت الذي
تتوجه المطالبة به عادة على أن الآية والخبر إنما وردا فيمن استؤجر على عمل فاما ما وقعت الإجارة فيه على هذه فلا تعرض لهما به إذا ثبت هذا فالإجارة إذا وقعت على
عمل فإن الاجر يملك بالعقد أيضا لكن لا يستحق تسليمها الا عند تسليم العمل وقال بعض العامة من استؤجر بعمل معلوم استحق الاجر عند إيفاء العمل وإن استؤجر في كل
يوم باجر معلوم فله اجر كل يوم عند تمامه وقال بعضهم الاجر يملك بالعقد ويستحق بالتسليم ويستقر بمضي المدة وإنما توقف استحقاق تسليمه على العمل لأنه عوض فلا
تستحق تسليمه إلا مع تسليم المعوض كالصداق والثمن في المبيع وفارقت الإجارة على الأعيان لان تسليمها جرى مجرى تسليم منفعتها وإذا كانت على منفعة في الذمة لم يحصل تسليم
المنفعة ولا ما يقوم مقامها فتوقف استحقاق تسليم الاجر على تسليم العمل واعترض الشافعي على نفسه فقال إن ايجاب الأجرة بالعقد يفضي؟ إلى أن المؤجر ينتفع بالأجرة فإذا
تلف المستأجر قبل انقضاء المدة ردها وقد انتفع به وأيضا إذا اشترى عينا غايبة وقبض الثمن ثم تلفت قبل القبض فإنه يرد الثمن وقد انتفع به وكذا يلزم لو شرط تعجيل
الأجرة مسألة الأجرة في عقد الإجارة الوارد على العين وإن كانت معجلة بالشرط أو مع الاطلاق على ما اخترناه لا يجب تسليمها في مجلس عقد الإجارة كما لا يجب
تسليم الثمن في البيع وإن كانت في الذمة فهي كالثمن في الذمة في جواز الاستبدال وفي أنه إذا شرط فيها التأجيل أو التنجيم كانت مؤجلة أو منجمة وإن شرط التعجيل كانت
معجلة وإن اطلق ذكرها تعجل أيضا وملكها المؤجر بنفس العقد خلافا لأبي حنيفة ومالك كما تقدم مسألة قد بينا أنه يجب أن يكون الأجرة معلومة بالمشاهدة والوصف
فإن كانت متقدرة بالكيل أو الوزن وجب العلم بمقدارها بهما فلو قال اعمل كذا لأرضيك أو لأعطيك شيئا وما أشبهه فسد العقد وإذا عمل استحق أجرة المثل ولو استأجر
رجلا لسلخ بهيمة مذكاة بجلدها لم يجز لأنه لا يعلم هل يخرج سليما أو لا وهل هو ثخين أو رقيق ولأنه لا يجوز ان يكون ثمنا في المبيع فلا يجوز أن يكون عوضا في الإجارة كسائر
المجهولات فإن استأجره بذلك فسلخها كانت الإجارة فاسدة وللعامل أجرة المثل وبه قال الشافعي واحمد وقال الشيخ (ره) يجوز عندنا لأنه لا مانع من جوازه والمعتمد الأول
فلو استأجره لطرح ميتة بجلدها فهو أبلغ في الفساد لان جلد الميتة نجس لا يجوز بيعه ولا المعاوضة به وقد خرج بموته عن كونه ملكا فإن فعل فسد العقد وكان المناقل اجرة
مثله مسألة لو استأجر راعيا بثلث درها ونسلها وصوفها وشعرها أو بنصفه أو بجميعه لم يجز لان الأجرة غير معلوم ولا يصح عوضا في البيع فلا يصح عوضا في الإجارة
وكذا لو دفع إليه بقرة أو فرسا أو بهيمة على أن يعلفها ويحفظها وما ولدت من ولد بينهما لم يجز ولا نعلم فيه خلافا لان العوض مجهول معدوم ولا نعلم هل يوجد أو لا
والأصل عدمه ولأنه لا يصلح ثمنا في البيع فلا يصلح عوضا في الإجارة وبه قال احمد أيضا لكنه قال إذا دفع الدابة إلى من يعمل عليها بنصف ربحها جاز وهو غلط للجهالة
وفرق بأنه إنما جاز أن يدفع الدابة إلى عامل بنصف ربحها تشبيها بالمضاربة لأنها عين تنمي بالعمل فجاز اشتراط جزء من النماء كالمضاربة والمساقات وفي المتنازع لا يمكن ذلك
لان النماء الحاصل في الغنم لا يقف حصوله على عمله فيها فلم يمكن الحاقه بذلك وليس بجيد لان النماء إنما يحصل بواسطة رعيه وحراسته ولو استأجره على رعيها مدة معلومة ببعضها
أو بجزء منها معلوم صح عند احمد لان العمل والمدة والأجرة معلومة فيصح كما لو جعل الاجر دراهم معلومة ويكون النماء الحاصل بينهما بحكم الملك أشبه ملك الجزء المجعول له فيها يملكه في الحال فكان له نماؤه كما
لو اشتراه وسيأتي البحث فيه مسألة كلما جاز أن يكون ثمنا في البيع جاز أن يكون عوضا في الإجارة لما بينهما من التناسب حتى ظنا واحدا فعلى هذا يجوز أن يكون
العوض عينا ومنفعة سواء ما ثلث منفعة العين التي وقعت الإجارة عليها أو خالفتها كما لو استأجر دارا وجعل العوض سكنى دار أخرى أو استأجر دارا بخدمة عبد سنة
لان المنفعتين المختلفتين والمتماثلتين منفعتان تجوز اجارتهما فجاز ان يستأجر إحديهما بالأخرى لمنفعة الدار والعبد وقد قال الله تعالى في المختلفتين اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي
292

هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فجعل النكاح عوض الإجارة وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجوز الا ان يختلف جنس المنفعة فتؤجر منفعة دار بمنفعة بهيمة أو غيرها
ولا يجوز أن يوجرها بمنفعة دار أخرى لان الجنس الواحد يحرم فيه النساء عنده وهذه نسية في جنس فيلزم الربا ومنع الشافعية الحكم في الأصل ونحن نخصص ذلك بالبيع على انا نمنع
النسيئة فيهما بل كل منهما يملك في الحال جميع المنفعة في المدة لكن استيفاؤها متعذر دفعة ويبطل ما قاله بما إذا اختلف جنس المنفعة مع أن المنافع كلها جنس واحد على أن
تقدير المدة في الإجارة ليس بتأجيل وانما هو تقدير المنفعة ولو كانت تأجيلا لم يجز في جنسين مختلفين أيضا لأنه يكون بيع الدين بالدين وعندنا وعند الشافعية لا ربا في المنافع أصلا
حتى لو اجره دارا بمنفعة دارين جاز وكذا لو اجر حليا ذهبا بذهب لا يشترط القبض في المجلس مسألة لو استأجر بقدر معلوم من الحنطة أو الشعير وضبطه كما يضبط في السلم
جاز ولا يجوز بأرطال من الخبز عندنا لأنه لا يجوز السلم في الخبز لعدم انضباطه وللشافعية قولان في جواز السلم فيه وهما جاريان هنا ولو اجر الدار بعمارتها والدابة بعلفها
والأرض بخراجها ومؤنتها لم يجز لعدم الضبط في ذلك كله أما لو اجره الدار بدراهم معلومة على أن يعمرها ولا يحسب ما أنفق من الدراهم أو اجره بدراهم معلومة على أن
يصرفها إلى العمارة فالأقوى الجواز ومنع منه الشافعية لان العمارة والصرف إلى العمارة والعمل في الصرف مجهول وإن كانت الدراهم معلومة إذا صرفها إلى العمارة رجع بها
ولو اطلق العقد ثم اذن له في الصرف إلى العمارة أو تبرع به المستأجر جاز فان اختلفا في قدر ما أنفقه فالقول قول المالك أو المستأجر اشكال وللشافعية قولان مسألة
لو استأجر أجيرا بطعامه وكسوته فإن قدرا ذلك وعلماه صح العقد وإن لم يقدراه بطل العقد ولا فرق بين أن يكون ذلك في الظرء وغيرها وبه قال الشافعي وأبو يوسف
ومحمد وأبو ثور وابن المنذر لان ذلك مجهول غير منضبط عند العقد فلم يصح لفوات الشرط وهو العلم بالقدر ولاشتماله على الغرر لقبوله التفاوت والزيادة والنقصان
وذلك يفضى إلى التنازع ويختلف كثيرا وبالقياس على عوض المبيع والنكاح وقال مالك يجوز وبه قال إسحاق لما رواه العامة عن أبي بكر وعمر وابن أبي موسى انهم استأجروا
الاجراء بطعامهم وكسوتهم وإذا جاز كان للعامل وسط النفقة والكسوة ولا حجة في فعل من ذكر وقال أبو حنيفة لا يجوز ذلك إلا في الظرء خاصة وعن أحمد ثلث روايات
كالأقوال الثلاثة لان ذلك مجهول وإنما جاز في الظرء لقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف أوجب لهن النفقة والكسوة على الرضاع ولم يفرق بين المطلقة
وغيرها بل في الآية قرينة تدل على طلاقها لان الزوجة تجب نفقتها وكسوتها بالزوجية وان لم ترضع ولان الله تعالى قال وعلى الوارث مثل ذلك والوارث ليس بزوج ولان المنفعة في الحضانة والرضاع غير
معلومة فجاز أن يكون عوضها كذلك ولا دلالة في الآية لان الواجب في الآية النفقة باعتبار الولادة على الأب لا على وجه الإجارة وثبوت حق على الأب يتوجه على وارثه
سلمنا أن يكون على سبيل الإجارة لكن ليس في الآية دليل على عدم التقدير ولا ينافيه فجاز أن يكون مقدرا جمعا بين الأدلة واحتج المجوزون مطلقا بما روي العامة عن عتبة قال
كنا عند رسول الله فقرأ طسم حتى إذا بلغ قصة موسى (ع) قال موسى أجر نفسه ثماني سنين أو عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يثبت نسخه وعن أبي هريرة
قال كنت أجيرا لابنة غزوان بطعام بطني وعفة فرجي وغنيمة رحلي احطب لهم إذا نزلوا واحد ولهم إذا ركبوا ولأنه عوض منفعة فقام العرف فيه مقام التسمية كنفقة الزوجة ولان الكسوة
عرفا وهي كسوة الزوجات والاطعام عرفا وهو الاطعام في الكفارات فجاز اطلاقه كنقد البلد ويخص أما حنيفة بان ما كان عوضا في الرضاع جاز في الخدمة كالأثمان ولا دلالة
في قصة موسى (ع) لأنه شرط في النكاح الاستيجار ولان شرع موسى منسوخ فلا عبرة به وحديث أبي هريرة لا اعتبار به لان فعله ليس بحجة ولا نسلم أن ذلك وقع على الوجه المشروع
بل كان على سبيل بيع المعاطاة من غير عقد شرعي ونمنع ثبوت العرف فيما ذكره مسألة لا فرق بين أن يستأجره بالنفقة والكسوة ويطلقها وبين أن يجعلهما جزءا من الأجرة
فلو استأجره بدراهم معينة وبنفقته وكسوته واطلقهما لم يصح عند المانعين وجاز عند المجوزين لان الجهالة لا يرتفع بانضمام المعلوم إلى المجهول إما لو جعل مال الإجارة
شيئا معينا وشرط له النفقة فالأقوى الجواز سواء اطلق أو عين إما مع التعيين فظاهر لانتفاء الجهالة فيه واما مع الاطلاق فلانه لم يجعله جزءا من مال الإجارة بل شرطه على
سبيل التبعية فلا تضر الجهالة فيه كشرط أساسات الحيطان وعروق الشجر في البيع مسألة إذا استأجره بطعامه وكسوته ونفقته وغير ذلك صح اجماعا ووصفها كما يصف في السلم وإن لم يشرط
طعاما ولا كسوة فنفقته وكسوته على نفسه وكذا الظرء قال ابن المنذر ولا اعلم خلافا في ذلك وقد روي علماؤنا أن من استأجر أجيرا لينفذه في حوايجه كانت نفقته
على المستأجر إلا أن يشترط على الأجير والأقرب عندي ذلك مع الشرط لا بدونه فإذا استأجر وشرط له طعاما معينا وكسوة معينة صح لأنه معلوم ويكون ذلك للأجير
إن شاء اكله وإن شاء تركه لنفسه ولو استأجر دابة يعلفها ولم يعين لم يصح وكذا لو استأجرها بدراهم معينة وشرط علفها ولم يعين ولو عين صح في البابين مسألة
لو استأجره بطعامه ونفقته وعين قدرها عندنا وأطلق عند من اجازه أو شرطهما أو وجبا له على الرواية فاستغنى الأجير عن الطعام المستأجر بطعام بنفسه أو بطعام
غيره أو عجز عن الاكل لمرض أو غيره لم تسقط نفقته وكان له المطالبة بها لأنها عوض فلا تسقط بالغنى عنه كالدراهم وقد روي سليمان بن سالم عن أبي الحسن (ع) قال سألته
عن رجل استأجر رجلا بنفقة ودراهم مسماة على أن يبعثه إلى ارض فلما أن قدم اقبل رجل من أصحابه يدعوه إلى منزله الشهر والشهرين فيصيب عنده ما يغنيه
عن نفقة المستأجر فينظر الأجير إلى ما كان ينفق عليه في الشهر إذ هو لم يدعه فكافأه به الذي يدعوه فمن مال من تلك المكافات أمن مال الأجير أو مال المستأجر قال إن كان في مصلحة المستأجر
فهو من مال وإلا فهو على الأجير وعن رجل استأجر رجلا بنفقة مسماة ولم يفسر شيئا على أن يبعثه إلى ارض فما كان من مؤنة الأجير من غسل الثياب أو الحمام فعلى من
قال على المستأجر مسألة لو احتاج الأجير إلى دواء لمرضه لم يلزم المستأجر ذلك لأنه لم يشرط له الاطعام إلا صحا لكن يلزمه بقدر طعام الصحيح يشتري به الأجير
ما يصلح له لان ما زاد على طعام الصحيح لم يقع العقد عليه فلا يلزم به كالزايد في القدر وإذا دفع إليه طعامه فأحب الأجير أن يستفضل بعضه لنفسه نظر فإن كان
المؤجر دفع إليه أكثر من الواجب ليأكل قدر حاجته ويفضل الباقي أو كان في تركه لا كله ضرر بان يضعف عن العمل ويقل لبن الظرء منع منه لأنه في الصورة الأولى لم يملكه
إياه بل إباحة اكل قدر حاجته وفي الثانية على المؤجر ضرر بتفويت بعض ماله من منفعته فمنع منه كالجمال إذا
امتنع من علف الجمال وأما إن دفع إليه قدر الواجب من غير
زيادة أو دفع إليه أكثر وملكه إياه ولم يكن في تفضيله لبعضه ضرر بالمؤجر جاز لأنه حق له لا ضرر فيه على المؤجر فأشبه الدراهم ولو قدم إليه طعاما فنهب أو تلف
قبل اكله فإن كان على مائدة لا يخصه فيها بطعامه فهو من ضمان المستأجر لأنه لم يسلم إليه فكان تلفه من ماله وإن خصه بذلك وسلم إليه فهو من ضمان الأجير لأنه سلمه
عوضا على وجه التمليك فخرج عن العهدة كالبيع مسألة قد بينا انه يشترط العلم في العوض فلم سلم إليه ثوبا وقال إن خطته اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فنصف
درهم فإن كان على سبيل الجعالة صح وإن كان على سبيل الإجارة قال الشيخ (ره) يصح العقد فيهما فإن كان خاطه في اليوم الأول كان له درهم وإن خاطه في الغد كان
له نصف درهم وبه قال أبو يوسف ومحمد واحمد في إحدى الروايتين لأنه سمى لكل عمل عوضا معلوما كما لو قال كل دلو بتمرة واستدل الشيخ بقوله (ع) المؤمنون عند
شروطهم وفي اخبارنا ما يجري مجرى هذه المسألة بعينها منصوصة وهي أن من استجار دابة على أن يوافي بها يوما معينا على اجرة معينة فإن لم يواف ذلك اليوم كان
293

اجرتها أقل من ذلك وإن هذا جايز وما نحن فيه مثله بعينه وقال الشافعي يبطل العقد فيهما وتجب له أجرة المثل سواء عمله في اليوم أو في غده وبه قال مالك والثوري
وإسحاق وأبو ثور وزفر واحمد في الرواية الثانية لان عقد واحد فإذا اختلف فيه العوض بالتقديم والتأخير كان فاسدا كما لو قال اجرتك هذا بدرهم نصفه نسية ونصفه
نقدا أو قال بعتك هذا بدرهم نقدا وبدرهمين نسية وقال أبو حنيفة الشرط الأول جايز والثاني فاسد فإن خاطه في اليوم الأول فله درهم وإن خاطه في الثاني
فله اجرة مثله لكن لا ينقص فيها عن نصف درهم ولا يراد على درهم لأنهما جاريان مجرى العقدين لان خياطة الثاني غير الأول لو اقتصر على الأول كان جايزا وفساد الثاني
لا يفسده كما لو قال بعتك هذا العبد بمائة درهم وهذا العبد بزق خمر ففساد الثاني لا يفسد الأول وإنما فسد الثاني عنده لأنه موجب العقد الأول لان موجب
أن يجب في اليوم الثاني أجرة المثل ونمنع تعدد العقد بل هو عقد واحد والمنفعة واحدة وإنما اختلف عوضها كذا قاله الشافعية ونحن نمنع وحدة المنفعة فإن خياطة اليوم
مغايرة لخياطة غد مسألة إذا استأجره لخياطة ثوب وقال إن خطته روميا والذي يكون بدرزين فلك درهمان وإن خطته فارسيا فهو الذي يكون بدرز
واحد فلك درهم قال الشيخ تصح الإجارة على التقديرين واحتجوا بأنه عقد عقدين وخيره فيهما فصار كما لو قال بعتك أحد هذين العبدين لا بعينه بخيار ثلاثة أيام وإنما
لم يحتج إلى الخيار في الإجارة لان المعقود عليه لا يملك بالعقد وإنما يملك بإيفاء العمل وإذا عمله تعين فلا يودى إلى أن يملكه غير معين كما لو قال بعتك أحد هذين العبدين
بدرهم أو بعتك هذا الثوب بدرهم أو هذا العبد بدرهمين والشيخ (ره) كأنه عول في هذه المسألة على المسألة الأولى فان دليلهما واحد وهو النظر إلى الرواية وقال الشافعي العقد باطل ويجب له
أجرة المثل في أي الخياطين كان مسألة لو استأجره ليحمل له متاعا إلى موضع معين بأجرة معينة في وقت بعينه فإن قصر عنه نقص من اجرته شيئا جاز ولو شرط
سقوط جميع الأجرة إن لم يوصله فيه لم يجز وكان له أجرة المثل ويجيئ على قول الشافعي البطلان فيهما ووجوب أجرة المثل لنا الأصل الجواز وما روي من قوله (ع) المؤمنون
عند شروطهم وهذا شرط سايغ مرغوب فيه عند أكثر العقلاء لا يقتضي تجهيلا فكان لازما ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال سمعته يقول كنت جالسا
عند قاض من قضاة المدينة فاتاه رجلان فقال أحدهما اني تكاريت هذا بان يوافي بي السوق يوم كذا وكذا وانه لم يفعل قال فقال ليس له كرا قال فدعوته وقلت له
يا عبد الله ليس لك ان تذهب بحقه وقلت للأجير ليس لك أن تأخذ الذي عليه اصطلحتما فتراضيا بينكما وفي الصحيح عن الحلبي قال كنت قاعدا إلى قاض وعنده الباقر (ع)
جالس فاتاه رجلان فقال أحدهما اني تكاريت ابل هذا الرجل لتحمل لي متاعا إلى بعض المعادن واشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا لأنها سوق أتخوف
أن تفوتني فإن احتبست عن ذلك حططت من الكراء لكل يوم احبسه كذا وكذا وانه حبسني عن ذلك الوقت كذا وكذا يوما فقال القاضي هذا شرط فاسد وفيه كراء فلما قام
الرجل اقبل إلي أبو جعفر (ع) وقال شرطه هذا جايز ما لم يحط بجميع كراه إذا ثبت هذا فالأقرب تعميم الحكم فيه حتى لو شارطه على خياطة ثوب في هذا اليوم فإن اخره حط من اجرته
شيئا جاز ما لم يحط الساقط بجميع الأجرة وكذا غير هذه الصورة مما يناسبها مسألة إذا تعاقد الإجارة وشرطا تأجيل الأجرة صح الشرط اجماعا فإن حل الاجل وقد تغير
النقد فالاعتبار بنقد يوم العقد وأما في الجعالة فالأقوى الاعتبار بنقد يوم اللفظ ويحتمل وقت تمام العمل وللشافعية في الجعالة وجهان أصحهما عندهم الأول وقال بعضهم
بالثاني لان الاستحقاق ثبت بتمام العمل هذا إذا كانت الأجرة في الذمة وإن كانت معينة ملك في الحال كالمبيع واعتبرت فيها الشرايط المعتبرة في المبيع حتى لو جعل الاجر جلد
شاة مذبوحة قبل السلخ لم يجز للجهالة بحالها في الرقة والثخانة وسائر الصفات قبل السلخ مسألة الإجارة الواردة على الذمة بان قال استأجرت منك دابة
صفتها كذا لتحملني إلى موضع كذا جاز أن يكون الأجرة فيه حالة ومؤجلة بأجل معين عند علمائنا وهو أحد وجهي الشافعية الأصل ولأنها اجارة فصح فيها تأجيل العوض كما
لو كانت واردة على الأعيان والثاني للشافعية المنع لان الإجارة هنا سلم في المعنى ويجب التقابض كما يجب في السلم وهو ممنوع ولو استأجر بلفظ السلم بان قال أسلمت إليك
هذا الدينار في دابة تحملني إلى موضع كذا فالأقوى المنع لان الشارع وضع للعقود صيغا خاصة والأصل عصمة الأموال وقال الشافعي يصح وحينئذ لا يصح (يجوز) تأجيل الأجرة
ولا الاستبدال عنها ولا الحوالة بها ولا عليها ولا الابراء بل يجب التسليم في المجلس كرا من مال السلم لأنه سلم في المنافع ونحن نقول إن قصد السلم بلفظه لم يصح لاختصاصه
ببيع الأعيان وإن قصد الإجارة بلفظ السلم لم ينعقد سلما ولا اجارة عندنا مسألة قد بينا أنه لا يجوز استيجار السلاخ بالجلد للجهالة فإنه لا يعلم رقة الجلد
من ثخنه ولا صحته من عيبه وكذا لا يجوز أن يستأجر الطحان الطحن الحنطة بالنخالة للجهالة أيضا ولو استأجر الطحان لطحن الحنطة بثلث دقيقها أو بصاع منها أو المرضعة بجزء من الرقيق
الرضيع بعد الفطام أو قاطف الثمار بجزء من الثمار بعد القطاف أو النساج لينسج الثوب بنصفه فسد عند الشافعية وكان للأجير في هذه الصور بأسرها اجرة مثل
عمله واحتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله نهى من قفيز الحنطة (الطحان) وفسروه باستيجار الطحان على طحن الحنطة بقفيز من دقيقها ولان المجعول اجرة وهو الجلد متصل بغيره فهو كبيع نصف من سهم أو فصل
وفي مسألة الرضيع وقطاف الثمار الأجرة معينة وقد اجلها بأجل مجهول والأعيان لا توجل بالآجال المعلومة فكيف بالمجهولة ولان عمله لا يقع للمستأجر وفي محل ملكه خاصة
بل لنفسه وللمستأجر وفي ملكيهما والشرط في الإجارة وقوع العمل في خاص ملك المستأجر ولان الأجرة غير حاصلة في الحال على الهيئة المشروطة وإنما تحصل بعمل الأجير من بعد فهي إذن
غير مقدور عليها في الحال ولو استأجر المرضعة بجزء من الرقيق في الحال أو استأجر قاطف الثمرة بجزء منها على رؤوس الأشجار وقال بعض الشافعية بالمنع أيضا لان عمل الأجير
ينبغي أن يقع في خاص ملك المستأجر وخرجوا على هذا انه لو كان الرضيع ملكا لرجل وامرأة فاستأجرها الرجل وهي مرضع لترضعه إما بجزء من الرقيق أو غيره لم يجز لان
عملها لا يقع في خاص ملك المستأجر واعترض عليه بان القياس والحال هذه الجواز ولا يضر وقوع العمل في المحل المشترك كما أن أحد الشريكين لو ساقي صاحبه وشرط له زيادة
من الثمار يجوز وإن كان عمله يقع في المشترك قال بعض الشافعية لو استأجر أحد الشريكين في الحنطة صاحبه ليطحنها أو في الدابة ليتعهدها بدراهم جاز ولو قال استأجرتك
بربع هذه الحنطة أو بصاع منها لتطحن الباقي جاز عند بعض الشافعية ثم يتقاسمان قبل الطحن فيأخذ الأجرة ويطحن الباقي وإن شاء طحن الكل والدقيق مشترك بينهما
الركن الرابع المنفعة وشروطها خمسة الأول أن يكون متقومة ليصح بذلك المال في مقابلتها فإن ما لا قيمة له لا يجوز بذل المال في مقابلته لأنه يكون سفها كما لا يجوز بيع ما لا قيمة
له فكما لا يجوز بيع حبة واحدة من حنطة لعدم تقومها كذا لا يجوز استيجار ورقة واحدة من الريحان للشم لأنها لا تقصد للشم لأنها لا تقصد للشم ولا يصح تقويمها فأشبه الحبة الواحدة من
الحنطة لا يجوز بيعها ولو كثرت الأوراق في الأغصان متعددة حتى قصدت بالشم جاز استيجارها مسألة كلما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه منفعة محللة مقصودة
يجوز استيجاره فيجوز استيجار الدراهم والدنانير لأنه يجوز الانتفاع بها مع بقاء عينها بان يتزين بها ويتجمل بها وينثرها في العرس ثم يجمعها ويزن بها ويتحلى بها ويضرب
على طبعها وهو أحد وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة واحمد والوجه الثاني للشافعية المنع لان المنفعة بها انما يكون بالتغليب والتصرف فيها ولا منفعة فيها مع بقاء عينها
كالشمع ولهذا لا يضمن الغاصب منفعتها ونمنع انحصار المنفعة فيما ذكره من التغليب والتصرف وفارقت الشمع لأنه لا يمكن الانتفاع به إلا بتلفه وإن فرض له
منفعة مع بقاء عينه صحت اجارته إذا ثبت هذا فإذا استأجر الدراهم والدنانير جاز ان يبين جهة الانتفاع بها لان لها جهتي انتفاع إحديهما الوزن
294

بها وهو ينقصها والثانية التجمل بها ولا ينقصها فذكر الجهة أولي فإن أهمل ذكر الجهة فالأقوى صحة الإجارة كاستيجار الدار مطلقا فإنه يتناول السكنى ووضع المتاع فيها ولا يجب
تعيين جهة المنفعة بل للمستأجر الانتفاع بها فيهما معا فكذا هنا وقالت الشافعية بناء على القول بجواز اجارتها انه لا بد من تعيين الجهة لما ذكرنا من تفاوت المنفعتين
فإن اطلق فسدت الإجارة وقال أبو حنيفة ان عين جهة الانتفاع جازت الإجارة وإن لم يبين جهة الانتفاع لم تصح وفسدت الإجارة وكانت قرضا أما فساد الإجارة
فلان المنفعة متفاوتة واما كونها فرضا فلان الانتفاع بها إنما يكون باتلاف عينها فإذا اطلق حمل على العرف فيها وهو غلط لان الإجارة يتضمن اتلاف المنفعة دون
العين فلا يعبر بها عن القرض كإجارة غير الدراهم وبالجملة فقد بينا جواز إعارة الدراهم والدنانير وكلما جاز اعارته جاز اجارته لاشتراكهما في تملك المنفعة لكن أحدهما بعوض والاخر
بغير عوض والشافعية قالوا الإعارة أولى بالجواز لأنها مكرمة لا معاوضة فيها وما ذكروه من نقص العين بالوزن بها ضعيف لأنه يسير لا اعتبار به ولا يلتفت الشرع إلى مثله
تذنيب لا يجوز استيجار الأطعمة لتزيين الحوانيت بها وهو أظهر وجهي الشافعية لان ذلك ليس منفعة مقصودة والثاني لهم الجواز كالذهب والفضة مسألة لا يجوز
عقد الإجارة على النخل والشجر لاستيفاء ثمرتها لان الأعيان لا تستباح بعقد الإجارة ولو استأجرها ليشد فيها حبلا يعلق عليها الثياب أو يجففها عليها أو يبسطها
أو ليربط الدواب بها أو ليستظل بظلها جاز لأنها لو كانت مقطوعة جاز استيجارها لذلك فكذلك إذا كانت ثابتة وذلك لأنهما في حالتي الثبات والانقطاع متساويين
فما جاز في إحديهما يجوز في الأخرى ولأنها شجرة فجاز استيجارها لذلك كالمقطوعة ولأنها منفعة مقصودة يمكن استيفاؤها مع بقاء العين فجاز العقد عليها كما لو
كانت مقطوعة ولأنها عين يمكن استيفاء هذه المنفعة منها فجاز استيجارها كالحبال والخشب والشجر المقطوع وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني المنع لأنها منفعة
غير مقصودة ولو استأجر حبلا ليعلق عليه الثياب جاز اجماعا لان منفعته مقصودة منه وهل يجوز استيجار الببغاء للاستيناس للشافعية وجهان من حيث إن
فيها غرضا مقصودا ومن انتفائه وكذا الوجهان في كل ما يستأنس بلونه كالطاووس أو بصوته كالعندليب مسألة يجوز الاستيجار للدلالة والسمسرة
على الأقمشة وغيرها لأنها منفعة مقصودة مباحة تدعو الضرورة إليها فجاز المعاوضة عليها وهل يجوز استيجار البياع على كلمة البيع أو على كلمة يروج به السلعة
ولا تعب فيها الأقوى المنع لأنه لا قيمة لذلك ولا عوض لها في مجرى العادة وهو قول بعض الشافعية لكنه قال بعضهم ان ذلك في المبيع المستقر قيمته في البلد كالخبز واللحم
إما الثياب والعبيد وما يختلف قدر الثمن فيه باختلاف المتعاقدين فيخص بيعها من البياع بمزيد منفعة وفائدة فيجوز الاستيجار عليه وإذا لم يجز الاستيجار ولم يلحق
البياع تعب فلا شئ له فإن تعب بكثرة التردد أو كثرة الكلام في تأليف أمر المعاملة فله أجرة المثل لا ما تواطأ عليه البياعون مسألة لا يجوز استيجار الديك
ليوقظه وقت الصلاة لان ذلك يقف على فعل الديك ولا يمكن استخراج ذلك منه بضرب ولا غيره قد يصح وقد لا يصح وربما صاح قبل الوقت أو بعده وبه قال
احمد ولا يجوز اجارة سباع البهائم والطير التي لا تصلح للاصطياد بها ولا يجوز استيجار كل حيوان يمكن الانتفاع به من غير اتلاف كالآدمي الحر والعبد وكل بهيمة
لها ظهر مثل الإبل والبقر والخيل والحمر وما أشبه ذلك فاما الغنم فإنما ينتفع منها بالدر والنسل والصوف والشعر وهذه أعيان لا يجوز تملكها بعقد الإجارة
وإن أمكن الانتفاع بها بوجه من الوجوه كانت المنفعة غير مقصودة فلا تجوز اجارتها وللشافعية وجهان كما في اجارة الدراهم والدنانير مسألة لا يجوز استيجار مالا
منفعة فيه محللة مقصودة في نظر الشرع فلا يصح اجارة كلب الهراش والخنزير واما ما يجوز اقتناؤه من الكلاب ويصح بيعه وله قيمة في نظر الشرع وله منفعة محللة مثل كلب
الصيد والماشية والزرع والحائط فإنه يجوز استيجاره لهذه المنافع لأنه يجوز اعارته لهذه المنافع فجاز استيجاره ولأنه يصح بيعه عندنا وكل ما يصح بيعه مما يبقى من الأعيان
يصح اجارته وللشافعية وجهان أحدهما الجواز لهذا والثاني المنع لان اقتناؤه ممنوع لا لحاجة وما جوز للحاجة لا يجوز أخذ العوض عليه ولأنه لا قيمة لعينه فكذا المنفعة هو ممنوع وكما
جاز استيجار الفهد والبازي والشبكة للصيد والهرة لدفع الفأرة جاز هنا مسألة قد بينا أن الإجارة عقد وضع لنقل المنافع دون الأعيان لكن في بعض الأعيان
قد يتناولها عقد الإجارة للضرورة والحاجة كاستيجار الحمام المشتمل على استعمال الماء واتلافه للضرورة أما ما لا ضرورة إليه فلا يستفاد بعقد الإجارة كما تقدم من منع استيجار الكرم والنخل والشجر لثمارها والشاة لنتاجها ولبنها وصوفها لان الأعيان لا تملك بعقد الإجارة وهذا
في الحقيقة بيع أعيان معدومة مجهولة ويجوز أن يستأجر بركة أو أرضا ليحبس الماء فيها حتى يجتمع السمك فيأخذه ولا يجوز أن يستأجر بركة ليأخذ منها السمك لأنه بمنزلة
استيجار الأشجار لاخذ الثمار مسألة جمع أهل العلم على جواز استيجار الظرء وهي المرضعة لقوله تعالى فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن واسترضع النبي صلى الله عليه وآله لولده
إبراهيم ولان الحاجة تشتد إلى ذلك وتدعو الحاجة إليه فوق دعائها لي غير (رما لم أن؟) إنما يعيش عادة بالرضاع قد يتعذر رضاعه من امه فجاز العقد فيه كغيره من المنافع
ويستحق بهذا الاستيجار منفعة وعين المنفعة وضع للصبي في حجرها بتقسيمه؟ الثدي وعصره عند الحاجة والعين اللبن الذي يمتصه الصبي وإنما جوزناه وأثبتنا به استحقاق
اللبن لما قلنا من الضرورة ولو منعناه لاحتاج إلى شراء اللبن كل دفعة وذلك مشقة عظيمه ثم الشراء إنما يصح بعد الحلب والتربية لا يتم الا باللبن المحلوب فمست الحاجة إلى تسويغ
هذا العقد ثم الذي تناوله عقد الإجارة بالأصالة ما هو الأقرب انه فعل المرأة واللبن مستحق بالتبعية لقوله تعالى فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن علق الأجرة بفعل الارضاع
لا باللبن ولان الأجرة موضوعة لاستحقاق المنافع فلو استحق بها العين بالأصالة خرجت عن موضوعها فاذن اللبن مستحق بالتبعية لضرورة تدعوا إليه كالبئر تستأجر ليستقى
منها الماء والدار تستأجر وفيها بئر ماء يجوز الاستقاء منها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني الذي تناوله العقد بالأصالة اللبن وفعلها تابع لان اللبن مقصود بعينه
وفعلها مقصود لايصال اللبن المقصود إلى الصبي مسألة الحضانة حفظ الولد وتربيته ودهنه وكحله وغسل خرقه وتنظيفه وجعله في سريره وربطه ويحتاج إليه إذا عرفت
هذا يجوز للأب أن يستأجر المرأة للرضاع والحضانة معا وإن يستأجرها للحضانة دون الرضاع إجماعا لان ذلك منفعة محللة مقصودة فجاز الاستيجار عليها وهل
أن يستأجرها للرضاع خاصة دون الحضانة الأقرب الجواز كما يجوز الاستيجار للحضانة خاصة وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يجوز كما لا يجوز استيجار الشاة لارضاع
السخلة وهذا الخلاف بينهم فيما إذا قصر الإجارة على صرف اللبن إلى الصبي وقطع عنه وضعه في الحجر ونحوه وإذا اطلق العقد على الرضاع فالأقرب عدم دخول الحضانة تحته
لأنهما منفعتان متغايرتان غير متلازمتين فلا يلزم من الاستيجار على إحديهما الاستيجار على الأخرى كما لو استأجر للحضانة وأطلق لم يدخل الرضاع وكذا العكس
وهو أحد وجهي الشافعية وبه قال أبو ثور وابن المنذر والثاني تدخل الحضانة فيما إذا استأجر للرضاع ولم ينف الحضانة وبه قال أصحاب الرأي أيضا للعرف بان
المرضعة تحضن الصبي وتحوطه وتغسل خرقه والاطلاق ينصرف إلى العادة والعرف مسألة يشترط في هذا العقد أمور أربعة الأول ان يكون مدة الرضاع
معلومة لأنه لا يمكن تقدير هذا العمل إلا بضبط المدة فإن السعي والعمل فيهما مختلف الثاني معرفة الصبي بالمشاهد لان الرضاع يختلف باختلاف الصبيان
في الكبر والصغر والتهمة والقناعة وقال بعض العامة تكفى معرفة الصبي بالصفة كالراكب الثالث معرفة موضع الرضاع لاختلاف الأغراض باختلاف المواضع
295

فإن الرضاعة في بيته يشق على المرأة ويصعب وارضاعه في بيتها يسهل عليها ويخف فلا يجوز الاطلاق الرابع معرفة العوض والعلم بحقيقته وقدره لأنه عوض العقد فلو استأجرها
بنفقتها وكسوتها وأطلق فاشكال وقد سبق الخلاف فيه وبينا أن مقتضي الدليل المنع وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة ذلك في الظرء خاصة وقال
مالك واحمد يجوز في كل أجير مسألة تكره اجارة الفحل للضراب وليس محرما عند علمائنا وبه قال الحسن البصري وابن سيرين والشافعي في أحد القولين لأنه انتفاع
مباح والحاجة تدعو إليه فجاز كإجارة الظرء للرضاع والبئر ليستقى منها الماء ولأنها منفعة تستباح بالإعارة فتستباح بالإجارة كسائر المنافع وظاهر مذهب الشافعي المنع
وبه قال أبو ثور واحمد وابن المنذر وأصحاب الرأي لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن عيب؟ الفحل ولان المقصود الماء الذي يخلق منه الولد فيكون عقد الإجارة لاستيفاء عين فلم يجز
كإجارة الغنم لاخذ لبنها بل هذا أولي بالتحريم لان هذا الماء محرم لا قيمة له فلم يجز اخذ العوض عليه كالميتة والدم وهو مجهول فأشبه اللبن في الضرع والنهى للكراهة والقصد وإن كان
هو الماء لكن سوعنا ذلك للضرورة إليه ودعا الحاجة فإنها ماسة إلى استيلاد إناث الحيوانات ولا يجب على مالك الفحل بذل فحله مجانا فلولا تسويغ بذل العوض لانتفت هذه
المصلحة مسألة ينبغي أن يوقع العقد على العمل ويقدره بالمرة أو المرتين أو المرات المعينة وقال بعض العامة يوقع العقد على المدة وليس بجيد لان من أراد اطراق فرسه مرة إذا قدر
بمدة تزيد على الفعل لم يمكن استيفائها وان اقتصر على مقداره فربما لا يحصل الفعل فيه ويتعذر انضباط مقدار العمل فيتعين التقدير بالفعل إلى أن يكتري فحلا لاطراق ماشية
كثيرة كفحل تركه في ابله أو تيس في غنمه فإن منفعة هذا يتقدر بالزمان المعين لا بعدد المرات واحمد وإن منع من هذه الإجارة فإنه قال لو احتاج الانسان إلى ذلك ولم يجد
من يطرق له جاز له ان يبذل الكراء وليس للمطرق اخذ ما أعطاه لا يأخذ عليه شيئا ولا بأس أن يعطيه إذا لم يجد من يطرق له لان ذلك بذل مال لتحصيل منفعة مباحه تدعو الحاجة إليها فجاز وهذا كلام متناقض ولا بأس بان يأخذ صاحب الفحل هدية أو كرامة على ذلك وليس
مكروها اجماعا وقد احتج من منع من هذه الإجارة بان هذا الفعل اثر يتعلق باختيار الحيوان فقد لا ينزو وبتقدير ان ينزو فربما لا ينزل وان انزل فربما لا يحصل منه الولد
وهو المقصود وهو غلط لان من استأجر للخياطة فهي فعل اختياري والوجوب الشرعي لا يسلب القدرة والاختيار؟ ان تقع الخياطة منه وإذا خاط فربما لا يلبسها المالك مع أن
المقصود اللبس ولما كان ذلك باطلا فكذا ما قالوه لكن المعتبر هو القدرة على تسليم المنفعة المقصودة المقعود عليها واما وقوعه نافعا أو غير نافع ووسيلة إلى الغاية المقصودة
فغير معتبر اتفاقا مسألة وهل يصح استيجار بئر الماء لاخذ الماء منها الأولى المنع نعم لو استأجر الدار وفيها بئر ماء جاز له الاستقاء منها للعادة ودخول الماء بالتبعية ولو
استأجر قناة فإن قصد موضع جريان الماء جاز وكان الماء تابعا يجوز الانتفاع به كما نقول في الرضاع اللبن تابع وجوز بعض الشافعية استيجار القناة للزراعة بمائها
للحاجة والقياس لا يدل عليه عندهم الا على قول من لا يرى الماء مملوكا فيكون القناة كالشبكة والماء كالصيد وجوزوا استيجار بئر الماء للاستقاء وقال بعضهم إذا استأجر
قرار القناة ليكون أحق بمائها جاز والمشهور بينهم منعه الشرط الثاني للمنفعة القدرة على تسليمها فلا يجوز استيجار الآبق ولا المغصوب من غير الغاصب كما لا يجوز بيعها
وكذا لا يجوز استيجار الأخرس للتعليم والأعمى لابصار المتاع وحفظه بالنظر واستيجار عين ولذا لا يجوز استيجار من لا يحفظ القران لتعليمه ومن لا يعرف الصنعة لتعليمها
فإن وسع عليه وقتا يقدر فيه على التعلم والتعليم جاز لحصول الشرط حينئذ وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الأصح عندهم المنع لان المنفعة مستحقة من عينه والعين لا يقبل شرط
التأجيل والتأخير وهو ممنوع مسألة قد بينا انه لا يصح استيجار الآبق لان تسليم المنفعة بتسليمه وتسليمه متعذر ولو كان المستأجر يتمكن من تحصيله احتمل قويا الجواز
وكذا لو ضم إليه غيره في الإجارة واستأجرهما احتمل الجواز كالبيع والمنع لتعذر التسليم والحمل على البيع قياس لا نقول به والمغصوب لو اجره مالكه للغاصب فالأول الجواز لأنه مسلم
في يده وكذا الأقوى الجواز لو اجره من القادر على تحصيله ولو اجره أرضا للزراعة وكان لها ماء يشرب زرعها به إما من نهر أو قناة أو مطر أو ثلج يعتورها بالعادة صح وإلا
فلا مسألة الأراضي بالنسبة إلى القدرة على الماء على أقسام منها ارض لها ماء دائم من نهر أو عين أو بئر ونحوها ومنها ارض لا ماء لها ولكن يكفيها المطر المعتاد
والنداوة التي تصيبها عن الثلوج المعتادة كبعض أراضي الجبال أو لا يكفيها ذلك ولكنها تسقى بماء الثلج والمطر في الجبل والغالب فيها الحصول ومنها ارض لا ماء لها ولا يكفيها
الأمطار المعتادة ولا تسقى بماء غالب الحصول من الجبل ولكن ان أصابها مطر عظيم أو سيل نادر أمكن ان تزرع وإلا فلا والقسم الأول تجوز اجارته للزرع اجماعا للقدرة
على تسليم المنفعة فيه واما الثاني وهو التي لا ماء دايم لها ويشرب من زيادة معتادة يأتي في وقت الحاجة كأرض مطر التي شرب من زيادة النيل والأرض التي شرب من
زيادة الفرات كالكوفة وارض البصرة التي تشرب من المد والجزر وارض دمشق التي تشرب من بردى وما تشرب من الأودية الجارية من ماء المطر وهذا القسم تصح اجارته قبل وجود
الماء الذي تسقى به وبعده لأن الظاهر وجود وقت الحاجة إليه بناء على جريان العادة والتمكن الظاهر كاف فإن انقطاع ماء المطر والعين ممكن أيضا لكن لما كان الظاهر فيه الحصول كفى
لصحة العقد وهو أحد قولي الشافعية والثاني المنع لان السقى معجوز عنه في الحال والماء المتوقع لا يعلم حصوله وبتقدير حصوله لا يعلم هل يحصل في الوقت الذي تمكن الزراعة فيه
أم لا وهو اختيار القفال من الشافعية وليس بجيد لان ظن القدرة على التسليم في وقته يكفي في صحة العقد كالسلم في الفاكهة إلى أوانها واما الثالث هو الذي يكون مجئ الماء إليها نادرا
ويحتاج إلى مطر شديد كثير ويندر وجوده أو يكون شربها من واد لا يجئ الماء فيه إلا نادرا ومن زيادة نادرة من نهر أو غيره فهذه الأرض ان اجرها للزراعة بعد وجود ماء يسقيها
صح لامكان الانتفاع بها فجاز اجارتها كذات الماء الدايم وإن اجرها قبله للزرع لم يجز لتعذر استيقاء المنفعة فيه فتعذر المعقود عليه في الظاهر فلم يصح اجارتها كالآبق والمغصوب ولو اجره لا للزرع ولا الغرس بل اطلق وكان مما ينتفع بها في غيرها فإنه يصح العقد مسألة لو استأجر
أرضا للزراعة من الأراضي التي على شط الفرات أو النيل أو غيرهما مما يعلو الماء عليها ثم ينحسر ويكفي ذلك لزراعتها للسنة فإن كانت الإجارة للزراعة
بعد ما علاها الماء وانحسر عنها صح وإن كان قبل ان يعلو الماء عليها فإن لم يوثق به كالنيل لا ينضبط امره لم يصح وإن كان الغالب حصوله جاز وللشافعية قولان
وإن كانت الإجارة بعد ما علاها الماء ولم ينحسر فإن كان لا يرجى انحساره لم تصح الإجارة وكذا إن كان تردد فيه لان العجز تعين وزواله مشكوك فيه وإن كان يرجى انحساره وقت
الزراعة صح العقد وقد نص الشافعي عليه واشكل عليه من وجهين الأول قال أصحابه شرط الإجارة عند التمكين مع الانتفاع عقيب العقد ولهذا لا تصح اجارة الدار
الشهر الآتي على مذهبه والماء مانع من الانتفاع به عقيب العقد الثاني رؤية الأرض ليست حاصلة وقت العقد لأن الماء مانع منها فيكون اجارة الغايب وأجيب
عن الأول بوجهين أ قالوا موضع نص الشافعي ما إذا كان الاستيجار لزراعة ما يمكن زراعته في الماء كالإوز فإن كان غير ذلك لم يصح الاستيجار الثاني وهو أصحهما
عندهم لا فرق بين مزروع ومزروع ولكن الماء فيها من مصالح العمارة والزراعة وكان ابقاءه فيها ضربا من العمارة وأيضا فإن صرف الماء بفتح موضع ينصب إليه أو
حفر بئر ممكن في الحل وحينئذ يكون متمكنا من الاشتغال بالعمارة بهذه الواسطة فأشبه ما إذا استأجر دارا مشحونة بأمتعة يمكن الاشتغال بنقلها في الحال فإنه يجوز
وحكى بعضهم وجها في منع اجارة المدار المشحونة بالأمتعة بخلاف بيعها والا ظهر عندهم الأول وأما الثاني فمنهم من قال التصوير فيما إذا كان قد رأى الأرض قبل حصول
الماء فيها وكان الماء صافيا لا يمنع رؤية وجه الأرض فإن لم يكن كذلك فعلى قولي شراء الغايب عندهم ومنهم من قطع بالصحة إما عند حصول الرؤية فقط وإما إذا لم تحصل فلانه من
مصلحة الزراعة من حيث إنه يقوى الأرض ويقطع العروق المنتشرة فيها فأشبه استتار الجوز واللوز بقشرهما ولا بأس به عندي مسألة لو كانت الأرض على شط نهر والظاهر منها انها
296

تغرق وتنهار في الماء ولم ينحسر الماء عنها لم يجز استيجارها لانتفاء المنفعة فيها وهو أبلغ من تعذر التسليم ولو احتمل الغرق ولم يكن ظاهرا جاز استيجارها لان الأصل والغالب
دوام السلامة عملا بالاستصحاب وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه مخرج حالة الظهور على تقابل الأصل والظاهر مسألة إذا عرفت أقسام الأراضي واحكامها فكل ارض
لها ماء معلوم وأستأجرها للزراعة مع شربها منه جاز وإن استأجرها للزراعة دون شربها فإن تيسر سقيها من غير ذلك الشرب من ماء اخر جاز أيضا وأن اطلق العقد جاز
ودخل فيه الشرب بخلاف ما إذا باعها لا يدخل الشرب في اطلاقها لان المنفعة هنا لا يحصل دونه هذا إذا اطردت العادة بالإجارة مع الشرب فإن اضطربت فيها لزم التعيين
وكل ارض منعنا استيجارها للزراعة فإن استأجرها لينزل فيها أو يسكنها أو يجمع فيها الحطب أو يربط فيها دوابه جاز وإن استأجرها مطلقا نظر فإن قال اجرتك هذه الأرض
البيضا ولا ماء لها جاز لأنه يعرف بعدم الماء عنها ان الاستيجار لغير منفعة الزرع ثم إن حمل لها ماء من موضع اخر وزرعها أو زرع على توقع حصول ماء لم يمنع منه وليس له البناء
ولا الغراس لان تقدير المدة يقتضي ظاهره التفريغ عند انقضائها والغراس والبناء للتأبيد بخلاف ما لو استأجر للبناء والغراس فإن التصريح بهما صرف اللفظ عن ظاهره وإن لم
يقل عند الإجارة ولا ماء لها فإن كانت الأرض بحيث يطمع في سوق الماء إليها فالأقرب الجواز وللشافعية وجهان وإذا اعتبرنا نفي الماء قام علم المتعاقدين مقام التصريح
ينفيه وللشافعية وجهان أشبههما عندهم المنع لان العادة في مثلها الاستيجار للزراعة فلا بد من الصرف باللفظ الا ترى انه لما كانت العادة في الثمار الابقاء واردنا خلافه
اعتبرنا التصريح بشرط القطع مسألة ما لا ينتفع به في الحال ويصير منتفعا به في المدة الأقوى المنع من اجارته كالجحش الذي لا يحمل وما أشبه من صغار الإبل والبقر إذا استأجرها
مدة يحصل النفع فيها وليست حاصلة وقت العقد لان مدة ابتداء الانتفاع مجهولة فيصير العقد واقعا على منفعة مجهولة وقد بينا ان من شرط صحة الإجارة العلم بالمنفعة
لا يشترط في مدة الإجارة ان يلي العقد بل لو اجره الدار والدابة أو غيرهما سنة خمس وهما في سنة ثلاث أو اجره شهر رجب وهما في المحرم صح عند علمائنا أجمع سواء كانت الإجارة واردة
على الأعيان كإجارة الدار للسنة القابلة أو الشهر الآتي غدا وكذا إذا قال اجرتك سنة أولها من الغد أو من الشهر الآتي أو اجرتك هذه الدابة للركوب إلى موضع كذا على أن تخرج غدا أو كانت الإجارة واردة على الذمة كما إذا قال ألزمت ذمتك حملي
إلى موضع كذا على دابة صفتها كذا غدا أو غرة شهر كذا وسواء كانت العين التي وردت الإجارة عليها غير مشغولة بعقد اجارة سابقة أو مشغولة بعقد اجارة إما للمستأجر الان أو لغيره وبه قال أبو حنيفة واحمد
لأنها مدة يجوز العقد عليها مع غيرها فجاز عليها منفردة ولان الشهرين يجوز العقد عليهما فجاز العقد على كل
واحد منهما كالعينين ولأنه يصح اجارتها في الزمان المستقبل
للمستأجر على أحد قولي الشافعي فجاز على غيره لعدم اعتبار خصوصيات المستأجرين ولأنه يجوز الإجارة في المدة المستقبل فيما يرد على الذمة فكذا في الإجارة التي ترد على العين
وقال الشافعي قولا عجيبا غريبا ان الإجارة إن كانت واردة على العين وهي غير مشغولة بإجارة أخرى وجب اتصال مدة الإجارة بالعقد فلو قال اجرتك هذه الدار شهرا
أوله غدا لم تصح وإن كانت مشغولة بعقد اجارة ينتهي بعد العقد ولو بيوم واحد فعقد عليها عقدا ثانيا مبدأ مدته انقضاء مدة العقد الأول فإن كان العقد الثاني للمستأجر
الأول فقولان عنده أحدهما الصحة والثاني البطلان وإن كان لغير المستأجر الأول بطل وإن كانت الإجارة واردة على الذمة صح فيها التأخير والتأجيل لان منافع
الزمان المستقبل غير مقدور عليها في الحال فأشبه اجارة العين المغصوبة إما إذا نجز كان التسليم في الزمان الحاضر مقدورا عليه فينسحب حكمه على جميع المدة المتواصلة
للحاجة وبالقياس على البيع فإنه لو باع على أن يسلم بعد شهر كان باطلا والقدرة على التسليم شرط عند وجوب التسليم كالمسلم فيه لا يشترط وجوده ولا القدرة عليه حال
العقد بل حالة الحلول والحكم في أصل القياس ممنوع ولو قال اجرتك سنة فإذا انقضت فقد اجرتك سنة أخرى فالعقد الثاني باطل لأنه علق العقد على انقضاء السنة ومن شرط العقد التنجيز وإن كانت مدة الانتفاع والتصرف متأخرة وهو أصح
وجهي الشافعي كما لو قال إذا جاء رأس الشهر فقد اجرتك مدة كذا واما الإجارة الواردة على الذمة فتحمل التأجيل والتأخير عند الشافعية كما لو أسلم في شئ مؤجلا وإن
اطلق كان حالا مسألة إذا اجر داره سنة من زيد ثم اجرها من غيره السنة الثانية قبل انقضاء السنة الأولى جاز وقال الشافعي لا يجوز ولو اجرها من زيد نفسه جاز
عندنا وهو أحد قولي الشافعي لاتصال المدتين كما لو اجر منه السنتين في عقد واحد والثاني المنع لأنه اجارة سنة قابلة فلم يصح كما لو اجر من غيره أو منه مدة لا تتصل باخر
المدة الأولى ولان العقد الأول قد ينفسخ فلا يتحقق شرط العقد الثاني وهو الاتصال بالأول وهو غلط لأنا قد بينا الجواز في الغير ففي المستأجر أولي والشرط رعاية؟
الاتصال ظاهرا وذلك لا يقدح فيه الانفساخ المعارض ولو اجرها من زيد سنة واجرها زيد من عمرو ثم اجرها المالك من عمرو السنة الثانية قبل انقضاء الأولى صح عندنا خلافا للشافعي ولا
يجوز أن يوجرها من زيد عند بعض الشافعية وجوزه الغفار فقال إنه يجوز ان يوجره من زيد ولا يوجرها من عمرو ولان زيدا هو الذي عاقده فيضم إلى ما استحق بالعقد الأول السنة الثانية
قال ولو اجر داره سنة وباعها في المدة وجوزناه لم يكن للمشتري أن يوجرها السنة الثانية من المكترى لأنه لم يكن بينهما معاقدة وتردد في أن الوارث هل يتمكن منه إذا
مات المكتري في المدة لان الوارث نايبه والحق عندنا الجواز مسألة يجوز أن يوجر داره وحانوته وغيرهما من الأعيان شهرا على أن ينتفع بها الأيام دون الليالي
لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولأن هذه منفعة محللة مقصودة فجازت المعاوضة عليها كالدايم ليلا ونهارا وكما لو استأجر الدابة والعبد فإنه يتناول الخدمة
والعمل بمجرى العادة ويبطل العمل وقت الراحة بالعادة فكذا في المسكن وقال الشافعي لا يجوز لان زمان الانتفاع لا يتصل بعضه ببعض فيكون إجارة في الزمان المستقبل
وقد سلم في الدابة والعبد جواز ذلك لأنهما لا يطيقان العمل الدايم ويترفهان بالليل على العادة وإن اطلق الإجارة وهو ينقص ما ذكروه لان الاتصال إذا كان شرطا وجب
في الجميع وإن لم يكن شرطا هنا لم يكن هناك مسألة يجوز أن يوجر دابته إلى موضع ليركبها المالك زمانا ثم المكترى زمانا عندنا وقال الشافعي لا يجوز لتأخر حق المكترى
وتعلق الإجارة بالزمان المستقبل وهو فاسد لما تقدم ولو اجرها منه ليركب المكتري بعض الطريق وينزل ويمشي في البعض أو اجرها من اثنين ليركب هذا زمانا وهذا مثله
جاز عندنا أيضا للأصل والشافعية ثلاثة أوجه أحدها ان الإجارة فاسدة في الصورة الأولى صحيحة في الثانية لأنه إذا اكترى من اثنين اتصل زمان الإجارة بعضه من بعض وإذا اكرى من واحد تفرق فيكون اجارة للزمان المستقبل وثانيها المنع في الصورتين لأنه اجارة إلى اجال متفرقة
وأزمنة منقطعة وثالثها وبه قال المزني انه يجوز الإجارة في الصورتين مضمونة في الذمة ولا يجوز على دابة معينة والفرق انها إذا كانت في الذمة فإن اجر من واحد فقد
ملكه نصف المنافع على الإشاعة فيقاسم المالك فإن اجرها من اثنين ملكهما الكل فيقاسمان واما اجارة العين فإنها يتعلق بأزمنة منقطعة فيكون اجارة للزمان المستقبل
فإن الذمي يركب بعد الأول لا يتصل انتفاعه بالعقد وهذا يفسد عقد الإجارة وأصحها وهو نصه في الام جواز الإجارة في الصورتين سواء وردت أو العين أو الذمة
ويثبت الاستحقاق في الحال ثم يقتسم المكتري والمكرى أو المكتريان والتأخر الواقع من ضرورة القسمة والتسليم لا يضر لأنهما اكتريا جميعا فملكا منافع الركوب بينهما الا
ترى إنهما لو اكتريا البعير من واحد جميعا صح وثبت انهما ملكا المنافع على وجه الإشاعة إلا أنهما لا يمكنهما ان يستوفيا جميعا فيقدم أحدهما على الآخر وهذا لا يقدم في العقد ألا ترى
أنهما لو اشتريا طعاما من صبرة فإن أحدهما يقبض قبل الآخر ولا يكون ذلك تأخيرا في التسليم وهذه المسألة تعرف بكري؟ العقب وهو جمع عقبة والعقبة النوبة وهما
يتعاقبان على الراحلة إذا ركب هذا تارة وهذا أخرى مسألة إذا استأجرا عقبة صح على ما قلناه ثم إن كان في الطريق عادة مظبوطة إما بالزمان بان يركب يوما
وينزل يوما أو بالمسافة بان يركب فرسخا ويمشي فرسخا حمل الاطلاق عليها ولو اتفق المؤجر والمستأجر على العقبة بخلاف العادة وكان مضبوطا صح العقد أيضا وحمل
297

على ما اتفقا عليه دون العادة ولو عينا ان يركب ليلا ويمشى نهارا جاز وليس لأحدهما ان يطلب الركوب ثلاثة أيام والنزول ثلاثة أيام إلا برضاء الآخر إما إذا طلبه الراكب فلان ذلك يضر بالبعير لاتصال الركوب عليه ولأنه إذا ركب بعد شدة متعبة كان أثقل على البعير واما إذا طلبه المؤجر
فلان الراكب يتضرر باتصال المشي عليه ودوامه ولو اتفقا عليه جاز وإن لم يكن هناك عادة مضبوطة فلا بد من البيان والتعيين في ابتداء العقد ليرتفع الجهالة والتشاجر
وقال بعض العامة لو اطلق العقبة وهناك عرف وعادة لا يصح العقد لان ذلك يختلف ولا ضابط فيه فيكون مجهولا وهو ممنوع إذ التقدير الضبط عادة والحمل على العادة كالحمل
على المشروط لفظا مسألة إذا استأجر اثنان جملا يركبانه عقبة بان ينزل أحدهما ويركب الآخر صح ويكون كراهما طول الطريق والاستيفاء بينهما على ما يتفقان
عليه وإن تشاحا قسم بينهما ولكل واحد منهما فراسخ معلومة أو أزمنة معينة وإن كان كذلك عرفا رجع إليه وإن اختلفا فمن يبدأ بالركوب فالحاكم القرعة ويحتمل ان لا يصح كراهما
إلا أن يتفقا على ركوب معلوم لكل واحد منهما لأنه عقد على مجهول بالنسبة إلى كل واحد منهما فلم يصح ولو استأجرها للدابة ولم يتعرض للتعاقب قال بعض الشافعية ان احتملت
الدابة ركوب شخصين اجتمعا على الركوب والا تناوبا ولو قال اجرتك نصف الدابة إلى موضع كذا أو اجرتك الدابة لتركبها نصف الطريق صح ويقتسمان إما بالزمان أو بالمسافة وهذه
اجارة المشاع تصح كما يصح بيع المشاع وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة واحمد لا تصح اجارة المشاع
الا من الشريك وفي اجارة نصف الدابة للشافعية وجه انه لا يجوز لأنها غير قابلة للتقطيع
بخلاف اجارة نصف الدار وبخلاف ما إذا اجر منهما ليركب في محمل مسألة يشترط معرفة الراكبين إما بالمشاهدة أو بالوصف الرافع للجهالة ويصفهما بما يختلفان به من
الطول والقصر والهزال والسمن والصحة والمرض والصغر والكبر والذكورة والأنوثة وقال بعض العامة لا بد من معرفة الراكبين بالرؤية لأنه يختلف تفاوت خفته وسكون
حركته ولا ينضبط بالوصف فيجب تعيينه ولا بأس به وهو مذهب الشافعي والمحامل يجب رؤيتها أو وصفها ويذكرونها للاختلاف بالثقل والخفة ومنع بعضهم من الاكتفاء
بالوصف وليس بجيد لأنه عقد معاوضة مضاف إلى حيوان فاكتفى فيه بالصفة كالبيع وكالركوب في الإجارة ولأنه لو لم يكتف فيه بالصفة لما جاز للراكب أن يقيم غيره مقامه
لأنه إنما يعلم كونه مثله لتساويهما في الصفات فما لا تأتي عليه الصفات لا يعلم التساوي وفيه ولان الوصف يكفي في البيع فاكتفى به في الإجارة كالرؤية مسألة ما لا قدرة عليه شرعا
جار مجرى ما لا قدرة عليه حسا فكما لا يجوز العقد على مالا يقدر عليه حسا كذلك لا يجوز العقد على ما لا يقدر عليه شرعا فلو استأجره لقلع سن صحيحه أو لقطع يد
صحيحه لم يصح العقد لأنه ممنوع من القلع والقطع هنا شرعا وكذا لا يجوز استيجار الحايض لكنس المسجد وفرشه وخدمته لان ذلك محرم فتعدد تسليم المنافع شرعا وجوزه
بعض الشافعية وإن كان حراما كما تصح الصلاة في الدار المغصوبة وإن كان شعل؟ ملك الغير معصية والحكم في الأصل ممنوع مسألة لا يجوز الاستيجار لتعليم التوراة
والإنجيل لأنهما منسوخان وتعلمهما حرام فلا يقدر على تسليم المنفعة شرعا وكذا لا يجوز الاستيجار على تعليم كتب الضلال والسحر والشعبدة والكهانة والقيافة وكل
صنعة محرمة كالغنا وتعليم الشطرنج والنرد وأصناف الملاهي والقمار كما لا يصح العقد عليها في البيع وكذا لا يجوز على تعليم الفحش والسب لمن لا يجوز بالجملة كل فعل
محرم ومنفعة محرمة لا يجوز الاستيجار عليها وإن عقد بطل العقد وكذا لا يجوز الاستيجار على ختان الصغير الذي لا يحتمل المه ويخشى تلفه وكذا على قطع السلع التي لا يؤمن
الموت معها مسألة لو كانت السن وجعة جاز قلعها بشرط صعوبة الألم وقول أهل المعرفة إن قلعها مزيل له وإلا فلا ولو كانت اليد متآكلة وكان قطعها نافعا ولا يخاف التلف معه
جاز قطعها لما فيه من المنفعة وللشافعية قولان أحدهما المنع لان القطع إنما ينفع إذا وضعت الحديدة على محل صحيح وإنه مهلك كما أن الأكلة مهلكة ولا نزاع في الحقيقة لأنا إنما
نجوزه في صورة الامن من التلف وكل موضع لا يجوز فيه قلع السن ولا قطع اليد لا يجوز الاستيجار عليه فإن استأجر عليه بطل العقد لأنه منهي عنه بعينه
فأشبه الاستيجار لقتل النفس المحرمة وكل موضع يجوز فيه القلع والقطع يجوز الاستيجار عليه لأنها منفعة محللة مقصودة فجاز عقد الإجارة فيها كغيرها من المنافع وللشافعية
وجهان أحدهما المنع لان الإجارة لا تجوز إلا في عمل موثوق به وزوال العلة محتمل فيمتنع الوفا بقضية الإجارة وسبيل مثل هذا (الغرض) الفرض ان يحصل بالجعالة بان يقول اقلع
سني هذه ولك كذا وأصحهما عندهم الصحة كما قلناه إذ لا يشترط لصحة الإجارة القطع بسلامتها عما يقطعها ورأى الجويني تخصيص الوجهين بالقلع لان احتمال فتور الوجع في
الزمان الذي يفرض فيه القلع غير بعيد إما زوال الأكلة في زمان القطع فإنه غير محتمل واجري الخلاف في الاستيجار للفصد والحجامة وترع الدابة لأن هذه ايلامات إنما تباع
بالحاجة وقد تزول الحاجة وما ذكروه في وجه المنع غلط لان المستأجر انما استأجر لقلع الضرس وقطع اليد ولم يستأجر لإزالة الألم بل لو استأجر له بطل ولا يلزم من الاستيجار
على فعل يودي إلى مصلحة حصول تلك المصحلة قطعا من الفعل الذي وقعت الإجارة عليه مسألة لو تجدد تعذر تسليم المنفعة بطل العقد من ذلك الوقت فلو
استأجر امرأة لكنس المسجد فحاضت فكانت الإجارة واقعة على العين وعينت المدة انفسخ العقد لتعذر الفعل منها حينئذ وإن وردت على الذمة لم ينفسخ لامكان أن تفوضه
المرأة إلى الغير وإن تكنس بعد ان تطهر ولو استجار لقلع السن الوجعة فارتفع الوجع وبرأ انفسخت الإجارة لتعذر القلع ولو لم يسكن الوجع ولكن امتنع المستأجر من قلعه
لم يجز المستأجر عليه لكن إذا سلم الأجير نفسه ومضت مدة يمكن فيها قلع الضرس على التمكين وجب على المستأجر دفع الأجرة إلى الأجير لأنه قد ملك الأجرة بالعقد واستقرت
بالتمكين طول المدة وقال بعض الشافعية لا يجب على المستأجر دفع الأجرة ولا تستقر الأجرة حتى لو انقلعت تلك السن انفسخت الإجارة ووجب رد الأجرة إن كان
الأجير قد قبضها كما لو مكنت الزوجة في النكاح ولم يطأها الزوج بخلاف ما لو حبس الدابة مدة امكان المسيرة حتى يستقر عليه الأجرة لتلف المنافع تحت يده مسألة
يجوز الاستيجار للرضاع على ما تقدم من أنه منفعة محللة مقصودة وتقدم الخلاف في أن المعقود عليه هل هو اللبن والخدمة تابعة أو ان المقصود بالعقد هو الخدمة بان
تحمل الصبي للرضاع وتضع الثدي في فمه وتحركه عند الحاجة إليه كالصبغ في اجارة الصباغ وماء البر في الدار والأقرب الثاني إذا عرفت هذا فإذا كان للمرأة ولد من
زوجها لم يكن عليه ان ترضعه لان مؤنته على أبيه فإن أرادت ارضاعه فإن كان ذلك مما يمنع شيئا من حقوق الزوج لم يكن لها ذلك الا بإذن الزوج لان توفية
المنافع المستحقة عليها للزوج لازمة لها فإذا كان الارضاع يخل ببعضها كانت ممنوعة منه مسألة يجوز للرجل أن يستأجر زوجته الحرة لارضاع ولده منها وهو
أصح وجهي الشافعية والصحيح من مذهب احمد للأصل ولقوله تعالى فإن أرضعن لكم فاتوهن أجورهن بالمعروف ولان كل عقد يصح ان يعقد مع غير الزوج يصح أن يعقد معه كالبيع ولان
منافعها في الرضاع والحضانة غير مستحقة للزوج لأنه لا يملك اجبارها على حضانة ولدها ولا رضاعه ولها أن تأخذ العوض عليه من غيره فجاز لها أن تأخذ منه كثمر نخلها
وقال الشافعي لا يجوز للرجل أن يستأجر زوجة لارضاع ولده منها وهو رواية عن أحمد وقول أصحاب الرأي لأنه استحق حبسها لأنها أخذت منه عوضا في مقابلة الاستمتاع وعوضا في
مقابلة التمكين والحبس فلا يلزمه عوضا اخر ولا يمتنع ان يصح مع غيره ولا يصح معه كما يجوز أن يزوج أمته من غيره فلا يتزوجها مع ملكها وليس بجيد لضعفه ومع هذا ينتقض
باستيجارها لساير الأعمال ويعارض لو استأجرها بعد البينونة وكما لو استأجرها للطبخ والكنس ونحوهما وقال أبو حنيفة انه لا يجوز استيجارها للطبخ وما أشبهه لأنه
مستحق عليها في العادة وهو باطل عندنا قولهم إنها استحقت عوض لحبس والاستمتاع قلنا هذا غير الحضانة واستحقاق منفعة من جهة لا يمنع استحقاق منفعة سواها
298

بعوض اخر كما لو استأجرها أولا ثم تزوجها وعلى هذا الخلاف استيجار الوالد ولده للخدمة وفي عكسه للشافعية وجهان إذا كانت الإجارة على عينه كالوجهين فيما إذا اجر المسلم نفسه
من كافر مسألة يجوز للرجل استيجار ابنته وأخته وامه لارضاع ولده وكذلك ساير أقاربه بلا خلاف وكذا يجوز للرجل ان يوجز أمته ومدبرته وأم ولده والمنذور عتقها
والمأذون لها في التجارة واجبارهن على الارضاع لأنه عقد على منفعة أمته المباحة فكان جايزا كما لو استأجرها للخدمة وليس للأمة ولا للمدبرة ولا لمن نذر عتقها اجارة نفسها
لأنها مملوكة للغير فلا يجوز لها التصرف في منافعها المملوكة لغيرها إلا باذنه وكذا المأذون لها في التجارة ليس لها ان توجر نفسها للرضاع إلا بإذن مولاها وله اجبارها على
الرضاع لان ذلك ليس من جملة التجارة فلا يدخل تحت الاذن فيها وإذا كانت ذات ولد لم يجز اجارتها للرضاع إلا أن يكون فيها فضل عن ربه؟ لان الحق لولدها وليس
لمولاها إلا ما فضل عنه ولو كانت الأمة مزوجة لم يكن لمولاها اجارتها للرضاع إن كان يمنع شيئا من حقوق الزوج أو ينقص في الاستمتاع إلا بإذن الزوج لأنه يفوت
حق الزوج لاشتغالها عنه بإرضاع الصبي وحضانته مسألة يجوز للأجنبي استيجار زوجة الغير لارضاع ولده وبه قال الشافعي وكذا يجوز أن يستأجرها لغير الارضاع
إذا لم يحصل فيه تفويت حق الزوج ولا قصور استمتاع بها بإذن الزوج وبغير اذنه لأنها حرة مالكة لمنافعها التي لا تعلق للزوج بها فجاز لها صرفها إلى من شائت بعوض
وغيره ولان محل الارضاع غير محل النكاح إذ لا حق له في لبنها وخدمتها وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يكون له ان يستأجرها للرضاع إلا بإذن الزوج لان أوقاتها
مستغرقة بحق الزوج فلا يقدر على توفية ما ألزمته فإن لم تصحح العقد فلا بحث وإن صححناه كان للزوج فسخه ان منع شيئا من حقوقه لئلا يختل حقه مسألة
لو اجرت الحرة نفسها للرضاع ولا زوج لها ثم تزوجت في المدة فالإجارة بحالها وليس للزوج منعها من توفية ما التزمته لسبق حق المستأجر كما لو اجرت نفسها باذنه لكن
تستمتع بها في أوقات فراغها وكذا لو اجر أمته للارضاع ثم زوجها بعد ذلك صح النكاح ولا ينفسخ عقد الإجارة وللزوج الاستمتاع بها وقت فراغها من الرضاع وليس
لولي الطفل الذي استأجرها لارضاعه منع الزوج من وطيها وهو أحد وجهي الشافعية لأصالة عدم المنع وفي الثاني ان له منع الزوج من الوطي وبه قال أبو حنيفة ومالك
لأن المرأة ربما تحبل من وطي الزوج فينقطع اللبن أو يقل فيتضرر الولد وليس بجيد لان الوطي مستحق فلا يسقط لأمر مشكوك فيه والحبل أمر موهوم فلا يمنع به الوطي
المستحق بالعقد إما لو فرضنا ان الإصابة تضر بالولد فإنه يمنع الزوج من الإصابة سواء كان يتوسط الحبل أو لا إذا علم حصول الحبل مسألة ليس للسيد أن يوجر
مكاتبته للرضاع سواء كانت الكتابة مطلقة أو مشروطة لانقطاع تصرف المولى في منافعها ولهذا لم يملك سيدها تزويجها ولا وطيها ولا اجارتها في غير الرضاع ولها
ان توجر نفسها للرضاع وغيره وإن لم يأذن المولى لأنه اكتساب وهي مفوضة فيه وكذا المعتق بعضها ليس للمولى اجارتها للرضاع ولا لغيره ولا يجوز للمرضع ان توجر نفسها
لارضاع طفل غير الأول إلا بعد انقضاء مدة الأول فإن كان اللبن كثيرا يفي بالطفلين جاز لها ذلك وكذا حكم الجارية لو اجرها مولاها لارضاع طفل لم يكن ان يوجرها لارضاع اخر إلا مع
كثرة اللبن بحيث يفي للطفلين مسألة كل موضع يمنع الزوج فيه من الوطي لحق الرضاع تسقط فيه النفقة عنه في تلك المدة وعلى المرضعة ان تأكل وتشرب ما يدر به
لبنها ويصلح به وللمستأجر مطالبتها بذلك لأنه من تمام التمكين من الرضاع وفي تركه اضرار بالصبي ولو لم ترضعه المؤجرة نفسها للرضاع بل اسقته لبن الغنم أو أطعمته لم
يكن لها اجر لأنها لم توف المعقود عليه فأشبه ما لو اكراها لخياطة ثوب فلم تخطه ولو دفعته إلى خادمها فأرضعته فكذلك وبه قال احمد وأبو ثور وقال أصحاب الرأي لها
اجرها لان رضاعه حصل بفعلها وليس بجيد لأنها لم ترضعه فأشبه ما لو سقته لبن الغنم ولو اختلفا فقال أرضعته وأنكر المستأجر فالقول قولها لأنها مؤتمنة على
اشكال مسألة إذا ماتت المرضعة انفسخ الإجارة لان المنفعة قد فاتت بهلاك محلها فأشبهت البهيمة المستأجرة إذا ماتت تنفسخ الإجارة كذا هنا وقال بعض
العامة لا تنفسخ ويجب في مالها اجر من ترضعه تمام الوقت لأنه كالدين وليس بجيد لتعذر استيفاء المنفعة من العين التي تعلقت الإجارة بها وإن مات الطفل انفسخت
الإجارة لأنه يتعذر استيفاء المعقود عليه لأنه لا يمكن إقامة غيره مقامه لاختلاف الصبيان في الرضاع ولا العقد وقع على ايقاع الفعل وقد تعذر ذلك فأشبه ما
إذا استأجر لخياطة ثوب فتلف الثوب وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا تبطل الإجارة لان الصبي يستوفي به فلا تبطل الإجارة بموته كموت الراكب والفرق أن اللبن قد
يدر على أحد الولدين دون الآخر فيتعذر إقامة غيره مقامه وإن مات المستأجر لم تبطل الإجارة عندنا وبه قال الشافعي لان الإجارة لا تبطل بموت أحد المتواجرين على ما
يأتي لان استيفاء المنفعة لم يتعذر وكل موضع قلنا ببطلان الإجارة فيه هنا وإن كان في عقيب العقد بلا فصل بطلت الإجارة من أصلها ورجع المستأجر
بالاجر كله وإن كان في أثناء المدة رجع بحصة ما بقى تذنيب قال أحمد بن حنبل يستحب أن تعطي المرضعة عند الفطام عبدا لان حجاج الأسلمي قال قلت يا رسول الله ما
يذهب عني مذمة الرضاع قال الغرة؟ العبد أو الأمة والمذمة بكسر الذال من الذمام وبفتحها يكون من الذم وخص الرقبة بالمجازات لها لان فعلها في ارضاعه وحضانته
يكون سبب حياته وحفظ رقبته فاستحب جعل الجزاء رقبة لتناسب الشكر والنعمة ولذا جعل الله تعالى المرضعة إما في قوله وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وقال (ع) لا يجزى
ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيعتقه هذا مع يسار المسترضع ولم نقف لغيره على شئ في ذلك الشرط ج للمنفعة يشترط في المنفعة ان يكون حاصلة للمستأجر
والا اجتمع العوضان في ملك واحد وهو باطل فإن المعاوضة يقتضي التبادل في العوضين فينتقل كل من العوضين إلى الآخر فإذا
قال استأجرت منك دابتك لتركبها بعشرة دراهم لم يصح والا لزم ان يكون المنفعة والعشرة حاصلة وللمؤجر وأكثر العناية في هذا الشرط ان حكم العبادات والقرب في الاستيجار
وهي نوعان أحدهما القربة التي لا تدخلها النيابة فلا تصح الاستيجار عليها لان الاستيجار عليها انابة بعوض وغرض الشرع تعلق بايقاعها من مباشر خاص واما ما يدخله
النيابة فيجوز الاستيجار عليه كالحج وتفريق الزكاة واما غسل الميت فإنه عند علمائنا يحرم اخذ الأجرة عليه وسوغ الشافعية عقد الإجارة فيه وكذا تجهيز الميت
بالتكفين والغسل وحفر القبر وحمل الجنازة والدفن وعندنا لا يجوز اخذ الأجرة على ذلك لأنه من فروض الكفاية وعندهم ان هذه المؤنات يختص تركه الميت
فإن لم يكن فحينئذ يجب على الناس القيام بهذا فمثل هذه عنهم يجوز الاستيجار عليه لان الأجير غير مقصود بفعله حتى تقع عنه مسألة ويكره اخذ الاجر على تعليم
القران ويجوز اخذ الهدية فيه والهبة عليه لكن المحرم إذا اشترط الاجر لما رواه جراح المدايني عن الصادق (ع) قال المعلم لا يعلم بالاجر ويقبل الهدية إذا أهدى إليه وقد روى
قتيبة الأعشى عن الصادق (ع) قال قلت له اني اقرأ القرآن فتهدى إلي الهدية فاقبلها قال لا قلت اني لم أشارطه قال أرأيت لو لم تقرأه أكان بهذا لك قال قلت لا قال فلا
تقبله قال الشيخ (ره) هذا الخبر محمول على الكراهة دون التحريم لان التنزه عن مثل ذلك أولي وأفضل وإن لم يكن محضورا وجوز الشافعي الاجر على ذلك فإن كل أحد يختص
بوجوب التعليم وإن كان نشر القرآن واشاعته من فروض الكفايات وهذا إذا لم يتعين واحد لمباشرة هذه الأعمال
فإن تعين واحد لتجهيز الميت أو لتعليم الفاتحة
فللشافعية وجهان أحدهما المنع وهو الذي نذهب إليه كفروض الأعيان ابتداء وأصحهما عندهم الجواز كما أن المضطر يجب اطعامه ويجوز تغريمه مسألة الجهاد وإن
299

وجب على الأعيان بان يدهم المسلمين العياذ بالله عدو لا يندفع الا بعموم القيام في وجه العدو فلا يجوز الاستيجار عليه لأنه الان فرض عين والمستأجر مكلف
بالجهاد والذب عن الملة فيقع عنه نعم يجوز له ان يستأجر الذمي عليه وإن لم يجب على الأعيان فإن كان الامام قد عينه لم يجز الاستيجار عليه أيضا وإن لم يعينه الامام
وكان فرضا على الكفاية جاز الاستيجار عليه لأنه لا يتعين على المباشر ولا على المستأجر مسألة لا يجوز الاستيجار على الاذان وشبهه من شعاير الاسلام غير المفروضة لما
روي عن أمير المؤمنين (ع) انه اتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين والله انى لأحبك فقال له ولكني أبغضك لله فقال ولم قال لأنك تبغى في الاذان وتأخذ على تعليم القرآن
اجرا وسمعت رسول الله يقول من أخذ على تعليم القرآن اجرا كان حظه يوم القيمة إذا عرفت هذا فإن النهي في تعليم القرآن انما هو مع الشرط لما رواه جراح المدايني
قال نهى الصادق (ع) عن اجر القارئ الذي لا يقرء الا بأجر مشروط وللشافعية في الاجر على الشعاير غير المفروضة كالاذان تفريعا على الأصح عندهم ثلاثة أوجه فإن
جوزوه فثلاثة أوجه في أن المؤذن يأخذ الأجرة أحدها انه يأخذ على رعاية المواقيت والثاني على رفع الصوت والثالث على الحيعلتين فإنهما ليستا من الاذان
والأصح عندهم وجه رابع انه يأخذ على الاذان بجميع صفاته ولا يبعد استحقاق الأجرة على ذكر الله تعالى كما لا يبعد استحقاقها على تعليم القرآن وإن اشتمل على قراءة
القرآن مسألة لا يجوز اخذ الأجرة على امامة الصلاة المفروضة وبه قال الشافعي الإمامة في النوافل عندنا باطلة وعند الجمهور تصح وللشافعية في اخذ الأجرة
على الإمامة في التراويح وساير النوافل وجهان والأصح عندهم المنع لان الامام يصلي لنفسه ومهما صلى اقتدى به من يريد وإن لم ينو الإمامة وان توقف على نية
فهو احراز فضيلة الجماعة وهذه فايدة يحصل له دون المستأجر ومن جوزه منهم الحقه بالاستيجار للاذان ليتأدى الشعار مسألة لا يجوز اخذ الأجرة على
القضا بين الناس وبه قال الشافعي لأنه من فروض الكفايات ولان اعمال القاضي غير مضبوط لكن يجوز له اخذ الرزق من بيت المال واما تعليم العلوم الدينية
فإن تعين لتعليمها لم يجز له اخذ الأجرة عليه وأطلق الشافعية القول بمنع الاستيجار للتدريس وفي إعادة الدرس لهم قولان قال الجويني لو عين شخصا أو جماعة لتعليم
مسألة أو مسايل مضبوطة فهو جايز والذي اطلقوه محمول على استيجار من تصدى للتدريس من غير تعيين من يعلم من لا يعلم لأنه كالجهاد في أنه إقامة مفروض على الكفاية ثابت
في الشرع وكذلك نمنع استيجار مقرء يقرى على هذه الصورة قال ويحتمل ان يجوز الاستيجار له ويشبه بالاذان الشرط د للمنفعة أن تكون محللة كل منفعة محرمة لا يجوز
عقد الإجارة فيها لأنها مطلوبة العدم في نظر الشرع فلا يجوز عقد الإجارة على تحصيلها وذلك كالزنا والزمر وأنواع الملاهي وتعلمها وتعليمها والغناء والنوح بالباطل
فلا يجوز الاستيجار لفعل الغناء وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وصاحباه وأبو ثور وكره ذلك الشعبي والنخعي لأنه محرم فلا يجوز الاستيجار عليه كإجارة أمة
للزنا ولا يجوز استيجار كاتب ليكتب له غناء ونوحا بالباطل لأنه انتفاع بمحرم وقال أبو حنيفة يجوز ولا يجوز الاستيجار على كتابة شعر محرم ولا بدعة ولا شئ محرم كذلك
مسألة لا يجوز الاستيجار على حمل الخمر لمن يشربها ولا من يبيعها ولا على حمل خنزير ولا ميتة لمن يأكلها ويجوز الاستيجار على نقل الميتة من الدار إلى المزبلة
والخمر للإراقة وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد لأن هذه منافع محرمة فلم يجز عقد الإجارة فيها وقال أبو حنيفة يجوز لان العمل لا يتعين عليه بدليل انه
لو حمله مثله جاز ولأنه لو قصد اراقته أو طرح الميتة جاز وقال احمد من حمل خنزير النصراني أو خمرا أو ميتة أكره اكل كراه ولكن يقضى للحمال بالكرا ولو كان لمسلم فهو
أشد قال بعض أصحابه هذا محمول على أنه استأجره ليهريقها فاما للشرب فمحظور لا يحل اخذ الأجرة عليه واستبعده باقي أصحابه لقوله أكره أكل كراه وإذا كان لمسلم
فهو أشد والصحيح تحريم ذلك لأنه استيجار لفعل محرم فلم يصح كالزنا ولان النبي صلى الله عليه وآله لعن حاملها والمحمولة إليه ونمنع جواز حمل مثله والقياس على تسويغه مع قصد الإراقة
باطل لان ذلك فعل محلل ولا بأس باستيجار ناطور لحفظ كرم النصراني لأنه فعل مباح ولا يتعين لاتخاذه خمرا مسألة لا يجوز اجارة المسكن ليحرز فيه خمرا
لغير التخليل ولا يوجر دكانا ليبيع فيه آلة محرمة ولا اجارة أجير ليحمل له مسكرا يشربه فإن فعل لم تنعقد الإجارة وفي جواز استيجار الحايط المزوق للتنزه قول بالجواز
ولا تجوز اجارة الدار لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار أو يجعلهما بيت نار وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد لأن هذه أفعال محرمة
فلا يجوز الاستيجار عليها له كما لو استأجر امرأة ليزني بها وقال أبو حنيفة لا بأس بأن تواجر بيتك في السواد ممن يتخذه بيت نار أو كنيسة أو يبيع فيه الخمر واختلف أصحابه
في تأويله فمنهم من قال يجوز إذا شرط ذلك ومنهم من قال لا يجوز إذا شرط وإنما أراد أبو حنيفة إذا علم المؤجر انه يفعل ذلك لكن لم يشترط ويعلق من جوز شرطه بان هذا
الفعل لا يلزمه بعقد الإجارة وان شرطه وإذا تسلم العين ولم يفعل فيها شيئا من هذه الأشياء وجبت عليه الأجرة فذكرها وعدمها سواء ويبطل به على أصله
ما إذا استأجر بيتا للصلاة ويخالف إذا لم يشترطه لأنه لم يستأجر ذلك لفعل محظور فكان كما لو استأجر امرأة للخدمة ولو استأجره ليحمل له خمرا من موضع إلى اخر
فإن كان للتخليل جاز لأنه سايغ وإن كان للشرب أو للحفظ لأجله لم يصح عقد الإجارة وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد لأنه استيجار لفعل محرم فلم يصح كالزنا
وقال أبو حنيفة يجوز لان الفعل لم يتعين عليه ولو حمل مثله خلا جاز مسألة لو استأجر الذمي دار المسلم صح عقد الإجارة وإن علم المسلم انه يبيع فيها الخمر
إذا لم يشترط ذلك وليس للمسلم منعه من بيع الخمر فيها مستترا لأنه سايغ عنده وقد امرنا باجرائهم على احكامهم وبه قال أصحاب الرأي وقال احمد لصاحب
الدار منعه وبه قال الثوري؟ لأنه محرم فجاز المنع منه والملازمة ممنوعة لأنا قد امرنا باجرائهم؟ على احكامهم وكذا لو اجر المسلم بيته لمسلم علم أنه يعمل فيه خمرا أو نبيذا
أو فقاعا أو شيئا من الملاهي أو قمارا أو غير ذلك من المحرمات إذا لم يشترط الإجارة لذلك لكن يكون مكروها ويحتمل قويا التحريم لما فيه من المساعدة على المعصية
وقد قال الله تعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولا يكره لو لم يعلم وإن علم ذلك منعه ان تمكن من منعه وليس له فسخ العقد لو لم يتمكن لان المستأجر ملك المنافع مسألة
يكره ان يوجر نفسه لعمل الصنايع الدنية كالحجامة مع الشرط وليس محرما لان النبي صلى الله عليه وآله استأجر أبا طيبه؟ فحجمه ويكره ان يواجر نفسه لكسح الكنيف واكل اجره روي العامة
عن ابن عباس ان رجلا حج ثم اتاه فقال انى رجل أكنس فما ترى في تكسبي فقال أي شئ تكنس قال العذرة قال ومنه حججت ومنه تزوجت قال نعم قال أنت خبيث وحجك
خبيث وما تزوجت خبيث ولان فيه دنائة فكره كالحجامة واما الإجارة في الجملة فجايزة لان الحاجة داعية إليها ولا تندفع بدون إباحة الإجارة فوجب اباحتها كالحجامة
وكذا اكل صنعة مكروهة وكل ذلك قد يجب على الكفاية عند حاجة الناس إليه الشرط ه‍ للمنفعة العلم مسألة يشترط في الإجارة ما شرط في البيع وهو العلم بأمور
ثلثة من المبيع العين والقدر والصفة إما العين فيشترط تعيينها فكما لا يجوز ان تقول بعتك أحد هذين العبدين بكذا لا يجوز ان تقول اجرتك أحدهما بل إما ان يلتزم العين في لذمة
كما يلتزم بالمسلم؟ واما ان يوجر عينا معينة ثم إن لم يكن لها الا منفعة واحدة فالإجارة محمولة عليه وإن كان لها منافع فلا بد من البيان وإن اطلق احتمل التعميم وهو الأقوى
واما الصفة فقد بينا انه تجوز اجارة العين الغايبة مع ذكر صفاتها المقصودة التي تتفاوت بسببها الأجرة واما القدر فهو المقصود بالذكر فاعلم أن قدر المنفعة
لا بد من علمه وعلمه شرط في صحة العقد سواء كانت الإجارة في الذمة أو كانت اجارة عين والشافعية وإن جوزوا في البيع الاكتفاء في علم القدر بالمشاهدة فإنهم يوجبون
300

هنا العلم بالقدر ولم يكتفوا بالمشاهدة في الإجارة والفرق ان المنافع لا حضور لها محققة عند العقد وإنما هي متعلقة بالاستيفاء والمشاهدة لا يطلع فيها على الغرض
بل لا بد من التقدير مسألة ولتقدير المنافع طريقان أحدهما التقدير بالزمان كما لو استأجر الدار للسكنى سنة والعبد ليخدمه شهرا أو الثوب ليلبسه يوما والثاني
التقدير بالعمل كما لو استأجر الخياط ليخيط له ثيابا بعينها أو الدابة ليركبها إلى موضع بعينه أو ليحملها شيئا معلوما إلى موضع بعينه والضابط ان كل منفعة يمكن تقديرها
وعلمها بنفسها من غير التقييد بالزمان كالخياطة والركوب إلى موضع معين يجوز ضبطها بنفسها فيستأجر الخياط ليخيط له ثوبا معينا من غير تقييد بالزمان
أو الدابة ليركبها إلى موضع معين من غير تقييد بالزمان ويجوز تقديرها بالزمان كما لو استأجر الخياط لخياطة شهر أو استأجر الدابة ليركبها شهرا وكل منفعة لا يمكن
تقديرها الا بالزمان وجب في تقديرها والعلم به ذكر زمانها كما في استيجار العقارات فإن منافعها لا يمكن ضبطها إلا بالمدة كالرضاع فإن تقدير اللبن لا يمكن
ولا سبيل فيه إلا الضبط بالزمان مسألة كل منفعة يمكن ضبطها بالعمل أو بالزمان كما قلنا في استيجار عين شخص أو دابة بان يقول لتعمل له شهرا خياطة أو يقول
لتخيط هذا الثوب أو لا ركب الدابة إلى موضع كذا أو لا تردد عليها في حوائجي اليوم فإنه يكفي لتعريف المقدار أيهما كان ولو جمع بينهما فقال استأجرتك لتخيط هذا القميص
اليوم أو لا ركب الدابة إلى موضع كذا في يومين لم يصح وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أصح الوجهين لما فيه من الغرر الحاصل بإضافة الزمان إلى العمل مما لا حاجة إليه
فإنه يجوز انتهاء العمل قبل انقضاء الزمان المشروط أو ينتهى الزمان قبل انقضاء العمل فإن استعمله في بقية المدة وفقد زاد على ما وقع عليه العقد وإن لم
يعمل كان تاركا للعمل في بعض المدة وقد لا يفرغ من العمل في المدة فإن أتم عمل في غير المدة وإن لم يعمله لم يأت بما وقع عليه العقد وهذا غرر أمكن
التحرز منه ولم يوجد مثله في محل الوفاق فلم يجز العقد معه والوجه الثاني للشافعية الجواز وبه قال أبو يوسف ومحمد واحمد في رواية لان المدة مذكورة للتعجيل
فلا تورث فساد العقد والإجارة معقودة على العمل فعلى هذا إذا فرغ من العمل قبل انقضاء المدة لم يلزمه العمل في باقي المدة لأنه وفى بما عليه قبل مدته فلا يلزمه
شئ اخر كما لو قضى الدين قبل اجله وإن مضت المدة قبل العمل فللمستأجر فسخ الإجارة لان الأجير لم يف له بشرطه وإن رضي بالبقاء عليه لم يملك الأجير الفسخ لان الاخلال
بالشرط منه فلا يكون ذلك وسيلة إلى الفسخ كما لو تعذر أداء المسلم فيه في وقته لم يملك المسلم فسخ العقد فإن اختار امضاء العقد طالبه بالعمل لا غير كالمسلم إذا صبر عند تعذر
المسلم فيه إلى حين وجوده لم يكن له أكثر من المسلم فيه وإن فسخ العقد قبل عمل شئ من العمل سقط الاجر وإن كان بعد عمل شئ منه فله اجر مثله لأن العقد قد انفسخ فسقط المسمى
ويرجع إلى أجرة المثل وقد نقل عن أحمد فيمن اكترى دابة إلى موضع على أن يدخله في ثلث فدخله في ست فقال قد اضربه فقيل يرجع عليه بالقيمة قال لا يصالحه
وهذا مأخوذ من رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الباقر (ع) قال سمعته يقول كنت جالسا عند قاض من قضاة المدينة فاتاه رجلان فقال أحدهما اني تكاريت هذا
يوافي بي؟ السوق يوم كذا وكذا وانه لم يفعل قال فقال ليس له كراء قال فدعوته فقلت له يا عبد الله ليس لك ان تذهب بحقه وقلت للاخر وليس لك أن تأخذ كل الذي عليه
اصطلحتما فترادا بينكما وهذه الرواية تدل على تسويغ الجمع بين المدة والعمل وعلى الوجه الثاني للشافعية وهو الجواز لهم وجهان أصحهما انه يستحق الأجرة بأسرعهما تماما
فإن تم العمل قبل تمام اليوم وجبت الأجرة وإن انقضى النهار قبل تمام العمل فكذلك والثاني ان الاعتبار بالعمل المقصود فإن تم قبل انقضاء اليوم وجبت الأجرة وإن انقضى
اليوم قبله وجب اتمامه وقال بعض الشافعية ان انقضى النهار أو لا لم يلزمه خياطة الباقي وإن أتم العمل أولا فللمستأجر ان يأتي بمثل ذلك القميص ليخيط بقية النهار فإن قال
في الإجارة على انك ان فرغت قبل اتمام اليوم لم تحط غيره بطلت الإجارة لان زمان العمل يصير مجهولا إذا عرفت هذا فالمنافع متعلقة بالأعيان وتابعة لها وعد آحاد
الأعيان التي تستأجر كالمتعذر لكن نذكر ما يكثر البلوى به ويكون أكثر دورانا في الإجارة ليعرف الضابط في كل واحد منها ثم يقاس عليها غيرها وهي أنواع ثلاثة الأول
الآدمي مسألة الآدمي يصح ان يستأجر لعمل أو صناعة كالخياطة والبناء وشبهها حرا كان أو عبدا رجلا كان أو امرأة صغيرا كان أو كبيرا ولا خلاف بين العلماء في جواز
استيجار الآدمي وقد اجر موسى (ع) نفسه لرعاية الغنم واستأجر النبي صلى الله عليه وآله رجلا ليدله على الطريق وقال (ع) أعطوا الأجير اجرته بل إن يجف عرقه واستأجر (ع) اجراء كل أجير
بعرق من ذرة وقال انما مثلكم ومثل أهل الكتاب كمثل رجل استأجر أجيرا فقال من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من نصف
النهار إلى العصر على قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من العصر إلى غروب الشمس على قيراطين فعملتم أنتم فغضب اليهود والنصارى وقالوا نحن أكثر عملا وأقل اجرا
فقال هل ظلمت من أحدكم شيئا قالوا قال فإنما هي فضلى اويته؟ من أشاء رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه سليمان بن جعفر الجعفري قال كنت مع الرضا في بعض الحاجة
فإن أردت انصرف إلى منزلي قال فقال لي انطلق معي فبت عندي الليلة فانطلقت معه فدخلت إلى داره مع المغيب فنظر إلي غلمانه يعملون بالطين أو ارى الدواب
وغير ذلك فإذا معهم اسود ليس منهم فقال ما هذا الرجل معكم فقالوا يعاوننا ونعطيه شيئا قال قاطعتموه على اجرته فقالوا لا هو يرضى منا بما نعطيه فاقبل عليهم (اخور)؟ يضربهم
بالسوط وغضب غضبا شديدا قلت جعلت فداك لم تدخل على نفسك فقال اني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة ان
يعمل معهم أجير حتى يقاطعوه اجرته واعلم أنه
ما من أحد يعمل معك شيئا بغير مقاطعة ثم زدته لذلك الشئ ثلاثة اضعافه على اجرته الا ظن أنه قد نقضه اجرته فإذا قاطعته ثم أعطيته اجرته حمدك على الوفاء
فإن زدته حبة عرف ذلك ورأى انك قد زدته والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ولان الحاجة تشتد إلى منافع الانسان كالبناء والخياطة والحياكة والتجارة والحدادة
وغير ذلك من الصنايع ومثل هذه لا يسمج الانسان ببذلها من غير عوض لأنها تستغرق زمانه وتمنعه عن مصالحة فلا بد من المعاوضة عليها وكما اقتضت
الحكمة ابدال الأعيان بالاعراض في البيع كذا اقتضت ابدال المنافع بها لاشتراكهما في الحاجة الشديدة مسألة وإجارة الآدمي على ضربين أحدهما استيجاره مدة
بعينها لعمل بعينه كإجارة موسى نفسه ثماني حجج والثاني استيجاره على عمل معين في الذمة كاستيجار رجل لبناء حائط أو خياطة قميص وهو قسمان أحدهما ان تقع الإجارة على عين كالإجارة على رعاية غنمه والثاني ان تقع على عمل في الذمة كخياطة قميص فإن كانت الإجارة في الذمة قال
استأجرتك وألزمت ذمتك خياطة هذا الثوب ولو اطلق وقال ألزمت ذمتك عمل الخياطة كذا يوما فالأولى الجواز للأصل وقال بعض الشافعية لا يصح
لأنه لم يعين عاملا يخيط ولا محلا للخياطة فلا يرتفع الجهالة وليس بجيد لان الخياطة مدة معلومة أمر معلوم فصح العقد عليه ولأنه يصح أن تستأجر عينه للخياطة مدة
شهر وإن يستأجر في الذمة لخياطة ثوب فجاز جمعهما إذا الجهالة إن حصلت في المجموع حصل في كل واحد وإذا استأجر عينه قال استأجرتك لتخيط هذا الثوب ولو قال لتخيط لي
يوما أو شهرا جاز وهو قول أكثر الشافعية للأصل مسألة إذا استأجره لخياطة ثوب وجب ان يبين له الثوب إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة
ويبين العمل فيه من خياطه قباء أو قميصا أو سراويل والطول والعرض ويبين نوع الخياطة أهي رومية أو فارسية إلا أن تطرد العادة بنوع فيحمل المطلق عليه
ولو دفع إلى خياط ثوبا وقال له إن كان يكفيني قميصا فاقطعه فقال الخياط هو كاف وقطعه فلم يكفه فعليه أرش القطع ولو قال انظر هذا الثوب هل يكفيني قميصا فقال الخياط نعم فقال اقطعه فقطعه فلم يكفه لم يلزمه شئ وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي لأنه انما اذن له
في الأولى بشرط كفايته فإذا قطعه بدون شرطه كان ضامنا وفي المسألة الثانية اذن له في القطع ولم يشرطه بشئ فلا يجب عليه ضمان اقصى ما في الباب أنه
301

غشه وكذب عليه وذلك لا يوجب الضمان ولم يجب عليه الضمان في الأولى باعتبار غروره بل باعتبار عدم الإذن في قطعه لان اذنه مقيد بشرط كفايته فلا يكون إذنا في غير ما وجد الشرط فيه بخلاف
الثانية وقال أبو ثور لا ضمان عليه في المسئلتين لأنه قد غره في الثانية كما غره في الأولى فتساويا في الضمان والجواب ما بينا من أن العلة في الأولى ليست الغرور بل عدم الإذن
مسألة إذا استأجر لتعليم القران في موضع الجواز وهو عدم الشرط فلا بد من تعيين السور والآيات التي يعلمها أو يقدر بالمدة فيقول لتعلمني شهرا وهو قول
الشافعية ومنع بعضهم عن الاكتفاء بذكره واشترط تعيين السور والآيات لتفاوتها في الحفظ والتعليم سهولة وصعوبة وهو جيد وفي وجه للشافعية انه لا يجب تعيين
السورة وإذا ذكر عشر آيات كفى وليس بجيد لما بيناه من تفاوت الآيات بالطول والقصر والصعوبة والسهولة وقال بعضهم لابد من تعيين السورة لكن يكفي اطلاق عشر آيات منها فحصل لهم في اشتراط تعيين الآيات ثلاثة أوجه يفرق في الثالث بين ان يعين السورة فيتسامح باطلاق الآيات منها أولا
يعين واحتج بما روي أنه صلى الله عليه وآله قال في قصة التي عرضت نفسها عليه لبعض القوم اني أريد ان أزوجك هذه ان رضيت فقال ما رضيت لي يا رسول الله فقد رضيته
فقال للرجل هل عندك شئ قال لا فقال ما تحفظ من القرآن قال سورة البقرة والتي تليها فقال قم فتعلمها عشرين أية وهي امرأتك ولا حجة فيه على مطلوبه لأنه لم يذكر صلى الله عليه وآله في معرض
العقد إذ لم يوجد هناك إيجاب ولا قبول بل أرشده إلى أن يعقد عليها بايجاب وقبول إن يسمى في المهر عشرين آية يتخيرها المتعاقدان مسألة قد بينا انه يكره الاستيجار
على تعليم القرآن مع الشرط وبه قال الزهري وإسحاق وقال أبو عبد الله بن سفيان هذه الرغف التي يأخذها المعلمون من السحت ومن كره اجر المعلم مع الشرط الحسن وابن
سيرين وطاوس والشعبي والنخعي واحمد وفي رواية أخرى عنه المنع وبه قال عطا والضحاك بن قيس وأبو حنيفة والزهري وعن أحمد رواية ثالثة انه يجوز ذلك قال التعليم
أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين ومن أن يتوكل الرجل من عامة الناس في صنعة ومن أن يستدين ويتجر ولعله لا يقدر على الوفاء فيلقى الله بأمانات الناس التعليم
أحب إلي وممن أجاز ذلك مالك والشافعي ورخص في أجور المعلمين أبو قلابة وأبو ثور وابن المنذر ولان رسول الله صلى الله عليه وآله زوج رجلا بما معه من القرآن وإذا جاز أن يكون تعليم
القرآن عوضا في باب النكاح وقام مقام المهر جاز اخذ الأجرة عليه في الإجارة وقد روى العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أحق ما أخذتم عليه اجرا كتاب الله وهو حديث صحيح عندهم ولأنه
يجوز اخذ الرزق عليه من بيت المال فجاز اخذ الأجرة عليه كبناء القناطر والمساجد ولان الحاجة قد تدعوا إلى ذلك فإنه يحتاج إلى الاستنابة
في الحج من وجب عليه الحج وعجز عن فعله ولا يكاد يوجد متبرع بذلك فيحتاج إلى بذل الاجر فيه واحتج المانعون بما رواه العامة عن عبادة بن الصامت قال علمت ناسا من أهل
الصفة القرآن والكتابة فاهدى إلي رجل منهم قوسا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقال إن سرك ان يقلدك الله قوسا من نار فاقبلها وعن أبي ابن كعب انه علم رجلا سورة
من القرآن فاهدى له قميصا أو ثوبا فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فقالوا لو أنك لبستها أو اخذتها ألبسك الله تعالى مكانها ثوبا من نار ولان من شرط صحة هذه الأفعال كونها قربة
إلى الله تعالى فلم يجز أخذ الأجرة عليها كما لو استأجر قوما يصلون خلفه الجمعة فروع لا بأس بأخذ الأجرة على الرقية وبه قال احمد لان أبا سعيد رقى رجلا بفاتحة الكتاب على
جعل فبرأ واخذ أصحابه الجعل واتوا به النبي صلى الله عليه فاخبروه وسألوه فقال العمري لئن اكل برقية باطل اكلت برقية حقي كلوا واضربوا لي معكم بسهم ولان الرقية نوع
من المداراة والمأخوذ عليها جعل والمداواة يباح اخذ الجعل عليها الثاني منع احمد في بعض الروايات من جعل القرآن عوضا في البضع وتأول الحديث الذي رووه
عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله زوجتكها على ما معك من القرآن باحتمال انه زوجه إياها بغير صداق اكراما له كما زوج أبا طلحة أم سليم على اسلامه ونقل عنه أيضا جوازه وفرق بين المهر
والاجر ان المهر ليس بعوض محض وإنما وجب عليه نحلة ووصلة ولهذا جاز خلو العقد عن تسميته وصح مع فساده بخلاف الاجر في غيره الثالث قد بينا انه لو اعطى المعلم شيئا
بغير شرط لم يكن به بأس وهو أيضا ظاهر كلام احمد وكرهه جماعة من العلماء مسألة كل موضع يجوز فيه الاستيجار لتعليم القرآن الأولى وجوب تعيين قراءة أحد القراء
السبعة مثل أن يقول على قراءة ابن كثير أو نافع أو غيرهما لأنه مختلف فلابد من تعيينه وهو أحد وجهي الشافعية وأصحهما عندهم عدم الوجوب لان الامر فيها قريب قال
الجويني كنت أود ان لا يصح الاستيجار للتعليم حتى يختبر حفظ المتعلم كما لا تصح اجارة الدابة حتى يعلم حال
الراكب لكن ظاهر كلام الشافعية عدم الاشتراط والخبر يدل عليه وانما
يجوز الاستيجار لتعليم القرآن إذا كان من يعلمه مسلما أو كافرا يرجى اسلامه فإن كان لا يرجى اسلامه لا يعلمه الكافر كما لا يباع المصحف من الكافر فلا يجوز الاستيجار له تذنيب في اجارة
المصحف لبعض العامة وجهان أحدهما المنع كما لا يصح بيعه والعلة واحدة وهي اجلال كلام الله تعالى عن المعاوضة والثاني الجواز وهو مذهب الشافعي لأنه انتفاع مباح تجوز
الإعارة من اجله فجازت الإجارة فيه كساير الكتب مسألة كلما يجوز بيعه من الكتب تجوز اجارته لأنه انتفاع مباح يحتاج إليه ويجوز اعارته فجاز فيه الإجارة وبه قال
الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجوز اجارة الكتب ولا اجارة المصحف لأنه ليس في ذلك أكثر من النظر إليه ولا تجوز الإجارة لمثل ذلك بدليل انه لا يجوز أن يستأجر سقفا
ينتظر إلى عمله وتصاويره ولا شمعا ليتجمل به ونمنع حكم الأصل سلمنا لكن لا حاجة إلى النظر إلى السقف فإنه لا حاجة إليه ولا جرت العادة بالإعارة من اجله وفى مسئلتنا
يحتاج إلى القراءة في الكتب والتحفظ منها والنسخ منها والسماع والمداومة وغير ذلك من الانتفاعات المقصودة المباحة المحتاج إليها مسألة لو استأجره لتعليم سورة صح على ما تقدم
وحده ان يستقل المستأجر بالتلاوة ولا يكفي تتبع لفظه ولو كان المستأجر على تعليمه يتعلم الشئ بعد الشئ ثم ينساه فالأقرب الاعتبار بالعادة فإن كان يسمى في العادة
تعليما لم يجب على المؤجر إعادة التعليم وإن كان لا يسمى وجب إعادة التعليم وهو أحد وجوه الشافعية والثاني ان تعلم أية ثم ينسها لم يجب تعليمها ثانية وإن تعلم دون أية ونسى
وجب وهو قول بعض علمائنا ولا بأس به والثالث ان الاعتبار بالسورة والرابع ان نسى في مجلس التعليم وجب اعادته إلا فلا إذا ثبت هذا فيجوز استيجار الانسان غيره
لقراءة القرآن على رأس القبر مدة كما يجوز الاستيجار للآداب وتعليم القرآن وقد سبق انه يجب انه يجب عود المنفعة إلى المستأجر فإن ذلك شرط في صحة الإجارة وهذا يجب
عود المنفعة إلى المستأجر أو ميته فعندنا ان ثواب ذلك يصل إلى الميت إذا نوى الأجير ذلك خلافا للشافعية فإنهم قالوا المستأجر لا ينتفع بان يقرء للغير ومشهور عندهم
ان الميت لا يلحقه ثواب القراءة المجردة فقالوا لما قرروا جواز الاستيجار لابد من انتفاع الميت بالقرائة وفيه طريقان أحدهما ان يعقب القراءة بالدعاء للميت فان
الدعاء يلحقه والدعاء بعد القراءة أقرب ان الإجابة وأكثر بركة والثاني انه ان نوى القارئ بقراءته ان يكون ثوابها للميت لم يحلقه لكن لو قراء ثم جعل ما حصل من
الاجر له فهذا دعاء بحصول ذلك الاجر للميت فينتفع الميت مسألة قد بينا جواز الاستيجار للارضاع يجب فيه التقدير بالمدة كما تقدم ولا سبيل إلى ضبط
مرات الارضاع ولو ضبط بالعدم ولم يعلم قدر ما يصل إليه من اللبن ولا القدر الذي يستوفيه في كل مرة وقد تعرض له الأسباب؟ مراض والأسباب الملهية؟ لكن الاشكال
أيضا يرد في التقدير بالضمان مسألة يجوز الاستيجار للحج والعمرة والطواف والرمي وبالجملة لكل عمل من اعمال الحج تدخله النيابة ولصلاة الطواف وقد تقدم ولو استأجر
للحج لم تدخل العمرة المفردة وبالعكس إما لو استأجر لحج التمتع فإنه يدخل فيه العمرة ان لم يكن قد اعتمر ولو استأجر لعمرة التمتع دخل الحج لقوله (ع) دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه ولو استأجر للطواف لم تدخل
صلاته وبالعكس وإذا استأجر للحج دخلت تحللاته فيه ولا تدخل زيادة النبي صلى الله عليه وآله في الحج ويجوز الاستيجار لزيارة الأئمة عليهم السلام وزيارة النبي صلى الله عليه وآله في قبورهم
302

وإليه ينصرف اطلاق الزيارة إما لو استأجر للزيارة من بعد لم يجب الاشراف على الضريح المقدس ولا تدخل صلاة الزيارة فيها بخلاف صلاة الطواف مسألة الأقوى انه
يجوز أن يوجر المسلم نفسه للذمي للخدمة لأنه يجوز استيجاره لعمل صنعة وغيرها مما ليس بالخدمة فجاز في الخدمة كالمسلم وهو أحد قولي الشافعي وقال في الآخر لا يجوز وعن أحمد روايتان
لأنه عقد يتضمن حبس المسلم عند الكافر وإذلاله له واستخدامه فلم يجز كالبيع وذلك أن عقد الإجارة للخدمة يتعين فيه حبسه مدة الإجارة واستخدامه والبيع لا يتعين
فيه ذلك وإذا منع منه فلئن يمنع من الإجارة أولي واما ان اجر نفسه منه في عمل معين في الذمة كخياطة ثوب وقصارته جاز بلا خلاف ولأنه عقد معاوضة لا يتضمن
إذلال المسلم ولا استخدامه فأشبه مبايعته وإن اجر نفسه منه لعمل غير الخدمة مدة معلومة جاز أيضا وهو ظاهر كلام احمد وعنه رواية أخرى المنع لأنه عقد يتضمن حبس
المسلم فأشبه البيع والفرق بينه وبين البيع ظاهر فان البيع اثبات الملك على المسلم وليست الإجارة كذلك مسألة تجوز استجار المسلم غيره للخدمة سواء كان الأجير
حرا أو عبدا رجلا أو امرأة بشرط ضبط ما وقعت عليه الإجارة إما بالعمل وإن كان مما ينضبط أو بالزمان كاليوم والشهر والسنة وإذا ضبط بالزمان بنى على العادة في
الخدمة من أمثال الأجير لأمثال المستأجر وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي واحمد وأبو ثور لأنه يجوز النيابة فيه ولا يختص عامله بكونه من أهل القربة فإذا استأجره ليخدمه
شهرا انصرف الاطلاق إلى ما جرت العادة به من التردد في الحوايج والشراء من السوق وحمل ما يشتريه من المأكول وشبهه إليه والمضى إلى القرايا وغير ذلك وإذا
استأجره للعمل مدة كان زمان الطهارة والصلاة المفروضة مستثنى ولا ينقص من الأجرة شئ إما النوافل الراتبة فالأقوى انها ليست مستثناة خلافا للشافعية
وليس له ان يتطوع بالركعتين الا بإذن المستأجر وقال احمد يجوز ما لم يضر بصاحبه وقال أبو ثور وابن المنذر ليس له منعه منهما ولا فرق بين صلاة الجمعة وغيرها في
الاستثناء وبه قال بعض الشافعية لان الجمعة مفروضة فأشبهت الفرايض اليومية في الاستثناء ولقول الصادق (ع) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعمل
أجيرا حتى يعلمه ما اجره ومن استأجر أجيرا ثم حبسه عن الجمعة تبوء بإثمه وإن هو لم يحبسه اشتركا في الاجر وجوز ابن شريح من الشافعية انه يجوز له ترك الجمعة بهذا السبب
وهو غلط لعموم الامر بصلاة الجمعة كغيرها من الفرايض وإذا استأجر الذمي كانت أيام السبوت مستثناة مسألة قد بينا انه يجوز استيجار المرأة للخدمة سواء
كانت حسناء أو قبيحة المنظر وسواء كانت عجوزة أو شابة وسواء كانت أجنبية أو قريبة وسواء كانت حرة أو أمة لكن لا يجوز النظر إليها إن كانت أجنبية بل يصرف وجهه
عن النظر ولا يخلو معها في بيت لئلا تغزيه؟ الشهوة ولا ينظر إليها مجردة ولا إلى شعرها لان حكم النظر بعد الإجارة كحكمه قبلها وكل موضع يفرق فيه بين الحرة والأمة
قبل الإجارة يفرق فيه بعدها وما لا فلا مسألة يجوز الاستيجار لحفر الأبار والقنى والنهران والسواقي ولا نعلم فيه خلافا لأنها منفعة معلومة مقصودة
محللة يجوز ان يتطوع بها الرجل على غيره فجازت المعاوضة عليها واخذ الأجرة فيه كالخياطة والخدمة ولا بد من تقدير الفعل لها بالمدة أو بالعمل المعين فإن قدر بالزمان
قال استأجرتك شهرا لتحفر لي بئرا أو ساقية أو شبهها ولا يحتاج إلى معرفة القدر وعليه ان يحفر ذلك النهر والأقرب انه لابد من مشاهدة الأرض التي يحفر فيها لان
الأغراض يختلف بذلك باعتبار اختلاف الأراضي في الصلابة والرخاء فيحصل الاختلاف بالصعوبة والسهولة
وقال بعض العامة لا يشترط لعدم الاختلاف وإن
قدره بالعمل افتقر إلى مشاهدة الموضع لاختلاف المواضع بالسهولة والصلابة ولا يمكن ضبط ذلك بالصفة ويجب ان يعرف قدر البئر دورها وعمقها وطول
النهر وعمقه وعرضه لان العمل يختلف بذلك وإذا حفر البئر أو النهر وجب اخراج التراب منها لأنه لا يمكنه الحفر إلا بذلك فقد تضمنه العقد وإن انهار شئ
من جوانب البئر أو سقط فيه حجر أو دابة أو ما أشبه ذلك لم يكن على الحافر ازالته وكان على صاحب البئر رفعه لأنه سقط فيها من ملكه ولم يتضمن عقد الإجارة
اخراجه وإن انتهى إلى موضع صلب أو حجارة أو شجرة تمنع الحفر لم يلزمه حفره لان ذلك مخالف لما شاهده من الأرض وإنما اعتبرنا مشاهدة الأرض لأنها يختلف
فإذا ظهر فيها ما يخالف المشاهدة كان له الخيار في الفسخ فإذا فسخ كان له من الأجرة بحصة ما عمل فيسقط الأجرة على ما بقى وما عمل فيقال كم اجر ما عمل وكم اجر ما بقى فيقسط
المسمى عليهما وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم ينظر إن كان المعول يعمل فيه وجب حفره وهو أظهر الوجهين عندهم ولو لم يعمل فيه المعول أو نبع الماء قبل أن
ينتهي إلى القدر المشروط وتعذر الحفر انفسخ العقد في الباقي ولا ينفسخ فيما مضى وهو أصح وجهي الشافعية ولا يجوز تقسيط على عدد الأذرع لان أعلى البئر يسهل
نقل التراب منه وأسفله يشق ذلك فيه وقد روي علماؤنا عن الصادق (ع) رواية في سندها ضعف ان الرفاعي سأله عن رجل قبل رجلا يحفر له بئرا عشر
قامات بعشر دراهم فحفر له قامة ثم عجز قال يقسم عشرة على خمسة وخمسين جزا فما أصاب واحد فهو للقامة الأولى والاثنين للثانية والثلاثة للثالثة وعلى هذا الحساب
إلى عشرة ولما كانت الرواية ضعيفة السند وجب العدول إلى التقسيط الذي تقدم مسألة قد بينا ان الدفن واجب على الكفاية للميت المسلم ومن هو بحكمه فلا
يجوز الإجارة عليه الا على المستحب فيه من النزول إلى قدر القامة أو الترقوة من اللحد أو الشق وقال الشافعي إذ استأجر لحفر القبر وجب مشاهدة الموضع وإن يعين
الطول والغرض والعمق ولا يكفي الاطلاق خلافا لأبي حنيفة وإذا حفره ودفن الميت لم يجب رد التراب بعد وضع الميت فيه خلافا لأبي حنيفة أيضا وهذا يتأتي
على مذهبنا فيمن يستأجر لدفن الميت غير المسلم مسألة يجوز الاستيجار لضرب اللبن لما قلناه من أنه فايدة مقصودة معينة مباحة ويجوز التقدير فيها بالزمان
وبالعمل فإن قدره بالعمل احتاج إلى ذكر عدده وذكر قالبه فإن كان القالب معروفا فذاك والا يبين طوله وعرضه وسمكه كالمكيال إن كان معروفا لم يحتج إلى ذكر
مقداره وإلا احتيج ولا يكفي مشاهدة الغالب في غير المعهود لما فيه من الغرر فإنه يجوز تلف القالب ولا يمكن رجوعهما إلى شئ اخر فلم يصح كما لو أسلم في طعام وشرط
مكيالا بعينه وقال بعض الشافعية انه يكفي مشاهدة القالب وليس بشئ لما بيناه ويجب بيان الموضع الذي يضرب فيه لتفاوت المواضع في التعب أو الراحة فقد يكون
الماء قريبا أو بعيدا وقد يحتاج إلى نقل التراب من خارج وإن قدره بالزمان لم يحتج إلى بيان ذلك ولا يجب عليه اقامتها حتى تجف الا ان يشترط ذلك وبه قال الشافعي
خلافا لأبي حنيفة ويجوز الاستيجار لطبخ اللبن ويجرى فيه على العادة فإذا طبخه لم يجب عليه اخراجه من الاتون إلا مع الشرط وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة
مسألة يجوز الاستيجار للبناء لأنه عمل محلل مقصود ويقدر إما بالزمان أو بالعمل فإن قدر بالعمل وجب معرفة موضعه لأنه يختلف بقرب الماء وبعده وسهولة
التراب وصعوبته ويجب ذكر الابعاد الثلاثة الطول والعرض والسمك وآلة البناء من لبن وطين أو حجر وطين أو جص وآجر أو غير ذلك ولو استأجره لبناء الف في حايط أو استأجره
يبني فيه يوما فعمل ما استأجره عليه ثم سقط الحايط لم يسقط من اجره شئ إذا لم يفرط في بنائه وإن فرط أو بناه محلولا أو نحو ذلك فسقط عليه اعادته وغرامة ما تلف
به ولو قال ادفع لي في هذا الحائط عشرة أذرع فرفع بعضه ثم سقط فعليه إعادة ما وقع واتمام ما وقعت الإجارة عليه من الذرع وكذا يجوز الاستيجار لتطيين
السطوح والحيطان وتجصيصها ويقدر بالزمان ولا يجوز على عمل معين لان الطين يختلف بالرقة والثخن وارض السطح يختلف فبعضها عال وبعضها نازل
303

وكذا الحيطان فلم يجز الا على مدة معينة مسألة يجوز الاستيجار لكحل العين لأنه عمل سائغ ويمكن تسليمه وفيه منفعة مقصودة ويقدر بالزمان خاصة لان
العمل غير مضبوط فإن قدر الدواء لا ينضبط ويختلف بحسب الحاجة ولا يجوز التقدير بالبرء؟ لان ذلك من الله تعالى وهو غير معلوم الحصول ولو علم فهو مجهول لان وقته
غير منضبط ولا عمله فإن برأت عينه قبل تمام المدة انفسخ العقد في الباقي وإذا قدر بالزمان افتقر إلى بيان قدر ما يكحله في كل يوم إما مرة أو مرتين وقال بعض العامة يجوز
التقدير بالبرء لان أبا سعيد حين رقى الرجل شارطه على البرء والتحقيق منعه نعم يجوز ذلك على وجه الجعالة دون الإجارة لان الإجارة لا بد فيها من تعيين العمل إما بالمدة
المضبوطة أو بضبط العمل نفسه إن كان مما يمكن ضبطه واما الجعالة فيجوز على المجهول كرد الآبق والضال وحديث أبي سعيد في الرواية إنما كان على سبيل الجعالة دون الإجارة إذا عرفت
هذا فإن الاستيجار على الكحل لا يقتضي وجوب الكحل على الكحال لان الأعيان لا يستحق بعقد الإجارة ولان الإجارة وقعت على الفعل وليس الكحل جزء منه فلا يندرج
تحت العقد فإن شرط الكحل على الكحال فالأقرب الجواز لان اجارة العادة جارية به ويشق على العليل تحصيله وقد يعجز عنه بالكلية فجاز ذلك كالصبغ في الصباغ واللبن
في الرضاع والحبر والأقلام من الوراق وهو أحد قولي الشافعي والثاني لهم انه لا يجوز هذا الشرط فإن شرطه بطل العقد لان ذلك بيع للكحل وإجارة للعمل فلا يجوز
شرط أحدهما في الآخر ولان الأعيان لا تملك بعقد الإجارة فلا تصح على العامل كاللبن والاجر في الحايط والفرق ان العادة جارية باللبن والاجر على المالك لا على
العامل ولا يشق ذلك على المالك بخلاف مسئلتنا مع أنه ينتقض بالصبغ من الصباغ واللبن في الرضاع وقال أصحاب مالك يجوز ان يستأجره ليبني له حايطا والاجر
من عنده لأنه اشترط ما يتم به الصنعة التي عقد عليها فإذا كان مباحا معروفا كما لو استأجر ليصبغ ثوبا والصبغ من عنده وقالت الشافعية لا يجوز لان الإجارة عقد على المنفعة وشرط فيه عقدا على البيع وذلك في معنى بيعين في بيعة ولا يشبه الصبغ لأنه بيع العين والعمل فيه تسليم للصبغ لأنه
مقدر بذلك فافترقا وقال بعض الشافعية في الصبغ والحبر إذا شرطا على الصباغ والوراق وجه بالمنع والحق الجواز وليس ذلك بيعا للاجر واللبن بل وقعا شرطا في
عقد الإجارة ولا فرق بينهما وبين الصبغ والحبر ولو اشترى منه الكحل واستأجره للعمل في عقد واحد من غير شرط جاز عندنا وعند الشافعية قولان لأنه بيع وإجارة
مسألة إذا استأجره لكحل عينه ومدة فكحلها المدة المشترطة استحق الأجرة سواء برئت عينه أو لا وبه قالت عامة الفقهاء وحكى عن مالك انه لا يستحق اجرا حتى تبرأ
عينه ولم يحك أصحابه ذلك عنه وهو غلط لان الأجير قد قام لما وظف عليه واتى بفعل إما استؤجر له فاستحق
العوض وإن لم يحصل الغرض من ذلك الفعل كما لو استأجره
لبناء حايط أو خياطة ثوب يوما فلم يتمه فيه ولو برئت عينه في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقى من المدة لتعذر العمل فإن امتنع من الاكتحال مع بقاء المرض استحق
الكحال الأجرة يمضي المدة كما لو استأجره يوما للبناء فلم يتسلمه؟ فيه ولو شرط عليه البرء على سبيل الجعالة لم يستحق حتى يحصل البرء وسواء وجد قريبا أو بعيدا ولو برء بغير
كحل أو تعذر الكحل بموته أو غير ذلك من الموانع التي من جهة المستأجر فله اجرة مثله كما لو عمل العامل في الجعالة ثم فسخ العقد وان امتنع من جهة الكحال أو غير الجاعل فلا شئ له
وقال بعض الشافعية وإذا استأجره للكحل وامتنع المريض من الاكتحال ومكن الكحال من نفسه وبذل العمل حتى انقضت المدة المشترطة لم يستقر للكحال شئ بخلاف ما إذا حبس
الدابة المدة المستأجر فإنه يستقر عليه الأجرة لان المنافع تلفت تحت يده بخلاف مسئلتنا وليس بجيد تذنيب إذا استأجره ليلقح نخله كان الكش على صاحب النخل كما قلنا في الكحل فإن
شرطه على الأجير جاز عندنا ومنعت الشافعية منه مسألة يجوز ان يستأجر طبيبا ليداويه ويتقدر بالزمان لا بالعمل لعدم انضباطه ولاختلافه في الأحوال التي تعتور المريض
والكلام فيه كما تقدم في الكحل والدواء على المريض هنا قولا واحدا فإن شرطه على الطبيب وكان معينا جاز عندنا خلافا لبعض العامة وفرقوا بينه وبين الكحال حيث
جوزوا اشتراط الكحل عليه لأنه إنما جاز في الكحال خلاف الأصل للحاجة إليه وجرت العادة به ولم يوجد ذلك المعنى في الطبيب فيثبت الحكم فيه على وفق الأصل وهو باطل لقوله (ع)
المؤمنون عند شروطهم مسألة يجوز الاستيجار على الرعي وهو قول العلم لا نعلم فيه خلافا بينهم وقد دل عليهم قوله تعالى مخبرا عن شعيب حيث قال انى أريد ان أنكحك إحدى
ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج وقد علم أن موسى (ع) انما اجر نفسه لرعى الغنم ولأنه عمل مقصود للعقلاء مباح تدعوا الحاجة إليه فجاز اخذ العوض عليه إذا عرفت
هذا فإن الرعي لا ينضبط بنفسه ولا يمكن تقديره بالعمل بل انما يتقدر بالزمان لان العمل لا ينحصر فإذا عين المدة واستأجره لرعى سنة وجب تعيين الجنس الذي يرعاه
من ماشية غنم أو بقر أو ابل أو غير ذلك لان الأغراض يختلف باختلاف العمل في السهولة والصعوبة ويجب ذلك العدد أيضا فيقول مائه من غنم ويعينها ان وقعت الإجارة
على ماشية معينة وحينئذ يتعين ويتعلق الإجارة بأعيانها كما لو استأجره لخياطة ثوب بعينه ولا يجوز ابداله ولو تلفت بطل العقد ولم يكن للمالك ان يأتي بعوضها فإن كان قد
مضى بعض المدة وجب عليه من الأجرة بنسبة الماضي وإن تلف بعضها بطل عقد الإجارة فيه خاصة وله اجر ما بقى منها بالحصة وليس للمالك الابدال عن التالف ولا عن
الباقي لتعلق العقد بعين خاصة ولو ولدت سخالا لم يكن عليه رعيها لأنها زيادة لم يتناولها العقد وقال بعض الشافعية إنه إذا عين الغنم جاز له ابدالها سواء كانت
باقية أو تالفة لان الشاة المعينة ليست نفس المعقود عليها وإنما تستوفى المنفعة بها فأشبه ما لو استأجر ظهرا ليركبه جاز ان يركب غيره مكانه ولو استأجر دارا ليسكنها جاز ان يسكنها مثله ولو استأجر أرضا
ليزرعها حنطة جاز ان يزرعها ما هو مثله في الضرر أو أدون منها وانما المعقود عليها منفعة الراعي ولهذا يجب له الإجارة إذا سلم نفسه ومضت المدة ولم يستعمله
المستأجر في الرعى ويفارق الثوب في الخياطة لان الثياب في مظنة الاختلاف في سهولة خياطتها ومشقتها بخلاف الرعي فعلى هذا له ابدالها بمثلها وإن كان تلف بعضها لم
ينفسخ العقد فيه وكان له ابداله وليس بشئ لاختلاف الأغراض باختلاف الأعيان كما قدمناه واما إذا استأجره لرعي ماشية موصوفة في الذمة فلا بد من ذكر الجنس والنوع
من الإبل والبقر والغنم من ضان أو معز وغير ذلك وان اطلق ذكر البقر لم يتناول الجواميس ولو اطلق ذكر الإبل قال بعض العامة لا يتناول البخاتي لأن اطلاق الاسم لا يتناولها عرفا
وهو غلط ولو كان العقد في مكان يتناولها اطلاق الاسم احتاج إلى ذكر نوع ما يرعاه منها كالغنم لان كل نوع له اثر في اتعاب الراعي ويذكر الكبير والصغير فيقول كبارا أو سخالا
أو عجاجيل أو فصلانا إلا أن يكون هناك قرينة أو عرف صادق إلى بعضها فيستغنى عن الذكر ولابد من تعيين العدد فإن اطلق ولم يعين عددا لم يصح العقد للاختلاف في الغرض
بالزيادة والنقيصة وهذا ظاهر مذهب الشافعي وقال بعض أصحابه إذا اطلق صح وحمل على ما جرت العادة برعي الواحد كالمائة من الغنم ونحوها وليس بجيد لان العادة تختلف
وتتباين كثيرا والعمل يختلف باختلافه وإذا عين العدد لم يلزمه رعى ما زاد عليها لا من سخالها ولامن غيرها لأنه زيادة على المشترط فلم يصح وقال بعض الشافعية إن توالدت وكانت معينة لم يلزمه
رعى أولادها وان لم تكن معينة بل شرط عددا معينا فتوالدت لزمه رعى الأولاد لان العادة جارية بان الأولاد تتبع الأمهات في الرعي وليس بمعتمد مسألة يجوز استيجار ناسخ ليكتب له شيئا معينا تباح كتابته من فقه أو حديث
أو شعر مباح أو سجل أو (عهد) عهدة أو غير ذلك لأنه عمل مقصود وفيه غرض للعقلاء وتشتد الحاجة إليه فجاز عقد الإجارة عليه ولا نعلم فيه خلافا ويتقدر بالمدة
والعمل فإن قدره بالعمل ذكر عدد الأوراق وقدرها وعدد المسطور في كل صفحة وقدر الحاشية ورقة القلم وغلطه ثم إن عرف المستأجر الخط بالمشاهدة جاز ان
أمكن ضبطه بالضبط ضبط والا فلابد من المشاهدة لان الأجور يختلف باختلافه ويجوز تقدير الاجر بأجزاء الفرع فيقول لكل جزء درهم ويجوز بأجزاء الأصل المنسوخ
304

منه ولو قاطعه على النسخ؟ الأصل بأجرة واحدة جاز ولو أخطأ بالشئ اليسير الذي جرت العادة به عفى عنه ولا ينقص من الاجر شئ لان العادة جارية به ولا يمكن التحرز عنه ولو أسرف في الغلط
بحث يخرج عن العادة فهو عيب يرد به ولا ينبغي ان يحادث غيره حال النسخ ولا التشاغل بما يشغل سره ويوجب غلطه ولا لغيره محادثته وشغل سره وكذا الأعمال
التي تفتقر حضور (إلى) القلب فيها ويجوز ان يستأجر من يكتب مصحفا في قول أكثر العلماء وهو مروي عن جابر بن زيد بن دينار وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد وأبو ثور
وقال ابن سيرين لا بأس ان يستأجر الرجل شهرا ثم يستكتبه مصحفا وكره علقمة كتابة المصحف بالاجر لان ذلك من أفعال القربة فكره الاجر عليه كالصلاة وليس بجيد لأنه فعل مباح
يجوز فيه نيابة الغير عن الغير فجاز اخذ الأجرة عليه كالحديث وقد روي العامة في الحديث أحق ما اخذ تم عليه الاجرا كتاب الله تعالى ولا يجوز ان يؤخذ الأجرة على كتاب التوراة والإنجيل وكتب
الضلال الا للنقض أو الحجة عليهم ولا بأس بالأجرة على كتب السير والاخبار الصادقة والشعر الحق دون الكاذبة ولا بأس بالأمثال والحكايات وما وقع وضع على (السن العجاوات؟)
ويستحب الاستيجار في كتب العلوم من الأحاديث والفقه وتفسير الكتاب العزيز وغير ذلك من العلوم الدينية مسألة يجوز الاستيجار في استيفاء الحدود
والتعزير والقصاص في الأطراف ولا نعلم فيه خلافا واما استيفاء القصاص في النفس فيجوز عند علمائنا الاستيجار فيه وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور واحمد لأنه
حق يجوز التوكيل في استيطائه لا يختص فاعله بكونه من أهل القربة فجاز الاستيجار عليه كالقصاص في الطرف وقال أبو حنيفة لا يجوز الاستيجار على القصاص في النفس
لان عدد الضربات مجهول وموضع الضرب متعذر لعدم تعينه إذ يمكن ان يضرب مما يلي الرأس ومما يلي
الكتف ولا يجوز ان يضرب مما يلي الكتف فلما تعذر ذلك
كان مجهولا لم يجز عقد الإجارة عليه وليس بشئ لان مثل هذا الاختلاف لم يلتفت الشارع إليه فإنه يجوز الاستيجار للخياطة اجماعا مع أن موضع الغرزات
أو عددها مجهول ومحله وإن لم يكن متعينا لكنه متقارب ولا يمنع ذلك صحته كموضع الخياطة من حاشية الثوب إذا ثبت هذا فالأجرة تجب على المقتص منه وبه قال الشافعي وأبو ثور واحمد لأنه اجر يجب لايفاء حق فكان على الموفى كاجرة الكيال والوزان وقال أبو حنيفة ومالك يجب على المقتص له لان
حق المقتص له معين فليس على المقتص منه الا التخلية والتمكين كما لو اشترى ثمرة على نخلة أو أغصانها وليس بجيد لان القطع مستحق عليه بخلاف الثمرة بدليل
انه لو مكنه من القطع فلم يقطع وقطعه اخر لم يسقط حق صاحب القصاص ولو كان التمكين تسليما لسقط حقه كالثمرة ويمكن الفرق مسألة يجوز ان يستأجر
لحصاد زرعه ولقط ثمرته ولا نعلم فيه خلافا بين العلماء وقد كان إبراهيم بن أدهم يوجر نفسه لحصاد الزرع ويجوز ان يقدر بالعمل وبالمدة إما بالعمل فبأن يستأجره
على حصاد زرع معين مشاهد أو موصوف وصفا يرفع الجهالة واما بالمدة بان يستأجره للحصاد شهرا أو يوما ولابد من تعيين جنس الزرع ونوعه ومكانه فإنه يتفاوت
بالطول والقصر والثخانة وعدمها ويحصل بذلك تفاوت الغرض للتعب والراحة وإذا استأجره لجذ الثمار وجب تعيين الأشجار من نخل وغيره ولا بد فيه من المشاهدة
لاختلاف الثمرة ويجوز ان يقدر ذلك بالمدة والعمل وإنما يجب الحصاد والجذاذ وقت العادة ويجوز الاستيجار لسقي زرعه وتنقيه ودياسه ونقله إلى بيدره المعين وكذا
يجوز ان يستأجر رجلا ليحطب له أو يحتس أو يصطاد لأنه عمل مباح تدخله النيابة فأشبه حصاد الزرع ولو استأجر أجيرا على أن يحطب له على حمارين كل يوم فكان
الرجل ينقل عليهما وعلى حمار اخر لغيره ويأخذ منه الأجرة جاز ذلك إذا لم يتضرر الأول في عمله إما بالبطوء عنه أو بالقلة لأنه اكتراه لعمل فوفيه إياه على التمام فلم يلزمه
شئ كما لو استأجره لعمل وكان يقرء القرآن في عمله وإن تضرر المستأجر رجع عليه بقيمة ما فوت عليه وهو أحد وجهي بعض العامة وفي الثاني انه يرجع عليه بقيمة
ما عمله لغيره لأنه صرف منافعه المعقود عليها إلى عمل غير المستأجر فكان عليه قيمتها كما لو عمل لنفسه وقال بعضهم انه يرجع عليه بالاجر الذي اخذه من الآخر لان
منافعه في هذه المدة مملوكة لغيره فما حصل في مقابلها يكون للذي استأجره مسألة يجوز استيجار رجل يدله على الطريق فإن النبي صلى الله عليه وآله استأجر عبد الله بن ارقط
ليدله على طريق المدينة وكذا يجوز الاستيجار على البدرقة في القوافل لأنه عمل مقصود مباح يجوز التبرع به فجاز اخذ الأجرة عليه ويتقدر بالمدة والعمل معا ويجوز
استيجار كيال ووزان وناقد ويتقدر واما بالعمل أو الزمان وبه قال مالك والثوري والشافعي واحمد وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا وقد روي العامة في حديث سويد بن
قيس قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله فاشترى من رجل سراويل وثم رجل يزن باجر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله زن وأرجح؟ ويجوز استيجار رجل ليلازم غريما يستحق ملازمته وكذا يجوز الاستيجار
على المحاكمة وإقامة البينات واثبات الحجج والمنازعة والحبس واخذ الجعل على الوكالة مسألة يجوز ان يستأجر سمسارا يشتري له ثيابا وغيرها معينة وبه قال ابن سيرين
وعطا والنخعي وكرهه الثوري وحماد وليس بشئ لأنها منفعة مباحة يجوز النيابة فيها فجاز الاستيجار عليها كالبناء ويجوز على مدة معلومة مثل ان يستأجره عشرة
أيام يشتري له فيها شيئا لان المدة معلومة والعمل معلوم فأشبه الخياط والقصار فإن عين العمل دون الزمان فجعل له من كل ألف درهم شيئا معلوما صح أيضا وإن
قال كلما اشتريت ثوبا فلك درهم وكانت الثياب معلومة بصفة أو مقدرة بثمن جاز وان لم يكن كذلك فظاهر كلام احمد انه لا يجوز لان الثياب يختلف باختلاف أثمانها
والاجر يختلف باختلافها فإن اشترى فله اجر مثله وهذا قول أبي ثور وابن المنذر لأنه عمل عملا بعوض لم يسلم له فكان له أجرة المثل كساير الإجارات الفاسدة وكذا يجوز
ان يستأجر من يبيع ثيابا وغيرها معينة وبه قال الشافعي لأنه عمل مباح تجوز النيابة فيه وهو معلوم فجاز الاستيجار عليه كشراء الثياب ولأنه يجوز عقد الإجارة عليه مقدرا
بزمن فجاز مقدرا بالعمل كالخياطة ولان الظاهر أنه يظفر براغب وقال أبو حنيفة لا يصح ان يوكله في بيع شئ بعينه لان ذلك يتعذر عليه فأشبه ضراب الفحل وحمل الحجر الكبير
وهو ممنوع فإن الثياب لا ينفك عن راغب فيها ولهذا صحت المضاربة ولا يكون الا بالبيع والشراء بخلاف ما قاسوا عليه فإنه متعذر ولو استأجره على شراء ثياب معينة صح أيضا
وقال بعض الشافعية لا يصح لان ذلك لا يكون إلا من واحد وقد لا يبيع فيتعذر تحصيل العمل بحكم الظاهر ولان رغبة مالكه في البيع غير معلومة ولا ظاهرة بخلاف البيع
وليس بشئ لعدم الفرق بينهما مع أن التعذر يوجب فسخ العقد لا ابطاله من أصله كما لو استأجر دابة يحتمل ان تعطب قبل العمل ولو استأجره في البيع لرجل بعينه فهو كما استأجره
لشراء يناب بعينها والأصح الصحة لأنه ممكن فإن حصل شئ من ذلك استحق الأجير والا بطلت الأجرة كما لو لم يعين البايع ولا المشتري وبعض الشافعية منع من
الاستيجار على الشراء المعين وجوز الاستيجار على البيع المعين لما تقدم من مكان البيع في العادة لأنه لا يبقى من يرغب فيه واما الشراء فلا يكون الا من واحد وقد لا
يبيع فلا يمكن تحصيل العمل بحكم الظاهر ولو استأجره ليشتري له شيئا وصفه له ولم يعينه جاز قولا واحدا لأن الظاهر أنه يمكنه شراءه مسألة إذا دفع إلى رجل دلال
أو غيره ثوبا أو غيره وقال بعه بكذا فما ازددت فهو لك فإن كان جعالة صح وإن كان اجارة لم يصح فإذا باعه كان الثمن بأجمعه لصاحبه وعليه اجرة مثل الدلال عن دلالته
وبه قال النخعي وحماد وأبو حنيفة والثوري والشافعي وابن المنذر لأنه اجرة مجهول غير معلوم القدر ولا الحصول بل يجوز ان يوجد وان لا يوجد وقال احمد يصح
ورواه عن ابن عباس وبه قال ابن سيرين وإسحاق لما رواه عن ابن عباس انه لا يرى بأسا ان يعطي الرجل الرجل الثوب أو غير ذلك فيقول بعه بكذا وكذا فما ازددت
فهو لك ولم يعرف له في عصره مخالف ولأنها عين تنمي بالعمل فيها أشبه دفع المال مضاربة وقول ابن عباس نحن نقول بموجبه لأنا نجوزه جعالة وليس فيه ذكر اجارة
305

وعلى قول احمد ان باعه بالقدر المسمى من غير زيادة لم يكن له شئ لأنه جعل له الزيادة ولا زيادة هنا فهي كالمضاربة إذا لم يربح وإن باعه بنقص مما عينه لم يصح لأنه وكيل
مخالف فإن تعذر رده ضمن النقص ويحتمل عندي على هذا التقدير ضمان القيمة إن كانت العين من ذوات القيم والا وجب المثل وعن أحمد انه يضمن النقصان
مطلقا وإن باعه نسية لم يصح البيع لأن اطلاق البيع يقتضي النقد لما في النسية من ضرر التأخير والخطر بالمال وكذا المضارب لا يبيع بالنسية وعن أحمد رواية
يجوز له البيع نسية لأنه يحصل لرب المال نفع بما يحصل من الربح في مقابلة ضرره بالنسبة وهنا لا فايدة لرب المال في الربح بحال ولان مقصود المضاربة تحصيل
الربح وهو في النسية أكثر منها وليس بمقصود الا المال ولاحظ للمالك في الربح بحال فلا فايدة له فيه مسألة لا
يجوز ان يستأجر لحصاد الزرع بسدس ما يخرج منه ولا
بجذ؟ الثمرة بمثل ذلك لان الأجرة هنا مجهولة ومع ذلك فإن العمل له يقع مباشرة للمالك بل بعضه للعامل فلا يستحق عليه اجرا على المالك وقال احمد يجوز ذلك قال وهو
أحب إلي من المقاطعة وإنما يجوز إذا شاهده ولأنه مع المشاهدة يحصل علمه بالرؤية وهي أعلى طرق العلم من علم شيئا علم جزءه المشاع فيكون الاجر معلوما وليس
بجيد وإنما رجحه على المقاطعة التي هي جايزة عنده لأنه ربما لا يخرج من الزرع مثل الذي قاطعه عليه وهنا يكون أقل منه بالضرورة النوع الثاني
الأرض مسألة يصح استيجار الأراضي بلا خلاف وفيها اغراض منها السكنى فإذا استأجر دارا وجب ان يعرف موضعها وكيفية أبنيتها ومرافقها الاختلاف الأغراض
في ذلك باختلافها ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة اجارة العقار وقال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن استيجار المنازل والديار جايز وانما تصح
اجارتها مدة معينة لان منفعتها لا يمكن ضبطها إلا بالمدة وإنما تصح اجارتها مع مشاهدتها فإنها لا تصير معلومة إلا بذلك ولا يجوز الاطلاق فيها ولا الوصف وبه قال الشافعي وقال أبو ثور إذا ضبطه بالصفة أجزأ
وقال أصحاب الرأي له خيار الرؤية كقولهم في البيع وعندي لا بأس بذلك ان أمكن الضبط بالوصف والا فلا ولابد من مشاهدة البيوت التي يشتمل عليها الدار لان الغرض
يختلف بصغرها وكبرها وعلوها وانخفاضها مسألة يجوز استيجار الحمام ولا يكره اجارته عند علمائنا أجمع هو قول عامة أهل العلم خلافا لأحمد فإنه كرهه
لان عورات الناس تبدو فيه فتحصل الإجارة على فعل محظور وليس بشئ لان ذلك يمكن التحرز عنه بالاستتار وروي حنان بن سدير قال دخلت أنا وأبي وجدى
وعمى حماما بالمدينة فإذا رجل في بيت المسلخ فقال لنا من القوم فقلنا من أهل العراق قال وأي العراق قلنا كوفيون فقال مرحبا بكم يا أهل الكوفة واهلا وأنتم اشعار
دون الدثار ثم قال ما يمنعكم من الازار فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال عورة المؤمن على المؤمن حرام قال فبعث عمى إلى كرباسة فشقها بأربعة ثم اخذ كل واحد منا واحدا ثم دخلنا
فيها فلما كنا في البيت الحار صمد لجدي ثم قال يا كهل ما يمنعك من الخضاب فقال له جدي أدركت من هو خير منك لا يختضب فقال ومن ذاك الذي هو خير مني
قال أدركت على ابن أبي طالب عليه السلام ولا يختضب فنكس رأسه وتصاب عرقا وقال صدقت وبررت ثم قال يا كهل ان تخضب فان رسول الله صلى الله عليه وآله قد خضب
وهو خير من علي عليه السلام وإن تترك فلك بعلي (ع) أسوة قال فلما أخرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين عليهما السلام ومعه محمد بن علي الباقر عليهما السلام
قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه ان كراء الحمام جايز إذا حدده ولكن جمع إليه شهودا مسماة وهذا قول مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لان المؤجر انما
يأخذ الاجر عوضا عن دخول الحمام والاغتسال بمائة وأحوال الناس محمولة على السلامة وان وقع من بعضهم فعل ما لا يجوز لم يحرم الاجر المأخوذ منه كما لو اكترى
دارا ليسكنها فشرب فيها خمرا مسألة لا بد في استيجار الحمام من معرفة البيوت التي في داخل الحمام وعددها حتى يعرف قدرها سعة وضيقا وقلة وكثرة ومعرفة ماء الحمام
إما من قناة أو بئر فإن كان من بئر احتاج إلى مشاهدتها ليعلم ضيقها وسعتها وغزارة مائها وقلته وقدر عمقها ومؤنة استسقاء الماء منها ومشاهدة القدر
التي يسخن فيها الماء ليعلم كبرها من صغرها ومشاهدة الاتون وهو موضع الوقود ومشاهدة منبسط القمان؟ الذي يجمع فيه للاتون من السرجين ونحوه والموضع
الذي يجمع فيه الزبل والوقود ومطرح الرماد والمستنقع الذي يجتمع فيه الماء الخارج من الحمام فمتى أخل بهذا أو ببعضه لم يصح عقد الإجارة للجهالة بما يختلف الغرض به
وعلى هذا قياس ساير المساكن ولا يفتقر مشاهدة الحمام إلى مشاهدة الزبل والوقود والازر والأسطال والطاسات؟ والخبل والدلو لان ذلك كله لا يدخل في اسم الحمام ولا يندرج في
اجارته ويكفي مشاهدة قدر الحمام إما من ظاهرها من الاتون واما من باطنها من الحمام ويحتمل قويا وجوب مشاهدة الوجهين معا مع المكان كما يشاهد وجهي
الثوب مسألة إذا استأجر دارا للسكنى ملك المستأجر منافعها في الاسكان ولا يجب عدد السكان من الرجال والنساء والصبيان خلافا لبعض الشافعية حيث أوجب ذكر عدد السكان من الرجال والنساء والصبيان لأنه قد ملك السكنى فله اسكان من شاء
ولا يمنع من دخول زاير وضيف على القولين معا وان بات فيها ليالي وهذه المنفعة لا يتقدر ومنفعة الحمام إلا بالمدة لأنها غير مضبوطة وله ان يسكن هو ومن شاء
أو يسكنها من شاء من يساويه في الضرر أو ينحط عنه فيه وله ان يضع الدار بأجرة عادت الساكن به من الرجل والطعام ويحرز فيها الثياب وغيرها مما لا يضربها ولا يسكنها
من يضر بها كالقصار والحداد لان ذلك يضربها ولا يجعل فيها الدواب لأنها تروث فيها وتفسدها ولا يجعل فيها السرجين ولا يضر شيئا بها ولا يضع فرق سقفها ثقيلا لأنه يكسر خشبة أو يضعفه؟ ولا يجعلها محرزا للطعام إلا لقوته وما جرت عادته وبالجملة لا يصح فيها شيئا يضر بها إلا
مع الشرط وهذا كله قال الشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لان له استيفاء المعقود عليه بنفسه ونايبه الذي يسكنه نايب عنه في استيفاء المعقود
عليه فجاز كما لو وكل وكيل في قبض المبيع أو دين له ولم يملك فعل ما يضربها لأنه فوق المعقود عليه فلم يكن له فعله كما لو اشترى شيئا لم يكن له اخذ أكثر سنة وقال بعض
العامة يجوز ان يجعل الدار مخزنا للطعام لأنه يجوز له ان يجعلها مخزنا لغيره وليس بجيد لان ذلك يقضي إلى أن تفسد الفار أرضها وحيطانها وذلك ضرر عظيم
وكذا لا يجوز ان يجعلها محرزا للتمر إلا برضا صاحب الدار مسألة إذا استأجر دارا جاز اطلاق العقد ولم يحتج إلى ذكر السكنى ولا صفتها وبه قال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي
لان الدار لا توجر الا للسكنى فاستغنى عن ذكره كاطلاق الثمن في بلد يعرف نقده والتفاوت في السكنى يسير فلم يحتج إلى ضبط كاطلاق الثمن في بلد فيه نقد معروف وقال
أبو ثور لا يجوز حتى يقول أبيت؟ تحتها انا وعيالي لان السكني يختلف ولو اكتراها ليسكنها فتزوج امرأة لم يكن له ان يسكنها معه وهو غلط فإن الضرر لا يكاد يختلف بكثرة من
يسكنها وقلته ولا يمكن ضبط ذلك فاكتفي فيه بالمعروف كما في دخول الحمام وشبهه ولو كان ما ذكره شرطا لوجب ان يذكر عددا لسكان وان لا بيت عنده ضيف ولا
زاير ولا غير من ذكره ولكان ينبغي ان يعلم صفة الساكن كما يعلم ذلك فيما إذا اكترى دابة للركوب وليس كذلك اجماعا مسألة إذا استأجر أرضا صح بلا خلاف
الا ممن شذ لكن لا بد من معرفتها لغا؟ بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة ان أمكن ولا تعينت الرؤية لان المنفعة يختلف باختلافها ولا يصح حتى يذكر ما يكتري
له من زرع أو غرس أو بناء لان الأرض تصلح لهذا كله وتأثيره في الأرض يختلف وإذا كانت منافع هذه الجهات مختلفة وكذا ضررها اللاحق بالأرض وجب
التعيين كما لو اجر بهيمة لم يجز الاطلاق وهو أظهر قولي الشافعي والثاني انه يصح الاطلاق كما لو استأجر دارا أو بيتا لم يحتج إلى ذكر السكنى لان الدار والبيت لا يستأجران
الا للسكنى ووضع المتاع فيهما وليس ضررها مختلفا فيجوز الاطلاق فيه وربما منع ذلك مانع لأنه كما تستأجر الدار للسكنى كذا تستأجر لتتخذ مسجدا ولعمل الحدادين والقصارين
ولطرح الزبل فيها وهو أكثر ضررا الا ترى انه إذا استأجر للسكنى لم يكن له شئ من هذه الانتفاعات فاذن ما جعلوه مبطلا في اجارة الأرض مطلقا موجود في الدار
306

لا يقال الإجارة لا يكون له الا لاستيفاء منفعة فإذا اجر الدار وأطلق نزل على أدنى الجهات ضررا وهي السكنى ووضع المتاع لأنا نقول فليكن في اجارة الأرض مثله حتى ينزل
على أدنى الجهات ضررا وهي الزراعة تصحح العقد لها مسألة لو قال اجرتك هذه الأرض لتنتفع بها فيما شئت فالأقرب الجواز وبه قال بعض الشافعية وينتفع بها ما
شاء لرضاه به ولهم وجه اخر انه لا يصح كما لو قال بعتك من هؤلاء العبيد من شئت وبينهما فرق ولو قال اجرتكها لتزرعها أو تغرسها أو تبنى فيها فإن قصد التخيير فكالأول وإن قصد
التفصيل لم يصح لأنه لم يعين أحدهما فأشبه ما لو قال بعتك أحد هذين العبدين ولو قال اجرتك للزراعة ولم يذكر ما يزرع أو للغراس ولم يعين المغروس أو البناء ولم يذكر جنسه فوجهان
كما تقدما لكن الاظهر عند الشافعية الجواز والثاني لهم المنع وبه قال أبو حنيفة إذا عرفت هذا فإن قلنا بالجواز وهو الأقوى كان له ان يزرع ما شاء لاطلاق اللفظ
ويحتمل التنزيل على أقل الدرجات ولو قال اجرتكها لتزرع فيها ما شئت أو قال اجرتكها لتغرس فيها ما شئت أو قال اجرتكها لتبني بها ما شئت صحت الإجارة وزرع
ما شاء وغرس ما شاء وبني ما شاء وهو أظهر وجهي الشافعية عكس الأولى وفيه وجه لهم انها تبطل كما لو قال بعتك من هذه الأثواب ما شئت إما لو قال اجرتك لتزرع
أو لتغرس لم يصح على قصد التفصيل كما قلنا ولو قال إن شئت فازرعها وإن شئت فاغرسها صح على ما قلناه وهو أصح وجهي الشافعية ويتخير المستأجر كما لو قال لتنتفع
كيف شئت والثاني لهم المنع كما لو قال بعتك بألف مكسرة ان شئت وصحيحة ان شئت مسألة إذا قال اجرتك هذه الأرض فازرعها واغرسها أو لتزرعها وتغرسها
أو لتزرعها ما شئت وتغرسها ما شئت ولم يبين القدر فالأقوى الصحة وهو منصوص الشافعي لأن العقد اقتضى إباحة هذين الشيئين فصح كما لو قال لتزرعها
ما شئت لان اختلاف الجنسين كاختلاف النوعين وقوله لتزرعها ما شئت اذن في نوعين وأنواع وقد صح فكذا في الجنسين وله ان يغرسها كلها ان شاء وان يزرعها بأسرها
ان أراد كما لو اذن له في أنواع الزرع كله كان له زرع جميعها نوعا واحدا وله زرعها من نوعين كذلك ههنا وقال بعض الشافعية يصح ويزرع نصفها ويغرس نصفها
لاقتضاء العطف ذلك وقال أكثرهم لا يجوز لأنه لا يدري كم يزرع وعلى قول القائلين بالتنصيف له ان يزرع الجميع لجواز العدول من الغرس إلى الزرع ولا يجوز أن يغرس
الكل لكن الأقوى عندهم البطلان لأنه لم يبين كم يزرع وكم يغرس بل لو قال ازرع النصف واغرس النصف قال القفال لا يصح لأنه لم يبين المغروس والمزروع فصار كما
لو قال بعتك أحد هذين العبدين بألف والاخر بخمسمائة مسألة إذا استأجر الأرض للزرع وحده ففيه صور أربع الأول استأجرها للزرع مطلقا أو قال لتزرعها ما شئت
فإنه يصح وله زرع ما شاء وبه قال الشافعي وقال ابن شريح لا يصح حتى يبين الزرع لان ضرره مختلف فلا يصح بدون البيان كما لو لم يذكر ما يستأجر له من زرع أو غرس أو
بناء وليس بجيد لأنه يجوز استيجارها لأكثر الزرع ضررا ويباح له جميع الأنواع لأنها دونها عمم أو اطلق يتناول الأكثر فكان له ما دونه ويخالف الأجناس المختلفة فإنه
لا يدخل بعضها في بعض لا يقال لو اكترى دابة للركوب لوجب تعيين الراكب فكان يجب هنا تعيين المزروع لأنا نقول إن اجارة الركوب لأكثر الركاب ضررا لا يجوز
بخلاف المزروع ولان للحيوان حرمة في نفسه فلم يجز اطلاق ذلك فيه بخلاف الأرض لا يقال لو استأجر دارا للسكنى مطلقا لم يجز له ان يسكنها من يضرر بها كالقصار والحداد
فلم جوز تم ان يزرعها ما يضر بها لأنا نقول السكنى لا يقتضى ضررا فلذلك منع من اسكان من يضر بها لأن العقد لم يقتضه والزرع يقتضى الضرر وإذا اطلق
كان راضيا بأكثره فلهذا جاز وليس له ان يغرس في هذه الأرض ولا يبني لان ضرره أكثر من المعقود عليه الصورة الثانية إذا اجرها لزرع حنطة أو نوع بعينه غيرها
فله ان يزرع ما عينه وما ضرره كضرره أو أدون ولا يتعين ما عينه في قول عامة أهل العلم الا داود وباقي الظاهرين فإنهم قالوا لا يجوز له زرع غير الذي عينه حتى لو وصف
الحنطة بأنها حمراء لم يجز ان يزرع البيضاء لقوله تعالى أوفوا بالعقود ولأنها عينها بالعقد فلم يجز العدول عنه كما لو عين المركوب أو عين الدرهم في الثمن قال ابن داود
دخل الشافعي فيما عابه على أبي حنيفة فإن الدراهم لا يتعين بالعقد وهو قول الشيخ (ره) أيضا ولا بأس به وليس بجيد لان المعقود عليه منفعة الأرض دون القمح ولهذا
يستقر عليه العوض بمضي المدة إذا سلم الأرض وان لم يزرعها وانما استوفاها بتلفها تحت يده فكيف ما أتلفها يكون مستوفيا لما عقد عليه فلا يتعين عليها
ما سماه وإنما ذكر القمح ليتقدر به المنفعة فلم يتعين كما لو استأجر دارا ليسكنها كان له ان يسكنها غيره وفارقت المركوب والدراهم في الثمن بأنهما معقود عليهما
فتعينا والمعقود عليه هنا منفعة مقدرة وقد تعينت أيضا ولم يتعين ما قدرت به كما لا يتعين المكيال والميزان في المكيل والموزون كما إذا ثبت له حق في ذمة انسان
كان له يستوفيه بنفسه أو بمن ينوب عنه كذلك هنا واما الآية فإذا استوفى المنفعة فقد وفي بالعقد واما الدراهم فلا تشبه مسئلتنا لان الدراهم معقود
عليها فتعينت بالعقد وفي مسئلتنا المعقود عليه المنفعة دون المزروع ولهذا لو لم يسمه في العقد كان جايزا الصورة الثالثة لو اجره ليزرعها حنطة وما ضرره
كضررها أو دونه فهي كالسابقة إلا أنه لا خلاف للظاهرية فيها لأنه شرط ما اقتضاه الاطلاق وبين ذلك بصريح نصه فزال الاشكال الصورة الرابعة إذا اجره ليزرعها
حنطة على أن لا يزرع غيرها صح الشرط عندنا ولم يكن له ان يزرع غيرها عملا بمقتضى الشرط قد قال (ع) المؤمنون عند شروطهم ولان المستأجر يملك المنفعة
من جهة المؤجر فيملك بحسب التمليك وسواء زرع المساوي في الضرر أو الأدون ضررا وقالت الشافعية لا يصح هذا الشرط لأنه مخالف لمقتضى العقد
لأن العقد يقتضي استيفاء المنفعة كيف ما اختاره وليس هذا الشرط من قضايا العقد ولا من مصالحه وكل شرط يكون كذلك يكون فاسدا والإجارة
تفسد بالشروط الفاسدة ونمنع مخالفة الشرط لمقتضى العقد فإن جميع الشروط مخصصة لاطلاق العقد الذي يدخله الشرط والثاني انه يصح العقد والشرط
معا لان المستأجر يملك المنفعة من جهة المؤجر فيملك بحسب التمليك وعلى القول الذي اختاروه هل يفسد العقد فيه لهم وجهان أحدهما انه يفسد العقد
لأنه شرط فيه شرطا فاسدا فأشبه ساير الشروط والثاني انه لا يفسد العقد لان هذا شرط لا غرض فيه لاحد المتعاقدين فلا يضر اسقاطه لان ما ضرره ضرر مثله
في عوض المؤجر فلم يؤثر في العقد وهذا كما قاله الشافعي إذا قال أصدقتك الفين على أن تعطي أباك ألفا
فالشرط فاسد في عقد الصداق لأنه لا غرض له في أن تعطى أباها ألفا ولو قال أصدقتك؟ الفين على أن تعطى أبى ألفا فسد الشرط والصداق لان له غرضا في ذلك مسألة
إذا استأجر الأرض على أن يزرعها حنطة مثلا لم يجز له ان يزرعها ما هو أضر من الحنطة ويجوز ان يزرع المساوى ضررا والأقل ضررا خلافا للشيخ (ره) ف يجوز ان يزرع
الشعير لأنه أقل ضررا من الحنطة ولا يجوز ان يزرع الأرز والذرة لان كل واحد منها أشد ضررا من الحنطة فإن للذرة عروقا غليظة تنتشر في الأرض وتستوفي قوة الأرض والأرز يحتاج إلى السقي الدايم وانه يذهب بقوة الأرض وقال
القريطي من الشافعية لا يجوز العدول إلى غير الزرع المعين ومن أصحاب الشافعي من قال إنه قول للشافعي رواه ومنهم من قال رأى رآه وقد تقدم ابطاله هذا
في تعيين الجنس أو النوع وأما إذا عين الشخص فقال اجرتكها لتزرع هذه الحنطة المعينة فإن لم يقل ولا تزرع غيرها فالأقوى انه كما لو عين الجنس أو النوع يجوز التخطي إلى المساوى والأقل ضررا وان قال ولا تزرع غيرها فالأقرب جواز العقد ولزوم الشرط لقوله (ع) المؤمنون عند شروهم
وللشافعية قولان أحدهما جواز العقد دون الشرط ولكن هذا فيما إذا لم يقل لا تزرع غيرها والثاني بطلان العقد لان تلك الحنطة قد تتلف فيتعذر الزراعة
وعلى هذا قياس ساير المنافع وإذا استأجر دابة للركوب في طريق لم يركبها في طريق أخشن ويركبها في مثل تلك الطريق عند الشافعية وكذا يركبها فيما هو أسهل عندهم
307

وإذا استأجر لحمل الحديد لم يحمل القطن وبالعكس وإذا استأجر دكانا لصنعة فله أن يباشرها وما دونها في الضرر ويساويها دون ما هو من فوقها مسألة
إذا استأجر لزرع الحنطة فإن أراد زرع ما هو أكثر ضررا لم يجز له ذلك وللموجر منعه فإن تعدى فزرع الذرة أو الأرز اللذين هما أضر من الحنطة ولم يتخاصما حتى انقضت المدة وحصد
الذرة تخير المالك بين ان يأخذ المسمى وأرش النقصان الزايد على زراعة الحنطة بزراعة الذرة وبين أن يأخذه أجرة المثل لزراعة الذرة وبه قال الشافعي قال المزني والأول
أولي واختلف أصحاب الشافعي على طريقين أحدهما ان في المسألة قولين وفي كيفيتها طريقان أظهرهما عندهم ان أحد القولين وجوب الأجرة المثل لأنه عدل عن المستحق إلى
غيره فأشبه ما إذا زرع أرضا أخرى لأنه استوفى غير ما قعد عليه فوجبت عليه اجرته فكان كما لو استأجر أرضا فزرع غيرها والثاني انه يستحق الأجرة المسماة واجرة ما
زاد على ما سماه لأنه استحق منفعة الأرض مقدرة فاستوفاها مع غيرها فوجب عليه اجرة المسماة وعوض الزيادة كمن اشترى خمسة أقفزة من صبرة واستوفي
أكثر من ثمنها أو اكترى مركبا إلى موضع فجاوزه وتفارق الأرض الأخرى لأنه استوفي غير المنفعة المعقود عليها وفي مسئلتنا استوفى المنفعة المعقود عليها
وزيادة الطريق الثاني ان أحد القولين وجوب المسمى وبدل نقصان الذرة والثاني التخيير لان للمسألة شبها بزراعة الغاصب من حيث إنه زرع ما لم يستحقه
موجبها أجرة المثل وشبها بما إذا استأجر دابة إلى موضع وجاوزه من حيث إنه استوفى المستحق وزاد في الضرر وموجبها المسمى وبذل المثل لما زاد فخيرناه بينهما
أيضا فإن المكرى استحق اجرة الذرة والمكترى استحق منفعة زراعة الحنطة وقد فاتت بمضي المدة فاما ان يأخذ المؤجر ما يستحق ويرد ما اخذ واما ان يتقاصا ويأخذ
الزيادة ومثل هذا ما قاله الشافعي في قتل العمد ان الولي يتخير بين القصاص بالدية لان القتل اخذ شبها من أصلين وهو انه قصد الاتلاف فاستحق العقوبة
وانه حصل الاتلاف وذلك موجب الدية وكذلك قال في نذر اللجاج فإنه مخير بين الوفاء به والكفارة لأنه اخذ شبها من نذر البر واليمين وذكر الذاهبون إلى
هذه الطريقة للقولين هكذا مأخذين أحدهما فرقوهما من القولين فيما إذا تصرف الغاصب في الدراهم المغصوبة وربح فعلى أحدهما أن يأخذ المالك مثل دراهمه
وعلى الثاني يتخير بينه وبين ان يأخذ الحاصل بربحه والثاني بعضهم قال الرجوع إلى أجرة المثل مبني على أن البايع إذا تلف المبيع قبل القبض ينفسخ العقد ويقدر كأن
العقد لم يكن والتخيير مبني على أن المبيع لا ينفسخ بل يتخير المشتري بين أن يفسخ ويسترد الثمن وبين أن يجيز ويرجع على البايع بالقيمة وهذا البناء ليس بواضح عندهم
لان المؤجر هو الذي يقع في مرتبة البايع ولم يوجد منه اتلاف وإنما المستأجر فوق المنفعة المستحقة على نفسه فكان ذلك باتلاف المشتري أشبه والطريق الثاني في أصل
المسألة القطع بالتخيير وهو أوفق لظاهر النص من الشافعية هذا إذا تخاصما بعد انقضاء المدة وحصاد الذرة واما إذا تخاصما في ابتداء قصد زراعة الذرة
منعناه منها وإن تخاصما بعد الزراعة وقبل الحصاد فللمالك قلعها وإذا قلع فإن تمكن من زراعة الحنطة زرعها والا لم يزرع وعليه الأجرة لجميع المدة لأنه الذي فوت نفسه
مقصود العقد ثم إن لم تمض مدة يتأثر بها الأرض فذاك وإن مضت فالمستحق أجرة المثل أم قسطها من المسمى وزيادة للنقصان أم يتخير بينهما فيه ما تقدم من
الطرق وهي جارية فيما إذا استأجر دارا ليسكنها فاسكنها الحدادين والقصارين أو استأجر دابة ليحمل عليها قطنا فحمل بقدره حديدا أو استأجر غرفة ليطرح فيها مائة من
الحنطة فابدلها بالحديد وكذا كل صورة لا يتميز فيها المستحق عما زاد واما ان يتميز كما إذا استأجر دابة لحمل خمسين رطلا فحملها مائة رطل أو استأجرها إلى موضع
فتجاوزه إلى اخر وجب المسمى وأجرة المثل ما زاد ولو عدل إلى الجنس المشروط إلى غيره كما إذا استأجر للزرع فغرس أو بني فالواجب أجرة المثل وبه قال أكثر الشافعية
ومنهم من طرد الخلاف فيه تنبيه قولنا فيما إذا عين زرع الحنطة فزرع الذرة ان المالك يتخير بين اجرة مثل الذرة وبين المسمى مع أرش نقص الأرض يسبق إلى
الفهم منه ما ينقص من قيمة الأرض وقلنا تارة بدل ما ينقص من الأرض انه يأخذ المسمى وأجرة المثل لما زاد والمراد هنا هو الثاني وقولنا نقص الأرض يحمل على الأجرة الزايدة
فيأخذ مع المسمى بدل المنفعة التي استوفاها فوق المستحق وبدل المنفعة الأجرة فليحمل نقص الأرض على الضرر الذي لحقها بما استوفاه من المنفعة وأرشه جزء من اجرة
ما استوفاه وهو تفاوت ما بينهما وبين اجرة المنفعة المستحقة مثلا اجرة مثلها للحنطة خمسون والذرة سبعون والمسمى أربعون يأخذ الأربعين وتفاوت ما بين
الأجرتين وهو عشرون وإنما حملنا نقص الأرض على ما قلناه لان رقية الأرض لا تكاد تنقص قيمتها بالزرع وإن استقر ضررها النوع ج الدواب منافع
الدواب متعددة كالركوب والحمل والاستعمال فالأبحاث هنا ثلاثة الأول الركوب فإذا استأجر دابة للركوب صح وقد أجمع أهل العلم كافة على جواز استيجار الدواب للركوب إلى مكة
والى غيرها قال الله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها ولم يفرض بين المملوكة والمستأجرة وقد روي عن ابن عباس في قوله تعالى ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ان
يحج ويكتري ولان الحاجة شديدة إلى السفر والضرورة داعية للناس إليه وقد فرض الله عليهم الحج وأخبر بأنه يأتون رجالا وعلى ضامر يأتين من كل فج عميق وليس لكل
أحد بهيمة يركبها ولا يتمكن من معاناتها أو القيام بما يحتاج إليه من الرعي والعلف والسقي والشد عليها والحل
عنها فدعت الضرورة إلى استيجارها ولا نعلم فيه خلافا
مسألة إذا استأجر دابة للركوب وجب معرفة الراكب لأنه أحد نوعي ما وقعت المعاوضة عليه فتجب معرفته كالبيع فيجب ان يعرف موجر الدابة راكبها بالمشاهدة لاختلاف
الأغراض في الراكب لان بعضهم ثقيل وبعضهم خفيف ويختلفون أيضا بالضخامة والنحافة وكثرة الحركات وشدتها وقلتها وكثرة السكنات والوصف لا يضبط ذلك
كله وهو قول أكثر الشافعية ومنهم من اكتفى بالأوصاف الرافعة للجهالة فيصف الغايب بالطول أو القصر والضخامة والنحافة وسرعة الحركة وبطؤها وخفة الحركة وثقلها إلى غير ذلك ويذكر وزنه تحقيقا وقال بعضهم يذكر صفته في الضخامة والنحافة ليعرف وزنه تخمينا والأصل في ذلك
ان نقول إن أمكن الوصف التام القايم مقام المشاهدة كفى ذكره عنها والا فلا وقال مالك يجوز اطلاق الراكب لان أجسام الناس متقاربة في الغالب مسألة إن كان
الراكب مجردا ليس معه ما يركب عليه لم يحتج إلى ذكر ما يركب عليه لكن المؤجر يركبه على ما شاء ويجب في توطينها؟ ما جرت العادة به في مثلها فإن كان المركوب
فرسا وطأه بالسرج واللجام وإن كان بغلا أو حمارا فبالاكاف والبرذعة وإن كان بعيرا فبالحداجة والقتب والزمام الذي يقاد به البعير والبرة التي في أنف البعير إن كانت
العادة جارية بينهم بها ونحو ذلك لان ذلك مقتضي العرف مع الاطلاق وإن عين غير ذلك لزم مثل ان يشترط البرذعة على الفرس والسرج على البغل أو الحمار
وإن كان يركب على رحل له أو فوق زاملة أو في محمل أو عمارية في الإبل أو في غير الإبل وأراد الركوب على سرج أو أكاف وجب ذكره فيجب ان يعرف المؤجر هذا الآلات فان
شاهدها كفى والا حمل على المعروف المطرد بينهم فإن كانت سروجهم ومحاملهم وما في معناها على قدر وتقطيع لا يختلف كثيرا ولا يتفاحش التفاوت فيه كفى
الاطلاق وحمل على المعهود وإن لم يكن لهم معهود مطرد فلا بد من ذكر وزن السرج والاكاف والزاملة ووصفها وهو قول بعض الشافعية ولم يشترط أكثرهم وزن
السرج والاكاف لقلة التفاوت بينهما ولهم في العمارية والمحمل ثلاثة وجوه أحدها انه لا يصح العقد مع الاطلاق ولابد من مشاهدتهما لان الغرض يختلف بسعتهما
وضيقهما وذلك مما لا يضبط بالوصف والثاني انه إذا كانت المحامل بغدادية خفافا كفى فيه الوصف لمقاربة بعضها ببعض وإن كانت خراسانية ثقالا فلا بد من مشاهدتها
308

والثالث انه يكفي فيها الوصف وذكر الوزن لافادتهما التخمين كالمشاهدة وعلى هذا الثالث لو ذكر الوزن دون الصفة أو الصفة دون الوزن فوجهان أظهرهما عندهم انه
لا يكفى لبقاء الجهل مع سهولة ازالته وقالت بعضهم الزاملة تمتحن باليد ليعرف خفتها وثقلها بخلاف الراكب فإنه لا يمتحن بغير المشاهدة وينبغي ان يكون المحمل والعمارية
في ذلك كالزاملة فلا بد في المحمل ونحوه من الوطا وهو الذي يفرش فيه ليجلس عليه فينبغي ان يعرف بالرؤية أو الوصف ولا بد أيضا من معرفة الدثار فيه وذلك إما
بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة مع الوزن ان لم يكن معلوما وقال أبو حنيفة إذا قال في المحمل رجلان وما يصلحهما من الوطا والدثر جاز استحسانا لان ذلك
يتقارب (يتعارف) في العادة فحمل على العادة مسألة إذا ركب في المحمل أو المحارة وغيرهما فلا بد ان يذكر هل يكون مغطى أو مكشوفا فإن كان مغطى وجب ذكر الغطا الذي يستظل به
ويتوقى به من المطر والحر لأنه قد يكون وقد لا يكون ومع كونه فقد يختلف ثقلا وخفة فلا بد من أن يشترط الغطا وإذا شرط فلابد من أن يعينه ولا يكفى الاطلاق للاختلاف
بل لا بد من معرفته بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة وهو منصوص الشافعي وقال بعض أصحابه يكفي الاطلاق لان التفاوت فيه قريب فلا يختلف اختلافا متباينا
وإذا اطلق غطاه بجلد أو كساء أو لبد والحق ما تقدم من وجوب تعيينه نعم لم كان هناك عرف مطرد كفى الاطلاق كما في المحمل وغيره وإن لم يكن عرف وجب تعيينه لان من
الناس من يختار في غطاء المحمل الواسع الثقيل الذي يشد على الجمل في الهواء ومنهم من يقنع بالضيق الخفيف فيجب معرفته وقد يكون للحمل ظرف من (لبور وادم)؟ فهو كالغطاء مسألة إذا استأجر للركوب ولم يشرط المعاليق كالقربة والسطيحة والسفرة والإداوة والقدر
والقمقمة ونحوها لم يستحق حملها لان الناس فيه مختلفون وقد لا يكون للراكب معاليق أصلا وإذا لم يكن لها ضابط وعادة في حملها وعدمه لم ينصرف اطلاق الركوب
إليه لعدم الدلالة عليه بإحدى الدلالات الثلاث وهو قول الشافعية وفيه وجه لهم انه يقتضي استحقاق الحمل وليس بجيد إذا عرفت هذا فإن شرط المعاليق
أو كانت العادة تقتضيها وجب معرفتها إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة المتضمن لذكر الوزن لاختلافها في الثقل والخفة وهو قول أكثر الشافعية فإن اطلق
مع اشتراط حملها ولم يعين قدرها لا بالوزن ولا بالوصف بطل العقد الشافعي القياس يقتضي انه فاسد ومن الناس من يقول له بقدر ما يراه الناس وسطا
وفيه للشافعية طريقان أشهرهما ان في المسألة قولين أحدهما وبه قال أبو حنيفة ومالك انه يصح العقد ويحمل المشروط على الوسط وأصحهما عندهم المنع لاختلاف
الناس فيها وثانيهما القطع بالقول الثاني والحق ما قلناه من البطلان لاختلاف الناس في المعاليق فمنهم من يكثر الزاد والحوايج ومنهم من يقنع باليسير ولا عرف له يرجع فوجب التعيين هذا مع خلو السفرة والإداوة من الزاد والماء مسألة
إن كانت الإجارة في الركوب على عين الدابة وجب تعيينها إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة لأنها أحد ما وقع عليه عقد الإجارة فاشترط معرفته كالبيع وللشافعية
في اشتراط رؤيتها الخلاف الذي لهم في شراء الغايب والحق اشتراطه لان الغرض يختلف بذلك وإنما يحصل العلم بالرؤية وهي كافية لأنها أعلا طرق العلم إلا أن
يكون مما يحتاج إلى معرفة صفة المشي فيه كالهروال وغيره فاما ان يجربه فيعلم ذلك برؤيته واما ان يصفه بالوصف فإنه إذا وجد بحيث يرتفع الجهالة اكتفى
به وإذا وصف فلا بد من ذكر الجنس إما الإبل أو الخيل أو البغال أو الحمير ومن ذكر النوع فيقول في الإبل بختى أو عربي وفى الخيل عربي أو برذون وفي الحمير مصري أو شامي
وإن كان في النوع ما يختلف وجب وصفه أيضا فإن في الخيل القطوف وغيره ولا بد من ذكر الذكورة والأنوثة لاختلاف الغرض بذلك وبه قال الشافعي فإن الأنثى أسهل
والذكر أقوى ويحتمل عدم وجوب ذلك لان التفاوت بينهما يسير لا يمكن ضبطه فلم يكن معتبرا في نظر الشرع وقال بعض العامة إذا كان الكرا إلى مكة لم يجب ذكر الجنس
ولا النوع لان العادة جارية بان الذي يحمل عليه إليها انما هو الجمال العراب دون البخاتي وإذا كانت الإجارة في الركوب في الذمة غير مقيدة بعين شخصية فلا بد من
ذكر الجنس والنوع والوصف الذي يختلف العادة في السير والركوب به مسألة إذا استأجر دابة للركوب فإن كان إلى مكة أو إلى موضع لا يكون السير فيه إلى اختيار المتواجرين
فلا وجه لذكر تقدير السير فيه لان ذلك ليس إليهما ولا مقصورا عليهما وإن كان السير إلى اختيار المتواجرين وطريقه منوط بهما فليبينا قدر السير كل يوم فإذا بيناه حمل على المشروط فإن زاد في يوم أو نقصا فلا جبران
بل يسيران بعده على الشرط فإذا أراد أحدهما المجاوزة عن المشروط أو النزول دونه لخوف أو خصب لم يكن
له ذلك إلا برضاء صاحبه ويحتمل ان يجعل الخوف عذرا لمن يحتاط ويؤمر؟
الأخر بموافقته وإن لم يبينا قدر السير واطلقا العقد نظر إن كان في ذلك الطريق منازل مضبوطة صح العقد وحمل عليها لأنه معروف بالعرف وإن لم يكن فيه منازل
أو كانت العادة مختلفة
فيها لم يصح العقد حتى بينا أو يقدرا بالزمان وإذا اختلفا في قدر السير والمنازل مضبوطة ردا معا إلى العرف في ذلك وقال بعض الشافعية إذا اكترى إلى مكة لم يكن
بد من ذكر المنازل لان السير فيه سير لا تطيقه الحمولة فلا يمكن حمل الاطلاق فيه وكذا لو كان الطريق مخوفا لم يمكن تقدير السير فيه لأنه لا يتعلق بالاختيار وقضية ذلك
امتناع التقدير بالزمان أيضا وحينئذ يتعذر الاستيجار في الطريق الذي ليس له منازل مضبوطة إذا كان مخوفا مسألة إذا كان وقت السير مختلفا وكان يقع تارة ليلا
واخرى نهارا وجب التقييد لاختلاف الأغراض في ذلك وإن كان هناك عادة مضبوطة إما في النهار واما في الليل دايما أو كان وقت الصيف يقع ليلا وفي الشتاء
يقع نهارا احتمل الاطلاق على المعتاد ولم يجب التقييد وإذا كان موضع النزول في المرحلة معهودا إما في داخل القرية أو الصحراء حمل الاطلاق على المعهود كما لو اطلقا الثمر في بلد
فيه نقد معروف وإن لم يكن للطريق عرف في ذلك واطلقا العقد قال بعض العامة لا يصح العقد كما لو اطلقا الثمن في بلد لا عرف فيه لنقد وقال بعضهم إن هذا
ليس بشرط وإلا لما صح العقد في الطريق المخوف دونه ولأنه لم تجر العادة بتقدير السير في الطريق وإذا كان للمقصد طريقان فإن قضت العادة بسلوك أحدهما
حمل الاطلاق عليه وإلا وجب التعيين وقد يختلف المعهود في فصلى الشتاء والصيف وحالتي الامن والخوف فكل عادة تراعي في وقتها وكل موضع فيه معهودا إذا
شرط خلافه فالعمل على الشرط لا على المعهود مسألة إذا اكترى ظهرا في طريق العادة فيه النزول والمشي عند اقتراب المنزل أو في أثنائه فإن شرط الركوب
في الطريق أجمع لم يلزمه النزول لان العمل بالشرط مقدم على العمل بالعادة وإن شرط النزول وجب وكذا لو لم تكن العادة النزول لكن شرط في أثناء المسافة وكان معينا
لزم الشرط لأنه مقدم وإن لم يشرط النزول ولا الركوب دائما فإن كان الراكب امرأة أو ضعيفا لم يلزمه النزول لان العادة لا تقتضي به فيهما ولأنه استأجر جميع الطريق
فلا يلزمه تركه في بعضها ولم تجر لهما عادة بالمشي فلزمه حملها في جميع الطريق كالقماش وإن جلدا قويا احتمل ذلك أيضا لأنه عقد على جميع الطريق فلا يلزمه تركه
في بعضها كالضعيف وإن يلزمه النزول قضاء للعادة والعرف والمتعارف البحث الثاني في الحمل مسألة يجوز استيجار الدواب الإبل وغيرها للحمولة له
قال الله تعالى وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وقال تعالى ومن الانعام حمولة وفرشا والحمولة بالفتح الدابة التي تحمل الأحمال وهي الكبار والفرش
الصغار وقيل الحمولة الإبل والفرش الغنم لأنها لا تحمل والحمولة بضم الحاء والشئ الذي يحمل فمن الأغراض المتعلقة بالدواب الحمل عليها فيجب أن يكون المحمول معلوما
309

إما بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة وذلك لاختلاف الأغراض والاجر باختلاف الأجناس والاقدار واما الدابة التي تحمل عليها فلا يجب معرفتها بخلاف الركوب لان
الغرض حمل المتاع دون الدابة التي تحمل واما دابة الركوب فإن للراكب غرضا في الركوب من جماله وسهوله وصعوبة واما الدابة التي تحمل عليها فلا يطلب جمالها ولا سهولتها وصعوبتها
لما قلنا من أن الغرض تحصيل المتاع في الموضع المنقول إليه فلا يختلف الغرض بحال الحامل نعم لم كان المحمول زجاجا أو خزفا أو فاكهة تضره كثرة الحركة وما أشبهها فلا بد من
معرفة حال الدابة لتفاوت الأغراض فربما كانت الدابة صعبة المسير فيؤدي إلى كسر بعض المتاع فلا بد من معرفة حال الدابة وكذا لو كان الطريق مما يعسر على بعضها
دون بعض فينبغي ان يذكر في الإجارة وغير مستبعد اشتراط معرفة حال الدابة في الحمل كالركوب لان الأغراض يختلف في تعلقها بكيفية في سير الدابة وسرعته وبطؤه وقوته
وضعفه ولخلفه عن القافلة مع ضعفها هذا إذا كانت الإجارة على الذمة واما إذا كانت الدابة المستأجرة للحمل معينة فلا بد من رؤيتها أو وصفها وصفا يرفع الجهالة
مسألة قد بينا انه يجب ان يكون جنس المحمول معينا معلوما فإن كان حاضرا وراه المؤجر كفى لان المشاهدة من أعلى طريق العلم ولو كان في ظرف وجب ان يمتحنه
باليد تخمينا لوزنه وان لم يكن حاضرا فلا بد من تقديره بالوزن أو الكيل إن كان مكيلا والتقدير بالوزن في كل شئ أولي واحضر فإن لم يقدره بهما لم يجز لان
ذلك يتفاوت تفاوتا كثيرا ويختل الغرض ولا بد من وصفه فيشترط في الوصف معرفة شيئين القدر والجنس لان الجنس يختلف تعب البهيمة باختلافه مع التساوي في القدر
فإن مائة القطن يضر بها من وجه وهو انه ينتفخ على البهيمة فيدخل فيه الريح فيثقل ومائة الحديد وإن انتفى عنها هذا الضرر لأنها مكسرة مجتمعة إلا انها تضر من وجه اخر وهو انه يجتمع على موضع من البهيمة وربما عقرها فإنه يهد ماخذه من الدابة والقطن يعمها ويتثاقل إذا دخله الريح فلا بد
من بيانه مسألة لو أخل بالشيئين معا فقال اجرتكها لتحمل عليها ما شئت فالأقوى البطلان لان ذلك لا يمكن الوفاء به ويدخل فيه ما يقتل البهيمة وقال
بعض الشافعية يصح ان يستأجر الدابة للحمل مطلقا ويكون رضا منه بأضر الأجناس ولو قال اجرتكها لتحمل عليها طاقتها لم يجز أيضا لان ذلك لا ضابط له ولو أخل بالجنس
وذكر الوزن فقال اجرتكها لتحمل عليها مائة مما شئت فالوجه البطلان لما بينا من اختلاف الضرر باختلاف الجنس وللشافعية وجهان أصحهما عندهم الجواز
ويكون رضا منه بأضر الأجناس ولا حاجة مع ذلك إلى بيان الجنس هذا ان قدر بالوزن ولو قدر بالكيل قال بعض الشافعية لا يغني عن ذكر الجنس وإن قال عشر أقفزة مما شئت
لاختلاف من الأجناس في الثقل مع الاستواء في الكيل لكن يجوز ان يجعل ذلك رضا بأثقل الأجناس كما جعل رضاء بأضر الأجناس ولو أخل بالكيل والوزن لم يكف ذكر
الجنس وإن قال مما شئت من المقدار أو طاقتها لما تقدم من كثرة التعب وقلته بخلاف ما إذا اجر الأرض ليزرع ما شاء لان الدابة لا تطيق كلما تحمل مسألة الظروف
التي يحمل فيها إن دخلت في الوزن لم يحتج إلى ذكرها وكذا حبال المتاع بان يقول استأجرتك لحمل مائة من الحنطة بظرفها ويصح العقد لزوال الغرر بذكر الوزن ومن اعتبر
من الشافعية ذكر الجنس مع ذكر الوزن وجب ان يعرف قدر الحنطة وحدها وقدر الظرف وحده وإن لم يدخل في الوزن بان قال اجرتكها لتحمل عليها مائة من من الحنطة
أو قدر بالكيل فلا بد من معرفتها بالرؤية أو بالوصف إلا أن يكون هناك غرائر متماثلة معروفة لطرد العرف باستعمالها وجرت العادة إليها كغرائر الصوف والشعر
وغيرها حمل مطلق العقد عليها ولم يجب ذكر جنسها في العقد لقلة التفاوت بينها جدا فتسميتها كاف في ذكر الجنس والوزن ولو قال اجرتك لتحمل مائة من واقتصر أو قال مما شئت
فالأقوى ان الظرف من المائة وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الظرف مغاير لها لان السابق إلى الفهم ذلك فعلى هذا يكون الحكم كما لو قال مائة من من الحنطة وهذا متفرع
على الاكتفاء بالتقدير واهمال ذكر الجنس إما مطلقا أو إذا قال مائة من مما شئت إذا عرفت هذا فإنه إذا اطلق أو قال مما شئت فلك حمل ما شاء من الأجناس لكن لا يحمل حملا يضر بالحيوان
بل إذا أراد حمل الحديد أو الزيبق ينبغي ان يفرقه على ظهر الحيوان أو لا يجتمع في موضع واحد من ظهره ولا يجعل في وعاء واحد ولا في وعاء يتموج فيه فيكد البهيمة ويتبعها تذنيب
الكلام في المعاليق وتقدير السير وزمانه من الليل والنهار في الحمل على حد ما قلنا في الركوب مسألة في الصبرة عشر صور أ إذا قال استأجرتك لتحمل على هذه الصبرة إلى
موضع كذا بكذا فإن علما قدرها صح اجماعا وإن جهلاه وشاهداه صح أيضا لان الإجارة يتسامح فيها بمثل هذه الجهالة بخلاف البيع ومن جوز من العامة بيع الصبرة المجهولة المقدار
جوز الإجارة أيضا ولا نعلم خلافا بين الفقهاء في جواز هذه الإجارة مع المشاهدة وإن جهلا المقدار بأن يقول استأجرتك لتحملها إلى كل فقير بدرهم فالأقوى البطلان لتطرق
الجهالة إلى العوض حيث لم يعلم بكم درهم استأجر كما لو قال اجرتك كل شهر بدرهم وقال الشافعي واحمد تصح هذه الإجارة بخلاف كل شهر بدرهم لان جملة الصبرة معلومة
محصورة بخلاف الأشهر وقال أبو حنيفة تصح في قفيز واحد وتبطل فيما زاد وبني الخلاف هنا على الخلاف في البيع وقد سبق ج أن يقول استأجرتك لتحمل هذه الصبرة قفيز
منها بدرهم وما زاد فبحسابه لم يصح لما تقدم وقال الشافعي يصح العقد كما لو باع كذلك لان الصبرة معلومة بالمشاهدة والأجرة بالتقسيط وكذا كل لفظ يدل على إرادة
حمل جميعها كقوله لتحمل قفيزا منها بدهم وسايرها أو باقيها بحساب ذلك فيجوز عنده د لو قال لتحمل قفيزا منها بدرهم وما زاد فبحساب ذلك يريد منها مهما حملت من
باقيها فلا يصح عندنا وعند الشافعية أيضا لان المعقود عليه بعضها وهو مجهول وقال بعض العامة يصح لأنه في معنى كل دلو بتمرة ه‍ لو قال لتحمل لي من هذه الصبرة كل قفيز
بدرهم وهي كالرابعة سواء ولو قال لتحمل منها قفيزا بدرهم على أن تحمل الباقي بحساب ذلك كل قفيز بدرهم أو على أن ما زاد فبحسابه وهو باطل عندنا لما تقدم وللشافعية
وجهان أشبههما المنع لأنه شرط عقدا في عقد والثاني الجواز والمعني ان كل قفيز بدرهم ز لو قال لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وتنقل إلي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك
لم يصح عندنا سواء علما الصبرة التي في البيت أم لا وقال بعض العامة إن كانا يعلمان الصبرة التي في البيت بحساب ذلك بالمشاهدة صح فيها لأنهما كالصبرة الواحدة وإن جهلها
أحدهما صح في الأولى وبطل في الثانية لأنهما عقدان أحدهما على معلوم والثاني على مجهول فصح في المعلوم وبطل في المجهول كما لو قال بعتك عبدي هذا بعشرة وعندي
الذي في البيت بعشرة ح لو قال لتحمل لي هذه الصبرة والصبرة التي في البيت بعشرة فإن كانا يعلمان التي في البيت صح فيهما لان المشاهدة حاصلة فيهما معا وان جهلاها
أو أحدهما بطل العقد فيهما لأنه عقد واحد بعوض واحد على معلوم ومجهول فلم يصح وبه قال القائلون بالصحة في الصورة السابقة بخلاف الشافعي وإن كان يعلمان التي
في البيت لكنها مغصوبة أو امتنع تصحيح العقد فيها لمانع اختص بما بطل العقد فيها خاصة وصح في الأولى وللشافعية في صحة الأولى وجهان بناء على تفريق الصفقة نعم إن كانت
تقريبها معلومة أو قدر إحديهما من الأخرى معلوما صح في الأولى خاصة وللموجر الخيار لتفريق الصفقة عليه لان قسطها من الاجر معلوم وإن لم يكن كذلك بطل
فيها أيضا لجهالة عوضها ط لو قال لتحمل لي هذه الصبرة وهي عشرة أقفزة كل قفيز بدرهم فإن زادت على ذلك فالزايد بحسابه لم يصح أيضا للجهالة في قدر الأجرة وقال
الشافعي يصح في العشرة والمعلومة لم يصح في الزيادة لأنها مشكوك فيها ولا يجوز العقد على ما يشك فيه ي لو قال لتحمل هذه المكائيل كل واحدة بدرهم فإن قدم لي طعام
تحمله بحساب ذلك وهو باطل عندنا على ما تقدم وقال الشافعي يصح في المكائيل الموجودة وما يحمله بعد ذلك فقد وعده بان يكون اجرته مثل ذلك فلا يلزمه
310

الوعد ولا يؤثر في العقد قالوا وكل موضع قلنا يصح في المسمى ويبطل في الزيادة فإذا احمل الزيادة كان له فيها أجرة المثل وقال بعض الشافعية لو قال استأجرتك لتحمل عشرة
أقفزة من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم فما زاد فبحسابه والزيادة منتفية فإنه لا يصح فيما زاد لأنه غير معلوم القدر ولا معلوم بالمشاهدة لان المشاهدة إذا استثنى منها مقدار أبطل
حكمها الا ترى في أنه لو قال بعتك هذه الصبرة إلا مدا منها لم يجز إذا كان ذلك غير معلوم وقد أفرده بالعقد فلم يجز البحث الثالث في العمل مسألة يجوز
استيجار الدواب للعمل اجماعا لأنها منفعة مباحة خلقت الدابة لها فجاز الاستيجار لها كالركوب ويصح اجارة كل حيوان يمكن الانتفاع به من غير اتلاف كالآدمي الحر والعبد
وكل بهيمة لها ظهر كالإبل والبقر والخيل والحمير وما أشبه ذلك واما الغنم فإنما ينتفع منها بالدور والنسل والصوف والشعر وهذه أعيان لا يجوز تملكها بعقد الإجارة
وإن أمكن الانتفاع بها بوجه من الوجوه كانت المنفعة غير مقصودة ففي اجارتها حينئذ اشكال أقر به الجواز ان قصدت المنفعة اليسيرة كإجارة الدراهم والدنانير
للمنفعة اليسيرة ولا فرق في الجواز بين ان يستأجر الدابة لعمل تخلق له أو لما لا تخلق له إذا أمكن صدوره منه فإذا استأجر البقر للحرث جاز اجماعا لان البقر خلقت له ولهذا روي عنه (ع)
من طريق العامة بينما رجل يسوق بقرة أراد أن يركبها فقالت اني لم أخلق لهذا انما خلقت للحرث مسألة ولو استأجر حيوانا لعمل لم يخلق له ولم يمكن صدوره منه
لم يصح كما لو استأجر الغنم للركوب أو للحرث لتعذر استيفاء المنفعة من تلك العين ولو كان العمل يصح صدوره منه فإنه يجوز وإن لم يكن مخلوقا له كما لو استأجر بقرة
للركوب أو الحمل عليها أو استأجر الإبل والحمير للحرث لأنها منفعة مقصودة أمكن استيفاؤها من الحيوان ولم يرد الشرع بتحريمها فجاز كالذي خلقت له ولان مقتضى
الملك جواز التصرف والانتفاع به في كلما تصلح له العين المملوكة ويمكن تحصيله منها ولا يمنع ذلك إلا بعارض راجح إما ورود نص بتحريمه أو قيام دليل عقلي وشبهه
عليه كرجحان مضرته على منفعته وليس هنا واحد منها وكثير من الناس من الأكراد وغيرهم يحملون على البقر ويركبونها وفي بعض البلدان يحرثون على الإبل والبغال
والحمير فيكون معنى خلقها للحرث ان معظم الانتفاع بها فيه ولا يمنع ذلك الانتفاع بها في شئ آخر كما أن الخيل خلقت للركوب والزينة؟ ويباح اكلها واللؤلؤ خلق حلية
ويجوز استعماله في الأدوية وغيرها مسألة إذا استأجر بقرا أو غيرها للحرث وجب ان يعرف صاحب الدابة الأرض وتقدير العمل فاما الأرض فإنما تعرف بالمشاهدة
لأنها يختلف فبعضها صلب فيصعب حرثه على البقر ومستعملها وبعضها رخوة يسهل حرثها وبعضها فيه حجارة يتعلق فيها السكة ومثل هذا الاختلاف انما يوقف عليه
بالمشاهدة دون الوصف لان الصلابة تختلف بالشدة والضعف والحجارة تختلف بكثرة العدد وقلته بحيث لا يمكن ضبطه بالوصف فاحتيج إلى المشاهدة واما تقدير العمل
فإنه يحصل بأمرين أحدهما المدة كيوم أو يومين أو شهرا أو شهرين فيقول استأجرتك لتحرث لي هذه الأرض بالبقر الفلاني يوما أو شهرا ومنع بعض الشافعية من تقدير
العمل هنا بالمدة وليس بشي ء والثاني بالأرض كهذه القطعة أو هذه البستان أو من هذا المكان إلى ذلك المكان أو
بالمساحة كجريب أو جريبين وكل ذلك جايز لان العلم
يحصل به مسألة إذا قدر الحرث بالمدة معرفة الدابة التي تستعمل في الحرث سواء كانت من البقر أو من غيرها لاختلاف الأغراض في ذلك باختلاف البقر في القوة
والضعف ولا فرق بين ان يكون الإجارة في ذلك على عين أو في الذمة ولو قدر العمل بالأرض لم تحتج إلى مشاهدة البقر التي تحرس الا أن تكون الإجارة وقعت على عين البقر وهل يفتقر إلى مشاهدة السكة التي تحرث عليها الأقرب الاكتفاء بالعادة في ذلك لقلة التفاوت فيه
وكذا في قدر نزول السكة في الأرض يرجع فيه إلى العادة مسألة يجوز ان يستأجر البقر منفردة ليتولى رب الأرض الحرث بها ويجوز ان يستأجرها مع صاحبها ليتولى
مالكها الحرث بها ويجوز ان يستأجرها بآلتها من الفدان والنير والحديد وان يستأجرها بدون
آلتها وتكون آلتها من عند مالك الأرض ولا بد من تعيين عدد مرات الحرث فيقول سكة واحدة أو سكتين أو ما زاد بشرط الضبط ولم استأجر للحرث لم يستعمل في
غيره وإن كان أدون على اشكال وبالعكس إذا استأجرها لغير الحرث لم يجز استعمالها فيه وإن كان أدون مسألة يجوز استيجار الدواب لدياس الزرع
لان ذلك منفعة مباحة مقصودة فأشبهت الحرث وتجب معرفة قدر العمل إما بالمدة بان يستأجر لدياس شهر أو شهرين أو بتعيين الزرع إما بالمشاهدة أو بالوصف
الرافع للجهالة وإذا قدره بالمدة احتيج إلى معرفة جنس الحيوان الذي يحمل عليه ليعرف قوته وضعفه وإن كان على عمل غير مقدر بالمدة احتيج إلى معرفة جنس الحيوان لان الغرض يختلف به فمنه ما روثه
طاهر ومنه ما روثه نجس ولا يحتاج إلى معرفة عين الحيوان ويجوز ان يستأجر الحيوان بآلته وبغير آلته ومع صاحبه ومنفردا عنه كما قلناه في الحرث وتجب معرفة الزرع الذي يريد دياسه
لاختلاف أجناسه في الصعوبة والسهولة والسرعة والبطؤ وكثرة العمل وقلته مسألة يجوز استيجار الدواب لإدارة الدولاب والاستسقاء من البئر بالدلو فإن كان الإجارة
على عين الدابة وجب تعيينها لاختلاف الأغراض بتفاوتها كما في الركوب والحمل وإن كانت في الذمة لم يجب بيان الدابة ومعرفة جنسها وعلى التقديرين فيجب على صاحب الدواب
معرفة الدولاب والدلو وموضع البئر وعمقها بالمشاهدة أو الوصف ان أمكن الضبط بالوصف ويجب تقدير المنفعة إما بالزمان مثل أن يقول لتستقي بهذا
من هذا البئر اليوم أو بالعمل بان يقول لتستوي خمسين دلوا من هذه البئر بهذا الولد أو لتدور البقر في الدولاب المعين خمسين دورة وهل يجوز التقدير بالأرض
بان يقول لتستقى هذا البستان وجريبا معينا فيه اشكال ينشأ من أن سقيه يختلف بحرارة الهواء وبرودته وكيفية حال الأرض فلا ينضبط ريه فلا يصح ومن قلة التفاوت فيه
مسألة يجوز استيجار البهيمة لإدارة الرحا لأنه عمل مقصود محلل فجازت المعاوضة إليه بعقد الإجارة كغيره من المنافع ويفتقر إلى معرفة شيئين الحجر إما بالمشاهدة
أو بالصفة ان أمكن الضبط بها لان الطحن يختلف فيه ويكون ثقيلا وخفيفا فيحتاج صاحب الدابة إلى معرفته الثاني بقدر العمل إما بالزمان فيقول على أن تطحن يوما
أو يومين أو بالطعام فيقول اطحن قفيزا أو قفيزين ويجب ان يذكر جنس المطحون من حنطة أو شعير أو ذرة أو عفص أو قشر رمان أو غير ذلك لأن هذه الأشياء يختلف
في الطحن بالسرعة والبطؤ والسهولة والصعوبة فان بعضها يسهل طحنه وبعضها يصعب ولا بد من معرفة الدابة ان قدر العمل بالزمان مسألة يجوز ان يستأجر الدابة
للاستقاء عليها بالراوية أو القربة أو الجرار وما أشبهها ولا بد من مشاهدة الدابة لتفاوتها في القوة والضعف والآلة التي تستقي بها من راوية أو قربة أو غيرها لتفاوتها
بالصغر والكبر والثقل والخفة ويكفي الوصف الرافع للجهالة وحينئذ يجب معرفة الوزن ولا تجب مع المشاهدة ويجب تقدير العمل إما بالزمان كأن يستأجره لاستقاء النهار
أو بعضه واما بعدد المرات ويجوز ان يقدر بالآنية التي تملأ فان قدره بعدد المرات احتاج إلى معرفة الموضع الذي يستقي منه والذي يذهب إليه والطريق
المسلوك بينهما لاختلاف ذلك بالقرب والبعد والسهول والحزونة وان قدر بملا شئ معين احتاج إلى معرفته وما يستقى منه ويجوز استيجار الدابة وآلتها وصاحبها
واستيجارها مع أحدهما ومنفردة وان استأجرها لبل تراب معلوم جاز لأنه معلوم بالعرف وكل موضع وقع العقد فيه على مدة فلا بد من معرفة الظهر الذي يعمل عليه
لان الغرض يختلف باختلاف الدابة في القوة والضعف وان وقع على عمل معين لم يحتج إلى معرفتها لأنه لا يختلف مع احتمال الحاجة الفصل ج في موجبات
الألفاظ وفيه مباحث الأول ما يتعلق بالآدمي مسألة قد بينا انه يجوز الاستيجار للحضانة وحدها وللارضاع وحده ولهما معا وان الحضانة عبارة
عن حفظ الطفل وتعهده بغسله وغسل رأسه وثيابه وخرقه وتطهيره من النجاسات وتدهينه وتكحيله واضجاعه في المهد وربطه وتحريكه في المهد لينام وإذا اطلق الاستيجار
لأحدهما فان نفى الأخر لم يدخل في الاستيجار وإن لم ينفه لم يدخل الأخر في الاستيجار عندنا لأنهما منفعتان متغايرتان غير متلازمتين فلا تدخل إحديهما
311

في عقد الأخرى ويجوز افراد كل واحد منهما بعقد اجارة فأشبهتا ساير المنافع وهو أصح وجوه الشافعية عندهم والثاني ان كل واحد منهما يستتبع الأخر لأنه لا يتولاها في العادة إلا المرأة الواحدة والثالث ان الاستيجار للارضاع يستتبع الحضانة والحضانة لا يستتبع الارضاع لان الإجارة تعقد للمنافع
دون الأعيان فلو لم يستتبع الارضاع الحضانة لتجرد اللبن مقصودا وهو ممنوع لأنا قد بينا ان المستحق بالاستيجار للارضاع عين ومنفعة مسألة إذا
استأجر لهما معا صريحا أو استأجر للارضاع وقلنا انه يستتبع الحضانة وبالعكس فانقطع اللبن فان قلنا إن المقصود بالذات والمعقود عليه اللبن لأنه أشد
مقصودا والحضانة تابعة انفسخ العقد عند انقطاع اللبن وان قلنا المعقود عليه بالذات الحضانة واللبن تابع لان الإجارة وضعت للمنافع والأعيان تابعة لم
يبطل العقد لكن للمستأجر الخيار لان انقطاع اللبن عيب كما لو استأجر طاحونة فانقطع الماء أو أرضا للزراعة فانقطع ماؤها وان قلنا إن المعقود عليه كلامهما
لأنهما مقصودان معا انفسخ العقد في الارضاع وسقط قسطه من الأجرة وفي الحضانة للشافعية قولا تفريق الصفقة وعندنا انه لا ينفسخ في الحضانة
نعم يتخير لتبعيض الصفقة وللشافعية هذه الأوجه الثلاثة ولم يفرقوا في حكاية الأوجه بين أن يصرح بالجمع بينهما وبين ان يذكر أحدهما يحكم باستتباعه للاخر
وصار بعضهم إلى الفرق بين ان يصرح بالجمع بينهما وبين ان يذكر أحدهما ويحكم باستتباعه للاخر فيقال إذا صرح بالجمع بينهما قطعا فإنهما مقصودان في العقد إذا ذكر أحدهما فهو المقصود والاخر تابع وعلى المرضعة ان تأكل وتشرب ما يدر به اللبن وللمكترى ان
يكلفها ذلك مسألة إذا استأجر وراقا احتمل الرجوع إلى العادة في الحبر على ما هو فإن قضت به على الوراق وجب عليه وإن قضت به على المستأجر وجب عليه
وإن اضطربت العادة وجب البيان والا بطل العقد وانه يجب على المستأجر لان الأعيان لا تستحق بالإجارة وافرد اللبن للضرورة على خلاف القياس فإنه لا يفرد بالبيع
قبل الحلب لبطلانه ولا بعده لعدم انتفاع الطفل به وهذان للشافعية ولهم وجه ثالث مبني على الخلاف في أن اللبن هل يتبع الاستيجار للحضانة فإن قلنا بوجوبه
على الوراق فهو كاللبن لا يجب تقديره وإن صرح باشتراطه عليه كما لو صرح بالارضاع والحضانة وإذا لم يوجب عليه فلو انه اشترطه عليه فالأقرب صحة العقد
وقالت الشافعية يبطل العقد ان لم يكن معلوما وليس بجيد لأنه لا كثير تفاوت فيه وإن كان معلوما فلهم فيه طريقان أحدهما انه يصح العقد لان المقصود فعل
الكتابة والحبر تابع كاللبن والثاني انه شراء واستيجار ليس الحبر كاللبن لامكان افراده بالشراء وعلى هذا فينظر ان قال اشتريت منك هذا الحبر لتكتب به كذا هو
كما لو اشترى الزرع بشرط ان يحصده البايع ولو قال اشتريت منك هذا الحبر واستأجرتك لتكتب به كذا بعشرة فهو كما لو قال اشتريت الزرع واستأجرتك لتحصده بعشرة ولو قال اشتريت الحبر بدرهم واستأجرتك لتكتب به بعشرة فهو كما لو قال اشتريت الزرع بعشرة واستأجرتك
لتحصده بدرهم والكل عندنا جايز مسألة إذا استأجر الخياط والصباغ وملقح النخل والكحال فالقول في الخيط والصبغ وطلع النخل والذرود؟ كما قلنا
في الحبر والأقرب البناء على العادة فإن اختلف أو لم تكن عادة فعلى المستأجر دون الصائغ وفرق الجويني (بين الخيط و) بين الصبغ والحبر فقطع بان الخيط لا يجب على الخياط
وقد سبق البحث في ذلك كله البحث الثاني فيما يحتاج إليه الدار والحمام وشبهه والأراضي مسألة كلما يحتاج من العمارة إليه فهو على صاحب الدار دون
المستأجر سواء احتاجت إلى مرمة لا تحوج إلى عين جديدة كإقامة جدار مال واصلاح منكسر وغلق يعسر فتحه أو احتاج إلى عين جديدة كبناء وحذع؟ جديد وتطيين سطح
والحاجة في هذين الضربين بخلل عرض في دوام الإجارة أو احتاج إلى عمارة بخلل قارن العقد كما إذا آجر دارا ليس لها باب أو ميزاب وكل هذه الأنواع على صاحب الدار
دون المستأجر فان بادر إلى الاصلاح فلا خيار للمستأجر والا فله الخيار إذا انقضت المنفعة حتى لو وكف البيت لترك الطين تخير المستأجر فإذا انقطع بطل
الخيار إلا إذا حدث بسببه نقص وإنما يثبت الخيار في القسم الثالث إذا كان المستأجر جاهلا بالحال في ابتداء العقد إما لو كان عالما به فلا خيار له مسألة إذا حصل الخلل
في الدار على أحد الأنحاء الثلاثة وهي ما لا يحتاج إلى عين جديدة وما يحتاج إليه وما يحتاج إلى عمارة لخلل قارن العقد ففي اجبار المالك على هذه العمارات الثلاثة اشكال أقربه
العدم لأنها ملك له فلا يجبر على عمارته ويحتمل وجوبه لأنه قد قبض العوض عن المنفعة الكاملة فيجب عليه ايصال المعوض إليه وإنما يصل المعوض إلى المستأجر بالعمارة
فيكون واجبة وحينئذ يجبر المالك على العمارة في الجميع فإن أخل ولم يمكن الزامه بالعمارة تخير المستأجر في الفسخ وقال الجويني من الشافعية يجبر على الأول ولا يجبر على الثالث
لأنه لم يلزمه من الابتداء وفي الثاني وجهان وقال بعضهم يجبر على الثاني أيضا توفيرا للمنفعة واجري الوجهان فيما إذا غصب الدار المستأجرة وقدر المالك على الانتزاع
هل يجبر عليه ولا شك انه إذا كان العقد على شئ موصوف في الذمة ولم ينتزع ما سلمه يطالب بإقامة غيره مقامه وقال بعضهم لا يجبر المالك في الاضراب كلها وحكى
الجويني تفريعا على ما ذكر من الطريقة وجهين في الدعامة الدافعة للانهدام إذا احتيج إليها انه يعد من الضرب الأول أو الثاني مسألة يجب على المؤجر تسليم المفاتيح
التي للدار والبيوت التي في ضمنها إلى المستأجر ليتمكن من الانتفاع وإنما يتمكن من الانتفاع بتسليم المفاتيح فوجب على المالك بخلاف ما إذا كانت العادة فيه
الاقفال حيث لا يجب تسليم القفل لان الأصل عدم دول المنقولات في العقد الوارد على العقار والمفتاح جعل تابعا للقفل فإذا سلمه فهو أمانة في يد المستأجر
حتى لو ضاع بغير تقصيره لم يلزمه شئ على المالك ابداله وللشافعية في ابداله الخلاف المذكور في العمارات فإن لم يبدله فللمستأجر الخيار أشبه حيطان الدار وأبوابها مسألة
كلما يتوقف التمكن من الانتفاع عليه فهو على المالك كعمارة الحيطان والسقوف وعمل الأبواب في الدار والحمام والنزل ومجرى الماء لان بذلك يتمكن من الانتفاع وما كان لاستيفاء المنافع كالحبل والدلو والبكرة فعلى المستأجر واما التحسين والتزويق فلا يلزم واحدا منهما لان الانتفاع ممكن
بدونه ويجب على المؤجر ان يسلم الدار وبالوعتها فارغة وكذا الحش ليثبت التمكن من الانتفاع فإن كان مملوا وجب على المالك تفريغه فإن أهمل تخير المستأجر وكذا
مستنقع الحمام وهو الموضع الذي تنصب إليه الغسالة ويسمى حية؟ الحمام ويجب تسليمه فارغا واما تطهير الدار عن الكناسة والاتون عن الرماد في دوام الإجارة
فعلى المستأجر لأنهما حصلا بفعله فإن أراد ان يكمل له الانتفاع فليرفعهما واما كنس الثلج عن السطح فإنه من وظيفة المالك لأنه كعمارة الدار فان تركه على السطح
وحدث به عيب فللمستأجر الخيار وهل يجبر عليه ويطالب به فيه ما تقدم من الخلاف للشافعية وفيه ولهم وجه انه لا يجب عليه الكسح وان أوجبنا العمارة فان
ايجابها لتعود الدار إلى ما كانت وليس الكسح بهذه المثابة واما الثلج في عرصة الدار فإن جف ولم يمنع الانتفاع فهو ملحق بكنس الدار وإن كثف فكذلك على الظاهر
عند الشافعية ومنهم من الحقه تنقية البالوعة وفيها خلاف لهم لأنه يمنع التردد في الدار وإذا امتلأت البالوعة والحش ومستنقع الحمام في دوام الإجارة
فإنه على المستأجر لان الامتلاء حصل بفعله فصار كنقل الكناسات فإن تعذر الانتفاع فلينق ولا خيار له وهو أحد قولي الشافعية ولهم اخر ان له الخيار وقال أبو حنيفة ان
التفريغ يجب على المالك حتى يحصل التمكن من الانتفاع في بقية المدة فإن لم يفعل فللمستأجر الخيار وهو القول الثاني للشافعية لكن الاظهر الأول مسألة
إذا انقضت مدة الإجارة لم يجب على المستأجر تنقية البالوعة ولا الحش ويجب عليه التطهير من الكناسات ومستنقع الحمام لا يجب تفريغه كالحش وذكر الجويني ان رماد
الاتون كالكناسة حتى يجب نقله عند انقضاء المدة وقال بعض الشافعية لا يجب ويخالف القمامات فإن طرح الرماد من ضرورات استيفاء المنفعة وفسر والكناسة
التي يجب على المستأجر تطهير الدار عنها بالقشور وما يسقط من الطعام ونحوه دون التراب الذي يجتمع بهبوب الرياح لأنه حصل لا بفعله ولكن قد مر في ثلج العرصة
312

انه لا يجب على المالك نقله بل هو كالكناسات مع أنه حصل لا بفعله تذنيب الدار المستأجرة للسكنى لا يجوز طرح التراب والرماد في أصل حيطانها ولا ربط الدواب
بخلاف وضع الأمتعة وفي جواز طرح ما يسرع إليه الفساد من الأطعمة للشافعية وجهان أصحهما الجواز عندهم لأنه معتاد مسألة إذا استأجر أرضا للزراعة وكان لها
شرب معلوم فإن شرط دخوله في الإجارة أو خروجه عنها اتبع الشرط لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وإن لم يشترط أحدهما فإن جرت العادة باتباعه للأرض
وانفراده عنها حمل الاطلاق على العادة واتبعت وإن اضطربت فكانت الأرض توجر تارة بمفردها من دون الشرب وتارة مع الشرب فالأقرب دخوله واتباعه للأرض
في الإجارة وبه قال أبو حنيفة وهو أحد أقوال الشافعي لان الإجارة للزراعة كشرط الشرب والثاني للشافعي انه
لا يجعل الشرب تابعا اقتصارا على موجب اللفظ
وإنما يزاد عليه بعرف مطرد والثالث ان العقد يبطل من أصله لان تعارض المعنيين يوجب جهالة المقصود مسألة إذا استأجر أرضا لزراعة شئ معين فانقضت
المدة ولم يدرك الزرع فإن كان عدم الادراك لتقصير في الزراعة بان يكون المستأجر قد اخر الزرع حتى ضاق الوقت (أو ابدل) الزرع المعين بما هو ابطأ ادراكا
أو أكله الجراد فزرع ثانيا فللمالك اجباره على قلعه لأنه متعد بالتأخير وعلى الزارع تسوية الأرض كالغاصب لعدوانه إلا في شئ واحد وهو ان الغاصب يؤمر بقلع
زرعه قبل انقضاء المدة واما هنا فلا يلزم القلع قبل انقضاء المدة لان منفعة الأرض في الحال له وقال بعض العامة يتخير المالك بعد المدة بين اخذ الزرع بالقيمة
أو تركه بالأجرة لما زاد على المدة لأنه أبقى زرعه في ارض غيره بعدوانه وإن اختار المستأجر قطع زرعه في الحال وتفريغ الأرض فله ذلك لأنه يزيل الضرر ويسلم الأرض
على الوجه الذي اقتضاه العقد وللمالك منعه من زراعة ما هو ابطأ ادراكا في الابتداء على اشكال وهل له المنع من زراعة المعين إذا ضاق الوقت الأقرب العدم
لأنه استحق منفعة الأرض في تلك الجهة وقد يقصد القصيل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان له ذلك لأنه سبب لوجود زرعه في ارضه بغير حق فملك منعه
منه فإن زرع لم يملك مطالبته بقلعه قبل المدة لأنه في ارض يملك نفعها وإن كان تأخير الادراك لا بتفريط من المستأجر بل لتغير الأهوية أو لحر حصل أو لبرد تجدد
فالوجه ان على المالك الصبر إلى الادراك بأجرة المثل لان الشرط قد خرج فكان للمالك عوض ابقائه تحقيقا للشرط وهو أحد وجوه الشافعية والثاني انه يجب على المالك
الصبر إلى الادراك مجانا لأنه اذن في هذا النوع والثالث ان له ان يقلع الزرع مجانا لأنه لم يرض بشغل الأرض فيما وراء المدة والتفريط هنا من المستأجر
لأنه كان ينبغي له ان يستظهر بزيادة المدة وهو ممنوع لأن هذه المدة جرت العادة بكمال الزرع فيها وفي زيادة المدة تفويت زيادة الأجرة بغير فايدة وتصنع
زيادة مشقة لتحصيل شئ متوهم على خلاف العادة هو التفريط فلم يكن تركه تفريطا ومن هذا الباب ما إذا اكل الجراد رؤوس الزرع فنبت ثانيا وتأخر الادراك
لذلك وكذا التأخير بكثرة الأمطار أو بقلة المياه التي تسقي الزرع لا من جهة العامل مسألة لو استأجر الأرض لزرع معين مدة لا يدرك فيها كما إذا استأجر
لزرع الحنطة شهرين مثلا فان شرط القلع بعد مضي المدة جاز كأنه لا يبغي إلا القصيل لأنه لا يفضي إلى الزيادة على مدته ثم إن تراضيا على الابقاء مجانا أو بأجرة المثل
فلا بأس وان شرطا الابقاء بعد المدة فسد العقد لاشتماله على التناقض فإن تقدير المدة يقتضي النقل بعدها وشرط التبقية يخالفه ولأنه لا يبقى لتقدير
المدة فايدة ولان مدة التبقية مجهولة وغاية الادراك مجهولة وإذا فسد العقد فللمالك منعه من الزراعة لكن لو زرع لم يقلع زرعه مجانا للاذن بل يؤخذ منه أجرة المثل لجميع المدة
وإن اطلقا العقد ولم يتعرضا لقلع ولا ابقاء فالأقوى صحة العقد لان التأقيت لحصول المعقود عليه في منفعة تلك المدة وهو أصح قولي الشافعية والثاني
البطلان لان العادة في الزرع الابقاء فهو كما لو شرطا الابقاء وهو ممنوع بل الانتفاع بالزرع في هذه المدة ممكن فصح العقد ويحتمل الصحة ان أمكن ان ينتفع بالأرض
في زرع ضرره كضرر الزرع المشروط أو دونه ان جوزنا التخطي مع شرط التعيين مثلا ان يزرع شعيرا يقطعه قصيلا لان الانتفاع بها في بعض ما اقتضاه العقد
ممكن وإن لم يكن كذلك لم يصح لأنه اكترى للزرع ما لا ينتفع بالزرع أشبه اجارة السبخة له فإن قلنا بالصحة كما ذهبنا إليه أولا ان توافقا بعد المدة على ابقائه
مجانا أو بأجرة فذاك وإن أراد المالك اجباره على القلع احتمل تمكنه منه لانقضاء المدة التي تناولها العقد وان لا يمكن منه لان العادة في الزرع الابقاء
وعلى هذا فاظهر الوجهين ان له أجرة المثل للزيادة لان المستأجر هنا مفرط حيث شرط مدة قصيرة والثاني انه لا اجرة له لأنه إذا آجر مدة لا يدرك فيها الزرع كان
معيرا للزيادة على تلك المدة والتقصير منه حيث آجر ارضه مدة للزرع الذي لا يكمل فيها قال بعض الشافعية إذا قلنا إنه ليس للمالك القلع بعد المدة لزم تصحيح العقد
فيما إذا شرط الابقاء بعد المدة فكأنه صرح بمقتضى الاطلاق وليس بجيد مسألة لو استأجر للزراعة مطلقا ولم يعين المزروع فقد تقدم الخلاف في صحته وبطلانه
فان قلنا بالصحة وهو أظهر وجهي الشافعية إذا عين المدة فعليه ان يزرع ما يدرك في تلك المدة فإن زرعه وتأخر الادراك إما لتقصيره أو لغير تقصيره فعلى ما تقدم فيما إذا عين المزروع ولو أراد ان يزرع ما لا يملك في تلك المدة فللمالك منعه على اشكال سبق لكن لو زرع لم يقلع إلى
انقضاء المدة ويحتمل ان لا يمنع من زرعه كما لا يقلع إذا زرع مسألة يصح الاستيجار للغراس أو للبناء سنة وما زاد أو نقص بلا خلاف نعلمه بين
العلماء لأنه استأجر لمنفعة مقصودة محللة معينة فجاز كغيرها من المنافع فإذا استأجرها سنة فلا يخلو إما ان يشرطا القلع بعد السنة أو شرطا التبقية أو سكتا
عن شرط القلع والتبقية ويطلقا العقد فإن شرطا القلع صح العقد لأصالة الصحة وصح الشرط لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم فحينئذ يؤمر المستأجر بالقلع بعد
المدة وليس على المالك أرش النقصان لأنه شئ لزمه بموجب شرطه ولا يجب على المستأجر أيضا تسوية الأرض ولا أرش نقصانها ان نقصت لتراضيهما بالقلع
ودخولهما على هذه الحال وإن اتفقا على ابقائه باجر أو غيره جاز لان الحق لهما وهو قابل للنقل بعوض وغيره فجازا معا وإن شرطا التبقية بعد المدة احتمل
قويا البطلان لجهالة المدة والصحة لان الاطلاق يقتضي الابقاء على ما يأتي فلا يضر شرطه وللشافعية قولان فإن قلنا بالبطلان فعلى المستأجر أجرة المثل
للمدة وفيما بعد المدة الحكم على ما سنذكر فيما إذا اطلق العقد وإن اطلقا العقد ولم يشرطا القلع ولا الابقاء صح العقد وللشافعية طريقان أحدهما
ان المسألة على قولين كما إذا اطلق الاستيجار لزراعة ما لا يدرك في المدة وايراد الجمهور الطريقة الثانية وهي القطع بالصحة كما ذهبنا إليه عملا بالأصل
ثم ينظر بعد المدة فإن أمكن القلع والرفع من غير نقصان فعل وإلا فإن اختار المستأجر القلع فله ذلك لأنه ملكه وإذا قلع يكون قد اخذ ملكه كما له أو
يأخذ طعامه من الدار المستأجرة أو التي باعها وإذا قلع فعليه تسوية الحفر وأرش نقص الأرض لأنه نقص دخل على ملك غيره بغير اذنه وتصرف في ارض الغير
بالقلع بعد خروجها من يده وتصرفه بغير اذن المالك وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه ليس ذلك كما إذا رغب المستعير في القلع عند رجوع المعير
وعلى ما اخترناه لو قلع قبل انقضاء المدة فيلزمه التسوية لان المالك لم يأذن فيه قبل انقضاء المدة ولأنه تصرف في الأرض تصرفا منقصا لها لم يقتضيه
عقد الإجارة وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يلزمه شئ لبقاء الأرض في يده وتصرفه وإن امتنع المستأجر
من القلع هل للمؤجر ان يقلعه مجانا يحتمل ذلك
وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزني لان تقدير المدة في الإجارة يقتضي التفريغ عند انقضائها كما لو استأجرها للزرع ولان مدة استحقاق المنفعة قد
313

انقضت ويحتمل ان لا يقلعه مجانا ولا يجبر المستأجر على قلعه إلا أن يضمن له المالك نقص غرسه فيجبر حينئذ وهو قول الشافعي لأنه بناء محترم لم يشرط قلعه
فأشبه العارية الموقتة قال ظاهر مذهب الشافعي فيها ان بناء المستعير لا يقلع بعد المدة وربما فرق بان فايدة التأقيت في الإعارة طلب الأجرة بعد المدة وهنا الأجرة لازمة في
المدة فلا فايدة إلا القلع ولقائل أن يقول نمنع ان الفايدة في الإعادة طلب الإجارة بعد المدة وإن الفايدة هنا القلع لجواز ان يكون الغرض في الصورتين المنع من
احداث الغرس والبناء بعد المدة وأن يكون الغرض هنا العدول إلى أجرة المثل بعد المدة وأيضا قال (ع) ليس لعرق ظالم حق فمفهومه ان ما ليس بظالم له حق وهذا
ليس بظالم وهو ممنوع إما أولا فللمنع من دلالة المفهوم واما ثانيا فلانا لا نسلم انتفاء الظلم بل هو بعد المدة ظالم بالابقاء والاذن في وقت لا يستلزم الدوام والا
لكان في العارية كذلك ولأنه لو لم يكن ظالما لم يلزمه الأجرة لأنه يكون حينئذ مستحقا للابقاء إذا عرفت هذا فإن للمالك إذا اختار دفع قيمة البناء والغرس إلى المستأجر
وتملكهما جاز ان وافقه المستأجر عليه وإن امتنع لم يكن له ذلك وإن اختار المالك ان يقلع البناء والغراس ويغرم نقصهما كان له ذلك سواء رضي الغارس والباني أو لا
لان للمالك تفريغ ملكه من مال غيره إذا لم يكن مستحقا للشغل ولا شك انه بعد المدة لا يستحق المستأجر بنقل ملك المؤجر وإن اختار وان يقر البناء والغراس ويأخذ
من المستأجر أجرة المثل ان رضي المستأجر فذاك وإن امتنع لم يجبر عليه وقال الشافعي يتخير المالك بين دفع قيمة البناء والغرس فيملكهما وبين مطالبته بالقلع من غير ضمان
وبين تركه فيكونان شريكين وهو خطأ لان الغرس ملك الغارس ولم يدفع إليه عوضه ولا رضي بزوال ملكه عنه فلا يزول ملكه عنه كغيره من الغروس وإن اتفقا على بيع الغرس والبناء
للمالك جاز وإن باعهما صاحبهما لغير مالك الأرض جاز ويكون المشتري مع المالك كالغارس معه وقال بعض الشافعية ليس له بيعهما لغير مالك الأرش لان ملكه متزلزل
لان لصاحب الأرض تملكه عليه بالقيمة من غير اذنه وهو ممنوع سلمنا لكن ينتقض ما ذكره بالشفيع فإن له تملك الشقص ويجوز بيعه لغيره إذا عرفت هذا فان قلنا المالك
ليس له القلع مجانا فالكلام في أن المالك يتخير بين ان يقلع ويغرم أرش النقصان مع نقصان الثمار إن كانت على الأشجار ثمار أو يتملك عليه بالقيمة أو يبقى بأجرة يأخذها
أو لا يتخير الا بين الأولتين من الخصال الثلاث بناه الشافعي على ما إذا رجع المعير عن العارية وإذا انتهى الامر إلى القلع فمباشرة القلع ويدل مؤنته على المؤجر أو المستأجر
للشافعية وجهان أحدهما انه على المؤجر لأنه الذي اختاره وأصحهما انه على المستأجر لأنه الذي شغل الأرض فليفرغها وإذا عين المؤجر خصلة وامتنع المستأجر ففي
اجباره ما ذكره في اجبار المستعير فإن أجبر كلف تفريغ الأرض مجانا والا لم يكلف بل هو كما لو امتنع المؤجر من الاختيار وحينئذ يبيع الحاكم الأرض وما
فيها أو يعرض عنها فيه خلاف بينهم ويخرج من ذلك في التفريغ مجانا وجهان أحدهما يكلف ليرد الأرض كما اخذ وثانيهما المنع ولا يبطل حقه من العوض بامتناعه كما أن من
منع المضطر طعامه يؤخذ منه قهرا ويسلم إليه العوض والإجارة الفاسدة للغراس والبناء كالصحيحة في تخير المالك ومنع القلع مجانا وقد عرفت الحق عندنا في ذلك
البحث الثالث فيما يتعلق بالدواب مسألة إذا استأجر دابة للركوب وجب على مالك الدابة القيام بكل ما جرت العادة ان يوطأ به المركوب للراكب من الحداجة
للجمل القتب والحزام والزمام الذي يقاد به البعير والبرة التي في أنف البعير إن كان العادة جارية بينهم بها وإن كان المركوب فرسا كان عليه السرج واللجام والحزام وإن كان
بغلا أو حمارا فالبرذعة والاكاف والحزام والثفر وذلك لتعذر الركوب من دونها ولان العرف قاض بذلك فيحمل الاطلاق عليه وللشافعية في السرج ثلاثة أوجه أحدها
لزومه كالاكاف وثانيهما المنع لاضطراب العادة فيه والثالث اتباع العادة فيه فإن قضت بلزومه على المؤجر وجب قيامه به والا فلا وقال بعض الشافعية موجر الدابة
لا يلزمه الا تسليمها عارية والآلات كلها على المستأجر وقال قوم منهم يجب على المؤجر ما عدا السرج والاكاف والبرذعة وفصل في الثلاثة بين ان يكون الإجارة على عين الدابة
فهى على المستأجر ويضمن لو ركب بغير سرج واكاف وإن كانت في الذمة فهي على المؤجر لأنها للتمكين من الانتفاع واما ما هو للتسهيل على الراكب كالمحمل والمحارة والمظلة
والوطاء الذي يشد فوق الحداجة تحت المحمل والحبل الذي يشد به المحمل على الحبل والذي يشد به أحد المحملين إلى الأخر فهى على المستأجر والعرف مطرد به ولبعض الشافعية في
الذي يشد به أحدهما إلى الأخر وجهان وهو بعيد مع القطع في نفس المحمل وساير توابعه المذكورة بأنها على المستأجر وفي شد أحد المحملين إلى الأخر للشافعية وجهان أحدهما
انه على المكرى كالشد على الجمل والثاني على المكتري لأنه اصطلاح ملكه وكل ذلك فيما إذا اطلقا إما لو قال اجرتك هذه الدابة العارية بلا أكاف ولا حزام ولا غير ذلك
فإنه لا يلزمه شئ من الآلات ولو شرط عليه ما لا يجب عليه كالمحمل والمحارة والكنيسة وغير ذلك وجب عليه عملا بالشرط مسألة إذا استأجر الدابة للحمل فالوعاء الذي
ينقل فيه المحمول على المكترى ان وردت الإجارة على عين الدابة وعلى المكرى إن كانت في الذمة لأنها إذا وردت على العين فليس عليه الا تسليم الدابة بالاكاف وما في معناه
وإذا كانت في الذمة فقد التزم النقل فعليه تهيئة أسبابه والعادة تؤيده وإذا استأجر للاستقاء فالدلو والحبل كالوعاء في الحمل فيلزم المكرى إن كانت الإجارة في
الذمة وقال بعض الشافعية انه إن كان الرجل معروفا بالاستقاء بآلات نفسه لزمه الاتيان بها وهذا يجب طرده في الوعاء وقال الجويني بالفرق في اجارة الذمة
بين ان يلتزم الغرض مطلقا ولا يتعرض للدابة فتكون الآلات عليه وبين ان يتعرض لها بالوصف فحينئذ يتبع العادة فإن اضطربت العادة احتمل الأمران لان التعرض
للدابة يشعر بالاعتماد على الاتيان بها ومتى راعينا اتباع العادة واضطربت فالأقوى اشتراط التقييد في صحة العقد واما مؤنة الدليل والسايق والبدرقة
وحفظ المتاع في المنزل فقال بعض الشافعية انه كالوعاء والأقرب انه على المستأجر مسألة لا بد من رؤية الطعام المحمول للاكل في الطريق كغيره من المحمولات
أو تقديره بالوزن لاختلافه قلة وكثرة وثقلا وخفة فيختلف الأغراض باعتبار اختلافه وقال بعض الشافعية لا حاجة إلى تقديره بل يرد الامر فيه إلى العادة ولا حاجة إلى تقدير ما يؤكل منه كل يوم لصحة العقد
وهو أحد وجهي الشافعية والوجه الثاني انه لا بد من تقديره وإذا قدره وحمله فإن شرط انه يبدله كلما انتقص أو شرط عدم الابدال اتبع الشرط والا فان تلف بعضه
أو كله بسرقة أو سقوط أو اكل غير معتاد وبالجملة بسبب غير الاكل المعتاد فله الابدال كساير المحمولات بلا خلاف وإن فنى بالاكل المعتاد احتمل ذلك أيضا لأنه استحق حمل
مقدار معين فملك مقدار ما نقص منه كما لو انتقص بسرقة أو سقوط وكغيره من المحمولات إذا باعها أو تلفت وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أصح القولين واختاره المزني
ويحتمل عدم الابدال لقضاء العرف بان الزاد ينقص فلا يبدل ولم تجر العادة بان الطعام يبدل لكل قدر يؤخذ فحمل العقد عند الاطلاق على العرف وصار كالمصرح به
وقال الشافعي القياس ان له ابداله ولو قيل ليس له ابداله كان مذهبا لان العادة ان الزاد لا يبقى جميع المسافة ولذلك يقل اجره عن اجرة المتاع وقال بعض الشافعية إذا اطلق حمل
الزاد ولم يشترط الابدال ولا عدمه فإن فنى بعضه أو كله بسرقة أو تلف أو سقوط فله الابدال فان فنى بالاكل فإن فنى الكل فكذلك وحكى الجويني وجها انه لا يبدل فإن
المكترى انما يحمله ليؤكل ثم المكترى يشترى في كل مرحلة قدر الحاجة والمشهور عندهم الأول وإن ففي بعضه فقولان الابدال وهو قول أبي حنيفة كما تقدم والعدم
وموضع القولين ما إذا كان يجد الطعام في المنازل المستقبلة بسعر المنزل الذي هو فيه إما إذا لم يجده أو وجده بسعر ارفع فله الابدال لا محالة وعلى القول بأنه لا حاجة
إلى تقدير الزاد وحمل ما يعتاد لمثله لم يبدله حتى يفني الكل مسألة إذا استأجر الدابة للركوب في الذمة وجب على المؤجر الخروج مع الدابة ليسوقها ويتعهدها
314

وإعانة الراكب في الركوب والنزول فيراعي العادة بان يبرك البعير للمرأة لأنه يصعب عليها الركوب مع قيام البعير ويصعب عليها النزول أيضا حال قيامه ويخاف عليها التكشف
وكذا لو كان الرجل ضعيفا إما بمرض أو شيخوخة أو كان مفرط السمن أو نضب الخلقة فكل؟ لا يبرك لهم البعير حالة الركوب والنزول ويقرب البغل والحمار من نشز؟ ليسهل الركوب
وإن احتاج إلى أن يركبه فعل وإن كان المستأجر قويا يتمكن من الركوب والبعير قائم لم يجب ابراكه له لأنه متمكن من استيفاء المعقود عليه بدون هذه الكلفة ولو كان قويا
حال العقد فضعف في أثنائه أو كان ضعيفا حال العقد فقوي فالاعتبار بحال الركوب لأن العقد اقتضى ركوبه بحسب العادة ويقف الدابة لينزل الراكب لقضاء الحاجة
وطهارته وأداء الفريضة ويجعل البعير واقفا حتى يفعل ذلك لأنه يمكنه فعل شئ من هذا على ظهر البعير وكلما يمكنه فعله على ظهر البعير من الأكل والشرب وصلاة النافلة
وغيرها لم يلزمه ان يبركه له ولا يقف عليه من اجله وإذا وقف في الفريضة لم يجب على المستأجر المبالغة في التخفيف وليس له الابطاء والتطويل وله النزول في أول الوقت
لينال فضله وإن ورد العقد على دابة بعينها وجب على المؤجر التخلية بينها وبين المستأجر ولا يجب عليه ان يعينه في الركوب ولا في الحمل وهو قول أكثر الشافعية وقال بعض
الشافعية يجب على اجر الإعانة على الركوب في اجارة العين كما يجب في اجارة الذمة وفرق بعض الشافعية في اجارة الذمة بين ان يقع العقد على التبليغ فيقول ألزمت ذمتك
تبليغي إلى موضع كذا ويقع ذكر الدابة تبعا فيلزمه الإعانة وبين أن يقع على الدابة فيقول ألزمت ذمتك منفعة دابة صفتها كذا فلا يجب عليه الإعانة وقال بعضهم
الإعانة تجب في الحمل سواء كانت الإجارة في الذمة أو على العين لاطراد العادة بالإعانة على الحط والحمل وإن اضطربت في الركوب واعلم أن رفع المحمل وحطه كالحمل في حطه
وحمله مسألة إذا اختلفا في كيفية الترحيل مع الاطلاق حمل على الوسط لا مكبوبا وهو ان يجعل مقدم الحمل أو الزاملة أوسع من المؤخر وقيل هو ان يضيق المقدم
والمؤخر جميعا ولا مستلقيا وهو عكس المكبوب إما بان يكون مقدم الحمل أو الزاملة أضيق من المؤخر أو يكونا معا واسعين وعلى التفسيرين فالمكبوب أسهل على الدابة
والمستلقي أسهل على الراكب فإذا اختلفا فيهما حمل على الوسط المعتدل وان عينا أحدهما في العقد تعين وكذا ان اختلفا في كيفية الجلوس على الدابة وليس للمؤجر منع
المستأجرين من النوم على الدابة في وقته المعتاد وله منعه في غير ذلك الوقت لان النايم يثقل مسألة قد يعتاد النزول والمشي عند الرواح فإن شرطا ان ينزل الراكب أو
ان لا ينزل اتبع الشرط وان اطلقا لم يجب النزول على المرأة والمريض والأقرب ان الرجل القوي كذلك اعتبارا باللفظ وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان ينزل قضاء
للعادة ما قلناه أولي وكذا حكم النزول على العقبات الصعبة وإذا استأجر الدابة إلى بلد والعادة فيه النزول والمشي عند اقتراب المنزل لا يجب النزول على المرأة والضعيف
لأنه اكترى جميع الطريق ولم تجر عادتهما بالمشي فيلزمه حمله في جميع الطريق كالمتاع وكذا لو كان قويا على الخلاف وإذا استأجر إلى بلد فإذا بلغ عمرانها فللمكرى استرداد
الدابة ولا يجب عليه تبليغ الراكب إلى داره إلا أن يكون هناك عادة بان يكون تحت الراكب ما يحتاج إلى حمله إلى منزله مسألة لو استأجر دابة ليركبها إلى مكة لم يكن له
الحج عليها بل إذا وصل إلى عمران مكة نزل وقال بعض الشافعية ان له الحج عليها لان الاستيجار إلى مكة عبارة عن الاستيجار للحج لأنه لا يستأجر إليها إلا للحج غالبا فكان بمنزلة
المستأجر للحج ولو استأجرها للحج عليها ركبها من مكة إلى منى ثم إلى عرفات ثم إلى المزدلفة ثم إلى منى ثم إلى مكة للطواف لان ذلك من تمام الحج وهل يركبها من مكة عامدا إلى
منى للرمي والطواف فيه احتمال وللشافعية وجهان وقال بعض العامة ليس له الركوب إلى منى لأنه بعد التحلل من الحج والوجه ان له ذلك لأنه من تمام الحج وتوابعه ولذلك
وجب على من وجب عليه دون غيره ودخل في قوله تعالى ولله على الناس حج البيت مسألة إذا استأجر دابة بعينها فتلفت انفسخت الإجارة وإن وجد بها عيبا بان تعثر في
المشي أو كانت لا تبصر ليلا أو يكون بها عرج أو بطؤ سير تتخلف به عن القافلة فللمستأجر الخيار بين الفسخ والصبر وليس له المطالبة بالبدل لتعلق العقد بالعين ومجرد خشونة المشي ليس بعيب وإن كانت الإجارة في الذمة فسلم المؤجر إليه دابة فتلفت لم ينفسخ العقد وإن
وجد بها عيبا لم يكن له الخيار في الفسخ ويجب على المؤجر الابدال كما لو وجد بالمسلم فيه عيبا واعلم أن الدابة المسلمة عن الإجارة في الذمة وإن لم تكن معينة بالعقد ولكنها
متعينة في الاستعمال بتسليم المؤجر إليه فليس للمستأجر المطالبة بعوضها إذا كانت سليمة من العيب ولا ينفسخ العقد بتلفها كما تقدم إلا أنه يثبت للمستأجر فيها حق
واختصاص حتى أنه يجوز له ان يوجرها من غيره مساو له ولو أراد المؤجر ابدالها بدون اذن المستأجر فالأقوى ان له ذلك لان عليه حق الركوب فله التخيير في جهة الأداء
كالدين وللشافعي وجهان أصحهما عند أكثرهم أنه ليس للمؤجر ذلك لتعلق حق المستأجر بها والثاني الفرق بين ان يقرر لفظ الدابة بان يقول اجرتك دابة من صفتها
كذا وكذا فلا يجوز ابدال التي سلمها لولا يعتمد بان يقول ألزمت على بان أركبك على دابة صفتها كذا فيجوز الابدال ويترتب على الوجهين ما إذا أفلس المؤجر بعد تعيين
دابة عن اجارة الذمة هل يتقدم المستأجر بمنفعتها الأصح عندهم وعندنا التقدم ولو أراد المستأجر ان يعتاض عن حقه في اجارة الذمة إن كان قبل ان يتسلم الدابة
لم يجز لأنه اعتياض عن المسلم فيه عندهم وفيه اشكال وإن كان بعد التسليم جاز لان الاعتياض والحال هذه واقع عن حق في عين وفي هذا الكلام دلالة على أن القبض
يفيد تلعق حق المستأجر بالعين فيمتنع الابدال دون رضاه لكن نحن لا نقول به مسألة المنافع التي وقع تعلق عقد الإجارة بها لا بد لها من مستوف هو المستأجر
ومستوفي منه وهو الدابة المعينة في العقد والدار المعينة أو الثوب المعين أو الأجير المعين وشبهها ومستوفي به وهو الثوب المعين للخياطة والصبي المعين للرضاع
والتعليم والأغنام المعينة للرعى وشبهها واما المستوفي فله تبديل نفسه بغيره إذا ساواه في الثقل والضرر أو قصر عنه كما يجوز له ان يوجر ما استأجره من غيره
فإذا استأجر دابة للركوب فله ان يركبها غيره مع المساواة في الطول والقصر والسمن والهزال ومن هو أخف منه وكذلك إذا استأجر الثوب للبس جاز له ان يلبسه من هو
في مثل حاله ويسكن الدار مثله دون القصار والحداد لزيادة الضرر فإذا استأجر دابة لحمل القطن كان له حمل الصوف والوبر من المساواة في الوزن وإذا استأجر لحمل الحديد كان
له حمل الرصاص والنحاس وإذا استأجر للحمل فأراد ان يركب من يساوي الحمل في الوزن أو ينقص منه فإن قال أهل المعرفة ان الضرر لا يتفاوت جاز وان قالوا إن الركوب أضر لم يجز
وكذا لو استأجر للركوب فأراد الحمل وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني المنع في الطرفين وقال أبو حنيفة لا يجوز ابدال الراكب واللابس وجوز في استيجار الدار
للسكنى ان يسكنها غيره وحكى عن المزني انه لا يجوز ابدال الراكب واما المستوفى منه فهو الدار والدابة المعينة والأجير المعين فلا يجوز ابداله كما لا يجوز ابدال
المبيع ولو استأجر ظهر للحمولة معين الجنس فأراد حمله على غير ذلك الجنس فإن كان الطالب لذلك المستأجر لم يقبل منه لأنه لا يملك المطالبة بما لم يعقد عليه
وان طلبه المؤجر فإن كان يفوت عرض المستأجر مثل ان يكون غرضه الاسراع في السير أو ان لا ينقطع عن القافلة فتعين الخيل والبغال أو ان يكون غرضه سكون
الحمولة وثقل السير وعدم السرعة فتعين الإبل لم يجز العدول عنه لأنه يفوت غرض المستأجر فلم يجز له ذلك كما في الركوب وان لم يفوت غرضا جاز كما يجوز لمن
اكترى على حمل شئ حمل مثله وما هو أقل ضررا منه واما المستوفى به فهو كالثوب المعين للخياطة والصبي المعين للارضاع والتعليم والأغنام المعينة للرعي
والأقوى فيه جواز الابدال لأنه ليس بمعقود عليه وإنما هو طريق الاستيفاء فأشبه الراكب والمتاع المعين للحمل وهو أصح قولي الشافعي والثاني انه لا يجوز ابداله
315

كالمستوفى منه وهل ينفسخ العقد بتلف هذه الأشياء في المدة الأقرب ذلك ويحتمل العدم وللشافعية قولان وكذا القولان فيما إذا لم يلتقم الصبي المعين ثديها
فإن قلنا بالفسخ هناك فكذا هنا والا أبدل مسألة يجوز استيجار الثياب للبس والبسط والزلالي للفرش واللحف للالتحاف بها لأنها منافع مباحة مقصودة
للعقلاء معلومة فجاز استيجارها كغيرها وتقدر بالزمان فإذا استأجر ثوبا مدة ليلبسه لم يجز له ان ينام فيه بالليل للعادة وفي وقت القيلولة احتمال أقربه انه
لا يجب نزعه لقضاء العادة بالقيلولة في الثياب بخلاف البيتوتة نعم لو كان لمستأجر القميص الفوقاني نزعه في القيلولة وفي ساير أوقات الخلوة وهو أصح وجهي
الشافعية والثاني انه يلزمه نزع القميص التحتاني وقت القيلولة كالمبيت لان الثوب ينتقص بالنوم واما ثياب التجمل فإنما تلبس في الأوقات التي جرت العادة بالتجمل
فيها كحالة الخروج إلى السوق وشبهه ودخول الناس عليه وهذا كله مع الاطلاق واما إذا اشترط شيئا وجب اتباعه سواء شرط ما يقتضيه الاطلاق أو ما لا يقتضيه
وإذا استأجر القميص للبس لم يجز له الاتزار به لأنه أضر بالقميص من اللبس وأما الارتداء به فان أضر من اللبس لم يجز وإلا جاز وللشافعية قولان أحدهما الجواز لان ضرر
الارتداء دون ضرر اللبس والثاني المنع لأنه جنس اخر وإذا استأجر للارتداء لم يجز الاتزار لان ضرر الاتزار أكثر وبالعكس يجوز ولو استأجر للاتزار جاز التعميم لأنه أقل ضررا ولو استأجر للارتداء جاز التعميم لأنه أدون
ضررا الفصل د في المدة والضمان وفيه بحثان الأول في المدة مسألة الإجارة إذا وقعت على مدة وجب ان يكون معينة مضبوطة محروثة من تطرق
الزيادة والنقصان وان قدرها بأجل مجهول كادراك الغلاة وحصاد الزرع ودخول القوافل وطلوع الثريا وأشباه ذلك لم يجز بل يجب ضبطها بالسنة والشهر
واليوم بلا خلاف بين العلماء في ذلك لان المدة هي الضابط للمعقود عليه المعرفة وله فوجب أن تكون معلومة كعدد المكيلات فيما بيع بالكيل فإذا اطلق السنة والشهر
حمل على السنة العربية الهلالية والشهر العربي لان ذلك هو المعهود في نظر الشرع قال الله تعالى يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فوجب ان يحمل مطلق
العقد عليه فإن شرط هلالية أو عربية كان تأكيدا وان قال عددية أو سنة بالأيام كان له ثلاثمائة وستون يوما لان الشهر العددي ثلاثون يوما وإن استأجر منه
هلالية أول الهلال عد اثني عشر شهرا بالأهلة سواء كان الشهر تاما أو ناقصا لان الشهر الهلالي ما بين الهلالين ينقص تارة ويزيد أخرى وإن كان في أثناء شهر عد ما
بقي من الشهر وعد بعده أحد عشر شهرا بالأهلة ثم كمل الشهر الأول بالعدد ثلاثين يوما من اخر الشهور لأنه تعذر اتمامه بالهلال فتممناه بالعدد فأمكن استيفاء ما عداه
بالهلال فوجب ذلك لأنه الأصل ويحمل استيفاء الجميع بالعدد لأنها مدة يستوفى بعضها بالعدد فوجب استيفاء جميعها به كما لو كانت المدة شهرا واحدا ولان
الشهر الأول ينبغي ان يكمل من الشهر الذي يليه فيحصل ابتداء الشهر الثاني في أثنائه وكذا كل شهر يأتي بعده ولأبي حنيفة والشافعي قولان وعن أحمد روايتان كالاحتمالين
وكذا لو كان العقد على ستة أشهر أو سبعة أشهر وبالجملة على ما دون السنة هذا ما يقتضيه الاطلاق وان شرطا لسنة الرومية أو الشمسية أو الفارسية
أو القبطية وكان يعلمان ذلك جاز وكان له ثلثمائة وخمسة وستون يوما فان الشهور بالرومية منها سبعة أحد وثلاثون وأربعة ثلاثون وشهر واحد ثمانية
وعشرون يوما وشهور القبط كلها ثلاثون وزادوها خمسة أيام لتساوي سننهم السنة الرومية ولو كان أحدهما يجهل ذلك لم يجز لان المدة مجهولة في حقه مسألة
ولا يتقدر مدة الإجارة قلة ولا كثرة فجاز ان يستأجر لحظة واحدة بشرط الضبط ومائة الف سنة وبالجملة تجوز اجارة العين مدة يبقى فيها وإن كثرت بشرط الضبط
وهو قول علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد للأصل ولما رواه علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يتكارى من الرجل البيت أو السفينة سنة أو
أكثر من ذلك أو أقل فقال الكراء لازم له إلى الوقت الذي يتكارى إليه الخيار في أجل الكرى إلى ربها ان شاء اخذ وانشاء ترك واضطرب قول الشافعي في المدة الذي يجوز عقد
الإجارة عليها فقال في موضع من كتاب الإجارات يجوز ثلاثين سنة وقال في موضع اخر منها تجوز إلى سنة وقال في الدعاوي والبيان يجوز ما شاء وقال في المساقاة يجوز المساقاة سنتين
وعنده المساقاة والإجارة سواء واختلف أصحابه في مذهبه على طريقين أحدهما ان في المسألة قولين أحدهما انه لا يجوز أكثر من سنة واحدة لان الإجارة عقد على
ما لم يخلق فكان القياس يقتضي انه لا يجوز كما يجوز العقد على ثمرة لم تخلق وانما جوز للحاجة إليه والحاجة لا تدعو إلى أكثر من سنة لان السنة يكمل فيها الزرع ولا
يحتاج إلى الزيادة عليها ولان السنة مدة تنظم فيها الفصول الأربعة ويتكرر فيها الزرع والثمار والمنافع تتكرر بتكررها والثاني انه يجوز ان يواجر أكثر من سنة واحدة
كما يجوز الجمع في البيع بين أعيان كثيرة ويثبت حينئذ طريقان أحدهما ان في المسألة قولين أحدهما انه لا تجوز الزيادة على ثلاثين سنة لأنها نصف العمر والغالب ظهور
التغير على الشئ بمضي هذه المدة فلا حاجة إلى تجويز الزيادة عليها وأصحهما عندهم انه لا تقدير كما لا تقدير في جميع الأعيان المختلفة في البيع والطريق الثاني القطع بالقول
الثاني وحمل القول بالثلاثين على التمثيل للكثرة لا للتحديد وانما أراد به اجارة سنين كثيرة فإنه قال ولو كانت ثلاثين سنة وعلى هذا فهل من ضابط اختلف أصحابه
فمعظمهم يجب ان يكون المدة بحيث يبقى إليها ذلك الشئ غالبا فله ان يوجر العبد أكثر من ثلاثين سنة والدابة توجر إلى عشرة سنين والثوب إلى سنتين أو سنة على ما يليق
به والأرض إلى مائة واكثر وقال بعضهم يوجر العبد إلى مائة وعشرين سنة من عمره وقال بعضهم يستأجر الأرض الف سنة وقال بعضهم يصح وإن كانت المدة بحيث لا تبقى إليها العين في الغالب اعتمادا على أن الأصل الدوام والاستمرار فان هلك لعارض فهو كانهدام الدار
ونحوه في المدة فحصل من هذا الترتيب أربعة أقوال آ التقدير بسنة ب التقدير بثلاثين سنة ح التقدير بمدة بقاء ذلك الشئ غالبا ومع الضبط د
التقدير من كل وجه وكل هذه تخمينات لا وجه لها مع أن القول بالسنة يبطل لقوله تعالى اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن
عندك وشرع من قبلنا إذا ذكره الله تعالى ولم يتصل به انكار كان شرعا لنا ولأنه يجوز ان يزوجه أمته ويملكه منفعة بضعها إلى الموت كذلك في الإجارة لا يقال في النكاح ولا
يجوز تقدير المدة ففي الإجارة لا يجوز الاطلاق لأنا نقول انما اعتبرنا الإجارة بالنكاح في جواز العقد على المنفعة في الزمان الذي يبقى فيه العين وإن كانا
يختلفان في التقدير لمعنى آخر وهو ان الإجارة تنقسط الأجرة فيها على المنفعة فلا بد بتقدير المدة بخلاف النكاح ولانا أجرينا المنفعة في جواز العقد مجرى الأعيان
ثم في الأعيان يجوز ان يجمع بين الأعيان الكثيرة كذلك في المنفعة وما ذكروه من الحاجة فليس بصحيح لان الثوب لا يحتاج إلى استيجاره للبس سنة وكذا الزرع لا تبقى في
الأرض سنة فيبطل ما اعتبروه وبالجملة فالتقدير بسنة أو سنتين أو ثلاثين أو غير ذلك تحكم كله لا دليل عليه وليس ذلك أولي من التقدير بزيادة عليه أو نقصان
منه مسألة لافرق في انتفاء التقدير بين الوقف وغيره وحكم الوقف في أنه يجوز ان يوجر مهما شاء المؤجر حكم الطلق ما لم يخالف تقدير الواقف فإن كان الواقف قد قدر ان يوجر مدة
معينة لم يجز التخطي وان لم يكن قد قدر مدة معينة كان حكمه حكم الطلق وهو قول الشافعي وقال بعض أصحابه إلا أن الحكام اصطلحوا على منع اجارته أكثر من ثلاث
سنين لئلا يندرس الوقف وهو غير مطرد وحكى عن أبي حنيفة منع اجارة الوقف أكثر من ثلاث سنين في عقد واحد وقال بعض الشافعية ان المذهب منع اجارة
الوقف أكثر من سنة إذا لم تمس الحاجة إليها لعمارة وغيرها مسألة إذا اجر سنة لم يحتج إلى أن يبين في العقد تقسيط الأجرة على شهورها وإن كانت المدة
316

أكثر من سنة فكذلك لا يجب تقسيطها عند علمائنا أجمع وهو أصح قولي الشافعية كما لو باع اعيانا تختلف قيمتها صفقة واحدة لا يجب تقدير حصة كل عين
منها وكما لو اجر سنة لا يجب تقدير حصته كل شهر وكذا الشهر لا يجب تقسيط اجرته على أيامه والثاني انه يحتاج إلى أن يبين حصة كل سنة من الأجرة لان عقد الإجارة
معرضة للفسخ بتلف المعقود عليه فإذا اطلق الأجرة لجميع المدة ثم لحقها الفسخ بتلف العين أو غيره تنازعا في قدر الواجب من الأجرة واحتيج إلى تقسيط الأجرة على المدة
على حسب قيمة المنافع وذلك لما يشق ويتعذر جدا فشرط في عقدها تقسيط الأجرة لكل سنة ليستغني عن ذلك ويبطل بعدم وجوب التقسيط في السنة الواحدة مع
ورود ما ذكروه فيه والنزاع ينقطع بتوزيع الأجرة المسماة على قيمة منافع السنين كالسنة وبني بعض الشافعية القولين هنا على القولين فميا إذا أسلم في شيئين
أو في شئ إلى أجلين ففي قول يجوز اخذا بظاهر السلامة وفي قول لا يجوز لما عساه؟ يقع من الجهالة بالأجرة وحكى بعض الشافعية طريقة قاطعة بأنه لا يجب التقدير تذنيب
لو قسط الأجرة على اجزاء المدة تقسطت سواء كانت شهورا أو سنين أو أياما وسواء تتفاوت الأجزاء في التقسيط أو اتفقت وسواء تساوت الأجزاء في الأجرة أو اختلفت فإذا قالا حصة الشهر الأول من السنة كذا وحصة الشهر الثاني منها كذا وحصة الثالث كذا
فإذا تلفت العين المستأجرة في أثناء المدة كانت اجرة ما مضى بحسب ما ذكر مسألة لا بد من تقييد المدة وتعيين ابتدائها وانتهائها فإذا قال اجرتك سنة أو شهرا
وقصد الاطلاق على معنى سنة من السنين أو شهرا من الشهور لم يكف تعيين القدر بل لا بد من تعيين المبدء ويكفي حينئذ عن تعيين المنتهى وبالعكس بلا خلاف وان لم
يقصد ذلك حمل على ما يتصل بالعقد وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أظهر القولين واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى في قصة شعيب (ع) على أن تأجرني ثماني حجج
ولم يذكر ابتدائها ولأنه المفهوم المتعارف ولأنه تقدير للمدة ليس فيها قربة فوجب ان يكون عقيب السبب الموجب كمدة السلم والا فلا والقول الثاني للشافعي انه لا بد من
تعيين المبدأ ولا يكفي الاطلاق بل يجب أن يقول من الان أو من هذا الوقت ولا يجوز الاطلاق ولا شرط التأخير عنده لأن العقد هنا وقع على المدة دون الذمة فصار حكم
الشهور فيها حكم الأعيان وإذا اطلق العين في الأعيان لم يجز كذا هنا وكالنذر فإنه لو نذر صوم شهر لم يتعين عقيب العقد ونمنع مساواة الأعيان لتساويها بالنسبة
إلى العرف وهنا العرف فيه ثابت وهو انصراف الاطلاق إلى الاتصال بالعقد وفارق النذر لأنه قربة فإذا تذنيب لو قال اجرتك شهرا من السنة لم يصح قولا واحدا
للابهام واختلاف الأغراض ولا يفهم من هذا الاتصال بالعقد وكذا يبطل لو قال اجرتك يوما من شهر مسألة لو قال اجرتك هذه الدار كل شهر بدرهم
وأطلق أو قال من الان بطل لأنه لم يبين لها مدة وهو أحد قولي الشافعي فإن لفظ كل اسم للعدد فإذا لم يقدره كان مبهما وإذا كانت مدة الإجارة مجهولة بطل
العقد كما لو قال اجرتك إلى قدوم الحاج وقال الشافعي في الاملاء يصح في الشهر الأول خاصة ويبطل فيما بعده وبه قال أبو حنيفة وأصحابه إلا أن أبا حنيفة وأصحابه قالوا لكل واحد منهما عند انقضاء
الشهر ان يفسخ فإن لم يفعلا حتى مضى يوم من الشهر الثاني فليس لواحد منهما ان يفسخ لان الشهر الأول معلوم واجرته معلومة فوجب ان تصح الإجارة فيه كما لو أفرده
وانما قال أبو حنيفة إذا لم يفسخا حتى مضى من الشهر يوم لزمه لأنه قد اتصل بالعقد الفاسد القبض وقد بينا ان لفظ كل مبهم وليس شئ مما تناوله معلوم وما قالوه في
الشهر الأول مثله في الثاني مع أنهم منعوا من تناوله للثاني فلم يصح ما قالوه واما لزوم العقد في الشهر الثاني بالشروع فيه فلا وجه له لان عند أبي حنيفة لا يلزم العقد
الفاسد في الأعيان بالقبض ولا يضمن أيضا بالمسمى ولم يحصل أيضا القبض وقال مالك الإجارة جايزة صحيحة
وكلما مضى شهر استحق إلا انها لا تكون لازمة لان المنافع
مقدرة بتقدير الأجرة فلا يحتاج إلى ذكر المدة إلا في اللزوم وهو غلط لان الأجرة مقدرة في كل شهر وجملة الأشهر مجهولة والإجارة عقد لازم ولا يجوز ان يقع غير لازم؟؟ كما لو
قال اجرتك كل شهر من هذه السنة بدرهم لم يصح للجهالة في التقدير إذا لم يعين مقدار الشهور هو قول أكثر الشافعية لأنه لم يضف الإجارة إلى جميع السنة وقال
ابن شريح انه يصح في شهر واحد دون ما زاد قال فلو قال بعتك كل صاع من هذه الصبرة بدرهم انه لم يضف البيع إلى جميع الصبرة بخلاف ما إذا قال بعتك هذه
الصبرة كل صاع بدرهم وكان ينبغي ان يفرق بين أن يقول بعتك من هذه الصبرة كل صاع بدرهم فيحكم بالبطلان هنا أو يصحح في صاع واحد كما نقلناه عن ابن شريح وكذلك
ينبغي ان يفرق في الإجارة وقد حكم بالتساوي بعض الشافعية وبين قوله بعتك كل صاع من هذه الصبرة بدرهم وبين أن يقول بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم
وصحح البيع في جميع الصبرة باللفظين ولو قال اجرتك شهرا بدرهم وما زاد فبحسابه لم يصح أيضا لعدم التعيين ان حمل على شهر غير معين وان حمل على الاتصال باللفظ
صح العقد في الشهر الواحد وبطل في الزايد ولو قال اجرتك شهرا من شهور هذه السنة ولم يكن قد بقى من السنة إلا شهرا واحدا صح وان بقى أكثر من شهر واحد لم يصح
للجهالة مسألة لو جعل المنتهى ما يقع على اثنين فالأقرب حمل الاطلاق على الأقرب منهما فإذا قال اجرتك إلى ربيع حمل على ربيع الأول وكذا إلى جمادي حمل على
جمادي الأول ولو قال إلى العيد حمل على الأقرب منهما إلى العقد ويحتمل وجوب التعيين لأنه مشترك بين الجميع وصالح لهما فلا بد من التعيين فإذا قال إلى العيد افتقر
إلى أن يعين الفطر أو الأضحى من هذه السنة أو سنة كذا وكذا لو علق الحكم بشهر يقع اسمه على شهرين كجمادي وربيع يجب ان يذكر الأول أو الثاني من سنة كذا وبه قال
بعض العامة ولو قال إلى الجمعة أو السبت أو غيرهما من الأيام فإن حملنا على الأقرب في الأشهر فكذا هنا يحمل على الجمعة الأدنى والا وجب التعيين فإن أهمل بطل ولو قال إلى رجب وشعبان أو غيرهما من الأشهر المفردة فان حمل على الأقرب فكذا هنا وإلا
وجب ان يعين من سنة كذا ولو علقه بعيد من أعياد الكفار كفصح النصارى وعيد السعانين فإن علماه صح وإلا فلا وإذا استأجر إلى ربيع الأول حل الاجل بأول جزء منه
ولو استأجر ربيع الأول حل باخره وكذا غيره من الشهور مسألة لو استأجره إلى العشاء فاخر المدة إلى غروب الشمس وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى ومن بعد صلاة
العشاء يعني العتمة وقال صلى الله عليه وآله لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل وإنما تعلق الحكم بغروب الشمس لأن هذه الصلاة تسمى العشاء الأخر فدل على أن الأولى
المغرب وهو في العرف كذلك فوجب ان يتعلق الحكم به لان المدة إذا جعلت لوقت إلى وقت تعلقت بأوله كما لو جعلها إلى الليل وقال أبو حنيفة وأبو ثور اخرها زوال الشمس لان العشاء
اخر النهار واخره النصف الأخير من الزوال وفي خبر ذي اليدين عن أبي هريرة قال صلى بنا النبي صلى الله عليه وآله إحدى صلاتي العشى يعني الظهر والعصر ونمنع ان اخر النهار النصف
الأخير من الزوال وخبر ذي اليدين كذب لامتناع السهو على النبي صلى الله عليه وآله ولان لفظ العشي غير لفظ العشاء فلا يجوز الاحتجاج بأحدهما على الأخر حتى يقوم دليل على
اتفاقها في المعنى ولو اتفقا فيه لكن أهل العرف لا يعرفونه فلا يتعلق به حكم وكذا لو استأجر إلى العشي لان أهل العرف لا يعرفون غير ما ذكرناه وإن استأجرها إلى
الليل فهو إلى أوله وكذا ان اكتراها إلى النهار فهو إلى أوله وقال بعض العامة يدخل الليل في الصورة الأولى والنهار في الثانية كما في مدة الخيار والحكم في الأصل
ممنوع وإن استأجر نهارا فهو إلى غروب الشمس وإن استأجر ليلة فهو إلى طلوع الفجر اجماعا لان الله تعالى قال في ليلة القدر سلام هي حتى مطلع الفجر ولو استأجر يوما دخل
الليل والنهار الثاني قد بينا انه يجب ضبط المدة بما لا يحتمل الزيادة والنقصان فلو استأجر دابة لمدة غزائه لم يصح وهو قول الأوزاعي والشافعي واحمد لجهالة
المدة والعمل فلم يصح كما لو استأجر لمدة سفره ولان مدة الغزاة قد تطول وقد تقصر والفعل قد يقل ويكثر ونهاية السفر تبعد وتقرب فلم يجز فان فعل فله
أجرة المثل ورخص فيها مالك ليس بجيد البحث ب في الضمان والنظر في أمرين آ فيما إذا كان العين التي تعلقت الإجارة بها في يد المستأجر مسألة إذا
317

استأجر عقارا أو متاعا أو حيوانا أو انسانا أو غيره للانتفاع به ثم قبض العين التي تعلقت الإجارة بها كانت اعانة في يده غير مضمونة على إلا مع التعدي
أو التفريط ولا نعلم فيه خلافا لأنه قبض العين لاستيفاء منفعة يستحقها منها فكانت أمانة كما لو قبض الموصى له بخدمة سنة أو قبض الزوج امرأته الأمة
ولأنه مستحق للمنفعة ولا يمكن استيفاؤها إلا باثبات اليد على العين فكانت أمانة عنده كالنخلة التي يشتري ثمرتها بخلاف ما لو اشترى سمنا وقبضه في انية حيث
تكون الآنية مضمونة في يده عند الشافعي في أصح الوجهين لأنه اخذها لمنفعة نفسه ولا ضرورة في قبض السمن فيها والأصح انها ليست مضمونة أيضا والعارية عند
جماعة من العامة مضمونة مطلقا لأنه لا يستحق منفعتها واما إذا تلفت العين المستأجرة في يد المستأجر بعد مضي المدة فكذلك أيضا لأنها أمانة بعد المدة إذ لا يجب على المستأجر رد العين إلى مالكها
بل الواجب عليه التخلية بينه وبينها والتمكين له منها إذا طلب لأنها أمانة فلا يجب ردها قبل الطلب كالوديعة وهذا أصح وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة والأصل
فيه ان الإجارة عقد لا يقتضي الضمان فلا يقتضي رده ومؤنته كالوديعة والظاهر من كلام الشافعي وبه قال مالك انه يجب على المستأجر الرد ومؤنته وإن لم يطلب
المالك لأنه غير مأذون في الامساك بعد المدة ولأنه اخذ لمنفعة نفسه فأشبه المستعير ونحن نخالف في حكم الأصل وقال بعض الشافعية لو شرط المؤجر عليه الرد لزمه
ذلك قطعا ومنعه بعضهم وقال من لا يوجب الرد عليه ينبغي ان لا يجوز شرطه إذا عرفت هذا فإن قلنا لا يلزم الرد فلا ضمان عليه وإن قلنا يلزم ضمن ما تلف في
يده إلا أن يكون الامساك لعذر فلا ضمان وعلى كل حال متى طلبها صاحبها وجب عليه تسليمها إليه فإن امتنع من ردها مع القدرة لغير عذر صارت مضمونة
كالمغصوب بلا خلاف الثاني لو شرط المؤجر على المستأجر ضمان العين لم يصح الشرط لأنه مناف لمقتضى العقد وإن وقع ذلك شرطا في الإجارة فالأقوى عندي بطلان
الإجارة أيضا وبين العامة خلاف في فساد العقود بفساد الشروط التي تضمنها وإنما قلنا إنه لا يصح الشرط لان ما لا يجب ضمانه لا يصير بالشرط مضمونا كما أن ما يجب ضمانه لا ينتفي
ضمانه بشرط إما لو شرط عليه ان لا يسير بها ليلا أو وقت القائلة أو لا يتأخر بها عن القافلة أو لا يجعل مسيره في اخر القافلة أو لا يسلك بها واديا أو طريقا معينا أو لا يركبه غيره أو لا يسكن الدار سواه أو لا يلبس الثوب غيره أو لا يوجر العين
أو لا يحملها أزيد من المشروط أو لا يحملها إلا ما وقع العقد عليه مما يساويه أو يقصر ضرره أو يزيد أو لا يتعدى المكان المعين إلى غير ذلك من الشروط فخالف ضمن اجماعا
لأنه متعد فيضمن ما تلف في يده كما لو شرط ان لا يحمل عليها شيئا فحملها لان الحسن الصيقل سأل الصادق (ع) عن رجل اكترى دابة إلى مكان معلوم فجاوزه قال
يحتسب له الاجر بقدر ما جاوز وإن عطب الحمار فهو ضامن وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) في رجل استأجر دابة فأعطاه غيره فنفقت فما عليه
قال إن كان اشترط ان لا يركبها غيره فهو ضامن لها وإن لم يسم فليس عليه شئ مسألة إذا كانت الإجارة فاسدة لم يضمن المستأجر العين أيضا إذا تلفت بغير تفريط
ولا عدوان لأنه عقد لا يقتضى صحيحه الضمان فلا يقتضيه فاسده كالوكالة والمضاربة وحكم كل عقد فاسد حكم صحيحه في وجوب الضمان وعدمه فما وجب الضمان في صحيحه وجب في فاسده وما لم
يجب في صحيحه لم يجب في فاسده ولان الأصل براءة الذمة من الضمان لأنه قبض العين بإذن مالكها فلم يجب عليه ضمانها مسألة المنافع المتعلقة بالعين بعد انقضاء
مدة الإجارة إذا استوفاها المستأجر ضمنها وضمن العين أيضا وان لم يستوفها بل تلفت في يده فإن قلنا يلزمه الرد ضمنها والا فلا وللشافعي وجهان ولو غصب
الدابة المستأجرة مع دواب ساير الناس المرافقين له فذهب بعضهم في الطلب ولم يذهب المستأجر مع قدرته ان قلنا لا يلزمه الرد فلا ضمان عليه وإن قلنا يلزم فإن أسترد
من ذهب من غير مشقة ولا غرامة فالوجه انه لا ضمان عليه أيضا وقالت الشافعية يضمن المستأجر المتخلف وإن لحقهم مشقة أو غرامة فلا ضمان عليه وليس بشئ ولو استأجر
قدرا مدة ليطبخ فيها ثم حملها بعد المدة ليردها فسقطت الدابة فانكسرت القدر فإن لم يفرط فلا ضمان وإن فرط ضمن وقال بعض الشافعية إن كان لا يستقل بحمله فلا
ضمان وإن كان يستقل فعليه الضمان إما إذا ألزمناه مؤنة الرد فظاهر واما إذا لم نلزمه فلا؟ ان العادة ان القدر لا ترد بالدابة مع استقلال المستأجر أو استقلال
حمال بها مسألة لو استأجر دابة للحمل أو الركوب أو الاستعمال في الحرث وغيره فربطها المستأجر ولم ينتفع بها في المدة استقرت الأجرة عليه ولا ضمان عليه لو ماتت
الدابة في الاصطبل ولو انهدم عليها فهلكت فإن فرط ضمن وإلا فلا وقالت الشافعية إن كان المعهود في مثل ذلك الوقت أن تكون الدابة تحت السقف كجنح؟ الليل في الشتاء
فلا ضمان عليه وإن كان المعهود في ذلك الوقت لو خرج بها أن تكون في الطريق وجب الضمان لان التلف والحال هذه جاء من ربطها مسألة للمستأجر ضرب الدابة بقدر
العادة وقت الحاجة وتكبيحها باللجام للاستصلاح وحثها على السير ضرب؟ لتلحق القافلة لان النبي صلى الله عليه وآله نخس بعير حاير وضربه وكذا يجوز للرابض ضرب الدابة
للتأدب وترتيب المشي والعدو والسير وللمعلم ضرب الصبيان للتأديب وكل هؤلاء إذا ضربوا ضمنوا ما وقع بجناية ضربهم سواء فعلوا المأذون أو تجاوزوا فيه لان الاذن
منوط بالسلامة وبه قال أبو حنيفة والثوري كغير المستأجر وبه قال الشافعي أيضا في المعلم يضرب الصبي خاصة لأنه يمكنه تأديبه بغير الضرب وقال مالك والشافعي واحمد
وإسحاق وأبو يوسف وأبو ثور ومحمد لا ضمان إذا لم يتجاوز أحدهم المأذون لأنه تلف من فعل مستحق فلم يضمن كما لو تلف تحت الحمل ولان الضرب معنى تضمنه عقد الإجارة
فإذا تلف منه لم يضمنه كالركوب والفرق ظاهر ولا خلاف في أنه لو أسرف في التأديب وشبهه أو زاد على ما يحصل به الغرض أو ضرب من لا عقل له من الصبيان فعليه الضمان تذنيب
يجب على المستأجر سقي الدابة وعلفها وقت الحاجة مجرى العادة فان فرط في ذلك ضمن ويرجع على المالك إلا أن يشترط على المستأجر فلا يرجع النظر ب فيما إذا كانت
العين في يد الأجير مسألة الأجير إما مشترك أو منفرد مختص فالمشترك هو الذي تتقبل العمل في ذمته كالخياط يتقبل خياطة الثوب والحايك يتقبل نساجة الغزل والصابغ
يتقبل صباغة الحلي وأشباه ذلك فإذا التزم لواحد امكنه أن يلتزم لغيره مثل ذلك العمل أو غيره فكأنه مشترك بين الناس والمنفرد المختص هو الذي اجر نفسه مدة مقدرة لعمل
فلا يمكنه ان يتقبل مثل ذلك العمل ولا غيره لغيره في تلك المدة وقيل المشترك هو الذي شاركه في الرأي فقال اعمل في اي موضع شئت والمنفرد هو الذي عين عليه العمل
أو موضعه إذا عرفت هذا فالمال في يد الأجير كالثوب إذا استؤجر لخياطته أو صبغه أو قصارته والعبد إذا استؤجر لتعليمه أو ارضاعه والدابة إذا استؤجر لرياضتها إذا تلف
في يد الأجير فلا يخلو إما ان يكون الأجير منفردا باليد بان يسلم المالك الثوب إلى الخياط ليخيطه في ملك الخياط وصاحبه ليس معه أو لا فإن كان منفردا باليد فاما ان
يكون مشتركا أو مختصا فإن كان مشتركا فان تلفت العين في يده لا بسببه من غير تفريط ولا تعد لم يضمن وبه قال عطاء وطاوس وزفر واحمد وإسحاق لأنها عين مقبوضة
بالإجارة فلم تكن مضمونة كالعين المستأجرة ولان خالد بن الحجاج سأل الصادق عليه السلام عن الملاح أحمله الطعام ثم اقبضه منه فينقص فقال إن كان مأمونا فلا تضمنه
وعن أبي بصير قال سألته عن قصار دفعت إليه ثوبا فزعم أنه سرق من بين متاعه فقال فعليه ان يقيم البينة انه سرق من بين متاعه وليس عليه شئ وان سرق عليه متاعه فليس
عليه شئ وعن الحلبي عن الصادق (ع) قال في الصابغ والقصار ما يسرق منهم من شئ فلم يخرج منه على أمر بين انه قد سرق وكل قليل أو كثير فهو ضامن وان فعل فليس
عليه شئ وان لم يفعل ولم يقم البينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى عليه فقد ضمنه إلا أن يكون له على قوله البينة وعن رجل استأجر أجيرا فاقعده على متاعه فسرق
قال هو مؤتمن وللشافعية في الأجير المشترك طريقان أصحهما عندهم ان فيه قولين أحدهما يضمن وبه قال مالك وان أبي ليلى واحمد في رواية لقوله (ع) على اليد ما أخذت
318

حتى ترد ولان الشافعي رواه باسناده عن علي (ع) انه كان يضمن الاجراء ويقول لا يصلح الناس إلا هذا فضمنه علي (ع) صيانة لأموال الناس عن خيانة المحترفة وقد روي
من طريق الخاصة عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين الأجير المشارك هو ضامن الا من سبع أو غرق أو حرق أو لص مكابر وعن السكوني عن الصادق (ع)
قال كان أمير المؤمنين (ع) يضمن الصباغ والقصار والصابغ احتياطا على أمتعة الناس وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشئ الغالب ولأنه قبض العين لمنفعة نفسه من
غير استحقاق فضمنها كالعارية وأصحهما عندهم انه لا يضمن كما لا يضمن المستأجر وليس اخذه إياه لمحض غرضه بل هو لغرضه وغرض المالك فأشبه عامل القراض
الطريق الثاني القطع بعدم الضمان قال الربيع ان مذهب الشافعي عدم الضمان وان الاجراء لا يضمنون إلا أنه كان لا يبوح به خوفا من الاجراء السوء وقد روي
الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق (ع) قال سألته عن الصباغ والقصار فقال ليس يضمنان قال الشيخ (ره) الوجه في هذا الخبر انهما لا يضمنان إذا كانا مأمونين فاما إذا
اتهما ضمنا وقال أبو يوسف ومحمد ان تلف بأمر ظاهر كالحريق والنهب فلا ضمان وان تلف بغير ذلك ضمن وعليه دلت رواية أمير المؤمنين (ع) وقال أبو حنيفة ان تلف بفعله
ضمن وإن كان الفعل المأذون فيه وإن تلف بغير ذلك لم يضمن لان العمل مضمون على الأجير ولهذا لو تلف العين قبل ان يسلمها سقطت اجرته وما تولد من المضمون
يكون مضمونا كالجراحة واعترضه الشافعية بان التلف حصل من الفعل المأذون فيه فلم يضمنه كالأجير المنفرد
ونقضوا ما ذكره بما إذا سلم الدابة إليه
ليرعيها فماتت من ذلك فإنه سلم ذلك وكذلك الأجير المنفرد فعليه مضمون عليه بخلاف ما ذكرناه لأنه متعد بالجراحة بخلاف العمل قال المزني لا ضمان على
المشترك بثلاثة أوجه آ انه قطع بان الاضمان على الحجام يأمره الرجل ان يحجمه أو يختن غلامه أو يمتطى دابته وقال ما علمت أن أحدا ضمن الراعي المنفرد بالأجرة ولا فرق عندي بينه في
القياس وبين المشترك حينئذ؟ قال قد قال الشافعي لو اكترى رجلا ليحفظ متاعه في دكانه فلا ضمان وأجاب باقي الشافعية بان الحجامة إذا كانت لحر لم يضمن لان الحر لا يثبت عليه
يد ولا يضمن ما تولد من الخيانة لأنه اذن له فيها وإن كان ذلك بعيد حجمه أو ختنه فإن كان في ملك صاحبه أو بحضرته فلا ضمان وإن انفرد فعلى القولين واما الراعي
فإن اذن له ان يرعى في ملكه أو موضع عينه له من موات أو مستعار فلا ضمان لان ذلك بمنزلة كونها في يده وإن قال ارعها حيث شئت فتلف منها شئ فعلى القولين
واما حافظ متاعه في دكانه فلا ضمان عليه لأنه في ملك صاحب المتاع وسيأتي ما عندنا في ذلك مسألة الأجير المنفرد كالمشترك في أنه لا يضمن ما تلف في يده بغير سببه
من غير تفريط ولا تعديل بل هو أولي بنفي الضمان وبه قال الشافعي في أظهر قوليه وهو أيضا مذهب مالك واحمد وأصحاب الرأي لأنه عمل غير مضمون فلم يضمن ما تلف
كالقصاص وقطع يد السارق ولان الأجير الخاص منافعه مختصة بالمستأجر في المدة فكانت يده كالوكيل مع الموكل لان الخاص نايب عن المالك في صرف منافعه إلى
ما امره به فلم يضمن من غير تعد كالمضارب وكل من قال بنفي الضمان في المشترك ففي المنفرد أولي واما من أوجب الضمان هناك فأكثرهم طرد الخلاف هنا عملا باسناده
عن علي (ع) انه كان يضمن الاجراء وهو يندرج فيهم وقطع بعضهم بنفي الضمان وقال بعض الشافعية ان الطريقين إذا فسرنا المنفرد بالمعنى الأول وهو الذي يقع العقد
عليه في مدة معلومة يستحق المستأجر نفعه في جميعها لرجل استؤجر للخدمة أو العمل في البناء أو الخياطة أو الرعاية يوما أو شهرا وإنما سمي خاصا لاختصاص المستأجر
بنفعه في تلك المدة دون ساير الناس واما ان فسرنا بالمعنى الثاني وهو الذي عين عليه العمل وموضعه ولم يشاركه في رأيه فليس إلا القطع بنفي الضمان فقد
حصل للشافعية في ضمان الاجر ثلاثة طرق أحدها اثبات قولين فيه والثاني القطع بأنه لا يضمن والثالث القطع بان المنفرد لا يضمن ولا؟ تخصيص القولين بالمشترك
مسألة إذا لم يكن الأجير منفردا باليد كما إذا قعد المستأجر عنده حتى يعمل أو حمله إلى بيته ليعمل فلا ضمان عليه لان المال غير مسلم إليه في الحقيقة وإنما
استعان المالك به في شغله كما يستعين بالوكيل والتلميذ وقطع بذلك جمهور الشافعية وطرد بعضهم القولين فيه أيضا واثبتوا الخلاف فيه كما يقدم مسألة
إذا أفسد الصايغ ضمن وإن كان حاذقا كالقصار يتخرق الثوب من دقة (أو؟؟) أو عصره أو بسطه أو يحرق الثوب والحايك لذا أفسد حياكته والطباخ إذا أفسد في طبخه
والخباز إذا أفسد في خبزه والحجام يجنى؟ في حجامته والختان يختن فيسبق موساه إلى الحشفة أو يتجاوز حد الختان وكذا البيطار إذا خاف على الحافر والطبيب
الماهر إذا قتل المريض بطبه أو بوصف دواء عالجه به فتلف والفصاد إذا تعدى العرق المطلوب أو خرقه أو اجرى دما كثيرا أو لم يكن المقصود محتاجا إلى الفصد
والحمال إذا سقط حمله عن رأسه أو صدمه غيره فجنى عليه أو تلف الحمل من عثرته والجمال إذا تلف شئ يقوده وسوقه أو انقطاع حبله الذي شد به حمله والملاح إذا
تلف شئ بحذفه أو بما يعالج به السفينة وإن احتاط كل من هؤلاء فإنه يضمن وبه قال علي (ع) وعمر و عبد الله بن عمر وشريح والحسن والحكم ومالك واحمد وأصحاب
الرأي لما رواه العامة عن الصادق عن أبيه الباقر عن علي عليهم السلام انه كان يضمن الصباغ والصواغ وقال لا يصلح الناس إلا بذلك وروي الشافعي في سنده عن
أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يضمن الاجراء ويقول لا يصلح الناس إلا هذا ومن طريق الخاصة ما رواه يونس عن الرضا عليه السلام انه سأله عن الفصاد والصايغ
يضمنون قال لا يصلح الناس إلا بعد ان يضمنوا وكان يونس يعمل به ويأخذه وعن السكوني عن الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (ع) رفع إليه رجل استأجر رجلا ليصلح بابا
فضرب المسمار فانصدع الباب فضمنه أمير المؤمنين عليه السلام وسأل أبو الصباح الصادق (ع) عن الثوب ادفعه إلى القصار فيخرقه قال أغرمه فإنك دفعته
ليصلحه ولم تدفع إليه ليفسده وسأل أيضا أبو الصباح الصادق (ع) عن القصار هل عليه ضمان فقال نعم كل من يعطي الاجر ليصلح فيفسد فهو ضامن وعن زيد بن؟
داود بن سرحان عن الصادق (ع) في رجل حمل متاعا على رأسه فأصاب انسانا فمات وانكسر منه شئ فهو ضامن وعن زيد بن علي عن ابائه عن علي (ع) انه أوتي
بحمال كانت عليه قارورة عظيمة كان فيها دهن فكسرها فضمنها إياه وكان يقول كل عامل مشترك إذا أفسد فهو ضامن فسألته ما المشترك فقال الذي يعمل لي لك وكذا
وروي ان عليا (ع) ضمن ختانا قطع حشفة غلام وكان (ع) يقول من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من صاحبه والا فهو ضامن وعن السكوني عن الصادق عن
الباقر عليهما السلام قال إذا استبرك البعير بحمله فقد ضمن صاحبه وعن الحسن بن صالح عن الصادق (ع) قال إذا استقل البعير والدابة بحملهما فصاحبهما ضامن وللشافعي
قول اخر انه لا يضمن إلا مع التعدي والاعتماد على النقل مسألة كل موضع أوجبنا الضمان فيه على الأجير فالواجب اقصى القيم من حين التعدي إلى حين التلف
وللشافعية وجهان أحدهما انه أعلى القيم من القبض إلى حين التلف والثاني القيمة يوم التلف واعلم من المزني احتج على نفي الضمان بأنه لا ضمان على الحجام إذا حجم
أو ختن ولا على البيطار إذا نزع فافضى إلى التلف وبان الراعي المنفرد لا ضمان عليه وبان من من اكتراه ليحفظ متاعه في دكانه لا ضمان عليه قال بعض الشافعية المحجوم
إما حر فلا يثبت اليد عليه أو عبد فينظر في انفراده باليد وعدم الانفراد في كونه منفردا أو مشتركا والحكم في الأحوال كما سبق في غيره فلا احتجاج وكذا القول في
الراعي واما الحافظ فالمال فيه في يد المالك لكون الأجير في دكانه واعلم أن عدم الضمان انما هو في صورة لا يوجد من الأجير تعد فيها فان وجد وجب الضمان قطعا
319

مثل ان يسرف الأجير على الخبز في الايقاد أو يلصق الخبز قبل وقته أو يتركه في التنور طويلا فوق العادة حيت يحترق أو يصرب الأجير على التأديب والتعليم الصبي فيموت لامكان
تأديب الصبى بغير الضرب ولو دفع إلى القصار ثوبا وشرط عليه ان يعطيه إياه في وقت فاخر ضمن الثوب إذا ضاع وكذا الخياط والنساج وغيرهم لانهم فرطوا بتأخيرهم عن الوقت المشترط
ولما رواه الكاهلي في الحسن عن الصادق (ع) انه سأله عن القصار يسلم إليه ثوب ويشترط عليه ان يعطى في وقت قال إذا خالف وضاع الثوب بعد الوقت فهو ضامن مسألة لا فرق بين
ان يكون عمل المشترك في ملك نفسه أو ملك المستأجر في الضمان وعدمه فلو دفع إلى خباز دقيقا فخبزه في تنوره وملكه فاحترق ضمن وكذا إذا دفع إلى القصار الثوب أو إلى الخياط
فقصره أو خاطه في ملكه فشى وجنى عليه فإنه يضمن وكذا لو كان في ملك المستأجر فلو دعا خبازا فخبز له في داره أو قصارا أو خياطا ليخيط ويقصر عنده كانوا ضامنين فيما يحصل
بفعلهم وفرق الشافعي وجماعة من العامة بينهما فقال يضمن الصابغ ان عمل في ملكه ولا يضمن ان عمل في ملك المستأجر ولو كان صاحب المتاع مع الملاح في السفينة صار
كالأجير الخاص لا يضمن الملاح وكذا لو كان صاحب المتاع المحمول على الدابة راكبا على الدابة فوق حمله فعطب المتاع فلا ضمان على المكاري لان يد صاحب المتاع لم تزل ولو كان
صاحب المتاع والجمال معا راكبين على الحمل فتلف الجمل لم يضمنه الجمال لان صاحب المتاع لم يسلمه إليه ونحوه مذهب مالك قال أصحاب الشافعي وكذا لو كان العمل في دكان الأجير
والمستأجر حاضرا واكتراه ليعمل له شيئا وهو معه لم يضمن لان يده عليه فلم يضمن من غير جناية وقال بعض العامة لا فرق بين كونه في ملك نفسه أو ملك مستأجره أو كان صاحب
العمل حاضرا عنده أو غايبا عنه أو كونه مع الملاح أو الجمال أو لا وكل ما يتلف بجناية الملاح بجذفه أو بجناية المكاري بشدة المتاع ونحوه فهو مضمون عليه سواء كان صاحب
المتاع معه أو لم يكن لان وجوب الضمان عليه بجناية يده فلا فرق بين حضور المالك وغيبته كالعدوان وإن جناية الملاح والجمال إذا كان صاحب المتاع راكبا معه يعم المتاع
وصاحبه وتفريطه يعمهما فلم يسقط ذلك الضمان كما لو رمي انسانا متترسا فكسر ترسه وقتله وهو المعتمد عندي ولو كان الحمال يحمل المتاع على رأسه وصاحب المتاع معه فعثر فسقط
فتلف ضمن وإن سرق لم يضمن لأنه في العثار يتلف بجنايته والسرقة ليست منه ورب المال لم يحل بينه وبينه مسألة إذا انكسرت السفينة بغير تعد من الملاح لا
من جذفه ولا من فعله البتة لم يكن على الملاح ضمان لعدم تفريطه واستناد التلف إلى غير فعله وفي رواية السكوني عن الصادق (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) يضمن الصباغ
والقصار والصايغ احتياطا على أمتعة الناس وكان لا يضمن من الغرق والحرق والشئ الغالب وإذا غرقت السفينة وما فيها فأصابه الناس مما قذف به البحر على ساحله فهو
لأهله وهم أحق به وما غاص عليه الناس وتركه صاحبه فهو لهم وهذا القيد بقوله (ع) وتركه صاحبه لا بد منه لأنه بالترك له صار كالمبيح له فأشبه الجمل إذا تركه صاحبه من جهد
في غير كلاء ولا ماء وعن الشعيري عن الصادق (ع) نحوه مسألة لو استأجر جملا فحمل عليه عبيدا صغارا أو كبارا فتلف بعضهم من سوق المؤجر أو قوده ضمن لان
التلف هنا حصل بجنايته وقال بعض العامة لا يضمن المكاري فيما تلف من سوقه وقوده إذ لا يضمن بني آدم من جهة الإجارة لأنه عقد على منفعة وهو خطأ لأن الضمان
هنا حصل من جهة الجناية فوجب ان يعم بني ادم وغيرهم كسائر الجنايات وما ذكره ينتقض بجناية الطبيب والختان مسألة إذا قلنا بالفرق بين الأجير الخاص
والمشترك في الضمان وعدمه وأوجبنا الضمان على المشترك دون الخاص لو استأجر الأجير المشترك أجيرا خاصا كالخياط في دكانه يستأجر أجيرا مدة يستعمله فيها فيقبل
صاحب الدكان خياطة ثوب ودفعه إلى أجيره المختص فخرقه أو أفسده لم يضمنه الأجير الخاص بناء على القول بالفرق وضمنه الخياط المشترك صاحب الدكان لأنه أجير مشترك
مسألة إذا اختلف الأجير والمستأجر في أمر الأجير هل تعدى وجاوز المعتاد بعمله أم لا فإن كان مما يعرفه أهل الخبر رجع إلى عدلين منهم وعمل بقولهما فإن لم
يجد من يراجعه أو لم يمكن معرفته بين أهل الخبرة فالقول قول الأجير لأصالة براءة ذمته من الضمان وإذا تلف المال في يد الأجير بعد تعديه فالواجب اقصى القيم من وقت التعدي
إلى التلف ان لم نوجب الضمان على الأجير لأنه انما ضمن من حين العدوان فما زاد من القيم قبله لم يكن مضمونا وإن قلنا بوجوب الضمان عليه وإن لم يتعد وجب عليه
اقصى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف هذا ان قلنا إن الأجير يضمن بأقصى القيمة من يوم القبض إلى التلف مع عدم التعدي فالواجب هنا اقصى القيم من يوم التعدي
إلى التلف مسألة إذا تلف الصابغ الثوب فصاحبه مخير بين تضمينه إياه غير معمول ولا اجر عليه وبين تضمينه إياه معمولا ويدفع إليه اجره ولو وجب عليه ضمان
المتاع المحمول فصاحبه مخير بين تضمينه قيمته في الموضع الذي سلمه إليه ولا اجر له وبين تضمينه إياه في الموضع الذي أفسده ويعطيه الاجر إلى ذلك المكان وذلك لأنه إذا
أحب تضمينه معمولا أو في المكان الذي أفسده فيه لأنه ملكه في ذلك الموضع على تلك الصفة فملك المطالبة بعوضه حينئذ وإذا أحب تضمينه قبل ذلك فلان اجر العمل لا يكون قبل تسليمه
إليه وما سلمه فلا يلزمه مسألة لو دفع ثوبا إلى قصار ليقصره أو إلى خياط ليخيطه أو جلس بين يدي حلاق ليحلق رأسه أو دلاك ليدلكه ففعل وبالجملة كل
من دفع إلى غيره سلعة ليعمل فيها عملا ولم يجر بينهما ذكر اجرة ولا نفيها فإن كان فمن عادته ان يستأجر لذلك العمل كالغسال والقصار فله اجرة مثل عمله وإن لم يكن له
عادة وكان العمل مما له اجرة فله المطالبة لأنه ابصر بنيته وإن لم يكن مما له اجرة العادة لم يلتفت إلى مدعيها وللشافعية أوجه أصحها ويحكي عن نص الشافعي انه لا اجرة له لان
المعمول له يلتزم عوضا وعمله كما يجوز ان يكون مقابلا بعوض يجوز ان يكون مجانا فصار كما لو قال أطعمني خبزك فاطعمه لا ضمان عليه والثاني انه يستحق الأجرة لأنه استملك
عمله فلزمه ضمانه والثالث انه ان بدء المعمول له فقال افعل كذا لزمه الأجرة وإن بدء العامل فقال اعطني ثوبك لأقصره فلا اجرة له لأنه اختار تفويت منافعه والرابع
إن كان العامل معروفا بذلك العمل واخذ الأجرة عليه استحق الأجرة للعادة والا فلا ولو دخل سفينة بغير اذن صاحبها وسار إلى الساحل فعليه الأجرة وإن كان بإذن صاحبها لم يجر ذكر الأجرة فعلى الأوجه وإذا لم نوجب الأجرة
فالثوب أمانة في يد القصار وإن أوجبناها فوجوب الضمان على الخلاف في الأجير المشترك مسألة قد بينا انه يصح الاستيجار لدخول الحمام وهل المدفوع إلى الحمامي
ثمن الماء ويتطوع بحفظ الثياب واعارة السطل فيه احتمال وهو أحد وجهي الشافعية فعلى هذا يكون الثياب غير مضمونة على الحمامي والسطل مضمون على الداخل عند
من يقول بان العارية مضمونة من العامة واما عندنا فلا أو إن المدفوع اجرة الحمام والسطل والإزار وحفظ الثياب واما الماء فإنه غير مضبوط حتى يقابل العوض فيه
احتمال أيضا وهو أظهر وجهي الشافعية إذا عرفت هذا فان من دخل الحمام تلزمه الأجرة وإن لم يجر لها ذكر بينهما لان الداخل مستوف منفعة الحمام بسكونه وحينئذ يكون
السطل غير مضمون على الداخل لأنه مستأجر والحمامي أجير مشترك في الثياب فلا يضمن على الأصح كساير الاجراء وقد وري غياث بن إبراهيم عن الصادق (ع) عن الباقر عليهما السلم اتى
بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه وقال انما هو امين مسألة إذا دفع الثوب إلى الخياط فخاطه أو إلى القصار فقصره ثم تلف الثوب
فإن لم يكن الأجير منفردا باليد بل عمل في ملك المستأجر أو بمحضر منه لم تسقط اجرته وإن كان منفردا باليد كما لو قصر القصار في منزله منفردا عن المالك فان قلنا القصارة
عين سقطت اجرته وعليه قيمة ثوب غير مقصور ان ضمنا الأجير أو وجد منه تعد والا فلا شئ عليه وإن قلنا القصارة اثر لم تسقط الأجرة ثم إن ضمنا الأجير فعليه قيمة ثوب مقصور والا فلا شئ عليه ولو أتلف أجنبي
الثوب بعد قصارته فإن قلنا القصارة اثر فللأجير الأجرة وعلى الأجير القيمة والمستأجر على
القول بتضمين الأجير يتخير بين مطالبة الأجير وبين مطالبة الأجنبي ويستقر الضمان على الأجنبي وإن قلنا إنها عين جاء الخلاف الذي للشافعية هنا فيما إذا تلف أجنبي المبيع
320

قبل القبض فان قلنا ينفسخ العقد فهو كما لو تلف وإلا فللمستأجر الخيار في فسخ الإجارة واجازتها فإن أجاز ولم يضمن الأجير فتستقر له الأجرة والمستأجر يغرم الأجنبي قيمة الثوب
مقصور وان ضمناه فالمستأجر بالخيار وإن شاء غرم الأجنبي قيمة ثوب مقصور وإن شاء غرم الأجنبي قيمة القصارة والأجير قيمة ثوب غير مقصور وإن
ضمنا الأجير غرم القيمة من شاء منهما والقرار على الأجنبي ويغرم الأجنبي للأجير قيمة القصارة ولو أتلف الأجير الثوب بنفسه فان قلنا القصارة اثر فله الأجرة
وعليه قيمة ثوب مقصور وإن قلنا عين جاء الخلاف في أن اتلاف البايع لا لآفة السماوية أو كاتلاف الأجنبي فان قلنا كالآفة السماوية فالحكم ما سبق وإن قلنا كاتلاف الأجنبي وأثبتنا للمستأجر الخيار فإن فسخ الإجارة سقطت الأجرة وعلى الأجير قيمة ثوب غير مقصور وإن أجازها
استقرت وعليه قيمة ثوب مقصور وصبغ الثوب بصبغ صاحب الثوب كالقصارة وإن استأجر ليصبغ بصبغ من عنده قال بعض الشافعية هو جمع بين البيع والإجارة
ففيه الخلاف المشهور وسواء صح أو لم يصح إذا هلك الثوب من عنده سقطت قيمة الصبغ وسقوط الأجرة على ما ذكرنا في القصارة مسألة لو سلم إلى خياط ثوبا ليخيطه
فجحده ثم جاء به إلى المالك مخيطا استحق الأجرة ان خاطه قبل الجحود وان جحده أولا ثم خاطه فللشافعية وجهان أحدهما انه لا تستحق شيئا وبه قال أبو حنيفة
لأنه عمل لنفسه وخرج بعض الشافعية الوجهين على القولين في الأجير في الحج إذا صرف الاحرام إلى نفسه هل يستحق الأجرة ويقال ان أبا حنيفة لما جلس أبو
يوسف للافتاء بين الناس وانفرد عنه وتصدى للدرس وانعزل عن أبي حنيفة امتحنه بهذا الفرع وامر السايل بتخطيته ان اطلق الجواب بلا أو بنعم فاطلق الجواب بنعم
فقال له السايل أخطأت فاطلق الجواب بلا فقال له السايل أخطأت مسألة مستأجر العين امين عليها على ما تقدم لا يضمنها الا بتعد أو تفريط فان فرط أو تعدى ضمن
اجماعا فلو استأجر دابة فضربها فوق العادة أو كبحها؟ باللجام بخلاف العادة فتلفت أو غابت ضمن لتعديه وعادة الضرب يختلف في حق الراكب والرايض والراعي فكل واحد
من هؤلاء يراعى عادة أمثالها فإن تجاوزها ضمن ويحتمل من الأجير للرياضة والرعي ما لا يحتمل من المستأجر للركوب واما الضرب المعتاد إذا افضى إلى التلف فإنه لا يوجب
ضمانا خلافا لأبي حنيفة وذلك يخالف ضرب الزوج زوجته فإنه يكون مضمونا فإن كان سايغا لأنه يمكن تأديب الآدمي بغير الضرب وكذا ضرب المعلم الصبي وإذا نام في الثوب
الذي استأجره بالليل أو نقل فيه التراب أو ألبسه عصارا أو دباغا دون من هو في حاله أو أسكن الدار قصارا أو حدادا دون من هو في مثل حاله ضمن لأنه متعد بذلك
مسألة لو استأجر دابة للركوب فاركبها مساوية أو من هو دونه فلا ضمان وإن اركب من هو أثقل منه فإن كان الثاني عالما ضمن وللمالك الخيار في تضمين
من شاء منهما وتستقر الضمان على الثاني وإن كان الثاني جاهلا ضمن الأول خاصة ولو كان الثاني مساويا للأول أو أقل ثقلا منه فجاوز العادة في ضرب أو السير ضمن الثاني
خاصة دون الأول لان الأول لم يتعد بل الثاني ولو استأجر لحمل مائة من من الحديد فحمل مائة من من القطن أو بالتبن أو بالعكس ضمن وكذا لو استأجر لحمل مائة من من الحنطة فحمل مائة من من
الشعير أو بالعكس لان الشعير أخف وزنا من الحنطة فمأخذه من ظهر الدابة أكثر والحنطة أثقل فيجتمع ثقلها على الموضع الواحد ولو استأجر لحمل عشرة أقفزة من الحنطة فحمل عشرة
أقفزة من الشعير لم يضمن لان المقدارين في الحجم سواء والشعير أخف وبالعكس يضمن لزيادة ثقل الحنطة ولو استأجر ليركب بسرج فركب بغير شئ ضمن لأنه أضر بالدابة
وكذا بالعكس لأنه حملها فوق المشروط ولو استأجر ليحمل عليها بالأكاف فحمل بالسرج ضمن لأنه أشق على الدابة وبالعكس لا يضمن إلا أن يكون أثقل ولو استأجر ليركب بالسرج
فركب بالأكاف ضمن وبالعكس لا يضمن إلا أن يكون أثقل وعلى هذا القياس مسألة إذا استأجر دابة ليحمل عليها مقدارا معينا وكان المحمول أكثر فإن كانت الزيادة بقدر ما يقع من التفاوت بين الكيلين في ذلك المقدار فلا عبرة بها ولا يوجب ضمانا وإن كانت أكثر
مثل ان يستأجر ليحمل له قفيزا ومكوكا فإن كان المستأجر هو الذي كان الطعام وحمله بنفسه وتركه على ظهر الدابة ضمن الدابة لتعديه وكان على أجرة المثل لما زاد
وهو المشهور بين الفقهاء وللشافعية قول اخر ان المؤجر يأخذ أجرة المثل للكل وقول ثالث انه يتخير بين المسمى وما دخل الدابة من نقص وبين ان يأخذ أجرة المثل
وقول رابع انه مخير بين المسمى وأجرة المثل للزيادة وبين أجرة المثل للكل وإن تلفت الدابة بالحمل فان انفرد المستأجر باليد ولم يكن معها صاحبها فعليه ضمانها باليد
العادية لأنه صار بحمل الزيادة غاصبا وإن كان معها صاحبها ضمن الجناية وفي القدر المضمون للشافعي قولان أحدهما النصف لان التلف تولد من جايز
وغير جاير فانقسم الضمان عليهما كما لو جرح نفسه جراحات وجرحه غيره جراحة واحدة فإنه يجب نصف الدية على صاحب الجراحة الواحدة والثاني ان قيمة البهيمة توزع على
الأصل والزيادة فيضمن تقسيط الزيادة لان التوزيع على المحمول متيسر بخلاف الجراحات فان نكاياتها لا تنضبط ولا معنى لرعاية مجرد العدد قالوا وهذا الخلاف مبني
على القولين فيما إذا كان الجلاد قد زاد في الجلد واحدا على المائة هل يضمن نصف الدية أو جزا من مائة وواحد من الدية والتوزع عندهم أقرب ولهم قول ثالث انه
يضمن جميع القيمة وهو المعتمد عندي كما لو انفرد باليد ولما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام انه سأله عن رجل تكارى دابة إلى مكان معلوم فنفقت الدابة
فقال إن كان جاز الشرط فهو ضامن ولا فرق بين الزيادة في المسافة والزيادة في الحمل ولأنه يحمل الزيادة متعد في جميع الدابة ولو هلكت البهيمة بسبب غير الحمل
ضمن عند انفراده باليد لأنه ضامن باليد ولم يضمن عند عدم الانفراد لأنه ضامن بالجناية وإن كان المستأجر لم يحمل الطعام بنفسه ولكن بعد ما كال سلمه إلى
المؤجر حتى حمله على البهيمة فإن كان المؤجر جاهلا بالحال بان ليس عليه المستأجر وقال له انه قفيز واحد وكذب فإنه كالأول من حيث إنه قد دلس على المؤجر حيث
اخبره بكيلها على خلاف ما هو به فلزمه الضمان كما لو أمر أجنبيا بحملها وللشافعية طريقان أحدهما انه على القولين في تعارض المباشرة والغرور ان اعتبرنا المباشرة
فالحكم على ما سيأتي بعد وان اعتبرنا التغرير فكما لو حمله المستأجر بنفسه وثانيهما القطع بأنه كما لو حمله بنفسه لان اعداد المحمول؟ وشد الاعدال وتسليمها إليه بعد عقد الإجارة
كالالجاء إلى الحمل شرعا فكان كشهادة شهود القصاص وسواء ثبت الخلاف أو لا فالظاهر وجوب الضمان ويحتمل سقوط الضمان عن المستأجر لان التفريط من المؤجر حيث
اخذ؟ إلى المستأجر وصدقه وكان التفريط منه ولو كان المؤجر عالما بالزيادة فإن لم يقل المستأجر شيئا لكن حمله المؤجر فلا ضمان على المستأجر لان المؤجر حمله بغير اذنه
ولا فرق بين ان يضعه المستأجر على الأرض فيحمله المؤجر على البهيمة وبين ان يضعه على ظهر الدابة وهي واقفة فيسيرها المؤجر على اشكال وإن قال المستأجر احمل
هذه الزيادة فاجابه فالأقرب ان عليه الأجرة وقال بعض الشافعية ان المستأجر مستعير للدابة في الزيادة فلا اجرة لها فإذا تلفت الدابة بالحمل فعليه الضمان لان ضمان العارية لا يجب باليد وإنما يجب بالارتفاق والانتفاع فزيادة الارتفاق بالملك لا يوجب سقوط الضمان
وهو مبني على أن العارية مضمونة ونازعه جماعة منهم في الأجرة والضمان معا مسألة ولو كان الكيال للطعام هو صاحب الدابة وحمل على البهيمة
وسار فلا اجرة له عن الزيادة سواء تعمد ذلك وغلط أو سواء كان المستأجر عالما بالزيادة أو جاهلا وسكت مع علمه لأنه لم يأذن له في نقل الزيادة ولو تلفت
البهيمة فهى من ضمان صاحبها لأنها تلفت بعد وان صاحبها وللمستأجر مطالبة المؤجر برد الزيادة إلى الموضع المنقول منه وليس للمؤجر ان يردها بدون اذن
المستأجر ولو لم يعلمه المستأجر حتى عاد إلى البلد المنقول منه فله ان يطالب المؤجر بردها وهو أصح قولي الشافعية ان له المطالبة ببدلها في الحال كما لو ابق العبد
المغصوب من يد الغاصب والثاني لا يطالب ببدل الزيادة لان عين ماله باقية وردها مقدور عليه فعلى الأول لو غرم البدل ثم ردها إلى ذلك البدل أسترد
البدل ورد ماله إليه ولو اكتال المؤجر وتولى المستأجر النقل والحمل على البهيمة فإن كان عالما بالزيادة فهو كما لو كال بنفسه وحمل لأنه لما علم الزيادة كان من
321

من حقه الا يحملها وإن كان جاهلا فالأقوى انه لا ضمان عليه ولا اجرة كما لو قدم الغاصب الطعام المغصوب إلى المالك ليأكله فأكله جاهلا لم يبرء عن الضمان
وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يبرء من الأجرة لأنه المباشر مسألة ولو كان المكتال للطعام أجنبيا وحمل على الدابة بغير اذن ولم يعلم المؤجر والمستأجر
فهو متعد عليها فعليه اجرة الزيادة للمؤجر وعليه الرد إلى الموضع المنقول منه ان طلبه مالكه وتعلق به ضمان الدابة والزيادة معا ولو تولى الحمل بعد كيل الأجنبي
أحد المتعاقدين نظرا إما ان يكون عالما أو جاهلا فإن كان عالما فهو كما لو كال بنفسه وإن كان جاهلا لم يتعلق به حكم هذا كله فيما إذا اتفقا على الزيادة وعلى انها للمستأجر واما إذا
اختلفا في أصل الزيادة أو في قدرها فالقول قول المنكر ولو ادعى المؤجر ان الزيادة له والدابة في يده فالقول قوله وإن لم يدعها واحد منهما تركت في يد من هي في يده حتى يظهر
المستحق ولا يلزم المستأجر اجرتها واعلم أنه لا فرق في الأقسام الثلاثة السابقة بين ان يكون أحدهما قد كاله ووضعه الآخر على ظهر الدابة أو كان
الذي كاله وعباه؟ ووضعه على ظهرها وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين إذا كاله المستأجر ووضعه المؤجر على ظهر البهيمة لا ضمان على المستأجر لان المؤجر
فرط في حمله ويعارضه ما تقدم من التدليس من المستأجر حيث اخبره بكيلها كذبا واما إذا كالها المستأجر ورفعها المؤجر على الدابة عالما بكيلها لم يضمن المستأجر
للدابة لأنه فعل ذلك عن غير تدليس ولا تغرير وهل له اجر الزيادة يحتمل ذلك لأنهما اتفقا على الحمل على سبيل الإجارة فجرى مجرى المعاطاة في البيع ودخول الحمام من
غير تقدير اجرة والعدم لان المستأجر لم يجعل له ذلك اجرا مسألة لو استأجر لحمل عشرة أقفزة فحمل ثم وجد المحمول أقل فإن كان النقصان بقدر ما يقع من التفاوت
بين الكيلين فلا عبرة به وإن كان أكثر من ذلك فإن كان المستولي للكيل المؤجر حط من الأجرة بقسطه ان لم يعلم المستأجر وإن علم فإن كانت الإجارة في الذمة فكذلك
لأنه لم يف بالمشروط وإن كانت اجارة عين فهو كما لو كال المستأجر بنفسه ونقص فلا تحط من الأجرة شئ عنه لان التمكين من استيفاء المنفعة قد حصل وهو كاف في
استقرار الأجرة مسألة لو استأجر اثنان دابة وركباها فارتدفهما ثالث بغير اذنهما فهلكت الدابة احتمل وجوب النصف على المرتدف لان تلف الدابة حصل
من شيئين أحدهما مباح والاخر محظور ووجوب القيمة على نسبة اوزانهم فيجب على المرتدف بقدر وزنه ووجوب التلف توزيعا على رؤوسهم فان الرحال؟ لا يؤذنون
في العادة وهذا الاحتمالات الثلاثة للشافعي أقوال مثلها ويحتمل عندي وجوب الجميع على المرتدف لأنه المتعدي المفرط فكانت الحوالة بالضمان عليه
وكذا الحكم لو استأجر واحد دابة فركبها فارتدفها واحد بغير اذنه فتلف الدابة أو ارتدفها اثنان بغير اذنه ولو اذن الراكبان للرديف فالجميع ضمنا ولو كان
الرديف جاهلا بان الدابة للغير وتوهمها لهما لم يكن عليه ضمان الفصل ه‍ في الطواري الموجبة للفسخ وأقسامها ثلاثة ينظمها أربعة مباحث الأول
فيما ينتقص به المنفعة نقصا يتفاوت به الأجرة مسألة إذا استأجر عينا فظهر فيها نقص تتفاوت به الأجرة سابق فهو عيب يوجب للمستأجر خيار الفسخ كما
لو استأجر عبدا للخدمة فمرض أو دابة للكروب فعرجت أو بئرا فغار ماؤها أو تغير بحيث يمنع الشرب منه أو دارا فانهدم بعض بنائها أو انكسر بعض جذوعها أو أعوج
بعض قوايمها أو أرضا فغرقت أو انقطع ماؤها ولا نعلم في ذلك خلافا قال ابن
المنذر وإذا استأجر دابة فوجدها جموحا أو عضوضا أو نفورا أو بها عيب غير ذلك مما يفسد ركوبها فللمستأجر الخيار ان شاء ردها وفسخ الإجارة وان شاء اخذها
وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي انه عيب في المعقود عليه فأثبت الخيار كالعيب في بيوع الأعيان وكذا لو تغير الظهر في المشي أو ظهر العرج الذي يتأخر به عن القافلة
أو كان الغلام ضعيف البصر أو مجنونا أو مجذوما أو أبرص أو خيف سقوط الدار وأشباه ذلك من النقايص التي تفوت بها المنفعة أو بعضها بلا خلاف مسألة
لو استأجر العين سليمة ثم تجدد بها عيب تنقص به المنفعة بعد العقد ثبت للمستأجر خيار الفسخ أيضا لان المنافع لا يحتمل قبضا الا شيئا فشيئا لان المنافع في
الزمان المستقبل غير مقبوضة وإن كانت الدار مقبوضة فتكون العيب قديما بالإضافة إليها وقياس هذا ان لا يتسلط على التصرف في المنافع المستقبلة إلا أنه
سلط عليه للحاجة فإذا حدث العيب فقد وجد قبل قبض الباقي من المعقود عليه فأثبت الفسخ فيما يبقى منهما وإن فسخ فالحكم فيه كما لو انفسخ العقد بتلف العين
وإن رضي بالعين معيبة ولم يفسخ لزمه جميع العوض لأنه رضي به ناقصا فأشبه ما لو رضي بالمبيع معيبا ولو بادر المؤجر إلى الاصلاح في الحال وكان قابلا للاصلاح
في الحال سقط خيار المستأجر ثم العيب ان ظهر قبل ان يمضي من المدة ماله اجرة فان فسخ فلا شئ عليه لأنه لم يستوف شيئا من المنافع وإن شاء أجاز جميع الأجرة وإن ظهر في
أثناء المدة كان للمستأجر الخيار بين الفسخ في باقي المدة دون ما مضى وبين الرضا بجميع الأجرة فإن فسخ في باقي المدة فإن كانت المدة متساوية في الأجرة فعليه
بقدر ما مضى إن كان قد مضى النصف فعليه نصف الأجرة وإن كان قد مضى الثلث فعليه الثلث كما يقسم الثمن على المبيع المتساوي الأجزاء وإن كان مختلفا
كدار اجرتها في الشتاء أكثر من اجرتها في الصيف أو ارض اجرتها في الصيف أكثر من الشتاء أو دار لها
موسم كدود مكة رجع في التقويم إلى أهل الخبرة ويسقط الاجر
المسمى على حسب قيمة المنفعة كقسمة الثمن على الأعيان المختلفة في البيع وكذا لو كان الاجر على قطع مسافة كبعير استأجره ليحمل له شيئا إلى مكان معين وكانت المسافة
متساوية الأجزاء أو الأجرة أو مختلفتها وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال بعض الشافعية إذا استأجر دارا مدة وسكنها بعضها ثم انهدمت الدار انفسخ العقد في المستقبل
وهل ينفسخ في الماضي قولان فإن قلنا لا ينفسخ فهل له الفسخ وجهان فان قلنا ليس له ذلك فعليه من المسمى ما يقابل الماضي وإن قلنا له الفسخ فعليه أجرة المثل
للماضي إذا عرفت هذا فلو امتنع الفسخ قال بعض الشافعية له اخذ الأرش فينظر إلى اجرة مثله سليما وإلى اجرة مثله معيبا ويعرف قدر التفاوت بينهما هذا كله
في اجارة العين ولو كانت الإجارة في الذمة لم ينفسخ العقد وكان على المؤجر ابدال العين لأن العقد لم يتعلق بعينا فأشبه المسلم فيه إذا سلمه على غير صفته وإن
عجز المؤجر عن ابدالها أو امتنع منه ولم يمكن اجباره عليه فللمستأجر الفسخ أيضا لتعذر استيفاء منفعة كما هي البحث الثاني فوات المنفعة بالكلية حسا مسألة
إذا فاتت المنفعة بالكلية حسا انفسخ العقد ولا خيار للمستأجر كما لو استأجر دابة معينة للركوب فماتت أو استأجر للخدمة أجيرا معينا فمات فإن كان قبل القبض انفسخ
العقد بلا خلاف نعلمه لان المعقود عليه تلف قبل قبضه فأشبه ما لو تلف المبيع قبل قبضه وكذا إن كان عقيب القبض بلا فصل قبل مضي مدة لمثلها اجرة فان الإجارة
تنفسخ أيضا وتسقط الأجرة أيضا في قول عامة الفقهاء إلا أبا ثور فإنه حكى عنه أنه قال يستقر الأجرة لان المعقود عليه تلف بعد قبضه فأشبه المبيع وهو غلط لان المعقود
عليه المنافع وقبضها باستيفائها أو التمكن من استيفائها ولم يحصل ذلك فأشبه تلفها قبل القبض وإن كان التلف في خلال المدة انفسخ العقد في الباقي من المدة دون
ما مضي ويكون للمؤجر من الأجرة بقدر ما استوفى المستأجر من المنفعة وللشافعي في الفسخ في الماضي طريقان أحدهما ان فيه قولين والثاني القطع بعدم الفسخ لأن الانفساخ طرأ
بعد العقد فلا يتأثر به الأخر فان قيل بالفسخ في الماضي سقط المسمى ووجب أجرة المثل لما مضى فإن قيل بعدم الفسخ فهل له خيار الفسخ وجهان أصحهما عندهم لا لان منافعه قد صارت مستوفاة مستهلكة والثاني نعم لان جميع المعقود عليه لم يسلم له فان قلنا له الفسخ وفسخ فالرجوع إلى
أجرة المثل وإن قلنا لا فسخ له أو أجاز وجب قسط ما مضى من المسمى وقد بينا ان التوزيع انما هو على قيمة المنفعة وهي أجرة المثل لا على نفس الزمان وأجرة المثل يختلف فربما
322

يزيد اجرة شهر على اجرة شهرين لكثرة الرغبات في ذلك الشهر ولو كانت مدة الإجارة سنة ومضى نصفها لكن أجرة المثل فيها ضعف أجرة المثل في باقي السنة وجب من المسمى ثلثاه
ولو كان بالعكس انعكس الحال فوجب في النصف الأول ثلث المسمى مسألة لو تلف المستأجر العين فقتل العبد المستأجر للخدمة أو الدابة المستأجرة للركوب احتمل
ان يكون الحكم كما لو تلفت بآفة سماوية ولا يبقى فرق بين التلف من قبل الله تعالى والأجنبي وبين التلف من قبل المستأجر فيبطل العقد في المتخلف من المدة ويلزمه من
الأجرة بنسبة الماضي ويلزمه قيمة ما أتلف وبه قال أكثر الشافعية ويحتمل استقرار الأجرة المسماة بأجمعها عليه بالاتلاف كما يستقر الثمن على المشتري بالاتلاف
ويشكل بان البيع ورد على العين فإذا أتلفها جعل قابضا والإجارة انما وردت على النافع ومنافع الزمان المستقبل معدومة لا يتصور ورود الاتلاف عليها
ونمنع عدم التصور فان اتلاف العين يستلزم اتلافها وعلى هذا لو عيب المستأجر الدار أو جرح العبد احتمل ان يكون بمنزلة ما لو تعيب بآفة سماوية في ثبوت الخيار والعدم
فلا خيار بل هو اولي لان التعيب تضمن الرضا بالعيب فسقط الخيار مسألة لو انهدمت الدار المستأجرة للسكنى أو انقطع ماء الأرض المستأجرة للزراعة فإن لم يبق
لها نفع البتة بوجه من الوجوه لا في السكنى والزراعة ولا غيرهما من جميع الأشياء فهي كالتالفة لانتفاء وجوه الانتفاعات عنها ولا معنى للهالك سوى ذلك
وان بقى فيها نفع في غير ما استأجرها له بان يمكن الانتفاع بعرصة الدار أو الأرض بان يحرز فيها حطبا أو ينصب خيمة أو يصطاد سمكا في الأرض التي غرقت فان
الإجارة لا تنفسخ بل يتخير المستأجر بين الفسخ والامضاء وقال الشافعي في الدار بالانفساخ وفي الأرض التي انقطع ماؤها ان له الفسخ واختلف أصحابه في القولين
فمنهم من نقل وخرج وجعل المسألة على قولين أحدهما انفساخ الإجارة لفوات المقصود وهو السكنى في الدار والزراعة في الأرض فكان كموت العبد والثاني المنع لان
الأرض باقية والانتفاع ممكن من وجه اخر ولكن يثبت الخيار به ومنهم من قرر القولين وفرق بان الدار لم يبق دارا والأرض بقيت أرضا ولامكان الزراعة بالأمطار
وأشار بعضهم إلى القطع بعدم الانفساخ وحمل ما ذكره في الانهدام على ما إذا صارت الدار مزبلة غير منتفع بها بوجه البتة لان الاظهر بينهم في الانهدام
الانفساخ وفي انقطاع الماء ثبوت الخيار وإنما يثبت الخيار إذا امتنعت الزراعة فاما إذا قال المؤجر انا أسوق الماء إليها من موضع اخر سقط الخيار كما لو بادر إلى
الصلاح الدار فان قلنا بالانفساخ فالحكم كما لو تلفت العين كموت العبد وإن قلنا بعدم الانفساخ فله الفسخ في المدة باقية وفي الماضية الوجهان وإن منعناه فعليه قسط
ما مضى من المسمى وإن أجاز لزمه المسمى باسره وقيل يحط للانهدام وانقطاع الماء ما يخصه مسألة لو استأجر عينا فتعذر استيفاء المنفعة منها بفعل
صدر عنها مثل ان يأبق العبد أو تشرد الدابة لم ينفسخ عقد الإجارة لكن يثبت للمستأجر خيار الفسخ فان فسخ فلا كلام وإن لم يفسخ انفسخ بمضي المدة يوما فيوما
وإن عادت العين في أثناء المدة استوفى ما بقى منها ان شاء وله الفسخ لتعذر استيفاء الجميع الذي وقع عليه العقد وإن انقضت المدة انفسخت الإجارة
لفوات المعقود عليه ولو كانت الإجارة على موصوف في الذمة كخياطة ثوب أو بناء حايط أو حمل إلى موضع معين وجب على المؤجر الابدال لان ذمته مشغولة
بهذه المنافع فإذا دفع عينا ليصدر عنها العمل الذي في ذمته لم ينحصر حق المستأجر في تلك العين وكان عليه القيام بالبدل فان هرب المؤجر لم يسقط الحق عنه لان
ما في الذمة لا يفوت بهربه ويبيع الحاكم من ماله بقدر ما يستأجر عنه ذلك العمل فإن لم يكن هناك مال ثبت للمستأجر الفسخ فان فسخ فلا كلام وإن لم يفسخ وصبر إلى أن
يقدر عليه فله مطالبته بالعمل وإذا كانت الإجارة متعلقة بالعين ففسخ المستأجر تعلق الفسخ بالباقي خاصة دون الماضي وللشافعية في الماضي قولان وإن
لم يفسخ وكان قد استأجره مدة معلومة فانقضت بنى عند الشافعية على الخلاف فيما إذا أتلف أجنبي المبيع قبل القبض هل ينفسخ العقد أم لا فان قلنا ينفسخ
فكذلك الإجارة وتسترد الأجرة وإن قلنا لا ينفسخ فكذلك الإجارة مسألة لو استأجر عينا فغصب تلك العين فإن كان الغصب قبل القبض يتخير المستأجر بين
الفسخ والامضاء فان فسخ بطل الإجارة ورجع بمال الإجارة لأنها معاوضة لم يحصل فيها تسليم المعوض فلا
يجب تسليم العوض كالثمن في البيع إذا غصب من يد البايع
قبل اقباض المشتري إياه وإن لم يفسخ كان له مطالبة الغاصب بما أتلفه عليه فإن انقضت مدة الإجارة تخير بين الفسخ والرجوع بالمسمى وبين البقاء على العقد ومطالبة
الغاصب بأجرة المثل لان المعقود عليه لم يفت مطلقا بل إلى بدل وهو القيمة ويتخرج للحنابلة انفساخ العقد مطلقا على الرواية التي لهم في أن منافع الغصب لا تضمن
وهو قول أصحاب الرأي وإن كان بعد العقد وتمكين المؤجر المستأجر من العين لم يكن للمستأجر الفسخ وكان الغصب من المستأجر دون المؤجر وكذا لو منعه ظالم من
الانتفاع بالعين وقال الشافعي واحمد يكون للمستأجر الخيار بين الفسخ والامضاء لما فيه من تأخير حقه فان فسخ فالحكم كما لو انفسخ العقد وهل ينفسخ في الماضي
للشافعي قولان سبقا وإن لم يفسخ وكان قد استأجره مدة معلومة فانقضت يبني على الخلاف فيما إذا أتلف أجنبي المبيع قبل القبض هل ينفسخ المبيع أم لا
ان قلنا ينفسخ فكذلك الإجارة وتسترد الإجارة وإن قلنا لا ينفسخ فكذا الإجارة ويتخير بين ان يفسخ وتسترد الأجرة وبين ان يجيز ويطالب الغاصب بأجرة المثل
والذي نص عليه الشافعي انفساخ الإجارة وعلى هذا فلو عادت العين إلى يده وقد بقى بعض المدة فللمستأجر الانتفاع به في الباقي وتسقط حصة المدة
الماضية إلا إذا قلنا إن الانفساخ في بعض المدة يوجب الانفساخ في الباقي فليس له الانتفاع في بقية المدة ولو كانت الإجارة في الذمة فعلى المؤجر الابدال
ان غصب المدفوع قبل القبض وتمكن المستأجر منه وإن كان بعد الدفع إلى المستأجر واقباضه إياه كان الغصب من مال المستأجر وعند العامة يجب على المؤجر
الابدال سواء كان قبل القبض أو بعده فإن امتنع استؤجر عليه ولو استأجر العين لعمل معلوم فله ان يستعمله فيه فإن غصب قبل القبض بطل العقد عندنا
وإن كان بعده كان من مال المستأجر وإذا حصلت القدرة عليه قبل انقضاء المدة كان له ان يستعمله باقيها ولو بادر المؤجر إلى الانتزاع من الغاصب ولم يبطل منفعة
المستأجر سقط خياره لو زادت العين في يد الغاصب ولم يكن فسخ مطلقا عند العامة وقبل القبض عندنا استوفي ما بقى منها ويكون فيما مضى من المدة مخيرا
بين الرجوع على الغاصب وبين الفسخ ولو كانت الإجارة على عمل كخياطة ثوب أو حمل إلى موضع معين فغصب العبد الذي يخيط أو الجمل الذي يحمل عليه فإن
كان قبل القبض تخير بين الفسخ والرجوع على الغاصب إن كان بعد القبض فالغصب من المستأجر خاصة وعليه كمال الأجرة للمالك خلافا للعامة فإنهم قالوا لا
ينفسخ العقد وللمستأجر مطالبة الأجير بعوض المغصوب وإقامة من يعمل العمل لأن العقد على ما في الذمة كما لو وجد بالمسلم فيه عيبا فرده فإن تعذر البدل
ثبت للمستأجر الخيار بين الفسخ والصبر إلى أن يقدر على العين المغصوبة فيستوفيها منها مسألة لو اجر عينا معينة كعبد للخدمة أو فرس للركوب أو دار
للسكنى وسلمها إلى المستأجر فغصبت فالغصب من المستأجر عندنا خلافا للعامة فإن أقر المؤجر بتلك العين للغاصب أو لانسان اخر فالأقرب نفوذ اقراره في الرقبة
خاصة دون المنفعة وللشافعية قولان أحدهما انه لا يقبل اقراره لأنه قول يناقض العقد السابق فلا يلتفت إليه كما لو أقر بما باعه لغير المشتري والثاني انه يقبل
323

لأنه مالك في الظاهر غير متهم في الاقرار بخلاف اقرار البايع لأنه مصادف ملك
الغير والتناقض ممنوع وقد يبني الشافعية الخلاف هنا على أن المؤجر هل له بيع العين المستأجرة أم لا فان قلنا نعم صح اقراره وإلا فهو على الخلاف في اقرار الراهن فان قلنا
يقبل اقراره لم يبطل حق المستأجر من المنفعة لأنه بالإجارة أثبت له الحق في المنفعة فلا يمكن من رفعه كما أن البايع لا يتمكن من رفع ما أثبته بالبيع وهو أظهر وجهي
الشافعية والثاني ان حق المستأجر من المنفعة يبطل تبعا للرقبة كالعبد إذا أقر على نفسه بالقصاص تقبل ويبطل حق السيد تبعا وهو غلط لأنه اقرار في حق
الغير فلا يقبل والأصل ممنوع على مذهبنا والثالث إن كان المال في يد المستأجر فلا تزال يده إلى انقضاء مدة الإجارة وإن كان في يد المقر له فلا ينزع من يده
والمعتمد ما قلناه وعلى قولهم يبطلان حق المستأجر في المنفعة هل له تحليف المكترى خلاف كالخلاف بينهم في أن المرتهن هل يحلف الراهن إذا أقر بالمرهون
وقبلناه والأظهر بينهم في المسألة انه يقبل اقراره في الرقبة ولا يقبل في المنفعة وهو الذي ذهبنا نحن إليه لكن الذي حكوه قولا للشافعي ان الاقرار جايز والكراء باطل
مسألة إذا غصبت العين المستأجرة إما من المؤجر أو من المستأجر كان للمؤجر مخاصمة الغاصب أو السارق لها بحق المالك اجماعا وللمستأجر أيضا مخاصمته لأنه
يستحق المنفعة فله مطالبته ليستوفى المنفعة وهو أحد قولي الشافعي والأظهر بينهم وهو المحكي قولا للشافعي انه ليس للمستأجر المخاصمة لأنه ليس بمالك ولا نايب
عن المالك فأشبه المستودع والمستعير وهو غلط لان المستأجر تستحق على وجه الملكية حقا في تلك العين وقعت عليه المعاوضة فكان له المنازعة والوجهان للشافعية
جاريان في أن المرتهن هل يخاصم لان له حقا في المرهون وعندنا ان له ذلك والأصل فيه ان من ادعى ملكا وقال اشتريته من فلان وكان ملكا له إلى أن اشتريته سمعت بينته على ذلك
فكما سمعت البينة على تملك البايع لتوسله بها إلى اثبات الملك لنفسه وجب ان يكون الحكم في المنفعة كذلك مسألة إذا استأجره لعمل في عين معينة كخياطة ثوب
معين ونساجة غزل معين فتلفت العين انفسخ العقد عندنا لان متعلق الإجارة قد تلفت فبطلت الإجارة كما لو استأجر عبدا معينا للخدمة فيموت أو ثوبا
معينا للبس فيسرق قبل القبض وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا ينفسخ العقد لان المعقود عليه العمل فلا فرق بين ان يوقعه في ذلك المعين أو في مثله وهو
ممنوع وقد قال بعضهم لو استأجر دواب في الذمة لحمل خمسة أعبد معينين فمات اثنان وحمل ثلاثة ان له ثلاثة أخماس الكر أو يسقط خمساه إذا تساوت اوزانهم ويوافق ذلك
قول الشافعي إذا نكحها على خياطة ثوب بعينه فهلك قبل ان يخيطه كان لها مهر المثل قال بعض الشافعية موضع الخلاف فيما إذا لزم ذمته خياطة ثوب بعينه أو حمل عبد
أو متاع بعينه فإن العقد وإن كان في الذمة فهو متعلق بعين ذلك الثوب أو المتاع إما إذا استأجر دابة بعينها مدة لركوب أو حمل متاع فلا خلاف في جواز ابدال الراكب والمتاع
وفي ان العقد لا ينفسخ بهلاكهما وفرق بان العقد والحالة هذه تتناول المدة الا ترى انه لو سلم الدابة فلم يركب تستقر الأجرة وفيما إذا استأجره لخياطة الثوب المعين العقد يتناول
العمل فلهذا لو سلم نفسه مدة يمكن فيها الخياطة ولكن لم يخط لم تستقر هكذا ذكره بعضهم وفيه منع فإن حكمنا بعدم فسخ الإجارة فان جاء المستأجر ثبوت مثله
فذاك وإن لم يأت إما العجز أو امتنع عن قدرة حتى مضت مدة امكان العمل فتستقر الأجرة أو لا تستقر وجهان للشافعية فان قلنا تستقر فللمستأجر فسخ العقد
لأنه ربما لا يجد ثوبا اخر أو لا يريد قطعه وفيه وجه اخر انه ليس فسخ العقد فيخرج من هذا وجه ان المستأجر
مخير انشاء ابدل الثوب التالف وإن شاء فسخ مسألة
لو استأجره لتعليم شبي معين أو استأجر المرأة لارضاع صبي معين فمات الصبي المعين فالوجه فسخ العقد لما قلناه في الثوب المعين إذا تلف قبل خياطة وللشافعية
الخلاف الذي سبق في الثوب والصبي المعين للارضاع إذا لم يكن ولد المرضعة إما إذا كان ولدها فالخلاف بين الشافعية فيه مرتب على الخلاف في الصبي الأجنبي بل
في ولدها الانفساخ أولي لان درور اللبن على الولد فوق دروره على الأجنبي لزيادة الشفقة على الولد فلا يمكن إقامة غيره مقامه إذا عرفت هذا فلو استأجره
لخياطة ثوب معين أو لارضاع صبي معين أو تعليمه ثم بدا للمستأجر في قطع الثوب المعين أو في ارضاع الطفل المعين أو تعليمه وهما باقيان لم يجب على المستأجر الاتيان
به لأنه قد يعرض له غرض في الامتناع ومصلحة فيه بان يجد صانعا أجود أو معلما أو مرضعة أجود فلا يلزمه الدفع إلى الخياط والمعلم والمرضعة لكن ان سلم الأجير نفسه
ومضت مدة يمكن العمل استقرت الأجرة على المستأجر وبه قال الشافعي بناء على قوله باستقرار الأجرة بتسليم الأجير نفسه ومضى مدة العمل وليس للأجير ولا
للمستأجر الفسخ بحال البحث الثالث فيما تفوت المنفعة فيه شرعا مسألة إذا انتفت المنفعة شرعا كان بمنزلة فواتها حسا في الاقتضاء الانفساخ لان
المقتضي لانفساخها مع الفوات حسا إنما هو تعذر الاستيفاء وهذا المعنى ثابت فيما إذا فاتت شرعا فإذا استأجر لقلع سن وجعه أو لقطع يد متاكله أو لاستيفاء
قصاص في نفس أو طرف صحت الإجارة وهو أظهر وجهي الشافعية وقد سبق فلو زال الوجع عقيب العقد أو عفى المجني عليه عن القصاص أو وليه انفسخت الإجارة لان قلع
السن حينئذ ممنوع منه شرعا وكذا استيفاء القصاص بعد الاسقاط لا يجوز شرعا فبطلت الإجارة لتعذر استيفاء المنفعة شرعا وقد نازع بعض الشافعية فيه لان الإجارة
هنا مضبوطة بالعمل دون المدة وهو غير مأيوس منه لاحتمال عود الوجع فلم يكن زوال الوجع موجبا للفسخ وليس بجيد وقال بعضهم لا تنفسخ الإجارة بل يستعمل الأجير
في قلع وتد أو مسمار ويراعي تداني العملين وهو أشد غلظا من الأول والحكم بانفساخ العقد انما هو على القول بان المستوفى به لا يبدل فان جوزناه أمر بقلع سن وجعه
لغيره البحث الرابع في الاعذار المتجددة مسألة الإجارة عقد لازم من الطرفين ليس لواحد منهما فسخها إلا بالتقايل وبه قال مالك والشافعي واحمد
وأصحاب الرأي لعموم قوله تعالى أوفوا بالعقود ولان الإجارة عقد معاوضة فكان لازما كالبيع ولأنها عند أكثر العامة نوع من البيع وإنما اختصت باسم كما اختص
الصرف والسلم باسم وسواء كان لعذر كما لو استأجر دابة ليسافر عليها فيمرض أو دكانا للبيع فتلفت قماشه أو لعمل صنعة فتهلك التها أو حماما فيتعذر عليها الوقود
وأشباه ذلك أو لم يكن وبه قال مالك والشافعي وأبو يوسف واحمد لأنه عقد لا يجوز فسخه مع استيفاء المنفعة المعقود عليها من غير عذر فلم يجز لعذر في غير
المعقود عليه كالبيع لأنه لو جاز فسخه لعذر المستأجر جاز لعذر المؤجر تسوية بين المتعاقدين ورفعا للضرر عن كل واحد من المتعاقدين ولا خلاف في أنه لا يجوز
ثم فلا يجوز هنا وقال أبو حنيفة وأصحابه يجوز للمستأجر فسخها لعذر في نفسه مثل ان يستأجر جملا ليحج عليه فيمرض ولا يتمكن من الخروج أو تضييع نفقته أو يستأجر
دكانا للبز فيحرق متاعه وما أشبه ذلك لان هذا العقد يتعذر معه استيفاء المنفعة عليها فملك به الفسخ كما لو استأجر عبدا فابق والفرق ان الاباق عذر في المعقود
عليه إذا عرفت هذا فالإجارة لا تفسخ بالأعذار سواء كانت اجارة عين أو في الذمة خلافا لأبي حنيفة على ما تقدم وسلم أبو حنيفة انه لو ظهر للمؤجر عذر كما
لو مرض وعجز عن الخروج مع الدواب التي اجرها أو اجر داره واهلها مسافرون فعادوا أو لم يكن متاهلا فتاهل انه لا يثبت الفسخ مسألة لو استأجر أرضا للزراعة
فزرعها فهلك الزرع بجايحة من سيل أو جراد أو شدة حر أو برد أو كثرة مطر لم يكن له الفسخ ولاحظ شئ من الأجرة لان الجايحة لحقت مال المستأجر لا منفعة الأرض فأشبه
324

ما إذا استأجر دكانا لبيع البز فاحترق المتاع لا ينفسخ الإجارة في الدكان ولو فسدت الأرض بجايحة أبطلت قوة الانبات في مدة الإجارة انفسخت الإجارة لفوات
المنفعة بالكلية كما لو غرقت الأرض وبطلت منفعتها ويحتمل ان يقال إما ان يستأجر الأرض للزراعة أو يستأجرها مطلقا فان استأجرها للزراعة فبطلت منفعة الزراعة
خاصة دون باقي المنافع فإنه يثبت للمستأجر الخيار بين الفسخ والامضاء بجميع الأجرة أو بعد حط الأرش كما تقدم ان سوغنا له الانتفاع بغير الزرع وان استأجرها مطلقا
كان له الخيار وإن بقيت لها منفعة مقصودة لتعيينها ونقص منفعتها وإن لم يبق لها منفعة البتة بطلت الإجارة إذ ما لا منفعة له لا تصح اجارته قال بعض الشافعية
إذا فسدت الأرض بجايحة أبطلت قوة الانبات في مدة الإجارة فإن كان فساد الأرض بعد فساد الزرع فيه احتمالان الظاهر منها انه لا يسترد شيئا لأنه لو بقيت صلاحية
الأرض وقوتها لم يكن للمستأجر فيها فايدة بعد فوات الزرع والثاني يسترد لان بقاء الأرض على صفتها مطلوب وإذا خرجت عن أن يكون منفعتها بها وجب ان يثبت له
الانفساخ وإن كان فساد الأرض قبل فساد الزرع فاظهر الاحتمالين باتفاق الشافعية الاسترداد لان أول؟ الزراعة غير مقصودة ولم يسلم للأجير وإذا أثبتنا له الخيار فان
أجاز بجميع الأجرة كما في البيع وإن فسخ رجع إلى اجرة الباقي واستقر ما استوفاه على الأصح عندهم ويوزع المسمى على المدتين باعتبار القيمة لا باعتبار المدة مسألة الموت
لا يبطل الإجارة سواء كان من المؤجر أو المستأجر أو منهما معا عند بعض علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإسحاق وأبو ثور والبتي وابن المنذر لان الإجارة عقد لازم
يوجب ملك كل واحد من المتعاقدين ما انتقل إليه به فلا يزول عنه بالموت منه أو من صاحبه أو منهما كالبيع ولأنه عقد لازم فلا ينفسخ بموت العاقد ما لم يختص الاستيفاء
به كالمبيع وإذا زوج أمته ثم مات وقال الشيخ ره تبطل الإجارة بموت أيهما كان وبه قال الثوري وأصحاب الرأي والليث لان استيفاء المنفعة يتعذر بالموت لأنه استحق بالعقد
ان يستوفيها على ملك المؤجر فإذا مات زال ملكه عن العين وانتقل إلى ورثته فالمنافع تحدث على ملك الوارث ولا يستحق المستأجر استيفائها على ملك الوارث لأنه ما عقد معه وكذا إذا مات المستأجر فان الأجرة
لا يمكن ان يجب في تركته لأنها يجب عليه في حال الحياة فلا تؤخذ من تركته ولا يجوز ان تجب على الورثة لانهم لم يوجبوها على أنفسهم فتعذر ايجابها وهو ضعيف
لان عندنا ان المستأجر قد ملك المنافع بالعقد وتخلق في ملكه ويلزمهم ما لو زوج أمته ثم مات وما ذكروه في المستأجر باطل أيضا لان الأجرة عندنا وجبت عليه بالعقد
ويبطل به ما إذا حفر بئرا ثم مات فوقع فيها انسان أو غيره فإنه يجب ضمانه في ماله لان سبب ذلك كان في حال الحياة كذلك الأجرة سبب وجوبها العقد وكان منه في حال الحياة
والشيخ (ره) استدل على دعواه بالبطلان بموت أيهما كان باجماع الفرقة واخبارهم ولا شك في عدالته وقبول روايته مسندة فتقبل مرسلة وقال بعض علمائنا تبطل
بموت المؤجر خاصة دون المستأجر وعكس آخرون إذا عرفت هذا فإذا مات المستأجر قام وارثه مقامه في استيفاء المنفعة فإن كان المستأجر لم يؤد مال الإجارة كان دينا
عليه يؤخذ من صلب تركته ولو كان مؤجلا حل بموته وإن مات المؤجر تركت العين عند المستأجر إلى انتهاء مدة الإجارة فإن كانت الإجارة واردة على الذمة فما التزمه
دين عليه فإن كان في التركة وفاء استؤجر منها لتوفيته وإن لم يكن وفاء فالوارث بالخيار انشاء وفا واستحق الأجرة وإن شاء اعرض فللمستأجر فسخ الإجارة والقياس
على موت الأجير باطل لان انفساخ الإجارة بموت الأجير كان من جهة انه مورد العقد لا من جهة انه عاقل مسألة تبطل الإجارة بموت المؤجر على الأقوى في موضعين
الأول لو اوصى مالك الدار أو العبد أو الدابة بمنفعة الدار أو العبد أو الدابة أو الثوب أو شبهه لزيد مدة عمر الموصى له فقبل الوصية فمات الموصى فاجرها زيد الموصى
له مدة ثم مات يد في أثناء تلك المدة فان الإجارة تبطل لانتهاء حقه الذي هو مورد الإجارة لأنه منوط بحياته فتبطل بموته الثاني إذا وقف على شخص ثم على عقبه ونسله
وهكذا فاجر الشخص الموقوف عليه الوقف مدة فالأقوى بطلان الإجارة لان المنافع بعد موته لغيره ولا ولاية له عليه ولا ينابه عنه فلا يمكنه التصرف في حقه وقد بينا ان هذه
المدة ليست للمؤجر فيكون للبطن الثاني الخيار بين الإجارة في الباقي وبين الفسخ فيه ويرجع المستأجر على تركة الأول بما قابل المتخلف وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الإجارة تبقى بحالها لأنها لازمة فلا يتأثر بموت العاقد كما لو اجره ملكه وبنوا الوجهين على أن النظر الثاني يتلقى
الاستحقاق من الأول أو من الواقف فان قلنا بالأول فالإجارة بحالها كما لو اجر ملكه ومات في أثناء المدة وإن قلنا بالثاني فلا وعبارة أكثر الشافعية الانفساخ وعدمه
فقالوا في أحد الوجهين تنفسخ الإجارة وفي الثاني لا تنفسخ ولم يستحسنه الجويني وجماعة من الشافعية لأن الانفساخ يشعر بسبق الانعقاد ورد والخلاف إلى انا هل نتبين البطلان
لأنا تبينا انه تصرف فيما لم يملكه وإذا حكمنا ببقاء الإجارة فحصة المدة الباقية من الأجرة تكون للبطن الثاني فان أتلفها الأول فهى دين عليه في تركته وليس هذا كما لو اجر
ملكه ومات في المدة حيث يكون جميع الأجرة تركة له يقضى منه ديونه وتنفذ وصاياه والفرق ان التصرف هناك ورد على خالص حقه والباقي له بعد الإجارة وقته؟
مسلوبة المنفعة في تلك المدة فينتقل إلى الوارث كذلك وإن قلنا إنها لا تبقى فإنها لا تبطل فيما مضى وللشافعية قولان أحدهما البطلان والخلاف هنا مبني على الخلاف
في تفريق الصفقة فان منعوا من التفريق كان للبطن الأول أجرة المثل على ما مضى مسألة اجارة الوقف تفرض تارة من الموقوف عليه واخرى من المتولي
للنظر إما من مشروط له الولاية لا غير أو من حاكم وبالجملة لا تكون الإجارة مستندة إلى الموقوف عليه من حيث هو موقوف عليه وبيان الحالين موكول إلى ما شرطه الواقف
فان اجر البطن الأول كان حكمه ما تقدم واما إذا اجر المتولي الناظر في الوقف فإنه يصح ولا تبطل الإجارة بموته ولا يؤثر موته في الإجارة لأنه ناظر للجميع ولا يختص
تصرفه ببعض الموقوف عليهم وهو أظهر وجهي الشافعية ولهم وجه اخر ان الإجارة تبطل أيضا وهو كالخلاف فيما إذا اجر الولي الصبي فبلغ الصبي في المدة بالاحتلام
ولو شرط الواقف الولاية للموقوف عليه وجعله الناظر لوقف فاجره مدة ثم مات لم تبطل اجارته على الأصح لا من حيث هو موقوف عليه بل من حيث إنه قد اجر الناظر
في الوقف والمتولي عليه مسألة قد بينا ان الإجارة عقد لازم من الطرفين ليس لأحدهما فسخها إلا برضاء صاحبه وهو عقد يقتضي تمليك المؤجر الأجرة
والمستأجر المنافع فإذا فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء مدتها وترك الانتفاع اختيارا منه لم تنفسخ الإجارة وكان عليه مال الإجارة كمالا ولم يزل ملكه عن المنافع كما
لو اشترى شيئا وقبضه ثم تركه إذا ثبت هذا فان استأجر دابة أو دارا أو غيرهما من الأعيان وقبضها وأمسكها حتى مضت مدة الإجارة غير متصرف فيها انتهت الإجارة
واستقرت الأجرة عليه وإن لم ينتفع بالعين طول المدة لان المؤجر مكنه واقبضه وتلف المعقود عليه تحت يده وهي حقه فاستقر عليه بدلها كثمن المبيع إذا
تلف المبيع في يد المشتري وليس له الانتفاع بعد المدة لان المنافع بعد المدة حق لمالك العين فان انتفع بها بعد المدة لزمه أجرة المثل مع المسمى ولو ضبطت المنفعة
بالعمل دون المدة كما إذا استأجر دابة ليركبها إلى بلد أو ليحمل عليها شيئا إلى موضع معلوم وقبضها وامسكها عنده حتى مضت مدة يمكن فيها السير إلى ذلك البلد فكذلك
ويستقر عليه مال الإجارة لان المؤجر مكنه من الانتفاع بأقصى المقدور عليه فتستقر له الأجرة كما لو كان الضبط بالمدة ولان المنافع تلفت تحت يده باختياره
فاستقر الضمان عليه كما لو تلفت العين في يد المشتري وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تستقر عليه الأجرة حتى يستوفي المنفعة لأنه عقد على منفعة
غير موقتة بزمن فلم يستقر بدلها قبل استيفائها كالأجير المشترك ولو بذل المؤجر تسليم العين فلم يأخذها المستأجر حتى انقضت المدة استقر الأجرة عليه
لان المنافع تلفت باختياره في مدة الإجارة فاستقر عليه الاجر كما لو كان في يده وإن كانت الإجارة على عمل فإذا مضت مدة يمكن الاستيفاء فيها استقر
عليه الاجر وبه قال الشافعي لان المنافع تلفت باختياره وقال أبو حنيفة لا اجرة عليه لأنه عقد على ما في الذمة فلم تستقر عوضه ببذل العين كالمسلم فيه
325

ولأنه عقد على منفعة غير موقتة بزمن فلم يستقر عوضها بالبذل كالصداق إذا بذلت له تسليم نفسها وامتنع الزوج من اخذها ولو كان هذا في اجارة فاسدة إذا عرضها على
المستأجر فلم يأخذها لم يكن عليه اجرة لأنها لم تتلف تحت يده ولا في ملكه وإن قبضها ومضت المدة أو مدة يمكن استيفاء المنفعة فيها احتمل ان لا يكون عليه شئ
وبه قال أبو حنيفة لأنه عقد فاسد على منافع لم يستوفها فلم يلزمه عوضها كالنكاح الفاسد وأن يكون عليه أجرة المثل وبه قال الشافعي لان المنافع تلفت تحت يده بعوض لم يسلم
له فرجع إلى قيمتها كما لو استوفاها ولو استوفى المنفعة في العقد الفاسد فعليه أجرة المثل وبه قال مالك والشافعي واحمد لان ما يضمن بالمسمى في العقد الصحيح وجب ضمانه
بجميع القيمة في الفاسد كالأعيان وقال أبو حنيفة يجب أقل الأمرين من المسمى أو أجرة المثل بناء منه على أن المنافع لا قيمة لها ولا تتقوم إلا بالعقد وما زاد على المسمى لم يجب
بدله في العقد فلم يضمنه وهو ممنوع على أن العقد وقع على جميعها بالمسمى فوجب ان يكون مضمونة لأن العقد اقتضى ضمانها مسألة إذا استأجر دابة ليركبها
إلى بلد أو ليحمل عليها في شئ معلوم وقبضها وامسكها عنده حتى مضت مدة يمكن فيها السير إليه استقرت عليه الأجرة سواء ضبطت بالمدة أو العمل كما قلناه ولا
فرق بين ان يكون تخلف المستأجر لعذر أو بغير عذر حتى لو تخلف لخوف في الطريق أو لعدم وجدان الرفقة استقرت الأجرة عليه وإن كان معذورا من جهة انه لو
خرج والحال هذه كان متعديا ضامنا للدابة وإنما استقر الأجرة عليه لتلف منافع الدابة عنده على أنه متمكن من السفر عليها إلى بلد اخر ومن استعمالها في البلد
تلك المدة وليس للمستأجر فسخ العقد بهذا السبب ولا ان يلزم المستأجر استرداد الدابة إلى أن يتيسر الخروج هذا في اجارة العين ولو كانت الإجارة في الذمة وسلم دابة
بالوصف المشروط فمضت المدة عند المستأجر استقرت الأجرة أيضا كما تقدم لتعين حقه بالتسليم وحصول التمكين مسألة لو اجر الحر نفسه إما مدة معينة
أو لعمل معلوم ثم سلم نفسه إلى المستأجر المدة بأسرها أو مدة ذلك العمل فلم يستعمله المستأجر حتى مضت المدة أو مضت مدة يمكن فيها ذلك العمل فالأقرب استقرار الأجرة
وهو أظهر وجهي الشافعي ويجرى الخلاف فيما إذا الزم ذمة الحر عملا فسلم نفسه مدة امكان ذلك العمل ولم يستعمل وسبب الخلاف ان الحر لا يدخل تحت يد على ما قدمناه
واجري بعض الشافعية الخلاف فيما إذا لزم الحر عملا في الذمة وسلم عبده ليستعمله فلم يستعمله وإذا قلنا بعدم الاستقرار فللأجير ان يرفع الامر إلى الحاكم ليجيره على الاستعمال
مسألة إذا استأجر عقارا أو حيوانا أو غير ذلك ملك المنافع بالعقد كما يملك المشتري المبيع بالبيع ويزول ملك المؤجر عنها كما يزول ملك البايع عن المبيع فلا
يجوز للمؤجر التصرف فيها لأنه صارت مملوكة لغيره كما لا يملك البايع التصرف في المبيع ويجب عليه بذل العين للمستأجر ليستوفي المنافع منها فإن يسلمها المالك ومنع
المستأجر عنها حتى انقضت المدة انفسخت الإجارة لفوات المعقود عليه والعاقد قد أتلف المعقود عليه قبل تسليمه فانفسخ العقد كما لو باعه طعاما فاتلفه قبل
تسليمه وبه قال الشافعي واحمد ولو استوفى المؤجر المنافع بأسرها طول المدة فالأقرب ان للمستأجر الخيار بين الفسخ لتعذر استيفاء المنفعة من قبل المؤجر وبين الزام المؤجر بأجرة المثل كالأجنبي
وللشافعية طريقان أحدهما انه كما لو أتلف البايع المبيع قبل القبض والثاني القطع بالانفساخ فرقا بان الواجب هناك بالاتلاف القيمة وانها قابلة للبيع فجاز ان يتعدى حكم البيع إليها وهنا ما تقدر
وجوب أجرة المثل وانها لا تقبل الإجارة فلا يتعدى حكم الإجارة إليها ولو امسكها المؤجر بعض المدة ثم سلم انفسخت الإجارة في المدة التي تلفت منافعها ويتخير في الفسخ في الباقي لتعدد الصفقة وللشافعي
خلاف في الباقي كالخلاف فيما إذا تلف بعض المبيع قبل القبض فان قلنا لا ينفسخ فللمستأجر الخيار ولا يبدل زمان بزمان ولو لم تكن المدة مقدرة واستأجر دابة
للركوب إلى بلد ثم لم يسلمها حتى مضت مدة يمكن فيها المضي إليه ففيه للشافعية وجهان أحدهما ان الإجارة تنفسخ لان المدة وإن ذكرت فليست معينة وإنما المطلوب
المنفعة فيها فليكن الاعتبار بمضي زمان امكان الانتفاع وبان المشتري لو حبسها هذه المدة استقرت عليه الأجرة كما لو حبسها إلى اخر المدة إذا كانت مذكورة
في الإجارة فإذا سوينا بين نوعي الإجارة في حق المكتري وجب ان يسوي بينهما في حق المؤجر وأظهرهما عندهم انها لا تنفسخ لأن هذه الإجارة متعلقة بالمنفعة دون
الزمان ولم يتعذر استيفاؤها وتخالف حبس المشتري فانا لو لم نقرر به الأجرة لضاعت المنفعة على المكتري وقال بعض الشافعية ان للمكترى الخيار لتأخر حقه ومنعه
باقيهم وقالوا لا خيار للمكتري كما لا خيار للمشتري لو امتنع البايع من تسليم المبيع مدة ثم سلمه ولو كانت الإجارة في الذمة ولم يسلم ما يستوفي المنفعة فيه حتى مضت
مدة يمكن فيها تحصيل تلك المنفعة فلا فسخ ولا انفساخ بحال فإنه دين تأخر ايفاؤه مسألة لو استأجر دارا ليسكنها سنة مثلا فسكنها شهرا ثم تركها
وسكنها المالك بقية السنة أو اجرها لغيره تخير المستأجر بين الفسخ في باقي المدة والزام المالك بأجرة المثل لو سكن ولو اجر فله أيضا الزامه بالأجرة الثانية ولو استأجر
دارا سنة فسكنها شهرا وتركها شهرا وسكن المالك عشرة أشهر لزم المستأجر اجرة شهرين وتخير في عشرة الأشهر التي سكنها المالك بين فسخ العقد فيها فيرجع بالحصة
من المسمى بعد التقسيط أو بين ان يرجع بأجرة المثل فلو اختار أجرة المثل وكان بقدر المسمى في العقد لم يجب على المستأجر شئ وإن فضل منه فضله وجب على المالك اداؤها إلى المستأجر
مسألة لو استأجر عقارا مدة سنة فسكن بعضها ثم أخرجه المالك ومنعه من تمام السكنى وجب على المستأجر اجرة ما سكن بالحصة لأنه استوفى ملك غيره على سبيل المعاوضة فلزمه عوضه كالمبيع إذا استوفى بعضه
ومنعه المالك على باقيه وكما لو تعذر استيفاء الباقي لأمر غالب وهو قول أكثر العلماء والمحصلين وقال احمد إذا أخرجه المالك ومنعه تمام السكنى فلا شئ له من الاجر
لأنه لم يسلم إليه ما عقد الإجارة عليه فلم تستحق شيئا كما لو استأجره ليحمل له كتابا إلى موضع فحمل بعض الطريق أو استأجره ليحفر له عشرين ذراعا فحفر له عشرة وامتنع من
حفر الباقي ونمنع الملازمة الأولى لأنه سلم البعض فاستحق بقدره ونمنع الأصل في الموضعين ولو استأجر دابة فامتنع مالكها من تسليمها بعض المدة وجب عليه دفع اجرة ما
استعملها خلافا لأحمد وكذا لو اجر نفسه أو عبده للخدمة مدة وامتنع من اتمامها أو اجر نفسه لبناء حايط في العقار وامتنع من تسليمه استحق في ذلك كله بالنسبة وقال احمد لا
يستحق شيئا البتة وهو خطأ لأنه قد استوفى منافع العين على جهة المعاوضة فلا بد من لزوم العوض ويلزم على قوله إنه لو بقى من الاجل ساعة واحدة ثم أخرجه ان لا يستحق
المالك شيئا وهو في غاية الظلم مسألة لو استأجر دابة فشردت أو أجيرا فهرب أو اخذ المؤجر العين وهرب بها أو منعه من استيفاء المنفعة منها لم تنفسخ الإجارة
بمجرد ذلك لكن يثبت للمستأجر خيار الفسخ فإن فسخ فلا بحث وان لم يفسخ انفسخت الإجارة بمضي المدة يوما فيوما وان عادت العين في أثناء المدة استوفى ما بقى منها وان انقضت المدة انفسخت الإجارة لفوات المعقود عليه وإن كان التفويت من المالك تخير المستأجر بين الفسخ
والزامه بأجرة المثل ولو كانت الإجارة على عمل موصوف في الذمة كخياطة ثوب أو بناء حايط استأجر الحاكم من ماله من يعمله فان تعذر كان المستأجر الفسخ فان فسخ فلا كلام
وإن لم يفسخ صبرا إلى أن يقدر عليه ويطالبه بالعمل ولو عمل الأجير بعض العمل ثم إنهن؟ أو منع المؤجر المستأجر من الانتفاع في أثناء المدة كان له من الأجرة بنسبة ما مضى
خلافا لأحمد ولو شردت الدابة أو تعذر استيفاء المنفعة بغير فعل المؤجر فله من الاجر بقدر ما استوفى بكل حال ولو مرض الأجير وتعذر استيفاء العمل منه
بطلت الإجارة وإن تعلقت بالعين لان الإجارة وقعت على نفسه لا على شئ في ذمته بل على عمل نفسه وعمل غيره ليس بمعقود عليه فأشبه ما لو اشترى شيئا معينا ولم يدفعه
ودفع غيره ولا يلزم المستأجر قبول ذلك لان العوض في مقابلة تلك العين وإن كان على عمل في الذمة استؤجر من يقوم مقامه فان تعذر كان للمستأجر الفسخ
مسألة لو اجر جمالة ليسافر المستأجر بها فهرب الجمال فاما ان يهرب بها أو يتركها عند المستأجر فان ذهب بها فإن كانت الإجارة في الذمة رفع امره إلى الحاكم فإذا ثبت
عنده حالة المستأجر استأجر الحاكم عليه من ماله من يقوم مقام الجمال في الانفاق على الجمال والشد عليها وحفظها وفعل ما يلزم الجمال فعله فإن لم يجد له مالا أقرض
326

عليه إما من أحد أو من بيت المال أو من المستأجر واستأجر عليه لأنه أمر ثبت في ذمة الجمال وتعذر استيفاؤه منه لتعيينه فكان على الحاكم المنصوب لمصالح الاستيفاء
من أمواله إن كانت وإن يقترض ان لم تكن لأنه من مصلحة المستأجر ولو اقترض الحاكم إما من المستأجر أو من غيره كان ذلك دينا في ذمة الجمال يستوفي منه مع حضوره وهل للحاكم تفويض الامر إلى المستأجر في
الاكتراء ليكترى لنفسه عن الجمال الأقرب الجواز كغيره
من الناس ومنع بعض الشافعية منه لأنه يكون وكيلا في حق نفسه كما لا يجوز ان يقبض لنفسه من نفسه والحكم في الأصل ممنوع وإن تعذر الاقتراض لعدم المقرض وعدم
المال في بيت المال أو كان واحتيج إليه لأهم من ذلك أو لم يجد المستأجر حاكما أو وجد حاكما وتعذر عليه اثبات ذلك عنده كان للمستأجر فسخ العقد لأنه تعذر عليه قبض المعقود عليه
فأشبه ما لو انقطع المسلم فيه عند محله وإن شاء أقام على الإجارة فان اختار الفسخ فسخ عليه وكانت الأجرة دينا له على الجمال وإن اختار المقام على العقد كان له فإذا
عاد الجمال كان له مطالبته بظهر يركبه وإن كان العقد على مدة انقضت في هربه انفسخ العقد بذلك وإن كان العقد على بهيمة بعينها لم يكن للحاكم ان يكترى له غيرها
لان الحق تعلق بعينها إلا أنه قد تعذر عليه استيفاء المنفعة فهو بالخيار ان شاء فسخ الإجارة ويكون له الأجرة فإن كانت في ماله اخذها الحاكم ودفعها وإن لم يكن
موجودة دفع إليه بدلها من ماله فإن لم يظهر له مال فالأقرب ان للحاكم الاقتراض عليه ودفع مال القرض إلى المستأجر ومنعه بعض الشافعية وقال إن لم يظهر
له مال لم يقترض الحاكم عليه لان الحق في ذمته وإذا استدان عليه كان الحق للمقرض في ذمته فلا فايدة في نقل الحق من واحد إلى واحد ويفارق المنفعة لأنها من غير جنس
المقرض وقد تفوت بتأخيرها أيضا وليس بجيد لان المستأجر قد يحتاج إلى ماله والمقرض قد يستغني عنه فاقتضت الحكمة الاقراض عليه دفعا لحاجة المستأجر وإن لم
يفسخ المستأجر العقد فإن كانت الإجارة متعلقة بمدة انفسخ العقد بمضيها وإن كانت مقدرة بالعمل فإذا عاد الجمال بجماله استوفاها ولو عاد بعد مضي بعض
المدة انفسخ العقد فيما مضى ويتخير المستأجر فشئ وللشافعية في الباقي طريقان تقدما ولو هرب الجمال خاصة وترك الجمال عند المستأجر فان الجمال
يحتاج إلى مؤنة ومن يقوم بما يحتاج إليه من خدمتها فيرفع المستأجر امره إلى الحاكم فان وجد له مالا أنفق منه وإن لم يجد له مالا غيرها استقرض من بيت المال
أو من بعض الناس أو من المستأجر ان لم يكن فيها فضل عن الكراء وإن كان فيها فضل باعه وانفقه عليها وعلى من يتعهدها وإذا لم يجد من يقرضه سوى المستأجر فان
قبضه منه وانفقه عليها جاز وان امره ان ينفقه بنفسه فكذلك يجوز عندنا وللشافعي قولان أحدهما كما قلناه لان إقامة امين في ذلك تشق ويتعذر لأنه يحتاج
إلى الانفاق في طريقه فجوز له ذلك كما يجوز لمن كان له دين على من لا يصل إليه فإنه يجوز له ان يأخذ من ماله شيئا ويتولى بيعه لموضع الحاجة كذا هنا والثاني
لا يجوز لأنه إذا كان أمينا في ذلك وجب قبول قوله في حق يجب له والأمين لا يقبل قوله فيما يستحقه وإنما يقبل قوله في اسقاط غرم عنه وكذا إذا اقرض من
غيره هل يجعله أمينا عندنا يجوز وعند الشافعي قولان وإذا قلنا لا يرد ذلك إليه فرده إليه قال أصحاب الشافعي يكون متطوعا ولا يرجع به لأنه بمنزلة
من ينفق بغير اذن الحاكم وإن قلنا يجوز ذلك وهو أظهر القولين فانفق وادعى نفقة نظرت فإن كان الحاكم قدر له النفقة قبل قوله فيما قدر له الحاكم ولم يقبل
قوله فيما زاد على ذلك وإن لم يقدر الحاكم فان ادعى نفقة المعروف فالقول قوله مع يمينه ان أنكر ذلك الجمال وإن ادعى زيادة النفقة على المعروف لم يرجع بها لأنه
متطوع بذلك واما ان أنفق بغير اذن الحاكم نظر فإن كان قد قدر على الحاكم لم يرجع بما أنفق لأنه متبرع وإن كان لم يقدر على الحاكم فان أنفق من غير
ذكر (شرط) الرجوع والاشهاد لم يرجع أيضا لأنا لا نعلم أنه لم يتبرع ولا يقبل قوله في ايجاب الرجوع له على غيره وان اشهد على الانفاق بشرط الرجوع رجع لأنه موضع ضرورة فقام ذلك مقام الاذن له وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يرجع لأنه لم ينفق بإذن من له الاذن فلا يرجع به وليس بجيد لأدائه
إلى اتلاف ماله ومال الغير وإن نوى الرجوع ولم يشهد فإن كان لتعذر الشهود فالوجه الرجوع لأنها حالة ضرورة وان تمكن من الاشهاد احتمل الرجوع أيضا لان ترك الجمال مع العلم بان لا بد لها من النفقة اذن في انفاق
وعدمه لأنه يثبت لنفسه حقا على غيره ولو قدر على استيذان الحاكم وانفق من غير استيذانه واشهد في ذلك ففي رجوعه وجهان إذا عرفت هذا فإذا انقضت
مدة الإجارة ورجع الجمال طولب بما عليه وسلمت الجمال إليه وإن لم يعد كان للحاكم ان يبيع منها بقدر ما حصل على صاحبها من الدين المقترض ويدفع
الدين فان بقى منها شئ كان ذلك إلى رأى الحاكم ان رأى أن يبيعه ليحفظ ثمنه على صاحبه لأنه متى أبقاها اكلت؟ بعضها بعضا لأنه يحتاج إلى أن يبيع منها وينفق
على الباقي فعل ذلك وان رأى تبقيتها ليعود صاحبها فعل وإذا مات الجمال فحكمه حكم بربه؟ ولا تنفسخ الإجارة عندنا بالموت وله ان يركبها ولا يسرف في علفها ولا يقصر
ويرجع بذلك في مال المتوفى وإن لم يكن في يد المستأجر ما ينفق لم يجز له ان يبيع منها شيئا لان البيع إنما يجوز من المالك أو نائبه أو ممن له ولاية عليه تذنيب
وعلى القول بالرجوع فيما لو أنفق بغير مراجعة الحاكم لتعذره أو لتعذر الاثبات عنده أو لغير ذلك فلو اختلفا فالقول قول الجمال لان انفاق المستأجر لم يستند إلى
ايتمان من جهة الحاكم وفيه احتمال لان الشارع سلطه عليه وإذا انقضت مدة الإجارة ولم ترجع الجمال باع الحاكم منها ما يقضي بثمنه ما اقترض ويحفظ
سايرها وان رأى بيعها لئلا تأكل نفسها فعل مسألة يجوز لولي الطفل اجارته وإجارة ما يرى من أمواله سواء كان أبا أو جدا للأب أو وصيا أو
قيما من جهة الحاكم مع المصلحة له في ذلك لكن لا يجوز مدة بلوغه بالسن فلو اجره مدة يبلغ في أثنائها مثل إن كان له تسع سنين فيوجره عشر سنين بطل الزائدة على مدة
البلوغ وفيما لا يزيد يتخير المستأجر بين الفسخ لتبعض الصفقة عليه وبين الامضاء بقدر نصيبه من مال الإجارة وللشافعية طريقان قال أكثرهم تبطل فيما زاد
على مدة البلوغ وفيما لا يزيد قولا تفريق الصفقة وقطع بعضهم بالبطلان كما إذا اجر الراهن الرهن مدة يحل الدين قبل انقضائها ويجوز ان يوجره مدة لا يبلغ
فيها بالسن وإن احتمل ان يبلغ فيها بالاحتلام لان الأصل دوام الصغر فلو اتفق الاحتلام في أثنائها فللشافعية وجهان أظهرها ان الإجارة تبقى وهو قول
الشيخ في الخلاف لأنه كان وليا حين تصرف وقد بني تصرفه على المصلحة فتلزم كما لو زوجه ثم بلغ ولان الإجارة عقد لازم عقده من له عقده بحق الولاية
فلم يبطل بالبلوغ كما لو باع داره والثاني ان الإجارة تنفسخ في الزايد وهو المعتمد عندنا الا ان يجير الصبي بعد البلوغ فيلزم لأنا بينا انه قد زاد على مدة
ولايته وقد تصرف في منافع لا يملك التصرف فيها ولا ولاية له عليه (فيها) فأشبه ما إذا عقد عليه بعد البلوغ وقال بعض الشافعية ينظر فيما عقد عليه الأب
من المدة فان تحقق انه يبلغ قبل انقضائها مثل ان يكون له أربع عشرة سنة فيوجره سنتين فإنه يبلغ بتمام خمس عشرة سنة فلا يصح العقد في إحديهما
وهل يصح في الأخرى مبنى على تفريق الصفقة فإن كانت مدة لا يتحقق بلوغه فيها فلا يلزم الصبي بعقد الولي لان ذلك يؤدي إلى أن يعقد على منافعه
طول عمره ولا يشبه هنا؟ النكاح فان النكاح لا يمكن تقدير مدة فيه وإنما يعقد للأبد وقال أبو حنيفة إذا بلغ الصبي ثبت له الخيار لأنه عقد على منافعه في
حال لا يملك التصرف على نفسه فإذا ملكه ثبت له الخيار كالأمة إذا عتقت تحت عبد وقد اختلف عبارة الشافعية فتارة قالوا بالانفساخ وتارة تبين
البطلان وعلى القول ببقاء الإجارة هل يثبت عندهم للصبي خيار الفسخ إذا بلغ أظهرهما لا كما لو زوج ابنته ثم بلغت لا خيار لها والثاني يثبت وبه قال أبو
حنيفة لان التصرف كان لمصلحته وهو اعرف بمصلحته بعد البلوغ تذنيب لو اجر الولي مال المجنون فافاق في أثناء المدة فهو في معنى البلوغ بالاحتلام
327

تذنيب اخر لو مات الولي المؤجر للصبي وماله أو عزل وانتقلت الولاية إلى غيره لم يبطل عقده لأنه تصرف وهو من أهل التصرف في محل ولايته فلم يبطل تصرفه
بموته أو عزله كما لو مات ناظر الوقف أو عزل أو مات الحاكم بعد تصرفه فيما له النظر فيه ويفارق فيما لو اجر الموقوف عليه الوقف مدة ثم مات في أثنائها فإنه اجر ملك غيره بغير
اذنه في مدة لا ولاية له فيها وهنا انما يثبت للوالي الثاني الولاية في التصرف فيما لم يتصرف فيه الأول وهذا العقد قد تصرف فيه الأول فلم يثبت للثاني ولاية على
ما يتناوله مسألة العقود الناقلة المتجددة لا تبطل عقد الإجارة السابق عليها فلو اجر عبده مدة ثم أعتقه في أثنائها صح العتق ونفذ قولا واحدا
لا نعلم فيه خلافا لان المغصوب والآبق لو اعتقهما نفذ فهذا أولي ولان الحيلولة لا تمنع العتق كالعبد المغصوب ولا تبطل الإجارة عند علمائنا وهو أصح قولي الشافعي
لان السيد أزال ملكه عن المنافع مدة الإجارة قبل العتق فالاعتاق يتناول ما بقى ملكا له ولأنه اجر ملكه ثم طرأ ما يزيل الملك فأشبه ما إذا اجر ثم مات وقال بعض
الشافعية ان الإجارة تنفسخ كما إذا مات البطن الأول والصحيح عندهم عدم الفسخ إذا ثبت هذا فان العقد يلزم العبد ولا خيار له بعد العتق في فسخه لان المؤجر
تصرف في ملكه الخالص لنفسه فلا وجه للاعتراض عليه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان له الفسخ كما إذا أعتقت الأمة تحت الزوج الرقيق وليس بجيد لأن العقد
وقع لازما فلا يملك ابطاله بالعتق بخلاف النكاح لتضمنه الاستمتاع التابع للشهوة إذا تقرر هذا فان العبد لا يرجع على السيد بأجرة باقي المدة بعد
العتق لان السيد تصرف في منافعه تصرفا كان تملكه فإذا طرأت الحرية لم يملك الرجوع عليه كما لو كانت أمة فتزوجها واستقر مهرها بالدخول ثم أعتقها فان ما
يستوفيه الزوج بعد العقد لا يرجع به على السيد هذا قول الشافعي في الجديد وهو أصح القولين عندهم وقال في القديم ان العبد يرجع بأجرة المثل على
سيده عن مدة الحرية لان المنافع يستوفى منه قهرا بسبب كان من جهة السيد فيرجع بها عليه كما إذا كرهه على عمل والفرق ان المكره متعد بالاكراه وعلى القول
بالقديم فان نفقة العبد في مدة الحرية على نفسه إذا اشترط على المستأجر لأنه مالك لمنفعته وعلى الثاني فوجهان أحدهما انها على السيد لإدامته الحبس عليه ولأنه كالباقي
على ملكه من حيث إن منافعه له ولان نفقته ليست عليه لعدم قدرته على منافعه لأنه مشغول بالإجارة ولا على المستأجر لأنه لم يشرط عليه النفقة وقد استحق منفعته بعوض عن نفقته
فلم يبق إلا المعتق وأشبههما عندهم انها في بيت المال وهو الذي يقتضيه مذهبنا لان ملك السيد قد زال عنه وهو عاجز عن تعهد نفسه مسألة
قد بينا أن الإجارة قد تقع لازمة جميع المدة وان أعتق في أثنائها وهو أصح قولي الشافعية لأنه عقد لازم من جهة من ملك العقد فوجب ان لا يثبت الخيار للمعقود عليه
كما لو زوج ابنه أو بنته ثم بلغا وقال أبو حنيفة يثبت للعبد الخيار كالأمة إذا أعتقت تحت زوج والفرق ان الأمة انما يثبت لها الخيار لأجل نقصه وكماله ولو ظهر للعبد عيب
بعد العتق وفسخ المستأجر الإجارة فان قلنا إن العبد إذا أعتق يرجع على السيد بأجرة المثل فالمنافع هنا للعبد وان قلنا إنه لا يرجع فهل المنافع هنا للعبد أو للسيد فيه
احتمال وللشافعية وجهان ولو اجر عبده ومات واعتقه الوارث في المدة ففي انفساخ الإجارة ما سبق من الخلاف لكن إذا قلنا بعدم الانفساخ فلا خلاف هنا في أنه
لا يرجع على المعتق بشئ ولو اجر أم ولده ومات في المدة عتقت وفي بطلان الإجارة الخلاف المذكور فيما إذا اجر البطن الأول ومات وكذا الحكم في اجارة المعلق عتقه
بصفة وإنما تجوز اجارته مدة لا يتحقق وجود الصفة فيها فإن تحقق فهو كإجارة الصبي مدة يتحقق بلوغه فيها وكتابة العبد المؤجر جايزة وللشافعية قولان أحدهما المنع
لأنه لا يمكنه التصرف لنفسه وليس بجيد لامكان ان يأخذ من الصدقات أو يقترض ما يدفعه في مال الكتابة أو يسقط المولى عنه مالها أو يسقط المستأجر منافعه فعلى
ما اخترناه من الجواز يجي ء الخلاف في (ان) الخيار للعبد في الرجوع على السيد مسألة إذا اجر عينا ثم باعها على المستأجر صح البيع اجماعا لأنه عقد بيع صادف ملكا
فصح كغيره ولان الملك في الرقبة خالص له وعقد الإجارة إنما وردت على المنفعة فلا يمنع من بيع الرقبة كما أن تزويج الأمة لا يمنع من بيعها ولان التسليم غير متعذر
لا يقال ألستم قلتم ان المبيع قبل القبض لا يجوز بيعه من البايع ولا من غيره فالا سويتم هنا بين المستأجر وغيره لأنا نقول هذا لا يلزمنا لأنا نقول بالتسوية بينهما على ما يأتي وانما
يرد على الشافعي حيث فرق في أحد القولين والفرق عنده ان المانع من البيع ان العين لا تدخل في ضمان المشتري وذلك موجود في بيعها من البايع والمانع من الإجارة
الحيلولة وذلك غير موجود إذا كان المشتري هو المستأجر إذا ثبت هذا فهل تبطل الإجارة أم لا الحق عندنا انها لا تبطل وهو أصح وجهي الشافعية لأنه ملك المنافع
أولا بعقد الإجارة ملكا مستقرا فلا تبطل بما يطرأ من ملك الرقبة وإن كانت المنافع تتبعها لولا الملك الأول كما أنه إذا ملك ثمرة غير مؤبرة ثم اشترى الشجرة لا تبطل ملك
الثمرة وإن كانت تدخل في الشراء لو لم يملكها أولا ولأنه ملك المنفعة بعقد وملك الرقبة مسلوبة المنفعة فلم يتنافيا كما تملك الثمرة بعقد ثم يملك الأصول وكذا إذا اجر
الموصى له بالمنفعة لمالك الرقبة صح العقد فدل على أن ملك المنفعة لا ينافي ملك الرقبة وكذا لو استأجر المالك العين المستأجرة من مستأجرها جاز والثاني للشافعية
ان الإجارة تبطل فيما بقى من المدة لان ملك الرقبة لما منع ابتداء الإجارة منع استدامتها الا ترى ان المالك لما منع ابتداء النكاح منع استدامته فإنه كما يجوز ان يزوج أمته
كذلك لو اشترى زوجته انفسخ نكاحه والأصل فيه انه إذا ملك الرقبة حدثت المنافع على ملكه تابعة للرقبة وإذا كانت المنافع مملوكة له ثم عقد الإجارة عليها
كما أنه لو كان مالكها في الابتداء لم يصح منه الاستيجار والفرق بين النكاح والمتنازع ان ملك الرقبة في النكاح يغلب ملك المنفعة الا ترى ان سيد الأمة إذا زوجها لا يجب عليه تسليمها وان قبض الصداق وفي الإجارة ملك المنفعة يغلب ملك الرقبة فان المؤجر إذا قبض الأجرة يجب
عليه تسليم العين وأيضا فان المؤجر لم يكن مالكا للمنفعة حين باع فلا يصير المنافع ملكا للمشتري بالشراء والسيد مالك لمنفعة بضع الأمة للزوجة الا ترى انها
لو وطئت بالشبهة يكون المهر له لا للزوج فإذا باع تبع منافع المملوكة له رقبتها وملكها الزوج بالشراء فانفسخ النكاح إذا ثبت هذا فان قلنا بانفساخ الإجارة فهل
يرجع المستأجر على المؤجر بأجرة باقي المدة للشافعية قولان أحدهما لا يرجع قاله ابن الحداد لان الإجارة انفسخت بمعنى كان من جهته فأشبه المرأة إذا ارتدت
ولان المنافع قايمة في يده ولأنه لو اشترى زوجته لا يسقط المهر وأصحهما عندهم انه يرجع لان الأجرة انما تستقر بسلامة المنفعة للمستأجر على موجب الإجارة فإذا
انفسخت الإجارة سقطت الأجرة كساير أسباب الانفساخ ويخالف المهر فان استقراره لا يتوقف على سلامة المنفعة للزوج بدليل ما إذا ماتت والمرتدة أتلفت
عليه المعقود عليه مع أن ما قالوه يبطل بما إذا تقابلا فإنه يرجع بالأجرة ولو فسخ المستأجر البيع بعيب لم يكن له الامساك بحكم الإجارة لأنها قد انفسخت بالشراء ولم يرجع بالأجرة لان الإجارة انفسخت وسقطت الأجرة الرد بالعيب
قطع للمالك من حين الرد ولو تلفت العين لم يرجع على البايع بشئ لان الإجارة غير باقية عند التلف حتى يتأثر به على الوجه الأخر وهو ان الإجارة لا ينفسخ بالشراء ففي صورة فسخ البيع بالعيب له الامساك بحكم الإجارة ومن قال ينفسخ ويرجع بالأجرة
فيرجع بها ولو فسخ عقد الإجارة رجع على البايع بأجرة بقية المدة وفي صورة التلف تنفسخ الإجارة بالتلف وحكمه ما تقدم ولو اجرها من رجل وباعها من اخر
وقلنا يصح البيع ثم حدث بها عيب يفسخ المستأجر الإجارة رجعت المنفعة إلى صاحب الرقبة عند بعض الشافعية لان المنفعة تابعة للرقبة وإنما استحقت بعقد
الإجارة فإذا زالت عادت إليه كما تقول في الأمة المؤجرة إذا طلقها الزوج وقال بعضهم ترجع المنفعة إلى البايع لان المشتري ملك العين مسلوبة المنفعة تلك
المدة بالبيع فلا يرجع إليه ما لم يملكه ولان البايع تستحق عوضها على المستأجر فإذا سقط المعوض عاد العوض إليه مسألة لو باع المؤجر العين المستأجرة من غير المستأجر صح عند علمائنا
328

وبه قال مالك واحمد والشافعي في أصح القولين ويملكها المشتري مسلوبة المنفعة تلك المدة لان الإجارة إنما ترد على المنفعة فلا تمنع بيع الرقبة كالتزويج ولان البيع إنما وقع
على غير المعقود عليه في الإجارة فلم يغير حكم الإجارة كبيع الأمة المزوجة ولما رواه إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إلى أبى الحسن عليه السلام سألته عن رجل استأجر ضيعة من
رجل فباع المؤجر تلك الضيعة التي اجرها بحضرة المستأجر ولم ينكر المستأجر البيع وكان حاضرا له شاهدا عليه فمات المشترى وورثه هل يخرج ذلك إلى الميراث أم يبقى في يد
المستأجر إلى أن تنقضي اجارته فكتب إلى أن تنقضي اجارته والثاني للشافعي ان البيع باطل لان يد المستأجر حايلة تمنع التسليم إلى المشتري فمنعت الصحة كبيع المرهون من غير
المرتهن وبيع المغصوب قال بعض الشافعية ولا فرق بين ان يأذن المستأجر أو لم يأذن والفرق بين يد المغصوب والمستأجر ان الغصب يمنع التسليم ويد المستأجر لا تمنع
فافترقا ولئن منعت التسليم في الحال فلا تمنع في الوقت الذي يجب التسليم فيه وهو عند انقضاء مدة الإجارة وتكفى القدرة على التسليم حينئذ كالمسلم فيه وقال أبو حنيفة
ان البيع موقوف على اجازة المستأجر فان اجازه جاز وبطلت الإجارة وان رد البيع بطل إذا ثبت هذا فان البيع يصح ويملك المشتري المبيع مسلوب المنفعة إلى حين انقضاء الإجارة
ولا تستحق تسليم العين الا حينئذ لان تسليم العين انما يراد لاستيفاء نفعها ونفعها انما يستحقه إذا انقضت الإجارة فيصير هذا بمنزلة من اشترى عينا في مكان بعيد فإنه لا
يستحق تسليمها إلا بعد مضي مدة يمكن احضارها فيها وكالسلم إلى وقت لا يستحق تسليم المسلم فيه إلا في وقته ولا تنفسخ الإجارة على ما قلناه كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة
المزوجة ويترك في يد المستأجر إلى انقضاء المدة ولو كانت الإجارة في مدة لا يتصل أوقاتها كما لو استأجر سنة الأيام دون الليالي استحق المشتري تسليم العين في المدة
التي ليست للمستأجر حق الامساك فيما إذا عرفت هذا فان المشتري إن كان عالما بالحال لم يكن له خيار فلا فسخ له ولا اجرة لتلك المدة وإن كان جاهلا بالإجارة ثبت
له الخيار في فسخ البيع وامضائه مجانا لان الإجارة تمنعه من استيفاء منافعه والمنافع هي المقصودة بالبيع فأشبه العيب ولو كان جاهلا فأجاز كان بحكم العالم
مسألة لو باع المؤجر العين في مدة الإجارة ورضى المشتري ثم وجد المستأجر بالعين عينا ففسخ الإجارة بذلك العيب أو عرض ما ينفسخ به الإجارة فمنفعة بقية المدة للمشتري عند بعض الشافعية
لان عقد البيع يقتضي استحقاق المشتري للرقبة والمنفعة جميعا إلا أن الإجارة السابقة كان تمنع منه فإذا انفسخت خلص المال له بحق الشراء كما إذا اشترى جارية
مزوجة فطلقها زوجها تكون منفعة البضع للمشتري وليس للبايع الاستمتاع بها ولا تزويجها من الزوج المطلق وقال بعضهم انها للبايع لأنه لم يملك المشتري منافع
تلك المدة وبنى بعضهم الوجهين على أن الرد بالعيب يرفع العقد من أصله أو من حينه ان قلنا بالأول فهى للمشتري وكان الإجارة لم تكن وإن كان من حينه فللبايع
لأنه لم يوجد عند الرد ما يوجب الحق للمشتري ولو تقايلا الإجارة فان جعلنا الإقالة عقدا فهي للبايع وإن جعلناها فسخا فكذلك على أصح القولين لأنها ترفع
الحق من حينها لا محالة وإذا حصل الانفساخ رجع المستأجر بأجرة بقية المدة على البايع ويمكن ان يقال يرجع على المشتري وليكن هذا مفرعا على أن المنفعة يكن
للمشتري لأنه رضي بالمبيع ناقص المنفعة فإذا حصلت له المنفعة جاز ان يؤخذ منه بدلها والخلاف في بيع المستأجر يجرى في هبة وتجوز الوصية به مسألة
لو باع عينا واستثنى لنفسه منفعتها شهرا أو سنة صح البيع والاستثناء عندنا وللشافعية طريقان أحدهما انه على القولين في بيع الدار المستأجرة لأنه إذا جاز
ان لا يكون المنافع للمشتري مدة بل يكون للمستأجر كذلك جاز ان يكون للبايع لان جابر أباع في بعض الاسفار بعيرا من رسول الله صلى الله عليه وآله على أن يكون
له ظهره إلى المدينة والثاني القطع بالمنع لأن اطلاق البيع يقتضي دخول المنافع التي يملكها البايع في العقد والاستثناء بغير مقتضاه فيمنع منه وفى بيع
المستأجر المنافع ليست مملوكة للبايع وأيضا فان استثناء المنفعة اشتراط الامتناع من التسليم الذي هو مقتضي العقد فلا يمكن ان يقدر كون البايع نايبا عن
المشتري في اليد والقبض لكن يجوز ان تقام يد المستأجر مقام يد المشتري ويقال انه يمسك المال لنفسه بالإجارة فللمالك تملك الرقبة والأظهر المنع عندهم
سواء ظهر الخلاف أو لا ونمنع كون الاستثناء بغير مقتضي العقد فان مقتضى العقد دخول المنافع مع الاطلاق إما مع التقييد بشرط عدم الدخول فلا
وذلك كاستثناء جزء من العين فلو قال بعتك هذه الدار إلا هذا البيت صح البيع والاستثناء اجماعا فكذا لو استثنى المنفعة بل هنا أولي لان اخراج العارض؟
أقل مناقضة من اخراج الذاتي بالمقوم وكذا في اشتراط الامتناع من التسليم مسألة لو باع العين المستأجرة من
المستأجر فقد قلنا إنه يصح البيع ولا تبطل
الإجارة على الأقوى ولا يثبت للمشتري هنا خيار هذا إذا كان عالما بالحال إما لو استأجر وكيله من غير علم منه ثم اشترى هو أو بالعكس أو عقد وكيلا له العقدين
ولا شعور لمشتري منهما بالحال فان المشترى يثبت له الخيار بين الفسخ والامضاء كالأجنبي لو اشترى ولو كان وكيل الشراء عالما بالحال فهذا كما لو كان المشترى عالما
لا خيار له ولو اوصى لزيد برقبة دار ولعمر بمنفعتها فاجرها عمر ومن زيد صحت الأجرة عندنا وللشافعية وجهان كالخلاف فيما لو باع مسألة لو اجر داره
من وارثه ثم مات فورثه المستأجر فالحكم فيه كما لو اشتراها في بطلان الإجارة أو بقاؤها وللشافعية وجهان الا انه لا فرق في الحكم بين فسخ الإجارة وابقائها
وإذا قلنا بالفسخ رجع بالأجرة من تركته قولا واحدا وفرق ابن الحداد من الشافعية بين الوارث والمستأجر بان الوارث دخل في ملكه بغير اختياره فلو استأجر
انسان من ابنه دارا ثم مات الأب وخلف ابنين أحدهما المستأجر فان الدار يكون بينهما نصفين والمستأجر أحق بها لان النصف الذي لأخيه (الإجارة) باقية فيه والنصف
الذي ورثه تستحقه إما بحكم الإجارة والميراث وما عليه من الأجرة بينهما نصفين وإن كان أبوه قد قبض الأجرة لم يرجع بشئ منه على أخيه ولا بتركة أبيه ويكون
ما خلفه أبوه بينهما نصفين لأنه لو رجع بشئ افضى إلى أن يكون قد ورث النصف بمنفعته وورث اخوه نصفا مسلوب المنفعة والله تعالى قد سوى
بينهما في الميراث ولأنه لو رجع بنصف اجر النصف الذي انتقضت الإجارة فيه لوجب ان يرجع اخوه بنصف المنفعة التي انتقضت الإجارة فيما إذ لا يمكن ان
يجمع له بين المنفعة واخذ عوضها من غيره مسألة لو اجر المستأجر العين التي استأجرها من المالك للمالك صحت الإجارة وهو أصح وجهي الشافعية وهو
منصوص الشافعي عندهم كما يجوز ان يشتري شيئا ثم يبيعه من بايعه وبه قال ابن الحداد من الشافعية وعد ذلك من مناقضاته لأنه حكم بانفساخ الإجارة إذا اشترى من
المستأجر ما استأجره لامتناع اجتماع الملك والإجارة وانه لازم هنا ولا فرق بين ان يكترى ثم يملك وبين ان يملك ثم يكترى لا يقال الاستيجار السابق لم يمنع صحة
الشراء اللاحق كذلك الملك السابق وجب ان لا يمنع صحة الاستيجار اللاحق لكن ينفسخ الإجارة إذا حصل الاجتماع كما انفسخت هناك لأنا نقول إن ما ينفسخ إذا كان
سابقا وجب ان لا يصح إذا طرأ على ما لا ينقطع الا ترى ان النكاح لما انفسخ إذا كان سابقا لم يصح إذا طرء على الملك والوجه الثاني المنع من صحة الإجارة وبه قال
ابن شريح من الشافعية لاجتماع الإجارة والملك وأيضا فان المؤجر يطالب التسليم مدة الإجارة فإذا اكترى ما اكرى كان مطالبا ومطالبا في عقد واحد وذلك
لا يحتمل الا في حق الأب والجد في مال الصغير وقد بينا امكان اجتماع الإجارة والملك ونمنع وحده العقد مسألة لو اجر دارا من ابنه ومات الأب في
329

المدة ولا وارث له سوى الابن المستأجر وعليه ديون مستغرقة فان قلنا إن الوارث لا يملك التركة إذا كان الدين مستغرقا بقيت الإجارة بحالها وان قلنا يملك وهو الأقوى عندي
والظاهر من مذهب الشافعي لا تنفسخ الإجارة لامكان اجتماع الملك والإجارة وهو الظاهر من (مذهب) وجهي الشافعية وعلى قول ابن الحداد بالمنع من اجتماعهما تنفسخ الإجارة
لان الملك طرأ على الإجارة كما لو طرأ بطريق الشراء أو إذا انفسخت الإجارة قال ابن (الحداد) الابن؟ غريم يضارب بأجرة باقي المدة مع الغرماء وهذا خلاف قوله في الشراء انه لا يرجع
فبعض الشافعية تكلف له فرعين أحدهما ان الانفساخ في صورة الشراء حصل باختيار المستأجر وفي الميراث لا منع للمستأجر فلا يسقط حقه والثاني ان الإجارة
هناك وان انفسخت فلا يخرج المنافع من يده وهنا يخرج لان الدار يباع في الديون وهما ضعيفان إما الأول فلانه لا فرق في سقوط الأجرة بين ان تفوت المنافع
ويحصل الانفساخ بفعله أو لا بفعله الا ترى ان هدم المستأجر الدار كانهدامها واما الثاني فلان بقاء المنافع هناك ليس من مقتضي الإجارة بل لأنها مملوكة
بالبيع والتملك بغير جهة الإجارة لا يقتضي استقرار عوض الإجارة وهذا كما لو تقايلا البيع ثم وهب البايع المبيع من المشتري لا يستقر عليه الثمن ولو مات الأب المؤجر
عن ابنين أحدهما المستأجر فعلى أظهر وجهي الشافعية لا تنفسخ الإجارة في شئ من الدار ويسكنها المستأجر إلى انقضاء المدة ورقبتها بينهما بالإرث وقال ابن الحداد
تنفسخ الإجارة في النصف الذي ملكه المستأجر وله الرجوع بنصف اجرة ما انفسخ العقد فيه لان قضية الانفساخ في النصف الرجوع بنصف الأجرة لكنه خلف ابنين
والتركة في يدهما والدين الذي يلحقهما يتوزع فيخص الراجع الربع ويرجع بالربع على أخيه فإن لم يترك الميت شيئا سوى الدار بيع من نصيب الأخ المرجوع عليه بقدر
ما ثبت به الرجوع وهذا مستبعد عند الشافعية لان الابن المستأجر ورث نصيبه مسلوب المنفعة ثم قد تكون اجرة مثل الدار في تلك المدة مثلي ثمنها فإذا رجع على الأخ بربع الأجرة احتاج إلى بيع جميع نصيبه فيكون أحدهما قد فاز بجميع نصيبه وبيع نصيب الأخر وحده في دين الميت ولو لم
يخلف سوى الابن المستأجر ولا دين عليه فلا فايدة في الانفساخ ولا اثر له لان الكل له سواء اخذ بالإرث أو مدة الإجارة بالإجارة وبعدها بالإرث وسواء
اخذ بالدين أو بالإرث مسألة لو اجر البطن الأول من الموقوف عليهم من البطن الثاني ومات المؤجر في المدة فان قلنا لو اجر من أجنبي ارتفعت الأجرة فهنا
أولي والا فللشافعية وجهان من جهة انه طرأ الاستحقاق في دوام الإجارة فأشبه ما إذا طرأ الملك قال الجويني وهذه الصورة أولي بارتفاع الإجارة لان المالك
يستحق المنفعة تبعا للرقبة والموقوف عليه يستحقها مقصودا لا بالتبعية وهذا الترتيب مبني على أن الموقوف عليه لا يملك الرقبة إما إذا قلنا إنه يملكها أمكن
ان يقال هو كالمالك في استحقاق المنفعة تبعا للرقبة تذنيب لو استأجر من المستأجر ثم اجره صح وكذا لو اجر المستأجر الثاني ومن المالك ولا فسخ هنا لدخول
الثالث بينهما ولو باع المالك من المستأجر الثاني صح البيع ولم تبطل الإجارة وهذا الفرع لم نقف عليه لاحد الفصل السادس في المتنازع مسألة
لو اختلفتا في الإجارة وعدمها فالقول قول منكرها سواء كان هو المؤجر أو المستأجر قضية للأصل والأخبار الدالة على تقديم قول المنكر فلو ادعى المتشبث الايداع
وادعى المالك الإجارة قدم قول المتشبث في عدم الاستيجار وقول المالك في عدم الايداع ويثبت الأقل من المدعي وأجرة المثل ولو كان ذلك قبل مضي شئ من المدة
فلا شئ على المتشبث ولو حصل التداعي في أثناء المدة بطلت دعوى الإجارة في الباقي ويثبت في الماضي ما قلناه هذا كله مع اليمين وكذا لو ادعى المالك الإجارة
وادعى المتشبث العارية ولو ادعى المالك الإجارة والمتشبث الغصب حلف المتشبث على عدم الإجارة ولا يحلف المالك على عدم الغصب لان أجرة المثل للمنافع
تجب له باعتراف المتشبث على الغصب ولو انعكس الفرض حلف المالك على عدم الإجارة والمتشبث على عدم
الغصب ويثبت الأكثر من مال الإجارة وأجرة المثل مسألة
لو اختلفا في قدر الأجرة فادعى المالك انه اجره بدينار سنة وقال المستأجر بل بنصف دينار قال علمائنا يقدم قول المستأجر لأنه منكر للزيادة فكان القول قوله مع
اليمين وبه قال أبو ثور وقال الشافعي يتحالفان ويبدء بيمين المؤجر لأنه كالبايع والإجارة نوع من البيع فإذا تحالفا قبل مضي شئ من المدة فسخ العقد ورجع كل واحد
منهما في ماله ولو رضي أحدهما بما حلف عليه الأجرة أقر العقد وان فسخا العقد بعد المدة أو شئ منها سقط المسمى ووجب أجرة المثل كما لو اختلفا في المبيع بعد تلفه وبه
قال أبو حنيفة ان لم يكن عمل العمل وإن كان علمه فالقول قول المستأجر فيما بينه وبين أجرة المثل وقال بعض العامة القول قول المالك لقول النبي صلى الله عليه وآله
إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البايع وهذا يحتمل ان يريد به إذا اختلفا في في المدة واما إذا اختلفا في العوض فالصحيح ما قلناه على أن المبيع ليس كالإجارة مسألة لو اختلفا
في المدة فقال اجرتك سنة بدينار فقال بل سنتين بدينارين فالقول قول المالك مع يمينه لأنه منكر للزيادة فكان القول قوله فيما أنكره وان قال اجرتك سنة بدينار
فقال بل سنتين بدينار فهنا قد اختلفا في قدر العوض والمدة جميعا فيحتمل تقديم قول المالك والتحالف لأنه لم يوجد الاتفاق منهما على عوض ولو كان المالك اجرتكها
سنة بدينار فقال الساكن بل استأجرتني على حفظها بدينار قدم قول المالك لان الساكن قد استوفى منافع الدار فيحلف المالك انه لم يستأجره ويحلف الساكن انه لم يستأجر
الدار ويلزمه أجرة المثل مسألة لو اختلفا في المعقود عليه فقال اجرتك الدار بكذا فقال بل أجرتني الحمام بكذا تحالفا وسقط مال الإجارة وإن كان المستأجر
قد تصرف فيما أدعاه هو أو أدعاه المالك كان عليه أجرة المثل وكذا لو قال آجرتك العبد فقال بل الجارية ولو قال اجرتك هذا البيت بدينار فقال بل أجرتني البيت
وباقي الدار بالدينار احتمل تقديم قول المالك والتحالف إما لو لم يذكر العوض ولا تنازعا فيه بان كان قد قبضه المالك واتفقا على براءة ذمة المستأجر منه ثم ادعى انه استأجر الدار
بأسرها فقال المالك بل اجرتك هذا البيت منها خاصة فإنه يقدم قول المالك قطعا مع اليمين مسألة لو اختلفا في رد العين المستأجرة إلى المؤجر فادعاه
المستأجر وانكر المالك قدم قول المالك مع يمينه لأصالة عدم الرد ولو اختلفا في رد العين التي استؤجر الصانع لعمل صنعة فيها فالقول قول المالك أيضا لأصالة
عدم الرد ولو اختلفا في التعدي في العين المستأجرة وعدمه فالقول قول المستأجر مع يمينه لأنه مؤتمن عليها ولما رواه جعفر بن عثمان قال حمل أبي متاعا إلى الشام مع جمال
فذكر ان حملا منه ضاع فذكرت لأبي عبد الله (ع) فقال أتتهمه قلت لا قال لا تضمنه وعن خالد بن الحجاج انه سأل الصادق عليه السلام عن الملاح أحمله الطعام ثم اقبضه منه فينقص فقال إن كان مأمونا فلا تضمنه ولان الأصل عدم العدوان والبراءة من الضمان وان ادعى ان العبد ابق من يده وان الدابة
سرقت أو نفقت وانكر المؤجر فالوجه تقديم قول المستأجر لأنه امين ولا اجر عليه إذا حلف على التلف عقيب العقد لأصالة عدم الانتفاع وهو إحدى الروايتين عن أحمد
والثانية ان القول قول المالك لأصالة السلامة والمعتمد الأول مسألة لو اجر عبدا مدة ثم ادعى ان العبد مرض في يده نظر فان جاء به صحيحا فالقول قول المالك
سواء وافقه العبد أو خالفه وإن جاء به مريضا فالقول قول المستأجر وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه إذا جاء به صحيحا فقد ادعى ما يخالف الأصل وليس معه دليل عليه وإذا
جاء به مريضا فقد وجدت ما يخالف الأصل يقينا فكان القول قوله في مدة المرض لأنه اعلم بذلك لكونه في يده وكذا لو ادعى اباقه وجاء به غير ابق وعن أحمد رواية أخرى انه يقبل
قوله في اباق العبد دون مرضه وبه قال الثوري وإسحاق والوجه التسوية بينهما لأنهما متساويا في تفويت المنفعة فكانا سواء في دعوى ذلك ولو هلكت العين
واختلفا في هلاكها ووقته ومدته أو ابق العبد أو مرض واختلفا في وقت ذلك ومدته قدم قول المستأجر لان الأصل عدم العمل ولان ذلك حصل في يده وهو
330

اعلم به مسألة لو ادعى الصايغ أو الملاح أو المكاري هلاك المتاع وانكر المالك كلفوا البينة لانهم ادعوا خلاف الأصل فان فقدت فعليهم الضمان وقال بعض
علمائنا يكون القول قولهم مع اليمين لانهم امناء وهو أشهر الروايتين وقد روي الحلبي عن الصادق (ع) قال في الصايغ والقصار ما سرق منهم من شئ فلم
يخرج منه على أمر بين انه قد سرق وكل قليل له أو كثير فهو ضامن وان فعل فليس عليه شئ وان لم يفعل ولم يقم البينة وزعم أنه قد ذهب الذي ادعى عليه فقد ضمنه إلا أن
يكون له على قوله البينة وفى حديث معاوية بن عمار الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الصباغ والقصار قال ليس يضمنان قال الشيخ (ره) الوجه في هذا الخبر انهما لا يضمنان
إذا كانا مأمونين فاما إذا اتهمتهما ضمنهما جمعا بين الأحاديث إذا عرفت هذا فلو ادعى المالك التفريط وانكروا فالقول قولهم مع اليمين لأصالة البراءة مسألة إذا دفع
انسان إلى خياط ثوبا ليقطعه ويخيطه فخاطه قباء ثم اختلفا فقال الخياط هكذا أمرتني وقال المالك بل امرتك ان تقطعه قميصا أو قال الخياط أمرتني ان اقطعه قميص امرأة
وقال المالك بل امرتك ان تقطعه قميص رجل فالقول قول المالك مع يمينه لأصالة عدم اذنه في قطع ما أدعاه الخياط فإذا لم يكن هناك بينة فعليه اليمين ثم قال (ره)
ولو قلنا إن القول قول الخياط لأنه غارم ورب الثوب مدع عليه قطعا لم يأمره به ليلزمه ضمان الثوب فيكون عليه البينة فإن فقدت فعلى الخياط اليمين كان
قويا وهذا يدل على تردده في هذه المسألة والمعتمد ما قاله أولا لان الخياط قد تصرف في ثوب غيره وادعى الاذن فالقول قول صاحبه لأنه المنكر هنا
واضطرب قول الشافعي هنا فإنه قال في اختلاف العراقيين كان ابن أبي ليلى يقول القول قول الخياط وكان أبو حنيفة يقول القول قول رب الثوب وهذا أصح القولين
ونقل المزني هذين القولين إلى جامعية الكبير والصغير ثم قال المزني قال الشافعي كلا القولين مدخول لان الخياط يدعي الأجرة وينفي الغرم ورب الثوب
يدعي الغرم وينفي الأجرة فلا اقبل قولهما وأردهما إلى أصل القياس على السنة فيحلف كل واحد منهما لصاحبه وارد الثوب على صاحبه والأجرة للخياطة ولا غرم عليه
وقال الشافعي في الاملاء إذا دفع إلى صباغ ثوبا فصبغه اسود فقال رب الثوب امرتك بصبغه بالأحمر وقال الصباغ بل بالأسود يتحالفان وعلى الصباغ ما
نقص واختلف أصحابه في هذه المسألة على ثلثة طرق أحدها ما ذهب إليه ابن شريح وأبو إسحاق وغيرهما ان في المسألة قولين أحدهما القول قول الخياط وبه قال ابن
أبي ليلى ومالك واحمد لأنهما اتفقا على القطع المطلق والاذن فيه وملكه الخياط فكان الظاهر أنه فعل ما ملكه وانه لا غرم عليه والظاهر أنه لم يتعد المأذون ولان المالك
يدعي عليه الغرم والأصل عدمه ولا نزاع في المطلق بل في ايجاده في خصوصية لم يثبت اذن المالك فيها فيكون ضامنا والثاني ان القول قول رب الثوب وبه قال
أبو حنيفة لأنهما اختلفا في صفة اذنه والقول قول الاذن في أصل الاذن فكذا في صفته كما لو دفع إليه عينا فقال
صاحبها أودعتكها وقال المدفوع إليه وهبتها لي
فالقول قول المالك الطريق الثاني ان فيها ثلاثة أقوال هذان والثالث انهما يتحالفان لان كل واحد منهما مدع ومدعى عليه لان رب الثوب يدعى عليه الغرم وينفي
الأجرة الخياط يدعي عليه الأجرة وينفي الغرم فيتحالفان وليس بجيد لان الاختلاف وقع في الاذن لا في الأجرة والغرم فكان القول قول منكر الاذن ولان الخياط يعترف بأنه
أحدث نقصا في الثوب ويدعي انه مأذون فيه والأصل عدمه ولأنه يدعى انه اتى بالعمل الذي استأجره عليه والمالك ينكره فأشبه ما إذا استأجر لحمل متاع وقال الأجير
حملت فأنكر المالك فان القول قول المالك ومن قدم قول الخياط فلا بد وأن يقول بالتحالف لأنه إذا حلف الخياط خرج من ضمان الثوب فيحلف المالك لنفي الأجرة وهذا
هو التحالف وقال بعض الشافعية ان الشافعي ليس له في المسألة الا قول واحد وهو التحالف وما عداه فهو حكاية مذهب الغير وقال ابن شريح ان جرى بينهما عقد
فليس إلا التحالف كساير الاختلافات في كيفية المعاوضات وان لم يجر فالخياط لا يدعي الأجرة وإنما النزاع في الأرش ففيه قولان مذهب أبي حنيفة وابن أبي ليلى مسألة
إذا قلنا يحلف الخياط ليخرج من ضمان الثوب ويحلف المالك لنفي الأجرة كما هو مذهب الشيخ في بعض أقواله ومذهب ابن أبي ليلى فإنه يحلف بالله ما أذنت لي في قطعه قميصا لقد أذنت لي في قطعه قباء ولا حاجة إلى التعرض للقميص لان وجوب
الغرم وسقوط الأجرة كلاهما يلزم من نفي الاذن في القباء وبه قال بعض الشافعية وعلى القول بالتحالف يجمع كل واحد منهما في يمينه وبين النفي والاثبات كما في البيع
والكلام في البداية بمن هو على ما سبق في البيع والمالك هنا في رتبة البايع مسألة إذا صدقنا الخياط وقدمنا قوله كما هو مذهب الشيخ وابن أبي ليلى حلف الخياط
على ما تقدم والأرش عليه وهل له الأجرة كلام الشيخ (ره) الذي نقلناه عنه في الخلاف يشعر بعدم الاستحقاق لأنه في الأجرة مدع فيكون القول قول المنكر وفايدة يمينه دفع
الغرم عن نفسه ولأنه لو استحقها استحقها بيمينه ولا يجب له ما يدعيه بيمينه ابتداء لان النبي صلى الله عليه وآله قال لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه
وهذا أحد قولي الشافعي والثاني انه يثبت الأجرة لأنه أثبت الاذن بيمينه وأثبت بيمينه انه فعل ما اذن له فيه فوجبت الأجرة بفعله فان قلنا يثبت
له الأجرة فالأقرب انه لا يثبت له المسمى لان المسمى لا يجب بيمينه وانما يثبت له أجرة المثل لوجود فعله المأذون فيه بحكم المعاوضة وهو قول بعض الشافعية
وهو الاظهر عندهم وقال بعضهم يثبت الأجرة المسماة اتماما لتصديقه وان قلنا لا يثبت له الأجرة بيمينه فله ان يدعي الأجرة على المالك ويحلفه فان نكل المالك ففي
تجديد اليمين عليه احتمالان أحدهما التجديد لان اثبات المال بيمين المدعي من غير نكول بعيد والثاني لا تجديد وكان يمينه السابقة كانت موقوفة على النكول يصيرون
بها حجة ملزمة للأجرة مسألة إذا صدقنا المالك كما هو مذهبنا ومذهب أبي حنيفة وحلفناه على أنه ما أذن له في قطعه قباء فلا اجرة عليه ويجب على الخياط أرش
النقصان وهو المشهور بين الشافعية والفرق بين الغرم وبين الأجرة الواجبة بيمين الخياط حيث وقع هناك الخلاف ان الأجرة انما تجب له بثبوت الاذن في قطعه قباء
وذلك يثبت بيمينه وفي مسئلتنا يجب الغرم بالقطع وإنما يثبت باليمين عليه الاذن وحكى بعضهم فيه وجهين كما في وجوب الأجرة تفريعا على الثاني إذا
ثبت هذا فالأقرب ان الخياط يغرم ما بين قيمته مقطوعا يصلح للقميص ومقطوعا قباء لان قطع القميص مأذون فيه وهو أحد قولي الشافعي فعلى
هذا لو لم يكن بينهما تفاوت أو كان كونه مقطوعا قباء أكثر قيمة فلا شئ على الخياط والقول الثاني يجب عليه ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا قباء لان الخياط تعدى
بابتداء القطع للقباء وإن كان يصلح للقميص ولهذا يجب له اجرة ما يصلح منه للقميص ولان المالك أثبت بيمينه انه لم يأذن له في القطع وقال بعض الشافعية
القولان مبنيان على أصلين أحدهما القولان فيما إذا اكترى أرضا ليزرعها حنطة فزرعها ذرة ففي قول عليه أجرة المثل ويعرض عن عقد الإجارة فعلى هذا يغرم
هنا جميع النقص ويعرض عن أصل الاذن والثاني يقوم تفاوت ما بين الزرعين وهنا يغرم تفاوت ما بين القطعين و (الخا؟) في أن الوكيل إذا باع بالثمن الفاحش يغرم جميع قدر الغين أو يحط عنه ما يتغابن الناس به لأنه كالمأذون فيه وإذا قلنا إنه يغرم تفاوت ما بين
القطعين فهل يستحق الأجرة للقدر الذي يصلح للقميص من القطع فيه وجهان للشافعية قال بعضهم نعم وضعفه قوم لأنه لم يقطعه للقميص مسألة
ان قلنا يتحالفان فان حلفا معا فلا اجرة للخياط وهل يضمن ما نقص بالقطع للشافعي قولان أحدهما لا غرم عليه حكاه المزني في الجامع الكبير لان كل واحد منهما
أثبت بيمينه ما أدعاه فلم يثبت لأحدهما على الأخر شئ وهو أصح القولين لأنه حلف على نفي العدوان ولو لم يحلف لكان لا يلزمه إلا الأرش للنقص ولا بد ان يكون
ليمينه فايدة والثاني يجب عليه الغرم نص عليه في الاملاء لأنهما إذا تحالفا فكأنهما لم يتعاقدا ولو لم يتعاقدا وقطع لزمه الأرش فكذلك هنا ولأنها إذا تحالفا سقط الاذن وبقى القطع فلزمه ضمانه كما إذا اختلف المتبايعان وحلفا فإنه يرجع
331

في العين إن كانت باقية وقيمتها إن كانت تالفة فالأول أصح لأنا إذا أوجبنا الغرم لم يجعل ليمينه تأثيرا لان رب الثوب لو حلف ونكل الخياط سقطت الأجرة ووجب
الغرم فلا يجب مثل ذلك مع يمينه ويفارق المبيع لان يمينه لم يقع على اسقاط القيمة وهنا يقتضي اسقاط الغرم فافترقا وإذا قلنا يجب الغرم فكم يغرم على القولين
السابقين أحدهما ما بين قيمته مقطوعا يصلح للقميص ومقطوعا قباء والثاني ما بين قيمته صحيحا ومقطوعا قباء وعن أحمد رواية أخرى ان صاحب الثوب ان لم
يكن ممن يلبس الأقبية فالقول قوله وعلى الصانع الغرم بما نقص بالقطع وضمان ما أفسد ولا اجرة له لان قرينة حال المالك تدل على صدقه فترجح دعواه بها كما لو اختلفا
في حايط لأحدهما عليه عقد أو أزج؟ رجحنا دعواه ويرجح أحد الزوجين في متاع البيت بما يصلح له ولو اختلف صانعان في الآلات التي في دكانهما رجحنا كل واحد منهما
فيما يصلح له ولا بأس به مسألة كل موضع أوجبنا للخياط الأجرة وجب عليه تسليم الثوب مخيطا كما هو سواء كانت الخيوط من الثوب أو من عند الخياط
لأنها تابعة للثوب فإذا لم يوجب له الأجرة فإن كان الثوب مخيطا بخيوطه منه لم يكن للخياط فتقه وكان له اخذه مخيطا لأنه عمل في ملك غيره عملا مجردا عن عين مملوكه
فلم يكن له ازالته كما لو نقل ملك غيره من موضع إلى موضع لم يكن له رده إلا بمطالبة صاحبه وإن كان قد خاطه بخيوط للخياط كان له نزعها لأنه عين ماله كالصبغ ولو
قال رب الثوب انا أشد في كل خيط خيطا حتى إذا سله دخل خيوط المالك في الدرز وصار خيط رب الثوب مكان خيط الخياط لم يجب على الخياط اجابته إلى ذلك
لأنه انتفاع بملكه وتصرف فيه فلا يجوز الا برضاه ولو أراد المالك دفع قيمة الخيوط إلى الخياط لم يلزم الخياط
اجابته إلى ذلك لأنها ملكه ولا يتلف بأخذها ما له
حرمة فان اتفقا على تعويضه عنها جاز لان الحق لهما وكذا البحث لو اختلفا في الصبغ فقال المالك ما امرتك بصبغه اسود بل احمر وادعى الصابغ انه امره بصبغه
اسود واعلم أن عند القائلين بالتحالف مع اختلاف المتبايعين في الثمن لو اختلف المتعاقدان في الأجرة أو في المدة أو في قدر المنفعة بان قال المؤجر اجرتك الدابة إلى
خمسة فراسخ فقال بل إلى عشرة أو في قدر المستأجر بان قال اجرتك هذا البيت من هذا الدار فقال بل جميع الدار يوجب التحالف هناك كما في البيع وإذا تحالفا فسخ
العقد وعلى المستأجر أجرة المثل لما استوفاه الفصل السابع في اللواحق مسألة اجارة المشاع جايزة كإجارة المقسوم سواء له؟ اجرة من شريكه
أو من الأجنبي عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد للأصل ولان المشاع مملوكه يجوز التصرف فيه بالبيع والهبة وفي منافعه بالوصية والعارية
فجاز بالإجارة ولأنه عقد في ملكه يجوز مع شريكه فجاز مع غيره كالبيع ولان كل منفعة جاز العقد عليها مع غيرها جاز العقد عليها منفردة كمنفعة داره وعن
أبي حنيفة واحمد روايتان إحديهما وهي المشهورة عنه انه لا يجوز للشريك ان يوجر حصته إلا من شريكه لأن العقد وقع على ما لا يمكن استيفاؤها منه لان نصف المنفعة مشاعة لا يمكن اسيتفاءها فلا تصح الإجارة
كما لو استعار والحكم في الأصل ممنوع عندنا ونمنع انه لا يمكن استيفاؤه فإنه يمكن الانتفاع بذلك بان تراضيا بالمهاباة أو يوجرها الحاكم عليهما كالمالك والثانية
روي الطحاوي عنه ما يدل على أنه لا يجوز عنده مع الشريك أيضا لما تقدم وقد مضى افساده مسألة يجوز ان يستأجره ليعمل له العمل بنفسه مباشرة بغير الاستعانة
بأحد كما لو استأجر لخياطة ثوب بنفسه لا بغيره أو لنسج غزل صح فلو قال ألزمت نفسك نسج ثوب صفته كذا على أن تنسجه بنفسك صح للأصل وقالت الشافعية لا يصح لان
في هذا التعيين غررا لأنه ربما يموت ولهذا لا يجوز تعيين ما يؤدي عنه المسلم فيه وليس بجيد لأنه تجوز الإجارة الواردة على العين بالاجماع وهذا هو فلك بعينها
مسألة يجوز اجارة الأرض عند عامة أهل العلم وحكى عن الحسن وطاوس انهما قالا لا يجوز وحكى ابن المنذر عنهما ان المزارعة جايزة لما روي رافع بن خديج
ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن كراء الزارع ولا الأرض أصل فلم تجز اجارتها كالنخيل والشجر والنقد والصحيح الجواز للأصل ولأنها عين ينتفع بها منفعة مباحة معلومة مقصورة
فجازت الإجارة عليها كغيرها من المنافع ولما رواه العامة ان حنظلة بن قيس سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال نهى النبي صلى الله عليه وآله عن كراء الأرض قال فقلت
بالذهب والفضة فقال انما نهى عنها ببعض ما يخرج منها إما بالذهب والفضة فلا بأس فقال سعيد بن أبي وقاص كنا نكترى الأرض بما على السواقي؟ وبما ينبعه الماء منها
فنهانا رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك وامرنا ان نكريها بذهب أو فضة وهذا أخص من الخبر الذي رووه فيكون العمل عليه ومن طريق الخاصة ما رواه إسماعيل بن
الفضيل عن الصادق (ع) قال لا بأس ان يستأجر الأرض بدراهم وقياسهم باطل لان النخل والشجر منافعهما أعيان وهي الثمار بخلاف الأرض والذهب والفضة
لا ينتفع بهما بقاء عينهما بخلاف الأرض على انا نجوز اجارتهما مسألة كلما جاز ان يكون عوضا في البيع أو اجرة للدور وغيرها من الأعيان يجوز استيجار
الأرض به للأصل فيجوز استيجارها بالذهب والفضة اجماعا قال ابن المنذر أجمع عامة أهل العلم على أن اكتراء الأرض وقتا معلوما جائز بالذهب والفضة روينا هذا القول عن سعد ورافع بن خديج وابن عمر وابن عباس وبه قال سعيد بن المسيب وعروة والقاسم
وسالم و عبد الله بن الحرث ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي لما تضمنه حديث رافع بن خديج قال إما بالذهب والورق فلم ينهنا يعنى النبي صلى الله عليه وآله
وفي حديث ابن أبي بصير عن الصادق (ع) قال لا تواجر الأرض بالحنطة ولا بالشعير ولا بالتمر ولا بالاربعا ولا بالنطاف ولكن بالذهب والفضة لان الذهب
والفضة مضمون وهذا ليس بمضمون إذا عرفت هذا فقال مالك انه لا تجوز اجارة الأرض بالطعام سواء كانت مما ينبت منها أو لا ينبت كالحنطة والقصيل
ولا بما ينبت في الأرض كالقطن وغيره وقسم احمد الطعام اقساما ثلاثة أحدها ان يوجرها بمطعوم غير الخارج منها معلوم فيجوز وهو قول أكثر العلماء منهم سعيد بن جبير
وعكرمة والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومنع منه مالك حتى منع اجارتها باللبن والعسل واللحم وهو رواية عن أحمد لما رواه رافع بن خديج عن بعض
عمومته قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كانت له الأرض فلا يكريها بطعام مسمى ويعارضه قول رافع فاما بشئ معلوم مضمون فلا بأس به ولأنه
عوض معلوم مضمون لا يتخذ وسيلة إلى الربا فجازت اجارتها به كالأثمان والنهي للكراهة الثاني اجارتها بطعام معلوم من جنس ما يزرع فيها كاجارتها بقفيز ان؟
حنطة أزرعها؟ وفيه روايتان عنه إحديهما المنع وهو قول مالك لما تقدم ولأنه ذريعة إلى المزارعة عليها بشئ معلوم من الخارج منها لأنه يجعل مكان
قوله زارعتك اجرتك فتصير مزارعة بلفظ الإجارة والذرايع معبرة؟ والثاني جواز ذلك وبه قال أبو حنيفة والشافعية وهو مذهبنا أيضا لما تقدم بان
ما جازت اجارته بغير المطعوم جازت اجارته به كالدور الثالث اجارتها بجزء مشاع مما يخرج منها كنصف وثلث وربع وهو جايز عند احمد واكثر أصحابه والصحيح البطلان
وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنها اجارة بعوض مجهول فلم تصح كاجارتها بثلث ما يخرج من ارض أخرى ولأنها اجارة للعين ببعض نمائها فلم يجز كساير الأعيان
ولأنه لا نص في جوازها ولا يمكن قياسها على المنصوص إذا ثبت هذا فالأرض يجوز اجارتها للزرع مطلقا بكل ما يصح تموله من ذهب أو فضة أو غلة وغير ذلك من
الأجناس إلا بما يخرج منها فإنه باطل ويكره اجارتها بالحنطة والشعير لحديث أبي بصير عن الصادق (ع) وقد تقدم وربما صار بعض علمائنا إلى تسويغ الإجارة
بحصة مما يخرج منها كما ذهب إليه احمد لرواية زرعة قال سألته عن الأرض يستأجرها الرجل (وخرج بخمس)؟ ما يخرج منها وبدون ذلك أو بأكثر عما خرج منها من الطعام فأخرج؟
332

على الصلح لا بأس والرواية ضعيفة السند فان زرعة لا يعول على روايته ومع ذلك فهي مرسلة لأنه لم يسندها إلى امام ومع ذلك فهى محمولة على المزارعة
لما رواه الفضيل بن يسار عن الباقر (ع) قال سألته عن اجارة الأرض بالطعام قال إن كان من طعامها فلا خير فيه واعلم أن مال الإجارة لا بد وأن يكون معلوما هنا
كغيرها فلو اجر الأرض بحنطة موجودة مشاهدة جزافا لم يصح وللشافعية طريقان أحدهما القطع بالجواز والثاني ان فيها قولين كالمسلم فيه إذا كان رأس ماله
جزافا تنبيه روي الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا تستأجر الأرض بالحنطة ثم تزرعها حنطة والظاهر أن المراد بالنهي هنا النهي عن مال الإجارة
مما يخرج منها ولو حمل على اطلاقه أمكن لأدائه إلى ذلك فإنه إذا زرعها من جنس ما يستأجرها به وبما أدي
منه لكن ذلك لا بأس به والنهي للكراهة مسألة إذا
استأجر دابة في الكوفة مثلا ليركبها إلى البصرة بمائة درهم مثلا أو بعشرة دنانير وأطلق فالواجب نقد البلد الذي وقع العقد فيه وبه قال الشافعي قضاء للعرف
فيه وحملا له على نظايره في جميع العقود انه لو اشترى شيئا أو استأجر جمالا فسافر به حمل على نقد البلد فكذا هنا وقال أبو حنيفة ان الواجب نقد البلد المقصود وليس
بجيد يبقى اشكال وهو انه لو شرط التسليم في البلد المقصود احتمل قول أبي حنيفة مع أن الحق خلافه ولو كانت الإجارة فاسدة فالاعتبار في أجرة المثل بموضع اتلاف المنفعة
نقدا ووزنا مسألة إذا استأجر دارا أو دولابا أو حماما وما أشبه ذلك فتجدد عيب في أثناء المدة كانت العمارة لازمة للمالك فان قام بها والا تخير المستأجر
بين الفسخ والامضاء وكذا لو مضت مدة أو افتقر في العمارة إلى مضي مدة لتبعيض الصفقة عليه وهل يجوز ان يشترط على المستأجر العمارة منع منه الشافعية قالوا
ولا يجوز ان يوجر حماما بشرط مدة يكون تعطيلها بسبب العمارة ونحوها محسوبا من اجرته وكذا لا يجوز المتولي المسجد ان يوجر حانوته الخراب بشرط ان يعمره المستأجر بماله ويكون ما أنفقه محسوبا من اجرة لان في الصورة الأولى يحصل منه تمكن من الانتفاع في بعض المدة دون بعض ولا
يشترط أن تكون محسوبة على المكتري ولا بمعنى الحصاد الإجارة في الباقي لان المدة تصير مجهولة ولا بمعنى استيفاء مثلها بعد المدة لان نهاية المدة تصير مجهولة وفي الصورة الثانية لا يجوز لأنه عند الإجارة غير منتفع به مسألة
قد بينا انه يجوز ان يستأجر للمحاكمة والخصومة واثبات الحجج وإقامة البينات وكذا يجوز ان يستأجر للخروج إلى بلد السلطان والتظلم للمستأجر وعرض حاله في المظالم
بشرط تعيين المدة والموضع الذي يخرج إليه ويذكر حاله في المظالم ويسعى في امره عند من يحتاج إليه لان المدة معلومة وإن كان في العمل جهالة فان بدا؟ للمستأجر قال
القفال من الشافعية فللمستأجر ان يستعمله فيما ضرره مثل ذلك وفيه نظر مسألة الأقرب انه يجوز اجارة الأرض المزروعة مع المشاهدة أو الوصف الرافع
للجهالة وقال الشافعي لا يجوز اجارة الأرض حتى ترى الأحايل دونها من زرع وغيره وهذا تصريح بان اجارة الأرض المزروعة لا تصح لان ما فيها من الزرع يمنع
رؤيتها ولتأخر التسليم والانتفاع عن العقد ومشابهته لاجارة الزمان المستقبل والكل عندنا غير مانع مع امكان المشاهدة ويقرب منه ما لو اجر دارا مملوة بطعام
وغيره وكان التفريغ يستدعي مدة لكن هنا يتخير المستأجر مع الجهل بالحال إن كان التفريغ يحتاج إلى مضي مدة لمثلها اجرة وقال بعض الشافعية إن كان التفريغ
لا يمكن إلا في مدة لمثلها اجرة لم تصح لأنه اجارة مدة مستقبلة وقال بعضهم إن كانت مدة الإجارة تذهب في التفريغ لم يصح العقد وإن كان بقى منه شئ صح ولزمه
قسطه من الأجرة إذا وجد فيه التسليم وخرجوا على ذلك ما إذا استأجر دارا ببلدة أخرى فإنه لا يتأتى التسليم الا بقطع المسافة بين البلدين واما إذا باع قطعا من الجمد وكان
يبتاع بعضه إلى أن يؤذن مسألة قد بينا انه يجوز الاستيجار للخدمة فان ذكر وقتها من الليل أو النهار وفصل أنواعها فذاك وان اطلق حمل على المعتاد
ونص الشافعي على المنع والظاهر عند أصحابه الجواز ويلزم ما جرت به العادة وفصل بعضهم أنواعها فقال يدخل في هذه الإجارة غسل الثوب وخياطته والخبز والعجن
وايقاد النار في التنور وعلف الدابة وحلب الحلوبة وخدمة الزوجة والفرش في الدار وحمل الماء إلى الدار للشرب والى التوضي للطهارة وقال بعضهم ان علف الدابة
وحلب الحلوية وخدمة الزوجة لا تلزم إلا بالتنصيص عليها وقال بعضهم ينبغي ان يكون الحكم كذلك في خياطة الثوب وحمل الماء إلى الدار ويجوز ان يختلف الحكم فيه بالعادة
وقال بعضهم ليس له اخراجه من البلدة إلا أن يشترط عليه مسافة معلومة من كل جانب وان عليه اللبث عنده إلى أن يفرغ من صلاة العشاء الآخرة ولو استأجره للقيام على
ضيعة قام عليها ليلا ونهارا على المعتاد ولو استأجره للخبز وأطلق فالأقوى الجواز ويتخير المستأجر بين الغليظ والرقيق وقال بعض الشافعية ان يجب يتبين انه بخبز؟ الاقراض؟
أو غلاظ الأرغفة أو رقاقها وانه تخبز في التنور ان قرن؟ وآلات الخبز على الأجير إن كانت الإجارة في الذمة وإلا فعلى المستأجر وليس على الأجير إلا تسليم نفسه والأقوى
ان الحطب على المستأجر وقال بعض الشافعية القول فيه كما في الخبز؟ في حق الناسخ ولو أراد المستأجر ان يستبدل عن المنفعة شيئا اخر يقبضه فالأقرب الجواز لأصالة صحة
الصلح ومنع منه الشافعية إن كانت الإجارة في الذمة وإن كانت اجارة عين قال بعضهم هو كما لو استأجر العين المستأجرة من المؤجر وفيه وجهان الأصح عندهم
الجواز إذا جرى ذلك بعد القبض مسألة يصح ضمان العهدة للمستأجر كما يصح ضمان العهدة في البيع ويرجع على الضامن عند ظهور الاستحقاق وهو
أحد قولي الشافعية والثاني لا يصح ضمان العهدة في الإجارة والوجه خلافه إذا ثبت هذا فإنه يصح ان يضمن للمؤجر العين على التسليم لأنه واجب بالعقد وعلى
عهدة الدرك لو ظهرت العين مستحقة لغيره المؤجر فيرجع المالك على الضامن وان رجع على المستأجر كان للمستأجر ان يرجع على الضامن ويصح ان يضمن المستأجر على مال الإجارة ليسلمه وعلى عهدته ولو خرج مستحقا
فان رجع المستحق على المؤجر رجع المؤجر على الضامن مسألة قد بينا انه يجوز استيجار الدابة للركوب والعمل والحمل ولا بد من التقدير في الثلاثة إما بالزمان
أو بالعمل على ما سبق وان استأجر دابة ليركبها فرسخين صح العقد لان العمل هنا مقدر والأقرب انه لا بد من التعيين الجهة المقصودة هل إلى المشرق أو المغرب
لاختلاف الأغراض بذلك فإذا شرط في العقد جهة وأراد العدول إلى غيرها فللمؤجر منعه لان المعين قد يختص بسهولة أو أمن وبتقدير تساويهما أو ترجيح
المعدول إليه قد يكون للمؤجر غرض فيه ولو فرض انتفاء الغرض احتمل الجواز لأنه مساو للمنفعة فجاز العدول إليه كما استأجرها لزرع حنطة جاز العدول
إلى المساوي والعدم عملا بالشرط وقد قال (ع) المؤمنون عند شروطهم مسألة إذا استأجر جمالا ليحمل له وقرا إلى داره ففي وجوب ادخاله على الأجير
اشكال سواء كانت الباب ضيقة أو متسعة لان الغاية لا يجب دخولها في المغيى ومن حيث اقتضاء العرف بذلك وللشافعي قولان ولا يكلف ان يصعد به الغرفة
أو السطح ولو استأجر ظرئا لتعهد الصبي فالدهن على الأب ما لم يشترط عليها ولو كان للبلد عرف انه عليها حمل على العرف وللشافعية وجهان فيما إذا كان
عرف ولو استأجر قصارا ليغسل ثيابا معلومة وحملها إليه حمال فأجرته على من شرطت الأجرة عليه من القصار والمالك فإن لم يجر شرط فعلى من أمر الجمال به لحمل وقالت
الشافعية على القصار لأنه من تمام الغسل ولو استأجر من يقطع أشجار القرية لم يجب عليه اجرة الذهاب والمجئ لأنهما ليسا من العمل مسألة لو استأجر
دابة ليركبها ويحمل عليها أوطأ لا معينة فيركبها فحمل عليها واخذ في السير وأراد المؤجر ان يعلق عليها فحلاة
أو سطيحة أو سفرة إما من قدام القبطه؟ أو من خلفه
أو أراد ان يردفه رديفا كان للمستأجر منعه لأنه قد ملك منافعها وربما ضعفت في السير ولو استأجر في الذمة كان له ذلك وليس للمستأجر ذلك على التقديرين
333

ولو استأجر الدابة ليحمل عليها طعاما من موضع معين إلى داره يوما إلى الليل فركبها في عوده فعطبت الدابة ضمن لأنه استأجرها للحمل لا للركوب وبه قال أكثر الشافعية
وقال بعضهم لا يضمن للعرف وليس بشئ مسألة لو استأجر دابة ليركبها إلى موضع معلوم فركبها إليه لم يكن له ردها إلى الموضع الذي سار منه ولكن
سلمها إلى وكيل المالك إن كان له وكيل هناك وان لم يكن سلمها إلى الحاكم فإن لم يكن هناك حاكم سلمها إلى امين فإن لم يجد أمينا ردها أو استصحبها إلى حيث
يذهب كالمستودع يسافر بالوديعة وبه قال أكثر الشافعية وقال بعضهم ان له الرد إلى الموضع الذي سار منه إلا أنه ينهاه صاحبها وليس بجيد لأنه تصرف في مال
الغير بغير اذنه وكل موضع يجوز له الرد لم يكن له الركوب ولا الحمل عليها بل يسوقها أو يقودها إلا أن يحتاج إلى ركوبها في ردها بان تكون جموحا لا ينقاد إلا بالركوب
ومثله لو استعار ليركب إليه وقال بعض الشافعية له الركوب في الرد لان الرد لازم عليه فالاذن تناوله عرفا والمستأجر لا رد عليه مسألة لو استأجر دابة
للركوب أو الحمل إلى موضع فجاوزه فقد تعدى فيها من حين التجاوز لامن حين نيته؟ على اشكال فيجب عليه المسمى في الأصل وأجرة المثل في الزايد وهو قول فقهاء المدينة
السبعة وبه قال الحكم وابن سيرين والشافعي لما تقدم من الروايات وقال الثوري وأبو حنيفة لا اجرة عليه على الزايد لان المنافع عندهما لا تضمن في الغصب وقال
مالك انه إذا تجاوز بها إلى مسافة بعيدة تخير صاحبها بين أجرة المثل وبين المطالبة بقيمتها يوم التعدي لأنه بامساكها حابس لها عن أسواقها فكان لصاحبها
تضمينها إياه وليس بجيد لأن العين باقية بحالها يمكن اخذها فلم تجب قيمتها كما لو كانت المسافة قريبة وما ذكره تحكم لا دليل عليه ولا نظير له فلا يجوز
المصير إليه إذا عرفت هذا فإنه يصير ضامنا من وقت الزيادة سواء تلفت في الزيادة أو بعد ردها إلى المسافة وسواء كان صاحبها مع المستأجر أولا وهذا ظاهر مذهب الفقهاء
السبعة إذا تلفت حال التعدي حتى لو ماتت لزمه اقصى القيم من حين التعدي ولا يبرأ عن الضمان بردها إلى ذلك المكان وقال بعض الشافعية إذا كان صاحبها
معها وتلفت بعد ما نزل وسلمها إلى المالك ليمسكها أو يسقيها فتلفت فلا ضمان عليه وان تلفت وهو راكب فان تلفت الوقوع في بئر ونحوه ضمن جميع القيمة
وان لم يحدث سبب ظاهر لزمه عند بعضهم جميع القيمة أيضا والأصح عندهم انه لا يلزمه الكل لأن الظاهر حصول التلف بكثرة التعب وتعاقب السير حتى لو أقام في المقصد قدر
ما يزول فيه التعب ثم خرج من غير اذن المالك ضمن الكل وعلى هذا فالتلف حصل من حق وعدوان فلزمه نصف الضمان أو ما يقتضيه التوزيع على المسافتين فيه قولان
كما تقدم فيما إذا حمل فوق المشروط ويحتمل ان لا يضمن الراكب شيئا إذا كانت في يد صاحبها ولم يكن حالة التلف راكبا عليها لأنها تلفت في يد صاحبها فأشبه ما لو تلفت
بعد مدة التعدي وموضع الخلاف في لزوم كمال القيمة إذا كان صاحبها مع راكبها أو تلفت في يد صاحبها فاما إذا تلفت حال التعدي ولم يكن صاحبها مع راكبها فلا خلاف
في ضمانها بكمال قيمتها لأنها تلفت في يد عادية فوجب ضمانها كالمغصوبة وكذا لو تلفت تحت الراكب أو تحت حمله وصاحبها معها لان اليد للراكب وصاحب الحمل
ولان الراكب متعديا بالزيادة وسكوت صاحبها لا يسقط الضمان كمن خرق ثياب غيره وهو ساكت وان تلفت في يد صاحبها بعد نزول الراكب عنها فينظر إن كان
تلفها بسبب تعبها بالحمل والسير فهو كما لو تلف تحت الحمل والراكب وان تلفت بسبب آخر من افتراس سبع أو سقوط في وهدة ونحو ذلك فلا ضمان فيها لأنها لم تتلف
في يد عادية ولا بسبب عدوان ولا يسقط الضمان بردها إلى المسافة وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وقال محمد يسقط كما لو تعدى في الوديعة ثم ردها وليس
بجيد لأنها يد صارت ضامنة فلا يزول الضمان عنها إلا بإذن جديد والأصل ممنوع فان الوديعة لا تزول الضمان عنها الا بالرد إلى المالك أو بإذن جديد ولو استأجرها
ليركب ويعود لزمه لما زاد أجرة المثل خلافا للشافعية لأنه يستحق ان يقطع قدر تلك المسافة ذهابا وعودا مبينا على أنه يجوز العدول إلى مثل الطريق المعين وهو
ممنوع ثم إن قدر في هذه الإجارة مدة مقامه في المقصود فذاك وإلا فلم يزد على مدة المسافرين انتفع بها في العود وان زاد حسبت الزيادة عليه فروع أ
لو استأجر الدابة إلى عشرة فراسخ فقطع نصف المسافة ثم رجع لاخذ شئ نسية راكبا انتهت الإجارة واستقرت الأجرة وان قلنا إن الطريق لا يتعين ب لو اخذ الدابة
فامسكها في البيت يوما ثم خرج فإذا بيع بينه وبين المقصد يوم استقرت الأجرة ولم يكن له الركوب ج لو ذهب في الطريق لاستقاء ماء أو شراء شئ يمنة ويسرة
كان محسوبا عليه من المدة ويترك الانتفاع إذا قرب من المقصد بقدره مسألة لو دفع إلى قصار ثوبا ليقصره بأجرة ثم جاء واسترجعه فقال لم اقصره
بعد فلا أرده فقال صاحبه لا أريد ان تقصره فاردده علي فلم يرده فتلف الثوب عنده قال بعض الشافعية عليه الضمان وأطلق فالوجه ان نقول إن استأجره
للقصارة ولم تمض المدة لم يكن عليه ضمان لان المستأجر قد لزمه عقد الإجارة فللأجير لزوم الثوب حتى يفعل فيه ما وقعت الإجارة عليه وان لم يكن هناك عقد
اجارة أو قد مضت المدة قبل قصارته فالوجه ما قاله وان قصره ورده فإن كانت القصارة بعد نهيه وقد مضت المدة أو لم يجر عقد شرعي فلا اجرة له وإلا كان
له الأجرة وأطلق بعض الشافعية عدم استحقاق الأجرة وليس بجيد وعلى هذا قياس الغزل عند النساج والثوب عند الخياط والخشب عند النجار وأشباه ذلك
فروع متعددة آ لو استأجر ليكتب له صكا على كاغذ فكتبه وأخطأ فعليه أرش الكاغذ وكذا لو امره ان يكتب بالعربية فكتب بالفارسية أو بالعكس ب
لو استأجر دابة ليحمل شيال من موضع إلى منزله فركبها في عوده فعطبت الدابة ضمن لأنه استأجرها للحمل لا للركوب وقيل لا يضمن للعرف ج لو تعمد الاكاء وترك سقي
الزرع والمعاملة صحيحة حتى فسد الزرع ضمن لأنه في يده وعليه حفظه د لو تعدى المستأجر بالحمل على الدابة ففرح؟ ظهرها فهلكت منه لزمه الضمان وإن كان
الهلاك بعد الرد إلى المالك ه‍ لو استأجره لخياطة ثوب فخاط بعضه واحترق الثوب استحق الأجرة لما عمل بقسطه من المسمى إن كان العمل في دار صاحب الثوب
لأنه يكون قد سلمه إليه وقال بعض الشافعية ان العقد ينفسخ بتلف الثوب فيستحق أجرة المثل لما عمل ولو استأجر لحمل حب إلى موضع معلوم فزلقت رجله في الطريق
فانكسر الحب لا يستحق شيئا من الأجرة والفرق ان الخياطة تظهر على الثوب فوقع العمل مسلما بظهور اثره والحمل لا يظهر على الحب ولو اجر أرضا اجارة صحيحة ثم غرقت
الأرض لسيل أو بماء نبع منها فإن لم يتوقع انحساره مدة الإجارة فهو كما لو انهدمت الدار وان توقع فللمستأجر الخيار بين الفسخ والإجارة كما لو غصبت العين المستأجرة
فان أجاز سقط عنه من الأجرة بقدر ما كان الماء مستويا عليها وان غرق بعضها وقد مضى نصف المدة انفسخ العقد فيه ولا ينفسخ في الباقي وهو أظهر وجهي الشافعية
لكن له الخيار فيه في بقية المدة فان فسخ وكانت اجرة المدة لا يتفاوت فعليه نصف المسمى للمدة الماضية وان أجاز فعليه ثلاثة أرباع المسمى النصف للمدة الماضية
والربع لما بقى ز تعطيل الرحاء لانقطاع الماء والحمام لخلل في الأبنية أو لانتقاص الماء في بئره كانهدام الدار وكذا إذا استأجر قناة فانقطع ماؤها ولو انتقص ماؤها
ثبت الخيار ولم ينفسخ العقد ح مهما يثبت الخيار بسبب نقص تجدد وأجاز ثم بدا له ان ينفسخ فإن كان ذلك السبب بحيث لا يرجى زواله كما إذا انقطع الماء
ولم يتوقع عوده فليس له الفسخ لأنه عيب واحد وقد رضي به وإن كان بحيث يرجى زواله فله الفسخ ما لم يزل لأنه يقدر كل ساعة زواله فيتجدد الضرر وهذا كما
334

إذا تركت المطالبة بعد مضي مدة الايلاء أو الفسخ بعد ثبوت الاعساران قلنا به لها العود إليه وكذا لو اشترى عبدا فابق قبل القبض وأجاز ثم أراد الفسخ له ذلك ما لم يعد
العبد ط لو استأجر طاحونتين متقابلتين أو دولا بين متقابلين فانتقص الماء وبقى ما يدور به واحد منهما كان له الخيار في الفسخ فإن لم ينفسخ قيل يلزمه اجرة
أكثرهما ى بيع الحديقة التي ساقي عليها في المدة يشبه بيع المستأجر وقال بعض الشافعية ان باعها المالك قبل خروج جميع الثمرة لم يصح لان للعامل حقا
في ثمارها فكأنه استثنى بعض الثمرة وإن كان بعد خروج الثمرة يصح البيع في الأشجار ونصيب المالك من الثمار ولا حاجة إلى شرط القطع لأنها مبيعة مع الأصول
ويكون العامل مع المشتري كما كان مع البايع وان باع نصيبه من الثمرة وحدها لم يصح عند بعض الشافعية للحاجة إلى شرط القطع وتعذره في الشايع مسألة
لو دفع إلى نساج غزلا واستأجره لنسج ثوب طوله عشرة أذرع في عرض ذراع فحاكه أطول بذراع لم يستحق شيئا من الأجرة على الزايد وله المسمى وعليه أرش الثوب ان
نقص بالزيادة وأرش الغزل ولا ينقص من المسمى كما لو استأجره لضرب مائة لبنة فضرب له مائتين وقال بعض الشافعية لا يستحق شيئا البتة لا عن الأصل ولا عن الزيادة
لأنه في اخر الطاقة الأولى من الغزل صار مخالفا لامره فإنه إذا بلغ طولها عشرة كان من حقه ان يعطفها ليعود إلى الموضع الذي بدأ منه فإذا لم يفعل وقع ذلك
وما بعده في غير الموضع المأمور وهو حسن وان جاء به تسعة أذرع احتمل ان لا شئ له وعليه ضمان نقص الغزل لأنه مخالف لما أمر فأشبه ما لو استأجره على بناء حائط
عرض ذراع فبناه عرض نصف ذراع ولمخالفته في الطاقة الأولى وأن يكون له ما يخصه من المسمى كمن استؤجر على ضرب مائة لبنة فضرب خمسين وقال بعض الشافعية
إن كان طول السدا عشرة استحق الأجرة بقدره لأنه أراد ان ينسج عشرة ليتمكن منه ولم تحصل منه مخالفة فيه وإن كان طوله تسعة لم يستحق شيئا لمخالفته في الطاقة
الأولى ولو جاء به زايد في الطول والعرض معا فلا اجرة له في الزيادة لأنه غير مأمور بها وعليه ضمان ما نقص الغزل المنسوج فيهما واما ما عدا الزايد فوجهان أحدهما الاجر
له لأنه مخالف لأمر المستأجر فلم تستحق شيئا كما لو استأجره على بناء حايط عرض ذراع فبناه عرض ذراعين والثاني له المسمى لأنه زاد على ما امره به فأشبه زيادة الطول
ولو كان العزل المدفوع إليه مسدى واستأجره لحياكته عشرة أذرع في عرض ذراع ودفع إليه من اللحمة ما يحتاج إليه فجاء به أطول في العرض المشروط لم تستحق للزيادة شيئا
وان جاء به اقصر في العرض المشروط استحق بقدره من الأجرة وان وافق في الطول وخالف في العرض فإن كان انقص نظر إن كان ذلك لمجاوزته القدر المشروط من الصفاقة
لم يستحق من الأجرة شيئا لأنه مفرط لمخالفته امره وان راعى المشروط في صفة الثوب رقة وصفاقة فله الأجرة لان الخلل والحال هذه من السدا وإن كان أزيد فان أخل
بالصفات لم تستحق شيئا وإلا استحق الأجرة بتمامها لأنه زاده خيرا وان جاء به زايدا في العرض خاصة فوجهان أحدهما لا اجرة له لأنه مخالف لامره والثاني له المسمى لأنه زاد
على ما امره به فأشبه ما لو زاد في الطول ويمكن الفرق بين الطول والعرض فإنه يمكن قطع الزايد في الطول ويبقى الثوب على ما أراد ولا يمكن ذلك في العرض وان جاء به ناقصا في العرض خاصة أو فيهما معا فوجهان أحدهما
لا اجر له للمخالفة وعليه ضمان نقص العرض والثاني عليه بحصة المسمى ويحتمل انه ان جاء به ناقصا في العرض فلا شئ بخلاف ما لو جاء به ناقصا في الطول ولو جاء به
زايدا في أحدهما وناقصا في الأخر فلا اجر له في الزايد وفي الناقص على ما تقدم من التفصيل وقال محمد بن الحسن في الموضعين يتخير صاحب الثوب بين
دفع الثوب إلى النساج ومطالبته بثمن عزله وبين ان يأخذه ويدفع إليه المسمى في الزايد أو بحصة المنسوج في الناقص لان غرضه لم يسلم له لأنه ينتفع بالطويل ما لا ينتفع بالقصير
وينتفع بالقصير ما لا ينتفع بالطويل فكأنه أتلف عليه غزله وليس بجيد لأنه وجد عين ماله فلم يكن له المطالبة بعوضه كما لو جاء به زايدا في الطول وحده ولو اثرت الزيادة والنقصية نقصا في
الأصل مثل ان يأمره بنسج عشرة أذرع ليكون الثوب صفيقا فنسجه خمسة عشر فيصير خفيفا أو يأمره بنسج خمسة عشر فصار صفيقا فلا اجرة له بحال وعليه ضمان نقص الغزل لأنه لم يأت
بشئ مما أمر به مسألة لو استأجر فسطاطا إلى مكة ولم يقل متى اخرج بطلت الإجارة وبه قال أبو ثور واحمد وهو قياس قول الشافعي لأنها مدة غير معلومة
الابتداء فلم يجز كما لو قال اجرتك داري حين يخرج الحجاج إلى اخر السنة وقال أصحاب الرأي يجوز استحسانا بخلاف القياس وهو اعتراف بمخالفة الدليل والاستحسان ليس بدليل
وكذا القياس عندنا مسألة إذا استأجر دابة ليركبها في مسافة معلومة أو ليحمل عليها فأراد العدول بها إلى ناحية أخرى مثلها في القدر وأضر منها أو تخالف
الضرر بان تكون إحديهما أخشن والاخر أخوف لم يجز وإن كان مثلها في السهولة والامن أو التي عدل إليها أقل ضررا فالأقوى المنع لجواز ان يكون للمؤجر غرض في تعيين
الجهة كما لو اجر جماله إلى مكة ليحج معها وقال أصحاب الشافعي يجوز العدول لان المسافة عينت لتستوفي بها المنفعة ويعلم قدرها بها فلم تختص كما لا يختص الراكب بالركوب
ونمنع انحصار الغرض فيما ذكر فقد يكون للمؤجر غرض في التخصيص كما قلنا وكما لو اجر إلى بغداد واهله بها لم يجز العدول إلى غيرها لفوات غرضه ولمخالفة الشرط
وقد قال (ع) المؤمنون عند شروطهم ولو اجر دوابه جملة إلى بلد لم يجز للمستأجر التفريق بينها بالسفر ببعضها إلى جهة وبعضها إلى أخرى لان تعيين المسافة لغرض في فواته ضرر فلم
يجز تفويته ولو استأجر جمالا إلى مصر بأربعين فان نزل دمشق فاجره ثلثون فان نزل الرقة فاجره عشرون فالأقرب البطلان لانتفاء التعيين ويحتمل الصحة والأصل
فيه ان نقول إن خطته اليوم فلك درهمان وان خطنه غدا فدرهم وكذا لو استأجر دابة وقال المالك ان رددتها اليوم فأجرتها درهم وان رددتها غدا فدرهمان
والظاهر من مذهب احمد الجواز مسألة كل عين يمكن بقاؤها والانتفاع بها انتفاعا محللا مقصودا متقوما يجوز استيجاره وما لا بقاء له لا يجوز
استيجاره كالهرايس والطبايخ ويجوز استيجار ما يبقى من الأطياب والصندل واقطاع الكافور والندا ليشمه المريض وغيره مدة ثم يرده لأنها منفعة مباحة
وكذا يجوز اجارة الحايط ليضع عليه خشبا معلوما مدة أو ليبني عليه شيئا مدة معينا وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجوز لان الحايط لا يمكن الانتفاع به
إلا من هذا الوجه فلا يجوز كما لا يجوز أغصان الشجرة ليبط؟ عليها ثيابه وليس بشئ للأصل ولأنها منفعة مقصورة مقدورة على تسليمها واستيفاؤها
فجاز عقد الإجارة عليها كاستيجار السطح للنوم عليه ويبطل عليه بأنه يجوز استيجار القميص للبس ولا يمكن الانتفاع به إلا في ذلك والحكم في الأصل ممنوع ولو سلم فالمنفعة
غير مقصودة بخلاف مسئلتنا وكذا يجوز استيجار دار ويتخذها مسجدا يصلي فيه وبه قال الشافعي ومالك واحمد لأنها منفعة مباحة يمكن استيفاؤها من العين
مع بقائها فجاز استيجارها لها كالسكنى وقال أبو حنيفة لا يجوز لان فعل الصلاة لا يجوز استحقاقه بعقد الإجارة بحال فلا تجوز الإجارة لذلك كما إذا
استأجر امرأة ليزني بها والفرق ان الصلاة لا تدخلها النيابة فلا ينتفع بها المستأجر بخلاف المسجد وفعل الزنا محرم فافترقا والأقرب انه لا يثبت لها حرمة المسجد
وإن كانت المدة باقية ولا يجوز اجارة الدار لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر والقمار وبه قال عامة العلماء لأنه فعل محرم فلم تجز الإجارة
عليه كما لا يجوز ان يوجر عبده للفجور وقال أبو حنيفة لا بأس ان تواجر بيتك في السواد ممن يتخذه بيت نار أو كنيسة أو يبيع فيه الخمر فمن أصحابه من قال يجوز إذا شرط
335

ذلك ومنهم من قال لا يجوز إذا شرط وإنما أراد أبو حنيفة إذا علم أن المؤجر يفعل ذلك إن كان في السواد ولو استأجر ذمي من مسلم داره وأراد بيع الخمر فيها فلصاحب
الدار منعه ان تظاهر بذلك لأنه محرم وقال أبو حنيفة يجوز في السواد وهو غلط لأنه محرم جاز المنع منه في المصر فجاز في السواد كقتل النفس المحرمة وكذا
لا يجوز اجارة ما لا يقدر على تسليم منفعته سواء جاز بيعه أو لا مثل ان يغصب منفعته بان يدعي انسان ان هذه الدار في اجارته عاما ويقهر صاحبها عليها
فإنه لا تجوز اجارتها في هذا العام إلا من غاصبها أو من يقدر على اخذها منه مسألة قد بينا انه تجوز اجارة المشاع وذكرنا الخلاف فيه ولو اجر الشريكان
معا جاز اجماعا لان المانع من اجارة الحصة انما منع باعتبار تعذر التسليم وهذا المعنى منتف هنا فيبقى على أصل الجواز ولو كانت الدار لو أحد فاجر بعضها
جاز اجماعا لأنه يمكنه تسليمه فان اجر نصفها الأخر للمستأجر الأول صح لأنه يمكنه تسليمه إليه وان اجره لغيره صح عندنا وللمانعين وجهان بناء على المسألة التي
قبلها لأنه لا يمكنه تسليم ما اجره إليه وليس بجيد وقد سلف ولو اجر الدار لاثنين لكل واحد نصفها صح عندنا وعند أكثر العامة ومنع الباقون لأنه لا يمكنه تسليم
نصيب كل واحد منهما إليه إلا بتسليم نصيب الأخر ولا ولاية له على مال الأخر ولو استأجر رجلا ليحمل له كتابا إلى موضع إلى صاحب له فحمله ووجد صاحبه غايبا فرده
استحق الأجرة لحمله في الذهاب والرد لأنه في الذهاب حمله بإذن صاحبه صريحا وفي الرد تضمنا لان تقدير كلامه وان لم يجد صاحبه فرده إذ ليس سوى رده الا تضييعه
ومن المعلوم انه لا يرضى بتضييعه فتعين رده ولو دفع إلى رجل ثوبا ليبيعه فباعه استحق الأجرة سواء كان منتصبا لذلك أو لا لان الفعل مما يستحق عليه العمل
وقال احمد إن كان منتصبا لذلك استحق الاجر وإلا فلا وليس بمعتمد مسألة يجوز شرط الخيار في الإجارة سواء كانت واردة على العين أو في الذمة وبه قال
أبو حنيفة واحمد لعموم قوله تعالى أوفوا بالعقود وقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولأنه عقد يلحقه الفسخ بالإقالة فدخله شرط الخيار كالبيع وقالت الشافعي إن كانت
الإجارة معينة مثل ان يستأجر منه دارا شهرا لم يجز شرط الخيار فيها وهل يثبت خيار المجلس وجهان أحدهما لا يثبت لان خيار الشرط لا يثبت الا لأجل
القبض فلم يثبت خيار المجلس كالنكاح والثاني يثبت لأنه عقد يقصد به المعاوضة المحضة فيثبت فيه خيار المجلس كالبيع ويفارق خيار الشرط لان زمانه يطول فتتلف
فيه المنافع ويفارق النكاح لأنه لا يحتاج فيه إلى ذلك لأنه لا يتكرر وتقصد به المعاوضة وإن كانت الإجارة في المدة مثل ان يستأجر منه خياطة قميص أو حمل شئ فاختلف
أصحابه فمنهم من قال ذلك مثل حكم الإجارة المعينة ومنهم من قال يثبت الخياران معا في ذلك لأنه لا يؤدي اثبات الخيار إلى اتلاف المنفعة في زمن الخيار واحتج المانعون
بأنه عقد على منفعة فلا يدخله شرط الخيار كالنكاح ويفارق البيع لان اثبات الخيار فيه لا يؤدي إلى اتلاف بعض المبيع وفي الإجارة لو أثبتنا شرط الخيار له لم يجز له
الانتفاع بالعين في مدة الخيار فان حسبنا المدة عليه أضررنا به لأنه استأجر شهرا فمكناه من أن ينتفع بسبعة وعشرين يوما وان لم نحسبها فقد فوتنا على المؤجر منفعة
شهر وثلاثة أيام فلم يجز ونحن نمنع الأداء إلى التضرر ويجوز للمستأجر الانتفاع مدة الخيار مسألة لو استأجر دابة معينة ليركبها إلى بلد بعينه فسلمها
إليه وأقامت في يده مدة يمكنه فيها الركوب إلى ذلك البلد وجبت عليه الأجرة وبه قال الشافعي ومالك المستأجر قبل العين المستأجرة وتمكن من استيفاء المنفعة المعقودة
عليها فوجب ان يستقر عليه الأجرة كما لو استأجرها شهرا للركوب فسلمها إليه وقال أبو حنيفة لا يستقر عليه الأجرة لأنه لم يسلمها في مكان الركوب وهو المسافة وليس بجيد
لأنه لا يلزمه التسليم في الطريق والخروج معه وانما فعل ما عليه من التسليم مسألة إذا كانت الإجارة في الذمة مثل ان يستأجر للركوب دابة ويصفها بالنوع
والجنس على ما مضى فيجوز حالا ومؤجلا لان محل ذلك الذمة وان اطلق كان حالا وكذا إذا قال تحصل خياطة هذا الثوب ويجوز بلفظ الإجارة وهل يجوز بلفظ السلم
قال الشافعي نعم مثل أن يقول أسلمت إليك في منفعة ظهر ويصفه أو يقول استأجرت منك ظهرا ويصفه ويذكر المسافة وان ذكر بلفظ السلم لم يكن يدمن؟ اخذ الأجرة
في المجلس كما يقبض رأس مال المسلم وإن كان بلفظ الإجارة فوجهان أحدهما لا يجب القبض اعتبارا باللفظ والثاني لا يجب القبض اعتبارا بالمعنى ومثل هذين الوجهين في السلم بلفظ البيع وهذا الغريم ساقط
عندنا لأنا لا نجوز الإجارة بلفظ السلم ولو قال اجرتك لتحصل لي خياطة خمسة أيام وقال بعض الشافعية لا يصح لان العمل مجهول لان الخياطين يختلف أعمالهم
وانما يصير معلوما بتعين الخياطة أو بتقدير العمل فاما المدة فلا تزول بها الجهالة وهو ضعيف لان التفاوت في ذلك معفو عنه لقلته وإلا لزم ان لا يصح الايجار
بالمدة وهو خلاف الاجماع المقصد الثامن في المزارعة والمساقاة وفيه فصلان الأول في المزارعة وفيه مباحث الأول المهية المزارعة
معاملة على الأرض بالزرع بحصته من حاصلها واختلفوا في أنها هي المخابرة أو غيرها فقال بعضهم ان
المزارعة والمخابرة لفظان لمعنى واحد والمخابرة من الخبير
وهو الاكار قاله أبو عبيدة ويقال انها مشقة من الخبارة وهي الأرض الرخوة وعلى الأول يقال خابرته مخابرة وأكرته مواكرة بمعنى واحد وقال آخرون انهما معنيان
مختلفان قال الشافعي بالفرق بينهما فإنه قال وذكر سنة رسول الله صلى الله عليه وآله في نهيه عن المخابرة على أن لا يجوز المزارعة على الثلث ولا على الربع قال
أصحابه المخابرة ان يكون من رب الأرض وحدها ومن الاكار البذر والعمل والمزارعة أن تكون الأرض والبذر من واحد والعمل من الأخر ومنهم من قال هما
عبارة عن عقد واحد وقيل المخابرة معاملة على أهل خبير وروي العامة في تفسيرها عن زيد بن ثابت قال نهى رسول الله عن المخابرة قلت وما المخابرة قال إن
نأخذ الأرض بنصف أو بثلث أو ربع والمشهور انهما واحد يؤيده قول صاحب الصحاح والخبير الاكار ومنه المخابرة وهي المزارعة وظاهر قول الشافعي انهما مختلفان فالمخابرة هي المعاملة
على الأرض ببعض ما يخرج منها والمزارعة اكتراء العامل ليزرع الأرض ببعض ما يخرج منها ولا كثير فائدة في هذا النزاع مسألة المزارعة بالمعنى الذي قلناه وهي المعاملة على الأرض لحصة مما يخرج منها بغير لفظ الإجارة جايزة عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع)
وسعد وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وعمار بن ياسر وآل علي (ع) وآل أبي بكر وابن سيرين وسعيد بن المسيب وطاوس و عبد الرحمن بن الأسود
وموسى بن طلحة والزهري و عبد الرحمان بن أبي ليلى وابنه وأبو يوسف ومحمد وهو مروي عن معاذ والحسن وعبد الرحمان بن زيد وقال المحاربي قال أبو جعفر الباقر (ع)
ما لمدينة من أهل بيت الا ويزرعون على الثلث أو الربع وزارع علي عليه السلام قال المحاربي وعامل عمر الناس على أن من جاء بالبذر من عنده فله الشطر وان جاءه باليد فله كذا لما رواه العامة عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر على الشطر مما يخرج من زرع
أو تمر وروى ذلك ابن عباس وجابر بن عبد الله وقال أبو جعفر (ع) عامل رسول الله صلى الله عليه وآله أهل خيبر بالشطر ثم أبو بكر ثم عمر وعثمان وعلي عليه السلام أهلوهم؟ إلى
اليوم يعطون الثلث والربع وهذا أمر مشهور صحيح وعمل به رسول الله صلى الله عليه وآله حتى مات وخلفائه حتى ماتوا وأهلهم ولم يبق بالمدينة أهل بيت الا عمل وعمل به أزواج
رسول الله صلى الله عليه وآله من بعده ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن علي الحلبي و عبد الله الحلبي جميعا عن الصادق عليه السلام في الصحيح ان أباه حدثه ان رسول لله صلى الله عليه وآله اعطى خيبر بالنصف
أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة فقوم عليهم قيمة فقال إما ان تأخذه وتعطون نصف الثمرة واما ان أعطيكم نصف الثمرة
واخذه فقال بهذا أقامت السماوات والأرض وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت الصادق (ع) عن المزارعة فقال النفقة منك والأرض لصاحبها فما اخرج الله من
336

شئ قسم على الشرط وكذلك قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر اتوه فأعطاهم إياها على أن يعمروها على أن لهم نصف ما أخرجت فلما بلغ الثمر أمر عبد الله بن رواحة
فخرص عليهم النخل فما فرغ منه خيرهم فقال قد خرصنا هذا النخل بكذا صاعا فان شئتم فخذوه وردوا علينا نصف ذلك وإن شئتم أخذناه وأعطينا لكم نصف ذلك
فقالت اليهود بهذا قامت السماوات والأرض وفي الصحيح عن محمد الحلبي و عبد الله الحلبي عن الصادق (ع) قال لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس وعن إسماعيل بن
الفضل عن الصادق (ع) قال لا بأس ان تستأجر الأرض بدراهم وتزارع الناس على الثلث والربع وأقل واكثر إذا كنت لا تأخذ الرجل إلا بما أخرجت أرضك والاخبار في ذلك أكثر
من أن تحصى ولان هذا أصل يثمر بالعمل فجاز العقد عليه ببعض ما يخرج منه كالمضاربة والمساقاة وإذا كانت الأرض بين النخيل قال الشافعي العقد فاسد وكرهه
عكرمة ومجاهد والنخعي وأبو حنيفة وروي عن ابن عباس الأمران وجوزها الشافعي في الأرض بين النخيل إذا كان بياض الأرض أقل وإن كان أكثر فعلى وجهين ومنع
المزارعة في الأرض البيضاء لما روي رافع بن خديج قال كنا نخابر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر ان بعض عمومته اتاه فقال نهى رسول الله عن أمر كان لنا نافعا وطواعية
رسول الله صلى الله عليه وآله أنفع قلنا ما ذاك قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كانت له الأرض فليزرعها ولا يكريها بثلث ولا بربع ولا بطعام مسمى وعن ابن عمر قال كنا لا نرى بالمزارعة بأسا
حتى سمعت رافع بن خديج يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عنها وقال جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن المخابرة وعن جابر قال كنا نزرع بالثلث والربع والنصف فقال النبي صلى الله عليه وآله
من كانت له ارض فليزرعها أو ليمنحها فإن لم يفعل فليمسك ارضه وعن زيد بن ثابت قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن المخابرة قلت وما المخابرة قال إن نأخذ
الأرض بنصف أو بثلث أو بربع ولا دلالة في حديث رافع لما رواه عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت أنه قال يغفر الله لرافع انا والله أعلم بالحديث منه انما اتاه رجلان
من الأنصار وقد اقتتلا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع فهذا خرج على وجه المشورة والارشاد دون الايجاب ولان حديث رافع تضمن النهى عن
كراء الأرض بثلث أو ربع ونحن نسلم ذلك فإنه لا تجوز اجارة الأرض بثلث ما يخرج منها أو ربعه والنزاع انما هو في المزارعة وهي غير مندرجة في الحديث والذي
ذكر فيه لفظ المزارعة محمول على الإجارة لان القصة واحدة رويت بألفاظ مختلفة فيجب تفسير أحد اللفظين بما يوافق الاخذ لئلا تنافي الاخبار ولان أحاديث
رافع مضطربة جدا مختلفة اختلافا شديدا فيجب ترك العمل بها لو انفردت فكيف يقوم على مثل أحاديثنا قال أحمد بن حنبل حديث رافع ألوان وقال أيضا
حديث رافع ضروب قال ابن المنذر قد جاءت الاخبار عن رافع بعلل تدل على أن النهى كان لذلك قال زيد بن ثابت انا اعلم بذلك منه وانما سمع النبي صلى الله عليه وآله رجلين قد
اقتتلا فقال إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع وروي البخاري عن عمر بن دينار قال قلت لطاوس لو تركت المخابرة فإنهم زعموا ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنها فقال إن
اعلمهم يعني ابن عباس اخبرني ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينه عنه ولكن قال لئن يمنح أحدكم ارضه خير من أن يأخذ عليها خراجا معلوما ولان أحاديث رافع منها ما يخالف الاجماع
وهو النهي عن كراء المزارعة على الاطلاق ومنها اضطرابه في المستند عنه فتارة يحدث عن بعض عمومته وتارة عن سماعة وتارة عن ظهر بن رافع ومع هذا
الاضطراب يجب اطراحها واستعمال الأخبار الواردة في شأن خيبر فإنها تجري مجري المتواترة التي لا اختلاف فيها وقد عمل بها الصحابة وغيرهم فلا معنى لتركها
اعتمادا على الاخبار الواهبة ولو سلم سلامته عن المطاعن وعدم قبوله للتأويل وقد تعذر الجمع فلا بد وأن يكون أحد الخبرين ناسخا للاخر ويستحيل القول
بنسخ حديث خيبر لكونه معمولا به من جهة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم من بعده إلى عصر التابعين فأي وقت يثبت نسخه وحديث جابر في النهي عن المخابرة محمول على ما حمل
عليه خبر رافع فان تأوله الشافعية بعود النهي إلى الأرض البيضاء والتجويز في قضية خيبر إلى الأرض المتخللة بين النخل كان بعيدا لعدم الدلالة عليه بخلاف ما
تأولناه فإنه لدليل ولان ما ذكرناه أولي لعمل الصحابة والتابعين وأهل البيت (ع) به دون ما تأولوه ولان ما ذكرناه مجمع عليه لان الباقر (ع) روي ذلك
عن أهل كل بيت بالمدينة وعن الصحابة وأهاليهم وفقهاء الصحابة واستمر ذلك إلى الان وهذا مما لا يجوز خفاؤه ولم ينكره أحد منهم فكان اجماعا والذي خالفه
فقد بينا فساده والقياس يقتضيه فان العين تنمى بالعمل فجازت المعاملة عليها ببعض نمائها كالأثمان في المضاربة والنخل في المساقاة أو نقول ارض فجارت المزارعة
عليها كالأرض بين النخل ولان الحاجة داعية إلى المزارعة لان أصحاب الأراضي لا يقدرون على زرعها والعمل عليها والأكرة؟ يحتاجون إلى الزرع ولا ارض
لهم فاقتضت حكمة الشرع جواز المزارعة كما قلنا في المضاربة والمساقاة بل الحاجة هنا اكد فان الحاجة إلى الزرع أكثر منها إلى غيره لكون الأرض لا ينتفع
منها إلا بالعمل عليها بخلاف المال مع أن حديثهم تضمن الخطاء لان فيه ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهانا عن شئ كان لنا نافعها والنبي صلى الله عليه وآله لا ينهي عن المنافع وانما ينهي عن المضار
والمفاسد فدل ذلك على غلط الراوي البحث الثاني في الأركان وهي أربعة الأول الصيغة وهو كل لفظ يدل على تسليم الأرض
للزراعة بحصة مشاعة مثل زارعتك على هذا الأرض أو ازرع هذه الأرض أو سلمتها إليك أو قبلتها بزراعتها أو بالعمل فيها مدة معلومة بحصة
من حاصلها معينة أو خذ هذه الأرض على هذه المعاملة وما أشبه ذلك ولا تنحصر في لفظ معين بل كلما يؤدي إلى هذا المعنى فتقول قبلت ويشترط لقبول لفظا
على الأقوى لأنه عقد لازم فكان كالإجارة ويحتمل العدم فلو أوجب واخذ العامل الأرض وزرعها احتمل اللزوم ولا تنعقد بلفظ الإجارة فلو قال اجرتك
هذه الأرض مدة معينة بثلث ما يخرج منها لم يصح لجهالة وقد سبق ويكون الزرع باسره لصاحب البذر فإن كان العامل فله الحاصل وعليه أجرة المثل للأرض
لأنه تصرف في مال الغير بعوض لم يسلم له فكان ضمانه عليه وانما يضمن بأجرة المثل وإن كان البذر لصاحب الأرض فعليه أجرة المثل للعامل ولدوابه حيث لم يسلم
عليه ما شرط له ولو قال اجرتك نصف ارضى هذه بنصف بذرك ونصف منفعتك ونصف منفعة بقرك وآلتك واخرج العامل البذر كله لم يصح للجهالة
فان المنفعة غير معلومة وقال بعض العامة لو أمكن علم المنفعة وضبطها بما لا يختلف معه ومعرفة البذر جاز وكان الزرع بينهما وليس بجيد وكذا لا يصح لو قال اجرتك نصفي أرضي بنصف منفعتك ومنفعة بقرك وآلتك واخرجا البذر ويكون الحاصل بينهما لان البذر منهما نعم هنا لو أمكن
الضبط صح العقد مسألة المزارعة لو وقعت بشروطها كانت لازمة لأصالة اللزوم بقوله تعالى أوفوا بالعقود وبقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم
وذلك يقتضي اللزوم ولا تبطل إلا بالتقايل ولا تبطل بموت أحد المتعاقدين لأصالة الدوام والاستصحاب ثم إن كان الميت العامل وقام وارثه مقامه في
العمل والا استأجر الحاكم عليه من ماله أو على الحصة ولو كان المالك بقيت المعاملة بحالها وعلى العامل القيام بتمام العمل الثاني المتعاقدان ولابد ان
يكونا من أهل التصرف فلا يصح عقد الصبي ولا المجنون ولا السفيه ولا المحجور عليه بالفلس وهو ظاهر الثالث ما تقع عليه المعاملة وهي كل ارض يمكن
الانتفاع بها في الزرع وذلك بان يكون لها ماء إما من نهر أو بئر ان عين أو مصنع؟ وما أشبه ذلك وتصح لو لم تكن لها شئ من ذلك لكن العادة سقي تلك
الأرض بالأمطار التي يغلب وجودها في تلك الأرض ولو كان نادرا لكنه يكفيها لكثرته وشدته فإنه يجوز أيضا ولو كان المطر المعتاد لا يكفيها أو يكون شربها
337

من السيل إذا فاض به الوادي وهو نادر أو يكون شربها من النهر إذا زاد زيادة نادرة ففي جواز المزارعة عليها اشكال ينشأ من عدم التمكن من انتفاع ما وقع
عليه العقد في الامر الظاهر ومن امكان الوقوع ولو نادرا فان انقطع الماء بحيث لا يمكن الزراعة أو فات وقت الزرع انفسخت المزارعة ولو زارع عليها أو اجرها
للزراعة ولا ماء لها مع علم الزراع لم يتخير ومع الجهالة فله الفسخ إما لو استأجرها مطلقا ولم يشترط المزارعة صح العقد ولم يكن له الفسخ لامكان الانتفاع بها
بغير الزرع بان ينزل فيها ويضع رحله ويجمع فيها حطبا ولو قدر على ماء أو أراد ان يزرع رجاء الماء كان له ذلك لان ذلك من جملة منافعها إلا أنه لا يبني ولا يغرس لان تقدير
المدة يقتضي تفريغ الأرض عند انقضائها والبناء والغرس يرادان للتأبيد فلهذا لم يكن له قاله الشافعي وليس بشئ لأنه قد استأجرها وأطلق فكان له وجوه
الانتفاعات ولا خلاف في أنه لو استأجرها للغراس والبناء وقدر المدة جاز مع أنهما للتأبيد فليجز مع الاطلاق مسألة لو زارع على الأرض ولها ماء معتاد
يعتورها وقت الحاجة إليه صح العقد فان تجدد له انقطاع في أثناء المدة فللزارع الخيار لعدم الانتفاع وكذا لو استأجرها للزراعة وإذا فسخ العامل
لانقطاع الماء فعليه اجرة ما سلف ويرجع بما قابل المدة المتخلفة إما لو استأجرها مطلقا فإنه لا ينفسخ العقد لامكان الانتفاع في غير الزرع على ما تقدم ولو فرض
عدم النفع بالكلية فان العقد ينفسخ لفوات المعقود عليه وهي المنفعة ولو كانت الأرض لا ماء لها يعتادها لا من نهر ولا من مطر ولا من غيرهما لم تصح المزارعة
عليها لتعذر الانتفاع بها ولا استيجارها للزراعة وهل يجوز استيجارها مطلقا الأقوى الجواز لان الانتفاع لا ينحصر في الزرع وللشافعية وجهان أحدهما انه
لا تصح الإجارة لأن اطلاق العقد يقتضي الزراعة ولو شرط الزراعة كان فاسدا فكذا إذا اطلق والثاني ينظر إن كانت الأرض لا ماء لها بحال ولا يمكن ان يجلب إليها صح العقد
لان علمه بذلك بمنزلة شرط انها بيضاء وإن كان لها ماء بحال أو يمكن ان يجلب إليها كان العقد فاسدا لان المكري يجوز ان يعتقد ان على المكترى تحصيل الماء فإنه
يكريها للزراعة فيقضي الإجارة الزراعة وذلك متعذر في الظاهر فلم يصح مسألة تجوز المزارعة على الأرض التي لها ماء من شط يزيد زيادة أو يحتاج إلى
الدالية وشبهها وكذا يجوز اجارتها للزراعة قبل مجئ الماء وبعده وقال الشافعي ان اجرها بعد مجئي الماء النادر جاز لأنه قد أمكن الزراعة فاما إذا كانت الأرض بشرب
بالزيادة المعتادة جاز اجارتها وإن كانت الزيادة لم توجد وكذا ما تشرب بالمد بالبصرة يجوز اجارتها وقت الجزر وما يشرب بالمطر المعتاد تجوز اجارته قبل
مجئ المطر اعترض عليهم بان من مذهبهم انه متى لم يكن استيفاء المنفعة عقيب العقد لم تصح الإجارة وأجابوا بأنه يمكن هنا ان يبتدي عقيب العقد بعمارة
الأرض للزراعة فلو كان لا يمكنه عمارتها وزراعتها إلا أن يكون الماء حال العقد لم يجز اجارتها حتى يكون الماء حال العقد وليس بجيد وجوزوا استيجارها
والماء قايم عليها إذا كان ينحسر عنها لا محالة في وقت يمكن الزرع عليه وهو معروف بالعادة المستمرة فيها ثم اعترض بأنه كيف يجوز اجارتها ولا يمكن الانتفاع بها عقيب
العقد والماء أيضا مانع من رؤيتها فأجابوا بان كون الماء فيها لا يمنع من التسليم والتشاغل بعمارتها لأنه يمكنه ان يشغل بحسر الماء عنها ببئر يحفرها أو موضع يفتحه
ويجري ذلك مجرى من اشترى دارا أو استأجرها وفيها قماش يحتاج إلى تحويله ويمكن ذلك في الحال فإنه يجوز قال أبو إسحاق ولأن الماء فيها من عمارتها واما رؤيتها
فإنه إن كان قدراها أولا أو كان الماء صافيا لا يمنع رؤيتها جاز وقال بعضهم وجود الماء فيها لا يمنع الانتفاع وقت الزراعة فلا يمنع ذلك صحة الإجارة
وصححه الباقون لأنه ليس من شرط الإجارة حصول الانتفاع بالزراعة في جميع مدتها لأنه يجوز ان يستأجر سنين والزرع يحصل في بعضها وانما يعتبر امكان
التسليم عقيب العقد فلو كان الماء كثيرا يمنع التسليم لم يجز العقد تذنيب لو كانت الأرض على صفة يمكن زراعتها إلا أنه يخاف عليها الغرق
يغرق وقد لا يغرق جازت اجارتها لأن الظاهر عدم الفرق والأصل السلامة كما يجوز اجارة الحيوان لان الأصل السلامة وان جاز عليه التلف اخر لو رضي
المستأجر للزراعة باستيجار ما لا ينحسر الماء عنه جاز لأنه رضي بالعيب هذا إذا كانت الأرض يمكنه مشاهدتها ولو كان الماء قليلا يمكن معه بعض الزراعة جاز
ولو كان الماء ينحسر عنها على التدريج لم يصح لجهالة وقت الانتفاع ولو كان وقته معلوما بالعادة جاز الرابع الحصة مسألة يجب ان يكون النماء
مشتركا بينهما فلو شرطه أحدهما لنفسه خاصة لم يصح لان المنقول عن الرسول وأهل بيته (ع) انما ورد على الاشتراك في الحصة والأمور الشرعية متلقاة عن النبي صلى الله عليه وآله
فلا يجوز التجاوز عنها ولا يشترط تساويهما فيه بل يجوز ان يكون لأحدهما أكثر مما للاخر على حسب ما يتفقان عليه لان الروايات دلت على أن المعاملة بالثلث والربع
وغيرهما ولا نعلم في ذلك خلافا بين مجوزي المزارعة مسألة ولا بد وأن يكون النماء بأجمعه بينهما فلو شرط أحدهما زرعا بعينه والاخر زرعا اخر بعينه مثل
ان يشترط المالك لنفسه زرع ناحية ويشترط العامل لنفسه ناحية أخرى أو يشترط أحدهما ما على الجداول والسواقي والاخر ما عداه لم يصح أو اشترط أحدهما
الهرف والاخر الأقل أو شرط أحدهما زرع الحنطة والاخر زرع الشعير أو ما أشبه ذلك ولا خلاف فيه بين العلماء لان الخبر ورد بالنهي عنه من غير معارض ولأنه ربما
تلف ما شرطه أحدهما لنفسه أو لصاحبه فينفرد الأخر بالغلة وحده إما لو شرط أحدهما لصاحبه النصف وما يزرع على الجداول أو شرط مع نصيبه نوعا من الزرع أو
الأقل ففيه عندي نظر لكن المجوزون للمزارعة من العامة اتفقوا على بطلانه مسألة ولا بد وأن يكون الحصة معلومة فلو شرط لأحدهما جزءا أو نصيبا
أو شيئا أو بعضا ولم يبين القدر بطل بالاجماع لما فيه من الغرر ولا تحمل الألفاظ المجملة هنا على ما ورد في الوصية لان ذلك ورد في صورة معينة فلا يجوز تجاوز عنها ولا بد وأن تكون
الحصة معلومة بالجزئية فلو شرط أحدهما من الحاصل قفيزا معينا والباقي للاخر لم يصح وكذا لو شرط أحدهما قدرا من الحاصل وما زاد عليه بينهما لم تصح لجواز ان لا تحصل
الزيادة فينفرد أحدهما بالفايدة وهو مناف لموضوع المزارعة إما لو شرط أحدهما على الأخر شيئا يضمنه له من غير الحاصل مضافا إلى الحصة فالأقرب عندي
الجواز عملا بالشرط وقال بعض علمائنا تبطل والوجه الأول وكذا لا يصح لو شرطا اخراج البذر وسطا ويكون الباقي بينهما على اشكال لان ذلك يتضمن اشتراط
أحدهما شيئا معينا زايدا على حصته وقد بينا بطلانه لجواز ان لا يحصل سواه فيؤدي إلى أن ينفرد أحدهما بالفايدة وفيه نظر لأنه بمنزلة الخراج وكذا لو شرط
رب الأرض اخراج البذر من حصته العامل يبطل لأنه بمنزلة ما لو شرط على عامل المضاربة اخراج رأس المال من عنده وقد روى إبراهيم الكرخي عن الصادق عليه السلام
قال قلت له أشارك العلج فيكون من عندي الأرضون والبذر والبقر ويكون على العلج القيام والسقي والعمل في الزرع حتى يصير حنطة وشعيرا وتكون القسمة
فيأخذ السلطان حنطة ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي قال لا بأس بذلك قلت فلي عليه ان يرد علي ما خرجت الأرض من البذر ويقسم الباقي قال
انما شاركته على أن البذر من عندك وعليه السقي القيام وكذا يجب تعيين الحصة من كل نوع فلو قال ازرعها حنطة وشعيرا ولى ثلث أحدهما ونصف الأخر ولم
يعين بطل وان عين صح ولو قال إن زرعتها حنطة فلى الثلث وان زرعتها شعيرا فلى النصف بطل للجهالة وفيه لبعض العامة وجه بالجواز كالخياطة ولو قال
338

ما زرعتها من شئ فلي نصفه صح لان النبي صلى الله عليه وآله ساقي أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو تمر مسألة ولو شرط اخراج الخراج المضروب على الأرض أولا والباقي
يكون بينهما لم يكن به بأس لان الخراج كأنه في مقابلة حصة السلطان من الأرض وللأصل ولما رواه يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته
عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها إلى الرجل على أن يعمرها ويصلحها ويؤدي خراجها وما كان من فضل فهو بينهما قال لا بأس البحث الثالث
الشرط مسألة يشترط في المزارعة تقدير المدة وتعيينها بالأيام والشهور المضبوطة فلا تجوز مع جهالة المدة اجماعا لما فيه من الغرر وأدائه
إلى التنازع ولو اقتصرا على تعيين المزروع ولم يذكر المدة فالأقوى البطلان لان المزارعة عقد لازم فهو كالإجارة فلا بد فيه من تعيين المدة وأمد الزرع غير
مضبوط فقد يتقدم ويتأخر باختلاف الأهوية في البرودة والحرارة ويحتمل الصحة لان لكل زرع أمد لا يتجاوزه فيبني على العادة كالقراض والأول أقوى
مسألة إذا عينا المدة بالأشهر والأيام فمضت المدة والزرع قايم لم يبلغ كان للمالك ازالته على اشكال أقربه المنع لان للزرع أمدا معينا غير دايم الثبات
وقد حصل في الأرض بحق فلم يكن للمالك قلعه كما لو استأجر الأرض للزرع مدة وانقضت قبل ادراكه مع أن الاحتمال أيضا هناك قائم وإذا قلنا إن للمالك قلعه
فلا فرق بين ان يكون المتأخر بسبب الزارع كالتفريط في تأخير الزرع وترك التعهد له أو من قبل الله تعالى كتأخير المياه وتغير الأهوية ولو اتفقا على التبقية جاز
لان الحق لهما ولا فرق بين ان يتفقا عليه بعوض وغير عوض لكن ان شرط عوضا افتقر في لزومه إلى تعيين المدة الزايدة مسألة لو شرط للزرع مدة
معينة وشرطا في العقد تأخيره عن تلك المدة ان بقى بعدها بطل الشرط والعقد على القول باشتراط تقدير المدة بالأشهر المضبوطة ولو ترك العامل
الزراعة حتى انقضت المدة لزمه أجرة المثل للمالك عن ارضه كما أنه لو كان قد استأجرها لزمه الأجرة هذا إذا كان المالك قد مكنه فيها وسلمها إليه إما لو منعه
منها حتى خرجت المدة فإنه لا يستحق عليه شيئا لان المنع من قبله ولو شرط الغرس افتقر إلى تعيين المدة أيضا ولو شرط الزرع والغرس معا في الإجارة افتقر إلى
تعيين كل واحد منهما لتفاوت ضرريهما وكذا لو شرطهما في المزارعة وكذا لو استأجر لزرعين أو غرسين
متفاوتي الضرر ولو استأجر أرضا مدة معينة ليغرس
فيها ما يبقى بعد المدة غالبا لم يجب على المالك ابقاؤه ولا الأرش مع ازالته وقيل يجب وفيه اشكال لان له ازالته لو غرس بعد المدة فكذا له الإزالة بعد انقضائها
البحث الرابع في الاحكام قد بينا صحة المزارعة إذا وقعت على الوجوه المعتبرة شرعا فان اختل بعض شرايطها فسدت فكان النماء لصاحب البذر
فإن كان هو المالك للأرض كان عليه أجرة المثل للعامل عن عمله وعوامله وآلاته طول المدة لأنه دخل على عوض لم يسلم له وإن كان هو العامل فالزرع بأجمعه
له وعليه اجرة الأرض لمالكها وإن كان لهما فالزرع منهما يرجع كل منهما على صاحبه بنصف ما يستحقه من الأجرة وإن كان لثالث فالزرع بأجمعه له وعليه اجرة المالك والعامل وقال الشافعي المزارعة في نفسها باطلة فإذا دخلا فيها وكمل
الزرع كان لصاحب البذر لأنه نماء ملكه وعليه للاخر أجرة المثل فإن كان البذر لصاحب الأرض فالزرع له وعليه اجرة الاكار وعوامله لأنه عمل ليكون ما شرطه له
فإذا لم يسلم له فله عوضه كمن باع بيعا فاسدا واتلفه المشتري كان له قيمته لأنه بذله في مقابلة الثمن فإذا لم يسلم له الثمن كان له قيمة المبيع كذا هنا وإن كان العامل
فالغلة وعليه اجرة الأرض وإن كان لهما فالزرع لهما على قدر البذرين ولكل منهما أجرة المثل في نصف صاحبه فيكون لصاحب الأرض اجرة نصف الأرض
وللعامل اجرة نصف عمله وعوامله ثم قال الشافعي إذا أراد ان يشتركا في الزرع والغلة على الوجه الذي يشترطانه في المزارعة جاز بطريق جايز أعار صاحب الأرض
للاكار نصف ارضه ويكون البذر بينهما ويعمل الاكار على الزرع متبرعا فتكون الغلة بينهما ولا يستحق رب الأرض على الاكار اجرة نصف الأرض ولا يستحق
العامل اجرة نصف عمله لان كل واحد منهما تطوع بما بذله وذكر المزني وجهان اخر فقال يكون البذر بينهما ويكرى صاحب الأرض الاكار نصف ارضه بألف
ويكترى منه عمله على نصيبه وعمل عوامله بألف ويتفقان بذلك وتكون الغلة بينهما وقال أصحابه يمكن ان يكون أسهل من هذا وهو ان يكريه نصف ارضه بعمله
وعمل عوامله على نصيبه وان أراد ان يكون بينهما على الثلث والثلثين اجرة ثلثي الأرض بثلثي عمله وان أراد ان يكون البذر من أحدهما فإن كان من رب المال استأجر منه نصف عمله وعمل عوامله وآلته بنصف منفعة الأرض ونصف
البذر وإن كان البذر من الاكار استأجر منه بنصف عمله وعمل آلته ونصف البذر ونصف الأرض وتفتقر هذه الإجارة إلى تقدير المدة ورؤية الأرض وعوامله
وآلته والكل عندنا جايز بشرط الضبط في ذلك كله مسألة تجوز المزارعة إذا كان من صاحب الأرض البذر ومن العامل العمل عند كل من سوغ المزارعة وهو مذهب ابن سيرين
ومنقول عن الشافعي وإسحاق واحمد لأنه عقد يشترك فيه العامل ورب المال في نمائه فكان سايغا ولو كان البذر من العامل والعمل والعوامل أيضا من المالك
الأرض خاصة جاز عندنا بلفظ المزارعة وهو رواية عن أحمد لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله دفع خيبر على هذا وهو مروي عن عمر بن الخطاب وبه قال
أبو يوسف وطايفة من أهل الحديث ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان أباه الباقر (ع) حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وآله اعطى خيبر بالنصف وفي الصحيح عن يعقوب بن
شعيب عن الصادق (ع) قال سألته عن المزارعة فقال النفقة منك والأرض لصاحبها فما اخرج الله من شئ قسم على الشرط وكذلك قبل رسول الله صلى الله عليه وآله
خيبر الحديث وعن زرعة قال سألته عن مزارعة المسلم للمشرك فيكون عند المسلم البذر والبقر ويكون الأرض والماء والخراج والعمل على العلج قال لا بأس به وروي
عن سعيد وابن مسعود وابن عمران البذر من العامل وبالجملة الأصل في المزارعة قصة خيبر وان النبي صلى الله عليه وآله دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وارضها على أن يعملوها من أموالهم فان
رسول الله صلى الله عليه وآله شرط ثمرها وفي لفظ على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها فجعل عملها من أموالهم وزرعها عليهم ولم يذكر شيئا اخر
وظاهر هذا ان البذر من أهل خيبر ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله ان البذر على المسلمين ولو كان شرطا لما أخل بذكره ولو فعله النبي صلى الله عليه وآله لنقل وعن عمر انه عامل الناس
على أن جاء بالبذر من عنده له الشطر وان جاءه بالبذر فله كذا وظاهر هذا انه قد كان مشهورا غير منكر عند أحد فكان اجماعا اعترض بان ذلك كبيعين في بيعين
وأجيب باحتمال ان عمر خيرهم بين الامرين فأيهما اختاروا عقد معهم العقد كما تقول في البيع ان شئت بعتك بعشرة صحاح وان شئت بإحدى عشرة مكسرة فاختار أحدهما فعقد البيع معه
عليه وباحتمال الجواز كما يجوز عند بعضهم ان خطته روميا فلك درهم وإن خطته فارسيا فدرهمان ومنع بعض الحنابلة من ذلك وأوجبوا ان يكون
البذر من صاحب الأرض لأنه عقد يشترك فيه العامل ورب المال في نمائه فوجب ان يكون رأس المال كله من أحدهما كالمساقاة والمضاربة وهذا القياس مخالف
للنص الذي قلناه وللاجماع الذي ذكرناه ثم ينتقض بما إذا اشترك مالان وبذر صاحب أحدهما إذا عرفت هذا فيجوز أن تكون من أحدهما الأرض والعمل
ومن الأخر البذر بلفظ المزارعة نظرا إلى الاطلاق ولو كان بلفظ الإجارة لم تصح الجهالة العوض ويجوز ان يكون من أحدهما العمل خاصة ومن الأخر الأرض
والبذر والعوامل مسألة ولو كان البذر بينهما نصفين وشرطا الزوج بينهما نصفين تساويا فيه وكان صحيحا عندنا ولا خلاف في ذلك عند من قال
339

بصحة المزارعة أو فسادها لأنها إن كانت صحيحة فالزرع بينهما على ما شرطاه وإن كانت فاسدة فلكل واحد منهما بقدر بذره لكن مع القول بصحتها لا يرجع أحدهما
على صاحبه بشئ ومن شرط اخراج البذر من صاحب الأرض فهي فاسدة فعلى العامل نصف اجرة الأرض وله على صاحب الأرض نصف اجر عمله فيتقاصان بقدر الأقل
منهما ويرجع أحدهما على صاحبه بالفضل وان شرطا التفاضل في الزرع وقلنا بصحته فالزرع بينهما على ما شرطاه ولا تراجع بينهما وإن قلنا بفسادها فالزرع
بينهما على قدر بذرهما وتراجعا كما ذكرناه ولو تفاضلا في البذر وشرطا التساوي في الزرع أو تساويا في البذر وشرطا التفاضل في الحصة جاز عندنا كما تقدم في الشركة مسألة إذا اطلق المالك المزارعة
زرع العامل ما شاء إن كان البذر منه أو زرع المالك ما شاء إن كان البذر منه ويحتمل قويا وجوب التعيين لتفاوت ضرر الأرض باختلاف جنس المزروعات
ولو عين جنسين كحنطة وشعير فلا بد من تقدير كل واحد منهما إما بالكيل أو الوزن واما يتعين الأرض مثل ازرع هذه القطعة حنطة وهذه الأخرى شعيرا
ولو عين الزرع لم يجز التعدي لأنه خلاف المشروط ولو زرع ما هو أكثر من المشروط كان لمالكها أجرة المثل ان شاء أو المسمى مع الأرش ولو كان أقل ضررا جاز ولا شئ عليه ولا للمالك الحصة لا أزيد
وللمزارع ان يشارك غيره في الزراعة وان يزارع عليها غيره ولا يتوقف على اذن المالك لكن لو شرط المالك الزرع بنفسه لزم ولم تجز المشاركة إلا باذنه وخراج الأرض
ومؤنتها على صاحبها إلا أن يشترط على المزارع وكل موضع حكم فيه ببطلان المزارعة يجب لصاحب الأرض أجرة المثل تذنيب إذا اطلق وجب ان يعين البذر
ممن هو فإنه يجوز ان يكون من المالك أو من العامل أو منهما عندنا ومن قال إنه على رب الأرض انصرف الاطلاق إليه على مقتضى قوله مسألة يجوز ان يشترط
المالك على العامل مع الحصة شيئا معينا من ذهب أو فضة أو بالعكس عملا بالشرط ولو زارعه على ارض فيها شجر يسير جاز ان يشترط العامل ثمرها عندنا وبه قال مالك
لكن شرط مالك أن تكون الشجر قدر الثلث أو أقل لأنه يسير فيدخل تبعا وليس بشئ وقال الشافعي واحمد وابن المنذر لا يجوز ذلك لأنه اشترط الثمرة كلها فلم يجز
ونمنع عدم الجواز لأنه ليس مساقاة لان التقدير ان العقد عقد المزارعة مسألة لو دفع رجل بذره إلى صاحب الأرض ليزرعه في ارضه ويكون ما يخرج بينهما
جاز عندنا للأصل ولو دفعه إلى ثالث ليزرعه في ارض صاحب الأرض على أن يكون الحاصل بينهم منعه العامة لان البذر ليس من رب الأرض ولا من العامل فعلى
قولهم يكون الزرع لصاحب البذر وعليه الأجرة لصاحب الأرض والعمل ولا بأس به إما لو قال صاحب الأرض انا ازرع بذرك في أرضي والحاصل بيننا فإنه يجوز كما
تقدم ولو كان الأرض والبذر والعمل من واحد ومن الأخر الماء وشرطا ان يكون الحاصل بينهما فعن احمد روايتان إحديهما المنع لان موضوع المزارعة أن تكون
من أحدهما الأرض ومن الأخر العمل وليس من صاحب الماء ارض ولا عمل ولا بذر ولأن الماء لا يباع ولا يستأجر فكيف تصح المزارعة به والثانية الجواز لأن الماء
أحد ما يحتاج إليه في الزرع فجاز ان يكون من أحدهما كالأرض والعمل مسألة ولو اشترك ثلاثة على أن يكون من أحدهم الأرض ومن الأخر البذر ومن الأخر
البقر والعمل على أن ما رزق الله تعالى بينهم فعملوا احتمل الجواز للأصل ومنع مالك والشافعي وأصحاب الرأي واحمد من ذلك لما رواه مجاهد أفي؟ أربعة نفر اشتركوا
في زرع على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أحدهم على الفدان وقال الآخر فلى البذر وقال الآخر فلى العمل فجعل النبي صلى الله عليه وآله
الزرع لصاحب البذر والأجرة لصاحب الأرض وجعل لصاحب العمل كل يوم درهما ولصاحب الفدان شيئا معلوما ولما سبق من أن موضع المزارعة على أن البذر
من صاحب الأرض أو من العامل وليس هنا هو من أحدهما وليست الشركة لان الشركة تكون بالأثمان وإن كانت بالعروض اعتبر كونها معلومة ولم يوجد شئ من
ذلك هنا وليست الإجارة لافتقار الإجارة إلى مدة معلومة وعوض معلوم فعلى هذا يكون الزرع لصاحب البذر لأنه نماء ماله ولصاحبيه عليه اجرة مثلهما لأنهما دخلا على أن
يسلم لهما المسمى فإذا لم يسلم عاد إلى بذله وبه قال الشافعي وأبو ثور وقال أصحاب الرأي يتصدق بالفضل وليس بشئ لأنه نماء ماله فلا يلزمه الصدقة كساير ماله ولو كانت
الأرض لثلاثة فاشتركوا على أن يزرعوها ببذرهم ودوابهم على أن ما اخرج الله تعالى بينهم على قدر مالهم فهو جايز ولهذا قال مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر
ولا نعلم فيه خلافا لان أحدهم لا يفضل صاحبه بشئ مسألة يجوز لصاحب الأرض ان يخرص على الزراع ويتخير الزراع في القبول وعدمه فان قبل
كان استقرار ذلك مشروطا بالسلامة فلو تلف الزرع بآفة سماوية أو أرضية لم يكن عليه شئ لما رواه محمد بن عيسى عن بعض أصحابه قال قلت لأبي الحسن (ع)
ان لنا أكرة فيزارعهم فيقولون قد حرزنا هذا الزرع بكذا وكذا فاعطونا ونحن نضمن لكم ان يعطيكم حصته على هذا الحرز قال وقد بلغ قلت نعم قال لا بأس بهذا فإنه
يجئ بعد ذلك ويقول لنا ان الحرز لم يجئ كما حرزت وقد نقص قال فإذا زاد يرد عليكم قلت لا قال فلكم ان تأخذوه بتمام الحرز كما أنه إذا زاد كان له كذلك إذا نقص
مسألة إذا زارع رجلا في ارضه فزرعها وسقط من الحب شئ ونبت في ملك صاحب الأرض عما اخر فهو لصاحب البذر عند علمائنا وبه قال الشافعي لأنه
عين ماله فهو كما لو بذره قصدا وقال احمد يكون لصاحب الأرض لان صاحب الحب أسقط حقه منه بحكم العرف وزال ملكه عنه لان العادة ترك ذلك لمن يأخذه ولهذا
أبيح التقاطه وزرعه ولا خلاف في إباحة التقاطه ما رماه الحصاد من سنبل وحب وغيرهما فيجري ذلك مجرى بنذه على سبيل الترك له وصار كالشئ التافه يسقط
منه كالثمرة واللقمة والنوى ونحوها ولا شك في أنه لو التقط انسان النوى وغرسه كان له دون من سقط منه كذا هنا وليس بجيد لان الحق والملك لا يزولان
بالاعراض بل به وباستيلاء الغير عليه فإذا لم يحصل الثاني ونبت الحب حتى صار زرعا ينتفع به لم يكن من جملة ما تمثل به من الشئ التافه والنوى ولهذا لو نبت
نواة سقطت من انسان في ارض مباحة أو مملوكة له ثم صارت نخلة لم يستول عليها غيره فان النخلة يكون ملك صاحب النواة قطعا مسألة لو تنازعا في
قدر المدة فالقول قول منكر الزيادة مع يمينه عملا بالأصل وتبعا للنماء لمالك الأرض ولو اختلفا في قدر الحصة فالقول قول صاحب البذر ولو أقام كل منهما
بينة قدمت بينة من يدعي خلاف الظاهر فحينئذ يكون القول قول من يدعي الزيادة في المدة والحصة وقال بعض علمائنا بالقرعة وليس بجيد ولو اختلفا فقال العامل
أعرقني الأرض للزرع وانكر المالك وادعى الحصة أو الأجرة ولا بينة فالقول قول المالك مع يمينه في عدم الإعادة ويثبت له أجرة المثل وقيل بالقرعة وليس بجيد
وللزراع تبقية الزرع إلى أوان اخذه لأنه مأذون فيه إما لو قال غصبتها حلف العامل على نفي الغصب وكان للمالك الأجرة والمطالبة بإزالة الزرع وأرش الأرض
ان عابت وطم الحفر مسألة لا ينبغي ان يشترطا حصة للبذر وحصة للبقر بل يشترط الفايدة بينهما على قدر ما يتفقان عليه من نصف أو ثلث أو غيرهما لما
رواه أبو الربيع الشامي انه سأل الصادق (ع) عن رجل يزرع ارض رجل اخر فيشترط عليه ثلثا للبذر وثلثا للبقر فقال لا ينبغي ان يسمى بذرا ولا بقرا ولكن
تقول لصاحب الأرض ازرع في أرضك ولك منها كذا وكذا نصف أو ثلث أو ما كان من شرط ولا يسمى بذرا ولا بقرا وانما يحرم الكلام ونحوه عن سليمان بن
خالد عن الصادق (ع) ونحوه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) وهل هذا النهي على سبيل التحريم أو للكراهة اشكال أقربه الثاني
340

مسألة قد بينا انه يكره اجارة الأرض بالحنطة أو الشعير ولو كان منهما حرم على الأقوى وقال احمد يجوز ان يوجرها بجزء مشاع مما يخرج منها كنصف وثلث
وربع وعليه رواية من طرق علمائنا رواه ذرعة قال سألته عن الأرض يستأجرها الرجل بخمس؟ ما خرج منها وبدون ذلك أو بأكثر مما خرج منها
مما خرج منها من الطعام والخراج على العلج قال لا بأس والراوي له ضعيف وهي مرسلة ولو سلمت حملت على المزارعة لان الباقر (ع) سئل عن اجارة الأرض بالطعام قال
إن كان من طعامها فلا خير فيه مسألة يجوز ان يدفع الرجل ارضه إلى غيره على أن يؤدي خراجها عنه ويكون
له عليه شيئا معينا للأصل ولأنه اجارة صحيحة
ولما رواه داود بن سرحان في الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل يكون له الأرض عليها خراج معلوم وربما زاد وربما نقص فيدفعها إلى رجل على أن يكفيه خراجها
ويعطيه مائتي درهم في السنة قال لا بأس مسألة يجوز للزراع ان يشارك غيره في الزرع الذي زرعه بان يبيع بعض حصته له بشئ معلوم من ذهب أو فضة
للأصل ولما رواه سماعة قال سألته عن المزارعة قلت الرجل يبذر في الأرض مائة جريب أو أقل أو أكثر من الطعام أو غيره فيأتيه رجل فيقول خذ مني نصف ثمن
هذا البذر الذي زرعته في الأرض ونصف نفقتك عليه واشركني فيه قال لا باس قلت إن كان الذي يبذره فيه لم يشتره بثمن وانما هو شئ كان عندما؟
فليقومه قيمة كما يباع يومئذ ثم ليأخذ نصف الثمن ونصف النفقة ويشاركه إذا عرفت هذا فإنه يشترط فيه شرايط البيع من وجود الزرع وظهوره بحيث
يمكن تقويمه وشراؤه ولا يجوز بيعه ما دام في بطن الأرض لم يخرج منه شئ مسألة قد بينا انه يجوز ان يتقبل الأرض ليعمرها ويؤدي ما خرج عليها
مدة معينة لما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال لا بأس بقبالة الأرض من أهلها عشر سنين وأقل من ذلك واكثر فيعمرها ويؤدي ما خرج عليها
ولا يدخل العلوج في شئ من القبالة فإنه لا يحل وروى أبو الربيع الشامي انه سأل الصادق (ع) عن ارض يريد رجل ان يتقبلها فأي وجوه القبالة أحل قال
يتقبل الأرض من أربابها بشئ معلوم إلى سنين مسماة فيعمر ويؤدي الجراح فإن كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته فان ذلك لا يحل وقد روي أبو المغراء في
الحسن عن الصادق (ع) في الرجل يستأجر الأرض ثم يواجرها بأكثر مما استأجرها فقال لا بأس ان هذا ليس كالحانوت ولا الأجير ان فضل الأجير والحانوت حرام
وقد روي الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت له أتقبل الأرض بالثلث والربع فاقبلها بالنصف قال لا بأس به قلت فأتقبلها بألف درهم واقبلها بالفين
قال لا يجوز قلت كيف جاز الأول ولم يجز الثاني قال لان هذا مضمون وذلك غير مضمون وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) أو الصادق (ع) قال
سألته عن الرجل يستكرى الأرض بمائة دينار فيكرى نصفها بخمسة وتسعين دينارا ويعمر نصفها قال لا بأس مسألة لو زرع ارض غيره بغير اذنه كان
الزرع لصاحبه وعليه اجرة الأرض وللمالك قلعه مطلقا والزامه بالأرش لما رواه عقبة بن خالد قال سألت الصادق (ع) عن رجل اتى ارض رجل فزرعها بغير اذنه حتى
إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال زرعت بغير اذني فزرعك لي وعلي ما أنفقت أله ذلك أم لا فقال للزراع زرعه لصاحب الأرض كرى ارضه وعن محمد ابن مسلم
عن الباقر (ع) في رجل اكترى دارا وفيها بستان فزرع البستان وغرس نخلا أو شجرا أو فواكه وغير ذلك ولم يستأمر صاحب الدار في ذلك فقال عليه الكرى ويقوم صاحب الدار
الزرع والغرس قيمة عدل فيعطيه للغارس إن كان استأمره في ذلك وإن لم يكن استأمره في ذلك فعليه الكراء وله الغرس والزرع ويقلعهما ويذهب له حيث شاء
وروى عبد العزيز بن محمد قال سمعت الصادق (ع) يقول من اخذ أرضا بغير حقها أو بنى فيها قال يرفع بناؤه ويسلم التربة إلى صاحبها ليس لعرض ظالم حق
ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اخذ أرضا بغير حقها كلف ان يحمل ترابها إلى المحشر وسأل هارون بن حمزة الصادق (ع) عن الرجل يشترى
النخل ليقطعه الجذوع فيعيب الرجل ويدع النخل كهيئة لم تقطع فيقدم الرجل وقد حمل النخل قال له الحمل يصنع به ما شاء إلا أن يكون صاحب النخل يسقيه ويقوم عليه
مسألة يجوز اجارة رحاء الماء إذا كان لها ماء دايم كما يجوز اجارة الأرض للزراعة إذا كان لها ماء دايم ولو كان ينقطع أحيانا جاز هنا دون الزراعة إذا
كان ينقطع وقت الزرع ولعدم الانتفاع هنا بخلاف الرحا وقد روى إدريس بن عبد الله القمي قال قلت له جعلت فداك اجارة الرحا تعلمني كيف تصح اجارتها
فان عندنا ربما دام وربما انقطع قال فقال لي اجعل جعل الجارة في الأشهر التي لا ينقطع الماء فيها ولو درهم مسألة لو تقبل انسان أرضا من غيره
مدة معينة جاز للمالك بيع الأرض ويلزم المشتري الصبر إلى انقضاء مدة التقبل وله الفسخ ان لم يعلم بالحال لما تقدم في الإجارة ولما رواه يونس قال كتبت
إلى الرضا (ع) أسأله عن رجل تقبل من رجل أرضا أو غير ذلك سنين مسماة ثم إن المقبل أراد بيع ارضه التي قبلها قبل انقضاء السنين المسماة هل
للمتقبل ان يمنعه من البيع قبل انقضاء اجله الذي تقبلها منه إليه وما يلزم المتقبل له قال فكتب له ان يبيع إذا اشترط على المشتري ان للمتقبل من السنين ماله
مسألة قد ذكرنا ان الخراج على صاحب الأرض دون المستأجر فلو زاد السلطان عليه شيئا فان ذلك لازما لصاحب الأرض دون المستأجر كالأصل
لما رواه سعيد الكندي قال قلت للصادق (ع) اني آجرت قوما أرضا فزاد السلطان عليهم قال أعطهم فضل ما بينهما قلت انا لم اظلمهم ولم أزد عليهم قال إنهم
إنما زادوا على أرضك الفصل الثاني في المساقاة وفيه مباحث الأول المهية المساقاة مفاعلة من السقي وصورتها ان يعامل الانسان غيره على
نخلة أو شجرة ليتعهدها بالسقي والتربية على أن مهما رزق الله تعالى من ثمرة تكون بينهما على ما يشترطانه وانما اشتق من لفظ السقي دون غيره من الأعمال لان
السقي أنفعها وأكثرها مؤنه وتعبا خاصة بالحجاز لان أهلها يستقون من الأبار فسميت بذلك وهي في الشرع عبارة عن معاملة على أصول ثابتة بحصة من ثمرها
مسألة هذه المعاملة جايزة عند علمائنا أجمع وبه قال أكثر الصحابة وسعيد بن مسيب ومالك وسالم والثوري والأوزاعي وأبو ثور
وأبو يوسف ومحمد وإسحاق وأحمد بن حنبل وداود للاجماع والسنة إما الاجماع فما رواه العامة عن الباقر (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر
بالشطر ثم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (ع) ثم أهلوهم إلى اليوم يعطون الثلث أو الربع وهذا عمل به الخلفاء في مدة خلافتهم ولم ينكره منكر فكان اجماعا واما السنة
فما رواه العامة عن عبد الله بن عمر قال عامل رسول الله صلى الله عليه وآله أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من التمر أو الزرع ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح
عن الصادق (ع) ان أباه الباقر (ع) حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وآله اعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها الحديث وعن يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق (ع)
قال سألته عن الرجل يعطي الرجل ارضه فيها الرمان والنخل والفاكهة فيقول اسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما خرج قال لا بأس ولا الحاجة قد تدعو
إليه وتشتد الضرورة إلى فعله فكان جايزا وقال أبو حنيفة وزفر لا تجوز هذه المعاملة بحال لأنها اجارة بثمرة
لم تخلق أو اجارة بثمرة مجهولة أشبه اجارة نفسه بثمرة غير الشجر الذي يسقيه ونمنع كونها اجارة بل هي عقد
معاملة على العمل في المال ببعض نمائه فهو
341

كالمضاربة ثم يبطل قياسهم بالمضاربة فإنه عمل في المال ببعض نمائه وهو معدوم مجهول وقد جازت بالاجماع وهذا في معناه ثم قد جوز الشارع العقد في الإجارة على
المنافع المعدومة للحاجة مع أن القياس انما يكون في الحاق المسكوت عنه بالمنصوص عليه أو المختلف فيه بالمجمع عليه عندهم واما في ابطال نص وجرح اجماع بقياس
نص اخر فلا سبيل إليه مسألة والمساقاة جايزة في كل شجر له أصل ثابت ينتفع بثمرته وعليه عمل السلف وبه قال أكثر الفقهاء والتابعين وقال داود لا يجوز المساقاة
الا في النخل خاصة لان الخبر انما ورد بها فيه وقال الشافعي لا يجوز إلا في النخل والكرم لان الزكاة تجب في ثمرتها واما باقي الشجر فقولان أحدهما لا تجوز فيه لان الزكاة لا تجب
في نمائه فأشبه ما لا ثمرة له والحق خلافهما لعموم الخبر الوارد في أنه (ع) عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من الأرض من زرع أو شجر وهذا عام في كل ثمرة وقل ان يخلو بلد ذو؟ نخل وشجر
عن شجر غير النخل والكرم وقد جاء في لفظ بعض الأخبار ان النبي صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من النخل والشجر ولأنه شجر مثمر كل حول فأشبه النخل
والكرم ولان الحاجة تدعوا إلى المساقاة عليه كالنخل ووجوب الزكاة ليس هو العلة المجوزة للمساقاة ولا اثر له فيها حتى ينتفى الجواز بانتفائه وإنما العلة ما قلناه
البحث الثاني في الصيغة ولا بد في المساقاة من الصيغة الدالة على الرضا لان ذلك من الأمور الخفية الباطنة فلا بد من دلالة يكشف عنه ويظهره
وليس ذلك إلا الألفاظ التي يعبر بها عن المعاني الباطنة ولا يكفي التراضي والمعاطاة كما قلنا إنه لا يكفي في البيع وبعض الشافعية الذين جوزوا ذلك في البيع
جوزوا هنا والحق انه لا بد من عقد يشتمل على ايجاب وقبول وأظهر صيغ الايجاب ساقيتك على هذه النخيل أو عقدت معك عقد المساقاة أو عاملتك
أو سلمت إليك وما شابهه وبالجملة كل لفظ يؤدى هذا المعنى كقوله تعهدت نخلى بكذا أو اعمل فيه بكذا وهل اللفظ الصريح المساقاة والباقي كنايات أو الجميع صريح احتمال فان
قلنا بالأول جوزنا مثل هذه العقود بالكنايات ونظير ذلك ان صرايح الرجعة غير محصورة مسألة ولا بد من القبول لفظا لان عقد المساقاة عقد لازم من الطرفين
فأشبهت الإجارة ولا يجري فيها القول المذكور في القراض والوكالة ولو تعاقدا بلفظ الإجارة بان قال العامل آجرتك نفسي مدة كذا للتعهد بنخلك
بالثلث من الثمرة أو النصف وشبهه أو قال المالك استأجرتك لتعهد نخلى بكذا من ثمارها لم يصح لان المساقاة والإجارة معنيان مختلفان لا يعبر بأحدهما عن الأخر
كما أن البيع والإجارة مختلفان ولو قصد الإجارة بطل لجهالة العوض وللشافعية قولان جاريان في الإجارة بلفظ المساقاة أحدهما الصحة لما بين العقدين من المشابهة واحتمال كل واحد من اللفظين
معنى الأخر وأظهرهما عندهم المنع لان لفظ الإجارة صريح في غير المساقاة فان أمكن تنفيذه في موضعه نفذ فيه والا فهو اجارة فاسدة والخلاف بينهم راجع
إلى أن الاعتبار باللفظ أو المعنى ولو قال المالك استأجرتك لتعمل لي في هذا الحايط حتى تكمل ثمرته بنصف ثمرته لم يصح لما تقدم وللشافعية والحنابلة وجهان سبقا مسألة
لو قال ساقيتك على هذه النخل بكذا ليكون لك أجرة المثل لم يصح العقد إما بطلان كونه مساقاة فلان موضوعها ان يكون الثمرة بينهما مشاعة واما بطلان
كونها اجارة فلجهالة العوض وإن كان ما عقد عليه هو الواجب عند الاطلاق وقال بعض الشافعية يجوز لسبق لفظ المساقاة هذا إذا قصد بلفظ الإجارة المساقاة
واما إذا قصد الإجارة نفسها فينظر ان لم تخرج الثمرة لم يجز لان الشرط ان يكون الأجرة في الذمة أو موجودة معلومة وان خرجت وبدا الصلاح فيها جاز سواء
شرط ثمرة نخلة معينة أو جزءا شايعا وان لم يبد فيها الصلاح فان شرط له ثمرة نخلة بعينها جاز بشرط القطع وكذا لو شرط كل الثمار له وان شرط جزءا شايعا
لم يجز وان شرط القطع لما سبق في البيع والحق عندنا ما قدمناه ولو ساقاه على أن لك النصف اجرة عملك أو عوض عملك فالأقرب الجواز لان الذي شرط
له هو عوض عمله مسألة إذا عقد بلفظ المساقاة لم يحتج إلى تفصيل الأعمال الذي يقتضيها عقد المساقاة بل يحمل في كل ناحية على عرفها الغالب
وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يجب تفصيلها لان العرف يكاد يضطرب ولا ينضبط هذا إذا عرف المتعاقدان العرف المحمول عليه المتعاهد بين
الناس عند الاطلاق فان جهلاه أو أحدهما وجب التفصيل لا محالة لتنتفي الجهالة البحث الثالث في شرايط الاستيجار وهي ثلاثة الأول
ان يكون المساقي عليه شجرا ثابتا ونعني بالشجر ما له ساق وهو مخصوص بذلك بالعرف اللساني قال الله تعالى والنجم والشجر يسجدان قيل في التفسير النجم ما لا ساق له من
النبات والشجر ما له ساق فكل ما لا أصل له ولا يسمى شجرا لا تصح المساقاة عليه كالبطيخ والقساء وقصب السكر والبادنجان والبقول التي لا تثبت في الأرض ولا
تجز الامرة فلا تسقط المساقاة عليه اجماعا واما ما يثبت في الأرض ويجز مرة بعد أخرى فكذلك إذا لم يسم شجرا لان المساقاة جوزت رخصة على خلاف القياس فلا يتعدى
إلى غير موردها وهو أصح قولي الشافعية والثاني انه تصح المساقاة عليه مسألة ولابد من أن تكون الأشجار ثابتة فلا تصح المساقاة على ودى بكسر الدال
وتشديد الياء وهو الفسيل قبل ان يغرس وبه قال الشافعي لأنه قد لا يعلق وهذا غرر فلا يجوز ولان المساقاة انما يكون على أصل ثابت ولهذا فان ما ليس
له أصل ثابت لا تصح المساقاة عليه كالزرع والبقول فإذا دفع إليه الأرض والفسيل قبل ان يزرع وساقاه على أن يغرسه ويعمل عليه حتى يحمل يكون للعامل
جزء من الثمرة معلوم له يصح وكذا لو دفع إليه الأرض وساقاه على شجر يغرسه ويعمل فيه حتى يحمل ويكون له جزء معلوم من الثمرة لم يصح أيضا لان الغرس ليس
من اعمال المساقاة فضمه إليها كضم التجارة إلى عمل القراض وقال احمد تصح هذه المساقاة لحديث خيبر في الزرع والنخل لكن بشرط ان يكون الغرس من صاحب الأرض
كما يشترط هو في المزارعة ان يكون البذر من صاحب الأرض وإن كان من العامل فروايتان إحديهما البطلان مسألة ولو ساقاه على ودي مقلوع ليغرسه
ويكون الشجر بينهما فالعقد باطل وبه قال الشافعي لان المساقاة موضوعة على أن يكون الشركة بين العامل والمالك في الثمرة والنماء لا غير فإذا شرط العامل مشاركته
في الأصول فقد شرط ما يخالف مقتضاها ففسدت وقال احمد تصح كالمزارعة إذا دفع المالك الأرض ليبذرها العامل إما من بذره أو من بذر المالك ويكون النماء
بينهما وهذا نظيره وهو ممنوع للفرق بين المزارعة والمساقاة ومع هذا فان احمد سلم انه لو دفعها على أن الأرض والشجر بينهما فان المعاملة يكون فاسدة وهو قول
باقي الفقهاء لأنه شرط اشتراكهما في الأصل ففسد كما لو شرط في المزارعة كون الأرض والزرع بينهما فظهر من هذا انه لو ساقاه على شجر يغرسه ويعمل فيه حتى
يحمل ويكون للعامل جزء من الثمرة صح عند احمد قولا واحدا ولو شرط ان يكون له مع الحصة من الثمرة حصة من الشجرة صح على أحد الوجهين وان شرط ان
يكون له مع الصحة من الشجرة حصة من الأرض لم يصح قولا واحدا والكل عندنا باطل مسألة قد عرفت من هذا أن المغارسة باطل وهي ان يدفع أرضا
إلى رجل ليغرسها على أن الغرس بينهما أو ان الأرض والغرس بينهما فان غرس العامل فإن كان الغرس من المالك كان للعامل أجرة المثل مدة عمله على المالك
لأنه دخل في هذه المعاملة على أن تسلم له الحصة فلم يكن متبرعا بعضه ولم يسلم له ما شرط فيكون له أجرة المثل والغرس لصاحب الأرض ولو كان الغرس من العامل
كان لصاحب الأرض إزالته وله الأجرة على العامل لفوات ما حصل الاذن بسببه وعليه أرش النقصان بالقلع ولو دفع القيمة ليكون الغرس له لم يجبر الغارس وكذا لو دفع الغارس
342

الأجرة لم يجبر صاحب الأرض على التبقية وقال بعض العامة يتخير المالك للأرض بين ان يكلف الغارس قلعها ويضمن له أرش نقصها وبين اقرارها في ارضه ويدفع
إليه قيمتها كالمشتري إذا غرس في الأرض التي اشتراها ثم جاء الشفيع فاخذها وان اختار العامل قلع ذلك فله سواء بذل له مالك الأرض القيمة أو لا لأنه ملكه فلم
يمنع من تحويله ولو اتفقا على ابقاء الغرس ودفع اجرة الأرض جاز ذلك وقالت الشافعية إذا عمل العامل في هذا العقد الفاسد استحق أجرة المثل إن كانت الثمرة
متوقعة في تلك المدة والا فقولان ولهم وجه اخر وهو صحة المساقاة إذا كان الودي مقلوعا وساقاه على أن يغرسه ويتعهده إلى مدة يحمل فيها وتكون الثمرة بينهما كما
الودي مغروسا وساقاه عليه لان الحاجة تدعو إليه في المساقاة ولهم أيضا وجه لكنه بعيد وهو صحة المساقاة إذا شرط بعض الشجرة للعامل مسألة إذا كان
الودي مغروسا وساقاه عليه فان قدرا مدة العقد بقدر لا يثمر فيها في العادة لم تصح المساقاة لخلوها عن العوض كالمساقاة على الأشجار التي لا تثمر فيها وإذا
عمل العامل فهل يستحق الأجرة للشافعية قولان مأتيان هذا إذا كان عالما بأنها لا تثمر فيها فإن كان جاهلا استحق الأجرة قطعا ولو حمل في المدة اتفاقا لم يستحق
بما؟ جعل له وكان له أجرة المثل أيضا لأن العقد وقع فاسدا فلم يستحق به ما شرط له وان شرط مدة يعلم أن الودي يحمل فيها بحكم العادة في ذلك صح لان أكثر ما فيه ان
يكون العمل كثيرا والنصيب قليلا وذلك جايز كما لو شرط لنفسه جزءا من الف جزء ثم ينظر فان حمل اخذ نصيبه وان لم يحمل فلا شئ له لأن العقد صحيح فلا يستحق به شيئا
إلا بحصول الثمرة وكذا لو ساقاه على نخل مثمر ولم يتفق الحمل تلك السنة لم يكن له شئ على صاحب النخل مسألة ولو ساقاه على الودي المغروس إلى مدة يعلم أنه
لا يحمل فيها في العادة كما لو غرس ثم ساقاه على أن يراعيه ويتعهده سنة فهما حصل من الثمرة كان بينهما أو سنتين لم تصح المساقاة اجماعا فإذا عمل فيها فللشافعية
في استحقاقه أجرة المثل قولان والوجه عندي الاستحقاق مع الجهل إلا مع العلم ولو ساقاه عليه وشرط مدة يحتمل ان يكون له الثمرة وان لا يكون لم تصح المعاملة أيضا
لما فيها من الغرر وأصالة العدم فيخلو فعل العامل عن عوض وللشافعية وجهان أحدهما انه يجوز المساقاة لان النخل يجوز ان يحمل ويجوز ان لا يحمل مع أن المساقاة
جايزة فيه فكذا الفسيل الذي يجوز ان يحمل في مدة المساقاة وان لا يحمل والثاني لا يجوز لأنه غرر ولا يجوز العقد مع الغرر كما لو شرط العامل لنفسه نخلة بعينها
فإنه لا يجوز لجواز ان لا تحمل تلك بعينها بخلاف النخل لأن الظاهر والغالب فيه الحمل فانتفى الغرر فإذا قلنا تصح المساقاة فإن لم تحمل لم يجب للعامل شئ وان قلنا المساقاة
فاسدة فان للعامل أجرة المثل سواء حملت أو لم تحمل لأنه لم يرض بغير عوض فكان له العوض وجها واحدا ولو ساقاه مدة يحمل فيها غالبا صح العقد كالعلم وقد
سبق ولا بأس بخلو أكثر سني المدة عن الثمرة مثل ان يساقيه عشر سنين والثمرة لا يتوقع إلا يتوقع الا في العاشرة وتكون السنين بمثابة الأشهر من السنة الواحدة ثم إن اتفق
انها لا تثمر لم تستحق العامل شيئا كما لو قارضه فلم تربح مسألة لو ساقاه على النخيل المثمرة فلم يثمر فان قدر بمدة لا تحمل فيها غالبا وكشهر وشهرين في أول السنة لم تصح وكان الحكم فيه كما لو ساقاه على ودي مقروض مدة لا تحمل فيها غالبا وإن كانت المدة تحتمل
ان يثمر فيها ويحتمل ان لا يثمر فالوجه البطلان لما تقدم وللشافعية وجهان أصحهما ما قلناه لأنه عقد على عوض غير موجود ولا غالب الوجود فأشبه السلم في معدوم
إلى وقت يحتمل ان يوجد فيه ويحتمل ان لا يوجد والثاني يصح ويكفي الاحتمال ورجاء الوجود فعلى هذا ان أثمرت استحق وإلا فلا شئ له وعلى الأول يستحق أجرة المثل
لأنه عمل طامعا تذنيب لو دفع إليه وديا ليغرسه في ارض الغارس على أن يكون الغراس للدافع والثمار بينهما بطل وللعامل عليه اجرة عمله وارضه ولو
دفع إليه ارضه ليغرسها ودى نفسه على أن يكون الثمرة بينهما فهو فاسد أيضا ولصاحب الأرض اجرتها على العامل الشرط الثاني أن تكون الأشجار
مما يصح أن تكون مثمرة في العادة في تلك المدة ولا تكون الثمار موجودة بالفعل وقت العقد وقد سلف كونها مما يصح ان يكون مثمرة في تلك المدة واما عدم الثمار
وقت العقد فإنه لا تصح المساقاة على ثمرة قد وجدت وبدا صلاحها واستغنت عن السقي ولم يبق لعمل العامل فيها مستزاد اجماعا لأنها والحال هذه تكون قد
ملكها رب البستان ولم يحصل بالمساقاة زيادة الثمار والغرض بها تحصيل الثمار أو جودة اتباعها فإذا لم يحصل الغرض خلا العقد عن الفايدة فيكون باطلا
واما إذا كانت الثمار قد ظهرت ولم يبد صلاحها فان بقى للعامل ما فيه مستزاد الثمرة كالتأبير والسقي واصلاح الثمرة جازت المساقاة تحصيلا لتلك الفايدة ولان
العقد والحال هذه أبعد عن الغرر بل انتفى الغرر عنها للوثوق بالثمار ولا المساقاة إذا جازت قبل ظهور الثمرة فبعد ظهورها أولي لأنها صارت موجودة معلومة
وهو قول الشافعي في الام واحدى الروايتين عن أحمد وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وقال الشافعي في القويطي لا يجوز وهو الرواية الثانية عن أحمد لان
النبي صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر على الشطر مما يخرج من ثمر أو زرع ولان الثمرة إذ أخرجت فقد حصل المقصود فصار بمنزلة ان يقارضه على المال بعد ظهور
الربح وكان بمنزلة ما لو شرط المالك له شيئا من النخيل لان المالك قد ملكها وقد ظهرت فاشبهة النخل ولان مقصود المساقاة ان تخرج الثمار بعمله والمعاملة التي
وقعت من النبي صلى الله عليه وآله لأهل خيبر لا تدل على المنع من غيرها لأنهما واقعة لا عموم لها ونمنع حصول كمال المقصود لان التقدير حصول زيادة بعمل العامل وبه نخرج الجواب
عن الباقي واما إذا بدا صلاحها فالأولى التفصيل أيضا وهو ان يقال إن بقى لعمل العامل نفع استزادة الثمرة وجودة ايتاعها صحت المساقاة عليها والا فلا
كما لو لم يبق سوى الجذاذ وأطلق بعض العامة المنع وليس بجيد واعلم أن الشافعي قد اختلف قوله على الوجه الذي قدمناه واختلف أصحابه على ثلاثة طرق في
موضع القولين أظهرهما ان القولين فيما إذا لم يبد فيها الصلاح فاما بعده فلا يجوز بلا خلاف لان تجويز المساقاة لتربية الثمار وتنميتها وهي بعد الصلاح
لا يتأثر بالاعمال والثاني اجراء القولين فيما إذا بدا الصلاح وفيما إذا لم يبد ما لم يتناه نضجها فان تناهى ولم يبق إلا الجذاذ لم يجز بلا خلاف والثالث اجزاء القولين في جميع الأحوال وقد بيناه ان الشافعي منع من المزارعة إذا كانت الأرض بيضاء ولو كان فيها نخيل وتخللت الأرض بينها
جاز عقد المزارعة عليها تبعا فلو كان فيها زرع موجود ففي جواز المزارعة وجهان له بناء على هذين القولين الشرط الثالث ان يكون الأشجار مرئية مشاهدة
وقت العقد أو قبله أو موصوفة بوصف يرفع الجهالة فلو لم يكن الحديقة والأشجار مشاهدة ولا موصوفة لم يصح العقد لان المساقاة عقد غرر من حيث إن
العوض معدوم في الحال وهما جاهلان بما يحصل وبقدره وصفاته فلا يحتمل فيها غرر اخر وهو عدم الروية ولأنها معاملة فلا بد فيها من المشاهدة
كالبيع وهو أحد طرفي الشافعية والثاني ان فيها قولين كقولي بيع الغايب البحث الرابع في الحصة مسألة يشترط في المساقاة اشتراك المالك والعامل في الثمرة فلو لم يكن
للأشجار ثمار لم يصح المعاملة عليها فلا تصح المساقاة على شجر لا يثمر كالصفصاف والغرب وشجر الدلب أو ما كان له ثمر غير مقصود كالصنوبر وبه قال مالك
والشافعي واحمد وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لأنه ليس بمنصوص ولا في المعنى المنصوص ولان المساقاة لا بد فيها مع نفع يحصل للعامل في مقابلة عمله
وليس الا الثمرة الحاصلة من الشجرة أو جزء الشجرة كأغصانها أو اجرة من خارجها كالنقدين وشبههما والكل باطل إما الثمرة فلانتفائها إذ الفرض ذلك واما
الجزء فلا تصح المعاملة عليه واما غيرهما من النقدين والاعواض فلا تصح المساقاة عليه لأنها تكون اجارة لا مساقاة مسألة قد بينا انه تصح المساقاة
343

على كل شجر له ثمرة سواء كان نخلا أو كرما أو غيرهما خلافا للشافعي في الجديد من القولين حيث خصص الجواز بالنخل والكرم لأنه زكوى وغيرهما ليس بزكوى ولان
ثمار النخل والكرم انما يحصل غالبا بالعمل وساير الأشجار تثمر من غير تعهد وعمل عليها ولان الزكاة تجب في ثمرتها فجازت المساقاة فيهما سعيا في تثميرها ليرتفق
بهما المالك والعامل والمساكين جميعا ولان الخرص يتأتى في ثمرتهما لظهورهما وتدلي عناقيدهما وساير الأشجار ينشر ثمارها وتستتر بالأوراق وإذا تعذر الخرص
تعذر تضمين الثمار للعامل وربما لا يثق المالك بأمانته فاذن تجويز المساقاة عليها أهم والكل ضعيف فان حاجة غير الكرم والنخل من الأشجار إلى التعهد أقوى من
حاجتهما والزكاة وان لم تجب في غيرهما لكنها مستحبة فكان السعي في تثميرها سعيا في نفع الفقراء ولأنه لا يلزم من عدم نفع الفقير عدم الجواز لان المقتضي للجواز
نفع البعض لا الجميع والثمار في الأشجار لا تخفى كل الخفاء ولا بعضه بحيث لا يدرك قدرها بالتخمين والحرز ولو سلم فلا يوجب ذلك المنع من المعاملة عليها مسألة
شجر المقل يجوز المساقاة عليه إما عندنا فظاهر لأنه شجر له ثمر واما عند الشافعي فان سوغ المساقاة على غير النخل والشجر جاز قطعا وان منع فوجهان فيه أحدهما انه يجوز
المساقاة عليه تخريجا لظهور ثمرته والثاني المنع لأنه لا زكاة فيها واما التوت الأنثى فتجوز المساقاة عليه عندنا لأنه مثمر وكذا عند الشافعي على القول الذي سوق فيه المساقاة على غير النخل والكرم واما التوت الذكر وما أشبهه مما يقصد ورقه كالحناء وشبهه ففي جواز المساقاة عليه خلاف
والأقرب جوازها لان الورق في معنى الثمرة لكونه مما يتكرر في كل عام ويمكن اخذه والمساقات عليه بجزء منه فيثبت له مثل حكم غيره وكذا شجر الخلاف لأغصانها
التي تقصد في كل سنة أو سنتين والأقرب الجواز في التوت بنوعيه وكلما يقصد ورقه أو ورده كالورد والنيلوفر والياسمين والأس وأشباه ذلك وكذا
في فحول النخل لان لها طلعا يصلح كشا للتلقيح فأشبه الثمرة وهل تجوز على الخوص والسعف الأقرب المنع لأنها اجزاء من النخلة يتلف بذهابه مسألة يشترط
ان يكون الثمرة بين المالك والعامل ولا يصح اشتراطها ولا اشتراط بعضها لثالث لعدم المقتضى لاستحقاق الثالث وكذا لو شرطا ان جميع الثمرة للمالك أو العامل
فسدت المساقاة لان النص ورد على التشريك بينهما في الفايدة فالاختصاص يكون غير المعهود من المساقاة في نظر الشرع فوجب ان لا يكون سايغا ويجب
أن تكون صحة كل واحد منهما معلومة لما في الجهالة من الغرر المنهى عنه فلو قال ساقيتك على هذا النخل على أن يكون لك نصيب من الثمرة أو حظ أو جزء
أو شئ أو قليل أو كثير أو ما شئت أو ما شاء فلان أو كحصة فلان وهما أو أحدهما لا يعلما نهى والباقي لي أو على أن يكون لي جزء أو نصيب أو حظ أو غير ذلك والباقي لك
لم يصح اجماعا ولا تحمل الأجزاء المجهولة على الوصية ويجب أن تكون معلومة بالجزئية كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من الأجزاء المعلومة دون التقدير
فلو قال ساقيتك على أن يكون لك من الثمرة ألف رطل ولى الباقي أو بالعكس لم يصح لما قلنا في القراض من امكان ان لا يحصل الا ذلك القدر بعينه أو دونه فيؤدي
إلى اختصاص أحدهما بالثمرة وهو مناف لمقتضي المساقاة مسألة لو شرط المالك الجميع لنفسه فقد قلنا إن العقد يبطل وهل يجب للعامل أجرة المثل
الأقرب عدم ذلك وهو أصح قولي الشافعية لأنه عمل مجانا ودخل في العقد على أنه لا شئ له ولا شك ان المتبرع لا يستحق اجرا ولا صحة كما قلنا في القراض والثاني
لهم انه يستحق أجرة المثل لان المساقاة يقتضى العوض فلا يسقط بالرضا كالوطئ في النكاح ولو شرط العامل الجميع لنفسه لم يصح لأنه مناف لمقتضي المساقاة كما تقدم
وتكون الثمرة بأجمعها للمالك وعليه أجرة المثل للعامل وقال بعض الشافعية يصح لغرض القيام بتعهد الأشجار وترتيبها وليس بجيد لان ذلك يكون اجارة
باطلة لجهالة العوض وليس مساقاة لان موضوعها الشركة في الثمار ويجوز ان يشترط أحدهما الكل الأشياء يسيرا حتى لو كان للعامل جزء من مائة الف جزء
من الثمرة والباقي للمالك أو بالعكس جاز إذا كان لذلك الجزء قيمة ولا نعلم فيه خلافا لأنه انما يثبت بالشرط فكان بحسب ما يشترطاه ولو تعددت الأجزاء لأحدهما
صح مع العلم كما لو شرط أحدهما النصف والثلث والعشر مسألة لو ساقاه على مقادير معينة لكل منهما مقدارا معينا غير الجزئية وقصدت الإشاعة جاز
أيضا كما لو شرط المالك مائة صاع والعامل مائة وقصد التنصيف في الثمرة جاز لان الغرض من ذلك جزئية النصف وكذا لو شرط المالك مائتي صاع لنفسه ومائة صاع للعامل أو بالعكس
على القصد المقدم صح ولو قصدا تعيين المقادير لا الإشاعة بطل وكذا يبطل لو شرط أحدهما أصواعا معلوما والباقي للاخر أو شرطا ان يكون لأحدهما أصواعا
معينة والباقي بينهما لم يصح أيضا لما تقدم وسواء قل الجزء المشترط أو كثر حتى لو شرط أحدهما اختصاصه بأوقية والباقي بينهما لم تصح المساقاة مسألة والذي يجب
تعيينه بالشرط حصة العامل خاصة إذ بحصول العلم بها يحصل العلم بحصة المالك لان الثمرة تابعة للأصل
بالأصالة فلو قال ساقيتك على أن لك النصف من الثمرة
وسكت مالك النخل عن صحته صح لان الباقي يكون له بالأصل ولو قال المالك ساقيتك على أن لي النصف من الثمرة وسكت عن حصة العامل فالأقوى البطلان حيث
لم يتعين حصة للعامل ويحتمل الصحة بناء على المفهوم وقد سبق في القراض ولو قال ساقيتك على أن الثمرة بيننا اقتضى التنصيف لأنه الأصل ولو ساقاه على أن يكون
للعامل ثمرة نخلة معينة والباقي بينهما نصفين أو بالعكس لم يصح لأنه قد يؤدي إلى أن يكون الجميع لأحدهما بان لا يسلم منها الا تلك النخلة وكذا لو شرط قدرا
معينا لأحدهما كمائة رطل والباقي للاخر أو بينهما لجواز ان لا يحصل الا ذلك القدر وكذا ما روي العامة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن المزارعة التي يجعل فيها
لرب الأرض مكانا معينا وللعامل مكانا معينا قال رافع كما نكترى الأرض على أن لنا هذه وله هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك واما
الذهب والورق فلم ينها إذا عرفت هذا فإنه يجوز ان يشترط أحدهما على الأخر مع الحصة التي له شيئا من عنده من ذهب أو فضة أو غيرهما للأصل تذنيب لو اتفقا على
تعيين الجزء ثم اختلفا في أن الجزء المشروط لمن هو منهما فهو للعامل لان الشرط مراد لأجله لان المالك يملك حصته بالتبعية للأصل لا بالشرط مسألة إذا اشتمل
البستان على أشجار مختلفة كالزيتون والرمان والتين والكرم فساقاه المالك على أن للعامل سهما واحدا في الجميع كنصف الثمرة أو ثلثها أو غير ذلك صح اجماعا سواء علما
قدر كل واحد من الأجناس أو جهلاه أو علم أحدهما دون الأخر وسواء تساوت الأجناس أو تفاوتت ولو فاوت المالك بينهما بان جعل له في الزيتون النصف وفي الرمان
الثلث وفي التين الربع وفي الكرم السدس فان علما قدر كل جنس منها جاز كما لو ساقاه على حديقتين أو حدايق على أن له النصف من هذه الحديقة والثلث من
هذه وان جهلا أو أحدهما قدر كل جنس منها لم يصح لما فيه من الغرر فان المشروط فيه أقل الجزئين قد يكون أكثر الجنسين ومعرفة كل جنس من الأشجار وانما يكون بالنظر
والتخمين والفرق بين الثاني والأول ان قدر حقه من ثمرة الحديقة في الأول معلوم بالجزئية وانما المجهول الجنس والصفة وفي الثاني القدر مجهول أيضا لاحتمال
اختلاف ثمرة الجنسين في القدر وحينئذ يكون قدر ماله من ثمرة الكل مجهولا لان المستحق على أحد التقديرين نصف الأكثر وثلث الأقل وعلى الثاني ثلث الأكثر
ونصف الأقل والأول أكثر من الثاني ومعلوم ان الجهل يقدر الحصة مبطل وكذا لو لم يعين مع الاختلاف بان قال له لك من أحد الأجناس النصف ومن الأخر
الثلث ولم يعين كل واحد منهما وكذا لو كان الجنس واحدا والنوع مختلفا كالنخل إذا كان بعضه برنيا وبعضه بادرايا وبعضه معقليا وفاوت بينهما في الحصص
344

لما تقدم وبه قال الشافعي وحكى الشيخ ره عن مالك أنه قال لا تصح حتى تكون الحصص سواء في الكل ولا وجه له مسألة ولو كان له بستانان فساقاه عليهما صفقة
واحدة صح سواء ساوى بينهما أو فاوت مع التعيين بان يقول ساقيتك على هذين البستانين على النصف من هذا والثلث من ذاك لأنها صفقة واحده جمعت
عوضين فصار كما لو قال بعتك داري هاتين هذه بألف وهذه بمائة ولو قال بالنصف من أحدهما والثلث من الأخر ولم يعين لم يصح لأنه مجهول لا يدري
الذي يستحق نصفه ولا الذي يستحق ثلثه ولو ساقاة على بستان واحد نصفه بالنصف وعلى هذا النصف الآخر بالثلث ولو أبهم بطل كالبستانين سواء مسألة لو كان البستان الاثنين
والعامل واحدا فقالا ساقيناك على أن لك النصف من حصة فلان والنصف من حصة فلان صح وكذا لو قالا على أن لك النصف من ثمرة الجميع سواء تساوى الشريكان في الحصص أو تفاوتا
ولو قالا على أن لك من حصة فلان النصف ومن حصة فلان الثلث جاز لأن العقد مع الاثنين كالعقدين ولا شك انه لو أفرد كل منهما العقد كان له ان يشرط ما اتفقا
عليه كذا هنا وكذا باقي العقود إذا عرفت هذا فإنما يجوز التفاضل بشرطين أحدهما ان يعين حصة من كل واحد من الشريكين والثاني ان يعلم قدر نصيب كل
واحد منهما واما إذا جهله فلا يجوز لأنه لا يعلم كم نصيبه فإنه قد يكون نصيب من شرط القليل أكثر من نصيب الأخر فينقص حظه وقد يكون أقل فيتوفر حظه
ولو شرطا له نصيبا واحدا من مالهما جاز وان لم يعلم قدر مال كل واحد منهما لأنه لا جهالة فيه كما لو قالا بعناك هذه الدار بألف ولم يعلم نصيب كل واحد منهما
كم هو لأنه اي نصيب كان فقد علم عوضه وقد علم جملة المبيع فصح كذا هنا بخلاف الأول فإنه بمنزلة ما إذا باعه الشريكان دارا فقالا بعناك الدار نصيب هذا بكذا ونصيب
هذا بكذا ولم يعلم قدر نصيب كل واحد من الثمنين كم هو ولا جعل جملة الثمن في مقابلة جملة الدار تذنيب لو كان المالك واحدا والعامل اثنين صح ويجوز
ان يشترط لهما التساوي في النصيب والاختلاف مع التعيين لأنه بمنزلة العقدين ولا فرق بين ان يكون العقد واحدا أو اثنين مسألة تجوز المعاملة في
المساقاة على أكثر من سنة واحدة للأصل ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال قال القبالة ان يأتي الأرض الحزبة فتقبلها من أهلها عشرين سنة
أو أقل من ذلك أو أكثر يعمرها ويؤدي ما خرج عليها قال لا بأس وهو يعم المساقاة والمزارعة وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب عن الصادق عليه السلام قال سألته
عن الرجل يعطي الرجل ارضه فيها الرمان والنخيل والفاكهة ويقول اسق هذا من الماء واعمره فلك نصف ما أخرج قال لا بأس قال وسألته عن الرجل يعطي الرجل
الأرض فيقول اعمرها وهي لك ثلث سنين أو خمس سنين أو ما شاء الله قال لا بأس وبالجملة فالمدة مضبوطة باختيارهما من غير حصر بل لابد من التعيين إذا عرفت
هذا فيجوز ان يساوي بينهما في الحصص بان يقول ساقيتك على هذا البستان ثلث سنين مثلا أو أكثر على أن لك في ثمرة كل سنة النصف أو الثلث ويجوز ان تفاوت
بينهما بشرط تعيين نصيب كل سنة فيقول على أن لك في السنة الأولى النصف وفي الثانية الثلث وفي الثالثة الربع وفي الرابعة الخمس وهكذا وإن يساوي بين سنته أو
ثلث وتفاوت في الباقي وقال بعض الشافعية لا يجوز لأنه عقد على سنين مختلفة فجرى مجرى من أسلم في قفيز حنطة وقفيز شعير في عقد واحد والحكم في الأصل ممنوع
مسألة لو كان البستان لاثنين بالسوية فساقي أحدهما الأخر وشرط له زيادة على ما كان يستحقه بالملك مثل ان يشرط له الثلثين من ثمرة البستان صح العقد وكان
قد شرط له من حصته ثلثها وبقى له الثلثين وهو سدس الأصل فيكون العامل قد استفاد سدس الثمرة بأسرها في مقابلة العمل في نصيب شريكه ولو لم يشرط له زيادة بل ساقاه
على أن يكون الثمرة بينهما نصفين أو على أن يكون للعامل أقل كالثلث مثلا فسدت المساقاة لأنه لم يثبت له عوضا بالمساقاة إذ النصف مستحق له بالملك بل شرط عليه في
الصورة الثانية ان يترك بعض ثمرته أيضا فلم يشرط له في مقابلة عمله نصيبا بل شرط في صورة الأقل ان يأخذ غير العامل من نصيب العامل ثلثه ويستعمله بغير عوض فلا تصح وإذا
عمل في الصورتين فالأقرب انه لا عوض له لأنه تبرع بالعمل ولم يشرط له في مقابلة عمل اجرة فهو مقطوع فلا يستحق عوضه كما لو لم يعقد المساقاة وعمل وبه قال المزني
من الشافعية وقال من الشافعية وقال أبو العباس بن شريح منهم انه يستحق أجرة المثل لان لفظ المساقاة يقتضي اثبات العوض في مقابلة العمل فوجب له وان لم
يشرط كما لو قال زوجتك بلا مهر أو بعتك بخمر أو خنزير وكذا إذا قال بعتك هذه السلعة بلا ثمن فاخذها وتلفت في يده وجب عليه قيمتها والفرق ان النكاح لا يستباح
بالبدل والعمل هنا يستباح بذلك ولان المهر في النكاح ان وجب بالعقد لم يصح قياس هذا عليه لان النكاح صحيح وهذا فاسد ولان العقد هنا لا يوجب
ولو أوجب لا يوجب قبل العمل ولا خلاف ان هذا لا يوجب قبل العمل شيئا وان أوجب بالإصابة لم يصح القياس عليها لان الإصابة لا تستباح بالإباحة والبذل
بخلاف العمل ولان الإصابة لو خلت عن العقد لاوجبت وهذا بخلافه وإن وجب بها امتنع القياس لهذه الوجوه واما البيع فقد شرط عوضا ولأنه قبض العين
بحكم البيع فكانت مضمونة عليه باليد بخلاف مسئلتنا فاما إذا قال بعتك بغير عوض فيجب ان لا يسلم ولو سلم فإنه لا يملك بذلك فإذا قبضه ضمنه باليد وهنا
لم يحصل العمل في يده وانما تلف في يد صاحبه مسألة لو ساقي أحد الشريكين صاحبه وشرط له جميع الثمرة فسد العقد على ما تقدم مثله والأقرب انه يستحق
أجرة المثل لأنه شرط عوضا لم يسلم له وقال بعض الشافعية لا تستحق شيئا لأنه لم يعمل له الا انه انصرف إليه ولو شرطا في عقد المساقاة ان يتعاونا في العمل فسد العقد
لأنه لا يجوز شرط العمل على رب النخل فإذا عملا جميعا في المشترك بينهما فإن كان عملهما سواء فالثمرة بينهما بالسوية على قدر الملكين وقد تساويا في العمل فتقاصا
به وإن كان عمل أحدهما أكثر فإن كان قد شرطا له زيادة في مقابلة استحق ما فضل له من أجرة المثل وإن كان لم يشترط له شيئا في مقابلته في استحقاقه أجرة المثل قولان
للشافعية ولو كان عمل من لم يشترط له الزيادة أكثر ففي استحقاقه الأجرة خلاف لهم ولو تعاونا من غير شرط لم يضر العقد مسألة لا بد وأن يكون البستان الذي يقع عليه عقد المساقاة معينا في العقد فلو كان له بستانان
فساقاه على أحدهما من غير تعيين لم تصح المساقاة فان عمل فللعامل أجرة المثل وكذا يجب ان يكون الحصة معينة على ما قدمناه فلو قال ساقيتك على انك ان
سقيت بالسماء أو بالسايح فكذلك الثلث وان سقيت بالناضح أو شبهه مما تلزمه مؤنة فلك النصف لم يصح العقد لان العمل مجهول ولأنه مثل قوله بعتك كذا
بدينار موجل إلى كذا وبنصف دينار حال فيكون بمنزلة بيعتين في بيعة واحدة وكما لو قارضه على أنه ان تصرف وربح في كذا فله النصف أو في كذا فله الثلث وبه
قال الشافعي ويحمل على مسألة الخياط وهو ان خطه روميا فلك كذا ان تجوز هذه المساقاة وبه قال بعض العامة وكذا لو قال لك النصف إن كان عليك خسارة
وإن لم يكن فالثلث ومنعه بعضهم من تجويزه المسألة الأولى لان هذا شرطان في شرط ولا فرق في التحقيق بينهما مسألة عقد المساقاة قابل للشروط
الصحيحة دون الفاسدة فإذا ساقاه على بستان على النصف وشرط عليه ان يساقيه في بستان اخر بالثلث أو على أن يساقيه سنة أخرى بالنصف أو على أن يساقيه العامل على
حديقة صح عندنا للأصل ولأنه شرط سائغ مقصود لا يقضي إلى جهالة في المعقود عليه فكان لازما كغيره من الشروط ولقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولقوله تعالى
أوفوا بالعقود وانما عقدا على هذا الشرط وقال الشافعي لا يصح لأنه قد شرط عقدا في عقد فصار بمنزلة بيعتين في بيعة كقوله بعتك ثوبي على أن تبيعني ثوبك
345

والنبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيعين في بيعة وانما فسد لامرين أحدهما انه شرط في العقد ان يعقد معه اخر والانتفاع بذلك مجهول فكأنه شرط العوض في مقابلة معلوم
ومجهول والثاني ان العقد الأخر لا يلزمه عقده بالشرط فسقط الشرط وإذا سقط وجب رد الجزء الذي سقطه من العوض لأجله وذلك مجهول فصار الكل مجهولا ونمنع المساواة
للمنهي عنه ونمنع تفسير البيعين في البيعة بما ذكر بل المراد البيع بثمنين متفاوتين بالنظر إلى الحلول والأجل أو قلة الاجل وكثرته وعندنا يجوز شرط البيع في البيع وعلى قول الشافعي
بالفساد هل تفسد المساقاة الثانية قال بعض أصحابه ان عقدها على شرط العقد الأول لم تصح والا صح وقد قلنا إنهما معا صحيحان مسألة قد بينا انه يجوز وحدة المالك
وتعدد العامل وبالعكس واتحادهما معا وتعددهما معا إما بان يعامل كل واحد من المالكين كل واحد من العاملين أو يعامل أحد المالكين كل واحد من العاملين ويعامل المالك الأخر أحدهما أو يعامل أحد المالكين
أحد العاملين والاخر يعامل الأخر فلو كان لبستان واحد سنة ملاك بالسوية فساقوا عليه واحدا على أن له من نصيب واحد النصف ومن نصيب الثاني الربع ومن الثالث
الثمن ومن الرابع الثلثين ومن الخامس الثلث ومن السادس السدس فطريقه ان مخرج النصف والربع يدخلان في مخرج الثمن ومخرج الثلث والثلثين يدخلان في مخرج السدس
فيبقى ستة وثمانية وبينهما موافقة بالنصف تضرب نصف أحدهما في جميع الأخر يكون أربعة وعشرين تضربه في عدد الشركاء وهي ستة يبلغ مائة وأربعة وأربعين لكل
منهم أربعة وعشرون يأخذ العامل ممن شرط له النصف اثنى عشر ومن الثاني ستة ومن الثالث ثلاثة ومن الرابع ستة عشر ومن الخامس ثمانية ومن السادس أربعة فيجتمع له تسعة
وأربعون يبقى للملاك على تفاوتهم فيه خمسة وسبعون سهما البحث الخامس في العمل مسألة كل عمل يحتاج إليه الثمرة إما لزيادتها أو اصلاحها ويتكرر
كل سنة فإنه يجب على العامل كسقي الشجر والنخل وما يتبعه من اصلاح طريق الماء والأجاجين التي يقف فيها الماء في أصول النخل والشجر وتنقيه الأبار والأنهار من الحماة
ونحوها واستقاء الماء وإدارة الدولاب وفتح رأس الساقية وسدها عند الفراغ من السقي على ما يقتضيه الحال ويحتمل في تنقية النهر شيئان أحدهما ان يكون على المالك
كما أن عليه أصل الحفر وشق النهر والثاني انها على من شرطت عليه من المالك أو العامل فإن لم يذكرها فسد العقد وللشافعية كهذين الوجهين ويجب على العامل
أيضا حرث الأرض بالمساحي وشبهها تحت الشجر وتقويتها بالزبل بحسب العادة وعليه البقر التي تحرث وآلة الحرث لان الحرث لا يتم إلا بهما وقطع الحشيش المضر بالنخل
والشجر والشوك وذبا والكرم وتلقيمه وقطع ما يحتاج إلى قطعه من القضبان اليابسة المضرة بالشجر وتصريف الجريد وهو قطع ما يضر تركه سواء كان يابسا أو
غير يابس وردها عن وجوه العناقيد وتسوية العناقيد بينهما لتصيبها الشمس وليتيسر قطعها عند الادراك وتعريش الكرم حيث تجري عادته ووضع الحشيش فوق
العناقيد صونا لها عن الشمس عند الحاجة وتلقيح النخل وتعديله ولقط الثمرة بمجرى العادة إذا بدا صلاحها وإن كان مما يؤخذ بسرا قطعه إذا انتهى إلى حاله اخذه وإن كان
مما يؤخذ يابسا اخذه وقت يباسه وما يؤخذ تمرا اخذه إذا انتهت حالته إلى ذلك وإذا جف جذة وإن كان مما يشمس بعد قطعه فعليه اصلاح موضع التشميس
وعليه الجذاذ والنقل إليه وعليه حفظه في نخله وبيدره وهو أحد وجهي الشافعية كما أن على العامل في
المضاربة حفظ المال فإن لم يحفظ بنفسه فعليه اجرة مؤنة من
يحفظها وأقيسهما انه على المالك والعامل جميعا بحسب اشتراكهما في الثمرة لان الذي يجب على العامل ما يتعلق باستزادة الثمار وتنميتها ويجري الوجهان في حفظ الثمار عن
الطيور والزنابير بان يجعل كل عنقود في غلاف وكل غذق في قوصرة فيلزمه ذلك عند جريان العادة والقوصرة والغلاف على المالك وفي جذاذ الثمر للشافعية وجهان
أصحهما الوجوب على العامل لان الاصلاح به يحصل والثاني انه لا يجب على العامل لوقوعه بعد كمال الثمار وكذا الوجهان في تجفيف الثمار والظاهر وجوبه على العامل تبعا للعادة
فيجب عليه تنقية موضع التجفيف ويسمى البيدر والحرس ونقل الثمرة إليه وتقليبها في الشمس من وجه إلى وجه مسألة ويجب على المالك القيام بكل ما لا يتكرر
كل سنة لان ايجابه على العامل اجحاف به واضرار له حيث يبقى اثره وفايدته بعد ارتفاع المساقاة على المالك القيام بكل ما يقصد به حفظ الأصول كحفر الأبار والأنهار
الجديدة والتي انهارت وبناء الحيطان ونصب الأبواب وإقامة الدولاب وعمارته وحفر بئره أو الدالية ودم؟ الثلمة اليسيرة وللشافعية في دم؟ الثلمة اليسيرة التي مقتضي
في الجدران وتنقية الأنهار ووضع العوسج والشوك على رأس الجدار والآلات التي يوفي بها العمل كالفاس والمعول والمنخل والمسخات والثيران والفدان في الزراعة
والثور الذي يدير الدولاب وجهان أحدهما انها على المالك والثاني انها على من اشترطت عليه فلا يجوز السكوت عنها وفي الكش اشكال أقربه انه على المالك لأنه ليس
من العمل وفي البقر التي تدير الدولاب للعامة قولان أحدهما انها على المالك لأنها ليست من العمل ما يلقح به والأولى انها على العامل لأنها تراد للعمل فأشبهت بقر الحرث ولان استقاء الماء إذا لم يحتج إلى بهيمة كان عليه وان احتاج إلى بهيمة فكغيره
من الأعمال وقال بعض الشافعية ما يتعلق به صلاح الثمرة والأصول معا ككسح النهر والغور فهو على من شرط منهما وان أهمل شرط ذلك على أحدهما بطلت المساقاة واما
تسميد الأرض بالزبل فان احتاجت إليه فشراء ذلك واجرة نقله من المزابل على رب المال لأنه ليس من العمل فجرى مجرى ما يلقح به وتفريق ذلك في الأرض على العامل كالتلقيح
مسألة إذا اطلقا عقد المساقاة ولم يبنيا ما على كل واحد منهما فعلى كل واحد منهما ما ذكرنا انه عليه وإن شرطا ذلك كان تأكيدا وان شرطا على أحدهما شيئا
مما يلزم الأخر صح عندنا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه شرط لا يخل بمصلحة العقد ولا مفسدة فيه فصح كتأجيل الثمرة في المبيع وشرط الرهن والضمين والخيار
فيه لكن بشرط ان يكون ما يلزم كل واحد منهما من العمل معلوما لئلا يفضى إلى التنازع وشرط احمد ان لا يكون على رب المال أكثر العمل لان العامل تستحق بعمله فإذا
لم يعمل أكثر العمل كان وجوده كعدمه فلا تستحق شيئا والأقرب سقوط اعتبار هذا الشرط بل لو شرط الأكثر على المالك جاز نعم لو لم يبق للعامل سوى الحفظ فالأقرب
جواز العقد بلفظ الإجارة مع تعيين الوقت وقال الشافعي ان شرط على رب المال شيئا مما يلزم العامل أو شرط على العامل شيئا مما يلزم المالك بطلت المساقاة لأنه
شرط ما يخالف مقتضي العقد فأفسده كالمضاربة إذا شرط العمل فيها على رب المال ليس بجيد لأنه شرط ما لا يقتضيه اطلاق العقد لا ما يقتضي العقد عدمه نعم
لو شرط العامل على المالك جميع العمل فسدت المساقاة ولو شرط المالك على العامل ما يجب على المالك جاز ولو فعله العامل بغير اذن المالك لم يستحق عليه شيئا
ولو اذن فيه ففعله استحق الأجرة مسألة قد ذكرنا ان حصاد الزرع وجذاذ الثمرة ولقاتها على العامل وهو المشهور وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين
وفي الأخرى ان الجذاذ عليهما إذا لم يشرط على أحدهما لأنه يكون بعد تكامل الثمار وانقضاء المعاملة فأشبه نقله إلى منزله فان شرط في العقد انه على المالك فهو
عليه وان شرط انه على العامل فهو عليه وان أهمل فعلى كل واحد منهما بحصته ما يصير إليه وأجاز اشتراطه على العامل هو قول بعض الشافعية وقال محمد بن الحسن
يفسد المساقاة بشرطه على العامل لأنه شرط ينافي مقتضي العقد وما ذكروه ليس بجيد وينتقض بالتشميس ويفارق النقل إلى المنزل فإنه يكون بعد القسمة
وزوال العقد والنبي صلى الله عليه وآله دفع خيبر إلى يهود على أن يعملوها من أموالهم ولو شرط المالك على العامل عملا ليس من جنس عمل المساقاة صح إذا لم يناف
العقد ولم يستلزم الجهالة وقال الشافعي لا يجوز وليس بجيد مسألة لا يشترط تفرد العامل باليد في البستان ولو شرط كون البستان في يد المالك أو مشاركته
للعامل في اليد صح عندنا للأصل وقال الشافعي يشترط تفرط العامل باليد في البستان ليتمكن من العمل متى شاء ولو شرط كون البستان في يد المالك أو مشاركته
346

في اليد لم يجز ولو سلم المفتاح إليه وشرط المالك الدخول عليه فلهم وجهان أصحهما عندهم انه لا يضر لحصول الاستقلال والتمكين من العمل والثاني لا يجوز
لأنه إذا دخل كان البستان في يده وقد يتعوق في حضوره عن العمل وليس بشئ مسألة قد بينا انه يجوز ان يشترط العامل على المالك أكثر عمله له بشرطين أحدهما
ان يبقى شئ من العمل ليتولى عمله في مقابلة الحصة من الفايدة والثاني ان يكون الشرط معلوما وكذا يجوز ان يشترط المالك على العامل شيئا مما يلزمه بالشرطين
المذكورين وبينا الخلاف فيه فلا يشترط تفرد العامل بالعمل خلافا للشافعية فلو شرط ان يشاركه المالك في العمل بطل عندهم وقد بينا بطلانه قال المزني ربما بطل
لأنه اعانة مجهولة الغاية بأجرة مجهولة فيصير عمل العامل مجهولا بذلك اعترض بان عمل العامل مجهول وان انفرد به أجيب بان عمله وإن كان مجهولا فإنه نسبه إلى أجل
معلوم وهو النخل فإذا شرط العمل معه وكان عمله على بعضها فصار مجهولا من كل وجه وهو ممنوع مسألة لو شرط العامل ان يعمل معه غلام المالك جاز عندنا وبه
قال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن واحمد في إحدى الروايتين للأصل ولقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وهو شرط لا يخالف الكتاب والسنة فكان جايزا كغيره من
الشروط السايغة ولان العبد مال لرب النخل فكان ضم ماله إلى ماله كما يجوز في القراض ان يدفع إلى العامل بهيمة يجمل عليها والرواية الثانية عن أحمد المنع وبه قال بعض الشافعية
لأنه بمنزلة ما لو شرط ان يعمل معه المالك فإنه لا يجوز كذا عبده لان يد العبد كيد سيده وعمله كعمله ولهذا لو وكل المرتهن عبد الراهن في قبض الرهن من سيده لم
يجز لان يده كيد سيده والفرق ظاهر لان عمل العبد يجوز ان يكون تابعا لعمل العامل ولا يجوز ان يكون عمل رب المال تابعا لعمله على انا نمنع الحكم في الأصل فانا قد بينا جوازه ان يشترط على المالك أكثر العمل واعلم أن
الشافعي قد نص على الجواز واختلف أصحابه على طريقين أحدهما الجواز والثاني المنع وقوله هذا محمول على ما إذا شرط العامل ان يعمل معه غلام المالك ما يجب على
المالك من الأعمال كشق الأنهار وتنقية الأبار وبناء الحيطان وليس بجيد لان ما على رب المال لا يحتاج إلى شرطه ولا معنى لاشتراطه على غلمانه لا يقال أليس لو سلم عبده
ليعمل معه ويكونا شريكين لم يجز عند الشافعي لأنا نقول الاشتراك بالعمل لا يجوز عنده وهنا عمل الغلام يقع تبعا لعمل العامل لأنه شريك في العمل ويجوز في التابع ما لا
يجوز في انفراده كالمزارعة على الأرض بين النخل تجوز عنده وان لم تجز المزارعة عليها لو انفردت كما تقدم لا يقال لا يجوز في القراض عنده ان يشترط العامل أن
يعمل معه غلام المالك لأنا نقول الفرق ان في المساقاة بعض الأعمال على المالك وله باعتبار ذلك يد ومداخلة فجاز ان يشترط فيه عمل غلامه وفي القراض لا عمل على المالك
أصلا فلا يجوز شرط عمل غلامه إذا عرفت هذا فلا فرق عندنا في الجواز بين ان يكون العبد عاملا بالتبعية أو بالشركة في العمل والشافعية قالوا انما يجوز فيما إذا
كان الشرط ان يعاونه ويكون تحت تدبيره واما إذا شرط ان يكون التدبير إلى الغلام ويعمل العامل برأيه وان يعملا ما اتفق رأيهما عليه لم يجز بلا خلاف بينهم إذا ثبت
هذا فلا بد من معرفة الغلام بالمشاهدة أو الوصف لاختلاف الأعمال باختلاف الاشخاص ويجوز ان يشترط عمل الغلام معه فيما ساقي عليه سيده وفي غيره للأصل
وقال الشافعي لا يجوز مسألة نفقة الغلام ان شرطت على العامل جاز وهو أظهر وجهي الشافعية وبه قال احمد ومحمد بن الحسن لان العمل في المساقاة على العامل
فلا يبعد ان يلتزم مؤنة من يعمل معه ويعاونه وهو كاستيجار من يعمل معه والثاني انه لا يجوز لما فيه من قطع نفقة الملك عن المالك ولا استبعاد فيه مع الشرط
إذا ثبت هذا فان شرطت النفقة على المالك جاز اجماعا وان اطلق العقد ولم يعين النفقة على من هي فإنها على المالك أيضا وبه قال الشافعي واحمد لأنه مملوك
للمالك فكانت نفقته عليه عند الاطلاق كما لو اجره ولان النفقة عليه بحق الملك وقال مالك نفقتهم على العامل ولا ينبغي ان يشترطها على رب المال لان العمل على العامل فمؤنته على كمؤنة غلمانه إذا عرفت هذا
فان النفقة إذا شرطت على العامل فهل يجب تقديرها قال الشافعي واحمد لا يشترط بل يحمل على الوسط المعتاد لأنه يتسامح بمثل ذلك في المعاملات وللشافعية وجه انه
يشترط تقديرها وبه قال محمد بن الحسن لأنه اشترط عليه ما لا يلزمه فوجب ان يكون معلوما كساير الشروط وليس بجيد لأنه لو وجب تقديرها لوجب ذكر صفاتها
والتالي باطل فكذا المقدم وأوجب بعض الشافعية ذلك وانه يبين ما يدفع إليه كل يوم من الخبز والادام ولو شرطا نفقة الغلام من الثمار فالوجه للجواز عملا بالشرط وقال
مالك لا يجوز لان ما يبقى يكون مجهولا وقال بعض الشافعية يجوز لأنه قد يكون ذلك من صلاح المال وقد توسط بعضهم فقال إن شرطاها من جزء معلوم بان تعاقدا
بشرط ان يعمل الغلام على أن يكون ثلث الثمار للمالك وثلثها للعامل ويصرف الثلث الثالث إلى نفقة الغلام فهو جايز وكان كالمشروط للمالك ثلثاها وان شرطاها
في الثمار من غير تقدير جزء لم يجز والمعتمد الجواز للأصل ولو اطلقا ولم يذكر النفقة على أيهما هي فقد بينا انها على المالك تبعا للملك ولبعض الشافعية احتمالان
أحدهما انها تكون من الثمرة والثاني انه يفسد العقد ولبعضهم وجه ثالث انها تكون على العامل لان العمل عليه فليس للعامل استعمال الغلام في عمل نفسه إذا فرغ من عمل
البستان ولو شرط للعامل ان يعمل الغلام الخاص العامل فالأقرب الجواز عملا بالشرط ولأنه إذا جاز ان يعمل في المشترك بين العامل ومولاه جاز ان يختص بأحدهما وقال
الشافعي لا يجوز ويبطل العقد وليس بجيد ولو كان للمالك غلمان برسم ذلك البستان يعملون فيه لم يدخلوا في مطلق المساقاة لأنه ربما يريد تفريقهم لشغل اخر
وبه قال الشافعي وقال مالك انهم يدخلون فيه وليس بمعتمد ولو شرط العامل على المالك ان يعمل معه غلام المالك جاز لما تقدم ولافرق بين ان يكون ذلك الغلام
موسوما لعمل هذا الحايط أو لعمل غيره من حوايط صاحبه للأصل وبه قال الشافعي في قوله الذي يجوز ذلك فيه وقال مالك لا يجوز الا الغلام الذي هو مرسوم
لهذا الحايط فحسب مسألة يجوز ان يشترط العامل على المالك استيجار العامل من يعمل معه في الثمرة عملا بأصالة الصحة وقال الشافعي يبطل العقد لان
قضية المساقاة أن تكون الأعمال ومؤنتها على العامل ولأنه لا يدري ان الحاصل للعامل كم هو حتى لو شرط ثلثي الثمرة ليصرف الثلث إلى الاجراء ويخلص
الثلث له فعن القفال من الشافعية انه يصح فإذا امتنع شرط الأجرة من الثمرة فأولى ان يمتنع شرطا دائما من ساير أموال المالك والوجه عندي الجواز عملا
بالأصل ولأنه يجوز لعامل المضاربة اشتراط اجرة ما يحتاج إليه من الحمالين ونحوهم فكذا عامل المساقاة لعدم الفرق بينهما وقال بعض الشافعية يجوز حتى أنه
لو شرط على المالك ان يستأجره بأجرة على العمل جاز وان لم يبق للعامل الا الدهقنة والحدق في الاستعمال فان المالك قد لا يهتدي إلى الدهقنة واستعمال
الاجر أو لا يجد من يباشر الأعمال أو من يأمنه فتدعوه الحاجة إلى أن يساقي من يعرف ذلك لينوب عنه في الاستعمال وهو الذي نص الشيخ عليه مسألة المساقاة عقد لازم من الطرفين ليس لأحد المتعاقدين فسخها إلا بالتقايل والتراضي منهما معا وهو قول أكثر فقهاء العامة لأنه عقد معاوضة فكان لازما
كالإجارة ولقوله تعالى أوفوا بالعقود أوجب الايفاء بكل عقد ومقتضاه اللزوم إذ لا معنى له سوى ذلك ولأنه لو كان جايزا جاز لرب المال فسخه إذا أدركت
الثمرة فيسقط حق العامل فيتضرر وقال احمد في إحدى الروايتين انه عقد جايز غير لازم فكل واحد من المالك والعامل فسخه لان ابن عمر قال إن اليهود سألوا
347

رسول الله صلى الله عليه وآله ان يقرهم بخيبر على أن يعملوها أو يكون لرسول الله صلى الله عليه وآله شطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع فقال رسول الله نقركم على ذلك ما شئنا ولو كان لازما لم يجز تغير
تقدير المدة ولا ان يجعل الخيرة إليه في مدة اقرارهم ولان النبي صلى الله عليه وآله لم ينقل عنه انه قدر لهم ذلك بمدة ولو قدر لنقل لان هذا ما يحتاج إليه فلا يجوز الاخلال
بنقله وعمر أجلاهم من الأرض وأخرجهم من خيبر ولو كانت لهم مدة مقدرة لم يجر اخراجهم منها ولأنه عقد على جزء من نماء المال فكان جايزا كالمضاربة أو على المال
بجزء من نمائه فأشبه المضاربة والرواية لا حجة فيها لأنها حكاية حال المعاملة والمساومة ولم يذكر ذلك في متن العقد لأنه لم ينقل فيه كيفية ما وقع العقد عليه
بل لم يذكر سوى السؤال واما تقييد المدة فقد نقله أهل البيت (ع) روي الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال القبالة ان يأتي إلى الأرض الخربة فيقبلها من
أهلها عشرين سنة أو أقل من ذلك أو أكثر يعمرها ويؤدي ما خرج عليها قال لا بأس والفرق بين المساقاة والقراض ان العمل في المساقاة يقع في أعيان تبقى بحالها وفي
القراض لا تبقى الأعيان بعد العمل والتصرف فكان القراض شبيها بالوكالة والمساقاة بالإجارة وأيضا لو كانت من العقود الجايزة لكان للمالك ان يفسخ بعد العمل
وقبل ظهور الثمرة وحينئذ فاما ان يقطع حق العامل عنها أولا وعلى التقدير الأول يضيع سعي العامل مع بقاء تأثيره في الثمار وهو ضرر وعلى التقدير الثاني لم ينتفع المالك
بالفسخ بل يتضرر لحاجته إلى القيام ببقية الأعمال بخلاف القراض فان الربح ليس له وقت معلوم ولا له تأثير بالاعمال السابقة ولا يلزم من فسخه ما ذكرنا مسألة
ولا بد في عقد المساقاة من تقدير المدة إما سنة أو أقل أو أكثر عند علماءنا أجمع وبه قال الشافعي لأنه عقد لازم فلا بد من ضبطه بالمدة كالإجارة وساير العقود
اللازمة ولأنها يقتضي العمل على العين مع بقائها فوجب فيها تقدير المدة كالإجارة ولأنها إذا وقعت مطلقة لم يكن حملها على اطلاقها مع لزومها لأنه يقتضي إلى أن
العامل يستبد بالشجر كل مدته فيصير كالمالك فيلزم تصوير من ليس بمالك في صور المالكين وفيه اضرار بالمالكين ولان المساقاة مفتقرة إلى مدة يقع فيها التعهد
وخرج والثمار ولحصول الثمار غاية معلومة يسهل ضبطها بخلاف القراض لان التأقيت يخل به لان الربح ليس له وقت معلوم فربما لا يحصل في المدة المقدرة ولان
عمل المساقاة مجهول وانما ينضبط بالمدة لا غير فاشترط ذلك المدة فيه لتعيين العمل وينضبط وكل من قال بان المساقاة عقد لازم أوجب تقدير المدة إلا أبا ثور
فإنه قال يصح من غير تقدير مدة ويقع على سنة واحدة واجازه بعض الكوفيين استحسانا مسألة ويجب ان يكون المدة مضبوطة لينتفي الغرر بجهالتها ثم إن قيدت
بالأشهر أو السنين العربية أو غير العربية إذا علماها جاز ولو اطلقا حمل على العربية فان قدرت بادراك الثمار لم يجز على اشكال لان هذا التأقيت غير مضبوط
فان الثمار قد يتقدم وقد يتأخر فيجب ان يقيد بما يضبطها كالإجارة والآجال في العقود وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يجوز لأنه المقصود في هذا العقد الا
ترى انه لو أقت بالزمان كان الشرط ان يعلم أو يظن فيه الادراك فإذا تعرض للمقصود كان أولي والأول وهو الأشهر عندهم وعلى القول الثاني لو قال ساقيتك وأطلق
فهل يحمل على سنة عربية أو على سنة الادراك للشافعية وجهان أصحهما الثاني وعلى الأول وهو الذي ذهبنا إليه لو أقت بالزمان فأدركت الثمرة وبعض المدة باقية
وجب على العامل ان يعمل في تلك المدة ولا اجرة له وان أنقصت المدة وعلى الأشجار طلع أو بلج فللعامل نصيبه منهما وعلى المالك التعهد إلى الادراك قاله الشافعية
والأولى ان عليه تعهد نصيبه خاصة ولو حدث الطلع بعد المدة فلا حق له مسألة قد بينا ان المساقاة من العقود اللازمة وقال بعض العامة انها من العقود
الجايزة فإذا فسخ أحدهما بعد ظهور الثمرة فهي بينهما على ما شرطاه وعلى العامل تمام العمل كما يلزم المضارب بيع العروض إذا فسخت المضاربة بعد ظهور الربح وان فسخ
العامل فلا شئ له لأنه رضي باسقاط حقه كعامل المضاربة إذا فسخ بعد ظهور الربح وعامل الجعالة إذا فسخ قبل اتمام عمله وان فسخ رب المال قبل ظهور الثمرة فعليه
أجرة المثل للعامل لأنه منعه من اتمام عمله الذي تستحق به العوض فأشبه ما لو فسخ الجاعل قبل اتمام الجعالة وفارق رب المال في المضاربة إذا فسخها بل ظهور
لان هذا يفضي إلى ظهور الثمر غالبا فلو لا الفسخ لظهرت الثمرة فيملك نصيبه منها وقد قطع ذلك بفسخه فأشبه فسخ الجعالة بخلاف والمضاربة فإنه لا يعلم افضاؤها
إلى الربح ولان الثمرة إذا ظهرت في الشجر كان العمل عليها في الابتداء من أسباب ظهورها والربح إذا ظهر في المضاربة قد لا يكون للعمل الأول فيه اثر أصلا وهذا كله
ساقط عندنا لان عقد المساقاة لازم من الطرفين نعم لو اتفقا على الفسخ جاء هذا البحث عندنا مسألة يجوز تأقيت المساقاة بسنة أو أكثر ولا حصر
للكثرة عندنا وهو أحد أقوال الشافعي كما تقدم في الإجارة لما روينا من الأحاديث وللأصل ولقوله تعالى أوفوا بالعقود وقوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم والثاني للشافعي انه لا يجوز التأقيت بأكثر من سنة واحدة كقوله في الإجارة والثالث له لا يجوز أكثر من ثلثين سنة كالإجارة وكل
ذلك عندنا تحكم وتوقيت من غير دليل من نص أو اجماع أو قياس وقد تلخص من قول الشافعي قولان أحدهما سنة لا أزيد والاخر أكثر من ذلك وفي الأكثر وجهان
أحدهما لا يزاد على ثلثين سنة والثاني قدر ما تبقى العين المستأجرة ولو كان مائة سنة والمساقاة كالإجارة في ذلك اتفاقا منهم واما أقل المدة فيقدر
بمدة يظهر الثمر فيها لان المقصود ان يشتركا في الثمرة وهل يشترط تقدير مدة تكمل فيها الثمرة قال بعض العامة نعم فلو شرط أقل لم يجز فان ساقاه على أقل ما شرطناه فسدت المساقاة فان عمل فيها ولم يظهر عندنا أو لم يكمل عند بعض العامة فله اجرة مثله ولهم وجه اخر انه لا شئ له لأنه رضي
بالعمل بغير عوض فهو كالمتبرع وليس بجيد لأنه لم يرض بالعمل مجانا بل بعوض وهو جزء من الثمرة وذلك موجود غير أنه لا يمكن تسليمه إليه فلما تعذر دفع العوض
الذي اتفقا عليه كان له اجرة مثله كما في الإجارة الفاسدة بخلاف المتبرع فان رضي بغير شئ وعلى قوله لو لم تظهر الثمرة فلا شئ له على أصح الوجهين عندهم لأنه
رضي بالعمل بغير عوض والوجه ما قلناه ولو ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالبا فلم تحمل تلك السنة فلا شئ للعامل لأنه عقد صحيح لم يظهر فيه النماء الذي اشترط
جزؤه له فأشبه المضاربة إذا لم يربح فيها وان ظهرت الثمرة ولم يكمل فله نصيبه منها وعليه اتمام العمل فيها كما لو فسخت قبل كمالها ولو ساقاه إلى مدة يحتمل
ان يكون للشجرة ثمرة ويحتمل ان لا يكون لم تصح المساقاة وللشافعية وجهان أحدهما تصح لان الشجرة يحتمل ان تحمل والثاني لا تصح كالسلم في مثل ذلك ولأنه
غرر يمكن التحرز عنه فلم يجز العقد معه كما لو شرط ثمرة نخلة بعينها بخلاف ما إذا شرط مدة يغلب على الظن الحمل فيها لان الغالب ظهور الحمل واحتمال ان لا تحمل
نادرا لا يمكن التحرز عنه إذا عرفت هذا فكل موضع قلنا العقد صحيح فله حصته من الثمرة وان لم تحمل فلا شئ له وكل موضع قلنا فيه ان العقد فاسد كان
للعامل يستحق أجرة المثل سواء حمل أو لم يحمل لأنه لم يرض بغير عوض ولم يسلم له العوض فكان له العوض وجها واحدا مسألة لو شرط تأقيت المساقاة بأكثر
من سنة واحدة جاز على ما قلناه بشرط ضبط السنين وهو قول كل من جوز اشتراط أكثر من سنة ولا يجب تفصيل حصة كل سنة وبيانها بل يكفي ان تقول
ساقيتك مدة عشر سنة على النصف لاستحقاق النصف في كل سنة وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه يجب كالإجارة لان الاختلاف في الثمار يكثر وفي المنافع يقل وقطع بعض
الشافعية بالثاني ولو فاوت بين الجزء المشروط في السنين لم يضر وهو أظهر وجهي الشافعية ولهم وجه اخر المنع كما لو أسلم في جنس إلى اجال ولو ساقاه سنين وشرط
له ثمرة سنة بعينها والأشجار بحيث يثمر كل سنة لم تصح لأنها ربما لا تثمر تلك السنة فلا يكون للعامل شئ أو يحتمل ان لا تثمر الا تلك السنة فلا يكون للمالك شئ
348

بخلاف ما لو ساقاه على ودي عشر سنين والثمرة لا يتوقع إلا في العاشرة ليكون هي بينهما لأنه شرط له بينهما من جميع الثمرة ولو أنه أثمر قبل سنة التوقع لم يستحق العامل
منها شيئا مسألة عقد المساقاة لازم على ما قلناه ولا يثبت فيه خيار المجلس لان خيار المجلس عندنا مختص بالمتبايعين ولبعض العامة وجهان
هذا أحدهما والاخر انه يثبت لأنه عقد لازم يقصد به المال أشبه البيع ولا يثبت فيه خيار الشرط عند بعض العامة لأنها إن كانت جايزة استغنت عن الخيار وإن كانت
لازمة وجهان أحدهما لا يثبت لأنها عقد لا يشترط فيه قبض العوض فلا يثبت فيه خيار الشرط والوجه الجواز
لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم فإذا فسخ
صاحب الخيار كان بمنزلة ما لو اتفقا على الفسخ وقد مضى حكمه أو كما يقول من يذهب إلى انها من العقود الجايزة مسألة لا يصح بيع الثمرة قبل ظهورها
منفردة على ما قلناه في كتاب البيع فان أريد ذلك توصل إليه بعقد المساقاة أو الإجارة فيوجر الأرض المتخللة بين النخل مدة تلك الثمرة تقريبا بالثمن الذي
يريد ان يدفعه ثمنا عن الثمرة ثم يساقيه على النخل والشجر مدة الثمرة إما سنة واحدة أو أكثر على ما يتفقان عليه على أن مهما سهله الله تعالى في ذلك من النماء والفايدة يكون
لصاحب النخل جزء من الف جزء أو من أزيد من أو من أقل على ما يتراضيا عليه والباقي للعامل ويشترط عليه سقية واحدة في وقت معين أو أزيد على ما يتفقان عليه فان أخل العامل
بالعمل أو بشئ منه يتخير المالك بين فسخ المساقاة والبقاء عليها فان فسخ كانت الثمرة له والثمن لأنه اجرة الأرض هذا إذا لم يجعل المساقاة والإجارة في عقد واحد
وإن كانت الإجارة مشروط بالمساقاة فإذا كانت الحال كذلك وفسخ المالك المساقاة كان للمستأجر فسخ الإجارة وعليه من الأجرة بنسبة ما مضى من المدة إلى حين الفسخ والا فلا
البحث السادس في الاحكام مسألة العامل يملك نصيبه في المساقاة فظهور الثمرة عند علمائنا فلو تلفت كلها إلا واحدة كانت بينهما وللشافعية
فيه طريقان أحدهما القطع بأنه يملك بالظهور كما قلناه وبه قال احمد لان الشرط صحيح فيثبت مقتضاه كساير الشروط الصحيحة ومقتضاه كون الثمرة بينهما على
كل حال ولأنه لو لم يملكها قبل القسمة لما وجبت القسمة ولا ملكها بها كالأصول والثاني ان فيها قولين أحدهما هذا والثاني انه لا يملك العامل شيئا من الثمرة
إلا بعد القسمة كالعامل في القراض لا يملك حصته من الربح بالظهور بل بالقسمة والأصل ممنوع والفرق قايم فان الربح في القراض وقاية لرأس المال فلا يملك العامل شيئا
حتى يسلم رأس المال لصاحبه والثمرة ليست وقاية للشجرة ولهذا لو تلفت الأصول كلها كانت الثمرة بينهما إذا تقرر هذا فإنه إذا بلغ نصيب كل واحد منهما
نصابا وجبت الزكاة عليهما وان بلغ نصيب أحدهما خاصة دون الأخر وكل من بلغ نصيبه النصاب وجبت عليه الزكاة ومن لم يبلغ نصيبه الزكاة لم تجب عليه ولو لم
يبلغ نصيب أحدهما الزكاة لم تجب على واحد منهما شئ سواء بلغ المجموع النصاب أولا وللشافعي قولان أحدهما ان الزكاة تجب على المالك خاصة دون العامل والثاني انه
على كل واحد منهما فإذا قلنا على رب المال وبلغ خمسة أوسق كان عليه الزكاة ومن أين يخرج له وجهان أحدهما من ماله وحده والثاني من مالهما معا وإذا قلنا تجب عليهما
نظر فإن كان نصيب كل واحد منهما نصابا وجبت الزكاة وان لم يبلغ نصيب كل واحد منهما نصابا بل بلغ الحقان نصابا فهل تجب الزكاة على القولين له ان قال
لا خلطة في غير الماشية فلا زكاة وان قال تصح الخلطة في غير الماشية وجبت الزكاة مسألة قد بينا ان المزارعة عقد صحيح خلافا للشافعي فإنه منع إذا كانت الأرض
بيضاء لا نخل فيها وإن كان فيها نخل أو شجر له ثمر فلا يخلو الأرض من ثلاثة أقسام إما ان يكون قليلة بين تضاعيف النخل أو قليلة منفردة عن النخل أو كثيرة بين تضاعيف
النخل فإن كانت قليلة بين تضاعيف النخل جاز ان يساقيه على النخل ويزارعه على الأرض لما رواه العامة عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله عامل أهل خيبر على النصف
مما يخرج من ثمرة وزرع وعن ابن عباس قال افتتح رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر فاشترط ان له الأرض وكل صفراء وبيضاء قال أهل خيبر نحن اعلم بالأرض منكم فاعطناها ولكم نصف
الثمرة ولنا نصف فزعم أنه أعطاهم على ذلك فلما كان حين يصرم النخل بعث إليهم عبد الله بن رواحة فحرز عليهم النخل فقال لي كذا وكذا قالوا أكثرت علينا
يا ابن رواحة قال فاني اتى جذاذ النخل وأعطيكم نصف الذي قلت قال هذا هو الحق وبه تقوم السماء والأرض قد رضينا ان تأخذ بالذي قلت وقال ابن الزبير سمعت
جابرا يقول خرصها ابن رواحة أربعين الف وسق وزعم أن اليهود لما اخبرهم ابن رواحة أخذوا الثمرة وعليهم عشرين الف وسق ومن طريق الخاصة ما رواه حماد بن عثمان
وعبيد الله الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) ان أباه حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وآله اعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها فلما أدركت الثمرة بعث عبد
الله بن رواحة فقوم عليهم قيمة قال إما ان تأخذوه وتعطون نصف الثمرة واما ان أعطيكم نصف الثمرة واخذه فقال بهذا قامت السماوات والأرض ولان
هذا إذا كان في تضاعيف النخل شرب شرب النخل لان الحاجة تمس إليه لعسر الافراد فيكون على صاحب المساقاة ضرر إذ ثبتت يد أخرى على ما بين ذلك من الأرض
فجازت المزارعة عليه لموضع الحاجة ثم اعترض عليهم بأنه قد كان يمكنه ان يواجره الأرض فتزول هذه الحاجة وأجاب أصحابه بجوابين أحدهما ان الإجارة فيه غرر لأنه
قد لا يحصل منه فايدة وتجب عليه الأجرة وهذا ليس بشئ لأنه يلزم عليه الأرض المنفردة لان هذا المعنى موجود فيها ومع هذا لا تجوز المزارعة عليها والثاني ان ذلك
انما جاز تبعا للنخل وقد يجوز تبعا ما لا يجوز بيع الثمرة قبل بدو الصلاح مع الأصل مطلقا ولا يجوز إذا افردها ثم اعترض على هذا بأنه لو كانت تبعا لدخلت في لفظ
المساقاة على النخل كالغراس والبناء يدخل في بيع الأرض قلنا لا يلزم فيما جوز فيه الغرر لأجل البيع ان يدخل في لفظه كالثمرة مع الأصول ولان لفظ المزارعة
غير لفظ المساقاة ولهذا لم يدخل في الاطلاق وأيضا إذا دعت الحاجة إلى أن يعقد على البياض مع النخل فلا يحصل ذلك بعقد الإجارة لأنه ان عقد الإجارة من المساقاة
لم يجز لأنهما عقدان ولا يجوز ان يشرط عقد في عقد ان شرط أحدهما لم يحصل الغرض لأنه قد يمتنع أحدهما عن الأخر فجوز عليهما عقد واحد وهذا كله عندنا لا ضرورة
إليه لأنا نجوز عقد المزارعة وعقد المساقاة سواء اتحد العقد أو تعدد وعلى قولنا وقول الشافعية إذا قال ساقيتك على النخل أو زارعتك على الأرض بالنصف جاز
وان قال عاملتك على الأرض والنخل على النصف جاز لان لفظ المعاملة يشملهما ويجوز أن يقول ساقيتك على النصف زارعتك على الثلث كما يجوز أن يقول ساقيتك
على النخل على أن يكون لك النصف من النوع الفلاني والثلث من النوع الفلاني فاما إذا قال ساقيتك على الأرض والنخل والأرض بالنصف لم يصح في الأرض لان المساقاة لا يتناولها وصح في النخل
فان أفرد بعد ذلك الأرض بالمزارعة صح عندنا وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان المزارعة عنده انما تصح تبعا للنخل فإذا افردها لم تجز كالثمرة إذا باعها قبل
بدو الصلاح والثاني انه يجوز لأنه انما جوزت المزارعة لحاجته إليها لكونها في تضاعيف النخل وهذه الحاجة قايمة إذا ثبت هذا فكل موضع جوزت المزارعة عليه
فإنه يجب ان يكون البذر من رب المال فيكون من العامل العمل عند الشافعي حتى يكون منه العمل في النخل والأرض فيكون العقد على العمل خاصة ونحن عندنا انه
يجوز ان يكون البذر من العامل واما إذا كانت الأرض منفردة عن النخل ويمكن افراد النخل بالسقي فإنه لا يجوز المزارعة عليها عند الشافعي سواء كانت الأرض قليلة
أو كثيرة لأنه لا حاجة به إليه وعندنا تجوز المزارعة أيضا واما إذا كان البياض الذي بين النخل كثيرا وكان النخل قليلا جازت المزارعة عندنا مع المساقاة وبدونها
وللشافعي في المزارعة على البياض مع المساقاة على النخل وجهان أحدهما لا تجوز لان النخيل إذا كان غنيا والأرض كثيرة لا يمكن ان يجعل الكثير تبعا للقليل وانما يتبع القليل الكثير والثاني تجوز لأنه انما جازت المزارعة على القليل من الأرض لموضع الحاجة وكونه يشرب بسقي النخل
وذلك موجود في الكثير فوجب ان يجوز وان قلنا لا يجوز فإنه يوجر الأرض ويساقي على النخل مسألة شرط الشافعي في جواز المزارعة والمساقاة هنا اتخاذ العامل
فلا يجوز ان يساقي واحدا ويزارع اخر لان غرض الاستقلال لا يحصل وتعذر افراد النخل بالسقي وافراد البياض بالعمارة لانتفاع النخيل بسقيه وتقليبه
349

أمكن الافراد لم تجز المزارعة على البياض وكلاهما غير شرط عندنا ثم اختلفت الشافعية في اعتبار أمور أخر آ اتحاد الصفقة فلفظ المعاملة يشمل المساقاة
والمزارعة كما قلنا فإذا قال عاملتك على هذا النخيل والبياض بينهما بالنصف صح ولا يغنى لفظ المساقاة من المزارعة ولا لفظ المزارعة عن المساقاة بل يساقي
على النخيل ويزارع على الأرض فان قدم المساقاة واتى بهما على الاتصال فالصفقة واحدة وتحقق الشرط وان فصل ففي وجه تصح المزارعة لحصولهما لشخص
واحد والأصح عندهم المنع لأنها تبع ولا يجوز افرادها كما لو زارع مع غير عامل المساقاة وان قدم المزارعة فسدت عندهم لان التابع لا يتقدم على المتبوع كما لو باع بشرط
الرهن لا يجوز تقديم لفظ الرهن على البيع وفيه وجه آخر لهم انما تنعقد موقوفة ان ساقاه بعدها على النخل ظهر صحتها والا فلا وكل هذا عندنا لا عبرة به لجواز المزارعة
مطلقا ب لو شرط للعامل من الثمر الثلث ومن الزرع الربع صح عندنا واما الشافعية فأحد الوجهين عندهم انه لا يجوز ويشترط تساوي الجزء المشروط لان التفصيل
يبطل التبعية الا ترى انه لو باع شجرة عليها ثمرة لم يبد طلاحها وقال بعتك الشجرة والثمرة بدينار لم يجز إلا بشرط القطع وأصحهما عندهم الجواز وهذا مذهبنا
لان المزارعة تجوز أصلا وعندهم وان جاز تبعا للمساقاة فكل منهما عقد برأسه ج لو كثر البياض المتخلل فوجهان وان عسر الافراد أحدهما المنع لان الأكثر
لا يتبع الأقل وأصحهما الجواز لان الحاجة لا تختلف ثم النظر في الكثرة إلى زيادة الثمار والانتفاع أو إلى ساحة البياض وساحة مغارس الأشجار تردد الشافعية
فيه د لو شرط كون البذر من العامل جاز عندنا وعندهم وجهان أحدهما الجواز وكانت المخابرة تبعا للمساقاة كالمزارعة ولم يجز في أصحهما عندهم لان الخبر ورد
في المزارعة وهي أشبه بالمساقاة لأنها لا يتوظف فيها على العامل الا العمل وان شرطا ان يكون البذر من المالك والثور من العامل أو بالعكس فيه وجهان والأصح
عندهم الجواز وإذا كان البذر مشروط على المالك لأنه الأصل وكأنه اكترى الأرض وثورة قالوا فان حكمنا بالجواز فيما إذا شرط الثور على المالك والبذر على العامل
فينظر ان شرطا الحب والتبن بينهما جاز وكذا لو شرطا الحب لها والتبن لأحدهما لاشتراكهما في المقصود فان شرطا التبن لصاحب الثور وهو المالك والحب للاخر
لم يجز عندهم ولا باس به عندنا قالوا المالك هو الأصل فلا يحرم المقصود قلنا يجوز للعامل اشتراط الأكثر وهو ينقض قولكم وان شرطا التبن لصاحب البذر
وهو العامل فوجهان وعندنا يجوز وقيل لا يجوز شرط الحب لأحدهما والتبن للاخر أصلا لأنه شركة مع الانقسام فأشبه ما إذا ساقاه على الكرم والأشجار وشرطا ثمار
الكرم لأحدهما وثمار الأشجار للاخر والحق عندنا الجواز والفرق ظاهر لتعدد الشجر والكرم فجاز ان لا يحمل أحدهما إما التبن والحب فهما من أصل واحد مسألة
قد بينا البطلان المغارسة وأطلق الشافعية القول في المخابرة بوجوب أجرة المثل للأرض وقال بعضهم لو دفع أرضا إلى رجل ليغرس أو ليبني أو يزرع فيه من عنده على أن يكون
بينهما على النصف فالحاصل للعامل فيما يلزمه من اجرة الأرض للاخر وجهان أحدهما ان الواجب نصف الأجرة نصف الغراس كان يغرسه لرب الأرض باذنه فكأنه رضي ببطلان
نصف منفعته من الأرض وأصحهما وجوب الجميع لأنه لم يرض ببطلان المنفعة إلا إذا حصل له نصف الغراس فإذا لم يحصل له وانصرف كل المنفعة إلى العامل استحق كل
الأجرة وهذا الأخير هو الأصح عندنا ثم العامل يتكلف نقل البناء والغراس ان لم تنقص قيمتها وان نقصت لم تقلع مجانا للاذن والزرع يبقى إلى الحصاد ولو
زرع عامل المساقاة البياض بين النخل من غير عقد ولا اذن قلع زرعه مجانا وبه قال الشافعي لقوله (ع) ليس لعرق ظالم حق وقال مالك إن كان دون ثلث البستان
كان باقيا وقد بينا انه تجوز المساقاة على شجر له ثمر وللشافعية قولان تقدما أحدهما انه لا تجوز الا على النخل والكرم خاصة وهل تجوز المساقاة على غيرهما تبعا لهما كالمزارعة وجهان عندهم مسألة لو استأجره المالك ليعمل على النخل يجوز من الثمرة فإن كانت لم تخلق
بعد لم تجز لان عوض الإجارة يشترط فيها ما يشترط في عوض البيع فلا يجوز على المعدوم ولا المجهول بخلاف المساقاة فإنها جوزت للحاجة والعوض مختص
بالعمل عليها ولو جاز ان يكون عوضا في الإجارة لجاز ان يكون عوضا في العمل على غيرها وإن كان الثمرة موجودة فإن كان قبل بدو الصلاح جاز ان يكون جميعها
عوضا بشرط القطع ولا يجوز مطلقا ولا يشترط التبقية عند بعض علمائنا وهم المانعون من بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط التبقية منفردة وهو قول الشافعي
أيضا ونحن لما سوغنا البيع سوغنا الإجارة وإن كان العوض بعضها جاز ومنع منه الشافعية لان الشركة تمنع من شرط القلع فيه وهو ممنوع مع منع الأصل أيضا وإن كان
بعد بدو الصلاح جاز ان يكون عوضا من غير شرط القلع كما يجوز بيعها وكذا يجوز ان يكون بعضها عوضا إذا اطلق فان شرط القطع جاز عندنا ومنع منه الشافعية
لان الإشاعة تمنعه وهو ممنوع مسألة إذا هرب العامل قبل تمام العمل لم تنفسخ المساقاة لأنه لا يملك فسخها بقوله فلا تنفسخ بهربه ثم إن تبرع المالك بالعمل أو غيره بالعمل وبمؤنته بقى استحقاق
العامل بحاله وإلا رفع الامر إلى الحاكم ويثبت عنده المساقاة لينفذ الحاكم في طلبه فان وجده أجيره على العمل وان لم يجده ووجد له مالا اكترى منه من يعمل
في النخل لان العمل مستحق عليه وان لم يجد له مالا أنفق على النخل من بيت المال أو كان هناك ما هو أهم منه استقرض عليه الحاكم فإن لم يجد من يقرض طلب ذلك
من رب النخل فان اقرضه استقرض عليه وينقض عليها وإن لم يقرضه ووجد من يستأجره للعمل بأجرة مؤجلة إلى وقت تدرك فيه الثمرة فعل وان لم يجد نظر فإن لم
يكن ظهرت الثمرة فللمالك فسخ المساقاة وقابل بعض الشافعية لا يفسخ لكن يطلب الحاكم من يساقي عن العامل فيه فربما فضل للعامل فيه فضله وليس بصحيح لان
المساقاة انما يكون بين صاحب الأصول والعامل فاما بين عامل وعامل اخر فلا ولأنه قد تعذر استيفاء المعقود عليه فأشبه ما إذا أبق العبد قبل القبض فإن كانت
الثمرة ظاهرة فإن كان قد بدا صلاحها عند من اشترطه أو لم يبد عندنا باع من نصيب العامل ما يحتاج إليه لأجرة
ما بقى من العمل واستأجر من يعلم ذلك وان
احتاج إلى بيع نصيب العامل باسره باعه وان لم يبد صلاحها فعند من اشترط بدو الصلاح لا يمكن بيع نصيب العامل من غير الشريك لان البيع فيها لا يجوز إلا
بشرط القطع ولا يمكن ذلك مع الإشاعة فان رضي رب المال ببيع الكل باعه وحفظ نصيب المساقي الحاكم عليه وان اشترى رب النخل نصيب العامل أو بعضه
فان احتيج إلى بيع البعض فللشافعية وجهان لأنه صاحب الأصول فان امتنع عن الشراء قلنا لا حكم لك عندنا فانصرف هذا إذا رفعه إلى الحاكم واما إذا لم يرفعه
إلى الحاكم لكن أنفق عليه من ماله وإن كان قادرا على الحاكم فقد تطوع بما فعل ولا يرجع به وان لم يكن حاكما فإن لم يشهد على الانفاق أو اشهد ولم يشترط الرجوع
لم يرجع به وان اشهد على الانفاق وشرط الرجوع به فاصح وجهي الشافعية انه يرجع لأنه مضطر إلى ذلك فصار كما لو رفعه إلى الحاكم وفعله الحاكم ولو تعذر الاشهاد
نوى الرجوع ورجع والأقرب قبول قوله مع اليمين لان الأصل ان الانسان لا يتبرع بعمل يحصل فيه غرامة عن الغير وكذا التفصيل لو علم المالك بنفسه في
نصيب العامل وللشافعية في الرجوع مع تعذر الاشهاد وجهان ولهم وجه اخر انه يرجع مطلقا سواء تعذر الاشهاد أو الحاكم أو ولو اشهد فاصح الوجهين عندهم
انه يرجع للضرورة كما قلنا والثاني انه لا يرجع والا صار حاكما لنفسه على غيره قال بعض الشافعية الوجهان في الرجوع إذا لم يمكنه الاشهاد قريبان من الوجهين فيما
إذا اشهد للعجز عن الحاكم للعذر والضرورة لكن الذي رجحه جمهورهم انه إذا لم يشهد لم يرجع من غير فرق بين الامكان وعدم الامكان لأن عدم الامكان الشهود
350

نادر لا يعتبر له وإذا أشهد فينبغي ان يشهد على العمل والاستيجار وبذل الأجرة بشرط الرجوع فاما الاشهاد على العمل والاستيجار من غير التعرض للرجوع فإنه
كترك الاشهاد عند بعض الشافعية مسألة يجوز ان يولي الحاكم المالك الانفاق عن العامل فيما يحتاج الاستيجار إليه من السقي والرفق وجميع ما ذهب
على العامل وان يأمره بالانفاق ليرجع كما يجوز ان يولي غيره وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم المنع لأنه متهم في حق نفسه بل يسلم المالك المال الذي ينفقه
عن العامل إلى الحاكم ليأمر غيره بالانفاق وليس بشئ لان التهمة قد توجد في الغير كما توجد في المالك ومناط الجواز في الاذن للأجنبي والمالك الثقة بالمأذون
له فيه ولو استأجر الحاكم لباقي العمل صح عندنا وهو أصح وجهي الشافعية كما يجوز استيجار الغير والثاني لا يجوز بناء على ما لو آجره داره ثم اكتراها من المكتري مسألة
إذا هرب العامل قبل ظهور الثمرة وفسخ المالك لتعذر الاستيجار عن العامل كان للعامل اجرة مثل ما عمل ولا توزع الثمار على اجرة مثل جميع العمل فان الثمار ليست
معلومة عند العقد حتى يقتضي العقد التوزيع فيها ولو جاء أجنبي وقال للمالك لا تفسخ لا عمل بالنيابة عن العامل قال بعض الشافعية لا يلزم المالك الإجابة لأنه
قد لا يأتمنه ولا يرضى بدخوله ملكه نعم لو عمل نيابة عن العامل من غير شعور المالك حتى حصلت الثمار وسلم للعامل نصيبه منها وكان الأجنبي متبرعا عليه
الوجه انه ليس للمالك الفسخ مع وجود المتبرع لأنه بمنزلة ما لو وجد للعامل مال يستأجر منه في العمل أو وجد من يقرض حتى لا يجوز للمالك الفسخ هنا كما لا يجوز
هناك تذنيب لو عجز العامل عن العمل لمرض وشبهه من حبس وغيره فهو كما لو هرب والحكم فيهما واحد مسألة الموت لا يبطل المساقاة
سواء كان الميت المالك أو العامل أو هما معا لأنها عقد لازم كالإجارة والبيع فان مات المالك قام العامل بالعمل المشروط عليه واستمر على شغله ويقاسم الورثة فيأخذ
نصيبه من الثمرة فان مات العامل فلا يخلو إما ان يكون المساقاة واردة على عين العامل أو في الذمة فإن كانت واردة على العين انفسخت بموته كما ينفسخ الإجارة
بموت الأجير المعين وإن كانت في الذمة لم ينفسخ كما لا ينفسخ الإجارة لأصالة البقاء وللاستصحاب وهو أصح وجهي الشافعية ولهم وجه آخر انها ينفسخ لان المالك ربما
لا يرضى بيد غيره وتصرفه والحق ما قلناه فإذا ثبت ما قلناه من أنها لا ينفسخ فان لوارثة ان يقوم مقام العامل في العمل مكانه وليس للمالك منعه منه ولا اجباره
عليه لو امتنع الوارث من العمل وهو أصح وجهي الشافعية لأصالة البراءة وقال بعضهم وهو محكي عن مالك انه يجبر لان الوارث يقوم مقامه مورثه وهو خطأ
لان الوارث لا يلزمه حق لزم المورث إلا ما كان يمكنه دفعه من ماله وهذا العمل ليس بمال المورث فلا يجب على الوارث كما لا يؤدي الحقوق عنه من مال نفسه ولان منافع
الوارث خالص حقه وانما يجبر على توفية ما على المورث من تركته فان خلف العامل تركة تمم الوارث العمل بان يستأجر منها من يعمل وإلا فلا فان أتم العمل بنفسه أو استأجر
من مال نفسه من يتم العمل وجب على المالك تمكينه إذا كان أمينا عارفا باعمال المساقاة ويسلم له المشروط ولو امتنع الوارث من الاستيجار من التركة ومن العمل بنفسه
استأجر الحاكم فإن لم يخلف تركة لم تستقرض الحاكم على الميت بخلاف الحي إذا هرب لأنه لا ذمة للميت ومهما لم يتم العمل فالقول في ثبوت الفسخ وفي الشركة وفصل
الامر إذا خرجت الثمار كما في الهرب والنظر في ذلك إلى الحاكم كما كان هناك تذنيب منع بعض الشافعية من المساقاة الواردة على العين لان فيه تضييقا وليس بشئ لأنه يجئ في
الإجارة مثله مع جوازها مسألة لو لم تثمر الأشجار أصلا أو تلفت الثمار كلها بجايحة أو غصب وجب على العامل اتمام العمل وان تضرر به كما أن عامل
القراض يكلف انضاض المال وان ظهر الخسران ولم يصل إليه شئ سوى التعب وفيه اشكال للفرق فان المباشرة البيع والشراء في القراض العامل فكان عليه
انضاض المال بخلاف العامل في المساقاة ويحتمل انفساخ العقد أو تلفت الثمار بأسرها ولو فرض ارتدادها بعد تمام العمل وتكامل الثمار وجب الاتمام
قطعا ولو هلك بعض الثمرة وجب على العامل اتمام العمل واخذ النصيب من الموجود على قدره وقال بعض الشافعية يتخير العامل بين ان يفسخ العقد ولا شئ
له وبين ان يجيز ويتم العمل ويأخذ نصيبه مما بقى والوجه الأول مسألة العامل امين فالقول قوله فيما يدعيه من هلاك وما يدعي عليه من خيانة لان
رب المال أئتمنه بدفع ماله إليه فهو كالمضارب فان اتهمه حلف العامل لأصالة البراءة فان ادعي المالك عليه خيانة أو سرقة في الثمار أو السعف والأغصان أو أتلف
لو فرط بتلف لم تسمع دعواه حتى يحررها فإذا حررها وبين قدر ما خان فيه وانكر العامل وجب على مالك النخيل البينة فإن لم تكن له بينة فالقول قول العامل
مع يمينه فان حلف سقطت الدعوى وان ثبت عليه السرقة بالبينة أو اعترافه بيمين المالك مع نكوله أو رد اليمين عليه لم تزل يده عنه بل يضم المالك إليه
من يحفظ عليه حصته المالك ولا ترفع يد العامل عن حصته من الربح وللعامل رفع يده عن حصة المالك وبه قال أصحاب الرأي ومالك لان فسقه لا يمنع استيفاء
المنافع المقصودة منه وإذا لم يتعذر ذلك لم يجب فسخ المساقاة كما لو فسخ بغير السرقة وقال المزني يستأجر عليه من يعمل معه وقال في مواضع آخر يضم إليه امين يشرف
عليه وبه قال مالك واختلفت الشافعية فبعضهم جعلهما قولين والأكثرون نزلوهما على حالين ان امكنه حفظه بضم مشرف إليه قنع به وان لم يكن أزيلت يده
بالكلية واستؤجر عليه من يعمل عنه ولا يكون ذلك على سبيل الفسخ للمساقاة بل يقال إذا لم يمكن حفظها من خيانتك أقم غيرك يعمل بذلك وارفع يدك عنها
لان الأمانة قد تعذرت في حقه فلا يلزم رب المال ان يأتمنه عليها وليس بمعتمد إذا عرفت هذا فعلى قولنا ان المالك يرفع يد العامل عن حصة المالك ويقيم غيره
في حصته فان اجرة المقام عوضا عن المالك وكذا لو ضم المالك فيه أمينا يحفظ نصيبه كان اجرته على المال خاصة وعلى قول
الشافعية يرفع يده والاستيجار عليه من يعمل عنه تكون الأجرة من مال العامل لان العمل مستحق عليه واما اجرة المشرف عليه المضموم إليه ان قلنا إنه لا ترفع
يده بل يضم الحاكم إليه أمينا فالمشهور عندهم انها على العامل أيضا كأجرة الأجير عندهم وقال بعضهم ان ذلك مبني على أن مؤنة الحفظ على العامل فان المقصود
من ضم المشرف إليه الحفظ إما إذا قلنا إن الحفظ عليهما فكذلك اجرة المشرف وليس بجيد وقال بعضهم ان اجرة المشرف على العامل ان ثبت خيانته باقرار أو بينة
والا فعلى المالك وسوى بين البينة والاقرار وهو يشكل على قولهم بان العامل يجب ان يستقل باليد لأنه إذا لم يثبت خيانته كيف يكون على المالك اجرة ضم
المشرف إليه فإنه ينبغي على أصولهم ان لا يتمكن المالك من ضم المشرف إليه لأنه يبطل استقلال يد العامل مسألة إذا أسلم إلى العامل نخلا مساقاة يعمل فيه
فجاء رجل فادعاه وأقام البينة انه له فإن كانت الثمرة باقية بحالها اخذها المالك مع النخل لأنها نماء ملكه ولا حق فيها للعامل لبطلان المساقاة ولا يستحق في
الثمرة شيئا ولا اجرة له على صاحب النخل لأنه عمل فيه بغير إذنه وله الأجرة على الغاصب الذي عامله لأنه استعمله فيها كما إذا غصب بقرة واستأجر رجلا فضربها كانت
المضروبة للمغصوب منه ولأجرة على الغاصب لا يقال لم (لا) تسقط اجرته كما قلتم لو سرقت الثمرة أو هلكت لأنا نقول إذا كان العقد صحيحا فالذي استحقه جزء من
الثمرة فإذا هلك فلا شئ له واما في المتنازع فالذي استحق الأجرة فإنه لا يملك من الثمرة شيئا ولا تسقط الأجرة بذهاب الثمرة من أن الثمرة لم تهلك هنا وانما
351

عادت إلى صاحبها إذا عرفت هذا فإن كانت الثمرة بحالها اخذها المالك ان جففاها ونقصت القيمة بالتجفيف استحق الأرش أيضا ويرجع العامل على الغاصب
بالأجرة كما قلناه وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم ليس للعامل ان يرجع على الغاصب بشئ البتة والأجرة له تخريجا على قولي الغرور لأنه هو الذي أتلف منفعة
نفسه وتشبيها لفوات الثمار بالاستحقاق بفواتها في المساقاة الصحيحة بحايجة وقد بينا بطلانه وإن كانا قد اقتسما الثمار واستهلكاها ولزمهما الضمان
تخير المالك بين الرجوع على من شاء منهما فان رجع على الغاصب كان له ان يرجع بالكل لأنه ضامن لجميع الثمرة حيث كان ضامنا للأصول بالتعدي فإذا رجع عليه
بالجميع رجع الغاصب على العامل بنصف الثمرة التي استهلكت لأنه اخذه عوضا في معاوضة فأشبه الشراء من الغاصب وقد تلف في يده فاستقر الضمان
عليه وقال بعض الشافعية لا يرجع على العامل وبنى المسألة على ما إذا أطعم الغاصب المالك الطعام المغصوب منه فجعل القرار على الغاصب في نصيب العامل
أيضا لكن المشهور الأول وللعامل أجرة المثل على الغاصب وعلى هذا الوجه للشافعية ينبغي ان تسقط اجرته لحصول العوض له فان رجع المالك على الغاصب بالنصف
الذي هو قدر نصيبه ورجع على العامل بالنصف قدر نصيبه جاز ورجع العامل على الغاصب بأجرة مثله لا غير وان رجع على العامل رجع عليه بنصيبه الذي استهلكه اجماعا
ويرجع العامل على الغاصب بالأجرة وهل للمالك الرجوع على العامل بالجميع الأقرب ذلك لان يده قد ثبتت على الكل قاصدة بغير حق فكان عليه الضمان وهو أظهر
قولي الشافعية كما يطالب عامل القراض إذا خرج مال القراض مستحقا وكما يطالب المودع من الغاصب والثاني انه لا يطالب بنصيب الغاصب لان العامل لا
تثبت يده على الثمرة بالعمل وانما هو مراع لها وحافظ ونايب عن الغاصب فلا يضمن إلا ما حصل في يده فعلى هذا لو تلفت الثمرة بأسرها بغير فعله قبل القسمة
أو غصبت لم يضمن لان يده لم تثبت عليه مقصودة بخلاف المودع بل يد العاقد مستدامة حكما وهو نايب في الحفظ والعمل كأجير يعمل في حديقة وعلى الأول
لو تلفت جميع الثمرة بغير فعله كان ضامنا إذا ثبت هذا فان قلنا يضمن النصف وهو قول بعض علمائنا رجع المستحق على الغاصب بالنصف ورجع العامل عليه
بأجرة مثله دون ما غرمه لأنه غرم ما أتلف وان قلنا يرجع عليه بالكل فرجع كان للعامل ان يرجع على الغاصب بنصف الثمرة التي أتلفها وبأجرة مثله هذا إذا كان العامل
جاهلا وإن كان عالما لم يكن له الرجوع إلا بما اخذه الغاصب منه وضمنه للمالك ولو تلف شئ من أصول الأشجار ففيه الوجهان وإذا قلنا بان العامل مطالب
بنصيب الغاصب فإذا غرمه ففي رجوعه على الغاصب الخلاف المذكور في رجوع المودع والظاهر أنه يرجع مسألة إذا أثمرت النخيل في يد العامل واختلفا في الجزء
المشروط للعامل فقال المالك شرطت لك الثلث وقال العامل بل شرطت لي النصف فالقول قول المالك مع يمينه وعدم البينة عند علمائنا وبه قال احمد لان
الثمرة للمالك لأنها نماء أصله وانما تثبت للعامل بالشرط فإذا ادعى شرطا فعليه البينة فإذا عدمها فعلى المالك اليمين وقال الشافعي يتحالفان لأنهما اختلفا
في القدر الذي شرطاه فوجب ان يتحالفا كالمتبايعين قبل القبض والمساقاة قبل العمل والأصل ممنوع عندنا بل القول قول المالك مطلقا واما البيع فقد بينا
الحكم فيه في بابه وقال مالك إذا اختلفا بعد العمل فالقول قول العامل إذا اتى بما نسبه لان العامل أقوى سببا بتسليم الحايط والعمل فيه كما قاله في المتبايعين إذا
اختلفا بعد القبض كان القول قول المشترى والأصل ممنوع إذا ثبت هذا فالقول قول المالك عندنا سواء كان قبل ظهور الثمرة أو بعدها وكذا إذا اختلفا فيما
تناولته المساقاة من النخيل فالقول قول المالك مع يمينه عندنا وقالت الشافعية يتحالفان وليس بجيد فان نكل أحدهما حلف الأخر وثبت ما قاله ولو أقام أحدهما
بينة حكم بها اجماعا ولو أقاما بينتين حكم عندنا بينة العامل لأنه المدعي وقالت الشافعية يتعارضان وفيها قولان أحدهما تسقطان فتكون كأنه لم تكن لواحد منهما بينة
والثاني يستعملان وفي الاستعمال ثلاثة أقوال أحدها يقسم بينهما والثاني يوقف الامر حتى يصطلحا والثالث يقرع ولا يوقف هنا ولا يقسم لأن العقد لا تدخله القسمة لأنه لا تتبعض فلم يبق إلا القرعة فمن خرجت قرعته قدمنا بينته مسألة
قد بينا ان القول قول المالك مع اليمين وعدم البينة وعند الشافعية يتحالفان ويتفاسخان فإن كان قبل العمل فلا شئ للعامل لأن العقد قد بطل ولم يعمل العامل
شيئا وإن كان بعده فللعامل اجرة مثل عمله وقد بينا انهما إذا أقاما بينتين حكم ببينة العامل وعند الشافعية يتعارضان ويقرع ولا يتأتى القسمة عندهم لأن العقد
لا يقبل القسمة والخلاف فيه وقال بعضهم يقسم في القدر المختلف فيه ولو ساقاه الشريكان في البستان ثم قال العامل شرطت مالي نصف الثمار فصدقه أحدهما
وقال الآخر بل شرطنا الثلث فنصيب المصدق مقسوم بينه وبين العامل وفي نصيب المكذب الحكم بالتحالف عند الشافعية وعندنا القول قول المالك وعند
مالك القول قول العامل ولو شهد المصدق للمكذب أو للعامل لم يقبل شهادته لأنه شريك لهما ولا يقبل شهادة الشريك لشريكه وقالت الشافعية يقبل شهادته
لأنه لا يجر به نفعا ولا يدفع ضررا ولو اختلفا في رد شئ من المال أو هلاكه فالأقرب تقديم قول المالك في الأول والعامل في الثاني مسألة تجوز قسمة الثمار
على الأشجار عندنا بالخرص والتراضي فإذا بدا صلاح الثمرة فان رضي المالك بأمانة العامل ابقائها في يده إلى وقت الادراك فيقتسمان حينئذ وبه قال الشافعية ان جوزوا
قسمة الثمرة على الشجرة أو يبيع أحدهما نصيبه من الثاني أو يبيعان من ثالث فإن لم يثق به وأراد تضمينه التمر أو الزبيب جاز لان الحرص عندنا جايز لما رواه محمد بن
مسلم عن الباقر والصادق عليهما السلم قال سألته عن الرجل يمضي فاخرص عليه في النخل قال نعم قلت أرأيت إن كان أفضل مما خرص عليه الخارص أيجزيه ذلك قال نعم والشافعية
بنوه على أن الخرص هل هو عبرة أو تضمين ان جعلناه تضمينا فالأصح جوازه كما في الزكاة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه خرص على أهل خيبر وقال بعضهم
لا يجوز لأنه بيع الرطب بالتمر مع تأخير أحد العوضين ويخالف الزكاة لأنها مبنية على المسامحة وكذا قضية خيبر لأنه يتسامح في معاملة الكفار بما لا يتسامح في غيرها ويجرى الخلاف
فيما لو أراد العامل تضمين المالك بالخرص إذا عرفت هذا فإنه يشترط في الخرص السلامة من الآفات السماوية والا رضية مسألة إذا انقطع البستان وأمكن رده
وجب على المالك رده والسعي فيه وهو أحد وجهي الشافعية لان العامل لا يتمكن من العمل إلا به فكان بمنزلة من استأجر أجيرا لقصارة ثوب بعينه يكلف تسليمه إليه
والثاني لهم لا يكلف كما لا يجبر أهل الشريكين على العمارة وكما لا يجبر المؤجر على عمارة الدار المستأجرة وليس بجيد وعلى ما اخترناه لو لم يسع المالك في رده لزمه للعامل اجرة
عمله ولو لم يكن رد الماء فهو بمنزلة ما لو تلفت الثمار بالحايجة تذنيب كلما يسقط من اجزاء النخل من السعف والليف يختص بها المالك وما يتبع الثمرة
فهو بينهما كالشماريخ على اشكال مسألة إذا دفع بهيمة إلى غيره ليعمل عليها ومهما رزق الله تعالى فهو بينهما فالعقد فاسد لان البهيمة يمكن اجارتها فلا حاجة
إلى عقد اخر عليها يتضمن الغرر ولو قال تعهد هذه الأغنام على أن يكون في درها (وتسليمها ردها) ونسلها بيننا فكذلك لان النماء لا يحصل بعمله ولو قال اعلف
هذه من عندك ولك النصف من ردها ففعل وجب بدل العلف على مالك الشياة وجميع الدر لصاحب الشياة والقدر المشروط من الدر لصاحب العلف مضمون
في يده لحصوله بحكم بيع فاسد والشاة غير مضمونة لأنها غير مقابلة بالعوض ولو قال خذ هذه الشاة فاعلفها لتسمن ولك نصفها ففعل فالقدر المشروط منها
352

لصاحب العلف مضمون عليه دون الباقي مسألة لا يجوز للعامل ان يعامل غيره في البستان الذي عومل عليه وبه قال أبو يوسف وأبو ثور واحمد لأنه عامل
في المال (يخر) من نمائه فلم يجز ان يعامل غيره فيه كالمضارب ولأنه انما اذن له خاصة واستأمنه دون غيره فلم يجز ان يعامل غيره كالوكيل وقال مالك يجوز ان جاء برجل
امين وقال بعض الشافعية إن كانت المساقاة في الذمة فللعامل ان يساقي غيره لينوب عنه ثم إن شرط له من الثمار مثل ما شرط المالك له أو دونه فذاك وان شرط له
أكثر من ذلك فعلى الخلاف في تفريق الصفقة ان جوزناه وجب للزيادة أجرة المثل وان لم يجوزه فللجميع وإن كانت المساقاة على عينه لم يكن ان يستنيب ويعامل
غيره ولو فعل انفسخت المساقاة بتركه العمل وكانت الثمار كلها للمالك ولا شئ للعامل الأول واما العامل الثاني فإن كان عالما بفساد العقد فلا شئ له
وإلا استحق أجرة المثل والمعتمد ما قلناه مسألة تصح المساقاة على ما يشرب من النخل بعلا أو عذبا كما تجوز فيما يحتاج إلى سقي وبه قال مالك ولا
نعرف فيه مخالفا عند من يجوز المساقاة لان الحاجة تدعو إلى المعاملة في ذلك كدعائها إلى المعاملة فيما يحتاج إلى السقي فكان جايزا كغيره لوجود العلة فيهما معا ولو
عجز العامل عن العمل لضعفه ضم إليه غيره ولا ينتزع من يده لان العمل مستحق عليه ولا ضرر في بقاء يده عليه ولو عجز بالكلية أقيم مقامه من يعمل والأجرة في الموضعين
على العامل لان عليه توقية العمل وهذا من توفيته مسألة يكره ان يشرط أحدهما لنفسه مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة وان شرط ذلك وجب الوفاء
به مع سلامة الثمرة فلو تلفت بآفة من الله تعالى لم يلزم الشرط ومنع العامة جواز ذلك وأبطلوا المساقاة لأنه ربما لا يحدث من الثمار ما يساوي ذلك الدراهم فيتضرر رب
المال ولهذا منعوا من اشتراط أقفزة معلومة في المزارعة ولو شرط له دراهم مفردة عن الجزء لم يجز عندهم ولو جعل له ثمرة سنة غير السنة فسد العقد سواء جعل ذلك كل
حقه أو بعضه أو جميع العمل أو بعضه لأنه يخالف موضوع المساقاة إذ موضوعها ان يعمل في شجر بحر؟ مشاع من ثمرته في ذلك الوقت الذي تستحق عليه فيه العمل ولو ساقاه
سنتين وشرط له الحصة في كل واحدة منهما جاز سواء اتفقت البستان أو اختلفت ولو شرط له نماء إحدى السنتين
وللآخر الأخرى لم يجز لامكان انفراد كل واحدة منهما بجميع الحاصل بان تحمل سنة وتحيل أخرى إما لو كانت مدة كل واحد منهما يبعد الحيلولة فيها فالأقوى الجواز
كما لو ساقاه عشر سنين للمالك كل ثمرة الست الأولى وللعامل كل ثمرة الا ربع الأخيرة فالأقرب الجواز لان حيلولة النخل في كل واحد من المدتين بأسرها لا يقع بالعادة
ولو كان النخل يسيرا في ارض كثيرة فزارعه على تلك الأرض وشرط العامل ثمرة النخلات اليسيرة له جاز عندنا وبه قال مالك وقال الشافعي واحمد وابن المنذر لا يجوز لأنه
اشترط الثمرة بأجمعها فلم يجز وليس بجيد لأنا فرضنا العقد مزارعة لا مساقاة وشرط مالك ان يكون النخل بقدر الثلث أو أقل وليس بمعتمد بل يجوز عندنا
وكثر النخل وكذا لو ساقاه على النخل وشرط له الانتفاع بالأرض بأجمعها جاز عندنا ولو اجره بياض الأرض وساقاه على النخل الذي بينها في عقد واحد جاز عندنا لأنهما
عقدان يجوز افراد كل واحد منهما عن صاحبه فجاز الجمع بينهما كالبيع والإجارة ومنع منه بعض العامة بناء على الوجه الذي منعوا فيه من الجمع بين البيع والإجارة في
عقد واحد واعلم أنه لا فرق عندنا في الجواز بين ان يفعل حيلة وتوصلا إلى شراء الثمرة قبل وجودها أو قبل
بدو صلاحها أو لا ومنع احمد إذا كان حيلة سواء جمع
بين العقدين أو عقد أحدهما بعد الأخر لان الحيل كلها باطلة تذنيب الخراج على النخل الذي في الأرض الخراجية على المالك دون العامل لأنه يجب على الأصول
سواء أثمرت أو لم تثمر ولو شرطه المالك على العامل أو عليهما معا جاز المقصد التاسع في السبق والرماية وفيه فصلان الأول في
السبق وفيه مباحث الأول في تسويغه مسألة عقد السبق والرمي شرع للاستعداد للقتال وممارسته النضال لدعاء الحاجة إليه في
جهاد العدو وقد ثبت جوازه بالنص والاجماع إما النص فالكتاب والسنة قال الله تعالى يا أبانا انا ذهبنا نستبق فأخبر الله تعالى بذلك ولم يعقبه بانكار فدل على مشروعيته
عندنا قال تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وروى عقبة بن عامر ان النبي صلى الله عليه وآله قال الا ان القوة الرمي قاله ثلثا وجه الاستدلال ان
الله تعالى امرنا باعداد الرمي ورباط الخيل للحرب ولقاء العدو والاعداد لذلك انما يحصل بالتعلم والنهاية في التعلم المسابقة بذلك ليكد كل واحد نفسه في بلوغ النهاية
والحدق فيه واما السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا سبق الا في نصل أو خف أو حافر والنصل لشمل النشاب وهي للعجم والسهم وهو للعرب والمزاريق وهي الرد ينيات
والرماح والسيوف كل ذلك من النسل واسمه صادق على الجميع واما الخف كالإبل والفيلة واما الحافر فيشمل الخيل والبغال والحمير وسئل انس بن مالك هل كنتم
تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال نعم راهن رسول الله صلى الله عليه وآله على فرس له فسبق فسر بذلك وأعجبه وروى أن النبي صلى الله عليه وآله سابق بين الخيل المضمرة التي قد أضمرت
من الحقيباء إلى ثنية الوداع وبينهما خمسة أميال أو ستة والحقيبا تمد وتقصير وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بنى زريق وبينهما ميل والمضمرة
بتسكين الضاد وتخفيف الميم هو المشهور في الخبر وروي بفتح الضاد وتشديد الميم وروي انه كان لرسول الله صلى الله عليه وآله ناقة يقال لها الغضباء إذا سابقت سبقت فجاء
اعرابي على بكر له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين واغتموا لذلك فقيل يا رسول الله سبقت الغضباء فقال (ع) حق على الله ان لا يرفع شيئا في الأرض
إلا وضعه وفي بعضها ان لا يرفع شيئا في الناس إلا وضعه وقال (ع) رهان الخيل طلق اي حلال ومر رسول الله بقوم من الأنصار يرامون فقال رسول الله صلى الله عليه وآله
انا مع الحزب الذي فيه ابن الأورع فامسك الحزب الأخر وقالوا ان نغلب؟ حزب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ارموا فاني ارمي معكم فرمى مع كل واحد منهم رشقا فلم يسبق
بعضهم بعضا ولم يزالوا يترامون وأولادهم أولادهم لا يسبق بعضهم وعن سلمة بن الأكوع قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله على قوم من أسلم يتناسلون
بالسيوف فقال ارموا بني إسماعيل فان أباكم راميا ومن طريق الخاصة قولهم (ع) ان الملائكة تنتفز عند الرهان وتلعن صاحبه ما خلا الحافر والخف والريش
والنسل واما الاجماع فلا خلاف بين الأمة في جوازه على الجملة وان اختلفوا في تفاصيله مسألة ويجوز شرط المال في عقد السبق والرمي معا عند علمائنا أجمع
وبه قال الشافعي لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال رهان الخيل طلق اي حلال وقيل لعثمان هل كنتم تراهنون على عهد رسول الله قال نعم وقال (ع)
لا سبق إلا في نسل أو خف أو حافر والا ثبت من الرواية السبق بفتح الباء وهو المال الذي يدفع إلى السابق وروى السبق بالتسكين وهو مصدر سبق يسبق
ولان الحاجة تدعو إليه لان هذا الفعل أمر مطلوب للشارع لما فيه من فايدة الاستعداد للقتال في جهاد أعداء الله تعالى الذي هو من أعظم أركان الاسلام
وشرط المال فيه مقتضى الرغبة والشوق إليه فكان سايغا كالافعال التي يصح بذل المال عليها كافعال الإجارة والجعالة التي قد لا يندب الشارع إليها
فتسويغ هذه يكون أولي وقال أبو حنيفة لا يجوز شرط المال في المسابقة ولا المرامات لأنه قمار وعنه رواية أخرى والدليل ممنوع البحث الثاني في
تفسير الألفاظ يستعمل في هذا الباب السبق بفتح الباء العوض وهو الحظر والندب والرهن والقرع والوجب يقال سبق بتشديد الباء إذا اخرج السبق
353

الذي هو المال وإذا اخذه واحرزه أيضا وهو من أسماء الأضداد واما السبق بسكون الباء وهو المصدر وفعله سبق والسابق هو المتقدم بالعنق والكبد وقيل
بالأزر وهو المجلي والكبد هو الكاهل وهو العالي ما بين أصل العنق والظهر وهو من الخيل مكان السنام من البقر وهو مجتمع الكتفين والهادي هو العنق
والمصلى هو الثاني لأنه يحاذي رأسه صلوى المحلي والصلوان هما العظمان النابتان عن يمين الذنب وشماله والتالي هو الثالث والبارع هو الرابع والمرتاح هو
الخامس والحظي هو السادس والعاطف هو السابع والمؤمل هو الثامن واللطيم التاسع والسكيت هو العاشر وليس لها بعد العاشر اسم إلا الذي يجئ اخر الخيل كلها
فإنه يقال له الفسكل والفسكل الأخير بعد العاشر والمخلل هو الذي يدخل بين المتراهنين ان سبق اخذ وان سبق لم يغرم والغاية مدى السباق والمناضلة المسابقة
والمراماة البحث الثالث فيما تجوز المسابقة عليه مسألة انما تصح المسابقة على ما هو عده للقتال إذ الغرض الأقصى انما هو الاستعداد للجهاد
وهو من الحيوان كل ما له خف كالإبل والفيلة أو له حافر كالفرس والبغل والحمار ولا خلاف في المسابقة على الخيل لصدق اسم الحافر عليها ولقوله (ع) ومن رباط الخيل يرهبون
به عدو الله ولقوله تعالى من خيل ولا ركاب والاجماع دل عليه ويلحق بها الإبل في جواز المسابقة لقوله (ع) لا سبق الا في نصل أو خف أو حافر وأيضا العرب تقاتل عليها
أشد القتال ولا خلاف فيه أيضا ولان ما تهيا للخيل من الانعطاف والالتواء وسرعة الاقدام تشاركها الإبل فيها لكن في الخيل غناء وفايدة في القتال فاكتفى
بها مسألة لا يجوز عقد المسابقة على الفيلة أيضا لدخولها تحت اسم الخف وهو أصح قولي الشافعية لان لها خفا وتقاتل عليها كالإبل ولان الفيل
اغنى في القتال من غيره والثاني للشافعية المنع وبه قال أحمد بن حنبل وحكاه صاحب البحر؟ فيه عن أبي حنيفة للخبر ولأنه لا يحصل بها الكر والفر فلا معنى للمسابقة عليها والخبر حجة
لنا لان لها خفا وهو يسبق الخيل فهو أولي بجواز المسابقة عليه من الخيل مسألة ويدخل تحت الحافر الخيل والبغال والحمير فيجوز المسابقة عليها أجمع عند
علمائنا وهو الذي نص عليه الشافعي لدخولها تحت اسم الحافر وعنه قول اخر انه لا يجوز المسابقة عليهما لأنهما لا يصلحان للكر والفر ولا تقاتل عليهما والأول
أصح للنص وبعض الشافعية نقل عن الشافعي القطع بالجواز فيهما بعضهم نقل القطع بالمنع والمشهور ان فيهما قولين مسألة ولا تجوز المسابقة على الاقدام إلى
موضع كجبل أو غيره لا بعوض ولا بغيره لأنه (ع) نهى عن السبق إلا في الأشياء الثلاثة ولأنه ليس فيه استعمال آلة يستعان بها في الحرب والشافعي فصل فقال إن كان بغير عوض
جاز وبه قال أبو حنيفة لما روي عن عائشة قالت كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزاة فقال تقدموا فتقدموا فقال صلى الله عليه وآله أسابقك فسابقته برجلي فسبقته فلما كان في قضاة أخرى قال للقوم تقدموا فتقدموا فقال صلى الله عليه وآله أسابقك فسابقته فسبقني وكنت قد
نسيت فقال يا عائشة هذه بتلك وكنت بدنت وعن عايشة قالت سابقت رسول الله صلى الله عليه وآله مرتين فسبقته في الأول فلما بدنت سبقني وقال هذه بتلك وإن كان بعوض
فوجهان أحدهما يجوز وبه قال أهل العراق لان الرجل قد يحتاج إلى ذلك في الحرب كما يحتاج الفارس إلى عدد الفرس والثاني وهو المنصوص للشافعي وبه قال احمد
انه لا يجوز لقوله (ع) لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر وخالف الخيل لأنها آلة له بخلاف الرجل والحق عندنا المنع سواء كان بعوض أو بغير عوض للرواية المشهورة
وحديث عايشة ضعيف عندنا فان منصب النبوة أجل مما اشتمل الحديث عليه وأي نقص أعظم من هذه الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو أكمل اشخاص البشر مسألة
لا تجوز المسابقة على رمى الحجارة باليد والمقلاع والمنجنيق سواء كان بعوض أو بغير عوض عند علمائنا لان ذلك ليس من آلات الحرب وللخبر الدال على المنع من المسابقة
في غير الثلاثة وللشافعية قولان أحدهما الجواز مطلقا لأنها كالسهام والثاني الجواز ان لم يكن عوض والمنع إن كان هناك عوض وكذا لا تجوز المسابقة على أمثاله الحجر باليد
لأنها لا تنفع في الحرب وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم بالجواز واما مداحاة الاحجار وهو ان يرمي كل واحد الحجر إلى صاحبه فلا تجوز عندنا وقول الشافعية كما لا يجوز ان يرمي كل واحد السهم إلى صاحبه وكذا لا يجوز ان يسابق على أن
يدحو حجرا أو يدفعه من مكان إلى مكان ليعرف به الأشد لا بعوض ولا بغير عوض لأنه لا يقاتل بها مسألة تجوز المسابقة بالسيوف والرماح على معنى التردد بها
وهو أصح قولي الشافعية لقوله (ع) أو نصل ولأنها من أعظم آلات القتال واستعمالها يحتاج إلى تعلم وتحذق وفي تجويز السبق حمل عليه وترغيب فيه فكان جايزا والقول الثاني
للشافعية المنع وبه قال احمد لأنها لا ترمى بها ولا يفارق صاحبها وليس ذلك مانعا عندنا مسألة قد بينا انه لا يجوز المسابقة على الاقدام والمسابقة على
السباحة أولي بالمنع وبه قال الشافعية ولهم قول اخر تجوز المسابقة على الاقدام ففي جواز المسابقة على السباحة على هذا القول وجهان عندهم فالفرق ان المأثور في السباحة
والأرض لا تؤثر في السعي والمشهور عندهم المنع واعلم أن المسابقة بالاقدام ضربان أحدهما ان يتعاديا فأيهما أسبق صاحبه فهو السابق أو يكون المدى شيئا معلوما وكلاهما
عندنا غير جايز لا بعوض ولا بغيره ويجوز عند الشافعية بغير عوض ومع العوض لهم قولان مسألة ولا تجوز المسابقة على المصارعة لا بعوض ولا بغير عوض
عند علمائنا أجمع لعموم نهيه (ع) عن السبق إلا في ثلاثة الخف والحافر والنصل ولأنه ليس بالة للحرب وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه يجوز بعوض وبغيره لما رواه
العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه خرج إلى الأبطح فرأى يزيد بن ركابه يرعى أغناما له فقال للنبي هل لك ان تصارعني فقال له النبي صلى الله عليه وآله ما تسبق له فقال شاة فصارعه فصرعه النبي صلى الله عليه وآله
فقال له يزيد هل لك في العود فقال النبي صلى الله عليه وآله ما تسبق لي فقال شاة فصارعه فصرعه النبي صلى الله عليه وآله فقال للنبي صلى الله عليه وآله هل لك في العود فقال النبي صلى الله عليه وآله ما تسبق لي فقال شاة فصارعه فصرعه
النبي صلى الله عليه وآله فقال للنبي صلى الله عليه وآله اعرض علي الاسلام فما أحد وضع جبني على الأرض فاعرض عليه الاسلام فأسلم ورد عليه غنمه ولا تجوز المسابقة على المشابكة باليد
وللشافعي قولان مسألة لا تجوز المسابقة على الطيور من الحمامات وغيرها بالعوض عند علمائنا وهو أصح قولي الشافعية لظاهر الخبر ولأنها ليست من
آلات القتال والثاني ولهم الجواز لأنها يحتاج إليها في الحروب وتحمل الكتب ويحتاج إلى استعلام أحوال العدو واخباره وتفيد التطلع عليه ويحتاج إلى السابق منها قال
الشيخ ره في المبسوط فاما المسابقة بالطيور فإن كان بغير عوض جاز عندهم يعني العامة وإن كان بعوض فعلى قولين وعندنا لا يجوز للخبر وهذا يقتضي المنع من المسابقة
عليها بغير عوض مع أن المشهور عندنا انه يجوز اتخاذ الحمام للانس وانفاذ الكتب ويكره للتفرج والتطير ولا خلاف في تحريم الرهان عليها مسألة لا تجوز المسابقة
على المراكب والسفن والطيارات والزبازب عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعية لان سبقها بالملاح لا بمن يقاتل فيها ولان الحرب لا يقع بها وانما يقع فيها والثاني
لهم الجواز لأنها آله للحرب فان الحرب قد يقع في البحر كما يقع في البر وهي في الماء كالخيل في البر وليس بشئ لما تقدم من أن الحرب يقع فيها كالأرض وليست آله للحرب مسألة
ولا تجوز المسابقة على مفاتحة الغنم ومهارشة الديكة لا بعوض ولا بغير عوض وبه قال الشافعي للخبر وكذا لا يجوز المسابقة على ما لا ينتفع به في الحرب كاللعب بالشطرنج
والنرد والخاتم والصولجان ورمى البنادق والجلاهق والوقوف على رجل واحد ومعرفة ما في اليد من الفرد والزوج وساير الملاعب لا اللبث في الماء وجوزه بعضهم
وليس بجيد البحث الرابع في الشرايط وهي اثنا عشر الأول ان يكون ما ورد العقد عليه عدة للقتال فان المقصود منه التأهب للقتال ولهذا قال الأجود انه
لا يجوز السبق والرمي من النساء لأنهن لسن من أهل الحرب الثاني العقد ولا بد فيه من ايجاب وقبول لتحقق العلم بالرضاء الباطن لأنه انما يعرف بواسطة الألفاظ الدالة
354

عليه وقيل لا يشترط القبول لفظا لأنه جعالة يكفي فيها الايجاب وهو البذل فإذا بذل أحدهما المال لم يشترط من صاحبه القبول بالقول كما لا يشترط في الجعالة
لمعين وهو أن يقول لشخص معين ان رددت عبدي فلك كذا وان قلنا بأنه لازم وجب شرط اللفظ في القبول الثالث تقدير المسافة وانما يتحقق بتعيين
الابتداء والانتهاء وتعيين الموقف الذي يبتديان بالجري منه والغاية التي يجريان إليها لان النبي صلى الله عليه وآله سابق من الحقيباء إلى ثنية الوداع على الخيل المضمرة ومن الثنية
إلى مسجد بنى زريق على الخيل غير المضمرة فلو لم يعينا المبدأ ولم يعينا المنتهى بان شرطا المال لمن أسبق منهما حيث سبق لم يجز لأنه إذا لم يكن هناك غاية معينة
فقد يديمان السير حرصا على المال وينبعثان وتهلك الدابة ولان من الخيل ما يقوى سيره في ابتداء المسافة ثم يأخذ في الضعف وهو عتاق الخيل وساجة ينبغي
قصر المسافة ومنها ما يضعف سيره في الابتداء ثم يقوى ويشتد في الانتهاء وهو هجانها وصاحبه يبقى طول المسافة فإذا اختلف الغرض فلا بد من الاعلام
والتنصيص على ما يقطع النزاع كما يجب التنصيص على تقدير الثمن في البيع والأجرة في عقد الإجارة ولان ذلك يفضى إلى جر الخيل حتى ينقطع فتهلك طلبا للسبق
فمنع منه ولو عينا غاية وشرطا ان اتفق في وسط الميدان كفى وكان السابق فايزا فالأقرب المنع وهو أحد قولي الشافعية لأنا لو اعتبرنا السبق في خلال الميدان لاعتبرنا
السبق بلا غاية معينة ولأنه قد يسبق الفرس ثم تسبق والاعتبار انما هو باخر الميدان الا ترى انهما إذا لم يشرطا
ان السابق في خلال الميدان فايزا فسبق أحدهما في خلاله
وسبق الأخر في اخره يكون السابق الثاني وقال بعض الشافعية يصح لأنه سبق إلى كالسبق إلى الغاية والوجه الأول ولو عينا غاية وقالا ان اتفق السبق عندها فذاك
والا تعدياها إلى غاية أخرى اتفقا عليها فالأقرب الجواز لحصول الاعلام وكون كل واحد من المستبقين سبقا إلى غاية معينة وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا
يجوز لتردد المعقود عليه تذنيب لو استبقا بغير غاية لينظر أيهما يقف أولا لم يجز لما تقدم مسألة يشترط تساوي المتسابقين في مبدء
السباق الذي يبتديان بالجزى منه وفي الغاية التي يجريان إليها لما تقدم من الخبر وهو ان النبي صلى الله عليه وآله سابق بين الخيل المضمرة من الحقيباء إلى ثنية الوداع فلو شرطا تقدم
موقف أحدهما أو تقدم غايته لم يجز لأنه مناف للغرض إذ المقصود من المسابقة معرفة فروسية الفارس وجودة سير الفرس وانما يعرف ذلك مع تساوي المبدء
والمنتهى فيهما إذ مع التفاوت لا يعرف ذلك لاحتمال ان يكون السبق حينئذ لقصر المسافة لا لحذف الفارس ولا لفراهة الفرس الشرط الرابع تعيين الخطر وهو
المال الذي تسابقا عليه جنسا وقدرا لأنه عوض عن فعل محلل فشرط فيه العلم كالإجارة فلو شرطا مالا ولم يعيناه أو تسابقا على ما يتفقان عليه أو على ما يحكم به زيد
بطل العقد لما فيه من الغرر ولافضائه إلى التنازع وهو ضد حكمة الشارع وليس المال شرطا في عقد المسابقة بل تعيينه لو شرط ولو تسابقا على مثل ما تسابق به زيد
وعمرو فان علماه حالة العقد صح وإلا بطل ويجوز ان يكون المال دينا وعينا لأنه كعوض المبيع والمستأجر وكذا يصح ان يكون العوض حالا ومؤجلا كما يصح في الثمن ومال
الإجارة وغيرهما من الأعواض ذلك وإذا شرط الاجل فلا بد من تعيينه تحرزا من الغرر المنهي عنه مسألة إذا تضمن عقد المسابقة مالا فاما ان يخرجه
المتسابقان معا أو أحدهما أو ثالث غيرهما فالأقسام ثلاثة الأول ان يخرج المال غير المتسابقين فذلك الغير إما ان يكون هو الامام أو غيره فإن كان هو الامام جاز اجماعا سواء كان من ماله
أو من بيت المال لان النبي صلى الله عليه وآله سابق بين الخيل وجعل بينهما سبقا ولان ذلك يتضمن حثا على تعلم الجهاد والفروسية واعداد أسباب القتال وفيه
مصلحة للمسلمين وطاعة وقربة فكان سايغا وإن كان غير الامام جاز أيضا عند علمائنا وبه قال الشافعي لأنه بذل مال في طاعة وقربة وطريق مصلحة للمسلمين فكان
جايزا ويثاب عليه إذا نوى وقال مالك لا يجوز ان يخرج المال غير المتسابقين ثالث غير الامام لان ذلك مما يحتاج إليه في الجهاد فاختص بالامام
لاختصاص النظر في الجهاد به وهو غلط لما بيناه من اشتماله على بذل مال في طريق مصالح المسلمين كان جايزا كما لو اشترى لهم خيلا أو سلاحا وقد سبق ان ما فيه معونة
على الجهاد يجوز ان يفعله غير الامام كارتباط الخيل واعداد الأسلحة ولان ما جاز ان يخرجه الامام من بيت مال المسلمين جاز ان يتطوع به كل واحد من المسلمين
كبناء المساجد والقناطير الثاني ان يخرج مال المسابقة أحد المتسابقين بان يقول لصاحبه أيما سبق فله عشرة ان سبقت أنت فلك عشرة وان سبقت انا
فلا شئ عليك وهو جايز عند علمائنا وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله من يخبر بين؟ من الأنصار يتناضلون وقد سبق أحدهما الأخر فقال النبي صلى الله عليه وآله انا مع الحزب
الذي فيه ابن الأورع فأقرهما على ذلك ولأصالة الجواز ولانتفاع المانع منه فإنه لا مانع من أن يخرج أحد المتسابقين المال دون الأخر ويشترط ان سبق مخرج
المال أحرز مال نفسه ولا شئ على المسبوق وان سبق الأخر اخذ مال المخرج لأنه يصير عن المخرج منهما محللا فخرج به عن سلك القمار وقال مالك لا يجوز لأنه
قمار وهو غلط لان القمار لا يخلو كل واحد منهم ان يغنم أو يغرم فهو متردد بينهما وهنا لا خطر على أحدهما وليس أحدهما مترددا بين ان يكون يغنم أو يغرم إما المخرج فإنه
متردد بين ان يغرم وبين ان لا يغرم واما الأخر فمتردد بين ان يغنم وبين ان لا يغنم ولا يغرم بحال الثالث ان يخرج السبق المتسابقان معا بان يخرج كل واحد
منهما مثلا عشرة ويأخذ المالين معا السابق منهما وهو جايز مطلقا عندنا للأصل وقال الشافعي لا يجوز إلا بالمحلل ومعناه ان يكون معهما ثالث في السباق
ان سبق اخذ السبقين وان سبق لم يغرم لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ادخل فرسا بين فرسين وقد امن ان يسبق فهو قمار وان لم يأمن ان يسبق فليس بقمار وجه الدلالة انه إذا علم أن
الثالث لا يسبق فهو قمار وإذا لم يكن معهما فهو أولي بان يكون قمارا والدلالة في أول الخبر وهو انهما لو تسابقا وادخلا بينهما ثالثا قد آيس ان يسبق
لضعف فرسه وقوة الآخرين فهو قمار لأنه قد علم وعرف انه لا يسبق ولا يأخذ شيئا فإذا لم يجز هذا ومعهما ثالث قد ايس ان يسبق فبان لا يجوز إذا لم يكن
معهما ثالث بحال أولي لأنه (ع) قد جعله قمارا إذا آيس ان يسبق لأنه لا يخلو كل واحد منهما ان يغنم أو يغرم فإذا لم يكن معهما ثالث كان أولي بذلك واما إذا كان
بينهما محللا وهو ان يكون معهما ثالث ان سبق اخذ السبقين وان سبق لم يغرم جاز وبه قال الشافعي والأصل فيه ان إباحة السبق معتبرة بما خرج عن معنى
القمار والقمار هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانما ان اخذ أو غارما ان اعطى فإذا لم يدخل بينهما محلل كانت هذه حالهما كان قمارا وإذا دخل بينهما محلل غير مخرج يأخذان سبق ولا يعطى ان سبق ان خرج
من معنى القمار فحل وقال مالك لا يجوز لأنه قمار وبه قال ابن حيران؟ من الشافعية لأنه فيهم من يغنم تارة ويغرم أخرى فلم يجز كما لو لم يكن بينهما محلل وليس بجيد
لان فيهم من يغرم ولا يغرم فأشبه ما إذا اخرج أحدهما السبق وهذا لداخل سمى محللا لأن العقد صح به فصار حلالا والوجه ما قلناه ويمنع كونه قمارا بدون المحلل
تنبيه إذا بذل العوض لم يكلف الباذل البداية بتسليمه بخلاف الاجر حيث يسلمه إلى المؤجر بالعقد المطلق لان الامر في المسابقة مبنى على الخطر فيعتد
فيه بالعمل الشرط الخامس تعيين ما يسابق عليه بالمشاهدة لان المقصود من المسابقة امتحان الفرس لتعرف شدة سيره وتضمر الخيل وتمرينها على العدو وكل واحد من هذين
المعنيين يقتضى وجوب التعيين فان أحضرت الأفراس وعقد العقد على أعيانها جاز اجماعا وان لم يحضر ووصفت وعقد العقد على الوصف ثم أحضرت
فالأقرب المنع لان المعول في المسابقة على أعيان الخيل فلا يكفي الوصف وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الجواز لان الوصف والاحضار بعده يقومان
355

مقام التعيين في العقد في السلم وفي عقود الربا فكذا هنا والفرق ظاهر لان الغرض هنا متعلق بالشخص وفي السلم وغيره بالكلي فافترقا تذنيب إذا عينا الفرسين
في العقد لم يجز ابداله لأنه خلاف المشروط الشرط السادس تساوي الدابتين في الجنس فلا يجوز المسابقة بين الخيل والبغال ولا بين الإبل والفيلة ولا بين الإبل
والخيل وهو أحد وجهي الشافعية لأنه مناف للغرض من استعلام قوة الفرس وتمرينها على السباق مع جنسها والأقرب عدم اشتراط تساويهما صنفا فيجوز
المسابقة في الخيل بين العربي والبرذون وفي الإبل بين البختى والعرابي لتناول اسم الجنس للصنفين سواء تباعد الصنفان كالعتيق والهجين من الخيل والنجيب والبختي
من الإبل أو لا وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم إذا تباعدا لم يجز وصار كالجنسين وهو بعيد الشرط السابع تساوي الدابتين في احتمال السبق فلو
كان أحدهما ضعيفا يعلم قصوره عن الأخر لم تجز لان الغرض الاستعلام وانما يصح مع الجهل لاستحالة تحصيل الحاصل فمع العلم يكون الفعل عبثا فوجب ان يشترط
في المسابقة كون كل واحد من الفرسين بحيث يجوز ان يسبق الأخر فلو كان أحدهما ضعيفا يعلم تخلفه أو فارها يقطع بتقدمه لم يجز وكذا فرس المحلل يجب ان
يشترط فيه ذلك ان ادخلا المحلل فلو كان معهما فرسان عربيان جوادان ومعه برذون لا يسبقهما لم يجز وكان قمارا وإن كان فرس المحلل مكافيا لفرسهما
جاز الشرط الثامن ارسال الدابتين دفعة فلو ارسل أحدهما دابته قبل الأخر ليعلم هل يدركه الأخر أم لا لم يجز لأنه مناف للغرض من العقد الشرط التاسع جعل العوض
أو أكثر للسابق منهما أو منهما ومن المحلل فلو جعل العوض لغيرهما لم يجز لأنه مفوت للغرض من عقد المسابقة إذ الغرض التعويض في طلب العوض وخشية المنع فجوز
بعض فقهائنا ان يشرط أحدهما في العقد ان يطعم المال لحزبه العاشر ان يستبقا لعى الدابتين بالركوب فلو شرطا ارسال الدواب لتجرى بنفسها فالعقد باطل لأنها
تتنافر بالارسال ولا تقصد الغاية بخلاف الطيور ان جوزنا المسابقة عليها لان لها هداية إلى قصد الغاية الحادي عشر ان يجعل المسافة بحيث يحتمل الفرسان
قطعها ولا ينقطعان دونها فإن كانت بحيث لا ينتهيان إلى غايتها الا بانقطاع وتعب بطل العقد الثاني عشر عدم تضمن العقد شرطا فاسدا فلو قال إن سبقتني فلك هذه العشرة
ولا ارمى بعد هذا أبد أولا أناضلك إلى شهر بطل العقد لأنه شرط ترك قربة مرغب فيها ففسد وافسد العقد البحث الخامس في الاحكام مسألة
اختلف الفقهاء في هذا عقد المسابقة والمرامات هل هو لازم كالإجارة أو جايز كالجعالة فقال بعضهم بالأول وهو الأقوى لعموم قوله تعالى أوفوا بالعقود مقتضاه
الامر بالايفاء بالعقد واصل الامر للوجوب وهو يستلزم اللزوم ولأنه عقد يشترط فيه ان يكون المعقود عليه معلوما من الجانبين فكان لازما كالإجارة وهو أحد
قولي الشافعية والثاني انه جايز من الطرفين وبه قال أبو حنيفة وهو الذي قواه الشيخ لأنه عقد يبذل فيه العوض على ما لا يوثق به ولا يتحقق القدرة على تسليمه فكان
جايزا غير لازم كالجعالة ورد الآبق ثم اختلف أصحاب الشافعي في محل القولين فقال بعضهم ان اخرج المال أحد المتسابقين أو غيرهما فهو جعالة وان أخرجاه معا
ففيه القولان والظاهر عندهم طرد القولين في جميع الصور سواء أخرجاه معا أو أحدهما أو غيرهما ونقل الجويني طريقين أظهرهما ان القولين فيمن التزم المال فاما من لا
يغرم شيئا وقد غنم فالعقد جايزة في حقه بلا خلاف بينهم لأنه لا يستحق عليه شئ وقد يكون العقد جايزا من أحد الطرفين دون الأخر كالرهن والكتابة عند بعضهم
والثاني طرد القولين فيمن لا يغرم شيئا فكان باذل المال أراد ان يستفيد من عمل صاحبه في الركض والرمي فهو كالمستأجر وصاحبه كالأجير له مسألة ان قلنا إن
العقد لازم لم يكن لأحدهما فسخ العقد إلا بالتقايل بينهما منه نعم ان بان العوض المعين معيبا ثبت حق الفسخ وليس لأحدهما ان يجلس ويترك العمل والمال إن كان
مسبوقا وكذا إن كان فاضلا واحتمل الحال ان يدركه الأخر ويسبقه وإلا فله الترك لأنه يترك حق نفسه وان قلنا إنه جايز فلكل منهما فسخ العقد وان يجلس ويترك
العمل قبل الشروع فيه قطعا وكذا بعد الشروع ان لم يكن لأحدهما فضل على الأخر وإن كان لأحدهما فضل فالأقرب انه ليس له ذلك الا برضاء صاحبه والا لزم ان لا
يسبق أحد أحدا وانه يعرض عن العمل إذا أحسن بغلبة صاحبه له ولا خلاف في بطلان العقد على تقديري اللزوم والجواز بموت الرامي والفرس ولا يبطل بموت الفارس
ان قام الوارث بالتمام على اشكال مسألة ان قلنا بجواز العقد جازت الزيادة والنقصان في العمل وفي المال بالتراضي وان قلنا بلزومه لم يكن لأحدهما الزيادة
في العمل والمال ولا النقصان إلا أن يفسخا العقد الأول ويستأنفا عقد اخر لأن العقد تم ولزم بالايجاب والقبول فلا تتطرق إليه الزيادة ولا النقصان منه كالعقود
اللازمة مسألة المال الذي جعل للسابق إما ان يكون دينا أو عينا فإن كان عينا مثل أن يقول الباذل سبقك هذه العشرة المعينة ان سبقتني
فهي لك لم يجز اخذ الرهن عليه ولا الضمان به لان الأعيان لا يستوفي من رهن ولا ضامن من فلم يصح فيها رهن ولا ضمان وإن كان في الذمة لا يصح الضمان ولا الرهن عليه
قبل تمام العمل ان قلنا بأنه عقد جايز كالجعالة فللشافعية خلاف هنا كالخلاف بينهم في ضمان الجعل في الجعالة والرهن به قبل تمام العمل وقد رتب بعضهم
الرهن على الضمان فقال إن لم يصح الضمان لم يصح الرهن وان صح الضمان ففي الرهن وجهان لأن الضمان أوسع بابا من الرهن ولذلك يجوز الدرك ولا يجوز
الرهن به ويخرج من هذا الترتيب عندهم ثلاثة أوجه ثالثها انه يصح ضمانه ولا يصح الرهن به هذا إذا قلنا بأنه عقد جايز وان قلنا بأنه لازم جاز ضمان المال والرهن
عليه قبل العمل وهو قول أكثر الشافعية وقال القفال منهم ان وجوب البداية بتسليم العمل يدل على أن المال لا يستحق الا بالعمل وحينئذ يكون ضمانه ضمان ما لم يجب
وجرى سبب وجوبه قال ضمان هذا ابعد من ضمان نفقة الغد فان الظاهر استمرار النكاح والطاعة وسبق من شرط له السبق أمر ضعيف وقال بعضهم الاستحقاق موقوف
مراعى فإذا سبق تبينا الاستحقاق بالعقد ويجوز ضمان السبق بعد الفراغ من العمل والرهن به على القولين سواء قلنا إنه جايز أو لازم مسألة إذا كان العوض
في المسابقة عينا وجب على المسبق تسليمها إلى السابق بعد العمل فان امتنع أجبره الحاكم فان دافع حبسه على ذلك لأنه حق وجب عليه دفعه إلى مالكه فيحبس على منعه ولو تلفت
العين في يده بعد المطالبة والتقصير منه لزمه الضمان ولو تلفت في يده قبل العمل انفسخ العقد للتعذر العوض ولو عاف مرض وشبهه لم يبطل العقد بل ينتظر
زواله ولو كان العوض دينا وكمل العمل وجب على باذله دفعه إلى السابق فان امتنع من دفعه مع تمكنه منه حبس على ذلك ولو كان معسرا انظر إلى اليسار
مسألة لو اشترى منه ثوبا وعاقد عقد السبق بعشرة فان قلنا إن عقد المسابقة لازم فهو كما لو جمع بين بيع وإجارة وهو جايز عندنا وللشافعي قولان
وان جعلناها جايزة فالأقوى عندي الجواز لأصالة الصحة وانتفاء المانع من الجواز وقال الشافعي لا يجوز لان الجمع بين جعالة لا يلزم وبيع يلزم في صفقة واحدة
لا يمكن وهو ممنوع لان هذا العقد في الحقيقة قد اشتمل على معاملتين إحديهما جايزة والاخرى لازمة ولا منافاة بينهما ولا يخرج كل واحدة منهما عن مقتضاها
باعتبار انضمام الأخر إليه بل كل واحد منهما باق على حكمه الثابت له حالة الانفراد ويقسط العوض المسمى عن
ثمن المثل وسبق المثل مسألة لو فسد عقد
المسابقة وركض المتسابقان على فسادها وسبق الذي لو صحت المسابقة لاستحق السبق المشروط قال الشيخ ره لا يستحق شيئا على باذل المال لأنه لم يعمل
له شيئا وفايدة عمله ترجع إليه بخلاف ما إذا عمل في الإجارة أو الجعالة الفاسدتين فإنه يرجع العامل إلى أجرة المثل لان فايدة العمل ترجع إلى المستأجر والجاعل
356

للشافعية قولان أحدهما انه لا يستحق الفاضل شيئا لأنه لم يفوت عليه عمله ولا عاد نفع ما فعله إليه وقال أكثرهم يجب له اجرة مثله لان كل عقد استحق المسمى في صحيحه فإذا
وجد المعقود عليه في الفاسد وجب عوض المثل كالإجارة والعمل في القراض وقد لا ينتفع به المالك ومع ذلك يكون مضمونا فعلى هذا إن كان الفساد لخلل في السبق
كتعذر تموله بان يكون خمرا أو خنزيرا أو مجهولا فالرجوع إلى أجرة المثل لا غير ولا ينظر إلى القدر الذي سبق به بل يعتبر جميع ركضه لأنه سبق بمجموع عمله لا بذلك القدر
وإن كان لا يتعذر تموله بان كان مغصوبا أو كان الفساد لمعني في غير السبق كتفاوت الموقف أو الغاية فلهم طريقان أحدهما ان فيه قولين الرجوع إلى قيمة السبق والثاني
الرجوع إلى أجرة المثل تخريجا من القولين في الصداق وبذل الخلع إذا فسد ففي أحدهما يرجع إلى القيمة وفي الثاني إلى مهر المثل ووجه الشبه ان السبق ليس على صفات
الأعواض فان معظم فايدة العمل للعامل كما أن الصداق وبذل الخلع ليس على صفات الأعواض والطريق الثاني القطع بالرجوع إلى أجرة المثل والفرق ان النكاح والخلع
لا يفسدان بفساد العوض فرأى الشافعي في قول الرجوع إلى قيمة المذكور أولي والمسابقة تفسد بفساد العوض وتكون المنفعة مستوفاة على الفساد فيتعين الرجوع
إلى أجرة المثل والظاهر عندهم الرجوع إلى أجرة المثل وفي كيفية اعتبار أجرة المثل قولان أحدهما ان ينظر إلى الزمان الذي استعمل بالرمي فإنه كم قدره فيعطى أجرة المثل بناء على أن
الخبر إذا غضب على نفسه يستحق أجرة المثل تلك المدة والثاني انه يجب ما تجرى المسابقة بمثله في مثل تلك المسافة في عرف الناس غالبا وهذا وإن كان أقرب
لكن يشكل بانتفاء العرف فيه بين الناس مسألة قد بينا انه لا يشترط في صحة عقد المسابقة المحلل خلافا للشافعي فإنه شرطه ولصحة العقد به أربعة شروط
آ ان يكون فرسه كفوا لفرسيهما أو اكفاء منهما لا يأمنان سبقه فإن كان فرسه أدون من فرسيهما وهما يأمنان ان يسبقهما لم يصح لقوله (ع) من ادخل فرسا بين فرسين وهو لا
يؤمن ان يسبق فلا باس به ومن ادخل فرسا بين فرسين وهو يأمن ان يسبق فان ذلك من القمار ولان دخوله مع العلم بأنه لا يسبق غير مؤثر في اخذ السبق ب
ان يكون المحلل غير مخرج لشئ وان قل فان اخرج شيئا خرج عن حكم المحلل وصار في حكم السبق ج ان يأخذ ان سبق فان شرط ان لا يأخذ لم يصح د أن يكون فرسه معينا عند
العقد لدخوله فيه كما يلزم تعيين فرسي المستبقين فإن لم يكن معينا بطل إذا ثبت هذا فمذهب الشافعي ان المحلل دخل ليحلل العقد ويحلل الاخذ فيأخذ ان سبق
ويؤخذ به ان سبق وقال أبو علي بن جيران من الشافعية ان المحلل دخل ليحلل العقد ويأخذ ولا يؤخذ به وليس بجيد لان التحريص المقصود بستفمار؟ الخيل ومعاطاة
الفروسية غير موجود وإذا لم يؤخذ بالسبق شئ فيصير مانعا من السبق فإذا اخذ صار باعثا عليه مسألة ويخرج كل واحد من المتسابقين ما تراضيا
عليه إن كان السبق منهما ويضعانه على يدي رجل يثقانه أو يضمنانه ولصحة العقد بينهما أربعة شرايط أ ان يكون العوض الذي بذلاه معلوما إما معينا أو
موصوفا في الذمة وقد سلف فإن كان مجهولا لم تصح لان الأعواض في العقود لا تصح الا معلومة ب ان يتساويا في جنسه ونوعه وقدره فان اختلفا فيه أو تفاضلا
لم يصح لأنهما لما تساويا في العقد وجب ان يتساويا في بذله وعندي في اشتراط هذا اشكال ج ان يكون فرس كل واحد منهما معينا فان أبهم ولم يعين بطل د أن يكون
مدى سبقهما معلوما والعلم به قد يكون بأحد وجهين إما بتعيين الابتداء والانتهاء فيصير معلوما لتعيين دون المسافة كالإجارة المعينة واما بمسافة يتفقان
عليها مذروعة بذراع مشهورة كالإجارة المضمونة فان اتفقا على موضع من الأرض وزرعا منها تلك المسافة حتى يعرف ابتدائها وانتهاؤها فان اغفلا ذكر الأرض
نظر فإن كانت الأرض التي عقدا فيها السبق يمكن اجراء الخيل فيها فهي أخص المواضع بالسبق وان لم يكن اجراء الخيل فيها لحزونتها واحجارها فالأقرب المواضع إليها
من الأرض السهلة مسألة إذا اخرجا المال للسابق فان اتفقا على تركه في أيديهما ويوكل كل واحد منهما صاحبه حملا على ذلك ولا يلزم اخراج مال
السبق من يد أحدهما الا بعد ان يصير مسبوقا فيؤخذ منه باستحقاقه وان اتفقا على امين غيرهما اخذ مال السبق منهما ووضع على يده ويعزل كل واحد منهما على حدته
ولا يخلطه فان سبق أحدهما سلم الأمين إليه ماله ومال المسبوق وان سبق المحلل سلم إليه مال السبقين وليس للأمين اجرة على السابق ولا على المسبوق إلا
مع الشرط ولو كانت له اجرة في عرف المتسابقين فالأقرب حمل الاطلاق على العرف فيه ووجوب أجرة المثل كما لو استعمل خياطا أو قصارا بغير شرط وهو أحد وجهي الشافعية
ويكون الأجرة على المستبقين ولا يختص بهما السابق منهما لأنها اجرة على حفظ المالين فان اختلفا فإن كان اختلافهما في اختيار الأمين مع اتفاقهما على اخراجه من
أيديهما فيختار الحاكم لهما أمينا يقطع تنازعهما وهل يكون اختياره مقصودا على من تنازعا فيه أو يكون على العموم في الناس كلهم يحتمل ان يكون مقصورا
على اختيار الأمينين اللذين وقع التنازع فيهما لانصراف المتسابقين عن اختيار غيرهما وأن يكون عاما في اختيار من رآه من جميع الامناء لان تنازعهما قد قطع
حكم اختيارهما وإن كان اختلافهما في اخراجه من أيديهما فيقول أحدهما يكون مال كل منا في يده ويقول الأخر بل يكون موضوعا على يد امين فإن كان مال السبق في الذمة
قدم قول من طلب قراره في يده لأن العقد على الذمة فلا يؤخذ إلا باستحقاق وإن كان معينا قدم قول طالب الأمين لتعيين حقه فيه وانه لا يوصل إليه من غيره
إذا عرفت هذا فلا اجرة للأمين إلا إذا قضت العادة بالأجرة فيه مسألة إذا أدخلا محللا بينهما ينبغي ان يجري فرسه بين فرسي المستبقين لأنه لما دخل
بينهما للتحليل دخل بينهما في الجري ولأنهما باخراج السبق متنافران فدخل بينهما ليقطع تنافرهما وان لم يتوسطهما وعدل إلى يمين أو شمال جاز وان أساء بفعله
إذا تراضى به المتسابقان وان لم يتراضيا إلا أن يجرى فرسه بينهما منع من العدول عن توسطهما إلى يمين أو شمال لأنه تبع لهما فكان امرهما عليه امضى فان
رضي أحدهما بعدوله عن الوسط ولم يرض به الأخر قدم اختيار من يطلب التوسط دون الانحراف لأنه اعدل بينهما وامنع من تنافرهما ولو رضيا باخراجه عن التوسط
بينهما ودعا أحدهما إلى أن يكون متيامنا ودعا الأخر إلى أن يكون متياسرا لم يعمل على قول واحد منهما وجعل وسطا بينهما لأنه العدل والمتعارف فهذا
موضع المحلل واما المتسابقان فان اتفقا على التيامن منهما أو التياسر عمل على اتفاقهما وان اختلفا فيه أقرع بينهما وأقر كل واحد منهما في موضع قرعته من يمين
أو شمال مسألة لو تسابق جماعة واخرج اثنان منهم فصاعدا مال المسابقة جاز لأنه بمنزلة ما لو اخرج أحد المتسابقين دون الأخر وكذا لو اخرج اثنان
فصاعدا أو شرطوا ان من سبق من المخرجين لم يجز الا ما أخرجه ومن سبق من غيرهم اخذ ما أخرجه المخرجون جاز وبه قال الشافعي مسألة إذا تضمن عقد
المسابقة المال لم يخل إما ان يكون العقد بين اثنين أو أزيد فإن كان بين اثنين فان شرطا المال للسابق منهما صح فان شرطاه للمسبوق أو بينهما بالسوية أو الأكثر للمسبوق
لم يصح العقد قطعا لان الغرض من المال الحث على السابق والاجتهاد في الفروسية وشرط المال وأكثره أو نصفه للمسبوق بناء في ذلك لان كل واحد منهما يطلب الراحة وترك عنه وعن فرسه ولو شرط الأكثر للسابق والأقل للأخرى فالأقرب الجواز لان كل واحد منهما يسعى ويجتهد
في تحصيل الأكثر ولان التفاوت لو جعل خطرا جاز اجماعا فكذا لو انضم إلى غيره وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه إذا كان يحصل على شئ فقد يتكاسل ويضمن
فرسه فيفوت مقصود العقد وهذا الوجه جيد إن كان المال من ثالث بذل لهما إما إذا كان منهما فلا وإن كان العقد بين ثلاثة فما زاد وشرط باذل المال للسابق
357

صح اجماعا وان شرطه للمصلي أو شرط للمصلى أكثر مما شرط للسابق فالأقرب المنع لان السبق هو الغرض الذاتي في عقد المسابقة لكل واحد منهما وهو أصح وجهي الشافعية والثاني
الجواز لان ضبط الفرس في شدة عدوه ليقف في مقام المصلين يحتاج إلى حدق ومعرفة ولو شرط للمصلي مثل ما شرط للأول فالأصح الجواز لان كل واحد من الثلاثة
والحال هذه يجتهد في أن يكون سابقا أو مصليا فيحصل الغرض من عقد المسابقة وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع كما لو كانا اثنين وشرط للثاني مثل ما شرط
للأول وان شرط للمصلي ان يكون له دون ما شرط للأول فالأقرب الجواز وللشافعية وجهان وقد خرج للشافعية من هذه الاختلافات وجوه ثلاثة أحدها انه يجوز ان يشترط جميع المال للمصلى والثاني لا يجوز ان يشترط له شئ
والثالث يجوز ان يشترط له شئ يشرط ان يفضل السابق ولهم وجه رابع هو أقواها وهو انه يجوز ان يشترط له شئ بشرط ان لا يفضل على السابق واما الفسكل فلا يجوز ان يشترط له جميع المال لا ان يخصص بفضل ولا ان يستوى
بينه وبين من قبله وهل يجوز له ان يشترط له دون ما شرط لمن قبله فيه الوجهان السابقان وعلى هذا القياس لو كان السابقون أكثر من ثلاثة فلو كانوا عشرة وشرط لكل واحد
منهم سوى الفسكل مثل الشروط لمن قبله يجوز على الأقوى لكن الأولى ان يكون المشروط لكل واحد منهم دون المشروط للذي قبله وفي شرط شئ للفسكل الوجهان ولو أهمل
بعضهم بان جعل للأول عشرة وللثالث تسعة وللرابع ثمانية واهمل الثاني احتمل الجواز ويقام الثالث مقام الثاني والرابع مقام الثالث ويقدر كان الثاني
لم يكن والمنع لان الثالث والرابع يفضلان من قبلهما وهو غير جايز لما فيه من تفضيل المسبوق على السابق وهو الأقوى وإذا بطل المشروط في حق بعضهم ففي بطلانه في
حق من بعده للشافعية وجهان وهذان الوجهان والوجهان في صورة اهمال البعض يبتني على أن من بطل السبق في حقه هل يستحق على الباذل أجرة المثل فان قلنا لا بطل العقد في حق
من بعده لئلا بفضل من سبقه وان قلنا نعم لم يبطل في حق من بعده ولا يضر كون المشروط له زايد على أجرة المثل لان الممتنع ان يفضل المسبوق والسابق فيما يستحقانه بالعقد
وأجرة المثل ليست مستحقة بالعقد وهذه الصور المذكورة وضعوها فيما إذا كان باذل المال غير المتسابقين ويمكن فرضها أو فرض بعضها فيما إذا كان بذله من أحد
المتسابقين مثل ان يتسابق اثنان ببذل أحدهما المال على أنه ان سبق دفع إلى الأخر منه وكذا ان سبق الأخر أمسك لنفسه منه كذا مسألة إذا تسابقا وادخلا المحلل واخرجا المال وقالا من سبق فالمال بأجمعه له فالأحوال سبعة آ ان ينتهوا إلى الغاية على سواء لا يتقدمهم أحدهم فليس فيهم
سابق ولا مسبوق فيحرز كل واحد من المتسابقين سبق نفسه ولا يعطي أحدا شيئا ولا يأخذ من أحد شيئا ولا شئ للمحلل لأنه لم يسبق أحدا ب ان يسبق
المخرجان فيصلا معا على سواء ويتأخر المحلل عنهما فيحرز كل واحد من المخرجين سبق نفسه لاستوائهما في السبق ولا شئ للمحلل لأنه مسبوق ج ان يسبق المحلل
ويأتي المخرجان بعده على سواء أو تفاضل فيستحق المحلل سبق المخرجين لسبقه لهما وهذه الثلاثة لا خلاف فيها د ان يسبق أحد المخرجين ثم يأتي بعده المحلل والمخرج
الأخر على سواء فيحرز السابق سبق نفسه واما سبق المسبوق ففيه خلاف قال الشافعي ان يكون للسابق أيضا وهو المعتمد لقوله (ع) من ادخل فرسا بين فرسين وقد امن
ان يسبق فهو قمار ان لم يأمن ان يسبق فليس بقمار ولان دخول المحلل عند الشافعي لتحليل الاخذ به فيأخذ إن كان سابقا ويؤخذ به إن كان مسبوقا وقد حصل
السبق بغيره فوجب ان يكون أحق بأخذه فيكون جميعه للسابق وقال أبو علي بن جيران ان السابق يأخذ سبق نفسه خاصة ولا يستحق سبق صاحبه لأنه إذا اخذ سبق صاحبه
كان كل واحد منهما يغنم أو يغرم وذلك قمار ومذهبه ان دخول المحلل ليأخذ ولا يؤخذ به فيكون سبق المتأخر من المخرجين مقرا عليه لا يستحقه السابق من المخرجين
لأنه يعطي ولا يأخذ ولا يستحقه المحلل لأنه لم يسبق وهو غلط لان فيهم من يغنم ولا يغرم فخرج بذلك من أن يكون قمارا ه‍ ان يسبق المحلل واحد المخرجين بان يأتيا إلى الغاية
على سواء ويتأخر المخرج الأخر فيحرز السابق من المخرجين سبق نفسه ويكون مال المخرج المسبوق بين المخرج السابق والمحلل لتشاركهما في سبب الاستحقاق وهو السبق
وبه قال الشافعي وعلى قول ابن جيران يكون سبق المسبوق للمحلل خاصة ولا شئ للسابق بل مخرج فيه بل يحرز مال نفسه خاصة لأنه لو شارك المحلل كان قمارا لأنه يحصل في القوم
من يغنم تارة ويغرم أخرى وهذا غير جايز وقد سبق المحلل المخرج المسبوق فكان سبقه له خاصة وان يسبق أحد المستبقين المحلل والاخر ويكون المحلل مصليا
والمخرج الأخر أخيرا فعلى ما قلناه وبه قال الشافعي يكون مال المسبوق للمخرج الأول لسبقه إياهما ويحرز مال نفسه وعلى قول ابن جيران يكون مال المسبوق للمحلل انه سبق المتأخر
دون السابق ويحرز السابق مال نفسه خاصة ز ان يسبق أحد المستبقين المحلل والاخر يكون المخرج الأخر مصليا والمحلل أخيرا فالسابق يحرز السبقين معا وبه قال الشافعي
وعلى قول ابن جيران للسابق سبق نفسه وللمسبوق الثاني سبق نفسه ولا شئ للمحلل لأنه تأخر عنهما وليس للسابق شئ في سبق المصلي لأنه لا يأخذ ولا يستحقه المحلل لأنه
لم يسبق يكون مقرا للمسبوق مسألة لو قال واحد لاثنين أيكما سبق فله عشرة صح لان كل واحد منهما يجتهد ان يسبق وحده لو جائا معا فلا شئ لهما ولو
كانوا جماعة فقال من سبق فله كذا فجاء اثنان فصاعدا دفعة وتأخر الباقون فالمشروط للأولين بالسوية ولا للمتأخرين ولو قال من سبق فله دينار ومن صلى فله نصف دينار
فسبق واحد وصلى ثلاثة ثم جاء الباقون فللسابقي دينار وللمصلين الثلاثة نصف دينار بينهم بالسوية ولو سبق
واحد وجاء الباقون معا فللسابق دينار وللباقين نصف
دينار ولو جاء الجميع معا فلا شئ لهم لانهم ليسوا بسابقين ولا مصلين ولو قال كل من سبق فله دينار فسبق ثلاثة والأقرب ان لكل واحد دينار ويحتمل في قوله من سبق
فله دينار ذلك أيضا حتى لو سبق ثلاثة استحق كل واحد دينارا ولو قال من سبق فله عشرة ومن صلى فله خمسة فسبق خمسة وصلى خمسة فللخمسة عشرة أو لكل واحد على
الاحتمال وللثانية خمسة أو لكل واحد ويحتمل البطلان على الأول لامكان سبق تسعة فيكون لكل واحد من السابقين درهم وتسع وللمصلي خمسة ولو قال لاثنين
أيكما سبق فله عشرة وأيكما صلى فله عشرة لم يصح ولو قال ومن صلى فله خمسة صح ولو قال لثلاثة من سبق فله عشرة ومن صلى فله عشرة صح مسألة إذا بذل السبق لجماعة ولم
يبذله لجميعهم مثل ان يبذل للأول شيئا ولمن بعده شيئا فان فاضل بين المسبوق والسابق مثل ان يجعل للأول الذي هو المجلي عشرة وللثاني الذي هو المصلي سبعة
وللثالث الذي هو التالي خمسة وللرابع الذي هو البارع أربعة وللخامس الذي هو المرتاح ثلاثة ولم يجعل لمن بعدهم شيئا جاز اجماعا لأنه قد منع المسبوقين وفاضل بين
السابقين فحصل التحريض في طلب الفاضل وخشية المنع ولو جعل للسابق عشرة وللمصلي خمسة ولم يجعل لمن بعدهم شيئا وكان السابق خمسة والمصلي واحدا قسمت العشرة
بين الخمسة السابقين لكل واحد درهمان وللواحد المصلى خمسة وان صار بها أفضل من السابقين لأنه اخذ الزيادة باعتبار تفرده ووحدته لا باعتبار جعل الفاضل
للمتأخر ولم يأخذ لتفضيل أهل درجته وقد كان يجوز ان يشاركه غيره في درجته فيقل سهمه ولو سوى بين سابق ومسبوق مثل ان جعل للسابق عشرة وللمصلي عشرة
وفاضل بين بقية الخمسة فعل للثالث ثمانية وللرابع خمسة وللخامس ثلاثة لم يجز لان مقتضي التحريض ان يفاضل بين السابق والمسبوق فإذا تساويا فيه بطل مقصوده
فلم يجز وكان السبق في حق المصلي الذي ساوى بينه وبين سابقه باطلا وفي حق من عداه وجهان بناء على اختلاف الوجهين والذي بطل السبق في حقه هل يستحق على
الباذل اجرة مثله أم لا وجهان أحدهما عدم الاستحقاق على الباذل لان سبقه عايد عليه لا على الباذل فعلى هذا يكون السبق في حق من بعده باطلا لأنه لا يجوز ان يفضلوا به على من سبقهم والثاني ثبوت استحقاقه على
الباذل أجرة المثل لان من استحق المسمى في العقد الصحيح استحق أجرة المثل في الفاسد فعلى هذا يكون السبق في حق من بعده صحيحا ولكل واحد منهم ما سمى له وإن كان
أكثر من أجرة المثل لمن بطل السبق في حقه لأنه لا يجوز ان يفضلوا عليه إذا كان مستحقا بالعقد وهذا تستحق بغيره ويتفرع على هذا إما إذا جعل للأول عشرة ولم
358

يجعل للثاني شيئا وجعل للثالث خمسة وللرابع ثلاثة ولم يجعل لمن بعدهم شيئا فالثاني خارج من السبق لخروجه من البذل وفي قيام من بعده مقامه وجهان أحدهما يقوم
الثالث مقام الثاني ويقوم الرابع مقام الثالث لأنه يصير وجوده بالخروج من السبق كعدمه فعلى هذا يصح السبق فيهما بالمسمى لهما بعد الأول والوجه الثاني انهم
يترتبون في القسمة ولا يكون خروج الثاني منهم بالحكم يخرج له من الذكر فعلى هذا يكون السبق فيهما باطلا لتفضيلهما على السابق لهما وهل يكون لهما اجرة مثلهما أم لا وجهان
وان بذل العوض لجماعتهم ولم يخل أحدا من عوض نظر فان سوى فيهم بين سابق ومسبوق بطل وان لم يسو بين السابق المسبوق وفضل كل سابق على مسبوق حتى
يجعل متأخرهم أقلهم سهما جاز عندنا وللشافعية وجهان أحدهما الجواز اعتبارا بالتفاضل في السبق فعلى هذا يأخذ كل واحد منهم ما سمى له والوجه الثاني ان السبق
باطل لانهم قد تكافوا في الاخذ فان تفاضلوا فيه فعلى هذا هل يكون باطلا في حق الأجنبي وحده أم في حقوق جميعهم للشافعية وجهان أحدهما في حق الأجنبي وحده
لان بالتسمية له فسد السبق والثاني أنه يكون باطلا في حقوق جماعتهم لان أول العقد مرتبط باخره وهل يستحق على كل واحد منهم اجرة مثله أم لا وجهان (تذنيب) مسألة
ينبغي ان يكون في الموضع الذي ينتهي إليه السبق وهو غاية المدى قصبة قد غرزت في الأرض تسميها العرب قصبة السبق ليحرزها السابق منهم فيقلعها حتى يعلم بسبقه
البعيد والقريب فيسقط به الاختلاف وربما رجع بها يستقبل بها المسبوقين إذا كان مفضلا في السبق متناهيا في الفروسية مسألة قد بينا انه لا يشترط
المحلل عندنا فلو تسابق مائة أو أزيد من غير محلل جاز والشافعي أوجب دخول المحلل لكن لا يشترط الكثرة مع كثرة المتسابقين لان كثرة المتسابقين لا يوجب كثرة المحللين
لان دخول المحلل ليكون فيهم من يأخذ ولا يعطي حتى يصير خارجا من حكم القمار وهذا موجود في دخول محلل واحد بين المائة لكن الأولى عندهم ان يكثر المحللون إذا
كثر المتسابقون ليكون من القمار ابعد وعلى هذا لو دخل بين الاثنين محللان فما زاد جاز وإذا عقد السبق بالمحلل على شرط فاسد أوجب سقوط المسمى فيه ثم سبق أحدهم نظر
فإن كان السابق هو المحلل استحق اجرة مثله على المتسابقين يكون عليهما نصفين ويستوى فيهما من تقدم منهما أو تأخر ويستحقها وجها واحدا لأنه معهما كالأجير
وان سبق أحد المخرجين فلا شئ للمحلل وهل يستحق السابق على المتأخر اجرة مثله للشافعية وجهان مسألة لو شرطوا ان المحلل يختص بالاستحقاق ان سبق الاثنين
وكل واحد منهما لا يأخذ إلا ما اخرج جاز اجماعا وان شرطوا ان المحلل يأخذ السبقين ان سبق وإن كان واحدا وان سبق أحرز ما أخرجه واخذ ما أخرجه الأخر صح عندنا وللشافعية
قولان والأصح عند الشافعي الجواز لان التسابق يجري بين المتكافئين المتقاربين ولا يكاد يسمح أحدهما بان يخرج المال دون ان يخرج الأخر لكن إذا لم يكن محلل كانت المعاملة
على صورة القمار عندهم فلو لم يجز ذلك بعد دخول المحلل فات مقصود العقد والثاني المنع كما هو مذهب ابن جيران لان كل واحد من المستبقين قد يغنم وقد
يغرم وذلك قمار وهو ممنوع وعلى ما اختاره الشافعي لو كان المتسابقون مائة وليس فيهم الا محلل واحد شرط ان يأخذ جميع ما أخرجوه ان سبق ولا يغرم شيئا ان
سبق وكل واحد من المستبقين ان سبق غنم وان سبق غرم صح العقد والشرط مسألة إذا اطلقا شرط المال للسابق حمل على السابق المطلق لا على المصلي الذي
سبق غيره وإن كان مسبوقا وهو أظهر قولي الشافعية لانصراف الاطلاق إليه عرفا فلو تسابق اثنان ومحلل فان سبق المحلل ثم صلى أحد المتسابقين وتأخر الثاني
فالمال بأجمعه للمحلل عملا بالاطلاق وقالت الشافعية يأخذ المحلل ما أخرجه المصلي بلا خلاف وفيما أخرجه الفسكل ثلاثة أوجه أظهرها انه يأخذها المحلل أيضا لأنه السابق
المطلق والثاني انه للمحلل والمصلي جميعا لأنهما سبقاه والثالث وهو أضعفها انه للمصلي وحده ويجعل سابقا للفسكل كما أن المحلل سابق للمصلي ولو تسابق اثنان
وادخلا محللين وسبق أحد المحللين وصلى أحد المستبقين ثم جاء المحلل الثاني ثم المستبق الثاني فما أخرجه المسبق الأول للمحلل واما ما أخرجه الثاني ففيه للشافعية
وجهان أظهرهما انه للمحلل الأول أيضا لأنه السابق المطلق والثاني انه للمحللين وللمسبق الأول لانهم جميعا سبقوا الثاني وقياس الوجه الضعيف للشافعي انه للمحلل
الثاني وقياس قول ابن خيران ان يقال إنه للمحلل الأول في أحد الوجهين وللمحللين في الثاني ولو جاء أحد المستبقين أولا ثم جاء أحد المحللين
ثم المسبق الثاني ثم المحلل الثاني فيحرز السبق الأول واما ما أخرجه الثاني فعلى ظاهر المذهب للشافعية والوجه الاظهر انه يأخذه المسبق الأول أيضا وفي وجه هو له
وللمحلل الأول وعلى الوجه الأضعف هو للمحلل الأول وعلى قول ابن خيران هو للمحلل الأول لا غير مسألة لو سبق أحد المتسابقين في وسط الميدان والاخر في اخره
فالسابق الثاني لأن الاعتبار انما هو بالغاية فمن سبق إليها فهو السابق وكذا لو سبق أحدهما عند الغاية ثم جريا بعد الغاية فيقدم المسبوق بعدها على السابق بهادية
أو كتده أو اقدامه كان السبق لمن سبق عند الغاية دون من سبق بعدها لان ما تجاوز الغاية غير داخل في العقد فلم يعتبر ولو عثر أحد الفرسين أو ساخت قوايمه في الأرض
فيقدم الأخر لم يكن الأخر سابقا لان العشرة اخرته وكذا لو وقف بعد ما جرى لمرض وشبهه ولو وقف بلا علة فهو مسبوق ولو وقف قبل ان يجرى لم يكن مسبوقا سواء
وقف لمرض أو لغير مرض ولو كان العاثر هو السابق كان الاحتساب بسبقه أولي لأنه إذا سبق مع العشرة كان مع عدمها أسبق ولو تسابقا على أن من سبق منهما الأخر
باقدام معلومة فله السبق جاز وهو قول بعض الشافعية لأنهما يتحاطان ما تساويا فيه ويجعل السبق لمن تقدم بالقدم المشروط فهو كشرط المحاطة في النضال
وقال بعضهم بالمنع ولا وجه له لان هذا العقد مشروط بمقدار معلوم مضاف إلى المقدار الأول فصح عملا بالشرط مسألة قد بينا انه يشترط في مال المسابقة
العلم سواء كان دينا أو عينا أو بالتفريق وسواء كان الدين مؤجلا أو حالا لكن إن كان مؤجلا وجب العلم بأجله ولا يجوز ان يكون العوض مجهولا فلو شرط مالا مجهولا بان قال أعطيتك
ما شئت أو ما شاء فلان أو شرط دينارا وثوبا ولم يصف الثوب أو دينارا الا ثوبا بطل العقد وكذا لو شرط دينارا الا درهما الا ان يزيد قدر الدرهم وعرفا قيمته
من الدينار ولو قال إن سبقتني فلك هذه العشرة وترد إلي صاعا من طعام احتمل الجواز ان قصرت قيمة الصاع عن العشرة وإلا بطل وقالت الشافعية يبطل من غير أن
يفضلوا لأنه شرط عوضا عن السابق وهو خلاف موضوع العقد ولو تسابقا على قرض في الذمة فوجهان مبنيان على جواز الاعتياض عنه قبل قبضه والوجه
الجواز وإذا اخرج المال غير المتسابقين جاز ان يشرط لأحدهما أكثر مما يشرطه للاخر ولو أخرجاه جاز ان يخرج أحدهما أكثر مما يخرجه الأخر ولو شرط على السابق ان يطعم
السبق لأصحابه فسد العقد عند الشافعية لأنه تمليك بشرط يمنع كمال التصرف فصار كما لو باعه شيئا بشرط ان لا يبيعه وقال بعضهم انه يصح العقد وقبوله
للاطعام عدة ان شاء وفى بها والا فلا ولان نفع هذا الشرط لا يعود على الشارط فصار وجوده كعدمه وبه قال أبو حنيفة واحمد مسألة السبق
ضربان أحدهما ان يكون مقيدا باقدام مشروطة باشتراطهما كما لو شرطا ان يكون السبق بعشرة اقدام فهذا لا يتم السبق إلا بها فان سبق أحدهما بتسعة اقدام
لم يكن سابقا في استحقاق البذل وإن كان سابقا في العمل وكذا لو شرطا ان يكون السبق بعشرة أذرع ونحوها من المقادير والثاني ان يكون مطلقا بغير شرط فيكون سابقا بكل قليل أو كثير والأعضاء التي جرى ذكرها في كلام الفقهاء لاعتبار السبق بها ثلاثة الكتد وهو الكامل
وهو مجمع الكتفين بين أصل العنق والظهر والاقدام وهي القوايم والهادي وهو العنق مسألة السبق يحصل بالاقدام فأي الفرسين تقدمت يداه
359

عند الغاية فهو السابق لان السعي يحصل بهما والجري عليهما وقال الشافعي أقل السبق ان يسبق بالهادي أو بعضه أو الكتد أو بعضه وقواه الشيخ ره واعلم أن السبق
إما ان يعتبر بالهادي أو الكتد فان اعتبر بالكتد فأيهما سبق كتده فهو السابق سواء تساويا في الطول أو القصر أو اختلفا وإن كان بالهادي فنقول ان الفرسين
إما ان يتساويا في قدر عنقهما في الطول والقصر أو يختلفان فان تساويا في الطول والقصر فمتى سبق أحدهما الأخر بعنقه أو بعضه فقد سبقه لان ذلك كان لسرعته
وان اختلفا في طول العنق وقصره فان سبقه القصير العنق بعنقه أو بعضه فقد سبقه وان سبقه الطويل العنق بجميع عنقه أو بأكثر مما بينهما في طول العنق
فقد سبقه وإن كان بأقل من قدر الزيادة فالقصير هو السابق لأنه يكون قد سبقه بكاهله ولا اعتبار بسبقه بعنقه حينئذ لان سبقه بعنقه انما كان بطوله
لا لزيادة جريه وقد اعترض على الشافعي بأنه إذا كان السبق بالكتد صحيحا مع اختلاف الخلقة فلم اعتبره بالعنق الذي يختلف جله باختلاف الخلقة وأجيب بان السبق بالكتد يتحققه القريب دون البعيد والسبق
بالعنق يشاهده القريب والبعيد فربما دعت الضرورة إليه ليشاهده شهود السبق فيشهدوا به للسابق لان للسبق شهودا يستوقفون عند الغاية
ليشهدوا للسابق على المسبوق وقال الثوري السبق يتحقق بالاذن فإذا سبق أحدهما باذنه كان سابقا لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال بعثت انا والساعة كفرسي
رهان وكاد أحدهما ان يسبق الأخر باذنه ولا حجة فيه لان القصد من الخبر ضرب المثل وليس بجيد لسبق الرهان وقد يكون ذلك مع التساوي في العنقين ومدهما وقد
يقع المثل بما لا يكاد يوجد قال (ع) من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بني الله له بيتا في الجنة مع امتناع بناء مسجد كذلك بل الأصل في الاعتبار للسبق بسرعة العدو
فقد يكون أحدهما أسرع واذن الأخر أسبق بان يرفع السريع رأسه قليلا والاخر يمد عنقه فلهذا لم يعتبر بالاذن وقال الأوزاعي أقل السبق بالرأس وليس
بجيد لان من الخيل ما يرخي اذنه ورأسه فيطول ومنها ما يرفعه فيقصر فلم يدا واحد منهما على التقدم وقال بعض الشافعية السبق في الإبل يعتبر بالكتد وفي
الخيل يعتبر بالهادي والفرق ان الإبل ترفع أعناقها عند العدو فلا يمكن اعتبار السبق به والخيل تمد أعناقها وقال آخرون ان عند اختلاف خلقة العنق
بالطول والقصر يعتبر في الخيل أيضا بالكتد وقال بعضهم ان عند اختلاف الخلقة إذا سبق الأطول عنقا ببعض عنقه وكتدهما سواء يعد ذلك سبقا لان
تقدير أعناق الخيل وضبطها عسر وقال آخرون انه إن كان في جنس الخيل ما يرفع الرأس عند العدو فيتعين فيه الكتد كما في الإبل وقال بعضهم ان التقدم بأيهما
حصل تحقق السبق فحينئذ لو تقدم أحدهما بالعنق والاخر بالكتد لم يتحقق سبق وقال آخرون لا يعتبر هذا ولا ذاك ولكن نتبع عرف الناس وما يعتبرون به السبق
وقال بعضهم المعتبر ما شرطاه من اعتبار الكتد أو الهادي مسألة قد بينا انه لو تسابقا على أن من سبق منهما الأخر باقدام معلومة فله السبق
جاز لكن ذلك لا يتصور فيما إذا لم يبينا غاية وقد بينا انهما إذا شرطا السبق لمن سبق من غير بيان غاية لم يجز ولا فرق بين هذه الصورة وبين ان يشترطا
السبق لمن تقدم باقدام معلومة ولكن التصور أنهما إذا شرطا (آلة) السبق لمن تقدم باقدام معلومة إلى موضع كذا والغاية في الحقيقة نهاية الاقدام المشروطة
من ذلك الموضع لكنه شرط في الاستحقاق تخلف الأخر عنها بالقدر المذكور الفصل الثاني في الرمي وفيه مقدمة ومطلبان إما المقدمة
ففي تفسير الفاظ تستعمل في هذا الباب الرشق بفتح الراء الرمي يقال رشقت رشقا اي رميت رميا ويقال قوس رشيقة اي خفيفة وبالكسر عدده الذي يتفقان
عليه وأهل اللغة يقولون هو عبارة عما بين العشرين إلى الثلاثين ويسمى أيضا الوجه والسباق اسم يشتمل على المسابقة بالخيل حقيقة وعلى المسابقة بالرمي مجازا
ولكل واحد منهما اسم خاص فتخصص الخيل بالرهان ويختص الرمي بالنضال واغراق السهل هو ان يزيد في مد القوس لفضل قوته حتى تستغرق السهم فيخرج من جانب
الوتر المعهود إلى الجانب الآخر فان من أجناس القسي والسهام ما يكون مخرج السهم منها عن يمين الرامي جاريا على ابهامه فيكون اغراقه ان يخرج السهم باستيقاء
المدالى يساره جاريا على سبابته ومنها ما يكون مخرجه بالضد على يسار الرامي جاريا على سبابته فيكون اغراقه ان يخرج على يمينه جاريا على ابهامه فإذا أغرق السهم
لم يكن اغراقه من سوء الرمي عند الشافعي وانما هو لعارض فلا يحتسب عليه ان أخطأ به وليس بجيد لأنه إذا لم يمد القوس بقدر الحاجة حتى زاد فيه فأغرق أو نقص فقصر
كان من سوء الرمي فعلى قول الشافعي إذا أخطأ بالسهم المغرق لم يحتسب عليه ولو أصاب به احتسب له لان الإصابة مع الخلل أدل على الحدق من الإصابة مع الاستقامة
واعلم أن السهم يوصف بأوصاف آ الحابي وقد اختلف فيه فقيل إن أبا حامد الإسفراني وهم هنا حيث جعل الحوابي صفة من صفات السهم وسماه حوابي باثبات
الياء وفسره بأنه السهم الواقع دون الهدف ثم يحبوا إليه حتى يصل إليه مأخوذا من حبو الصبي وهو نوع من الرمي المزدلف يفترقان في الاسم لان المزدلف أحد
والحابي أضعف ويستويان في الحكم وقال قوم ان الحواب باسقاط الياء نوع من الرمي فان أنواع الرمي ثلاثة المحاطة والمبادرة والجواب وهو ان يحتسب بالإصابة في الشن
والهدف ويسقط الأقرب من الشن ما هو ابعد من الشن والمشهور ان الحابي ما وقع بين يدي العرض ثم وثب إليه فأصابه وهو المزدلف ب المارق وهو ما نفذ الغرض
ووقع من ورائه وكان الكسعي من رماة العرب فخرج ذات ليلة فرأى ظبيا فرماه فانفذه فخرج السهم منه وأصاب حجرا وقدح منه نارا فرأى ضوء النار في ظلمة الليل فقال
مثلي يخطي فكسر قوسه واخرج خنجره وقطع ابهامه فلما أصبح ورأى الظبي صريعا قد نفذ فيه السهم ندم فضربت به العرب المثل وقال شاعرهم ندمت ندامة الكسعي لما
رأت عيناه ما عملت (صنعت) يداه ج الخاصر وهو ما أصاب الحد جانبي الغرض ومنه الخاصرة لأنها في أحد جانبي الانسان وجمعه خواصر ويسمى أيضا جايرا ويقال أجار بالسهم
إذا سقط من وراء الهدف أو وقع في وراء الهدف كان محسوبا من خطاءه لأنه منسوب إلى سوء رميه وليس منسوبا إلى عارض في بدنه أو الته وقال أبو حنيفة السهم الجاير ان يقع في الهدف عن
أحد جانبي الشن فعلى هذا إن كانت الإصابة في الشن كان الجاير مخطئا وإن كانت الإصابة مشروطة في الهدف كان الجاير مصيبا د الطامح يقال سهم طامح وله تأويلان
أحدهما ان الطامح هو الذي قارب الإصابة ولم يصب ويكون مخطئا والثاني انه الواقع بين الشن ورأس الهدف فيكون مخطئا ان شرطت الإصابة في الشن ومصيبا
ان شرطت في الهدف ه‍ العاضد يقال سهم عاضد وهو الواقع من أحد الجانبين فيكون كالجاير على حد التأويلين والطايش وهو السهم الذي لا يعرف
مكان وقوعه والطايش محسوب عليه في الخطاء كالجاير ز العاير وهو السهم المصيب الذي لا يعرف راميه ولا يحتسب به لواحد من الراميين للجهل به ح الخاطف وهو السهم
المرتفع في الهواء يخطف نازلا فان أخطأ به كان محسوبا عليه لأنه من سوء رميه وان أصاب به ففي الاحتساب به للشافعية وجهان أحدهما يحتسب له من اصابته لحصوله برميه
والثاني لا يحتسب له من الإصابة لان تأثير الرمي في ارتفاع السهم فاما سقوطه فلثقله فصار مصيبا بغير فعله فعلى هذا هل يحتسب من خطائه وجهان أحدهما يحتسب
به من الخطاء لأنه إذا كان غير مصيب كان مخطئا والثاني لا يحتسب به من الخطاء لأنه ما أخطأ وأسوء أحواله ان لم يكن مصيبا ان لا يكون مخطئا والأقوى ان يقال إن
نزل السهم بعد ارتفاعه فاثر الحدة لا يقطع مسافة احتسب عليه خاطئا وان نزل في بقية حدته حابيا في قطع مسافته احتسب له صابيا لان الرمي بالفتور منقطع
وبالحدة مندفع ط الحاصل وهو المصيب للغرض كيف كان وهو يطلق على البارع وهو ما أصاب الشن ولم يؤثر فيه وعلى الحازق وهو ما اثر فيه ولم يثبت على
360

الخاسق وهو ما ثقب الشن وثبت فيه ي المارق وهو ما ثقب الغرض ووقع من ورائه يا الخارم وهو الذي يخرم حاشيته والفرض ما تقصد اصابته وهو الرقعة
المتخذة من قرطاس أو زق أو جلد أو خشب أو غيره والهدف ما يجعل فيه الغرض من تراب أو غيره والمبادرة هي ان يبادر أحدهما إلى الإصابة مع التساوي في الرشق
والمحاطة هي اسقاط ما تساويا فيه من الإصابة المطلب الأول في الشرايط وهي خمسة فهنا مباحث الأول اتحاد الجنس مسألة أنواع
القسي يختلف باختلاف أصناف البشر فالعرب قسى وسهام للعجم قسى وسهام وقيل أول من وضع القسي العربية إبراهيم الخليل (ع) وأول من وضع القسي الفارسية
النمرود بن كنعان وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب القوس العربية ويكره الفارسية وينهى عنها ورأى رجلا يحمل قوسا فارسيا فقال ملعون حاملها عليكم
بالقسى العربية وسهامها فإنه سيفتح عليكم بها وهذا غير محمول منه على التحريم بل على الكراهة ولتأويله ثلاثة أوجه أحدها ليحفظ به اثار العرب ولا يعدل الناس عنها
رغبة في غيرها فعلى هذا يكون الندب إلى تفضيل القوس العربية باقيا الثاني انه أمر بها ليكون شعار المسلمين بحيث لا يشتبهوا باهل الحرب من المشركين فيقتلوا
فعلى هذا يكون الندب إلى تفضيلها مرتفعا لأنها قد فشت في عامة المسلمين والثالث انه لعن من قاتل المسلمين بها فعلى هذا لا يكون ذلك ندبا إلى تفضيل
العربية عليها ويكون نهيا عن قتال المسلمين بها وبغيرها وخص اللعن لأنها كانت أنكى في المسلمين من غيرها واما القوس الدودانية وهي القوس التي لها مجرى يمر
السهم فيه ومنها قوس الرجل وإن كان أغلبها قوس اليد وهي منسوبة إلى دودان بن أسد بن حزيمة وقيل دودان قبيلة من بنى أسد إذا عرفت هذا فقد ذكر صاحب الصحاح
ان النصل نصل السهم والسكين والسيف والرمح والمزاريق والرايات كالرمح فإذا اختلف جنس ما يرمى به كالسهم مع المزاريق والجواب ففي الجواز اشكال وللشافعية
وجهان كالوجهين في المسابقة على الإبل والفرس وهذه الصورة أولي بالجواز لان التعويل في المسابقة على الفرس وهو يعمل ويعدو باختياره والتعويل في الرمي
على الرامي ولا عمل للالة ولا أختها ولها واما اختلاف أنواع القسي والسهام فإنه لا يضر وذلك كالقسى العربية مع الفارسية والدودانية مع الهندية وكالنيل وهو
ما يرمى عن القوس العربية مع النشاب وهو ما يرمى عن القوس الفارسية ومن أنواع القسي الحسبان وهو قوس
يجمع سهامة الصغار في قصبة ويرمي بها فتفرق
في الناس ويطعم اثرها ونكايتها لأنا قد ذكرنا ان اختلاف نوع الإبل والفرس لا يضر فاختلافا النوع في الآلة أولي وقال بعض الشافعية لا يجوز المناضلة
على النبل والنشاب لأنهما ينزلان منزلة الخيل والبغال ولا يجوز ان يناضل أهل النشاب أصحاب الجلاهق لاختلاف الصيغة فيهما وانه ليس الحذق بأحدهما حذقا
بالآخر مسألة المتناضلان إما ان يعينا في عقد النضال النوع ويسميا واحدا من الطرفين أو من أحد الطرفين فان عينا الرمي عن قوس معينة لم يجز لهما العدول إلا برضاء
صاحبه الأخر فان عينا الرمي عن القوس العربية فليس لأحدهما ان يعدل إلى الفارسية عملا بالشرط فان اتفقا على العدول عن العربية إلى الفارسية جاز لان
موجب الشرط ان يلتزمه كل واحد منهما في حق صاحبه ما لم يرض باسقاط حقه ولو شرطا الرمي عن القوس الفارسية لم يكن لأحدهما العدول إلى العربية فان اتفقا
على العدول جاز ولو شرطا ان يرمي أحدهما عن القوس العربية ويرمي الأخر عن الفارسية جاز وان اختلف قوساهما لان مقصود الرمي حذق الرامي والآلة تبع بخلاف
ما لو شرطا في السبق ان يسابق أحدهما على فرس والاخر على بغل جاز عند شاذ ولم يجز عند الأكثر لان المقصود في السبق المركوبان والراكبان تبع فلزم التساوي
فيه ولم يلزم التساوي في آلة الرمي فعلى هذا ليس لواحد منهما ان يعدل عن الشرط في قوسه وان ساوى فيها صاحبه لأجل شرطه فان راضاه عليها جاز ولو شرطا
ان يرمي كل واحد منهما عن ما شاء من قوس عربية أو فارسية جاز لكل واحد منهما ان يرمي عن اي القوسين شاء قبل الشروع في الرمي وبعده فان أراد أحدهما
منع صاحبه من خياره لم يجز سواء تماثلا فيها أو اختلفا وان اطلقا العقد من غير شرط فإن كان للرماة عرف في أحد القوسين حملا عليه وجرى العرف في العقد
المطلق مجرى الشرط في العقد المقيد وان لم يكن للرماة فيه عرف معهود فهما بالخيار فيما اتفقا عليه من أحد القوسين إذا كانا فيهما متساويين لان مطلق
العقد يوجب التكافؤ فان اختلفا لم يقرع بينهما لأنه أصل في العقد وقيل لهما ان اتفقتما والا فسخ العقد بينكما مسألة لو عينا نوعا من القسي لم
يجز العدول عن النوع المعين إلى ما هو أجود منه ويجوز العكس كما لو عينا الفارسية جاز ابدالها بالعربية لأنه انتقال من الأجود إلى ما هو دونه وليس فيه اجحاف وهو
أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم المنع إلا برضاء الشريك لأنه ربما كان استعماله لاحد النوعين أكثر ورميه به أجود مسألة لا يتعين السهم ولا
القوس بالشخص وان عيناه بالشرط فلو عينا شخصا من نوع من القسي أو السهام لم يتعين وجاز ابداله بمثله من ذلك النوع سواء تجدد فيه خلل يمنع من
استعماله أو لم يتجدد بخلاف الفرس فإنها يتعين لو عينا شخصها بل التعيين الشخصي في الأفراس شرط في صحة العقد ولا يجوز ابداله بغيره ولو شرطا
في القسي أو السهام شخصا معينا لم يلزم وجاز الابدال ويفسد الشرط لأنه قد يعرض له أحوال خفية تحوجه إلى الابدال وفي منعه منه تضييق لا فايدة فيه فكان
بمنزلة ما لو عين المكيل في السلم وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يصح الشرط لامكان تعلق الغرض بذلك المعين وتفاوت القوس الشديدة واللينة
قريب من تفاوت القوس العربية والعجمية وعلى تقدير فساد هذا الشرط ففي بطلان العقد بفساده للشافعية وجهان أحدهما انه لا يفسد ويكون ذكره
لغوا والثاني وهو الأقوى عندي بطلان العقد ويطرد الوجهان في كلما لو طرح من أصله لاستقل العقد باطلاقه فاما لو طرح لم يستقل العقد باطلاقه فإذا فسد فسد العقد كما إذا لم يذكر
في المسابقة الغاية المعينة وعلى تقدير قول بصحة الشرط يجب الوفاء به ما لم ينكسر المعين فإذا انكسر جاز الابدال للضرورة ولو شرط عدم الابدال مع الانكسار
لم يكن له ان يبدله وقالت الشافعية يفسد العقد لأن هذه مبالغة لا يمكن احتمالها مسألة لو اطلقا المناضلة ولم يتعرضا النوع القوس والسهم
ولا عينا فردا من نوع فإن كان عادة المناضلة بنوع معين حمل الاطلاق عليه كما يحمل الاطلاق في الثمن وأوقات السير في الإجارة على عرف الناس في ذلك البلد
وللشافعية وجهان أحدهما البطلان مطلقا لاختلاف الأغراض في الإصابة بالأنواع والثاني الصحة لان الاعتماد في المناضلة على الرأي وعلى القول بالصحة
مطلقا فليتراضيا على شئ وإذا تراضيا فينبغي تراضيهما على نوع واحد لأن العقد مبني على التساوي ولو تراضيا على نوع من جانب ونوع اخر من الجانب الآخر
جاز ولو اختلفا فاختار أحدهما نوعا واختار الأخر غيره و (؟) عليه فسخ العقد ان قلنا إنه لازم وان قلنا إنه جايز كان رجوعا وقال الجويني ان قلنا إنه
جايز وتمانعا فسخ العقد وان قلنا إنه لازم حكم بفساد الاطلاق لافضائه إلى التنازع وتعذر الفصل إذا عرفت هذا فقضية القول بأنه رجوع ارتفاع
العقد بالتنازع وقضية القول بالفسخ بقاؤه مع التنازع إلى أن يفسخ فيخرج من هذا وجهان للشافعية إذا فرغنا على الصحة وتنازعا في التعيين
واعلم أن بعضهم قال اختلاف السهام وان اتحد نوع القوس كاختلاف نوع القوس كما تقدم من أنه لا يناضل أهل النشاب أصحاب الجلاهق البحث الثاني
361

في اشتراط الاعلام مسألة يشترط في المناضلة العلم بأمور يختلف الغرض باختلافها فالمال الذي عقد المناضلة عليه يجب العلم بمقداره كغيره من الأغراض
فان أغفل ذكر العوض كان باطلا وفي استحقاقه لأجرة مثله قولان وقد تقدم مثله في المسابقة مسألة يشترط أيضا في صحة العقد عدد الإصابة كخمس اصابات
من عشرين رمية لان الاستحقاق بالإصابة وبها يتبين حذق الرامي وجودة رميه ولان صفة الإصابة من القرع والحزق والخسق وغيرها مبنية عليه لا يمكن
حصولها بدونه ولان معرفة الناضل من المنضول انما تحصل به واكثر ما يجوز اشتراطه من الإصابة ما نقص عن عدد الرشق المشروط شئ وان قل ليكون تلافيا
للخطأ الذي يتعذر ان يسلم منه المتناضلون وأحذق الرماة في العرف من أصاب من العشرة تسعة فلو شرطا إصابة تسعة من عشرة فالأقرب الجواز لبقاء سهم
للخطاء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجوز لان اصابتها نادرة فاما أقل ما يشترطا من الإصابة ما يحصل به التناضل وهو ما زاد على الواحد ولو شرطا
ان يكون الإصابة محتسبة من تسعة وعدد الرشق عشرة بطل ولو عقدا على أن يكون التفاضل منهما أكثرهما إصابة ففيه للشافعية وجهان أحدهما البطلان كما بطل
ذلك في عقد المسابقة بالخيل إذا عقدا على السياق إلى غير غاية لان من الرماة من يكثر اصابته في الابتداء ويقل في الانتهاء ومنهم من هو بالضد من ذلك فبطل كما
في سياق الخيل والثاني الصحة للأصل والفرق ظاهر بين النضال والسياق لان اجزاء الخيل إلى غير غاية مفض إلى انقطاعها وكثرة الإصابة غير مفض إلى انقطاع الرماة
مسألة يشترط الاعلام بعدد الرمي فيجب ان يكون عدده معلوما لأنه العمل المقصود المعقود عليها لتكون غاية رميهما فيه معلومة منتهية إليه وعرف الرماة
في الرشق ان يكون من عشرين إلى ثلاثين فان عقداه على أقل منهما أو أكثر جاز مسألة ولا يشترط الاعلام بصفات الإصابة من النزع (قرع) الحزق والخرق والخسق
وغيرها وهو قول بعض الشافعية وعند الأكثر منهم انه يشترط الا الخرم والمرق فإنهم لا يشترطوا التعرض لهما والوجه عندهم الأول وهو عدم الاشتراط كما لا
يشترط في الخرم والمرق وإصابة أعلى الغرض وأسفله وإذا اطلقا العقد حمل على النزع وهو مجرد الإصابة لأنه المتعارف ولأنه المطلق معنى فيحمل المطلق لفظا عليه
مسألة يشترط اعلام المسافة التي يرميان فيهما وهو ما بين موقف الرامي والهدف وانما وجب أن تكون معلومة لان الإصابة تكثر معه ثلاثمائة ذراع
وأقلها ما يحتمل ان يصاب وان لا يصاب وانما وجب الاعلام بالمسافة لان الاغراص يختلف باختلاف المسافة في الطول والقصر والاعلام يرفع النزاع ويكشف
الحال ويحصل الاعلام بأمرين المشاهدة وذكر الذرعان وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني انه لا يجب اعلام المسافة وينزل الاطلاق على العادة الغالبة
للرماة في ذلك الموضع كما تحمل للعاليق في استيجار البعير مواضع النزول على المعتاد والقولان مبنيان على أنه لم يكن هناك عادة غالبة يجب الاعلام وإن كان هناك
عادة معروفة بين الرماة حمل الاطلاق عليه عملا بقرينة الحال كما في غيره من النظاير ولو ذكرا غاية لا يصيبها السهم بطل العقد ولو كانت الإصابة فيها نادرة فللشافعية
قولان كالقولين في الشروط النادرة وقدر بعض الفقهاء المسافة التي يقرب موقع الإصابة منها بمأتين وخمسين ذراعا وقد روى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله
انه قيل له كيف كنتم تقاتلون العدو فقال إذا كانوا على مأتين وخمسين ذراعا قاتلناهم بالنبل وإذا كانوا على أقل من ذلك قاتلناهم بالحجارة وإذا كانوا على أقل
من ذلك قاتلناهم بالرماح وإذا كانوا على أقل من ذلك قاتلناهم بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هذا هو الحرب وقدروا المسافة التي تبعد فيها لإصابة بما زاد على ثلاثمائة
وخمسين وروي انه لم يرم إلى أربعمائة الا عقبة بن عامر الجهني وقال بعض الشافعية لا يجوز الزيادة على مائتي ذراع ولو تناضلا على أن يكون السبق لأبعدهما رميا
ولم يقصدا غرضا فالأقرب الجواز لان الإصابة وإن كانت مقصودة في النضال فكذا البعد وزيادته مطلوب فيه أيضا وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لتطرق
الجهالة فيه ولانتفاء المقصود بالذات وهو الإصابة وهو غلط فانا قد بينا ان الزيادة في البعد غير إصابة مقصودة في مقابلة من بعد من العدو وفي ايقاع السهم
في القلاع ليرهب العدو وتعرف به شدة الصاعد وضعفه فعلى هذا يجب تساوي القوسين في الشدة وتراعي خفة السهم ورزانته فان لهما تأثيرا عظيما في القرب والبعد
مسألة الهدف تراب بجمع أو حايط يبنى لينصب فيه الغرض والغرض هو جلد أو شن وهو الجلد البالي أو قرطاس يدور عليه شنين وقيل ما ينصب في الهدف
يقال له القرطاس سوء أكان من كاغذ أو غيره وما تعلق في الهواء فهو الغرض والرقعة عظم ونحوه في وسط الغرض وقد يجعل في الشن نقش كالهلال يقال له الدايرة
وفي وسطها نقش يقال له الخاتم وهذه الدايرة هي الغاية في المقصود من حذق الرماة إذا عرفت هذا فينبغي ان يرتبا موضعا للإصابة أهو الهدف أو الغرض
المصوب في الهدف أو الشن في الغرض أو الدايرة في الشن أو الخاتم في الدايرة وقد يقال له الحلقة والرفعة وفي شرط اصابته ما تقدم من الخلاف في شرط الاصابات
النادرة وقد تجعل العرب مكان الهدف ترسا وتعلق فيه الشن إذا تقرر هذا فإنه يجب ان يكون الغرض من الهدف معلوما لأنه المقصود بالإصابة والعلم به يحصل بأمور
ثلاثة موضعه من الهدف في ارتفاعه وانخفاضه لان الإصابة في المنخفض أكثر منها في المرتفع والثاني قدر الغرض في ضيقة وسعته لان الإصابة في الواسع
أكثر منها في الضيق وأوسع الأغراض في عرف الرماة ذراع وأقله أربع أصابع والثالث قدر الدايرة من الغرض ان شرطت الإصابة فيها ويجب ان يكون محل الإصابة
معلوما هل هو في الهدف أو في الغرض أو في الدايرة لان الإصابة في الهدف أوسع وفي الغرض أوسط وفي الدايرة أضيق فان أهمل ذكره كان جميع الغرض محل الإصابة
لأنه ما دونه تخصيص فإن كان الشرط إصابة الهدف سقط اعتبار الغرض ولزم وصف الهدف في طوله وعرضه مسألة يجب الاعلام بعدد الأرشاق وهي جمع رشق
وهي النوية من الرمي تجرى بين الراميين سهما سهما أو خمسة خمسة أو عشرة عشرة أو ما يتفقان عليه ويجوز ان يتفقا على أن يرمى أحدهما جميع العدد ثم يرمي الأخر بعده الجميع
أو يرمي عدة من العدد ثم يرمي الأخر مثل تلك العدة ثم الأول كمال العدد أو بعضه ثم الثاني فان اطلقا حمل على رمي سهم سهم والمحاطة هي ان يشترط الاستحقاق لمن خلص
له من الإصابة عدد معلوم بعد مقابلة اصابات أحدهما بإصابات الأخر وطرح ما يشتركان فيه فإذا شرطا عشرين رشقا وخلوص خمس اصابات فرميا عشرين فأصاب
أحدهما عشرة والاخر خمسة فالأول هو السابق وان أصاب كل واحد منهما خمسه أو عشرة فلا سبق هنا والمبادرة هي ان يشترطا الاستحقاق لمن بدر إلى إصابة خمسة من عشرين
فإذا رميا عشرين وأصاب أحدهما خمسة والاخر أربعة فالأول ناضل ولو رمى أحدهما عشرين فأصاب خمسة ورمي الأخر تسعة عشر فأصاب أربعة لم يكن الأول ناضلا حتى يرمي
الثاني سهما فان أصاب فقد استويا والا كان ناضلا وبهذا يظهر ان الاستحقاق غير منوط بمجرد المبادرة إلى العود المذكور إذا عرفت هذا فالأقرب انه يشترط في عقد
المسابقة التعرض للمبادرة والمحاطة لان حكم كل واحد منهما مخالف بحكم الأخر فان أهمل بطل العقد لتفاوت الأغراض فان من الرماة من يكثر اصابته في الابتداء وتقل في
الانتهاء ومنهم من هو على عكس ذلك وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم انه لا يشترط ذكر أحدهما فان اطلقا حمل العقد على المبادرة لأنها الغالب في المناضلة
إذا عرفت هذا فاعلم أن للشافعي أقوالا ثلاثة أحدهما انه يشترط ذكر الارشاق وبيان عددها في العقد في المحاطة والمبادرة جميعا ليكون العمل مضبوطا فان الارشاق
362

في المناضلة كالميدان في المسابقة والثاني لا يشترط فيهما لان الرمي لا يجرى على نسق واحد وقد لا يستوفي الارشاق لحصول السبق في خلالهما فليكن التعويل على الاصابات
والثالث انه يشترط في المحاطة لينفصل الامر تبين؟ ونهاية العقد ولا يشرط في المبادرة لان الاستحقاق متعلق بالبدار إلى العدد المشروط وهو سهل المدرك مسألة
يجوز تعدد الرميات وكثرتها من غير حصر لكن لا بد من التعيين فان شرطا عددا معينا كثيرا لا يمكن ايقاعه في اليوم الواحد ففي وجوب تعيين عدد رمي كل يوم اشكال
فإن لم نقل به رميا ما يتفقان عليه كل يوم ولو عقدا على رميا كل يوم بكرة كذا وعشية كذا إما مساو أو تفاوت جاز وكذا يجوز تساوي الأيام في عدد الرمي وتفاوتها
ولا يتفرقان كل يوم الا بعد استيفاء العدد المشروط إلا أن يعرض بعض الاعذار كمرض أو ريح ثم يرميان على
ما مضى في ذلك اليوم أو بعده ولو رمي أحدهما عدد رميه
باسره ثم عرض عارض منع الأخر من الرمي أو من بعضه رمى من غده كمال العدد ويجوز ان يشترط الرمي طول النهار فلا يتركانه إلا وقت الطهارة والصلاة والاكل ونظايرها من الاعذار
وتقع مستثناة كما في الإجارات ولو اطلقا ولم يبينا وظيفة كل يوم فكذلك ولا يتركان الرمي إلا بالتراضي أو بمانع يعرض والحر والريح الخفيفة ليسا باعذار وإذا غربت الشمس
قبل الفراغ من الوظيفة المشروطة لم يرمه ليلا للعادة إلا أن يشترط الرمي ليلا فحينئذ يحتاجان إلى ضوء كشمعة ونحوها ويكفي ضوء القمر مسألة التناضل يخالف التسابق
فان المستابقين بالخيل وشبههما يجربان معا ليعرف السابق منهما وانما يكون ذلك مع التصاحب في السير واما التناضل فلا بد فيه من الترتيب لأنهما لو رميا معا اشتبه الحال
بين المصيب والمخطي فلا يعلم المصيب منهما ولما يخاف من تنافرهما الا ان يعرف بتعليم النشاب بما عين كل واحدة منهما عن صاحبتها وحينئذ فلا بد فيه من ذكر المبتدي بالرمي من هو
منهما وكيفية الرمي هل يتراميان سهما سهما أو خمسة خمسة ليزول التنازع بينهما أو يعمل كل واحد منهما على شرط فان أهملا ذكر المبتدي احتمل بطلان العقد لا خلاف الأغراض في البداة والرماة يتنافسون في المبتدي تنافسا ظاهرا لحكمة مقصودة عند
العقلاء فان المبتدي يحد؟ الغرض خاليا من الخلل وهو على ابتداء النشاط فتكون اصابته أقرب فحينئذ لو أهمل تأثر العقد والصحة فيبتدي مخرج السبق منهما فان أخرجاه معا
أقرع وان أخرجه ثالث فمن يختاره المخرج أو يقرع بكل حال لان الشارع رد الناس إلى القرعة في كثير من التنازعات وللشافعي قولان كالاحتمالين وإذا قلنا باشتراط تقديم
واحد أو اعتمد على القرعة فخرجت لواحد فيقدم في كل رشق أو يؤثر سبب التقديم في الرشق الأول خاصة للشافعية قولان ويحتمل ان يقال إذا ابتدى المتقدم في النوبة الأولى
بالقرعة ينبغي ان يبتدأ الثاني في الثانية من غير قرعة ثم يبتدي الأول في الثانية ثم الثاني ولو صرحوا بتقديم من قدموه في كل رشق أو أخرجت القرعة المتقدم في كل رشق اتبع
الشرط أو القرعة وقال الشافعي في الام انهما لو شرطا ان يكون المبتدي أحدهما ابدا لم يجز لان المناضلة مبنية على التساوي وليس بجيد لأنه يجوز في كل عقد لشرط
الابتداء لواحد معين وان أغفل في العقد عدد ما يرميه كل واحد منهما صح العقد وحمل على عرف الرماة فان اختلف عرفهم رميا سهما سهما مسألة
ينبغي ان ينصب الرماة غرضين متقابلين ويرمي المتناضلان أو الحزبان من عند أحدهما إلى الأخر ثم يأتيان الغرض الثاني الذي رميا إليه ويلقطان السهام ويرميان
إلى الأول لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ما بين الهدفين روضة من رياض الجنة وقال بعض الصحابة علموا أولادكم الرمي والمشي بين الغرضين ورمي بين الغرضين عقبة بن
عامر وابن عمر وانس ولأنه أخف على الرماة فإنهما إذا فعلا ذلك لم يحتاجا إلى الذهاب والرجوع ولا تطول المدة أيضا قال الشافعي إذا بدا أحدهما إما بحكم
الشرط أو بالقرعة أو باخراج المال فإذا انتهيا إلى الغرض الثاني يبدأ الثاني منه بالرمي إلى الأول تحقيقا للتسوية والأقرب الرجوع إلى أحد الثلاثة وقضية قول
الشافعي ان يبدأ الثاني في النوبة الثانية وإن كان الغرض واحدا وحينئذ يتصل رميه في النوبة الثانية برميه في النوبة الأولى تذنيبات آ إذا قلنا بالقرعة في المبتدى دخل المحلل في القرعة إذا اخرجا المال وللشافعي وجهان بناء على أن اخراج المال هل يقتضي السبق وان قلنا يقتضيه لم يدخل والا
دخل ب إذا ثبت البداية لواحد فرمى الأخر قبله فالأقرب انه إن كان برضاء المخصص بالبداة جاز وحسب له ان أصاب وعليه ان أخطأ وان بادر بذلك من غير
اذنه لم يحسب اصابته ولا خطاؤه ويرمى ثانيا عند انتهاء النوبة إليه ج إذا ثبت التقديم لأحدهما إما بالقرعة أو باخراج المال فأراد بعد استحقاقه للتقدم ان يتأخر لم يمنع
لان التقدم حق له وليس بحق عليه البحث الثاني تعيين الرماة مسألة يشترط تعيين المتراميين لأن العقد عليهما والمقصود به حذقهما وانما
يعرف حذقهما إذا تعينا ولان التعويل في المناضلة على الرامي كما أن التعويل في المسابقة على المركوب فاشترط تعيين الرامي هنا كما يشترط تعيين المركوب هناك فلا
يجوز ايراده على الذمة مسألة يجوز التناضل بين جزئين كما يجوز بين شخصين لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله مر بحزبين من الأنصار يتناضلون
فقال انا مع الحزب الذي فيهم ابن الأدرع فامسك القوم قسيهم وقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله من كنت معه غلب فقال ارموا وانا معكم كلكم فدل على أنهم كانوا حزبين وبه قال
الشافعي وجمهور أصحابه الا أبا علي بن أبي هريرة فإنه قال لا يصح ان يتناضل الحزبان لان كل واحد يأخذ بفعل غيره وهو غلط لانهم إذا اشتركوا صار فعل جميعهم
واحدا فاشتركوا في موجبه لاشتراكهم في فعله ولان المقصود من النضال التحريض على الاستعداد للجهاد وهو في الأحزاب أشد تحريضا واكثر اجتهادا إذا عرفت هذا
فالمراد من تناضل الأحزاب هو ان يتناضل حزبان بدخل في كل واحد منهما جماعة يتقدم عليهم واحد منهم فيقعد النضال على جميعهم ويكون كل حزب فيما يتفق
لهم من الإصابة والخطأ كالشخص الواحد وليكن لكل واحد من الحزبين زعيم يعين أصحابه فإذا تراضيا توكل فيهم في العقد مسألة يشترط في عقد النضال بين الحزبين
أمورا آ ان يتغاير الزعيمان فلا يجوز ان يكون زعيم الحزبين واحدا بل يجب ان يكون زعيم كل واحد من الحزبين غير زعيم الحزب الأخر ليصح نيابته عنهم في
العقد عليهم صح الحزب الأخر فإن كان زعيم الحزبين واحدا لم يصح كما لا يصح ان يكون الوكيل في البيع بايعا ومشتريا ب ان يتعين رماة كل حزب منهما قبل العقد
باتفاق ومراضاة فيعرف كل واحد منهم من يرمي معه بان يكون حاضرا يراه أو غايبا يعرفه فان عقده الزعيمان عليهم ليقرعوا على من يكون في كل حزب لم يصح كما إذا كان
الحزبان ثلاثة ثلاثة فيقول الزعيمان يقرع عليهم فمن خرجت قرعني عليه كان معي ومن خرجت قرعتك عليه كان معك لم يصح لانهم أصل في عقد فلم يصح عقدهم على القرعة
كابتياع أحد العبدين بالقرعة ولأنه ربما أخرجت القرعة الحذاق لاحد الحزبين والضعفاء للحزب الأخر فيخرج عن مقصود التحريض في التناضل فان عدلوا بين الحزبين في
الحذق والضعف قبل العقد على أن يقرع الزعيمان على كل واحد من الحزبين بعد العقد لم يصح باعتبار التعليل الأول من كونهم أصلا في العقد دون التعليل الثاني
من اجتماع الحذاق في أحد الحزبين فإذا ثبت تعيينهم قبل العقد بغير قرعة تعينوا فيه إما بالإشارة إليهم إذا حضروا وان لم يعرفوا واما بأسمائهم إذا عرفوا فان
تنازعوا عند الاختيار قبل العقد فعدلوا إلى القرعة في المتقدم بالاختيار جاز لأنها قرعة في الاختيار وليست قرعة في العقد فإذا قرع بأحد الزعيمين اختار من الستة
واحدا ثم اختار الزعيم الثاني ثانيا ثم عاد الأول فاختاره ثالثا واخذ الأخر الثالث الباقي ولم يجز ان يختار الأول الثلاثة في حالة واحدة لأنه لا يختار إلا الأحذق
فيجتمع الحذاق في حزب والضعفاء في حزب فيعدم مقصود التناضل من التحريض ولا يجوز ان يعقد عقد النضال قبل تعيين الأعوان وطريق التعيين الانتقاد
والتراضي فيختار زعيم واحد أو الزعيم الأخر في مقابلته واحدا ثم الأول واحدا ثم الأخر واحدا وهكذا إلى أن يستوعبوا الرماة ولو قال أحد الزعيمين اختار الحذاق
واعطى السبق أو اختار الضعفاء واخذ السبق لم يجز ج يشترط تساوي الحزبين في العدد وبه قال بعض الشافعية لان المقصود معرفة حذق المتناضلين وإذا اختلف
363

عددهما وفضل الأكثر عددا لم يلزم ان يكون الفوز للحذق وجودة الرمي بل يجوز ان يكون ذلك لكثرة العدد وقال بعض الشافعية لا يشترط تساوي الحزبين في عدد
الاشخاص بل في عدد الرمي وعدد الإصابات فيجوز ان يكون أحد الحزبين ثلاثة والاخر أربعة والارشاق ورميانه على كل حزب ولو ترامى رجل ورجلين أو ثلاثة ليرمي هو ثلاثة
ويرمي كل واحد منهما واحد جاز وعلى الأول يشترط ان يكون عدد الارشاق بحيث ينقسم صحيحا على الأحزاب فان كانوا ثلاثة احزاب فليكن للارشاق ثلاث صحيح وان كانوا
أربعة فليكن لها ربع صحيح د يشترط ان يكون العقد باذنهم فإن لم يأذن آحاد كل حزب فيه لم يصح لأنه عقد معاوضة يتردد بين الإجارة والجعالة وكل واحد من هذين
لا يصح إلا بإذن واختيار فان عقد عليهم من لم يستأذنهم بطل ه‍ ان يعين كل من الحزبين على من يتولى العقد فيكون فيه متقدما عليهم ونايبا عنهم وان لم يعينوا على كل واحد واحد
منهم لم يصح العقد عليهم لأنه توكيل فلم يصح الا بالتعيين وينبغي ان يكون كل زعيم أحذق حزبه ويكون حزبه أشد طاعة له لان صفة الزعيم في العرف ان يكون متقدما في الصناعة
مطاعا في الجماعة فان تقدموه في الرمي وأطاعوه في الابتاع جاز وان لم يتقدمهم في الرمي ولم يطيعوه في الاتباع لم يجز لان غير المطاع لا تنفذ أوامره مسألة
إذا اجتمعت الشرايط في عقد النضال بين الحزبين لم تخل حالهم في حال اخراج؟ المتفق من أربعة أحوال آ ان يخرج المال أجنبي ويشترطه ناضل للناضل من الحزبين وهو جايز ولا حاجة
إلى المحلل اجماعا ب ان يخرجه أحد الحزبين دون الأخر وهو صحيح سواء انفرد زعيم الحزب باخراجه أو اشتركوا فيه ويكون الحزب المسبق معطيا إن كان منضولا
وغير اخذ إن كان ناضلا ويكون الحزب الأخر اخذ إن كان ناضلا وغير معط إن كان منضولا وهو المعنى عن المحلل لأنه محلل ج ان يكون الحزبان مخرجين ويختص باخراج المال
زعيم الحزبين وهو صحيح ويغني عن المحلل لان مدخل المحلل ليأخذ ولا يعطي وحال كل حزب انهم يأخذون ولا يعطون فإذا نضل أحد الحزبين أحرز زعيمهم مال نفسه وقسم
مال الحزب الأخر المنضول بين أصحابه وإن كان الزعيم راميا معهم شاركهم في مال السبق وان لم يرم معهم فلا حق له فيه لان مال النضال لا يجوز ان يتملكه غير الناضل
وصار معهم كالأمين والشاهد فان رضخوا له بسهم منه بطيب الفسهم؟ جاز وكان تطوعا وان شرط عليهم ان يأخذ معهم بطل الشرط ولم يبطل به العقد لأنه ليس بينه
وبين أصحابه عقد يبطل بفساد شرطه وانما العقد بين الحزبين وليس لهذا الشرط تأثير فيه د ان يخرجا المال ويشترك أهل كل حزب في اخراجه وهذا يصح عندنا وان لم
يكن محلل ومن شرط المحلل كالشافعي لم يجوزه حتى يدخل بين الحزبين حزب ثالث يكون محللا يكافي كل حزب في العدد والرمي يأخذ ولا يعطي كما يعتبر في اخراج المتناضلين
المال ان يدخل بينهما محلل ثالث يأخذ لا يعطي وهذا على رأي من يشترط المحلل إما عندنا فلا مسألة المال المخرج من كل حزب ان لم يسموا قسط كل واحد من
جماعتهم اشتركوا في التزامه بالسوية على عددهم من غير تفاضل فيه لاستوائهم في التزامه فإن كان زعيمهم راميا معهم دخل في التزامه كأحدهم كما أنه يدخل في الاخذ
معهم وان لم يكن راميا لم يلتزم معهم كما لم يأخذ معهم وان سموا قسط كل واحد منهم في التزام مال السبق فان تساووا في التسمية صح لموافقته حكم الاطلاق وان تفاضلوا
فيه فالأقرب الجواز لأنه شرط تابع لاختيارهم صادر عن اتفاق لم يتضمنه فيما بينهم عقد فاعتبر فيه التراضي وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجوز لتساويهم في العقد فيجب
ان يتساووا في الالتزام وهو ممنوع ولو شرطوا ان يكون المال مقسطا بينهم على صواب كل واحد منهم وخطائه لم يجز لأنه على شرط مستقبل مجهول غير معلوم فبطل ولا يؤثر
بطلانه في العقد لأنه ليس فيما بينهم عقد وكانوا متساويين فيه مسألة إذا استحق المال أحد الحزبين قسم بين جميعهم فان شرطوا قسمته بينهم على قدر إصاباتهم
جاز وكذا لو شرطوا قسمته بين الحزب الناضل على عدد الرؤس وان اطلقوا العقد احتمل قسمته على قدر الإصابات لانهم بالإصابة قد استحقوه فلا يتساوى بين
كثير الإصابة وقليلها بخلاف التزام المنضولين حيث تساووا فيه مع اختلافهم في الخطاء لان الالتزام قبل الرمي فلم يعتبر بالخطأ والاستحقاق بعد الرمي فصار معتبرا
بالصواب وحينئذ لو أخطأ من أهل الحزب الناضل واحد في جميع سهامه لم يستحق شيئا وقسم على من عداه يحتمل قسمته على عدد الرؤس بالسوية مع تفاضلهم في الإصابة لاشتراكهم
في العقد الذي أوجب تساويهم فيه فصاروا بذلك كالشخص الواحد فالناضلون يأخذون بالسوية كما أن المنضولين يعطون بالسوية وحينئذ لو أخطأ واحد
من الحزب الناضل في جميع سهامه استحق سهما مساويا للسهم الناضل ويقابل هذا ان يكون في الحزب المنضول من أصاب بجميع سهامه ففي خروجه من التزام المال وجهان
أحدهما يخرج من التزامه ان قيل بخروج المخطي من استحقاقه والثاني لا يخرج من الالتزام ويكون فيه أسوة من أخطأ إذا قيل بدخول المخطئ في الاستحقاق وانه فيه أسوة من أصاب
مسألة ينبغي ان يكون عدد الرشق ينقسم على قدر افراد الأحزاب بجزء صحيح فإن كان هناك حزبان كل حزب اثنان وجب ان يكون لعدد الرشق نصف صحيح كالعشرين
وإن كان كل حزب ثلاثة وجب ان يكون للعدد ثلاث صحيح كالثلاثين ولا يجوز ان يكون أربعين أو خمسين وإن كان عدد الحزب أربعة كان عدد الرشق أربعين ولا يجوز
ان يكون عدد الرشق ما ينكسر على الأحزاب كما لو كان عدد الحزب أربعة وجب ان يكون عدد الرشق أربعين أو ماله ربع صحيح وكذا إن كان عدد الحزب خمسة وجب ان يكون
عدد الرشق ماله خمس صحيح لأنه إذا لم ينقسم عدد الرشق على عدد الحزب إلا بكسر لم يصح التزامهم له لان اشتراكهم في رمى السهم لا يصح فاما عدد الإصابة المشروطة فيجوز
ان ينكسر على عددهم لأن الاعتبار فيها باصابتهم لا باشتراكهم فإذا كان عدد الحزب أربعة وشرطوا خمس اصابات أو ثلثة فحصل من أيهم كان حصل النضل فإذا استقر
هذا عنهم احتسب لزعيم كل حزب بإصابات كل واحد من أصحابه واحتسب عليه بخطاء كل واحد منهم سواء تساوى رجال الحزب في الإصابة وهو نادر أو اختلفوا وتفاضلوا
فيها وهو الغالب فإذا شرط خمسون إصابة من مائة وجمعت الإصابات لم يخل مجموع الإصابتين من أحوال ثلاثة آ أن يكون المجموع إصابة كل حزب خمسين فصاعدا فليس
فيهما ناضل ولا منضول وان تفاوتا في الزيادة على الخمسين فصاعدا فليس فيهما ناضل ولا منضول ب أن يكون مجموع إصابة كل حزب أقل من خمسين فليس
فيهما ناضل ولا منضول وان تفاضلا في النقصان من الخمسين ج ان يكون مجموع إصابة أحدهما خمسين فصاعدا ومجموع إصابة الأخر أقل من خمسين فالأول ناضل
وإن كان أحدهم في الإصابة مقلا والثاني منضول وإن كان أحدهم في الإصابة مكثرا فيصير مقلل الإصابة آخذا
ومكثرها معطيا لان حزب المقلل ناضل وحزب المكثر منضول مسألة قد بينا انه لا بد ان يعرف
كل حزب من يرمى معه وهل يشترط ان يعرف الأصحاب بعضهم بعضا أو تكفى معرفة الزعيمين فيه احتمال وللشافعية وجهان وهل يجوز ان يشترط في العقد ان يقدم
من هذا الحزب فلان وان يقابله من الحزب الأخر فلان ثم فلان وفلان منع منه الشافعية لان تدبير كل حزب إلى زعيمهم ليس للاخر مشاركته فيه وليس بعيدا من
الصواب جوازه عملا بالشرط وهو غير مناف للكتاب والسنة مسألة إذا عقد الزعيمان العقد فحضر عندهم قريب لا يعرفونه فاخذه أحد الزعيمين في حزبه
ودخل في عقده وشرعوا في الرمي وظن المختار له انه جيد الرمي وظهر خلافه فإن كان لا يحسن الرمي أصلا أو لا يكون من أهله بطل العقد فيه لأنه معقود عليه في عمل معدوم عنه لا يمكن
صدوره عنه فكان بمنزلة من استؤجر للكتابة ولم يكن كاتبا يكون العقد باطلا كذا من دخل في عقد الرمي وليس برام وإذا بطل في حقه قال بعض الشافعية يبطل
العقد في واحد من الحزب الأخر لأنه في مقابلته وهل يبطل فيمن بقى من الحزبين خلاف ينشأ من تفريق الصفقة وقطع بعضهم بالبطلان هنا وجعل هذا القول
وهما من قائله لان من في مقابلته من الحزب الأخر غير متعين وليس لزعيمهم تعيينه في أحدهم لان جملتهم في حكم العقد سواء وليس أحدهم في ابطال العقد في حقه
364

بأولى من اثباته فيه ولا تأثير لدخول القرعة فيه لأنها لا تدخل في اثبات عقد ولا ابطاله فوجب ان يكون العقد في حقوق الجماعة باطلا فان قلنا لا يبطل فللحزبين
خيار الفسخ والإجازة لتبعيض الصفقة فان أجازوا وتنازعوا في تعيين من يجعل في مقابلته فسخ العقد لتعذر امضائه وفصل الجويني فقال إن كان الأخر بحيث لا يتمكن
من اخذ قوس ونزع وتر فالحكم كما تقدم وإن كان يتمكن منهما لكنه ما اعتاد الرمي ففيه احتمال ويتطرق الاحتمال إلى أن مثل هذا الشخص هل يرامي مع العلم بحاله
يحتمل جوازه لوجود صورة الرمي منه والمنع لان اقدام مثله على الرمي خطر فلا فايدة فيه وان ظهر انه ضعيف وقليل الإصابة ولكن يحسن الرمي فلا فسخ لأصحابه
وان ظنوا منه مثلهم في الرمي ولا لهم الاستبدال ويكون صوابه وخطائه لحزبه وهو بمنزلة من عرفوه وان ظهر انه مساو لهم فلا مجال للحزبين فيه ويكون صوابه لحزبه
وخطؤه عليهم وان ظهر انه أجود منهم رميا لم يكن للحزب الأخر الفسخ ولا طلب البدل عنه ممن يساويهم لأنه قد دخل في عقدهم وصار كأحدهم في لزومه أو جوازه ولا
يجوز افراده منهم بفسخ ولا خيار ويكون صوابه وخطؤه لحزبه قال بعض الشافعية هذا مبني على أنه هل يشترط في المتراميين التقارب أو لا يشترط فيكون
أحدهما كثير الإصابة والاخر قليلها والظاهر عدم الالتفات إلى هذا التفاوت وهذا يعطي جواز ادخال المجهول الذي لم يختبر في المرامات ويقرب من قياسهم
المنع لما فيه من الجهالة العظيمة لكن الشافعية صرح بتجويزه فلو تناضل غريبان لا يعرف واحد منهما حال صاحبه حمل العقد على الصحة فان تبين ان أحدهما لا يحسن الرمي
بطل العقد وكذا ان ظهر انهما معا لا يحسنان الرمي وان ظهر ان أحدهما ضعيف لا يقاوم الأخر ففي بطلان العقد ما تقدم من الخلاف فيما إذا عاقد فاضل؟ ضعيفا
مسألة إذا اجتمع رماة الحزبين ولم يتميزوا في كل واحدة من الجهتين فقال أحد الزعيمين انا اخرج مال السبق على أن اختار لحزبي من أشاء أو تكون
أنت المخرج على أن تختار لحزبك من تشاء لم يجز وكان هذا الشرط فاسدا لان كل واحد من اخراج المال وتعيين الحزب لا يصح الا عن مراضات فلم يجز ان يكون أحدهما مشروطا
للاخر لخروجه عن الاختيار والى الالتزام وكذا إن كان فلا معي فمال السبق عليك إن كان معك فمال السبق علي لم يصح البحث الرابع في امكان الإصابة
مسألة يشترط في عقد المناضلة اشتراط إصابة ممكنة يتوقع حصولها ولا تكون ممتنعة فلو شرطا إصابة لا يمكن حصولها بمجرى العادة فسد العقد
لأنه غير مفض إلى المقصود فان مقصود كل واحد من المتناضلين من بذل المال الحث على المناضلة طمعا في تحصيل المال وانما يتأتي ذلك في الممكن لان الممتنع لا يسعى
في تحصيله والممتنع عادة كالممتنع لذاته في بطلان العقد باشتراطه وله أسباب منها صغر الغرض جدا بحيث لا يمكن اصابته ومنها بعد المسافة بين الموقف والغرض
في الغاية ومنها كثرة الإصابة كما لو شرط إصابة مائة رشق على التوالي وعن بعض الشافعية انه يصح اشتراط إصابة عشرة من عشر رميات إما لو شرط الكثير من
الأكثر كسبعة من عشرة جاز مسألة ولا يجوز ان يشترط من الإصابة ما يجب حصوله بالعادة لأنه مناف للغرض من الحذق في الرمي والسعي في مبادرة النضال
فلو شرط إصابة واحد من مائة على هيئة الحاصل لم يصح لأن هذه المعاملة ينبغي ان يكون مشتملة على الخطر ليسعى العاقد ويتأنق في الرمي وهو أحد وجهي الشافعية
ولو كان المشروط قد يتفق حصوله لكنه نادر فالأقرب صحة العقد عملا بالشرط وامكان تحصيل المقصود لان فضل الرامي يظهر به وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
وهو الاظهر عندهم المنع لان الشارع انما شرع هذه المعاملة وبذل المال فيها تحريصا على الرمي والاجتهاد فيه فإذا كان المشروط بعيد الحصول بترتب النفوس
به ويجري هذا الخلاف في كل صورة تندر فيها الإصابة المشروطة كالتناضل إلى مسافة بعيدة تتعذر فيها الإصابة والتناضل في الليلة المظلمة وإن كان الغرض قد يظهر
لهما ويعرف من هذا الخلاف فيما إذا نوى الإقامة في مفازة ليست هي موضع إقامة هل يصير مقيما وكذا المتناضلان ينبغي ان يكونا متقاربين بحيث يحتمل ان يكون
كل واحد منهما ناضلا ومنضولا فان تفاوتا وكان أحدهما مصيبا في أكثر ما يروى يكون الأخر مخطيا في أكثر رميه فوجهان للشافعية أحدهما المنع لان حذق الناضل
معلوم بغير نضال فاخذه للمال كاخذه بلا نضال وكذا المحلل الذي يدخله المتناضلان بينهما ينبغي ان يكون مما يتوقع اصابته وقصوره فان علم أنه مقصر
لم يصلح ان يكون محللا وكان وجوده كعدمه وإن كان يعلم أنه يفوز فالوجهان البحث الخامس في تعيين الموقف مسألة يشترط تعيين موقف
الرماة وتساوي المتناضلين فيه فلو شرطا ان يكون موقف أحدهما أقرب لم يجز كما في المسابقة نعم يجوز لأحدهما أن يقدم أحد قدميه عند الرمي لان عادة
الرماة ذلك وليس لأحدهما ان يتقدم بخطوتين أو ثلاث بل ولا بخطوة واحدة سواء كانت عادة الرماة فيه متفقة أو مختلفة إما مع الاختلاف بان كانوا
يفعلونه تارة ويسقطونه أخرى فظاهر لعدم الضبط والافضاء إلى التنازع فتجب رعاية التسمية واما مع الاتفاق فلانهما متكافيان في العقد فلم يجز ان يتقدم
أحدهما على الأخر بشئ لأنه يصير مصيبا بتقدمه لا بخدمة وللشافعية في المعتاد وجهان هذا أحدهما والثاني انه يعتبر ذلك فيهما لان العرف في العقود معتبر
كاطلاق الأثمان فعلى هذا الوجه وهو اعتبار العادة ان لم يختلف العادة في عدد الاقدام بان كانت عادتهم التقدم بخطوتين مثلا اعتبر هذا العدد وحمل على
العرف في العدد ليكون القرب بالاقدام في مقابلة قوة النفس بالمتقدم وان اختلفت فكانت عادتهم تارة التقدم بخطوة وتارة بثلاث أو واحدة اعتبر الأقل في
العرف دون الأكثر تذنيب لو تقدم أحدهما على الأخر بما لا يستحق لم يحتسب له بصوابه لجواز استناد الإصابة إلى التقدم لا إلى الحذق واحتسب عليه خطاؤه
لأنه أبلغ من العدد مسألة عادة الرماة مختلفة على وجهين كلاهما جايز فمنهم من يرمي بين هدفين متقابلين فيقف أحد الحزبين في هدف يرمي منه
إلى الهدف الأخر ويقف الحزب الأخر في الهدف المقابل فيرمي منه إلى الهدف الأخر وهو أحسن الوجهين لقوله (ع) بين الهدفين روضة من رياض الجنة ولأنه اقطع للتنافر
وأقل للتعب فان رميا إلى هدفين كان للمبتدئ بالرمي ان يقف في أي الهدفين شاء ويرمى إلى الأخر ويقف الثاني في الهدف الثاني ويصير ذلك مستقرا بينهما
إلى الأخر رميهما وليس لواحد منهما ان يدفع الأخرى عن هدفه ومنهم من يرمي إلى هدف واحد فإذا كان كذلك وقف المبتدي في اي موضع شاء من مقابلة
ويقف الثاني حيث شاء من يمين الأول أو يساره فإن لم يرض الا في موقف الأول فوجهان أحدهما انه يقف موقفه ليساويه فيه والثاني ليس له ذلك لان الأول
إذا زال عن موقفه نسي حسن صنعته مسألة إذا وقف الرماة صفا فالواقف في الوسط أقرب إلى الغرض ممن على اليمين واليسار لأنا لو أخرجنا خطين بما؟
على الوسط مارا إلى الغرض قائما عليه ثم أخرجنا خطين آخرين أحدهما من أحد طرفي الصف إلى الغرض والثاني من الطرف الآخر من الصف إلى الغرض فان الخط الأوسط يكون اقصر لأنه يوتر زاوية
حادة وكل واحد من الخطين الخارجين من الطرفين يوتر زاوية قائمة ووتر القائمة أطول من وتر الحادة وإذا ثبت انه اقصر كان أقرب إلى الغرض لكن هذا التفاوت يسير جدا محتمل بالاتفاق
ولم يشترط أحد تناوب لرماة على الموقف بحيث إذا رمى واحد في موقف قام وجلس مكانه غيره لما في القيام والقعود من المشقة ولو تنافسوا في الوقوف في وسط
الصف فإن لم يتعرضوا له في العقد بطل العقد ويحتمل اتباع العادة ويحتمل القرعة وللشافعية ثلاثة أوجه كالاحتمالات لهم وجه رابع انهم إذا اختلفوا
في موضع الوقوف فالاختيار لمن له البداية ممن يستحق السبق إما بالشرط أو غيره يختار المكان فيقف في المقابلة أو متيامنا أو ميتاسرا كيف شاء وإذا وقف
وقف الأخر بجنبه إما على اليمين أو على اليسار فإن لم يرض إلا أن يقف عند الرمي في موقف الأول احتمل ان يكون له إزالة الأول من موقفه والعدم وللشافعية وجهان
365

وإذا كانا يرميان بين غرضين فإذا انتهيا إلى الغرض الثاني فالثاني كالأول يقف حيث شاء فان كانوا ثلاثة يقرع بين الآخرين عند الغرض الثاني فمن خرجت له
القرعة يقف حيث شاء ثم إذا عادوا إلى الغرض الأول بدا الثالث بغير قرعة ويقف حيث شاء مسألة لو رضوا بعد العقد بتقدم واحد فإن كان يتقدم
بقدر يسير فلا بأس لان مثل ذلك يقع إذا وقفوا صفا وإن كان أكثر منه لم يجز لأنه مخالف لوضع العقد وصار بمنزلة ما لو شرط الاستحقاق لواحد بتسع اصابات
والباقين بعشر ولو تأخر واحد برضا الآخرين فالوجه الجواز لأنه يضر بنفسه ويزيد المسافة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم وهو الاظهر عندهم المنع لأنه إذا تأخر
كان الآخرون متقدمين فروع أ لو تطابقوا جميعا على التقدم أو التأخر أو تعين عدد الارشاق بالزيادة أو النقصان فان قلنا إن المسابقة والمناضلة عقدان
جايزان جاز وان قلنا إنهما لازمان لم يجز ب لو قال أحد المتناضلين نستقبل الشمس في رمينا وقال الآخر نستدبرها أجيب طالب الاستدبار لان الشعاع إذا
استقبله الرامي اختل عليه رميه ج لو شرطا في العقد استقبال حملا عليه عملا بالشرط كما أن مطلق العقد يقتضي الرمي بالنهار فإذا شرطا الرمي ليلا حملا عليه إما في
ضوء القمر أو يشعلا نارا مسألة لا يشترط المحلل في المناضلة عند علمائنا خلافا للعامة عملا بأصالة العدة وقد سلف في باب المسابقة ذلك والمال
في المناضلة إما ان يخرجه غير المتسابقين مثل أن يقول امام أو أجنبي للمتناضلين إرميا عشرة ارشاق فمن أصاب منها كذا فله كذا أو يخرجه أحدهما بان يقول أحدهما نرمي كذا فان أصبت منها
كذا فلك على كذا وان أصبتها فلا شئ لي عليك أو يخرجه كلاهما بان يشترط كل واحد منهما المال على الأخر ان أصاب ولا خلاف في عدم الاحتياج إلى المحلل في القسمين
الأولين وانما الخلاف في الثالث فعندنا لا يحتاج وعندهم يحتاج إلى المحلل وقد سبق مسألة قد عرفت انه كما يجوز المناضلة بين اثنين تجوز بين حزبين فان اخرج المال غير الحزبين أو
أحدهما دون الأخر من دون المحلل وان أخرجه الحزبان معا فلا بد من محلل أو من حزب محللين عندهم ولو اخرج الحزبان المال وشرطوا لواحد من الحزبين انه إذا
كان الفوز لحزبه شاركهم في اخذ المال وإن كان الفوز للحزب الأخر فلا شئ ء على ذلك الواحد وانما يغرم أصحابه جاز عندنا وهو أحد وجهي الشافعية ويكفي ذلك الشخص محللا
وأصحهما عندهم المنع لان المحلل هو الذي إذا فاز استبد بالمال وهنا لا يستبد بل يوزع المال عليه وعلى أصحابه لو فاز ولو اشتمل كل حزب على محلل فللشافعية وجهان
مرتبان وهذه الصورة أقرب لاشتمال كل حزب على محلل المطلب الثاني في الاحكام مسألة إذا تناضلا فان شرطا مطلق الإصابة لم يشترط التأثير
بصفات الإصابة من الخسق والخزق وغيرهما واكتفى بالإصابة المطلقة لأنها الشرط فلا يعمر الزايد ثم إن ذكر إصابة الغرض حسب ما أصاب الجلد والحديد وهو الداير
على الشن والعروة وهي الشيز؟ أو الخيط المشدود بها الشن على أصل الحديد وكل ذلك من الغرض إما ما تعلق به الغرض فإنه ليس من الغرض وهو الأشبه من قولي الشافعي
وان ذكر إصابة الشن لم يحتسب إصابة الحديد والعروة وان ذكر اصابه الحاصرة وهي يمين الغرض أو يساره لم تحتسب إصابة غيرها ولا فرق بين ان يشترطا مطلق الإصابة
أو القرع لأنه عبارة عن مطلق الإصابة ويحتسب بكل أنواع الإصابات من قارع وخازق وخاسق لان جميعها مصيب وكل واحد مشتمل على زيادة على مطلق الإصابة
وكذا لو تشارطا الخواصل احتسب بكل مصيب مسألة لكل سهم طرفان أحدهما يوزع فيه الريش والثاني يوضع فيه الزج فقدح السهم هو خشبته المريشة واختلف
فيما يسمى به منها فقال بعضهم هو اسم لجميع الخشبة وقال آخرون هو اسم يختص بموضع الوتر منه ويسمى فوق السهم وهو الجزء الذي يدخل فيه الوتر واما النصل فهو
الطرف الآخر من السهم واختلف فيما يسمى منه نصلا فقال بعضهم انه اسم للحديد المسمى زجا وقال بعضهم انه اسم لطرف الخشبة الذي يوضع فيه الزج من الحديد والإصابة
انما يكون بالنصل لا بالقدح فإذا أصاب بالنصل لا بالقدح فقد أصاب وان أصاب بغير النصل لم يحتسب به مصيبا وينظر فيما به أصاب من السهم فان أصاب بعرض السهم
احتسب به مخطيا لأنه منسوب إلى سوء رميه وان أصاب بقدح السهم ففي الاحتساب به مخيطا للشافعية وجهان الأقرب ذلك لما تقدم من انتسابه إلى سوء رميه مسألة
لو رمى السهم فصدم السهم جدارا أو شجرا ثم أصاب الغرض فالوجه ان نقول إن احتمل استناد الإصابة إلى
الصدمة لا إلى جودة الرمي لم يحتسب له وان لم يحتمل ذلك احتسب له
وللشافعية وجهان أحدهما ان هذه الإصابة محسوبة كما لو صرفت الريح اللينة السهم فأصاب فكما لو هتك السهم في مروره حجابا عارضا ثم أصاب والثاني المنع لان الإصابة حصلت
بالصدقة لا بجودة الرمي وهو جيد إن كانت الشجرة ما يلة؟ عن قبالة الغرض ثم ردته الصدمة على شن الغرض فإن كانت على السمت فالانصدام بها كالانصدام بالأرض ولو
اعترض بين السهم والهدف حايل من بهيمة أو انسان فان امتنع به السهم عن وصوله إلى الهدف لم يحتسب في صواب ولا خطأ وان نفذ في الحايل حتى هرق؟ منه وأصاب الهدف فهو
مصيب ولو نقض الحايل السهم حتى عدل بالنفض عنه إلى الهدف لم يحتسب به مصيبا لأنه انما أصاب بالنقص لا بالرمي مسألة لو انصدم السهم بالأرض ثم وبث
منها وأصاب الغرض فهو المزدلف وقد اختلف الفقهاء في أنه هل يعد إصابة أم لا فقال بعضهم انه يعد إصابة ويحتسب له لحصول الإصابة بالسهم والانصدام بالأرض لا يؤثر فإنه
يدل على شدة الرمي وانخفاض السهم نهاية الحذق في الرمي ولهذا إذا رمي إلى انسان سهما فأصابه مزدلفا وجب عليه القصاص ولان رمية الجمرة بالحصاة إذا وقعت كذلك احزاق
وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه لا يحتسب إصابة لان السهم إذا احتك بالأرض احتكت به فيكون الإصابة بمعاونة الأرض وربما انقطع اثر الرمي في هذا ولان الأرض تهرش
رميه فتجرى مجرى العارض وهو غلط لان الأرض لو جرى مجرى العارض لم يعتد عليه الخطاء والوجه التفصيل وهو ان ينظر في اصابته للأرض فان اعانته الصدمة
فزادته حدة في جهته مو ورة؟ ولا تحتسب له ولا عليه وان ضعفته وأصاب مع ذلك حسب له ولو أصاب بفوقه لم تحتسب له قطعا وتحتسب عليه لان ذلك من رداءة الرمي
وفرق بعضهم بين رمي الحصاة والسهم ان الغرض حصول الحجر في الرمي بفعله وهنا بيان الحذق مسألة للريح؟؟ في تعيين السهم عن جهته وحذاق الرماة
يعرفون مخرج السهم عن القوس هل هو مصيب أو مخطى فإذا رمي السهم فغيرته الريح فهو على قسمين الأول ان يخرج مفارقا للشن فيعدل به الريح إلى الشن فيصيب أو يكون مقصرا
عن الهدف فتبعثه الريح حيت ينبعث فيصيب فيعتبر حالة الريح فإن كان ضعيفة حسب في الإصابة لأننا على يقين من تأثير الرمي ونشك في تأثير الريح فيعتمد على المتيقن وإن كانت
الريح قوية نظر فإن كانت موجودة عند ارسال السهم كان محسوبا في الإصابة لأنه قد اجتهد في التحرز من تأثير الريح بتحريف سهمه فأصاب باجتهاده ورميه وان حدثت
الريح بعد ارسال السهم ففي الاحتساب له اشكال وللشافعية وجهان تخريجا من اختلاف قول الشافعي في المزدلف هل يحتسب اصابته أم لا أحدهما ان يحتسب به مصيبا إذا احتسب
بإصابة المزدلف والثاني لا يحتسب به مصيبا ولا مخطيا إذا لم يحتسب بإصابته المزدلف الثاني ان يخرج السهم موافقا للهدف فتعدل به الريح حتى عن الهدف فيعينه؟ حالة الريح فإن كانت
طارية بعد خروج السهم عن القوس القى السهم ولم يحتسب به من الخطاء لعدم امكان التحرز من الريح فلا ينسب إلى سوء الرمي وإن كانت الريح موجودة عند خروج السهم فإن كانت
قوية لم يحتسب به في الخطاء لأنه أخطاء في اجتهاده الذي يتحرز به من الريح ولم يخط من سوء الرمي وإن كانت الريح ضعيفة ففي الاحتساب به في الخطاء وجهان
أحدهما يكون خطأ لأننا على يقين من تأثير الرمي وفي شك من تأثير الريح والثاني لا يكون محسوبا في الخطاء لان الريح تفسد صنع المحسن وان قلت كما تفسده إذا كثرت
366

مسألة إذا اهتب الريح فأزالت الشن عن موضعه إلى غيره فاما ان يقع السهم في غير الشن وفي غير موضعه الذي كان فيه فيحتسب به مخطيا لأنه وقع في غير محل الإصابة قبل
الريح وبعدها واما ان يقع في الموضع الذي كان فيه الشن من الهدف فيحتسب مصيبا لوقوعه في محل الإصابة واما ان يقع في الشن بعد زوال الشن عن موضعه فاما ان يزول
الشن عن موضعه بعد خروج السهم فيحتسب به من الخطاء لوقوعه في غير محل الإصابة عند خروج السهم واما ان يخرج السهم بعد زوال الشن عن موضعه وعلم الرامي بزواله
فينظر في الموضع الذي صار فيه فإن كان خارجا من الهدف لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا لخروجه عن محل الصواب والخطأ وإن كان مماثلا لموضعه من الهدف احتسب به
مصيبا لأنه قد صار محلا للإصابة مسألة لو شرطا الخواسق فأصاب السهم الغرض وثقبه وتعلق النصل به وثبت فهو خاسق فان سقط إلى الأرض بعدما ثبت
لم يضر ذلك في الخسق لأنه حصل بعد تحقق الخسق فصار كما لو نزعه غيره وان خدشه ولم يثقبه فليس بخاسق وان ثقبه ولم يثبت فيه بل سقط بعد ثقبه إلى الأرض فليس
بخاسق لعدم تحقق مسمى الخسق لأنه يعتبر فيه الثبات ولم يتحقق فلم يثبت المسمى حينئذ وهو أظهر قولي الشافعي والثاني أنه يكون خاسقا لأنه ثقب ووجد ما يصلح لثبوت السهم
فيه والسقوط يحتمل ان يكون لسعة الثقب أو لثقل السهم أو غيرهما ولو ثقب ومرق فالأقرب انه خاسق لان الخرق قد حصل ومروقه بعد خرقه يدل على زيادة القوة وليس
الغرض من ذلك الثبوت في نقرة معينة وانما الغرض لمن تقوى الرمية بحيث يتأتى معها الثبوت ومن الرماة من لا يحسبه خاسقا وللشافعية طريقان أحدهما ان فيه
قولين أحدهما انه ليس بخاسق لأنه لم يثبت والثبوت يفتقر إلى ضبط وحذق فإذا مرق دل على قصور رميه والثاني انه خاسق والطريق الثاني القطع بأنه خاسق لان الشافعي
صرح بأنه خاسق عنده مسألة لو شرط الخواسق فرمى السهم فأصاب طرف الغرض وثبت هناك فالأقوى انه خاسق وهو أظهر قولي الشافعية بأنه خرق بالنصل وثبت
والثاني انه ليس بخاسق لان الخسق انما هو الثقب في الوسط وهذا لا يسمى ثقبا ولا خرقا للغرض وانما هو شق لطرفه ويقال لهذا السهم خارم لا خاسق وفي موضع القولين
للشافعية طرق آ ان الخلاف فيما إذا كان بعض خرم النصل خارجا واما إذا أحد؟ الغرض خرم النصل باسره فقد حصل الخسق إجماعا وهو حسن ب ان بقى من توابع
الشن ما يحيط بدا أيسر؟ السهم فهو خاسق وان لم يبق مع الخرم شيئا من حاشية الشن وحصل ما خرج من داير السهم مكشوفا فلا يخلو إما ان يكون موضع السهم غير خارج من
داير الشن وحاشيته وانما سقط حاشية الشن لضعفه فهذا يحتسب به خاسقا وان خرمه لان خرمه لضعف الشن لا لموضع السهم والثاني ان يكون خرمه لوقوع السهم
في الحاشية ويدخل بعض داير السهم في الشن ويخرج بعض دايره من الشن ففي الاعتداد به خاسقا قولان أحدهما لا يعد خاسقا لان اختصاصه باسم الخرم قد أزال عنه
حكم الخسق لان الخسق ما أحاط بالمخسوق واختلاف الأسماء يغير الاحكام ولان السهم قد صار بعضه واقفا في الشن وبعضه خارجا من الشن والثاني انه يعد خاسقا لان الخرم
زيادة على الخسق لان كل خارم خاسق وليس كل خاسق خارما ولان مقصود الخسق من الثقب في الشن موجود فيه انه إذا كان بعضه خارجا لم يكن خاسقا بلا خلاف
ومحل القولين ما إذا ثقب طفيه وهي الواحدة من الخوص أو جليدة تحيط بالنصل وانه إذا ابان من الطرف قطعه ولم يبنها؟ فكان الغرض محيطا بالنصل فهو خاسق
قولا واحدا ومحل القولين فيما إذا خرم الطرف لا على هذا الوجه ه‍ انه إذا خرم الطرف لم يكن خاسقا بلا خلاف وانما الخلاف فيما إذا خرم شيئا من الوسط وثبت مكانه
وهو ابعدها وقال بعضهم لو كان بين النصل وبين الطرف شئ لكنه تشقق وانخرم ليبوسة كانت في الشن أو غيرها فهو خاسق وقيل لو شرط مطلق الإصابة فأصاب الطرف ففي
الاحتساب به وجهان أحدهما الاحتساب لصدق المسمى والثاني عدمه لان جميع النصل لم يصيب الغرض وانما اصابه بعضه مسألة لو شرطا الخواسق فرمى السهم
فوقع في ثقبة قديمة وثبت فيه فالوجه ان نقول إن عرف قوة السهم بحيث يخرق احتسب خاسقا والا فلا وللشافعية وجهان أحدهما انه لا يحتسب خاسقا لان النصل صارف
الثقب ولم يخرق شيئا والمشروط الخسوق وأصحهما انه يحسب خاسقا لان السهم في قوته بحيث يخرق لو أصاب موقعا صحيحا وما ذكرناه من التفصيل أحق فعلى ما قلناه
لو أشكل الحال لم يعد خاسقا وقد ذكر الشافعي ان السهم لو أصاب موضع خرق في الغرض وثبت في الهدف كان خاسقا والوجه ذلك إن كان الهدف متخذا من خشب
أو اجر أو طين يابس يساوى الغرض في الصلابة أو يكون أصلب وإن كان متخذا من تراب أو طين لم يحتسب خاسقا ولا عليه لأنه لا يعلم هل يثبت لو أصاب موضعا صحيحا أو لا وقال
بعضهم انه لا يعد خاسقا وإن كان في صلابة الغرض أو أصلب منه مسألة لو شرط الخواسق فخدش النصل موضع الإصابة وخرقه بحيث يثبت فيه مثل هذا السهم
لكنه رجع لغلط لقيه من حصاة أو نواة فللشافعية قولان أحدهما يحسب خاسقا والاخر لا يحسب والوجه التفصيل الذي قلناه في المسألة السابقة والأظهر عند الشافعية
انه يحسب خاسقا لظهور سبب الرجوع فان قلنا لا يحسب له لم يحسب عليه كما في باقي العوارض المانعة من الاحتساب له وعليه مسألة اشتراط الخسق انما يكون في
الشن دون الهدف وقد بينا ان الشن هو جلد ينصب في الهدف تمد أطرافه بأوتاد أو خيوط تشد في أوتاد منصوبة في الهدف وربما كان ملصقا بحايط الهدف وربما
كان بعيدا منه نحو شبر أو زراع وهو ابعد ما ينصب وخسق الشن إذا كان بعيدا من الهدف أوضح منه إذا كان ملصقا به فاما إذا رمي في الشن وهو ملصق بالهدف
فأصاب الشن ثم سقط والإصابة خسق فزعم الرامي انه خسق ولفى غلظا في الهدف يعرف من حصاة أو نواة فرجع وهو خاسق وزعم صاحبه انه انما قرع فسقط ولم يخسق فالأحوال
ثلاثة آ ان يعرف صدق الرامي بان يعرف موضع خسقه ويرى الغلظ من ورائه فالقول قوله بغير يمين لشهادة الحال بصدقه ب ان يعلم صدق غريمه إما بان
لا يرى في الشن خسقا واما بان لا يرى في الهدف غلطا فيقدم قوله بغير يمين لان الحال تشهد بصدقه ج ان يحتمل صدق كل واحد بان يكون في الشن خواسق
وخروق ولم يعرف موضع الإصابة وفي الهدف غلط وأشكلت الإصابة هل كانت في مقابلة الغلظ أو لا فإن كان هناك بينة فالتعويل عليها والأقدم قول
المنكر مع يمينه لأصالة عدم الخسق ولا يحتسب به مصيبا وفي احتسابه مخطيا وجهان أحدهما يحتسب به مخطئا لتردد الرمي بين الصواب أو الخطاء وقد انتفى الصواب
فثبت الخطاء والثاني لا يحتسب مخطئا لان الإصابة لا يحتسب إلا مع اليقين فكذا الخطاء وان نكل المنكر عن اليمين احلف الرامي المدعي فإذا حلف احتسب اصابته وكذا
الحكم أو عين الرامي موضعا وقال هذا الخرق حصل بسهمي وانكر صاحبه تذنيب لو مرق السهم وثبت في الهدف وعلى النصل قطعة من الغرض فقال الرامي هذه القطعة
أبانها سهمي بقوته وذهب بها وقال الآخر بل كانت القطعة بانية من قبل فتعلقت بالسهم فالقول قول الأخر لان الأصل ان لاخسق هذا إذا لم يجعل الثبوت في الهدف
كالثبوت في الغرض فان أقمناه مقامه فلا معنى لهذا الاختلاف مسألة إذا شرطا المبادرة وعقدا للمناضلة؟ وجعلا المال لمن سبق إلى إصابة عشرة من مائة
فيكون الرشق مائة والإصابة المشروطة منها عشرة فأيهما بدر إلى اصابتها من أقل العددين فقد نضل صاحبه وسقط رمي الرشق وان تكافيا في الإصابة من (؟؟)
سقط الباقي وليس بينهما تناضل ولا تناضلا فرمى كل واحد منهما خمسين فأصاب أحدهما عشرة وأصاب الأخر تسعة أو لم يصيب شيئا فالأول ناضل قطعا يستحق المال
والأقرب انه لا يلزمه اتمام العمل وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه قد تمم العمل الذي تعلق به الاستحقاق فلا معنى لالزام عمل بعد ذلك والثاني يلزم لينتفع صاحبه
367

بمشاهدة رميه ويتعلم منه ولو شرطا المال لمن سبق إلى إصابة خمسة من عشرين فرمى أحدهما عشرة فأصاب خمسة ورمى الأخر عشرة فأصاب ثلاثة فالأول ناضل وفي لزوم
اتمام العمل وجهان مسألة لو تناضلا وشرطا المحاطة وشرطا المال لمن خلص له عشرة من مائة فرمى كل واحد منهما خمسين فأصاب أحدهما في خمسة عشر والاخر في
خمسة فقد خلص للأول عشرة فلا يستحق الأول المال قبل اتمام العمل لان الاستحقاق مشروط بخلوص عشرة من مائة وقد يصيب الأخر فيما بقى بقدر ما يمنع خلوص العشرة
من المائة للأول بخلاف شرط المبادرة فان الإصابة من بعد لا ترتفع ابتداء الأول إلى ذلك العدد وهذا أصح وجهي الشافعية والثاني انه لا يتوقف استحقاق المال على
اتمام العمل بل تستحق من سبق إلى إصابة العشرة لأنهما استويا في الارشاق والخلوص في المحاطة بخلوص الإصابات المشروطة في المبادرة وكما يثبت الاستحقاق هناك قبل
استكمال العمل يثبت هنا وقد بينا الفرق فان قلنا لا يستحق المال ما لم يكمل الارشاق فلابد من اتمامها وان قلنا بالاستحقاق وقلنا لا حط بعد خلوص العدد المشروط
فهل للاخر ان يكلفه اتمام العمل فيه الوجهان المذكوران في المبادرة مسألة لو شرطا المحاطة ورميا بعض العدد فأصاب أحدهما القدر المشروط دون صاحبه
فسأل المنضول اكمال العدد أجيب مع الفايدة إما بان يرجو ان يرجح عليه أو يساويه أو يمنع الأول من التفرد بالإصابة أو يمنعه من استيفاء عدد الإصابات بان يقصر مع تمام العمل عن عدد الإصابات ولا يجاب مع
عدم الفايدة فلو شرطا خلوص خمس اصابات من عشرين فرمى كل واحد منهما خمسة عشر فأصاب أحدهما في عشرة والاخر في ثلاثة فإنهما إذا كملا العدد قد يصيب الثاني
في الخمسة الباقية بأجمعها ولا يصيب الأول في شئ منها فلا يخلص له عشرة إما لو أصاب أحدهما عشرة من خمسة عشر ولم يصب الثاني شيئا منها فلا يرجو الثاني مساواة الأول
ولا يمنعه من التفرد بالإصابة لأنهما لو أكملا الارشاق وأخطأ الأول في جميع الباقي وأصاب الثاني في جميعه حصل للأول عشرة وللثاني خمسة فيتحاطان خمسة بخمسة ويبقى للأول
خمسة خالصة فيفوز بالإصابة فلا يلزمه اتمام الارشاق وهو الاظهر من قولي الشافعية والثاني انه يجاب إلى الاتمام كما تقدم في المبادرة مسألة لو تناضلا
مبادرة وشرطا المال لمن خلص له عشرة من مائة فرمى أحدهما خمسين وأصاب عشرة ورمى الأخر تسعة وأربعين وأصاب تسعة لم يكن الأول ناضلا بل يرمي الثاني سهما اخر فان
أصاب فقد تساويا والا ثبت أول استحقاق المال ولو أصاب الأول من الخمسين في عشرة وأصاب الثاني من تسعة وأربعين في ثمانية فالأول ناضل لان الثاني لو
أصاب الرمية الباقية لم يساو الأول وقد ظهر بهاتين الصورتين ان استحقاق المال لا يحصل بمجرد المبادرة إلى العدد المذكور بل يعتبر مع المبادرة مساواتهما في
عدد الارشاق أو عجز الثاني عن المساواة في الإصابة وان صار مساويا له في عدد الارشاق ولو رميا وشرطا
المحاطة وعدد الإصابة عشرة من خمسين فأصاب أحدهما العشرة من خمسين ورمى الأخر تسعة وأربعين ولم يصب في شئ منها فله ان
يرمى السهم الأخر لأنه ربما أصاب فيه فيتحاطان في السهم الذي أصاباه ويتخلف للأول تسعة فيبطل خلوص عشر اصابات له مسألة إذا قال له ارم خمسة عني وخمسة عن
نفسك فان أصبت في خمستك أو كان الصواب في خمستك أكثر فلك كذا أو قال ارم عشرة واحدة عنى وواحدة عنك إلى اخر العشرة فإن كانت أصابتك فيما رميت عن
نفسك أكثر فلك كذا لم يجز وبه قال الشافعي في الام لأنه يكون مناضلا لنفسه والنضال لا يكون الا بين اثنين واكثر ويمنع في الشخص مع نفسه لأنه يجتهد في الصواب في
حق نفسه ويقصر في حق صاحبه ولان المناضلة عقد من العقود فلا يجري الا بين اثنين كالبيع وشبهه ولأنه ناضل على خطأه بصوابه بقوله إن كان صوابك أكثر
من خطائك والخطأ لا يناضل عليه ولابه ولو قال ارم عشرة فإن كان صوابك فيها أكثر فلك كذا فان قصد الجعالة جاز وان قصد مناضلة نفسه لم يجز لما تقدم من الوجوه
لأنه بذل العوض في مقابلة مجهول لان الأكثر لا ينضبط واختلفت الشافعية فبعضهم منع مطلقا لأنه ناضل نفسه نفسه وبعضهم جوزه مطلقا لأنه بذل على المال عوض معلوم
وله فيه غرض ظاهر وهو تحريضه على الرمي ومشاهدة رميه وقالوا انه ليس بنضال وانما هو جعالة وبذل المال انما هو في مقابلة الصواب والأكثر مضبوط وهو النصف
بزيادة واحدة مسألة لو جرى لفظ المناضلة بان قال ارم كذا وناضل الخطاء بالصواب فإن كان الصواب أكثر فلك كذا أو قال ناضل نفسك فإن كان صوابك أكثر فلك كذا أو قال ارم كذا فإن كان صوابك
أكثر فقد نضلنى لم يجز قولا واحدا لان النضال لا يجري إلا بين اثنين واعلم أن المزني نقل عن الشافعي انه إذا قال له ارم عشرة ارشاق فإن كان صوابك أكثر فلك كذا لم يجز
ان يناضل نفسه واختلف أصحابه في صورة هذه المسألة على وجهين أحدهما ان المزني حذف منها ما ذكره الشافعي في كتاب الام فقال فيه ولو قال ناضل نفسك وارم عشرة ارشاق
فإن كان صوابك أكثر من خطائك فلك كذا لم يجز لأنه يناضل نفسه فحذف المزني قوله ناضل نفسك وأورد باقي كلامه وحكمه على هذه الصورة باطل باتفاق الشافعية
واختلفوا في تعليله فقال بعضهم وهو الظاهر من تعليل الشافعي انه جعله مناضلا لنفسه وقال بعضهم انه ناضل على خطائه بصوابه والوجه الثاني في المسألة انها مقصورة
على ما ذكره المزني ولم يذكر فيها نضال نفسه فيكون في صحته وجهان من اختلاف العلتين أحدهما انه صحيح ويستحق ما جعل له للتعليل الأول لأنه بذل مال على عمل لم يناضل
فيه نفسه والثاني انه باطل للتعليل الثاني انه مناضل على خطائه بصوابه ويتفرع على هاتين المسئلتين مسألة ثالثة اختلفوا فيها بأيهما تلحق وهو أن يقول ناضل
وارم عشرة ارشاق فإن كان صوابك أكثر فلك كذا فيوافق المسألة الأولى في قوله ناضل ويوافق للثانية في حذف قوله نفسك فقال بعضهم انها في حكم المسألة الأولى في البطلان
لقوله ناضل وانما يكون النضال بين اثنين فأشبه قوله ناضل نفسك والثاني انها في حكم المسألة الثانية في حمل صحتها على وجهين من اختلاف العلتين لأنه إذا سقط
قوله نفسك صار قوله ناضل بمعنى ارم على نضال والنضال المال فصار كالابتداء بقوله ارم عشرة ارشاق مسألة إذا قال ارم عشرة وناضل الصواب بالخطأ
فإن كان الصواب أكثر فلك كذا أو قال ارم عشرة فإن كان صوابك أكثر فقد نضلني لم يجز لما تقدم وان قلنا بالجواز فلو رمى ستة وأصابها أجمع فقد ظهر استحقاقه
وهل للشارط ان يكلفه استكمال العشرة يحتمل العدم لان الاستحقاق قد حصل فلا فايدة في الاكمال والثبوت لأنه علق الاستحقاق بعشرة اصابتها أكثر ولو قال
المتراميين إرميا عشرة فمن أصاب منكما خمسة فله كذا جاز ولو قال أحدهما للاخر نرمي عشرة فان أصبت في خمسة فلك علي كذا وان أصبت فلا شئ لي عليك جاز أيضا ولو قال إن أصبت فلى عليك كذا فالوجه الجواز مطلقا ومنعه الشافعية
الا بالمحلل مسألة إذا عقد المتناضلان على إصابة معلومة في رشق معلوم كاشتراطهما إصابة عشرة من عشرين فيشرعان في الرمي ويصيب كل واحد منهما بعض
اصابته إما على تساو بينهما أو على تفاضل من قليل أو كثير ثم (يستقبلان) يستقلان اتمام الرمي فيقول أحدهما لصاحبه هو ذا ارمي هذا السهم فان أصبت به فقد نضلتك
وان أخطأت به فقد نضلتني فهو باطل يصير به ناضلا ان أصاب ولا منضولا ان أخطأ لأنه جعل الإصابة الواحدة قايمة مقام اصابات فتبطل ولأنه يؤل إلى أن
يعتبر من قلت اصابته ناضلا من كثرت اصابته منضولا فلان تفاسخا عقدهما ثم قال أحدهما لصاحبه أو لغيره ارم سهمك هذا فان أصبت به فلك درهم جاز واستحق الدرهم ان أصاب
لأنه قد اجابه إلى ما سال والتزم له بما بذل ولأنه تحريص في طاعة يلزم البدل عليها كالمناضلة وفي الحقيقة انه بذل مال على عمل ليس بنضال لان النضال لا
يكون إلا بين اثنين واكثر ولو قال ارم سهما فان أصبت فلك كذا وان أخطأت فعليك كذا قالت الشافعية انه قمار بناء على اشتراط المحلل في مثله مسألة
لو كانوا يتناضلون فمر بهم انسان فقال لمن انتهت النوبة إليه وهم على أن يرمي ان أصبت بهذا السهم فلك دينار فأصاب في ذلك السهم استحق الدينار بمقتضي
الجعالة وتكون تلك الإصابة محسوبة من المعاملة التي هو فيها ولو تناضل اثنان والمشروط عشرة قرعات فشرط أحدهما ان يناضل بها اخر ثم ثالثا إلى غير
368

ضبط حتى إذا فاز بها كان ناضلا لهم جميعا جوزه الشافعية وهو دليل على انقطاع هذه المعاملة عن مضاهات الإجارة لأنها لو كانت بمثابتها لما استحق بعمل واحد
مالين عن جهتين وسبب استحقاق المال فيها الشرط لا رجوع العمل إلى الشارط وقضية هذه القاعدة ان لا تجب أجرة المثل عند الفساد لان العامل لا يعمل بغيره مسألة
إذا تناضل اثنان على إصابة عشرة من عشرين بعشرة دراهم فحضر ثالث فقال لمخرج المال انا شريكك في الغنم والغرم فان نضلت فلى نصف العشرة وان نضلك فعلي نصف
العشرة كان باطلا وكذا لو قال لكل واحد منهما انا شريكك في الغنم والغرم فهو باطل لأنه لم يدخل في عقدهما فلم يجز ان يكون شريكا لهما ولأنه يصير اخذا بغير عمل ومعطيا من غير بذل
وكذا البحث لو تسابقا وكذا لو اخرج المال وبينهما محلل فقال أجنبي لأحدهما أنا شريكك في الغنم والغرم لم يجز لان الغنم والغرم في المناضلة مبنيان على الرمي وهذا الأجنبي لا
يرمي مسألة قد بينا الخلاف في تفسير الحوابي فبعضهم فسره بأنه الذي يقع بين يدي الغرض ثم يزحف إليه فيصيبه من قولهم حبا الصبي إذا اخذ في التحرك على استه
أو بطنه وهو كالمزدلف إلا أن الحابي أضعف حركة منه وقيل هو الذي يصيب الهدف حوالي الغرض وقيل هو القريب من الهدف كان صاحبه يحابي ولا يريد منه إصابة
الهدف وجماعة من الفقهاء لم تجعل الحوابى صفة للسهام ولكن قالوا الرمي ثلاثة أقسام المبادرة والمحاطة والحوابي وهي ان يرميا على أن يسقط الأقرب والاشد الابعد إذا عرفت
هذا فلو شرطا احتساب القريب من الغرض نظر فان ذكروا حد القريب من ذراع أو أقل أو أكثر جاز وصار الحد المضبوط كالغرض والشن في وسطه كالدايرة وان لم يذكروا
أحد القريب فإن كان للرماة عادة مطردة حمل اللفظ المطلق على القدر المعتاد عندهم كما يحمل الدرهم عند الاطلاق على المعتاد وان لم يكن عادة مطردة عندهم فوجهان أصحهما
عندهم فساد العقد للجهالة وان قلنا بالثاني فوجهان أحدهما ان ينزل على أن الأقرب يسقط الابعد كيف كان والثاني ان ينزل على قرب البعيد والأقرب للأبعد كما
إذا قالوا ترمى عشرين رشقا على أن يسقط الأقرب الابعد فمن نضله له خمسة فهو ناضل وهو صحيح والشرط لازم وللشافعية فيه خلاف لكن الأشهر عندهم ما قلناه لأنه
نوع من الرمي معتاد بين الرماة وهو ضرب من المحاطة فان تساوت السهام قربا وبعدا فلا ناضل ولا منضول وكذا لو تساوى سهمان في القرب أحدهما لاحد الراميين
والاخر للاخر وكانت ساير السهام ابعد فيسقط قريب كل واحد منهما بعيدا لاخر يتساويان فإذا كان بين سهم أحدهما وبين الغرض قدر شبر وبين سهم الأخر وبين
الغرض شبرا وإصبع فيسقط الثاني الأول فان رمي الأول بعد ذلك فوقع أقرب أسقط ما رماه الثاني مسألة قد بينا ان الحوابي قد تفسر بان يحتسب بالإصابة
في الشن والهدف ويسقط الأقرب إلى الشن ما هو ابعد من الشن وان أصاب أحدهما الهدف على شبر من الشن واحتسب به وأصاب الأخر على دون شبر أسقط إصابة الشبر لأنها ابعد ولو أصاب أحدهما خارج
الشن ولو أصاب في الشن احتسب به وأسقط إصابة خارج الشن ولو أصاب أحدهما في الشن فأحتسب به وأصاب الأخر الدايرة التي في الشن احتسب به وأسقط إصابة الشن ولو أصاب أحدهما الدايرة التي في الشن فأحتسب به
وأصاب الأخر العظم الذي في دايرة الشن احتسب به وأسقط إصابة الدايرة فيكون كل قريب مسقط لما هو ابعد منه فهذا نوع من الرمي قد اختلف في جوازه الفقهاء
والأصح الجواز ولأنه نوع معهود من الرمي فأشبه المحاطة والمبادرة ولأنه ابعث على الحذق فصح ومنع منه بعضهم لضيقه وكثرة خطره لأنه يسقط الإصابة بعد اثباتها فإذا
ثبت الجواز فلو كان عقدهما على إصابة خمس من عشرين فالأحوال ثلاثة آ ان يقصر كل واحد منهما عن عدد الإصابة فيصيب أقل من خمسة وفيرتفع حكم العقد بنقصان
الإصابة عن العدد المشروط لمن غير أن يكون فيهما ناضل ومنضول ولا اعتبار بالقرب والبعد مع نقصان العدد ب ان يستوفيا معا عدد الإصابة فيصيب كل واحد منهما خمسة
فصاعدا فيعتبر حينئذ حال القرب والبعد فإنهما لا يخلوان فيهما من أربعة أقسام أحدها ان يكون الإصابات في الهدف وقد تساوت في القرب والبعد من الشن وليس بعضها أقرب
إليه من بعض فقد تكافيا وليس فيهما ناضل ولا منضول وكذا لو تقدم لكل واحد منهما سهم كان أقرب إلى الشن من باقي سهامه وتساوى السهمان المتقدمان في القرب من الشن كانا
سواء لا ناضل فيهما ولا منضول وان تقدم لأحدهما سهم وللآخر السهمان وتساوت السهام الثلاثة في قربها من الشن فوجهان أحدهما ان التقرب بسهمين ناضل للمتقرب
بسهم لفضله في العدد والثاني انهما سواء لا ناضل فيهما ولا منضول لان نضال الحوابي موضوع أعلى القرب دون زيادة العدد والقسم الثاني ان يكون سهام
أحدهما أقرب إلى الشن من سهام الأخر فأقربهما إلى الشن هو الناضل وابعدهما منه هو المنضول وكذا لو تقدم لأحدهما سهم واحد وكان أقرب إلى الشن من جميع سهام الأخر
أسقط به صاحبه ولم يسقط به سهام نفسه وكان هو الناضل بسهمه الأقرب القسم الثالث ان يكون سهام أحدهما في الهدف وسهام الأخر في الشن فيكون المصيب في الشن
هو الناضل وفي الهدف هو المنضول وكذا لو كان لأحدهما سهم واحد في الشن وسهام الأخر جميعها خارجه عن الشن كان المصيب في الشن هو الناضل بسهمه الواحد وقد
أسقط به سهام صاحبه القسم الرابع ان يكون سهامهما جميعا اصابته في الشن لكن سهام أحدهما أو بعضها في الدايرة وسهام الأخر خارجة عن الدايرة وإن كان جميعها في الشن فوجهان
أحدهما وحكاه الشافعي عن بعض الرماة ان المصيب في الدايرة ناضل والمصيب خارج الدايرة منضول لأنه فضلت الإصابة والثاني انهما سواء وليس منهما ناضل ولا منضول
لان جميع الشن محل للإصابة واختاره الشافعي ج ان يستوفي أحدهما إصابة الخمس في نقص الأخر فيها فهو على ضربين أحدهما ان يكون المستوفي لإصابة الخمس أقرب سهاما
إلى الشن أو مساويا لصاحبه فيكون ناضلا والمقصر منضولا والثاني ان يكون المقصر في الإصابة الخمس أقرب سهاما من المستوفي فليس فيهما ناضل ولا منضول
لان المستوفي قد سقطت سهاما ببعدها والمقصر قد سقطت سهامه بنقصانها مسألة لو وقع سهم أحدهما قريبا من الغرض ورمي الأخر خمسة
أسهم فوقعت ابعد من ذلك السهم ثم عاد الأول فرمى سهما فوقع ابعد من الخمسة سقط ذلك السهم بالخمسة وسقطت الخمسة بالأول ولو رمى أحدهما خمسة فوقعت
قريبا من الغرض وبعضها أقرب من بعض ورمى الثاني فوقعت ابعد من خمسة الأول سقطت خمسة الثاني بخمسة الأول ولا يسقط من خمسة الأول شئ وان تفاوتت
في القرب لان قريب كل واحد يسقط بعيد الأخر ولا يسقط بعيد نفسه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يسقط بعيد نفسه كما يسقط بعيد غيره وهو عادة الرماة
ولو وقع سهم أحدهما بقرب الغرض وأصاب سهم الأخر الغرض فالثاني يسقط الأول كما يسقط الأقرب الابعد وهو المنقول عن أكثر الشافعية وقال بعضهم
ينبغي ان ينظر إلى لفظ الشرط في العقد إن كان اللفظ اسقاط الأشد أو الأصواب غيره فهذا ظاهر وكذا إن كان الشرط اسقاط الأقرب إلى الغرض الابعد عنه فينبغي ان يتساويا
لان الموصوف بأنه أقرب إلى الغرض أو ابعد عنه ينبغي ان يكون خارجا عنه وهما جميعا في الغرض فإذا أصاب أحدهما الرقعة في وسط الغرض والاخر الغرض خارج الرقعة
أو أصابا خارج الرقعة واحدهما أقرب إليها قال بعض الرماة ان الذي أصاب الرقعة أو هو أقرب إليها يسقط الأخر وقال بعض الفقهاء انهما سواء وانما يسقط القريب
البعيد إذا كانا خارجين من الشن قال الشافعي ومن الرماة من يقول القريب الذي يسقط البعيد هو الساقط وهو السهم الذي يقع بين يدي الغرض والعاضد
وهو الذي يقع في جانب اليمين أو اليسار دون الخارج وهو الذي يجاوزه ويقع فوقه قال والقياس عندي انه لا فرق لوقوع اسم القريب على الجميع وقال الجويني إذا
شرطوا احتساب القريب من الغرض فالاعتبار بموضع سقوط السهم واستقراره لا بحالة المرور حتى لو قرب مروره من الغرض ووقع بعيدا منه لم يحتسب إلا إذا
369

شرطوا اعتبار حالة المرور ولو شرطوا اسقاط مركز القرطاس ما حواليه احتمل الجواز للأصل ولان فيه التحريض على الحذق والمنع لان وسط القرطاس يتعذر قصده وقد
يصيبه الأخر اتفاقا مسألة إذا وقع السهم متباعدا من الغرض تباعدا مفرطا إما من قصوره عن الغرض أو مع مجاوزته عنه نظر فإن كان ذلك لسوء الرمي فهو محسوب
على الرامي ولا يرد السهم إليه ليرميه مرة أخرى وإن كان لنكبة عرضت أو خلل في آلة الرمي من غير تقصير من الرامي فذلك السهم غير محسوب عليه ويوضحه صور تأتي انشاء الله تعالى منها
إذا عرض في مرور السهم انسان أو بهيمة فلم يبلغ السهم أو حدثت في يده علة أو ريح أخلت بالرمي لم يحسب عليه تلك الرمية بل يعيدها لأن عدم الإصابة للنكبة العارضة
لا لسوء في الرمي فيعذر وانقطاع الوتر وانكسار السهم والقوس ان وقع ذلك من تقصيره وسوء رميه حسبت الرمية عليه ليتعلم وإن كان بسبب ضعف آلة أو بسبب
غير ذلك لا بسبب تقصيره وإساءته فهو كما لو عرضت دابة أو نحوها فلا تحسب الرمية عليه وكذا لو حدث في يده علة أو ريح أخلت بالرمي وقيل إن وقع السهم عند إحدى هذه
العوارض قريبا من الغرض حسبت الرمية عليه لأنه وقع في حد غير بعيد من الإصابة وكانت النكبة لم تؤثر وخصص أكثر الشافعية هذا الوجه بما إذا وقع السهم
مجاوزا للغرض وجعلوا المجاوزة مشعرة بان النكبة لم تؤثر وسبب المجاوزة إساءة الرمي وأجابوا عنه بان الاخلال يؤثر في التقصير تارة وفي الاسراف أخرى فان قلنا
بالاحتساب عليه فلا شك انه لو أصاب يحتسب السهم له وان قلنا لا يحتسب عليه فلو أصاب حسبت له وهو أصح وجهي الشافعية لان الإصابة مع النكبة تدل على جودة الرمي وقوته
والثاني لا يحتسب له كما لا تحسب عليه ولان الإصابة مع انكسار الآلة قد تعد اتفاقية وقال بعضهم ان الانقطاع والانكسار انما يؤثر حدوثهما قبل خروج السهم من القوس واما
بعده فلا اثر له مسألة لو انكسر السهم بنصفين من غير تقصير من الرامي فأصاب أحد النصفين الغرض إصابة شديدة فان قلنا الإصابة مع النكبة تحسب وهو
الأقوى عندنا فبأي النصفين يعتد الأقرب الاعتداد بالنصف الذي فيه الفوق فإذا أصاب بمقطعه حسب له ولا عبرة بالنصف الذي فيه النصل لأنه لم يبق فيه تحامل الوتر واعتماده المقروع فالمؤثر انما هو النصف الذي فيه الفوق وهو أحد قولي الشافعية والثاني الاعتداد بالنصف الذي فيه النصل فان أصاب
بالنصل حسب له لان اشتداده مع الانكسار يدل على جودة الرمي وغاية الحذق فيه والنصف الذي فيه الفوق لا اعتداد به كما إذا لم يكن انكسار ولو أصاب بهما قيل
يحتسب إصابتين وكذا لو رمى سهمين دفعة واحدة فأصاب بهما يحسب له إصابتان ولو رمى إلى غير الجهة التي فيها الهدف فهو اشتغال منه بأمرا آخر غير النضال الذي وقع
العقد عليه فلا يحسب عليه مسألة لو كان في الغرض سهم فأصاب سهمه فوق ذلك السهم وقد عرفت ان فوق السهم هو الجزء الذي يدخل فيه الوتر فللسهم الثابت
في الهدف حالتان إحديهما ان يدخل منه في الهدف قدر نصله ويكون باقي طوله خارجا فلا يحتسب لهذا السهم لا مخطيا ولا مصيبا لأنه لم يبلغ الهدف فصار مقصرا فلم
يعتد به مصيبا وقد منعه حايل فلم يصر مخطيا ولو شقه وأصاب الغرض حسب له والحالة الثانية ان يكون السهم الثابت في الهدف قد دخل جميعه حتى غاص ولم يظهر منه الا
موضع فوقه فوقع عليه السهم فينظر في الإصابة فإن كانت قرعا احتسب لهذا السهم مصيبا لوصول السهم إلى محل الإصابة من الهدف وإن كانت الإصابة خسقا
لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا إلا أن يثبت نصله في فوق ذلك السهم فيحتسب به مصيبا في الخسق لان ما خسق (آل؟) وثبت فيه أولي ان يخسق الشن ويثبت فيه وهو أحسن
أنواع الإصابات وتمدح به الشعراء في شعرهم فقيل نصيب ببعضها أفواق بعض فلولا الكسر لا اتصلت قضيبا وينبغي ان ينظر إلى ثبوته فيه وان يقاس به صلابة ذلك السهم
بصلابة الغرض مسألة إذا انكسر السهم بعد خروجه عن القوس فالأحوال فيه خمسة آ ان يسقط عادلا عن الهدف فلا يحسب عليه من الخطاء لأنه من فساد السهم
لا من سوء الرمي ب ان يصيب بعرض السهم فيرد عليه فلا يحسب مصيبا ولا مخطئا لأنه اصابه بغير محل الإصابة ح أن تكون الإصابة بكسر القدح دون النصل فيرد ولا يحتسب
لما ذكرنا د ان يصيب بكسر النصل ينظر فإن كانت الإصابة بكسر النصل بالطرف الذي فيه حديدة النصل احتسب به مصيبا لأنه أصاب بمحل الإصابة وان أصاب منه بالطرف
الأخر المتصل بقدح الفوق لم يحتسب به مصيبا ولا مخطئا لأنه أصاب بغير محل الإصابة ه‍ ان يصيب بالكسرين معا فلا يحتسب بكسر القدح ويكون الاحتساب بكسر النصل
معتبرا بما ذكرنا إن كان بطرف الحديدة كان مصيبا وإن كان بالطرف الأخر كان مردودا مسألة لو أغرق الرامي وبالغ في النزع حتى دخل النصل بقبض القوس ووضع
السهم عنده فالوجه انه يحتسب عليه لان النزع ينبغي ان يكون بقدر الحاجة فالزيادة إساءة وقال الشافعي انه ملحق بانكسار القوس وانقطاع الوتر وساير العوارض
لان سوء الرمي ان يقصد شيئا فلا يصيبه ولم يتحقق هذا المعنى هنا وانما ترك التحفظ في النزع قال بعض الشافعية ان السهم ان لم يبلغ مدى الغرض لم يحتسب عليه
وان أصاب المد أو لم يصب حسب عليه مسألة قد بينا ان الريح اللينة لا تؤثر حتى لو رمى زايدا عن المسامته فردته الريح أو رمى رميا ضعيفا فقوته وأصاب حسب له
وان صرفه عن السمت بعض الصرف فأخطأ حسب عليه لان الجو لا يخلو عن الريح الخفيفة غالبا ولضعف تأثيرها في السهم على سرعة ممره فلا اعتداد بها وهنا للشافعية
وجهان آخران أحدهما انها تمنع الاحتساب عليه إذا أخطأ والثاني انها كالعاصفة تمنع الاحتساب له وعليه وإن كانت الريح عاصفة واقترنت بابتداء الرمي قال الشافعي انها لا تؤثر لان ابتداء الرمي والريح تهب
عاصفة تقصير ولان للرماة حذقا ونظرا في الرمي في وقت هبوب الريح ليصيبوا فإذا أخطأ فقد ترك ذلك النظر وظهر سوء رميه ولأصحابه وجه اخر انها تمنع الاحتساب له
وان أصاب وعليه ان أخطأ القوة تأثيرها ولذلك يجوز لكل واحد منهما تأخير الرمي إلى أن تسكن بخلاف اللينة ولو هجم هبوبها بعد خروج السهم من القوس فقضية الترتيب
الذي قلناه ان يقال إن جعلنا اقترانها مؤثرا فهجومها أولي بالتأثير والا فوجهان أحدهما انها كالنكبات العارضة والثاني المنع لان الهواء لا يخلو عن الريح ولو فتح هذا الباب
لطال النزاع وتعلل المخطي به والظاهر أنه ان أخطأ عند هجوم الهبوب لم يحسب عليه وان أصاب احتمل ان يحسب له وعدمه وقال بعض الشافعية الخلاف هنا فيما إذا أصاب
كالخلاف في المزدلف إذا أصاب وقال آخرون انه لا تحتسب له هنا وتحتسب في المزدلف والفرق ان المزدلف أصاب الغرض بحدة الرمي ومع الريح العاصف لا يعلم أنه أصاب برميه
أم لا ولو هبت الريح ونقلت الغرض إلى موضع آخر فأصاب السهم الموضع المنتقل عنه حسب له إن كان الشرط الإصابة وقال بعض الشافعية لا يحتسب له لان الرمي إليه قد زال
وليس بجيد وإن كان الشرط الخسق وان تساوت صلابة الموضع وصلابة الغرض أو زادت صلابة الموضع وخسق حسب له والا فلا ولو أصاب الغرض في الموضع المنتقل إليه
حسب عليه لا له مسألة الخلاف في عقد المناضلة هل هو لازم كالإجارة أو جايز كالجعالة كالخلاف الذي تقدم في المسابقة فان قلت إنه لازم لم تنفسخ بموت
الرامي وينزل موته منزلة موت الأجير المعين ولو مرض أحدهما أو اصابه رمد لم ينفسخ العقد ويؤخر الرمي وتنفسخ المسابقة بموت الفرس لان التعويل فيها على الفرس ولا تنفسخ بموت
الفارس بل يقوم الوارث مقامه ويحتمل الفسخ لان للفارس اثرا ظاهرا في العقد والزام الوارث عمل المسابقة بعيد ولا يجوز لهما الحاق الزيادة بعدد الارشاق
ولا عدد الإصابات فان أراد ذلك فسخا العقد وجددا عقدا اخر وليس للمناضل ان يترك النضال ويجلس بل يلتزم به كمن استؤجر لبناء وشبهه ولو أصر جنس وغرر هذا إذا
كان منضولا أو كان ناضلا وتوقع صاحبه مساواته أو نقصه إما إذا لم يتوقع ذلك كما إذا شرطا إصابة خمسة من عشرين فأصاب إحديهما بخمسة والاخر واحدا ولا يبق لها
الأرميتان فلصاحب الخمسة ان يجلس ويترك الباقي وان قلنا إنه جايز جاز ان يلحق به الزيادة في عدد الارشاق والإصابات والمال بالتراضي وهو المشهور من وجهي الشافعية
370

والثاني المنع تخريجا من الخلاف في جواز الحاق الزيادة بالثمن والمثمن في زمان الخيار ومكانه وهل يستبد أحدهما بالزيادة الأقرب نعم لكن ان لم يرض صاحبه بالزيادة فسخ العقد
لجوازه وهو أحد وجوه الشافعية والثاني المنع تخريجا على أنه لا بد في العقد من القبول وإن كان جايزا كالجعالة وإذا شرط
القبول في ابتداء العقد وجب اشتراطه في الزيادة والثالث ليس للمنضول الحاق الزيادة لئلا يجعل ذلك ذريعة إلى الدفع فلا يتم النضال وإن كان ناضلا أو مساويا
فله ذلك إذا عرفت هذا فبم يصير منضولا قيل إذا أزاد صاحبه بإصابة واحدة فهو منضول وقيل لا يكفي ذلك وانما يصير منضولا إذا قرب صاحبه من الفوز والاستيلاء
وفي الجعالة إذا زاد الجاعل في العمل كان متهما كالمنضول ففي زيادته الخلاف فإن لم نلحق الزيادة فذاك وان ألحقناها وقد عمل العامل بعض العمل ولم يرض بالزيادة ينفسخ
العقد والوجه ان يثبت له أجرة المثل لان الترك بسبب الزيادة بخلاف ما إذا عمل بعض العمل وترك الباقي بلا عذر حيث لا يستحق شيئا وان جوزنا النقصان فإنما يجوز النقصان
الذي قرب من أن يغلب دون النقصان الذي قرب من الاستيلاء فإنه المتهم في النقصان بالحرص على الاستيلاء قال الجويني لا ينبغي ان يشبه الحط والنقصان هنا بابراء البايع
عن بعض الثمن لان الابراء كالاستيفاء وليس شيئا يلتحق بالعقد الا ترى انه ينفذ بعد لزوم العقد وانه يجري في قيم المتلفات وفي العروض وحيث لا يتوقع الحاق الزوايد وحط
الارشاق والعراضات ليس في هذا المعنى فهو على التردد المذكور في الزيادة نعم من شرط السبق له لو حط قبل الفوز فهو كالابراء عن الشئ قبل وجوبه وقد ظهر
سبب وجوبه مسألة يجوز على القول بالجواز لكل واحد منهما تأخير الرمي والاعراض عنه من غير فسخ وكذلك الفسخ إذا لم يكن العرض منضولا وإن كان منضولا
منهما فهل له ان يجلس ويترك النضال وجهان وللشافعي قولان على ما ذكر في المسابقة قال الجويني وفي جواز فسخه الخلاف الذي ذكرناه في جواز الزيادة ويفضي الامر
إذا فرقنا بين المنضول وغيره إلى أن الحكم بالجواز مطلقا مقصور على ما إذا لم يصير أحدهما منضولا فان صار منضولا لزم في حقه وبقى على الجواز في حق الأخر بالخلاف في أن المنضول
هل ينفذ فسخه أخرى في فسخ الجاعل الجعالة بعد ما اتى العامل ببعض العمل وكانت حصته عمله من المسمى تزيد على أجرة المثل ولو شرطا في العقد ان لكل واحد منهما ان يجلس
ويترك الرمي ان شاء فسد العقد ان قلنا إنه لازم وكذا ان جعلناه جايزا وقلنا ليس للمنضول الترك والاغراض وان قلنا له ذلك لم يضر له شرطه فإنه مقتضي العقد وان
شرطنا ان المسبق ان جلس كان عليه السبق فهو فاسد على القولين لان السبق انما سوغ في العمل ولو كانا يتناضلان فنضل أحدهما الأخر بإصابات فقال له
المنضول حط فضلك ولك على كذا لم يجز سواء جعلنا هذه المعاملة لازمة أو جايزة وسواء جوزنا الحاق الزيادة أو لم نجوز فان حط النضل لا يقابل بالمال مسألة
المؤمن هو المؤتمن بين المتناضلين ويسمى المشير والموطن لأنه يشير على كل واحد منهما بقصد يده ويخرج سهمه وموطن وقفه ويرد عليه سهمه بعد رميه ويخبر بصوابه أو خطائه
وعليه ان يعدل بين المتناضلين ولا يميل إلى أحدهما فيجوز ولا يمدح أحدهما ويذم الأخر بل يكون إما مادحا لهما أو ساكتا عنهما ويعجل رد سهم كل واحد منهما إليه ولا يحبسه عنه
فينسى حسن صنعته فان خالف بالميل على أحدهما منع لاضراره به ولو ساوى بينهما في اكثار الكلام واطالته وحبس السهم في اعادته صار مضرا بهما وامر باقلال الكلام
وتعجيل السهام لان كثرة كلامه مدهش فان كف والا استبدل به غيره ممن يرتضيه المتناضلان فان اختلفا اختار الحاكم لهما مؤتمنا وكذا لو كان الكلام من أحد
المتناضلان مدحا لنفسه بالإصابة وذما لصاحبه بالخطأ كف ومنع فان أقام عليه ولم يقلع عنه غرر ولم يستبدل به لتعيينه بالعقد الذي لا يقوم غيره فيه
مقامه وبالجملة إذا طول أحد المتراميين الكلام بالتبحج والافتخار إذا أصاب أو بالتصنيف لصاحبه إذا أخطأ منع منه ولو كلم أحدهما انسان قيل له أجب جوابا
وسطا ولا تطول ولا تحبس القوم مسألة ينبغي ان يكون الراميان على اقتصاد في الثبت من غيرا بطاء ولا اعجال فان طول أحدهما بعد ان تقدم رمي صاحبه
على الاقتصاد وتعلل بعد ما رمى صاحبه يمسح القوس والوتر واخذ النبل بعد النبل والنظر فيه قيل له ارم لا مستعجلا ولا مبطيا لأنه قد يتعلل بخطائه وقد
يصيب صاحبه فيؤخر لترديده أو ينسى نهج الصواب فان تطول الترديد صاحبه في السهم الذي رمى به فينسى صنعه ان أصاب فلا يستن بصوابه أو أخطأ فلا
يعدل عن سنته في خطائه وان أمسك صاحبه عن الاستعتاب ترك هذا المتباطي على حاله وان استعتب وشكا قيل للمتباطى ليس لك ان تضر بصاحبك في الابطاء كما ليس
لصاحبك ان يضر بك في الاعجال وعد إلي القصد في تثبتك غير متباطى ولا معجل فان قال هذه عادتي لا أقدر على فراقها قط فإن كان ذلك معروفا منه قيل لصاحبه
لا سبيل إلى تكليفه غير عادته وهو عيب فيه أنت لأجله بالخيار بين مناضلته أو فسخه وإن كان معروفا بخلاف ما أدعاه لم تقبل دعواه واخذ بالاعتدال
في قصده جبر إما أقام على عقده مسألة لو شرط أحدهما على صاحبه انه إذا أخطأ أعيد عليه السهم ولم يحتسب به في الخطاء ويجعل كل خطأ بين خطأ واحدا
بطل العقد وكذا لو شرطا انه إذا أصاب اعقد صوابه واحتسب به إصابتين بطل أيضا لان هذا العقد مبنى على التساوي وعدم التفاضل فاشتراط تفاضلهما فيما فيه
يجب تساويهما يكون شرطا لما ينافي مقتضى العقد فيكون باطلا ولان مقصود هذا العقد معرفة أحذقهما وأشدهما رميا ولا يعلم مع مناضلة التفاضل
حذق الحاذق مسألة من عادة الرماة اخذ النبل بين أصابعهم ومن اخذهما أكثر كان رميه أضعف فلو شرط ان يكون ما في يد أحدهما من النبل أكثر مما
في يد الآخر لم يصح لأنه مناف لهذه المعاملة التي مبناها على التساوي وكذا لا يجوز ان يحسب خاسق أحدهما بخاسقين ولو كان الشرط الحوابي فشرط ان يحسب خاسق بجانبين
جاز وهو أحد قولي الشافعي لان الخاسق يختص بالإصابة والثبوت فجاز ان يجعل تلك الزيادة قايمة مقام حاب ولو رميا وضجرا فقال أحدهما للاخر ارم فان أصبت فقد نضلتني
أو قال ارم فان أصبت هذه الواحدة فقد نضلتك لم يجز لان التناضل يساوي صاحبه في عدد الارشاق ويفضله في الإصابة ولا يستحق ذلك في الإصابة الواحدة
مسألة إذا وقع عقد المناضلة والمسابقة في الصحة ودفع المال في مرض الموت فهو من رأس المال ان جعلناه اجارة وان جعلناه جعالة فهو من التبرعات التي
تخرج من الثلث وللشافعية وجهان ولو وقع العقد في المرض احتمل احتسابه من الثلث والتفصيل ان جعلناه جعالة فكذلك وإلا فمن الأصل واعلم أنه ليس للولي ان يصرف
مال الصبي إلى غرض المناضلة والمسابقة ليتعلم لاشتماله على إضاعة المال إذ الصبي ليس أهلا لهما وفيه نظر
مسألة لا تصح الصلاة عندنا في كل جلد بل يشترط فيه
امران التذكية وأن يكون مأكول اللحم والشافعي يشترط الطهارة إما بان يكون من ذكى مأكول أو من ميته أو ما لا يؤكل إذا دبغا إذا ثبت هذا فالمضربة إما بضم الميم وتشديد
الراء أو بفتح الميم وتخفيف الراء وهو الأفصح جلد يلبسه الرامي في يده اليسرى يقي ابهامه إذا جرى السهم عليها بريشه ويسمى بالفارسية الدستوان واما الأصابع فجلد يلبسه
الرامي في ابهامه وسبابته من يده اليمنى لمد الوتر وتفويق السهم ويشترط في الصلاة فيهما ما يشترط في غيرهما من الطهارة وكونهما من مأكول اللحم عندنا واما عند الشافعي فلا
يشترط سوى الطهارة إلا أنه يجوز لبس الأصابع في الصلاة وفى جواز لبس المضربة في الصلاة قولان لان بطوق الأصابع لا يلزم لمباشرة الأرض بها في السجود وفى لزوم
مباشرة الأرض بباطن كفه في السجود قولان إذا قيل بوجوب السجود على اليدين مسألة يجوز ان يصلى في الجعبة التي تجمع النشاب إذا كانت طاهرة وكذا يصلي ومعه
371

القوس لان الله تعالى أباح الصلاة في السلاح وقد روي العامة عن سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أصلي وعلي القوس والقرن فقال (ع) اطرح القرن وصل في
القوس والقرن بتحريك الراء وهو الجعبة بان كانت مغطاة فهي جعبة وإن كانت مكشوفة فهي قرن والنهي عندنا نهي كراهة إلا مع النجاسة فيكون نهي تحريم وانما كان مكروها
لأنه يتخشخش عند الركوع والسجود باصطكاك السهام فيقطعه عن الخشوع في الصلاة مسألة ان تسابق الفارسان لم يجلب بهما ومعنى الجلب ان يصيح به القوم
ليزيد في عدوه ولكن يركضان بتحريك اللجام والاستحثاث بالسوط لان العامة رووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من اجلب على الخيل يوم الرهان فليس منا
ويروى لا جلب ولا جنب ومعنى الجنب انهم كانوا يجنبون الفرس حتى إذا قاربوا الأمد تحولوا عن المركوب الذي قد كده الركوب إلى الجنبة مسألة ينبغي إذا وقف المتناضلان
في الموقف ان لا يرمي أحدهما إلا عن اذن صاحبه وليس شرطا لان الابتداء بالرمي لأحدهما انما يكون بمخصص وهو كاف وقال بعض الشافعية لا بد من استيذانه لان
عادة الرماة ذلك فلا يرمي أحدهم حتى يستأذن صاحبه فان رمى من غير استيذان لم تحسب له ان أصاب ولا عليه ان أخطأ وعرفهم متبع وهو ممنوع مسألة لا يجوز ان
يتناضلا على أن يكون إصابة أحدهما قرعا وإصابة الأخر خسقا حتى يتكافيا في الإصابة قرعا أو خسقا لان المقصود بالعقد معرفة حذقهما بالرمي كما لا يجوز ان يتناضلا على أن
يكون إصابة أحدهما خمسة من عشرين وإصابة الأخر عشرة من عشرين لما فيه من التفاضل الذي لا يعلم به الحاذق منهما ويجوز ان يتشارطا الإصابة قرعا على أن يحسب بخاسق كل
واحد منهما قارعين ويعتد به إصابتين لتكافيهما فيه ليكون زيادة الصفة مقابلة لزيادة العدد فعلى هذا لو شرطا إصابة عشرة من عشرين على هذا الحكم فأصاب
أحدهما تسعة قرعا وأصاب الأخر قارعين وأربعة خواسق فقد نضل مع قلة اصابته لأنه قد استكمل مضاعفة بالخواسق الأربعة مع القارعين إصابة عشرة ونقص الأخر
(منهما) منها بإصابة واحدة صار بها منضولا ويجوز ان يتناضلا على مروق السهم ولا يجوز ان يتناضلا على ازدلافه لان مروق السهم من فعل الرامي وازدلافه من تأثير الأرض
فعلى هذا ففي الاحتساب به مخطئا إذا لم يحتسب به مصيبا وجهان احتسابه مخطئا لأنه من سوء الرمي وان لا يكون مخطئا ما أصاب فيسقط الاعتداد به مصيبا ومخطئا
ولا يجوز النضال على أن أحدهما يرمي من غير غرض والاخر من أقرب منه بل في غرض واحد وعدد واحد لان مقتضى العقد التساوي فيه فان وقع التفاضل فيه أفسده ومن
التفاضل اختلاف الهدف في القرب والبعد مسألة لا يجوز التناضل على أن لأحدهما خاسقا راتبا لم يرم به يحتسب له مع خواسقه ولا على أن لاحدها خاسقا راتبا لم يرم به
يطرح من خواسقه خاسقا لان من احتسب له بخاسق لم يصبه يصير مفضلا به على صاحبه فان نضل فلتفضيله لا لحسن اصابته ومن أسقط له خاسق قد اصابه يصير منضولا
ان نضل يحط اصابته الا بسوء صنعته فيبطل العقد فيهما لعدم التساوي بين المتناضلين ولو شرطا ان يرمي أحدهما بقوس عربية تصيب من مائة ذراع وقوس الأخر فارسية
يصيب من مائتي ذراع فشرطا هذا التناضل لاختلاف القوسين فان شرطا الخيار في كل واحد من القوسين جاز لان هذا التفاضل لكل واحد منهما ان يساوي صاحبه فيه
إذا عدل إلى قوسه وان شرطا ان أحدهما يرمى بالعربية ولا يعدل عنها ويرمى الأخر بالفارسية ولا يعدل عنها لم يجز لأنه لا يقدر كل واحد منهما ان يساوى صاحبه فيه؟
ومن التفاضل المانع من العقدان يكون ارتفاع الشن في رمي أحدهما ذراعا وارتفاعه في رمي الأخر باع أو؟ يبطل به العقد لان لارتفاع الشن وانخفاضه تأثيرا في الإصابة وكذا لا يجوز
ان يكون إصابة أحدهما في الشن وإصابة الأخر في الدايرة التي في الشن مسألة لو أراد أحد المتناضلين ان يجلس فاما ان يريد به تأخير الرمي عن وقته أو يريد به فسخ العقد
فإن كان الأول فإن كان لعذر (اجز ولم يجز)؟ على التعجيل سواء قيل بلزومه كالإجارة أو بجوازه كالجعالة لأنه ليس بأوكد من فرض الجمعة التي يجوز التأخير عنها لعذر سواء كان
عذره في تأخير الرمي ما اثر في نفسه من مرض أو شدة حر أو مطر أو اثر في أهله من موت خل أو حادث نزل أو اثر في ماله من جبايحة؟ طرقت أو خوق طرا وان لم يكن لعذر والتمس
بالتأخير الدعة إلى وقت اخر فان قلنا إنه لازم كالإجارة جاز وإلا فلا وللشافعي قولان وان أراد بالجلوس فسخ العقد فإن كان معذورا في الفسخ جاز واعذار الفسخ أضيق
واغلظ من اعذار التأخير وهي ما اختصت بنفسه من العيوب المانعة من صحة الرمي وهي إما ان لا يرجى زواله كشل؟ يده أو ذهاب بصره فالفسخ واقع بحدوث هذا المانع
ولا حاجة إلى فسخه بالقول واما ان يرجى زواله كمرض يده أو مرض عينيه أو جسده ولا ينفسخ العقد بحدوث هذا المانع بخلاف الامكان لامكان الرمي بامكان زواله
ويكون الفسخ بالقول وذلك معتبرة بحال صاحبه فان طلب تعجيل الرمي فله الفسخ لتعذر التعجيل عليه ويكون استحقاق هذا الفسخ مشترك بينه وبين صاحبه ولكل
منهما فسخ العقد به وان أجاب صاحبه إلى الانظار بالرمي إلى زوال المرض فهل يكون عذره في الفسخ باقيا على وجهين أحدهما يكون باقيا في استحقاق الفسخ لئلا يكون ذمته
مرتهنه بالعقد والثاني ان عذر الفسخ قد زال بالانظار وليس للمنظر ان يرجع في هذا الانظار وإن كان له ان يرجع بالانظار في الديون لأنه عن عيب رضي به وجرى مجرى
الانظار بالاعسار وان لم يكن لطالب الفسخ عذر في الفسخ وان قيل بلزومه كالإجارة لم يكن له الفسخ واخذ به جبرا فان امتنع منه حبس عليه كما يحبس بساير الحقوق إذا امتنع
منه فان طاب به الحبس هو على امتناعه غرر حتى يحسب وان قيل بجوازه كالجعالة فله الفسخ قبل الرمي وبعد الشروع فيه وقبل ظهور الغلبة فان ظهرت الغلبة لأحدهما فإن كانت لطالب الفسخ
فله الفسخ وإن كانت لغيره ففي استحقاق الفسخ قولان للشافعي أحدهما لا يستحق لتفويت الأغراض المقصودة بعد ظهورها والثاني له الفسخ لأنه قد يكون له الفضل فيفضل
وقد يكون عليه الفضل فينضل مسألة قد عرفت ان الهدف هو بناء ينصب عليه الغرض والغرض محل الإصابة ويشتمل على شن وجريد وعرى ومعاليق فالشن
هو الجلد والجريد هو الخشب المحيط بالشن حتى ينبسط فيه كحلقة المنخل واما العرى كالحلق حول الشن واما المعاليق فهي أوتاد تشد بها عرى الشن إلى أوتاد في الهدف
وفي الشن دايرة هي أضيق منه وفي الدايرة هلال هو أضيق منها وفي الهلال خاتم هو أضيق منه فاحذق الرماة من يشترط إصابة الخاتم فلا يحتسب له بإصابة الهلال
وما زاد ثم يليه من يشترط إصابة الهلال فلا يحتسب له بإصابة الدايرة وما زاد ثم يليه من يشترط إصابة الدايرة فلا يحتسب له بإصابة الشن وما زاد ثم يليه من يشترط إصابة الشن فلا يحتسب له بإصابة الغرض وما زاد ثم يليه من يشترط إصابة
الغرض فيحتسب له بإصابة الشن والشنبر والعرى وهل يحتسب له بإصابة المعاليق اشكال ينشأ من مشابهتها للعرى فيحتسب ومن مشابهتها للأوتاد فلا يحتسب
وللشافعي قولان واعلم أن للرماة في محل الغرض من الهدف عادات مختلفة فمنهم من يرفعه ويسمونه حوابي ومنهم من يحفظه ويسمونه ميلاني؟ ومنهم من يتوسط فيه ويسمونه بطحاني واما الغرض في موقف
الرامي فهو مقام الرامي في استقبال الهدف برميه من مسافة مقدرة تقل الإصابة لبعدها وتكثر لقربها ويحتاج في القريبة إلى القوس اللينة حتى لا يمرن السهم
وفي البعيدة إلى القوس الشديدة حتى يصل السهم مسألة ينبغي ان يكون مسافة الموقف مقدرة بالشرط في العقد فان اهملاه بطل ان اختلف عرف الرماة
فيه والا حمل على العرف مع عدم الشرط يقوم في العقود مقام الشرط وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يحمل على العرف بل يبطل الاختلاف الأغراض فيه فان
القوي في البعد ارغب والضعيف في القرب ارغب وإذا عيناه لم يكن لأحدهما ان يزيد فيه أو ينقص وكذا ينبغي ان يسميا في العقد ارتفاع غرض الهدف وانخفاضه
وتوسطه فان سمياه في العقد حمل على ما سميا ولم يكن لأحدهما ان يرفعه إذا كان منخفضا ولا ان يخفضه إذا كان مرتفعا عملا بحكم الشرط ولو اهملا ذكره لم يبطل العقد
لاهماله لأنه من توابع مقصوده ثم يقال لهما ان اتفقتما عليه بعد العقد حملتا فيه على اتفاقكما فيه ولم يكن لواحد منكما بعد الاتفاق ان يرفعه أو يخفضه وان
372

اختلفتما فيه حملتما على العرف لان ارتفاع الغرض أمكن للطويل والراكب وانخفاضه أمكن للقصير والنازل ولو اختلف العرف وتعذر الاتفاق روعي فيه أوسط الأغراض مسألة
حد المسافة بالتقريب المعتاد مائتي ذراع والنادر بالتقريب ثلاثمائة ذراع فان عقد النضال على أكثر المسافة المعتادة وهي مائتا ذراع صح إذا كان مثل المتراميين يصيب منها
وإن كان مثلهما لا يصيب منها لم يصح وان عقدا على أكثر المسافة النادرة وهي ثلاثمائة ذراع وكان مثلهما لا يصيب منها لم يصح العقد وإن كان مثلهما قد يصيب منها
فوجهان في الصحة والبطلان من حيث امكان اصابتها كالمسافة المعتادة ومن أن النادر غرر والغرر في العقود مردود بالنهي عنه ولو شرطا مسافة معينة ثم شرعا
في الرمي فطلب أحدهما الزيادة في المسافة مثل ان يلتمس على ما شرطاه وهي مائتي ذراع مثلا زيادة خمسين فامتنع الأخر من اجابته كان له ذلك ان قلنا بلزوم العقد
لمقامه على عقد لازم وان قلنا بجوازه فالقول قول طالب الزيادة في الخروج من العقد بطلبها لا في الإجابة إليها وان اتفقا على الزيادة وان قلنا باللزوم لا يصح
إلا بفسخ العقد الأول وتجديد ثان وان قلنا بجوازه صح وكان ذلك قطعا لاتمامه بطلب تركه والفرق بينهما على قولي اللزوم والجواز انه مع اللزوم يحتاجان
إلى فسخه والى استيناف عقد ويستأنفان الرمي ولا يبنيان على الرمي المتقدم وعلى الجواز بضد ذلك كله مسألة إذا عقد النضال وشرطا صفة موضع
الغرض في انخفاضه وارتفاعه أو صفة محل الإصابة في الشن أو الدايرة أو صفة الإصابة من قرع أو خسق وشرعا في الرمي على هذا الشرط ثم غرما على تغييره ليكون
المنخفض من الغرض مرتفعا أو تكون الإصابة في الشن مجعولة في الدايرة أو تكون الإصابة قرعا فيصير خسقا فان التمس أحدهما ذلك وامتنع الأخر قدم قول الممتنع
ان قلنا باللزوم وان قلنا بالجواز قدم قول الطالب في دفع العقد لا فيما طلب وان اجتمعتا على ذلك وقلنا بالجواز صح من غير فسخ وان قلنا بلزومه فاقسامه ثلاثة آ
ما يصح ولا يحتاجان إلى فسخ عقد وتجديد اخر وهو نقل الهدف من خفض إلى دفع لان اغفال ذكره في العقد لا يبطله فيرفعان الهدف بالعقد المتقدم ب ما لا يصح
الا بفسخ العقد وهو نقل الإصابة من الشن إلى الدايرة لان اغفال ذكره في العقد يبطله فصار من لوازمه ج ما اختلف فيه وهو نقل الإصابة من القرع إلى الخسق هل
يحتاجان فيه إلى فسخ العقد واستيناف غيره قولان الصحة بغير فسخ الحاقا بمحل الغرض وعدمها إلا بعد الفسخ الحاقا بمحل الإصابة من الغرض مسألة عقد النضال إما ان يعقد على رشق واحد يمكن
رمي جميعه في يوم واحد فيجب توالي رميه أجمع من غير تفريغ وأحوالهما فيه ثلاثة آ ان يعقداه معجلا فيلزم رمي جميعه في يوم عقده ولا يجوز لأحدهما تأخيره الا من عذر
يمنع من الرمي كمرض أو مطر أو ريح وشبهه فان أخراه عن يومهما عن تراض لم يبطل العقد على القولين ب ان يعقداه مؤجلا في يوم معين فيصح عندنا لان العمل فيه مضمون
في الذمة ولان عقده أوسع حكما مما عداه وهو أحد قولي الشافعية والثاني البطلان لأنه عقد على عين شرط فيه تأخير القبض فعلى الأول يكون يوم الاجل هو المستحق
فيه الرمي لا يقدم قبله ولا يؤخر بعده فان أراد أحدهما تقديمه أو تأخيره من غير فسخ جاز على القولين معا ولو بدر أحدهما فرمى قبل حلول الأجل لم يحتسب له بصوابه
ولا عليه بخطائه لأنه رمى لم يتضمنه العقد ج ان يعقداه مطلقا لا يشترط فيه حلول ولا تأجيل فيقتضي اطلاقه الحلول لان الاجل في العقد لا يثبت الا بشرط وان عقداه على
ارشاق كثيرة لا يمكن رمي جميعها في يوم واحد كمائة رشق فاقسامه ثلاثة آ ان يشترطا فيه ما يمكن وهو ان يجعلا في كل يوم رمى ارشاق معلومة بتسع اليوم لرميها فيه غير ارهاق
فهذا جايز ويختص كل يوم برمى ما شرط فيه وليس هذا بتأجيل يخرج على وجهي الشافعية وانما هو تقدير الرمي في زمانه فصح عندهم وجها واحدا ب ان يشترطا ما
يمتنع بان يضيق الزمان عنه فيبطل العقد ج ان يكون العقد مطلقا لا يشترطان فيه تقدير الرمي فيلزم فيه ان يرميا في كل يوم ما يتسع له بحسب طول النهار وقصره ولا يلزم الرمي في الليل لخروجه
عن معهود العمل إلى الاستراحة ولا يلزم الارهاق في رمي النهار ويكون ابتداؤه بعد طلوع الشمس وانتهاؤه قبل غروبها ويمسكان عنه للراحة بعد التعب والأكل والشرب
والطهارة والصلاة وعادة الرماة يختلف في مواصلة الترامي لان فيهم من يكثر اصابته إذا أوصل لقوة يديه وشدة ساعديه ومنهم من نقل اصابته إذا أوصل
لضعف يديه ولين ساعديه فإذا عدل بهما عن المواصلة والفتور إلى حال معتدلة اعتدل رميهما وتكافيا فان عرض مانع من الرمي كطروء ريح وشبههما اخر إلى زواله فان
انكسر قوس أحدهما أو لان أو انقطع وتراه أو أعوج سهمه كان له الابدال ان الآلة لا يتعين ويجوز ابدالها مع صحتها فمع تغيرها أولي لكن يجوز تأخير الرمي لابدالها إذا اعتلت
ولا يجوز تأخيره لابدالها إذا لم تتغير مسألة قد بينا جواز رمي الأحزاب فإذا كان كل واحد من الحزبين ثلاثة واستقرت البداية بالرمي لاحد الحزبين إما بالشرط أو قرعة
فأحوالهما ثلاثة آ ان يشترطا فيه إذا رمي واحد من هذا الحزب رمى واحد من الحزب الأخر ثم إذا رمى الثاني يرمي ثان من الحزب الأخر وإذا رمى الثالث من هذا الحزب يرمي الثالث من الأخر وهو جايز بل هو
الأولى لأنه أقرب إلى التكافي ب ان يشترطا ان يتقدم رماة الحزب الأولى فيرموا جميعا ثم تتلوهم رماة الحزب الثاني فيرموا جميعا وهذا جايز أيضا عملا بالشرط
وان تفاضلا فيه لأجل الشرط ج ان يطلق العقد من غير شرط فالواجب إذا رمي واحدا من الحزب الأول رمى بعده ثان من الحزب الأخر ليتقابل رماة الحزبين ولا
يتقدم الجميع على الجميع لان مطلق العقد يوجب التساوي وان استقر فيه التقدم لأنه للضرورة وإذا أغفل ذكر التقدم أقرع وإذا أغفل ذكر الترتيب في واحد بعد
واحد لم يقرع بل يناط ذلك باختيار الزعيم (فان أطاعوه) أصحابه فذاك والا قدم قول الزعيم إن كان هو المخرج وقول أصحابه ان كانوا هم المخرجين للمال فان اتفقوا حملوا عليه
والا أقرع بينهم تم الجزء الثاني عشر من التذكرة الفقهاء على يد مصنفه حسن بن المطهر بالحلة خامس شوال سنة خمس عشرة وسبعمائة ويتلوه الجزء الثالث عشر بتوفيق الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
المقصد العاشر في الغصب وفيه فصول الأول المهية الغصب اخذ مال الغير على جهة التعدي وقيل الاستقلال باثبات اليد على
مال الغير عدوانا وقيل الاستيلاء على مال الغير وهو أعم من الأولين وقيل الاستيلاء على مال الغير بغير حق ولا حاجة إلى التقييد بالعدوان بل يثبت الغصب
وحكمه من غير عدوان كما لو أودع ثوبا عند انسان ثم جاء اخذ ثوبا للمستودع على ظن أنه ثوبه أو لبسه المستودع على ظن أنه ثوبه وهذا أعم من الأوايل وقال بعض الشافعية
كل مضمون على مسكه فهو مغصوب حتى أن المقبوض بالشراء الفاسد والوديعة إذا تعدى فيها المستودع والرهن إذا تعدى فيه المرتهن مغصوب وليس بمشهور بل المشهور
ما تقدم مسألة الغصب حرام بالعقل والنقل إما العقل فلان الضرورة قاضية بقبح الظلم والعدوان والغصب نوع منه هذا عند المعتزلة والأشاعرة
لم يثبتوا حكما عقليا ولا أثبتوا الحسن والقبح العقليين بل كل واقع من الله تعالى فهو حسن فلزمهم كون الكفر والظلم وجميع الفواحش حسنة لأنه لا فاعل عندهم إلا الله تعالى واما النقل
فالقران والسنة المتواترة والاجماع إما الكتاب فقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم وقال تعالى ان الله لا يحب المعتدين وقال تعالى
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون وقال تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما والسرقة
نوع من الغصب واما السنة فما رواه العامة عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال في خطبة يوم النحر دماؤكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا من شهركم هذا وعن سعيد بن زيد
373

قال سمعت رسول الله يقول من اخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه الله تعالى من سبع أرضين وعن عمرو بن زيد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب
نفس منه وعن أبي بكر ان النبي صلى الله عليه وآله قال في خطبة يوم النحر ان دماؤكم وأموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) أربعة لا تجوز في أربعة الخيانة والغلول والسرقة والربا لا تجوز في حج ولا عمرة ولا جهاد ولا صدقة وقال (ع) إذا اكتسب الرجل مالا من غير حلة ثم حج فلبى
نودي لا لبيك ولا سعديك وإن كان من حله فلبى نودي لبيك وسعديك وكتب محمد بن الحسن الصافر إلى أبي محمد العسكري (ع) رجل اشترى ضيعة أو خادما
اخذه من قطع الطريق أو من سرقة هل يحل له ما يدخل عليه من ثمرة هذه الضيعة أو يحل له ان يطأ هذا الفرج الذي اشتراه من هذه السرقة أو قطع الطريق فوقع (ع) لا خير
في شئ أصله حرام ولا يحل استعماله وقال الصادق (ع) من اشترى سرقة وهو يعلم فقد شرك في عارها واثمها وعن عبد العزيز بن محمد قال سمعت الصادق عليه السلام
يقول من اخذ أرضا بغير حقها أو بنى فيها قال يرفع بناؤه وتسلم السرقة؟ إلى صاحبها ليس لعرق ظالم حق ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اخذ أرضا بغير حقها كلف ان
يحمل ترابها إلى المحشر والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى واما الاجماع فلا خلاف بين أحد من المسلمين في تحريم الغصب وتعلق الضمان به الفصل الثاني في الضمان
وأسبابه وهي ثلاثة يشتمل عليها مباحث الأول في اثبات الضمان بالمباشرة مسألة الغصب وإن كان موجبا للضمان لكنه غير منحصر فيه بل قد يجب الضمان
بغير الغصب فان الاتلاف (والغصب بمجرده لا يوجبه وانما توجب دخول المغصوب في ضمانه حتى إذا تلف اشتغلت الذمة بضمانه والاتلاف)؟ سبب موجب للضمان بل هو أقوى من الغصب فإنه بمجرده يوجب اشتغال الذمة بالضمان فقد يكون بالمباشرة وقد يكون بالتسبيب فانحصرت
الأسباب في ثلاثة التفويت بالمباشرة والتفويت بالتسبيب واثبات اليد العادية وهو الغصب وهنا أسباب اخر غير مقصودة بالذات في هذا الباب كالاستيام والاستعارة
لبعض الأشياء عندنا ومطلقا عند العامة وغيرهما مسألة كل ما له مدخل في هلاك الشئ أو اتلافه إما ان يكون بحيث يضاف إليه الهلاك
في العادة إضافة حقيقة أو لا يكون كذلك وما لا يكون كذلك فاما ان يكون بحيث المقصود بتحصيله حصول ما يضاف إليه الهلاك أو لا يكون
كذلك فالذي يضاف إليه الهلاك يسمى علة والاتيان به مباشر وما لا يضاف إليه الهلاك ويقصد بتحصيله ما يضاف إليه يسمى سببا والاتيان به تسبيبا وهذا القصد
والتوقع قد يكون لتأثيره بمجرده فيه وهو عليه العلة وقد يكون بانضمام أمور إليه هي غير بعيدة الحصول وقد يتحقق اسم السبب بالنوع الأول وقد يفسر السبب بمطلق
ما يقصد به حصول العلة وقد يفسر بأعم فيقال السبب ما يحصل الهلاك عنده بعلة سواء ولكن لولاه لما اثرت العلة فلا يعتبر فيه الا انه لا بد منه وحينئذ يكون كل شرط سببا
فالحفر مع التردي يسمى سببا تارة وشرطا أخرى مسألة المباشر للاتلاف ضامن بلا خلاف سواء كان المتلف عينا كقتل الحيوان المملوك وتحريق الثياب واكل
الطعام والاحراق للمتاع أو منفعة كسكني الدار وركوب الدابة سواء كان هناك غصب أو لم يكن وبالجملة كل متلف عينا بالمباشرة فإنه ضامن لها يجب عليه رد مثلها إن كانت
من ذوات الأمثال وإن كانت من ذوات القيم وجب عليه القيمة لقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وكل من يثبت يده على مال الغير ولا حق له
في امساكه وكان المال باقيا وجب عليه رده على مالكه بلا خلاف لقول النبي صلى الله عليه وآله على اليد ما أخذت حتى تؤديه ولا حق المالك متعلق بماليته وماليته لا يتحقق إلا برده
إليه وان تلفت وجب رد ما يقوم مقامها لأنه لما تعذر رد العين وجب ان يرد ما يقوم مقامها في المالية قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يأخذن أحدكم مال أخيه جادا ولا لاعبا
من اخذ غاصبا إليه فليردها البحث الثاني التسبيب مسألة من أتلف مال غيره على جهة التسبيب وجب عليه ضمانه وذلك من يحفر بئرا في
محل عدوان فيتردى فيها انسان أو حيوان فان ضمان التالف على الحافر وكذا لو طرح المعاثر في المسالك كمن
وضع حجرا في طريق المسلمين فيعثر به انسان فوقع فمات أو
حيوان ضمنه طارحه ولو أكره غيره على اتلاف مال انسان كانت الحوالة بالضمان على المكره لان الاكراه مما يقصد لتحصيل الاتلاف ولا خلاف في ذلك كله مسألة
لو اجتمع المباشر والسبب فالحوالة في الضمان على المباشر إلا مع ضعف المباشرة فالحوالة حينئذ على السبب فمن حفر بئرا في محل عدوان فرمى انسان غيره فيها فالضامن على الرامي
لأنه المباشر للرمي المتلف ولا ضمان هنا على الحافر واما مع ضعف المباشرة فكما إذا أكره انسان غيره على اتلاف مال ثالث فان الضمان هنا على المكره على ما تقدم
لا على المباشر لضعف المباشرة بالاكراه فكان السبب أقوى ولو تعدد السبب فالضمان على المتقدم منهما ان ترتبا كما لو حفر شخص بئرا في محل عدوان ووضع اخر حجرا
فيه فتعثر انسان بالحجر فوقع في البئر فالضمان على واضع الحجر لأنه السبب المؤدي إلى الاتلاف فكان أولي بالضمان لان المسبب يجب مع حصول سببه فوضع الحجر يوجب
التردي إما لو انتفى الترتيب فالضمان عليهما كما لو حفر ووضع الحجر معا فان الضمان عليهما مسألة السبب قد يكون حقيقة وهو ما ذكرناه وقد يطلق بالمجاز على غير ما ذكرناه ولا يتعلق به الضمان كما يقال
تلف مال فلان بسبب سعاية فلان فيه إلى ظالم وهذا لا يوجب الضمان عندنا بل الضمان يتعلق بمن اخذ المال وهو الظالم ولا شئ على الساعي من المال بل عليه
الاثم خاصة والضمان يتعلق بالقابض وكذا الامر بالقتل يتعلق الضمان بالقاتل لكن يحبس الامر به دايما حتى يموت مسألة من الأسباب الموجبة للضمان
ما لو فسخ رأس ذق مشدود أو فتح رأس قربة أو راوية فاندفق ما فيه فإن كان ما يعا فإن كان مطروحا على الأرض فاندفق ما فيه بالفتح ضمن لتحقق السببية فيه والذي
فيه لا اختيار له فكان الدفق مستندا إلى الحل لا غير وإن كان الذق منتصبا لا يضيع ما فيه بالفتح لو بقى كذلك لكنه سقط فإن كان السقوط بفعله كما إذا كان يحرك الوكاء
ويجذبه حتى افضى إلى السقوط ضمن أيضا لأنه فتح رأسه واسقطه وكذا يضمن ما يقصد تحصيله بفعله كما لو فتح رأسه فاخذ ما فيه في التقاطر شيئا فشيئا حتى ابتل
أسفله فسقط لان السقوط بالميلان الناشئ من الابتلال الناشئ من التقاطر الناشي من الفتح وهو مما يقصد تحصيله بالفتح وكذا لو نقل أحد جانبيه فلم يزل
يميل قليلا حتى سقط وخرج ما فيه فان يضمنه لان ذلك كسراية فعله كما لو خرج حيوانا فسرت الجراحة إلى نفسه ضمنها إما لو لم يمل بالحل وبقى بحاله ثم سقط بعد
ذلك بتحريك انسان له فان الضمان على الانسان المحرك له لأنه كالمباشر والأول كالسبب فلا ضمان على الأول لان السقوط حصل بفعل غيره وانما كان من جهة سبب
غير ملجئ فلم يتعلق به الضمان ولو سقط بأمر عارض من زلزلة أو هبوب ريح أو وقوع طاير أو سقوط حجر ففي الضمان اشكال ينشأ من أن فعله سبب تلفه ولم يتخلل بينهما
ما يمكن إحالة الحكم عليه فوجب عليه الضمان كما لو خرج عقيب فعله أو مال قليلا قليلا وكما لو جرح انسانا فأصابه الحر أو البرد فسرت الجراحة فإنه يضمن كذا هنا ومن أن
الهلاك لم يحصل بفعله ولا فعله مما يقصد به تحصيل ذلك العارض وفعله غير ملجي فالمعنى الحادث مباشر فلم يتعلق الضمان بفعله كما لو دفعه انسان
ونحن فيه من المترددين ومالك ذهب إلى الضمان لأنه لولا الفتح لما ضاع ما فيه بالسقوط وقال أصحاب الشافعي لا ضمان لان الضياع بالريح ولا يقصد بفتح الزق تحصيل
الهبوب فهو كما لو فتح الحرز فسرق غيره أو دل سارقا فسرق ولو أنه لما فتح رأسه أخذ ما فيه في الخروج ثم جاء اخر ونكسه مستعجلا فضمان الخارج بعد النكس على الثاني
خاصة كما لو جرحه انسان وقتله اخر وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الخارج بعد النكس عليهما كالجارحين وليس بشئ هذا إذا كان باقي الزق مايعا واما إذا
374

كان جامدا مشدودا فشرقت الشمس عليه فإذا بته وضاع أو ذاب بمرور الزمان وتأثير حرارة الهواء فالوجه الضمان لان الشمس تذيب ولا يخرج فيكون الخروج بفعله ولان
الشمس مما يعلم شروقها فيكون الفاتح له معرضا ما فيه للشمس وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا ضمان لان الضياع انما حصل بعارض الشروق فأشبه هبوب
الرياح والفرق ان طلوع الشمس منتظر وهبوب الرياح غير منتظر ويجري الوجهان فيما إذا زال أوراق الكرم وجرد عنا قيدها للشمس حتى أفسدتها وفيما إذا ذبح شاة
انسان فهلك ولدها أو حمامة فمات فرخها لفقدان ما يصلح حالهما ولو جاء آخر وقرب النار من الجامد حتى ذاب وضاع فالأقرب وجوب الضمان على الثاني لان سببه أخص
لكون التلف بعقبه فأشبه للنفر مع فاتح القفص ولان تقريب الفار؟ منه تصرف فيه بالتضييع والاتلاف وقال بعض الشافعية لا ضمان على واحد منهما كسارقين نقب أحدهما
واخرج الأخر ولان الأول لا ضمان عليه لأنه لم يصدر عنه سوى الفتح وهو بمجرده لا يوجب الضمان واما الثاني فلانه لم يتصرف في الظرف ولا المظروف وليس بجيد لان
مقرب النار الجاؤه إلى الخروج فضمنه كما لو كان واقفا فدفعه والمسألة حجة عليه فان الضمان على مخرج المتاع من الحرز والقطع حد لا يجب الا بهتك الحرز واخذ المال
جميعا ثم إن الحد يدرأ بالشبهات بخلاف الضمان وقد قلنا إن تقريب النار تصرف في الظرف فالمظروف معا بالتضييع والاتلاف فالوجهان جاريان في تقريب الفاتح النار
من الظرف وفيما إذا كان رأس الزق مفتوحا وجاء انسان وقرب منه النار ولو اذابه أحدهما أولا ثم فتح الثاني رأسه فاندفق فالضمان على الثاني لان التلف تعقبه ولو
فتح زقا مستعلى الرأس فخرج بعض ما فيه واستمر خروجه قليلا قليلا فجاء اخر فنكسه فاندفق فضمان ما خرج بعد النكس على النكس وما قبله على الفاتح لان فعل الثاني أخص
كالجارح والذابح تذنيب لو حل رباط سفينة فذهبت أو غرقت بالحل ضمن لأنه سبب في الاتلاف سواء كان يعقب فعله أو تراخي والخلاف فيهما كالطاير في القفص
وسيأتي ولو تلف بسبب حادث من هبوب ريح أو غيره فالأقرب الضمان أيضا لأنها لو كانت مربوطة لم تغرق فالحل سبب في تغريق الهواء وقال بعض الشافعية لا
يضمن وان لم يظهر سبب حادث فللشافعية وجهان وكذا الوجهان في الزق إذا لم يظهر حادث لسقوطه مسألة لو فتح قفصا عن طاير فطار أو حل دابة فذهبت
فإن كان قد هيج الطاير والدابة حتى طار وهرب ضمنه قولا واحدا لأنه إلجائه إلى الخروج واتلفه على مالكه وان لم يهجها ولم يصدر منه سوى الفتح فاما ان يطير في الحال
من غير توقف أو يقف فان طار في الحال أو هربت عقيب الحل بلا فاصلة ضمن أيضا عندنا وبه قال احمد ومالك لأنه ذهب بسبب فعله فلزمه الضمان كما لو نفره أو ذهب
عقيب فتحه وحله وتهيجه ولان الطاير ينفر ممن قرب منه فإذا طار عقيب الفتح اشعر ذلك بأنه نفره وللشافعية طريقان أظهرهما ان في وجوب الضمان قولين أحدهما
انه لا يلزم الضمان وبه قال أبو حنيفة لان للحيوان قصدا واختيارا الا يرى أنه يقصد ما ينفعه وينفر عما يضره ويتوفى المهالك واكثر ما يصدر عن الفاتح التسبيب
إلى تضييعه فيقدم مباشرة الطاير واختياره ولان الفاتح سبب غير ملجي فهو كما لو وقف ثم ذهب والوجه الأول لان خروجه عقيب فتحه يدل على أنه الجاه إلى الخروج
فأشبه ما إذا هيجه والطريق الثاني القطع بالضمان ومن الشافعية من فرق بين ان يخرج الطاير من غير اضطراب وبين ان يضطرب ثم يخرج فيدل ذلك على فزعه؟
وتنفره واما ان وقف الطاير ولم يطر في الحال ثم طار أو وقفت الدابة عقيب الحل ولم تهرب ثم هربت ثم من غير أن يهيجها ضمن أيضا وبه قال مالك واحمد لأنه ذهب بسبب فعله
فلزمه الضمان كما لو نفره أو ذهب به عقيب فتحه وحله لان فتح القفص سبب في اتلافه فضمنه كما لو حفز بئرا فوقع فيها انسان وللشافعية طريقان أيضا أحدهما انه
على قولين وأظهرهما القطع بنفي الضمان وبه قال أبو حنيفة لان الطيران بعد الوقوف امارة ظاهرة على أنه طار باختياره والمباشر مقدم على السبب وخصوصا
وللطاير والدابة قصد واختيار والسبب هنا غير ملجي وإذا اجتمع السبب والمباشر لم يتعلق الضمان بالسبب بل بالمباشر كما لو حفر بئرا فجاء به عبد انسان فرمى نفسه
فيها فإنه لا ضمان على الحافر ويفارق ما إذا وقع فيها انسان فان السبب انفرد عن المباشرة وليس بجيد لان المباشرة حصلت ممن لا يمكن إحالة الحكم عليه فسقط
كما لو نفر الطاير وأهاج الدابة أو اشلا كليا على صبي فقتله أو اطلق نارا في متاع انسان فان للنار فعلا لكن ما لم يمكن احاله عليه كان وجوده كعدمه لان الطاير
وساير الصيود من طبعه النفور وانما يبقى بالمانع فإذا زال المانع ذهب بطبعه فكان ضمانه على من أزال المانع كمن قطع علاقة قنديل فوقع فانكسر وهكذا لو حل قيد عبد
مجنون فذهب أو أسير فأفلت وقد ظهر ان أقوال الشافعي هنا ثلاثة أحدها انه يضمن مطلقا وبه قال أصحابنا ومالك واحمد وثانيها انه لا يضمن مطلقا وأظهرها انه يضمن في الحال ولا يضمن ان
وقف ثم طار ويروى عن أبي حنيفة مثله ومثل القول الثاني فهو الأشهر عنه فروع لو وثبت هرة آل فتح القفص ودخلته وقتلت الطاير لزمه الضمان
لان الفتح يشتمل على اغراء الهرة كما في تنفير الطاير ب لو كان القفص ضيقا فاضطرب بخروج الطاير وسقط فانكسر فوجب ضمانه على الفاتح ج لو كسر الطاير في خروجه
قارورة انسان لزمه الضمان لان فعل الطاير منسوب إليه د لو كان شعير في جراب مشدود الرأس وبجنبه حمار ففتح فاتح رأسه فاكله الحمار في الحال لزمه الضمان ه‍ لو حل
رباط بهيمة أو فتح باب الاصطبل فخرجت فضاعت فعليه الضمان وفرق بعض الشافعية بين الحيوان النافر بطبعه والآنس ويجعل خروج الآنس على الاتصال كخروج النافر على
الانفصال ولو فتح مراح غنمه فخرجت فرعت زرع انسان ضمنه وقال بعض الشافعية لا يضمن لأنه ليس ملجي ولو كان الفاتح المالك فإن كان نهارا فلا ضمان عليه
وإن كان ليلا فعليه الضمان لان عليه حفظها ليلا فإذا ترك حفظها ضمن كالوديعة وسوى بعض الشافعية في الضمان مع الفتح ليلا وعدمه مع الفتح نهارا بين المالك
وغيره ومنع الباقون من الضمان لأنه ليس عليه حفظه بهيمة الغير عن الزرع ن لو حل قيد العبد المجنون أو فتح باب السجن فهرب ضمن كما لو حل رباط البهيمة وإن كان
عاقلا فإن لم يكن ابقا فلا ضمان لان له اختيارا صحيحا وذهابه مستند إليه بحال عليه وإن كان ابقا ففي الضمان اشكال من حيث استناد فعله إليه فكان مباشرا
ومباشرته معتبرة لأنه عاقل بخلاف المجنون واباقه لا ينفى صدور فعله عنه فلا يضمن من حل قيده وهو أحد قولي الشافعية ومن حيث إن المالك قد اعتمد ضبطه
فاطلاقه اتلاف عليه وهو أحد قولي الشافعية ح لو وقع طاير على جداره فتنفره لم يضمن لأنه كان ممتنعا من قبل فتنفيره لم يكن سبب فدائه ولو رماه في الهواء
فقتله ضمن سواء كان في هواء داره أو في غيره إذ ليس له منع الطاير من هواء ملكه وقد كان يمكنه تنفيره بغير قتله ط لو فتح القفص وحل قيد الفرس والعبد المجنون
فبقيا واقفين فجاز انسان فنفرهما فذهبا فالضمان على منفرهما لان سببه أخص فاختص الضمان به كالدافع والحافر ي لو فتح باب الحرز فسرق المتاع آخرا أو دل
سارقا أو أمر غاصبا حتى غصب أو بنى دارا فألقت الريح فيها ثوبا فضاع فلا ضمان عليه لأنه لم يوجد منه اثبات يد على المال ولا مباشرة اتلاف ولا سبب يمكن
تعليق الضمان به إما في الصورة الأخيرة فلا سبب أصلا لأنه لا يقصد ببناء الدار ذلك واما فيما سواها فلانه طرا عليه مباشرة المختار فانقطعت الإضافة
إلى السبب مسألة لو ألقت الريح إلى داره ثوب غيره لزمه حفظه لأنه أمانة حصلت تحت يده فلزمه حفظه كاللقطة فإن لم يعرف صاحبه فهو لقطة
فثبت فيه احكامها وان لزمه اعلامه فإن لم يفعل ضمن لأنه أمسك مال غيره بغير اذنه من غير تعريف فصار كالغاصب وهل يثبت يده على تبعا لاثبات يده
375

على الدار الأقرب ذلك ولو سقط الطاير في داره لم يلزمه حفظه ولو عرف مالكه لم يلزمه اعلامه به لأنه محفوظ بنفسه ولو دخل برجه فاغلق عليه بابه ناويا امساكه لنفسه ضمنه
لأنه أمسك مال غيره لنفسه فهو كالغاصب والا فلا ضمان عليه لان له التصرف في برجه كيف شاء بالفتح والغلق فلا يضمن مال غيره بتلفه ضمنا بسبب تصرفه في ملكه
الذي لم يتعد فيه مسألة لو حبس المالك عن ماشيته ومنعه عن حفظها فتلفت ففي الضمان اشكال ينشأ من أن مثل هذه سبب في التلف ومن انه لم يتصرف في المال
وانما تصرف في المالك وقال بعض الشافعية لا ضمان وقال آخرون منهم بنفي الضمان فيما إذا لم يقصد منع المالك عن الماشية وانما قصد الحبس فافضى الامر إلى هلاكها
وبالجملة فالوجهان جاريان فيما إذا فتح الزق عن الجامد فذاب ما فيه بشروق الشمس وضاع اتيان هنا ولو كان له زروع ونخيل وأراد سوق الماء إليها فمنعه ظالم
من السقي حتى فسدت ففي الضمان قولان مسألة لو نقل صبيا حرا إلى مضيعة فاتفق سبع فافترسه فلا ضمان عليه إحالة للهلاك على اختيار الحيوان ومباشرته
ولم يقصد الناقل بالنقل ذلك وفيه اشكال إما لو نقل إلى مسبعة فافترسه سبع وجب الضمان وبه قال أبو حنيفة لأنه قصد الاتلاف بالنقل وللشافعية وجهان أشهرهما
انه لا ضمان واما لو كان المنقول عبدا صغيرا أو حيوانا مملوكا للغير فإنه يضمنه سواء نقله إلى المضيعة أو المسبعة أو إلى غيرهما لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه
فكان ضامنا مسألة لو كان الحمال قد حمل جدعا وشبهه فاستراح إلى جدار وأسنده به فوقع على شئ فاتلفه فان الجدار ملك الغير وأسنده إليه بغير امره
ضمن الجدار وما سقط عليه وإن كان الجدار له وسقط في حال وضعه ضمن ما سقط عليه في الحال وان سقط بعد ذلك فإن كان بضعف حصل له باسناده الجذع
إليه ضمن أيضا وان لم يكن كذلك لم يضمن الا ان يكون قد فرط في الحايط وترك عمارته فيضمن كما يضمن في غيره ولو كان الساقط هو الجذع ضمن إن كان في محل عدوان أو فرط في
ترك الاحتياط في الوضع والا فلا ولو فتح باب دار انسان أو هدم حايطه فدخل داخل واخذ ماله لم يضمن الهادم مسألة إذا اكلت بهيمة رجل حشيشا لقوم فإن كانت
يد صاحبها عليها بان يكون معها ضمن الحشيش وان لم يكن معها ضمن إن كان ليلا وإن كان نهارا لم يضمن وذلك لان على صاحب الدابة حفظ دابته ليلا فإذا لم يحفظ
ضمن ما تجنيه وعلى صاحب الزرع حفظه نهارا وبه قال الشافعي ولو استعار من رجل بهيمة فأتلفت شيئا وهي
في يد المستعير فضمانه على المستعير سواء أتلفت شيئا لمالكها
أو لغير مالكها لان ضمانه يجب باليد واليد للمستعير فإن كان قد باع الدابة بحشيش فأكلته فإن كان ذلك قبل قبضه بان كانت الدابة في يد البايع فقد استقر
العقد لان تلفه من ضمانه فكان أتلفه بنفسه وتكون الشاة للمشتري ولا شئ للبايع وان لم تكن يد البايع عليها ويد المشتري عليها فقد انفسخ العقد لان الثمن تلف قبل قبضه
بغير جهة البايع ويرد المشتري الشاة ولا شئ له وان اكلت غير الثمن فإن كانت في يد المشتري فلا ضمان وإن كانت في يد البايع ضمن ما أتلفت إن كانت ملكا للمشتري
لان اتلافها في يده بمنزلة اتلافه وهذا كما لو كانت رهنا فأتلفت شيئا للراهن ضمنه المرتهن وإن كانت البهيمة في يد الراعي فأتلفت زرعا فالضمان على الراعي دون
صاحبها لان اتلافها للزرع في النهار لا يضمن الا بثبوت اليد عليها واليد للراعي دون المالك فكان الضمان عليه وإن كان الزرع للمالك فإن كان ليلا ضمن أيضا
لان ضمان اليد أقوى بدليل انه يضمن به في الليل والنهار جميعا وإن كان البايع قبض الحشيش فأكلته الشاة فإن كانت في يده فلا ضمان وإن كانت في يد المشتري ضمنه
وكان البيع بحاله مسألة إذا اوقد في ملكه أو في الموات نار فطارت شرارة إلى دار جاره فأحرقتها فإن لم يتجاوز قدر الحاجة والهواء ساكن بل فعل ما جرت به العادة
من غير تفريط لم يضمن لعدم تعديه ولأنها سراية فعل مباح فلم يضمن كسراية القود بخلاف من حل زقا فاندفق ما فيه لتعديه بحله ولان الغالب خروج المايع من الزق
المفتوح وليس الغالب سرايته هذا الفعل المعتاد إلى تلف مال غيره فإن كان قد فرط في ذلك بان أجج نارا كثيرة تسري في العادة لكثرتها أو كانت الريح شديدة تحملها
أو اوقد في ملك غيره ضمن وان سرت النار إلى غير الدار التي اوقد فيها ظلما ضمن لأنه متعد في ذلك فضمن سرايتها كما لو جرحه عدوانا فسرى الجرح إلى النفس فإنه يضمن القتيل
ولو ارسل في ملكه ماء فدخل في ملك غيره فإن كان مفرطا بان كان الماء غالبا كثيرا ولم يكن بينه وبين ملك غيره حاجز فارسله ضمن ما أفسد لتعديه فإن كان ماء
قليلا وبين ملكه وملك غيره حاجز فدخل في ملك غيره من موضع حفر خفي لم يضمن ولو كان لجاره شجرة فأوقد في ملكه نارا فجفت أغصان تلك الشجرة ضمنها لان ذلك
لا يكون إلا من نار كثيرة الا أن تكون الأغصان في هوائه فلا يضمنها لان دخولها عليه غير مستحق فلا يمنع من التصرف في داره لحرمتها مسألة زوايد المغصوب
مثل السمن وتعلم الصنعة وغيرها من الصفات ومثل ثمرة الشجرة والبيض وولد الحيوان من الأعيان في يد الغاصب مضمونة ضمان الغصب كالأصل سواء طالبه المالك
بالرد أو لم يطالبه متى تلفت في يد الغاصب ضمنها سواء تلفت منفردة أو مع الأصل وبه قال الشافعي واحمد لأنها مال المغصوب منه حصل في يده بالغصب فضمنه
بالتلف والاتلاف معا كالأصل ولان غصب الام يتضمن منع حصول الولد في يد المالك فأشبه إزالة يده عنه كما أن من غر بحرية أمة وأحبلها كان الولد حرا وضمن
قيمته لأنه باعتقاده حرية الام منع دخول الولد في ملكه فجعل كاتلاف ملكه ولان اليد العادية مضمونة كالاتلاف ثم الاتلاف قد يكون مباشرة وقد يكون على
سبيل التسبيب وكذا اليد واثبات اليد على الأصول تسبيب إلى اثبات اليد على الأولاد فليتعلق به الضمان وقال أبو حنيفة ومالك انه لا يضمنها وهي أمانة تضمن بما
تضمن به ساير الأمانات خاصة الا ان يطالبه بها فيمتنع من أدائها فيضمن كما في الأمانات لان اثبات يده على هذه الزوايد ليس من فعله المحرم لأنه يبتنى على وجود
الزوايد في يده ووجودها ليس بفعل محرم منه وهو غلط لأنه بامساك الام تسبب؟ إلى اثبات على هذه الزوايد واثبات يده على الام محرم ولان ذلك يتوقع
فيقصد وقد ذهب بعضهم إلى أنه إذا غصب هادي القطيع فتبعه القطيع أو غصب البقرة فتبعها العجل ضمن القطيع والعجل معا وكذا يضمن حمل الأمة المتباعة بالبيع
الفاسد المقبوضة على وجه السوم لان يده على الام والولد معا ويضمن أيضا المنافع المستوفاة بالإجارة الفاسدة بأجرة المثل والمقبوض بالعقد الفاسد المقبوض
على جهة السوم البحث الثالث في اثبات اليد مسألة اثبات اليد العادية على مال الغير مباشرة كان يغصب الشئ ويأخذه من يد مالكه
ويستولي عليه وتسبيبا ما في الأولاد وساير الزوايد من أسباب الضمان ولو كانت يد أمانة ثم جحدها فهو من وقت الجحود غاصب ولا شك في تحقق الغصب مع الاستيلاء
ودفع يد المالك واثبات يده وهل يتحقق مع اثبات اليد عدوانا من غير أن ترفع يد المالك عن العين فأصحاب الشافعية على ذلك لان المستودع إذا جحد الوديعة
فهو من وقت الجحود غاصب ولأنه لو طولب الغاصب بولد الغصب فامتنع كان غاصبا وان لم تزل يد المالك ومنعه آخرون وقالوا انه لا غصب في الصورتين لكنه يضمن
ضمان الغصب لتقصيره في الأمانة بالجحود والامتناع ولا شك انه لا يكفي في الغصب ودفع يد المالك ما لم يثبت الغاصب يده فلو منع غيره من امساك دابة المرسلة
حتى تلفت لم يكن غاصبا وهل يضمن قال بعض علمائنا لا يضمن وفيه اشكال وكذا الاشكال لو منعه من القعود على بساطه حتى ألقته الريح في البحر إما لو منعه
من بيع متاعه حتى نقصت قيمته السوقية فإنه لا يضمن النقص لوجود العين إما لو تلفت العين فكذلك ان لم يمنعه من حفظها ولو منعه من حفظها فالاشكال مسألة المغصوب إن كان
من الأعيان المنقولة تحقق بالنقل وهل يتحقق باثبات اليد من غير نقل الأقرب عندي ذلك فلو ركب دابة الغير وهي واقفة ولم ينتقل عن مكانها أو جلس على
376

فراشه لم ينقله فالوجه تحقق الغصب فيه وللشافعية وجهان أحدهما انه لا بد من النقل كما لا بد منه في قبض المبيع وساير العقود وأصحهما عندهم أنه يكون غاصبا
وهو المعتمد لحصول غاية الاستيلاء بصفة الاعتداء واما القبض في البيع فله حكمان أحدهما دخوله في الضمان وذلك حاصل بالركوب والجلوس من غير نقله
والثاني تمكينه فالركوب إما بإذن البايع أو من دون اذنه فان اذن البايع فالتمكن حاصل وان لم يأذن لم يتمكن لكن الحكم في النقل بغير اذنه مثله فاذن لا فرق ويشبه
ان يكون المسألة مقصورة فيما إذا قصد الراكب أو الجالس الاستيلاء واما إذا لم يقصده ففي كونه غاصب للشافعية وجهان هذا إذا كان المالك غايبا وإن كان
حاضرا وازعجه وجلس على الفراش ضمن وكذا إذا لم يزعجه وكان بحيث يمنعه من رفعه والتصرف فيه مسألة العقار يتصور غصبه ويكون غاصبه ضامنا
بغضبه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك ومحمد بن الحسن لما روي عن النبي (ع) أنه قال من غصب شبرا من ارض طوقه الله من سبع أرضين وفي رواية
من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله يوم القيمة من سبع أرضين فأخبر (ع) بان العقار يغصب ويظلم فيه ولأنه يضمن في البيع فيجب ضمانه في الغصب كالمنقول ولأنه يمكن الاستيلاء
عليه على وجه يحول بينه وبين مالكه مثل ان يسكن الدار ويمنع مالكها من دخولها فأشبه ما لو اخذ الدابة والمتاع وقال أبو حنيفة وأبو يوسف لا يتصور غصب العقار
فلا يضمن بالغصب فان أتلفه ضمنه بالاتلاف لأنه لا يوجد فيه النقل والتحويل فلم يضمنه كما لو حال بينه وبين متاعه فتلف المتاع ولان الغصب اثبات اليد على المال
عدوانا على وجه تزول يد المالك ولا يمكن ذلك في العقار وليس بصحيح لأنه إذا حال بينه وبين متاعه بحبسه فلم يستول عليه فنظيره هنا ان يحبس المالك ولا يستولي
على داره وعن أحمد روايتان إحديهما كما قلنا من امكان الغصب واثبات الضمان والثانية انه لا يضمن الا بالاتلاف لأنه قال في رواية من غصب أرضا فزرعها ثم أصابها غرق
من الغاصب ضمن قيمة الأرض وإن كان شئ من السماء لم يكن عليه شئ وهذا يدل على أن الأرض لا تضمن بالغصب وقد بينا بطلانه إذا ثبت هذا فكلما أتلفه
من الأرض بفعله أو بسبب فعله كهدم حيطانها وتغريقها وكشط ترابها والقاء الحجارة فيها أو نقص بغرسه أو بنائه يضمنه اجماعا لان هذا اتلاف والعقار يضمن
بالاتلاف بلا خلاف مسألة العقار إما ان يكون مالكه فيه أو لا يكون فإن كان وازعجه ظالم ودخل الدار باهله على هيئة من يقصد السكنى فهو غاصب
سواء قصد الاستيلاء أو لم يقصد فان وجود نفس الاستيلاء حقيقة يغنى عن قصده ولو سكن بيتا من الدار ومنع المالك عنه دون باقي الدار فهو غاصب
لذلك البيت دون باقي الدار ولو دخل دار غيره أو بستانه لم يضمن بنفس الدخول من غير استيلاء سواء دخلها باذنه أو بغير اذنه وسواء كان صاحبها فيها
لو لم يكن وقال بعض أصحاب الشافعي ان دخلها بغير اذنه ولم يكن صاحبها فيها ضمنها سواء قصد ذلك أو ظن أنها داره أو انه اذن له في دخولها لان يد الداخل
تثبت عليها بذلك فيصير غاصبا فان الغصب اثبات اليد العادية وهذا قد أثبت يده بدليل انها لو تنازعا في الدار ولا بينة لهما حكم بها لمن هو فيها دون
الخارج عنها ويشكل بأنه دخل غير مستول عليها فلم يضمنها كما لو دخلها باذنه أو دخل صحراه واما ان أزعج المالك ولم يدخل الدار ففي تحقق الغصب اشكال ينشأ
من اعتبار الدخول في غصبها أولا ولكن قد سبق في البيع انه لا يعتبر في قبض العقار دخوله والتصرف فيه وانما المعتبر التمكن من التصرف والتخلية وتسليم المفتاح إليه
وإذا كان حصول التمكن بتمكين البايع قبضا وجب ان يكون حصوله بالتسلط واخذ المفتاح بالقهر غصبا وان لم يوجد الدخول والتصرف ومن أن العرف قاض بان
الغصب انما يتحقق بالدخول لان الاستيلاء به يحصل والمشهور عند الشافعية الثاني لانهم لم يعتبروا الا الاستيلاء ومنع المالك عنه ولو لم يزعج المالك ولكنه دخل
واستولى مع المالك كان غاصبا لنصف الدار لاجتماع يدهما واستيلائهما عليه نعم لو كان الداخل ضعيفا والمالك قويا لا يعد مثله مستوليا عليه لم يكن غاصبا
لشئ من الدار ولا عبرة بقصده ما لا يتمكن من تحققه إما إذا لم يكن مالك العقار فيه ودخل على قصد الاستيلاء فهو غاصب وإن كان الداخل ضعيفا وصاحب الدار
قوى لان الاستيلاء حاصل في الحال واثر قوة المالك سهولة ازالته والانتزاع من يده فكان كما لو سلب قلنسوة ملك فإنه يكون غاصبا وان سهل على المالك انتزاعها
وتأديبه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يكون غاصبا لان مثله في العرف بعيد من الاستيلاء وان دخل لا على قصد الاستيلاء لينظر هل تصح له أو ليتخذ
مثلها لم يكن غاصبا لكن لو انهدمت في تلك الحالة ففي الضمان اشكال ينشأ من أنه قد حصل التلف في يده فكان كما لو اخذ منقولا من بين يدي مالكه لينظر هل يصلح
له ليشتريه أو مثله فتلف في تلك الحالة يضمنه ومن الفرق بينه وبين النقل بان اليد على المنقول حقيقة فلا يحتاج في اثبات حكمها إلى قرينة واليد على العقار حكمية فلا بد في
تحقيقها من قرينة قصد الاستيلاء وللشافعية وجهان كهذين الاحتمالين وأصحهما عندهم الثاني تذنيب الازعاج غير معتبر في غصب العقار فإنه لو كان المالك غائبا واستولى بالدخول أو باثبات اليد صار غاصبا ولا ازعاج هنا لو استولى مع المالك صار
غاصبا للنصف ولا ازعاج بل المعتبر اليد والاستيلاء حتى لو اقتطع قطعة ارض ملاصقة لأرضه بني عليها حايطا وأضافها إلى ملكه يضمنها مسألة
كل يد ترتبت على يد الغاصب فهي يد ضمان حتى يكون للمالك الخيار في المطالبة لمن شاء منهما فان شاء طالب الغاصب عند التلف وان شاء طالب من ترتيب
يده (على يده) ولا فرق بين ان يكون الثاني عالما بالغصب أو لم يعلم في ثبوت الضمان عليه لأنه أثبت يده على مال الغير بغير اذنه والجهل ليس مسقطا للضمان ثم الثاني إن كان عالما
بالغصب فهو كالغاصب من الغاصب للمالك مطالبته بكل ما يطالب به الغاصب فان تلف المغصوب في يده فاستقرار الضمان عليه فلو غرمه المالك لم يرجع على الغاصب الأول بشئ
لأنه ظالم بامساك مال الغير في يده مع علمه بأنه له وقد حصل التلف في يده ولو غرم الأول رجع عليه هذا إذا لم يختلف قيمة العين في يدهما أو كانت في يد الثاني
أكثر ولو كانت في يد الأول أكثر لم يكن للمالك مطالبة الثاني بالزيادة لأنها تلفت في يد الأول قبل الوصول إليه وانما يطالب الأول بها لا غير وتستقر الضمان
عليه وليس له الرجوع على الثاني بها ولو رجع المالك عليه بالأصل والزيادة كان له الرجوع على الثاني بالأصل خاصة دون الزيادة وان جهل الثاني الغصب
فإن كانت اليد في وضعها يد ضمان كالعارية مطلقا عند العامة وفي صور الضمان عندنا والمأخوذ بالسوم والشراء صحيحة وفاسدة استقر الضمان على الثاني
وإن كانت يد أمانة كالوديعة والعارية في غير صور الضمان والإجارة والرهن والوكالة استقر الضمان على الغاصب ومذهب أكثر الشافعية على ما قلناه ولهم وجه اخر فيما إذا كان يده يد أمانة وكان جاهلا
بالغصب فإنه لا يكون ضمانا كما أنه لا يستقر الضمان عليه ولهم وجه اخر فيما إذا كانت يده يد أمانة كالوديعة والإجارة وشبههما فإنه يثبت قرار الضمان فيها وإن كان جاهلا والقبض معدود من أيدي الضمان ولو وهب المغصوب من انسان
وتلف في يده فقرار الضمان على الغاصب وللشافعية قولان لان يد الاتهاب ليست يد الضمان وأصحهما عندهم انه على المتهب لأنه اخذه للتملك ولو زوج الجارية
التي غصبها فتلفت عند الزوج فللمالك مطالبة الزوج بالقيمة وللشافعية طريقان قيل هو كالمستودع ومنهم من قطع انه لا يطالب لان كون الزوجة في حبال
الزوج ليس ككون المال في يد صاحب اليد مسألة قد بينا حكم قرار الضمان عند تلف المغصوب في يد من ترتبت يده على يد الغاصب إما إذا أتلفه فان قرار
الضمان على المتلف ان استقل به لان الاتلاف أقوى من اثبات اليد العادية فان رجع المالك على الغاصب رجع الغاصب على المتلف وان رجع على المتلف
لم يرجع على الغاصب ولو لم يستقل بالاتلاف بل شاركه فيه غيره فالضمان عليهما معا فيرجع المالك على كل واحد منهما بالنصف ولا يرجع أحدهما على
377

الأخر بشئ ولو استقل كل واحد منهما باثبات اليد عليه في وقتين متغايرين ثم اتلفاه معا كان للمالك ان يرجع على كل واحد بالنصف وان شاء رجع على من شاء
منهما بالجميع وعلى أيهما رجع بالجميع رجع على صاحبه بالنصف الذي باشر اتلافه ولا نعلم في ذلك خلافا
مسألة لو غصب طعاما فاطعمه غيره فلا يخلو إما
ان يطعمه لغير صاحبه أو يطعمه لصاحبه فان أطعمه لغير صاحبه فان هذا الاكل يجب عليه ضمانه لصاحبه لأنه أتلف ماله بغير حق ولا اذن صاحبه ولأنه قبضه
من يد ضامنه بغير اذن مالكه فكان عليه ضمانه ثم المالك بالخيار فالرجوع على من شاء من الغاصب أو الاكل فان رجع على الغاصب رجع بقيمة أكثر ما كانت من
حين الغصب إلى حين التلف لأنه صار في يد الاكل مضمونا على الغاصب وان رجع على الاكل رجع بأكثر ما كانت قيمته من حين تناوله إلى حين اكله لان ما قبل ذلك
لم يكن مضمونا عليه فإن كانت قيمته قبل ذلك أكثر رجع بما بين القيمتين على الغاصب إذا ثبت هذا فان رجع المالك على الاكل فهل يرجع الاكل على الغاصب ينظر
إن كان لاكل عالما بأنه مغصوب إما بقول الغاصب أو بغير قوله لم يرجع على الغاصب وكان قرار الضمان عليه لأنه أتلف مال غيره بغير اذنه عالما من غير غرور في اكله
وإن كان جاهلا غير عالم بالغصب فإن كان الغاصب قال له كله فإنه ملكي أو طعامي استقر الضمان عليه باعترافه بان الضمان باق عليه وانه لا يلزم الاكل شئ وهل
يرجع على الاكل للشافعية قولان أحدهما انه ليس للمالك الرجوع على الاكل لأنه مقرور فاستقر الضمان على الغاصب لأنه غره حيث قدم إليه الطعام وأوهمه انه لا يتبه؟
فيه على وهو قول الشافعي في القديم وبعض كتب الجديد والثاني انه يرجع على الاكل أيضا وهو المشهور من الجديد للشافعي وبه قال أبو حنيفة والمزني وهو أصح وجهي
الشافعية عندهم ويستقر الضمان على الاكل لأنه المتلف وعليه عادت منفعته فعلى هذا إذا غرم الاكل لم يرجع على الغاصب والغاصب إذا غرم رجع على الاكل وعلى القول
القديم الحكم بالعكس وكذا القولان والخلاف إذا تقدم الغاصب الطعام ضيافة حتى اكله ولم يقل انه مالي أو طعامي ولم يذكر شيئا وعن أحمد روايتان كالقولين فيما
إذا لم يقل الغاصب شيئا بل قدم الطعام إحديهما يستقر الضمان على الاكل وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد لأنه ضمن ما أتلف فلم يرجع به على أحد والثانية يستقر
الضمان على الغاصب لأنه غره واطعمه على أنه لا يضمنه وهو الذي يقتضيه مذهبنا وفي الصورة الأولى وهي ما إذا قدم الطعام وقال هو ملكي فاكله ففي رجوع
الاكل لو غرم على الغاصب القولان السابقان للشافعية ولو غرم الغاصب قال المزني يرجع على الاكل وغلطه باقي الشافعية لان في ضمن قوله إنه ملكي اعترافا
بان البينة كاذبة وانه مظلوم بأخذ القيمة منه فلا يرجع به على غير الظالم فاما إذا اباحه أو وهبه له فليس منه فيه تصريح بتكذيب البينة فافترقا واما إذا
أطعمه صاحبه المغصوب منه فان علم أنه طعامه فقد قبضه وبرئ منه الغاصب وان لم يعلم واباحه له فاكله جاهلا ففي ضمان الغاصب للشافعية قولان المنصوص
عنه انه يضمنه وهو الذي يقتضيه مذهبنا لأنه لم يرد المغصوب على المالك ردا تاما ولم يرد سلطنته على المال ولا يده على ما كانت عليه فإنه لا يتمكن
من التصرف فيه بكل ما يريد من اخذه وبيعه والصدقة به فلم يبرء الغاصب كما لو اعلفه دواب المغصوب منه والثاني ان الغاصب يبرأ من الضمان وبه قال أصحاب
الرأي وعن أحمد روايتان كالقولين لان المالك اكل مال نفسه فلا يجب على غيره ضمانه كما لو علم به أو كان عبدا فاعتقه والفرق انه مع العلم قد اختار اتلافه واما
المعتق فان علم به نفذ عتقه وان لم يعلم فنمنع نفوذ عتقه وبه قال الشافعي مسألة لو وهب الغاصب الطعام من أجنبي وسلمه إليه فاتلفه فإن كان المتهب
عالما استقر الضمان عليه وإن كان جاهلا فللشافعي قولان واولى بان يستقر الضمان على المتهب بجعل الملك له وان تلف تحت يد المتهب فقولان أحدهما
ان القرار على الغاصب لان يد الاتهاب ليست يد ضمان وأصحهما عندهم ان القرار على المتهب لأنه اخذ للتملك ولو وهبه من المالك أو أهداه إليه فاتلفه فهل يرجع
قولان أحدهما يرجع لأنه لم يعلم أنه له فهو بمنزلة الإباحة والثاني لا يرجع لأنه قد تسلمه تسلما تاما فسقط حقه بخلاف الإباحة وزالت يد الغاصب عنه بالكلية
وهو الأقوى ولو دفع إليه عوض حقه عنده على سبيل الهداية أو الهبة فاخذه المالك على هذا الوجه ونوى الدافع الدفع عن حقه الذي كان له عليه فيحتمل البراءة
أيضا وقال احمد لا يبرء لأنه لم يأخذ على جهة المعاوضة بل على جهة الهبة فلم يثبت المعاوضة بخلاف ما لو وهب الغاصب هذا الغصب من المالك مع جهل المالك لأنه رد عليه عين ماله
وأعاد يده التي أزالها ولو باعه إياه وسلمه إليه برئ من الضمان لأنه قبضه بالابتياع والابتياع يوجب الضمان على المشتري ولو اقرضه إياه برئ أيضا لذلك ولو
اعاره إياه عارية مضمونة أو كانت العين مما تضمن بالعارية برئ أيضا فان هذه العارية توجب الضمان إما لو أودعه إياه أو آجره أو رهنه إياه لم يبرء من الضمان
الا ان يكون عالما بالحال لأنه لم يعد إليه سلطانه انما قبضه إياه على جهة الأمانة وقال بعض الشافعية ويبرء لأنه عاد إلى يده وسلطانه وليس بجيد لا انه لو اباحه باكله
لم يبرء فهنا أولي فروع آ لو قدم الطعام المغصوب إلى عبد انسان فاكله فان جعلنا القرار على الحر إذا قدمه إليه فاكله فهذه جناية من العبد
يتبع بها بعد العتق عندنا وقال الشافعي يباع فيها وان لم يجعل القرار على الحر فلا يتبع ولا يباع بل يطالب الغاصب ب لو غصب شعيرا فاعلفه دابة الغير
من غير اذن المالك فلا ضمان على مالك الدابة اجماعا وإن كان باذنه فإن كان عالما بالحال ضمن واستقر الضمان عليه ولو كان جاهلا فللشافعية القولان
ولو كانت الدابة لمالك الشعير وكان جاهلا لم يبرء الغاصب وللشافعية طريقان أحدهما انه لا يبرء قولا واحدا والثاني انه إن كان العلف بإذن المالك
فالقولان وكذا الحكم فيما إذا غصب طعاما واطعمه عبيد المالك للطعام ج لو غصب شاه فامر قصابا فذبحها جاهلا بالحال فقرار ضمان النقصان على الغاصب ولا
يخرج على الخلاف في اكل الطعام لأنه ذبح للغاصب وهناك انتفع به لنفسه د لو أمر الغاصب انسانا باتلاف العين إما بالقتل أو بالاحراق أو نحوه ففعله فإن كان
عالما ضمن واستقر الضمان عليه وإن كان جاهلا بالغصب فقرار الضمان على المتلف أيضا لأنه محظور بخلاف الاكل وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه
يجئ فيه القولان في اكل الطعام وليس بجيد لان التقرير مع الخطر والتحريم لا وقع له ه‍ لو دخل المالك دار الغاصب واكل طعاما على اعتقاد انه طعام الغاصب
فكان طعام الكل برئ الغاصب لان المالك أتلف مال نفسه في جهته منفعته من غير تغرير من الغاصب ولو صال العبد المغصوب على مالكه فقتله
المالك في الدفع فإن كان يمكن الدفع بدونه برئ الغاصب لان المالك أتلف عين ماله وان لم يمكن الدفع إلا بالقتل أو دفع على الوجه المشروع فادى الدفع
إلى القتل لم يبرى الغاصب من الضمان سواء علم أنه عبده أو لم يعلم لان الاتلاف بهذه الجهة كاتلاف العبد نفسه في مصلحته ز لو زوج الجارية المغصوبة
من مالكها والمالك جاهل فتلفت عنده لم يبرء من الضمان كما لو أودع المغصوب عنده فتلف وهو أظهر وجهي الشافعية فان استولدها نفذ الاستيلاد
وهل يبرء الغاصب اشكال أقر به العدم وللشافعية قولان ج لو قال الغاصب لمالك العبد المغصوب أعتقه فاعتقه جاهلا بالحال ففي نفوذ العتق اشكال
ينشأ من أنه لم يرض بعتق عبده ومن إضافة العتق إلى رقيقه والعتق لا يندفع بالجهل وللشافعية وجهان أصحهما عندهم الثاني فان قالوا بالصحة فهل
378

يبرء الغاصب عن الضمان وجهان أحدهما لا يبرأ بل يرجع المالك عليه بالغرم لأنه لم يرض بزوال ملكه وأصحهما عندهم البراءة لانصرافه إلى جهة صرفه إليها بنفسه
وعادت مصلحتها إليه ولو قال أعتقه عني ففعل جاهلا ففي نفوذ العتق وجهان أقربهما عندي النفوذ ويضمن الغاصب وللشافعية وجهان أحدهما
النفوذ على تقديره ففي وقوعه عن الغاصب وجهان أحدهما المنع ولو قال المالك للغاصب أعتقه عني أو مطلقا فأعتق عتق وبرئ الغاصب الفصل الثالث
في المضمونات المغصوبات قسمان أحدهما ما ليس بمال والثاني ما يعد مالا وينقسم إلى الأعيان والمنافع فهنا مباحث ثلاثة الأول فيما لا يعد مالا
مسألة لا يثبت الغصب فيما ليس بمال كالحر فإنه لا يضمن بالغصب بل بالاتلاف سواء كان صغيرا أو كبيرا فلو اخذ حرا صغيرا كان أو كبيرا فحبسه فمات عنده لا بسبب الحبس لم يكن
ضامنا لأنه ليس بمال وانما يضمن الحر بالجناية عليه وسيأتي انشاء الله في باب الجنايات ويضمن منافعه على ما يأتي وكذا لا يثبت الغصب فيما ليس مما تقدم في كتاب البيع
كالعذرات والأبوال وكلب الهراش والخنزير وأشباه ذلك مسألة لو غصب كلب صيد أو زرع أو حايط أو ماشية وجب عليه رده إلى مالكه لان له قيمة في
نظر الشرع ويجوز اقتناؤه والانتفاع به فأشبه غيره من الأموال ولو أتلفه فضمن القيمة التي قدرها الشرع وقال احمد لا يغرم شيئا وليس بجيد ولو حبسه عن مالكه
مدة لزمه اجرته عندنا لأنه يصح استيجاره عندنا وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه لا يلزمه اجرة لأنه لا يصح استيجاره عنده وبه قال احمد ولو غصب جلد ميتة
لم يجب رده لأنه لا تطهر عندنا بالدباغ وهو إحدى الروايتين عند احمد وبالجملة كل من قال بطهارته بعد الذبح أوجب رده والا فلا لأنه يمكن اصلاحه عند القائل
بطهارته كما يمكن تطهير الثوب النجس وعندنا نجس لا يطهر بالدباغ فلا سبيل إلى اصلاحه فلا يعد من المال ولو أتلفه أو أتلف ميتة بجلدها لم يكن عليه ضمان
لأنه لا قيمة له ولو دبغه الغاصب لم يطهر بالدباغ عندنا والقايلون بطهارته أوجبوا اعادته لأنه بمنزلة الخمر إذا تخللت ويحتمل ان لا يجب رده عند من طهره أيضا
لأنه صار مالا بفعله بخلاف الخمر وعلى قولنا بعدم طهارته لم يجب رده عندنا وهو ظاهر وقال بعض من وافقنا انه يجب رده أيضا لأنه ينتفع به في اليابسات لأنه
نجس يباح الانتفاع به وكذا قبل الدبغ عندهم وليس بمعتمد مسألة لو أتلف خمرا أو خنزيرا فلا يخلو إما ان يكون المتلف مسلما أو كافرا وعلى التقديرين
فصاحبهما إما مسلم أو كافر فالأقسام أربعة آ ان يكونا مسلمين فلا ضمان اجماعا لأنهما غير مملوكين للمسلم ولا يصح له ملكهما ولا مالية فيهما بالنسبة إليه فلا ضمان في اتلافهما
ب ان يكونا ذميين فيجب ضمانهما عندنا بالقيمة عند مستحليهما وبه قال مالك وأبو حنيفة الا ان أبا حنيفة قال يضمنان بالمثل لان الخمر مال لهم يتمولونها لان
عامل عمر كتب إليه ان أهل الذمة يمرون بالمعاش ومعهم الخمر فكتب إليه عمر ولهم بيعها وخذ منهم عشر أثمانها فإذا ثبت انها مال يجوز لهم بيعها وجب ان
يضمن لهم كساير أموالهم ولان عقد الذمة عصم أموالهم فإذا أتلف متلف عينا قومها ضمن كنفس الآدمي وقد عصم العقد خمر الذمي لان المسلم يمنع من
اتلافها فيجب ان يغرمها وقال الشافعي واحمد لا يضمن المتلف شيئا لما روي جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال الا ان الله تعالى ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير
والأصنام وما حرم بيعه لا لحرمته لم تجب قيمته كالميتة ولان ما لم يكن مضمونا في حق المسلم لم يكن مضمونا في الذمي كالمرتد ولأنه غير متقوم فلا يضمن كالميتة
إما الصغرى فلانها غير متقومة في حق المسلم فكذا في حق الذمي فان تحريمها يثبت في حقهما وخطاب النواهي يتوجه إليهما فما ثبت في حق أحدهما ثبت في حق الأخر
والكبرى ظاهرة والحديث لا دلالة فيه على المطلوب لان التحريم لا ينافي الضمان وكذا ما ذكروه هذا إذا كان الكافر مستترا به واما ان أظهره وأظهر منافعه
فلا ضمان على متلفه ج ان يكون المتلف مسلما وصاحبه كافرا فعندنا يضمنان إن كان الذمي مستترا بهما غير متظاهر بهما وبه قال مالك وأبو حنيفة ويضمنان بالقيمة
عندنا وعند أبي حنيفة لما تقدم من انا امرنا بتقريرهم على معتقداتهم ولا يصح هنا ان يضمن المسلم بالمثل لأنه لا يثبت مثل الخمر والخنزير في ذمته لأنه ليس مالا
واما إذا تظاهر الكافر بهما فإنه يجوز اتلافه من غير ضمان لان الشرع انما ألزمنا اقرارهم عليه في دارنا مع الاخفاء فلا يعرض لهم فيما ألزمنا تركه ما أظهروه من
ذلك فلا يمكنهم منه فإن كان خمرا جاز اراقته وان اظهروا صنما أو صليبا أو طنبورا جاز كسره وان اظهروا كفرهم أدبوا على ذلك ويمنعون من اظهار ما يحرم على
المسلمين د ان يكون المتلف كافرا وصاحبه مسلما فلا ضمان لأنه لا قيمة لذلك عند المسلم ولا يحل له تملكه ولا تملك ثمنه فكيف يضمن له القيمة حينئذ واعلم أنه لا فرق
بين ان يريق حيث يجوز الإراقة وحيث لا تجوز إذا كانت تحت يد المسلم وقد وافق الجماعة على أنه لا تراق خمور أهل الذمة إلا إذا تظاهروا بشربها أو بيعها ولو
غصبت الخمر من الكافر والعين باقية وجب ردها ان لم يتظاهر أو ان غصبت من مسلم وجب ردها إن كانت محترمة والا لم يجب ردها وبه قال الشافعي لان أبا طلحة
سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أيتام ورثوا خمرا فأمره باراقتها ولو أتلفها المسلم أو الكافر وهي في يد المسلم أو تلفت عندهما لم يلزمها ضمانها لان ابن عباس روى عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال إن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه وإذا حرم الانتفاع به لا يجب ضمانه كالميتة والدم وان امسكها في يده حتى صارت خلا لزم ردها إلى صاحبها لأنها صارت خلا
على حكم ملكه فلزمه ردها إليه فان تلفت ضمنها له لأنها مال للمغصوب منه في يد الغاصب وان أراقها فجمعها انسان وتخللت عنده لم يلزمه رد الخل لأنه اخذها بعد
اتلافها وزوال اليد عنها مسألة يجوز كسر آلات اللهو والقمار كالبربط والطنبور والنرد والشطرنج والأربعة عشر وأشباه ذلك وكذا هياكل العبادة
كالصنم والصليب ولا شئ على من كسرها لأنها محرمة الاستعمال ولا حرمة لتلك الصنعة والهيئة واختلف الشافعية في الحد المشروع لابطالها على وجهين أحدهما
انها تكسر وترضض حتى ينتهي إلى حد لا يمكن اتخاذ آلة محرمة منها لا الأولى ولا غيرها وأظهرهما عندهم انها لا تكسر الكسر الفاحش ولكنها تفصل وفي حد التفصيل
وجهان أحدهما انها تفصل قدر ما لا تصلح للاستعمال الحرام حتى إذا رفع وجه البربط وترك على شكل قصعة
كفى والثاني انها تفصل إلى حد لو فرض اتخاذ آلة محرمة من
مفصلها لوصل إلى الصانع التعب الذي يصل في ابتداء اتخاذ منها هذا بان يبطل تأليف الأجزاء كلها كما كانت قبل التأليف وهذا الأخير أقرب إلى كلام الشافعي
وما ذكره من الاقتصار على تفصيل الأجزاء إذا تمكن المحتسب منه إما إذا منعه من في يده وكان يدفع عن المنكسر فله ابطاله بالكسر ولا يكفي قطع الأوتاد لأنها مجاورة لها منفصلة
ومن بالغ في الكسر من الشافعية توقف في شيئين أحدهما الصفايح الآتي توجد في يد من يضيع تلك الآلات لان من لم يبالغ في الكسر عند حصول الهيئة المخطورة قد
لا يرى تلك المبالغة في الابتداء والثاني في الصليب لأنه خشبة معرضة على خشبة فإذا رفعت إحديهما عن الأخرى فلا معنى للزيادة عليه إذا عرفت هذا فمن اقتصر في
ابطالها على الحد المشروع فلا شئ عليه ومن جاوزه فعليه التفاوت بين قيمتها مكسورة إلى الحد المشروع وبين قيمتها منتهية إلى الحد الذي اتى به ومن احرقها فعليه قيمتها مكسورة إلى الحد المشروع البحث الثاني في الأعيان المالية مسألة الأعيان المالية مضمونة
بشرط ان يكون معصومة ولا يضمن مال الحربي لو أتلفه اجماعا والأعيان المضمونة إما حيوان أو غيره والحيوان إما ادمي أو غيره فالأقسام ثلاثة الأول الآدمي هو
الرقيق العبد أو الأمة فيضمن النفس والطرف من الرقيق بالجناية كما يضمن الحر ويضمن أيضا باليد العادية إما نفس العبد أو الأمة فبدله قيمته ما لم يتجاوز العبد
379

دية الحر فيرد إليه والأمة دية المرأة فترد إليها في غير الغصب عند علمائنا واما في الغصب فالأقرب عندي انهما يضمنان بالقيمة بالغا ما بلغت سواء تجاوزت
دية الحر والحرة أو لا ولو ماتا تحت يد الغاصب فعليه كمال القيمة وان تجاوزت دية الحر والحرة وقال الشافعي انهما يضمنان بالقيمة بالغا ما بلغت سواء أتلفها
الغاصب أو تلفت تحت يده أو جنى الأجنبي عليهما بالاتلاف لأنه من الأموال فيضمن ضمان المال والمال يضمن بالقيمة إذا لم يكن مثليا وهو ممنوع لان الحر أكمل من العبد
ولا يليق بالحكمة زيادة عوض العبد على الحر وكذا الحرة وقال أبو حنيفة انه لا يتجاوز العبد دية الحر ولا الأمة دية الحرة في الغصب وغيره الا أنه قال إن كانت قيمة العبد عشرة آلاف درهم نقص
عشرة دراهم وكذا في دية المملوكة مسألة ولو كانت الجناية على العبد والأمة فيما دون النفس إما في طرف أو جراحه فلا يخلو إما ان يكون في تلك الجناية مقدر مضبوط
في الحر أولا يكون فإن لم يكن فالواجب فيه ما ينقص من قيمته وكذا لو تلف الطرف أو حصلت الجراحة في يد الغاصب من غير جناية لأنه مضمون عليه وإن كان فيها مقدر
كما لو قطع يد العبد أو الأمة فإنه يتقدر أيضا عند علمائنا من الرقيق أيضا والقيمة في حقه كالدية في حق الحر فيجب في يد العبد نصف قيمته كما يجب في الحر نصف ديته وعلى هذا
القياس وهو أصح قولي الشافعي وهو الجديد والثاني ان الواجب ما ينقص من القيمة كساير الأموال وكذا البحث في الجراحات فلو جرحه خارصة وجب عليه عشر عشر القيمة
كما يجب في خارصة الحر عشر عشر ديته وهو إحدى الروايتين عن أحمد فان بعضهم روى عنه ان ضمان الغصب هو ضمان الجناية فيجب أرش الجناية كما لو جنى عليه من غير
غصب وفي الثانية ان ضمان الغصب غير ضمان الجناية فعليه أكثر الامرين من الأرش النقص أو دية ذلك العضو لان سبب ضمان كل واحد منهما وجد فوجب
أكثرهما ودخل الأخر فيه فان الجناية واليد وجدا معا ولو وجد عبدا يساوي ألفا فزادت قيمته فصارت تساوي الفين ثم قطع يده فنقص ألفا لزمه الألف ورد العبد
لان زيادة السوق مع تلف العين مضمونة ويد العبد كنصفه فكأنه بقطع يده فوت نصفه ولو نقص ألفا وخمسمائة وقلنا الواجب ما نقص فعليه الألف وخمسمائة
ويرد العبد وان قلنا ضمان الجناية فعليه الف ورد العبد فحسب ولو نقص خمسمائة فعليه رد العبد وهل يلزمه الف وخمسمائة على وجهين مسألة ما يحصل تحت
مجرد اليد العادية كيد الغاصب كما إذا غصب عبدا فسقطت يده في يده بآفة سماوية فالواجب فيه نصف الدية كما لو جنى عليه والأقرب التجاوز ان زادت لان
بين الغاصب وغيره فرق العدوان والشافعية قالوا الواجب قدر النقصان مطلقا سواء زاد عن دية الحر أو لا وهو الأقوى الذي اخترناه ولهم وجه انه إذا كان النقصان
أقل من القدر وجب ما يجب على الجاني والمشهور عندهم الأول لأن الضمان اليد سبيله سبيل ضمان الأموال ولهذا لا يتعلق به قصاص ولا كفارة ولا يضرب على العاقلة
بحال ولهذا إذا كان قدر النقصان أكثر من المقدر كان هو الواجب بالاباق وعلى الجديد للشافعي لو قطع الغاصب يد العبد المغصوب لزمه أكثر الامرين
من نصف القيمة أو أرش النقصان لاجتماع السببين حتى لو كانت قيمته ألفا ونقص بقطع اليد أو أربعمائة وجب خمسمائة ولو نقص ستمائة وجب ستمائة مسألة
لو جنى الغاصب على العبد بما فيه كمال قيمته كما لو قطع انفه أو يديه أو رجليه أو اذنيه قال الشيخ ره يتخير المالك بين دفعه إلى الغاصب ومطالبته بقيمته وبين ان
يأخذ العبد ولا شئ له تسوية بين الغاصب وغيره وبه قال أبو حنيفة والثوري لأنا لو جعلنا له العبد والقيمة معا لجمعنا له بين الثمن والمثمن وذلك لا يجوز كما لو
وطئ جارية ابنه صارت أم ولد له ووجبت عليه القيمة ولأنه ضمان مال فلا يبقى ملك صاحبه عليه مع ضمانه له كساير الأموال وقال الشافعي واحمد لا يحب على
المولى دفع العبد بل يطالب الغاصب بكمال قيمته وهو الأقوى عندنا والقياس على الجاني غير الغاصب باطل للفرق وبطلان أصل القياس والقيمة بدل عن اليدين
وانما ذلك مقدر بقيمة الكل كما أنه إذا قطع إحدى اليدين وجب نصف القيمة ولا يجب تسليم نصف العبد لاخذ نصف القيمة ولان المتلف البعض فلا
يقف ضمانه على زوال الملك عن جملته كقطع إحدى يديه ولان المضمون هو المفوت فلا يزول الملك عن غيره بضمانه كما لو قطع تسع أصابع ولأنه جنى على ملك غيره جناية
مضمونة فكان له المطالبة بالأرش مع امساك ملكه كما لو قطع إحدى يديه أو قطع كل واحد من الغاصبين يدا ولو تلفت هذه الأعضاء بغير جناية فالأقرب انه يضمنها ضمان
الاتلاف وللشافعية قولان أحدهما هذا والثاني يضمنها بما نقص مسألة لو جنى الغاصب على العبد جناية زادت بها قيمته كالخصار وسل الأنثيين وقطع الذكر
أو قطع الإصبع الزايدة فإنه يجب عليه دفع كمال القيمة إلى المولى ودفع العبد أيضا لأنه جنى عليه بما فيه مقدر فكان ضامنا لتلك الجناية كالحر ولو مثل الغاصب
بالعبد قال الشيخ ره يعتق العبد ويضمن قيمته لمولاه تسوية بينه وبين تمثيل المالك والوجه خلاف ذلك فإنه يجب عليه ضمان جناياته ودفع العبد إلى مولاه ولا
يعتق العبد ولو كان الناقص بقطع الغاصب كيد العبد ثلثي قيمته فالواجب ثلثا قيمته على ما اخترناه وعلى القديم معا والجديد معا للشافعي ذلك أيضا إما على القديم فلانه قدر النقصان واما
على الجديد فالنصف واجب بالجناية والسدس باليد العادية ولو كان الناقص بسقوط اليد ثلث قيمته وجب نصف القيمة عندنا وهو أحد قولي الشافعي وعلى
الثاني الثلث مسألة المدبر والمكاتب المشروط وأم الولد حكمهم حكم القن في الحاقهم بالقن في الضمان فلو
غصب أحد هؤلاء ضمنه كما يضمن القن وبه
قال الشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة أم الولد تضمن بالغصب لأنها لا تجري مجرى الأموال بدليل انه لا يتعلق بها حق الغرماء فأشبهت
الحرة وهو غلط لأنها تضمن بالقيمة وما تضمن بالقيمة جنايته تضمن بالغصب كالقن ولأنها مملوكة فأشبهت المدبرة وفارقت الحرة لأنها ليست مملوكة
ولا تضمن بالقيمة ويمنع عدم تعلق حق الغرماء على ما يأتي تفصيله فيما بعد انشاء الله تعالى ولأنه يملك تزويجها واجارتها ويأخذ قيمتها لو قتلت فأشبهت المدبرة
فكان القياس عليها أولي من القياس على الحرة مسألة لو غصب عبد أو أمة فقتله قاتل ضمن القاتل قيمته ما لم يتجاوز دية الحر فترد إليها ولا يضمن القاتل
الزيادة على ما يأتي ويضمن الغاصب خاصة الزيادة ولو زاد الأرش عن الجناية طولب الغاصب بالزيادة أيضا دون الجاني وكذا لو مات في يده ضمن قيمته وان تجاوزت
قيمة الحر ولو جنى الغاصب على عضو من أعضائه فاتلفه فقد قلنا إنه يضمنه بمقدر من قيمته كما يضمن أطراف الحر بمقدر من ديته وحكى أصحاب الشافعي عن
مالك انه يجب بالجناية ما نقص الا في الموضحة والمنقلة والمأمومة والجايفة وليس بجبد لان كل جناية تقدرت من الحر تقدرت من العبد كهذه الجنايات
القسم الثاني الحيوان المملوك غير الآدمي كالإبل والبقر والغنم والخيل وساير الحيوانات المملوكة فان الواجب فيها باليد والجناية القيمة فلو
غصب انسان فرس غيره فتلفت أو أتلفها سوءا كان غاصبا أو لا وجب عليه القيمة بلا خلاف واما ما يتلف من اجزائها فالأقرب ان الواجب فيه الأرش وهو ما ينقص به
قيمتها ولا فرق في ذلك بين نوع ونوع ولا تقدير فيه سواء كان مقدرا في الآدمي أو لا فلو قلع غير الدابة أو قطع يدها أو رجلها وجب عليه الأرش ولا تقدير فيه
على الأقوى وبه قال الشافعي من غير فرق بين الأطراف وغيرها لأنها جناية على مال محض لا نسبته له الآدمي فيضمن بالأرش كغيره من الأموال ولان المثل هنا
مقدر فوجب الرجوع فيه إلى قيمة المتلف والقيمة هنا ما نقص عن ماليته وهو الأرش وقال الشيخ ره إذا قلع عين دابة كان عليه نصف قيمتها وفي العينين
جميع القيمة وكذا كل ما يكون في البدن منه اثنان ففي الدابة جميع القيمة فيهما وفي الواحد نصفها وقال أبو حنيفة ان الإبل والبقر والخيل وماله اللحم والظهر معا
يجب في إحدى عينه ربع القيمة وفي العينين معا نصف القيمة لما رواه زيد بن ثابت ان النبي صلى الله عليه وآله قضى في عين الدابة ربع قيمتها وعن عمر انه كتب إلى
380

شريح لما كتب إليه يسأله عن عين الدابة انا كنا ننزل لي؟ منزلة الآدمي الا انه أجمع رأينا ان قيمتها ربع الثمن ويحتمل في الروايتين ان يكونا قد وردتا في دابة قيمة عينها ربع
قيمتها ولو كان ذلك تقدير الوجب في العين نصف الدية كعين الآدمي وقال احمد في عين الخيل والبغال والحمير خاصة ربع القيمة لأنه الدابة في العرف ما يعد للركوب
دون بهيمة الأنعام وسئل عن العينين فتوقف وأوجب الأرش اقتصارا على حديث عمر والوجه ما قدمناه وينتقض قول أبي حنيفة بالقياس على أطراف الدابة فان
الواجب فيها عنده الأرش مع أنها مقدرة في الآدمي وعلى ما له اللحم خاصة كالغنم والطير أو على ما له الظهر خاصة كالبغال مسألة ولا فرق في الأرش بين مالك
ومالك في وجوب الأرش دون كمال القيمة لأنه جنى على بهيمة جناية نقصت بها قيمتها فلم يجب كمال قيمتها وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال مالك لو قطع ذنب حمار
القاضي وجب عليه تمام القيمة وعن أحمد رواية مثله ولو قطع ذنب حمار الشوكي لم يجب عليه تمام القيمة وعن أحمد رواية مثله ولو قطع ذنب حمار الشوكي لم يجب عليه إلى
سوى الأرش لأنه بقطع ذنبه فوت غرض صاحبه منه لان القاضي لا يركب حمار مقطوع الذنب والشوكي غايته حمل الشوك على حمار مقطوع الذنب ولم يقل هذا في غير ما يركبه من بهائم القاضي كالثور وغيره وكذا لو
قطع يد حماره والأصل عنده انه إذا جنى على عين ما تلف غرض صاحبها فيها كان على الجاني كمال القيمة لأنه قد أتلف عليه المنفعة المقصورة من السلعة فتلزمه قيمتها
كما لو أتلف جميعها وهو غلط لأن الاعتبار بالمجني عليه واما غرض المالك فلا عبرة به لأنها ان لم تصلح له صلحت لغيره لان منفعتها باقية ولا اعتبار بأغراض الملاك فان من وطي جارية الأب بالشبهة وجب عليه مهر المثل كمن وطئ جارية الأجنبي بالشبهة
وان تضمن وطئ جارية الأب التحريم المؤبد عليه القسم الثالث الأعيان المالية الصامتة وهي قسمان إما مثلية أو غير مثلية وقد اختلف في تفسير المثلي فقال الشيخ ره
المثلى ما تتساوى قيمة اجزاءه كالحنطة والشعير غيرهما من الحبوب والادهان وما أشبه ذلك أو غير المثلي ما لا يتساوى اجزاؤه كالحيوان والأراضي والأشجار
وغير ذلك وقال جماعة من الفقهاء المثلي ما يتماثل اجزاؤه ويتقارب صفاته كالحبوب وغيرها وقال أبو حنيفة والشافعي واحمد المثلي كل مقدر بكيل أو وزن وزاد بعضهم
اشتراط جواز المسلم فيه لان المسلم فيه يثبت بالوصف في الذمة والضمان يشبهه لأنه يثبت في الذمة وزاد القفال وغيره اشتراط جواز بيع بعضه ببعض لتشابه
الأصلين في قضية؟ التماثل واعترض على العبادات الأخيرة الثلاث بان القماقم والملاعق والمغارف المتخذة من الصفر والنحاس موزونة ويجوز المسلم فيها وبيع بعضها
ببعض وليست مثلية ومنع بعض الشافعية من جواز السلم في القماقم ونحوها لاختلافها وانما جاز في الأسطال المربعة والظروف المصبوبة في القوالب ولا يبعد ممن صار
إلى العبادات الحكم عليها بأنها مثلية وقال بعضهم المثليات هي التي تقسم بين الشريكين من غير حاجة إلى تقويم ويشكل بالأرض المتساوية الأجزاء فإنها تقسم
من غير تقويم وليست مثلية وقال آخرون المثلى ما لا يختلف اجزاء النوع الواحد منه في القيمة وربما يقال في الجزم والقيمة وتقرب منه قول من قال المثليات هي التي
يتشاكل في الخلقة ومعظم المنافع أو ما يتساوى اجزاؤه في المنفعة والقيمة وزاد بعضهم من حيث الذات لا من حيث الصفة وقصد به الاحتراز عن الملاعق والمغارف
وضبحات الميزان المتساوية فان تساويها حسا من حفظ التشابه في الصنعة والا فالمصنوعات مختلفة في الغالب ولقايل أن يقول الملعقة ونحوها لو وردت على
الضابط المذكور إما ترد لتماثل اجزائها وهي ملعقة أو لتماثل اجزاء جوهرها فقط والأول باطل لان اجزاء الملعقة غير متماثلة في المنفعة واما الثاني فالصفر الذي
هو جوهر الملعقة إذا كان مثليا كان تماثل اجزاءه من حيث الذات لا الصنعة وإذا لم تؤثر الصنعة في تماثل الأجزاء فكيف يقال ما يتماثل اجزاؤه من حيث الذات
لا الصنعة والحق ان اثر الصنعة في تماثل الاعداد واوضاع أجزاءها لا غير واعلم أن ما ذكره أبو حنيفة ينتقض بالمعجونات وقول القفال بجواز بيع البعض بالبعض
بعيد عن اصطلاح الشافعية فإنهم اعرضوا عن هذا الشرط وقالوا امتناع بيع البعض بالبعض لرعاية التماثل في حال الكمال بمعزل عما نحن فيه والاعتبار بالقسمة باطل
بما تقدم والا يختلف اجزاء النوع الواحد منه ان أريد بالاجزاء فيها كلما يتركب عنه الشئ لزمه ان لا يكون
الحبوب مثلية لأنها يتركب عن القشور واللب والقشر مختلفا
في القيمة والمنفعة وكذا التمر والزبيب لما فيهما من النوى والعجم وان أريد الأجزاء التي يقع عليهما اسم الجملة لزم ان لا يكون الدراهم والدنانير مثلية لما يقع في
الصحاح من الاختلاف في الوزن والاستدارة والاعوجاج ووضوح السكة وخفائها وذلك مما يؤثر في المنفعة والقيمة والنظر إلى الجزم بعيد لان الحبوب والتمور
متماثلة ومعلوم ان نوعا منها لا يخلو عن اختلاف الحبات في الصغر والكبر واستحسن بعض الشافعية كل متقدر بكيل أو وزن يجوز السلم فيه الا انه ينبغي ان يقال المثلي
كل ما يحصره الكيل أو الوزن ويجوز السلم فيه ولا يقال كل مكيل أو موزون لان المفهوم منها ما يعتاد كيله ووزنه فيخرج منه الماء وهو المثلى وكذا التراب وهو مثلى
على الأصح عندهم واعلم أنه ينشأ من اختلاف العبادات الخلاف في الصفر والنحاس والحديد والرصاص لان اجزائها مختلفة الجواهر ولان زبيره متفاوتة الاجرام وفي التبر
والسبيكة والمسك والعنبر والكافور والثلج والجمد والقطن بمثل ذلك وفي العنب والرطب وساير الفواكهة الرطبة لامتناع بيع بعضها ببعض وكذا في الدقيق والأظهر
عندهم انها بأجمعها مثلية وفي السكر والعسل المصفى بالنار والفايند؟ واللحم الطري للخلاف في جواز بيع كل منها بجنسه عندهم وفي الخبر لامتناع بيع بعضه ببعض وللخلاف في جواز السلم فيه عندهم واما الحبوب والادهان والسمن والمخيض والخل
الذي لم يستغن في اتخاذه بالماء والزبيب والتمر ونحوها فهي مثلية بالاتفاق وكذا الدراهم والدنانير لكن قضية العبارة المستحسنة عند بعض الشافعية اثبات
خلاف فيها لان في السلم فيها خلافا ولأنهم جعلوا المكسرة على الخلاف في التبر والسبيكة لتفاوت القراضات في الجرم ومثل ذلك تعرض في الصحاح فيلزم مجئ الخلاف
فيها وهذا في الدنانير والدراهم الخالصة إما المغشوشة فأمرها عندهم مبني على جواز التعامل بها ان جوزوه فهي مثلية والا فمتقومة لان ما لا يملك
بالعقد لا يملك بالقبض عوضا عن متلف واعلم أن الحق ما نقلناه عن الشيخ ره البحث الثالث في المنافع منافع الأموال من العبيد والثياب والعقار
وغيرها مضمونة بالتفويت والفوات تحت اليد العادية فلو غصب عبدا أو جارية أو ثوبا أو عقارا أو حيوانا مملوكا ضمن منافعه سواء أتلفها بان استعملها
أو فاتت تحت يده بان بقيت في يده مدة ولا يستعملها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل لان المنافع مضمونة بالعقد الفاسد فتضمن بالغصب كالأعيان
ولأنها متقومة فان المال يبذل لتحصيلها ولو استأجر عينا لمنفعة فاستعملها في غيرها ضمنها فأشبهت الأعيان ولان كل مضمون بالاتلاف في العقد الفاسد
جاز ان يضمنه بمجرد الاتلاف كالأعيان وقال أبو حنيفة لا يضمنها الغاصب بالتلف ولا بالاتلاف وانما تضمن بعقد أو شبه عقد لأنه استوفى من منفعة بغير عقد ولا
شبهة ملك فلا يضمنها كما لو زنى بامرأة والفرق ظاهر فان المرأة رضيت باتلاف منافعها بغير عوض ولاعقد يقتضى العوض فكان بمنزلة من أعار داره وقال مالك
لا تضمن بالفوات تحت اليد وانما تضمن بالتفويت والاستعمال واختلف أصحابه الا انهم يصروا في الخلاف انه لا يضمنها لقول النبي صلى الله عليه وآله الخراج بالضمان قالوا وضمانها
عليه والخبر ورد في البيع ولا يدخل فيه الغاصب لأنه لا يجوز الانتفاع بالمغصوب بالاجماع مسألة كل عين لها منفعة تستأجر تلك المنفعة فان منفعتها
مضمونة عندنا بالاتلاف والتلف تحت اليد العادية إذا بقيت في يده مدة لمثلها اجرة حتى لو غصب كتابا وامسكه مدة يطالعه أو لم يطالعه أو غصب مسكا فاشتمه أو لم يشمه
تلزمه اجرته ولو كان العبد يحس صناعات لزمه اجرة أعلاها اجرة ولا يجب عليه اجرة الجميع ولو كان له صنعة يعملها بالنهار واخرى بالليل وجب على الغاصب أجرتهما
381

معا لأنه قد أتلف منفعة زمانين فكان بمنزلة ما لو أتلف منفعة يومين مسألة منفعة البضع لا تضمن بالفوات تحت اليد بل بالاتلاف فلو غصب جارية
غيره وبقت في يده مدة لم يطأها لم يلزمه أجرتا عن البضع ولا مهر ولا عقر بل اجرة الخدمة الفايتة خاصة وان لم يستخدمها والفرق بين منفعة البضع وساير
المنافع ان اليد لا تثبت على منفعة البضع الا ترى ان السيد يزوج الأمة المغصوبة ولا يوجرها كما لا يبيعها لان يد الغاصب حايلة بين المستأجر والمشتري وبين
الجارية ولو تداعى اثنان نكاح امرأة يدعيان عليها ولا يدعى أحدهما على الأخر وإن كانت عنده ولو أقرت لأحدهما حكم بأنها منكوحته وذلك يدل على أن اليد
لها وأيضا فان منفعة البضع تستحق استحقاق ارتفاق للحاجة وساير المنافع يستحق استحقاق مالك تام الا ترى ان من ملك منفعة الاستيجار ملك نقلها إلى
غيره بالعوض بان يوجر وبغير العوض بان يعير والزوج المستحق لمنفعة البضع لا يملك نقلها لا بعوض ولا بغير عوض واما إذا فوت منفعة البضع بالوطي ضمن
مهر المثل مسألة منفعة بدن الحر يضمن بالتفويت لا بالفوات فلو مهر حرا واستعمله في شغل ضمن اجرته لأنه استوفى منافعه وهي متقومة فلزمه ضمانه كما
لو استوفي منافع العبد ولو حبسه مدة لمثلها اجرة وعطل منافعه فالأقوى انه لا يضمن الأجرة لان منافعه تابعة لما لا يصح غصبه فأشبهت ثيابه إذا تلفت عليه واطرافه؟
ولان منافعه في يده لان الحر لا يدخل تحت العبد فمنافعه تفوت تحت يده فلم يجب ضمانها بخلاف الأموال وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يضمنها لان منافعه
يتقوم بالعقد الفاسد فأشبهت منافع الأموال فقد فوقها بحبسه فضمنها كمنافع العبد إما لو منعه عن العمل من غير حبس فإنه لا يضمن منافعه وجها واحدا
لأنه لو فعل ذلك بالعبد لم يضمن منافعه فالحر أولي ولو حبس الحر فمات عنده لم يضمنه لأنه ليس بمال ولو حبسه وعليه ثياب لم يلزمه ضمانها لان يد الحر عليها
والغاصب لا يثت يده عليه فلا يثبت على ما يده ولا فرق بين ان يكون صغيرا أو كبيرا وهذا كمذهب أبي حنيفة والشافعي مسألة لو استأجر حرا ففي جواز ايجاره اشكال
وكذا الاشكال لو استأجره مدة العمل فسلم المستأجر نفسه فلم يستعمله المستأجر حتى انقضت المدة التي استأجره فيها ممكنا من نفسه هل تقرر اجرته
وأكثر الشافعية قالوا له ان يوجره ويتقرر اجرة الأجير بالتمكين وان لم يستعمله المستأجر ومنع الحكمين القفال منهم فقال ليس لمستأجر الأجير ان يوجره ولا
يتقرر اجرة الأجير على المستأجر الا بالاستعمال لا بانقضاء مدة العمل مع التمكين لان الحر لا يدخل تحت اليد ولا تحصل منافعه في يد المستأجر وضمانه الا عند
وجودها ولم يختلفوا في عدم دخول الحر تحت اليد بل الأكثر جوزوا ايجاره وقرروا اجرته للحاجة والمصلحة تذنيب لو نفل حرا صغيرا أو كبيرا من موضع
إلى موضع اخر بالقهر فإن لم يكن له غرض في الرجوع إلى موضع الأول فلا شئ عليه فإن كان فاحتاج إلى مؤنة فهي على الناقل لتعديه على اشكال مسألة
قد بينا ان منافع الكلب الذي يجوز اقتناؤه وله قيمة في نظر الشرع مضمونة على الغاصب وللشافعية وجهان
مبنيان على جواز استيجاره واما الصيد الذي
صاره الغاصب بالكلب المغصوب فإنه للغاصب وهو أظهر قولي الشافعية لان الغاصب هو الصايد والكلب آلة في الصيد ولهذا يكتفي بتسميته عند ارساله والثاني
انه للمالك كصيد العبد واكتسابه لأنه من كسب ماله فأشبه صيد العبد وكسبه والوجه الأول لما قلنا من أنه آلة بخلاف العبد لان له فعلا مستقلا برأيه ولا فرق
بين الكلب في ذلك وبين السهم والقوس والشبكة فإنها آلات لا يتحقق ملك الصيد لأربابها بل للصايد بها وكذا الكلب وحكم باقي جوارح الصيد كالفهد والبازي المغصوب
حكم الكلب والخلاف فيهما كالخلاف فيه ولبعض العامة في القوس والسهم والشبكة إذا غصب شيئا منها فاصطاد به وجهان والوجه ما قلناه من أنه للصياد لان
الصيد حصل بفعله وهذه آلات فأشبه ما لو ذبح بسكين غيره قالوا إنه لصاحب القوس والسهم والشبكة لأنه حاصل به فأشبه نماء ملكه وكسب عبده وليس بجيد لان
الحصول من الغاصب لا من الآلة إذا ثبت هذا فان الغاصب يجب عليه أجرة المثل للكلب وآلات الجوارح والقوس وباقي آلات الصيد مسدة مقامه في يده وعلى الوجه
الثاني للشافعية ان الصيد للمالك ففي وجوب الأجرة لزمان الاصطياد وجهان أحدهما انه لا يجب لأنه إذا كان الحاصل له كانت المنافع منصرفة إليه فلم يتحقق
تفويت الغاصب لها على مالكها والاجر انما هو في مقابلة المنافع والمنافع في هذه المدة عايدة على مالكها فلم يستحق عوضا على غيره كما لو زرع ارض انسان فاخذ
المالك الزرع بمنفعته والثاني عليه أجرة المثل لأنه استولى على منافعه فأشبه ما لو لم يصد شيئا ولان المالك ربما كان يستعمله في غير ما اشتغل به فلا تدخل الأجرة
فيما اكتسبه مسألة إذا غصب عينا فنقصت كان الغاصب ضامنا للنقصان ويجب مع الأرش الأجرة سواء كان النقص بسبب غير الاستعمال كما لو غصب ثوبا
أو عبدا فانتقصت قيمته بآفة سماوية كسقوط يد العبد بمرض أو كان النقص بسبب الاستعمال كما إذا لبس الثوب فأبلاه والأجرة الواجبة قبل حدوث النقصان
اجرة مثله سليما ولما بعده اجرة مثله معيبا لان كل واحد من نقص الجزء ومضى المدة إما مع الاستعمال أو بدونه موجب لعوضه فإذا اجتمعا وجبا معا كما لو بقى
في يده مدة ثم تلفت وفصل الشافعية هنا فقالوا إن كان النقص بسبب غير الاستعمال كما لو سقطت يد العبد بآفة سماوية أو نقص الثوب بنشره؟ وجب له الأرش
مع الأجرة والأجرة الواجبة لما قبل حدوث النقص اجرة مثله سليما ولما بعده اجرة مثله معيبا وإن كان النقص بسبب الاستعمال فوجهان أصحهما عندهم انهما يجبان
أيضا كما لو حصل النقصان بسبب اخر والثاني انه لا يجب الا الأكثر الامرين من أجرة المثل أو أرش النقصان لان النقصان نشأ من الاستعمال وقد قوبل الاستعمال
بالأجرة فلا يجب له ضمان اخر ونحن نمنع ذلك فان الأجرة لم تجب للاستعمال وانما يجب لفوات المنفعة على المالك الا ترى انها تجب وان لم يستعمل فاذن لا يحب ضمان
لشئ واحد وكذا تجب الأجرة وان لم تفت الاجراء وان لم يكن للمغصوب اجرة كثوب غير مخبط ولا اجرة له على الغاصب وعليه ضمان نقصه لا غير مسألة
إذا غصب عينا فتعذر ردها كعبد ابق أو دابة شردت أو غصبت منه ولم يتمكن من استخلاصها وجب عليه دفع القيمة إلى المالك على ما يأتي انشاء الله للحيلولة
بين المالك وعينه وتلزمه أجرة المثل للمدة التي مضت قبل بذل القيمة وهل يلزمه الأجرة لما بعدها الأقرب الوجوب لان حكم الغصب باق وانما وجبت القيمة
للحيلولة فيضمن الأجرة لفوات المنفعة ولأن العين باقية على ملكه والمنفعة له وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه لا يجب الأجرة لان القيمة المأخوذة نازلة
منزلة المغصوب فكان المغصوب إليه ولأنه استحق الانتفاع ببدله الذي أقيم مقامه حق الانتفاع به كساير ما عداه والوجهان جاريان في أن الزوايد الحاصلة بعد رفع القيمة
هل يكون مضمونة على الغاصب وفي انه هل يلزمه مؤنة ردها وفي ان جناية الآبق في اباقه هل يتعلق ضمانها بالغاصب ولو غيب الغاصب العبد المغصوب
إلى مكان بعيد وعسر رده وغرم القيمة طرد بعض الشافعية الخلاف في الأحكام المذكورة فيه ومنهم من قطع بوجوب الأجرة وثبوت ساير الأحكام والفرق
ان من عينه باختياره فهو باق في يده وتصرفه فلا تنقطع علايق الضمان بخلاف الآبق الفصل الرابع في الواجب قد عرفت ان الأعيان إما
مثلية أو غير مثلية فهنا بحثان الأول المثلي مسألة كل من غصب شيئا وجب عليه رده على المالك سواء طالب المالك برده أو لا ما دامت العين
382

باقية بلا خلاف لقول النبي صلى الله عليه وآله على اليد ما أخذت حتى يؤديه ولان حق المغصوب منه متعلق بماله ولا يتحقق ذلك الا برده فان تلفت العين فقد تعذر
الرد عليه فلا بد لأبرأ ذمته من سبيل دفعا للحرج ولا سبيل إلى ذلك الا برد بدله وما يساويه إذ الغرض الكلي أصل المالية وانما يتعلق بالجزيئات الأغراض النادرة فيجب
حينئذ رد بدله وهو ما يقوم مقامه في المالية لقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ثم ينظر فإن كان من ذوات الأمثال وجب رد المثل لان
المثل أقرب الأشياء إليه ومن القيمة وهو مماثل له من طريق الصورة والمشاهدة والمعنى واما القيمة فإنها مماثلة من طريق الظن والاجتهاد فكان ما هو من طريق
المشاهدة مقدم كما يقدم النص على القياس عند القايلين به لكون النص طريقة الادراك بالسماع والقياس طريقة الظن والاجتهاد فإن لم يكن مثليا وجب
قيمته في قول أكثر العلماء وحكى عن عبيد الله بن الحسين العنبري انه يجب في كل شئ مثله لما روت عايشة قالت ما رأيت صانعا مثل حفصة صنعت طعاما فبعث به إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذني الأفكل فكسرت الاناء فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما كفارة ما صنعت فقال انا مثل الاناء وطعام مثل الطعام والافكل الرعدة عن الغيرة وعن انس
ان امرأة كسرت قصعة أخرى فدفع النبي صلى الله عليه وآله قصعة الكاسرة إلى صاحبه المكسورة وحبس المكسورة في بيته وهو محمول على جواز ذلك بالتراضي وقد علم النبي صلى الله عليه وآله انها ترضى
بذلك أو ان المثلية تحققت بذلك فيهما ومع ذلك فهو معارض بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أعتق شركا من عبد قوم عليه قيمة العدل فامر بالتقويم في حصة
الشريك لأنها متلفة بالعتق ولم يأمر بالمثل ولأن هذه الأشياء لا يتساوى اجزائها وتفاوت صفاتها القيمة فيها اعدل واليها أقرب فكانت أولي مسألة
قد بينا ان المثلي يضمن مع تلفه بمثله كالدراهم والدنانير والحبوب والادهان وقال ابن عبد البر كل مطعوم من مأكول أو مشروب مجمع على أنه يجب على مستهلكه
مثله لا بقيمته واما ساير المكيل والموزون فإنها متماثلة عندنا تضمن بالمثل ولو كان فيه صناعة كمعمول الحديد والنحاس والرصاص من الأواني والآلات ونحوها
والحلي من الذهب والفضة والمنسوج من الحرير والكتان والقطن والصوف والشعر والمغزول من ذلك فالأقرب انه يضمن بالقيمة لان الصناعة يؤثر في قيمته وهي
مختلفة بالقيمة فأشبه غير المكيل والموزون وقال بعض العامة ان النقرة والسبيكة من الأثمان والعنب والرطب والكمثرى انه يضمن بالقيمة والوجه الأول
مسألة إذا غصب عينا من ذوات الأمثال وتلفت في يده أو أتلفها والمثل موجود فلم يسلمه حتى فقد أخذت عنه القيمة لتعذر المثل فأشبه غير المثلى
والمراد من الفقد ان لا يوجد في ذلك البلد وما حواليه فإذا لم يقبض القيمة وقت الاعواز حتى مضت مدة يختلف فيها القيمة وجب عليه القيمة يوم الاقباض
لا يوم الاعواز ولو أعوز فحكم الحاكم بالقيمة فزادت أو نقصت لم يلزم ما حكم به الحاكم وحكم بالقيمة وقت تسليمها لان الثابت في الذمة انما هو المثل وقال الشيخ ره يكون
له المطالبة بقيمة يوم القبض ولا اعتبار بحكم الحاكم به وللشافعية في القيمة المعتبرة عشرة أوجه أحدها انه اقصى قيمة من يوم الغصب إلى التلف ولا اعتبار بزيادة قيمة أمثاله
بعد تلفه كما في المقومات ولان المثل جاز في الوجوب مجرى المغصوب فإذا تعذر صار بمنزلة تلف المغصوب والمغصوب إذا وجبت قيمته وجب أكثر ما كان من حين الغصب
إلى حين التلف وثانيها انها اقصى قيمة من وقت تلف المغصوب إلى الاعواز ولان المثل هو الواجب الا انه لما فقد تعذر الوصول إليه فينظر إلى قيمته من وقت وجوبه
إلى التعذر وربما بنى هذان الوجهان على أن الواجب عند اعواز المثل قيمة المغصوب لأنه الذي تلف على المالك أو قيمة المثل لأنه الواجب عند التلف وانما رجعنا إلى
القيمة لتعذره وفيه وجهان لبعض الشافعية ان قلنا بالأول اعتبرنا بالأقصى من الغصب إلى وقت تلف المغصوب لان المثل حينئذ يجب إلى وقت الانقطاع والاعواز وثالثها
وهو الأصح عندهم القيمة المعتبرة اقصى القيمة من يوم الغصب إلى يوم الاعواز لان وجود المثل كبقاء عين المغصوب من حيث إنه كان مأمورا بتسليم المثل كما كان مأمورا
برد العين فذا لم يفعل غرم اقصى قيمته في المدتين كما أن المتقومات تضمن بأقصى قيمتها لهذا المعنى ولا نظر إلى ما بعد انقطاع المثل كما لا نظر إلى ما بعد تلف
المغصوب من المتقوم ورابعها اقصى القيم من وقت الغصب إلى وقت تغريم القيمة والمطالبة بها لان المثل لا يسقط بالاعواز الا ترى ان المغصوب منه لو صبر إلى وجدان
المثل ملك المطالبة به وانما المصير إلى القيمة عند تغريمها وهذه الأوجه الأربعة هي المذكورة في الكتاب وخامسها انها اقصى القيم من وقت انقطاع المثل واعوازه
إلى وقت المطالبة بالقيمة لان الاعواز وقت الحاجة إلى العدول إلى القيمة فتعين الأقصى من يومئذ وسادسها انها اقصى القيم من وقت تلف المغصوب إلى وقت المطالبة
لأن الضمان يومئذ يجب وسابعها ان الاعتبار بقيمة يوم الذي تلف فيه المغصوب وثامنها ان الاعتبار بقيمة يوم الاعواز لأنه وقت العدول إلى القيمة وتاسعها
وبه قال أبو حنيفة ومالك ان الاعتبار بقيمته يوم المطالبة لان الاعواز حينئذ يظهر ويتحقق وقد يبدل لفظ المطالبة والتغريم بالحكم بالقيمة والمرجع بهما إلى
شئ واحد وعاشرها انه إن كان منقطعا في جميع البلاد فالاعتبار بقيمته يوم الاعواز وان فقد في تلك البقعة فالاعتبار بقيمته يوم الحكم بالقيمة وقال بعضهم
المعتبر قيمة يوم اخذ القيمة لا يوم المطالبة ولا يوم التلف وقال أبو حنيفة الاعتبار بقيمة يوم المطالبة والقبض وهو الوجه عندي وقال احمد بالوجه الثامن ولو
غصب مثليا فتلف والمثل مفقود فالقياس ان يجب على الوجه الأول والثالث اقصى القيم من يوم الغصب إلى التلف وعلى الثاني والسابع والثامن قيمة يوم التلف
وان يعود الرابع والسادس والتاسع بحالها على الخامس اقصى القيم من يوم التلف إلى يوم التغريم وعلى العاشر إن كان مفقودا في جميع البلاد وجبت قيمة يوم التلف والا
فقيمة يوم التغريم ولو أتلف مثليا على انسان من غير غصب واثبات يد عليه وكان المثل موجودا فلم يسلمه حتى فقد فعلى الوجه الأول يجب قيمة يوم الاتلاف وعلى الثاني
والثالث اقصى القيم من يوم الاتلاف إلى الاعواز وعلى الرابع من يوم الاتلاف إلى التقويم والقياس عود الوجوه السابقة ولو أتلفه والمثل مفقود فالقياس
ان يقال على الوجه الأول والثاني والثالث والسابع والثامن تجب قيمته يوم الاتلاف وعلى الرابع والخامس والسادس اقصى القيم من يوم الاتلاف إلى يوم التغريم وعلى
التاسع قيمة يوم التغريم وعلى العاشر إن كان منقطعا في جميع البلاد وجب قيمته يوم الاتلاف والا فقيمة يوم التغريم ومهما غرم الغاصب أو المتلف القيمة لاعواز
المثل ثم وجد المثل هل للمالك رد القيمة وطلب المثل الأقرب المنع لبراءة ذمة الغاصب بأداء بذل المثل فلا يعود الذمة مشغولة بالمبدل كما لو صام الفقير عن
الكفارة ثم استطاع العتق بخلاف ما لو غرم قيمة العبد ثم وجد لان القيمة ليست بدلا عن العبد حقيقة وانما هي مأخوذة للحيلولة ولان العبد عين حق
المغصوب منه والمثل بدل حقه ولا يلزمه من تمكين المالك من الرجوع إلى عين حقه تمكينه من الرجوع إلى بدل حقه مسألة لو غصب عينا من ذوات الأمثال
ونقلها إلى بلد اخر كان للمالك مطالبته برده إلى مكانه الأول وله ان يأخذه من المكان الثاني وله ان يطالبه في المكان الأول بالقيمة في الحال للحيلولة فإذا رده الغاصب
أسترد القيمة التي دفعها إلى المالك لأنه انما ملكها للحيلولة وقد زالت بالرد إليه ولو تلف في البلد المنقول إليه طالبه بمثله حيث ظفر به من البلدين لتوجه
الطلب عليه برد الثمن في الموضعين فان فقد المثل غرمه قيمة أكثر البلدين قيمة ولو أتلف مثليا أو غصبه ثم تلف عنده في بلد ثم ظفر المالك في بلد اخر
383

اخر كان للمالك مطالبته بالمثل سواء كان لنقله مؤنة أولا وقال أصحاب الشافعي ان لم يكن لنقله مؤنة كالدراهم والدنانير فله المطالبة بالمثل وإن كان لنقله
مؤنة لم يكن له طلب المثل ولا للغارم تكليفه قبول المثل لما يلزم فيه من المؤنة والضرر وللمالك ان يغرمه قيمة بدل المتلف فان تراضيا على المثل لم يكن له
تكليفه مؤنة النقل وحكى الجويني وجهين آخرين أحدهما انه يطالبه بالمثل وان لزمه المؤنة وزادت القيمة كما لو أتلف مثليا في وقت الرخص وطلب المثل في الغلا
وهو الذي اخترناه والثاني انه إن كان قيمة ذلك البلد مثل قيمة بلد التلف أو أقل طالبه بالمثل والا فلا وعلى القول بالمنع لو اخذ القيمة ثم تراجعا في بلد التلف
قيل للمالك رد القيمة وطلب المثل وهل لصاحبه استرداد القيم وبدل المثل فيه الوجهان فيما إذا غرم القيمة لاعواز المثل ولو نقل المغصوب المثلي إلى
بلد اخر وتلف هناك أو أتلفه ثم ظفره المالك في بلد ثالث وقلنا انه لا يطالب بالمثل في غير موضع التلف فله اخذ قيمة أكثر البلدين قيمة مسألة لو غصب
المثلى فتلف تحت يده أو أتلف المثلى على غيره وان لم يكن غاصبا ومضى عليه زمان زادت قيمة المثل فيه فله المطالبة بالمثل وان زادت القيمة ولو نقصت القيمة فله المثل خاصة ليس له
سواء وبه قال العامة وفرقوا بين مضي الزمان ومغايرته للأول وبين المكان عند القايلين بأنه لا يطالب بالمثل في غير ذلك المكان ان العود إلى المكان الأول ممكن فجاز انتظاره ورد
الزمان الأول غير ممكن فقدمناه بصورة المثل وان لم يكن ذلك مثلا حقيقة لان التساوي في القيمة معتبر في
المثلين وللزمان اثر ظاهر في تفاوتها وهذا كله فيما إذا لم يخرج
المثل باختلاف الزمان والمكان عن أن يكون قيمة ومالية إما إذا اخرج كما إذا أتلف عليه الماء في مفازة ثم اجتمعا على شط نهر أو أتلفه عليه جمدا في الصيف واجتمعا في الشتاء
فالأقرب انه يجب على المتلف قيمة المثل في مثل تلك المفازة وفي الصيف والا لزم تصرف المالك باتلاف ملكه بالحقيقة وإذا غرم القيمة ثم اجتمعا في مثل تلك المفازة
أو في الصيف هل يثبت التراد الأقوى عندي المنع وللشافعية وجهان مسألة لو انتقل المسلم إليه لم يطالب بالمثل لما فيه من المؤنة وانما عليه ان يوفيه إياه
في مكان العقد وفي مطالبته بالقيمة نظر من حيث إنه اعتياض فان منع فله الفسخ وطلب رأس المال ولو كان قد اقترضه في موضع فله ان يأخذ القرض منه في موضعه
وليس له مطالبته به في غير موضعه ولو اتفقا على ذلك جاز وله المطالبة بالقيمة فان اخذ القيمة عن القرض جايز مسألة الذهب والفضة ان كانا مضروبين
فهما مثليان يضمنان بالمثل وقال الشيخ ره يضمنان بنقد البلد كما لو أتلف مالا مثل له وان لم يكونا مضروبين فاما ان يكونا فيه صنعة كالحلي أو لا يكون كالتبر إما الأول
فإذا أتلف حليا وزنه عشرة وقيمته عشرون ضمن الأصل بمثله وقيمة الصنعة وهي عشرة أيضا وكذا في غير النقدين وان زاد عن الأصل ربويا كان أو غير ربوي
لان للصنعة قيمة تظهر لو أزيلت عدوانا ولو من غير غصب ولو كانت الصنعة محرمة لم تضمن وللشافعية وجهان أحدهما انه يضمن العين بوزنها من جنسها
والصنعة بقيمتها من غير جنسها سواء كان ذلك نقد البلد أو لم يكن لأنه لو ضمن الكل بالجنس لقابلنا عشرة بعشرين وذلك رباء وهو ممنوع وأصحهما عندهم
انه يضمن الجميع بنقد البلد وإن كان من جنسه ولا يلزمه الرباء فان الربا انما يجري في العقود لا في الغرامات ولو كان هذا ربا لكان الأول أيضا ربا فإنه كما لا يقابل دينار
بدينار لا يقابل دينار بدينار ودرهم ولهم أيضا وجهان آخران أحدهما ان العين يضمن بوزنها من جنسها والصنعة بنقد البلد كما لو أتلف الصنعة وحدها بكسر
الحلي يضمن بنقد البلد سواء كان من جنس الحلي أو غير جنسه والثاني انه يضمن الجميع بغير جنسه تحرزا عن التفاضل وعن اختلاف الجنس في أحد الطرفين وهو مروى
عن أبي حنيفة ولو أتلف انية الذهب والفضة فيبني على أن اتخاذها للاستعمال هل هو جايز ان قلنا نعم فهو كما لو أتلف حليا وان قلنا لا فهو كاتلاف ما لا صنعة
فيه وإذا أتلف ما لا صنعة فيه كالتبر والسبيكة ضمنه بالمثل لأنه من ذوات الأمثال لتساوي الأجزاء وللشافعية قولان أحدهما انهما مثليان فيضمنان بالمثل
والثاني انه يضمن قيمته بنقد البلد سواء كان من جنسه أو من غير جنسه كساير المتقومات ولهم وجه اخر ان الامر كذلك الا إذا كان نقد البلد من جنسه وكانت القيمة
يزيد على الوزن فحينئذ يقوم بغير الجنس ويضمن به وفرقوا بينه وبين ما فيه صنعة بان الزايد هناك يقع في مقابلة الصنعة فلا يودي إلى الربا وهنا لا قيمة
للصنعة فيلزم الربا مسألة إذا تغير المغصوب في يد الغاصب من حال إلى أخرى ثم تلف عنده فاما ان يكون متقوما في الحال الأول مثليا في الثانية أو
بالعكس أو يكون مثليا فيهما أو متقوما فيهما فالأقسام أربعة الأول ان يكون متقوما في الحالة الأولى خاصة كما لو غصب رطبا وقلنا انه متقوم فصار تمرا
ثم تلف عنده فالوجه ان عليه الأكثر من قيمة الرطب أو مثل التمر فان الرطب لو كان أكثر قيمته من قيمة التمر حتى أوجبنا التمر أو قيمته لزم تضييع الزيادة التي
استحقها المالك عليه ولو كان التمر أكثر قيمة وجب عليه التمر لأنه مثلي وهو أحد وجوه الشافعية والثاني ان المالك يتخير بين ان يأخذ مثل التمر أو قيمة الرطب لأنه أتلف عليه ماله وهو مثلي وماله وهو متقوم فيطالب بموجب ما
شاء من الحالين وهو حسن والثالث انه يضمن مثل التمر خاصة لأنه لا يمكن الجمع بين المثل والقيمة ولا بد من ايجاب أحدهما والمثل أقرب إلى التالف فيكون ايجابه أولي الثاني ان يكون مثليا في الحالة الأولى متقوما في الحالة
الثانية كما لو غصب حنطة فيطحنها ثم تلف الدقيق عنده أو جعله خبزا أو اكله وقلنا لا مثل للدقيق والخبز كما هو قول الشافعية أو غصب منه تمرا واتخذ منه
الخل بالماء عندهم أو اتخذ من الكتان ثوبا وخرج بذلك عن كونه مثليا فالدين أوجبوا المثل في الأول من الشافعية أوجبوه هنا فيضمن الحنطة والتمر والكتان
وعلى الأخر إن كان المتقوم أكثر قيمة عزمها والا غرم المثل وقال بعض الشافعية انه يغرم بأقصى القيمة وليس للمالك مطالبته بالمثل لان التلف حصل وهو متقوم
وعلى هذا فإذا قيل من غصب حنطة في الغلاء وبقيت عندهم إلى التلف وغرمه المالك وقت الرخص فغرم المثل أو القيمة فالصواب عندهم ان يقال إن تلفت وهي
حنطة غرمه المثل وان صارت إلى حالة التقوم ثم تلفت فالقيمة ولا يصح اطلاق الجواب بالمثل ولا بالقيمة الثالث ان يكون مثليا فيهما كما لو غصب سمسما واتخذ
منه شيرجا ثم تلف عنده ضمن أكثرها قيمة فان تساويا قيمة تخير المالك في أيهما شاء وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم يتخير المالك فيغرمه وما شاء منهما
وهما متقاربان الرابع ان يكونا متقومين ويجب فيه اقصى القيم في الحالتين مسألة إذا أتلف المثلى وجب عليه تحصيل المثل فان وجده بثمن المثل وجب عليه
شراؤه بلا خلاف وان لم يجده الا بأزيد من ثمن المثل ففي الزامه بتحصيله اشكال ينشأ من أن الموجود بأكثر من ثمن المثل كالمعدوم كالرقبة في الكفارة والهدى
ومن أن المثل كالعين ورد العين واجب وان لزم في مؤنته اضعاف قيمته وللشافعية وجهان أظهرهما الأخير وربما يمكن الفرق بين المثل والعين بأنه تعدي
في العين دون المثل فلا يأخذ المثل حكم العين البحث الثاني في غير المثلى إذا غصب عينا ليست من ذوات الأمثال وجب عليه ردها ما دامت باقية على
صفاتها فان تلفت عند الغاصب أو أتلفها قال الشيخ ره يضمنها الغاصب بأكثر القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف وبه قال الشافعي لأنه في حال زيادة القيمة غاصب
مطالب بالرد فإذا لم يرد ضمن بدله وقال أبو حنيفة تعتبر قيمتها يوم التلف لان زيادة السوق لا تضمن مع بقاء العين فوجب التقويم يوم التلف وقول أبي حنيفة
ضعيف لان الامساك منه غصب وكذا قول احمد لان ذلك تسقط برد العين فإذا اعوزت فقد تعذر ردها وقول احمد لا بأس به مسألة لو غصب في بلد ثم تلف المغصوب
في غير ذلك البلد واختلف قيمة البلدين كان له أكثر القيمتين ولو اختلف النقدان فالأقرب وجوب القيمة من نقد البلد الذي حصل فيه التلف واعلم أن
384

تفاوت القيمة وقد يكون لزيادة ونقصان كما إذا كان العبد ذا صنعة فنسيها وقد يكون لارتفاع السوق وانخفاضه فلو كانت قيمته مائة فبلغت مأتين ثم عادت بتراجع
الأسواق إلى مائة وخمسين ثم هلك لزمه مأتين ولا عبرة بتفاوت السوق بعد التلف ولو تكرر ارتفاع السوق وانخفاضه لم يضمن كل زيادة وانما يضمن الأكثر
ولو أتلف متقوما من غير غصب ضمن قيمته يوم الاتلاف فان حصل التلف بتدريج وسراية واختلف القيمة في تلك المدة كما إذا جنى على بهيمة قيمة مثلها
يومئذ مائة ثم هلكت وقيمة المثل خمسون لزمه مائة لأنا إذا اعتبرنا الأقصى في اليد العادية فلان نعتبرها في نفس الاتلاف أولي وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
تعتبر قيمته يوم الغصب بناء على أن الزوايد غير مضمونة وقال احمد تعتبر قيمته يوم التلف إذا كان التفاوت لاضطراب الأسواق مسألة لو غصب عبدا فابق أو دابة
فشردت أو ضلت أو غيبها؟ الغاصب أو غصب ثوبا فضاع فللمالك ان يضمنه القيمة في الحال للحيلولة ولزوم الضرر والاعتبار بأقصى القيم من يوم الغصب إلى يوم المطالبة
وليس للغاصب ان يلزمه فنزل؟ القيمة لان قيمة الحيلولة ليست حقا ثابتا في الذمة حتى يجبر على قبوله والابراء عنه بل لو أبراه المالك عنها لم ينفذ وهو قول أكثر الشافعية
وقال بعضهم انها منزلة منزلة الحقوق المستقرة ثم القيمة المأخوذة يملكها المالك كما يملك عند التلف وينفذ تصرفه فيها ولا يملك الغاصب المغصوب كما لا يملك
نصف العبد إذا قطع إحدى يديه وغرم فإذا ظفر بالمغصوب فللمالك استرداده ويرد القيمة وللغاصب رده واسترداد القيمة وهل له حبس المغصوب إلى أن
يسترد القيمة قال الشافعي نعم كما أنه يثبت الحبس للمشتري في الشراء الفاسد لاسترداد الثمن والأقرب عند أصحابه المنع من حبس المشتري والأقرب المنع في الغاصب
مسألة قد بينا ان الغاصب إذا دفع القيمة إلى المالك لأجل الحيلولة ملك المغصوب منه القيمة فله التصرف فيه كيف شاء واخراجه عن يده بالبيع والهبة
وغير ذلك فلا يملك الغاصب العين المغصوبة فإذا قدر الغاصب عليها بعد ذلك وجب عليه ردها وبه قال الشافعي لأن الغصب ليس سبب الملك
ودفع القيمة لا يوجب التملك لأنه غرم ما تعذر عليه رده بخروجه عن يده فلا يملكه بذلك كما لو كان المغصوب مدبرا وقال أبو حنيفة ان الغاصب يملك العين المقومة
فإذا قدر عليها لا يلزمه ردها الا ان يكون دفع قيمتها بقوله مع يمينه فيكون للمغصوب منه رد القيمة واسترجاعها نقل عن أبي حنيفة ومالك انهما قالا يتخير
المالك بين المصير إلى امكان ردها فيستردها وبين تضمينه إياها فيزول ملكه عنها وتصير ملكا للغاصب لا يلزمه ردها الا ان يكون دفع قيمتها بقوله
مع يمينه لان المالك تلك البدل فلا يبقى ملكه على المبدل كالبيع ولأنه يضمن فيما تنفذ الملك فيه فوجب ان ينتقل الملك به كما لو خلط زيته بزيته والفرق ان الزيت
يجوز بيعه ولان حق صاحبه انقطع عنه فإنه لا يمكنه تمييزه بحال وليس هذا جمعا بين البدل والمبدل لأنه ملك القيمة لأجل الحيلولة لا على سبيل العوض ولذا
لو رد الغاصب المغصوب إليه رد القيمة عليه فلم يحصل معنى الملك الا في أحدهما ويجب على الغاصب رد العين ونماؤها إن كانت ذات نماء ورد الأجرة واما القيمة
المدفوعة فإن كانت باقية بحالها عند المالك فالأقرب انه يجب عليه ردها على الغاصب بعينها لا بدلها لأنه انما ملكها ملكا مراعى بسبب الحيلولة وقد انتفت
الحيلولة فيزول ملكه عن العين وقال بعض الشافعية يمكن ان يجوز للمالك امساكها وغرامة مثلها وان اتفقا على ترك التراد فلا بد من بيع ليصير المغصوب للغاصب
ولو زادت القيمة فإن كانت متصلة ردها مع الزيادة وإن كانت منفصلة كاللبن والولد لا يجب ردها لأنها نمت على ملك المالك وانفصلت في ملكه واعلم أن
أبا حنيفة وافقنا على ما قلناه من أن الغاصب لا يملك الغصب في المدبر وفيما إذا اختلفا في القيمة وغرمناه ما اعترف به ثم تبين عند الظفر بالمغصوب انها
أكثر واعلم أن ضمان الحيلولة ثابت في كل مغصوب خرج من يد المالك وتعذر رده واعلم انا قد بينا ان منافع المغصوب مضمونة فلو كانت الأجرة في مدة الغصب متفاوتة
ضمن في كل زمان المدة بأجرة المثل فيه فلو كانت أجرة المثل حال الغصب تساوى عشرة مدة شهر ثم في شهر اخر هو تساوى خمسة عشرة ثم صارت في الثالث تساوى عشرين ضمن اجرة الشهر الأول عشرة وفي الثاني خمسة عشر وفي الثالث عشرين وهو أظهر وجوه الشافعية ولهم وجهان
آخران أحدهما انه يضمن بالأكثر في جميع المدة والثاني انها تضمن في كل وقت من أوقات المدة بأجرة مثلها إن كانت الأجرة في أول المدة أقل وإن كان في الأول أكثر ضمنها بالأكثر
في جميع المدة لأنه لو كان المال في يده لأمكن ان يكريه بها في جميع المدة والمعتمد الأول الفصل الخامس في الطوارى ومباحثه اثنان الأول في النقصان والنظر فيه يتعلق بأمور الأول نقص القيمة السوقية
إذا غصب عينا وقيمتها يوم الغصب عشرة مثلا فردها بحالها من غير نقص في ذاتها ولا في صفاتها لكن صارت قيمتها يوم الرد خمسة فلا شئ عليه وهو قول جمهور
العلماء لان الفايت انما هو رغبات الناس لا شئ من المغصوب بخلاف ما إذا تلف فان الواجب هناك البدل فوجب الأكثر لكونه مأمورا بالرد في تلك الحالة
وإذا كانت العين باقية فالواجب ردها وقد اتى به ولأنه رد العين ولم ينقص منها عين فوجب تقويمها بخلاف ما إذا تلفت فإنه يجب تقويمها فلهذا ضمن أكثر ما كانت القيمة وهنا لا يجب تقويمها
وقال أبو ثور ان المالك يرجع بنقص القيمة السوقية وتفاوت الأسعار لان كل ما يضمنه إذا تلفت العين يضمنه إذا ردها كالسمن والفرق ان في السمن قد تلفت
عين منها يجب تقويمها بخلاف مسئلتنا وبعض الشافعية وافق أبا ثور في ذلك وأبو ثور وإن كان داخلا في صنفه؟ أصحاب الشافعي فله مذهب برأسه ولا يعد تفرده
وجها لأصحاب الشافعي لكن بعضهم وافقه بسبب ان الغاصب فوت تلك الزيادة بإدامة اليد العادية النظر الثاني نقصان الأجزاء مسألة
إذا غصب عينا وحصل فيها نقص عين منها وجب على الغاصب أرش النقص ورد العين سواء كان الأرش قدر القيمة أو أقل كما لو قطع يدي العبد أو قلع اذنيه
على الأقوى لما تقدم خلافا للشيخ ره حيث سوى بين الغاصب والجاني في أنه يتخير المالك بين دفع العين والمطالبة بقيمتها وبين اخذها مجانا من غير أرش وهو
قول أبي حنيفة وما اخترناه ذهب إليه الشافعي وقد سبق ولافرق أيضا بين ان يفوت معظم منافعه أو لا يفوت وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا كان الواجب
قدر القيمة أو فوت الغاصب معظم منافعه بجنايته كما لو فرق الثوب المغصوب خرقا أو شقه طولا أو كسر قوايم الدابة أو بعضها لم يكن للمالك ان يغرمه شيئا الا ان
يترك المغصوب إليه وكذا لو ذبح الشاة أو صبغ الثوب بما لا يقبل بعده لونا اخر وهو السواد وليس بجيد لان الأصل بقاء ملك المالك على العين واحتجاجه
بأنه قد أتلف بجنايته معظم منفعته فكان له المطالبة بالقيمة كما لو قتل شاة له وهو غلط لان الشاة قد أتلفها بأسرها بالقتل فوجب قيمة جميعها والمتنازع فيه ليس
كذلك لأنه جنى على مال أرشه دون قيمته فلم تكن له المطالبة بجميع قيمته كما لو كان الخرق يسيرا مسألة إذا غصب أرضا ونقل التراب عن وجهها كما للمالك اجباره
برده ومطالبته بنقله إلى الأرض كما كان مبسوطا على الأرض إن كان التراب باقيا فان تلف أو انمحق بهبوب الرياح أو السيول الجارية أجبر على رد مثله إليه ويجب
عليه إعادة وصفه وهيئته كما كانت في انبساط أو ارتفاع وان لم يطالبه المغصوب منه بالرد نظر إن كان له فيه غرض بان دخل الأرض نقص وكان ذلك النقص
يرتفع بالرد ويندفع منه الأرش أو كان قد نقل التراب إلى ملكه فأراد تفريقه أو إلى ملك غيره أو شارع يحذر من التعسير الضمان فله الاستقلال بالرد ان لم
يكن شئ من ذلك بل نقله إلى موات أو من أحد طرفي الأرض المغصوبة إلى الأخر فان منعه المالك من الرد لم يرده وان لم يمنعه فالأقرب ان الغاصب يفتقر
إلى اذن المالك وللشافعية وجهان بنى على الوجهين في أنه إذا منعه المالك من الرد فرد فهل للمالك مطالبته بالنقل ثانيا ان قلنا لا فلا رد من غير
385

اذن المالك وان قلنا نعم افتقرا إلى اذنه وهو الاظهر عندهم وإذا كان له غرض في الرد فرده إلى الأرض فمنعه المالك من بسطه لم يكن له بسطه وإن كان في
الأرض مبسوطا وكذا لو غصب نقرة فطبقها دراهم كان للغاصب ان يسكها نقرة كما كانت ان ضربها ناقصة عن عيار السلطان أو على غير سكته لان له غرضا
في ذلك وهو ان يخاف عقاب السلطان على ذلك لان الضرب إلى السلطان وحده فوجب ان يكون لسبكها؟ مسألة لو غصب أرضا فحفر فيها بئرا أو
نهرا بغير اذن المالك فإنه يجب عليه طمها إذا امره صاحبها بالطم لان ذلك يضر بالأرض ولأنه نقل التراب وهو ملك صاحب الأرض عن ارضه فكان عليه
رده وأجرة المثل لموضعها وان لم يأمره المالك كان له ان يستقل بالطم ليندفع عن نفسه خطر الضمان لو تردى فيها انسان أو غيره ولأنه قد يكون للغاصب في الطم غرض مثل ان
يكون قد نقل التراب إلى ملك نفسه فيحتاج إلى أن يرده إلى البئر أو كان قد طرحه في ملك غيره أو طريق المسلمين وله غرض في رده وان لم يكن له غرض في طم البئر بان كان
قد وضع التراب في ملك المغصوب منه فان منعه المالك في نقله وقال قد أبرأتك مما حفرته ومن وضع التراب وأذنت في بقائه وطيت باستدامة البئر فإن كان للغاصب في الطم غرض
سوى دفع ضمان التردي فله الطم وان لم يكن له غرض سواه لم يكن للغاصب طمه وبه قال أبو حنيفة والمزني وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه تصرف مستأنف على جهة
التعدي في مال الغير والغصب وكان حراما وللمالك منعه منه والثاني للشافعية ان للغاصب الطم لان الاذن الطاري لا يرفع حكم الحفر المتقدم ولأنه لا يبرء إذا أبرأه
لأنه ابرا مما لم يجب بعده وهو أيضا ابرا عن حق غيره وهو الواقع فيها والأول أصح لأن الضمان انما يلزمه لوجود التعدي منه وإذا رضي صاحب الأرض فقد زال التعدي
في آلة الضمان وليس بابراء عما لم يجب وانما هو اسقاط للتعدي برضاه بذلك ولم لم يقل رضيت باستدامتها واقتصر على المنع من الطم فهو كما لو صرح بالرضاء لتضمينه
إياه وهو أحد قولي الشافعية وقال الجويني لا يضمنه فروع آ لو كان الغاصب قد طوى البئر من اجر من عنده فله نقله فللمالك اجباره عليه فان تركها ووهبها
منه لم يلزمه القبول لاشتماله على المنة وهو أظهر وجهي الشافعية ب حيث قلنا إنه يرد التراب إلى الأرض المغصوبة لوقوعه في ملكه أو في شارع فذلك
إذا لم يتيسر نقله إلى موات ونحوه في طريق الرد فان تيسر لم يرده الا بالاذن هذا إذا بقى التراب الأول بعينه إما لو تلف في الطم تراب اخر من دون إذن المالك
اشكال وللشافعية قولان قال بعضهم ينبغي ان يجري هذا الخلاف فيما إذا بسط التراب عن وجه الأرض ولم يحفر بئرا وفيما إذا طلب المالك الرد والطم عند
تلف ذلك التراب والظاهر فيهما جميعا انه لا فرق بين ذلك التراب وغيره عندهم ج إذا نقل التراب ولم يحفر أو نقل بعد الحفر أو أعاد الغاصب هيئة الأرض في الحالين
إلى ما كانت إما بطلب المالك أو بدونه فإن لم يبق في الأرض نقص فلا أرش عليه ولكن عليه أجرة المثل لمدة الحفر والرد وان بقى فيها نقص وجب عليه الأرش مع
الأجرة واعلم أن الشافعية قالوا نص الشافعي هنا انه يجب أرش النقص الحاصل بالحفر ولم يوجب التسوية لأنه نص على ذلك فيما إذا غرس الأرض المغصوبة ثم قلع
بطلب المالك وإذا باع أرضا فيها أحجار مدفونة فقلعها ونقلها نص انه يلزمه تسوية الأرض واختلفوا فيها على طريقين أحدهما ان في الصورتين قولين بالنقل
والتخريج أحدهما ان الواجب في الموضعين أرش النقصان لان الزام التسوية مقابلة فعله بمثله فصار كما إذا هدم جدارا الغير لا يكلف بإعادته الثاني ان الواجب التسوية
لتعود الأرض إلى ما كانت ومهما أمكن التضمين بالمثل لا يصار إلى التضمين بالقيمة ويفارق هدم الجدار والطريق الثاني تقرير النصين وفرقوا بان الغاصب متعد فغلظ
عليه الامر بايجاب الأرض لكن لا قوة لهذا الفرق لان مؤنة التسوية قد يزيد على أرش النقص الحاصل بالحفر فلا يظهر زيادة تغليظ بايجاب الأرش وأيضا فإذا
أوجبنا التسوية وبقى بعد التسوية نقصان في الأرض يجب أرشه والا كان الضمان دون الفائتة وإذا أوجبنا أرش النقصان الباقي بعد التسوية مع التسوية لم يكن فيه تخفيف
وقال بعض الشافعية ان الطريقين ينصرفان إلى شئ اخر وهو ان الواجب مجرد التسوية أم يجب مع التسوية أرش النقص الباقي مسألة لو غصب عبدا فخصاه فالأقرب عندي
وجوب ضمان القيمة بأسرها وان زاد العبد بالخصى لأنه جنى جناية مقدرة ولا يحمل الغاصب على الجاني كما سوى الشيخ بينهما ويرد العبد أيضا على مالكه مع كمال
قيمته وللشافعي قولان في أن جراح؟ العبد هل يتقدر أم لا ففي الجديد انه مقدر كما هو مذهبنا فيلزمه كمال القيمة ولا يدفع العبد خلافا لأبي حنيفة وللشيخ ره
وفي القديم انه لا يتقدر وان قلنا لا يتقدر فالواجب ما نقص من القيمة فإن لم ينقص شئ فلا شئ عليه ولو سقط ذلك العضو بآفة سماوية فزادت قيمته فرده
فلا يبق على القولين للشافعية والأقرب وجوب القيمة لأنه يضمن بالتلف تحت اليد العادية كما يضمن بالجناية مسألة لو غصب جارية سمينة فهزلت
عنده فلا يخلو إما ان يكون السمن مفرطا له تأثير في زيادة قيمة الجارية أو لا يكون مفرطا وتزيد به قيمة الجارية أو غصب عبدا سمينا ينقص به القيمة فزال السمن عنهما ورجعا إلى حد الاعتدال ولم
ينقص قيمتهما لم يلزمه شئ لان عن السمن ليس له بدل مقدر ولا نقص في العين نقصا يوجب نقص القيمة بخلاف الأنثيين فان فيهما مقدرا مسألة
إذا غضب زيتا أو دهنا فأغلاه فان نقصت عينه خاصة دون قيمته مثل ان غصب صاعين يساويان أربعة دراهم ثم غلاهما حتى صارا واحدا قيمته أربعة دراهم فقد
انخفضت القيمة ونقصت العين فيجب عليه رد الصاع وعليه بدل الصاع التالف وزيادة القيمة في الصاع لا يحتسب له لان تلك زيادة فيه بالصنعة والأثر فأشبه ما
إذا غصب نقرة فضربها دراهم فنقص بعضها فزادت بالضرب قيمتها والأصل فيه ان للزيت بدلا مقدرا وهو المثل فصار كما لو خصى العبد وهو أصح وجهي الشافعية
والثاني انه يرد ولا غرم عليه لان ما فيه من الزيادة والنقصان مستندان إلى واحد فينجبر النقصان بالزيادة وليس بجيد لان الزيادة الحاصلة اثر محض فلا تنجبر به النقصان كما لا
يستحق به الغاصب شيئا إذا لم يكن نقصان وان نقصت قيمته خاصة دون عينه لأنه بالغليان تغير طعمه ولونه
فنقصت قيمته وهو كيله كما كان فإنه يجب عليه رده وما
نقص من قيمته كما لو خرق الثوب وان نقصا معا مثل ان عاد إلى صاع وعادت قيمة الصاع إلى درهم فإنه يضمن الصاع التالف بمثله ويرد الباقي وما نقص من قيمته ولو
عاد الصاعان إلى صاع واحد قيمته درهمان لزمه مثل الصاع الذاهب بالغليان الا إذا كان ما نقص من القيمة أكثر ما ينقص من العين كما مثلناه أولا فيلزمه مع مثل
الذاهب أرش نقصان الباقي ولو بقيا معا على حالهما ولم ينقص واحدة من العين ولا من القيمة رده ولا شئ عليه مسألة لو غصب عصيرا فأغلاه فنقصت
عينه دون قيمته مثل إن كان صاعين قيمتهما أربعة دراهم فلما أغلاه عاد إلى صاع قيمته أربعة دراهم قال الشيخ ره لا يضمن الغاصب الناقص من العين هنا لأنه مجرد
مائية رطوبة لا قيمة لها وللشافعية وجهان أحدهما انه يضمن ما نقص من العين كالزيت لأنه مضمون بالمثل والثاني انه لا يغرم شيئا لأنه إذا أغلاه نقصت المائية
التي فيه وصار ربا ولهذا يثخن ويريد حلاوته فالذي نقص منه لا قيمة له بخلاف الزيت فإنه لا مائية فيه فالذاهب له زيت له قيمة بخلاف العصير فان حلاوته باقية
والذاهب منه ليس الا المائية والرطوبة التي لا قيمة لها والوجه عندي انه لافرق في الضمان بين الزيت والعصير لان الذاهب في الزيت أيضا الرطوبة المائية خاصة الا ان مائيته
أقل قاله بعض الشافعية والخلاف المذكور فيما إذا أغلى العصير يجري فيما إذا صار خلا وانتقص عينه دون قيمته وكذا إذا صار الرطب تمرا والعنب زبيبا مسألة
386

لو غصب عصيرا فأغلاه حرم عندنا وصار نجسا لا يحل ولا يطهر الا إذا ذهب ثلثاه بالغليان فلو رده الغاصب قبل ذهاب ثلثيه وجب عليه غرامة الثلثين
والوجه انه يضمن أيضا غرامة الخسارة على العمل فيه إلى أن يذهب كمال الثلثين لأنه رده معيبا ويحتاج زوال العيب إلى خسارة العيب من فعله وكانت الخسارة عليه النظر الثالث
في نقص الصفات مسألة الصفات يضمن كما يضمن الأعيان إذا كانت متقومة فلو غصب عصيرا فصار خمرا عند الغاصب وجب عليه دفع مثل العصير إلى المالك
لان المالية قد فاتت تحت يده وهي يد عادية فكان عليه ضمانها كما لو تلفت ويجوز ان يأخذه المالك ليمسكها حتى يتخلل عنده ولا يجوز على قصد الخمرية ولو تخللت
في يد الغاصب فالخل للمالك لأنه عين ماله وعلى الغاصب أرش النقصان إن كانت قيمة الخل انقص من قيمة العصير ولو نقص وزنه وجب عليه غرم الناقص من العصير
وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الغاصب يغرم مثل العصير لأنه بالتخمير كالتالف وعلى هذا القول ففي الخل عندهم وجهان أحدهما انه للغاصب كما لو غصب
الخمر فتخللت يكون الخل للغاصب على وجه وأظهرهما انه للمالك لأنه فرع ملكه ويجوز ان يكون الخل له ولا يسقط الضمان اللازم قبل التخلل كما في السمن
العائد على أحد الوجهين وبعضهم فرق وقال السمن الثاني غير الأول وهنا العين واحدة وانما تغيرت الصفة فافترقا مسألة هذا الخلاف جار فيما
إذا غصب بيضة ففرخت عنده أو نوى فزرعه فصار شجرا أو بذرا فزرعه فنبت وازداد (أو بزر قزا فصار قزا)؟ فالأصح من وجهي الشافعية وهو المعتمد عندنا ان الحاصل
للمالك ولا يغرم الغاصب شيئا الا ان يكون الحاصل انقص قيمة مما غصبه لان المغصوب قد عاد إليه زايدا وعلى الوجه الثاني يغرم المغصوب لهلاكه والحاصل للمالك
في أظهر الوجهين وللغاصب في الأخر وبه قال أبو حنيفة والمزني واحمد في إحدى الروايتين لو غصب دجاجة فباضت عنده ثم حضنت بيضها فصار فراخا فهما معا
للمالك ولا شئ عليه عن علفها ولو غصب شاة أو دابة فأنزا عليها فحلا فالولد لصاحب الشاة والدابة ولا شئ للغاصب لان الولد من نماء الام ولو غضب فحلا فأنزاه على
شاة فالولد لصاحب الشاة وإن كان الغاصب لأنه تتبع الام وعليه اجرة الضراب عندنا خلافا لبعض العامة حيث لم يوجبوا له اجرة لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن عسب
الفحل والنهي محمول على بيعه أو على الكراهية ولو نقص الفحل ضمن النقص اجماعا مسألة لو غصب خمرا فتخللت في يده أو جلد ميتة فدبغه عند من يطهر
جلد الميتة بالدباغ فالخل والجلد للمغصوب منه لأنه فرع ملكه فلو تلف في يده غرمه وهو أصح وجهي الشافعية وهذا مذهبنا في الخل إما في الجلد فلا يطهر عندنا
بالدباغ فوجود الدبغ كعدمه والثاني للشافعية انهما للغاصب لحصولهما عنده مما ليس بمال وللشافعية في المسألة طريقان آخران أحدهما القطع بان الخل
للمالك وتخصيص الوجهين بالخل لان جلد الميتة يقتني والخمر التي غصبها لا يجوز اقتناؤها فإن كانت الخمر محترمة كانت كجلد الميتة وإذا جمعت الطرق قلت هما للمالك أو للغاصب
أو الخل للمالك والجلد للغاصب أو بالعكس فيه لهم أربعة أوجه فإذا حكمنا بأنهما للمالك فذلك فيها إذا لم يكن المالك معرضا عن الخمر والجلد واما إذا كان قد أراق الخمر أو القى الشاة
الميتة فاخذها أحد هل للمعرض استرداده الحاصل فيه الوجهان لأنه أبطل اختصاصه بالالقاء مسألة إذا غصب عينا نقصت في يده ضمن النقصان وان زادت
بعد النقص وعادت القيمة بحالها وإن كان الزايد من الوجه الذي حصل فيه النقصان كما لو غصب جارية سمينة فهزلت عنده فنقصت قيمتها ثم سمنت بعد ذلك عنده
وعادت القيمة بحالها كما كانت فالوجه انه لا ينجبر النقصان بالثاني فيرد العين ويغرم الناقص لان السمن الثاني ليس هو الأول لاستحالة إعادة المعدوم لان ملك
الانسان لا ينجبر بملكه لان الزيادة الثانية غير الأولى وهي تابعة للعين في تملك صاحب العين لها وكما لو كانت الزيادة في جنس غير الجنس الأول وهو أظهر وجهي الشافعية
والثاني ان النقص ينجبر بالزيادة ويسقط الغرم كما إذا ابق العبد فعاد وكما لو جنى على عين فابيضت ثم زال البياض وليس بجيد لان السمن غير محسوسة قد تلفت
فيضمنها الغاصب بخلاف الاباق والبياض لبقاء العين بحالها حالة البياض وعدمه وقال بعض الشافعية الوجهان مبنيان على الخلاف فيما إذا قلع سن كبير
فعادت وهو ضعيف لان عود سن الكبير نادر وعود السمن ليس بنادر فهو بعود سن الصغير أشبه وهذان الوجهان جاريان فيما إذا كان العبد المغصوب صانعا
فنسى الصنعة ثم تذكرها أو تعلمها وبعضهم وقطع هنا بان الناقص ينجبر بالمتجدد وهو المعتمد بان الفرق ظاهر بين السمن الثاني وبين تذكر الصنعة لان السمن
الثاني محسوس زايد في الجسم مشاهد وهو مغاير لما كان وتذكر الصنعة لا يعد في العرف شيئا متجددا وبعض الشافعية قطع في السمن بعدم الانجبار وخص الخلاف
بالصورة الثانية ولو قلنا بالانجبار فلو لم يبلغ القيمة بالعايد إلى القيمة الأولى ضمن ما بقى في النقصان وانجبر ما وراؤه بما عاد ويجري الخلاف فيما
إذا كسر الحلي والاناء المغصوبين ثم أعاد تلك الصنعة من غير نقص فاما إن كان الكمال من وجه اخر مثل ان نسى صنعة كانت قيمته معها مائه فصارت القيمة إلى خمسين ثم تعلم صنعة
أخرى غير الأولى فعادت المائة أو أبطل صنعة الأخرى واحدث صنعة أخرى مخالفة للأولى لم تجبر الثانية الأولى بحال وعلى هذا لو تكرر النقصان وكان الناقص في كل مرة مغايرا
بالنوع للناقص في المرة الأولى ضمن الجميع حتى لو غصب جارية قيمتها مائة فسمنت في يده وبلغت القيمة ألفا وتعلمت صنعة وبلغت الفين ثم هزلت ونسيت الصنعة فعادت قيمتها
إلى مائة رد الجارية وغرم ألفا وتسعمائة وان بلغت بالسمن ألفا ثم هزلت فعادت إلى مائة ثم تعلمت صنعة فبلغت ألفا فنسيها فعادت إلى مائة فإنه ويردها ويرد ألفا وثمان مائة لأنها نقصت بالهزال تسعمائة ولو هزلت
وكانت قيمتها ألفا فصارت بالهزال مائة ثم سمنت فبلغت ألفا فردها بسمنها ففي وجوب أرش النقصان وجهان الأقرب الوجوب بناء على أن العايد غير الزايل
وان تماثلا ولو سمنت بعد الهزال ولم يبلغ إلى قيمتها في السمن الأول ضمن ما بقى من النقصان وكان فيما بقى من الأول الوجهان وقال بعض الشافعية في تعلم
الصنعة كالسمن وليس بجيد لان مغايرة السمن الثاني للأول له وجه بخلاف مغايرة التعلم الثاني للأول فان العلم بعينه يعود لا يقال العلم غير باق فلا يكون
الثاني عين الأول لأنا نقول نمنع عدم بقائه سلمنا لكن يلزم منه ان العلم يتجدد وان لم ينسيا ويلزم على قول هذا القايل في السمن والصنعة جميعا إذا مرض العبد
في يد الغاصب ثم برأ؟ ان يضمن ما نقص وكذا إذا حملت ثم وضعت ان يضمن ما نقصت بالحمل وإن كان قد زال؟ ولو علم العبد المغصوب سورة في القران أو حرفة
فنسيها ثم علمه حرفة أخرى أو سورة أخرى فنسيها أيضا ضمنهما معا وان لم تكن مغايرة للأولى كما إذا علمه سورة واحدة أو حرفة واحدة مرارا وهو ينساها في كل مرة فان
قلنا لا يحصل الانجبار بالعايد ضمن النقصان كل مرة وان قلنا يحصل ضمن أكثر المرات نقصانا مسألة لو غصب جارية قيمتها مائة فسمنت في يده أو تعلمت
صنعة فبلغت قيمتها ألفا ثم هزلت في يده أو نسيت الصنعة فعادت قيمتها إلى مائة وجب عليه ردها ورد تسعمائة وبه قال الشافعي واحمد لأنها زيادة
في عين المغصوب فوجب ان يضمنها الغاصب كما لو طالبه بردها فلم يردها وقال أبو حنيفة ومالك لا يجب عليه رد ذلك الا ان يطالبه بردها في تلك الحالة فلا
يردها لأنه ردها كما أخذها فلم يضمن نقصان القيمة كما لو نقصت زيادة السوق والفرق ان زيادة السوق لو كانت موجودة حال الغصب لم يضمنها وانها ليست من عينه والصنعة
وان لم تكن من العين الا انها صفة فيها وقد أجرينا الصنعة وإن كان ابراء كالسمن الذي هو عين لأنه صفة تتبع العين ويدخل في ملكه وأجرينا الزيادة الحادثة
في يد الغاصب مجرى الزيادة الموجودة حال الغصب في العين المملوكة للمغصوب منه فتكون مملوكة له أيضا لأنها تابعة للعين فاما ان غصب العين سمينة أو ذات
387

صنعة أو تعلم القران ونحوه فهزلت سمنت فنقصت قيمتها فعليه ضمان نقصها ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو غصب جارية فزادت قيمتها تعلم الغناء ثم نسيته فنقصت
القيمة بسبب النسيان فالأقرب عدم الضمان لان الزيادة حصلت بسبب محرم وهي محرمة فلا تكون مضمونة كما لو غصب عصيرا قيمته دينار ثم صار خمرا فصارت
قيمته دينارين ثم صار خلا قيمته دينار واحد لم يضمن الزيادة الحاصلة بالخمرية وكذا هنا لان المضمون انما هو الزيادة المحترمة وهو قول الشافعي وقال بعض أصحابه
انه يضمن الزيادة وإن كان محرمة ولهذا لو قتل عبدا معينا يغرم تمام قيمته وفيه منع مسألة لو غصب عبدا صحيحا فمرض في يد الغاصب ثم برأ وزال المرض لم
يكن على الغاصب سوى رده خاصة وهو قول الشافعية وفيه وجه اخر لهم بعيد انه يضمن النقص الحاصل بالمرض ولا يسقط عنه بالبرء وكذا الحكم فيما لو رده مريضا
ثم برأ وزال المرض ولو غصب شجرة فتساقط ورقها ثم أورقت أو شاة فجز صوفها ثم نبت يغرم الأول ولا ينجبر بالثاني بخلاف ما لو سقط سن الجارية المغصوبة
ثم نبت أو تمعط شعرها ثم نبت يحصل الانجبار لان الورق والصوف متقومان يغرمهما وسن الجارية وشعرها غير متقومين وانما غرم أرش النقص الحاصل بفقدانهما
وقد زال النظر الرابع ان يكون النقصان فيهما معا مسألة إذا غصب عينا فنقصت قيمتها وجزء من اجزائها ضمن الجزء التالف بقسط من اقصى القيم
من يوم الغصب إلى يوم التلف والنقص الحاصل بتفاوت السوق في الباقي المردود غير مضمون ولو غصب ثوبا قيمته عشرة وانخفضت السوق فعادت قيمته إلى درهم
ثم لبسه فأبلاه حتى عادت قيمته إلى نصف درهم رد الثوب وخمسة دراهم لان بالاستعمال والابلاء انمحق اجزاء من الثوب وتلك الأجزاء والحال هذه نصف الثوب لانتهاء قيمته
إلى نصف درهم بعد ما كانت قبل الاستعمال درهما فيغرم النصف بمثل نسبته من اقصى القيم كما يغرم الكل عند تلفه بالأقصى ولو كانت القيمة عشرين وعادت
بانخفاض السوق إلى عشرة ثم لبسه فأبلاه حتى عادت إلى خمسة لزمه رده مع عشره ولو كانت عشرة وعادت بانفخاض السوق إلى خمسة ثم لبسه وأبلاه حتى عادت إلى درهمين
لزمه رده مع ستة لأنه تلف بالابلاء ثلاثة أخماس الثوب فيغرمها بثلاثة أخماس اقصى القيم وأخطأ بعض الشافعية هنا فقال يلزمه ثلاثة لأنها الناقصة بالابلاء ولا
عبرة بالخمسة التي هي نقصان السوق وقياس هذا القول إن يلزم في الصورة الأولى نصف درهم وفي الثانية خمسة دراهم مسألة لو غصب ثوبا قيمته عشرة
فاستعمله أولا حتى عادت قيمته بالابلاء إلى خمسة ثم انخفضت السوق فعادت قيمته إلى درهمين لزمه رد الثوب ورد الخمسة الناقصة بالابلاء ولا يغرم النقصان الحاصل بالسوق
الباقي ولو غصب ثوبا قيمته عشرة ولبسه فأبلاه حتى عادت القيمة إلى خمسة ثم ارتفعت السوق فبلغت قيمته وهو بال عشرة لزمه مع رد الثوب الخمسة الناقصة
بالاستعمال ولا عبرة بالزيادة الحاصلة بعد التلف فإنه لو تلف الثوب كله ثم زادت القيمة لا يغرم تلك الزيادة وهو قول جماعة من الشافعية وقال بعضهم انه يغرم
مع رد الثوب عشرة لان الباقي من الثوب نصفه وهو يساوى عشرة فلو بقى كله لكان يساوي كله عشرين فيغرم عشرة للتالف وهو غلط مسألة حكم الصفات في ذلك حكم
الأجزاء فلو غصب عبدا صانعا قيمته مائة فنسى الصنعة فعادت قيمته إلى خمسين ثم ارتفعت السوق فعادت قيمته ناسيا مائة وقيمته مثله إذا أحسن تلك الصنعة
مأتين لا يغرم مع رده الا خمسين واعلم أن الجواب في صورة الابلاء كلها مبني على أن اجرة مثل المغصوب لازمة مع أرش النقصان الحاصل بالاستعمال وهو الأصح
عند بعض الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يجمع بينهما وقد سبق وعلى تقديره يلزم أكثر الامرين من المقادير المذكورة أو أجرة المثل ولو اختلف المالك والغاصب في قيمة
الثوب الذي أبلاه انها متى زادت فقال المالك زادت قبل الابلاء فاغرم بقسطه منها وقال الغاصب بل زادت بعده قدم قول الغاصب لأنه الغارم فالقول قوله
مع اليمين كما لو تلف كله واختلفا في أن القيمة زادت قبل التلف أو بعده النظر الخامس في جناية الغصب والجناية عليه القسم الأول جناية
الغصب مسألة إذا غصب عبدا فجنى العبد جناية فقد حصل فيه النقص لأنه استحق عليه قصاص أو مال فان جنى العبد بما يوجب القصاص بان قتل
عمدا حرا أو عبدا مساويا له في القيمة واقتص منه وقتل فيه غرم الغاصب اقصى قيمته من يوم الغصب إلى يوم
القصاص وان جنى بما يوجب القصاص في الطرف واقتص
منه في يد الغاصب غرم بدله كما لو سقط بآفة ولو اقتص من العبد بعد الرد إلى السيد غرم الغاصب أيضا لان سبب الفوات حصل في يده وكذا لو استحق العبد
القتل في يد الغاصب أو قطع اليد كما لو ارتد عن فطرة أو سرق في يد الغاصب ثم قتل أو قطع بعد الرد إلى المالك لان وجود السبب كوجود المسبب إما لو غصبه بعد
ارتداده من يد مولاه أو سرقته في يده فقتل أو قطع في يد الغاصب فالوجه ان الغاصب يضمن قيمته عبد مستحق للقتل أو القطع وللشافعية في الغاصب هل يضمن
العبد وجهان مبنيان على من اشترى مرتدا أو سارقا فقتل أو قطع في يد المشتري فمن ضمان من يكون القتل أو القطع مسألة لو جنى العبد الغصب في يد الغاصب
فما يوجب الأرش أو الدية لو جنى عمدا أو عفى المجني عليه على مال تعلق المال برقبة العبد وعلى الغاصب تخليصه بالفداء لان تعلق الأرش برقبته نقص حدث
في العبد في يده فلزمه ضمانه لأنه ضامن للعبد ونقصانه فيضمن ذلك وهل يفديه الغاصب بأرش الجناية بالغا ما بلغت أو يفديه بأقل الامرين من قيمته
وأرش الجناية الأقرب الثاني وللشافعية قولان كما إذا أراد المالك تخليص العبد الجاني وفداه لان جناية العبد لا تزيد على قيمته وعلل بعض الشافعية بان القول بوجوب
الأرش بتمامه في حق المالك لأنه امتنع من البيع ولو رغب فيه فربما وقع الظفر بمن يشتريه بمقدار الأرش ومثل هذا موجود في حق الغاصب لأنه بالغصب مانع مالكه
من بيعه فينزل ذلك منزلة المالك البايع وترتب عليه تضمينه للمجني عليه ولقايل أن يقول لو كان تضمينه للمنع من البيع لسقط الضمان إذا رده إلى المالك
لارتفاع الحيلولة ولا يسقط بل لو بيع في الجناية بعد الرد إلى المالك غرم الغاصب أيضا والوجه في التضمين ان جناية العبد نقص دخله كساير وجوه النقصان والظاهر
في الغاصب انه لا يجب عليه الا الأقل من قيمته وأرش جنايته مسألة إذا ثبت ان الجاني والجناية مضمونان على الغاصب فلا يخلو إما ان يتلف العبد في يد الغاصب أو يرده فان تلف في يده
فللمالك مطالبته بأقصى القيم فإذا اخذها فإن كان المجني عليه لم يغرم الغاصب بعد كان بالخيار بين ان يغرم الغاصب وبين ان يتعلق بالقيمة التي اخذها المالك لان حقه كان متعلقا بالرقبة فله ان
يتعلق ببدلها كما أن الرهن إذا أتلفه متلف ووجبت قيمته تعلق الدين بها وكان للمرتهن التوثيق بتلك القيمة التي هي بدل رهنه وقال بعض الشافعية ان
القيمة المأخوذة تسلم للمالك ولا يطالبه المجني عليه بها وانما يطالب الغاصب لا غير كما أن المجني عليه لو اخذ الأرش لم يكن للمالك التعلق به فهما كرجلين لكل واحد
منهما دين على ثالث ولا باس بهذا القول عندي لكن المشهور عند الشافعية الأول وعلى القول به لو اخذ المجني عليه حقه من القيمة التي اخذها المالك رجع المالك بما
اخذه على الغاصب لأنه لم يسلم له بل اخذ منه بجناية مضمونة على الغاصب ثم الذي يأخذه المجني عليه قد يكون كل القيمة بان كان الأرش مثل قيمة العبد
وقد يكون بعضها بان يكون القيمة مثلا ألفا ويكون الأرش خمسمائة ولا يرجع المالك الا بخمسمائة لان الباقي قد سلم له وكذا لو كان العبد يساوي ألفا فرجع بانخفاض
السوق إلى خمسمائة ثم جنى ومات عند الغاصب فغرمه المالك الألف لم يكن للمجني عليه الا خمسمائة وإن كان الأرش الجناية ألفا لأنه ليس عليه الا قدر قيمة الجناية وهذا
388

إذا تلف العبد في يد الغاصب واما ان رده إلى المالك فلا يخلو إما ان يرده بعد ما غرم المجني عليه أو قبله فان رده بعد الغرم برئ وان رده قبله فبيع العبد في الجناية رجع
المالك على الغاصب بما اخذ منه لان الجناية حصلت حين كان العبد مضمونا عليه ويخالف ما إذا جنى في يد المالك ثم غصبه غاصب فرده ثم بيع في تلك الجناية حيث لا
يرجع المالك بشئ لان الجناية حصلت وهو غير مضمون عليه مسألة لو كان لرجل عبد فجنى العبد على رجل جناية يستغرق قيمته ثم غصبه بعد ذلك غاصب وجنى في يد الغاصب جناية أخرى تستغرق قيمته أيضا؟؟ ثم رده إلى المالك فبيع في الجنايتين
وقسم الثمن بينهما نصفين ورجع المالك على الغاصب بنصف قيمة العبد الذي اخذه المجني عليه ثانيا لان الجناية كانت في يد الغاصب والعبد في ضمانه فإذا اخذه المالك
كان المجني عليه الأول التعلق به وان يأخذه ولا حق فيه للمجني عليه ثانيا لان حق الأول تعلق بجميع الرقبة وحق الثاني تعلق بالنصف وهذا لا وجه له لان حق الثاني تعلق
بجميع الرقبة أيضا الا ترى ان الأول أبراه استحق الثاني جميع القيمة وقيل في وجه ذلك ان الذي يأخذه من الغاصب انما هو عوض عما اخذه المجني عليه ثانيا فلا تعلق لحقه به
ويتعلق حق الأول لأنه بدل عن قيمة الجاني لا يزاحم له فكان له وأيضا سبب وجوب هذا النصف انما هو الغصب فإنه بالغصب ضمن ما يجنى المغصوب والغصب والغصب متقدم على الجناية
الثانية فلا يأخذ المجني عليه الثاني مما وجب به شيئا كما لو جنى عبد على رجل ثم قطعت يده ثم جنى على اخر ثم قتل أو مات من سراية القطع فان أرش اليد لا يأخذ منه المجني عليه الثاني شيئا
لوجوبه بالقطع المتقدم على الجناية عليه ثم إذا اخذه المجني عليه الأول لم يرجع المالك على الغاصب لأنه اخذه بسبب جناية غير مضمونة على الغاصب ولو كانت المسألة بحالها وتلف
العبد بعد الجنايتين في يد الغاصب فله طلب القيمة من الغاصب وللمجني عليه اخذها فإذا اخذها فللمالك الرجوع بنصفها على الغاصب لأنه اخذ منه النصف بجناية مضمونة
على الغاصب فإذا رجع به فللمجنى عليه الأول اخذه لأنه يدل ما تعلق به حقه قبل الجناية الثانية وإذا اخذه لم يكن له الرجوع على الغاصب مرة أخرى لأنه مأخوذ بجناية غير
مضمونة على الغاصب وهذا ظاهر مذهب الشافعي أيضا وقيل إذا رد العبد وبيع في الجنايتين فالنصف الأول يرجع به المالك ويسلم ولا يؤخذ منه وانما يطالب المجني عليه
أولا الغاصب بنصف القيمة وإذا تلف في يد الغاصب بعد الجنايتين لا يأخذ المالك شيئا ولكن المجني عليه الأول يطالب الغاصب بتمام القيمة والمجني عليه الثاني يطالبه
بنصف القيمة ولا بأس به عندي مسألة لو غصب عبدا فجنى العبد في يد الغاصب ثم رده إلى المالك بعد جنايته فجنى وهو في يد المالك جناية أخرى وكل واحدة
منها مستغرقة لقيمته فبيع فيهما ويقسم المال بينهما فللمالك الرجوع على الغاصب بنصف القيمة للجناية التي هي مضمونة عليه فإذا اخذه قال أبو علي من الشافعية سمعت القفال
مرة يقول ليس لواحد من المجني عليهما اخذه إما الثاني فلان الجناية عليه مسبوقة بجناية مستغرقة وحق الثاني لم يثبت الا في نصف القيمة وقد اخذ واما الأول فلان
حق السيد في القيمة ثبت بنفس الغصب وهو متقدم على حق المجني عليه فما لم يصل إليه حقه لا يدفع إلى غيره شئ قال وهذا ليس بشئ بل للمجني عليه الأول اخذه كما في المسألة السابقة
ولا عبرة بثبوت حق السيد في القيمة فان حق السيد وإن كان متقدما يتقدم عليه حق المجني عليه كما في نفس الرقبة قال وقد ناظرت القفال فرجع إلى قولي وعلى هذا فإذا اخذه المجني عليه الأول
رجع به المالك على الغاصب مرة أخرى ويسلم له المأخوذ ثانيا فان الأول قد اخذ تمام القيمة والثاني لم يتعلق حقه الا بالنصف وقد اخذه مسألة لو غصب عبدا فجنى في يد
الغاصب أولا ثم رده إلى المالك فجنى في يده جناية أخرى وكل من الجنايتين مستغرقة لقيمته ثم قبله الغاصب أو
غصبه ثانيا فمات عنده أخذت القيمة منه وقسمت بين المجني
عليهما ثم للمالك ان يأخذ منه نصف القيمة لأنه اخذ منه بسبب جناية مضمونة عليه فإذا اخذه كان للمجني عليه الأول ان يأخذه منه ثم له ان يرجع به على الغاصب مرة أخرى
ويسلم له المأخوذ في هذه المرة وقد يجزم الغاصب والصورة هذه القيمة مرتين مرتين بجناية العبد في يده ومرة بالقتل وعلى الوجه الذي سبق يأخذ المجني عليه الأول تمام
القيمة من الغاصب والثاني نصف القيمة والمالك نصف القيمة ولا تراجع مسألة إذا جنى العبد المغصوب فجنايته مضمونة على الغاصب لأنه نقص في
العبد الجاني لكون أرش الجناية يتعلق برقبته ويباع العبد فيها فكان مضمونا على الغاصب كساير نقصه وسوى في ذلك ما يوجب القصاص أو المال ولا يلزمه أكثر من النقص
الذي لحق العبد ولو جنى العبد على سيده فجنايته مضمونة على الغاصب أيضا لأنها من جملة جناياته فكان مضمونا على الغاصب كالجناية على الأجنبي فان اقتص المولى
فعلى الغاصب أرش العضو التالف بالقصاص وان عفى على مال يثبت المال على العبد وفداه الغاصب بأقل الامرين من أرش الجناية وقيمة العبد كالأجنبي ولو قطع العبد
يد أجنبي فقطعت يده قصاصا فعلى الغاصب ما نقص العبد بذلك دون أرش اليد لان اليد ذهبت بسبب غير مضمونة فأشبه ما لو سقطت وان عفى المجني عليه
على مال تعلق أرشه برقبته وعلى الغاصب أقل الأمرين من قيمته أو أرش اليد فان زادت جناية العبد على قيمته ثم مات في يد الغاصب ضمن الغاصب قيمته يدفعها إلى
سيده فإذا اخذها تعلق أرش الجناية بها لأنها كانت متعلقة بالعبد فتعلقت ببدله ولو كان العبد وديعة فجنى جناية استغرقت قيمته ثم إن المستودع قبله
بعد ذلك وجبت عليه قيمته وتعلق بها أرش الجناية فإذا اخذها ولى الجناية لم يرجع على المستودع لأنه جنى وهو غير مضمون عليه القسم الثاني الجناية
على الغصب مسألة إذا غصب عبدا فقتله قاتل عمدا وكان القاتل عبدا مساويا له في القيمة كان للمالك القصاص فإذا اقتص برئ الغاصب لأنه اخذ بدل
عبده ولا نظر مع القصاص إلى تفاوت القيمة كما لا نظر في الاحراز إلى تفاوت الدية وإن كان القصاص غير واجب بان كان الجاني حرا فعليه بالجناية قيمته يوم القتل
سواء قتله الغاصب أو أجنبي والمالك بالخيار بين ان يطالب بها أو الغاصب أو الجاني وقرار الضمان على الجاني فان رجع المالك عليه لم يرجع على الغاصب لأنه المباشر للاتلاف وان رجع المالك على
الغاصب رجع الغاصب عليه لدخوله في ضمانه ثم إن كانت قيمة العبد قبل يوم القتل أكثر فنقصت في يد الغاصب فعليه ما نقص بحكم اليد وإن كان الجاني عبدا
والجناية خطا فان سلمه سيده فبيع في الجناية فإن كان الثمن مثل قيمته المغصوب اخذه ولا شئ له على الغاصب الا إن كانت القيمة قد نقصت عنده قبل القتل وإن كان
الثمن أقل اخذ الباقي من الغاصب وان لم يسلمه سيده بل اختار ان يفديه فان قلنا يفديه بالأرش اخذه ولا شئ له على الغاصب الا على التقدير المذكور فان قلنا يفدي
بالأقل من أرش الجناية أو قيمة الجاني فإن كانت قيمة المغصوب أكثر من قيمة الجاني فالباقي على الغاصب ولو كانت أقل أو مثلها اخذها المالك ولا شئ له على الغاصب
الا على التقدير المذكور ولو اختار المالك تغريم الغاصب ابتداء فله ذلك ويأخذ منه جميع قيمة المغصوب ثم يرجع الغاصب على سيد العبد الجاني لما غرم لا بما يطالب به
الغاصب هذا في القتل مسألة إذا غصب عبدا فجنى عليه جناية مقدرة الدية فان قلنا ضمان الغصب ضمان الجناية فالواجب أرش الجناية كما لو جنى عليه من
غير غصب نقصته الجناية أقل من ذلك أو أكثر وان قلنا ضمان الغصب غير ضمان الجناية (غير ضمان الجناية)؟ وهو الأجود فعليه أكثر الامرين من أرش
النقص أو دية ذلك العضو لان سبب الضمان كل واحد منهما وجد فوجب أكثرهما ودخل الأخر فيه فان الجناية واليد وجدا معا واما الجراحات فإن كان لها أرش
مقدر في حق الحر أو لم يكن لها أرش مقدر فالواجب عليه ما تقدم بيانه من قبل وإذا كان الواجب ما نقص من قيمته بالجناية كان المدعى حالة الاندمال فإن لم يكن حينئذ
نقصان لم يطالب بشئ وإذا كان الواجب مقدر من القيمة كالمقدر من الدية فيؤخذ في الحال أم يؤخر إلى الاندمال سيأتي في موضعه وللشافعي قولان كما لو كانت الجناية على الحر
مسألة إذا غصب عبدا فكان الجاني غير الغاصب وغرمناه المقدر من القيمة وكان الناقص أكثر ذلك المقدر فعلى الغاصب ما زاد على المقدر وإن كان المقدر
389

أكثر مما نقص من القيمة فهل يطالب الغاصب بالزيادة على ما نقص من القيمة الأقوى ذلك وإن كان المالك يطالب الغاصب بالزيادة والقرار على الجاني وللشافعية
فيما إذا سقطت يده بآفة قولان الأصح انه لا يطالب وهنا الظاهر عندهم انه يطالب وترددوا فيما إذا سقطت يده قصاصا أو حدا لأنه يشبه السقوط بآفة من حيث إنه
تلف بلا بدل ويشبه الجناية من حيث حصوله بالاختيار ولو غصب عبدا فقطع اخر يده فللمالك تضمين أيهما شاء لان الجاني قطع يده والغاصب حصل النقص
في يده فان ضمن الجاني فله تضمينه نصف القيمة ولا غير ولا يرجع على أحد لأنه لم يضمنه أكثر مما وجب عليه ويضمن الغاصب ما زاد على نصف القيمة ان نقص من النصف
ولا يرجع على أحد وان قلنا إن ضمان الغصب ضمان الجناية أو لم ينقص أكثر من نصف قيمته لم يضمن الغاصب هنا شيئا وان اختار تضمين الغاصب وقلنا إن ضمان
الغصب كضمان الجناية ضمنه نصف القيمة ويرجع الغاصب على الجاني لان التلف حصل بفعله فاستقر الضمان عليه وان قلنا إن الضمان بما نقص فلمالك العبد تضمينه
بأكثر الامرين لان ما وجد في يده فهو في حكم الموجود منه ثم يرجع الغاصب على الجاني بنصف القيمة لأنها أرش جنايته فلم يجب عليه أكثر منها مسألة لو اجتمعت
جناية المغصوب والجناية عليه في يد الغاصب كما إذا قتل العبد المغصوب انسانا ثم قتله في يد الغاصب عبد انسان فللمغصوب منه ان يقتص ويسقط به الضمان
عن الغاصب ويبطل حق ورثة من؟ قتله المغصوب لان العبد الجاني إذا هلك ولم يحصل له عوض يضيع حق المجني نعم لو كان المغصوب قد نقص عند الغاصب لعروض
عيب بعد ما جنى فلا يبرء الغائب عن أرش ذلك النقصان ولولى من قتله التمسك به وان عرض العيب قبل جنايته فأداه اقتص المغصوب منه بالأرش لان الجزء
المقابل للأرش كان مفقودا عند الجناية ولو لم يقتص المغصوب منه بل عفا على مال أو كانت الجناية موجبة للمال فحكم تغريمه واخذ المال على ما ما مر من الجناية عليه
من غير جناية منه ثم إذا اخذ المال كان لورثة من جنى عليه عبده التعلق به لأنه بدل الجاني على مورثهم فإذا اخذوه رجع به المغصوب منه على الغاصب مرة أخرى
لأنه اخذ منه بسبب جناية مضمونة عليه ويسلم له المأخوذ ثانيا على ما مر نظيره النظر السادس في باقي مسائل النقصان مسألة لو غصب عبدا فسمن
سمنا نقصت به قيمته أو كان شابا فصار شيخا أو كانت الجارية ناهدا فسقط ثديها وجب أرش النقصان ولا نعلم فيه خلافا ولو كان العبد أمرد فنبتت لحيته
فنقصت قيمته وجب ضمان نقصه وبه قال الشافعي واحمد لأنه نقص في القيمة بتغير صفته فضمنه كبقية صور النقصان وقال أبو حنيفة لا يجب ضمانه لان الفايت
لا يقصد قصدا صحيحا فأشبه الصناعة المحرمة ونمنع عدم القصد الصحيح لامكان تعلق الغرض بالتمرين على الخدمة والخلق الجيد؟ والجمال مسألة
لو غصب عينا فتعيبت عيبا غير مستقر ونقصت نقصا له سراية ولا يزال يزداد إلى الهلاك كما لو بل الحنطة وتمكن فيها العفن الساري؟ وخيف فساده أو عفن وخشى
تلفه أو اتخذ من الحنطة المغصوبة هريسة أو غصب تمرا وسوس في يده أو غصب تمرا وسمنا ودقيقا واتخذ منه عصيدة قال الشيخ ره يضمن الغاصب المثل إن كان مثليا والا
فالقيمة لأنه لا يعلم قدر نقصه فجعله كالهالك لأنه مشرف على التلف والهلاك ولو تركه بحاله لفسد فكأنه هالك وهو أظهر أقوال الشافعي ذكره في الام وله قول
اخر انه يرده مع أرش النقصان وليس للمالك سوى ذلك وهو حسن ولأصحاب الشافعي هنا طريقان أحدهما اثبات القولين ووجه الثاني القياس على العيب المستقر الذي لا
سراية له والطريق الثاني القطع بوجوب المثل أو القيمة وجعله كالهالك وله قول اخر انه يتخير المالك بينه وبين ان يغرمه بدل ماله من مثل أو قيمة ويجعل كالهالك
لان أرش النقصان الساري لا يكاد ينضبط فله ان يكفي نفسه مؤنة الاطلاع عليه وهذا القول يتخير المالك كالمتوسط بين القول بأنه كالتالف فيجب المثل أو
القيمة وبين وجوب رده مع الأرش وعنه قول رابع انه يتخير الغاصب بين ان يمسكه ويغرمه وبين ان يرده مع أرش النقصان فهذه أقوال أربعة آ تغريمه كما لو هلك
ب رده مع أرش النقصان ج تخير المالك د تخير الغاصب فعلى القول الأول للشافعية وجهان في أن الحنطة المبلولة لمن يكون أحدهما تبقى للمالك لئلا يكون
العدوان قاطعا كما لو نجس زيته وهو لا يطهر بالغسل وان المالك يكون أولي به والثاني انها تصير للغاصب وهو الذي يقتضيه مذهب الشيخ ره فيما إذا جنى على العبد
بما فيه كمال قيمته لأنا ألحقناه بالهالك في حق المالك ولو هلك لم يكن للمالك غير ما اخذه ضمانا فكذا هنا وإذا حكمنا بتغريمه للأرش مع الرد فإنما يغرم أرش
عيب سار وهو أكثر من أرش العيب الواقف وقال بعض الشافعية ان رأى الحاكم ان يسلم الجميع إليه فعل وان رأى سلم أرش النقص المتحقق في الحال إليه وتوقف
الزيادة إلى أن يتقن نهايته وفيه توقف بعضهم لان المعقول من أرش العيب الساري أرش العيب الذي شأنه السراية وانه حاصل في الحال إما المتولد منه فيجب قطع النظر عنه إذ
الكلام في النقصان الذي لا يقف سرايته إلى الهلاك فلو نظرنا إلى المتولد منه لا نجز؟ ذلك إلى أن يكون أرش العيب الساري تمام القيمة وهو عود إلى القول
الأول وقد نص بعضهم على صورة التمييز فقال إن شاء المالك ضمن ما نقص إلى الان ثم لا شئ له في زيادة فساد يحصل من بعد وما تولد عنه لأنه ليس من
فعله وان شاء تركه إليه وطالب بجميع البدل والوجه عندي ان المالك ليس له الا استرجاع العين وأرش النقص الموجود حالة الاسترجاع ثم إن بقي المغصوب
عنده ضمن الغاصب كل عيب يتجدد عليه إلى حين التلف وان أتلفه وأخرجه عن ملكه فلا شئ له وقال أبو حنيفة يتخير المالك بين امساكه ولا شئ له أو يسلمه إلى
الغاصب بأخذ قيمته لأنه لو ضمن النقص لحصل له مثل كمثله وزيادة وهو غير جايز وهو ضعيف لان هذا الطعام المتعفن عين ماله وليس ببدل عنه
مسألة لو غصب زيتا فصب فيه ماء وتعذر تخليصه منه وأشرف على الفساد فهو بمنزلة العيب الذي لم يستقر وحكمه ما تقدم من الخلاف وقد تردد
بعض الشافعية في مرض العبد المغصوب إذا كان شايعا عسر العلاج كالسلة والاستسقاء ولم يرتضه؟ الجويني لان المرض المأيوس منه قد يبرأ والعفن المفروض
في الحنطة يفضى إلى الفساد لا محالة ولو غصب عبدا صحيحا فمرض في يده ثم برئ أو ابيضت عينه ثم ذهب بياضا أو غصب جارية حسنا ثم سمنت سمنا نقصها ثم خف سمنها وعادت
قيمتها ردها ولا ضمان عليه لأنه لم يذهب ماله قيمة والعيب الذي أوجب الضمان زال في يده ولذا لو حملت فنقصت ثم وضعت فزال نقصها لم يضمن
شيئا فان رد المغصوب ناقصا بمرض أو عيب أو سمن مفرط أو حمل فعليه أرش نقصه وان زال عيبه في يدي مالكه لم يلزمه رد ما اخذ من أرشه لأنه استقر ضمانه
برد المغصوب وكذا ان اخذ المغصوب دون أرش ثم زال العيب قبل اخذ أرشه لم يسقط ضمانه بذلك مسألة لو غصب شيئين ينقصهما التفريق كزوجي
خف أو مصراعي باب فتلف أحدهما رد الباقي وقيمة التالف وأرش نقصهما فلو كانت قيمتهما معا عشرة ثم رد إحديهما وقيمته ثلثه وتلف الأخر لزمه سبعة لان
نقص المغصوب قد تلف والباقي نقص وبه قال أكثر الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يلزمه الا قيمة التالف مع رد الباقي لأنه لم يتلف غيره ولان نقص الباقي
نقص قيمة فلا يضمنه كالنقص بتغير الأسعار الصحيح الأول لأنه نقص حصل بجنايته فلزمه ضمانه كشق الثوب الذي ينقصه الشق إذا تلف أحد شقيه بخلاف نقص العسر
فإنه لم يذهب من المغصوب عين ولا معنى وهنا فوت معنى وهو امكان الانتفاع به وهذا هو الموجب لنقص قيمته وهو حاصل من جهة الغاصب فينبغي ان
يضمنه كما لو فوت بصره أو سمعه أو فك تركيب باب ونحو ذلك ولو أتلف أحدهما خاصة أو غصب أحدهما خاصة وتلف تحت يده وكانت قيمة المجموع عشرة وعادت قيمة الباقي
390

إلى ثلاثة احتمل ان يضمن ثلثة لا غير لان قيمة الفرد الذي أتلفه ثلاثة لا غير وان يضمن خمسة كما لو أتلف رجل أحدهما واخر الأخر فإنه يسوي بينهما ويضمن كل واحد منهما خمسة ولان قيمته منضما إلى صاحبه فخمسة وقد
أذهبه بهذا الصفة فيكون ضامنا للخمسة ولا بأس بالثاني وللشافعية وجهان كهذين ولهم ثالث وهو أظهر عندهم ولا بأس به أيضا انه يضمن سبقه لأنه أتلف أحدهما
وادخل النقصان على الثاني بتعديه فأشبه ما لو حل اخر الباب الباب والسرير فنقصت قيمته فإنه يضمن النقصان ولم يذهب هنا سوى الجزء الصوري فعرفنا ان الجزء الصوري
مضمون والجزء الصوري في زوجي الخف وشبهه قد أتلفه المتلف بلا تلاف أحدهما فيكون ضامنا له كما يضمن الذي أتلفه منهما تذنيب لو اخذ أحدهما على
صورة السرقة وقيمته مع نقصان الثاني فصاب لم يقطع اجماعا لان الزايد انما ضمنه في ذمته بتفريقه بين الخفين وما في ذمته لم يجب لأجله القطع ما لو ذبح شاة
تساوي ربع دينار من الحرز ثم أخرجها وقيمتها أقل فإنه لا يقطع كذا هنا ولو غصب شيئا فشقه بنصفين وكان ثوبا ينقصه القطع رده أرش نقصه فان تلف
أحدهما رد الباقي وقيمة التالف وأرش النقص وان لم ينقصه القطع رد الباقي وقيمة التالف خاصة وان كانا تامين ردهما ولا شئ عليه سوى ذلك اخر
لو غصب شيئا فتفاوت قيمته بالنسبة إلى أربابه فالأقرب ضمان التفاوت أيضا بالنسبة إلى ربه ان غصبه منه وان غصبه من غيره لم يضمن الزيادة بل ما يساوي
قيمته بالنسبة إلى ذلك الغير مثل لو غصب حجة انسان بدين أو ملك ولا ريب ان قيمة تلك الحجة شئ يسير بالنسبة إلى غير مالكها واما بالنسبة إلى مالكها فإنها تساوي
أكثر فان غصبها وهي لصاحبها ضمن القيمة الزايدة وان غصبها وهي لغير مالكها لم يضمن الزيادة وكذا لو غصب شمشكا واسعا في الغاية لا يلبسه الا شخصا واحدا
أو خاتما كذلك ويتفاوت قيمة الشمشك والخاتم بالنسبة إلى كبير الرجل وغليظ الإصبع وضدهما مسألة لو حصل فصيل رجل في بيت اخر ولم يكن اخراجه الا
بنقص الباب فإن كان الحصول في البيت بتفريط من صاحب البيت بان غصبه مثلا وادخله فيه أو ادخله بشبهة انه له وظهر خلافه نقض الباب ولا غرم على صاحب
الفصيل لأنه لم يوجد منه عدوان وإن كان بتفريط من صاحب الفصيل نقض الباب أيضا لاخراجه لأنه محترم وكان على صاحب الفصيل ضمان النقض لأنه المفرط
المتعدي فكان عليه أرش النقض ولو طلب صاحب الفصيل ذبحه واخراجه قطعا من غير نقص أجيب إليه الا ان يفسد شئ من الأرض بالدم ويمنعه المالك منه فلا يجاب
إليه وان لم يكن من أحدهما تفريط بان دخل الفصيل بنفسه مثلا من غير مشاركة المالك أو ادخله ظالم وهرب نقض الباب لاخراجه أيضا وضمن صاحب الفصيل
وهو ظاهر مذهب الشافعية أيضا لأنه انما نقض لتخليص ملكه؟ وقال بعض الشافعية لا يضمن صاحب الفصيل شيئا لأنه لا تفريط من أحد والاخراج لا بد منه لحرمة
الروح وانما يتم هذا إذا كان الفرض فيما إذا خيف هلاكه أو لم يخرج وهكذا إذا باع دارا وفيها حباب لا يخرج الا بتفصيل الباب فإذا نقلها كان اصلاح ذلك عليه
لأنها تخليص ملكه مسألة لو وقع دينار في محبرة الغير ولم يخرج الا بكسرها فإن كان وقوعه في المحبرة بفعل صاحب المحبرة عمدا أو سهوا وجب كسرها واخراج الدينار
ولا غرم على صاحب الدينار لان التفريط من صاحب المحبرة بطرح الدينار فيها وإن كان قدر في صاحب الدينار ديناره في المحبرة كسرت أيضا وعلى صاحب الدينار
الأرش الا ان يختار صاحبه تركه فيها وكذا لو وقع بغير تفريط من أحدهما فان تكسر ويضمن صاحب الدينار نقصها لان كسرها لتخليص ملكه من غير تفريط من صاحبها
وانما قدمنا صاحب الدينار لان تركه بغير صاحبه فإذا غرم كسر المحبرة فلا ضرر على واحد منهما وينبغي إذا كان التفريط من صاحب الدينار أو لا تفريط منهما وضمن
صاحب المحبرة بدل الدينار ان لا يكسر لزوال الضرر بذلك عن صاحب الدينار ولا يرده ذلك في الفصيل والبيت ولو كان كسرها أكثر ضررا من تبعته؟
الواقع فيها لم يكسر وضمن المفرط منهما الدينار وترك في المحبرة ولو لم يفرط أحدهما ضمن صاحب المحبرة الدينار ولأنه قد وضع الدينار في محبرته لخلاصها من الكسر
مسألة لو غصب فصيلا وادخله داره فكبر ولم يخرج من الباب أو خشبة وادخلها داره ثم بنى الباب لا يخرج منه الا بنقض ورد الفصيل والخشبة ولو كان دخول
الفصيل بتفريط صاحب الفصيل نقض له الباب وغرم صاحب الفصيل الأرش للغاصب ولو لم يكن بتفريط أحد نقص وكان الضمان على الغاصب وكذا لو غصب دارا
وادخلها فصيلا أو خشبة أو تعدى على انسان فادخل داره فصيلا أو فرسا كسرت الخشبة وذبح الحيوان وان زاد ضرره على نقض البناء لان سبب هذا الضرر
عدوان فيجعل عليه دون غيره ولو غصب دينارا فوقع في محبرته أو اخذ دينار غيره فوقع في محبرته كسرت ورد الدينار وان وقع من غير فعله كسرت ليرد الدينار
إلى حب صاحبه والضمان على غاصبه ولو غصب دينارا فوقع في محبرة اخر بفعل الغاصب أو بغير فعله كسرت لرده وعلى الغاصب ضمان المحبرة لأنه السبب في كسرها
إن كان كسرها أكثر ضررا من تبقية الواقع فيها ضمنه الغاصب ولم يكسر ولو رمى انسان ديناره في محبرة غيره عدوانا وأبى صاحب المحبرة من كسرها لم يجر؟ عليه لان
صاحبه تعدى برميه فيها فلم يجبر صاحبها على اتلاف ماله لإزالة ضرر عدوانه عن نفسه وعلى الغاصب نقض المحبرة بوقوع الدينار فيها ويحتمل ان يجبر على كسرها
لرد عين مال الغاصب ويضمن الغاصب قيمتها كما لو غرس في ارض غيره تملك حفر الأرض بغير اذن المالك لاخذ غرسه ويضمن ما نقصت بالحفر وعلى كلا الوجهين لو
كسرها الغاصب قهرا لم يلزمه أكثر من قيمتها مسألة لو أدخلت بهيمة رأسها في قدر ولم يخرج الا بكسرها فإن كان معها صاحبها وهو مفرط بترك الحفظ
فإن كان غير مأكولة اللحم لم يجز ذبحها ووجب كسر القدر وضمن صاحبها أرش نقصان القدر أو من كانت يده عليها وإن كانت مأكولة اللحم فهل تذبح أو يكسر القدر
الأقرب ذبحها لأنه ينتفع بلحمها فيقل الضرر على صاحبها والنقص إن كان فمن صاحبها وقع حيث وقع التفريط منه وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني لا
تذبح لان للحيوان حرمة في نفسه وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن ذبح الحيوان لغير مالكه ولا يجوز اتلافه لذلك وان لم يكن معها أحد ولم يقع من صاحبها تفريط
فان فرط صاحب القدر مثل ان يكون قد وضع القدر في موضع لا حق له فيه كسرت القدر ولا غرم له وان لم يكن منه تفريط بل كانت القدر في دكانه أو ملكه كسرت القدر
ووجب ضمانها على صاحب البهيمة لان ذلك فعل لتخليص ملكه وكذا لو فرطا معا كسرت القدر وضمن صاحب الدابة مسألة إذا ابتلعت الدابة شيئا وكان
مقتضي الشرع تضمين صاحبها ما ابتلعته فإن كان مما يفسد بالابتلاع ضمنه وإن كان مما لا يفسد كاللألئ وان لم تكن مأكولة لم تذبح وغرم قيمته ما ابتلعته
للحيلولة وإن كانت مأكولة فكذلك لأنه مفرط إذا التقدير لزوم الضمان وللشافعية قولان كما في القدر ولو باع بهيمة بثمن معين فابتلعته فإن لم يكن الثمن
مقوما بطل البيع وهذه بهيمة للبايع ابتلعت مالا للمشتري الا ان يقتضي الحال وجوب المال على صاحب البهيمة فيستقر العقد ويكون ما جرى قبضا
للثمن بناء على أن اتلاف المشتري فقبض منه وإن كان الثمن مقبوضا لم ينفسخ العقد وهذه بهيمة للمشتري ابتلعت مالا للبايع مسألة إذا غصب جوهرة
فابتلعتها دابة فإن لم تكن مأكولة اللحم لم يجز شق بطنها لان قتلها لا يجوز ويجب ضمان ذلك على من كانت يده تحت ان فرط ويغرم الغاصب قيمة الجوهرة وقال
بعض الجمهور إن كانت قيمة الحيوان أقل من قيمته الجوهرة ذبح الحيوان وردت إلى مالكها وضمان الحيوان على الغاصب الا ان يكون الحيوان آدميا ففي ذبح
391

الحيوان رعاية حق المالك برد عين ماله إليه ورعاية حق الغاصب بتقليل الضمان ولو ابتلعت شاة رجل جوهرة اخر غير مغصوبة ولم يمكن اخراجها الا بذبح الشاة ذبحت
إذا كان ضرر ذبحها أقل وكان ضمان قيمتها على صاحب الجوهرة لأنه لتخلص ماله ان يكون التفريط من صاحب الشاة بان يكون يده عليها ولا شئ على صاحب الجوهرة
لان التفريط من صاحب الشاة فالضرر عليه ولو قال من عليه الضمان منهما انا أتلف مالي ولا أغرم شيئا للاخر فله ذلك لان اتلاف مال الأخر انما كان لحقه وسلامة ماله
وتخليصه فإذا رضي بتلفه لم يجز اتلاف غيره ولو أدخلت رأسها في قدر غيره ولا تفريط من أحدهما كسرت
القدر فلا تفريط من أحدهما كسرت القدر وغرم صاحب
الشاة أرشها لأنه بتخليص ماله فان قال لا أغرم شيئا لم يجبر صاحب القدر على شئ لان القدر لا حرمة لها فلا يجبر صاحبها على تخليصها واما الشاة فان
لها حرمة فلا يحل تركها لما فيه من تعذيب الحيوان فيقال له إما ان تذبح الشاة لتخلص من العذاب واما ان تغرم القدر لصاحبها إذا كان كسرها أقل ضررا عليه وتخلص الشاة
لان ذلك من ضرورة ابقائها أو تخليصها من العذاب فلزمه كعلفها وإن كان الحيوان غير مأكول احتمل ان يكون كالشاة للمالك ذبحه إذا كانت قيمته أقل من قيمة القدر
وان لا يكون لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن ذبح الحيوان لغير مالكه وقوى بعض العامة الأول لان حرمته معاوضة بحرمة الآدمي الذي يتلف ماله والنهي عن ذبحه معارض بالنهي عن إضاعة
المال وفي كسر القدر مع كثرة قيمته إضاعة المال البحث الثاني الزيادة والنظر في أمرين الأول زيادة الآثار مسألة إذا غصب شيئا
فزاد في يد الغاصب فإن كانت لا من فعله فهي للمالك سواء كانت الزيادة متصلة أو منفصلة وسواء كانت اثرا أو عينا وإن كانت من فعل الغاصب وكانت
اثرا محضا لم تستحق الغاصب بتلك الزيادة شيئا لأنه متعد ثم ينظر ان لم يمكن رده إلى الحالة الأولى رده بحاله وأرش النقصان نقصت قيمته وان أمكن رده إلى
الحالة الأولى فان رضي به المالك لم يكن للغاصب رده إلى ما كان ولا اخذ شئ عن اثره بل عليه أرش النقص ان نقص عما كان قبل الزيادة وهذه قاعدة
كلية في جميع الزيادات من الآثار التي ليست عينية مسألة لا يملك الغاصب العين المغصوبة بتغير صفاتها فلو غصب حنطة فطحنها أو شاة فذبحها
أو حديدا فصنعه سكينا أو انية أو آلة أو ثوبا فقطعه وخاطه أو قصره أو طينا فضربه لبنا فان حق المالك لا ينقطع عن هذه الأعيان ولا يملك الغاصب
العين بشئ من هذه التصرفات بل يردها مع أرش النقصان ان نقصت القيمة عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأصالة بقاء
الملك المالك على صاحبه ولم يوجد شئ من العقود الناقلة ولقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتصرف الغاصب فيه باطل فلا يكون سببا لإباحة اكله
ولان كلما فعله الانسان بملكه لم يزل ملكه عنه فإذا فعله بملك غيره لم يبطل حق صاحبه كما لو ذبح الشاة أو ضرب النقرة دراهم لان عين المغصوب منه قايمة
فيجب ردها كما لو ذبح الشاة ولم يشوها ولأنه لا يزيل الملك لو كان بغير فعل ادمي فلم يزله إذا فعله ادمي وبه قال أبو حنيفة واحمد في الرواية الأخرى ان حق المالك ينقطع عن الغير
ويملكها الغاصب ولا يجوز التصرف فيها الا بالصدقة الا ان يدفع قيمتها فيجوز له التصرف في جميعه لان النبي صلى الله عليه وآله زار قوما من الأنصار في دارهم فقدموا له شاة
مشوية فتناول منها لقمة فجعل يلوكها ولا يسيغها؟ فقال إن هذه الشاة لتخبرني انها أخذت بغير حق فقالوا نعم يا رسول الله صلى الله عليه وآله طالبنا في السوق فلم نجد فأخذنا
شاة لبعض جيراننا ونحن نرضيهم من ثمنها فقال النبي صلى الله عليه وآله اطعموها للأسرى وهذا يدل على أن حق أصحابها انقطع عنها والا كان يردها عليهم
وهو مع صحته محمول على أن يكون أطعمه للأسرى لانهم مضطرون إليه أو خاف هلاكه إلى أن يرده على صاحبه مسألة لو غصب ثوبا فشقه أو اناء فكسره
لم يملكهما بذلك على ما تقدم بل يرده على المالك مع الأرش ولا يجبر على رفاء الثوب واصلاح الاناء وبه قال الشافعي لأنه لا يعود إلى ما كان عليه أولا بالرفاء والاصلاح
وقال مالك انه يجبر عليهما كما في تسوية الحفر والفرق ظاهر ولو غزل القطن المغصوب رد الغزل وأرش النقص ان نقص ولو نسج الغزل المغصوب فالكرباس للمالك مع
أرش النقص ان نقص وليس للمالك اجباره على نقضه إن كان لا يمكن رده إلى الحالة الأولى ونسجه ثانيا وان أمكن كالخز فللمالك اجباره عليه فان نقضه فنقصت
قيمته عن قيمة الغزل في الأصل غرمه ولا يغرم ما كان قد زاد بالنسج وفات بالنقض لان المالك امره بذلك فان نقص من غير اذن المالك ضمنه أيضا على اشكال ولو
نهاه المالك عن النقض لم يجز له نقضه فان نقضه ولم تنقص قيمته ولا عينه عن الغزل أولا بل عنه منسوجا ففي الضمان اشكال ينشأ من وجوب دفعه إلى مالكه على
حاله منسوجا ومن أن النسج من فعله وقد ازاله فلا يغرمه ولو غصب نقرة وضربها دراهم أو صاغ منها حليا أو غصب نحاسا أو زجاجا واتخذ منه اناء فان رضي المالك
بعوده كذلك أو لم يكن له رده إلى الحالة الأولى الا ان يكون ضرب الدراهم بغير اذن السلطان أو غير عياره لأنه حينئذ يخالف التغرير مسألة قد بينا ان الغاصب لا شئ
له بعمله سواء زادت العين أو لم تزد وبه قال الشافعي لان الغاصب عمل في ملك غيره بغير اذنه فلم يستحق وذلك عوضا كما لو غلا زيتا فزادت قيمته أو بنى حايطا لغيره
أو زرع حنطة انسان في ارضه وساير عمل الغاصب وقال بعض العامة ان الغاصب يشارك المالك بالزيادة لأنها حصلت بمنافعه ومنافعه تجري مجرى الأعيان
فأشبه ما لو غصب ثوبا فصبغه والفرق ظاهر فان الصبغ عين لا يزول ملك صاحبه عنه بجعله في ملك غيره وهو حجة عليه لأنه إذا لم يزل ملكه عن صبغه بجعله
في ملك غيره وجعله كالصفة ولئن لا يزول ملك غيره بعمله فيه أولي وهذا بخلاف ما لو زرع في ارض غيره فإنه يرد عليه نفقته فان الزرع ملك الغاصب لأنه
عين ماله ونفقته عليه تزداد به قيمته فإذا اخذه مالك الأرض احتسب له بما أنفق على ملكه وفي مسئلتنا عمله في ملك المغصوب منه بغير اذنه فكان لاغيا على انا
نمنع وجوب النفقة في الزرع بل الزرع للغاصب وعليه الأجرة النظر الثاني في زيادة الأعيان مسألة إذا غصب أرضا وبنى فيها أو غرس أو زرع
كان لصاحب الأرض الزام الغاصب بالقلع وبه قال الشافعي لقوله (ع) ليس لعرق ظالم حق وغصب رجل أرضا فغرس فيها فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله فأمره بقلع
النخل قال الراوي فلقد رايتها والغرس تعمل في أصولها وانها النخل عمر ولأنه شغل ارض غيره بملكه الذي لا حرمة له في نفسه بغير اذنه فلزمه تعريصه؟
كما لو جعل فيه قماشا ولا خلاف في الغرس إما لو زرع في الأرض المغصوبة فكذلك عندنا وعند الشافعي وقال احمد إن كان بعد حصاد الزرع فلذلك يكون
الزرع للغاصب اجماعا لأنه نماء ملكه وعليه الأجرة إلى وقت التسليم وضمان النقص ولو جاء صاحبها والزرع قايم فيها لم يملك المالك اجبار الغاصب على قلعه
وخير المالك بين ان يقيم الزرع في الأرض إلى الحصاد ويأخذ من الغاصب اجرة الأرض وأرش النقص وبين ان يدفع إليه نفقته ويكون الزرع له لان رافع بن خديج قال قال
رسول الله صلى الله عليه وآله من زرع في ارض قوم بغير اذنهم وليس له من الزرع شئ وعليه نفقته وفيه دليل على أن الغاصب لا يجبر على قلعه لأنه ملك المغصوب
منه وروى رافع ان النبي صلى الله عليه وآله رأى زرعا في ارض ظهر فأعجبه فقال ما أحسن زرع ظهر فقال إنه ليس لظهر ولكنه لفلان قال فخذوا زرعكم وردوا إليه نفقته قال رافع
فأخذنا زرعنا ورددنا عليه نفقته ولأنه أسكن رد المغصوب إلى مالكه من غير اتلاف مال الغاصب على قرب من الزمان فلا يجوز اتلافه كما لو غصب سفينة فحمل فيها
ماله وادخلها البحر أو غصب لوحا فرقع به سفينة فإنه لا يجبر على رد المغصوب في اللجة وينتظر حتى يخرج صيانة للمال عن التلف كذا هنا ولأنه زرع حصل في ملك غيره
392

فلا يجبر على قلعه على وجه يضر به كما لو كانت الأرض مستعارة أو مشفوعة بخلاف الشجر لان مدته تطول ولا تعلم متى تقلع من الأرض فانتظاره يؤدي إلى ترك الأصل بالكلية
وتأول قوله (ع) ليس لعرق ظالم حق بأنه مخصوص بالنخل والغرس وحديثه في الزرع فيجمع بين الحديثين وعمل بكل منهما في موضعه وما قدمناه أصح لان ترك الزرع في
ارض الغير بغير اذنه ظلما فلا يجوز ارتكابه فإذا كان الغاصب متعديا فلا فرق بين القليل والكثير في حقه والحديث محمول على ما إذا رضي الزارع وأضاف الزرع إليهم
لحصوله في أرضهم إذا عرفت هذا فان رضي المالك بترك الزرع للغاصب ويأخذ منه اجرة الأرض فله ذلك لأنه شغل المغصوب بما له فملك صاحبه اخذ الأجرة كما لو أحرز
في الدار طعاما أو أحجارا يحتاج في نقله إلى مدة وان أراد اخذ الزرع لم يكن له ذلك عندنا خلافا لأحمد فان له ذلك عنده كما يأخذ الشفيع شجر المشترى بقيمته وهو ممنوع
وفيما يرده على الغاصب لأحمد روايتان إحديهما قيمة الزرع لأنه بدل عن الزرع فيتقدر بقيمته كما لو أتلفه لان الزرع للغاصب إلى حين انتزاع الملك عنه بدليل انه
لو اخذه قبل انتزاع الملك له كان ملكا له ولو لم يكن له المالك؟ يأخذه فيكون اخذ المالك له ملكا له الان بعوضه فيجب ان يكون له قيمته كالشقص المشفوع ويجب على
الغاصب اجرة الأرض إلى حين تسليم الزرع لان الزرع كان محكوما له به وقد شغل به ارض غيره والثانية انه يرد على الغاصب ما أنفق من البذر ومؤنة الزرع في الحرث
والسقي وغيره لقوله (ع) ردوا عليه نفقته وقيمة الشئ لا تسمى نفقة له والكل عندنا باطل وبه قال الشافعي مسألة لو كان الزرع مما تبقى أصوله في الأرض ويجز مرة بعد أخرى
كالرطبة والكراث والنعناع فللمالك ازالته والزام المالك بالأرش وطم الحفر والأجرة وبه قال الشافعي وعند احمد يحتمل ان يكون حكمه حكم الزرع لأنه ليس له فرع قوي فأشبه
الحنطة والشعير واحتمل ان يكون حكمه حكم الغرس لبقاء أصله ولو غصب أرضا فغرسها فأثمرت فان انتزعها المالك بعد ان اخذها الغاصب الثمرة فهي للغاصب
وكذا ان انتزعها والثمرة فيها لأنها ثمرة شجرته فكانت له كما لو كانت في ارضه ولأنه نماء أصل محكوم به للغاصب فكان له كالأغصان والورق وقال بعض العامة هي لمالك
الأرض لان ادراكها في الغرس وعن أحمد رواية انه إذا غصب أرضا فغرسها فالنماء لمالك الأرض وعليه من النفقة ما أنفقه الغارس من مؤنة الثمرة لان الثمرة في معنى
الزرع فكان لصاحب الأرض إذا أدركه قايما فيها وهو غلط لمنع حكم الأصل أولا ولان حكم الأصل لا يوافق القياس وانما صار إليه للأثر فيختص الحكم به ولا يعدى إلى غيره
ولان الثمرة تفارق الزرع من وجهين أحدهما ان الزرع نماء الأرض فكان لصاحبها والثمرة نماء الشجرة لصاحبه والثاني انه يرد عوض الزرع إذا اخذه مثل الأرض
الذي نبت منه الزرع مع ما أنفق عليه ولا يمكنه مثل ذلك في الثمر مسألة لو غصب شجرا فأثمر فالثمرة لصاحب الشجرة اجماعا لأنه نماء ملكه ولان الشجر عين
ملكه نماء وزاد فأشبه ما لو طالب أغصانه وعلى الغاصب رد الثمرة إن كان باقيا وإن كان تالفا فعليه بدله وأرش نقصه ان نقص وليس له شئ بعمله فيه وليس للشجرة
اجرة لان اجرتها لا تجوز في العقود فكذلك في الغصب ولان نفع الشجر تربيته الثمر واخراجه وقد عادت هذه المنافع إلى المالك ويشكل بما تقدم من جواز استيجار الشجر لنشر
الثياب عليها ولو غصب ماشية فعليه ضمان ولدها ان ولدت عنده ويضمن لبنها بمثله لأنه من ذوات الأمثال وكذا أوبارها واشعارها مسألة لو غصب أرضا
فترك غرسها أو زرعها فنقصت بذلك كما في ارض البصرة ضمن أرش النقص والأجرة ولو غرسها أو زرعها ضمن الأجرة فان حصل نقص ضمن أيضا ولو نقصت
الأرض لطول مدة الغراس وجب على الغاصب أجرة المثل وأرش النقص معا وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني انه يجب أكثرهما والخلاف فيه كما في الثوب
إذا بلى في الاستعمال ولو أراد صاحب الأرض ان يتملك النماء أو الغراس بالقيمة أو بنفقتها أو الزرع بالأجرة فالأقرب انه لا يجب على الغاصب اجابته إذ لا يجب على الانسان
بيع ملكه وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يجب على الغاصب اجابته كالمستعير الأولى فان الغاصب متعد ونمنع الحكم في الأصل والفرق ان المالك هنا
متمكن من القلع بلا غرامة بخلاف المعير ولو أبى المالك الا القلع فله القلع لأنه ملكه فملك نقله ولا يجبر على اخذ القيمة لأنها معاوضة فلم يجبر عليها وان اتفقا
على تعويضه بالقيمة أو غيرها جاز لان الحق لهما فجاز ما اتفقا عليه ولو وهب الغاصب الغرس أو البناء لمالك الأرض ليتخلص من قلعه فقبله المالك جاز وان
ان لم يقبله وكان في قلعه غرض صحيح لم يجبر على قبوله لما تقدم وان لم يكن في قلعه غرض صحيح فكذلك لان في اجباره عليه اجبارا على عقد يعتبر فيه الرضا وقال بعض
العامة يجبر لان فيه رفع الخصومة من غير غرض يفوت مسألة لو غصب من رجل أرضا وغراسا فغرس الغراس فيها فالكل لمالك الأرض فان طالبه المالك بقلعه
وفي قلعه غرض أجبر على قلعه لأنه فوت عليه غرضا مقصودا بالأرض فاجبر على اعادتها إلى ما كانت عليه وتسوية الأرض وأرش نقصانها وأرش نقص الغراس
فإن لم يكن في قلعه غرض لم يجبر على قلعه لأنه سفه فلا يجبر على السفه وقد نهى (ع) عن إضاعة المال ولا ينفك القلع من ضياع مال ويحتمل الاجبار لان الحكم في المال
إلى المالك يتصرف فيه كيف شاء ولا حكم للغاصب فيه وان أراد الغاصب قلعه ومنعه المالك لم يملك قلعه لان الجميع من الغرس والأرض للمالك المغصوب منه فلا يملك
غيره المتصرف فيه بغير اذنه ولو غصب من رجل واحد أرضا وبذرا وزرعها به فللمالك ان يكلفه اخراج البذر من الأرض ويغرمه أرش النقصان وليس للغاصب اخراجه ان رضي
المالك ببقائه في ارضه والحكم في البناء في الأرض المغصوبة كالحكم في الغرس فيها في التفصيل جميعه وإذا كانت الآلة من تراب الأرض واحجارها فليس للغاصب النقض
الا ان يأمره المالك به ولو غصب أرضا من شخص وشجرا من اخر وغرسه في الأرض المغصوبة فلكل من المالكين المطالبة بالقلع وغرامته على الغاصب وعليه الأرش في
كل واحد منهما والأجرة لكل واحد منهما إذا كان ذا اجرة ولو أثمر الشجر فالثمرة لصاحب الشجرة ولو رضي الماء لكان بالابقاء لم يكن للغاصب القلع فان رضي مالك
الأرض بالأجرة مع الابقاء ووافقه صاحب الغرس فالأجرة من حينئذ على صاحب الشجر وفيما قبل على الغاصب مسألة إذا غصب دارا فجصصها وزوقها أو طينها
كان لمالك الدار مطالبته بقلع الجص والتزويق والطين لأنه ملك الغاصب شغل به ملك المغصوب منه ولو تركه الغاصب ليدفع عنه كلفة النزع لم يجب
على المالك قبوله إن كان بحيث لو حل الجص والتزويق والطين حصل منه شئ وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني لهم انه يجب قبوله ولو أراد الغاصب نزعه فله
ذلك لأنه عين ماله ولا فرق بين ان يكون للنزوع قيمة أو لا يكون فإذا نزع فنقصت الدار عما كانت قبل التزويق لزمه الأرش ولو كان التزويق وبجص؟ تموية
لا يحصل منه عين إذا نزع فليس للغاصب النزع ان رضي المالك وهل له اجباره عليه الأقوى ذلك لأنه قد تصرف تصرفا غير مشروع فللمالك الزامه بازالته
ولأنه قد يريد المالك تغريمه أرش النقص الحاصل بازالته وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا كما في الثوب إذا قصره مسألة إذا غصب ثوبا فصبغه بصبغ
للغاصب فإن كان الحاصل من الصبغ تمويها محضا فالحكم على ما تقدم في التزويق وان حصل بالصبغ عين مال فإن لم يكن فصله تشاركا في الثوب المصبوغ
وقال الشافعي في القديم ان الصبغ يصير ملكا لصاحب الثوب كما لو غصب جارية فسمنت فاستردها مولاها سمينة فان الزيادة يملكها المالك دون الغاصب
كذا الصبغ هنا لأنه لا يمكن نزعه من الثوب والمذهب المشهور عند الشافعية خلاف ذلك بل يكون الثوب لصاحبه والصبغ لمالكه لأنه عين مال له انضم إلى ملك
393

المغصوب منه بخلاف السمن وبخلاف القصارة والطحن لان اجزاء السمن ليست للغاصب والقصارة والطحن اثار محضة إذا عرفت هذا فان بقيت قيمة كل واحد منهما
محفوظة من غير زيادة ولا نقصان مثل إن كانت قيمة الثوب قبل الصبغ عشرة وقيمة الصبغ بانفراده عشرة وقيمة الثوب المصبوغ عشرين فالثمن بينهما على نسبة ماليهما إما بالسوية كما في هذا
المثال وعلى نسبة أخرى كما لو اختلف المثال حتى لو وجد راغبا باعه منه بثلثين فهو بينهما وان نقصت قيمته مصبوغا عن قيمتها بان عاد الثمن للثوب مصبوغا
والتصوير كما سبق إلى خمسة عشر احتمل ان يكون النقصان محسوبا من الصبغ لان الأصل هو الثوب والصبغ وإن كان عينا الا انه كالصفة التابعة للثوب فيكون الثوب
المصبوغ بينهما أثلاثا الثلثان لصاحب الثوب والثلث لصاحب الصبغ وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم إن كان النقصان لانخفاض سوق الثياب فالنقصان محسوب
من الثوب وإن كان لانخفاض سوق الاصباغ فالنقصان محسوب من الصبغ وكذا لو كان النقصان بسبب العمل لان صاحب الصبغ هو الذي عمل وهذا هو المعتمد
فإن كانت قيمته بعد الصبغ عشرة انمحق الصبغ ولا حق فيه للغاصب وان تراجعت القيمة وكان الثوب مصبوغا يساوي ثمانية فقد ضاع الصبغ ونقص من الثوب
درهمان فيرده مع درهمين وان زادت قيمة الثوب مصبوغا على قيمتها قبل الصبغ بان بلغت ثلاثين في الصورة المذكورة فمن اطلق الجواب في طرف النقصان اطلق القول
هنا بان الزيادة بينهما على نسبة ماليهما ومن فصل قال إن كان ذلك لارتفاع سوق الثياب فالزيادة لصاحب الثوب وإن كان لارتفاع سوق الصبغ فهي للغاصب
فإن كان للعمل والصنعة فهي بينهما لان كل واحد منهما قد زاد بالصنعة والزيادة الحاصلة بفعل الغاصب إذا استندت إلى الأثر المحض سلم المغصوب منه وإذا أمكن
فصل الصبغ من الثوب لم يملك المغصوب منه الصبغ سواء كان للمفصول قيمة أو لم يكن وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه إذا لم يكن للصبغ بعد انفصاله له عن الثوب
قيمة ملكه صاحب الثوب كالسمن وهل يملك اجبار الغاصب على فصله لأقرب انه إن كان له غرض كان له ذلك وكذا إن كان للصبغ قيمة والا فلا وللشافعية وجهان
أحدهما انه له الاجبار كما يملك اجباره على اخراج الغراس والثاني ليس له لما فيه من الضرر بخلاف الغراس فإنه لا يضيع بالاخراج ولان الأرض بالقلع
تعود إلى ما كانت والثوب لا يعود ولان الأشجار تنتشر عروقها وأغصانها فيخاف ضررها في المستقبل وقال الجويني موضع الوجهين ما إذا كان الغاصب يخسر
بالفصل خسرانا كثيرا وذلك قد يكون لضياع المنفصل بالكلية وقد يكون لحقارته بالإضافة إلى قيمة الصبغ ومن جملة الضياع ان يحدث في الثوب نقصان بسببه
لا يبقى بارشه قيمة المفصول ولو رضي المغصوب منه بابقاء الصبغ وأراد الغاصب فصله فله ذلك ان لم ينقص الثوب فان انتقص قال الجويني يبنى على الخلاف في أن
المغصوب منه هل يجبره على الفصل ان قلنا لا لم يفصله وان قلنا نعم فله ذلك ولو تراضيا على ترك الصبغ بحاله فهما شريكان وكيفية الشركة ما تقدم مسألة
لو ترك الغاصب الصبغ على المالك وكان ممكن الانفصال فالأقرب انه لا يجب على المالك قبوله كما لا يجبر على قبول البناء والغراس إذا تركه الغاصب ويحتمل وجوب القبول لان الصبغ
صار كالصفة التابعة للثوب لحلوله فيه ولان المشترى إذا أنعل الدابة ثم اطلع على عيبها كان له ردها عند الشافعية فإذا ردها مع النعل لكان؟ تعيبها لو
نزع النعل أجبر البايع على القبول كذا هنا وللشافعية وجهان كالاحتمالين وفرقوا بين المشتري والغاصب بان المشتري غير متعد في النعل والغاصب متعد في
الصبغ وذكر الجويني ان في موضع الوجهين طريقين أحدهما انهما يطردان فيما إذا أمكن فصل الصبغ وفيما إذا لم يمكن والأظهر عندهم التخصيص بما إذا أمكن
وقلنا إن الغاصب يجبر على الفصل والا فهما شريكان لا يجبر أحدهما على قبول هبة الأخرى على هذا فلهم طريقان أحدهما ان الوجهين فيما إذا كان متضررا بالقتل
إما لما تناوله من الضرر أو لان المفصول يضع كله أو معظمه فإن لم يكن كذلك لم يلزم القبول في الحال والثاني ان الوجهين فيما إذا كان الثوب ينقص بالفصل نقصا
لا تفي بارشه قيمة الصبغ المفصول فان وفى لم يلزم القبول بحال وان نقب أوضاع معظم المفصول والثاني انا إذا قلنا بلزوم القبول على المغصوب منه فلا حاجة
إلى تلفظه بالقبول واما من جهة الغاصب فلا بد من لفظ يشعر بقطع الحق كقوله أعرضت عنه أو تركته إليه وأبرأته عن حقي أو أسقطته ويجوز ان يعتبر اللفظ المشعر
بالتمليك مسألة لو بذل المغصوب منه قيمة الصبغ وأراد ان يتملكه على الغاصب مع امكان فصله عن الثوب أو مع عدم امكانه هل يجاب إلى ذلك الأقرب
المنع إذ لا يجبر الانسان على بيع ملكه وللشافعية وجهان هذا أظهرهما والثاني به قال أبو حنيفة ان يجاب إليه ويجبر الغاصب على قبوله يفصل الامر بينهما كما إذا
رجع المعير وبنى المستعير أو غرس فان له ان يتملكه عليه بالقيمة والأصل ممنوع مع قيام الفرق فان المعير لا يتمكن من القلع مجانا فكان محتاجا إلى التملك بالقيمة
وهنا بخلافه وأيضا فان بيع العقار عسر وبيع الثوب سهل وبه يحصل الخلاص من الشركة وقال بعض الشافعية إن كان الصبغ بحيث لو فصل حصل منه شئ
ينتفع به ففي تملك المغصوب منه إياه الوجهان المذكوران في الغراس والبناء وإن كان لا يحصل منه شئ فلا تملكه لا محالة وهذا عندي هو المعتمد لان للمالك
ان ينصرف في ثوبه باللبس والفرس وهو يستلزم تصرفه في الصبغ فلا بد له من التوصل إلى التصرف في ثوبه كيف شاء ولا ذريعة الا بدفع قيمة الصبغ بخلاف ما إذا
كان يمكن الفصل فان له طريقا إلى استعمال ثوبه بان يلزم الغاصب بالفصل مسألة إذا اشتركا في الثوب المغصوب فالأقرب انه لكل واحد منهما الانفراد
ببيع ما يملكه لان للانسان الخيار في بيع ملكه ويكون المشتري كالبايع مع الغاصب وهو أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم المنع لأنه لا يتأتى الانتفاع بأحدهما
دون الأخر فكان كبيع دار لا طريق إليها ولا ممر لها ولو رغب مالك الثوب في البيع كان له ان يبيع ويجبر الغاصب على موافقته إما عندنا فظاهر واما عند الشافعية فعلى
القول بالمنع في الأول فكذلك لان المالك لم يتمكن من بيع الثوب وحده فامتناع الغاصب منع له من بيع ماله وان تمكن فلا شك في عسر البيع عليه لقلة الراغب فيه
والغاصب متعد فليس الاضرار بالمالك بالمنع من المبيع أو بغيره وان رغب الغاصب في البيع لم يجبر المالك على موافقته لأنه مناف لمقتضى الحكمة والشرع فإنه لا يستحق المتعدي
بتعديه إزالة ملك غير المتعدي وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يجبر تسوية بين الشريكين أحيل كل واحد منهما إلى ثمن ملكه ولهم ثالث ان واحدا منهما لا يجبر
على موافقته الأخر على قياس الشركة في الأموال مسألة لو غصب ثوبا من شخص وصبغا من اخر وصبغه به فإن لم يحدث في الثوب نقص ولا في الصبغ ولا في المجموع
لا غرم على الغاصب وهما شريكان في الثوب المغصوب كما تقدم في حكم الغاصب والمالك فان حدث مثل إن كانت قيمة الثوب عشرة وقيمة الصبغ عشرة وبلغت
قيمة الثوب مصبوغا عشرة فالثمن لصاحب الثوب وغرم الغاصب الصبغ للاخر وهل يحتمل ان يكونا شريكين في الثوب ويغرم الغاصب لكل منهما ما نقصت قيمته عينه نظر
وان بلغت خمسة عشر احتمل ان يكون الثوب بينهما أثلاثا كما هو في الصورة الأولى وهو أظهر قولي الشافعية والثاني ان الثوب بينهما بالسوية ويرجعان على
الغاصب بخمسة وإن كان مما يمكن فصله فلهما تكليف الغاصب بالفصل فان حصل بالفصل نقص فيهما أو في أحدهما عما كان قبل الصبغ غرمه الغاصب ولصاحب
الثوب وحده طلب الفصل أيضا إذا قلنا إن المالك يجبر الغاصب على الفصل في صورة ما إذا كان الصبغ للغاصب هذا إذا حصل بالانصباغ عين مال في الثوب فإن لم
يحصل الا تمويه فكما مر في التزويق ويقاس ما ذكرنا في صورة ان يكون الصبغ للغاصب أو لاخر ثبوت الشركة فيما إذا طيرت الريح ثوب انسان في إجانة؟ صباغ لكن ليس
394

لأحدهما ان يكلف الأخر الفصل ولا التغريم ان حصل نقص في أحدهما لانتفاء العدوان ولو أراد صاحب الثوب تملك الصبغ بالقيمة فعلى ما تقدم مسألة
لو غصب ثوبا وصبغا من شخص واحد ثم صبغ الثوب بذلك الصبغ فان يحدث بفعله نقص فهو للمالك ولا غرم على الغاصب ولو زادت القيمة فهي للمالك ولا
شئ للغاصب فيها لان الموجود منه اثر محض وان حدث بفعله نقص غرم الأرش وإذا أمكن الفصل فللمالك اجباره عليه وليس للغاصب الفصل إذا رضي المالك
واعلم انا إذا قلنا في الثوب المصبوغ انه يباع لا نريد البيع القهري بل الغرض منه إذا بيع كان الثمن بينهما ثم إن رضيا بالبيع فلا بحث والا فهل يجر الممتنع قد سلف
المنع والخلاف فيه مسألة إذا غصب ثوبا قيمته عشرة وصبغه بصبغ من عنده قيمته عشره وبلغت قيمته الثوب مصبوغا ثلاثين ففصل الغاصب الصبغ
ونقصت قيمة الثوب عن عشرة لزمه ما نقص عن عشرة وكذا ما نقص عن خمسة عشران فصل بغير اذن المالك وطلبه وان فصل بأنه لم يلزمه الا نقصان العشرة
ولو عادت قيمته مصبوغا إلى عشرة لتراجع السوق وكان التراجع في الثياب والاصباغ على دنيرة واحدة فالثوب بالسوية بينهما كما كان والنقصان داخل عليهما جميعا
وليس على الغاصب غرامة ما نقص مع رد العين نعم لو فصل الصبغ بعد تراجع القيمة إلى عشرة فصار الثوب يساوي أربعة غرم ما نقص وهو خمس الثوب
بأقصى القيم والمعتبر في الأقصى خمسة عشر ان فصل بنفسه وعشرة ان فصل بطلب المالك مسألة إذا خلط المغصوب بغيره وتعذر التميز وكان من الجنس
كما إذا غصب زيتا خلطه بزيت أو حنطة بمثلها أو شعيرا بمثله فان خلطه بأجود من المغصوب فالأقرب انهما شريكان كما لو امتزج الزيتان بنفسهما أو برضاء المالكين
وأيضا لو غصب صاعا من اخر وصاعا من اخر وخلطهما وجعلناهما هالكين ينتقل الملك فيهما إلى الغاصب وذلك تملك بمحض التعدي وللشافعي قولان أحدهما
انه بمنزلة الهالك حتى يتمكن الغاصب من أن يعطيه قد رحقه من غير الممتزج والثاني قال في التفليس فيما إذا خلطه بالأجود ثم فلس فعلى قولين أحدهما انه كالهالك
حتى لا يكون للبايع الا المضاربة بالثمن والثاني انهما يشتركان في المخلوط ويرجع البايع إلى حقه منه واختلف أصحابه على طريقين أظهرهما اثبات القولين في الغصب
أيضا إما جعله هالكا فلتعذر الوصول إليه وأيضا فلو قلنا بالشركة لاحتجنا إلى البيع وقسمة السمن بينهما كما سيأتي فلا يصل المالك إلى عين حقه ولا إلى مثله مع
وجود العين والمثل أقرب إلى حقه من الثمن واما الشركة فللقياس على مسألة الصبغ وعلى ما إذا اختلط الزيتان بأنفسهما أو برضاء المالكين والطريق الثاني القطع
بالقول الأول والفرق انا إذا لم يثبت الشركة هناك لا يحصل للبايع تمام حقه بل يحتاج إلى المضاربة وهل يحصل للمالك تمام البدل وان خلطه بمثله ففيه الطريقان
ولهم طريق ثالث وهو القطع بالشركة لان في اثبات الشركة ايصال المالك إلى بعض حقه بعينه والى بدل بعضه من غير زيادة تفوت على الغاصب فكان أولي
من ايصاله إلى بدل الكل مسألة لو مزج الزيت بزيت اردى منه احتمل ان يكونا شريكين كما لو امتزجا بأنفسهما ويضمن الغاصب الأرش وأن يكون كالهالك والأول
أقوى وللشافعية فيه الطريقان المذكوران في الأجود لكن الشافعي قال في المفلس ليس هنا الا القول بالشركة وخرج بعضهم فيه قولا اخر فان الشافعي قال الذائب إذا اختلط
انقلب حتى لا يوجد عين ماله والحاصل في الخلط المطلق ثلاثة أوجه للشافعية ثالثها الفرق بين ان يختلط بغير المثل فيكون المغصوب هالكا سواء كان أجود
أو اردى أو بالمثل فيشتركان فان جعلنا الاختلاط كالهالك فللغاصب ان يعطيه المثل في غير الخلوط؟ وله ان يعطيه منه إذا كان الخلط بالمثل وكذا إذا خلط بالأجود لان المخلوط أجزء من المغصوب
وليس له ان يعطيه قدر حقه من المخلوط إذا خلط بالأردى الا إذا رضي المالك وإذا رضي فلا أرش له كما إذا اخذ الردي من موضع اخر وان حكمنا بالشركة فان خلط بالمثل فقدر
وزنه في المخلوط له وان خلط بالأجود كما إذا خلط صاعا قيمته درهم بصاع قيمته درهمان فان أعطاه صاعا من المخلوط أجبر المالك على قبوله لان بعضه
عين حقه وبعضه خير منه والا فباع المخلط وقسم الثمن بينهما أثلاثا فان أراد قسمة عين الزيت على نسبة القيمة فالأقرب عندنا الجواز لان القسمة ليست بيعا
عندنا بل هي اقرار حق وهو أحد وجوه الشافعية والثاني انه لا يجوز لأنه يكون قد اخذ بثلثي صاع لجودته في مقابلة صاع وهو ربا والثلث انه يكلف الغاصب
تسليم صاع من المخلوط لان اكتساب المغصوب صفة الجودة بالخلط لزيادة متصلة تحصل في يد الغاصب وان خلط بالأردى كما إذا خلط صاعا قيمته درهمان
بصاع قيمته درهم اخذ المالك من المخلوط صاع مع أرش النقصان لان الغاصب متعد بخلاف ما إذا خلط
المشتري بالأردى وفلس فان البايع إما ان يقنع بصاع
من المخلوط أو يصارب مع الغرماء فان اتفقا على بيع المخلوط وقسمة الثمن أثلاثا جاز وان أراد قسمة عين الزيت على نسبة القيمتين فمن الشافعية من جعله
على الخلاف المذكور في طرف الأجود ومنهم من قطع المنع لأنه أمكن الرجوع إلى صاع منه مع الأرش فلا حاجة إلى احتمال القسمة المشتملة على التفاضل واعلم أن
خلط الخل بالخل واللبن باللبن كخلط الزيت بالزيت مسألة إذا خلط الدقيق بالدقيق فهو كخلط الزيت بالزيت لان الدقيق مثلى وبه قال بعض الشافعية
وقال آخرون انه ليس بمثلى بل هو متقوم فان قلنا إن المختلط هالك فالواجب على الغاصب القيمة وان قلنا بالشركة فإنه يباع ويقسم الثمن بينهما على قدر
القيمتين فان أراد قسمة عين الدقيق على نسبة القيمتين والخلط بالأجود أو الأردى فهو على ما تقدم في قسمة الزيت المخلوط وإن كان الخلط بالمثل
فالقسمة جايزة لأنها افراز وهو أحد قولي الشافعية والثاني انها بيع فلا يجوز لان بيع الدقيق بالدقيق لا يجوز مسألة إذا خلط المغصوب بغير جنسه كما لو خلط
زيتا بشيرج أو دهن جوز أو مزج دقيق حنطة بدقيق شعير فالمغصوب هالك لبطلان فايدته وخاصيته باختلاط غير الجنس بخلاف الجيد مع الردي ويحتمل
قويا ثبوت الشركة كما لو مزجاه بالرضا أو امتزجا بأنفسهما فإن كان في المغصوب نقص ضمنه الغاصب والا فلا وللشافعية وجهان الأول ثبوت الخلاف
السابق فيما إذا مزجه بالجنس وعلى ما اخترناه من الشركة ان تراضيا على بيع المخلوط وقسمة الثمن جاز وان أراد قسمته جاز وكان المغصوب منه باع ما يصير في يد الغاصب
من الزيت بما يصير في يده من الشيرج وهل يلحق بخلط الزيت بالشيرج لتسويق بالزيت قال جماعة من الشافعية نعم وهو بعيد بل الأقوى انه كصبغ الثوب
مسألة لو غصب شيئا وخلطه بغيره وأمكن التميز بينهما وجب على الغاصب التميز سواء سهل أو عسر وشق وسواء خلط بالجنس كالحنطة البيضاء بالحنطة
الحمراء أو بغير الجنس كالحنطة بالشعير ويجب عليه الفصل بينهما بالتقاط ولو طال الزمان ولو خلط الزيت بالماء وامكنه التميز لزمه التميز وأرش النقص إن كان
فيه نقص وان لم يمكن التميز فهو كخلطه بالشيرج الا ان لا يبقى له قيمة فيكون هالكا لا محالة فان حصل فيه مميز أو غير مميز نقص سار فقد مضى الحكم فيه مسألة
لو غصب ساجة فادرجها في بنائه أو بنى عليها أو على اجر مغصوب لم يملك الغاصب الساجة ولا لاجر ولو كان داخله في حايط عظيم شاهق بل يجل عليه اخراجه من البناء
ورده إلى المالك وبه قال الشافعي ومالك واحمد لأنه بنى على ملك الغير عدوانا فلا يزول به ملك المالك كما لو غصب أرضا وبنى عليها ولأنه قادر على العين وردها
إلى مالكها فلا يجوز الانتقال إلى القيمة ولأنه مغصوب ليس بمحبوس عنده بعقد له رده فكان عليه رده كما لو جعله أبوابا في داره وقال أبو حنيفة لا يجب عليه رد
395

الساجة ويلزمه قيمتها وحكى الكرخي انه ان بنى عليها بناء لا يتصل بغيره قلعه والأول هو المشهور عنه واحتج بأنها صارت تابعة بملكه فيستضر بقلعها فلم يلزمه ردها
كما لو غصب خيطا فخاطه به جرح عبده والفرق ان الخيط لا يشبه المتنازع إذا كان يخاف من قلعه لأنه ليس له رده ولان حاجته إليه لذلك يبيح؟ غصبه بخلاف البناء فافترقا هذا
إذا لم تعفن الساجة فان عفنت بحيث لو أخرجت لم يكن لها قيمة فهي مستهلكة فإذا أخرجها وردها لزمه أرش النقص ان ادخلها نقص وفي الأجرة ما ذكرناه في ابلاء
الثوب بالاستعمال والحق عندنا لأنه يجب رد اجرتها لان الخشب له اجرة ويستأجر للانتفاع به مسألة لو غصب لوحا فجعله في سفينة فإن كانت قريبة من الشط قدمت
إلى الشط فان خاف على المتاع الذي فيها بالقلع اخرج المتاع منها ثم قلع اللوح ورده على صاحبه فاما إن كانت في لجة البحر فإن كان اللوح في أعلاها لا يضرها قلعه ولا
يخاف من النزع هلاك نفس ولا مال أولم يكن فيها نفس ولا مال لا خيف هلاك السفينة نفسها وجب قلعه وإن كان في أسفلها فإن كان فيها حيوان يخاف عليه سواء
كان آدميا إما الغاصب أو غيره أو غير ادمي وسواء كان للغاصب أو لغيره لم يجز قلعه لان الحيوان له حرمة فلا يجوز اتلافه لحفظ المال فإن لم يكن فيها حيوان يخاف عليه
فإن كان فيها متاع لغير الغاصب يخاف عليه لم يقلع لأنه لا يجوز اتلاف مال غير الغاصب لتعدي الغاصب وان لم يكن فيها الا مال الغاصب أو مال من يعرف ان فيها لوحا
مغصوبا أو لم يكن فيها شئ الا انه يغرق إذا قلع اللوح منها فهل يقلع اللوح أو ينتظر دخولها الشط الأقرب انه لا يقلع لأنه يمكن رده مع سلامة مال الغاصب وهو
إذا دخل إلى الشط بخلاف الساجة إذا بنى عليها لأنه انما يبني للتأبيد ولا يمكن انتظار زوال البناء فافترقا وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يقلع لأنه ليس في قلعه
الاتلاف مال الغاصب وذلك لا يمنع من رد المغصوب كالساجة في البناء وقد تقدم الفرق وخلاف أبي حنيفة عايد هنا فيما إذا لم يخف هلاك مال ولا نفس ولا
السفينة وكل موضع لا ينزع فيه اللوح الا ان تصل إلى الشط فإنه تؤخذ القيمة للحيلولة إلى أن تيسر الفصل فحينئذ يرد اللوح مع أرش النقص ويسترد القيمة وإذا
قلنا لا ينالي؟ في النزع بخلاف مال الغاصب فلو اختلطت السفينة التي ادرج فيها اللوح بسفن الغاصب ولم يوقف على اللوح الا بفصل الكل ففي فصل الكل اشكال
وللشافعية وجهان مسألة إذا غصب خيطا فخاط به ثوبا ونحوه فالحكم فيه كما في البناء على الساجة وان خيط به جرح حيوان محترم فهو إما ادمي أو غيره فإن كان
ادميا فان خيف من نزعه منه هلاكه لم ينزع وإن كان هو الغاصب ويجب على الغاصب قيمته فان خاط جرح نفسه فالضمان مستقر عليه فان خلط جرح غيره
باذنه وهو عالم بالغصب فقرار الضمان عليه وإن كان جاهلا فعلى الخلاف فيما إذا أطعم المغصوب غيره وفي معنى خوف الهلاك خوف كل من محذور يجوز معه العدول
إلى التيمم من الوضوء قال الجويني لو رتب انقدح وجهان أحدهما ان ترك الخيط أولي لقيام القيمة مقامه والثاني ان نزعه أولي لتعلقه بحق الآدمي المبني على الضيق واما غير الآدمي
فاما ان يكون مأكول اللحم أو غير مأكوله ففي غير المأكول حكمه حكم الآدمي الا انه لا اعتبار ببقاء الشق فيه والثاني المأكول فإن كان لغير الغاصب لم ينزع وإن كان الغاصب
فقولان للشافعي أحدهما انه يذبح ويرد الخيط لأنه جايز للذبح وبذبحه يصل الحق إلى المستحق وأظهرهما المنع كما في غير المأكول لان للحيوان حرمة في نفسه ولهذا يؤمر
مالكه بالانفاق عليه ويمنع من ايلامه وإذا لم يقصد بالذبح الاكل منه وإذا مات الحيوان الذي خاط به جرحه فإن كان غير الآدمي نزع منه الخيط وفي الآدمي للشافعي
وجهان أصحهما عندهم انه ينزع وانما لم ينزع في الحياة لحرمة الروح والثاني المنع لان الآدمي محترم بعد الموت ولهذا قال (ع) كسر عظم الميت ككسر عظم الحي وإن كان
الحيوان غير محترم كالكلب العقور والخنزير نزع الخيط من غير مبالاة بهلاكه إما كلب الصيد والماشية والزرع فلا يجوز النزع منه وبه قال بعض الشافعية واما إذا خيط به جرح مرتد؟ فإن كان
عن فطرة فالأقرب جواز اخراجه وان خيف منه التلف ومنع منه بعض الشافعية لان المثلة بالمرتد محرمة وليست كالمثلة بالميت لأنا نتوقع بالمرتد عوده إلى الاسلام وكذا البحث
لو طرأت الردة على الخياطة وحكم الحربي حكم المرتد عن فطرة إما لو جرح الزاني المحصن أو المحارب ففيه اشكال وقال بعض الشافعية ان حكمه حكم الخلاف فيما إذا خاط به جرح
معصوم فمات لان تفويت روحه مستحق فالحق بالميت وهل يجوز غصب الخيط ابتداء ليخاط به الجرح إذا لم يوجد خيط حلال الوجه ذلك في كل موضع لا يجوز النزع
وكل موضع يجوز النزع لا يجوز الفصل السادس في تصرفات الغاصب مسألة إذا أتجر به الغاصب بالمال المغصوب فان باع أو اشترى بالعين فالأقرب انه يقف
على اجازة المالك فان أجاز ذلك البيع أو الشراء بالعين صح والربح له والا بطل وهو القول القديم للشافعي وفي الجديد ان التصرف باطل سواء أجاز المالك أو لا ولو
باع سلما أو اشترى في الذمة وسلم المغصوب فيه صح العقد والتسليم فاسد فلا تبرأ ذمته عما التزم ويملك ما اخذ وأرباحه له وعن أحمد ثلاث روايات هذان القولان وان
البيع يصح وينفذ لأن الغصب في الظاهر تطاول مدته فلو لم يصح تصرف الغاصب افضى إلى الضرر بالمالك أو المشتري لان المالك لا يملك شيئا ثمنها والمشتري لا يملكها وقد؟
ذلك في كتاب البيع مسألة إذا غصب جارية فوطئها فالأقسام أربعة أحدها ان يكون الغاصب والجارية جاهلين بالتحريم فان كانا قريبي العهد بالاسلام أو في بلاد
بعيدة عن الاسلام يخفي عليه مثل هذا فاعتقد حل وطئها أو للشبهة اعتقد انها جاريته فلا حد على واحد منهما القول النبي صلى الله عليه وآله ادرؤا الحدود بالشبهات ويجب على الغاصب
بوطيه مهر مثلها للشبهة وهو قول العامة لان كل وطي يسقط فيه الحد للشبهة يجب فيه المهر وإن كانت بكرا وجب عليه مع المهر أرش البكارة لأنه ينفرد عنه بالجناية
وللشافعية وجهان في انا نفرد أرش الافتضاض عن المهر فنقول عليه مهر مثلها ثيبا وأرش الافتضاض عن المهر فنقول عليه مهر مثلها ثيبا وأرش الافتضاض أو لا يفرد فنقول عليه
مهر مثلها بكرا ورجحوا الأول لوجوبها بسببين مختلفين واشكال كل واحد منهما عن الأخر فإنه لو أزال البكارة بإصبعه وجب الأرش وللوجهين فوايد تأتي انشاء الله تعالى
وقال بعض علمائنا يجب عشر قيمة الجارية إن كانت بكرا ونصف عشر قيمتها إن كانت ثيبا وقصر بعض علمائنا ذلك في عقد الشبهة على الجارية الثاني ان يكونا
عالمين بالتحريم فإن كانت الجارية مكرهة وجب على الغاصب الخل دونها ويجب عليه أيضا المهر لسيدها وبه قال الشافعي لأنه عوض ما أتلف على المالك من بضعها
وقال أبو حنيفة لا يجب المهر ويجب عليه أرش الافتضاض إن كانت بكرا وإن كانت مطاوعة له على الوطي فعليه الحد أيضا والأقرب وجوب المهر لسيدها لان المهر
حق للسيد فلا يسقط بمطاوعتها كما لو أذنت في قطع يدها ولأنه حق يجب للسيد مع اكراهها فيجب مع مطاوعتها كأجرة منافعها وبه قال احمد وبعض الشافعية
وهو مروي عن الشافعي أيضا وقال الشافعي انه لا يجب عليه المهر لأنها زانية ساقطة الحرمة فأشبهت الحرة إذا زنت طايعة وقد روي عن النبي انها نهى عن مهر البغي
وهذه بغي فلا يثبت لها المهر وهو محمول على الحرة ولو كانت بكرا وجب أرش البكارة لأنه نقص جزء منها إذا قلنا إنه يفرد عن المهر وإذا قلنا لا يفرد في وجوب الزيادة
على مهر مثلها وهي ثيب وجهان للشافعية أحدهما لا يجب كما لو زنت الحرة طايعة وهي بكر والثاني يجب كما لو أزنت في قطع يدها الثالث ان يكون الواطي عالما بالتحريم
والجارية جاهلة ويجب على الواطي الحد لأنه زان ولا حد عليها ويجب لها المهر وأرش البكارة إن كانت بكر الرابع ان يكون الجارية عالمة بالتحريم والواطي جاهل
به ويجب عليها الحد خاصة دونه ويجب المهر إن كانت مكرهة وإن كانت مطاوعة فالقولان ويجب أرش البكارة إن كانت بكرا تذنيب الجهل بتحريم وطي المغصوبة
396

قد يكون للجهل بتحريم الزنا مطلقا وقد يكون لتوهم حلها خاصة لدخولها بالغصب في ضمانه ولا تقبل دعويهما الا من قريب العهد بالاسلام أو ممن شاء في موضع بعيد
من المسلمين وقد يكون لاشتباهها عليه وظنه انها جاريته فلا يشترط في قبول الدعوى ما ذكرناه مسألة لو غصب جارية فباعها من اخر فوطئها المشتري فإن كان المشتري
عالما بالغصب فحكمه في الوطي حالتي العلم والجهل كما ذكر في الغاصب الا ان الجهل في حق المشتري قد ينشأ من الجهل بكونها مغصوبة أيضا فلا يشترط في دعواه الشرط السابق
من قرب العهد بالاسلام أو خفاء ذلك لبعد داره عن دايرة الاسلام كما لا يشترط في الاشتباه فإذا عزم المشتري المهر ففي رجوعه على الغاصب خلاف مبني على أن
المشتري هل يرجع بما غرم عما حصل له في مقابلته نفع أو لا وهل للمالك مطالبة الغاصب به ابتداء للشافعية وجهان أحدهما المنع لان المهر بدل منفعة
البضع وهي غير داخلة تحت اليد ولا مضمونة بالغصب والثاني الجواز لان الامر إذا افضى إلى الغرم بعد فرضه غير متعلق بالغاصب قال الجويني هذان الوجهان جاريان سواء
قلنا برجوع المشتري على الغاصب بالمهر أو بعدم الرجوع وقال إذا قلنا بعدم الرجوع فظاهر القياس ان يطالب وغيره متحمل وإذا قلنا بالرجوع فالظاهر المطالبة لاستقرار الضمان عليه ويمكن ان يقال
الرجوع بسبب الغرور فيختص به المغرور وطرد الخلاف في مطالبة الغاصب بالمهر إذا وطئت بالشبهة واعلم أن كل ضمان يجب على المشتري فللمغصوب منه ان يرجع به
على من شاء منهما لان يد الغاصب يد المشتري وما يجب على الغاصب من اجرة المدة التي كانت في يده أو نقص حدث عنده فإنه يرجع به على الغاصب وحده لان ذلك
كان قبل يد المشتري فإذا طالب المالك المشتري بما وجب عليه في يده فاخذه منه فأراد المشتري الرجوع به على الغاصب نظر فإن كان المشتري عالما بالغصب
حين الشراء لم يرجع بشئ لان سبب الضمان كان في يده من غير تغرير وان لم يعلم فاقسامه ثلاثة آ ما لا يرجع به وهو قيمتها ان تلف في يده وأرش بكارتها وبذل جزء
من اجزائها لان دخل مع البايع على أن يكون ضامنا لذلك بالثمن وإذا ضمنه لم يرجع به ب ما يرجع به هو بدل الولد إذا ولدت منه لأنه دخل معه في العقد على أن لا يكون
الولد مضمونا وان لم يحصل من جهة اتلاف وانما الشرع أتلفه بحكم بيع الغاصب منه وكذلك نقص الولادة ج ما اختلف فيه وهو مهر مثلها واجر نفعها فهل يرجع به على
الغاصب لعلمائنا قولان أحدهما يرجع به لأنه دخل في العقد على أن يتلفه بغير عوض فإذا غرم عوضه رجع به كبدل الولد ونقص الولادة وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا
يرجع به وبه قال أبو حنيفة وان رجع بذلك على الغاصب فكلما لو رجع على المشتري لا يرجع به المشتري على الغاصب إذا رجع به الغاصب (رجع به الغاصب على المشتري)؟ على المشتري وكلما لو رجع على
المشتري رجع به المشتري على الغاصب إذا غرمه الغاصب لم يرجع به على المشتري وإذا ردها حاملا فماتت من الوضع فإنها مضمونة على الواطي لان التلف بسبب من جهته مسألة إذا تكرر الوطي من الغاصب أو من المشتري من الغاصب؟
فإن كان حاله الجهل لم يجب الا مهر واحد لان الجهل شبهة واحدة مطردة فأشبه ما إذا وطي في النكاح الفاسد مرارا وإن كان وجب المهر لكونها مستكرهة أو على ما اختاره
بعض علمائنا بالوجوب مع طواعيتها فالأقرب تعدده بكل مرة لان الوجوب هنا لاتلاف منفعة البضع فيتعدد بتعدد الاتلاف وحينئذ يحتمل ان يقال بالتعدد في صورة
الجهل أيضا لان الاتلاف الذي هو سبب الوجوب حاصل فلا معنى للإحالة على الشبهة وانما يحس الاعتقاد الشبهة حيث لا يجب المهر لولا الشبهة وهو أصح جهي الشافعية
والثاني الاكتفاء بمهر واحد كما في حالة الجهل ولو وطئها مرة جاهلا ومرة عالما وجب مهران مسألة من استكره امرأة على الزنا وجب عليه الحد دونها لأنها
معذورة حيث هي مقهورة وعليه مهرها حرة كانت أو أمة فإن كانت حرة فالمهر لها وإن كانت أمة فالمهر لمولاها وبه قال مالك والشافعي واحمد لأنه وطي في غير
ملكه سقط به الحد عن الموطوءة فإذا كان الواطي من أهل الضمان في حقها وجب عليه مهرها كما لو وطئها بشبهة واما المطاوعة فإن كانت أمة وجب مهرها على الأقوى
لسيدها ولا يسقط برضاها وإن كانت حرة لم يجب لها المهر لان رضاها اقترن بالسبب الموجب فلم يوجب كما لو أذنت في اتلاف مالها وقال أبو حنيفة لا يجب المهر لا
للحرة ولا للأمة إذا أكرهها أو طاوعته لأنه وطي تعلق به وجوب الحد ولم يجب به مهر كما لو طاوعته وقد تقدم بطلانه مسألة إذا حصل من الوطي حبل
سواء كان من الغاصب أو من المشتري منه نظر فإن كان الواطي عالما بالتحريم والولد رقيق للمالك ولا يلتحق للواطي ولا نسب له معه لأنه زان فان انفصل حيا فهو
مضمون على الغاصب وان انفصل ميتا بجناية جاز فبدله لسيده فان انفصل ميتا من غير جناية فالأقوى وجوب ضمانه على الغاصب لثبوت اليد عليه تبعا لثبوت
اليد على الام وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجب الضمان لان جنايته غير معلومة وبسبب الضمان هلاكه رقيق تحت يده ولا باس به ويجرى الوجهان في حمل
البهيمة المغصوبة إذا انفصل ميتا فان أوجبنا الضمان فنوجب قيمة يوم الانفصال لو كان حيا في؟ ولد الجارية والبهيمة سواء وقال بعض الشافعية انه يضمن ولد الجارية بعشر قيمة الام تنزيلا للغاصب منزلة الجاني يترتب على
جنايته للاجهاض وإن كان الواطي جاهلا بالتحريم فالولد لاحق بأبيه الواطي سواء قلنا الغاصب أو المشتري منه حر؟ للشبهة وعلى الواطي قيمته لمولى الجارية يوم الانفصال
ان انفصل حيا لان التقويم قبله غير ممكن وان انفصل ميتا فاما ان ينفصل بنفسه أو بجناية جان فان انفصل بنفسه ففي ضمانه اشكال المشهور عند الشافعية انه
يلزمه قيمته لأنا لا نتيقن حياته وان الغاصب أتلفه وخالف ما لو انفصل رقيقا حالة العلم حين الزنا حيث قلنا في وجوب الضمان وجهين لان الرقيق يدخل تحت اليد
والغصب فجعل تبعا للام فيه ولهم وجه اخر انه يلزمه القيمة لأن الظاهر الحياة واما على التقدير الثاني فعلى الثاني ضمانه لان الانفصال عقيب الضرب يغلب على الظن
انه كان حيا مات بفعله وللمالك الضمان على الغاصب بخلاف ما إذا انفصل ميتا من غير جناية فإنه لا بدل له هناك وهنا يقوم له فيقوم عليه وكان حق المالك
تعلق ببدله كما لو قتل عبد الجاني تعلق حق المجني عليه ببدله ولو مات فات حقه ثم الذي يجب على الجاني دية الجنين وعند الشافعية ان الذي يجب على الجاني الغرة؟ والذي يجب للمالك عشر قيمة الام لان الجنين الرقيق
به يضمن فإن كانت قيمة الغره وعشر الام سواء ضمن الغاصب للمالك عشر قيمة الام وإن كانت قيمة الغرة أكثر وكذلك والزيادة تستقر بحق الإرث وان نقصت الغرة
عن العشر فوجهان أظهرهما عندهم انه يضمن المالك تمام العشر لأنه لما انفصل متقوما كان بمثابة ما لو انفصل حيا لان بدله انما نقص عن العشر بحسب الحرة الحاصلة
لظنه والثاني انه لا يضمن الا قدر الغرة ويعبر عن هذا بان الواجب أقل الأمرين من الغرة والعشر لان سبب وجوب الضمان تقومه عليه فلا يضمن فوت ما يحصل
له ولو انفصل ميتا بجناية الغاصب بنفسه لزمه الضمان لان ما قصده منه سبب الضمان الا انه لا يستحق على نفسه شيئا مسألة لو أجل الغاصب جارية ومات وخلف
أباه ثم انفصل الجنين ميتا بجناية جان فالغرة يكون لحد الجنين وقال بعض الشافعية انه يضمن للمالك ما كان يضمنه الغاصب ولو كان حيا وعنه انه لو كان
مع الغاصب أم الجنين فورثت سدس الغرة لقطع النظر عنه وينظر إلى عشر قيمة الام وخمسة أسداس الغرة وكأنها كل الغرة والحبوابان؟ مختلفان فرأى الجويني
اثبات احتمالين في الصورتين فصار في إحديهما ان من يملك الغرة ينبغي ان يضمن للمالك ويستبعد في الثاني تضمين من لم يغصب ولا تفرغت يده على يد الغاصب وقال
بعض الشافعية ان الغرة تجب مؤجلة وانما يغرم الغاصب عشر قيمة الام إذا اخذ الغرة هذا ظاهر مذهب الشافعية في الولد المحكوم بحريته وفيه طريقة أخرى
لهم انه لا ينظر إلى عشر قيمة الام ولكن يعتبر قيمته لو انفصل حيا وينظر إليه والى الغرة على التفصيل الذي تقدم وذكر بعضهم ان هذه الطريقة مستمدة من
قول الشافعي القديم في أن جراح العبد لا يقدر لان عشر قيمة الام نوع مقدر لكنه ليس بواضح فان الخلاف في أن المبدل مقدر أو لا يقدر في أطراف العبد لا في جملته
397

والفايت هنا جملته وقال بعض الشافعية ان الغاصب يغرم للمالك أكثر الامرين من قيمة الولد والغرة وضعفه بعضهم لان الغرة إن كانت أكثر فثبوت
الزيادة بسبب الحرية فكيف يستحقها المالك ودعوى الجهل في هذا الضرب كدعواه في الضرب الأول ونقل بعض الشافعية خلافا في قبولها لحرية الولد وان
قبلت لدفع الحد ويجب في حالتي الجهل والعلم أرش نقصان الجارية ان نقصت بالولادة فان تلفت عنده وجب اقصى القيم ودخل قيمة نقصان الولادة وأرش
البكارة ولو ردها وهي حبلى فماتت في يد المالك من الولادة قال بعض الشافعية لا شئ عليه في صورة العلم لان الولد ليس منه حتى يقال ماتت من ولادة ولده فان في صورة
الجهل قولين واعلم أن لوجوب الضمان في هذه الصورة مأخذين أحدهما انه أحبل جارية الغير إما بالشبهة أو بالزنا في كونه سببا للضمان اشكال والثاني انه حصل نقصان
الحبل تحت اليد العادية وذلك سبب الضمان وان وجد اثره بعد الرد إلى المالك كما لو جنى المغصوب عند الغاصب فرده ثم بيع في يد المالك وأطلق بعضهم وجوب الضمان
للمأخذ الثاني تذنيب لو وطي الغاصب بإذن المالك فحيث لا يوجب المهر لو لم يأذن فهنا أولي وحيث توجبه فهنا قولان محافظة على حرمة البضع وفي قيمة الولد طريقان
أحدهما انه على الخلاف وفي المهر والثاني القطع بالوجوب لأنه لم يصرح بالاذن في الاخبار مسألة إذا تلفت العين المغصوبة عند المشتري ضمن قيمتها أكثر
ما كانت من يوم القبض إلى يوم التلف ولا تضمن الزيادة التي كانت في يد الغاصب إن كانت في يده أكثر قيمة ولا يرجع بما يضمنه عالما كان أو جاهلا لأن الشراء عقد
ضمان وقد شرع فيه على أن يكون العين من ضمانه وإن كان الشراء صحيحا ولقايل أن يقول إن كان المراد من كونه عقد ضمان انه إذا تلف المبيع عنده تلف من ماله ويستقر
عليه الثمن فهذا صحيح لكن لم يكن شارعا فيه على أن يضمن القيمة ومعلوم انه لو لم يكن المبيع مغصوبا لم يلزمه شئ بالتلف وكان الغاصب مغررا موقعا إياه في خطر
الضمان فليرجع عليه وإن كان المراد غيره فلم قلتم ان الشراء عقد ضمان على تفسير اخر وربما انساق هذا الاشكال إلى ما حكى عن بعض الشافعية انه يرجع من المغروم بما زاد على
قدر الثمن سواء اشتريه رخيصا في الابتداء وزادت القيمة بعد الشراء فإنه إذا رجع بما زاد على الثمن واسترد الثمن لم يلحقه ضرر مسألة لو تعيب المغصوب عند
المشتري بعمى وشلل ونحوهما نظر إن كان بفعل المشتري فيستقر ضمانه عليه وكذا لو أتلف الكل وإن كان بآفة سماوية فللشافعية قولان أحدهما انه لا يرجع على
الغاصب بضمانه كما لا يرجع بالقيمة عند الكل تسوية بين الجملة والاجزاء والثاني انه يرجع لأن العقد يوجب ضمان الجملة ولا يوجب ضمان الأجزاء على الانفراد لأنه
لو تعيب المبيع قبل القبض لم يكن للمشتري ان يجيز العقد ويطالبه بجزء من الثمن بل إما ان يفسخ أو يجيز بكل الثمن ولو تلف يسترد كل الثمن وأيضا لو اشترى عبدا بجارية وتقابضا
ثم وجد بايع العبد بالجارية عيبا قديما فردها وقد تلف العبد فإنه يأخذ قيمته ولو لم يتلف وتعيب بعيب حادث لم يكن له طلب الأرش مع العبد بل يقنع به أو
يأخذ القيمة وفي صورة الثانية للشافعية وجهان فللقايل بالقول الأول انه يمنع ويقول له استرداد العبد وطلب أرش النقصان واما الصورة الأولى فان المبيع في يد البايع غير مضمون بالقيمة بل بالثمن فإذا تلف سقط الثمن وإذا تعيب أمكن رده واسترداد جملة الثمن ولا يتمكن من طلب الأرش
الذي هو تعير؟ للعقد وحط من الثمن وانما يصار إليه عند الضرورة فلهذا المعنى لم يثبت الأرش مسألة منافع المغصوب يضمنها المشتري للمالك بأجرة مثلها
وهل يرجع على الغاصب إما ما استوفاه بالسكون والركوب واللبس ففيه قولان للشافعية وكذا عند علمائنا وكذا في الرجوع بالمهر إذا غرمه بالوطي أحدهما يرجع لان الغاصب
قد غره ولم يشرع على أن يضمن المهر والأجرة وأصحهما عندهم وهو الجديد للشافعي وبه قال أبو حنيفة انه لا يرجع لان نفعه عاد إليه ولأنه أتلف المنفعة وحوالة الضمان على
مباشرة الضمان أولي واجري الشافعية الخلاف في أرش الافتضاض إن كانت بكرا وعدم الرجوع به أظهر لأنه بدل جزء منها أتلفه فأشبه ما لو قطع عضوا من أعضائها
وقال بعض الشافعية ان الخلاف فيه يبني على أنه يفرد عن المهر أو لا ان أفرد لم يرجع به والا رجع واما المنافع التي فاتت تحت يده ولم يستوفها فان قلنا يرجع بضمان
ما استوفاه فبضمانها أولي وان قلنا لا يرجع هنا فوجهان أصحهما عندهم الرجوع أيضا لأنه لم يتلف ولا شرع في العقد على أنه يضمنها والثاني لا يرجع تنزيلا للتلف
تحت يده منزلة الاتلاف مسألة إذا غرم قيمة الولد عند انعقاده حرا رجع به على الغصب لأنه شرع في العقد على أن يسلم الولد حرا من غير غرامة ولم يوجد منه تفويت
وقال الشافعية ان الرجوع بها كالرجوع بالمهر لان نفع حرية الولد يعود إليه والمشهور الأول وأرش النقصان الولادة قطع بعضهم بأنه يرجع به وقال آخرون خلافه قال الجويني
وسبيله سبيل النقصان الحاصل بساير الآفات السماوية ويجئ فيها ما تقدم من الخلاف السابق لهم ولو وهب الجارية المغصوبة فاستولدها المتهب جاهلا بالحال
وغرم قيمة الولد ففي الرجوع بها وجهان للشافعية وجه الفرق ان الواهب متبرع والبايع ضامن سلامة الولد بلا غرامة مسألة إذا بني المشتري أو غرس في الأرض
المغصوبة فجاء المالك ونقص بناؤه وغراسه هل يرجع بأرش النقصان على الغاصب للشافعية وجهان أحدهما لا يرجع بما أنفق على العمارة وكانه بالبناء متلف ماله وأظهرهما
نعم لشروعه في العقد على ظن السلامة وانما جاءه هذا الضرر من تغرير الغاصب قال بعضهم القياس ان لا يرجع على الغاصب بما أنفق على العبد وما أدي من خراج الأرض
لأنه شرع في الشراء على أن يضمنها مسألة لو زوج الغاصب الجارية المغصوبة فوطئها الزوج جاهلا غرم مهر المثل للمالك ولا يرجع به على الغاصب لأنه شرع فيه على أن يضمن المهر ويخالف ما إذا غرم بحرية أمة وغرم المهر حيث يرجع على الغار على أحد القولين لان النكاح هنا صحيح والبضع مملوك
له فإذا فسخ اقتضى الفسخ استرداد ما بدله وهناك النكاح باطل وانما غرم لاتلافه منفعة البضع حتى لو كان المغرور ممن لا يحل له النكاح الأمة لم يثبت له الرجوع بالمهر
لبطلان النكاح ولو استخدمها الزوج وغرم الأجرة لم يرجع على الغاصب لأنه بالتزويج لم يسلطه على الاستخدام بخلاف الوطي ويرجع بغرم المنافع التالفة تحت يده
لأنه ما استوفاها ولا شرع على أن يضمنها والقول في قيمتها لو تلفت في يده قد تقدم وان غرمها رجع بما قلنا والضابط في هذه المسايل ان ينظر فيما غرمه من ترتيب يده على يد الغاصب
عن جهل أو شرع فيه على أن لا يضمنه لم يرجع به وان شرع على أن لا يضمنه فإن لم يستوف ما يقابله رجع به وان استوفاه فقولان للشافعية وعلى هذا فلو كان المغصوب
شاة فضجت؟ في يد المشتري أو شجرة فأثمرت فاكل فأيدتهما وغرمهما للمالك ففي الرجوع بما غرم على الغاصب قولان للشافعية كالمهر وان هلكت تحت يده فالحكم كما في
المنافع التي لم يستوفها وكذا القول في الاكتساب وان انفصل الولد ميتا فالظاهر أنه لا ضمان وكذا لو انفصل ميتا في يد الغاصب مسألة لو استرضع المشتري الجارية
من ولده أو ولد غيره غرم اجرة مثلها وفي الرجوع قولان للشافعية ويغرم المشتري اللبن وان انصرف إلى سخلتها؟ وان عاد نفعه إلى المالك كما لو غصب علفا واعلف
به بهيمة مالكه لكن قال بعض الشافعية وجب ان يرجع به على الغاصب لأنه لم يشرع فيه على أن يضمنه ولا عاد نفعه إليه ولو اجر العين المغصوبة غرم المستأجر أجرة المثل للمالك
ولم يرجع بها على الغاصب لأنه شرع فيه على أن يضمنها ويسترد الأجرة المسماة ولو أعارها رجع المستعير لما غرم وللمنافع التي فاتت تحت يده وفي الرجوع بما غرم للمنافع
التي استوفاها القولان وكذا ما غرم للاجزاء التالفة بالاستعمال واعلم أن كلما غرمه المشتري رجع به على الغاصب فلو طولب به الغاصب وغرمه لم يرجع به على المشتري وكذا الحكم في غير المشترى
ممن ترتب يده على يد الغاصب مسألة إذا انتقصت الجارية المغصوبة بالولادة وكان الولد رقيقا ففي قيمته بعض نقصانها أو بكله لم ينجبر به النقصان بل
الولد له ويأخذ الأرش عند علمائنا وبه قال الشافعي لان الولد زيادة تحدث على ملكه الا ترى انه يسلم له وان لم يكن في الام نقصان وملكه لا ينجبر نقصان ملكه وقال
398

أبو حنيفة بالجبران وليس بجيد ولو ماتت الام من الولادة والولد وان؟ بقيمتها فلهم فيه اختلاف مسألة لو تعب حمال الخشبة يحملها فاسندها إلى جدار الغير ليستريح
فإن لم يأذن الغير في الاسناد إلى جداره فهو غاصب فضمن الجدار ان وقع باسناده إليه ويضمن ما تلف بوقوعه عليه ولو وقعت الخشبة فأتلفت شيئا وان وقعت في
الحال ولو وقعت بعد ساعة لم يضمن عند الشافعية وفيه نظر فلو كان الجدار له أو لغيره وقد اذن في اسناده إليه فكذلك يفرق بين ان يقع الخشبة في الحال أو بعد
ساعة تشبيها بفتح رأس الزق قال الشيخ ره لو خشى وقوع حايط جاز اسناده بجذع الغير وان لم يأذن صاحب الجذع وفيه نظر ولو غصب دارا أو نقضها واتلف
النقض ضمن النقص وما نقص من قيمة العرصة وهل يضمن اجرة مثلها دارا إلى وقت الرد أو إلى وقت النقص اشكال مسألة لو غصب شاة فأنزا عليها فحلا فالولد للمغصوب منه ولو
غصب فحلا فأنزاه على شاته فالولد للغاصب فلا شئ عليه للانزاء لنهيه عن عصيب الفحل وليس بجيد ولو نقص
غرم الأرش ولو غصب جارية ناهدا فتدلى ثديها عبد أو
شابا فشاخ أو أمرد فالتحى ضمن النقصان خلافا لأبي حنيفة في الأمرد ولو غصب خشبة واتخذ منها أبوابا وسمرها بمسامير من عنده نزع المسامير وان أنقصت الأبواب بذلك
ضمن الأرش ولو بذلها ففي اجبار المغصوب منه على قبولها وجهان للشافعية ولو غصب ثوبا ونجسه أو نجس عنده لم يكن له تطهيره ولا للمالك ان يكلفه التطهير ولو غسله
وانتقصت قيمته ضمن النقصان ولو رده نجسا فمؤنة التطهير على الغاصب وكذا أرش النقصان اللازم منه وتنجيس المايع الذي لا يمكن تطهيره اهلاك والدهن ان أمكن تطهيره فهو
لثوب مسألة لو غصب من الغاصب فابرأ المالك الأول عن ضمان الغصب صح الابراء لأنه مطالب بقيمته فهو كدين عليه فان ملكه المغصوب برئ وانقلب الضمان
على الثاني حقا له وان باعه من غاصب الغاصب أو وهبه منه واذن له في القبض برئ الأول وان أودعه من الثاني وقلنا انه يصير أمانة في يده برئ الأول أيضا وان رهنه من
الثاني لم يبرأ واحدا منهما عن الضمان ولو رد المغصوب إلى المالك أو إلى وكيله أو وليه برئ من الضمان ولو رد الدابة إلى اصطبله برئ أيضا إذا علم المالك أو اخبره من يعتمد
خبره وقبل ان يعلم ويخبر لا يبرء فان امتنع المالك من الاسترداد رفع الامر إلى الحكم ولو أبرأ المالك غاصب الغاصب عن الضمان برئ الأول لان القرار على الثاني والأول كالضامن
وهذا ان فرض بعد تلف المال فهو ظاهر واما قبله فليخرج على صحة ابراء الغاصب مع بقاء المال في يده وفيه خلاف والحق عندنا انه لا يصح الابراء من الأعيان الف؟
في التنازع مسألة لو ادعى المالك الغصب والقابض الاتهاب أو الشراء منه أو الاستيداع أو الاستعارة والاستيجار قدم قول المالك في عدم هذه العقود دون الغصب فان القول قول
المالك في عدم الإذن فيضمن المتشبث لكن هل يضمن اقصى القيم ان ألحقنا غير الغاصب به نعم والا فلا مسألة لو ادعى الغاصب تلف المغصوب وانكر المالك قدم قول
الغاصب مع يمينه لأنه قد يعجز عن إقامة البينة عليه ويكون صادقا فلو لم نصدقه لخلد الحبس عليه ولما وجد عنه مخرجا وهو أحد قولي الشافعي والثاني ان القول قول
المالك مع اليمين لان الأصل بقاؤه فإذا قلنا بالأول فان حلف الغاصب هل للمالك تغريمه القيمة أو المثل وجهان للشافعية أحدهما لا يضمن لبقاء العين في زعمه
وأصحهما نعم لأنه عجز عن الوصول إليها بيمين الغاصب وإن كانت باقية مسألة لو اتفقا على الهلاك واختلفا في قيمته فالقول قول الغاصب لان الأصل براءة ذمته عن
الزيادة وعلى المالك البينة وينبغي ان تشهد الشهود بان قيمته كذا إما إذا أراد إقامة البينة على صفات العبد لتقومه المقومون بتلك الصفات فعن بعض الشافعية
انها تقبل ويقوم بالأوصاف وتنزل على أقل الدرجات كما في السلم والمشهور عندهم المنع لان الموصوفات بالأوصاف الواحدة يتفاوت في القيمة لتفاوتهم في الملاحة وما
لا يدخل تحت الوصف قال الجويني لكن المالك يستفيد بإقامة البينة على الأوصاف ابطال دعوى الغاصب مقدارا حقيرا لا يليق بتلك الصفات كما لو أقر الغاصب بصفات
في العبد يقتضي النفاسة ثم قومه بشئ حقير لا يليق به لا يلتفت إليه بل يؤمر بالزيادة إلى أن تبلغ حدا يجوز ان يكون قيمة لمثل ذلك الموصوف ولو قال المالك
قيمته الف وقال الغاصب بل خمسمائة وجاء المالك ببينة على انها أكثر من خمسمائة من غير تقدير منهم من قال لا تسمع البينة هكذا والأكثر سمعوها وقالوا فايدة
السماع ان يكلف الغاصب الزيادة على الخمسمائة إلى حد لا تقطع البينة بالزيادة عليه ولو قال المالك لا أدري كم قيمته لم تسمع دعواه حتى يتبين وكذا لو قال الغاصب
اعلم أنه دون ما ذكره ولا اعرف قدره لم تسمع حتى يبين فإذا بين حلف عليه مسألة لو قال المالك كان العبد كاتبا أو محترفا وانكر الغاصب فالقول قول الغاصب
لان الأصل عدمه وبراءة ذمته وحكى بعض الشافعية وجهان اخر ان القول قول المالك لأنه اعرف بحال مملوكه ولو ادعى الغاصب عيبا وانكر المالك نظر ان ادعى عيبا
حادثا بان قال كان اقطع أو سارقا فالقول قول المالك لأصالة الصحة والغالب دوام السلامة وهو أصح قولي الشافعي والثاني ان القول قول الغاصب لان الأصل
براءة ذمته وان ادعى عيبا في أصل الخلقة بان قال كان اكمه أو ولد اعرج أو عديم اليد فالمصدق الغاصب لان الأصل العدم والمالك متمكن من اثباته بالبينة وللشافعية
وجهان آخران أحدهما تصديق المالك نظرا إلى غلبة السلامة والثاني الفرق بين ما يندر من العيوب وما لا يندر ولو رد الغاصب المغصوب وبه عيب وقال غصبته
هكذا وقال المالك بل حدث العيب عندك قال بعض الشافعية القول قول الغاصب لان الأصل براءة ذمته وعدم يده على تلك الصفة مسألة لو تنازعا في الثياب
التي على العبد فالقول قول الغاصب لان العبد وما عليه في يد الغاصب ولو قال غصبت مني دارا بالكوفة فقال بل غصبت دارك بالمدينة فالقول قول المدعى عليه
في أنه لم يغصب دارا بالكوفة وانما غصب دارا بالمدينة فان وافقه المدعى عليه ثبت والا ارتد اقراره بتكذيبه ولو غصب خمرا محترمة وهلكت عنده ثم قال المغصوب
منه هلك بعد ان صار خلا وقال الغاصب بل قبله ولا ضمان علي فالقول قول الغاصب لان الأصل بقاء الخمرية وبراءة ذمته ولو قال طعامي الذي غصبته كان حديثا وقال
الغاصب بل كان عتيقا فهو كالخلاف في كون العبد كاتبا فالقول قول الغاصب فان نكل عن اليمين حلف المالك ثم له ان يأخذ العتيق فإنه دون حقه مسألة
لو باع عبدا من انسان فجاء اخر يدعى انه ملكه وان البايع كان قد غصبه منه فلا شك ان له دعوى عين العبد على المشتري وفي دعواه القيمة على البايع ما تقدم في الاقرار
وان ادعى العين على المشتري وصدقه اخذ العبد منه ولا رجوع له بالثمن على البايع المكذب فان كذبه وأقام المدعى عليه بينة اخذه ورجع المشتري على البايع بالثمن
وان لم يقم البينة ونكل المشتري حلف المدعي واخذه ولا رجوع على المشتري بالثمن لتقصيره بالنكول فان صدقه البايع دون المشتري لم يقبل اقرار البايع على
المشتري وبقى البيع بحاله الا ان يكون اقراره بالغصب في زمان الخيار فيجعل ذلك فسخا للبيع ثم لو عاد العبد إلى البايع بإرث أو رد بعيب لزمه تسليمه إلى المدعي وان
صدقه البايع والمشتري جميعا سلم العبد إلى المدعي وعلى البايع رد الثمن المقبوض ان بقى بحاله وضمانه ان تلف ولو جاء المدعي بعد ما أعتق المشتري العبد وصدقه البايع
والمشتري لم يبطل العتق سواء وافقهما العبد أو خالفهما (لان) في العتق من حق الله تعالى ولهذا سمعت شهادة الحسبة عليه بخلاف ما لو كاتبه المشتري ثم توافقوا
على تصديق المدعي لان الكتابة قابلة للفسخ وللمدعي في مسألة الاعتاق قيمة العبد على البايع ان اختص بتصديقه وعلى المشتري ان اختص بتصديقه
وعلى من شاء منهما ان صدقاه جميعا وقرار الضمان على المشتري الا ان يكون القيمة في يد البايع أكثر في يطالب المشتري بالزيادة ولو مات المعتق وقد اكتسب مالا
كان للمدعي لان المال خالص حق الآدمي وقد توافقوا على أنه هو المستحق بخلاف العتق فان تصادقهم فيه انما لم يؤثر لما فيه من حق الله تعالى هكذا اطلقه الشافعية وقال
399

الجويني انه منزل على الاكتساب التي يستقل العبد بها فاما الاكتساب التي يحتاج فيها إلى اذن السيد فان المدعي لا يستحقها إذا اعترف بخلوها عن الاذن
المقصد الحادي عشر في احياء الموات وفيه مقدمة وفصول إما المقدمة ففيها مسئلتان مسألة الموات هي
الأرض الخراب الدارسة التي باد أهلها واندرس وسمها؟ وتسعى ميته ومواتا وموتانا بفتح الميم والواو والموتان بضم الميم وسكون الواو هو الموت الذريع وموتان بفتح الميم وسكون الواو
هو عمى القلب يقال رجل موتان القلب إذا كان أعمى القلب لا يفهم شيئا واما الاحياء فان الشرع ورد به مطلقا ولم يعين له معنى يختص به ومن عادة الشرع في مثل ذلك
رد الناس إلى المعهود عندهم المتعارف بينهم كالقبض فإنه ورد في الشرع مطلقا ولم ينص له على معنى فيرجع الفقهاء فيه إلى الاستعمال المتداول بين الناس وكذا الجرز
ونظايره كثيرة وكذا الاحياء وانما يظهر معناه بين الناس في عرفهم فينزل عليه ويكون المراد به في نظر الشرع كلما يعد احياء في العرف وذلك يختلف باختلاف ما يقصد
عمارته من الموات وسيأتي تفصيل انشاء الله تعالى مسألة احياء الموات وهو كل منفك عن الاختصاص جايز بالنص والاجماع روى العامة عن سعيد بن زيد ان النبي صلى الله عليه وآله
قال من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق قال الترمذي انه حديث حسن ورواه مالك في موطأه وأبو داود في سننه وقال ابن عبيد البراء انه سند صحيح ويلقى
بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم وعن عايشة قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحيا أرضا ليست لاحد فهو أحق بها وعن سمرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أحاط حايطا
على ارض فهي له وعن سمرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال عادى الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني أيها المسلمون يريد بذلك ديار عاد وثمود وروى أنه (ع) قال موتان الأرض
لله ولرسوله ثم هي لكم مني ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال أيما قوم أحيوا ميتا من الأرض أو عمروها فهم أحق بها وهي لهم وعن السكوني
عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من غرس شجرا أو حفر بئرا واديا بديا لم يسبقه أحد إليه أو أحيا أرضا ميتة فهي له قضاء من الله عز وجل ورسوله وفي الصحيح عن معاوية
بن وهب عن الصادق (ع) قال سمعته يقول أيما رجل اتى في خربة؟ بائرة فاستخرجها؟ وكرى أنهارها وعمرها فان عليه فيها الصدقة فإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها
وتركها واخربها ثم جاء بعد فطلبها فان الأرض لله عز وجل ولمن عمرها وفي الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير وفضيل وبكير وحمران و عبد الرحمن بن أبي عبد الله
عن الباقر والصادق عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحيا مواتا فهي له وفي الصحيح عن أبي خالد الكابلي عن الباقر (ع) قال وجدنا في كتاب علي (ع) ان الأرض
لله نورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين انا وأهل بيتي الذين أورثنا الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها
وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما اكل حتى يظهر العالم من أهل بيتي بالسيف فيحويها فيمنعها ويخرجهم منها كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعها الا ما كان في أيدي
شيعتنا فقاطعهم على ما في أيديهم ويترك الأرض في أيديهم والاخبار في ذلك كثير من طرق العامة والخاصة وعامة فقهاء الأمصار على أن الموات تلك بالاحياء
وان اختلفوا في شروطه ولان الحاجة تدعو إلى ذلك وتشتد الضرورة إليه لان الانسان مدني بالطبع لا يمكنه ان يعيش كغيره من الحيوانات بل لا بد من مسكن
يأوي إليه هو وعياله وموضع يختص به فلو لم يشرع الاحياء لزم الحرج العظيم وهو منفي اجماعا تذنيب الاحياء مستحب لما فيه من السعي في تحصيل الرزق
المأمور به في قوله تعالى فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ومن اخراج العاطل من حين العطلة المشتملة على تضيع المال إلى حيز العمارة وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
من أحيى أرضا ميتة فله فيها اجر وما اكله العوافي منها فهي له صدقة ولان الله تعالى لم يخلق الأرض عبثا بل خلقهما والأعيان الخارجة منها كالمعادن والمنافع
المتعلقة برقبتها لمنافع سكانها الفصل الأول في المشتركات وهي أربعة الأراضي والمعادن فيها والمنافع منها والمياه فهيهنا مطالب المطلب الأول
الأراضي وهو إما أراضي بلاد الاسلام أو أراضي بلاد الكفار فهيهنا بحثان البحث الأول في أراضي بلاد الاسلام مسألة أراضي بلاد الاسلام
إن كانت معمورة في الحال فهي لمالكها ولا مدخل فيها للاحياء لان الاحياء لاحداث الملك هي مملوكة فإذا كانت لمسلم أو معاهد لم يجز لاحد ان يتصرف فيها الا بإذن
أربابها لقوله صلى الله عليه وآله لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفس منه وقال (ع) من اخذ شبرا من ارض طوقه الله على سبع أرضين فإن كان هذا العامر مجاور العامر اخر فلا بد من
حاجز بين الملكين يتميزان به وينتهي كل منهما إليه وإن كان مجاور للموات وكان حقوق الملاك فيه لم يجز لاحد ان يتعرض له بالاحياء لتعلق حق مالك العامر به وذلك
مثل طريقة إلى العامر وموضع سيل مائة على ما يأتي تفصيله لنا مسألة ولو كانت ارض بلاد الاسلام خراب غير معمورة في الحال ولا فيما مضى من الزمان وهي
الأرض الموات التي لا ينتفع بها لعطلتها إما لانقطاع الماء عنها أو لاستيجامها أو لغير ذلك من موانع الانتفاع وهذه للامام عندنا لا يملكها أحد وان أحياها
ما لم يأذن له الامام واذنه شرط في تملك المحيي لها عند علمائنا ووافقنا أبو حنيفة على أنه لا يجوز لاحد احياؤها الا بإذن الامام لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
ليس للمرء الا ما طابت به نفس امامه ومن طريق الخاصة حديث الباقر (ع) السابق الذي حكى فيه وما وجده في كتاب علي (ع) ولان للامام مدخلا في النظر في ذلك فان من
من يحجر أرضا ولم يبنهما طالبه بالبناء والترك فافتقر ذلك إلى اذنه كمال بيت المال وقال مالك إن كان قريبا من العمران في موضع يتشاح الناس فيه افتقر إلى اذن الامام
والا لم يفتقر وقال الشافعي احياء الموات لا يفتقر إلى اذن الامام وبه قال أبو يوسف ومحمد لظاهر قوله (ع) من أحيى ارض ميتة فهي له ولأن هذه عين مباحة فلا يفتقر إلى
اذن الامام كالاحتطاب والاحتشاش والخبر مقيد بغير المملوك لقوله (ع) في رواية أخرى من أحيى أرضا ميتة ليست لاحد وفي أخرى في حق غير مسلم وذلك يوجب تقييد
مطلق حديثه ويحيى؟ عندنا ان الموات للامام فافتقر إلى اذنه وقال (ع) ليس لعرق ظالم حق قال هشام بن عروة في تفسيره العرق الظالم ان يأتي الرجل الأرض الميتة لغيره فيغرس
فيها مسألة إذا اذن الامام لشخص في احياء الأرض الموات ملكها المحيى إذا كان مسلما ولا يملكها الكافر بالاحياء ولا بإذن الامام في الاحياء فان اذن الامام
فأحياها لم يملك عند علمائنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة في قوله (ع) موتان الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني أيها المسلمون ومن طريق الخاصة ما تقدم في كتاب علي
ولأنه كافر فلا يملك بالاحياء كالمستأمن فان عندهم إذا أحيى يصير ذميا بذلك ولان موتان الدار من حقوقها والدار للمسلمين فكانت لهم كمرافق المملوك وقال مالك
وأبو حنيفة واحمد انه لا فرق بين المسلم والذمي في التملك بالاحياء لعموم قوله (ع) من أحيى أرضا ميتة فهي له ولان الاحياء جهة من جهات التملك فاشترك فيها المسلم
والذمي كساير جهاته من الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد في دار الاسلام والخبر مخصوص بما إذا لم يأذن له الامام عندهم وساير التملكات ليست معتبرة باهل
الدار ولهذا يصح في المستأمن بخلاف مسئلتنا والحطب والحشيش والصيد يختلف ولا يتضرر المسلمون بان يتملكها الذمي بخلاف الأراضي وكذلك للذمي نقل (المتراب؟)
من موات دار الاسلام إذا لم يتضرر به المسلمون وللشافعية وجه في أن الذمي يملك بالاحياء ان اذن له الامام فيه ولا بأس به والمستأمن كالذمي في الاحياء وفي الاحتطاب
ونحوه والحربي ممنوع من جميع ذلك مسألة لو أحيى الذمي أرضا في موات دار الاسلام فقد قلنا إنه لا يملكها بذلك فان أسلم بعد الاحياء فالأقرب انه يصير كالمسلم ان قلنا
400

يملك مطلقا من دون اذن الامام ملك هنا وان قلنا يملك مع الاذن ملك هنا بالاذن السابق ان قلنا إن للامام الاذن للذمي في الاحياء ولو لم يأذن له الامام فاحيى
ولو لم يأذن له الامام فاحيى لم يملك ونزع من يده ضمان كان له فيه عين مال فله نقله فان بقى بعد النقل اثر العمارة فان احياءه محى بإذن الامام ملكه وان لم يأذن له لم يملك
عندنا لأنه لا يملك الا بالاذن مع خلو الأرض فهنا أولي وهو أحد وجهي الشافعية ولو ترك العمارة مبرعا؟ تولى الامام اخذ غلتها وصرفها إلى مصالح المسلمين ولم
يجز لاحد تملكها وهو قول الشافعي مسألة لو لم تكن الأرض التي في بلاد الاسلام معمورة في الحال ولكنها كانت قبل ذلك معمورة جرى عليها ملك مسلم فلا يخلو
إما ان يكون المالك معينا أو غير معين فإن كان معينا فاما ان ينتقل إليه بالشراء أو العطية وشبهها أو بالاحياء فان ملكها بالشراء وشبهه ولم تملك بالاحياء قال ابن
عبد البر أجمع العلماء على أن ما غرق؟ بملك مالك غير منقطع انه لا يجوز احياء لاحد غير أربابه وان ملكها بالاحياء ثم تركها حتى دثر وعادت مواتا فعند بعض علمائنا
وبه قال الشافعي واحمد انه كالأول لا يصح لاحد احياؤه ولا يملك بالاحياء والعمارة بل يكون للمالك أو لورثته لقوله (ع) من أحيى أرضا ميتة في غير حق مسلم فهو أحق بها
ولأنها ارض يعرف مالكها فلم تملك بالاحياء كالتي ملكت بشراء أو بعطية ولقوله (ع) وليس لعرق ظالم حق وقد تقدم ان العرق الظالم هو ان يأتي الرجل الأرض
الميتة لغيره فيغرس ولان سليمان بن خالد سأل الصادق (ع) عن الرجل يأتي الأرض الخربة؟ فيستخرجها وتجرى أنهارها ويعمرها ويزرعها فماذا عليه قال (ع) الصدقة قلت فإن كان
يعرف صاحبها قال فليؤد إليه حقه وقال مالك يصح احياؤها ويكون الثاني المحيي لها أحق بها من الأول لأن هذه ارض أصلها مباح فإذا تركها حتى عادت إلى ما
كانت عليه صارت مباحة كما لو اخذ ماء من دجلة ثم رده إليها ولان العلة في تملك هذه الأرض الاحياء والعمارة فإذا زالا؟ زالت العلة فيزول المعلول وهو الملك
فإذا أحياها الثاني فقد أوجد سبب الملك فيثبت الملك له كما لو التقط شيئا ثم سقط من يده وضاع عنه فالتقطه غيره فان الثاني يكون أحق ولا باس بهذا القول
عندي فيدل عليه ما تضمنه قول الباقر (ع) حكاية عما وجده في كتاب علي عليه السلام ولقول الصادق (ع) أيما رجل اتى خربة بايرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فان عليه
فيها الصدقة وإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها وتركها واخربها ثم جاء بعد فطلبها فان الأرض لله عز وجل ولمن عمرها وإن كان المالك لهذه الأرض السابق غير معين
ثم خربت وزالت اثار العمارة منها فإنها للامام عندنا ولا يجوز لاحد احياؤها الا باذنه فان بادر إليها انسان واحياها من دون اذنه لم يملكها ولو كان الاحياء
حال غيبة الإمام عليه السلام كان المحيى أحق بها ما دام قايما بعمارتها فان تركها فزالت اثارها فأحياها غيره ملكها فإذا ظهر الإمام (ع) يكون له رفع يده عنها لما تقدم
واختلفت العامة فقال أبو حنيفة انما تملك بالاحياء وبه قال مالك لما تقدم من عموم الاخبار ولأنها ارض موات لا حق فيها لقوم بأعيانهم فأشبهت ما لم يجر عليه ملك مالك
ولأنها إن كانت في ارض دار الاسلام فهي كاللقطة الاسلام وإن كانت في ارض دار الكفر فهي كالركاز والشافعي قولان هذا أحدهما لما تقدم والثاني انه لا يجوز احياءها
لقوله (ع) من أحيا أرضا من غير حق مسلم فهو أحق بها قيد بقوله في غير حق مسلم ولأن هذه الأرض لها مالك فلا يجوز احياؤها كما لو كان معينا وعن أحمد روايتان
كالقولين وفصل بعض الشافعية فقال إن كانت العمارة السابقة على الخراب اسلامية فهي إما لمسلم أو لذمي وحكمها حكم الأموال الضايعة والامر فيها إلى رأي
الامام ان أراد حفظه إلى أن يظهر مالكه وان رأى باعه وحفظ ثمنه وله ان يستقرضه على بيت المال وعن مالك قول اخر ان مالكها ان تركها مختارا عادت مواتا وان
خربت بموته أو بغيبته فلا وإن كانت العمارة جاهلية فللشافعية القولان السابقان أحدهما انها لا تملك بالاحياء لأنها كانت مملوكة والموات ما لم يجر عليه ملك
ولأنه يجوز ان يكون ملكا لكافر لم تبلغه الدعوة وأصحهما عنده انها تملك لقوله (ع) عادى الأرض لله ورسوله ثم هي لكم مني ولان الركاز يملك مع كونه مملوكا
لأهل الجاهلية فكذلك الأراضي ورفع ابن شريح الخلاف ونزل القولين على حالتين ان بقى اثر العمارة أو كان معمورا في الجاهلية قريبة لم تملك بالاحياء وان
اندرس بالكلية ويقادم عهدها ملكت وعمم بعضهم الخلاف وفرعوا على قول المنع انها ان أخذت بقتال فهي للغانمين والا فهى من أراضي الفي وقال
الجويني موضع الخلاف ما إذا لم تعلم كيفية استيلاء المسلمين عليه ودخوله تحت يدهم واما إذا علمت فان دخلت تحت أيديهم بقتال فهي للغانمين والا فهي فئ
وحصة الغانمين تلتحق بملك المسلم الذي لا يعرف وطرد بعضهم الخلاف فيما إذا كانت العمارة اسلامية ولم يعرف مالكها وقالوا هي كلقطة لا يعرف مالكها والأكثرون فرقوا بين ما إذا كانت لكافر
وبين ما إذا كانت لمسلم لقوله (ع) من أحيى أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له البحث الثاني في أراضي بلاد الكفار مسألة أراضي بلاد الكفار إن كانت معمورة
في الحال لم يكن للاحياء فيها مدخل وكانت كساير أموال الكفار فان قهرناهم عليها ملكناها بالقهر والغلبة كساير أموالهم وان لم تكن معمورة فهي للإمام (ع) لا يجوز
لاحد التصرف فيهما الا باذنه عند علمائنا لما تقدم من قول الباقر (ع) حكاية عنها وجده في كتاب على واما العامة فقالوا بلاد الشرك إما عامر واما خراب فالعامر لا تملك بالاحياء وانما تملك بالقهر
والغلبة والخراب إذا لم يجر عليه ملك أحد ملك بالاحياء سواء احياءه مسلم أو كافر وإن كان قد جرى على ملك مالك فإن كان معينا لم يملك بالاحياء وإن كان غير معين
فللشافعي قولان كما تقدم في الخراب من دار الاسلام قال أبو إسحاق من الشافعية يحتمل ان يكون هذا الكافر لم تبلغه الدعوة أو لمسلم ورثه عنه فلم يجز احياءه ثم اعترضوا
على أنفسهم بان الموت في دار الاسلام قد كان للمشركين ثم قلتم يجوز احياؤه ولهذا قال (ع) عادى الأرض لله ولرسوله يريد ديار عاد وأهل الحرب مثل ذلك
أجابوا بان عادى الأرض انما أراد به ما تقدم ملكه وبقيت على الأزمان وليس ذلك مختصا بقوم عاد خاصة وإذا كان مثل ذلك فلا حكم كذلك فاما ما
قرب ملكه فيحتمل ان يكون له مالك باق وان لم يتعين فلهذا في أحد الوجهين لا يجوز احياؤه ثم اعترضوا بان
الركاز يحل وان جاز ان يكون له مالك فأجابوا
بان ما انتقل وتحول يخالف الأرض الا ترى ان اللقطة في دار الاسلام يجوز تملكها بعد الحول والأرض لا يجوز تملكها إذا جهل مالكها وانما افترقا لان ما ينقل
ويحول يخاف عليه التلف بخلاف الأرض وقال بعض الشافعية الموات في دار الكفار ان لم تكن معمورة في الحال ولا فيما تقدم من الزمان فيملكها الكفار
بالاحياء واما المسلمون فينظر إن كان مواتا لا يذبون المسلمين عنها فلم تملكه بالاحياء أيضا ولا يملك بالاستيلاء لأنها غير مملوك لهم حتى يملك عليهم وإن كان مواتا يذبون المسلمين عنها لم تملك بالاحياء كالمعمورة من بلادهم فان استولينا عليه ففيه وجوه أصحها عندهم
انه يفيد اختصاصا كاختصاص التحجير لان الاستيلاء أبلغ منه وعلى هذا فسيأتي خلاف في أن الأحقية بالتحجير هل يفيد جواز البيع ان قلنا نعم فهو غنيمة كالمعمور
وان قلنا لا وهو الأصح عندهم فالغانمون أحق باحياء أربعة أخماسه وأهل الخمس أحق باحياء خمسه فان اعرض الغانمون عن احياءه فأهل الخمس أحق به لانهم شركاء
الغانمين وكذا لو اعرض بعض الغانمين فالباقون أحق وان تركه الغانمون وأهل الخمس جميعا ملكه من احياءه من المسلمين والثاني انهم يملكونه بالاستيلاء
كالمعمور لانهم حيث منعوا عنه فكأنهم تملكوه على أنه يجوز ان يملك بالاستيلاء ما لم يكن مملوكا كالذراري والنسوان والثالث لا يفيد الملك ولا التحجير لأنه
لم يوجد عمل يظهر في الموات فعلى هذا فهو كموات دار الاسلام من احياءه ملكه وإن كانت معمورة من قبل وهي الان خراب فان عرف مالكها فهي كالمعمورة
401

والا ففيه طريقة الخلاف وطريقة ابن شريح المذكورتان فيما إذا كانت العمارة جاهلية في القسم الأول وإذا فتحنا بلدة صلحا على أن يكون لنا ولهم وهم يسكنون بجزية
فمعمورها فئ ومواتها الذي كانوا يذبون عنه هل يكون متحجرا لأهل الفئ فيه وجهان أصحهما عندهم ذلك وعلى هذا فهو فئ في الحال أو غيبة الامام لهم فيه وجهان
أصحهما عندهم الثاني وان صالحناهم على أن يكون البلدة لهم فالمعمور لهم والموات يختصون باحيائه كما أن موات دار الاسلام يختص به المسلمون تبعا لمعمورة وقال
بعضهم انه يجب علينا الامتناع عن مواتها إذا شرطناه في الصلح والبيع التي للنصارى في دار الاسلام لا تملك عليهم بان تفانوا وهلكوا فهو كما لو تلف ذمي لا وارث له
فيكون فيئا مسألة قسم علماؤنا الأراضي اقساما أربعة الأول ما فتحه المسلمون عنوة بالسيف والقهر والغلبة كأرض العراق والشام وهذه إن كانت محياة قبل الفتح
فهي للمسلمين قاطبة الغانمون وغيرهم عند علمائنا وقالت العامة يختص بها الغانمون والنظر فيها عندنا إلى الامام يقبلها من شاء بمهما شاء من نصف أو ثلث أو ربع أو أقل
أو أكثر على حسب ما يقتضيه نظره وعلى المستقبل أداء مال القبالة إلى الامام ليصرفه في جميع المصالح كبناء القناطر وعمارة المساجد والربط وسد الثقور وإعانة الغزاة في سبيل الله
وارزاق القضاة وغيرهم وإذا اخرج المستقبل مال القابلة إلى الامام كان عليه بعد ذلك الزكاة في الباقي مع الشرايط ولا تسقط الزكاة بالخراج وللامام ان ينقلها من مستقبل
إلى غيره بعد خروج مدة القبالة أو امتناعه من أداء مال القبالة وبدونهما لا يجوز ازعاجه عملا بالشرط ويدل على ذلك كله ما وجد في كتاب علي (ع) وهذه الأرض لا يصح
لاحد التصرف فيها الا بإذن الامام فان تصرف أحد فيها بدون اذنه انتزعها الامام منه وان اذن الامام له في التصرف لم يملكها على الخصوص مسألة وهذه
الأرض لا يصح لاحد بيعها ولا هبتها ولا وقفها لتوقف ذلك على الملك وقد قلنا إن المتصرف فيها غير مالك بها وانها لجميع المسلمين وقد سأل أبو بردة ابن رجاء الصادق (ع)
فقال له كيف ترى في شراء أرض الخراج قال ومن يبيع ذلك وهي ارض المسلمين قال قلت يبيعها الذي هي في يده قال ويصنع بخراج المسلمين ماذا ثم قال لا بأس اشتر حقه منها
ويحول حق المسلمين عليه لعله يكون أقوى عليها واملى بخراجهم منه وعن محمد بن شريح قال سألت الصادق (ع) عن شراء الأرض من أرض الخراج فكرهه وقال انما أرض الخراج للمسلمين
فقالوا له فإنه يشتريها الرجل وعليه خراجها فقال لا باس الا ان يستحيى من عيب ذلك ولو ماتت هذه الأرض لم يصح احياؤها لان المالك لها معروف وهم المسلمون كافة
مسألة لو كانت هذه الأرض المفتوحة عنوة مواتا وقت الفتح فهي للامام خاصة عند علمائنا ولا يجوز احياؤها الا باذنه لأنه المالك لها لما تقدم في كتاب علي (ع)
ولو تصرف فيها أحد بغير اذنه كان عليه طسقها يؤديه إليه (ع) هذا إذا كان الامام ظاهرا وإن كان الاحياء حال الغيبة ملكها المحيى لما تضمنه كتاب علي (ع) وكان الاذن هنا
متحقق القسم الثاني ارض الصلح وهي كل ارض فتحت بغير قتال ولا غلبة ولا قهر بل صالح أهلها المسلمين فان صالحوهم على أن يكون الأرض لأربابها
بشئ يبذلونه صح الصلح وكانت ملكا لهم وعليهم ما صالحهم الامام عليه وهذه الأرض تملكها أهلها على الخصوص ويصح لهم بيعها وهبتها ووفقها وبالجملة التصرف
بجميع التصرفات لأنها ملكه هذا في العامر واما الموات من هذه الأرض فإنه باق على ما كان عليه وهو للامام خاصة فمن أحيا شيئا منه بإذن الامام كان أولي به
ولو يأذن لم يملك وعليه عقرها يوديه إلى الامام حالة الظهور واما حال الغيبة فيملكها المحيي المسلم ولو اذن الامام للكافر في احياءها كان أحق بها من غيره وقال بعض العامة إذا
أحياها المسلم لم يملكها بخلاف دار الحرب حيث قلنا إذا أحيا شيئا منها ملك لان دار الحرب تملك بالقهر والغلبة فيملك بالاحياء بخلاف هذه الدار التي حصلت لهم بالصلح
لان المسلمين لا يملكها بالقهر والغلبة واما عندنا فلا فرق بين الدارين الموات فيهما للامام خاصة واما إذا صالحوهم على أن يكون الأرض للمسلمين كأرض خيبر فإنه يصح ويكون
الحكم في ذلك حكم دار الاسلام لأنها صارت للمسلمين بالصلح فحكم عامرة ومواته حكم عامر بلاد المسلمين ومواتها على ما تقدم العامر للمسلمين كافة والموات للامام خاصة
عندنا وما يحصل بالصلح وهو فئ وحكمه حكم الفئ في أربعة أخماسه وخمسة فان وقع الصلح على عامرها ومواتها كان العامر للمسلمين والموات للامام عندنا وعند العامة
يكون الجميع مملوكا لهم لانهم يجعلون المقاتلة عن الموات بمنزلة التحجير يملك به على قول بعضهم ويكون أولي على قول آخرين يقوم المسلمون الذين ملكوا العامر منه مقامهم
في التحجير ويكونون أولي به من غيرهم كما يكونون المحجر للموات أولي به من غيره الثالث ارض من أسلم أهلها عليها طوعا كأرض مدينة الرسول صلى الله عليه وآله والبحرين وهذه الأرض لأربابها يملكونها على الخصوص وليس
عليهم فيها شئ سوى الزكاة إذا حصلت شرايط الوجوب وقد روى إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) قلت له رجل من أهل بحر ان يكون له ارض ثم يسلم اي شئ عليه ما صالحهم
النبي صلى الله عليه وآله أو ما على المسلمين قال عليه ما على المسلمين انهم لو أسلموا لم يصالحهم النبي صلى الله عليه وآله الرابع ارض الأنفال وهي كل ارض خربة باد أهلها واستنكر رسمها
وكل ارض موات لم يجر عليها ملك لاحد ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وقطابع الملوك وصوافيهم التي كانت في أيديهم من غير جهة الغصب من مسلم أو معاهد وكل ارض مملوكة من
غير قتال وانجلى أهلها عنها أو سلموها طوعا والموات تقدم الملك أولا ورؤس الجبال وبطون الأدوية وما بهما والاجام وكل غنيمة غنمها من يقاتل بغير اذن الامام وميراث
من لا ميراث له وهذه كلها للامام خاصة يتصرف فيها كيف شاء عند علمائنا أجمع مسألة قسم الشافعي البلاد على ضربين أسلم أهلها عليها كالمدينة وغيرها
عامرها مملوك لأهلها أو مواتها ما لم يجر عليه ملك يجوز احياؤها وجرى عليه ملك مسلم يعرف لا يجوز احياؤها وما لم يعلم مالكه فعلى وجهين والثاني ما فتح من بلاد المشركين
فهو على ضربين ما فتح عنوة وما فتح صلحا فما فتح عنوة كالعراق وغيره عامره يكون غنيمة واما مواته فإن لم يكونوا دافعوا عنه فهو كموات دار الاسلام يملكه من احياء وان
كانوا دافعوا عنه فهل يكون ذلك كالتحجير له فيه وجهان قال بعضهم لا يكون تحجيرا لان التحجير هو عمل يؤثر في الموات ويظهر وأكثرهم قالوا إنه تحجير وقد يكون بغير اثر وهو اقطاع
السلطان وإذا لم يكن تحجيرا يكون كموات دار الاسلام وان قلنا يكون تحجيرا فعلى قول أبي إسحاق من أنه يجوز بيعه إذا حجره يقتضي أنه يكون مملوكا المحجر فيكون هنا غنيمة للغانمين كالعامر
وعلى قول غيره يكون ذلك تحجيرا للغانمين أو يكونوا أولي باحيائه من غيرهم لأنه انتقل إليهم على الوجه الذي كان في أيدي المشركين يكون كبلاد الاسلام الا أنه يكون بالمصالحة ويقسم على
أهل الفئ ويكون مواته ان مانعوا عنه ثم صالحوا على الوجهين أحدهما لا يكون تحجيرا وهل يكون فيئا وجهان أحدهما يكون فيئا والثاني يكون تحجيرا لأهل الفئ واما ما صالحوا على أن يكون لهم ويقرون عليه فان العامر لهم والموات يختصون
باحيائه وليس للمسلمين ان يحيوه لان الموات تابع للعامر كما أن أهل الكفر لا يجوز لهم احياء موات دار الاسلام ويفارق موات دار الحرب لان المسلمين يملكون العامر بالظهور
عليه فملكوا الا لموات؟ بالاحياء بخلاف بلاد الصلح ثم قال الشافعي ان وقع الصلح على عامرها وغامرها فالموات ملك لمن ملك العامر واجمع أصحابه على أنه أراد الموات الذي دافعوه
عنه وصالحوا عليه فعلى قول أبي إسحاق يملك كما يملك العامر لان عنده يجوز بيعه وعلى قول غيره معناه ان من يده على العامر يملك احياءه دون غيره وقال الشافعي أيضا إذا وقع
الصلح على مواتها صح وكان الموات ملكا لمن ملك العامر والاختلاف فيه والتأويل كالذي قبله وقد عرفت ما عندنا في ذلك كله مسألة كل ارض ترك أهلها عمارتها كان للامام
تقبيلها ممن يقوم بها وعليه طسقها لأربابها لنهي صلى الله عليه وآله عن التعطيل ولقوله تعالى النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم وللامام هذا الحكم ويدل عليه أيضا ما وجد في كتاب
علي عليه السلام وإذا استأجر مسلم دارا من حربي صحت الإجارة يملكها المسلمون فإذا أخرجت المدة صار النظر فيها للامام وكانت المنافع للمسلمين مسألة قد بينا ان ارض
402

الخراج لجميع المسلمين لا يصح بيعها وان باعها بايع كانت يده عليها كان للامام انتزاعها من يده بعد رد الثمن إلى المشتري لما رواه محمد الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع)
انه سأل عن السواد ما منزلته فقال هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم ولمن يدخل في الاسلام بعد اليوم ولمن لم يخلق بعد فقلنا الشراء من الدهاقين قال لا يصلح
الا ان يشتري منهم على أن يصيرها للمسلمين فإذا شاء ولى الامر ان يأخذها اخذها قلنا فان اخذها منه قال يؤدي إليه رأس ماله وله ما اكل من غلتها بما عمل وعن
أبي الربيع الشامي عن الصادق (ع) قال لا يشترى من ارض أهل السواد شئ الا من كانت له ذمة وانما فئ للمسلمين مسألة إذا اشترى شيئا من أرض الخراج فقد قلنا إنه
لا يصح فان اشتراه لم يكن بيعا حقيقيا بل اخراج ما في يد البايع عنه واثبات يده عليه فحينئذ يصير الخراج الذي على تلك الأرض للمسلمين عليه لما رواه محمد بن شريح قال سألت الصادق (ع)
عن شراء الأرض من أرض الخراج فكرهه وقال انما أرض الخراج للمسلمين فقالوا له فإنها يشتريها الرجل وعليه خراجها فقال لا باس الا ان يستحيى من عيب ذلك وفي الصحيح عن محمد بن
مسلم قال سئلته عن شراء أرضهم فقال لا بأس ان يشتريها فيكون إذا كان ذلك بمنزلتهم يؤدي فيها ما يؤدون فيها وإذا اشترى المسلم من أرض الخراج شيئا ثم نزله
بعض أهل الذمة كان له ان يشترط عليهم اجرة عن تلك المدة زيادة عن الجزية لما رواه إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل اشتري أرضا
من أرض الخراج فبنى فيها أو لم يبن غير أن أناسا من أهل الذمة نزلوها أله ان يأخذها منها اجرة البيوت إذا أدوا جزية رؤوسهم قال يشارطهم فما اخذ وبعد الشرط
فهو حلال مسألة ارض سواد العراق ان أسلم أهلها عليها لم تخرج عن المسلمين لانهم ملكوها بالقهر فلا يخرج عن ملكهم يتجدد اسلام من كانت في يده ولما رواه
عبد الرحمان بن الحجاج قال سألت الصادق (ع) عما اختلف فيه ابن أبي ليلى وابن شبرمة؟ في السواد وارضه فقلت ان ابن أبي ليلى قال إنهم إذا أسلموا أحرار وما في أيديهم من أرضهم لهم واما ابن شبرمة فزعم أنهم عبيد وان الأرض
التي في أيديهم ليست لهم فقال في الأرض ما قال ابن شبرمة وقال في الرجال ما قال ابن أبي ليلى انهم إذا أسلموا فهم أحرار واما ارض أهل الجزية فإنها لهم إذا صالحنا هم على أن الأرض
لهم ويؤدون الجزية فلهم حينئذ بيعها على ما تقدم وإذا باع أحدهم شيئا من الأرض على مسلم صح البيع وملكها المسلم وانتقل ما كان على تلك الأرض من الجزية إلى رؤوسهم
إن كان الامام قد شرط الجزية حال عقد الذمة على أرضهم لان الجزية وضعت للاستهانة والاذلال وذلك ينافي حال المسلم فلا بد من الجزية فوجب انتقالها إلى
رأس الذمة وكذا لو كان قد عقد الذمة بإزاء جزية عن ارضه ونفسه انتقل ما على تلك الأرض إذا باعها من المسلم على رأسه واخذت الجزية بأسرها منه ولو شرطها
الذمي على المشتري المسلم لم يصح الشرط تنبيه كل ارض جرى عليها ملك لمسلم فهي له ولورثته بعده وان لم يكن لها ملك معروف فهي للامام ولا يجوز
احياؤها الا باذنه ولو بادر انسان فأحياها من دون اذنه لم يملكها حال الغيبة ولكن يكون المحيى أحق بها ما دام قايما بعمارتها فلو تركها فبادت اثارها فأحياها
غيره فهو أحق ومع ظهوره رفع يده عنها المطلب الثاني في المعادن المعادن هي المواضع التي خصها الله تعالى بابداع شئ من الجواهر المطلوبة
فيها وهي إما ظاهرة أو باطنة فالظاهرة عند أكثر علمائنا من الأنفال يختص بها الإمام (ع) خاصة وقال بعضهم ان الناس فيها شرع سواء وهو قول العامة والمراد
بالظاهر ما يبدو جوهرها من غير عمل وانما السعي والعمل لتحصيله إما سهلا أو متعبا ولا يفتقر إلى اظهار كالملح والنفط والغار والقطران والمومياء والكبريت واحجار
الرخي والبرمة والكحل والياقوت ومقالع الطين وأشباهها فهذه لا يملكها أحد بالاحياء والعمارة وان أراد بها النيل اجماعا ولا يختص لها بالتحجير وهل يجوز للامام
اقطاعها منع العامة منه لان حنان الأبيض بن حنان المازني قال استقطعت رسول الله صلى الله عليه وآله معدنا من الملح بما زن فاقطعيته فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله انه بمنزلة الماء للعد يعني انه
لا يقطع فقال رسول الله صلى الله عليه وآله فلا اذن ورووا أيضا ان النبي صلى الله عليه وآله أراد ان يقطعه ملح مازن لما استقطعته فقال الأقرع بن حابس أتدري يا رسول الله ما الذي تقطعه انما
هو الماء العد الدائم الذي لا ينقطع يريد انه بمنزلته لا ينقطع ولا يحتاج إلى عمل ولان المسلمين اجمعوا على أنه
لا يجوز اقطاع مشارع الماء كذا هنا وهذه الروايات لا تجئ
على مذهبنا لان النبي صلى الله عليه وآله معصوم من الخطاء وتحتمل عندي جواز ان يقطع السلطان المعادن إذا لم يتضرر بها المسلمون وعلى ما قاله بعض علمائنا من أنها مختصة
بالامام يجوز له اقطاعها فمن شاء حتى أنه لا يجوز لاحد التصرف فيها ما ظهر ولا ما بطن فان أحيا أحد الباطن لم يملكه بالاحياء الا باذنه (ع) مسألة قد بينا
ان المعادن الظاهرة لا تملك بالاحياء لقوله (ع) الناس شركاء في ثلاث الماء والنار والكلاء رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن سنان عن الكاظم عليه السلام
قال سألته عن ماء الوادي فقال إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلاء إذا ثبت هذا فلو حوط واحد على بعض هذه المعادن الظاهرة حايطا واتخذ عليه دارا
أو بستانا لم يملك البقعة بذلك لفساد قصده فان المعدن لا يتخذ مسكنا ولا بستانا ولان احياؤه لا يجوزه على ما تقدم وللشافعية فيه قول انه يجوز ذلك
مسألة هذه المعادن الظاهرة الناس فيها شرع على ما تقدم فمن سبق إليها كان له اخذ حاجته منها ولو ازدحم اثنان وضاق المكان فالسابق أولي وباي قدر
يستحق المتقدم عبارة أكثر الأصحاب تقتضي انه يتقدم بأخذ قدر الحاجة ولم يبينوا ان المراعي حاجة يوم أو سنة والأولى الرجوع في ذلك إلى العرف فيأخذ ما يقتضيه العادة
لأمثاله ولو أرادوا والزيادة على ما يقتضيه حق السبق فالأقرب ان له ذلك دفعا للحاجة مطلقا ولقوله (ع) من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق ويحتمل ان لا يمكن وينزعج
عنه فان عكوفه عليه كالتحجير والتحويط المانع للغير والفرق بينه وبين مقاعد الأسواق شدة الحاجات إلى نقل المعادن فلهذا أزعجنا المقيم عليها بخلاف مقاعد الأسواق
فإنه لا يزعج لقلة الحاجة فيها ولو جاءا معا فان أمكن اجتماعهما وان يأخذ كل منهما مطلوبه جمع بينهما فإن لم يمكن الجمع أقرع بينهما وقال بعض علمائنا ينصب الحاكم من يقسم بينهما
وللشافعية ثلاثة أوجه هذان والثالث الامام يجتهد ويقدم من يراه أحوج وأحق وقال بعض الشافعية هذه الوجوه الثلاثة انما هي فيما إذا كانا يأخذ ان للحاجة لا للتجارة
فان كانا يأخذان التجارة حكم بالمهاباة بينهما فيه فان تشاحا في السبق أقرع وكان الفرق ان التأخير بفرض التجارة أليق والمشهور عندهم الحكم بالمساواة بين التجارة والحاجة
في الوجوه الثلاثة وعلى القول بالفرق بين التجارة والحاجة لو كان أحدهما يأخذ للتجارة والاخر يأخذ للحاجة قدم الذي يأخذ للحاجة تذنيب في المعادن الظاهرة
الملح الذي ينعقد في الماء وكذا الجبلي إن كان ظاهرا لا يحتاج فيه إلى حفر وتنحية تراب والكحل والجص والمدر واحجار النورة في الظاهر أيضا وعد بعض الشافعية الملح الجبلي من الباطنة
وعد آخرون الكحل والجص منها اخر لو كان إلى جانب المملحة ارض موات إذا حفر فيها بئر وسبق إليها الماء صار ملحا صح ملكها والاحياء واختص بها المحجر ولو اقطعها الامام
صح كما لو أحيى مواتا لأنه لا ينتفع بها الا بالعمل فيها بخلاف المعادن الظاهرة حيث كان ينتفع بها من غير حاجة إلى عمل مسألة المعادن الباطنة وهي التي لا تظهر
الا بالعمل ولا يوصل إليها بعد المعالجة والمؤنة عليها كمعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والبلور والفيروزج والياقوت وساير الجواهر المثبوثة
في طبقات الأرض كحجارة البرام وغيرها مما يكون في بطون الأرض والجبال وبين الشافعية خلاف وفي كون الحدايد من الظاهرة أو الباطنة وكذا ما يشبهه لان ما فيها
من الجوهر باد على الحجر فلا يكون من الباطنة والظاهر أنها منها عندهم لأنه لا يستخرج الا بالمعاماة والبادي على الحجر ليس عين الحديد بل هو مجلية إذا عرفت هذا فالمعادن
403

الباطنة إما ان يكون ظاهرة أو لا فإن كانت ظاهرة لم يملك بالاحياء أيضا لما تقدم في المعادن الظاهرة ويكون للامام عند بعض علمائنا لا يجوز لاحد التصرف فيها
الا باذنه (ع) وعند الباقين يكون لجميع المسلمين لان الناس فيها شرع وان لم يكن ظاهرة بل انما يظهر بالانفاق عليها والعمل فيها فهي للامام أيضا عند بعض علمائنا ولا تملك
بالاحياء الا باذنه وعند الباقين انها لجميع من سبق إليها واحياها وحينئذ يملكها المحيي وهو محكي عن أبي حنيفة هو أحد قولي الشافعي لأنه غير مملوك ولا يتوصل إلى منفعته الا
بمعالجة ومؤنة فأشبه به موات الأرض إذا أحييت والثاني للشافعي انها لا تملك بالاحياء كالمعادن الظاهرة وليس كاحياء الموات لأنه إذا أحيى ثبت الاحياء فيه واستغنى عن العمل
كل يوم والنيل مثبوث في طبقات الأرض يحوج كل يوم إلى حفر وعمل ولان الاحياء الذي يملك به انما هو العمارة وهذا انما ينتفع بتخريبه ولان المحيى ما يتكرر الانتفاع به بعد عمارته من غير احداث عمارة
وهذا لا يمكن في المعادن قال الشافعي انه لو ملكه لجاز له بيعه ولان من حفر بئرا في البادية لا يملكها بذلك كذلك هنا ونمنع امتناع بيعه والملازمة وانما لم يملك البئر حافرها لأنه
لم يقصدها والفرق واقع بين الباطنة والظاهرة فان الظاهرة لا تفتقر إلى معرفة مؤنة ولا عمل ونمنع انحصار الاحياء في العمارة سلمنا لكن الحفر انما هو تخريب الأرض لا المعدن واظهاره بمنزلة عمارته
لاشتراكهما في الانتفاعية ونمنع تفسير المحيي بما ذكر تذنيب لو أظهر السيل قطعة ذهب أو أجاء بها التحقت بالمعادن الظاهرة مسألة انما تملك المعادن
الباطنة بالاحياء وهو ان يحفرها حتى يبلغ النيل ويظهره مع قصد التملك كما إذا حفر بئرا في الموات على قصد التملك ملكه إذا وصل إلى الماء لو لم يقصد التملك لم
يملك وكذا لو حفر المعدن ولم يصل إليه لم يملكه ويكون ذلك تحجيرا بالسبق إليه والعمل فيه ولهذا يجوز للسلطان اقطاعه
ويكون المحجر أحق به وبمرافقه على قدر حاجته في العمل عليه كما في البئر وإذا انصرف عنه لم يكن لغيره العمل فيه وإذا اتسع الحفر ولم يوجد النيل الا في الوسط أو بعض الأطراف لم
يقتصر الملك على محل النيل بل كما يملكه يملك ما حواليه ما يليق تحريمه وهو قدر ما تقف الأعوان والدواب ومن جاوز ذلك وحفر لم يمنع وان وصل إلى العرق سواء
قلنا إن المعدن يملك بحفره أو لم نقل لأنه ملكه فإنما يملك المكان الذي حفره واما العرق الذي في الأرض فلا يملكه بذلك ومن وصل إليه من جهة أخرى فله اخذه ولو
ظهر في ملكه معدن بحيث يخرج النيل عن ارضه فحفر انسان من خارج ارضه كان له ان يأخذ ما يخرج عن ارضه لأنه لا يملكه انما يملك ما هو من اخر ارضه وليس لاحد ان يأخذ ما كان
داخلا في ارضه من اجزاء الأرض الباطنة كما لا يملك اخذ اجزائها الظاهرة وعلى القول الثاني للشافعي من أنه لا يملك المعادن الباطنة بالاحياء فمن سبق إلى موضع كان أحق
به فإذ أطال عكوفه عليه ففي ارجاعه عنه قولان كما في المعادن الظاهرة ومنهم من قطع هنا انه لا يزعج لان هناك يمكن الاخذ دفعة واحدة ولا حاجة إلى إطالة المكث ولان
النيل هنا لا يحصل الا بتعب ومشقة فيقدم السابق على اللاحق وإذا ازدحم اثنان فعلى الوجوه المذكورة عندهم في المعادن الظاهرة وفي جواز اقطاعها على هذا القول
قولان للشافعية أحدهما المنع كالمعادن الظاهرة وأصحهما عندهم
الجواز هو مذهبنا لان النبي صلى الله عليه وآله أراد اقطاع علح مازن أو اقطعه فلما قيل إنه كالماء العد امتنع منه فدل على أن الباطن يجوز اقطاعه ولا يبعد دخول الاقطاع
في ما لا يملك كمقاعد الأسواق مسألة لو أحيى أرضا ملكها بالاحياء لأنه سبب في التملك على ما تقدم فان وجد
فيها معدنا ملكه سواء كان ظاهرا أو باطنا لأنه ملك
الأرض بجميع اجزائها وذلك عنها لان المعدن مخلوق خلقة الأرض فهو جزء من اجزائها بخلاف ما إذا وجد كنزا فإنه لا يملكه باحياء الأرض لأنه مودع فيها بل ملكه بالظهور عليه ويخمس إن كان
ركازا والا كان لقطة ولهذا قلنا إذا اشترى أرضا فوجد فيها معدنا أو حجارة مثبتة دخلت في البيع فإن كانت مودعة لم تتبع الأرض مسألة إذا اقطع الامام
بعض المعادن الباطنة لم يقطعه الا بقدر ما يتمكن المقطع من العمل عليه والاخذ منه لان الزايد على يضيق على الناس من غير أن ينتفع به أحد فيكون ممنوعا منه
وهو قول الشافعي وقال علمائنا للامام ان يقطعه الزايد ويجوز العمل على المعدن الباطن والاخذ منه من غير اذن الامام فإنه إما كالمعدن الظاهر أو كالموات وبه قال
الشافعي على القولين بجواز الاقطاع وعدمه وقد بينا انه إذا أحيى أرضا ميتة فوجد فيها معدنا باطنا لكنه بالاحياء إذا لم يكن عالما بان فيها معدنا فإن كان عالما
واتخذ عليه دارا ففي ملك المعدن للشافعية قولان أحدهما انه على القولين السابقين والثاني القطع بأنه ملك كما لو لم نعلم وهو الأقوى عندي واما البقعة المحياة
فقد قال الجويني ظاهر مذهب الشافعي انها لا تملكه لان المعدن لا يتخذ دارا ولا مزرعة والقصد فاسد وقال بعضهم يملكها بالاحياء مسألة احياء المعدن الباطن
الوصول إلى نيله وقبل ذلك يكون العمل تحجيرا يفيد أولوية واختصاصا لا تملكا ويجوز للسلطان اقطاعه ويكون المقطع أحق به وبمرافقه على قدر حاجة في العمل عليه إن كان
يخرج منه بالأيدي وان يخرج باعمال وإذا انصرف عنه لم يكن لغيره العمل فيه لأنه قد حجره الأول بل يقول السلطان مع الأول ان يجتنيه أو يخلى بينه وبين غيرك طلب؟ فان الأول
منه الاجل اجله بحسب ما يقتضيه رأى الامام وعلى أحد قولي الشافعي ان المعادن الباطنة لا يملك بالاحياء ففي جواز اقطاعه قولان أحدهما ليس له ان يقطعه لأنه لا يملكه بالاحياء
فلم يكن له اقطاعه كالمعادن الظاهرة والثاني له اقطاعه لما روى أن النبي اقطع بلال ابن الحارث المعادن الفعلية جليثها؟ وغوريها؟ على القول بجواز الاقطاع فمن اقطع كان
أحق به وإذا سبق إليه كان أحق به أيضا وإذا استبق اثنان واستويا فللشافعية فيه الوجوه الثلاثة القرعة والقسمة وان تقدم الامام من يختار فقد حصل في هذه المعادن
للشافعي ثلاثة أقوال أحدهما تملك وتقطع ويحجر والثاني لا يملك ولا يقطع ولا يحجر والثالث لا يملك ولا يحجر ويجوز اقطاعها مسألة إذا غنم المسلمون بلاد المشركين
وفيها موات قد عمل جاهلي فيه معدنا لم يكن غنيمة ولا يملكها الغانمون فيكون على أصل الإباحة كالموات لأنه لا يعلم هل من أظهره قصد التملك أم لا فلا يدري انه
كان ملكه فيغنم والأصل انه على الإباحة وجرى ذلك مجرى من حفر بئرا في البادية ثم ارتحل عنها جاز لغيره الانتفاع بها لأنها لا يعلم أنه تملكها ولو اشترى دارا
فظهر فيها معدن كان للمشتري لأنه جزء من اجزائها ولو وجد فيها كنزا مدفونا فإن كان دفن الجاهلية ملكه بالإصابة والظهور إليه وحكمه حكم الكنوز
ولو كان دفن الاسلام فهو لقطة ولو كان في ارض اشتريها عرف البايع فان عرفه كان له لان الكنز مودع في الأرض ليس جزءا منها فلا يدخل في البيع مسألة يجوز لمالك
المعدن الباطن ان يبيعه وهو أحد قولي الشافعي والظاهر عنده المنع من البيع لان المقصود منه النيل والنيل متفرق في طبقات الأرض مجهول القدر والسفة فصار كما لو
جمع قدرا من تراب المعدن وفيه النيل وباعه وليس بجيد لان مورد البيع رقبة المعدن والنيل فايدته وريعه مسألة إذا ملك أرضا بالاحياء أو الشراء وشبهه
فوجد فيها معدنا باطنا كان هذا المعدن ملكه على ما تقدم وبه قال الشافعي أو أحيى المعدن بأنه يملكه عندنا وهو أحد قولي الشافعي فان عمل فيه عامل غيره فاستخرج
منه شيئا فإن كان بغير اذن المالك كان ما أخرجه الغير للمالك ولا اجرة للعامل عن عمله لأنه تعدي بذلك وإن كان بإذن المالك فإن كان قد قال له استخرجه لنفسك
أو اعمل فما استخرجته فلنفسك فالحاصل للمالك قال الشيخ ره وبه قال الشافعي لان ذلك هبة مجهول والمجهول لا يصح تملكه الا ان يستأنف له هبة بعد الاخراج
ولقبضه إياه ويمكن تشبيهه بإباحة ثمار البستان ونحوها ولا اجرة للعامل لأنه عمل لنفسه وانما يثبت له الأجرة إذا عمل لغيره بإجارة صحيحة أو فاسدة وتجرى لك مجرى
404

ان يهب الانسان زرعه وهو مجهول وينقله الموهوب له من موضع إلى موضع اخر فيسقيه ثم تبين ان الهبة كانت فاسدة فلا يكون للمتهب شئ من الزرع ولا له اجرة عن عمله
لأنه انما عمل لنفسه وعلى انه مالكه لا يقال ينتقض بالقراض فان العامل لو قبضه على أن يكون الربح كله للعامل وربح فان القراض يكون فاسدا ويكون للعامل اجرة
عمله وإن كان قد عمل لنفسه لأنا نقول العمل في القراض وقع لغيره لأنه عمل في رأس المال وهو يعلم أنه لغيره والبيع والشراء وقع لصاحب المال وهنا عمل لنفسه لأنه اعتقد
ان ما يعمل فيه له فافترقا وأيضا اذنه هنا تمليك لعين موجودة والعمل فيها لا يكون بالاذن لان عمله في ملك نفسه ولا يفتقر إلى اذن غيره فلم يستحق في مقابلة عمله
شيئا واما القراض فإنه لا يملك فيه بالاذن الا بالتصرف يملك الربح فإذا لم يحصل له بتصرفه ملك ما يحصل بالتصرف وحصل لغيره كان له اجرة العمل الذي
حصل في ملك غيره وقال بعض الشافعية تجب الأجرة لان عمله وقع للمالك وهو غير متعد بعمله ولا متبرع واما إذا قال له المالك استخرجه لي ولم يشرط له اجرة ففعل فحكمه حكم
ما إذا قال اغسل ثوبي فغسله وإن كان قد شرط له اجرة على عمل فان استأجره مدة معلومة ليحفر فيها جاز وان قدر العمل بغير المدة مثل أن يقول احفر لي كذا فكذا
ذراعا جاز واستحق الأجرة واما ان جعل الأجرة جزءا من المستخرج لم تصح الإجارة لجهالة العوض ويكون له أجرة المثل ولو كان ذلك جعالة فقال إن أخرجت لي شيئا فلك ربعه أو يكون بيننا
مناصفة لم يصح أيضا لان عوض الجعالة يجب ان يكون معلوما وهذا الجزء مجهول فلم يصح نعم لو عين العوض جاز مثل أن يقول إن أخرجت لي كذا وكذا فلك عشرة دراهم
فإذا أخرجه استحق ذلك لا يقال في المساقاة والقراض يجوز ان يكون العوض مجهولا وهو ان يشترط المالك له النصف أو الثلث من الربح المعدوم أو الثمرة المعدومة وهما
مجهولان فلم لا يجوز هنا لأنا نقول الفرق بينهما ان المالك شرط للعامل في المساقاة والقراض جزءا مما يكسبه بالعمل وهنا جعل له العوض في عمله جزءا من الأصل فلم
يصح كما لو شرط العامل جزءا من رأس المال ولو قال فما استخرجت فلك منه عشرة دراهم لم يصح أيضا لأنه ربما لا يحصل هذا القدر المطلب الثالث في المنافع
المشتركة كل رقبة ارض فاما ان يكون مملوكة ومنافعها تتبع الرقبة فلمالكها الانتفاع بها دون غيره الا باذنه بالاجماع واما ان لا تكون مملوكة فاما ان يكون محبوسة
على الحقوق العامة كالشوارع والمساجد والمقابر والربط أو يكون منفكة عن الحقوق الخاصة والعامة وهي الموات والمقصود في هذه الفصل هو القسم الأوسط
من هذه الثلاثة مسألة المراد من الشوارع والغرض بها الاستطراق ومنفعتها الأصلية التردد فيها بالذهاب والعود والناس فيها شرع سواء
يجوز الوقوف والجلوس فيها لغرض الاستراحة والمعاملة وغيرهما بشرط ان لا يتضرر بها أحد ولا يضيق على المادة سواء اذن فيه الامام أو لا لاجماع الناس على
ذلك في جميع الأصقاع والامصار وله ان يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر المارة من ثوب أو بارية ونحوهما وليس له بناء دكة فيها وإذا قام بطل حقه لان اختصاصه انما كان
بسبب السبق إلى الجلوس فإذا قام زال السبب ولو استبق اثنان إلى موضع أقرب بينهما لأنها انسب بالعدل وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني لهم يقدم الامام أحدهما
برأيه وهل هذا الارتفاق يختص بالمسلمين أو جايز لأهل الذمة كما جاز للمسلمين الأقرب الثاني لان لهم حق الاستطراق فكان لهم حق الارتفاق كالمسلمين
للشافعية وجهان مسألة إذا جلس واحد في موضع من الشوارع والأسواق كان أحق به من غيره ولا يجوز لاحد ازعاجه إذا لم يتضرر به المارة فان تضرروا؟ به لم
يجز له القعود فيه لمنافاته الغرض من موضع المالك ولو أزعجه أحد وقعد مكانه فعل حراما وصار به أولي من الأول ولو قام بينة العود إليه في ذلك النهار وكان له فيه
بساط أو متاع وشبهه لم يكن لاحد ازالته وكان صاحب البساط والمتاع أولي به إلى الليل لقول الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) سوق المسلمين كمسجدهم
فمن سبق إلى المكان فهو أحق به إلى الليل وكان لا يأخذ على بيوت السوق كرا إذا عرفت هذا فلو جلس في موضع ثم قام عنه نظر إن كان جلوسه لاستراحة
وما أشبهها بطل حقه وإن كان لحرفة ومعاملة فان فارقه على عزم الاعراض عن العود إليه بان يترك تلك الحرفة أو ليقعد في موضع اخر بطل حقه أيضا وان فارقه على عزم
العود فالأقوى أنه يكون أولي إلى الليل عملا بالرواية وضبطه الجويني بأنه ان مضى زمان ينقطع فيه الذين ألغوا المعاملة معه ويستفتحون المعاملة مع غيره بطل
حقه وإن كان دونه لم يبطل لان الغرض من تعيين الموضع ان يعرف فتقابل ولا فرق بين ان يكون المفارقة لعذر كسفر ومرض أو لغير عذر فعلى هذا فلا يبطل
حقه بان يرجع في الليل إلى بيته وليس لغير مزاحمته في اليوم الثاني وكذلك الأسواق التي يقام في كل أسبوع أوفي كل شهر مرة إذا اتخذ فيها مقعدا كان أحق به في النوبة الثانية
وان تخللت بينها أيام وليس بشئ وقال بعضهم الا إذا رجع إلى بيته بالليل فسبق إلى الموضع غيره فهو أحق به كما إذا فارق موضعه من المسجد وعاد للصلاة الأخرى
وقد سبقه إليه غيره وفرقت طائفة منهم بين ان يجلس باقطاع الامام فلا يبطل حقه إذا قام عنه وليس لغيره الجلوس فيه وبين ان يستقل ويسبق إليه فإنه إذا قام
بطل حقه لأنه انما استحق باعتبار سبقه إليه والمقام فيه فإذا انتقل عنه زال استحقاقه لزوال المعنى الذي استحق به والأول استحق باقطاع الامام فلا يزول حقه بنقل متاعه ولا لغيره الجلوس فيه فان ترك شيئا من رحله ومتاعه بقى حقه والا فلا فعلى الأول لو أراد غيره ان يجلس فيه
في مدة غيبته القصيرة إلى أن يعود فللشافعية وجهان أحدهما لا يمكن لان معامليه متوهمون اعراضه عن ذلك المكان والثاني انه يمكن لئلا يتعطل منفعة الموضع في
الحال هذا في الجلوس للمعاملة واما لغيرها فلا منع أصلا تذنيب كما أن موضع الجلوس يختص بالجالس فلا يزاحم فيه كذا ما حوله قدر ما يحتاج إليه بوضع
متاعه ورقوف المعاملين فيه وليس لغيره ان يعقد حيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول العاملين عليه أو لضيق عليه الكيل والوزن والاخذ والعطا هذا في
المستوطن إما المتردد الجواز الذي يقعد كل يوم في موضع من السوق فيبطل حقه إذا فارق المكان وما تقدم من أولوية الجالس انما هو مفروض في غيره تنبيه انما
يجوز الجلوس للبيع والشراء في المواضع المتسعة كالرحاب نظرا إلى العادة ولئلا يتضرر المادة ويحصل الضيق على المسلمين مسألة المسجد كالسوق يستوى
فيه المسلمون وكل من جلس في موضع منه كان أولي من غيره والجلوس في المسجد قد يكون لتدريس القران أو الفقه والاستفتاء وحكمه حكم مقاعد الأسواق إذا قام بينة
العود إليه كان أولي من غيره فليس لغيره الجلوس عوضه قبل استيفاء غرضه قاله بعض الشافعية وفيه نظر لان له غرضا في ملازمة ذلك الموضع في فيألفه الناس وقال
بعضهم ما قلناه أولا من أنه متى قام بطل حقه وكان السابق إليه أحق لقوله تعالى سواء العاكف فيه والباد إما لو كان رحله باقيا فيها فإنه يكون اولي والا كان؟ مع غيره
سواء ولو استبق اثنان فتوافيا فان أمكن الجمع بينهما جاز وان لم يمكن أقرع وقد يكون الجلوس فيه للصلاة فهو أحق من غيره ما دام مقيما ولا يقتضى الاختصاص
لما بعدها من الصلوات بل قال وحضرت صلاة أخرى لم يكن له منع السابق فيها وكل من سبق في ساير الصلوات إلى ذلك الموضع فهو أحق بخلاف مقاعد الأسواق
لان غرض المعاملة يختلف باختلاف المقاعد والصلاة في بقاع المسجد لا يختلف إذا عرفت هذا فلو سبق إلى مكان لأجل الصلاة كان أحق به وليس ان يزعجه
فان فارقه اجابه لمن دعاه أو لرعاف؟ أو لقضاء حاجة أو تجديد وضوء فالأقرب ان اختصاصه لا يبطل وهو أصح وجهي الشافعي لما روي العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال إذا قام أحدكم من مجلسه في المسجد فهو أحق به إذا عاد إليه ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنين (ع) سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان
405

فهو أحق به إلى الليل والثاني للشافعية انه يبطل اختصاصه لحصول المفارقة كما بالإضافة إلى ساير الصلوات إذا عرفت هذا فتقييد أمير المؤمنين (ع) بالليل بناء
على الغالب فلو أقام ليلا ونهارا لم يجز ازعاجه لصدق اسم السبق في حقه ولا فرق بين ان يترك ازاره فيه وبين ان لا يتركه ولا بين ان يطرأ العذر؟ بعد الشروع في الصلاة أو قبله وهو
قول الشافعي على الوجهين ولو اتسع وقت الحاضرة فان فارقه من غير عذر حادث فهو كما تقدم في ساير الصلوات مسألة يكره الجلوس في المساجد للبيع والشراء وانشاد
الضالة وعمل الصنايع فان جلس لاحد هذه الأشياء منع منه فان حرمة المسجد ينافي اتخاذه حانوتا وقد روى العامة ان عثمان بن عفان رأى خياطا في المسجد فأخرجه ومن طريق
الخاصة ما رواه الصدوق عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال جنبوا صبيانكم مساجدكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وشراكم وبيعكم والضالة والحدود والاحكام وسمع
رجلا ينشد ضالة له في المسجد فقال قولوا له لا رد الله عليك فإنها لغير هذا بنيت وينبغي منع الناس من استطراق حلق الفقهاء والقراء في الجامع توقيرا لهم مسألة
الربط المسبلة في الطرق وعلى أطراف البلاد إذا سبق واحدا إلى موضع منها كان أحق به من غيره وليس لغيره ازعاجه سواء دخل بإذن الامام أو بدون اذنه ولا يبطل حقه بالخروج
لحاجة كشراء مأكول أو مشروب أو ثوب أو قضاء حاجة وما أشبه ذلك ولا يلزمه تخليف أحد في الموضع ولا ان يترك متاعه فلانه قد لا يجد غيره وقد لا يا من على متاعه سواء
ولو ازدحم اثنان على موضع ولا سبق حكم لها بالقرعة أو بتعين الامام واما المدارس والخافقاهات فمن سكن بيتا منها فمن له السكنى فهو أحق به وان طالت المدة ما لم يشترط
الواقف أمدا فيلزمه الخروج عند انقضائه ولو اشترط مع السكنى التشاغل بالعلم فأهمل الزم؟ الخروج وان استمر على الشرط لم يجز ازعاجه وله ان يمنع من يشاركه ما دام متصفا
بما يستحق به السكنى فلو فارق لعذر أياما قليلة فهو أحق إذا عاد لأنه الفه وان طالت غيبته بطل حقه والنازلون في موضع من البادية أحق به وبما حواليه بقدر ما يحتاجون
إليه لمرافقهم ولا يزاحمون في الوادي سرحوا مواشيهم إليه الا ان يفي بالجميع وإذا ارتحلوا بطل حقهم؟ اختصاصهم وإن بقيت اثار الفساطيط والخيم وشبهها مسألة المرتفق
بالمشارع والمساجد إذا طال العكوف عليها فالأقرب انه لا يزعج لأنه أحد المرتفقين فقد ثبت له السبق باليد وان لم يفد أولوية فلا أقل من المساواة وقال (ع) من سبق
إلى من يسبق إليه مسلم فهو له واما الرباطات الموقوفة والمدارس فإنها يتبع تعيين الواقف فان عين لم يمكن الزيادة وكذا لو وقف على المسافرين وان اطلق نظر
إلى الغرض الذي بنيت البقعة له وعمل بالمعتاد فيه فلا يمكن من الإقامة في رباطاة المارة الا لمصلحتها أو لخوف يعرض أو أمطار يتواتر وفي المدرسة الموقوفة
على طلبة العلم يمكن من الإقامة إلى استتمام غرضه فان ترك التعلم والتحصيل اخرج ولا يمكن مثل هذا الضبط في الخانقاهات ها بل يحكم في طول اللبث فيها بما سبق في
الشوارع المطلب الرابع في المياه أقسام المياه ثلاثة الأول المياه المحرز في الآنية وشبهها من حوض ومصنع وأشباه ذلك وهذا مختص بمالكه
ليس لأحد التصرف فيه الا بإذن مالكه فيصح بيعه والتصرف فيه بجميع أنواع التصرفات كغيره من المملوكات وهذا خاص الثاني؟ العام هو الذي لم
يظهر بعمل ولا جرى بحفر نهر وينبع في مواضع لا يختص بأحد ولا صنع للادميين في انباته؟ واجرائه كماء الفرات وجيحون وجميع أودية العالم والعيون التي في الجبال وغيرها
وسيول الأمطار والناس فيها شرع سواء والأصل في استواء الناس في المباحاة ما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الناس شركاء في ثلاث الماء
والنار والكلاء ومن طريق الخاصة ما رواه أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن ماء الوادي فقال إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلاء ولا
خلاف في ذلك بين علماء الاسلام الثالث المياه المترددة بين العموم والخصوص وهي مياه الأبار والقنوات فإنها من حيث إنها حاصلة في الموضع المختص
بالانسان يشبه الماء المحرز في الاناء ومن حيث إنها تبذل وتبسط الناس فيها تشبه المياه العامة وهي مختصة بصاحب البئر والقناة وههنا بحثان الأول في المياه العامة
مسألة المياه العامة مباحة للناس كافة كل من اخذ منها شيئا واحرزه في اناء أو بركة أو مصنع أو بئر عميقة وشبهه ملكه فان حضر اثنان فصاعدا اخذ كل
واحد منه ما شاء فان قل الماء أو كان المشرع ضيقا لا يمكن تعدد الواردون عليه كان السابق أولي بالتقديم فان جاءا معا أقرع بينهما لعدم الأولوية ولا فرق
في ذلك بين المسلمين وغيرهم ولو أراد واحد السقي وهناك من يحتاج للشرب قدم الثاني لان مراعاة حفظ النفس أولي من مراعاة حفظ المال ومن اخذ شيئا في اناء ملكه ولم
يكن لغيره مزاحمته فيه كما لو احتش أو احتطب وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم انه لا يملكه لكنه يكون أولي من غيره والحق الأول ولو زاد الماء المباح فدخل شئ
منه ملك انسان بسيل أو جريان لم يكن لغيره اخذه منه ما دام فيه لتحريم الدخول في ملك غيره بغير اذنه فهل يملكه مالك الملك قال الشيخ ره لا يملكه وهو أصح قولي الشافعية
كما لو وقع في ملك الغير مطر أو ثلج فمكث في ملكه أو فرخ طاير في بستانه أو توحل ظبي في ارضه أو وقعت؟ سمكة في سفينة لم يملكه بذلك بل بالأخذ والحيازة فعلى هذا
لو تخطى انسان إلى ملك غيره واخذ من ذلك الماء لم يكن لمالك الأرض استرداده وكان ملكا للثاني باستيلاء يده عليه وتخميره في آنيته والوجه الثاني للشافعية أنه يكون
ملكا لصاحب الأرض فان اخذ غيره كان له استرداده والمعتمد الأول لان الانسان لا يملك ما لم يتملك الا بالميراث الا ترى ان وهب لغيره شيئا أو اباحه له يملكه الا بتملكه فإذا دخل إلى ملكه
لم يملكه بذلك ويخالف وقوع السمكة في السفينة والظبي في الأرض وقوع الصيد في الشبكة المغصوبة فان الصيد هنا يملك لان الشبكة كيده وضعها لذلك ولو
خرج هذا الماء المباح من تلك الأرض اخذه من شاء قطعا مسألة لو سال هذا الماء المباح في نهر عظيم عليه املاك تحتاج إلى السقي منه وكان النهر يفي بالجميع
سقي من شاء منه متى شاء لانتفاء التزاحم في النهر العظيم وإن كان النهر صغيرا غير مملوكة كساقية غير مملوكة بان انخرقت بنفسها وجرى الماء من الوادي فيها أو واد صغير
تشاح فيه أهل الأرضين الشاربة ولم يف بالجميع إذا سقوا في وقت واحد وتقع في التقديم والتأخير نزاع وخصومة فان الأول يسقى فإذا فرغ من قضاء حاجته
منه أو سلمه إلى الثاني ثم إلى الثالث وهكذا والأول هو الذي يلي ملكه فم النهر والثاني هو الذي يلى ملكه هذا الملك ولا فرق بين ان يستضر الثاني بحبس الأول للماء عنه أو لم يستضر ولو لم يفضل
عن الأول شئ أو عن الثاني أو عمن يليهم شئ فلا شئ للباقين لأنه ليس لهم الا ما يفضل منهم كالعصبة في الميراث وهو قول مالك وفقهاء المدينة والشافعي لا
نعلم فيه مخالفا لما روى العامة عن عبادة بن صامت ان النبي صلى الله عليه وآله قضي في شرب نهر في مسيل ان للأعلى ان يسقي قبل الأسفل ثم يرسله إلى الأسفل ومن طريق الخاصة
ما رواه غياث بن إبراهيم عن الصادق (ع) قال قضي رسول الله صلى الله عليه وآله في مسيل وادي مهر والزرع إلى الشراك والنخل إلى الكعب ثم يرسل الماء إلى أسفل من ذلك وقال ابن أبي عمير المهزور
موضع الوادي إذا عرفت هذا فالمشهور في الرواية ان الزاء المعجمة متقدمة على الواو والراء الغير المعجمة متأخرة منه قال ابن بابويه سمعت من أثق له من أهل المدينة انه
وادى مهزور ومسموعي عن شيخنا محمد بن الحسن رضوان الله تعالى عليه انه مهروز بتقديم الراء الغير المعجمة وذكر انها كلمة فارسية وهو من هزر الماء والهرز بالفارسية الزايد على
المقدار الذي يحتاج إليه ولان من ارضه قريبه من فوهة النهر فإنه أسبق إلى الماء فكان أولي كمن سبق إلى المشرعة مسألة إذا حبس الماء فالمشهور عند علمائنا انه
إذا حبس الماء على ملكه تسقى لزرعه حتى يبلغ الماء إلى الشراك وتسقي الشجر إلى القدم وتسقي النخل حتى يبلغ إلى الساق والعامة لم يفصلوا بل جعلوا حق الأول إلى الكعبين
406

وكذا الثاني وهلم جرا وعلى كل حال فمطلق التقدير لابد منه والا لزم تضرر المتأخر لما رواه العامة عن مالك عن الزهري وعروة بن عبد الله بن الزبير حدثه أن
رجلا من الأنصار خاصم الزبير في سراح الحرة التي يستقون بها فقال النبي صلى الله عليه وآله اسق يا زبير ثم ارسل الماس إلى جارك فغضب الأنصاري فقل يا رسول الله صلى الله عليه وآله الان كان ابن عمتك فتلون
وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال يا زبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر قال الزبير فوالله إلى لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك وهي فوربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم
الآية قال أبو عبيدة السراح جمع سرح والسرح نهر صغير والحرة ارض ملبسة بالحجارة السوداء والجدر الجدار يق جدر وجدار وعن ثعلبة بن أبي مالك انه سمع كبرائهم يذكرون
ان رجلا من قريش كان له سهم من نهر قريظة فخاصمه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في مهزورة السيل الذي يقتسمون مائة فقضى رسول الله صلى الله عليه وآله أن الماء إلى الكعبين لا يحبس الاعلى على
الأسفل معنى؟ ذلك إذا بلغ الماء الكعبين لا يحبس الاعلى على الأسفل وهذا موافق لحديث الزبير لأن الماء إذا
بلغ إلى الكعبين بلغ أصل الجدار واختلفت العامة في
تنزيل الخبر فقال بعضهم ان النبي صلى الله عليه وآله امره باستيفاء زيادة على القدر المستحق تغليظا على الأنصاري حيث اتيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال آخرون وهو الصحيح عندنا
وعندهم انه كان قد استنزل الزبير عن بعض حقه فلما أساء الأنصاري الأدب قال له استوفى حقك ومن طريق الخاصة ما سبق في المسألة السابقة في حديث غياث بن
إبراهيم وعن غياث بن إبراهيم أيضا عن الصادق (ع) قال قضي رسول الله صلى الله عليه وآله في سيل وادي مهزور ان يحبس الاعلى على الأسفل للنخل إلى الكعبين وللزرع إلى الشراك
وعن عقبة بن خالد عن الصادق (ع) قال قضى رسول الله (ع) في شرب النخل بالسيل ان الاعلى يشرب قبل الأسفل وينزل من الماء إلى الكعبين ثم يسرح الماء
إلى الأسفل الذي يليه كذلك حتى تنقضي الحوائط ويفني الماء وقال بعض الشافعية انه ليس التقدير بالبلوغ إلى الكعبين على عموم الأزمان والبلدان لأنه مقدر بالحاجة
والحاجة تختلف باختلاف الأرض واختلاف ما فيها من زرع وشجر وبوقت الزراعة وبوقت السقي فحينئذ يكون المناط في التقدير إلى العادة في قدر السقي والحاجة
وقال بعضهم وهو محكي عن أبي حنيفة أيضا ان الاعلى لا يقدم على الأسفل لكن يسقون بالحصص فروع آ لو اختلف أرض الاعلى لكان بعضها مرتفعا وبعضها
منخفضا ولو سقيا معا لزاد الماء في المنخفضة عن الحد السايغ شرعا أفرد كل واحد منهما بالسقي بما هو طريقه توصلا إلى متابعة النص ب لو سقي الاعلى واستوفي
حقه ثم احتاج إلى السقي مرة أخرى قبل الارسال إلى الأسفل قيل يمكن من السقي مرة أخرى وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انه لا يمكن لما تضمنه خير عبادة من قوله (ع) في رواية
ويرسل الماء حتى ينتهي الأراضي وهو الأقوى عندي لقول النبي صلى الله عليه وآله ورواية الصادق (ع) عنه ثم يزيل الماء وكذا في حديث عقبة بن خالد ثم يسرح الماء إلى الأسفل
الذي يليه كذلك حتى تنقضي الحوائط وينفي الماء ج إذا تنازع اثنان أرضا هما متحاذيتان أو أرادا شق النهر من موضعين متحاذيين يمينا وشمالا فالأقرب القرعة للتقديم وهو أحد
وجوه الشافعية والثاني انه يقسم بينهما والثالث انه يقدم الامام من يراه د لو أراد انسان ان أحيا ارض ميتة وسقيه من هذا النهر الغير المملوك فإن لم يكن فيه تضييق
فلا منع وإن كان فيه تضييق منه من السقي منه لان الأولين باحياء أراضيهم استحقوا مرافقها وهذا من أعظم مرافقها ولأنهم أسبق إلى النهر منه فان أحيا شيئا لم يكن له السقى الا بعد استغناء
الأولين عنه وإن كان أقرب إلى فوهة النهر وهل لأرباب الاملاك منعه من الاحياء قال به بعض العامة لئلا يصير ذلك ذريعة إلى منعهم من حقهم من السقي لأنه أقرب
فربما طال الزمان وجهل الحال وقال بعضهم ليس لهم منعه لان حقهم في النهر لا في الموات وهو الوجه فحينئذ لو سبق انسان إلى سيل ماء أو نهر غير مملوك وأحيى في أسفله مواتا
ثم أحيى آخر فوقه ثم أحيى ثالث فوق الثاني كان للأسفل السقي أو لا ثم الثالث ويقدم الأسبق إلى الاحياء على الأسبق إلى أول النهر لما تقدم ه‍ عمارة
حافات هذه الأنهار يؤخذ ما يحتاج إليه من بيت المال لأنه لعل لمصالح المسلمين وهذا من جملة مصالحهم ولو أراد انسان بناء قنطرة لعبور الناس على مثل
هذا النهر فإن كان الموضع مواتا جار لاشتماله على مصلحة المسلمين والاحسان إليهم وليس لاحد منعه وإن كان بين العمران كان حكمه حكم حفر البئر في الطريق لمصلحة
المسلمين ز لو أراد بناء رحى على هذه الأنهار فإن كان الموضع ملكا له مكن منه وكذا إن كان مواتا محضا وإن كان من الأراضي المملوكة فان تضرر الملاك لم يجز
وان لم يتضرر واحد منهم فكذلك وهو أحد وجهي الشافعية لأنه تصرف في مال الغير فلا يجوز الا باذنه كالتصرف في ساير مرافق العمارات والثاني للشافعية
الجواز لأنه كاشراع الجناح في السكة الغير المنسدة ح لو استوى اثنان في القرب من أول النهر اقتسما الماء بينهما ان أمكن فإن لم يمكن أقرع بينهما فقدم من يقع له القرعة
فإن كان الماء لا يفضل عن أحدهما سقي من تقع له القرعة بقدر حقه من الماء ثم يتركه للاخر وليس له ان يسقي بجميع الماء لان الأخر يساويه في استحقاق الماء وانما القرعة
للتقديم في استيفاء الحق بخلاف الاعلى مع الأسفل لان للأسفل حقا فيما فضل عن الاعلى ط لو كانت ارض أحدهما أكثر من ارض الأخر قسم الماء بينهما على قدر
الأرض لان الزايد من ارض أحدهما مساو في القرب فاستحق جزءا من الماء كما لو كان الزايد لشخص ثالث مسألة هذا الذي تقدم حكم الأنهار والسواقي
التي ليست مملوكة إما لو كانت مملوكة بان حفر انسان نهرا فاخذ الماء من الوادي العظيم والنهر العظيم أو النهر المخرق منه ليدخل ماء النهر العظيم فيه فما لم يتصل الحفر
لا يملكه وانما يحجر وشروع في الاحياء فإذا اتصل الحفر كمل الاحياء وملكه سواء اجرى الملك فيه أو لا لان الملك بالاحياء ان تنتهي العمارة بقصدها بحيث يتكرر
الانتفاع بها على صورتها وهنا كذلك ولا يشترط اجراء الماء لان الاحياء يحصل بان يهيئه للانتفاع به دون حصول المنفعة فيصير مالكا اقرار النهر وحافته وهواه
وكذا حريمه وهو ملقى؟ الطين من كل جانب وقال الشافعي ان ذلك غير مملوك لصاحب النهر وانما هو حق له من حقوق الملك كحريم البئر إذا عرفت هذا فهل يملك
حافر النهر الماء الذي جرى فيه من الوادي أو النهر العظيم قال الشيخ لا يملكه وهو قول العامة ويكون الماء باقيا على أصل اباحته لأنه مباح دخل ملكه فأشبه
ما لو دخل صيد بستانه نعم يكون صاحب النهر أحق بذلك الماء من غيره كالسيل يدخل ملكه وليس لاحد مزاحمته لسقي الأراضي واما الشرب والاستعمال وسقي الدواب
فقد قال بعض الشافعية ليس لمالك النهر المنع ومنهم من جوز المنع ويكون للمالك منع غيره من ارسال دلو فيه ونحوه ولا يبعد عندي ان صاحب النهر يملك ذلك
الماء لان النهر اتخذه الحافر آلة في تحصيل الشئ مباح فملكه كالشبكة ويجوز لغيره ان يحفر فوق نهره نهرا إذا لم يضيق عليه وان ضيق عليه لم يجز مسألة إذا اجتمع جماعة
في حفر نهر أو مساقيه في ارض موات وبلغوا حد الوصول إلى الوادي العظيم أو النهر العظيم ملكوه بالشركة على قدر عملهم ونفقتهم عليه ويملكون حقوقه لأنه انما
ملك العمارة والعمارة بالنفقة فان شرطوا ان يكون النهر بينهم على قدر ما يملكون من الأراضي فليكن عمل كل واحد على قدر ارضه فان زاد واحد متطوعا فلا شئ له
على الباقين وان اكرهوه على الزيادة أو شرطوا له عوضا رجع عليهم بأجرة ما زاد ثم إن كان هذا الماء يكفي جميع الأرضين فلا كلام وكذا إن كان لا يكفي تراضوا
بقسمته واما إن كان الماء يضيق عن كفايتهم وتشاحوا فيه قسم الحاكم ذلك بينهم قدر إنصبابهم فيه وليس للأعلى هنا حبس الماء على الأسفل بخلاف ما إذا لم يكن الموضع
مملوكا وقال بعض العامة حكم هذا الماء في هذا النهر حكمه في نهر غير مملوك ولان الأسبق أحق بالسقي منه ثم الذي يليه لأن الماء لا يملك عنده فكان الأسبق إليه
407

أحق وإذا قسموا الماء بالمهاياة جاز إذا كان نصيب كل واحد منهم معلوما مثل ان يجعلوا لكل حصة يوما وليلة أو أكثر أو أقل وان قسموا النهار فجعلوا الواحد من طلوع
الشمس إلى الزوال وللآخر من الزوال إلى الغد جاز وكذا بالساعات ان أمكن ضبطه شئ معلوم جاز ولكل واحد منهم الرجوع متى شاء لكن لو رجع بعدما استوفى
نوبته وقبل ان يستوفى الشريك ضمن له اجرة مثل نصيبه من النهر للمدة التي اجرى الماء فيها واما إذا اقتسموا الماء نفسه جاز وذلك بان يؤخذ خشبة مستوية الطرفين
والوسط ثم توضع الخشبة على موضع مستومن الأرض ويجعل فيها لكل واحد كوة إذا تساوت حقوقهم ويكون الكوى متساوية في السعة والخشبة مستوية في الوضع
معتدلة فتقذف كل كوة في ساقية كل واحد منهم فإذا حصل الماء في ساقيته انفرد به وإن كانت املاكهم مختلفة فإن كان لأحدهم ضعف ما للاخر جعل لصاحب الضعف
كوتين وللآخر كوة وإن كان لأهل ساقية مائة جريب ولأهل ساقية الف جريب جعل في الخشبة أحد عشر حفرة لصاحب المائة حفرة ولصاحب الألف عشرة حفر ولو كانت الضياع
متباعدة مثل أن يكون عشرة خمسة مجاورة وخمسة بعيدة منها قسم النهر قسمين فجعل خمس حفر لأصحاب الضياع القريبة لكل واحد حفرة وخمسة يجرى فيها الماء في
النهر فإذا وصل إلى الضياع البعيدة قسم بينها قسمة أخرى فان أراد أحدهم ان يجري ماء في ساقية غيره ليقاسمه في موضع اخر لم يجز الا برضائه لأنه تصرف في ساقية الغير
وتخريب حافتها بغير اذنه وتخلط حقه بحق غيره على وجه لا يتميز فلم يجز تذنيب لو أراد الشركاء قسمة النهر نفسه فكان عريضا يمكن قسمته جاز ولا يجزى
فيه الاجبار وكما في الجدار الحامل مسألة إذا كان النهر مملوكا بين جماعة لم يكن لأحدهم التصرف فيه الا بإذن الباقين فلو أراد من كانت ارضه أسفل توسع فم
النهر لئلا يقصر الماء عنه لم يجز الا برضاء الباقين لان الشريك ممنوع من التصرف في المشترك الا بإذن باقي الشركاء ولان الأولين قد يتضررون بكثرة الماء فلابد من
اذنهم ولو أراد الأولون وهم القريبون من فوهة النهر تضييق فم النهر لم يكن لهم ذلك الا برضاء الباقين وكذا ليس لواحد منهم بناء قنطرة أو رحى أو غرس شجرة
على حافية الا برضاء الباقين ولو أراد أحدهم تقديم رأس الساقية التي ينساق فيها الماء إلى ارضه أو تأخيره لم يكن له ذلك بخلاف صاحب الدار في الدرب المرفوع لو
أراد تقديم باب داره إلى رأس السكة جاز لأنه هناك يتصرف في الحد المملوك وهنا في الحافة المشتركة ولو كان لأحدهم ماء في أعلا النهر فاجراه في النهر المشترك
وبرضاء الشركاء ليأخذه من أسفل ويسقى به ارضه كان لهم الرجوع متى شاؤوا أو لان الاذن هنا عارية وللمعير الرجوع متى شاء مسألة إذا كان
النهر أو الساقية مشتركا بين جماعة كانت تنقيته وعمارته على الشركاء بحسب الملك وإذا أراد وسد شئ منه أو اصلاح حائطه أو شئ منه كان ذلك عليهم على حسب
ملكهم فيه وإذا كان بعضهم أقرب إلى فمه وبعضهم ابعد ليشترك الجميع في عمارته واكرائه واصلاحه من فمه إلى أن يصلوا إلى الأول ثم لا شئ على الأول ثم يشترك
الباقون في عمارته إلى أن يصلوا إلى ساقية الثاني فلا يجب على الثاني شئ فيما بعد ثم يشترك الباقون إلى أن يصلوا إلى ساقية الثالث فيخل الثالث عن المشاركة في
العمارة فيما بعده وهكذا كل ما انتهى العمل إلي موضع واحد منهم لم يكن عليه فيما بعد شئ لان الأول انما ينتفع بالماء الذي في موضع شربه وما بعده انما يختص
بالانتفاع من دونه فلا يشاركهم في مؤنته كما لا يشاركهم في نفعه وبه قال الشافعي واحمد وهو محكي عن أبي حنيفة أيضا وقال أبو يوسف ومحمد يشترك جميع الشركاء
في عمارته واكرائه من أوله إلى اخره على قدر إنصبابهم ونفقتهم عليه لان الأول ينتفع الجمعية لأنه ينتفع بأوله سقى؟ ارضه وبالباقي لمصب مائه فكان الكرى على الكل
بقدر شربه وارضه وقال به بعض الشافعية إذا ثبت هذا فلو كان الماء يفضل عن جميعهم واحتاج الفاضل إلى مصرف ينصب إليه فمؤنة ذلك المصرف على جميعهم لانهم
يشتركون في الحاجة إليه والانتفاع به فكانت مؤنته عليهم كلهم كأوله مسألة إذا حصل نصيب انسان من هؤلاء الشركاء في النهر المملوك في ساقية
اختص بذلك الماء وكان له ان يسقى ما شاء من الأرض سواء كان لها رسم شرب من هذا النهر أو لم يكن وله ان يعطيه من يسقى به وبه قال الشافعية لأنه ما انفرد
باستحقاقه وخرج بدخوله في ساقيته عن حسة الشركاء وانتفى جاز تصرفهم فيه فكان له ان يسقى منه ما شاء كما لو انفرد به من أصله وقال أكثر الشافعية ليس له ان يسقى
بمائة المختص به أرضا ليس لها رسم شرب من هذا الماء سواء كان له أو لغيره بدلالة ذلك على أن لها سهما من هذا الماء فربما جعل سقيها منه دليلا على استحقاقها
لذلك فيتضرر الشركاء وكما لو كانت له دار بابها في درب لا ينفذ؟ دار بابها في درب اخر ظهرها ملاصق لظهر داره الأولى فأراد تنفيذ؟ أحدهما إلى الأخرى لم يجز لأنه يجعل
لنفسه استطراقا كل واحدة من الدارين ونمنع حكم الأصل له بفتح باب من إحدى الدارين إلى الأخرى بل رفع الحايط الحاجز بينهما تسلمنا لكن الفرق ظاهر فان الدار
لا يستطرق منها إلى الأخر ومن الأخرى إلى الدرب وهنا يحمل الماء في الساقية إليها فيصير لها رسم في الشرب ولان كل دار يخرج منهما إلى درب مشترك لأن الظاهر أن لكل دار
سكان وان لكل واحد منها استطراقا إلى درب غير نافذ لم يكن لهم حق في استطراقه وهنا انما يسقي من ساقيته المفردة التي لا يشاركه غيره فيها فلو صار لتلك الأرض
رسم شرب من ساقيته لم يتضرر بذلك أحد ولو كان يسقي من هذا النهر بدولاب فأراد ان يسقي من ذلك الماء أرضا لا رسم لها في الشرب من ذلك النهر فالخلاف كما
تقدم وإن كان الدولاب يعرف من نهر غير مملوك جاز ان يسقي بنصيبه من الماء أرضا لا رسم لها في الشرب منه اجماعا فان ضاق الماء قدم الأسبق فالأسبق على ما تقدم
إذا ثبت هذا فلكل واحد من الشركاء ان يتصرف في ساقيته المختصة به مما أحب من اجراء غير هذا الماء فيها أو عمل رحى عليها أو دولاب أو عبارة وهي خشبة يمد
على طرفي النهر أو قنطرة يعبر الماء فيها وغير ذلك من التصرفات لأنها ملكه لاحق لغيره فيها بخلاف النهر المشترك فإنه ليس لأحد الشركاء فعل ذلك فيه الا بإذن جميع أربابه ولو
أراد أحد الشركاء ان يأخذ من ماء النهر قبل قسمته شيئا يسقى به أرضا في أول النهر أو في غيره وأراد انسان غيرهم ذلك لم يجز لانهم صاروا الحق بالماء الجاري في نهرهم
من غيرهم ولان الاخذ من هذا الماء ربما احتاج إلى تصرف في حافة النهر المملوك لغيره أو المشترك بينه وبين غيره ولو فاض ماء هذا النهر إلى ملك انسان فهو مباح كالطائر
يعشعش في ملك انسان ومذهب الشافعي في ذلك كله كما قلنا ولو كان النهر مشتركا وقسموا ماء بالمهاياة إما بالأيام أو بالساعات المضبوطة أو بمنازل القمر ليلا مع
الضبط فحصل لأحدهم الماء في نوبته فأراد ان يسقي به أرضا ليس لها رسم شرب من هذا أو يؤثر به انسان أو يقرضه إياه على وجه لا يتصرف في حافتي النهر وعلى قول
الشافعية ينبغي المنع ولو أراد صاحب النوبة ان يجرى مع مائه ماء له اخر يسقى به ارضه التي لها رسم شرب من هذا النهر أو غيرها أو سأله انسان ان يجري ماء له مع
مائه في هذا النهر ليقاسمه إياه في موضع على وجه لا يتضرر النهر ولا يتضرر به أحد لم يجز خلافا لبعض
العامة لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه مسألة النهر المشترك
بين قوم بأعيانهم إذا تنازعوا في قدر في إنصبابهم فالأقوى الحكم بالتساوي فيه لأنه في أيديهم واليد يقضي بالملكية والأصل عدم التفاضل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
انه يجعل على قدر الأراضي لأن الظاهر أن الشركة بحسب الملك وكل ارض أمكن سقيها من هذا النهر إذا رأينا لها ساقية منه لو لم نجد لها شربا من موضع اخر
حكمنا عند التنازع بان لها منه شربا قضاء للظاهر وإذا وجد نهر فسقى منه أراضي ولم يعلم أنه حفر أو انخرق حكم بكونه مملوكا لانهم أصحاب يد وانتفاع واليد تقضي
408

بالملكية ظاهرا فلا يقدم بعضهم على بعض ولو لم يكن مملوكا لزم التقدم البحث الثاني في المياه المترددة بين العموم والخصوص مسألة حفر البئر
يقع على وجوه آ حفر البئر في المنازل للمارة ب الحفر في الموات على قصد الارتفاق لا التملك ج الحفر على قصد التملك د الحفر الخالي عن هذه القصود إما البئر المحفورة
للمارة فماؤها مشترك بينهم والحافر كأحدهم ويجوز الاستقاء منها للشرب وسقى الزرع فان ضاقت عنهما فالشرب أولي واما البئر المحفورة في الموات على قصد الارتفاق
دون التملك وانما غرضه السقي منها ما دام مقيما عليها ثم يرتحل عنها فان الحافر لا يملكها بذلك وانما يملك الموات إذا قصد تملكه بالاحياء إذا ثبت هذا فالحافر
أولي بمائها إلى أن يرتحل لأنه كالتحجير عليها فان انصرف عنها كان لغيره الاستقاء منها ومن سبق إليها كان أحق بها كالمعادن الظاهرة وليس له منع ما فضل عنه عمن
يحتاج إليه للشرب إذا أراد الاستقاء منها بدلو نفسه ولا منع مواشيه من الشرب لما روى العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلاء منعه الله
فضل رحمته يوم القيمة والمراد ان الماشية انما ترعى بقرب الماء فإذا منع من الماء فقد منع من الكلاء وحازه لنفسه وله ان يمنع غيره من سقي الزروع به لان الحيوان
أعظم حرمة قال بعض الشافعية وقال بعضهم انه ليس له المنع من حيث إنه لم يملكه والاختصاص انما يكون بقدر الحاجة ويعتبر في الفاضل الذي تجب بذله ان يفضل
عن سقيه ومواشيه ومزارعه فإذا ارتحل المرتفق صارت البئر كالبئر المحفورة للمارة فان عاد فهو كغيره واما البئر المحفورة في الملك أو الموات للتملك فعل يكون مائها مملوك
له قال الشيخ ره قيل فيه وجهان أحدهما انه يملكه وهو الصحيح والثاني انه لا يملكه وللشافعية قولان كهذين أظهرهما انه يملكه وهو الذي نص عليه الشافعي في القديم وحرمه؟
لأنه نماء ملكه فأشبه الثمرة واللبن ولأنه معدن ظاهر مثل ساير المعادن والثاني انه غير مملوك لظاهر قوله الناس شركاء في ثلاثة الماء والنار والكلاء ولان من استأجر دارا
كان له الانتفاع بماء بئرها ولو كان مملوكا للمالك لم يكن له التصرف فيه الا بإذن المالك والملازمة ممنوعة لأنه مأذون فيه بمقتضي العادة ولأنه لا ضرر فيه على مالكه
لأنه يستخلف في الحال بالمنبع وما لا ضرر عليه فليس له منعه منه كالاستظلال وهذا الخلاف آت فيما إذا انفجرت عين ماء في ملكه هل يملك الماء أم لا وعلى القول بأنه غير
مملوك لو نبع الماء من ملكه فخرج فاخذه انسان ملكه بالأخذ وعلى الثاني لا يملكه ولو دخل انسان دار غيره واخذ ماء من بئره ففي ملكه الخلاف مسألة ماء البئر
المملوك أو العين المملوكة سواء قلنا إنه مملوك أو لا المالك أحق به من غيره يسقي ماشية وزرعه وليس لاحد مزاحمته فيه اجماعا واما لو فضل منه شئ من حاجته فهل
يجب عليه بذله لغيره المحتاج إليه لسقي ماشيته وزرعه أو لا الوجه ان نقول قلنا بأنه مملوك وهو الحق عندنا فلا يجب عليه بذله لغيره إذ لا يجب على الانسان بذل
لغيره لكنه يستحب فان قلنا إنه غير مملوك فالأقرب الوجوب دفعا لحاجة الغير واما العامة فقد اختلفوا فقال الشافعي انه يجب عليه بذله لغيره في سقي ماشيته إذا كان
بقربه عبشب؟ لا يمكن الماشية رعيه الا بشرب الماء ولا يلزمه بدل غيره في سقي زرعه وبه قال أبو حنيفة ومالك لقوله (ع) من منع فضل الماء يمنع به فضل الكلاء منعه الله
فضل رحمته يوم القيمة وفيه أربعة أدلة آ انه لا يجب عليه بدل ما يحتاج إليه لأنه توعده على منع الفضل ب انه خصه بذلك الشرب لأنه بمنع الشرب يمنع من الرعي فدل على أنه
لا يجب لغيره ج انه لا يجب عوضه ولأنه لم يوجبه له د ان ذلك واجب لأنه يوعد عليه بمنع الرحمة في إحدى الروايتين انه يلزمه لسقي زرع غيره كالماشية لأنه مال
يخاف عليه التلف لأجل العطش وجب بذل فضل الماء له كالمواشي وقال بعض العامة يلزمه بذل ذلك بعوضه لان مالك العين إذا ألزمه بذله للحاجة استحق كالطعام يبذله
المضطر وقال بعضهم لا يجب بذله لسقي الماشية ولا لسقي الزرع بل يستحب وفرق الشافعية بين الزرع والماشية لثبوت الحرمة وانتفائها ولهذا لا يجب على صاحبه
سقيه بخلاف الماشية فان لها حرمة في نفسها ويجب على صاحبها سقيها وفرقوا بين بذل الماء والطعام بان الطعام يتلف مع بذله من غير استحقاق وجب فيه العوض
بخلاف الماء فإنه إذا بذله لم يتلف فالبدل فإنه قد يستخلف غيره إذا ثبت هذا فإنه يجب على مالك البئر بذل الدلو ولا الحبل ولا اعارتهما وكذا البكرة وغيرها لان
ذلك يتلفها والماء يستخلف وكذا لا يجب على من حاز الماء في انية أو مصنع وشبهه بذله للغير سواء استغنى مالكه عنه أو لا وسواء فضل من حاجته شئ أو لا بلا خلاف واعلم أنه
لا فرق بين البئر والعين والقناة فيما ذكرناه وشرط بعض الشافعية لوجوب البذل شروطا آ أن لا يجد صاحب المواشي كلاء مباحا ب ان يكون هناك كلاء يرعى
والا لم يجب وفي هذا الشرط لهم وجهان ج ان يكون الماء في مستقره واما الماء المأخوذ في الاناء فلا يجب بذله فان فضل عن صاحبه هل البذل لعابري السبيل
ولمواشيهم خاصة أو يندرج فيه من أراد الإقامة في الموضع وجهان لأنه لا ضرورة إلى الإقامة وحكى بعض الشافعية وجهين في أنه هل يجب البذل للزراعاة كما انها يجب للمواشي لأنها
لا يستقل بنفسها فالمنع منهم يقتضي المنع منها واستبعدوه لان البذل لسقاة الناس رعاة كانوا أو غيرهم أو لا من البذل للمواشي الا ان ينظر إلى أن منع المواشي يتضمن
(الاستيثار؟) بالكلاء المباح أو تضييعه على أن الجويني نقل وجهين في المنع من الشرب على الاطلاق وإذا قلنا إن الماء مملوك وهو المعتمد عندنا وإذا أوجبنا البذل فهل يجوز
ان يأخذ على عوضا وجهان أحدهما نعم كالمضطر يطعم بالعوض وأصحهما عند الشافعية المنع لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله من النهي عن بيع الماء مسألة لو حفر البئر ولم يقصد التملك
ولا غيره فالأقوى اختصاصه به لان قصد بالحفر أخذ الماء فيكون أحق وهنا ليس له منع المحتاج عن الفاضل عنه لا في شرب الماشية ولا الزرع ويكون التوصل إلى الماء
مقيدا بالاختصاص وان لم يقصده كما أن الاحياء قد يفيد الملك وان لم يقصد وهو أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم انه لا اختصاص لماء البئر والناس فيه كلهم
سواء مسألة حكم القنوات حكم الأبار وفي جميع ما تقدم من الاحكام ومتى اشترك المتملكون في الحفر اشتركوا في الملك إما كما اخترناه من الملك يثبت لهم على حسب
اشتراكهم في العمل والنفقة عليه واما على حسب الارتفاق على ما قال به بعض العامة كما تقدم في النهر المملوك ولهم قسمة الماء بان ينصب خشبة مستوية الاعلى والأسفل في
عرض النهر ويفتح فيها ثقب متساوية أو متفاوتة على قدر حقوقهم ويجوز تساوي الثقب مع تفاوت الحقوق بان يأخذ صاحب الثلثين اثنين ثم يسوق كل
واحد منهما حصته في ساقية إلى ارضه وله ان يدير رحى على ما صار إليه في ساقيته ولا يسبق واحد منهم ساقيته قبل المقسم ولا ينصب عليه رحى وهم الاقتسام بالمهاياة
وقد يكون الماء قليلا لا ينتفع الا كذلك ولكل منهم الرجوع في المهاياة كما قلنا في النهر وقال بعض الشافعية لا يصح القسمة بالمهاياة لأن الماء يزيد وينقص
وفائدة السقي يختلف باختلاف الأيام وقال بعضهم انه يصح القسمة ويكون لازمة لا يصح لأحدهم الرجوع فيها لبنو؟ كل واحد منهما بالانتفاع تذنيب
الذين يسقون أرضهم من الأودية المباحة لو تواضعوا على مهاياة وجعلوا للأولين أياما وللآخرين أياما جاز وكان ذلك رضا من الأولين بتقديم الآخرين ومسامحة
غير لازمة ويشبه ذلك ما إذا وهبت الضرة نوبتها من الضرة وكل من رجع من الأولين كان له سقي ارضه خاتمة يتعلق ببيع الماء إن كان قد احازه أحد
في جبله؟ أو جرة أو بركة أو مصنع أو غير ذلك ملكه بالاجماع وجاز بيعه بلا خلاف الا في وجه للشافعية ضعيف عندهم ويجب ان يكون معلوم القدر بالكيل
أو الوزن سواء كان في انية أو مصنع وبركة وعند الشافعية يشترط في بيعه إذا كان في مصنع وشبهه ان يكون عمقه معلوما وإن كان في بئر بيع الماء منها أو قناة
409

كذلك لم يجز بيعه باسره لجهالته ولامتزاجه بغيره مما ينبع شيئا فشيئا ولا يمكن التسليم ولو باع منه أصواعا معلومة فإن كان جاريا كالقناة لم يصح أيضا إذا لم يكن
قدر الربط ربط المقدر بقدر مضبوط لعدم وقوفه وان لم يكن جاريا كماء البئر فالوجه الجواز وبه قال بعض الشافعية كما لو باع من صبرة وقال بعضهم لا يجوز لأنه
يزيد فيختلط المبيع بغيره قال بعضهم الحق الأول كما لو باع من صبرة فالزيادة قليلة فصار كبيع الغلة في الأرض بشرط القطع ويمكن الفرق بان زيادة العين
الفوارة لا يشبه بماء الزرع الحاصل على التدريج ويمكن ان يقال المبيع ليس جملة الماء حتى يقال إذا زاد اختلط المبيع بغير المبيع ويتعذر التسليم وانما المبيع أصواع
منه وبالزيادة لا يعذر تسليم الأصوع كما لو باع صاعا من صبرة وجب عليها صبرة أخرى فان المبيع بحالاه إذا قلنا إن المبيع صاع من الجملة ويبقى المبيع ما بقى صاع
ويحتمل المنع هنا لان صاعا من صبرة مغاير لصاع من صبرة صب عليها بعد العقد صبرة أخرى ولو باع الماء مع قراره فإن كان جاريا فقال بعتك هذه القناة
مع مائها أو لم يكن جاريا وقلنا إن الماء لا يملك لم يجز البيع في الماء واما في القرار فيجوز وللشافعية قولان مبنيان على تفريق الصفقة وان قلنا إنه يملك جاز
ولو باع بئر الماء وأطلق أو باع دارا فيها بئر ماء جاز ثم إن قلنا إن الماء يملك فالموجود وقت البيع يبقى للبايع وما يحدث يكون للمشتري فحينئذ لا يصح البيع عند بعض
الشافعية حتى يشترط ان الماء الظاهر للمشتري والا يختلط الماءان وينفسخ البيع وان قلنا إنه لا يملك فقد اطلق الشافعية القول بان المشتري أحق بذلك الماء وليحمل
على ما ينبع بعد البيع واما ما ينبع قبله فلا معنى لصرفه إلى المشتري ولو باع حرا شايعا؟ من البئر أو القناة جاز والنابع مشترك بينهما إما اختصاصا مجردا أو ملكا
واعلم أن جماعة منعوا من بيع الماء المملوك الا إذا كان محرزا في آنية وشبهها لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع فضل الماء والحق جوازه لأنها عين مملوكة يقبل
النقل بعقد البيع كغيرها من المملوكات فكان البيع فيها سايغا كغيرها ولما رواه سعيد الأعرج في الصحيح عن الصادق (ع) قال سئلته عن الرجل يكون له الشرب
مع قوم في قناة فيها شركاء فيسقى بعضهم غير شربه أيبيع شربه قال نعم ان شاء باعه بورق وان شاء بكيل حنطة وفي الصحيح عن عبد الله الكاهلي قال سأل رجل أبا عبد الله
وانا عنده عن قناة بئر قوم لكل واحد منهم شرب معلوم فاستغنى رجل منه عن شربه أيبيعه بحنطة أو شعير قال تبيعه بما شاء هذا مما ليس فيه شئ والذي رواه أبو
بصير عن الصادق (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن النطاف والأربعاء قال والأربعا ان (يسنا مسناة)؟ فيحمل الماء ويسقى به الأرض ثم يستغنى عنه قال فلا تبعه ولكن أعره جارك
والنطاف ان يكون له الشرب فيستغني عنه فيقول لا تبعه أعره أخاك وجارك يحمل النهي فيه على الكراهة جمعا بين الأدلة الفصل الثاني في شرايط الاحياء
وهي خمسة آ أن لا يكون على الأرض يد مسلم لان ذلك يمنع من احياء الأرض لغير التصرف ولو اندرست العمارة لم يجز احياؤها لأنها ملك لعين؟ على خلاف تقدم
ب ان لا يكون حريما للعامر فان حريم المعمور كنفس المعمور لا يملك بالامياء؟ كما لا يملك المعمور لان مالك المعمور استحق باستحقاقه المواضع التي هي من مرافقة كالطريق فإنه
لا يجوز لاحد اخذ طريق يسلك فيه المالك إلى عمارته لما فيه من التضرر المنفي بالاجماع وكذا الشرب وما شابه ذلك من سيل ماء العامر وطرقه ومطرح قمامته
وملقى ترابه والاته وكلما يتعلق بمصالحه ولا نعلم خلافا بين فقهاء الأمصار ان كلما يتعلق بمصالح العامر مما تقدم أو بمصالح القرية كبنائها ومرعى ماشيتها
ومحتطبها وطرقها ومسيل ميائها لا يصح لاحد احياؤه ولا يملك بالاحياء وكذا حرم الأبار والأنهار والحايط والعيون وكل مملوك لا يجوز احياء ما يتعلق بمصالحه كقوله
عليه السلام من أحيى ميتة في غير حق فهي له مفهومه ان ما يتعلق به حق مسلم لا يملك بالاحياء ولانا لو جوزنا احياؤه أبطل الملك في العامر على أهله هذا مما لا خلاف فيه انما الخلاف
في مالك العامر هل يملك الحريم الذي له الذي؟ أو يكون أولي وأحق به من غيره وليس بمالك فقال بعضهم انه يملك كما يملك العامر وهو أصح وجهي الشافعية لأنه مكان استحقه
بالاحياء فملك كالمحيي ولان معنى الملك موجود البتة لأنه يدخل مع المعمور في بيع المعمور فان من باع دارا دخل فيها الطريق وغيره من حقوقها ولأنه ليس لغيره احيائه ولا
الاعتراض فيها ولان الشفعة تثبت بالشركة في الطريق المشترك وهو يدل على أنه مملوك وقال بعضهم انه غير مملوك لمالك العامر لان الملك يحصل بالاحياء ولم
يوجد فيها احياء وليس بجيد لمنع المقدمتين فان عرصة الدار يملك ببناء الدار وان لم يوجد في نفس العرصة احياء ولان الاحياء تارة يكون بجعله معمورا وتارة يكون بجعله
تبعا للمعمور وعلى القول بأنه لا يكون مملوكا لمالك العامر ليس له بيع الحريم منفرد أو على الأول فكذلك أيضا قاله أبو حنيفة وبعض الشافعية كما لو باع شرب الأرض
وحده والأقرب الجواز ولو حفر اثنان بئرا على أن يكون نفس البئر لأحدهما وللآخر حريمها لم يجز وكالحريم لصاحب البئر وللآخر اجرة عمله واما ما قرب من العامر ولم
يتعلق به مصلحة العامر فإنه يجوز احياؤه وهو إحدى الروايتين عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله اقطع بلال بن الحارث المزني العقيق وهو يعلم أنه من عمارة
المدينة ولأنه موات لم يتعلق به مصلحة العامر فجاز احياؤه كالبعيد والرواية الثانية منه انه لا يجوز احياؤه وبه قال أبو حنيفة والليث بن سعد لأنه في مظنة
تعلق المصلحة فإنه يحتمل ان يحتاج إلى فتح باب في الحايطة إلى فنائه ويجعله طريقا أو يخرب حايطه فيضع
آلات البناء فيه وغير ذلك فلم يجز تفويت ذلك عليه بخلاف
البعيد وليس بشئ إذ لا يمنع المحتاج من توهم الحاجة فعلى قول أبي حنيفة لاحد يفصل بين القريب والبعيد سوى العرف وقال أبو حنيفة حد البعيد هو الذي إذا
وقف الرجل في أدناه وصاح بأعلى صوته لم يسمع المصحى إليه وقال الليث حده غلوه وهو خمس خمس الفرسخ والأقرب الأول لان التحديد لا يعرف الا بالتوقف ولا
يعرف بالرأي والتحكم ولم يرد من الشرع بذلك تحديد فوجب الرجوع إلى العرف كالقبض والاحراز وقولهما تحكم بغير دليل وليس بأولى من تحديده بشئ آخر وهذا
التحديد مختص بما قرب من المصر والقرية ولا يجوز ان يكون حد الكل ما قرب من عامر لأنه يفضى إلى أن من أحيى أرضا في موات حرم احياء شئ من ذلك الموات على
غيره ما لم يخرج عن ذلك الحد وسيأتي تفصيل الحريم إن شاء الله الثالث ان لا يكون مشعرا للعبادة بوضع الشارع كعرفة ومنى والمشعر لان الشارع؟ متولد للعبادة وفي تسويع تملكها تفويت
هذا الغرض ومنافاة لهذه المصلحة وللشافعية قولان في أنه هل تملك أراضي عرفة بالاحياء كساير البقاع أم لا لتعلق حق الوقوف بها وعلى تقدير القول بالملك ففي
بقاء حق الوقوف فيما ملك وجهان وعلى القول ببقائه فهى يبقى مع اتساع الباقي أم مع ضيقه عن الحجيج وجهان وذكر الجويني ثلاثة أوجه والمسألة ثالثها الفرق بين
ان يضيق للموقف فيمنع وبين ان لا يضيق فلا منع والمنع المطلق أشبه عندهم بالمذهب لأنه كالمواضع التي تعلق بها حق المسلمين عموما أو خصوصا كالمساجد
والطرق والربط في الطرق والمواضع التي يصلي فيها للعيد خارج الأمصار والبقاع الموقوفة على معين أو غير معين الرابع ان لا يكون قد سبق إليه من حجره فان
الحجر عندنا لا يفيد الملك بل الأولوية والأحقية لا ملكا للرقبة وان ملك به التصرف والشارع في احياء الموات محجر ما لم يتمه سيأتي باب الاحياء والتحجير انشاء الله إذا
عرفت هذا فقد قلنا إن التحجير لا يفيد لان سبب الملك عندنا تمليك الامام له لان الموات قد بينا انه للامام خاصة وعند العامة سبب الملك انما هو الاحياء ولم
يوجد وقال بعض الشافعية ان التحجير يفيد التملك والمشهور انه يفيد الأولوية لان الاحياء إذا أفاد الملك وجب ان يفيد الشروع فيه الأحقية كالاستيام مع الشراء وأيضا
410

فليأمره من يعقد الاحياء بالشروع في العمارة ولا ينبغي ان نريد المحجر؟ على قدر كفايته ويضيق على الناس ولا ان يحجر ما لا يمكنه القيام بعمارته فان فعل ألزمه الحاكم بالعمارة
والتخلي عن الزيادة فيسلمها إلى من يقوم بعمارتها وكذا لو ترك الحجر الاحياء ألزمه الحاكم بالعمارة والترك لما وجد في كتاب علي (ع) قال وان تركها أو خربها فاخذها رجل
من المسلمين بعده فعمرها واحياها فهو أحق بها من الذي تركها وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون ليس لأحد اخذ الزيادة لان ذلك القدر غير متعين
مسألة إذا حجر أرضا من الموت فقد قلنا إنه يصير أولي وأحق وان لم يكن مالكا لها وينبغي له ان يشتغل بالعمارة عقيب التحجير حذرا من التعطيل فان طالت المدة
ولم يجئ امره السلطان بأحد أمرين إما العمارة أو رفع يده ليتصرف غيره فيها فينتفع بها فان عمارتها منفعة لدار الاسلام فان ذكر عذرا في التأخير مثل اباق
عبده واحتياجه إلى اصلاح الته أمهله السلطان ليعمرها وان لم يكن عذرا ألزمه إما بالعمارة أو برفع اليد عنها حتى يعمرها غيره فان طلب التأخير من السلطان
والمهلة عليه أمهله مدة قريبة يستعد فيها للعمارة ولا يتقدر تلك المدة بقدر بل يجب ما يراه السلطان وهو أصح وجهي الشافعية وفي الثاني انها تتقدر بثلاثة
أيام وليس شيئا لعدم دليل عليه فإذا مضت مدة الامهال ولم يشتغل بالعمارة بطل حقه وليس لطول المدة الواقعة بعد التحجير حد معين وانما الرجوع فيه إلى العادة وقال
أبو حنيفة مدة التحجير ثلاث سنين ما لم يطالب فيها بالعمارة فإذا مضت ولم يشتغل بالعمارة بطل حقه فإذا بادر انسان على عمارتها واحيائها ملكها وبطل حق المحجر؟
ولو كان للمحجر عذر في التأخير عن العمل فكان حقه بعد باقيا فبادر غيره وأحيى؟ ما حجره الأول ففي ثبوت الملك اشكال وللشافعية ثلاثة أوجه أصحها عندهم ان الثاني
يملك لأنه حقق سبب الملك وإن كان ممنوعا منه فأشبه ما إذا دخل في سوم غيره واشترى ولان المحجر يستحق التملك وذلك لا يمنع من ثبوت الملك لغيره لوجود
سبب الملك كما أن استحق ان يتملك الشقص وإذا باعه المشترى صح البيع والثاني لا يملك لئلا يبطل حق المحجر ولأنه احياء في حق غيره فلم يملكه كما لو أحيى في مرافق غيره بخلاف
بيع المشتري لما فيه من الشفعة لأنه لا يؤدي إلى ابطال الشفعة وهنا يبطل حق غيره والثالث انه يفرق بين ان ينضم إلى المحجر اقطاع السلطان فلا يملك المحيى وبين ان لا
يضم فيملك وفرق الجويني بين ان يأخذ في العمارة فلا يملك المبتدر إلى الاحياء وبين أن يكون المتحجر يرسم خطو؟ نحوه فيملك مسألة لو باع المتحجر ما تحجره قبل ان
يخصه لم يصح بيعه لأنه لا يملكه بالتحجير ويحتمل الصحة لان له حقا فيه وللشافعية وجهان أحدهما انه لا يصح فان حق التملك لا يصح بيعه ولهذا لا يصح بيع الشفيع قبل الاخذ
بالشفعة والثاني انه يصح لأنه أحق من غيره فكأنه بيع حق الاختصاص فعلى الصحة لو باعه المتحجر فجاء اخر غير المشتري فأحياه قبل ان يحييه المشتري فقلنا انه يملك
لم يسقط الثمن عن المشتري لحصول التلف بعد القبض وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون يسقط مسألة لو حجر انسان على ارض موات صار أولي من غيره على
ما تقدم فان أهمل عمارتها حتى زالت اثاره بطلت الأولوية وعادت الأرض مواتا ولو طال زمان الاهمال ولم يرفع الامر إلى السلطان ولا خاطبه بشئ قبل تبطل الأولوية
أيضا لان التحجير ممن لا يتمكن من تهية الأسباب كفقير متحجر منتظرا القدرة عليها ولا يتمكن متحجر ليعمره في السنة القابلة فإذا اخر وطالت المدة عاد الموات كما كان وقيل لا يبطل
ما لم يرفع الامر إلى السلطان ويخاطبه بالترك مسألة التحجير يفيد الأولوية على ما تقدم ولا يثمر ملك الرقبة وان ملك به التصرف حتى لو تهجم عليه من يريد احياء كان
له منعه فان قاهره واحياء لم يملكه المحيي ما لم يرفع السلطان يد المتحجر عنها أو يأذن له في الاحياء ويجوز للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ان يحجروا لأنفسهم كغيرهم بل الموات عندنا
للإمام (ع) الخامس ان لا يكون مقطعا من الامام فان لاقطاع الامام مدخلا في الموات بل عندنا انه هو المالك للموات فيجوز للامام ان يقطع غيره أرضا من الموات
خالية من التحجير لمن يحييها ويصير المقطع أولي ويفيد الاقطاع التخصيص والأحقية كالتحجير ويمنع الغير من المزاحمة له ولا يصح رفع هذا الاختصاص بالاحياء وقد اقطع
النبي صلى الله عليه وآله وليد بن وابل بن حجر أرضا بحضر موت وروى أن النبي صلى الله عليه وآله اقطع الدور واقطع الزبير حضر فرسه يعني عدوه ما جرى فلما قام الفرس رمي بسوط فقال النبي
اقطعوا له مرمى؟ سوط وروى أن رسول الله صلى الله عليه وآله رعي الأنصار ليقطع لهم بالبحرين فقالوا يا رسول الله ان فعلت فاكتب لاخواننا من قريس بمثلها وفايدة الاقطاع تصير المقطع
أحق باحيائه كالمحيي وإذا طالت المدة ولم يحيه المقطع أو أحياه غيره فعند الشافعية يكون الحكم كما تقدم في المتحجر وقال مالك ان أحياه عالما بالاقطاع كان ملكا للمقطع
وان أحياه غيره عالم بالاقطاع فالمقطع بالخيار بين ان يأخذ وتغرم للمحيي ما أنفق عليه في التجارة وبين ان يتركه على المحيي ويأخذ منه قيمة الموات قبل العمارة وقال أبو حنيفة
ان أحياه قبل ثلاث سنين فهو للمقطع وان أحياه بعدها فللمحيى ولا ينبغي ان يقطع الامام الا من يقدر على الاحياء ويقدر ما يقدر عليه مسألة الاحكام الذي يتعلق
بالموات ثلاثة احياء وحى واقطاع فالاحياء قد سبق والاقطاع قسمان اقطاع الموات للتمليك وقد سبق والثاني اقطاع الرفاق وهو ان يقطعه موضعا يجلس فيه من الطريق
الواسعة ورحاب؟ الجوامع ومقاعد الأسواق ويجوز ذلك إذا لم يضر بالمارة والمصلين لان ذلك لمرافق المسلمين والجالس يرتفق بذلك ببيع وشراء وغير ذلك واختلفت
الشافعية في أنه هل لاقطاع الامام فيه مدخل على وجهين أحدهما انه لا مدخل له في هذا الارتفاق لأنه انتفع بها على صفتها من غير عمل فأشبهت المعادن الظاهرة
ولأنه لا مدخل للتملك فيه ولا معنى للاقطاع بخلاف الموات والثاني ان له مدخلا فيه لان للامام نظرا واجتهادا في أن الجلوس في المواضع هل هو مضر أم لا ولهذا يزعج
من جلس إذا رأى جلوسه مضرا وإذا كان للاجتهاد فيه مدخل فكذا لاقطاعه إذا عرفت هذا فقد قال بعض الشافعية ان للامام ان يتملك من الشوارع ما فضل
عن حاجة الطروق السادس ان لا يكون قد حماه النبي والمراد من الحمى ان يحمى بقعة من الموات لمواشي بعينها ويمنع سائر الناس من الرعى فيها والحمى قد كان لرسول
الله صلى الله عليه وآله لخاص نفسه وللمسلمين لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لا حمى الا لله ولرسوله ولكنه (ع) لم يحم لنفسه وانما حمى النقيع بالنون لابل الصدقة ونعم الجزية وخيل المجاهدين
في سبيل الله وعندنا ان للامام ان يحمى لنفسه ولابل الصدقة ونعم الجزية وخيل المجاهدين على حد ما كان للنبي واما غيرهما من آحاد المسلمين فليس لهم ان يحموا لأنفسهم
ولا لغيرهم لقوله (ع) لا حمى الا لله ولرسوله وانما قصد به النبي صلى الله عليه وآله منع العامة من الحمى وذلك لان العزيز من العرب كان إذا انتجع بلدا مخضبا وافى بكلب على جبل إن كان به أو على نشق؟
ان لم يكن به ثم استعوى الكلب ووقف له من كل ناحية تسمع صوته بالعواء فحيث انتهى صوته حماه من كل ناحية لنفسه ويرعى مع العامة فيما سواه فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن
ذلك لما فيه من التضييق على الناس واما الأئمة فقد قلنا إنهم عندنا في ذلك بمنزلة النبي صلى الله عليه وآله ومنع الشافعي من تجويز الحمى لخاص نفسه فان حمى لنفسه لم يكن له ذلك
وان أراد ان يحمى للمسلمين فقولان أحدهما ليس له ذلك لقوله (ع) لا حمى الا لله ولرسول ولأنه لا يحمى لنفسه فلا يحمى لغيره كالعامة ونقول بموجب الحديث فان الامام قائم
مقام الرسول والمقدمة الأولى ممنوعة والثاني وهو الصحيح عندنا وعندهم وبه قال مالك وأبو حنيفة ان عمر بن الخطاب حمى موضعا وولى عليه مولى له يقال له هني فقال
يا هني اضمم جناحك للناس واتق دعوة المظلوم فان دعوة المظلوم مجابة وادخل رب الصريمة ورب الغنيمة وإياك ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف فإنهما ان تهلك
ماشيتهما يرجع إلى نخل وزرع وان رب الصريمة والغنيمة ان تهلك ما شيته يأتيني بعماله فيقول يا أمير المؤمنين (ع) أفتاركهم؟ لا أبا لك لا أبا لك فالماء والكلاء أهون
411

على من الدينار والدرهم وأيم الله انهم ليقولون انها لبلادنا التي قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الاسلام ولولا الخيل التي احمل عليها في سبيل الله لما حميت من
بلاد الاسلام شبرا وهو اجماع منهم ولان ما كان لمصالح المسلمين قامت الأئمة مقام النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ما أطعم الله نبيا طعمة الا جعلها طعمة لمن بعده واما الخبر فمخصوص
مسألة للامام ان يحمى لنفسه ولخيل المجاهدين وابل الصدقة والضوال وكذا نعم الجزية ومواشي الضعفاء وبه قال الشافعي لان ذلك كان للنبي صلى الله عليه وآله فيكون للامام وحكى أصحاب الشافعي
عن مالك أنه قال لا تحمى الا لخيل المجاهدين ولا تحمى الا الأقل الذي لا يتبين ضرره على الناس ولا يضيق الامر عليهم وحكم أصحابه جواز الحمى لغير ذلك إذا ثبت هذا
فإنه تحمى قدرا لا يضيق به على المسلمين ولا يضر بهم لأنه انما جاز لما فيه من المصلحة لما يحمى وليس من المصلحة ادمغال؟ الضرر على أكثر الناس إذا عرفت هذا فان قلنا
بجواز ان يحمى الامام الأعظم هل يجوز لولاته في النواحي أيضا الوجه المنع الا بإذن الامام الأعظم وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الجواز مسألة ما حماه النبي
أو الامام لا يجوز احياؤه فان أحياه محيي ما يملكه ما دام الحمى مستمرا وما حماه النبي أو الامام لمصلحة فزالت جاز نقضه لانتفاء الباعث على الأحماء وإذا كانت باقية
لم يجز نقضه وقال الشافعي فيما حماه الامام قولان أحدهما لا يجوز تغييره لتعيينه لتلك الجهة كالمسجد والمقبرة وأظهرهما الجواز لان الحمى كان نظرا للمسلمين برعاية مصلح
حالية وقد يقتضي النظر نقضه ورده إلى ما كان ولهم قول اخر ان للحامي ان ينقض حمى نفسه ولا يجوز لمن بعده من الأئمة نقض حماه فإذا جوزنا فلو أحيى محيى بإذن
الامام ملكه وكان الاذن في الاحياء نقضا وان استقل فقولان أظهرهما عنده المنع لما فيه من الاعتراض على تصرف الامام وحكمه واما حمى رسول الله
ففيه طريقا لي منهم من قال إنه نص من الشارع فلا ينقص بحال ومنهم من قال إن بقيت الحاجة التي حمى لها لم يغير وان زالت فوجهان أحدهما وبه قال أبو حنيفة يجوز تغييره
لزوال العلة وأظهرهما عند الشافعية المنع لان التغيير انما يكون بالاجتهاد ونحن نقطع أمان؟ فعله مصلحة فلا يرفع لقطع بالظن خاتمة قد سبق ان المعادن
الظاهرة لا يجوز اقطاعها ويجوز ان يقطع انسانا المواضع المتسعة في الشوارع فيختص بالجلوس فيه وإذا قام عنه لم يكن لغيره الجلوس فيه وإذا لم يقطع السلطان
لكن سبق إلى الجلوس في الطريق الواسع كان أحق به ما دام جالسا فيه الاجماع أهل الاعصار عليه فان الباعة يجلسون على الطريق من غير انكار أحل عليهم فان قام
أحد وإن كان ترك رحله كان أحق به ما دام جالسا فيه لاجماع أهل الاعصار عليه فان الباعة يجلسون على الطريق من غير انكار أحد عليه فان قام أحد وترك رحلة كان أحق به وان نقل رحله عنه فسبق إليه غيره كان الثاني أحق بخلاف ما إذا اقطعه السلطان لان ذلك كان أولي بسبب الاقطاع ولو لم يترك وهذا
قدم بالسبق إليه وقد زال ثم الجالس بالاقطاع أو السبق ان ظلا على نفسه شيئا فإن كان الظل مما ينقله معه جاز وإن كان بناء لم يجز وكذا ليس له بناء دكة ولا نصب شريحه
لان ذلك يضر بالمارة إذا عرفت هذا فغير المملوك من الأرض على أقسام أربعة آ ما يملك بالاحياء ويحجر ويقطع وهو الموات من الأرض ب ما لا يملك ولا يقطع ولا
يحجر وهو المعادن ج ما لا يملك ولا يحجر يجوز اقطاعه للارفاق وهو المجالس في الطرقات والأسواق د المعادن الباطنة وتملك بالاحياء وللشافعي قولان واعلم أنه ليس للامام
اقطاع بقاع المسجد فان المساجد لله تعالى قال بعض الشافعية ان المترتب في المسجد للتدريس والفتوى كالمترتب للامامة حتى لا يعتبر اذن الامام في مساجد المحال ويعتبر
في الجوامع وكبار المساجد إذا كانت عادة البلد فيه الاستيذان فجعل الاذن للامام فيه اعتبارا وقال بعض الشافعية ان في جملة ما يقطعه الامام للارفاق والجلوس
للبيع والشراء مقاعد الأسواق ورحاب المساجد فان أراد بالرحاب الأفنية الخارجة عن حد المسجد فهو مسلم والا فممنوع للنهي عن الجلوس في المساجد للبيع والشراء الفصل
فيما به يحصل الاحياء المعهود من عادة الشرع إذا اطلق لفظا ولم ينص على مسمى عنده يخالف العرف فإنه ينزل على معناه في العرف كالقبض والحرز في السرقة
والتفرق فان الشرع ورد بذلك في قوله (ع) البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وانه نهى عن بيع ما لم يقبض وان القطع يجب على السارق من الحرز ولم يبين كيفيته وانما يرجع إلى العرف لأنه (ع)
لا يعلق حكما الا على ما إليه طريق فلما لم يبينه دل على أن طريقة العرف والا لزم تكليف ما لا يطاق إذ لا طريق غيره وقد ورد الشرع بالاحياء ولم يبينه فانصرف اطلاقه
إلى المتعارف بين الناس وذلك يختلف باختلاف المحيا فالأرض قد يتخذ للسكنى والحضيرة والمزرعة واحياء كل واحد من ذلك تبينها الانتفاع الذي أريدت له ويظهر
بصور يشتمل على مسائل مسألة إذا أراد السكنى في الملك التي يقصد احياؤه وانما يكون ذلك بصيرورته دارا وانما يصير كذلك بان يدار عليها حايط
ويسقف بعضها لان السكنى لا يكون الا بذلك والتحويط إما بالاجر أو اللبن أو بمحض الطين أو ألواح الخشب أو القصب بحسب العادة فلا يجب تعميم السقف على الحيطان
الدايرة على البقعة بل يكفى فيه ما يمكن السكنى معه ولان اسم الدار حينئذ يقع عليه هذا قول الشيخ ره وهو قول أكثر الشافعية وبعضهم لم يشترطوا التسقيف في احياء
الدار وهو إحدى الروايتين عن أحمد فإنه اكتفى بتحويط الجدار لا غير فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أحاط حايطا على ارض فهي له ولان الحايط حاجز منيع فكان احياء كما لو جعلها
حضيرة للغنم لان القصد لا اعتبار به لأنه لو أرادها حضيرة للغنم فبناها بجص واجر وقسمها بيوتا فإنه يملكها وهذا لا يعمل للغنم مثله ولأنه لو بناها للغنم
ملكها بمجرد الحايط فإذا ملكها جاز له ان يبنها دارا من غير اشتراط تسقيف ولا بأس بذلك واشترط أكثر الشافعية في احياء الدار تعليق الباب لان العادة في المنازل
ان يكون لها أبواب وما لا باب له لا يتخذ مسكنا ولم يذكره الشيخ ره ولا بعض الشافعية لان نصب الباب للحفظ والسكنى لا يتوقف عليه مسألة لو أراد احياء ارض يتخذها
زريبة للدواب أو حضيرة تجفف فيها الثمار أو يجمع فيها الحطب أو الحشيش اشترط التحويط لا غير ولا يشترط التسقيف هنا اجماعا قضاء للعرف فيه ولا يكفي نصب
سقف واحجار من غير بناء لان المتملك لا يقتصر عليه في العادة وانما يفعل مثله المجتاز المرتفق ولو حوط بالبناء في طرف واقتصر للباقي على نصب الاحجار أو السقف
للشافعية قولان أحدهما الاكتفاء والثاني عدمه ولا يشترط التسقيف هنا اجماعا وفي اشتراط تعليق الباب ما سبق من الخلاف مسألة لو قصد الاحياء لاتخاذ
الموات مزرعة اعتبر في احيائه أمور آ جمع التراب في حواليه لينفصل المحياء عن غيره ويسمى المرز وفي معناه نصب قصب وحجر وشوك وشبهه ولا حاجة إلى التحويط اجماعا
فان معظم المزارع بارزة ب تسوية الأرض بطم الحفر التي فيها وإزالة الارتفاع من المرتفع وحراثتها وتليين ترابها فإن لم تسير ذلك الا بما يساق إليها فلابد منه
ليتهيأ الأرض للزراعة ج ترتيب مائها إما بشق ساقية من نهر أو حفر بئر أو قناة وسقيها إن كانت عادتها انها لا يكتفي في زراعتها بماء السماء وان اكتفت به فلا حاجة
إلى سقي ولا ترتيب ماء وإذا احتاجت في السقي إلى النهر وجب تهيئة ماء من عين أو نهر أو غيرهما فإذا هيئاه فان حفر له الطريق ولم يبق الا اجر الماء فيه كفى ولم يشترط اجراء الماء ولا
سقي الأرض وان لم يحفر بعد فللشافعية وجهان وبالجملة السقي نفسه غير محتاج إليه في تحقق الاحياء انما الحاجة إلى ترتيب ماء يمكن السقى منه وأراضي الجبال التي لا يمكن سوق الماء
إليها ولا يصيبها الا ماء السماء قال بعض الشافعية لا مدخل للاحياء فيها وبنى عليه انا إذا وجدنا شيئا من تلك الأراضي في يد انسان لم يحكم بأنه ملكه ولا يجوز بيعه واجارته
والوجه انها يملك بالحراثة وجمع التراب على الحدود وكثير من المزارع تستغني عن السوق الماء إليه بالمطر وهل يشترط الزراعة لحصول الملك في الزراعة الوجه العدم لان
الزراعة استيفاء منفعة الأرض واستيفاء المنفعة خارج عن حد الاحياء كما أنه لا يعتبر في احياء الدار ان يسكنها وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الاشتراط لان الدار والزريبة
412

لا تصير محياة الا إذا حصل فيها عين مال المحيي وكذا المزرعة مسألة لو قصد الاحياء بزرع بستان فلابد من التحويط ويرجع فيما يحوط به إلى العادة فلو كانت عادة
البلد بناء الجدار لزم البناء وإن كانت عادتهم الحضيرة بالقصب والشوك وربما تركوه أيضا كما في البصرة وقزوين اعتبرت عادتهم وحينئذ يكفي جمع التراب حواليه كالمزرعة
والقول في سوق الماء إليه على ما تقدم في المزرعة ولم (هل) يعتبر غرس الأشجار أم لا من اعتبر الزرع في المزرعة اعتبر البستان وطريق الأولى ومن لا يعتبره اختلفوا في الغرس على
وجهين ومعظمهم اعتبره والفرق ان اسم المزرعة يقع على البقعة قبل الزراعة واسم البستان لا يقع قبل الغراس ولان الزرع يسبقه تغليب الأرض وحرتها فجاز ان يقام
مقامه والغرس لا يسبقه شئ يقام مقامه ولان الغرس يدوم فالحق ما بنية؟ الدار والزرع بخلافه والوجه انه لا بد من أحد أمرين إما الحايط أو الغرس لتحقق الاسم وكذا
الأرض إذا زرعت بما سبق إليها فقد تم الاحياء وان لم يجمع التراب حولها تنبيه لو كانت الأرض مستاجعة؟ فيعضد شجرها واصلحها أو كانت المياه غالبة عليها
فقطعها عنها وهيأها للعمارة كان احياء منها عرفا مسألة هل يعتبر القصد إلى الاحياء في تحقق الملك للمحيي الوجه ان نقول إن كان الفعل الذي فعله للاحياء
لا يفعل في العادة مثله الا للتملك كبناء الدار واتخاذ البستان ملك به وان لم يوجد منه قصد التملك وإن كان ما يفعله المتملك وغير المتملك كحفر البئر في الموات وزراعة قطعة من الموات اعتمادا
على ماء السماء افتقر تحقق التملك إلى تحقق قصده فان قصد أفاد الملك والا فاشكال ينشأ من أن المباحاة هل تملك بشرط النية أم لا وللشافعية وجهان وما لا يكفي به التملك
كتسوية موضع النزول وتنقيته عن الحجارة لا تفيد التملك وان قصده وهذا كنصب الأحبولة في طرف طرق الصيد فإنه يفيد الملك في الصيد واغلاق الباب إذا دخل الصيد
الدار على قصد التملك يفيد الملك ودونه وجهان وتوحل الصيد في ارضه التي سقاها لا بقصد الصيد لا يقتضي التملك وان قصده مسألة لو قصد نوعا وفعل احياء
تملك نوع اخر كما إذا حوط بقعة بقصد السكنى وهذا الاحياء انما يتحقق في تملك حظيرة الغنم وشبهها هل يفيد الملك الوجه عندي ذلك فإنه مما يملك به الحظيرة لو قصدها
وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يملك به والا لزم الاكتفاء بأدنى العمارات ابدا واستحالة الثاني ممنوعة مسألة إذا حفر بئرا في الموات للتملك لم يحصل الاحياء
ما لم يصل إلى الماء وقبله يكون تحجيرا وإذا وصل الماء كفى في الاحياء سواء كانت الأرض صلبة أو رخوة قال بعض الشافعية يكفي في الصلبة لا بد في الرخوة من طبها وليس
بشئ وفي حفر القناة يتم الاحياء بخروج الماء وجريانه وإذا حفر نهرا ليجرى الماء فيه على قصد التملك فإذا انتهت فوهة النهر الذي يحفره إلى فوهة النهر القد يم وجرى فيه
الماء ملكه والوجه انه لا يتوقف الملك على اجراء الماء فيه لأنه استيفاء منفعة كالسكون في الدار وإذا اسقى ارضه بما غيره المملوك لذلك الغير فالزرع لصاحب البذر
وعليه قيمة الماء مسألة ما تصب عنه الماء من الجزائر الأقرب انه يملك بالاحياء لعدم الاختصاص بالغير وعن
أحمد رواية أخرى لا يجوز احيائه ولا يملك بالاحياء لاشتماله
على الضرر فان الماء قد يرجع فإذا وجد الموضع مبنيا رجع إلى الطرق الأخر فأضر باهله ولان الجزاء منبت الكلاء والحطب فجرى مجرى المعادن الظاهرة وهو ممنوع ولو تصب الماء من
الجزيرة فنبت فيها نبات لم يكن لاحد الاختصاص به ولا منع الناس عنه إما لو غلب الماء على ارض مملوكة لانسان ثم تصب الماء عنها فله اخذه ولا يزول ملكه عنه ولو نبت فيه
شئ كان للمالك خاصة ولو كان ما تصب عنه من الجزاير لا ينتفع به أحد فعمره رجل عمارة لا ترد الماء مثل ان يجعله مزرعة فهو أحق به من غيره لأنه يتحجر لما ليس لمسلم فيه حق فأشبه
المتحجر في الموات الفصل الرابع في حد الحريم الحريم إشارة إلى المواضع القريبة التي يحتاج إليها لتمام الانتفاع كالطريق ومسيل الماء ومطرح التراب وأشباه ذلك فقد بينا انه
لا يجوز لاحد احياؤه لتعلق حق الغير به وسبق ان الكفار إذا صالحونا على أن البلدة لهم كان عامرها ملكا لهم فلا يجوز لاحد من المسلمين احيائها واما مواتها فإن كان يذبون
عنه فهو من حريم تلك البلد ومرافقها فلا يجوز احياؤه مسألة حريم القرى المحياة ما حواليها من مجتمع الناري؟ ومركض الخيل ومناخ الإبل ومطرح الرماد والسماد
وساير ما يعد من مرافقها لا يجوز لاحد احياؤه ولا الاختصاص به لما فيه من التضييق على المسلمين ومنع حقوقهم عنها واما مرعى البهائم ففي كونه من حريمها نظر وفصل الجويني
فقال إن بعد عن القرية لم يكن من حريمها وان قرب ولم يستقل مرعى ولكن كانت البهايم ترعى فيه عند الخوف من الابعاد فقولان والظاهر عندهم انه ليس من حريمها واما ما استقل مرعى
فقطع بعض الشافعية بأنه من الحريم وقال بعضهم مرعى البهايم من حقوق القرية مطلقا وحكم المحتطب حكم المرعى مسألة حريم الدار في الموات مطرح ترابها والرماد والكناسة
والثلج وقامة؟ المنزل ومسيل مياهها والممر في الصوب الذي يفتح إليه الباب وليس المراد منه استحقاق الممر في قبالة الباب على امتداد الموات بل يجوز لغيره احياء ما في
قبالة الباب إذا بقى له الممر فان احتاج إلى ازودار والنطاف؟ جاز لان الحاجة تمس إلى ذلك وعند جماعة من الشافعية فناء الدار من حريمها ومنع بعضهم من أن يكون للدار
حريم بل لو أراد محيى ان يبني بجنبها لم يلزمه ان يتعدى عن فنائها نعم له منع ما يضر بالحيطان كحفر بئر بقربها واما حريم الحايط فعندنا انه مقدار مطرح ترابها لان الحاجة
تميل إليه عند سقوطه وهذا كله انما يثبت في الأرض الموات إذا ابتكر عمارة الدار والحايط فيها فيجب على من يريد العمارة في تلك الأرض المتباعد عن الدار والحايط ما قلناه
مسألة البئر إذا حفرت للتملك في الأرض الموات لم يجز إلى أحد ان يحفر بئر إلى جنبها بل يجب التباعد عنها قدر أربعين ذراعا إن كانت بئر بين المعطن وستين إن كانت بين
الناضح عند علمائنا لما رواه العامة عن عبد الله بن معقل ان النبي صلى الله عليه وآله قال من احتفر بئرا فله أربعين ذراعا حولها لمعطن ماشية ومن طريق الخاصة ما رواه مسمع بن عبد الملك
عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما بين المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعا وما بين الناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعا ومثله روى السكوني في الموثق عن
الصادق (ع) عن رسول الله صلى الله عليه وآله وفى الصحيح عن حماد بن عثمان قال سمعت الصادق (ع) يقول حريم البئر العادية أربعون ذراعا حولها وفي رواية خمسون ذراعا الا ان يكون إلى عطن أو إلى
الطريق فيكون أقل من خمسة وعشرين ذراعا ونسب البئر إلى العادية لان المراد ما هو من زمن عادا وما أشبهه موات ولم يرد النسبة به إلى عاد بالخصوصية لكن لما كانت عاد في زمن
الأول كان لها اثار وفي الأرض نسب إليها كل قديم والضابط ان لا يكون قد تملكها المسلمون وقال الشافعي حريم البئر ما يحتاج إليه في السقي منها إن كان بالسواقي؟ فيقدر
ما يحتاج إليه أو باليد فبقدر ما يحتاج إليه الواقف عندها وبالجملة الموضع الذي تقف فيه الباذخ وموضع الدولاب ومتردد البهيمة إن كانت الاستقاء بهما ومصب الماء والموضع الذي يجتمع فيه
لسقي الماشية والزرع في حوض ونحوه والموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منه كل ذلك غير محدود وعنده وانما هو بحسب الحاجة ومقدار العرف في ذلك ومن أصحابه من قال حريم البئر
قدر عمقها من كل جانب لان هذا انما يثبت للحاجة إليه فينبغي ان تراعي الحاجة دون غيرها والعمل على النقل أولي قال أبو حنيفة حريم البئر أربعون ذراعا لان النبي صلى الله عليه وآله
قال حريم البئر أربعون ذراعا وهو قريب مما قلناه لأنا خصصنا ذلك بئر المعطن وقال احمد حريم البئر خمسة وعشرون ذراعا الا أن تكون عادية فيكون
حريمها خمسون ذراعا لما روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال حريم البئر البد؟ خمسة وعشرون ذراعا وحريم البئر العادية خمسون ذراعا
والبدي هي البئر التي أحدثت في الاسلام ولم يكن عادية قاله في الصحاح والشافعي لم يحد ذلك بشئ وحمل اختلاف الروايات على اختلاف القدر المحتاج إليه ويحكى مثله عن مالك
مسألة حريم العين في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع وفي الرخوة الف ذراع فإذا حفر انسان عينا في ارض موات صلبة وأراد غيره حفر أخرى تباعد عنه بخمسمائة ذراع وإن كانت
رخوة تباعد بألف ذراع عند علمائنا وهو قريب من قول أبي حنيفة لأنه جعل الحريم العين خمسمائة ذراع وأطلق ولم يفصل الأرض إلى الرخوة والصلبة ولنا على
413

مطلق التحديد ما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال حريم البئر خمسة وعشرون ذراعا وحريم البئر العادية خمسون ذراعا وحريم العين السانحة ثلاثمائة ذراع وعلى التقدير بخمسمائة
ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال حريم البئر أربعون ذراعا وحريم العين خمسمائة ذراع لاعطان الإبل والغنم ومن طريق الخاصة ما رواه مسمع بن عبد الملك عن الصادق
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعا وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعا وما بين العين إلى العين يعني القناة خمس مائة ذراع وفي الموثق عن
السكوني عن الصادق (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعا وما بين بئر للناضح إلى بئر الناضح ستون ذراعا وما بين العين يعني القناة
خمسمائة ذراع وعلى التفصيل ما رواه عقبة بن خالد عن الصادق (ع) قال يكون بين البئرين إذا كانت ارض صلبة خمسمائة ذراع وإن كانت أرضا رخوة الف ذراع فلم يجد
الشافعي ذلك بحد بل جعل الضابط الحاجة مهما احتاجت العين إليه لزم والا فلا وقد روى محمد بن علي بن محبوب قال كتب رجل إلى الفقيه (ع) في رجل كانت له قناة في
قرية فأراد رجل ان يحفر قناة أخرى فوقه كم يكون بينهما في البعد حتى لا يضر بالأخرى في ارض إذا كانت صلبة أو رخوة فوقع (ع) على حسب أن لا يضر أحدهما بالآخر قال الشافعي
فاما القناة فآبارها لا يستقي منها حتى لا يعتبر بها الحريم فحريمها القدر الذي لو حفر فيه لنقص مائها أو خيف منه العيار والكباس ويختلف ذلك بصلابة الأرض
ورخاوتها ولهم وجه آخران حريمها حريم البئر التي يستقي منها ولا يمنع من الحفر بعد ما جاوزه وان نقص ماؤها وقال بعضهم لو جاء اخر وتنحى عن المواضع التي عددناها
حريما وحفر بئرا ينقص ماء الأولى لم يمنع منه وهو خارج عن حريم البئر والا ظهر عندهم انه ليس لغيره الحفر حيث تنقص ماء الأولى كما ليس لغيره ان يتصرف قريبا من بنائه بما يضر به بخلاف ما إذا حفر بئرا في ملكه فحفر جاره بئرا في ملكه فنقص ماء الأولى حيث يجوز
والفرق ان الحفر في الموات ابتداء تملك فلا يمكن منه إذا تضرر الغير وهنا كل واحد منهما يتصرف في الملك
وعلى هذا فذلك الموضع داخل في حريم البئر أيضا وما حكمنا بكونه
حريما وذلك إذا انتهى الموات إليه وإن كان الموضع مملوكا قبل تمام حد الحريم فالحريم إلى حيث ينتهي الموات مسألة حد الطريق لمن ابتكر ما يحتاج إليه في الأرض المباحة
خمسة أذرع وقيل سبع فالثاني يتباعد هذا المقدار لما رواه مسمع بن عبد الملك عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله والطريق إذا تشاح إليه أهله فحده سبع أذرع
ومثله ما رواه السكوني في الموثق عن الصادق (ع) عن رسول الله صلى الله عليه وآله واما النهر فحريمه مقدار مطرح ترابه والمجاز على حافيته ولو كان النهر في ملك الغير فادعى الحريم قضى له
مع يمينه لأنه يدعي ما يشهد به الظاهر على اشكال مسألة حريم الشجر ما تبرز أعضائه إليه أو تسرى عروقه إليه فإذا أحيا أرضا وزرع في جانبها غرسا فتبرز أعضائه إلى
الموات أو تسري عروقه إليه لم يكن لغيره احياء ما يرى يصل الأغصان؟ أو العروق إليه فان بادر أحد إلى احيائه كان للغارس منعه ولو باع انسان بستانا نخلا واستثنى عليه
نخلة معينة كان للبايع حق الاستطراق إلى تلك النخلة والدخول إليها والخروج عنها وله مدى جرايدها من الأرض لما رواه السكوني في الموثق عن الصادق (ع)
قال قضى النبي صلى الله عليه وآله في رجل باع نخلا واستثنى عليه نخلة فقضى له رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدخل إليها والمخرج ومدى جرايدها وعن عقبة بن خالد ان النبي صلى الله عليه وآله قضي في كل هذا النخل ان يكون النخلة
والنخلتان للرجل في حايط الأخر فيختلفون في حقوق ذلك فقضى ان لكل نخلة من أولئك مبلغ جريدة من جرايدها حتى تقدر بها وروى ابن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال
حريم النخلة طول سعفها تنبيه جميع ما فصلناه في حريم الاملاك مفروض فيما إذا كان الملك مخصوصا بالموات أو متاخما له من بعض الجوانب واما إذا كانت
الأرض محفوفة بالاملاك فلا حريم لها لان الاملاك متعارضة وليس جعل موضع حريم لدار أولي من جعله حريما لاخرى وكل من الملاك يتصرف في ملكه على العادة
كيف شاء ولا ضمان عليه وان افضى إلى تلف الا ان يتعدى وقد اختلف قول الشافعي في أنه لو أعد داره المحفوفة بالمساكن حماما واصطبلا أو طاحونه أو حانوتا في صف العطارين
حانوت حداد أو قصار على خلاف العادة على قولين أحدهما انه يمنع منه وبه قال احمد لما فيه من الضرر وأظهرهما عنده الجواز وهو المعتمد لأنه مالك له التصرف في ملكه وفي
منعه من تتميم التصرفات اضرار به هذا إذا احتاط واحكم الجدران بحيث يليق بما يقصده فان فعل ما يغلب على الظن فيه انه يودي إلى خلل في حيطان جاره فاظهر الوجهين عند
الشافعية (عدم الجواز ظ) وذلك كما إذا كان يدق الشئ في داره دقا عنيقا فيزعج منه الحيطان أو حبس الماء في ملكه بحيث ينشر منه النداوة إلى حيطان الجار ولو اتخذ داره مدبغة؟ أو
حانوتة فخبر؟ حيث لا يعتاد فان قلنا لا يمنع في الصورة السابقة فهنا أولي وان قلنا بالمنع فهنا يحتمل عدمه لان الضرر هنا من حيث التأذي بالدخان والرايحة الكريهة
وانه أهون وكذا البحث في إطالة البناء ومنع الشمس والقمر والأقوى ان لأرباب الاملاك التصرف في املاكهم كيف شاؤوا ولو حفر في ملكه بئر بالوعة وفسد
بها بئر ماء الجار لم يمنع منه ولا ضمان عليه بسببه ولكنه قد يكون فعل مكروها وبه قال الشافعي وقال مالك تمنع فان فعل وتلف شئ ضمنه فايدة لا يمنع
من احياء ما وراء الحريم قرب أو بعد لان النبي صلى الله عليه وآله اقطع عبد الله بن مسعود الدور وهي من ظهراني عمارة الأنصار من المنازل والنخل والدور يقال له انه اسم موضع
ويقال المعنى انه اقطعه تلك البقعة ليتخذها دورا وقال مالك ان القريب من العمران لا يحييه الا أهل العمران وهو تحكم مثله عن أبي حنيفة مع تحديد
القرب بقدر صحته من كل جانب وربما ينسب ذلك إلى أبي يوسف مسألة النهر المملوك إذا كان عليه رحى بحق ملك لم يكن لا رباب النهر طم هذا النهر ولا صرف
الماء عنه إلى املاكهم بنهر غيره الا بإذن صاحب الرحى لاشتماله على تضرر صاحب الرحى ولما رواه محمد بن علي بن محبوب قال كتب رجل إلى الفقيه في رجل كانت له رحى على
نهر قرية لرجل أو رجلين فأراد صاحب القرية ان يسوق الماء إلى قريته في غير النهر الذي عليه الرحى ويعصل هذا الرحى اله ذلك أم لا فوقع (ع) تتق الله عز وجل ويعمل ذلك
بالمعروف ولا يضار رخاء المؤمن تتمة قال ابن بابويه روى أن حريم المسجد أربعون ذراعا من كل ناحية وحريم المؤمن في الضيف باع وروى عظم الزراع وروى الشيخ
عن عقبة بن خالد عن الصادق (ع) قال قضي رسول الله في رجل احتفر قناة واتى بذلك سنة ثم إن رجلا احتفر إلى جنبها قناة فقضى ان يقاس الماء بجوانب البئر ليلة
هذه وليلة هذه فإن كانت الأخيرة أخذت ماء الأولى وعوزت الأخيرة وإن كانت الأولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الأولى شئ وروى
ابن بابويه نحوه عن عقبة من خالد عن الصادق (ع) في رجلا اتى جبلا فشق منه قناة فجرى ماؤها سنة ثم إن رجلا اتى ذلك الجبل فشق منه قناة أخرى فذهبت قناة
الأخيرة بماء قناة الأولى قال يقاسان يجعل البئر ليلة ليلة فينظر أيهما ازدت؟ بصاحبتها فان رأيت الأخيرة ازدت بالأولى فلتعوذ وقضي رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك وقال
إن كانت الأولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على صاحب الأولى سبيل كتاب العطايا المعجلة وفيه مقصدان مقدمة
العطايا جمع عطية أقسامها ثلاثة لأنها إما منجزة غير معلقة بالوفاء واما مؤجلة معلقة بالوفاء والثاني الوصية والأول إما ان يكون العطية مطلقة يقتضى
الملك المطلق الموجب لإباحة أنواع التصرفات وهو الهبة واما ان يكون مقيدة غير مطلقة وهو الوقف المقصد الأول في الهبة وفيه مقدمة
وفصلان إما المقدمة ففي بيان حقيقتها وتسويقها قد عرفت ان أقسام العطايا ثلاثة وان من جملتها العطية المنجزة في الحياة المقتضية تسويق
عموم التصرفات وهي الهبة لكنها ان خلت عن العوارض سميت هبة فان انضم إليه حمل الموهوب من مكان إلى مكان للموهوب منه اعظاما له وتوقيرا سمي
414

هدية فان انضم إليه كون التمليك من المحتاج تقربا إلى الله تعالى وطلبا لثوابه فهو صدقة فامتازت الهبة عن الهدية بالنقل والتحويل من موضع إلى موضع ومنه أحد (الفر القراينه؟
إلى الحرم ولهذا لا يدخل لفظ الهدية في العقارات وما أشبهها من الأمور الممتنع نقلها فلا يقال اهدى إليه دارا ولا عقارا ولا أرضا وانما يقال وهبه أرضا وعقارا ودارا
وتدخل أيضا في المنقولات فصارت بهذا الاعتبار أعم من الهدية والصدقة فان كل هدية وصدقة هبة ولا ينعكس ولهذا لو حلف ان لا يهب فتصدق حيث وبالعكس
لا يحنث واختلف أصحاب الشافعي في أنه هل يعتبر في حد الهدية ان يكون بين المهدي والمهدى إليه رسول ومتوسط على وجهين فيما إذا حلف ان لا يهدي إليه فوهب منه
خاتما وشبهه يدا بيد هل يحنث والمشهور عندهم انه لا يعتبر مع أنه ينتظم ان يقال لمن حضر عنده هذه هديتي أهديتها لك مع انتفاع الرسول والمتوسط فيه مسألة
وقد ورد في الكتاب العزيز والسنة والأحاديث ما يدل على استحباب الثلاثة والترغيب فيها قال الله تعالى وإذا
حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها قيل المراد منه الهبة وقال
تعاونوا على البر والتقوى وقال الله تعالى ولكن البر من امن بالله واليوم الآخر واتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وقال تعالى ان المصدقين
والمصدقات وهي كثيرة وروى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال لو اهدى إلي ذراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت وكان (ع) يأمر بالهدية صلة بين الناس قال (ع) تهادوا
وتهابوا وقال تهادوا فان الهدية تذهب الضغاين ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن الصادق (ع) أنه قال تهادوا تحاببوا وعن رسول الله أنه قال لو دعيت إلى
ذراع لأجبت ولو أهدي إلي كراع لقبلت وقال (ع) عد من لا يعودك واهد لمن يهدي لك وقال الصادق الهدية ثلثة هدية مكافاة وهداية مصانعة وهدية الله
عز وجل وقال أمير المؤمنين (ع) لان اهدى لاخي المسلم هدية تنفعه أحب إلي من أتصدق بمثلها وقد أجمع المسلمون كافة على استحبابها ولا ينبغي ان يستحقر القليل
فيمتنع من اهدائه ولا ينبغي للمهدى إليه الاستنكاف من قبوله لما في ذلك من جبر القلب وحصول الموانسة تنبيه الهبة هي العقد المقتضي تمليك العين من غير
عوض تمليكا منجزا؟ مجردا عن القربة ويعبر عنها بالنحلة أيضا فقولنا العقد جنس بعيد شامل لجميع العقود وقولنا المقتضي تمليك العين يخرج منه الإجارة والعارية
فان الإجارة يقتضي تمليك المنافع لا تمليك العين والعارية يقتضي إباحة المنافع لا تمليكها وقولنا من غير عوض يخرج عنه البيع فإنه يقتضي تمليك العين لكن مع العوض ويزيد ان العوض لا يكون لازما لا انتفاء
العوض ليدخل في الحد الهبة المعوض عنها والتنجيز؟ لاتمام الحد والتجرد عن القربة ليخرج الصدقة الفصل الأول في الأركان ومباحثه ثلاثة الأول في صيغة
الهبة الهبة عقد يفتقر إلى الايجاب والقبول باللفظ كالبيع وساير التمليكات واما الهدية فذهب قوم من العامة إلى أنه لا حاجة فيها إلى الايجاب والقبول اللفظيين بل البعث
من جهة المهدي كالايجاب والقبض من جهة المهدى إليه كالقبول لان الهدايا كانت تحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من كسرى وقيصر وساير الملوك فيقبلها ولا لفظ هناك
واستمر الحال من عهده إلى هذا الوقت في ساير الأصقاع ولهذا كانوا معبثون على أيدي الصبيان الذين لا يعتد بعبارتهم ومنهم من اعتبرها كما في الهبة والوصية واعتذروا
عما تقدم بان ذلك كان إباحة لا تمليكها وأجيب بأنه لو كان كذلك لما تصرف الملاك ومعلوم ان النبي صلى الله عليه وآله كان يتصرف فيه ويملكه غيره والصدقة كالهدية
في ذلك بلا فصل ويمكن الاكتفاء في هدايا الأطعمة بالارسال والاخذ من غير لفظ الايجاب والقبول جريا على المعتاد بين الناس والتحقيق مساواة غير الأطعمة لها فان
الهدية قد يكون غير طعام فإنه فد اشتهر هدايا الثياب والدواب من الملوك إلى رسول الله فان مارية القبطية أم ولده كانت من الهدايا وقال بعض الحنابلة لا يفتقر
الهبة إلى عقد بل المعاطاة والافعال الدالة على الايجاب والقبول كافية ولا يحتاج إلى لفظ لان النبي كان يهدي ويهدى إليه ويفرق الصدقة ويأمر شقاته بتفرقتها
ولم ينقل في ذلك لفظ ايجاب ولا قبول ولو كان شرطا لأمر به ولأنه لا خلاف بين العلماء ان تقديم الطعام بين أيدي الضيفان اذنه في الاكل وانه لا يحتاج إلى قبول مسألة
الايجاب هنا كل لفظ يقصد به تمليك العين بغير عوض والصريح فيه وهبتك وملكتك وأهديت لك وأعطيتك وهذا لا بد فيه من لفظ صريح ولا يكفي الكنايات فيه كالبيع عملا بالاستصحاب
والقبول كل لفظ يدل على الرضا بالتمليك كقوله قبلت ورضيت وما يشابهه ولا بد وأن يكون العقد منجزا فلو علقه على شرط لم يصح كالبيع ويجب ان يكون القبول عقيب
الايجاب فلا يجوز تأخيره عنه بل يعتبر التوصل كما في البيع؟ وليتم القبول جواب لذلك الايجاب وذكر بعض الشافعية انه يجوز تأخير القبول عن الايجاب كما في الوصية وهذا الخلاف
حكاه أكثر الشافعية في الهبة وخصصه بعضهم بالهدية فان النبي صلى الله عليه وآله اهدى إلى النجاشي ولا يزال الناس يفعلون ذلك ومنع من التأخير في الهدية جزما وفعل النبي صلى الله عليه وآله وغيره
إباحة لا هبة والقياس التسوية بينهما ثم في الهدايا التي يبعث بها من موضع إلى موضع إلى اخر ان اعتبرنا اللفظ وفورية القبول وكل المهدي الرسول ليوجب ويقبل المهدى إليه أو يوجب المهدى ويقبل المهدى إليه
عند الوصول إليه والمشهور ان النبي صلى الله عليه وآله كان يتصرف في الهبة ولم ينقل في شئ منه انه أوجب له الرسول وقبل منه وكذا ما يفعله الناس وقوله إنه إباحة ليس بصحيح لانهم
اجمعوا على تسميتها هدية وهبة ولا يسمونها إباحة ولان الإباحة سيختص بالمباح له وقد كان النبي إذا اهدى إليه شئ يهديه لزوجاته وغيرهم وقد اهدى له حلة فاهديها
لعلي (ع) مسألة ويشترط في المتعاقدين الكمالية فلا يصح العقد الا من بالغ كامل العقد جايز التصرف ويقبل عن الطفل وليه إما الأب والجد أو غيرهما وإن كان
الواهب هو الولي فإن كان أبا أو جدا تولى الطرفين وإن كان غيرهما من حاكم أو وصي أو ولي حاكم فكذلك على الأقوى ويحتمل ان يقبل الحاكم لو نائبه ولا يكفي في العقد
الايجاب منفردا عن القبول بل لابد منهما كالبيع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يكفي الايجاب عنه ولا يكفي القبول مجردا عن الايجاب وللشافعية وجه انه يكفي
إذا جاء بلفظ مستقبل مثل أن يقول اشتريت لطفلي كذا أو اتهبت له كذا ولا يكفي قوله قبلت البيع أو الهبة ولا يكفي قبول المتعهد الذي لا ولاية له على الطفل ولا عبرة بقوله عند
علمائنا وبه قال الشافعي لانتفاء ولاية عنه وقال أبو حنيفة يعتبر وليس لشئ ولو وهب من عبد غيره اعتبر قول العبد وهل يفتقر إلى اذن السيد نظر وللشافعية فيه
خلاف ولو وهب غيره شيئا فقبل نصفه أو وهبه عبدين فقبل أحدهما خاصة فالأقرب الجواز بخلاف البيع لان البيع عقد معابنة؟ وقد يتضرر البايع بالتشقيص
لانتقاص قيمة الباقي بخلاف الهبة وللشافعية فيه وجهان ولو قال غارس الشجرة اغرس هذه لابني لم يصر للابن بمجرد ذلك ولو قال جعلته لابني وكان صغيرا فان قلنا
بالاكتفاء بالكنايات في العقود على ما هو مذهب بعض الشافعية وبالاكتفاء من الأب في هبة ابنه الصغير بأخذ الشقي العبد صار ملكا للابن والا فلا ولو كان كبيرا
لم يصح ولو اتخذ عرسا لابنه إما في خطان أو غيره وعمل دعوة فحملت إليه الهدايا ولم يذكر أصحابها انها للأب أو للابن للشافعية وجهان أحدهما انها للأب الذي اتخذ الدعوة
لان الخراج بالضمان والثاني للابن لان الدعوة اتخذت لأجله وله وخادم الصوفية الذي يتردد في السوق ويجمع لهم شيئا يملكه ولا يلزمه الصرف إليهم الا ان المروة
يقتضي الصرف لاخلادهم إليه ولو لم يصرفه إليهم كان لهم منعه من أن يظهر بالجمع لهم والانفاق عليهم وانما ملكه لانتفاء ولايته عنهم ووكالته منهم كيف وليسوا
بمتعينين بخلاف هدايا الختان إما لو دفع إليه على أنه يطعم أصحابه لم يكن له الاختصاص البحث الثاني العين الموهوبة مسألة كل عين يصح نقلها
بالبيع يصح نقلها بالهبة لان الهبة تمليك ناجز كالبيع وانما يفترقان في العوض وعدمه فتصح هبة المشاع كما يصح بيعه على الحد الذي يجوز بيعه فيه عند علمائنا
415

أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان وفد هو اذن لما جاؤوا يطلبون من رسول الله ان يرد عليهم ما غنمه منهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وهذا هبة
المشاع وعن عمر ابن شعيب عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد جائه رجل ومعه كبة من شعر فقال أخذت؟ هذا من الغنم لا تصلح بردعة لي فقال النبي صلى الله عليه وآله ما كان لي ولبني عبد
المطلب فهو لك وقال أبو حنيفة هبة المشاع الذي يمكن قسمته لا تجوز وإن كان مما لا يمكن قسمته صحت هبته وإذا وهب واحد من اثنين شيئا لم يجز عند أبي حنيفة
وظفر وجاز عند أبي يوسف ومحمد لان القبض شرط في الهبة ووجوب القسمة يمنع من صحة القبض وتمامه وهو ممنوع لأنه لا يمنع صحة نقبض؟ في البيع ولان هذا جزء يجوز
بيعه فجازت هبته كالمشاع الذي لم ينقسم إذا عرفت هذا فإن كان المشاع مما لا ينقل ولا يحول كالعقارات فان قبضه يكون بالتخلية بينه وبين الموهوب له كما في البيع
وإن كان مما ينقل ويحول ولا يمكن اقباضه الا بالنقل ولا يمكن نقل الجزء المشاع الا مع الباقي فإذا أراد التسليم قيل للشريك هل ترضى ان يسلم إلى الموهوب منه نصيبك
أيضا على وجه الوديعة فان سلم إليه الجميع لينقله حصل الاقباض وان امتنع قيل للمتهب أتوكله في أن ينقله لك ويقبضه فان فعل قبضه له الشريك وقبضه وان امتنع نصيب
من يكون في يده لهما فينقله لتحصيل القبض لان ذلك مما لا ضرر على الشريك فيه ويتم به عقد شريكه ولو وهب رجل من اثنين شيئا فان قبلاه وقبضاه باذنه صحت الهبة وان قبض أحدهما وقبل صحت الهبة في النصف
لأن العقد من اثنين بمنزلة العقدين وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح كما في البيع إذا عرفت هذا فلا فرق ان يهب من الشريك ومن غيره على ما بيناه وقال أبو حنيفة
لا تصح هبة المنقسم من غير الشريك وبالغ وقال لو وهب الشئ المنقسم من اثنين لم يصح أيضا تذنيب يجوز هبة الأرض المزروعة دون الزرع وبالعكس وبه قال الشافعي
وقال أبو حنيفة لا يجوز وليس بمعتمد مسألة لا تجوز هبة الآبق ولا الضال لان الاقباض شرط في صحة الهبة والآبق والضال لا يمكن اقباضهما وتجوز هبة المغصوب
من غير الغاصب ان قدر على الانتزاع وان لم يقدر فللشافعية وجهان وتصح الهبة من الغاصب وتجوز هبة المستعار من المستعير وغيره وإذا قبض المتهب من الغاصب بإذن المالك
برئ الغاصب من الضمان وكذا المستعير برئ ان اقتضت العارية الضمان بالقبض منه المأذون فيه وتجوز هبة المستأجر من المستأجر وغيره لان بيع المستأجر يجوز من المستأجر وغيره عندنا وعند الشافعية تجوز هبة المستأجر من غير المستأجر ان جوزوا بيعه والا
ففيها وجهان قال بعض الشافعية لو وكل المتهب الغاصب أو المستعير أو المستأجر بقبض ما في يده من نفسه وقبل صح فإذا مضت مدة يتأتى فيها القبض برئ الغاصب
والمستعير من الضمان وهذا يخالف لأصلهم المشهور في أن الشخص الواحد لا يكون قابضا ومقبضا ولو وهب غيره شيئا له في يده إما وديعة أو عارية أو غصب؟ فان اذن له في القبض
تمت الهبة ولزمت وان لم يأذن له في القبض الا انه مضي زمان يمكن فيه القبض فهل يصير مقبوضا للشافعي فيه قولان وعن أحمد روايتان في اشتراط الاذن في القبض
لما هو في يد المتهب بغصب أو عارية أو وديعة فقال في أحدهما بالاشتراط كما تقدم من مذهب الشافعي وفي الأخرى يلزم الهبة من غير قبض ولا مضي مدة يتأتى
القبض فيها مسألة تصح هبة المجهول على الأقوى وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين لأنه تبرع فصح في المجهول كالنذر والوصية ولأصالة الصحة ولانتفاء
الغرر فيه وقال الشافعي لا تصح هبة المجهول وهو الرواية الثانية عن أحمد لأنه عقد تمليك لا يصح تعليقه بالشرط فلا يصح في المجهول كالبيع ونمنع المشترك وقال بعضهم الجهل إن كان
في حق الواهب لم تصح الهبة لأنه غرر في حقه وإن كان من المتهب صح ولم يكن الجهل مانعا لأنه لا غرر وفي حقه فلم يعتبر في حقه العلم بما وهب له كالموصى له فإذا قال وهبتك شاة من غنمي
أو قطعة من هذا الثوب أو من هذه الأرض صحت الهبة مع القبول والقبض بعد ان يعين المالك ما شاء إذا عرفت هذا فإنه يصح البراءة من المجهول مطلقا وبه قال أبو حنيفة لان
المانع من البيع وشبهه انما هو الغرر فإذا رضي بالجملة فقد زال الغرر وقال الشافعي لا يصح الا انه إذا أراد ذلك قال أبرأتك من درهم إلى الف وليس بجيد لأنه اسقاط فصح من
المجهول كالعتاق والطلاق وكما لو قال من درهم إلى الف وقال احمد يصح إذا لم يكن لهما سبيل إلى معرفته ولو أبرأه من مائة وهو يعتقد انه لا شئ له عليه وكان له عليه مائة ففي
البراءة اشكال ينشأ من أنها صادفت ملكه فأسقطته كما لو علمها ومن انه ابراء مما لا يعتقد ثبوته فلم يكن ابراء في الحقيقة كمن باع مال مورثة وهو يعتقد حياته وللشافعي في البيع
قولان وفي الابراء وجهان مسألة لا يصح تعليق الهبة بشرط على ما تقدم من أن شرطها التنجيز لأنه تمليك لعين في الحياة فلم يجز تعليقها على شرط كالبيع فان علقها على شرط لم تقع صحيحة وما روى عن
النبي (ص) أنه قال إن رجعت هديتنا إلى النجاشي فهي لك محمول على الوعد ولو شرط في هبة شروطا تنافي مقتضاها مثل أن يقول وهبتك هذا بشرط ان لا تهبه أو لا تبيعه وبشرط ان تهبه أو تبيعه لم يصح الشرط
وفي صحة الهبة وجهان بناء على الشروط الفاسدة في البيع ولو قال وهبتك هذا بشرط ان تهب فلانا شيئا صح لأنه لا ينافي مقتضي الهبة وكذا لو قال وهبتك هذا العبد
بشرط ان تعتقه خلافا لأكثر العامة ولو وقت الهبة فقال وهبتك هذا سنة ثم يعود إلي لم يصح لأنه عقد تمليك العين فلم يصح موقتا كالبيع ولو وهب أمته واستثنى الحمل أو
الشاة واستثنى صوفها صح لأنه تبرع بالام دون ما في بطنها فأشبه العتق وبه يقول في العتق احمد والنخعي وإسحاق وأبو ثور وقال أصحاب الرأي تصح الهبة وتبطل الاستثناء
وليس بمعتمد لأنه لم يهب الولد فلم يملكه المتهب كالمنفصل وكالموصى به مسألة الأقوى انه يصح هبة المرهون من المرتهن فإن كان في يده صحت الهبة ولم يتوقف على
تحديد اقباض ولا على مضي زمان يمكن حصول الاقباض فيه على ما مر من الخلاف بل يكفي الاستصحاب وان لم يكن في يده افتقرت الهبة إلى تجديد الاقباض وإن كان من غيره
فالوجه الصحة ويقع العقد موقوفا على اجازة المرتهن فان أجاز المرتهن الهبة بطل الرهن فان رجع الواهب لم يعد الرهن وان لم يجز المرتهن بطلت الهبة وللشافعية وجهان
في هبة المرهون أحدهما البطلان والثاني الصحة ثم ينظر فان بيع الرهن فقد ظهر بطلان الهبة وان انفك الرهن فللواهب الخيار في الاقباض مسألة الكلب قسمان
مملوك مثل كلب الصيد والزرع والماشية فهذا تصح هبته واقباضه والثاني غير مملوك وهو كلب الهراش وهذا لا تصح هبته كما لا يصح بيعه وللشافعية في هبة الكلب وجهان
أحدهما المنع كالبيع والثاني الصحة لأنه تصح وصيته فتصح هبته وكذا الخلاف بينهم في جلد الميتة قبل الدباغ وعندنا لا تصح هبته لان الدباغ غير مطهر وكذا الخلاف في الخمور
المحرمة مسألة لا تصح هبة الحمل في البطن واللبن في الضرع وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد وأبو ثور لأنه مجهول معجوز عن تسليمه وعلى ما اخترناه من جواز هبة المجهول لا استبعاد
في صحة هبة الحمل واللبن في الضرع ويكون التسليم بتسليم الام وكذا الأقوى صحة هبة الصوف عن ظهور الأغنام وهو أحد وجهي الشافعية (العامة) بناء على صحة بيعه فإذا اذن له في جز
الصوف أو حلب اللبن كان إباحة ولو وهب دهن سمسمه قبل عصره أو زيت زيتونه قبل استخراجه لم يصح وبه قال الشافعي والثوري واحمد وأصحاب الرأي لأنه بمنزلة المعدوم
ولا تصح هبة المعدوم لأنه أبلغ في المنع من الذي بمنزلته كما إذا وهبه ثمرة الشجرة في السنة المقبلة أو ما تحمل امنه في العام الآتي مسألة إذا وهب صاحب الدين دينه ممن هو
عليه صح وكان ابراء لمن عليه الدين ولا يشترط قبول المديون والشيخ ره تردد ههنا فقال تارة ان الابراء لا يفتقر إلى القبول بل يسقط الحق عن ذمته وان كره ذلك لقوله تعالى
وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم فاعتبر مجرد الصدقة ولم يعتبر القبول وقال تعالى ودية مسلمة إلى أهله الا ان يصدقوا فاسقط الدية بمجرد التصدق
ولم يعتبر القبول والتصدق في هذا الموضع الابراء وقال تارة لا بد من القبول ولو لم يقبل المبرئ الابراء لم يسقط الدين عن ذمته بمجرد اسقاط المالك وابرائه ويكون الحق ثابتا
لان في ابرائه من الحق الذي عليه منة ولا يجبر على قبول المنة فافتقر إلى القبول كهبة الأعيان وللشافعية قولان كهذين أحدهما السقوط من غير قبول لأنه اسقاط حق
416

فلا يفتقر إلى القبول كالعتق والطلاق والعقد عن دية العمد بخلاف هبة الأعيان فإنها تمليك وقال بعض الشافعية إذا تصدق به صح واما هبته والبرائة منه فوجهان
وقال بعض الشافعية أيضا ان اعتبرنا القبول في الابراء معنى فاعتباره في الهبة أولي وان لم نعتبره هناك ففي الهبة وجهان ان نظرنا إلى اللفظ اعتبرناه وان نظرنا إلى المعنى فلا
ولو كانت الهبة من غير من عليه الدين قال الشيخ ره الذي يقتضيه مذهبنا انه يجوز بيعه ورهنه وهبته ولا مانع منه وقال الشافعي في كتاب الشروط انه يجوز بيعه ورهنه
وقال في الرهن لا يجوز رهنه ويخالف البيع والهبة لأنهما يزيلان الملك قال ابن شريح من الشافعية اختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة أوجه أحدها انه يصح البيع والهبة دون
الرهن على ظاهر قوله لان الدين بمنزلة العين ولهذا لا يصح ان يكون معاوضة به وعلى هذا الوجه لا يفتقر إلى رضاء من عليه الدين ولا يحتاج إلى القبض لا في البيع ولا في الهبة
لان الشافعي شبه ذلك في كتاب الشروط بالحوالة فقال إذا أفلس من عليه الحق أو جحده لم يرجع بالدرك كالحوالة وفرق هذا القايل بين الهبة والبيع وبين الرهن بأنهما يزيلان
الملك دونه والوجه الثاني انه لا يصح البيع والهبة والرهن ويفتقر لزوم الرهن والهبة إلى القبض لان الدين كالعين في جواز العقد عليه فإذا افتقرت الهبة إلى القبض في العين
فكذلك في الدين والوجه الثالث انه لا يصح بيعه ولا هبته ولا رهنه لأنه غير مقدور على تسليمه فجرى مجرى الآبق والمغصوب ومنعه بعض الشافعية بان الدين على غير
الجاحد مقدور على تسليمه فهو جار مجرى الوديعة قال بعض الشافعية الخلاف في هبة الدين على غير من هو عليه مبنى على الخلاف في بيع الدين من غير من هو عليه ان أبطلناه
فكذلك الهبة وهو الأصح عندهم وان صححناه ففي الهبة وجهان كما في رهن الدين وان صححناه فهل يفتقر لزومها إلى قبض الدين فيه وجهان أحدهما نعم على قياس الهبات والثاني
انه لا حاجة إلى القبض وعلى هذا فوجهان أحدهما نه يلزم بنفس الايجاب والقبول كالحوالة لان المقصود ان يصير المتهب بعد الهبة كالواهب قبلها والواهب كان مستحقا من غير
قبض والثاني انه لا بد من تسليط بعد العقد واذن مجدد ويكون ذلك كالتخلية في الأعيان التي لا يمكن نقلها وإذا فرعنا على أنه يجوز رهن الدين افتقر لزومه إلى القبض لا
محالة لأنه لا يفيد انتقال الملك والاستحقاق مسألة من عليه الزكاة لو وهب دينه على المسكين بنية الزكاة قال بعض الشافعية لم يقع الموقع لأنه ابراء وليس بتمليك
وإقامة الابراء مقام التمليك ابدال وانه غير جايز في الزكاة وهذا مبني على أصل الشافعي من عدم جواز الابدال في الزكاة وقد أبطلناه وقد ذكروا وجهين في أن هبة الدين
ممن عليه تنزل منزلة التمليك أم هو محض اسقاط وعلى هذا خرج اعتبار القبول فيها فان أعطيناه حكم التمليكات وجب ان يقع الموقع ولو كان الدين على غيره فوهبه من
المسكين بنية الزكاة وقلنا تصح الهبة ولا يعتبر القبض ويقع عن الزكاة والمستحق يطالب المديون به البحث الثالث في القبض مسألة الهبة والهدية والصدقة
لا يملكها المتهب والمهدى إليه والمتصدق عليه بنفس الايجاب والقبول إذا كان عينا الا بالقبض وبدونه لا يحصل الملك عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعية وأبو حنيفة والثوري
والنخعي والحسن بن صالح والعنبري وهو إحدى الروايتين عن أحمد قال بعض العامة اتفق أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (ع) على أن الهبة لا تجوز الا مقبوضا ولم يظهر مخالف
فيكون اجماعا ولما رواه العامة ان أبا بكر نحل عايشة ابنته جداد عشرين وسقا من ماله بالعامة؟ فلما مرض قال يا بنية ما أحد أحب إلى عيني بعدي منك ولا
أحد أعز علي (منك) فقد أمنك وكنت نحلتك جداد عشرين وثقا ووددت انك حزينه؟ أو قبضته وهو اليوم مال الوارث أخواك وإختاك فاقسموه على كتاب
الله فقلت لو كان كذا وكذا أعني أكثر من ذلك لتركته إما أخواي فنعم واما أختاي فمالي الا أخت واحدة أسماء فقال القي في روعي ان ذا بطن بنت خارجة جارية ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) لا يكون الهبة هبة حتى تقبضها ولأنها هبة غير مقبوضة فلا تلزم كما لو مات قبل ان يقبض فان مالكا يقول لا يلزم الورثة التسليم وقال
مالك الهبة تلزم بالايجاب والقبول من غير قبض وهو القول القديم للشافعي لان النبي قال الراجع في هبته كالراجع في قيئه القئ حرام وقال احمد في أصح الروايتين عنه انها إذا كانت معينة
لزمت من غير قبض كما لو وهبه درهما بعينه وان لم يكن معينا كما لو وهبه قفيزا من صبرة أو درهما من دراهم فلا بد من القبض لان هذا تبرع فلا يفتقر إلى القبض كالوقف
والصدقة والخبر محمول على ما بعد القبض والقياس على الوقف والوصية باطل لان الوقف اخراج ملك إلى الله سبحانه وتعالى يخالف التمليكات والوصية تلزم في حق الوارث
بخلاف الهبة وللشافعي قول ثالث ان الملك موقوف إلى أن يوجد القبض فإذا وجد تبينا حصول الملك من وقت العقد وعن أحمد رواية ثالثة ان القبض شرط في المكيل
والموزون دون غيرهما ويتفرع على الأقوال ان الزيادات الحادثة بعد العقد وقبل القبض لمن يكون وقد قال الشافعي في زكاة الفطرة انه لو وهبه عبدا في اخر رمضان وقبضه
قبل غروب الشمس كانت الفطرة على الموهوب له وهذا يدل على اختياره عدم اشتراط القبض وأيضا كلما لا يمكن تسليمه كالعبد الآبق والجمل الشارد والمغصوب لغير
غاصبه ممن لا يقدر على اخذه لا تصح هبته وبه قال أبو حنيفة والشافعي مسألة الواهب بعد العقد بالخيار ان شاء اقبض وان شاء منع فان قبض المتهب بغير اذن
الواهب لم يصح القبض ولم يتم الهبة لان التسليم غير مستحق عليه فلا يصح الا باذنه كما لو اخذ المشترى المبيع من يد البايع قبل تسليم الثمن بخلاف ما إذا قبضه المشترى بعد
تسليم الثمن لأنه مستحق للقبض فلا يعتبر فيه اذن المستحق عليه إما هنا فإنه غير مستحق عليه فلا يصح بدون اذنه فان قبضه بدون اذنه دخل في ضمانه فان اذن له في القبض وقبضها تمت الهبة وان
رجع عن الاذن قبل ان يقبض المتهب بطل الاذن وان رجع بعد القبض لم يبطل القبض لتمام الهبة قبل رجوعه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا قبضه في
المجلس بغير اذن الواهب صح القبض وإذا قام من المجلس لم يجز قبضه الا بإذن الواهب لان الايجاب تضمن الاذن في القبول والقبض جميعا فإذا قبض صح كما إذا قبل وانما اختص بالمجلس لان الايجاب تضمنه وما تضمنه الايجاب يختص بالمجلس
كالقبول وليس بجيد لان الواهب لم يأذن له بعد العقد في القبض فلا يصح قبضه كما لو كان بعد المجلس ولا نسلم ان القبض والقبول تضمنهما الايجاب وانما القبول
أثبته الشرع والقبض لم يوجد في لفظه ولو وجد في تلفظه لم يبطل بالقيام من المجلس كما لو اذن له بعد العقد على أن الايجاب فاقتضائه؟ بخلاف القبض مسألة إذا وهب شيئا فقيل
المتهب فباع الواهب العين أو وهبها أو عقد عليها أحد العقود قبل القبض قال الشيخ ره يبطل يصح البيع وتنفسخ الهبة وهو جيد لان البيع صادف ملكا للبايع لم يزل
عنه بالهبة فاقتضى حكمه ويترتب عليه احكامه وهو معنى الصحة وقال الشافعي إن كان الواهب يعتقد ان الهبة ما تمت وانه باع ما لم يهبه فالبيع صحيح وقد بطلت الهبة وإن كان
يعتقد ان الهبة قد تمت وانتقل الملك بنفس العقد وانه ليس له البيع ففي صحة البيع قولان أحدهما لا يصح لأنه يعتقد انه متلاعب وانه ليس ببيع والثاني يصح
لأنه بيع صادف ملكه الذي له تمليكه فصح واصل هذين القولين إذا باع مال مورثه وهو غايب بغير اذنه الا انه بان انه كان قد مات وانه حين باع كان قد ورثه فهل يصح البيع
قولان وكذا إذا كاتبه مكاتبة فاسدة واوصى برقبته معتقدا صحة الكتابة ففي صحة الوصية قولان مسألة إذا عقد الهبة بالايجاب والقبول ولم يحصل قبض
ثم مات الواهب أو المتهب بين العقد والقبض بطلت الهبة عند علمائنا لانتفاء الشرط وهو القبض وهو أحد قولي الشافعي لان الهبة من العقود الجايزة قبل القبض
فينفسخ بالموت كالوكالة والشركة وأصحهما عند المنع وان الهبة لا تنفسخ فان مات الواهب فالهبة بحالها ويكون الوارث بالخيار انشاء يتمها بالاقباض وان شاء رجع سواء
خرجت من الثلاثاء؟ ولا لان الهبة عقد يؤل إلى اللزوم فلا ينفسخ بالموت كالبيع المشروط فيه الخيار ويفارق الوكالة والشركة بأنهما لا يؤلان إلى اللزوم وان مات المتهب
قبض وارثه ان اقبضه الواهب وكذا الخلاف فيما إذا جن أحدهما أو أغمي مسألة إذا اذن الواهب له في القبض ثم مات الاذن أو المأذون له قبل القبض بطل
الاذن لأنه جايز ولم يكن له القبض الا بإذن جديد وان بعث هدية إلى انسان فمات قبل ان يصل إلى المهدى إليه أو مات المهدى إليه لم يكن للرسول حملها الا ان يكون
417

الوارث فيه بالخيار مسألة إذا كان له في يد غيره مال وديعة أو عارية أو كان غصبا فوهبه المالك منه صحت الهبة ولزمت إن كانت مما يلزم بالقبض لأنه في يد المتهب فكان مقبوضا
والأقرب انه لا يفتقر إلى تجديد اقباض ولا مضى زمان يكون فيه الاقباض وهو أشهر الروايتين عن أحمد وقال الشافعية ان اذن له في القبض ومضى زمان يمكن فيه القبض
تمت الهبة ولزمت وان لم يأذن له في القبض الا انه مضى زمان يمكن فيه القبض فهل يصير مقبوضا قال الشافعي في الاقرار والواهب إذا مضت مدة يتأتى فيها القبض فقد تمت الهبة واشترط الاذن في الرهن واختلف أصحابه في ذلك على طريقين
منهم من يقول قولان فيهما ومنهم من فرق بينهما مسألة القبض هنا كالقبض في البيع ففي ما لا ينقل ولا يحول التخلية وفيما ينقل ويحول النقل والتحويل
وفيما يكال أو يوزن الكيل أو الوزن وقال بعض الشافعية ان القبض في البيع المنقول فيه قولان أحدهما انه النقل والتحويل والثاني انه التخلية وهذا
الثاني غير آت في الهبة بل لا بد من النقل والفرق ان القبض في البيع مستحق وللمشتري المطالبة به فجاز ان يجعل بالتمكن قابضا وفي الهبة القبض غير مستحق
فاعتبر بحقيقته ولم يكتف بالوضع بين يديه ولهذا لو أتلف المتهب الموهوب لم يصر قابضا بخلاف المشتري إذا تلف المبيع وليس بشئ لاتحاد القبض في الموضعين
واعتبار العرف فيهما فروع آ لو أمر الواهب المتهب بأكل الطعام الموهوب فاكله أو باعتاق العبد الموهوب فاعتقه أو أمر المتهب الواهب بإعتاقه فاعتقه
كان قابضا ب لو قال وهبته وملكته فإن كان يعتقد رأى مالك لم يكن اقرارا بلزوم الهبة وكذا ان جهل حاله لجواز ان يعتقد حصول الملك بمجرد العقد كما
قاله مالك والاقرار مبني على اليقين ج لو قال وهبته وخرجت إليه منه لم يكن اقرارا بالقبض صريحا لكن ينظر فإن كان المال في يد المتهب كان اقرارا
منه بالقبض ويكون ذلك امارة على أنه أراد به القبض وإن كان في يد الواهب فلا ويكون معنى قوله خرجت إليه منه انه اذن له في القبض ولم يقبض بعد
د لو قيل له هل وهبت دارك من فلان وأقبضتها منه فقال نعم كان اقرارا بالهبة والاقباض ه‍ لو وهب اثنين شيئا فقبلا وقبضا ملك كل واحد منها ما وهب له فان قبل
أحدهما وقبض وامتنع الأخر صحت الهبة للقابض خاصة الفصل الثاني في الاحكام وفيه بحثان الأول في حكم الرجوع في الهبة وفيه مطالب الأول
في الراجع مسألة إذا وهب واقبض فإن كان المتهب أحد الأبوين لم يكن للواهب الرجوع في الهبة عند علمائنا أجمع لاشتماله على العقوق المحرم فعله على الولد
ولأنه ضد ما أمر به في مصاحبتهما بالمعروف ولقوله (ع) الراجع في هبته كالراجع في قيئه والرجوع في القئ حرام خص بما أجمع عليه فيما يأتي فيبقى في الباقي على عمومه وإن كان
المتهب غير الأبوين فاما ان يكون ذا رحم أو أجنبيا فإن كان ذا رحم فاما ان يكون ولدا أو غيره من ذوي الأرحام فإن كان ولدا لم يكن للوالد ان يرجع فيما وهبه إياه سواء كان ولدا حقيقة
كالولد للصلب أو مجازا كولد الولد وان نزل وسواء كان من الذكور أو الإناث عند علمائنا وبه قال الثوري واحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي والعنبري
لقوله (ع) العايد في هبته كالعايد في قيئه وفي رواية العايد في هبته كالكلب يعود في قيئه ولان الهبة للولد تستلزم الاجر وثواب الآخرة فيكون كالمعوض عنها لقوله (ع)
رحم الله امراء أعان ولده على بره وقال (ع) الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين ولان ذلك يحصل له في مقابلة
الثواب فلم يكن له الرجوع فيه كصدقة التطوع وقال الشافعي للوالد ان يرجع فيما وهب لولده سواء كان ولده حقيقة أو مجازا وسواء كان ذكرا أو أنثى وبه قال الأوزاعي
واحمد وإسحاق وأبو ثور لما روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يحل لرجل ان يهب هبة أو يعطي عطية فيرجع فيها الا الوالد فيما وهب لولده ونمنع الرواية سلمنا لكنا
نقول بموجبها فان للأب مع الحاجة الاخذ من مال ولده قدر مؤنته لأنها واجبة على الولد فتحمل على تلك الحال وقال مالك يجوز للرجل ان يرجع فيما وهب لابنه لصلبه
إذا لم ينتفع به فاما إذا كان قد انتفع به مثل ان يكون زوج لأجله لم يكن له الرجوع فيه لظاهر قوله (ع) لا يحل للرجل ان يهب هبة أو يعطي عطية فيرجع فيها الا الوالد فيما وهب
لولده فان حقيقة الاسم لولد الصلب واما إذا زوج لأجل الهبة فقد تعلق بها حق الغير وسيأتي بيانه انه يجوز الرجوع في الهبة للأجنبي فإن كانت الهبة لذي الرحم
لم يجز للواهب ان يرجع قرب أو بعد وبه قال الشافعي واكثر العامة خلافا لأبي حنيفة فإنه شرط ان يكون محرما وليس بجيد لقوله تعالى أوفوا بالعقود ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح
عن الباقر عليه السلام قال الهبة والنحلة يرجع فيها صاحبها ان شاء حيزت أو لم تحز الا لذي رحم فإنه لا يرجع فيها وفي الصحيح عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله و عبد الله بن
سنان انهما سألا الصادق (ع) عن الرجل يهب الهبة ويرجع فيها ان شاء فقال تجوز لذوي القربى والذين ثياب في هبته ويرجع في غير ذلك والمراد بالجواز هنا اللزوم
واحتجاج السيد المرتضى على جواز الرجوع برواية داود بن الحصين عن الصادق (ع) قال سئلته هل لاحد ان يرجع في صدقته أو هبته فقال إما ما تصدق به لله فلا واما
الهبة والنحلة فيرجع فيها حازها أو لم يجزها وإن كانت لذي قرابة ممنوع لضعف السند مسألة لو كانت الهبة للأجنبي وجعل الايجاب والقبول والقبض جاز للواهب الرجوع
فيها بشروط خمسة آ ان لا يقصد بها التقرب إلى الله تعالى فان قصده بالهبة لم يكن له الرجوع لأنها كالعوض عنها لأنه طلب بها الثواب وقد حصل ولقول الصادق (ع) ولا ينبغي لمن أعطى
لله عز وجل شيئا ان يرجع فيه الحديث وغير ذلك من الأحاديث ب ان لا يكون المتهب قد عوض عنها فان اتهب شيئا وعوض الواهب في مقابلة الهبة شيئا قل أو
كثر لم يكن للواهب الرجوع لقول الصادق (ع) إذا عوض صاحب الهبة فليس له ان يرجع ج ان لا يكون المتهب قد تصرف في الهبة فإن كان قد تصرف في الهبة لم يكن له الرجوع
لقول الصادق (ع) إذا كانت الهبة قايمة بعينها فله ان يرجع والا فليس له وإذا تصرف المتهب مطلقا إما تصرفا لازما كالبيع والهبة والكتابة والرهن أو غير لازم كالعارية
لم يكن للواهب الرجوع د ان لا يكون الموهوب دينا فلو وهبه ماله عليه في ذمته لم يكن له الرجوع لان الهبة هنا اسقاط وسئل الصادق (ع) عن الرجل يكون له
على الرجل الدراهم فيهبها له أله الرجوع فيها قال لا ه‍ ان يكون العين قائمة فلو تلفت فلا رجوع للرواية والا ولان مجمع عليهما عندنا وفي الثالث خلاف والرابع والخامس
كالأولين إذا عرفت هذا فقد قال النخعي والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي من وهب لغير ذي رحم شيئا فله الرجوع ما لم يثب عليها ومن وهب لذي رحم فليس له
الرجوع وهذا موافق لمذهبنا لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الرجل أحق بهبته ما لم يثب منها ولأصالة بقاء الملك على صاحبه ولقول عمر من وهب لذي رحم لم يكن له الرجوع
فيها ومن وهب لغير ذي رحم كان له الرجوع فيها ولأنه لم يحصل له عنها عوض فكان له الرجوع كالعارية وقال الشافعي واحمد وأبو ثور ليس لواهب الأجنبي ان يرجع في هبته وان لم يثبت عليها لقوله (ع) لا يحل لرجل ان يهب
هبة أو يعطى عطية فرجع فيها الا الوالد فيما وهب لولده ولأنها هبة لغير ولده فلم يكن له الرجوع فيها بعد القبض كما لو وهب لعمته أو خالته وأخته والخبر ممنوع سلمناه لكن مخصوص بذوي الرحم واستثناء الوالد لما تقدم
من جواز ان يأخذ من ولده مع حاجته قدر كفايته والفرق بين العم والأجنبي النسب فإنه قد يقتضى كون الهبة لم يقصد بها صلة الرحم وذلك يقتضي قصد الثواب فأشبهت الصدقة
بخلاف هبة الأجنبي فإنه قد يتوقع فيها العوض فإذا لم يسلم كان له الرجوع تذنيب شرط أبو حنيفة في ذي الرحم ان يكون محرما في النسب فيجوز عنده ان يرجع فيما
وهبه لأولاد عمه وعمته وخاله وخالته فقد وقع الاتفاق على أن ما وهب الانسان رحمه المحرم غير ولده لا رجوع فيه وعندنا ان ذا الرحم غير المحرم والولد ليس له الرجوع
فيهما أيضا وعندنا ان الأجنبي يجوز لواهبه الرجوع خلافا للعامة مسألة قال الشيخ ره عندنا ان الرجوع في هبة الزوج أو الزوجة مكروه وهذا يعطي جواز الرجوع وقال جماعة من
علمائنا ان حكم الزوجين حكم ذوي الأرحام فكما لا يجوز الرجوع في هبة ذوي الأرحام كذا لا يجوز لكل من الزوجين الرجوع في هبة الأخر وهو مذهب أكثر العامة
وهو المعتمد لما رواه زرارة في الصحيح عن الصادق (ع) قال ولا يرجع لرجل فيما يهب لامرأته ولا المرأة فيما تهب لزوجها حيز أو لم يحز أليس الله يقول ولا تأخذوا
مما آتيتموهن شيئا فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مرئيا وهذا يدل على الصداق والهبة وقال احمد ليس للرجل الرجوع فيما يهبه لامرأته وهل للمرأة
الرجوع فيما تهبه لزوجها فيه روايتان عنه إحديهما انه ليس لها الرجوع وبه قال عمر بن عبد العزيز والنخعي وربيع ومالك والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب
418

الرأي واكثر الامامية وهو عطاء وقتاده كالزوج والرواية الثانية ان لها الرجوع فيما تهبه لزوجها لقول عمر ان النساء يعطين أزواجهن وهبة فأيما امرأة أعطت زوجها
شيئا ثم أرادت تسترجعه فهي أحق به وهذا قول شريح والشعبي أيضا وعن أحمد رواية ثالثة ان الزوجة إذا وهبت له مهرها فإن كان قد سألها ذلك رده إليها رضيت
أم كرهت لأنها لا تهبه الا مخافة غيظه أو سخطه أو اضرارا بان يتزوج عليها وان لم يكن سألها وتبرعت به فهو جايز فروع آ قد بينا ان أكثر العامة جوزوا للأب
ان يرجع فيما وهبه لولده وشرط بعض الشافعية في ذلك أنه انما يرجع إذا قصد بهبته استجلاب بر أو دفع عقوق فلم يحصل غرضه إما إذا لم يقصد ذلك وأطلق الهبة
فلا رجوع له لكن المشهور عندهم الأول وعن مالك انه إذا رغبه راغب في مواصلة الولد بسبب المال الموهوب فزوج من الابن وتزوج بالبنت فلا رجوع له ب قد بينا ان
هبة ذي الرحم لازمة لا رجوع فيها بحال وينبغي ان يشترط فيه ما لم يشرط الثواب فان وهب الأب الا بن أو بالعكس أو غيرهما من ذوي الأرحام رحمة منه وشرط عليه العوض
فلم يعوض كان له الرجوع عملا بمقتضي الشرط ج ليس للام الرجوع فيما تهبه لولدها وهو ظاهر على مذهبنا حيث منعنا من رجوع ذي الرحم في هبة رحمه واما من جوز
للأب الرجوع فيما يهبه لولده هل يجوز ذلك للام قال الشافعي نعم لأنها أحد الأبوين ولأنها كالأب في كون الولد منها بل ولادتها متيقنة وانتسابه إلى الأب مستند إلى
الظاهر ولأنها كالأب في حصول العتق ووجوب النفقة هذا أصح قوليه وله قول اخر انه لا يجوز لها الرجوع وتخالف الأب في ذلك لان الخبر ورد في الأب وقال مالك للام الرجوع
في هبة ولدها ما كان أبوه حيا فإن كان ميتا فلا رجوع لها لأنها هبة لليتيم وهبة اليتيم لازمة كصدقة التطوع ومن مذهبه انه لا يرجع في صدقة التطوع د في غير الأب
من الأصول للشافعي قولان أحدهما لا رجوع لهم لان الخبر ورد في الأب وأصحهما عنده الرجوع كالأب لانهم كالأب في حصول العتق ووجوب النفقة وسقوط القصاص
وقطع جماعة من الشافعية بان لجد أبي الأب وان علاء الرجوع في هبة ولد ولده وان نزل لصدق الأب عليه ولأنه كالأب في الولاية وفي أب الام وأمها وأم الأب قولان
وقد ظهر من ذلك ان للشافعية في ذلك أربعة أوجه آ اختصاص الرجوع بالأب ب اختصاصه بالأب والام ج اختصاصه بكل أصل ثبت له الولاية د شموله كل أصل
وهو الأصح عندهم ه‍ وقال مالك لا رجوع لهم سوى الام وقال احمد لا رجوع لها أيضا ه‍ غير الأصول كالأخ والعم وساير الأقارب لا رجوع لهم عندنا وعندهم واما عندهم فلأنهم كالأجانب
وهبة الأجنبي لا يجوز الرجوع فيها عندهم لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحل للرجل ان يعطي عطية أو يهب هبة فيرجع فيها الا الوالد فيما يعطي ولده ومثل الذي يعطي
العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل فإذا شبع قاء ثم عاد فيه وقال أبو حنيفة لا رجوع في الهبة من المحرم فيثبت في غير المحرم قريبا كان أو أجنبيا الا في هبة أحد
الزوجين من الأخر ولا فرق في حق الرجوع بين ان يكون الوالد والولد متفقين في الدين أو مختلفين ولو وهب من عبد وأمة فله الرجوع عند الشافعي ولو
وهب من مكاتب ولده لم يكن له الرجوع عنده وهبة الانسان من مكاتبه كهبته من الأجنبي ز لو تداعى اثنان
مولودا ووهبا منه فلا رجوع لواحد منهما إما عندنا فلان كل واحد منهما يدعي بنوته؟
فيعترف بلزوم الهبة في حقه لان هبة ذي الرحم لازمة عندنا واما عند الشافعي فلان ولادته لأحدهما لم تثبت فكان كالأجنبي ولا يصح عنده رجوع الأجنبي في هبة
ضد ما نذهب نحن إليه فان الحق بأحدهما فللشافعية وجهان لان الرجوع لم يكن ثابتا في الابتداء ح حكم الرجوع في الهدية حكم الرجوع في الهبة فكل
موضع جوزناه هناك فإنه جايز هنا وما لا فلا ط لا يجوز الرجوع في الصدقة لأنها كالهبة المعوض عنها ولو تصدق على أبيه فللشافعية وجهان صحتهما ان
له الرجوع لان الخبر يقتضي ثبوت الرجوع في الهبة والصدقة ضرب من الهبة ولأنه تبرع على الولد في الحياة لا بد فيه من التسليم فأشبه الهبة والثاني وبه قال مالك وهو
مذهبنا انه لا رجوع لأنه ليس له الرجوع في الهبة عندنا فالصدقة أولي ولان القصد من الصدقة ثواب الآخرة وقد حصل ي لو أبرأ ابنه عن دينه برئ عندنا ولم يمكن له الرجوع
وقالت الشافعية يبني على أن الابراء اسقاط أو تمليك ان قلنا اسقاط فلا رجوع والا ثبت الرجوع يا لو وهب من ولده ثم مات الواهب ووارثه أبوه لكون الولد
مخالفا له في الدين فلا رجوع لجد الوارث عند الشافعي لان الحقوق لا تورث وحدها وانما تورث بتبعية الأموال وهو لا يرث المال المطلب الثاني
فيما إليه يرجع الواهب اعلم أن كل موضع يجوز للواهب الرجوع فيه فان الرجوع يثبت له في عينه التي وهبها من المتهب إن كانت باقية وإن كانت تالفة لم يكن له الرجوع
عندنا سواء تلفت بفعل المتهب أو بدون فعله لأنه ملكها بالعقد والقبض فلا ضمان عليه كغيرها من أمواله المملوكة له وبه قال الشافعي للبرائة الأصلية ولما رواه الحلبي
في الصحيح عن الصادق (ع) قال إذا كانت الهبة قايمة بعينها فله ان يرجع والا فليس له ولو كانت باقية الا ان المتهب تصرف فيها ببيع أو شبهه فلا رجوع عند أكثر علمائنا
وقال بعضهم للواهب الرجوع مع التصرف والمعتمد الأول لان المتهب قد ملك بالعقد والاقباض وبه ظهر اثر الملك وهو التصرف فقوى وجود السبب فكان تاما
والا لم يتحقق اثره فلا يتحقق النقل عنه الا بسبب طار وليس الرجوع سببا هنا والا كان سببا في غيره ولما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن الصادق (ع) قال أنت بالخيار في
الهبة ما دامت في يدك فإذا خرجت إلى صاحبها فليس لك ان ترجع فيها وقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من رجع في هبته فهو كما لو رجع قيئه ولا فرق بين ان يكون التصرف لازما
كالبيع بعد انقضاء الخيار والكتابة أو غير لازم كالعارية والبيع في مدة الخيار ولا فرق بين ان تعود العين إلى المتهب ببيع وميراث وغيرهما أو لا تعود لان الانتقال من الواهب تام
فلا تعود إليه بغير سبب والرجوع ليس سببا على ما تقدم وسواء كان التصرف مما يحصل معه تغير في العين أو احداث شئ فيها كاتحاد الخشبة بابا أو لا وقال الشافعي إذا
تصرف المتهب في الهبة نظر فإن كان تصرفا لا يقطع تصرف المتهب عنها مثل الإجارة والإعارة والزراعة والتدبير وتزويج الجارية كان للواهب الرجوع فيها
وهو آت على مذهب من يقول من أصحابنا ان التصرف غير مانع من الرجوع وإن كان يمنعه من التصرف في الحال كالكتابة والرهن لم يكن للواهب الرجوع في هذه الحال فان انفسخت
الكتابة أو انفك الرهن كان له الرجوع وحكى بعضهم ان في الكتابة وجها اخر انه لا يرجع لان الكتابة يجعله في حكم من زال عنه ملك السيل فيصيره كأنه زال ملكه ثم عاد
إليه وإن كان تصرفه أزال ملكه كالبيع والهبة اللازمة لم يملك الرجوع فلو عاد الموهوب إلى الموهوب منه فهل يملك الواهب الرجوع وجهان أحدهما يملك ذلك لان الموهوب
موجود في ملكه الا توى ان الزوجة إذا زال ملكها عن الصداق ثم عاد إليها ثم طلقها الزوج فإنه يرجع في نصفه كذا هنا والثاني لا يرجع لان الملك للمتهب لم يكن من جهته
فلا يملك فسخه وازالته بخلاف الصداق فان زوال ملكها عن العين لم يسقط حقه وانما تعلق حقه بالقيمة فإذا عاد عاد الحق إليه وهنا سقط حقه فافترقا مسألة
إذا جوزنا الرجوع مع التصرف كما هو مذهب بعض علمائنا ومذهب أكثر العامة فلو كان المتهب قد اجر العين أو زارع عليها أو زوج الجارية فرجع الواهب صح الرجوع
وصبر الواهب في الإجارة إلى انقضاء مدتها وكذا في المزارعة ويبقى التزويج بحاله وقد يكون مال الإجارة والزراعة والمهر للمتهب لان ذلك حصل في ملكه وليس
للواهب فيه شئ لا عن ما مضى ولا عن ما يأتي ولو ابق العبد الموهوب في يد المتهب صح رجوع الواهب ان لم يتصرف المتهب عندنا ومطلقا عند من جوز الرجوع مع التصرف
وللشافعي قولان في العبد الموهوب في يد المتهب هل يصح رجوع الواهب فيه على القول بان هبة الآبق لا تصح لان الهبة تمليك متبرع والرجوع ينافيه فيسامح فيه
419

ولو جنى العبد في يد المتهب وتعلق الأرش برقبته فهو كالمرهون في امتناع الرجوع لكن لو قال الواهب انا ادفع الفداء وارجع فيه أجيب إليه بخلاف المرهون لو قال انا ادفع
قيمته وارجع فإنه لا يجاب إلى ذلك لان في ذلك ابطال تصرف المتهب ولا سبيل إليه ويحتمل عندي تمكينه من ذلك وليس في ذلك ابطال التصرف ولو زال ملك المتهب
ثم عاد بإرث أو شراء ففي عود الرجوع للشافعي قولان أحدهما يعود لأنه وجد عين ماله عند من له الرجوع فيما وهب منه وأصحهما عنده المنع لان هذا الملك
غير مستفاد منه حتى يزيله حتى يرجع فيه واحتج بعضهم لهذا الوجه بأنه لو وهب من ابنه فوهبه الابن من جده ثم وهبه الجد من ابن ابنه المتهب أو لا فان حق الرجوع للجد الذي
حصل منه هذا الملك لا للأب ويمكن ان يحكم القائل الأول بثبوت الرجوع لهما جميعا ومبني القولين على أصل سبق في البيع هو ان الزايل العايد كالذي لم يزل أو
كالذي لم يعد مسألة لو وهبه ما هو مملوك ثم خرج من صلاحية التملك ثم عاد إلى حالة الأول كما لو وهبه عصيرا ثم صار خمرا في يد المتهب ثم صار إلى الخل كان للواهب
الرجوع ان لم يتصرف المتهب عندنا ومطلقا عند مجوزي الرجوع مع التصرف لان الملك الثابت في الخل سببه ملك العصير فكأنه الملك الأول بعينه وذكر بعض الشافعية
وجهين في أن الملك هل يزول بالتخمير ووجهين في عود الرجوع تفريعا على القول بالزوال ولو انفك الرهن أو الكتابة بعجز المكاتب عن إخاء النجوم ثبت الرجوع لان
الملك الذي كان لم يزل بالرهن ولا الكتابة وحكى الجويني عن بعض الشافعية في انفكاك الرهن وجهين مرتبين على الوجهين فيما إذا زال الملك وعاد وكذا في الكتابة وجه آخر لان الكتابة تجعله
في حكم من زال ملكه عنه وإذا انفكت فكأنه حصل ملك جديد مسألة لو وهبه شيئا ثم أفلس المتهب وحجر الحاكم عليه فأراد الواهب الرجوع في الهبة لم يكن له ذلك لتعلق
حق الغرماء بالعين فمنع ذلك الرجوع فيها كالمرهون بالجاني فإنه لما تعلق حق المرتهن والمجني عليه بالعين لم يكن للواهب الرجوع فيها كذا هنا وهو أصح وجهي الشافعية
والثاني لهم ان له الرجوع لان حقه أسبق من حق الغرماء فان حق الرجوع للواهب ثبت بالهبة وحق الغرماء انما ثبت بالحجر فان باعها المتهب ثم اشتراها بثمن مؤجل
ثم أفلس وقلنا إذا عادت إليه كان للواهب الرجوع فيها فان هنا البايع أحق من الواهب لان حقه تعلق بها من جهة ملكه إياها بالبيع فكان أولي كما لو اشتراها ولم
يبعها ولو ارتد العبد في يد المتهب وقلنا الردة لا تزيل الملك ثبت الرجوع وان قلنا تزيله فلا رجوع فان عاد إلى الاسلام ثبت الرجوع ومن الشافعية من جعله على الخلاف
فيما إذا زال ملكه ثم عاد ولو وهب الابن المتهب الموهوب من ابنه لم يكن هنا رجوع عندنا وللشافعي قولان في أنه هل للجد الرجوع فان قلنا به فهل للجد هنا الرجوع
وجهان أحدهما نعم فإنه موهوب ممن للجد الرجوع في هبته والثاني المنع لان الملك غير مستفاد منه ولو باعه منه أو انتقل بموته إلى ابنه قطع بعضهم بمنع الرجوع وبعضهم
طرد الوجهين في صورة الموت وبعضهم طردهما في البيع أيضا والأصح في الكل عندهم المنع مسألة هذا كله إذا كان المتهب قد زالت سلطنته عن العين الموهوبة واما
إذا كان باقيا في سلطنته فرجع الواهب فيما له الرجوع فيه فلا يخلو إما ان يكون العين بحالها أو ناقصة أو زايدة فإن كانت بحالها استرجعها الواهب ولا بحث وإن كانت ناقصة فله الرجوع أيضا ولا أرش للواهب في الهبة
التي لم يشترط فيها الثواب لان النقص حصل في ملك المتهب فلا يكون مضمونا عليه وإن كانت زايدة فلا يخلو الزيادة من أن تكون متصلة كالسمن وتعلم الصنعة أو منفصلة كالثمرة والولد والكسب واللبن فإن كانت
متصلة تبعت العين فإذا رجع الواهب في العين كانت الزيادة في العين ترجع إلى الواهب وبه قال الشافعي لأنها زيادة في الموهوب له فلا تمنع الرجوع كما لو كانت قبل القبض
أو كانت منفصلة وقال أبو حنيفة لا يرجع إلى أن قد زاد بتعلم القران أو أسلم أو قضى عنه دين وقال محمد لا يرجع فيه الا إذا أسلم أو علمه القران أو قصي عنه الدين أيضا لان
الزيادة ملك الموهوب له فلم يكن له الرجوع فيها كالمنفصلة إذا امتنع الرجوع فيها امتنع الرجوع في الأصل لأنها غير متميزة وهو يبطل بالرد بالعيب فان الزيادة ملك المشتري ولا يمنع الرد ولا ينتقض ذلك
بالزوج إذا اطلق قبل الدخول وكان المهر قد زاد في يد الزوجة زيادة متصلة فان الزيادة تمنع الزوج من الرجوع في الصداق لان الفرق ظاهر فان الزيادة في الصداق
لم يجعلها تابعة لأنه يمكنه الرجوع إلى القيمة وهنا لا يرجع في القيمة فجعلها تابعة كالرد بالعيب وإن كانت الزيادة منفصلة رد الأصل دون الزيادة لأنها حصلت
في ملك المتهب فلا تنقل عنه الا بسبب والرجوع ليس سببا مسألة لو وهبه جارية أو دابة حاملا فرجع الواهب قبل الوضع رجع فيها حاملا لان الزيادة هنا متصلة
ولان الولد للواهب وبه قال الشافعي لأنا ان قلنا للحمل حكم فقد تناولته الهبة وان قلنا لا حكم له فهو كالزيادة المتصلة
وان رجع بعد الوضع فكذلك عندنا لان الزيادة هنا متصلة واما العامة فمن قال لا حكم للحمل قال يرجع في الام دون الولد ومن قال له حكم قال يرجع فيهما معا وان وهبها
حايلا فحملت في يد المتهب ثم رجع الواهب فإن كان رجوعه بعد الوضع كان له الرجوع في الام خاصة ويكون الولد للمتهب لأنه نماء ملكه لم يتناوله العقد وان رجع قبل
الوضع فمن قال للحمل حكم فهو كما لو كان منفصلا فيرجع في الام دون الحمل ومن قال لا حكم له رجع فيهما والوجه ان الولد للمتهب لأنه نماء ملكه إذا عرفت هذا فكل موضع حكمنا
له بالرجوع في الام دون الولد فإنه يرجع في الام خاصة وان حصل التفريق لأنه مكروه لا محرم على الأقوى ولو قلنا بالتحريم احتمل ان يمنع من الرجوع في الام وهو قول بعض
العامة لاستلزامه التفريق المحرم والجواز لأنها تفرقة ضرورية مسألة لو وهب منه ثوبا فقصره المتهب لم يكن للواهب الرجوع عندنا واما من جوز له الرجوع مع
التصرف من علمائنا ومن العامة فان للواهب الرجوع فإن لم تزد قيمة الثوب بالقصارة كان له الرجوع فيه وان زادت قيمته بذلك فهل تجري الزيادة مجرى العين أو الأثر للشافعي
قولان به فان قلنا إنها تجري مجرى العين كانا شريكين كالمفلس؟ إذا قصر الثوب وان قلنا إنها اثر كان للواهب الرجوع في الثوب مقصورا ولو وهب منه حبا فزرعه أو بيضا
فصار فرخا لم يكن له الرجوع لان ماله صار مستهلكا قال بعض الشافعية هذا ان ضمنا الغاصب بذلك والا فقد وجد عين ماله فيرجع فيه ولو كان الموهوب ثوبا
فصبغه المتهب وجوزنا الرجوع مع التصرف رجع الواهب في الثوب وكان المتهب شريكا بالصبغ ولو كان الموهوب حنطة فطحنها المتهب أو غزلا فنسجه فإن لم تزد قيمته فلا
شئ للمتهب وكان للواهب الرجوع في الطحين والمنسوج وان زادت احتمل اجراء الطحن والنسج مجرى الأعيان ومجرى الآثار ولو وهبه أرضا فبنى المتهب فيها أو غرس كان للواهب
الرجوع في الأرض وليس له قلع البناء والغراس مجانا بل يتخير بين الابقاء بالأجرة أو التمليك بالقيمة مع رضاء المتهب فيهما أو القلع مع دفع أرش النقصان كما في العارية ولو
وهبه نخلا حايلا فأثمر في يد المتهب جاز له الرجوع إذا لم يتصرف عندنا ومطلقا عند آخرين فإذا رجع في العين كانت الثمرة للمتهب لأنها زيادة منفصلة سواء كانت مؤبرة
حالة الرجوع أو لا وقال بعض العامة ان رجع قبل التأبير فهي زيادة متصلة وان رجع بعده فهى زيادة منفصلة ولو وهب الرجل ولده جارية فوطئها المتهب فلا رجوع عندنا واكثر العامة جوز الرجوع
فيما يهبه لولده وان تصرف فحينئذ قال بعض الشافعية ان وطى الابن يمنع الرجوع وان عرى الوطي من الأحبال لأنه يحرمها على الأب لكن مذهب الشافعي يقتضي خلافه
مسألة قد بينا انه لا يجوز للرجل الرجوع فيما يهبه لولده مع الاقباض وعند العامة يجوز بشروط أربعة آ أن تكون العين باقية في ملك الابن فان خرجت
عن ملكه ببيع أو هبة أو وقف أو ارث أو غير ذلك لم يكن له الرجوع فيها لأنه ابطال لملك غير الولد فان عادت إليه بملك جديد كبيع أو هبة أو وصية أو ارث لم يملك الرجوع
فيها لأنها عادت بملك جديد لم يستفد من قبل أبيه فلا يملك فسخه وان عادت بفسخ البيع لعيب أو إقالة أو فلس المشتري فوجهان أحدهما يملك الرجوع لان السبب المزيل
ارتفع وعاد السبب الأول فأشبه ما لو فسخ البيع بخيار المجلس أو خيار الشرط والثاني لا يملك الرجوع لان رجوع الملك عاد إليه بعد استقرار ملك من انتقل إليه عليه فأشبه عليه
420

ما لو عاد إليه بفسخ خيار الشرط أو خيار المجلس فله الرجوع لان الملك لم يستقر عليه ب أن تكون العين باقية في تصرف الولد بحيث يملك التصرف في رقبتها
فان استولد الأمة لم يملك الأب الرجوع فيها لان الملك فيها لا يجوز نقله إلى غير سيدها ج ان لا يتعلق بها رغبة لغير الولد فان تعلقت بها رغبة لغيره فلا
رجوع مثل ان يهب ولده شيئا فرغب الناس في معاملته فأدانوه ديونا أو رغبوا في مناكحته فزوجوه وعن أحمد روايتان إحديهما لا رجوع وبه قال مالك لأنها تعلق
بها حق غير الابن ففي الرجوع ابطال حقه وقد قال (ع) لا ضرر ولا ضرار وفي الرجوع ضرر والثانية الرجوع لعموم الخبر ولان حق الزوج والغريم لم يتعلق بعين هذا
المال فلم يمنع الرجوع فيه د ان لا تزيد العين زيادة متصلة كالسمن والكبر وتعلم صنعة فان زادت فعن احمد روايتان إحديهما لا يمنع الرجوع وهو مذهب
الشافعي لأنها زيادة الموهوب فلا يمنع الرجوع كالزيادة قبل القبض والمنفصلة والثانية تمنع وهو مذهب أبي حنيفة لان الزيادة في الموهوب له لكونها نماء ملكه
ولم تنتقل إليه من جهة أبيه فلم يملك الرجوع كالمنفصلة وإذا امتنع الرجوع فيها امتنع الرجوع في الأصل لئلا يفضي إلى سوء المشاركة وضرر التشقيص ويفارق الرد بالعيب من جهة ان الرد من المشترى وقد رضي
ببذل الزيادة فان فرض الكلام فيما إذا باع عرضا بعرض فزاد أحدهما ووجد المشتري الأخر به عيبا قلنا بايع
المبيع سلط مشتريه على الفسخ ببيع المعيب فكان الفسخ وجد منه
المطلب الثالث فيما به يحصل الرجوع الرجوع يحصل إما بالقول أو الفعل إما القول فان يقول رجعت فيما وهبت وارتجعت واسترددت المال ورددته إلى ملكي وأبطلت
الهبة ونقضتها وما أشبه ذلك من الألفاظ الدالة على الرجوع وللشافعية وجهان في أن الرجوع هل هو نقض وابطال للهبة أم لا أحدهما لا يكون نقضا لأنه لو كان
نقضا لملك الواهب الزيادات الحاصلة من الموهوب والثاني أنه يكون نقضا كما أن الإقالة نقض وفسخ للبيع وانما لا يسترد الزيادة لحدوثها على ملك المتهب كما لا يسترد
في الإقالة فعلى الأول ينبغي ان يستعمل النقض والابطال الا ان يجعل كناية عن المقصود وقسموا اللفظ الذي به يحصل الرجوع إلى قسمين صريح وهو قوله رجعت وكناية
يفتقر إلى النية مثل قوله أبطلت الهبة وفسختها واما الفعل فان يفعل الواهب فعلا لا يسوغ به الا في ملك بان يطأ الجارية الموهوبة أو يبيعها أو يقفها أو يهبها من اخر
فالأقوى عندي أنه يكون رجوعا كما أن هذه التصرفات في زمن الخيار فسخ للبيع وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم انه لا يكون رجوعا لان الموهوب ملك
المتهب بدليل نفوذ تصرفاته فيه فيلغو تصرف الواهب وهذا كما لو ثبت له الفسخ بالعيب فتصرف فيه لم يحصل به الفسخ ويخالف المبيع في زمن الخيار فان الملك فيه
ضعيف ونمنع الغاء تصرف الواهب لان أفعال المسلم انما تبنى ي على الظاهر وهو الصحة والفسخ لا ينافي ملك المتهب قبله كما لو فسخ بالقول ونفوذ التصرفات إن كان حال
الوطي أو بعده فهو ممنوع كما في القول وإن كان قبله فهو مسلم لكن نحن ندعي زوال الملك قبل التصرف مع الوطي وانما ضعف الملك في زمان الخيار لامكان انفساخه بفسخ صاحب
الخيار وهذا الامكان متحقق هنا إذا عرفت هذا فان قلنا يحصل لرجوع بالفعل ففي صحة البيع والهبة وجهان كما في البيع في زمن الخيار ويجري الوجهان في حصول الرجوع
إذا تلف الطعام الموهوب أو أعتق العبد أو وطي الجارية وأشار الجويني إلى وجه ثالث وهو ان مجرد الوطي ليس برجوع لكن إذا أحبلها وحصل الاستيلاد كان راجعا وعلى
الصحيح عندهم يلزمه بالاتلاف القيمة ويلغو الاعتاق وعليه بالوطي مهر المثل وبالاستيلاد القيمة ولو صبغ الثوب الموهوب أو خلط الطعام بطعام نفسه لم يكن
راجعا بل هو كما لو فعل الغاصب ذلك مسألة كل موضع يثبت فيه الرجوع يصح من غير اشتراط حكم القاضي عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد لأنه خيار في فسخ العقد
فلا يفتقر الفسخ به إلى قضاء قاض كخيار الثلاثة وكالفسخ بخيار الشرط ولان الشارع جعل له الرجوع وأطلق ولم يقيد بحكم الحاكم ولو كان شرطا لذكره وبينه وقال أبو حنيفة
لا يصح الرجوع فيها الا بقضاء قاض لأنه ملكه مستقر وهو ممنوع ولأنه لو كان مستقرا لما زال بحكم القاضي لان الحكم عندنا تابع لا متبوع فروع آ لو رجع ولم يسترد المال فهو أمانة في يد المتهب بخلاف المبيع
في يد المشتري بعد فسخ البيع لان المشتري اخذه على حكم الضمان ب لو اتفق الواهب والمتهب على فسخ الهبة ففي الحاجة بالتقايل اشكال وللشافعية وجهان
أحدهما انها تنفسخ كما لو تقايلا والثاني لا تنفسخ كالخلع ج يشترط في الرجوع التنجيز فلو علقه بشرط مثل أن يقول إذا جاء رأس الشهر فقد رجعت في الهبة لم يصح
لأن العقد لا يقف على شرط فكذا فسخه مسألة لو اخذ الواهب الهبة من المتهب فان نوى به الرجوع كان رجوعا والقول قوله في نية؟ لأنه ابصر بها وان يعلم هل نوى
الرجوع أو لا وكان ذلك بعد موت الواهب فإن لم يوجد قرينة تدل على الرجوع لم يحكم بكونه رجوعا لان الاخذ يحتمل الرجوع وغيره فلا يزال حكم متيقن بأمر مشكوك
وان اقترن به قراين تدل على الرجوع احتمل كونه رجوعا لأنا اكتفينا في العقد بدلالة الحال ففي الفسخ أولي ولان لفظ الرجوع كان رجوعا لدلالته عليه فكذا كل ما دل عليه وان لا يكون وبه
قال الشافعي لان الملك ثابت للمتهب يقينا فلا يزول الا بالصريح ويحتمل بناء هذا على العقد فان أوجبنا الايجاب والقبول فيه لم يكتف هنا الا بلفظ يقتضى زواله
وان اكتفينا في العقد بالمعاطاة الدالة على الرضا به فهناك أولي إما لو نوى الرجوع من غير قول ولا فعل فإنه لا يحصل الرجوع بها وجها واحدا لأنه اثبات الملك
على مال مملوك لغيره فلم يحصل بمجرد النية كساير العقود البحث الثاني في الثواب مسألة الهبة مطلقا لا تقتضي العوض الا مع الشرط سواء في ذلك
هبة الاعلى للأدنى أو المساوي لمثله والأدنى للأعلى عند أكثر علمائنا وبه قال أبو حنيفة واحمد للأصل ولأنها عطية على وجه التبرع فلم تقتض الثواب كالوصية وهبة
المثل من المثل ولأنه إذا اعاره دارا لم يلزم المستعير شئ فكذا إذا وهب الحاقا للاعيان بالمنافع وقال الشيخ ره في الخلاف والمبسوط الهبة على ثلاثة أقسام هبة لمن فوقه مثل هبة الرعية
للسلطان والفقير للغني والغلام لأستاذه وهبة المساوي لمثله مثل ان يهب الغني للغني والفقير للفقير والتاجر للتاجر وهبة لمن هو دونه مثل هبة السلطان للرعية
والغني للفقير والأستاذ للغلام وكلها يقتضى الثواب وقال الشافعي هبة الاعلى للأدنى لا يقتضي الثواب إذ لا يقتضيه اللفظ ولا العرف ولا العادة لأنه يقصد بها نفع المتهب وكذا
هبة المثل لأنه يقصد التودد والمواصلة والتحابب واما هبة الأدنى للأعلى فهل يقتضى الثواب قولان ففي القديم يقتضي وبه قال مالك وفي الجديد لا يقتضي وبه
قال أبو حنيفة احتج الشيخ ره بما رواه عبد الرحمان بن أبي عبد الله في الصحيح عن الصادق (ع) انها سألاه؟ عن الرجل يهب الهبة أيرجع فيها ان شاء فقال يجوز الهبة لذوي
القربى والذي يثاب من هبته ويرجع في غير ذلك ان شاء واحتج الشافعي بما روى عن عمار أنه قال من وهب هبة يرجو ثوابها فهي رد على صاحبها ما لم يثب عليها
ومثله روى عن علي (ع) ونحن نقول بموجب الروايتين لأنه إذا كانت الهبة للأجنبي خالية عن العوض كان لمالكها الرجوع فيها واما إذا اشتملت على العوض
لم يكن له الرجوع ولا يلزم من ذلك اقتضاء الهبة الثواب على أن حديثهم عن عمر معارض بما روى عن ابن عباس وابن عمر حيث قالا بخلاف قول عمر مسألة
قد عرفت ان الذي اخترناه نحن ان مطلق الهبة لا يقتضي الثواب ولا عدمه فتنقسم حينئذ اقساما ثلاثة آ ان يطلق الواهب الهبة فيقول وهبتك كذا فيقول
المتهب قبلت وقد بينا انه لا يقتضى الثواب خلافا للشافعي في أحد قوليه ولمالك ب ان يشترط عدم الثواب وهو سايغ عندنا لأنه شرط لا ينافي العقد
لعدم التنافي بين الكلى واحد جزيئاته وهو أصح قولي الشافعي وفي الأخر ان الهبة المشروطة بعدم الثواب لا تصح بناء على قوله القديم ان مطلق الهبة يقتضي
421

الثواب فيكون شرط عدم الثواب شرط ينافي مقتضاها فتبطل الهبة ج ان يشترط الثواب وهي جايزة عندنا اجماعا وهو قول أكثر العامة عملا بالأصل والأحاديث وهو
المشهور من قولي الشافعي وله قول اخر انها لا تصح لان الهبة لا يقتضي ثوابا فإذا شرط فيها ثوابا أخرجها عن مقتضاها فلم تصح كما إذا عقد النكاح بلفظ الهبة وهو غلط
فان المطلق لا ينافي المقيد نعم لو قلنا الهبة يقتضي عدم الثواب فلو شرطه كان منافيا لمقتضاها وفرق بين عدم اقتضاء الثواب أو اقتضاء عدم الثواب وأيضا
الهبة تقتضي التمليك فإذا شرط فيه العوض
صح الا ترى انه لو قال ملكتك وأطلق كان هبة وإذا شرط فيه عوضا صح كذا هنا مسألة إذا اطلق الهبة وقلنا انها لا يقتضي الثواب فإنها تلزم بالثواب الا
بالقبض إذا كانت للأجنبي وقال الشافعي يلزم بالقبض ولو لم يثبه المتهب كانت صحيحة غير لازمة عندنا لا مع التلف أو التصرف على الخلاف وإذا اطلق فأثابه
المتهب كان ذلك ثوابا عندنا إذا رضي المتهب قل أو كثر على معنى انها إذا رضي لزمت ولا يجب على الواهب قبوله بل له الامتناع ليتمكن من الرجوع في هبته عندنا وقال
الشيخ والشافعي إذا أطلق الهبة كانت لازمة بالقبض فان اثابه المتهب عليها كانت ابتداء هبة لا يتعلق الثواب بها ولا يكون بدلا في الحقيقة ولا يتعلق أحد الهبتين
بالأخرى وان وقع الاستحقاق في إحديهما واسترجعه لم يؤثر ذلك في الأخرى وان قلنا إنها مع الاطلاق يقتضى الثواب وأوجبناه ففي قدره اشكال تردد الشيخ في
الخلاف فيه قال إنه يعتبر ثواب مثله على ما جرت به العادة لان أصل الثواب انما أثبتناه في الهبة بالعادة فكذا مقدارها وان قلنا لا مقدار فيها أصلا وانما هي ما يثاب
عنها قليلا كان أو كثيرا كان قويا لعموم الاخبار واطلاقها وللشافعي أربعة أقوال أحدها ما يرضى به الواهب لما روى أن أعرابيا وهب النبي صلى الله عليه وآله ناقة فأثابه عليها وقال أرضيت قال
لا فإذا ره وقال رضيت قال نعم وقال النبي صلى الله عليه وآله لقد هممت ان لا اتهب الا من قريشي أو أنصاري أو ثقفي وروى أبو هريرة هذا الحديث بلفظ اخر وهو ان أعرابيا وهب النبي صلى الله عليه وآله
ناقة فأعطاه ثلاثا فابى فزاده ثلاثا فلما كمل تسعا قال رضيت وقال النبي صلى الله عليه وآله وأيم الله لا اقبل من أحد بعد هذا اليوم هدية الا ان يكون قريشا أو أنصاريا
أو ثقفيا أو روميا والثاني قدر قيمة الموهوب لأنه عقد يقتضي العوض ولا يشترط فيه التعيين والتسمية فإذا لم يسم شيئا وجب عوض المثل كالنكاح وبه قال مالك والثالث
ما يعد ثوابا بالمثلة في العادة لان أصل الثواب مأخوذ من العادة فكذلك قدره والرابع ان يكفي ما يتمول لوقوع اسم الثواب عليه إذا عرفت هذا فإنه لا يتعين
للثواب جنس بعينه من الأموال بل الخيرة في ذلك إلى المتهب تنبيه إذا اعتبرنا في الثواب قدر قيمة الموهوب واختلف قدر القيمة احتمل اعتبار القيمة يوم
القبض ويوم بذل الثواب وللشافعية وجهان كهذين وأظهرهما الأول عندهم مسألة إذا أوجبنا العوض في المطلقة فان أثاب المتهب ما يصلح ثوابا
فذاك فإن لم يثب شيئا كان للواهب الرجوع ان بقى الموهوب بحاله لرواية عبد الرحمان بن أبي عبد الله و عبد الله بن سنان الصحيحة عن الصادق (ع) عن الرجل يهب
الهبة أيرجع فيها ان شاء فقال تجوز الهبة لذوي القربى والذي ثياب من هبته ويرجع في غير ذلك ان شاء فان زاد الموهوب زيادة متصلة رجع فيه مع الزيادة
وقال بعض الشافعية للمتهب ان يمسكه ويبذل قيمته دون الزيادة وان زاد زيادة منفصلة رجع فيه دون الزيادة وإن كان الموهوب تالفا فلا رجوع عندنا
الا مع شرط؟ الثواب لأنها عين تلفت في يد مالكها وللشافعي قولان أصحهما عندهم انه يرجع بقيمته لأنه مملوك بعوض فإذا تلف كان مضمونا كالبيع والثاني لا يرجع
بشئ كالأب في هبة ولده وإن كان ناقصا ورجع فيه لم يرجع بأرش النقصان عندنا وللشافعي قولان كما لو تلف وقيل له ان يترك العين ويطالبه بكمال القيمة مسألة
هذا في هبة الأدنى للأعلى واما هبة المساوي لمثله فكذا عندنا لا يقتضي الثواب إذا كانت مطلقة خلافا للشيخ ره وللشافعية طريقان أحدهما التخريج على القولين
السابقين لان الاقران لا يحتمل بعضهم منة بعض في العادة بل يعرضون وأظهرهما عندهم القطع بنفي الثواب لان القصد من مثله الصلة وتأكيد الصداقة
وقد حصل هذا الغرض فأشبه الهدية لما كان الغرض منها الثواب الآخرة لم يقتض ثوابا في الحال وبعضهم خرج؟ على القولين في هبة الاعلى من الأدنى أيضا مسألة
كل موضع قلنا فيه بالثواب فإنه لا يشترط فيه زيادة على قيمة العين الموهوبة وقال بعض الشافعية لا بد من زيادة لاقتضاء العادة بالزيادة فان الواهب لو رضي
لباعه في السوق وليس بجيد مسألة قد بينا ان أقسام الهبة بالنظر إلى اشتراط الثواب ثلاثة ومضى اثنان وبقى ما إذا اشترط الثواب فنقول إذا وهبه
وشرط الواهب الثواب عنها فلا يخلو إما ان يكون العوض المشروط معلوما أو مجهولا فإن كان معلوما صح عندنا قال الشيخ ره في الخلاف إذا ثبت ان الهبة يقتضي الثواب
فان شرطه وكان معلوما صح لأنه مانع منه وقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولم يفصل والأصل جوازه والمنع يحتاج إلى دليل وهذا هو الذي اختارته علماؤنا
وللشافعي قولان أصحهما عنده صحة العقد إما إذا قلنا إن مطلق الهبة لا يقتضي الثواب فلانه معارضة مال بمال كالبيع واما إذا قلنا تقتضيه فلانه إذا صح العقد
والعوض الواجب مجهول فأولى ان يصح وهو معلوم ولان لفظ الهبة يقتضي التمليك فإذا شرط فيه العوض صح الا ترى انه لو قال ملكتك وأطلق كان هبة
وإذا شرط عوضا فيه صح كذا هنا والثاني انه باطل إما إذا اقتضت الهبة الثواب فلان مقتضاها ثواب غير معلوم ولا معين فشرط المعلوم المعين يخالفه ويخرج الهبة
عن مقتضاها فلم تصح كما إذا عقد النكاح بلفظ الهبة واما إذا لم يقتضيه فلان شرط العوض يخالف مقتضاها ولان لفظ الهبة يقتضي التبرع والجمع بينه
وبين شرط العوض مخل إذا عرفت هذا فإذا شرط العوض المعين وقلنا بالصحة كما هو مذهبنا واحد قولي الشافعية فإنها تكون هبة محضة عندنا لان مقتضى لفظ
الهبة ذلك ولا يجوز صرف الألفاظ عن حقايقها الا بدليل ولم يثبت وهو أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم انها تكون بيعا يثبت فيها الخياران ويضمن فيه الدرك
ويستحق فيه الشفعة والحق انه لا خيار هنا ولا شفعة ولا يلزم قبل القبض وعلى القول الثاني للشافعي يثبت هذه الأحكام وله قولان في أن هذه الأحكام تثبت عقيب
العقد أو عقيب القبض والأول أظهر عندهم فالمرجع بهذين القولين إلى التردد في كونه بيعا أو هبة مسألة إذا وهب له حليا بشرط الثواب أو مطلقا وقلنا
الهبة يقتضي الثواب فأثابه بجنسه أو بغير جنسه متفاضلا فيهما لو متساويا جاز لان الهبة عندنا عقد قايم بنفسه أصل في ذاته غير فرع على غيره والربا والصرف
يختصان بالبيع فلا يشترط هنا ما يشترط في البيع من وجوب التقابض في المجلس ومن تحريم التفاضل مع اتحاد الجنس عملا بالأصل وبه قال بعض الشافعية لأنا لم نلحقه
بالمعاوضات في اشتراط العلم بالعوض فكذا في ساير الشرايط ولان باذل الثواب في حكم واهب جديد فكأنه يقابل هبة بهبة ويضعف الثاني بانا لا نشرط في
الثواب لفظ العقد ايجابا وقبولا ولو كان هبة مجددة لاشترط والمشهور عند الشافعية انه ان اثابه قبل التفرق جاز سواء كان من جنس الأثمان أو من غير جنسهما
الا انه إذا كان من جنس الحلي اعتبر بينهما المتساوي قدرا لان ذلك معاوضة فلا يصح فيها التفاضل في الجنس الواحد من النقود وإن كان ذلك بعد التفرق فان اثابه
من غير جنس النقود جاز لان التصرف في ذلك قبل القبض جايز وان اثابه من جنس النقود لم يجز سواء كان من جنس الحلي أو من غير جنسه فإذا فعل بطلت الهبة لان العوض
422

في ذلك يتعين بالإثابة فيصير كأنهما متبايعا الأثمان وتفرقا قبل القبض ومن قال بجواز الرجوع للأب فيما يهبه لولده لو وهب الأب من ابنه بثواب معلوم فان جعلنا
العقد بيعا فلا رجوع والا فله الرجوع ولو تصدق على ولده بشئ واقبضه لم يكن له الرجوع عندنا باعتبارين أحدهما ان هبة ذي الرحم لازمة والثاني ان الصدقة لا يجوز
له الرجوع فيها بعد الاقباض وقال الشافعي له ان يرجع وسيأتي وأبو حنيفة وافقنا على المنع من الرجوع في الصدقة مسألة إذا وهب جارية بشرط الثواب أو مطلقا وقلنا إن
مطلق الهبة يقتضي الثواب فوطئها المتهب وامتنع من الثواب جاز للواهب الرجوع فيها فإذا رجع عادت إلى ملكه وليس للواهب الرجوع على المتهب بالمهر لان الوطي
صادف الملك فلا يستحق فيها المهر هذا إذا قلنا بجواز الرجوع مع التصرف ولو وهبه ثوبا بشرط الثواب فلبسه وأخلقه ثم لم يثب فان له الرجوع ولا شئ على لابس
الثوب ولو تلف الثوب لم يكن على المتهب شئ وهو أحد وجهي الشافعية لأنها تلفت في ملكه والثاني انه يجب عليه قيمتها مع التلف لأنه ملكها بعوض فإذا تلفت ضمنها
كالبيع وكذا الوجهان في النقصان مسألة إذا وهب الأب ابنه الصغير وقبضه له لزمت الهبة سواء كانت من العرض أو من الذهب والفضة وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة لان ذلك كله مال تصح هبته وإذا وهبه الأب لابنه الصغير وقبضه وجب ان يصح كساير العروض وقال مالك إذا وهب له شيئا يعرف بعينه كالعروض جاز
وصح قبضه وان وهب له ما لا يعرف بعينه كالدراهم والدنانير فلا يجوز الا ان يضعها على يد غيره ويشهد عليها لان الأب قد يتلف الذهب والفضة وقد
تهلك بغير سببه فلا يتمكن ان يشهد على شئ بعينه ويصير الابن مدعيا فلا ينفع القبض شيئا وليس بشئ مسألة إذا وهبه بشرط الثواب المعلوم فاما ان يكون
معينا أو لا فإن كان معينا فقبضه الواهب فوجد به عيبا كان له الرجوع إلى عين الموهوب فإن كان باقيا اخذه وإن كان تالفا طالب بالقيمة واستبعد الجويني ومجئ؟ خلافا للشافعية هنا
في أنه بيع أو هبة حتى لا يرجع على التقدير الثاني وان طرده بعضهم وإذا جعلناه هبة فكافأه بما دون المشروط الا انه قريب منه للشافعية وجهان في أنه هل يجبر على القبول
لان العادة فيه المسامحة وليس للواهب المطالبة بالعوض لوقوع الشرط على هذه العين فلم يكن له الانتقال إلى غيرها والأقرب ان له المطالبة بالأرش وإن كان العوض
غير معين فوجده القابض معيبا كان له المطالبة بالعوض سليما مسألة هذا كله فيما إذا شرط الواهب العوض المعلوم فاما ان شرط عوضا مجهولا فالأقرب
الصحة لان الهبة في نفسها لا يقتضي الثواب فإذا شرط عوضا مجهولا تصح كما لو لم يشرط شيئا وقد روى إسحاق بن عمار قال قلت له الرجل الفقير يهدي الهدية يتعرض لما عندي
فاخذها ولا اعطيه شيئا أتحل لي قال نعم هي لك حلال ولكن لا تدع ان تعطيه وقال الشافعي إذا شرط ثوابا مجهولا فان قلنا الهبة لا يقتضي الثواب بطل العقد لتعذر
تصحيحه بيعا وهبة وان قلنا إنها يقتضيه صح وليس فيه الا التصريح بمقتضى العقد هذا ما اورده أكثر الشافعية ولهم وجه آخر انها تبطل بناء على أن ذكر العوض يلحقها
بالبيع وإذا كان بيعا وجب ان يكون العوض معلوما والأولون يقولون انما يجعل بيعا على رأى إذا تعذر جعله هبة وذلك إذا قلنا إن الهبة لا يقتضي الثواب إما إذا قلنا
يقتضيه فالمعنى واللفظ متطابقان فلا معنى لجعله بيعا وقد ذكر الشافعي انه لو وهب من اثنين بشرط الثواب فأثابه أحدهما دون الأخر لم يرجع في حصة من أثاب وانه لو أثاب أحدهما
عن نفسه وعن صاحبه ورضى به الواهب لم يرجع على واحد منهما ثم إن أثاب بغير اذن الشريك لم يرجع عليه وان أثاب باذنه رجع بالنصف هذا إذا كان الثواب مما يعتاد
ثوابا لمثله فان زاد فهو متطوع بالزيادة مسألة لو شرط الثواب ودفعه ثم خرج الموهوب مستحقا بعد الدفع رجع المتهب بما أثاب على الواهب ولو خرج بعضه
مستحقا فهو بالخيار بين ان يرجع على الواهب بقسطه من الثواب وبين ان يرد الباقي ويرجع بجميع الثواب وهو أحد قولي الشافعية والثاني انها تبطل الهبة في الكل كما
في نظيره من البيع وقال بعضهم لا يجئ قول الأبطال في الهبة مسألة لو اختلف الواهب والمتهب في شرط الثواب فقال الواهب وهبت منك ببدل وقال المتهب
وهبت بلا بدل فان قلنا إن الهبة المطلقة يقتضي الثواب فالقول قول الواهب لأنه يدعي الأصل ولان الأصل عدم الشرط وقد قلنا إن أصالة عدم الشرط يقتضي الثواب وقول المتهب انك وهبت بغير بدل يقتضي ادعاء خلاف الأصل فيقدم قول الأخر وان قلنا إن الهبة لا
يقتضي الثواب فالقول قول المتهب لأنهما قد اتفقا على أن العين ملك المتهب والواهب يدعي اشتراط عوض والأصل عدمه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان القول
قول الواهب لأنه لم يعترف بزوال ملكه الا ببدل والمعتمد الأول مسألة لو وهبه على الثواب فلم يثب المتهب ومات ووجد الواهب عين الهبة كان له ارتجاعها
لأنه لم يدفع إليه العوض فكان له الرجوع في المعوض كالبيع ولما رواه عيسى بن أعين قال سئلت الصادق (ع) عن رجل اهدى إلى رجل هدية وهو يرجو ثوابها فلم يثبه صاحبها
حتى هلك وأثاب الرجل هديته بعينها أله ان يرتجعها ان قدر على ذلك قال لا بأس ان يأخذه فروع آ لو دفع إليه درهما وقال خذه وادخل به الحمام أو دفع إليه دراهم
وقال اشتر لنفسك بها عمامة فالوجه انه إباحة لكن يختص بما امره به فليس التصرف في غير ما عينه له وقال بعض الشافعية ان قال ذلك على سبيل التبسط المعتاد ملكه وتصرف
فيه كيف شاء وإن كان غرضه تحصيل ما عينه لما رأى به من الوسخ والشعث أو يعلمه بأنه مكشوف الرأس لم يجز صرفه إلى غير ما عينه ب لو بعث الشخص إلى من مات أبوه
ثوبا ليكفنه فيه لا يملكه الولد وقال بعض الشافعية إن كان الميت ممن يتبرك بتكفينه لديانة أو ورع لم يملكه الولد حتى أنه يجوز له امساكه وتكفينه في غيره فان كفنه في غيره وجب عليه رده
إلى مالكه وان لم يكن كذلك ملكه الولد وكان له امساكه وتكفينه في غيره لأنه يكون اهداء للولد ج لو بعث إليه الهدية في ظرف والعادة في مثل تلك الهدية رد
الظرف لم يكن الظرف داخلا في الهدية قضاء للعرف وإن كانت العادة يقتضي عدم الرد كما في قواصر التمر فهو هدية كالمظروف للعادة وإذا لم يكن الظرف هدية كان أمانة في يد المهدى
إليه وليس له استعماله في غير الهدية واما في تلك الهدية فان اقتضت العادة التفريغ لزم تفريغه وان اقتضت التناول منه جاز التناول منه ويكون كالمستعار د لو انفذ كتابا إلى غيره
حاضر أو غايب وكتب فيه ان اكتب الجواب على ظهره فعليه رده فليس له التصرف فيه والا فهو هدية يملكه المكتوب إليه وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه يبقى على ملك
المكاتب وللمكتوب إليه الانتفاع به على سبيل الإباحة وهو حسن ه‍ هبة منافع الدار هل هي إعارة لها الوجه المنع وللشافعية وجهان وإذا كانت الهبة فاسدة لم يثمر
الملك للمتهب عندنا وبه قال الشافعي ويكون الملك المقبوض مضمونا على المتهب كالمقبوض بالبيع الفاسد أو غير مضمون كالمقبوض في الهبة الصحيحة للشافعي قولان
والأقرب عندي الثاني وقال أبو حنيفة ان الهبة الفاسدة تفيد الملك للمتهب ز لا يشترط في القبض الفورية فلو تراخى القبض عن العقد حكم بانتقال الهبة من حين
القبض لا من حين العقد وليس كذلك الوصية فإنه تحكم بانتقالها بالموت مع القبول وان تأخر؟ ح لو قال وهبته كذا ولم اقبضه كان القول قوله في عدم الاقباض
لأصالته وللمقر له احلافه ان ادعى الاقباض وكذا لو قال وهبته وملكته ثم أنكر القبض لامكان ان يخبر عن وهمه خاتمة يتعلق بالنحل النحل جمع نحلة وهي العطية
قال الله تعالى وآتوا النساء صدقاتهن نحلة اي عطية عن طيب نفس واكثر ما تستعمل في عطية الولد يقال نحل ولده نحلة والعطية مطلقا مندوب إليها مرغب فيها وهي للولد
وذي الرحم والقرابة أفضل والثواب بها أكثر قال الله تعالى واتى المال على حبة ذوي القربى واليتامى فبدأ بالقرابة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله صدقتك على ذي رحمك
صدقة وصلة وقال أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح وقال صلى الله عليه وآله من سره ان ينسأ؟ في اجله ويوسع في رزقه فليصل رحمه وروى أن زينب امرأة عبد الله بن مسعود كانت
423

صناعا وكانت تنفق على زوجها وولده فاتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله ان عبد الله وولده شغلاني عن الصدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لك في ولدك اجران اجر الصلة واجر الصدقة
وروى عن الصادق (ع) انه لما حشرنا من المدينة إلى المنصور ببغداد لبثنا شهرا لا نعبر عليه فبعد شهر خرج إلينا الربيع الحاجب وقال ابن هؤلاء العلوية فقمنا إليه فقال ليدخل على أمير
المؤمنين (ع) منكم اثنان قال (ع) فدخلت انا و عبد الله بن الحسن فسلمنا عليه فقال لي أنت الذي تعلم الغيب فقلت لا يعلم الغيب الا الله فقال أنت الذي يحيى إليك الخراج فقلت
الخراج يحيي؟ إليك فقال أتدرون لم أتيت بكم قال الله ورسوله اعلم فقال انما جئت بكم لاحزب؟ دباعكم وأغور قلبكم وأنزلكم؟ بالسراة ولا ادع أحدا من أهل الحجاز ولا من أهل العراق
تأتي إليكم فإنهم لكم مفسدة قال (ع) فقلت يا أمير المؤمنين (ع) ان سليمان اعطى فشكر وان أيوب (ع) ابتلى فصبر وان يوسف (ع) ظلم فغفر وأنت من نسل أولئك القوم
فاستحيا ثم قال حدثني الحديث الذي رويته لي منذ أوقات قال (ع) روى أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال انا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن
وصلها وصلته ومن قطعها ثبته؟ فقال لست أعني هذا فقال روى أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال الرحم حبل متصل ممدود من الأرض إلى السماء ينادي كل يوم
وصل الله من وصلني وقطع الله من قطعني فقال لست أعني هذا فقلت روى أبي عن جدي عن رسول الله (ع) ان ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقى من عمره ثلاثة
سنة فقطع رحمه فجعلها الله ثلاث سنين وان ملكا من ملوك بني إسرائيل كان قد بقى من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه فجعلها الله ثلاثين سنة فقال المنصور
والله لأصلن اليوم رحمي اي البلاد أحب إليكم فقال الصادق (ع) المدينة قال فسرحنا إليها سراحا جميلا والاخبار متواترة أكثر من أن تحصى إذا عرفت هذا فإنه يستحب
التسوية في العطية لأولاده ولا يفضل بعضا منهم على بعض بل يسوى بين جماعتهم سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو بالتفريق وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأبو يوسف
لما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت البنات وقال شريح واحمد واسحق ومحمد بن الحسن المستحب ان يعطي الذكر مثل حظ
الأنثيين لان الله تبارك وتعالى قسم الميراث على ذلك واولى ما اتبع قسمة الله عز وجل والفرق ظاهر فان الميراث يستحق بالرحم والتعصيب وغير ذلك ولهذا يرث ابن العم
من الأبوين دون العم من الأب عندنا وعندهم يرث العم دون العمة واما العطية فإنها تستحب للرحم والقربى خاصة وذلك يقتضي التسوية بين الذكر والأنثى كالاخوة
من الام الا ترى ان النفقة يستوي فيها الجد من الأب والجد من الام وان افترقا في الميراث فكذا العطية ولان التفضل يعطى العداوة ويورث الشحنا بين الأولاد
كما جرى في قصة يوسف لدلالة ذلك على رغبة الأب وزيادتها لبعض على بعض وذلك يوجب الحسد ويفضي إلى قطعية الرحم فمنع منه كتزويج المرأة على عمتها
وخالتها ولان نعمان بن بشير اتى أبوه به إلى النبي (ص) فقال اني نحلت ابني هذا غلاما فقال النبي صلى الله عليه وآله اكل ولدك نحلت مثل هذا فقال لا فقال اردده وروى أن النبي صلى الله عليه وآله
قال أتحب ان يكونوا لك في البر سواء قال نعم قال فارجعه مسألة إذا وهب بعض ولده دون بعض أو فضل بعضا على بعض في حال صحته صح ذلك ولم يأثم به ولكنه
يكون قد فعل مكروها وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك والليث والثوري وشريح وجابر بن زيد والحسن بن صالح بن حي للأصل ولان للانسان التصرف في ملكه كيف شاء
وان يهبه لمن شاء من الأجانب فالأقارب أولي ولان كل من جاز له ان يسوي بينهم في العطية جاز ان يفاضل كالأجنبيات ولان الهبة إذا صحت لا يجب الرجوع فيها كما
لو سوى بينهم وقال طاوس لا تصح الهبة لما تقدم في حديث نعمان بن بشير لأنه قال هذا جور وإذا كان جورا كان باطلا وقال احمد وداود يجب ان يسترجع ذلك وعن أحمد رواية
أخرى انه لا يصح لأنه قال في حديث النعمان بن بشير فارجعه والخبر ممنوع سلمنا لكن المراد بالجور أنه قال خارج عن السنة الا ترى أنه قال في خبر النعمان اشهد على هذا غيري أمر
بتأكيدها وقوله ارجعه انما امره بذلك لان الأب يجوز له ان يرجع فيما وهب عندهم وامره بذلك استحبابا وعلى قولنا انما امره لان الهبة لم يكن مقبوضة إذ ليس في
الخبر ما يدل على الاقباض إذا عرفت هذا فقد قال احمد ان الأب يأثم بالتفضيل ويجب عليه التسوية بأحد أمرين إما رد ما فضل به البعض أو اتمام نصيب الأخر لما رواه
النعمان بن بشير قال تصدق على أبي ببعض ماله فقالت أبي عمرة بنت رواحة لا أرضي حتى تشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وآله فجائني إلى النبي صلى الله عليه وآله ليشهده على صدقته فقال كل ولدك أعطيت
مثله قال لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم قال فرجع أبي في تلك الصدقة وفي لفظ قال فاردده وفي لفظ اخر فارجعه وفي لفظ لا تشهدني على جور وفي لفظ فاشهد
على هذا غيري وفي لفظ سووا بينهم ونحن نحمل هذه الرواية مع تسليمها على عدم الاقباض مسألة لو فضل بعض ولده على بعض لمعنى يقتضيه تخصيصه كشدة
المخصص بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثر عايلة أو اشتغال بعلم ونحوه من الفضايل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو لبدعته أو لكونه تستعين بما اخذه
على معصية الله تعالى وينفقه فيها جاز ولم يكن مكروها على اشكال وهو أحد الروايتين عن أحمد ولا خلاف بين العلماء في استحباب التسوية وكراهة التفضيل وليس عليه
التسوية بين أقاربه ولا اعطاؤهم على قدر مواريثهم سواء كانوا من جهة واحدة كإخوة وأخوات وأعمام وعمات أو من جهات كأخوه وأعمام وقال بعض العامة المشروع
في عطية الأولاد وساير الأقارب ان يعطيهم على قدر ميراثهم فان خالف فعليه ان يرجع ويعمهم بالنحلة لانهم في معنى الأولاد وليس بشي لان الأصل إباحة تصرف
الانسان كيف شاء مسألة وهل يلحق الام بالأب فيما تقدم قال بعض العامة بذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله اتقوا الله تعالى واعدلوا بين أولادكم ولأنها أحد الأبوين
فمنعت التفضيل كالأب ولان المقتضي للمنع من التخصيص في الأب وهو وقوع العداوة بين الأولاد والحسد
وقطع الرحم ثابت في حق الام فتساويه في الحكم وهل لها الرجوع
لو فضلت مقتضى قول احمد وهو مذهب الشافعي أيضا ذلك لأنها لما دخلت في قول النبي صلى الله عليه وآله سووا بين أولادكم ينبغي ان يتمكن من التسوية بالرجوع في الهبة بل ربما
تعين طريقا في التسوية إذا لم يمكن اعطاء الأخر مثل عطية الأول ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ينبغي ان يساويه في التمكين من الرجوع فيما فضلته به
تخليصا لها من الاثم وإزالة للتفضيل المحرم كالأب وفي الرواية المشتهرة عن أحمد انه لا يصح لها الرجوع فرقا بينها وبين الأب لان للأب ان يأخذ من مال ولده وليس للام
ذلك وقال مالك للام الرجوع في هبة ولدها إذا كان أبوه حيا فإن كان ميتا فلا رجوع لها لأنها هبة لليتيم وهبة اليتيم لازمة كصدقة المتطوع وهذا كله ساقط
عندنا لأنا لا نحرم التفضيل في العطية بل مكروه ومع تحققه لا يجوز للأب الرجوع فيه إذا اقترنت الهبة بالاقباض مسألة إذا اعطى ولده ماله ثم ولد له
ولد اخر لم يجز له الرجوع في عطيته للأول مع شرايط التمليك وقال احمد يرجع ويسوي بينهم وجوبا وليس بجيد قال احمد أحب للرجل ان لا يقسم ماله ويدعه على فرايض الله تعالى
لعله ان يولد له ولد فيسوي بينهم وعني بذلك انه يرجع فيما أعطاه أولاده كلهم أو يرجع في بعض ما اعطى كل واحد منهم ليدفعه لهذا الولد الحادث ليساوي
اخوته وإن كان هذا الولد الحادث ولد بعد الموت لم يكن له الرجوع على اخوته لان العطية لزمت بموت أبيه الا على رواية أخرى عنه ان للولد الرجوع وكل ذلك عندنا
خطأ مسألة ليس للأب ان يأخذ من مال ولده شيئا الا باذنه أو قدر ما يجب له من النفقة عليه إذا امتنع الولد من دفعها وبدون ذلك لا يجوز وبه قال أبو حنيفة
ومالك والشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يحل مال امرء مسلم الا عن طيب نفس منه وقال (ع) ان دمائكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا وقال (ع)
424

كل أحد أحق بكسبه من والده وولده والناس أجمعين ولان ملك الابن تام على نفسه فلم يجز انتزاعه منه كالذي تعلقت به حاجته وقال احمد للأب ان يأخذ من مال ولده
ما شاء ويملكه من حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدم حاجته سواء كان الولد صغيرا أو كبيرا بشرطين أحدهما ان لا يجحف بالابن ولا يضر به ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته
والثاني ان لا يأخذ من مال ولده ويعطيه الأخر لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه فلان يمنع من تخصيصه مما اخذه من مال ولده الأخر
أولي لما روت عايشة قالت قال رسول الله ان أطيب ما اكلت من كسبكم وان أولادكم من كسبكم وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال إن أبي اجتاح مالي فقال أنت ومالك لأبيك وجاء
رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إن لي مالا وعيالا ولأبي مالا وعيالا وأبى يريد ان يأخذ مالي فقال النبي أنت ومالك لأبيك ولان الله تعالى جعل الولد موهوبا لأبيه فقال ووهبنا
له إسحاق ويعقوب وقال ووهبنا له يحيى وقال زكريا رب هب لي من لدنك وليا وقال إبراهيم (ع) الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق وما كان موهوبا له كان له اخذ ماله
كعبده والجواب ليس المراد بذلك الحقيقة بل تعظيم الأب وحكمه على الابن وتواضع الابن له مسألة إذا ثبت للولد دين على والده كان له مطالبته به مع يساره ولا يحل
للأب منعه وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لأنه دين ثابت فجازت المطالبة به كغيره وقال احمد ليس للولد المطالبة بدين له على أبيه لان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله
بأبيه يقتضيه دينا عليه فقال أنت ومالك لأبيك وقد بينا ان المراد به التعظيم والطاعة من الولد له بحيث لا يدخل الولد في العقوق ولو مات الابن كان
لورثته المطالبة به عندنا خلافا لأحمد حيث منع لان مورثهم ليس له المطالبة فهم أولي لما بيناه من جواز المطالبة ولو مات الأب رجع الابن في تركته بدينه وبه قال احمد
لأنه دينه عليه لم يسقط عن الأب وانما تأخرت المطالبة وعن أحمد رواية أخرى انه إذا مات الأب بطل دين الابن على الأب مسألة لو تصرف الأب في مال الابن قبل
تملكه لم يصح وبه قال احمد فلا يصح (للأب) عتق العبد ابنه ما لم يتملكه ولا يصح ابرائه من دينه ولا هبته ولا بيعه له لان ملك الابن تام على مال نفسه يصح تصرفه ويحل وطي جواريه
ولو كان الملك مشتركا لم يحل له الوطي كما لا يجوز له وطي الجارية المشتركة وهذا حجة على احمد وابطال لحمله الرواية وهي قوله أنت ومالك لأبيك على الملك حقيقة
قال احمد ولو كان الابن صغيرا لم يصح للأب التصرف فيما له لأنه لا يملك التصرف بما لاحظ للصغير فيه وليس من الحظ اسقاط دينه ولا عتق عبده ولا هبة ماله
ولو وطي الأب جارية ابنه قبل تملكها فعل حراما فان تملكها لم يجز له وطي بها قبل الاستبراء قاله احمد لأنه ابتداء ملك فوجب الاستبراء فيه كما لو اشتراها وليس بجيد لان
الاستبراء ليس واجبا الا في محل توهم وطي المالك الأول لها وهنا ان حصل الوطي حرمت مؤبدا وان لم يحصل حلت من غير استبراء لا يقال يستبرئها لجواز وطي غير الابن
لها لأنا نقول لو وجب ذلك لكان يجب مع كون المالك امرأة أو من أخبر باستبرائها ولو كان الولد قد وطئها لم تحل على الأب لأنها صارت بمنزلة حليلة ابنه فان فعل عالما
بالتحريم وجب عليه الحدو قال احمد لا يجب لشبهة الملك فان النبي صلى الله عليه وآله أضاف مال الولد إلى الأب فقال أنت ومالك لأبيك ولو ولدت منه لم تصر أم ولد ولا يكون ولده الذكر
حرا خلافا لأحمد فيهما حيث قال تصير أم ولد ويكون الولد حرا لأنه من وطي انتفي عنه الحد فيه للشبهة قال وليس للابن مطالبة الأب بشئ من قيمتها ولا قيمة ولدها ولا مهرها وفي تعزير
الأب له روايتان إحديهما يعزر لأنه وطي وطيا محرما أشبه ما لو وطي جارية مشتركة بينه وبين غيره والثاني لا يعزر لأنه لا يقتض منه بالجناية على ولده فلا يعزر بالتصرف
في ماله وليس لغير الأب الاخذ من مال غيره الا باذنه اجماعا ولا يصح قياس غير الأب عليه عند احمد أيضا لان للأب ولاية على ولده وماله إذا كان صغيرا وله شفقة تامة
وحق متأكد ولا يسقط ميراثه بحال والام لا تأخذ لأنه لا ولاية لها والجد أيضا لان شفقته قاصرة عن شفقة الأب ويحجب به في الميراث وفي ولاية النكاح عندهم وليس لغيرهما من
الأقارب والأجانب الاخذ بطريق التنبيه لأنه إذا امتنع الاخذ في حق الام والجد مع مشاركتهما للأب في بعض المعاني فغيرهما ممن لا يشارك الأب في ذلك أولي الفصل الثاني
في الصدقة المندوبة الصدقة مستحبة مندوب إليها مرغب فيها يشتمل على فضل كثير وثواب جزيل فضمن الله تعالى فيها المجازات عليها فقال إن الله يجزي المتصدقين
وقال تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه وقال تعالى ان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم والآيات في ذلك أكثر
من أن تحصى وقال صلى الله عليه وآله ليتصدق الرجل من ديناره وليتصدق من درهمه وليتصدق من صاع بره رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه الصدوق عن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال ارض القيمة فارما؟ خلا ظل المؤمن فان صدقة تظله وقال الباقر (ع) البر والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان عن سبعين ميتة سوء وقال الصادق (ع)
داووا مرضاكم بالصدقة وادفعوا البلاء بالدعاء واستزلوا الرزق بالصدقة فإنها تنفك من بين لحيى سبعمائة شيطان وليس شئ أثقل على الشيطان من الصدقة
على المؤمن وهي تقع في يد الرب تبارك وتعالى قبل ان يقع في يد العبد والاخبار في ذلك أكثر من أن تحصى مسألة وصدقة السر أفضل من دفعها في العلانية للآية السابقة وروى العامة والخاصة ان
رسول الله صلى الله عليه وآله قال صدقة السر تطفي غضب الرب جل جلاله ومن طريق الخاصة ما رواه عمار عن الصادق (ع) قال قال لي يا عمار الصدقة والله في السر أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك
والله العبادة في السر أفضل من العبادة في العلانية مسألة صرف الصدقة إلى ذي الرحم أفضل من صرفها إلى الأجنبي وصرفها إلى الجيران أفضل من الأباعد
وروى العامة عن رسول الله (ع) أنه قال الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة؟ وعن عايشة انها قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان لي جارين فإلى
أيهما أهدي فقال إلى أقربهما منك بابا ومن طريق الخاصة ما رواه الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل اي الصدقة أفضل قال ذي الرحم الكاشح وقال لا صدقة وذو رحم محتاج
وقال (ع) الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر وصلة الاخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين وكذا الصدقة المفروضة والكفارات صرفها إلى
الأقارب أولي إذا كانت بصفة الاستحقاق ولا يلزمه نفقتهم والأولى ان يبدأ بذي الرحم المحرم كالاخوة والأخوات والأعمام والأخوال ويقدم منهم الأقرب فالأقرب
والزوج والزوجة يلحقان بذلك ثم يبدأ بذي الرحم غير المحرم كأولاد الأعمام وأولاد الأخوال ثم بالمحرم بالرضاع ثم بالمحرم بالمصاهرة ثم بالمولى قال بعض
الشافعية من الأعلى ومن الأسفل ثم بالجار وإذا كان في البلد أقارب وأجانب مستحقون فالأقارب أولي وإن كان الأجانب أقرب منزلا وإن كان الأقارب خارجين
من البلد فان منعنا من نقل الصدقة بان تكون واجبة فالأجانب أولي والا فالأقارب الخارجون وكذا في أهل البادية إذا اعتبرنا مسافة القصر إن كانت الأقارب
والأجانب دون مسافة القصر فالأقارب أولي وإن كانت دورهم ابعد وكذا لو كانوا جميعا دون مسافة القصر وإن كان الأجانب دون مسافة القصر والأقارب
فوقها ان منعنا نقل الصدقات فالأجانب أولي والا فالأقارب أولي مسألة والصدقة في رمضان أفضل منها في غيره لان رسول الله صلى الله عليه وآله أجود ما يكون في شهر
رمضان رواه العامة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل شهر رمضان اطلق كل أسير واعطى كل سايل وعن الباقر (ع) قال
خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس في اخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس انه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من الف شهر وهو شهر رمضان
فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كمن تطوع بصيام سبعين ليلة فيما سواه من الشهور؟ وجعل لمن تطوع بخصلة من خصال الخير والبر وكاجر من أدي
425

فريضة من فرايض الله عز وجل ومن أدي فريضة من فرايض الله عز وجل كان كمن أدي سبعين فريضة فيما سواه من الشهور وهو الشهر الصبر وان الصبر ثوابه الجنة وهو شهر المواساة وهو شهر يزيد
الله فيه في رزق المؤمن ومن أفطر فيه مؤمنا صائما كان له بذلك عند الله عتق رقبة ومغفرة للذنوب فيما مضى فقيل له يا رسول الله ليس كلنا يقدر على أن
يفطر صايما فقال إن الله تبارك وتعالى كريم يعطي هذا الثواب من لم يقدر الا على مذقة من لبن يفطر بها صايما أو شربة من ماء عذب أو تمرات لا يقدر على
أكثر من ذلك ومن خفف فيه عن مملوكة خفف الله عز وجل عليه حسابه وهو شهر أوله رحمة ووسطه مغفرة واخره إجابة والعتق من النار ولا غنى بكم فيه عن أربع خصال
خصلتين ترضون الله بهما وخصلتين لا غنى بكم عنها إما اللتان ترضون الله بهما فشهادة ان لا إله إلا الله وانى رسول الله واما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله
فيه حوايجكم والجنة وتسألون الله فيه العافية وتتعوذون به من النار مسألة المديون وذو العيال الذين يلزمه نفقتهم لا يستحب له التصدق
بل صرف ذلك في الدين والنفقة أولي وربما يقال تكره إلى أن يؤدى ما عليه واما إذا فضل عن حاجته وحاجة عياله هل يتصدق بجميعه الأولى الكراهة الشديدة
لما في ذلك من التعرض للحاجة وسؤال الناس وهو شديد الكراهة وهو أحد وجوه الشافعية لقوله تعالى ولا تبسطها كل البسط وقال تعالى والذين إذا انفقوا لم يسرفوا
ولم يقتروا ولما رواه العامة ان رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بمثل البيضة من الذهب قال يا رسول الله خذها فهي صدقة ولا أملك غيرها فاعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن
أعاد القول مرات ثم إنه اخذها ورماه بها رمية لو اصابته لأوجعته ثم قال يأتي أحدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يتكفف وجوه الناس خير الصدقة ما كان عن
ظهر غني ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى وعن الصادق (ع) قال ضمنت لمن اقتصد ان لا يفتقر وقال الله تعالى
يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو والعفو الوسط وقال الله عز وجل والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما والقوام الوسط وعن الوليد بن صبيح قال
كنت عند أبي عبد الله الصادق (ع) فجاء سايل فأعطاه ثم جائه آخر فأعطاه ثم جائه اخر فأعطاه ثم جائه اخر فقال وسع الله عليك ثم قال إن رجلا لو كان له مال يبلغ ثلاثين ألفا أو أربعين ألف درهم ثم شاء ان لا يبقى منها
الا وضعه في حق لفعل فيبقى لا مال له فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قال قلت من هم قال أحدهم رجل كان له مال فانفقه في وجهه قال يا رب ارزقني فيقول ألم أرزقك
ورجل يجلس في بيته ولا يسعى في طلب الرزق ويقول رب ارزقني فيقول الله عز وجل ألم أجعل لك سبيلا إلى طلب الرزق ورجل له امرأة تؤذيه فيقول يا رب خلصني منها فيقول
الله عز وجل ألم اجعل امرها بيدك والثاني للشافعية انه لا يكره ذلك بل يستحب والثالث انه إن كان المتصدق قويا يجد من نفسه قوة الصبر على المضايقة فيستحب له
التصدق بالجميع والا لم يستحب بل يستبقي لنفسه ما يتعلل به إذا عرفت هذا فإنه يكره التصدق بالشئ الردي وما فيه شبهة لقوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
مسألة الصدقة المفروضة محرمة على بني هاشم الا صدقة الهاشمي على مثله أو صدقة غيره عند الاضطرار لما تقدم وهل تحرم الصدقة المندوبة عليهم الأقرب
المنع وهو أحد قولي الشافعي لقول رسول الله صلى الله عليه وآله من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافيته يوم القيمة وقال (ع) انا شافع يوم القيمة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا
رجل نصر ذريتي ورجل بذل ماله لذريتي عند المضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب ورجل سعى في حوائج ذريتي إذا طردوا وشردوا وقال الصادق (ع) إذا
كان يوم القيمة نادى مناد أيها الخلايق انصتوا فان محمدا يكلمكم فينصت الخلايق فيقوم النبي صلى الله عليه وآله فيقول يا معشر الخلايق من كانت له عندي يد ومنة ومعروف فليقم حتى
أكافيه فيقولون بابائنا وأمهاتنا وأي يد وأي منة وأي معروف بل اليد والمنة والمعروف لله ولرسوله على جميع الخلق فيقول بلي من اوى أحد من أهل بيتي أو برهم أو كساهم
من عرى أو أشبع جايعهم فليقم حتى أكافيه فيقوم الناس قد فعلوا ذلك فيأتي النداء من عند الله عز وجل يا محمد يا حبيبي قد جعلت مكافأتهم إليك فاسكنهم من الجنة حيث
شئت قال فيسكنهم في الوسيلة حيث لا يحجبون عن محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين وروى العامة عن
الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) انه كان يشرب من سقايات
بين مكة والمدينة فقيل له أتشرب من الصدقة فقيل انما حرم علينا الصدقة المفروضة والثاني للشافعي ان الصدقة المندوبة محرمة عليهم لظاهر قوله (ع)
انا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة إذا عرفت هذا فالوجه ان الصدقة المندوبة محرمة على النبي صلى الله عليه وآله لما فيها من الغض والنقص وتسلط المتصدق وعلو مرتبته
على المتصدق عليه ومنصب النبوة ارفع من ذلك وأجل وأشرف ولقوله (ع) انا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة وهو أحد وجهي الشافعية للخبر والثاني انها لا تحرم عليه
لان الهدية لا تحرم فكذا الصدقة والفرق ظاهر واما الأئمة المعصومين من آله فالوجه الحاقهم به في علو المنزلة وارتفاعهم عن منقصة المتصدق من الغير ولان
الواجبة حرمت عليهم لعلو مرتبتهم عن أوساخ الناس والمندوبة كذلك لمشاركتها في هذا المعنى نعم يجوز لهم قبول الهدية كما قبلها النبي صلى الله عليه وآله مسألة
تجوز الصدقة على الكافر وإن كان أجنبيا وبه قال الشافعي لقوله صلى الله عليه وآله لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله
يحب المقسطين ولقوله (ع) على كل كبد حرا اجر وكذا تجوز الصدقة على الأغنياء للعموم ولو نذر ان يتصدق بشئ فالأولى تحريمها على الغني لأنها صارت واجبة فصار
مصرفها مصرف الصدقات المفروضة إما لو نذر ان يتصدق على الأغنياء صح نذره ولزمه لأنه نذر في معروف ثم إن كانوا معينين لم يجز العدول إلى غيرهم ولو لم
يكونوا معينين احتمل جواز الصرف إلى غير الأغنياء لانهم أكثر استحقاقا وقد عرفت ان صدقة السر أفضل إما لو أنهم؟ تبرك المواساة أو قصد بالاظهار متابعة الناس
له في ذلك واقتداؤهم به فالأولى الاظهار دفعا للتهمة وتحريصا على نفع الفقراء مسألة الصدقة عقد من العقود يفتقر إلى ايجاب وقبول واقباض ونية
التقرب وإذا حصل الاقباض لم يجز الرجوع فيها عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وأصحاب الرأي لأنها هبة قصد بها الثواب وقد حصل بالدفع إلى الفقير فيكون هبة
قد عوض عنها ومع العوض لا يرجع ولقوله (ع) الراجع في هبته كالراجع في قيئه والرجوع في القئ حرام وقال الصادق (ع) لا يرجع في الصدقة إذا تصدق ابتغاء وجه الله وقال
الشافعي واحمد يجوز الرجوع في الصدقة كما يجوز في الهبة وان عوض إذا كان ولده وإن كان أجنبيا لم يجز ويشترط في القبض اذن المتصدق فلو قبض من غير اذن
كان (لا غيار دون لعل)؟ الصدقة إلى المصدق ويشترط فيها نية التقرب لأنها طاعة وعبادة وقد قال الله تعالى وما امروا الا ليعبد وا الله مخلصين والاخلاص التقرب
المقصد الثاني في الوقف وتوابعه فيه فصول الفصل الأول في الوقف وفيه مباحث الأول في الأركان وهي أربعة الصيغة
والواقف والموقوف عليه والموقوف يشتمل عليها أربعة مطالب مقدمة سمى الوقف وقفا لاشتماله على وقف المال على الجهة المعينة وقطع ساير الجهات
والتصرفات عنه يقال وقف وقفا وقد يقال في شذوذ اللغة أوقفت لا في فصيحها ويقال حبست وأحبست على السواء وجمعه وقوف وأوقاف تحبيس الاضل
وتسبيل الثمرة وفيه فصل كثير وثواب جزيل قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا عن ثلاثة ولد صالح يدعو له وعلم ينتفع به بعد موته وصدقة جارية رواه
العامة قال العلماء المراد بالصدقة الجارية الوقف ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ستة يلحق المؤمن بعد وفاته ولد يستغفر له ومصحف يخلفه وغرس يغرسه
وبئر يحفره؟ يجريها وسنة يؤخذ بها من بعده وقال النبي صلى الله عليه وآله حبس الأصل وسبل الثمرة واشتهر اتفاق الصحابة على الوقف قولا وفعلا قال جابر لم يكن أحد من أصحاب
426

النبي صلى الله عليه وآله ذو مقدرة الا وقف ولم ير شريح؟ الوقف وقال لا حبس عن فرايض الله قال احمد وهذا مذهب أهل الكوفة وهو خلاف الاجماع من الصحابة إذا عرفت هذا فالوقف
تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة مسألة الوقف يلزم بالعقد والقبض عند علمائنا أجمع وبه قال احمد في إحدى الروايتين ومحمد بن الحسن لأنه تبرع بمال فلا
يلزم بمجرده كالهبة والوصية ولان الأصل بقاء الملك على مالكه خرج عنه المقبوض فيبقى الباقي على أصله وقال أبو حنيفة الوقف لا يلزم بمجرده وللواقف الرجوع فيه
وإذا مات رجع فيه ورثته الا ان يرضوا به بعد موته فيلزم أو يحكم بلزومه حاكم وحكى بعض العامة عن علي (ع) وابن مسعود وابن عباس مثل قول أبي حنيفة
لان عبد الله بن زيد صاحب الاذان جعل حايطا له صدقة وجعله إلى رسول الله فجاء أبواه إلى رسول الله فقالا يا رسول الله لم يكن لنا عيش الا هذا الحايط
فرده رسول الله ثم ماتا فورثهما ولأنه اخرج ماله على وجه القربة من ملكه فلا يلزم بمجرد القول كالصدقة وهذا القول مخالف للسنة الثابتة عن رسول الله
واجماع الصحابة فان النبي (ص) قال الواقف في وقفه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يوقف والصدقة والهبة نحن نقول بموجبهما فإنهما لا يلزمان الا بالقبض عندنا
كالوقف وقال الشافعي وأبو يوسف وعامة الفقهاء ان الوقف يلزم بمجرد العقد من غير اقباض ولم يجعلوا القبض شرطا في صحة العقد ولا في لزومه لأنه تبرع
يمنع البيع والهبة والتبرعات يلزم بمجرده كالعتق والفرق ان العتق ليس عقدا ولا يفتقر إلى قبول ولا قبض سلمنا لكن العتق قد ملك العبد نفسه المقبوضة
له حقيقة فافترقا المطلب الأول الصيغة مسألة لا يصح الوقف الا باللفظ لأنه تمليك منفعة أو عين ومنفعة فأشبه ساير التمليكات
وأيضا فالعتق لا يحصل الا باللفظ مع سرعة نفوذه فالوقف أولي ولان الأصل بقاء الملك على مالكه ما لم يثبت المزيل فعلى هذا لو بني بناء على هيئة المساجد أو على غير هيئتها
واذن في الصلاة فيه لم يصر مسجدا وكذا لو اذن بالدفن في ملكه لم يصر مقبرة سواء صلى في ذلك أو دفن في هذا أو لا وبه قال الشافعي لعدم الشرط وهو العقد وقال أبو حنيفة
إذا صلى فيه واحد صار مسجدا وإذا دفن ميت واحد صار مقبرة وتم الوقف وان لم يوجد فيه شئ من الفاظ الوقف وليس بجيد لما تقدم ولو تلفظ بالوقف ولم يحصل
الاقباض ولو بصلاة واحدة أو دفن واحد أو قبض حاكم الشرع لم يصر وقفا عندنا على ما سلف إذا عرفت هذا فهل يصير مسجدا بقوله قد جعلته مسجدا ظاهر الكلام بعض الشافعية
انه يصير وقفا بذلك وان لم يأت بشئ من الفاظ الوقف الصريحة والكناية والمشهور بينهم انه لا يصير وقفا بذلك وهو المعتمد لأنه وصفه بما هو موصوف به قال (ع)
جعلت لي الأرض مسجدا نعم لو قال جعلته مسجد الله فالأقوى انه يصير مسجدا لأنه يقوم مقام لفظ الوقف لاشعاره بالمقصود واشتهاره به ولو قال وقفتها على صلاة
المصلين وهو يريد جعلها مسجدا فالأقرب انها تصير مسجدا مع الاقباض مسألة الفاظ الوقف ستة ثلاثة منها تدل عليه صريحا وثلاثة تدل عليه كناية فالصريحة
وقفت وحبست وسبلت إما وقفت فلا خلاف بين العلماء في دلالتها بالصريح على معنى الوقف لأنها اللفظة الموضوعة له مع أن في بعض أقوال الشافعي انها كناية عن
الوقف لا تدل عليه الا مع النية وهذا من اغرب الأشياء واما حبست فالمشهور انها صريح أيضا لأنه حبس الملك في الرقبة على التصرفات المزيلة وهو معنى الوقف ولان النبي صلى الله عليه وآله
قال لعمر ان شئت حبست أصلها وسبلت ثمرتها وهو أحد أقوال الشافعي وفي اخر انها كناية لأنها لم تشتهر اشتهار الوقف واما سبلت فصريح أيضا عند جماعة من
العلماء وهو أحد أقوال الشافعي لقوله (ع) حبس الأصل وسبل الثمرة وفي وبعض أقواله انها كناية لأنها لم تشتهر اشتهار الوقف فقد حصل للشافعي هنا أربعة أقوال آ
كل واحد من الثلاثة وهي وقفت وحبست وسبلت صريح في الوقف لا يفتقر إلى قرينة في دلالتها عليه وهو أشهرها ب الجميع كنايات ج الصريح وحده الوقف خاصة واما لفظ الحبس
والتسبيل فكنايات د الكناية التسبيل وحده واما لفظتا الوقف والحبس فصريحتان واما الفاظ الكناية فثلاثة تصدقت وحرمت وأبدت إما تصدقت فليس صريحا فان هذا
اللفظ على تجرده انما يستعمل في التمليك المحض ويستعمل كثيرا في الزكوات والهبات وانما يصير لفظا دالا على الوقف لو قرن به ما يخصصه به ويجعله دليلا عليه وذلك
المقترن الزايد عليه إما لفظ أو نية إما اللفظ فان يقترن به بعض الألفاظ السابقة مثل أن يقول صدقة محبسة أو موقوفة أو محرمة أو اقترن به ذكر حكم الوقف مثل
أن يقول صدقته لا تباع ولا توهب التحق؟ بالصريح لانصرافه بما ذكر عن التمليك المحض وهو أظهر وجوه الشافعية والثاني انه لا يكفي قوله صدقة محرمة أو مؤبدة
بل لا بد من التقييد انها لا تباع ولا توهب والثالث انه لا شئ من الألفاظ يلحقه بالصريح لأنه صريح في التمليك الذي يخالف مقصود الوقف فلا ينصرف إلى غيره
بقرينة الاستقلال لها واما النية فينظر ان أضاف اللفظ إلى جهة عامة بان قال تصدقت بهذا على المساكين ونوى الوقف فالأقرب انها يلحق اللفظ بالصريح
ويكون وقفا وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انها لا تلحق اللفظ بالصريح لأنها لا تلحق باللفظ في الصرف عن الصريح إلى غيره وان أضاف إلى معين فقال تصدقت عليك
أو قال لجماعة معينين لم يكن وقفا على الأقوى نعم لو نوى الوقف صار وقفا فيما بينه وبين الله ولا يصير وقفا في الحكم قاله الشيخ ره فإذا أقر بأنه نوى الوقف
صار وقفا في الحكم وهو أصح وجهي الشافعية بل ينفذ فيما هو صريح فيه وهو محض التمليك ويحتمل قويا ان يكون تجريد لفظ الصدقة عن القراين اللفظية ان أمكن فرضه
في الجهات العامة مثل أن يقول تصدقت على فقراء المسلمين فلا يمكن فرضه في التصدق على شخص أو جماعة معينين إذا لم نجوز الوقف المنقطع فإنه يحتاج إلى بيان
المصارف بعد التعيين وحينئذ المأتي به لا يحتمل الا الوقف كما أن قوله تصدقت به صدقة محرمة أو موقوفة لا يحتمل الا الوقف واما حرمت هذه البقعة للمساكين أو أبدتها
أو داري محرمة أو مؤبدة فالأقرب انها كناية ان انضم إليها قرينة تدل على الوقف صارت كالصريح والا فلا وقال الشافعية ان جعلنا لفظ وقفت وحبست وسبلت
كناية فكذا هنا وان جعلناها صريحة فوجهان أحدهما ان التحريم والتأبيد أيضا صريحان لافادتهما الغرض واستعمالهما كالتحبيس والتسبيل وأظهرهما المنع لأنهما لا
يستعملان مستقلين وانما يؤكد بهما شئ من الألفاظ المتقدمة مسألة لو قال جعلت أرضي موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو قال هذه أرضي موقوفة أو محبسة أو مسبلة
فهو صريح في الوقف إما الفعل المقترن بالقرائن فقد بينا انه لا يكفي في الوقف مثل ان يبنى مسجدا ويأذن للناس في الصلاة فيه خلافا لأبي حنيفة ولأحمد وكذا إذا
اتخذ مقبرة واذن في الدفن فيها أو سقاية ويأذن في دخولها لأنه تحبيس أصل على وجه القربة فلا يصح بدون اللفظ كما لو وقف على الفقراء وقولهم العرف جاز بذلك ممنوع وقياسهم على تقديم
الطعام للضيف ووضع ماء في حب على قارعة الطريق ونثار شئ على الناس ودخول الحمام واستعمال مائه من غير اذن مباح بدلالة الحال ضعيف للفرق فان العرف قاض في
ذلك بالإباحة إما الوقف فقد يفتقر إلى الايجاب والقبول وله شرايط لا يكفي فيها القراين ما لم يكن هناك لفظ يدل عليه قال الشيخ ره عقيب نقل كلام العامة والذي يقوي في نفسي
ان صريح الوقف قول واحد وهو وقفت لا غير وبه يحكم بالوقف فاما غيره من الألفاظ فلا يحكم به الا بدليل مسألة هل يفتقر الوقف إلى القبول الأقرب أن يقول إن كان
الوقف على جهة عامة كالفقراء أو على المسجد والرباط فلا يشترط القبول لعدم الامكان وهو قول الشافعية ولم يجعلوا الحاكم نايبا في القبول كما لو جعل نايب عن
المسلمين في استيفاء القصاص والأموال ولو صاروا إليه كان وجها ثم ما ذكرناه مفروض في الوقف إما إذا قال جعلت هذا للمسجد فهو تمليك لا وقف فيشترط قبول
427

القيم وقبضه كما لو وهب شيئا من صبي وإن كان الوقف على شخص أو جماعة معينين فالأقرب اشتراط القبول لأنه يبعد دخول عين أو منفعة في ملكه من غير رضاه
وهو أصح وجهي الشافعية وعلى هذا فليكن القبول متصلا بالايجاب كما في البيع والهبة والوجه الثاني للشافعية انه لا يشترط واستحقاق الموقوف عليه للمنفعة كاستحقاق
العتيق منفعة نفسه بالعتق وقال بعض الشافعية لا يحتاج لزوم الوقف إلى القبول لكن لا يملك غلته الا باختيار ويكفي في الدلالة على الاختيار الاخذ وقال بعضهم الخلاف
في اشتراط القبول انما هو فيما إذا قلنا إن الوقف ينتقل الملك فيه إلى الموقوف عليه فاما إذا قلنا بانتقاله إلى الله تعالى أو قلنا ببقائه للواقف فلا يشترط إما
على الأول فإلحاقا له بالاعتاق واما على الثاني فلانه إذا احتمل كون المنافع والفوايد معدومة ومجهولة لم يبعد ان يحتمل ترك القبول وسواء شرطنا القبول أو لم نشرطه
فإذا رد بطل حقه كما في الوصية وكالوكالة ترتد بالرد وان لم نشرط القبول وقال بعض الشافعية لا يرتد برده لأنه دخل في ملكه بمجرد الايقاع ولو رد ثم رجع قال بعض
الشافعية ان رجع قبل حكم الحاكم برده إلى غيره كان له وان حكم الحاكم به لغيره بطل حقه هذا في البطن الأول واما في البطن الثاني والثالث فلا يشترط
قبولهم لان اسحقاقهم لا يتصل بالايجاب وهو مذهب الشافعي ولا يرتد الوقف بردهم لان قبولهم لا يعتبر والوقف قد ثبت ولزم فيبعد انقطاعه وهو أحد وجهي
الشافعية والثاني انه يرتد برد البطن الثاني ويشترط قبولهم أيضا وخلاف الشافعية في أنه هل يشترط قبول البطن الثاني والثالث وهل يرتد الوقف بردهم مبني
على أن أهل البطن الثاني ومن بعده هل يتلقون الحق من الواقف أو من البطن الأول ان قلنا بالأول فقبولهم وردهم كقبول الأولين وردهم وان قلنا بالثاني لم يعتبر قبولهم وردهم
كما في الميراث ولا يبعد عندهم ان لا يتصل الاستحقاق بالايجاب ومع ذلك يعتبر القبول كالوصية المطلب الأول في الواقف يشترط في الواقف البلوغ
وكمال العقل والاختيار والقصد والحرية والمغايرة للموقوف عليه فلا يصح وقف الصبي وإن كان مميزا وبلغ عشر سنين على الأصح لأنه مسلوب التصرف في غير الوقف فكذا فيه
ولان القلم مرفوع عنه فلا اثر لفعله والا لكان مؤاخذا عليه وعلى قول من جوز صدقة من بلغ عشرا ينبغي القول بجواز وقفه لان الوقف نوع من الصدقة ولا يصح وقف
المجنون اجماعا لسلب التكليف عنه وعدم اعتبار عبارته في نظر الشرع ولو كان الجنون يعتوره أدوارا صح
وقفه حال افاقته والموثوق بكمال عقله فان ادعى جنونه حالة
الوقف قدم قوله فيه ولا يصح وقف المكره لان الاكراه مناف للاختيار والفعل في الحقيقة صادر عن غيره وانما هو آلة فيه ويتحقق الاكراه بالخوف على النفس أو المال وان
قل أو على العرض إن كان من أهل الاحتشام ولا يصح وقف غير القاصد له كالسكران والمغمى عليه واللاعب والعابث والساهي والغافل والنايم لأصالة بقاء الملك على
مالكه ولا يصح وقف العبد والأمة لأنهما لا يملكان شيئا وهما مسلوبا التصرف ولان المملوك لا يصح ان يملك نفسه فلا يصح ان يملك غيره فان من سلب التصرف في نفسه
كان سلب تصرفه في غيره أولي قال الله تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وقال تعالى هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم مسألة لا يصح ان يقف
الشخص على نفسه ولو وقف على نفسه ثم على الفقراء والمساكين لم يصح وقفه على نفسه عند علمائنا وهو أصح قولي الشافعي وبه قال مالك ومحمد بن الحسن لان الوقف إزالة الملك
فلم يجز اشتراط نفعه لنفسه كالبيع والهبة ولان الوقف عليك من الواقف وادخال ملك على الموقوف عليه والملك هنا متحقق ثابت لا يعقل ادخاله وتجديده مع ثبوته لعدم قبوله
الشدة والضعف وعدم تعقل زواله قبله عنه ولان الوقف تمليك منفعة وحدها أو مع الرقبة والانسان لا يملك نفسه والقول الثاني للشافعي انه يصح الوقف والشرط وبه قال
احمد وابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو يوسف وأبو عبد الله الزبيري لان استحقاق الشئ وقفا غير استحقاقه ملكا وقد يقصد حبسه؟ ومنع نفسه من التصرف المزيل للملك وهو
اختيار ابن شريح من الشافعية لان عمر لما وقف قال ولا باس على من وليها ان يأكل منها أو يطعم صديقا غير متمول فيه فكان الوقف في يده إلى أن مات ولأنه لو وقف عاما
كالمسجد والسقاية كان له الانتفاع به فكذا هنا وجعل الشئ وقفا على نفسه غير صحيح لما بينا من أن الداخل في الملك لا يصلح دخوله فيه لأنه تحصيل الحاصل وفعل عمر لا حجة فيه
مع انا نقول بموجبه فان شرط نفع المتولي جايز ودخوله في الوقف العام ليس بالقصد الأول وقال بعض الشافعية يصح الوقف ويلغو شرطه واضافته إلى نفسه بناء على أنه
لو اقتصر على قوله وقفت صح الوقف وكذا لو وقف على من لا يجوز الوقف عليه مطلقا ثم على من يجوز مثل ان يقف على المعدوم ثم على الموجود ولو وقف على غيره ممن يصح الوقف
عليه وشرط ان يقتضي من ربع الوقف زكاته وديونه وان يخرج ما يحتاج إليه في نفقته ودار؟ مؤنته لم يصح لأنه وقف منه على نفسه وغيره وللشافعي القولان وكذا
لو شرط ان يأكل من ثماره أو ينتفع به وبالجواز قال احمد والشافعي في أحد القولين لان في صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله ان يأكل أهله منها بالمعروف غير المنكر ولان عثمن وقف بئر دومة؟
وقال دلوى فيها كدلاء المسلمين وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله ليس دليلا على الدعوى لأنا نجوز ان يقف الانسان على أهله وأولاده وان يشرط نفعهم في الوقف ودعواهم
جواز وقف الانسان على نفسه أو عود الوقف إليه أو بعض منافعه وحديث عثمان ليس حجة لان قوله لا عبرة به سلمنا لكن ذلك ليس على سبيل الاشتراط ولكنه احتراز
للواقف ان ينتفع بالأوقاف العامة كالصلاة في البقعة التي جعلها مسجدا وما أشبهه وكذا إذا وقف على الفقراء وصار فقيرا كان له المشاركة لهم في النفع
أو وقف على الفقهاء وصار منهم وهو أحد قولي الشافعية بناء على القول بالمنع من وقفه على نفسه لأنه لم يقصد نفسه حالة الوقف وانما وجدت فيه الجهة التي
وقف عليها بعد خروجه عن ملكه ودخوله في تلك الجهة فجاز له الاخذ لأنه صار أجنبيا من الوقف كغيره والثاني المنع من تناوله منه لان مطلق الوقف ينصرف إلى
غير الواقف وليس بجيد لان مطلق الوقف على الفقراء ينصرف إلى غير الغني مع أن الغني حالة الوقف لا يدخل فيه فان افتقر دخل كذا هنا مسألة لا فرق بين ان يشترط لنفسه
الانتفاع به مدة حياته أو مدة معلومة وسواء قدر ما يأكل منه أو اطلقه في الصحة عند من يقول بها والبطلان عند من يقول به الا انه إذا شرط ان ينتفع به مدة معلومة
عند من يقول بالصحة أو شرط لغيره من أقاربه أو الأجانب فمات المجهول له في أثنائها كان ذلك لورثته كما لو باع دارا وشرط ان يسكنها سنة فمات في أثنائها فان السكنى
تنتقل إلى الوارث ولو شرط ان يأكل أهله منه صح الوقف والشرط لان النبي صلى الله عليه وآله شرط ذلك في صدقته وشرطته فاطمة (ع) وان شرط ان يأكل الوالي على الوقف شيئا منه أو يطعم صديقا
جاز فان (؟) الواقف جاز ان يأكل ويطعم صديقه عملا بالشرط ولا يكون ذلك شرطا للنفع على نفسه المطلب الثالث في الموقوف عليه مسألة يشترط في
الموقوف الوجود وصحة ان يملك والتعيين وانتفاء تحريم الوقف عليه إذا ثبت هذا فنقول الوقف إن كان على شخص معين أو على اشخاص معينين وجب ان يكون الموقوف عليه أهلا لتملك
الوقف لان الوقف إما هو تمليك العين والمنفعة ان قلنا إن الواقف يملكه الموقوف عليه واما تمليك منفعة ان لم نقل به فلا يصح الوقف على المعدوم ابتداء ويجوز
تبعا فلو وقف على من سيولد له ابتداء لم يصح إذ لا مصرف للوقف هنا نعم يصح تبعا كما يقف على ولده الموجود ثم على من سيولد له سواء رتب أم لا وكذا لا يصح الوقف على
الحمل لعدم تيقن حياته بخلاف الوصية فإنها تصح له لان الوصية تتعلق بالمستقبل والوقف تسليط في الحال ولا يصح الوقف على الملائكة والجن والشياطين لعدم صلاحيتهم
للتملك مسألة لا يجوز الوقف على العبد لأنه ليس أهلا للتملك والوقف تمليك إما لعين ومنفعة أو لمنفعة ولا فرق بين ان يكون العبد قنا أو مدبرا وأم ولد
428

أو مكاتبا مشروطا لأنه لم يخرج عن حد الرقية وانما يخرج عنها بأداء جميع ما عليه إما المكاتب المطلق فان أدي شيئا من مال الكتابة صح الوقف في نصيب الحرية ولا فرق بين
ان يقف على عبد نفسه أو على عبد غيره ومن جوز من علمائنا ان يملك العبد ما يملكه مولاه لم يبعد جواز وقف مولاه عليه لأنه نوع تمليك ويحتمل المنع لان ملكه غير
مستقر والوقف تمليك مستقر دايم فتنافيا وللشافعية قولان أحدهما المنع من الوقف على العبد لأنه لا يملك والثاني الجواز لأنه تمليك والقولان مفرعان على الملك
وعدمه فعلى الجواز عندهم إذا أعتق كان الوقف له دون سيده وعلى القول المنع لو وقف على عبد غيره بطل ولم يكن وقفا على سيده لان الواقف لم يقصده بالوقف
وللشافعي قولان أحدهما ان الوقف على العبد وقف على سيده ان قلنا إن العبد لا يملك ما يملكه مولاه كما لو وهب منه أو اوصى له وإذا شرطنا القبول جاء فيه الخلاف بينهم
من أنه هل يستقل بقبول الهبة والوصية انه يحتاج إلى اذن السيد واما الوقف على المكاتب فقد بينا حكمه عندنا وللشافعية قولان أحدهما انه لا يجوز الوقف عليه كما
لو وقف على القن وقال بعضهم يصح الوقف في الحال وتصرف الفوايد إليه ويديم حكمه إذا أعتق ان اطلق الواقف ولو قال تصرف الفوايد ما دام مكاتبا بطل استحقاقه
بعد العتق لخروجه عن الصفة المشترطة في الاستحقاق وان عجز ظهر ان الوقف منقطع الابتداء مسألة لو وقف على بهيمة وأطلق بطل الوقف لعدم أهلية البهيمة
للتملك وكما أنه لا تجوز الهبة منها ولا الوصية لها كذا الوقف لها ولا يكون وقفا على مالكها لعدم قصد الواقف لها له وللشافعية وجهان أصحهما انه لا يصح الوقف عليها
كما اخترناه والثاني وهو ظاهر المذهب عندهم انه يجوز كما لو وقف على العبد ويكون لصاحبها كما في العبد قالوا وينفق المالك للدابة عليها من ذلك الوقف ما بقيت فإذا نفقت
يكون لصاحبها والعبد ان قلنا إنه لا يملك فهو كالبهيمة وان قلنا يملك صح الوقف عليه وإذا أعتق كان له وعلى هذا فالقبول لا يكون الا من المالك ولهم وجهان فيما إذا
أضاف الوقف إلى العبد أصح الوجهين انه لا يصح القبول من السيد لان الخطاب لم يجز معه ولهم وجهان فيما إذ أقال وقفت على علف بهيمة فلان أو علف بهايم القرية قالوا
والخلاف فيما إذا كانت البهيمة مملوكة إما إذا وقف على الوحوش أو على علف الطيور المباحة لم يصح بلا خلاف لا يقال إنه يصح الوقف على المساجد والربط مع عدم صلاحيتها
للتملك لأنا نقول إن تملك المنافع للمسلمين فالوقف عليها وقف عليهم فلهذا صح لا يقال جوزتم الوصية للحمل لأنا نقول الوصية تجوز فصحت للحمل والوقف بخلافه
لا يقال إنه يجوز ان يقف على ولد ولده وان لم يخلقوا لأنا نقول انما يجوز ذلك تبعا للموجود حالة الوقف لأنه جعل جميعه للبطن الأول ثم ينتقل بعدهم إلى غيرهم
فقد ملكه حال التملك لمن يصح ان يملك مسألة تعيين الموقوف عليه شرط في صحة الوقف فلو وقف على أحد هذين الشخصين أو أحد المشهدين أو أحد الفريقين لم
يصح وكذا لو وقف على رجل أو على امرأة أو قوم أو نفر لان الوقف تمليك للعين أو المنفعة فلا يصح على غير معين كالبيع والإجارة وانما يصح على من يعرف كولده وأقاربه
ورجل معين أو على بر كبناء المساجد والقناطر وكتبة الفقه والعلم والقرآن والمقابر والسقايات وسبيل الله أو على قبيلة معروفة وان انتشرت اشخاصها انتشارا غير منحصر
مسألة لا يصح الوقف على من يحرم الوقف عليه اجماعا لان الوقف من شرطه القربة إلى الله تعالى ولا قربة في المحرم فلو وقف على البيع والكنايس وبيوت النيران وعلى
عمارتها وقناديها وفرشها وحصرها لم يصح لما فيه من الإعانة على المعصية فإنها مجامع الكفر ومشاتم الرسول صلى الله عليه وآله والقناديل والفرش والحصر من جملة عمارتها
وتعظيمها لا يقال يجوز الوقف على المساجد وان لم يكن لها أهلية التملك لان ذلك تمليك للمسلمين في الحقيقة فالا قلتم بجواز الوقف على البيع والكنايس كما يجوز الوقف على أهل الذمة
لأنه تمليك لأهل الذمة لأنا نقول إن الوقف على المساجد وإن كان تمليكا للمسلمين الا انه مختص بالصرف إلى المساجد ولا يجوز صرفه إلى غيرها فلو جاز الوقف على البيع
والكنايس باعتبار تملك أهل الذمة لها الا انه يقتضي الصرف إلى البيع والكنايس وتلك جهة محرمة فلا يكون قربة فلا يصح الوقف ولو وقف على خادم البيعة والكنيسة قال بعض
الشافعية لا يجوز وفيه اشكال ينشأ من أن ذلك من العمارة فيها والتعظيم لها فلم يجز ومن انه إن كان مسلما جاز الوقف عليه إن كان ذميا فكذلك ان قلنا بجوازه على أهل الذمة
مسألة اختلف علماؤنا في صحة وقف المسلم على الذمي فقال بعضهم يجوز مطلقا وهو الأقوى لقوله صلى الله عليه وآله لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من
دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم وقال (ع) على كل كبد حرى اجر دل على جواز الصدقة والوقف نوع منها وبه قال الشافعي وقال بعضهم لا يجوز الا ان يكونوا أقارب
الواقف لان الوقف عليهم يقتضي مودتهم وقد نهى عنها في قوله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله وانما يجوز على القريب لما فيه من صلة
الرحم ولما روي أن صفية (ابنته حتى)؟ زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وقفت على أخ لها يهودي والحجة انما هو في تقرير النبي صلى الله عليه وآله ولم يثبت وقال آخرون لا تجوز الوقف على الذمي الا ان يكون أحد
الأبوين لما فيه من البر بالأبوين وقد قال تعالى وصاحبهما في الدنيا معروفا وقال بعضهم لا يجوز لقوله تعالى ولو كانوا ابائهم أو أبنائهم أو اخوانهم أو عشيرتهم نهى عن مودة
الكافرون وإن كان أبا مسألة لا يجوز الوقف على كتبة التوراة والإنجيل لأنهما منسوخان محرفان ولا نعلم فيه خلافا لما روى العامة ان رسول الله خرج إلى
المسجد فرأى في يد عمر صحيفة فيها شئ من التوراة فغضب النبي صلى الله عليه وآله لما رأى الصحيفة مع عمر وقال له أفي شك أنت يا ابن الخطاب ألم آت بها بيضة نقية لو كان أخي موسى حيا
ما وسعه الا اتباعي ولا ان ذلك معصية لما غضب منه وكذا لا يجوز الوقف على كتبة كتب الضلال وجميع ما لا يحل كتابته لأنها جهة محرمة قال الشيخ ره المنع من الوقف
على كتبة التوراة والإنجيل لاعتبار انهما مبدلان محرفان لا باعتبار انهما منسوخان لان النسخ لا يذهب بحرمتهما كما أن في آيات القران ما هو منسوخ ولم يذهب حرمتها قال
وهذا لا خلاف فيه ثم قال ويجب ان يقال في حفظه وتلاوته انه محرم إما لو وقف الكافر فقد قال بعض علمائنا بالجواز ومنعه الشافعي واحمد وغيرهم من العامة لان ما لا يصح الوقف عليه لا يصح
من الذمي كالوقف على غير معين ثم اعترضوا على أنفسهم فان أهل الذمة إذا عقدوا عقودا فاسدة وتقابضوا ثم أسلموا وترافعوا إلينا لم ينقض ما فعلوه
فكيف أجزتم الرجوع فيما وقفوه على كنايسهم وأجابوا بان الوقف ليس عقد معاوضة وانما هو إزالة الملك في الموقوف على وجه القربة فإذا لم يقع صحيحا لم يزل الملك
فيبقى بحاله كالعتق مسألة لا يجوز الوقف على معونة الزناة أو قطاع الطريق أو شاربي الخمر وان كانوا مسلمين لان الإعانة على فعل المعصية معصية ومن
شرط صحة الوقف التقرب إلى الله تعالى ولا يصح التقرب بالمحرم واما المرتد والحربي فلا يجوز الوقف عليهما وهو أصح وجهي الشافعية لأنهما مقتولان لابقاء لهما والوقف
صدقة جارية فكما لا يوقف ما لا دوام له لا يوقف على من لا دوام له ولان الحربي والمرتد عن فطرة لا يجوز ابقائهما فلا يصح الوقف عليهما كتضاد الحكمين والثاني للشافعية الجواز كالذمي
وهو قول بعض علمائنا إما المرتد عن غير فطرة فيحتمل جواز الوقف عليه والأقرب المنع مسألة إذا كان الوقف على غير معين كالوقف على الفقراء
والمساكين ويسمى هذا وقفا على الجهة لان الواقف ينظر إلى جهة الفقر والمسكنة ويقصد سد خلة موصوف بهذه الصفة ولا يقصد شخصا بعينه فإذا كان
كذلك فنقول الجهة إذا كانت معصية كالوقف على عمارة البيع والكنايس وقناديلها وفرشها أو على معونة الزناة والفساق على معاصيهم ومساعدة الظلمة على ظلمهم
وكتبة التوراة والإنجيل لم يصح الوقف سواء صدر عن مسلم أو ذمي فتبطله إذا ترافعوا إلينا عند الشافعية وجوز علمائنا وقف الذمي على ذلك إما ما وقفوه قبل
429

المبعث على كنايسهم القديمة فإنه مقرر عليهم حيث تقرر الكنايس وان لم تكن الجهة جهة معصية صح الوقف سواء ظهر فيها قصد القربة كالوقف على المساكين أو في سبيل الله
أو على العلماء أو المتعلمين أو المساجد والمدارس والربط والقناطر والمشاهد والأقارب أو لم يظهر قصد القربة كالوقف على الأغنياء لكن بشرط قصد القربة إذ من شرط صحة الوقف نية القربة والشافعية في الوقف على من لم يظهر فيه قصد القربة كالوقف على الأغنياء وجهان مبنيان على أن المراعي
في الوقف على الموصوفين جهة القربة أو التمليك وتحقيقه ان الوقف على المعنيين سلك به مسلك التمليك ولذلك لا يجوز على من لا يجوز تمليكه ثم يقصد الواقف
التقرب به إلى الله كالصدقة واما الوقف على من لا يتعين فالمراعي فيه طريق القربة دون التمليك ولهذا لا يجب
استيعاب المساكين بل يجوز الاقتصار على ثلاثة منهم وقال
بعضهم المراعي طريق التمليك كما في الوصية والوقف على المعين وادعي موافقة الباقين له حتى أنهم قالوا إن الوقف على المساجد والربط تلميك للمسلمين منفعة الوقف
فان قالوا بالأول لم يجز الوقف على الأغنياء ولا على اليهود والنصارى والفساق وان قالوا بالثاني جاز الكل والحق عندنا ما قدمنا ولو وقف على الطالبيين أو العلويين
أو غيرهم ممن لا ينحصر جاز وللشافعي قولان كما في الوصية لهم فان راعوا طريق القربة صح الوقف لهم والا لم يصح لتعذر الاستيعاب والأشبه بكلام الأكثر ترجيح كونه تمليكا
ويصح الوقف على هؤلاء وكذا يصح الوقف على المنازلين في الكنايس من مادة أهل الذمة ويكون وقفا عليهم لا على الكنايس قال بعض (الشافعية) العامة يصح الوقف على الأغنياء وأبطل
الوقف على اليهود والنصارى وقطاع الطريق وساير الفساق لتضمنه الإعانة على المعصية مسألة إذا وقف على قبيلة عظيمة كثيرة الانتشار كقريش وبنى
تميم وبنى وايل ونحوهم صح عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعي لأصالة الصحة ولأنها جهة قربة وجهة صحة تمليك فجاز الوقف كالمنحصر ولان من صح الوقف عليه
إذا كان عدده محصورا صح وان لم يكن محصورا كالفقراء والمساكين ولأنه يجوز الوقف على الفقراء والمساكين اجماعا مع عدم انحصارهم فجاز هنا والقول الثاني
للشافعي انه لا يصح الوقف على من لا يمكن استيعابهم وحصرهم كما لو قال وقفت على قوم والفرق ان التعيين في صورة النزاع بخلاف القوم فإنهم مع عدم انحصارهم غير معينين
لأنه يطلق على جماعة غير معينة فبطل ولو وقف على المسلمين كلهم أو على أهل إقليم كالعراق أو على أهل مدينة كبغداد صح أيضا خلافا له ولو وقف على كافة بني ادم أو على كافة البشر صح على ما اخترناه مسألة إذا وقف على المسلمين كان لمن أقر بالشهادة ولمن هو في حكمه من
أطفالهم ومجانينهم لأنه المتبادر إلى الفهم ولا فرق في ذلك بين طوايف أهل الاسلام ما لم يرتكب ما يعلم بطلانه من الدين ضرورة كالغلاة والمجبرة والمشبهة وخصص
بعض علمائنا ذلك إذا صدر من المسلم المحق بالمحق من المسلمين وليس جيدا ونحو ما قلناه قال الشيخ ره فإنه قال إذا وقف المسلم شيئا على المسلمين كان لجميع أقر بالشهادتين
وأركان الشريعة من الصلاة والزكاة والصوم والحج وان اختلفوا في الأداء والديانات وقال بعض علمائنا يكون لمن صلى إلى القبلة وهو قريب ان لم يقصد الصلاة
بالفعل بل يقصد اعتقاد الصلاة إلى القبلة مسألة إذا وقف على المؤمنين كان مصرفه الاثني عشرية عند علمائنا لأنه المتعارف من هذا الاطلاق وهل يشترط
فيه اجتناب الكباير قال الشيخ ره نعم فلا يجوز للفساق من الامامية اخذ شئ ء منه وأطلقه سلار وقال يكون للامامية كما اخترناه نحن لان الفسق لا يخرج المؤمن عن
ايمانه وللشيخ ره قول اخر في التبيان يقتضى دخول الفساق فيهم مسألة إذا وقف على الشيعة ولم يميز صرف ذلك إلى من يقدم عليا (ع) في الإمامة على المشايخ وقال
الشيخان ره يكون ذلك ماضيا في الامامية والجارودية من الزيدية دون التبرية وقال ابن إدريس إذا كان الواقف من إحدى فرق الشيعة كالجارودية والكيسانية
والناووسية والفطحية والواقفية والاثني عشرية حمل كلام العام على شاهد حاله وفحوى قوله وخصص به وصرف في أهل نحلته دون من عداهم من ساير المنطوق عملا
بشاهد الحال ولا بأس به ولو وقف على الزيدية كان مصروفا على القايلين بامامة زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام وامامة كل من خرج بعده بالسيف من ولد فاطمة (ع)
من ذوي الرأي والعلم والصلاح قال الشيخان ره وقال ابن إدريس هذا الاطلاق ليس بجيد بل إذا كان الواقف زيديا كان كذلك فإن كان اماميا كان الوقف باطلا
بناء منه على أن وقف المحق على غير المحق باطل مسألة إذا وقف المسلم على الفقراء انصرف ذلك إلى فقراء المسلمين عملا بشاهد الحال وان المراد ذلك دون غيرهم ولو
وقف الكافر على الفقراء انصرف إلى فقراء نحلته لما تقدم من شاهد الحال وكذا لو وقف المسلم على فقراء بلده وفيهم فقراء مسلمين وكفار انصرف إلى فقراء المسلمين
خاصة وكذا الكافر لو وقف على فقراء بلده وفيهم فقراء القبيلتين انصرف إلى فقراء الكفار ولو لم يكن فيهم الا فقراء من غير قبيله انصرف الوقف إليهم عملا بالإضافة
فلو وقف المسلم على فقراء بلد وليس فيهم فقير مسلم وعلم بذلك بل كان فقراؤه كلهم كفارا انصرف وقفه إليهم وكذا في طرف الكافر مسألة إذا علق الوقف على قبيلة
مخصوصة أو على جماعة اشتركوا في نسبة على وقفه عليها إما من صنعة أو وصف صح ولم يشركهم غيرهم فيه فلو وقف على العلوية كان مصروفا إلى المنتسبين إلى أمير المؤمنين
من طريق الأب ولم يشركهم فيه غيرهم من أنسابهم كبني جعفر وبني عقيل وكذا لو وقف على الهاشميين صرف إلى كل هاشمي وهو من انتسب إلى هاشم بالبنوة ولو وقف
على الفاطميين كان لمن انتسب إلى فاطمة بالبنوة واشترك فيه الحسنيون والحسينيون ولو وقف على الحسنيين لم يكن للحسينيين فيه شئ وكذا لو وقف على الحسينيين
لم يكن للحسنيين معهم شئ ولو وقف على المتفقهة صرف إلى المشتغلين بتحصيل الفقه سواء كان مبتدء أو منتهيا ولو وقف على الفقهاء دخل فيه من
حصل شيئا من الفقه وان قل وان وقف على العطارين أو البزازين أو النساج أو الخباز؟ (أو الحاكة) أو التجارين وغيرهم من أرباب الصنايع المحللة شريفة كانت أو وضيعة صح
الوقف وانصرف إلى الغني منهم والفقير ولو وقف على الصوفية فللشافعية قولان أحدهما الصحة وهو المعتمد ان لم يخرجوا على الشريعة المحمدية ولم يبتدعوا
في طريقهم والثاني للشافعية البطلان إذ ليس للتصوف حد توقف عليه وهو ممنوع فان المتصوفة الذين يصح الوقف عليهم المشتغلون بالعبادة في أكثر الأوقات المعرضون
عن الدنيا وفصل بعضهم فقال لا بد في المتصوفة من العدالة ومن ترك الحرفة ولا بأس بالوراقة والخياطة وما أشبههما إذا كان يتعاطاها أحيانا في الرباط لا في
الحانوت ولا يقدح قدرته على الاكتساب والاشتغال بالوعظ والتدريس ولا ان يكون له من المال قدر ما لا يجب فيه من الزكاة أو لا يفي دخله بخرجه ويقدح السروة
الظاهرة والعروض الكثيرة ولا بد بان يكون في ذي القوم الا إذا كان ساكنا لهم في الرباط فيقوم المساكنة والمخالطة مقام الذي ولا يشترط لبس الرقعة من يد شيخ
مسألة يجوز الوقف على أكفان الموتى ومؤنة الغسالين والحفارين وإن كان ذلك من فروض الكفايات وكذا يجوز على شراء الأواني والظروف لمن تكثرت
عليه وعلى شراء أقلام العلماء دون أقلام الظلمة التي يكتب بها الظلم ويجوز على مصلي صلاة الليل ويصرف إلى من يصلي صلاة الليل المنقولة عن أهل البيت (ع) ولا
يشترط أكثر من ثمان ركعات لأنها هي صلاة الليل ولا بد ان يصليها في الليل بعد انتصافه ولو قدمها في أول الليل نادرا دخل ولا يكون ذلك عادة وكذا ان
اتفق له القضاء بالنهار أو الترك مطلقا أحيانا ولا يشترط الدعاء المنقول بين الركعات ولو وقف على الأرقاء الموقوفين على خدمة الكعبة أو المشهد أو قبر رسول
الله صلى الله عليه وآله واحد قبور الأئمة (ع) أو قبر بعض الصلحاء فالأقرب الجواز وهو أصح وجهي
الشافعية كالوقف على علف الدواب في سبيل الله ولو وقف على دار
وحانوت قال بعض الشافعية لا يصح الا أن يقول وقفت على هذه الدار على أن يأكل فوايد الوقف طارقوا؟ الدار فيصح على أظهر الوجهين عندهم ولو وقف
430

على المقبرة ليصرف الغلة إلى عمارة القبور قال بعض الشافعية لا يصح لان الموتى صايرون إلى البلاء فالعمارة لا تلايم حالهم مسألة إذا وقف على الكفار والفساق فإن كان
ذلك لإعانتهم على كفرهم وفسقهم بطل الوقف قطعا وإن كان لنفعهم في بقائهم فقد بينا الخلاف فيه والشافعية ذكروا خلافا في الوقف على الكفار والفساق
ولم يذكروه في الوقف لنفقة قطاع الطريق بل اطلقوا الحكم بالبطلان ولا يمكن ان يقدر بينهما الفرق فان قطاع الطريق ضرب من الفساق نعم لو أراد الواقف
بالوقف لنفقة قطاع الطريق ان يشترط الصرف إلى ما يتهيؤوا به القطع من صلاح وغيره لم يجز وكان كالوقف لعمارة البيع والكنايس ولو وقف لالات ساير المعاصي بطل
الوقف لا محالة ولو وقف ليصرف الغلات إلى القطاع وساير الفساق لا إلى جهة الفسق فقولان للشافعية مسألة إذا شرط عود نفع الوقف في سبيل الله قال
الشيخ ره في خلاف يجعل بعضه للغزاة المطوعة دون العسكر العامل على باب السلطان وبعضه في الحج والعمرة لأنهما من سبيل الله وقال في المبسوط إذا وقف وشرط ان يصرف
في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير صرف ثلثه إلى الغزاة والحج والعمرة وثلثه إلى الفقراء والمساكين ويبدء بأقاربه هو سبيل الثواب وثلثه إلى خمسة أصناف
ممن ذكرهم الله في أية الصدقة وهم الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمون الذين استدانوا لمصلحة أنفسهم وفي الرقاب وهم المكاتبون فهؤلاء سبيل الخير ثم قال ولو
قيل إن هذه الثلاثة متداخلة كان قويا لان سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير يشترط الجميع فيه وقال بعض علمائنا سبيل الله المجاهدون وقال آخرون إذا وقف
على سبيل الله انصرف إلى ما يكون وصلة إلى الثواب كالغزاة والحج والعمرة وبناء القناطر والمساجد وكذا لو قال في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير كان واحدا ولا يجب
قسمة الفائدة أثلاثا وهو الوجه لان المفهوم من سبيل الله ذلك وقال الشافعي إذا وقف على سبيل الله فإنه يكون للغزاة الذين لهم معايش يغزون إذا نشطوا دون
أهل الفئ الذين المرتبون للغزو وحكى عن أحمد أنه قال الحج من سبيل الله لحديث أم معقل فإنها قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان أبا معقل جعل بعيره في سبيل الله واني أريد الحج
فقال اركبيه فان الحج من سبيل الله واحتج الشافعي لأن المطلق من كلام الآدميين محمول على المعهود في الشرع وقد ثبت ان سهم سبيل الله من الصدقات ينصرف
إلى الغزاة فكذا الوقف المطلق وحملوا خبر أم معقل على أن يكون في كلام الواقف أو كلاهما الذي حكته عنه ما دل على أنه قصد سبيل الخير والثواب فإذا احتمل ذلك
لم يعدل به عما تقرر في عرف الشرع مسألة إذا وقف على سبيل البر أو الخير أو الثواب كان كما لو وقف على سبيل الله يصرف في كل قربة إلى الله تعالى كبناء القناطر
وعمارة المساجد والمشاهد وإعانة الحج والزائرين وأكفان الموتى والحج وغير ذلك من المثوبات وقال الشافعي في سبيل الله هم المعينون في أية الزكاة وقال احمد الحج من سبيل الله
وعلى سبيل البر والخير والثواب يصرف إلى أقارب الواقف فإن لم يوجد قال أهل الزكاة وقال بعض الشافعية الموقوف على سبيل البر يجوز صرفه إلى ما فيه صلاح المسلمين
من أهل الزكاة واصلاح القناطر وسد الثغور ودفن الموتى وغيرها وفرق بعضهم فقال إذا وقف على جهة الخير صرف إلى مصارف الزكاة ولا يبنى به مسجد ولا رباط وإذا وقف جهة
الثواب صرف إلى أقاربه ولو جمع في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير قالوا صرف الثلث إلى الغزاة وصرف الثلث إلى أقاربه والثلث إلى الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل وفي الرقاب
المطلب الرابع الموقوف مسألة يشترط في العين الموقوفة أمور خمسة آ ان يكون عينا معينة مملوكة ينتفع بها انتفاعا محللا مع بقائها ويصح اقباضها
فلا يصح وقف ما ليس بعين كالدين سواء كان حالا أو مؤجلا وسواء كان المديون موسرا أو معسرا وكذا لا يصح ما ليس بعين من الأعيان كما لو وقف عبدا مطلقا أو دارا
كذلك أو فرسا وما أشبه ذلك وكذا لا يصح وقف ما ليس بمملوك من الأعيان كالخمر والانبزة وكلب الهراش والخنزير والسرجين وغير ذلك مما تقدم من الأعيان التي لا يقع
عليها الملك ولا يصح وقف الحر نفسه لان رقبته غير مملوكة وان قدر ان منافعه ملحقة بالأموال لان الوقف يستدعي أصلا يحبس ليستوفي الموقوف عليه منفعته
على ممر الزمان ويصح وقف الكلب المعلم وكلب الحائط والماشية والسنور لجواز الانتفاع بها وصحة بيعا على الأقوى وللشافعية في وقف الكلب المعلم وجهان بناهما قوم
منهم على الخلاف في اجارته وآخرون على الخلاف في هبته وآخرون على أن الوقف يزيل ملك الرقبة أو لا يزيل فعلى قول عدم الإزالة فليست قضية؟ سوى نقل المنافع
ومنافعها مستحقة وجاز ان ينتقل وكيف ما قدر فالأصح عندهم المنع وقطع به بعضهم مع القول بجواز الإجارة لان رقبته غير مملوكة وقد نص الشافعي على المنع
من وقف الكلب لأنه غير مملوك ولا بد ان يكون مملوكا للواقف ولو وقف مال غيره لم يصح وإن كان شريكا صح في قدر نصيبه خاصة ولو أجاز المالك قيل يصح لأنه كالوقف
المستأنف ولا يصح وقف ما لا ينتفع به الا بالاتلاف كالمطعومات والمشروبات والشموع وأشباهها لان منفعتها في استهلاكها وكالرياحين المشمومة فإنها سريعة الفساد
وانما سوق الوقف ليكون صدقة مخلدة جارية على مرور الزمان وبه قال الشافعي وحكى الشافعية عن مالك والأوزاعي؟ انهما قالا يجوز وقف الطعام ولم يحكه أصحاب مالك
وليس بصحيح لأنه لا يمكن معنى الوقف فيه وهو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة وما لا ينتفع به الا بالاتلاف لا يصح فيه ذلك فلا يصح وقفه فلا يصح وقف آلات
الملاهي كالنرد والشطرنج والأربعة عشر وآلات الرمز وغير ذلك من الأعيان التي تحرم منفعتها وإن كانت مملوكة ولا يصح وقف ما لا يمكن اقباضه كالعبد الآبق
والجمل الشارد لتعذر التسليم وهو شرط في الوقف عندنا مسألة يجوز وقف العقار والأراضي وجميع ما لا ينقل ولا يحول مما جمع الشرايط السابقة اجماعا
واما ما ينقل ويحول مما جمع الشرايط السابقة فهل يصح وقفه أم لا قال علماؤنا يصح وبه قال الشافعي واحمد وذلك كالحيوان والسلاح والأثاث والثياب والمصاحف والكتب
وأشباه ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله قال إما خالد فإنه قد احبس ادراعه واعبده في سبيل الله وجائت أم معقل إلى النبي فقالت يا رسول الله ان أبا معقل وجعل ناضحة في سبيل الله واني
أريد الحج افاركبه فقال رسول الله اركبي فان الحج والعمرة من سبيل الله ولان معنى الوقف متحقق فيه وهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة فصح وقفه وحده كالعقار
وقال أبو حنيفة لا مدخل للوقف في الحيوانات وفي الكتب وعن مالك ان المنقول مطلقا لا يجوز وقفه وقال أبو يوسف لا يجوز وقف الحيوانات ولا الرقيق ولا العروض الا الكراع والسلاح
والغلمان والسفن والغرس في الأرض الموقوفة تبعا لها لان هذا حيوان لا يقاتل عليه فلم يجز وقفه كما لو كان الوقف إلى مدة وعن مالك في السلاح والكراع روايتان
اجماع الناس حاصل على وقف الحصر والقناديل والزلالي في جميع الأعصار مسألة يصح وقف المشاع عند علمائنا أجمع كما يصح وقف المقسوم فيصح وقف نصف دار
ونصف عبد وبه قال مالك والشافعي واحمد وأبو يوسف للأصل ولأنه عقد يجوز على بعض الجملة مفرزا فجاز عليه مشاعا كالبيع ولأنه عرصته؟ يجوز بيعا فجاز وقفها
كالمفرزة ولان الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة وهذا يحصل في المشاع لحصوله في المفرد وقال محمد بن الحسن لا يصح وقف المتاع وبناه على أصله من أن القبض
لا يصح في المشاع واصله ممنوع فان المشاع يصح قبضه كما يصح قبض المقسوم لان القبض في مثل ذلك انما هو التخلية ولان بيعه صحيح والقبض في البيع جايز وإذا جاز في
البيع جاز في الوقف إذا ثبت هذا فان الوقف لا يسرى من النصف الموقوف إلى النصف الآخر وانما يسري العتق خاصة مسألة لو وقف نصف عبد صح الوقف على
ما اخترناه سواء كان الباقي له أو لغيره فإن كان له واعتق الواقف النصف الآخر لم يعتق النصف الموقوف ولا يقوم عليه لان الوقف مؤبد في جهته ولو أعتق الواقف
431

النصف الموقوف لم يصح لزوال ملكه عنه بالوقف على المشهور ولا على الأخر لان بالوقف قد قطع تصرفه وعلق به حق غيره ولو أعتقه الموقوف عليه لم ينفذ لأنه غير مالك على قول
وعلى الأخر لا ينفذ أيضا لتعلق الحق من بعده من أهل الوقف وكذا لو كان النصف الآخر لغيره فاعتقه مالكه لم يقوم عليه حسة الوقف لان النصف لا يصح عتقه مباشرة
فلئن لا يصح بالسراية أو لا واما لو كان النصف الآخر موهونا فإنه يسري العتق لان الرهن قابل للاعتاق بخلاف الوقف مسألة يصح وقف كل عين ينتفع بها إما في الحال
أو فيما بعده فلو وقف عبدا رضيعا أو دابة صغيرة في الغاية ولو حين ولادتها صح وكذا الشجر الصغير والأرض البيضاء والشاة الصغيرة لتوقع لبنها وصوفها فيما بعد
وكذا يجوز وقف الزمن الذي يرجى زوال زمنه كما يجوز نكاح الرضيعة ولا يجوز وقف ما لا يدوم الانتفاع به كالمطعومات والمشمومات فإنها سريعة الفناء وكذا لا يصح
وقف السمع؟ لأنه يتلف بالانتفاع به فكان كالمأكول والمشروب وكذا المال وبالجملة كل ما يتوقف الانتفاع به على اتلاف عينه لا يصح وقفه ولا يجوز وقف العبد الذي
استحقت منفعته على التأبيد ولا الأرض كذلك لعدم الانتفاع بها في الحال ولا فيما بعد الحال وكما لا يجوز وقف العين الخالية من المنفعة كذا لا يصح وقف المنفعة من دون
العين ولا يجوز وقف المنافع فمن ملك منافع الأعيان دون رقابها كالمستأجر والموقوف عليه فوقف تلك المنافع لم يصح سواء ملك المنفعة موقتا كالمستأجر أو مؤبدا كالموصي له بالخدمة والمنفعة ولان ملك الوقف يشبه التحرير وملك المنفعة لا
يفيد ولاية التحرير ولان من شرط الوقف الدوام والمنافع لا دوام لها فإنها تحدث شيئا فشيئا وتفنى كذلك فهي كالشئ الذي يسرع إليه الفساد مسألة يصح وقف الذهب
والفضة إذا كان حليا لفايدة اللبس والإجارة له والإعارة ولأنه عين يمكن الانتفاع بها مع بقائها دايما فصح وقفها كالعقار وبهذا قال الشافعي وهو أحدي الروايتين عن أحمد
وفي الثانية لا يصح لان التحلي ليس هو المقصود من الأثمان فلم يصح وقفها عليه كما لو وقف الدنانير والدراهم ونمنع كون التحلي ليس من المقاصد المهمة فان العادة
جارية به وقد اعتبره الشرع في اسقاط الزكاة عن متخذه وجواز اجارته للتحلي بخلاف الدراهم والدنانير فان العادة لم تجز بالتحلي بها ولا يعتبرها الشرع في اسقاط زكاة إما الدراهم
والدنانير فان أصحابنا ترددوا في جواز وقفها وللشافعية وجهان والأصل فيه ان يقال إن فرض لها منفعة مقصودة في نظر الشرع وعند العرف صح وقفها كما تصح اجارتها
فيجوز وقفها حينئذ لاجارتها واستيفاء تلك المنفعة المعتبرة عند العقلاء ان لم يكن لها منفعة معتبرة في نظر العقلاء لم يصح وقفها ولا اجارتها والحق بعض
الشافعية وقفا الدراهم ليصاغ منه الحلي بوقف العبد الصغير وليس بجيد لان الصغير يصير إلى حالة الانتفاع بنفسه وهذا يحتاج إلى احداث أمر بالاختيار مسألة
هل يصح وقف أم الولد يحتمل ذلك لعدم خروجها عن الملكية فصح وقفها كغيرها ومنع بيعها ولا يقتضي منع وقفها لان الوقف يشبه العتق لاشتراكهما في إزالة
الملك عن المالك إلى وجه من وجوه القرب وهو أحد وجهي الشافعية لأنه تجوز اجارتها فجاز وقفها ويحتمل المنع وهو أصح وجهي الشافعية لان حلها حرمة العتق فكأنها
عتيقة وبه قال احمد وبني بعض الشافعية الخلاف على أن الوقف هل ينقل الملك عن الواقف ان قلنا نعم لم يصح وقفها لأنها لا يقبل النقل وان قلنا لا ينقل صح وقفها فان قلنا بصحة وقفها فإذا مات السيد
هل تعتق ان قلنا بالانتقال إلى الموقوف عليه لم تعتق والا عتقت وهو قول أكثر الشافعية بناء على القول بصحة وقفها ثم قالوا لا يبطل الوقف بل تبقى منافعها
للموقوف عليه كما لو اجرها ومات وقال بعضهم يبطل الوقف دون الإجارة لان الحرية؟ تنافى الوقف دون الإجارة وهذان الوجهان جاريان عند الشافعية في جواز وقف المكاتب
والأقرب عندي المنع من وقف المكاتب لانقطاع تصرف المولى عنه وجوز الشافعية وقف المعلق عتقه بصفة ثم إذا وجدت تلك الصفة فان قلنا إن الملك في الوقف
للواقف أو لله تعالى عتق وبطل الوقف وان قلنا إنه للموقوف عليه فلا يعتق ويكون الوقف بحاله وهذا عندنا لا يصح لعدم صحة تعليق العتق بالصفة نعم لو نذر
عتقه عند صفة فالأولى المنع من وقفه لتعلق حق الله تعالى به إما المدبر فإنه يجوز وقفه اجماعا لأنه مملوك ما دام حيا ويكون ذلك رجوعا في التدبير عندنا واما
الشافعية فقالوا أنه يكون رجوعا إن كان التدبير وصية وإن كان تعليق عتق بصفة فهو بمنزلة
وقف العبد المعلق عتقه بصفة لكن التدبير عندنا وصية محضة مسألة قد بينا انه يشترط في الوقف التعيين فلو وقف عبدا في الذمة أو ثوبا في الذمة لم يصح كما
لو أعتق عبدا في الذمة وكذا لا يصح ان يقف أحد عبديه لعدم التعيين كما لو باع أحد العبدين وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه يجوز وقف أحد العبدين كما
يصح عتق أحد عبديه يجوز وقف علو الدار دون سفلها وبالعكس وان يجعل أحدهما مسجدا دون الأخر وبه قال الشافعي واحمد لأنه يصح بيعه فصح وقفه كالدار
بأسرها وقال أبو حنيفة لا يصح لان المسجد يتبعه هواه وهو ممنوع وان جعل وسط داره مسجدا ولم يذكر الاستطراق صح وقال أبو حنيفة لا يصح حتى يذكر الاستطراق
وليس بجيد لأنه عقد يبيح الانتفاع ومن ضرورته الاستطراق فصح وان لم يذكر الاستطراق كالبيع ويجوز أيضا وقف الفحل للنزوان بخلاف اجارته فإنه مكروه لان الوقف
قربة يحتمل فيها ما لا يحتمل في المعاوضات مسألة لا يصح وقف ما لا يمكن اقباضه لان الاقباض شرط في صحة الوقف عندنا على ما تقدم فلو وقف على
الغير ما هو مقبوض في يده إما بايداع أو بعارية أو بغصب أو بغير ذلك صح لان حقيقة القبض موجودة فيه ولا يفتقر إلى مضي زمان فصح القبض فيه ولو وقف على
غير المتشبث فإذا قبضه صح والا بطل كما لو وقف ماله في يد الغاصب ولو اجر ارضه ثم وقفها فعند الشافعية يصح لان القبض ليس شرط عندهم وهو مملوك بالشرايط
المذكورة وليس فيه الا العجز عن صرف المنفعة إلى جهة الوقف في الحال ولأنه لا يمنع الصحة كما لو وقف
ملكه في يد الغاصب واما عندنا فان اقبضه بإذن المستأجر
فلا بأس والا لم يصح القبض ولا يثمر لزوم الوقف وقال بعض الشافعية انه مخرج على الوقف المنقطع الأول وزاد بعضهم فقال إن وقف على المسجد صح لمشابهته
الاعتاق وان وقف على انسان فان قلنا إن الملك ينتقل إلى الموقوف عليه فهو على الخلاف في بيع المستأجر ان لم نصححه فكذلك الوقف وان صححناه فيخرج حينئذ على الخلاف في
الوقف المنقطع الأول وان قلنا ينتقل إلى الله تعالى فوجهان لافتقاره إلى القبول ووقف الورثة الموصي بمنفعته شهرا كوقف المستأجر مسألة لو استأجر أرضا
ليبنى فيها أو يغرس فبنى وغرس ثم وقف البناء أو الغراس احتمل الصحة لاستجماعه جميع شرايط الصحة فإنه مملوك يملك الانتفاع به مع بقاء عينه انتفاعا مباحا والعدم لان
مالك الأرض متمكن من هدم البناء ورفع الشجر فكأنه وقف ما لا ينتفع به وللشافعية وجهان كهذين الاحتمالين وهما كالوجهين في أن الباني لو انفرد ببيع البناء هل يجوز
بيعه أم لا إما لو وقف صاحب الأرض ارضه وصاحب البناء أو الغراس بناءه أو غرسه فإنه يصح اجماعا منهم كما لو اجتمعا على البيع وإذا قلنا بصحة الوقف فإذا مضت المدة
وقلع مالك الأرض البناء فان بقى منتفعا به بعد النقل فهو وقف كما كان وان لم يبق صار ملكا للموقوف عليه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم انه يرجع إلى الواقف واما
أرش النقص الذي يؤخذ من القاطع يسلك به سلك الوقف البحث الثاني في الشرايط وهي أربعة تنظمها مطالب أربعة المطلب الأول
التأبيد مسألة لا خلاف بين علماء الأمصار في أن الوقف المعلوم الابتداء المؤبد الذي لا انقضاء له صحيح لازم إذا جمع الشرايط والمراد بالمؤبد الذي جعل
المصرف فيه لا انقراض له إما ابتداء أو انتهاء كالوقف على الفقراء والمساكين ابتداء أو على من ينقرض ثم يرده إلى من لا ينقرض كما لو وقف على ولده ثم على الفقراء
432

والمساكين أو على رجل ثم على عقبه ثم على الفقراء والمساكين أو على المساجد والربط والمدارس والمشاهد والقناطر لعدم انقراضها غالبا ولو عين المسجد أو الرباط أو
المدرسة أو المشهد أو القنطرة جاز الوقف أيضا لعدم الانقراض غالبا وللشافعية وجهان ولو وقف على العلماء أو جعلهم منتهى الوقف صح أيضا لعدم الانقراض
غالبا وهو قول أكثر الشافعية وعن بعضهم انه لا يصح لانهم قد ينقطعون مسألة لو كان الوقف على من ينقرض غالبا كما لو وقف على ولده وعقبه ما تولد أو
تعاقبوا ولم يجعل المنتهى إلى من لا ينقرض غالبا أو على وقفت على زيد وسكت نقل الشيخ ره في المبسوط والخلاف لعلمائنا قولين أحدهما الصحة والثاني البطلان والأول عندي هو
المعتمد وهو أحد قولي الشافعي وبه قال مالك وأبو يوسف واحمد في إحدى الروايات لان الوقف نوع تمليك وصدقة فيتبع اختيار المالك في التخصيص بالأزمان
كما يتبع اختياره في التخصيص بالأعيان وللأصل ولان تمليك به الأخير ليس شرطا في تمليك الأول والا لزم تأخر المشروط عن شرطه ولما رواه أبو بصير عن الباقر قال قال (ع)
الا أحدثك بوصية فاطمة (ع) قلت بلى قال فاخرج حقا أو سفطا فاخرج منه كتابا فقراه بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة (ع) بنت محمد أوصت بحوايظها؟ السبعة العراف والدلال
والبرقة والمتيم وفي رواية عوض المتيم المبيت الحسنى والصافية ومال أم إبراهيم إلى علي بن أبي طالب (ع) فان مضى علي فإلى الحسن فان مضى الحسن فإلى الحسين فان مضى الحسين فإلى الأكبر من ولدي
والقول الثاني للشافعي ان الوقف باطل وبه قال محمد بن الحسن الشيباني لان شرط الوقف التأبيد فإذا لم يرده إلى ما يدوم لم يؤبده فكان كما لو قال وقفته سنة ولأنه
إذا لم يكن مؤبدا كان منقطعا فصار وقفا على مجهول فلم يصح كما لو وقفه على مجهول في الابتداء ونمنع كونه وقفا على مجهول بل هو وقف معلوم المصرف فصح كما لو أبده
ولا نسلم ان شرط الوقف التأبيد فإنه المتنازع ومجهول الابتداء غير معلوم المصر فكان باطلا بخلاف المتنازع فان المصرف فيه معلوم وللشافعي قول ثالث وهو الفرق
بين ان يكون الموقوف عقارا فلا يجوز انشاؤه منقطع الأخر أو حيوانا فيجوز لان مصير الحيوان إلى الهلاك فكما يجوز فوات الموقوف مع بقاء الموقوف عليه يجوز
فوات الموقوف عليه مع بقاء الموقوف مسألة اختلف الشيخان في الوقف إذا انقرض الموقوف عليهم فقال المفيد ره يرجع إلى ورثة الموقوف عليهم لان
الوقف ناقل عن الواقف فلا يعود عليه الا بسبب ولم يوجد ولأنه صدقة فلا يرجع إليه ولان الموقوف عليه يملك الوقف فيورث عنه كغيره بخلاف البطن الأول فإنه لا
يورث عنه وإن كان مالكا لعدم تمامية الملك في حقه إذ الوقف انما يجري على حسب شرط الواقف ونمنع كون مطلق الوقف ناقلا بل الناقل المؤبد منه خاصة ونمنع
كونه صدقة مؤبدة بل يجري مجرى الصدقة العمرى والحبيس ونمنع كون الموقوف عليه مالكا الا مع التأبيد وقال الشيخ ره يرجع إلى الواقف إن كان موجودا وإن كان ميتا فيرجع إلى ورثته وهو الوجه عندي وقال أبو يوسف إذا انقرض للموقوف عليهم يرجع إلى الواقف فيرجع إلى ورثته الا أن يقول
صدقة موقوفة ينفق منها على فلان وإذا انقرض المسمى كانت للفقراء والمساكين ووجهه انه جعلها صدقة على من سماه فلا يكون صدقة على غيره ويفارق ما إذا قال ينفق منها على فلان لأنه جعل الصدقة مطلقة مؤبدة والحق ما قلناه لأنه في الحقيقة حبس لانقراض أربابه فلا يكون مؤبدا فيرجع إلى ورثة
الواقف لعدم خروجه عنه بالكلية أو إليه إن كان حيا ولأنه انما وقف على قوم بأعيانهم فلا يجوز التخطي إلى غيرهم لقول العسكر (ع) الوقوف يكون على حسب ما يوقفها
أهلها وقال السيد بن زهرة من علمائنا انه يرجع بعد انقراض الموقوف عليهم إلى وجوه البر واعلم انا قد نقلنا عن الشافعية قولين ظاهرين وقولا ثالثا خفيا أحد
القولين الصحة والثاني البطلان وقال بعض أصحابه القولان مبنيان على أن البطن الثاني يتلقون الوقف من الواقف أو من البطن الأول ان قلنا بالأول فلابد من بيان
من ينتهي الاستحقاق إليه وان قلنا بالثاني فلا حاجة إليه إذا عرفت هذا فللشافعي على القول بالصحة إذا انقرض الموقوف عليه قولان أحدهما انه يرتفع الوقف
ويعود ملكا إلى الواقف والى ورثته إن كان قد مات لان ابقاء الوقف بلا مصرف متعذر واثبات مصرف لم يتعرض له الواقف بعيد وأصحهما انه يبقى وقفا لان وضع
الوقف على أن يدوم ويكون صدقة جارية وذلك مما ينافيه الحكم بانقطاعه ولأنه صرف ماله إلى جهة قربة فلا يعود ملكا كما لو نذر هديا إلى مكة؟ فلم يقبله فقراؤها
وعلى القول بأنه يبقى وقفا ففي مصرفه للشافعي أقوال أصحها عندهم انه يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور لان الصدقة على الأقارب أفضل لما
فيه من صلة الرحم فكان الصرف إليهم أولي والثاني انه يصرف إلى المساكين لان أشد الحاجات أعم الخيرات والثالث انه يصرف إلى المصالح العامة مصارف خمس الخمس فإنها
أعم الخيرات والأعم أهم والرابع انه يصرف إلى مستحقي الزكاة فعلى القول بأنه يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف فالنظر إلى قرب الرحم أو إلى استحقاق الإرث فيه للشافعية
وجهان أصحهما الأول حتى يتقدم ابن البنت على ابن العم لان المراعي صلة الرحم ويتقدم الأولاد على أولاد الأولاد والثاني انه يرجع إلى الورثة لانهم الذين صرف الله تعالى إليهم
ماله بعد موته واستغنائه عنهم فلذلك يصرف إليهم من صدقة ما لم يذكر له مصرفا ولان النبي صلى الله عليه وآله قال إنك ان تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون
الناس فحينئذ يكون بينهم على حسب الميراث وعن أحمد روايتان وعنه رواية أخرى أنه يكون وقفا على أقرب عصبة الواقف دون بقية الورثة من أصحاب الفرايض دون
البعيد من العصبات فيقدم الأقرب فالأقرب على حسب استحقاقهم لمولا الموالى لانهم خصوا بالعقل عنه وبميراث مواليه فخصوا بهذا أيضا وهو خطا لان استحقاق العصبة
بغير دليل باطل ولا دليل من نص واجماع ولا يصح قياسه على ميراث ولا المولى لان علته لا يتحقق هنا وهل يشترط في القرابة الفقر للشافعي قولان أحدهما انه لا يشترط
بل يشترك فيه الفقراء والأغنياء لان الوقف لا يختص بالفقراء وإذا اطلق أولاده انصرف إلى الفقراء والأغنياء كذا هنا والثاني يستحقه للفقراء خاصة لان الأغنياء
لا حاجة بهم إليه وانما القصد به البر والصلة فكان الفقراء أولي وعلى القول باختصاصه بالفقراء فهل الاختصاص على سبيل الوجوب أو الاستحباب وجهان إذا ثبت هذا
فان الذكر والأنثى فيه سواء لا يفضل الذكر فيه على الأنثى لاتفاقهما في السبب وهو القرابة فإذا انقرض الأقارب بأسرهم صرف إلى المساكين وحينئذ ففي تقديم جيران الواقف
وجهان لهم أشبههما المنع لأنا لو قدمنا بالجواز لقدمنا بالقرابة بطريق الأولى مسألة لو قال وقفت هذا سنة احتمل البطلان لان شرط الوقف التأبيد
وهل يبطل أصلا فلا يعتد به أو يكون حبسا اشكال ويحتمل الصحة ويكون حبسا والمشهور عند الشافعية البطلان في الشرط والوقف وفي وجه ضعف لهم انه يصح
وينتهي الوقف بانتهاء المدة ومن الشافعية من قال إن الوقف الذي لا يشترط فيه القبول لا يفسد بالتأقيت كالعتق ولو قال وقفت هذا على زيد شهرا على أن يعود
إلى ملكي بعد الشهر فالظاهر عند الشافعية بطلانه وفيه قول اخر انه يصح وعلى هذا فيعود ملكا بعد الشهر أو يكون كما لو وقف المنقطع الأخر حتى يصرف بعد
الشهر إلى أقرب الناس إلى الواقف فيه قولان المطلب الثاني التنجيز مسألة يشترط في الوقف التنجيز فلو علقه على شرط أو صفة لم يصح
مثل أن يقول إذا جاء زيد فقد وقفت داري أو يقول إذا جاء رأس الشهر وقفت عبدي كما لا يصح تعليق البيع والهبة وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم
الوقف المعلق مخرج على الخلاف المذكور فيما إذا وقف على من سيولد له ولو قال على من سيولد لي أو قال وقفت على مسجد سأبنيه ثم على الفقراء أو قال وقفت على ولدي ثم على الفقراء بعده ولا ولد له فهذا
الوقف منقطع الابتداء وكذا إذا وقف على نفسه أو عبده أو المجهول أو المعدوم أو الميت ثم على الفقراء والمساكين قال الشيخ في المبسوط الذي يقتضيه مذهبنا
انه لا يصح الوقف لأنه لا دليل عليه ثم قوى بطلانه في حق من لا يصح الوقف عليه كنفسه وعبده وأم ولده وصححه في حق الباقين قال لأنا نقول بتفريق الصفقة
433

وقال في الخلاف إذا وقف على من لا يصح الوقف عليه مثل عبد أو حمل أو لم يوجد أو رجل مجهول وما أشبهه ثم بعد ذلك على أولاده الموجودين في الحال وبعدهم على الفقراء
والمساكين بطل الوقف فيما بدا بذكره فإنه لا يصح الوقف عليهم والاخر يصح فإذا بطل في حق من لا يصح الوقف عليه صح فيمن يصح الوقف عليه لأنه لا دليل على ابطاله
ولا مانع يمنع منه وللشافعي في منقطع الأول اختلاف قول فقال في موضع الوقف جميعه باطل وقال في مؤبده قولين أحدهما انه باطل والثاني انه يصح فيما يجوز
فيه دون ابتداء قال أصحابه هذان القولان مبنيان على تفريق الصفقة إذا باع ما يملك وما لا يملك وقال بعضهم فيه طريقان أحدهما انه على القولين في منقطع
الأخر قال بعضهم وهما مبنيان على أن البطن الثاني ممن يتلقون ان قلنا من البطن الأول لم يصح لان الأول إذا لم يثبت له شئ استحال التلقي منه وان قلنا
من الواقف فهو على الخلاف في تفريق الصفقة والثاني القطع بالبطلان والفرق بينه وبين منقطع الأخر ان منقطع الأول وجد مستحقا وابتداء صحيحا
يبني الأخر عليه بخلاف العكس ولهذا يقال في منقطع الأول قولان مترتبان على القولين في منقطع الأخر وهو إلى؟ بالبطلان لان وضع الوقف على أن يدوم وليس
في منقطع الأول الا ان مصرفه منتظر وسواء أثبتوا الخلاف في المسألة أو لم يثبتوا فالظاهر عندهم البطلان وهو منصوص الشافعي والثاني يقال إنه مخرج من منقطع الأخر
ويقال انه منصوص أيضا والأقوى عندي البطلان والا لزم صحة الوقف مع انتفاء موقوف عليه أو وقوع الوقف المعلق على شرط أو صفة أو عدم جريان الوقف
على حسب ما شرطه الواقف واللازم باقسامه باطل وهو ظاهر وبيان الشرطية انه حالة الوقف إما ان يكون هناك موقوف عليه أو لا والثاني أحد الأقسام والأول إما ان
يحكم بأنه وقف على من لا يصح الوقف عليه وهو باطل بالاجماع أو على من يصح الوقف عليه فاما ان يحكم بالوقف عليه من حين العقد وذلك يخالف لما شرطه الواقف
لأنه انما جعله وقفا على البطن الثاني في حال انقراض العبد أو بعد انقراض العبد وهو قول بصحة الوقف المعلق على الشرط مسألة إذا قلنا ببطلان الوقف المنقطع في الابتداء
كما اخترناه فلا بحث ويكون باقيا على ملك الواقف وان قلنا بصحة كما هو اختيار الشيخ ره فهل تصرف منفعة الوقف إلى من صح في حقهم في الحال أم لا قال الشيخ في المبسوط ينظر
فإن كان الذي بطل الوقف في حقه لا يصح انقراضه مثل ان يقف أولا على مجهول أو ميت فإنه يكون في الحال لمن يصح الوقف في حقهم ويكون الأول بمنزلة المعدوم الذي
لم يذكر في الوقف لان وجود المجهول كعدمه لأنا إذا صححنا الوقف مع ذكره فقد ألغيناه وإن كان الموقوف عليه أولا يمكن اعتبار انقراضه كالعبد قال بعضهم يصرف إليهم في
الحال لأنه لا مستحق غيرهم وهو الصحيح ومنهم من قال لا يصرف إليهم في الحال لأنه انما جعل منفعة الوقف لهم بشرط انقراض من قبلهم والشرط لم يوجد فيصرف إلى الفقراء والمساكين مدة بقاء الموقوف عليه أولا ثم إذا انقرض رجعت
إليهم وقالت الشافعية على تقدير القول بصحة الوقف ينظر فإن كان الموقوف عليه أولا يصح اعتبار انقراضه فلا يمكن انتظار ما ذكره مثل ان يوقفه أولا على مجهول
أو ميت أو على ولده ولا ولد له ثم على الفقراء فإنه يكون في الحال للبطن الثاني لان وجود المجهول كعدمه لأنا إذا صححنا الوقف مع ذكره فقد ألغيناه واما إن كان
ممن يمكن انتظار ما ذكره إما انقراضا يمكن اعتبار انقراضه كأم ولده ثم على الفقراء واما حصولا كما لو قال وقفت على من سيولد لي فلمن تكون غلة الوقف قبل انقراضه وقبل
الولادة فيه ثلاثة أوجه أحدهما انه يرجع إلى الواقف أو إلى وارثه ثم البطن الثاني لأنه لا يمكن ان يكون للثاني لأنه جعله لهم بعد انقراض الأول ولا يكون للأول لأنه لم
يصح له فلم يكن أولي من الواقف وعلى هذا ففي ثبوت الوقف وجهان أحدهما يثبت لأنه نجره؟ لكن يتأخر الاستحقاق والثاني لا يثبت بل هو ملك وسبيله سبيل المعلق عتقه على
صفة والوجه الثاني أنه يكون للبطن الثاني في الحال لان البطن الأول لم يصح الوقف عليه فيسقط ذكرهم كما لو كان الموقوف عليه أولا مجهولا والثالث انه يرجع إلى قرابة
الواقف كما قلنا في منقطع الانتهاء وهل يعتبر فيه الفقر قولان ويقدم الأقرب فالأقرب على ما مضى ولهم وجه رابع أنه يكون للمصالح العامة والأول بعيد عندهم لأنا
إذا جعلناه وقفا وجعلنا غلته للواقف فقد جعلنا له ان يقف على نفسه وان عاد إليه طلقا فقد أفسدنا وان قلنا يصير وقفا في الثاني فقد جعلنا ابتداء الوقف متعلق
بالشرط وهذا كله ممتنع قالوا والأقيس هو الثالث وكذا الحكم لو وقف على معين ثم على الفقراء فرده على ذلك المعين فإنه يصير منقطع الابتداء مسألة الوقف
الذي لا خلاف في صحته ما كان معلوم الابتداء والانتهاء غير منقطع فيهما ولا في الوسط مثل ان يقف على الفقراء والمساكين أو على طائفة لا يجوز بحكم العادة انقراضهم
واما إن كان غير معلوم الانتهاء مثل ان يقف على قوم يجوز انقراضهم بحكم العادة ولم يجعل آخره للمساكين ولا جهة غير منقطعة فان الوقف يصح عند بعضهم دون بعض
على ما تقدم من الخلاف وإن كان معلوم الانتهاء غير معلوم الابتداء فقد تقدم الخلاف فيه أيضا وإن كان منقطع الابتداء مثل ان يقفه على من لا يجوز الوقف عليه كنفسه
أو أم ولده أو عبده أو كنيسة أو مجهول فإن لم يذكر له ما لا يجوز الوقف عليه فالوقف باطل وكذا ان جعل ماله مما لا يجوز الوقف عليه لأنه أخل بأحد شرطي الوقف فيبطل كما لو وقف مالا
يجوز وقفه وان جعل له مالا يجوز الوقف عليه مثل ان يقفه على عبده ثم على المساكين فقولان تقدما ولو كان الوقف صحيح الطرفين ومنقطع الوسط مثل ان يقف على
ولده ثم على عبيدهم ثم على الفقراء خرج في صحة الوقف وجهان كمنقطع الانتهاء ثم ينظر فيمن لا يجوز الوقف عليه فإن لم يمكن اعتبار انقراضه ألغيناه إذا قلنا بالصحة وان أمكن اعتبار انقراضه
فهل يعتبر أو يلقى وجهان سبقا مرتبان على منقطع الأخر ان صححناه فهذا أولي والا فوجهان ويصرف عند توسط الانقطاع إلى أقرب الناس إلى الواقف أو إلى المساكين
أو إلى المصالح أو إلى الجهة العامة على الخلاف السابق وإن كان منقطع الطرفين صحيح الوسط كرجل وقف على عبده ثم على أولاده ثم على الكنيسة خرج في صحته أيضا وجهان
ومصرفه بعد من يجوز مصرف الوقف المنقطع ولا خلاف في أن الوقف إذا كان منقطع الابتداء والانتهاء والوسط يكون باطلا كما أنه لا خلاف في صحته مع اتصال الثلاثة
مسألة لو قال هذا وقف على ولدي سنة ثم على المساكين صح اجماعا وكذا لو قال هذا وقف على ولدي مدة حياتي ثم هو بعد موتى للمساكين صح اجماعا لأنه وقف متصل
الابتداء والانتهاء والوسط ولو وقف على من لم ينقرض غالبا ثم على من ينقرض واقتصر فان وقت الأول كان حكمه حكم منقطع الانتهاء وفي صحته قولان سبقا مثل أن يقول
هذا وقف على المساكين سنة أو عشر سنين ثم هو وقف على أولادي ولم يذكر المصرف بعد أولاده ففيه ما تقدم من الخلاف في منقطع الانتهاء أو لا ينصرف بعد أولاده
إلى الفقراء كما كان وان لم يكن موقتا مثل أن يقول هذا وقف على المساكين ثم من بعد انقراضهم يكون وقفا على ولدي كان وقفا على المساكين ولغا قوله على أولادي لان
المساكين لا يمكن انقراضهم فان فرض صح الوقف على أولاده بعد انقراضهم ولو علق انتهاء وقفه على شرط نحو قوله داري هذه وقف إلى سنة أو إلى أن يقدم الحاج في صحته
وجهان تقدما المطلب الثالث في الالزام مسألة يشترط في الوقف الالزام فلا يقع لو شرط الخيار فيه لنفسه ويكون الوقف باطلا كالعتق والصدقة
وكذا لو قال وقفت بشرط ان أبيعه أو ارجع فيه متى شئت لان الوقف إزالة ملك إلى الله تعالى كالعتق أو الموقوف عليه كالبيع والهبة وعلى التقديرين فهذا الشرط مفسد
وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم ان العتق لا يفسد ويفسد الوقف وفرق بينهما بان العتق مبني على الغلبة والسراية ولو شرط عودة إليه عند حاجة صح الشرط
وبطل الوقف وصار حبسا يعود فيه مع الحاجة ويورث وقال ابن إدريس يبطل الوقف وقال بعض الشافعية يحتمل ان يبطل الشرط ويصح أصل الوقف ولو وقف على
434

شخص معين وشرط ان يرجع إليه إذا مات ذلك الشخص بطل الوقف مع احتمال صحته حبسا ومذهب الشافعية البطلان مع أنهم نقلوا عن الشافعي قولين هذا أحدهما والثاني
الصحة اخذا من مسألة العمرى حيث جعلها لمن اعمرها في حياته وبعد موته وأزال؟ ملك المعمر وأبطل شرطه وقال السيد المرتضى من علمائنا مما انفردت الامامية القول
بان من وقف وقفا جاز ان يشرط انه ان احتاج إليه في حال حياته كان له بيعه والانتفاع بثمنه وقال المفيد متى اشترط الواقف في الوقف انه ان احتاج إليه في حياته لفقر كان له بيعه
وصرف ثمنه في مصالحه وللشيخ قولان ففي النهاية انه إذا شرط الواقف انه متى احتاج إلى شئ منه كان له بيعه والتصرف فيه كان الشرط صحيحا وكان له ان يفعل ما شرط
الا انه إذا مات والحال ما ذكرناه رجع ميراثا ولم يمض الوقف وفي المبسوط إذا شرط في الوقف ان يبيعه اي وقت شاء كان الوقف باطلا؟ لأنه خلاف مقتضاه لان الوقف لا يباع وقال سلار إذا شرط رجوعه
فيه عند فقره كان له ذلك إذا افتقر وقال ابن الجنيد إذا شرط ان له الرجوع فيما وقف وبيعه لم يصح الوقف وقال بعض العامة ان شرط ان يبيعه متى شاء أو يهبه أو يرجع فيه لم يصح
الشرط ولا الوقف لأنه مناف لمقتضى الوقف ويحتمل ان يفسد الشرط ويصح الوقف بناء على الشرط الفاسد في البيع فان شرط الخيار في الوقف فسد قاله احمد وكذا إذا شرط بيع
الوقف متى شاء لم يصح الوقف وبه قال الشافعي وقال أبو يوسف في روايته عنه يصح لان الوقف تمليك المنافع فجاز شرط الخيار كالإجارة واحتج الأولون بأنه شرط ما ينافي
العقد فلم يصح كما لو شرط له بيعه متى شاء ولأنه إزالة ملك إلى الله تعالى فلا يصح اشتراط الخيار فيه كالعتق ولأنه ليس بعقد معاوضة فلم يصح اشتراط الخيار فيه كالهبة ولأنه
إزالة ملك في أحد القولين وفي الأخر تمليك فإذا شرط ابطال ذلك لم يجز كما لو شرط في العتق والبيع ومنعوا من دخوله في الإجارة على أن الخيار إذا دخل في العقود وقفت احكام
العقد على انقضائه وهنا يبقى الشرط مع حصول احكامه فافترقا والوجه ما قدمناه أنه يكون حبسا يرجع إلى ورثة الواقف بعد موته لما رواه إسماعيل بن الفضل انه سأل
الصادق (ع) عن الرجل يتصدق ببعض ماله في حياته في كل وجه من وجوه الخير قال إن احتجت إلى شئ من المال فانا أحق به ترى ذلك له وقد جعله لله يكون له في حياته فإذا هلك
الرجل يرجع ميراثا وتمضي صدقته قال يرجع ميراثا مسألة اختلف القايلون من علمائنا بصحة هذا الشرط في الوقف فقال الشيخ ره إذا مات الواقف يبطل الوقف ويكون
حكمه حكم الحبس للرواية السابقة عن إسماعيل بن الفضل عن الصادق (ع) وكلام السيد ره يعطي جواز هذا الشرط وانه يعمل بمقتضاه فان رجع الواقف في وقفه بطل الوقف عملا
بالشرط وان مات قبل الرجوع كان على حاله لان السيد ره ادعى الاجماع على ما نقلناه عنه في المسألة السابقة واحتج بان كون الشئ وقفا تابع لاختيار الواقف وما يشترط
فيه فإذا شرط لنفسه ما ذكرناه كان كساير ما شرطه ثم اعترض على نفسه بان هذا شرط يناقض كونه وقفا بخلاف غيره من الشروط وأجاب بعدم المناقضة لأنه متى لم يختر الرجوع
يكون ماضيا على مثله وإذا مات قبل العود نفذ أيضا نفوذا تاما وهذا حكم ما كان مستفادا قبل عقد الوقف فكيف يكون ذلك نفضا لحكمه وقد بينا ان حكمه باق ولا يجوز
قياس الوقف على العتق لبطلان القياس عندنا وللفرق فان العتق لا يصح دخول شرط من الشروط فيه والوقف
يدخله الشرط كقوله هذا وقف على فلان فان مات فعلى فلان
وإذا صح دخول الشروط فيه صح دخول هذا الشرط ثم اعترض فقال فان قيل إن أبا علي بن الجنيد قد خالف فيما ذكرتموه وذكر انه لا يجوز للواقف ان يشرط لنفسه بيعه له على
وجه من الوجوه وكذلك فيمن هو وقف عليه انه لا يجوز له ان يبيعه ثم أجاب بأنه لا اعتبار بقول ابن الجنيد وقد تقدمه اجماع الطائفة وتأخر أيضا وربما عول في ذلك على
مظنون وحسبات؟ واخبار شاذة لا يلتفت إلى مثلها وابن إدريس من علمائنا عد من شرائط صحة الوقف ان لا يدخله خيار الواقف في الرجوع فيه مسألة
لو شرط في الوقف اخراج من يريد من أرباب الوقف بطل الوقف ولو شرط ادخال من سيولد مع الموقوف عليهم جاز سواء وقف على أولاده أو على غيرهم وقالت الشافعية
لو وقف وشرط لنفسه ان يحرم من شاء ويزيد من شاء أو يقدم أو يؤخر ففي صحة شرطه وجهان أصحهما المنع لان وضع الوقف على اللزوم وإذا كان الموقوف عليه بمعرض السقوط
فلا لزوم والثاني انه يصح كما لو شرط صرف الربع مدة إلى هذا ومدة إلى هذا وموضع الوجهين ما إذا ذكر الشرط في متن العقد إما إذا اطلق ثم أراد ان يغير ما ذكره إما
باخراج أو بادخال مستحق اخر وتقديم مؤخر أو تأخير مقدم لم يكن له ذلك قالوا ولو قلنا بصحة شرطه لنفسه فلو شرط لغيره فوجهان أصحهما الفساد وان أفسدناه ففي فساد
الوقف به خلاف مبني على أن الوقف كالعتق والظاهر عندهم بطلان الوقف والشرط في ذلك كله وذكر بعضهم ذلك على ثلاث مراتب الأول أن يقول وقفت بشرط ان أرجع متى شئت
أو أحرم المستحق أو أحول الحق إلى غيره متى شئت فهو فاسد الثاني أن يقول بشرط ان غير مقادير الاستحقاق بحكم المصلحة وهو جايز الثالث أن يقول أبقى أصل الوقف
أو غير تفضيله فوجهان مسألة كلما شرطه الواقف في وقفه من الشروط السايغة في نظر الشرع ولا ينافي الوقف يلزم متابعته لقول العسكري عليه السلام الوقوف
على حسب ما يوقفها أهلها وانما يلزم الشرط إذا ذكر في متن العقد فلو شرط شرطا بعد نفوذ العقد وتمامه وانفصاله أو شرط قبل العقد كان لغوا إذا عرفت هذا فلو شرط
الواقف ان لا يوجر الوقف صح الوقف والشرط عملا بالشرط الصايغ غير المنافي المقتضي العقد وهو أحد وجوه الشافعية كساير الشروط لما فيه من وجوه المصلحة والثاني
المنع لأنه يتضمن الحجر على مستحق المنفعة الثالث الفرق بين ان يمنع مطلقا فلا يتبع أو الزيادة على سنة فيتبع لأنه لا يقال بمصلحة الوقف وهذا يتفرع على أن مدة الإجارة
في الوقف لا يتقدر كمدة اجارة الملك على أصح القولين عندهم وإذا أفسدنا الشرط فالقياس عندهم فساد الوقف به الا ان بعضهم قال إذا شرط ان لا يوجر أكثر
من سنة لم؟ يخالف وفيه وجه اخر انه لو كان الصلاح في الزيادة زيد وهذا قول بالصحة مع فساد الشرط مسألة لو جعل داره مسجدا أو ارضه مقبرة أو بنا مدرسة
أو رباطا فلكل أحد ان يصلي ويعتكف في المسجد ويدفن في المقبرة ويسكن في المدرسة بشرط الأهلية وينزل الرباط ولا فرق فيه بين الواقف وغيره ولو شرط في الوقف
اختصاص المسجد بأصحاب الحديث أو الرأي أو بطائفة معلومة فالأقوى الجواز عملا بمقتضى الشرط وهو أحد وجهي الشافعية المفتي به عندهم رعاية لشرط الواقف
وقطعا للنزاع في إقامة الشعاير والثاني بطلان الشرط لان جعل البقعة مسجدا كالتحرير فلا معنى لاختصاصه بجماعة وعلى هذا فيفسد الوقف بفساد الشرط ثم هذا الخلاف
بينهم فيما إذا وقف دارا على أن يصلي فيها أصحاب الحديث فإذا انقرضوا فعلى عامة المسلمين إما إذا لم يتعرض فقد ترددوا فيه ولو شرط في المدرسة والرباط في صلب العقد
الاختصاص اتبع شرطه ولو شرط في المقبرة الاختصاص بالغرباء أو بجماعة مخصوصين جاز ولزم وعندهم الوجه ان يترتب على تخصيص المسجد ان قلنا يختص بالمقبرة
أولي والا فوجهان لترددها بين المسجد والمدرسة والثاني عندهم أظهر فان المقابر للأموات كالمساكن للاحياء المطلب الرابع في بيان المصرف مسألة
لابد في عقد الوقف من بيان المصرف فلو قال وقفت هذا ولم يذكر على من أو قال تصدقت بهذا صدقة محرمة لم يصح الوقف عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعي
لان الوقف تمليك وهو إما للاعيان والمنافع أو للمنافع فلا بد من مالك كالبيع والهبة فإنه لو قال بعت داري بكذا أو وهبتها ولم يذكر المصرف بطلا ولأنه لو وقف على
مجهول مثل أن يقول وقفت على جماعة بطل فإذا اطلق كان أولي لأن علة البطلان في مجهول الصرف الجهالة وهي متحققة مع عدم ذكر المصرف مع زيادة سبب
البطلان والثاني يصح لان الغرض في الوقف الصدقة والقربة فصح مطلقا كالهدي وكذا لو قال وصيت بثلثي وأطلق صح وكان للفقراء والمساكين وكذا هنا كما لو قال لله علي
435

ان أتصدق بكذا أو اهدى هديا ولم يبين المصرف ونمنع كون مطلق القربة هو الغاية في الوقف والغرض منه بل يجوز ان يكون خصوصيات القرب غايات وأغراضا في الوقف
ونمنع الحكم في الوصية ونوجب تعيين الموصى له إما بوصف عام أو مخصص والهدي والصدقة العامة فيهما معلومة فكان الاطلاق منصرفا إليه وعلى القول بصحة
الوقف ففي مصرفه الخلاف المذكور في منقطع الأخر إذا صححناه وقال بعضهم يصرفه المتولي إلى ما يراه من وجوه البر كعمارة المساجد والقناطر وسد (الثغوزوبين)؟
الموتى وغيرها مسألة إذا وقف على شخصين ثم على الفقراء فمات أحدهما فالأقرب صرف نصيبه إلى الحي فإذا مات الأخر صرف الجميع إلى الفقراء لان شرط الانتقال
إلى المساكين انقراضهما جميعا ولم يوجد وإذا امتنع الصرف إليهم فالصرف إلى من ذكره الواقف أولي به ويحتمل ان لا يصرف إلى صاحبه ولا إلى المساكين ويكون الوقف في نصيب الميت منقطع
الوسط وللشافعية وجهان كهذين وثالث وهو ان يكون نصيب الميت للفقراء كما أن نصيبهما إذا انقرضا للفقراء ولو وقف على شخصين وسكت عن المصرف إليه بعدهما
فان قلنا ببطلان الوقف فلا بحث وان قلنا بصحة الوقف المنقطع الأخر لو مات أحدهما فنصيبه للاخر وهو أحد وجهي الشافعية والثاني أنه يكون حكمه حكم نصيبهما إذا ماتا مسألة
لو وقف على بطون متعددة متعاقبة فرده البطن الثاني وقلنا انه يرتد بردهم فإنه يكون وقفا منقطع الوسط وفيه ما تقدم من الاختلاف الواقف بين الفقهاء ويحتمل
ان يصرف إلى البطن الثالث ويقدر البطن الثاني معدوما البحث الثالث في الاحكام وفيه مطلبان الأول فيما يتعلق بالألفاظ مسألة
قد بينا ان شرايط الواقف التي شرطها في متن العقد معتبرة لا يجوز تغييرها وتبديلها ويمضي الوقف بحسب ما يقتضيه تلك الألفاظ إذا لم تكن منافية للشرع ولا
لمقتضي الوقف لما روى من وقف النبي صلى الله عليه وآله ووقف أهل البيت ووقف جماعة من الصحابة وروى العامة عن عمر بن الخطاب انه وقف وشرط الاحتياج على من وليها ان يأكل
منها بالمعروف وان تليها حفصة في حياتها فإذا ماتت فذو الرأي من أهلها ووقفت فاطمة (ع) لنساء رسول الله صلى الله عليه وآله ولفقراء بني هاشم وبني المطلب ومن طريق الخاصة ما رواه ربعي بن
عبد الله عن الصادق (ع) قال تصدق أمير المؤمنين عليه السلام بدرا له بالمدينة في بني زريق فكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بي أبي طالب وهو حي سوى تصدق بداره التي
في بني زريق صدقة لا تباع ولا توهب حتى يرث إليه الذي يرث السماوات والأرض واسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن وعاش عقبهن فإذا انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين
ولقول العسكري (ع) الوقف على حسب ما يوقفها أهلها وهو نص في الباب إذا ثبت هذا فيجب مراعاة ما يدل عليه لفظ الواقف فيما يقتضي الجمع أو الترتيب أو هما معا فيعمل بمقتضاه
وإذا قال وقفت على أولادي وأولاد أولادي فلا ترتيب هنا لعدم ما يدل عليه لان الواو للجمع المطلق من غير ترتيب ويستوي البطن الأول والثاني ومن بعدهم في الاستحقاق
فكل من تجدد من البطون يشارك من سبقه إذا كان موجودا ولا فرق بين أن يقول من تناسلوا وتعاقبوا أو بطنا من بعد بطن أو لا تقول ذلك ويحمل على التعميم في الجميع وهو
الأشهر من قولي الشافعية وقال بعضهم ان قوله بطنا بعد بطن يقتضي الترتيب ولو أتى بما يدل على الترتيب كالفاء وثم حكم بالترتيب مثل أن يقول وقفت هذا على أولادي
ثم على أولاد أولادي ثم على أولاد أولاد أولادي ما تعاقبوا وتناسلوا بطنا بعد بطن أو وقفت على أولادي فأولاد أولادي وهكذا ولا يصرف إلى البطن الثاني ولا البطن الثالث شئ مع وجود واحد
من البطن الأول فإذا انقرض الأول بأجمعهم انتقل الوقف إلى البطن الثاني لا يشاركهم واحد من البطن الثالث ولو بقى واحد من البطن الثاني بل إذا انقرض البطن الثاني
بأسرهم اختص بالبطن الثالث هكذا هذا هو المشهور بين الشافعية لكن بعضهم قال إذا مات واحد من البطن الأول ان الخلاف في نصيبه كالخلاف المذكور فيما إذا وقف على شخصين
أو جماعة ثم على المسكين فمات واحد إلى من يصرف نصيبه وفيه وجهان كالوجهين هناك لكنه قال إن أحد الوجهين ان نصيب الميت لصاحبه والثاني انه لأقرب الناس إلى الواقف
مسألة لو قال وقفت على أولادي وأولاد أولادي الاعلى فالأعلى أو الأقرب فالأقرب أو الأول فالأول فهو للترتيب ولو قال على أولادي وأولاد أولادي على أن يبدأ
بالأعلى منهم أو على أن لا حق لبطن وهناك من فوقهم فهو للترتيب أيضا ولو قال فمن مات من أولادي فنصيبه لولده اتبع شرطه ولو قال على أولادي ثم على أولاد أولادي
وأولاد أولاد أولادي اجتمع فيه الترتيب بين البطن الأول والبطن الثاني والجمع بين البطن الثاني والبطن الثالث فلا يأخذ البطن الثاني شيئا مع وجود واحد من البطن الأول قضية
للترتيب بينهما فإذا انقرض البطن الأول كان للثاني وإن كان واحد من البطن الثالث موجودا شاركهم وكذا لو كانوا جماعة ولا يفضل الثاني على الثالث قضية للتشريك
بينهما ولا يشارك البطن الثالث البطن الأول لمساواتهم البطن الثاني المرجوح بالنسبة إلى البطن الأول فيكون مساويا في المرجوحية ولو قال على أولادي وأولاد أولادي
ثم على أولاد أولاد أولادي فقد جمع بين البطن الأول والثاني وشارك في الاستحقاق بينهم فلا ينفرد البطن الأول بشئ مع وجود البطن الثاني بل يتشاركان بالسوية فيأخذ
الواحد من البطن الثاني مثل ما يأخذ الواحد من البطن الأول ورتب بين البطن الثاني والثالث فلا يأخذ واحد من البطن الثالث شيئا مع وجود واحد من البطن الثاني
ولا من البطن الأول شيئا قطعا وكذا في كل متعدد يشبه ذلك مثل ان نقول وقفت على زيد ثم على عمرو وخالد أو يقول وقفت على زيد وعمرو ثم خالد ولو قال وقفت على
زيد وعمرو ثم على خالد وبكر فقد شرك بين البطن الأول والثاني وشرك بين البطن الثالث والرابع فيشترك الأول والثاني ولا يشاركهما الثالث ولا الرابع فإذا انقرض زيد وعمرو
معا اشترك خالد وبكر ولو قال وقفت على زيد وعمرو وخالد ثم على بكر ثم على جعفر فقد شرك بين الثلاثة الأول ورتب عليهم الرابع ورتب بين الرابع والخامس وعلى هذا القياس
ولو قال على أولادي وأولاد أولادي ومن مات منهم فنصيبه لأولاده فإذا مات واحد كان نصيبه لأولاده خاصة ويشاركون الباقين فميا عدا نصيب أبيهم ولا
يشاركهم الباقون في نصيب أبيهم ولو قال وقفت على أولادي وأولاد أولادي وهكذا الأسفل فالأسفل فان
وجدت بطون متعددة اخذ الأسفل ولا يأخذ من فوقه حتى ينقرض الأسفل ثم يأخذ من هو أعلى فإن كان بعد الأسفل أعلى وأسفل اخذ الأسفل منهما ثم لا يأخذ الاعلى
الا بعد انقراض الأسفل فإذا فرض ثلاث بطون اخذ الثالث أولا فان انقرضوا أو لم يتجدد رابع اخذ الثاني فان تجدد الثاني أولاد منعوا ابائهم وكانوا أحق مسألة
إذا وقف على أولاده ثم على الفقراء اختص الوقف بالبطن الأول ثم ينتقل من بعدهم إلى الفقراء ولا يكون لأولاد الأولاد شئ ء فيه ولو قال وقفت على أولاد ثم على أولاد
أولادي ثم على الفقراء اختص بالبطنين الأولين ثم ينتقل من بعدهم إلى الفقراء ولا يكون لأولاد أولاد الأولاد شئ هذا مع التجرد عن القراين الصارفة المقتضية لعدم
الاختصاص أو الموجبة له فالقراين الدالة على اختصاص البطن الأول أن يقول وقفت على ولدي لصلبي أو الذين يلوني أو يقول وقفت علي أولادي فإذا انقرضوا فلأحفادي
الثلث والباقي للفقراء ونحوه فهذا يختص بالطبن الأول وهم أولاده لصلبه خاصة ثم ينتقل بعدهم إلى الفقراء والقراين الدالة على التشريك مثل أن يقول وقفت على
ولد فلان وهم قبيلة ليس فيهم ولد صلبه أو قال على أولادي ولا ولد له من صلبه أو قال يفضل ولد الأكبر أو الأعلم على غيرهم أو قال فإذا خلت الأرض عن عقبى عاد إلى المساكين
أو قال على ولدي غير ولد البنات أو غير ولد فلان أو قال يفضل البطن الاعلى على الثاني أو قال الاعلى فالأعلى وأشباه ذلك فإنه يقتضي صرف لفظه إلى جميع نسله وعقبه
ما تعاقبوا أو تناسلوا وان تجرد عن القراين كلها حمل على البطن الأول وهو قول الشيخ وأصح وجهي الشافعية لان الولد يقع حقيقة على الولد الصلبي ولهذا يصح سلبه
436

عن ولد الولد دون ولد الصلب فيقال هذا ليس ولده وانما هو ولد ولده ولو كان حقيقة فيه لم يصح سلبه عنه والأصل فيه ان الولد هو المتكون من النطفة المتولد منها
وقال جماعة من علمائنا انه إذا وقف على أولاده دخل فيه أولاد أولاده وأولاد أولاد أولاده وهكذا ما تعاقبوا وتناسلوا وكذا إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده اشترك فيه
البطون المتعاقبة المتنازلة وهو أحد قولي الشافعية لقوله تعالى يا بني ادم وقوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ولا شك في دخول أولاد الأولاد فيه وان سفلوا
ولقوله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد ويتناول ولد الولد اجماعا وقوله تعالى حرمت عليكم أولادكم وبناتكم ويدخل فيه بنت البنت وكذا كل موضع
ذكر الله تعالى فيه الولد دخل فيه ولذا ولد الولد فالمطلق من كلام الآدمي إذا خلا عن قرينة ينبغي ان يحمل على المطلق من كلام الله تعالى ويفسر بما يفسر به وقد خاطب الله تعالى يا بني آدم
يا بني إسرائيل وقال (ع) ارموا بني إسماعيل فان ابائكم كان راميا وقال يخرج بني النضر بن كنانة وقال (ع) عن الحسن والحسين عليهما السلام هذان ابناي امامان قاما أو قعدا
وبال الحسين (ع) وهو صغير في حجر النبي صلى الله عليه وآله فهموا بأخذه فقال لا ترزموا على ابني بوله يعني لا تقطعوا والجواب لا شك في الاستعمال فيما ذكرتم لكنا ندعي انه مجاز والا لزم الاشتراك
والمجاز وإن كان على خلاف الأصل لكنه أرجح عن الاشتراك مسألة إذا وقف على أولاده اشترك فيه البنون والبنات لصدق اسم الولد على كل منهما حقيقة وكذا
لو وقف على اخوته اشترك فيه الذكور والإناث وكذا لو وقف على ذوي قرابته اشترك فيه الذكور والإناث والأدني والابعد لصدق اسم القرابة عليهما ويحكم بالتساوي
في القسمة الا ان يشترط ترتيبا أو اختصاصا أو تفضيلا ولو وقف على أولاد أولاده دخل فيه أولاد البنين أولاد البنات لان البنات أولاده يحكم فأولادهن أولاد أولاده حقيقة
فيجب ان يدخل في الوقف أولاد البنات كما يجب ان يدخل أولاد البنين لتناول اللفظ لهم وكذا لو قال وقفت على أولادي وعقبهم ونسلهم وذريتهم ولقوله تعالى ونوحا هدينا
من قبل ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله وعيسى ثم قال تعالى أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا وعيسى (ع)
منهم وقال النبي صلى الله عليه وآله منهم للحسن ان ابني هذا سيد وهو ولد ابنته فاطمة (ع) ولما قال تعالى وحلائل أبنائكم دخل في التحريم حلائل أبناء البنات ولما حرم الله تعالى البنات دخل في
التحريم بناتهن وبه قال الشافعي ومالك وأبو يوسف وقال عيسى بن ابان لا يدخل؟ والبنت وكان قاضيا على البصرة فاخرج أولاد البنت من الوقف الذي وقفه بعضهم على
أولاده وأولاد أولاده وبلغ ذلك أبا حارثة ببغداد فقال أصاب لان محمدا قال لو اخذ الأمان لولده وولد ولده دخل فيه أولاد البنين دون أولاد البنات لان أولاد البنات
لا ينتسبون إليه فلا يدخلوا في اطلاق اسم أولاد الأولاد ولهذا قال الشاعر بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد ولأنه لو وقف على ولد رجل وقد صاروا
قبيلة دخل فيه بنو البنين دون ولد البنات اتفاقا فكذا إذا وقف عليهم في حياته (وقول ان أبان)؟ خطا وفعله غلط لان البنت من الأولاد حقيقة وعرفا وولدها ولد بالضرورة وقول محمد بن الحسن ليس حجة ولا نسلم عدم الانتساب إليه فان النسبة محققة قطعا لان سببها
التوليد والتكون من النطفة وهي محققة في المرأة والرجل فصحت النسبة قطعا ولهذا يقال ابن بنته كما يقال ابن ابنه وقول الشاعر لا عبرة به مع أن تعبد؟ الشاعر الانتساب ولو قال لمن انتسب إلى من الأولاد
كان لأولاده وأولاد البنين دون البنات وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم يدخلون أيضا لانهم منتسبون إليه كما في حق الحسن (ع) ولو قال على أولادي غير ذوي الأرحام فهو
لأولاد البنين خاصة ولو قال على ولدي فلان وفلانة وفلانة وأولادهم دخل فيه ولد البنات وكذا لو قال على أن مات منهم عن ولد فنصيبه لولده ولو قال الهاشمي وقفت
على أولادي وأولاد أولادي الهاشميين لم يدخل في الوقف من أولاد بناته من كان غير هاشمي ولو كان هاشميا دخل على الخلاف منهم من قال بالدخول لأنه اجتمع فيهم الصنفان
جميعا كونهم من أولاد أولاده وكونهم هاشميين ومنهم من قال بعدمه لانهم لم يدخلوا في مطلق أولاد أولاده فأشبه ما لو لم يقل الهاشميين وان قال على أولادي
وأولاد أولادي ممن انتسب إلى قبيلتي فكذلك ولو وقف على أولاده ولا ولد له وله أولاد أولاد صرف الوقف إليهم لان عند تعذر الحقيقة يجب الحمل على المجاز لئلا
يلغوا كلام القايل والأصل صيانته عن الالغاء ولو وقف على أولاده وأولاد أولاده ففي دخول أولاد أولاد الأولاد الخلاف وكذا ذكر ثلاث بطون ففي دخول الرابع
الخلاف مسألة إذا وقف؟ على أولاده دخل فيه البنون والبنات والخناثي المشكلون ولو وقف على البنين لم يدخل البنات ولا الخناثى ولو وقف على البنات
لم تدخل البنون ولا الخناثى وهل تدخل أولاد البنون وأولاد البنات فيه ما تقدم من الخلاف ومن الشافعية من جعل الخلاف في دخول أولاد البنين في الوقف على
الأولاد وجزم بخروج أولاد البنات وهو تحكم من غير دليل البتة ولو وقف على البنات ففي دخول بنات الأولاد وجهان ولو وقف على البنين والبنات فاصح وجهي
الشافعية دخول الخناثى مع أنهم سلموا انه لو وقف على البنين لم تدخل الخناثى ولو وقف على البنات لم تدخل الخناثى واحتجوا بأنه لا تخرج عن الصنفين والثاني المنع
لأنه لا يعد من هؤلاء ولا من هؤلاء ولو وقف على بني تميم صح عندنا وللشافعية قولان فعلى الصحة تدخل البنات منهم كما تدخل البنون لأنه يعبر عن القبيلة وهو أحد
وجهي الشافعية والثاني لا تدخل النساء كما لو وقف على بني زيد مسألة لو وقف على أولاده وأولاد غيره انصرف الوقف إلى الموجودين منهم دون الحمل الذي لم ينفصل
فلا يوقف له شئ إلى حين انفصاله ولا يستحق شيئا في الوقف قبل انفصاله لأنه لم يثبت له احكام الدنيا قبل انفصاله ولأنه يحتمل ان لا يكون حملا فلا يثبت له حكم الولد
قبل انفصاله وبه قال احمد وهو أصح وجهي الشافعية لأنه قبل الانفصال لا يسمى ولدا والثاني انه يستحق قبل انفصاله ويستحق الغلة لمدة الحمل وتوقف له إلى أن يولد
كما في الميراث واما غلة ما بعد الانفصال فإنها يستحقها وكذا الأولاد الحادث علوقهم بعد الوقف يستحقون إذا انفصلوا والمنفي باللعان لا يستحق لانقطاع
نسبه وخروجه عن أن يكون ولدا وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم يستحق وابن اللعان مقصور على الملاعن ولو قال وقفت على ذريتي أو على عقبي أو على نسلي دخل
فيه أولاد البنين والبنات قريبهم وبعيدهم وبه قال الشافعي كقوله تعالى ومن ذريته داود وسليمان إلى أن ذكر عيسى (ع) وهو ولد البنت وقال مالك واحمد لا تدخل أولاد
البنات في ذلك وليس شيئا ولو حدث حمل فالأقرب دخوله ويوقف نصيبه لأنه من نسله وعقبه لا محالة وبه قال بعض الشافعية مسألة لو كان له ثلاثة
بنين فقال وقفت على ولدي فلان وفلان وعلى ولد ولدي الثالث فليس للثالث شئ لعدم اندراجه في المسميين ولا مناقاة بين الوقف على أولاد أولاده
وحرمان الولد وقال احمد يدخل الثالث أيضا وقال أيضا في رجل قال وقفت هذه الضيعة على ولدي فلان وفلان وعلى ولد ولدي وله ولد ولد من غير هؤلاء
انهم يشتركون في الوقف لان قوله ولدي يستغرق الجنس فيعم الجميع وقوله فلان وفلان تأكيد لبعضهم فلا يوجب اخراج الباقي لقوله تعالى من كان عدوا لله وملائكته
ورسله وجبرئل وميكال وليس بجيد لأنه ابدل بعض الولد من اللفظ المتناول للجميع فاختص بالبعض المبدل كما لو قال على ولدي فلان لان بدل البعض يوجب
اختصاص الحكم به كقوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا لما اختص المستطيع بالذكر اختص الوجوب به ولو قال ضربت زيدا رأسه ورأيت
زيدا وجهه اختص الضرب بالرأس والرؤية بالوجوه باجماع النحاة وفيه قوله تعالى ويجعل الخبيث بعضه على بعض وقوله القائل طرحت الدراهم بعضها فوق بعض
فان الفوقية يختص بالبعض مع عموم اللفظ الأول كذا هنا بخلاف العطف فان عطف الخاص على العام يقتضي تأكيده لا تخصيصه مسألة إذا وقف على أولاده
437

وهم ثلاثة على أن من مات من فلان وفلان وأولادهم عن ولد فنصيبه لولده؟ وان مات فلان فنصيبه لأهل الوقف ابتع ما شرطه وكذا لو كان له بنون وبنات وأوقف عليهم وقال في وقفه من مات من الذكور فنصيبه لولده
ومن مات من البنات فنصيبها لأهل الوقف فهو على ما قال ولو قال هو وقفت على أولادي على أن يصرف إلى البنات منه الف والباقي للبنين لم يستحق البنون شيئا حتى
تستوفي البنات الألف لأنه جعل للبنات المسمى وجعل للبنين الفاضل عنه فكان الحكم فيه على ما قال فجعل البنات كذوي الفروض الذين سمى الله تعالى لهم فرضا وجعل
البنين كالعصبات الذين لا يستحقون الا ما فضل عن ذوي الفروض ولو قال وقفت على أولادي ثم على أولاد أولادي على أن من مات عن أولادي عن ولد فنصيبه لولده أو فنصيبه لاخوته
أو لولد ولده أو لولد أخيه أو لأخواته أو لولد أخواته فهو على ما شرط ولو قال من مات منهم عن ولد فنصيبه لولده ومن مات منهم عن غير ولد فنصيبه لأهل الوقف
وكان له ثلث بنين فمات أحدهم عن ابنين؟ انتقل نصيبه إليهما ثم مات الثاني عن غير ولد فنصيبه لأخيه وابني أخيه بالسوية لانهم هل الوقف ثم مات أحد بني الابن
عن غير ولد انتقل نصيبه إلى أخيه وعمة لأنهما أهل الوقف ولو مات أحد البنين الثلاثة عن غير ولد وخلف اخويه وابني أخ فنصيبه لأخويه دون ابني أخيه لأنهما ليسا من
أهل الوقف ما دام أبوهما حيا فإذا مات أبوهما صار نصيبه لهما فإذا مات الثالث كان نصيبه لابني أخيه بالسوية ان لم يخلف ولدا فان خلف ابنا واحدا فله نصيب أبيه
وهو النصف ولا بني عمه النصف لكل واحد الربع ولو قال من مات منهم عن غير ولد كان ما كان جاريا عليه جاريا على من هو في درجته فإن كان الوقف مرتبا بطنا بعد بطن كان نصيب
الميت عن غير ولد لأهل البطن الذي هو منه وإن كان مشتركا بين البطون كلها احتمل ان يكون نصيبه بين أهل الوقف كلهم لانهم في استحقاق الوقف سواء فكانوا
في درجته من هذا الجهة ولانا لو صرفنا نصيبه إلى بعضهم افضى إلى تفضيل بعضهم على بعض والتشريك يقتضي التسوية فعلى هذا يكون وجود هذا الشرط كعدمه لأنه
لو سكت عنه كان الحكم فيه كذلك ويحتمل ان يعود نصيبه إلى ساير أهل البطن الذي هو منه لانهم في درجة في القرب إلى الجد الذي يجمعهم ويستوي في ذلك اخوته وبنو عمه وبنو
بني عمة وبنو بني عم أبيه لانهم سواء في القرب ولانا لو شركنا بين أهل الوقف كلهم في نصيبه لم يكن لهذا الشرط فايدة والظاهر أنه قصد شيئا يفيد فعلى هذا ان لم يكن في درجته
أحد بطل هذا الشرط وكان الحكم فيه كما لو لم يذكره وإن كان الوقف على البطن الأول على أن من مات منهم عن ولد انتقل نصيبه إلى ولده ومن مات عن غير ولد انتقل نصيبه إلى من في درجته ففيه للعامة ثلاثة أوجه أحدها
ان يكون نصيبه بين أهل الوقف كلهم يتساوون فيه سواء كانوا من بطن واحد أو من بطون وسواء تساوت انصباؤهم في الوقف أو اختلفت لما تقدم والثاني ان يكون
لأهل بطنه سواء كانوا من أهل الوقف أو لم يكونوا مثل ان يكون البطن الأول ثلاثة فمات أحدهم عن ابن ثم مات الثاني عن ابنين فمات أحد الابنين وترك أخاه وابن عمه وعمه
فأباعه الحي فيكون نصيبه بين أخيه وابن عمه والثالث ان يكون لأهل بطنه من أهل الوقف فيكون على هذا لأخيه وابن عمه الذي مات أبوه وإن كان في درجته في النسب من ليس من
أهل الاستحقاق بحال كرجل له أربعة بنين وقف على ثلاثة منهم على هذا الوجه المذكور وترك الرابع فمات أحد الثلاثة عن غير ولد لم يكن للرابع فيه شئ لأنه ليس من أهل
الاستحقاق فأشبه ابن عمهم مسألة قد بينا انه يجب اتباع ما شرطه الواقف في وقفه إذا لم يناف مقتضي الشرع ولا مقتضي الوقف فلو قال وقفت على أولادي فإذا
انقرض أولادي وأولاد أولادي فعلى الفقراء فهو وقف منقطع الوسط لأنه لم يجعل لأولاد الأولاد شيئا وانما جعل انقراضهم شرطا في استحقاق الفقراء وهو قول
أكثر علمائنا واكثر الشافعية وقال الباقون وان أولاد الأولاد يستحقون بعد انقراض أولاد الصلب لان اشتراط انقراضهم يشعر باثبات الاستحقاق لهم وليس بشئ
ولو وقف على بنيه الأربعة وشرط ان مات منهم وله عقب فنصيبه لعقبه ومن مات منهم ولا عقب له فينصبه لساير أرباب الوقف ثم مات أحدهم عن ابن واخر عن ابنين
وثالث عن غير عقب يجعل نصيب الثالث بين الرابع وابن الأول أو ابني الثاني بالسوية ولو قال وقفت على بني الخمسة وعلى من سيولد لي على ما افصله ثم فصل وقال
ضيعة كذا لابني فلان وحصته كذا لفلان إلى أن ذكر الخمسة ثم قال واما من سيولد لي فنصيبه ان مات من الخمسة ولا عقب له يصرف حقه إليه فمات واحد ولا عقب له
وولد للواقف ولد صرف إليه نصيب من مات من غير عقب وليس له ان يطالب شيئا اخر لقوله أولا وقفت على بني وعلى من سيولد لي فان التفصيل أخيرا بين ما أجمله
أولا مسألة لو شرط في الوقف تفصيل بعضهم على بعض أو تقديمه أو المساواة بينهم جاز واتبع شرطه ولا نعلم فيه خلافا فلو قال وقفت على أولادي وأولاد
أولادي وهكذا على أن للذكر سهمين وللأنثى سهما أو قال للذكر مثل حظ الأنثيين أو على حسب ميراثهم أو على كتاب الله تعالى كان للذكر ضعف الأنثى لان الكاظم (ع)
لما وقف ارضه قسمها للذكر مثل حظ الأنثيين وشرط ان من تزوج من النساء فلاحظ لها في هذه الصدقة حتى ترجع بغير زوج وقدمت فاطمة عليها السلام في وقفها
أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين عليهم السلام ثم الأكبر من ولدها ولو شرط في وقفه تفضيل الأنثى على الذكر أو مساواتها له صح وبالجملة يجب مراعاة شرط الواقف في
قدر ما لكل واحد وفي صفات المستحقين وفي زمان الاستحقاق ولو وقف على العلماء لم يعط غيرهم ولو شرط ان يكونوا على مذهب كذا أو شرط الفقر أو الغربة أو
الشيخوخة لزم ذلك كله ولم يجز المخالفة لما شرطه ولو وقف على انسابه الفقراء أو على بناته الأرامل فمن استغنى منهم أو تزوج منهن خرج عن الاستحقاق فلو عاد فقيرا أو طلقها
زوجها عاد الاستحقاق ولو وقف على أمهات أولاده الا من تزوج منهن فتزوجت واحدة خرجت عن الاستحقاق وان طلقت لم يعد الاستحقاق والفرق بينهن وبين بناته
إما من جهة اللفظ فإنه هناك أثبت الاستحقاق لبناته إذا كن أرامل وإذا طلقت حصل الصفة وهنا أثبت الاستحقاق لها الا ان تتزوج وهذه وان طلقت صدق عليها
انها تزوجت واما من جهة الغنى فان غرض الواقف هنا ان تفي له أمهات الأولاد ولا نحلفه عليهن غيره فمن تزوج منهن لم تكن وافية طلقت أو لم تطلق مسألة
لو وقف على أولاده وشرط ان يكون غلة السنة الأولى التي واحد وغلة السنة الثانية إلى اخر والثالثة إلى ثالث وهكذا ما بقوا ثم إذا انتقل إلى الفقراء صرف غلة السنة
الأولى من سني الانتقال إلى العلماء من الفقراء وغلة السنة الثانية إلى القراء من الفقراء وغلة السنة الثالثة إلى الفقهاء من الفقراء وهكذا ما بقوا تبع شرطه
لأنه سايغ ولو وقف على قرابته من قبل أبيه وعلى قرابته من قبل ضيعة وشرط ان يخرج منها مقدار معين إلى أجنبي صح ذلك ولم يكن لقرابته شئ حتى يستوفي صاحب
المقدار ما قدر له لان جعفر بن حيان سأل الصادق (ع) عن رجل أوقف غلة على قرابة من أبيه وقرابة من امه واوصى لرجل ولعقبه من تلك الغلة ليس بينه وبينه قرابة
بثلاثمائة كل سنة ويقسم الباقي على قرابته من أبيه ومن امه قال جايز للذي اوصى له بذلك قلت أرأيت ان لم يخرج من غلة الأرض التي اوقفها الا خمسمائة درهم فقال ليس
ان يعطى الذي اوصى له من الغلة ثلاثمائة ويقسم الباقي على قرابته من أبيه ومن امه قلت نعم قال ليس لقرابته ان يأخذوا من الغلة شيئا حتى يستوفي الموصى له ثلاثمائة درهم ثم
لهم ما يبقى بعد ذلك قلت أرأيت ان مات الذي اوصى له قال إن مات كانت الثلاثمائة لورثته يتوارثونها ما بقى أحد منهم فإذا انقطع ورثته ولم يبق واحد منهم كانت
الثلاثمائة درهم لقرابة الميت ترد إلى ما يخرج من الوقف ثم تقسم بينهم يتوارثون ذلك ما بقوا وبقت الغلة فللوارث قرابة الميت ان يبيعوا الأرض إذا احتاجوا ولم
تكفهم ما يخرج من الغلة قال نعم إذا رضوا كلهم وكان البيع خيرا لهم وأعود باعوا مسألة اسم المولى يقع على السيد الذي أعتق عبده ويقال له المولى من أعلى وعلى العبد
438

الذي أعتقه سيده ويقال له المولى من أسفل بالاشتراك فإذا وقف على مولاه وليس الا أحدهما صرف الوقف إليه ولو وجدا معا فإن كان هناك قرينة تدل على أحدهما
صرف إليه عملا بالقرينة وان انتفت القراين قال الشيخ ره ينصرف إليهما معا لان كل واحد منهما يقع عليه اسم المولى حقيقة فانصرف إليهما كولده وهو قول
أبي حنيفة واحد وجوه الشافعية وقال بعضهم ينصرف إلى المولى من فوق لأنه أقوى جنبة فإنه يرث بخلاف المولى من أسفل فإنه لا يرث ولأنه منعم عليه فكان
أولي بالمكافأة وبه قال ابن حمزة من علمائنا والوجه الثالث انه يبطل الوقف لأنه وقف على مجهول لان المولى من أسماء الأضداد لأنه يقع على المعتق والمعتق ولا يمكن حمل اللفظ
فيه على العموم وانما يحمل على العموم أسماء الأجناس كالمسلمين فلما تعذر ذلك بطل وهو المعتمد عندي لان اللفظ المشترك لا يستعمل في كلا معنييه الا بنوع من المجاز وهو يدل
على أحد المعنيين فصار بمنزلة قوله وقفت على أحد هذين وهنا وجه رابع لبعض الشافعية أنه يكون للعتيق لاطراد العادة باحسان السادة إلى العتقاء إما لو وقف
على مواليه بلفظ الجمع فإنه يندرج الموليان معا فيه مسألة إذا وقف على عترته قال ابن الأعرابي وتغلب انهم ذريته وقال العيني انهم عشيرته وللشافعية
فيه وجهان أظهرهما الثاني وقد روي ذلك عن زيد بن أرقم وابن إدريس انه للأخص ومن قومه وعشيرته استدلالا بقول تغلب وابن الأعرابي والمرجع في ذلك كله إلى
أهل اللغة ولو وقف على عشيرته كان على الخاص من قومه الذين هم أقرب الناس إليه من نسبه قاله الشيخان رحمهما الله وجماعة من علمائنا وقال بعضهم يعمل بالمعلوم
من قصده فإن لم يعرف مقصوده عمل يعرف قومه في ذلك الاطلاق وقالت الشافعية إذا قال على عشيرتي فهو كما لو قال على قرابتي ولو قال على نبيلتي أو عشيرتي قال بعض الشافعية لم يدخل فيه الا قرابة الأب ولو قال على قرابتي دخل فيه من كان مشهورا بقرابته
فان ولد له قرابة بعد الوقف دخل وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم لا يدخل فيه من حدث وهو غلط لأنه لو قال وقفت على أولادي وأولاد أولادي دخل
فيه من يحدث ولو قال وقفت هذا على أهل بيتي فهو لأقاربه من قبل الرجال والنساء ولو قال وقفت على أقرب الناس إلي فهم الأبوان والولد وان سفلوا فلا يكون لاحد
من ذوي القرابة شئ ما لم يعدم المذكرون ثم الأجداد والاخوة وان نزلوا ثم الأعمام والأخوال على ترتيب لكن يتساوون في الاستحقاق الا ان يعين التفضيل
قال الشيخ ره إذا قال وقفت على أولادي ما تعاقبوا فإذا انقرضوا فعلى أقرب الناس إلي فان الوقف على أولاده ما تناسلوا فإذا انقرضوا فاقرب الناس إليه بعد البنين
الاباء والأمهات فإن كان أبوه حيا صرف إليه وكذا إن كانت امه حية صرف إليها وان كانا حيين فإليهما فإن كان له جد وأم فالأم أقرب يصرف إليها وأبو الام وأبو الأب سواء
لأنهما في درجة واحدة في الولادة وعلى هذا فان اجتمع أخ وجد فهو بينهما فان اجتمع اخوة متفرقون كان الأخ من الأب والام أولي من غيره لان الانفراد بقرابة
يجري مجرى التقدم بدرجة فتكون الاخوة من الأب والاخوة من الام بمنزلة بني الاخوة مع الأخ ولهذا كان أولي بالميراث فإذا اجتمع أخ من الأب وابن أخ من أب وأم
قدم الأخ من الأب لان التقدم حصل في جنبيه وحصل في جنبي ابن الأخ انفراد بقرابة هو بمنزلة التقدم وهذا كما نقول في الولاء بمنزلة النسب فإذا اجتمعا قدم النسب عليه
وقال ابن حمزة من علمائنا إذا قال على أقرب الناس إلى كان من هو أولي بميراثه وهو يعطي الاعتبار بالإرث وذلك يستلزم تشارك الاخوة من الام مع الاخوة من الأبوين
مسألة لو وقف على زيد بشرط ان يسكن موضع كذا ثم من بعده على الفقراء والمساكين فهذا وقف فيه انقطاع لان ا الفقراء انما يستحقون بعد انقراضه
واستحقاقه مشروط بشرط قد يتخلف والصفة والاستثناء عقيب الجمل المعطوف بعضها على بعض يرجعان إلى الكل مثال الصفة وقفت على أولادي وأحفادي
واخوتي الا ان يفسق واحد منهم هكذا اطلقه الشافعية والجويني قيده أحدهما ان يكون العطف بالواو الجامعة واما إذا كان العطف بكلمة ثم قال يختص الصفة
والاستثناء بالجملة الأخيرة والثاني ان لا يتخلل بين الجملتين كلام طويل فان تخلل كما لو قال وقفت على أولادي على أن من مات منهم واعقب فنصيبه بين أولاده للذكر
مثل حظ الأنثيين وان لم يعقب فنصيبه للذين في درجته فان انقرضوا فهو مصروف إلى اخوتي الا ان يفسق أحدهم والاستثناء يختص بالأخيرة والصفة المتقدمة
على جميع الجمل مثل أن يقول وقفت على محاويج أولادي وأولاد أولادي واخوتي كالمتأخرة عن جميعها حتى يعتبر الحاجة في الكل ولو شرط اخراج بعضهم بصفة ورده
بصفة مثل أن يقول من تزوج من أولادي فلا شئ له فان فارق رجع حقه أو قال من سكن الوقف كان له نصيب فان تحول فلا نصيب له وان عاد عاد نصيبه أو يشرط
من خرج من مذهب إلى مذهب بطل نصيبه فان عاد إليه عاد نصيبه فان هذا كله شرط صحيح لا يقال قد جعلتم الوقف معلقا بشرط وعندكم لو قال إذا جاء رأس الشهر فقد وقفت كذا وكذا لم
يصح لأنا نقول لم يجعل فيما قلناه الشرط في أصل الوقف فان الوقف حاصل بالعقد وانما علق الاستحقاق غلته بأوصاف وشروط وذلك جايز وهذا كما في
الوكالة لو علقها بشرط لم تصح وان اطلق الوكالة وعلق التصرف فيها بشرط جاز مسألة إذا وقف على جيرانه قال الشيخان كان لم يلي داره إلى أربعين ذراعا من جميع الجهات
وهو قول أكثر علمائنا وقال بعضهم يصرف إلى من يطلق عليه اسم الجار عرفا وقال آخرون يعترف إلى من يلي داره إلى أربعين دارا والوجه الرجوع إلى العرف
الجاري بين الناس لان عادة الشارع حمل اللفظ عليه عند عدم الحقيقة الشرعية ولو وقف على قومه قال الشيخان يكون ذلك على جماعة أهل لغته من الذكور دون
الإناث وتبعهما جماعة من علمائنا وقال بعضهم يعمل بالمعلوم من قصده فإن لم يعرف مقصده عمل بعرف قومه في ذلك الاطلاق وقال سلار من يكون لجماعة أهل لغته
ولم يخصوا الذكور بالذكر وقال ابن إدريس يكون مصروفا إلى الرجال من قبيلته ممن ينطلق في العرف بأنهم أهله دون من سواهم لقوله تعالى لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا
منهم ولا نساء من نساء وقال زهير وما أدري وسوف أخال أدري أقوم خص؟ أم النساء وهذا يدل على اختصاص الذكور وعلى الاختصاص بالقرابة قول الشاعر قومي هم
قتلوا أميم أخي فإذا رميت يصبني؟ سهمي ولو وقف على أهل بيته فهم أقاربه من قبل الرجال والنساء وبه قال الشافعي ولو وقف على مستحقي الخمس قال الشيخ ره كان ذلك
على ولد أمير المؤمنين (ع) وولد العباس وجعفر وعقيل والحق أنه يكون لأولاد هاشم كافة الذكور والإناث لانهم المستحقون للخمس وهم الان أولاد أبي طالب والعباس
والحارث وأبي لهب وليس بني المطلب فيه شئ على رأى ولو وقف على العلويين فهو لأولاد علي عليه السلام الذكور والإناث وأولاد أولادهم إذا كانوا أولاد بنين دون أولاد البنات على
رأي مسألة واختلف العامة في أن الأفضل التسوية بين الذكور والأنثى لان القصد القرابة على وجه الدوام وقد استويا في القرابة أو جعل الذكر ضعف الأنثى
على حسب قسمة الله تعالى الميراث لأنه ايصال المال إليهم فينبغي ان يكون بينهم على حسب الميراث والعطية ولان الذكر في مظنة الحاجة أكثر ومن الأنثى لان كل واحد منهما في العادة
يتزوج ويكون له الولد فالذكر يجب عليه نفقة امرأته وأولاده والمرأة ينفق عليها زوجها ولا تلزمها نفقة أولادها وقد فضل الله تعالى الذكر على الأنثى في الميراث على وفق هذا
المعنى فيصح تعليله به ويتعدى إلى الوقف والى غيره من العطايا المطلب الثاني فيما يتعلق بالمعاني مسألة مقتضي الوقف الدوام في
الحال سواء اضافه إلى ما بعد الموت أو لم يضفه وسواء قضى به قاض أو لم يقض عند علمائنا أجمع وبه قال احمد في إحدى الروايتين والشافعي وان وافقنا على اللزوم الا
انه لا يشترط القبض على ما تقدم وقال أبو حنيفة الوقف كالعارية يرجع فيه متى شاء الا ان يوصي به فيلزم بعد الموت أو يقضى به قاض فيلزم وإذا لزم الوقف امتنعت التصرفات القادحة في غير الواقف
وشرط الوقف ثابت على الواقف على غيره لقول العسكري عليه السلام الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها ولان الكاظم (ع) لما وقف ارضه قال في آخر شرطه تصدق فلان بصدقته
هذه وهو صحيح صدقة بتاتبلا؟ لا مثنوية فيها ولا رد ابتغاء وجه الله والدار الآخرة لا يحل لمن يؤمن بالله واليوم الآخر ان يبيعها ولا يبتاعها ولا يهبها ولا ينحلها ولا يغير منها شيئا
439

حتى يرث الله الأرض ومن عليها ولو كانت كالعارية لم يحرم ذلك كله مسألة إذا وقف واقبض زال ملكه عنه عند أكثر علمائنا وهو المشهور من مذهب الشافعية وبه قال أبو حنيفة واحمد
في إحدى الروايتين لان الوقف سبب يزيل التصرف في الرقبة والمنفعة فأزال الملك كالعتق ولأنه لو كان باقيا على ملكه لرجعت إليه قيمته كالملك المطلق وقال مالك
ان الواقف لا يزول ملكه عن الوقف وهو أحد قولي الشافعي لقوله (ع) حبس الأصل وسبل الثمرة ولان شرطه يتبع ولو زال لما اتبع ولا حجة فيه لان المراد به ان يكون محبوسا
لا يباع ولا يوهب ولا يورث والملك انما زال على هذا الحد من الشرايط وفايدة الخلاف انا لو حكمنا بقاء ملكه لزمه مراعاته والخصومة فيه ويحتمل ان يلزمه أرش جنايته
كما يفدي أم الولد سيدها لما تعذر تسليمها بخلاف غير المالك وربما احتج من قال ببقاء ملك الواقف عليه بان الوقف المنقطع ينصرف بعد الانقراض إلى أقرب الناس
إلى الواقف والفرق ظاهر وإذا ثبت زوال ملك الواقف عنه فإنه ينتقل إلى الموقوف عليهم عند أكثر علمائنا وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين لأنه مال لان
احكام المالية ثابتة فيه ولهذا يضمن بالقيمة فكان ملكا والمنع من البيع لا يخرجه عن المالية كأم الولد وقال جماعة من علمائنا انه ينتقل إلى الله تعالى وبه قال أبو حنيفة في الوقف
اللازم لأنه أزال ملكه عن العين والمنفعة على وجه القربة فتمليك المنفعة فانتقل الملك فيه إلى الله تعالى كالعتق ولأنه لو انتقل إليه لافتقر إلى قوله كساير الاملاك ثم نقضوا
دليل أولئك ببواري المساجد وآلاتها فإنها تضمن بالقيمة وملكها الله تعالى ونمنع عدم الافتقار إلى القبول والقياس ليس حجة عندنا ويظهر فايدة الملك في وجوب
الزكاة في الغنم الموقوفة والمنفقة على العبد واعلم أن الشافعي قال تارة بان ملك الواقف يزول عن رقبة الوقف وان الموقوف عليه لا يملكها وانما يملك المنفعة وقال
في الشهادات ان مدعى الوقف إذا قام شاهدا واحدا حلف معه وهو يدل على أنه ملك الوقف ولأصحابه في المسألة طرق فقالوا ان في طرق الواقف قولين أصحهما انه
ملكه يزول لأنه تصرف يقطع تصرفه في الرقبة واستحقاقه المنفعة فأشبه العتق والصدقة والثاني وبه قال مالك انه لا يزول ملكه لان شرطه متبع ولو زال الماء؟ اتبع
على القول بالانتقال والى من ينتقل أظهر الطرق انه على قولين أصحهما عندهم وبه قال أبو حنيفة انه ينتقل إلى الله تعالى كالعتق ومعناه انه ينفك عن اختصاصات
الآدميين والثاني وبه قال احمد انه ينتقل إلى الموقوف عليه كالصدقة والطريقة الثانية القطع بالأول وثبوته بالشاهد واليمين لان المقصود منه اظهار استحقاق
المنفعة لا لان الرقبة ملك له فيحلف مدعي الوقف مع الشاهد لان المقصود من الوقف المنفعة وهي مال يثبت بالشاهد واليمين بخلاف حرية العبد لان المقصود منها
تكميل احكامه والثالث القطع بالقول الثاني وحمل ما ذكره في الوقف على أنه لا يملك البيع ونحوه من التصرفات هذا كله فيما إذا وقف على شخص معين أو جهة عامة إذا
جعل البقعة مسجدا أو مقبرة فهو فك عن الملك كتحرير الرقيق فينقطع عنها اختصاص الآدميين بلا خلاف فيه وقال بعض الشافعية ان وقف على معين فهو ملك
الموقوف عليه بلا خلاف وان وقف على جهة عامة فالملك لله بلا خلاف وقيل إنه على الأقوال الثلاثة في الصورتين واستبعد بعضهم نقل الملك إلى الله تعالى
في الوقف على المعين لأنه ليس من القربات ونقل الملك إلى الموقوف عليه في الجهات العامة لان الوقف قد يكون على الرباطات والقناطر وما لا ينتسب إليه ملك
والا ظهر عندهم من الأقوال إضافة الملك إلى الله تعالى ولهم ان يجيبوا؟ بالمنع من كون الوقف على المعين ليس قربة ولو سلم فليس المعنى بكون الملك لله تعالى
سوى انفكاك المحل عن ملك الآدميين واختصاصهم وذلك لا يتوقف على القربة وقصدها فان الكافر إذا أعتق صار العتق لله وان لم يكن فيه قربة ويمنع انتفاء الملك
عن المسجد والرباط فقد يكون لهما ملك كما يكون عليهما وقف مسألة لما كان الوقف عبارة عن تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة اقتضى ان يكون فوايده ومنافعه
للموقوف عليه يتصرف فيه كيف شاء تصرف المالكين في املاكهم من البيع والهبة والوقف وغير ذلك فان الوقف لذلك وضع فإن كان الوقف شجرة ملك الموقوف
عليه ثمارها ملكا تاما واما أعضائها فإن كانت معتادة القطع فهي كالثمرة يملكها ملكا تاما كشجرة الخلاف فأغصانها كثمار غيرها وان لم تكن معتادة القطع فهي كالأصل
ولو كانت نخلا وكان الطلع موجودا حال الوقف فالوجه انه لا يدخل في الوقف سواء أبرأ أو لا لأنه ليس جزءا من المسمى وإن كان الوقف بهيمة ملك الموقوف عليه الصوف واللبن والزبد والأقوى
في النتاج انه يملكه أيضا لأنه من جملة المنافع فأشبه اللبن والصوف وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يملكه الموقوف عليه بالخصوصية بل يكون وقفا وكالأم حكمه حكمها تبعا
لها كما أن ولد الأضحية يكون ضحية وقطع بعض الشافعية بالمنع في الأول وقال إن المطلق منها الدر والنسل والوجهان في ولد الفرس والحمار وحكم فيها وجهان ثالثا متعين انه لاحق فيه
للموقوف عليه بل يصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف الا إذا صرح بخلافه وهذا الخلاف في النتاج الحادث بعد الوقف فان وقف البهيمة وهي حامل وقلنا إن الحادث بعد الوقف
وقف فهنا أولي عند الشافعية والا فوجهان بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا واما عندنا فالحمل للواقف إذا كان موجودا حال الوقف ولا يدخل في الوقف كما لا يدخل في البيع على ما
حققناه الا ان يشترط دخوله في الوقف فيدخل كما يدخل في البيع مع الشرط وما ذكرناه في الدر والنسل مفروض فيما إذا اطلق وشرطهما للموقوف عليه إما إذا وقف الدابة
على ركوب انسان ولم يشرط الدر والنسل فهما للواقف وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم حكم الدر بالنسل
حكم وقف منقطع الأخر وليس بشئ لان الدر والنسل لا مصرف لهما أولا
ولا اخرا بل هما غير داخلين في الوقف وبالجملة فإنه يجوز الوقف لبعض المنافع والفوايد خاصة دون بعض وهو قول بعض الشافعية فيه فلو وقف ثورا للانزاء جاز ولا يجوز استعماله
في الحراثة ولو وقف دابة مأكولة اللحم لم يجز ذبحها وان خرجت عن حد الانتفاع كما لا يجوز اعتاق العبد الموقوف وينبغي على قولنا من جواز بيع الوقف على ما يأتي بيانه جواز بيعها
إما إذا بلغت إلى حال بحيث يقطع بموتها لو لم تذبح فالوجه جواز ذبحها لظاهر ثم اللحم للموقوف عليه ان قلنا إنه يملك الوقف أو للواقف ان قلنا بعدم خروج الوقف عن ملكه بالوقف
وان قلنا الملك لله تعالى فعل الحاكم ما يراه مصلحة فيه قال الشافعية يباع اللحم ويشتري بثمنه بهيمة من جنسها وتوقف ولا بأس به وإذا ماتت البهيمة الموقوفة لم يكن للموقوف عليه الانتفاع
بجلدها سواء دبغ أو لا عندنا إما من طهره بالدباغ كالشافعية وغيرهم فان الموقوف عليه عندهم أولي بجلدها وإذا دبغه ففي عوده وقفا وجهان مسألة يجوز للموقوف عليه
استيفاء المنافع المستحقة له بالوقف بنفسه وانشاء بغيره ممن يقيمه مقامه إما بإعادة منه أو اجارة ويصرف مال الإجارة إليه إن كان الوقف مطلقا إما إذا قيده فقال وقفت داري ليسكنها
الموقوف عليه لم يكن له اسكان غيره ولو قال وقفت داري ليسكنها من يعلم الصبيان في هذه القرية فللمعلم ان يسكنها وليس له ان يسكن غيره بأجرة ولا بغير اجرة عملا بمقتضي ما شرطه الواقف
ولو قال وقفت داري على أن تستغل وتصرف غلتها إلى فلان تعين الاستغلال ولم يجز له ان يسكنها ولو كان قد وقف الدار مطلقا فقال الموقوف عليه انا أسكن الدار وقال الناظر
في الوقف انا أكريها لاصرف الغلة إلى عمارتها قدم قول الناظر ان احتاجت إلى العمارة والا قدم قول الموقوف عليه مسألة يجوز وقف الجارية اجماعا ولا يحل للواقف وطوها
بعد الوقف وتمامه إما على القول بزوال ملكه الوقف فظاهر لان الوطي لم يصادف ملكا ولا عقدا واما على القول ببقاء ملكه فلانه ملك ناقص لم يحدث نقصانه يملك
سابق فلا يفيد حل الوطي واحترزنا بهذا القيد عن أم الولد ولا يلزم وطي العبد الجارية التي ملكها السيد أباه حيث يجوز عندنا وعلى قول الشافعي القديم لان الملك فيه غير
ناقص وانما الناقص المالك فهو كجارية للمجنون يطأوها ولا ينصرف فيها لنقصانه وكذا ليس للموقوف عليه ان يطأها إما إذا لم نثبت الملك له فظاهر واما إذا أثبتناه فلانه ملك ناقص
لم يحدث نقصانه بوطي سابق فلا يفيد حل الوطي (على ما)؟ قلنا في الواقف مسألة إذا وطئت الجارية الموقوفة فإن كان الواطي أجنبيا فإن لم يكن هناك شبهة وجب عليه الحد ويكون
الولد رقيقا وهل يكون وقفا أو طلقا سبق فيه وجهان كما في نتاج البهيمة ثم إن كانت مكرهة وجب على الواطي المهر إما العشر إن كانت بكرا أو نصفه إن كانت ثيبا وإن كانت مطاوعة
440

عالمة الحال فقولان يأتيان فيما بعد انشاء الله تعالى ولو كان هناك شبهة فلا حد للشبهة ويجب المهر للموقوف عليه لأنه من كسبها والولد حر لاحق به وعلى الواطي قيمته ويكون ملكا للموقوف
عليه ان جعلنا الولد ملكا له والا فيشترى بها عبد ويوقف وهو أحد طريقي الشافعية والثاني ان فيه قولين أحدهما هذا والثاني يكون للموقوف عليهم وإن كان الواطي الموقوف عليه
وان لم يكن شبهه فلا حد عليه إما عندنا فلانه ملكه واما عند من نفى ملكه عنه فلان شبهة الملك فيه ثابتة وعند الشافعية الأصح انه يبني على أقوال الملك ان جعلناه له فلا حد والا
فعليه الحد ولا عبرة بملك المنفعة كما لو وطئ موصى له بمنفعة الجارية والولد ملك أو وقف فيه الوجهان عندهم والوجه عندنا انه حر لأنه قد صادف وطئه الملك وان وطي بشبهة فلا حد والولد حر ولا قيمة
عليه ان ملكناه ولد الموقوفة وعلى أحد قولي الشافعية انه وقف يشتري بها عبد اخر ويوقف وتصير الجارية أم ولد ان قلنا إن الملك للموقوف عليه يعتق بموته وتؤخذ قيمتها من تركته
ثم هي لمن ينتقل الوقف إليه بعده ملكا أو يشتري بها جارية وتوقف خلاف يذكر في قيمته العبد الموقوف إذا قتل ولا مهر للموقوف عليه بحال لأنه لو وجب لوجب له واما الموطوء
فان قلنا إن الملك لا ينتقل إليه لم تصر أم ولد وان قلنا ينتقل إليه صارت أم ولد لأنه علقت منه بجرفي؟ ملكه وإذا مات عتقت ووجبت قيمتها في تركته قولا واحدا لأنه أتلفها
على من بعده من البطون بخلاف الوقف وإذا أتلفه في حياته فإنه أتلفه على نفسه فكان فيه قولان وهل يشتري بالقيمة أمة تكون وقفا أو تدفع إلى من بعده من أهل الوقف على
الطريقين وإن كان الواطي الواقف فإن لم يكون الوطي بشبهة قفرع على الخلاف في الملك فان نفينا ملكه فعليه الحد والولد رقيق في كونه ملكا أو وفقا الوجهان ولا يكون
الجارية أم ولد وان جعلنا الملك له فلا حد في نفوذ الاستيلاد ان أولدها الخلاف في استيلاد الراهن لتعلق حق الموقوف عليه بها وهذا أولي بالمنع وان وطى بشبهة فلا حد
والولد حر للشبهة وعليه قيمته إما للموقوف عليه أو يشتري به عبد يكون وقفا وتصير الجارية أم ولد له ان ملكناه تعتق بموته وتؤخذ قيمتها من تركته وفيما يفعل بها الخلاف مسألة
يجوز تزويج الجارية الموقوفة لأنه عقد على منفعة فجاز في الوقف كالإجارة ولان فيه تحصينا لها وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني المنع لما فيه من نقص القيمة ونقص المنفعة الا
انها إذا حبلت منعت عن العمل وربما ماتت في الطلق فيتضرر به أرباب الوقف وعلى القول بالمنع لا بحث وعلى القول بالجواز قال الشيخ ان قلنا بانتقال الملك إلى الموقوف
عليه وهو الصحيح كان العاقد عليها الموقوف عليه ولا يستشير أحدا لأنه مالكها ومن قال ينتقل إلى الله تعالى زوجت هي نفسها لأنها مالكة نفسها وعند المخالفين يزوجها الحاكم هذا اخر
كلامه ره وقالت الشافعية يزوجها الحاكم على القول بانتقال الملك إلى الله تعالى وهو الوجه عندي الا انهم قالوا يستشار الموقوف عليه لان الحق في منافعها له وكذا ان قلنا إنه
للواقف يزوجها بإذن الموقوف عليه فإذا زوجت كان المهر للموقوف عليه لأنه من كسبها وان أتت بولد قال الشيخ عندنا يكون الولد لاحقا بالحرية إذا زوجت من حر وان زوجت
من مملوك كان بينهما وعند المخالف يكون لاحقا بابه وقالت الشافعية في الولد وجهان أحدهما يكون للموقوف عليه طلقا لأنه إما ان يكون ملحقا باكتسابها أو يكون ملحقا بالنماء
الخارج من عينها كالثمرة والثاني يكون وقفا معها لان كل أم ولد ذات رحم فان حكمه حكمها كولد المدبرة عندنا وكولد أم الولد عندهم والمكاتبة وإذا قلنا إنه طلق فان قتله قاتل كان
بدله للموقوف عليه وان قلنا إنه وقف فقتله قاتل كانت قيمته على الطريقين اللذين ذكرناهما في حق الام وكذلك إذا أكرهت على الزنا كان المهر للموقوف عليه والولد على ما ذكرناه في ولد
الزوج ولو وقف الأمة حاملة بمملوك فان وقف حملها فهو كأمه وقف وان لم يدخله في الوقف فهو للواقف عندنا وقالت الشافعية ان قلنا للوقف حكم كان الولد وقفا
وان قلنا لا حكم له فإذا وضعته كان كولد الزوج تذنيب ليس للموقوف عليه ان يتزوج الأمة الموقوفة عندنا لأنها ملكه واما الشافعية فلهم قولان هذا أحدهما والثاني
انه يجوز إذا قلنا إنها ليست ملكه والظاهر عندهم على القول بانتفاء الملك أيضا المنع احتياطا وعلى هذا لو وقف عليه زوجته انفسخ النكاح مسألة حق التولية للواقف في
الأصل لان أصل قربة الوقف منه فهو أحق ان يقوم به (صائها) وصرفها في مظانها ومواردها فإذا وقف فلا يخلو إما ان يشترط التولية لنفسه أو لغيره أو يطلق ولا يذكر شيئا فان شرطها لنفسه
صح ولزم لأنه اكد بشرطه يقتضي الأصل وقد جعل الكاظم (ع) النظر في الأرض التي وقفها للرضا (ع) وأخيه إبراهيم فإذا انقرض أحدهما دخل القاسم مع الباقي فان انقرض أحدهما دخل إسماعيل
مع الباقي منهما فان انقرض أحدهما دخل العباس مع الباقي منهما فان انقرض أحدهما دخل الأكبر من ولدي مع الباقي فإن لم يبق ولدي معه الا واحد فهو الذي يليه وولت فاطمة (ع)
حوايطها السبعة التي وقفتها أمير المؤمنين (ع) ثم من بعده الحسن (ع) ثم الحسين (ع) ثم الأكبر من ولدها ولا نعلم فيه خلافا وان شرطها لغيره لزم عندنا ولم يجز لاحد مخالفته عند علمائنا
وهو قول أكثر العلماء ولبعض الشافعية خلاف فيما إذا كان الوقف على معين وشرط التولية للأجنبي هل تتبع شرطه إذا فرعنا على أن الملك في الوقف له والمشهور الأول ولا فرق
بين ان يفرض في الحياة وبين ان يوصي في وجوب العمل بما شرط وعينه ولو اطلق في وقفه ولم يشرط التولية لاحد احتمل ان يكون النظر للواقف لان النظر والتصرف كان إليه فإذا لم يصرفه
عن نفسه بقى على ما كان عليه وأن يكون للموقوف عليه لان النفع والفائدة وأن يكون للحاكم لأنه يتعلق به حق الموقوف عليه ومن بعده فصاحب النظر العام أولي بالنظر منه
ومثل هذه الاحتمالات وجوه الشافعية فمنهم من يبنى الامر فيه على الخلاف في ملك الرقبة ان قلنا للواقف فالتولية له وقيل للحاكم لتعلق حق الغير به وان قلنا لله تعالى فهي للحاكم وقيل للواقف إذا كان الوقف على جهة عامة فان قيامه بأمر الوقف من تتمة القربة وقيل للموقوف عليه إذا كان
الوقف على معين لان الربع والمنفعة له وان قلنا الملك للموقوف عليه فالتولية له وذكر كثير من الشافعية ان التولية في صورة السكوت للواقف من غير حكاية خلاف
ولا بناء على خلاف لكن المشهور بينهم ان الوقف إن كان على جهة عامة فالتولية للحاكم كما في الوقف على المسجد والرباط وإن كان الوقف على شخص معين فكذلك ان قلنا إن
الوقف ينتقل إلى الله تعالى وان جعلناه للواقف أو للموقوف عليه فالتولية كذلك مسألة إذا شرط الواقف أمر التولية لنفسه كان النظر مفوضا إليه سواء كان عدلا
أو لا لأنه انما نقل ملكه عن نفسه على هذا الحد فيتبع شرطه وان شرطها لغيره بظن العدالة اشترطت فان خرج المعين عنها ولم يشترطها لاحد رفعت يده وكان حكم الوقف
حكم ما لو اطلق الواقف التولية ولم يشترطها لاحد ولو علم فسقه وشرطها له فالأقرب اتباع شرطه ولو اطلق أمر التولية من غير أن يشرطها لاحد وجب في المتولية الصلاحية
لشغل التولية والصلاحية يثبت بثبوت وصفين الأمانة وكفاية التصرف واعتبارهما كاعتبارهما في الوصي والقيم وقال بعض الشافعية لا فرق في اعتبار الوصفين
بين المنصوب للتولية وبين الواقف إذا قلنا هو المتولي عند اطلاق الوقف على الجهات العامة والاشخاص المعينين وفيه لهم وجه انه لا يشترط العدالة إذا كان الوقف
على معينين ولا طفل فيهم فان خان حملوه على السداد والمذهب عندهم الأول حتى لو فوض إلى منصوب؟ موصوف بالصفتين ثم خرج منهما أو من أحدهما انتزع الحاكم الوقف
منه مسألة وظيفة المتولي للوقف العمارة له والإجارة وتحصيل الربع وقسمتها على المستحقين وحفظ الأصول والغلاة على الاحتياط عند الاطلاق ويجوز
ان ينصب الواقف متوليا في بعض الأمور واخر في الأخر كما إذا جعل أمر العمارة وتحصيل المنافع إلى واحد وامر حفظها وقسمتها على أربابها ومستحقيها إلى اخر أو شرط لواحد
الحفظ واليد وللآخر التصرف ولو قوض إلى واحد العمارة وتحصيل الفايدة واهمل أمر الحفظ والقسمة كان ذلك مطلقا بالنسبة إلى هاتين الصفتين فيتولاهم الحاكم أو الواقف
أو الموقوف عليه على الخلاف ولو فوض النظر إلى اثنين لم يستقل أحدها بالتصرف سواء اطلق أو نص على عدم الاستقلال إما لو فوض إليها على الجملة والانفراد كان لكل واحد
منهما ان ينفرد بالنظر التصرف ولو قال وقفت على أولادي على أن يكون النظر لعدلين منهم فلم يكن فيهم الا عدل واحد ضم الحاكم إليه عدلا اخر ولو لم يوجد فيهم عدل أقام الحاكم
441

عدلا فيهم واحد أو احتمل؟ اثنين وليس للمتولي ان يأخذ من مال الوقف شيئا على أن يضمنه ولو فعل ضمن ولا يجوز ضم الضمان إلى مال الوقف واقراض مال الوقف حكمه حكم اقراض مال الصبي
مسألة لو شرط الواقف للمتولي شيئا من الربع جاز وكان ذلك اجرة عمله ليس له أزيد من ذلك وإن كان أقل من أجرة المثل ولم يذكر شيئا فالأقرب ان له أجرة المثل
عن قيامه وللشافعية فيه خلاف ولو شرط للمتولي عشر الربع اجرة عمله ثم عزله بطل استحقاقه وان لم يتعرض لكونه اجرة قال بعضهم ان استحقاقه لا يبطل لان العشر وقف عليه
فهو كأحد الموقوف عليهم وليس شيئا مسألة إذا وقف وفوض أمر التولية إلى شخص فإن كان بعد اتمام الوقف وكماله لم يلزمه البقاء على ذلك وجاز له عزله متى شاء
ولو ذكر التفويض إلى المعين في متن العقد فهل له عزله الأقرب انه ليس له ذلك الا ان يشترط الواقف لنفسه ذلك وقال بعض الشافعية للواقف ان يعزل من ولاه وينصب غيره
كما يعزل الوكيل وينصب غيره وكان المتولي نايبا عنه هذا هو الظاهر عندهم وفيه وجه اخر لهم انه ليس له العزل لان ملكه قد زال فلا يبقى ولايته عليه وقبول المتولي يشبه ان يجيئ فيه ما في قبول الوكيل أو قبول
الموقوف عليه ثم قالوا يشبه ان يكون المسألة مقصورة في التولية بعد تمام الوقف دون ما إذا وقف بشرط التولية لفلان وكذا لو وقف مدرسة ثم قال لعالم فوضت
إليك تدريسها أو اذهب ودرس فيها كان له تبديله ولو وقف بشرط ان يكون هو مدرسها أو قال حالة الوقف فوضت تدريسها إلى فلان وجعله في متن العقد
فهو لازم لا يجوز تبديله كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز التبديل بالأغنياء ولو جعل التولية في عقد الوقف لمعين لم يكن لاحد تبديله ولا عزله ولا للواقف
ولو مات الواقف لم يكن للحاكم ولا للورثة عزله ولو جعل النظر إلى معين بعد تمام الوقف كان له تبديله وعزله على ما تقدم فلو مات الواقف قبل عزله قال بعض الشافعية
لم يكن لاحد تبديله كأنه جعله بعد موته بمصابة الوصي مسألة لو شرط التولية لشخص لم يجب على ذلك الشخص القبول بالأصالة البراءة وإذا قبل لم يجب عليه
الاستمرار لان القبول غير واجب في الأصل ولأصل الاستصحاب فإذا رد توليه الحاكم أو كان بحكم ما لو اطلق ويجوز ان يرتب التولية بين اشخاص متعددة موجودين
أو بعضهم بان يشرط بينهم فيها وان يفضل بعضهم على بعض في النفع وان يجعل لكل واحد منهم أو للواحد ان يستنيب حال حياته وان يوصي بالتولية التي شرطها له بعد وفاته
وإذا اشترط على نفسه التولية لواحد أو فوضها إليه لم يكن لذلك الناظر الاستنابة فيها ولو ذكر في كتاب الوقف ان التولية لشخص فافر ذلك الشخص بالتولية لغيره ففي نفوذ
الاقرار اشكال ينشئ من أن التولية يثبت له فلا ينتقل عنه إلى غيره لعدم الواقف ومن اعترافه بعدم استحقاقه التولية والوجه سقوط ولايته باعترافه وعدم ثبوتها
للمقر له مسألة لو وقف ما يحتاج إلى الانفاق كالعبد والدابة فان عين الواقف الجهة أنفق عليه منها فان شرط في الوقف ان يكون من مال الوقف اتبع شرطه وان
شرط ان يكون من كسب العبد أو اجرة الدابة فكذلك لأنه لما اتبع شرطه في مسألة وجب اتباع شرطه في نفقته ولو شرط ان يكون من مال للموقوف عليه فكذلك يلزم حينئذ
شرطه ولو اطلق ولم يذكر الجهة التي ينفق عليه منها كانت النفقة في كسبه قاله الشيخ ره وبه قال الشافعية وكذا تكون في عوض منافع الدابة لان الغرض انتفاع الموقوف عليه
وانما يمكنه ذلك ببقاء عين الوقف وانما تبقى عينه بالنفقة فيصير كأنه شرطه في كسبه ولان الوقف اقتضى تحبيس أصله وتسبيل نفعه ولا يحصل ذلك الا بالانفاق
عليه فكان ذلك من ضرورته فإن لم يكن العبد كسوبا أو عجز ومن التكسب أو لم يف كسبه أو مرض أو تعطلت في الدابة ابتني على أقوال الملك فان قلنا إن الوقف ملك الموقوف
عليه فالنفقة عليه وهو الوجه عندي وان قلنا لله تعالى ففي بيت المال كما لو أعتق عبدا كسب له وان قلنا للواقف فالنفقة عليه فإذا مات فهي في بيت المال لان التركة
انتقلت إلى الورثة والوقف لم ينتقل إليهم فلا تلزمهم مؤنته قاله بعض الشافعية وقال آخرون قياس القول بان رقبة الوقف للواقف انتقالها إلى ورثته ولو مات
العبد فمؤنة تجهيزه كنفقته في حياته ولو تعطل العبد بزمانه عتق عندنا وسقطت خدمته عنه للموقوف عليه وسقطت نفقته عن الموقوف عليه وعمارة العقار الموقوف من حيث شرطه الواقف فإن لم
يشرط شيئا فمن غلته فإن لم يحصل منه شئ لم يجب على أحد عمارته كالملك الخالص بخلاف الحيوان تضان؟ روحه مسألة لو اندرس شرط الوقف فلم تعرف مقادير
السهام والاستحقاق أو جهل كيفية الترتيب من أرباب الوقف عمل بالأصل وهو التسوية إذ ليس بعضهم أولي بالتقدم من بعض وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم القياس
يقتضى التوقف حتى يصطلحوا ولو اختلف أرباب الوقف في شرط الوقف ولا بينة جعلت الغلة بينهم بالسوية ولو كان الواقف حيا قال بعض الشافعية يرجع إلى قوله ومنعه بعضهم
كما لا يرجع إلى قول البايع عند اختلاف المشتريين في كيفية الشراء ولا بعد فيه لأنه المبتدي بالصدقة وشرطه متبع فكذا ينبغي قبول قوله مسألة يجوز للناظر
في الوقف اجارته بحسب ما شرطه الواقف فإن لم يشرط مدة ولا اجرة معينة ولا مستأجرا بعينه رجع في ذلك كله إلى العادة واعتمادا لمصلحة ما فيه للشراء وللنماء والنفع
للموقوف عليه ولو لم ينصب للتولية واحدا فالخلاف فيمن له التولية قد سبق فان قلنا التولية للحاكم فهو الذي يوجر وان قلنا إنه للموقوف عليه بنا على أن الملك له
فالأولى ان له ان يوجر وهو الظاهر من مذهب الشافعية فإن كان الوقف على جماعة اشتركوا في الإجارة فإن كان فيهم طفل قام وليه مقامه والثاني للشافعية المنع لأنه ربما يموت
في المدة فيتبين انه تصرف في حق الغير فإن كان الواقف قد جعل لكل بطن منهم الإجارة فلهم الإجارة عندنا وعندهم قطعا عملا بمقتضي شرط الواقف وكان ذلك تفويضا
للتولية إليهم وهل للواقف ان يوجر إذا لم يكن قد جعل لنفسه النظر في الوقف قال بعض الشافعية نعم وليس بمعتمد إذا عرفت هذا فإذا اجر الموقوف عليه بحق الملك وجوزناه فزادت
الأجرة في المدة أو ظهر طالب بالزيادة لم يؤثر في العقد فسخا ولا خيار فسخ كما لو اجر ملكه المطلق وان اجر المتولي بحق التولية ثم حدث ذلك فكذلك وهو أصح أوجه الشافعية
لأن العقد وقت جريانه كان صحيحا لان ما جرى على وجه الغبطة فأشبه ما إذا باع ولي الطفل ما له ثم ارتفعت القيمة بالأسواق أو ظهر طالب بالزيادة والثاني للشافعية
انه ينفسخ العقد لأنه قد ظهر وقوعه على خلاف الغبطة في المستقبل والثالث انه إن كانت الإجارة سنة فما دون لم يتأثره العقد فإن كانت أكثر فالزيادة مؤثرة في رد الإجارة مسألة
لو قتل العبد الموقوف عليه ولم يتعلق القصاص بالقاتل فإن كان القاتل أجنبيا وجب عليه قيمة العبد لبقاء المالية فيه كأم الولد ولأنه يتضمن بالغصب فكانت المالية متحققة
فيه ولأنه لو بطلت ماليته لم يبطل أرش الجناية عليه فان الحر يجب أرش الجناية عليه ولمن تكون القيمة قال الشيخ ره قال قوم يشتري بها عبدا اخر ويقام مقامه سواء قيل انتقل
ملكه إليه أو إلى الله تعالى لان حق البطون الأخر يتعلق برقبة العبد فإذا فاتت أقيم غيرها بقيمتها مقامها وفيهم من قال ينتقل القيمة إليه وهو الأقوى لأنا قد بينا ان ملكه له
والأول قول من قال ينتقل إلى الله والوجه عندي شراء عبد بالقيمة يكون وقفا لأنه ملك لا يختص به الأول فلم يختص ببدله كالعبد المشترك والمرهون وعدم اختصاصه
ظاهر فإنه يتعلق به حق البطن الثاني فلم يجز ابطاله ولو عفى البطن الأول لم يصح العفو لعدم علمه بقدر حقه فيه واما الشافعية فلهم طريقان أحدهما تخريج مصرفها على أقوال
الملك ان جعلنا الملك لله تعالى فيشتري بها عبدا اخر ليكون وقفا مكانه وان لم يوجد فنقص عبد بخلاف ما إذا أتلف الضحية ولم يجد بقيمتها الا بعض شاة لأنه لا يضحي ببعض
شاة ويوقف بعض للعبد وان جعلنا الملك للموقوف عليه أو الواقف فوجهان أصحهما انه كذلك لئلا يبطل غرض الواقف وحق البطن الثاني ومن بعده من البطون والثاني انه
يصرف ملكا إلى من حكمنا له بملك الرقبة إما الواقف أو الموقوف عليه كما قواه الشيخ عنده لأنه مبدل منفعة ملكه ومنتهى الوقف والطريق الثاني القطع بشراء عبديها؟ ليكون
442

وقفا مكان الأول لان حق الوقف أوثق من حق الراهن فإذا كان بدل المرهون مرهونا فبدل الوقف أولي ان يكون موقوفا وأصحاب الطريقين متفقون على الفتوى بصرفها
في ثمن عبد وإذا اشترى بها عبد وفضل شئ فهو للموقوف عليه لأنه المالك وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه للواقف وعلى القول بشراء عبد يكون وقفا ان قلنا إن الملك
لله تعالى يتولى شراءه الحاكم وان قلنا الموقوف عليه فللموقوف عليه وان قلنا للواقف كما هو رأى بعض الشافعية فوجهان لأنه لا يملك الفوايد والمنافع وخرج بعضهم هذين الوجهين
في حق الموقوف عليه أيضا هل يشتري أم لا يشري لان كونه غير مالك للمنفعة ان منع من الشراء فكونه غير مالك الرقبة أولي ان يمنع منه ولا يجوز للمتلف ان يشتري العبد ويقيمه
مقام الأول لان الشئ إذا ثبت في ذمته فليس له استيفاؤه من نفسه لغيره إذا عرفت هذا فهل يصير العبد المشتري وقفا بالشراء أو لابد من عقد جديد للشافعية وجهان إحديهما
أنه يكون وقفا بالشراء كما في بدل المرهون إذا تلف والثاني انه لابد من عقد جديد وقال الحاكم هو الذي ينشئ عقد الوقف ويحتمل عندهم ان يكون مباشر الشراء يجدون؟ الوقف
وهل يجوز شراء جارية بقيمة العبد أو شراء عبد بقيمة جارية الأولى عندهم المنع وفي جواز شراء العبد الصغير بقيمة الكبير وبالعكس وجهان وإن كان القاتل الواقف أو الموقوف عليه فان قلنا إن
أحدهما هو القاتل المالك وان القيمة تصرف إليه ملكا في الحالة الأولى فلا قيمة عليه إذا كان هو القاتل والا فالحكم فيه كما في الأجنبي مسألة لو جنى عليه بما يوجب
القصاص فان قلنا الملك فيه للواقف أو للموقوف عليه استوفى المالك منهما القصاص وان قلنا إن الملك لله تعالى فهو كعبد بيت المال فيجب القصاص ويستوفيه الحاكم وهو
قول بعض الشافعية وقال بعض العامة لا يجب القصاص لأنه محل لا يختص به الموقوف عليه فلم يجز ان يقتص من قاتله كالعبد المشترك إما اروش أطراف العبد الموقوف أو الجناية
على العبد الموقوف فيما دون النفس فحكمها في جميع ما ذكرنا حكم قيمته عند أكثر الشافعية وقال بعضهم انه يصرف إلى الموقوف عليه على كل قول وينزل منزلة المهر والاكتساب
فحينئذ يكون القصاص والعفو إلى الموقوف عليه لأنه لا يشاركه غيره فيه ولو أوجب القطع مالا أو عفى عن الجاني على مال اشترى به عبدا ان أمكن والا فشقص من عبد يكون وقفا
وقيل للموقوف عليه مسألة لو جنى العبد الموقوف جناية توجب القصاص وجب سواء كانت الجناية على الموقوف عليه أو على غيره فان قتل بطل الوقف فيه كما لو مات
وان عفى المجني عليه على مال أو كانت الجناية موجبة للمال لم يتعلق برقبته لتعذر بيع الوقف ولكنه يفدي كأم الولد إذا جنت فان قلنا الملك للواقف فهو الذي يفديه وان
قلنا لله تعالى فللشافعية ثلاثة أوجه أظهرها انه يفديه الواقف أيضا لأنه بالوقف منع عن بيعه كالمستولدة لما منع
الاستيلاد من بيعها أفداها والثاني ان فداه في بيت المال
كأرش جناية الحر المعسر والثالث انه يتعلق بكسبه لأنه إذا تعذر التعلق بالرقبة وأقرب الأشياء إليه كسبه فيتعلق به كحقوق النكاح ولان الأرش بعيد تعلقه برقبته لأنها لاتباع
وبالموقوف عليه لأنه لا يملكه فكان في كسبه كالحر يكون في ماله وان قلنا إن الملك للموقوف عليه فالفداء عليه كما هو عندنا وقول أكثر الشافعية ولهم وجهان آخران أحدهما انه
على الواقف والثاني انا ان قلنا إن الوقف لا يفتقر إلى القبول فهو على الواقف وان قلنا يفتقر فهو على الموقوف عليه لأنه تسبب إلى تحقيق الواقف المانع من البيع وقد انضم
إليه كونه مالكا ولو كانت الجناية على طرف واقتص منه بقى الباقي وقفا كما لو تلف بفعل الله تعالى وإذا وجب أرش الجناية على الموقوف عليه وكانت الجناية مثلا قتلا لم
يلزم الموقوف عليه أكثر من قيمة الجاني كأم الولد ولو كان الوقف على المساكين فينبغي ان يكون الأرش في كسبه لان مستحقه ليس معينا يجب يمكن ايجاب الأرش عليه ولا يمكن تعلقه
برقبته لتعذر بيعها فتعين في كسبه وان قلنا بايجاب الفداء على الواقف لو كان الواقف قد مات قال بعض الشافعية على الوارث الفداء إن كان الواقف قد ترك مالا لان العبد
ممنوع بسبب صدر من الواقف حال حياته فلزمه ضمان جنايته فيما له وقال بعضهم لا يفدي من التركة لأنها انتقلت إلى الوارث والملك في الوقف لم ينتقل إليه بقي؟ وجه
يتعلق بكسبه وفي وجه يفدي من بيت المال كالحر المعسر الذي لا عاقلة له ولو مات العبد عقيب الجناية بلا فصل سقط الأرش والقصاص عندنا وعلى قول ايجاب
الفداء على المالك ما هو رأى بعض الشافعية وجهان أحدهما يسقط كما لو جنى القن ومات وأظهرهما عندهم انه لا يسقط لان تضمين الواقف كان لسببه لأنه صار مانعا من البيع
بالوقف ويخالف العبد القن فلا أرش يتعلق برقبته فإذا مات فلا أرش ولا فداء ولا يجري الخلاف فيما إذا جنت أم الولد وماتت وتكرر الجناية من العبد الموقوف كتكررها من أم
الولد تذنيب لو مات العبد الموقوف بطل الوقف لفوات محله ولو كان له كسب كان للموجودين مسألة لو وقف شجرة فجفت الشجرة أو قلعها الريح أو
انكسرت الشجرة احتمل بطلان الوقف فيها كما لو مات العبد لفوات الأهم من منافعها ولان الوقف منوط باسم الشجرة والباقي جذع أو حطب ليس بشجرة وهو أحد وجهي الشافعية فحينئذ ينقلب
الحطب ملكا للواقف عندهم وعندنا يكون للموقوف عليه وأصح الوجهين عندهم المنع من بطلان الوقف وهو الأقوى عندي فحينئذ تصرف منفعته إلى البطون إما بان يوجر للتسقيف
أو لغيره ولو لم يبق فيه منفعة البتة فكالتالف فيشعل النار وعند الشافعية على وجه بقاء الوقف فيه وجهان أحدهما يباع ما بقى لتعذر الانتفاع بشرط الواقف وعلى هذا فالثمن كقيمة
المتلف فعلى قول يصرف إلى الموقوف عليه وعلى قول يشتري به شجرة أو شقص شجرة من جنسها لتكون وقفا مكان الأولى ويجوز ان يشتري به ودي فيغرس في موضعها وأصحهما
عندهم منع البيع لأنه عين الوقف والوقف لا يباع ولا يورث فعلى هذا وجهان أحدهما ينتفع بإجارته جذعا أو أمة للوقف في عينه والثاني يصير ملكا للموقوف عليه كقيمة العبد
المتلف والوجه الأول ان أمكن استيفاء منفعة منه مع بقائه والثاني إن كانت منفعة في استهلاكه وإذا ضخت؟ الدابة الموقوفة صار كجفاف الشجرة مسألة إذا خلقت حصر المسجد
وبواريه وبليت فالأقرب جواز بيعها لئلا يتلف وتضيع ماليتها ويضيق المكان بها من غير فايدة وكذا نحاتة؟ أخشابه في التجر؟ واستار الكعبة إذا لم يبق فيها منفعة ولا جمال وهو أصح وجهي
الشافعية والثاني لهم المنع من بيعها لأنها عين الوقف بل تترك بحالها ابدا وعلى ما اخترناه من جواز البيع وهو الأصح عندهم ان أمكن شراء حصير بثمن الحصير لزم وهو القياس
عندهم ولهم قول اخر انه يصرف ثمن الحصير وغيره في مصالح المسجد والأولى المصير إلى الأول ان أمكن شراء حصير به والى الثاني ان لم يمكن وجذع المسجد إذا انكسرت فان صلح لشئ لم يجز بيعه
وصرف فيما صلح له وان لم يصلح الا للاحراق بيع فيه وللشافعية فيه الخلاف السابق ولو أمكن ان يتخذ منه أبواب وألواح قال بعض الشافعية يجتهد الحاكم ويستعمل فيما هو أقرب إلى مقصود
الواقف ويجري مجرى الخلاف في الدار المنهدمة وفيما إذا أشرف الجذع على الانكسار والدار على الانهدام مسألة إذا فضل من حصر المسجد وبواريه شئ واستغنى المسجد عنه
جاز ان يجعل في مسجد اخر وكذا ان فضل شئ من قطعتة؟ أو نقضه لاشتراك المساجد كلها في الانتساب إلى الله تعالى وكذا لو كان للمسجد نخل أو وقف عليه في عمارته واستغنى عن العمارة
صرف النماء إلى عمارة مسجد اخر وقال احمد يتخير بين ذلك وبين الصدقة بالفاضل من ذلك على فقراء جيران المسجد وغيرهم لان كسوة المسجد إذا انخرقت تصدق بها وقال لان شيبة
بن عثمان الجهني جاء إلى عايشة فقال يا أم المؤمنين ان ثياب الكعبة تكثر عليها فننزعها (فنحقر لها ابادا ندفئها)؟ حتى لا يلبسها الحايض ولا الجنب قالت عايشة بئس ما صنعت ولم تصب
ان ثياب الكعبة إذا نزعت لم يضرها من لبسها من حايض أو جنب لكن لو بعتها وجعلت ثمنها في سبيل الله والمساكين فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فيباع فيها فيضع ثمنها
حيث امرته عايشة ولأنه مال الله تعالى لم يبق له مصرف فصرف إلى المساكين كالوقف المنقطع ونمنع عدم المصرف فان عين الكعب قايمة وقول عايشة ليس حجة مسألة اختلف
علماؤنا في جواز بيع الوقف إذا خيف وقوع فتنة بين أربابه أو خرب وتعذرت عمارته قال في المبسوط يجوز وقال في الخلاف إذا خرب الوقف ولا يرجي عوده في أصحابنا من قال يجوز بيعه واستدل بالاخبار
443

وقال المفيد ليس لأرباب الوقف بعد وفات الواقف ان يتصرفوا فيه ببيع ولا هبة ولا يغيروا شيئا من شروطه الا ان يخرب الوقف ولا يوجد من يراعيه بعمارة من سلطان وغيره أو يحصل بحيث لا
يجدى نفعا فلهم حينئذ بيعه والانتفاع بثمنه وكذا ان حصلت بهم ضرورة إلى ثمنه كان لهم حل أو لا يجوز ذلك مع عدم ما ذكرناه من الأسباب والضرورات وقال السيد المرتضى مما
انفردت به الإمامية القول بان الوقف متى حصل له الخراب بحيث لا يجدي نفعا جاز لمن هو وقف عليه بيعه والانتفاع بثمنه وان أرباب الوقف متى دعتهم ضرورة شديدة إلى
ثمنه جاز لهم بيعه ولا يجوز لهم ذلك مع فقدان المصنف؟ ومثله قال سلار وابن حمزة وقال ابن البراج وأبو الصلاح إذا كان الشئ وقفا على قوم ومن بعدهم على غيرهم وكان الواقف
قد شرط رجوعه إلى غير ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها لم يجز بيعه على وجه من الوجوه وإن كان وقفا على قوم مخصوصين فيه وليس فيه شرط يقتضي رجوعه إلى
غيرهم حسب ما قدمناه وحصل الخوف من هلاكه وإفساده أو كان بأربابه حاجة ضرورية يكون بيعه أصلح لهم من بقائه عليهم أو يخاف من وقوع خلاف بينهم يؤدي إلى
فساد فإنه يجوز حينئذ بيعه وصرف ثمنه في مصالحهم على حسب استحقاقهم فإن لم يحصل شئ ء من ذلك لم يجز بيعه أيضا على وجه من الوجوه فقد اتفق هؤلاء العلماء من أصحابنا
على جواز بيعه وفي الجملة اطلق ابن الجنيد المنع من البيع وقال ابن إدريس لا يجوز البيع سواء خرب أو لا وسواء خيف وقوع فتنة بين أربابه أو لا واما العامة فقال الشافعي ومالك لا يجوز بيع شئ من
ذلك لقول رسول الله لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث ولان ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع تعطيلها كالعبد إذا أعتق وأشبه الأشياء
بالعتق المسجد لان في بيعه ابطال حرمته وقال احمد إذا خرب الوقف وبطلت منافعه كدار انهدمت أو ارض خربت وعادت مواتا ولم يمكن عمارتها أو كمسجد انتقل أهل القرية
عنه وصار في موضع لا يصلى فيه أو ضاق باهله ولم يمكن توسعه في موضعه أو تشعت؟ جميعه ولم يمكن عمارتها ولا عمارة بعضه الا ببيع بعضه جاز بيع بعضه ليعمر به بقيته فإن لم يمكن الانتفاع بشئ
منه بيع جميعه ويجوز تحويل المسجد خوفا من اللصوص وإذا كان موضعه قذرا بحيث يمنع من الصلاة فيه ويجوز بيعه عرصة وتكون الشهادة في ذلك على الامام وجوز بيع الفرس
الموقوف على الغزوة إذا كبرت فلم تصلح للغزو وأمكن الانتفاع بها في شئ ء اخر مثل ان تدور في الرحا أو يحمل عليها تراب ويكون للرغبة في نتاجها أو حصادنا؟ يتخذ للطواق فإنه
يجوز بيعها ويشتري بثمنها ما يصلح للغزو وقال محمد بن الحسن إذا خرب المسجد الوقف عاد إلى ملك واقفه لان الوقف انما هو تسبيل المنفعة فإذا زالت منفعة زال حق الموقوف
عليه منه فزال ملكه والشافعية فرقوا بين الشجرة إذا جفت أو الجذع إذا انكسر أو الحصير إذا خلق وبين المسجد إذا انهدم أو خربت المحلة أو تفرق عنها الناس أو تعطل المسجد فإنه لا
يعود ملكا بحال ولا يجوز بيعه كالعبد إذا أعتقه ثم رض؟ ولا يشبه جفاف الشجرة لان توقع عود الناس والعمارة قايم وهذا كما لو وقف على تغر فاتسعت رفقة الاسلام فان ربع
الوقف يحفظ الاحتمال عوده تغرا ولان الانتفاع في الحال بالصلاة في العرصة ممكن والوجه ان يقال يجوز بيع الوقف مع خرابه وعدم التمكن من عمارته أو مع خوف فتنة
بين أربابه يحصل باعتبارها فساد لا يمكن استدراكه مع بقائه لان الغرض من الوقف استيفاء منافعه وإذا تعذرت يجوز اخراجه عن حده تحصيلا للغرض منه والبقاء
على العين مع تعطيلها تضييع للغرض وابطال العقد الواقف كما لو عطل الهدي ذبح في الحال وان اختص بموضع فلما تعذر المحل ترك
مراعاة الخاص المتعذر ولما رواه علي بن مهزيار في الصحيح قال كتبت إلى (جعفر ان قدما)؟ ابتاع صيغة فاوقفها وجعل لك من الوقف الخمس ويسئل عن رأيك في بيع حصتك من
الأرض أو تقويمها على نفسه بما اشتراها أو يدعها موقفه فكتب (ع) إلى اعلم فلانا اني امره ببيع حقي من الضيعة وايصال ثمن ذلك إلي وان ذلك رأيي انشاء الله أو يقومها على نفسه
إن كان ذلك ارفق له وكتبت إليه ان الرجل كتب ان بين من وقف عليهم بقية هذه الضيعة اختلافا شديدا وانه ليس يا من أن يتفاقم ذلك بينهم بعده فإن كان يرى أن يبيع هذا الوقف
ويدفع إلى كل انسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمر به فكتب بخطه إلي واعلم أن رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف ان بيع الوقف أمثل فإنه ربما جاء في
الاختلاف تلف الأموال والنفوس واحتج المانعون من علمائنا بما رواه علي بن راشد قال سئلت أبا الحسن (ع) قلت جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنب صيغتي فلما وفيت
المال خبرت؟ ان الأرض وقف فقال لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في ملكك ارفعها إلى من أوقفت عليه قلت لا اعرف لها ربا قال تصدق بغلتا ولان ما لا يجوز بيعه
مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع تعطيلها كالعتق والجواب القول بموجب الرواية فان المقتضي للتسويغ البيع هو الخراب أو وقوع فتنة بين أربابه والتقدير حصول علة منها وعدم معرفة أربابها
فانتفى المعينان فلهذا نهاه (ع) عن شرائها والفرق بين العتق والوقف ظاهر فان العتق اخراج عن الملك بالكلية لله تعالى والوقف تمليك للموقوف عليه لطلب النفع منه وكان
ابن البراج وأبا الصلاح عولا على ما رواه جعفر بن حيان قال سألت الصادق (ع) عن رجل أوقف غلة له على قرابته من أبيه وقرابته من امه فللورثة ان يبيعوا الأرض إذا احتاجوا
ولمتكفهم ما يخرج عن الغلة قال نعم إذا رضوا كلهم وكان البيع خيرا لهم باعوا فان مفهوم هذه الرواية عدم التأبيد واما المسجد فالوجه انه لا يجوز تبديله ولا تحويل ولا بيعه
بحال من الأحوال لأنه خرج عن ملك صاحبه لله تعالى فأشبه العبد الذي أعتق إذا تعطل فإنه لا يعود ملكا لاحد البتة كذا هذا وقول محمد بن الحسن غلط فان واقف المسجد
زالت ملكه على كل حال فلا يعود إلى ملكه باختلاله كالعبد المعتق واحتج احمد بان عمر كتب إلى سعيد لما بلغه ان قد نقب بيت المال الذي بالكوفة ان انقل المسجد الذي
بالتمارين واجعل بيت المال في قبلة المسجد فإنه لا يزال في المسجد مصل ولان فيما ذكره استبقاء الوقف بمعناه عند التعذر وابقائه بصورته فوجب ذلك كما لو استولد الجارية الموقوفة أو قبلها أو غيره وقول
عمر ليس حجة ونمنع تعذر استبقاء المنفعة بصورته لأنه قد يمكن بعد ذلك عود العمارة مسألة كل صورة جاز بيع الوقف فيها فإنه يباع ويصرف الثمن إلى جهة الوقف
فان أمكن شراء مثل تلك العين مما ينتفع به كان أولي وهل يكون واجبا قال بعض العامة لا يجب بل اي شئ اشترى بقيمته مما يرد على أهل الوقف جاز سواء كان من جنسه أو من غير
جنسه لان المقصود المنفعة لا الجنس لكن تكون المنفعة مصروفة إلى المصلحة التي كانت الأولى تصرف فيها لأنه لا يجوز تغيير المصرف مع امكان المحافظة كما عليه لا يجوز تغيير الوقف بالبيع مع
الانتفاع وما قلناه أولي لما فيه من متابعة شرط الواقف بحسب الامكان إذا عرفت هذا فإنه ان أمكن شراء شئ بالثمن يكون وقفا على أربابه كان أولي فان اتفق مثل الوقف
كان أولي والا جاز شرائهما كان مما يصح وقفه فإن لم يمكن صرف الثمن إلى الموقوف عليه يعمل به ما شاء وإذا لم يمكن تأبيده بحسب الشخص وأمكن بحسب النوع وجب لأنه موافق
لغرض الواقف وداخل تحت الأول الذي وقع العقد عليه ومراعاة الخصوصية بالكلية تقضي إلى فوات الغرض بأجمعه ولان قصر الثمن على البايعين يقتضي خروج باقي البطون عن
الاستحقاق بغير وجه مع أنهم يستحقون من الواقف كما يستحق البطن الأول ويقدر وجودهم حالة الوقف وقال بعض علمائنا وبعض الشافعية ان ثمن الوقف يكون كقيمة الموقوف
إذا تلف فيصرف الثمن إلى الموقوف عليهم ملكا على رأي وإذا قيل به فإذا قال الموقوف عليه لا يتبعوها واقلبوها إلى ملكي فعند الشافعية لا يجاب ولا ينقلب عن الوقف ملكا
بل ارتفاع الوقف موقوف على البيع وقال بعض الشافعية انه يجاب إليه وزعم أنه ينقلب ملكا من غير عقد وقول قالب مسألة لو لم يكف ثمن الفرس الحبيس للوقف لشراء
فرس أخرى للغزو أعين به في شراء فرس أحسن يكون بعض الثمن لان المقصود استيفاء منفعة الوقف الممكن استيفائها وصيانتها عن الضياع ولا سبيل إلى ذلك الا بهذا الطريق
فيتعين ولو لم تتعطل منفعة الوقف بالكلية لكن قلبت وكان غيره أنفع منه لم يجز بيعه لأصالة تحريم بيع الوقف وانما أبيح المصنف صيانة المقصود الوقف عن الضياع مع امكان تحصيله
444

ومع الانتفاع وان قل لا يضيع المقصود اللهم الا ان يبلغ في قلة النفع إلى حد لا يعد نفعا فيكون وجود ذلك النفع كعدمه وإذا تعطل المسجد في الموضع الخراب ولم يخف من أولي
القرابة نقضه لم ينقض وان خيف نقض وحفظ وان رأى الحاكم ان يعمر بنقضه مسجدا اخر جاز وما كان أقرب إليه فهو أولي ولا يجوز صرفه إلى عمارة بئرا وحوض وكذا البئر الموقوفة
إذ ا خربت يصرف نفضها إلى بئر أخرى أو حوض لا إلى المسجد ويراعي غرض الواقف ما أمكن وجميع ما ذكرنا في المسائل المتقدمة في حصر المسجد ونظايرها انما هو إذا كانت موقوفة
على المسجد إما ما اشتراه المتولي للمسجد أو وهبه منه واهب وقبله المتولي فيجوز بيعه بلا خلاف بين العامة عند الحاجة لأنه ملك حتى إذا كان المشتري للمسجد شقصا كان للشريك الاخذ بالشفعة عند
الغبطة عندهم البحث الرابع في اللواحق مسألة يجوز الوقف على كل مصلحة ينتفع بها من يصح ان يملك تلك المنفعة فلو وقف ضيعة على تكفين الأموات أو لشراء كفنهم أو
حنوطهم أو اعانة من يكفنهم ويتولى دفنهم وتجهيزهم أو على من يصلي عليهم جاز وان حرمت الأجرة في ذلك
كله لان ذلك ليس مأخوذا على وجه الأجرة وكذا يجوز الوقف على
من يصلى إماما في المسجد الفلاني أو من يصلى فيه مطلق الفرائض الخمس أو من يصلى مطلقا ولو في داره أو من يؤذن للناس أو من يعلمهم القران أو الفقه أو من يساعد بنفسه في الجهاد
وان وجب عليه أو على من يصوم شهر رمضان ولو وقف ضيعة على المؤن التي تقع في قرية كذا من جهة السلطان جاز وصيغته أن يقول وقفت وتصدقت بهذه الضيعة
صدقة مخلدة محرمة على أن يستغل فما فضل من عمارتها صرف إلى هذه المؤن وإن كانت تصل اعانة الظالم لأنه في الحقيقة يستدفع بها الاذاء عن المؤمنين مسألة
يجوز الوقف على عدد غير منحصر وان انتشر وفي البلاد المتباعدة كبني هاشم وبني تميم وأقارب رسول الله (ص) خلافا للشافعي في أحد قوليه على ما تقدم وقد تصدق أمير المؤمنين
بداره في بني زريق صدقة لا تباع ولا تورث ولا توهب حتى يرث الله الأرض ثم قال فان انقرضوا فهي لذوي الحاجة من المسلمين ولا فرق بين من لا ينحصر في ابتداء الوقف
وانتهائه ويكون ذلك بيانا للمصرف يكفي الصرف إلى ثلاثة منهم لتحقق لفظ الجمع فيهم فإذا وقف على الطالبيين كفى الصرف إلى ثلاثة منهم ويجوز ان يكون أحدهم من أولاد
علي (ع) والثاني من أولاد عقيل والثالث من أولاد جعفر ولو وقف على أولاد علي وأولاد عقيل وأولاد جعفر فلا بد من الصرف إلى ثلاثة من كل صنف هكذا قاله بعض الشافعية والأولى وجوب
الصرف إلى جميع من يحضر البلد من الطالبيين وكذا من بني هاشم والفقراء وغيرهم من أسماء الجموع نعم لا يجب تتبع من غاب عن البلد لما فيه من العسر والمشقة وخوف التلف ولما
رواه علي بن سليمان النوفلي قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني (ع) أسأله عن ارض اوقفها جدي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان الرجل الذي يجمع القبيلة وهم كثيرون متفرقون في
البلاد وفي ولد الموقف حاجة شديدة فسألوني ان اختصهم بها دون ساير ولد الرجل الذي يجمع القبيلة فأجاب ذكرت الأرض التي اوقفها جدك على نفر من ولد فلان وهي لمن
حضر البلد الذي فيه الموقف وليس لك ان تتبع من كان غايبا ولو قال وقفت داري هذه على المساكين بعد موتي فان قصد الوصية صح في الثلث وان قصد الوقف وعلقه بالموت
كان باطلا وأفتى بعض الشافعية في رجل قال وقفت داري هذه على المساكين بعد موته بصحة الوقف وحملوه على أنه وصية ولو عرض الدار على البيع صار راجعا فيه وقال به بعض
العامة وأبطله بعضهم لأنه تعليق للوقف على شرط وهو باطل كما لو علقه في حياته ولو قال جعلت داري هذه خانقاه للغزاة لم تصر وقفا بذلك ولو قال تصدقت بداري هذه
صدقة محرمة ليصرف من غلتها كل شهر إلى فلان كذا صح الوقف وهو أحد وجهي الشافعية للأصل والفضل عن المقدر يكون للواقف ان مات فلورثته وللشافعية أوجه أحدها
الصرف إلى أقرب الناس إلى الواقف الثاني الصرف إلى الفقراء الثالث أنه يكون ملكا للواقف ولو قال جعلت هذه الدار للمسجد أو دفع دارا إلى قيم المسجد
وقال خذها لم يلزمه ذلك ولم يكن وقفا صحيحا ولو قال إذا مت فاعطوا من مالي ألف درهم للمسجد فهو وصية فليس وقفا وقال بعض الشافعية لا
يكون شيئا لأنه لم يوجد صيغة ولا تمليك مسألة لو قال وقفت داري على زيد وعلى الفقراء فيبني على ما إذا اوصى لزيد وللفقراء فان جعلناها كأحدهم صح الوقف
ولا يحرم زيد وان جعلنا النصف له صح الوقف في نصف الفقراء وكان وقف زيد منقطع الأخر وان لم يصح صح في نصيب الفقراء
وللشافعية وجهان مأخوذان من تفريق الصفقة ولو قال وقفت هذه البقرة على رباط كذا ليسقى من لبنها من نزل فيه أو ينفق من نسلها عليه جاز وان اقتصر على قوله وقفتها عليه فالأقوى
الجواز لان المراد ذلك وقال بعض الشافعية لا يجوز وان كنا نعلم وانه يريده لان العبرة باللفظ ولو قال وقفت على مسجد كذا فالوجه الجواز وصرف النفع إلى عمارته ودهن أضوائه وفرشه
وغير ذلك من مصالحه وقال بعض الشافعية لا يصح حتى يبين جهته فيقول على عمارته أو يقول وقفت عليه ليستغل فيصرف إلى عمارته أو إلى دهن السراج ونحوهما واطلاق جمهورهم
فيقتضي الجواز ولو وقف على مسجد أو رباط معين ولم يذكر المصرف فان خرب احتمل ان يكون منقطع الأخر وهو قول بعض الشافعية لئلا يكون في وسط بلد يستبعد خرابه في
العادة فيكون صحيحا وإن كان في قرية أو برية على جادة الطريق وهو منقطع الأخر مسألة لو وقف نخلا أو شجرة فالأقرب عدم دخول المغرس كما في البيع وهو أحد وجهي
الشافعية وكذا حكم الأساس مع البناء الا أن يقول بحقوقها ولو وقف على عمارة المسجد لم يجز صرف الغلة إلى النقش والتزويق وهل يجوز توفيه اجرة القيم منه الأقرب ذلك
وهو قول بعض الشافعية ولا يجوز صرف شئ إلى الامام والمؤذن والفرق ان القيم يحفظ العمارة ويجوز ان يشتري البواري والحصر وهل يشتري الدهن الأقرب المنع وهو أصح
وجهي الشافعية والفرق انما يفرش حافظ للعمارة ولباس للمسجد ومنفعة الدهن تختص بالمصلين وقال كثير من الشافعية لا يشتري به الدهن ولا الحصر واما التخصيص الذي
فيه احكام لبناء معدود في العمارات ولو وقف على مصلحة المسجد لم يجز النقش والتزويق وجاز شراء الحصر والدهن والأقرب جواز الصرف إلى الامام والمؤذن والموقوف على
الحشيش لا يصرف إلى الحصير لأنه لا يستعمل فيه عرفا وبالعكس والموقوف على أحدهما لا يصرف إلى البور وبالعكس ولو وقف على المسجد مطلقا قال بعض الشافعية على تقدير الجواز بالتسوية
بينه وبين ان يقف على عمارة المسجد ولهم وجهان في جواز الصرف إلى النقش والتزويق في هذه الصورة ولو وقف على النقش والتزويق فالأقرب المنع وهو أحد وجهي الشافعية
وفي الأخر لا يجوز كالخلاف في جواز تخلية المصاحف مسألة إذا قال المتولي للمسجد أنفقت المال في كذا قبل قوله وهو الاظهر من وجهي الشافعية ان احتمل الحال قوله وان ادعى
ما الظاهر فيه كذبه لم يسمع قوله ولو انهدم البناء أو انقلعت الأشجار جاز اجارة الأرض ممن يزرعها أو يضرب فيها خيامه أو يبني ويغرس عليها من غلتها ويجوز ان يقرض
الامام المتولي من بيت المال أو يأذن له في الاستقراض أو الانفاق على العمارة من مال نفسه بشرط الرجوع وليس له الاستقراض بدون اذن الامام ولو تلف الموقوف في
يد الموقوف عليه أو في يد من يستحق اثبات اليد عليه من غير تعده فلا ضمان عليه ولو انكسرت الآنية الموقوفة فان وجد متبرع بالاصلاح فذلك والا اتخذ منه أصغر وانفق
الفضل على اصلاحه فإن لم يمكن اتخاذ مثل تلك الآنية اتخذ منه ما يمكن ان يكون آلة غيرها كمعرفة وطاسة وغيرهما ولا حاجة هنا إلى تجديد وقف فإنه عين الموقوف وإذا خرب
العقار الموقوف على المسجد وللمسجد هناك مال فاضل دخل بدئ منه بعمارة العقار لأنه أصل في عمارة المسجد ولو حصل مال كثير من غلة وقف المسجد اخذ منه بقدر ما
لو خرب المسجد أعيدت العمارة والزايد يشتري به ما فيه للمسجد زيادة غلة وقال بعض الشافعية ان الموقوف لعمارة المسجد لا يشتري به شئ أصلا لان الواقف وقف على
العمارة وهل يجوز صرف الفاضل من وقف المسجد إلى عمارة مسجد اخر الأقرب الجواز مع احتمال العدم مسألة لا تجوز قسمة الوقف بين أربابه سواء كان الموقوف عليه
في الأصل واحدا ثم تعدد البطن الثاني الذين انتقل إليهم أو كان الوقف في الأصل على متعدد كما لو وقف على أولاده وهم أكثر من واحد أو وقف على جهتين لما فيه من تغير
445

شرط الواقف لان الحق ليس منحصرا في المقسمين فان لمن بعدهم من البطون حقا يأخذونه من الواقف لا على جهة الإرث من البطن الأول وبه قال أكثر الشافعية وقال بعضهم
ان جعلنا القسمة افراز حق وتميزه عن غيره جازت القسمة فإذا انقرض البطن الأول انتقضت ويجوز لأرباب الوقف المهايات توصلا إلى استيفاء المنافع ويجوز عندنا
قسمة الوقف من الطلق لان القسمة ليست بيعا عندنا وانما هي افراز حق ثم لا يخلو إما ان يكون فيها رد أو لا فإن لم يكن فيها رد جازت القسمة عندنا وعند كثير من العامة
وان اشتملت على رد فإن كان من جانب أصحاب الوقف جاز أيضا لأنه يكون شراء الشئ من الطلق وإن كان من صاحب الطلق قال بعض العامة لا يجوز لتضمنه شراء شئ من
الوقف وبيعه غير جايز وهو ممنوع وإن كان المشاع وقفا على جهتين فأراد أهله قسمته لم يجز عندنا وعند بعض العامة يبني على ما ذكر ولم تجز إذا كان فيها رد بحال ومتى جازت
القسمة بين الوقف والطلق وطالبها أحد الشريكين أو ولى الوقف أخبر الأخر لان كل قسمة جازت من غير رد ولا ضرر فهي واجبة ولو وقف كل واحد من الشريكين حصة على ولده
أو على جهة أخرى وأراد الولدان أو صاحبا الجهتين القسمة فالأولى المنع كما لو كان الواقف واحدا ولو وقف أحد الشريكين حصته لم يكن للاخر شفعة لأنه ازاله ملك بغير عوض فهو
كالهبة ولان الشفعة انما يثبت عندنا بالبيع خاصة دون غيره من أسباب النقل ولو جعل الواقف للموقوف عليه القسمة ففي جوازها اشكال فان جوزناه ففي لزومه
في حق البطون المتجددة اشكال وان قلنا بلزومه ففي نقضه لو اتفق البطن الثاني على نقضه اشكال مسألة لا يجوز تغيير الوقف عن هيئة فلا يجوز جعل الدار
الموقوفة بستانا ولا حماما وبالعكس الا إذا جعل الواقف للمتولي ما يرى فيه الوقف ولو تعذر الاستمرار جاز التغيير إلى أقرب الأوصاف إلى الوقف ولو جعل دكانا القصار للخباز
وبالعكس فالأقرب الجواز وهو قول بعض الشافعية لانتفاء التغيير في النوع ولو هدم الدار أو البستان فقعد اخذ منه الضمان وبنى به أو غرس ليكون وقفا مكان الأول
ولو وقف على قنطرة فانخرق الوادي وتعطلت تلك القنطرة واحتيج إلى قنطرة أخرى جاز النقل إلى ذلك الموضع بخلاف المسجد الذي باد أهله حيث تبقى عمارته ويعمر بعد
ما خرب ان أمكن لتصلى فيه المارة وإذا وقف على عمارة المسجد جاز ان يشتري منه سلم لسعود السطح ومكانس يكنس بها ومساحي ومزور وذبل لحفر التراب ونقله لان ذلك حفظ
العمارة ولو أن المطر يصيب بابه ويفسده جاز بناء ظلال منه ولا يجوز إذا كان مضرا بالمادة وإذا وقف على دهن السرج للمسجد جاز وصفه في جميع الليل لأنه ابسط للمصلين ويجوز وقف
الستور ليستر بها جدران المسجد وقال بعض الشافعية ينبغي ان يجئ فيه الخلاف المذكور في النقش والتزويق فلو وقف على المسجد مطلقا فالأقرب جواز صرف الغلة إلى الامام والمؤذن
ان ساغ لهما التناول ويجوز بناء منارة للمسجد وكذا يجوز بناء منارة من الوقف الذي وقف على عمارة المسجد وهل يجوز بنا سقاية للمسجد اشكال مسألة لو
بنى مسجد وصار مسجدا لم يجز دفعه من الأرض وجعل سقاية أو دكاكين تحته خلافا لأحمد في إحدى الروايتين فان المسجد ملك لله تعالى لا يجوز نقله ولا ابداله ولا بيع ساحته
ولو جاز جعل أسفل المسجد سقاية وحوانيت كان جعل المسجد سقاية وحوانيت ويجعل بدله مسجدا في موضع اخر ولو كان لمسجد منارة وهو غير حصين عن الكلاب أمكن القول بجواز نقضها وبناء الحايط
بها للمصلحة وبه قال احمد ولو أريد حفر المسجد وجعل السقاية والدكاكين تحته والبناء عليها بحيث يكون المسجد سقفا مساويا للأرض التي كان عليها في الارتفاع فالأولى
المنع ولو جعل في سطحه مرتفق يجري مع حايطه من غير مداخلة له فيه فالأقرب الجواز مسألة لا يجوز ان يغرس في المسجد شجرة فان غرست كان للامام قلعها لان المسجد
انما بني لذكر الله تعالى والصلاة فيه وتلاوة القران ولان موضع الشجرة من المسجد الذي جعل للصلاة وبغرس الشجرة تمتنع الصلاة في مغرسها ويؤذي المصلين بسقوط ورقها
في المسجد ورمى ثمرها وتسقط عليها الطيور وبتول في المسجد وربما اجتمع الصبيان من اجلها ورموها بالحجارة ليسقط ثمرها وقد روي في اخبارنا انه من غرس في المسجد شجرة فكانما
ربط فيه خنزيرا ولو كانت النخلة قد نبتت عذبا؟ من الله تعالى ففي قلعها اشكال ولو جعل أرضا فيها نخلة مسجد أقرت فيه لسبق حق الملك ولا تصير وقفا بمجرد ذكر الأرض كبيع الأرض
وحينئذ لا يكلف تفريغ الأرض وللشافعي قولان في البيع وقال احمد تصير النخلة وقفا ويكون ثمرتها للمساكين لأنه لم يجعل لها مصرفا ولو وقف الشجرة على المسجد واحتاج المسجد إلى
عمارة فالأقرب جواز بيع الشجرة في عمارته وقال بعض الشافعية يجوز للامام قلعها باجتهاده ليتسع للمصلين ولو قال جعلت هذه الأرض مسجدا لم تدخل الشجرة لأنها لا
تجعل مسجدا ولو جعل الأرض مسجدا ووقف الشجرة عليها جاز ولم يجز قلعها لأنها لمصالح المسجد ولو نبت شجرة في المسجد ففي جواز اكل ثمرها للداخل فيه نظر أقربه صرف
الثمرة إلى مصالح المسجد من العمارة وشبهها ولو نبتت شجرة في المقبرة ففي جواز اكل ثمرها للناس اشكال أقربه صرفها في مصالح المسجد مسألة يصح وقف المريض كما
يصح وقف الصحيح الا ان بين علمائنا اختلافا في أنه هل يمضي من الأصل أو من الثلث والمعتمد الثاني على ما يأتي انشاء الله ولأنه وقف يؤخر عن الديون فيكون وصية والملازمة
ظاهرة واما صدق المقام فلما رواه أحمد بن حمزة انه كتب إلى أبي الحسن (ع) مدين وقف ثم مات صاحبه وعليه دين لا يفي بماله فكتب (ع) يباع وقفه في الدين ولا فرق بين ان
يكون الوقف على الأجنبي أو على الوارث عند علمائنا لقوله تعالى الوصية للوالدين والأقربين وقال الشافعي إن كان لأجنبي اعتبر من الثلث فإن لم يزد عليه لزم وان
زاد عليه وقف على اجارة الورثة فان أجازوا بأسرهم نفذ من الثلث فان أجاز بعضهم نفذ في حصته من الأصل وفي حصة الراد من الثلث وان وقف على بعض ورثته
وقف على اجازة الباقين فان رده بطل سواء اخرج من الثلث أو لا وكذا إذا اوصى بالوقف وقال احمد في أصح الروايتين كقولنا انه يمضي من الثلث وان لم تجز الورثة
كالأجنبي لان عمر جعل الولاية لحفصة ثم لذوي الرأي من أهله ولا حرج على من وليه ان يأكل منه ولان الوقف ليس في معنى المال فإنه لا يجوز التصرف فيه فهو بمنزلة عتق
الوارث والوصية عنده للوارث وإن كانت باطلة الا مع اجازة جميع الورثة فان الموقف مغاير لها لأنه لا يباع ولا يورث ولا يصير ملكا للورثة ينتفعون بغلتها
ولو وقف ووهب حابى؟ فإن كان ذلك منجزا قدم الأول فالأول فان اشتبه السابق قال بعض علمائنا يقسم على الجميع بالحصص والوجه القرعة وإن كان وصية فكذلك
عندنا وقال الشافعي يستوي الكل الا العتق فان فيه قولين مسألة لو وقف داره على ابنه وبنته بالسوية في مرض موته وهي تخرج من الثلث صح ذلك عندنا
وبه قال احمد في إحدى الروايتين لأنه لما كان يجوز له تخصيص البنت بوقف الدار كلها فنصفها أولي وقالت الشافعية واحمد في الرواية الأخرى ان أجاز الابن لك جاز وان
لم يجز قال بعض العامة بطل الوقف فيما زاد على نصيب البنت وهو السدس ويرجع إلى الابن ملكا فيكون له النصف وقفا والسدس ملكا طلقا والثلث للبنت جميعه يكون وقفا
قال ويحتمل ان يبطل الوقف في نصف ما وقف على البنت وهو الربع ويبقى له ثلاثة أرباع الدار وقفا نصفها
للابن وربعها للبنت والربع الذي بطل الوقف فيه بينهما أثلاثا للابن
ثلثاه وللبنت ثلثه وتصح المسألة من اثني عشر ستة أسهم وقف أو سهمان ملكا وللبنت ثلاثة أسهم وقفا وسهم ملكا ولو وقفها على ابنه وزوجته نصفين وهي تخرج
من ثلثه فرد الابن صح الوقف على الابن في نصفها وعلى المرأة في ثمنها وللابن ابطال الوقف في ثلاثة أثمانها فيرجع إليه ملكا على الوجه الأول وعلى الوجه الثاني يصح الوقف على
الابن في نصفها وهو أربعة أسباع نصيبه ويرجع إليه باقي نصيبه ملكا ويصح الوقف في أربعة أسباع الثمن الذي للمرأة وباقية يكون لها ملكا فاضرب سبعة في ثمانية يكون
ستة وخمسين للابن ثمانية وعشرون وقفا واحد وعشرون ملكا وللمرئة أربعة أسهم وقفا وثلاثة ملكا واما إن كانت الدار جميع ملكه فوقفها كلها فعلى ما اخترناه واختاره
446

احمد في إحدى الروايتين الحكم فيها كما كانت تخرج من الثلث فان الوارث في جميع ذلك كالأجنبي في الزايد على الثلث وعلى قول احمد في الرواية الأخرى يلزم الوقف في الثلث
من غير اختيار الورثة وفيما زاد لهما ابطال الوقف فيه وللابن ابطال التسوية فان اختار ابطال التسوية دون ابطال الوقف خرج فيه عندهم وجهان أحدهما انه يبطل الوقف في
التسع ويرجع إليه ملكا فيصير له النصف وقفا والتسع ملكا ويكون للبنت السدس والتسعان وقفا لان الابن انما يملك ابطال الوقف فيما له دون مال غيره والوجه الثاني
له ابطال الوقف في السدس ويصير له النصف وقفا والتسع ملكا وللبنت الثلث وقفا ونصف التسع ملكا لئلا يزداد الثلث على الابن في الوقف وتصح المسألة في هذا
الوجه من ثمانية عشر للابن تسعه وقفا وسهمان ملكان وللبنت ستة أسهم وقفا وسهم ملكا وقال بعضهم له ابطال الوقف في الربع كله ويصير النصف وقفا والسدس
ملكا ويكون للبنت الربع وقفا ونصف السدس ملكا كما لو كانت الدار تخرج من الثلث وتصح من اثنى عشر تذنيب لو وقف في مرض موته وعليه دين مستوعب بطل
الوقف على الأقوى لان منجزات المريض كالوصية عندنا والدين مقدم عليه على رواية أحمد بن حمزة انه كتب إلى أبي الحسن (ع) مدين وقف ثم مات صاحبه وعليه دين لا يفي
بماله فكتب يباع وقفه في الدين ولو كان المديون هو الموقوف عليه لم يبع الوقف في قضاء دينه مسألة إذا كان الوقف شجرا فأثمر أو أرضا فزرعت وكان الوقف
على أقوام بأعيانهم فحصل لبعضهم من الثمرة أو الحب نصاب؟ ووجبت فيه الزكاة عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي واحمد لأنه اشتغل من ارضه أو شجره نصابا فلزمه
زكاته كغير الوقف والأصل فيه ان الوقف تعلق بأصل الشجرة ورقبة الأرض واما الثمرة والزرع فطلق والملك فيهما تام له التصرف فيهما لجميع التصرفات ويورث عنه فيجب فيها
الزكاة كالحاصلة من ارض مستأجرة له وقال طاوس ومكحول لا زكاة فيه لان الأرض ليست مملوكة لهم فلا يجب عليهم زكاة في الخارج منها كالمساكن ونمنع انتفاء الملك
عنهم ولو سلمنا فإنه مالك لمنفعتها ويكفي ذلك في وجوب الزكاة كالأرض المستأجرة بل ولو غصب أرضا وزرع زرعا ونمى وجب عليه فيه الزكاة واما لو كان الوقوف
عليه غير منحصر كالمساكين فلا زكاة عليهم فيما يحصل في أيديهم سواء حصل في يد بعضهم نصاب من الثمار والحبوب أو لم يحصل ولا زكاة عليهم قبل تفريقها وان بلغت نصابا
لان الوقف على المساكين لا يتعين لواحد منهم لان كل واحد منهم يجوز حرمانه والدفع إلى غيره وانما يثبت الملك فيه بالقبض والدفع لما اعطيه من غلته ملكا مستأنفا فلا
يجب عليه فيه زكاة كالذي يدفع إليه من الزكاة وكما لو وهبه أو اشتراء بخلاف الوقف على قوم بأعيانهم فإنه يتعين لكل واحد منهم حق في نفع الأرض وغلتها يجب اعطاؤه
ولا يجوز حرمانه مسألة يشتمل على احكام متعددة لو وقف على مصلحة فبطل رسمها فلم يمكن صرف الوقف إليها صرف في رجوه البر ولو وقف في وجوه البر وأطلق
صرف في الفقراء والمساكين وكل مصلحة يتقرب بها إلى الله تعالى ولو وقف على أعمامه وأخواله تساووا جميعا ولو وقف على أقرب الناس إليه فهم الأبواب والولد وان سفلوا
ولا يكون أحد من ذوي القرابة شئ ما لم يعدم المذكورون ثم الأجداد والاخوة من بعدهم بالسوية ثم الأعمام والأخوال على ترتيب الإرث لكن يتساوون في الاستحقاق الا
ان يعين التفصيل وإذا وقف على أولاده الأصاغر كان قبضه قبضا عنهم وكذا الجد للأب بخلاف الجد للام والأقرب في الوصي ذلك أيضا لثبوت الولاية عليهم ولو وقفت
على أولاده الأصاغر لم يكن له بعد ذلك وتمام الوقف ادخال غيرهم وقيل يجوز له ان يشرك معهم وان لم يشترط وليس بجيد والقبض انما يعتبر في البطن الأول ويسقط اعتباره
في باقي الطبقات وإذا وقف على الفقراء أو على الفقهاء فلابد من نسب قيم يقبض الوقف وكذا لو كان الوقف على مصلحة كفى ايقاع الوقف عن اشتراط القبول وكان القبض
إلى الناظر في تلك المصلحة ولو وقف مسجدا فخرب وخربت القرية أو المحلة لم يعد إلى ملك الواقف ولم تخرج العرصة عن الوقف ولو اخذ السيل ميتا يئس منه كان الكفن
للورثة وإذا اجر البطن الأول الوقف مدة ثم انقرضوا في اثناءها فان قلنا الموت تبطل الإجارة فلا بحث ولم لم نقل فهل تبطل هنا الأقرب ذلك لأنا تبينا ان هذه المدة
ليست للموجودين فتكون للبطن الثاني الخيار بين الإجارة في الباقي وبين الفسخ فيه فيرجع المستأجر على تركة الأولين بما قايل المتخلف إما لو مات المستأجر فان الإجارة
لا تبطل بناء على القول بعدم البطلان بموته وإذا وقف على الفقراء لم يجب تتبع من غاب عن البلد وهل يجوز الصرف إليه الأقرب ذلك وقال بعض علمائنا انه ينصرف إلى فقراء
البلد ومن يحضره فان قصد الاختصاص فهو ممنوع وان قصد جواز الاقتصار فهو حق فلو أحبل الموقوف عليه ا لجارية الموقوفة عليه فالولد حر ولا قيمة عليه لأنه لا يجب له على نفسه
غرم هذا ان قلنا إن الولد المتجددة مختص بمن تجدد في وقته من البطون وان جعلناه وقفا كالأم فالأقرب وجوب التقديم عليه لعدم اختصاصه به وعلى التقديرين هل
يصير أم ولد الوجه ذلك وتنعتق بموته ويؤخذ القيمة من تركته لمن يليه من البطون ولو وطئها غيره وهو حر وطئ صحيح فالولد حر الا ان يشترط أرباب الوقف رقيته
في العقد ولو وطئها الحر بشبهة كان ولده حرا وعليه قيمته للموقوف عليهم ولو كان بيع الوقف أنفع من بقائه قال الشيخ المفيد يجوز تغيير الشرط في الوقف إلى غيره وذلك أن
يكون قد شرط الواقف انه ان احتاج إليه في حياته لفقر كان له بيعه وصرف ثمنه في مصالحه لرواية إسماعيل بن الفضل عن الصادق (ع) وقد سلفت والوقف ان قلنا إنه ينتقل إلى
الموقوف عليه ثبت بالشاهد واليمين لان المقصود منه المال وان قلنا إنه ينتقل إلى الله لم يثبت بالشاهد واليمين كالعبد لو ادعى العتق ويحتمل عندي على القول بانتقاله
إلى الله تعالى ثبوته بالشاهد واليمين وان لم ينتقل إليه لأنه يحلف لتحصيل غلته ومنفعته فلما كان المقصود من الوقف المنفعة وهي مال يثبت بالشاهد واليمين بخلاف
حرية العبد لان المقصود منها تكميل الاحكام وإذا كان الوقف عاما بحيث يدخل الواقف فيه مثل ان يقف المسلم على المسلمين أو يقف على فقرائهم ثم يصير فقيرا أو يقف مسجدا
وقنطرة وأشباه ذلك جاز له الدخول في الانتفاع كباقي المسلمين وادعى الشيخ ره فيه الاجماع فإنه يعود إلى أصل الإباحة فيكون هو وغيره فيه سواء وقال ابن إدريس إذا وقف
شيئا على المسلمين عامة جاز له الانتفاع به عند بعض أصحابنا وإن كان ما وقفه دارا أو منزلا وكان وقفه عاما في ساير الناس كالدور التي ينزلها الحاج والخانات جاز له
النزول فيها وان لم يكن كذلك لم يجز له ثم قال ويقوي عندي ان المواقف لا يجوز له الانتفاع بما وقفه على حال لما بيناه واجمعنا عليه من أنه لا يصح وقفه على نفسه والوجه ان
نقول إن انتقل الوقف إلى الله تعالى كالمساجد كان للواقف الانتفاع به كغيره ولو انتقل إلى الخلق لم يدخل لأنه لو دخل تحت اللفظ العام لكان قد وقف على نفسه وغيره فيبطل
في حق نفسه لتساوي نسبته افراد العام إليه فلو كان مرادا منه لكان قد وقف على نفسه وغيره وان لم يكن مرادا لم يدخل في الوقف وعد ابن حمزة من شرايط صحته تسلم الوقف
من الموقوف عليه أو من وليه الا إذا جعل ولاية الوقف لنفسه مدة حياته وهذا القول يشعر بأنه إذا شرط الولاية لنفسه لم يكن القبض شرطا وهو ممنوع لان القبض شرط
لما رواه عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) أنه قال في رجل تصدق على ولد له قد ادركوا فقال إذا لم يقبضوا حتى يموت فهو ميراث وعدم الشرط يستلزم عدم المشروط
وقال الشيخ إذا وقف على ولده الموجودين وكانوا صغارا ثم رزق بعد ذلك أولاد جاز ان يدخلهم معهم فيه ولا يجوز ان ينقله عنهم بالكلية إليهم وأطلق باقي
الأصحاب المنع من تغيير الوقف وشرايطه بعد لزومه وقال ابن البراج الوقف يجب ان يجري على ما يقفه الواقف ويشترط فيه فإذا وقف على ولد موجود وهو صغير
ثم ولد له بعده غيره وأراد ان يدخله في الوقف مع الأول كان جايزا الا ان يكون قد خص الولد الموجود بذلك وقصره عليه وشرط انه له دون غيره ممن عسى ان يرزقه
447

من الأولاد فإنه لا يجوز له ان يدخل غيره والحق انه ليس له ادخال من يولد الا ان يشرط ذلك في متن العقد لقول العسكري (ع) الوقوف بحسب ما يوقفها أربابها ولأنه عقد
وقع لازما فلا يجوز تغييره والا لم يكن لازما ولما رواه جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل تصدق على ولده بصدقة وهم صغار أله ان يرجع فيها قال لا الصدقة
لله وإذا وقف على أولاده ولم يفضل بعضا على بعض تساوى الذكور والإناث وكذا لو قال لورثتي وهو المشهور للأصل وقال ابن الجنيد يكون للذكر مثل حظ الأنثيين
مع أنه قال لو جعل الرجل وقفه على ولد أمير المؤمنين (ع) أو جعلها لقرابة منه لم يتوارثون كانت لجميعهم على الرؤس لا يفضل فيها ذكر على أنثى وقال الشيخ ره إذا وقف
الانسان مسكنا جاز له ان يقعد فيه مع من وقفه عليهم وليس له ان يسكن غيره فيه وقال ابن الجنيد فإن لم يشترط لنفسه الاكل والسكنى فيما تصدق به لم يكن ان يأكل
من الغلة ولا ان يسكن والوجه انه لا يجوز له السكنى معهم لان الواقف اخرج الملك عن نفسه بالوقف فلا يجوز له الانتفاع به كغيره والشيخ ره عول على رواية أبي الجارود
عن الباقر (ع) وان تصدق بمسكن على ذي قرابته فان شاء سكن معهم وهي ضعيفة السند ومحمولة على الصدقة بالاسكان المطلق وقد روى أبو الصحاري عن
الصادق (ع) قال قلت له رجل اشترى دارا فبقيت عرصة فبناها بيت غلة أيوقف على المسجد قال إن المجوس أوقفوا على بيت النار وهو محمول على أنه وقف
على تزويق المسجد وقال ابن الجنيد أولاد الحيوان المجوسة يجرون مجرى أمهاتهم في الحبس وتسبيل المنفعة قال الشيخ ولد الأمة الرقيق قيل فيه وجهان أحدهما يكون
طلقا ويكون للموقوف عليه والثاني يكون وقفا كامها وكذا الأضحية والهدي ثم قوى الشيخ الثاني وإذا وقف المسلم شيئا على عمارة البيع والكنايس لم يجز وان
وقفه على الكافر جاز واما إذا وقف الكافر شيئا على بيوت عبادة لغير الله تعالى كبيوت النيران والأصنام والقرابين للشمس والكواكب فإنه باطل ولو وقف ضيعة
وقال يكون الارتفاع منصرفا إلى عمارتها وحق السلطان وما فضل بعد ذلك يكون في معاني الزكوات صح ويصرف إلى أرباب الزكوات وقال بعض الشافعية يصرف إلى الفقراء والمساكين ولان الظاهر أنه اخرج زكاته وكفارته انما خاف التقصير فيكون هذا تطوعا منه الفصل
الثاني في السكنى والعمري والرقبي والحبس مسألة إحباس أهل الجاهلية غير صحيحة وهي التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة
ولا وصيلة ولا حام فالبحيرة هي الناقة التي تلد خمسة بطون فإذا حصل ذلك منها بحروا اذنها اي شقوها والبحر شق ومنه سمي البحر وقيل إنها ولد الناقة بعد عشرة
بطون يشقون اذنها واما السائبة فهي هذه التي ولدت عشرة بطون كلها إناث فيشقون فيسيبونها اكراما لها فلا تركب ولا توجف وبرها ولا تجلب الا لضيف
واما الوصيلة فهي الناقة أو الشاة تلد عشر بطون في كل بطون ذكر وأنثى فإذا كان منها ذلك قالوا وصلت أولادها وقيل هي الشاة تلد خمس بطون في كل بطن عناقان
فإذا ولدت بطنا سادسا ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فما تلد بعد ذلك يكون حلالا للذكور حراما على الإناث واما الحام فهو الفحل ينتج من ظهره عشرة بطون فيسيب
ويقال حمى ظهره فلا يركب وقيل هو ان يطرف الفحل عشر سنين فيحمى ظهره وقد سمى الفقهاء العتق بالسائبة إذا تبرئ معتقه من ولامه في العتق ويبرء عندنا خلافا للشافعية
فإنهم قالوا يثبت عليه الولاء مسألة يصح الحبس مع قصد التقرب وهو كالوقف المنقطع فان حبس فرسه في سبيل الله أو غلامه في خدمة البيت أو المسجد أو المشهد
لزم ذلك ولم يجز لغيره ما دامت العين باقية وان قيد بمدة لزمت وان اطلق دامت ما دامت العين ويجوز ان يحبس على رجل معين أو جماعة منتشرين كالفقراء
فلو حبس داره على زيد أو على الفقراء فان عين وقتا لزم احباسه تلك المدة وان اطلق ولم يعين وقتا ثم مات الحابس كان ميراثا وكذا لو عين مدة وانقضت كان
ميراثا لورثة الحابس لما رواه ابن أذينة البصري قال كنت شاهد ابن أبي ليلى وقضى في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره ولم يوقت لهم وقتا فمات الرجل فحضر ورثته
ابن أبي ليلى وحضر ورثة الرجل جعل الدار فقال ابن أبي ليلى ارى ان أدعها على ما تركها صاحبها منه قال له محمد بن مسلم النقفي إما ان علي بن أبي طالب (ع) قد قضى في هذا
المسجد بخلاف ما قضيت به قال وما علمك قال إما سمعت أبا جعفر (ع) يقول قضى أمير المؤمنين (ع) برد الحبس وانفاذا لمواريث فقال ابن أبي ليلى هو عندك في كتاب
علي (ع) قال نعم قال فأرسل فاتني به قال محمد بن مسلم على أن لا تنظر في الكتاب الا في ذلك الحديث قال لك ذلك قال فأراه الحديث عن أبي جعفر (ع) في الكتاب فرد قضيته
مسألة السكنى عقد تفتقر إلى الايجاب والقبول والقبض وفايدتها التسليط على استيفاء المنفعة مع بقاء الملك على مالكه ويختلف عليها الأسماء بحسب
اختلاف الإضافة فإذا قرنت عمر أحدهما قيل عمري وبالاسكان قيل سكنى وبالمدة قيل رقبى إما من الارتقاب أو من رقبة الملك كانت العرب في الجاهلية يستعمل لفظين
وهما العمرى والرقبي فالرقبي مأخوذة من الرقوب والعمري مأخوذ من العمر كان كل واحد منهما يرتقب موت صاحبه والعبارة عن العقد أن يقول المالك أسكنتك أو أعمرتك
أو أرقبتك أو ما جرى مجرى ذلك هذه الدار أو هذه الأرض أو هذا المسكن عمرك أو عمري أو ما بقيت أو ما حييت أو ما عشت أو مدة معينة أو يطلق أو يقول أرقبتك
هذه الدار وهي لك مدة حيوتك أو وهبت منك هذه الدار عمرك على انك ان مت قبلي عادت إلي وان مت قبلك استقرت عليك وعن أحمد في تغيير الرقبى روايتان
إحديهما أن يقول هي لك عمرك فان مت قبلي رجع إلي وان مت قبلك فهى لك ومعناه هي لاخرنا موتا وكذا فسرها مجاهد والثانية هي أن يقول هي لك حياتك فإذا
مت فهي لفلان أو هي راجعة إلي وقال علي (ع) العمرى والرقبي سواء وقال طاوس من ارقب شيئا فهو سبيل الميراث وقال الزهري الرقبى وصية معناه إذا مت فهي لك وقال الحسن
ومالك وأبو حنيفة الرقبى باطلة لان النبي صلى الله عليه وآله أجاز العمرى وأبطل الرقبى وأن معناها انها لاخرنا موتا وهذا تمليك معلق بخطر ولا يجوز تعليق الملك بالخطر
والعمري والرقبي جايز ان في قول أكثر العلماء لما رواه العامة عن جابر قال قال رسول الله العمرى جايزة لأهلها والرقبي جايزة لأهله ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الصباح
عن أبي عبد الله (ع) قال سأل عن السكنى والعمري فقال إن كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط وان جعلها له ولعقبه من بعده حتى يفني عقبه فليس لهم ان يبيعوا ولا
يرثوا ثم ترجع الدار إلى صاحبها الأول وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) في الرجل يسكن الرجل داره ثم يعقبه من بعده قال يجوز وليس لهم ان لا يرثوا قلت فرجل
أسكن داره حياته قال يجوز ذلك قلت فرجل أسكن داره ولم يوقت قال جايز ويخرجه إذا شاء ولأنها نوع من صدقة تتبع اختيار المتصدق بها في القلة والكثرة
والدوام وعدمه وحكى عن الزهري أنه قال لم يكن الخلفاء يقضون بها وقال بعض العامة لا تصح العمرى ولا الرقبى لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تعمروا ولا ترقبوا قالت العامة وهذا النهي
مصروف إلى ما كانت الجاهلية تفعله من استرجاعها بعد موت المعمر فإنه إذا جعلها سنة فإنه شرط شرطا ينافيها فاما إذا جعلها له عمره فليس بشرط ينافيا
لان الانسان لا يملك الا عمره وفي الخبر زيادة فمن أعمر أو ارقب فهو سبيل النيران وهذا الحمل ليس بجيد عندنا لأنا نجوز العمرى مطلقا
ومقيدا والخبر عندنا ممنوع وقال ابن البراج من علمائنا السكنى والعمري والرقبي بمنزلة واحدة ثم قال الرقبى أن يقول أرقبتك هذه الدار مدة حياتك أو مدة حياتي قال وذهب
بعض أصحابنا في الرقبى إلى انها هي قول الانسان لغيره جعلت لك خدمة هذا العبد مدة حياتك أو مدة حياتي وذلك مأخوذ من رقبة العبد والأول مأخوذ من
رقبة الملك قال والذي ذكرناه أولا هو الظاهر من المذهب والمعمول عليه مسألة العمرى لا ينتقل الملك بها إلى المعمر بحال عندنا سواء اطلق الأعمار أو قيده
448

بالعود إليه أو إلى ورثته بعد موت المعمر أو قيده بعد موت المعمر برجوع الأعمار إلى عقب المعمر ونسله دائما بل إذا مات المالك وقرنت العمرى بحياته رجعت إلى ورثته سواء كان
المعمر باقيا أو كان قد مات وان قرنت بعمر المعمر رجعت إلى المالك أو ورثته بعد موت المعمر ولو قرنت بعمر المعمر وعقبه رجعت إلى المالك أو إلى ورثته بعد انقطاع عقب المعمر وبالجملة العمرى عندنا
غير ناقلة للعين إلى المعمر في حال من الأحوال وبه قال مالك والليث بن سعد لما روى العامة ان مكحولا سأل القاسم ابن محمد عن العمرى ما تقول فيها فقال القاسم ما أدركت الناس على
شروطهم في أموالهم وما أعطوا وقال إبراهيم بن إسحاق الحرمي؟ عن ابن الأعرابي لم يختلف العرب في الرقبى والعمري والافتقار والآجال والعرية والعارية والسكنى والأطراف انها
على ملك أربابها ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الصباح عن الصادق (ع) قال سئل عن السكنى والعمري فقال إن كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط وان جعلها له ولعقبه من
بعده حتى يغني عقبه فليس لهم ان يبيعوا أو لا يرثوا ثم ترجع الدار إلى صاحبها الأول ولان التمليك لا يتأقت كما لو باعه إلى مدة فإذا كان؟ لا يتأقت حمل قوله على تمليك المنافع
لأنه يصح توقيته ولان الملك ثابت في الأصل للمالك فيستصحب ولان قوله أعمرتك لك ولعقبك ليس من الألفاظ الناقلة للاعيان في عرف الشرع لأنه يمكن ان يعمره مدة منقطعة
ولا يوجب ذلك نقل العين وقال الشافعي إذا قال أعمرتك هذه الدار مثلا أو جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت أو حييت أو بقيت وما يفيد هذا المعنى فله أحوال الأول أن يقول
مع ذلك فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك فتصح وهي الهبة بعينها لكنه طول على نفسه فإذا مات فالدار لورثته فإن لم يكن له وارث فلبيت المال ولا تعود إلى العمر بحال لما رواه
جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه فإنها للذي اعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه اعطى عطاء وقعت فيه المواريث وقال مالك هنا كقولنا ان هذه التصرف
ينصرف إلى المنافع فإذا مات المعمر ولا وارث له رجعت إلى المالك وكذا إن كان له ورثته فانقرضوا ولا تكون لبيت المال الثاني ان يقتصر على قوله جعلتها لك عمرك ولم
يتعرض لما بعده ففيه قولان الجديد وبه قال المالك واحمد انه يصح وحكمه حكم الهبة وبه قال جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس وشريح ومجاهد والثوري وطاوس ونقله العامة
رواية عن علي (ع) لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال العمرى ميراث لأهلها وعن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فسبيله الميراث قالوا هذا نهى ارشاد معناه لا
تعمروا طعما في أن تعود إليكم واعلموا ان سبيله الميراث وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلموا عليكم أموالك ولا تعمروها فإنه من أعمر فهي للذي اعمرها حيا وميتا ولان ملك كل واحد
يتقدر بحياته وليس في جعله له بعد حياته ما ينافي انتقاله إلى ورثته من بعده بل هو شرط الانتقال وفي القديم انه ليس كذلك لما روى عن جابر ان قال انما العمرى التي أجازها
رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقول هي لك ولعقبك من بعدك واختلفوا في كيفية القول القديم للشافعي فالظاهر عند أصحابه ان العقد باطل من أصله لأنه تمليك عين قدره بمدة فأشبه
ما إذا قال وهبت منك أو أعمرتك سنة وقال أبو إسحاق من الشافعية ان الدار في القديم تكون للمعمر حياته فإذا مات رجعت إلى المالك أورثته كما شرط ونقل أبو إسحاق
عن القول القديم للشافعي انها يكون عارية متى شاء استردها وإذا مات عادت إلى المالك فحصل من ذلك للشافعي أربعة أقوال وظاهر المذهب منها الجديد ويليه
في الظهور من روايات القديم البطلان الثالث إذا قال جعلتها لك عمرك فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي ان مت فان حكمنا بالبطلان في صورة الاطلاق فهنا أولي وان
قلنا بالصحة والعود إلى المعمر فكذلك هنا وليس فيه الا التصريح بمقتضى الاطلاق وان قلنا بالجديد وهو الصحة والتأبيد فوجهان أحدهما البطلان لأنه شرط ما يخالف مقتضى
الملك فان من ملك شيئا صار بعد مؤنته لورثته والثاني يصح ويلغو الشرط كأنه لم يشترط على المعمر شيئا ولا قطع ملكه عليه انما شرط العود إليه بعد الموت وحينئذ قد صار الملك للورثة
وأكثرهم سووا بين هذه الحالة وحالة الاطلاق والحاصل ما ذكروه طريقان أحدهما طرد الخلاف والثاني البقاء الجديد الظاهر من روايات القديم اتفاقهما على البطلان وعن أحمد
روايتان أحدهما صحة العقد والشرط فإذا مات المعمر رجعت إلى المالك وبه قال القاسم بن محمد والزهري وأبو سلمة بن عبد الرحمان وابن أبي ذئب ومالك وأبو ثور وداود والشافعي
في أحد قوليه لما رواه جابر قال العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقول هي لك ولعقبك وما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها والرواية الثانية انها يكون للمعمر
ولورثته فيسقط الشرط وهو قول أبي حنيفة والشافعي في الجديد مسألة حكم الرقبى عندنا حكم العمرى في أن كل واحد منهما لا يفيد نقل الملك عن صاحبه بل يتمرد
إباحة انتقاع المعمر بالملك المدة التي ذكرها المالك فهي كالعارية الا انها لازمة لا تبطل الا بانقضاء المدة سواء كانت معينة كسنة وشهرا ومطلقة كمدة عمر أحدهما وعند
الشافعية ان الحكم في الرقبى كالحكم في الحالة الثانية من الرقبى وهي قوله جعلتها لك عمري فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي لان قوله في الرقبى أعمرتك هذه الدار عمرك على انك ان مت
قبلي عادت إلي وان مت قبلك استقرت عليك فقوله ان مت قبلك استقرت عليك لا اثر له في المنع فيبقى قوله قوله؟ ان مت قبلي عاد إلي فيحصل فيه للشافعي طريقان
أحدهما القطع بالبطلان وأظهرهما طرد القولين فعلى الجديد يصح وبلغوا الشرط لقوله (ع) لا تعمروا ولا ترقبوا الحديث أو القديم البطلان أو الصحة أو الترقيب وأبو حنيفة وافقنا على أن
الرقبى لا يملك بها الأول لأنه قال انما عادية وللرقب الرجوع متى شاء وقال احمد تصح الرقبى كالعمرى وفي صحة الرجوع إلى الواهب روايتان عنه مسألة تصح العمرى
في غير العقار من الحيوان والثياب إما لأنها نوع إعادة التزم بها أو انها صدقة بالمنافع المباحة فجازت كما تجوز في الملك هذا عندنا واما من يقول بأنها هبة
فلانها هنا فرع هبة فصحت ذلك كساير الهبات ولو أعمره جارية لم يكن له وطؤها لان استباحة البضع منوطة بلفظين الإباحة والتحليل واحمد وان قال إن العمرى فأقلت
الا أنه قال لا ارى له وطي الجارية لان الوطي استباحة فرج وقد اختلف في صحة العمرى وجعلها بعضهم تمليك المنافع ولو وطيها كان جايزا عنده مسألة لو وقت
الهبة في غير العمرى والرقبي فقال وهبتك هذا سنة أو إلى أن يقدم الحاج أو إلى أن يبلغ ولدي أو مدة حياتي أو مدة حياتك أو نحو ذلك لم يصح لأنها تمليك للرقبة فلم
تصح موقتة كالبيع بخلاف العمرى والرقبي لأنهما عندنا ينقلان الأعيان وعند العامة تصح لان الانسان يملك الشئ عمره فإذا ملكه عمره فقد وقته بما هو موقت به في الحقيقة
فصار ذلك كالمطلق ولو أعمر مدة حياة زيد أو مدة حياة ولد المالك أو ولد المعمر أو غيرها جاز لأنها تمليك منافع فتتبع اختياره الملك كما كان له اختيار التمليك مدة أيهما
كان مسألة إذا أعمر الانسان داره أو رقبها لزيد لم يكن لزيد بيع الدار ونحوه كالمستعير عند علمائنا ومن وافقهم في عدم انتقال العين لقول الصادق (ع)
وليس لهم ان يبيعوا ولا يرثوا ولان رقبة الملك فيه على ملك المالك فليس لغيره البيع لقوله (ع) لا بيع الا في ملك وقالت الشافعية ان صححنا العمرى والرقبي وألفينا الشرط
تصرف المعمر في المال كيف شاء وان أبطلنا العقد أو جعلناه عارية لم يكن له التصرف بالبيع ونحوه وان قلنا بصحة العقد والشرط فلو باع المعمر ثم مات فاظهر الاحتمالين
عندهم عدم صحة البيع لان مقتضى البيع التأبيد وهو لا يملكه الا موقتا فكيف يملك غيره ما لم يملكه والثاني الصحة كبيع العبد المعلق عتقه قبل وجود الصفة لأنه
مالك في الحال والرجوع أمر يحدث بعد الموت وشبهوه برجوع نصف الصداق إلى الزوج بالطلاق قبل الدخول ورجوع الواهب في الهبة قبل التصرف وعلى الأول بصحة
البيع فيشبه ان يرجع المعمر في تركته بالعزم رجوع الزوج إذا طلق بعد خروج الصداق عن ملكها قال الجويني وفي رجوع المال إلى ورثة المعمر إذا مات قبل المعمر استبعاد لأنه
اثبات ملك لهم فيما لم يملكه المورث لكنه كما لو نصب شبكة فتعقل بها صيد بعد موته يكون الملك فيه للورثة والصحيح عندهم انه تركة يقضي منه الديون وتنفذ الوصايا
449

مسألة إذا قال جعلت لك هذا الدار عمري أو حياتي لم ينتقل إلى المعمر بل له الانتفاع مدة عمر المالك فان مات المالك رجعت ميراثا إلى ورثته وان مات الساكن قبل
المالك وإن كانت العمرى لورثة الساكن ينتفعون بها مدة عمر المالك وليس للمالك ازعاجهم منها لان المعمر قد ملك الانتفاع مدة عمر المالك فإذا مات قبل موت
المالك انتقل ما كان له إلى ورثته كانتقال الإجازة إليهم وللشافعية وجهان أحدهما ان قوله جعلت لك هذه الدار عمري أو حياتي كما قال عمرك أو حياتك لشمول
اسم العمرى وأظهرهما المنع لخروجه عن اللفظ المعهود في الباب ولما فيه من تأقيت الملك لجواز موت المعمر قبله بخلاف ما إذا قال عمرك أو حياتك لان الانسان لا يملك الا مدة
حياته فلا تأقيت فيه واجروا الخلاف فيما إذا قال جعلتها لك عمر فلان وخرج من تصحيح العقد والقاء الشرط في هذه الصورة وجه ان الشرط الفاسد لا يفسد الهبة
وطرد ذلك في الوقف أيضا ومنهم من خصص الخلاف في هذه القاعدة بما هو من قبيل الأوقات مثل أن يقول وهبت منك بشرط ان لا تبيعه إذا قبضته وما أشبه ذلك
وفرقوا بين البيع وبين الهبة والوقف بان الشرط في البيع يورث ويلزم جهالة الثمن فساد البيع وهذا إذا قالوا بالصحيح عندهم وهو فساد البيع بالشرط الفاسد وظاهر مذهبهم
فساد الهبة والوقف بالشروط التي يفسد بها البيع بخلاف العمرى لما فيها من الاخبار ولو باع على صورة العمرى بان يقول ملكتك بعشرة عمرك قال بعض الشافعية
لا يبعد جوازه تفريعا على الجديد وقال بعضهم لا يجوز لأنه يطرق الجهالة إلى الثمن مسألة لا يجوز تعليق العمرى على شرط أو صفة مثل أن يقول إذا مات أو قدم
فلان أو جاء رأس الشهر فقد أعمرتك هذه الدار أو فهذه الدار لك عمرك إما لو علق بموت نفسه فقال إذا مت فهذه الدار لك عمرك فهو وصية عند الشافعية
بالعمري على صورة الحالة الثالثة ولو جعل اثنان كل واحد منهما داره للاخر عمره على أنه إذا مات قبله عاد إلى صاحب الدار فهي رقبى من الجانبين ولو قال
داري لك عمرك فإذا مت فهي لزيد أو عبدي لك عمري فإذا مت فهو حر صح العمرى وبه قال الشافعي في الجديد ولغا المذكور بعده لان العتق لا معلقا
مسألة السكنى جايزة عند علمائنا وتلزم بحسب ما شرطه فان اطلق وقال سكنى هذه الدار لك أو أسكنتكها أو جعلت سكناها لك وما أشبه ذلك لزم العقد في مسمى الاسكان
ولو يوما والضابط ما يسمى إسكانا فحينئذ للمالك الرجوع متى شاء كما تقدم في حديث الحلبي عن الصادق (ع) قلت فرجل أسكن داره ولم يوقت قال جايز ويخرجه
إذا شاء وان قيد بمدة مضبوطة كسنة أو شهر لزم الاسكان تلك المدة وجاز للمالك الرجوع بعد انقضائها متى شاء وان قرنها بعمر المالك أو عمر الساكن لزمت
مدة حياة أحدهما لقول الصادق (ع) في رواية أبي الصباح قال إن كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط وان جعل له السكنى مدة حياة الساكن ولعقبه ونسله لزم
الاسكان ما دام العقب موجودا فان انقرض العقب رجعت إلى المالك لقول الصادق (ع) وان جعلها له ولعقبه من بعده حيت يفنى عقبه فليس لهم ان يبيعوا ولا
يرثوا ثم ترجع الدار إلى صاحبها الأول ولو جعل له السكنى مدة حياة المالك ومات الساكن قبله كان لورثته السكنى إلى أن يموت المالك ولو جعل له السكنى مده حياة
الساكن فمات المالك أولا لم يكن لورثته ازعاجه بل يسكن طول حياته وإذا مات رجعت إلى ملك ورثة المالك كما قلنا في العمرى وقال أكثر العامة كالشعبي والنخعي والثوري
والشافعي وإسحاق واحمد وأصحاب الرأي إذا قال لك سكنى هذه الدار عمرك أو أسكنتك هذه الدار عمرك ونحو
ذلك فليس بعقد لازم لأنه في الحقيقة هبة للمنافع والمنافع انما
يستوفي بمضي الزمان شيئا فشيئا فلا يلزم الا في قدر ما قبضه منها واستوفاه بالتمكن وللمالك الرجوع متى شاء وأيهما مات بطلت الإباحة وقال الحسن وعطاء وقتادة
هي كالعمرى تكون له ولعقبه لأنها في معنى العمرى فتثبت فيها مثل حكمها وقال الشعبي إذا قال هي لك أسكن حتى تموت فهي له حياته وموته وان قال داري هذه اسكنها حتى تموت
فإنها ترجع إلى صاحبها لأنه إذا قال هي لك فقد جعل رقبتها له فيكون عمري وإذا قال أسكن داري هذه فإنما جعل له نفعها دون رقبتها فيكون عارية ولا نسلم ان
السكنى هبة المنافع وانما هي عقد مستقل يفيد إباحة المنافع على وجه لازم كالوقف إذا قلنا بعد الانتقال عن الواقف وكالاجارة وقبض المنافع بقبض العين ونمنع
الانتقال في العمرى وقوله هي لك لا يوجب نقلها عنه مسألة السكنى والعمري والحبس من العقود اللازمة مع الاقباض لقوله تعالى أوفوا بالعقود ولان الصادق (ع)
سئل عن السكنى والعمري فقال إن كان جعل السكنى في حياته فهو كما شرط وذلك يقتضي اللزوم وقال بعض علمائنا انها غير لازمة للأصل وقال آخرون انها تلزم ان
قصد به القربة لأنها كهبة مقبوضة والأول أشهر وإذا عين للسكنى مدة لزمت بالقبض ولا يجوز الرجوع فيها الا بعد انقضائها وكذا لو جعلها عمر المالك لم يرجع وان
مات المعمر وانتقل ما كان له إلى ورثته حتى يموت المالك وكل ما يصح وقفه يصح اعماره سواء كان عقارا أو حيوانا أو أثاثا مسألة اطلاق السكنى يقتضي ان يسكن من
جعلت له السني بنفسه واهله وأولاده والأقرب عندي جواز اسكان من جرت العادة بالسكنى معه كغلامه وجاريته ومرضعه ولده قضاء للعادة والشيخ ره اقتصر
عليه وعلى أهله وأولاده قال ولا يجوز للساكن ان يسكن سواهم ولا يجوز للساكن ان يسكن سواهم ولا يجوز للساكن ان يواجره ولا ان ينتقل عينه فيسكن غيره الا بإذن
صاحب المسكن وكذا قال ابن البراج وقال ابن إدريس الذي يقتضيه أصول المذهب ان له جميع ذلك وان له اجارته وانتقاله عنه اسكان غيره معه سواء كان ولده
أو امرأته أو غيرهما وسواء اذن له في ذلك أو لم يأذن لان منفعة هذه الدار استحقها وصارت ما لا من أمواله وحقا من حقوقه فله استيفائها كيف شاء بنفسه وبغيره
والوجه ما قلناه من اختصاص الاسكان بالمسكن ومن جرت العادة بسكناه معه وكذا له ان يسكن دابة إذا كان الموضع يحتمل ذلك لأصالة عصمته مال الغير وحفظه عن
تسلط غير المالك عليه خرج عنه المسكن ومن جرت عادته بمصاحبته في السكنى عنه بقى الباقي على الاطلاق ونمنع الاستحقاق مطلقا بل انما يستحق على حد ما جعل
له وهو السكنى فلا يتناوله الإجارة وغيرها لعدم الاذن فيه نطقا وعرفا مسألة قال الشيخ ره إذا وقف الانسان مسكنا جاز له ان يعقد فيه مع من وقفه عليهم
وليس له ان يسكن غيره فيه وقال ابن الجنيد فإن لم يشترط لنفسه الاكل والسكنى فيما يتصدق له لم يكن له ان يأكل من الغلة ولا ان يسكن وقال ابن إدريس إن كان الوقف
عاما على جميع المسلمين جاز ذلك على قول بعض أصحابنا وإن كان خاصا على قوم بأعيانهم لم يجز للواقف ان يسكن فيه مع من وقفه عليه وهو المعتمد لان الواقف اخرج
الملك عن نفسه بالوقف فلا يجوز له الانتفاع به كغيره والشيخ احتج برواية أبي الجارود عن الباقر (ع) وان تصدق بمسكن على ذي قرابته فان شاء سكن معهم وهي (صفية؟)
السند ومقاولة بان المراد بالصدقة الاسكان المطلق ومعارضة برواية طلحة بن زيد عن الصادق (ع) عن أبيه (ع) ان رجلا تصدق بدار له وهو ساكن فيها فقال الحسين اخرج منها
مسألة قد بينا انه إذا جعل المالك لغيره السكنى مدة حياة الساكن ثم مات المالك لم يكن لورثته اخراج الساكن من المسكن قبل وفاته مطلقا عند أكثر
علمائنا لأنه قد ملكه تمليكا لان ما فكان كالإجارة وقال ابن الجنيد إذ أراد ورثة المالك اخراج الساكن بعد موت المالك نظر إلى قيمة الدار فإن كانت تحيط ثلث
الميت لم يكن لهم اخراجه وإن كانت تنقص عنها كان ذلك لهم لما رواه خالد بن نافع البجلي عن الصادق (ع) قال سئلته عن رجل جعل لرجل سكنى دار حياته يعني صاحب الدار فمات
الذي جعل له السكنى وبقى الذي جعل له السكنى أرأيت ان أراد الورثة ان يخرجوه من الدار لهم ذلك قال فقال ارى ان يقوم الدار بقيمة عادله وينظر إلى ثلث الميت فإن كان
في ثلثه ما يحيط بثمن الدار فليس للورثة ان يخرجه إن كان الثلث لا يحيط بالثمن الدار فلهم ان يخرجوه قيل أرأيت ان مات الذي جعل له السكنى بعد موت صاحب الدار
يكون السكنى لورثة الذي جعل له السكنى قال لا قال الشيخ ره ما تضمن صدر هذا الخبر من قوله يعني صاحب الدار حين ذكر ان رجلا جعل لرجل سكنى دار له فإنه من كلام الراوي وقد غلط في التأويل
450

ووهم لان الاحكام التي ذكرها بعد ذلك انما تصح إذا كان قد جعل السكنى مدة حياة من أسكن الذي جعلت له السكنى فحينئذ ويقوم وينظر باعتبار الثلث وزيادة ونقصانه وهذه
الرواية محمولة عندنا على الوصية مسألة قال الشيخ في النهاية إذا جعل الانسان خدمة عبده أو أمته لغيره مدة من الزمان ثم (حر؟) هو بعد ذلك جايزا وكان على المملوك الخدمة في
تلك المدة فإذا مضت المدة صار حرا فان ابق العبد هذه المدة ثم ظفر به من جعل له خدمته لم يكن له بعد انقضاء المدة سبيل قال ابن إدريس وأورد الشيخ هذه الرواية وهي من
أضعف اخبار الآحاد لأنها مخالفة الأصول المذهب لان التدبير عند أصحابنا بأجمعهم لا يكون الا بعد موت المولي الذي هو المعتق المباشر للمعتق ويكون بمنزلة الوصية يخرج من الثلث
وهذا لا خلاف بينهم فيه فمن ادعى حكما شرعيا اخر غير هذا يحتاج في اثباته إلى دليل شرعي وقال ابن الجنيد إذا قال السيد لعبده أنت حر على شرط يجوز ان يكون قبل وفاة سيده فيعتق
بذلك فذان لم يكن ذلك الا بعد موت السيد كان العبد حرا من غير الثلث لان الوصية لا يكون بحال قبل الموت وذلك مثل قوله إذا مات فلان فأنت حر ويقول لامته إذا أرضعت و
لدى فأنت حرة فان مات السيد قبل فلان خدم العبد الورثة إلى موت فلان ثم هو حر وان ما الطفل قبل استتمام رضاعه خدمت الأمة تتمة سنتين من يوم ولد الطفل و
عتقت والذي اخترناه نحن في مختلف الشيعة قول الشيخ لأصالة الجواز ولان المقتضي للابطال ليس جعل الخدمة للغير لأنه سايغ اجماعا ولا تأخير التحرير لأنه جايز في المدبر اجماعا
ولا خصوصية من علق التحرير بموته اذلا اعتبار وبذلك في نظر الشرع فان لكل أحد تعليق تحرير عبده بموته ومعلوم انه لا مدخل لخصوصيات العبيد والخصوصيات المالك وما
رواه بعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل تكون له الخادم يخدمه فيقول هي لفلان تخدمه ما عاش فإذا مات فهي حرة فتأبق الأمة قبل ان يموت الرجل بخمس سنين
أو ست ثم يجدها ورثته الهم ان يستخدموها قدر ما أبقت قال إذا مات الرجل فقد عتقت إذا ثبت هذا فالوجه عندي انه ليس له الرجوع في جعل الخدمة لأنه رقبي ان قرن
به نية القربة وهل يعتق العبد من الأصل أو من الثلث الأقوى انه من الأصل إن كان المالك حال حياة من علقت الخدمة بموته ومن الثلث إن كان قد مات وكتب إليه محمد بن أحمد
بن إبراهيم سنة ثلث وثلثين ومأتين فسأله عن رجل مات وخلف امرأة وبنين وبنات وخلف لهم غلاما أوقفهم عليهم عشر سنين ثم هو حر بعد العشر سنين فهل يجوز
لهؤلاء الورثة بيع هذا الغلام وهي مضطرون إذا كان على ما أصفه لك جعلني الله فداك فكتب لا يبيعه إلى ميقات شرطه الا ان يكونوا مضطرين إلى ذلك فهو جايز لهم
مسألة إذا جعل داره سكنى لزيد أو عمري أو رقبي فان عين المدة لم يخرج عن ملكه وجاز للمالك بيع الدار ولا يبطل الاسكان ولا الأعمار بل يكون للساكن السكنى
التي جعلت له فإن كان المشتري عالما بالحال فلا خيار وإن كان جاهلا كان بالخيار بين فسخ البيع وبين امضائه بجميع الثمن لحصول النفع في العين لما رواه الحسين بن نعيم
عن أبي الحسن الكاظم (ع) قال سألته عن رجل جعل دار اسكني لرجل أيام حياته أو جعلها له ولعقبه من بعده هل يفي له ولعقبه كما شرط قال نعم قلت فان احتاج إلى أن يبيعها
قال نعم قلت فينقض بيعه الدار السكنى قال لا ينقض البيع السكنى كذلك سمعت أبي (ع) قال قال أبو جعفر (ع) لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى ولكن بيعه على أن الذي يشتر به لا يملك
بالشرا حتى يقتضي السكنى على ما شرط وكذلك الإجارة قلت فان رد على المستأجر ما له وجميع ما لزمه من النفقة والعمارة فيما استأجره قال على طيبه والنفس يرضى المستأجر بذلك قال لا
باس بقي هنا الاشكال وهو ان في الرواية ما يدل على جواز بيع الملك الذي جعل سكناه للغير مدة حياته ومع هذا منعوا عن بيع المسكن الذي تعتد فيه المطلقة بالاقرار بجهالة وقت الانتفاع
وهذا المعنى متحقق هنا فان جعلت السكنى مقرونة بمدة معينة صح البيع والا بقى الاشكال ويحتمل ان يكون قوله في السؤال فان احتاج إلى بيعها إشارة إلى مطلق الاسكان الذي يحتمل
التعيين حواله على المعارف من اشتراط العلم بالمبيع مسألة يكره لمن اخرج شيئا من ماله في الصدقة ولا (بد) السائل ان يرده إلى ملكه بل ينبغي ان يتصدق به على غير ذلك السايل و
ليس محرما لما رواه علي بن إسماعيل عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يخرج الصدقة يريد ان يعطها السايل فلا يجده قال فليعطها غيره ولا يردها في ماله وعن طلحة بن زيد عن الصادق (ع)
عن الباقر (ع) قال من تصدق بصدقة ثم ردت عليه فلا يأكلها لأنه لا شريك لله عز وجل في شئ مما جعل له انما هو بمنزلة العناقة لا يصلح ردها بعد ما تعتق إذا ثبت هذا فإنه يكره
للرجل ان يملك باختياره ما قصد به ولا باس ان يملكها بغير اختياره بان تدخل في ملكه بميراث أو شبهه كقضاء دينه على المتصدق عليه لما رواه ابان عن أبي الجارود قال قال أبو جعفر (ع)
لا يشترى الرجل ما يتصدق به وعن منصور بن حازم قال الصادق (ع) قال إذا تصدق الرجل بصدقة لم يحل له ان يشتريها ولا تعتق بها ولا يستردها الا في ميراث وانما قلنا ذلك على
وجه الكراهية دون التحريم لان المسكين قد يملك الصدقة فله التصرف فيها كيف شاء من بيع وغيره والمالك قابل للتملك وقد قال الله تعالى وأحل الله البيع فقد ثبت المقتضي
وانتفى المانع فكان جايزا وقوله (ع) لم يحل محمول على الكراهية لان المراد بالحل الإباحة ونفي الإباحة كما يثبت مع التحريم يثبت مع الكراهة والمتيقن الكراهة لأصالة نفي ا لتحريم ويؤيده
ما رواه محمد مسلم عن الباقر (ع) قال إذا تصدق الرجل على ولده بصدقة فإنه يرثها وإذا تصدق بها على وجه يجعله لله فإنه لا ينبغي له إما إذا عادت إليه بميراث وشبهه فإنه لا باس به لما تقدم
ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) في الرجل يتصدق بالصدقة أيحل له ان يرثها قال نعم إذا ثبت هذا فإنها إذا رجعت إليه بميراث كان رجوعها بغير اختياره فلا يكون مكروها
وإذا كان الضابط عدم الاختيار ينبغي ان يندرج فيه ما رجع إليه بغير اختياره كما لو كان له دين على (آل؟) يدفع إليه صدقة فقضاه دينه لم يكن مكروها مسألة لا يجوز لمن
تصدق بشئ على غيره متقربا به إلى الله تعالى ان يرجع في صدقته لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح قال سئلت الصادق (ع) عن الرجل يتصدق بالصدقة ثم يعود في صدقته
فقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله انما مثل الذي يتصدق بالصدقة ثم يعود فيها مثل الذي يقئ ثم يعود في قيئه وعن أيوب بن عطية في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول قسم رسول الله صلى الله عليه وآله
الفئ فأصاب عليا (ع) أرضا فاحتفر فيها عينا فخرج منها ما ينبع في السماء كهيئة عنق البعير فسماها عين ينبع فجاء البشير ليبشره فقال ابشر الوارث هي صدقة بتا تبلا في حجيج بيت
وعابر سبيله لاتباع ولا توهب ولا تورث فمن باعها أو وهبها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا مسألة يشترط في الصدقة
والعتق التقرب بهما إلى الله تعالى لأنهما عبادة فلا بد فيها من النية لقوله تعالى وما امروا ليعبدوا الله مخلصين وما رواه هشام وحماد ابن اذمية وابن بكير وغير واحد وغيرهم الله تعالى وفي الحسن عن حماد بن عثمان عن الصادق (ع) قال لا صدقة ولا عتق الا ما أريد به كلهم قالوا قال
أبو عبد الله (ع) لا صدقة ولا عتق الا أريد به وجه الله عز وجل مسألة تجوز الهبة والصدقة بالمجهول للأصل ولما رواه الفضل بن عبد الملك في الصحيح عن الصادق (ع)
في الرجل يتصدق (به في الرجل قال جايز) وان لم يعلم ما هو وعن الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل ينصب فله في دار على رجل قال جايز وان لم يعلم ما هو وعن الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع)
قال سئلته عن دار لم تقسم فتصدق بعض أهل الدار (فصيبه) عن الدار فقال يجوز قلت أرأيت إن كان هبة قال يجوز مسألة إذا أبرأت المرأة ذمة زوجها من مهرها في مرض
الموت نفد الابراء من الثلث لان سماعه سال الصادق (ع) عن الرجل يكون لامرأته عليه صدق أو بعضه فتبرئه (فته) في مرضها قال لا ولكن ان وهبت له جازما وهبت له من ثلثها وإذا وهب الرجل
ولده الصغير جارية له ان يقومها على نفسه ثم يطأها لما رواه عبد الرحمن في الصحيح عن أبي الحسن (ع) انه سل عن الرجل يتصدق على ولده وهم صغار بالجارية ثم تعجبه الجارية
وهم (صفاد؟) في عياله أترى ان يصيبها أو يقومها قيمة عدل فشهد بثمنها عليه ان يدع ذلك كله فلا يعرض لشئ منه فقال يقومها قيمة عدم ويحتسب بثمنها لهم على نفسه و (يمتها) وإذا وهب الرجل
غيره جارية جاز له ان يطأها قبل التعويض لإفادة الهبة إباحة الوطئ ولما رواه القسم بن سليمان قال سئلته عن الرجل يهب الجارية على أن يثاب فلا يثاب اله ان يرجع فيها قال نعم إن كان
شرطه له عليه (آتيا؟) قلت إن وهبها له ولم (؟) أيطأها قال نعم إذا لم يكن شرط عليه حين وهبها * تم الجزء الثالث عشر من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله ويتلوه في الجزء الرابع
عشر كتاب الوصايا على يد مصنفه العبد الفقير إلى الله تعالى (الحسن؟ بن يوسف؟ مطهر الحلى في سادس عشرين جمادى الأول من سنة ست عشر وسبعمائة بالسلطانية
451

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الوصايا وفيه مقدمة ومقاصد إما المقدمة ففي ماهيتها وتسويغها الوصية تمليك عين أو منفعة بعد الموت تبرعا وهي مشتقة من قولهم وصي إليه
بكذا يصيه صيتة إذا وصل به وارض واصيته اي متصلة النبات فسمى هذا التصرف وصيته لما فيه من وصلة القربة الواقعة بعد الموت بالقربات المنجزة في الحياة فكأنه وصل تصرفه
في حياته بتصرفه بعد مماته يقال أوصيت لفلان بكذا ووصيت واوصى إليه جعله وصيه وهي جايزة بالنص والاجماع قال الله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك
خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين وقال تعالى من بعده وصية يوصي بها أو دين وقال تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان الآية
وما رواه العامة عن سعيد بن معاذ قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وآله يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وانا ذو مال ولا يرثني
الأبنية أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشطر يا رسول الله قال لا قلت فالثلث قال والثلث كثير انك ان تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس
وعن علي (ع) قال إنكم تقرؤون هذه الآية من بعد وصية يوصي بها أو دين وان النبي ص () قضي ان الدين قبل الوصية قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما حق امرء له شئ يبيت ليلتين الا ووصيته
مكتوبة عنده وقدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة فسال عن البراء بن مغرور فقيل إنه هلك واوصى لك بثلث ماله فقبل ثم رد على ورثته وقال (ع) ان الله عطاكم ثلث أموالكم في اخر اعماركم
زيادة في أعمالكم ومن طريق الخاصة ما رواه حماد بن عثمان في الصحيح قال قال الصادق (ع) ما من ميت تحضره الوفاة الا أراد الله عليه من بصره وسمعه وعقله للوصية اخذ الوصية أو ترك
وهي الراحة التي يقال لها راحة الموت فهي حق على كل مسلم وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلم قال الوصية على كل مسلم وعن علي (ع) قال الوصية تمام ما نقص
من الزكاة وقال الصادق (ع) مرض علي بن الحسين (ع) ثلث مرضات في كل مرضة يوصي بوصية فإذا افاق المريض وصية وقد أجمع العلماء كافة في جميع الأمصار على صحة الوصية
وجوازها إذا عرفت هذا فعندنا ان الوصية واجبة لمن عليه حق للآيات السابقة ولما رواه الصادق (ع) عن الباقر (ع) قال من لم يوص عند موته لذوي قرابته ممن لا يرثه فقد ختم
عمله بمعصية وقال رسول اله صلى الله عليه وآله من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروته وعقله وعن أبي حمزة عن أحدهما (ع) قال إن الله تعالى يقول ابن ادم تطولت عليك بثلثه سترت
عليك ما لو علم به أهلك ما وأروك وأوسعت عليك واستقرضت منك لك فلم تقدم خير أو علت لك نظرة عند موتك في ثلثك فلم تقدم خيرا والاخبار في ذلك أكثر من أن
تحصى ولان ذمته مشغولة بالحق الذي عليه فإذا لم يوص فقد فرط في أداء الحق الواجب فكان مأثوما ولا فرق بين ان يكون الحق الذي عليه لله تعالى كالزكاة والخمس والحج أو الدين لادمي
وهل تجب على من ليس عليه حق الأقرب العدم لأصالة براءة الذمة وقيل بالوجوب مطلقا والا فضل تعجيل الصدقة في الحياة لقوله (ع) أفضل الصدقة ان تتصدق وأنت صحيح شحيح
تأمل الغنى وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وإذا أراد الوصية فالأفضل تقديم من لا يرث أقاربه ويقدم منهم المحارم ثم غير المحارم ثم يقدم
بالرضاع المقصد الأول في أركان الوصية وفيه فصول الأول في الصيغة وفيه مباحث الأول الايجاب ولا بد من الايجاب في الوصية ولفظه الصريح (اوصتت؟)
له بكذا أو أعطوا فلانا بعد موتي كذا أو ادفعوا إليه بعد موتي أو جعلت له بعد موتي أو لفلان بعد موتي كذا وكذا كل لفظ دل على ذلك القصد مثل ملكته بعد موتي أو وهبته بعد موتي
بعد موتي ولو اقتصر على قوله وهبت منه وفى الوصية فالأقرب أنه يكون وصية لأنه أبلغ في التمليك من قوله ا وصيت وأظهر وجهي الشافعية انه لا يكون وصية لأنه أمكن تنفيذ
في موضوعه وهو التمليك المتأخر ولو قال هوله فهو اقرار يؤخذ به ولا يجعل كناية عن الوصية لأنه لا يصلح اقرار أو يحتمل ان يرجع إلى نيته فإذا قال نويت انه له بعد الموت كان
وصية لاحتمال الفظة وهو اعرف بنية وقصده فيرجع إليه فيه ولو قال عينت له فهو كناية لأنه يحتمل التعيين للتمليك بالوصية ولا تعيين للإعارة والاخدام في الحال
فلا ينصرف إلى الوصية الا بالتعيين فان عين صحت بالكناية مع النية وللشافعية وجهان أحدهما ينفذ ولتعيين الوصية بالكنايات جزما فلان الوصية في نفسها تقبل التعليق
بالاغرار فأشبهت ما تقبل التعليق الا قرار كالكنايات والخلع ينعقد بالكناية مع النية فالوصية أولي لأنها إذا قبلت التعليق بالاغرار فبان تقبل الكنايات أولي لان الوصية لا
تفتقر إلى القبول في الحال فيشبه ما يستقل به الانسان من التصرفات مسألة لا تنعقد الوصية الا باللفظ مع القدرة عليه فلو كتب بخطه انى قد أوصيت لفلان بكذا لم ينفذ
إذا كان الشخص ناطقا قاله بعض الشافعية كما لو قيل له أوصيت لفلان بكذا فأشار أي نعم ويحتمل القبول مع قيام الإشارة مع الكتابة مقام التصريح باللفظ في العلم بما دل اللفظ عليه
من الوصية ولان الكتابة بمثابة كنايات الألفاظ وقد بينا جواز الوصية بالكناية التي ليست صريحة في دلالتها عليها مع القرينة فإذا كتب وقال نويت الوصية لفلان أو اعترف
الورثة بعد موته به وجب ان يصح إما لو اعتقل لسانه ولم يتمكن من النطق فكتب الوصية أو أشار بما يدل على الرضا بها أو قيل له أوصيت بكذا فيشير برأسه نعم أو يقرا عليه كتاب الوصية
فأشار بها فإنها تصح وبه قال الشافعي لما رواه العامة ان امامة بن أبي العاص أصمتت فقيل لها لفلان كذا ولفلان كذا فأشارت ان نعم فجعل ذلك وصية ومن طريق الخاصة
ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) ان أباهم حدثهم ان امامة بنت أبي العاص ابن الربيح وأمها زينب بنت رسول الله تزوجها علي (ع) بعد فاطمة (ع) فخلف عليها بعد علي المغيرة بن نوفل
وانها توجعت وجعا شديدا حتى اعتقل لسانها فأتاها الحسن والحسين (ع) وهي لا تستطيع الكلام فجعلا يقولان والمغيرة كاره يقولان أعتقت فلانا واهله فتشير برأسها نعم أم لا قلت
فأجاز ذلك قال نعم وعن سدير عن الباقر (ع) قال دخلت علي محمد بن الحنفية وقد اعتقل لسانه فأمرته بالوصية فلم يجب قال فأمرت بالطشت فجعل فيه الرمل فقلت له فخط بيدك قال فخط وصيته
بيده إلى رجل (ونخت) انا في صحيفة ولأنه غير قادر على النطق فصحت وصيته بالإشارة كالأخرس وقال أبو حنيفة واحمد لا تصح الوصية الا ان يكون مأيوسا من نطقه لأنه لو لم يويس
من نطقه؟ فلا يقوم إشارته مقام نطقه كالساكت والفرق ان الساكت قادر على الكلام مسألة إذا وجدت وصيته بخط الميت ولم يكن اشهد عليها ولا أقر بها لم يجب على الورثة
العمل بها بل لهم ردها وابطالها سواء عملوا بشئ منها أولا وقال الشيخ ره يتخير الورثة بين العمل بها وبين ردها وابطالها فان عملوا بشئ منها لزمهم العمل بجميعها لما رواه إبراهيم بن
محمد الهمداني قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) رجل كتب كتابا فيه ما أراد ان يوصي به هل يجب على الورثة القيام بما في ذلك الكتاب بخطه ولم يأمرهم بذلك فكتب إن كان ولده ينفذون
شيا وجب عليهم ان ينفذوا كل شئ يجدون في كتاب أبيهم في وجه البر وغيره وتحمل هذه الرواية على أنهم اعترفوا بصحة هذا الخط فحينئذ يجب العمل بالجميع واختلفت الشافعية
فقال أكثرهم لا تنفذ بذلك وصية وقال بعضهم إذا وجب له كتاب وصيته بعد موته ولم تقم بينة على مضمونه وجب العمل به وقال احمد من كتب وصيته ولم يشهد فيها وعرف
خطه وكان مشهورا بالخط حكم بها ما لم يعلم رجوعه عنها لقول النبي ماحق امرء مسلم له شئ يوصى فيه يبيت ليلتين الا وصيته مكتوبة عنده ولم يذكر شهادته ولان الوصية
يتسامح فهيا ولهذا صح تعليقها على الخطر والغرر وصحة الوصية للحمل وبه وبما لا يقدر على تسليمه وبالمعدوم والمجهول فجاز ان يتسامح فيها بقول الخط كرواية الحديث ولا دلالة
فيه فان المراد كتبته وصية يعتد العمل بها وذلك انما يتم الاشهاد فيها والتسامح فيها بما ذكر لا يوجب ثبوتها بغير بينة ولهذا نص الله تعالى على وجود الاشهاد بقوله اثنان
ذوا عدل منكم مسألة لو كتب وصيته وقال للشهود اشهدوا على بما في هذه الورقة ولم يطلعهم على ما فيها أو اشهد جماعة ان الكتاب خطي وما فيه وصيتي ولم يطلعهم
452

على ما فيه فأكثر الشافعية على أنه تنفذ الوصية بذلك ولا يعمل بما فيه حتى تشهد به الشهود مفصلا وقال بعضهم يكفي الاشهاد عليه مبهما وبعضهم اكتفى بالكتاب من غير اشهاد والوجه الأول
وحكى عن أحمد ان الرجل إذا كتب وصيته وختم عليها وقال للشهود اشهدوا على بما في هذا الكتاب لا يجوز
حتى يسمعوا عنه ما فيه أو يقرأ عليه فيقر بما فيه وبعض أصحابه قبله والعجب من احمد
انه قبل الخط المجرد عن الختم والاشهاد فمعهما أولي بالقبول وممن قبل ذلك مكحول ومالك والليث والأوزاعي ومحمد بن مسلمه وأبو عبيد واسحق لان النبي صلى الله عليه وآله كان يكتب إلى عماله وأمرائه
في امرؤ لايته واحكامه وسننه ثم عمل به الخلفاء بعده من كتبهم إلى ولاتهم بالأحكام التي فيها الدماء والفروج والأموال يبعثون بها مختومة ولا يعلم حاملها ما فيها وامضوها على وجوهها والوجه
الأول لأنه كتاب لا يعلم الشاهد ما فيه فلم يجز ان يشهد عليه مثل كتاب القاضي والمراسلات اعتمد فيها البناء على العادة وغلبة الظن بأمر الكاتب بما فيه مع معرفته الخط وقلة الخطر فيها
تذنيب إذا ثبت الوصية إما بالاشهاد أو بالاقرار فان حكمها يثبت ويعمل بها ما لم يعمل رجوعه عنها وان طالت مدته وتغيرت أحوال الموصي مثل ان يوصي في مرضه فبئر (أمته) فيموت
بعد لان الأصل بقاؤه فلا يزول حكمه بمجرد الاحتمال والشك كساير الاحكام مسألة ويستحب ان يكتب الموصي وصية ويشهد عليها لأنه احفظ لها وأحوط لما فيها وقد روي
عنهم (ع) ما ينبغي لمسلم ان يبيت ليلة الا ووصيته تحت رأسه فينبغي تصديرها بالعهد الذي رواه الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يحسن وصيته عند الموت
كان نقصا في مروته وعقله قيل يا رسول الله وكيف يوصي الميت قال إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم انى
أعهد إليك في دار الدنيا اني اشهد ان لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وان الجنة حق والنار حق والبعث حق والحساب حق والقدر والميزان
حق وان القران كما أنزلت وانك أنت الله الحق المبين جزى الله محمدا صلى الله عليه وآله خير الجزاء وحي اله محمد أو آل محمد بالسلم اللهم (باعدتي) عند كربتي ويا صاحبي في شدتي ويا ولي نعمتي إلهي واله
آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ابدا فإنك ان تكلني إلى نفسي أقرب من إلى الشر وابعد من الخير وانس في القبر وحشتي واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا ثم يوصي بحاجته وتصديق هذه
الوصية في القران في السورة التي تذكر فيها (حمريم) في قول عز وجل لا يملكون الشفاعة الا من تخذ عند الرحمن عهدا فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم ان يحفظ هذه
الوصية ويعلمها قال أمير المؤمنين (ع) علمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال رسول الله (ع) علمنيها جبرئيل مسألة قال ابن الجنيد لو وصي رجل بغير خطه ولم يشهد إلى أن يحضره الموت
فقال بجماعة من الشهود بحضر ته قد كتبت وصيتي وتركتها عند زيد فاشهدوا علي بما فيها ثم مات كانت شهادتهم كلهم كشاهدتهم على شهادة زيد على الموصي فان قال قد جعلتها
على نسختين عند زيد واحدة وعند عبد الله أخرى فاشهدوا علي بما فيهما فاحضر زيد و عبد الله النسختين قامت شهادة الشهود عليه مقام شهادتهم على شاهدين غير الآخرين
ولو كانت مما كتبها بخطه ولم يشرب به جاز للشاهدين ان يشهدوا عليه بما فيها إذا امرهما بذلك ولو لم يشهد فيها ثم ذكر حالها وأخرجها المعد له عنده وبعد موته انفذت ولو لم يقرأ
الوصية على الشهود (وتلوها) ثم قال اشهدوا على بما تضمنته فكتبوا جازت الشهادة ولو طبع عليها وقال لهم اشهدوا علي بما فيها فطبعوا مع طابعة جاز لهم ان يشهدوا عليه بما فيها
وفي هذه الأحكام كلها نظر والوجه المنع من الجميع لما سبق من أنه لا يجوز للشاهد ان يشهد بمجرد معرفة خطه البحث الثاني في القبول مسألة للوصي له إن كان
معينا كولده وزوجته وأجنبي معين اشترط القبول فلا يملك الموصي له الوصية الا بالقبول لان الوصية عقد فلا يتحقق الا بين اثنين عن تراض منهما والرضي من الأمور الباطنة
فلا بد من لفظ يدل عليه ولان الوصية تملك المال لمن هو من أهل الملك متعين فاعتبر قبوله كالهبة وللشافعية خلاف يأتي وإن كان لغير معين كالفقراء والمساكين ومن لا
يمكن حصرهم كبني هاشم وبني تميم أو على مصلحة كمسجد أو قنطرة أو حج لم يفتقر إلى القبول ولزمت بالموت ما لم يكن قد رجع عنها لان اعتبار القبول من جميعهم متعذر فسقط اعتباره
كما لو وقف عليهم ولا يتعين واحد منهم فيكفي قبولهم له ولان الملك لا يثبت للموصي لهم وانما يثبت لكل واحد منهم بالقبض فيقوم قبضه مقام قبوله إما الآدمي ا لمعين فيثبت له
الملك فيعتبر قبوله ولا يشترط القبول لفظا بل يكفي من الافعال ما يدل عليه كالاخذ والفعل الدال على الرضا كما في الهبة ويجوز القبول على الفور أي قبل الموت على خلاف
وعلى التراخي اي حين موت الموصي اجماعا مسألة اختلف علماؤنا فبعضهم اشتراط وقوع القبول بعد موت الموصي ولا يصح قبول ا لوصية ولأردها في حياة الموصي وله الرد
وان قبل في الحياة وبالعكس وهو المشهور عند الشافعية لأنه لاحق له قبل الموت لان الوصية تحقيق ملك الموصي له بعد الموت وقبل الموت باق على ملك الموصي وقال أبو حنيفة
إذا قبل في الحياة لم يكن له الرد بعد الموت وإذا رد في الحياة كان له القبول بعد الموت وقال بعض علمائنا لو قبل قبل الوفاة جاز وبعد الوفاة اكد فعلى هذا إذا مات الموصي
بعد قبول الموصي له في حياته لم يحتج إلى تجديد قبول اخر وكفى الأول في تمامية الملك واستقراره ولو مات قبل موت الموصي بعد قبوله لم يحتج الوارث إلى قبوله بعد موت الموصي إذا
عرفت هذا فإنه لا يشترط الفور في القبول بعد الموت لان الفور انما يشترط في العقود الناجزة التي يعتبر فيها ارتباط القبول بالايجاب مسألة لو مات الموصي له قبل موت
الموصي وقبل القبول فالمشهور بين علمائنا ان الموصي إذا مات بعد ذلك قبل رجوعه عن الوصية فان الوصية ينتقل إلى ورثة الموصي له وينتقل قبول إليهم وبه قال الحسن
البصري لأنه مات بعد عقد الوصية فيقوم الوارث مقامه كما لو مات بعد موت الموصي وقبل القبول ولما رواه محمد بن قيس عنم الباقر (ع) قال قضى أمير المؤمنين (ع) في رجل اوصى
لاخر والموصي له غايب فتوفى الذي اوصى له قبل الموصي قال الوصية لو أرت الذي اوصى له الا ان يرجع في وصيته قبل موته ولان القبول حق للمورث فيثبت للوارث بعد موته
كخيار الرد بالعيب قال المفيد ره إذا اوصى الانسان لغيره بشئ من ماله فمات الموصي له قبل الموصي كان ما اوصى به راجعا على ورثته رجع إلى مال الموصي إلى أن قال ولصاحب الوصية
إذا مات الموصي له قبله ان يرجع فيما اوصى له به فإن لم يرجع كان ميراثا (لم خلفي) الموصي له ورواه ابن بابويه في كتابه وهو مذهب اشتهر بين الأصحاب وقال ابن الجنيد ولو كانت الوصية
لاقوام بعينهم مذكورين يشار إليهم كالذي يقول لولد فلان هؤلاء فان ولد لفلان غيرهم لم يدخل في الوصية وان مات أحدهم قبل موت الموصي المورث بطل سهمه وهو يعطي
بطلان الوصية إذا مات الموصي له قبل الموصي ولا باس به وهو قول أكثر العامة وروي عن علي وبه قال الزهري وحماد بن أبي سليمان وربيعة ومالك والشافعي واحمد و
أصحاب الرأي لأنها عطية صادفت المعطي ميتا فلم تصح كما لو وهب ميتا وذلك لان الوصية عطية بعد الموت فإذا مات قبل القبول بطلت الوصية أيضا ولما رواه أبو بصير
ومحمد بن مسلم في الصحيح جميعا عن الصادق (ع) قال سئل عن رجل اوصى لرجل فمات الموصي له قبل الموصي قال ليس بشئ وفي الموثق عن منصور بن حازم عن الصادق (ع) قال سألته
عن رجل اوصى لرجل بوصية ان حدث به حدث فمات الموصي له قبل الموصي قال ليس بشئ قال الشيخ ره الوجه في هذين الخبرين أحد شيئين أحدهما ان يكون قوله ليس بشئ يعني ليس
بشئ ينقص الوصية بل ينبغي ان يكون على حالها في الثبوت لورثته والثاني ان يكون المراد بذلك بطلان الوصية إذا كان غيرها الموصي في حالة حياته لقوله علي (ع) في الخبر الذي
رواه محمد بن قيس أولا الا انه يرجع في وصيته قبل موته مسألة إذا أراد الموصى له الوصية فإن كانت قبل موت الموصي فقد قلنا إنه لا اعتبار بالرد لكن لو مات الموصي
له قبل موت الموصي وبعد رده وقلنا إن القبول ينتقل إلى الوارث ففي انتقاله هنا نظر أقربه الانتقال وإن كان بعد موت الموصي فاقسامه أربعة آ ان يرد الوصية قبل القبول
فتبطل الوصية ويستقر الملك للورثة ولا نعلم فيه خلافا لأنه أسقط حقه في حال يملك قبوله واخذه فأشبه عفو الشفيع عن الشفعة بعد البيع وابراء المديون بعد الاستدانة
453

بخلاف ما لورده قبل القبول في حياة الموصي لان الوصية هناك لم تقع بعد فأشبه رد المبيع قبل ايجاب البيع ولان ذلك الوقت ليس محلا للقبول فلا يكون محلا للرد هذا إذا كان الموصي به
عين مال أو منفعة والعين للورثة إما لو اوصى بالعين لواحد وبالمنفعة لاخر فرده الموصي له بالمنافع فهي للورثة وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انها للموصي له بالعين ولو اوصى
بخدمة عبد لانسان سنة وقال هو حر بعد سنة فرد الموصي له لم يعتق قبل السنة وبه قال الشافعي وقال مالك يعتق قبل السنة ب ان يقع بعد القبول وقبض الموصي له فلا
يصح الرد اجماعا لان ملكه قد استقر ولزم فلا يخرج عنه الا بعقد ناقل وليس الرد منه فأشبه رده لساير ملكه الا ان ترضى الورثة بذلك فيكون هبة منه لهم ويشترط جميع شرايط
الهبة من العقد والقبض ج ان يقع الرد بعد القبول وقبل القبض قال الشيخ ره يجوز الرد قال وفي الناس من قال لا يصح الرد لأنه لما قبل ثبت ملكه إما بالموت أو بالشرطين
وإذا حصل في ملكه لم يكن له الرد ثم قال والصحيح ان ذلك يصح لأنه وإن كان قد ملكه بالقبول الا انه لم يستقر ملكه عليه ما لم يقبضه فصح منه الرد كما أن من وقف عليه شئ فإنه متى رد
صح ذلك وإن كان قد ملك الرقبة والمنفعة أو أحدهما وللشافعية وجهان هذا أحدهما لأنه تمليك من ادمي بغير عوض فصح رده قبل القبض كما لو وقف وهو نص للشافعي في الام
فظاهرهما عند هم المنع لان الملك حاصل بعد القبول فلا يرتفع بالرد كما في المبيع وكما بعد القبص وهذا هو الوجه عندي لان الموصي له قد ملك بالوصية الجامعة للشرائط فلا
يزول ملكه عنه الا بسبب ناقل وليس الرد ناقلا وقول الشيخ لم يستقر ملكه عليه ممنوع فإنه عقد لا خيار فيه بحيث ينقسم إلى مستقر وغير مستقر والقياس على الوقف باطل الفساد
القياس في نفسه وقيام الفرق فيه لأنه إذا رد لم يحصل القبول الذي هو شرط أو جزء نعم لو قبل ثم رد لم يكن للرد حكم وللحنابلة تفصيل فقالوا إن كان الموصي به مكيلا
أو موزونا صح الرد لأنه لا يستقر ملكه عليه قبل القبض وإن كان غير ذلك لم يصح الرد لان ملكه قد استقر عليه فهو كالمقبوض ولأنه لما ملك الرد من غير قبول ملك الرد من غير
قبض والملازمة ممنوعة د ان يرد بعد القبض وقبل القبول فإنها تبطل لان القبول جزء السبب وقد حصل الرد قبل فيبطل العقد كما لو لم يكن قبض إذ القبض لا عبرة به ولا مدخل
له في التملك مسألة إذا رد الموصي له الوصية ففي كل موضع يصح رده فيه فان الوصية فيه تبطل بالرد ويرجع إلى التركة فيكون لجميع الورثة لان الأصل ثبوت الحق لهم وانما
خرج بالوصية فإذا بطلت الوصية رجع إلى ما كانت عليه كان الوصية لم توجد ولو عين بالرد واحد أو قصد تخصيصه بالمردود لم يكن له ذلك وكان لجميعهم لان رده امتناع من تملكه
فيبقى على ما كان عليه ولأنه لا يملك دفعه إلى الأجنبي فلم يملك دفعه إلى وارث يختص به وكل موضع امتنع الرد لاستقرار ملكه عليه فله ان يختص به واحد من الورثة لأنه ابتداء هبته وتمليك
ولأنه يملك ان يدفعه إلى أجنبي فملك ان يدفعه إلى وارث فإذا ردت هذه الوصية لفلان قيل له ما أردت فان قال أردت تمليكه إياها وتخصيصه بها فقبلها اختص بها إذا اتى بايجاب
الهبة فان قال أردت ردها إلى جميعهم لو رضي فلان عادت إلى جميعهم إذا قبلوها ولو قبلها بعضهم دون بعض فللقابل حصته منها خاصة وحصته غيره للراد وقالت الشافعية إذا قال
الموصي له رددت الوصية لفلان يعني أحد الورثة ففي الام ان قال أردت لرضاه كان ردا على جميع الورثة وان قال أردت تخصيصه بالرد عليه فهو هبة منه خاصة قال بعضهم هذا
متفرع على تصحيح الرد بعد القبول والا فما لا يملكه لا يمكنه ان يملكه غيره ثم لم يعتبر لفظ الهبة والتمليك ولا بد منه وهو القياس عندهم ولو مات ولو يبين مراد جعل ردا على جميع
الورثة فإذا لم يقبل الموصي له ولم يرد فللوارث مطالبته بأحد الامرين فان امتنع حكم عليه بالرد مسألة تحصل الرد بقول الموصي رددت الوصية أولا اقبل الوصية وما
يقوم مقام ذلك من الفاظه ويؤدي معناه آخر لو كانت الوصية لاثنين فقيل أحدهما ورد الأخر رجع نصيب الراد إلى جميع الورثة كالواحد وقال ابن الجنيد لا يرجع نصيب الراد
إلى الورثة وليس بجيد البحث الثالث في سبب التملك مسألة اختلف علماؤنا في أن الموصي له متى يملك ما اوصى له به قال في المبسوط الأقوى ان يقال إن الشئ الموصي
به ينتقل إلى ملك الموصي له بوفاة الموصي وقد قيل إنه بشرطين بالموت وقول الموصي له وقيل إنه مراعي فان قبل علم أنه انتقل بالموت إليه وان رد علم أنه بالموت انتقل إلى الورثة
ثم قال وعلى ما قلناه لو أهل هلال شوال وقد مات الموصي وقد اوصى له بجارية ولم يقل الموصي له بعد لزمه فطهرتها وعلى القولين الآخرين لا يلزمه وانما رجحنا الأول لقوله
تعالى من بعد وصيته يوصي بها أو دين فأثبت الميراث بعد الوصية والدين ولم يقل بعد وصية وقبل الموصي له فوجب ان لا ينفذ ذلك وقال قبل ذلك إذا مات الوصي متى
ينتقل الملك إلى الموصي له قيل فيه قولان أحدهما انه ينتقل بشرطين بوفاة الموصي وقبل الموصي له فإذا وجد الشرطان انتقل الملك عقيب القبول والقول الثاني انه مراعي ان
قبل الوصية تبينا انه انتقل إليه الملك بوفاته وان لم يقبل تبينا ان الملك انتقل إلى الورثة بوفاته وقيل فيه قول ثالث وهو ان الملك ينتقل إلى الموصي له بوفاة الموصي مثل
الميراث فيدخل فيه في ملك الورثة بوفاته فان قبل ذلك استقر ملكه عليه وان رد ذلك انتقل عنه إلى ورثته وهذا قول ضعيف لا يفرع عليه مع أنه قال أولا ان ينتقل بموت
الموصي وقال في الخلاف إذا اوصى له بشئ فإنه ينتقل إلى ملك الموصي له بوفاة الموصي وقال ابن الجنيد فان اكتسب العبد بعد موت السيد وقبل قبول الموصي له إياه كان ما اكتسبه
تابعا له وهو يدل على الانتقال بالموت وقال ابن إدريس الأقوى انه لا ينتقل بالموت بل بانضمام القبول من الموصي له لا بمجرد الموت والمعتمد ان نقول إن كانت الوصية لغير معين
لم يفتقر إلى القبول ولزمت بالموت حصل الانتقال به وإن كانت لمعين انتقل الملك إليه بوفاة الموصي انتقالا غير مستقر بل متزلزلا قابلا للزوال وان رد ذلك انتقل عنه إلى ورثته
لان الملك بعد موت الموصي إما أن تكون باقيا على ملكه وهو باطل لان الميت لا يملك شيئا واستمرار الملك مع الموت بعيد جدا واما ان ينتقل إلى الورثة وهو باطل والا
لكان الموصي له يتلقى لا ملك من الوارث لا من الميت وهو بعيد ولان الوارث لو كره الانتقال إلى الموصي له لم يعتد بكراهيته في الانتقال وحكم
به بغير اختيار الوارث فاما ان يكون ملكا لله تعالى فلا يختص بالموصي له بل يجل انتقاله إلى سبيل الخير لأنها (حسب) حق الله تعالى واما ان يبقى بلا مالك وهو بعيد لاستحالة
بقاء ملك بغير ما لك فتعين انتقاله إلى الموصي له فنقول حينئذ لا يجوز انتقاله إليه على وجه اللزوم والاستقرار والا لما ارتد عنه بالرد والثاني باطل بالاجماع فالمقدم مثله والملازمة
ظاهرة فان الاملاك المستقرة على أربابها لا تزول عنهم بردهم إياها ولا يملك القول بالوقف لأنه انما يثبت الوقف
بالنسبة إلينا لعدم علمنا بالحكم في نفس الامر ونحن قسمنا بالنسبة إلى ما في نفس الامر فلم يبق الاما ادعيناه واما العامة فقد اختلفوا فللشافعي أقوال ثلاثة أحدها انه يدخل
الموصي به في ملك الموصي له بموت الموصي بغير اختياره كما يدخل الميراث في ملك الورثة ويستقر بقبوله وهو قول غير مشهور بينهم وجه انه يستحقه بالموت فأشبه الميراث ولأنه
لا يجوزان يبقى على ملك الميت لأنه صار جمادا ولا يجوز ان ينتقل إلى الورثة لان الله تعالى قال من يعد وصية يوصي بها أو دين فثبت انه ينتقل إلى الموصي له والثاني ان الموصي
له يملك ما اوصى له بالقبول لأنه تمليك بعقد فيتوقف العمل فيه على القبول كما في البيع ونحوه وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد وأهل العراق وعلى هذا فالملك قبل القبول للوارث
أو يبقى للميت فيه للشافعية وجهان أصحهما الأول والثالث هو أصح الأقوال عند الشافعية وبه قال المزني ان الملك موقوف في الحال فان قبل تبينا انه ملكه من يوم الموت
والا تبينا انه كان ملكا للوارث من يومئذ لأنه لو ملك الموت لما ارتد بالرد كالميراث وبتقدير ان يرتد وجب ان يكون انتقال إليهم بحسب الهبة منه لا بحسب الإرث من الموصي ولو
ملك بالقبول فاما ان يكون القبول للميت واستمرار الملك مع الموت بعيدا وللوارث وحينئذ فالموصي له يتلقى الملك عن الوارث لا عن الموصي وهو بعيد أيضا ولان الإرث
454

يتأخر عن الوصايا وإذا بطلت الأقسام وجب التوقف والملازمة الأولى ممنوعة وانما يتم لو كان الملك مستقرا لازما إما إذا قلنا بأنه متزلزل فلا ولا نسلم كون الانتقال مع
الارتداد يحسب بالهبة بل يقول الارتداد رافع للملك من أصله والقياس على الإرث باطل لان الإرث ليس بتمليك باجياب والوصية بخلافه وقد اعترضت الشافعية على قولهم
بأنه لو اوصى بعتق عبده معين بعد وفاته انتقل العبد إلى الوارث إلى أن يعتق ولا يجعل على الخلاف والفرق ان الوصية تمليك للموصي له فيعد الحكم بالملك لغير من أوجب له
الملك والعتق ليس بتمليك وأجابوا أيضا بان الوصية بالعتق دون الرقبة فلم يمنع من ملك الوارث وهنا الوصية بالملك فلم ينتقل ما وصى به إلى الوارث مع استحقاقه الوصية
به ثم اعترضوا بان قالوا لم لا يبقى على حكم مال الميت كما لو كان على الميت دين فإنه يكون باقيا في حكم ذمة الميت وأجابوا بالفرق بينهما بأنه يجوز ان يتجدد عليه وجوب دين وهو إذا
كان حفر بئرا في حال حياته فوقع فيها انسان بعد موته ولا يجوز ان يتجدد له ملك بعد موته فلم يبق املاكه قيل عليه كيف يجوز ان يتعلق الملك بشرط مستقبل وذلك
محال أجابوا بأن هذا غير مانع كما إذا قال لها أنت طالق قبل موتي بشهر فإنه إذا مات تبينا انه وقع الطلاق أو لم يقع وهذا لا يشبه القبول لان الموت ليس بشرط في وقوع الطلاق
وانما تبين به الوقت الذي أوقع فيه ولو قال إذا مت فأنت طالق قبله بشهر لم يصح قالوا وينبغي ان يكون القبول هنا ليس بشرط في صحته الملك وان يبين به اختياره للملك حال
الموت فتبين حصول الملك باختياره وبعد هذا كله فالقول بان القبول كاشف عن الملك لا باس به عندي واعترض على القايل بان الملك ينتقل إلى الوارث بقوله تعالى من
بعد وصية يوصي بها أو دين شرط في ملك الوارث انتقال الوصية والوصية هنا ثابته فلا يتحقق الملك للوارث وأجيب بان الملك ثبت للوارث بالموت والمراد بالآية من بعد
وصية مقبولة ولهذا فان الموصي له لو لم يقبل الوصية فأنت ملكا للوارث اجماعا وقيل قبولها ليست مقبولة ويحتمل ان يكون المراد بقوله تعالى فلك الربع مما تركن من بعد
وصية اي ذلك لكم مستقر ولا يمنع هذا ثبوت ملك غير مستقر ولهذا لا يمنع الدين ثبوت الملك في التركة وهو اكد من الوصية ثم قال بعضهم بأنه يبقى ملكا للميت كما إذا كان عليه دين
واعترضوا على من (تفي) بملكه بان الملك بقى له فيما يحتاج إليه مؤنة تجهيزه ودفنه وقضاء ديونه وتنفيذ وصاياه ولأنه يتعذر انتقاله إلى الوارث من أصل الوصية وامتناع
انتقاله إلى الموصي له قبل القبول الذي هواما جزء السبب أو شرطه فإنه ذلك يقتضي تقدم المسبب أو المشروط على جزء السبب أو شرطه وجوزوا ان يتجدد للميت ملك في ديته
إذا قتل وفيما إذا نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته بحيث ينفذ وصاياه وتقضي ديونه منها ويجهز أيضا فان رد الموصي له ا وقبل انتقل حينئذ فان قلنا إنه ينتقل إلى الوارث
فإنه يثبت له الملك على وجه لا يفيد إباحة التصرف كثبوته في العين المرهونة فلو باع الموصي به أو رهنه أو أعتقه أو تصرفه بغير ذلك لم ينفذ شئ من تصرفاته ولو كان الوارث
ابنا للموصي به مثل ان تملك امرأة زوجها الذي لها منه ابن فتوصي به الأجنبي فإذا ماتت انتقل الملك فيه إلى ابنه إلى حين القبول ولا يعتق عليه البحث الرابع في المسائل
المتفرعة على المذهبين قد بينا ان الأقوال في ملك الموصي له متى يكون ثلثة أحدها انه يملك بالموت وهو رواية أبي ثور عن الشافعي والثاني وبه قال أبو حنيفة ومالك
واحمد انه يملك بالقبول وعلى هذا فالملك قبل القبول للوارث أو يبقى للميت فيه وجهان للشافعية أصحهما الأول والثالث وبه قال المزني وهو الأصح عندهم الوقف فان قيل
ظهر انه ملك من حين الموت والا تبينا انه كان ملكا للوارث من ذلك الوقت وفرع الفقهاء على ذلك مسائل مسألة لو كان الموصي به عبدا كسوبا فكسب شيئا
أو شجرة فأثمرت أو دابة فحملت وبالجملة سايرزوا يد الموصي به ان حصلت قبل موت الوصي فهي للموصي لأنه قبل موته مالك للعين اجماعا فتبعه الزيادات المتصلة والمنفصلة
والوصية لا تتناول المنفصلة منها لأنها عين حصلت في ملك الموصي وليست جزءا من مسمى الموصي به فلا يندرج تحته وان حصلت بعد موته وبعد القبول فهي للموصي له لأنها
وقد ملك العين وان حصلت بعد موته وقبل القبول فان قلنا الملك يحصل بالموت فهي للموصي له قبل الوصية اوردها لأنه حصل بعد تمام الملك للموصي له حيث جعلنا الملك
تابعا للموت خاصة وللشافعية فيما إذا رد الوصية وجه ان الزوايد تتبع العين في الرد أيضا لأنا بينا ان سبب الملك لا يستقر وان قلنا يحصل بالقبول فلا يكون الزوايد للموصي
له سواء قبل الوصية اوردها لأنها حدثت قبل حصول ملكه وللشافعية فيما إذا قبل الوصية وجه انها تكون للموصي له لان حق التملك من وقت الموت فهي حادثة على محل
حقه وان قلنا بالتوقف فهي موقوفة أيضا كالأصل فان قبل الوصية فهي له والا فلا وكلما قلنا إن الزوايد ترتد فإلي من ترتد للشافعية وجهان أحدهما إلى الموصي حتى يكون من
جملة (تركانه) يقضي بها ديونه وينفذ وصاياه كالأصل وأصحهما انها تكون للوارث لحدوثها بعد زوال ملك الموصي وهو الوجه عندي مسألة لو أوصي بعبده لزيد
ثم مات ثم أهل شوال قبل القبول ثم قبل فان قلنا إنه ينتقل بالموت فالفطرة على الموصي له وان قلنا بالقبول فالفطرة على الوارث فان قلنا بالوقف فان قبل تبينا الملك
حين الموت فالفطرة على الموصي له والا فعلى ا لوارث وكذا مؤنه العبد ونفقته التي يحتاج إليها بعد الموت وقبل القبول فان حكمها حكم الفطرة وقال بعض الشافعية انها
على الموصي له ان قبل على كل قول وعلى الوارث ان رد على كل قول ولا يتأتى الوجه المذكور في الزيادات وإن كان يحتمل ان يقال الغرم في مقابلة الغنم لكن ادخال شئ في
الملك قهرا أهون من الزام مؤنة قهر أو إذا توقف الموصي له في القبول والرد الزم النفقة فان أراد الخلاص رد ويحتمل الزام الوارث ان قلنا إنه يملك بالقبول خاصة بعد
الموت مسألة لو زوج أمته من حر ثم وصي له بها مات الموصي قال الشيخ ره هذه المسألة تبني على أصول
ثلثه أحدها ان الحمل هل له حكم أم لا وقد قيل فيه قولان أحدهما
لا حكم له والثاني له حكم ومعنى ذلك انا إذا قلنا له حكم تناوله البيع والوصية وجرى ذلك مجرى عين منفردة عن الأصل ومجرى الوالد المنفصل وإذا اوصى بها وهي حبلي
فكأنه اوصى بها وبحملها وإذا باعها فالثمن يتقسط عليها وإذا قلنا لا حكم للحبل فلا يحكم بان العقد تناوله فإذا وضعته كان كأنه نماء حدث الان وجرى مجرى السمن وإذا
وصي بجارية حبلى فان وصيته تكون بها دون الحمل وإذا باعها فالثمن لا يتقسط على الحمل ومتى وضعت وكانما حدث في تلك الحالة والأصل الثاني ان أقل مدة الحمل
ستة أشهر فمتى وضعت من حين الوصية لستة أشهر فما زاد فالظاهر أنه حدث بعد الوصية وان وضعت لدون ستة أشهر من حين الوصية تبينا ان الحمل كان موجودا
حين الوصية والأصل الثالث ان من اوصى لرجل بشئ فان ملكه لا يزول عن ذلك الشئ قبل وفاته اجماعا وإذا مات الموصي متى ينتقل الملك إلى الموصي له فيه قولان
أحدهما ينتقل بشرطين موت الموصي وقبول الموصي له فإذا وجد الشرطان انتقل الملك عقيب القبول والثاني انه مراعي ان قبل الوصية تبينا انه انتقل إليه الملك
بوفاته وان لم يقبل تبينا ان الملك انتقل إلى الورثة بوفاته وقيل فيه قول ثالث وهو ان الملك ينتقل إلى الموصي له بوفاة الموصي فان قيل ذلك استقر ملكه وان رد
انتقل إلى الورثة وضعفه الشيخ ثم فرع على الأولين فقال إذا زوج أمته من حر ثم اوصى للزوج بها فاما ان يرد أو يقبل فان رد بطلت الوصية وكانت الأمة على الزوجية
ينتقل ملكها إلى الورثة والنكاح للزوج بحاله الا إذا قلنا إن الموصي له يملك بالموت فيفسخ النكاح من يوم الموت وإن كان الملك ضعيفا للتنافي بين الملك والنكاح
واما إن كان قبل الوصية نظرت فإن كانت الأمة حايلا فقد ملكها وانفسخ النكاح بينهما لان النكاح لا يجتمع مع ملك اليمين لان احكامها متضادة وملك اليمين
أقوى فمنع النكاح ومتى ينفسخ يبني على القولين متى يملك الموصي له فان قلنا بالقبول انفسخ يوم القبول ومن يوم الموت على سبيل التبين وان قلنا بالتوقف
455

وإن كانت حاملا فسيأتي وإن كان قد زوجها من وارثه ثم اوصى بها لغيره فان قبل الموصي له الوصية النكاح الا إذا قلنا إن الملك يحصل بالقبول وانه قبل القبول للوارث
ففيه للشافعية وجهان أظهرهما الانفساخ والثاني عدمه لان الملك ضعيف يتعلق باختيار الغير بخلاف جانب الموصي له وان رد انفسخ النكاح في استناده إلى حالة الموت لضعف
الملك هذا الخلاف هذا إذا خرجت الأمة من الثلث فإن لم تخرج ولم يجز الورثة انفسخ النكاح لدخول شئ مما يزيد على الثلث في ملك الزوج وان أجازوا أو قلنا بحصول الملك بالموت
أو قلنا بالتوقيف فهل ينفسخ ان قلنا اجازتهم تنفيذ لما فعله فلا وان قلنا ابتداء عطية فنعم لكونها في ملكهم إلى أن أعطوا مسألة لو اوصى له بجارية فولدت فالأقسام
ثلثة الأول ان تلد قبل موت الموصي فان انقضى أقل مدة الحمل من يوم الوصية وهي ستة أشهر فالولد غير داخل في الوصية لاحتمال تجدده بعد الوصية والأصل عدم الحمل
يوم الوصية والأصل عدم تناول الوصية له فلا يجعل للموصي له بالشك والاحتمال وان وضعته لأقل من ستة أشهر من حين الوصية علم وجود يوم الوصية ويبني على الخلاف
في أن العمل هل يعرف ويعطي حكما قبل الانفصال ان قلنا لا وانما النظر إلى حالات الانفصال فالولد غير داخل أيضا بل هو زيادة حدثت في ملك الموصي فيكون لورثته وان
قلنا نعم فهو كما لو أوصي بالجارية وولدها بعد الانفصال فينظر أيقبلهما الموصي له أم يردهما أم يقبل أحدهما دون الأخر والمعتمد ان الحمل غير داخل في وصية الام وإذا كان الموصي
له زوج الجارية وقبل الوصية في الولد عتق عليه الملك ولا ولاء له عندنا وعند العامة يكون له ولاء ولا تكون الجارية أم ولد له لأنها علقت منه برقيق الثاني ان تلد بعد
موت الموصي وقبل قبول الموصي له فاما ان تلد بعد انقضاء مدة الحمل من يوم موت الموصي أو قبله وح فاما ان تلد بعد انقضاء مدة الحمل من يوم موت الموصي أو قبله وح
فاما ان تلد بعد انقضاء هذه المدة من يوم الوصية أو قبلها فهذه ثلثه أحوال أ إذا ولدت بعد انقضاء مدة الحمل من يوم الموت لم يدخل الولد في الوصية لاحتمال
حدوثه بعد الموت ثم إن كان الموصي له زوج الجارية بني حكم الجارية على أن الوصية لم تملك ان قلنا بالقبول وانها قبل القبول لورثة الموصي فالولد لهم إرثا عن الميت بل
لحدوثه من ملكهم وان قلنا يملك بالموت أو توقفنا فقبل فيكون العلوق في ملك الموصي له فينعقد الولد حرا لا ولاء عليه ويكون الجارية أم ولد له ب إذا ولدت قبل أقل
مدة الحمل من يوم الموت وبعد انقضاء هذه المدة من يوم الوصية فهذا لا يجوز حدوثه بعد الموت ويجوز ان يكون بعد الوصية فيجعل كأنه حدث بعدها فان قلنا الحمل
يعرف ويعطي حكما قبل الانفصال فالولد زيادة حدثت في ملك الموصي له فهو لهو له ولورثته بعده وان قلنا لا يعرف ولا يعطي حكما فيبنى على أن الوصية بم تملك ان قلنا بالقبول وانها
للورثة قبل القبول فالولد حادث في ملكهم وان قلنا بالموت أو توقفنا وكان الموصي له زوج الجارية فقيل عتق الولد عليه بالملك ولا ولاء عندنا وعند العامة له الولاء ولا
تصير الجارية أم ولد له لان العلوق حصل وهو مملوك ج إذا ولدت قبل انقضاء مدة الحمل من يوم الموت والوصية جميعا فان قلنا الحمل يعرف ويعطي حكما قبل الانفصال
فكأنه اوصى بالجارية والحمل جميعا والا فعلى الخلاف في أن الوصية بم تملك على ما تقدم في الحالة الثانية القسم الثالث
ان تلد بعد الموت والقبول فله أحوال أ ان تلد بعد انقضاء أقل مدة الحمل من وقت القبول فالولد للموصي له فإن كان الموصي له زوج الجارية انقعد الولد حرا وصارت الجارية أم ولد ب ان تلد قبل انقضاء
هذه المدة من وقت القبول وبعد انقضائها ومن وقت الموت فان قلنا الوصية تملك بالموت أو توقفنا فقبل فالحكم كما في الحالة الأولى وان قلنا تملك بالقبول وانها
قبل القبول للورثة فان قلنا الحمل يعرف فهو زيادة في ملك الورثة والا فللموصي له فإذا كان الموصي له زوج الجارية عتق الولد عليه وثبت له الولاء ولا تصير الجارية أم ولد
ج ان تلد قبل انقضاء هذه المدة من وقت القبول والموت جميعا وبعد انقضائها من يوم الوصية فان قلنا الحمل يعرف فالولد غير داخل في الوصية وان قلنا لا واعتبرنا
حاله الانفصال فالانفصال حصل في ملك الموصي له فيكون الولد له ويعتق عليه إن كان الموصي له زوجها ولا استيلاد د ان تلد قبل انقضائها من يوم الوصية أيضا
فان قلنا إن الحمل يعرف فهو داخل في الوصية والا فهو حاصل في ملك الموصي له فيكون له فإن كان زوجها عتق عليه بالملك ولا استيلاد ونتاج ساير الحيوان يعرف
بما ذكرنا ويرجع في مدة حملها إلى أهل الخبرة فإنها تختلف تذنيبان أ قال بعض الشافعية حيث حكمنا بمصير الجارية أم ولد فتعتبر حقيقة الا صابة من وقف الملك
أم يكفي امكان الإصابة فيه وجهان والثاني هو الملايم لكلام أكثرهم ب قال حيث نبينا الولد على ملك الوارث فالمعتبر من الثلث قيمة الجارية وحدها وإذا لم نبن
فللمعتبر من الثلث ما كان موجودا يوم موت الموصي فإن كانت حايلا اعتبر قيمتها وحدها وإن كانت حاملا اعتبر قيمتها مع قيمة الحمل وحينئذ فالنظر إلى قيمتها حاملا
يوم موت الموصي عند عامة الشافعية وقال بعضهم يعتبر قيمتها يومئذ لو كانت حاملا ويعتبر قيمته الحمل في أول حال الانفصال وإذا قومناهما فخرجا من الثلث فذلك
والا فلا يقرع ولكن تنفيذ الوصية في القدر الذي يحتمله الثلث منهما على نسبة واحدة مسألة لو اوصى بأمة لزوجها فلم يعلم حتى وضعت له بعد موت سيدها
أولادا فان قبل عتقوا ولم يكن أمهم أم ولد حتى تلد منه بعد قبوله لستة أشهر قاله بعض الشافعية واشكل عليه من وجهين أحدهما انه اعتبر عدم العلم بالوصية ولا فرق بين
ان يعلم أولا يعلم والثاني انه حكم بحرية الأولاد وبأنها لا تصير أم ولد فإذا فرع على أن الملك يحصل بالموت أو على قول المتوقف فلم اعتبر مضى الأشهر في مصير الجارية أم ولده
وان فرع على الحصول بالقبول فلم يحكم بحرية الأولاد في الحال إما الأول فقد فرق بعضهم بين العلم وعدمه لان الشافعي حكم فيما إذا أوطأ أمة الغير على ظن أنها زوجته الحرة بحرية
الولد ولو ظن أنها زوجته الرقية يكون الولد رقيقا فاختلف الحكم باعتقاد والظاهر أنه لا فرق في ثبوت أمية الولد بين ان يكون عالما أولا يكون حتى لو وطي أمته على ظن أنها لغيره
أوانها حرة وأحبلها تثبت أمية الولد فإذا قوله ولا يعلم كأنه خرج مخرج الغالب فان الغالب ان الوصية لا تبقى المدة الطويلة معلقة غير مردودة ولا مقبولة الا إذا لم يعلم
الموصي له بالوصية لغيبة أو نحوها واما الثاني فقد قيل إنه تخليط من المزني فقوله عتقوا تفريع على أن الملك يحصل بالموت وقوله ولا تصير أم ولد له تفريع على أنه يحصل
بالقبول وقال أكثر لهم بل هو تفريع على قول التوقف ويبين حصول الملك بالموت وأراد بالقبول في قوله بعد قبوله بالموت سماه قبولا لأنه وقفات لقبول مسألة
لو اوصى بجارية لزوجها ومات الموصي قبل القبول والرد فقد تقدم ان ورثته يقومون مقامه في الرد والقبول فان قبله فعلى الخلاف في أن الملك بم يحصل فان قلنا
بالموت أو قلنا هو موقوف فقبولهم كقبول الموصي له في عتق الأولاد بالملك وفي انعقادهم على الحرية مصير الجارية أم ولد في بقائهم مماليك لورثة الموصي على اختلاف
الأحوال المذكورة في المسألة بلا فرق الا انهم إذا عتقوا بقبول الموصي له ورثوه وإذا أعتقوا بقبول الورثة لم يرثوا وان قلنا يحصل الملك بالقبول فإن كان بين الوراث
والأولاد قرابة تقتضي العتق بان كان وارث الموصي له أباه فينعتقون عليه لانهم حفدته والا فللشافعية وجهان وإذا لم يحصل العتق فهل تقضى دون الموصي له منها
أم تسلم للورثة فيه وجهان مسألة إذا اوصى الانسان لغيره بابنه أو بأبيه لم يجب عليه القبول بل كان للموصي له ان يرد كما أن له ان يقبل لان قبول الوصية استجلاب ملك الأب
وهو غير لازم له كما لو بذل بيعه فإنه لا يجب عليه شراؤها اجماعا فكذا لو أوصي له به وبه قول الشافعي وقال مالك ان الموصي له يجب عليه ان يقبل الوصية لأنه يحصل لأبيه الحريمة من
غير التزام مال فلزمه ذلك لانتفاء الضرر عنه وهو ممنوع فان المنة ضرر ويلزمه نفقته وكسوته وهو ضرر أيضا وللشافعية وجه انه يمتنع الرد إذا فرعنا على أن الملك يحصل
456

بالموت لأنه يعتق عليه لكن مذهب الشافعية خلافه وان لا يعتق عليه قبل القبول فان عرف ذلك فرد فذاك وان قبل وقلنا إن الملك يحصل بالقبول عتق عليه ج وان قلنا بالموت
أو قلنا بالتوقف بين انه عتق عليه يوم الموت مسألة لو ملكا ابن أخيه فأوصى به لأجنبي ولا وارث للموصي سوى أخيه أبي الابن الموصي به فقيل الموصي له الوصية فالابن
للأجنبي ان قلنا بحصول الملك بالموت أو قلنا بالتوقف وان قلنا بحصوله بالقبول وجعلناه قبل القبول للوارث فقضية العتق على الوارث يوم الموت لأنه قد ملك ابنه لكن جماعة
الشافعية لم يحكموا بعتقه بل بعدم العتق لئلا تبطل الوصية فيه اشكال مسألة هذا في رد الموصي له وقبوله بنفسه إما لو اوصى لانسان بأبيه ومات الموصي له بعد موت
الموصي وقبل القبول وقلنا إن الوارث يقوم مقامه في الرد والقبول لإنابته عنه في الحقوق فان قبل فهو كما لو قبل الموصي له بنفسه ان قلنا بالتوقف أو بحصول الملك بالموت و
ان قلنا بحصوله وبالقبول فإن لم يكن بين الموصى به ووارث الموصي له قرابة تقتضي عتقه عليه بان كان الوارث أخا الموصي له أو ابن أخيه فهل يحكم بعتقه الأقوى ذلك لان الموصي انما أوجب
الملك؟ للموصي له في حياته فقد أوجد سبب الملك في حياته فأشبه ما لو نصب شبكة في حال حياته وتعلق بها صيد بعد موته فإنه يحكم بثبوت الملك له ويحتمل المنع لان القبول الذي
يترتب عليه الملك وجد من الوارث فيثبت له الملك ابتداء لا تلقيا من الوارث كما لو ورث حق الشفعة واخد بها ينتقل الملك إليه من المشتري لان من مورثه وللشافعية وجهان كهذين
وإن كان بين الموصي به ووارث الموصى له قرابة تقتضي العتق بان كان الوارث أب الموصي له فيحكم بعتق الموصي به لا محاله ويعود الوجهان في أنه يعتق على الموصى له أو على وارثه وان
الولاء عند مثبته من العامة لمن ثبت وإذا لم يحكم بالعتق فهل يقضي منه ديون الموصي له أم يسلم للوارث للشافعية وجهان أحدهما انها تسلم للوارث لان الوارث ملك لا من جهة الموصي
له والثاني انه يقضي منه ديون الموصي له لان الوارث ملكه بسبب يتعلق بالموصي له فهو كالدية الواجبة بقتله يقضي منها ديونه وان قلنا إنها تثبت للوارث ابتداء
مسألة إذا اوصى له بمن يعتق عليه كولده أو والده فان قبله في حال صحته أو مرضه الذي لم يمت فيه فإنه يعتق عليه وإذا مات ورثة وإن كان قبله في مرضه الذي مات فيه
احتمل ان يكون من ثلثه وهي قول الشافعي لأنه ملكه بالقبول ثم عتق عليه فقد عتق ملكه في مرضه فان خرج من ثلثه نفذ عتقه فإن لم يخرج من ثلثه فأجاز الورثة ذلك عتق
وان لم يجز وأجاز منه خرج من الثلث ولا يرث عند الشافعي لا نالو ورثناه لكان عتقه وصيته للوارث والوصية للوارث لا تنفذ عندهم وإذا لم يحصل عتقه لم يرث فأثبتنا
العتق ونفينا المراث لان ثبوت الميراث يؤدي إلى بطلان العتق من حيث إن الوصية به يكون وصية للوارث وهي عندهم باطلة وإذا بطل العتق بطل ا لميراث أيضا فثبوت الميراث
يؤدي إلى نفيه وكلما كان ثبوته يؤدي إلى نفيه كان محالا ويحتمل ان ينفذ عتقه من الأصل وقواه الشيخ ره وهو قول بعض الشافعية لأنه انما يعتبر من الثلث ما يخرجه من ملكه
وهنا لم يخرج من ملكه شيئا وما قبل وصيته ولم يستقر ملكه عليه فيكون عتقه مبطلا لملكه ولا يخرج في مقابلة ذلك شئ من ماله فعلى هذا؟ يورث لأنه حين وفاته حر مسألة
إذا ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض عتق وورث وبه قال مالك وبعض الشافعية وحكى مذهبا للشافعي وبه قال احمد ولا خلاف بين هؤلاء في أنه إذا ملكه
بالميراث عتق وورث وقال أبو حنيفة ان حمله الثلث عتق وورث والا سعى فيما بقى عليه ولم يرث ولم يفرق بين ان يملك بعوض أو بغير عوض وقال أبو يوسف و
محمد يحسب ميراثهم من قيمتهم فان فضل شئ اخذوه وان فضل عليهم شيئا سعوا فيه والوجه الأول ولان المريض لم يصنع فيه شيئا من ماله وانما تعاطى سبب
ملكه على وجه لم يستقر وزال بغير ازالته فلم يحسب عليه من ثلثه كما لو اتهب شيئا ورجع الواهب فيه أو اشترى ما فيه غبطه بشرط خيار البايع ففسخ أو تزوجت المرة
وطلقت قبل الدخول وإذا لم يكن وصيته تحتسب عليه من الثلث لم يمنع الميراث كما لو ملك حال صحته إذا عرفت هذا فكل موضع يدخل في ملكه بغير عوض بل
بإرث أو هبة يعتق من الأصل وهو الاظهر عند الشافعية وبعضهم فرق بين ان يرثه المريض وان يقبل الوصية به
في أن الأول يعتق عليه من الأصل والثاني من
الثلث لأنه إذا قبل الوصية فقد استجلب ملكه وإذا ورثه فقد دخل في ملكه بغير اختياره وعتق بغير اختياره الا ترى انه لو ورث بعضه لم يقوم عليه الباقي
وإذا أوصى له ببعضه فقبله عتق عليه وقوم عليه الباقي ولو قبل المديون في مرض موته الوصية له بمن ينعتق عليه احتمل ان يعتق من الأصل لأنه لم يتلف بذلك
مالا لنفسه وهو قول بعض الشافعية الذين قالوا يعتقه من الأصل وان يباع في الدين ان قلنا يعتق من الثلث لأنه ح يكون وصية والدين مقدم لكن الأول
أحق لان العتق قهري وهذا الوجه بعيد وان صار إليه بعض الشافعية ولهم وجه ثالث ابعد من هذا بناء على العتق من الثلث لأنه لا يصح قبوله لأنه يؤدي إلى بيع أبيه
عليه ولو اشترى المريض من يعتق عليه فان خرج من ثلثه عتق عليه وان لم يخرج من ثلثه فان أجاز الورثة عتق وان لم يجيزوا عتق عنه ما يخرج من الثلث وانتقل
الباقي إلى وارثه فإن كان فيهم من يعتق عليه عتق عليه نصيبه منه ويرق الباقي قاله الشافعية ولا يرث في هذه الأحوال عندم وحكاه بعضهم عن الشافعي ومالك وحكى
عن الشافعي أيضا انه لا فرق بين ان يملك بعوض أو غيره وانه ان خرج من الثلث عتق والا عتق منه بقدر الثلث والا يرث في الحالين لأنه لو ورث لكان اعتاقه
وصية لوارث فيبطل عتقه ويبطل ميراثه لبطلان عتقه فيؤدي توريثه إلى ابطال توريثه فصححنا عتقه ولم نورثه ومذهب أبي حنيفة وأصحابه في هذا كمذهبهم إذا
ملكهم بغير عوض والوجه انه يعتق عليه لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من ملك ذا رحم محرم فهو حر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا ملك الرجل والديه
أو أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخته وذكر أهل هذه الآية من النساء عتقوا جميعا الحديث ولأنه ملك وجد معه ما ينافيه فيبطل كملك النكاح مع ملك الرقبة
فيما إذا اشترى أحد الزوجين صاحبه وإذا أعتق ورث لان سبب الميراث الذي هو القرابة وجد عريا من الموانع فورث كالورثة وقولهم إن عتقه وصية باطل لان
الوصية فعله والعتق هنا يحصل بغير اختياره ولا أراد ته ولان رقبة المعتق لا يحصل له وانما يتلف ماليه ويزول فيصير ذلك كتلفه بقبل بعض رقيقه أو كاتلاف
بعض ماله في بناء مسجد ومثال ذلك مريض وهب له ابنه فقيل وقيمته مائة ثم مات المريض وخلف ابنا اخر ومأتين فإنه يعتق ويقاسم أخاه في المأتين في قول أكثر
العامة وللشافعي قول انه يعتق ولا يرث شيئا وعند أبي يوسف ومحمد يعتق وله نصف التركة يحتسب له بقيمته ويبقى له خمسون ولو كان باقي التركة خمسين فعند
مالك يعتق وله نصف الخمسين وعند أبي حنيفة يعتق نصفه ويسعى في باقيه والخمسون كلها لأخيه وقال صاحباه يعتق ثلثه أرباعه وعند الشافعي في أحد القولين
يعتق نصفه ورق نصفه ونصفه الرقيق والخمسون بأسرها لأخيه وإن كان باقي التركة ثلث مائة فعند مالك يعتق وله مائة وخمسون وعند الشافعي يعتق ولا
يرث شيئا وعند أبي يوسف ومحمد يعتق وله ثلث الثلث المائة وإن كان اشترى ابنه ومائة وخلف ابنا أخروا مائة أخرى ففي إحدى الروايتين عن أحمد يعتق و
يقاسم أخاه المائة الباقية وفي الأخرى يعتق منه ثلثاه ويرث أربعين ويعتق باقية على أخيه ولا يرث بذلك شيئا لان عتقه حصل بعد موت أبيه وعند الشافعي يعتق
ثلثاه ولا يرث وقال أبو حنيفة يعتق ثلثاه ويسعى في باقيه ولا يرث عند صاحبيه يعتق كله ولا يرث شيا فإن كان قد تصدق قبل ذلك بثلثه أو جايى به لم يعتق لان الثلث
قد ذهب مسألة لو اوصى للمريض من يعتق عليه فمات قبل القبول فقبل وارثه فان حكمنا بحصول الحرية عند القبول لم يرث من الموصى له لتأخر عتقه عن موته
457

وانتقال التركة إلى قبل العتق وان حكمنا بحصولها عند الموت فإن كان القابل من يحجبه الموصي به كالأخ لو قبل الوصية بابن الميت أخيه فالأقرب انه لا يرث
لان تركة الموصي له انتقلت بموته إلى أخيه والابن الموصي به بعد لم ينتقل إليه لكون الموصي حيا فإذا قبله ينبغي ان لا يرث لان عتقه لم يصادف تركة للميت واما
العامة فقالوا انه لا يرث أيضا لكن بعلة أخرى وهي انه لو ورث لحجب الأخ وأخرجه عن أن يكون وارثا وإذا خرج عن أن يكون وارثا بطل قبوله فبقى رقيقا فيمنع توريثه
فإذا في توريه ابطال توريثه هذا بناء على أن الولد يدخل في ملك الموصي له أولا ولو كان القابل من لا يحجبه الموصي به كابن اخر حر فللشافعية ثلثة أوجه أحدها
انه يرث لان توريثه لا يؤدي إلى حرمان القابل فصار كما لو مات عن ابن مشهور النسب فاقر بابن آخر يرثان معا ولو مات عن أخ فاقر بابن للميت ثبت نسبه ولم
يرث عندهم وأظهرهما المنع من الإرث لأنا لو ورثناه لارتد حق القايل من القبول في الكل إلى القبول في النصف ولا يصح من الموصي به ان يقبل نصيب نفسه لأنه
انما يقبل إذا كان وارثا وانما يكون وارثا إذا أعتق وانما يعتق إذا قبل فإذا يبقى نصيبه رقيقا ومن بعضه رقيق لا يرث عندهم كمن كله رقيق وفرقوا بين هذا وبين
اقرار الابن بابن اخر لأنهما ح يقران بأنهما ابنا الميت فورثا المال وهنا العتق في جميعه لا يصح الا بقبول من يجوز جميع التركة ولا مدخل للمقبول في القبول فلو لم يكن الأول جايزا
فبطل القبول من أصله فالوجه الثالث انه ان ثبت المقبول للموصي له وهو مريض لم يرثه لان قبول ورثته كقبوله وان لو قبله لكان وصيته والإرث والوصية لا يجتمعان
وان ثبت وهو صحيح ورثه مسألة لو اوصى لرجل بزوجته الحامل منه الزوج وهي أمة الموصي ولابن لها حر ومات وخرجت هي كلها من الثلث فقبلا الوصية وهما موسران
فان قبلاها معا عتقت الأمة باسهرا على ابنها النصف بالملك والباقي بالسراية ان قلنا بثبوتها هنا كقول الشافعية وعليه للزوج نصف قيمتها ويعتق الحمل عليهما
بالسوية إما نصيب الزوج فلانه ولده واما نصيب الابن فلان الام عتقت عليه والعتق يسري في الحامل إلى ما يملكه المعتق من حملها عندهم ولا يقوم نصيب واحد منهما
على الأخر لان العتق عليهما حصل دفعة واحدة فأشبه ما إذا اشترى اثنان أبيهما أو أمهما عتق عليه ولا يقوم وان قبل أحدهما قبل الأخر فان قلنا يحصل الملك بالموت
أو قلنا بالتوقف فالجواب كذلك لان وقت الملك واحد وان اختلف وقت القبول فان قلنا يحصل الملك بالقبول فان تقدم قبول الابن عتقت الأمة والحمل عليه بالملك
والسراية والحمل بسراية العتق من الام إلى الحمل وعليه للزوج نصف قيمتهما وان تقدم قبول الزوج عتق جميع الحمل على النصف بالملك والنصف بالسراية فيغرم نصف قميته
يوم الولادة للابن ولا يعتق عليه من الأمة شئ فإذا قبل الابن عتق عليه جميعها بالملك والسراية ويغرم للزوج نصف قيمتها وان قبل ا لزوج وحده عتق عليه الحمل النصف
بالملك والنصف بالسراية فيغرم نصف قيمته ولورثة الموصي ولا يسري العتق من الحمل إلى الام لان الحمل تبع لها وليست هي تبعا له وان قبل الابن وحده عتقا عليه
وغرم نصف قيمتهما لورثة الموصى مسألة لو اوصى لانسان بمن يعتق عليه ومات الوصي له عن اثنين فالقول في قبولهما تفريعا على الأقوال في وقت الملك لما سبق
والظاهر صحته عن الشافعية أيضا وقوع العتق عن الميت وان قبل أحدهما دون الأخر صح القبول في النصف ويعتق على الميت ثم قال بعضهم ننظر ان ورث القابل من الموصى
له ما يفي بباقي قيمته العبد قوم عليه الباقي فيما ورثه الألم يقوم عليه والاعتبار بيسار القايل في نفسه فان العتق وقع عن الميت فلا يكون ا لتقويم على غيره وما انه لا
يثبت للذي لم يقبل فلان سبب العتق القبول فالذي لم يقبل لم يتسبب اعترض بأنه هب انه لم يتسبب إليه لكنه غير منكر عتق نصيب القابل واقتضائه التقويم والتقويم كدين
يلحق التركة وقال بعضهم يجب ان لا يقوم على الميت ويقتصر العتق على القدر المقبول لوجهين أحدهما ان الملك حصل للميت بغير اختياره بل بقبول الوراث فأشبه
ما؟ إذا أعتق شقصا من عبد يعتق عليه ولا يقوم عليه والثاني ان العتق يحصل بعد موته ولا مال له ح فأشبه ما إذا أعتق شقصا من عبد بعد الموت لا يقوم عليه
الباقي واعترض بانا لو حكمنا بالعتق على الميت لجعلنا الوارث نايبا عنه وكيف ينتظم مع القول بالنيابة بغير اختيار المنوب نعم كلاهما حكمتان واما الثاني فلا نسلم
ان العتق يحصل بعد الموت بل يستند إلى ما قبل الموت كما تقدم ثم ولاء ما عتق منه للميت وهل يشترك الابنان معا لم يتفرد به القابل للشافعية وجهان أحدهما انفرد
القابل لأنه انفرد باكتسابه فأشبه ما إذا اشهد شاهد بدين للميت وحلف معه أحد الابنين فإنه ينفرد الحلف بنصفه ولا يشاركه الأخر فيه اعترض بان المنفرد بالاكتساب
في هذه الصورة لم ينفرد الا بنصفه بما أثبته للميت فوجب ان يكون هنا كذلك ولو اوصى لانسان ببعض من يعتق عليه ومات الموصي له وقبل وارثه الوصية فالقول
في عتقه على الميت وتقويم الباقي عليه على ما تقدم في هذه المسألة مسألة لو كان له أمة ذات ولد من غيره فأوصى لها لذلك الولد فإن كانت تخرج من الثلث
وقبل موصي له الوصية عتقت عليه وان رد بقيت للوارث وان لم تخرج فالجواب في قدر الثلث كذلك واما الزايد عليه فلوا عتقه الوارث وهو موسر عتق عليه
ثم إن لم يقبل ابنها الوصية تبينا ان جميعها للوراث فيسرى العتق في البعض الذي أعتقه إلى الباقي وان قيل عتق عليه ما قبل قال بعض الشافعية ولا يقوم نصيبه
على الوارث ولا نصيب الوارث عليه إما الثاني فلانه ا عتق نصيبه قبل قبوله واما الأول فلانا نتبين بالقبول حصول ملكه بالموت وتقدمه على اعتاق الورث
للزيادة فالصواب عند الشافعية ان يقال إن قلنا بحصول الملك بالموت ابتداء أو تبينا فيقوم نصيب الوراث عليه لأنا تبينا استناد عتقه إلى وقت الموت وعتق
الوارث متأخر عنه لا بد فيه من مباشرة الاقتاق وان قلنا بحصوله بالقبول فيعتق الجميع على الوارث لأنه يسرى من نصيبه إلى قدر الثلث والقبول بعده كاعتاق
الشريك الثاني بعد اعتاق وهو موسر هذا إذا حكمنا بحصول السراية بنفس الاعتاق فان قلنا إنها لا تحصل لا بعد أداء القيمة فقبوله كاعتاق ا لشريك الثاني
نصيبه قبل أخد القيمة وفيه وجهان أحدهما النفوذ لأنه يملكه ما لم يأخذ القيمة وأصحهما المنع ولان الأول باعتاق نصيبه استحق تقويمه عليه للاعتاق فصار كما
إذا استولد أحد الشريكين الجارية المشتركه وهو موسر تسير أم ولد له وليس للاخر اعتاق نصيبه فعلى هذا تكون قيمة نصيبه على الوارث وكانه فوته باعتاق نصيبه
ولو كانت المسألة بحال أو وارث الموصي ابن له من هذه الأمة فان در الموصي له عتقت على الابن الذي هو وراث السيد وان قبلها فننظر ان خرجت من الثلث
عتق على الموصى له وان لم يخرج فالزايد على الثلث منها وأطلق بعضهم بأنه يعتق في الحال على الوارث وفصل قوم فقالوا ان لم يجز الوارث الزيادة على الثلث فالحكم ما تقدم
وان أجاز فعتقه مبني على أن اجازة الوارث ابتداء عطية منه أو تنفيذ ان قلنا بالأول فقد حكمنا للوراث بالملك قبل ان يعطي فيعتق عليه وان قلنا تنفيذ لم يعتق
لأنا على هذا القول لا نجعل الزايد على الثلث للوارث بل نقفه على الرد والإجازة فان أجاز تبين انه لم يملكه واما قدر الثلث فإنه يعتق على الموصي له ولا يقوم نصيب
أحدهما على الأخر إما انه لا يقوم على ابن السيد فلانه ملك بالإرث وعتق الشقص المملوك بالإرث لا يقتضي السراية واما انه لا تقويم على ابنها الموصي له فلان يصيب
شريكه عتق قبل عتق نصيبه ان قلنا إنه يملك بالقبول ومع عتق نصيبه ان قلنا إنه يملك بالموت ولا تقويم على التقديرين مسألة لو اوصى بعبده لشخصين
أحدهما ابن العبد فان قبلا الوصية معا وقلنا بالتقويم في مثل ذلك عتق جميعه على التقريب إن كان موسرا النصف بالملك لنصف والباقي بالسراية ويقوم للأجنبي
458

نصف قيمته وان قبل الابن أولا عتق جميعه عليه وغرم قيمته النصف الآخر إما للأجنبي إن كان قد قبل الوصية بعد ذلك واما لوارث الموصى ان لم يقبل فان قبل الأجنبي
أولا ملك نصيبه وبقى نصيب الابن موقوفا إلى أن يقبل أو يردفان قبل عتق عليه الجميع وقوم عليه حصة الأجنبي وان رد فنصفه للوارث والأول للأجنبي و
لو أعتق الأجنبي نصيبه قبل قول الابن ثم قبل فان قلنا الملك في الوصية يحصل بالقبول قوم نصيبه على الأجنبي وكان كما لو أعتق الشريك نصيبه وهو موسر ثم
أعتق الثاني نصيبه وان قلنا يحصل بالموت تبين ان عتق الأجنبي غير نافذ وانه عتق جميعه على الوارث وعليه نصف القيمة للأجنبي مسألة لو اوصى
جاريته لزوجها وأولدها بعد موت الموصي وقبل القبول فولده رقيق للوارث ان قلنا إن الملك بالقبول وان قلنا القبول كاشف فان قبل تبينا ان الملك ثبت حين
موت الموصي فالولد حر الأصل لا ولاء عليه وامه أم ولد لأنها علقت منه بحر في ملكه وان مات الموصي له قبل القبول والرد فلو ارثه قبولها فان قبلها ملك الجارية وولدها
فإن كان ممن يعتق الولد عليه عتق ولم يرث من أبيه تبينا على الأول على القول بالكشف يكون الجارية أم ولد ويرث الولد أباه فإن كان يحجب الوارث القابل حجبه وقالت
الشافعية لا يرث الولد هنا شيئا لان توريثه يمنع كون القابل وارثا فيبطل قبوله فيفضي إلى الدور والى ابطال ميراثهم فأشبه ما لو أقر الوارث بمن يحجبه عن الميراث و
ليس بجيد فان المقر به يرث وقولهم إن توريث المقر به يفضي إلى اسقاط توريثه الا إنه لو ورث لخرج المقر به عن كونه وارثا فبطل اقراره سقط نسب المقربة وتورثه
فيؤدي توريثه إلى اسقاط نسبة وثوريثه فإثباتنا النسب دون الميراث باطل لأنا انما نعتبر كون المقر وارثا على تقدير عدم المقر به وخروجه بالاقرار عن الإرث لا يمنع
صحته بدليل ان الابن إذا أقر باخ فإنه يرث مع كونه يخرج باقرار على أن يكون جميع الورثة فان قيل انما يقبل قراره إذا صدقه المقر به فصار اقرار من جميع الورثة
وإن كان المقر به طفلا أو مجنونا له يعتبر قوله فقد أقر كل من يعتبر قوله قلنا ومثله هنا فإنه وإن كان المقر به كبيرا فلا بد من تصديقه فقد أقر به كل من يعتبر
اقراره وإن كان صغيرا غير معتبر القبول لم يثبت النسب بقول الأخر كما لو كان اثنين أحدهما صغير فاقر البالغ باخ لم يقبل ولم يقولوا انه لا يعتبر موافقته كذا
هنا ولأنه لو كان في يد انسان عبد محكوم له بملكه فان فاقر به لغيره ثبت المقر له وإن كان المقر يخرج
بالاقرار عن كونه مالكا كذا هنا ولو اوصى لرجل بأبيه فمات الموصي
له قبل القبول فقبل ابنه صح وعتق عليه الجد ولم يرث من ابنه شيئا لان حريته انما حدثت حين القبول بعد ان صار الميراث لغيره وعلى القول بالكشف ثبتت حريته
من حين موت الموصي فيرث من ابنه السدس وقال بعض الشافعية لا يرث أيضا لأنه لو ورث
لاعتبر قبوله ولا يجوز اعتبار قبوله قبل الحكم بحريته وإذا لم يجر اعتباره لم يعتق
فيؤدي توريثه إلى ابطال توريثه وهو باطل فإنه لو أقر جميع الورثة بمشارك لهم في الميراث ثبت نسبه وورث مع أنه يخرج المقرون به عن كونهم جميع الورثة مسألة
إذا مات الموصي له قبل القبول وقبل وارثه فان قلنا إن الموصي له يملك بالقبول ثبت الملك للوارث القابل ابتداء من جهة الموصي لامن جهة مورثة ولم يثبت للموصى
له بشئ فيحنئذ لا يقضي ديونه ولا ينفذ وصاياه ولا يعتق من يعتق عليه وإن كان فيهم من يعتق على الوارث عتق عليه وكان ولاءه له دون الموصي له ان أثبتنا الولاء
وعلى القول الأخير يظهر ان الملك كان ثابتا للموصي له وانه انتقل منه إلى وارثه فتنعكس هذه الأحكام فتقضي ديونه وتنفذ وصاياه ويعتق من يعتق عليه وله ولاؤه
ويختص به الذكور من ورثته مسألة لو اوصى لغيره بأمته ثم مات الموصي والموصى له قبل القبول فوطئها الوراث فأولدها صارت أم ولد وولدها حر لأنه
وطئها في ملكه ان قلنا إن الملك يتحقق بالقبول وعليه قيمتها للموصي له إذا قبلها اعترض كيف قضيتم بعتقها ههنا وهي لا يعتق باعتاقها أجيب بان الاستيلاد
أقوى ولذلك ثبت من الراهن والأب والشريك وان لم ينفذ اعتاقهم وعلى القول بان القبول كاشف يكون الولد رقيقا والأمة باقيه على الرق ولو وطئها الموصى
له قبل قبولها كان ذلك قبولا لها وثبت الملك له به لأنه لا يجوز الا في الملك فاقدامه عليه دليل على اختياره الملك فأشبه ما لو وطي من له الرجعة المطلقة
الرجعية أو وطى من له الخيار في البيع الأمة المبيعة أو وطي من له خيار فسخ نكاح امرأته مسألة في الموصي وله شرطان الأول كمال العقل فلا تصح وصيته
المجنون المطبق ومن يعتوره الجنون في وقت جنونه ويصح في وقت افاقته لقوله (ع) رفع القلم عن ثلثه وذكر المجنون من جملتهم ولان عبارته غير معتد بها في غير الوصية فكذا فيها لعدم الوثوق
بقصده وارداته وكذا المبرسم والمعتوه الذي لا يعقل والنائم والسكران والمغى عليه ولان هؤلاء في حكم المجنون مسألة لا يصح وصيته الصبي غير المميز اجماعا
لأنه بمنزلة المجنون وهو أحد الثلاثة الذين رفع القلم عنهم وهل تصح وصية المميز أكثر علمائنا عليه وشرط الشيخ ره أمورا ثلاثة بلوغ عشر سنين ووضعه الأشياء؟
مواضعها وكونها في معروف والتدبير وصية في الحقيقة وهو أحد قول الشافعي وبه قال مالك واحمد لما روي العامة ان غلاما من غسان حضرته الوفاة وله عشر
سنين فأوصى لبنت عم له وله وارث فرفعت القصة إلى عمر فأجاز وصيته وأجاز عثمان وصية غلام ابن أحد عشر سنة ومن طريق الخاصة ما رواه أبو بصير وأبو أيوب
عن الصادق (ع) في الغلام ابن عشر سنين يوصي قال إذا أصاب موضع الوصية جازت وسال منصور بن حازم الصادق (ع) قال سألته عن وصية الغلام هل تجوز
قال إذا كان ابن عشر سنين جازت وصيته ولان الوصية لا تزيل ملكه في الحال وتفيد الثواب بعد الموت فتصح كساير القربات وقال ابن إدريس من علمائنا لا تصح
وصية غير البالغ سواء كان في وجوه البر أو غيرها لان وجود كلام الصبي غير البالغ كعدمه ولأنه محجور عليه في أمواله اجماعا ولقوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا
بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم أمر بالدفع بعد البلوغ وهو في الرجل الاحتلام أو بلوغ خمس عشر سنة والأظهر من قولي الشافعي وبه قال
أبو حنيفة ان وصيته وتدبيره باطلان لأنه لا عبادة له ولهذا لا يصح بيعه وإن كان فيه غبطة فروع أ منع المفيد ره من هبة الصبي ان بلغ عشر سنين
مميزا وجوز وقفه وصدقته بالمعروف كالوصية لقوله أحدهما (ع) لا يجوز طلاق الغلام إن كان قد عقل وصدقته ووصيته وان لم يحتلم ومنع سلار من وقفه
ب قال ابن الجنيد انه إذا اوصى الصبي وله ثمان سنين والجارية ولها سبع سنين بما يوصي به البالغ الرشيد جاز وكانه عول على رواية الحسن ابن راشد عن
العسكري قال إذا بلغ الغلام ثمان سنين فجايز امره في ماله وقد وجبت عليه الفرايض والحدود وإذا تم للجارية سبع سنين فكذلك وهذه الرواية متروكة بين الأصحاب
ج قال الشيخ إذا كان الصبي أقل من عشر سنين لم تجز وصيته قال قد روي أنه إذا كان ابن ثمان سنين جازت وصيته في الشئ اليسير في ا بواب البر والأول أحوط و
أظهر وكانه أشار بذلك إلى الرواية السابقة عن العسكري (ع) د روي جواز وصيته ابن سبع سنين في المعروف رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال إذا بلغ الغلام
عشر (سبع) سنين فأوصى بثلث ماله في حق جازت وصيته ه روي محمد بن مسلم في طريق واضح عن أحدهما (ع) قال يجوز طلاق الغلام إذا كان قد عقل وصدقته ووصيته
وان لم يحتلم فسوغ بعض علمائنا بمقتضى هذه الرواية جواز طلاقه إذا بلغ عشر سنين ولا دلالة فيها بل في ضد قوله لان قوله (ع) إذا عقل يدل على البلوغ بالفحوى
لان مناط العقل بلوغ خمس عشرة سنة وقوله (ع) وان لم يحتمل غير مناف لأنه قد يبلغ بالسن وان لم يحتلم وقيل انما تصح وصية الصبي لقرابته ولا تصح للأجانب
459

لما رواه محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال سمعته قال إن الغلام إذا حضره الموت ولم يدرك جازت وصيته لذوي الأرحام ولم تجز للغرباء مسألة قال المفيد ره
المحجور عليه لسفه إذا اوصى في بر ومعروف جازت وصيته ولم يكن لوليه الحجر عليه في ذلك ولا تجوز وصيته الصبي والمحجور عليه فيما يخرج عن وجوه البر والمعروف وهبتها
باطلة ووقفهما وصدقتهما جايزة إذا وقعا موقع المعروف وقال سلار السفيه لا تمضي وصيته الا في وجوه البر والمعروف خاصة والصبي إذا بلغ عشر سنين جازت
وصيته أيضا في البر والمعروف خاصة ولا تمضي هبته ولا وقفه وكذلك السفيه وقال أبو الصلاح لا يمضي من بلغ عشر سنين والمحجور عليه الا ما تعلق بأبواب البر
فقد ظهر من هذا الخلاف بين علمائنا ان السفيه هل تبطل وصيته بالمعروف أو يكون كالصبي تصح وصيته وللشافعية في السفيه المبذر طريقان أحدهما
تخريج وصيته إذا كان محجورا على القولين في وصيته الصبي المميز وأصحهما القطع بالصحة محجورا كان أو لم يكن لان عبادته صحيحة الا ترى ان طلاقه يقع واقراره بالعقوبات
يقبل الشرط الثاني الحرية فلا تصح وصيته العبد إذا مات على العبودية ولو عتق وملك ثم مات فوصيته حال الرقية لا غية أيضا على أقوى الاحتمالين لأنه لم يكن
أهلا للوصية حينئذ وبه قال أبو حنيفة والشافعي في ا ظهر القولين والثاني لهم الصحة لأنه صحيح العبارة وقد أمكن تنفيذ وصيته والمكاتب كالقن إن كان مشروطا
أو مطلقا ولم يؤد شيئا من مال الكتابة ولو كان قد أدي وتحرر بعضه وصحت ا لوصيه بقدر ما تحرر منه وبطلت بقدر ما فيه من ا لرقية لقول الباقر (ع) قضى أمير
المؤمنين (ع) في مكاتب قضى نصف ما عليه فأوصى بوصية فأجاز نصف الوصية وقضى في مكاتب قضى ثلث ما عليه واوصى بوصية فأجاز ثلث الوصية مسألة
الكافر تصح وصيته لأنه عاقل ينفذ عتقه وتمليكه وساير تصرفاته المالية وهبته فتصح وصيته الا ان يوصي بما يمنع الشرع منه فلو اوصى بخمرا أو خنزير لم تنقد وصيته
سواء اوصى بهما لمسلم أو ذمي على اشكال في الذمي والشافعية منعوا الوصية بهما للذمي ولو اوصى في جهات المعاصي بطلت وصيته كما لو اوصى بعمارة كنيسة متبكرة
إما بتجديدها فلا يجوز عند الشافعية وفيه اشكال ولو اوصى بكتبة التورة أو الإنجيل أو بقراءتهما لم يصح ولو اوصى بدهن يشتعل في ا لبيع والكنايس فان قصد تعظيم البيع؟
لم يجز وان قصد انتفاع المقيمين أو المجتازين بضوءها جازت الوصية كما لو اوصى بصرف شئ إلى الذمة مسألة لو اوصى المسلم بمعصية كبناء موضع لشرب الخمر
أو بيعه أو الفسق ا واللهو أو القمار فيه لم تصح وصيته لان المقصود من شرع الوصية تدارك ما فات في حال الحياة من الحسنات فلا يجوز ان يكون في وجوده
المعصية ويجوز من المسلم والكافر الوصية بعمارة المسجد الأقصى أو عمارته قبور الأنبياء (ع) وكذا عمارة قبور العلماء والصالحين لما فيها من احياء الزيارة والتبرك
بها وكذا يجوز ان يوصى المسلم والكافر بفك أساري الكفار من أيدي المسلمين لان المفاداة جايزة وكذا تصح الوصية ببناء رباط تنزله أهل الذمة أو دار تصرف عليها
إليهم مسألة لو خرج الانسان نفسه بما فيه هلاكها ثم اوصى لم تصح وصيته عند أكثر علمائنا وكذا قال المفيد ره لو أحدث في نفسه حدث القتل من جراح
أو سرب سم ونحو ذلك كانت وصيته مردودة ونقله ابن الجنيد عن الصادق (ع) وقال ابن إدريس الذي يقتضيه أصولنا ان وصيته صحيحه ماضية إذا كان
عقله ثابتا لأنه عاقل رشيد فتصح وصيته كغيره والوجه الأول لأنه سفيه فلا ينفذ تصرفه ولأنه في حكم الأموات فلا يتصرف في مال غيره ولأنه قاتل نفسه
فلا يتصرف في ماله فان الوراث يخرج عند التصرف في التركة بقتله مورثة فكذا قاتل نفسه ولان الموصي له انما يملك بعد القبول والموت فملكه عن الموصي فيكون ا لمال
حال الموت على حكم مال الميت لعدم استحقاق الوارث له لان الله تعالى انما ملكه ما قبل الوصية فلم ينتقل المال إليه (ولا الموصي له والا لم يزل عنه بالرد بل بعقد شرعي فيبقي على حكم مال الميت فكان الميت مبذر كالوارث صح) فيمنع من التصرف في التركة كما يمنع الوارث القاتل
ولقول الصادق (ع) فإن كان اوصى بوصيته بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو قتل لعله يموت لم تجز وصيته ويمنع الرشد إما لو أوصي الانسان بوصية ثم
قتل نفسه فان وصيته تنفذ ويجب العمل بها اجماعا لانتفاء المانع حالة الوصية وجود المقتضي ولان أبا ولاد سمع الصادق (ع) يقول من قتل نفسه متعمدا فهو
في نار جهنم خالدا فيها قلت له أرأيت إن كان اوصى بوصيته ثم قتل نفسه في ساعته تنفذ وصيته قال فقال إن كان اوصى قبل ان يحدث حدثا في نفسه من جراحة
أو قتل أجيزت وصيته في ثلثة الحديث مسألة الوصية بالولاية انما تصح ممن يملكها فان من لا يملك شيئا لا تصح وصيته إذ من ليس له التصرف في حياته الأولى
ان يمنع منه بعد موته إذا عرفت هذا فلا تصح الوصية على الأطفال الا من الأب أو الجد للأب خاصة ولما انتفت الولاية على الام لم تصح وصيتها بالولاية عليهم و
لو أوصت لهم بمال وأقامت وصيا صح ما أوصت به من المال في ثلث التركة وفي اخراج ما عليها من الحقوق ولم تصح وصيتها بالولاية في ذلك المال على الأولاد بل يكون المتولي
فيه الأب والجد والحاكم الفصل الثالث الموصي له الوصية إن كانت بجهة عامة فالشرط فيها ان لا يكون جهة معصية وقد تقدم وإن كانت لمعين فشرطه
ان يتصور فيه له الملك وانما يتحقق هذا الشرط لو كان الموصى له موجودا فلو اوصى للمعدوم لم تصح وصيته اجماعا وكذا لو اوصى لميت أو لمن ظن وجوده فبان ميتا
حال الوصية لان الوصية تمليك وهو غير مستحق في الميت ولا فرق بين ان يعلم بموته حال الوصية أو يجهل ذلك ويتوهم حياته ثم يظهر موته حالة الوصية وبه قال
أكثر العامة وقال مالك ان علم بموته صحت الوصية له وكان الموصى به تركته وهل يشترط التعيين الأقرب ذلك فلو اوصى لاحد الشخصين لم يصح وكذا لو اوصى لما
تحمله المرأة من بعد الوصية أو لمن يوجد من أولاد فلان وهنا مطلبان الأول في المسايل المعنوية وفيه مباحث الأول في الوصية للحمل مسألة تصح الوصية
للحمل بشرطين وجوده حالة الوصية وانفصاله حيا لان الوصية تجري مجرى الميراث من حيث إنها انتقال المال من الانسان بعد موته إلى الموصي له بغير عوض
كانتقاله إلى وارثه ولان الوصية تتعلق بغرر وخطر فصحت للجمل كالعتق ولان الوصية أوسع مجالا من الإرث فان المكاتب والكافر والعبد لا يرثون ويجوز الوصية
لهم والحمل يرث بالاجماع وإذا ثبت الميراث للحمل فالوصية بالثبوت أولي ولا نعلم في صحة الوصية للحمل خلافا وبه قال الشافعي والثوري واحمد واسحق وأبو ثور وأصحاب
الرأي انما شرطنا العلم بوجوده لان الأصل عدمه فإذا لم يعلم الوجود حكم بالعدم والمعدوم لا تصح الوصية له وكذا لو اوصى لحمل سيكون فسدت الوصية
وهو أصح وجهي الشافعية وانما يعلم وجوده حال الوصية لو وضعته لا قل من ستة أشهر من حين الوصية فلو انفصل لستة أشهر من حين الوصية فصاعدا
إلى اقصى مدة الحمل وهو سنة على رأي فإن كانت المرأة فراشا لزوج أو سيد لم يعط الحمل شيئا لجواز تجدده بعد الوصية وحدوث العلوق بعدها والأصل عدم
الحمل يوم الوصية وان لم يكن فراشا بل فارقها زوجها أو سيدها قبل الوصية فإن كان انفصاله لأكثر من سنيه من وقت الوصية فكذلك لا يستحق شيئا لعلمنا
بأنه لم يكن موجدا حال الوصية وعند الشافعي اقصى الحمل أربع سنين فان وضعته لأكثر من أربع سنين من حين الوصية لم يعط شيئا وإن كان انفصاله بين
مدة أقل الحمل وأكثره فالأقوى انه يستحق الوصية لأن الظاهر وجوده حين الوصية لندور اتفاق وطي الشبهة ولا يحكم بأنه ولد الزنا لأصالة عدم اقدام المسلم على
المحرم وهو أظهر قولي الشافعي وفي الثاني بطلان الوصية لاحتمال حدوث العلوق وبعد الوصية وتخالف النسب فإنه يكفيه الامكان ولو قال الموصي أوصيت لحمل
460

فلانه من زيد فكما يشرط العلم بوجوده عند الوصية يشرط ان يكون ثابت النسب من زيد حتى لو كانت الوصية بعد زوال الفراش فاتت بولد لأكثر من سنة عندنا ومن أربع سنين
عند الشافعي من وقت الفراق والأقل من ستة أشهر من يوم الوصية فلا يستحق لان النسب غير ثابت منه بخلاف ما إذا اقتصر على الوصية لحمل فلانه ولو اقتضى
الحال ثبوت النسب من زيدا كنه نفاه باللعان فقال بعضهم انه لا شئ لأنه لم يثبت نسبه بل نفى نسبه عنه وإذا لم يثبت نسبه لم يوجد شرطه وقال آخرون انه يستحق لأنه كان
النسب ثابتا الا انه انقطع باللعان واللعان انما يؤثر في حق الزوجين خاصة ولهذا لا يجوز لغير الزوج رميها بذلك وهذا الخلاف كالخلاف في أن التوأمين المنفيين
باللعان يتوارثان باخوة الام وحدها أو باخوة الأبوين مسألة ويشترط في الحمل انفصاله حيا لان الميت لا يملك شيئا والوصية نوع تمليك فلا تصح له و
لا فرق بين ان يكون قد حلته الحياة في بطن امه أولا لان الحياة لشروطه هنا؟ وجدت بعد انفصاله ولا فرق بين ان يقع بجناية جان أولا ولو ولدت أحد التوأمين
لأقل من ستة أشهر ثم ولدت الثاني لأقل من ستة أشهر من الولادة الأولى صحت الوصية لهما وان زاد ما بين الثاني والوصية على ستة أشهر وكانت المرأة فراشا
لأنهما حمل واحد اجماعا مسألة إذا اوصى للحمل صحت وكان القابل للوصية أبوه أو جده أو من يلي أموره بعد خروجه حيا ولو قبل قبل انفصاله حيا ثم انفصل
حيا في الاعتداد بذلك القبول اشكال وللشافعي قولان كما إذا باع مال ابنه على ظن أنه حي فبان انه ميت هذا كله إذا صرح وقال أوصيت لحملها أو لحملها الموجود ولو
صرح وقال أوصيت لحملها الذي سيحدث ويكون من بعد فان الوصية باطلة على ما تقدم وللشافعية وجهان أصحهما هذا لان الوصية تمليك على ما بيناه وتمليك
من لم يوجد بعد محال ولأنه لا متعلق للعقد في الحال فأشبه ما إذا وقف على مسجد سيبني والثاني ان الوصية صحيحة كما تصح بالحمل الذي سيوجد فإذا جاز تملك
من لم يوجد جاز تمليك من لم يوجد وهم وجه ثالث وهو النظر إلى حال الميراث فإن كان الحمل موجودا حينئذ صحت الوصية والا فلا تصح الوصية بالمنافع المتجددة
اجماعا وكذا عندنا بثمار الأشجار وللشافعية فيه قولان لا يقال يصح الوقف على المعدوم تبعا للموجود ولئن تصح الوصية له أولي لان الوصية لا تصح بالمعدوم والمجهول
بخلاف الوقف لأنا لا نقول الوصية أجريت مجرى الميراث ولا يحصل الميراث الا لموجود فكذا الوصية والوقف يراد للدوام فمن ضرورته اثباته للمعدوم مسألة
إذا اوصى لحمل امرأة فولدت ذكرا وأنثى تساويا في الوصية لان ذلك عطية وهبة فأشبه ما لو وهبهما شيئا بعد ولادتهما ولو فصل بينهما اتبع كلامه كالوقف
وان قال إن كان في بطنها غلام فله ديناران وإن كان فيه جارية فلها دينار فولدت غلاما وجارية فلكل واحد منهما ما وصى له به لوجود الشرط فيه وان ولدت
أحدهما سنفرد افله وصيته ولو قال إن كان حملها أو إن كان ما في بطنها غلاما فله ديناران وإن كانت جارية فلها دينار فولدت أحدهما منفردا فله وصيته
وان ولدت غلاما وجارية فلا شئ لهما لان أحدهما ليس هو جميع الحمل ولا كل ما في البطن وهو قد شرط الذكورية أو الأنوثة في جملة الحمل ولم يحصل وبه قال أصحاب الرأي
وأصحاب الشافعية وأبو ثور البحث الثاني في الوصية للعبد وشبهه مسألة لا تصح الوصية لمملوك الغير ولا لمكاتبة المشروط ولا المطلق الذي لم
يؤد شيئا ولا المدبر الغير ولا لام ولد الغير عند علمائنا خلافا للعامة فإنهم جوزوا الوصية لعبد الغير ومكاتبة ومدبره وأم ولده لنا ان العبد لا يملك شيئا للآية فلا يصح
من الغيران يملكه كما لا يصح ان يملك الميت والمعدوم والجماد وما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أحدهما عليها السلام قال لا وصية لمملوك والعامة لما جوزوا الوصية
لعبد الغير قالوا إن استمر رقه فالوصية للسيد حتى لو قبل العبد الموصي له تبطل الوصية ولو قبله سيد العبد كانت وصيته للقابل قالوا يكون القبول للعبد لأن العقد
مضاف إليه فأشبه ما لو وهبه شيئا فإذا قبل ثبت لسيده لأنه من كسب عبده كسب العبد لسيد وليس بجيد لان الموصي انما قصد بالعطية العبد الذي لا يصح
تملكه والسيد غير مقصود له يملك وهل يفتقر قبول العبد إلى اذن السيد فيه للشافعية وجهان أصحهما عندهم المنع لأنه كسب فصح من غير اذن سيده كالاحتطاب
وهو قول أهل العراق والشافعي ولأصحابه وجه آخران اذن السيد شرط في القبول لأنه تصرف في العبد فأشبه بيعه وشراؤه وليس بشئ لأنه تحصيل مال بغير عوض
فلم يفتقر إلى اذنه كقبول الهبة وتحصيل المباح وهل يصح من السيد مباشرة القبول بنفسه للشافعية وجهان أحدهما نعم لان الاستحقاق له ولفايده يعود إليه
وأصحهما المنع لان الخطاب لم يجز معه والوجهان فيما قيل مخصوصان بقولنا ان قبول العبد يفتقر إلى اذن السيد ويجوز ان يعمما لان الملك للسيد بكل حال
فلا يبعد تصحيح الوصية منه وان لم يسم في الوصية الا ترى وان وارث الموصى له يقبل وان لم يسم في الوصية وهل قبول السيد الهبة من العبد على هذين الوجهين
قال قايلون نعم وقال بعضهم لا بل تبطل لا محاله لان القبول في الهبة كالقبول في ساير العقود وقبول الوصية بخلافه الا ترى انه يعتد به مفصلا عن الايجاب وواقفا
بعد خروجه الموجب عن أهليته الايجاب وصادرا من وارث الموصى له مع أنه لم يخاطب وإذا صححنا قبول العبد من غير اذن السيد فلو منعه من القبول فقبل قال
بعض الشافعية يصح ويحصل الملك للسيد كما لو نهى من الخلع فخالع وإذا قلنا لا يصح من غير اذنه فلو رد السيد فهو أبلغ من عدم الإذن فلو بدا له ان يأذن في القبول
بعد ذلك ففيه احتمال عند بعضهم ولو صححنا القبول من السيد فينبغي ان يبطل رد العبد لو رد وهذه الفروع كلها ساقطة عندنا مسألة لو اوصى لعبد
غيره ولم يستمر رقه لم يصح عندنا كما لو استمر على ما تقدم وعند العامة يصح فإذا لم يستقر رقه بل أعتق فإن كان عتقه قبل موت الموصي فالملك للعبد لان الوصية تمليك
بعد الموت وهو خرج وان عتق بعد موته فاما ان يتقدم القبول على العتق أو بالعكس فان سبق القبول فالاستحقاق عندهم للسيد وان عتق ثم قبل فان قلنا الوصية
تملك بالموت أو قلنا يتبين بالقبول الملك من يوم الموت فالاستحقاق للسيد أيضا وان قلنا تملك بالقبول فالملك للعبد وإذا اوصى له والمالك زيد فباعه
من عمر وفينظر في وقت البيع ويجاب بمثل هذا التفصيل مسألة لو اوصى لمن نصفه حر ونسفه لأجنبي صحت الوصية عندنا في نصيب الحرية وبطلت
في نصيب الأجنبي وعند العامة يصح الجميع ثم لا يخلوا إما ان يكون بينه وبين السيد مها ياه أولا يكون فإن لم يكن وقبل بإذن السيد فالموصي به بينهما بالسوية كما لو
احتش أو احتطب وان قبل بغير اذنه فعلى الوجهين في اقتصار العبد إلى اذن السيد فان قلنا به فالقبول باطل في نصف السيد وفي نصف لهم وجهان لان ما يملكه ينقسم
على نصفه فيلزم دخول بعضه في ملك السيد من غير اذنه وان وقعت بنيهما مهاباة فان قلنا (ان الاكتساب آت النادرة لا تدخل في المهايات فتكون كما لو لم يكن بينهما مهاياة وان قلنا صح) بالدخول فلا حاجة إلى اذن السيد في القبول لأنه لما هاياة فقد
اذن له في جميع الاكتسابات الداخلة في المهايات ثم اختلف الشافعية في أن الاعتبار بأي يوم هو فقال بعضهم بيوم الوصية حتى إذا وقعت الوصية في يوم العبد
فالوصية له وإن كان القبول في يوم السيد وإذا وقعت الوصية في يوم السيد فالوصية للسيد وإن كان القبول بيوم العبد كما أن في اللقطة الاعتبار بيوم
الالتقاط وقال المحققون منهم ليست وصيته كالالتقاط لان الالتقاط سبب ثبوت الحق الا ترى انه لو اوصى العبد فعتق قبل موت الموصي كانت الوصية للعبد
ولو التقط العبد ثم عتق بقبل تمام الحول كان الملك للسيد وبنوا ذلك على أن الملك في الوصية لم يثبت ان قلنا بموت الموصي وقلنا يتبين بالقبول الملك من
461

يوم الموت فالاعتبار بيوم الموت وان قلنا ثبت بالقبول فوجهان أحدهما ان الاعتبار بيوم القبول لأنه يوم الملك وأصحهما ان الاعتبار بيوم الموت أيضا لأنه يتأكد
به الحق ويلزم وان لم يثبت الملك كما أن في اللقطة الاعتبار بيوم لا التقاط لأنه يثبت به الحق وان لم يثبت الملك والهبة لمن نصفه حر ونصفه رقيق على القولين في
دخول الاكتسابات النادرة في المهايات أيضا فان أدخلناها فإذا وقع العقد في يوم أحدهما والقبض في يوم الأخر فينبي على أن الملك في الهبة المقبوضة يستند إلى وقت
الهبة أو يثبت عقيب القبض فان قلنا بالأول فالاعتبار بيوم العقد وان قلنا بالثاني فالاعتبار به أو بيوم القبض فيه وجهان كالوجهين في الوصية لأن الاعتبار
بيوم الموت أو بيوم القبول تفريعا على أن الملك يحصل بالقبول لكن الاظهر في الهبة اعتبار يوم القبض لان الحق لا يلزم بالهبة وبه والوصية تلزم بالموت
تذنيبان أ لو قال أوصيت لنصفه الحر أو لنصفه الرقيق خاصة فالأقرب عندنا صحة الوصية لنصفه الحر وبطلانها في نصفه الرقيق لغيره لأنه لو اوصى
له كان الحكم ما ذكرنا فكذا إذا افصل وللشافعية وجهان أحدهما ان الوصية باطلة فإنه لا يجوزان يوصي لنصف الشخص كما لا يجوز ان يرث بنصفه والثاني باطل
عندنا وقال آخرون انها تصح وينزل التقييد الموصي بمنزله المهاياة فيكون الموصي به للسيدان اوصى لنصفه الرقيق وللعبدان اوصى لنصفه الحر ب لو صرح بادراج الاكتسابات؟
النادرة في المهايات فالأقرب دخولها قطعا وللشافعية تردد في أنها تدخل لا محالة أو يكون على الخلاف وتردد بعضهم أيضا فيما إذا عمت الهبات والوصايا
في نظر؟ انها تدخل لا محاله كالاكتسابات العامة أو هي على الخلاف لان الغالب فيها الندور مسألة لو اوصى لعبد نفسه فلا يخلو أما ان يكون الوصية
بجزء شايع كثلث أو ربع أو بعين من تركته فإن كانت بجزء شايع صحت الوصية وقوم العبد وان خرج العبد من الوصية عتق من الوصية إن كانت بالثلث
فما دون وإن كانت بالأزيد من الثلث صح بقدر الثلث فلو اوصى له بثلث تركته فإن كانت قيمته العبد بقدر الثلث أيضا عتق ولا شئ له وكان باقي التركة
للورثة وإن كانت قيمة العبد أزيد من الثلث عتق من العبد بقدر من الثلث واستسعى في باقي قيمته للورثة فان عجز عن السعي رق منه بقدر الزايد و
إن كانت قيمة العبد أقل من الثلث أعتق واعطى باقي الثلث ولو اوصى له بربع تركته نسبت القيمة إلى الربع فإن كانت بقدره عتق ولا شئ له ولا عليه وإن كانت قيمته
أزيد من الربع عتق منه بقدر الربع واستسغى في باقي قيمته وإن كانت قيمته أقل من الربع عتق واعطى كمال الربع ولو اوصى له بنصف تركته بطلت في الزايد وبهذا قال الحسن
وابن سيرين وأبو حنيفة لان الجزء الشايع يتناول نفسه وبعضها لأنه من جملة الثلث الشايع والوصية له بنفسه تصح ويعتق وما فضل استحقه لأنه حر فيملك الوصية
فيصير كأنه قال أعتقوا عبدي من ثلثي وأعطوه ما فضل وما رواه الحسن بن صالح عن الصادق (ع) في رجل ا وصى لمملوك له ثلث ماله قال فقال يقوم المملوك بقيمة عادله
ثم ينظر ما ثلث الميت فإن كان الثلث أقل من قيمة العبد بقدر ربع القيمة استسعى العبد في ربع القيمة وإن كان الثلث أكثر من قيمة العبد أعتق العبد ودفع إليه ما فضل
من الثلث بعد القيمة وقال الشيخان رحمهما الله إذا اوصى لعبده بثلث ماله تنظر في قيمة العبد قيمة عاد له فإن كانت قيمته أقل من الثلث أعتق واعطى الباقي و
إن كانت مثله أعتق وليس له شئ ولا عليه شئ وإن كانت القيمة أكثر من الثل بمقدار السدس أو الربع أو الثلث أعتق مقدار ذلك واستسعى في الباقي لورثته
وإن كانت قيمة على الضعف من ثلثه كانت الوصية باطلة وقال في الخلاف إذا اوصى لعبد نفسه صحت الوصية وقوم العبد واعتق إذا كان ثمنه أقل من المثلث
وإن كان ثمنه أكثر من الثلث استسعى العبد فيما يفضل للورثة وأطلق وتبعه ابن إدريس وكان الشيخ ره عول في الحكم الأول على مفهوم الرواية حيث أمر الصادق (ع) بالاستعاء
عند نقص الثلث عن القمية بقدر ربع القمية فإنه يلزم عدمه مع الزيادة لكن دلالة المفهوم ضعيفة السند ولا يلزم من نفي الاستسعاء بطلان الوصية لجواز الامر
بالاستسعاء مع قلة الفاضل لا مع زيادته وقال الشافعي الوصية باطلة الا ان يوصي بعتقه لأنه اوصى لما يصير للورثة فلم يصح كما لو اوصى له بعين وليس بجيد لان
الجزء الشايع يتناول نفسه أو بعضها لأنه من جملة الثلث الشايع والوصية له بنفسه تصح ويعتق وما فضل استحقه لأنه حر فتملك الوصية فكأنه يقول أعتقوا عبدا
من ثلثي واعطوا ما فضل منه بخلاف ما لو اوصى له بمعين لأنه لا يتناول شيئا منه واما أصحاب الشافعي فقالوا لو قال أوصيت له بثلث ما أملك أو بثلث أموالي
ولم ينص علف رقيقه فوجهان أظهرهما ان رقيقه يدخل في الوصية لأنها من جملة أمواله والثاني لا يدخل لان قوله أوصيت لك بثلث أموالي يشعر بالمغايرة بين
الموصي (به والموصي صح) له وبان المراد ما سوى رقبته فعلى هذا لا يعتق منه شئ والوصية له وصيته للعبد بغير رقبته وعلى الأول (الأقوال) الحكم كما لو قال أوصيت له بثلث رقبته وثلث باقي أموالي
ولهم وجه ثالث انه يجمع الوصية في رقبته فان خرج كله من الثلث عتق منه بقدر ما يخرج مسألة لو اوصى لعبده بعين معينة من ماله فإن كانت غير نفسه
فقال اعطوه من مالي كذا كثوب أو دار أو مائة دينار فظاهر كلام الأصحاب الحكم فيه كالجزء الشايع والوجه بطلان الوصية هنا لان الموصي قصد اعطاء عين
فلا يجوز التخطي إلى غيرها لأنه يكون تبديلا للوصية ولان العبد لا يملك فلا يصح له الوصية ولا يمكن ان يحرر من قيمة العين لما فيه من التبديل للوصية
المنهي عنه ولا مجانا إذ لا سبب لعتقه ولأنه اضرار بالورثة وزيادة على الوصية وبهذا قال الثوري واحمد واسحق وأصحاب الرأي لان العبد يصير ملكها للورثة
فما اوصى له به فهو لهم فكأنه اوصى لورثته بما نما يورثونه ولا فادة فيه بخلاف ما إذا اوصى له بمشاع لكن عملائنا يقولون إنه تجميع؟ الوصية في رقبة كما
لو قال في المشاع وعلى قول أصحابنا وهو رواية أخرى عن أحمد ان الوصية تصح وهو قول مالك وأبو ثور كالمشاع وقال الحسن وابن سيرين ان شاء الورثة أجازوا وان
شاؤوا ردوا وقال أصحاب الشافعي إذا أوصي له بعين فان مات وهو ملكه فالوصية للورثة وان باعه الموصي فالوصية للمشتري وان أعتقه فهي للعتيق وعلى قول
علمائنا لو اوصى له بالعين ثم باعه بطلت الوصية لأنها تصير وصيته لعبد الغير والوصية لعبد الغير باطلة مسألة لو اوصى لعبده برقبته فالأقرب الصحة
ويكون بمنزلة تدبيره وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي لأنه لو اوصى له بمن لا يملكه على الدوام يصح كما اوصى به لا بيه ولان معنى الوصية له برقبته عتق له لعلمه
بأنه لا يملك رقبته فصارت الوصية كناية عن اعتاقه بعد موته وقال أبو ثور تبطل الوصية لأنه لا يملك رقبته ولو
اوصى له ببعض رقبته فهو تدبير لذلك الجزء
وهل يعتق جميعه إذا احتمله الثلث نظر وعن أحمد روايتان وقال أصحاب الرأي يسعى في قيمة باقيه وكذا لو دبر بعض عبده وهو مالك كله وهل يفتقر إلى قبول العبد
الوجه العدم لأنه في المعنى كقوله أعتقوا عبدي وهو أحد وجهي الشافعي وأصحهما انه يفتقر إليه لاقتضاء الصيغة القبول فصار كما لو قال؟ لعبده؟ وهبت منك
نفسك أو ملكتك نفسك فإنه يحتاج إلى القبول في المجلس وعد أبي حنيفة لا يحتاج إلى القبول في شئ من هذه الصور ولو قال وهبت منك نفسك لا على طريق
التمليك بل نوى من العتق ففي العتق نظر وقال الشافعي يعتق من غير قبول مسألة لو اوصى له بجزء من رقبته نفذت الوصية فيه وكان ذلك تدبير لذلك
الجزء وعتق ذلك الجزء من الثلث وكذا لو قال أوصيت له بثلث مالي ولا مال له سواه ولو قال أوصيت له بكل ما أملك من رقبته وغيرها من أموالي ولا شئ
462

له سواء نفذت الوصية في ثلثه وبقى باقية رقيقا للورثة فيكون الوصية له بالثلث من ساير أمواله وصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق للوارث ولو خلف شيئا
غيره واوصى له برقبته فهو تدبير له يخرج من الثلث فان وسعه الثلث عتق والا سعى في باقي قيمته للورثة عندنا ولو اوصى له بجزء من نفسه وكان أقل من الثلث ولا
شئ له سواه كان يوصي بان يعتق أربعة أو خمسة مثلا عتق ثلثه كلا وإن كان له مال غيره فان وسع ثلثه جميع قيمته عتق باسره والا فبقدر ما يحتمله الثلث وهو أحدي
الروايتين عن أحمد والثانية لا يسري العتق إلى باقيه وقال أصحاب الرأي يسعى في قيمة باقيه ولو قال أوصيت له بكل ما أملك من رقبته وغيرها عتق من الثلث عندنا فان
قصر الثلث عن قيمته استسعى في الباقي فان عجز كان لورثة مولاه بقدر ما فيه من الرقية فان فضل الثلث أعتق واعطى باقي الثلث ولو أجاز الورثة عتق الجميع وقال
أصحاب الشافعي تنفذ الوصية في ثلثه ويبقى باقية رقيقا للورثة فيكون الوصية له بالثلث من ساير أمواله وصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق للوارث ولو قال أوصيت
بثلث ما أملك أو بثل أموالي ولم ينص على رقبته دخل في الوصية وعتق من الثلث عندنا وللشافعية وجهان أظهرهما ان رقبة تدخل في الوصية لأنها من جملة
أمواله والثاني لا يدخل لان قوله أوصيت له بثلث أموالي يشعر بالمغايرة بين الموصي به (والموصى له صح) وقد تقدم ولو اوصى له بثلث جميع أمواله وشرط تقديم رقبته عتق جميعه
ودفع إليه ما يتم به الثلث عندنا وعند الشافعية أيضا مسألة يصح ان يوصي الانسان لام ولده لا نعلم فيه خلافا وبه قال عامة علمائنا روي عن عمر ان بن
حصين وبه قال ميمون بن هران والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والشافعي واحمد واسحق لكن اختلف علماؤنا بعد اتفاقهم على صحة الوصية في عتقها هل تعتق من نصيب
ولدها وتعطي ما اوصى لها به أو يعتق من الوصية فان قصرت الوصية عن القيمة أعتق الفاضل منها من نصيب الوالد قال الشيخ ره بالأول وابن إدريس بالثاني وروي ابن
بابويه انها تعتق من الثلث وتعطي الوصية روي أبو عبيدة في الصحيح انه سأل الصادق (ع) عن رجل كانت له أم ولد له منها غلام فلما حضرته الوفاة اوصى لها بألفي درهم
أو بأكثر للورثة ان يسترقوهما قال فقال لا بل يعتق من ثلث الميت وتعطي ما اوصى لها به وفي كتاب العباس تعتق من نصيب ابنها وتعطي من ثلثه ما اوصى لها به وهذا الذي في
كتاب العباس هو الذي ذهب الشيخ إليه وما تقدم في الرواية هو الذي اختاره الصدوق واحتج ابن إدريس بقوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين فجعل استحقاق الإرث
بعد الوصية والدين بلا خلاف فلو أعتقت من سهم ولدها دون الوصية فقد قدمنا الإرث على الوصية وهو خلاف القران ويمكن ان يقال المراد في الآية استقرار
الملك على ما تقدم لعدم بقاء التركة على ملك مال الميت لانتفاء صلاحيته للتملك وعدم انتقالها إلى الديان والموصى له بالاجماع وعدم بقائها بغير مالك فتعين
انتقالها إلى الورثة ونمنع التقدم على الإرث هنا بل نقول إنها من حين الوفاة تعتق وتحسب في قيمتها على الولد لأن (العتق) مبني على التغليب والسراية ولهذا لو لم يكن هنا وصية
ولا وارث سواها فإنها تعتق على الولد وتستسعى لباقي الورثة مع امتناع تقديم بعض الوراث في الإرث لتساويهم فيه وعند العامة تصح الوصية لام الولد لأنها
حرة بعد موته وهي تعتق من رأس المال والوصية تعتبر من الثلث مسألة ويصح ان يوصى الانسان لمدبره فيجتمع له الوصيتان أحدهما التدبير لأنه وصية في الحقيقة
يخرج من الثلث والثانية الوصية بالمال الذي اوصى له به فان خرجت الوصيتان من الثلث عتق واعطى ما فضل له فان عجز الثلث عنهما قدم العتق لأنه أنفع له ولأنه
أوصي لعبده وصية صحيحة فيقدم عتقه على ما يحصل له من المال كما لو اوصى لعبده القن بمتاع من ماله وقال الشافعية يعتبر عتقه ووصيته من الثلث فان وفي بهما
عتق ونفذت الوصية وان لم يف الثلث بالمدبر عتق منه بقدر الثلث وصارت الوصية وصية لمن بعضه حر وبعضه رقيق للوارث وان وفي الثلث بأحد الامرين
من المدبر والموصي به مثل إن كان المدبر ساوى مائة والوصية بمائة وله سواهما مائة فوجهان أحدهما تقدم رقبته فيعتق كله ولا شئ له من الوصية كما اخترناه نحن والثاني
بعتق نصفه والوصية وصية لمن نصفه حر ونصفة رقيق مسألة تصح الوصية لمكاتبة المطلق سواء أدي من مال الكتابة شيئا أولا ولمكاتبة المشروط فإن كانت
الوصية لمكاتبة المشروط احتمل دفعه إليه بموت الموصي الذي هو مولاه لأنه نوع اكتساب وهو من أهله فان عتق بالأداء أو الابراء فلا بحث فان عجز واسترق فإن كان قد أتلفه
فلا بحث أيضا وإن كان قد دفعه إلى الوارث في مال الكتابة احتمل اجراءه مجرى العبد في عتق ما قابل الوصية لأنه ليس أقل مرتبة (منه) فح لا ينظر النسبة إلى مال الكتابة لبطلانها
بعجزه بل إلى قيمته كالعبد وان تجرى الوصية مجرى اكتسابه فله التصرف فيها كيف شاء فإذا دفعه إلى الوارث ثم عجز بينا بطلان الوصية وفساد الدفع لو لم يدفعه وعجز رد في الرق وكان مال الوصية للورثة لظهور بطلان الوصية ويحتمل احتساب المدفوع من مال
الكتابة لأنه مكاتب ملك بالوصية المدفوع وكان عليه دفعه في مال الكتابة فح إن كان مال الكتابة أكثر من القيمة كان النظر إلى مال الكتابة فان دفع مال الكتابة باسره عتق
وصحت الوصية وما دفعه منها في مال الكتابة فان عجز رجع رقا للوارث وظهر فساد الوصية وفساد الدفع ويحتمل مقاصة الورثة بمال الكتابة من غير دفع إن كان
مال الكتابة قد حل والا فاشكال ينشأ من أولوية الدفع لما في تأخيره من التغرض لبطلان الوصية جوا عجزه فيسترق فتبطل الوصية ومن أصالة براءة الذمة من
تعجيل الدفع فإذا عرفت هذا فان أجرينا مجرى العبد فعجز عن دفع باقي (مال) الكتابة وعجز مال الوصية عن ثلث ويبقى بعضه رقيقا استسعى فيحتمل الاستسعاء في باقي قيمته
لبطلان الكتابة بالعجز والعتق الحاصل له انما كان باعتبار الوصية كالعبد ويحتمل الاستسقاء في باقي مال الكتابة لأنه قد دفع البعض منه وعتق به مقابله باعتبار
الوصية التي لا يقصر فيها عن العبد فيبقى باقي مال الكتابة عليه وقالت العامة تصح الوصية لمكاتبة سواء اوصى
له بجزء شايع أو بمعين لان ورثته لا يستحقون
المكاتب ولا يملكون ماله فكان مستقلا بالملك فصحت الوصية له ثم إن عجز ورق صارت الوصية للورثة مسألة لو اوصى لمكاتبة المطلق صحة الوصية
له سواء أدي من كتابته شيئا أولا فان حلت النجوم وتحدث الجنس قاص مع الورثة والا فبقدر الحال ولو مات ولم يؤدي شيئا بطلت الكتابة وظهر بطلان الوصية
وإن كان قد أدي شيئا عتق منه بقدر ما أدي وكان له الوصية ويؤدي ما عليه وينعتق ولو اوصى لمكاتبة المطلق برقبته احتمل البطلان إذا لا تصرف له في رقبته
والصحة لان هذا التصرف يعود نفعه إلى المكاتب فيكون محسنا ولا سبيل عليه فح يحتمل على الابراء من مال الكتابة ولو كان المكاتب مشروطا فأوصى له برقبته
فالجواز هنا أقوى لأنه عبد ما بقى عليه شئ وكذا لو اوصى لام ولده برقبتها أو لمدبره برقبه مسألة لو اوصى لمكاتب الغير المشروط لم يصح لأنه مملوك لذلك الغير
ولا تصح الوصية لمملوك الغير على ما تقدم ويحتمل الصحة لان قبول الوصية نوع كسب وتصرفات المكاتب بالاكتساب صحيحة ولو كان مطلقا فالجواز فيه أقوى وعند العامة
انه تصح الوصية لمكاتب الغير ومملوكه لأنه مستقل بالملك وتصح الوصية لمكاتب الغير المطلق إذا تحرر بعضه بقدر ما فيه من الحرية وتبطل بقدر ما فيه من الرقية وكذا لو
اوصى لمكاتب المحرر بعضه صحت وصيته بقدر ما تحرر منه وبطلت في نصيب الرقية لقول الباقر (ع) قال قضى أمير المؤمنين (ع) في مكاتب قضى بعض ما كوتب عليه ان يجاز
من وصيته بحساب ما أعتق منه وقضى في مكاتب قضى نصف ما عليه فأوصى بوصيته فأجاز نصف الوصية وقضى في مكاتب قضى ثلث ما عليه اوصى له بوصية فأجاز ثلث
الوصية مسألة إذا اوصى لعبد وارثه لم تصح عندنا لما تقدم من أنه لا تصح الوصية لعبد الغير وعند العامة تصح فان باعه ا لوارث قبل موت الموصى فالوصية
463

للمشتري عندهم وان استمر في ملكه فهى وصية للوارث تقف على اجازة جميع الورثة عندهم قاله الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقال مالك إن كان يسيرا جاز ووقعت للعبد
وان اوصى بمال كثير فهى كالوصية للوارث لان العبد لا يملك وانما لسيده اخذه فإذا وصى له بشئ يسير علم أنه قصد بذلك العبد دون سيده وكذا لو اوصى لعبد أجنبي
فاشتراه وارث الموصي (ثم مات الوصي ولو اوصى صح) لمن نصفه حر ونصفه لوارث صح له نصف الوصية بالجزء الحر وبطلت في نصف الرقية عندنا وعند العامة ان لم يكن بينه وبين السيد مهاياة
أو كان بينهما مهاياة وقلنا إن الوصية لا تدخل في المهاياة فهي كالوصية للوارث لا ن ما ثبت له بالوصية يكون نصفه للوارث ولهذا قلنا إنه لا يرث لأنه لو ورث شيئا
لملك السيد نصفه وهو أجنبي عن الميت قال الجويني وكان يحتمل ان تتبعض الوصية كما لو اوصى بأكثر من الثلث وان جرت بينهما مهاياة وقلنا انه يدخل في المهاياة فقد
تقدم ان العبرة بيوم الموت على ظاهر مذهبهم فينتظر يوم موت الموصي فان مات في يوم العبد فالوصية صحيحة والا فهي للوارث ولا فرق بين ان يكون بينهما مهاياة
يوم الوصية أولا يكون ثم يحدثانها قبل موت الموصي ولو اوصى لمكاتب وارثه فان عتق قبل موت الموصي نفذت الوصية وكذا لو أعتق بعده بأداء النجوم وان عجز
رق وصارت وصيته للوراث البحث الثالث في الوصية للدابة مسألة لو أوصي لدابة الغير فان قصد تمليكها فالوصية باطلة لأنها وصية بالمستحيل؟
ولا يجوز صرف الوصية إلى مالكها لأنه غير مقصود للموصي فلا فرق بين المالك وغيره فكما لا يصرف (ذلك إلى الغير لا يصرف صح) والى المالك ولو اوصى للدابة وأطلق فالأقوى البطلان أيضا
لان مفهوم اللفظ المطلق التملك والدابة لا يتصور فهيا ذلك ومطلق اللفظ انما يحصل على مفهومه وكذا عندنا لو اوصى لعبد الغير إما المجوزون من العامة لوصية العبد
فإنهم فرقوا بينه وبين الدابة لان العبد عاقل من أهل الخطاب ويمكن القبول منه وربما يعتق قبل موت الموصي فيثبت الملك له بخلاف الدابة التي لا يتصور فيها
ذلك لكن للشافعية وجهان في الوقف على الدابة هل يكون وقفا على مالكها أم لا ويشبه ان يكون الوصية على ذلك الخلاف وقد فرق بعضهم بين الوصية والوقف
بان الوصية تمليك محض فينبغي ان يضاف إلى من يملك والوقف ليس بتمليك محض بل هو عند بعضهم ليس بتمليك حيث قالوا بانتقاله إلى الله تعالى فيجوز
ان يترخص فيه بالإضافة إلى من لا يملك مسألة لو اوصى لدابة الغير وقصد الصرف في علفها فالأقرب الجواز وبه قال الشافعي لان علف الدابة واجب على
مالكها والقصد بهذه الوصية المالك لكن للشافعية في الوقف على علف دابة الغير وجهان في صحة الوقف والوصية تشبهه لأنها في معناه وعلى القول بالصحة فالأقوى
اشتراط قبول مالك الدابة لان الوصية في الحقيقة هنا للمالك فاشترط قبوله كما في الوصايا كما لو اوصى بعمارة داره وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه لا يشترط
قبوله لأنها وصية للدابة نفسها ففي كل كبد جرى اجر وهو بعيد فان حدوث الاستحقاق لملكه من غير رضاه بعيد جدا وعلى تقدير القبول هل يتعين صرف الموصى
به إلى جهة الدابة الأولى ذلك لأنها وصية صحيحة فلا يجوز تغييرها لقوله تعالى فمن بدله ولما فيه رعاية غرض الموصى وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يتعين على
المالك صرف ذلك في العلف بل؟ له امساكه والتصرف فيه كيف شاء وينفق على الدابة من موضع اخر وعلى القول بالتعيين يتولى الانفاق على الدابة الوصي إن كان له وصي
على ذلك ولو لم يكن تولاه الحاكم أو من يأمره به من المالك أو غيره وهل للمالك اخذه من غير اذن الحاكم اشكال أقر به ذلك لأنا قد جعلنا هذه الوصية وصية للمالك
مسألة إذا قلنا إنه إذا اوصى للدابة كانت الوصية للمالك يشترط في الوصية للدابة أن تكون مملوكة فلا تصح الوصية للوحوش والصيود المباحة إذ لا
مالك لها فان قلنا إن الوصية للدابة فالأقرب ذلك أيضا لان فيه نوع إضاعة للمال لاستغناء الوحوش في البراري عن العلف وللشافعية وجه انه تصح الوصية
لها على هذا التقدير مع اتفاقهم على أنه لا يصح الوقف عليها ولو اوصى للبهيمة المملوكة فانتقلت الدابة من مالكها إلى غيره فان قلنا الوصية للدابة استمرت الوصية
لها وان قلنا للمالك اختصت الوصية بالمشتري ولو اوصى لدار زيد فان قصد تمليك الدار لم تصح وان قصد مالكها أو عمارتها له فالأقرب الجواز فح هل له
صرف الوصية إلى غير تلك الجهة الأولى المنع ولو اوصى للمسجد وفسر بالصرف لعمارته أو مصلحته صحة الوصية ولو اطلق فللشافعية وجهان أحدهما البطلان
كالوصية للدابة وأظهرهما الصحة لان مقتضي العرف تنزيله على الصرف إلى عمارته ومصلحته ثم القيم يصرف إلى الأهم والأصلح باجتهاده ولو قال أردت به تمليك
المسجد قال بعضهم ان الوصية لاغية ويحتمل ان يملك المسجد كالوقف عليه قاله بعض شافعية البحث الرابع في الوصية للكافر مسألة الأقوى انه
لا تصح وصية المسلم للحربي وهو قول الشيخ ره في الخلاف وقال في المبسوط لا تصح الوصية للكافر الأجنبي وفي النهاية إذا اوصى لاحد أبويه أو بعض قراباته بشئ من ثلثه
وجب ايصاله إليهم وان كانوا كفارا ضلالا وقال المفيد إذا اوصى لغيره بشئ من ثلثه وجب دفعه إليه وإن كان الموصى له كافرا وقال ابن الجنيد إذا اوصى بفدا
بعض أهله من يد أهل الحرب من أهل الكتاب والمشركين جازو لا تصح الوصية لحربي وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية لقوله تعالى لا ينهكم الله عن الذين لم يقاتلوكم
في الدين ولم يخرجوكم من دياركم وظاهر وعلى اخراجكم ان تبروهم وتقسطوا إليهم إلى قوله تعالى انما ينهكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين الآية اشعر ذلك بالنهي
عن أن تبرهم إذا قاتلونا ولانا مأمورون يقتلهم فلا معنى للتقرب إليهم بالوصية ولان تملك الحربي غير لازم وماله غير معصوم ولا يجوز دفع ماله بل يجوز الاستيلاء
عليه بخلاف الذمي ولو جازت الوصية للحربي لكان إما ان يجب على الوصي الدفع إليه وهو محال لما تقدم أولا وهو المطلوب إذ معنى بطلان الوصية عدم وجوب التسليم
وقال احمد ومالك واكثر الشافعية تجوز الوصية للحربي كما يجوز البيع والهبة منهم كالذمي وقد روي أن عمر بن الخطاب اعطى خاله الحربي جلة من حرير بمكة وعن أسماء
بنت أبي بكر قالت اتتنى أمي وهي راغبة يعني عن الاسلام فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت يا رسول الله اتتني أمي وهي راغبة افاصلها؟ قال نعم واعلم أن ا صح الوجهين عند
الشافعية في الوقف على الحربي المنع وفي الوصية الجواز وفرقوا بوجهين أحدهما ان الوقف صدقة جاريه فاعتبر في الموقوف عليه الدوام كما اعتبر في الوقف والثاني ان
معنى التمليك في الوصية أظهر منه في الوقف الا ترى ان الموصى له يملك الرقبة والمنفعة والتصرف كيف شاء والموقوف عليه بخلافه وألحقت الوصية بساير التمليكات
مسألة المرتد إن كان عن فطرة لم تصح الوصية له لأنه واجب القتل في كل حال ولا يجوز ابقاؤه لأنه لا تقبل توبته فلا يتحقق زمان يثبت له الملك فيه ولأن جواز الملك
فيه ينافي وجوب القتل ولان أمواله زالت عنه ولم يبق أهلا لاستمرار التملك فلا يكون أهلا لابتدائه وإن كان عن غير فطرة ففي جواز الوصية له اشكال أقر به المنع كالحربي
ويحتمل الجواز لان أمواله لا تزول عنه الا بالقتل والقتل انما يجب بعد الامتناع عن التوبة بعد الاستتابة والوجهان الذان ذكرنا هما للشافعية في الوصية للحربي جاريان
في المرتد أحدهما انه تصح الوصية له كما تجوز له الهبة والثاني المنع لان ملكه غير مستقر ولا يرث فهو كالميت ولان ملكه يزول عن ماله بردته فلا يثبت له الملك بالوصية
مسألة الأقوى صحة الوصية لأهل الذمة قال الشيخ في الخلاف الوصية لأهل الذمة جايزة بلا خلاف وفي أصحابنا خاصة من قيد؟ إذا كان من قراباته ولم يشترط الفقهاء
464

ذلك وقال في المبسوط لا تصح له الوصية من الكافر الذي لا رحم له من الميت؟ وقال أبو الصلاح الوصية للكافر إذا لم يكن صدقة وقال ابن إدريس تصح الوصية للكافر
وان لم يكن ذا رحم وهو قول العامة منهم شريح والشعبي والثوري والشافعي واحمد واسحق وأصحاب الرأي ولا نعلم بينهم خلافا قال محمد بن حنفية؟ وعطاء وقتادة في قوله تعالى
الا ان تفعلوا إلى أولياءكم معروفا هي وصية المسلم لليهودي والنصراني وورث العامة عن عكرمة ان صفيه بنت جتى باعت حجرتها من معوية بمائة الف وكان لها أخ يهودي
عرضت عليه ان يسلم فيرث فابى فأوصت له بثلث المائة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصيح عن أحدهما (ع) في رجل اوصى بماله في سبيل الله قال
اعط لمن اوصى له وإن كان يهوديا أو نصرانيا ان الله تعالى يقول فمن بد له بعد ما سمعه فإنما آثمة على الذين يبدلونه ان الله سميع عليم وكتب الخليل بن هاشم إلى
ذي الرياستين وهو والي نيشابور ان رجلا من المجوس مات واوصى للفقراء بشئ من ماله فاخذه قاضي نيشابور فجعله في فقراء المسلمين فكتب الخليل إلى ذي
الرياستين بذلك فسأل المأمون عن ذلك فقال ليس عندي في ذلك شئ فسأل أبا الحسن (ع) فقال أبو الحسن (ع) ان المجوسي لم يوص لفقراء المسلمين ولكن ينبغي ان
يؤخذ مقدار ذلك المال من مال الصدقة فيرد على فقراء المجوس مسألة ويصح ان يوصي الذمي للذمي والمسلم وللمسلم للمسلم؟ اجماعا والذمي على الخلاف وكذا
يصح ان يوصي الحربي للحربي على اشكال ولا تصح الوصية لكافر بمصحف ولا عبد مسلم لأنه لا يصح له تملكهما بالهبة والبيع وغيرهما من أسباب الملك لعموم السبب في
جميع الأسباب وهو تعظيم الكتاب العزيز وانتفاء السبيل للكافر على المسلم فان اوصى للكافر بعيد كافر فأسلم العبد قبل موت الموصي بطلت الوصية وان أسلم بعد
الموت وقبل القبول بطلت ان قلنا إن الملك لا يثبت الا بالقبول لأنه لا يجوز ان يبتدأ الملك على المسلم وان قلنا يثبت الملك بالموت قبل القبول فالوصية صحيحة
عنده لأنا نتبين ان الملك يثبت بالموت لأنه أسلم بعد ان ملكه مسألة لو اوصى المسلم لأهل قريته لم يعط من فيها من الكفار إذا كان أهل القرية مسلمين وكذا
لو اوصى لقرابته وفيهم كافر ومسلم لم يعط الكافر شيئا واختصت الوصية بالمسلمين وبه قال احمد لقوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ولم
يدخل فيه الكفار إذا كان الميت مسلما وإذا لم يدخلوا في وصيته الله تعالى مع عموم اللفظ فكذا في وصية المسلم ولان الظاهر من حال المسلم عدم إرادة الكفار للعداوة
الدينية الراسخة بينه وبينهم وعدم الوصلة المانعة من الميراث ووجوب النفقة على فقيرهم ولذلك خرجوا من عموم اللفظ في الأولاد والاخوة والأزواج و
ساير الألفاظ العامة في الميراث فكذا هنا لان الوصية أجريت مجرى الميراث ولو صرح الموصي بدخولهم دخلوا لان صريح المقال أقوى من دلالة الحال ولو اوصى
لأهل قريته وكلهم كفار أو لقرابته وهم كفار صحت الوصية ولا يمكن تخصيصهم (كما قلنا بتخصيصهم صح) لو كانوا بعض أهل القرية أو بعض القرابة لان في تخصيصه رفع اللفظ بالكلية ولو
كان فيها مسلم واحد والباقي كفار دخلوا في الوصية أيضا لبعد اخراجهم بالتخصيص ههنا لما فيه من مخالفة الظاهر الذي هو العموم وحمل اللفظ الدال على الجميع
على المفرد ولو كان أكثر أهل القرية كفارا فالأقوى تخصيص المسلمين بالوصية لان حمل الفظ عليهم ممكن وصرفه إليهم والتخصيص يصح وإن كان باخراج الأكثر
ويحتمل الدخول لان التخصيص في مثل هذا بعيد فان تخصيص الصورة النادرة قريب وتخصيص الأكثر بعيد يحتاج فيه إلى التنصيص وكذا الحم في باقي الفاظ العموم
كما لو اوصى لاخوته أو عمومته أو بني عمه أو لليتامى أو للفقراء والأقرب في هذ اكله صرف الوصية إلى المسلمين وكذا الكافر ولو اوصى للفقراء انصرف إلى فقراء ملته؟
عملا بالعرف ولقضية الرضاء؟ المذكورة في الخبر السابق ولو وجدت قرينة تدل على دخول المسلمين دخلوا كما لو اوصى لأهل قريته أو لقرابته وكلهم مسلمون وكذا يدخلون؟
لو لم يكن فيهم الا كافر واحد ولو انتقت القراين فالأقرب عدم الدخول لتناول اللفظ لهم وهم أحق بالوصية من غيرهم ولا يصرف اللفظ عن مقتضاه وعمن هو أحق
بحكمه إلى غيره ولو كان في القرية كفار من غير أهل دين الموصي لم يدخل في الوصية لان قرينة حال الموصي يخرجه ولم يوجد فيهم ما وجد في المسلم من الأولوية فيبقى جارحا
بحاله ويحتمل عدم الخروج لان الكفار يتوارثون وان اختلفوا في الأديان وكذا يدخلون لو وجدت قرينة الدخول
كما لو لم يكن في قرينة الا أولئك البحث
الخامس في الوصية للقاتل مسألة في الوصية للقاتل قولان لعلمائنا قال الشيخ ره تصح لقوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خير الوصية
للوالدين والأقربين ولم يفرق وقال تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين ولم يفرق والمنع يحتاج إلى دليل وهو أظهر قولي الشافعي لان التملك بالوصية تملك
بايجاب وقبول فأشبه التملك بالبيع والهبة وبه قال مالك أيضا وروي عنه تخصيص الجواز بما إذا كان القتل خطأ والقول الثاني للشافعي لا تصح الوصية للقاتل
وبه قال أبو حنيفة وابن الجنيد من علمائنا الا انه خصص فقال ولا وصية لقاتل عمد وهو موافق لما روى عن مالك وعن أحمد روايتان كالمذهبين لما روي
عن النبي صلى الله عليه وآله قال ليس للقاتل وصية ولان القتل يمنع الميراث الذي هو اكد من الوصية فالوصية أولي لان الوصية أجريت مجرى الميراث فمنعها ما يمنعه والوجه
التفصيل وهو انه ان اوصى قبل القتل أو الجرح الموجب للقتل لم تصح الوصية كما لو قال أعطوا زيدا كذا ثم قتله زيد وهو قول الحسن بن صالح بن يحى؟ لان القتل طرأ على
الوصية فابطلها لأنه يبطل ما هو اكد منها وتحقيقه ان القتل انما منع الميراث لان القاتل بالقتل استعجل الميراث الذي انعقد سببه فعورض به قبض قصده
وهو منع الميراث دفعا لمفسدة قتل الموروث ولهذا بطل التدبير بالقتل الطارئ عليه وهذا المعنى متحقق في القتل الطاري على الوصية فإنه ربما طلب تعجيل
الوصية فبادر إلى قتله ليبلغ غرضه اقتضت الحكمة منعه بخلاف ما لو جرحه بالمهلك ثم اوصى له فإن الموصى له لم يقصد بقتله استعجال مال لعدم سببه والموصي
راض بالوصية بعد صدور ما فعله في حقه مسألة وهل يقع فرق بين قتل العمد والخطأ الا قرب ثبوت الفرق فيمنع من الوصية مع العمد دون الخطاء وعليه
دل قول ابن الجنيد ولان المقتضي (للمنع في العهد صح) انما هو الاستعجال وهذا انما يكون بقصد القتل ولا يتحقق في الخطا فكان الأولى قبول الوصية فيه كما قلنا إن الأولى قبول الوصية
لو تجددت بعد القتل والشافعية لم يفرقوا بينهما بل جعلوا القولين فيهما معا وهو قول احمد ثم تكلم الشافعية في موضع القولين من وجهين أحدهما هل من فرق
بين ان يكون القتل بحق كالقصاص أولا يكون سكت أكثرهم عنه وقال بعضهم تجوز الوصية للقاتل بالحق والخلاف في غيره والوجه ان الوصية تصح للقاتل بالحق كما
يصح له الميراث وأحال بعض الشافعية الوصية على الإرث فقال إن ورثنا القاتل بالحق جوزنا الوصية له والا ففيه الخلاف والثاني قال بعض الشافعية القولان فيما
إذا اوصى المجروح لجارحه ثم مات فاما إذا اوصى لانسان فجاء وقتله بطلت الوصية قولا واحدا فإنه مستعجل بالقتل فيحرم كالوارث ومنهم من عكس فصحح الوصية
جزما فيما إذا اوصى لجارحه وخصص القولين بما إذا اوصى لانسان فجاء وقتله والأكثرون طردوا القولين في الحالتين فح يكون للشافعي ثلثة أقوال أحدها الصحة
والثاني المنع والثالث الصحة ان تقدمت الجراحة وتبطل ان تأخرت مسألة لو قتلت أم الولد سيدها عتقت من نصيب الولد وان استعجلت وبه قال
الشافعي لأنها لا تعتق على الميت عندنا وانما تعتق على الولد وهو غير قاتل فورثها وكل من ورث امه عتقت عليه وعند العامة تنعتق أيضا وان استعجلت لان الاخبار؟
465

منزلته منزلة الاعتاق الا ترى ان الشريك إذا أحبل الجارية المشتركة سرى الاستيلاد إلى نصيب الشريك كما لو أعتق نصيبه وإذا كان كالاعتاق لم يقدح القتل فيه كما إذا أعتق
العبد ثم قتله العبد وكذا مستحق الدين المؤجل إذا قتل المديون حل اجله لان الاجل حق من عليه الحق أثبت ليرتفق به بالاكتساب في المدة فإذا هلك فالحظ له في
التعجيل لتبرأ ذمته مسألة لو قتل المدبر سيده فهو كما لو اوصى لانسان فتقل الموصى له الموصي هل تبطل وصيته أم لا على ما تقدم من الخلاف لان التدبير
عندنا وصيته وقالت الشافعية انه يبنى على أن التدبير وصية أو تعليق عتق بضمه؟ ان قلنا بالأول فهو كما لو اوصى لانسان فجاء وقتله وان قلنا بالثاني عتق
كالمستولدة وقال بعض الشافعية ان صححنا الوصية للقاتل عتق المدبر إذا قتل سيده وان لم نصححها لا يعتق يبطل التدبير سواء جعلنا التدبير وصية أو تعليقا
للعتق لأنه وإن كان تعليقا فهو وفي حكم الوصية لأنه يعتبر من الثلث هو اثبات للخلاف سواء جعلناه وصية أو تعليقا وإذا اوصى لعبد جارحه أو لمدبره أو مستولدته
فان عتق قبل موت الموصي صحت الوصية أو انتقل منه إلى غيره صحت الوصية لذلك الغير والا فهى وصية للجارح ولو اوصى لعبد بشئ فجاء العبد وقتله لم يتأثر به الوصية
وان جاء السيد وقتله فهى وصية للقاتل ولو قال لمكاتب فقتل المكاتب الموصي فان عتق فهى وصية للقاتل وان عجز فالوصية صحيحة للسيد فان جاء سيد المكاتب
فقتله فالحكم بالعكس وتجوز الوصية للعبد القتال لأنها تقع للسيد عند العامة البحث السادس في الوصية للوارث مسألة الوصية للوارث
صحيحة عند علمائنا كافة سواء أجاز الورثة أولا لقوله تعالى يا أيها الذين امنوا كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خير الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف
حقا على المتقين فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ان الله سميع عليم فأوجب تعالى الوصية للوالدين الذين هما أقرب الناس إلى الميت ثم قال تأكيدا
للوجوب بقوله تعالى حقا على المتقين وهو يعطي عدم اتقاء من لا يعتقد حقيتها ثم ثنى التأكيد بقوله تعالى فمن بدله له بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه
ثم اكد هذه الجملة بقوله تعالى ان الله سميع عليم وهذه الآية نص في الباب وما رواه العامة عن ابن عباس ان النبي قال لا تجوز الوصية لوارث الا ان يجيزها
الورثة وقال (ع) لا وصية لوارث الا ان يشاء الورثة والاستثناء من النفي اثبات وهو يدل على صحة الوصية عند الإجازة لان الإجازة لا تصير ما ليس بصحيح
في نفسه صحيحا ولان الإجازة متأخرة فحين وقوع الوصية المتقدمة على الإجازة ان وقعت باطلة لم تصح بالإجازة المتأخرة فان الباطل لا عبرة به ولا اعتبار له في نظر
الشرع فوجب ان يكون صحيحة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الوصية للوارث فقال تجوز وفي الصحيح عن أبي بصير
قال قلت لأبي عبد الله (ع) تجوز للوارث وصية قال نعم وفي الصحيح عن أبي ولاد الحناط قال سألت أبا عبد الله عن الميت يوصي لبنت بشئ فقال جايز ولأنه تصرف صدر
من أهله في محله فصح كما لو اوصى الأجنبي وقالت العامة لا تصح الوصية للوارث وللشافعية طريقان أصحهما ان الحكم في الوصية للوارث كالحكم فيما لو اوصى بزيادة
على الثلث فان الوصية بالزيادة لا تقع باطلة بل إن أجازها جميع الورثة صحت والا فلا وكذا هنا فيريد برد ساير الورثة وان أجازوا فعلى قولين أحدهما ان اجازتهم
ابتداء عطية والوصية باطلة لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله قد اعطى كل ذي حق حقه الا الوصية لوارث والأصح وبه قال أبو حنفية ومالك واحمد انها تنفيذ
لما فعله الموصي والذي فعله انعقاد اعتبار لما روى ابن عباس ان النبي قال لا تجوز الوصية لو ارث الا ان يجيزها الورثة ويروي لا وصية لو ارث الا ان يشاء الورثة
والطريق الثاني انها باطلة وان أجازها جميع الورثة بخلاف الوصية للأجنبي بما زاد على الثلث والفرق ان المنع من الزيادة لحق الورثة فإذا ارضوا جوزنا والمنع هنا لتغير
الفروض التي قدره الله تعالى للورثة على ما اشعر به الخبر فلا تأثير لرضاهم وهو قول المزني وابن أبي هريرة منهم ثم فرعوا على القولين فقالوا ان قلنا إن الإجازة تنفيذ
وامضاء كفى لظ الإجازة ولا حاجة إلى هبة وتجديد قبول وقبض من الموصى له وليس للمجيز الرجوع وان لم يحصل القبض بعد فان قلنا إنها ابتداء عطية منهم فلا
يكفي قبول الوصية أو لا بل لا بد من قبول اخر في المجلس ومن القبض للمجيز الرجوع قبل القبض وهل يعتبر لفظ التمليك ولفظ الاعتاق إذ أكان الموصى به العتق وجهان
أظهرهما لا يكفي لفظ الإجازة بل يعتبر لفظ التمليك كما لو تصرف فأسدا من بيع أو هبة ثم أجاز وهو قول مالك والمزني والثاني انه يكفي لفظ الإجازة لظاهر الخبر ولو
خلف زوجة هي بنت عمه وأباها وكان قد اوصى لها فأجاز أبوها الوصية فلا رجوع للأب انا جعلنا الإجازة تنفيذا وان جعلنا ها ابتداء عطية فله الرجوع
بناء على مذهبهم من جواز رجوع الأب في هبة الابن ولو أعتق عبدا في مرضه أو اوصى بعتقه والمال سواه أو زادت قيمته على الثلث فان جعلنا الإجازة ابتداء عطية
من الورثة فولاء ما زاد على الثلث للمجيزين ذكورهم وأناثهم بحسب استحقاقهم وان جعلناها تنفيذا فولاء الكل للميت يرثه ذكور العصبات ولهم وجه آخران يكون
الولاء للميت على القولين جميعا لأنا وان جعلنا اجازتهم ابتداء عطية فأجازتهم اعتاق الميت كاعتاقهم عن الميت باذنه والتماسه ومن أعتق عبده باذنه والتماسه كان
الولاء للاذن واستبعدوه بان اعتبار الاذن بعد موت الاذن كالمستبعد ولو أعتق عبد في المرض ثم مات العبد قبل موته فيموت كله حرا أم كيف الحال وفيه خلاف
بينهم وكل هذه التقريعات عندنا باطلة لعدم الفرق عندنا بين الوارث والأجنبي مسألة لو وهب الوارث في مرض موته أو أبراه عماله في ذمته أو وقف عليه
كذلك كان حكمه حكم الوصية على الأقوى عندنا وح يصح من الثلث سواء أجاز باقي الورثة أولا وعند العامة انها كالوصية أيضا لكن تبطل الان ان يجيز الورثة بأسرهم
مسألة تصح الوصية للوارث عندنا ومن الثلث وان لم يجز الورثة على ما تقدم وعند العامة لا تصح الا بإجازتهم ولا اعتبار بإجازتهم ولا برد الورثة في حياة الموصي
عندهم فإذا أجازوا في الحياة أو أذنوا له في الوصية ثم أرادوا الرد بعد الموت فلهم ذلك لأنه يتحقق استحقاقهم قبل الموت ولجواز ان يبرأ المريض أو تموتوا قبل موته وقال
مالك ان الإجازة قبل الموت تلزم الا ان يكون الوارث في نفقته وعنه أيضا انهم إذا أذنوا له في الوصية وهو صحيح فلهم الرجوع وان أذنوا وهو مريض فلا رجوع لهم ولو
أجازوا بعد الموت وقبل القسمة نفى تنزيلها منزلة الإجازة قبل الموت قولان مخرجان والظاهر عندهم لزومها مسألة لو اوصى لغيره بشئ يزيد على الثلث اشترط فيه
معرفة الورثة بمقدار الزايد على الثلث ومقدار التركة فإن لم يعرف قدر الزايد وقدر التركة لم تصح الإجازة ان جعلناها ابتداء عطية وان جعلناها تنفيذا فهى
كالابراء من المجهول يصح عندنا وان جوزنا هبة المجهول لم يشترط العلم بشئ من ذلك ولو أجاز الوصية بما زاد على الثلث قال ظننت قلة التركة فظهرت أكثر مما ظننت
احلف ونفذت الوصية في القدر الذي كان يتحققه مسألة العبرة عند من منع الوصية للوارث بكونه وارثا حال الموت فلو اوصى لأخيه وليس له ولد
قوله له ابن بعد ذلك قبل موت الموصي فالوصية صحيحة عندهم لأنه ظهر ان الوصية ليست للوارث ولو اوصى لأخيه وله ابن فمات الابن قبل موت الموصي فالوصية
للوارث وكذا لو اوصى لابنه ثم قتله الابن وقلنا إن القتل لا يمنع الوصية نفذت الوصية عندهم لأنه يوم الموت ليس بوارث لو أقر للوارث فللشافعية قولان
أحدهما ان العبرة بيوم الاقرار والثاني ان العبرة بيوم الموت وفرقوا بان استقرار الوصية بالموت ولا ثبات لها قبله وهذا التفريع ساقط عندنا لصحة الوصية
466

للوارث مسألة لو اوصى لكل واحد من ورثته بقدر حصته من التركة لغت الوصية لانهم مستحقون لها وان لم يوص وهو قول الشافعية ولهم وجه اخر فيما
إذا لم يكن له الا وارث واحد فأوصى له بماله فالمذهب عندهم ان الوصية لا غية ويأخذ التركة بالإرث والثاني انه يأخذها بالوصية إذا لم ينقضها وتظهر الفايدة فيما
إذا ظهر دين ان قلنا إنه يأخذ التركة بالإرث فله امساكها وقضاء الدين من موضع اخر وان قلنا إنه يأخذها بالوصية قضاه منها ولصاحب الدين الامتناع لو
قضى من غيرها قال بعضهم معلوم انه لافرق بين ان يتحد الوارث أو يتعدد ولو اوصى لكل واحد من الورثة بعين هي قدر حصته من غير ترتيب كما لو اوصى لابنه بعبد قيمته
مائتان ولبنته بأمة قيمتها مائة ولا وارث غيرهما ولامال سواهما فالأقرب انه يحتاج إلى اجازة الورثة في تخصيص كل واحد بما عينه لتفاوت الأغراض بأعيان
الأموال والمنافع الحاصلة منها فكما لا يجوز ابطال حق الوارث من قدر حقه لا يجوز من عينه وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه لا يحتاج إلى الإجارة ويختص كل واحد
بما عينه الموصي بمجرد الوصية وان لم يجز الورثة لان حق الورثة يتعلق بقيمة التركة لا بعينها لهذا فان المريض لو باع عين التركة بثمن المثل صح وان تضمن فوات
عين المال وفيه قوة وتعلقت حقوقهم بالقيمة موفاة هنا ولو اوصى ان يباع عين ماله من انسان صحت الوصية لان الأغراض يتعلق بالعين كما يتعلق بالقدر فتصح
الوصية بها كما تصح بالقدر وللشافعية وجه اخر انها لا تصح وبه قال أبو حنيفة لأنه لو باع ماله في مرض الموت لا يعتبر من الثلث ولو صحت الوصية لاعتبر من الثلث
ولو باع المريض ماله من وارثه بثمن المثل نفذ وهو قول الشافعي لأنه لا تبرع فيه فإنه يجوز بيعه من الأجنبي بثمن المثل وقال أبو حنيفة انه وصية يتوقف على اجازة ساير
الورثة مسألة لو اوصى بثلث ماله لأجنبي ووارث صحت الوصية عندنا واشتركا في الثلث وقالت الشافعية ان صححنا الوصية للوارث مع الإجازة فأجاز
جميع الورثة فالثلث بينهما وان أبطلناها اوردها ساير الورثة ففي أحد الوجهين انها تبطل في حق الأجنبي أيضا اخذا من منع تفريق الصفقة لكنه ضعيف عندهم لأن العقد
مع شخصين كعقدين بل للأجنبي السدس وبه قال مالك وأبو ثور وقال أبو حنيفة تمام الثلث ولو اوصى لهذا بالثلث ولهذا بالثلث فان أجاز الورثة صحت الوصية
لهما وإلا بطلت الثانية على ما يأتي وقالت الشافعية ان اعتبرنا الوصية للوراث وأجاز ساير الورثة فلكل واحد منهما الثلث وان أبطلناها أو ردوا فلا شئ للوارث ثم ينظر
في كيفية الرد فان ردوا وصية الوارث سلم للأجنبي تمام الثلث لانهم خصوا الوارث بالابطال وفيه وجه بعيد لهم انه لا يسلم الا السدس وان قالوا رددنا ما زاد على
الثلث من الوصيتين فللشافعية وجهان أحدهما انه ليس للأجنبي الا السدس وبه قال مالك فان الزيادة قد بطلت
بالرد فكأنه اوصى بالثلث لهما لان الوارث
يزاحم الأجنبي إذا جاز الورثة الوصيتين فيكون لكل منهما الثلث فإذا ابطلوا نصفهما بالرد كان البطلان راجعا إليهما ما بقى منهما بينهما كما لو تلف ذلك بغير الرد و
أرجحهما عند أكثرهم ان للأجنبي تمام الثلث وبه قال أبو حنيفة لان القابل للرد في حق الأجنبي الزايد على الثلث وفي حق الوارث الجميع فكان الانصراف إلى نصيب الوراث
أولي ولو صرح الورثة فقالوا أجزنا الثلث لكما ورددنا الزايد عليه من وصيتكما كان ذلك اكد في جعل السدس لكل واحد منهما لتصريحهم به وان قالوا أجزنا وصية الوارث
كلها ورددنا نصف وصية الأجنبي فهو على ما قال وكذا يجوز العكس ولو أجازوا للوارث نصف وصيته وللأجنبي الجميع جاز ولو أرادوا ان ينقصوا الأجنبي عن
نصف وصيته لم يملكوا ذلك عندهم سوا أجاز والوارث أوردوا عليه وان ردوا جميع وصية الوارث ونصف وصية الأجنبي فعلى أحد وجهي الشافعي لهم ذلك لان
لهم ان يجيزوا الثلث لهما فيشتركان فيه ويكون لكل منهما نصفه ثم إذا رجعوا فيما للوارث لم يزد الأجنبي على ما كان له حالة الإجازة للورثة وعلى الأخر يتوفر الثلث
كله للأجنبي لأنه انما ينتقص بمزاحمة الوارث وإذا زالت المزاحمة وجب توفير الثلث عليه لأنه قد اوصى له به مسألة لو اوصى لاحد ورثته بقدر نصيبه من
التركة أو بما دونه صح عندنا إن كانت بقدر الثلث فما دون وان زاد احتاج في الزيادة إلى اجازة باقي الورثة وكان للموصي له مشاركة باقي الورثة في باقي التركة إما
لو حصر نصيبه فيه انحصر على ما تقدم وقال الشافعية إذا اوصى (لاحد ورثته بقدر نصيبه من التركة أو بما دونه وأجاز الباقون سلم له الموصي به والباقي مشترك بينهم قال الجويني صح) وذلك القدر خرج عن كونه موروثا باتفاق الورثة إما الموصي له فلانه أوقعه عن جهة الوصية حيث
قبلها واما غيره فلانه أجازها ولو اوصى لبعض الورثة بأكثر من نصيبه فان قصد منعه من الإرث بعده صحت الوصية إن كانت الزيادة بقدر الثلث فما دون
والا بطلت الوصية في الزايد وان لم يقصد اعتبر ما اوصى به من الثلث وللشافعية وجهان أصحهما انه ان أجاز الباقون سلم له الموصي به والباقي مشترك
بينهم وخرج ذلك القدر عن كونه موروثا باتفاق الورثة والثاني ان الباقي لمن لم يوصي له لاحتمال ان غرضه من الوصية تخصيصه بتلك الزيادة لا بجميع الموصى
به ويتخرج على هذا الأصل ما إذ اوصى لأجنبي بنصف ماله ولا حدا بنيه الجايزين بالنصف وأجاز الوصيتين فللأجنبي النصف فاما الابن ففيما يستحقه
وجهان للشافعية أحدهما النصف والثاني الربع والسدس والباقي وهو نصف السدس للذي لم يوص له لان الثلث مسلم للأجنبي لا حاجة فيه إلى اجازة الا بنتين؟
والباقي بينهما لو ردا لكل واحد منهما الثلث فإذا اوصى لأحدهما بالنصف فقد زاد على ما يستحق سدسا فإذا قلنا الباقي بعد الوصية لهما جميعا فالسدس بينهما
لكنهما إذا أجاز الزم كل واحد منهما ان يدفع نصف السدس إلى الأجنبي ليتم له النصف وح فيعود ما كان للموصى له إلى النصف ولا يبقى للاخر شئ وهذا هو الوجه
الأول وان قلنا إن السدس الباقي يختص بالذي لم يوص له فيعود بإجازتهما وصية الأجنبي نصف الابن الموصى له إلى ربع وسدس وللابن الأخر نصف سدس
وهذا هو الوجه الثاني ولو أجاز الابن الذي لم يوص له الوصيتين معا ولم يجز الموصى له وصية الأجنبي صحت المسألة من اثنى عشر للأجنبي الثلث أربعة بلا اجازة
ويأخذ سهما اخر من نصيب الذي أجاز فيجتمع له خمسة وللابن الموصى له سبعة ستة منها بحكم الوصية وواحد لأنه لم يجز وصية الأجنبي وهذا قياس الوجه الأول
وقياس الثاني ان يأخذ الابن الموصى له ستة أسهم ويبقى للابن الأخر سهم ولو لم يجز الابن الذي لم يوص له وصية الأجنبي فللموصي له خمسة ثم على قياس الأول
للابن الموصى له ستة وللآخر سدس وعلى قياس الثاني للموصى له خمسة وللآخر سهمان مسألة لو اوصى لأجنبي بثلث ماله ولا حد ابنيه الجايزين بالكل وأجاز
الوصيتين وقصد العول في الوصايا فللأجنبي الثلث كاملا عند الشافعية والثلثان لابن الموصى له وليس له رحمة للأجنبي في الثلث فان الوصية بالثلث للأجنبي
مستغنية عن الإجازة وفيه احتمال لمتأخريهم ويحتمل عندي القسمة على العول ويقسم على أربعة ولورد الابنان فثلث الأجنبي بحاله ولا شئ للابن الموصى له بالوصية
ولو اوصى لأجنبي بالثلث ولكل واحد من ابنيه بالثلث فرد ألم يؤثر ردهما في حق الأجنبي ولهم وجه اخر انه ليس له الا ثلث الثلث بالشيوع مسألة لو وقف دارا
في مرض موته على بأنه الجايز صح الوقف عندنا وقال الشافعية ان أبطلنا الوصية للوراث فالوقف باطل وان اعتبرناها موقوفة على الإجازة قال بعضهم ان احتملها
ثلث ماله ألم يكن للوارث ابطال الوقف في شئ منها لان تصرف المريض في ثلث ماله نافذ فإذا تمكن من قطع حق الوارث عن الثلث بالكلية فلئن يتمكن من وقفه
عليه وتعليق حق الغير به كان أولي وان زادت على الثلث لم يبطل الوقف في قدر الثلث واما الزيادة فليس للمريض تفويت ملكها على الوارث وللوارث الرد والابطال
467

فان أجازنا جازته وقف سنة على نفسه ان جعلنا اجازة الوارث ابتداء عطية منه وان جعلناها تنفيذ الزم الوقف وقال بعضهم له رد الوقف في الكل لان الوصية
بالثلث في حق الوراث كفى بالزيادة في حق غيره عندهم ولهذا فإنه لو اوصى لاحد الوارثين بشئ قليل كان للاخر الرد فان أجاز الابن فالحكم في الكل على الخلاف في
كيفية الإجازة وأجاب بعضهم عن هذا بانا انما جوزنا لاحد الوارثين ابطال الوصية على الثاني لأنه بالوصية فضله عليه ونقص حق الذي لم يوص له من
عطية الله تعالى وهنا لا تفضيل والتفريع على جواز الوصية للوارث في الجملة فلينفذ تصرفه في الثلث المستحق في النقل المشهور عن ابن الحداد وعليه يفرع
الصورة المذكورة من بعد قال الجويني المسألة مصورة فيما إذا نجز الواقف الوقف في مرض موته ما إذا (كما) كان الابن طفلا فقبله فمات فحاول الابن الرد أو الإجازة
لكنه لا حاجة إلى هذا الفرض لأنه وإن كان بالغا وقبل بنفسه لم يمتنع عليه الرد بعد الموت إذا
لإجازة المعتبرة هي الواقعة بعد الموت مسألة لو كان له
ابن وبنت فوقف ثلثي داره على ابنه والثلث على البنت فان خرجت الدار من الثلث لم يكن لهما الرد لأنه لم يفضل ولم يغير عطية الله تعالى وان زادت على الثلث
فلهما رد الوقف في الزيادة ولو وقفها عليهما نصفين واحتملها الثلث صح عندنا أيضا ولم يكن لهما الرد وقالت الشافعية ان رضي الابن فهي كما لو وقف والا فظاهر قول
ابن الحداد ان له رد الوقف في ربع الدار لأنه لما وقف عليه النصف كان من حقه ان يقف على البنت الربع فإذا زاد كان للابن رده ثم لا يصير شئ منه وقفا عليه
فان الأب لم يقف عليه الا النصف بل يكون الربع المردود بينهما أثلاثا ملكا ويقسم من الاثني عشر للحاجة إلى عدد له ثلث وربع فتسعة منها وقف عليما ثلثه ملك
وكلاهما بالا ثلاث؟ وقال بعضهم ليس للابن ابطال الوقف الا في سدس الدار لأنه انما يحتاج إلى اجازته فيما
هو في حقه وحقه منحصر في ثلثي الدار قد وقف عليه النصف
فله استخلاص من تمام حقه وهو السدس إما الثلث الأخر فهو حقها فلا معنى لتسلطه على بطلان الوقف فيه نعم يتخير ان شاءت أجازت فيكون كله وقفا عليها وان شاءت
ردت الوقف في نصف سدس الدار وح فيكون القسمة على ما سبق والنسبة بين وقفها وملكها كالنسبة بين وقفه وملكه مسألة لو وقف الدار على ابنه وزوجته
نصفين ولا وارث له غيرهما فان أجاز وأخرجت من الثلث صح الوقف والا صح في قدر الثلث وكان الباقي طلقا وقال ابن الحداد من الشافعية قد نقص عن حق الابن ثلثه
أثمان الدار وهي ثلثة أسباع حقه ولان سبعة أثمان الدار له ولم يقف عليه الأربعة أثمانها هي أربعة أسباع حقه فله رد الوقف في حقها من الدار وهو الثمن إلى أربعة أسباع
ليكون الوقف عليها من نصيبها كالوقف عليه من نصيبه ويكون الباقي بينهما أثمانا ملكا فتكون الفريضة من ستة وخمسين لأنا نفتقر إلى عدد لثمنه سبع فيكون أربعة
أسباع الدار كلها وهي اثنان وثلاثون وقفا ثمانية وعشرون منها وقف على الابن وأربعة على الزوجة والباقي وهو أربعة وعشرون ملكا بينهما منها أحد وعشرون للابن
وثلاثة للزوجة وقال بعضهم ليس له رد الوقف الا في تتمة حقه وهو ثلثة أثمان الدار واما الثمن فالخيار للزوجة ولو وقف ثلث الدار على ابنه وثلثها أعلى ابنته ولا وارث
له سواهما فعلى قول ابن الحداد انه نقص من نصيب الابن ثلت الدار لأنه يستحق ثلثيها ولم يقف عليه الا الثلث وذلك نصف نصيبه فله رد الوقف في نصف نصيبها وهو سدس الدار
والباقي يكون بينهما أثلاثا ملكا ويقع القسمة من ستة لأنا نحتاج إلى عدد لثلثه نصف فيكون نصف الدار وقفا ونصفها ملكا أثلاثا وعلى القول الآخر لا يرد الوقف الا في
تتمة نصيبه وهي الثلث ولها الخيار في السدس مسألة لو أسقط المريض عن وارثه دينا له عليه أو اوصى بقضاء دينه الذي عليه للأجنبي أو أسقطت المرأة صداقها
عن زوجها أو عفى عن جنايته موجبها المال صح ذلك كله من الثلث وكان كالوصية للوارث يصح عندنا من المثلث من غير اجازة خلافا للعامة وان عفى عن القصاص
وقلنا الواجب القصاص علينا سقط إلى غير بدل وان قلنا أو الواجب القصاص أو الدية كما هو مذهب بعض العامة سقط القصاص وجوب المال ولو عفى عن حد القذف
سقط مطلقا ولو اوصى لغريم وارثه صحت الوصية وكذلك ان وهب له وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقال أبو يوسف انه وصية للوارث لان الوارث ينتفع
بهذه الوصية ويستوفي دينه منها وليس بجيد لان الوصية انما وقعت للأجنبي فتصح كما لو اوصى الأجنبي عادته الاحسان إلى وارثه ولو اوصى لولد وارثه صح وقالت العامة
ان قصد بذلك نفع الوارث لم يجز فيما بينه وبين الله تعالى مسألة لو اوصى بثلث لوارث وأجنبي وقال إن رد الوصية الوارث فالثلث كله للأجنبي لم يصح
ردهم لأنها لم تزد على الثلث والوصية للوارث عندنا صحيحة ومن منع الوصية للوارث جوز لهم الرد فيكون الثلث كله للأجنبي عملا بالوصية ولو قال أوصيت لفلان
بثلثي فان مات قبلي فهو لفلان صح وان قال أوصيت بثلثي لفلان فان اقبل فلان الغايب فهو له صح فان قدم الغايب قبل موت الموصي فالوصية له وبطلت وصية الأول سواء
عاد إلى الغيبة أو لم يعد لأنه قد وجد شرط انتقال الوصية إليه فلم تنتقل عنه بعد ذلك ولو مات الموصي قبل قدوم الغايب فالوصية للحاضر سواء قدم الغايب بعد ذلك
أو لم يقدم قاله بعضهم ويحتمل ان الغايب ان قدم بعد موت الموصي كانت الوصية له لأنه جعلها له بشرط قدومه وقد وجد ذلك مسألة لو اوصى لوارثة فأجاز
بعض الورثة الوصية دون بعض نفذ في نصيب المجيز دون من لم يجز إذا كان بأكثر من الثلث عندنا مطلقا وعند العامة قالوا لو أجاز بعضهم بعض الوصية
وأجاز بعضهم جميعا اوردها فهى على ما فعلوا من ذلك فلو خلف ثلثة بنين وعبد الا يملك غيره فوصى به لأحدهم أو وهبه إياه في مرض موته صح له الثلث عندنا
من غير اجازة وعندهم لا بد من الإجازة فان أجاز الاخوان له فالعبد له وان أجاز له أحدهما وحده فله ثلثاه ولو أجازا له نصف العبد فله نصفه عندهم ولهما
النصف ولو أجاز أحدهما له نصف نصيبه ورد الأخر فله النصف كملا الثلث بنصيبه والسدس بنصيب المجيز ولو أجازا له نصف نصيبهما فله الثلثان ثلث بالميراث
وثلث بإجازة اخويه ولو أجاز أحدهما له نصف نصيبه والاخر ثلثه أرباع نصيبه كمل له ثلثه أرباع البعد ولو اوصى بالعبد لاثنين منهما فللثالث ان يجيز لهما أو يرد
عليهما أو يجيز لهما بعض وصيتهما ان شاء ومتساويا وان شاء متفاضلا أو يرد على أحدهما ويجيز للاخر وصيته كلها أو بعضها أو يجيز لأحدهما جميع وصيته وللآخر بعضها
كل ذلك جايز له لان الحق له فكيف ما أراد فعل فيه المطلب الثاني في المسايل اللفظية وفيه مباحث الأول فيما يتعلق بالوصية للحمل مسألة
قد تقدم البحث في شرايط الوصية للحمل والنظر الان في قضيته اللفظ باعتبار العدد والذكورة والأنوثة فإذا قال أوصيت لحمل فلانه بكذا فاتت بولدين وزع عليهما بالسوية
ولا يفضل الذكر على الأنثى كما لو وهب شيئا لرجل امرأة وانما التفضيل في التوريث بالعصوبة ولو فضل أحدهما صريحا اتبع قوله صلى الله عليه وآله سواء فضل الأنثى أو الذكر ولو خرج حي وميت
فالكل للحي لان الميت كالمعدوم ولهذا لو كان الخارج واحدا ميتا بطلت الوصية ولم يكن لورثته شئ وكان كالميراث الموقوف للحمل فهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه
يسقط النصف ويكون للوارث ويصرف النصف ويكون للوارث ويصرف النصف إلى الحي اخذا بالاستواء وفي حقه مسألة لو قال إن كان حملها غلاما فاعطوه
عشرة وإن كان جارية فاعطوه خمسة واقتصر على أحد الطرفين فولدت غلامين فالأقرب انه لا شئ لهما لان التنكير يشعره بالتوحيد ويصدق ان يقال إن حملها غلامان لا غلام
وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني أنه يكون العشرة بينهما لان الشافعي قال في باب الطلاق لو قال إن كان حملك ذكرا فأنت طالق طلقة وإن كان أنثى فأنت طالق طلقتين
468

فولدت ذكرين وجهين أحدهما انها لا تطلق لهذا المعنى والثاني انها تطلق واحدة والمعنى إن كان جنس حملك ذكر أو لا فرق بين البابين فالوجهان اتيان فيهما قالوا ولو قال إن كان
حملها ابنا فله عشرة وإن كان بنتا فخمسة فولدت ابنين فلا شئ لهما وفرقوا بين الابن والبنت وبين الذكر والأنثى بان الذكر والأنثى اسما جنس فيقع على الواحد والعدد بخلاف
الابن والبنت وليس بشئ ولا فرق بين الفاظ العموم في ذلك مثل إن كان ما في بطنها ذكر أو الذي في بطنها مسألة لو قال إن كان في بطنها غلام فله كذا فولدت غلاما
وجارية استحق الغلام ما ذكره ولا شئ للجارية ولو ولدت غلامين لم تبطل الوصية وهو أظهر وجهي الشافعية لو جود ما شرطه والثاني للشافعية ان الوصية باطلة
لان التنكير يقتضي التوحيد وعلى الصحيح يحتمل توزيع الموصى به عليهما لعدم الأولوية وتخيير الوارث في الصرف إلى من شاء منهما كما لو وقع الابهام في الموصى به ويرجع إلى الوارث
والايقاف إلى أن يبلغا فيصطلحا وللشافعية مثل هذه الاحتمالات أقوال ثلثة وكذا لو اوصى لاحد الشخصين وجوزنا الابهام في الموصى له فمات قبل البيان ففي وجه يوزع
وفي اخر يعين الوارث وفي اخر يوقف بينهما إلى أن يصطلحا ولو قال إن كانت حاملا بغلام أو ان ولدت غلاما فهو كما لو قال إن كانت في بطنها غلام ولو قال إن ولدت ذكرا
فله مائتان وان ولدت أنثى فمائة فو لدت خنثى مشكلا دفع إليها الأقل ولو ولدت ذكرا أو أنثى فلكل واحد منهما ما ذكر ولو ولدت ذكرين أو انثيين فللشافعية وجهان
تقدما البحث الثاني في الوصية للجيران والقراء والعلماء مسألة إذا اوصى بشئ لجيرانه صحت الوصية اجماعا ويصرف إلى من يطلق عليه انه جار
عرفا إذا لألفاظ انما يحتمل على معانيها العرفية إذا لم يكن هنا عرف شرعي وقال الشيخ ره في المبسوط إذا اوصى لجيرانه فإنه يفرق على من بينه وبينه أربعون ذراعا وقد روي أربعون
دار أو فيه خلاف والمشهور عند الشافعية انه يفرق على من يلي داره إلى أربعين دار امن كل جانب من الجوانب الأربعة وبه قال احمد والأوزاعي لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
حق الجوار أربعون دارا هكذا وهكذا وهكذا وهكذا وأشار قد إما وخلفا ويمينا وشمالا وروي العامة عن علي (ع) في قول النبي صلى الله عليه وآله لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد وقال من سمع
النداء وقال سعيد بن عمر وعمر بن جعدة من سمع الإقامة وقال أبو حنيفة الجار هو الملاصق لان النبي صلى الله عليه وآله قال الجار أحق بصفقة يعني الشفعة وانما تثبت للملاصق ولان الجار مشتق
من المجاورة وليس بجيد لان الله تعالى قال والجار ذي القربى والجار الجنب فأثبت الجوار مع العبد وقال قتادة الجار الدار والدار ان وقال أبو يوسف الجيران أهل المحلة ان جمعهم
مسجد فان تفرق أهل المحلة في مسجدين صغيرين متقاربين فالجميع جيران وان كانا عظيمين فكل أهل مسجد جيران واما الأمصار التي فيها القبايل فالجوار على الأفخاذ وروي
الشافعية وجهان مثل قول أبي حنيفة وقال بعض الشافعية من تلاصق داره داره من الجوانب جار
وفيمن ليس بملاصق كالذي باب داره حذاء باب داره والذين هم في زقاق واحد
غير نافذ اختلاف للأصحاب وعن أحمد رواية ان جيرانه هم الذين يحضرون مسجده فروع أ لو اوصى لأهل دربه أو سكته فهم أهل المحلة الذين طريقهم في دربه ب
لو اوصى لجيرانه قريته أو لجيران بلده لم يكن لأهل القرية ولا لأهل بلده شئ وصرف إلى أقرب الناس إلى قريته وبلده مكانا ج لو اوصى لجيران قريته ففي الانصراف إلى القرايا
القريبة اشكال أقر به صرفه إلى أقرب القرابا إلى قريته من جهة واحدة فان تساوت قريتان أو أربع من الجوانب قربا اشتركوا مسألة لو اوصى للقراء انصرف إلى من
يقرا جميع القران لا إلى من يقرأ بعضه عملا بالعرف فإنه لا يفهم منه الا الكل لانهم الذين يقع عليهم الاسم في العادة وهل يدخل فيه من لا يحفظه وانما يقرأ من المصحف اشكال
ينشأ معارضة العرف للوضع وللشافعية وجهان والأقرب الرجوع إلى العرف وهو الان ينصرف إلى الحفاظ الذين يقرؤن بالألحان واما من حيث الوضع فإنه
لا يشترط في اطلاق اللفظ الحفظ عن ظهر القلب بل يصدق على من يقرأ في المصحف ولا يشترط أيضا قراءة جميع القران لأنه مأخوذ من القرء وهو الجمع وهو صادق في
البعض كما يصدق في الجميع مسألة لو اوصى للعلماء أو لأهل العلم صرف إلى العلماء بعلوم الشرع وهي التفسير والحديث والفقه ولا يدخل في هذا الاسم الذين يسمعون
الحديث ولا علم لهم بطريقه ولا بأسامي الرواة ولا بمتن الأحاديث فان السماع المجرد ليس بعلم كذا لا يدخل فيه المعربون والمعبرون قال الشافعية ولا يدخل فيه الأدباء و
الأطباء والمنجمون والحساب والمهندسون وهكذا ذكر أكثرهم في المتكلمين وقال بعضهم ان علم الكلام داخل في العلوم الشرعية والوجه دخول الجميع فيه وفي المنجم اشكال من
تحريم صنعته ومن حيث إن الوصية له لا في التنجيم ولو اوصى للفقهاء فالأقرب اندراج من يصدق عليه انه فقيه عرفا وهو ان يعلم احكام الشرع من كل نوع شيئا وللشافعية أقوال
أحدها ما ذكرناه والثاني انه يدخل فيه من حصل شيئا من الفقه وان قل حتى المسألة الواحدة والثالث ان من حفظ أربعين مسألة فهو فقيه لما روى عن النبي (ص) أنه قال
من حفظ على ديني أربعين حديثا كتب فقيها مسألة لو اوصى الأعقل الناس في البلد فهو لا وجود هم تدبيرا في دينه وديناه وقال الشافعي يصرف إلى أزهدهم و
لو قال لا جهل الناس قال بعض أصحابه يصرف إلى عبدة الأوثان فان قال لأجهل الناس من المسلمين قال بعض الشافعية يصرف إلى من يسب؟ الصحابة وقال صاحب التتمة
من الشافعية يصرف إلى الامامية المنتظرة للقايم وكلا القولين خطأ إما بيان خطأ الأول فلان السب لا يخرج الساب عن كونه عاقلا اقصى ما في الباب انه ارتكب
ما لا يجوز وليس ذلك سببا في السلب والا لكان كل فسق كذلك وهو بط قطعا مع أن السبان بين الصحابة قد وقع فقد سب معوية وبنوا أمية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)
على المنابر ثمانين سنة وكذا سب أمير المؤمنين (ع) معوية مع كمال عقله وسبقه في العلم وبلوغه اقصى الغايات فيه ثم قتل الصحابة أعظم كثيرا من سبهم وقد قتل يزيد من معوية
الحسين (ع) ونهب حريمه مع اظهار النبي صلى الله عليه وآله محبته له واشتهار امره وأمر أخيه وجعل الله تعالى مودتهم اجر الرسالة التي هي (أعظم صح) الا لطاف الربانية على العبيد فان بسببها يحصل الثواب
الدايم والخلاص من العقاب السرمد مع أن يزيد لم يخرج بذلك عن حد العقلاء بل كان إماما عند بعضهم وكان عمر بن الخطاب عندهم ثاني الخلفاء صاحب الفتوح الكثيرة
والسياسات العظيمة وقد سب رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي توفى فيه صلى الله عليه وآله حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله أتوني بدواة وكتف لاكتب فيه كتابا لن تضلوا بعده ابدا فقال عمر ان الرجل
ليهجر حسبنا كتاب الله فاعرض النبي صلى الله عليه وآله عنه مغضبا ثم وقع التشاجر بين الصحابة فقال بعضهم القول ما قال عمر وقال آخرون القول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وامرهم النبي صلى الله عليه وآله بالانصراف
عنه حيث اذوه بالصياح عنده فسألوا منه الكتابة ففتح عينيه صلى الله عليه وآله وقال ابعد ما سمعت وقال يوما ان رسول الله صلى الله عليه وآله شجرة نبتت في كبا اي في مزبلة وعني بذلك رذاله أهله
فسمعه رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فاشتد غيظه ثم نادى الصلاة جامعه فحضر المسلمون بأسرهم فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر ثم حمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس ليقم كل منكم ينتسب
إلى أبيه حتى اعرف نسبه فقام إليه شخص من الجماعة وقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا فلان بن فلان ابن فلان فقال صدقت ثم قام اخر فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان فلان بن فلان
فقال لست لفلان وانما أنت لفلان وان تحلك فلان بن فلان فعقد خجلا ثم لم يقم أحد فأمرهم (ع) بالقيام والانتساب مرة واثنتين فلم يقم أحد فقال أين الساب لأهل
بيتي ليقم إلي وينتسب إلى أبيه فقام عمر وقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أعف عنا عفا الله عنك اغفر لنا غفر الله لك أحلم عنا أحلم الله عنك كان رسول الله صلى الله عليه وآله كثير الحياء فقال إذا كان
يوم القيامة سجدت سجدة لا ارفع رأس حتى لا يبقى أحد من بني عبد المطلب الا دخل الجنة وأيضا وقد سب أهل السنة والجماعة النبي صلى الله عليه وآله حيث نسبوا إليه الكفر لأنه صلى الله عليه وآله صلى
يوما صلاة الصبح وقرأ فيها سورة النجم إلى أن وصل إلى قوله تعالى ومنات الثالثة الأخرى قالوا فقرأ بعد ذلك تلك الفرانيق الأولى منها الشفاعة ترتجى وهذا عين
469

الكفر وأي سب أعظم ممن نسب الكفر إلى من قال الله تعالى فيه قبل هذه الآية بكلمات وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى ونسبوا إياه إلى الكفر وأي سب أعظم من أن يقال للشخص
يا ابن الكافر بل سبوا الله تعالى حيث أسندوا جميع الموجودات من الحسن والقبيح إليه تعالى فجميع شر في العالم أو ظلم أو غير ذلك فهو صادر منه تعالى الله عن ذلك وإذا سب
الانسان غيره فقال أنت كافر كان معناه انك أو جدت الكفر وفعلته فبأي شئ يسب الله تعالى بأعظم من ذلك واما بيان بطلان القول الثاني فلان الجهل ليس باعتبار اعتقاد
الإمامة لان العقل والنقل متطابقان عليها ولا باعتبار اعتقادهم في صفات الامام من العصمة والانحصار في عدد معين لدلالة العقل والنقل معا عليه فان غير
المعصوم يحتاج إلى امام معصوم كما احتاجت الإمامة إليه وقد نص النبي صلى الله عليه وآله في عدة مواطن على تعيين الامام وعلي تعدده وانحصاره في الاثني عشر عليهم السلام والاجماع المركب الدال
عليه فإن كان من يعتقد وجوب العصمة في الإمام قال بانحصار الأئمة فيهم وقد ثبت بالدليل وجوب العصمة فثبت الاجماع ولا باعتبار اعتقادهم طول عمره لان ذلك أمر ممكن
وواقع وقد نص القران الغريز على وقوعه في نوح حيث قال تعالى فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما ونقل انه عاش الف سنة وثلثمائة سنة وعاش ادم عليه السلام
تسعمائة وثلثون سنة مذكور في التوراة وعاش شيث تسعمائة اثنى عشره سنة وعاش إدريس ثلثمائة وخمسا وستين سنة وكان عمر إبراهيم (ع) مائتي سنة وقيل مائة
وخمسة وتسعون سنة وعمر الخضر إلى الان وليس له القرب الذي للامام المنتظر عليه السلم من النبي صلى الله عليه وآله وهو أقدم ولادة منه (ع) بعدة ألوف من السنين بالجملة فطول العمر من الأمور
الممكنة بلا خلاف وكل ممكن فهو مقدور لله تعالى بلا خلاف ومن أنكر هذين الحكمين كان خارقا للاجماع وإذا كان ممكنا كيف ينسب من يعتقد وقوعه مستندا إلى هذا
الامكان والى اخبار كثيرة وردت عليه من جماعة يعتقد عدالتهم وأمانتهم وصدقهم إلى الجهل بل لو اجتمعت هذه المقدمات عند من حكم بالجهل ثم لم يعتقد النتيجة
منها كان اجهل الناس بل الأولى صرف هذه الوصية إلى منكري الضروريات كالسوفسطائية ومن ضارعهم من أهل السنة والجماعة ولو خصص الوصية فقال يعطي
هذا لأجهل المسلمين قالوا فالواجب ينبغي ان يصرف إلى من ضارع السوفسطائية في انكار الضروريات من أهل السنة والجماعة وبيان ذلك ان أهل السنة والجماعة التزموا
برؤية الله تعالى وهذا اعتقاد مخالف لما قضت به بديهة العقل فان الضرورة قاضية بان الرؤية انما تكون للمقابل أو في حكمه وهو مخصوص بذوات الأوضاع فما
لا وضع له لا يمكن رويته بضرورة العقل وكيف يحكم عاقل بانا ترى ما ليس في جهة ولا يشار إليه إشارة حسية انه هنا أو هناك وأيضا ذهبوا إلى أنه يجوز ان يكون بين
أيدينا جبال شاهقة من الأرض إلى السماء وهي من مشرقة بألوان مختلفة ولا حاجب بيننا وبينها ونور الشمس قد سطع عليها وأشرقت به وصاحب الحاسة السليمة
لا يشاهدها وبينها وبينه أقل من شبر وانه يجوز ان يشاهد الأعمى الذي لم يخلق الله له تعالى حاسة البصر وهو على طرف المشرق مثلا نملة بقدر رأس الإبرة تمشي على
وصخرة سوداء في طرق قطر المغرب وكذا جوز وأن يكون صحيح السمع في الغاية ولا يسمع الأصوات الهايلة التي هي أقوى من أشد الصواعق صوتا ولا حايل بينه وبينها ويخفى عليه
ذلك ولا صمم باذنه ثم يسمع الأصم الذي لا يسمع شيئا البتة من أول عمره وهو على طرف قطر المشرق وادنى مشاورة بين اثنين لا يسمع ثالث عندهما وهما على طرف قطر الغرب
وجوزوا ان يكون البرية الخالية من البشر التي قدرها طولا وعرضا مائة فرسخ مثلا وقد امتلأت الوفا من الخلايق التي لا حصر لعددهم وهم في غاية المحاربة والمسابقة
والمرامات بالمناجيق والمصاولة بالحراب والسيوف والخيول التي يركبونها ولا حصر لها والانسان الساير في تلك البرية طولا وعرضا ومستقيما ومعوجا على خط
مستقيم ومستدير يحيط تلك البرية ويحول فيها بفرسه ولا يسمع لأولئك حسيسا ولا يدرك لهم صورة ولا يصدم منهم انسانا ولا دابة بل تتورى عنه وتنحرف
يمينا وشمالا وفي جميع المسامتات يبعد عنه وجوزوا ان الواحد منا يرى جوع غيره وشبعه ويدرك ذلك منه وكذا يدرك لذة الغير واله وفرحه وغمه وسروره ويرى
علمه وظنه ووهمه وشكه وخوفه واعتقاده واحساسه وجميع الكيفيات النفسانية التي للغير ولا يشاهد لون بشر ته ولا يرى أنها سوداء أو بيضاء مع عدم الحاجب عنها
ووقوع الضوء عليها وبالجملة يشاهد ما وقع بينه وبينه حجاب عرضه الف ذراع من الحديد مثلا في الليلة الظلماء ولا ضوء هناك ولا يشاهد ما هو إلى جانبه ولا
حاجب له ونور الشمس مشرق عليه وهو ملون وكذا يشاهد الذرة في المشرق وهو بالمغرب ولا يدرك الجبل العظيم الحاضر عنده ولا مانع من رؤيته وأيضا ذهبوا إلى
انتفاء صدور المسببات عن أسبابها ونفوا العلية مطلقا بين العلة والمعلول فقالوا الانسان إذا ترك في الثلج إلى حد رأسه قد لا يحصل له البرد بل يكون حاله هناك
كحاله إذا وقع في تنور مسعر قد اشتعل فيه الخشب العظيم مدة أيام وأن يكون حاله إذا وقع في ذلك التنور بمنزلة ما إذا وقع في بحر الثلج بحيث يحس في الثلج بالحر المفرط وفي التنور
المسعر بالبرد المفرط وان الضرب ليس سبب في الألم بل قد يضرب الانسان أشد الضرب بأقوى الآلات المؤلمة ولا يحصل له ألم البتة بل قد يحصل له اللذة العظيمة التي
يدركها عند مباشرته لأحسن الصور حالة الوقاع وبالعكس وهؤلاء في الحقيقة أعظم سفسطة من السوفسطائية لان جماعة من الحكماء لما عجزوا عن مجادلة منكري البديهيات
من السوفسطائية التجأوا إلى ضربهم بالخشب واحراقهم بالنار بحيث يدركون الألم الشديد ويفرقون بين حالهم عند الضرب والاحتراق وحالهم عند الخلو عنهما وإذا
فرقوا بين الاحساس وعدمه حصل الفرق بالعقل بين المعلوم بالضرورة ومالا يعلم بالضرورة وهؤلاء اعترفوا على أنفسهم بأنه قد يحصل لهم عند الضرب العظيم
والاحراق بالنيران الكثيرة ضد اللام وهو اللذة العظيمة فصاروا بهذا الاعتبار أشد عناد اللحق من السوفسطائية وقالوا ان المدلول ولا يحصل من سببه وهو الدليل
بل قد يحصل من خلافه أو يحصل ضده فإذا قال الانسان العالم متغير (وكل متغير محدث صح) محدث لا يلزم حصول اعتقادان العالم محدث بل قد يحصل ان العالم قديم أو يحصل ان الانسان
جسم مثلا وإذا اعتقد ان الانسان حيوان وان كل حيوان جسم لا يحصل ان الانسان جسم بل قد يحصل أن الانسان عرض وان العالم محدث وأي جهل أعظم
من ذلك وأيضا قالوا إن الله تعالى هو الخلاق لا فعال العباد بأسرها خيرها وشرها حسنها وقبيحها وقد خالفوا الضرورة في ذلك فان كل عاقل يجزم جزما ضروريا
بأنه الفاعل لا فعال نفسه بحسب اختياره وارادته وان الضرورة فرقت بين وقوع الانسان من سطح ا لدار ونزوله بالدرج ونعلم بعدم اختياره في الأول وانه
مختار في الثانية قال أبو الهذيل العلاف حمار بشرا عقل من بشر لان حمار بشر إذا أتيت به إلى جدول صغير وحملته على طفره طفره ولو أتيت به إلى جدول كبير وحملته
على طفره لم يطفره ولو بالغت في ضربه عدل يمينا وشمالا ولم يطعك على طفره لأنه فرق بين بما يقدر عليه وما لا يقدر عليه وبشر لم يفرق بينهما ولزمهم من
ذلك ارتكاب محالات أحدها نسبة الله تعالى إلى الظلم حيث يعذب الكافر أشد العذاب من غير صدور ذنب منه إذ
لا فرق بين فعله وشكله فجوزوا تعذيب الكافر على لونه
وطوله وقصره وغير ذلك من الافعال التي فعلها الله تعالى فيه كما يعذبه على الذنوب وثانيها انه تعالى كلف العبد ما لا قدرة له عليه وامره ونهاه بمالا يمكن صدوره
عنه وأي ظلم أعظم من ذلك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وثالثها انهم جوزوا بواسطة ذلك تكليف الأعمى قراءة المصاحف ونقطها والتمييز بين الألوان و
تكليف الزمن العدو وتكليف الانسان الطيران إلى السماء ويعذب على ترك ذلك وهذا من أعظم أنواع الظلم ورابعها انهم يلزمهم تكذيب القران العزيز فان الله
470

تعالى يقول وما ربك بظلام للعبيد وما الله يريد ظلما للعباد وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين وأهل السنة والجماعة يقولون لم يكونوا ظالمين بل الله تعالى ظلمهم
وخامسها انه يلزمهم نفي صفات الكمال عن الله تعالى مثل قوله تعالى غفورا رحيما حليما لأن هذه الصفات انما يثبت لو استحق العبد العذاب ثم عفا الله تعالى عنه وغفر
له ورحمه لكن استحقاق العقاب انما يكون على ارتكاب ما نهى الله تعالى عنه فإذا كان الفعل من الله تعالى لم يتحقق شئ من ذلك وسادسها انه يلزم منه تكذيب القران
العزيز في مواضع لا تحصى كثرة كالآيات التي أضاف الله تعالى الفعل فيها إلى العبد فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم بل سولت لكم أنفسكم أمرا والتي مدح المؤمن على
ايمانه وذم العاصي على عصيانه والجزاء عليهما والتي نزه الله تعالى فيها نفسه عن مساواة فعله لأفعالنا والتي ذم العباد فيها على فعلهم وكيف يوبخهم؟ في قوله اني تؤفكون
والإفك منه تعالى لم تصدون لم تحرم ما أحل الله لك لم تكفرون لم تلبسون لم أذنت والآيات التي فيها الجزاء فيظلم من الذين هادوا بما كنتم تكسبون وأيضا فان هؤلاء الذين
هم أهل السنة والجماعة يلزمهم أحد الامرين المحالين إما كونه تعالى موجبا لأفعاله غير مختار فيها أو التناقض بين كلامهم وأول محض الكفر والثاني أعظم المحالات وبيان
ذلك انهم استدلوا على اسناد أفعال العباد إلى الله تعالى بوجوه أقواها عندهم وجهان أحدهما ان الفعل الذي صدر عن العبدان علم الله وقوعه وجب وقوعه والا لجاز
ان لا يقع فيلزم الجهل على الله تعالى وهو محال وإذا وجب وقوعه انتفت قدرة العبد وان علم الله تعالى عدم الفعل استحال وقوعه اذلو جاز وقوعه لزم تجويز الجهل على الله
تعالى وهو محال وإذا استحال وقوعه انتفت قدرته عليه وثانيهما ان الفعل الصادر عن العبد ان وجب صدوره عنه انتفت قدرته عليه فان الواجب غير مقدور
لامتناع عدمه وكل مقدور فهو غير ممتنع العدم وان لم يجب عنه كان ممكنا فترجيح وجوده على عدمه إن كان لاسبب لزم وقوع الممكن الجايز من غير سبب وهو باطل بالضرورة
ومقتض لانتفاء دليل اثبات الصانع تعالى وإن كان بسبب فاما ان يجب وجوده مع ذلك السبب فيلزم نفي القدرة عليه أيضا وان لم يجب أمكن فرض عدمه في وقت ووجوده
في اخر فان ترجح الوجود على العدم لا لسبب لزم المحال السابق وإن كان بسبب لم يكن ما فرضناه سببا بسبب وأيضا يعود الكلام فيه وعلى تقديره تنتفي قدرة العبد وهذا ان
الوجهان ان أوجبا نفي قدرة العبد أوجبا نفي قدرة الله تعالى وذلك عين الكفر أو التناقض ان أثبتوا قدرة (لله تعالى لا صح) للعبد ولا يمكنهم الفرق بين الله تعالى والعبد في ذلك لتناول
الدليلين لهما بالسوية وطريق الجواب فيهما واحد وهو ان العلم تابع فلا يؤثر في المتبوع وجوبا ولا امكانا ولا امتناعا والوجوب المستند إلى الاختيار مع القصد لا ينافي
الامكان الذاتي وأيضا فهؤلاء أهل السنة والجماعة ارتكب بعضهم في باب أفعال العباد ما يخالف العقل وهو انهم لما لزمهم الشناعات العظيمة السابقة وغيرها التجأوا
إلى اثبات شئ لا يعلمونه وهو الكسب فقالوا العبد غير فاعل للفعل لا بالاستقلال ولا بالشركة ولكنه مكتسب له فسئلوا عن معنى الكسب ما هو فقال بعضهم انه صفة الفعل
من كونه طاعة أو معصية وقال آخرون انه عبارة عن اختيار الفعل فقيل لهما هذا الصادر ان لم يكن شيئا فلا صدور ولا صادر ولا مؤثر فيه وإن كان شيئا صادرا
عن العبد فقد اعترفتم بكون العبد فاعلا فلم خالفتم الضرورة في استناد الفعل إلينا فالتجا بعضهم إلى عدم العلم بهذا الكسب وقال إنه غير معلوم وهذا أشد استحالة
من الأول فان اثبات ما ليس بمعلوم كنفي ما هو معلوم في الاستحالة وأي جهل أعظم من ذلك وأيضا ارتكب أهل السنة والجماعة في باب الكلام أشياء مخالفة للعقل
والضرورة قاضية ببطلانها منها انهم قالوا إن الكلام الذي تعرفه الناس بأسرهم ليس هو الكلام بالحقيقة وانما الكلام بالحقيقة عبارة عن صفة نفسانية قائمة بالمتكلم
مغايرة للإرادة والتخيل والعلم وهذا الحروف والأصواب عبارة عنها وكناية لها ومنها انهم قالوا إن هذا الكلم ليس بأمر ولا خبر ولا استخبار ولا نهى وان جميع أساليب
الكلام مسلوبة عنه وانه شئ واحد وهذا غير معقول ومنها انهم قالوا إن ذلك الكلام قديم ثم ذهب بعضهم إلى أنه في الأزل أمر ونهي وخبر وغير ذلك وبعضهم نفي
هذه الصفات عنه أثبتوا قدم أصل الكلام وقدم الأمر والنهي والخبر غير المعقول الصدور من الحكيم فان الواحد منا لو جلس في داره وحده ثم قال يا سالم قم يا غانم
اخرج ولم يكن عنده أحد عده العقلاء سفيها والضرورة قاضية بذلك فهؤلاء قد خالفوا ومع ذلك يلزم ان يكون الله تعال كاذبا لأنه أخبر بقوله تعالى انا أرسلنا نوحا
وغيره من الاخبارات الماضية مع أنه لا سابق على الأزلي فقد أخبر تعالى بما لم يكن ولا معنى للكذب سوى ذلك ومن جوز ذلك على الله تعالى فهو اجهل الناس ومنها انهم أثبتوا
للامر معنى مغايرا للإرادة سموه الطلب وللنهي معنى آخر غير الكراهة سموه الطلب وجوزوا ان يأمر الله تعالى بما يكرهه وان ينهي عما يريد بل الله تعالى كاره للطاعات التي لم
يفعلها الكافر ومريد للمعاصي التي فعلها وقد قال الله تعالى كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها وهذا هو عين السفه والجهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وأيضا فإنهم نفوا
الحسن والقبح العقليين ولزمهم من ذلك محالات منها مخالفة الضرورة في ذلك فان كل عاقل يعلم بالضرورة حسن الصدق النافع وقبح الكذب الضار وحسن الاحسان إلى
الغير وقبح الظلم له وانه يقبح تكليف الأعمى بنقط المصاحف وتعذيبه على تركه وتكليف الزمن العدو والانسان الطيران إلى السماء وتعذيبه على تركه ولان كل عاقل يعلم بالضرورة الفرق بين
المحسن والمسئ وان المحسن يستحق المدح والثناء والشكر والمسئ يستحق الذم واللوم ويعد ذام المحسن إليه دائما وشاكر المسئ إليه دائما من أسفه الناس واجهلهم وان من خير
بين الصدق والكذب مع تساويهما في جميع المنافع فإنه يختار الصدق على الكذب ولو لاقضاء الضرورة بالفرق بينهما لما اختار العاقل الصدق على الكذب ومنها انه يجوز
من الله تعالى على تقدير نفي الحسن والقبح العقليين تعذيب المطيع دائما واثابت العاصي دايما فيدخل محمد صلى الله عليه وآله النار حيث اطاعه ويعذبه فيها دايما ويدخل إبليس الجنة حيث
عصاه ويخلده فيها دايما من يجوز ذلك فإنه لا شك انه من اجهل الناس ومنها انهم قالوا إن الله تعالى لا يعذب العاصي بعصيانه ولا يثبت المطيع بطاعته بل قبضه إلى الجنة
ولا يبالي وقبضه إلى النار ولا يبالي وح لا أسفه ولا أشد بلها ولا جهلا من الزاهد في الدنيا الباذل ماله في عمارة المساجد والربط والقناطر ومعونة الحاج ومساعدة
العلماء والقراء والمشايخ وبذل المعروف والتارك للملاهي وأنواع المعاصي والطرب والقمار والزنا وشرب الخمر والظلم الخايف من الله تعالى حيث إن ذلك قد يكون سببا
لاشد العذاب ولا عقل أتم ممن يتعجل باستعمال الملاذ والملاهي المحرمة وساير أنواع اللعب والظلم والجور واخذ الأموال من غير مظانها واعتماد لكل محرم فيه منفعة
دنيوية حيث إن ذلك قد يكون سببا للنعيم المخلد وبالجملة لا فرق في التأدية إلى النعيم أو العذاب بين غاية الطاعات ونهاية المعاصي وأي جهل أعظم من اعتقاد ذلك
ومنها تجويز صدور أنواع الظلم والعذاب من الله تعالى في حق من لا يستحق ذلك لأنه ليس بقبيح وان يمنع كل مستحق عن حقه حيث لا قبح فيه بل هو عندهم نفس الواقع حيث
كلف من لا يقدر على فعل ولا يتمكن من تركه وهذا أيضا لازم لهم من جهة أخرى فإنهم قالوا القدرة غير متقدمة على الفعل فح الفعل حالة وقوعه يكن واجبا و
حال عدمه يكون ممتنعا والواجب غير مقدور عليه وقبل وقوع الفعل لا قدرة وحال القدرة لا فعل والتكليف عندهم لا يتقدم الفعل فقد كلف وما لا يطاق و
يلزمهم من هذه الحيثية انتفاء العصيان من الكافر والفاسق لان المعصية هي ترك ما أمر به والفعل قبل وقوعه غير مكلف به فلا يكون تاركه مخالفا للامر فلا يكون
عاصيا ومنها انه يلزم انتفاء فايدة التكيف لان التكيف هو البعث على فعل الطاعة والانتهاء عن المعصية حتى يحصل الثوب والعقاب ومع انتفاء الحسن والقبح
471

العقليين يجوز الخلف في خبر الخلف في خبر الله تعالى ووعده ووعيده وبعثه الرسل الكذابين وإذا لم يبق وثوق بوعد الله تعالى وعيده ولا بصدقه ولا بصدق رسله كيف يتمثل العبد
ما كلف به فان في الشاهد لو كلف السيد عبده بشئ وتهدده على تركه ووعده على فعله وعلم العبد ان سيده يكذب في ذلك كله وانه يجوز ان يفعل السيد به أنواع
العذاب أو امتثل امره لعلم بالضرورة عدم اقدام العبد على ذلك الفعل بل يتعجل راحة ترك التكليف ومنها انه يلزم ان لا يحصل الجزم بصدق أحد من الأنبياء البتة
لأنه على تقدير نفي الحسن والقبح العقلين يجوز اظهار المعجزات على يد الكذاب فإذا ادعى المرسل الرسالة ثم ظهرت على يده المعجزات الباهرة جاز ان يكون كاذبا وأن يكون
الله تعالى قد اقدره على ذلك طلبا لاضلال عباده إذ لا قبح فيه ولا فرق بين طلب الاضلال وطلب الارشاد فيكون الجزم بصدق مدعي الرسالة جهلا ولا فرق بين مدعي
الرسالة مع اظهار المعجزات ومدعيها بغير معجزات البتة فان الجزم بصدق أحدهما وكذب الأخر جهل وكل ذلك من أعظم الجهالات وأيضا قال أهل السنة والجماعة ان
الغرض على الله تعالى في أفعاله محال وانه تعالى يفعل لا لغرض وهذا يلزم منه محالات أحدها انه يلزم منه العبث على الله تعالى واللعب في أفعاله وهو مح لوجهين أ انه يدل
على النقص العظيم فان المشتغل دايما باللعب والعبث يعد سفيها جاهلا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ومن اجهل الناس ممن يعتقد الجهل في حق الله تعالى ب
انه يدل على تكذيب القران في قوله تعالى وما كنا لا عبين وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار فنسب من
قال هذه المقالة إلى الكفر ووعدهم بالويل من النار فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا وثانيها انه يلزم منه تكذيب القران العزيز في الآيات التي ذكر فيها الغايات
نحو قوله تعالى ما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون اليوم تجزى كل نفس بما كسبت فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله
كثيرا هل تجزون الا ما كنتم تعملون لتجزي كل نفس بما تسعى هل جزاء الاحسان الا الاحسان من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها والجزاء انما يكون مع الغاية والغرض وكذا
قوله تعالى انه من عمل منكم سوأ بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فان الله غفور رحيم انه من يأت ربه مجرما فان له نار جهنم من يعمل سوء يجز به وكل ذلك وأشبهاهه يدل على
العلية والغرض وثالثها انها تنتفي فائدة التكليف فلا تبقى فايدة في بعثه الرسل لأنه إذا لم يكلف بالواجب لأجل ايصال الثواب إلى فاعله ولا بالامتناع عن المحرم لأجل ترك
عقابه لم يقدم المكلف على فعل الواجب ولم يمتنع من فعل المحرم وكل ذلك ينافي الحكمة ويضادها ورابعها انه يلزم منه انتفاء الغايات المعلوم ثبوتها لكل العقلاء فان
كل عاقل يجزم جزما ضروريا ان الله تعالى خلق العين لأجل الابصار بها وخلق اليد لأجل البطش بها وخلق آلات السمع للسمع واللسان للنطق والذوق لذوق الطعام
والرجل للمشي وآلات التناسل لأجله وآلات الاحساسات الظاهرة والباطنة لادراك المحسوسات الظاهرة والباطنة ومن كابر ذلك فقد خالف مقتضى عقله
وكان من اجهل الناس وخامسها انه يلزم نفي الغايات في خلق السماوات والأرض وما بينهما ومن المعلوم بالضرورة عند كل عاقل ان الله تعالى خلق النار للاحراق بها
والماء للتبرد والثمار للاكل والشمس والقمر للاستنارة بهما وللمنافع المتعلقة بهما وسادسها انه يلزم منه نفي علم الهيئة والطب لان الأغذية والأدوية على قولهم
لم تخلق لما تعد منافع لها وكذا علم الهيئة وغير ذلك وسابعها انه يلزمهم التناقض في أقوالهم وذلك في غاية الجهل وبيان ذلك انهم نصوا على جواز القياس وذلك
انما يتم بتعليل أفعال الله تعالى بالاغراض فإنه لولا تعليل تحريم الخمر بالاسكار لم يمكن التعدية إلى تحريم النبيذ وذلك نص في تعليل أفعال الله تعال بالاغراض وأيضا فان
هؤلاء أهل السنة والجماعة يلزمهم ان لا يجزموا ببنوة أحد من الأنبياء عليهم السلام وان لا يكونوا مسلمين ولا غيرهم من أرباب الملل وبيان ذلك انهم ذهبوا إلى
نفى الحسن والقبح العقليين والى ان أفعال الله تعالى غير معللة بشئ من العلل والاغراض ودليل النبوة انما يتم بهاتين المقدمتين وذلك لأنا إذا أردنا ان نستدل
على بنوة بعض الأنبياء فانا تلتجي إلى قولنا ان محمدا صلى الله عليه وآله نبي لأنه ادعى النبوة وظهر على يده المعجزة المخلوقة لله تعالى وكل من كان كذلك كان نبيا مبعوثا من عند الله تعالى
إما ادعاء النبوة فظاهر واما انه ظهر على يده المعجزة فلانه ظهر على يده فعل خارق للعادة لأجل تصديقه وكل من كان كذلك فهو صادق لأنه لو ادعى انسان انه رسول
الملك لمهم له وقال له أيها الملك ان كنت صادقا في دعواك فارم قلنسوتك عن رأسك فرمى الملك قلنسوته عن رأسه وكان ذلك غير عادة الملك ثم قال أيها الملك
ان كنت صادقا في دعواك فانزع خاتمك من إصبعك ففعل الملك ذلك وتكرر من الملك مثل هذه الأفعال عقيب طلب ذلك الرسول منه لغرض تصديقه فان كل
عاقل يجزم بصدق ذلك الرسول وانه مبعوث من عند الملك كذا مدعي النبوة إذا ظهر منه الفعل الخارق للعادة الذي لا يمكن للبشر معارضته عقيب ادعائه
مرة بعد أخرى فانا نجزم بصدقة ومع عدم القول بالمقدمتين المذكورتين لا يتم هذا الدليل فان مع القول بنفي الحسن والقبح جاز ان يخلق الله تعالى المعجز على يد
الكاذب فلا يمكن الاستدلال به على الصدق خصوصا مع قولهم بان كل قبيح وكل اضلال في العالم فإنه من فعله تعالى الله عن ذلك علو ا كبيرا ومع هذا الاعتقاد
كيف يحصل الجزم بالصدق ومع قوله بأنه تعالى لا يفعل لغرض كيف يمكن القول بأنه تعالى فعل المعجز لا جل
التصديق فان بينهما تناقضا ظاهر أو إذا لم يثبت شئ من
المقدمتين لم يمكن الاستدلال على نبوة أحد من الأنبياء عليهم السلم البتة ولا جهل أعظم من ذلك وأي نسبة لاعتقاد طول عمر انسان قد وقع مثله كثيرا إلى اعتقاد
هذه الجهالات لكن الاستبعاد في ذلك كله ممن يغير شرع الله تعالى واحكامه غرضا وتعصبا على قوم مؤمنين باعتبار محبتهم لا هل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله فان الغزالي مع
عظم قدره ووفور علمه على مذهب الشافعي قال إن السنة تسطيح القبور لكن لما فعلته الرافضة تركناه وقلنا بالتسنيم وكذا في حج التمتع انه أفضل من القران والافراد
لكن لما استعملته الرافضة تركوه وقال أبو عبد الله محمد بن علي بن عمر التميمي المغربي المالك في كتابه الموسوم بالمعلم بفوايد مسلم المحدث في حديث مسلم ان زيد أكبر خمسا على
جنازة وقال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبرها وقد قال به بعض الناس وهذا المذهب الان متروك لان ذلك صار علما على القول بالرفض وقال الزمخشري وهو من أئمة الحنفية
اعتراضا على نفسه في تفسير قوله تعالى هو الذي يصلى عليكم وملائكته هل يجوز ان يصلى على آحاد المسلمين بمقتضى هذه الآية فأجاب بنعم الا ان جماعة الشيعة لما اتخذوا
أئمة وصلوا عليهم منعنا من ذلك فانظر إلى هؤلاء القوم واقض العجب من آرائهم ومذاهبهم ونسبة المتحققين إلى الجهل وهذه المسألة ليست من هذا العلم وانما طولنا
فيها اظهار الخطاء من أخطأ فالحمد لله الذي هدانا لطرق الرشاد ومنعنا من ارتكاب الخطاء والخلل والعناد البحث الثالث في الوصية للفقراء
والمساكين وباقي أصناف الزكاة مسألة إذا اوصى للفقراء صرف إلى فقراء أهل نحلته فإن كان الموصي مسلما فإلي فقراء المسلمين وإن كان كافرا فإلى فقراء
ملته فلا تدخل فقراء النصارى في وصية اليهودي للفقراء وبالعكس هذا مع الاطلاق وان نص الموصي على قبيل وجب اتباع نصه والفقير هو الذي لا يملك قوة
السنة (أو الذي صح) لا يملك نصاب زكاة المال على اختلاف الرأيين وهل يدخل المساكين في الوصية للفقراء اشكال أقربه الدخول ان جعلنا المسكين أسوء حالا من الفقير
وكذا لو اوصى للمساكين ففي دخول الفقراء اشكال أقربه الدخول ان جعلنا الفقير أسوء حالا من المسكين وقال بعض الشافعية إذا اوصى للفقراء دخل
472

فيه المساكين وبالعكس حتى يجوز الصرف إلى هؤلاء والى هؤلاء لان كل واحد من الاسمين يقع على الفريقين عند الانفراد وقال بعضهم نقلا عن الشافعي ان ما اوصى به للفقراء لا يجوز
صرفه إلى المساكين وبالعكس يجوز لان حاجة الفقراء أشد ولو جمع بينهما صرف إليهما اجماعا ولو فضل أحدهما على الأخر فقال مثلا أعطوا الفقراء مائة واعطوا المساكين
مائتين وجب متابعته فلا يجوز ح تساويهما في العطاء بل يصرف إلى كل واحد من القبيلتين فيجب التميز بينهما مسألة لو اوصى لسبيل الله أو قال ضعوا ثلثي في
سبيل الله فهو للغزاة الذين يصرف الهيم الزكاة عند بعض علمائنا القايلين بان سبيل الله المراد به المجاهدون وبه قال الشافعي (وقال آخرون يجب صرفه في الحج صح) لما رواه الحسين بن عمر قال قلت
لأبي عبد الله (ع) ان رجلا أوصي إلى بشئ من السبيل فقال اصرفه في الحج فقال قلت له أوصي إلى في السبيل فقال لي اصرفه في الحج قال فقلت له أوصي إلى في السبيل قال لا اعلم شيئا
من سبله أفضل من الحج ويحتمل صرفه إلى كل قربة ومصلحة للمسلمين كبناء القناطر وهما عمارة المساجد والمجاهدين وغيرهم لما رواه الحسن بن راشد قال سألت العسكري
بالمدينة عن رجل اوصى بمال في سبيل الله فقال سبيل الله شيعتنا؟ قال الشيخ الوجه في الجمع بينهما ما ذكره أبو جعفر بن بابويه وهو انه يعطي رجل من الشيعة يحج به فيكون
قد انصرف في الوجهين معا ولو اوصى للرقاب أو قال ضعوا ثلثي في الرقاب فهو للمكاتبين والعبيد الذين في الشدة وبالجملة من هو مستحق في الزكاة فان دفع إلى مكاتب فعاد
إلى الرق والمال باق في يده أوفي يد السيد أسترد قاله بعض الشافعية وفيه اشكال ولو اوصى للغارمين أو لأبناء السبيل صرف إلى من يصرف إليه الزكاة منهم والأصل في ذلك
كله اتباع عرف الشرع فيه مسألة لو اوصى للفقراء والمساكين جعل المال بين الصنفين نصفين ولو اوصى لبني زيد وبني عمر وقسم على عددهما قاله الشافعية ولا
ينصف كما ينصف الأول وفيه اشكال ولا يجب الاستيعاب ويكفي الصرف من كل جنس إلى ثلثه لأنه بالجمع وأقله ثلثة ولا يجب التسوية بين الثلاثة لو صرف إلى اثنين غرم
للثالث إما الثلث ان أوجبنا التسوية أو أقل ما يتمول ان لم توجبها وإذا غرم للثالث إما الثلث أو أقل ما يتمول لم يكن له دفعه إلى ثالث بنفسه بل يسلمه إلى الحاكم ليدفع
بنفسه أو يرده إليه ويأتمنه في الدفع لتفريطه بالمخالفة للموصي وكذا لا يجب الاستيعاب لو اوصى للعلماء أو الفقهاء ومن عداهم من الموصوفين بل يقتصر على ثلثه نعم الأولى استيعاب
الموجودين عند الامكان كما في الزكاة قاله بعض الشافعية والأولى ان يقال إن نص على بيان المصرف اجزاء الصرف إلى واحد وان قصد التعميم بالعطية وجب الاستيعاب ويظهر
ذلك بنصه على القصد فان اطلق فالأولى التعميم لصلاح اللفظ وتساوى نسبته إلى كل واحد في تناوله له فالتخصيص بالبعض يكون ترجيحا من غير مرجح ولو اوصى لفقراء
بلدة بعينها وهم محصورون وجب استيعابهم والتسوية بينهم لتعينهم ويشترط القبول في هذه الوصية (بخلاف الوصية صح) لمطلق الفقراء وإذا اوصى للفقراء والمساكين لم يجب تتبع
من غاب عن البلد سوأ اطلق أو قال لفقراء هذه البلدة بل يفرق على الحاضرين في ذلك البلد حذوا من الضرر بالحمل ولا يجوز نقل المال الموصي به للفقراء والمساكين
عن بلد الوصية مع وجودهم فيه فان نقل ضمن وان أجزأ إن كانت الوصية للمطلق وإن كانت الفقهاء تلك البلدة وجب ان يصرف بعضه فيهم ويجوز حمل الباقي إلى من غاب عنها
من الفقراء لا يغرم الاستيطان ولو غرموا على الاستيطان في غير تلك البلدة لم يدخلوا في الوصية وان وجدت قبل خروجهم عنها مسألة لو اوصى للغارمين
فالأقوى الصرف إلى من تصرف إليه الزكاة منهم حتى يشترط انفاق مال الغرم في غير المعصية عن الوصية وهل يجب الاستيعاب مطلقا أو يشترط انحصارهم اشكال فإن لم
نوجبه مع عدم الانحصار فلا بد من مراعاة اسم الجمع فلا يعطي أقل من ثلثة ولو كانوا محصورين وجب الاستيعاب فان اقتصر الوصي على ثلثه ضمن خصص الباقين وهو
أحد وجهي الشافعي والثاني انه يجوز؟ الدفع وعلى ما اخترناه من الضمان فالأقرب انه يضمن على عدد رؤوسهم وهذا أحد وجهي الشافعية والثاني انه يحسب على قدر ديونهم
ولو اوصى لثلاثة معينين وجبت التسوية بينهم بخلاف الثلاثة المصروف إليه من الفقراء وساير الأصناف فانا عرفنا ذلك في معهود الشرع في الزكاة وهنا الاستحقاق
مضاف إلى أعيانهم ولو اوصى لسبيل البر أو الخير والثواب فعلى ما تقدم في الوقف ولو قال صنع ثلثي فيما رأيت أو فيما أراك الله جاز ان يضعه في نفسه لدخوله تحت اللفظ
وقالت الشافعية لا يجوز كما لو قال بع بكذا الا يبيعه من من نفسه والفرق ان العقد يفتقر إلى اثنين بخلاف الوضع وعلى قولهم الأولى صرفه إلى أقارب الموصي الذين لا يرثون
منه ثم إلى محارمه من الرضاع ثم إلى جيرانه إما لو قال اعط من شئت لم يكن له اعطاء نفسه وله اعطاء أهله ومن يلزمه نفقته لصدق التعدد مسألة لو اوصى
لأصناف الزكاة صرف إلى الأصناف الثمانية المذكورة في القران ويجعل لكل صنف شيئا من الوصية والفرق بين هذا وبين أصناف الزكاة بحيث يجوز الاقتصار
فيها على واحد لان أية الزكاة أريد بها بيان المصرف ومن يجوز الدفع إليه والوصية أريد بها من يجب الدفع إليه ويجوز الاقتصار من كل صنف على واحد لتعذر استيعابهم
وبه قال أصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين وروي عن محمد بن الحسن ان يجب إلى اثنين من كل صنف وقال الشافعي يجب الثلاثة من كل صنف وهو رواية عن أحمد
البحث الرابع في الوصية للواحد والجمع أو لغير المالك مسألة إذا اوصى لزيد ولجماعة معه فاما ان يكونوا موصوفين أو معينين فان كانوا موصوفين
غير منحصرين كالفقراء والمساكين فقال أعطوا زيدا والفقراء كذا صحت الوصية في حق زيد والفقراء وهو قول المحصلين لان زيدا ممن يصح ان يوصي له وكذا صحت الوصية في حق زيد والفقراء وهو قول لا محصلين لان زيدا ممن يصح ان يوصي له وكذا الفقراء
ولا تنافي بين جمعهما كما لو اوصى لزيد وعمر أو للفقراء والفقهاء وقال بعض من لا مزيد تحصيل له من الشافعية تبطل الوصية في حق زيد لجهالة ما أضيف إليه والتعليل
باطل ولو سلم فلا استبعاد في الوصية بالمجهول إذا عرفت هذا فقال بعض علمائنا يدفع إلى زيد النصف والى الفقراء النصف لأنه جعل الوصية لجهتين فوجب ان
يقسم بينهما كما لو قال لزيد وعمر ولأنه لو اوصى لقريش وتميم لم يشرك بينهم على قدر عددهم ولا على قدر من يعطي منهم بل يقسم بينهم نصفين كذا هنا وبه قال أبو حنيفة
ومحمد وعن محمد رواية أخرى ان لزيد الثلث وللفقراء الثلثان لان أقل الجمع عنده اثنان وللشافعي قولان أحدهما نقله المزني وهو أظهرهما عند أصحابه أنه قال القياس
انه كأحدهم كما لو اوصى لزيد ولأولاد عمرو فان زيدا يكون كأحدهم ثم اختلف أصحابه في تفسير ما ذكره على وجوه أحدها ان معناه ان الوصي يعطيه سهما من سهام القسمة ان يقسم
المال عند أربعة من الفقراء أعطاه الخمس لان الجملة المصروف إليهم خمسة وان قسمه على خمسة منهم أعطاه السدس وهكذا وأظهرها انه كواحد منهم في أنه يجوز ان يعطي
أقل ما يتمول الا انه لا يجوز حرمانه للنص عليه ويعطي غنيا كان أو فقيرا والثالث وبه قال مالك ان لزيد الربع والباقي للفقراء لان أقل من يقع عليه اسم الفقراء الثلاثة
وكانه اوصى لزيد وثلاثة معه ثم نصيب الفقراء يقسم بينهم كما يراه الموصي من تساو وقفات ولا بد على اختلاف الأوجه من الصرف إلى ثلثة من الفقراء والثاني
انه يعطى زيد النصف والفقراء النصف كما ذهبنا إليه لأنه قابل بينه وبينهم كما في الذكر ذكر فأشبه ما لو اوصى لزيد وعمر وقال بعضهم ان زيدا إن كان فقيرا فالمال؟ لأحدهما
والا فله النصف وقال صاحب التتمة منهم ان زيدا إن كان غنيا فله الربع لأنه لا يدخل في الفقراء فهم ثلثة وهو رابعهم وإن كان فقيرا فله الثلث لدخوله فيهم فهذا
أربعة أوجه للشافعية مسألة هذا كله فيما إذا اطلق ذكر زيد واما إذا وصفه بمثل صفة الجماعة فقال لزيد الفقير وللفقراء جرى الخلاف فيما نريد إن كان فقيرا
ومنهم من خص الأوجه الثلاثة بهذه الحالة ونفي القول بكونه كأحدهم عند الاطلاق ونحن لا نفرق بين ان يطلق أو يقيد بل احتمال التنصيف والتربيع قائم وإن كان
473

غنيا لم يصرف إليه شئ ونصيبه للفقراء ان قلنا إنه أحدهم والا فهو لورثة الموصي ولوصف زيدا بغير وصف الفقراء فقال لزيد الكاتب وللفقراء كذا فالأقرب مجئ الخلاف
وقال بعض الشافعية يكون له النصف قولا واحدا والأقرب احتمال الربع ولو اوصى لزيد بدينار وللفقراء بثلث ماله لم يصرف إلى زيد غير الدينار وإن كان فقيرا
لأنه قطع اجتهاد الوصي بالتقدير ويمكن ان يقال إذا جاز ان يكون التنصيص على زيد في قوله لزيد وللفقراء لئلا يحرم زيد جاز ان يكون التقدير ههنا لئلا ينقص
المصروف إليه عن دينار وأيضا فيجوز ان يقصد غير زيد الدنيار وجهة الفقرة للباقي فيستوي في غرضه الصرف إلى زيد وغيره فلو اوصى لزيد والفقراء والمساكين
فان جعلناه كأحدهم في الصورة الأولى فكذا هنا وان جعلنا له النصف هناك فله الثلث ههنا وان جعلنا له الربع هناك فله التسع هناك مسألة لو كان
الجماعة المنضمة إلى زيد معينين فإن لم يكونوا محصورين كالعلويين والطالبين صحت الوصية عندنا على ما سيأتي خلافا للشافعية في بعض أقوالهم ويكون الحكم
هنا كما تقدم في الموصوفين كالفقراء وعلى أحد قولي الشافعية بالبطلان يكون بمثابة ما لو اوصى له لزيد وللملايكة وان كانوا محصورين فهو كأحدهم أو يكون له النصف
على ما تقدم وللشافعية الوجهان وأظهرهما عندهم الثاني وهل يقسم النصف الذي للجماعة المحصورين بينهم بأسرهم أو يجوز صرفه إلى ثلثه منهم المشهور عندهم
لزوم القسمة على الجميع تذنيب لو كانت له ثلث أمهات أولاد فأوصى لأمهات أولاده وللفقراء والمساكين أو كان له ثلثه أولاد عندنا فأوصى لأمهات أولاده و
للفقراء والمساكين قسم المال أثلاثا لأمهات الأولاد الثلث وللفقراء الثلث وللمساكين الثلث الباقي وهو أحد قولي الشافعية والثاني لأنه لا يقسم على خمسة لان
أمهات الأولاد محصورات ويجب استيعابهن والفقراء والمساكين غير محصورين فيجعل كل واحد من الصنفين مصرفا وكل واحد من أمهات الأولاد مصرفا وبه
قال أبو حنيفة وأبو يوسف وقال محمد يقسم على سبعة للفقراء سهمان وللمساكين سهمان وثلثه لأمهات الأولاد والأقوى قسمته على تسعة لان أقل الجمع ثلثه مسألة
لو اوصى لجماعة معينين غير محصورين كالعلوية والهاشمية الطالبية صحت الوصية عند علمائنا وهو أصح قولي الشافعي وبه قال احمد كالوصية للفقراء والمساكين
والثاني ان الوصية باطلة وبه قال أبو حنيفة لان التعميم يقتضي الاستيعاب وانه ممتنع بخلاف الفقراء فانا عرفنا هناك عرفا للشرع ومخصصا بثلثه فابتعناه وليس
بجيد لان ذلك العرف انما ثبت للفقراء واصناف الزكاة ثم الحق به العلماء ونحوهم بالاتفاق فلم لا يلحق بهم العلوية ومن في معناهم لتعذر الاستيعاب قال أبو حنيفة
لا تصح الوصية للقبيلة التي لا يمكن حصرها لأنه يدخل فيها الفقراء والأغنياء وإذا وقعت للأغنياء لم تكن قربة وانما يكون حقا لادمي وحقوق الآدميين
إذا دخلت فيها الجهالة لم تصح كما لو أقر بمجهول وهذا ضعيف جدا لأنها وصيته (لجماعة صح) محصورة فصحت لهم الوصية وان كانوا غير محصورين كالفقراء والوصية للأغنياء
قربة وقد ندب النبي صلى الله عليه وآله إلى الهدية وإن كانت لغني فروع الشافعية على الصحة عدم وجوب الاستيعاب ويجوز الاقتصار على ثلثة منهم ولا باس به لاستحالة استيعابهم
مع احتمال عدم وجوب الاستيعاب والاقتصار على ثلثة منهم ولا باس به لاستحالة استيعابهم مع احتمال عموم صرفه في أهل البلد ولا ريب في اولويته ولا تجب التسوية كما
في الفقراء ولا يشترط القبول مسألة إذا اوصى لبني فلان فان كانوا قبيلة منتشرين كبني هاشم وبني تميم وبني علي (ع) فهي كالوصية للعلوية ويجوز الصرف
إلى إناثهم وهو أظهر وجهي الشافعية لاندراجهم تحته والثاني لا يندرج الإناث إما عندنا هل يجوز تخصيص الإناث به الأقرب ذلك أيضا مع احتمال المنع ولو لم يكونوا
قبيلة كبني زيد وبني خالد اشترط قبولهم ووجب ا لاستيعاب والتسوية ولا يجوز الصرف إلى الإناث مسألة لو اوصى لزيد وجبرئيل (ع) بطلت الوصية في
حق جبرئيل (ع) لأنه لا يوصف بالملك ويكون لزيد النصف ويبطل الوصية في حق جبرئيل وكذا لو ضم إلى زيد من لا يملك كالميت كقوله أعطوا زيدا وعمر واو كان عمرو
ميتا أو قال لزيد والريح أو لزيد والشيطان أو لزيد والحايط أو لزيد والدابة صح لزيد النصف وبطلت الوصية في المضموم وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان
الجميع يكون لزيد به وقال أبو حنيفة ويلغوا ذكر من لا يثبت له الملك وكذا لو اوصى لابن زيد وابن عمر ولم يكن لعمر وابن أو لزيد وعمر وابني خالد لم يكن لخالد الا
ابن يسمى زيدا أوله ولمن في هذا البيت وليس فيه أحد فان النصف لزيد ويبطل الباقي في ذلك كله وقال أبو حنيفة يكون الكل لزيد سواء علم بثبوت موت المنضم إلى زيدا ولا
لان المعدوم والميت لا يصلح مستحقا فلم تثبت المزاحمة لزيد وصار كما لو اوصى لزيد وجداء وكذا لو قال لزيد ولعقبه فمات ولده قبل موت الموصي لان العقب
من تعقبه بعد موته فيكون معدوما في الحال وقال أبو حنيفة لو قال ثلث ما لي بين زيد وبكر وهو ميت أولا بني زيد وله ابن واحد فلزيد هنا نصف الثلث
لان لفظة بين توجب التنصيف فلا يتكامل بعدم المزاحم بخلاف قوله لفلان وفلان لان العطف يقتضي المشاركة في الحكم المذكور والمذكور وصية بكل الثلث
الثلث والتنصيف بحكم المزاحمة فان زالت المزاحمة يتكامل الا ترى ان من قال ثلث مالي لفلان وسكت يستحق الثلث ولفظة ابني زيد لا ينطلق على الواحد فكأنه
قال بين فلان وفلان واحدهما ميت ثم قال لو قال ثلث مالي بين بني زيد وبني بكرو ليس لأحدهما بنون فكل الثلث لبني الأخر لأنه جعل كل الثلث مشتركا بين بني
زيد حتى لو اقتصر عليه كان كل الثلث بينهم بخلاف قوله بين فلان وفلان لما مرو قال أبو يوسف إذا اوصى لزيد وبكر بثلث ماله وعلم موت بكر حالة الوصية
كان لزيد الثلث باسره وان لم يعلم كان لزيد نصف الثلث لأنه مع العلم يكون الوصية للميت لغوا فيكون راضيا بالثلث كله للحي وإذا لم يعلم لم يوص للحي الا
بنصف الثلث ولو اوصى للأجنبي والوراث بثلث ماله صحت الوصية لهما عندنا وعند العامة تبطل في حق الوارث ويكون الثلث باسره للأجنبي على أحد
قولي الشافعي وقال أبو حنيفة يكون له النصف الوصية بخلاف ما إذا اوصى لزيد وبكر وكان بكر ميتا فان لزيد الثلث باسره لان الوصية أضيفت إلى من يملك
ومن لا يملك فتصح فيما يملك وتبطل فيما لا يملك بخلاف الميت لان الميت ليس من أهل الوصية فلا يزاحم الحي فيكون الكل للحي إما الوارث فمن أهل الوصية حتى لو أجازت الورثة
جازت فيزاحمه الأجنبي وكذا لو اوصى لقاتل ولأجنبي وهذا بخلاف ما إذا أقر المريض لوارثه ولا جنبي بعين أو دين فإنه عند أبي حنيفة وأبي يوسف يبطل الجميع بكل حال
بخلاف الوصية للوارث والأجنبي حيث يصح النصف عندهما لان الوصية انشاء تصرف والشركة تثبت حكما له فتصح في حق من يستحق منهما ولا تصح في حق من لا يستحق منهما
ولا يلزم من بطلان بعض الحكم بطلان الايجاب كما إذا اوصى لرجلين ورد أحدهما وقبله الأخر إما الاقرار فاخبار عن أمر كاين وقد أخبر بوصف الشركة فيما مضى فلو ثبت بهذا
الوصف يصير الوارث فيه شريكا وانه ممتنع ولو ثبت بدون هذا الوصف لثبت على خلاف ما أخبر به فيكون التزاما على المقر غير ما أقر به وهو باطل وعندنا انه يصح الاقرار
في حق الأجنبي والوارث وبعض الشافعية فرق بين قوله لزيد والريح وبين قوله لزيد وجبرئيل بان الريح لا حياة لها ولا قدرة فتلغوا الإضافة إليها من كل وجه بخلاف جبرئيل
فإنه قادر حي فصحت الإضافة إليه واكثر الشافعية لم يفرقوا وذكروا فيها وجهين وطردوا الوجهين في كل صورة اوصى لزيد ولمن لا يوصف بالملك ولو اوصى لزيد والملائكة
أو لزيد والرياح أو لزيد (والحيطان فان جعلنا لكل لزيد فلا بحث وان قلنا له النصف احتمل هنا ان يكون له النصف الربع أو للوصي صح) ان يعطيه أقل ما يتمول على ما تقدم من الخلاف فيما إذا اوصى لزيد والفقراء ولو قال لزيد والله تعالى فان قصد التبرك به فالكل لزيد والا فالنصف وللشافعية
474

وجهان أحدهما ان الكل لزيد وذكر الله للتبرك والثاني ان لزيد النصف والباقي للفقراء فإنها مصب حقوق الله تعالى والوجه عندي عدم اختصاص الفقراء به بل يصرف في وجوه
القرب بأسرها وقال بعض (الشافعية صح) ان النصف المضاف إلى الله تعالى يرجع إلى ورثة الموصي مسألة تصح الوصية للمساجد والمشاهد والمدارس والربط أو شباه ذلك من القناطر
وغيرها لان ذلك في الحقيقة وصية للمسلمين لكن خصص بجهته معينة فلو اوصى للكعبة صرف في عمارتها وفي معونة الحاج والزايرين لقول الصادق (ع) ان الكعبة لا تأكل ولا تشرب
واما إذا اهدى إليها فلزوارها وسال علي بن جعفر في الصحيح أخاه الكاظم (ع) عن رجل جعل ثمن جاريته هديا للكعبة فقال له أبي مر مناديا فينادي على الحجر الامن قصرت به نفقته
أو نفد طعامه فليات فلان بن فلان وامره ان يعطي الأول فالأول حتى ينفد ثمن جارية البحث الخامس في الوصية للقرابة مسألة تصح الوصية للقرابة
بالاجماع والنص قال الله تعالى الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف لكن الخلاف في القرابة من هم وتحقيقه انه إذا اوصى لأقاربه أو لا قارب زيد دخل فيه كل من يعرف بنسبه
سواء الذكر والأنثى والفقير والغني والوارث وغير الوارث والمحرم وغير المحرم وغير المحرم والقريب والبعيد والمسلم والكافر من قبل الأب والام ان من قبل أحدهما عملا باطلاق اللفظ
فان الاسم يتناول الجميع على السواء ولم يعهد في الشرع معنى آخر وضع هذا اللفظ له فوجب صرفه إلى المتعارف بين الناس كما هو المعهود من عادة الشرع وبه قال الشافعي وإذا
كان الموصي لقرابته من قريش قيل له قريش يفترق (فمن أيها فقال من بني عبد مناف فقيل من أيها فقال من بني عبد المطلب قبلهم يفترقون صح) فمن أيها فقال من بني عبد يزيد فقيل من أيها قال من بني الثايب ابن عبد قيل من أيها فقال من بني شافع قال الشافعي وبنو شافع
لا يفترقون فيكون قرابته من ينتسب إلى شافع وهو الأب الأدنى وقال الشيخ في الخلاف لو اوصى بثلاثة لقرابته فمن أصحابنا من قال إنه يدخل فيه كل من يقرب إليه
إلى اخراب وام في الاسلام واختلف الناس في القرابة فقال الشافعي إذا اوصى بثلاثة لقرابة ولأقربائه ولذي رحمه ولارحامه فإنها تنصرف إلى المعروفين من أقاربه في
العرف فيدخل فيه كل من يعرف في العادة انه من قرابته سواء كان وارثا أو غير وارث قال وهذا قريب يقوي في نفسي وليس لأصحابنا فيها نص عن الأئمة (ع) ونحوه قال في المبسوط
واختاره ابن إدريس وقال ابن الجنيد ومن جعل وصيته لقرابته وذوي رحمه غير مسمين كانت لمن يقرب إليه من جهة ولده أو والديه ولا اختار ان يتجاوز بالتدلية ولد الأب
الرابع لان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يتجاوز ذلك في تفريقه سهم ذوي القربى من الخمس وقال أبو حنيفة إذا اوصى لأقاربه أو لذوي قرابته أو لذوي أرحامه أو لذوي انسابه كان للأقرب
فالأقرب من كل رحم يحرم منه لان المقصود من الوصية صلة القريب فيختص بها ذو المحرم ويدخل فيه الجد والجدة وولد الوالد في ظاهر الرواية وعن أبي حنيفة وأبي يوسف ان الجد
وولد الولد لا يدخل ولا يدخل الولدان والولد لانهم لا يطلق عليهم اسم القريب ومن سمى والده قريبا كان عاقا لان
القريب في العرف من يتقرب إلى غيره بواسطة الغير وتقرب الوالد
والولد بنفسيهما لا بغيرهما لقوله والأقربين عطفه على الأبوين ولا حجة فيه ولا يدخل الوارث ولا يدخل فيه الغني ولا غير المحرم لا يسوي بين القريب والبعيد بل يقدم الأقرب
فالأقرب فلا يصرف إلى العم شئ مع ولد الأخ ولا إلى ابن العم مع العم ويكون للاثنين فصاعدا ويستوي فيه الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى والمسلم والكافر فيعطي من
أدناهم اثنان فصاعدا فإذا كان له عمان وخالان فالوصية لعميه وإن كان له عم وخالان فلعمه النصف ولخاليه النصف لأنه لا بد من اعتبار الجمع وأقله اثنان في الوصية
والإرث وقال قتادة للأعمام الثلثان وللأخوال الثلث وبه قال الحسن قال ويزاد الأقرب بعض الزيادة وقال مالك يقسم على الأقرب فالأقرب بالاجتهاد وقال احمد إذا اوصى لقرابته
أو لقرابة فلان كانت لأولاده وأولاد أبيه وأولاد جده وأولاد ابنه ويستوي فيه الذكر الأنثى ولا يعطي من هو أبعد منهم شيئا فلو اوصى لقرابته النبي صلى الله عليه وآله اعطى أولاده و
أولاد عبد المطلب وأولاد هاشم ولم يعط بنو عبد شمس ولا بنو نوفل شيئا لان الله تعالى لما قال ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى إلى قوله ولذي القربى يعني قربى النبي صلى الله عليه وآله اعطى
النبي صلى الله عليه وآله هؤلاء الذين ذكرناهم ولم يعط من هو أبعد منهم كبني هاشم وبني عبد شمس ونوفل شيئا الا انه اعطى بني المطلب وعلل عطيتهم بأنهم لم يفارقوا بني هاشم في جاهلية ولا اسلام ولم يعط قرابة
امه وهم بنو زهرة شيئا ولم يعط منهم الا مسلما فحمل مطلق كلام الموصي على ما حمل عليه المطلق من كلام الله تعالى وفسر بما فسر به ويستوي القريب والبعيد والذكر والأنثى
والصغير والكبير والغني والفقير وعن أحمد رواية أخرى انه يصرف إلى أقربة امه إن كان يصلهم في حياته كأخواله وخالاته واخوته من الام فإن كان لا يصلهم لم يعطوا شيئا
لان عطية لهم في حياته قرينه ة دالة على صلته لهم بعد موته والا فلا وعنه رواية ثالثه انه لا يتجاوز بها أربعة اباء واعطاء النبي صلى الله عليه وآله لا يمنع من العمل بالعموم في غير ذلك الموضع والتخصيص
بالصلة لا دليل عليه بل على ضده فربما استدرك امره في اعطاء من حرمه حال حياته التخصيص بالأربعة تحكم محض فإذا الوجه ما اخترناه من الصرف إلى المتعارف بين الناس
في ذلك ولا وجه لتخصيصه بذي الرحم فان اسم القرابة يقع على غيرهم فروع أ قد بينا انه لا يشترط في القرابة المحرمية خلافا لأبي حنيفة فعلى قوله لو لم يكن للموصي ذو رحم
محرم فالوصية عنده باطلة لان ا لوصية عنده انما هي لذي رحم فإذا لم يكن ذو رحم محرم كانت الوصية للمعدوم والوصية للمعدوم باطلة ب إذا اوصى لأقاربه صرف
إلى جميع أقاربه البعيد والقريب على ما تقدم بيانه وعلى قول أبي حنيفة إذا كان له عمان وخلان فالوصية لعميه لأنه يعتبر الأقرب كالإرث وعندنا عند أبي يوسف ومحمد
يكون أرباعا ولو كان له عم واحد فله نصف الثلث عند أبي حنيفة وبقى الأخر لا مستحق له لان أقل الجمع اثنان ج لو خلف عما وعمه وخالا وخالة واوصى لأقاربه فالوصية
بينهم أرباعا عندنا وعند الشافعي وقال أبو حنيفة يكون الوصية للعم والعمه على السواء لاستواء قرابتهما وقرابة العمومة أولي من قرابة الخوء وله والعمه وان لم يكمن وارثة
عندهم هي؟ مستحقه للوصية كما لو كان القريب رقيقا أو كافرا د لو اوصى لذي قرابته لم يشترط فيه الجمع وبه قال أبو حنيفة لاستحقاق الكل حتى لو كان له عم وخالان فكله
للعم عند أبي حنيفة لان اللفظ للمفرد فيجوز العم الكل لأنه أقرب عنده وعندنا يشتركون أو يخصص الوارث من شاء ه‍ لو اوصى لأقارب زيد دخل فيه وارث زيد
اجماعا ولو اوصى لا قارب نفسه فكذلك عندنا لصحة الوصية للوارث عندنا وهو أحد وجهي الشافعية لتناول الاسم لهم ووقوعه عليهم كوقوعه على غير الوارث ثم
يبطل نصيبهم عند هم ويصح الباقي لغير الوارث والثاني انهم لا يدخلون لقرينة الشرع لان الوارث لا يوصي له خاصة فلا يدخل في عموم اللفظ فعلى هذا تختص الوصية بالباقين
وهذا الثاني انا يتم على أحد قولي الشافعي ان الوصية للوارث باطلة إما إذا قلنا إنها تقف على الإجازة كالقول الثاني له فإنه يتعين الوجه الأول مسألة إذا
اوصى لأقاربه وأقارب زيد دخل فيه الأصول والفروع عندنا وهو أحد وجوه الشافعية لتناول الاسم لهم والثاني ان الأبوين والأولاد لا يدخلون ويدخل الأحفاد و
الأجداد وبه قال أبو حنيفة وأبو اسحق من الشافعية لان الوالد والولد لا يعرفان بالقريب في العرف بل القريب من ينتمي إليه بواسطة وهو خطأ لأنه لو اوصى لأقرب الأقارب
لادخل الأبوان والولد اجماعا فكيف يكون الشخص من أقرب الأقارب ولا يكون من الأقارب والثاني انه لا يدخل واحد من الأصول والفروع إذ لا يستمون الأقارب والأظهر
عندهم الوجه الثاني من الوجوه حتى أن بعض الشافعية ادعى اجماع أصحابه على عدم دخول الاباء والأولاد والحق ما قلنا نحن أولا مسألة لو اوصى لأقاربه فقد قلنا إنه يصرف
إلى المعروفين بنسبه وقالت الشافعية يعتبر أقرب جد ينسب إليه الرجل ويعد أصلا وقبيلة في نفسه فيرتقي من بني الأعمام إليه ولا يعتبر من قومه حتى لو اوصى لا قارب حسني
أو اوصى حسني لأقارب نفسه لم يدخل الحسينيون؟ في الوصية وكذلك وصية المأموني لأقاربه والوصية لأقارب المأموني لا يدخل فيها أولاد المعتصم وساير العباسية
475

والوصية من العجم والعرب واحدة وقال الشافعية وصية العجم يدخل فيها قرابة الأب والام وفي وصية العرب وجهان أحدهما ان قرابة الام لا يدخل وبه قال احمد لان العرب
لا تعدها قرابة ولا تفتخر بها وانما تفتخر بمن ينتهي إليهم من جهة الأب والثاني وبه قال أبو حنيفة انهم يدخلون كما ذهبنا نحن إليه كما في وصية العجم تذنيب
قال الشيخ ره في النهاية إذا اوصى لأقاربه دخل فيه كل من تقرب إليه إلى اخراب وام في الاسلام وهذا يعطي اشتراط اسلام اقصى الأب وللحنفية قولان أحدهما هذا والثاني
انه لا يشترط لكن يشترط ادراكه الاسلام ويحتمل كلام الشيخ هذا أيضا فلا يدخل أولاد عبد المطلب على القولين في وصية العلوي لذوي قرابته لأنه لم يدرك الاسلام ويدخل
فيه أولاد عقيل وأولاد جعفر مسألة لو اوصى فقال أوصيت لأقاربي أو لقرابتي أو لذي قرابتي أو لذي رحمي لم يكن فرق في جميع ما ذكرنا من هذه الألفاظ لكن قرابة
الام تدخل في ذوي الرحم اجماعا في وصية العرب والعجم جميعا لان لفظ الرحم لا يختص بطرف الأب فإذا لم يوجد الا قريب واحد صرف المال إليه ان اوصى لذي قرابته أو لذي
رحمه أو لقرابته فان القرابة مصدر يوصف بها الواحد والجمع إما إذا كان اللفظ لأقاربي أو لأقرباء وذوي قرابتي أو ذوي رحمي فوجهان للشافعية في أنه هل
يكون الكل له أظهرهما عندهم نعم لان الجمع ليس مقصودا هنا وانما المقصود الصرف إلى جهة القرابة ويشكل بأنه لو كان كذلك لما وجب الاستيعاب كالوصية للفقراء
وعلى القول بأنه لا يكون الجميع لذلك الواحد فله الثلث ويبطل الباقي ولهم وجه آخر أنه يكون له النصف وبه قال أبو حنيفة ولو كان هنا جماعة محصورون
فالأقوى انه يقسم المال بينهم بالسوية ولا بد من استيعابهم وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة حيث جوز صرف المال إلى ثلثة منهم وللشافعية وجه اخر مثله ولو كانوا
غير محصورين كالوصية للعلوية والقبايل العظيمة فلا يجب الاستيعاب مسألة لو اوصى لأقرب أقاربه أولا قرب أقارب زيد أو أقرب الناس إليه أو اقربهم
به رحما لم يدفع إلى الا بعد مع وجود الأقرب فيقدم الأب على كل من أولي به من الأجداد والاخوة والأعمام وكذا يقدم الام على كل من يدلي بها منهم ويقدم الابن
على كل من أولي به وعلى كل من يدلي بالأب ولا خلاف في دخول الأبوين وكذا الولد ولو اجتمع الأبوان الولد تساووا في الاستحقاق لان كل واحد من هؤلاء يدلى بنفسه
من غير واسطة وهو أحد قولي الشافعية لاستوائهما في الرتبة وعلى هذا يقدم الأب على ابن الابن والثاني انه يقدم الابن على الأبوين لقوة ارثه وعصوبته فإنه يسقط
تعصيب الأب والأول أولي عند احمد لان اسقاطه تعصيبه لا يمنع مساواته في القرب ولا يصيره أقرب منه بدليل ان ابن الابن يسقط تعصيبه مع بعده وعلى هذا القول
للشافعي فالأولاد مقدمين على من عداهم مطلقا ثم يليهم البطن الثاني أولاد الأولاد ثم البطن الثالث إلى حيث انتهوا فيقدم ابن ابن الابن وان نزل عدة مراتب على
الأبوين والحق خلافه بل يقدم الأب لأنه يدلي بنفسه ويلي ابنه من غير حاجب ولا يسقط ميراثه بخلاف ابن الابن فروع أ يستوي أولاد البنين وأولاد البنات وبه
قال الشافعي وهو ينقص عليهم ما ذكروه من تقديم الابن على الأب لان قوة الإرث والعصوبة في الابن إذا اقتضت تقدمه على الأب فهلا اقتضى أصل الإرث والعصوبة
في أولاد البنين تقدمهم على أولاد البنات ب الأب والام سواء في هذه الوصية وكذا الابن والبنت والجد أبو الأب مساو للجد أبي الام وكذا أبو الام وام الام وام الأب
كلهم سواء ثم من بعد الأولاد أولاد البنين وان سفلوا الأقرب فالأقرب الذكور والإناث سواء وكذا أولاد البنات عندنا ج لو لم يكن أحد من الأولاد والأحفاد والأبوان
قدم الأجداد والجدات والاخوة والأخوات الأقرب وقالت الشافعية إذا لم يوجد أحد من الأولاد والأحفاد قدم الأبوان وبعدهما الأجداد والجدات ان لم توجد
والاخوة والأخوات على شرط تقديم الأقرب فالأقرب منهم أو الاخوة والأخوات ان لم يوجد الأصول وان اجتمع الجد والأخ فاظهر الطريقين عندهم ان المسألة على قولين أحدهما
لهما؟ يستويان لاستوائهما في الدرجة وأصحهما تقديم الأخ لقوة البنوة وهما كالقولين فيما إذا اجتمع جد المعتق واخوه والطريق الثاني القطع بالقول الثاني وعلى
القول بالتسوية فالجد أولي من ابن الأخ لقربه وهو مذهبنا أيضا ولو قدم الأخ على الجد كما ذهبوا إليه قدم ابن الأخ وان سفل على الجد د ابن الأخ وأبو الجد
متساويان وهو أحد قولي الشافعية والظاهر تقديم ابن الأخ عندهم ثم تقدم بعد الأجداد والجدات إذا لم يكن اخوة وأخوات وأولاد الاخوة والأخوات ثم الأعمام
والعمات وتساويهم والأخوال والخالات ثم أولاد العمومة والعمات وأولاد الخؤولة والخالات وقالت الحنابلة بعد الأولاد أولاد البنين وان سفلوا الأقرب فالأقرب
الذكور والإناث وفي أولاد النبات لهم وجهان بناء على دخولهم في ا لوقف ثم من بعد الولد الأجداد الأقرب فالأقرب لانهم العمود الثاني ثم الاخوة والأخوات لانهم من ولد الأب
أو من ولد الام وأولادهم وان سفلوا ولا شئ لأولاد الأخوات على تقدير القول بعدم دخول ولد البنات والأخ وللأب أولي من ابن الأخ للأبوين وهو مذهبنا كما في الميراث
ثم من بعدهم الأعمام ثم بنوهم وان سفلوا ويستوي العم من الأب والعم من الام وكذا أبناؤهم ثم على هذا الترتيب وهذا على الرواية التي تضمنت جعل القرابة فيها كل من يقع
عليه اسم القرابة فاما على الرواية التي خصصت القرابة بمن كان من أولاد الاباء فلا يدخل فيه الام ولا أقاربها لان من لم يكن من القرابة لم يكن من أقرب القرابة فعلى هذه
الرواية تتناول الوصية من كان أقرب من أولاد الموصي أو أولاد آبائه إلى أربعة اباء ه‍ الأخ من الأبوين أقرب من الأخ من الأب خاصة ولهذا قدم عليه في الميراث وهل هو
أقرب من الأخ من الام الا قوى ذلك وان شاركه في المراث وللشافعية وقولان أحدهما ان الأخ من الجهتين يقدم على الأخ من جهة واحدة لزيادة قرابته وقال بعض الشافعية
ان للشافعية قولين أحدهما كما في ولاية التزويج والأخ من الأب ولأخ من الام متساويان وكذا القول في أولا د الأخ وأولاد العمام والأخوال ومشاركة الأخ من الام للأخ
من الأبوين دون الأخ من الأب معارضة بكثرة نصيبه ز في تقديم الجدة من الجهتين على الجدة ممن جهة واحدة اشكال أقربه العدم كما في الاخوة وللشافعية وجهان
كالوجهين في الميراث ان السدس بينهما لم يفضل صاحب الجهتين ويخرج للشافعية مما قالوه انه إذا اجتمع أولاد اخوة متفرقين وأولاد أخوات متفرقات فالمال لولد الأخ
من الأبوين وولد الأخت من الأبوين فإن لم يوجد أولاد الإخوة والأخوات من الأبوين فأولادهم منا لأب وأولادهم من الام سواء هذا إذا استوت الدرجة فان اختلفت
قدم الأقرب مهم من اي جهة كان حتى لا يقدم ابن ابن الأخ من الأبوين على الأخ من الأب ولا عليه ابنه بل يتقدمان على وكذا يقدم الأخ من الام وابنه لان جهة الاخوة
واحدة فيراعي قرب الدارجة واما إذا اختلفت الجهة فالبعيد من الجهة القريبة مقدم (على القرب من الجة العبيدة ظ) فيقدم ابن ابن ابن الابن وان نزل على الأخ وابن ابن ابن الأخ وان سفل على العم
ولا يرجح في هذا الباب بالذكورة ولا ينظر إلى الورثة بل يستوي في لاستحقاق الأب والام والابن والبنت والأخ والأخت ويقدم ابن البنت على ابن ابن الابن لان استحقاق
منوط بزيادة القرب ج العم من الأب لا يرث من ابن العم من الأبوين على ما نص عليه علمائنا أجمع وهل يحرم العم من الأب في الوصية بابن العم من الأبوين الأقرب المنع وحرمناه
في الإرث قضية خاصة لا يتعدى لأنها مخالفته للقياس مسألة إذا اتى في وصيته بلفظ الجمع فإن كان مما ييم وجب فيه الاستيعاب مع الصر وامكانه وإن كان
مما لا يعم أو لم يمكن الاستيعاب لعدم الصر وجب صرفه إلى من يصدق اسم الجمع فيه وهو إما ثلثه على أقوى أو اثنان على الخلاف إذا عرفت هذا فإذا اوصى لجماعة من أقرب أقاربه
أو أقرب أقارب زيد فلا بد من الصرف إلى ثلثه فإن كان في الدرجة القريبة ثلثه دفع إليهم وان كانوا أكثر من ثلثه فالأقرب عدم وجوب التعميم لان الجماعة تحصل بثلثه فيختار الوصي
476

ثلثه منهم كما لو اوصى للفقراء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يجب التعميم والاصارت الوصية لغير معين بخلاف الوصية للفقراء لان المراعي هناك جهة الفقر ولان الاسم يتناول
الجميع على السواء فلا وجه للترجيح بالبعض وان كانوا دون الثلاثة (ممتنا) الثلاثة ممن يليهم فإن كان له ابنان وابن ابن دفع إليهم وإن كان له ابن وابن وابن وابن ابن ابن دفع إليهم و
إن كان له ابن وابنا ابن دفع إليهم وهو قول الشافعية ويحتمل بطلان الوصية في حصته البعيد فلو كان له ابن وابنان ابن دفع إلى الابن الثلث وبطل الثلثان كما لو اوصى لجماعة
من العلماء وليس الا عالم واحد فإنه تصح الوصية في الثلث خاصة ولو كان له ابن وابن ابن وابنا ابن ابن فللشافعية وجهان أحدهما انه يدفع إلى الابن وابن الابن وواحد من
الذين هم في الدرجة الثالثة والثاني انه يدفع إلى الجميع وعلى الدفع إلى الجميع وعلى الدفع إلى الجميع القياس التسوية بين كل المدفوع إليهم وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان الثلث
لمن في الدرجة الأولى والثالث لمن في الثانية والثلث لمن في الثالثة وقال بعضهم انها وصيته لغير معين لان لفظ الجماعة منكر وصار كما لو اوصى لاحد الرجلين أو لثلاثة على التعيين
من جماعة معينين ولو كانت الوصية لأقرب أقارب نفسه فالترتيب على ما تقدم لكن لو كان الأقرب وارثا صرف
إلى من يليه ممن ليس بوارث عند العامة القايلين بمنع الوصية
للوارث وعندنا ان الإرث لا يمنع الوصية فيكون للوارث فروع أ إذا اوصى لجماعة من أقرب أقاربه وكان له ابن وأخ وعم لا غير فالوصية بينهم أثلاثا على اشكال
وكذا لو كان له ابن واخوان وانه كان له ابن وثلاثة اخوة دخل جميعهم في الوصية وينبغي ان يكون للابن ثلث الوصية ولهم ثلثاها وإن كان الابن وارثا صحت عندنا سواء
أجاز باقي الورثة أولا إذا لم يزد على الثلث خلافا للعامة ولو اوصى لعصبته فهو لمن يرثه بالتعصيب في الجملة سواء كانوا من يرث في الحال أو لم يكن وسواء القريب منهم
والبعيد لشمول اللفظ لهم ولا خلاف في أنهم لا يكونون من جهة الام مسألة لو اوصى لاله أو لآل غيره صحت الوصية وصرفت إلى قرابته (قبضيه) للعرف قال زيد بن أرقم
آل رسول الله صلى الله عليه وآله أهله وعشيرته الذين حرموا الصدقة وبعد آل علي (ع) وال العباس وال جعفر وال عقيل واصل آل أهل قلبت الهمزة هاء وال رسول الله صلى الله عليه وآله قرابته كبني هاشم وبني
المطلب وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه جميع أمته والأصح عندهم الأول وعن مالك ان اله أصحابه فلو اوصى لآل غير النبي صلى الله عليه وآله عندنا وهو أحد قولي الشافعية لظهور أصل
له في الشرع والثاني بطلان الوصية لابهام اللفظ وتردده في القرابة واهل الدين وغيرهما وعلى الأول وهو الصحة يحتمل عندهم ان يكون كالوصية للقرابة وان يفوض إلى اجتهاد
الحاكم فإن كان هنا وصي احتمل اتباع رأيه حيث جعل الامر إليه وهو أحد وجهي الشافعية الثاني اتباع رأي الحاكم وينبغي ان يتبع الحاكم والموصي معا مراد الموصي ان ظهر لهما بقرينة حال
وشبهها ولا يتبعان أظهر معاني اللفظ بالوضع والاستعمال الا مع عدم التمكن من معرفة مراده مسألة لو اوصى لأهل بيته صرف إلى أقاربه من قبل الأب ومن قبل الام
فيعطي الأبوان واباؤهم من الجدات والأجداد وأبناؤهم من الأعمام والأخوال ذكروهم واناثهم ويعطي الأولاد وأولاد الأولاد الذكور والإناث وبالجملة كل من يعرف بقرابته وقال
احمد بذلك قال ابن المنذر انه إذا اوصى بثلث ماله لأهل بيته كان بمثابة قوله لقرابته عند احمد قال احمد قال النبي صلى الله عليه وآله لا تحل الصدقة لي ولأهل بيتي فجعل سهم ذي القربى لهم عوضا
من الصدقة التي حرمت عليهم فكان ذوو القربى الذين سماهم الله تعالى هم أهل بيته الذين حرمت عليهم الصدقة وذكر حديث زيد بن أرقم ان النبي صلى الله عليه وآله قال أذكركم الله في ا هل بيتي
قال قلنا من أهل بيته نساؤه قال لا أهله وعشيرته الذين حرمت عليهم الصدقة بعده آل على وال عقيل وال جعفر وال عباس قال تغلب أهل البيت عند العرب اباء الرجل وأولادهم
كالأجداد وأولادهم ويستوي فيه الذكور والإناث قال بعض الحنابلة ان أولاد الرجل لا يدخلون في اسم القرابة ولا أهل بيته وخطاه باقيهم لان ولد النبي صلى الله عليه وآله من أهل بيته وأقاربه
الذين حرمت عليهم الصدقة واعطوا من سهم ذي القربى وهم من أقاربه فكيف لا يكون من أقاربه وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة وولديها وزوجها (ع) اللهم هؤلاء أهل بيتي انما ذهب
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وروي العامة في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام اللهم هؤلاء أهل بيتي ولو وقف على أقارب رجل أو اوصى لأقاربه
دخل فيه ولده بغير خلاف نعلمه قال بعضهم لا يجاوز به أربعة اباء لان النبي صلى الله عليه وآله لم يجاوز بني هاشم بسهم ذي القربى فجعل هاشما الأب الرابع وانما يكون رابا لو كان للنبي صلى الله عليه وآله ابن لان
هاشما انما هو رابع النبي صلى الله عليه وآله وعند الشافعية لو اوصى الرجل لأهل بيته وجهان أحدهما الحمل على ما يحمل عليه المال والثاني دخول الزوجة أيضا وهو أشبه عندهم وفي أهله
دون لفظ البيت وجهان للشافعية أحدهما الحمل على الزوجة خاصة وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى إذ قال لأهله امكثوا والمراد امرأته ويقال تاه ل اي تزوج والثاني على كل
من يلزمه نفقته لقوله تعالى فنجيناه واهله الا امرأته والمراد من كان في عياله فعلى الأول لو صدرت الوصية من امرأة بطلت مسألة لو اوصى لاباء فلان دخل فيه أجداده
من الجهتين ولو اوصى لأمهات فلان دخل فيه جداته من الجهتين وبه قال بعض الشافعية وحكى بعضهم عن أصحاب الرأي ان الأجداد من جهة الام لا يدخلون في الاباء والجدات
من جهة الأب لا يدخل في الأمهات (وجه على) الجويني المذهبين وجهين ورأي الأظهر ما نسب إلى أهل الرأي ولا خلاف في شمول الأجداد والجداة الجهتين ولو اوصى لجنسه أو لأهل بيته
أولا له دخل فيه كل من ينسب إليه من قبل ابائه وأمهاته إلى اقصى أب وام له في الاسلام عملا بالعرف وفي اشتراط القرابة في الجنس اشكال وقالت الحنفية لو اوصى لجنسه أو لأهل بيته
أولا له دخل فيه كل من ينتسب إليه من قبل ابائه إلى اقصى أب له في الاسلام الأقرب والابعد والذكور والأنثى والمسلم والكافر والصغير والكبير سواء ولا يدخل فيه أولاد البنات وأولاد
الأخوات ولا أحد من أيتام الموصي لانهم لا ينتسبون إلى ابن الموصي الا كبر وانما ينتسبون إلى ابائهم فكانوا من جنس اخر أو من أهل بيت اخر لان النسب يعتبر من الاباء والأب الأكبر
لو كان خيا لا يدخل تحت الوصية لأن هذه الوصية للمضاف لا للمضاف إليه ولو أوصت المرأة لجنسها أو لأهل بيتها قالت الحنفية لا يدخلها ولدها لان ولدها ينسب إلى
أبيه لا إلى أبيها الأكبر الا ان يكون أبوهما من قومها ولو اوصى لبني فلان فالأقرب دخول الإناث وبه قال محمد بن الحسن وأبو حنيفة أولا لتناول الاسم الجميع قال الله تعالى وان كانوا
اخوة رجالا ونساء وقال أبو حنيفة أخيرا وأبو يوسف لا يدخل فيه الإناث عملا بالحقيقة هذا إذا كانوا محصورين واما إن كان بنوا فلان اسم قبيلة أو فخذ فإنه يدخل فيه
الذكور والإناث اجماعا ولا يدخل فيه مولى المعتاقة والمولاة لعدم تناولهم عرفا وحقيقة وقالت الحنفية يدخلون لان المراد الانتساب كما في بنى ادم وهو ممنوع ولو
اوصى لولد فلان فالوصية للذكر والأنثى على السواء لشمول اسم الولد لهما مسألة ولو اوصى لورثة فلان صحت ودخل فيه كل من يرثه ذكرا وأنثى بنسب أو
سبب بالسوية سواء تفاوتت الورثة في الميراث كابن وبنت أو اتفقوا كابنين أو بنتين ولا يعتبر تفاوتهم في الإرث وقالت الحنفية الوصية بينهم الذكر مثل حظ الأنثيين
كما في الإرث وليس بمعتمد ولو لم يكن له وارث خاص وصرف ماله إلى بيت المال بطلت الوصية عند الشافعية واما على مذهبنا فمقتضاه أنه يكون للامام لأنه وارث
من لا وارث له فهو وارث خاص ولو لم يكن له الا بنت واحدة صرف إليها لصدق الاسم عليها والمال باسره وقالت الشافعية ان لم نحكم بالرد ففي استحقاقها لجميع الوصية
أم بعضها وجهان أصحهما عندهم الأول ولو مات الموصي والذي اوصى لورثته ولعقبه حي فللشافعية قولان أشبههما عندهم بطلان الوصية لان الانسان لا يرثه ولا يعتصبه أحد
وهو حي وقال بعضهم تصح الوصية في لفظا لعقب إن كان له أولاد لانهم يسمعون اعقاب الشخص في حياته قال ومثل هذا يحتمل في لفظا لورثة فعلى هذا يوقف إلى أن يموت
فيتبين من يرثه والأقرب عندي الصحة لأن الظاهر أن مراده من يرثه بعد موته فيصرف اللفظ إليه عرفا مسألة لو اوصى لأولاده فدخل فيه الذكور والإناث بالسوية وهل
477

يدخل أولاد الأولاد الأقرب المنع وهو أصح وجهي الشافعية لان اسم الولد انما هو حقيقة في الولد للصلب ولهذا يصح سلبه عن ولد الولد فيقال انه ليس ولده بل ولد ولده و
الثاني للشافعية انه يدخل لصدقة عليه كما في قوله تعالى يا بني ادم وعلى القول بدخول أولاد الأولاد فالأقرب دخول أولاد البنات أيضا وللشافعية على تقدير القول بالدخول
وجهان لو اوصى لأولاده وليس له الا أولاد أولاد فالأقرب صرف الوصية إليهم لأنه قد يستعمل فيهم مجازا أو حقيقة على الخلاف وعند القايلين بالمجاز إذا تعذر جملة على الحقيقة
صرف إلى المجاز اجماعا صوفا لكلام المكلف عن الالغاء وكذا لو اوصى لأولاده وأولاد أولاده ففي دخول أولاد أولاد الخلاف لكن القايلين بالدخول هنا في ا لوصية أولي ولوا وصى لأولاده دخل
البنون والبنات والخناثى المشكلون لتناول الاسم لهم حقيقة ولو اوصى للبنين حقيقة الأولاد لم يدخل البنات ولا الخناثى المشكلون وفي دخول بني البنين وجهان كما
في الأولاد وهل يدخل بنو البنات للشافعية وجهان أحدهما الدخول لقول النبي صلى الله عليه وآله للحسن ابن علي عليهما السلام ان ابني هذا سيد ولو اوصى للبنات لم يدخل الا الأبناء ولا
الخناثى وفي دخول بنات الأولاد للشافعية الوجهان ولو اوصى للخناثى لم يدخل البنون ولا البنات ولو اوصى للبنين والبنات فالأصح عند الشافعية وهو الأقوى
عندي دخول الخناثى لانهم لا يخرجن عن الصنفين والثاني للشافعية المنع لان الخنثى لا يعد من البنين ولا من البنات ولو اوصى لبني تميم فالأقوى دخول البنات وهو الأشبه عند
الشافعية لأنه يعبر به عن القبيلة والثاني عدمه كما لو اوصى لبني زيد مسألة لو اوصى لذريتها أو عقبه أو نسله دخل فيه أولاد البنين وأولاد البنات قريبهم وبغيرهم
وبه قال الشافعي لتناول الاسم لهم وقال مالك واحمد لا يدخل أولاد البنات ويبطل بقوله تعالى ومن ذريته داود وسليمان إلى قوله وليس وعيسى هو الا ولد البنت ولو اوصى
(لعترته) وقال ابن الأعرابي وتغلب انهم ذريته وقال ابن قتيبة انهم عشيرته وفيه للشافعية وجهان أظهرهما عندهم الثاني وبه قال زيد بن أرقم ولو اوصى لعشيرته فهم القرابة
وقال بعض الشافعية ان العشيرة والقبيلة لا يدخل فيهما الا قرابة الأول ولو اوصى لأخواته لم يدخل الاخوة إما لو اوصى لاخوته ففي دخول الأخوات اشكال مسألة
لو اوصى لاختاه فهي لازواج البنات ولا يدخل فيه أزواج العمات والخالات عند الشافعية وفي أزواج الأخوات وجهان عندهم أصحهما عند الجويني المنع ويدخل أزواج الأحفاد
ان قلنا بدخول الأحفاد في الوصية للأولاد وقال أبو حنيفة انه يدخل زوج كل ذات رحم محرم كأزواج البنات والأخوات والعمات والخالات وهو قول اخر للشافعية و
يستوي فيه الحر والعبد والأقرب والابعد لان اللفظ يشمل الكل ثم الاعتبار بكونه زوجا عند الموت فلو كانت خلية يوم الوصية منكوحة يوم الموت استحق زوجها ولو كانت
مزوجة يوم الوصية مطلقة يوم الموت فإن كان الطلاق رجعيا فالاستحقاق بحاله والا فلا شئ له ولو طلق بين الموت والقبول استحق ان قلنا الملك في الوصية يحصل
بالموت أو توقفنا وان قلنا يحصل بالقبول فعلى وجهين ويجري الخلاف فيمن زوجت بعد موت الموصي ثم قبل زوجها ولو اوصى لاصهاره فهو لأبوي زوجته عند الشافعية
وفي دخول أجدادها وجداتها تردد وقال أبو حنيفة انها لكل ذي رحم محرم من امرته لأنه (ع) لما تزوج صفية أعتق كل من ملك من ذوي محرم منها اكراما لها وكانوا يسمون
أصهار النبي صلى الله عليه وآله وكذا يدخل فيه كل ذي رحم محرم من زوجته أبيه وزوجته ابنه وزوجة كل رحم محرم منه لان الكل أصهار وقال بعض الشافعية ان كل رجل من رجال المحارم
فأبو زوجته حمو وان الاصهار يشمل الأختان والاحماء ويدخل في المحارم كل محرم بالرضاع أو بالمصاهرة مسألة لو اوصى ليتامى بني فلان أو لأراملهم أو لعميانهم
أو لزمنا؟ هم صحت الوصية سواء كانوا عدد محصورا أو غير محصور يستحق الغني والفقير والذكر والأنثى عند علمائنا لتناول الاسم للجميع على السواء وقالت الحنفية
ان كانوا عددا محصورين فكما قلنا وان كانوا غير محصورين اختصت الوصية بالفقراء منهم لان الوصية إذا وقفت باسم ينبئ الحاجة كانت واقعة لله تعالى تصح وان
كانوا لا يحصون عددا لأنه معلوم وإن كان لا ينبئ عن الحاجة فان كانوا محصون صحت الوصية والا بطلت ثم إن هذه الأسامي تنبئ عن الحاجة إما (اليتم) والعمي (والزمانه)
فظاهر وكذا الأرامل لأنها جمع الأرملة وهي ا لمرأة التي مات زوجها وهي فقيره فأمكن حملها على الفقراء تصحيحا للوصية وليس بشئ لأن الاعتبار عندنا انما هو بما دل
اللفظ عليه وقد بينا ان الوصية للعدد الذي لا ينحصر جايزة مع أن تخصيص الأرملة بالفقر ممنوع وقال بعض الشافعية اسم الأرامل يقع على المحتاجات (والميتومات) ولو اوصى
لشبان بني فلان أو لأيامى بنى فلان أو لثيبهم أولا بكارهم صحت الوصية مطلقا عندنا عملا بمقتضي الأصل وقالت الحنفية تصح ان انحصروا عددا والا فلا لأن هذه
الأسامي لا تنبئ عن الحاجة فلا يمكن صرفها إلى الفقراء ولا يمكن تصحيحها تمليكا في حق الكل لتفاحش الجهالة وقد تقدم بطلانه وقال بعض الشافعية الا يامي غير ذوات
الأزواج والفرق بينهما وبين الأرملة على تفسيرهم بدخول المحتاجة أو الميتومة إذ الأرملة التي كان لها زوج والأيم لا يشترط فيها تقدم زوج ويشتر كان في اعتبار الخلو
عن الزوج في الحال وقال القراء لا يعتبر تقدم الزوج في الأرامل وذكروا في دخول من لا زوجة له من الرجال في لفظ الأرامل وجهين لقول الشاعر ارى الأرامل قد تقضي
حوايجهم فما لحاجة هذا الأرامل الذكر والمشهور غير ذلك لان العرف خصصه بالإناث وهل يشترط الفقر الأقوى المنع وللشافعية وجهان مسألة لو
أوصي لثيب في القبيلة فالوصية للنساء اللاتي دخل بهن الرجل وهو أظهر وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة عملا بالعرف والوجه الثاني للشافعية انه يدخل الرجال
الذين أصابوا النساء وليس بجيد لأنه مخالف للعرف وفي الابكار هذان الوجهان ولو اوصى للمعترين من الأقارب فهي للذين يتعرضون ولا يسألون وذوو القنوع
الذين؟ يسألون وغلمان القوم وصبيانهم الذي يسألون وغلمان القوم وصبيانهم الذين لم يبلغوا وكذا الأطفال والذراري واختلف الشافعية في الشيوخ وفي الفتيان
والصبيان فقال بعضهم الشيوخ هم الذين جازوا الأربعين والفتيان والشبان الذين جازوا البلوغ إلى الثلثين ويفهم منه بان الكهول هم الذين بين الثلثين إلى
الأربعين والمعتمد الرجوع إلى اللغة أو العرف البحث السادس في الوصية للمولي اعلم أن لفظة المولي مشتركة بين معان أحدها الأولى والثاني ابن العم والثالث
الحليف والرابع الجار والخامس على المعتق والسادس على العتيق فان اوصى لمولاه فان وجد منه قرينة صرف إلى ما دلت القرينة عليه ولو لم يكن له الا مولى واحد من هؤلاء صرف إليه لان تفرده
قرينة دالة على ارادته والفقهاء لم يذكروا سوى الخامس والسادس فلتحذ حذوهم فان به يظهر الحكم في الجميع فيقول لفظ المولي يقع على المعتق ويسمى المولى الاعلى وعلى العتق ويسمى المولى
الأسفل فإذا اوصى لمواليه وليس له الا أحدهما فالوصية له خاصة ولو وجدا معا احتمل وجوها أحدها بطلان الوصية ان قلنا إن الوصية من شرطها تعيين الموصي
له ما في المصرف من الابهام والاجمال وامتناع حمل اللفظ الواحد على المعينين معا وهو الأقوى عندي الثاني انه تصح الوصية ويقسم بينهما وهو قول الشيخ في المبسوط
لتناول الاسم لهما والثالث انه للمعتق لان المعتق أنعم عليه بالاعتاق فهو أحق بالمكافأة والرابع انه للعتيق لاطراد العادة بالاحسان من السيد إلى عبده العتيق الخامس انه يوقف
إلى الاصطلاح وهذه الوجوه للشافعية مثلها والحنفية قالوا بالبطلان الا ان يبين ذلك في حياته وروي ان أبي
حنيفة وأبي يوسف التسوية بينهما كالاحتمال الثاني
وهو قول زفر لتناول الاسم فصار كما لو اوصى لاخوته وهم ستة يختلفون بان الوصية لهم وهم في ذلك على السواء وهو ممنوع فان هذا اسم مشترك فلا عموم له لان العام
ما يشمل جمعا لمعنى واحد وبطل التعيين لاختلاف مقاصد الناس فمنهم من يقصد الا على مجازاة وشكر لانعامه ومنهم من يقصد الأسفل لزيادة العادة الا نعام فوجب الوقف
478

إلى أن يبين ولم يوجد البيان وتوقف الحنفية وبين ذلك وبين ما إذا حلف لا يكلم موالى فلان فإنه يتناول الاعلى والأسفل ويحنث بكلام أيهما وجد لأنه في مقام النفي والاسم
المشترك يعم في النفي لأنه لا ينافي فيه وهو ممنوع قالوا وهذا بخلاف الاخوة لان اسم الأخ يطلق على كل واحد لمعنى واحد وهو المتفرع من ا صله فصار الاسم عاما لا مشتركا و
عند أبي يوسف انها تصرف إلى المعتق لان شكر الانعام واجب وفضل الانعام مندوب فصار صرف الوصية إلى أداء الواجب أولي وليس بشئ والا لوجبت الوصية للمنعم
بالعتق وليس اجماعا وعن محمد انه إذا اصطلحا على أحد صح لان الجهالة تزول به كما في مسألة الا قرار لاحد هذين والفرق قبول لاقرار للمجهول دون الوصية ان شرطنا
العلم فروع أ يجب البحث عن موضع الأول الخمسة فيقال ان قصد أحدهما وجب ان يحمل اللفظ عليه ولا يجئ فيه الخلاف وان فرض الكلام فيما إذ ألم يقصد واحدا منهما
فلا معنى لقولنا ان الظاهر الاحسان إلى المعتق مكافاة وان العادة الاحسان إلى (الممليك) بل لا يتجه الا القسمة عليهما أو الأبطال أو باقي الوجوه ب لو لم يوجد الا
أحدهما فالأقرب صرف اللفظ إليه ويحتمل ان يقرع على الوجوه فيقال ان قلنا بالقسمة وينبغي ان يصرف الان إلى الذي وجد النصف وان قلنا بالحمل على المعتق أو المعتق
فإن كان الموجود هو المحمول عليه فذاك والا بطلت الوصية وان قلنا بالبطلان فكذلك ههنا لان ابهام اللفظ لا يختلف بين ان يوجد محامله ولا يوجد ج إذا اقتضى
الحامل الحمل على الموالى من الأسفل أو صرح الموصي به ثبت الاستحقاق لكل من عتق عليه سواء تبرع بإعتاقه أو أدي به كفارة أو نذر اعتاقه أو عتق عليه بالملك د يدخل في الوصية
من أعتقه في الصحة والمرض وفي أمهات أولاده ومدبريه وهم الذين يعتقون بموته للشافعية وجهان أشبههما عندهم الدخول وقالت الحنفية لا يدخلون لان عتق هؤلاء يثبت بعد الموت
والوصية مضافة إلى حالة الموت فلا بد من تحقق الاسم قبله ليثبت الاستحقاق وعن أبي يوسف انهم يدخلون في الوصية لان سبب الاستحقاق لازم في حق هؤلاء فينطلق الاسم
المولى عليهم ه‍ اشترط بعض الشافعية الفقر وليس بجيد لتناول الاسم الجميع ولا بد من تعميم المستحقين ان انحصروا والا جاز الاقتصار على الثلاثة ز لو تعذر عتق عبده ان لم يضربه
فمات قبل ضربه دخل في الوصية لان العتق يثبت في اخر جزء من اجزاء حياته لتحقق العجز عنه فثبت اسم المولى قبل الموت هذه عند الحنفية وفيه نظر ح لو كان الموصى رجلا من
العرب فأوصى لمواليه بثلث ماله صحت الوصية لان العرب (لا يشترف) ولا تسبى فلا يكون له الا الموالى من الأسفل فيبطل الاشتراك فتصح الوصية ط لو أوصي لمواليه وقصد الا سفل
أو كان عربيا صرف إليه وهل يدخل ولده قالت الحنفية نعم وفيه نظر ي لو اوصى لمواليه لم يدخل فيه مولى الموالاة ولا معتق المعتق لان الأصل الحمل على الحقيقة فيبطل المجاز
وعن أبي يوسف ان مولى الموالاة يدخل والكل شركاء لان الاسم يتناولهم على السواء قال باقي الحنفية سبب ثبوت أحدهما الاعتاق وسبب الأخر العقد وهما معينان مختلفان
وانما حمل على الاعتاق لان السبب فيه لزم وكان الاسم له أحق بخلاف ولد المعتق لأنه ينسب إليه باعتاقه وجد منه فان الحكم في الفرع يثبت في الحرية للحرية فصار كالأصل بخلاف
مولى المولي لموجود السبب المقصود من الغير من الغير فيهم فنزلوا منزلة ولد الولد مع ولد الصلب وان لم يكن له موال ولا أولاد الموالى فالثلث لموالي مواليه لان الاسم يتناولهم بطريق
المجاز فيصير إليه عند تعذر اعتبار الحقيقة يا لو كان له معتق واحد وموالى الموالي فالنصف لمعتقه وما بقي للورثة لتعذر الجمع بين الحقيقة والمجاز والحقيقة مراده (فينغي)
المجاز بخلاف ما قال أبو حنيفة فيمن اوصى لأقاربه وله عم وخالان فان العم النصف والخالين النصف لان اسم الأقارب ينطلق على الكل بالحقيقة الا انه اعتبر الترتيب بالقوة
فصح الجمع يب؟ لو اوصى لمواليه لم يدخل فيهم موالى أعتقهم أبوه أو ابنه لانهم ليسوا بمواليه لا حقيقة ولا مجازا وانما يحرز ميراثهم بسبب العصابة بخلاف معتق المعتق لأنه
ينسب إليه بالولاء وقال زفر يدخل في الوصية مع مواليه موالى أبيه لانهم يسمون مواليه وقال أبو يوسف إذا اوصى لمواليه وله موالى أب وقد مات أبوه وورث ولاهم
فالوصية لهم لانهم مواليه حكما يج؟ لو اوصى لموالي بني فلان لفخذ محصور دخل فيهم المعتق ومعتق المعتق فقالت الحنفية ويدخل أيضا من علق عتقه بعدم ضربه لان المراد مجرد
الانتساب والكل ينسبون إليه ولا يدخل المدبر وام الولد لما مر مسألة قد بينا انه إذا اوصى لجماعة بشئ تساووا فيه إذا لم يفضل سواء كانوا وارثا أو لا وسواء تساووا
في ارث أو تفضلوا فيه فلو اوصى لأبويه بشئ تساويا فيه عملا بالأصل وهو التسوية وقضية للفظ المقتضي للتشريك في الجميع كما في الأبوين والأولاد وكذا لو اوصى لابنه وبنته
بشئ تساويا ولو قال على كتاب الله تعالى كان للذكر ضعف الأنثى لأنه المتعارف من هذا اللفظ ولو اوصى لأعمامه وأخواله شئ معين فكذلك يتساوى الأعمام والأخوال فيه و
قال الشيخ كان لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث واحتج بما رواه زرارة عن الباقر (ع) في رجل اوصى بثلثه ماله في أعمامه وأخواله فقال لا عمامه الثلثان ولأخواله الثلث و
الجواب انا نحمل الرواية على ما إذا قيد الموصي فقال على كتاب الله تعالى مع أن في طريق الرواية سهل بن زياد وهو ضعيف الا ان ابن بابويه وروي هذا المعنى في الصحيح عن زرارة عن
الباقر (ع) رواه ابن يعقوب في الحسن الفصل الرابع في الموصي به الموصي به إما ان يكون ما لا أو منفعة مال أو ولاية عليه فهنا ثلثه مطالب المطلب الأول
في الوصية بالمال وأبوابه ثلثه الأول في شرائط مسألة يشرط في العين الموصي بها ان يكون مملوكة لان غير المملوك لا يعد ما لا فلو اوصى بما لا يصح تملكه إما
لخروجه عن كونه مقصود التملك كفضلات الانسان مثل شعره وظفره والعذرات وغيرهما لم تصح الوصية اجماعا أو يكون المنفعة محرمة كما لو اوصى بالخمر أو الخنزير أو كلب
الهراش المنفعة المحرمة غير المطلوب للشارع انتقالها ببيع وغيره فصار كالمعدومة واما ما يكون مقصودا فإنه تصح الوصية به وان حرم بيعه كالفيل والأسد
وغيرهما من المسوخ والمؤذيات ان منعنا من بيعها تبعا للانتفاع بجلودها وكذا تصح الوصية بما يحل الانتفاع به من النجاسات كالكلب المعلم والزيت النجس لاشعاله تحت السماء
والزبل للانتفاع باشعاله والتسميد به وجلد الميتة ان سوغنا الانتفاع به والخمر المحترمة لثبوت الاختصاص فيها وانتقالها من يد إلى يد بالإرث وغيره وكذا شحم الميتة لتدهين
السفن ان سوغنا الانتفاع به وكذا تصح الوصية بالجر والذي يتوقع الانتفاع به وللشافعية في الأخير وجهان بناء على أنه هل يجوز امساكه وتربيته لما يتوقع في المستقبل
والأظهر عندهم الجواز إما ما لا يحل اقتناؤه كالخمر والخنزير والكلب العقور فلا تجوز الوصية به عندهم كما ذهبنا إليه ونقل الحناطي من الشافعية وجها لهم انه تجوز
الوصية بالكلب الذي لا يجوز اقتناؤه أيضا وقولا انه لا يجوز الوصية بالمقتضي المنتفع به من الكلاب كما لا يجوز هبته على رأي وهما عندهم غريبان مسألة ويشترط
في المال الموصى به ان يكون قابلا للنقل من شخص إلى آخر فلا تصح الوصية بمالا يقبل النقل سواء كان مالا أو حقا كالوقف وام الولد والمنذور وعتقه وتصح الوصية بما
يقبل النقل وان تعلق به حق الغير كالموصي به فتبطل الأولى وكالمستأجر والمستعار ولا تصح الوصية بحق القصاص ولا يجد القذف فإنهما وان قبلا الانتقال بالإرث
فإنه لا يتمكن مستحقهما من نقلهما إلى غيره لأنهما شرعا لتشفي المنتقم بهما واستيفائهما فليس للموصي له ذلك كان للوارث فإذا انتفى المعنى المسوغ لهما في حق الوارث (انفتيا)
ومنع الشافعية من الوصية بالحقوق التابعة للأموال كالخيار وحق الشفعة إذا لم يبطل بالتأخير كتأجيل الثمن مسألة تصح الوصية بنجوم الكتابة وان لم يكن مستقرة
فان عجز فلا شئ للموصي له وتبطل الوصية فلا يكون له تعلق برقبته المكاتب لأنها غير الوصية وكذا تصح الوصية برقبة المكاتب بمعنى انه لو عجز رد في الرق فيتعلق بها الموصي
له برقبته ويصح جمعهما لواحد وتفريقهما على اثنين وقالت الشافعية تصح برقبته المكاتب ان جوزنا بيعه والا فهي كما لو اوصى له بمال غيره مسألة لو اوصى له بمالي
479

غيره فقال أوصيت لك بهذا العبد وهو ملك لغيره أو قال أو صيت لك بهذا العبد ان ملكته فللشافعية وجهان أحدهما الصحة لان الوصية بغير الموجود جايزة فبغير المملوك
أولي لأنه موجود وغير الموجود غير مملوك أيضا والثاني المنع لان مالكه يتمكن من الوصية والشئ الواحد لا يجوز ان يكون محلا لتصرف شخصين ويحتمل عند القول
الأول فيما إذا قيد بالتملك والثاني فيما إذا اطلق وتصرف الشخصين ان تضاد انتفى أحدهما مسألة كل عين يحرم الانتفاع بها ولا تقبل التغيير لا تصح الوصية بها كما لو اوصى له بضم
لا يقبل التغيير عن هيئة أو بالإرث اللهو والقمار واللعب كالطبل والزمر والشطرنج والنرد وهيا كل العبادة وقوص البندق وأشباه ذلك لما في ذلك من المساعدة والإعانة
على فعل المحرم وكذا لا تجوز الوصية بما يحرم نقله بغيرها كالسلاح لأعداء الدين من الحربي وغيره وكذا الوصية بالعبد المسلم والمصحف للكافر لان ذلك كله بمثابة
بيعها مسألة يشترط في المال الموصي به ان لا يزيد على الثلث لما يأتي ولا يشترط وجود الموصي به حالة الوصية فلو اوصى بالجمل فاما ان يوصي الجمل الموجود في
الحال أو بالجمل الذي سيحدث فان اوصى بالجمل الموجود بالحال صحت الوصية سواء اطلق فقال أوصيت لك بجمل فلانه أو قيد فقال أوصيت لك بحملها الموجود
في الحال لأنه يجوز اعتاقه فيجوز الوصية به إذ لا فرق بين التمليكين ثم الشرط في الوصية بالحمل الموجود ان ينفصل الوقت بعلم وجوده عند الوصية وان ينفصل حيا
وذلك بان تضعه لأقل من ستة أشهر من حين الوصية فلو وضعته لأكثر من ستة أشهر لم تصح لامكان تجدد بعد الوصية والأصل تبعية الولد للام في الملك ولو انفصل
ميتا فإن لم يكن بجناية جان بطلت الوصية اجماعا لتلف متعلقها وإن كان بجيانة جان قيل لا تبطل الوصية وهو قول بعض الشافعية وتنفذ الوصية في الضمان
لأنه انفصل متقوما بخلاف ما إذا اوصى لحمل وان فصل ميتا بجناية جان فإنها تبطل الوصية لان المعتبر هناك المالكية وهل يصح قبول الموصي له قبل الوضع للشافعية خلاف
مبني على أن المال هل يعرف وإن كانت الوصية بالحمل الذي سيكون صحت الوصية وبه قال احمد والشافعية في أصح الوجهين لان الغرر والجهالة لا يمنعان صحت الوصية وكما
تصح الوصية بالمنافع المجددة ولان الوصية انما جوزت لارقاق الناس ولذلك احتمل فيها وجوه الغرر فكما تصح بالمجهول تصح بالمعدوم وقال أبو حنيفة انها باطلة وهو القول
الثاني للشافعية لأن الاعتبار بحال الوصية وحال الوصية لا ملك حينئذ بل لا وجود والتصرف يستدعي متصرفا فيه وينتقض بالمنافع المتجددة وكذا تصح الوصية بحمل الدابة
الموجود حال الوصية اجماعا وبالتجدد في السنة الأخرى عندنا وفيه خلاف كالأمة تقدم مسألة تصح الوصية بثمرة البستان الحاصلة في الحال اجماعا وكذا تصح
عندنا الوصية بالثمرة المتجددة فيما بعد وهو قول أكثر العامة منهم مالك والثوري والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لأنه يصح تمليكها بعقد المعاوضة فتصح الوصية بها كالأعيان
وكالوصية بالمنافع وللشافعية طريقان أظهرهما انها على الوجهين في الحمل الذي سيحدث والثاني القطع بالصحة ة لأنها تحدث من غير احداث (أمر؟ صله؟)
والولد لا يحدث الا باحداث أمر في أصله ولهذا يجوز المساقاة على الثمار التي ستحدث ولا تجوز المعاملة على النتاج الذي سيحدث وقال ابن أبي ليلى لا تصح الوصية بالمنفعة لأنها
معدومة وهو أحد قولي الشافعية ولو اوصى له بثمرة بستانه فمات وفيه ثمرة فله هذه الثمرة وحدها ولو اوصى بالثمرة مدة معينة صح وكذا لو قال ابدا وهو قول العامة خلافا
لابن ابآي ليلى ما تقدم مسألة تصح الوصية بما لا قدرة على تسليمه كالمغصوب سواء كانت الوصية للغاصب أو لغير الغاصب لان القبض ليس شرطا في الصحة ولأنه تصح
الوصية بالمعدوم فبالموجود الذي لا يقدر عليه (و؟) كذا تصح بالعبد الآبق والطير المنفلت في الهواء وكذا تصح الوصية بالمجهول مثل أن يقول عبد أو ثوبا ويجوز ان يتوغل في الابهام
إلى غايته كان يقول اعطوه شيئا أو خطا وقسطا أو نصيبا أو جزءا أو سهما أو قليلا أو كثيرا إلى غير ذلك لان الله تعالى أعطانا ثلث أموالنا في اخر اعمارنا وقد يشتبه علينا
قدر الثلث إما لكثرة المال أو غيبته فدعت الحاجة إلى تجويز الوصية بالمجهولة ولا نعلم فيه خلافا مسألة لو اوصى بأحد العبدين صحت الوصية لان الوصية محتملة
للجهالة والغرر فلا يقدح الابهام بخلاف ما لو اوصى لاحد الشخصين فان فيه خلافا منهم من منع كما في التمليكات وقد يحتمل في الموصي به ما لا يحتمل في الموصي له ولذلك كان الاظهر
عند العامة في الوصية يحمل سيكون الجواب في الوصية لحمل سيكون المنع ولا فرق بين أن يقول أوصيت لاحد الرجلين وبين أن يقول أعطوا هذا العبد لاحد هذين الرجلين
في المنع أو الجواز وبعض الشافعية فرق فجوز في الثانية دون الأولى تشبيها بما إذا قال لوكيله بع هذا العبد من أحد الرجلين وإذا أبهم الموصي به عين الوارث من شاء من العبدين
إما لو أبهم الموصي له وقلنا بصحته فإنه يحتمل ذلك والقرعة والايقاف حتى يصطلحا مسألة قد ذكرنا انه يشترط في لزوم الوصية خروج الموصي به من ثلث التركة فلو اوصى
بأزيد منه وقف على اجازة الورثة فان أجاز وأصحت الوصية بأسرها والا بطلت في الزايد اجماعا لما رواه العامة عن سعد بن معاذ قال جائني رسول الله (ص) يعود في عام
حجة الوادع من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد بلغ بي من الوجع أترى وانا ذو مال ولا يرثني الأبنية أفأتصدق بثلثي مالي قال لا قلت فالشرط يا رسول الله قال لا قلت
فالثلث قال فالثلث والثلث كثير انك ان تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وعن علي أنه قال لان أوصي الربع ولان أوصي بالخمس أحب إلى من أن
اوصى بالربع ولان اوصى بالربع أحب إلى من أن اوصى بالثلث فمن اوصى بالثلث فلم يترك ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم وحفص بن البختري وحماد بن عثمن في الحسن عن
الصادق (ع) قال من اوصى بالثلث فقد أضر بالورثة والوصية بالخمس والربع أفضل من الوصية بالثلث ومن
أوصي بالثلث فلم يترك وفي الصحيح عن شعيب بن يعقوب انه سال
الصادق (ع) عن الرجل يموت ماله في ماله قال له ثلث ماله وللمرأة أيضا وفي الحسن عن عاصم ابن قيس عن الباقر (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) يقول أوصي بخمس مالي أحب إلي من أن
اوصى بالربع ولئن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث ومن أوصي بالثلث فلم يترك وقد بلغ قال (؟) وقضى أمير المؤمنين في رجل توفي واوصى بماله كله أو أكثره فقال له الوصية
ترد إلى المعروف غير المنكر في ظلم نفسه واتي في وصيته المنكر والحيف فإنها ترد إلى المعروف ويترك لأهل الميراث ميراثهم وقال من اوصى بثلث ماله فلم يترك وقد بلغ المدى ثم
قال لئن اوصى بخمس مالي أحب إلى من أوصي بالربع مسألة وانما تستحب الوصية أو تجب لمن يترك مالا لان الله تعالى قال إن ترك خيرا ولما رواه العامة قال قال
رسول الله صلى الله عليه وآله يا ابن ادم جعلت لك نصيبا من مالك حين أخذت (بظماك) لأطهرك وأزكيك فاما الفقير الذي له ورثة محتاجون ولا حق عليه واجب فلا يستحب له للآية
ولقوله (ع) لسعد انك ان تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وقال ابداء بنفسك ثم بمن تعول ورووا عن علي أنه قال أربع مائة دينار ليس فيها
فضل عن الورثة وعن ابن عباس قال من ترك سبع مائة درهم ليس عليه وصيته وقال عروة دخل علي (ع) على صديق له يعوده فقال الرجل انى أريد ان اوصى فقال له (ع) ان الله
تعالى يقول إن ترك خير أو انك انما تدع شيئا يسيرا فدعه لورثتك واختلف الناس في القدر الذي لا يستحب الوصية لمالكه والضابط عند علمائنا ما روي عن علي (ع)
أنه قال من اوصى ولم يحف ولم يضار كان كمن تصدق به في حياته وروي العامة عنه انه أربعمائة دينار وعن ابن عباس انه إذا ترك الميت سبع مائة درهم لا يوصي وقال من ترك
ستين دينارا ما ترك خيرا وقال طاووس الخير ثمانون دينار وقال النخعي الف إلى خمسمائة وقال أبو حنيفة القليل ان يصيب أقل الورثة سهما خمسون درهما وقال أحمد بن
حنبل إذا ترك دون الألف لا يستحب له الوصية ولا يبعد عندي التقدير بان متى كان المتروك لا يفضل عن غني الورثة لا يستحب الوصية لان النبي صلى الله عليه وآله علل المنع من الوصية
480

بقوله ان ترك خيرا لئن تلك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة ولان أعطا القريب المحتاج خير من اعطاء الأجنبي فمتى لم يبلغ الميراث غناهم كان تركه لهم كعطيتهم فيكون ذلك
أفضل من الوصية لغيرهم فحينئذ يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم وقلتهم وغناهم وحاجتهم فلا يتقدر بقدر من المال مسألة والأولى ان لا يستوعب
الثلث بالوصية وإن كان الموصي غنيا لقول النبي والثلث كثير رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من اوصى بالثلث فقد أضر بالورثة وهذا عام في الغنى والفقير
خصوصا قوله في حديث سعد والثلث كثير مع اخبار سعد بكثرة ماله وقلة عياله حيث قال في الحديث ان لي مالا كثيرا ولا يرثني الا ان (بتي) عن سعد بن مالك فقال مرضت
مرضا فعادني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لي أوصيت فقلت نعم أوصيت بما لي كله للفقراء والمساكين وفي سبيل الله فقال رسول الله (ع) أوص بالعشر فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان
مالي كثير وورثتي أغنياء فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله (يناقضني) واناقصه حتى قال أوص بالثلث والثلث كثير إذا عرفت هذا فالأفضل للغني الوصية بالخمس وهو قول علي (ع) وأبي بكر
وهو ظاهر قول السلف وعلماء أهل البصرة وروي عن عمر انه جاءه شيخ فقال له انا شيخ كبير ومالي كثير ويرثني اعراب موالي كل يروح بسهم أفأوصي بمالي كله قال لا فلم
يزل يحطه حتى بلغ العشر وقال اسحق السنة الربع الا ان يكون رجلا يعرف بماله (مزنه) شبهات أو غيرهما فله استيعاب الثلث والأولى الخمس لان عليا (ع) قال لان أوصي بالخمس
أحب إلي من أن أوصي الربع وأوصي أبو بكر بالخمس وقال وصيت بما أوصي به لنفسه يعني قوله تعالى واعملوا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه مسألة لو اوصى بأكثر من ثلث ماله فان أجاز
الورثة بأسرهم بعد موت الموصي صحت الوصية فما اوصى به باجماع العلماء وان ردوا لزايد أو الوصية بطلت في الزايد على الثلث اجماعا والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وآله لسعد حين أوصي بما
له كله قال لا قال فالثلثين قال لا قال فبالنصف قال لا قال فبالثلث قال الثلث والثلث كثير وقال (ع) ان الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم رواهما
العامة ومن طريق الخاصة ما تقدم من رده (ع) وصيته من اوصى بماله كله أو أكثره إلى المعروف وهو الثلث وعن محمد بن مسلم في الموثق انه سال الصادق عن رجل حضره الموت فأعتق
غلامه وأوصي بوصيته وكان أكثر من الثلث قال يمضي العتق في الغلام ويكون النقصان فيما بقى وعن الصادق (ع) في رجل حضره الموت فأعتق مملوكا له ليس له غيره فابى الورثة ان يجيروا
ذلك كيف القضاء فيه قال ما يعتق منه الا ثلثه وساير ذلك الورثة أحق بذلك ولهم ما بقى ولا نعلم في هذين الحكمين خلافا ولو أجازوا حصت الوصية بأسرها اجماعا لان الحق
لهم ولو لم يجيزوا مضت في الثلث خاصة وبطلت في الزايد ولا فرق في ذلك عندنا بين الوارث وغيره خلافا للعامة فإنهم شرطوا في الوصية للوارث اجازة الورثة وإن كانت با الثلث
فما دون وقد تقدم البحث معهم واعلم (؟) قلناه لا ينافي قول الشيخ علي بن بابويه ره من أنه لو اوصى بثلث فهو الغاية في الوصية فان اوصى بماله كله فهو علم وما فعله ويلزم الوصي
انفاذ وصيته على ما اوصى لرواية عمار الساباطي عن الصادق قال الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح ان اوصى به كله فهو جايز له قول ابن بابويه لا دلالة فيه على مخالفته
ما قلناه فانا نسلم ان الموصي اعلم بما فعل واما انفاذ الوصية فنحن نقول بموجبه لأنا نوجب على الوصي انفاذ وصيته بمقتضي الشرع وهو ان الورثة ان أجازوا الوصية أخرجت
بأسرها وان ردوا مضت من الثلث فهذا تنفيذ الوصية وقول الصادق (ع) أجل أحق بماله ما دام فيه الروح لا يدل على مخالفته ما تقدم فان المريض أحق بماله يصنع به مهما شاء
من البيع وغيره فإنه اوصى به كله جاز فان أجاز الورثة نفذ ما اوصى به والا فسخت الوصية في الثلثين ويؤيد ذلك قول ابن بابويه فان اوصى بالثلث فهو الغاية في الوصية
مسألة إذا زادت الوصية على الثلث فاجازه الورثة لزمت الوصية وهل الإجازة تنفيذ وامضاء لتصرف الموصى أم ابتداء عطية من الورثة الحق عندنا الأول وهو
أصح قولي الشافعي لان الملك باق على المريض لم يخرج عنه بمرضه فتصرفه فيه صحيح لأنه تصرف مصادف للملك وحق الوارث انما ثبت في ثاني الحال فأشبه بيع الشقص المشفوع وأيضا
لو براء من مرضه نفذت تصرفاته المنجزة ولم يفتقر إلى الاستيناف والقول الثاني للشافعي ان الإجازة ابتداء عطية من الورثة وتصرف الموصي لاغ في الزيادة على الثلث لأنه متنهى عنه
والنهي يقتضي الفاسد ولان الزيادة متعلق حق الورثة فيلغوا تصرفه فيها كتصرف الراهن في المرتهن ونمنع النهي مطلقا بل انما يثبت لحق الوارث فإذا رضي به زال سبب النهي ونمنع اقتضاء
النهي الفساد ونمنع تعلق حق الورثة بالزيادة حالة حياة الموصي سلمنا لكن نمنع بطلان تصرف الموصي اقصى ما في الباب أنه يكون تصرف المتبرع الفضولي ونمنع تصرف الراهن أيضا
مسألة لو لم يكن للميت وارث خاص فأوصى بجميع ماله أو بما زاد على الثلث اختلف علماؤنا فيه على قولين أحدهما انها كالأولى لا تمضي الا في الثلث وبه قال الشافعي لقوله (ع)
ان الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في حسناتكم ولم يفرق بين ان يكون له وارث أولا ولأنه لا يجيز والمال للمسلمين عند العامة وعندنا للامام فيعتبر اجازته و
الثاني انها صحيحة وبه قال أبو حنيفة واحمد في أصح الروايتين وللشافعي وجه اخر مثله لما رواه السكوني عن الصادق (ع) وعن الباقر (ع) انه سئل عن الرجل يموت ولا وارث له ولا
عصبته قال يوصي بما له حيث شاء في المسلمين والمساكين وابن السبيل والجواب ضعف السند سلمنا لكن الوارث هنا متحقق وهو الامام فاعتبر اجازته سلمنا لكن الامر
بالوصية لا يستلزم النفوذ وقال بعض الشافعية للامام رد مثل هذا الوصية وهل له اجازتها يبني على أن الامام هل يعطي حكم الوارث الخاص مسألة قد عرفت ان
مذهبنا يقتضي جواز الوصية للوارث فإنه لا فرق بين الوصية له وللأجنبي بل للوارث أولي والعامة منعوا من ذلك الا ان يجيز باقي الورثة فحينئذ لو اوصى للوارث بالثلث
فما دون صحت عندنا من غير اعتبار اجازة الورثة وعند العامة يجب اعتبار اجازتهم وللشافعية طريقان أصحهما عندهم ان الحكم كما لو اوصى لأجنبي بالزيادة على الثلث حتى يرتد
برد ساير الورثة وان أجازوا فعلى القولين وقد ذكرهما الشافعي في الام أحدهما ان اجازتهم ابتداء عطية والوصية باطلة والأصح وبه قال أبو حنيفة ومالك واحد انها لتنفيذ
لما فعله والموصي والذي فعله انعقاد اعتبار والطريق الثاني للشافعية انها باطلة وان أجاز الورثة بخلاف الوصية للأجنبي بما زاد على الثلث والفرق ان المنع من الزيادة لحق الورثة
فإذا رضوا جوزنا والمنع هنا لتغيير الفروض التي قدر ها الله تعالى للورثة فلا تأثير لرضاهم مسألة قد ذكرنا ان الحق عندنا ان الإجازة تنفيذ وامضاء لفعل
الموصي وليس ابتداء عطية فيكفي فيه لفظ الإجازة والانفاذ والامضاء وأشباه ذلك ولا حاجة إلى هبة وتجديد قبول ا وقبض من الموصي له وليس للمجيز الرجوع وان لم يحصل
القبض بعد وبه قال الشافعي على تقدير انها تنفيذ واحمد كذلك وقال تقدير على انها ابتداء عطية من الورثة لا يكفي قبول الوصية أو لا بل لابد من القبول اخر في المجلس ومن القبض و
للمجيز الرجوع قبل القبض وهل يعتبر لفظ التمليك ولفظ الاعتاق إذا كان الموصي به العتق وجهان للشافعية أحدهما لا يعتبر بل يكفي لفظ الإجازة وأظهرهما عندهم نعم ولا يكفي لفظ الإجازة
كما لو تصرف فاسدا من بيع أو هبة ثم اجازه وينسب هذا الوجه إلى مالك وهو اختيار المزني مسألة قد بينا ان الإجازة تنفيذ وبينا في كتاب الهبة انه إذا كانت الهبة الذي
الرحم أبا كان أو ولدا وغيرهما تلزم بالاقباض والعامة نازعوا في الحكمين ولهم فيهما قولان فعلى ما اخترناه لو خلف زوجة وهي بنت عمه وأباها وكان (؟) قد اوصى لها وأجاز أبوها
الوصية فلا رجوع له عندنا وعند من قال إنها تنفيذ من العامة وما على قول من قال إنها ابتداء عطية فله الرجوع لان هبة الابن يجوز للأب الرجوع فيها عندهم مسألة
لو أعتق عبدا في مرضه ولا مال له سواه أو زادت قيمته على الثلث أو اوصى بعتقه فأجازوا عتقه أو وصيته بالعتق صح العتق ويكون الولاء باسره للميت يرثه من يرث الولاء عنه وهو قول
من جعل الإجازة تنفيذا من العامة ومن جعلها ابتداء عطية قال انما زاد على الثلث يكون ولاؤه للمجيزين ذكورهم واناثهم بحسب استحقاقهم لانهم باشره بالاعتاق وقال بعض
481

الشافعية يحتمل ان يكون الولاء للميت على القولين جميعا لأنا وان جعلنا اجازتهم ابتداء عطية فاجازتهم اعتاق الميت كاعتاقهم عن الميت باذنه ومن أعتق عبد غيره
باذنه والتماسه كان الولاء للاذن الا ان اعتبار الاذن بعد موت الاذن كالمستبعد وكذا لو تبرع بثلث ماله ثم أعتق أو اوصى بالاعتاق فالحكم فيه كما تقدم ولو اوصى
لابن وارثه بعد تبرعه بثلث ماله أو أعطاه عطية في مرضه فأجاز أبوه عطيته ووصيته ثم أراد الرجوع فيما اجازه فله ذلك ان قلنا إنه عطية مبتدأة وليس له ذلك على
القول بأنها اجازة مجردة ولو تزوج ابنة عمه فأوصت له بوصية أو أعطية في مرض موته عطية ثم ماتت وخلفته وأباه فأجاز أبوه وصيته وعطيته فالحكم فيه عندهم على
ما ذكرنا ولو وقف على ورثته في مرضه فأجازوا الوقف صح عندنا مطلقا وعند العامة كذلك ان قلنا إن اجازتهم تنفيذ ولم يصح على تقدير ان يكون عطية متبدأءه
لانهم يكونون واقفين على أنفسهم ولا فرق في الوصية بين الصحة والمرض في أنها تخرج من الثلث وروي حنبل عن أبيه احمد أنه قال إذا اوصى في المرض فهو من الثلث وإن كان
صحيحا فله ان يوصي بما شاء قال بعض أصحابه يعني به العطية إما الوصية فإنها عطية بعد الموت فلا يجوز منها الا الثلث على كل حال مسألة الهبة في مرض
الموت من الوارث والوقف عليه وابراؤه عما عليه من الدين كالوصية له وقد بينا جوازها وللعامة قولان تقدما ولو اوصى لامرأة أجنبية وأوصت له ثم تزوجها
جازت وصيته له وصيتها له عندنا وعند العامة لا يجوز الا مع اجازة الورثة ولو اوصى أحدهما للاخر ثم طلقها جازت الوصية عندهم لخروجه عن كونه وارثا الا انه إذا
طلقها في مرض موته فقياس مذهب العامة انها لا تعطي أكثر من ميراثها لأنه متهم في أنه طلقها ليوصل إليها ماله بالوصية فلم ينفذ ذلك لها كما لو طلقها في مرض موته
واوصى لها بأكثر مما كانت ترث مسألة اختلف علماؤنا في أن الإجازة والرد هل يشترط فيهما موت الموصي بحيث لو أجاز الورثة الوصية بالجميع أو بالزايد
على الثلث في حياة الموصي لم يكن بإجازتهم اعتبار بل لهم الرجوع في الإجازة وكذا في الرد لو رد الورثة الوصية ثم مات الموصي فأجازوا صحت الإجازة وبطل الرد أولا يشترط
موت الموصي فيهما بل متى أجازوا لم يكن للورثة الرد بعد موت الموصي فقال المفيد وسلار وابن إدريس من علمائنا بالأول وبه قال ابن مسعود وشريح وطاوس
والحكم والثوري والحسن بن صالح بن حي والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأبو حنيفة وأصحابه لانهم أسقطوا حقوقهم فيما لم يكلموه فلم يلزمهم كالمرأة إذا سقطت صداقها
قبل النكاح أو أسقط الشفيع حقه من الشفعة قبل البيع ولأنها حالة لا يصح فيها ردها للوصية فلم تصح فيها اجازته كما قبل الوصية والجواب لولا تعلق حق الوارث لم يمنع
المريض والإجازة انما هي تنفيذ فعل قد حصل فلا يتحقق قبل الوصية والفرق بين الرد والإجازة ظاهر فان الرد انما لم يعتبر حال حياة الموصي لان استمرار الوصية يجري
مجرى تجددها حالا فحالا بخلاف الرد بعد الموت والإجازة حلا الحياة وقال الشيخ ره ولا يشترط في الإجازة موت الموصي فليس لهم الرجوع بعد موت الموصي فيما اجازة (؟)
حياته وبه قال ابن حمزة وابن الجنيد والصدوق من علمائنا وهو المعتمد عندي وهو أيضا قول الحسن البصري وعطا وحماد بن سليمان و عبد الملك بن يعلي والزهري وربيعة والأوزاعي
وابن أبي ليلى لعموم قوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين ولان الرد حق للورثة فإذا رضوا بالوصية سقط حقهم كما لو رضي المشتري بالعيب ولان الأصل عدم اعتبار
اجازة الوارث لأنه تصرف من المالك في ملكه لكن منع من الزيادة على الثلث ارفاقا للوارث فإذا رضي الوارث زال المانع ولان المال الموصي به لا يخرج عن ملك الموصي
والورثة لأنه ان براء كان المال له وان مات كان للورثة فإن كان للموصي فقد أوصي به وإن كان للورثة فقد اجازة وما رواه الخاصة في الصحيح عن منصور بن حازم عن
الصادق (ع) في رجل اوصى بوصيته وورثته شهود فأجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم ان (يردوه أقروا به) قال ليس لهم ذلك وصية جايزة عليهم إذا
أقروا بها في حياته قالوا لم يتحقق استحقاق الورثة قبل الموت لجواز ان يبرء المريض أو يموتوا قبل موته قلنا
قد بينا ان لهم تعلقا ما ولهذا منع المريض من التصرف فيه
وقال مالك ان الإجازة قبل الموت تلزم الا ان يكون الوارث في نفقته تذنيب لو اذن الورثة للموصي في أن يوصي بأكثر من الثلث كان حكم اذنهم كحكم اجازتهم
قبل الموت تمضي عندنا والقائلون ببطلان الإجازة قالوا لهم الرجوع في الاذن بعد الموت وقال مالك إذا أذنوا له في الوصية وهو صحيح فلهم الرجوع وان أذنوا وهو
مريض فلا رجوع لهم لأنه حالة المريض حالة الحجر عليه فإذا (إذا لوا) حجره باذنهم لهم لزمهم حكم الاذن اخر إذا أجازوا بعد الموت وقبل القسمة لزمت الوصية وللشافعي في تنزيلها
منزلة الإجازة قبل الموت قولان مخرجان والظاهر لزومها مسألة لا يشترط في الإجازة علم الورثة بالقدر الزايد على الثلث ولا قدر التركة لو لم يعرف الورثة
قدر الزايد ولا قدر التركة صحت الإجازة عند علمائنا وهو قول أكثر الشافعية لان الإجازة تنفيذ فتجري مجري الابراء عن المجهول وعلى قولهم الأخر بأنها عطية مبتدأة
يشترط علم الورثة بقدر الزايد على الثلث وقدر التركة ولو اوصى بجزء الزايد على الثلث كنصف تركته مثلا فأجاز الوارث ثم قال كنت اعتقد ان التركة قليلة فبانت أكثر
مما كنت اعتقد فالأقرب الرجوع إليه وقبول قوله مع اليمين وتنفذ الوصية في القدر الذي كان يعتقده وهو قول الشافعي في كتاب الام قال أصحابه وانما يحتاج إلى اليمين
إذا حصل المال في يد الموصي له إما إذا لم يحصل فلا حاجة إلى اليمين إذا جعلناها ابتداء هبة فان الهبة قبل القبض لا تلزم وقال بعضهم ان التنفيذ في القدر الذي
يتحققه مبني على أن الإجازة تنفيذ فينزل منزلة الابراء إما إذا جعلناها ابتداء هبة فإذا حلف بطل في الجميع هذا إذا لم يكن بينة فان أقام الموصي له بينة على أن الوارث
كان عالما بقدر التركة عند الإجازة لزمت ان جعلناها تنفيذا فان جعلناها ابتداء هبة لم يلزم إذا لم يوجد القبض إما لو كانت الوصية بمعين من التركة كعبد أو
دارا أو ثوب فأجاز الوارث قال كنت أظن أن التركة كثيرة وان العبد خارج من ثلثها فظهر لي خلافه أو ظهر دين لم اعلمه أو تبين لي انه تلف بعضها لم يتلفت إليه وصحت الوصية
لان العبد معلوم لا جهالة فيه والجهالة في غيره بخلاف ما إذا كانت الوصية بالجزء المشاع وقال بعضهم يحتمل ان يملك الفسخ لأنه قد يسمح بذلك ظنا منه انه يبقى له من
المال ما يكفيه فإذا بان خلاف ذلك لحقه الضرر في الإجازة فملك الرجوع كالمشاع وقالت الشافعية ان جعلنا الإجازة ابتداء عطية صحت الوصية للعلم بقدر الذي
وقعت الإجازة فيه وان جعلناها تنفيذا وامضاء فقولان أحدهما الصحة للعلم بالعبد والثاني انه يحلف ولا يلزم الا الثلث كما في المشاع مسألة انما تعتبر الإجازة
من وارث جايز التصرف فلو أجاز الأجنبي أو الصبى أو المجنون أو المحجور عليه لسفه لم تصح الإجازة لأنها تبرع بالمال فلم تصح منه كالهبة واما المحجور عليه للفلس فان قلنا الإجارة
تنفيذ صحت الوصية وان قلنا إنها هبة لم تصح لأنه ليس له هبة ماله إذا عرفت هذا فالعبرة في اجازة من هو وارث يوم الموت حتى لو اوصى لأجنبي ولا ابن له بل كان
له أخ أو عم ثم تجدد بعد الموت له ابن اعتبر في تنفيذ الوصية اجازة الابن المتجدد لأنه الوارث يوم الموت وقد ظهر ان الأخ أو العم لا ارث له فلا اعتبار بإجازتهما لو كانا قد
أجازوا لو كان للموصي ابن وأخ فالوارث هو الابن فلو أجاز الوصية ثم مات قبل موت الموصي بطلت اجازته واعتبر اجازة لأنه الوارث يوم الموت الباب الثاني
في الوصية بالأعيان المعينة وفيه بحثان الأول في الأعيان المحرمة مسألة قد بينا انه يشترط في الوصية بالأعيان ان يكون محللة يجوز الانتفاع بها فلو اوصى
بالأعيان المحرمة فإن لم يفرض لها منفعة محترمة بطلت الوصية اجماعا كما لو اوصى بما في اعانة الظالم على ظلمه والفاسق على فسقه والزناة على زناهم لأنها وصية بغير المعروف و
482

ومشتملة على المساعدة للظالم على الظلم فان فرض لها منفعة محللة إما مع بقاء عينها على صفتها الموجودة حالة الوصية أو بعد زوال صفاتها صحت الوصية اجماعا لعدم
انحصار المنافع في المحرمة والأصل حمل تصرفات المسلم على الصحة وكذا لو اوصى بكتبه التورية والإنجيل لأنهما محرفتان وكذا لو اوصى بكتبة كتب الضلال مسألة لو اوصى
بكلب الهراش لم تصح الوصية لأنه ليس بمال ولا يجوز اقتناؤه ولا بيعه ولا ثمنه إما لو كان الكلب مما يحل اقتناؤه مثل كلب الصيد والماشية والزرع والحائط صحت الوصية به اجماعا لان
فيه نفعا مباحا وتقر اليد عليه والوصية تبرع تصح في المال وغير المال من الحقوق ولأنه تصح هبة فتصح الوصية به كالمال ولو قال اعطوه كلبا من كلابي فإن لم يكن له كلب مباح اقتناؤه
بل كل كلا به كلاب الهراش بطلت الوصية ولو كان له كلاب يباح الانتفاع بها صحت الوصية واعطى واحدا منها وكذا لو قال اعطوه كلبا من مالي فان قلنا الكلب المباح اقتناؤه
يصح بيعه وشراؤه كان مالا وصحت الوصية به وان قلنا إنه لا يصح بيعه فإنه تصح الوصية به أيضا وبه قال الشافعي وان لم يكن الكلب مالا لان المنتفع فيه الكلاب يصح اقتناءه واعتبار (بدي المتداولة عليه كالأموال) ويستعار له اسم المال بهذا الاعتبار بخلاف كلب الهراش فان الوصية به
باطلة سواء قال اعطوه كلبا من كلابي أو من مالي لأنه لا يصح ابتياع الكلب المذكور لأنه لا قيمته له ولا يباح اقتناؤه ولا يعد ما لا حقيقة ولا مجاز بخلاف ما لو قال اعطوه
عبدا من مالي ولا عبد له فإنه يشتري له عبد من ماله لتعذر شراء كلب ولو تبرع متبرع وأراد تنفيذ وصيته من عند احتمل الجاز كما لو تبرع بقاء دينه مسألة
لو كان له كلب يباح اقتناؤه ولا مال له سواه فأوصى به لم تنفذ الوصية الا في الثلث لأنه شئ ينتفع به فلم يكن له تفويت جميعه على الورثة كالأموال ولو لم يكن له كلب وقال اعطوه
كلبا من كلابي بطلت الوصية لفوات محلها ولو قال كلبا من مالي فان جوزنا بيعه صحت الوصية واشترى له من ماله كلب يباح اقتناؤه وان منعنا من بيعه بطلت الوصية
لأنه لا يصح ابتياع الكلب حيث لا قيمة له بخلاف الشاة ولو كان له كلب يباح اقتناؤه وله مال سواه فان منعنا من بيعه فللموصي له جميع الكلب وان قل المال من قليل المال خير من الكلب
لأنه لا قيمة له وهو قول بعض العامة وقال بعضهم للموصي له به ثلثه وان كثر المال لان موضوع الوصية على أن يسلم ثلثا التركة للورثة وليس في التركة شئ من جنس الموصي به ولا
يصح تقويمه بحيث يندر للورثة من باقي التركة بقدر ثلثي قيمته وان جوزنا بيعه قوم من باقي التركة كغيره من الأموال ولو اوصى ببعضه أو كان له كلاب فأوصى ببعضها صحت الوصية
واعتبرت قيمته من الثلث وقال بعض الشافعية لا يعتبر خروج الموصي به من الثلث لأنها غير متقومة ويكفي ان يترك شيئا للورثة كم كان والمشهود عنهم اعتبارهم كما في الأموال وعلى هذا
لو لم يكن الا كلب واحد لم يجب اعتبار الثلث منه وإن كان له كلاب ففي كيفيته لهم وجوه أحدها انه ينظر إلى قيمتها بتقدير المالية فيا كما يقدر الرق في الحر عند الحاجة وينفذ
الوصية في الثلث بالقيمة والثاني انه ينظر إلى عدد الرؤس وينفذ الوصية من ثلثه في أحد والثالث انه تقوم منافعها لأنه لا مالية للذوات ويؤخذ الثلث من قيمة
المنافع ومن لا يملك الا كلبا وطبل لهو وزق خمر محترمة فأوصى بواحد منها واردنا اعتبار الثلث لم يجز الوجه الثاني ولا الثالث لأنه لا تناسب بين الرؤس ولا بين المنافع
فيتعين اعتبار القيمة هذا إذا لم يكن للموصي بالكلب مال إما إذا كان له مال وكلاب فأوصى بجميعها أو بعضها
فللشافعية وجوه أظهرها نفوذ الوصية وان كثرت وقل المال
لان المعتبر ان يبقى للورثة ضعف الموصي به والمال وان قل خير من ضعيف الكلب الذي لا قيمته له والثاني ان الكلاب ليست من جنس الأموال فيقدر كأنه لا مال له وتنفذ
الوصية في ثلث الكلاب على ما مر وهذه كما أن وصيته بالمال والصورة هذا تعتبر من ثلث المال ويقدر كأنه لا كلاب له والثالث انه تقوم الكلاب أو منافعها على اختلاف
الوجهين السابقين ويضم إلى ماله من المال وتنفذ الوصية في ثلث الجميع كمن له أعيان ومنافع واوصى له بها فان ثلثه يعتبر من الأعيان والمنافع جميعا مسألة لو
خلف مالا وكلابا فأوصى بالكلاب لرجل وبثلث ما له لاخر فللموصي له بالثلث الثلث وللموصي له بالكلاب ثلثها وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انه تنفذ الوصية
بجميع الكلاب لان ثلثي المال الذي يبقى للورثة خير من ضعف الكلاب واستبعد بعضهم هذا لان ما يأخذه الورثة من الثلثين وهو حصتهم بحسب ما نفذت الوصية فيه وهو
الثلث فلا يجوز ان يحسب عليهم مرة أخرى في الوصية بالكلاب وقال بعضهم تضم قيمته الكلاب أو منافعها إلى المال ويدخل المال في حساب الوصية بالكلاب وان لم يدخل
الكلاب في حساب الوصية بالمال ولو وصى بثلث ماله ولم يوص بالكلاب دفع إليه ثلث المال ولم يحسب الكلاب على الورثة ان منعنا من بيعها لأنها ليست مالا ويحتمل احتسابها لان
لها قيمة مقدرة عند علمائنا وإذا قسمت الكلاب بين الوارث والموصي له أو بين اثنين وموصي لهما بها أو بين وارثين قسمت على عددها ان لم يكن لها قميته فان تشاحوا في
بعضها فينبغي ان يقرع بينهم فيه ولو اوصى بكلب من كلابه فالتخيير للورثة وقال بعض ا لعامة بالقرعة فلو كان له كلب مباح اقتناؤه وكلب هراش فالوصية بالمباح ومذهب
الشافعي في هذا كله قريب مما قلناه والأقرب صحته الوصية بالجز والصغير ان قصد به الصيد أو حفظ الزرع أو الماشية والحايط ولا تصح الوصية بالخنزير ولا بشئ من السباع
المحرم اقتناؤها وكذا كل ما لا منفعة فيه لا تصح الوصية به وقد تقدم مسألة لو اوصى بدف من دفوفه قال الشيخ ره لا تصح على مذهبنا لان استعمال ذلك محظور
وقالت العامة بجوازه لما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف وقال ابن إدريس نعم قاله الشيخ لأنه من اللعب واللهو وإن كان قد روي رواية شاذة
انه مكروه وليس بمحظور وقد تقدم البحث في تحريم استعمال الدف مسألة لفظة الطبل تستعمل في طبل الحرب الذي يضرب به التهويل وعلى طبل الحجيج والقوافل الذي
يضرب به لاعلام النزول والارتحال وعلى طبل العطارين وهو سفط لهم وعلى طبل اللهو وقد فسر بالكوبة الذي يضرب بها المحشون وسطها ضيق وطرفاها واسعان وهي
من الملاهي ولعل التمثيل بها أولي من التفسير فان اوصى بطبل حرب صحت الوصية اجماعا لان فيه منفعة مباحة وكذا باقي الطبول الا طبل اللهو فإن كان في الحال يصلح بطل
اللهو والحرب معا صحت الوصية به لان المنفعة به قايمة وكذا ان صلح للحجيج أو المنفعة مباحة في الحال صحت الوصية وان لم يصلح الا للهو لكن يصلح لغيره بعد تغير يبقي معه
اسم الطبل صحت الوصية أيضا خلافا للحنابلة لأنها عين يمكن الانتفاع بها مع تغييرها وبقاء اسم الموصي به عليه فصحت الوصية به كما لو اوصى بعبد مريض لا يمكن الانتفاع
به في الحال واما ان لم يمكن الانتفاع به الا بعد تغييره عن صفته بحيث لا يبقى اسم الطبل معه فالأقرب الصحة أيضا سواء كان لا ينتفع به الا برضاضه أو ينتفع به مع بقاء تركيبه لا
على هيئة الطبل الذي لا ينتفع به الا في اللهو وسواء كان لرضاضه قيمته مقصودة نفيسه كما لو كانت من ذهب أو فضة أو عود أو غير مقصودة ولا نفيسة (كنخالة) الخشب إذا
كان له نفع ما وان قل والشافعية فصلوا مختلفين فقالوا إن كان لا يبقى اسم الطبل عند زوال الصفة المحرمة فيه لم تصح الوصية عند بعضهم لأنه اوصى الطبل ولا يمكن
بقاء السم الا مع تحريم المنفعة هو المشهور عندهم والا صحت وقال آخرون انه إذا لم يصح لغرض مباح مع بقاء اسم الطبل وكان لا ينتفع به الا برضاضه لم تصح الوصية
لأنه لا يقصد منه الرضاض الا إذا كان من شئ نفيس كذهب أو عود (فتزل) الوصية عليه فكأنه اوصى برضاضه إذا كسرو الوصية قابلة للتعليق ولهم في بيع الملاهي التي
يعد رضاضها ما لا ثلثه أوجه ثالثها الفرق بين أن تكون متخذة من نفيس جواهر أو من غيره فان اكتفينا بمالية الرضاض لصحة البيع في الحال فكذا لك في الوصية مسألة
إذا اوصى بما يقع اسمه على المحلل والمحرم ولم ينص على أحدهما بل اطلق صرف إلى المحلل دون المحرم ميلا إلى تصحيح الوصية لان الموصي يقصد حيازة الثواب والظاهر أنه
يقصد ما تصح الوصية فيه ولان الظاهر من حال المسلم صحة تصرفاته فيحمل مطلقة عليها عملا بالظاهر وعدولا عن غيره وصونا لكلام العاقل عن اللغو له عن التصرف
483

الفاسد والمنهي عنه شرعا فلو كان له طبلان أحدهما طبل حرب والاخر طبل لهو واوصى بطبل من ماله أو من طبوله صرف إلى طبل الحرب دون طبل اللهو ولو تعددت الطبول
المباح استعمالها كان للموصي له واحد منها إما القرعة أو بما يخصصه الورثة ولو لم يكن الا طبول محرمة لم تصح الوصية الا ان ينتفع برضاضها أو بإزالة صفتها وإذا صحت
الوصية بالطبل فالجلد الذي عليه يدفع إلى الموصي له سواء كان يقع عليه اسم الطبل من دون الجلد أو لا يقع عليه اسم الطبل لأنه كجزء من المسمى وقالت الشافعية إن كان
لا يقع عليه اسم الطبل الا معه دخل والا فلا ولا باس به والدف قد بينا الخلاف في أنه هل يجوز الوصية به فان جوزنا وكان عليه شئ من الجلاجل وحرمناها نزع ولم يدفع إليه
الا ان ينص عليه مسألة اسم العود يقع على الذي يضرب به وهو عود اللهو وعلى واحد الأخشاب منها التي تستعمل في البناء والذي يصلح للقسي والعصي والوصية يعود
اللهو كالوصية بالطبل فينظر هل يصلح على هيئة لمنفعة مباحة أو بعد تغييره مطلقا عندنا وتغيير أيبقى معه اسم العود عند الشافعية فتصح المنفعة به أو لا تصلح فلا يصح و
إذا صحت الوصية لم يدفع إليه الوتر والمضراب لأنه يسمى عودا دونهما فلو قال اعطوه عودا من عيداني ولم يكن له الا عيدان القسي والبناء فيعطي واحدا منها وكذا لو كان
معها عيدان اللهو لكنها تصلح لمنفعة مباحة إما مطلقا أو مع التغيير فيعطيه الوارث ما شاء من الجميع أو يقرع له بين الجميع وإن كان له عيدان اللهو التي لا تصلح لمنفعة مباحة
وعيدان القسي والبناء اعطى واحدا من العيدان المباحة إما بالقرعة أو بالاختيار وهو أحد وجهي الشافعية كما في الطبل من أنه ينزل على المباح استعماله وكما لو لم يكن
الا عيدان القسي والبناء صوفا لتصرف المسلم عن افساد ولكلامه عن الهذرية ولان المحرم استعماله ساقط الاعتبار في نظر الشرع فأشبه المعدوم والثاني هو الاظهر
عندهم تنزيل الوصية على عيدان اللهو فتبطل الام اسم العود عند الاطلاق انما ينصرف إليه واستعماله في غيره مرجوح وليس كما لو قال عودا من عيدان وليس له الا أعواد
القسي والبناء لان هناك التقييد منعنا من الاخذ بالاطلاق وبخلاف الطبل لوقوعه على طبل اللهو وغيره بالسوية ونمنع ظهور اسم العود في الذي يضرب به بل هو لفظ
مشترك يستعمل فيه وفي الذي (يتخربه؟) وفي الواحد من الأخشاب بحسب الحاجة سلمنا ان الاستعمال في عود اللهو أظهر لكنه كما ينصرف إليه إذا كان واحدا ينصرف إليه إذا
جامع المباح فيلزم ان ينصرف قوله عودا من عيداني إليه وحينئذ وجب ان تلغوا الوصية إذا لم يكن له عيدان لهو وإن كان له ما يصلح الأبنية والقسي وليس كذلك
مسألة إذا اوصى له بعود ولا عود له فإن كان قال من عيداني بطلت الوصية لفوات محلها وان قال من مالي أو اطلق صحت الوصية فان قلنا إنه ينصرف مطلقة
إلى عود اللهو اشترى له عود لهم يصلح لمنفعة مباحة أو ينتفع برضاضه وبالجملة يشتري ما لو كان موجودا في ماله أمكن تنفيذ الوصية بالعود به ولو لم يمكن الانتفاع
به الا على الوجه المحرم احتمل صرفه إلى المجاز كعود البناء والقسي والبطلان على بعد وان قلنا إنه لا ينصرف مطلقة إلى عود اللهو صحت الوصية فان أمكن الانتفاع بعود
اللهو بالمحلل أو بالرضاض جاز ان يشتري لها وما يريده الوارث وان لم يكن اشترى له عود البناء أو القسي بحسب تخصيص الوارث أو القرعة قيل وقوع الطبل على أنواعه
ليس كوقوعه العود على معاينة المذكورة بل الطبل موضوع للمشترك بين الأنواع وليس من الألفاظ المشتركة بينها والعود مشترك بين الخشب الذي يضرب به والذي يتخير
به ثم هو بالمعنى الأول غير مشترك بين ما يستعمل في الأبنية ويصلح للقسي بل للمشترك بينهما لو اوصى بعود من عيدانه وليس له الا واحد من أعواد اللهو واحد مما يصلح
للبناء وواحد ما يصلح لقسي فان حملنا اللفظ العيدان على هذه الآحاد حملنا اللفظ المشترك في مبنية معا وهو ممنوع عند محققي الأصوليين فان منع فهذه الصورة كما
لو اوصى بعود من عيدانه وليس له الا واحد من عيدان اللهو أولا عود تذنيب الوصية بالمزمار كالوصية بعود اللهو فان أمكن الانتفاع به على الوجه المباح أو برضاضه
صحت الوصية به والا فلا وإذا صلح لم يلزم تسليم المجمع وهو الذي يجعله الزامر بين شفيته لان الاسم لا يتوقف عليه مسألة اسم القوس يقع على العربية وهي التي
يرمي بها النبل وهي السهام العربية وعلى الفارسية وهي التي يرمي بها النشاب وعلى القسي التي لها مجرى ينفذ فيه السهام الصغار وتسمي الحسبان وعلى الجلاهق وهو ما يرمي
به البندق وعلى قوس الندف والسابق إلى الفهم من لفظ القوس أحد الثلاثة الأول فإذا قال اعطوه قوسا حمل على أحدهما دون قوس الندف والجلاهق قاله الشيخ ره وهو
قول الشافعي عملا بالعرف والاطلاق يحمل عليه وقال ابن إدريس الورثة بالخيار في اعطاءه أيها شاؤوا من الخمسة الأقواس ومنع العرف فيما ذكره الشيخ وتخصيص كلام الموصي العام
يحتاج إلى دليل والشيخ ره لا ينازع في نقل العرف (قلعه) نقل عرفا (العويا) أو عاميا في أن القوس انما يطلق حقيقة على أحد الثلاثة السابقة فالوجه ان نقول إن كان في
لفظه أو حاله قرينة تقتضي صرف اللفظ إلى أحدهما صرف إليه مثل أن يقول قوسا يندف به أو يتعيش به أو ما أشبه ذلك صرف إلى قوس الندافين وان قال فغيروا به خرج منه
قوس الندف والبندق ولو كان الموصي له ندافا لإعادة له بالرمي أو بندقانيا لإعادة له بالرمي بشئ سواء أو كان جنديا يرمي بقوس النشاب لا غيره ان صرفت الوصية إلى قوس
الذي يستعمله عادة لان ظاهر حال الموصي انه قصد نفعه بما جرت عادته بالانتفاع به وان انتفت القراين فالقرعة أو ما يختاره الورثة فروع أ إذا كان اعطوه
قوسا من قيس وله الخمسة فكالإطلاق ولو لم يكن له الا نوع واحد انصرف اللفظ إليه صوتا للفظ عن الهذيرته وللتقييد والإضافة تعدد ماله فان تساوت القراين
فكالمطلق وان تفاوت حمل على السابق إلى الفهم ولو لم يكن له الا قوس الجلاهق أو الندف حمل عليه للتقييد والإضافة ولو كان له قوس الجلاهق وقوس الندف جميعا قال
الشافعية يعطي قوس الجلاهق لان الاسم أسبق إليه وقد تقدم كلا منا فيه ب لو قال اعطوه ما يسمى قوسا فالوجه ان للوارث ان يعطيه ما شاء من الأنواع الثلاثة وغيرها
وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انه كالمطلق وليس بجيد ج إذا اوصى له بقوس اعطى قوسا معمولة لأنها لا تسمى قوسا الا كذلك وهل تستتبع الوصية بالقوس
الوتر احتمال ينشأ من توقف الانتفاع عليه فكان كجزء من اجزائها ومن خروجه عن مسمى القوس فأشبه الوصية بالدابة فإنها لا تستتبع السرج وللشافعية كالوجهين
وأصحهما عندهم الثاني ويجري الوجهان في بيع القوس دلا يدخل النشاب ولا غلاف القوس في الوصية ويدخل الريش والنصل في الوصية بالسهم لثبوتهما فيه
البحث الثاني في الوصية بالأعيان المباحة من الحيوان وهو قسمان الأول الحيوان غير الرقيق مسألة تصح الوصية بالحيوانات المملوكة سواء
الآدمي وغيره بلا خلاف لأنها أعيان ينتفع بها ويصح نقلها بعوض وغيره فلو اوصى له بشاة تناول الذكر والأنثى لأنه اسم جنس كالانسان وليست التاء فيه للتأنيث يدل عليه
قولهم لفظ شاة يذكر ويؤنث ولهذا حمل قوله صلى الله عليه وآله في أربعين شاة شاة على الذكور والإناث وهو قول أكثر الشافعية قالوا لان أصح الوجهين جواز اخراج الذكر عن خمس من الإبل
لشمول الاسم وقال الشافعي في كتاب الام ان اسم الشاة لا يتناول الكباش والتيوس وانما هو للإناث للعرف ويتناول اسم الشاة صغيرة الجثة وكبيرتها والسليمة والمعيبة
والصحيحة والمريضة والضانية والماغرة وهل يتناول النخلة والعناق للشافعية وجهان أظهرهما ان اسم الشاة ولا يقع عليهما والثاني يقع لأنه اسم جنس إذا ثبت هذا
فلو قال اعطوه شاة من شياة أو من غنمي فإن لم يكن له غنم فالوصية باطلة لفوات محلها ان مات ولا غنم له وإن كان له غنم اعطى واحدة منها سليمة ومعينة من الضان
أو المعز فإن كانت كلها ذكورا اعطى ذكرا وا كانت كلها إناثا اعطى أنثى وإن كان بعضها ذكورا وبعضها إناثا جاز ان يعطي أنثى وفي الذكر الشافعية قولان بناء على
484

تناول الشاة للذكر ويحتمل على قول من منع منهم من اطلاق اسم الشاة على الذكر بطلان الوصية لو قال اعطوه شاة من غنمي ولا أنثى له كما لو قال اعطوه شاة من غنمي ولا غنم له
فان الوصية باطلة لفوات محلها فروع أ لو قال اعطوه شاة من مالي فإن لم يكن له غنم اشترى له ما يتناوله اسم الشاة من مال الموصي بخلاف ما لو قال من غنمي ولا غنم له
لفوات محل الوصية ولو كان له غنم اعطى واحدة منها يتناولها الاسم وهل للوارث ان يعطي ما يتناوله الاسم على غير صفة غنمه بان يشتري له شاة يتناولها الاسم ولا يكون من
غنم الموصي الأقرب الجواز لصدق الاسم عليها ب لو قال اعطوه غنما من مالي فقد قلنا إنه يتخير الوارث لو كان للموصي غنم بين ان يعطيه من غنم الميت وبين ان يشتري له من
مال الميت وليس له ان يشتري من مال نفسه لان الوصية تقيدت الإضافة إليه فليس له التخطي وكذا لو لم يكن للموصي غنم وجب ان يشتري من ماله لا من مال الوارث إما لو
قال اعطوه شاة أو شيئا اخر ولم يضف إليه جاز للوارث ان يعطي من مال نفسه كما له ان يقضي دين غيره ج لو قال اشتروا له شاة وله شياة لم يعطه منها لأنه قيد الوصية بالشراء
وهو يدل على إرادة غير غنمه وهل لم يجوز ان يشتري معينة الأقرب ذلك لأنا بينا صحة تناول اللفظ لها وكذا المريضة وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجوز ان يشتري معيبة
لأن اطلاق الامر بالشراء يقتضي السليم كما في التوكيل بالشراء د قد بينا صحة تنال الشاة للذكر والأنثى إذا لم يكن هناك قرينة تدل على التخصيص ولو كان هناك قرينة
تدل على التخصيص حمل اللفظ عليه فلو قال اعطوه شاة يحتلبها وجبت الأنثى ولو قال اعطوه كبشا أو يتسا أو
شاة لينزيها على غنمه فالوصية بالذكر قطعا ولو قال اعطوه
نعجة أو شاة يحتلبها أو ينتفع بدرها ونسلها فهي بالأنثى ه‍ الظبا قد يقال له شياة البر والثور الوحشي قد يسمى شاة في اللغة لكن مطلق الوصية بالشاة
لا تحمل عليها لان استعمال فيهما مجاز لعدم سبق الفهم إليها وثبوت سبقه في غيرهما ما لو قال اعطوه شاة من (شيا) هي وليس له الا الظبا فالأقرب صرف الوصية إليها صونا
اللفظ عن الهذرية وللشافعية وجهان مسألة البعير والجمل والناقة أسماء تشمل السليم والمعيب والنجاة والعراب واسم الجمل لا يطلق على الأنثى بل على الذكر خاصة وكذا
الناقة لا تطلق على الذكر بل على الأنثى من الإبل خاصة ولا يطلق على الجمل وما البعير فالأقرب انه كالشاة فمن جعلها شاملة للذكر والأنثى باعتبار كونها اسم جنس جعل
البعير هنا شاملا للذكر والأنثى لأنه جنس وللشافعية الخلاف هناك ونص الشافعي انه لا يتناول الناقة وينزل اسم البعير منزلة الجمل لكن الاظهر عند أصحابه التناول
لأنه اسم جنس في اللغة والعرب يقول صرعتني بعيري وحلب فلان بعيره وقال بعض الشافعية نص الشافعي على الذكر فيما إذا عم العرف باشتمال البعير بمعني الجمل والعمل يقضيه اللغة
إذا لم يعم واعلم أن اللفظ القابل لمعان متعددة يقتضي تخير الوارث أو القرعة وتطلق هذه الألفاظ السابقة على الصحيح والمريض والسليم والمعين والصغير والكبير ولو اوصى بما بلغ سنا معينة
وجب ولو قال اعطوه بنت مخاض لم يجز الا ما كمل سنة سنة والأقرب انه يجزي بنت اللبون لأنه أعلى منها وانفع على اشكال مسألة اسم الثور للذكر من البقر خاصة
واما البقرة فالأقرب انها لا تتناول الذكر من البقر وهو أصح وجهي الشافعية قضاء للعرف الدال على التخصيص بالأنثى والثاني انها تتناول الذكر أيضا كالشاة والجمل والتاء
في البقرة للتوحيد كقولنا نمرة وظبته وهو قول أبي حنيفة وكذا الخلاف في اسم البغلة ولو قال اعطوه عشرة من الإبل أو البقر أو الغنم جاز الذكر والأنثى ولو قال عشر
أنيق أو بقرات لم يعط الذكور بل الإناث هنا ولا فرق بعد التصريح بلفظ لا ينق والبقرات بين أن يقول عشر أو عشرة وعند الشافعية ان هذا في البقرات جواب على الصحيح وهو ان
البقرة للأنثى ولو قال اعطوه عشرا من الإبل أو عشرة جاز الذكر والأنثى لتناول الإبل النوعين وقال بعضهم انه ان قال عشرة فهو للذكر وان قال عشرا فهو للإناث ولو
قال اعطوه رأسا من الإبل أو البقر أو الغنم جاز الذكر والأنثى مسألة لو اوصى بكلب أو حمار فالأقرب انصرافه إلى الذكور من هذين الجنسين لانهم ميزا فقالوا كلب و
كلبة وحمار وحمارة وقال بعض الشافعية انها للجنس وان هذا التمييز ليس مستمرا مقررا في اللغة ولذلك فقال صاحب الصحاح ربما قالوا الأتان حمارة فرواه رواية الشئ الغريب و
بتقدير استمراره فلا شك ان العرف اشتهر بخلافه وفيه منع ولو اوصى بكلبة أو حمارة أو اتان فهو للأنثى خاصة ولا يتناول اسم الكلب الخنزير ولا بالعكس وقول الشيخ في غسل الأواني
انه لو لاغ الخنزير في الاناء غسل ثلثا أولاهن بالتراب لأنه قد يطلق على الخنزير اسم الكلب ممنوع ولو سلم كان مجاز الا يصح الحمل عليه عند الاطلاق تذنيب قد بينا
انه يدخل في اسم الشاة الضان والمعر وكذا يدخل المغز في اسم الغنم ولا يدخل الضان في اسم المغر ولا بالعكس على اشكال من حيث اختلافها في الاسم إما البقر فيتناول الجواميس ولهذا
يدخل في نصب البقر ويكمل بها نصابها وهما من نوع واحد وقال بعض الشافعية الجواميس لا يدخل في البقر الا إذا قال من بقري وليس له الا الجواميس فوجهان عندهم كما تقدم
الظباء مسألة الدابة في الوضع اللغوي الحقيقي اسم لكل ما يدب على وجه الأرض ثم اشتهر استعماله في المركوب من البهايم والوصية تنزل على هذا الوضع الثاني فلو
قال اعطوه دابة انصرف إلى الخيل والبغال والحمير يعطي واحدا منها ذكرا وأنثى لان الاسم في العرف يقع على جميع ذلك وبه قال الشافعي واختلف أصحابه فعن ابن الشريح ان
الشافعي انما ذكر ذلك على عادة أهل مصر في ركوبها جميعا وباستعمال لفظ الدابة فيها فاما في ساير البلاد فحيث لا يستعمل اللفظ الا في الفرس لا يعطي الا الفرس وعن أبي إسحاق وابن أبي (ثور)
وغيرهما ان الحكم في جميع البلاد كما ذكر الشافعي إذا عرفت هذا فإذا قال اعطوه دابة من دوابي وله الأجناس الثلاثة تخير الوارث أو أقرع ولو كان له جنسان فكذلك ولو لم
يكن له الا جنس واحد تعين ولو لم يكن له منها شئ بطلت الوصية لفوات محلها ويدخل في لفظ الدابة الذكر والأنثى والسليم والمعيب والصغير والكبير هذا مع الاطلاق فان
قرن بلفظ ما يخصص اللفظ بأحدها حمل عليه فلو قال اعطوه دابة للكر والفر والقتال حمل على الفرس كذا لو قال دابة يقاتل عليها أو يسهم لها من الغنيمة ولو قال
دابة ينتفع بظهرها ودرها حمل على الفرس والأنثى من الحمير عندنا لان لبنهما مباح وعند العامة تحمل على الأنثى من الخيل خاصة وكذا لو قال بظهرها ونسلها حمل على الأنثى
من الخيل والحمير اجماعا وخرج منه البغال لأنه لا نسل لها ولا در وكذا يخرج منه الذكور ومن الصنفين ولو قال دابة يحمل عليها حمل على البغال والحمير الا ان يكون في البلد جرت
عادته بالجمل على البرازين فيدخل الجميع ولو كان في بلد يعتاد فيه الحمل على الإبل والبقر جاز ان يعطي منهما قاله بعض الشافعية ومنعه باقيهم لأنا إذا نزلنا لفظ الدابة على الأجناس
الثلاثة لا ينتظم منا حملها على غير هذه الأجناس بان يصفها بصفة أو يقيدها بقيد وليس بجيد لان عرف البلد بالنسبة إلى ذلك البلد يجري مجرى العرف العام بالنسبة
إلى العامة مسألة تجوز الوصية بكل حيوان ممنوع ينتفع به منفعة مقصودة في نظر الشرع إن كانت غير مأكولة اللحم تبعا للانتفاع بها ولو بجلدها كما في السباع عند
من جوز بيعها وعند غيره اشكال أقربه الجواز أيضا إما ما لا منفعة له كالحشرات فلا يجوز الوصية بها كما لا تجوز تملكها القسم الثاني في الوصية بالرقيق مسألة
اسم الرقيق يتناول بالوضع الصغير والكبير والسليم والمعيب والسليم والكافر والذكر والأنثى والخنثى إذا ثبت هذا فان قال أوصيت له براس من رقيقي أو قال اعطوه رأسا
من رقيقي فإن لم يكن له رقيق يوم الوصية ولا حدث من بعد فالوصية باطلة لفوات محلها وكذا لو قال اعطوه عبدي الخنثى أو العبد الذي صفته كيت وكيت ولا
عبد له بتلك الصفة يوم الوصية ولا حدث بعده ولو حدث أرقاء بعد الوصية تعلقت الوصية بها وللشافعية الوجهان السابقان في أن الاعتبار بيوم الوصية
أو بيوم الموت وعليهما يخرج ما إذا كان أرقاء يوم الوصية وحدث آخرون بعده فان للوارث ان يعطيه رقيقا من الحادثين بعد الوصية وللشافعية قولان ولو لم يكن
485

له الرقيق واحد وقال اعطوه رأسا من رقيقي صحت الوصية واعطى ذلك الرأس سواء تجدد له غيره أو لا وللشافعية وجهان أظهرهما عندهم صحت الوصية والثاني البطلان
وإذا كان له أرقاء أعطاه الوارث من شاء منهم ويجوز ان يعطي الخنثى لوقوع الاسم عليه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لانصراف اللفظ إلى الغالب المعهود وشبهوا
ذلك بما لو اوصى له بدابة تنصرف إلى المعهود دون ما يدب على وجه الأرض ولا يجوز ان يعطي غير ارقائه بدلا لا برضاء الموصي له ولا بدون رضاه إما بدون رضاه فظاهر
وما معه فلان حقه غير معين والمصالحة عن المجهول غير جايزة مسألة لو كان له أرقاء فأوصى بواحد منهم فماتوا أو قتلوا قبل موت الموصي بطلت الوصية لفوات
محلها فلو بقي واحد منهم تعين ذلك الواحد للوصية وكذا لو أعتقهم الا واحد أوليس للوارث ان يمسك الذي بقى ويدفع إليه قيمة واحد من المقتولين وان قتلوا بعد
موته وبعد قبول الموصي له انتقل حق الوصية إلى القيمة فيصرف الوارث قيمة من شاء منهم إليه ولو قتلوا بعد الموت وقبل القبول فكذلك ان قلنا بالوقف أو قلنا بملك
الوصية بالموت وان قلنا إنها تملك بالقبول بطلت الموصي هو ان مات واحد منهم أو قتل بعد موت الموصي وقبل الموصي له فللوارث التعيين فيه حتى يجب التجهيز على الموصي
له ويكون القيمة له ويكون القيمة له إذا قبل وإذا كان ذلك بعد الموت وقبل القبول فكذلك ان قلنا بالوقف أو قلنا يملك الوصية بالموت وان قلنا يملك بالقبول
اعطى واحد من الباقين كما لو كان ذلك قبل موت الموصي تذنيب لو اوصى له براس من رقيقه ثم أعتقهم بأسرهم ومات ولا رقيق له بطلت الوصية سواء خرجوا من الثلث
أو لا إما مع الخروج فظاهر لأنه تصرف بما يبطل الوصية واما إذا لم يخرجوا فلانه بعتقه قصد الرجوع عن الوصية مسألة لو اوصى برقيق من ماله ولم (يضعه)
إلى ارقائه فإن لم يكن له رقيق اشترى من ماله رقيق ودفع إلى الموصي له وإن كان له رقيق تخير الوارث بين ان يعطيه رقيقا واحدا منها بين ان يشتري له ما شاء من الأرقاء
لان اللفظ يتناولهما فكما يتخير الوارث في العين بين الافراد الشخصية من الأرقاء لو أضاف إلى ارقائه وكان له كذا يتخير في التعيين بين الافراد النوعية حيث كان اسم
المال مطلقا على ما يشترى له وعلى الموجود عنده ولو قال اشتروا له مملوكا فالوجه وجوب الشراء ولا يجزي الواحد من ارقائه ويجوز شراء المعيب على الأقوى وقد تقدم الخلاف في الشاة
لو قال اشتروا له شاة ولو قال اعطوه رأسا ولم يقل من مالي صحت الوصية وكان بمنزلة ما لو قال من مالي لأنه المراد ظاهر أو هو أحد وجهي الشافعية والثاني يبطل والمذهب
عندهم الأول عملا بالظاهر مسألة إذا قال اعطوه عبدا انصرف إلى الذكر ولا يعطي أمة ولا خنثى مشكلا ولو قال اعطوه انه لم يعط عبدا ذكرا ولا خنثى
مشكلا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يجوز اعطاء الخنثى ولو قال رأسا من رقيقي اعطى الوارث من شاء من الثلاثة على ما تقدم الا ان يأتي بقرينة تصرفه إلى معين
منها كما لو قال اعطوه رقيقا يقاتل أو يخدمه في السفر فإنه يحمل على العبد لو قال رقيقا يستمتع به أو يحضن ولده فهو كما لو قال أمة ولو قال رقيقا يخدمه فهو كما لو اطلق
الباب الثالث في الوصية بالعتق والحج وغيرهما من العبادات وفيه مباحث الأول في الوصية بالعتق مسألة العتق من أفضل
العبادات الشرعية قال الله تعالى وما أدريك ما العقبة فك رقبة وروي العامة عن رسول الله ص () أنه قال من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضر ومنها عضوا لهم النار ومن طريق
الخاصة عن الصادق (ع) في الصحيح أنه قال في الرجل يعتق المملوك قال يعتق بكل عضو منه عضوا من النار وقال ويستحب الرجل ان يتقرب عشيته عرفة ويوم عرفة بالعتق والصدقة
وعن النبي أنه قال من أعتق مؤمنا أعتق الله العزيز الجبار بكل عضو له عضوا من النار فإن كانت أنثى أعتق الله العزيز الجبار بكل عضو ين منها عضوا من النار لأن المرأة
نصف الرجل إذا عرفت هذا فالوصية به من أشد الوصايا فضلا وهي ماضية من الثلث الا ان يكون عتقا واجبا بنذر لزمه في صحته أو كفارة لزمته فإنها تمضي من الأصل
لأنه كالدين مسألة إذا قال أعتقوا عني عبد أعتق عنه ما يقع عليه الاسم عملا بمقتضي اللفظ الدال على المطلق فهو كما لو قال أعطوا فلانا رقيقا وهو أظهر وجهي
الشافعية الثاني لهم انه لا يعتق لا من يجزي في الكفارة لان الشرع عرفا معلوما في العتق فينزل لفظ الموصي عليه بخلاف العطايا والتملكيات فإنه لا عرف للشرع فيها خاصا
ولو قال اشتروا بثلثي عبدا أو اعتقوه عني ففعل الوارث ثم ظهر عليه دين مستغرق فالوجه بطلان العتق والشراء والوصية لان الوارث تصرف في التركة مع قيام الدين
المستغرق فيكون باطلا وقالت الشافعية ان اشتراه في الذمة وقع عنه ولزمه الثمن ويكون العتق عن الميت لأنه أعتق عنه وان اشتراه بعين التركة بطل الشراء ولهم تفصيل
في التصرف الوارث في التركة مع قيام الدين ذكروا فيه وجهين وعلى تقدير البطلان لهم مخلاف في أنه إذا تصرف ثم ظهر دين تبين البطلان أم لا مسألة إذا
قال أعتقوا عني رقابا أو اشتروا بثلث مالي رقابا واعتقوهم حمل الجمع على أقله وهو ثلثه فينظر ان أمكن شراء ثلث رقاب فصاعدا بثلثه فعل و (الاسكار) مع الأسر خاص
أولي من الاستقلال مع الاستغلاء فلو كان هناك خمس رقاب قليلة القيمة يمكن شراؤهم بالثلث كان أولي من شراء أربع كثير الثمن لما فيه من تخليص رقبة زايدة عن الرق
ولا يجوز صرف الثلث إلى رقبتين أو رقبة مع امكان الثلث فما زاد فان صرفه في اثنين أو واحدة مع امكان الثلث أو الأربع احتمل بطلان الشراء والعتق لأنه خالف
مقتضي الوصية فلا يتعذر وقال بعض الشافعية ولو اشترى الوصية رقبتين مع امكان شراء ثلث رقاب ضمن ثلث ما نفذ فيه الوصية أو أقل ما يجد به رقبة على خلاف
بينهم فيه ولو لم يمكن شراء ثلث رقاب بالثلث نظر فإن لم يوجد به الا رقيقان (اشتر؟) عتقا ولو أمكن شراء رقبتين وجزء من ثلثة اشتر الرقبتان وهل يجب شراء الزايد عليهما كلام
الشيخ ره يشعر بعدم الوجوب لأنه قال يجب شراء ثلث رقاب ويعتقون لأنه أقل الجمع فان (فطر) الثلث عن ثلثه وزاد على الثلثين جعل لرقبتين أكثرهما ثمنا ولا يفضل شيئا ثم قال وفي الناس من قال تجعل في عبدين وفي جزء من ثالث وروي أصحابنا انه إذا اوصى
بعتق عبد بثمن معلوم فوجد بأقل منه أعطاه البقية ثم أعتق وقال في الخلاف ينبغي ان يشتري بالثلث ثلثه فصاعدا لانهم أقل الجمع فإن لم يبلغ وبلغ اثنين فصاعدا أو جزء من
الثالث فإنه يشتري الاثنان وعتقان ويعطيان البقية لاجماع الفرقة فان هذه منصوصة لهم والمعتمد وجوب شراء جزء من الثلاثة ان أمكن لأنه اوصى بصرف الثلث إليه
الرقاب وأقله ثلاثة وبالجزء الثلث يتحقق الجمع لأنه يستسعي ويكمل عتقه فيتعين بخلاف ما وردت بها رواية من اعطاء العبد الفاضل لان الوصية هناك بعتق عبد وقد
عمل بمقتضاها بقدر الامكان بخلاف صورة النزاع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم لا يشتري الزايد لان الشقص ليس برقبة فصار كما لو قال اشتروا بثلثي رقبة واعتقوه
فلم يجدوا به رقبة لا يشتري الشقص ولان نفاسة الرقبة أمر مرغوب فيه لما روي عنه صلى الله عليه وآله انه سئل عن أفضل الرقاب فقال أكثرها ثمنا وأنفسها عند أهلها فنراعيها إذا
لزمنا محذور التشقيص وهذا الثاني أظهر عند الشافعية وأظهر قولي الشافعي فعلى قولهم بعدم شراء الشقص تشتري رقبتان نفيستان يستغرق ثمنهما الثلث فان فضل
عن أنفس رقبتين وجدنا بطلت الوصية فيه عندهم ويرد على الورثة وان قلنا يشتري الشقص فذلك إذا وجد شقص يشتري بالفاضل وزاد على ثمن النفس رقبتين شئ
إما إذا لم يمكن شراء شقص بالفاضل إما لقلته أو لفقدان الشقص فيشتري رقبتان نفيستان فان فضل شئ عن أنفس رقبتين وجدنا هما بطلت الوصية فيه عندهم
وفيه وجه لهم انه يوقف إلى أن يوجد شقص فإن لم يزد على أنفس رقبتين شئ بل أمكن شراء رقبتين نفيستين وأمكن شراء خسيستين وشقص من ثالثة فأي الطريقين
486

أولي عنهم فيه لهم وجهان أحدهما الأولى لمعنى النفاسة وثانيهما الثاني لما فيه من كثرة العتق ولو كان لفظ اصرفوا ثلثي إلى العتق فلا خلاف في انا نشتري الشقص ولو قال اشتروا عبدا
بألف واعتقوه فلم يخرج الألف من ثلثه وأمكن شراء عبد بالقدر الذي يخرج فيشتري ويعتق قطعا كما لو اوصى باعتاق عبد فلم يخرج جميعه من الثلث يقتصر على اعتاق
القدر الذي يخرج به قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يشتري وتبطل الوصية مسألة لو قال أعتقوا عبدي بعد موتي لم يفتقر إلى قبول العبد لان العتق وان تضمن
حقا للعبد فان فيه حقا لله تعالى قويا فأشبه الوصية للجهات العامة كبناء المساجد وعمارة القناطر وإعانة الحاج والزايرين ولو قال أوصيت له برقبة فهي وصية صحيحة
يقصد بها الاعتاق وهل يفتقر في هذه إلى القبول العبد الوجه العدم لأنه في المعنى بمنزلة قوله أعتقوا عبدي وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم انه يفتقر في هذه إلى القبول لاقتضاء
الصيغة القبول فصار كما لو قال لعبده وهبت منك نفسك أو ملكتك نفسك فإنه يحتاج إلى القبول في المجلس وأبو حنيفة وافقنا على عدم الاحتياج إلى القبول في شئ
من هذه الصور ولو قال وهبت منك نفسك لا على جهة التمليك بل نوي به العتق من غير قبول عند الشافعية وعندي الأقرب البطلان لان الاتهاب لم يقصده والعتق
لم يأت بصيغة مسألة إذا قال إذا مت فاعتقوا ثلث عبدي أو قال ثلث عبدي حر إذا مات قال الشيخ ره في المبسوط يعتق عند ذلك الشقص ولا يقوم عليه نصيب
شريكه وإن كان غنيا واختاره ابن إدريس وبه قال الشافعي لان اعتاق بعض الرقيق انما يسري إلى الباقي إذا كان المعتق مالكا للباقي أو يكون موسرا وإذا مات زال ملكه عن
الباقي وعن ساير املاكه فلا هو حال العتق مالك للباقي ولا موسر بقيمته بخلاف ما لو أعتق المريض بعض عبده فإنه يسرى إلى الباقي إذا وفى الثلث به لأنه مالك للباقي و
لرواية عقبة بن خالد عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل حضره الموت فأعتق مملوكا له ليس له غيره فابى الورثة ان يجيزوا ذلك كيف القضاء فيه قال ما يعتق منه الا ثلثه وروي
احمد ابن زياد عن أبي الحسن قال سألته عن الرجل تخصره الوفاة وله مماليك خاصة نفسه وله مماليك (؟) رجل اخر فيوصى في وصيته مماليكي أحرار ما حال مماليكه الذين في
الشركة فكتب يقومون عليه إن كان ماله يحتمل فيهم أحرار ويمنع صحة السند فان الشيخ قال أحمد بن زياد واقفي مسألة لو كان له ثلثة عبيد متساوية القيمة ولا شئ
له غيرهم فأعتق في مرض الموت ثلث كل واحد منهم فقال أثلاث هؤلاء أحرار وثلث كل واحد حر عمل بمقضى الوصية فيعتق من كل عبد ثلثه لأنها وصيته سابقة بقدر
الثلث فلا يجوز تبديلها وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم انه يقرع بينهم ليجتمع الحرية في واحد فا عتق المالك لا (يتخرى) واعتاق بعض مملوكه كاعتاقه جميعه فكأنه قال
أعتقت هؤلاء ولو قال ذلك لا قرعنا بسهم وحر وبسهمي رق فمن خرج له سهم العتق عتق فكذا هنا وفيه نظر إما لو قال أعتقت ثلثكم أو ثلثكم من اخر فهو كما لو قال أعتقتكم أو أعتقت
واحدا منكم فيقرع بينهم ولا يجئ فيه الوجهان عند أكثر الشافعية وقال بعضهم يجئ الوجهان وجعل الصفتين كما لو قال أثلاث هؤلاء أحرار ولو أضاف إلى الموت فقال
أثلاث هؤلاء أحرار بعد موتي أو ثلث كل واحد منهم فيعتق من كل واحد منهم ثلثه ولا يقرع وبه قال الشافعي لان العتق بعد الموت لا يسري نعم لو زاد ما أعتق على الثلث فيقرع
لرد الزيادة لا للسراية وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم انه يقرع كما لو نجز في مرض الموت فمن خرج له سهم العتق عتق ورق الآخران والصحيح عندهم الأول وفرع بعضهم
عليه فقال لو قال العبد الثلث النصف من كل واحد منكم حر بعد موتي فقد أعتق نصف ماله فإن لم يجز الورثة أقرع بين العبيد بسهم رق وسهمي عتق فالذي اصابه سهم
الرقية يرق واللذان أصابهما سهما العتق يعتق من كل واحد منهما نصفين ولا يسري ولو أعتق الانصاف في مرضه فمن عتق منه شئ لا بد ان يسري إلى باقية إلى أن يتم الثلث فيقرع بينهم
بسهمي رق وسهم عتق فمن خرج له سهم العتق كل وهو لثلث المال ولو لم يكن الا عبدان قيمتهما سواء فقال نصف غانم حر وثلث سالم حر بعد موتي فقد أعتق خمسة أسداس
العبد وليس له الا اعتاق ثلثي عبد فيقرع بينهما لرد الزيادة فان خرج سهم العتق الغانم عتق نصفه وسدس الأخر ليتم الثلث وان خرج لسالم عتق ثلثه وعتق ثلث غانم
وان أعتق نصف كل واحد منهما في مرضه أقرع بينهما فمن خرج له سهم العتق عتق ثلثاه ورق باقيه مع جميع الأخر وهذا كله مفروض فيما إذا أعتق الابعاض معا بان قال أثلاث
هؤلاء أحرار أو نصف كل واحد حرفا ما إذا أقدم واخر فيقدم الا سبق فالأسبق حتى لو قال نصف غانم حر وثلث سالم حر يعتق من غانم ثلثاه ولا قرعه وبه قال الشافعي
مسألة قد بينا ان الوصية تعتبر من الثلث فيمضي فيه خاصة وكذا التبرعات الصادرة في مرض الموت على الأقوى إذا عرفت هذا فإذا وجد تبرعان فصاعدا
فان اتسع لها الثلث خرجت بأسرها وان ضاق فإن كانت منجزة كالعتق والابراء والوقف والصدقة والهبة مع الاقباض والمحابات في العقود فاما ان يرتب أو يوجد دفعه
فان رتب قدم الأول منها فالأول ان تستغرق الثلث فإذا تم الثلث وقف الباقي على اجازة الورثة فان أجازوه أخرجت بأسرها وان أجازوا بعضها اخرج البعض الزايد
وبطل الباقي ولو أجاز بعضهم في بعض الزايد أو في الجميع اختص بالحكم فيه فلا فرق بين ان يكون المتقدم والمتأخر من جنس واحد أو جنسين ولا إذا كان من جنسين بين
ان يتقدم المحاباة على العتق أو يتقدم العتق على المحاباة وبه قال الشافعي لأنها عطية منجزة لازمة فلا يساويها ما بعدها كما لو تقدم العتق أو ترتبت محابات وقال أبو
حنيفة إذا تقدمت المحابات على العتق سوى بينهما ويقسم الثلث عليهما وإذا وجدت دفعة واحدة فاما ان يتحد الجنس أو يختلف فان اتحد كما إذا عتق عبيده فقال
أعتقتكم أو وهب عبيدا من جماعة أو ابراء جماعة لم يقدم البعض على البعض لعدم الأولوية إذا عرفت هذا فالفرق بين العتق وغيره ان غير العتق يقسط الثلث على الجميع باعتبار
القيمة على ما يقتضيه الحال من التساوي أو التفاضل وفي العتق يقرع بين العبيد ولا يفرق الحرية وقال الشافعي لما رواه العامة عن عمران ابن حصين ان رجلا أعتق ستة
مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وآله فجزاهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين و (أو؟) أربعة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مروان عن الشيخ
ان أبا جعفر مات وترك ستين مملوكا فأعتق ثلثهم فأقرعت بينهم وأعتقت الثلث ولان الغرض من الاعتاق تخليص الشخص من الرق ليكمل حاله وهذا الغرض لا يحصل
مع التشقيص لبقاء احكام الرق واما الغرض من الهبة وشبهها فهو التمليك والتشقيص لا ينافيه ولان في قسمة العتق عليهم اضرار بالورثة والميت والعبيد على ما يأتي
بخلاف غيره وقال أبو حنيفة لا يقرع بينهم بل يعتق من كل واحد منهم ثلثه ويستسعى في الباقي وان اختلف الجنس بان وكل بكل واحد نوع وكيلا فتصرفوا دفعة واحدة فإن لم
يكن فيها عتق بسط المثل على الكل باعتبار القيمة لانهم تساووا في الاستحقاق فقسم بينهم على قدر عطاياهم وحقوقهم كغرماء المفلس وإن كان فيها عتق وغيره قال
الشيخ ره يقدم العتق وهو قول الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد لتأكده والثاني يقسط على الجميع لأنها حقوق
تساوت في استحقاقها فتساوت في تنفيذها كما لو كانت
من جنس واحد لان استحقاقها حصل في حالة واحدة وان كنت التبرعات منجزة وترتب بعضها على بعض في الذكر وكانت مختلفة أو متفقة فان السابق مقدم على ما
بعده وبه قال الشافعي واحمد لان العطايا بالمنجزة لازمة في حق المعطي فإذا كانت خارجة من الثلث فقد لزمت في حق الورثة أيضا فلم يشاركها الثانية ان الثانية لو شاركها
لكان ذلك يمنع لزومها في حق المعطي لأنه يملك ان يرجع عنها بعطية أخرى بخلاف الوصايا لأنها لازمة في حقه وقال أبو حنيفة هما سواء لأنهما (عصيان) من الثلث
من جنس واحد فكانتا سواء كالمؤخرتين وليس بجيد لأنهما عطيتان منجزتان من الثلث فإذا عجز الثلث عنهما كانت السابقة أولي كما لو حاباه ثم وهب واما المؤخرتان
487

فعندنا انه يقدم السابق منهما واما عند الشافعية فالفرق انهما استوى في حال لزومهما بخلاف المنجزتين وإذا كانت العطايا المنجزة مترتبة فالسابق أولي من اي جنس
كان على خلاف سبق في العتق ولو كان بعضها واجبا كان أولي بالتقديم وان تأخر والشافعي واحمد وافقانا على تقديم السابق وكذا زفر وقال أبو حنيفة إن كان السابق
المحاباة قدمت على العتق وإن كان السابق العتق سوى بينه وبين المحاباة بينه وبين المحاباة فلو (بي حاثم أعتق ثم أعتق ثم جاني) كان للاولة نصف الثلث والباقي بين العتق والمحاباة
الثانية لان المحاباة حق الآدمي على وجه المعاوضة فكان مقدما كما لو أقر بالدين فإذا تقدمت كانت أولي وإذا تقدم العتق كان له قوة السبق فساوى قوة المحاباة استويا
وليس بجيد لأنهما أعطيتان مرتبتان فقدم السابق منهما كما لو سبقت المحاباة وما قاله ليس بصحيح لان منزلة المحاباة منزلة الهبة ولو كانت منزلة المعاوضة لم تكن من الثلث
وما قاله من السبق يبطل بما إذا عتق ثم أعتق وقال أبو يوسف ومحمد يقدم العتق تقدم أو تأخر لأنه اكد من المحاباة لأنه لا يلحقه الفسخ بخلافها وتفريعها عليه إما إذا تقدم العتق
وإن كانت التبرعات متعلقة بالموت كالوصايا والتدبير فعندنا يقدم السابق في الذكر إلى أن يستوفي الثلث ويكون النقص داخلا على الأخير لان السبق دليل
شدة العنابة وما رواه حمران عن الباقر (ع) في رجل اوصى عند موته أعتقوا فلانا وفلانا حتى ذكر خمسة فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثة أثمان قيمة المماليك الذين امرهم
بعتقهم قال يقوموا وينظروا إلى ثلثه فيعتق منهم أول من سمى ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس وان عجز الثلث كان ذلك في الذين سماهم أخيرا لأنه أعتق بعد مبلغ
الثلث ما لا يملك ولا يجوز له ذلك وقال الشافعي لا يقدم عتق عبد على عتق غيره ولا من غير العتق تبرع على غيره وان تقدم بعض الوصايا وتأخر بعضها بل في العتق
يقرع وفي غيره يقسط الثلث على الكل باعتبار القيمة وفي العتق في هذا القسم وجه له انه لا يقرع بل يقسط الثلث عليهم وانما القرعة من خاصية العتق المنجز هذا
إذا اطلق الوصية إما إذا قال أعتقوا سالما بعد موتي ثم غانما أو أد فعوا إلى زيد مائة ثم إلى عمر وفيقدم ما قدمه عندنا وعنده وإذا اجتمع في هذا القسم العتق وغيره فله
أقوال أحدها يقدم العتق لأنه أقوى لتعلق حق الله وحق الآدمي به ولان له سراية وقوة ليس لغيره وأصحهما عنده التسوية لان وقت لزوم الجميع واحد وهذا وصايا
التمليك مع الوصية بالعتق إما إذا اوصى للفقراء بشئ ويعتق عبد فقولان للشافعية أحدهما يقدم العتق لما فيه من القوة والسراية والثاني التسوية لان كلا منهما في قربة
ولو كان في الوصايا الامر بزكوة واجبة أو حج واجب قدمت تلك الوصية على ساير الوصايا ولا يقدم ما ابتداء به لفظ وبه قال أبو حنيفة لرواية معوية ين عمار
الحسنة قال أوصت إلى امرأة من أهلي بثلث مالها وامرت ان يعتق ويحج ويتصدق فلم يبلغ ذلك فسألت أبا حنيفة عنها فقال يجعل أثلاثا ثلث في العتق وثلث في الحج
وثلث في الصدقة فدخلت على الصداق (ع) فقلت ان امرأة من أهلي ماتت وأوصت إلى بثلث مالها وامرت ان يعتق عنها ويحج ويتصدق عنها فنظرت فيه فلم يبلغ فقال ابدا
بالحج فإنه فريضة من فرايض الله عز وجل ويجعل ما بقى في طايفة في العتق وطايفة في الصدقة فأخبرت أبا حنيفة بقول الصادق (ع) فرجع عن قوله وقال بقول
الصادق (ع) وظاهر كلام الشافعي التقسيط بين الجميع وإن كانت التبرعات بعضها منجزة وبعضها معلقة بالموت قدمت المنجزة لأنها تفيد الملك في الحال ولأنها لازمة
لا يتمكن المريض من الرجوع عنها وبه قال الشافعي وعن أبي حنيفة انه إذا أعتق واوصى بالعتق فهما سواء وليس بجيد إذا عرفت هذا فلو تسمع الثلث لكل المنجزات قدمت
ثم إن بقيت فضلة صرفت في المبدو بذكره من المؤخرات وبالجملة الترتيب واجب قدم المنجز ويبدأوا بالأول منه فالأول ويؤخر المؤخر ويقدم الأول منه فالأول مسألة
التبرعات المنجزة كالعتق والمحاباة والهبة المقبوضة والصدقة المقبوضة والوقف المقبوض والابراء من الدين والعفو عن الجناية الموجبة للمال إذا وقعت في حال
الصحة وهي من رأس المال اجماعا وإن كانت في مرض الموت فهي من الثلث على أقوى القولين عندنا عند جمهور العلماء خلافا لبعض علمائنا حيث قال إنها تمضي
من الأصل قال أهل الظاهر الهبة المقبوضة من رأس المال وليس بجيد لقول رسول الله (ع) انه تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم واما
الاقرار فالوجه ان يقال إن كانت متهما فيه مضى من الثلث وان انتفت التهمة مضى من الأصل لان الانسان في معرض ثبوت الحقوق في ذمته واستمرار ها إلى حين وفاته فلو لم يسمع
اقراره الذي انتفت التهمة فيه لم يكن له طريق إلى ابراء ذمته وذلك من أعظم الضرر عليه إذا عرفت هذا فان العطايا المنجزة حكمها حكم الوصية في أمور خمسة أ يقف نفوذها
على خروجها من الثلث أو اجازة الورثة ب انها تصح للوارث وغيره بإجازة الورثة وغيرها وعند العامة انها كالوصية لا تصح للوارث الا بإجازة الورثة ج ان فضيلتها
ناقصة عن فضيلة الصدقة في الصحة لان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن أفضل الصدقة فقال إن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت
لفلان كذا ولفلان كذا؟ وقد كان لفلان د انه يزاحم بها الوصايا في الثلث ه‍ خروجها من الثلث فتعتبر حال الموت لا قبله ولا بعده ويفارق الوصية في أمور ستة أ انها
لازمة في حق المعطي ليس له الرجوع فيها وان كثرت لان المنع من الزيادة على الثلث انما كان لحق الورثة فلم يملك اجازتها ولا ردها وانما كان له الرجوع في الوصية لان التبرع
بها مشروط بالموت قبل الموت لم يوجد التبرع بخلاف العطية في المرض فإنه قد وجدت منه العطية والقبول من المعطي والقبض فلزمت كالوصية إذا قبلت بعد الموت وقبضت
ب قبولها على الفور في حياة المعطي وكذا ردها واما الوصية فلا حكم بقبولها ولا ردها الا بعد الموت لان العطية تصرف في الحال فيعتبر شروطه وقت وجوده والوصية
تبرع بعد الموت فيعتبر شروطها بعد الموت ج العطية تفتقر إلى شروطها المشروطة لها في الصحة من العلم وكونها لا يصح تعليقها على شرط وغيره والوصية بخلافها د
انها تقدم على الوصية وبه قال جمهور العلماء كالشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف وزفر الا في العتق فإنه حكى عنهم تقديمه لان العتق يتعلق به حق الله تعالى ويسرى وينفذ في
ملك الغير ه‍ العطايا إذا عجز الثلث عن جميعها بدئ (لا يخطي ليس (ع) الط؟ أمر السادس) بالأول فالأول سواء كان الأول عتقا أو غيره وبه قال الشافعي والوصية عندنا كذلك وقال أبو حنيفة الجميع سواء
إذا كانت من جنس واحد وان اختلفت وإن كانت المحاباة متقدمة قدمت وان تأخرت سواء بينهما وبين العتق وقد تقدم البحث في ذلك وهذه المسائل (؟) البحث
إليها وان لم يكن موضعها مسألة لا يصح تعليق العتق بشرط أو وصف أو زمان بل لا يقع الا منجزا خلافا للعامة على ما يأتي فلو علق عتق عبد بالموت وقصد العتق
الموقوف لا التدبير واوصى باعتاق اخر لم يصح الأول الا ان يكون على وجه التدبير وتصح الوصية وعند العامة يصحان معا ولا يتقدم أحدهما على الأخر لان وقت استحقاقهما واحد
وقد اشتركا في قوة العتق ولو قصد التدبير صحا معا عندنا وعند العامة وهل يقدم المدبر الأقرب ذك وبه قال بعض العامة لان المدبر يسبق الأخر من حيث إن الأخر يحتاج
إلى انشاء عتقه بعد الموت ولو وهب واعتق فان اقبض الهبة تزاحما وكان الحكم لمتقدم مع القبض ولو لم يقبض الهبة قدم العتق سواء تقدم أو تأخر لان تقدم الهبة وحدها
غير كاف لان تمام الهبة بالقبض ولو تقدمت الهبة ثم أعتق أو حابي ثم اقبض الهبة قدم العتق والمحاباة لتأخر القبض عنهما ولا تفتقر المحاباة الواقعة في بيع ونحوه إلى القبض لأنها
في ضمن معاوضة مسألة هل تقدم الكتابة على الهبة وساير الوصايا الأقرب ذلك ان قلنا بتقدم العتق والا فكالعتق وللشافعية طريقان أشبههما عندهم انها على
القولين في تقدم العتق عليها والثاني القطع بالتسوية لأنه ليس لها من القوة والسراية ما للعتق ولو اوصى بالكتابة اعتبرت من الثلث ولو كانت في مرض الموت على قدر القيمة
488

أو الأكثر فالأقرب انه تعتبر قيمته من الثلث وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة لان المكاتب يقابل ملكه يملكه وهو كسبه فيكون تفويتا على الورثة لا معاوضة ولو كانت
في الصحة فاستوفي في المرض لم يعتبر قيمته من الثلث لأنه بالكتابة كالخارج عن ملكه ولو أعتقه في المرض أو ابراءه عن النجوم اعتبر من الثلث أقل الأمرين من قيمته أو النجوم لان القيمة
إن كانت أقل فربما كان يعجز نفسه فيسقط النجوم وإن كانت النجوم أقل فربما كان يؤديها فلا يحصل للوارث غيرها والاستيلاد في المرض لا يعتبر من الثلث كما يتملك
يستهلك المريض من الأطعمة اللذيدة والثياب الرفيعة ويقبل اقرار المريض بالاستيلاد لقدرته على الانشاء ولا يعتبر قيمتها (من الثلث صح) وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يعتبر
من الثلث في صورة الاقرار مسألة لو قال بعبده أنت حر قبل مرض موتى بيوم أو شهر أو سنة ثم مرض ومات لم يعتد به عندنا لأنه تعليق للعتق وهو عندنا
باطل واما العامة فقالوا يصح ولا يعتبر من الثلث وان قال قبل موتي بشهر فان نقص مرضه من شهر فكذلك عندهم والا فهو كما لو علق عتق عبد في الصحة ووجدت
الصفة في المرض وفيه قولان ولو قال في مرضه سالم حر وغانم حر وسعيد فهو من صور ترتب التبرعات المنجزة ولو قال سالم وغانم وسعيد أحرار فهو من صور (حر وسعيد حر فهو من صور ترتب التبرعات المنجزة ولو قال سالم وغانم) وسعيد أحرار فهو من صور وقوعها
دفعة واحدة ولو علق عتقهم بالموت لم يصح عندنا وأقرع بينهما عند العامة سواء قال سالم حر وغانم حر وسعيد حر أو قال هم أحرار ولو قال إذا مت فسالم ر وان مت
في مرضي هذا فغانم حر فان مات في ذلك المرض ولم يف الثلث بهما أقرع بينهما فان براء أو مات بعده بطل التدبير المقيد وعتق سالم عندهم ولو كان له عبدان غانم
وسالم فقال إن أعتقت غانما فسالم حر ثم أعتق غانما في مرضه فقد جعل عتق غانم صفة العتق سالم فيصح عتق غانم من الثلث عندنا ويبطل عتق سالم عند العامة ان خرجا
من الثلث عتقا وان لم يخرج الا أحدهما فمذهب الشافعية انه لا يقرع بل يتعين عتق غانم وفيه وجه ضعيف لهم انه يقرع بينهما كما لو قال أعتقتكما وانما منعوا من القرعة
لأنه لو أقرع ربما خرجت القرعة على سالم فيلزم ارقاق غانم وإذا رق غانم لم يحصل شرط عتق سالم ولو قال إن أعتقت غانما فسالم حر في حال اعتاق غانما ثم أعتق غانما
في مرضه لم يصح عتق سالم عندنا لتوقفه على الشرط ويصح عتق غانم بالمباشرة وعند العامة ان خرجا من الثلث عتقا والا عتق غانم ولو قال إن أعتقت غانما فسالم
وسعد حران ثم أعتق غانما صح عتق غانم عندنا خاصة وعند العامة يعتق الجميع ان احتمله الثلث والا عتق غانم قطعا ولا قرعة وان فضل من الثلث شئ أقرع بين الآخرين
فمن خرجت له قرعة الحرية عتق كله ان خرج كله وبعضه ان لم يخرج الا بعضه ولو خرج أحد الآخرين من الثلث وبعض الثلث فالذي خرجت له القرعة يعتق كله ويعتق من
الأخر بعضه وقال العبدان تزوجت فأنت حر ثم تزوج في مرض الموت لم يصح العتق عندنا وعند العامة يصح فإن كان أصدقها مهر المثل لزم من رأس المال ويعتق سالم من الثلث
وان أصدقها أكثر من مهر مثلها فقدر مهر المثل يخرج من صلب المال والزيادة عليه من الثلث إن كانت غير وارثة تستحق هي من الثلث تلك الزيادة
وصية؟ ولا وصيته للوارث عندهم ثم ينظر فان خرجت الزيادة وقيمة سالم من الثلث عتق سالم وان لم يخرجا تدفع الزيادة إلى المرأة ويبطل عتق سالم لان المهر أسبق فإنه يجب
بالنكاح والزيادة وجبت قبل عتق العبد لان التزويج كان شرطا في عتقه فيقدم عليه وان قال أنت حر في حال تزويجي فتزوج واصدق أكثر من مهر المثل كانت المحاباة
والعتق سواء فيقسم الثلث بينهما لأنهما قد وقعا في حالة واحدة ولا يتقدم بالمحاباة لأنها حصلت حالة ايقاع العتق وبطلان المحاباة لا يؤثر في التزويج ولا يبطله ومنع بعض
الشافعية سبق المحاباة هنا لان المرتب والمرتب يقعان معا ولا يتقدم أحدهما على الأخر بل يوزع الثلث على الزيادة وعلى قيمة العبد فقد قالوا لو قال إن تزوجت فأنت
حر في حال تزويجي انه يوزع الثلث لأنه لا يترتب فكذلك عند الاطلاق إذا لم يكن ترتب زماني والفرق بين التعليق بالتزويج وبين مسألة العبدين حيث لا يوزع هناك
كما لا يقرع هنا ان العتق هنا متعلق بالنكاح والتوزيع لا يرقع النكاح ولا يقدح فيه وهناك عتق سالم معلق بعتق غانم كاملا وإذا وزعنا لا يكمل عتق غانم فلا يمكن اعتاق
شئ من سالم ولو قال لجارية الحامل ان أعتقت نصف حملك فأنت حرة ثم أعتق نصف الحمل في مرض موته لم يصح عتقه عندنا وقالت العامة قضيته عتق ذلك النصف
سرايته إلى النصف للاخر وعتق الام بسبب التعليق فان خرجا من الثلث عتقا جميعا وان لم يخرج من الثلث مع النصف المعتق الا الام أو النصف الآخر كما لو كان جميع
ماله ثلاثمائة والام قيمتها خمسون والولد مائة فيقرع بين الام والنصف الآخر ان خرجت على الأخر عتق جميع الولد والام رقيقة وان خرجت على الام لم تعتق كلها لان
الحمل في حكم جزء منها يتبع عتقه عتقها فيوزع تتمة الثلث وهي خمسون على الام وعلى النصف الباقي بالسوية فيعتق من الام نصفها ومن النصف الباقي نصفه فيكون
ثلثه أرباعه حرا ولو كانت السورة كما ذكرنا الا ان قيمة الام أيضا مائة وخرجت القرعة على الام وزع الخمسون عليها وعلى النصف الباقي أثلاثا فيعتق منها ثلثها وهو ثلثاه
الخمسين ومن النصف الباقي ثلثه وهو ثلث الخمسين وسدس الجملة وتكون الحرية من الام الثلث وفي الولد الثلثان مسألة لو ملك في مرض موته من يعتق
عليه فإن كان بالإرث احتمل عتقه من الثلث لأنه حصل في ملكه ثم زال فأشبه ما إذا أعتق عبدا ورثه في مرضه واما إذا ورث مالا فاشترى به من يعتق عليه وان يعتق من
الأصل لأنه لم يقصد تملكا ولا إزالة ملك بل حصلا بغير اختيار ولم يبذل في مقابلته مالا فيتضرر به الورثة وكلا الاحتمالين للشافعية وجهان ويحكي الثاني عن مالك
والأول أصح عند الشافعية ولو وهب منه من يعتق عليه أو اوصى له به فان قلنا إنه لو ورثه لعتق من الثلث فهنا أولي وان قلنا يعتق من رأس المال فهنا وجهان للشافعية
أحدهما وبه قال أبو حنيفة انه يعتق من الثلث كما لو وهب منه من لا يعتق عليه فقبله ويعتقه ويجعل قصده إلى تملك من يعتق عليه كابتداء العتق في المرض وأظهرهما انه
يعتق من رأس المال لأنه لم يبذل في مقابلته مالا والزوال حصل بغير اختياره فان قلنا يعتق من رأس المال يعتق وان لم يكن له سواء وكذا لو كان عليه دين مستغرق
وكذا المفلس المحجور عليه إذا قبل ولا سبيل للغرماء عليه وان قلنا إنه يعتق من الثلث فإن لم يكن له سواء لم يعتق الا ثلثه ولو كان عليه دين (مع) في الدين وبطل العتق
وكذا في المفلس المحجور عليه مسألة لو اشترى المريض من يعتق عليه فإن كان عليه دين احتمل صحت الشراء لأصالة الصحة ولا مانع من الشراء فثبت مقتضاه
وهو الملك ولا يعتق عليه لئلا يضيع حق الغرماء لكن ان ترك مالا غيره عتق والا بيع في الدين والبطلان لأنه لو صح لملكه ولو ملكه لعتق عليه وفيه تضييع حق
الغرماء وللشافعي قولان كهذين وكذا لو اوصى لصبي بمن يعتق عليه والصبي موسر هل للولي القبول قولان للشافعي المنع والا لعتق وقوم عليه الباقي وفيه اتلاف
مال الصبي والصحة ولا يقوم عليه وان لم يكن عليه دين اعتبر عتقه من الثلث لان ملكه باختياره وبذل في مقابلته المال فان خرج كله من الثلث صح الشراء وعتق
كله والا ففي صحة الشراء فيما زاد على الثلث مثل الخلاف فيما إذا كان عليه دين فان قلنا لا يصح ففي قدر الثلث الخلاف الثابت في تفريق الصفقة فان قلنا يصح
عتق الثلث ولم يعتق ما زاد هذا إذا لم يكن هناك محاباة فان اشتراه محاباة مثل ان يكون قيمته مائة فاشتراه بخمسين كان قدر المحاباة كالموهوب فيجئ الوجهان
في أنه هل يعتبر من الثلث أو الأصل فان اعتبرنا الموهوب من الثلث فجميع المائة من الثلث والا فخمسون ثم كلما حكمنا بعتقه من الثلث فلا يرث العتيق منه عند الشافعية
لان عتقه وصيته ولا سبيل إلى الجمع بين الوصية والميراث عنده فلو ورث لصارت الوصية وصيته للوراث فيبطل أو إذا بطل العتق امتنع التوريث وهذا عندنا
489

باطل لصحة الوصية للوارث ولهم وجه انه يرث لأنه لا يملك رقبة حتى يقال اوصى له بها وانما ينتفع بالعتق فهو كانتفاع الوارث بمسجد وقنطرة بينهما للوارث وذلك
لا يمنع الميراث وقالوا أبو حنيفة يسعى في قيمته حتى يخرج عتقه عن أن يكون وصية ومهما حكم بان يعتق من رأس المال فالأصح انه يرث لان العتق حينئذ ليس بوصية بل هو
مستحق شرعا فلا يكون جمعا بين الميراث والوصية والثاني لهم لا يرث ويجعل عتقه وصيته في حقه وان لم يكن وصيته في حق الوارث مسألة لو أعتق جارية
بعد الموت وهي حامل لم يسر العتق إلى الولد لان اللفظ لم يتناوله فيبقي على أصالة الملكية واستصحابها وهو أحد قولي الشافعي لان عتق الميت لا يسري وأصحهما
عنده انه يعتق لان الجنين كعضو من الام والعتق لا يثبت في بعض الأعضاء دون بعض ولان الام تستتبع الحمل كما في البيع وهما ممنوعان من أن الأول يشكل عليهم بما
إذا أعتق الحمل لا تعتق الام عندهم ولو كان كعضو منها عتقت ولو استثنى الحمل صريحا فقال هي حرة بعد موتى الا جنينها أو دون جنينها صح عندنا وللشافعية
وجهان أحدهما الصحة لأنه يعرض الانفصال فالاستثناء يجعل كالمنفصل والأشبه المنع كاستثناء الأعضاء ولو نجز عتقها في الحياة لم يعتق الحمل عندنا للمغايرة
وقال الشافعية ان الحمل يعتق أيضا وان الاستثناء لا يصح لان الاستثناء في البيع لا يصح عندهم فكذا هنا الا ان البيع يبطل من أصله والعتق ينفذ فيهما الغلبة ولو كانت
الام لواحد والحمل لاخر فأعتق مالك الام عتقت دون الحمل لان اختلاف الملك يمنع الاستتباع مسألة لو اوصى بعتق مملوكه ولا شئ له سواه وعليه دين قدم
الدين على الوصية فان فضل من قيمة العبد شئ عتق ثلثه وكان ثلثا الباقي للورثة واستسعى العبد في نصيب الرقبة وان لم يفضل من قيمته شئ بطلت الوصية
وقال الشيخ ره إن كانت قيمة العبد ضعفي الدين استسعى العبد في خمسة أسداس قيمته ثلثه أسهم للديان وسهمان للورثة وسهم له وإن كانت قيمته أقل من ذلك بطلت الوصية ومنع ابن إدريس
ذلك وقال يقدم الدين والوجه ما تضمنته رواية الحلبي الصحيحة عن الصادق (ع) قال قلت له رجل قال إن مت فعبدي حر وعلى الرجل دين فقال إن توفى وعليه دين قد أحاط
بثمن الغلام بيع العبد وان لم يكن أحاط بثمن العبد استسعى العبد في قضاء دين مولاه وهو حر إذا أوفي والشيخ ره عول في ذلك على رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق (ع)
وهي تتضمن بطلان العتق لو لم يخلف مالا غير العتيق وقيمته ستمائة والدين خمسمائة وحكم ببيعه فيأخذ الديان خمسمائة والورثة المائة الباقية وكذا لو كانت قيمته ستمائة
والدين أربع مائة يباع ويأخذ الديان أربع مائة والورثة مائتين ولو كانت قيمته ستمائة والدين ثلثمائة قال يوقف العبد ويستسعي فيكون نصفه للغرماء ويكون ثلثه
للورثة ويكون له السدس مسألة لو أعتق في مرض الموت أو بعد موته عبدين ولا شئ له سواهما وقيمة أحدهما مائتان وقيمة الأخر ثلثمائة ولم يجز الورثة أقرع بينهما
إذا وقعا دفعة فان وقت القرعة إلى الذين قيمته مائتان عتق منه خمسة أسداسه هي ثلث الجميع وان وقعت على الأخر عتق منه خمسة اتساعه لان جميع ملك الميت خمسمائة
وهي قيمة العبد ين وضرب في ثلثه فاخذ ثلثه خمسمائة فلما وقعت القرعة على الذي قيمته مائتان فضربناه في ثلثه فصيرناه ستمائة فصار المعتق منه خمسة أسادسه
وكذا يفعل في الأخر إذا وقعت عليه القرعة هذا قول جمهور العلماء وحكي عن مسروق أنه قال إذا أعتق في مرض موته عبد الا شئ له سواه يعتق بجملته وكذا ذهب ان إدريس
من علمائنا حيث جعل المعجزات من الأصل إذا عرفت هذا فإذا أعتق ثلث عبيده أو اوصى بعتقهم فإن كان لهم ثلث صحيح بان كانوا ثلثة قيمتهم متساوية أقرع بينهم بسهم
حرية وسهمي رق فالذي يقع له سهم الحرية يعتق ويرق الأخيران ولو كانوا ستة فالوجه ان يكتب ستة رقاع رقعتان للحرية وأربع للرقبة فمن خرجت قرعته بالحرية عتق و
رق الباقي وقيل يكتب ثلث رقاع رقعة للحرية ورقعتان للرقية فإن كان فيهم كسر كعبدين أقرع بينهما فأيهما وقعت عليه قرعة الحرية ضربت قيمته في ثلث أسهم فما بلغ
نسبت إليه قيمة العبدين جميعا فاخرج بالنسبة فهو قدر الذي يعتق منه فإذا وقعت القرعة في هذه المسألة على الذي قيمته مائتان ضربتهما في ثلثه صارتا ستمائة
ونسبت منهما قيمة العبدان معا وهي خمس مائة تجدها خمسة أسادسها فيعتق منه خمسة أسداسه وان وقعت على الأخر عتق خمسة اتساعه مسألة إذا اوصى بثلث ماله
في الرقاب صرف إلى المكاتبين والعبيد إذا كانوا في شدة يشترون من مال الصدقة أو الوصية ويعتقون قاله
الشيخ ره واستدل عليه باجماع الفرقة وبقوله تعالى وفي الرقاب
وذلك عام وقال الشافعي انهم المكاتبون يعطيهم من الوصية أو الصدقة الصدقة ليدفعوا في كتابتهم ورواه عن علي (ع) واليه ذهب سعيد بن جبير والنخعي والليث بن سعد و
الثوري وأبو حنيفة وأصحابه لقوله تعالى وفي الرقاب أو الدفع إليهم كما في قوله تعالى وفي سبيل الله أراد الدفع إلى المجاهدين كذا هنا ولا يمكن حمله على العبيد لأنه يعود النفع
على المعطي ويثبت له الولاء ونمنع ثبوت الولاء عندنا على ما يأتي وقال ابن عباس والحسن البصري ومالك واحمد واسحق المراد بالرقاب ان يشتري عبدا يبتدي بعتقهم
لقوله تعالى وفي الرقاب والرقبة إذا أطلقت انصرفت إلى القن لقوله تعالى فتحرير رقبة وليس بجيد لان الرقبة تشمل المكاتب والقن وانما اختصت بالقن لأنه قرنها بالتحرير
إذا عرفت هذا فإن كان ماله حاضرا وغائبا صرف ثلثه الحاضر في مكاتبي ذلك البلد وصرف ثلثه الغايب في مكاتبي بلد المال وإن كان المال كله في البلد فان عم الجميع
أعطوا واعتقوا وان لم يعم فالمستحب ان يعطوا بقدر حاجتهم مثل ان يكون كتابه واحد على مائه وكتابة اخر على خمسين فإنه يعطي صاحب المائة سهمان وصاحب الخميس
سهم قال الشيخ ره والذي يقوي في نفسه انه ان اعطى واحدا منهم أو قوم منهم دون قوم جاز لأنه قد فعل المأمور به تبرعا قال الشافعي أحب ان ارفع إليهم على قدر ما عليهم
من الديون فان سوي بينهم أو دفع إلى من كثر دينه أقل جاز لو قوع الاسم وان اقتصر على ثلثة من المكاتبين اجزاءه فان رفع إلى اثنين عزم للثالث وكم يغرم وجهان
أحدهما الثلث والثاني أقل ما يجزي دفعه إليه مسألة إذا اوصى بعتق رقبته اجزاءه الصغير والكبير والذكر والأنثى والصحيح والمعيب والمسلم والكافر ن قلنا بصحة عتق
الكافر لشمول الاسم وبه قال الشافعي ولو منعنا عتق الكافر لم يجز الا المسلم توصلا إلى العمل بمقتضي الوصية ولبعض الشافعية في المطلق وجهان أحدهما اجزاء المعيبة الكافرة
والثاني المنع لأن المطلق في الوصية محمول على ما تقرر في الشرع والعبد المطلق في الكفارة يجب اعتبار سلامته واسلامه ويستحب ان يشتري العبد الأعف وان يشتري
المجهود المكدود ليخلصه من ضره ولو اوصى بعتق عبد لا مال له سواء وأجاز الورثة واعتق أو أعتقه في مرضه وأجاز الورثة ثم ظهر على الميت دين يستغرق قيمته العبد رد
العبد وبيع في الدين لان حق الغرماء مقدم على الوصية ولو كان الدين بقدر نصفه بيع نصفه وعتق الباقي ولو لم يكن هناك اجازة بيع نصفه وعتق سدسه وعتق ثلثه
ولو كان قد اوصى بان يشتري بماله عبد ويعتق فاشتروا واعتقوه عنه ثم ظهر دين يستغرق ماله فإن كان العبد اشترى بعين مال الميت كان البيع فاسدا والعتق باطلا
لتعلق حق الغرماء بالتركة وانتقاله من ذمته إلى تركته فمنع ذلك من التصرف فيه قال الشيخ كالراهن إذا اشترى بالمرهون شيئا فان الشراء يكون باطلا وإن كان الشراء في
الذمة ونقدوا مال الميت فيه صح الشراء لهم لبطلان اذن الميت في الشراء والانسان إذا اشترى لغيره ما لا يقع له وقع لنفسه فإذا أعتقه (نقد عتقه صح) يكون عن الميت لأنه أعتقه وهو ملكه
عن الميت باذنه وليس له ان ينقد الثمن من التركة بل يصرف في الدين ويكون الثمن على المشتري ولا يرجع به على أحد لان البايع ما غره انما غره الموصي ولا تركة له فيرجع
إليها وبه قال الشافعي ويحتمل ان يشارك الغرماء ويضرب معهم في التركة بقدر دينه لان الدين لزمه لتغرير الميت فيرجع به عليه في تركته كأرش جنايته وقال أصحاب أبي حنيفة
490

يقع العتق عن الموصي لان الملك هل وهو مبني على أنه إذا أعتق ملك نفسه عن غيره وبأنه وقع عنه خلافا لهم وسيأتي في موضعه انشاء الله تعالى مسألة إذا اوصى بعتق
عبد فان عين شخصا ونصبه للوصية أعتقه النائب لأنه نايب الموصي في اعتاقه فلم يملك ذلك غيره إذا لم يمنع منه كالكيل في الحياة ولو امتنع أعتقه الوارث وكذا لو اوصى
بعتقه مطلقا ولم يسند العتق إلى أحد فان الوارث يلزمه اعتقاه فان امتنع أجيرة الحاكم عليه لأنه حق وجب عليه فأجير عليه كتنفيذ الوصية بالعطايا فان أعتقه الوارث
والا أعتقه الحاكم ويكون حرا من حين الاعتاق لأنه حينئذ عتق وولاؤه للموصي لأنه السبب وهؤلاء ثواب عنه ولهذا ألزمهم اتاقه كرها مسألة إذا اوصى بعتق و
غيره فان اتسع الثلث للجميع اخرج وان ضاق بداء بالأول فالأول ويدخل النقص لعى الأخير سوء العتق وغيره وعند العامة يدخ لا نقس على الجميع بالتقسي ان لم يكن
فيها عتق وان كما أن فعن احمد روايتان أحدهما يقسم الثلث بين جميع الوصيا العتق وغيره سواء على التقسيط وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو ثور والشافعي في
أحد القولين والثانية تقديم العتق ويبدأ به فان فضل منه شئ قسم بين ساير أهل الوصايا على قدر وصاياهم وبه قال شريح متروك وعطا الخراساني وقتادة و
الزهري ومالك والثوري واسحق لان فيه حقا لله تعالى والدمي لان العتق اكد لأنه لا يلحقه فسخ بخلاف غيره ولأنه أقوى لسرايته ونفوذه من الراهي والمفلس وهو
القول الثاني للشافعي وفي رواية ابن أبي عمير عن معوية بن عمار في امرأة أوصت بمال في عتق وصدقة وحج فلم يبلغ قال ابداء بالحج فإنه مفروض فان بقى منه شئ
فاجعله في الصدقة طايفة وفي العتق طايفة وهو محمول على ما إذا كان الحج واجبا في الذمة مسألة لو قال يخدم عبدي فلانا سنة ثم هو حر فان كاوصيته
صح فان قال الموصي له بالخدمة لا اقبل الوصية أو قال وهبت الخدمة له لم يعتق في الحال وبه قال الشافعي لأنه قصد ايقاع العتق بعد السنة فلم يصح فقبله كما لو رد الوصي
وقال مالك ان وهب الخدمة للعبد عتق في الحال وهو ممنوع ولو اوصى ان يشتري له بثلث ماله رقابا ويعتقون لم يخر خرفه إلى الكتبين لأنه أولي بالشراء لا بالدفع
إليهم فإذا اتسع الثلث لثلاثة لم يجز ان يشتري أقل منه تحققا لمسمى الجمع ولو اتسع لاثنين بعض الثلث فقال من ابن دريس في اخبارنا انه يشتري الاثنان ويعتقان ويعطيان
البقية قال والذي يقتضيه الأصول ويشهد لصحته الا دخله ان يشتري بالباقي جزء من عبد ثالث لأنه يكون قد امتثل المأمور لان العبد يعتق ويستعفى في باقي قيمته فيكون قد أعتقوا
ثلثه مسألة لو اوصى ان يشتري عبد زيد بخمس ماية ويعتق فتعذر شراؤه إما لامتناع سيده من بيعه أو من بيعه بذل القدر أو لموته أو لقصور الثلث عن القدر
فالثمن للورثة لان الوصية تعذر العمل بها فتبطل ولا يلمهم شراء عبد اخر لان الوصية بمعتين؟ فلا يصرف إلى غيره قالها أبو حنيفة ولا باس به ويحتمل ان يقال يشتري غيره
ويعتق لأنه قد روي أنه إذا اوصى بأبواب للبر معينة فنسي الوصية بابا منها صرف في وجوه البر وانما كان كذلك بخروج ذلك القدر بالوصية عن ملك الورثة وقد تعذر صرفه
فيما اوصى به فيصرف في البر وكذا هنا يصرف إلى هذا النوع لأنه أقرب إلى الوصية لاستلزام الوصية بالعتق الخاص مطلق العتق فلا يبطل ببطلان أحد جزئيه واما ان اشتروه
بأقل احتمل ان يعطي الباقي للعبد لما روي في اخبار نا انه إذا أو صب بان يعتق عنه رقبة بثمن معلوم فلم يورد بذلك القدر ووجد بأقل من ذلك اشترى واطى الباقي
ثم أعتق وهي رواية سماعه عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل اوصى ان تعق عنه تسمه بخمسمائة درهم من ثلثة فاشترى لسمته؟ بأقل من خمس مائه درهم وفضلت فضله فما
ترى قال تدفع الفضالة إلى النسمة؟ من قبل ان تعتق ثم تعتق عن الميت ولو اوصى ان يشتري عبد بألف ويعتق عنه قلم يخرج من ثلثه اشترى عبد يحتمله الثل وبه قال ا شافعي
لأنها وصية بجب تنفيذها انا احتمل ها الثلث فإذا لم يحتمله وجب تنفيذها فيما يحتمله كما لو اوصى بعتق عبد فلم يحتمل الثلث ولما رواه علي بن أبي حمزة عن الكاظم (ع) قال
سألته عن رجل أو صب ثلثين دينار بعتق بها رجل من أصحابنا فلم يوجد بذل قال يشتري من الناس فيعتق وقال أبو حنيفة تبطل الوصية لأنه ارم بشراء عبد بألف
فلا يجوز للمأمور الشراء بدونه كالوكيل والفرق انه لو نكه في أعتق عبد لم يملك اعتاق بعضه ولو اوصى باعتقا عبد أعتق منه ما يحتمله الثلث مسألة لو اوصى
بشراء عبد واطرق أو بعبد فاطلق فالأقرب الجواز لأنها وصية في فعل سايغ وقال بعض العامة الوصية باطلة لان الوصية بد لها من مستحق ولا مستح فهنا
ولو وصي بيعه بشرط الحق؟ صحت الوصية اجماعا و؟ لك لان في البيع هنا نفعا للعبد بالعتق فإذا لم يوجد من يشتريه كذلك بطلت الوصية لتعذرها ولو أوصي بيعه
لرجل بعينه بثمن معلوم بيع به لأنه قصد ارفاقه بلك غالبا وان لم يسم ثمنا بيع قيمته وتصح الوصية لكونه قصد ايصال العبد بعينه (إلى رجل صح) فيحتمل ان يتعلق الغرض بارفاق
العبد بايصاله إلى من هو معروف باعتاق الرقاب واحتمل ان يريد ارفاق المشتري لمعنى يحصل له من العبد فان تعذر بيعه لذلك الرجل أو النبي ان يشتر به بالثمن ان
بقيمته ان لم يعين الثمن بطلت الوصية مسألة لو كان له عبد ان اسم كل واحد سعد فقال سعد حر بعد موتي وله مائتا درهم ولم يعبنه أقرع بينهما فيعتق
من خرجت له القرعة ويأخذ المائتين إذا خرجت من الثلث لان مستحقها حر في حلا لاستحقاقها وقال بعض العامة يصح العتق لمن يقع عليه القرعة وليس له من المائتين
شئ لان الوصية بمائتين وقفت لغير معين ولا تصح الوصية الا لمعين مسألة لو قال أحد عبيدي حر فزع بينهم ويخرج الحر بالقرعة توبه قال احمد لأنه عتق
استحقه واحد من جماعة معينين فكان له اخراجه بالقرع كما لو اعتقهما فلم يرج من ثلثه الا أحدهما ولما رواه محمد بن مروان عن الشيخ ان أبا جعفر ما ترك ستين
مملوكا فأعتق ثلثهم فأقرعت بينهم وأعتقت لثلث وقالا أبو حنيفة والشافعي له تعيين أحدهما بغير قرعه لأنه عتق مستحق في معين وكان التعيين إلى المعتق كالعتق
في الكفارة وكما لو قال لورثته أعتقوا عني عبد أو الفرق ان العتق في الكفارة لم يستحقه أحد انما المستحق على الكفر التكفير وإذا قال أعتقوا عنى عبد أفإن لم يصفه إلى
عبيده ولا إلى جماعة سواءهم فهو كالمعتق في الكفارة وان قال أعتقوا أحد عبيد احتمل ان نقول باخراجه بافقعه؟ كمسئلتنا واحتمل ان يرجع فيه إلى اختيار الورثة
ثم الفرق انه في هذه المسألة جعل الامر إلى الورثة حيث امرهم بالاعتاق فكانت الأخيرة لا يهم وفي مسئلتنا لم يجعل لهم من الامر شيئا قال فلا يكون لهم خيره ولو اوصى
بعتق جماعه من عبيده مفصلا بدئ بالأول فالأول وكان النقص داخلا على الأخير لرواية حمران عن الباقر (ع) في رجل اوصى عند موته أعتق فلانا وفلانا وفلانا
وفلانا وفلانا وتنظرت في ثلثه فلم يبلغ أثمان قيمته المماليك المسة الذين أمر بعتقهم قال ينظر إلى الذين سماهم وبداء بعتقهم فيقومون وينشر إلى ثلثه فيعتق منهم
أول شئ ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس فان عجز الثلث كان في الذي يسمى اخر الأمة أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك فلا يجوز له ذلك ابدا عرفت هذا فلو
قال فلان وفلان وفلان أحرار ومعتوقون فالأقرب انه لا ترتيب هنا إذا كلام يتم باخره مسألة إذا واوصى بعتق جاريته على أن لا يتزوج ثم مات قالت
لا أتزوج وجب عتقها فإذا عتقها فان تزوجت بعد ذلك لم يبطل عتقها وبه قال الأوزاعي والليث وأبو ثور وابن المنذر وأصاب الزائد لان اللعتق إذا وقع
لا يمكن رفعه ولو اوصى لام ولده بألف على الان لا تتزوج أو على أن تثبت من ولده فقيلت فقلعت واخذت الا الألف ثم تزوجت وتركت ولده ففيها وجهان أحدهما
تبطل وصيتها لأنه فات الشرط ففاتت الوصية وفارق العتق فإنه لا يمكن رفعه والثاني لا تبطل وصيتها وهو قول أصحاب الرأي لان وصيتها حصت فلم تبطل بمخالفته
491

ما شرط عليها كالأولى ولو أعتق عبدين متساويي القيمة بكلمة واحدة ولا مال له غيرهما فمات أحدهما أقرع بين الحي والميت فان وقعت على الميت فالحي رقيق وتبينا ان الميت
نصفه حر لان مع الورثة مثلي نصفه ان وقعت على الحي عتق ثلثه ولا يحسب الميت على الورثة لأنه لم يصل إليهم ولو أعتق في مرض موته تبرعا ثم أقر بدين لم تبطل تبرعه وتنفذ
العتق ولم يرد إلى الرق لان الحق ثبت بالتبرع في الظاهر فلم يقبل اقراره فميا يبطل به حق غيره هذا على قول بعض علمائنا في اخراج المنجزات من الأصل به قال احمد هنا والوجه
ان نقول أن كان المقر منهما في اقراره فالامر كذلك والا قدم الاقرار ويبطل التبرع بروج الاقرار مع انتفاء التهمة من الأصل ولو قال إن تزوجت فعبدي حر لم يصح لما بينا
من أن العتق لا يقع الا؟ وقالت العامة تصح فلو تزوجت في مرضه بأكثر من مهر المثل فالزيادة محابة تعبر من الثلث ولو ضاق الثلث عنهما والمحاباة إلى لأنها وجبت
قبل العتق لكون التزويج شرطا في عتقه فسبقت عتقه ويحتمل ان يتساوى الان التزوج سبب لثبوت المحاباة وشرط للعتق فلا يسبق وجود أحدهما صاحبه فيكون فان سواء
ثم هل يقدم العتق على المحاباة عن أحمد روايتان مسألة التدبير وصيته يمضى من الثلث ولا نعلم فيه خلفا وله الرجوع فيه وفي بعضه لما رواه محمد بن مسلم
في الصحيح عن الصادق (ع) قال المدبر من الثلث وقال للرجل ان يرجع في لثلثه إن كان وصي في صحة أو مرض وفي الحسن عن معوية بن عمار عن الصادق (ع) قال سألته عن المدر
قال هو بمنزلة الوصية يرجع فيما شاء منهما وفي السن عن زرارة عن أحدهما عليهما السلم قال المدبر من الثلث وفي الصحيح عن هشام بن الحكم قال سألته عن الجل يدبر مملوكه
اله ان يرجع فيه قال نعم هو بمنزله الوصية إذا عرفت هذا فلو دبر عبده وكان عليه كفارة عتق وقبة لم يجوز التدبير عن العتق لرواية عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) وسألته
عن رجل جعل العبد العق ان حدث به الحدث فمات الرجل وعليه تجرير رقبته واجبه في كفارة يمين أو ظهار يجزي عنه ان يعتق عنه في تلك الرقبة الواجبة عليه قال لا مسألة
لو اوصى بصرف شئ في العتق فأخرجه الوصي في الحج عن التمتع لم يجز وكان على الموصي الغرم لأنه خالف الوصية ولما رواه محمد بن مارد عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل اوصى
إلى رجل وامره ان يعتق عنه نسمته بستمائة درهم من ثلثه فان طلق الوصي فأعطى الستمائة درهم وجل يحجج بها عن الميت فقال الصادق ان يغرم الوصي ستمائة درهم من
ماله ويجعل الستمائة وفينا لا وصى به الميت في نسمة مسألة ينبغي عتق من له مته؟ ضرر وشدة ليقابل ذلك بالاحسان إليه روي أبو بصير عن الصادق (ع) قال أعتق
أبو جعفر (ع) من غلمانه عند موته شرارهم وامسك خيارهم فقلت يا أبه تعتق هؤلاء وتمسك هؤلاء فقال إنهم صابوا مني ضررا فيكون هذا بهذا مسألة لو اوصى
بعتق رقبة اجزاء ان يعتق عنه مسماها من ذكر وأنثى وخنثى لتناول الاسم الجميع لرواية أبي بكر الحضرمي ع
الصادق (ع) قال قلت اله ان علقمة بن محمد أوصاني ان أعتق عنه رقبته
فأعتقت عمه امرأة فتجزيه أو اعتتق عنه من مالي قال تجزيه ثم قال لي ان فاطمة أم ابني أو صت ان أعتق عنها رقبة فأعتقت عنها امرة مسألة قال ابن إدريس وروي انه
إذا اوصى بعتق نسمه مؤمنة ولم يوجد ذلك جاز ان يعتق من الفساء الناس من لا يعرف بنصب ولا عداوة فان وجدت مؤمنة لم يجز غيرها قال والأظهر انه لا يجزيه غير المؤمنة
على كل حال لقوله تعالى فمن بدله بعد ما سمعته فإنما إثمه على الذين يبدلونه وهو جيد فان اشترى نسمة على انها مؤمنية وكان ظاهرها ذلك فأعتقت ثم ظهر بعد ذلك انها
لم تكن كذلك فقد مضي العتق واجزاء عن الموصي به لأنه المتعبد المكلف المخاطب بذلك واجزاء أيضا عن الموصي مسألة روي الشيخ ره عن أحمد بن محمد عن ا بن
فضال عن داود بنفر قد قال سالت الصادق (ع) عن رجل كان في سفره ومعه جارة له وغلامان مملوكان فقال لهما أنتما حران لوجه الله فاشهدا انما في بطن جاريتي
هذه مني فولدت غلاما فلما قدموا على الورثة أنكروا ذلك واسترقوهم ثم إن الغلامين عتقا بعد ذلك فشهدا بعما اعتقا ان مولاهما الأول أشهر ما ان ما في بطلن
جارته منه فقال تجوز شهادتهما للغلام ولا يسترقهما الغلام الذي شهدا له لأنهما أثبتا نسبه قال الشيخ ره ولا ينافي هذه الخبر ما رواه البر وفري عن أحمد ابن إدريس
عن أحمد بن محمد عب ابن عمير عن حماد عن الحلبي عن الصادق (ع) في رجل مات وترك جارية ومملوكين فورثهما أخ له فأعتق العبدين وولدت الجارية غلاما فشهدا بعد
العتق ان مولاهما كانا شادهما انه كان نزل على اجارة وان المل منه قال قال نجز شهادتهما ويردا عبدين كما لا حالتا لان الخبر الأولى محمول على الاستحباب الأخير محمول على أنه
يجوز للولد استرقاقهما لأنهما اعتقهما من لا يملكهما ولكن يستحب له عتقهما من حيث أثبتا نسبه والتنافي بينهما على حال المطلب الثاني في الوصية بالحج مسألة
الحج ضربان نقف وفرض فالنصف تصح الوصية به عند علمنا وتجوز النيابة فيه وهو أصح قولي الشافعي لأنهما من الفضل العبادات وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله الخثعمية بالحج عن أبيها وقال
لها فدين الله أحق ان يقضي فكذا في نفله قد ورد الحج بالصغير ولا شك في عدم تمكنه من الافعال وانما ينولاها الوالي فدل على دخول النيابة فيه ومن طريق الخاصة قول الصادق
عليه السلم وقد سئل عن رجل اوصى بحجة فقال أوصي بحجة فقال إن كان صرورة فمن صلب ماله انهما هي دين عليه وإن كان قد ج فمن الثلث إذا عرفت هذا فإنه يخرج من الثلث كساير الشرعات
وللرواية عن الصادق (ع) ثم إن اوصى ان يحجج عنه من الميقات أو من بلده عمل بمقتضي وصيته وان اطلق فللشيخ قولان أحدهم انه يحجج عنه من أقرب الأماكن إلى ملكه ولا يلزم الورثة
الأجرة والاستيجار الا من ميقات اله الذي هو ميقات الارام قال وبه قال بعض الشافعية حملا على أقل الدرجات زولان الغرض من الحج ايقاع المناسك في مواضعها وقطع
المسافة من ضروري غير مطلب وللشراع ولها لو سافر بقصد التجارة إلى بعض البلاد جاز له تجديد نية الحج من ذلك المكن ولم يكلف الرجع إلى بلده وانشاء الاحرام
منه اجماعا ولان للحي ان ينشي الاحرام من ميقاته ولا يجب عليه قبل ذلك بل له ان يقصد إلى أحج من اي بلد شاء فكذا نابيه لو مات والثاني انه إن كان الثلث أو ما اوصى به يفي
بالحج من بلدته وجب ان يستأجر من بلدته والأوج بان يستأجر عنه من الميقات لان الصادق (ع) سئل عن رجل مات فأوصى ان يحج عنه قال إن كان صرورة فمن جميع
المال وإن كان تطوعا فمن ثلثه وسئل الصادق (ع) عن رجل أو صب بعشرين درهما في حجة قال يحجج بها رجل من حيث يبلغه وبه قال بعض الشافعية أيضا ولهم قول اخر مشهور
انه يحج من بلده لان الغالب التجهيز للحج والنهض من البلد مسألة إذا أو صب بحجج التطوع وغيره فان قدم الج في الذكرة تقدم على غيره من الوصايا المتبرع بها وان قدم
غيره كن مقدما على الحج وبه فال أبو حنيفة لان بدأته به لفظا يدل عليه شدة اهتمامه وتقديمه ولما تقدم من الأخبار الدالة على أن من اوصى بأكثر من الثلث يكون الا لنقص
داخلا على الا خبر وقال الشافعي عندهم بل يدخلها الغول لأنها وصايا مؤخرة استوت في حال لاستحقاق فتساوت ونمنع تساويهما مع الترتب لفظا وللشافعي قول اخر
انه يقدم على ساير الوصايا وان تأخر لان العتق مقدم لكونه قربة فيقدم الحج لمشاركته إياه في العلة ولو لم يف الثلث أو حصة الحج بطلت الوصية مسألة لو اوصى
بالحج الواجب إما حج الاسلام المنذورة أو غيرهما أخرجت من صلب المال ان الطبل وكذا يخرج من صلب ماله وان لم يوص بها ولا يسقط بالوقف عنه وبه قال الشافعي لأنها
دين في ذمته ولما رواه معوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل مات فأوصى ان يحج عنه قال إن كان صرورة فمن جميع المال وأين كانت تطوعا فمن ثلثه و
قال أبو حنيفة ومالك ان اوصى بالحج فمن ثلثه وان لم يوص فإنها تسقط بموته وليس يجيد لقوله (ع) للخثعمية فدين الله أحق ان يقصي ولو اوصى يحج واجب غيره قدم الواجب
من صلب المال ولقال من المثل قدم على غيره من الوصايا أيضا وقال الشافعي في أحد وجهيه كهذا وفي الأخر يستوى بينه وبين الوصيا فان وفي المثل بالجمع فلا كلام
492

وإن كان ما يصيب الحج لا يكفيه تمم من رأس المال لأنه حجة الاسلام تجب من رأس المال مسألة إذا مات وعليه حج واجب حجة الاسلام وأغيرها من الواجبات ولم يوص
حج عنه من صلب ماله وبه قال الشافعي لان ذلك واجب على فهو كالدين وبه قال أبو حنيفة ومالك يسقط الموت وليس يجيد وقد تقدم ويحج عنه من الميقات لان الواجب في
الشرع إما هو الاحرام من الميقات يحج عنه بأقل مما يؤخذ مأجره فاما انا وصيا يحج عنه ففيه أربع مسائل أ ان يوصى بان بحج عنه حجة الاسلام من صلب ماله فهذه الوصية
توكيد لما وجب الشرع عنه من الميقات كما لو لم يوص وعند بعض علمائنا يحج عنه من بلده مع اتساع المال وال فمن الميقات بان يوصي بان يحج عنه حجة الاسلام من ثلث
ماله فإنه يحج عنه م الثلث وفائدة هذه الوصية الرفيق بالورثة والتوفير عليهم فإن كان قد أو صب بثلثه بجهته اخر قدم الج وللشافعي وجهان سبقا أحدهما لتقديم والثاني
التقسيط ج أو ان يحج عنه ولم يحج عنه ولم يحج حجة الاسلام فان بلغ ثلثه حجة من بلده قال بعض علمائنا يحج عنه من بلده وقال بعضهم يحجج من أقرب الأماكن وقال الشافعي يحج من بلده
واختلف أصحابه في ذلك يقتضي ان يكون من الثلث لأنه انما يملك الوصية بالثلث ولو جعل الحج من الثلث كان
منه فكذلك إذا اطلق وقال أكثر أصحابه ان الحج من رأس ماله وصيته به يحتمل أن تكون تأكيدا وتذكيرا وتأولوا كلم الشافعي بأنه أراد بذلك إذا اوصى به من ثلثه قالوا
ويحتمل ان يريد إذا ان عليه حجة الاسلام ووصي بأخرى تطوع ويحتمل ان يكون غلطا في الحط ويكون موضع ولم يحج وقد حج د إذا اوصى بالحج وقرن به ما يكون من
الثلث مثل أن يقول حجوا عني واعتقوا وتصدقوا فمن قال هناك يكون من رأس المال قال أكثرهم هنا أيضا يكون من رأس المال ولا يتغير حكم بما اقترن به وقال بعضهم
يكون من الثل لأنه لما جمع بينه وبين ما يخرج من الثلث دل على أنه أراد ان يكون من الثلث والأول أصح عندهم لان الاقتران في اللفظ لا يدل على الاقتران في الحكم لقوله
تعالى كلوا من ثمره إذا أثمر اتوا حقه مع أن الاتيان واجب والاك بخلافه مسألة إذا اوصى ان يحج عنه فاما ان
يذكر حجا واجبا واجبا أو تطوعا أو يطلق فان ذكر حجا واجبا فاما
أن يقول من رأس المال من الثلث أو يطلق وكذا في الباقين وعلى كل تقدير فاما ان يعين الأجرة أو يطلق فان عين فاما ان يكون بقدر أجرة المثل أو بأقل أو بأكثر
فان عين في الواجب وكان فبقدر أجرة المثل أو أقل اخرج مطلقا وإن كان أكثر من أجرة المثل اخرج أجرة المثل من الصل والزايد من الثلث ولا فرق في ذلك بين أن يقول من رأس
المال أو المثل أو يطلق الا انه إذا قال من المثل زاحم به الوصايا ويقضي من المثل كما لو اوصى بقضاء دينه من ثلثه ويتضمن هذاه الوصية تر فيه الورثة بتوفير الثلثن
عليهم ثم إن لم يف الثلث أو نصيب الحج منه بالأجرة المعينة أو أجرة المثل كل من رأس المال كما لو قال اقتصرا ديني من ثلثي فلم يف به الثلث ويقدم الحج على ساير الوصيا وهو
أحد قولي الشافعي لأنه لو لم يوصى كان مقدما في بيع المال على الوصي با فإذا جعله في الثلث كان مقدما والثاني انه لا يتقدم بل يزاحما بالمضاربة فإن لم يف المثل بالحج
على الوجه الأول أو الحاصل من المضاربة على الوجه الثاني كمل من رأس المال وتدور المسألة ولو اطلق في الواجب فلم يضف إلى الثلث ولا إلى رأس المال حج عنه من رأس
المال وهو أحد قولي الشافعية والثاني من الثلث لو اطلق القدر اخرج أجرة المثل من الأصل الا ان يضيف إلى الثلث فيخرج منه ما يحتمله فان قصر الثلث عنه كمل الباقي من الأصل
ولو اوصى بحج التطوع اخرج من الثلث سواء عين الأجرة أو اطلق فان قصر الثلث عن راغب ولو من أقرب الأماكن بطلت الوصية به لتعذر العمل بها وسواء قال من رأس
المال ومن الثلث أو اطلق ويحج عنه من أقرب الأماكن الا ان يعين اجرة يحتملها المثل من البلد ولو اطلق ولم يذكر حجا واجبا ولا ندبا فإن كان مستطيعا ولم يحج حجة الاسلام
أو الواجب لو علم وجوبه حملت الوصية عليه عملا بالظاهر وان ان قد حج حجة الاسلام ولم يعلم تعلق ذمته بحجة أجب حمل على التطوع لأصالة البراءة مسألة
إذا اوصى ان يحج عنه واجبا أو تطوعا فان عين الأجرة واحتمل من بلده استؤجر بها من بلده والا فمن أقرب الأماكن وان لم يعين الأجرة فان عين الابتداء من بلده اخرج
ان احتمله الثلث والا فمن أقرب الأماكن ولو لم يعين الابتداء فالوجه الحج من أقرب الا ما كنم لأنه لو كان حيا لم يلزمه الا ذلك حتى لو كان في سفر تجارة ثم بدله الحج
حين انتهى إلى الميقات جاز وقال بعضهم يستأجر من يحج من بلده ونقله العامة علي (ع) لقوله تعالى وتموا الحج والعمرة لله لان اتمامها ان تحرم بهما من دويرة أهلك لكن حضر
في ترك الحرام من البلد إلى الميقات فيبقى السعي من البلد واجبا فعل هذا ان أوصي بالحج من الثلث فجميعه من الثلث وان اطلق جعلناه من الثلث فالذي هو من الثلث
مؤنة ما بين البلد الذي الميقات فاما من الميقات فمن رأس المال في الواجب والأقرب انه يحج عنه مع الاطلاق من الميقات لان الجواب بالشرع ذلك فلو اوصى ان يحج عنه من بلده
فلم يبلغ ثلثه حجة من بلده عنه ميقات أمكن ولا يقتصر على الحج من الميقات بل أو وجد راغب في الحج من ابعد من الميقات جب ولو لم يبلغ الحج من الميقات تمم من رأس
المال في اللا واجب سواء كانت حجة الاسلام أو المنذورة وهو أحد وجهي الشافعية لأنها واجبة كحة الاسلام والدين والزكاة والثاني ان المنذورة كالتطوعات
لأنها لا تلزم ابتداء وانما ألزمت بالزامه فعلى هذا ان لم يوص بها لم تقض عنه وان وأوصي كانت من الثلث وعلى الوجه الأول وهو الذي ذهبا إليه فان الوصي بها فكما لو اوصى
بحجة الاسلام فينظر في اطلاق الوصية وتقييدها وان لم يوصي بها فتقضي من رأس المال في أحد وجهي الشافعية وهو الذي تذهب إليه وفي الأخر من الثلث لأنه بالنذر تبرع
فجعل قدره كالوصية لأنها لو قضيت من رأس المال لم يؤمن ان يستغرق بالنذر أمواله وليس يجيد لأنا نلتزم ذلك إذا تر حال الصحية مسألة منجب عليه حجة
الاسلام ونذر أخرى ثم مات بعد استقرارهما في ذمته أخرجت حجة الاسلام والمنذورة من أصل المال فان ضاق المال عنهما ولم يتسع الا لهما حج عنه حجة الاسلام
وسقطت الأخرى لكن يستحب ان ان يحج عنه الأخر وقال بعض علمائنا ويخرج حجة الإسلام من أصله المال والمنذور به ومن الثلث وليس يجيد تسويتهما في الوقوف وفي
رواية لنا انه إذا نذر ان يحج رجل ومات وعليه حجة الاسلام أخرجت حجة الاسلام من الأصل وما مذره من الثلث وهي محمولة عندي على ما إذا أوقع النذر في مرض (موته مسألة إذا اوصى ان يحج عنه حجة الاسلام من الثلث واوصى لانسان بمائة والتركة ثلث مائة واجرة صح)
الحج ماته قدمت اجرة الحج وبطلت الوصية الأخر ولو اوصى بعدم التقديم وزعنا الثلث بين اجرة الحج والوصية بالمال فيدخلها الدور لان حصة الحج تكمل من رأس
المال فإذا أخذنا شيئا من رأس المال نقص الثلث وإذا نقص الثلث نقصت حصة الج فلا يعرف حصة الحج ما لا يعرف الثلث ولا يعرف الثلث ما لا يعرف المأخوذ
من رأس المال ولا يعرف ذلك حتى تعرف حصة الحج فيلزم الدور وطريق معرفة ذلك ان قول نأخذ من التركة شيئا لأجل تكميل حصة الحج تبقى التركة ثلثمائة الا شيئا فاحد
ثلثه وهو مائة الا ثلث شئ يقس بين الحج والموصي له بالسوية فتصيب الحج خمسون الا سدس شئ ويضم الشئ يضم الشئ المأخوذ للحج إليه يصير خمسين وخمسة أسداس شئ وهو
كمال الأجرة يسقط الخمسين بخمسين يبقى خمسة أسداس شئ في مقابلة خمسين وإذا كان خمسة أسداس شئ خمسين كان الشئ ستين فعرفنا ان المأخوذ لتكميل اجرة
الحج ستون فتأخذ ثلث الباقي بعد الستين وهو ثمانون تقسمه بين الوصية يخص كل واحدة أربعون فللحج أربعين واخر لتكميل الحج ستون نضمها إليها تبلغ مائة
هي تمامها اجرة الحج مسألة لو اوصى بان يحج عنه تطوعا أو حجة الاسلام من ثلثة بمائة واوصى بما يبقى من ثلثة بعد المائة لزيد وثلث ماله العمر وقصد التشريك
لا الترتيب ولم يحز الورثة ما زاد على الثلث قسم الثلث بين عمر وبين الوصيتين الأخريين نصفين لان الوصية له بالثلث الوصيتان الأخيرتان بالثلث أيضا
493

فإذا كان ثلث المال ثلثمائة كان لعمر ومائة وخمسون والباقي بين الحج وزيد كيف يقسم بينهما الوجه انه يصرف إلى الحج مائة والى زيد خمسون لأنه لم يوص لها لا بالزايد
عن مائة الحج وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لهم انه يصرف إلى الحج خمسون وماته إلى زيد رعاية للنسبة بين الوصيتين على تقدير الإجازة ولان زيد يقول للحاج
أوصي بالثلث لي ولك أثلاثا ثم دخل علينا عمرو فليس لك ان تدخل على ضرر أبد خولة علينا والحق ما قلناه ولو كان الثلث مائتين فلعمر ومائة ويدخل زيد في
الحساب ثم المائة الثانية تصرف إلى الحج في أصح وجهي الشافعية ولا شئ لزيد وفي الوجه الثاني المائة الثانية بين الحج والموصي له بالباقي بالسوية ولو كان الثلث مائة
قسم بين الحج وبين عمر ونصفين ولا يدخل وزيد في الحساب لان الثلث غير زايد على ما عينه للحج ولا شئ لزيد وان لم يوجد الوصية الثاني بخلاف ما إذا كان
الباقي فوق مائة ولو كانت الوصايا بحالها لكنه اوصى أو لا بالثلث الانسان ثم اوصى بالحج بمائة ثم الأخر بما يبقي من الثلث بعد المائة قال أبو إسحاق من الشافعية
الوصية بالباقي من الثلث بعد المأة باطلة لان الوصية الأولى قد استغرق الثلث وقال باقي الشافعية لا فرق بين
التقديم والتأخير والوصية بالماية ولا يبقى
من الثلث بعد المأة وصيته بثلثا خر وهذا الشخص قد اوصى بالثلثين ولولا ذلك لحكمنا فيما إذا اوصى لزيد بالثلث ثم لعمر وبالثلث ببطلان الوصية الثاني ولما
وزعنا الثلث عليهما وهذا كله على أن الحج لا يقدم في الثلث على ساير الوصايا فإنما قد منا مائة الحج على وصية الموصي له بالباقي لان الموصي يقدمهما لفظا فاما إذا قدمنا
الحج على ساير الوصيا فان أكان الثلث ثلثمائة والمائة المقدرة للحج اجر مثل الحج فيؤخذ المائة من رأس المال وكيف يقسم الباقي بين الموصي له بالباقي والموصي به بثلث
جميع المال قال ابن حداد يجعل بينهما نصفين لان كل واحد منهما لو أفرد مع الحج لاخذ ما زاد على المائة وغلط عامة الشافعية فقالوا يقسم الباقي بينهما على قدر
وصيتها والوصي للموصي له بالباقي بمائتين وللموصي له بالثلث بثلثمائة فيقسم الباقي بينهما على خمسة أسهم للموصي له بالباقي ثمانون بسهمين وللآخر مائة وعشرون
بثلثه أسهم ولو كانت اجرة الحج خمسين والصورة بحالها اخذ من الثلث خمسون أو لا قال ابن الحداد من الشافعية يجعل الباقي بنى الموصي له بالثلث وبين الحج والوصية
الأخرى للموصي به بالثلث مائة وخمسة وعشرون ويصرف من الباقي خمسون إلى الحج بالوصية والباقي للموصي له الأخر وقال الآخرون بل يقسم الباقي بعد اجرة مثل
الحج على أحد عشر سهما لان الوصية في هذه الصورة للموصي به بالثلث بثلثمائة مائة وللحج والموصي به الأخر بمائتين وخمسين والنية بينهما ما قلنا فللموصي به بالثلث ما
يخص ستة والباقي يقدم الحج منه يخص لان حق الموصي له الأخر مؤخر عن مائة الحج والباقي به ولو كان الثلث مائتين فإن كان اجر مثل الحج مات اخذ من رأس المال الثلث
ثم على قول ابن الحداد يجعل الباقي بينهما نصفين وعلى قول الأكثر يجعل بينهما على ثلثه أسهم لان الوصية لهذا بماته ولهذا بمائتين وإن كان اجر مثله خمسين اخذ خمسون
أولا والباقي على قول ابن الحداد بين الموصي له بالثلث وبين الوصيتين الاخرتين بالسوية ثم يقدم ا لحاج مخمسين من حصتهما وعلى قول الأكثر يجعل الباقي بعد الخمسين
على سبع أسهم لأنه اوصى لأحدهما بمائتين وللحج والاخر بماته وخمسين فللموصي له بالثلث ما يخص أربعة يؤخذ منه خمسون للحج والباقي للموصي به الأخر لو كان الثلث مائة
فإن كان الحج مائة فلا شئ للموصي لهما وإن كان اجرة مثله خمسين اخذ للحج خمسون ثم على قول ابن الحداد الباقي بين الحج والموصي له بالسوية وعلى قول الأكثر الباقي
بين الحج وبين الموصي له بالثلث على ثلثة للحج واحد لان الوصية في هذه الصورة للحج بخمسين وله بمائة فإذا لم تف حصته الحج في هذه الصورة بالحج فإن كانت الوصية
يحج التطوع بطلت وإن كانت بحجة الاسلام فإنها من رأس المال مسألة لو قال حجوا عني بثلث مالي حجة وجب ان يحج عنه بثلث ماله سواء كانت بقدر أجرة المثل
أو أكثر وسواء استؤجر بهما وارث أو لا عند علمائنا لان الوصية للوارث عندنا سايغة ينص القران وقالت العامة إن كانت أجرة المثل أقل من الثلث لم يستأجر بهما
الوارث بالأجنبي أو يجيز باقي الورثة لان المحاباة للورث عندهم لا تجوز لو كانت أجرة المثل بقدر الثلث جاز ان يستأجر الوارث وغيره اجماعا ولو قال حجوا عني
بثلثي فإن كانت أجرة المثل بقدر الثلث حج عنه وإن كان الثلث أكثر حج عنه بأجرة المثل لأن المطلق من المعاوضة تقتضي عن المثل كالاذن في البيع وغيره فإن كان الثلث
بقدر اجرة الحج مرة واحدة استؤجر به لحجة واحدة فإن كان أكثر تلك حجتين وإن كان من أقرب المواقيت استؤجر به لهما وإن كان يزيد على الواحدة ولا يبلغ حجتين
استؤجر لواحدة ورد الباقي إلى الورثة لان الجهة التي وصى بالثلث فيها فرجع إلى الورثة بخلاف الأولى حيث؟.. الوحدة وهنا جعل الثلث في الحج واقتضى حبسه قاله
الشيخ ره ابن إدريس وهو قولي الشافعي ويحتمل ان يصرف الباقي إلى الج فيستأجر الثقة العارف الذي يتغالى في استيجاره ان رغب والا صرف إلى من يستأجر مطلقا
لان الموصي قصد التبرع عليه بالزيادة ولو قال حجوا عني وأطلق فان علم منه قصد التكرار ويحج عنه ما بقي من ثلثة شئ والا حج عنه حجة واحدة وقد روي محمد بن الحسين
أبي الخالد عن الباقر (ع) قال سألته عن رجل اوصى ان يحج عنه مبهما فقال يحج عنه ما بقي من ثلثة شئ وفي السؤال إشارة إلى قصد التكرار بقوله مبهما والشيخ ره قال
يحج عنه ما بقي من ثلثه شئ مسألة لو اوصى ان يحج عنه في كل سنه بعشرين دينارا مثلا من ضيعة له ولم يتفق من يرغب بذلك أو قصرت الصيغة عن العشرين أو
انقطعت السبل وغلت الاجر جمع مال سنتين أو ثلثة أو أزيد واستؤجر به لان إبراهيم بن مهزيار كتب إليه (ع) ان مولاك علي بن مهزيار اوصى ان يحج عنه من ضيعته
صير ربعها إلى حجة في كل سنة عشرين دينار أو انه قد انقطع طريق البصرة وتضاعفت المؤنة على الناس وليس يكتفون بالعشرين وكذلك اوصى عدة من مواليك في حجهم
فكتب تجعل ثلث حجج حجة انشاء الله قال إبراهيم وكتب إليه علي بن محمد الحصيني ان ابن عمي؟ اوصى ان يحج عنه حجة بخمسة عشر دينار أوفي كل سنة فليس يكفي ما تأمر في
ذلك فكتب (ع) تجعل حجتين حجة فان الله تعالى عالم بذلك مسألة لو اوصى ان يحج عنه فلان بعينه فان عين القدر ورغب وخرج من الثلث إن كان فيه محاباة
صح ولا يجب ولو لم يخرج من الثلث أو لم يرغب فإن كان الحج واجبا اخرج أجرة المثل فيه فان رغب المعين والا استؤجر عنه وإن كان تطوعا احتمل ان يستأجر غيره
والبطلان لتعذر امضاء الوصية فيصرف ما عين فيها إلى الورثة ولو لم يعين القدر انصرف الاطلاق إلى أجرة المثل فإن كان الج واجبا خرجت أجرة المثل من الأصل
فإن لم يرغب صرف إلى غيره وإن كان ندبا فان فان خرجت أجرة المثل من الثلث ورغب استؤجر بها والا احتمل البطلان واستيجار الغير وكذا لو لم يخرج من الثلث بل
يخرج أقل من أجرة المثل مسألة روي ابن أشيم عن الباقر (ع) في عبد مأذون له في التجارة دفع إليه رجل ألف درهم وقال له اشتر منها نسمة فاعتقها عني وحج
عني بالباقي ثم مات صاحب الألف درهم فانطلق العبد واشترى أباه واعتقه عن الميت ودفع إليه الباقي يحج عن الميت فحج عنه فبلغ ذلك موالى أبيه ومواليه وورثة
الميت فاختصوا جميعا في آلاف قال موالي العتيق انما اشتريت أباك بمالنا وقال الورثة انما اشتريت أباك بمالنا وقال موالي العبد انما اشتريت أباك بمالنا فقال أبو جعفر (ع)
إما الحجة فقد مضت بما فيها لا ترد واما العتيق رد في الرق لموالي أبيه واتى الفريقين بعد أقام البينة ان العبد اشترى أباه من أموالهم كان لهم رقا مسألة
الحج يؤدي عن الميت إن كان فرضا اجماعا وان لم يوص ولو عرف مستودع المال ان الورثة لا يحجون عنه جاز له ان يقتطع من الوداعة بقدر اجرة الحج من أقرب الأماكن لأنه
494

دين خارج عن ملك الورثة فلا يجوز صرفه إليهم ولو قال حجوا عني ولم يعين النايب فللوارث ان يحج بنفسه وبغيره وان لم يوص فللوارث ان يحج عنه وهو أحد قولي الشافعي والثاني
المنع لان الحج عبادة فتفتقر إلى النية ولا تصح الا باستنابته أو استنابة نائبة واما حج التطوع فيجري فيه النيابة عندنا وللشافعي قولان البحث الثاني في الوصية
بالصدقة وغيرها مسألة إذا اوصى بالصدقة حمل على الندب فان قال إنه واجب كان كالاقرار وإن كان في الصحة اخرج من الأصل وإن كان في المرض مع عدم التهمة فكذلك
وإن كان متهما مضى من الثلث ثم إن عين المقدار والموصي له اتبع ما عينه وان اطلقهما اكتفى بأقل ما يتمول فيتصدق به عنه على من كان من الفقراء وهل يشترط الاسلام
أو الايمان اشكال وهل يكفي الاخراج في بناء القناطر أو عمارة المساجد أو سد الثبوق أو حفر الأنهار وغير ذلك مما يشبهه من المصالح الأقرب المنع وفي تكفين الموتى الأقرب الجواز
مسألة لو اوصى في سبيل الله قال ابن إدريس صرف ذلك في جميع مصالح المسلمين مثل بناء المساجد والقناطر وتكفين الموتى ومعونة الحاج والزوار وما أشبه
ذلك بدليل اجماع أصحابنا ولان ما ذكرناه طرق إلى الله تعالى فإذا كان كذلك فالأولى حمل لفظة سبيل الله على عمومها وفي رواية الحسين بن عمر عن الصادق (ع) قال قلت له (ع)
ان رجلا اوصى إلي بشئ في السبيل فقال لي اصرفه في الحج قال قلت له اوصى إلي في السبيل فقال لي اصرفه في الحج قال فقلت له اوصى إلي في السبيل قال اصرفه في الحج اي لا اعلم
شيئا من سبيله أفضل من الحج وفي رواية الحسن بن راشد قال سالت العسكري (ع) بالمدينة عن رجل اوصى بمال في سبيل الله فقال سبيل الله شيعتنا قال الشيخ الطوسي
ذكر أبو جعفر بن بابويه ره من الوجه بالجمع بين هذا الخبر والخبر الذي قال فيه سبيل الله الحج ان المعنى في ذلك ان يعطي المال لرجل من الشيعة ليحج به فيكون قد انصرف في
الوجهين معا وسلمت الاخبار من التناقض فقال الشيخ ره وهذا وجه حسن مسألة لو اوصى بالزكاة الواجبة وجب دفعها بمقتضي الوصية وان لم يوص وعلم أن الميت لم
يخرج الزكاة وجب اخراجها عنه فان امتنع الوارث أخرجها الحاكم ويتولى النية الدافع ولو تبرع أجنبي بأداء الزكاة عنه جاز كما لو قضى دينه عنه وكذا زكاة الفطرة وهو أظهر
قولي الشافعي ولو اوصى بالخمس الواجب وجب اخراجه من صلب المال لأنه دين عليه ولو لم يكن واجبا اخرج من الثلث كغيره من التطوعات المتبرع بها ولو لم يوص بالخمس
الواجب وجب اخراجه من صلب ماله مع علم عدم الاخراج ولو اوصى بالصدقة المندوبة أخرجت من الثلث مسألة الصلاة الفائتة الواجبة يصح قضاؤها
عن الميت سواء اوصى بها أو لم يوص فان اوصى الميت بها أخرجت الوصية من الثلث لا من الأصل لأنها عبادة ولا تعلق لها بالمال بخلاف الحج والزكاة فالمال غير واجب فيها
فتخرج الوصية بالأجرة من الثلث وإن كانت الصلاة واجبة لان الصلاة تجب على الولي وهو أكبر أولاده الذكور على ما يأتي فيكون الوصية بالأجرة تبرعا من الوارث
فأخرجت من الثلث وكذا لو اوصى بصلاة المندوبة وعلى كل حال فان ذلك ينفع الميت خلافا للشافعي حيث استدل بقوله تعال وان ليس للانسان الا ما سعى وليس /؟ بالنع
لما قلناه لان ترتيبه الوالد وصداقة المتبرع المقتضي للنيابة من سعى الانسان إذا عرفت هذا فان العامة منعوا من الوصية بالصلاة عن الميت ومن التبرع بها عنه ويدفعه
نص القران حيث قال تعالى فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه وقد روي الخاصة صحة ذلك وان الميت ينتفع بذلك روي ابن بابويه عن الصادق (ع) انه
سئل يصلي عن الميت فقال نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يؤتى فيقال له خففت عنك هذا الضيق بصلاة فلان اجنك عنك وعن علي بن جعفر
في الصحيح عن أخيه الكاظم (ع) قال سالت أبي جعفر بن محمد (ع) عن الرجل هل يصلح له ان يصلي أو يصوم عن بعض موتاه قال نعم يصلي ما أحب ويجعل تلك للميت فهو للميت
إذا جعل ذلك له وعن محمد بن عمير بن يزيد عن الصادق (ع) قلت له يصلي عن الميت قال نعم حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يؤتى فيقال له خفف عنك
هذا الضيق بصلاة فلان أخيك عنك وعن عمار الساباطي انه سال الصادق (ع) عن الرجل يكون عليه صلاة أو يكون عليه صوم هل يجوز ان يقضيه رجل غير عارف قال لا يقضيه
الا مسلم عارف وعن ابن أبي عمير عن الصادق (ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضيه أولي الناس به قلت وإن كان أولي الناس به امرأة قال لا من الرجل
أو قال لا الا الرجل وفي رواية هشام بن سالم في أصله عنه (ع) قال قلت يصل إلى الميت الدعاء والصدقة الصلاة ونحو هذا قال نعم قلت ويعلم من صنع ذلك به قال نعم
قد ثم يكون مسخوطا عليه ثم؟ يرضى عنه وعن عبد الله بن أبي يعفور قال يعضي عن الميت الج والصوم والعتق وفعاله الحسن وروي الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن الصادق (ع)
قال يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء قال ويكتب اجره للذي يفعل للميت وروي الصدوق باسناده عن الصادق (ع) قال يدخل
على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والعتق وعن الصادق (ع) من عمل من المسلمين عن عملا صالحا عن ميت أضعف إليه اجرة ونفعه به الميت وعن عمر بن محمد بن
يزيد قال قال الصادق (ع) ان الصلاة والصوم والصدقة والج والعمرة وكل عمل صالح ينفع الميت حتى أن الميت يكون في ضيق فيوسع عليه ويقال ان هذا بعمل ابنك فلان
وبعمل أخيك فلان اخوة في الدين وعن محمد بن يعقوب الكليني في كتابه عن الصادق (ع) قال ما يمنع الرجل منكم ان يبر والداية حيين وميتين يصلي عنهما ويتصدق عنهما
ويحج عنهما ويصوم عنهما فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله ببره وصلوته خيرا كثيرا والاخبار في ذلك كثيرة لا تحصى مسألة إذا اوصى بكافرة
وجب اخراجها عنه وان لم يوص بها وإن كانت مرتبة فللوارث ان يؤدي الواجب المالي من التركة ولا ولاء هنا عندنا على ما يأتي لان الولاء انما يثبت في العتق المتبرع
به وقال الشافعي يثبت الولاء للميت إذا أعتق وإن كان مخبرة فللوارث ان يطعم ويكسو أو يعتق وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه ليس له ان يعتق لأنه لا ضرورة
إليه والحق ما قلناه لان الوارث نايب الميت فاعتاقه كاعتاقه ولو أدي الوارث من مال نفسه ولا تركه جاز وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني امنع لبعد العبادات
عن النيابة وانما جوزنا هناك لمكان التركة ولهم وجه اخر تخصيص المنع بالاعتاق لبعد اثبات الولاء للميت وعلى القول بالجواز لو تبرع الأجنبي بالطعام أو الكسوة أو
أدي عنه فوجهان أحدهما انه لا يقع عنه لأنه عبادة فلابد من نية أو نية وارثة بخلاف ما لو قضي دينه وأشبههما عندهم الجواز كما في قضاء الدين لأنه لو اشترطت الورثة
لاعتبر جميع الورثة كالاقرار بالنسب ولا يعتبر بل يستبد به كل واحد من الورثة ولو تبرع بالعتق صح عندنا وللشافعية قولان ولو اوصى بالعتق في الكفارة المخيرة وزادت
قيمة الرقبة على قيمة الطعام والكسوة احتمل قويا اعتبارها من الثلث لان العتق غير متحتم عليه وتحصل براءة الذمة بما دونه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان وصيته
تعتبر من رأس المال لأنه أداء واجب وعلى الأول للشافعي قولان أحدهما انه يعتبر جميع قيمته من الثلث فإن لم يف الثلث به عدل إلى الطعام وأشبههما عندهم ان المعتبر
من الثلث ما بين القيمتين أقل تضمين؟ لازم لا محاله ويجري الخلاف فيما إذا اوصى بان يكسى عنه والكسوة أكثر قيمه من الطعام ولو أعتق في مرض الموت من عليه كفارة يخيره
قال بعض الشافعية لا يعتبر قيمة العبد من الثلث لأنه مؤد فرضا مسألة الدعاء للميت ينفعه اجماعا قال الله تعالى
والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا
ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان مدحهم باعتبار دعائهم للسابقين وروي العامة عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلثه صدقة
جاريه أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعوا له ومن طرق الخاصة قول الصادق (ع) ليس ينفع الرجل بعد موته من الاجر الا ثلث خصال صدقة اجراها في حياته وهي تجري له بعد
495

موته وسنة هو سنها فهو يعمل بها بعد موته أو ولد صالح يدعوا له وكذا الصدقة عن الميت تنفعه لما رواه العامة ان رجلا قال للنبي صلى الله عليه وآله ان أبي مات وترك مالا ولم
يوص فهل يكفي ان أتصدق عنه قال نعم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والعتق ويستوي في الصدقة والدعاء
الوارث الأجنبي عند الشافعي ولو أنبط عينا أو حفر نهرا أو غرس شجرة أو وقف مصحفا أو غيره في حال حياته أو فعل عنه غيره بعد وفاته لحق الثواب بالميت ويجوز التضحية عن
الميت لأنها نوع صدقة ومنع بعض الشافعية الا مع الوصية مسألة الصوم عن الميت يحصل به نفع له من غير أن ينقص ثواب الصيام ومنع الشافعي من التطوع به عن
الميت وفي قضاء فاتته عنه قولان الجديد المنع والقديم ان لوليه ان يصوم عنه وهو الذي ذهبنا إليه وعلى هذا لو اوصى إلى أجنبي ليصوم كان بمثابة الوالي ولو مرض بحيث لا
يرجى برؤه ففي الصوم عنه للشافعي وجهان تشبيها بالحج قال الشافعي غير الصوم كالصلاة قضاء وقرائة القران عنه فلا ينفعه واستثنى بعضهم عن الصلاة ركعتي الطواف
وقال يأتي بهما الأجير عن المحجوج عنه وقالوا انه يقع عنه تبعا للطواف ومنهم من قال هي عن الأجير وتبرأ ذمته المحجوج عنه بما يفعل كما لو ارتكب محظورا أو لزمه الدم أو الصوم
ولو اوصى بتجديد قبر فالأولى عدم النفوذ لأنه مكروه وكذا لو اوصى ببناء مكروه في القبر ولو اوصى بغير مكروه فعل البحث الرابع في الوصية المهمة مسألة
إذا اوصى له بسهم من ماله ولم يبين كان وصيته بالثمن عند أكثر علمائنا لما رواه ابن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن قلت فرجل اوصى بسهم من ماله فقال السهم واحد
من ثمانية ثم قرأ انما الصدقات للفقراء والمساكين إلى اخر الآية ومثله روي في الصحيح صفوان عن الرضا ونقل عن ابن إدريس عن بعض علمائنا انه السدس وهو
رواية عن أحمد ورواه العامة عن علي وابن مسعود وبه قال الحسن وأياس بن معاوية والثوري لرواية ابن مسعود ان رجلا اوصى لرجل بسهم من المال فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله
السدس ولان السهم في كلام العرب السدس قال اياس بن معاوية السهم في كلام العرب السدس فتنصرف الوصية إليه ولأنه قول علي (ع) وابن مسعود ولا مخالف لهما في الصحابة
ولأنه أقل سهم مفروض يرثه ذو قرابة فتنصرف الوصية إليه ونحن نمنع ذلك والرواية الثانية عن أحمد انه يعطي سهما مما تصح منه الفريضة فينظر كم سهما صحت منه الفريضة
ويزاد عليها سهم من سهامها لم يزد على السدس (قال زاد على السدس صح) فله السدس لأنه متحقق لان قوله سهما ينبغي ان يصرف إلى سهام فريضة لان وصيته منهما فيصرف السهم إليها فكان واحدا
من سهامها كما لو قال فريضتي كذا وكذا سهما لك سهم منها وقال بعض أصحابه له أقل سهم من سهام الورثة وبه قال أبو حنيفة وقال صاحباه الا ان يزيد على السدس فيكون
له السدس لان سهام الورثة نصبائهم فيكون له أقلها لأنه المتيقن فإذا زاد على السدس دفع إليه السدس لأنه أقل سهم يرثه ذو قرابة وقال أبو ثور يعطي سهما ن من أربعة
وعشرين لأنها أكثر أصول الفرايض فالسهم منها أقل السهام وقول الشافعي وابن المنذر يعطيه الورثة ما شاؤوا لان ذلك يقع عليه اسم السهم فأشبه لو اوصى له بخط و
قال عطاء وعكرمة لا شئ له والرواية الثالثة عن أحمد انه يعطي السدس الا ان يعول الفريضة فيعطي سهما مع العول فكان معني الوصية أوصيت لك بسهم من يرث السدس
فلو اوصى به بسهم في مسألة فيها زوج وأخت كان له السبع كما وكان معها جدة على الرويات الثلث وكذا لو كان في المسألة أم وثلث أخوات متفرقات فإن كان معهم زوج
فالمسألة من تسعه للموصي له العشر على الروايات الثلث ولو كان الورثة زوجا وأبوين وابنين فالمسألة من خمسة عشر ويعول بسدس اخر فتصير من ستة عشر على
الرواية الأولى الثانية وعلى الثالث يكون للموصي له سهم واحد يزاد على خمسة عشر فيصير ستة عشر ولو خلف أبوين وابنين واوصى لرجل السدس ماله وللآخر بسهم
جعلت ذلك السهم كالام وأعطيت صاحب السدس سدسا كاملا وقسمت الباقي بين الورثة والموصي له على سبعة فتصح من الاثنين وأربعين لصاحب السدس سبعة
ولصاحب السهم خمسة على الروايات الثلث ويحتمل ان يعطي ذو السهم السبع كاملا كأنه اوصى به من غير وصيته اخر فيكون له ستة ويبقى تسعة وعشرون على ستة لا
تنقسم فنضربها في اثنين وأربعين يكون مائتين واثنين وخمسين والحق ما قدمناه لأنه المنقول عن أهل البيت عليهم السلام وهم اعرف بالأحكام مسألة
لو اوصى له بجزء من ماله ولم يبين صرف إلى السبع عند أكثر علمائنا وقال بعضهم العشر ولم يقدره العامة بشئ بل يعطيه الورثة ما شاؤوا والحق ا لأول لما رواه ابن أبي نصر
في الصحيح عن الرضا (ع) قاله سألته عمن اوصى بجزء من ماله فقال واحد من سبعة ان الله تعالى يقول لها ستة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم وفي رواية عن الحسن بن خالد
عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن رجل اوصى بجزء من ماله قال سبع ثلثه ولا تنافي بين الروايتين لجواز ان يكون السؤال الثاني وقع عن رجل اوصى بجزء من ماله يتصرف
فيه المريض فأجاب (ع) بالسبع من الثلث لأنه سبع المال الذي وقع السؤال عنه يدل على هذا لتأويل ما رواه عبد الرحمن بن سيابة قال إن امرة أوصت إلى وقالت
ثلثي تقضي به ديني وجزء منه لفلان فسالت عن ذلك ابن أبي ليلى فقال (ما ارى صح) لها شيئا ما أدري ما الجزء فسالت الصادق (ع) عنه بعد ذلك جزته كيف قالت المراءة وبما قال
ابن أبي ليلى فقال كذب ابن أبي ليلى لها عشر الثلث ان الله تعالى أمر إبراهيم (ع) فقال ثم اجعل على كل جبل منهن جزء أو كانت الجبال يومئذ عشره فالجزء هو العشر من الشئ
فقد حكم الإمام (ع) بان الجزء اسم للعشر فإلى اي شئ أضفته أفاد عشر ذلك الشئ وحكم هنا (ع) بان لها عشر الثلث لان الضمير في قوله وجزء منه ويعدو إلى قوله ثلثي وفي رواية
معوية بن عمار انه سال الصادق (ع) عن رجل اوصى بجزء من ماله قال جزء من عشرة قال الله تعال اجعل على كل جبل منهن جزء إذا كانت الجبال عشرة أجبال في الطريق
أحمد بن فضال وفي الحسن عن أبان بن تغلب عن الباقر (ع) قال الجزء الواحد من عشرة لان الجبال كانت عشرة والطير أربعة قال الشيخ ره وجه الجمع حمل الجزء على العشر
وجوبا وعلى السبع استحبابا فيستجب للورثة اعطاء السبع مسألة لو اوصى له بشي ظ من ماله ولم يبين قال علمائنا يكون وصية بالسدس وخالفت العامة
في ذلك وقالوا تعطيه الورثة ما شاؤوا وأصحابنا عولوا على رواية ابان عن زيد العابدين (ع) انه سال عن رجل أوصي بشئ فقال الشئ في كتاب علي (ع) من ستة وادعى
ابن إدريس على هذا اجماع الطايفة قال المفيد ره فان أوصي بشئ من ماله ولم يسم كان السدس من ماله قال الله عزو جل وقد خلقنا الانسان من سلالة من طين
إلى قوله ثم أنشأناه خلقا اخر فتبارك الله أحسن الخالفين فخلق الله تعالى الانسان من ستة أشياء فالشئ واحد من ستة وهو السدس مسألة لو اوصى بمال
كثير احتمل ان يكون له ثمانون قال الشيخ ره وفي الخلف في كتاب الاقرار من قال له عندي مال كثير فإنه يكون اقرار بثمانين على الرواية التي تضمنت بان الوصية بالمال الكثير
بثمانين ثم قال وعليه اجماع الطائفة فتفسير الكثير بثمانين وقال ابن إدريس في هذا القول تسامح انما الرواية وردت فيمن نذر ان يتصدق بمال كثير وما وردت بالوصية
جملة كافة ولا اوردها أحد من أصحابنا في الوصيا والذي يقضيه أصول المذهب ويكم به الأدلة والاعتبار وان لا يتجاوز بالرواية ما وردت فيه فحسب ولا يتعدى إلى
غير النذر ويرجع في تفسير الكثير إلى المقر وفي الوصية يرجع إليهم في تفسير الكثير كما يرجع لايهم في تفسير الكثير كما يرجع إلى العرف والعادة في كثير الجزاء فيمن قتله محرما وكثير
السفر وقول ابن إدريس لا باس به لكن نسبته الشيخ إلى التسامح جهل منه فإنه اعرف في الاقرار بالروايات وليس إذا لم يجد الرواية مسطورة في تهذيبه واستبصاره تكون غير منقوله
تذنيب لو اوصى له بمجهول غير هذا الأشياء حمل على اختيار الورثة فإن لم يختاروا شئ أو لم يكونوا من أهل الاختيار أو لا يكون هناك وارث حمل على أقل
496

ما يصدق عليه الاسم كما لو قال اعطوه حظا من مالي أو نصيبا أو قسطا أو اعطوه من مالي أو ارزقوه لان كل شئ نصيب وحظ وقسط فإنه لا حد له في اللغة ولا في الشرع
ولا في العرف وكان على اطلاقه وكذا لو قال عظيما أو مالا عظيما أو عظيما جدا مسألة الوصية بالمجهول جايزة على ما قدمناه فلو اوصى له بعبد من عبيده أو بشاة
من غنمه صح عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي واحمد واسحق والأقرب انه يتخير الورثة في تعيين ما شاءوا فيعطوا الموصي به اي عبد اختاره وإن كان أدونهم صحيحا
كان أو معيبا جيدا واورديا وبه قال الشافعي وهو رواية عن أحمد لتناول الاسم العبد وأصالة البراءة الذمة من الزايد كما لو اوصى له بعيد ولم يضفه إلى عبيده وعنه
رواية أخرى انه يقرع وبه قال اسحق وقال مالك إذا اوصى بعض من ابله وهي مائة اعطى عشرها وهو يقتضي انه إذا اوصى به بعبد وله ثلثة عبيد فله ثلثهم وان كانوا
أربعة فله ربعهم والنخل والرقيق والدواب على ذلك وليس بجيد بل تعطي عشره بالعدد ولأنه الذي يتناوله لفظه فلا يعدل عنه ولو لم يكن الا عبد واحد تعينت الوصية
فيه وكذا لو كان له عبيدا فماتوا كلهم الا واحد تعينت الوصية فيه لتعذر تسليم الباقي ولو تلفوا كلهم قبل موت الموصي أو قتلوا بطلت الوصية لأنها انما تلزم
بالموت ولا رقيق له وان تلفوا بعد موته بغير موته بغير تفريط من الورثة بطلت الوصية لان التركة عند الورثة غير مضمونه لأنها حصلت في أيدي هم بغير فعلهم وان قتلهم قاتل
فللموصي له قيمة أحدهم ولو اوصى به بعبد من عبيده ولا عبيد له بطلت الوصية لعدم متعلقها فأشبه ما لوا اوصى بعبد معين فمات قبله ولو تجدد له بعد
الوصية عبيدا احتمل البطلان أيضا كما لو قال أوصيت لك بما في كيسي ولا شئ فيه ثم جعل في كيسه شيئا ولان الوصية يقتضي عبدا من الموجودين له حاله الوصية
والصحة كما لو اوصى له بألف لا يملكها ثم ملكها أو اوصى له بثلث عبيده ثم ملك عبيدا آخرين وفي رواية عن أحمد انه لو قال في مرضه أعطوا فلانا من كيسي مائته درهم
فلم يوجد في كيسه شئ يعطي مائه درهم ولا تبطل الوصية لأنه قصد أعطاه مائه درهم وظنها في الكيس فإذا لم يكن في الكيس أعطا من غيره مسألة قال اعطوه عبدا (أو أعتقوا عبدا صح)
صحت الوصية واشترى له عبد أي عبد كان ولو كان له عبيد جاز للورثة ان يعطوه أي عبد شاوا لا قرعة إلى في العتق إنه لم يضف الرقيق إلى نفسه وجاز لهم ان
يشتروا له عبدا ولا يتعين الاعطاء من عبيده ولا العتق قال بعض العامة ولهم ان يعطوه ما شاؤوا من ذكر أو أنثى وهو خطأ فان العبد انما ينصرف إلى الذكر وقد قرق الله
تعالى في قوله انكحوا الأيامى منكم والمعطوف يغاير المعطوف عليه والعرف ذلك فإنه لو وكله في شراء عبد فاشترى أنثى لم يجز ولا يجزي
الخنثى المشكل لأنه لم يعلم كونه ذكرا ولو قال اعطوه أمة أو أنثى لم يجز الخنثى المشكل إما لو اوصى له بواحد من رقيقه أو براس مما مملكت يمينه دخل في وصيته الذكر والأنثى
والخنثى ولو قال اشتروا له عبد أو كان له عبيد لم يعط من عبيده لأنه قصد تمليك رقيقه للورثة بخلاف ما لو قال اعطوه عبدا فإنه يجوز ان يعطي من عبيده وغيرهم
مسألة لو اوصى له بسيف وكان في جفن عليه حلية كان السيف والجفن والحلية له إذا خرج من الثلث لما رواه أبو جميله عن الرضا (ع) قال سألته عن رجل اوصى
لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حليته فقال له الورثة انما لك النصف ولا لك المال قال فقال لا بل السيف وما فيه له ونفى طريق اخر عن أبي جميله المفضل بن صالح
قال كتبت إلى أبي الحسن أسأله عن رجل اوصى لرجل بسيف فقال الورثة انما لك الحديد وليس لك الحلية ليس لك غير الحديد فكتب إلى السيف له وحليته وأبو جميلة
فيه قول لكن الرواية مناسبه للعقل فان الجفن كالجزء من السيف لافتقاره إليه وحاجته وعدم انفكاكه غالبا عنه ولهذا يطلق عليه لو قال أمل السيف أو انفذه إلى أو
سافر به فإنه لو أخرجه من جفنه وسافر به عدة العقلاء سفيها مسألة لو اوصى به بصندوق وفيه مال دخل المال في الوصية كذا لو اوصى به بسفينة فيها
طعام أو جراب فيه المتاع أو بكيس فيه ذهب دخل الطعام والمتاع والذهب في الوصية قاله علماؤنا لما رواه أبو جميلة عن الرضا قال قلت رجلا اوصى
لرجل بصندوق وكان فيه مال فقال الورثة انما لك الصندوق وليس لك المال قال فقال أبو الحسن الرضا (ع) الصندوق بما فيه له وعن عقبة بن خالد عن الصادق
قال سألته عن رجل قال هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها وفيها طعام أيعطاها الرجل وما فيها قال هي للذي اوصى له بها الا ان يكون صاحبها متهما وليس للورثة
شئ وعن عقبة قال سالت الصادق (ع) عن رجل اوصى لرجل بصندوق وكان في الصندوق مال قال فقال الورثة انما لك الصندوق ولا لك ما فيه فقال الصندوق
بما فيه له ويمكن ان يقال إن كان الظرف مما يصلح للموصي ان ينقله بمفرده إلى الموصي له احتمل ان لا يتعدى الوصية بالظرف إلى المظروف ولو اوصى بالمظروف لم يدخل الظرف
قطعا مسألة لو اوصى له بخاتم وفيه فص دخل الفص فيه لأنه باتصاله به صار كالجزء منه ولو اوصى له بالفص لم يدخل الخاتم فيه ولو اوصى لواحد بالخاتم ولاخر
بالفص صح وليس لواحد منهما الانتفاع به الا بإذن صاحبه ولو طلب صاحب الفص أو صاحب الخاتم قلع الفص عنه أجيب إليه وأجير الأخر عليه ولو اتفقا على التبقية أو
اصطلحا على لبسه جاز لان الحق لهما مسألة لو اوصى لانسان بوصية وجعلها أبوابا مساماة فنسي الوصي بابا منها جعل ذلك السهم في وجوه البر قال الشيخ ره في النهاية لما رواه
محمد بن الريان قال كتبت إلى الحسن (ع) أسأله عن انسان اوصى بوصية فلم يحفظ الوصي الا بابا واحدا منها كيف يصنع في الباقي فوقع (ع) الأبواب الباقية جعلها
في البر وللشيخ ره قول اخر في المسائل الحايريات إذا نسى الوصي جميع الأبواب للوصية فإنها تعود ميراثا
لورثته واختاره ابن إدريس والقول الأول لا باس به لان الموصي اخرج
المال الموصي به عن ملك الورثة باعتبار الوصية فلا تعود إليهم فيبقى مالكه مجهولا فيصرف في أبواب البر البحث الخامس في الوصية بالنصيب مسالة
إذا اوصى له بنصيب وارث فان قصد المثل صحت الوصية اجماعا وان قصد العين بطلت الوصية وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه اوصى به هو حق الغير فتبطل
كما لو قال بدار ابني وقال مالك واهل البصيرة وابن أبي ليلى وزفرو وداود تصح الوصية لان ذلك وصيته بجميع المال (ولو اوصى بجميع المال صح) صحت الوصية وإن كان قد اوصى به بنصيب الورثة
والفرق ان إذا اوصى بجميع المال صح لأنه لم يضف إليه حق غير الإرث انه لو قال أوصيته لفلان بما يستحقه ابني لم تصح الوصية ولو اوصى بجميع المال صحت الوصية
وإن كان وصي بما يستحقه ولو اوصى باخراج بعض ولده من الميراث بطلت الوصية أيضا لان سعد بن سعد سال الرضا (ع) عن رجل كان له ابن يدعيه فنفاه؟
وأخرجه من الميراث وانا وصيته فكيف اصنع فقال (ع) لزمه الولد لاقراره بالمشهد لا يدفعه الوصي عن شئ قد علمه مسألة لو اوصى به بمثل نصيب أحد الورثة
وعينه صحت الوصية من الثلث اجماعا واختلف في تقديره فالذي عليه علماؤنا ان الموصي به يكون بمنزلة وارث اخر فيضاف إلى الورثة ويتساوى الموصى له
والوارث فلو كان له ابن واحد واوصى بمثل نصيبه لزيد فرض كان له ابنين فيكون الوصية بالنصف فان الابن اخذ الموصي له النصف والابن النصف وان رد كان
للموصي له الثلث والباقي للولد وإن كان له ابنان فأوصى بمثل نصيب أحدهما فللموصي له مثل نصيب أحدهما فرادا على الفريضة ويكون كواحد منهم زاد فيهم ولو
كان له ثلثه فللموصي له الربع وهو قول أكثر العامة وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد لأنه المتعارف من التماثل وقال مالك وابن أبي ليلي وزفر وداود يعطي مثل نصيبه
المعيل؟ ومثل نصيب أحدهم إذا كانوا مستاويين من أصل المال ويقسم الباقي بن الورثة لان نصيب الوارث قبل الوصية من أصل المال فإذا اوصى به بمثل نصيب ابنه
497

وله ابن واحد فالوصية بجميع المال وإن كان ابنان فالوصية بالنصف وان كانوا ثلثه فله الثلث وليس بجيد لأصالة بقاء مال الميت على الوراث ولأنه جعل للموصي
له نصيبا وللابن نصيبا وجعل نصيب الابن أصلا وحمل عليه نصيب الموصي له فلا تسقط بل يشتركان كما لو قال لفلان في هذه الدار مثل ما لفلان فإنه يقتضي
شركتهما فيها ولا داء قول مالك إلى تغيير الوصية والعمل بخلافها لأنه لو كان له ابنان فأوصى بمثل نصيب ابن كان المال بينهم أثلاثا أو عند مالك يكون للموصي
له النصف ولكل ابن ربع وهذا بخلاف الوصية وكذا لو كان له ابنان أو بنون فأوصى بمثل نصيبهما أو نصيبهم كان وصيته بالنصف وقال مالك تكون وصيته بالكل
وليس يجيد لان الوصية بمثل نصيب الابن يقتضي ان يكون للابن نصيب وللموصي له نصيب وان يتاسوى النصيبان فيقوم التسوية ولان الابن يأخذ بالجمع لولا
الوصية فإذا نزل الموصي به منزلة قد أثبت له الكل ا لا والمبلغ إذا عال بمثله كان الزايد مثل المزيد عليه والضابط عند مالك انه يعتبر نصيب الموصي بنصيبه
لو لم تكن وصيته وعندنا يعتبر بعد الوصية فيقام فريضة الميراث ويزاد عليها مثل سهم الموصي بنصيه مسألة إذا كان له ورثه متعددون واوصى لزيد
بمثل نصيب أحدهم فان كانوا متساويين كما لو كان له ثلثه بنين واوصى له بمثل نصيب أحدهم فله مثل نصب أحدهم مزادا على الفريضة فيكون له الربع وكذا لكل
ابن وان تفاضلوا كابن وبنت ثم اوصى له بمثل نصيب أحدهم فان عينه انصرفت الوصية إليه وان اطلق كان له نصيب أقلهم ميراثا وتزاد على فريضتهم وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة لأنه المتيقن وما زاد مشكوك فيه فلا يثبت مع الشك وقال مالك مع التفاضل ينظر إلى عدد رؤوسهم فيعطي سهما من عددهم لأنه لا يمكن اعتبار أنصار؟
لتفاضلهم فاعتبر عدد رؤوسهم وهو خلاف ما يقتضيه لفظ الموصي فان هذا ليس بنصيب لاحد ورثته ولفظه انما اقتضى نصيب أحدهم وتفاضلهم لا يمنع كون
نصيب الأقل نصيب أحدهم فيصرفه إلى الموصي له بقول الموصي عملا بمقتضي وصيته وبه ذلك أولي من اختراع شئ لا يقتضيه قول الموصي أصلا وقوله لتعذر العمل بقول
الوصي غير صحيح فإنه أمكن العمل به مما قلناه ثم لو تعذر العمل به لما جاز ان يوجب في ماله حقا له يأمر به ولو قال أوصيت بمثل نصيب أقلهم ميراثا كان كما لو اطلق وكان
تأكيدا ولو قال مثل نصيب أكثرهم ميراثا فله ذلك مضافا إلى المسألة مسالة لو اوصى له بمثل نصيب بنته ولا وارث له سواها عندنا له النصف ان أجزت
وان لم تجز فله الثلث وهو قول من يعتقد الرد لأنها تأخذ المال كله بالفرض والرد ولو كان له بنتان فله الثلث لان المال عندنا للبنتين دون العصبية فيكون
الموصي له كبنت أخرى ولو كان له ثلث أخوات من أم واخوة من أب فاوصي لأجنبي بمثل نصيب أحد ورثته كان له نصيب أخت فتكون الفريضة من عشرة تسعه للورثة
وسهم للموصي له ولو كان له زوجة وبنت وقال مثل نصيب بنتي فأجاز الورثة صحت فريضة الورثة وهي ثمانية للزوجة سهم وللبنت سبعة وينزل عليهم سبعة
أخرى فتصير الفريضة من خمسه عشر للزوجة سهم منها وللبنت سبعة وكذا للموصي له ولو كان له أربع زوجات وبنت فأوصى بمثل نصيب أحد يهن كانت الفريضة
من ثلثه وثلثين للزوجات الثمن أربعة وللموصي له سهم كاحداهن والباقي للبنت ولو كان له ابن وأربع زوجات فكذلك ولو قال في هذه مثل نصيب أكثرهم فالفريضة
من ستين لان فريضة الورثة اثنان وثلثون وتضيف إليها ثمانية وعشرين للموصي له وقالت العامة لو كان له بنت واوصى بمثل نصيبها فالوصية بالثلث لان
المسألة من اثنين لو لم يكن وصيته فنزيد على الاثنين سهما (وليعطي من ثلثه صح) ولو كان له ابنتان واوصى بمثل نصيب؟ أحدهما فالوصية بالربع لان المسألة من ثلثه لولا الوصية لكل واحدة
منهما سهم فتزيد للموصي له سهما تبلغ أربعة ولو اوصى بنصيبهما فالوصية بخمسي المال لأنها من ثلثه ولهما سهمان من ثلثه فتزيد على الثلاثة سهمين تبلغ خمسة وهذا عندنا
باطل ولو اوصى بمثل نصيب ابن وله ثلثه بنين وثلث بنات فالفريضة من تسعة لكل ابن سهمان وللموصي له سهمان تصير أحد عشر ولو اوصى بمثل نصيب بنت
وله بنت وثلثه بنين فالوصية بالثمن ولو كان له ابن وثلث بنات وأبوان وأوصى بمثل نصيب الابن فالمسألة من ثمانية وثلثين وروي هذا الصورة المامة
عن علي (ع) مسألة لو اوصى له بمثل نصيب وارث مقدر ولو كان موجودا صحت الوصية وننظر ما للموصي له مع وجوده فيكون له مع عدمه فلو خلف ابنين
واوصى بمثل نصيب ثالث لو كان فله الربع ولو اوصى له بمثل نصيب رابع لو كان فله الربع ولو اوصى بمثل نصيب خامس لو كان له السدس وعلى هذا ابدا ولو كان
له؟ ابن واوصى بمثل نصيب ابن ثان لو كان فالوصية بالثلث وقال بعض الشافعية هذه الوصية تتضمن إقامة الموصي له مقام الابن المقدر فيكون الوصية لو كان له ابن
واحد بالنصف ولو كان له ابنان بالثلث ولو كان له ثلثه بالربع وهكذا وهل يفرق بين حذف لفظه المثل فيقول بنصيب ابن ثان أو ثالث لو كان وبين ان لا يحذ فه
القياس انه على الوجهين فما إذا أضاف الوصية إلى الوارث الموجود عند الوصية يحتمل الفرق بين اللفظين هنا وان لم يكن فرق لو أضاف إلى الوارث الموجود فإنه إذا
اوصى بمثل نصيبه دفع إليه نصيبه لو كان مزيدا على سهام الفريضة ولو اوصى بنصيبه دفع إليه نصيبه لو كان من أصل سهام الفريضة فعلى هذا لو اوصى وبه ابنان نصيب
ابن ثالث لو كان فالوصية بالثلث ولو قال بمثل نصيب ابن ثالث لو كان فبالربع ولو اوصى وله ثلثه بنين بمثل نصيب بنت لو كانت فالوصية بالثمن ويحتمل السبع و
لو اوصى بمثل نصيب ابنه لو كان ولا ابن له فالوصية بالجميع ولو لم يقصد التقدير بطلت الوصية لانتفاء متعلقها مسألة لو كان له ابنان واوصى لزيد بمثل
نصيب ابن رابع لو كان ولعمر وبمثل نصيب ابن خامس لو كان ففي استخراج حسابها طريقان ان نقول المسألة من اثنين لو لم يكن وصيته ومن أربعة لو كانوا أربعة ومن
خمسة لو كانوا خمسة فهنا أثان وأربعة وخمسة والاثنان والأربعة متداخلان فنحذف الاثنين وتضرب أربعة في خمسة يبلغ عشرين ينقسم على الاثنين بلا وصية
وعلى الأربع لو كانوا لكل واحد خمسه وعلى الخمسة لو كانوا لكل وا حد أربعة فنزيد تسعه على الفريضة فالفريضة تسعة وعشرون لزيد خمسة ولعمر وأربعة والباقي
للابنين الثاني ان نقول لو لم يكن الا وصيته زيد لكان له سهم من خمسة فيقسم الباقي على خمسة لو صيته عمر وبمثل نصيب ابن خامس فيخرج من القسمة أربعة
أخماس وهي نصيب كل ابن لو كانوا خمسة ويزيد على الخمسة لعمرو أربعة أخماس يكون خمسة وأربعة أخماس لزيد منها واحد ولعمروا أربعة أخماس والباقين للابنين
فإذا هبطت أخماسا كان تسعة وعشرين أو نقول لو لم يكن الا وصيته عمرو لكان له سهم من ستة فيقسم الباقي على أربعة لو صيته زيد بمثل نصيب ابن رابع ويخرج من
القسمة واحد وربع وذلك نصيب كل ابن لو كانوا أربع فنزيد على التسعة لزيد واحدا وربعا يكون سبعة وربعا لعمر ومنها واحد ولزيد واحد وربع وإذا بسطتها أرباعا
كانت تسعة وعشرين ولو كان له ابنان ولو اوصى لزيد بمثل نصيب ابن ثالث لو كان ولعمر وبمثل نصيب ابن رابع لو كان فعلى الطريق الأول المسألة من اثنين ومن
ثلثه لو كانوا ثلثة ومن أربعة لو كانوا أربعة يسقط الاثنين لدخوله إما في الأربعة ونضرب ثلثه في أربعة تصير اثنى عشر تنقسم على الاثنين وعلى ثلثه لكل واحد أربعة
وعلى أربعة لكل واحد ثلثة فنزيد الثلاثة والأربعة على اثنى عشر يكون تسعة عشر لزيد وأربعة لعمر وثلاثة والباقي للابنين على الثاني لو لم يكن الا وصيته زيد
لكان له سهم من أربعة يقسم الباقي على أربعة للوصية الأخرى تخرج من القسمة ثلثة أرباع هي نصيب كل واحد لو كانوا أربعة فنزيد ثلثة أرباع على الأربعة لعمر ومنها
498

تصح القسمة فإذا بسطتها أرباعا كانت تسعة عشر أو يقول لو لم يكن الا وصيته عمرو لكان له سهم من خمسه يقسم الباقي على ثلثة للوصية الأخرى يخرج من القسمة واحد وثلث
وذلك نصيب كل واحد ولو كانوا ثلثة فنزيد واحد أو ثلثا على خمسة لزيد تبلغ ستة وثلثا ومنها تصيح القسمة وإذا بسطتها أثلاثا كانت تسعة عشر مسألة لو
كان له ابنان واوصى لزيد بمثل نصيب أحدهم أو لعمر وبمثل نصيب الثاني فان أجاز الوصيتين قسم المال بينهم أرباعا وان رد الوصيتين فعندنا صح تبطل الوصية الثاني ويحتمل
عندي انه لو قصد الموصي التشريك مع عدم الإجازة دون الترتيب ارتدت الوصيتان إلى الثلث وكان الثلث بينهما بالسوية ولو أجازا إحديهما ورد الأخرى
فان قصد التشريك اخذ كل واحد منهما سدس المال استحقاق ويأخذ الذي أجيز له مع ذلك نصف سدس اخر اعتبار بحال من أجاز له الوصية بما لو أجاز الوصيتين
وبحال الأخر بما لو ردهما وتصح من أربعة وعشرين (للذي أجاز أو صيتة صح) ستة وللآخر أربعة ولكل ابن تسعة وعن بعض الشافعية ان الذي أجاز له بضم سدسه إلى ما للابنين و
يقسمونه أثلاثا والذي رد الوصية بأخذ السدس وتصح من ثمانية عشر ولو أجاز أحد الولدين لأحدهما دون الأخر ورد الثاني الوصية فعلى الأول وهو مذهب
الشافعية المسألة من أربعة وعشرين لمن لم يجيزا له أربعة والذي أجيز له يستحق أربعة بغير اجازة ومع الإجازة ستة فيأخذ أربعة وسهما ممن أجاز له فيحصل
له خمسة؟ وللمجيز سبعة وللراد ثمانية وعلى قول بعض الشافعية الفريضة من ثمانية عشر للموصي لهما ستة بأصل الوصية لكل واحد ثلثه يبقى لكل ابن ستة ويدفع
المجيز مما في يده ثلثه أرباع سهم إلى من أجاز له لأنهما لو أجاز لهم كان لكل واحد منهم أربعة ونصف فإذا أجاز أحدهما أعطاه نصف ما بقي وهو سهم الا ربعا فيحصل
له أربعة الا ربعا وللميجز خمسه وربع وللآخر ستة وللموصي له الأخر ثلثة مسألة لو اوصى له بمثل نصيب من لا نصيب له بطلت الوصية مثل ان يوصي بمثل
نصيب ابنه وهو غير وارث لكونه كافرا وقاتلا أو رقيقا واوصى بمثل نصيب أخيه وهو محجوب عن ميراثه فلا شئ للموصي له لأنه نصيب لمن أضاف المثل إليه مسألة
لو اوصى لواحد بثلث ماله ولا خر بربعه ولاخر بخمسة ولاخر بمثل وصيته أحدهم فهي وصية بالخمس تنزيلا على أقل المراتب لأنه المتيقن ولو اوصى لرجل بعشر ولاخر
بستة ولاخر بأربعة ولاخر بمثل وصيته أحدهم فله أربعة لأنه المتيقن ولو قال فلان شريكهم فله خمسه ما لكل واحد منهم ولو اوصى لأحدهم بماته والاخر بدار
ولاخر بعبد ثم قال فلان شريكهم احتمل ان يكون له نصف ما لكل واحد منهم لأنه هنا يشارك كل واحد منهم منفردا والشركة تقتضي التسوية فلهذا كان له النصف
بخلاف الأوليين فإنهم كانوا مشتركون ويحتمل ان يكون له الربع في الجميع مسألة لو خلف ثلثه بنين واوصى لثلثه بمثل انصائهم فالمال بينهم على ستة
مع اجازة جميع الورثة ولو ردوا فمن تسعة للموصي لهم بالثلث ثلثة والباقي بين البنين على ثلثة ولو أجازوا الواحد ردوا على اثنين له فالمردود عليهما التسعان
اللذان كانا لهما في حالة الرد عليهم وفي المجاز له وجهان أحدهما له السدس الذي كان له في حالة الإجازة وهو قول أبي يوسف وابن شريح من الشافعية فيأخذ السدس
والتسعين من مخرجهما وهو ثمانية عشر يبقى أحد عشر بين البنين تضرب عددهم في ثمانية عشر يكون أربعة وخمسين للمجاز له السدس تسعة ولكل واحد من صاحبيه
ستة ولكل ابن أحد عشر الثاني ان تضم المجاز له إلى البنين وتقسم الباقي بعد التسعين عليهم وهو ا ربعة ينكسر عليهم تضرب ربعه في تسعة يكون ستة وثلثين فان أجاز
الورثة بعد ذلك للآخرين أتموا لكل واحد منهم تمام المال فيصير المال بينهم أسداسا على الأول وعلى الأخر يضمنون ما حل لهم وهو أحد وعشرون من ستة إلى
ما حصل لهما وهو ثمانية ويقسمونه بينهم على خمسة ولا يصح نضرب خمسة في ستة وثلثين يكون مائة وثمانين ومنها يصح ولو أجاز أحد البنين لهم ورد الآخران
عليهم فللمجيز السدس وهو ثلثة ومن ثمانية؟ والذين لم يجيزوا أربعة اتساع وهي ثمانية تبقى سبعة بين الموصي
له يقسم على ثلثة ونضربها في ثمانية عشر تكون أربعة وخمسين
ولو أجاز واحد لواحد دفع إليه ثلث ما في يده من الفضل وهو ثلثه أسهم من ثمانية عشر فاضربها في ثلثه تصير أربعة وخمسين البحث السادس
في الوصية بالضعف والجزء والنصيب مسألة لو اوصى له بضعف ابنه فللموصي به مثلا وبه قال الشافعي عملا بالمتعارف في اللغة قال الله تعالى إذا
لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات وقال تعالى لهم جزاء الضعف وقال تعالى فأولئك لهم جزاء الضعف وقال تعالى وما أتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون وقال أبو عبيد
القسم بن سلام الضعف المثل قال الله تعالى نضاعف لها العذاب ضعفين اي مثلين وقال تعالى فاتت اكلها ضعفين اي مثلين وإذا كان الضعفان مثلان
فالواحد مثل وروي ابن الأنباري عن هشام بن معوية النحوي ان العرب يتكلم بالضعف مثني فتقول ان أعطيتني درهما فلك مثلاه اي ضعفاه وقال أبو عبيدة معمر
ابن المثنى ضعف الشئ مثله وضعفان مثلاه وثلثه اضعافه أربعة أمثاله مسألة لو اوصى له بضعفي نصيب ابنه فله ثلثه أمثاله وان لوصي بثلثه اضعافه فله أربعة
أمثاله وعلى هذا كلما زاد ضعفا زاد مرة وبه قال الشافعي لما تقدم من قول أبي عبيده وقال ا بو ثور ضعفاه أربعة أمثال وثلثه اضعافه ستة أمثاله لأنه قد ثبت ان
ضعف الشئ مثلاه فتثنيه مثلا مفرده كساير الأسماء وقال بعضهم ضعفاه مثلاه لقوله تعالى فاتت اكلها ضعفين قال عكرمة تحمل في كل عام مرتين وقال أعطا أثمرت
في سنة مثل ثمرة غيرها سنتين ولا خلاف بين المفسرين ان قوله تعالى يضاعف لها العذاب ضعفين ان المراد به مرتين بدليل قوله تعالى نؤتها اجرها مرتين ويستحيل
ان يجعل اجرها على العمل الصالح مرتين وعذابها على الفاحشة لثلث مرات والمشهور ان الضعف عبارة عن الشئ ومثله فلو اوصى بضعف نصب ابآنه لا وارث
سواء فهي وصيته بالثلثين ولو قال ضعف نصيب أحد أولادي أو أحد ورثني اعطى مثل نصيب أقلهم نصيبا فان كانوا ثلثه بين بسطت المال على خمسة لكل
ابن سهم وللموصي له سهمان ولو اوصى لزيد بمائة ولعمرو بضعفها فهي وصيته بمائتين وضعفا الشئ نفس ذلك الشئ ومثلاه على ما تقدم فلو اوصى بضعفي
نصيب ابنه وله واحد فالوصية ثلثه أرباع المال ولو اوصى بضعفي نصيب أحد بنيه الثلاثة قسم المال على ستة لكل واحد سهم وللموصي له ثلثة وعند أبي حنيفة
إذا اوصى بضعفي الشئ اعطى مثله أربع مرات وهو منسوب إلى مالك والأول أجود لان المراد من الضعفين ان يضعف مرة بعد مرة ولان اللفظ محتمل له فيحمل
عليه لأنه المتيقن ولو قال ضعف ضعفه فهو ثلثه أمثاله مسألة إذا اوصى به بخط أو نصيب أو قسط أو بعض أو قليل أو وافر رجع في تفسير ذلك إلى الورثة
ويقبل تفسيرهم بأقل ما يتمول لو قوع هذه الألفاظ على ذلك وقال الشافعي لو قال اعطوه جزء أو شيئا أو سهما أو كثيرا فكذلك وقد بينا فيما تقدم ما يحتمل عليه و
أبو حنيفة واحمد وافقا الشافعي في الجزء والنصيب والخط والقسم وقال أبو حنيفة لو قال اعطوه كثير أو عظيما لم يقبل التفسير بأقل ما يتمول وفي لفظ السهم عنه روايتان
أظهرهما ان للموصي له أقل الأمرين من نصيب أقل الورثة نصيبا ومن سدس ماله والثانية له أكثر الامرين من السدس أو نصيب أقلهم إذا عرفت هذا فلو عين
الورثة له قدرا من المال رجع إليهم وان قل فان ادعى الموصي له ان الموصي أراد أكثر من ذلك قدم قول الورثة مع اليمن على أنه لا يعلم أن الموصي أراد الزيادة وقال
بعض الشافعية لا يحلف على ذلك بل على أنه لا يعلم استحقاق الزيادة وسلم انه لو أقرب هم ومات وجرى مثل هذا النزاع بينا لمقر له وبين الورثة يحلف الوارث
499

على نفي الموروث وفرق بان الاقرار اخبار الوصية انشاء ولا حجة فيه فان الموصي قد يخبر الوارث بما أراد إما قبل الانشاء أو بعده فاحتمل اطلاق الوارث قايم الصورين
مسألة لو قال اعطوه ثلث مالي الأشياء قبل من الوارث تفسير الموصي به وتنزيله على أقل ما يتمول وحمل الاستثناء على مال كثير لأنه المتيقن وقال بعض
الشافعية ان هذه وصيته بنصف الثلث ليكون المستثنى دون النصف فعلى الوراث ان يعطيه السدس ويزيد ما شاء قال وكذا لو قال اعطوه ثلث مالي
الا قليلا لو قال اعطوه الثلث الا كثير أجاز ان يعطيه الوراث أقل من النصف والمشهور ما تقدم مسألة ولو قال اعطوه من واحد إلى عشره اعطى
ثمانية لأنه المتيقن ولو أراد الحساب اعطى خمسه وخمسين الحاصل من جميع واحد إلى عشره على توالي العدد ولو قال اعطوه واحد في عشره أو ستة في خمسه
أعطي ما يقتضيه الضرب ولو قال أكثر مالي فالوصية بما يزيد على النصف ولو قال اعطوه أكثر مالي ونصفه فهي وصيته بما يزيد على ثلثه أرباع ماله
ولو قال أكثر مالي ومثله فهو وصيته بالجميع ولو قال اعطوه معظم الألف أو عامته فهي وصيته بما يزيد على النصف ولو اعطوه دراهم أو دنانير اعطى أقل الجمع وهو ثلثه
ويعطى من غالب نقد البلد فإن لم يكن غالب تخير الوارث ولو قال كذا درهما وكذا وكذا فكما في الاقرار ولو قال اعطوه مائة درهما أو ألفا ودرهما لم يتعين
المائة والألف في الدرهم مسألة إذا اوصى بجزء من ماله معين ولهه ورثة نسبت جزء الوصية إلى ما يبقى من المال الذي هو مخرج الوصية وتزيد بمثل
نسبته على مسسألة الورثة فما بلغ صحت منه المسئلتان وإن كان فيه كسر ضرب في مخرج الكسر فما بلغ صحت القسمة منه فلو اوصى بثلث ماله وخالف ابنين
وبنتين فمسألة الوصية من ثلثه ومسألة الورثة من ستة ونسبه جزءا الوصية وهو واحد إلى ما بقى من مخرجها وهو الثلة مثل ا لنصف لان الباقي
بعد اخراج الواحد اثنان والواحد مثل نصف الاثنين ويزاد على مسألة الورثة وهي ستة مثل نصفها تصير تسعة يعطي الموصي له الثلث لأنه يبقي ستة تصح
على الورثة لك طريق آخران تنظر الباقي ومسألة الورثة فان تباينتا ضربت مسألة الورثة في مخرج الوصية وان توافقنا ضربت وفق مسألة الورثة
في مخرج الوصية (فما بلغ صحت منه القسمة ثم من له شئ من مخرج الوصية صح) يأخذه مضروبا فيما ضربته في مخرج الوصية من له شئ من مسألة الورثة اخذه مضروبا فيما يبقى مخرج الوصية بعد اخراج جزء الوصية
إن كان الباقي مع مسألة الورثة متباينين وان توافقا ففي وفق الباقي فلو خلف ثلثه بنين واوصى بثلث ماله فمسألة الورثة من ثلثه ومخرج الوصية
ثلثه والبا قي بعد جزء الوصية اثنان لا ثلث لها تضرب ثلثه في مخرج الوصية تبلغ تسعه كان للموصي له سهم فيأخذه مضروبا في الثلث المضروبة في مخرج الوصية
وكان لكل ابن سهم من فريضة الورثة يأخذه مضروبا في الباقي من مخرج الوصية بعد اخراج جزء الوصية وهو اثنان وعلى الأول نقول جزء الوصية نصف
الباقي من مخرجها فزيد على قريضه الورثة نصفها يكون أربعة ونصفا تبسطها انصافا تبلغ تسعة ولو خلف أبوين
وخمس بنات واوصى بخمس ماله الفريضة
ثلثون والوصية تصح من خمسة تضرب وفق الباقي بعد اخراج جزء الوصية وهو أربعة في ثلثين وكان لكل واحد من الأبوين من الفريضة خمسة تأخذه مضروبا
في نصف الأربعة يكون عشرة وعلى الأول جزء ا لمخرج مثل ربع الباقي فتزيد على الثلثين ربعها وهي سبعة ونصف تبسطها انصافا فيكون خمسة وسبعين ولو خلف
أبوين اوصى بثمن ماله لرجل وبخمسة لاخر الفريضة من ثلاثة ومخرج الجزئين أربعون ويخرج خمسها ثمانية وثمنها خمسه تبقى سبعة وعشرون تقسم على ثلثة ولو خلف
ثلثة بنين واوصى بربع ماله لرجل وبنصف سدسه لاخر الفريضة من ثلثه وخرج الوصيتين اثنا عشر ومجموع الجزئين أربعة إذا خرجت تبقى ثمانية لا ثلثه لها فعلى
الثاني لا موافقة فتضرب ثلثة في اثني عشر تبلغ ستة وثلثين منها تنقسم وعلى الأول نقول ما خرج منها تنقسم وعلى الأول نقول إلى ما خرج من الوصيتين نصف الباقي
من مخرجهما فزيد على مسألة الورثة نصفها يبلغ أربعة ونصفا تبسطها انصافا فتكون تسعة لكن نصيب الموصي لهما من مخرج الوصيتين أربعة ونصيبهما من التسعة
ثلثه لا ينقسم على أربعة ولا وفق تضرب أربعة في تسعه تبلغ ستة وثلثين ولو كان البنون ستة والوصيتان بحالهما فعلى الثاني الباقي وهو ثمانية الا تصح على ستة
ولكن يتوافقان بالنصف فتضرب نصف الستة في اثني عشر تبلغ ستة وثلاثين والطريق الأول كما سبق مسألة لو اوصى بأكثر من الثلث فان أجاز الورثة
نفذت وان ردوا فإن كانت الورثة لشخص واحد صح له الثلث وإن كانت لجماعة يشتركون فيه إما يجز كالنصف أو بجزءين كالنصف والربع فالاعتبار بإجازة الورثة
وردهم فان أجازوا نفذ الجميع وان ردوا دخل النقص على الأخير عندنا وقالت العامة على الجميع والوجه عندي انه لو نص على التشريك وعدم التقديم بمجرد السبق في اللفظ
فكذلك ولو اوصى لواحد بجزء ولاخر يجزء فان أجاز الورثة دفع إلى كل واحد منهم ما سمي له وقسم الباقي بين الورثة على ما تقدم وان ردوا ما زاد على الثلث قسم
الثلث بينهم على نسبة أنصابهم بتقدير الإجازة ان نص على التشريك وعدم الالتفات إلى التقدير لفظا ولا فرق ين ان يزيد أحد الجزءين وحده على الثلث كالنصف
والثلث أو لا يزيد واحد منهما كالثلث والربع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان لم يكن في الأجزاء ما يزيد على الثلث يقسم هكذا على التفاوت وإن كان فيها ما يزيد
وحده على الثلث فلا تعتبر الزيادة في القسمة عند الفرد حتى لو اوصى لواحد بالنصف ولاخر بالنصف ولاخر بالثلث ورد الورثة قسم الثلث بنيهما بالسوية وليس بجيد
لأنه لو اوصى بجزئين مختلفين لشخصين فان ارتدت القسمة إلى الثلث ورعي تفاوت الجزئين (كما لو اوصى بجزئين صح) لا يزيد واحد منهما على الثلث فلو خلف أبوين وابنين واوصى لواحد
بنصف ماله ولاخر بالثلث وأجازوا الوصيتين فريضة الورثة من ستة وكذا مخرج الوصيتين والباقي بعد اخراج الوصيتين واحد فعلى الأول جزء الوصية
خمسة أمثال الباقي من مخرجها فيزاد على الفريضة خمسة أمثالها تبلغ ستة وثلاثين على الثاني تضرب الستة في مسألة الورثة تصير ستة وثلثين ولو ردوا الوصيتين
إلى الثلث قسمنا الثلث بينهما على خمسه لان نصيبهما بتقدير الإجازة خمسة من ستة وله طريقان أحدهما ان تنظر إلى ما زاد من جملة الوصيا على الثلث وينقص
بتلك النسبة علن نصيب كل واحد من الموصي لهم أو نسبته ما زاد في هذا الصورة ثلثة أخماس لان مجموع الوصية بخمسه من ستة لكن مخرج الوصية لا خمس له
ونصيب كل واحد منهما لا خمس له فنضرب مخرج الخمس في ستة يكون ثلثين منها خمسة عشر للموصي له بالنصف وعشرة للموصي له بالثلث ينقص من كل واحد من النصيبين
ثلثه أخماسه يبقى للأول ستة وللثاني أربعة ويبقى عشرون للورثة وهذه الأنصاب متوافقة بالنصف فتردها إلى انصافها وتقسم من خمسة عشر الثاني إذا كنا نقسم الثلث بينهما
أخماسا فالستة التي هي مخرج الوصيتين لا ينقسم ثلثها أخماسا فنطلب مالا لثلاثة خمس فنضرب مخرج الثلث في مخرج الخمس يكون خمسة عشر يدفع ثلثها إليهما ثلثه
إلى الموصي له بالنصف واثنين إلى الأخر يبقى عشرة للورثة لا تصح على ستة لكن يتوافقان بالنصف فنضرب نفس الستة فيما صحت منه الوصيتان وهو خمسة
عشر يكون خمسة وأربعين مسألة لو استغرقت الوصايا المال باسره فان أجاز الورثة قسم الال بين أرباب الوصيا وان ردوا قسم الثلث بينهما لعى نسبة انصبابهم
بتقدير الإجازة على تقدير إرادة التشريك ولو زادت الوصايا على المال كما لو اوصى لواحد بجميع ماله ولاخر بثلث ماله وقصد التشريك وعدم التقديم عالت المسألة
500

بثلثها إلى تقسيم المال على أربعة لصاحب الجميع ثلثه وللآخر واحد ولو رد وأقسم الثلث على أربعة أيضا يكون قسمة الوصية من اثني عشر وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان ردوا
قسم الثلث بينهم بالسوية وان أجاز وفيه روايات منها ان صاحب الجميع ينفرد بدعوى الثلثين فيسلم له الثلثان ويتزاحمان معافي الثلث فيشتركان فيه فيكون
لصاحب الجميع خمسة أسداس وللآخر سدس وهذا عندنا في الدعاوي فيحتمل في الوصية أيضا ومنها ان الوصية بالثلث لازمة فيستويان فيه ثم الموصي له بالجمع؟
نصف المال لأنه لا منازع فيه يبقى من المال سدس يتنازعان فيه فيكون بينهما فيحصل للأول ثلثه أرباع وللآخر ربع ولو اوصى لواحد بنفس ماله ولاخر بالثلث
ولاخر بالربع فان أجاز الورثة قسم المال بينهم على ثلثه عشر سهما وان ردوا قسم الثلث على ثلثة عشر وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان أجازوا سلم لصاحب النصف
السدس الذي يفضل به على صاحب الثلث ثم كل واحد من صاحب النصف وصاحب الثلث يفضل على صاحب الربع بنصف سدس فيأخذ كل واحد منهما نصف
سدس المال ثم يقسم الباقي أثلاثا وان ردوا فالموصي له بأكثر من الثلث لا يضرب الا بثلث ويقسم الثلث بينهم على أحد عشر سهما لصاحب النصف أربعة وكذا
لصاحب الثلث والصاحب الربع ثلثه مسألة لو اوصى لانسان بعبد قيمته مائة ولاخر بجارية قيمتها الف ولثالث بخمسمائة وثلث ماله ثمان ماية فقد
اوصى بثلثي ماله فإن لم تجز الورثة فالزايد على الثلث مثل جميع الوصايا فنرد كل وصية إلى نصفها ويخص كل واحد منهم بنصف ما عين له ان نصف على التشريك و
عدم التقديم ولو اوصى لزيد بعشرة ولبكر بعشرة ولخالد بخمسة وثلث ماله عشرون ولم يجز الورثة قصد التشريك قسمنا العشرين بينهم على خمسة لكل من زيد
وبكر ثمانية ولخالد أربعة لانهم لو أجازا كان الخمسة والعشرون بينهم على خمسة أسهم ولو قال قدموا خالد على بكر كان لزيد ثمانية ولبكر سبعة وخالد خمسة لأنه قدم خالد
على بكر فتمنا له الخمسة التي كان يأخذها مع اجازة الوصيا وان أدخلنا النقص على بكر ولو قال قدموا خالدا عليهما تمم له الخمسة ودخل النقص عليهما بالسوية فيكون لكل
واحد سبعة ونصف مسألة لو اوصى لرجل بجزء مقدر ولاخر بمثل نصيب وارث احتمل وجهان اعطاء الجزء لصاحبه وقسم الباقي بين الورثة والموصي له كان
ذلك الوارث ان أجازوا وان رد وأقسم الثلث بين الوصيتين على حسب ما كان لهما قبل الإجازة والثلثان بين الورثة والثاني أعطا صاحب النصيب مثل
نصيب الوارث كان لا وصية سواه فلو اوصى بثلث ماله لرجل ولاخر بمثل نصيب أحد بنيه وهم ثلثة فعلى الأول للموصي له بالثلث الثلث وما بقى بين البنين و
الموصى له على أربعة وتصح من ستة لصاحب الثلث سهمان وللآخر سهم فان ردوا فالثلث بين الوصيتين على ثلثة والثلاث بين البنين على ثلثه وتصح من تسعه
وعلى الأخر لصاحب الثلث الثلث وللآخر الربع ان أجير لهما وان رد عليهما قسمت الثلث بينهم على سبعة والثلثان للورثة وتصح من ثلثة وستين ولو زاد الجزء
على الثلث مثل ان يوصي لرجل بالنصف ولاخر بمثل نصيب أحد بنيه ففيه وجه ثالث وهو ان يجعل لصاحب النصيب نصيبه من الثلثين وهو ربعهما لان
الثلثين حق الورثة لا يؤخذ منهما شئ الا بإجازتهم ورضاهم فيكون صاحب النصيب كواحد منهم فلا ينقص من السدس شيئا الا بإجازته فعلى الأول لصاحب
الجزء النصف والنصف الباقي بين الأخر والبنين على أربعة وتصح من ثمانية ان أجازوا أو ردوا قسمت الثلث بين الوصيتين على خمسة والثلثين بين البنين
على ثلثه وتصح من خمسة وأربعين وعلى الثاني لصاحب النصف النصف وللآخر الربع ويبقى الربع بين البنين وتصح من اثني عشر وان ردوا فالثلث بين الوصيتين
على ثلثة تصح من تسعه وعلى الثالث النصف وللآخر السدس ويبقى الثلث بين البنين على ثلثة وتصح من ثمانية عشر وان ردوا فالثلث بين
الوصيتين على أربعة وتصح من ستة وثلثين فان اوصى لصاحب الجزء بالثلثين فعلى الوجه الأول لصاحب النصيب مع الثلث سهم من اثني عشر ان أجازوا وان
ردوا قسمت الثلث بين الوصيتين على تسعة وعلى الوجه الثاني يكون له الربع في حال الإجازة وفي حال الرد يكون الثلث بين الوصيتين (على أحد عشر وعلى الوجه الثالث يكون السدس في الإجازة وفي الرد يقسم الثلث بين الوصيتين صح) على خمسه ولو اوصى
لرجل بجميع ماله ولاخر مثل نصيب أحد ورثته فعلى الوجه الأول لا يصح للموصي له الأخير شئ في اجازة ولا رد وعلى الوجه الثاني يقسم الوصيتان المال بينهما على خمسة
في الإجازة والثلث على خمسة في الرد وعلى الثالث يقسمان المال على سبعة في الإجازة والثلث على سبعة في الرد مسألة لو خلف ستمائة واوصى لرجل بمائة
ولاخر بتمام الثلث فلكل واحد منهما مائة لأنه الثلث فان رد الأول وصيته فللثاني ماته ولا وصي للأول بماتين وللآخر بتمام الثلث فلا شئ للثاني سواء رد الأول
وصيته أو أجازها وبه قال الشافعي وقا أبو حنيفة ان رد الأول فللثاني المائتان في المسئلتين معا وليس بجيد لان المائتين ليست باقيه الثلث ولا تمامه
فلا يتعلق وصيته الثاني بها كما لو قبل الأول ولو وصي لعبد الغير بثلثه ولاخر بتمامه الثلث فلا شئ للثاني وعلى قول أبي حنيفة له الثلث كملا مسألة لو وصى
لرجل بثلث ماله ولاخر بماته ولثالث بتمام الثلث على المائة ولم يزد الثلث على ماية بطلت وصيته التمام ولو زاد على المائة فأجاز الورثة نفذت الوصايا
على ما وصي لهم وان ردوا وقصد التشريك اتمل رد كل واحد منهما لأي نصف وصيته لان الوصيا رجعت إلى نصفها فيدخل النقص على كل واحد بقدر ماله
في الوصية واحتمل ان لا شئ لصاحب التمام حتى يكمل المائة لصاحبها ثم يكون الثلث بين الوصيتين الأخر ين نصفين ويزاحم صاحب المائة لصاحب التمام
ولا يعطيه شيئا لأنه انما يستحق بعد تمام المائة لصاحبهما ما تمت له يجوز ان يزاحم به ولا يعطيه مسألة لو اوصى بأجزاء من المال اخذتها من مخرجها وقسمت
الباقي على الورثة كما تقدم ولو لم يجزوا قسمت الثلث بين الأوصياء على قدر سهامهم في حال الإجازة وقسمت الثلثين على الورثة ولا فر ق بن ان يكون
الموصي لهم من تجاوز وصيته الثلث أو لا وبه قال عامة الجمهور كالحسن والنخعي ومالك وابن أبي ليلى والثوري والشافعي واسحق واحمد وأبو يوسف ومحمد وقال أبو
حنيفة وأبو ثور ابن منذر لا يضرب الموصي له في حال الرد بأكثر من الثلث لأنه ما جاوز الثلث باطل فكيف يضرب به وليس بجيد لأنه فإنه فاضل بينهما في الوصية
فلا تجوز التسوية كما لو وصي بثلث وربع أو بمائة ومأتين وماله أربع ماته وهذا يبطل قولهم ولأنها وصية صحيحه ضاق عنها الثلث فتقسم بينهم على قدر
الوصايا كالثلث والربع فلو اوصى لزيد بنصف ماله ولعمر بربع فللموصي لهما ثلثه أرباع المال ان أجاز الورثة والربع للورثة وان ردوا فالثلث بين الوصيتين
على ثلثه وتصح المسألة بأسرها من تسعه ولو أجازوا لأحدهما دون صاحبه ضربت مسألة الرد في مسألة الإجازة وأعطيت المجاز له سهم من مسألة الرد
مضروبا في مسألة الإجازة وان أجاز بعض الورثة لهما ورد بعض عليها أعطيت المجيز سهمه من مساله الإجازة مضروبا في مسألة الرد ومن لم يجز سهمه من مسألة
الرد مضر وباقي مسألة الإجازة وقسمت الباقي بين الوصيتين على ثلثه ولو اتفقت المسئلتان ضربت وفق أحدهما في الأخرى وان دخلت أحد المسألتين
في الأخرى اجتزأت بأكثرهما ولو اوصى بثلثي ماله ونصفه وثلثه فالمال بينهم على تسعه من الإجازة والثلث على تسعة مع عدما وقال أبو حنيفة صاحب الثلثين يفضلها
بسدس يأخذ هو وصاحب النصف بفضلان صاحب الثلث بسدس فيأخذانه بينهما نصفين ويقسمون الباقي أثلاثا وتصح من ستة وثلثين
501

لصاحب الثلثين سبعة عشرة ولصاحب النصف أحد عشر ولصاحب الثلث ثمانية مسألة لو خلف ابنين واوصى لرجل بماله كله ولاخر بنصفه وقصد
التشريك فالمال بين الوصيتين أثلاثا مع الإجازة لأنك إذا بسطت المال من جنس الكسر كان نصفين فإذا ضممت النصف الآخر صارت ثلثه فيقسم المال على
ثلثه وان ردا فالثلث على ثلثه ولو أجاز الصاحب النصف وحده فلصاحب المال التسعان ولصاحب النصف النصف في وجه لأنه الموصي له به وانما منعه اخذه في حال الإجازة
لهما مزاحمة صاحبه فإذا أزالت مزاحمة اخذ جميع نصيبه وفي وجه له الثلث إذا كان له حاله الإجازة لهما لا فما زاد على ذلك كان حقا لصاحب المال اخذه الورثة منه بالرد
عليه فيأخذه الورثة وان أجاز الصاحب الكل وحده فله ثمانية اتساع على الأول والتسع للاخر وعلى الثاني ليس له الا الثلثان اللذان كانا له حاله الإجازة لهما والتسعان
للورثة فإذا أجاز أحد الابنين لهما دون الأخر فلا شئ للمجيز وللآخر الثلث والثلثان بين الوصيتين على ثلثه وان أجاز أحدهما لصاحب الجميع وحده فللآخر التسع وللابن
الأخر الثلث والباقي لصاحب المال في وجه وفي الأخر له أربعة اتساع والتسع الباقي للمجيز فان أجاز لصاحب النصف وحده دفع إليه نصف ما يتم به النصف وهو تسع ونصف
سدس في وجه وفي اخر يدفع إليه التسع فيصير له تسعان ولصاحب المال تسعان وللمجيز تسعان والثلث للذي لم يجز وتصح من تسعه وعلى الأول تصح من ستة وثلثين للذي
لم يجز اثنا عشر وللمجيز خمسة ولصاحب النصف أحد عشر ولصاحب المال ثمانية لان مسألة الرد من تسعة لصاحب النصف منها سهم ولو أجاز له الابنان كان له تمام
النصف ثلثه ونصف فان أجاز له أحدهما لزمه نصف ذلك وهو سهم وثلثه أرباع سهم فنضرب مخرج الربع في تسعه يكون ستة وثلثين مسألة لو اوصى لزيد
بعبده ولعمر وبما يبقى من ثلث ماله قوم العبد يوم موت الموصي لأنه حال نفوذ الوصية ونظر إلى المال في تلك الحال فان خرج العبد من الثلث دفع إلى زيد فان بقى من الثلث
شئ دفع إلى عمر وان لم يبق شئ بطلت الوصية لعمر وإذ لا متعلق لها ولو مات العبد قبل موت الموصي لم يحسب من التركة ونظير إلى ساير أمواله وتقومها حال موت الموصي
بدون العبد ثم يقوم العبد لو كان حيا فيحط من ثلثها قيمة العبد ويدفع الباقي إلى عمر وفان لم يبق شئ فالوصيتان باطلتان ولو رد زيد وصيته بطلت ولم تبطل وصيته
عمر وكذا لو مات العبد بعد موت الموصي لم تبطل وصية عمرو وعد من التركة وحسبت قيمة من الثلث فان بقى شئ دفع إلى عمرو ولو لم يكن له مال سوى العبد فأوصى
لزيد به ولعمر وبثلثه أو بثلث ماله وقصد التشريك فان أجاز الورثة قسم العبد بينهما أرباعا لزيد ثلثه أرباع ولعمر وربعه ولو لم يجز وأقسم الثلث كذلك وقال
جابر بن زيد والحسن وعطا وطاوس وداود الوصية تصح للأخير منهما لأنه وصي الثاني بما وصي به للأول فكان رجوعا كالمال وقال ما أوصيت به لبكر فهو لبشر وهو
حق ان لم يقصد التشريك ولو كان له مال اخر والوصيتان كذلك كما لو كان له الفان وقيمة العبد الف فان أجاز الورثة جعل العبد بينهما أرباعا ولعمر ومع ربع العبد
(تلك؟) الفين وإذا كان العبد الذي هو ثلث المال أربعة كان الفان وهما ثلثاه ثمانية وليس لها ثلث نضرب مخرج الثلث في اثني عشر يكون ستة وثلثين وفي العبد
منها اثني عشر تسعة منه لزيد وثلثه مع ثمانية من الباقي لعمرو الباقي للورثة وان رد الورثة فقسم الثلث بينهما على عشرين لان سهام الوصايا حال الإجازة عشرون وإذا
كان العبد وهو ثلث المال عشرين فالمال ستون لزيد تسعة من العبد ولعمر وثلثه منه وثمانية من الباقي كما كان حال الإجازة يبقى للورثة ثمانية أسهم العبد واثنان
وثلثون من الباقي وذلك أربعون ضعف سهام الوصية هذا كله إذا أجاز جميع الورثة جميع الوصايا أو ردوا كلهم الجميع ولو أجاز الجميع البعض خاصة أو أجاز بعضهم الجميع
ورد بعضهم الجميع أو أجاز بعضهم الجميع وبعضهم البعض أو رد بعضهم الجميع وبعضهم البعض أو أجاز بعضهم بعضها وبعضهم البعض الأخر فطريق هذه الأقسام تصحيح
المسألة على تقدير الإجازة المطلقة وعلى تقدير ا لرد المطلق فان تما ثلث الفريضتان اكتفيت بواحدة منهما وان تداخلتا اكتفيت بالأكثر واستغنيت عن الضرب وان
تباينتا ضربت إحديهما في الأخرى وان توافقتا ضرت جزء وفق إحديهما في الأخرى ثم قسمت المال على تقدير الإجازة والرد من ذلك العبد ونظرت في الحاصل
لكل مجيز على التقديرين فيكون قدر التفاوت بينهما لمن أجاز له فلو خلف ابنين واوصى بنصف ماله لزيد وبثلثه لعمر وفعلى تقدير الإجازة الفريضة من اثني عشر وعلى
تقدير الرد من خمسة عشر وقد توافقنا بالثلث فنضرب ثلث إحديهما في الأخرى تبلغ ستين لزيد منها على تقدير الإجازة ثلثون ولعمر وعشرون ولكل ابن خمسة
وعلى الرد لزيد اثنا عشر من عشرين هي ثلثه أخماسها ولعمر وخماسها ولكل ابن عشرين فالتفاوت بين نصيب كل ابن بخمسة عشر ولو أجاز الوصية زيد فقد سامحه
كل واحد منهما بتسعه فيتم له ثلثون يبقى لكل واحد أحد عشر وان أجاز الوصية عمر وفقد سامحه كل واحد بستة فيتم له عشرون ويبقى لكل واحد أربعة عشر وان أجاز
أحدهما الوصيتين وردهما الأخر فقد سامح المجيز زيدا بتسعه وعمرا بسته فيكون لزيدا أحد وعشرون ولعمر أربعة عشر وللمجيز خمسة وللآخر عشرون وان أجاز
أحدهما الوصيتين فأجاز الأخر وصيته زيد ثم له ثلثون وان أجاز الأخر وصية عمر وتم له عشرون ان أجاز أحدهما وصية (زيد والاخر وصية صح) عمر وفهذا سامح زيدا بتسعة وذاك سامح
عمر وبستة فيكون لزيد أحد وعشرون ولمجيزه أحد عشر ولعمر وأربعة عشر ولمجيزه مثل لو خلف ابنين واوصى لزيد بجميع ماله ولعمر وبثلثه فهي على تقدير الإجازة
المطلقة من أربعة ثلثه لزيد وواحد لعمر وعلى تقدير الرد من اثني عشر لزيد ثلثه أو لعمر وواحد ولكل ابن أربعة وهي داخلة في اثني عشر فيكتفي بها فان أجازوا وصية
زيد فقد سامحه كل واحد بثلثه فيتم له ثلثه أرباع المال وان أجازوا وصية عمر وفقد سامحه كل واحد منهما بسهم فيتم له ربع المال وان أجاز أحدهما وصية زيد والاخر
وصية عمرو فالذي أجاز لزيد سامحه بثلثه يبقى له واحد ويحصل لزيد ستة والذي أجاز لعمر وسامحه سهم يبقى له ثلثه أو يحصل لعمر وسهمان واما المسائل الدورية في؟
في اخر الوصية إن شاء الله تعالى مسألة لو اوصى لرجل بمعين من ماله كعبد ولاخر بجزء مشاع كالثلث من المال فان أجاز الورثة انفرد صاحب المشاع بوصيته
من غير المعين ثم يشارك صاحب المعين فيه فيقسمانه بينهما على قدر حقهما ويدخل النقص على كل واحد منهما بقد ر ماله في الوصية ولو ردوا فإن كانت وصيتهما لا تجاوز
الثلث كان يوصي بسدس ماله لرجل ولاخر بمعين قيمته سدس اخر فهي كحال الإجازة سواء إذ لا اثر لرد وان جاوزته رددنا وصيتهما إلى الثلث وقسمناه بينهما
على قدر وصيتهما الا صاحب المعين يأخذ نصفه من العين والاخر يأخد حقه جميع المال عند بعض العامة ويقوى انهما في حال الرد يقسمان الثلث على حسب مالهما في الإجازة
وبه قال ابن أبي ليلي وقال أبو حنيفة ومالك في الرد يأخذ صاحب العين نصيبه منه ويضم الأخر سهامه إلى سهام الورثة ويقسمون الباقي على خمسه لو كانت قيمة العبد
ماته وخلف مأتين زايده لان له السدس وللورثة أربعة أسداس وهو مثل قول بعض العامة الا ان بعض العامة يعطيه السدس من جميع المال وعند ا بي حنيفة
ومالك انه يأخذ خمس المأتين وعشر العبد واتفقوا على أن كل واحدة من الوصيتين ترجع إلى نصف وخمسة لان كل واحد منهما قد اوصى له بثلث المال وقد رجعت
الوصيتان إلى الثلث وهو نصف الوصيتين فيرجع كل واحد إلى نصف وصيته فيدخل النقص على كل واحد منهما بقدر ماله في الوصية وعلى قول بعض العامة
يأخذ كل واحد منهما نصف وصيته من المحل الذي وصي له منه فصاحب الثلث يأخذ سدس الجميع لأنه وصي له بثلث الجميع واما على قولنا فان وصيته صاحب
502

العبد دون صاحب الثلث يأخذ سدس الجميع لأنه وصي له بثلث الجميع واما على قولنا فان وصية صاحب العبد دون وصية صاحب الثلث لأنه وصي له بشئ
شرك معه غيره فيه كله وصاحب الثلث أفرده بشي لم يشركه غيره فيه فوجب ان يقسم بينهما الثلث اله الرد على حسب مالهما في حالة الإجازة كما في ساير الوصيا ففي هذا المسألة
لصاحب الثلث ثلث المايتين ستة وستون وثلثان لا يزاحمه الأخر فيهما ويشتركان في العبد لهذا ثلثه وللآخر جميعه فابسطه من جنس الكسر وهو الثلث يصير العبد ثلثه واضمم إليها
الثلث الذي للاخر يصير أربعة ثم أقسم العبد على أربعة السهم يصير الثلث ربعا وفي حال الرد يرد وصيتهما
إلى ثلث المال وهو نصف وصيتهما فيرجع كل واحد إلى نصف وصيته
ويرجع صاحب الثلث إلى سدس الجميع ويرجع صاحب العبد إلى نصفه وعلى ما قوينا نضرب؟ مخرج الثلث في مخرج الربع يكون اثني عشر ثم في الثلاثة يكون ستة وثلثين فلصاحب
الثلث ثلث الثلثين وهو ثمانية من أربعة وعشرين وربع العبد وهو ثلثه أسهم (صار له أحد عشر ولصاحب العبد ثلاثة أرباع وذلك تسعة أسهم صح) تضمنا إلى سهام صاحب الثلث صار الجميع عشرين سهما ففي حال الرد يجعل الثلث عشرين
والمال كله ستون فلصاحب العبد تسعة من العبد وهو ربعه وخمسة ولصاحب الثلث ثمانية من الأربعين وهي خمسها وثلثه من العبد وهو عشرة ونصف عشرة ولو كانت وصيته
صاحب المشاع بالنصف لفله في حاله الإجازة وماية وثلث العبد ولصاحب العبد ثلثاه وفي حالة له الرد لصاحب المشاع خمس المأتين وخمس العبد ولصاحب العبد خمساه وعلى
الوجه الأخر لصاحب المشاع ربع المأتين وسدس العبد ولصاحب العبد لثلثه والطريق ان ينسب الثلث إلى ما حصل هما في حال الإجازة ثم يعطي كل واحد مما حصل
له في الإجازة ثلث تلك النسبة وعلى أوجه الأول ينسب الثلث إلى وصيتهما ثم يعطي كل واحد مما حصل له في الإجازة مثل تلك النسبة وعلى الوجه الأول ينسب الثلث إلى؟
ثم يعطي كل واحد في الرد مثل الخارج بالنسبة بيانه في هذه المسألة ان نسبة الثلث إلى وصيتهما بالخمس لان النصف والثلث خمسه من ستة فالثلث خمساها فلصاحب
العبد خمسا العبد لأنه وصيته ولصاحب النصف الخمس لا له خمسا وصيته وعلى الأخر حصل لهما في حال الإجازة الثلثان ونسبة الثلث إليهما بالنصف فلكل واحد منهما
مما حصل له في الإجازة نصفه وقد كان لصاحب المشاع من المأتين نصفها فله ربعها وكان له من العبد ثلثه فصار له سدسه فإن كانت المسلة بحالها وملكه غير العبد ثلثماية
ففي الإجازة لصاحب المشاع ماية وخمسون وثلث العبد ولصاحب العبد ثلث وفي الرد لصاحب المشاع تسعا المال كله ولصاحب العبد أربعة اتساعه على الأول
وعلى الثاني لصاحب العبد ربعه ونصف سدسه وللآخر من العبد عشرون هي خمسة ومن المال ثمانون وهي ربعها وسدس عشرها ولو خلف عبدا قسمه ماية وثمانين
ووصى لرجل بمائة وبالعبد كله ووصي لاخر بالعبد وقصد التشريك في حال الإجازة يقسم العبد بينهما نصفين وينفرد صاحب الثلث بثلث الباقي وفي الرد للموصي له
بالعبد ثلثه ولاخر ثلثه وثلث الماية على وجه وعلى اخر لصاحب العبد وربعه وللآخر ربعه ونصف المائة يرجع كل منهما إلى نصف وصيته ولو لم تزد الوصيتان على الثلث
لو خلف خمسمائة وعبدا قيمته مائه ووصي بسد س ماله لرجل وللآخر بالعبد فلا اثر للرد هنا ويأخذ صاحب المشاع سدس المال وسبع العبد والاخر ستة أسباعه
وان وصي لصاحب المشاع بخمس المال فله ماية وسدس العبد ولصاحب العبد خمسة أسداس ولا اثر للرد أيضا لان الصيتين لم يخرج بهما من المال أكثر من ثلثه مسألة
لو اوصى بجارية لزيد ثم اوصى لبكر بها أو اوصى بثلثه لزيد ثم اوصى للاخر بثلثه أو اوصى بجميع ماله لزيد ثم اوصى لاخر به بطلت الوصية الأولى وكانت الثانية رجوعا من الأولى وبه قال
جابر بن زيد والحسن وعطا وطاوس وداود لأنه وصي للثاني بما وصي به للأول فكان رجوعا لان الثانية تنافي الأولى فإذا اتى بها كان رجوعا كما لو قال هذا لورثتي
وقال الشافعي والثوري ومالك وربيعه واحمد واسحق ابن المنذر وأصحاب الرأي لا يكون رجوعا لأنه وصي لهما فأشبه ما لو قال أوصيت لكما بالجارية والتحقق التي قول
ان قصد التشريك لم يكن رجوعا الا فهو رجوع فلو وصي لرجل بعيد ثم وصي لرجل بثلث وقصد التشريك فهو بنهما أرباعا وان لم يقصد فللثاني ثلثه كاملا ولو وصي
بعبده الاثنين فرداهما وصيته فللآخر نصفه ولو وصي لاثنين بثلثي ماله فرد الورثة ذلك ورد أحد الوصيتين وصيته وللآخر الثلث كملا لأنه وصي له به منفردا و
زالت المزاحمة فتكمل له كما لو انفرد به مسألة لو اوصى له بشئ فتلف قبل موت الموصي بطلت الوصية اجماعا كذا ولو تلف العبد موته بغير فعل الورثة لان المخوص له
انما يستحق بالوصية لا بغير لفقد تعلقت بمعين وقد ذهب فذهب حقه كما لو تلف في بدم والتكره في يده الورثة غير مضمونه عليهم لأنها حصلت في أيديهم بغير قولهم
ولا تفريطهم فلم يضمنوا شيا ولو تلف ألما لكله سواه فهو للموصي له لان حقوق الورثة لم يتعلق به لتعينه للموصي له ولهذا يملك قهرهم عليه ويأخذه بارضائهم ولأذنهم
فكان حقه فيه دون ساير المال وحقهم في ساير المال دونه؟ يهما تلف حقه لم يشارك الأخر في حقه كما لو كان التلف بعد ان اخذه الموصي له وقبضه وكالورثة إذا اقتسموا
ثم تلف نصب أحدهم ولو أتلفه الورثة أو غيرهم كان للموصي له الرجوع بقيمة على من أتلفه مسألة لو اوصى له بعين فاستحق بعضه أو تلف فل ما بقي ان حمله
الثلث فلو وصي له بثلث عبد أو ثلث ملك فاستحق ثلثاه فالثلث الباقي للموصي له وبه قال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي لان في الباكلة موصي به وقد خرج من الثلث
فاستحقه الموصي له كما لو كان شيئا معينا ولو وصي له بثلث ثلثه عبد فهلك عبد ان لو استحقا فليس له الا ثلث الباقي وبه قال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي لأنه
لم يوص له من الباقي بأكثر من ثلثه وقد شرك بينه وبين ورثته في استحقاقه والأصل في ذلك ان للمورث ان يوصي بثلث ماله ان شاء بعا وان شاء معينا في شئ يكون
قدره ثلث المال لان الورثة حقهم متعلق بالقدر دون العين فإنه لو باع جميع ماله في مرضه بثمن مثله لم يكن للورثة الاعتراض وانما يعترضون في المحاباة وما قلناه مذهب
عامة الفقهاء وقال أبو ثور وزفر انه إذا اوصى بثلث عبد أو ثوب ذكر ان جميعه له أو ادعى اخر ثلثه وأقام على دعواه بينه يكون له ثلث الثلث وبه قال بعض الشافعية
لان الثلث الذي وصي به شايع في جميع العبد فإذا اخرج ثلثها مستحقا بطل ما وصي به منهما وبقي ما كان شايعا في الثلث وهو ثلثه كما لو اوصى بثلث ماله فخرج بعضه
مستحقا استحق الموصي له ثلث الباقي وليس يجيد لأنه وصي بثلثه وهو يملكه ويخرج من ثلثه فوجب أصح الوصية كما لو كان يقر بأنه يملكه ثلثه وصي به ومنع ما
قالوه لأنه شايع في الكل وهو مالك الثلث شايع فانصرف إليه ويخالف أوصي بثلث ماله لان ما استحق ليس من ماله وهنا وصي بثلث العبد فافترقا واعلم أنه لا
خلاف إذا لم يملك غيره يكون للموصي له ثلث الثلث والخلاف فميا إذا غيره واحتمل ثلث ماله ثلث العبد وقد نقل عن الشافعي كقول أبي ثور قال بعض الشافعية في المسألة
طريقان أصحهما ان فيها قولين أظهر ما ان الوصية تنزل على الثلث الباقي وتصح فهى لان المقصود ارفاق الموصي له فإذا اوصى بمال احتمل الثلث أمكن رعاية غرضه منها فصار
إليه يه والثاني وحكم عن ابلي حنيفة ومالك ان له ثلثه الثلث الباقي ولان الوصية بالثلث الشايع فإذا خرج الثلثان بالاستحقاق بقيت الوصية في الثلث الباقي لم
وهو تسع الجملة الطريق الثاني القطع بان له ثلثه الباقي وحمل الأول على ما إذا لم يتلفظ بالثلث ولكن كان له ثلثه ومن الغنم فقال اعطوه عشرة منها ثم استحق
عشرون منها بعينا أو على ما إذ اوصى بأحد أثلاث العبد المعين فاستحق ثلثاه أو على ما إذا اوصى له بثلث
معين من الدار فاستحق باقيها أو على ما إذ اشترى ثلثها
من زيد وثلثيها من عمر واوصى بما اشتراه من زيد واستحق ما اشتراه من عمر وفان في هذه الصور يكون له الثلث الباقي وفي المشهور الخلاف في العبد المشترك بين اثنين
503

بالسوية إذا قال أحدهما بعت نصفه ان المبيع ينصرف إلى نصفه أو يشبع وفرق بعضهم فقال إذا كان قد قال أوصيت له بثلثه هذا العبد فاما إذا قال اعطوه ثلثه دفع إليه
الثلث الباقي ولو اوصى بأثلاث الا عبد الثلاثة واستحق اثنان منهم فلا شك ان الوصية لا تبقى الا في ثلث العبد الباقي ولو اوصى بثلث صبرة فتلف ثلثها فله ثلث
الباقي اجماعا لان الوصية تناولت التالف كما تناولت الباقي وهنا لا يتناول المستحق مسألة قد بينا انه لا يجوز نقل الصدقة عن بلدها مع وجوه
المستحق إما لو اوصى بشئ للمساكين هل يجوز نقله إلى مساكين غير بلد المال الأقرب المنع كالزكاة وللشافعية طريقان أحدهما انه على قولين كما في نقل الزكاة تنزيلا
للفظ المطلق على ما ورد به الشرع والثاني ترتيب الوصية على الزكاة ان جوزنا نقل الزكاة ففي الوصية أولي وان معناه ففي الوصية وجهان والفرق ان الزكاة
يطمح إليها نظر الفقراء من حيث إنها موظفة داره والوصية بخلافها ولهذا يجوز تقييد الوصية لمساكين ساير البلاد والطريق الثاني غير مشهور عندهم وعلى
تقدير منع النقل لو لم يكن في ا لبلد فقير نقل كالزكاة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان الوصية تبطل إما لو عين فقراء بلد ولم يكن فيه فقير فان الوصية تبطل
كما لو اوصى لولد فلان ولا ولد له أو اوصى للفقهاء ولا فقيه فيه الباب الثالث في مسائل مبتدرة من هذا المطلب مسألة لو اوصى بفرس في
سبيل الله وبألف درهم ينفق عليه فمات الفرس كانت الألف للورثة وان أنفق بعضها رد الباقي إلى الورثة لان الموصي عين جهة الوصية فإذا فاتت عادت الوصية
إلى الورثة كما لو اوصى بشراء عبد زيد ليعتق فمات العبيد أو لم يبعه زيد مسألة لو ملك المريض من يعتق عليه بغير عوض كالهبة والميراث الأقرب انه يعتق ويرث
وبه قال مالك واكثر الشافعية وقال بعضهم يعتق ولا يرث لأنه وصية في يجب مع الميراث وكلاهما ممنوع وقال أبو حنيفة يعتق من الثلث فان خرج منه عتق وورث
وان لم يخرج سعي في قيمة باقية ولم يرث وقال أبو يوسف ومحمد يحسب قيمته من ميراثه فان فضل من قيمته شئ سعي فيه ونمنع انه وصية لان الوصية هي التبرع بماله
إما بعطية أو اتلاف أو التسبب إلى ذلك ولم يوجد واحد منها لان العتق ليس من فعله ولا حصل باختياره ولا يقف على اختياره وقبول الهبة وليس عطية ولا اتلاف
ولا تسبب ا يهما وانما هو تحصيل لشئ يتلف بتحصيله فأشبه قوله لشئ لا يمكنه حفظه ويتلف ببقائه وقت لا يمكنه التصرف فاما ان اشترى من يعتق
عليه فان حمله الثلث عتق وورثه وبه قال مالك وأبو حنيفة وان لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث وورث بقدر ما فيه من الحرية وباقية على الرق فإن كان الوارث
ممن يعتق عليه إذا ملكه عتق وقال أبو يوسف ومحمد لا وصية لوارث ويحتسب قيمته من ميراثه فان فضل من قيمته شئ سعي فيه وقال بعض أصحاب مالك يعتق من رأس المال
ويرث كالموهوب والموروث وهو قياس وقول احمد لأنه قال إذا وقف في مرضه على ورثته صح ولم يكن وصية لان الوقف ليس بمال لأنه لا يباع ولا يرث فهذا أولي لان
العبد لا يملك رقبه فيجعل ذلك وصية له ولا يجوز ان يجعل الثمن وصية لأنه لم يصل إليه ولا وصية للبايع لأنه قد عاوض عنه وقال بعض الشافعية إذا حمل الثلث عتق
وورثه لان عتقه ليس بوصية وقال بعض هم يعتق ولا يرث لأنه لو ورث لصارت وصية لوارث فتبطل وصيته ويبطل عتقه وارثه فيفضي توريثه وقيل على مذهبه
شراؤه باطل لان ثمنه وصيته والوصية تقف على خروجها من الثلث أو أجاز فالورثة والبيع عنده لا يجوز ان يكون موقوفا مسألة لو قبل المريض الوصية
له بابنه وقيمته مائة وخلف مأتين وابنا اخر عتق وله مائة ولاخر مائة وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي قول انه لا يرث والمائتان كلها للابن الحر
وقال أبو يوسف ومحمد يرث نصف نفسه ونصف المائتين ويحتسب بقيمه نصفه الباقي من ميراث ولو كانت قيمته مائتين وبقيه التركة مائة عتق من رأس المال والمائه بنيه
وبين أخيه وبه قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة يعتق منه نصفه لأنه قدر ثلث التركة ويسعي في قيمه باقية ولا يرث لان المستعسى عنده كالعبد لا يرث الا في أربعة
مواضع الرجل يعتق أمته على أن يتزوجه والمرأة تعتق عبدها على أن يتزوجها فيمتنعان من قبوله والعبد المرهون يعتقه سيد والمشتري للعبد يعتقه قبل قبضه
وهما معسران ففي هذه المواضع يسعى كل واحد في قيمته وهو حر يرث وقال أبو يوسف ومحمد يرث نصف التركة وذلك ثلثه أرباع رقبته يسعى في ربع يمته لأخيه
ولو وهب له ثلث أخوات متفرقات ولا مال له سواهن ولا وارث عتقن من رأس المال عندنا وبه قال مالك واحمد وإن كان اشتراهن فكذلك على اشال وهو رواية
عن أحمد وقول أهل البصرة وبعض أصحاب مالك وفي قول مالك بعتق ثلثهن وفي رواية عن أحمد بعتق لكون وصيته من لا وارث له جايزه في جميع ماله وان ترك
ما لا يخرجن من ثلثه عتقن وورثهن وقال أبو حنيفة إذا اشتراهن وأوهبن له ولا مال ولا وارث عتقن وتسعى كل واحد من الأختين للأب والأخت للام في نصف
قيمتها للأخت من الأب والا وانما لم يرثا لأنهما لو ورثا لكان لهما خمسا الرقاب وذلك رفقبة وخمس بينهما نصفين فكان يبقى عليهما سعاية وإذا ثبت عليهما سعايه لم
يرثا وكانت لهما الوصية وهي رقبة بينهما نصفين واما الأخت للأبوين فإذا أورثت عتقت لان لها ثلثه أخماس رقاب وذلك أكثر من قيمتها فورثت وبطلت وصيتها
وقال أبو يوسف ومحمد نعتق ونسعى كل واحد من الأخت من الأب والأخت من الام للأخت من الأبوين في خمسي قيمتها لان كل واحدة ترث ثلثه أخماس رقبة وعلى
قول الشافعي لا يعتقن مسألة لو اشترى أبا بألو لا شئ له سواه ثم مات وخلفا ابنا احتمل الصحة فيعتق على الابن ثلثاه وثلثه بالوصية والبطلان لاستلزامه
التصرف بالاتلاف لجميع التركة وفي روايته ان احمد يعتق كله على المريض وله ولاؤه ونحن عندنا لا ولا هنا وفي روايته اخر عنه يعتق ثلثه بالوصية ويعتق باقية على الابن
لأنه حده ويكون ثلث ولايئة للمشتري وثلثاه لابنه عنده وبه قال مالك ونقل عن الشافعي أيضا وقال أبو حنيفة يعتق ثلثه بالوصية ويسعي الابن في قيمته ثلثه وقال أبو يوسف
ومحمد يعتق سدسه لأنه ورثه ويسعي في خمسه أسداس قيمته للابن ولا وصية له ونقل عن الشافعي انه يفسخ البيع الا ان يجيز الابن عتقه وقيل يفسخ في ثلثيه ويعتق
ثلثه وللبايع الخيار ولتفرق الصفقة عليه وقيل لاخبار له لأنه متلف فان ترك الفين سواه عتق كله وورث سدس الألفين والباقي للابن به قال مالك
وأبو حنيفة ونقل نحوه عن الشافعي ونقل عنه يعتق ولا يرث وقيل شراؤه مفسوخ وقال أبو يوسف ومحمد يرث الأب سدس التركة وهو خمسمائة يحتسب بها
من رقبته ويسعى في نصف قيمته ولا وصيه لهوان اشترى ابنه بألف ولا يملك غيره ومات وخلف أباه عتق كله بالشراء في الوجه الأول وفي الثاني يعتق
ثلثه بالوصية وثلثاه على جده عند الموت وولاؤه عندهم أثلاثا بينهم أو به قال مالك وقال أبو حنيفة يعتق ثلثه بالوصية ويسعى في قيمته ثلثه للأب
ولا يرث وقال أبو يوسف ونحمد يرث خمسة أسداس ويسعى في قيمه سدسه وقول الشافعي فيه كما قال في الأب ولو ترك الفين سواه عتق كله وورثه خمسه أسداس الألفين
وللأب السدس وبه قال مالك أبو حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد للأب سدس التركة خمس المائة وباقيها للأب يعتق منها ويأخذ ألفا وخمسمائة ولو اشترى المريض ابني
عم له بألف لا يملك سواها وقيمه كل واحد منها الف فأعتق أحدهما ثم وهبة أخاه ثم مات وخلفهما وخلف مولاه قال بعضهم يعتق ثلثه المعتق الا ان يجيز المولى عتق جميعه ثم
يرث بثلثه ثلثي التركة فيعتق منه ثمانية اتساعه ويبقى تسعه وثلث أخيه للمولي وقال الشافعي يعتق ثلثاه ولا يرث لأنه لو ورث لكان اعتاقه وصية له فيبطل اعتاقه ثم
504

يبطل ارثه فيؤدي توريثه إلى ابطال توريثه ويبقى ثلثه وابن العم الأخر للمولى وقال أبو حنيفة يعتق ثلثا المعتق ويسعي في قيمه ثلثه ولا يرث وقال أبو يوسف ومحمد يعتق كله و
يعتق عليه اخوة بالهبة ويكونان أحق بالميراث من المولى المطلب الثاني في الوصية بالمنافع مسألة تصح الوصية بالمنافع كخدمة عبده وغلة داره وسكناها
وثمرة بستانه التي ستحدث سواء وصي بذلك في مدة معلومة أو بجميع الثمرة والمنفعة في الزمان كله عند عملائنا أجمع وهو قول عامة أهل العلم مالك والثوري والشافعي و
احمد واسحق وأبو ثور وأصحاب الرأي لأنه يصح تمليكها بعقد المعاوضة فتصح الوصية بها كالاعتاق وللرواية عن الرضا (ع) وقال ابن أبي ليلي لا تصح الوصية بالمنفعة لأنها
معدومه ويمنع بطلان الوصية بالمعدم ويبطل قوله بصحة المعوضة عليها وصحة الوصية بالمنفعة على التأبيد لان الوصية تصح في المجهول بخلاف الإجارة لأنها تمليك
منفعة بعوض فلا تصح مع الجهالة فإذا مات الموصي انتقلت النفعة إلى الموصي له والرقبة إلى الورثة ولو اوصى بخدمة عبد سنة من السنين ولم يعين صحت الوصية والتعيين
إلى الوارث ويجوز ان يجعل له ثمرة بستانه هذا العام فإن لم يثمر فثمره العام المقبل وكذا خدمة عبده العام فان مرض فخدمة العام المقبل ويجوز ان يوصي بخدمة
عبده الانسان مدة حياة زيد وكذا مدة حياة العبد صح وكذا مدة حياة المخدوم ويصح ان يوصي له بالخدمة ويطلق قال الشافعي ويحل على التأبيد وفيه نظر أقربه الجمل على ياقل ما يصدق عليه
الاطلاق فيصح لحظة واحدة وتصح الوصية بالمنفع مدة معينة لأنها إذا صحت المطلقة مع الجهالة كان صحها معلومة إلى مسألة الوصية بالمنافع تمليك
للمنافع بعد الموت ليست مجرد اباحه ما ان الصية بالأعيان تملكي لها بعد الموت فلو مات الموصي له كانت لا منافع موروثة عنه كساير حقوق وأمواله وله اجارة
الأعيان ولا لاعارة لها والوصية بها ولو مات العبد في يده لم يضمنه كما لا يضمنه المستأجر عند عملائنا وبه قال الشافعي وليس عليه مؤنه الرد وقال أبو حنيفة انها عارية
لازمة لا ملك فيه أفلا توريث عنه وليس له الإجارة هذا إذا اطلق الوصية بالمنفعة أو قيدها بالتأبيد والراد من التأبيد استيعاب الوصية منفعة العبد مدة حياته
وكذا لو اوصى بمنفعة مدة معينة وقال بعض الشافعية انها لا تنتقل إلى وارث الموصي له الا عند الاطلاق لا كما إذا اقرنه بمدة معلومه ومات الموصي له قبل انقضائها و
المشهور عندهم الأول ولو قال أوصيت لك (بمنافعه مدة حيوتك قال بعض الشافعية تكون إباحة لا تمليكا وليس له الإجارة وفي الإعارة وجهان وإذا مات الموصي له
رجع الحق إلى ورثة الموصي ولو قال أوصيت لك صح) ان تسكن هذه الدار وبان يخدمك هذا العبد فهو إباحة عنهم أيضا لا تمليك بخلاف قوله أوصيت لك بسكناها وخدمته؟
قاله بعض الشافعية ولهم وجهان فيما إذا قال استأجرتك لتفعل كذا ان العقد الحاصل اجارة عين أو اجارة في لمدة (فان جعلوه اجارة في الذمة صح) فينبغي الا يفرق هنا بين قوله بان تسكنها أو سكناها
ولو قال اطعموا فلانا كذا منا من الخبر من مالي اقتضى تمليكه كما في اطعام الكفارة ولو قال اشتروا الخبر واصرفوه إلى أهل بمحلتي فسبيله الإباحة مسألة قد بينا
ان الوصايا بأسرها انما تخرج من ثلث المال وانها متى زادت على الثلث اعتبر اجازة الورثة ولا فرق في ذلك بين الأعيان والمنافع فإذا أصيب المنفعة اعتبر خروجها
من ثلث المال عند علمائنا أجمع ولمو قول كل من قال (اعتبر اجازة الورثة صح) بصحة الوصية بها فإن لم ى تخرج الثلث أجيز منها ما يحتمل الثلث وبه قال الشافعي لأنها وصية صحيحة فوجب
تنفيذها على صفتها ان خرجت من الثلث انفذ ما خرج من الثلث كساير الوصايا ولك الأعيان وقال مالك إذا اوصى بخدمة عبد سنة فلم يخرج من الثلث
فالورثة قال اخرا بين تسليم خدمة سنة وبين تسليم ثلث المال وقال أصحاب الرأي وأبو ثور وإذا اوصى بخدمة عبده سنة (فلم يخرج من الثلث فالورثة بالخيار بين
تسليم خدمه سنة وبين تسليم ثلث المال وقال أصحاب الرأي وأبو ثور إذا اوصى بخدمة عبده سنة صح) فان العبد يخدم الموصي له بيوما والورثة يومين حتى
يستكمل الخموصي له سنة فان أرد الورثة بيع العبد بيع على هذه المسألة المنفعة الموصي بها إن كانت مؤبدة ففي كيفية خروجها من الثلث أقوال أحدهما ان تقوم الرقيبة
والمنفعة من الثلث كما لو باع بثمن مؤجل يعتبر قيمته من الثلث وذلك لأنه حال بينهما وبين الوارث والحيلولة كالاتلاف ان الغاصب يضمن بها ولان منافع الرقبة
وفوايدها قد بطلت على الوارث فكأنه فوتها بالكلية ولا عبد الا منفعة له وشجر الا ثمره له غالبا فوجب ان تقوم الرزقبة بمنفعها جميعا ويعتبر خروجها
من الثلث وهو أحد قولي الشافعي والثاني ان المعتبر ما بين قيمتها بمنافعها وقيمتها مسلوبه المنفعة لان الرقبة باقيه للوارث فلا معنى لاحتسابها على الموصي له وزوحج؟ جماعه
من الشافعية الأول بان المنفعة ابدا هي التي أوصي بها والمنفعة ابدا لا يمكن تقويمها لان المنفعة ابدا يعني بها منفعة مدة العمر ومدة العمر غير معلومة ما لا يعلم يضبط لا
يمكن تقويمه وإذا تقويم المنافع وحدها تعين تقويم الرقبة إذا عرفت هذا فطريق التقويم ان يقوم العبد بمنفعة فإذا قيل قيمة ما ته قيل كم قيمته ولا منفعة فيه
فإذا قيل عشرة فعلى الأول تعبير من الثلث المائة ويشترط ان يكون سوى العبد مائتان وعلى الثاني المعتبر التسعون فيشترط ان يبقى للورثة ضعف التسعين مع العشرة
في وجه وبدونها في وجه فيحتسب على أورثه في أحد الوجهين ولا يحتسب على الأخر الثالث تقوم المنفعة وتسقط الرقبة في باب القيمة وقواه الشيخ فمن قال تقوم الرقبة من
الثلثين والمنفعة من الثلث يقول المنفعة انتقل إلى الموصي له وتنتقل الرقبة إلى الورثة ومن قال تقوم الرقبة والمنفعة قال ننظر فان خرج العبد من الثلث كان
كله للموصي له وان خرج بعضه كان له من العبد بقدر ذلك والباقي للورثة ولعل ماله الشيخ بقوم المنفعة فان خرج من الثلث كان لهوان لم يخرج مان له منها وبقدر
الثلث والباقي للورثة وإن كانت المنفعة موقتة مثل ان يوصي له بمنفعته سنة أو شهر قال الشيخ يقوم المنفعة
ويقوم الرقبة على الورثة وتقوم المنفعة في المدة
وتحتسب من الثلث لان المنفع يمكن تقويمها والعين ليست مسلوبة النفع لان بعد انتقضا المدة تعود المنفعة إليها وللشافعية هنا طرق أحدها ان الحكم هنا
كما في الوصية المؤبدة والثاني ان اعتبرنا تفاوت ما بين القسمتين هناك فهنا أولي وان اعتبرنا قيمة الرقبة فهنا وجهان بناء على جواز بيع المستأجر ان جوزناه اعترنا
من الثلث قدر التفاوت والا اعتبرنا قيمة الرقبة لأنها كالتالفة ويمكن على هذا القيام ان يتبنى الخلاف فيما إذا اوصى بمنفعته ابدا على الخلاف في أن الوارث هل يتمكن
من بيعه الثالث ان المعتبر من قيمة منفعته تكل المدة وهي اجحرة المثل واستبعده بعضهم لان المنافع يحدث بعد الموت فليس الموصي مفوتا لها من ملكه والرابع وهو الاظهر
ان العبد يقوم بمنافعه ثم يقوم مسلوب المنفعة في تلك المدة فما نقص فهو المعتبر منا لثلث وقيمة الرقبة في هذه الحالة محسوبة من التركة بلا خلاف ويتفرع على الخلاف
المذكور صور أ لو اوصى بمنفعة عبده ثلثه سنين ولا مال له سواه ان اعتبرنا قيمة الرقبة من الثلث صحت الوصية في منافع الثلث وردت في الباقي وان اعتبرنا ما
نقص بسببه فيه وجهان أظهرهما الأول لان قيمة المنافع تختلف باختلاف الأوقات ب لو اوصى برقبة عبد لانسان وبمنفعته لاخوان قلنا يعتبر من الثلث كمال القيمة
فينظر فيما سواه من التركة ويسلم إلى كل واحد حقه كاملا أو غير كامل وان قلنا المعتبر التفاوت فان حسبنا لرقبة على الوارث ان بقيت له فهنا يحب كمال القيمة عليهما
وان لم تحسب الرقبة على الوارث فكذلك لا يحسب على الموصي له بها وتصح وصيته من غير اعتبار الثلث ج لو اوصى بالرقبة الانسان واستبقى المنفعة للورثة فان قلنا
المعتبر من الثلث كمال القيمة لم تعقب ر هذه الوصية من الثلث وجعلنا الرقبة الخالية عن المنفعة كالتالفة وان قلنا المعتبر التفاوت فان حسبنا قيمة الرقبة على الوارث
فهنا تسحب قيمة الرقبة على أرباب الوصايا وندخلها في الثلث فإن لم نحسب قيمة الربة على أو ارث فهنا بحسب قدر التفاوت على الوارث ولا نحسب قيمة الرقبة
على أرباب الوصايا د العبد الموصي بمنفعة لو غصبه غاصب فان قلنا المعتبر من الثلث جميع القيمة فاجرة المدة التي كانت في يد الغاصب للموصي له فكأنه فوت الرقبة
505

على الوارث وان قلنا المعتبر التفاوت فوجهان أحدهما الأجرة لمالك الرقبة كما لو غصب العبد المستأجر وأظهرهما انه للموصي له بها لأنها بدل ملكه ويخالف الإجارة لان
الإجارة تنفسخ في تلك المدة فتعود المنافع إلى ملك مالك الرقبة ه‍ لو اوصى بثمرة بستانه خرج على الخلاف ففي وجه يعتبر جميع قيمة البستان من الثلث وفي وجه ما بين قيمته
بمنافعه وبين قيمة مسلوب المنافع فا احتمله الثلث فذاك والا فللموصي له قدر الذي يحتمله والباقي للوارث مسألة لو اوصى لرجل بدينار كل شهر من غله
داره أو كسب عبده وجعله بعده لوارثه أو للفقراء والمساكن والغلة والكسب عشرة مثلا فاعتبار هذه الوصية من الثلث كاعتبار الوصية بالمنافع مدة معلومة
لبقاء بعض المنافع لمالك ا لرقبة فيكون الظاهر فيهما ان المعتبر قدر التفاوت بين القيمتين ثم تنظر ان خرجت الوصية من الثلث قال بعضهم ليس للورثة ان يبيعوا
بعض الدار ويدعوا ما يحصل منه دينار لان الأجرة تتفاوت فقد تراجع وتعود إلى دينار وأقل وح فيكون الجميع للموصي له وهذا إذا أرادوا بيع بعضها على أن يكون
الغلة للمشتري فاما بيع مجرد الرقبة فعلى ما سبق من الخلاف في بيع الوارث الموصي بمنفعته وان لم يخرج من الثلث فما زاد على ى الثلث من الرقبة والغلة للوارث يتصرف
فيه كيف شاء وإن كانت الوصية بعشر الغلة كل سنة فالتسعة الأعشار الباقية تخلص للوراث يتصرف فيه كيف شاء والفرق ظاهر مسألة لو اوصى
لانسان بدينار كل سنة صحت الوصية لان الجهالة لا تقتضي بطلان الوصية ولا تمنع صحتها وهو أحد قول الشافعية لان الوصية بالمنافع لا إلى نهية صحيح فكذا هنا
والأظهر عنهم الصحة في السنة الأولى خاصة والبطلان فيما بعدها لأنه لا يعرف قدر الموصي به حتى يخرج من الثلث وهو ممنوع فانا تحسب الثلث وقت الموت ونسلم
إليه كل سنة دينارا حتى يستوفي قدر الثلث إذا ثبت هذا فإن لم يكن هناك وصية اخر تصرف الورثة في ثلثي المال لا ماله واما ا لثلث الباقي فيحتمل ان يوقف
لأجل الوصية وقد ثبت استحقاق الدينار بقبول الوصية إلى أن يظهر المزيل للاستحقاق وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان للورثة التصرف بعد اخراج الدينار
الواحد لأنا لا ندري استحقاق الموصي له في المستقبل وعلى ما قلناه بالتفاوف ان بقى الموصي له إلى أن استوعب الدينار من الثلث فلا بحث وان مات فالأقرب
انتقال بقيه الثلث إلى الورثة لأنها كالوصية بالأثمار بلا نهاية فوجب ان ينتقل الحق إلى الورثة (بعد قسمه الورثة صح) للتركة وهو أحد وجهي قول الشافعية والثاني ان بقية الثلث يسلم لورثة
الموصي له فإن كان هناك وصايا غيرها قال بعض الشافعية يفض الثلث بعد الدينار الواحد على أرباب الوصايا ولا يوقف فإذا انتقضت ستة أخرى أسترد منهم بدينار بقدر
ما يقتضيه التقسيط وقال بعضهم هذا ظاهر إذا كان الوصية مقيدة بحيوة الموصي له إما إذا لم تتقيد وأقمنا ورثة مقامه فهو مشكل لا يهتدي إليه مسألة
لو اوصى بخدمة عبده أو بمنافع دابته فإن كانت مقيدة بمدة معلومه فالنفقة في تلك المدة على الوارث اجماعا لأنه مالك الرقبة فكان كما إذا اجر عبده وإن كانت
الوصية على التأبيد فالوجه انها على الوارث أيضا لأنه مالك الرقبة فكانت النفقة عليه كالعبد المستأجر وهو ظاهر مذهب الشافعية وبه قال أبو ثور واحمد
في رواية والثاني انها على الموصي له وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية لأنه ملك منفعته على التأبيد وكانت النفقة عليه كالزوج وهو رواية عن أحمد ولان
نفعه له فكان عليه ضرره كالمالك لهيا جميعا وتحقيق ذلك ان ايجاب النفقة على من لا نفع له ضرر مجرد فيصير معنى الوصية أوصيت لك بنفع عندي وأبقيت على
ورثتي ضرره وان أوصي بنفعه لانسان ولا خر برقبته كان معناه أوصيت لهذا بنفعه ولهذا بضره والشرع ينفي هذه بقوله لا ضرر لا اضرارا وكذلك جعل الخراج
بالضمان ليكون ضرره على من له نفعه بخلاف المستأجر فان فعه في الحقيقة للمؤجر لأنه يأخذ عوضا من منافعه والفرق بين الزوج والوارث ان النفقة على الزوج
في مقابلة التمكين من الاستمتاع فدامت بدوامه والنفقة في المملوك تابعة للملك فتدوم بدوامه والضرر لاعتبار به في نظر الشرع كما يملك عبدا عاجزا
عن الحركة والخدمة فان النفقة تجب له والضرر يندفع بعتقه في الصورتين والثالث انها في كسب العبد فإن لم يف بنفقته أنفق عليه من بين المال لان الورثة
لا ينتفعون به وصاحب المنفعة لا يملك الرقبة فيلزمه اخاؤه فلم يبق الأخر ذكرناه وهذا راع إلى ايجابها على صاحب المنفعة لان كسبه من منافعه فإذا صف في
نفقته قد صرف المنفعة الموصى له إلى النفقة فاصر كما لو صرف إليه شيا من ماله سواه ويمنع عدم انتفاع الوارث به فان اعتاقه نفع عظيم لاشتماله على الثواب
الكثير مسألة فطرة هذا العبد تتبع النفقة فعلى من كانت وجبت عليه فطرته وللشافعية الخلاف السابق والأقوال السابقة الثلث المتعددة وبعضهم قطع
بوجوبها على مالك الرقبة إذا عرفت هذا فعلف الدابة كنف العبد واما عمارة الدار الموصي بمنافعها وسقي البستان الوصي بتمرته فان تراضيا على أو تبرع أحد به فلا
بحث وليس للاخر منعه وان تنازعا ويجبر واحد منهما بخلاف النفقة بحرمة الحيوان وبعض الشافعية نقل الخلاف المذكور في العمارة وساير الخلاف مؤهن مسألة
العبد الموصى بمنفعته مدة معينة أو على التأبيد يجوز للوارث اعتاقه لان رقبته خالصة له وهو مذهب الشافعية ونقل بعضهم خلافا والضاهر الأول وهل يصح عتقه
في الكفارة يحتمل المنع وهو أصح وجهي الشافعية لأنه عاجز عن الكسب لنفسه فأشبه الزمن والجواز لأنه ملك له فأشبه المريض العاجز عن التكسب وإذا أعتق عتق
ومنفعته باقية للموصي له وتبقى الوصية بحالها وهو أصح وجهي وجهي الشافعية كما لو أعتق العبد المستأجر ولا يرجع العبد المعتق بشئ من قيمته المنفعة بخلاف ما لو اجر عبده مدة ثم أعتقه
فان العبد يرجع على معتقه بد المنفعة على أحد قولي الشافعي لان المعتق اخذ عوض المنفعة من المستأجر فاتلف عليه منفعته بعد العتق بفعل قبله فهذا ضمنها وليس
كذلك هنا فإنه لم يحصل الورثة المنفعة لانهم ملكوها مسلوبه المنفعة ولا ملكت من جهتهم على انما نتبع رجوع العبد بالعوض في الإجارة على الحق عندنا وهو أحد قولي الشافعي
وقال بعض الشافعية تبطل الوصية بالمنفعة بنفس الاعتاق إذ يبعدان كون الحر مستحق المنفعة ابدا الدهر وليس بشئ وعلى القول به هل يرجع الموصي له على المعتق يبدل المنافع
للشافعي وجهان تذنيب هل للوارث ان يكاتب هذا العبد يحتمل الجواز اعتمادا على ما يأخذه من الزكاة ويغرها وعدمه لان اكتساباته مستحقه للغير فلا ينصرف
إلى جهة الكتابة ويجوز تدبيره اخر ليس للموصي له بالمنفعة عتق العبد لان العتق للرقبة وهو لا يملكها ز ولا تسقط وصيته لان اعتاقه باطل فلا يترتب عليه حكم اخر ولو وهب
الموصي له الخدمة والمنافع العبد منافعه وخدمته واسقطها عنه فللوارث الانتفاع به لانما يوهب للعبد يكون للسيد مسألة العبد الموصي بنفعه إن كانت المنفعة
معينه بمدة مضبوطة صح بيعه اجماعا كما يصح بيع العبد المستأجر وإن كانت مؤبدة صح البيع أيضا لكمال الملك فيها وبياع مسلوب المنفعة ولأنه يمكنه اعتاقه وتحصيل الثواب
بذلك فصح أيبيع وهو أحد وجوه الشافعية والثاني المنع لاستغراق المنفعة لحق الغير فيبقى لا منفعة فيه فلا يجوز بيعه كالحشرات والثالث انه يصح بيع العبد الامه
دون البهايم والجمادات لأنه تقرب إلى الله تعالى باعتاقها والرابع انه يصح البيع من الموصي له لأنه يجتمع له الرقبة والمنفعة وينتفع بذلك بخلاف غير ولا يصح البيع من
غيره إذ لا فايدة فيه ويمنع ذلك فان فائدة الاعتاق متحققة وكذا تحصيل ولائه وجر ولاء أولاده بعتقه تذنيب لو اوصى له بنتاج ماشية جاز للوارث
بيعها اجماعا لبقاء بعض المنافع ولفوايد كالصوف واللبن والظهر إما لو اوصى بجميع منافعها فالخلاف كما سبق مسألة لو اوصى برقبة لانسان وبمنفعته لاخر
506

صحت الوصية وقال الموصي له بالرقية مقام الوارث فيما ذكرنا وبه قال الشافعي وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي ولو انهدمت الدار الموصي له بمنافعها فأعارها الوارث بالتأهل
يعود حق الموصي له فيه وجهان للشافعية والوجه البعد ولو أراد الموصي له اعارتها بالتها فللشافعية وجهان والوجه عندي ان له ذلك مسألة لو اوصى له بمنفعته
العبد موبا كان للموصي له اثبات يده عليه ليتمكن من استيفاء المنافع ويندرج تحت الوصية المنافع المعتادة من الخدمة والاحتطاب والاحتشاش والاصطياد و
اجره الصنعة والخدمة لأنها بدل منافعه وكذا تدخل الاكتسابات النادرة كالموهوب والملتقط وهو أحد وجهي الشافعية لدخول تحت عموم الاكتسابات والثاني
المنع لأنها لا تقصد بالوصية لندورها وليس بجيد لان العام لا يقصد جزئياته بالفعل بل القوة مسألة لو اوصى له بمنافع أمته فاتت بولد من زوج أو زنا
فهو مملوك اجماعا فحكمه حكم امه ولمن يكون المولد الأقرب ان يكن رقبته لورثه الموصي كأمه لأنه تابع لها والمنفعة للموصي له كأمه لأنه جزء من الام فجرى مجراها وهو أحد
وجوه الشافعية قواه الشيخ ره والثاني انه بمنافعه لورثة الموصي لان استحقاق منفعة الام لا يتعدى إلى الولد كما في الإجارة والثالث انه يملك الموصي له لأنه من كسب
الأمة ومن نفاعها لأنه (ع) سمى ولد الرجل كسبا له فان قتل هذا الولد وجبت قيمته فان قلنا إن الولد للموصي له كانت القيمة له وان قلنا إن حكمه حكم الام فوجهان
أحدهما يكون للورثة والثاني يشتري بها أمة وبه كذلك الولد يكون رقبة للورثة منفعته للموصي له ولو وطؤها واطي يشبه أو زوجية فاتت بولد فلا حد لأنه
شبهه ويلزمه المهور ويكون المهر للموصي له لان منفعتها له والوالد لاحقه ويثبت النسب لأنه ولد شبهة وقال بعض الشافعية ان المهر لورثه الموصي لأنه بدل منفعة
البضع (ومنفعة البعض صح) لا يجوز الوصية بها فبدلها لا يستحق بالوصية وإذا تعذر ذلك كان تابعا للرقبة ولى للموصي له بمنفعتها وطؤها كما لا يجوز للمستأجر وط المستأجرة فن
وطيها مع علم التحريم حد كما يحد المستأجر وهو أحد قولي الشافعي والثاني لاحد عليه للشبهة وقواه الشيخ ولا مهره عليه لان المهر له ولو أولدها بالوطئ لم تصر أم
ولد وقال الشيخ ره تصير أم ولد يون الولد حر للشبهة وهو أظهر قولي الشافعية والثاني انه يكن رقيقا وعلى الرية اجعلنا الوقف المملوك كالكسب فلا قيمة عليه
والا فعليه القيمة ثم هي لمالك الرقبة أم يشتري بها عبد يكون رقبة لمالك الرقبة ومنعته للموصي له وجهان وليس لوارث الموصي وطها لان منفعتها ملك الغيرة فلا
يجوز ان يستوفيها فلان وطي فلا حد بشبهة تملك الرقبة وعلى المهر للموصي له والولد حر وعليه قيمته ان قلنا إنها للموصي له أو يشتر بها عبد كهيئة وان قلنا له لم يجب
شئ وتكون الامه؟ يعتق بموته لأنه علقت منه بخرج في ملكه وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا تصير أم ولد لأنه غير مالك لاستيلادها مسألة إذا اوصى
بمنفعة العبد اندرج تحته استحقاق الخدمة وساير ابدال الاكتسابات واجارته واعارته ولو اوصى منفعة الدار أفاد سكناها واجارتها واعارتها ولو اوصى بخدمة
العبد وسكني الدار ولم يفد استحقاق جميع المنافع فإنه لو استأجر عبدا للخدمة لم يمكن تكليفه البناء والقراس وإذا استأجر دار للسكنى لم يكن له ان يعمل فيها صنعه الحداد
والقصار ولا يطرح فيها الزبل ولو اوصى بالغلة والكسب لم يفد استحقاق السكنى والكون والاستخدام ولو اوصى بواحد منها لم يفد استحقاق الغلة والكسب لان
الغلة فايدة عينية والمنفعة تطلق في مقابلة العين بحيث تقسم الأموال على أعيان ومنافع ولو اوصى به لمنفعة لا يستحق طلق الكسب مسألة ليس للموصي
له بمنفعة الأمة تزويجها وكذا ليس للوارث المال الرقبة تزوجه لان المالك المنفعة لم يملك رقبتها فقلم يملك منافعه وطيها بالنكاح فليس له ان يملكها لغيره المنفعة وتزوجها
لأنها ربما تنقصت بالولادة ونقص نفعها بالحمل وربما ماتت في الطلق فان اتفقا على تزويجها جاز ولو طلبت
الجارة ذلك قال بعض العامة وجب تزوجها لأنه حقها
وحقها في ذلك مقدم عليهما لأنها لو طلبته من سيدها الذي يملك رقبتها ونفعها أجبر عليه وقدم حقها على حقه ووليها في التزويج لو اتفقا عليه مالك رقبتها
ومنع الشافعي من وطي الجارة الموصي بمنفعتها للوارث إن كانت ممن تحبل لما فيه من خوف الهلاك بالطلق والنقص الضعف بالولادة أو الحمل ولان الملك غير تام وإن كانت
من لا تحبل فوجهان مسألة لو اوصى له بمنفعة العبد أو الأمة أو الدابة فالأقرب الموصي له الانفراد بالسفر بالموصي بمنفعتها لأنه لو منع من السفر بها
انتقص انتفاعه وتبعض عليه الانتفاع وهو أظهر وجهي الشافعية وبه قال أصحاب الرأي الا ان يكون أهله في غير البلد فيخرجه إلى أهله والثاني انه ليس له ذلك وبه
قال أبو ثور كما لا يجوز لزوج الأمة ان يسافر بالأمة رعاية لحق المالك والفرق ان منفعه الزوجة الأمة للسيد ولذلك يستقل السيد بالسفر بها ومالك الرقبة هنا لا يستقل
مسألة لو جنى على العبد الموصي بمنفعته بان قتل وجبت القصاص كان لمالك الرقبة الاقتصاص فإذا اقتص سقط حق الموصي له بالمنفعة كما لو مات وليس
للموصي له منع الوارث من الاقتصاص فان صالح الوارث الجاني على الدية لم يكن للموصي له شئ منها وان أوجبت مالا ففي القيمة المأخوذة خلاف بين العامة قال أبو حنيفة
انه يشتري بها عبد يقوم مقامه تكون رقبته للوارث ومنفعته للموصي له لان القيمة بد إلى الرقبة ومنافعها فيقوم مقامها وهو قول بعض الشافية والثاني ان القيمة
للوارث بحق ملك الرقبة ولا شئ للموصي له بالمنفعة كما لا حق للمستأجر في بد إلى المستأجر ولا لزوج الأمة في بدلها ولان الوصية تعلقت بالعين لا بالبدل والعين قد
تلفت وقال به بعض الشافعية والثالث انها توزع على الرقبة مسوبة المنفعة وعلى المنفعة وحدها وذلك بان تقوم الرقبة بمنافعها ثم تقوم بلا منفعة ولا بد
وأن يكون لها قيمة لما في عتقها من الثواب وجلب الولاء وجرة فقدر التفاوت هو قيمة المنفعة فما هو حصة الرقبة من القمية فهو للوارث وهو حصة المنفعة فللموصي
له ومأخذ هذا الوجه والوجه الأول واحد أو افراقهما في أن القيمة تصرف إلى عبدا أو تقسم بحالها والرابعة انها للموصي له خاصة لان تقومه بمنافعه أو المنافع حقه ويخرج
على هذه الخلاف ما إذا قتله الوارث أو الموصي له فلا شئ على من يصف القيمة إليه لو كان القاتل أجنبيا والأقرب عندي الأول ولو قطع بعض أطرافه فالأقرب
انه يشتري به عبد أو بعضه يكون رقبته للوارث ومنعته للموصي له وللشافعية الخلاف السابق وبعضهم قطع هنا يكون الأرض للوارث واتفقوا على ترجيحة لان
العبد يبقى منتفعا به ومقادير المنفعة لا تضبط وتختلف بالمرض والكبر فكان حق الموصي له باق وبحاله مسألة لو جنى هذا العبد الموصي بخدمته بما يوجب
القصاص واقتص منه فقد ضاق المالك والموصي له جميعا وان وجب المال تعلق برقبته فان فدا أحدهما فلا بحث وان امتنعا من فائدة بيع في الجناية وبطل حقهما
فإن كان بعضه يفي بالأرض بيع البعض وكان البعض مع منفعته للمشتري ويبقى البعض مع منفعته للمشتري ويبقى البعض الأخر من رقبته للوارث ومنفعته للموصي له ولو لم يمكن الا بيع الجميع وزاد الثمن على الأرش
احتمل الخلاف السابق وقال بعضهم يقسم بينهما لعى نسبة حقهما ولو افتدياه معا استمر الحقان وكذا لو فداه مالك الرقبة فان فداه الموصي له فوجهان في لزوم
الإجابة على المني عليه أحدهما لا يلزم لأنه أجنبي عن الرقبة وأشبههما عندهم اللزوم لان له فيه عرضا ظاهر هذا فيما إذا فدى أحدهما العبد بمنافعه ولو فد في حصه
قيل يباع نصيب صاحبه ويفه نظر من حيث إنه لو فداه مالك الرقبة لم يملك بيع المنفعة وحدها وان فدى الموصي له واستمر حقه فيبيع الرقبة على الخلاف مسألة
لو اوصى له بثمرة نخلة فتنازع الورثة والموصي له في السقي فان امتنعا لم يكن لأحدهما اجبار الأخر على السقي لان صاحب الثمرة لا يستحق على صاحب الأصول ان تبقى ثمرته
507

ولا يجبر صاحب الثمرة على أن يسقي شجرة لان الشجرة لا حرمة لها في نفسها بخلاف العبد حيث أوجبنا نفقته على أورثة في أحد الوجوه واجبارهم عليها لان للعبد حرمة
في نفسه ولهذا لو لم يتعلق به حق أحدا جبر على الانفاق عليه بخلاف الجمادات وكذا الموصي له لا يجبر على سقي ثمرته ولا شجرة غيره ولو أراد أحدهما سقيها على وجه لا
يضر بصاحبه لم يملك الأخر منعه ومذهب الشافعية كذلك مسألة يجوز للموصي له بالمنفعة ان يوجر العين مدة أو يوصي بها مدة أو يوصي أو يعيرها مدة أو
مطلقا وبه قال الشافعي ومالك لأنه قد ملك المنافع بحيث ليس لغيره الرجوع فهيا فصح اجارتها كالمستأجر وقال أبو حنيفة وأصحابه ليس له ان يواجر لأنه ملكها
بغير عوض فليس له ان يواجرها كالعارية والفرق ان المستعير ما ملك المنافع واجارتها اسقاط لحق صاحبها فإنه لم يملكه إياها مسألة لو اوصى بلبن شاه
أو صوفها جاز كما يجوز الوصية بثمرة الشجرة وكذا لو اوصى بصوفها وبلبنها معا وينبغي ان يقوم هنا المنفعة الموصي بها دون العين لأنه لم يوص بجميع منفعتها
ولو يبست الجرة الموصي بثمرتها أو بمنفعتها كان حطبها للوراث إما لو يبس السعف أو الغصن فإن كانت الوصية بالمنفعة كان ذلك للموصي له بالمنفعة على اشكال
وإن كانت الوصية بالثمرة فالوجه انه لا يدخل إذ لا يسمى ثمرا ولو وصى له بثمرة سنة معينة فلم تلك السنة فلا شئ للموصي له ولو قال ثمرتها أول عام تثمر صح و (وله ثمرتها أول عام تثمر صح) كذا لو اوصى له
بما تحمل جاريته أو دابته ولو اوصى لرجل (بشجرة ولاخر بثمرة فسخ وكان صاحب الرقبة قائما مقام الوراث داله خاله ولو اوصى لرجل صح) تجب زرعه ولاخر ثبته صح والنفقة بينهما لان كل واحد منهما تعلق حقه بالزرع فان امتنع أحدهما من الانفاق فهما بمنزلة الشريكين
في أصل الزرع إذا امتنع احهدهما من سقية والانفاق عليه وفيه وجهان أحدهما يجبر على الانفاق عليه لان في ترك الانفاق عليه اضرارا بهما وتضيعا والنبي صلى الله عليه وآله قال لا ضرر ولا اضرار
ونهى عن إضاعة المال والآخر لا يجبر على الانفاق على مال نفسه والا على مال غيره إذا كان كل واحد منهما منفردا فكذا إذا اجتمعا واصل الوجهين إذا استهدم الحايط المشترك
فدعا أحد الشريكين الأخر إلى عمارته فامتنع ويبتغي أن تكون النفقة بنهما على قدر قمية حق كل واحد منهما كما لو كانا شريكين في فصل الزرع تذنيب لو اوصى بالشقص
الذي يستحق به الشفعة فحق الشفعة للوارث لا للموصي له تنبيه تصح الوصية بما لا يقدر على
تسلمه كالعبد الآبق والجمل الشارد والطير في الهواء والسمك في الماء
لان الوصية تصح بالمعدن فهنا أولي لأوان الوصية تجري مجرى المراث وهذا يورث فتح الوصية به فان قدر عليه اخذه وصله إذا اخرج من الثلث المطلب الثالث
في الوصية بالولاية وفيه مباحث الأول الصيغة مسألة الصيغة لا بد فيها من ايجاب وقبول فالايجاب أن يقول أوصيت إليك أو فوضت أو أنت وصيي أو أنت
مقامي أو افعل بعدي كذا وما أشبه ذلك ولا يكفي أنت وكيلي أنت وكيل أولادي الأصاغر وهل يصح بلفظ الولاية بان يقول وليتك كذا بعد موتي الأقرب ذلك وللشافعية
وجهان ولاصح فيها الاطلاق والتأقيت مثل أنت وصيتي أو أوصيت إليك إلى سنة أو إلى أن يبلغ ابني فلان أو
يوصي إلى زوجته إلى أن تتزوج واما القبول فهو شرط
عندنا خلافا لبعض الشافعية ولا يشترط القبول نطفا بل لو فعل بعده ما اوصى به إليه كان قبولا ولا يشترط وقوعه في حياة الموصي بل لو وقف القبول في حياة الموصي لم يعتد
به عند بعض الشافعية كما لو اوصى بمال فإنه يتشرط وقوع القبول بعد الموت ولوجه انه يعتد به كما لو وكله في علم يتأخر وقته يكون القبول في الحال والامتثال في المستقبل
والرد في حياة الموصي على هذين الوجهين فعلى الأول لو رد قبل موته جاز ولو رد بعد الموت بطلنا الوصية مسألة لا بد في ايجاب من تفصيل الولاية
أو عمومها فيقول أوصيت إليك في قضاء ديوني وتنفيذ وصاياي والتصرف في مال أطفالي والقيام بمصالحهم أو يذكر بعض هذه أو غيرها مفصلا أو يعم فيقول
أوصيت إليك في جميع أمور أولادي ومع التصرفات أو في كل قليل وكثير ولا يكفي في الولاية قوله أوصيت إليك بل يقع لغوا كما لو قال وكلتك ولم يعين ما وكله فيه ولو
قال أوصيت إليك أو أقمتك مقامي في أمر أطفالي ولم يذكر التصرفات اقتضى العرف انصرافه إلى الحفظ لأموالهم والتصرف وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا تنصرف
الا إلى الحفظ لا غير تنزيلا على الأقل وقال بعض الشافعية لا يصح حتى يبين ما فوضيه إليه ولو عجز عن النطق فأشار بيده إشارة مفهمة أو كتب بخطه وعلم بقصده أو قرى عليه
كتاب الوصية بالولاية أو بالمال فأشار برأسه ان نعم صحت الوصية لأنه بالعجز صار كالأخرس وقال أبو حنيفة لا تصح الا با لنطق مسألة ولو اوصى إليه في بعض التصرفات
لم يتعد الآتية إلى غيره ولم يجز له التخطي فلو اوصى إليه بتفريق وصيته خاصة أو بقضاء ديونه أو بالنظر في أمر أطفاله اختطت الولاية بما عينه الموصي ولا يكون له الولاية
في غير ما جعل إليه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لأنه وصي إليه في شئ بعينه فإذا تعداه كان تبدلا لوصيته وتبديلها حام ولأنه استفاد تصرفا بالاذن
من جهة الآدمي فكان مقصورا على ماذن فيه كالوكيل وقال أبو حنيفة إذا اوصى إليه في شئ بعين صار وصيا في كل ما يملكه الموصي لأن هذه الولاية تنتقل إليه
من الأب موته فلا يتقض كولاية الجد والفرق ان الجد يستحق الولاية بالولادة وتلك لا تتبعض أو الاذن يتبعض ولأنه متصرف بالاذن التولية فأشبه الويل
والحاكم لا يتصرف ان في غير ما فوض إليهما ولان الوي مين فلا تثبت أمانته في غير اؤتمن فيه كالمستودع إذا عرفت ذا فإذا اوصى إلى شخص بتفريق ثلث والى
اخر بقضاء ديونه والى ثلث بالنظر إلى صغاره كان لكل واحد منهم ما جعل إليه دون غيره مسألة يجوز تعدد الأوصياء فيوصي إلى اثنين أو جماعه
كما يجوز توكيل الاثنين والأكثر وان يوصي إلى واحد ويجل اخر مشرفا عليه فلا يتصرف الوصي الا باذنه فإذا اوصى إلى اثنين فاما ان يجعل كل واحد منهما وصيا
بخصوصيته منفردا فيجوز ح لكل واحد منهما التفرد بالتصرف ولا يجوز للاخر مخالفته إذا لم يخالف مقتضي الوصية واما ان يوصي إليهم جميعا لتصرفا مجتمعين
غير منفردين فيجب متابعته وليس لأحدهما ان ينفرد بالتصرف بدون مشاركة صاحبه ولا نعلم خلافا فيه هاتين الوصيتين واما ان اطلق فقال أوصيت إليكما في
كذا فليس لأحدهما ان ينفرد بالتصرف في شئ البتة به قال مالك والشافعي واحمد لان المفهوم من الاخلاد إليهما الاجتماع دون الانفراد ولان الموصى شريك بينهما
في النظر فلم يكن لأحدهما الانفراد كما لو كانا وكيلين في شئ وقال أبو يوسف ومحمد القياس ان لا ينفر واحد منهما يتصرف الا انهما استحسنا ان ينفرد أحدهما بسبعه
أشياء بشراء كفن الميت وقضاء دونه وانفاذ وصيته معينه كانت أو غير معينة ورد الوديعة إن كانت بعينها وشراء ما لا بد للصغير منه من الكسوة واطعام و
قبول الهبة عن الصغير والخصوصة عن الميت فمى يدعي عليه وما يدعيه له وقال الشيخ في النهاية وأبو يوسف يجوز لكل واحد منهما الانفراد لان الوصية إليهما ولاية لهما
والولاية لا تتبعض فملك كل واحد منهما الانفراد بها ووجه الاستحسان ان هذه الأشياء يشق الاجتماع فيها ويضر تأخرها فجوزت للحاجة إليها وتبطل بالوكيلين
في مثل ذلك وعلى انه إذا تعذر اجتماعهما أقام الحاكم من ينوب عن النايب فيهما فلا يقصد ذلك ولا يتعذر وقول أبي يوسف باطل لأنه جعل الولاية هما واجتماعهما فليست
متبعضه كما لو كانا وكيلين وقال بعض الشافعية إن كانت الوصي ثلث في رد الودايع والمغصوب والعواري وتنفيذ الوصية المعينة وقضاء الدين الذي يشمل التركة
على جنسه فلكل واحد منهما الانفراد لان صاحب الحق مستقل الاخذ في هذه الصورة فلأي ضر الانفراد وإن كانت الوصايا في تفريقه الثلث وأمور الأطفال والتصرف
في أموالهم فلها ثلثه أحوال أحدهما ان يثبت الاستقلال فيقول أوصيت إليكما والى كل واحد منكما أو يقول كل واحد منكما وصته في كذا أو يقول أنتم أوصيت؟
508

في كذا فلذلك واحد منهما الانفراد بالتصرف وان شرط الاجتماع على التصرف لم ينفرد أحدهما ولو انفرد لم ينفذ البيع والشراء والاعتاق ويضمن ما أنفق على الأطفال وان
اطلق فكالاجتماع لأنه يحتمل فينزل عليه اخذ بالأقل مسألة إذا اوصى إلى اثنين وجعل لكل واحد منهما الانفراد بالتصرف الكل واحد منهما ان تصرف في
الجميع وفي النصف وان يقاسم الأخر على الولاية فينظر كل واحد مهما في النصف أو أيد أو أقل بحصب اتفاقهما وإذا مات أحدهما أو جن أو فسق أو لم يقبل الوصية كان
للاخر الانفراد وليس للحاكم ان يضم إليه اخر يضم إليه اخر لأنه الولاية للحاكم مع وجود وصي تام الولاية فان ضعفت نظرة وقصرت قدرته ضم إليه الحاكم من يعينه كما لو اوصى إلى واحد
فضعفت قوته وإن كان الأخر وصيا ولو شرط الاجتماع على التصرف فليس لواحد منهما الانفراد بالتصرف فان تصرف فهو مردود ولو مات أحدهم أو فسق أو جن
أو غاب أو لم يقبل الوصية نصب الحاكم بدلا عنه لتصرف مع الأخر وهل للحاكم إقامة الأخر مستقلا ورد النظر كله إلى الأخر الأقرب المنع لان الموصي لم يرض باجتهاد
الباقي وحده فوجب ان يضم إليه غيره لا الوصية مقدمه على نظر الحاكم واجتهاده وهو أحد وجهي الشافعي والثاني ان له ذلك لان النظر لو كان إلى الحاكم بان يموت
بغير وصيته كان له ان يفوض النظر إلى واحد كذلك هنا فيكون هذا ناظرا بالوصية عن الموصي وبالأمانة عن الحاكم ولو ماتا معا أو تغيرت حالهما بفسق أو كفر
أو جنون أو غير ذلك من أسباب الغرل فهل للحاكم ان ينفس واحد عوضهما ان يجب الاثنان مراعاة لصورة العدد الأقرب الأول وإذا كانا وصيته على الاجتماع والشاحا؟
لم يمض تصرف أحدهما بانفراده الا ما لا بد منه مثل كسوة الأطفال ومأكولهم ويجبرهما الحاكم على الاجتماع فان تعاسرا أجاز له الاستبدال بهما ولو أراد اقسمه المال بينهما
لم يجز لان الموصي اوصى بالاجتماع على الجميع لما رواه محمد بن الحسن الصفار في الصحيح قال كتبت إلى أبي محمد (ع) رجل كان اوصى الرجلين اي يجوز لأحدهما ان ينفرد وينصف
التركة والاخر بالنصف فوقع لا ينبغي هما ان يخالفا الميت أو يعملا على حسب ما امرهما انش؟ ولو مرض أحدهما أو عجز ضم إليه الحاكم من يقومه كما تقدم مسألة
إذا قال أوصيت إلى زيد ثم قال أوصيت إلى عمر ولم يكن قوله الثاني عن الأول الا ان يأتي بلفظ يدل على غر له كان يقول بدله أو عوضه ثم إن قبلا تشاركا في الوصية
وليس لأحدهما الانفراد بالتصرف ولو قبل أحدهما دون الخر انفرد بالتصرف ولو قال للثاني الذي أوصيت به إلى فلان فقد أوصيت به إليك فهو رجوع وقال
بعض الشافعية إذا قال أوصيت إلى يد ثم قال أوصيت إلى عمر وانفرد كل واحد منهما بالتصرف ولو اوصى إلى زيد ثم قال ضممت إليك عمر أو قال لعمرو ضمنتك إلى زيد
فان قبل عمر ودون زيد لم يكن لعمر والتفرد بالتصرف لان يضم الحاكم إليه أمينا عوضا عن زيد لان الموصي لم يفرده بالوصية بل ضمه إلى غيره وهو يوجب الشركة
ولو قبل زيد دون عمر واحتمل تفرده بالوصية لأنه أفرده بالوصية إليه وان لا يكون له التفرد لأنه يضم عمر واليه سلب استقلاله بالتفرد لان الضم كما يشعر
بعدم الاكتفاء بالمضموم يشعر بعدم الاكتفاء بالمضمون إليه وان قبلا معا احتمل ان يكونا شريك وأن يكون زيد هو الوصي وعمر ومشرف عليه مسألة
ليس المراد من اجتماع الوصيين على التصرف تلفظهما بضيع القود معا بل المراد صدوره عن رأيهما ثم لا فرق بين ان يباشر أحدهما أو غيرهما بأذنيهما وإذا اوصى إلى
شخصين واختلفا في التصرف فان كانا مستقلين وقال كل واحد انا أتصرف فقسم بينهما لتصرف كل واحد مهما في نصفه ان إنكن القسمة وان لم يقبل القسمة ترك بينهما
حتى تصرفا فيه لعدم أولوية أحدهما بالتصرف والا رب انه من سبق نفذ تصرفه فان اقترن عداهما لشخصين بطلا وان لم يكونا مستقلين امرهما الحاكم بالاجتماع
وقهرهما عليه كما يرى المصلحة فيه فان امتنع أحدهما ضم الحاكم إلى الأخر أمينا ولو امتنعا أقام شخصين عوضهما ولا ينعزلان بالاختلاف بل اللذان أقامهما الحاكم عوضما
نايبان عنهما وان اختلفا في تعيين من يصرف إليه من الفقراء عين الحاكم من يراه ولن اختلفا في الحفظ قسم بينهما عند بعض الشافعية وقال بعض الشافعية لا يقسموا
اعترض بأنه إذا كان المال في يدهما كان النصف في يدك لواحد منهما فجاز ان يعين ذلك النصف والأقرب الأول لان الموصي له بما من أحدهما على حفظه ولا التصرف فيه
وقال مالك يجعل عن أعدهما وقال أصحاب الرأي يقسم بينهما ولا وجه ذلك إن كان كل واحد منهما موصي إليه على الانفراد لان حفظ المال من حملة الموصي به فلم
يجز لأحدهما الانفراد به كالتصرف ولأنه لو جاز كذلك واحد مهما ان ينفرد بحفظ بعضه جاز ان ينفرد بالتصرف وإذا قسم نصفين فتنازعا في عين النصف أقرع أو عين
الحاكم ولو لم يقب المال القسمة حفظاه معا إما بان يجعلانه في بين ويقفلا عليه أو يودعاه عند من يرتضيانه والا تولى الحاكم حفظه ولو جعل الحفظ إلى اثنين
لم ينفردا أحدهما بحال البحث الثاني في الموصي مسألة يشترط في الموصي التكليف والحرية فلا تصح وصيته الصبي الا في رواية انه تجوز
وصيته بالمعروف إذا بلغ عشر أو الأولى المنع ولا تصح وصيته المجنون ولا وصية العبد لسلب ولايته عن نفسه فكيف على غيره هذا إذا كانت الوصية في قضاء الديون
وتنفيذ الوصايا واما في الأمور الأطفال والولاية عليهم فيشترط ففي الموصى هذان الشرطان وشرط ثالث وهو ان يكون للموصي ولاية على الأطفال ابتداء من الشرع
لا بتفويض مسألة لو حضر الوصي الوفاة لم يكن له ان يصي إلى غيره ان يكون الموصي قد جعل له ذلك إما إذا اطلق الوصية ولم يأذن له في الايصاء ولا نهاه
لم يكن له الايصاء عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين واسحق لأنه تصرف بتولية لم يكن له التفويض كالوكيل لأنها استنابة بعد الموت
فاشتبهت الاستنابة قبله فحينئذ يكون الولاية بعد موت الموصي إلى الحاكم وليس للورثة ان يتولوا ذلك بأنفسهم ولا ان يعينوا من يقوم به وفي حال الغيبة؟ بتولى
ذلك (الفقيه المأمون صح) من أهل الحق العدل من ذوي البصاير وقال بعض علمائنا ان للوصي ان يوصي مع الاطلاق وبه قال مالك أبو حنيفة لان الأب قامه مقامه فكان له الوصية
كما يكون ذلك للأب والفرق ان الأب والجد يليان بغير توليه بل شبهه لو بالتوكيل أولي لأنه يتصرف بالتولية والتفويض فلا يملك التفويض إلى غيره كالوكيل (مسألة لو قال قال الموصي للوصي أوصيت إليك فإذا حضرتك الوفاة يوصي فلان أو فقد أوصيت إليه أو صح) قال قد أوصيت إليك
إلى أن يبلغ ابني فلان أو يقدم من سفره فإذا بلغ أو قدم فهو الوصي (أو قال أوصيت إليك إلى سنة فإذا مضت فوصي فلان جاز ذلك فإذا مات الموصي صح) الأول كان الثاني وصيا للأب لا للوصي الأول لأنه وصي إليه بشرط وهو جاير لان فاطمة (ع) أوصت
في وقفها إلى علي (ع) فان حدث به حادث فإلى وليها عليهما السلام ولان الوصية قرية من التأمير ومن المشور انه (ع) قال الأمير زيد فان قتل فجعفر فان قتل فعبد الله بن
رواحة وتحتمل الوصية التعليق كما تحتمل الجهالة والخطار وقال بعض الشافعية لا يجوز كما في تعليق الوكالة وقال بعضهم لو قال إذا مت فقد أوصيت إليك لا يجوز
بخلاف قوله أوصيت إليك إذا مت ولو قال أوصيت إليك فإذا حط بك حدث الموت فقد أوصيت إلى إليه من أوصيت إليه أو فوضتك وصته قال الشافعي لا
يجوز له قول ا خر بالجواز لا صحابة في هذه الصورة ثلاثة طرق أشهرها ان فيها قولين أحدهم الا صحة لان الوصية إلى الأول والثاني صادرة من الموصي فهي كالصورة
السابقة وأظهرهما المنع لان الموصي إليه مجهول هنا الطريق الثاني القطع بالمنع وحمل أقول الأخر على ما إذ أوصي واذن للموصي في أن يوصي إلى من يرى
الثالث القطع بالجواز مسألة لو قال أوصيت إليك وأذنت لك ان توصي فاما ان يعين من يوصي إليه اولي يعين فإن لم يعين بل قال اوصى بتركتي إلى من
شئت أو قال من أوصيت إليه فهو وصي فاوصي بها إلى رجل صح وللشافعية طريقان أصحهما ان في صه الصية فقولين أحدهما المنع لان اذنه قد ببطل بالموت فلا
509

يجوز ان ينصب عنه نايب حين لا اذن له كما لو وكل وكيلا واذن له في التوكيل فعزله ثم وكل الوكيل عنه لا يجوز ولأنه يلى بتوليه فلا يصح ان يوصي كالوكيل ولأنه يوصي عنه في
وقت لا يملك هو العقد والثاني الجواز كما قلناه نحن وبه قال مالك وأبو حنيفة لا للأب ان يوصي فكان له ان يستنيب في الوصية كما في الوكالة ولان نظره للأطفال بعد
الموت متبع بدليل اتباع شرطه فيما إذا أوصي إلى رجل إلى أن يبلغ ابنه وكذا ان اوصى إلى رجلين وشرط استقلال أحدهما إذا مات الثاني تبع شرط ولان الأب له
ان يوصي فكان له ان يستنيب في الوصية كالامام لما ملك ان يوصي بالتوصية ولا وكيل ملك ان يكل فملك ان يوص كل في التوكيل والطريق الثاني القطع بالصحة وحمل
المنع على أنه قصد الرد على أبي حنيفة حيث قال لو اوصى الوصية في أمر نفسه كان وصية وصيا للموصي وان عين فقال اوصى بتركتي إلى فلان صح أيضا وللشافعية طريقان
أحدهما فيه قولين ومنهم من قال يصح هنا قولا واحد لأنه عينه وقطع اجتهاده فيه فصار كما لو قال أوصيت بعده إلى فلان تذنيب لو اطلق فقال
أوص إلى من شئت أو إلى فلان ولم يصف إلى نفسه قال بعض الشافعية يحمل على الوصايا عنه فيجئ فيه
الخلاف وقطع بعضهم بأنه لا يضي عنه مسألة ليس للميت
ان يوصي على البالغ الرشيد سواء كان ولد أو ولد ولد أو غير ذلك اجماعا لانتفاء ولايته عنهم حال حياته فكيف تثبت للولاية بعد موته نعم له ان ينصب
وصيا في قضاء ديونه وتنفيذ وصياه فإذا نصب وصيا لذلك لم يتمكن من الزام الورثة تسليم التركة لتقع في الدين بل لهم الامساك وقضاء الدين من؟ لهم
لكن لو امتنعوا من التسلم والقضاء من عندهم ألزمهم إما البيع أو الأداء من مالهم لتبرء ذمة الموصي هذا إذا اطلق الوصيا بقضاء الدين ولو اوصى إليه ببيع شئ من
تركته في قضاء دينه لم يكن للورثة امساكه بل كان للوصي امتثال أمرا الموصي وكذا لو قال ادفع هذا العبد إليه عوضا عن دينه لان في أعيان الأموال اغراضا ولو امره
بان يبيع عن ماله من فلان ثمن المثل جاز ولزمت الوصية بعد موته وانما تصح الوصية بالولاية على الطفل والمجنون والضابط ان يكون له الولاية على الموصي عليه
مسألة الوصية بالولاية انما تصح من الأب أو الجد للأب وان علاء ولا ولاية لغيرهم من أخ أو عم أو خال أوجد لام لان هؤلاء لا يكون أمر الأطفال إليهم فكيف يثبت
لهم ولاية فان الوصي نايب على الموصي فإذا كان الموصي لا ولاية له فالموصي إليه أولي بذلك واما الام فلا ولاية لها عندنا أيضا لأنه لا مدخل لها في ولاية النكاح فلا
تلي المال كالعبد خلاف لبعض الشافعية فإنه سوغ لها ان توصي في ا مر أطفالها الا صاغر لأنها أحد الأبوين فكان لها الولاية كالأب يدل على هذا انها تصح أن تكون
وصيته له فصح ان تلي بالنسب والفرق ظاهر ولو اوصى أحد هؤلاء بمال الطفل صح لكن يتولاه الأب أو الجد له أو الحاكم دون من يعينه الموصي فلو أوصت الام بمال لولدها
وجعلت امره إلى غيره الأب أو الجد للأب صحت الوصية بالمال دون الوصية بالولاية بل كان للأب آلو أجد له ان يتولى ما أوصت به الام مسألة لو اوصى
الأب إلى شخص بالولاية على أطفال فقال ولهم جد للأب لم يجز للوصي التصرف في حياة الجد لان الجد بدل الأب اجماعا فليس له نقل الولاية عنه كولاية التزويج ولان للجد
ولاية وتعصيبا فكان له ولاية المال مع الدالة كالأب وبه قال الشافعي وقال مالك واحمد ليس للجد ولاية في المال لان الجد يد لي بالأب ولا يلى لامال كالعم والفرق
ان العم لا ولاية له بخلاف الجد وقال أبو حنيفة وبعض الشافعية للجد ولاية الا ان الموصي إليه أولي منه لان الموصي إليه نايب عن الأب فكان أولي من الجد كوكيل الأب
وليس يجيد لان الجد يستفيد الولاية بنفسه فكان مقدما على من يلى توليه يتولاه كالجد مع الحاكم ويخالف الوكيل لأنه يتصرف عن ولاية الأب وهذا يتصرف بولاية
نفسه وقد عرفت من هذا ان ولايه الأب مقدمة على ولاية الجد ولاية الوصي للأب أو الجد أولي من الحاكم فيه للقاضي تغير وصي الأب بعد موته الا ان يتغير حاله
ولو كان بأجرة ووجد القاضي المتبرع فالأقرب ابنه ليس له عزله ان وفي الثلث والإجازة لخفة المؤنة على الأطفال هذا في أمر الأطفال فاما في قضاء الديون وتنفيذ
الوصايا فيكون للأب نصيب الوصي ويكون الوصي أولي من الجد ولو لم ينصب وصيا فأبوه أولي بقضاء الديون وامر الأطفال وقالت الشافعية الحاكم أولى بتنفيذ
الوصايا وليس بيد مسألة إذا كان في الورثة صغر وكبير واحتاج الصغير إلى بيع شئ من التركة كان للوصي بيع نصيب الصغير دون نصيب الكبير وبه قال الشافعي
لان الكبير رشيد فلا يجوز بيع ماله بغير اذنه كم لو انفرد وقال أبو حنيفة واحمد إذا كان بيع الجميع أحط لهما جاز للوصي بيعه بغير اذن الكبير وكذا إذا اوصى إليه في تفرقة لثلثه
وكان بيع الكل أحظ باعه وكذلك كفي قضاء الديون لان التركة باقية على حكم مال الميت ولهذا تقضي منها دوينه وتنفذ وصاياه فكان للوصي ان يفعل ما فيه الخط للميت
وليس بصحيح لان الوصي ليس بولي على الميت وانما هو ولي على الصغير ولان ماله قد انتقل إلى الورثة والحق لهم مسألة إذا اوصى بوصية ثم قتل نفسه كانت وصية
ماضية لو جود المقتضي وهو صدورها من بالغ عاقل رشيد وتجدد السفيه لا يوجب بطلان الحكم السابق ولو جرح الانسان نفسه بما فيه هلاكه غالبا ثم وصي كانت وصيته
باطلة لا يجوز العمل عليها قاله الشيخ ره لان فعله ذلك يدل على ظهور سفهه فلم ينفذ وصيته ولو لم يفي بها لكان رشيدا عاقلا بعد الجراح كان ما اوصى به ماضيا
ولو لم تبق فيه حياة مستقر احتمل بطلان الوصية وابن إدريس نازع الشيخ ره وحكم بصحة وصية جارح نفسه بالمهالك والشيخ ره عول في قوله على ما رواه أبو ولاد عن الصادق
قال سمعته يقول من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها قلت له أرأيت إن كان اوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته قال فقال إن كان أوصي قبل
ان يحدث حدها في نفسه من جراحه وقتل أجيزت وصيته في ثلث وإن كان أوصي بوصية بعد ما حادث في نفسه من جراحة أو قتل العلة يموت لم تجز وصية البحث
الثالث في الوصي مسألة يشترط في الوصي التكليف فلا تصح الوصية إلى المجون المطبق وهل تصح إلى من يعتوره ادوار فينفذ تصرفه وقت افاقته اشكال
ولا تصح إلى الصبي منفرد أو إن كان مراهقا لأنه لا يملك التصرف لنفسه فكيف لغيره ولان في الاستنابة بعد الموت معنى الأمانة ومعين الوكالة من حيث إنها عد تفويضا من أن
الغير ومعنى الولية من حيث إن الوصي يتصرف لعاجز وهما ليسا أهلا لذلك كله وتصح الوصية إلى الصبي منضما إلى البالغ لكن ليس للصبي ان يتصرف حال صغره بل انما له التصرف
بعد بلوغه فحينئذ يتصرف الكبير منفردا حيت يبلغ الصغير والأقرب انه ليس للحاكم هنا إقامة اخر مع الكبير يكون نايبا عن الصغير لان الموصي فوض إليه النظر فإذا بلغ الصغير
لم يجز الكبير الانفراد بالتصرف ولو بلغ فاسد العقل احتمل ان ينصب الحاكم مع الأخر أمينا لان الموصي فوض إلى الكبير التصرف إلى حين بلوغ الصغير وقد بلغ غير رشيد ويحتمل
عدمه ولو مات الصغير أو بلغ فاسد العقل قال بعض علمائنا للعاقل الانفراد بالوصية ولم يداخله الحاكم لان للميت وصيا وإذا تصرف البالغ ثم بلغ الصبي لم يكن له نقض
شئ مما فعله البالغ الا ان يكون مخالفا لمقتضي الوصية مسألة يتشرط في وصي المسلم الاسلام فلا تصح وصية المسلم إلى الكافر وإن كان ذميا لان الكافر
ليس من أهل الولاية على المسلم ولأنه ليس من أهل الشهادة ولا العدالة فلا تصح الوصية إليه كالمجنون واما وصية الكافر إليه فإن كان عدلا في دينه فالا قرب صحة
وصيته إليه وهو أحد وجهي الشافعية لأنه يجوز ان يلي بالنسب جاز ان يلي بالوصية كالمسلم العدل لا تصح لان الكافر أسوء حالا من المسلم الفاسق
ثم المسلم الفاسق لا يجوز ان يكون وصيا فالكافر أولي وان لم يكن عدلا في دينه لم تصح الوصية إليه لأنه أسوء حالا من المسلم الفاسق والمسلم الفاسق
510

لا يكون وليا على مال غيره فالكافر بذلك أولي مسألة يشترط في الوصي العدالة عند أكثر علمائنا فلا تصح الوصية إلى الفاسق المسلم وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل
في إحدى الروايتين لان الفاسق ظالم والوصية إليه وكون إليه في أفعاله فيكون منهما عنه لقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا وعن أحمد وانه أخرى انها تصح الوصية إليه
ويضم إليه امين وقال أبو حنيفة تنعقد الوصية إليه وإذا تصرف نفذ تصرفه ولا يجب على الحاكم عزله لأنه بالغ عاقل فصحت الوصية إليه كالعدل ولان المسلم محل الأمانة
كما في الوكالة أو الايداع ولا نهى ولايه تابعة لاختيار الموصي فيتحقق بتعينه وفرق الشافعي بين الوصاية والوكالة حيث جوز توكيل الفاسق دون الوصية إليه بان الوصاية
في حق الغير وفي مثله في الوكالة يشترط العدالة أيضا حتى لا يصح ان يوكل ان يوكل الأب فاسقا في مال ولده ولا يودع الا عند امين ويجوز ان يوكل الفاسق في ماله ويودعه إياه
تذنيب لو أوصي إلى فاسق بتفريق ثلثه فان قلنا بالصحة ففرق لم يضمن إن كان الثلث لقوم معينين لانهم لو اخذوه من غير دفع جاز وإن كان لغير معنيين
ضمن لان تفريقه عليهم يتعلق بالاجتهاد والفاسق ليس من أهله فيضمن للتعدي ولو ادعى الأمين التفرقة قبل إن كان على غير معينين وإن كان على معينين لم يقبل
مسألة لا تصح الوصية إلى العبد الا بإذن مولاه لأنه لا يملك الولاية على ولده فل يصلح وصيا لغيره كالمجنون ولأنها تستدعي فراغا للنظر والفكر والسعي وهو
مشغول بخدمة مولاه إما لو اذن له مولاه صحت الوصية الوصية إليه وليس للمولى بعد قبوله وموت الموصي الرد لان المنع انما كان لحق المولى فإذا اذن المولي زال المانع وقال الشافعي
لا تصلح الوصية إليه حال وبه قال أبو يوسف ومحمد وأبو ثور لأنه لا يجوز ان يكون وليا على أنه بالنسب فلا يجوز ان يلي بالوصية وقال مالك واحمد يصح الوصية
إلى العبد وقال الأوزاعي وابن بشر تصح الوصية إلى عبد نفسه ولا تصح إلى عبد غيره وقال ا بو حنيفة تصح الوصية إلى عبد نفسه إذا لم يكن في ورثته رشيد ونحن نقول
بذلك مطلقا لأنها وصيته إلى العبد بإذن مولاه فصحت احتجوا بأنه يصح ان يستنيبه في حياته فصح ان يوصي إليه كالحر ونحن نقول إنه يصح توكيله باذنه مولاه وكذا
الوصية والشافعية فرقوا بان الوكالة تصح للكافر والفاسق ولأنها نيابة في حقه وهذا ولاية منه على غيره فافتقرت إلى الكمال بالجزم وقد نص الشافعي في الام على أنه إذا
اوصى إلى عبد قن أو مكاتب أو مدبر أو معتق نصفه أو من أعتق بعضه أو أم الوالد فالوصية باطلة لأنه ناقص بالرق ونحن نقول بموجبه إذا منع المولي لا مطلقا نعم في مستولدته
ومدبره عندهم خلاف مبني على أن صفات الوصي تعتبر حال الوصيا أو حال الموت وجوز أبو حنيفة الوصية إلى المكاتب وكذا مالك واحمد وجوز المفيد الوصية
إلى المدبر والمكاتب وليس شيا مسألة الظاهر من مذهب بعض علمائنا جواز الوصية إلى من يعجز عن التصرف ولا يهتدي إليه لسفه أو هرم أو غيرهما وينجبر نقصه
بنظر الحاكم وهو الظاهر من مذهب الشافعية ومنع بعضهم من الوصية إلى المحجوز عليه مسألة تصح الوصية إلى المرأة الجامعة للشرايط عند علمائنا أجمع وهو قول العامة لان عمر
اوصى إلى حفصة رواه العامة ومن طريق الخاصة رواية علي بن يقطين عن الرضا (ع) قال سألته عن رجل اوصى إلى امراه وشرك في الوصية معها صبيا فقال يجوز ذلك
وتمضي الوصية ولا ينتظر بلوغ الصبي فإذا بلغ الصبي فليس له ان لا يرضى الا ما كان من تبديل أو تغيير فان له ان يرده إلى ما اوصى به الميت وحكى عن عطا أنه قال لا تصح
الوصية إليها لأنه لا يجوز أن تكون قاضية فلا تصح أن تكون وصية والفرق ان القضا يفتقر إلى أن يكون القاضي كاملا من أهل الاجتهاد بخلاف الوصية وإذا حصلت
الشرائط في أم الأطفال فهي أولي من أن ينصب قيما لكن لا ولاية لها بالأمومة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان لها ولاية الحفط والانفاق دون البيع والشراء ونقل
بعض الشافعية وجها انه لا يجوز الوصية إليها لان الوصية ولاية وظاهر مذهب الشافعة انتفاء الولاية وجوز بعضهم الولاية في المال للمرأة بان النبي صلى الله عليه وآله قال لهند خذي ما
يكفيك وولدك بالمعروف مسألة تصح الوصية إلى الأعمى الجامع للشرايط عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة وهو أحد وجهي الشافعي لان الأعمى من أهل الشهادة
مطلقا عندنا وبما تحمله قبل العمى فصح ان يكون وصيا والوجه الثاني للشافعي المنع لان الأعمى لا يقدر في حق نفسه على البيع والشراء فلا يوجد منه معنى الولاية ونمنع
عدم قدرته على البيع والشراء لأنه يمكنه أن يقول فيهما وشرط بعضهم في الوصي انتفاء العداوة بينه وبنى الطفل الذي يفوض امره إليه مسألة لا خلاف في أن
هذه الشرائط حاله موت الموصي كما أن الموصي الوصية تعتبر باحاله الموت وكما أن الشاهد تعتبر صفاته تعندا فداء وهو أحد وجوه الشافعية وهل يشترط
وجودها حاله الوصاية أيضا حتى يشترط تحققها عند العقد ولاموت معا قال بعض الشافعية به لأنها شرطوا العقد فتعبر حال وجوده كساير العقود ولأنه لا بد من
اعتبارها عند الوصاية لأنها حاله التفويض ومن اعتبارها عند ا لموت لأنها حاله الاشتغال بالتصرف وللشافعية وجه ثالث انه يعتبر تحققها حالة الوصاية وحاله
الوفاة فيها بنيهما لاحتمال الموت والحاجة إلى التصرف مسألة إذا اوصى إلى من اجتمعت فيه الشروط فتغيرت حاله الموصي إليه فإن كان لضعف من كبر أو مرض لم
تخرج ولايته بذلك عنه وضم الحاكم إليه من يشاركه في ا لنظر ويساعده عليه احتياط للموصي عليهم وان تغيرت حاله بفسق فإن كان قبل موت الموصي فان قلنا تشترط العدالة
عند الوصاية بطلت وصيته وان لم يشترط وتجددت العدالة حالة الموت صحت ولايته والا بطلت وإن كان تغيره بعد موت الموصي ما التعدية في المال أو يغبر
ذلك بطلت ولايته انعزل عن النظر ويكون النظر إلى الحاكم أو نائبه والا تولاه بعض المؤمنين مع تعذر الحاكم ونائبة لزوال الشرط وقال بعض الشافعية لا تبطل ولايته
حتى يعزله الحاكم وهو غلط لان العدالة شرط في صحه الوصاية وقد زالت فيزول المشروط وفي معناه قيم الحاكم وفي بطلان ولاية القاضي بالفسق للشافعية وجهان
أصحهما البطلان وهو مذهبنا الزوال الشرط ولاية القضاء والثاني لا تبطل كالامام الأعظم والأصل عندنا ممنوع فانا نشترط فيه مع العدالة العصمة من أول عمره
والا لي اخره؟؟ والأب والأجداد ذا فسقا انتزع الحاكم مال الطفل منهما وعند الشافعية لا تبطل ولاية الامام الأعظم بالفسق لتعلق المصالح الكلية بولايته بل يجوز توليه
الفاسق عندهم إذا رعت الحاجة إليه ولو أمكن الاستبدال به إذا فسق من غير فتنه استبدل وقد خالفوا ظاهر الكتابة الغزيز فذلك قال الله تعالى ولا تركنوا
إلى الذين ظلموا أو غير ذلك من الآيات كايجاب طاعة أولي الأمر والفاسق لا تجب طاعة مطلقا واما الملتقطة إذا ظهر فسقه لم تزل ولايته عن المال وتعريفه
في أحد قولي الشافعي لان الملتقط تعلق حقه بتملك المال بعد الحول بخلاف الموصي إليه لأنه لاحق له وانما هو مجرد الأمانة وفي الثاني ينزع الحاكم المال من يده
مسألة لو فسق الوصي وقيم الحاكم فقد قلنا إن الوصية والنيابة بطلان فانتابا لم اتعد ولايتهما لأنها زالت فلا تعود الا بعقد جديد وقال بعض
الشافعية في وجه غريب انها تعود كالأب والجد إذا تابا بعد الفسق وهو غلط لان ولايتهما بسبب النسب وان ما زالت لعارض وقد زال العارض فيبقى السبب مؤثرا
ولان ولايتهما شرعية وولاية الوصي والقيم مستفادة من التولية أو التفويض فإذا ارتفعت لم تعد الا بتفويض جديد
والقاضي إذا زل بالفسق فهو كالموصي
مسألة إذا تلف الوصي ما لا وجب عليه ضمانه ولا يبرأ من ضمانه حتى يدفعه إلى الحاكم ثم رده الحاكم عليه ان ولاه واما الأب فيبرأ من ضمان ما أتلفه
بقبض مال الضمان من نفسه ولولده ولو اكل الأب الموصي من مال الطفل لضرورة أو حاجة لم يكن مفرطا لان له ذلك ولو تصرف الوصي بعد عزله بالفسق
511

لم يصح تصرفه وكان مردودا واستثنى بعضهم من ذلك ما لو رد بعد عزله المغصوب إلى مالكه أو العارية والوديعة إلى مالكها أو قضى الدين من جنسه من التركة فان ذلك
كله لا ينقض لان المستحق له لو استقل باخذها كان كافيا مسألة لو جن الوصي أو أغمي عليه أقام الحاكم غير من يقوم مقامه وهل تزول ولايته يصير كأنه لم يوص
إليه للشافعي وجهان أحدهما ان ولايته قد زالت فلو افاق بعد ذلك أو عاد عقله لم يعد ولايته لأنهما قد بطلت ولأنه يلى بالتفويض كالوكيل فتبطل ولايته ولا تعود
بإفاقته والثاني انه على ولايته كالأب والجد الامام الأعظم إذا فاقوا والأول أقوى عنهم بخلاف الأب والجد لان ولايتهما أصليته وبخلاف الامام إذا افاق للمصلحة
والكلية ويجري الوجهان في القاضي إذا افاق وإذا افاق الا امام الأعظم بعد ما ولي غيره فالولاية للثاني الا ان تثور فتنة فهي للأول ولو شاء تدبير الوصي لكبر وشبهه
ضم الحاكم إليه من يرشد ولو عرض ذلك لقيم الفاضي عزله لان ولايته منه فيقيم بدله منه وأجود وإذا نصب الأب وليا وجب حفظه ما أمكن البحث الرابع
في الموصي فيه انما أتثبت الوصية بالولاية في التصرفات المالية المباحة كقضاء الديون وتنفيذ الوصايا وأمور الأطفال لا في تزويج الأطفال وان نص المولى عليه عند
بعض علمائنا وبه قال الشافعي لان الوصي لاغيره له بدخول الدني نسبة فيهم فالحيطة والاحتياط يقتضيان تفويض التزويج إلى من يلحقه الغيرة والحمية عليهم وكذا السلطان
والحاكم لا ولاية لهما نعم للحاكم تزويج من بلغ فاسد العقل إذا كان النكاح مصلحة له ولا تصح الوصاية بنبأ بيعه أو كنيسة أو كتبة التورية فتبطل ا لوصية والوصاية معا
لان متعلقهما حرام وقال بعض الشافعية لا يتجرى الوصاية في رد المغصوب والودايع في الوصية بمعين لمعين لأنها مستحقه بأعيانها فيأخذها أربابها وانما يوصي فيما يحتاج
إلى نظر اجتهاد كالوصية للفقراء وليس بشئ لأنه قد يخالف خيانه الورثة فيحتاج إلى ضم امين إلى ورثته وقال مالك واحمد تجري الوصية في التزويج وسيأتي انشاء الله
تعالى البحث الخاص في الاحكام مسألة حكم الوصية بأولية الجواز من الموصي فله الرجوع في وصيته متى شاء كما كان له الرجوع في وصيته بالمال ولا
نعلم فيه خلافا فيجوز له الاستبدال بالموصي إليه وتخصيص ولايته وتعميمها وادخال غيره معه واخراج من كان معه واما الوصية فله قبول الوصية وردها قبل القبول في حياة
الموصي لأنهما اذن في التصرف فصح قبوله بعد العقد كالتوكيل بخلاف الوصية فإنها تمليك في وقت ولا يصح القبول قبل الوصية ويجوز تأخير القبول في الوصاية إلى ما بعد
الموت لأنها نوع وصية فصح قبلها بعد الموت كالوصية له وهل يشترط اعلام الوصي بالرد ظاهر كلام الأصحاب ذلك ويدل عليه رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الصادق (ع)
قال إذا أوصي رجل إلى رجل وهو غايب فليس له ان يرد وصيته فان اوصى إليه وهو في البلد فهو بالخير ان شاء قبل وان شاء لم يقبل وفي الصيح عن فضيل عن الصادق (ع)
في رجل يوصى إليه قال إذا بعث إليه من بلد فليس له ردها وإن كان في مصر يوجد فيه غيره فذلك إليه وعن منصور بن حازم عن الصادق (ع) قال إذا اوصى الرجل إلى أخيه
وهو غايب فليس له ان يرد عليه وصيته لأنه لو كان شاهدا فابى ان يقبلها طلب غيره واما إذا قبل الوصية في حياة؟ الموصي فليس له ردها الا إذا علمه بالرد
وإن كان غايبا ولم يصل إليه الرد لزمه القيام بالوصية اجماعا منا وقال أبو حنيفة إذا قبل الوصية لم يجز له ردها بعد الموت بحال الا ان بقر بالعجز أو الخيانة كالوكالة فاما
في حال حياة الموصي فليس له ردها ما لم يردها في وجه لأنها غره بالتزام وصته ومنعه بذلك الايصاء لغيره وهو مناسب لما ذهب إليه وقال الشافعي واحمد آقا قيل
الوصية صار وصيا وله عزل نفسه متى شاء مع القدر ة والعجز في حال حياة الموصي وبعد موته بمشهد منه فوفي غيبة مسألة من يلي مال اليتيم من ولي أو وصي
يجب ان يخرج من الطفل من مال اليتيم جميع ما تعلق به من الديون التي لزمته فاقراض الولي عنه أو لزمته بأرض أو جناية فاما زكاة الفطرة فلا تجب عليه عندنا خلافا
لبعض العامة فاما زكاة المال ففيها قولان أحدهما استحبابا فيخرجه الولي وان قلنا بالوجوب في غلامه ومواشيه فكذلك وان جني الطفل على مال كانت في ماله
يخرجها الوصي عنه وإن كانت على النفس فهي خطأ مطلقا لان عمدا الطفل عنا خطأ وهو أحد قولي الشافعية فالدية على العاقلة والكفارة في مال الطفل على الفور
وعند بعض الشافعية لا تجب على الفور واما النفقة فينفق الوالي عليه بالمعروف وكذا ينفق على من عليه نفقته فلو كان له أبوان فقيران أنفق عليهما وليس للوالي من
يزوجه لان ذلك يوجب عليه مهر الا ان تقتضي المصلحة ذلك في الأب بخلاف الوصي لان شفقة الأب أكمل من شفقة صح غيره فلا تلحقه تهمة بحال فإذا بلغ الولد رشيد ادفع ماله إليه
للآية؟ مسألة وينفق الوصي بالمعروف من غير اسراف ولا تقتير فان اصرف ضمن الزيادة ويشتري الخادم الحاجة إليه ويطعمه عارة أمثاله نظرائه إن كان ممن
يأكل اللحم دائما اطعه ويلبسه ما جرت عادة أمثاله بلبسه فإذا بلغ الصبي وانكر أصل الانفاق فالقول قول الوصي مع يمينه لتعذر إقامة البينة على فان اطلاع
الشاهدين على اكله كل يوم عسير ولو اختلفا في قدر النفقة نظر فان اختلفا فغي قدر المدة مثل أن يقول مات أبوه منذ سنة وادعى الوصي انه مات منذ سنتين
قدم قول الصبي مع يمينه لان الأصل عدم تقدم موته وانه لم يمت في الوقت الذي ادعى الوصي موته فيه وان لم يختلفا في المدة وانما اختلفا في مقدار النفقة با
المعروف فالقول قول الصبي لأنه لا يتعذر عليه إقامة البينة وان اختلفا في أقدر ولم يذكر المدة ولا قدر الانفاق فالقول قول الوصي لأنه امين ولو ادعى الصبي
الزيادة على المعروف فإن كان بعد تعينهما؟ قلدر النفقة نظر فيه وصدق من يقتضي الحال تصديقه وان لم يعينا قدم قول الوصي لان الصبي يدعي خيانته والأصل عدمها
ونقل بعض الشافعية وجهان اخر في تقديم قول الصبي مسألة لو ادعى الصبي على الوصي انه خان في بيع ماله باعه من غير حاجة ولا غبطة قدم قول الوصي لان
الأصل عدم الخيانة وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم بل يقدم قول الصبي لان الأصل عدم الحاجة والغبطة ولان الأصل استمرا ملكه وقال بعضهم لا يصدق في
العقار وفي غيره وجهان ولو اختلفا في دفع المال فادعى الوصي دفعه بعد البلوغ وانكر الصبي قدم قول الصبي وعلى الوصي البينة وكذا الأب وا مين الحاكم لأنه ادعى دفع المال
إلى من لم يأتمنه عليه فلم يقبل قوله عليه كما لو ادعى دفعه إلى من امره المدفوع بدفعه إليه وانكر وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة واحمد القول قول الوصي لأنه امين فقبل قوله
في الدفع كالمودع ومنع الحكم في الأصل سلمنا لكن الفرق ان المودع ايتمنه عليه فلم يقبل قوله عليه وحكم الوصي وقيم الحاكم واحد في ذلك ويقبل قولهم في دعوى التلف بالغصب
والسرقة والحريق وشبهة سواء ادعيا سببا ظاهرا أو خفينا ولو أفاق المجنون كان حكم النزاع بينه وبين الوصي حكم الطفل بعد بلوغه مسألة إذا بلغ الصبي
رشيد ادفع ماله إليه اجماعا للآية وان بلغ مجنونا لم تزل ولاية الوصي عنه وكان حكمه حكم الطفل وان بلغ سفيها قال الشيخ ره لا ينفك الحجر عنه بالبلوغ سواء كان
غير رشيد في ماله أو غير رشيد في دينه بلا خلاف ويكون ولاة الوصي على ما كانت في جميع الأشياء وتجب عليه ا لزكاة ويخرج عنه الوصي فان جنى جناية فإن كانت
على مال أخرجت من ماله إن كانت على النفس فإن كانت خطأ فالدية على عاقلته والكفارة في ماله وإن كانت عمدا اقتص منه لأنه مكلف الا ان يعفو على مال
فإنه تجب في ماله واما التزويج فان احتاج إليه من يحث انه تبيع النساء زوجه حتى لا يزني فيحد فان التزويج أسهم عليه من الحد ولا يزوجه أكثر من واحدة لان فيها كفاية
فان طلقها وقع فإن كان مطلاقا فلا يزوجه بل يشتري له سرية ولا ليسريه أكثر من واحدة وإذا كان عاقلا لا يبذر فان رأى الوصي دفع نفقته إليه أسبوعا أسبوعا فعل وان
512

كان لا يثق به دفعها إليه يوما فيوما ونفق بالمعروف فان أنفق عليه أزيد ضمن الزيادة وان لا شئ يدفع نفقة أسبوع ألية دفعها ليوما فيوما ولو أتلف ذلك في غير نفقته
أطعمه وسقاه ويكسوه كسوة مثله فان ان يخرق الثياب قعده في البيت بازار فإذا خرج كساه ومشى معه رقيبا حتى يمتنع من تمزيق أثوابه مسألة للوصي
ان يبيع ماله الطفل مع الحاجة اجماعا وهل له ان يبيع ماله من نفسه أو مال نفسه منه الأقوى عندي ذل للأصل ولما رواه محمد بن يحيى انه كتب هل للوصي ان يشتري شيئا
من مال الميت إذا بيع؟ زايد يزيد ويأخذ لنفسه فقال يجوز إذا اشترى صحيحها ومنع منه الشافعي لأنه متصرف بالتفويض فلا يبيع المال من نفسه كالوكيل ونمنع حكم
الأصل وهو وجه للشافعية وقال أبو حنيفة له ان يبيع مال الصبي من نفسه بأكثر من ثمن المثل لقوله تعالى ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن ونحن نمنع هذا الا شترط؟
نعم يشترط البيع بثمن المثل فما زاد لان البيع بثمن المثل مع الحاجة احسان وهل يتولى الطرفين فيبيع مال صغير من صغير الأقرب ذلك ومنع منه الشافعي وهو مدفوع
للأصل وبالجمل على الأب مسألة إذا شهد الوصي على أطفال أو على الميت وكانت من أهل الشهادة قبلت شهادته لانتفاء التهمة في شهادته واشهد للأطفال
أو للميت لم تقبل لأنه يثبت لنفسه التصرف فيما يشهد به ولو كان الورثة كبارا فشهد للميت بمال فإن كان اوصى إليه بتفريق ثلثه مشاعا لم يقبل شهادته لأنه يثبت لنفسه
ولاية فيما يشهد به وإن كان أوصي إليه في تفريقه شئ بعينه لم يخرج من الثلث ودن المشهور به قبلت شهادته ولأنه لا يزال نفسه نفعا مسألة يجوز للوصي ان
يوكل غيره فيما لم تجز العادة بمباشرة مثله له وكذا فيما يعجز عنه لسعة أمواله وتعددها في الأماكن المتباعدة ولا يبيع شيئا من مال الكبار من الورثة وبه قال الشافعي وقال
أبو حنيفة إذا كان بيعه جميع العين أصلح للصغير والكبير فله البيع من غير اذن الكبير وإذا أوصي بثلث ماله وليس له الا عبد لم يبع الوصي الا ثلثه وجوز أبو حنيفة بيع الجميع ولو
كان الوصي والصبي شريكين لم يستقبل بالقسمة عند الشافعي لأنها إن كانت بيعا فليس له قولي الطرفين عنده وإن كانت افراز حق فليس له ان يقبض لنفسه من نفسه
والأقرب الجواز على التقديرين منع بعض الشافعية من خلط حنطة الصبي ودراهمه بدراهمه وليس بجيد لقوله تعالى وان تخالطوهم فاخوانكم وجوز خلط ما لا بد
منه للارتفاق كخلط الدقيق بالدقيق الحكم بالحكم ولأوصى إلى رجل فقال بع أرضي الفلانية واشتر من ثمنها رقبة وأعتقها عني وحج عني واشتري من الخبز مائة فاطعمه الفقراء
فباع الأرض بعشرة وكان لا يوجد الرقبة بأقل من عشرة ولا الحج بأقل من عشرة ولا يباع الخبر بأقل من خمسة فيوزع العشرة على خمسة أسهم ولا يحصل الحج والاعتاق بحصتها
فيضم إلى حصه الخبز تمام الخمسة فتنفذ فيه الوصية ويرد الباقي على الورثة لكما لو اوصى لكل من زيد وعمر وبعشرة والموجود ثلثه عشر وردا أحدهما دفعت العشرة إلى الأخر
ولو قال اشتري من لثلثي رقبة فاعتقها وحج عني واحتاج العتق إلى عشرة والحج على عشرة فان قدمنا العتق صرفت العشرة فيه والا أقرع ولا تجوز إذ مع التوزيع لا يحصل واحد
منهما مسألة يجوز للوصي ان بضارب بمال اليتيم مع الغبطة فيسلم إلى الثقة ويامره بعدم السفر الا مع امن الطريق وان وصي إليه بان يعمل الوصي بشئ من الريح
جاز لما وراه محمد بن مسلم عن الصادق (ع) انه سئل عن رجل اوصى إلى رجل بولده وبمال لهم فاذن له عند الوصية ان يعمل بالمال ويكون الربح بينه وبينهم فقال لا باس به
من أجل ان أباه قد اذن له في ذلك وهو حي وعن خالد ابن بكر الطويل قال دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال يا بني اقبض مال اخوتك الصغار واعمل به وخذ نصف الربح
واعطهم النصف وليس عليك ضمان فقد متني أم ولده بعد وفاة إلي إلى ابن أبي ليلى فقالت إن هذا يأكل الأموال ولدي قال فاقتصصت عليه ما أمر ني به فقال ابن أبي
ليلى إن كان أبوك امرك بالباطل لم اجزه؟ اشهد على ابن أبي ليلى ان انا حركت فانا له ضامن فدخلت على أبي عبد الله (ع) بعد ذلك فاقتصصت عليه قضي ثم قلت له ما ترى فقال
إما قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع رده واما أفما بينك وبين الله فلى عليك ضمان مسألة الأولى ان الوصي شهد في بيع مال اليتيم للآية وللشافعية وجهان
في وجوب الاشهاد الأصح عنه المنع ولو فسق الولي قبل أرام البيع فالأقوى فساد البيع إذ لم يقع العقد بتمامه وللشافعية وجهان ولو اوصى إلى الله تعالى والى زيد فان
قصد الترك بالتفويض إلى الله تعالى جاز وكانت الولاية لزيد بأجمعها قصد التشريك فالأقرب بطلان الوصية إلى الله تعال وللشافعية وجهان فما إذا اوصى إلى الله تعالى
والى زيد أحدهما ان الوصاية إلى زيد والثاني ان أوصايه إلى زيد والى الحاكم ولو اوصى بشئ لرجل لم يذكره وقال سميته لوصي فالأقرب الرجوع إلى الوصية في تعيينه وقلت
الشافعية للورثة ان لا يصدق قول ولو قال سميته للوصيين الذين أوصيت لهما زيد وعمرو فعينا رجلا استحقه وان اختلفا في التعيين فللشافعي قولان أحدهما
بطلان الوصية والثاني انه يحلف كل واحد منهما مع شهادة ويجوز للوصي إذا خاف على المال ان يستولي عليه ظالم جابر ان يؤدي شيئا ليخلصه لأنه من المصالح
مسألة يجوز للموصي ان يبيع جارية اليتيم ويحل لمن اشتراها وطؤها واستخدامها لان علي بن رياب (وفي نسخة أخرى مهزيار) سال الكاظم عن رجل بينه وبينه قرابة مات وترك أولادا
صغار أو ترك مماليك له غلمان وجواري ولم يوص فما ترى فيم يشتري منهم الجارية يتخذها أم ولد وما ترى في بيعهم قال فقال إن كان لهم ولي يقوم بامرهم باع عليهم ونظر
لهم كان مأجورا فيهم قلت فما ترى فيمن يشتري منهم الجارية فيتخذها أم ولد فقال لا باس بذلك إذا باع عليهم القيم لهم الناظر فيما يصلحهم ولى لهم ان رجعوا فيما صنع
القيم لهم الناظر فيما يصلحهم مسألة لو كان لصبي مال في يد رجل لم يجر له ان يضارب به بإذن الصبي لأنه
محجور عليه وقد رواه داود ابن سرحان عن الصادق (ع)
قال سألته عن يتيم قد قرا القران ولى سله ياس وله مال عليه يدي رجل وأراد الذي عنه المال ان يعمل بمال اليتيم مضاربة فإذا الغلام في ذلك فقال لا يصلح ان يعمل
به حيت يحتمل أو يدفع إليه ماله قال وان احتلم وان لم يكن له عقل لم يدفع إليه شئ ابدا مسألة إذا قال الموصي للموصي جعلت لكان تضع ثلثي حيث شئت أو فيمن
شئت أو حيث رأيت فالأقرب انه يجوز للوصي ان يأخذ منه شيئا وهل له ان يأخذ الجميع الأقرب المنع وبه أقل الشافعي ومالك واحمد لأنه تمليك ملكه بالاذن فلا
يجوز ان يكون قابلا له كما لو وكله في بيع سلعة لم يكن له ان يبيعا من نفسه والأصل عندنا ممنوع نعم ان مفهومه وصنعته في مستحقه وان لا يخص نفسه وبه قال أبو حنيفة وأبو
ثور يجوز لان الاذن مطلق فإذا فعل ما تناوله الاذن جاز وينتقض بالتوكيل والا قر بأنه يجوز ان يعطي ولده ومن بلزمه نفقته وساير اقلوية مع الاستحقاق دون
نفسه لان لفظ الموصي يتناولهم ويحتمل النظر إلى قراين الأولاد فان دلت على أنه أراد اخذه منه مثل ان يكون جملة المستحقين الذي يصرف ذلك إليهم أو عادته الاخذ
من مثله فلم الاخذ منه والا فلا مسألة لو اوصى إليه بتفريق ثلثه فابى الورثة اخراج ثلث ما في أيديهم وكان في يد الوصي بقدر الثلث فالوجه ان يقال إن امتنع
الورثة من دفع ثلث ما في أيد يهم وكان الوصي عاجز اعن قهرهم اخرج الثلث الذي في يده توصلا إلى ايصال الحق إلى مستحقه وكما في قضية الحج لو علم المستودع ان الوارث
لا يخرجه وان لم يكن عاجزا دفع ثلث ما في يده ولا يعطي الورثة شيئا حتى يخرجوا ثلث ما في أيديهم وعن أحمد روايتان أحدهما يخرج الثلث كله مما في يده لان حق الموصي
له متعلق باجزاء التركة فجاز ان يدفع إليه مما في يده كما يدع إلى بعض الورثة والاخرى يدفع إليه ثلث ما في يده ولا يعطيهم شيئا حتى يخرج ذوا ثلث ما في أيديهم وقال بعضهم
إن كان المال جنسا واحدا فللوصي له ان يخرج الثلث كله مما في يديه لأنه فايدة في انتظار اخراجهم مما في أيدهم مع اتحاد الجنس وإن كان أجناسا فان الوصية تتعلق
513

بثلث كل جنس فليم لهان يخرج عوضا عن ثلث ما في أيديهم مما في يده لأنه معاوضه لا تجوز الا برضاهم والمعتمد ما قلناه لولا تذنيب لو دفع عليه مالا و
قال اصرف بعضه إلى زيد والباقي لك فمات الدافع قبل دفع المأمور انعزل ولو قال ادفع بعد موتي لم ينعزل ولو دفع إليه مالا وقال سلمه إلى زيد فان له ان يسلمه يعمل به
ما شاء مسألة إذا علم الوصي أن على الميت دينا إما بوصية الميت أو غيره أقضاه لان الدين اخرج عن ملك الورثة فيجيب ايصاله إلى مستحقه ولو افتقر صاب الدين
إلى اليمين تولاها الحاكم فإذا ثبت الحق عند الحاكم دفعه الوصي وقال احمد إذا علم الوصي ان على الميت دينا إما بوصية أو غيرها لا يقضيه الا ببيته فان ابن
الميت يصدقه يكون ذلك في صحته من أقر بقدر حصته وقال فيمن استودع رجلا ألف درهم ان أنا مت فادفعها إلى ابني الكبير وله ابنان أو قال ادفعها إلى أجنبي
فقال إن دفعها إلى أحد الابنين ضمن للاخر قدر حصته فان دفعها إلى الآخر ضمن إذا عرفت هذا فلو أقر الوصي أو المستودع بالمال في يده وادعى ابن الميت أو المودع
له بالدفع إلى من عينه لم يقبل منه وضمن للوارث نعم لم يعلم ا لورثة جاز له فعل ما قلنا ه ولو اعدى المقر له على الوصي واحضره يستحل عند الحاكم ان ماله في يده حق
لم يجز له الحلف يعلم القاضي بالحال فان أعطاه الحاكم فهو اعلم ولو ادعى رجل دينا على الميت وأقام بينه لم يجز للوصي قبولها وقضاء الدين بلها من غير حضور حاكم ولو
صدقهم الورثة جاز لأنه اقرار منهم على أنفسهم مسألة من مات بغير وصيته تولى امره الحاكم فإن لم يكن في البلد حاكم ولا أمكن البعث إليه إلى بلد اخر جاز للفقيه
المأمون من الامامية الجامع لشرائط الافتاء النظر في ماله وأطفاله فان تعذر جاز البعض المؤمنين ذلك فيبيع ما يرى بيعه صلاحا وبه قال احمد لان في ذلك
اعانة على البر والتقوى ولرواية سماعة قال سألته عن رجل مات وله بنون وبنات صغار وكبار من غير وصيته له خدم ومما ليك وعقد كيف يصنع الورثة
بقسمة ذلك المراث قال إن قام رجل ثقة فقاسمهم ذلك له فلا باس وعن إسماعيل بن سعد قال سألت الرضا) (ع) عن رجل مات بغير وصيته وترك أولاد ا ذكرانا
وغلمانا صغارا وترك جواري مماليك هل يستقيم ان تباع الجواري قال نعم مسألة لو بلغ الطفل رشيدا دفع الموصي إليه ماله فان امتنع الطفل عن اخذ
أجبره الحاكم على ذلك لا بارئ ذمته الوصي من الاستيداع ولما رواه سعد بن إسماعيل عن أبيه قال سألت الرضا عن وصية أيتام قدرك ايتامه فيعرض عليهم ان يأخذوا
الذي لهم فيأبون عليه كيف يصنع قال يرده عليه ويكرهم على ذلك مسألة لو تعذر الحاكم فنصب القاضي من قبل ولاة الجور قيما للأطفال الذي لا وصي
لهم وكان القيم جامعا لشرائط التفويض إليه جاز له النظر في مصالح الأطفال وبيع ما يرى بيعه وغير ذلك من المصالح لان فيه إعادة على أبر والتقوى ولما رواه محمد بن
إسماعيل بن بزيع في الصيح قال إن رجل من أصحابنا مات ولم يوص فرفع أمر قاضي الكوفة قصير عبد الحميد بن سالم القيم بماله وكان رجلا خلف ورثة صغار وامتاعا
وجواري فقاع عبد الحميد المتاع فما أراد أبيع الجواري ضعف قبله في بيعهن ولم يكن الميت صير إليه وصية وكان قيامه بها ما مر القاضي انهم فروج قال محمد
فذكرت ذلك لأبي جعفر فقلت جعلت فذا كل يموت لارجل من أصحابنا فلا يوصي إلى أحد وخلف جواري فيقيم القاضي رجلا منا ليبيعهن أو قال يقوم بذلك
رجل منا فيضعف قبله لأنهن فوج فما ترى في ذلك فقال إذا كان القيم مثلك أو مثل عبد الحميد فلا باس مسألة لو أتجر الوصي بما لا صبي لنفسه كان
ضامنا للمال لان ممنوع من التصرف في ماله الا يما فيه مصلحة التين ولى ذلك من مصلحته ولما رواه إسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سألته
عن مال اليتيم هل للوصي ان يبتعه لنفسه أو يتجر فيه قال إن فعل فهو ضامن ولو تجر الصبي من المصلحة جاز لأنه احسان وبالجملة لا يجوز له التغرير بمال الطفل مسألة
يجوز الدخول في الوصية بل يستحب بل قد يجب على الكفاية لان الايصاء واجب قال الصادق (ع) الوصية حق على كل مسلم وأوصت فاطمة عليها السلام إلى أمير المؤمنين
وبعده إلى ولديها الحسن والحسين عليهما السلام وإذا وجب الايصاء فلا بد من محل له ومن يحب عليه العمل بالوصية والا لم يكن مفيدا ودخل كثير من الصحابة في وصايا بعضهم
لبعض ولأنها وكالة وأمانة فاشبهه الوديعة والوكالة في الحياة وقياس مذهب احمد ان ترك الدخول فيها أولي لما فيها من الخطر مسألة يجوز ان يجعل للوصي
جعلا لأنها بمنزلة الوكالة والوكالة تجوز بجعل وكذلك الوصية ولو لم يجعل الموصي له جعلا وتولي أمورهم وقام بمصالحهم كان له ان يأخذ اجرة مثلثه فيما يقوم به من
مالهم من غير زيادة ولا نقصان فان نقص نفسه كان له في ذلك فضل وثواب وان لم يفعل كان له المطالبة باستيفاء حقه من أجرة المثل فاما الزيادة فلا يجوز له اخذها
على كل حال وينبغي للوصي إذا كان غنيا عن اخذ شئ من أموال (الأطفال ترك التعرض للاخذ بقوله تعالى ومن كان غنينا فليستعفف وليس ذلك واجبا وقال بعض صح) علمائنا يجوز للوصي ان يأكل من أموال الأطفال درك فايته مع حاجته ولى له ذلك مع الاستغناء
لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) قال سئل وانا حاضر عن القيم لليتامى في الشراء لهم والبيع فيما يصلحهم له ان يأكل من أموالهم بالمعروف كما قال الله تعالى
في كتابه وابتلو اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان انستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها اسرافا وبدارا ان يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقير ا
فليأكل بالمعروف قال هو القوة وانما عني فليأكل بالمعروف الوصية والقيم في أموالهم وما يصلحهم مسألة ينبغي للمتولي للنفقة على اليتامى ان يكتب على كل
واحد منهم ما يلزمه عليه من كسوه بقدر ما يحتاج له فاما المأكول والمشروب فيجوز ان يسوي بنهم ومتى أراد مخالطتهم بنفسه وأولاده جعل كواجد من أولاده
وينفق من ماله بقدر ما ينفق من مال نفسه ولا يفضله في ذلك على نفسه وأولاده بل نفضل نفسه عليه للآية المقصد الثاني في بقايا مباحث الوصايا
وهي أربعة الأول في الرجوع من الوصية مسألة قد بينا ان الوصية عقد جايز من الطرفين فللموصي الرجوع في وصيته شاء كانت الوصية مال أو منفعة
أو ولاية بلا خلاف بين علمائنا في ذلك لأنها عطية لا تنجز بالموت وكان له الرجوع عنها قبل تنزها ولما رواه عبيد الله بن زرارة في الحسن عن الصادق (ع) قال للموصي ان يرجع
في وصيته إن كان في صحة أو مرض ويصح الرجوع لفظا أو فعلا فاللفظ مثل أن يقول رجعت في وصيتي أو أبطلتها أو فسختها أو ردتها أو رفعتها أو غيرتها أو نزلت عنها
أو لا تعلموا بها أو ما أوصيت به لفلان فهو لفلان أو فهو لورثني أو ف مراثي لأنه لا يكون للوراث الا إذا انقطع تعلق الموصي له عنه والفعل بفعل ما ينافي الوصية
مثل ان يوصي بطعام فيأكله أو يتلفه أو يهبه ويقبضه أو يتصدق به أو يبيته أو يرهنه أو يوصي ببيعه أو يفصله ويلبسه إن كان ثواب أو يحبلها إن كانت جارية وهو قول
جمهور العلماء ونقل ابن المنذر عن أصحاب الرأي ان يبعه لي برجع لأنه اخذ بدله فيخالف الهبة والحق خلافه لأنه أزال ملكه عنه فكان رجوعا كما لو وهبه ولو
عرضه عن البيع أو أوصي ببيعه أو أوجب الهبة فيم قبلها المتهب كأنه أو اوصى باعتاقه أو دبره كان ذلك رجوعا أيضا لأنه يدل على اختياره للرجوع بعشره على أبيع و
ايجابه للهبة ووصيته ببيعه أو باعتاقه لأنه وصي بما ينافي الوصية الأولى والكتابة والتبيع والتدبير أقوى من الوصية لأنه يتخير بالموت فسبق اخذ الموصي به أو للشافعية
في الرهن وجهان أحدهما كما قلنا لأنه علق به حقا أوجب بيعه فيه فكان ذلك اثر معرضه على أبيع والثاني لا يكون رجوعا لان الرهن يزيل الملك وانما هو
نوع انتفاع كالاستخدام والكآبة رجوع ولهم في التدبير قولان أحدهما ان التدبير أقول من غيره الوصايا لأنه يتنجز بالموت ولأنه لا يحتاج إلى القبول والوصية
514

تحتاج إليه فكان رجوعا عن غيره والثاني لا يكون ان قلنا إنه وصية فهو كما لو اوصى بماله لزيد ثم اوصى به لعمر ويصير نصفه مدبرا مسألة لو قال هو لوارثي
أو ميراث عني فقد بينا انه رجوع وقال بعض الشافعية انه لا يكون رجوعا لأنه لو اوصى بشئ لزيد ثم اوصى به لعمر ولم يكن رجوعا بل يشترك بينهما فكذا يقدر التشريك
هنا أيضا ويبطل نصفه الوصية لكنا منع حكم الأصل ولو قال تركتي فوجهان للشافعية أحدهما انه رجع إذا التركة للورثة وأظهرهما لا لان الوصية من التركة ولو قال حرام على
الموصي له فهو رجع كما لو حرم طعام على غيره لم ين له اكله ولو سئل عن الوصية فأنكرها كان رجوعا على اشكال ينشأ من أنه عقد فلا يبطل بجدة كغير من
العقود ومن دلالته على أنه لا يريد ايصاله إلى الموصي له وقال الشافعي يكون رجوعا كما لو جحد الوكالة وعن أبي حنيفة روايتان ولو قال لا أدري لم يكن رجوعا خلاف لأبي حنيفة
مسألة كما يصح الرجوع عن جميع الوصية يجوز عن بعضه سواء كانت بن ولاية أو بمال أو بمنفعة فلو اوصى بعبد ثم رجع عن نصه كان النصف للوراث والنصف للموصي
له وكذا لو اوصى له بسكني دار سنة ثم رجع في نصف المدة أو في نصف الدار أو فيهما معا أو اوصى إلى زيد وعمر وثم رجع عن وصية زيد بقى عمرو وصيا في الجيع وكذا لو اوصى إلى زيد
بالتصرف في جميع تكته ثم عزله عن النصف ولا خلاف في ذلك كله الا في الوصية بالاعتاق فان الأثر على جواز الرجوع أبه أيضا وبه قال علماؤنا وعطا وجابر بن زيد والزهري
وقتادة ومالك والشافعي وأمد واسحق وأبو ثور لما رواه العامة عن عمر أنه قال أبو ثور لما رواه العامة عن عمر أنه قال يغير الرجل ما شاء من وصيته ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لصاحب الوصية ان
يرجع فيها ويحدث في وصيته ما دام حيا وعن زين العابدين قال لرجل ان يغير وصيته يعتق من كان أمر بملكه ويملك من كان أمر بعتقه ويعطي من كان (اخر؟ ويغرم من كان صح) أعطاه ما لم يمت ويرجع
فيه ولأنها وصية فيكلم الرجوع فيها كالوصية بغير العتق ولقول الشعبي وا بن سيرين وابن شبرمة والنخعي بغير ما شاء الا العتق لان اعتاق بعد الموت فلم يملك تغيره كالتدبير
ونمنع حكم الأصل فان التقدير يجوز الرجوع فيه عندنا لان معوية بن عمار سال الصادق (ع) عن المدبر قال بمنزلة الوصية يرجع فميا شاء منها ومن منع الرجوع في التدبير من العامة
فرق بان التدبير عتق معلق على شرط فلم يملك تغيره كتعليقه على سفة في الحياة مسألة يجوز الرجوع في كل تبرع معلق بالموت كقوله إذا مت فلفلان كذا أو فاعطوه
كذا أو فادفعوا إليه أو فاعتقوا عبد أو فهو وقف وفي الرجوع عن التدبير صريحا خلافا بين العامة وقد بينا يجوز الرجوع عندنا ويدل عليه ما تقدم رواية أبي بصير عن
الصادق قال المدبر مملوك ولمولاه ان يجرع في تدبير ان شاء باعه وان شاء وهبه وان شاء امره قال وان تركه سيده على تدبير ولم يحدث فيه حدثا حتى يموت سيده
فان المدبر حر إذا مات سيده وهو من الثلث انما هو بمنزلة رجل أوصي بوصيته ثم بدا له بعد فغيرها قبل موته وإن كان تركها ولم يغيرها حتى يموت اخذها واما التبرعات
المنجزة في المرض فلا رجوع فيها وإن كانت في الاعتبار من الثلث كالمعلقة بالموت مسألة إزالة الملك عن الموصي بها ما ببيع أو الصداق أو اعتقا أو جعله اجرة في اجارة
أو عوضا في خلع رجع عن الوصية قطعا لأنه نافذ التصرف فيه لمصادفة خالص ملكه وهذا لو باع جميع تركته بثمن المثل الوارث أو لأجنبي نفذ البيع ولم يكن للورثة
اعتراض الا بطلب الثمن ولو صره في مصالحه كدواء وشروب وملبوس ويغر ذلك لم يكن للورثة اعتراض على التشري والوصية تمليك عند الموت فإذا خرج عن ملكه قبل
موته لم يبق مات نفذ الوصية فيه فتبطل كما لو هلك الموصي به واما لاهبة فان قبضت تضمنت الرجوع به وقال الشافعي وبدون القبض للشافعي وجهان أصحهما انها رجوع
وهو الذي اخترناه لظهور قصد صرف الوصاية عن الموصي له وللشافعية وجه في أنه لو اوصى بالبيع أو غيره مما هو رجوع انه لا يكون رجوعا كما لو اوصى لزيد ثم اوصى
لعمر ولان كليهما وصية فتقتضي التشريك فعلى هذا اوصى بعبد لزيد ثم اوصى بعتقه فعلى الأول يعتق وتبطل الوصية الأولى وهو الذي ذهبنا إليه وعلى الثاني يعتق
نصفه ويدع إلى الموصي له صفه ولو اوصى بعتقه ثم اوصى به لانسان فالذي نذهب إليه ان وصية العتق تبطل وتصح الوصية به لغيره وللشافعية وجهان أحدهما انه
يصح العتق وتبطل الوصية الثانية والثاني التنصيف مسألة إذا اوصى بوصيته ثم اوصى بأخرى مضادة لها فان دل لفظ على الرجوع أو قصده كان
رجوعا مثل أن يقول ما أوصيت به لزيد فهو لبكر فيحكم به لبكر جميعا لأنه صرح بالرجوع بقوله انما أوصي لزيد مردود إلى بكر فأشبه قوله رجعت عن وصيتي ولو
قال أوصيت لزيد بهذا العبد ثم قال أوصيت لبكر بهذا العبد المعين فان قصد الرجوع فهو للأخير وان قصد التشريك فهو بينهما ولو اطلق ولم يعلم قصد التشريك
ولا الرجوع حمل على الرجوع لأنه المتعارف ولأنه وصي للثاني بما وصي به للأول فكان رجوا كما لو قال ما وصيت ببه لزيد فهو لبكر وبه قال جابر بن زيد والحسن
وعطا وطاوس وداود وقال ربيعه ومالك والثوري والشافعي واسحق وابن المنذر وأصحاب الرأي انه يحمل على التشريك لأنه اوصى لهما فاستويا كما لو قال أوصيت لكما
وليس يجيد لأنه قصد التشريك ولو قال أوصت بثلثي لزيد ثم قال أوصيت بثلثي لبكر فان قصد الثلث الموصي به أو لا فهو رجوع عن الوصية الأولى وكون الثلث
للأخير وان قصد ثلث اخر بطت الوصية الثانية وان قصد في الأول التشريك كان بينهما ولو لم يمكن الجمع بين الوصيتين بحكم شرعي وذلك بان يوصي بأكثر من الثلث
في وصايا متعدده فان النقص يدخل على الأخير فلو اوصى بجارية لزيد وبعبد لعمر وقصر الثلث عنهما دخل النقص على الأخير لأنه لم يقصد الرجوع عن الأول بل قصد
اعطائهما معا لكن الشرع منع من الزيادة على الثلث وحكم بان يبدأ بالأول فالأول فان الثالث بقدر الوصية الأولى بطلت الوصية الثانية بجملتها وان قصر عنها فكذلك؟
يبطل من الأول ما زاد على الثلث وان فضل عنها كان للثاني بقدر الفاضل مسألة لو وصي بعد لزيد ثم وصي للبكر بثلث ذلك العبد فان قصد الرجوع كان لزيد
ثلثاه ولبكر ثلثه وان قصد التشريك قسم بينهما أرباعا ولو وصي بعبده لاثنين فقل أحدهم وصيته فللآخر نفسه ولو وصي لاثنين بثلثي ماله فردا الورثة ذلك ورد أحد الوصيتين
وصيته فللآخر الثلث كاملا لأنه وصى له به منفردا وزال التزاحم فيكمل له كما لو لم يوجد مزاحم ولو قال ما وأوصيت به لفلان فنصفه لفلان أو ثلثه كان رجوعا في
القدر الذي وصي به للثاني خاصة وباقيه للأول مسألة التوكيل بالتصرفات المزيلة للملك كالوصية بها فلو وكله في بيع العبد الموصي به فهو كالوصية بذلك
العبد وإذا اوصى بجارية ثم استولدها فهو رجوع عن الوصية بخروجها عن قبول النقل وكذا أو اجبها بلا خلاف ولو اوصى بعبد ثم أقر بأنه مغصوب أو حر الأصل أو انه
كان قد أعتقه بطلت الوصية ولو باعه ثم فسخ البيع بخيار المجلس فهو رجوع وقاب بعض الشافعية ان قلنا انا لم يزول بنفس العقد فهو رجوع وان قلنا بانفضاء
الخيار فلا وهو غلط لان البيع أقوى من الرهين ومن الهبة قبل القبض وطاهر أعنهم انهما رجوع فهنا أولي ولو رده المشتري بعيب فان الوصية لاتعود إلى الموصي له
ولو نذر عتقه فالأقرب انه رجوع ولو علق عتقه لم يصح عندنا وعند الشافعية يصح ويكون رجوعا لتنجيزه وقال بعضهم لا يكون رجوعا ولو أوصي بعبده لو أحد ثم وصي
به لاخر فقد قلنا إنه يكون رجوعا فان قصد التشريك فهو بينهما فان رد أحدهما فهو للاخر ويحتمل نصفه ولو أوصي به لواحد ثم وصي لاخر بنفسه فهو رجوع في النصف
فيكون العبد بينهما وان قصد التشريك فثلثاه للأول وثلثه للثاني ون رد الأول فنصفه الثاني ويحتمل ان يكون له ثلثه وان رد الثاني فكله للأول يحتمل
ثلثاه والأصل فيه ان للفظ ان اقتضى التشريك فالبناء على الاحتمال لان المشهور غيره فيوجه بأنه لما اوصى لها بعد ما أوصي به لذلك فكأنه أراد ان يشرك بينهما
515

لأنه ملك كل واحد منها جميع العبد في الصورة الأولى عند الموت ولا يمكن ان يكون جميعه لكل واحد منهما فيتضاربان فيه وكذا لو اوصى بجميع ماله لزيد ثم اوصى بجميعه
أو بثلثه لعمرو ولم يقصد الرجوع فإنهما يتضاربان ولو وصي به لزيد ثم قال بيعوه واصرفوه ثمنه إلى الفقراء فهو رجوع ولو اوصى ببيعه وصرف ثمنه إلى الفقراء ثم قال بيعوه
واصرفوا ثمنه إلى الرقاب فالوجه انه رجوع للتضاد بينهما وقال بعض الشافعية يجعل الثمن بين الجهتين لان الوصيتين اتفقتا على البيع وانما الزوجة في الثمن ولو اوصى
بدار لزيد أو بخاتم ثم اوصى بأبنية الدار أو بفص الخاتم لاخر فهو رجوع في البقية ولا فص فيكون الدار والخاتم للأول والا بفيه والفص الثاني وقال بعض الشافعية يكون
للأول الدار والخاتم ويكون الأبنية والفص بينهما تفريعا على التشريك ولو اوصى لزيد بدار ثم اوصى لاخر بسكناها أو اوصى له بعبد ثم اوصى لاخر بخدمته فالرقية للأول
والمنفعة للثاني لأنه رجع بها عن الأول أو لو قصد التشريك يشاركا في المنفع هذا كله في الوصية الواردة على مال معين فاما إذا اوصى بثلث ماله ثم تصرف في جميع
ما يملكه ببيع أو عتق أو غيرهما لا يكون رجوعا ولو هلك جميع ماله لا تبطل الوصية لأنه ثلث المال مطلقا لا يختص بما عنده من المال حال الوصية بل المعتبر ما يملكه
عند الموت زاد أو نقص أو تبدل مسألة التوصي الامر الذي يحصل به الرجوع هل يكون رجوعا وذلك كالعرض على البيع والتوكيل فيه الاظهر انه رجوع
وهو أحد وجهي الشافعية وكذا العرض على الهبة إما تمويج العبد أو المه الموصي بها أو اجارتهما وتعليمهما فليس رجوعا وكذا الإعارة والاذن في التجارة والاستخدام و
ركوب الدابة لبس الثوب لأن هذه تصرفات لا دلالة لها على الرجوع بل هي إما انتفاع وله المنفعة والرقبة قبل الموت تواما استصلاح محض وربما قصد به إفادة
الموصي له إما لو وطئ الجارية الموصي بها مع العزل فليس برجوع كالاستخدام الا ان يتفق الحبل فتبطل الوصية ما دام الولد حيا قبل موت الموصي ولو مات الولد أولا
احتمل بقاء الوصية ولو لم يعزل فللشافعية وجهان أحدهما انه رجوع لأن الظاهر أنه أراد الاستيلاد والتسري فكان كالعرض في المبيع والثاني انه لا يكون رجوعا و
الاعتبار بالعزل وتركه فقد ينزل ولا ينتقل وقد يعزل فيحصل فيسبق الماء مسألة لو اوصى بمنفعة عبده أو داره سنه ثم اجر الموصي به سنه فان مات بعد انقضاء
مدة الإجارة مضت الإجارة بحالها وان مات قبله فللشافعية هان أحدهما انه ان انتقضت مدة الإجارة قبل انقضا سنة من يوم الموت فمنفعة باقي السنة للموصي له
وتبطل الوصية فما مضى واما انقضت بعد انقضاء سنة من يوم الموت بطلت الوصية لان المستحق للموصي له منفعة السنة الأولى فإذا انصرفت منفعتها إلى جهة أخرى
بطلت الوصية والثاني انه يستأنف للموصي له سنة من النفاض مدة الإجارة لان الوصية يمنعه سنة وانما يصرف إليه السنة الأولى معا مبادرة إلى توفيه الحق
فإذا منع منه تدار كان بسنة أخرى ولو كان الموصي قد قيد الوصية بالنسبة الأولى بطل الوجه الثاني ولو لم يسلم الوارث بلا عذر فعلى الأول يعزم قيمة المنفعة و
على ا لثاني يسلم أخرى مسألة ابطال اسم الموصي به فسنخ للوصية فلو اوصى لزيد بحنطة فطحنها الموصي أو
اتخذ منها سويقا أو بذرها أو اوصى له بدقيق ف؟
بطلت الوصية لأنه بفعله ذلك قد رجع عن وصيته لان اسم الموصي به قد بطل قبل استحقاق الموصي به وكانت الوصية متعلقة بذلك الاسم فإذا بطل بطل الاستحقاق
ولان الوصية تملك بعد الموت فلو كان على قصده الأول لاستدام الوصي به وهذا التصرفات مشعرة بالصرف عنه فان طحن الحنطة وعجن الدقيق يراد للاكل
والاستهلاك إما لو أشار إلى حنطة أو دقيق فقال أوصيت بها أو قال أوصيت بما قي البيت ففي بطلان الوصية بالطحن والعجن اشكال أقربه العدم إذ لا اسم تعلقت
الوصية به هنا ولو حصل الطحن لو العجن من غير اذن الموصي فالأقرب بقاء الوصية ولو أوصي بشاة فذبحها أو بعجين فخبره فالوجه انه لا يكون رجوعا لان العجين يفسد
لو ترك فيحمل ان يكون الموصي قصد بخبره اصلاحه وحفظه على الموصي له لا لرجوع وكذا لو اوصى بحله فدبغه أو يبض فاحضنه يحتمل الرجوع وعدمه لبقاء الاسم في
الدبغ والبيض في الأحضان إذا لم يفرخ مسألة لو اوصى به بخبر فجعله فتيتا احتمل ان يكون رجوعا لما فيه من الاشعار بالصرف في الوصية فان الخبر نفت
ويدق ليؤكل وعدمه لبقاء الاسم عليه فيقال خبر مدقوق وكذا لو ثرده لكل احتمال البطلان؟ أقوى وكذا يجري الاحتمال فيما لو اوصى له بحلم فقدر إما لبقا الاسم
أو لافتقار بقائه إلى قيد فيقال لحم قد ولو طنجة أو شواه فأقوى الاحتمالين أنه يكون رجوعا وكذا لو أوصي له برطب فترة لزوال اسم الرطب عنه بفعل له لكنه لو فعل
ذلك صيانة له عن الفساد فلا يدل على تغير فقصد الوصية وكلا الوجهين للشافعية في هذه الصورة بأسرها ولو اوصى له بقطن فغزله أو بغزل فنجه فهو رجوع
وبه قال الشافعي وقال بعض أصحابه في نسخ الغزل؟ رجوع والأقوى ان جعل القطن حشو الفراش أو جبة رجوع وان بقى الاسم لأنه جعله بقصد الصرف عن الوصية
وفيه احتمال مسألة لو اوصى بدار فهدهما حتى بطل اسم الدار عنها فالأقوى انه رجوع في الأخشاب والانقاض على اشكال ولذا في العرصة
وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الوصية باقية في العرصة لان الهدم ورد على الابنين دون العرصة إما لو انهدمت فالأقوى عدم الرجوع وللشافعية في النقض
وجهان أصحهما بطلان الوصية فيه لزوال اسم الدار والثاني بقاؤها لأنه لم يوجد فيه فعل والتصرف واما العرة فتبقى الوصية فها ولهم وجه فيها أيضا ولو كان
الانهدام لا يبطل اسم الدار لم تبطل الوصية فهيا بقي بحاله وفي النقض للشافعية وجهان وعلى تقدير بطلان الوصية في النقض مع الانهدام لو فرض الانهدام بعد الموت
وقبل القبول فهي للموصي له لاستقرار الوصية بالموت وكان اسم الدار باقياح وهو أصح وجهي الشافعية مسألة لو اوصى بعرصة فزرعها لم يكن رجوعا لأنه
كلبس الثوب ولو بني فيها أو غرس احتمل ان يكون رجوعا وهو أصح وهي الشافعية لان القصد بذلك الدوام فيشعر بأنه صد أبقاها لنفسه وأبطل قصده الأول
والثاني انه لا يكون رجعا فموضع البناء والغرس كالبياض المتخلل حتى يأخذه الموصي له مع زوال البناء والغرس يوما وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان الوصية
تبطل فيه وتصير تبعا للبناء وعمارة الدار وليس رجوعا على اشكال لكن لو بطل الاسم بان جعلها خانا أو غيره مما لا يبقى اسم الدار معه كان رجوعا ولو لم يبطل الاسم لكن أحدث
فيها بناؤبا ومن عنده فوجهان كما لو بني في الأرض فإن لم نجعله رجوعا فالبناء الجديد لا يدخل في الوصية وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يدخل لأنه صار من الدار
مسألة لو اوصى له بثوب فقطعه قميصا فالأقوى انه رجوع وللشافعية وجهان ولو غسل لم يكن رجوعا كما لو علم العبد ولصبغه فالأقوى انه رجوع ولو قصره
فالأقوى ذلك أيضا وقال الشافعية في ذلك كله وجهان ولو اوصى بثوب مقطوع فخاطه لم يكن رجوعا خلافا لأبي حنيفة ولو اوصى له بخشب فجعله بابا فهو كالقميص المتخذ
من الثواب ولو اوصى بله بمناع فنقله من بلد الموصي له إلى مكان بعيد احتمل ان يكون رجوعا لأنه لو لم يقصد صرفه عنه لم يبعده عنه والأقوى المنع الا ان يشعر بقصده
الرجوع ولو اركب غلامه الدابة الموصي بها إلى بعيد أو جعلها شيئا إلى مكان بعيد لم يكن رجوعا مسألة لو اوصى بصاع حنطة بعينه ثم خلطه بحنطة أخرى
كان رجوعا لعدم امكان التسليم إليه وهو قول بعض الشافعية وقال بعضمه ان خلطها بأجود منها فهو رجوع وان خلطها بمثلها أو بأردى لم يكن رجوعا لا خلطها
بالأجود أحدث زيادة لم تتناول الوصية بخلاف ما لو مزجها بالمثل أو الأردأ ولو اوصى بصاع من صبرة ثم مزجها بغيرها فإن كان بالمثل لم يكن رجوعا لان الموصي به
516

ههنا مختلطة بغيره فلا تضر زيادة الخليط ولا يختلف به الغرض وإن كان بالأجود فهو رجوع لعدم تناول الوصية الزيادة ولو خلط بالأردأ لم يكن رجعا وللشافعية فيها؟
وجهان ولو اختلطت بالأجود بنفسها فوجهان أقربهما انه لا يكون رجوعا وعلى القول ببقاء الوصية فالزيادة الحاصلة بالجودة غير متميزة فتدخل في الوصية
ولو اوصى بصاع من حنطة ولم يعينه والوصف الحنطة فلا اثر للخلط لعدم التعيين فيعطيه الوارث ما شاء من حنطه التركة ولو وصفها أو قال من حنطي فالوصف معتبر
فان ظل الوصية بالخط بطلت الوصية ولو قال من حنطتي قفير فباع نصفها احتمل ان يعطي القفيز ونصفه ولو قال اعطوه من مالي قفيز حنطة فامزحت خاطه
الوارث بينه تنبيه ولو أوصي بشئ معين ثم مزجه بغيره مزجها لا يرتفع التميز لم تبطل الوصية ولا يكون رجوعا لأنه يمكنه تسلمه مسألة إذا عدد الوصية
وعينها تغيرت الافلا فلو اوصى له بمائة معينه أو دار معينة أو عبد معين ثم اوصى له بمائة معينة أولا بدار أخرى معينة أو بعيد اخر معين فله المائتان أو الأدران
أو العبدان ولو اوصى به مأة معينة ثم اوصى بماية مطلقة أو بالعكس أو بدار معينة ثم بمطقة أو بالعكس أو بعبد معين ثم بعبد مطلق أو بالعكس حمل المطلق على المعين
استصحابا بالبقاء الملك على مالكه وكذا لو اطلقهما فهما واحد ولو اوصى بخمسين ثم مبانه دخلت الأولى في الاثنين ولو عكس فأوصى بمائة ثم خمسين احتمل ان يعطي
الخمسين خاصة لاحتمال ان يكون قصد تقليل الوصية والرجع عن بعض الوصية الأولى فلا يعطي الا المتيقن وهو أحد وهي الشافعية والثاني انه يعطي مائة
وخمسين مسألة لو قال ثلثي لفلان ويعطي زيد منه ماته في كل شهر إلى أن يموت قدم اعطاء زيد فيعطي منه ماية في كل شهر فان مات أو فضل منه شئ
رد إلى صاحب الثلث وبه قال احمد لان فيه انفاذ الوصية على أمر به الموصي البحث الثاني في كيفية تنفيذ التصرفات مسألة التصرف من الصحيح
إن كان منجزا نفذ من الأصل بلا خلاف وان علق بالموت ولم يكن واجبا نفذ من المثل بلا خلاف وإن كان واجبا كالوصية بقضاء الدين أو الحج أو واجب أو الزكاة الواجبة
وشبهها نقد الامن صل اجماعا واما من المريض فإن كان معلقا بالموت مضي من الثلث اجماعا الا فيما علم وجوبه إن كان منجزا فقولان قدما وهل يشترط في المرض
المقتضي للحجر ان يكون مهلكا قولان وإذا اوصى به بالثلث اعتبر الثلث يوم الموت لان الوصية تمليك بعد الموت وح؟ يلزم فلو زاد ماله بعد الوصية تعلقت
الوصية به ولو استفاد مالا قبل الموت اعتبر الثلث من جميع ما يخلفه من التلاد والمستفاد ويعتبر ثلث المبيع وبه قال النخعي والأوزاعي ومالك والشافعي وأبو ثور
وأصحاب الرأي واحمد سوا ان علم أو لم يعلم وللشافعية وجه اخر ان المعتبر بيوم الوصية وبه قال ابان ابن عثمن وعمر بن عبد العزيز وربيعه ومالك فلا يدخل في الوصية
ما تجدد بعدها كما لو نذر الصدقة لثلث مال فإنه ينظر إلى يوم النذر والفرق ظاهر وكذا ول هلك ماله ثم اكتسب مالا ولو اوصى بعشرة ولا مال له ثم استفاد مالا تعلقت
الوصية به وقال بعض الشافعية الاعتبار في القدر بيوم الموت جزما والخلاف انما هو من خصوص بما إذا لم يملك شيئا أصلا ثم ملك مسألة الثلث الذي تنفذ
فيه الوصايا انما هو الثلث الفاضل عن الدين لان الدين مقدم على الوصيا لما رواه العامة عن علي (ع) انه قضى بلدين قبل الوصية ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
ان الدين؟ الوصية الحيث ولان الديون مقدمة على حق الورثة لقوله تعالى من بعد ويوصي بها أو دين فأولى ان يتقدم على حق الوصية له لأنه أضعف فلو
كان عليه دين مستوعب للتركة لم تنفذ الوصية في شئ ولا تبطل الوصية من رأس بل تقع صحيحة فلو تبرع صاحب الدين باسقاطه أو تبرع غيره بقضائه صحت الوصية
ونفذت والتبرعات المنجزة إذا وقعت وحاله المرض الموت نفذت من الثلث على الأقوى ولو وهب في الصحة واقبض في المرض كان كما لو وهب في المرض لان تمام الهبة بالقبض
مسألة الربع المحسوب من المثل عند أكثر علمائنا عبارة عن اخراج الملك عن المريض في مال المريض في مال مجانا أو بدون ثمن المثل من غير استحقاق فلو اوصى بما هو ثابت
في ذمته كقضاء الديون التي للادميين أو التي لله تعالى كالزكاة والحسن وحجة الاسلام وأشباه ذلك وجب العمل بها بل يجب اخراجها من صلب المال سواء أوصي بها أو لم
يوص إذا علم ثبوت ذلك في ذمته اجماعا لقوله (ع) فدين الله أحق ان يقضى الا عند أبي حنيفة فإنه قال إن أوصي بالزكاة والكفارات والحج أخرجت من ثلث ماله ان لم
يوص بها وسقطت وبه قال مالك وللشافعية وجه اخر انها تخرج من الثلث إذا أوصي بها الفرق عندنا في الواجب وخروج من الأصل بين ان يكون وجوبه بأصل
الشرع كالزكاة والواجبة والحج وبينما وجب بالتزام العبد من نذرا ومباشرة سبب يقتضي الكفارة وهو أحد قولي الشافعية والثاني انه فرق بين الأولى والثاني فأوجب
خروج الأول من صلب المال والثاني من الثلث مسألة لو كان عليه ديون متعدده فقضى بعضها في مرض الموت وخص بعض الغرماء بالقضاء فان وقت
التركة بباق الديون لم يكن لساير الغرما عليه اعتراض اجماعا وان قصرت لا تركعن الديون احتمل ان يشاركه باقي الغرما فيها اخذه ويرجعون على وبه قال
أبو حنيفة لان حقوقهم تعلقت بما له بمرضه فلهم منعه من تصرفه فيه بما ينقص ديونهم تبرعه ولأنه لو أوصي بقضاء بعض الديون دون بعض لم يكن له ذلك فكذا
إذا قضاها والثاني انه يمضي ولا يشاركه الغرماء ولا يملكون الاعتراض عليه وبه قال الشافعي لأنه أدرى واجبا عليه فصح كما لو اشترى شيئا فاذى ثمنه أرباع بعض
ماله وسلمه بخلاف الوصية فإنه لو اشترى ثيابا مثمنه صح فالوصي بتكفينه في ثياب ثم منه لم يصح فثبت ان بخلاف ثمن المبيع قال بعض غرمائه وقد صح عقيب
البيع فكذلك إذا تراخ عنه إذ لا اثر لتراخيه مسألة لو باع المريض جميع تركته أو بعضها بثمن المثل أو أكثر نفذ البيع من رأس المال إما ذلك لا نقص فيه على الوراث
فان أعيان الأموال لا اثر لها في زيادة المالية ونقصها مع تساوي القمية ولا فرق ين ان يبيع من أو ارث أو الأجنبي وسواء كان غرما أو غير غريم ولو باع بمجابات
فإن كانت يسيرة يتسامح بثمنها كما لو باع؟ بثمن المثل وإن كانت أكثر من ذلك اعتبرت من الثلث وان لم يخرج من الثلث فان أجاز الوارث نفذ البيع في الكل و
الا بطل في الزايد علن الثلث فيصح البيع فيه عندنا ويثبت له الخيار لتبعض الصفقة عليه وهو أحد قولي الشافعي والثاني يبطل البيع باعتبار في تفريق الصفقة
ولا خلاف في أن له ان يشتري مهما شاء بثمن المثل أزيد ويبيع كذلك من غير معارضة وكذا يتلذذ من معارضة يتلذذ في مشربه ومأكوله ودوائه وينفق على نفسه من الملاذ
والشهوات مثل التسري وغيره وشراء الأدوية والإماء اجماعا ثم المحاباة المعتبرة من الثلث كل ما يزيد على ثمن المثل أو ما يزيد على ما يتغابن الناس بمثله فيه
احتمال مسألة معنى المحابة هي ان يعاوض بماله ويسمى لمن عاوضه ببعض عوضا وقيل إنه ازاله الملك عن مال مجان أو قيل إنه إزالة الملك عن ماله
بغير ثمن المثل من غير استحقاق فإذا حابي المريض في البيع والشراء كان العقد صحيحا ولا يمنع ذلك صحة العقد في قول عامة له العلم العموم قوله تعالى وأحل الله
البيع ولأنه تصرف صدر من إلهه في محله فصح كغير المريض وقال أهل الظاهر العقد باطل ولى بشئ ثم في كيفة تنفيذه اشكال يظهر بمثال نذكره وهو
ان يبيع في مرضه عبدا لا يملك غيره قيمته ثلثون بعشرة فقد جابي المشتري بثلثي ماله وليس له المحاباة بأكثر من الثلث فان أجاز الورثة ذلك لزم البيع
اجماعا وان لم تجيزا فان اختار المشتري فسخ البيع كان له ذلك لتبعض الصفة عليه وان اختار الامضاء فالوجه عندي انه يأخذ نصف المبيع بنصف
517

الثمن ويفسخ البيع في الباقي وهو أحد وجهي الشافعية لاشتمال ما قلناه على مقابله بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر اخذ جميعه بجميعه فان البيع انما وقع
على مقابلة الثمن بكل المبيع فإذا أبطل البيع في بعض المبيع وجب ان يبطل من الثمن بإزالة كما أنه لو بطل البيع في الجمع بطل جميع الثمن وله نظائر كثيره منها انه لو اشترى سلعتين
فبطل البيع في إحديهما إما لعيب أو لغيره فان المشتري يأخذ السلعة الأخرى بنفسها من الثمن لا يجمعه ومنها انه لو اشترى شقصا وسيفا فاخذ الشفيع الشقص فان للمشتري
أن يأخذ السيف بقسطه من الثمن ومنها ان الشفعاء إذا أكثروا واخد كل واحد منهم جزءا من البيع بقسطه من الثمن ومنها انه لو اشتري الربوي بمثله جنسا مع تفاوت الثمن كان
الفسخ في أحدهما يوجب الفسخ في الأخر بمثله قدرا كما لو اشترى كطعام جيد قيمته اثنا عشر بكر طعام ردئ قيمته ستة فقد حابي بنصف تركته فيبطل البيع في ثلث؟ / /؟ فيدفع
ثلث الطعام الجيد إلى الورثة وقيمته أربعة وثلثي الطعام الردي وقيمتها ربع أيضا يتكمل لهم ثمانية ويدفع إلى المشتري ثلثا الطعام الجيد وقيمته ثمانية وثلث الطعام الردي
وقيمته اثنان يكتمل له عشرة فيكون له ستة قيمة طعام وأربعة بالمحاباة هي ثلث التركة وقال أكثر علمائنا والشافعي في الوجه الثاني ان المشتري يأخذ ثلثي العبد بالثمن كله لأنه
يستحق ثلث العبد بثمنه الذي دفعه والثلث الأخر بالمحاباة ولا يتأتى ذلك لهم في الربوي بل صاروا في الربوي إلى ما ضرنا لايه وقال أصحاب الرأي يقال أصحاب الرأي يقال له ان شئت أدريت
عشرة أخرى واخذت العبد وان شئت فسخت ولا شئ لك وقال مالك له ان يفسخ البيع ويأخذ لمثل العبد بالمحاباة
ويسميه أصحابه خلع الثلث وقال أكثر علمائنا ضعيف
لأنه أوجب البيع بثمن فيأخذ بعضه بالثمن كله فلا يصح كما لو قال بعتك هذا بمائة فقال قبلت نصفه بها ولأنه إذا فسخ البيع في بعضه وجب ان يفسخ في مقابلة من الثمن
ولا يجوز فسخ البيع فيه مع بقاء ثمنه كما لا يجوز فسخ البيع في الجميع مع بقاء ثمنه وقول أصحاب الرأي ضعيف لما فيه من اجبار الورثة على المعاوضة على غير الوجه
الذي عاوض مورثهم وقول مالك ضعيف لأنه إذا فسخ البيع لم يستحق شيئا لان الوصية انما حصلت في عين المبيع فإذا أبطلت البيع زالت الوصية كما لو اوصى لرجل
معين ان يحج عنه بمائة واجر مثله خمسون لم يكن له ان يطلب الخمسين الفاضلة بدون الحج ولو برء المريض أو أجازت الورثة نفذ في الجميع اجماعا ولو اشترى عبدا يساوي
عشرة بثلثين فإنه يأخذ نصفه بنصف الثمن على ما اخترناه وعلى قول أكثر علمائنا للمشتري خمسة أسداسه بكل الثمن وطريق قولهم إن ينسب الثمن وثلث المبيع إلى
قيمته فيصح البيع في قدر تلك النسبة وهو خمسه أسداسه فان قال المشتري خذوا مني ثمن سدس العبد لكمل لي لم تجب اجابته لان حقهم ثابت في العبد نفسه وعلى ما اخترناه
يسقط الثمن من قيمة المبيع وينسب المثل إلى الباقي فيصح البيع في قدر تلك النسبة وهو ثلثاه بثلثي الثمن ولو خلف الباقي عشرة أخرى فعلى ما اخترناه ويصح البيع
في ثمانية اتساعه بثمانية اتساع الثمن وعلى القول الأخر يأخذ المشتري نصف ع وأربعة اتساعه بجميع الثمن ويرد نصف تسعه مسألة لو باع المريض بثمن حال فقد
ذكرنا حكمه في المحاباة وغيرها إما لو باع بثمن مؤجل ومات قبل حلول الأجل اعتبر من الثلث سواء باع بثمن الثلث أو أقل أو أكثر لأنه قد فوت اليد على الورثة وتفويت
اليد ملحق بتفويت المال فان الغاصب يضمن بالحيلولة كما يضمن بتفويت المال فليس له تفويت اليد عليهم كما ليس له تفويت المال فإن لم يحجر من الثلث و
رد الوارث ما زاد تخير المشتري بين فسخ البيع والإجارة في الثلث بثلث الثمن فان أجاز فهل يزيد ما يصح فيه العبد إذا أدي الثلث فيه للشافعية قولان أصحهما
لا يزيد لارتفاع العبد بالرد والثاني نعم لانما يحصل للورثة ينبغي ان تصح الوصية في نصفه فعلى هذا يصح البيع ففي قدر نصف المؤدي وهو السدس بسدس الثمن فإذا
أدي ذلك السدس رد بقدر نصفه فكذا إلى أن يحصل الاستيعاب مسألة يجوز للمريض ان يتزوج بشرط الدخول عند علمائنا فان مات في مرضه ذلك ولم
يكن قد دخل بطل العقد ولا ميراث لها ولا مهر عند علمائنا أجمع لما رواه زرارة في الحسن عن أحدهما (ع) قال ليس للمريض ان يطلق وله ان يتزوج فان تزوج وهو دخل
بها فهو جايز وان وان لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطلا ولا مهر لها ولا ميراث وفي الصحيح عن عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) قال سألته عن المريض اله ان يطلق
امرأته في تلك الحال قال لا ولكن لها ان يتزوج ان شاء فان دخل بها ورثته ولان لم يدخل بها فنكاحه باطل ولأنه عقد صدر من أهله في محله فكان جايز أو للأصل و
لقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلك وقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ولأنه عقد معاوضته فلم يمنع منه المريض كالبيع بثمن المثل والشراء به وانما شرطنا الدخول
للروايات ولاجماع علمائنا ولأنه بدون الدخول يكون قد ادخل يكون قد ادخل في الورثة من ليس وارثا ولأنه بدون الدخول يكون قد قصد بالتزويج الا ضرار بالورثة فلم يصح منه
وقال الشافعي يصح نكاحه وأطلق ولم يشترط الدخول وترث لعموم قوله تعالى فانحكوا ولأنه عقد معاوضة فلم يمنع منه المريض ونحن نقول بموجبه والعموم يجوز تخصيصه
والمعاوضة انما تثبت مع الدخول وقال الزهري يصح النكاح ولا ترث لان التهمة تلحقه بذلك في حق ورثته فلا ترث كما لو طلقها في العرض فإنها ترث؟ كذا
هنا والتهمة منفية مع الدخول لا مع عدمه فيخص منع الميراث بعدم الدخول ولأن قوله ينتقض باقراره بوارث وقال ربيعه يصح نكاحه ويكون مهرها من الثلث
لان البضع ليس بمال فإذا بذل عوا في مقابلته جرى ذلك مجري الهبة فكان من ثلثه وليس بجيد لان البضع يجري مجرى المال ويضمن بالاتلاف وقال أمالك
لا يصح النكاح لأنه لا حاجة إليه وانما يقصد بذلك الاضرار بالورثة فلا يصح منه وليس يجيد لأنه قد يحتاج إلى النكاح ودليل حاجته الدخول وينتقض قوله
بما إذا باع أعيان أمواله واشترى عبيدا أو إماء ولان معاذا قال في مرض موته زوجوني لا فلقى الله تعالى عزبا ولأنه استباحة بضع فاستوى فيه حال الصحة أو المرض
كشراء الجواري مسألة إذا تزوج في مرضه ودخل عندنا ومطلقا عند الشافعي فإن كان بمهر المثل أو أقل اعتر من صلب التركة مات لو اشترى شيا بثمن مثله
وإن كان بأكثر من مهر المثل كان الزايد محاباة فإن كانت كتابية أو أمة لا ترث فالزيادة محسوبة من الثلث ان خرجت منه نقد التبرع بها ولا تنفذ ما أمكن منها ولو أجاز
الوارث صحت إن كانت مسلمة وارثة فكذلك عندنا خلاف العامة لانهم ابطلوا الوصية للوارث والمحابة وصية ولو ماتت الزوجة دارت المسألة وسيأتي
بيانها إن شاء الله تعالى في أبواب الدور ولو نكحت المريضة بأقل من مهر المثل فالنقصان تبرع على الوراث والورثة رده وتكميل مهر المثل فإن لم يكن وارثا كما إذا كان
عبد أو مسلما وهي ذمية عندهم لم يكمل مهر المثل ولم يعتبر هذا النقصان من الثلث وانما جعل ذلك وصية في حق الوارث ولم يجعل وصية في الاعتبار من الثلث ولان
المريض انما يمنع من تفويت ما عنده وهذا ليس بتفويت وانما هو امتناع من الاكتساب ولان المنع فيما يتوهم بقاؤه للوارث وانتفاعه بهو البضع ليس كذلك وقال
بعض الشافعية يعتبر من الثلث وفرق بينه وبين ما إذا اجرة سنة بأقل من أجرة المثل حين لا يعتبر من الثلث مع أن كل أحد منهما لا يبقى للورثة بوجهين أحدهما ان
النكاح من عير ذكر المهر يقتضي مهر المثل فإذا قال الولي زوجتها وذكر ما دون مهر المثل فكأنه أسقط العوض بعد وجوب فكان كالابراء واما الإجارة فإنه الا تنعقد من
غير ذلك العوض الثاني ان المحاباة في المهر تلحق نوع عار بالورثة فأثبت لهم ولاية الدلع بخلاف المحاباة في الإجارة مسألة لو كان له جارية قيمتها ثلث التركة
فاعتقها ثم تزوجها على ثلث اخر ودخل سقط المسمى والا دار لان ثبوته يستدعي صحة النكاح للتوقف على صحة عتق جميع الجارة المتوقف على بطلان المسمى ليخرج من الثلث
518

بل يثبت مهر المثل وإن كان أكثر من المسمى ولا يثبت الأقل منه ومن مهر المثل لأنه كالأرض ولو كان مهر المثل بقدر ثلث التركة دخلها الدور وسيأتي بيانها إن شاء الله تعالى
ولو كان له أمة وأعتقها في مرض الموت وتزويجها ثم مات قال الشافعي لا ترثه لأنها لو ورثة كان عتقها وصية للوارث والوصية للوارث لا يلزم وإذا بطل العتق
بطل النكاح والميراث جميعا فصح العتق والنكاح وبطل الميراث والحق عندنا انه تصح الوصية للوارث فان خرجت من الثلث صح العتق والنكاح ورثت قال و
لو كان له مائة دينار وأمة لتساوي مائة وأعتقها وتزوجها بمائة أو بمائتين ثم مات لم ترث لما ذكرناه عندنا وسقط مهرها (لأنه ان ثبت مهرها صح) لم يخرج عتقها من ثلثه وإذا بطل العتق
في بعضها بطل النكاح وسقط المهر فاسقط المهر ونفذ العتق والنكاح مسألة يكره طلاق المريض كراهة المريض كراهة شديدة حتى أنه قد ورد في بعض الروايات لفظة لا
يجوز فان طلقها وقع الطلاق إذا جمع الشرائط اجماعا ثم إن كان الطلاق باينا وماتت لم يرثها في العدة ولا بعدها اجمعا وان مات هو ورثته بشروط ثلثه أ ان يموت
في ذلك المرض فلو بر لا أمنه ثم مات لم ترثه في الباين وترثه في الرجعي خاصة في العدة ب ان لا تتزوج بغيره فلو مات في ذلك المرض وتزوجت قبل موته لم ترث ج
ان لا يتجاوز ما بين طلقه وموته سنة قول مات بعد السنة ولو بيوم واحد لم ترثه إما الشرط الأول فلانه من جز فكان حكمه حكم ساير المنجزات يحكم عليه بها لو براء من
مرضه لما رواه أبو العباس قال سألته (ع) قلت له رجل طلق امرأته وهو مريض تطليقة وقد كان طلقها قبل ذلك تطليقين قال فإنها ترثه إذا كان في مرضه قال قلت
ما حد المرض قال لا يزال مريضا حتى يموت وان طال ذلك إلى سنة واما الشرط الثاني فلانها بتزويجها قد انقطعت العصمة مع زوجها الأول فلا ترثه وفي زواجه
بغيره ولرواية أبي الورد في الباقر (ع) قال إذا طلق الرجل امرأته تطليقه في مرضه ثم مكث في مرضه حيت انقضت عدتها فإنه لا ترثه ما لم تزوج فإن كانت تزوجت بعد
انقضاء العدة فإنها لا ترث وفي حديث عبد الرحمن بن الحجاج عمن حدثه عن الصادق (ع) في رجل طلق امرأته وهو مريض قال إن مات في مرضه ولم تزوج ورثته وإن كانت
قد تزوجت فقد رضيت بالذي صنع لا ميراث لها واما الشرط الثالث فلما رواه سماعة قال سألته عن رجل طلق امرأته وهو مريض قال ترثه ما دامت في عدتها
وان طلقها في حال اضرار فهي ترثه إلى سنة فان زاد على النية يوم واحد لم ترثه وتعتد منه أربعة أشهر وعشرا عدة المتوفي عنها زوجها هذا إذا كان الطلاق باينا و
إن كان رجعيا توارثا في العدة ان ماتت هي ورثتها وان مات هو ورثته وان خرجت العدة لم يرثها الزوج وترث هي الزوج إلى سنة بالشروط السابقة وللشافعية
قولان في الطلاق الباين أحدهما لا ترثه وهو الأصح عنهم وبه قال ابن الزبير والمزني والثاني انها ترثه كما قلناه وبه قال في الصحابة علي (ع) وعمر وعثمان وفي الفقهاء
ربيعه ومالك والأوزاعي والليث بن سعد وابن أبي ليلي والثوري واحمد وأصحاب الرأي ولهم في ذلك تفصيل وأبو حنيفة لا يورثها بعد خروجها من العدة وكذا أصحابه
واما الأوزاعي والليث والثوري والشافعي وفي أحد أقواله انها ترث والقول الثاني للشافعي انها ترث ما لم تتزوج وبه قال ابن أبي ليلى واحمد ولم يقيده بسنة كما قلناه
والقول الثالث للشافعي على هذا القول انها ترث ابدا أو لو تزوجت مهما تزوجت وبه قال ربيعه قال ربيعه لو تزوجت عشرة أزواج ورثتهم مسألة انما
يثبت هذا الحكم وهو ميراثها بعد العدة في الطلاق والباين وغيره وفي العدة في الباين في طلاق تلحقه به التهمة إما ما لا تهمة فيه الأقرب انها لا ترثه
الا في العدة الرجعية فلو سألته الطلاق فطلقها فالأقرب عدم الإرث وكذا لو خالعته أو بارته ويدل عليه حديث عبد الحكم بن الحجاج عمن حدثه عن الصادق (ع) حيث قال
وإن كانت قد تزوجت فقد رضيت بالذي صنع الميراث لها وهذا الحديث وإن كان مرسلا الا ان عبد الحسن مع عظم شانه وبلوغه الدرجة العالية في العلم يبعد يرسل
في مصل هذا الحكم المنوط بالفروج والأموال الا مع عدالة المسند إليه ولو طلق الأمة مريضا طلاقا رجعيا فأعتقت في العدة ومات في مرضه ورثته في العدة اجماعا منا و
هل ترثه بعد العدة قيل نعم والأقرب عدمه لانتفاء التهمة وقت الطلاق ولو طلقها باينا فكذلك لا ترث لأنه طلقها حال لم يكن لها على الإرث وكذا لو طلق زوجته
الكتابية فأسلمت فإن كانت في العدة الرجعية توارثا والا فلا ولولا عن المريض زوجته وبانت باللعان لم ترثه لتعلق الحكم بالطلاق وليس اللعان منه ولو أعدت الزوجة
ان الميت طلق في المرض وانكر الوارث وزعم أن الطلاق وقع أحلاه لصحة قدم قوله لتساوي الاحتمالين وأصالة عدم الإرث الا مع ت حقق سببه ولو كان له ا ربع زوجا
فطلقهن في مرضه ثم تزوج أربعا ودخل بهن فمات في ذلك المرض كان الرفع بينهن بالسوية ولو كان له ولد تساوين في الثمن وهذا كما لو طلق الأربع الا واخر ثم تزوج بغيرهن
تشارك الجميع مسألة يصح من المريض اجارة دوابه ودوره وعبيده وكلما يصح اجارته بإجارة المثل فما زاد فان اجر بدون أجرة المثل فقد حابي المستأجر بالأقل فيمضي
من الثلث وكذا اعارتها فلو انقضت مدة الإجارة والإعارة في مرضه واسترد العبد واعتبر قدر المحاباة في الإجارة وجميع الاجره في الإعارة من الثلث ولو اجر نفسه محاباة
أو عمل لغيره تبرعا فالأقرب نفوذها من الأصل لأنه منافعه لا تبقى للورثة وان تبرع ولا فوت على الورثة شيئا من تركته ولا يمتد طبق الورثة إليها وهو أصح وجهي الشافعية
والثاني من الثل لان منافعه مال ومنوع مسألة لو باع بالمحاباة بشرط الخيار ثم مرض في زمن الخيار ثم مرض في زمن الخيار وأجاز العقد مضي من الأصل لأنه ليس بتفويت
لان الملك قد انتقل إلى المشتري وانما هو امتناع من الاكتساب والاستدراك فصار كما لو أفلس المشتري والمبيع قايم عنده وعلى قول الشيخ ره واحد قولي الشافعي
ان الملك في زمن الخيار للبايع فقد ر المحاباة من الثلث ولو مرض الا بيع فلم يفسخ أو قدر على فسخ النكاح لعيب فيها فلم يفعل حتى مات واستقر المهر لم يعتبر من الثلث
بل من الأصل ولو اشتري بمحاباة ثم مرض ووجد بالبيع عيبا ولم يرد مع الامكان لا يعتبر قدر المحاباة من الثلث ولو وجد العيب وتعذر الرد بسبب فاعرض تعين الأرش
اعتبر قدر الأرش من الثلث وقدر المحاباة في الإقالة تعتبر من الثلث كما في البيع والشراء وخلع المريض لا يعتبر من المثل لأنه له ان يطلق مجانا ولا الوارث لا ينتفع ببقاء
النكاح بخلاف خلق المريض فإنه يعتبر من الثلث واما رهن المريض ففي احتسابه من الثلث نظر مسألة لو اوصى لرجل بعين من أعيان ماله تخرج من الثلث
صحت الوصية اجماعا قول كان باقي ماله غايبا لم يدفع كل العين إلى الموصي له ولا يسلط على التصرف فيه ولا له ان يطالبه بها قبل وصول الغايب إلى الوارث أو قدر ما يخرج
به العين من الثلث لان ما يحصل للموصي له ينبغي ان يصل إلى الورثة مثلاه والغايب غير معلوم الحصول لهم فربما تلف حال الغيبة فلا تنفذ الوصية في العين فان
طلب الموصي له ثلث العين الحاضرة أو طرق التصرف في ثلثها قال الشيخ ره الأقوى انه يسلم إليه لان استحقاقه الثلث معلوم متيقن ويحتمل عندي قويان ان لا يسلم
إليه شئ لان تسليط الموصي له يتوقف على تسليط الورثة على مثلي ما تسلط عليه ولا يمكن تسليطهم على الثلثين لأنه ربما سلم لهم المال الغايب وتخلص العين بأسرها
للموصي له فكيف يتصرفون فه وقال مالك يتخير الورثة بين تسليم العين إلى الموصي له وبين جعل الوصية لثلث جميع المال لان الموصي كان له ان يوصي بثلث ماله
وانما عدم عنه إلى العين وليس له ذلك لأنه يؤدي إلى أن يأخذ الموصي له العين فينفرد بالتركة ان قلف لا باقي قبل ويوصي له إلى الورثة فيقال للورثة ان رضيتم
بذلك ولا فيعود إلى ما كان له ان يوصي به وهو الثلث فإذا عرفت هذا فلو تصرفت الورثة في الثلثي الحاضر
كان تصرفهم موقوفا ان بان هلاك المال تبينا نقود
519

تصرفهم ولو سلم وعاد إليهم ظهر بطلان التصرف وقال بعض الشافعية لا يبطل التصرف بل يغرم الورثة للموصي له الثلثين وهو مناسب لقول مالك ان الورثة يتمكنون
من خلع الوصية في العين الموصي بها وجعلها شايعة في ثلث المال ولو أعتق عبدا هو ثلث ماله أو دبره وباقي ماله غايب ففي العتق والتدبير في ثلثه الخلاف المذكور
في الوصية والوجه ان العتق ينجز في الثلث لان المال الغايب إن كان باقيا فالعبد يحمله حر وإن كان تالفا فالثلث حر وكذا نقول يجب الجزم با ثبات الملك للموصي له
في ثلث العبد لكن يجعل الخلاف في أنه هل ينقد تصرفه فيه أو يمنع من التصرف إلى أن يتسلط الوارث على مثله مسألة تعبر العطية من الثلث حال الموت
فان خرجت من الثلث تبينا ان العطية صحت فيه حال العطية ولو نمى المعطى قسم بين الورثة وبين صاحبه على قدر مالهما فيه وربما افضى ذلك إلى الدور على ما يأتي
فلو أوصي بعبده اعتبرت قيمته بعد الوقوف لو تجز عتقه اعتبرت قيمته عند الاعتاق ولاعتبار في القيمة التركة بأقل الامرى من حين الوفاة إلى حين قبض الوارث لان
التالف بعد الوفاة غير معتبر والزيادة موت على ملك الورثة فلو كانت قمية العبد الموصي به حين الموت عشرة وقيمة التركة حينئذ عشرين فان استمرت القيمة إلي ان
اخذها الوارث نفذت الوصية في العبد ولو ارتفعت قيمته بعد الموت ليمكن للورثة مزاحمته سواء كان لارتفاع السوق أو لتجدد صفة فيه ولو قصرت التركة بعد الموت
قبل استيفاء الوراث فصارت تساوي أربعة عشر فللموصي له أربعة أخماس العبد وباقي التكرة وخمسة للورثة مسألة لو اوصى بعبد مستوعب لزيد و
بثلث ماله لعمرو ولم يقصد الرجوع ومنع من التقديم واجز الوارث قسم العبد أربعا على نسبة كل العبد وثلثه ويحتمل أسداسا لخلاص ثلثي العبد للأول لان الثاني
لا يزاحمه فيهما وانما يتزاحمان في الثلث فيقسم بينهما ولو قصد الرجوع قسم أثلاثا فان خلف مع العبد مأتين وقيمة العبد مائة ولم يقصد الرجوع اخذ الثاني على الأول
مع الإجازة ثلث المال وثلثا عائلا من العبد وهو ربعة والأول ثلثه أرباعه ولو رد الورثة ما زاد على الثلث فللأول نصف العبد على الثاني واحتمل على الأول
أيضا وللثاني سدس التركة فيأخذ سدس العبد وسدس المائتين فله من العبد ستة عشر وثلثان ومن باقي التركة ثلثه وثلثون وثلث ويحتمل قويا على الأول اقتسامهما
الثلث حالة الرد على حسب مالهما في الإجازة قوصية صاحب العبد أقل لأنه شرك معه ي وصية غيره ولم يشرك في وصية الثاني غيره فلصاحب الثلث ثلث المائتين
من غير مزاحمة ويشتركان في العبد للثاني ثلثه وللآخر ميعه فيصير أرباعا وفي حال الرد ترد وصيتهما لي ثلث المال فيضرب مخرج الثلث في مخرج الربع يكون اثني عشر ثم
في ثلثه يكون ستة وثلثين فلصاحب الثلث ثلثث المأتين وهو ثمانية من أربعة وعشرين وربع العبد وهو ثلثه أسهم يكمل له أحد عشر ولصاحب العبد ثلثه أربعة وهو تسعة
فضمها إلى سهام صاحب الثلث فالجميع عشرون ففي الرد بجعل الثلث عشرين فالمال ستون فلصاحب العبد تسعة من العبد وهو ربعة وخمسه ولصاب الثل ثمانية
من الأربعين وهي خمسة وثلثه من البعد وهو عشرة ونصف عشرة ويحتمل مع عدم الإجازة ضمن سهامه السهام الورثة وبسط باقي العبد والتركة أخماسا فله عشر العبد
وخمس المأتين على الثاني مسألة لو خلف عبد مستوعبا قيمة مائة واوصى بها لواحد ولاخر بثلثه ولا خر بسدسه على جهة العول قسم العبد تسعة ستة
لصاحب الكل واثنان لصاحب الثلث وواحد لصاحب السدس ويحتمل ان يكون للأول تسعة وعشرون من ستة وثلثين وللثاني خمسة وللثالث اثنان ولو
جعل العول بين المستوعب والآخرين ودونهما فللأول ثلثه أرباع وللثاني سدس وللثالث نصفه ولورد الوارث فقسم الثلث كذلك ولو كان مع العبد مائتان
واوصى لواحد به ولا خر بثلث ماله ولاخر بسدسه فلصاحب العبد مع الإجازة ثلثا العبد ولصاحب الثل تسعاه وثلث الدارهم ولصاحب السدس تسعة
وسدس الدراهم ومع الرد يضرب صاحب العبد بمائة وصاحب الثلث بها وصاحب السدس بخمسين وينحصر حق صاحب العبد فهو على الاحتمال القولي يجعل
الثلث ثمانية عشر للأول ستة من العبد وللثاني اثنان منه وستة من باقي التركة وللثالث واحد منه ولثلثه من باقي التركة ولو ترك ثلثه قيمته كل واحد مائة وأوصى
بعتق أحدهم ولاخر بثلث ماله على سبيل العول عتق من العبد ثلثه الزراعة وكان للموصي له ربعه وثلث العبدين الأخر يمنع الإجازة ومع الرد مبلغ الوصيتين مائتان
والثلث ماية وهو مثل نصفه فلكل واحد نصف ما اوصى لهبه فيعتق من العبد نصفه ولصاحب الثلث سدس كل عبد ويحتمل ما تقدم مسألة لو أقر
الوارث ان أباه وصي لزيد بثلث ماله وأقام بكر شاهدين انه وصي له بثلثه ورد الوارثة الوصيتين وكان الوارث رجلا عاقلا عدلا وشهد بالوصية حلف
معه الموصي له واشتركا في الثلث وبه قال أبو ثور وهو قياس مذهب الشافعي قال أصحاب الرأي لا يشاركه المقر به بناء منهم على أن الشاهد واليمين ليس بجية شرعية
وليس يجيد لأنه قد ثبت ان النبي قضى بشاهد ويمين وللحاكم يكن المقر عدولا كان المرأة فالثلث لمن ثبت له البينة لان وصيته ثابتة أو لم يثبت وصية الأخر والأقرب
انه يمضي في قدر نصيبه ان كذب البينة ولو ليمكن لواحد منهما بينة فاقر الوارث بان مورثة أقر لزيد بالثلث أو بهذا العبد وأقر به لاخر بكلام متصل فالمقر
به بينهما وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي ولو أقرب به لواحد ثم أقر به لاخر في مجلس اخر لم يقبل اقراره لأنه ثبت للأول باقراره فلا يقبل قوله فيما ينقص به حق الأول
الا ان يكون عدلا فيشهد بذلك ويحلف معه المقر لذل فيشاركه كما لو ثبت للأول بينة وان أقر للثاني في المجلس بكلام متصل احتمل عدم القبول لان حق الأول يثبت
في الجميع فأشبه ما لو أقر بله في مجلس اخر وثبوته لان المجلس الواحد كالحال الواحدة مسألة لو خلف ثلثه عبد متساوية القمية مستوعبة فاقر الوارث بان الميت
أعتق في مرضه واحدا معينا وشهد آخران انه أعتق غيره وصدقهما الوارث فان أجاز العتقين؟ نقد أو ان لم يجزهما فان ثبت تقدم عتق أحدهما حكم له بالحرية
وبطل عتق الأخر كان يشهد الشاهدان بالعتق في شعبان ويقر الوارث بالعتق في نصفه أو يقر العبد ان بالتقدم مع الوارث ولو شهد العتق في نصفه واطرف
الوارث بان عتق المقر له في أوله فان صدقه المشهور له بطل عتقه وان كذبه وحلف عتق المشهود له لقوة البينة وكان كالتلف فإن كان قبل قبض الورثة
له عتق ثلثا المقر لهو الا الجميع على الإشكال وان لم يثبت التقدم فان ثبت الاقتران أو لم يدع العبد ان التقدم فالقرعة ولو ادعياه تخالفا وكذا لو كذب الوارث للشهود
فالمشهود له كالتالف مسألة إذا اوصى له بثلث ماله ثبت للموصي له الثلث من كل اعيانه وليس للوارث تخصيصه بعين دون أخرى الا برضاه كما أنه لو
عين الموصي الوصية في شئ بعينه لم يكن للموصي له التعميم في كل شئ بذر تلك العين ولو دفع الوارث قيمة بعض الأعيان لم يجب على الموصي له القول وكان له
المطالبة من كل شئ ثلثه ولو اوصى بثلثه للفقهاء وله أموال متفرقة اغز صرف كل ما في في بلده إلى فقرائه هو لو صرف الجعفي فقراء بلد الموصي جاز أيضا وهل يجوز العدول
عن فقراء بلده اشكال ويدفع إلى الموجودين في البد ولا يجب تتبع من غاب ويجب ان يعطي من يصدق عليه اسم الجمع وأقله ثلثه إذا ثبت هذا فان الثلث يعتبر وقت
الوفاة الا وقت الوصاءة فلو اوصى بشئ وكان موسرا في حال الوصية ثم افتقر عند الوفاة لم يعتبر بيساره السابق وكذا لو كان في حال الوصية فقيرا ثم ايس وقت الوصية
كان الاعتبار بحال يساره والاعتبار في الوصف المتعلق به العطا وقت الاقباض فلو اوصى للفقراء فاستغى بعضهم أو كلهم لم يدلع الهم وإن كان ذلك بعد الموت
520

ولو اوصى بالمضاربة بتركته أو ببعضها على أن الربح بينه وبين ورثته بالسوية صح وشرط كونه بعضهم قدر الثلث فأقل مسألة الاعتبار في قيمة الموصي به وخروجها
من الثلث أو عدم خروجها بحاله الموت لأنها حالة ألوم الوصية فيعتبر قيمة المال فيها فينظر فإن كانت قيمة الموصي به وقت الموت ثلث التكرة وأقل نفذت الوصية أو مستحقها
الموصي له فان زادت قيمته بعد ذلك فهو للموصي له لا شئ للورثة فيه ولو زاد عن الثلث حين الموت فللموصي له قدر ثلث المال فان كانصاف المال فللموصي له ثلثاه
وإن كان ثلثاه فللموصي له نصفه وإن كان نصف المال وثلثه فللموصي له خمسه فان نقص بعد ذلك أو زاد (أو نقص بتابها؟ المال أو زاد صح) فليس للموصي له سوا ما كان له حين الموت فلو
اوصى بعبد قيمته مائة وله مائتان فما زادت قيمته بعد الموت حتى صار يساوي مأتين فهو للموصي لهلكه وإن كانت قيمته حين الموت مأتين فللموصي له ثلثاه لأنهما
ثلث المال وان نقصت قيمته بعد الموت حتى صار تساوي مائة لم يزد حق الموصي له عن ثلثه شيئا الا ان يجيز الوارث وإن كانت قيمته أربع ماية فللموصي له نصفه
لا يزداد حقه عن ذلك سواء نقص العبد أو زاد ونقص المال أو زاد مسألة ولو اوصى بثلث ماله لرجل فقتل الموصي أو جرح عمد أو خطأ فأخذت الدية فللموصي
له بالثلث ثلث الدية وبه قال علي (ع) والحسن ومالك واحمد في إحدى الروايتين لأنه الدية تجب للميت لأنها بدل نفسه ونفسه له فكذالك جد له ولان بدل أطرافه
في حال حياته له فكذا بعد موته ولهذا تقضي منها دونه ويجيز منها إن كان قبل تجهيزه ولقول لا صادق - (غ) قال أمير المؤمنين (ع) من أوصي بثلثه وقتل خطأ فان ثلث
ديته داخل في وصيته وعن محمد بن مسلم قال قلت له رجل أوصي لرجل بوصية من ماله ثلثه أو ربعه فتقل الرجل خطأ يعني الموصي بعد الوصية فقال يجاز لها الوصية
من ميراثه من ديته ونقل عن أمد في الرواية الأخرى انه لا تدخل الدية في وصيته وروي ذلك عن مكحول وشريك وأبو ثور وداود واسحق وقال مالك في دية العمد لان
الدية انما تجب للورثة بعد أموت الموصي بدليل ان سببها الموت فلا يجوز وجوبها قبله لان لا حكم لا يتقدم سببه لا يجوز ان يجب للميت شئ بعد موته لأنه بالموت
تزول املاكه الثابتة فكيف يتجدد له ملك فلا يدخل في الوصية لان الميت انما يوصي بخبر من ماله لا بمال ورثته ونمنع زوال املاكه مطلقا وانما يزول منها ما استغنى
عنه فاما ما تعلقت به حاجته فلا ولأنه يجوز ان يتجدد له ملك بعد الموت كمن نصب شبكة فوقع فيها صيد بعد موته فإنه يملكه بحيث يقضي ديونه منه يجهز و
كذلك دينه لان تنفيذ وصيته من حاجته فأشبهت ضاء دينه إذ أعرفت هذا فهل حكم العمد في القتل والخطأ واحد الأقرب ان يقال إن أخت الورثة الدية صلحا فضيت
الديون والوصيا منها وكانت محسوبة مال الميت لأنها عن نفسه ونفسه له ولقول الباقر (ع)؟ قضي أمير المؤمنين في رجل أوصى لرجل بوصية مقطوعة
غير مسماه من ماله ثلثا أربعا أو أقل من ذلك أو أكثر ثم قتل بعد ذلك الموصي فودي فقضي في وصيته انها تنفذ من مال وديته كما أوصي وهو عام في العمد والخطأ
وان طلب الورثة القصاص لم تحسب الدية ولم يكن لاحد من الديون والموصي لهم نمنعهم منه وكذا البحث لورث الوارث القصاص في الأعضاء والجوارح والأقرب ان
للورثة العفو عن القصاص والديه في النفس والأعضاء والجراح في العمد والخطأ مسألة لو أعتق المريض امه حاملا بمملوك في مرضه ثم مات فإنها
تقوم من الثلث وهل تقوم حاملا أو تقوم ويقوم حملها والوجه انها تقوم منفردة لان الحمل عندنا لا يعتق بعتق امه وللشافعي قولان أحدهما تقوم حاملا فان خرجت
من الثلث والا عتق منها ما يخرج ويعتق من ولدها بذر ما عتق منها والثاني تقوم حاملا دون حملها ويقوم ولدها في أول حال ان أمكن تقويمه وهي حاله وضعه
وانما قومت حامل دون الحمل لان الحمل نقص في الآدميين واص هذين القولين ان الحمل هل له حكم أم لا فإذا أقومت وكانت قيمتها مائة وقيمه حملها خمسين وكان الثلث
مائة عتق من الام ثلثاها ومن الولد ثلثاه وذلك يضم ماية بقيمة ماية ولم يجمع العتق في واحد منها كما في العبدين لان الولد تابع للام لا يعتق دونها لان عتقه حصل باعتاقها
ومتى عتقت وجب ان يتبعها في العتق فان أعتق الولد ثم أعتق الام ولم يخرجا من الثلث قدمنا عتق الولد لأنه سابق ولم تقرع بينهما فان أعتق حملها وكانوا جماعة ولم يخرجوا
من الثلث أقرع بينهم فان قال في مرضه إذا أعتقت نصف حملك فأنت حرة ثم أعتق نصف حملها لم تعتق عندنا لان العتق بشرط باطل وعند العامة يصح معلقا فنقول
عتق نصف حملها يقتضي ساريته إلى الباقي وعتق الام لأنه شرط في اعتقاها فان خرج والام من الثلث عتقا وان لم يخرجا عتق النصف وأقرعنا بين نصف الولد والام
خرجت القرعة على الام يمكن عتقها دون عتق الولد لأنه يتبعها في العتق فيعتق نصفها وربع الولد بخمسين فيحصل العتق في الولد ثلثه أرباعه وفي ا لام في نصفها فإن كانت
قيمته ألم ماية وقيمة الولد ماية والثلث مائه فيعتق نصف الولد ويقرع بين نصف الولد والام وان خرجت على الولد عتق باقية وأخرجت على الام عتق ثلثها و
سدس الولد وذلك قدر خمسين البحث الثلث فيما تثبت الوصية مسألة قد عرفت ان الوصية إما بالمال والمنفعة أو بالولاية فالوصية
بالمال والمنفعة حكمها وارد يقبل فيه شهادة عدلين ومع عدم عدول المسلمين تقبل شهادة عدول أهل الذمة لقوله تعالى أو اخر ان من غيركم ولما رواه يحيى من محمد عن
الصادق (ع) قال سألته عن قول الله تعالى يا أيها الذين امنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذو عدل منكم أو آخران من غيركم قال اللذان منكم
مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس لان رسول الله صلى الله عليه وآله سن في المجوس سنت أهل الكتاب في الجزية قال ذلك إذا مات في ارض
غربة فلم يجد مسلمين اشهد رجلين من أهل الكتاب حبسا بعد الصلاة فيقسمان بالله لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله انا إذا لمن الاثمين قال وذلك أن
أرباب ولي الميت في شهادتهما فان عثر على أنهما شهدا بالباطل في له ان ينقض شهادتهما حتى يجئ شاهدان
فيقومان مقام الشاهدين الأولين فيقسمان بالله
لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا انا إذا لمن الضالمين فإذا فعل ذلك نقض شهادته الأولين وجازت شهادة الآخرين بقول الله عز وجل ذلك اذن يا ان يأتوا
بالشهادة على وجهها أو يخافوا ان ترد ايمان بعد ايمانهم مسرة لا يجب الاشهاد في الوصية سواء كانت بالمال أو بالولاية بل تستحب استحبابا مؤكدا وليس
الاشهاد من شرط صحته الوصية إلى الموصي إليه بل ينبغي الاشهاد لئلا ينازع الورث فيها فإن لم يشهد أصلا وأمكن الوصي انفاذ الوصية وجب عليه انفاذها
على ما أوصي به إليه ولا يجوز شهادة غير المسلمين العدول في الوصية الا عند الضرورة وفقد عدول المسلمين فإنه يجوز والحال هذه ان يشهد نفسين من أهل الذمة
ممن ظاهره الأمانة عند أهل ملته لما رواه حمزة بن حمران عن الصادق (ع) قال سألته عن قول اله تعالى ذوا عدل منكم أو آخران من غير كم قال فقال اللذان منكم
مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فقال إذا مات الرجل المسلم بأرض غربة وطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين فليشهد على
وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهم مسألة قال المفيد ره لا تقبل شهادة أهل الذمة في وصيته انسان مات في بلاد الاسلام
وانما تقبل مع الضرورة إذا لم يوجد شهاد من أهله المسلمين لدلالة الآية والأحاديث على اشتراط الغربة ولى المقصود بالذات الغربة عن البلد فلو كان
521

في بلد المسلمين ولم يتفق له اشهاد أحد منهم إما لامتناعهم أو لغير ذلك من الأسباب فالأولى قبول الشهود من أهل الذمة ولو وجد مسلما مجهول العدالة فهما
أولي من شهود أهل الذمة ولو وجد مسلما فاسقان فإن كان فسقهما بغير الكذب والخيانة فالولي انهما أولي من أهله الذمة ولو كان فسقهما بتضمن اعتماد
الكذب وعدم التحرز منه فأهل الذمة أولي مسألة لا تقبل شهادة غير أهل الذمة ومن حكمهم من المجوس من ساير أصناف الكفار سواء كانوا على أهل
عفاف أفي مذهبهم أولا للأصل وكا لا تقبل شهادة فساق المسلمين المراهق ولو لم يجد سواي امرأة مسلمة قبلت شهادتها في ربع ما شهدت به لرواية ربعي الصحيحة عن الصادق (ع)
في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل فقال تجاز في ربع ما أوصي بشهادتهما وعن الباقر (ع) عن أمير المؤمنين (ع) انه قضي في وصيته لم يشهد ها الا امرأة فأجاز
حساب شهادت المراءة في ربع الوصية فقال علماؤنا وتقبل شهادة امرأتين في النصف وشهادة ثلاث نساء في ثلاثة أرباع الوصية وشهادة أربع في الجميع مسألة
هل يفتقر الحكم بقبول شهادة المراة في الربع والمرأتين في النصف والثلاث في ثلثة الأرباع إلى انضمام اليمين لم ينص علماؤنا على والأقرب افتقار الحكم إليه فتقبل شهادة رجل
وامرأتين في الوصية بالمال اجماعا منا من غير يمين للآية وتقبل شهادة رجل واحد مع اليمين في الوصية اجماعا منا ولا تقبل شهادة الرجل وحدة في بعض الوصية
من غير يمين اشكال ينشأ من أنه أكمل من المرأة فحينئذ لو قبلناه لم يقبل في الجميع قطعا الا مع المين وهل يقبل في الربع كالامرأة أو في النصف كالمرأتين اشكال ولو شهد
عدل وذمي فالأقرب القبول من غير يمين إذا تعذر شهادة المسلمين ولو شهدت امرأة مسلمة وذمي لم يقبل في الزايد على الربع ولو شهد أربع من نساء اله الذمة لم يعتد
بشهادتهن مسألة لا يقبل في الشهادة بالولاية الا شهاد رجلين عدلين مسلمين ولا تقبل شهادة أهل الذمة وان أكثروا ولا شهادة النساء كذلك لا منفردات
عن الرجال ولا منضمات إليهم ولا يقبل شهادة رجل ويمن والأقرب انه لا تقبل شهادة عدول أهل الذمة مع تعذر المسلمين مسألة لو أقر الورثة بأسهم
بالوصية بالملا أو الولاية ثبت فيما لا يفتقر إلى الشهادة وافتقر فان شهد اثنا من الورثة عدلان نفذت شهادتهما على باقي الورثة والا نفذ في قدر نصيبهما
ولو اشهد عبدين له على حمل أمته انه منه وانهما حران ثم مات فردت شهادتهما واخذ التركة غيره ثم اعتقهما وشهدا به أولا قبلت للولد ورجعاة؟ لكن
يكره للولد استرقاقهما لأنهما أحيا حقه وقد سلفت الرواية فيه البحث الرابع في المرض المقتضي للحجب مسألة العطية ضربان مؤخرة بعد الوفاة
ومنجزة فاما المؤخرة فمثل ان يوصي بعتق أو بيع أو محاباة أو بمال أو بمنفعة فان هذه الا فرق بين وقوعها في الصحة أو المرض واعتبارهما من الثلث بلا خلاف لان
وقوعا يكون بعد الموت ومع قصور الثلث يبدأ بالأول فالأول عندنا خلافا للعامة واما المنجزة فاما ان تقع حال الصحة أو حال المرض فإن كانت في حال الصحة مثل
ممن يهب الصحيح ويسلم أو يعتق أو يبيع بمحاباة فهي لازمة لا اعتراض لاحد عليهما ولا رجوع فيها فإن كانت في حال المرض فلها شرطان واحدهما ان يتصل المرض بالموت فلو
براء بينهما نفذ الميع من الأصل والثاني ان يكون المرض مخوفا وأقسام المرض ثلثه ضرب منه غير مخوف كوجع العين ووجع الضرس ووجع الرأس وحمى ساعة فان هذا فما
لا يخاف منه الموت في العادة وكذلك الأمراض التي تطول مدتها كالسل والفالج على ما يأتي تفصيلها فان ذلك يتطاول السنين الكثيرة وحكمه حكم الصحيح لي خاف
منه تعجيل الموت وان لا يبرأ فجرى ذلك مجرى الهرم الثاني ان ينتهي الحال بالانسان إلى ما يقطع فيه بموته منه عاجل وذلك بان يشخص بصرة عند النزع وتبلغ الروح الحنجرة أو
يشق بطنه وتخرج حشوته أو ينقطع حلقومه ومريه ومثل هذا الاعتبار بكلامه في الوصية وغيرها حتى لا يصح اسلام الكافر وتوبة الفاسق لأنه قد صار في خير الأموات
وحركته كحركة المذبوح ولا حكم لعطائه ولو قتله قاتل لم يجب به ضمان ولا كفارة لأنه لى؟ ء فيه حياة مستقرة قال الله تعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذ ا حضر الموت أحدهم
الموت قال إني تبت الا ولا الذين يموتون وهم كفار وكذا قاله الشافعي ويحتمل قويا ان يقال إن كان عقله ثابتا صحت وصيته واعتبر كلمه فان عليا (ع) اوصى وامر
ونهى بعد ضرب ابن ملجم لعنه الله وحكم بصحة قوله الثالث ان لا ينتهي الحال إلى ذلك لكن يكون مخوفا يخاف معه الموت فان عطاياه فيه صحيحة وكلامه نعتبر وعقوده منعقدة
لان عمر بن الخطاب لما جرح سقاه الطبيب لنا فخرج من جرحه فقال له أعهد إلى الناس فعهد الهيم واتفقت الصحابة على نفوذ وصيته فان براء من مرضه لزمت منجزاته
من الأصل اجماعا وان مات في مرضه ذلك نفذت من الثلث لان رجلا من الأنصار أعتق ستة أعم؟ له في مرضه لا مال له غيرهم فاستدعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وجزاهم ثلثه اجزاء
وأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وهذا المنجزات لازمة في حقه لأنه ينجزها بخلاف الوصية فإن كانت بقدر الثلث نفذت وإن كانت أكثر فان أجازها الوارث
جازت وان وردها الورثة قدم الأول فالأول لأنه سبق في الوقوع واللزوم وكذا الوصايا عندنا خلافا للعامة لان وقوعها عندهم؟ حاله الموت فأي حالة واحدة؟
فاما ان تصرف هذا المريض بالتبيع والشارع بغير محابات وصرف المال في شهواته وملاذه وملابسه فلا اعتراض عليه لان الاعتراض انما يكون في تبرعاته بعد ما لموت
فإذا اشترى بغير محاباة واتلف ما اشتراه فلى للورثة فيها عترا مسلة الحمى قسمان مطبقة وغير مطبقة فالمطبقة اللازمة فان ألزمت يوما أو يومين
لم يكن مرضا مخوفا فإذا دامت به صار ذلك مخوفا لما فيها من اضعاف القوة فان تصرف في اليوم الأول أو الثاني كان تصرفه ما ضيا وان تصرف في الثلث وفيما بعده
مضى؟ من الثلث والشيخ ره مال إلى ذلك وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم ان الحمى من أول حدوثها مخوفة؟ في عطيتها إن كانت قبل ان يعرق أو تصل الموت فهي
من الثلث و؟ هل انها كانت مخوفة فينظر في عطية وإن كانت بعد العرق فهي من رأس المال لان اثرها قد زال بالعرق والموت بسبب اخر والوجه عندي انه متى
اتصل المرض بالموت كان مانعا من الزايد على الثلث واما غير المطبقة فهي أنواع الورد وهي التي تأتي كل يوم والغب وهي التي تأتي يوما وتترك يوما والثلث وهي التي
تأتى يومين وتقطع يوما وحمى الأخوين وهي التي تأتي يومين وتقطع يومين والربع وهي التي تأتي يوما تقطع يومين وتعود في اليوم الرابع فما سوى الربع والغب
من هذه الأنواع مخوفة واما الربع على تجدها فهي غير مخوفة الا ان المحموم يأخذ القولة في يومي الاقلاع فذي العود بعد زوالها الا ان يكون معها برسام أو رعاف دايم أو
ذات الجنب أو وجع القلب والرية أو قولنج فيكون مخوفا لان البرسام بخار يرتقي إلى الرأس فيؤثر في الدماغ والرعاف الأديم يصفي الدم فيذهب القولة وزات الجنب
قرح بباطن الجنب يوجع شديد اثم ينفتح في الجوف ويسكن الوجع وذلك وقت الهلاك وكذا وجع الخاصرة ووجع القلب يستلزم اضطرابه فإذا اضطرب كان
مخوفا وكذا الرية لأنها لا تسكن حركتها في يند مال جرها والقولنج اعتقد الطعام في بعض الأمعاء لا ينزل عنه ويصعد بسببه البخار إلى الدماغ فيؤدي إلى الهلاك
فهذه كلها مخوفة سواء كان معها حمى أو لا واما حمى العقب فاختلف فيها فقال قوم انها مخوفة وقال آخرون انها غير مخوفة مسألة الاسهال إن كان متواترا
منحرفا لا يمكنه منعه لا مسكه فهو خوف وإن كان ساعة لان من لحقه ذلك أسرع في موته وينشف رطوبات البدن وان لم يكن متواترا بل يكون تارة وينقطع أخرى
فإن كان يوما أو يومين ولم يدم فليس بمخوف لأنه قد يكون من فضل الطعام الا ان يقترن به أحد أمور أ يتحرق البطن فلا يمكنه الامساك ويخرج الطعام غير مستحيل
522

ب ان يكون معه زحير وهو ان يخرج بشدة أو توجع أو تقطيع وهو ان يخرج كذلك ويكون متقطعا وقد يتوهم انفصال شئ كثير لهذا انظر كان قليلا وهو مخوف لا ن
فيه اضعاف القوة ج ان يعجله ويمنعه النوم د ان يكون معه دم فان خروج الدم مخوف لأنه يسقط القوة وكذا إن كان من الأعضاء الشريفة كالكبد وشبهه وكذا
الاسهال المنتن أو الذي يمازجه دهينة أو براز اسود يغلي على الأرض واما ان دام الاسهال فإنه يكون مخوفا سواء كان معه زحير أو لم يك مسألة السل داء يصيب
الرية ويأخذ البدن نه في النقصان والاصفرار وفيه قولان أحدهما انه لا يكون مخوفا لا في أوله ولا في اخره لان السل وان لم يسلم منه صاحبه غالبا فإنه لا يخشى منه
الموت عاجلا فيكون بمنزلة الشيخوخة والهرم والثاني ان السل في انتهائه مخوف وفي ابتدائه غير مخوف لا مدته تتطاول فابتداؤه لا يخاف منه الموت عاجلا
فإذا ينتهي خيف وقال آخرون ابتداؤه مخوف فإذا استمر لم يكن مخوفا واما الدق فإنه مخوف وهو داء يصيب القلب ولا تمتد معه الحياة غالبا مسألة إذا هاج
الدم وكان مخوفا وذلك بان يثور وينصب إلى عضو من يدا ورجل أو غيرهما فيحم وينتفخ وقد يذهب العوض وان لم يتدارك امره عاجلا وان سلم الشخص ولا يشترط
تغير العقل خلافا للشافعي في أحد قوليه فإنه مخوف مطلقا لان ذلك من الحرارة المفرطة وكذا هيجان الصفراء مخوف كهيجان الدمى لأنه قد يورث يبوسة وهياج
البلغم مخوفة لان ذلك نم شردة البرد فربما غلب على الحرارة الغزيرة فطفاها فإذا صار فالجا تطول ولم يكن مخوفا واما الطاعون فهو مخوف لامه من مشدة الحرارة
الا ان يكون مهيجا الدم في جميع البدن وينتفع وقال بعضهم انه انصباب الدم إلى عضو والوجه الأول وهو قريب من الجذام من اصابه تآكلت أعضاؤه وتساقط لحمه
مسألة إذا كانت الجواحه على مقتل أو نافه إلى أجوف؟ الرأس أو البدن أو في موضع كثير اللحم ولها ضربان شديد أو حصل معها تأكل أو ورم فهي مخوفة أو
لهذا قال الطبيب لعمر لما خرج اللبن من جرحه عهد ولأنه إذا وصل الجرح إلى الجوف لا يؤمن دخول الريح له فتطفي الحارة فيتلف فهذا كان مخوفا واما إن كانت في يد
أو ساق أو موضع لا ينفذ فان ورم الموضع أو وكان معه ضربان أو تأكل فهو مخوف والا فالا واما الرعاف الدايم فإنه مخوف لأنه ينزف الدم ويسقط القوة وأبتاؤه ليس
بمخوف واما القي فإنه كان معه دم أو بلغم أو بغيرهما من الاخلاط فهو مخوف والا فغير مخوف الا أيدوم والبرسام مهوف واما الجرب ووجع الضرب ووجع العين أو الصدع
فهي غير مخوفة مسألة إذا شك هل المرض مخوف أم لا رجع إلى أهل البصرة وهم الاطباع لانهم أهل الغرفة بذلك الخبرة والتجربة ولا يقبل في ذلك الا قول طبيبين
مسلمين عدلين بالغين لان ذلك يتعلق به اثبات حق الورثة واسقاط حقوق أهل العطايا فلا يقبل الا العدول وشرط الشافعية الحرية أيضا وليس بجيد و
للشافعية وجه في جواز العدول من الوضوء إلى التيمم بقول الصبي والمراهق والفاسق ووجه انه لا يشترط فيه العود ووجه انه يجوز العدول من الوضوء إلى التيمم بقول
الطبيب الكافر كما يجوز شرب الدواء من يده وهو لا يدري من أنه دواء أو داء فلا يبعد عدهم اطراد هذه الاختلافات هنا وقال الجيوني الذي أدي انه لا يلحق بالشهادات من
كل وجه بل يلحق بالتقويم وتعديل الانضباء في القيم حتى يختلف الرأي في اعتبار العد ولو اختلف الوارث وصاحب العطية في كون المرض مخوفا بعد موت المتبرع
فالقول قول المتبرع عليه لان الأصل السلامة عن المرض المخوف وعلى الورثة البينة ولا تثبت دعواه الا بشهادة عدلين رجلين ولا يقبل قول رجل وامرأتين
ولا شاهد ويمين لأنها شهادة على غير المال وإن كان المقصود المال ولو كان التبرع من امرأة على وجه لا يطلع الرجال عليه فغالبا احتمل قبول شهادة رجلين
ورجل وامرأتين وأربع نسوة وهل يعتبر في الشاهدين العلم بالطب الاقر ذلك ولو اختلف الوارث والمتبرع عليه في المرض فادعاء الوارث وان كره المتبرع عليه احتمل قويا تقدم ثم قول
المتبرع إليه سواء قصر زمان أمرض أو طال ولو اختلف الورث والمقر له فتهمة المقر فالأقوى المعلم بشاهد الحال وان اتفقت قدم قول المقر له ان يقيم الوارث البينة بها مسألة قد
بينا الان العطايا المنجزة إذا أوقعت في حال المرض فلعلمائنا قولان أحدهما انها تمضي من الصل ولا بحث فيه والثاني انها تمضي من الثلث بشرط استمرا المرض فيها إلى
حين الوفاة وهل يشترط في المرض ان يكون مخوفا الأقرب عندي المنع بل كل مرض يتصل به الموت سواء كان مخوفا أولا فان العطية فيه تخرج من الثل وقد اعتبر بعض علمائنا
الخوف في المرض وهل يلحقه به الأحوال المخوفة مما ليس بمرض الا قرب المنع واكثر العامة أو بعض
علمائا أحقها به في اخراج العطية المنجزة من الثلث وتأتي في مسائل مسألة
الحمل ليس بمخوف حتى ضر بها الطلق وبه قال الشافعي وقال الشيخ ره إذا ضرب الحامل الطلق فلها ثلثه أحوال حال قبل الطلب وحال مع الطلق وحال بعد الطلق فما قبل
الطلق لا يكون مخوفا وما يكون في حال الطلق ويكون مخوفا وقال بعضه اللا يكون مخوفا وما يكون بعده فإن لم يكن معه دم ولا ألم فلا يكون مخوفا وإن كان معه دم والام كان مخوفا ثم فقل
عن الشافعي انما يضر بها قبل الطلق لا يكون مخوفا وما يضربها مع الطلق قولان وما يكون بعده ضربان وقال سعيد بن المسيب الحمل من ابتدائه إلى انتهائه مخوف وقال
مالك إذا بلغ ستة أشهر فهو مخوف لأنه يفضي التلف فهو كالمرض واحتج الشافعي بان الحامل صحيحه لا تخال فمن الحمل التلف وانما تخاف إذا تجدد بها الطلق فقبل وجوده
تخاف المرض لا الموت فاما إذا ضربها الطلق فإنه يكون مخوفا وقال الشافعي في الوصايا انه غير مخوف ففي المسألة قولان أحدهما انه مخوف لأنه بمنزلة القطع ولا نهى حالة
خوف الصعوبة الامر الولادة والثاني انه غير مخوف لان الغالب من السلامة فإذا وضعت فالخوف باق إلى أن ينفصل المشيمة فإذا انفصل زال الخوف الا إذا حصل في
الولادة جراحة أو ضبان شديد أو دم فإذا مات الولد في البطن فهو مخوف لتعذر خروجه وإذا ألقت المضغة أو العلقة قال بعض الشافعية لا يكون مخوفا وبه
قال الشيخ ره وقال بعضهم القاء المضعفة كالولادة مسألة إذا حصل خوف من غيران يحل فالبدن شئ ففيه صور أ حال التحام الحرب واما يكون مخوفا
إذا امتزجت الطائفتان للقتال وتساوتا أو تقاربتا في التكاثر فإنها حالة فخوف فإن كانت إحديهما قاهرة للأخرى لكثرتها أو قوتها والاخرى من هزمة فالخايفة
هي المنهزمة والغايبة ليست بخايفة اجمعا وان لم تمتزج الطائفتان للحرب لكن وقع بينهم رمي النشاب وشبهه وهما متميزتان فليست بحالة خوف ولا فرق بين ان يكون
الطائفتان مختلفتين في الدين أو متفقتين ب الأسارى فان وقع الأسير في يد قوم لا يرون قتل الأسارى لم يكن مخوفا كمن وقع في يد الروم اجماعا وان وقد في
يد قوم يرون قتل الأسارى فهو مخوف ج ركوب البحر فان ركب وكان البحر ساكنا فهو غير مخوف اجماعا وان تموج واضطرب فهو مخوف إذا أقدم الاستيفاء القصاص
في قتل العمدة قال الشافعي ان جرح فهو مخوف أوان لم يجرح بعد فليس بخوف واختلفت الشافعية في هذه الصورة الأربع منهم من قال في الصورة الثلث السابقة يلتحق بالمرض
المخوف ونص الشافعي في الإماء في الصورة الرابع بالمنع فللشافعية إذا طريقان أظرهما وبه قال المزني انها على قولين في الجمع بالنقل والتخريج أحدهما انها غير ملحقة
بالمرض المخوف لأنه لم يصيب بدنه شئ وأظهرهما وبه قال أبو حنيفة ومالك والمزني الالتحاق به لأنها أحوال تستعقب الهلاك عاجلا والثاني الجريان على ظهار
النصين والفرق بين الصور الثلث والرابعة انه إذا التحم القتال لا يرحم بعضهم بعضا والبحر لا يحابي والكفار الرحم المسلمين ومستحق القصاص لا يبعد منه الرحمة والعفو
بعد القدرة إما طمعا في الثواب أو في المال وقال بعضهم إن كانت هناك ما يغلب على الظن انه يقتص من شدة حقه أو عدوة قدمة لا خوف تفريع فهو مخوف والا فلا
523

ه‍ إذا قدم ليقتل رجما في الزنا أو في قطع الطريق فالحكم كما كان في صورة التحام الحرب والقتل ونظايرهما لأنه ليس موضع الرحمة بخلاف ما إذا قدم للقصاص فعلى طريق للشافعية
فيه القولان وعلى الثاني بقطع بكونه مخوفا وفرق بعضهم يبين ان يثبت الزنا بالنية أو الاقرار لاحتمال الرجوع وقبوله في الثاني وإذا وقع الطاعون في البلد
وفشا الوبا فهل هو مخوف في حق من لم يصبه وجهان مخرجان من الخلاف في الصورة السابقة والا صح عنهم انه مخوف مسألة إذا كان المرض مخوف في حق من لم يصببه وجهان مخرجان من الخلاف في الصورة السباقة والا صح عندهم انه مخوف مسألة إذا كان المرض مخوفا حجرنا على
المريض في تبرعاته فيما زاد على الثلث ولم ننفذه على أقوى القولين ولو تبرع بالعقود الأزمة في حال الصحة ثم سلم وبراء بينا صحه التبرع وان ذلك المرض لم يكن مخوفا
وكذا إذا التحم القتال وحكمنا بأنه مخوف ثم انقضى الحرب وسلم ولو كان المرض غير مخوف واتصل به الموت فإن كان بحيث لا يحال عله الموت بحال كوجع الضرس و
نحوه فالتبرع نافذ والموت محمول على الفجاءة وإن كان غيره كاسهال يوم أو يومين تبينا باتصال الموت كونه مخوف أو كنا نظن أن القوة تحتمله فظهر خلافه وكذا
حمى يوم أو يومين إذا عرت هذا فقد قيل إن المرض المخوف ما يستعد الانسان بسببه لما بعد الموت بان يعد أسباب التهجي وما ينفعه من بعد الموت من قربة
ووصية ورد مظلمة وفي هذه العبارة تسامح فان صاحب الفالج إذا امتدت مدته يخرج عن هذا لان المفلوج لا يستعد للموت وما يعده وقال أصحاب
الرأي المرض المخوف ما يمنعه من المجئ والذهاب وما لا يمنعه من التردد وهو غير مخوف وروي عنهم ان المخوف هو الذي يجوز القعود له في صلاة الفرض تنبية
لا يشترط في المرض المخوف ان يقع الموت فيه غالبا بل يكفي ان يكون نادر كالبرسام ولو قال أهل المعرفة ان هذا المرض يخالف منه الموت لكنه سبب ظاهر في أن يتوالد
منه المرض المخوف فالأول مخوف أيضا وقال إنه يفضي إلى المرض المخوف نادرا فالأول إلى من يخوف المقصد الثلث فالمسائل الدورية وفيه فصول
الأول في المقدمات مقدمة لفظة الدور تستعمل بمعنيين أحدهما المحال الذي لا يتصور تحققه وهو الذي يتوقف فيه كل واحد من الشيئين على صاحبه
فلا يوجد الا بعد وجوده بان يكون كل واحد منهما عليه لصاحبه أوله من دخله في علته باعتبار واحد والضرورة ببطلان هذا سواء توقف وجود كل واحد
منهما في الخارج أو في الذهن على الأخر والثاني الممكن وهو الذي يتوقف وجود كل واحد منهما في الخارج عن مصاحبة الأخر كالمتضايقين وهو ممكن الوقوع في الذهن والخارج
إذا عرفت هذا فقول الفقهاء في بعض مايل الوصايا وغيرها انه يدخلها الدور انما يعنون به الثاني لا الأول لاستحالته وامتناع تحقق دخوله في شئ من الأشياء
ذهنا وعينا ولنضرب لذلك مثالا فنقول إذا خلف ولدا لا غير واوصى لشخص بمثل نصب ولده هذه مسألة قد دخلها الدور لأنا لا نعلم قدر الوصية الا إذا علمنا
قدر نصيب الولد فان اعطاء الموصي له مثل نصيب لا يمكن الا بعد العلم بالنصيب وقدره ولكن النصب لا يعلم قدره الا إذا عرفنا قدر الوصية لان الوصية مقدمة على الميراث
ولا يمكن ان يعرف كل واحد منهما بالآخر للدور المحال بل يعرف مع الأخر ولما كانت المماثلة هنا من باب الأمور والإضافية والإضافات تعلم معا بذكر سببها وجب
هناك كذلك فنقول لما أوصي له بمثل له بمثل نصيب ابنه فقد جعله مماثلا له في التركة هنا من باب الأمور الإضافية والإضافات تعلم معا بذكر سببها وجب
للاخر فيكون التركة في تقدير شيئين متساويين للولد شئ هو نصف التركة للموصي له شئ هو النصف الآخر هذا هو السبب المقتضي للإضافاة وحصل بمعرفته
معرفتهما مما عن غير تقدما حدهما على الأخر ولا توقف تقديم وتأخير مقدمة حساب الجبر والمقابلة حساب عام
يتعرف منه استخراج المجهولات في مسايل
المعاملات والتركات والوصايا والمساحات وهو مبني على ست مسائل يتولد عن أمور ثلثه اعدادا وجدور واما وال فالعدد إما أول وهو الذي يعده الواحد
لا غير كالثلاثة وهو الخمسة واما مركب اخر كالستة تعدها ثلاثة مرتين والاثنان ثلاثا والأربعة يعدها الاثنان وسمي مركبا لتركبه من عدد في عدد فان تركب من عدد
في مثله سمي مربعا كالأربعة تركبت من الأنثى في مثلها وان تركب من عددين مختلفين سمي غير مربع كالسنة تركبت من اثنين في ثلثة واما الجذر فهو العدد الذي يضرب
في مثله فيرتفع العدد الذي سميناه مربعا واما المال فهو العدد المركب الذي ارتفع من ضرب عدد في مثله وهو المربع أيضا كالمائة فإنها مربع حصلت من ضرب
عشرة في عشرة فالعدد أقسامه ثلثه مربع وجدر مربع وعد مطلق وليس مربعا ولجذر المربع فإن كان المربع مجهولا سمي ما لا وام كان ما لجذر مجهولا سمي شيئا وإذا قيل مال و
شئ لي موضع واحد أردنا بالشئ جذر ذلك المال الذي هو معه ويزيد بالمال مربع ذلك الشئ المقارن له والضرب تضعيف أحد المضروبين بعده ما في الضروب
الأخر من الآحاد وضرب الاعداد في الأشياء فإن كان المربع وفي الأموال أموال فان الآحاد في كل ما تضرب فيه يكون الخارج من جنس المضروب في كقولنا خمسه آحاد في خمسة أشياء
فخمسة في خمسة خمسة وعشرون فيكون من جنس المضروب فيه وهو الأشياء وضرب أربعة أحدا في لثلاثة أموال يكون الني عشر مالا وضرب الأشياء في الأشياء
يكون الخارج منه أموالا والخارج من ضرب الشئ في الأموال سمي كعابا ومن ضرب الأموال في الموال أموال أموال ولو تعددت الأجناس فيهما أو في أحدهما ضربتا كل جنس
من المضروب في كل جنس من المضروب فيه ثم يجمع ما يخرج من ذلك كل جنس مع جنسه كقولنا ثلثه أموال وشيئان وخمسه دراهم في أربعة أشياء ودرهمين نضرب
ثلثه أموال في أربعة أشياء يكون اثني عشر كعبا ثم نضربها في درهمين يكون ستة أموال ثم نضرب شيئين في أربعة الشياء تكون ثمانية أموال ثم في درهمين يكون أربعة
أشياء ثم نضرب خمسة دارهم في أربعة أشياء تكون عشرين شيئا ثم في درهمين تكون عشر دارهم ثم يجمع كل جنس مع جنسه فيكون الجواب اثني عشر كعبا وأربعة عشر
مالا وأربعة وعشرون شيئا وعشرة دراهم ولو كان في أحد المضروبين أو فيما اسماه؟ فان أنضرب أيضا كل جنس من المضروب مفردا في كل جنس من المضروب فيه و
تسع؟؟ الحاصل من ضرب الزايد في الزايد زايد ولو من ضرب الناقص في الناقص زايد أو من ضرب الزايد في الناقص ناقصا فإذا قلنا عشرة دراهم وشئ في عشر دراهم وشئ فنقول عشرة
زايدة في عشرة زايدة ماية زايدة وعشرة زايدة في شئ زايد عشرة أشياء زايدة وشئ زايد في عشرة زايدة عشرة أشياء زايدة وشئ زايد في شئ زايد مال زايد والمجموع
ماله درهم مال وعشرون شيئا ولو قيل خمسة الأشياء في سبعة الأشياء ضربنا خمسة زايدة في سبعة زايدة يكون خمسة وثلثين زايدا أو خمسة زايدة في شئ ناقص خمسة
أشياء ناقصة وسبعة زايدة في شئ ناقص سبعة أشياء ناقصة وشئ ناقص في شئ ناقص مال زايد والمجموع خمسة وثلثون واحدا ومال الا اثني عشر شيئا ولو قيل عشرة
وشئ في عشرة الأشياء ضربنا عشرة زايدة في عشرة زايدة تكون مائدة ثم نضرب عشرة زايدة في شئ زايد تكون عشرة ا شياء زايدة ثم تضرب عشرة زايدة في شئ ناقص يكون
عشرة أشياء ناقصة ثم تضرب شيئا زايد في شئ ناقص يكون مالا ناقصا فإذا جمعنا ونقصنا الناقص منا لزايد بقي مائة درهم الا مالا وإذا ضربت الجدور بعضها
في بعض ضربنا مربعيهما بعضا في بعض ثم نأخذ جذر ما اجتمع فهو الجواب مثلا نريد ضرب جدار أربعة في جذر تسعة فنضرب أربعة في تسعه يكون ستة وثلثين فيكون
الجواب ستة التي هي جذر ستة وثلثين وهذا في المفتوح وفي الأصم كذلك إذا أردنا نضرب جذر عشرة في جذر خمسة ضربنا عرة في خمسة يكون خمسين فالجواب
انه جذر خمسية وقد يكون في الجذر والصم ما إذا ضربت بعضها في بعض كان له جذر مفتوح كجذر ثمانية وهو أصم إذا ضربت في جذر ثمانية عشر وهو أصم خرج مفتوحا
524

لاذ ثمانية عشرة مائة وأربعة أربعون ز وجذرها اثني عشر وانما يصح في كل عددين نسبة أحدهما إلى الأخر كنسبة عدد مربع إلى عدد مربع كما نقول في اثنين وثمانية
نسبته أحدهما إلى الأخر ما ربع أو أربعة أمثال والربع مربع وجدره نصف والأربعة عدد مربع وإذا ضربنا اثنين في ثمانية خرج لنا من الضرب ستة عشر وجذرها أربعة
وهو مفتوح وقد خرج من جذر ثمانية في جذر ثمانية في جذر اثنين وهما أصمان وإذا أردنا ان نضرب جذر عدد في عدد ضربنا العدد في مثله ثم في العدد المجذور فما بلغ أخذنا جذره
فهو الجواب مثل ان نضرب جذر ستة عشر في خمسة فيضرب خمسة في مثلها يكون خمسة وعشرين ثم في ستة عشر يكون أربع مائة تأخذ جذرها عشرون وهو الجواب واما القسمة
فهي عكس الضرب في جميع أحوالها وإذا ضربنا الخارج من القمسة في المقسوم عليه عاد المقسوم كما تقسم ثلثين على خمسة يخرج من القسمة ستة إذا ضربت في المقسوم عليه و
هي الخمسة عادت الثلث وهي العدد المقسوم وكذا القسمة الجذر وبعضها على بعض فنفعل فيها كما فعلنا في الضرب بان نقسم أحد العددين على الأخر فما خرج من القسمة أجدنا
جذره وهو الجواب فإذا قسمنا جذر مائة على جذر أربعة وقسمنا ماية على أربعة يخرج خمسة وعشرون فجذرها الجواب ونقسم جذر ماية على أربعة ضربنا الأربعة في مثلها
يكون ستة عشر ثم نقسم مائة على ستة عشر يخرج من القسمة ستة وربع فإذا أخذنا جذرها كان اثنين ونصفا وهو الجواب مقدمة إذا تناسبت أربعة اعداد
فكانت نسبة الأول إلى الثاني كنسبة الثالث إلى الرابع مثل اثنين وثلثها وأربعة وستة فضرب الأول في الرابع كضرب الثاني في الثالث وقسمة الأول على الثاني كقسمة الثالث
على الرابع وقسمة الثاني على الأول كقسمة الرابع على الثالث فالاثنان ثلثا الثلاثة كالأربعة مع الستة وضرب اثنين في سقط كضرب ثلثه في أربعة ويخرج بقسمة الأول على
الثاني ثلثا واحد وكذا قسمه الثلاثة على أربعة فإذا كان أحدهما مجهولا أمكن استعلامه إما بالنسبة بان يكون الأول مجهولا فنسبته إلى الثلاثة كنسبة الأربعة إلى الستة والأربعة
ثلثا الستة فالمجهول أيضا ثلثا الثلاثة فهو اثنان واما بالضرب فان ضرب المجهول في الرابع وهو ستة كضرب ثلثة في أربعة ومعلوم ان الجميع منها اثني عشر فالخارج من ضرب
المجهول في التسعة أيضا اثنا عشر وكل عدد بين ضرب أحدهما في اخر فاجتمع ثلث فإنه متى قسم على أحدهما خرج الأخر فتقسم الاثني عشر على الستة يخرج اثنان وهو الذي كان
مجهولا واما بطريق القسمة فتقول قسمة المجهول على ثلثه كقسمة أربعة على ستة وقسمة الأربعة على ستة يخرج ثلثان فإذا ما يخرج قسمة المجهول على ثلثة ثلثان والخارج من القسمة
متى ضرب في المقسوم عليه عاد المقسوم فنضرب الثلثين في ثلثه يخرج اثنان وهو المطلوب وكذا كل واحد من الاعداد الباقية متى كان مجهول أمكن استخراجه بالطرق الثلاثة حسب
ما تقدم فإذا أرادت زيادة جزء معلوم عن عدد معلوم عليه فخذ مخرج الجزء وزد عليه ذلك الجزء منه وأضر به في العدد وأقسم ما اجتمع على مخرج الجزء فما حصل فالمطلوب فإذا أردنا
ان تريد على أربعة مثل ثلثها أخذنا ثلثه وزدنا عليها ثلثها حصل أربعة فإذا ضربت في أربعة وربع حصل سبعة عشر فإذا قسمت على ثلثه خرج خمسة وثلثان وهو أربعة و
ربع وزيد عليها فإذا أردت نقص جزء معلوم من عدد معلوم أخذنا مخرج الجزء نقصنا منه ذلك الجزء ضربنا ما بقى في ا لعدد ونقسم ما اجتمع على المخرج فالخارج هو المطلوب
فإذا نقصنا من أربعة وثلث مثل ربعها أخذنا مخرج الربع وهو أربعة ونقصنا ربعه بقي ثلثه فإذا ضربت ذلك في أربعة وثلث بلغت ثلثه عشر ونقسم ذلك على المخرج و
هو أربعة فيخرج ما لقسمة ثلثه وربع وذلك أربعة وثلث منقوصا منه اربعها وكل عدد زدت عليه مثل ثلثه فربع المجتمع مثل المثل الزايد وان نقصت ثلثه كان نصف
الباقي مثل الثلث الذي نقصت كثلثه إذا زدت ثلثها صارت أربعة وربع المجتمع وهو واحد مثل الثلث الزايد وأنقصت ثلثها بقي اثنان ونصف ما بقى وهو واحد
مثل الثلث الذي نقصت وكذا الخمس والسدس وساير الأجزاء فأزدت على عدد ثلثه أثمانه فثلثه اجزاء من أحد عشر مما اجتمع مثل الأجزاء المزيد وان نقصت منه ثلثه
أثمانه فثلثه أخماس ما بقى مثل الأجزاء المنقوصة وكل عددين متساويين زدت عليهما عددين متساويين فالمجتمعان مستاويان وكذلك لو نقصنا منها وهو ضروري
يبتني عليه الجبر والمقابلة لأنه إذا كان في إحدى الحصتين نقصان في المعادلة جبرت ذلك بان تكمل الناقص بزيادة بما نقص بزيادة ما نقص ثم تزيد مثله على الحصة الأخر فيكون أيضا
بعد الزيادة متساويين مثل مال الا نصيبا بعد ثلثه انصبا فتزيد على المال نصيبا ليكمل وتزيد النصيب على الانصباء فيصير مالا يعدل أربعة انصاب ولو كان
مال ونصف يعدل أربعة انصباء وأسقطنا نصف نصيب من الجانبين بقى مال يعدل ثلثه انصبا ونصف نصيب والاستثناء من الاستثناء زيادة في المستثنى فعشرة الا اثنين
الا واحد تسعة متقدمة اعلم أن المسايل الست الجبرية تنقسم إلى مفردة ومقرونة والمفردة ثلث وهو ان يعدل كل نوع منها نوعا اخر أعني أموالا تعل جذووا
وأموالا تعل عدد أو جذورا عدل عددا واما المقترنة فثلث أيضا وان يعدل كل نوعين منها النوع الثالث أعني أموالا وجذورا تعدل عددا وأموالا وعددا يعدل
جذورا وأموالا تعدل جذورا وعددا مثال الأولى من المفردات ثلثه أموال تعدل اثني عشر جذرا فطريق استخراج المال ان ينظر إلى ما يعادل المال الواحد من الجذر فنأخذ
بعدتها من الآحاد فهي الجذور المال مضروب ذلك الجذر في نفسه ولك طريقان أحدهما ان تقسم عدد الجذور على عدد الأموال فما خرج فهو يعادل المال الواحد من الجذار
والثاني ان تسب الواحد من عدد الأموال وتأخذ بتلك النسبة من عدد الأجذار كان أربعة فقد خرج لك ما يعادل المال الواحد من الطريقين مقدار أو أحد فقد ظهر ان المال الواحد
من عدة الأموال أعني ثلثها وإذا أخذت ثلث عدد الأجذار كان أربعة فقد خرج لك ما يعادل المال الواحد من الطريقين مقدار أو أحدا فقد ظهر ان المال الواحد
يعادل أربعة أجذار فنقول ان الجذر الواحد أربعة من العدد والمال مضروب أربعة في مثلها أعني ستة عشر من العدد فإذا جمعنا ثلثة أموال بلغ ثمانية وأربعين أحدا وهي
تعادل اثني عشر أجذار فإن كان المال أقل من مال كملناه مالا ونظرنا ما يعادل المال التام من الأجذار فنأخذ أيضا بعدتها فهو الجذر كقولنا نصف مال وثلث مال
يعدل خمسة عشر جذرا فانا نكمل المال بان نؤيد عليه خمسة وتزيد على الخمسة عشر خمسها فتصير ثمانية عشر فكأنه قال مال يعدل ثمانية عشر جذوا فالجذر ثمانية عشر
من العدد والمال مضروب ذلك في نصفه وهو ثلاثمائة وأربعة وعشرون ونصفه وثلثه مائتان وتسعون وهي تعدل خمسة عشر جذرا مثال المسألة الثانية وهي
أموال تعدل عددا فطريق استخراج المال ان ينظر إلى ما يعدل المال الواحد من العدد فهو المال والجذر وهو جذر ذلك الدد مثل خمسة أموال تعدل خمسة أربعين
واحد فانا نستخرج ما يعدل المال الواحد منا لعدد إما بالقسمة أو بالنسبة فيخرج المال الواحد يعدل تسعه من العدد فالمال تسعة والجذر ثلثه فإن كان المال أقل من
ما كملناه ما لا كما تقدم في المسألة السابقة مثال المسألة الثالثة وهي أجذار تعدل عددا فالوجه في استخراج ما يعادل الجذر الواحد من العدد هو كاستخراج ما يعدل
المال الواحد قد تقدم في المسألة الأولى ماثل المسألة الأولى من المقترنة وهي أموال وجذر وتعدل عددا فالطريق في استخراج ما يعادل الجذر الواحد من
العدد انصف ا لأشياء ونضرب ذلك في نفسه ثم نزيده على العدد فما بلغ أخذنا جذره ثم نقصنا منه نصف عدد الأجذار فما بقى فهو جذب الرمال فالمال من صرف
ذلك في نصفه كما نقول ما لو ثمانية أجذار تعدل عشرين واحدا من العدد فنصف الأجذار فيكون أربعة فنضرب ذلك في نفسه كون ستة عشر فنزيدها
على العدد يكون ستة وثلثين فنا خذ جذرها هو ستة فنقص منه نصف الأجذار فيبقى اثنان وهو جذر المال والمال أربعة وإذا جمعنا ما لا وثمانية
525

أجذار كان عشرين درهما فإن كانت الأموال أكثر من مال رددنا ذلك إلى مال أحد وفعلنا بجميع ما قارنه الأموال من الأشياء والاعداد إما فعلنا بالمال الاحد كما
تقول خمسة أموال وعشرة أجذار يعدل ماية وخمسة وسبعين عددا نرد المال إلى مال واحد بان نأخذ خمسها ثم نأخذ خمس الجميع فيصير بعد ذلك مال وجذر ان
يعدل خمسة وثلثين من العدد والعمل كما تقدم وكذا إن كانت أقل من مال مثل نصف مال وخمسة أجذار يعدل ثمانية وأربعين من العدد فانا نكمل المال بان نضربه في اثنين
ونضرب أيضا جميع ما معنا في اثنين فيصير بعد ذلك مال عشرة أجذار بعد الستة وتسعين من العدد ويعمل كالأول مثال المسألة الثانية وهلا أموال واعدادا تعدل
جذورا فالطريق في استخراج المال وجذره ان ننصف الأشياء ونضرب ذلك في نفسه وننقص منه العدد ثم نأخذ جذر ما بقى بعد نقصان الدد فان شئنا نقصناه من نصف
الأجذار وان شئنا زدنا ه على نصف الأجذار فيما بقي بعد الزيادة والنقصان فهو جذر المال والمال مضروب ذلك في نفسه كما تقول مال وخمسة ثلثون عددا يعدل اثني
عشر جذر انتصف الأجذار يكون ستة ونضربها في نصفها يكون ستة وثلثين عددا يسقط منه العدد الذي مع المال وهو خمسة وثلثون يبقي واحد ا فإذا أخذنا جذوره كان
واحدا فان شئنا زدناه على نصف الأجذار وهو ستة ويصير سبة وهي جذر المال والمال تسعة وأربعون وان شئنا نقصنا من نصف الأجذار وهو ستة يبقى خمسة
وهي جذر المال والمال خمسة وعشر ونفاذا أزدنا العدد وهو خمسة وثلثون على المال الأول بلغ رابعة وثمانين وهي تعادل اثني عشر جذر أو إذا زدناه على المال الثاني بلغ سنين
وهو أيضا يعادل اثني عشر جذرا فان نقصت الأجذار وضربها في نفسه أو كانت مثل العدد الذي مع المال فان عدة نصف الأجذار مساوية لجذر المال والمال مضروب
ذلك في نفسه مثاله مال وستة عشر عددا يعدل ثمانية أجذار فإذا نصفنا الثمانية كان ذلك أربعة فإذا ضربناها في نفسها بلغت ستة عشر وهي مساوية للعدد الذي
مع المال فنقول ان نصف الأجذار هو جذره المال والخمال ستة عشر وإذا أضفت إليه ستة عشر عددا كان ذلك
اثني وثلثين وهي مساوية لثمانية أجذار مثال المسألة
الثالثة وهي أموال تعدل جذورا وعددا فالعمل في استخراج الجذر هو ان ننصف الأجذار ونضرب ذلك في نفسه فما بلغ تزيد عليه العدد فما بلغ استخراج أخذت
جذره وزدت عليه نصف الأجذار فما بلغ فهو جذر المال كقولنا مال يدل أربعة أجذار وخمسة اعدادنا خذ نصف الأجذار وهو اثنان ونضربه في نصفه ونزيده
على العدد فيبلغ تسعة نأخذ جذرها وهو ثلثه تزيد عليه النصف الأجذار اثنين تصير خمسة وهي جذر المال والمال خمسة وعشرون وهو يعدل خمسين العد وأربعة
أجذار أعني عشرين عدد أو إذا كان المال أكثر من مال أو أقل من مال فالعمل فيه كما سبق وعلم أن أكثر المسائل الآتية في الوصيا من المايل الثلث المفردة فان المعادلة فيما
ينتهي إلى النوع يعمل نوعا واما المسائل المقترنة فلنذكر لها أمثلة من الوصايا مثال المسألة الأولى لو اوصى لرجل بمثل نصيب أحد بنية الثلاثة ولاخر بجذر نصيبه و
التركة تسعة وثلثون درهما علنا إلى الموصي له بالنصيب نصيبا ونسميه مالا لان كل عدد له جذر سمي مالا يبقى تسعة وثلثون والا مالا ثم ندفع إلى الأخر جذرا يعدل انصباء
الورثة وهي ثلثه أموال فإذا تسعة وثلثون الا ما آلو جذرا تعد ثلثه أموال فنجبر العدد بمال وجذر يصير أربعة أموال وذكر بعدل تسعه وثلثين فنرد ذلك إلى مال واحد
بان نرد يمع ما معنا إلى أربعة تصير معنا مال وربع جذر بعدل تسعة وثلثه أرباع فخرجت هذه المسألة إلى المقر ان الأولى وهي أموال وجذور يعدل عددا فتنصف
ما منعنا من الجذور وهو ربع فيكون ثمنا وتضربه في نفسه فيكون جزء واحدا من أربعة وستين جزءا من أو أحد ونزيده على العدد وهو تسعة وثلثه أرباع تصير تسعة
اعداد وتسعة وأربعين جزءا من أربعة وستين جزءا من واحد ونأخذ جذره وهو ثلثه وثمن نسقطه نصف ما كان معنا من الجذور وهو ثمن فيبقى ثلثه وهو جذر
المال فالمال تسعة وهو النصيب وإذا أردنا التجربة دفعنا من التركة بالوصية الأزلي نصيبا وهو تسعة وبالوصية الثانية جذر نصيب هو ثلثه ويبقى للورثة
سبعة وعشرون لكل واحد تسعة مثال الثانية لو اوصى بمثل نصيب أحد بينه والثلاثة وللآخر بدرهمين وثلثه أرباع فكان الباقي من الثلث بعد اخراج النصيب جذري
النصيب فثلث المال نصيب وجذر نصيب لقوله كان الباقي من ثلث المال بعد اخراج النصيب جذر النصيب مالا فيكون الثلث ما لا وجذرين والتركة ثلثه أموال ستة أجذار
فيخرج بالوصية الأولى مالا وبالثانية درهمين وثلاثة أرباع يبقى من التركة مالان وستة أجذار الدرهيمن وثلثه أرباع درهم يعدل ذلك انصباء الورثة وهي ثلثة
أموال فيكتمل ما معنا بالدراهم الناقصة فيحصل معنا ثلثة أموال ودرهمان وثلاثة أرباع يعدل مالين وستة أجذار يسقط مالين بمالين فيبقى مال ودرهمان وثلاثة
أرباع يعدل مالين وستة أجذار يسقط مالين بمالتين فيتقى مال ودرهمان وثلاثة أرباع يعدل درهمان وثلاثة
ستة أجذار فخرجت هذه المسألة المقترنة الثانية وهي أموال وعدد تعدل جذور اتصف الاجذار فتكون ثلثة أفنضربها في نفسها فيكون تسعة
ونسقط منها لا عدد فيبقى ستة وربع نأخذ جذر ذلك وهو درهمان ونصف ويزيده على النصف الاجذار فيكون خمسة ونصفا وذلك حذر النصيب فالنصيب ثلثون
وربع وكانت التركة ثلثه انصاب وستة أجذار فهو ماية وثلثه وعشرون وثلثه أرباع فإذا أردنا التجربة بنظرنا إلى الثلث وهو أحد وأربعون وربع فكان ثمل
نصيب ومثل جذريه لان النصيب ثلثون وربع وجذراه أحد عشر ثم دفعنا من المال بالوصية الأولى نصيب أو هو ثلاثون وربع فيبقيا المال ثلاثة و
تسعون ونصف دفعنا بالوصية الثانية درهمين وثلثه أرباع فيبقى تسعون وثلثه أرباع لكل ابن ثلثون وربع مثل النصيب الذي دفناه بالوصية مثال
الثالثة لو اوصى لرجل بثلث ماله ولا خر بعشرة ولم يفسد الرجوع بل التشريك في المثل فتضار بالثلث فأصاب الموصي له بالثلث تسعة دراهم فنجعل المثل شيئا فالموصي
له بالثلث ضرب شئ في الشئ فأصابه تسعة وضرب فيه الأخر بعشرة فأصابه شئ الا تسعة ونسبة التسعة التي أصاب الموصي له بالمثل إلى الشئ الذي ضرب به كنسبة شخص الا تسعة
وهو ما أصاب الأخر إلى العشرة التي ضرب بها فحصل معنا أربعة اعداد متناسبة الأولى تسعة والثاني شئ والثالث شئ الا تسعة والرابع عشرة فضرب الأول في الرابع كضرب
أحد الأوسطين في الأخر فيكون مالا الا تسعة أشياء فإذا مال الا تسعة أشياء يعدل تسعين فيخبر المال بالأشياء الناقصة فيصير مالا يعدل تسعين وتسعة أشياء فقد خرجت
هذه المسألة بالمقترن الثلث وهو جذور وعدد تعدل أموالا فتنصف الاجذار فيكون أربعة ونصفا وتضربها في نفسها يكون عشرين وربع ونزيدها على العدد فتكون
مائة وعشرة وبربعا نأخذ جذر ذلك وهو عشرة ونصف فنزيده على النصف الاجذار فيكون ختمة عشر وهو الشئ وكان ثلث المال شيئا فهو خمسة عشر فالمال خمسة وأربعون
فالموصي له بالثلث يضرب فيه بجمعته عشر والاخر بعشرة فيقسم المثل بينهما على خمسة فللموصي له بالمثل ثلثه أخماسه وذلك تسعة وللآخر خمساه وهو ستة وإذا قد تمهدت
هذه المقدمات فلنشرع في المقصود في فصول الفصل الثاني في الوصيا الخارجة عن الاستثناء مسألة لو اوصى لرجل بمثل نصيب
أحد بنية الثلاثة أو لاخر بثلث ما يبقى من ثلث المال بعد النصب نأخذ ثلث المال فندفع منه للموصي له الأول نصيبا يبقى لمثل املا الا نصيبا ندفع ثلثه إلى
الموصي لها ثاني وهو تسع مال الثلث نصيب يبقى تسعا مال الا ثلثي نصيب نريد ذلك على ثلثي المال انصباء الورثة تصير ثمانية اتساع مال الا ثلثي نصيب تعدر
526

انصباء الورثة وهي ثلثه فخبر ثمانية اتساع المال بثلثي نصيب وتزيد ذلك على الجانب الآخر يكون ثمانية اتساع مال تعدل ثلثه انصباء وثلثي نصيب وتكمل المال بالتسع الناقص
ونزيد بحسب ذلك على الانصباء وكل عدد نقصت تسعة فان ثمن ما بقي مثل التسع الذي نقصت فنزيد على الانصباء مثل ثمنها ونأخذ مخرج الثمن وهو ثمانية ونزيد
عليها ثمنا واحدا تكون تسعة ونضرب ذلك في الانصباء التي معنا وهي ثلثه انصباء وثلثا نصيب فيكون ثلثه وثلثين ونقسم ذلك على الكسر فيخرج أربعة انصباء
وثمن نصيب وذلك هو المال فنصب وذلك هو المال فنبسط ذلك من جنس الكسر تصير ثلثه وثلثين وهو المال والنصيب ثمانية أو نعجل المال كله ثلثه انصباء وصيتين ونسمي الموصيتين
وصية فالمال ثلثه انصاء ووصية ثلثه نصيب وثلث وصية ندفع إلى الموصي له بالنصيب نصيبا يبقى من ثلث وصية ندفع إلى الموصي له الثاني ثلث ذلك
وهو تسع وصيته يبقى من الثلث تسعا وصية يزاد على الثلثين فيحصل نصيبان وثمانية اتساع وصيته يعدل النصباء الورثة وهي ثلثه ونسقط نصيبين بنصيبين
فيبقى ثمانية اتساع وصية تعدل نصيبا فنكمل الوصية بان نزيد على اكل واحد من الجنسين مثل ثمنه فيصير معنا وصيته تعدل نصيبا وثمنا وكان المال ثلثه انصباء
ووصية فهو إذا أربعة انصباء وثمن نبسط ذلك من جنس الكسر تصير المال ثلثه أو ثلثين والنصيب ثمانية
وبطريقة الدينار والدرهم نجعل ثلث المال دينارا وكم شئت
من الدراهم وليكن ثلثه تسهيلا للعمل فيكون المال كله ثلثه دنانير تسعة دارهم ثم ندفع ثلثها إلى
الثاني يبق من الثلث درهمان نزيدهما على الثلثين فيحصل دينارا وثمانية دراهم تعدل ثلثه دنانير نسقط دينارين بمثلهما يبقى دينار بعدل ثمانية دراهم وهو
قيمة للدينار وهو النصيب ود كنا جعلنا الماء ثلثه دنانير وتسعة دراهم فهو إذا ثلثه وثلثون وبطريق الباب ويسمى طريق الحشو أيضا نأخذ مخرج الكسر الذي منه
الوصيتان وهو ثلثه ونضر به في مخرج الكسر الذي هو الوصية الثانية تبلغ تسعة نلقي منه واحد تبقى ثمانية وهوا النصيب ثم نأخذ عدد البنين وهو ثلثه نزيد
عليها واحد للموصي له بالنصيب يكون أربعة نظربها في خرج اكسر الوصية الثانية وهو ثلثه يكون اثني عشر تسقط منها واحد الكسر الوصية الثانية فيبقى أحد عشر وهو
ثلث المال والمال ثلثه وثلثون وبطريق الخطأ نضع النصيب كم شيئا فلنجعله درهما نوضع تمام الثلث عددا له ثلثه تسهيلا وللعمل وهو ثلثه دراهم فيكون الثلث أربعة
دراهم والمال كله اثني عشر ندفع إلى الموصي هل ان الثلث درهما بالنصيب تبقى ثلثه دراهم ندفع إلى الموصي له الثاني فثلث ذلك هو درهم يبقى درهمان نزيد العدد درهمين على
الثلثين يحصل معنا عشرة دراهم ندفع إلى كل واحد من البنين درهما يبقى معنا سبعة فقد أخطئنا بسبعة زايده فنحفظ ذلك ثم نرجع فنقول يجب ان يكون النصيب
أكثر من أحد لأجل ان الخطاء زايد فلنجعله درهمين وتمام الثلث ثلثه دراهم فيكون الثلث خمسة دراهم والمال خمسة عشر درهما عشر فندفع إلى الموصي له الأول ن الثلث بالنصيب
درهمين فبتبقي ثلثه دراهم ندفع إلى الموصي له الثاني ثلث ذلك يبقى درهمان نزيدهما على الثلثين فيحصل معنا اثني عشر ندفع إلى كل واحد من البنين نصيبه درهمين يبقى
معنا ستة فقد أخطائنا بستة زايده وكان الخطاء الأول سبعة فقد نقص بزيادة درهم في للنصيب واحد من الخطا فإذا متى زدنا على النصيب الأول وهو درهم سبعة
زال الخطاء كله فيكون النصيب ثمانية وثلث المال أحد عشر والمال كله ثلثه وثلثون الخطاء الأول سبعة والزيادة واحد والخطأ الثاني ستة وتفاضل الخطائين واحد ولانا نقول
معنا سبعة اسقاط واحد منها واحدا فالستة الباقية فسقطها بكم فهذا كقولنا الواحد بواحده فالسبعة بكم لان نسبة الخطأ الأول إلى العدد الذي يجب ان يزيد في النصيب حتى
يسقط كله كنسبة التفاضل وهو الساقط من الخطا إذا أردنا على النصيب شيئا وهو في مسئلتنا واحد إلى العدد الذي زدناه وهو واحد وهو نسبه المثل فإذا
نسقط السبعة بمثلها واعلم أن حساب الخطائين طريق علام يستخرج به كثير من المسايل المجهولة وهو مستخرج من الاعداد المتناسبة لان نسبة الخطاء الأول إلى العدد الذي
يجب ان نزيده على النصيب الأول كنسبة تفاضل الخطا ين إلى العدد الذي زدناه في الثاني فإذا جعلنا الخطا الأول من الأربعة الاعداد كان المطلوب هو الثاني وتفاضل
الخطائين وهو الثالث والعد المزيد هو الرابع فثلثه من هذه الاعداد معلومه وواحد منها مجهول وهو الثاني فمعرفة المجهول بطريق النسبة ما تقدم واما بطريقة
الضرب فان نضرب الأول وهو سبعة في الرابع وهو وواحد يكون سبعة ونقسمهما على الثالث وهو واحد يكون بسعة وهو العدد المطلوب فإذا أردنا على النصيب الأول
وهو درهم كان ثمانية وهو النصيب وعلى طريق القسمين قسم الرابع على الثلث وكلاهما واحد فيخرج من القسم أيضا واحد وذلك كقسمة المجهول وعلى المطلوب فنضرب ذلك
في الأول فيكون سبعة وهو العدد المطلوب نزيده على الواحد فيكون ثمانية إما ما خرج على المتناسبة فباب الجبرية أولي فإذا أردت استخراج مسألة من المسائل المذكورة
بحساب الخطاين فضع العدد الذي سئلت عنه ما شئت من الاعداد وسقة الساقة التي بقضبها شرط المسائل فان ادراك ذلك إلى ما ذكر السايل انه يؤدي إليه
فعددك الموضوع هو المطلوبان لم يؤديهما لان ذلك فاما ان يؤدي إلى ما هو أزيد من المطلوب أو انقص منه فاحفظ الزيادة أو النقصان وسم ذلك الخطا الأول ثم ضع
مجهول المسألة عددا اخر عدد كان واعمل به عملك الأول فان وافق المطلوب فذلك وان خالف فاما ان يكون زايدا عليه أو ناقصا عنه فلتسم الزيادة أو النقصان
خطا ثانيا ثم انضري الخطأين هل يتفقان في الزيادة أو النقصان أو يختلف ان بان يكون أحدهما زايد أو الأخر ناقصا فان اتفقا بان كانا معا زايدا من أو كانا معا ناقصين
فاضرب العدد الموضوع أولا في الخطا الثاني والعدد الموضوع ثانيا في الخطا الأول وخذ فضل ما بين المبلغين اقسمه على فضل ما بين الخطأين فما خرج من القسمة
فهو الجواب وان اختلفنا فاجمع ما يرتفع من ضرب العدد الأول في الخطا الثاني وما يرتفع من ضرب العدد الثاني في الخطاء الأول وأقسم ما يجتمع من ذلك على مجموع
الخطاين فما خرج من القسمة فهو ا لجواب فلنضع لكل واحد منهما مثالا فإذا قيل نريد عددا إذا أزيد عليه نصفه وثلثه بلغ عشرين فلنصفه ستة ونزيد عليه خمسة يبلغ
أحد عشر فلو بلغ عشرين أنصبنا وكان هو العدد المطلوب وحيث بلغ أحد عشر فقدا أخطأنا بتسعه ناقصة فهي الخطاء الأول فلنحفظه ثم نضع المطلوب تسعة وزيد عليه
نصفه وثلثه يكون ستة عشر ونصفا فقد أخطأ بثلثه ونصف فهي الخطا الثاني وهو ناقص أيضا فاضرب العدد الأول وهو ستة في الخطاء الثاني
وهو ثلثه ونصف يكون أحد أو عشرين ثم نضرب العدد الثاني وهو تسعة في الخطأ الأول هو تسعة يكون أحد أو ثمانية لان الخطأين متفقان في النقصان فخذ
الفضل ما بين أحد وعشرين واحد وثمانين بان تنقص أقلهما من أكثرهما يبقى الفضل ستين نقسمهما على الفضل من بين الخطأين وهو خمسة ونصف لان أحد الخطأين كان تسعة
والاخر ثلثه ونصفا وذلك بان نضرب المقسوم عليه كل واحد منهما على انفراد في مخرج النصف الذي منهما على انفراده في مخر النصف الذي هو اثنان فيصير الستين مائة وعشرين والخمسة ونصف
أحد عشر فإذا قسمت المائة والعشرين على الأحد عشر خرج عشرة وعشره عشرة اجزاء من أحد عشر وهو العدد الذي إذا زيد عليه نصفه وثلثه وبلغ عشرين وذلك أن نصفه خمسة
وخمسة اجزاء وثلثه وثلثه وسبعة اجزاء فإذا زدتهما عليه كان الجميع عشرين ولو قيل مال زدت عليه نفسه وثلثه دراهم ونقصت كما اجتمع ثلثه وأربعة دراهم فبقى عشره
دراهم فنفرضه عشرين درهما نزيد عليها نصفها وثلثه دراهم تبلغ ثلثه وثلثين نسقط منها ثلثها أربعة دراهم تبقى ثمانية عشر أخطأنا بثمانية زايده وهو الخطا الأول
527

ثم نفرض العدد المطلوب ستة عشر ونزيد عليها نصفها وثلثه دراهم تبلغ سبعة وعشرين تنقص ثلثها وأربعة دارهم تبقى أربعة عشر فأخطأنا بأربعة زايدة يضاف أيضا فاضرب العدد
الأول وهو عشرون في الخطا الثاني وهو أربعة يكون ثمانية ونضرب العدد الثاني وهو ستة عشر في الخطا الأول وهو ثمانية يكون مائة وثمانية وعشرين فلا تفاق الخطأين
في الزيادة تأخذ الفضل بين الثمانين والمائة والثمانية والعشرين وهو ثمانية وأربعون نقسمه على الفضل بين الخطأين اللذين أربعة وثمانية والفضل بينهما أربعة يخرج من
القسمة اثنا عشر وهو العدد المطلوب الذي إذا أزيد عليه نصفه وثلثه دراهم ونقص مما اجتمع ثلثه وأربعة دراهم
بقي عشرة لو قيل اي عدد يكون نصفه وثلثه وربعه عشره
فافرضه ثمانية وخذ نفسها وثلثها وبربعها تبلغ ثمانية وثلثين قفد نقص عن المشترط بواحد وثلث فهو الخطا الأول وهو ناقص ثم افرض العدد المسؤول عنه اثني عشر و
أجمع نصفه وثلثه وربعه يبلغ ثلثه عشر وهو زايد على ما ينبغي بثلثه دراهم فالخطأ الثاني ثلثه زايدة فاضرب العدد الأول وهو ثمانية المفروضة أولا في الخطا الثاني وهو
ثلثه تبلغ أربعة وعشرين واضرب المفروض الثاني وهو اثنا عشر في الخطا الأول وهو واحد وثلث يكون ستة عشر فلاجل اختلاف الخطأين الأول وهو واحد وثلث يكون ستة عشر فلاجل اختلاف الخطأين في الزيادة والنقصان تجمع الأربعة
والعشرين والستة عشر تبلغ أربع نقسم على مجموع الخاطين الذي أحدهما واحد وثلث والاخر ثلثه ومجموعهما أربعة وثلث وذلك بان نضرب كل واحد من المقسوم و
المقسوم عليه مفردا في مخرج الثلث فتصير الأربعين مائة وعشرين والأربعة والثلث ثلثه وعشر ثم نقسم المائة والعشرين على ثلثه عشر يخرج من القسمة تسعه وثلاثة اجزاء
من ثلثه عشر وهي العدد المطلوب الذي يكون مجموع نصفه وثلثه وربعه عشرة مسألة لو اوصى بنصيب أحد الورثة وبجزء شايع من المال ويكون الجزء مضافا
إلى جميع المال فان فم تزد جملة الوصايا على الثلث جعلت الموصي له بالنصيب كأحد الورثة أو صحت مسألة الورثة ثم تأخذ مخرج الوصية وتخرج منه جزء الوصية فان انقسم الباقي
على مسألة الورثة فذاك والا فطريق التصحيح ما سبق فان زادت على الثلث فان أجاز الورثة فلا يجث والا قسم الثلث على نسبة القسمة عند الإجازة فلو اوصى بمثل
نصيب أحد بنيه الثلاثة الواحد ولاخر بعشر المال فمسألة الورثة والموصي له بالنصيب أربعة ومخرج المجزء عشرة يبقى بعد اخراج الجزء تسعة لا ينقسم على أربعة ولا وفق بينهما
فنضرب أربعة في عشرة يبلغ أربعين للموصي له بالعشر أربعة ولكل ابن تسعة وكذا الموصي له وجملة الوصيتين ثلثه عشر وبالجبر نأخذ مالا ونسقط منه نصيبا يبقى
مال الا نصيبا نسقط منه عشر جميع المال للوصية الثانية يبقى تسعة أعشار مال الا نصيبا يعدل ثلثه انصباء نجبر ونقابل فيكن تسعة عشرا مال بعدل أربعة انصاب
فنضرب الأربعة في مال له عشر وأقله عشر يكون أربعين مسألة لو أوصي لزيد بمثل نصيب ابنيه الثلاثة ولعمر وبسدس باقي المال بعد النصيب فأسهل
طريق الجبر ان نأخذ المالا ونسقط منه نصيبا لزيد يبقى مالا نصيبا فسقط سدسه لعمر ويبقى خمسة أسداس مال الا خمسة أسداس نصيب تعدل انصباء الورثة و
هي ثلثة تجبر وتقابل يكون خمسة أسداس مال يعدل ثلثه انصباء وخمسة أسداس نصيب نضرب ثلثه وخمسة أسداس نصيب ف أقل عدد له سدس وهو ستة يكون ثلثه وعشرين
والنصيب خمسة تبقى ثمانية عشر سدسها لعمر وتبقى خمسة عشر لكل ابن خمسة وبطريقة الدينار وان بجعل المال كله دينار أو ستة دراهم ونجعل الدنيا ونصيب زيد ودرهما
من الستة لعمر ويبقى خمسة دراهم للبنين لكل واحد درهم ثلثان قيمة الدينار درهم وثلثان وكنا جعلنا الخال دينار أو ستة دراهم فهو اذن سبعة دراهم ثلثان نبسطها
أثلاثا يكون ثلثه وعشرين وتسمى طريقه الدينار والدرهم وبطريقة القياس مسألة الورثة ثلثه فلزيد سهم ونزيد على كل واحد من سهام البنين مثل خمسة لأنه وصي بسدسها
وسدس كل شئ مثل خمس الباقي بعد اخراج السدس فيكون جميع المال أربعة سهام وثلثه أخماس نبسطها أخماسا يكون ثلثة وعشرين وبطريقة الحشو سهام الورثة ثلثة ونصف
إليها سهما لتزيد تصير أربعة نضربها في مخرج السدس يكون أربعة وعشرين نسقط منها الحاصل من ضرب الجزء الموصي به بعد النصيب في النصيب وهو واحد يبقى ثلثه وعشرون
فهي المال فان أردت النصيب أخذت سمهما وضربته في مخرج السدس يكون ستة تسقط منها ما أسقطته من المال تبقى خمسة فهي النصيب أو تأخذ سهام الورثة وتضربها في
مخرج السدس تصير ثمانية عشر تدفع سدسها إلى عمرو وهو ثلثه تبقى خمسة عشر لكل ابن خمسة فإذا ظهر ان النصيب خمسة فلتضفها إلى ثمانية عشر يكون ثلثه وعشرين أو نقول المال
كله ستة ونصيب النصيب لزيد وسهم لعمر ويبقى خمسة للورثة منها ثلثه نضربها في ستة يكون ثمانية عشر مع النصيب المجهول سدس الثمانية عشر لعمر والباقي لكل
ابن خمسة فعرفنا ان النصيب المجهول خمسة وان المال ثلثة وعشرين مسألة لو أوصي لرجل بمثل نصيب وارث ولاخر بجزء مما بقى من المال قبل ان يعطي صاحب النصيب مثل
نصيب الوارث لو لم يكن وصية اخر وقيل يعطي مثل نصيبه من ثلثي المال وقيل يعطي مثل نصيبه بعد اخذ صاحب الجزء نصيبه فعلى الخير يدخلها الدور فلو خلف ثلثه
بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم لزيد ولعمر وبنصف باقي المال فعلى الأول الزيد الربع ولعمر ونصف الباقي والمتخلف للبنين وتصح من ثمانية وعلى الثاني لزيد السدس ولعمر و
نصف الباقي وتصح من ستة وثلثين وعلى الثالث نأخذ مالا ونسقط منه نصيبا يبقى مال الا نصيبا ندفع نصف إلى عمر ويبقى نصف مال الا نصف نصيب تعدل انصباء
الورثة تجبر وتقابل يبقى نصف مال يعدل ثلثه ونصفا فالمال كله سبعة مسألة لو اوصى لزيد يمثل نصيب أحد نبيه ثلثه ولعمر وبثلث ما يبقى من ثلث
المال بعد النصب نجعل ثلث المال عددا له ثلث وأقله وثلثه ونزيد على أحد للنصيب يكون أربعة وإذا كان الثلث أربعة كان المال اثني عشر ندفع إلى زيد واحد والى
عمرو واحد أو هو ثلث الثلاثة الباقية من ثلث المال يبقى سهمان نضمهما إلى ثلثي المال يكون عشرة وكان ينبغي ان يكون ثلثه ليكون لكل ابن مثل النصيب المفروض فقد زاد
على ما يجب سبعة وهو الخطا الأول ثم نقد الثلث خمسة ويجعل النصيب اثنين وندفع واحد إلى عمر ويبقى سهمان نزيدهما على ثلثي المال وهو عشرة على هذا التقدير
يبلغ اثني شعر وكان ينبغي ان يكون ستة ليكون لكل ابن سهمان فزاد على الواجب ستة وهو الخطا الثاني ثم نقول لما أخذنا أربعة زاد على الواجب سبعة ولما زدنا
سهما نقص عن الخطا سهم فعلمنا ان كل سهم نزيده ينقص به من الخطا سهم وقد بقي من الخطا ستة أسهم فنزيد لها ستة أسهم تكون أحد عشر سهما فهو ثلث الكمال النصيب
منها ثمانية وجميع المال ثلثه وثلثون ويسمى هذه الطريقة الجامع الصغير من طريق الخطأين مسألة لو أوصي لزيد بمثل نصيب أحد نبية الا ربعه ولعمر وبربع ما يبقى
من الثلث يعد النصيب نأخذ أربعة لقوله بربع ما يبقى ونزيد عليه النصيب واحد أو نجعل الخمسة لثلث المال فندفع منها سهما بالنصيب إلى زيد وسهما بربع ما يبقى إلى عمر و
ويبقى ثلثه نصيبا إلى ثلث المال عشرة تبلغ ثلثه عشر وان ينبغي ان يكون أربعة فزادت تسعه وهو الخطاء الأول ثم نضعف ما كمنا أخدناه أولا فنأخذ ثمانية ونزيد
عليها للنصيب مثل ما زدناه أولا وهو واحد ونجعل الستة ثلثه المال واحد منها لزيد وسهمان منهما ربع الباقي لعمر ويبقى ستة نضمها إلى ثلثي المال يكون أربعة و
عشرين وكان الواجب ان يكون أربعة فزاد عشرون وهو الخطاء الثاني والتفاوت بين الخطأين أحد عشر فهو النصيب ثم نضرب المال الأول وهو خمسة في الخطاء الثاني
وهو عشرون يكون مائة وتضرب المال الثاني وهو ستة في الخطاء الأول وهو تسعة يكون أحدا وثمانين
والتفاوت بينهما تسعة عشر فهو ثلث المال لزيد منه أحد عشر
يبقى ثمانية ربعها العمر وسهمان تبقى ستة تضمها إلى ثمانية وثلاثين يكون أربعة وأربعين لكل واحد أحد عشر مثل النصيب وتسمى هذه الطريقة الجامع الأكبر من الخطائين
528

ولو خالف أبوين وبنتين وأوصى لزيد بمثل نصيب أحد الأبوين ولعمر وبثلاثة أخمس ما يبقى من الثلث مال الا نصيبا
نسقطه ثلثه أخماس لعمر ويبقى خمسا ثلثه مال لا خمس نصيب نضمنها إلى ثلثي المال يبلغ ثلثي مال وخمس ثلثة الا خمس نصيب يعدل سهام الورثة وهي ستة بخبز
وتقابل فيكون ثلثا مال وخمسا ثلثه يعدل ستة انصباء وخمس نصيب فنضرب الستة والخمسين في أقل عدد له خمس وهو خمسة يكون اثنين وثلثين فهي الثلث و
لو أوصي لزيد بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة ولعمر وبثلث ما يبقى من الثلث بعد نصف النصيب نأخذ ثلث مال ونسقط منه (نصيبا يبقى ثلث مال الا نصيبا نسقط منه صح) ثلث الباقي بعد نصف وهو
تسع مال الا سدس نصيب يبقى تسعا مال الا خمسة أسداس نصيب نرده على ثلثي المال يكون ثمانية اتساع مال الا خمسة أسداس نصيب تعدل ثلثه انصباء بخبر
ونقابل تبقى ثمانية اتساع مال الا خمسة أسداس نصيب إلى تعدل ثلثة انصباء وخمسة أسداس نصيب نضرب ثلثه وخمس أسداس في تسعة أربعة وثلثين و
نصفا نبسطها انصافا يكون تسعة وستين فهي المال لزيد منها بالنصيب ستة عشر ولعمر وخمسة وهي ثلث الباقي بعد نضمن نصيب وهي ثمانية تبقى سهمان نردهما على ثلثي المال تبلغ
ثمانية وأربعين لكل ابن ستة عشر كالنصيب مسألة لو أوصي بنصيب أحد الورثة مع الوصية بجزء من أحدهما من جميع المال والاخر مما يبقى كما لو أوصي لزيد
بمثل نصيب أحدا بنيه ولعمر وبربعا لمال ولخالد بنصف الباقي بعد ذلك فطريق القياس انا نعلم أنه لو اخذ عمر وربعا لمال ومزيد نصيبا ينبغي ان يكون للباقي نصف
وأقله اثنان فللثالث واحد منهما يبقى واحد لكل ابن نصف سهم فالنصيب نصف سهم فالباقي من المال بعد الربع سهمان ونصف وهو ثلثه أرباع المال تزيد عليه ثلثه
وهو خمسة أسداس يبلغ ثلثه وسدسين نبسطهما أسيدا سيكون عشرين لزيد ثلثه ولعمر وخمسة يبقى اثنا عشر للثالث ستة ولكل ابن ثلثه كالنصيب المفروض و
لو كان الجزء ان مع النصيب أحدهما بعد الأخر كما لو أوصي لزيد بمثل نصيب أحد بنيه الثلث؟ لعمر وبع ما يبق يمن المال بعد النصيب ولثالث بثلث ما يبقى من المال بعد ذلك
ولرابع بنصف ما يبقى بعد ذلك نأخذ مالا نلقي نصيبا يلقي مالا نصيبا نلقي من هذا المال النصيب ربعه يبقى ثلثه أرباع مال الا ثلثه أرباع نصيب نلقي من الباقي
ثلثة يبقى نصف مال الا نصف نصيب نلقي من الباقي من الباقي نصفيه يبقى ربع مال الأربع نصيب يعدل ثلثه انصباء بخبر ونقابل فربع مال بعدل ثلثه انصباء وربع نصيب فنضرب الثلاثة
والربع في أربعة يكون ثلثه عشر النصيب واحد يبقى اثنا عشر لعمر وربعه ثلثه تبقى تسعة للثالث ثلثه يبقى ستة للرابع نصف ثلثه لكل واحد من المورثة واحد كالنصيب
ولو أوصي لزيد بمثل نصيب أحدهم ولعمر وبنصف الباقي من الثلث ولثلث بثلث الباقي من الثلث بعد ذلك نجعل ثلث المال دينار ومن الدراهم ستة نعطي زيدا
الدينار ونعطي عمر ونصف الدارهم تبقى ثلثه نعطي واحد للثالث يبقى سهمان نزيدهما على ثلثي المال وهو دينار ان واثنا عشر دهمان تبلغ دينارين وأربعة عشرهما وذلك تعدل
ثلثه دنانير نلقي دينارين بدينارين قصاصا يبقى دينار بعدل أربعة عشر درهما وكان الثلث دينار أو ستة فهو اذن عشر والنصيب أربعة عشر ندع أربعة
عشر إلى زيد تبقى ستة لعمر ونصفها تبقى ثلثه للثالث ثلثها يبقى سهمان ونضمهما إلى ثلثي المال يبلغ اثنين وأربعة ن لكل ابن أربعة عشر مسألة لو انصي بنصيبين
مع الوصية بجزء بعد كل نصيب مثل ان يوصي لزيد بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة ولعمر وبثلث ما يبقى من الثلث ولثالث بمثل نصيب أحدهم والرابع بنصف ما
يبقى من الثلث بعد نصيب فطريقة ان نأخذ ثلث مال ندفع منه نصيبا إلى زيد ويبقى منه مقدار ندفع ثلثه إلى عمر ويبقى ثلثا مقدار ونأخذ ثلثا اخر فندفع منه
نصيبا إلى الثلث يبقى قدار ندفع نصفه إلى الرابع يبقى نصف مقدار فنضم الباقي من الثلثين وهو مقدار وسدس مقدار إلى الثلث الثالث وهو نصيب و
مقدار يكون نصيبا ومقدارين وسدس مقدار وذلك انصباء الورثة وهي ثلثه نسقط نصيبا بنصيب يبقى مقدار ان وسدس مقدار يعادل نصيبين فالنصيب الواحد
مقدار ونصف سدس مقدار وكنا فرضنا كل ثلث نصيبا ومقدار فهو إذا مقدار ان ونصف سدس
مقدار ونبسطهما بالضرب في اثني عشر يكون خمسة وعشرين وملة المال خمسة وسبعون والنصيب ثلثه عشر لزيد ثلثه عشر ولعمر وأربعة وللثالث ثلثة عشر ولرابع
ستة وجملة ذلك ستة وثلاثون يبقى تسعة وثلاثون للبنين لذلك ابن ثلثه عشر كالنصيب ولو كانت الصوبرية بحالها الا انه أوصي للرابع بنصف ما يبقى من الثلثين بعد
النصيب الثاني فنأخذ ثلثاه ونجعل منه نصيبا لزيد يبقى مدار نجعل ثلثه لعمرو ونأخذ ثلثا اخر فندفع نصيبا منه إلى الثالث يبقى مقدار نضمه إلى الثلث الثالث
يبلغ نصيبا ومقدارين ندفع الرابع نصفه وهو نصف نصيب ومقدار يبقى معنا نصف نصيب ومقدار وكان قد بقى من الثلث الأول ثلث مقدار يعدل
ذلك انصباء الورثة وهي ثلثه فنلقي نصف نصيب بنصف نصيب يبقى مقدار وثلثا مقدار في معادلة نصيبين ونصف نصيب فيكون النصيب ثلثي
مقدار فإذا كل ثلث مقدار وثلثا مقدار وثلثا مقدار يبسطها أثلاثا يكون خمسة والمال خمسة عشرون النصيب اثنان لزيد اثنان ولعمر واحد للثالث اثنان
وللرابع أربعة يبقى ستة للبنين مسألة يجوز ان يخص بعض الورثة باخراج الوصايا من نصيبه وتوفير نصيب الباقي فلو خلف ابنين وأوصى لواحد
بربع المال ولاخر بنصيب أحدا بينه على أن لا ينقص الثاني بالوصيتين فان تفرض من أربعة لذكر الربع واحد للموصي له بالربع واثنان للابن الذي شرط توفير نصيبه
يبقى واحد للموصي له الثاني وللابن الثاني تضرب البنين في أربعة ولو خلف ثلثه بنين وأوصى بمن ثلث ماله لزيد بنصيب أحدهم ولعمر وبثلث ما يبقى من الثلث وشروط
توفير بكر فنأخذ ثلث المال وندفع منه نصيبا إلى زيد يبقى مقدار ندفع ثلثه إلى عمر ويبقى ثلث مقدار نضمه؟ إلى الثلثين وهما نصيبان ومقدار ان وذلك كله يعدل
ثلث المال بتمامه ونصيبين إما ثلث المال فهو الذي توفيه بكر أغير منقوص واما النصيب ان فهما نصيبا الأخر وذلك ثلثه انصباء وقدار نسقط نصيبين
بنصيبين ومقدار بمقدار يبقى نصيب في معادلة مقدار وثلثين فعرفنا ان النصيب مقدار وثلثان وكان الثلث مقداران وثلثان نقسمهما
أثلاثا يكون ثمانية فهي ثلث المال والنصيب منها خمسة وجمل المال أربعة وعشرون لزيد خمسة ولعمر وواحد ولبكر ثمانية يبقى عشرة للآخرين لكل واحد خمسة كالنصيب
مسألة لو خلف أبوين وابنين وأوصى لزيد مثل نصيب الام ولاخر بسبع ما بقى من الثلث ولاخر بعشر جميع
المال نلقي من الثلث نصيبا وسعي
ما بقى فيبقى سبع مال وثلثا سبع مال الا خمسة أسباع نصيب فجعله من اجزاء مائتين وعشرة من أجل العشر يكون ذلك خمسين ونلقي منها عشر جميع املا
يبقى ستة وعشرون جزءا الا خمسة أسباع نصيب نضمه إلى الثلثين يكون ماية وتسعه ستين جزءا من مأتين وعشرة من مال الا خمسة أسباع نصيب تعدل
ستة انصباء نجبر ونقابل ونبسطها من مخرج المال يكون ألفا وأربعمائة وعشرة فهى المال ولو خلف امرأة وثلثه بنين واوصى بمثل نصيب أحدهم وسيبقى ما بقى
من الربع والسدس مجعل المال أربعة وثمانية لأجل الكسور نأخذ ربعه وسدسه ونلقي منه سبعة انصباء وسعي ما بقى فيبقى خمسة وعشرون جزء الا خمسة
انصباء نرده على باقي المال يكون بعد الجبر والمقابلة أربعة وسبعين جزءا من أربعة وثمانين تعدل تسعة وعشرين نصيبا فاضربها في مخرج المال يكون
529

الفين واربعماية وستة ثلاثين فهي المال والنصيب أربعة وسبعون ولو خلف أبا وثلاثة بنين وبنتا واوصى بمثل نصيب الأب ولاخر تسع ما يبقى من الربع وبمثل نصيب
البنت وبخمس ما يبقى من الثلث بعد ذلك نأخذ ربع مال ونلقي منه نصيب الأب وتسعى ما يبقى فيبقى سدس مال وسدس سدس مال وهو سبعة من ستة وثلثين والا سبعة
انصباء وسبعة اتساع نصيب نضم ذلك إلى تمام الثل وهو نصف سدس مال يكون سدس مال وتسع مال وهو عشرة من ستة وثلثين والا سبعة انصباء وسبعة استاع
نصيب ونلقي نصيب البنت وهو خمسة انصباء ونلقي خمسي ما يبقى أيضا وهو تسعه مال الا خمسة انصباء وتسع نصيب فيبقى سدس مال الا سبعة انصباء وثلثي نصيب فنضم ذلك
إلى ثلثي المال يكون ثلثين جزءا من ستة وثلثين جزاء من مال الا سبعة انصباء وثلثي نصيبا تعدل اثنين وأربعين نصيبا بخبر ونقابل ونضربها في مخرج المال يكن ألفا
وسبع مائة وثمانية وثمانين وهو المال والنصيب اجزاء المال وهو ثلثون ويقع الكسر بتسع ما يبقى من الربع فنضرب المسألة في ثلثه يكون خمسة آلاف وثلثمائة وأربعة
وستين والنصيب تسعون ولو خلف زوجه وابنين وبنتا واوصى بمثل نصيب المراة وثلث ما يبقى من الخمس وبمثل نصيب البنت وسبع ما يبقى من الثلث وبمثل
نصيب ابن وسدس ما يبقى من المال نجعل ألما لثلثه دنانير ثم نأخذ خمسة ثلثه أخماس دينار ونلقي منه نصيب المراة خمسة دراهم يبقى ثلثه أخماس دينارا الا خمسه دارهم
فلقى؟ ثلث الباقي يبقى خمسا دينار الا ثلثه دراه وثلثا نزيد ذلك على باقي الثل وهو خمسا دينار ونلقي منه نصيب البنت سبعة دراهم ونلقي سبع ألاقي فيبقى أربعة
أسباع دينارا وأربعة الخمس سبع دينار الا ثمانية دراهم وستة أسباع درهم نضيف ذلك إلى الاثنين ونلقي أربعة عشر درهما نصيب الابن وسدس الباقي يبقى ديناران
وسبع وثلثا سبع دينار الا تسعه عشر درهما وثلث سبع درهم فهذا يعدل أربعين درهما أو بعد الجبر تسعه وخمسين وثلث سبع وابسط ذلك من اجزاء أحد وعشرين
يكون الدراهم ألفا ومأتين وأربعين فنجعلها الدنانير (ويكون الدنانير صح) سبعة وأربعين فهي قيمة الدراهم وهو النصيب وليس لما يبقى من الخمس ثلث فاضرب ما معك في ثلثه يكون
المال ثلثه آلاف سبعمائة أو عشرين والدراهم ماية واحد وأربعين الفصل الثلث فيما اشتمل على الاستثناء وهو صنفان الأول إذا كان الاستثناء
بجزء من جمع المال مسألة لو أوصي بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة الا ربع جميع المال فنأخذ مالا وربع مال الا نصيبا وذلك يعدل ثلثه انصباء وهي اصنباء
الورثة ونجبر ونقابل فإذا مال وربع مال يعدل أربعة انصباء نبسطها أرباعا ونقلب الاسم فالمال ستة عشر والنصيب خمسة ندفع إلى الموصي له خمسة ونسترجع ربع
المال رابعة تبقى خمسة عشر لكل ابن خمسه كالنصيب وبالخطأين نجعل المال أربعة والنصيب اثنين ندفع إلى الموصي له اثنين ونسترجع ربع المال واحد يبقى معنا
ثلثه وكن يجب ان يبقى ستة ليكون لكل ابن مثل النصيب فقد نقص عن الواجب ثلثه وهو الخطاء الأول ثم نجعل المال ثمانية والنصيب ثلثه ندفعها إليه و
نسترجع اثنين ربع المال ويبقى معنا سبعة وكان ينبغي ان يكون نسعة فقد نقص اثنان وهو الخطأ الثاني وهما ناقصان فنسقط الأقل من الأكثر يبقى واحد
نحفظه ثم نضرب المال الأول وهو أربعة في الخطأ الثاني وهو اثنان فيكون ثمانية ونضرب المال الثاني وهو ثمانية في الخطاء الأول وهو ثلثه يكون أربعة وعشرين فنسقط
الأول من الأكثر يبقى ستة عشر نقسمه على الواحد المحفوظ يكون ستة عشر فهو المال ونضرب النصيب الأول وهو اثنان وفي الخطاء الثاني يكون أربعة والنصيب الثاني في الخطاء
الأول وهو ثلثه يكون تسعة نسقط الأقل نم الأكثر ونقسم الحاصل على الواحد المحفوظ يكون خمسة فهو النصيب وبالدينار والدرهم نجعل المال دينار أو أربعة دراهم
وندفع الدينار بالنصيب إلى الموصي له ونترجع منه ربع جميع المال وهو ربع دينار ودرهم يحصل معنا خمسه دراهم وربع دينار وذلك يعدل ثلثه دنانير نسقط
ربع دينار بربع دينار ويبقى صمنا خمسة دراهم في معادله دينارين وثلثه أرباع دينار وفإذا قسمنا عدد الدراهم على عدد الدنانير خرج الدينار وخمسه اجزاء من أحد عشر جزءا
بجمع بين هذين العددين يكون ستة عشر فهو المال ولو خلف ابنا واوصى بمثل نصيبه الا نصف المال نأخذ مالا ونسقط منه نصيبا ونسترد من النصيب نصف
مال يحصل مال (ونصف مال الا نصيبا بعد نصيبا صح) واحدا بخبر ونقابل يكون مال ونصف مال يعدل نصيبين نبسطهما انصافا ونلق السهم فيكون المال أربعة والنصيب ثلثه ندفع إلى الموصي
له ثلثه ونسترجع منه اثنى يبقى له واحد وهو مثل نصيب الابن الا نصف المال ولو خلف ابنا واوصى بنصيب ابن رابع لو كان الأخر المال فنقول لو كان البنون وأربعة
نقسم الملا بينهم على أربعة فنأخذ امالا ونلقي منه نصيبا ونسترجع منه عشر المال يكون معنا مال وعشر مال الا نصيبا يعدل أربعة انصباء بخبر ونقابل فه سال
وعشر مال يعدل خمسة انصباء فنبسطهما أعشار أو نقلب الاسم فالمال خمسون والنصيب أحد عشر ندفع إلى الموصي له أحد عشر ونسترجع منه عشر المال وهو خمسة
يبقى للموصي له ستة ويأخذ الابن أربعة وأربعين ولو كانوا أربعة اخذ كل واحد أحد عشر كالنصيب مسألة لو خلف أربعة بنين واوصى لرجل بثلث
ماله الا نصيب أحدهم ندفع إلى الموصي له والابن ثلث المال يبقى ثلثاه لثلاثة بنين لذلك واحد تسعان فعلمنا ان نصيب الابن من الثلث تسعان يبقى تسعة
للموصي له والفريضة من تسعة ولو خلف امرأة وثلث بنين واوصى لرجل بمثل نصيب ابن الا مثل نصيب المراة فريضة الورثة أربعة وعشرين للمرة الثمن ثلاثة
ولكل ابن تسعة فاسقط سهم المرأة من نصيب ابن يبقى أربعة أسهم وهي الوصية فنزيدهما على الفريضة يكون ثمانية وعشرين النصف الثاني فيما
يكون استثناء الجزء من الباقي واقسماه ثلثه الأول ان يفيد الاستثناء بجزء ما يبقى من المال بعد النصيب مثل ان يوصي لواحد بمثل نصيب أحد
بنيه الثلاثة الا ربع الباقي من المال بعد النصيب نأخذ مالا ونسقط منه نصيبا يبقى مال ناقص بنصيب نزيد عليها ربعه وهو الذين سترده من جمله النصيب وربعه ربع
مال الا ربع نصيب فيبلغ مالا وربع مال الا نصيب وربع نصيب يعدل ثلثه انصباء بخبر ونقابل فإذا مال وربع مال يعدل أربعة انصباء وربع نصيبين فنبسطها
أرباعا ونقلب الاسم فالمال سبعة عشر والنصيب خمسة ندفع إلى الخمسين وصي له خمسة تبقى اثني عشر نسترد من الخمسة ربع الباقي وهو ثلثيه يبقى للموصي له سهمان ويحصل للنبين
خمسة عشر لكل واحد خمسة أو نقول ندفع إلى الموصي له نصيب يبقى مقدار نسترجع ربعه من النصيب ونزيده على المقدار يصير مقدار وأربع يعدل انصباء
الورثة وهي ثلاثة فالنصيب ثلث مقدار وثلث ربع المال مقدار وثلث مقدار
والمال مقدار وثلث مقدار إلى وثلث ربع مقدار نبسطها بأجزاء ثلث الربع وذلك بالضرب في اثني عشر فيكون المال سبعة عشر فالنصيب خمسة أو نقول علمنا أن
الباقي من المال بعد النصيب عدد له ربع فهو أربعة وقد استثنى الربع فنزيد ربع الا ربعه عليها يكون خمسه للبنين لكل ابن سهم وثلثان نصيب فاسهم وثلثان نزيده
على الأربعة يكون خمسة وثلاثون بسطهما أثلاثا فالنصيب خمسة والمال سبعة عشر ولو قال الأربع المالقي من المال بعد نصف النصيب نأخذ مالا ونسقط منه نصيبا يبقى
مال سنقص نصيبا نزيد عليه ربعه بعد نصف النص وهو ربع مال الثمن نصيب يصير مال وربع مال الا نيبا وثمن نصيب نبسطها أثمانا ونقلب السهم
فالمال ثلاثة وثلثون والنصيب عشرة تخرج عشرة وننظر في الباقي من المال بعد نصف العشرة وإذا هو ثمانية وعشرون ونسترجع ربعها وهو سبعة من العشرة يبقى
530

للموصي له ثلاثة والباقي ثلثون لكل واحد عشرة كالنصيب مسألة لو خلف زوجة وأبوين وابنين واوصى بمثل نصيب الا خمس ما يبقى من المال بعد النصيب فريضة
الورثة من ثمانية وأربعين ونجعل الوصية دينارا نصهما إلى هذ السهام ثم نسقط نصيب ابن وهو ثلثه عشر سهما يبقى خمسة وثلثون سهما ودينار نأخذ خمسها
وهو سبعة أسهم وخمسه دينار ونسقطه من نصيب الابن يبقى ستة أسهم الا خمس دينار وذلك يعدل الدينار المضموم إلى السهام فإذا جبرنا وقابلنا عدل ستة أسهم
دينارا وخمس دينار فيكون الدينار الواحد خمسه أسهم فظهر ان المضمون إلى سهام الورثة خمسه وان جميع المال ثلثه وخمسون سهما مخرج منها ثلثه عشر يبقى أربعون
نسترجع من الثلاثة عشر مثل الأربعين وهو ثمانية يبقى من الوصي له خمسة أسهم والباقي ثمانية وأربعون للورثة القسم الثاني ان يقيد الاستثناء
بالجزء مما يبقى من المال بعد الوصية وتحقيقه ان الجزء منه باقي المال بعد الوصية مثل الجزء الذي يقع تحته من باقي المال بعد النصيب فان عشر الباقي بعد الوصية كتسع
الباقي بعد النصيب وتسع الباقي بعد الوصية كثمن الباقي بعد النصيب فلو أوصي بمثل نصيب أحدهم وثم ثلثه بنين والأربع ما يبقى من المال بعد الوصية فهو كما لو أوصي
بمثل نصيب أحدهم الا ثلث ما يبقى بعد النصيب فنأخذ مالا ونلقي منه نصيبا يبقى مال الا نصيبا نزيد عليه للاستثناء وهو ثلث مال الا ثلث نصيب يصير
مالا وثلث مال الا نصيبا وثلث من نصيب يعد إلى نصباء الورثة فبعد الجبر والمقابلة يبقى مال وثلث مال يعدل أربعة انصباء وثلث نصيب نبسطهما أثلاثا فنقلب
الأسهم فالمال ثلثه عشر والنصيب أربعة ندفع إلى الموصي له أربعة تبقى تسعة نسترد من الأربعة ثلث التسعة الباقية يبقيه له سهم ولكل ابن أربعة فالذي اخذه الموصي له مثل
النصيب الا ثلث الباقي بعد النصيب ومثل النصيب الا بع الباقي بعد الوصية لان النقي بعد الوصية اثنا عشر وربعها ثلاثة وهنا في هذه الطريق اخر وهو ان نعلم أن
باقي المال في الصورة المذكورة بعد الوصية انصباء البنين وهي ثلثه وربعها أرباع نصيب فهو المستثنى من نصيب أحد البنين يبقى ربع نصيب وهو الوصية فنزيده
على انصباء البنين يبلغ ثلثه انصباء وربع نصيب نبسطها أرباعا بالضرب في أربعة يكون ثلثه عشر والوصية سهم الثالث ان يطلق الاستثناء فيقول أوصيت
له بمثل نصيب ابن الأربع باقي المال ولم يقل بعد النصيب ولا بعد الوصية فالأقرب الجمل على الثاني وبه قال محمد بن الحسن والبصريون وبعض الشافعية لان الباقي بعد الوصية
أكثر من الباقي بعد النصيب فيكون الجزء المستثنى من النصيب أكثر فيكون الباقي للموصي له أقل والوصايا والا فابر بنزل على الأقل لأنه المتيقن ويحتمل تنزيله على الأول
وهو الباقي بعد النصيب وهو قول الأكثر لان المذكور هو النصيب فيصر الاستثناء إليه وطريق الحساب على الوجهين ما سبق هذا هو النقل قيل ويحتمل ان يجعل
الاستثناء من الباقي بعد الوصية صريحا كالاستثناء من البقاق يبعد ان صيب لان الموصي به هو النصيب فسواء قال بعد الوصية أو بعد النصيب الا ان لفظ النصيب
لا يحتمل الا ما يأخذه الوارث ولفظ الوصي يحتمل ما دونه مسألة لو أوصي بنصيب مع استثناء جزء مما يبقى من جزء من المال جاء فيه الا قسام الثلاثة السابقة
وفي الثلث الوجهان وان صرح بذلك النصيب فاوصي بمثل نصيب أحد بنيه الثلاثة الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد النصيب نأخذ ثلث مال ونحذف منه نصيبا يبقى
ثلث مال الا نصيبا تزيد عليه ثلثه وهو تسعة مال الا ثلث نصيب الاستثناء تصير أربعة اتساع نما الا نصيبا وثلث نصيب نزيده على ثلثي المال فمال وتسع ما الا
نصيبا وثلث نصيب يعدل انصباء الورثة وهي ثلثه نجبر ونقابل فمال وتسع مال يعدل أربعة انصباء وثلث نصيب نبسطهما اتساعا ونقلب الاسم فالمال تسعة
وثلثون والنصيب عشرة نأخذ الثلث ثلثة عشر ونسقط منه نصيبا يبقى ثلث نزد ثلثها بالاستطناء يبقى ستة نسقطها من المال يبقى ثلثون لكل ابن عشرة
أو نقول ثلث المال نصيب أو ثلث أسهم ندفع النصيب إلى الموصي له ونسترد منه واحد هو ثلث الباقي ونضمه إلى أثلث التي معنا يكون أربعة نضمها لأي ثلثي المال و
هو نصيبان وستة أسهم يصير نصيبين وعشرة أسهم ندفع نصيبين إلى اثنين وعشرة إلى الثالث فالنصيب عشرة والثلث ثلاثة عشر ولو كان البنون خمسة نجعل
ثلث المال اثنين مثلا والنصيب واحدا يبقى واحد نسترجع ثلثه من النصيب ونضم السهم والثلث إلى ثلثي المال وهو أربعة تصير خمسة وثلثا وكان ينبغي ان يكون خمسة
ويكون لكل ابن كالنصيب فالخطأ الأول زاد بثلث سهم ثم نجعل ثلث المال ثله والنصيب اثنين يبقى سهم نسترد ثلثه من النصيب ونضم السهم والثلث إلى ثلثي الملا و
هو ستة سيبلغ سبعة وثلثان وكان يبغي ان يكون عشرة فقد نقس اثنان وثلثان هو الخطاء الثاني ناقص بجمع بينهما تصير ثلثه حفظها فهي المقسوم عليها ثم نضرب
ما أخذناه أولا وهو اثنان (في الخطاء الثاني وهو سهمان وثلثان يبلغ خمسة وثلثا ونضرب ما أخذناه ثابتا وهو ثلثه ح) في الخطاء الأول وهو ثلث سهم يكون سهما نجمع بينهما يكون ستة وثلثا نبسطها أثلاثا تكون تسعة عشر لو قسمنا ها على الثلاثة المحفوظة
خرج من القسمة ستة وثلث واحتجنا إلى البسط ليزول الكسر فنترك القسمة ونقول الثلث تسعة عشر ونضرب
النصيب الأول في الخطاء الثاني يكون اثنين وثلثين
والنصيب الثاني في الخطاء الأول وهو ثلث يكون ثلثين ومجموعهما ثلثه وثلث نبسطها أثلاثا ونترك القسمة فالنصيب عشرة نأخذ ثلث المال تسعة عشر
ونسقط منه النصيب عشر يبقى تسعه نسترجع ثلثها من النصيب يبقى عند الموصي له سبعة نسقطها من جمله المال تبقى خمسون للبنين مسألة لو أوصي
بمثل نصيب أحد بنيه الأربعة الا ربع ما يبقى من الثلث بعد ثلث النصيب نأخذ ثلث مال ونسقط منه نصيبا يبقى ثلث مال الا نصيبا ثم نسترد من النصيب ربع
الباقي من الثل بعد الثلث النصيب وهو نصف سدس مال الا نصف سدس نصيب وضمه إلى ما معنا تصير خمسة اجزءا من اثني عشر جزءا من مال الا نصيبا وجزءا
من اثني عشر جزءا من نصيب نزيده على ثلثي المال يبلغ مالا وجزءا من اثني عشر جزءا من مال الا نصيبا وجزءا من اثني عشر جزءا من نصيب يعدل انصبا الورثة
وهي أربعة وبخبر ونقابل فمال وجزء من اثني عشر جزءا من مال يعدل خمسة انصباء وجزءا من اثني عشر جزءا من نصيب ثم إما ان نبسطها باجزاء اثني عشر ونقلب الاسم
فالنصيب ثلث عشر والمال أحد وستون أو نضرب خمسة وجزءا من اثني عشر في اثني عشر يضير أحدا وستين فهو المال لكن ليس لها ثلثه فنضربها في ثلثه تسير ماية
وثلثه وثمانين فهو المال والنصيب تسعة وثلثون نأخذ ثلث المال وهو أحد ستون ونحذف من تسعه وثلثين للنصيب ثم نسترد منه اثني عشر لان الباقي
من الثلث بعد الثلث النصيب ثمانية وأربعون وربعها اثني عشر فيبقى للموصي له سبعة وعشرون نسقطها من المال يبقى ماية وستة وخمسون لكل ابن تسعة وثلثون
مسألة لو أوصي بمثل نصيب أحدا بنية الا ثلث ما يبقى ولم يزد على ذلك شيئا قال أبو حنيفة يجعل كأنه قال الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية لأنه
الأقل المتيقن فيعطي الموصي له عند الشافعي واحد من تسعه لان لكل واحد من تسعة الا بنين والموصي له ثلثه ثم نسترد منه بقدر ثلث الباقي هو سهمان يبقى واحد
وعلى قول أبي حنيفة يعطي تمام الثلث لأنه إذا اعطى ثلثه لم يبقى من الثلث شئ حتى يستثني ويضم إلى مال الورثة ولو صرح بذكر الوصية والباقي من الجزء قال اعطوه
مثل نصيب أحد أولادي الثلاثة الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية فطريق الحساب فيه على قياس ما تقدم لكن يستعمل بدل ثلث باقي من الثلث بعد الوصية
نصف الباقي من الثلث بعد النصيب كما تقدم لنأخذ ثلث مال ونسقط منه نصيبا يبقى مقدار يريد عليه نصفه للاستثناء يحصل مقدار ونصف مقدار ندفع
531

من كل ثلث نصيبا إلى ابن يبقى من كل ثلث مقدار نضمه إلى ما معنا من الثلث الأول يحصل ثلثه مقادير ونصف مقدار فهو للابن الثلث فعلمنا ان النصيب
ثلثه مقادير ونصف مقدار فكان الباقي من الثلث بعد النصيب مقدار فيكون جميع الثلث أربعة مقادير ونصف مقدار نبسطها انصافا تكون تسعة و
جميع المال سبعة وعشرون والنصيب سبعة فإذا أخذنا ثلث بالمال وهو تسعة وعزلنا منه سبعة يبقى اثنان نسترجع نصفها من النصيب وهو واحد يبقى مع الموصي
له ستة ومن البنين أحد وعشرون لكل ابن سبعة كالنصيب فما اخذه الموصي له كما أنه مثل النصيب الا نصف ما يبق من الثلث بعد النصيب فهو مثل النصيب
الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصية لان الثلث تسعة والوصية ستة فالباقي ثلثه والستة ناقصة عن النصيب بثلث الثلة مسألة لو أوصي بجزء
من المال وبالنصيب مع استثناء جزء من باقي المال فقد تقيد الباقي بما يعدل النصيب وبد تقيد بما بعد الوصية وقد يطلق فلو أوصي لزيد بربع المال ولعمر و
بمثل نصيب أحد ولدية الا ثلث ما يبقى من المال بعد النصيب نأخذ مالا وندفع ربع لزيد يبقى ثلثه أربع مالا ندفع نصيبا منها إلى عمر ويبقى ثلثه أرباع مال الا
نصيبا نسترد من النصيب مثل ثلث هذا الباقي هو وربع مال الا ثلث نصيب نزيده على ما معناه يصير مالا النصيب وثلث نصيب يعدل نصيبين (نجبرو؟)
نقابل فالمال يعدل ثلثه انصباء وثلث نصيب نبسطها أثلاثا ونقلب الاسم فالمال عشرة والنصيب ثلثه ونصرف ربع العشرة إلى زيد يبقى سبعة ونصف نعزل
منها ثلثه إلى عمر وتبقى أربعة ونصف نضمه إلى ما معنا يبلغ ستة لكل واحد ثلثه كالنصيب فان أزلنا الكبر بسطنا العشرة
انصافا فالمال عشرون والنصيب ستة أو نقول نجعل المال مثلا ونسقط ربعها لزيد ثم نجعل النصيب ثلثه ونسترجع منها ثلث الباقي وهو واحد يصير
ما معنا أربعة وكان ينبغي ان يكون ستة ليأخذ كل واحد منها ثلثه فقد نقص اثنان وهو الخطاء الأول ثم نجعل المال اثني عشر ربعا لزيد ونجعل النصيب ثلثه ونسترد
منها لثلث الباقي وهو اثنان يكون ما معنا ثمانية وكان ينبغي ان يكون ستة فقد زاد اثنان فنجمع بين الخطائين لان أحدهما زايد والاخر ناقص يبلغ أربعة فنحفظها ثم
نضرب المال الأول في الخطاء الثاني يكون ستة عشر ونضرب المال الثاني في الخطاء الأول يكون أربعة وعشرين ونجمع بينهما يكون أربعين نقسمها على الأربعة المحفوظة
تخرج عشرة فهو المال ويبلغ بالبسط عشرين وان قيد بالوصية فأقل في هذه المسألة الا ثلث ما يبقى من المال بعد الوصية فهو بمنزلة ما لو قال الا نصف ما يبقى من المال
بعد النصيب على ما تقدم فنأخذ مالا ونجعل لزيد ربعة يبقى ثلثه أرباع مال ندفع منها نصيبا إلى عمر ويبقى ثلثه أرباع مال الا نصيبا نسترد منه نصف هذا الباقي وهو
ثلثه أثمان مال الا نصف نصيب ونزيده على ما معنا فيبلغ مالا وثمر مال الا نصيب أو نصف نصيب وهو يعدل نصيبين فإذا اجبرنا وقابلنا كان مالا وثمن مال يعدل
ثلثه انصباء ونصف نصيب نبسطها أثمانا ونقلب الاسم والمال ثمانية وعشرون والنصيب تسعة ندفع ربع المال إلى زيد وهو سبعة يبقى أحد وعشرون ونفرز منها
تسعة لعمر ويبقى اثنا عشر ونسترد نصفها وهو ستة من التسعة ونضمه إلى ما معها يبلغ ثمانية عشر لكل ابن تسعة كالنصيب فالثلاثة الباقية لعمر وكما أنها مثل النصيب
الا نصف الباقي من المال (النصيب فهو مثل النصيب الا ثلث الثاني من المال هل صح) الوصية لان الباقي من المال بعد الوصية ثمانية عشر والستة المستثناة ثلثها مسألة لو اوصى بمثل نصيب أحد بنية الأربعة الا
سدس ما يبقى من المال بعد النصيب ولاخر بمثل نصيب أحدهم الا تسع ما يبقى من المال بعد الوصيتين فالمال ماية وثلثه والنصيب أحد وعشرون وليس للباقي
بعده سدس فيصبح من ثلثمائة وتسعه والنصيب ثلثه وستون والوصية الأولى اثنان وعشرون والثانية خمسة وثلثون ولو خالف ثلثه بنين وبنتا واوصى لزيد
بمثل نصيب اللبنين الا ثمن ما يبقى من المال بعد النصيب ولعمر وبمثل نصيب ابن الأربع ما يبقى من المال بعد الوصيتين فلنقول الباقي بعد الوصيتين هو انصباء الورثة
وذلك سبعة فحذر بها والقه من نصيب الابن يبقى ربع نصيب فهي وصية الثاني ثم انقص من المال مثل نصيب البنت يبقى مال الا نصيبا زد عليه مثل ثمنه يكون
مالا وثمن مال الا نصيبا وثمن نصيب فالق من ذلك وصية الأخر وهي ربع نصيب واجبر وقابل وابسط يكون المال سبعة وستين والنصيب تسعة ويقع كسر من؟
الربع فنضربها في أربعة يكون مأتين وثمانية وستين والنصيب ستة وثلثون ووصية عماد تسعه ووصية زيد سمعه فإذا ألقيت نصيب بنت من المال بقى مائتان
واثنان وثلثون قيمتها تسعة وعشرون فإذا ألقيتها من النصيب بقى سبعة وإذا ألقيت الوصيتين من المال بقى مائتان واثنان وخمسون فربعها ثلثه وستون
إذا ألقيتها من نصيب الابن وهو اثنان وسبعون بقى تسعة مسألة لو اوصى بجزء شابع من المال وبالنصيب مع استثناء جزء مما يبقى من جزء من المال كما لو خلف
خمسة بنين واوصى لزيد بثمن ماله ولعمر وبمثل نصيب أحدهم الا ثلث ما بقى من الثلث بعد الثمن والنصيب نأخذه ثلث مال ونلقي منه ثمن جميع المال يبقى خمسة
من أربعة وعشرين جزءا من المال نسقط منه نصيبا لعمر ويبقى خمسة من أربعة وعشرين جزءا سوى نصيب نسترد من النصيب ثلثه هذا الباقي فنضرب المال
في ثلثه يكون اثنين وسبعين ويكون معنا خمسة عشر جزءا من اثنين وسبعين جزءا من المال سوى نصيب ونسترد من ذلك ثلثها وهو خمسة الا ثلث نصيب
يبلغ عشرين سوى نصيب وثلث نصيب نزيده على ثلثي المال وهو ثمانية وأربعون يكون ثمانية وستين جزءا من اثنين وسبعين جزءا سوى نصيب وثلث
نصيب يعدل انصباء الورثة وهي خمسة وبعد الجبر والمقابلة تصير ثمانية وستين تعدل ستة انصباء وثلث نصيب فنبسطها باجزاء اثنين وسبعين ونقلب
الاسم فالمال أربعمائة وستة وخمسون والنصيب ثمانية وستون نأخذ ثلث المال وهو ماية واثنان وخمسون ونلقي منها ثمن المال وهو سبعة وخمسون يبقى
خمسة وتسعون نلقي منها نصيبا وهو ثمانية وستون يبقى سبعة وعشرون ونسترد من النصيب ثلثها ونزيدها على السبعة والعشرين تبلغ ستة وثلثين نزيدها على ثلثي المال
وهو ثلثمائة وأربعة يبلغ ثلثماية وأربعين لكل ابن ثمانية وستون وكالنصيب إما لو أوصي لعمر وبمثل نصيب أحدهم الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد الثمن و
بعد الوصية فالحساب كما تقدم الا ان نجعل بدل استثناء ثلث الباقي من الثلث بعد الوصية نصف الباقي من الثلث بعد النصيب فيأخذ ثلث مال ونسقط منه
ثمن جميع المال يبقى خمسة من الربعة وعشرين جزءا من المال نغزل منه نصيبا لعمر ونسترد من النصيب نصف الباقي وليس للخمسة نصف صحيح فنضرب المال
في اثنين يكون ثمانية وأربعين ويصير معنا عشرة اجزاء من ثمانية وأربعين من المال سوى نصيب نزيد عليه نصيفه يكون خمسة عشر جزءا من ثمانية وأربعين
سوى نصيب ونصف نصيب نزيده على ثلثي المال وهو اثنان وثلاثون من ثمانية وأربعين جزءا يبلغ سبعة وأربعين جزءا من ثمانية وأربعين الا نصيبا
ونصف نصيب يعدل انصباء الورثة وهو خمسة يجبر ونقابل فسبعة وأربعون نأخذ ثلث المال وهو ماية وأربعة ونسقط منه ثمن المال وهو تسعة وثلثون
ثمانية وأربعين فالمال ثلاث ماية واثنا عشر والنصيب سبعة وأربعون نأخذ ثلث المال وهو مائة وأربعة ونسقط منه ثمن المال وهو تسعة وثلثون
يبقى خمسة وستون نسقط منه النصيب سبعة وأربعين تبقى ثمانية عشر نسترجع من النصيب تسعة ونزيدها عليها يكون سبعة وعشرين نزيدها على ثلثي المال
532

وهو مائتان وثمانية يبلغ ماية وخمسة وثلثين لكل ابن سبعة وأربعون فالتسعة نصف الباقي من الثلث بعد الثمن والنصيب ثلث الباقي من الثلث بعد
الثمن والوصية فلان الثمن تسعة وثلثون والذي سلم لعمر وثمانية وثلثون يبقى سبعة وعشرون مسألة لو خلف أبوين واوصى لزيد بربع ماله ولعمر وبمثل نصيب الابن الا بمثل صح
نصيب الام ففريضة الورثة من ثلثة ثم نأخذ ما لا ونلقي ربعه لزيد بقى ثلثه أرباع نلقي منها نصيبين مثل نصيب ا لابن ونسترد نصفها مثل نصيب الام يبقى ثلثه
أرباع مال الا نصيبا يعدل ثلثه انصباء هي سهام الورثة يجيز ونقابل فثلثه أرباع المال يعدل أربعة وانصباء نبسطها أرباعا ونقلب الاسم فقال مال ستة عشر والنصيب
ثلثه إذا أخذنا ستة عشر وأسقطنا ربعها بقي اثني عشر إلى نسقط منها نصيبين وهما ستة ونسترد نصيبا وهو ثلثه تبقى للموصي له
ثلثه فإذا أسقطنا الوصيتين عن المال بقى تسعة للأب منها ثلثاها وللأم ثلثها ولو كان مع الأبوين زوج وأوصت لزيد بثلث مالها ولعمر وبمثل نصيب
الزوج الا مثل نصيب ا لأب فريضة ا لورثة من ستة ثم نأخذ ما لا ونلقي ثلثه لزيد يبقى ثلثا مال نسقط منه ثلثه انصباء هي سهم الزوج نسترد نصيبين مثل سهمي الأب
فيبقى ثلثا مال الانصباء بعدل ستة انصباء بخبر ونقابل فثلثا مال يعدل سبعة وانصباء نبسطها أثلاثا ونقلب السم فالمال ا وعشرون والنصيب اثنان
نأخذ أحد أو عشرين ونسقط ثلثها لزيد يبقى أربعة عشر نأخذ منها ثلثه انصباء مثل نصيب الزوج وهو ستة نسترد منها أربعة يبقى لعمر وسهمان فإذا أسقطنا الوصيتين
من أحد وعشرين يبقى اثني عشر للزوج ستة وللأب أربعة وللأم سهمان ولو خلف أبوين واوصى لزيد بمثل نصيب الابن الا مثل نصيب الام ولعمر وبربع ما يبق يمن المال نأخذ
مالا ونلقي منه نصيبين هما نصيب الابن من مسألة الورثة ونسترجع نصيبا وهو نصيب الام فيبقى مال الا نصيبا ندفع وربعه إلى عمرو وهو ربع مال الا ربع نصيب
يبقى ثلثه أرباع مال الا ثلثه أرباع نصيب تعدل ثلثه انصباء هي سهام المسألة بخبر نقابل فثلثه أرباع مال تعدل ثلثه انصباء وثلثه أرباع نصيب نبسطها أرباعا
ونقلب الاسم فالمال خمسة عشر والنصيب ثلثه ان اخذ خمسة عشر ونسقط منه نصيبين وهما ستة ونسترد نصيبا وهو ثلثه يبقى اثني عشر ربعها لعمر ويبقى تسعة ستة اللاب وثلاثة
للام ويمكن حسابها من خمسة الا انه إذا كان ثلثه أرباع مال يعدل ثلثه انصباء وثلثه أرباع نصيب فالمال الكامل يعدل خمسة نسقط منها نصيبين ونسترد نصيبا يبقى
معنا أربعة واحد لعمر ويبقى ثلثه اثنان للأب ووالد للأب ولو خلف أبوين واوصى لزيد بمثل نصيب الام الا مثل نصيب الام ولعمر وبربع ما يبقى من ثلثي المال نأخذ
ثلثي مال ونسقط منه نصيبين ونسترجع من نصيبا يبقى ثلث المال الا نصيبا نسقط ربعه لعمر وهو سدس مال الأربع نصيب يبقى نصف مال الا ثلثه أرباع نصيب
نزيده على ثلثه مال يبلغ خمسة أسداس المال الا ثلثه أرباع يعدل ثلثه انصباء هي سهام والمسألة بخبر ونقابل فخمسة أسداس مال يعدل ثلثه انصباء وثلاثة أرباع نصيب
نبسطها باجزاء اثني عشر ونقلب الاسم فالمال خمسة وأربعون والنصيب عشرة نأخذ ثلثث المال وهو ثلاثون ونسقط منها نصيبين وهما عشرون ونسترجع نصيبا يبقى معنا
عشرون ونسقط ربعه لعمر ويبقى خمسة عشر نزيدها على ثلث المال يكون ثلثين للأب عشرون وللأب مشرع مسألة لو أوصي بنصيب وارث اخر منه وجزء شايع فالجزء المستثنى
مع النصيب قد يكون من جميع المال مؤمن باقي المال مؤمن جزء من الباقي فلو خلف أبويه واوصى بمثل نصيب
الأب الا مثل نصيب الام الا عشر جميع المال نأخذ مالا و
نلقى منه نصيبين ونسترد نصيبا وعشر جميع المال يبقى مال وعشر مال الا نصيبا يعدل انصباء الورثة يخير ونقابل نبسطها عشار أو نقلب الاسم فالمال أربعون
والنصيب أحد عشر نأخذ أربعين ونسقط منها نصيبين هما اثنان وعشرون ونسترد منها نصيبا وهو أحد عشر وعشر جميع المال وهو أربعة فسلم للموصي له سبعة
وللأب اثنان وعشرون واحد عشر للام ولو استثني من النصيب الام وعشر ما يبقى من المال بعد نصيب الام نأخذ مالا ونلقي منه نصيب الأب وهو نصيبان من ثلثه
انصباء هي الفريضة ونسترد منه نصيبا يبقى مال الا نصيبا نزيد عليه مثل عشره وهو عشر مال الا عشر نصيب يصير مالا وعشر مال الا نصيبا وعشر نصيب يعدل
ثلثه انصباء هي الفريضة ويجبر ونقابل ونبسطها عشرا أو نقلب الاسم فالمال أحد وأربعون والنصيب أحد عشر نأخذ أحد وأربعين ونسقط منه نصيبين وهما اثنان
وعشرون ونسترد نصيبا فيكون معنا ثلثون ونسترد عشر الثلثين من ذلك النصيب أيضا وهو ثلثه ونزيده على ما معنا يصير ثلثه وثلثين للأب اثنان وعشرون
وللام أحد عشر ولو استثنى منه نصيب الام وثمن ما يبقى من ثلثي المال بعد نصيب الأب نأخذ ثلثي مال ونسقط منه نصيب ونسترد نصيب (يبقى ثلثا قال الا نصيبا صح) نسترد ثمن هذا المبلغ
أيضا من النصيب وهو نصف سدس مال الا ثمن نصيب ونزيده على المال يكون ثلثه أرباع مال الا نصيبا وثمن نصيب نزيده على ثلثه مال يبلغ مالا ولا نصف سدس
مال الا نصيبا وثمن نصيب وذلك يعدل انصباء الورثة وهي سهام الفرية نجبر ونقابل فمال ونصف سدس مال يعدل أربعة انصباء ثمن نصيب فنبسطها
باجزاء أربعة وعشرين وبها التفاوت بين ا لثمن ونصف السدس ونقلب السم فالمال تسعة وتسعون والنصيب ستة وعشرون نأخذ ثلثي المال ونهو ستة وستون
نسقط منه نصيبين وهما اثنان وخمسون ونسترد نصيبا يبقى أربعون نسترد ثمنه من النصيب وهو خمسة وتزيده على الأربعين ويكون خمسة وأربعين ونزيده على ثلث
المال يبلغ ثمانية وسبعين للأب بنصيب اثنان وخمسون وللام نصيب ستة وعشرون ولو كان قال الا ثمن ما يبقى من ثلثي المال بعد نصيب الألم
نأخذ ثلثي مال نسقط منه نصيبين ونسترد نصيبا يبقى ثلثا مال الا نصيبا ونسترد أيضا ثمن ثلث المال بعد النصيبين وهو نصف سدس امال الأربع نصيب و
نزيده على ثلثي مال الا نصيبا يبلغ ثلاثة أرباع مال الا نصيبا يبلغ مالا ونصف سدس مال الا نصيبا وربع نصيب بعدل
انصباء الورثة بخبر ونقابل فمال وصنف سدس مال يعدل أربعة انصباء وربع نصيب نبسطها باجزاء اثني عشر ونقلب الاسم فالمال أحد وخمسون والنصيب ثلثه
عشر نأخذ ثلثي المال وهو أربعة وثلثون نسقط منه نصيبين وهما ستة وعشرون ونسترجع نصيبا يبقى للموصي له ثلثه عشر نسترد منه أيضا لمن الباقي من الأربعة
والثلثين بعد النصيب وهو واحد يبقى له اثنا عشر نسقطها من جميع المال يبقى تسعة وثلثون للأب نصيبين وستة وعشرون وللام بنصيب ثلثه عشر الفصل
الرابع في الوصية بالتكملة المراد بالتكملة البقية التي بها يبلغ الشئ حدا اخر فلو ترك أربعة بنين واوصى بتكملة الثلث ماله بنصيب أحدهم فمعنى ذلك أنه أوصي بالثلث
الا نصيبا وهو صنفان الأول بان يتجرد معن الوصية بغير ها وعن الاستثناء فيها فاما ان يكون الوصية بتكملة واحدة كما تقدم واو بكلمتين وطريق الأول ان
يضرب عدد البنين بعد السقاط واحد من مخرج الجزء الموصي بتم وكتمة يكون ستة فهو المال ثم نسقط من المخرج واحدا يبقى اثنان ه؟ النصيب أو نقول نأخد امالا
ونصرف ثلثه إلى الموصي له ونسترد منه نصيبا فيحصل معنا ثلثا مال ونصيب يعدل انصباء الورثة وهي أربعة نلقي نصيبا بنصيب قصاصا يبقى ثلثا مال
يعدل ثلثه انصباء نبسطها أثلاثا ونقلب الاسم فالمال تسعة والنصيب اثنان والتفاوت بين النصيب والثالث أحده فهو التكملة يدفع إلى الموصي له يبقى ثمانية لكل
واحد سهمان أو نجعل ثلث المال دينار أو درهما ونجعل الدينار نصيبا والتكملة درهما ندفعه إلى الموصي له يبقى من المال ثلثه دنانير ودرهما يأخذ البنون ثلاثة
533

دنانير يبقى درهمان يأخذه الابن الرابع فعرفنا ان قيمة الدينار درهمان وان ثلث ألما ثلثة دراهم والنصيب درهمان أو نقول الباقي بعد الوصية بقسم على أربعة
فأقل فريضتهم أربعة فإذا ضممنا سهما منها إلى التكملة كان ثلث المال وهو يعدل ثلث تكملة؟ وثلث سهم لان جملة ا لمال تكملة أو أربعة أسهم ثلثة ثلث تكملة وسهم
وثلث سهم نسقط ثلث تكملة بثلث تكملة وسهمان بسهم قصاصا يبقى ثلثا تكملة يعدل ثلث سهم فالسهم اثنان والتكملة واحد وثلث المال ثلة أسهم فجميع المال
تسعة فإن كانت الوصية بتكملة الربع ومعهم بنت فالفق مثل نصيب ابن من سهام المسألة يبقى سبعة تضرب في أربعة يكون ثمانية وعشرين فهي المال وألق من المخرج
واحدا يبقى ثلثه فهي النصيب ثم خذ الربع سبعة نالق منه ستة يبقى واحد فهو الوصية أو نقول نلقى نصيب ابن من الربع يبقى؟ مال النصيبين وهي التكملة التي أوصي بها
فالقها من ألما ل يبقى ثلثه أرباع مال ونصيبان يعدل تسعه انصبا فالق المشترك وكمل المال يصير معك تسعة انصباء ولثلث ابسطها أثلاثا وابسط النصيب يكون ثلثة
مسألة لو اوصى بتكملتين مثلا خلف أربعة بنين وبنتا واوصى بتكملة ثلث ماله بنصيب ابن ولا خر بتكملة ربع ماله بنصيب البيع فالوصية الأول
ثلث مال الانصبيين والثانية ربع مال الا نصيبا لان لكل ابن سهمين وللبنت سهمان وكل سهم في مثل هذا يسمى نصيبا فنأخذ مالا ونسقط منه الوصيتين
يبقى خمسة أسهم من اثني عشر همان من من غالب وثلثه انصباء يعدل انصباء الورثة وهي تسعة نسقط لثه انصباء بثلثه انصباء قصاصا يبقى خمسة أسهم من الني عشر همان
من مال في عادلة تسعة انصباء فنبسطها باجزاء اثني عشر ونقلب الاسم فالمال اثنا وسبعون والنصيب خمسة أو نقول إذا كان خمسة من الثني عشر يعدل ستة
فالمال باسره يعدل أربعة عشر وخمسة نبسطها أخماسا يبلغ اثنين وسبعين نأخذ ثلث المال وهو أربعة وعشرون نسقط منه نصيبين وهما عشرة يبقى أربعة
عشر فهي الوصية الأول ونأخذ ربعة وهو ثمانية عشر ونسقط منه نصيبا واحد أو هو خمسة يبقى ثلثه عشر فهي النص الثانية نسقط الوصيتين من المال يبقى
خمسة وأربعون لكل ابن عشرة وللبنت خمسة ولو خلف زوجة واما وابنا واوصى بتكملة السدس على نصيب الزوجة ولاخر بتكمله ربع ما يبقى من المال على نصيب
الام فالق التكملة الأولى من المال يبقى خمسة أسداس وثلثه انصباء فالق ربع ذلك واجعل المال اجزاء من أربعة ثم اثنتين منه مثل نصيب الام أربعة انصباء فيبقى
خمسة عشر سهما من أربعة وعشرين من مال وستة انصباء وربع يعدل أربعة وعشرين نصبا الق المشترك واضرب الباقي في أربعة وعشرين يكون أربعماية وستة
وعشرين والنصيب خمسة عشر والوصية الأول ستة وعشرون والثانية أربعون مسألة لو اوصى بالتكملة مع الوصية بجزء شايع من المال كما لو خلف ثلثه
بنين واوصى لزيد بربع ماله ولعمر وبتكملة النصف بنصيب أحد البنين نأخذ مالا ونلقي منه ربعه لزيد ثم نلقي نصفه لعمرو ونسترد منه نصيبا يبقى معنا ربع مال و
نصيب يعدل ثلثه انصباء ونسقط نصيبا بنصيب يبقى ربع مال يعدل نصيبين نبسطهما أرباعا ونقلب الاسم فالمال ثمانية والنصيب واحد نأخذ ثمانية نعزل
ربعها لزيد ثم نأخذ نصف الثمانية لعمرو ونسترد منه واحدا يبقى معنا ثلثه كل ابن واحدا ونقول ربع المال ونصفه يستحقهما زيد وعمرو واحد البنين فنأخذ مالا
له ربع ونصف وهو أربعة نسقط ربعها ونصفها يبقى واحد بين الاثنين الأخر ين لكل واحد نصف فهو النصيب نسقطه من الثلث الساقطة من المال يبقى اثنان ونصف
نسقط منها ربع جميع المال يبقى واحد ونصف فهو التكمله نبسط الجميع انصافا فالنصيب واحد والتكملة ثلثه والربع اثنان والمال ثمانية مسألة لو اوصى بالتكملة
مع الوصية يجزء مما يبقى من المال كما لو خلف أربعة بنين واوصى لزيد بتكملة ثلث ماله بنصيب أحدهم ولعمر بربع ما يبقى من المال نأخذ مالا وندفع ثلثه إلى زيد
ونسترجع منه نصيبا ونزيده على باقي المال فيحصل معنا ثلثا مال ونصيب نخرج ربعه لعمر وذلك سدس مال وربع نصيب يبقى نصف ماله وثلثه أربعا نصيب يعدل
انصباء بالورثة وهي أربعة تسقط ثلثه أرباع نصيب يبقى نصف ما يعدل ثلثه انصباء وربع نصيب نبسطها أرباعا ونقلب الاسم فالملا
ثلثه عشر والنصيب سهمان نضب ثلثه في ثلثه عشر يبلغ تسعة وثلثين هي المال والنصيب ستة نأخذ ثلثها وهو ثلثه عشر ونسقط منه نصيبا يبقى سبعة فهي التكمله
ندفعها إلى زيد يبقى من المال اثنان وثلثون ندفع ربعها إلى عمرو وهو ثمانية يبقى أربعة وعشرون للبنين لكل واحد ستة أو نقول نجعل المال خمسة أسهم والتكتملة واحدة
منها ندفعه إلى زيد وندفع ربع الأربعة الباقية إلى عمر ويبقى ثلثه للبنين ولكل واحد ثلثه أرباع وإذا ضمناها إلى التكملة كان الحاصل واحد أو ثلثة أرباع وكان يجيب
ان يكون واحدا وثلثين لأنه ثلث خمسة التي قلنا إنها المال فزاد نصف سدس وهو المطاء الأول ثم نجعل المال ستة والتكملة اثنين فنخرجهما ربع الباقي يبقى ثلثه
لكل واحد منهم ثلثه أرباع ضمها إلى التكملة يكون اثنين وثلثه أرباع وكان يجب ان يكون اثنين فقد أخطأنا بثلثه أرباع وهو الخطاء الثاني زايدا أيا فنسقط
الأقل من الأكثر يبقى ثلثا سهم فنحفظه ثمن نضرب المال الأول في الخطاء الثاني يحصل ثلثه وثلثه أرباع ونضرب المال الثاني في الخطاء الأول يحصل نصف سهم
نسقط الأقل من الأكثر يبقى ثلثه وربع يقسم لعى ثلثي سهم يخرج من القسمة سهم وخمسة أثمان سهم نبسطها أثمانا يكون ثلثه عشر فهو المال وينتهي إلى تسعه وثلاثين
كما سبق مسألة لو اوصى بالتكملة مع الوصية بجزء مما يبقى من جزء من المال كما لو خلف ثلثة بنين واوصى لزيد بتكملة ثلثه ماله بنصيب أحدهم
ولعمرو بثلث ما يبقى من الثلث نأخذ ثلث مال ونلقي منه نصيبا يبقى ثلث مال الا نصيبا ندفعه إلى زيد فإنه التكملة يبقى من الثلث نصيب ندفع الثل إلى عمر و
يبقى ثلاثا نصيب نضمه إلى ثلثي المال وذلك يعدل انصباء الورثة وهي ثلثه نسقط ثلثي نصيب بثلثي نصيب يبقى ثلثا مال ويعدل نصيبين وثلث نصيب تبسطها
أثلاثا ونقلب الاسم فالمال سبعة والنصيب اثنان ولى للسبعة ثلث صحيح نضربها في ثلثه تبلغ أحد أو عشرين فهي المال والنصيب ستة نأخذ ثلث المال سبعة
ونلقي منه النصيب ستة يبقى واحد فهو التكملة وندفع ثلث الستة إلى عمر وتبقى أربعة نضمها إلى ثلثي المال يكون ثمانية عشر لكل ابن ستة قبل لو اقتصر على الوصية
الأولى بطلب الان نصيب كل ابن مستغرق للثلث فلا تكملة فالوصية الأولى باطلة والثانية فربها فيبطلان معا أجيب بان الوصية الثانية تنقص النصيب عن
الثلث ويظهر بها لا تكملة ويمكن ان يخرج ذلك على الخلاف فيما لو قال له على عشرية الأولاد من أن الاستثناء الأول باطل والثاني فرعه فلتبطل ومن أن الاستثناء
الثاني اخرج الأول من عن يكون مستغرقا مسئلة لو اوصى بالتكملة مع الوصية بمثل النصيب كما لو خلف ثلثه بنين واوصى لزيد بمثل نصيب واحد منهم ولعمر و
بتكملة ثلث ماله نأخذ ثلثه مال وندع منه نصيبا إلى زيد والباقي إلى عمر ويبقى معنا ثلثا مال ويعدل انصباء الورة وهي ثلثه انبسطها أثلاثا ونقلب الاسم فالمال
تسعة والنصيب اثنان نأخذ من التسعة ثلثه ندفع منها اثنين إلى زيد وواحد إلى عمرو وهو التكملة يبقى ستة للبنين واو نقول ننظر في فريضة الورثة وهي من ثلثه
فنزيد عليها مثل نصفها تبلغ أربعة ونصفها نبسطها انصافا يكون تسعة فإذا أردنا ان نعرف قدرت التكملة نظرنا في مجموع ما تصح منه المسألة وما زدنا عليه فالتكملة
ما نزيد منه على ما تصح منه المسألة مضمونا إليه مثل نصيب الموصي بنصيب فإن لم يزد شئ فالوصية التكملة باطلة ففي الصورة المذكورة المجوع أربعة نصف والزايد
534

على ما نصح به مضمونا لايه نصيب نصف سهم قبل البسط وسهم بعده فهو التكملة وعلى هذا القياس لو اوصى وله خمسة بنين وبمثل نصيب أحدهم ولاخر
بتكملة الخمس فنقول؟ خمسة يزاد عليها ربعها يبلغ ستة وربعا نبسطها أرباعا يكنون خمسة وعشرين نأخذ خمسها خمسة في التكملة منه واحد والنصيب
أربعة ولو خلف عشرة بنين واوصى بنصيب أحدهم لاخر بتكملة السدس فهي من عشرة نزيد عليها خمسا تبلغ اثني عشر نأخذ سدسها اثني التكملة واحد والنصيب
واحد ولو خلف ابنين واوصى بمثل نصيب أحدهما ولاخر بتكمله الثلث فالوصية الثانية باطلة لأنا إذا زدنا نصف ما تصح منه المسيلة على لا يزيد شئ منه على ما
تصح منه المسألة مضمونا إليه النصيب وكذا لو أوصي وله ثلث بنين بمثل نصيب أحدهم ولاخر بتكملة الربع مسألة لواصي بالتكملة مع استثناء جزء من المال
كما لو خلف ثلث بنين واوصى بتكملة نصف ماله بنصيب أحدهم الا ثمن جميع المال فنقول نصف المال نصيب مسألة والتكملة شئ وثمن جميع المال ندفع الشئ إلى
الموصي له يبقى من النصف نصيب وثمن جميع المال نضمهما إلى النصف الباقي يحصل معنا خمسة أثمان المال بالبعد السقاط النصيب بمثله بعدل نصيبين فبسطها
أثمانا ونقلب الاسم فالمال ستة عشر والنصيب خمسة نأخذ نصف المال وهو ثمانية كسقط منها (النصيب خمسة تبقى ثلثه نسقط منها صح) ثمن جميع المال وهو انان ويبقى واحد فهو التكملة ونسقطه من جميع
المال يبقى خمسة عشر للبنين ولو خلف عشرة بنين واوصى بتكملة ثلث ماله بنصيب أحدهم الا تسع جميع المال فلثلث المال نصيب وتكملة التكمله شئ وتسع جميع المال
ندفع الشئ إلى الموصي له يبقى من الثلث نصيب وتسع جميع المال بدفع نضمهما إلى ثلث المال يحصل سبعة استاع مال ونصيب بعدل انصباء الورثة وهي عشرة نسقط نصيبا
بنصيب يبقى سبعة اتساع مال يعدل تسعة انصباء فنبسطها اتساعا ونقلب الاسم فالمال أحد وثمانون والنصيب سعة
نأخذ ثلث المال وهو سبعة وعشرون
فنسقط منها النصيب سعبة يبقى عشرون ونسقط منها تسع جميع المال وهو تسعة ويبقى أحد عشر للموصي له يبقى سبعون لكل ابن سبعة كالنصيب مسألة لو اوصى
بتكملتين مع استثناء جزء مما يبقى من المال كما لو خلف ستة بنين واوصى بتكملة ثلث ماله بنصيب أحدهم الا ثمن ما يبقى من المال نأخذ ثلث مال ونسترد منه نصيبا
يبقى بثلث مال الا نصيبا فهو التكملة يبقى معنا ثلثا مال ونصيب نسترد من التكملة ثمنه فالفريضة من الربعة وعشرين للذكر الثلث والثمن فالذي معنا ستة عشر ونصيب
وثمنه اثنان وثمن نصيب نزيده عليه يبلغ ثمانية عشر جزءا من أربعة وعشرين جزءا من مال ونصيب أو ثم نصيب بعد النصباء الورثة وهي ستة تسقط النصيب والثمن
بالمثل يبقى ثمانية عشر جزءا من أربعة وعشرين جزءا من مال يعدل أربعة انصباء وسبعة أثمان نصيب نبسطها باجزاء المال وهي أربعة وعشرين ونقلب الاسم فالمال ماية
وسبعة عشر والنصيب ثمانية عشر نأخذ ثلث المال وهو تسعة وثلثون ونسقط منها نصيبا يبقى أحد وعشرون هو التكملة إذا أسقطناه من جملة ألما يبقى ستة وتسعون
ثمنه اثنا عشر نسقطه من التكملة تبقى تسعه فهي التي يأخذها الموصي له يبقى ماية وثمانية للبنين لكل واحد ثمانية عشر مسألة لو أوصي بالتكملة مع استثناء جزء
مما يبقى من جزء من المال كما لو خلف سبعة بنين واوصى بتكمله ربع ماله نصب أحدهم الا ثلث ما يبقى من الثلث نأخذ ربع مال ونلقي منه نصيبا يبقى ربع المال الا
نصيبا وهو التكملة نلقيها من المثل يبقى نصف سدس مال ونصيب نلقي ثلث نصيب ويبقى للوصية ثمانية اجزاء من ستة وثلثين جزءا من ستة وثلثين جزءا من مال الا نصيبا و
ثلث نصيب نسقطها من المال يبقى ثمانية عشرون جزءا من ستة ثلثين جزءا من مال يعدل خمسة انصباء وثلثي نصيب نبسطها باجزاء ستة وثلثين جزءا ونقلب
الاسم فالمال مائتان وأربعة والنصيب ثمانية وعشرون نأخذ ربع المال وهو واحد وخمسون ونسقط منه النصيب يبقى ثلثه وعشرون هي التكملة نلقيها من ثلث المال
وهو ثمانية وستون تبقى خمسة وأربعون نسترد ثلثها وهو خمسة عشر من التكملة تبقى ثمانية فهي الوصية نسقطها من المال تبقى ماية وستة وتسعون للبنين لكل واحد
ثمانية وعشرون مسألة لو اوصى بالتكملة مع استثناء تكملة اخر كما لو خلف ثلث بنين واوصى بتكملة نصف ماله بنصيب أحدهم الا تكملة ثلث ماله بنصيب
أحدهم نأخذ نصف مال ونأخذ منه نصيبا فالباقي تكملة النصف ثم نأخذ ثلث مال ونسقط منه نصيبا فالباقي هو تكملة الثلث ينقص تكملة الثلث من تكمله النصف
يبقى سدس مال بالاستثناء فالوصية إذا بسدس المال يبقى خمسة أسداس مال يعدل ثلثه انصباء نبسطها أثلاثا فنقلب الاسم فالمال ثمانية عشر والنصيب خمسة
نأخذ نصف المال تسعة ونسقط منها النصيب تبقى أربعة فهي التكملة النصف ثم نأخذ ثلثه ستة ونسقط منها النصيب يبقى واحد فهو تكملة الثلث نسقط واحد
من أربعة يبقى ثلثه فهي الوصية نسقطها من جميع المال تبقى خمسة عشر للبنين لكل واحد مخمسة مسألة لو اوصى بالتكملة مع الوصية بالنصيب وجزء مما يبقى
من المال كما لو أوصي لزيد بمثل نصيب أحد نبيه الخمسة ولعمر وتكملة ربع ماله بنصيب أحدهم ولثالث بثلث ما يبقى بعد ذلك نأخذ ربع مال وننقص منه نصيبا
فالباقي هو تكملة الربع ندفعه إلى عمرو وندفع النصيب إلى زيد فان صرف الربع إلى الوصيتين يبقى ثلث أرباع المال ندفع منها واحد إلى الثالث يبقى ربعان بعد لان انصباء
البنين وهي خمسة نبسطها أربعا ونقلب الاسم فالمال عشرون والنصيب اثنان نأخذ ربع المال خمسة ندفع منها اثنين إلى زيد وثلثه إلى عمر ويبقى خمسة عشر
ثلثها خمسة للثالث وكل ابن اثنان أو نجعل المال ثمانية ونجعل النصيب واحد أو كذا التكملة يبقى ستة اثنان منها للثالث يبقى رابعة وكان ينبغي ان يكون خمسة
فقد نقص واد وهو الخطاء الأول ثم نجعله اثني عشر فالنصيب منها اثنان والتكملة واحد يبقى تسعة ثلثه منها للثالث يبقى ستة وكان ينبغي ان يكون عشرة فقد نقص
أربعة وهو الخطاء الثاني ننقص الأقل من الأكثر يبقى عشرون فهو المال ثم نضرب النصيب الأول في الخطاء الثاني يكون اثنين وثلثين والمال الثاني في الخطأ الأول يكون اثنى
عشر نسقط الأقل من الأكثر يبقى عشرون فهو المال ثم نضرب النصيب الأول في الخطأ الثاني يكون أربعة ونضرب النصيب الثاني في الخطاء الأول يكون اثنين نسقط
الأقل من الأكثر يبقى اثنان فهو النصيب مسألة لو أوصي بالتكمية مع الوصية بالنصيب وجزء مما يبقى من جزء من المال كما لو خلف خمسة بنين واوصى لزيد
بمثل نصيب أحدهم ولعمر وتكمله الربع بالنصيب والثالث بثلث ما يبقى من الثلث بعد الوصيتين نحتاج إلى مال له ربع وثلث وللباقي من الثلث بعد اسقاط
الربع ثلث وأقله ستة وثلاثون نأخذ ربعه وهو تسعه نصرفها إلى الوصية بالتكملة والنصب فإذا أسقطنا تسعه من الثلث تبقى ثلثة ونصرف منها واحد إلى الثالث يبقى
اثنان نزيدهما على ثلثي المال يكون ستة وعشرين يعدل نصباء الورثة وهي خمسة نبسطها باجزاء ستة وثلثين ونقلب الاسم فالمال مائة وثمانون والنصيب ستة
وعشرون وثلث المال وهو ستون فنلقي منه ربعه وهو خمسة وأربعون بالوصيتين الأولتين وستة وعشرين بالوصية الأخرى يبقى
من الثلث خمسة عشر نصرف ثلثها إلى الوصية الثالثة تبقى عشرة تزيدها على ثلثي المال تبلغ ماية وثلثين للبين لكل واحد واحد ستة وعشرون مسألة لو أوصي
بالتكملة مع الوصية بالنصيب مستثنى منه جزء مما يبقى من المال كما لو خلف أربعة بنين واوصى لزيد بتكملة الثلث بنصيب واحدهم ولعمر وبمثل نصيب أحدهم الا
535

خمس ما يبقى من المال نأخذ ثلث المال ونصرفه إليهما بالنصيب وبالتكملة ونسترجع من النصيب خمس الباقي ولنقدر المال خمسة عشر ليكون الباقي بعد الثلث خمس فالثلث
المخرج بالنصيب والتكملة إذا خمسته نسترجع من النصيب خمس الباقي هو اثنان فالحاصل معنا اثني عشر جزءا من خمسة عشر جزءا من صح) مال وذلك يعدل انصبا للورثة وهو أربعة نبسطها
باجزاء خمسة عشر ونقلب الاسم فالمال ستون والنصيب اثنا عشر نا خذ ثلث المال هو عشرون ونلقي منها النصيب اثنا عشر يبقى ثمانية وهي التكملة تدفعها
إلى زيد ونسترد من النصيب خمس الباقي وهو ثمانية يبقى لعمر وأربعة فالوصيتان جميعا اثنى عشر يبقى ثمانية وأربعون للبنين لكل واحد اثنا عشر مسألة
لو أوصي بالتكملة مع الوصية بالنصيب مستثنى عنه جزء مما يبقى من أجزء المال كما لو خلف خمسة ينين واوصى لزيد بتكمله الربع بنصيب أحدهم ولعمر وبمثل نصيب أحده
الا ثلث ما يبقى من الثلث بعد ذلك فلابن مال له ربع وثلث وللباقي من الثلث بعد اسقاط الربع ثلث وأقله ستة وثلثون نأخذ ربعه وهو تسعة فنصرفها
إلى الوصيتين ونسترد من النصيب ثلث ما يبقى من ثلث المال وهو واحد ونزيده على الباقي من الثلث يبلغ أربعة نزيدها على ثلي المال تبلغ ثمانية وعشرين جزءا
من ستة وثلثين جزءا من مال وذلك يعدل انصباء الورثة وهي خمسة نبسطها باجزاء ستة وثلثين ونقلب الاسم فالمال مائة وثمانون والنصيب ثمانية وعشرون
يبقى سبعة عشر يبقى ستة عشر فهي التكملة ثم نلقي أربعة من ثلث جميع المال وهو ستون وتبقى خمسة عشر نسقط ثلثها من النصيب يبقى لعمر وثلاثة وعشرون والوصيان
معا أربعون يبقى وأربعون للبنين لكل ابن ثمانية وعشرون مسألة لو اوصى بالنصيب مستثنى عنه التكملة كما لو خلف ثلاثة بنين واوصى بمثل نصيب أحدهم
الا تكملة ثلث ماله بالنصيب يجعل ثلث المال دينار أو درهما ونجعل النصيب دينار ندفعه إلى الموصي له ونسترد منه درهما لان التكملة درهم يبقى من الثلث
درهمان نزيدهما على الثلثين يبلغ دينارين وأربعة دراهم تعدل انصباء الورثة وهي ثلاثة دنانير فنسقط المثل بالمثل يبقى أربعة دراهم تعدل دينار فنقلب الاسم ونقول
الدينار أربعة والدرهم واحد فالثلث خمسة والمال خمسة عشر نأخذ ثلث المال وهو خمسة ندفع منها إلى الموصي له نصيب؟ وهو أربعة ونسترد واحدا وهو التكملة يبقى الموصي له
ثلثة نطرحها من المال يبقى اثنا عشر لكل واحد من البنين أربعة الفصل الخامس في الوصية بالجذور والكعب الجذر كل مضروب في نفسه والحاصل
من الضرب يسمى مالا وجذورا ومربعا والكعب كلما شرب في نفسه ثم ضرب في مبلغه فيه والحاصل من الضربين يسمى كعبا فالواجد جذر وكعبه الواحد والعدد إما
ان يكون له جذر صحيح ينطق به كالأربعة جذرها اثنان واما ان لا يكون له جذر ينطق به كالعشرة والعشرين ويسمى أصم ومن الاعداد ماله كعب ينطق به كالثمانية
كعبها اثنان ومنها ما ليس له كعب ينطق به كالعشرة والمائة وقد يكون العدد منطقا بجذره ونكعبه كأربعة وستين جذرها ثمانية وكعبها أربعة وقد يكون أصم
في الجذر خاصة كسبعة وعشرين أوفي الكعب خاصة كأربعة أو فيهما كعشرة إذا عرفت هذا فلو أوصي بجذر ماله فرضنا المسألة من عدد مجذور إذا أسقط جذره انقسم
الباقي صحيحا على الورثة فلو خلف ثلثه بنين واوصى بجذر ماله فان جعلنا المال تسعة فللموصي له ثلثه والباقي بين البنين لكل ابني سهمان وان جعلناه ستة عشر
فللموصي له أربعة والباقي بين البنين لكل واحد أربعة ولو اوصى بكعب ماله جعلنا المال مكعبا فان جعلناه ثمانية فاثنان للموصي له والباقي بين البنين وان جعلناه
سبعة وعشرين فثلثه للموصي له والباقي بين النبيين قال الجويني يستحيل ان يكون الامر في ذلك على التخيير والفرض كيف شاء الفارض فان الاقدار يختلف باختلاف
العدد المفروض فإذا كان المال تسعة فالجذر ثلث المال وإن كان ستة عشر فالجذر ربعه وأيضا كل عدد مجذور الا ان من الاعداد ما لا ينطق بجذره ومنها ما ينقط و
ليس في لفظ الوصية الا جذر المال فلا يجب حمله على مجذور صحيح ولا على أن يقسم البافي صحيحا على الورثة نعم إذا قيد الموصي وصيته بما تقضي الحمل على عدد معين من
الاعداد المجذورة حمل عليه فإذا قال نزلوا مالي على مجذول صحيح إذا خرج مذره نقسم الباقي على الورثة بغير كسر تعين ما تقدم من الحمل على تسعة في الصورة وكانت
الوصية بثلث المال وان عين مرتبة أخرى تعين وان اطلق الوصية بالجذر ولم يقيد بشئ بل أراد بالجذر ما تقوله الحساب فإن كان المال من مقدارا بكيل أو وزن
أو زرع كالأرض أو عدد كالجوز نزل عليه فإن كان جذره ينطق به فداك والمسلم إلى الموصي له القدر المتيقن واما المشكور فيه فالحكم فيه الصلح وان لم يكن المال مقدار
كعبدا وجارية قوم ودفع جذر القيمة إلى الوصية مسألة لوا وصي بجذر النصيب وخلف ثلثه نبين نجعل نصيب كل ابن عدد أم جذورا ثم جمع انصباء البنين
ويزاد عليها جذر نصيب أحدهم فما بلغ صحت المسألة منه فلو جعلنا نصيب كل ابن واحدا فالفريضة ثلثه ونزيد عليها واحدا يصير أربعة ومنها تصح وان جعلنا النصيب
أربعة فالفريضة اثنا عشر يزيد عليها اثنين وتبلغ أربعة عشر ومنها تصح ولو أوصي بجذري نصيب واحد وفرضنا النصيب أربعة فانصباؤهم اثنا عشر نزيد عليها جذري
النصيب يبلغ ستة عشر منها تصح الفريضة ولو بكعب نصيب أحدهم جعلنا النصيب مكعبا وجمعنا النصباء وزدنا عليها كعب نصيب مسألة لو أوصي
بجذر ونصيب وجذر مال وخلف ثلثه بنين واوصى بجذر واحدهم لزيد ولعمر وبجذر جميع المال فنصيب كل ابن مال لأنه أوصي بجذره ثم نجعل المال أموالا لها جذور صحيحه
فان جعلناها أربعة أموال فوصيت عمر وجذرين كما أن جذر أربعة من العدد ديناران فالوصيتان ثلثه اجذار نسقطها من المال تبقى أربعة أموال الا ثلثه الجذر تعدل
انصباء الورثة وهي ثلثة أموال بخبر وتقابل فأربعة أموال تعدل ثلثه أموال وثلثه اجذار فالمال يعدل ثلثه اجذار فالجذر ثلثه والمال تسعة وتقدير الكلام مال يعدل
ثلثه اجذار فالجذر ثلثه فالتركة ستة وثلثون أربعة أموال ونصيب كل ابن تسعة يأخذ زيد جذر النصيب وهو ثلثة وعمر وجذر المال وهو ستة يبقى سبعة
وعشرون للبنين وان جعلناها تسعة أموال فوصيت عمر وثلثه اجذار فالوصيتان أربعة اجذار نسقطها من المال يبقى تسعة أموال الا أربعة والجذار يعدل انصبا الورثة
وهي ثلثه أموال نجبر ونقابل فتسعة أموال تعدل ثلثه أموال وأربعة واجذار نسقط الجنس بالجنس فستة الموال تعدل أربعة اجذار فمال يعدل ثلثي فالجذر ثلثا درهم
والمال أربعة تساع وقد كان املا تعسة أموال فهي إذا أربع دراهم والنصيب ثلثا درهم لزيد جذر النصيب وهو ثلثا درهم ولعمر وجذر المال وهو ثلثا درهم ولعمر وجذر المال وهو درهمان يبقى درهمان
بين البنين لكل واحد ثلثا درهم ولو أوصي لزيد بجذر نصيب أحدهم ولعمر بجذر ما يبقى من المال فوصية زيد جذر وكل نصيب مال ونجعل المال بعد وصية
زيد أموالا لها جذور صحيحة فان شئت جعلتها أربعة أموال فيكون وصية عمر وجذرين وجملة المال أربعة أموال وجذر فإذا أسقطت الوصيتين من المال يبقى
أربعة أموال الاجذرين يعدل ثلثه أموال فنجبر ونقابل فأربعة أموال بعد ثله أموال وجذرين فالمال يعدل جذرين فالجذر اثنان والمال أربعة وقد كان جميع المال
أربعة أموال وجذرا فهو إذا ثمانية عشر اثنان منها لزيد تبقى ستة عشر جدرها لعمر وهو أربعة يبقى اثنا عشر للبنين أو نقول إنها بعد وصيته زيد تسعة أموال فيكون
وصية عمر وثلثه وثله اجذار وجملة ألما ل تسعة أموال وجذر فإذا أسقط الوصيتين يبقى تسعة أموال الا ثلثه اجذار تعدل انصباء الورثة وهي ثله أموال فبعد الخبر
والمقابلة يبقى ستة أموال في مقابله اجذار فالمال الواحد يعدل نصف جذر فالجذر نصف درهم فالمال ربع وكان جميع التركة تسعة أموال وجذر فهو إذا درهمان
536

وثلثه أرباع درهم لزيد جذر النصيب وهو نصف درهم يبقى درهمان وربع لعمر وجذر وهو درهم ونصف يبقى ثلثه أرباع ودرهم للبنين مسألة لو بنصيب
وجذر بان يخلف ثلثه بنين ويوصي بمثل نصيب أحدهم ولا خر يجذر المال فيقدر انه كان البنين أربعة واوصى بجذر المال وجذره قد سبق طريقة ولو أوصي بالنصيب
وبجزء شايع وجذر كما لو خلف ثلثه تبين واوصى بمثل نصيب أحدهم ولاخر يجذر المال ولاخر ثلث ما يبقى
من المثل فنأخذ لثلث المال ونلقي منه نصيب أو جذار
يبقى ثلث مال الاجذار ونصيبا نسقط ثلثه للوصية الثالثة فيبقى من المثل تسعا مال الا ثلثي جذر وثلثي نصيب نزيده على؟ المال يبلغ ثم ثانية اتساع مال الا
ثلثي جذر ومالا ثلثي نصيب يعدل ثلثه انصباء فنخبر ونقابل فثمانية اتساع مال تعدل ثلثه انصباء وثلثي جذر فاجعل النصيب بعد ذلك اي عدد شئت بشرط
ان يزيد على ضعف الجذر فان جعلته ثلثه أمثال الجذر فمعك ما انتهت المعادلة إليه ثلثه انصباء فيكون تسعة اجذار وثلثا نصيب فيكون جذرين وثلثا جذر
فالمبلغ أحد عشر جذر أو ثلث اجذار فإذا ثمانية اتساع مال يعدل أحد عشر جذرا وثلثي جذر فنكمل اجزاء المال بان نزيد؟ ونزيد على عدليها مثله تبلغ ثلثه عشر
جذر أو ثمن جذر وإذا مال يعدل ثلثه عشر جذر أو ثمن جذر فالجذر ثلثه عشر وثمن ضربه في مثلثه يبلغ مائة واثنين وسبعين درهما وسبعة عشر جزءا من أربعة
وستين جزءا من غدرهم فنسقط منه جذر المال ونسقط منه النصيب أيضا وقد فرضناه ثلثه أمثال الجذر فالحاصل أربعة أمثال الجذر فالحاصل أربعة أمثال الجذر وهي اثنان وخمسون درهما
ونصف درهم يبقى من الثلث أربعة دراهم وتسعه وخمسون جزءا من أربعة وستين جزءا من درهم ندفع ثلثها إلى الموصي له الثاني وهو درهم واحد وأربعون جزءا من
أربعة وستين جزءا مهن درهم فجملة الوصايا أربعة وخمسون درهما وتسعة اجزاء مهن أربعة وستين جزءا من درهم إذا أسقطتها من المال وهي ماية واثنان وسبعون
درهما وسبعة عشر جزءا من درهم وهي ثمن درهم وثمن ثمن درهم يقسم بين البنين لكل ابن تسعة وثلثون درهما وثلثه أثمان درهم وهو ثلثه أمثال الجذر هذا إذا فرض النصيب
عند المعادلة زايدا على ضعف الجذر فان فرض ضعف الجذر وأقل اتسحالة المسألة لأنا إذا فرضناه ضعف الجذر فالذي معنا وهو ثلثه انصباء وثلثا نصيب
يكون سبعة اجذار وثلث جذر ومعنا أيضا ثلثا جذر فالمبلغ ثمانية اجذار يعدل ثمانية استاع مال فإذا زدنا على كل واحد منهما ثمنه صار مال يعدل تسعه
اجذار فيكون الجذر تسعة والمال أحد وثمانين نأخذ ثلثه هو سبعة وعشرون ونسقط منه جذر المال وهو تسعه تبقى ثمانية عشر نسقطها للنصيب لأنا فرضناه ضعف
الجذر في يبقى للوصية الثالثة شئ مسألة لو اوصى بجزء أو نصيب واستثنى الجذر كان يخلف ثلثه بنين ويوصي بثلث ماله الا جذار جميع المال ندفع
إلى الموصي له ثلث المال ونسترد منه جذرا كيون معنا ثلثا مال وجذر يعدل اصنباء يعدل النصباء الورثة وهي لثه فنجعل المال عددا له ثلث صحيح بشرط ان نقسم
ثلثاه زايدا عليه جذره على ثلثه وأقله ستة وثلثون فندفع ثلثها إلى الموصي له ونسترد منه جذر المال وهو ستة يبقى عنده ستة فقد اخذا ثلث المال الا جذره يبقى
ثلثون للبنين ولو أوصي بمثل نصيب أحدهم الا جذر جميع المال فنأخذ مالا ونسقط منه نصيا ونسترد من النصيب جذر المال يبقى مال وجذر الا نصيبا يعدل النصاب ء
البنين بخبر ونقابل فمال وجذر يعدل أربعة انصباء فنجعل المال عددا مجذورا إذا أزيد عليه جذره نقسم على أربعة فليكن ستة عشر إذا أزيد عليه إذا زيد عليه جذره كان عشرين
إذا قسم على أربعة يخرج من القسمة خمسه فإذا نقصت من النصيب جذل المال يبقى واحد يدفع إلى الموصي له يبقى خمسة عشر للبنين ولو أوصي بمثل نصيب أحدهم الا جذر
نصيب أحدهم فالنصيب عدد مجذور فان جعلته أربعة فالوصية اثنا والا نصباء اثنا عشر وجمله ألما أربعة عشر إذا رفعت إلى الموصي له اثنين فقد تأخذ مثل نصيب
أحدهم الاجذر ونصيب أحدهم وان جعلته تسعه فالانصباء سبعة وعشرون والوصية ستة مسألة لو أوصي بجذر مضافة إلى المجذور كما لو خلف ثلثه تبين
واوصى لزيد بجذر نصيب أحدهم ولعمر وبجذر وصيته زيد ولثالث بجذر وصية عمر فاجعل وصية الثالث ما شئت من الاعداد فان جعلته اثنين فوصية عمرو أربعة
ووصية زيد ستة عشر ونصيب كل ابن مائتان وستة وخمسون وجملة المال بيع ماية وتسعون ولو أوصي لزيد بجذر نصيب أحدهم ولعمر وبجذر باقي النصيب فالنصيب مال
واجعل وصيته عمر وأي عدد شئت الا جذر فان جعلته ثلثه الا جذرا فاصرفها في مثلها يحصل تسعة اعداد ومال الا ستة أجذارا لأنك إذا أردت بالجذر واحدا كان الحاصل
ضرب اثنين في اثنين والمبلغ أربعة ولا فرق بين أن يقول أربعة وبين ان نقول لسعة من العدد ومال وهو واحد الا ستة جذور وهي ستة والمبلغ المذكور هو
تسعة ومال الا ستة أجذار يعدل الباقي من نصيب الابن وبعد وصية زيد وهو مال الا جذار فنجبر ما في هذا الجانب بستة اجذار وتزيد على عادلة؟ ستة اجذار فإذا تسعة
من العدد ومال يعدل مالا وخمسة أجذار نسقط المال بالمال يبقى تسعة من العدد في معادلة خمسة اجذار فالجذر الواحد درهم وأربعة أخماس تضربه في مثله فيكون أحدا
وثمانين جزءا من اجزاء خمسة وعشرين جزءا من درهم وهي ثلثه دراهم وستة اجزءا من خمسة وعشرين جزءا من درهم وذلك نصيب ابن ننقص منه وصية زيد وهي جذر
درهم وأربعة أخماس يبقى ستة وثلثين جزءا من اجزا خمسة وعشرين ننقص منها وصيه عمرو وهي جذر هذه التسعة والثلثين وهو درهم وخمس فالوصيتان معا ثلثه دراهم
والتركة اثنا عشر درهما وثمانية عشر جزء ا من خمسة وعشرين جزءا من درهم مسألة لو أوصي بجذر وتكمله مثل ان يخلف ثلثه نبين ويوصي لواحد بتكملة ثلث ماله
يجذر نصيب أحدهم نجعل ثلثه المال مالا وجذر وندفع المال إلى الموصي له يبقى جذره نزيده على ثلثي المال يبلغ مالين وثلثه اجذار وذلك يعدل انصباء البنين و
هي ثلثه أموال فنسقط مالين يبقى ثلثه اجذار في معادلة مال فالجذر ثلثة والمال تسعة فثلث المال اثني عشر والوصية تسعة نسقطها من المال تبقى ستة وعشرين
للبنين وقد اخذ الموصى له ثلث المال الا جذر نصيب أحدهم ولو أوصي لزيد بتكملة ربع ماله بجذر نصيب اخذه ولعمر ونجذر ما يبقى من ثلثه فنجعل النصيب
مالا وثلث التكرة مالا ووصية زيد وهي ربع التكرة الا جذرا فنسقط منه وصية زيد يبقى من الثلث مال نسقط منه وصية عمر وهي جذره يبقى من الثلث مال
الاجذار نزيد فده على ثلثي التركة وهوما لان ونصف تكرة الاجذرين بل ثلثه أموال ونصف تركه أ لا ثلثه اجذار وتعدل انصباء البنين وهي ثلثه أموال وثلثه إذا
فنصف تركه يعدل ثلثه اجذار في التركة سعة اجذار وثلثها جذران وربعها جذر ونصف وقد كان ثلث التركة مالا وربع تركة الا جذوا فإذا خرج جذ رمن ربع التركة
بالاستثناء كان الباقي نصف جذر فهو وصية زيد فنسقطها من ثلث المال وهو (جذران يبقى جذر ونصف ذلك يعدل مالا لأنا جعلنا باقي الثلث مالا فالجذر
درهم ونصف والمال درهمان وربع وهو نصيب كل ابن والتركة ستة أجزاء فهى تسعة دراهم نأخذ ثلثها ثلثه أو نسقط منه ربع التسعة الاجذر نصيب وهو ثلثه أرباع
درهم وهي وصية زيد يبقى من الثلث درهمان وربع نأخذ جذره وهو درهم ونصف لعمر ويبقى من الثلث ثلثه أرباع درهم نزيدها على ثلثي المال وهو ستة يكون
ستة دراهم وثلثه أرباع بين البنين لكل واحد درهمان وربع الفصل السادس في الوصية بقدر من المال من درهم ودينار وغيرهما مسألة لو خلف
أربعة بنين واوصى بمثل نصيب أحدهم وبذرهم بجعل التركة اي عدد شئنا بعدان يكون بحيث إذا عزلت منها درهمان وقسمت الباقي بين البنين والموصي له على
537

خمسة كان النصيب الواحد مع الدرهم مثل ثلث التركة أو أقل وان جعلت التركة أحد عشر درهما فاسقط منها درهمان يبقى عشرة لكل وا حد سهمان وان جعلتها ثلاثة عشر أسقطت
درهما وقسمت الباقي بينهم فيخرج من القسمة اثنان وخمسان نزيد على الخارج الدرهم المنقوص يكون ثلثة وخمسين للموصى له فان أزلت الكسر فانقص الدرهم من
ثلثة عشر واضرب الباقي في خمسة يكون ستين لكل ابن اثنا عشر لأنه كان له اثنان وخمسان فإذا ضرب ذلك في خمسة حصل اثني عشر والموصي له مثل ذلك بزيادة
درهم ولو أوصي بالنصيب باستثناء ودره فإذا أوصي بمثل نصيب أحد البنين والأربعة الا درهمان فان جعلت للموصي له درهمين فاجعل لكل واحد من البنين ثلثه وجعل
التركة من أربعة عشر وان جعلت له ثلثه فاجعل لكل واحد من البنين أربعة واجعل التكرة من تسعة عشر مسألة لو أوصي بجزء شايع وبدرهم كما لو أن وصي بسدس ماله
وبدرهم وله ثلثه ان بين نخرج سدس التركة ودرهمان وقصم الباقي بين اورثة فنأخذ مالا ونسقط منه سدسه ودرهمان يبقى خمسة السادس مال الا درهمان نعدل ثلثه
انصباء نجبر ونقابل فخمسة السادس المال تعدل ثلثه انصباء ودرهما فتكمل اجزاء المال بان يزيد عليها مثل خمسها نزيد على معادلة خمسة فمال يعدل ثلثه انصباء
ثلثة أخماس نصيب ودرهمان وخمس فاضرب الانصباء الثلاثة واخماس النصيب في عددا إذا زيد على حاصل الضرب درهم وخمس كان الحاصل عدد صحيح وهو ثلثه فإذا ضرب
فيها يبلغ الحاصل منه مزيدا عليه الدرهم والخمس اثنى عشر درهما لصاحب السدس والدرهم ثلثه ولكل ابن ثلثه ولكل ابن ثلثه مسألة لو أوصي بجزء شايع مع استثناء درهم
بان يخلف ثلثه بنين ويوصي بسدس ماله الا درهما فنأخذ مالا ونسقط منه سدس فنسترد من السدس درهما يحصل معنا خمسة أسداس درهما يحصل معنا خمسة السادس مال ودرهم يعدل ثلثه انصباء
فتكمل أجزء المال بان نزيد عليها خمسها ونزيد الخمس على كل ما في المعادلة فمال ودرهم وخمس درهم يعدل ثلثه انصباء وثلثه أخماس نصيب فضرب هذه الانصباء و
الأخماس في عدد إذا نقص من الحصل من الضرب درهم وخمس كان الباقي عددا صحيحا وسبعة وانه إذا ضرب سبعة في ثلثه وثلثه أخماس حصل خمسة وعشرون و
خمس فإذا نقص منه درهم وخمس كان الباقي أربعة وعشرين ندفع سدسها في الوصية ونسترد منه درهما يبقى أحد وعشرون للبنين مسألة لو أوصي بنصيب وبجزء
وبدرهم أو دراهم أو مع استثناء درهم أو دراهم بان يخلف خمسة بنين واوصى لزيد بمثل نصيب أحدهم ودرهم ولعمر وبثلث ما يبقى من ثلثه ودرهم نأخذ ثلث مال و
نسقط منه نصيبا ودرهما يبقى ثلث مال الا نصيبا ودرهما نسقط لعمر ومن هذا الباقي ثلثه ودرهما اخر يبقى تسعا؟ الا ثلثي نصيب والا درهما وثلثي درهم
نزيده على ثلثي المال يكون ثمانية اتساع مال الا ثلثي نصيب والا درهما وثلث درهم يعدل خمسة انصباء نجبر ونقابل فثمانية اتساع مال يعدل خمسة انصباء وثلثي نصيب ودرهم
وثلثي درهم نكمل اجزاء المال بان نزيد عليها ثمنها ونزيد على كل ما في المعادلة ثمنه فما ليعدل ستة انصباء وثلثه أثمان بنصيب ودرهما وسبعة ثمان ودرهم فنطلب عددا
إذا ضرب في ستة وثلثه أثمان يكون الحاصل منه مزيدا على درهم وسبعة أثمان درهم عددا صحيحا وهو ثلثه إذا ضربت في ستة وثلثه أثمان حصل تسعة وعشرون وثمن إذا
زيد عليه درهم وسبعة أثمان درهم كان أحد وعشرين فمنه القسمة والنصيب ثلثه نأخذ ثلث المال وهو سبعة ندفع منها إلى زيد أربعة بالنصيب والدرهم يبقى ثلثه
ندفع ثلثها ودرهم اخر إلى عمر ويبقى درهم زيد على ثلثي المال يكون خمسة عشر للبنين الخمسة ولو اوصى وله ستة بنين بمثل نصيب أحدهم ولاخر بسدس ماله الا درهما
نأخذ مالا ونسقط منه نصيبا لاحدى الوصيتين وسدسه الا درهما للوصية الأخرى يبقى خمسة السادس مال ودرهم الا نصيبا بعدل ستة ا نصبا نجبر ونقابل و
نكمل اجزاء المال بزيادة خمسها ونزيد على كل ما في المعادلة خمسة فالمال درهم وخمس درهم يعدل ثمانية انصباء وخمسي نصيبا فنضرب الانصباء الثمانية والخمسين في عدد
إذا نقص مما يحصل ن الضرب درهم وخمس درهم كان الباقي عددا صحيحا وهو ثلثه إذا ضربنا ها في ثمانية وخمسين يحصل خمسة وعشرون وخمس درهم فإذا نقص منه درهم
وخمس بقى أربعة أو عشرون فمنها القسمة والنصيب ثلثه ندفع إلى الموصي له بالسدس السدس الا درهما وهو ثلثه والى الموصي له الأخير ثلثه يبقى ثمانية عشر للبنين
مسألة لو أوصي بالتكملة ودرهم أو شبهه بان يخلف أربعة نبين واوصى بتكملة ثلث ماله بنصيب أحدهم وبذرهم والمراد من الوصية الثلث الا نصيب
أحدهم والا درهما يجعل المال خمسة عشر والنصيب ثلثه فنا خذ ثلث المال الا خمسة ونسقط منها لا نصيب ونسقط درهما يبقى واحد هو الوصية نسقط من المال يبقى أربعة
عشر وكان ينبغي ان يكون اثني عشر فقد زاد اثنان وهو الخطاء الأول ثم نجعل المل ثمانية عشر والنصف أربعة نأخذ ثلثه سنة ونسقط منه النصيب أربعة ونسقط
درهما أيضا يبقى واحد هو الوصية إذا أسقطناه من المال يبقى سبعة عشر فكان ينبغي ان يكون ستة عشر فقد زاد واحد فهو الخطاء الثاني نسقط الأقل من الأكثر يبقى
واحد نحفظ ثم نضرب المال الأول في الخطاء الثاني يكون خمسة عشر والمال الثاني في الأخطاء الأول يكون ستة وثلثين نسقط الأقل من الأكثر يبقى أحد وعشرون فهو
المال ونضر لا نصيب الأول في ا لخطاء الثاني يكون ثلثه ونضرب النصيب الثاني في الخطاء الأول يكون ثمانية نسقط الأقل من الأكثر تبقى خمسة فهي ا لنصيب نأخذ
ثلث المال هو سبعة ونسقط منه النصيب خمسة ودرهما اخر يبقى واحد فهو الوصية نسقطها من المال يبقى عشرون للبنين ولو خلف أربعة باثنين واوصى بتكملة ثلث
ماله بنصيب أحدهم ولاخر بسدس ماله الا درهما نقدر المال اثني عشر والنصيب اثنين فنأخذ ثلثه وهو ا ربعة ونسقط منه النصيب اثنين يبقى للموصي له
الأول اثنان ونأخذ سدسه اثنين ونسقط منه واحدا يبقى الوصية واحد ننقص الوصيتين من المال تبقى تسعه وكان ينبغي ان يكون ثمانية فقد زاد واحد
وهو الخطأ الأول ثم نجعل المال ثمانية عشر والنصيب أربعة ونأخذ ثلثه ستة ونسقط منه النصيب أربعة تبقى الوصية اثنان ونأخذ سدسه ثلثه ونسقط
منه واحدا يبقى للوصية اثنان أيضا نسقطهما من المال يبقى أربعة عشر وكان ينبغي ان يكون ستة عشر فلقد نقص اثنان يجمع بين الخطائين تبلغ ثلثه نحفظهما فهى
المقسوم عليها ثم نضرب ا لمال الأول وهو اثنا عشر في الخطا الثاني وهو اثنان يكون ا ربعة وعشرين ونضرب المال الثاني وهو اثنان يكون أربعة وعشرين ونضرب المال الثاني فلى الخطاء الأول يكون ثمانية عشر نجمع بينهما
يكون اثنين وأربعين ونقسمه على الثلاثة المحفوظة يخرج من القسمة ربعه عشر فهو المال ثم نضرب النصيب الأول في الخطاء الثاني يكون أربعة ونضرب النصيب
الثاني في الخطاء الأول يكون أربعة ونجمع بينهما يبلغ ثمانية نقسمه على الثلاثة يخرج من القسمة درهمان وثلثان فهو النصيب ونأخذ ثلث المال وهو أربعة وثلثا درهم
فنسقط منه نصيبا يبقى درهمان للموصي له الأول نأخذ سدسه وهو درهمان وثلث درهم نسقط منه درهمان يبقى درهم وثلث للموصي له الثاني نجمع بين الوصيتين
ونسقطهما من المال تبقى عشرة وثلثا درهم للنبين لكل واحد منهم درهمان وثلثان ولو خلف بنين واوصى لزيد بمثل نصيب أحدهما ولعمر ونصف ما يبقى من
النصف وبدرهم والتركة عشرون درهما نأخذ نصف التركة عشر ونسقط منه نصيبا لزيد تبقى عشرة الا نصيبا نسقط من هذا الباقي نصفه ودرهما لعمرو وهو ستة
الا نصف نصيب يبقى من العشرة أربعة الا نصف نصيب نزيده على المال يلغ أربعة عشر درهما الا نصف نصيب يعدل نصيبي الا بنين بخبر ونقابل فأربعة
عشر يعدل نصيبين ونصف نصيب نبسطهما انصافا فالمال ثمانية وعشرون والنصيب خمسة نقسم المال على النصيب يخرج من القسمة خمسه دراهم وثلاثة أخماس
538

درهم فهو النصيب نأخذ عشرة وندفع منها إلى زيد خمسة دراهم وثلثه أخماس يبقى منها أربعة دراهم وخمسان ندفع نصفها وهو درهمان وخمس درهمان اخر إلى عمر ويبقى من العشرة
درهم وخمس نزيده على العشرة الأخر يكون أحد عشر وخمسا للابنين لكل واحد خمسة دراهم وثلاثة أخماس درهم ولو خلف ابنين واوصى لزيد بمثل نصيب
أحدهما الا ثلث جميع المال ولعمر وبثلث ما يبقى من الثلث وبدرهم والتركة ثلثون درهما نأخذ ثلث المال وهو عشرة ونسقط منه نصيبا ونسترد ثلث المال وهو
عشره يحصل معنا عشرون الا نصيبا ندفع ثلثه وهو ستة دراهم وثلثا درهم الا ثلث نصيب ودرهما اخر إلى عمر ويبقى اثنا عشر درهما وثلث درهم لا ثلثي نصيب
نزيده على ثلثي المال يبلغ اثنى وثلثين درهما وثلث درهم لا ثلثي نصيب يعدل نصيبين نخبر ونقابل فاثنان وثلثون ودرهما وثلث درهم يعدل نصيبين وثلثي نصيب
نبسطها أثلاثا فالنصيب ثمانية والمال سبعة وتسعون نقسم اجزءا المال على اجزءا النصيب يخرج من القسمة اثنا عشر درهما وثمن درهم ونسترد منه ثلث المال
وهو عشرة يبقى درهمان وثمن درهم هي وصية نسقطها من ثلث المال تبقى سبعة دراهم وسبعة أثمان ندفع ثلثها ودرهما إلى عمرو وذلك ثلثه دراهم وخمسة أثمان
درهم يبقى أربعة دراهم وربع درهم نزيدها على ثلثي المال وهو عشرون يبلغ أربعة وعشرون ودرهما وربع درهم للابنين ولو انفردت الوصية الأولى بطلت
لكون الاستثناء مستغرقا الا انه لما اقترنت بها الوصية الأخر أخرجتها عن الاستغراق الفصل السابع في المسايل الدورية في التصرفات الشرعية
من المريض مسألة قد عرفت ان عطايا المريض من الهبة والعتق والمحاباة والعفو عن الجناية وغير ذلك يخرج من الثلث على ما اخترناه كالوصايا وكان الاعتبار بثلث المال
المعطي في زيادته ونقصانه بيوم الموت لا يوم الوصية وجب لذلك انه متى زادت تركته برجوع بعض العطية بهبه أو ميراث أو أرش جناية أو غيرها من أسباب الزيادات
ان يزيد عطيته زاد ما يرع إليه منها وإذا زاد ذلك وجب ان يزيد العطية وهكذا دائما يدور إلى ما لا نهاية له فقطع العلماء ذلك بوجود من الحساب وطريق وضعوه الا يخرج
من موجب الأحكام الشرعية كما تقول لو وهبت المريضة زوجها ماية مستوعبة فقبض ومات ثم ماتت في مرضها وخلفت أخاها صحت الهبة في الثلث ورجع ثلثاها
ونصف الثلث فيصير لها خمسه أسداس المائة فتجوز الهبة في نصفه وهو أكثر من الثلث وحسابها ان نقول جازت الهبة في شئ بقى مائة الأشياء ويرجع إلهيا نصف
شئ فلورثتها مائة الا نصف شئ يعدل مثلي ما جاز اللهبة وهو شيئان نخبر المائة بنصف شئ فالمائة تعدل شيئين ونصفا الشئ أربعون وهو ما جاز فيه الهبة
ثم ترث الواهبة نصف الأربعين فلورثتها ثمانون ضعف الهبة وبيان قطع الدور انا نحتاج ان نجعل المائة على ستة أسهم لانقسام ثلثها نصفين فلما رجع من الثلث
سهم إلى الواهبة وجب ان نلقى هذا لا سهم من الثلثين يبقى ثلثه ويرجع إليها سهم بالميراث وسهم لورثة الزوج فتصير المائة على خمسة أسهم جازت الهبة منها في سهمين
وهو خمساها كما قلنا واستخرج بعضهم هذا من طريقة الباب فقال نجعل المائة ثلثه لأجل الثلث ونضربها في اثنين فريضة الميت تصير ستة نلقي منها ما يتركه الواهب
يبقى خمسة فهي سهام المائة وجازت الهبة في فريضة الميت وهي سهمان وفي هذ الفصل أنواع الأول البيع مسألة لو باع المريض قطعة ارض مساحتها جريب
يساوي خمسين دينارا بجريب تساوي عشرة ولم يخبر الورثة فقد حابي بأربعين نأخذ من خمسين شيئا وكل شئ من مال المريض نقضا
من الشئ خمسة يبقى خمسون دينار الا أربعة أخماس الشئ وصار مع الصحيح شئ بالمحاباة من مال المريض أربعة أخماس شئ فخمسون دينار الا أربعة أخماس شئ مثلا المحاباة
الذي هو أربعة أخماس شئ فضاعفت أربعة أخماس الشئ فكان واحد أو ثلاثة أخماس تعدل خمس دينار الا أربعة أخماس شئ فبعد الجبر والمقابلة يصير شيئين وخمسا
شئ يعدل خمسين دينار فالشئ الوحد منه ربعة وسدسه فيصح البيع في ربع جريب وسدسه مال المريض بربع جربيب وسدسه من الصحيح مسألة لو باع
قفيز حنطة قمية عشرون بقفيز قيمة عشرة فقد بينا انه يصح البيع في ثلثي الجيد ولو باع كرا قيمته ثلاثون وله غيرة ثلاثون بعشرة صح البيع في جميع الكر لأنه رجع إليه
عشرة وعنده ثلاثون فيبقى لورثته أربعون ولم يحاب الا بعشرين فلو كانت قيمة الجيد خمسين وقيمة الردي خمسة عشر وله عشرة صح البيع في شئ من الجيد وقابله من
الثمن ثلثه أعشار وذلك الشئ فتصير المحاباة سبعة أعشار شئ ومع الورثة عشرة دراهم أيضا وهي عشرا كر فيجمع معهم كر وعشرة كرا الا سبعة اعشرا شئ ذلك يعدل
ضعف المحاباة وهو شئ فتصير المحاباة سبعة أعشار شئ بخبر ونقابل فكر وعشر اكر يعدل شيئين وعشر شئ نبسطها أعشار أو نقلب الاسم
فيكون الكر أحد أو عشرين والشئ اثنى عشر فيصح البيع في اثني عشر جزءا من () الكر وهو يعدل أربعة أسباعه وهو أربعون أسباع الكر الردئ وهي بالقيمة ثلثة أعشار المبيع من
الكر الجيد فنجعل الكر عدالة سبع وعشر وأقله سبعون فصح البيع في أربعة أسباعه وهي أربعون بثلاثة اشعار الأربعين وهي اثنا عشر فنصيب المحاباة ثمانية وعشرين
ومع الورثة مما يبطل البيع فيه ثلاثون وعشر اكروهما أربعة أعاشر باجزاء السبعين فيجتمع عندهم ستة وخمسون صعف المحاباة أو نقول ثلث الكرو العشرة المتروكة عشرون
والمحاباة بخمسة وثلثين والعشرون أربعة أسباع الخمسة والثلاثين فيصح البيع في أربعة أسباع الكر لو باع كرا قيمته ما ية بكر قيمه خمسون عليه عشره دراهم دينا
فنحط العشرة من ماله ونقد وكانه لا يملك الا تسعين وثلثها ثلثون والمحاباة بخمسين والثلاثون ثلثه أخماس
الخمسين فيصح البيع في ثلثه أخماس الجيد بثلثه أخماس
الردئ فيخرج من ملكه ستون ويعود إليه ثلثون وذلك ضعفا المحاباة ولو كان على المريض دين سوى ما باع تركه فيقابل الذي بالتركة فان تساويا فكان لا دين
ولا تركه وان زاد أحدهما اعتبرنا الزايد على ما تقدم هذا في المتحد جنسا إما المختلف كان يبيع كر حنطة قيمته عشر ونبكر دخن قيمة عشرة فان قلنا يصح البيع في البعض
نسقطه من الثمن فهو كما لو باع بالتحد جنسا فيصح البيع في ثلثي الحنطة بثلثي الدخن وان قلنا يصح فيما يحتمله الثلث وفيما يوازي الدخن بجميع المثن فيصح البيع في خمسة
أسداس الحنطة يجمع الدخن لأنه يصح في قدر لا ثلث وفيما يوازي الدخن بالقيمة وهو النصف ويجوز المفاضلة كيلا هنا مسألة لو باع المريض محاباة مع حدوث
زيادة في البيع اعتبرنا القدر الذي سيصح فيه البيع بيوم البيع زيادته للمشتري غير محسوبة عليه والاعتبار في القدر الذي تبطل فيه البيع ويبقى للورثة بيوم الموت
وسواء كانت الزيادة باعتبار ارتفاع السوق أو يتجدد صفة تزيينها النقية فإذا باع عبدا قيمة عشرون بعشرة ثم زادت قمية فبلغت أربعين فان صححنا البيع في
بعضه بجميع الثمن فالمشترى بالعشرة نصف العبد وهي قيمته يوم العقد يبقى نصف العبد وقيمته يوم الموت عشرون نضمه إلى الثمن يصير ثلثين فله من ذلك شئ بالمحاباة
وشئ ببيع المحابة يشبه زيادة القيمة غير محسوبة عليه يبقى ثلثون الا شيئين يعدل ضعف المحابة وهو شيئان بخبر ونقابل ثلثون عدل أربعة أشيائه فالشئ ربع
الثلثين وهو سبعة دراهم ونصف ذرهم وهو ما يجوز التبرع فيه وهو ثلثه أثمان العبد يوم البيع فيضم إلى النصف الذي ملكه المشتري بالثمن فيحصل له بالتبرع والثمن
سبعة أثمان العبد يبقى للورثة ثمنه وهو خمسة يوم الموت لو ثمن وهو عشرة ودرهما ضعف المحابة وعلى القول الذي اخترناه من صحة البيع في بعضه بقسطه من الثمن
نقول صح البيع في شئ من العبد بنصف شئ من الثمن فيكون المحاباة بنصف شئ يبطل البيع من عبد الأشياء وقيمته عند الموت أربعون الا شيئين وانما استثناء
539

شيئين لان الاستثناء يزيد بحسب زيادة المستثنى منه نضم إليه الثمن وهو نصف شئ يبقى أربعون الأشياء ونصف شئ وهو يعدل ضعف المحاباة وهو شئ
نجبر ونقابل فأربعون يعدل شيئين ونصف شئ الشئ خمسا الا ربعين هما ستة عشر وهي أربعة أخماس العبد يوم البيع فللمشتري أربعة أخماس العبد بأربعة
أخماس الثمن وهي ثماني فيكون للمحاباة ثمانية وللورثة أربعة أخماس الثمن وهي ثمانية وخمس العبد وقيمته يوم الموت ثمانية فالمنع سنة عشر ضعف المحاباة
ولا اعتبار بالزيادة الحادثة بعد موت المريض ووجودها كعدمها مسألة لو حدث النقصان في يد المشتري قبل موت البايع مثل ان يبيع المريض
عبدا قيمته عشرون بعشرة ثم تعود قيمته إلى عشرة ثم يموت البايع فان صححنا البيع في بعض العبد بيع الثمن قلنا يملك المشتري نصف العبد بالعشرة ونضم نصفه
الأخر يوم الموت قيمته خمسه إلى المثن يصير خمسة عشر للمشتري شئ من ذلك بالمحاباة وذلك الشئ محسوب عليه بشيئين لان النقصان بالقسط محسوب على المتربع عليه
فيبقى للورثة خمسة عشرا لأشياء يعدل ضعف المحسوب عليه من المحابة وهو أربعة أشياء بخبر ونقابل فخمسة عشر تعدل خمسة أشياء فالشئ ثلثه وهي ثلثه أعشار العبد
يوم الموت وإذا انضم إليها النصف الذي ملكه بالثمن وهو خمسة يوم الموت كان المبلغ ثمانية وهي أربعة أخماس العبد يوم الموت فيصح البيع في أربعة أخماس العبد وهي
ستة عشر بجميع الثمن وهو عشرة يبقى التبرع بستة للورثة خمس العبد وهو درهمان والثمن وهو عشره جملتها اثنا عشر ضعف المحاباة وان قلنا يصح البيع في بعضه بالقسط
وهو المذهب الذي اخترناه في مثل ذلك قلنا صح البيع في شئ من العبد بنصف شئ من الثمن وبطل في عبد ناقص بشئ وقيمته يوم الموت عشرة الا نصف شئ فنضم الحاصل من الثمن
وهو نصف شئ إليه فيكون عشرة دراه بلا استثناء وهي تعدل ضعف المحاباة وهو شئ فالشئ عشره دراهم وهي نفص عبد ويوم البيع فيصح البيع في نصفه وهو
عشره ينصف الثمن وهو خمسة دارهم وللورثة نصف العبد يوما لموت وهو خمسة ونصف الثمن وهو خمسة وجملتها ضعف المحاباة والأصل في هذه
الحالة ان ما يصح فيه البيع فحصته من النقصان محسوبة على المشتري لأنه مضمون عليه بالقبض واما يبطل فيه البيع فحصته من النقصان غير مضمونه على المشتري لأنه امانه
في يده لأنه لم يتعد باثبات اليد عليه ولا قبضه لمنفعة نفسه قيل إن كان النقصان بانخفاض السوق فهذا صحيح لان نقصان السوق لا ينظم باليد مع بقاء العين و
وإن كان لنقص في العبد فيقال انه ممون على المشتري لأنه مقبوض على حكم البيع حتى لبراء المريض كان البيع لازما في ا لجميع وإذا كان المقبوض بالبيع الفاسد مضمونا
على المشتري لاعتقاده كونه مبيعا فهنا أولي فيصير المشتري غارما لقدر من النقصان مع الثمن ويختلف القدر الخارج من الحساب ولو حدث النقصان بعد موت
البايع فقال بعض الشافعية انه كما لو حدث قبل الموت حتى يكون القدر المبيع هنا كالقدر المبيع فيما إذا حدث قبل موته وخطأه الجويني لان النظر في التركة وحساب
الثلث والثلثين إلى حالة الموت ولا معنى لاعتبار النقصان بعده كما لا تعتبر الزيادة مسألة لو حدث النقصان في البايع باع المريض عبدا يساوي
عشرين بعشره ولم يسلمه حتى صارت قيمته عشرة قال بعض الشافعية انه يشح البيع في جميع لان التبرع انما يتم بالتسليم وقد بان قبل التسلم ان لا تبرع وان أبع بثمن المثل
ولو عادت القيمة إلى خمسة عشر فكذلك لان التبرع يكن بخمسه هو يخرج من الثلث اعترضه الجيني بان التبرع الواقف في ضمن البيع لا يتوقف نفوذه وانتقاله الملك
فيه على التسلم فيجب ان ينظر إلى وقت انتقال الملك وان لا يفرق بين النقصان بعد القبض وقبله واعلم أن النقص الحادث في يد المشتري إن كان بانخفاض السوق لم يرفع
خيار المشتري بتبعض الصفقة عليه وإن كان لمعنى في نفسه المبيع فيشبه العيب الحادث مع الاطلاع على العيب القديم مسألة المحاباة في البيع والشراء صحيحة تخرج
من الثلث ولا يمنع ذلك صحة العقد في قول علمائنا أجمع وهو قو لأكثر العلماء لعموم قوله تعالى وأحل الله البيع ولأنه تصرف صدر من أهله في ملحه فصح كغير المريض
وقال أهل الظاهر العقد باطل وهو غلط ولا فرق بين ان يحابي المريض في بيعه أو بشرائه اجماعا ثم إن زاد ت المحاباة على الثلث اعتبر في نفوذ الزايد اجازة الورثة فان
اجازة الورثة لزم البيع وان رد بطلت المحاباة في الزايد فتخير المشتري ح في الفسخ لتبعيض الصفقة عليه وفي الامضاء فلو اشترى المريض عبد قيمته عشرة بعشرين
مستوعبة لما له فثلث ماله ستة؟ وثلثان والمحاباة عشرة وستة وثلثان ثلثاها فيصح الشراء في ثلثي العبد وهو ستة وثلثان ويرجع ثلثه الثمن وهو ستة
وثلثان وذلك ضعف المحاباة ولو اشترى عبدا قيمته عشرة بعشرين فزادت قيمة العبد في يده أوفي يد البايع فصارت خمسة عشر فقد زادت في ت ركته خمسه فان
قلنا يصح الشراء في بعض ما حابي فيه بجميع ما يقابله فنضم الخمسة الزايدة إلى الثمن فيصير مع التركة خمسة وعشرين وثلثها ثمانية وثلث فيقال للبايع ثلث ماله
ثمانية وثلث وقد حاباك بعشرة إما ان يفسخ ونسترد العبد واو ترد منا زاد على الثل وهو درهم وثلثان فان رد هم وثلثان فان رد فمن الورثة العبد وقيمته يوم الموت حمسة عشر
ومعهم درهم وثلثان وهما ضعف المحاباة وان قلنا يصح البيع في بعضة بعض ما يقابله قلنا يصح الشراء في شئ من العبد بشيئين من الثمن فيكون المحاباة بشئ
يبقى عشرون درهما الا نصف شئ وهو يعدل ضعف المحاباة وهو شيئان فنجبر ونقابل فالعشرون تعدل شيئين ونصف شئ فالشئ ثمانية وهي خمسا العشرين
وارد به أخماس العبد فيصح البيع في أربعة أخماس العبد وهو ثمانية بأربعة أخماس الثمن وني ستة عشر فيكون محاباة المشتري بثمانية يبقى للورثة خمس الثمن وهو أربعة
وأربعة أخماس العبد وهي اثنا عشر يوم الموت فالجملة ستة عشر ضعف المحابة ولو اشترى كما تقدم لكن نقص العبد في يد المريض فعادت قيمته إلى خمسة فان قلنا
يصح الشراء في بعض ما حابي فيه بجميع مقابلة فقد كانت تركته عشرين وصارت خمسة عشر فثلثها خمسة فيقال للبايع إما ان ترد على الورثة خمسة ليكون معهم
العبد وهو خمسة والدراهم الخمسة فيكون لهم ضعف الخمسة واما ان تفسخ البيع وترد الثمن بتمامه وتسترد العبد ناقصا ولا ضمان على المشتري فان قلنا بالتقسيط فقال
بعض الشافعية ان المشترى يضمن قسط ما بطل فيه البيع من النقصان وينقص ذلك من التركة كدين يلزم قضاؤه قال الجوين، هذا رجوع إلى أن المأخوذ على أنه
مبيع يكون ضمنا عليه ومناقض لما ذكر بعضهم ان الا يصح فيه البيع يكون أمانة في يد المشتري ثم حسابة ان نقول صح الشراء في شئ من العبد بشيئين من الثمن
وبطل في عبد ناقص بشئ وقيمته بالراجع خمسة دراهم الا نصف شئ فينقص قدر الذي نقص من التركة يبقى خمسة عشر درهما الأشياء ونصف شئ نضم إليه الشئ
المشتري من العبد وقد رجع إلى نصف أشئ فيكن الحاصل خمسة عشر درهما الا شيئا بعدل ضعفا المحباة وهو شيئان نجبر ونقابل فخمسة عشر تعدل ثلثه أشياء
فالشئ ثلث الخمسة عشر وهو نصف العبد فيصح الشراء في نصف العبد بنصف الثمن فيكون المحاباة بخمس تبقى للورثة نصف الثمن وهو عشره ونصف العبد
وهو اثنان ونصف يسقط من البلغ قسط ما بطل البيع فيه من النقصان وهو اثنان ونصف يبقى في أيديهم عشره شعف المحاباة مسألة لو اشترى المريض
عبدا يساوي عشرة بعشرين وله ثلثون درهما وقبض العبد واعتقه فالمحاباة بعشر ة وهي ثلث ماله قال بعض الشافعية إن كان ذلك قبل توفيه الثمن على البايع
نفذ العتق وبطلت المحاباة بعشرة والبايع يأخذ قدر قيمته العبد بلا زيادة لان المحاباة في الشراء كالهبة فإذا لم يكن مقبوضة حتى جاء ما هو أقوى منها وهو
540

العتق بطلها وإن كان بعد توقيه الثمن بطل العتق لان المحابة المقبوضة قد استغرقت المثل اعترض بأنه لا فرق في المحاباة بين ان يكون مقبوضه أولا لا نكون لأنها
متعلقه بالمعاوضة والمعاوضة تلزم بنفس العقد ولهذا يتمكن الواهب من ابطال الهبة قبل القبض ولا يتمكن من ابطال المحاباة مسألة لو باع المريض عبدا
يساوي عشرين يخمسه واتلف الثمن فان قلنا يصح البيع في بعض ما حابي فيه بجميع ما يقابله فقد ملك المشتري ربع العبد بالخمسة واتلف البايع الخمسة من ماله فعادت
التركة إلى خمسة عشر للمشتري من ذلك شئ بالمحاباة يبقى للورثة خمسة عشر الا شيئا تعدل ضعف المحاباة وهو شيئان فنجبر ونقابل فخمسة عشر تعدل ثلثة
أشياء فالشئ خمسة وهو ربع العبد فيحصل للمشتري نصف العبد ربعه بالثمن وربعه بالتبرع هو خمسة يبقى للورثة عشره ضعف المحاباة وان قلنا بالتقسيط صح
البيع في ثلث العبد بثلث الثمن مسألة لو باع قفيز حنطة يساوي عشرين بقفيز يساوي عشرة فالجيد خمسة أسهم فرضا ويصح البيع في سهم ينصف
سهم فيكون المحاباة بنصف سهم يبقى أربعة أسهم ونصف يقضي منها الردى وهو سهمان ونصف يبقى في يد الورثة سهمان وكان ينبغي ان يكون سهما فإنه ضعف
المحاباة فأخطئنا بسهم واحد ثم نعود ونصحح البيع في سهم وثلث من الخمسة بنصفه وثلث أسهم فيكون المحاباة بثلثي سهم يبقى في يد الورثة أربعة وثلث يقضي منها
القفيز الردي هما سهمان ونصف يبقى سهم وخمسة أسداس سهم وكان ينبغي ان يكون سهما وثلثا فأخطأنا بنصف سهم فنقول لما زدنا ثلث سهم ذهب نصف
الخطاء فلو زدنا ثلثي سهم ذهب جميع الخطاء فإذا ما يصح فيه البيع من الخمسة سهم وثلثان ذلك ثلث الخمسة أو نقدر الجيد دينار أو درهما ونصحح البيع في الدينار
ويعود إليه نصفه فتبقى المحاباة بنصف دينار ويكون عنده درهم ونصف دينار وهو العايد إليه وقد أتلف الردئ وهو نصف درهم نصف دينار فانسب المحاباة
إلى نصف الدينار والدرهم فيكون بقدر ثلثه فيصح البيع في ثلثه بثلث الثمن ولو أتلف المريض بعض القفيز الذي كما لو أتلف نصفه وقيمته القفيز الجيد عشرون
فنقول مال المريض عشرون لكنه أتلف خمسة عشر ثلثها خسة والمحاباة عشرة والخمسة نصف العشرة فيصح البيع في نصف العبد بنصف
الثمن فيكون المحابات بخمسة يبقى للورثة نصف العبد وهو عشرة ضعف المحاباة أو نجعل الجيد دينارا أو درهما فنصحح البيع في الدينار بمثل نصفه يبقى درهم
ونصف دينار نقضي منه الدين وهو ربع دينار وربع درهم لان الردي نصف دينار ونصف درهم المتلف نصف الردي فيبقى مع الورثة ثلثه أرباع درهم وربع
دينار يعدل ضعف المحاباة وهو دينارا فنسقط ربع دينار يبقى ثلثه أرباع الدرهم يعدل ثلاثة أرباع دينارا فالدينار مثل الدرهم فعرفنا صحة البيع في نصفه؟
القفيز بنصف القفيز مسألة لو باع المريض قفيز حنطه قيمته خمسة عشر من أخته بقفيز قيمته خمسة فماتت أخته قبله وخلفت زوجها وأخاها البايع
ثم مات البايع ولا مال لها سوى ما تصرفا فيه فيصح البيع في شئ من القفيز الجيد يرجع بالعرض ثلث شئ يبقى معه قفيزا لاثني شئ فالمحاباة بثلثي شئ ويحصل مع
المشتري شئ من القفيز الجيد والباقي من قفيز وهو قيمة القفيز الجيد ثلث قفيز الا ثلث شئ فهما معا ثلث قفيز ثلثا شئ يرجع نصفه بالإرث إلى البايع وهو
سدس قفيز وثلث شئ فنزيده على ما كان للبايع وقف المبالغ قفيز وسدس قفيز الا ثلث شئ وهذا يعدل ضعف المحاباة وهو شئ وثلث شئ فنجيز ونقابل قفيز و
سدس قفيز يعدل شيئا وثلثي شئ فنبسطها أسداسا ونقلب الاسم فالقفيز عشره والشئ بيعة فيصح البيع في سبعة اشعار الجيد وهو عشره نصف بسعة
أعشار الردي وهو ثلثة دراهم ونصف فبكون المحاباة بسبعة يبقى مع البايع من قفيزه أربعة ونصف وقد اخذ بالعوض ثلثه دراهم ونصف درهم فالمجموع ثمانية فللمشتري
من قفيزه درهم ونصف ومن القفيز الجيد عشره ونصف يكون الثنا عشر درهما يرجع نصفه إلى البايع وهن ستة
يصير ما عنده أربعة عشر وهو ضعف المحابة
ولو كان القفيز الذي بالقيمة نصف الجيد والجيد أوصي عشرين صح البيع في الجميع لأنه يكون المحاباة عشرة فيبقى عنده عشرة يرجع إليه وبالارث عشره مسألة
لو باع المريض عبدا يساوي عشرين بعشره فاكتسب العبد عشرين في يد البايع أو في يد المشتري ثم مات المريض فان ترك عشره سوى ثمن العبد نفذ البيع في جمع
العبد وكان الكسب للمشتري فإن لم يكلك شيئا اخر فيرتد البيع في بعض العبد لان المحابة لا تخرج عن الثلث من حكم الجيني عن بعض الشافعية ان الكسب بتمامه للمشتري
لأنه حصل في ملكه ثم عرض الفسخ فإن لم يملك شيئا اخر فيتد البعى في بعض العبد لان المحاباة لا تخرج عن الثلث ثم حكم الجويني عن بعض الشافعية ان الكسب بتمامه للمشتري
يتبعض بتبعيض العبد كما في العتق وهذا فسخا ورد البيع في بعض العبد بل تتبين صحة البيع وحصول الملك للمشتر ى في بعض العبد دون البعض وحكى عن بعضهم ان
الكسب كالزيادة الحادثة في قيمته القيمة على هذا فيكون الحكم التبعض كما في الزيادة ولو اشترى المريض عبدا قيمته عشرة بعشرين واكتسب فالكسب كالزيادة في القيمة إن
التركة تزداد به وحكم الزيادة ما سبق مسى له لو اشتر عبدا بعشره وترك عشرين غيره واوصى لرجل بعشره ثم وجد بالعبد عيبا ينقصه خمسة فاختار
امساكه جاز وكان حاباه بخمسة المحاباة معدمة على الوصية وللموصي له باقي الثلث وهو خمسه ولو وجد الورثة العبد معيبا وامسكوه فللموصي له العشرة
وما نقص بالعيب فإنهم اتلفوه لانهم لو شاؤوا فسخوا البيع واستردا الثمن ولو اشترى عبدا بثلثين فاعتقه وخلف ستين درهما ثم وجد الورثة عيبا ينقصه
خمسة دراهم رجعوا على البايع بالأرش ولو وهبه واقبضه لم يرجوا لأنه ربما يرد يعود إليهم فيردوه قال بعض الشافعية ولو لم يخلف غير العبد وكان قد أعتقه عتق منه خمساه
وهو عشره دراهم ويرجع الورثة بالأرش وهو خمسه على البايع ولهم ومع ذلك ثلثه أخماس العبد وهي خمسه عشر فيكون عشرين ضعف المحاباة قال بعض الشافعية و
للبايع وان يأخذ ثلثه أخماس العبد ويرد ثلثه خمسا الثمن ويغرم الخمسة وهو درهمان ولو كان قد وهبه واقبضه بدل الاعتاق فالخمسة الناقصة تحسب من ثلثة
لان المريض هو الذي فوت الرجوع بالأرض ان شاء من الهبة وللمتهب خمسة وهو خمسة وللورثة أربعة أخماسه وهي عشرون ولو خلف عبدا قيمته ثلاثون واوصى
بان يباع من زيد بعشرة فثلث ماله عشره وقد أوصي بان يحابي بعشرين فإذا لم تجز الورثة يباع منه على قول ثلثا العبد بجميع الثمن لتحصل له المحاباة بقدر الثلث
وللورثة ضعفه وعلى ما اخترناه يباع منه نصف العبد بنصف الثمن ولو أوصي مع ذلك بثلث ماله لعمر وقصد التشريك بالثلث قسم بينهما على ثلثه أزيد سهمان
ولعمر وسهم فعلى الأول يباع من زيد خمسة أسباع العبد وهي ستة عشر وثلثان عشره بالثمن والباقي محاباة بجميع العشرة وندفع إلى عرم وثلثه وثلث يبقى عشرون إلى
وعلى المختار يباع ثلث العبد وهو عشرة بثلث الثمن وهو ثله وثلث يدفع إلى عمر وثلاثة وثلث والباقي للورثة هو عشرون الأنواع الثاني
السلم إذا أسلم المريض عشرة في قفيز حنطة مؤجلا يساوي عشره ومات قبل ان يحل الاجل فللورثة الخيار ان ا جازوا فالسلم بحاله وان ردوا لأصل في نصيب به
وهو الثلثان فلمه ذلك لم يتخير المسلم إليه ان شاء فسخ السلس ورد رأس المال بتمامه ان شاء فسخ السم ورد رأس المال بتمامه ورد ثلثي رأس المال وفسخ القد في الثلثين وبي الثل عليه مؤجلا وان شاء
عجل بثلثي ما عليه وبقى الثلث عليه مؤجلا وأيها اختار سقط حق الورثة من الفسخ ولو أسلم عشره في قدر يساوي ثلثين فلورثة الخيار مع الغبطة بسبب التأجيل
541

وللمسلم إليه الخيار على ما قلناه ويكفيه ان يعجل مما عليه ثلثي العشرة وهو تسعا ما عليه من الحنطة ويكون الباقي عليه إلى انقضاء الأجل الان اقصى ما في الباب انه وهب منه
العشرة والورثة رد وتبرعه في ثلثيها فلا يحصل لهم الا ما عجله ولو اسم ثلثه في قدر يساوى عشرة فللورثة الا عن تراض من جهة التأجيل ومن جهة المحابة بما
فوق الثلث فإذا لم يجز فالمسلم إليه بالخيار ان شاء فسخ السلم ورد رأس المال وان شاء فسخه في الثلثين ورد ثلثي رأس المال فيكون الباقي عليه إلى اجله وان
شاء عجل ما عليه مع ما زاد من المحابة على الثلث ولا يكفيه تعجيل ما عليه هنا لأنه لا يحصل للورثة ثلا المال ولو عجل نصف ما عليه مع نصف رأس المال وفسخ السلم
في النصف كفى ولو أسلم المريض إلى رجلين ثلثين درهما في قفيز حنطة قيمه عشره إلى الاجل ولم تجز الورثة واختار المسلم إليهما انشاء السلم فيما يجوز فيه السلم فان
فرعنا على أن العقد يصح في بعض ما حابي فيه بقسطه مما يقابله صلحهما السلم في نصف المسلم فيه وقسمته خمسة دراهم بنصف رأس المال وفسخ وهو خمسه عشر فيكون المحاباة
بعشرة وللورثة نصف المسلم فيه وهو خمسة ونصف رأس المال وهو خمسة عشر وذلك ضفعا المحاباة فلو غاب أحدهما بعد الاختيار وصار معسرا وتعذر تحصيل المال
منه فوجهان أحدهما لأنهما إذا راضيا بالمسلم بما يستحقه الغايب من المحاباة بجعل كأنه قبضه فيدخل في حساب التبرع وما عليه في الحال جعل كالتالف وكان ما في يد الحاضر
كل التركة فتصح المسألة في ثلثة أعشار نصف المسلم فيه للحاضر بثلثه أعشار نصف الثمن فنقول صح المسلم لها في شئ من المسلم فيه بثلثه أشياء من الدراهم فيكون المحاباة
بشيئين فيؤدي الحاضر نصف الشئ بشئ ويرد باقي الدراهم التي قبضها وهي خمسة عشر الا شيئا ونصف شئ فيضمنه الورثة إلى ما اخذوه من المسل فيه فيكون خمسة
عشر درهما الا شيا وذلك يعدل ضعف المحاباة هي أربعة أشياء فنجبر ونقابل خمسة عشر تدع الخمسة أشياء فالشئ خمسة الخمسة عشر وهو ثلثه أعشار القفيز
يؤدي الحاضر نصفه ذلك هو ثلثه أعشار نصف القفيز وقيمتها درهم نصف بثلثه أعشار نصف الدراهم وهي أربعة ونصف ويرد باقي النصف من الدارهم وهي
عشره ونصف يضمه إلى الورثة ما أخذوه يبلغ اثني عشر وهي ضعف محاباته ومحاباة صاحبه الغايب وكل ما يحصل بالمحاباة له يحصل لصحابه مثله ثم إذا حضر الغايب
واحضر ما عليه صح لهما السم لفي النصف فيؤدي الحاضر تتمه الربع ويسترد من الورثة ثلاثة دراهم الثاني
تقدر كان الميت لم يعامل الا الحاضر وكانه أسلم خمسه عشر في نصف قفيز قيمته خمسة فيصح السلم في ربع قفيز بنصف باس لامال ثم إن تلف ما على الغايب فالذي جرى
ماض على الصحة فان حضر الغايب أدي ربع القفيز ونصف ما قبض من الدراهم هذا على ما اخترناه من التقصيد إما على القول الآخر لعملنا من صحة العقد في
بعض ما حابى فيه بجميع الثمن فإذا اختار امضاء العقد صح السلم في جميع القفيز بثلثي رأس المال فيوديان القفيز ويردان عشره دراهم وإن كان أحدهما غايبا وأجاز
الحاضر جعل الثلث سهمين بين الحاضر والغايب وللورثة الثلثان أربعة يسقط سهم الغايب لأنه يأخذ مما عنده ويقسم الحاضر من التركة وهو خمسة عشر بين الورثة
والحاضر على خمسة أسهم للحاضر منها سهم وهو ثلثه هي وصيته فيؤدي نصف القفيز وقيمته خمسه بثمانية
ثلاثة منها محاباة يرد سبعة دراهم فيكون للورثة نصف
القفيز وسبعة دراهم وذلك اثنا عشر ضعف ما يحصل لهم من المحاباة وعلى الوجه الأول الذي يقدر ان الميت لم يعامل غير الحاضر يؤدي نصف القفيز ويرد خمسة
دراهم ولو أسلم خمسين درهما في كر يساوي ثلثين ولا مال سواه ولم تجيز الورثة جاز السلم في شئ منا لكر وانتفض في بعض فما انتقض من السلم رد المسلم على الورثة بقسط
ذلك من الدراهم وما جاز فيه السلم أعطاهم طعاما بحساب ما استسلم بحيث يكون ما يحصل للورثة من الطعام والدراهم مثلي ما حصل للمستسلم نقول تجعل ما جاز فيه
السلم جزءا وما انتقض كرا لا جزءا ثم اجعل ذلك الجزء من الكر بجزء وثلثين من الدرهم لان الذي أسلم في الكر مثل قيمته وثلثي قيمته فيرجع إلى الورثة بانتقاص السلم
خمسون درهما الا جزءا وثلثي جزء ويرجع إليهم من الكرما جاز فيه السلم أيضا فيكون ما صار إليه من الطعام والدراهم مثل ثلثي الدراهم ويكون للمستسلم من المحابات ستة
عشر درهما وثلثا درهم أو نقول ننسب ثلث المال إلى جميع المحاباة وهو ان ننظركم ستة عشر درهما وثلثا درهم من عشرين درهما فنجدها خمسة أسداس ذلك فان السلم جايز في
خمسة أسداس الكر وينتقض في سدسه وامتحانه ان يرد على الورثة سدس خمسين درهما وبانتقاص السلم وهو ثمانية دارهم وثلث وأعطاها أيضا خمسه أسداس الكر و
هو يساوي خمسة وعشرين درهما فيكون في يد الورثة ثلاثة وثلاثون درهما وثلث وهو ثلثا جميع المال ويكون المستلم قد اخذ بخمسة أسداس الكر خمسة أسداس
الخمسين وهو أحد وأربعون درهما وثلثا درهم منها قيمته ما دفع من الطعام خمسة وعشرون درهما وستة عشر وثلثان محاباة الميت له وهي الوصية التي يكون ثلث المال
النوع الثالث الا قرار قد سبق بيان الدور فيه وفي الضمان والشفعة ونحن نذكر صورا في الاقرار اهملت هناك فإذا قال زيد لعمر وعلى عشره الا نصف ما
على بكر وقال بكر لعمر وعلى عشره الا نصف ما على زيد فعلى كل واحد من زيد وبكر عشرة الأشياء نأخذ نصف ما على أحدهما وهو خمسة النصف شئ وذلك يعدل
الشئ الناقص من العشرة لأنا نعلم أن ما على كل أحد منهما إذا زيد نصفه على عشره الأشياء كان المبلغ عشره فإذا خمسة الا نصف شئ يعدل شيئا فنجبر ونقابل فخمسة
يعدل شيئا ونصفا فالشئ فثلثا الخسمة وهو ثلاثة وثلث فهي الشئ نبسطها من العشرة تبقى ستة وثلثان فهي التي تجب على كل واحد منهما ولو قال لكل واحد عشرة
الأربع ما على الأخر فعلى كل واحد عشرة الا شيئا نأخذ ربع ما على أحدهما وهو درهمان ونصف الأربع شئ الناقص فنخبر ونقابل فيقع درهما ونصف
في معادلة شئ وربع فالشئ درهمان نسقطهما من العشرة تبقى ثمانية فهي التي تجب على كل واحد منهما ولو قال أحدهما عشره الا نصف ما على الأخر وقال الآخر عشره الا
ثلث ما على الأخر فعلى أحدهما ثلاثة أشياء لذكر الثلث نسقط ثلثها من العشرة تبقى عشرة الأشياء فهو التي على الأخر نأخذ نصفها وهو خمسة الا نصف شئ فنزيدها
على ما على الأخر وهو ثلثه أشياء فيكون خمسة دراهم وشيئين نصف شئ وهو يعدل عشره دراهم نسقط الخمسة بخمسة يبقى خمسه دراهم في معادلة شيئين ونصف
فالشئ الواحد درهمان فكان على أحدهما ثلاثة أشياء فهي ستة دراهم وعلى الأخر عشرة الا شيئا فهي ثمانية ولو قال كل واحد منهما له عشره ونصف ما على الأخر فنقول
على كل واحد منهما عشره وشئ ونأخذ نصف ما على أحدهما وهو خمس نصف شئ وذلك يعدل الشئ الزايد على العشرة فنسقط نصف شئ بنصف شئ يبقى نصف شئ
في معادلة خمسة دراهم فالشئ عشرة وعلى كل واحد عشرون ولو قال على كل واحد عشرة وثلث ما على الأخر فيزاد على العشرة ثلثها ويق على كل واحد منهما ثلثة عشر وثلث وعلى
هذا النوع الرابع الهبة مسألة لو وهب المريض عبدا لا شئ له غيره واقبضه ثم وهبه الثاني من الأول ثم في مرض موته ولا شئ له غيره دارت المسألة
فنطلب عددا له ثلث والثلث؟ لأجل الهبتين وأقله تسعة فتصح هبة الأول في ثلثة ونرجع من الثلث واحدا إلى الأول وهو سهم الدور ونسقطه من التسعة تبقى
ثمانية تصح الهبة في ثلثة منها ولو كان الثاني صحيحا صحت هبة الأول في شئ من العبد فيبقى عبدا لا شيئا ثم يرجع ذلك الشئ بالهبة إليه فعنده عبد كامل يعدل ضعف ما صحت
فيه الهبة وهو شيئان فنقلب الاسم ونجعل العبد اثنين والشئ واحدا فتصح الهبة في نصفه ويرجع إليه فيكون عنده عبدا تام ضعف ما وهب مسألة لو وهب
542

مريض مريضا مائة مستوعبة ثم عادا المتهب فوهبها للأول ولا شئ له غيرها نضرب ثلثه في ثلثة تبلغ تسعة نسقط منها سمها تبقى ثمانية نقسم المائة عليها لكل اثنين
خمسة وعشرون ثم نأخذ ثلثها ثلثة نسقط منها سهما يبقى سهمان فهي للموهوب الأول وذلك هو الربع ونقول صحت الهبة في شئ ثم صحت الهبة في شئ ثم صحت
الثانية في ثلثه يبقى للأول ثلثا شئ وللواهب مائه الا ثلثي شئ يعدل شيئين أجبر وقابل يخرج الشئ سبعة وثلثون ونصفا رجع إلى الواهب ثلثها اثني عشر
ونصف وبقى للموهوب خمسة وعشرون فان خلف الواهب مائة أخرى فقد بيع الواهب مائتان الا ثلثي شئ يعدل شيئين فالشئ ثلثه أثمانها وذلك خمسة
وسبعون رجع إلى الواهب ثلثها بقى مع الورثة خمسون مسألة لو وهب المريض عبدا من مريض ثم وهبه الثاني من ثلث مريض ثم وهب الثالث من الأول
ولا شئ لهم سواه صحت هبة الأول في شئ من العبد وهبة الثاني في ثلث ذلك الشئ نهب الثالث في ثلث ثلثة وهو تسعة فيرجع إلى الواهب تسع ذلك الشئ فيبقى عبد معه
الاثمانية اتساع شئ وهو يعدل شيئين بخبر ونقابل فعبد يعدل شيئين وثمانية استاع شئ فيبسطها اتساعا ونقلب الاسم فالعبد ستة وعشرون أو لا شئ تسعه
وتصح هبة الأول في تسعة اجزاء من ستة وعشرين جزءا من العبد وهبة الثاني في ثلثه منها يبقى مع ورثته ستة هي ضعف هبته وهبة الثالث في واحد يبقى مع ورثته سهمان
وينضم جزء المال فيبقى مع ورثه الأول يكون ثمانية عشر وهي شعف ما صحت فيه هبته أو نقول نطلب عددا له ثلث ولثلث ثلثه ثلث وأقله سبعة وعشرون ونسقط من
سهم الدور يبقى ستة وعرون على ما تقدم ولأول وهب المريض الثاني من المريض الأول مؤمن مريض ثالث معا ثم وهب الثلث ما صار إليه من الأول ثم ما توا صحت هبة
الأول في شئ يبقى عبد الا شئ وتصح هبة الثاني في ثلث الشئ لكل واحد من الموهوب بهما سدس شئ وتصح هبة الثالث في ثلث السدس الذي صار له هو جزه
من ثمانية عشر فرجع إلى ا لأول من الثاني سدس شئ ومن الثالث ثلث سدس فيكون عنده عبدا الا أربعة عشر جزء من ثمانية عشر جزءا منشئ وذلك يعدل
شيئين فبعد الجبر والمقابلة والبسط باجزاء الثمانية عشر وقلب الاسم يكون العبد خمسين والشئ ثمانية عشر فتصح هبة الأول في ثمانية عشر من خمسين من العبد و
هبة الثاني في ثلثه وهو ستة وهبه الثالث في ثلث ما صار اله وهو واحد فنرجع إلى الأول من الثاني ثلثه ومن الثالث واجد يجتمع معه ستة وثلثون ضعف ما
صحت هبة فيه مسألة لو وهب المريض عبدا قيمته ماية واقبضه ثم وهبه الموهوب منه وهو مريض أيضا من الأول ثم ماتا وللأول خمسون سوى العبد نقول
نفرض العبد دينار أو درهما تصح هبة الأول في درهم ويرجع إليه بهبة الثاني ثلث درهم يبقى معه من العبد دينار ومما سواه نصف دينار ونصف درهم فإنه مثل نصف
العبد ومما يرجع إليه ثلث درهم فالمبلغ دينار ونصف دينار وخمسه أسداس درهم وذلك يعدل ضعف المحاباة وهو درهمان نسقط خمسة أسداس درهم بخمسة
أسداس درهم يبقى دينار ونصف دينار وفي معادلة درهم وسدس درهم نبسطها أسداسا ونقلب الاسم فالدرهم تسعة والدينار سبعة وكان العبيد درهمان ودينارا
فهو إذا ستة عشر تصح الهبة في تسعه منها ويرجع إليه بالهبة الثانية ثلثه ومعه مثل نصف العبد فالمبلغ ثمانية عشر ضعف التسعة ولو كان على الواهب الأول دين
ولا تركه سوى العبد فإن كان الدين مثل العبد أو أكثر بطلت الهبة وإن كان أقل صحت الهبة في مثلث الباقي فلو وهب عبدا قيمته مائة وعليه عشرون دينارا صحت
هبة الأول في شئ فيرجع إليه ثلث شئ فيبقى عبد الا ثلثي شئ نقصي منه الدين وهو خمسة العبد يبقى أربعة أخماس عبد الا ثلثي شئ يعدل شيئين فبعد الجبر
أربعة أخماس عبد يعدل شيئين وثلثي شئ فنبسطهما باجزاء الثلث والخمس ونقلب الاسم فالعبد أربعون والشئ اثني عشر تصح الهبة الأول في اثني عشر من الربعين
من العبد ويعود إليه أربعة تبقى اثنان وثلثون نقضي منه الدين وهو ثمانية اجزاء مثل خمس العبد يبقى أربعة وعشرون ضعف الهبة ولو كان للمريض الثاني تركة
سواه وكان قيمة العبد ماية وللثاني خمسون ووهب جميع ماله صحت هبة الأول في شئ من العبد ويكون في شئ من العبد ويكون ومع الثاني نصف عبد وشئ يرجع ثلثه إلى الأول
وهو سدس عبد وثلث شئ فيجتمع عنده عبد وسدس عبد الا ثلثي شئ يعدل شيئين فبعد الجبر عبد وسدس عبد يعدل شيئين وثلثي شئ نبسطها أسداسا
ونقلب الاسم فالعبد ستة عشر والشئ سبعة والشئ سبعة مع والثاني نصف عبد وهو ثمانية فالمبلغ خمسة عشر يرجع إلى الأول من هبته خمسة فالمبلغ أربعة عشر ضعف الهبة و
ولو كانت الهبتان كما تقدم ولا شئ لهما سوى العبد وعلى الثاني خمسة وعشرون دينارا نجعل العبد دينارا ودرهما ونصحح هبة الأول في الدرهم ونقضي منه
دين الثاني وهو ربع درهم ربع دينار لان الدين ربع العبد فيبقي ثلثه أرباع درهم الا ربع دينار ويعود ثلثه بالهبة الثانية إلى الأول فيجتمع معه خمسة أسداس
دينار ونصف سدس دينار في معادلة درهم وثلثه أرباع درهم نبسطها باجزاء نصف السدس ونقلب الاسم فالدرهم أحد عشر والدينار أحد وعشرون
وكان العبد دينارا درهمان فهو اثنان وثلثون نقضي من أحد عشر دينار ثاني وهو ثمانية لأنه ربع البعد يبقى ثلثه يعود منها إلى الأول واحد يكون اثنين وعشرين
ضعف الهبة ولو كان واحد منهما خمسون سوى العبد صحت هبة الأول في شئ من العبد ومع الثاني خمسون وهو نصف عبد فيجتمع معه نصف عبد وشئ
يرجع ثلثه إلى الأول وهو سدس عبد وثلث شئ ومعه عبد ونصف الأشياء فالمبلغ عبد وثلثا عبد الا ثلثي شئ فبعد الجبر عبد وثلثا عبد يعدل شيئين و
ثلثي شئ فنبسطها أثلاثا ونقلب الاسم فالعبد ثمانية ولا شئ خمسة فتصح الهبة في خمسة أثمان العبد ومع الثاني نصف عبد وهو أربعة فالمبلغ تسعة اجزاء فصح
هبته في ثلثه منها فتحصل مع الأول هذه الثلاثة الراجعة والثلاثة الآتي بقيت عنده ونصف عبد وهو أربعة فالمبلغ عشرة ضعف هبة مسألة لو وهب
المريض عبدا قيمته ماية فمات في يد المتهب ثم مات الواهب ولا مال له فالوجه بطلان الهبة في ثلثي العبد فيضمنها المتهب لأنهما حبلق الوارث ولهذا كان محجورا عليه
لأجلهم وللشافعية وجهان أحدهما صحة الهبة في جميع العبد لأنه لم يق شئ يورث عنه فجعل هبة كهبة الصحيح واصحبهما عندهم انها باطلة لأنها في معنى الوصية ولا تثبت
الوصية في شئ الا ويثبت للورثة ضعفه وعلى البطلان ففي وجوب الضمان على المتهب وجهان أحدهم الاضمان لأنه قبض لنفسه فكانت يده كيد المستعير وهو عندهم
ضامن ولا شبة عندهم المنع وليس كالمستعير فإنه قبض ليرد فاقا كان مضمون الرد كان مضمون العين وعلى تقدير وجوب الضمان لقياس بطلان الهبة ان يضمن
جميع القيمة وقال بعضهم يضمن الثلثين لورثة الواهب ولو اكتسب العبد في يد المتهب ماية ثم مات فان صححنا الهبة في الجميع فالكسب للمتهب ان أبطلناها
في الجميع إذا لم يكن كسب فهنا تصح الهبة في شئ من العبد ويكون للمتهب شئ من الكسب غير محسوب عليه في الوصية وللورثة باقي الكسب وهو ماية الأشياء يعدل
شيئين فبعد الجبر يعدل ثلثه الشئ فالشئ فثلث المائة فتصح الهبة في ثلث العبد وتبطل في ثلثيه ولو ورثة الواهب ثلثا كسبه وذلك ضعف ما يحت الهبة فيه
ولم يحسب ثلثا العبد على ورثة الواهب لأنه تلف قبل موت الواهب وحسبنا على المتهب ما تلف من وهبة لأنه تلف تحت يده مسألة لو وهب من أخته
عبد الآمال له سواه فماتت الأخت قبله وخلفت زوجها وأخاها الواهب ثم مات الواهب صحت الهبة في شئ من العبد ورجع بالميراث نصفه فالباقي عبد
543

الا نصف شئ يعدل شئ يعدل شيئين بخبر ونقابل فعبد يعدل شيئين ونصف شئ فالشئ خمسا العبد فتسح الهبة في خمسه وتبطل في ثلثه أخماسه ويرجع بالميراث خمس فيحصل
للورثة أربعة أخماس وهي ضعف ما صحت الهبة فيه ولو خلف الواهب ماية ودهم سوى العبد مساوية لقيمة صحت الهبد في شئ من العبد ورجع بالإرث نصف
شئ ومعه مثل العبد فيجتمع عبدا الا نصف شئ فبعد الجبر عبدان يعدلان شيئين ونصف شئ فنبسطهما انصافا ونقلب السم فالعبد خمسة والشئ أربعة فتصح
الهبة في أربعة أخماس العبد فيرجع بالإرث خمسان وقد كان معه خمس ومثل العبد (في ثمانية أخماس ضعف الهبة ولو مات الواهبة ولا مال له سوى العبد وعليه دين نصف صح) قيمته صحت الهبة في شئ ويرجع نصف شئ يبقى عبد الا نصف شئ يقضي منه الدين و
هو نصف عن النصف شئ يعد الشيئين فبعد الجبر نصف عبد يعدل شيئين ونصف شئ فالشئ خمسا نصف عبد فهو عشرا عبد كامل فتصح الهبة في عشر يده
(* يرجع بالإرث احمد *)؟؟ هما يبقى عبد الا عشر يقضي منه الدين وهو نصف عبد؟ أربعة الشعر عبد ضعف الهبة ولو خلفت الأخت مائة سوى العبد صحت الهبة
في شئ فيضم إلى مالها وهو مثل العبد فيجتمع عبد وشئ يرجع نصفه بالإرث وهو نصف عبد ونصف شئ فيحصل عبد ونصف عبد الا نصف شئ يعدل شيئين فبعد
الجبر عبد ونصف عبد يعدل شيئين ونصف شئ فنبسطها انصافا ونقلب الاسم فالعبد خمسه والشئ ثلثه تصح الهبة في لثه أخماس العبد ومعها مثل العبد
ويرجع نصف الجملة بالإرث فهي أربعة أخماس وقد بقي مع الواهب خمسا فالمبلغ ستة اجزاء ضعف الهبة ولو ماتت ولا مال لها سوى الموهوب عليها خمسة وعشرون
دينا فنصح الهبة في شئ يقضي منها دينار وهو ربع عبد يبقى شئ الا ربع عبد يرجع نصفه بالإرث وهو نصف شئ الا ثمن عبد فجتمع سبعة أثمان عبد الان نصف شئ
يعدل شيئين فبعد الجبر سبعة أثمان عبد يعدل شيئين ونصف شئ فنبسطها أثمانا ونقلب الاسم فالعبد عشرون والشئ سبعة تصح الهبة في سبعة اجزاء من عشرين
جزءا من العبد يقضي منها دين الميت وهو خمسه يبقي جزان يرجع أحدهما بالإرث إلى الواهب فيجتمع أربعة عشر جزءا ضعف الهبة ولو خلف كل واحد منهما خمسين سوى
العبد صحت الهبة في شئ فيكون للمتهب شئ ومثل نصف العبد ويرجع نصفه إلى الواهب وهو صف شئ وربع عبد يضير معه عبد وثلثه أرباع عبد الا نصف شئ يعدل
شيئين فبعد الجبر عبد وثلاثة أرباع عبد يعدل شيئين ونصف شئ فنبسطها أرباعا ونقلب الاسم فالعبد عشرة والشئ سبعة فتصح الهبة في سبعة أعشار ومعها من قيمته
نصف العبد خمسة أعشار يرجع إلى نصفه الواهب وهو ستة وفي يده نسف عبد وثلثه أعشار عبد فالمبلغ أربعة عشر جزءا ضعف الهبة مسألة لو وهب
المريض مائة مستوعبة من زنوجيتة واقبضها وأوصت هي بثلث مالها ثم ماتت قبل الزوج فتصح هبة في شئ شئ من المال وتصح وصيتها في ثلث ذلك الشئ ويرجع لأي
الزوج بإرث نصف الباقي وهو ثلث شئ فيحصل عند الزوج ماية الا ثلثي شئ يعدل شيئين ويعدل الجبر ماية ويعدل شيئين وثلثي شئ فنبسطها أثلاثا ونقلب
الاسم فالمائة ثمانية والشئ ثلثه فتصح الهبة في ثلثه أثمان المائة وتصح الوصية في ثمن ويرجع بالإرث ثمن إلى الزوج فيحصل عند ورثته ستة أثمان وهي ضعف الهبة
ولو أن الزوج بعد الهبة أوصي بثلث ماله لانسان فالهبة تصح في شئ يرجع إلى الزوج نصفه يبقى مائة الا نصف شئ يعدل شيئين فبعد الجبر ماية يعدل شيئين
ونصف شئ فالشئ خمسا الماية يرجع إلى الزوج نصفها فيجتمع له أربعة أخماسها وهي ثمانون فإذا أجيزت الوصية قال ابن شريح من الشافعية انه يصرف إلى الوصية
من الثمانين تتمة ثلث المال فيكون لو ورثة الموج ستة وستون وثلثان وللموصي له ثلثه عشر وثلث ولغير الزوج من ورثة الزوجة عشرون قال الأستاذ أبو منصور
من الشافعية هذا غلط لان الهبة المقبوضة مقدمة على الوصية وقد استغرقت الهبة الثلث الوصية بعد استغراق الثلث باطلة فكانت لا وصيته قال الجويني
ليس قوله ابن شريح مع أهذا الاستدراك ساقطا عندي لأنه أوصي بثلث مرسل والاعتبار في الوصايا مما لها وإذا استقر له أربعة أخماس المال أجزنا تنفيذ
الوصية فيما يبقى من الثلث بعد الهبة وان لم يزاحم الهبة مسألة لو وهب المريض عبدا من من مريض واقبضه ثم وهب الثاني من الأول واقبضه ولا مال
لهما غيره ثم أعتقه الأول وماتا فالفريضة من الربعة وعشرين لورثة الواهب الا ول ثلثها ولورثة الثاني ربعة ويعتق نصف السدس وبه قال ابن شريح قال
الأستاذ من الشافعية هذا الخطاء عند حذاق الأصحاب والعتق باطل لأنه قدم الهبة على العتق وهي تستغرق الثلث فإذا بطل العتق صحت هبة الأول في ثلثه
أثمان العبد ويرجع إليه بالهبة الثاني ثمنه فجتمع عند ورثة ستة أثمان وهي ضعف الهبة وصوب الجويني قول ابن شريح فقال إذا اجتمع للأول ستة أثمان
ثم أعتق فينفذ العتق في تمام الثلث لا ينقص حق ورثته عن الثلثين ولا حق الموهوب منه فيتعين المصير إليه وح فلا بد من تعديل الثلث والثلثين ورعاية الأثمان
فنضرب ثلثه في ثمانية يبلغ أربعة وعشرون كما ذكره نعم لو أعتقه قبل هبة الثاني ثم وهب الثاني فهذا عتق لا يصاف محلا فيبطل الا ان يحتمل الوقف مسألة
لو وهب المريض أخاه عبدا قيمته مائة واكتسب في يده خمسين ثم ممات المتهب وخلف بنين وأخاه الواهب ثم مات الواهب فعندنا لا شئ للأخ مع البنين على ما
يأتي خلاف للعامة فعلى قولهم تصح الهبة في شئ من العبد ويتبعه من الكسب مثل نصفه وهو نصف شئ يبقى لورثة الواهب عبد الأشياء ومن كسبة نصف عبد
الا نصف شئ يرجع إليه بإرث ثلث ما حصل للمتهب هو نصف شئ فالمبلغ عبد ونصف الأشياء يعدل شيئين فعبد الجبر والمقابلة عبد ونصف يعدل
ثلثه أشياء فالشئ نصف العبد تصح الهبة في نصف العبد ويتبعه من الكسب نصفه وهو قدر بيع عبد غير محسوب عليه فجملة ما يحصل للمتهب ثلثه أرباع عبد
ويبقى لورثة الواهب نصف عبد ويتبعه من الكسب نصفه وهو ربع عبد ويرجع إليه بالإرث ثلث ما للتهب وهو ربع عبد فالمبلغ عبد تام ضعف ما صحت
فيه الهبة واعلم أن زيادة الموهوب ونقصانه كالزيادة والنقصان في العبد المعتق لكن ما سحب هناك للعبد وعليه يحسب هنا للمتهب أو عليه وما سحب على
ورثة العتق يحسب هنا على ورثة الواهب ولو ورث المريض من أخيه عبدا ثم وهب المتهب مه نصف العبد وهو صحيح ومات قبل المريض خلف بنتا وأخاه
الواهب فلا شئ للأخ عندنا خلافا لعماته فعلى قولهم للشافعي قولان أحدهما ان هبة الثاني تنحصر فيما ملكه بهبة الأول ويصح في جميعه والحساب ان هبة المريض
تصح في شئ ويرجع في الهب الثاني ذلك الشئ كله لان الواهب الثاني صحيح فيكون معه عبد يعدل شيئين فالشئ نصف عبد فتصح الهبة في نصف العبد ثم يرجع السم
فيكون ولورثة عبد تام ضعف الهبة والثاني انها تشيع لمصادتها ما يملك وما لم يملك فتصح في نصف ما يملك والحساب ان هبة المريض تصح في شئ من العبد ويرجع بالهبة
نصف ذلك الشئ ثم يرجع بالإرث نصف ما يبقى وهو ربع شئ يبقى عبد الأربع شئ يعدل شيئين فبعد الجبر يعدل شيئين وربع شئ من بسطها أرباعا ونقلب
الاسم فالعبد تسعة والشئ أربعة فتصح الهبة في اتساع العبد ويرجع إليه بالهبة تسعان وبالارث تسع اخر فيجتمع عند ورثته ثمانية اتساع ضعف الهبة
ولو كانت الصورة بحالها الا ان الثاني وهب من الأول ثلث العبد فعلى القول الأول تصح الهبة في شئ من العبد ويرجع إليه من ذلك الشئ ثلث عبد بالهبة
فيحصل عبد وثلث عبد الا شيئا ويبقى للمتهب شئ الا ثلث عبد يرجع نصفه بالإرث وهو نصف شئ الا سدس عبد فالحاصل عنده عبد وسدس عبد الا
544

الا نصف شئ يعدل شيئين فبعد الجبر عبد وسدس عبد يعدل شيئين ونصف شئ نبسطها أسداسا ونقلب الاسم فالعبد خمسه عشر والشئ؟ سبعة تصح الهبة
في سبعة من خمسة عشر ويرجع بالهبة ثلث العبد وهو خمسة وبالارث سهم اخر وكان قد بقى عنده ثمانية فالمبلغ أربعة عشر ضعف ما صحت فيه الهبة وعلى القول
الثاني تصح الهبة في شئ من العبد ويرجع بالهبة مثل ثله ثم يرجع نصف الباقي فجملة الراجع ثلثا شئ يبقى؟ الا ثلث شئ يعدل شيئين فبعد الجبر يعدل وثلث شئ
نبسطها أثلاثا ونقلب الاسم فالعبد سبعة والشئ ثلثه تصح في ثلثه سباع العبد ويرجع منها سبعة بالهبة وسبع بإرث فيجتمع ستة أسباع ضعف
الهبة مسألة لو وهب المريض جارية فوطئها أجنبي بالشبهة قبل موت الواهب فالمهر كسب يقسم على ما تصح
فيه الهبة وعلى ما لا تصح فحصة ما تصح فيه الهبة
لا تحسب على المتهب وحصته مالا تسح فيه الهبة تحسب على ورثة الواهب وان وطئها الواهب في يد المتهب ومهرها مثل قيمتها صحت الهبة في شئ ويستحق المتهب على الواهب مثل ذلك
من المهر فيقضى مما بقى تبقى جارية الا شيئين تعدل شيئين فبعد الجبر جارية تعدل أربعة أشياء فالشئ ربع الجارية وتصح الهبة في ربع الجارية ويثبت على الواهب
مثل بربعها يقضي من الجارية يبقى مع الورثة نصفها وهو ضعف الهبة ولو وطئها المتهب ومهر مثلها مثل قيمتها صحت الهبة في شئ وتبطل في جارية الأشياء ونثبت
للواهب على المتهب مثل ما بطلت فيه الهبة وهو جارية الأشياء فيحصل له جاريتان الا شيئين يعدل لان شيئين فبعد الجبر جاريتان يعدلان أربعة أشياء
فالشئ نصف جارية فتصح الهبة في نصفها ويستحق بالوطي مثل نصفها فيحصل للورثة جارية تامة وهي ضعف الموهوب وإن كان مهر مثلثها نصف قيمتها فتصح الهبة
في شئ وتبطل في جارية الا شياء ويستحق الواهب على المتهب مثل نصف ما بطلت فيه الهبة وهو نصف جارية الا نصف شئ فيجتمع عند الواهب جارية ونصف
شئ الأشياء ونصف شئ يعدل شيئين فبعد الجبر جارية ونصف يعدل ثلثه أشياء ونصف نبسطها انصافا ونقلب الاسم فالجارية سبعة والشئ ثلثه تصح الهبة
في ثلثه أسباع الجارية وتبطل في أربعة أسباعها وله بالمهر سبعاها يحصل له ستة أسباعها ضعف الموهوب فان وطئها الواهب والمتهب جميعا ومهرها
مثل قيمتها فتصح الهبة في شئ ويثبت للمتهب على الواهب مثل ذلك الشئ يبقى جارية الا شيئين ويثبت للواهب على المتهب مثل ما بطلت فيه الهبة وهو جارة
الأشياء يضم إلى ما بقى للواهب يبلغ جارية الا ثلثه شيئا يعدل شيئين وبعد الجبر جاريتان يعدل لان خمسة أشياء فالشئ خمس الجاريتين وهو خمسا جارية فتح
الهبة في خمسها ويثبت للمتهب على الواهب على الواهب خمسا آخران فالمبلغ أربعة أخماس ثم يسترد الواهب مثل ما بطلت فيه الهبة وهو ثلثه خمسا قيمته فلو ورثته أربعة أخماس؟
ضعف الموهوب ولو كان مهرها نصف قيمتها فتصح الهبة في ثلثه أثمانها وتبطل في خمسة أثمانها خمسة ويثبت فالمتهب على الواهب ثمن ونصف ثمن فيجتمع له أربعة
أثمان ونصف ثمن ثم يسترا فواهب نصف ما بطلت فيه الهبة وهو ثمنان ونصف فيجتمع لورثته ستة أثمان ضعف الموهوب مسبلة لو وهب مريض
عبدا مستوعبا واقبضه فقتل العبد الواهب قيل للمتهب ماما ان تفيده أو نسلمه فان سلمه كان نصفه بالجناية ونفه لانتقاض الهبة فيه لان العبد كله قد صار
إلى ورثة الواهب وهو مثلا نصفه فتبين ان الهبة جازت في نصفه وان اختار ندائه فيه روايتان إحديهما يفديه بأقل الامرين من قيمته وأرش الجناية والاخرى يفديه
بأرش الجناية فإن كانت قيمته ديته فقلنا صحت الهبة في شئ ويدفع إليهم ونصف العبد وقيمته نصف وهو يعدل شيئين فالشئ نصف العبد وإن كانت قيمته نصف نصف
الدية أو أقل وقلنا يفيده باشر الجناية نفذت الهبة في جميع لان أرشها أكثر من مثل قيمته أو مثلها وإن كانت قيمتها ثلثه خمسا الدية فاختار فداءه بالدية صحت
الهبة في شئ ويفديه بشئ وثلثه فصار مع الورثة عبد وثلثا شئ يعدل شيئين فالشئ ثلاثة أرباع فتصح الهبة فسي ثلثه أرباع العد ويرجع إلى الواهب ربعه
مائة وخمسون وثلثه أرباع الدية سبعمائة وخمسون صار الجمع تسعماية وهو مثلا ما صحت الهبة فيه النوع الخامس الصداق والا لخلاف وقد عرفت ان
المريض إذا تزوج بمهر المثل ودخل صح من رأس المال ولو زاد فالزيادة من الثلث فلو كان مهر مثلها أربعين وأصدقهما ماية وماتت قبله ولا شئ لها سواه اخرج
؟ مهر المثل من صلب المال ولها شئ بالمحاباة يبقي مع الزوج ستون الا شياء ويرجع إليه بالإرث نصف ما للمرات وهو عشرون ونصف شئ فالجميع ثمانون
الا نصف شئ عدل شيئين ضعف المحاباة فبعد البر ثمانون يعدل شيئين ونصفا فالشئ خمسا الثمانين وهو اثنان وثلثون فلها اثنان وسبعون أربعون
مهر المثل واثنان وثلثون محاباة ومع الزوج ثمانية وعشرون ويرجع إليه بإرث ستة وثلثون فيجتمع لورثة الأربع وستون ضعف المحاباة فإن كان لها
ولد فالراجع إليه بالإرث ربع مالها وهو عشرة وربع شئ فيحصل للزوج سبعون الا ثلثة أرباع شئ وهو يعدل شيئين فنجبر ونقابل فسبعون يعدل
شيئين وثلثه أرباع شئ نبسطها أرباعا فيكون الدرهم مأتين وثمانين والأشياء أحد عشر نقسم الدراهم على الأشياء يخرج من القسمة خمسة وعشرون وخمسة
اجزاء من أحد عشر جزءا من درهم يرجع إلى الزوج ربعه فلها مع مهرها خمسه وستون وخمسة اجزءا من أحد عشر جزءا من درهم يرجع إلى الزوج ستة عشر درهما
وأربعة اجزاء من أحد عشر جزءا من درهم فيجتمع مع ورثة خمسون درهما وعرة اجزاء نم أحد عشر جزاء من درهم وهو ضعف المحاباة ولو كانت الصورة بحالها الا
ان على الزوج دينار عشرة دراهم فان ورث النصف فها أربعون من الأصل وبالمحاباة شئ يبقى مع المزوج ستون الا شيئا ويرجع إليه نصف مالها وهو عشرون
ونصف شئ فالجميع ثمانون الا نصف شئ ينقض يدينه منه وهو عشر يبقى سبعون الا نصف شئ يعدل شيئين فبعد الجبر سبعون يعدل شيئين ونصف
شئ فالشئ خمسا السبعين وهو ثمانية عشرون فهو المحاباة فلها بالمهر والمحاباة ثمانية وستون يرجع نصفها إليه أربعة وثلث وكان قد بقى له اثنان وثلثون
فالمبلغ ستة وستون يقضي منه عشرة يبقى ستة وخمسون ضعف المحاباة وان ورث الربع فالراجع بالإرث ربع مالها وهو عشرة وربع شئ فالمبلغ سبعون
الا ثلثه أرباع شئ يقضي منها الدين يبقى ستون الا ثلثة أرباع شئ يعدل شيئين فبعد الجبر ستون يعدل شيئين وثلثه أرباع شئ نبسطها أرباعا فالدراهم
مائتان وأربعون والا شياء أحد عشر نقسم الدراهم على الأشياء يخرج من القسمة أحد وعشرون وتسعه اجزاء من أحد عشر جزءا من درهم وهو بالمحاباة فلها
إذا بالمهر والمحاباة أحد وستون درهما وتسعه اجزاء من أحد عشز جزءا من درهم يرجع إلى الزوج ربعه وهو خمسة عشر وخمسة اجزاء وقد كان بقى له ثمانية وثلثون
درهما وجزءان من أحد عشر جزءا فالمبلغ ثلاثة وهم ستون وسبعة اجزاء من أحد عشر يقضي منها الدين عشرة يبقى له ثلثه أربعون درهما وسبعة اجزءا من أحد
عشر جزءا من درهم وهو ضعف المحاباة ولو كانت بحالها وعلى المراة عشر دراهم دينا ولا شئ على الزوج فلها أربعون من رأس المال ولها بالمحاباة شئ فذلك
أربعون وشي يقضي منها الدين يبقى لثلاثون وشئ للزوج نصفه إذا اقتضى الحال النصف وهو خمسة عشر ونصف شئ فيكون له خمسه وسبعون الا نصف
شئ يعدل شيئين فبعد الجبر خمسة وسبعون يعدل شيئين ونصف شئ فالشئ خمسا الخمسة والسبعين وهو ثلثون فهو المحاباة فلها بالمهر والمحاباة سبعون
545

يقضي منها الدين عشره يبقى ستون يرجع نصفها إلى الزوج وهو ثلثون وقد كان بي له ثلثون فالجميع ستون ضعف المحاباة ولو كانت على كل منهما عشرة دينا
فلها أربعون ولها بالمحاباة شئ يقضي من ذلك دينها يبقى ثلثون وشئ يرجع بالإرث نصفه إلى الزوج وهو خمسة عشر ونصف شئ فيحصل له مسة وسبعون الا
نصف شئ يقضى منها دينه يبقى خمسة وستون الا نصف شئ وذلك يعدل شيئين فبعد الخبر خمسة وستون يعدل شيئين ونصف شئ فالشئ خمسا الخمسة
والستين وهو ستة وعشرون فهو المحاباة ولها بالوجهين ستة وستون يقي منها دينها يبقى ستة وخمسون يرجع نصفه إلى الزوج ثمانية وعشرون وقد كان يبقى
له أربعة وثلثون فالمبلغ اثنان وستون يقضي منها الدين يبقى اثنان وستون يقضي منها الدين لا يبقى اثنان وخمسون ضعف المحاباة ولو كانت الصورة بحالها
وخلف الزوج سوى الصداق ماية درهم والدين عليه نفدت المحاباة بالتسعين لخروجها من الثلث وكذلك لو ملك سبعين سوى الصداق لأنها تملك المائة
بالمهر والمحاباة ويرجع إليه بالإرث خمسون فيجتمع لورثة الزوج ماية وعشرون ضعف المحاباة فإن كان لها ولدت نفذ المحاباة كلها ولكن لها أربعون ولها بما لمحاباة
شئ يبقى للزوج ستون الا شيئا ويرجع إليه بالإرث عشرة وربع شئ وله سبعون سوى صداق فالمبلغ ماية وأربعون الا ثلثه أرباع شئ يعدل شيئين
فبعد الجبر ماية وأربعون يعدل سيئين وثلثه أرباع شئ فنبسطها أرباعا فالدراهم خمسا وستون والأشياء أحد عشر نقسم الدراهم على الأشياء يخرج من القسمة
خمسون درهما وعشرة اجزاء من أحد عشر جزءا من درهم وهو المحاباة فإذا لها بالمهر والمحاباة تسعون درهما وعشرة اجزاء من أحد عشر جزاء من درهم يبقى مع الزوج
تسعة دراهم جزا من أحد عشر جزءا من درهم وسبعون سوى الصداق أو يرجع إليه بالإرث اثنان وعشرون درهما وثمانية اجزءا من أحد شر جزءا من درهم يبقى مع الزوج
تسعة دارهم وجزءا من أحد عشر جزءا من درهم وسبعون سوى الصداق أو يرجع إليه بالإرث اثنان وعشرون درهما وثمانية اجزءا من أد عشر جزءا من درهم فالمبلغ ثلثه دراهم
وتسعة اجزاء من أحد عشر جزءا من درهم وهو ضعف المحاباة ولو خلفات المراة شياء دون الزوج فإن كان ما خلفته قدر إذا ضم إليه الصداق كان الراجع إلى الزوج
ضعف المحاباة نفذت المحاباة بأسرها والا فلا وذلك ما لو كان ما خلفته عشرة دراه فلها أربعون من رأس الملا وشئ بالمحاباة والعشرة المختلفة فجملتها خمسون وشئ
فإذا اقتضى لاحال رجوع النصف إلى الزوج فجملة ما يحصل له خمسه وثمانون إلا نصف شئ يعدل شيئين فبعد الجبر يظهر ان الشئ خمسا خمسة وثمانين وهو
أربعة وثلث ونقله أربعة وسبعون من الصداق والعشرة المختلفة يرجع نصف ذلك إلى الزوج واثنان وأربعون وكان وقد بقى له ستة وعرون فالمبلغ ثمانية
وستون ضعف المحاباة وان خلف كل منهما عشرة سو ى الصداق بمبلغ مالها خمسون وشئ يرجع إلى الزوج نصفه وهو خمسة وعشرون ونصف شئ وله عشره
سوى الصداق وستون الا شيئا من الصادق قال فمبلغ خمسة وتسعون الا نصف شئ يعدل شيئين فعبد الجبر الشئ خمسا خمسة وتسعين وهو ثمانية وثلثون
فلها من الصداق ثمانية وسبعون ولها عشرة سوى الصداق يرجع نصف المبلغ بالإرث وهو أربعة وأربعون وله من باقي الصادق اثنان وعشرون وعشرة سوى
الصداق فالمبلغ ستة وسبعون ضعف المحاباة مسألة لو أعتق المريض جارية نكحها على مهر مسمى فإن لم يملك غيرها فالنكاح باطل لأنه لا يعتق جميعها و
النكاح لا يجامع الملك فإن لم يدخل بها فلا مهر وان دخل فالوطئ بشبهة فلها من المهر بقسط ما عنو منها فيدولان القدر الذي لزمه من المهر كدين يلحق التركة
فيوجب نقصان ما عتق وإذا نقص (ما عتق فنقص صح) ما يلزم من المهر وإذا نقص ما يجب من المهر زاذ ما يعتق فلو كانت قيمتها ماية ومهرها خمسين عتق منها شئ ولها بالمهر نصف شئ
يبقى جارية الأشياء ونصف شئ يعدل شيئين فبعد الجبر جارية تعدل ثلثة أشياء ونصف شئ فالشئ سبعا الجارية فينفذ العتق في سبعها ويبطل في خمسه
أسباعها يصرف سبع منها إلى مهر السبعين يبقى للورثة أربعة أسباعها ضعف ما عتق به ثم السبع المصروف إلى المهر ان رضيت به بدلا عمالها من المهر فذاك و
يعتق عليها حين ملكته بالاعتاق الأول وان امتنعت بيع سبعها في مهرها هذا إذا لم يكن غيرها وان ملك مالا اخر وكانت الجارية بقدر الثلث بان ترك غيرها
فإن لم يدخل بها فلا مهر عندنا لبطلان النكاح وعند العامة لأنها لو استحقت المهر للحق دين التركة فلا يخرج جميعها من الثلث وإذا لم يخرج جميعها من الثلث بطل
النكاح فيسقط المهر وان دخل قيل تخير فان عفت عن مهرها عتقت وصح النكاح وان تعف فلها ذلك لأنه أتلف منفعة بضعها وح تبين ان جميعها لم يعتق
وان النكاح فان ولها مهر ما عتق منها فنقول عتق منها شئ ولها بالمهر نصف شئ يبقى ثلثمائة الا شيئا ونصف شئ يعدل شيئين فبعد الجبر ثلثمائة يعدل
ثلثه أشياء ونصف شئ فمات عدل شيئا وسدس شئ نبسطها أسداسا ونقلب الاسم الشئ ستة والمائة سبعة فالشئ ستة أسباع الجارية مسألة خلع
المريض لا يعتبر من الثلث ونكاح المريضة بأقل من مهر المثل وجايز ولا كلام للورثة فيه ولو اختلعت المريضة بأكثر من مهر المثل كانت الزيادة معتبرة من الثلث فإذا
تقرر هذا فلو نكح المريض امرأة ومهرها أربعون ودخل ثم خالعته في مرضها بمائه وماتا ولا شئ لهما سوى مائه فللمراة أربعون من رأس المال ولها شئ بالمحاباة ثم
رجع إلى الزوج أربعون بالخلف وله ثلث شئ بالمحاباة فلو ورثة الزوج مائة ثلثي شئ يعدل شيئين فبعد الجبر مائة تعدل شيئين وثلثي شئ فالشئ ثلثه
أثمان الماية وهي سبعة وثلثون درهما ونصف وهي المحاباة فللمراة بالمهر والمحاباة سبعة وسبعون درهما ونصف ثم يأخذ الزوج من ذلك أربعين عوض الخلع وبالمحاباة
ثلث الباقي وهو اثنا عشر ونصف كان قد بقى له اثنان وعشرون ونصف فالمبلغ خمسه وسبعون ضعف المحاباة هذا إذا خالعت بماية في ذمتها ولو خالعت
بعين الماية التي أصدقها فقد خالعها على ملك وغير مملوك فان قلنا يبطل المسمى ويرجع إلى مهر المثل فلها أربعون من رأس المال وشئ بالمحاباة وللزوج
عليها أربعون بالخلع ولا شئ له بالمحاباة لان بطلان المسمى يستلزم بطلان ما تضمنه من المحاباة فيكون لورثة الزوج مايثة الأشياء بعدل شيئين فبعد الجبر والمقاتلة
تبين ان الشئ لثلث الماية وهو ثلثه وثلثون وثلث فلها بالمهر والمحاباة ثلثه وسبعون وثلث يأخذ الزوج من ذلك أربعين فيجتمع لورثته ستة وستون
وثلثان ضعفا المحاباة ولو خالعت قبل الدخول بطل عندنا لان النكاح مريض عندنا مشروط بالدخول وعند العامة يصح فيشترط الصداق فالحاصلة للمراة
نصف مهر المثل من رأس المال وهو عشرون شئ بالمحاباة للزوج من ذلك مهر المثل أربعون يبقى شئ الا
عشرين له ثلثه بالمحاباة وهو ثلث شئ الا ستة دراهم
وثلثي درهم يبقى لورثتها ثلثا شئ الا ثلثه عشر درما وثلث درهم فورثة الزوج ماية وثلثه شعر وثلث درهم الا ثلثي شئ يعدل ضعف المحابة شيئين بعد الجبر
ماية وثلاثة عشر وثلث يعدل شيئين وثلثي شئ فالشئ ثلثه أثمان هذا وهو اثنان وأربعون ونصف (لان ثلثة أثمان مأة تسع وثلثون ونصف يبقى ثلثة عشر وثلث وثلاثة أثمانها خمسة فان ثمانية
منها ثلثة أثمانها ثلثة يبثى خمسه وثلث وستة عشر وثلثا ثلثة لأثمانها ستة ثلاث درهمان فالجميلة اثنان وأربعون ونصف نسخة) وهي المحاباة فللمراة بنصف المهر والمحاباة اثنان وستون
ونصف يبقى للزوج سبعة وثلثون نصف ويأخذ مما صار له أربعون الخلع أربعون ويأخذ أيضا ثلث الباقي وهو سبعة ونصف فالجميع خمسه وثمانون ضعف
المحاباة قاله بعض الشافعية واعترضه الجويني بانت مهر المثل مع المحاباة الصداق فوجب ان يرجع شطر الجميع إلى الزوج وان لا يفرد المحاباة عن مهر المثل وعلى هذا نقول
لها من رأس المال أربعون وبالمحاباة شئ سيبقى للزج ستون الا شيئا ويرجع إليه شطره ما ملكته صداقا هو عشرون ونصف شئ فلزوج ثمانون الا نصف شئ
546

ثم يأخذ مما بقى لها أربعين يبقى لها نصف شئ الا عشرين درهما يأخذ بالمحاباة ثلث هذا لا باقي وهو سدس شئ الا ستة دراهم وثلثي درهم يجتمع عند ورثته مائة
وثلثه عشر درهما وثلث درهم الا ثلث شئ يعدل شيئين فبعد الجبر يظهر ان الشئ ثلثه أسباع مائة وثلثه عشر درهما وثلث وهو ثمانية وأربعون درهما وأربعة
أسباع درهم يبقى للزوج أحد عشر درهما وثلثه أسباع درهم ويرجع إليه بالتشطير أربعة وأربعون درهما وسبعان ويأخذ من الشطر الأخر قدر مهر المثل وهو أربعون
وثلث الباقي وهو درهم وثلثه أسباع فالمبلغ سبعة وتسعون درهما وسبع درهم وذلك ضعف المحاباة يبقى لورثة المراثة درهم وذلك ضعف المحاباة يبقى لورثة المارة درهمان وستة أسباعه درهم و
على القول الأول يبقى لهم خمسة عشر واعلم أنه لا فرق بين ان يموت الزوج قبل المراة أو بالعكس أو يبقى معها لانقطاع الميراث بالاختلاع الا على قول بعض علمائنا
ثم الدور في المسألة انما يقع في جانب الزوج دون الزوجة لأنها لا يعود إليها شئ مما يخرج منها النوع السادس الجنايات لزوجنا عبد على
حر خطا وعفى المجني عليه ومات في مرض العفو صح من الثلث عند علمائنا وبه قال جمهور العامة وقال أبو ثور وداود عفوه باطل وليس يجيد ليس وصيته
لقاتل لان فايدته تعود السيد ولو كانت جاز عندنا ثم إن أجاز الورثة صحت بأسرها والا فمن الثلث وانفك ثلث العبد عن تعلق الأرض فان سلم السيد
ثلثيه للبيع فلا دور بل يباع ويؤدي من ثمنه ثلثا الأرض أو ما يمكن وان فداه فان قلنا يفديه بثلثي قيمته في دون وان قلنا بثلثي الدية دخلها الدور فلو
كانت قيمة العبد ثلثماية وقيمته الإبل الف ومائتان صح العفو في شئ من العبد وبطل في الباقي يفديه السيد وأربعة أمثاله وهو أربعة عبد الا أربعة أشياء
فيحصل الورثة العافي أربعة أعبد الا أربعة أشياء وذلك يعدل شيئين بخبر ونقابل فأربعة أعبد تعدل ستة أشياء فنقلب الاسم ونقول العبد ستة والشئ أربعة
وهو ثلثا الستة فيصح العفو في الثلثي العبد وهو مائتان ويفدي السيد ثلثه بثلث الدية وهو أربعة ماية فيحصل للعافي ضعف المائتين ولو ترك العافي
شيئا اخر فإن كانت القيمة أقل من الدية وكان ما تركه ضعف القيمة كايخلف ستمائة صح العفو في جميع العبد لان السيد لو اختار تسليما لعبد لم يحصل لورثة
العافي الا قيمة وإن كان ما تركه دون ضعف القيمة بان يخلف ثلاثمائة ضمنا تركه إلى قيمته العبد وصح العفو في ثلثه الجملة من العبد والمال وإن كانت القيمة أكثر
من الدية نجمع بين ما تركه وبين الدية ونصحح العفو في ثلث الجملة من الدية فإذا كان المتروك ثلثماية وسلم السيد العبد فالقيمة والتركة ستمائة للسيد ثلثها مائتان
وهو مثل ثلثي العبد فيصح العفو في ثلثه ويباع ثلثه يصرف ثمنه إلى ورثة العافي ومعهم ثلث ماية فالمجموع ضعف ما يحض العفو فيه وان اختار الفداء وقلنا الفداء؟ الأقل
من الدية أو القيمة فكذلك ويدفع إليه ماية وان قلنا الفداء بالدية صح العفو في شئ من العبد ويفدي باقية بأربعة أمثاله ونهى أربعة أعبد الا أربعة أشياء يضم
إليها الثلثمائة تبلغ خمسا أعبد الا أربعة أشياء وذلك يعدل شيئين فبعد الجبر وقلب الاسم يكون العبد ستة والشئ خمسة فيصح العفو في خمسة السادس العبد
ويفدي سدسه بأربعة أمثاله ومع الورثة مثل العبد فالمبلغ عشرة أسداس ضعف إما صح فيه العفو ولو ترك ما يستحق من الدية لا غير وعليه دينار فان سلمه
للبيع أو اختار الفداء بأقل الامرين فيسقط الدين مع القمية العبد وتبقى ماية للسيد ثلثه وهو ثلثه وثلثون درهما وثلث وهو تسع العبد فيصح العفو
في تسعه وسيباع ثمانية اتساعه أو يفيه السيد بثمانية استاع قيمته وهي مائتان وستة وستون درهما وثلثا يقضي منها الدين يبقى ستة وستون درهما وثلثان يقضي منها الدين يبقى ستة وستون وثلثاه ضعف
ما صح فيه العفو العفو وان قلنا إن الفدا بالدية فيصح العفو في شئ ويفدي بأربعة أمثاله وهي أربعة أعبد الا أربعة أشياء يحط نهى قدر الدين وهو ثلثا
عبد ويبقى ثلثه أعبد وثلاثة عبدا وثلث عبد الا أربعة أشياء يعدل شيئين فنجيز ونقابل ونبسطها أثلاثا ونقلب السلم فقال عبد ثمانية عشر فالشئ عشر أو هي خمسة
اتساعها فيصح العفو في خمسه اتساع العبد وهي مائه وستة وستون درهما وثلثان ويفدي السيد باقية وهو مائة وثلثه وثلثون درهما وثلث درهم أربعة
أمثاله وهي خمسمائة وثلثه وثلثون وثلث يقضي منها الدين يبقى ثلثماية وثلثه وثلثون وثلث ضعف ما يحص فيه العفو مسألة لو جنى عبدان خطأ
على رجل فعفى عنهما ومات ولا مال له سوى ما يستحق من الدية فان اختار السيد ان يسلمهما أو اختار الفداء وقلنا الداء بأقل الامرين صح العفو في ثلثه كل عبد
وبيع ثلثاه أو فدى سيده ثلثه بثلثي القيمة وان قلنا الفداء بالدية وكانت قيمة كل عبد ثلثماية وقيمة الدين الف ومائتان صح العفو في شئ من كل واحد منهما و
فدى سيده باقية بضعفه لا نضف الدية هو الذي سيات علق بكل واحد منهما ونصف الدية ضعف كل واحد نهما فيحصل للورثة العافي أربعة اعبدا الا أربعة
أشياء وهو يعدل شعف ما جاز فيه العفو وهو أربعة أشياء فبعد الجبر أربعة اعبدا يعدل ثمانية أشياء فنقلب الاسم ونجعل الهبة ثمانية الشئ أربعة وهي
نصفها فيصح العفو في نصف كل عبد ويفدي كل سيد نصف عبده بعبد فيحصل للورثة عبدان ضعف ما صح العفو فيه وان اختار أحدهما الفداء والاخر التسليم
وقلنا يفدي بالدية صح العفو في شئ من كل واحد من العبدين فيسلم الأول عبد الأشياء ويفدي الثاني باقي عبده بضعفه وهو عبدان الا شيئين فيجتمع
عنه ورثة العافي ثلثه وأعبد الا ثلثه أشياء تعدل ضعف ما صح العفو فيه وهو أربعة أشياء فبعد الجبر وقلب الاسم يكون ابعبد سبعة والشئ ثلثه فيصح العفو في
ثلثه أسباع كل واحد منهما ويسلم الأول أربعة أسباع عبد؟ ويفدي الأخر أربعة أسباع عبده بضعفها وهي ثماني أسباع فيجتمع لورثة العافي اثنا عشر سبعا ضعف
ما صح العفو فيه ولو مات أحد العبدين قبل فصل الحال لم يحسب الميت على الورثة ولا على الموصي له ويقدر معد وما لم يوجد فعلى هذا ان اختار السيد تسليم
العبد الباقي نفذ العفو في ثلثه وبغنا ثلثيه وان اختار الفاد وقلنا الفداء بالأرش فيصح العفو في نصفه العبد بنصف الدية ويحتمل ان يحسب حصة الميت
من العفو لان العفو توجه إليهما فعل هذا ينتقض العدو في حقه الحي لأنه يصح العفو في شيئين منها وقد تعذر تحصيل التركة ن الذي مات فيحصل من الأخر
فان سلمه سيده للبيع فهذا العبد الأشياء يعدل ضعف العفو في العبدين وهو أربعة فبعد الجبر المقابلة عبد يعدل خمسة أشياء فنقلب السم فالعبد
خمسة والشئ خمسة فيصح العدو ذي خمسه كل واحد منهما وسلم صاحب العبد الباقي أربعة أخماسه لبيع وهو ضعف الخمسين نفذ العفو فيهما وان اختار الفداء و
قلنا الداء بالدية فدي باقي عبده وهو عبد الأشياء بضعفه وهو عبد ان الا شيئين وذلك يعدل أربعة أشياء عبد الجبر عبدان يعدلان ستة أشياء فنقلب الاسم
ونقول العبد ستة والشئ اثنان وهما ثلث الستة فيصح العفو في ثلثه كل واحد من ما ويفدي سيد الباقي ثلثه بضعهما وهو أربعة أمثال ضعف ما صح العدو فيه
مسألة لو قتل عبد حرين خطأ تعلقت برقبته الديتان فان اختار سيده التسليم بيع وزع الثمن عليهما وان اختار الفدا وقلنا الفداء بالقيمة وزعت
القيمة وان قلنا الفداء بالدية فاده بالديتين وان عفى أحدهما في مرضه قال ابن شريح من الشافعية انه يدفع إلى ورثة العافي ثلثي نصفه والورثة الذي لم يعف تمام
النصف فان حق كل واحد متعلق بنصف ثمنه فينفذ عفو العافي في ثلث محل حقه فقال بعضهم هذا غير مستقيم على أصل الشافعي بل الديتان معا متعلقتان
547

بجميع الداء فإذا عفى أحدهما سقط ثلث الدية فورثته وورثة الأخر يتضاربون هؤلاء بثلث دية مورثهم وهؤلاء بتمام دية مورثهم النوع السابع
العتق قد عرفت ان عتق المريض يمضي من الثلث إذا مات في ذلك المريض على المذهب القوي فلو اكتسبه العتق مالا قبل الوفاة توزع الكسب على ما بقى فيه من العبودية
وعلى ما عتق منه ونصيب الحرية لا يحسب عليه بل يكون لورثته وحصة الرق ترجع إلى تركه المعتق فيزيد التركة فيزيد العتق فتزيد حصة من الكسب فينقص التركة
فينقص العتق فيزيد بتجربيه يوم عتقه ويتبعه ما اكتسب من مال أو إفادة أو ولدان كانت أمة في قول المال فينقص العتق وعلى هذا تدور زيادة على نقصانه ونقصانه على
زيادته فيقطع الدور بالطرق الحسابية (مسألة) إذا أعتق المريض عبدا كان موقوفا حتى يموت المعتق ويخلف ضعف قيمته لورثته فيحكم (بحرية يوم عتقه ويتبعه ما اكتسب من ما أو إفادة أو ولدان كانت أمة في قول علمائنا وهو قول صح) أكثر العامة وادى الروايتين
عن مالك وفي الأخر انه يقوم العبد وكسبه وولد الأمة ويراعي ان يحص مع الورثة مثلا ذلك فان مات ولا مال له سوى العبد عتق ثلثه ورق ثلثاه في قول
مالك والشافعي واحمد وأبو ثور وداود وقال أهل العراق لا يكون بعضه ويقابل؟ يسعى قيمته ثلثيه فإن كان على المعتق دين يحيط برقبته يبيع فيه عند الأولين وسعى
في قيمته عند أهل العراق وإن كان الدين أقل من قيمته بيع منه بقدره واعتق ثلثه الباقي ورقه ثلثاه على قول الأول وعند أهل العراق يسعى في الدين وفي ثلثي
ما بقى فإن كان له كسب أدي منه سعايته عندهم فما فضل فهو له وسواء في ذلك ما اكتسبه قبل موت السيد أو بعده ولا دون عندهم في ذلك وعند الشافعي
إن كان الكسب بعد موت السيد فله ثلثه وللورثة ثلثاه وإن كان قبله دخله الدور فلو كانت قيمته عشره واكتسب مثلثها فنقول عتق منه شئ وتبعه من كسبه
شئ وللورثة باقيها وهو عشرون الا شيئين يعدل شيئين فالشئ خمسة يعتق نصف العبد ويتعقبه نصف كسبه ويحصل لورثة نصفه ونصف كسبه وهو
مثلا ما عتق منه وعندنا يدع من كسبه في ثمن رقبته ويعتق وعلى قول مالك يعتق ثلثه وله ثلث كسبه ويحصل مع الورثة ثلثا هما ولو كان المكسب بقدر نصف قيمته عتق
منه شئ وتبعه نصف شئ وللورثة الباقي وهو خمسه عشر الا شيئا نصفا يعدل شيئين فالشئ بعا ذلك وذلك ثلثه أسباع قيمته وهو أربعة وسبعان
وله بالكسب ديناران وسبع ويبقى للورثة باقية وباقي كسبه وذلك ثمانية وأربعة أسباع وهو مثلا ما عتق منه فإن كان اكتسبه مثل قيمته عتق منه ثلثه أخماس
وهو ستة وله من كسبه ثلثه أخماس وللورثة خمسة وخمسا كسبه وهو ثمانية يصير اثني عشر ضعف ما عتق منه ولو كان كسبه عشره وعلى السيد عشرة دينا قضي الدين بنصفه
ونصف كسبه وبقى نصفه ونصف كسبه فكان عبد قيمته خمسة واكتسب خمسة يعتق نصف ذلك وهو ربعه ويتبعه ربع كسبه يبقى للورثة باقيها وهو خمسة وذلك
ضعف ما عتق منه وعلى قول أهل العراق يقضي الدين بكسبه ويسعى للروثة في ثلثي قيمته مسألة لو أعتق عبدين قيمته أحدهما عشره وقيمته الأخر عشرون فعلى
قول أهل العراق يعتق ثلث واحد ويسعى في ثلثي قيمته سواء اعتقهما معا أو بدء بأحدهما قبل الأخر وقال علمائنا ان بدا بالأدون عتق ورق الباقي فيصير مع الورثة
قيمته عشر وهو مثلا الا دون قيمته وإن كان ندبا الا رفع تتق نصفه ورق نصفه مع الأدون وان اعتقهما دفعه أقرع بينهما فأيهما خرجت عليه جعل كأنه بداء به وبه قال
الشافعي فان كاتبه كل واحد منهما مثل؟ فعل يالال يؤدي كل واحد ثلثي كسبه في سعايته ويكون الباقي لفه على قول الشافعي ان بدا بالأدون عتق وتبعه كسبه وقد بقى من
الثلث ستة وثلثان فنقول يعتق من الا على شئ وله من كسبه شئ وللورثة باقيهما وهو يعدل أربعين الا شيئين فالق من ذلك عشرين وهو مثلا العبد المعتق
يبقى عشرون الا شيئين يعدل شيئين فالشئ خمسته وهو ربع الا رفع ويتبعه ربع كسبه وللورثة ثلاثة أرباعه وثلاثة أرباع كسبه وهو ثلثون ذلك ضعف
ما خرج بالعتق منهما وان باد بالأرفع لم يخرج من المثل فنقول له شئ من رقبته وشئ من كسبه وللورثة باقيهما والعبد الأخر وكسبه وذلك من ستين الا شيئين يعدل
شيئين فالشئ خمسه عشر فيعتق ثلاثة أرباعه؟ ويكون للورثة ربعه وربع كسبه وذلك ثلثون فان اعتقهما معا أقرعت ف؟ خرجت قرعته جعلته الأول وقد سبق فإن كان
عليه دين عشرون وقد اعتقهما قرعت بينهما بسهم رق وسهم عتق فان خرجت القرعة بسهم رق وسهم عتق فان خرجت القرعة بسهم الرق على الا دون وقضي الدين به وبكسبه وعتق نصف الا رق وان
خرجت على الا رفع قضي بنصفه ونصف كسبه ثم أقرع بين نصفه وبين الأخر فأيهما خرج عتق وملك جميعه وكان للورثة الأخر وهو مثلا ما عتق ولو كان ما فولدن
فهو بمنزلة الكسب مسألة لو أعتق امه مستوعبة فوطئت ومهرهما مثل قيمتها عتق منها شئ وتبعها من المهر شئ غير غير محسوب عليها يبقى للورثة جاريتان الا
شيئين يعدل ضعف ما تق وهو شيئان فبعد الجبر جاريتان تعدلان أربعة أشياء فنقلب الاسم فالجارية أربعة والشئ اثنان والاثنان نصف الأربعة فلهما
انه يعتق من الجارية نصفها ويتبعها نصف كسبها غير محسوب عليها يبقى للورثة نصفها ونصف كسبها وهو ضعف ما عتق أو نقول نأخذ للعتق سهما ولما يتبعه
من الكسب سهما ونأخذ لورثة ضعف ما أخذنا للعتق وهو سهمان فيجتمع معنا أربعة أسهم ثم نأخذ الربعة والكسب وهما مثلان فنقسمهما على الأربعة يخرج من القسمة
نصف فعلمنا ان الذي عتق نصف الرقبة وبطريق الخاطئن نجعل الجارية ثلاثة أسهم ونجيز العتق في سهم يبقى للورثة سهمان ولهم من الكسب سهمان فالمبلغ أربعة و
كان ينبغي ان يكون اثنين فقد أخطأنا بزيادة اثنين وهو الخطا الأول ثم نجعل خمسة وثبت خير العتق في سهم يبقى للروثة أربعة ولهم من المهر أربعة فالمبلغ ثمانية وكان ينبغي
ان يكون اثنين وفقد زاد ستة وهو الخطاء الاثني نسقط الا قل من الأكثر يبق أربعة نحفظها ثم نضر بالمال الأول في الخطاء الثاني يكون ثمانية عشر والمال الثاني في الخطاء
الأول يكون عشرة تسقط الأقل من الأكثر تبقى ثمانية نقسهما على الأربعة المحفوظة يخرج من القسمة اثنان فعلمنا ان الجارية يجب ان تقسم على سهمين ثم نضرب ما أجزنا
فيه العتق أولا في الخطاء الثاني يكون ستة وما أجزنا فيه العق ثانيا في الخطاء الأول يكون اثنين نسقط (الأقل نم الأكثر تبى أربعة نقسمهما على الأربعة المحوظه يخرج؟) والواحد من الاثنين نصف مسألة لو أعتق عبدا قيمته
تسعون اكتسب مثل قيمته ومثل نصف عاتق منه شئ وتبعه من الكسب شئ ونصف شئ غير محسوب عليه يبقى للورثة عبدان وصنف الا شيئين ونصف شئ يعدل
شيئين فبعد الجبر عبدان وصف يعدل أربعة أشياء ونصف نبسطهما انصافا ونقلب الاسم فالعبد تسعة والشئ خمسه فيعتق منه خمسة اتساعه وقيمتها خمسون
ويتبعها خمسة اتساع الكسب وهو خمسة وسبعون يبقى للورثة أربعة استاع العبد وهي أربعون وأربعة اتساع الكسب وهي ستون هما ماية ضعف ما عتق أو
نقول نأخذ للعتق سهمان ويتبعه من الكسب سهم ونصف ونأخذ للورثة ضعف العتق وهو سهمان فالمبلغ أربعة ونصف نقسم عليها قيمته الرقبة والكسب وهما مائتان
وخمسة وعشرون فنبسطهما انصافا فيكون المقسوم عليه تسعه والمقسوم أربعمائة وخمسون يخرج من القسمة ما عتق منه وهو خمسة اتساعه ولو
كانت الصورة بحالها وعلى السيد مثل قيمة العبد دينا يعتق منه شئ ويتبعه نم الكسب شئ ونسف شئ يبقى عند الورثة عبدان ونصف عبد الا شيئين
ونصف شئ نسقط منه عبد اللذين يبقى عبد ونصف الا شيئين ونصف شئ يعدل ضعف ما عتق وهو شيئان فعبد الجبر عبد ونصف يعدل أربعة أشياء
ونصف شئ نبسطهما انصافا ونقلب الاسم فالعبد تسعة والشئ ثلثه تعتق من العبد ثلثه اتساعه ويبتعه من الكسب ثلثه اتساعه يقضي الدين من الباقي يبقى
548

عند الورثة ضعف ما عتق ولو كانت بحالها الا انه لا دين على السيد وله سوى العبد وكسبه تسعون عتق منه شئ ويتبعه من الكسب شئ ونصف شئ يبقى مع الورثة
عبدان ونصف الا شيئين ونصف شئ ومعهم مثل قيمته العبد فاجتمع عندهم ثلثه أعبد ونصف عبد الا شيئين ونصف شئ بعدل شيئين فبعد الجبر ثلثه
أعبد ونصف عبد يعدل أربعة أشياء ونصف شئ فنبسطهما انصافا ونقل الاسم فالعبد تسعة والشئ سبعة فيعتق منه سبعة استاعه وهو سبعون ويتبعه
من الكسب سبعة اتساعه وهو ماية وخمسون يبقى للورثة تسعاه عشرون وتسعا الكسب ثلثون أيضا يصير ماية وأربعين ما عتق قاعدة
لو ترك السيد ضعف قيمته العبد عتق جميعه وتبعه كسبه ولا دور ولو كان على السيد دين وله سوى العبد وكسبه مال قوبل الدين بذلك الملا فان تساويا فكأنه
مات لا دين عليه ولا مال له وس ى ماله له سوى العبد وان زاد الذي فكان القدر الزايد هو الذين وان زاد المال فكان القدر الزايد هو المتروك ولو أصاب العبد جناية
استحق أرشها أو اتهب فهو كالكسب مسألة أو أعتق المريض عبد قيمته تسعون واكتسب مثل قيمته بعد العتق فاقترضه السيد واتلفه ثم مات عتق
منه شئ وعلى السيد شئ هو القرض يبقى للورثة عبد الا شيئين يعدل ضعف ما عتق فبعد الجبر عبد يوعد أربعة أشياء فنقلب الاسم ونقول عتق منه
ربعه ويتبعه ربعه لو بعكسه ويبق الموروثة نصفه وهو ضعف ما عتق ثم ربع الكسب الذي هو دين ان أرداه الورثة من عنهم جاز واتسمر ملكهم على ثلثه
أرباعه وملك ما سلموه عاليه يربعه الحر وان تراضوا مع العبد على أن يكون ربع قيمته بدلا من ربع الكسب جاز وعتق ربعه على نفسه واختلفت الشافعية فال
ابن شريح ان ولاء ذلك أربع يكون لبيت المال وقال الآخرون لا ولاء عليه ولو أراد الورثة بيعه من غيره وقال العبد اخذه بدلا عن القرض قال بعضهم
انه أحق بنفسه من الأجانب وقال الجويني انه محمول على الأولية دون الاستحقاق مسألة لو أعتق المريض عبدا مستوعبا فمات قبل سيده قيل إنه
يموت حرا وقيل رقا وقيل ثلثه حر ثلثاه رق والأول أشهر ولو كان العبد قد اكتسب ضعف قيمته ولم يخلف الا السيد مات حر اجماعا إما على قول انه يموت
حرا لو ثلم يخلف شيئا فهنا أولي واما على قول الرقية هناك فلانه ثم لم يخلف شيئا وهنا ورث السيد كسبه فيحصل لورثته ضعف العبد ولو كان الكسب
مثل قيمته لم يرق جميعه لأنه خلف شيئا ولم يعتق جميعه لان الكسب ليس شعفه فان قلنا من بعضه حر يورث عتق نصه ويكون جميع كسبه للسيد نصفه
بالملك ونصفه بالإرث بالولاء فيحصل لورثته ضعف ما عتق وان قلنا لا يروث قال الجويني يعتق منه شئ ويتبعه من الكسب شئ يصرف ذلك الشئ
إلى بيت المال فيبقى عبد ناقص شيئا يعدل ضعف ما عتق وهو شيئان فبعد الجبر عبد يعدل ثلثه أشياء فالشئ ثلث العبد فيبقى ثلثه ويتبعه من الكسب ثلثه
يبقى للسيد لثا كسبه بحق الملك وهو ضعف ما عتق فإن كان الكسب ضعف القيمة خلف العبق مع السيد بنتا فان قلنا ولم يخلف شيئا لمات حرا فكذا
هنا والكسب بين البنت والسيد بالسوية عندهم وعندنا لا يجتمع ميراث الولاء ولا نسب وان قلنا بموت رقا هناك فان قلنا من بعضه حر وبعضه رقيق يورث
فيعتق منه شئ ويتبعه من الكسب شيئان يرث البنت أحدهما والباقي فيحصل لورثة السيد ضعف العبد الا شيئا وهو يعدل شيئين فعبد الجبر عبدان
يعدلان ثلثه أشياء فالشئ ثلث العبدين وهو ثلثا عبد فيعتق من العبد ثلثاه ويتبعه ثلثا الكسب ثم رجع أحدهما بالإرث إلى السيد فيحصل لورثته السيد ثلثاه
الكسب وهما ضعف ما عتق وعلى قول من لا يورث من بعضه حر فلا ترث البنت منه لأنه لو ورثت الماء خرج جميعه من الثلث فرق بعضه وإذا رق بعضه لم يورث؟ دي
توريثها إلى ابطال توريثها فإذا لم يرث فكأنه لم يخلف الا السيد فيموت حرا لفى كون الكسب للسيد كما مر وإن
كانت الصورة بحالها وخلف بدل البنت ابنا فان قلنا إنه
حر لو لم يخلف شيئا وكذا هنا والكسب للابن وان قلنا يموت رقيقا هناك فان قلنا من بعضه حر وبعضه رقيق يورث يعتق منه شئ ويتبعه من الكسب شيئان
هما للابن يبقى لورثة السيد باقي الكسب وهو عبد ان الا شيئين فبعد الحجر عبدان يعدلان أربعة أشياء فالشئ نصف عبد فيعتق نصف العبد ويتبعه من الكسب
نصف يفوز به الا بين بقى لورثة السيد نصف كسبه بحق المالك وهو ضعف ما عتق وان منعنا الإرث فيمن بعضه رق ولا يورث فيموت حرا وجميع الكسب للسيد
ولا يرث الابن للدور ولو لم يموت المعتق لكن كان له ابن حر فمات قبل موت السيد وترك اضعاف قيمته أبيه وليس له الا أبوه وسيد أبيه فلا يرث منه أبوه لأنه لو
ورث لاستغرق لم يحصل للسيد شئ فح لا يعتق جميعه فلا يرث فيحصل لرثه السيد عبد الا شياء والشئ الذي
ورثه السيد بالولاء فيتم لهم عبد لان تركته مثل العبد وذلك يعدل شيئين فالشئ نصف العبد فيعتق نصفه ويكون للورثة نصفه ونصف تركه ابنه وهما
ضعف ما عتق مسألة لو أعتق عبدا فاكتسب مثل قيمته ثم أعتق اخر ولا مال له سواهما وتساوت قيمتها عتق من الأول شئ ويبتعه من الكسب شئ غير محسوب
عليه يبقى لورثة ثلثه أعبد الا شيئين يعدل شيئين فبعد الجبر ثلثه عبد تعدل أربعة أشياء فالشئ ثلثه أرباع العبد فيعتق من الأول ثلثه أرباعه ويتبعه
ثلثه أرباع الكسب يبقى عبد ونصف ضعف ما عتق ولو اكتسب الثاني مثل القيمة دون الأول عتق الأول والثاني وكسبه للورثة وان اكتسب كل منهما مثل قيمته
عتق الأول وتبعه كسب والثاني وكسبه للورثة وان اكتسب الأول ومثل قيمتها عتق من شئ وتبعه من الكسب شيئان يبقى للورثة أربعة أعبد الا ثلثه أشياء تعدل
شيئين فعبد الجبر يكون الشئ خمس أربعة أعبد وهو أربعة أخمسا عبد فيعتق من الأول أربعة أخماسه ويتبعه أربعة أخماس الكسب يبقى للورثة خمسه وخمس كسبه و
العبد الأخر وان اكتسب الثاني مثل قيمتها عتق الأول ومن الثاني شئ ويتبعه من الكسب شيئان يبقى للورثة من الثاني وكسبه ثلثه أعبد الا ثلثه أشياء تعدل
ضعف ما عتق وهو عبدان وشيئان لان الذي عتق عبد وشئ فبعد الجبر ثلثه أعبد تعدل عبدين وخسمه أشياء فنسقط عبدين بعبدين يبقى عبد يعدل
خمسة أشياء فالشئ خمسة العبد فالذي عتق من الثاني خمسه وكذا الحكم لو اكتسب كل واحد منهما قيمتها ولو اعتقهما دفعه أقرع فمن خرجت له القرعة كان هو المقدم و
والحساب كما سبق مسألة لو أعتق ثلثه أعبد مستوعبة دفعة فاكتسب أحدهم قبل موته مثل قيمته وستات قيمتهم أقرع بسهم عتق وسهمي عتق وسهمي رق فان خرج بسهم
العتق على المكتسب عتق ويتبعه كسبه والاخران للورثة وان خرج لاحد الآخرين عتق ثم تعاد القرعة الاستكمال الثلث فان خرج الأخر عتق ثلثه وكان ثلثاه مع المكتسب
وكسبه للورثة ولا دون فان خرج سهم العتق في القرعة الثانية للمكتسب دخل الدور فنقول عتق؟ شئ ويبتعه من الكسب شئ يبقى للورثة لثه أعد الا شيئين تعدل
ضعف ما عتقه وهو عبدان وشيئان بعد الجبر ثلثه الاحد؟ تعدل عبدين وأربعة الشئ ان سقط عبدين بعبدين يبقى عبد في معاملة أربعة أشياء فالشئ ربع
العبد فيتعتق منه ربعه ويتبعه ربع كسبة يبقى للورثة ثقلة أرباعه وثلثه أرباع كسبه والعبد الأخر ذلك ضعف ما عتق ولو كان على السيد دين مثل قيمة أحدهم أقرع
549

بين العبيد بسهم دين ولسهم الدين حالتان إحديهما ان يخرج لاحد اللذين لم يكتسبا فيباع في الدين ثم يقرع بين الآخرين لاعتاق الثلث بعد قضاء الدين
بسهم عتق وسهمي رق فان خرج سهم العتق للذي لم يكتسب عتق والمكتسب وكسبة للورثة وان خرج للمكتسب دخله الدور فيعتق منه شئ ويتبعه من الكسب شئ يبقى
للورثة ثلثاه عبدا الا شيئين يعدل شيئين فبعد الجبر ثلثه أعبد يعدل أربعة أشياء فالشئ ربع الا عبد وهو ثلثه أرباع عبد الثانية ان يخرج سهم الدين للمكتسب
فيباع منه ومن كسبه بقدر الدين والدين مثل نصفيهما فيباع في الدين نصف رقبته ونصف كسبه ثم يقرع بين الباقي وبين الآخرين بسهم عتق وسهم رق فان
خرج سهم العتق لاحد الآخرين عتق والآخرين عتق والاخر ونصف المكتسب وكسبه للورثة وان خرج للمكتسب عتق نصفه الباقي ويتبعه الكسب غير محسوب ثم تعاد القرعة بين
الآخرين استكمال الثلث فانا لم نعتق الا نصف عبد وقد بقي عبدان فأيهما خرج سهمه للعتق عتق ثلثه فتكون جملة ما عتق خمسة أسداس عبد يبقى للورثة عبد
وثلثا عبد ضعف ما عتق ولو اختلفت قيمتها فقيمة أحدهم مائة والثاني مائتين والثالث ثلثمائة واكتسب كل واحد منهم مثل قيمته أقرع فان خرج سهم العتق
على الاعلى عتق وتبعه كسبه والاخران وكسبهما للورثة وذلك ضعف الا على ولو خرج على الأدنى عتق وتبعه كسبه وتعاد القرعة لاستكمال الثلث فان خرج العتق على سهم الا
وسط العتق وتبعه كسبه ويبقى الا على وكسبه للورثة وهو ضعف المتيقن وان خرج على الا على عتق منه شئ وتبعه من الكسب مثله يبقى للورثة باقية وباقي كسبه و
العبد الأوسط وكسبه وجملة ذلك الف الا شيئين تعدل ضعف ما عتق وهو مائتان وشيئان فبعد الجبر الف يعدل مائتين وأربعة أشياء نسقط مائتين
بمائتين تبقى ثمان ماية يعدل أربعة أشياء فالشئ مائتان وذلك ثلثا الا على فيعتق منه ثلثاه ويتبعه ثلثا كسبه يبقى للورثة ثلثه وثلث كسبه والعبد الا وسط وكسبه
وذلك ستمائة ضعف ما عتق من الأدنى والا وان خرج سهم العتق على الأوسط عتق ويتبعه كسبه وتعاد القرعة فان خرج سهم العتق على الأدنى عتق وتبعه
كسبه والأعلى وكسبه للورثة وان خرج على الاعلى عتق ثلثه وتبعه ثلث كسبه والباقي مع الأدنى للورثة مسألة لو أعتق عبدا فزادت قيمته قبل موت السيد درهما
الدور لان زيادة القيمة بمثابة الكسب فقسط ما عتق لا يحسب على العبد وقسط ما رق يزيد به التركة وكذا نقصان القيمة موزع فقسط ما عتق يحسب على العبد
كأنه شئ قبضه واتلفه وقسط ما رق كأنه تلف من مال المعتق فإذا نقص المال نقص ما يعتق منه فلو أعتق عبدا قيمته مائة لا مال له غيره فبلغت قيمته يوم الوفاة
ماية وخمسين قلنا عتق منه شئ محسوب عليه بثلثي شئ فيبقى مع الورثة عبد الا شياء يعدل ضعف المحسوب على العبد وهو شئ وثلث شئ فبعد الجبر عبد
يعدل شيئين وثلث شئ فتبسطهما أثلاثا ونقلب الاسم فالعبد سبعة والشئ ثلثه فيعتق منه ثلاثة أسباع عبد وقيمتها يوم الموت أربعة وستون وسبعان
والمحسوب عليه منها قيمته يوم الاعتاق وهي اثنان وأربعون وستة أسباع يبقى للورثة أربعة أسباع العبد وقيمتها خمسة وثمانون وخمسه أسباع وهي ضعف
المحسوب على العبد ولو كانت قيمته ماية فنقصت خمسين عتق منه شئ هو محسوب عليه شيئين فالباقي وهو عبد الأشياء يعدل ضعف المحسوب عليه وهو
أربعة أشياء فبعد الجبر عبد يعدل خمسة أشياء فالشئ خمس العبد فيعتق منه خمسة وقيمته يوم الموت عشرة
بحسب عليه بعشرين لان قيمته يوم العتق عشرون
يبقى للورثة أربعة أخماسه وقيمتها أربعون ضعف المحاباة مسألة لو أعتق جارية مستوعبه فوطئت بالشبهة قبل موت السيد فلها مهر ما عتق
منها غير محسوب من الثلث وللسيد نصيب الرقية من المهر فلو كان مهر مثلها ثلث قيمتها عتق منها شئ وتبيعه من المهر ثلث شئ وباقيها للورثة وهي جارية
ومثل ثلثها الأشياء وثلث شئ يعدل شيئين فبعد الجبر جارية وثلث تعدل ثلثه أشياء وثلث شئ فنبسطهما أثلاثا ونقلب الاسم فالجارية عشر والشئ أربعة
فيعتق أربعة أعشارها ويتبعها أربعة أعشار المهر ويبقى للورثة ستة أعشار وستة أعشار مهر ها وستة أعشار مهرها عشرا رقبتها فيجتمع لهم مثل ثمانية
أعشار الرقبة ضعف ما عتق منها فان احبلها الواطي وولدت قبل موت السيد ولدا قيمته يوم الولادة ثلث قيمتها فعلى الواطي مع العقر قيمته الوالد بقدر ما
رق منها لتفويته رقه على السيد فينعتق منها شئ ومن الوالد ثلث شئ غير محسوب من الثل ولها من المهر ثلث شئ يبقى للورثة جارية ومثل ثلثيها اللاشياء
وثلثي شئ وذلك يعدل شيئين فبعد الجبر جارية وثلثا جارية يعدل ثلاثة أشياء وثلث شئ فنبسطهما أثلاثا ونقلب الاسم فالجارية أحد عشر والشئ خمسة
فيعتق منها خمسة من أحد عشر وتبيعها خمسة من أحد عشر من الولد ولها خمسة من أحد عشر ومن المهر يبقى للورثة ستة من أحد عشر من الرقبة وستة من أحد (عشر من المهر وستة من أحد ظ)
عشر من قيمة الولد والسنتان جمعها كأربعة من أحد عشر من الرقبة فيجتمع للورثة مثل عشره من أحد عشر من الرقبة وهي ضعف ما عتق فإن كان الواطئ
معسرا فلم يحصل منه مهر ولا قيمة ولد لم يتنجز الا عتق ثلثها وثلثاها للورثة فان أيسر وحصل منه المهر والقيمة أتممنا عتقها من ما يقتضي الحساب وتسترد الجارية
من كسبها مقار ما عتق منها زايدا على الثلث لتبين العتق فيه وقال بعض الشافعية انها لا تسترد وإن كان الواطي هو العتق فعلى ما حكيناه في وطي الواهب
المريض بعد الهبة والا قباض مسألة لو أعتق عبدين قيمتهما عشرون دفعته ثم مات ولا مال سواهما وما أحدهما قبل القرعة أقع بين الحي والميت فان خرجت
القرعة على الميت عتق نصفه ورق نصفه الأخر لان مع الورث مثل يهون خرجت للحي عتق ثلثه ورق ثلثاه ولا يحسب عليهم الذي مات وقال بعض العامة بحسب
ويعتق ثلثا الحي وقال أهل العراق يسقط سهم الميت من الثلث ويقسم قيمة الحي على إما بقي من السهام لثلث مع الثلثين وذلك في مسئلتنا خمسه فنقسم العشرة
على خمسة فيصيب الحي درهمان وهما خمسة فيعتق خمسه وخمس الميت وعى في أربعة أخماسه وهي مثلا ما تق منها فان كانوا ثلاثا ومات أحدهم فنسقط سهمه من
الثلث وهو ثلثه ونقسم قيمة الأخر ين وهي عشرون على ثمانية يصيب كل منهم درهمان ونصف وهي ربعة ويعتق ربع كل واحد ويسعى في ثلثه أرباعه فيصير مع
الورثة خمسة عشر وهي مثلا ما عتق منهم وإن كانت قيمة أحدهم خمسة فالثلث بينهم؟ على الخمسة فان مات الذي قيمته خمسه فاسقط سهمه وأقسم العشرين على
أربعة عشر فينعتق من كل واحد؟ سبعاه وسيعى كل واحد منهم في خمسة أسباعه فيحصل للورثة أربعة عشر وسبعان وهي مثلا ما عتق منهم مسألة لو أعتق
عبدا قيمته عشره فمات قبل سيده ثم مات السيد ولا شئ لهما مات حرا في قوله ابن ليلي والثوري وأبي يوسف ومحمد وزفر لان الحرية وجبت له والسعايه دين
عليه ولا يمنع ذلك نفوذ العتق الذي لا يرد وقال مالك وأبو حنيفة يموت رقيقا ولو خلف السيد مثل قيمتها أو خالف العبد ما الورث السيد منه قيمته مات
حرا عند الشافعي واهل العراق وقال مالك لا يكون حرا بعد الموت فان ورث أقل من مثل قيمته وكانت تركته أكثر من مقدار سعاية دخل الدر وعند الشافعي و
أهل العراق وان مات بعد المولي وقد اكتسب ما لا يثبت منه الدور على مذهب الشافعي خاصة قول خلف العبد عشرين فماله السيدة ثم لو رثته من بعده وقد
مات حرا اجماعا وكذا لو خلف أربعين وبنتا ولو خلف عشره كانت لسيده بالسعاية ولا ميراث عند أهل العراق وقد مات حرا وقال مالك لسيده لأنه مالك
550

باقية وفي قول الشافعي يعتق منه شئ وله من كسبه شئ وللمولى باقيه كسبه بملكه والشئ بالميراث فصار معه عشرة يعدل شيئين فالشئ خمسة وذلك نصفه فيموت
نصفه حرا ونصفه رقيقا وللمولى خمسة بحق الرق وخمسة بالميراث وذلك مثلا ما عتق منه ولو خلف العبد ابنا كان لمولاه ثلث إما اكتسبه بالسعادة وثلثه
لابنه في قول أهل العراق وقال مالك كله لمولاه لأنه مالك باقية وفي قول الشافعي له من ربته شئ ومن كسبه شئ يكون لابنه وللمولى باقي الكسب بحق الرق
وعشرة الأشياء يعدل شيئين فالشئ ثلثها ويعتق منه ثلثه وله ثلث كسبه فيكون ذلك لابنه ويكون ثلثا عشرة لمولاه وهو مثلا ما عتق منه وهذا مثل قول أهل العراق
في وان خالفه في طريق العمل وان ترك عشرين فللمولى ستة وثلثان بالعساية والباقي لابنه عند أهل العراق وفي قديم قول الشافعي يكون جميع
كسبه للمولي وهو مثلا قيمته فيموت حر أو لا يورثه ابنه لأنه لو ورثه نقصت تركة المولى فلا يخرج العبد من ثلثه فيرق بعضه فتوريثه يؤدي إلى زوال ابطال توريثه
فلذلك لم يورث ولان من بعضه حر لا يرث ولا يورث ففي قديم قوله كذهب مالك وفي جديده كقولنا يرث ويورث بقدر نصيب الحرية فنقول مله من رقبة
شئ ومن كسبه شيئان يكون ذلك لأنبه ولورثة المولى باقية وهو عشرون الا شيئين يعدل شيئين فالشئ خمسه هو نصف فيعتبر ذلك منه فيكون نصفه الكسب للابن
ونصفه للمولى بالإرث وهو مثلا ماتق منه فإن لم يقسم تركته حت يمات البن مات العبد حرا ويرث ابنه جميع كسبه ثم يرثه المولى عنه لأنا لما حكمنا بحرية العبد
جر ولاء ابنه إلى مولاه وكذا لو خلف الابن هذه العشرين ولم يخلف أبوه شيئا لان ذلك يصير للصيد فيحكم بجريه العبد فا خرف الابن أقل من مثلي قيمه أبيهم يرثه
السيد لان العبد مات رقيقا فلم يجرؤلا ابنه عليه ولو مات ابن العبد وأبوه حي ولف مثل قيمته وورثة السيد وعتق العبد ولا يرث ابنه للعلة المقدمة فان توريه
يودي إلى أن بطال توريثه عندهم ولو خلف ابن العبد عرة عتق من العبد شئ يجرى من ولاء بأنه إلى المولى مثل ذلك ويحصل له في ميراثه شئ وباق العبد و
هو عشره الا شئ فإذا أضيف إليه الشئ صار عشرة تعدل شيئين فالشئ نصف العبد فيعتق ذلك منه ويجر نصف ولاء البنه إلى مولاه فيرث نصف تركته ونصفهما
لمولا ابنه يصير مورثة المولى خمسة من تركته وخمسة من قيمته العبد وذلك مثلا ما عتق منه فان مات العبد وخلف بنتا وعشره ثم مات المولي ف في قول
أهل العراق عتق منه شئ وله من العشرة شئ وللمولى السعاية وهي عشره الأشياء وله نصف الشئ بالميراث فيصير له عشره الا نصف شئ يعدل شيئين فالشئ
أربعة فيعتق من خمساه وسعاية ستة ويرث درهمين فصار له ثمانية وهو مثلا ماع أعتق منه وفي قول الشافعي عتق منه شئ وله من كسبه شئ وللمولى الباقي
بحق الرق ونصف الشئ بالميراث فيرجع إلى مثل الأول وانما يختلفون في تسمية ما يأخذ به المولى فأهل العراق يقولون بالسعادة والشافعي يقول بحق الرق فان
ترك عشرين فعل قول أهل العراق يأخذ المولى السعاية وهي عشره الأشياء يرفع من التركة تبقى عشره وشئ للمولى نصف ذلك يصير معه خمسة عشر الا نصف شئ
يعدل شيئين فالشئ ستة وهو ثلاث أخماسه واما السعاية فأربعة دراهم والميراث منه ثمانية فيصير مع ورثته اثنا عشر وهي مثلا ما عتق منه وفي قول الشافعي للعبد
شئ من رقبته والشيئان من كسبة وباقي الكسب للمولى ويرث نصف الثلثين فيصير معه عشرون الأشياء يعل شيئين فالشئ ستة وثلثان وذلك ثلثاه وله
ثلثا كسبه وللورثة ثلث الكسب بحق الرق وثلث اخر بالميراث فان ترك ثلثين فيحصل من الورثة عشرون الا نصف شئ يعدل شيئين فالشئ ثمانية أو هو أربعة
أخماسه والسعاية درهمان وله بالميراث أربعة عشرون في قول الشافعي يحصل للورثة ثلثون الا شياء ونصف يعدل شيئين فالشئ سبعا ذلك وهو ستة أسباع العبد
وله مثل ذلك من كسبه وللمولى سبع الكسب بحق الرق وذلك أربعة وسبعان وله نصف ألاقي بالإرث وهو اثنا عشر وستة أسباع فيصير لورثة سبعة عشر وسبع
وذلك مثلا ما عتق منه مسألة قد ثبت ان نكاح المريض مشروط بالدخول فإن لم يدخل ومات في مرضه بطل النكاح ولمهر وان دخل صح النكاح والم؟؟
ان خرج المزايد عن مهر المثل من الثلث أو لم يزده فلو أعتق المرض أمته وقيمتها عشره مستوعبة ثم تزوجها /؟ /؟ مهر مثلها خمسة ثم مات ففي قول أبي يوسف ومحمد
يكون له من قيمتها خمسة بالمهر وربع الباقي بالميراث ونسعى في ثلثه أثمان قيمتها ولا نصح لها الوثسية لأنها وارثة أو في قول الشافعي وأبي حنيفة النكاح باطل فإن كان
لم يخل بها عتق ثلثها ورق؟ عند الشافعي وسعت في قيمته ذلك عند أبي حنيفة وان دخل بها دفع من قيمتها مهرها لها ثلث الباقي ونسعى في الباقي هو ثلث
قيمتها للورثة وقد عتق جميعها هذ أقول أبي حنيفة ولى قول الشافعي عتق سبعاها ورق خمسة أسباعها ويقال للورثة لها على الميت سبعا مهرها وهو سبع
قيمتها فان سلموا ذلك إليها ملكوا خمسة اسابعها وان أرادوا بيع سبها فهي أحق بأخذه من الأجنبي فيحصل لها ثلاثة أسباع رقبتها وللورثة أربعة أسباع رقبتها
وللورثة أربعة أسباع وقيتها وهو مثلا ما عتق منها فنقول عتق منها شئ ولها بمهر ها نصف شئ يكون ذلك دينا يخرج من رقبتها فيبقى للورثة عشره الا
شيئا ونصفا يعدل شيئين فالشئ سبعها وعلى الوجه الثاني يكون ما لزمه من المهر أيضا من الثلث فيصير العشرة تعدل أربعة أشياء ونصفا فالشئ تسعا ما
فيعتق ذلك منها ولها تسع بالعقر وللورثة ثلثا فان ترك المريض عشرين صح نكاحها في قول الشافعي فان أبرأته من خمرها ثم عتق جميعها صح نكاحها وان لم تبراء
من مهرها نقصت تركته فمل تخرج من الثلث وإذا رق بعضها بطل نكاحها أو صار كأنه أعتقها ووطئها بغير نكاح فيلزمه عتق ما عتق منها فنقول عتق منها شئ ولها
من عقرها نصف شئ يجب للورثة ثلثون الأشياء ونصفا يعدل شيئين فالشئ يبعاها؟ ولها ستة أابع عقرها أربعة وسبعان وللورثة سبعها وباقي
العشرين وذلك عشرون وهو مثلا ما عتق وعلى الوجه الأخر يعدل الثلاثون أربعة أشياء ونصفا فالشئ ثلثيها ولها ثلثا مهرها وللورثة ثلثها وباقي العشرين
وذلك عشرون وهو مثلا ما جاز بالعتق والمهر وقال أبو حنيفة نكاحها باطل فهلا مهر مثلها ثلث الباقي من قيمتها ومن التكرة وهو خمسة أسادها وتستسعي
في سدس قيمتها وقال أبو يوسف ومحمد لها مهرها وربع الباقي بالميراث وذلك أحد عشر وربع يحسب عليها قيمتها نعطي درهما وربع الباقي فان ترك صح نكاحها في قولهم
جميعا الا ان الشافعي يجعل لها المهر ولا يرثها لان عتقها وصيفي يجتمع لها الأمران عنه وأبو حنيفة يجعل لها المهر والميراث وفي قول صحابيه التركة أربعون
لها مهرها وربع الباقي وذلك ثلاثة عشر وثلاثة أرباع يحسب عليها وتعطي ألاقي مسألة لو أعتقت المريضة عبدا قيمته عشره ثم تزوجها على عشره
في ذمته ثم ماتت؟ فعلى قول أبي حنيفة قيمته والمهر الذي في ذمته والمائة له نصف ذلك ستون ويحب عليه بالمهر ويأخذ خمسين ويحسب عليه بقيمته قول صاحباه بل تحسبه على
بقيمته لئلا يجتمع الميراث والورثة فله ستون ويحب عليه قيمته والمهر ويبقى له أربعون باخذها مسألة لو كانت في مرضه عبدا مستوعبا ولم يؤدى شيئا
من النجوم في حياة السيد فثلثه مكاتب فإذا أدي نجوم كالثلث عتق وهل يزاد في الكتابة لان التركة قد زادت بما أدي سيأتي في الكتابة انشاء الله تعالى فان زيدت
قلنا إن الكابة تصح في شئ من العبد ويودي المكاتب عنه شيئا والفرض فيما إذا كانت النجوم مثل القمية فيجعل للورثة من الرقبة ومال الكتابة مثل عبد وذلك
551

يعدل ضعف ما صحت فيه الكتابة وهو شيئان فالشئ نصف العبد فإذا أدي نجوم النصف عتق نصفه واسترد من الورثة كسب سدسه فيحصل للورثة نصف
الرقبة أو نصف النجوم ذلك ضعف ما صحت الكتابة فيه ولو كاتب عبده في الصحة ثم أعتقه في المرض وأبراه عن النجوم نظر ان عجز نفسه عتق ثلثه ورق ثلثاه
وان استدام الكتابة فإن كانت النجوم مثل القمية فوجهان أظهرهما انه يعتق ثلثه وتبقى الكتابة في ثلثين والثاني انه لا يعتق ثلثه حتى يسلم الثلثان للورثة
إما بالعجز أو بأداء نجوم الثلثين لان ما يتنجز العتق ففيه ينبغي ان يحصل للورثة مثله وإذا كانت الكتابة مستمرة في الثلثين والنجوم في الذمة لم يحصل في
يدهم شئ ومن قال بالأولى قال لو لم نعتقه لكان معه مكاتب أو أنت الحيلولة قايمة بالاعتاق ورد على محل فيه حيلولة فيثبت العتق في الثلث ويبقى الباقي بحاله
وإن كان بين النجوم والقيمة تفاوت فقد سبق ان المعتبر من الثلث أقل الأمرين فإن كانت النجوم أقل بان كانت مائة والقيمة مائتين عتق ثلثه وسقط
ثلث النجوم وهو المحسوب من الثلث يبقى للورثة ثلثا النجوم ان أدي وثلثا الرقبة ان عجز وإن كانت القمية أقل بان كانت مائة النجم مائتين دخله الدور
لأنا نحتاج إلى أن نعتق شياء منه محسوبا من الثلث ونسقط من ثله من النجوم غير محسوب من الثلث فنقول عتق منه شئ وسقط من النجوم شيئان يبقى
للورثة من النجوم مائتا درهم الا شيئين وهو يعدل ضعف ما عتق وهو شيئان فعبد الجبر مائتان يعدلان أربعة أشياء فالشئ ربع المائتين وهو نصف
العبد فعلمنا ان الذي يعتق نصفه العبد وانه سقط نصف النجوم فان عجل ما عليه من النجوم عتق نصفه وان لم يرد شيئا لم يعتق شيئا لم تكلما أدي شيئا حكم
بعتق نصف أدي حتى يؤدي نصف الكتابة ويستوفي وصيته مسألة لو أعتق المريض عبدا لا يملك غيره ثم قتله
نفذ العتق فيه أجمع لأنه لا تركه وقيل
لا يعتق منه شئ لأنه لا يبقى للورثة ضعف المحكوم بعتقه وقياس مذهب الشافعي الثاني وعندي فيه تردد فعلى قوله لو ترك السيد مالا إذا قضيت الدية
منه كان الباقي ضعف قيمته فهو حر وان خلف أقل عتق بعضه ووجب على السيد قسط نصيب ما عتق من الدية ولا يرث السيد من ديته لأنه قاتل بل إن كان
له وارث أقرب فهي له والا فلا قرب عصبات السيد فلو كانت قيمته مائة وقيمته ابل الدية ثلثماية وترك السيد ثلثماية عتق منه شئ وعلى السيد من الدية ثلثه
أمثاله وباقي العبد الذي بطل العتق فيه قد أتلفه بالقتل فلم يترك الا ثلثماية وهي مثل ثلثه أعبد يقضي منها ما وجب من الدية يبقى ثلثه أعبد الا ثلثه
أشياء يعدل ضعف ما عتق وهو شيئان نجبر ونقابل فثلاثة أعبد تعدل خمسة أشياء فنقلب الاسم فالعبد مسة الشئ ثلثه عتق منه ثلثه خمسه وهي
ستون ويجب عليه ثلثه أخماس الدية وهي ماية وثمانون تبقى ماية وعشرون ضعف ما عتق أو نقول نأخذ للعبد بالعتق سهمان ويتبعه من الدية ثلثه أسهم
ولورثة السيد سهمان ضعف سهم العتق فالمبلغ ستة أسهم نسقط منها سهما وهو الذي تلف من العبد يبقى خمسه فهي سهام العبد يعتق منها مثل سهام التركة
أو نقول نضرب قيمة العبد في ثلثه يكون ثلثماية ونرد عليها الدين تبلغ ستمائة ننقص منها قيمة العبد لأنه تلف تبقى خمسمائة ننسب إليها التركة وهي ثلثماية يكون
ثلاثة أخماسه فالذي يعتق من العبد ثلاثة أخماسه ولو قطع يده فنقص من قيمته خمسون دينارا ودية اليد لو كان حرا تساوي مائه دينار أو ترك السيد مائه دينارا هي
ودية اليد لو كان حرا تساوى مائه دينار وترك السيد مائة دينار فيعتق منه شئ ويجب على السيد من الدية شئ وقد ترك السيد مائة دينار وهو مثل
عبد وما بطل فيه العتق من العبد وهو العبد الأشياء وقد نقص منه نصفه وهو نصف عبد النصف شئ فالحاصل عبد ونصف الا نصف شئ نسقطه منه
بالدية شيئا يبقى عبد ونصف عبد الأشياء ونصف شئ وذلك يعدل ضعف ما عتق وهو شيئان فبعد الجبر عبد ونصف يعدل ثلثه أشياء ونصف شئ
فنبسطهما انصافا ونقلب الاسم فالعبد سبعة والشئ ثلثة فتعتق ثلاثة أسباعه وهي اثنان وأربعون وستة أسباع ويبقى للورثة أربعة أسباعه وهي سبعة
وخمسون دينار أو سبع دينار ولكن نقص نصفه فعاد هذا الباقي إلى ثمانية وعشرين دينار أو أربعة أسباع دينار ومع الورثة من التركة مائة يؤدي منها
ما وجب من الدية وهو مثل ما عتق يبقى خمسه وثمانون دينار أو خمسه أسباع وذلك ضعف ما عتق ولو أعتق المريض عبدا قيمته ستون لا يملك غيره فقطع
أجنبي يده ودية اليد لو كان حرا مائه وثمانون ونقص من قيمته عشرة فيعتق منه شئ ويجب على الجاني للعبد ثلاثة أشياء يبقى للسيد من رقبة عبد الأشياء
فيستحق به نصف وهو نصف عبد الا نصف شئ لان جراح العبد من قيمته كجراح الحر من ديته فيجتمع له عبد ونصف عبد الأشياء ونصف شئ
لكنه نقص سدس العبد فينقص مما كان له سدس عبدا لا سدس شئ فيعود ما عند ورثته إلى عبد وثلث عبد سوى شئ وثلث شئ وذلك يعدل
شيئين فبعد الحبر عبد وثلث عبد يعدل ثلثه الشئ وثلث شئ فنبسطهما أثلاثا ونقلب الاسم فالعبد عشره والشئ أربعة فيعتق منه أربعة أعشار يبقى
للسيد ستة أعشاره يستحق به ثلاثة أعشار القيمة لكنه نقص من ستة أعشاره واحد فالمبلغ ثمانية أعشار ضعف ما عتق ولو كانت قيمة الجارية والدية
كما ذكرنا وقتل؟؟ / أجنبي وخلفت الجارية زوجا وسيدها المعتق فيعتق منها شئ ويستحق من الدية ثلاثة أشياء يبقى للسيد جاريه الا شياء فيستحق به مثلثه
للسيد القيمة فيحصل له جارية الأشياء وله نصف ما استحقته الجارية وهو شئ ونصف شئ فيجتمع للورثة جارية ونصف شئ تعدل (* على القاتل لان المستحق *) شيئين نسقط
نصف شئ بنصف شئ تبقى جارية تعدل شياء نصف شئ فالشئ ثلثا جارية فيعتق منها ثلثاها وهو أربعون ويستحق به على الجاني مائة وعشرون و
يبقى للسيد عشرون ويرث من المائة والعشرين ستين فالمبلغ ثمانون ضعف ما عتق مسألة لو أعتق المريض عبدا مستوفيا فجنى العبد على أجنبي
بقطع أو قتل فإن كان ارض الجناية مثل قيمته العبد أو أكثر لم يعتق سنة شئ لان الأرش دين يتعلق الرقبة والدين مقدم على الوصايا وإن كان دونا كما
لو كان العبد يساوي مائة والأرض خمسه وسبعون عتق منه شئ ورق الباقي والأرش يتوزع عليهما فحصته ما عتق العتق بذمه العبد وحصة الرق
تؤدي منه ان أرد السيد التسلم والأرش ثلاثة أرباع القيمة فعلى السيد تسلم ثلثه أرباع ما رق وهو ثلثه أرباع عبد الا ثلثه أرباع شئ يبقى مع ورثته
ربع عبد الا ربع شئ يعدل شيئين فبعد أجبر ربع عبد يعدل شيئين وربع شئ فنبسطهما أرباعا ونقلب الاسم فالعبد تسعة والشئ واحد فيعتق منه
تسعه ويرق الباقي يسلم في الحياة ثلاثة أرباعه وهي ستة اتساع يبقى مع الورثة تسع ان ضعف ما عتق مسألة لو أعتق عبدا قيمته ستون اخر
قيمته أربعون ولا ماله له غيرهما فقتل السدس الا ربع وديته لو كان حرا يساوي ثمانية فيقرع بين العبدين فان خرجت القرعة إلى عتق ثلثه ورق ثلثاه
ومات المقتول رفيقا على أحد القولين وان خرجت للمقتول دار فيعتق منه شئ ويرق الباقي وهو عبد الباقي الأشياء قد تلف ما عتق وما رق بقى مع
السيد عبد قيمته ثلثا عبد يقضي منه يه ما عتق من المقتول وهو شئ وثلث شئ لان الدية؟ العبد وثلثه فنعزل؟ ثلثا عبد الأشياء وثلث شئ يعدل شيئين فيعف؟ ما عتق فنجبر ونقابل ونقول ثلثا عبد يعدل ثلثه أشياء نبسطها
552

أثلاثا ونقلب الاسم فالعبد عشره والشئ اثنان فنعتق منه عشراه وهما اثنا عشر وعلى السيد من الدية عشراها وهما ستة عشر يقضي من الحي يبقى منه أربعة
وعشرون ضعف ما عتق ولو اعتقهما كما ذكرنا وقتل الأدون وقطع يد الا رفع ونقص من قيمته عشره ودية كل وحد منهما لو كانت حرا يساوي ثمانين فيقرع ان
خرجت لغير المقتول عتق ثلثه ورق ثلثاه وان خرجت للمقتول عتق منه شئ ورد الباقي لكنه أتلفه فالذي يبقى لورثة العبد المقطوع وهو بعد ما نقص مثل عبد
وربع عبد يقضي منه ما لزمه من الدية وهو شيئان لان الدية ضعف القمية فيبقى عبد وربع عبد الا شيئين يعدل شيئين فبعد الجبر عبد وربع عبد يعدل أربعة
أشياء نبسطهما أرباعا ونقلب الاسم فالعبد ستة عشر والشئ خمسة فيعتق من العبد خمسة اجزاء من ستة عشر جزءا وقيمتها اثنا عشر ونصف وتركها السيد خمسون
يقضي منها ما لزمه من الدية وهو ضعف ما عتق يبقى منها خمسة وعشرون ضعف ما عتق مسألة لو وهب المريض عبدا استوعبا واقبضه فقتل العبد
الواهب خطا فقد بينا انه يتخير المولى بين الفك والفداء فلو كانت قيمته مثل الفدية صحت الهبة في نصف ويباع ذلك النصف في الجناياة أو يفديه المتهب فيحصل
للورثة قدر نصفه وقد بقي لهم النصف وهما ضعف ما صحت فيه الهبة ويهدر نصف الجناية لان جناياة المملوك على المالك مهدرة وإن كانت القمية أكثر كما لو
ساوى العبد بثلثمائة واليه ماية فتصح الهبة في شئ من العبد فتبطل في الباقي ويرجع بالجناية الورثة السيد ثلث شئ يبقى معهم عبد الا ثلثي شئ يعدل شيئين
فبعد الجبر عبد يعدل شيئين وثلثي شئ فنبسطهما أثلاثا ونقلب الاسم فالعبد ثمانية والشئ ثلاثة فتصح الهبة في ثلاثة أثمان العبد ويرجع إلى ورثة الواهب ثلث
ما صحت الهبة فيه وهو ثمن عبد فيجتمع له ستة أثمان ضعف ما صحت فيه الهبة وإن كانت ألية أقل فكذا ان قلنا تفديه بالأقل من القيمة والديه وان قلنا
بالدية فإن كانت القيمة مثل نصف الدية أو أقل صحت الهبة في جميعه فذا فداه كان عندهم ضعف ما صحت فيه الهبة أو أكثر وإن كانت أكثر من نصف الدية كما إذا كانت
القيمة مائتين والديه ثلاثمائة فتصح الهبة في شئ من العبد ويفديه بمثله ومثل نصفه فيحصل للورثة عبد ونصف شئ يعدل شيئين في سقط نصفه شئ بنص شئ
يبقى عبد يعدل شيئا ننصف شئ فالشئ ثلثا العبد فصحت الهبة في ثلثه يبقى للورثة من الرقبة ثلث من الداء مثل عبد فيجتمع عبد وثلث
ضعف ما صحت الهبة فيه فان عفى الوهب عن الجناية فالهبة سابقة على العفو فيقدم ثم ينظر إن كانت القيمة مثل نصف الدية أكثر بطل
العفو لان الهبة تستغرق الثلث فلا يبقى شئ ينفذ العفو فيه وإن كانت القيمة أقل من نصف ألد يه نظر ان سلم الموهوب لها لعبد أو فداه قلنا يفدى بأقل أمرين
فكذلك وان قلنا يفدي بالقيمة فالفاضل من الثلث عن الهبة يصرف إلى العفو كما لو كانت القمية ماية والدية ثلث ماية فتصح الهبة في جميع العبد صحا لعفو
في شئ منه ويفدي الباقي وهو عبد الأشياء بثلثه أمثاله وهو ثلثه اعبدا الا ثلثه أشياء (وهو يعادل ضعف ما صح فيه الهبة والعفو أعني عبدين وشيئين فنجبر ونقابل فثلثة أعبد يعادل عبدين و؟؟) نسقط عبدين بعبدين يبقى عبد في معدله خمسة أشياء فالشئ
خمس العبد فيصحا لعبد وفي خمسة وهو عشرون وقد صحت الهبة في جميعه وهو مائه فالمبلغ مائه وعشرون ويبطل العفو في أربعة أخماسه وهي ثمانون ويفديهما الموهوب
له بأربعة أخماس الدية وهي مائتان وأربعون ضعف صح فيه الهبة والعفو النوع الثامن في مسائل العين والدين مسألة إذا لم يخلف
الميت سوى المدين فإن كانت على الوارث بقدر انصبائهم برت ذمتهم لان كل واحد قدر نصيبه إليه وإن كان على أحدهم أكثر من نصيبه رد الفاضل إلى من
يستحقه من الوارثة إما الباقون كلهم أو بعضهم ولو كان الدين على بعض الورثة فالذي يبرأ من حصته ولا يتوقف براه على توفي حصته الآخرين لان الملك
بالإرث لا يتأخر والانسان لا يستحق على نفسه شياء ولو خلف انه عينا على بعض الورثة فإن كان الدين مخالفا للعين في الجنس أو من غير نوعه قسمت العين
بين الورثة فتصيب من لا دين له يسلم إليه ونصيب المديون يسلم ان؟ كان مليا مقرا وإن كان جاحدا أو فقير فقد ظفر الأخر بغير جنس حقه وحكمه سبق وبه
قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يدفع إليه ويوقف عند من لا دين عليه على سبيل الرهن حتى يؤدي نصيب من لا دين عليه ومن الدين وان اتفق الدين والعين
في الجنس والنوع بان يخلف؟ عينا مائة دينار على أحد ولديه كانت الماية سالرها لمن لا دين عليه نصفها بالإرث ونصفها قصاصا عما يصيب من الدية وبه قال
بعض الشافعية واستبعده الجويني لان التقاص انما هو في الدنين لا في الدين والعين فان الإرث يثبت شايفا في العين والين وليس لمن لا دين له الاستبدار
بالعين إن كان المدين مقرا مليا فان ترضى انشاءا عتق دار وإن كان جاحد معسرا لله أحدها على قصد على قصد التملك لأنه ظفر بجنس حقه لمن تعذر تحصيله منه
مسألة إذا خلف دينار وعينا واصي بالدين لشخص وهو ثلثه ماله أو أقل ان حصر حقه فيه فيما قبض منه دفع إليه وان اوصى بثلث الدين ضم إلى العين فإن كان
ما نص ثلث الجميع أو أقل دلع إلى الموصي له لان الورثة قد أحرزوا مثليه وهو أحد وجهي الشافعي والا صح عندهم انه كما نص منه شئ دفع دفع ثلثه إلى الموصي له وثلثاه
إلى الورثة لان الوصية شايعه في الدين إذا تقرر هذا تقرر هذا فالدين المستخلف من العين من جنسه ونوعه إما ان يكون على وارث أو أجنبي أو علهما الأول
ان يكون على الوارث فنصيبه من جملة التركة إما ان يكون مثل ما عليه من الدين أو أكثر وأقل فإن كان نصيبه مثل ما عليه صححنا المسألة وطرحنا مما
تصح منه المسألة نصيب المديون ونقسم العين على سهام الباقين ولا يدفع إلى المديون شئ ولا يؤخذ منه شئ كما لو خلفت زوجها وثلثه بنين وتركت خمسة دينا
على أحد البنين وخمسة عشر عينا فالتركة عشرون ونصيب كل ابن خمسة دينار وعلى المديون مثل نصيبه فتصح المسألة من أربعة نطرح منها نصيب ابن تبقى
ثلثه نقسم عليها العين وهي خمسة عشر يخرج من القيمة خمسه لكل من الابنين الذين لا دين عليهما والزوج خمسه وظ) ونصيب المديون يطرح قصاصا بما عليه وإن كان نصيبه أكثر مما عليه قسمنا التركة بينهم فما أصاب
المديون طرح منه ما عند عليه واخذ الباقي من العين كما لو كان الدين في المسألة السابقة ثلثه والعين سبعة عشر نصيب كل ابن من التركة خمسة وما على المديون
ثلثه نبسطها من الخمسة يبقى اثنان نأخذهما من العين وإن كان نصيبه أقل مما عليه فيقام سهام الفريضة ويطرح منه نصيب المديون ويقسم العين على الباقي
فما خرج من القسمة يضرب في نصيب المديون الذي طرح فما بلغ فهو الذي حصل من الدين ثم الباقي من الدين يعد الذي حصل يسقط منه شئ ويبقى شئ
يؤديه المديون إلى ساير الورثة وطريق معرفة الساقط والباقي ان يقسم جميع التركة بين الورثة فما أصاب المديون يطرح مما عليه من الدين فما بقى هو
الذي يؤديه المديون فيقسمه ساير الورثة على ما بقى من السهام بعد اسقاط نصيب المديون فلو فرضنا في الصورة المذكورة الدين ثمانية والعين اثني
عشر يقسم التركة على سهام الفريضة وهي أربعة ويطرح منها نصيب المديون ويقسم العين على الباقي يخرج من القسمة أربعة نضربها في نصيب المديون وهو
واحد يكون أربعة وهو الحاصل من الدين يبقى أربعة منه نأخذ نصيب المديون من التركة وهو خمسه فنطرحها مما عليه تبقى ثلثه من الدين ويسقط واحد و
تلك الثلاثة مقسومه بينهم على سهامهم فما صح منه المسألة وهو ثلثه مسألة لو ترك ثلثه بنين وعشرين دينارا عينا وعشره دنانير على أحد
553

بنيه واوصى برجل بثلث ماله فعل يوجه الجميع بن العين والدين يكون ثلثين ويخرج منها الثلث في الوصية عشره
ويبقى عشرون بين الثلاثة البنين لكل ابن
ستة وثلثان فيأخذ الموصي له ثلثا وصيه من العين والثلث الأخر من الدين ويسقط عن الغريم ثلثا دينه بميراثه يبقى عليه ثلثه للموصي له ويكون العشرين
بين الموصي له والابنين والآخرين أثلاثا فيحصل لكل واحد من الابنين ستة وثلثان مثل ما سقط عن الغريم من الدين وعلى الوجه الأخر نجعل ما خرج من
الدين شيئا ونزيده على العشرين العين فيصير عشرين دينار أو شيئا ونسقط ثلثها بالوصية وهو ستة وثلثان وثلث شئ يبقى ثلثه عشر ثلث دينار
وثلثا شئ فيكون يبن البنين الثلاثة لكل واحد أربعة دنانير وأربعة اتساع دينار وتسعا شئ فهو يعدل الشئ المستخرج من الدين نلقي تسعى شئ بمثلهما يبقى
سبعة أتساع شئ تعدل أربعة دنانير وأربعة اتساع دينار نبسط جميع ما معنا اتساعا فيصير سبعة أشياء يعدل أربعين دينارا فإذا قسمت ذلك على عدد
الأشياء خرج من القسمة خمسة دنانير وخمسة أسباع دينارا وهو الشئ المستخرج من الدين فرده على العين تبلغ خمسة وعشرين وخمسة أسباع فاخرج من ذلك
ثلثه للورثة وهو ثمانية دنانير وأربعة أسباع دينار وبين سبعة عشر وسبع فيكون بين البنين الثلاثة لذلك واحد خمسة دنانير وخسمه أسباع دينار وهو الذي
يسقط عن الغريم من الدين الذي عليه ويأخذ الموصي له من العين ثمانية دنانير وأربعة أسباع دينار ويبقى منها أحد عشر وثلاثة أسباع للابنين الآخرين
لكل واحد خمسة دنانير وخمسة أسباع دنانير مثل ما سقط عن الغريم ويبقى على الغريم أربعة دنانير وسبعا دينار فإذا حصلت اعطى الموصى له تمام
الثلث وذلك دينار وثلاثة أسباع دينار ويسقط عن الغريم تمام الستة دنانير وثلثي دينار وذلك ستة أسباع دينار وثلثا سبع دينار ويد؟
إلى الابنين الآخرين مثلا ذلك لتمام ميراثهما مسألة لو خلف ابنين وترك عشرة دينا على أحدهما وعشرة عينا واوصى بثلث ماله لأجنبي فالشافعية وجهان أحدهما
انا ننظر إلى الفريضة الجامعة للوصية والميراث وهي ثلثه للموصي له سهم ولكل ابن سهم فيأخذ المديون سهمه مما عليه ويقتسم الابن الأخر والموصي له العين نصفين و
قد حصل من الدين خمسة تبقى خمسة للمديون ثلثها تبقى ثلثه وثلث إذا أرادها قسمها الابن الأخر والموصي له نصفين لان الإرث والوصية ثابتا على الشيوع فلكل
من الابنين والموصي له الدين وثلث العين فيبرء المديون عن ثلث الدين ويجعل نصيبه من العين قصاصا بثلث مما يستحقانه عليه على جهة المقاصة السابقة
يبقى ثلث الدين لهما عليه بالسوية الثاني وبه قال أبو ثور ان الموصي له بأخذ ثلث العين والابن الذي لا دين عليه يأخذ ثلثها إرثا والثلث قصاصا فيبرء المديون
عن ثلثي الدين بالإرث والمقاصة يبقى عليه ثلث الدين يأخذه الموصي له لأنه لو كان الدين على أجنبي لم يكن للموصي له من العين الا الثلث كذا إذا كان على أحد الابنين
ولو كان الصورة بحالها الا انه أوصي بربع ماله فعل الأول الفرية الجامعة من ثمانية للموصي له سهمان ولكل ابن ثلثه نسقط سهام المديون يبقى خمسة نقسم عليه
العين وهي عشره يخرج لكل واحد سهمان فيكون للموصي له أربعة وللابن ستة وقد حصل من الدين أربعة يسقط منه حصته المديون وهي درهم ونصف لان لكل ابن
ثلثه من ثمانية يبقى درهمان نصف إذا أداها اقتسمها الابن الأخر وللموصي له على خمسة لها ثلثه ولهذا سهمان فيكمل للموصي له ربع المال وعلى الثاني يأخذ الموصي له
ربع العين وثلثه أرباعها؟ بن الذي لا دين عليه بالإرث والمقاصة وتبرأ ذمة المديون عن ثلثه أرباع الدين يبقى عليه ربعه للموصي له ولو كانت بحالها لكن الوصية بالنصف
فإن لم يخز الابنان ما زاد على الثلث؟ لو أوصي بالثلث ولو أجاز فعلى الوجه الأول الفريضة الجامعة من أربعة للموصي له سهمان ولكل ابن سهم يأخذ الغريم سهمه مما عليه
ويقسم الابن الأخر والموصي له العين على ثلثه للموصي له ثلثيها وللابن ثلثها وقد حصل من الدين ثلثه وثلث تبقى ستة وثلثان للمديون ربعها تبقى خمسة كلما أدي منها
شيئا اقتسمه الابن الأخر والموصي له ثلثا وثلثين وعلى الثاني يأخذ الموصي له نصف العين ونصفها للابن الذي لا دين عليه بالإرث والمقاصة ويبرء المديون
عن نصف الدين يبقى عليه نصفه للموصي له وان أجاز الابن المدين دون الأخر فنصف العين للموصي له ونصفها للابن الأخر تقريعا على الوجه الأول كما لو كانت الوصية
بالثلث وللموصي له على المديون ثلثه وثلث وللآخر عليه درهم وثلثان فيحصل للموصي له ثمانية وثلث وللآخر ستة وثلثان ويسقط من الدين خمسة وهو ربع التركة
الذي استحقه حيث أجازوا على الوجه الثاني للموصي له ثلث العين والباقي يأخذه الذي لا دين عليه وللموصي له خمسة على المديون وان أجاز الابن الذي لا دين عليه
دون المديون فعلى الأول يأخذ الموصي له من العين خمسة وخمسة أسداس لأنهما لو أجازا الاخذ الثلثين ولو كانت الوصية بالثلث لاخذ النصف وإذا جاز أحدهما
دون الأخر نصف ما بين النصف والثلث وهو درهم وثلثان فنصفه خمسة أسداس والباقي وهو أربعة وسدس يأخذه الابن الأخر بالإرث والمقاصة يبقى للموصي
له على الابن المديون درهمان ونصف ولابن الأخر عليه خمسه أسداس ويسقط عنه ستة وثلث فان وعلى الوجه؟ الثاني يأخذ له من العين خمسة لان الذي أجاز يلزمن ان
يؤدي إليه نصف ما عنه وله على المديون ثلثه وثلث وللابن المجيز نصف العين إرثا وقصاصا وهو قدر حقه ولو كانت ببالها الا انه أوصي بخمسه دراهم
من ماله فعلى الأول يدفع إلى الموصي له من العين خمسة ويأخذ الذي لا دين عليه الخمسة الباقية نصفها بالإرث ونصفها قصاصا عماله على المديون ويبرء
المديون من نصف الدين بالميراث ومن ربعه بالقصاص يبقى عليه ربع الدين للاخر وتوقف الجويني فيه لأن الاعتبار في الوصايا بمالها كان المال بحاله حتى مات
والتركة عشرون والخمسة ربع العشرين فليكن الحكم كما لو أوصي بربع ماله لو أوصي كذلك لم يكن للموصي له نصف العين بل خمسها؟ وعلى الثاني للموصي له بربع
العين ويكون الباقي من الدين ولو خلفت زوجا وثلاث بنين وخمسة دينا على أحد البنين وخمسة عشر عينا وهو المال المذكور أولا وأوصت بثلث مالها عفى
الأول الفريضة الجامعة من ستة للموصي له سهمان ولكل واحد من الزوج والبنين سهم نسقط نصيب المديون يبقى خمسة نقسم عليه الأعين تخرج من القسمة ثلاثة
فللموصي له ستة ولكل واحد منهم سوى المديون ثلثه وقد حصل من الدين ثلاثة يبقى من الدين اثنان نسقط منها حصة المديون وهو دره لان لكل ابن
سهما من ستة يبقى درهم وثلثان أرادها اقتسموها على خمسة للموصي له ثلثان ولكل واحد من البنين والزوج ثلث وعلى الثاني الموصي له ثلث العين وهو خمسة
وللزوج والابن الذين لا دين عليهما الباقي بالسوية لكل واحد درهمان ونصف الإرب وخمسة أسداس بالمقاصة ويبر المديون عن سدس الدين بالإرث
وعن درهمين ونصف بالمقاصة يبقى عليه درهم وثلثان للموصي له القسم اللاني إذا كان الذين على أجنبي فنظر ان لم يكن وصيته فالورثة يشتركون
في العين والدين ولا اشكال وإن كانت فهي إما لغير المديون أو للمديون أو لهم أفإن كانت لاغير المديون كما ذا اخلف ابنين وترك عشرة عينا وعشره دينا على
رجل واوصى لرجل بثلث ماله فالإبنان والموصي له يقسمون العين أثلاثا وكل مكا حصل شئ من الدين اقتسموه كذلك ولو قيد الوصية بثلث الدين
اقتسم الابنان العين وفي الدين وجهان أحدهما ان الحاصل من العين يضم إلى العين ويدفع ثلث الدين مما حصل إلى الموصي له ويعرف هذا بوجه الحصر
554

لأنه حصر حق الموصي له فيما ينجز من الدين والثاني انما يحصل من الدين يدفع إليه ثلثه ويسمى وجه الشيوع لو اوصى والصورة ما تقدمت لزيد بثلث العين
ولعمرو بثلث الدين فلزيد ثلث العين واما عمر وفإذا حصل من الدين خمسة فعلى وجه الشيوع يدفع إليه ثلثهما وهو درهم وثلثان وعلى وجه الحصر ان أجاز
الورثة دفع إليه من الخمسة ثلث الدين وهو ثلاثة وثلث وان لم يجبر والم يدفع إليه ثلث الدين تاما لان الموصي له بالعين قد ا خذ ثلث العين فلو اخذ عمر وثلث
الدين لا تصرف إلى الوصية ستة وثلثان ولم يحصل في يد الورثة بعد الاثمانية وثلث وذلك دون الضعف وإذا تعذر ذلك فكم يدفع إلى عمر وفعلى تخريج ابن ثور
يدفع إليه ثلث الخمسة الحاصلة فيكون المصروف إلى الوصيتين خمسة وفي يد الورثة عشره وعلى القول الآخر يضم الخمسة إلى العشرة التي هي عين ويؤخذ ثلث المبلغ
وهو خمسة فيضارب فيها زيد وعمر وبجزأين متساويين فتكون حصة عمر ودرهمين ونصف درهم واحتج الأول بانا إذا دفعنا إلى عمر ودرهمين ونصفا وقد
اخذ زيد ثلثيه وثلثا كان المبلغ خمسة دراهم وخمسة أسداس ولبس في يد الورثة ضعف ذلك قال الجويني وجه الحصر في أصله ضعيف فليحتج بما يلزم منه محذور على
فساده لا على فساد القول الآخر على أن قياس التفريع عليه على القول الآخر رد نصيب زيد إلى درهمين ونصف أيضا فلا يلزم المحذور المذكور وإن كانت الوصية للمديون
فينظر فيما يستحقه بالوصية أهو مثل الدين أو أقل أو أكثر ويقاس بما ذكرناه إذا كان الدين على وارث وإن كانت الوصية ملا كما إذا أوصي والصولة ما سبق بثلث العين
لزيد وللغريم بما عليه ورد الابنان؟ الوصية على الثلث فيكون الثلث بينهما على أربعة لزيد سهم وللغريم ثلث فعلى وجه الجمع الفريضة ممن اثني عشر للوصيتين أربعة
وللابنين ثمانية فيقسم زيد والابنان العين على قدر سهامهم وهي ستة لصاحب العين درهم وتسعه ولكل واحد منهما أربعة اتساع ويبرء الغريم عن ثلثه
أرباع الثلث وهو خمسه دراهم يبقى عليه خمسة كما أدي شيئا جعل بين زيد والابنين على تسعه فيحصل لزيد خمسة اتساع درهم فيتم له ربع الثلث وهو درهم وثلثان
وللابنين أربعة وأربعة اتساع فيبلغ مالهما ثلاثة عشر درهما وثلث دره وذلك ثلثا المال ثم ليكن المصروف إلى زيد عند خروج الدين من العين إن كانت باقية وعلى؟
أبي ثور لزيد ربع الثلث وهو درهم وثلثان يأخذه من العين والباقي من العين للابنين ويبرئ الغريم من خمسه يبقى عليه خمسه إذا أداها يقتسمها الابنان ولو
خلف ابنين وخلف عشرين درهمان علين أو عشره دنيا على رجل واوصى للغريم بما عليه ولزيد بعشرة من العين ولم يجز الابن ما زاد على الثلث بينهما نصفين ثم
فيه للشافعية وجهان عندهم ان الفريضة الجامعة من ستة للوصيتين اثنان وللابنين أربعة فيقسم زيد والابنان العشرين على قدر سهامهم وهي خمسة فيحصل آل؟
أربعة ولكل ابن ثمانية ويبرء الغريم عن نصف الثلث وهو خمسه يبقى عليه خمسه إذا حصل منها شئ جعل بنهم أخماسا؟ ظ لو على خمسة يحصل؟؟؟؟؟ ظ فيتم لزيد خمسه لهما عشرون
الثاني انه يدفع إلى زيد من العين نصف وصيته وهو خمسة يبرء الغريم من نصف ما عليه وهو خمسه وللابنين باقي العين وهو خمسه عشر ويقضيان باقي الدين و
هو خمسة لان يكون في أيديهما من ضعف ما اخذ منهما والدين لم يؤخذ منهما وانما برء الغريم مما عليه القسم الثالث إذا كان الدين على وارث وأجنبي كما
لو خلف ابنين وترك عشره عينا وعشره عرنا على أحدهما وعشره على أجنبي واوصى بثلث ماله فعل أحد الوجهين الفريضة الجامعة من ثلثه يجعل سهم المديون ما
عليه ويقتسم اخر والموصي له العين نصفين إذا حصل ما على الأجنبي اقتسما كذلك على الثاني يأخذ الموصي له ثلث العين والباقي للابن الذي لا دين عليه ويبرء
الابن المديون عما عليه وإذا حصل ما على الأجنبي اخذا الموصي له ثلثيه والابن الذمي لا دين عليه ثلثه تذنيب لو ترك عشره دينا على أحد ابنيه الحاضرين عرضنا
يساوى عشره واوصى بثلثه فكذلك واحد من الابنين والموصي له ثلث الدين وثلث العرض فيبرأ المديون علن ثلث الدين ويؤخذ منه ثلثا الدين لهما فإن لم يملك الا
ثلث العرض أعطاهما ذلك عن حقهما فإن لم يعفر باعه الحاكم ودرع الثمن إليهما ولو تكر عشره على أحدهما وعبدا يساوي عشره وثوابا يساوي عشره فهل بمنع المديون
من التصرف ففي حقه من العين حتى يؤدي نصيب أخيه من الدين أم لا فيه وجهان وينبني على الوجهين نفوذ اعتاقه في نصف العقد لكن إذا قلت إنه منوع من التصرف
بيع نصيبه من الثوب ودفع بثمنه إلى أخيه عن جهة الدين ويرق نصف العبد له وان اطلقنا يده فان ان موسرا قومنا عليه الباقي وان لم يملك الا نصيبهم الثوب
بعناه وقضينا ينصف فمنه ونصف ما عليه لأخيه واعتقنا بنصفه ربع العبد ويرق ربعه انا إذا انفذنا تصرفه جعلنا اعتاقه من تلمزما عزم التي قويم فنضم ذلك
إلى ما عليه من الدين فوزع ما يملكه عليه وان لم ينفذ تصرفه لم نعتبره في عزم التقويم وكان يجوز ان يلحق اعتاقه باعتاق الراهن إذا منعناه من التصرف حيت
يجي في عتق نصفه الخلاف مسألة لو تركا بنين وبنتا وعشره دنانير عينا وعشره دنانير دينا على أبينه واوصى لرجل بربع ماله فعلى وجه الجمع يعطي
الموصي له ربع العشرة دنانير دينار ان ونصف ويبقى له ربع العشرة دينار التي على الغريم فإذا حصل له شئ أداه إليه وتقسم سبعة دنانير ونصف الباقي من
العين بين الابن الأخر والبنت للذكر ضعف الأنثى يحصل للابن خمسة دنانير وللنبت دينار ان ونصف تسقط عن الغريم من الدين الذي عليه خمسه دنانير مثل
ما حصل للابن الأخر ويبقى على الغريم مسه دنانير إذا حصلت اعط منها الموصي له الدينارين ونصف أو اعطى للابن دينار أو البنت نصف دينار ويسقط
عنه دينار مثل ما عطى الابن الأخر وعلى الوجه الأخر نجعل المستخرج من الدين شيئا نزيده على العشرة والعين فيصير عشرة دنانير وشيئا يعطي الموصي له ربعة
وهو ديناران ونصف وربع شئ بقى سبعة ونصف وثلثه أرباع شئ نقسمها بين الابنين والبنت يحصل لكل ابن ثلثه وثلثه أعشار شئ وللبنت دينار
نصف وعر شئ ونصف عشر شئ لقابل بالثلاثة دنانير وثلث اعشرا شئ الشئ المستخرج من الدين فاسقط ثلثه
أعشار شئ بمثلها يبق سبعة شعرا شئ
تعدل ثلاثة دنانير فالبسط جميع ما معك من الدنانير أعشارا فيصير سبعة أشياء تعدل ثلثين دينار فالشئ الواحد يعدل أربعة دنانير وسبعي دينار فهو
الشئ المستخرج من الدين وهو ما يسقط عن الغريم من الدين الذي عليه ويكون للموصى له من العشرة دنانير ثلثه دنانير وأربعة أسباع دينار فهو ربع المستخرج
والعشرة دنانير ويبقى من العشرة دنانير ستة دنانير وثلثه أسباع دينا ربين الابن الآخر والبنت على ثلثه فيحصل للذكر أربعة دنانير وسبعا دينا مثل من
حصل للغريم وللبنت ديناران وسبع دينا مثل نصف دلك مسألة لو خلف زوجة وثلاثة بنين وبنتا وترك خمسة عشرين دينار عينا خمسة
دنانير دينا على البنت واوصى لرجل بخمس ماله فعل وجه الجمع يقسم الدين إلى عين فيكون ثلثي له خمسا يأخذ من العين خمسها خمسة دنانير للموصى وخمس
وهو دينار يكون له في الدين فإذا حصل اخذه ويبقى من العين والدين أربعة وعشرون للزوج منه الثلث دنانير ولكل ابن ستة دنانير وللبنت ثلثه دنانير
والباقي على البنت من الدين بعد الوصية أربعة دنانير وهو أكثر مما يحصل ها منها فاقسم العرين التي هي الباقية من العين بعد ما أخذه الموصي له بالوصية
بين الزوجة والبنين الثلاثة فيحصل للزوجة منها ديناران ونصف ولكل واحد من البنين الثلاثة خمسة دنانير وخمسه عشر قيراطا وحبتان ويسقط
555

عن البنت من الدية التي عليها بإرثها مثل نصف ذلك وهو ديناران وسبعة عشر قيراطا ونص و؟؟؟ يبقى عليها من الدين ديناران وقيراط ونصف
وحبتان من ذلك للموصي له دينار ويسقط عنها من الباقي بإرثها منه قيراط وحبتان فيكون الباقي للزوجة وللثلاثة البنين وعلى الوجه الأخر تجعل
المستخرج من الدين شيئا ونزيده على العين وهو خمسة وعشرون فيصير خمسة وعشرين د ينار أو شيئا فاعط الموصي له خمس ذلك خمسة دنانير وخمس شئ
وأقسم الباقي بين الزوجة والبنين الثلاثة والبنت فيحصل للزوجة من ذلك ديناران ونصف دينار وعشر شئ ولكل ابن خمسة دنانير وخمس شئ وللبنت
ديناران ونصف دينار وعشر شئ وهو يعدل الشئ المستخرج فالق عشر الشئ بثلثه يبقى تسعه أعشار شئ تعدل دينارين ونصفا فابسط جمع ما معك العاشر
فيصير تسعه أشياء تعدل خمسه عشرين دينارا فالشئ الواحد يعدل دينارين وسبعة اتساع دينارا هو الشئ المستخرج من الدين وهو بقدر مكان يسقط
عنها من الدين وسيحل للموصي له خمسه دنانير خمسة اتساع دينار وحل للزوج ديناران وسبعه اتساع دينار ولكل واحد من البنين المثل مسه
دنانير وخمسة اتساع دينار مسألة لو ترك مائة دينار ومائة عينا واوصى لرجل ثلث الغير وللغريم بماليه فان وصيه الغريم بما عليه لما كنت
في يده جعلت بمنزلة الخارج فيؤخذ ثلث المأتين فيضرب فيه كل ح منهما بوصية فيقسمان ذلك على أربعة يصيب الغريم ثلثه أرباعه وهو خمسون
فيسقط ذلك منه ويبقى على خمسون ويضم الأخر سهمه إلى الثلثين فيصير تسعه فيقاسم الورثة عليها العين وما يخرج من الدين بعد ذلك هذا قول الأكثر ولا
فايدة هي بقاء شئ من وصيه الغريم عليه إذ لا يكون للانسان على نفسه دين فلذلك أبرأتاه من جميع وصيته وان لم يحصل للورثة مثلا الوصايا وفي قول
أبي حنيفة لا يضرب الغرم بأكثر من الثلث وذلك ثلثاه فيقتسمانه على ثلثه يسقط سهم الغريم ويضم سهم الخر إلى سهام الورثة يكون سبه يقتسمان عليه العين
ويبقى على الغريم خمسه وخمسون وخمسة اتساع فكل ما أدي شيئا اقتسمه الورثة وصاحب لغين على سبعة والموصي له يأخد مثل نصيبه من العين الشئ فهو
للورثة فإن كانت سبه ثلث ويبرء الغريم من خميس في قول الأكثر كل ما أدي شيئا اخذ الورثة ثلثيه وصاحب ثلث العين ثلثه حتى يستوفي وصيته وهي ستة عشر وثلثان
في أحد قولي الشافعي وعلى الأخر وهو قول محمد وأبي يوسف يكون أحق بما خرج حتى يستوفي وصيته وفي قول أبي حنيفة يبرء الغريم من ثلثه وخمسين وثلث
وكلما أدي شيئا اخذه الأخر حتى يستوفي ثلثه عشر وثلثا وذلك لان ثلثي الدين خاص للغريم ويتنازعان الثلث فهو وبهما نصفين فيضرب صاحب الدين
بسدس الدين والاخر بثلث المال فالثلث بينهما على خمس فإن كانت الوصية بثلث المال كانت العين بين الورثة وصاحب الثلث على سبعة عشر لان
صاحب الثلث يضرب بثلث العين وسدس الدين ويضرب الأخر بثلث المال كله فالق سهام الغريم يبقى للاخر ثلثه خمسها إلى الثلثين ويبرء الغريم من
أربعة أسباع المال هذا قول أبي حنيفة وقال صاحباه وهو قول الشافعي الثلث على خمسة لان صاحب الثلث يضرب بثلث المال يضم سهمه إلى الثلثين
يكون اثني عشر ويختص من خمسة فيقتسمون العين عليها ويبرء الغريم من الأربعين وطعن الحضار في هذا على محمد وقال الوصايا دين تام فكل يجب ان يضرب
الموصي له بوصيته إذا كانت دينا على غيره واما فيما عليه فلا باس بذلك قال ولا يصح ذلك الا بحساب الجذور فان أوصي بثلث العين وللآخر بثلث الدين وللغريم
بما عليه في قول أبي حنيفة يضرب الغريم بثلث المال وهو ثلثا الدين وصاحب ثلث العين بثلثها فيكون الثلث على ثلثه ويقاسم صاحب العين والورثة
العين على سبعة وفي قول صاحبه يضرب بماية فيكون الثلث على أربعة ويضم سهمه فيقاسم الورثة على تسعة ولا اعتبار بوصيته الأخر حتى يخرج نوم ا لدين
شئ ولو كان الدين مائتين على رجلين واوصى لكل منهما بما عليه وللآخر ب ثلث ماله قسمتا المالئة العين بين الورثة وصاحب الثلث على سبعة لان الثلث
بين الموصي لهم على ثلاثة وقد برء كل غريم بمن ثلث دينه فان أحضر أحدهما ما عليه ضمنت سهمه أيضا إلى هذه السهام فصار ثمانية واقتسموا المائتين عليها
فيأخذ خمسه وعشرين مما أدي وهذا قول الأكثر وقال أبو حنيفة الثلث على أربعة عشر لان كل غريم يضرب بخمسة أسداس مائة من قبل ان يختص بثلثي المائة
ويتداعى هو صاحب ثلث المال ثلثها فيقتسمانه نصفين ويضرب هذا بسدس كل مائة وبثلث العين ثم يضم سهام إلى سهام الورثة يصير اثنين وثلثين و
نختصرها من ثمانية فيقتسمون العين على ذلك مسألة لو ترك عشر عينا وعشر دينار على ابنه وهو معسر وقد أوصي بثلث ماله فللموصي له ثلث العين
وثلث الدين فيأخذ من العين مثل ذلك بثلث العين يبقى للابن ثلث العين وقال داود اخذ ثلث أعين حسب وثلثاها للابن ويكون له عليه ثلث الدين
في ذمته فان وصي له بثلثي العين اخذ ذلك لايما على الابن في معنى الحاضر فان ترك ابنين والعشرة الدين على أحدهما اخذ الأخر العين
نصفها بالميراث ونصفها قصاصا بماله على أخيه على ما تقدم وقال داود يقتسمان العين ويبقى له عليه نصف الدين فان أوصي من ذلك بثلث ماله فالعمل
في ذلك بطريق الخطائين ان تجعل الخارج من الدين درهما فتصير التركة أحد عشر فاخرج ثلثها وأقسم الباقي بين الابنين يصيبه ثلثه وثلثان فالخطأ بدرهمين
وثلثين ثم افرضه درهمين واعتبر يخرج الخطاء بدرهمين ففاضل العدد ين واحد يضرب في الخطا الأول ويقسم على تفاضل الخطائين وهو ثلثان يخرج من القسمة
أربعة فهو ما تزيده على ما فرضته أولا فيكون خمسة كما قلنا الفصل الثامن في اللواحق مسألة لو خلف ثلثه بنين وبنتا واوصى لزيد
بمثل نصيب البنت وثلث ما أوصي لعمر ولعمر وبمثل نصيب ابن وربع ما أوصي لزيد جعلنا وصيته زيد عددا له ربع وهو أربعة دنانير وصية عمر وعددا
له ثلثه وثلثه دراهم فإذا نقصنا من وصية زيد ثلث وصية عمرو وهو درهم بقى رابعة دنانير الا درهما وهو نصيب البنت لان جملة وصيته زيد مثل نصيب
البنت وثلث وصيته عمر وإذا نقصنا من وصيه زيد وهو دينار يبقى ثلثه دراهم الا دينار أو نصيب الابن إذا ظهر ان نصيب ابنت أربعة
دنانير الا درهما ونصيب الابن ثلثه دراهم الا دينار فنقابل بين الجملتين فنصف نصيب البنت لعادل نصيب الابن وضعفه ثمانية دنانير الا درهمين يعدل
ثلثه دراه مالا دينارا فنجبر كل واحد من الاستثنائين ونقابل فتسعة دنانير تقابل خمسة دارهم فالدينار مسألة أسهم والدرهم تسعة أسهم وكانت وصية زيد
أربعة دنانير فهي إذا عشرون ووصية عرم وثلثه دارهم في إذا سبعة وعشرون ونصيب كل ابن اثنان وعشرون لأنه ثلثه داره وهي سبعة وعشرون
الا دينار أو خمسة ونصيب البنت أحد عشر لأنه أربعة دنانير وهو عشرون الا درهما وهو تسعة فوصية ذيد مثل نصيب النبت وهو أحد عشر ومثل
ثلث وصية عمرو وهو تسعة وصية عمر ومثل نصيب ابن وهو اثنان وعشرون ثلث ربع وصية زيد وهو خمسة مسألة لو خلف أربعة بنين
وبنتا واوصى لزيد بمثل نصيب ابن الا ثلث ما يحب قي من ربع بعد النصيب ولعمرو بثلث ما بقى من ثلثه بعد الوصية الأولى نأخذ ربع مال ونلقي منه نصيبين
556

لأنا نسمي كل سهم من سهام المسألة نصيبا ولكل ابن سهمان فيبقى ربع مال النصيبين تزيد عليه ثلثه للاستثناء فيبلغ ثلث مال الا نصيبين وثلثي نصيب
هذا هو الباقي من الربع الوصية الأولى ونحن نحتاج إلى معرفة الباقي من الثلث بعد الوصية الأولى لندفع إلى عمر وثلثه فنزيد عليه ما بين الثلث
والربع وهو نصف سدس فيبلغ ثلث مال وصنف سدس مال الا نصيبين وثلثي نصيب فندفع ثلثه إلى عمر ويبقى عشر اجزاء من ستة وثلثين جزءا
من المال الا نصيبا وسبعة استاع نصيب نزيدها على ثلثي المال تبلغ أربعة وثلثين جزءا من ستة وثلثين جزءا من مال النصيب وسبعة اتساع
نصيب يعدل انصباء الورثة وهي تسعه فنجبر ونقابل فأربعة وثلثين جزءا من ستة أو ثلثين جزءا من مال يعدل عشره انصباء وسبعة استاع نصيب فنضربهما
في ستة وثلثين ونقلب الاسم فيهما فالنصيب أربعة وثلثون والمال ثلاثمائة وثمانين وثمانون لكل ليس له؟ صحيح فنضربه في ثلثه يبلغ ألفا ومائة وأربعة
وستين ويكون النصيب ماية واثنين نأخذ ربع المال وهو مائتان واحد وتسعون فنلقي منه نصيبين وهو خايات وهو أربعة ويبقى سبعة وثمانون
نأخذ ثلثها وهو تسعة وعشرون فنلقيه من النصيبين يبقى مائة وخمسة وسبعون فهي الوصية الأولى نسقطها من ثلث المال وهي ثلاثمأة وثماني و
ثمانون يبقى مائتان وثلثه عشر ندفع ثلثها إلى عمرو هو أحد وسبعون يبقى ماية واثنان وأربعون نزيدها على ثلثي مال تبلغ تساع ماية وثمانية عشر
لكل ابن مائتان وأربعة وللبنت ماية أو اثنان مسألة لخ خلف ابنين وثلث بنات واوصى لعمه بمثل نصيب ابن الا ثلث وصية خاله واوصى لخاله ثمل
نصيب بين الأربع وصية عمره ضربنا ثلثه في أربعة ونقصنا منها واحد الذي مضروب ثلث الثلاثة في ربع الأربعة فيبقى أحد عشر فهي النصيبين ضربها
في سبعة يكون سبعة وسبعين فهي الميراث ثم نأخذ الوصية لاعم أربعة وعشرين ولوصية الخال اثني عشر لأنك تجعل كل نصيب عددا له ثلث وربع أو نقص
ربع الأربعة والعشرين من اثني عشر تبقى ستة فهي وصيها الخال وانقص لثلث الاثني عشر ومن الأربعة والعشرين يبقى عشرون فهي وصية العم فالوصية ستة
وعشرون زدها على الميراث يكون مائة وثلاثة فهي المال وامتحانها ان تزيد ثلث وصية الخال على وصية العم يكون اثنين وعشرون فهي مثل نصيب ابن وزد
ربع العشرين على الستة يكون أحد عشر فهي نصيب البنت وبطريق الجبر تجعل مع العم أربعة دنانير ومع الخال ثلثه دراهم ثم تزيد ثلث وصية الخال على وصية
العم يكون أربعة دنانير ودرهما وهذا نصيب ابن فاحفظه وزد ربع وصية العم على وصية الخال يكن ثلثه دراهم ودينار فهذا نصيب بنت فاضعفه وقابل به
ما حفظت وألق المشترك يخرج قيمته الدينار خمسة وقيمة الدرهم اثنان فقد عاد إلى الأول فإذا أردت معرفة النصيب زدت ربع وصية العم على وصيه الخال
يكون أحد عشر فهي النصيب وان شئت جعلت وصية الخال شيئا فيكون وصية العم نصيبين الا ثلث شئ فخذ ربعها وزده على وصيه الخال وقابل به
نصيبا وألق المشترك يبقى نصف نصيب يعدل ثلثي شئ وربع شئ فأسقطه من اثني عشر وحوله يكون الشئ ستة والنصيب أحد عشر وان شئت جبرت
النصيب فيصير يعدل شياء ونصف وثلثا فابسطه أسداسا وان شئت جعلت وصية العم شيئا فيكون وصية الخال نصيبا الا ربع شئ فإذا أخذت ثلثها و
زدته على وصية العم كان ثلث شئ وربع شئ وثلث نصيب يعدل نصيبين فالق المشترك واضرب ما يبقى في اثني عشر فيكون نصيب وثلث نصيب عشرين
فهي وصية العم واجزاء الشئ أحد عشر فهي النصيب فان أوصي لعمه بمثل نصيب ابن ومثل خمس وصية خاله واوصى لخاله بمثل نصيب بنت ومثل ربع وصية
عمه مخرجهما عشرون ونلقي منه واحدا يبقى تسعه عشر في النصيب ثم أضعف العشرين لأجل نصيبي لأجل نصيبي الابن وزد ربعها على العشرين يكون ثلثين فهي وصية
الخال وزد خمسة العشرين على الأربعين يكون أربعة وأربعين فهي وصية العم والميراث مائة وثلاثة وثلثون ونالجبر نجعل وصية العم شيئا يكون وصية الخال
نصيبا وربع شئ فخذ خمسة ذلك فان قصه من وصية العم تبقى تسعة عشر من عشرين منشئ الا خمس نصيب يعدل ذلك نصيبين فاجبر وابسط وحول يصير النصيب
تسعة عشر والشئ أربعة وأربعين ووصيه الخال ثلثين لأنها كانت نصيبا وربع شئ وإن كانت وصية العم الا ثلث
وصية الخال فوصية الخال مثل نصيب
البنت وربع وصيه العم فزد على الاثنين عشر واحدا يكون ثلثه عشر فهي النصيب لأنك كنت في الناقص والزايد تنقص وإذا اختلفا زدت فاضعف الاثني عشر من أجل نصيب
الابن يكون أربعة وعشرين الق منها ثلث الاثني عشر يبقى عشرون فهي للعم ثم تزد ربع الأربعة والعشرين على الاثني عشر يكون ثمانية عشر وهي وصية الخال فقد
صار وصية الخال مثل نصيب البنت وهي ثلاثة عشر ومثل ربع وصية العم وعي خمسته وصارت وصية العم مثل نصيب ابن الا ثلث وصية الخال وبطريق الجبر وصية
العم شئ ء فوصية الخال نصيب وربع شئ فخذ ثلثها وضمه إلى وصية العم وقابل به نصيبين فيبقى شئ ونصف سدس يعدل نصيبا وثلثي نصيب فابسط يكون الأشياء
ثلثه عشر والانصباء عشرين فاقلب ذلك وكانت وصية الخال نصيبا وربع شئ فهي ثمانية عشر وجميع المال مائة وتسعه وعشرون مسألة لو خلف ثلثه
بنين واوصى بمثل نصيب أحدهم الا ما انتقص من أحدهم بالوصية فنقول لو لم تكن وصيه لكان كل ابن ثلث المال وقد انتقص منه بالوصية شئ فثلث
المال نصيب وشئ والمال كله ثلثه انصباء وثلثه أشياء ندفع إلى الموصي له نصيبا الأشياء يبقى معنا نصيبان وأربعة أشياء يعدل ثلثه انصباء نسقط
نصيبين يبقى نصيب يعدل أربعة أشياء النصيب أربعة أسهم والشئ سهم وكانت التركة ثلثه انصباء ثلثه أشياء فهي إذا خمسه عشر سهما والوصية
نصيب الا شئ فهو ثلثه أسهم يبقى اثنا عشر للبنين وقد اخذ الموصي له مثل نصيب أحدهم الا بما انتقص بالوصية وهو سهم من خمسة عشر لأنه لولا الوصية
لكان لكل واحدة منهم خمسة من خمسة عشر ولو كان له ثلثه بنين واوصى بربع ماله الا؟ ما انتقص من أحدهم بالوصية فالثلث على ما ذكرناه نصيب وشئ
وجملة المال ثلثه انصباء وثلثه أشياء نأخذ ربعها وهو ثلثه أرباع نصيب وثلثه أرباع شئ فنسقط منه قدر النقصان وهو شئ يبقى ثلثه أرباع نصيب الا
ربع شئ نسقط ذلك للموصي له من جملة المال وهو ثلثه انصباء وثلثه أشياء يبقى نصيبان وربع نصيب وثلثه أشياء وربع شئ يعدل ثلثه انصباء فنسقط المثل بالمثل
يبقى ثلثه أرباع نصيب يعدل ثلثه أشياء وربع شئ فالنصيب الكمل يعدل أربعة أشياء وأربعة اجزاء من اثني عشر جزءا من شئ فنبسطهما باجزاء اثني عشر و
نقلب الاسم فالشئ اثني عشر والنصيب اثنان وخمسون وجمله المال ماية واثنان وتسعون نأخذ ربع المال وهو ثمانية وأربعون وننقص منه ما انتقص
من نصيب أحدهم وهو اثني عشر لأنه لولا الوصية لاخذ كل واحد منهم أربعة وستين ويبقى ستة وثلثون هي الوصية نسقطها من المال يبقى ماية وستة
وخمسون لذلك واحد اثنان وخمسون مسألة لو خلف ثلثه بنين واوصى لمزيد بمثل نصيب أحدهم الا ربع ما يبقى من ماله بعد جميع الوصايا
ولعمر وبمثل نصيب أحدهم الا خمس ما يبقى من ماله بعد الوصيا والثالث بمثل نصيب أدهم الا سدس ما يبقى من ماله بعد الوصايا فالباقي من المال
557

بعد الوصايا يأكلها ثلثه انصباء فوصية زيد نصيب الأربع ثلثه انصباء وهو ثلثه أرباع نصيب تبقى وصية بربع نصيب ووصيه عمر ونصيب الا خمس ثلثه انصباء فوصية بنصف نصيب
وهي ثلثه أخماس نصيب تبقى وصية بخمس نصيب ووصية الثالث نصيب الا سدس ثلثه انصباء وهي نصف نصيب فوصيته بنصف نصيب فجمله الوصايا ربع نصيب خمسا نصيب
ونصف نصيب وهي نصيب وثلثه اجزاء من عشرين جزاء من نصيب فيبقى مال الا نصيبا وثلثه اجزاء من عشرين جزءا من نصيب وذلك يعدل انصباء فنجبر
ونقابل فمال يعدل أربعة انصباء وثلثه اجزاء من عشرين جزءا من نصيب فنبسطهما باجزاء عشر ين ونقلب الاسم فالمال ثلثه وثمانون والنصيب عشرون
نلقي الوصايا كلها وهي ثلثه وعشرون تبقى ستون للبنين لزيد مثل نصيب الأربع ما يبق من المال بعد الوصايا كلها
وهو خمسة عشر فله خمسة ولعمر ونصيب الا خمس ما يبقى يعد الوصايا وهو اثني عشر فله ثمانية
وللثالث نصيب الا سدس ما يبقى بعد الوصايا هو عشرة فله عشرة مسألة لو خلف ثلثه بين واوصى بمثل نصيب أحدهم الا سدس
ما يبقى مما له بعد الوصية والا ثلث ما يبقى من ثلثه بعد الوصية فنجعل الوصية شئ والباقي انصباء الورثة فسدسه نصف نصيب فاحفظه
فنسقط الوصية منه وهو شئ يبقى ثلثه انصباء الا شياء والثلث نصيب الا ثلث شئ نأخذ ثلثه وهو ثلثه نصيب الا تسعه شئ فنضمنه إلى نصف النصيب
المحفوظ يصير خمسة أسداس نصيب الا تسع شئ وهو المستثنى من النصيب فنصفه ضمه إلى الوصية وهو شئ التكمل النصيب فيبلغ خمسة أسداس ثمانية اتساع
شئ وذلك يعدل نصيبا فنسقط خمسة أسداس نصيب بمثلها يبقى سدس نصيب في معادله ثمانية استاع شئ فالنصيب الكامل يعدل خمسة أشياء
وثلث شئ نبسطها أثلاثا ونقلب الاسم فالنصيب عشرة والشئ ثلثه والمال كله أحد وخمسون لأنه ثلثه انصباء وشئ نلقي الوصية بقي ثمانية وأربعون
ونأخذ سدسهما ثمانية ونحفظها ثم نلقي الوصية من المال أيضا وهو ثمانية وأربعون يبقى خمسة وأربعون ثلثه ثلثها خمسة نضمها إلى نصف النصيب المحفوظ وهو
ثمانية تبلغ ثلثه عشر نسقطها من النصيب تبقى ثلثه هي الموصي به مسألة لو خلف خمسة بنين واوصى بمثل نصيب أحدهم الا ثلث ما يبقى فمن بعد
الوصية فالمال شئ هو الوصية وخمسة انصباء نأخذ ربع الباقي بعد الشئ وهو نصيب وربع نصيب ونسقط منه الشئ يبقى ربع نصيب الأشياء نأخذ
ثلثه وهو ربع نصيب وسدس نصيب الا ثلث شئ وهو المستثنى من النصيب فنضمه إلى الشئ لتكمله النصيب وإذا ضممناه إليه بلغ ربع نصيب وسدس نصيب
وثلثي شئ وذلك يعدل نصيبا نسقط الربع والسدس بمثلها يبقى ثلثا شئ في معادلة ثلث نصيب وأربعين فعرفنا ان النصيب مثل الشئ وسبعه
فالنصيب ثمانية والشئ سبعة والمال كله سبعة وأربعون لأنه خمسة انصباء وشئ نأخذ ربع المال بعد الوصية وهو عشره نسقط منه الوصية يبقى ثلثه نأخذ
ثلثها ونسقط من النصيب تبقى سبعة فهى الوصية وإذا أسقطناها من المال تبقى أربعون لكل واحد من البنين ثمانية مسألة لو خلف أربعة بنين و
أوصي لعمه بمثل نصيب ابن الاسبعي وصية خاله ولخاله بمثل نصيب ابن الا خمس وصية عمه فاضرب خمسة في سبعته وانقص منها مضروب اثنين في اثنين
الفاضل أحد وثلثون وهو النصيب والميراث مائة وأربعة وعشرون وألق من الخمسة والثلثين سبعها تبقى خمسه وعشرون فهي وصيه العم وألق من الخمسة
والثلثين خمسيها يبقى أحد وعشرين فهي وصية الخال والمال كله مائة وسبعون وبالجبر نجعل الخال وصية الخال
شيئا فيكون وصيه العم نصيبا الاسبعي
شئ فخذ خمسي ذلك وزدهما على الشئ وخمس سبع شئ خمسي نصيب يعدل ذلك نصيبا فالق المشترك وابسط وأقل يرجع إلى مثل
الأول مسألة لو خلف إما وابنا وبنتا واوصى لامه بمثل نصيب البنت الا أربعة اتساع وصح خاله واوصى لخالة بمثل نصيب الام الا ثلثه أسباع
وصية العم فاضرب سبعة في تسعه وألق منها ثلثه في أربعة يبقى أحد وخمسون فهي النصيب ثم اضرب ثلثه وستين في نصيب الألم ثلثه يكون ماية وتسعه
وثمانين وفي نصيب البنت يكون ثلاثمائة وخمس عشر الق منها أربعة اتساع ماية وتسعه وثمانين الفاضل مائتان واحد وثلثون فهذه وصية العم وألق
من ماية وتسعه وثمانين ثلثه أسباع ثلثمائة وخمس عشر وذلك مائة وخمس وثلثون الفاضل أربعة وخمسين فهي وصيه الخال والوصيتان والنصيب
تنفق بالمثل فردها إلى ثلثها تكون وصية العم سبع وسبعون ووصية الخال ثمانية عشر والنصيب سبعة والمال أربعمائة واحد وبالجبر جعل وصية الخال
شيئا فيكون وصية العم خمسة انصباء الا أربعة اتساع شئ فخذ ثلثه أسباع ذلك وهي نصيبان وسبع نصيب الا سبع وثلث سبع شئ نلقيها من الثلاثة
الانصباء تبقى ستة أسباع نصيب وسبع شئ وثلث سبع شئ يعدل شيئا وألق المشترك يبقى ستة أسباع نصيب يعدل شئ خمسه أسباع شئ وثلثي سبع شئ
فابسطه ثلاثة أسباع يكون النصيب سبعة عشر ووصية الخال ثمانية عشر فهي الشئ ووصية العم سبعة وسبعين كما قلنا مسألة لوا وصى لزيد
بثلث ماله الا ثلث ما أوصي به لعمر واوصى لعمر وبربع ماله الا ربع ما أوصي به لزيد فاضرب ثلثه في أربعة يكون اثني عشر فالق من ثلثها ثلث الرع ومن ربعها
ربع الثلث يكون وصية زيد ثلثه ووصية عمر واثنين وألق من الاثني عشر واحدا يبقى أحد عشر فهو المال فلزيد ثلثه الا ثلث وصية عمر ولعمر وربعها الا
ربع وصية زيد فان أوصي لزيد ثلث ماله الا ربع وصية عمرو ولعمر وبخمس ماله الا سدس وصية زيد فخرج هذه الكسور ثلثمائة وستون نلقي من ثلثها ربع
خمسا يبقى ماية واثنان وهي وصية زيد الق من خمسه سدس ثلثها يبقى اثنان وخمسون فقهي وصية عمر وثلث المال ماية وخمسة عشر لأنك إذا زدت على وصية
زيد ربع وصي عمر وكان ذلك وان زدت على وصية عمر وسدس وصية زيد كان تسعة وستين فهي الخمس وبالجبر نجعل ألما لشيئا ونجعل ما لعمر ووصية نجه وله
فلزيد ثلث شئ الا ربع وصية فخذ سدس ذلك نصف تسع شئ الا ثلث ثمن وصية وضمه إلى ما بيد عمر ويكون نصف وثلث وثمن وصية ونصف تسع شئ
يعدل ذلك خمسه شئ فالق المشترك يبقى تسع شئ وثلث عشرة يعدل نصف ثلث وثمن وصية فاضرب في مخارج الكسور وهو ثلثماية وستون وحول يكون الوصية
اثنين وخمسون وهي ما لعمر وجميع المال ثلاثمائة وخمسة وأربعين ووصية زيد ثلث هذا الا ربع وصية عمرو وذلك ماية واثنان كما قلنا مسألة
لو خلف أربعة بنين وبنتا واوصى لعمه بتكمله المثل على نصيب ابن الأربع وصية الخال وللخال بتكملة السدس على نصيب البنت الا خمس وصي عمه فاجعل
المال شيئا واجعل للخال وصية فيكون للعمر ثلث شئ الا نصيبين والأربع وصية فخذ خمسة طل كخمس ثلث الشئ الا خمس نصيب والا نصف عشر وصية
وضمه إلى وصية الخال وضم ذلك إلى نصيب البنت يكون الجملة نصف وربع وخمس وصية وثلثه أخماس نصيب وثلث خمس شئ يعدل سدس شئ فالق المشرك
يبقى عشر الشئ يعدل نصف وربع وخمس وصية وثلثه أخماس نصيب فاكمل الش ء يعدل تسع وصايا ونصف وصية وستة انصباء فهذه جميع تركه
558

الميت فالق منه للخال وصيه وألق ثلثه الا نصيبين والا ربع وصية للعم وذلك وصيتان وثلثان وربع الفاضل خمس وصايا وثلث وربع وصية وستة انصباء
يعدل تسعة انصباء فالق المشترك وابسط ما يبقى انصاف أسداس وحول يكون النصيب سبعة وستين والوصية ستة وثلاثين فهي للخال ووصية العلم مائة
وخمسة والميراث ستمائة وثلاثة وجميع المال سبعمائة وأربعة وأربعين مسألة لمز خلف ثلاث بنين وبنتا واوصى لزيد بمثل نصيب البنت الا ثلث
ما اوصى لعمرو بمثل نصيب أحد البنين والا ربع ما أوصي لزيد جعلنا وصية زيد عددا له ربع وليكن أربعة دنانير ووصية عمر وعددا له
ثلث ليكن ثلثه دراهم ونعم انا إذا أخذنا ثلث وصيته وعمر وضمناه إلى وصية ميد بلغ أربعة دنانير ودرهمان وذلك مثل نصيب البنت فنصيب كل ابن
ضعفه وهو ثمانية دنانير ودرهمان وإذا أسقطنا من ذلك ربع وصية زيد وهو دينار بقس سبعة دنانير ودرهمان وهي وصية عمرو يقابل بها الدراهم
التي جعلنا ها وصية أولا فنسقط درهمين بمثلا تبقى سبعة دنانير في مقابلة درهم واحد والدينار واحد والدرهم سبع كانت وصية زيد أربعة دنانير
فهي اذن أربعة وكانت وصية عمر وثلثه دراهم فهي اذن أحد وعشرون ونصيب البنت أربعة دنانير ودرهم فهي اذن أحد عشر ونصيب كل ابن اثنان و
عشرون فما اخذه زيد مثل نصيب البنت الا ثلث وصية عمر وما اخذه عمر ومثل نصيب ابن الأربع وصية زيد مسألة لو خلف زوجة وأبوين
وابنا واوصى لزيد بتكملة ثلث ماله بنصيب أحد لأبوين ولعمر وبتكملة ربع ما يبقى ممن ماله بنصيب الأخر جعلنا الوصيتين شيئا واحد فيكون المال
شيئا وسهام الورثة وهي أربعة وعشرون نأخذ ثلثها وهو ثلثه شئ وثمانية أسهم فنسقط منه نصيب أحد الأبوين وهوا ربعة يبقى أربعة وثلث الشئ فهو وصيه زيد
نسقطها من المال يبقى عشرون وثلثان نأخذ ربعه وهو خمسة وسدس شئ نسقط منه نصيب أحد الأبوين يبقى سهمه وسدس شئ فهو وصية عمر ونجمع بين الوصيتين
يبلغ خمسة ونصف شئ وذلك يعدل الشئ الذي سجلناه أولا مجموع الوصيتين يسقط نصف شئ يبقى خمسة في معادلة نصف شئ فالشئ عشرة تزيدها
على سهام الورثة تبلغ أربعة وثلثين وكان لزيد أربعة وثلث شئ فهي سبعة وثلث فهي مع نصيب أحد الأبوين ثلث جميع المال وكان لعمر وسهم وسدس
شئ فهي سهمان وثلثان وذلك مع نصيب أحد الأبوين ربع الباقي من المال بعد وصية زيد تبقى بعد العشرة أربعة وعشرون للورثة ولو كانت المسألة بحالها
واوصى لثالث بتكملة نصف ما يبقى بعد الوصيتين الأوليتين بنصيب الزوجة جعلنا مجموع الوصايا شيئا ونسقط من المال وصيتين زيد وعمر وكما بينا يبقى
تسعه عشر ونصف شئ نأخذ نصفها وهو تسع هو نصف سهم وربع شئ نسقط نمه نصيب الزوجة وهو ثلثه يبقى ستة ونف هم وربع شئ فهي وصيه الثلثا
تضمها إلى الوصيتين الأولتين تبلغ اخر عر سهما ونصف سهم وثلثه أرباع شئ وهو يعدل الشئ الذي جعلنا هو جموع الوصايا نسقط ثلثه أرباع شئ ثلثه أرباع
شئ يبقى ربع شئ في معدلة أحد عشر سهما نصف سهم فالشئ الكامل يعدل ستة وأربعين نزيدها على سهام الورثة تبلغ سبعين كان لزيد أربعة وثلث شئ
فله تسعة وعشر وثلث وهي مع نصيب أحد الابنين ثلث جميع ألما وكان لعمر وسهم وسدس شئ فله ثمانية وثلثين وهي مع نصي بأحد الأبوين وربع الباقي
بعد وصية زيد كان للثالث ستة ونصف سهم وربع شئ فله ثماني عر وهي مع نصيب الزوجة نصف الباقي بعد الوصيتين وجملة الوصايا ستة و
أربعون يبقى أربعة وعشرون للورثة مسألة لو خلف سبعة بنين واوصى بتكملة ربع ماله بنصيب أحدهم التكمله سدس ما يبقى من ماله بعد الوصية
بنصيب أحدهم فنجعل الوصية شئ ونضفه من المال يبقى مال الا شيئا نأخذ سدسه وهو سدس ماله الا سدس شئ وهذا السدس الناقص بسدس شئ مثل
ربع المال الا شيئا لان الربع الناقص بشئ ما هو الا نصيب وكمله وسدس الباقي المستثنى وسدس الباقي نصيب وتلك التكمله فإذا سدس مال الا سدس شئ يعدل
ربع المال الا شيا فنجبر الربع بشئ ونزيد الشئ على عديله فإذ ربع مال يعدل سدس مال وخمسة أسداس شئ نسقط المثل بالمثل يبقى نصف سدس مال في معادلة
خمسة أسداس شئ فالمال يعدل عشره أشياء الشئ عشر مال يبقى تسعه عشار مال بين البنين وتسعة لا تنقسم على سبعة ولا وقف فاضرب عدد البنين في عشره
يكون سبعين والنصيب تسعه يأخذ ربع المال وهو سبعة عشر ونصف فنلقي منه نصيبا وهو تسعه يبقى ثمانية ونصف فهي تكمله ربع المال بالنصيب ثم يسقط
الوصية وهي سبعة منه المال يبقي ثلثه وست ونأخذ سدسها وهو عشرة نصف فنسقط منها النصيب يبقى سهم ونصف هي تكملة سدس ألاقي من
المال بعد الوصية نسقطها من تكمله ربع الباقي من المال وهي ثمانية ونصف تبقى سبعة هي الوصية فإذا أسقطناها من المال يبقى ثلثه وست ولكل ابن تسعه
مسألة لو خلف ابنا وبنتا واوصى بوصية إذا زدت عليها أربعة دراهم كانت مظل نصيب البنت وإذا أزدت عليه تسعه دارهم كانت مثل نصيب
الابن فنجعل للبنت شيئا وأربعة درام ونصيب الابن شيئا وتسعه دراهم ثم ضعف نصيب البنت يكون شيئين وثمانية دارهم وذلك يعدل نصيب
الابن فنسقط شيئا بشئ وثمانية دراهم بثمانية دراهم يبقى شيئا يعدل درهما وهو الوصية فإذا زدت درهما على أربعة بلغت خمسة وهي نصيب البنت فإذا
زدت درهما على تسعة بلغت عشرة وهي نصيب الابن وجمله التكره ستة عشر فلو أوصي بوصى هذا زدتها على نصيب البنت بلغ العمة وإذا زادتها على نصيب
الابن بلغ سبعة فنجعل الوصية شيئا ونلقبه من الرعة يبقى أربعة الا شيا فهي نصيب البنت ونلقيه من سبة يبقى سبعة الأشياء فهي نصيب الابن ثم
نضعف نصيب البنت ثمانية الا شيئين وذلك يعدل نصيب الابن فنجبر الثمانية بشيئين ونزيدهما على العديل ثمانية تعدل سبعة وشيئا نسقط سبعة
بسبعة يبقى واحد يعدل شيئا فالشئ واحد والوصية ونصيب البنت ثلثه ونصيب الابن ستة وجملة التركة سبعة عشر مسألة لو خلف ابنين
وبنتا واوصى لكل من زيد وعمر وبوصية إذا زدت على وصية زيد أربعة دراهم كانت مثل نصيب البنت وإذا زدت على وصية عمر وتسعه دارهم كانت
مثل نصيب ابن والوصيتان جميعا عشرون كم الانصبا وكل وصية فنجعل نصيب البنت شيئا فيكون نصيب الابن شيئين ويكون وصية
زيد شيئا الا أربعة دارهم ووصية عمر وشيئين الا تسعه فالوصيتان ثلثه شيئا الا ثلثه عشر درهما وذلك يعدل عشرين درهما وذلك يعدل عشرين درهما فنجبر ونقابل فثلثه
أشياء تعدل ثلثه وثلثين فيكون الشئ أحد عشر فهو نصيب النبت ونصيب كل ابن اثنان وعشرون فإذا نقصت من أحد عشر أربعة يبقى سبعة فهي
وصيته زيد وإذا نقصت من اثنين وعشرين تسعه بقى ثلثه عشر فهى وصية عمر وفالوصيتان معا عشرون والتركة خمسة وسبعون ولو قيل كانت وصية
زيد إذا نقصت من خمسة عشر بقى مثل نصيب النبت ووصية عمر وإذا نقصت من أربعين بقى مثل نصيب ابن الوصيان عشرون وكل التركة وكم الانصباء
وكل واحد من الوصيتين فنجعل نصيب البنت شيئا ونصيب الابن شيئين وننقص نصيب البنت من خمسة عشر يبقى خمسة يبقى خمسة عشر الأشياء فهو وصيه يد
559

وننقص نصيب الابن من أربعين يبقى أربعون الا شيئين فهو وصيه عمر وفالوصيتان خمسه وخمسون وثلثه أشياء وهي تعدل عشرين فنجبر ونقابل
فخمسه وخمسون الا ثلثه أشياء وهي تعدل عشرين فنجبر ونقابل نسقط عشرين بعشرين يبقى خمسة وثلثون في معادلة ثلثه أشياء فالشئ يعدل أحد عشر وثلثين
وهو نصيب البنت إذا نقضه من خمسة عشر يبقى ثلثه وثلثين فهي وصية زيد ونصيب الابن ثلثه وعشرون وثلث إذا نقصت من الربعين يبقى ستة عشر
وثلثان فهي وصيه عمر فالوصيتان عشرون والتركة ثمانية وسبعون وثلث مسألة لو خلفت ثلثه بنين واوصى لثلاثة اشخاص بوصايا
هي مثل نصيب أحد البنين ووصية زيد وعمر ومعا أكثر من وصية بكر بثلثه دارهم وصيته عمر وبكر معا أكثر من وثلاثة زيد بسبعه دارهم ووصية
زيد وبكر معا أكثر من وصية زيد بسبعه ودراهم ووصية زيد وبكر مع أكثر من وصية عمر وباثني عشر درهما كم التركة وكم كل وصيه فنقول بجعل نصيب
كل ابن شيئا فيكون الوصيا كلها أشياء نسقط منه فضل وصية زيد وعمر وعلى وصيه زيد وعمر وعلى وصية بكر وهي ثلثه يبقى شئ الا ثلثه دراهم
نأخذ نصفه وهو نصف شئ الا درهما ونصفا فهو وصية بكر ثم نسقط منه فضل وصيه عمرو وكبر على وصية زيد وهي سبعة يبقى شئ الا سبعة دارهم
نأخذ نصفه وهو نصف شئ الا ثلثه دراهم ونصف د رهم فهو وصيه زيد ثم نسقط منه فضل وصيه بكر وزيد على وصيه عمر وهو اثني عشر يبقى شئ لا اثنى
عشر يؤخذ نصفه وهو نصف شئ الا سبته وهو وصية عمرو جميعها عند الضم شئ ونصف شئ الا أحد عشر ودهما وذلك يعدل شيا فنجبر ونقابل فالشئ
ونصف شئ يعدل شيئا واحد عشر نسقط الشئ بالشئ فالنصف يعدل أحد عر والشئ الكامل يعدل اثنين وعشرين فعرفنا ان نصيب كل اثنان وعشرون
وكذلك جميع الوصايا فان أرنا ان نعرف كل وصيها سقطنا من مبلغ الجميع فضل وصيتي زيد وعمر وعلى وصيه بكر وهو ثلثه يبقى تسعة عشر نأخذ نصفها
وهو تسعة ونصف فهي وصية بكر ثم أسقطنا منها فضل وصيتي عمرو وبكر على وصية زيد وهو سبعة يبقى
خمسة عشر نأخذ نصفها وهو سبعة ونصف درهم
فهي وصية زيد ثم أسقطنا منه فضل وصيتي زيد وبكر على وصيتي عمرو وهو اثني عشر تبقى عشرة نأخذ نصفها خمسة فهي وصية عمرو وجعلتها اثنان وعشرون
والتفاوت كما وقع السؤال عنه ولما كانت الوصايا في هذه الصورة ثلثا وكان كل اثنين منها يفضل الثالثة بعدد كانت كل مفضوله نصف الباقي من جملة
الوصايا بعد اسقاط الفضل ولو كانت الوصايا أربعا وكل ثلث نفضل الرابعة بعدد فيكون المفضولة ثلث الباقي من جملة الوصايا بعد السقاط الفضل
ولو كانت الوصايا خمسا وكل أربع منها يفضل الخامس بعدد فتكون المفضولة وبع الباقي من جملة الوصايا بعد اسقاط الفضل وعلى هذا القياس مسألة
لو خلف ابنين واوصى لزيد بمثل نصيب أحدهما ولعمرو بثلث ما يبقى من النصف وبدرهم وترك ثلثين درهما نجعل الوصيتين شيئا ونلقيه من التركة
يبقى ثلثون درهما الا شيئا لذلك ابن خمسه عشر الا نصف فهو النصيب ثم نأخذ نصف المال وهو خمسه عشر فنسق منها نصيبا وهو خمسه عشر الا نصف شئ
يبقى نصف شئ نأخذ لعمر وثلثه وهو سدس شئ ونضف إليه درهما فالوصيتان معا ستة عشر الا ثلث شئ وذلك يعدل شيئا فنجبر ونقابل فستة عشر درهما
تعدل شيئا وثلث شئ فالشئ يعدل اثني عشر درهما وهي جمله الوصيتين يبقى ثمانية عشر للابنين نأخذ نصف المال وهو خمسة عشر درهما فنسقط نصيبا
وهو تسعة ندفعه إلى زيد ويبقى ستة نأخذ ثلثها ودرهما لعمر وتبقى ثلثه نزيدها على النصف الآخر تبلغ ثمانية عشر لكل ا بن تسعه مسألة لو خلف ستة
بنين واوصى لزيد بمثل نصيب أحدهم ولعلم وبثلث ما يبقى من الثلث والتركة ثلثه عشر وشيئا نأخذ ثلثها هو أربعة دارهم وثلث درهم وثلث شئ نسقط
منه بالنصيب شيئا يبقى أربعة دارهم ولثلث درهم الا ثلثي شئ فنسقط من ذلك ثلث وهو درهم وأربعة اتساع درهم الا تسعى شئ تبقى درهمان وثمانية اتساع
درهم الا درهما تساع شئ نزيده على ثلثي المال وهو ثمانية دارهم وثلثا درهم وثلثا شئ تبلغ أحد عشر درهما وخمسه اتساع درهم وتسعا شئ في معدله
خمسة أشياء وسبعة استاع شئ فنبسطها اتساعا فيكون الا شيئا اثنين وخمسين والدراهم مائة وأربعة فالشئ الواحد يعدل درهمين فعرفنا ان قيمة
الثوب درهمين نأخذ ثلث المال وهو خمسة دارهم يدفع الثوب منه إلى زيد بدرهمين تبقى ثلثه ندفع ثلثها إلى عمر يبقى اثنان ونزيدهما على ثلثي المال يبلغ اثنى عشر لكل واحد
درهمان ولو كانت البنون ثلثه فالعمل على ما ذكرنا إلى أن تعادل أحد عشر دهما وخمسة اتساع درهم وتسع شئ يعدل ثلاثة أشياء نسقط تسعين بتسعين فأحد عشر درهما
وخمسة استاع درم يعدل شيئين وسبعة استاع نبسطها اتساعا فالأشياء خمسة وعشرون والدراهم مائة وأربعة فالشئ يعدل أربعة دراهم وأربعة اجزاء من خمسه
وعشرين جزءا من درهم وهو قيمة الثوب وجمله التركة سبعة عشر درهما وأربعة اجزاء من خمسه وعشرين جزءا من درهم نأخذ ثلثه وهو خمسة دراهم وثمانية عشر جزءا
من خمسه وعشرين جزءا من درهم فنسقط منه لزيد أربعة دارهم وأربعة اجزءا من خمسة عشرين جزا من درهم يبقى درهم وأربعة عشر جزءا من خمسة وعشرين جزءا
من درهم نأخذ ثلثه وهو ثلثه عشر جزءا من خمسة وعشرين جزء من درهم يبقى درهم وجزء من خمسة وعشرين جزءا من درهم نزيده على ثلث المال وهو أحد عشر درهما
واحد عشر جزءا من خمسة وعشرين جزاء من درهم يبلغ اثني عشر دهما واثنى شعر جزءا من خمسة وعشرين جزءا من درهم لكل واحد أربعة دراهم وأربعة اجزءا من
خمسة وعشرين جزا من درهم مسألة الوصي لزيد بخمسة أسهم الا ربع وصية عمرو ولعمر وبخمسة أسهم الا سبع وصية زيدا ضرب أربعة في سبعة يكون ثمانية وعشرين
الق منها واحدا يبقى سبعة وعشرون فهى ا لجزء المقسوم عليه ثم الق من الخمسة ربعها واضرب الباقي في ثمانية وعشرين يكون مائة وخمسة اقسمها على سبعة وعشرين
يخرج من القسمة ثلثه وثمانية استاع فهي وصيه زيد وألق من الخمسة سبعها واضرب الباقي في الثمانية والعشرين واقسمها على السبعة والعشرين يخرج أربعة
وأربعة اتساع فهي وصيه عمر والجبر جعل وصيه عمر وشيا فوصية زيد خمسه دراهم الا ربع شئ فخذ سبعها فزده على الشئ يكون ستع أسباع وصنف
وربع سبع شئ وخمسة أسباع درهم تقابل به خمسة دراهم وألق المشرك يبقى أربعة دراهم وسبعان يعدل ستة أسابع ونصف سبع وربع فاجبر الشئ بان نزيد
عليه مثل تسعه فتصير يعدل أربعة وأربعة أسباع فهو وقيمه الشئ وهو وصية عمر ووصيه زيد خمسة دارهم الا ربع هذا فذلك ثلثه وثمانية استاع كما قلنا
مسألة لو خلف ابنين واوصى بوصية إذا نقصتها من نصيب أحدهما بقى مثل الوصية ورع جميع المال لم الوصية وكم النصيب نجعل ربع المال شيئا و
تعلم أنه إذا انصف من إليه وصيه كانت مثل نصيب أحد الابنين الوصية فنصيب كل ابن شئ ووصيتان ثم نأخذ المال كله وهو أربعة الأشياء الا إنا جعلنا الرابع
شيئا فنسقط منه الوصية تبقى أربعة أشياء الا وصية وهو يعدل نصيبي الا بن وهما شيئان وأربع وصى الان كل نصيب شئ ووصيتان فنجبر ونقابل فأربعة
أشياء يعدل شيئين وخمس وصايا نسقط شيئين بشيئين يبقى شيئان في معادله مسه وصايا فنقلب الاسم ونقول الشئ خمسه والوصية اثنان وكان المال
560

أربعة أشياء فهو إذا عشرون ونصيب كل ابن شئ ووصيتان فهو إذا تسعه فإذا نقصنا الوصية وهي اثنان من النصيب تبقى سبعة وهي مثل الوصية وربع جميع
المال مسألة لو أوصي لعمه بثلث ماله الا ثلث وصية الخال واوصى لخاله بربع المال الا ربع وصية الأجنبي وللأجنبي بخمس المال الا سدس وصيته
العم فاجعل وصيه العم ثلث مال الا شياء ووصية الخال ثلثه ووصية الأجنبي مالا الا اثني عشر شيئا فإذا زادت ثلث وصية الخال على وصيه العم كانت ثلث
المال وإذا زدت ربع وصيه الأجنبي على وصيه الخال على وصية العم كانت ربع المال فخذ سدس وصية العم وذلك نصف تسع مال الا سدس شئ فزد ذلك على وصية
الأجنبي يكون مالا ونصف تسع مال الا اثني عشر شيئا وسدس شئ هذا يعدل خمس المال فاجبر وألق المشترك يبقى أربعة أخماس مال ونصف تسع مال يعدل
اثني عشر شيئا وسدس شئ فالبسط ما معك من اجزاء المال وحل يكون الشئ سبعة وسبعين والمال ألفا وخمسة وتسعين ووصية العم مائتين وثمانية
وثمانين وصية الخال مأتين واحد أو ثلثين ووصية الأجنبي مائة وواحد وتسعين فإذا زدت على وصية العم ثلث وصيه الخال كان ثلاثمائة وخمس ستين
وهو ثلث المال فإذا زدت على وصية الخال ربع وصية الأجنبي كانت مائتين وثلاثة وسبعين ونصفا وربعا وربع المال وإذا أزدت على وصية الأجنبي
سدس وصية العم ثمانية وأربعين كان ذلك مائة وسبعة وعشرين وهو خمسة المال مسألة ولو خلف ابنا وبنتا واوصى بثلث وصيايا لثلاثة اسخاص؟
وكان إذا جمعت وصية زيد وعمر وكان المبلغ مثل نصيب الابن وإذا جمعت وصيه بكر وعمر وكان المبلغ ثم نصيب البنت وإذا أجمعت وصيتان زيد وبكر كان مثل
ثلث التركة فيجعل وصية عمر وشيئا ونسقط من نصيب الابين يبقى نصيب ان الأشياء فهو وصية زيد ونسقط الشئ من نصيب النبت يبقى نصيب الأشياء فهو
وصية بكر ثم يجمع وصيتي بكر وزيد وهم وثلثه انصباء الا شيئين وذلك ثلث المال فالمال إذا تسعة انصباء الا ست أشياء فنلقي منه الوصيا كلها وهي ثلثه انصباء الا
شيئا لان وصيه زيد نصيبان الا شيئا ووصية عمر وشئ ووصية بكر نصيب الا شياء وإذا أسقطنا ذلك من المال يبقى ستة انصباء الا خمسة أشياء تعدل
انصباء الورثة وهي ثلثه فنجبر ونقابل فسته انصباء تعدل ثلثه اصباء خمسة أشياء نسقط ثلاثة انصباء بمثها تبقى ثلاثة انصباء تعدل خمسة أشياء فنقلب الاسم
ونقول الشئ ثلاثة والنصيب خ
مسة فللابن عشرة وللبنت خمسة ووصية زيد سبعة ولأنها نصيبان الا شيئا ووصيه عمر وثلاثة لأنها شئ ووصية
بكر اثنان لأنها نصيب الا شئ والتركة سبعة وعشرون مسألة لو خلف ابنا وبنتا واوصى لزيد وعرم وبوصيتين وكانت وصتي زيد ضعف
وصية عمرو وكانت ان معا سدس المال وإذا ضرت كل واحدة منها في نصفها وأسقطت الأقل من الأكثر كان ألاقي مثل نصيب البنت فنجعل وصية عمر وشيئا
ووصية زيد شيئين هما معا سدس المال فالمال ثمانية عشر شيئا ثم نضرب وصية عمر وفي نفسها فنحصل مل أو وصيه زيد في نفسها يحصل أربعة أموال
نسقط الأقل من الأكثر يبقى ثلثه أموال فهي نصيب البنت فنصيب الابن ستة أموال نزيد الوصيتين على مجموعها يحصل تسعة أموال وثلثه أشياء وهي تعدل
جميع المال وهو ثمانية عشر شيئا نسقط ثلثه أشياء بمثلها تبقى تسع أموال في معادلة خمسه عشر شيئا فالشئ واحد وثلثان وهو وصية عمر ووصيه زيد ثلثه
وثلث وهما سبعا سدس التركة فهي إذا ثلثون وإذا ضربت درهما وثلثي درهم في نفسه حصل درهمان وسبعة اتساع وإذا ضربت ثلثه دارهم وثلث درهم وفي نصفه حصل
أحد عشر درهما وتسع درهم وإذا أسقطت الأقل من الأكثر يبقى ثمانية وثلث وهي مثل نصيب البنت والابن ستة عشر وثلثان مسألة لو خلفت زجها
وخالها وعمتها وأوصت لزيد بمثل نصيب عمها ولعمر وبثلث ما يبقى من الثلث وشرطت ان لا ينقص الخال عن سهمه مسألة الورثة من ستة ونجعل ثلث المال
سهما وثلاثة دراهم إما سهما فلان العم الموصي بمثل نصيبه له سهم من مسألة الورثة واما ثلثه دراهم فللذكر ثلث ما يبقى من الثلث فندع سهما إلى زيد يبقى ثلثه
دراهم ندفع منها واحد إلى عمر ويبقى درهمان نزيدهما على ثلثي المال وهو سهمان وستة دراهم يكون سهمين وثمانية دراهم وذلك يعدل ثلث المال وأربعة سهم
لان الخال إذا لم ينقص اخذ ثلث المال كلا وللزوج وللعم أربعة أسهم وثلث المال سهم وثلثه دراهم فإذا سهمان وثمانية دراهم يعدل خمسه أسهم وثلثه دارهم نسقط
المثل بالمثل فيعود السهام إلى ثلثه والدراهم إلى خمسة فنقلب الأسهم وثلث المال سهم وثلثه دراهم فإذا سهمان ثمانية دارهم بعدل خمسه أسهم وثلثه دارهم نسقط
المثل بالمثل فيعود السهمان إلى ثلثه والدراهم إلى خمسه فنقلب السهم ونقول السهم خمسة أو الدرهم ثلثه وكان ثلث المال سهما وثلاثة دراهم فإذا أربعة عشر نعزل
منها نصيب العم وهو خمسة لزيد وثلث الباقي وهو ثلثه لعمر ويبقى ستة نزيدها على ثلثي المال تبلغ أربعة وثلثين من ذلك ثلث المال سهما وثلاثة دراهم فإذا أربعة عشر نعزل
عشرون للزوج بثلث خمسه عشر فللعم بواحد خمسته مسألة لو خلف ستة بنين واوصى بجذر الثلث وبنصيب أحد البنين وبجذر ما يبقى من الثلث
فاجعل الثلث ما لا وألق جذره وهو شئ يبقى مال الا شياء فاخرج منه نصيب أحد البنين وذلك خمسه اتساع مال الأشياء حتى إذا ضم إلى الوصية الأولى ذهب
نقصان وبقى من لثلث شئ مجذورا فاعرف هذا العلة فالق جذر ما بقى وذلك ثلثا شئ فيبقى أربعة اتساع مال الا ثلثي شئ زد ذلك على الثلثين فيصير
مالين وأربعة اتساع مالا الا ثلثي شئ يعدل انصباء البنين وهو على ما فرضناه ثلثه أموال من ثلث المال غير ستة أشياء فهو إذا ستة وثلثون وذلك الثلث
وألق جذره بالوصية الأولى يبقى ثلثون الق منها لا نصيب وهو أربعة عشر على ما فرضنا فيبقى ستة عشر الق جذرها ورد الباقي من الثلثين ويكون أربعة و
ثمانين لكل ابن أربعة عشر مسألة لو خلف خمسه بنين وبنتا واوصى بمثل نصيب أحد البنين وبجذر ما يبقى من الربع وبمثل نصيب البنت ويجذر
ما يبقى من الثلث فاجعل الربع مالا ونصين وألق النصيبين بالوصية الأولى وألق شيئا وضم الباقي إلى فاضل الثلث يكون معك مال وثلث مال
وثلثا نصيب الأشياء فاخرج لصاحب الثلث فنصيبا والباق الثلثين وبما معك واجعل الثلث الباقي ثلث مال الأشياء حتى يبقى معك مال فتلق جذره شيئا
ورد الباقي إلى الثلثين يكون ثلثه أموال وثلثي مال وخمسة انصباء وثلث نصيب الأشياء يعدل أحد عشر نصيبا فإذا جبرت وألقيت المشترك بقى ثلثه أموال
وثلثا مال الأشياء يعدل خمسة انصباء وثلثين وهي على ما فرضنا خمسة أموال وثلثا مالا الا سبعة عشر شيئا فاجبر وألق المشترك يبقى مالا يعدلان
ستة عشر شيئا فجذر المال ثمانية وجميعه أربعة وستون النصيب أربعون فربع المال ماية وأربعة وأربعون مسألة لو ترك أبوين وبنتين واوصى
بمثل نصيب أحد الأبوين وثلث ما يبقى من المال وكانت الوصيتان جذر المال فالمسألة من شعرة الوصيتان منها أربعة فربعها وربع المسألة وأقسم الأكثر
على الأقل يخرج ستة وربع فهي المال وصية المثل عشر ذلك خمسة أثمان وللآخر درهم وسبعة أثمان فذاك درهمان وصف فهي جذر المال كما قلنا بالجبر ونجعل
التركة مالا ونلقي بالوصيتين جذر ونقسم الباقي على سهام الورثة يخرج السهم سدس مال الا سدس جذر فالق هذا المال النصيب يبقى خمسة أسداس
مال وسدس جذر فخذ ثلث ذلك وضمة إلى النصيب يكون أربعة اتساع مال الا تسع جذر وفهذا يعدل جذرا فاجبر وأكمل المال يصير يعدل جذرين و
561

ونصفا فجذره اثنان ونصف أو أقل الباقي من المال خمسه اتساع مال وتسع جذر يعدل مالا الا جذرا فاجبر قابل يعود كالأول فان قال وكانت الوصيتان
جذر ما أصاب الورثة فربع الستة والأربعة وأقسم يخرج اثنان وربع فهو للورثة وجذره واحد ونصف وهي الوصيتان وجميع المال ثلاثة ونصف وربع
عشر ذلك لصاحب النصيب وهو ربع وثمن وثلث الباقي واحد وثمن وبالجبر الق جذرا من مال الاجذرا فهو
للورثة ومعلوم ان الميراث ستة والوصيتين
أربعة وان شئت فقل جذر يعدل ثلثي مال فالمال يعدل جذر أو نصفا أو قلنا التركة مال وجذر ونصيب أحد الأبوين سدس مال فنلقيه من التركة و
نلقى ثلث الباقي الفاضل خمسة اتساع مال وثلثا جذر يعدل مالا فالق المشترك واجبر على ما تقدم مسألة لو خلف ثلاثة بنين واوصى لعمه
بكمال الثلث على نصيب أحدهم ولخاله بثلث ما يبق يمن الثلث فكانت وصيه الخال جذر النصيب فمعلوم ان الباقي من الثلث بعدا وصية العم هو النصيب
وإذا كان ثلثه جذره فهو يعدل ثلاثة اجذار فهو إذا تسعة فإذا عرفت ذلك فالق من الثلث ثلث مال الا تسعه دارهم ويبقى تسعة الق ثلثها ورد الباقي
على ثلاثين فيكون ثلثا مال وستة دراهم يعدل ثلث انصياء كل نصيب تسعه دارهم فهى إذا سبعة وعشرون فالق المشترك فاجبر وقابل يعدل أحد أو ثلاثين
نصفا وصية العم درهم ونصف وصيه الخال مسألة من المقترنات لو خلف عشرة بنين واوصى لعمه بثلث الا ثلثه اجذار المال وللخال بربع ما يبقى من
المال الا عشر جذر الميراث فاجعل الميراث مائة ليكون لجذرها عشر ثم خذ مال فالق ثلثه الا ثلاثة اجذاره يبقى معك ثلثا مال وثلثه اجذار الق ربعه واستثن درهم
فيبقى نصف وجذران وربع ودره يعدل ذلك ماية درهم فالق المشترك واكمل المال فيصير مال وأربعة اجذار ونصف يعدل ماية وثمانية وتسعين فنصف الاجذار
وربع يذلك يكون خمسة ونصف ثمن زدها على الدراهم وخذ جذر المبلغ أربعة عشر وربعا وانقص منه نصف الا جذار ويبقي اثني عشر فهي جذر المال والمال ماية وأربعة
أربعون وصية العم اثني عشر وصية الخال اثنان وثلثون مسألة لو خلف ثمانية بنين وسبع بنات واوصى لعمه بمثل نصب بنت ولخاله بثلث ما يبقى من
الثلث ودرهم وكانت وصيه جذر المال فزد على المسألة نصيبا للعم وجذر الخال يصير المال أربعة وعشرين نصيبا وجذرا ثم الق من الجذر درهما يبقى جذر الا درهما
فذلك ثلث ما يبقى من الثلث فاضربه في ثلثه مذ عليه نصيبا واضرب ذلك في ثلثه يكون ثلثه انصباء وتسعه اجذار غير تسعة دراهم يعدل الملا الذي معك فالط
المشترك يبقى ثمانية اجذار الا تسعه دارهم تعدل أحدا وعشرين نصيبا والنصيب ثمانية اجزاء من أحد وعشرين جزءا من جذر الا تسعه اجزاء من أحد وعشرين جزا من درهم
فاضرب ذلك في عدد الانصباء وزده عليه الجذر الذي هو وصيه الخال يكون عشره اجذار وسبعا الا عشره دراهم وسبعا فنصف الاجذار ربع يكون خمسة و
عشرين ومائة واحد وأربعين وجزءا من ماية وستة وتسعين جزءا من درهم فالق من ذلك الدرهم التي مع المال يبقى خمسة عشر وخمسه وثمانون جزءا من آية
وتسعين جزءا فخذ جذر ذل أربعة الا نصف سبع فزده على نصف الاجذار يكون تسعه فهو جذر المال والنصيب ثمانية اجزءا من أحد وعشرين منه الا تسعة
من أحد وعشرين من أحد وذلك ثلثه دراهم مسألة واوصى لعمه ثلث ماله ولخاله بعشرة دراهم ولم يجز الورثة فتخاصا في الثلث فأصاب الخال ستة
دراهم فاضر ما اصابه في ميع وصيته واقسمها على أفضل بنيهما تخرج خمسة شر فهو الثلث أو نقول قد اصابه ثلثه أخماس وصيه فالذي يصيب العلم على
هذه النسبة خمسة المال فالقه من الثلث وقابل يبقى ستة دراهم يعدد إلى مثلث ذلك وباب جلب نجعل الثلث شيئا ثم يقول ضرب فيه العم بشئ فأصابه شئ الا
ستة دراهم وضرب الخال بعشرة فأصباه ستة فهذا ما لاعداد متناسبة فاضرب ما ضربه به كل واحد منهما فيما أصاب الأخر يكون عشره أشياء الا ستين درهما
يعدل ستة أشياء فاجبر يعدل الشئ خمسة عشر فان قال فأصاب العم سبع ألما قلت قد اصابه ثلثه أسباع وصيه فيجب ان يصيب الأخر أربعة دراهم و
سبعان فإذا أجمعت ذلك وقابلت به الثلث خرج المال اثنين وعشرين درهما وصنفا وان قال واصبا الخال تسع المال فإنك تعلم أنه يجب ان تصيب العلم تسعا
المال وذلك يقتضي ان يكون الثلث الذي يضرب به ضعف وصية الخال فنعلم انه عشرون وبالجبر نضرب شيئا في ثلثه شئ يكون ثلث مال ونضرب عشره في
ثلث شئ وهو ما أصاب العم لأنك إذا أسقط من الثلث تسع المال بقي تسعان وهو ثلث شئ يكن ستة وثلثين فقال بذلك ثلث المال يعدل
عشرين شيئا فالشئ عشرون وهو الثلث فان قال فأصاب العم تسعة دراهم فاضرب على ما ذكرنا واجبر وقابل فيصير معك مال يعدل تسعة أشياء وتسعين
درهما فربع نصف الاجذار وزده على التسعين وخذ جذر ه عشرة ونصف أوحد عليه نصف الاجذار يكون خمسه عشر وهو الشئ أو نقول قسمنا لثلث و
هو شئ وعشره فأصاب العشرة الا تسعه وإذا ضربت الخارج من القسمة في المقسوم عليه عاد المقسوم فاضرب (شيئا الا تسعة في عشره وشيئا يكون مالا وشيئا الا تسعين درهما فهذا يعدل اضرب شئ في عشره دارهم وذلك عشره أشياء فإذا ألقيت صح) المشترك وجبرت عاد إلى مثل الأول مسألة
لو أوصي لعمه بالربع ولابن أخيه بالسدس ولخاله بعشرين فتحاصوا فأصاب الخال ثلثه عشر فطريق الباقي ان تضرب ثلثه عشر في عشرين ثم نزيد على الثلاثة
ربعها فيكون ستة عشر وربع أو تقسم المبلغ على الفصل بينما وبين العشرين وذلك ثلثه وثلثه أرباع يخرج تسعه وتسعون وثلث فهو الثلث ضرب فيه
العم باثنين خمسين وابن الأخ بأربعة وثلثين والخال بعشرين وانما زدت على الثلاثة عشر ربعها لان الوصيتان يزيد على الثلث وربعه وبالتقدير ونقول
ما أصاب الخال خمسا الوصية وربعها فيجب ان يصيب الآخرين كذلك ربع وسدس ثمن وذلك ثلاثة عشر من ثمانية وأربعين فالثلاثة الباقية من الثلث (تعدل ثلثه عشر صح)
درهما فالمال مائتان وثمانية فان اوصى لعمه بالخمس ولخاله بتسعه دراهم فأصاب العم أربعة دراهم فاضرب وصيته في الثلث وهو شئ يكون الثلاثة أخماس ماله ثم؟
اضرب ما اصابه فيما اقتسما عليه وهو ثلثه أخماس شئ وتسعه دراهم يكون شيئين وخميس شئ وستة وثلثون درهما وذلك يعدل ثلثه أخماس مال فاكمله بعدل ستين
وأربعة أشياء فربع نصفها وورد عليه الدراهم وخذ جذر ذلك ثمانية زد عليه نصف الاجذار يكون عشرة فهو الثلث يقسمانه على خمسة للعم خمساه وأربعة أو يضرب
وصية الخال في الثلث يكون تسعة أشياء ثم نضرب ما اصابه وهو الشئ الا أربعة دارهم فيما اقتسمنا عليه وهو ثلثه أخماس شئ وتسعة يكن دراهم ثلثه أخماس مال
وستة أشياء وثلثه أخماس شئ الا ستة وثلاثين درهما تعدل تسعة أشياء فاجبر وقابل يعدل الأول مسألة لو أوصي لعمه الثلث والأجنبي بالربع ولخاله
بخمسة عشر فتحاصوا فأصاب العم أربعة داره فالأجنبي ينبغي ان يصيبه ثلثه فاضرب ان شئت وصية العم آلو الأجنبي أو وصيتهما في الثلث فان ضربت وصية
وهو شئ في الثلث فهو شئ كان مالا ثم اضرب ما اصابه فيما اقتسموا عليه وهو شئ وهو ثلثه أرباع شئ
وخمسه عشر درهما يكون ذلك ستين درهما وسبعة
أشياء تعدل المال فنصفها وربعه وهذه على الستين وخذ جذره ثمانية ونصفا نصفها فزده على نصف الاجذار ويكون اثني عشر وهو الثلث ولو ضربت الثلث وما اصابه
فيما اقتسموا عليه كان مالا وثلثه أرباع وستين الا حاته وخمسة دارهم يعدل خمسة عشر شيئا فأجبروا وألق المشترك وزد ما معك إلى مال يرجع إلى الأول فالوصي للعم
562

بالثلث وللخال بعشرين فأصاب العم سدى المال وثلثه دنانير فاضرب وصيته في الثلث يكون مالا واضرب ما اصابه وهو نصف شئ وثلثه دراهم في شئ و
عشرين يكون نصف مال وثلثه عشر شئ وستين درهما تعدل المال فتمم العم ليخرج قيمته الشئ ثلثين وهو الثلث فان قال أصاب الخال تسع المال ودرهمان فاعد
على ما تقدم يكون ثلث مال وثمانية أشياء وثلثان وأربعون درهما يعدل عشرين شيئا فاكمل بعد القاء المشترك يصير مال ومائه وعشرون درهما يعدل أربعة
وثلثين شيئا من المقترن للثاني نصف الاجذار وربعه يكون مائتين وسبعه وثمانين الق منها الدراهم وخذ جذر الباقي ثلثه عشر فان زدت عليه نصف الاجذار
كان ثلثين وهو الثلث وان نقصته منها بقي أربعة فهو الثل ونصيب الخال ثلثه وثلث وذلك تسع المال ودرهمان فإن كانت وصية الخال سدس المال وأربعة
دراهم وإصابة خمسة عشر فاضرب وصيته في الثلث وما اصابه فيما اقتسما عليه وهو شئ ونصف وأربعة دراهم وتمم العمل يبقى مال يعدل تسعة وثلثين وشيئا وماية
وعشرين وربع نصف الأشياء وزد عليه العدد يكون أربعمائة واثنين وستين وربعا جذر جذوها أحد وعشرين ونصف أفرد عليه نصف الاجذار يكون أربعين
فهو الثلث مسألة لو اشتملت الوصية أو العطية المنجزة على التصرف في أكثر من الثلث على كل تقدير احتمل البطلان لأنها وصية بغير المعروف الصحة
ويكون النقص كالاتلاف ونقص السوق كما لو كانت قيمة العين ثلثين ولا شئ غيرها ورجعت بالتشقيص إلى عشرة أرباعه أو أعتقه فرجع بالشركة في أقل جزء إلى عشره
وكذا الاشكال لو أوصي له بأحد مصراعي باب أو أحد زوجي خف فقيمتها معا ستة وكل واحد اثنان ومع البطلان لا عبرة بإجازة بعض الورثة إما نقص القيمة بتشقيص
الورثة فكا لا تلاف في الإرث وفي الوصية فيصح حينئذ وتؤثر الإجازة مسألة لو أوصي بجزء من حصة وارث معين خاصة كما لو خلف ابنين واوصى لزيد
بنصف حصة ابن معين احتمل ابن معين احتمل واحدة الوصية ب تعددها مرتبا مقدما للوارث الخرج تقديم الأجنبي د عدد الترتيب فيخرج الثلث ويقسم الباقي على
الورثة ويبسط الثلث على النصب المحتملة بحسب الوصية فان أجاز الابن تقاسما النصف بالسوية وللآخر النصف والا دفع ثلث حصته على الأول والثاني وعلى
الثالث يدفع إلى الأجنبي الربع والى الخر نصف السدس وعلى الرابع يحتمل التقسيط أخماسا هنا لان وصية الأجنبي بالربع وهو ثلثه من اثني عشر ووصيه الابن بتكمله
النصف وهو سهمان والتصوية لانما يحصل للمزاحم بعد الوصية يحصل مثله بالميراث للاخر وما زاد وصية وهما متساويان ولو خلف ابنا وبنتا واوصى بالربع من حصة
الابن دون البنت فعلى الاحتمالات الثلاثة الأول الحكم فيه كما تقدم وعلى الرابع يقسم الثلث من تسعة على ثلثه عشرين البنت والموصي له فنضرب أحد في الأخر يبلغ
مائة وسبعة عشر أو تعطي البنت سهما من تسعة بالوصية والموصي له سهمين والفرق بين الإجازة وعدمها هنا زيادة حقها في الوصية ونقصه في الميراث أو بالعكس
ولو أوصي بمساواة البنت مع الابن احتمل وحدة الوصية فالوصية بالسدس وتعددها فالوصية بالربع وتظهر الفايدة فميا لو أوصي لخر بتكملة الثل ولو أوصي بنصف
حصة الابن بعد الوصية دخلها الدور فللابن شئ وللموصي له نصف شئ وللبنت نصفها فالوصية والشئ أربعة مسألة لو أوصي بالشقص الذي يستحق
به الشفعة فحق الشفعة للوراث لا للموصي له ولو دفع إليه مالا وقال اصرف بعضه إلى زيد والباقي لك فمات قبل الدفع انعزل ولو قال ادفع إليه بعد موتي لم ينعزل
وإذا كان مال اليتيم غايبا فولاية التصرف في ماله إلى قاضي بلده لا قاضي بلد المال مع عدم الوصي ولو مات صاحب ديون غريبا لم يكن لقاضي بلدة الموت استيفاء ديونه
فان اخذها حفظها على الوارث خاتمة اعلم أن بعض علماء الإمامية وهو معين الدين المصري ره سلك في المسائل الدورية طريقا استخرجها وذلك أنه إذا
ذكر الموصي له في وصيته للموصي له ان له ثلث امالا حد بينه أو أحد أبويه أو الزوج أو الزوجة أو غيرهم من الورثة الا ربع المال أو سدسها وثمنه أو نصف سدسه
أو نصف ثمنه أو غير ذلك نبسط المسألة أولا على سهام صحح يخرج منه صاحب الفرض والورثة بسهام صحاح ثم نضيف إليها للأجنبي الموصي له بمثل سهام من أوصي له
بمثله ونضربها في مجر المستثنى إلى مخرج كان من ربع أو سدس أو ثمن أو غير ذلك ثم نعطي كل من استثنى له من نصيب ما استثنى نعطي كل واحد من باقي الورثة
بحساب ذلك من المستثنى وما بقي قسمته على جميع سهام الورثة وسهام الموصي له لكل واحد منهم بقدر سهامه وانظر إن كان من استثنى يستغرق الجملة أو يستغرق أكثرها
حتى لا تصح القسمة على الباقي فلا يتعشق للقسمة فإنها لا تصح مثال ذلك لو خلف أبا وابنين وبنت أو أوصي لجنبي بمثل مالا حدا بينه الا ربع المال أصل الفريضة
من ستة لبلاب السدس سهم واحد ولأول واحد من البنين سهمان وللبنت سهم ونصيف إلى الأصل للأجنبي مثل ما لاحد الابنين وهو سهمان ثم نضرب الثانية
في رابعة مخرج الربع المستثنى بلغ اثنين يغطي كل ابن ثمانية لأنها الربع المستثنى نعطي البنت بحساب هذا الاستثناء أربعة كلك عطى الأب أربعة
أسهم فيكون جملة ما اعطيه للورثة غير الموصي له أربعة وعشرين سهما يبقى ثمانية نفسه على سهام الورثة وسهام الموصي له وهو ثمانية لكل ابن سهمان وللبنت
سهم وللموصي له سهمان وللأب سهم ولكل ابن في أصل المستثنى ثمانية وفي الباقي سهمان الجملة عشره ولكل من البنت والأب خمسة فللموصي لهذا مثل ما لاحد ابنيه عشرة
الا ربع المال وهو ثمانية يبقى له اثنان ولو خلف أبوين وابنا وثلث بنات واوصى بمثل نصيب أحد أبويه الا ثمن المال فريضة الورثة ثلثون نضيف خمسة
مثل نصيب أحد الأبوين ونضرب المجموع في مخرج المستثنى وهو ثمانية يبلغ مأتين وثماني يعطي كل واحد من الأبوين ما استثنى وهو الثمن من الجملة خمسة
وثلثين سهما وكان له في أصل المسألة خمسة ونعطى الابن بحساب ذلك لثمانية أسهم ستة وخمسين سهما ونعطي كل واحد من البنات بحسابها أيضا
ثمانية وعشرين سهما الذي يضل بعد ذلك سبعون نقسمه على سهام الورثة وسهام الموصي له وهي خمسة وثلثون لكن منها سهمان فلكل من الأبوين عشره وللابن ستة
عشر ولكل بنت ثمانية وللموصي له عشر فله مثل ما لاحد الأبوين الا ثمن المال ولو خلفت زوجا وأبا وابنين وثلث بنات وأوصت بمثل نصيب زوجها الا سدس
المال الفريضة من اثنى عشر للزوج ثلثه فنضيف إليها مثلها ثم نضرب الجميع في ستة مخرج سدس يصير تسعين تعطي الزوج ما استثنى وهو السدس بثلثه أسهم
خمسة عشر ولبن بسهمين عشرة وكذلك لكل ابن وللبنت سهم خمسة تبقى ثلثون تقسم على سهام الورثة والموصي له وهو خمسة عشر لكل منهم اثنان مسألة
لو خلف زوجه وأبوين وابنين وبنتا وخنثى واوصى بمثل نصيب ابن ثم نضرب الثمانية والعشرين في اثني عشر مخرج نصف السدس يكون ثلث ماية وستة
وثلثون نعطي الورثة ما تستثنى لكل واحد منهم بحصة وأولهم الابن المستثنى منه فيكون لكل ابن بحصة في المستثنى لان ربعه ثمانية وعشرون وهو نصف سدس
المال وكذلك لكل من الأبوين ولكل من الزوجة والخنثى لثلثه أسهم واحد وعشرون وللبنت لسهمين وأربعة ونقسم ما بقي من أصل المسألة وهو ماية وثمانية
وستون على الجميع والموصي له وسهامهم ثمانية وعشرون لكل سهم ستة فكلك من الابنين وفي هذه الباقي أربعة وعشرون وكذلك من الأبوين كذلك ولكل
من الزوجة والخنثى ثمانية عشر وللبنت اثنا عشر وللموصي له أربعة وعشرون فلكل من البنين في الصل المستثنى وفي الباقي اثنا وخمسون وللموصي له مثل
563

أحدهما النصف سدس المال وهو ثمانية وعشرون يبقى له أربعة وعشرون مسألة لو تعددت الوصية بسطت المسألة عكس سهام الورثة وأضفت إليه لكل
واحد من الموصي لهم مثل سهام من ذكر له ثلثه كما قلنا وضرب الجميع في مخرج المستثنى الثاني فما بلغ نضربه في مخرج الثالث
وهكذا ثم نأخذ جميع المستثنيات ونقسمه على من استثنى له من سهامهم بنسبتهم ونعطي من لم يستثن له من الورثة من باقي السهام بنسبته ما أعطيت المستثنى
له بسهامه وما بقي بعدل ذلك نقسمه على الجميع وعلى الموصي له بأجمعهم كما فعلت في المستثنى الواحد ونجمع سهام الموصي لهم جملة ثم ننظر في سهام واحد واحد فمن
استثنى من حقه شئ فنسقطه وما بقي من سهامه فهو لمن أوصي له بمثل ما له فتعطيه من تلك الجملة التي عقدتها للموصي لهم واحد إلى اخرهم هذا ان لم يكن الكسور
يدخل بعضها تحت بعض وان دخل بعضها تحت بعض من غير كسر مثل ان يكون المستثنى من وصيه أحد الموصي لهما ثمن ومن وصية الأخر سدس فان مخرج الثمن يدخل
في مخرج السدس ويدخل فيه أيضا الربع الثلث والنصف إذا كانت سهام الورث والموصي لهم أزواجا وغالبة وينكسر في مخرج النصف نضربها في اثنين أوفي الربع
ثم نضربها في أربعة فلا يحتاج إلى أن نضرب في جميع المخارج لكن التقسيم وتميز السهام باق على حاله كما قلناه مثال الأول لو ترك ابنين واوصى لواحد بثمن
نصيب أحدهما الا سدس المال والاخر مثل مال الأخر الا ثمن المال الفريضة من اثنين ونضيف إليهما بالوصيتين اثنين ثم نضرب الأربعة في مخرج السدس
أولا يصير أربعة وعشرين ثم نضربها في مخرج الثمن يكون مائة واثنين وتسعين ثم نأخذ سدس المال وثمنه ونجمعه ونعطي كل ابن نصيبه فكل واحد ثمانية وعشرين يبقى
من أصل المسألة مائة وستة وثلثون نقسمه على أربعة كذلك من الابنين أربعة وثلثون سهما يبقى للأجنبيين ثمانية وستون فلأحدهما الذي له مثل ما لاحد الابنين
الا سدس المال ثلثون لان لاحد الابنين في التقسيمين اثنين وستين وللأجنبي مثله اثنان وستون الا سدس المال والسدس اثنان وثلثون سهما فما بقى
له فهو ثلثون كما ذكرنا وللأجنبي الذي له مثل مالا حد الابنين الا ثمن المال ثمانية وثلثون سهما لان للابن الأخر أيضا في القسمتين اثنين وستون فلأجنبي
الثاني أيضا مثله الا ثمن المال والثمن أربعة وعشرون فما بقي له فهو ثمانية وثلثون فان ضربتها كما قلنا في أحد المخرجين وهو السدس يكون من ستة ويتعين لأنك
تضربها وهي أربعة في ستة يكون أربعة وعشرين قسمها وسدسها يسبعه لكن تنكسر بن الاثنين فنضربها في ا ثني ن يكون ثمانية وأربعين قسمتها وسدسها
أربعة عشر نقسمها بين الابنين والا ثنين لكون الباقي ينكسر أيضا في الربع نضربها في اثني يكون ستة وتسعين مسألة لو كان المستثنى منه واحد أو الموصي
له أكثر من واحد وهو مختلف الوصايا يأخذا ضربت في الكسور فاجمع الجميع كما قلن واقسمه على عدد الموصي لهم واعط الوارث المستثنى من حقه مثل سهم واحد من الموصي
لهم وبقية الورثة من نسبته هذا إذا كان معه غيره ثم أضف ما حصل من المستثنى المجموع إلى ما بقى من الأصل ان بقي منه شئ مرة أخرى واقسمه على الوارث والموصي
لهم واجمع سهام الموصي لهم كما تقدم أو أجمع سهام الوارث المستثنى من هؤلاء واخرا وأسقط من جملته ما تستثنى من كل واحد منهم واحد أو أحد فما فضل من جملته بعد
المستثنى سدسا كان أو ربعها فهو لكل واحد من الموصي لهم المستثنى بذلك القدر المذكر ومن حقه كما لو خلف ابنا واوصى ثلثه جانب لأحدهم بمثل ما للابن
الأربع المال وللآخر بمثل ابنه الا سدس المال والثلث بمثل ابنه الا ثمن المال وأجاز الابن فالأصل سهم واحد ونضيف إليه للأجانب ثلثه أسهم ونضربها
في مخرج الربع تصير ستة عشر ثم في مخرج السدس تصير ستة وتسعين فثم في مخرج الثمن تصير سبعمائة وثمانين ستين وربعا وسدسها وثمنها أربعمائة وستة
عشر فنقسمها على عدد سهام الموصي لهم وهو ثلثه أسهم تنكسر نضربها في واحد نصف تصير ألفا وماية واثنين وخمسين فيكون الربع والسدس والثمن ستمائة و
أربعة وعشرين نقسمها على ثلثه ونعطي الوراث سهما وهو مائتان وثمانية أسهم يكون الباقي تسعماية وأربعة وأربعين سهما نقسمه على الوارث والموصي لهم
فحق الوارث بالربع من الباقي مائتان وستة وثلثون سهما نضيفها إلى ما أعطيته في الأصل فيكون له أولا واخر أربعة وأربعون سهما فللموصي له المستثنى من
حقه الربع ماية وستة وخمسون سهما فله مثل الابن الا ربع المال وللثاني مائتان واثنان وخمسون سهما فله مثل الابن الا سدس المال وللموصي له الثالث
ثلثماية سهم فله مثل الابن الا ثمن المال وتصح على الطريقة الثاني من مائتين وثمانية وثمانين مسألة لو خلفت ابنين واوصى لواحد بمثل ابن الا
سدس المال ولثان بمثل ابن الأثمن المال ولثالث بمثل ابن الا نصف المال الفريضة من اثنين ونضيف للأجانب ثلثه ثم نضرب الخمسة في مخرج السدس
ثم المجتمع في نخرج الثمن ثم المجتمع في مخرج نصف السدس يصير الفين وثمانمائة وثمانين فالكسور الف ومائة وثمانون نقسمها على عدد الأجانب ثلثه ثم نضرب الخمسة في مخرج السدس
نضربها في واحد ونصف وتصير أربعة الا وثلثماية وعشرين فسدسها وثمنها ونصف سدسها الف وستمائة وعشرون نعطي لكل ابن خمسمائة وأربعون يبقى
ثلثه آلاف ومائتان وأربعون نقسمها على خمسه لذلك ابن ستمائة وثمانية وأربعون يصير له الف ومائة ثمانية وثمانون وللموصي له الأول اربعماية ثمانية
وستون فله مثلث ابن الا سدس المال وللثاني ستمائة وثمانية وأربعون فله مثل ابن الا ثمن المال وللثالث ثمانية
وثمانية وعشرون فله مثل ابن الا نصف
سدس المال وتصح على الطريقة الثاني من ماية وعشرين لكل ابن ثلثه وثلثون وللموصي له الأول ثلثه عشر وللثاني ثمانية عشر وللثالث ثلثه وعشرون
مسألة لو ورد عليك كسر بعد ضرب المسألة في مخرج الكسور وتصحيح المسألة فاضرب المسألة بأجمعها في مخرج سهام من انكسرت عليه السهام كما لو خلف
زوجة وابنين الفريضة من ستة عشر للزوجة سهمان ولكل ابن سبعة فإذا الموصي لأجنبي بمثل نصيب ابن الا ربع المال نضيف إلى المسألة سبعة مثل نصيب
ابن تصير له وعشرين نضربها في أربع نخرج المستثنى يكون اثنين وتسعين أعطي كل ابن بسهامه السبعة الربع المستثنى من هذه المسألة وهو ثلثه وعشرون انكسرت
السبعة على ثلثه وعشرين ولا يمكن اخراج حق الزوجة من هذه المسألة علس هذا الحساب صحيحا فنضرب جميع المسألة في سبعة تصير ستمائة وأربعة وأربعين
لكل ابن سهامه السبعة الربع من هذه المسألة وهو مائة واحد وستون فللابنين ثلثمائة واثنان وعشرون وتعطي الزوجة بسهما ستة وأربعين يبقى مائتان
وستة وسبعون نقسمه على سهام الورثة والموصي لهم وهو ثلثه وعشرون لكل ابن اثنا عشر فيكون للزوجة أربعة وعشرون ولكل ابن أربعة وثمانون وللموصي له
أربعة وثمانون فله إذا مثل ابن الا ربع لما لو ما ذكرناه أولا من طريقة الحساب فإنها أوضح واحضر على قياسها معلم ما يرد عليك من المسائل فان أكثر من أن
تحصي ولا يمكن ضبطها إذ هي من توليدات الخواطر وما ذكرناه تحصيل به التنبيه على أمثالها ونظايرها ويستدل بما ذكرناه على ما لم نذكره فان فيه غناء وبلاغا لمن
تدبره وتأمله وبه الكفاية في حصول الرياضة وعلم كيفية الوضع في المسائل صورة ما كتبه المصنف بخطه تم الجزء الرابع عشر من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله ومنه وكرمه
ويتلوه في الجزء الخامس عشر بتوفيق الله كتاب النكاح وفيه مقاصد وفرغت من تسويده في تاسع عشر شوال من ستة تسع عشره وسبع ماية وكتبت مصنفه حسن بن سويف بن علي
بن المطهر الحلب اعانه الله على طاعته والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين نمقه؟ محمد علي بن محمد حسن الخو؟
564

بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وسهل يا كريم
كتاب النكاح وفيه مقاصد المقصد الأول في مقدماته المقدمة الأولى قال في الصحاح النكاح الوطؤ وقد يقال العقد وهو يدل على غلبة
استعماله في الأول قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وهو دليل على تناول النكاح العقد بمجرده وقد ثبت في
علم الأصول ان المجاز أولي من الاشتراك فان جعل مجازا في العقد فهو من باب استعمال لفظ المسبب في السبب المقدمة الثانية في مشروعية أجمع المسلمون
كافة على مشروعية النكاح والأصل فيه النص قال الله تعالى وانكحوا الأيامى منكم والصالحين وإمائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وقال لله تعالى فانكحوا
ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وقال الله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم مدح من حفظ فرجه الا عن زوجه أو ملك
يمين المقدمة الثالثة في استحبابه أكثر علماء الاسلام على استحبابه للآيات الدالة على الامر الدال على مطلق الترجيح مع أصالة عدم الوجوب لأصالة براءة
الذمة ولقوله تعالى ذلك لمن خشى العنت منكم وان تصبروا خير لكم وقال داود انه وجب إذا كان واجد للطول وكان خائفا من العنت ويكون مخيرا بين ان يتزوج بحرة
أو يتسرى بأمة فان عدمها تزوج بأمة لقوله تعالى فانكحوا ما طالب لكم من النساء والامر للوجوب وهو ممنوع خصوصا هنا لأنه قال منى وثلاث ورباع وليس ذلك
واجبا احتمالا فانتفت دلالة الآية إذا عرفت هذا فهل هو مستحب مطلقا أو لمت تاقت نفسه إليه الأقرب عندي الأول وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية
لقوله تعالى وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم الآية وهي عامة قال العامة كان الحسن بن علي عليهما السلام مطلاقا منكاحا وكان يقول وعد الله
الغنى في الفراق والنكاح في هذه الآية وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال تناكحوا وتناسلوا تكثروا فانى أباهي بكم الأمم حتى بالسقط وقال (ع) من أحب فطرتي فليستنن بسنتي الا وهي
النكاح وقال (ع) يا معاشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج ومن لا فعليه بالصوم فان له وجاء فجعله كالموجوء الذي رضت خصيتاه ومعناه ان الصوم يقطع
الشهوة وقال (ع) من تزوج فقد أحرز ثلثي دينه فليتق الله في الثلث الباقي قيل أراد به اكل الحلال وقال (ع) لعكاف بن وداعه الهلالي أتزوجت فقال لا قفال انك إذا
من اخوان الشيطان أو وهبان النصارى فالحق بهم وان كنت منا فمن سنتنا النكاح ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تزوج أحرز نصف دينه
فليتق الله في النصف الآخر وعن الباقر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما بنى بناء في الاسلام أحب إلى الله تعالى من التزويج وعن الصادق (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال تزوجوا
فانى مكاثر بكم الأمم غدا يوم القيمة حتى أن السقط يجئ محبطئا على باب الجنة فيقال له ادخل فيقول لا حتى يدخل أبواي قيل وقال الباقر (ع) لركعتان يصليهما متزوج أفضل
من رجل غرب يقوم ليله ويصوم نهاره وقال رسول الله صلى الله عليه وآله أراذل موتاكم الغراب وقال (ع) أكثر أهل النار الغراب وقال الشيخ (ره) الناس ضربان ضرب مشته للجماع
وقادر على النكاح وضرب لا يشتهيه فالمشتهى يستحب له ان يتزوج والذي لا يشتهى يستحب ان لا يتزوج لقوله تعالى وسيد أو حصورا فمدحه على كونه حصورا وهو الذي
لا يشتهى النساء وقال قوم هو الذي يمكنه ان يأتي النساء ولكن لا يفعله وهو أصح قولي الشافعي لان النكاح يشغله عن العبادة ولأنه ليس قربة في نفسه وطلب
الولد موهوم ثو لو وجد لم يعلم صالح (أم طالح صح) فالتخلي للعبادة أفضل منه وقوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء وهو موضع ذم ولان النكاح عقد معاوضة فأشبه
البيع في تفضيل العبادة عليه وليس بجيد لان التناسل أمر مطلوب للشارع لمنا فيه من تكثير اشخاص النوع فجعله أصلا في مشروعية النكاح أولي من جعل اللذة
البهيمة أصلا فيه ومدح يحيى (ع) بذلك في شرعه لا يقتضى أفضليته في شرعنا ولأنه (ع) كان مكلفا بالسياحة ومخاطبة أهل زمانه في ساير البلاد فاشغله
ذلك عن التعلق بالزوجة وغيرها والآية لا دلالة فيها لأنها وردت مورد الذم على حب الشهوات بالكلية والبيع لا يشتمل على مصالح النكاح ولا يقاربها والنكاح
من أعظم العبادات لان النبي صلى الله عليه وآله تزوج وبالغ في العدد وفعل ذلك أصحابه وانما ارتكب الأفضل ولا يجمع الصحابة على ترك الأفضل والاشتغال بالأدنى ولما فيه من المشار
الحاصلة بايجاب النفقات وشده السعي على تحصيل رزق عباد الله تعالى وتحصين المرأة وتحصين الدين واحرازه واحتقر عابد التزويج فقال النبي صلى الله عليه وآله
أرأيت لو ترك الناس كلهم التزوج من كان يقوم بالجهاد ويتق العدو ويقوم بفرايض الله تعالى وحدوده ويمنع انه
ليس قربة في نفسه إذا قصد هذا الوجه
فيه وطلب الولد الصالح وان لم يستلزم حصوله لكنه مندوب إليه ومرغب فيه إذا ثبت هذا فلا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك وشدة الاستحباب لمن تاقت
نفسه إليه منهما لان الله تعالى أمر به ورضيه وندب إليه المقدمة الرابعة في خصايص رسول الله صلى الله عليه وآله جرت عادة الفقهاء بذكر خصايص النبي صلى الله عليه وآله هنا في النكاح
ثم سحبوا البحث إلى خصايصه في غيره ولا شك ان الله تعالى شرف رسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وميزه عن ساير خلقه بان خصه بأشياء فرضها عليها
دون خلقه لما في أداء الفرايض من الثواب فإنه لن يتقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترض عليهم وأشياء خطرها عليه خففها عن خلقه وخفف عنه أشياء
خطرها على خلقه فانقسم ما خص به عليه السلام إلى تخفيف وتغليظ والتغليظ (ينقسم صح) إلى ايجاب وتحريم فاما الواجبات عليه دون غيره من أمته أمور ا السواك ب الوتر ج
الأضحية روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال ثلث كتب على ولم تكتب عليكم السواك والوتر والأضحية وفي حديث اخر كتب على الوتر ولم يكتب عليكم وكتب على السواك ولم يكتب
عليكم وكتبت على الأضحية ولم تكتب عليكم وترد أصحاب الشافعي في وجوب السواك عليه (ع) د قيام الليل لقوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك وان اشعر لفظ
النافلة بالسنة ولكنها في اللغة الزيادة ولان السنة جبر للفريضة وكان (ع) معصوما من النقصان في الفرايض واختلفت الشافعية فقال بعضهم كان ذلك
واجبا عليه وقال بعضهم كان ذلك واجبا عليه وعلى أمته ثم نفسخ ه‍ قضاء دين من مات معسر لقوله (ع) من مات وخلف مالا فلورثته ومن مات وخلف دينا أو كلا فالى
وعلى هذا مذهب الجمهور وقال بعضهم كان ذلك كرما منه وهذا اللفظ لا يمكن حمله على الضمان لان من صحح ضمان المجهول لم يصحح على هذا الوجه وللشافعية وجهان
في أن الامام هل يجب عليه قضاء دين المعسر إذا مات وكان في بيت المال سعة تزيد على حاجة الاحياء لما في ايجابه من الترغيب في اقتراض المحتاجين ومشاورة
أولي النهى لقوله تعالى وشاورهم في الامر وقيل إنه لم يكن واجبا عليه بل أمر لاستمالة قلوبهم وهو المعتمد فان عقل النبي صلى الله عليه وآله أو فر من من عقول كل البشر وهذه الخصايص
لا تعلق لها بالنكاح ز انكار المنكر إذا رآه واظهار لان اقراره على ذلك بوجوب جوازه فان الله تعالى ضمن له النصر والاظهار حج كان عليه تخير نسائه بين مفارقته
ومصاحبته بقوله تعالى يا أيها الناس قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وان كنتن تردن الله ورسوله
565

والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن اجرا عظيما والأصل فيه ان النبي صلى الله عليه وآله اثر لنفسه الفقر والصبر عليه فامر بتخييره نسائه بين مفارقته واختيار زينة الدنيا
وبين اختياره والصبر على ضرر الفقر لئلا يكون مكرها لهن على الضرر والفقر هذا هو المشهور وللشافعية وجه في التخيير لم يكن واجبا عليه وانما كان مندوبا والمشهور
الأول ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما خيرهن اخترته والدار الآخرة فحرم الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وآله التزويج عليهن والتبدل بهن مكافاة لهن على حسن صنيعهن فقال تعالى
لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من أزواج ثم نسخ ذلك ليكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وآله بترك التزويج عليهم بقوله تعالى انا احللنا لك أزواجك اللاتي أتيت
أجورهن قالت عايشه ان النبي صلى الله عليه وآله لم يمت حتى أحل له النساء تعنى اللاتي خطرن عليه وقال أبو حنيفة ان التحريم باق لم ينسخ وقد روى أن بعض نساء النبي صلى الله عليه وآله طلبت
منه حلقه من ذهب فصاغ لها حلقه من فضة وطلاها بالزعفران فقالت لا أريد الا من ذهب فاغتم النبي صلى الله عليه وآله لذلك فتركت أية التخيير وقيل انما خيره لأنه لم يمكنه التوسعة
عليهن فربما يكون فيهن من يكره المقام معه فترهه عن ذلك وروى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يطالب بأمور لا يملكها وكان نساؤه يكثرن مطالبته حتى قال عمر كنا معا شر المهاجرين
متسلطين على نسائنا بمكة وكانت نساء الأنصار متسلطات على الأزواج فاختلط نساؤنا فيهن فتخلقن بأخلاقهن وكلمت امرأتي يوما فراجعتني فرفعت يدي
لأضربها وقلت أتراجعيني بالكفار فقال إن نساء رسول الله صلى الله عليه وآله يراجعنه وهو خير منك فقلت خابت حفصة وخسرت ثم أتيت حفصة وسالتها فقالت إن
رسول الله صلى الله عليه وآله قد يظل على بعض نسائه طول نهاره غضبانا فقلت لا تغتري يا بنت أبي قحافة فإنه حب رسول الله صلى الله عليه وآله يحمل منها ما لا يحمل منك وقال عمر كنت قد
قاربت رجلا من الأنصار حضور مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ليحدث كل واحد منا صاحبه فيما يجرى فقرع الأنصاري باب الدار يوما فقلت جاءنا غسان وكان
قد أخبرنا ان غسان يتعلق خيولها لتغزونا فقال أمر أفضع من ذلك طلق رسول الله صلى الله عليه وآله جميع نسائه فخرجت من البيت ورأيت أصحابه صلى الله عليه وآله يبكون حوله وهو جالس
وكان أسامة على البيت فقلت استأذن لي فلم يجب فانصرفت فنازعتني نفسي وعاودت قلبي فلم يجب حتى فعلت ذلك ثلثا فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله صوتي فاذن فدخلت
فرأيته نائما على حصير من الليف فاستوى واثر الليف في جنبيه فقلت ان قيصر وكسرى فرشان الديباج والحرير فقال أفي شك أنت يا عمر إما علمت أنها لهم في الدنيا
ولنا في الآخرة ثم قصصت عليه القصة فتبسم لما سمع قولي لحفصة لا تغير يا بنت أبي قحافة ثم قلت طلقت نساءك فقال لا وروى أنه كان إلى من نسائه شهرا
فمكث في غرفة شهرا فنزل قوله تعالى يا أيها النبي قل لازواجك الآية فبدء رسول الله صلى الله عليه وآله بعايشة وقال انى ملق إليك أمرا فلا تبادريني بالجواب حتى توامري أبويك وتلا
الآية فقال أفيك أو أمر أبوي اخترت الله ورسوله والدار الآخرة ثم قالت لا تخير أزواجك بذلك وكانت تريد من تخترن الدنيا فيفارقهن رسول الله صلى الله عليه وآله على نسائه و
كان يخبرهن بما رجى لعايشة فاخترن بأجمعهن الله ورسوله وهذا التخيير عند العامة كناية في الطلاق عند العامة إذا نويا معا فإن لم ينويا أو لم ينو أحدهما لم يقع به شئ
وقال قوم انه صريح في الطلاق وعندنا انه ليس له حكم واختلفت الشافعية بعد ذلك في أموت الأول هل حرم على رسول الله صلى الله عليه وآله طلاقهن بعد ما أخرتنه فيه وجهان
أحدهما نعم كما لو رغبت عنه امرأة حرم عليه امساكها ولأنه حرم عليه التبدل بهن في قوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد الآية ومعنى التبدل بهن مفارقتها ونكاح غيرها و
الثاني لا يحرم إذ لا احكام باثبات الخصائص ولم يثبت حجر في الطلاق وكما لو أراد الواحد من الأمة تطليق زوجته لا يمنع منه وان من رغبت فيه وخص بعضهم الوجهين بالطلاق
عقيب اختيارهن إياه الثاني لو قدر ان واحده منهن اختارت الحياة الدنيا هل كان يحصل الفراق للشافعية وجهان أحدهما كالواحد من الأمة إذا خير زوجته
ونوى تفويض الطلاق إليها فاختارت نفسها وأصحهما لا لقوله تعالى فتعالين أمتعكن وأسرحكن ولو حصل الفراق باختيارها لما كان للتسريح معنى ولأنه تخيير
بين زينة الدنيا والآخرة فلا يحصل الفراق باختيار الدنيا كما لو خير الواحد من الأمة زوجته بين الدنيا والآخرة فاختارت الدنيا الثالث هل يعتبر جوابهن على
الفور فيه وجهان مبنيان على الوجهين في حصول الفراق بنفس الاختيار فان قلنا بحصوله وجب ان يكون على الفور وان قلنا لا يحصل جاز فيه التراخي لان النبي صلى الله عليه وآله
لما نزلت أية التخيير بداء بعايشة وقال انى ذاكر أمرا فلا تبادريني بالجواب حتى تستأمري أبويك واعترضا بان النبي صلى الله عليه وآله صرح بمدة خيارها هناك إلى مراجعة الأبوين والكلام
في التخيير المطلق فان جعل على الفور فيمتد بامتداد المجلس أو المعتبر ما يعد جوابا في العرف وجهان الرابع للشافعية وجهان في أنه هل كان يجوز للنبي صلى الله عليه وآله ان يجعل الاختيار
إليهن قبل المشاورة ببعض ووجهان في أنه هل كان قولها اخترت نفسي صريحا في الفراق ووجهان في أنه هل كان يحل له التزويج بها بعد الفراق واما المحرمات فقسمان
الأول ما حرم عليه خاصة في غير النكاح وهو أمور ا الزكاة المفروضة صيانة المنصبة العلى عن أوساخ أموال الناس التي تعطى على سبيل الترحم وتنبئ عن ذل الآخذ
وابدل بألفي الذي يؤخذ على سبيل القهر والغلبة المبني عن عز الاخذ وذل المأخوذ منه ويشاركه في حرمتها أولوا القربى لكن التحريم عليهم بسببه أيضا فالخاصة
عايدة إليه قال رسول الله انا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ب الصدقة المندوبة الأقرب تحريمها على رسول الله صلى الله عليه وآله لما تقدم وهو أحد قولي الشافعي تعظيما له
وتكريما وفي الثاني يجوز وحكم الامام عنانا حكم النبي صلى الله عليه وآله ج انه كان (ع) لا يأكل الثوم والبصل والكراث وهل كان محرما عليه الأقرب لا وللشافعية وجهان
لكنه لا يمتنع منها لئلا يتأذى بها من يناجيه من الملائكة روى أنه صلى الله عليه وآله اتى بقدر فيها بقول فوجد لها ريحا فقربها إلى بعض أصحابه وقال له كل فانى
أناجي من لا تناجى د انه (ع) لان لا يأكل متكيا روى أنه (ع) قال انا اكل كما تأكل العبيد واجلس كما تجلس العبيد وهل كان ذلك محرما عليه أو مكروها كما في حقه الأمة
الأقرب الثاني وللشافعية وجهان ه‍ كان يحرم عليه الخط والشعر تأكيدا لحجته وبيانا لمعجزته قال الله تعالى ولا تخطه بيمينك وقال تعال يوما علمناه الشعر وقد اختلف في أنه
(ع) هل كان يحسنها أم لا وأصح قولي الشافعي الثاني واما يتجه التحريم على الأول وكان (ع) إذا لبس لامة الحرب يحرم عليه نزعها حتى يلقى العدو
ويقاتل قال (ع ما كان لنبي إذا لبس لامته ان ينزعها حتى يلقى العدو وهو المشهور عند الشافعية ولهم وجه انه كان مكروها لا محرما ز كان (ع) إذا ابتداء
يتطوع حرم عليه تركه قبل اتمامه وفيه خلاف ح كان يحرم ان يمد عينيه إلى ما متع الله به الناس قال الله تعالى ولا تمدن عينيك الابة ط كان يحرم عليه خائنه
الأعين قال صلى الله عليه وآله ما كان لنبي ان يكون له خائنة الأعين وفسروها بالايماء إلى مباح من ضرب أو قتل على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال واما قبل له خائنة الأعين
لأنه شبه الخيانة من حيث إنه يخفى ولا يحرم ذلك على غيره الا في محظور بالجملة ان يظهر خلاف ما يضمر وطرد بعض الفقهاء ذلك في مكايده الحروب وهو ضعيف
لان ذلك لا يرذى بأصحاب الأصالة فإنه من الحزم والاثاله الخمود وقد صح ان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد سفرا ورى بغيره ى اختلفوا في أنه هل كان يحرم
عليه ان يصلى على من عليه دين أم لا على قولين يا اختلفوا في أنه هل كان يجوز ان يصلى على من عليه دين مع وجود الضامن يب لم يكن له ان يمن ليستكثر قال
الله تعالى ولا تمنن تستكثر أي لا تعط شيئا لتأخذ أكثر منه قال المفسرون انه كان من خواصه عليه السلام القسم الثاني ما حرم عليه خاصة في النكاح وهو أمور
566

آ امساك من يكره نكاحه وترغب عنه لأنه صلى الله عليه وآله نكح امرأة ذات جمال فقلت ان تقول رسول الله صلى الله عليه وآله أعوذ بالله منك وقيل لها ان هذا الكلام يعجبه فلما قالت ذلك قال صلى الله
عليه وآله لقد استعذت بمعاذ وطلقها وللشافعية وجه غريب إن كان يحرم امساكها لكن فارقها تكر ما منه ومات رسول الله صلى الله عليه وآله عن تسع نسوة عايشة وحفصة
وأم سلمة بنت ابن أمية المخزومي وام حبيبه ورمله بنت أبي سفيان وميمونة بنت الحرث الهلالية وجويرية بنت الحرث الخزاعية وسودة بنت زمعة وضيفة بنت حيى
ابن اخطب الخيبرية وزينب بنت جحش وجميع من تزوج بهن خمسة عشر وجمع بين إحدى عشر ودخل بثلث عشرة وفارق امرأتين في حياته إحديهما الكلبية وهي التي رأى
بكشحها بياضا فقال لها الحقي باهلك والاخرى التي تعوذت منه وقال أبو عبيد تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله ثمانية عشر امرأة واتخذ من الإماء ثلثا ب نكاح الكتابية عندنا
لا يصح للمسلم على الأقوى لقوله تعالى ولا تنكحوا المشركان حتى يؤمن وقال ولا تمسكوا بعصم الكوافر وقال بعض علمائنا انه يصح وهو مذهب جماعة من العامة فعندنا
التحريم بطريق الأولى ثابت في حق النبي صلى الله عليه وآله واختلف من سوغ مشروعية من العامة في حق الأمة على قولين أحدهما المنع لقوله (ع) زوجاتي في الدنيا زوجاتي في الآخرة
والجنة محرمة على الكافرين ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة والله تعالى أكرم زوجاته إذ جعلهن أمهات المؤمنين والكافرة لا تصلح لذلك لأن هذه أمومة
الكرامة ولقوله تعالى انما المشركون نجس ولقوله كل سبب ونسب ينقطع يوم القيمة الا سببي ونسبي وذلك لا يصح في الكافرة والثاني الجواز لان ذبايحهم له حلال
فكذلك حرايرهم كأمته والمقدمة الأولى ممنوعة فان ذبايح أهل الكتاب عندنا محرمة واما نكاح الأمة فلم يجز له خلاف بين الأكثر واما وطئ لامه فكان سايغا أي
مسلمة كانت أو كتابية لقوله تعالى وما ملكت أيمانكم ولقوله تعالى وما ملك يمينك ولم يفصل ومل (ع) مارية الغبطية وكان مسلمة وملك صفية وهي مشركة فكانت
عنده إلى أن أسلمت فاعتقها وتزوجها وجوز بعضهم نكاح الأمة المسلمة له (ع) بالعقد كما يجوز بالملك والنكاح أو سع منه إلى الأمة ولكن الأكثر على المنع لان نكاح
الأمة مشروط بالخوف من العنت والنبي معصوم وبفقدان طول الحرة ونكاحه صلى الله عليه وآله مستغنى عن المهر ابتداء وانتهاء وبان من نكح امه كان ولده منها رقيقا عند جماعة
ومنصب النبي صلى الله عليه وآله منزه عن ذلك لكن من جوز له نكاح الأمة قال خوف العنت انما يشترط في حق الأمة ومنع من اشتراط فقدان الطول واما رق الولد فقد الزم بعض
الشافعية وجها مستبعدا فيه بذلك والصحيح خلافه لأنه عندنا يتبع أشرف الطرفين والصحيح عند الشافعية انه لو نكح لم يسترق ولده منها وان قالوا بجريان الرق على
المغرور وقال بعضهم ان عليه القيمة رعاية لحق المولى وقال بعضهم لا يلزمه قيمة الولد بخلاف ولد المغرور لان هناك فان الرق يظنه وهناك لا يمكن تقدير الرق
قال بعضهم لو قدر نكاح غرور في حق النبي صلى الله عليه وآله لم يلزمه قيمة الولد لأنه مع العلم بالحال لا ينعقد رقيقا فلا ينهض الظن دافعا للرق وبعضهم طرد الوجهين في أنه هل كان
يحل له نكاح الأمة الكتابية واما وطؤها بملك اليمين فاظهر وجهي الشافعية حله واما التحقيقات فقسمان الأول ما يتعلق بغير النكاح وهو أمور ا الوصال
في الصوم كان مباحا للنبي صلى الله عليه وآله وحرام على أمته وانه معناه انه يطوى الليل بلا اكل ولا شرب مع صيام النهار ولا ان يكون صايما لا ن الصوم في الليل لا ينعقد
بل إذا دخل الليل صار الصايم مفطرا اجماعا فلما نهى النبي صلى الله عليه وآله أمته عن الوصال قيل له انك
تواصل فقال انى لست كأحدكم انى أظل عند ربى أطعمني ويسقيني
وفي رواية انى أبيت عند ربى فيطعمني ويسقيني قيل معناه يقويني ويغذيني بوحيه ب اصطفى ما يختاره من الغنيمة قبل القسمة كجارية حسنة وثوب مترفع
وفرس جواد وغير ذلك ويقال لذلك الذي اختاره الصفي والصفيه والجميع الصفايا ومن صفاياه صفية بنت حسى اصطفاها وأعتقها وتزوجها وذو الفقار
ج خمس الفي والغنيمة كان لرسول الله صلى الله عليه وآله الاستبداد به وأربعة أخماس الفي كانت له أيضا د ابيج له دخول مكة بغير احرام خلافا لامته فإنه مرحم عليهم على خلاف
ه‍ أبيحت له ولامته كرامة له الغنايم وكانت حرام على من قبله من الأنبياء بل امروا بجمعها فتنزل نار من السماء فتأكلها وأية كان بقضى لنفسه وفي غيره خلاف
وان يحكم لنفسه ولولده وان يشهد لنفسه ولولده وان يقبل شهادة من يشهد له ز أبيح له ان يحيى لنفسه الأرض لمرعى ماشيته وكان حرام على من قبله من الأنبياء (ع)
والأئمة بعده ليس لهم ان يحموا لأنفسهم ج أبيح له ان يأخذ الطعام والشراب من المالك وان اضطر إليها لان حفظ نفسه الشريفة أولي من حفظ نفس غيره وعليه البذل
والفداء بمهجته بهجة رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه (ع) أولي بالمؤمنين من أنفسهم ط كان لا ينتقض وضوءه بالنوم وبه قال الشافعية وحكى أبو العباس منهم وجها اخر غريبا
وكذلك حكى وجهين في انتقاض وضوء باللمس ى كان يجوز له ان يدخل المسجد جنبا ومنعه القفال م الشافعي وقال لا اخاله صحيحا يا قبل انه كان يجوز له
ان يقتل من امنه وهو غلط فان من يحرم عليه خاينة الأعين كيف يجوز له قتل من أحد لعنه يب قيل إنه كان يجوز له لعن من شاء من غير سبب يقتضيه لان لعنه
رحمة واستبعده الجماعة وروى أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قالوا اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن يخلفه انما انا بشر فأي المؤمنين أذينة وشتمته لو لعنته فاجعلها
له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيمة وهو عندنا باطل لأنه معصوم لا يجوز منه لعن الغير وستة بغير سبب والحديث لو سلم فإنما هو لسبب القسم
الثاني من التخفيفات ما يتعلق بالنكاح وهو أمور الزيادة على أربع نسوة فإنه (ع) مات عن تسع وهل كان له الزيادة على تسع الأولى الجواز لامتناع
الجور عليه وللشافعية وجها ن أصحهما والثاني المنع لان الأصل استواء النبي صلى الله عليه وآله والأمة في الحكم الا انه يثبت جواز الزيادة إلى تسع فيقتصر عليه واما انحصار طلاقه
في الثلث فالوجه ذلك كما في حق الأمة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني العدم كما لم ينحصر عدد زوجاته ب العقد بلفظ الهبة لقوله تالي وامرأة مؤمنة ان وهبت
نفسها للنبي فلا يجب المهر حينئذ بالعقد ولا بالدخول لا ابتداء ولا انتهاء كما هو قضية الهبة وهو أطهر وجهي الشافعي والثاني المنع كما في حق الأمة وعلى الأول
هل يشترط لفظ النكاح من جهة النبي صلى الله عليه وآله للشافعية وجهان أحدهما نعم لظاهر قوله تعالى ان يستنكحها والثاني ان يشترط في حق الواهبة وهل ينعقد نكاحه بمعنى
الهبة حتى لا يجب المهر ابتداء ولا انتهاء وجهان للشافعية ولهم وجه غريب انه يجب المهر في حق الواهبة وخاصية النبي صلى الله عليه وآله ليستا في سقاط المهر بل في الانعقاد
بلفظ الهبة ج كان إذا وغب صلى الله عليه وآله في نكاح امرأة فإن كانت خلية فعليها الإجابة ويحرم على غيره خطبتها وللشافعية وجه انه لا يحرم وإن كانت ذات زوج وجب على
الزوج طلاقها لينكحها كقبضة زيد ولعل السر فيه من جانب الزوج امتحان ايمانه واعتقاده بتكليفه النزول عن أهل ومن جانب النبي صلى الله عليه وآله ابتلاؤه ببلية البشرية
ومنعه من خاينة الأعين ومن الاضمار الذي يخالف الاظهار كما قال تعالى وتخفى في نفسك ما الله مبديه ولا شئ ادعى إلى غض البصر حفظه عن المحابة الاتفاقية
من هذا التكليف وليس هذا من باب التخفيفات كما قاله الفقهاء بل هو ف حقه غاية التشديد إذ لو كلف بذلك آحاد الناس لما فتحوا عينهم في الشوارع خوفا من
ذلك ولهذا قالت عايشه لو كانت صلى الله عليه وآله يخفى آية لا خفى هذه د انعقاد نكاحه بغير ولى وشهود وهو عندنا ثابت في حقه (ع) وحق أمته إذ لا يشترط نحن وذلك وللشافعية
وجهان أحدهما المنع لما رووه عنه (ع) لانكاح الا بولي وشاهدي عدل وأصحهما الانعقاد لان اعتبار الولي المحافظة على الكفاء ولا شك في أنه (ع) فوق الأكفاء د اعتبار
567

الشهود لخوف الجحود والنبي صلى الله عليه وآله لا يجحد ولو جحدت هي لم يلتفت إلى قولها المخالف لقوله (ع) ه‍ انعقاد نكاحه في الاحرام فيه للشافعية وجهان أحدهما الجواز لما روى أنه
نكح ميمونه محرما والثاني المنعد كما لا يحل له الوطؤ في الاحرام والمشهور عندهم انه نكح ميمونه حلالا وهل كان يجب عليه القسم بين زوجاته بحيث إذا كانت عنده واحدة
ليلة لزمه ان يبيت عند كل واحدة مثلها للشافعية وجهان أحدهما عدم الوجوب لقوله تعالى ترجى من تشاء منهن وانما كان يقسم تكر ما منه (ع) الثاني الوجوب لأنه كان
يطاف به على نسائه وهو مريض ويقول هذا قسمي فيما أملك وأنت اعلم بما لا أملك يعنى قلبه (ع) والأصل في ذلك ان النكاح في حقه (ع) هل هو كالتستري
في حقنا ان قلنا نعم لم ينحصر عدد منكوحاته ولا طالقه وانعقد نكاحه بلفظ الهبد ومعناها وبغير ولى وشهود وفي الاحرام ولم يجب عليه القسم والا انعكس
الحكم ز انه كان يجوز للنبي صلى الله عليه وآله تزويج المرأة بمن شاء بغير اذن وليها وتزويجها من نفسه وتولى الطرفين من غير اذن وليهما وسوغ الشافعية ان ينكح المعتدة في وجه
وهل كان يجب عليه نفقه زوجاته وجهان لهم بناء على الخلاف في المهر وكانت المرأة تحل له بتزويج الله تعالى قال سبحانه في قصة زيد فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها
وقيل إنه نكحها بنفسه وحمل وزوجناكها على احلال الله تعالى له نكاحها واعتق صلى الله عليه وآله صفية رضي الله عنها وتزوجها وجعل عتقها صداقها وهو ثابت عندنا في حق أمته
واختلفت الشافعية فقال بعضهم أعتقها على شرط ان ينكحها فلزمها الوفاء به بخلاف ما في حق الأمة وقال بعضهم جعل العتق صداقا وجاز له ذلك بخلاف
ما في حق الأمة وعندنا ان احكم الأمة حكمه في ذلك وجوز بعض الشافعية له الجمع بين المراة وعمتها أو خالتها وانه كان يجوز له الجمع بين الأختين وكذا في الجمع بين الام
وبنتها وهو عندنا بعيد لان خطب الله تعالى يدخل فيه النبي صلى الله عليه وآله واما الفضايل والكرامات فقسمان الأول في النكاح وهو أمور ا تحريم زوجاته صلى الله عليه وآله اللواتي
مات عنهن على غيره تحريما مؤبدا قال الله تعالى وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا أزواجه من بعده ابدا ولأنهن أمهات المؤمنين واما التي فارقها في حياته
كالتي وجد بكشحها بياضا فردها والمستعبدة ثلاثة أوجه للشافعية أحدها انها محرمة أيضا لقوله تعالى وازواجه أمهاتهم والثاني لا تحرم لاعراضه صلى الله عليه وآله عنها
وانقطاع اعتنائه بها والثالث إن كانت مدخولا بها حرم والا فلا لان الأشعث ابن قيس نكح المستعيذة في زمان عمر فهم برجها فأخبر ان النبي صلى الله عليه وآله فارقها قبل
ان يمسها فخلاها فهذه الأوجه الثالثة في غير المخيرات فاما المخيرات لو قدر اختيار بعضهم زينة الدنيا ففارقها هل تحل للأزواج قالت الشافعية فيه الأوجه
الثلاثة وآخرون انها تحل قطعا والا لم يتمكن من غرضها في زينة الدنيا ولما كان للتخيير معنى وعلى القول بتحريم من فارقها ففي أمته الموطوء إذا فارقها بالموت أو
غيره وجهان ب أزواجه أمهات المؤمنين سواء فيه من ماتت تحت النبي صلى الله عليه وآله ومن مات النبي صلى الله عليه وآله وهي تحته وليست لا أمومة هنا الحقيقية بل المراد تحريم
نكاحهن ووجوب احترامهن لا في النظر اليمين ولا الخلوة بهن ولا المسافرة ولا يقال لبناتهن انهن أخوات المؤمنين فقد زوج
رسول الله فاطمة عليهما السلا م بعلى (ع) وكذا لا يقال لا بائهن وأمهاتهن أجداد المؤمنين وجداتهم ولا لاخوانهن وأخواتهن أخوال المؤمنين وخالاتهم وللشافعية
وجه انه يطلق اسم الأخوة على نباتهن واسم الخو وله على اخوانهن لثبوت حرمة الأمومة لهن وهو في غاية البعد ج تفضيل زوجاته على غيرهن بان جعل ثوابهن
وعقابهن على الضعف د لا يحل لغيرهن من الرجال ان يسألهن شيئا الا من وراء حجاب لقوله تعالى إذا سألتموهن مساعا فسألوهن من وراء حجاب واما غيرهن
فيجوز ان يسألن مشافهة الثاني في غير النكاح وهو أمور ا انه خاتم النبيين صلى الله عليه وآله ب أمته خيرا الأمم لقوله تعالى كنتم خير أمة تكرمه
له (ع) وتشريفا له ج نسخ جميع الشرايع بشريعته د جعل شريعته مؤبده ه‍ جعل كتابه معجزا بخلاف كتب ساير الأنبياء عليهم السلام وحفظ عن كتابه
التبديل والتغيير وأقيم بعده حجة على الناس ومعجزات غيره من الأنبياء انقرضت بانقراضهم ز نصر بالرعب على مسيرة شهر فكان العدو يرهبه من مسيرة شهر
ح جعلت له الأرض مسجدا وترابها طهورا ط أحلت له الغنايم دون غيره من الأنبياء ى يشفع ف‍ أهل الكباير لقوله (ع) ذخرت شفاعتي لأهل
الكباير من أمتي يا بعث إلى الناس عامة يب سيد ولد ادم يوم القيمة يح أول من تنشق عنه الأرض يد أول شافع ومشفع به أول من يقرع
باب الجنة يو أكثر الأنبياء تبعا يز أمته معصومة لا يجتمع على الضلالة يح صفوف أمته كصفوف الملائكة يط كان تنام عينيه ولا ينام قلبه ك
كان يرى من ورائه كما يرى من قدامة بمعنى التحفظ والحسن وكذلك قوله (ع) تنام عيناي ولا ينام قلبي كما تطوعه بالصلاة قاعدا كتطوعه قائما وان لم يكن له غدر
وفي حق غيره ذلك على النصف من هذا كب مخاطبه المصلى بقوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ولا تخاطب ساير الناس بج يحرم على غيره
رفع صوته على صوت النبي صلى الله عليه وآله كد يحرم على غيره مناداته من وراء الحجرات للآية (كه) ناد الله تعالى الأنبياء وحكى عنهم بأسمائهم فأقل تعالى يوسف اعراض ان يا
إبراهيم يا نوح وميز نبيا (ع) بالنداء بألقابه الشريفة فقال تعالى يا أيها النبي يا أيها الرسول يا أيها المزمل يا أيها المدثر ولم يذكر اسمه في القران الا في أربعة مواضع
شهد له فيها بالرسالة لافتقار الشهادة إلى ذكر اسمه فقال محمد رسول الله ما كان محمد با أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين والذين امنوا
وعملوا الصالحات وامنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهن رسول يأتي من بعدي اسمه احمد وكان يحرم ان ينادى باسمه فيقول يا محمد يا احمد ولكن يقول يا نبي الله
يا رسول الله يا خيرة الله إلى غير ذلك من صفاته الجليلة كو كان يستشفى به كز كان يترك ببوله ودمه كح من زنا بحضرته أو استهان به كفر كط يجب على
المصلى إذا دعاه ان يجيبه ولا تبطل صلاته وللشافعية وجه انه لا يجب وتبطل به الصلاة ل كان أولاد نباته ينسبون إليه وأولاد نبات غيره لا ينسبون إليه وقوله
صلى الله عليه وآله كل سبب ونسب ينقطع يوم القيمة الا سببي ونسبي قبل معناه انه لا ينتفع يومئذ بساير الأنساب وينتفع بالنسبة إليه صلى الله عليه وآله لا قال (ع) سموا
باسمي ولا تكنوا بكنيتي واختلفوا فقال الشافعي انه ليس لأحد ان يكنى بابى القاسم سواء كان اسمه محمد أو لم يكن ومنهم من حمله على كراهة الجمع بين الاسم والكنية
ويجوز والافراد وهو الوجه لان الناس لم يزالوا يكنوا بكنيته عليه السلام في جميع الأعصار من غير انكار المقدمة الخامسة في حب النساء والتزويج
لله تعالى وما يتبعه (ا) روى الصدوق عن أبي مالك الحضرمي عن أبي العباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال سمعته يقول العبد كلما ازداد للنساء حبا ازداد في الايمان فضلا
ب) روى الصدوق عن يونس بن يعقوب عمن سمع الصادق (ع) يقول أكثر الخير في النساء (ج) يكره ترك التزويج مخافة الفقر لما فيه من سوء الظن بالله تعالى وقد
روى الصدوق عن الصادق (ع) قال من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن بالله عز وجل ان الله عز وجل يقولوا ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله وقال
النبي صلى الله عليه وآله من سره ان يلقى الله ساهرا مطهرا فليلقه بزوجه ومن ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن بالله عز وجل د يستحب التزويج لله تعالى ولصلة
الرحم قال زين العابدين (ع) من تزوج لله عز وجل ولصلة الرحم توجه الله تعالى تاج الملك ه‍ يكره تزويج المرأة لمالها وجمالها ولكن من تزوجها لدينها فقد روى
568

الصدوق عن هشام بن الحكم عن الصادق (ع) قال إذا تزوج الرجل امرأة لما لها وجمالها لم يرزق ذلك وان تزوجها لدينها تزفه الله تعالى مالها وجمالها وينبغي الشفقة على
النساء فقد روى سماعة عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اتقوا الله في الضعيفين يعنى بذلك اليتيم والنساء المقدمة السادسة في اختيار
الأزواج يستحب ان يتخير من النساء من تجمع أربع صفات كرم الأصل والبكارة والولود والعفيفة روى الصدوق عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن أبيه
عن ابائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل نساء أمتي اصبحهن وجها وأقلهن مهرا وقال الصادق (ع) من بركة المرأة خفة مؤنتها وتيسر ولادتها ومن شومها شدة
مؤنتها وتعسر ولادتها وقال أمير المؤمنين (ع) تزوج سمراء عيناء عجزا مربوعة فان كرهتها فعلي الصداق وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال إن لي زوجة إذا دخلت تلقتني
وإذا خرجت شيعتني وإذا رأتني مهموما قالت ما يهمك ان كنت تهتم لرزقك فقد تكفل لك به غيرك وان كنت تهتم بأمر اخوتك فزادك الله هما فقال رسول الله
ان الله عما لا وهذه من عماله لها نصف اجر الشهيد وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما استفاد امرء فائدة بعد الاسلام أفضل من زوجة مسلمة تسر إذا نظر إليها وتطيعه إذا
امرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسه وماله وقال رسول الله صلى الله عليه وآله الا أخبركم بخير نساءكم قالوا بلى يا رسول الله فأخبرنا قال إن من خير نساءكم الولود الودود والستيرة
العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان مع غيره التي تسمع قوله وتطيع امره وإذا خلا بها بذلت لها ما أراد منها ولو تبذل له ما يبذل
الرجل الا أخبركم بشر نسائكم قالوا بلى يا رسول الله الله فأخبرنا قال من شر نسائكم الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها العقيم الحقود التي لا تتورع عن قبيح المتبرجة إذا غاب
عنها زوجها الحصان معه إذا حضر التي لا تسمع قوله ولا تطيع امره فإذا خلا بها تمنعت تمنع الصعبة عند
ركوبها ولا تقبل له عذرا ولا تغفر له ذنبا ثم قال
أولا أخبركم (بخير رجالكم صح) فقلنا بلى قال من خير رجالكم التقى النقي السمح الكيس السليم الطرفين البر بوالديه ولا يحب عياله إلى غيره ثم قال أولا أخبركم بشر رجالكم قلنا بلى قال من
شر رجالكم الهاب الفاحش الاكل وحده المانع رقده الضارب أهله للنجيل الملجى عاله إلى غيره العلق بوالدين وقام عليه السالم خطيبا فقال أيها الناس إياكم
وخضراء الدمن قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما خضراء الدمن قال آل. مرأة الحسناء في منبت السوء وقال الصادق (ع) الشوم في ثلثه في الدابة والمراة والدار فاما المراة فشؤمها
غلا مهرها وعسر ولادتها واما الدابة فشؤمها كثرة عللها وسوء خلقها واما الدار فشؤمها ضيقها وحبت جيرانها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله تزوجوا الابكار فإنهن أطيب شئ
أفواها وأدر شئ اخلافا وأحسن شئ أخلاقا وافتح شئ أرحاما وقال الصادق (ع) ثلاثة أشياء لا يحاسب عليهن المؤمن من طعام يأكله وثوب يلبسه وزوجة صالحة تعاونه
ويحصن بها فرجه وعن علي (ع) قال إياكم ونكاح الربخ فإنه خلق مشوه وعن الصادق (ع) لا تنكحوا من الأكراد أحدا فإنهن حبس من الجن كشف عنهم الغطاء وقال علي (ع)
إياكم وتزويج الحمقاء فان صحبتها بلاء وولدها ضياع وساس بعض أصحابنا الباقر (ع) عن الرجل المسلم تعجبه المرأة الحسناء أتصلح له ان يتزوجها وهي مجنونه قال لا ولكن
إن كان عنده أمة مجنونة فلا باس ان يطوها ولا يطلب ولدها وقد روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله ندب إلى أربعة إحداها طلب الحسيبة فقال تخيروا لنطفكم فلا تضعوها
في غير الأكفاء وقال إياكم وخضراء الدمن وهي المرأة الحسناء في المنبت السوء الثاني اليكسر فإنه أهرى بالموالفة قال لجابر وكان قد تزوج ثيبا هلا بكرا تلاعبها و
تلاعبك الثالث الولود قال (ع) انكحوا أو للود الودود وقال الحصير في ناحية من امرأة لا تلد الرابع لأجنبية قال النبي (ص) لا تنكحوا القرابة القريبة فان الولد
يخرج ضاربا أي يخفا ولعل ذلك لنقصان الشهوة بسبب القرابة المقدمة السابعة في آدابا النكاح روى أبو بصير قال قال الصادق (ع) إذا تزوج أحدكم
كيف يصنع قال قلت له الا أدرى جعلت فداك قال فإذا هم بذلك فليصلي ركعتين ويحمد لله ويقول اللهم إني أريد ان أتزوج فاقد ولى من النساء أعفهن فرجا
وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي أوسعهن رزقا وأعظمهن بركه واقد لي منها والدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي وبعد موتى فإذا دخلت عليه فليضع يده
على ناصيتها ويقول اللهم على كتابك تزوجتها وفي أمانتك اخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا ولا تجعله شرك
شيطان قلت وكيف يكون شرك شيطان قال فقال إن الرجل إذا دنا من المراة وجلس مجلسه وحضره الشيطان فان هو ذكر اسم الله تنحى الشيطان عنه وان فعل فلم
بسم ادخل الشيطان ذكره وكان العمل منهما جميعا والنطفة واحدة قلت فبأي شئ يعرف هذا جعلت فداك قال يحبنا ويبغضنا مسألة يكره التزويج
والقمر في برج العقرب روى الشيخ والصدوق رحمهما الله تعالى عن الصادق (ع) قال من تزوج (والقمر في العقرب لم يرى الحسنى و؟؟؟ ابقات العقد ليلا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال اسواى صح) بالاملاك فإنه أعظم للبركة ومن طريفة الخاصة قول الرضا (ع) من السنة
الترويج بالليل لان الله عز وجل جعل الليل سكنا والنساء انما هن سكن ولأنه أقرب إلى مقصوده ولاقل لانتظاره وقال بعض العامة يستحب عقد النكاح يوم
الجمعة لشرفه وكونه يوم عيد وفيه خلق ادم (ع) مسألة لا خلاف في جواز الخطبة للنساء في غير النية موضع والحق استحبابها لان النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك فان النجاشي خطب
لرسول الله صلى الله عليه وآله ثبت أبي سفيان وفعل الناس في الأزمان المتعددة والبلاد المتانية يدل عليه وليست شرطا في صحته اجماعا واعلم أن الخطبة إما تصريح أو تعريض و؟؟
المخطوبة إما خلية من زوج وعدة أو مشغولة بأحدهما والخاطب إما زوج أو أجنبي فالتصريح الخطاب بما لا يحتمل الا النكاح مثل أن يقول في الخطبة أريد ان أنكحت
أو إذا انقضت عدتك نكحتك وإذا حللت فلا تفوتي على نفسك واما التعريض فهو الاتيان بلفظ يحتمل الرعية في النكاح وغيرها كقوله رب راغب قبك أو حريص
عليك ومن يجد مثلك وأنت جميلة وإذا حللت فآذنيني ولست بمرغوب عنك ولا يتبعن ايماء ورب راغب في نكاحك وان الله لسابق إليك خيرا وما أشبه
ذلك ومن التعريض ان يذكر لفظ النكاح ويفهم الخاطب فيقول رب راغب في نكاحك وكذا ان أظهر الخاطب وأبهم النكاح لان النبي صلى الله عليه وآله قال لفاطمة بنت قيس إذا حللت
فآذنيني ولا تقويتنا نفسك وهذا تعريض إذا عرفت هذا فالمراة ما حلية عن النكاح والعدة فيجوز خطبتها تعريضا وتصريحا واما ذات البعل فيحرم خطبتها
على غير الزوج تعريضا وتصريحا واما ذات العدة فإن كانت عدتها رجعية حرم خطبتها على غير الزوج؟؟ وتصريحا لأنها في الحقيقة أو وجد واما المطلقة ثلثا يجوز
التعريض لها من الزوج وغيره ولا يجوز التصريح لها من الزوج ولا من غيره واما المطلقة تسعا لعدة ينكحها بينهما رجلان وما أشبهها من المحرمات على التأبيد كالملاعنة
فلا يجوز لها التعريض من الزوج ولا يجوز التصريح في العدة من الزوج ولا من غيره واما للعبدة عدة لما بية كالمختلعة والمفسوخ نكاحها فيجوز التعريض
من الزوج وغيره والتصريح من الزوج دون غيره والمتوفى عنها زوجها يجوز التعريض لها لقوله تعالى ولا جناح عليكم فيما عرضتم ولا يجوز التصريح لدلالة مفهوم
الآية عليه ولأنه إذا صرح بخطبتها تحققت رغبة فيها فربما كذبت في انقضاء العدة لغلبة الشهوة وإذا عرض لم يتحقق الرغبة وللشافعية وجه في أن المتوفى عنها
زوجها إن كانت تعتد بالحمل لم تخطب خوفا من أن تتكلف القاء ولدها وللشافعي في التعريض في الخطبة للباينة قولان أصحهما الجواز لانقطاع سلطنة الزوج
عليها وحصول البينونة في الثاني المنع لان لصاحب العدة ان ينكحها فأشبهت الرجعية والمفسوخ نكاحها بسبب من الأسباب المقتضية للفسخ كالباقية
569

والتي لا تحل لمن منه العدة كالمطلقة ثلثا والمفارقة باللعان والرضاع كالمعتدة عن الوفاء ومنهم من جعلها على الخلاف في البانية ولا فرق عند أكثر الشافعية بين
ان يكون معتدة بالأقراء أو بالشهور وقيل بتخصيص الخلاف بذوات الأشهر وبالقطع بالمنع في ذوات الأقراء لأنها قد تكذب في انقضاء العدة لرغبتها في المخاطب
ولهم طريقان في المعتدة في وطئ الشبهة أحدهما طرد الخلاف وأصحهما القطع بالجواز إذ ليس للواطي عليها حق نكاح وقد بنوا الخلاف في هذه الصورة خلافا ووفاتا
على أن المقتضى للتحريم في الرجعية ما هو فقال بعضهم المقتضى انها بمعرض ان تراجع فقد تحملها الرغبة في المخاطب على أن تكذب في انقضاء العدة دفعا للرجعة
وقال بعضهم المقتضى انها مجفوة بالطلاق فعساها تكذب في انقضاء العدة إذا وجدت راغبا مسارعة إلى الانتقام من الزوج والمعينان متقيان في المتوفى
عنها زوجها فجاز التعريض لخطبتها وفي البانية وجد الثاني المعنى دون الأول وكان الخلاف والقائلون بهذا
البناطرد والخلاف في المطلقة ثلثا وفي المفسوخ نكاحها
وقال بعضهم ان فسخ الزوج فعلى أول الخلاف وان فسخت هي لم يجز التعريض لخطبتها قولا واحدا لأنها رغبت عن صحبته فلا يؤمن من كذبها في انقضاء العدة
إذا وجدت راغبا إذا ثبت هذا فان جواب المرأة مثل خطبة فيجوز لها التعريض بالخطبة فيما يجوز له التعريض فيه مسألة نهى الله تعالى عن المواعدة سرا
وليس المراد منه ضد الجهر لأنه يجوز التعريض بالخطبة سرا واجرها وانما أراد بالسر الجماع لقول امرء القيس الا زعمت بسباسة القوم انني كبرت وان لم يحسن
السر امثالي ومواعدة السران يقول عندي جماع يرضيك ونحوه من الكلام وكذا ان أخرجه مخرج التعريض بان يقول رب جماع يرضيك انما كره لأنه من
الهجر والفحش ولأنه ربما دعاها إلى الاخبار بانقضاء عدتها قبل انقضاءها ولذلك لم يجز التصريح بالخطبة تذنيب لو صرح بخطبتها في العدة أو وعدها
سرا ثم انقضيت عدتها فتزوج بها صح النكاح وإن كان قد فعل محرما لان النكاح يتجدد بعد المعصية فلا يؤثر تقديم المعصية عليه فيه كما لو نظر إليها مجردة
فإنه لا يؤثر في تحريم نكاحها وقال متى بعضهم صرح ثم عقد فسخ العقد وليس بشئ مسألة إذا خطب رجل امرأة فصرحت له بالإجابة مثل ان تقول قد أجبتك
إلى ذلك أو تأذن لوليها ان يزوجها منه إن كان ثيبا أو تسكت إذا استأذنها وليها فيه فيكون سكوتها جاريا مجرى الإجابة والاذن أو يكون ممن يخبرها وليها
قيصر حينئذ الولي بالإجابة قال الشيخ (ره) يحرم على غيره خطبتها لما روى عنه (ع) أنه قال لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه وبه قال الشافعي لما فيه من الافساد على الخاطب
الأول كما نهى رسول الله ان يبيع الرجل على بيع أخيه لهذه العلة وإن كان الولي ممن لا يجبر كالأخ والعم وغيرهما فإذا أجابوا لم يحرم بذلك خطبتها ولو اذن له ايجاب
في الخطبة أو ترك التزويج جاز له الخطبة اجماعا ولو ردت الخاطب فللغير خطبتها ولو لم يوجد منها إجابة ولا رد ولا ما يكون فيه ركون إلى اجابته لم يحرم خطبتها
وبه قال الشافعية لان النبي صلى الله عليه وآله قال لفاطمة بنت فليس إذا حللت فآذنيني فلما أحلت قال يا رسول الله خطبتي معوية وأبو جهم معا قال إما معاوية فصعلوك
لا مال واما أبو جهم فلا يضع عصاء عن عاتقه انكحي أسامة وانما خطبها لأسامة لأنها لم يوجد منها ما دل على اجابتهما وفى قوله (ع) لا يضع عصاه عن طائفة
عن عاتقه تأويلان أحدهما انه كثير الاسفار كما يقال للرجل المقيم في موضع القى فلان عصاه والثاني انه كثير الضرب للمرأة تقول العرب للرجل العفيف
الغيور لا يضع عصاه عن عاتقه ولان في تحريم الخطبة مع عدم الإجابة اضرار بالمرأة لان كل أحد متمكن من عدم نكاحها بان يخطبها ولو لم تصرح بالإجابة ولكن
وجد ما يشعر بالرضا والاجابة مثل ان تقول لا رغبت عنك فالأقرب عدم تحريم الخطبة وهو الجديد الشافعي لان خطبة الثاني لا تبطل شيئا مقررا والقديم انها
تحرم الخطبة وبه قال مالك وأبو حنيفة ولو لم يوجد الإجابة ولا الرد لم تحرم الخطبة وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون فيه القولان وجعل السكوت في الباب
من امارات الميل والتأمل والاستشارة ثم إن قلنا إن للأب واجلد ولاية على البكر كما هو مذهب الشيخ (ره) ومذهب أكثر العامد فالمعتبر رد الولي واجابته إن كانت
بكرا والولي الأب والجد له دون ردها واجابتها وإن كانت ثيبا فالمعتبر رد المراة واجابتها دون الأب والجد ولو كانت بكرا أو الولي غير الأب والجد كالأخ والعم
عند العامة فالمعتبر عندهم أيضا رد المرأة واجابتها واما الأمة فالمعتبر رد السيد واجابته وفي المجنونة مع عدم الأب والجد الحاكم ورده واجابته وسكوت الولي
لا يمنع الخطبة ان قلنا بان سكوت المرأة مانع كما أن السكوت لا يمنع السوم على السوم بخلاف سكوت المرأة لأنها مجبولة على الحياء فلو لا الرضا عند السكوت
لبادرت إلى الرد وقال بعض الشافعية ان فيه الخلاف السابق ويجوز الخطبة لمن لا يعلم أنها خطبت أولا أو لم يعلم أن الخاطب أجيب أم لا ولا فرق بين ان يكون الخاطب
الأول مسلما أو ذميا إذا كانت المراة ذمية عند بعض الشافعية والوجه جواز الخطبة على خطبة الذمي وان أجيب وكذا في السوم وبه قال بعض الشافعية
تذنيب لو خطب امرأة فأجابته فخطبها غيره وتزوج بها صح النكاح وإن كان فعل محرما وبه قال الشافعي لان المنع من ذلك محرما لمعنى في غير العقد فلا يمنع
صحته كما لو عقد في وقت بضيق عليه فيه الصلاة وقال مالك وداود لا يصح النكاح لقوله صلى الله عليه وآله لا يخطب الرجل على خطبه أخيه والنهى يدل على فساد النهى عنه
وهو ممنوع سلمنا لكن فساد الخطبة لا يقتضى فساد النكاح مسألة لو خطب رجل جاز لغيره مع عدم الإجابة والرد الإشارة به أو يفره وذكر مساويه
بالحق وقائلها فان فاطمة بنت قيس لها طلقها زوجها فبت طلاقها فأمرها النبي صلى الله عليه وآله ان تعتد في بيت ابن أم مكتوم وقال لها إذا حللت فاذنبتي فلما حلت أخبرته
ان معوية واباجهم خطباها فقال النبي (ص) إما معوية فصعلوك لا مال له واما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه انكحي أسامة فقد تعرض صلى الله عليه وآله بما يكرهه الخاطبان
ومعوية الذي خطبها هو ابن أبي سفيان وقيل غيره والمشهور الأول وتأول أبو بكر الصير في قوله (ع) لا يضع عصاه عن عاتقه بأنه كناية عن كثرة الجماع وهو خطأ لبعد اطلاع
النبي على هذه الحالة من غيره ثم إنه مستعبد من خلقه (ع) وحسن أدبه مع أن المرأة لا ترغب عن الخاطب بذلك بل هو داع لها إلى الإجابة وليس هذا من الغيبة المحرمة
فان الغيبة المحرمة التفكيه بذكر مثالب الناس واضحاك الناس بها وهتك أستارهم وذكر مساوى الانسان عند عدوه تقربا إليه وأشباه ذلك من الأغراض الفاسدة
فاما إذا أراد تصح الغير فلا باس قال (ع) إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه مسألة يستحب امام العقد الخطبة المشتملة على حمد الله تعالى والثنا عليه
والشهادتين والصلاة على النبي والوعظ والوصية بتقوى الله تعالى وليست الخطبة واجبة عند العلماء للأصل ولما رواه العامة عن سهل بن سعد الساعدي
قال إن الواهبة لما لم يقبل النبي صلى الله عليه وآله نكاحها قام رجل فقال زوجنيها يا رسول الله فقال زوجتكها بما معك من القران ومن طريق الخاصة رواية عبيد قال سألته
الصادق (ع) عن التزويج بغير خطبة فقال أوليس عامة ما يتزوج فتياننا ونحن نتعرف الطعام على الاخوان نقول يا فلان زوج فلانا فلانه فيقول
نعم قد فعلت وقال داود الخطبة في النكاح واجبة لقول النبي صلى الله عليه وآله كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر ولا دلالة على البطلان فيه لأنه (ع) أخبر انه يقع ناقصا لترك
السنة إذا ثبت هذا فقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله خطب وقال الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرورا نفسنا ومن سيئات
570

أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا إله إلا الله واشهد ان محمد رسول الله واتقوا الله الذي تساءلون به ولا أرحام ان الله كان
عليكم رقيبا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وأنتم مسلمون اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا
عظيما وخطب الجواد (ع) لما تزوج بنت المأمون فقال الحمد الله متم النعم برحمته والهادي إلى شكره بمنه وصلى الله على خير خلقه الذي جمع فيه من الفضل ما فرقه في الرسل
وجعل صوابه إلى من خصه بخلافته وسلم تسليما وهذا أمير المؤمنين زوجني ابنته على ما فرض الله عز وجل للمسلمات على المؤمنين امساك بمعروف أو تصريح باحسان
وبذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله صلى الله عليه وآله لأزواجه وهو اثنا عشر أوقية ونش على تمام الخمسمائة وقد بخلتها من مالي مائة الف زوجتني يا أمير المؤمنين قال
قال بلى قال قبلت ورضيت إذا عرفت هذا فإنه يكفى في الخطبة الحمد الله قال الصادق (ع) ان علي بن الحسين (ع) كان يتزوج وهو يتعرق عرقا يأكل فيما يزيد على أن يقول
الحمد الله وصلى الله على محمد وآله ويستغفر الله وقد زوجناك على شرط الله ثم قال إن علي بن الحسين (ع) إذا حمد الله فقد خطب مسألة قال الشافعي في النكاح
خطبتان واحداهما تتقدم العقد والاخرى تخلله فالمتقدمة ما قدمنا ه واما المتخللة فهو أن يقول الولي بسم الله والحمد الله وصلى الله على رسول الله أوصيكم بتقوى
الله زوجتك فلانه ويقول الزوج مثل ذلك الا أنه يقول موضع زوجتك قبلت هذا النكاح وقال الشيخ لا يعرف أصحابنا ذلك وللشافعية وجهان فيما إذا قال
الولي الحمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله زوجت منك فقال الزوج الحمد الله والصلاة على رسول الله قبلت هل يصح العقد أحدهما المنع لأنه تخلل بين الايجاب
والقبول ما ليس من العقد وأصحهما عندهم الصحة لان المتخلل من مصالح العقد ومقدمات القبول فلا يقطع الموالاة بينهما كالإقامة بين صلاتي الجمع وكطلب
الماء والتيمم بينهما وقال بعضهم موضع الوجهين ما إذا لم يطل الذكر بينهما فان أطال قطعنا ببطلان العقد ولو كان المتخلل بين الايجاب والقبول كلاما لا يتعلق بالعقد
ولا يستحب فيه جزم بعضهم بالبطلان لان كلام الأجنبي وان قل فهو كالسكوت الطويل فان الكلام اليسير يبطل الموالاة في الفاتحة كالسكوت الطويل واستحب
الشافعي أن يقول الولي أنكحتكها على ما أمر الله تعالى من امساك بمعروف أو تسريح باحسان قال أصحابه هذا إذا ذكراه قبل العقد فذاك وان قيد الولي الايجاب
به وقبل الزوج مطلقا أو مكررا له فوجهان أحدهما انه يبطل النكاح لأنه نكاح بشرط الطلاق على أحد التقديرين وأصحهما عندهم الصحة لان كل زوج مأخوذ
به بموجب الدين فليس في ذكره الا التعرض لمقتضى العقد مسألة يستحب لمن خطب امرأة ان يقدم بين يدي خطبته خطبة فيحمد الله ويثنى عليه ويصلى على
النبي صلى الله عليه وآله ويوصى بتقوى الله تعالى ثم تقول جئتكم خاطبا كريمتكم ويخطب الولي كذلك ثم يقول لست بمرغوب عنه أو ما في معناه ويستحب الدعاء للزوجين بعد العقد
فقد روى أنه صلى الله عليه وآله قال يا جابر توجت فقلت نعم فقال بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير مسألة يستحب الاعلان والاظهار في النكاح الدائم
والاشهاد وليس الاشهاد شرطا في صحة العقد عند علمائنا أجمع وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين وبه قال ابن عمرو ابن الزبير و عبد الرحمن ابن مهدي
ويزيد بن هارون واهل الظاهر داود وغيره وفعله ابن الحسن بن علي (ع) وابن الزبير وسالم وحمزة ابنا عمر وبه قال عبد الله بن إدريس والعنبري وابن ثور وابن المنذر
والزهري ومالك الا ان مالكا شرط عدم التواطئ على الكتمان للأصل ولامتناع اشتراط ما ليس بشرط في القران مع ذكر ما ليس بشرط فيه فان الله تعالى لم يذكر
الشهادة في النكاح وذكر الشهادة في البيع والدين مع أن الحكم في الشهادة في النكاح أكثر لما فيها من حفظ النسب وزوال التهم والتوارث وغيره من توابع النكاح فلو
كان الاشهاد فيه شرطا لما اهمله الله تعالى في القران لأنه مناف للحكمة ولما رواه العامة عن مالك ابن انس قال اشترى النبي صلى الله عليه وآله جارية بسبعة أرواس وقال الناس
ما ندري أتزوجها فعلموا انه تزوجها فاستدلوا على تزويجها بالحجاب وعن النبي صلى الله عليه وآله انه لما تزوج بصفية أو لم بتمروا قط فقال الناس نرى انه تزوج بها أم جعلها
أم ولده ثم قالوا إن حجبها فهى امرأته ولو كان اشهد ما اختلفوا لا يقال إنه من خصايصه عليه السلام ترك الاشهاد الا وعدم النقل لا يدل على العدم فجاز انه اشهد
ولم ينقل لأنا نقول يجب ان يبين انه من خصايصه لعموم دليل التأسي وهو مما يقم به البلومى فلا يترك نقله لو فعله ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم
عن الباقر (ع) قال انما جعلت البينة في النكاح من أجل المواريث وعن زرارة انه سال الصادق (ع) عن رجل تزوج منه بغير شهود قال لا باس بالتزويج البتة
بغير شهودا فيما بينه وبين الله تعالى وانما جعل الشهود في تزويج السنة من أجل الولد لولا ذلك لم يكن به باس وقال الشافعي لا ينعقد الا بشهادة عدلين ذكرين
ورواه عن علي (ع) وعن عمرو بن عباس واليه ذهب الشعبي والنخعي والأوزاعي والثوري واحمد لرواية عمرا ن بن حصين ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا نكاح الا بولي رشيد وشاهدين
عدلين ورد عمره نكاحا لم يشهد عليه الا رجل وامرأة وقال هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو تقدمت لرجمت والجواب منع الحديثين فان ابن عبد الله مع تقدمه
في الحديث قال هذا من حديث ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر الا في نقله ضعفا فلم أذكره سلمنا لكن حقيقة هذا الحديث غير منرادة بالاجماع لان الأعيان
لا يصح نفيها فلا بد من اضمار وليسوا باضمار ان الصحة أولي منابا ضمار الفضيلة وفعل عمر ليس حجة سلمنا لكن رده لأنه لم يثبت عنده شهادة رجل وامرأتين و
قال أبو حنيفة ينعقد النكاح بشهادة فاسقين وشاهدوا امرأتين ويثبت عند الحاكم بشاهد وامرأتين واما صحته بشهادة فاسقين فلانها حالة تحمل فصحت
من الفاسق كساير التحملات وليس بجيد لأنها ثبت بشهادة العدلين لا يثبت بشهادة الفاسقين كحالة الأداء وساير التحملات ليست واجبة وتصح من العبدين
بخلاف مسئلتنا واما صحته بشهادة رجل وامرأتين كالقصاص بخلاف البيع لان المقصود منه المال وقال احمد أيضا انه ينعقد بشاهد وامرأتين واعلم أن مالك
لم يشترط الشهادة بل الاعلان وترك التواطئ بالكتمان حتى لو تواصوا بالكتمان لم ينعقد النكاح وان حضره الشهود مسألة لا يشترط الولي الا في الصغيرة
أو المجنون فلو باشرت المرأة البالغة الرشيدة العقد على نفسها صح نكاحها على ما يأتي انشاء الله تعالى إذا تزوج المسلم كتابيه لم يشترط الولي عندنا ان سوغناه
ولا يشترط اسلام هذا الولي عند الشافعي بل يجوز ان يزوجها وليها الكافر إذا كان عدلا في دينه لأن هذه ولاية بالنسب فصحت من الكافر كولاية المال و
الحضانة وقال احمد لا يجوز لان كل عقد افتقر إلى شهادة المسلمين افتقر إلى اسلام الولي كالنكاح للمسلمة وفرق الشافعي بينه وبين نكاح المسلمة بانقطاع الموالاة
بينهما والشهود لانهم لا يرادون لاثبات النكاح عند الحاكم بخلافه الولاية مسألة شرط الشهود الذكورة فلا تقبل
شهادة النساء في النكاح لا
منفردات ولا منضمات وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وقد تقدم ويشترط أيضا التكليف والحرية فلا ينعقد عندهم بحضور الصبيان والمجانين والعبيد
لأنه لا يثبت بهم لو حصل حجور ونحن نقول إنهما شرط الثبوت لا صحة العقد ويشترط أيضا العدالة وبه قال الشافعي لعموم قوله تعالى ان جاءكم فاسق
بنبأ فتبينوا أوجب التثبت عند مجئ الفاسق ولقوله تعالى واشهدوا ذوي عدل منكم جعل مناط القبول العدالة إذ لو حصل بدونها لم يجز اشتراطها
571

لأنه في محل الارشاد ولان من لا تنعقد بشهادتهم نكاح المسلمين لئلا ينعقد به نكاح المسلم والذمية كالعبدين وقال أبو حنيفة ينعقد النكاح بكافرين لأنه لما
جاز ان يكون الولي كافرا كذلك الشهاد كنكاح الكافر ومنها السمع والبصر والنطق فلا ينعقد النكاح عندهم بحضور الأصم الذي لا يسمع أصلا وفي الأعمى
للشافعي وجهان أحدهما الانعقاد لأنه عدل فاهم وأصحهما عندهم المنع كما في الأصم لان الأقوال لا تثبت الا بالمعاينة والسماع وفي الانعقاد عندهم بحضور الأخرس
وجهان بناء على الخلاف في قبول شهادته ونقل بعض الشافعية ان مذهب الشافعي عدم قبول شهادته لان الشهادة تفتقر إلى صريح اللفظ وهو ممتنع في
حق الأخرس ونقل بعضهم ان المذهب قبولها لان إشارته إذا كانت مفهومة قامت مقام عبارته في العقد والطلاق وغير ذلك فكذلك في أداء الشهادة
وهل ينعقد بشهادة أصل الصنايع الدينة كالحارس والنكاس والحجام للشافعية وجهان والحق بعضهم الخلاف في الصباغين والصواغين ولا ينعقد عندهم
بشهادة الأعجمي الذي لا يعرف لسان المتعاقدين فان ضبط اللفظ فوجهان أحدهما القبول لأنه ينقله إلى الحاكم ولا ينعقد عندهم بشهادة المغفل الذي لا يضبط
فإن كان يحفظ وينسى عن قريب انعقد وهل ينعقد لو كان الحاضران عدوى الزوجين أو عدوى أحدهما (أو أحدهما عدو أحدهما صح) والثاني عدو الثاني فيه للشافعية وجوه أصحهما
عندهم الانعقاد اكتفاء بالعدالة والفهم ولأنهما من أهل الشهادة في النكاح في الجملة فانعقد بهما والثاني المنع لتعذر الاثبات بشهادتهما إذا كانا عدوين لهما
أو أحدهما عدوا أحدهما والاخر عدو للاخر وإذا كانا عدوين لأحدهما لم يمكن الاثبات بشهادة الا إذا كان الحجور من غير العدو والاحتياط والتوثيق مقصود
من الجانبين والثالث الفرق بين ان يكونا عدوين لهما أو كل واحد منهما عدو لأحدهما فلا ينعقد وبين ان يكونا عدوى أحدهما فينعقد لامكان الاثبات
بهما في الجملة وقطع بعض الشافعية بالانعقاد في هذه الصورة وخص الخلاف بالصورتين الأولتين ولو كان الحاضر ان ابني الزوجين أو ابني أحدهما أو ابن
أحدهما مع ابن الأخر فللشافعية هذه الا وجه ومنهم من قال يختص الخلاف بهذه الصورة وفي العدوين ينعقد لا محاله والفرق ان العداوة قد تزل و
ويجرى الخلاف بين الشافعية فيما لو حضر جد الزوج وجد الزوجة أو أبو الزوج وجدها أو أبوه وأبوها واما أبيها فولى عاقد فلا يكون شاهدا كالزوج ولو كان
وكيلا لم ينعقد بحضوره عندهم لان الوكيل نائب الموكل وقال بعض الشافعية وجها رابعا وهو انه ينعقد بابني المرأة وعدو الزوج لان الزوج بقدر على الاثبات
بشهادتهما ولا ينعقد عندهم بابني الزوج وعدوى المرأة لأنه لا يقدر عليه والمرأة لا يحتاج إلى الشهادة لاثبات الحل فإنه يندفع بانكار الزوج نعم قد يحتاج لاثبات
المهر والنفقة لكن المقصود الأصلي من النكاح الحل والشهادة شرطت لاثباته عندهم واما لو كان الحاضر ان مستورين قال بعض الشافعية لا ينعقد النكاح
بل لا بد من معرفة العدالة باطنا ليمكن الاثبات بشهادتهما والمذهب عندهم الانعقاد لان النكاح يجرى فيما بين أوساط الناس والعوام ولو كلفوا معرفة
العدالة باطنا لشق عليهم وتعذرت العقود (ويلزم على صح) هؤلاء ترك العمل بمذهبهم إما الحكم فلا يجوز بشهادة المستورين لان الحاكم يسهل عليه مراجعة المزكئين و
معرفة العدالة الباطنة ونعنى بالمستورين من يعرف بالعدالة التظاهر الا باطنا وقيل من يشتبه حاله في الفسق والعدالة فعلى هذا شاهد النكاح إذا لم يعلم
فسقهما وكان ظاهرهما العدالة انعقد النكاح عندهم ولا يجب البحث عن حالهما حين العقد قال أبو إسحاق انه لو وجب البحث عن حالهما لم ينعقد النكاح الا
بحضرة الحاكم لان العدالة لا يثبت الا عنده وقد أجمع المسلمون على انعقاده بغير حضوره ولا ينعقد عندهم بمن لا يظهر اسلامه وحريته بان يكون في موضع يمتزج
فيه المسلمون بالكفار والعبيد بالأحرار ولا غالب ولا يكفى بظاهر الاسلام والحرية بالدار حتى يعرف حاله فيهما باطنا وفرق بعضهم الحرية لسهل الوقوف
عليها بخلاف العدالة والفسق ولو أخبر عدل عن فسق المستور قال بعض الشافعية زال باخباره الستر حتى لا ينعقد النكاح بحضوره وهل يزول بمجرد
اخباره بناء على أنه رواية ولا لأنه شهادة فلا يعتبر القول من يجرح عند القاضي تردد الشافعية فيه وهذا كله عندنا سقاط لأنا لا نشترط الشهادة في العقد
مسألة لو بان كون الشاهد فاسقا عند العقد لم يؤثر في صحته عندنا وللشافعية طريقان أحدهما انه يبين بطلان النكاح لظهور عدم الشرط
وهو العدالة فأشبه ما لو بانا كافرين أو فاسقين والثاني انه على قولين للشافعي وجه الجواز الاكتفاء بالستر حال العقد وهما كالطريقين فيما إذا حكم الحاكم
بشهادة شاهدين ثم بانا فاسقين هل ينقض الحكم والأصح البطلان وانما يثبت الفسق بينة يشهد به أو بتصادف الزوجين ولا اعتبار بقول الشاهدين
كنا فاسقين حال العقد كما لا اعتبار بقولهما كنا فاسقين حال الحكم بعد الحكم بشهادتهما وكذا لو تصادق الزوجان على وقوع العقد حال الاحرام أو العدة
أو الردة يعلم بطلان العقد ولا مهر قبل الدخول ولو فسق الشاهدان ان بعد العقد لم يؤثر في صحة العقد اجماعا لان الفسق قد يحدث واستتابة المستورين
قبيل العقد احتياط واستظهار وتوبة العلن بالفسق حينئذ هل تلحقه بالمستور الاظهر المنع لأنها لا تصدر من عزم محقق فان حكمنا بأنها ملحقه بالمستور
فلو عادوا إلى فجورهم على القرب فالظاهر أن تلك التوبة تصير ساقطة الأثر ولو ادعى نكاح امرأة بولي وشاهدي عدل وأقام شاهدين عند الحاكم فإنه يبحث عن
حالهما حين الحكم ولا يبحث عن حالهما حين العقد ولو اعترف رجل وامرأة انهما نكحا بولي مرشد وشاهدي عدل امضى النكاح بينهما ولم يبحث عن حال الشهود لان النكاح
ثبت باقرارهما فاكتفى به المقدمة الثامنة في النظر مسألة لا نعلم خلافا بين العلماء في أنه يجوز لمن أراد التزويج بامرأة ان ينظر إلى وجهها وكفيها
مكررا له لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال للمغيرة وقد خطب امرأة انظر إليها وفي رواية إلى وجهها وكفيها فإنه اجرى ان يؤدم (يوتما) بينكما أي يجعل بينهما
المودة والألفة يقال ادم الله بينهما على وزن فعل وعن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا خطب أحدكم المرأة فان استطاع ان ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت
جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها ومن طريق الخاصة رواية عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قلت له الرجل يريدان يتزوج
المرأة فينظر إلى شعرها قال نعم انما يريدان يشتريها بأغلى الثمن وسئل علي (ع) في الرجل ينظر إلى محاسن امرأة يريدان يتزوجها قال لا باس قال انما هو مستام الحديث
فإذا عرفت هذا فلا يشترط اذنها للعموم بل يكفى في هذا النظر اذن رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رخص فيه وقال مالك يشترط في اباحته اذنها وليس بجيد للعموم ولائه
لو راجعها لزينت نفسها فيفوت المطلوب من النظر مسألة يختص جوا النظر لمن يريدان يتزوجها بالوجه والكفين وهو المشهور بين العامة لقوله عليه
السلم للمغيرة بن شعبة انظر إلى وجهها والى كفيها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إياكم والنظر فإنه سهم من سهام إبليس ولأنهما ليستا من العورة لظهورهما
غالبا وهو مجمع المحاسن ومواضع النظر وقال داود ينظر إلى جميع بدنها سوى الفرج وقال الأوزاعي ينظر منها إلى موضع لحمها لما رواه جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال
من تاقت نفسه إلى نكاح امرأة فلينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها وهو مجمل وما قلناه من الخبر مشترك ولان النظر محرم أبيح للحاجة فاختص بما تدعوه
572

إليه الحاجة إذا عرفت هذا فللشافعية وجهان في أنه ذه النظر مستحب أو مباح مجوز أصحهما عندهم الأول للامر ويجوز تكرير النظر إليها لتبين لهيئتها فلا يقدم
بعد النكاح ولو تعذر النظر منه بعث اشراه تتأملها وتصفها له فان النبي بعث أم سليم لما امره وقال انظر إلى عرقوبيها وسمى معاطفها ويجوز النظر إلى الكفين
ظهرا وبطنا سواء كان مع خوف الفتنة أولا لان الغرض إرادة النكاح وما عدا الوجه والكفين لا يجوز النظر إليه لأنه عورة وهي بعد أجنبية وقد جوز في بعض رواياتنا
النظر إلى شعرها وللشافعية وجهان في المفصل الذي هو بين الكف والمعصم وقال مالك يجوز النظر إلى الوجه والكفين والقدمين وبعض الذراع وقال أبو حنيفة
يجوز النظر إلى الوجه والكفين والقدمين بناء على أن القدمين ليسا من العورة وعن أحمد روايتان أحدهما انه لا يباح الا الوجه لاندفاع الحاجة به فيبقى
الباقي على التحريم المستفاد من قوله (ع) المرأة عورة والثانية انه يجوز له النظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها من يدا وجسم أو نحو ذلك مسألة وقت النطر عند إرادة
التزويج بها والغرم على نكاحها للروايات فإنها تدل على ذلك وقبل الخطبة لأنه لو كان بعد الخطبة وتركها شق عليها وأوحشها وهو الاظهر عند الشافعية ولهم
وجهان آخران أحدهما انه ينظر إليها حنى تأذن في عقد النكاح لأنه وقت الحاجة والثاني عند ركون كل واحد منهما إلى صاحبه وذلك حين تحريم الخطبة على الخطبة
مسألة النظر إما ان يكون لحاجة أولا الأول ان لا يكون لحاجة فلا يجوز للرجل النظر إلى الأجنبية التي لا يريد نكاحها فيما عدا الوجه والكفين فاما الوجه
والكفان فان خاف الفتنة حرم أيضا لقوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم وان لم يخف الفتنة قال الشيخ (ره) انه يكره وليس بمحرم لقوله تعالى ولا يبدين
زينتهن الا ما ظهر منها وهو مفسر بالوجه والكفين وهو قول أكثر الشافعية ولهم قول اخر انه يحرم لاتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن مسافران
ولو حل النظر لتنزلن منزلة الرجل ولان النظر إليهم مظنة الفتنة وهل مح الشهوة فاللايق بمحاسن الشرع حسم الباب والاعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة
بالأجنبية ولان الخشية أتت رسول الله بمنى في حجة الوداع تستفتيه في الحج وكان الفضل بن العباس رديف رسول الله صلى الله عليه وآله فاخذ ينظر إليها وتنظر إليه فصرف النبي صلى الله عليه وآله
وجه الفضل عنها وقال رجل شاب وامرأة شابه فخشيت ان يدخل بينهما الشيطان وهو الأقوى عندي وليس المراد من الكف مجرد الراحة بل اليد من رؤوس الأصابع
إلى المعصم وللشافعية وجه انه يختص الحكم بالراحة وأخمص القدمين القسم الثاني ان يكون هنا ك حاجة إلى النظر فيجوز اجماعا كم يريد نكاح امرأة فإنه
يجوز له النظر إلى وجهها وكفيها على منا تقدم وكذا لمن يريد شراء جارية فإنه يجوز له النظر إليها والى جسدها من فوق الثياب ومكشوفة للحاجة إلى التطلع إليها
لئلا يكون فيه أعيب فيحتاج إلى الاطلاع عليه وكذا إذا عامل امرأة ببيع أو غيره أو يتحمل شهادة عليها جاز له النظر إلى وجهها ليعرفها عند الحاجة ولا ينظر إلى
غير الوجه لزوال الضرورة به وإذا نظر إليها وتحمل الشهادة كلفت الكشف عن وجهها عند الأداء وكذا يجوز النظر واللمس للمفصد والحجامة ولمعالجة العلة ويجوز
للطبيب النظر إلى فرج المرأة للمعالجة مع الحاجة ولا يشترط في جواز نظره خوف فوات العضو بل المشقة بترك العلاج خلافا لبعض الشافعية ولا خوف شدة الضناء خلافا
لبعضهم وينبغي ان يكون ذلك بحضور محرم وهل يشترط عدم امرأة يعالج وفي جواز نظر المرأة إلى الرجل لان لا يكون هناك رجل يعالج نظر وللشافعية قولان وهل
يجوز النظر إلى فرجها الزانيين لتحمل شهادة الزنا والى فرج المرأة للشهادة على الولادة والى ثدي المرضعة للشهادة على الرضاع نظر أقربه المنع لأنه نظر إلى فرج
محرم فكان حراما وليس الشهادة على الزنا عذرا لأنه مأمور بالستة واما في الولادة والرضاع فشهادة النساء كافية فيهما فلا حاجة إلى أن يتعمد الرجل النظر فيه
وهو أحد أقوال الشافعية والأظهر عندهم الجواز مطلقا في الزنا وغيره ليلا يؤدى إلى تعطيل هذا الركن من الشرع وليس بجيد لان الشرع معرفة ما يجب فعله
لو فرض واقعا وقال بعضهم يجوز في الزنا دون غيره لأنه بالزنا هتك الحرمة فجاز ان تهتك حرمته وقال آخرون يجوز في غير الزنا ولا يجوز في الزنا لان الحد مبنى
على الاسقاط مسألة لا يجوز للرجل النظر إلى الرجل بشهوة وريبة لقوله تعالى قل للمؤمنين بغضوا من ابصارهم وان خلا عن الريبة والشهوة جاز له ان
ينظر إليه والى جسده عاريا ما عدا العورة وهي المقبل والدبر خاصة عند أكثر علمائنا وعند آخرين ما بين السرة إلى الركبة عورة وبه قال الشافعي ولا يحرم
النظر إلى الامر وبغير شهوة ان لم يخف الفتنة وان خاف احتمل التحريم تحرزا عن الفتنة وهو الأقوى والعدم وال لأمر الشارع الامر وبالاحتجاب كالنساء وللشافعية
وجهان كهذين وروى العامة ان وفدا قدموا رسول الله صلى الله عليه وآله وفيهم غلام حسن الوجه فأجلسه من ورائه وقال اخشى على نفسي ما أصاب اخى داود وكان ذلك بمرأى
من الحاضرين ولم يأمره بالاحتجاب عن الناس فدل على أنه لا يحرم ولأنه لم يزل الصبيان بين الناس مكشوفين والوجه الإباحة الا في حق من أحسن في نفسه
بالفتنة فيحرم عليه بينه وبين الله تعالى إعادة النظر ويجوز للطبيب النظر إلى عورة الرجل للمداواة كما يجوز في المراة وكذا لغيره مع الحاجة مسألة يجوز للمرأة
النظر إلى المراة كما في نظر الرجل إلى الرجل ولا يجوز لريبه وتلذذ يجوز النظر من وراء الثياب ومجردة مع
عدم الفتنة ومعه احتمال كالرجل وللشافعية وجه ان فطر
المراة للمراء كنظر الرجل إلى المحارم والأصح عندهم عدم الفرق وهل يجوز للذمية النظر إلى المسلمة للشيخ (ره) تعالى قول انه لا يجوز وهو أحد وجه الشافعية لقوله تعالى
أو نسائهن وليست الذميات من نسائنا والأقوى الجواز كنظر المسلمة إلى المسلمة وعلى قول الشيخ ليس للذمية الدخول مع المسلمة في الحمام وعلى الجواز ما الذي
تر الذمية من المسلمة قال الجويني لا ترا منها الا ما يراه الرجل الأجنبي وقيل لا ترا الا ما يبد وعند المهنة مسألة منع جماعة من علمائنا نظر (المراة صح) إلى الرجل كالعكس
لقوله تعالى وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن فلا يجوز لها النظر الا إلى وجهه وكفيه لان الرجل في حق المراة كالمرأة في حق الرجل وهو قول أكثر الشافعية لما
روت أم سلمة قالت كنت انا وميمونه عند النبي صلى الله عليه وآله فاقبل ابن أم مكتوم فقال احتجبا عنه فقلنا انه أعمى فقال النبي صلى الله عليه وآله أفعميا وان أنتما وقال بعضهم انها تنظر
إلى ما يبدو عنه عند المهنة دون غيره إذ لا حاجة إليه وقال بعضهم انها تنظر إلى جميع بدوه الا ما بين السترة والركبة وليس كنظر الرجل إلى المرأة لا بدنها عورة في
نفسه ولذلك يجب ستره في الصلاة ولأنهما لو استويا لأمر الرجل بالاحتجاب كالنساء هذا كله في الأجانب ولا يجوز للمرة النظر إلى الرجل عند لخوف الفتنة للآية
ولا فرق بين ان يكون الرجل عاقلا أو مجنونا في تحريم نظرها إليه مسألة كره للرجلين ان يضطجعا في ثوب واحد (قال صلى الله عليه وآله لا يفضى الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تقضى المراة إلى المراة في ثوب واحد صح) ولو كان هناك ريبة منع الرجلان من
ذلك وكذا المرأتان يؤدبهما الحاكم إذا كانا مجردين وصوت المرأة عورة يحرم استماعه مع خوف الفتنة لا بدونه وينبغي لها ان تجيب المخاطب لها أو قارع الباب
بصوت غليظ ولا ترخم صوتها وللشافعية وجهان في أنه عوره أم لا لكن يحرم الاصغاء إليه خوف الفتنة لما رواه الصدوق أمير المؤمنين (ع) كان يسلم على النساء
وكان يكره ان يسلم على الشابة منهن وقال أتخوف ان يعجبني صوتها فيدخل من الاثم على أكثر مما اطلب من الاجر مسألة الطفل الذي لم يظهر على عورات
النساء لا حجاب منه لقوله تعالى أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء وبالجملة إذا لم يبلغ مبلغا يحكى ما يرى فحضوره كغيبته ويجوز له التكشف من كل وجه ولو
573

بلغ هذا المبلغ فإن لم يكن فيه ثور ان شهوة أو تشوق فالأقرب جواز نظره كما ينظر الرجل إلى محارمه كما أن له الدخول من غير استيذان الا في الأوقات الثلاثة قال الله
تعالى ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلث مراة الآية وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان نظره كنظر البالغ إلى الأجنبيات لظهوره
على العورات ولا باس بهذا القول واما ان يكون فيه ثور ان شهوة وتشوق فان حكمه حكم البالغ في تحريم النظر واباحته قال القفال من الشافعية لا يحرم على النظر
لثبوت الحل فلا يرفع الا بسبب ظاهر وهو البلوغ وليس بجيد مسألة الممسوح كالفحل عند بعض علمائنا وقواه الشيخ فليس له النظر إلى الأجنبية وإن كانت
مالكة له ولعموم قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم وهو أحد وجهي الشافعية لأنه يحل له نكاح التي ينظر إليها فكيف يجعل كالمحرم ولما رواه أحمد بن إسحاق
عن الكاظم (ع) قال قلت له يكون للرجل الخصي يدخل على نسائه فينا ولهن الوضوء فيرى شعورهن فقال لا وقال بعض علمائنا يجوز ان ينظر الممسوح إلى مالكته
وبه قال بعض الشافعية لقوله تعالى أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال ولرواية محمد بن إسماعيل عن الرضا (ع) والجواب عن الآية انه محمول على الخصي الكبير الهم
الذي ذهبت شهوته فإنه يصدق عليه انه غير أولي الإربة وعن الثاني بأنه محمول على التقية قال الشيخ (ره) انه قد روى في حديث اخر انه لمنا سئل عليه السلام (عن ذلك صح) فقال
أمسك عن هذا ولم يجبه وهو يدل على التقية واما المجبوب الذي بقى انثياه والخصي الذي بقى ذكره فإنه كالفحل وكذا الغين والمخنث وهو المتشبه بالنساء
والشيخ الهم فالأقرب انهم كالفحل لعموم الآية وهو أحد قولي الشافعية والثاني لهم ان الخصي والمخنث فيهما وجهان وقال بعضهم في الخصي لا يحل له النظر إلى أن يكبر و
يهرم وتذهب شهوته وكذا المخنث مسألة المملوك الفحل لا يحل له النظر إلى الأجنبية وإن كانت مالكة له ولا يكون محرما لها ولا فرق في التحريم بين النظر
إلى وجهها وكفيها وغيرهما لعموم قوله تعالى قل للمؤمنين وهو أحد قولي الشافعية واحدى الروايتين عن أحمد وبه قال أبو حنيفة لأنه لو ثبتت المحرمية لاستمرت
والقول الثاني للشافعي أنه يكون محرما يجوز له النظر إلى ما يجوز للمحارم النظر إليه وهو الرواية الثانية عن أحمد لقوله تعالى أو ما ملكت ايمانهن ولما رواه انس
ان النبي صلى الله عليه وآله جاء إلى فاطمة عليها السلام بعد قد وهبه لها وعلى فاطمة (ع) ثوب إذا قنعت به واسها لم يبلغ رجليها وإذا عظت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى رسول
الله صلى الله عليه وآله ما تلقى قال إن ه ليس عليك باس انما هو أبوك وغلامك ولان إسحاق بن عمار سال الصادق (ع) أينظر المملوك إلى شعر مولاته قال نعم والى ساقيها والانه قد بينا
ان المراد به الإماء والرواية غير دالة على المقصود لجواز صغر المملوك أولا ولأنه لم يذكر عدم الستر مطلقا بل صعوبة الستر بذلك الثوب ولان المالكة لا تحرم على
العبد على التأبيد ولا يحل له استمتاعها فلم يكن محرما كزوج أختها ولأنه لا يؤمن عليها منه إذ ليست بينهما نفرة المحرمية والملك لا يقتضى النفرة الطبيعية كالسيد
مع أمته ورواية اسحق ضعيفة لان فيه قولا مع احتمال صغر المملوك وكره سعيد بن المسيب وطاوس والحسن ومجاهد نظر العبد إلى شعر المالكة مسألة لا يجوز
النظر إلى أمة لغير إذا لم يرد شارها الا إلى وجهها وكفيها وشعرها إذا لم يكن النظر لريبة أو تلذذ مع امن الفتنة لان الرقيقة يحتاج إلى التردد في المهمات فإن لم يكن كذلك
بل خاف الفتنة حرم النطر مطلقا وللشافعية ثلثه أوجه أحدهما ان الأمة كالحرة وليس بمشهور عندهم والثاني انه يحرم النظر إلى ما لا يبدو منها عند المهنة والثالث
ان المحرم النظر إلى ما بين السرة والركبة لا غير والأقرب ما قلناه لقوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم وهو عذم في الحرة والأمة ولعموم قول رسول الله محاسن
نساء أمتي على رجال أمتي حرام رواه الصدوق فروع ا يجوز النظر إلى أهل الذمة شعورهن لأنهن بمنزلة الإماء لكن لا يجوز ذلك لتلذذ أو ريبة أو خوف افتتان
لقول الصادق) ع) لا باس بالنظر إلى نساء أهل تهامة والاعراب واهل البوادي من أهل الذمة والعلوج لأنهن إذا نهين لا ينتهين (ب) يجوز النظر إلى شعر المجنونة المغلوبه
وجسدها من غير تعمد لقول الصادق (ع) والمجنونة المغلوبه لا باس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك ج الخنثى المشكل إن كان حرا لم يخبر للرجل النظر إليه
ولا للخنثى النظر إليه ولا يجوز للمرأة النظر إليها وبالعكس عملا بالاحتياط وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون منهم بالجواز للرجل والمرأة ولها بالنسبة إليها استصحابا
لما كان في الصغر حتى يعملوا خلافه وليس بجيد لعموم الآية وإن كان أمة فحكمه ما تقدم في الإماء مسألة
الصبية الصغيرة التي ليست في مظنه الشهوة يجوز للرجل
النظر إليها لان راعى الشهوة منفى بالسنية إليها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني التحريم لأنها من جنس الإناث وليس بشئ لان الغرض من التحريم منع النفس من دواعي
الشهوة وهو متحقق هنا لوا فرق بين خذ العورة وغيره لكن لا يجوز النظر إلى فرجها واما إن كانت في مظنة الشهوة فلا يجوز النظر إليها واما العجوز فقد قيل إنها كالشابة
لان الشهوات لا تضبط وهو محل الوطي والا قر بأنه إذا بلغت المراة في السن إلى حيث ينتفى الفتنة بالنظر إليها جاز النظر إليها لقوله تعالى والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون
نكاحا مسألة يجوز للرجل ان ينظر إلى محارمه سواء حرمن بالنسب أو بالمصاهرة أو بالرضاع وينظر إلى محاسنها وبدنها مستورا كان أو غير مستورا لا العورة
إذا لم يكن هناك ريبة لقوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آباءهن أو اباء بعولتهن الآية وكان الحرمة معنى يوجب قطع المناكحة وتحريمها على التأبيد فكانا
كالرجلين والمرأتين وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين لأنه لا ضرورة إليه واما الثدي حال الارضاء فإنه ملحق بالوجه
لشدة الحاجة وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انه ممنوع منه وفرق بعض الشافعية بين المحارم بالنسب وبين المحارم بالمصاهرة والرضاع ولا يجوز النطر إلى العورة
من ذي المحارم مطلقا الا عند الحاجة والضرورة كالمداواة والطبيب وغيرهما مسألة لا فرق في التحريم بين جملة البدن وابعاضه المتصلة به عدا الوجه
والكفين كما تقدم وعد الفرج في المحارم ولو كان العضو مقطوعا فالأقرب انه لا يحرم النظر إليه لانتفاء خوف الفتنة بالنظر إليه وعدم تعلق الشهوة به فأشبه
الحجر وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم التحريم إن كان مما يحرم النظر إليه مع الاتصال وفصل بعض الشافعية في العفو المبان من المراة فقال إن لم تمييزه بصورته
وشكله عما للرجل كقالمة الظفر والشعر والجلدة المنكشطة لم يحرم النظر إليه وان تمير حرم النظر إليه مسألة يجوز للرجل النظر إلى جميع بدن زوجته وأمته
التي ليست ذات بعل الا انه يكره النظر إلى الفرج وتشتد الكراهة في النظر إلى باطن الفرج لان له الاستمتاع به فالنظر الولي ولان أبا حمزة الثمالي سال الصادق (ع)
أينظر الرجل إلى فرج امرأته وهو يجامعها قال لا باس وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال النظر إلى الفرج يورث الطمس أي العمى ولا
حجة فيه لاحتمال الكراهة ويؤيد ذلك رواية سماعه قال سألته عن الرجل ينظر إلى فرج المرأة وهو يجامعها قال لا باس من غير حاجة ولا فرق في جواز النظر إلى
فرج أمته التي يجوز له الاستمتاع بها بين ان يكون الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد ويجوز النظر إلى فرج الحايض لان المانع قريب الزوال وكذا يجوز النظر إلى فرج
المرهونة ولو كانت مرتده أو مجوسية أو وثنية أو مزوجة أو مكاتبة أو مشتركة بينه وبين الغير لم يجز النظر بل كانت بمنزلة أمة الغير لما روى عنه (ع) أنه قال إذا
زوج أحدكم جاريته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما بين السرة والركبة ولو كانت المنكوحة معتدة عن وطى شبهة قال بعض الشافعية انها كالمكاتبة ويمكن الجواز ونظر
574

المرأة إلى فرج زوجها جايز مسألة كل موضع يحرم فيه النطر فتحريم المس أولي لأنه أقوى وأشد في التلذد والاستمتاع من النظر ولهذا لا يبطل الصوم
بالانزال المستند إلى النظر ويبطل لو استند إلى؟؟ الملامسة ويحرم على الرجل ذلك سوءة الرجل ويجوز ذلك فخذه من فوق الازار الا ان يحصل شهوة أو تلذذ خوف
فتنة ولا يجوز للرجل ومس وجه المرأة الأجنبية وان جوزنا النظر إليه لانتفاء الحاجة ويجوز معها ويجوز مس جسد المحارم لغير شهوة أو تلذذ ومنع الشافعية من مس
كل ما يجوز النظر إليه من المحارم والإماء حتى أنه لا يجوز للرجل عندهم ان يمس بطن امه ولا ظهرهما ولا يغمر ساقها ورجلها ولا يقبل وجهها وكذا لا يجوز للرجل ان يأمر
ابنته أو أخته ان تعمز رجله وليس كذلك شئ بل الأولى الجواز في ذلك كله وبه قال أبو حنيفة ولا باس ان يضاجع الرجل الرجل في فراش إذا كان كل واحد منهما في جانب
منه وكذا المراة مع المرأة إذا لم يكن هناك ريبة ولا تلذذ ومنع الشافعي منه مطلقا لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يفضى الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا يفضى المرأة إلى المرأة
في الثوب الواحد قالوا وإذا بلغ الصبى أو الصبية عشر سنين وجب التفريق بينه وبين امه وأبيه وأخته وأخيه في المضجع لقوله اضربوه عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في
المضاجع والأولى التحريم مع خوف الفتنة والا فلا مسألة يستحب مصافحة الرجل للرجل روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن الرجل يلقى أخاه أو صديقه اينحنى
له قال لا قيل فيلزمه ويقبله قال لا قيل أفياخذه بيده ويصافحه قال نعم وروى علماؤنا استحباب ذلك في عيد الغدير وكذا مصافحة المرأة للمرأة واما مصافحة الرجل للمرأة
فإن كانت أجنبية لم يجز الا من وراء الثياب مع امن الافتتان به وعدم الشهود لما رواه الصدوق عن أبو بصير انه سال الصادق (ع) هل يصافح الرجل المراة ليست له
بذى محرم قال لا الا من وراء الثياب واما المعانقة والتقبيل بين الرجلين أو بين المرأتين فلا باس مع عدم الشهوة وامن الفتنة وكره بعض الشافعية ذلك الا تقبيل
الولد للشفقة وقد روى الصدوق عن أمير المؤمنين أنه قال مباشرة المرأة ابنتها إذا بلغت ست سنين شعبة من الزنا وسال أحمد بن النعمان الصادق (ع) فقال
له جويرته ليس بيني وبينها رحم ولها ست ستين قال لا تضعها في حجرك وروى أنه يفرق بين الصبيان في المضاجع لست سنين وقال رسول الله صلى الله عليه وآله الصبى والصبي
والصبية والصبية والفتى والصبية يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين وعن الصادق (ع) قال إذا بلغت الجارية ست سنين فلا تقبلها والغلام لا يقبل المراة إذا جاز
سبع سنين المقدمة التاسعة في آداب الخلوة مسألة يستحب لمن أراد الدخول بزوجته ان يصلى ركعتين ويدعو بعدهما بالمنقول وإذا أمر المراة
بالانتقال إليه ان تصلى ركعتين ويدعوا الله ويكون هو وإياها متطهرين ويأمرها أهلها بصلاة ركعتين أيضا ثم يدعوا واضعا يده على ناصيتها وقت الدخول
عليه روى أبو بصير قال سمعت رجلا وهو يقول لأبي جعفر الباقر (ع) جعلت فداك أفي رجل قد اسننت قد زوجت امرأة بكرا صغيره ولم ادخل بها وانا أخاف ان أدخلت
على فراشي ان تكرهني لخضابي وكبرى قال الباقر (ع) إذا دخلت عليك انشاء الله فمرهم قبل ان تأتى إليك أن تكون متوضية ثم لا تصل إليها أنت حتى تتوضأ وتصلى ركعتين (ثم مرهم يأمرونها ان تصلى أيضا ركعتين)
ثم تحمد الله وتصلى على محمد واله ثم ادعو الله ومر من معها ان يؤمنوا على دعائك ثم ادعوا الله وقل اللهم ارزقني الفها وودها ورضاها بي وارضني بها واجمع بيننا بأحسن
اجتماع وانس ايتلاف فإنك تحب الحلال وتكره الحرام واعلم أن الألف من الله والفرك من الشيطان ليكره ما أحل الله عز وجل وتدعوا أيضا بما تقدم مسألة
يستحب ان يكون الدخول ليلا لئلا يحصل من الحياء نهارا ما يتعذر معه الجماع ولقول الصادق (ع) زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى وروى لما كانت ليلة زفاف فاطمة
بعلى (ع) اتى النبي صلى الله عليه وآله ببغلته الشهبا وبنى عليها قطيفة وقال لفاطمة (ع) اركبي وامر سلمان رحمه الله ان يقودها والنبي صلى الله عليه وآله يسوقها فبينا هو في بعض الطريق إذا سمع النبي صلى الله عليه وآله
وحية فإذا هو بجبرئيل (ع) بسبعين ألفا وميكائيل (ع) في سبعين ألفا فقال النبي صلى الله عليه وآله ما أهبطكم إلى الأرض قالوا جئنا نزف فاطمة إلى زوجها وكبر جبرئيل وكبر ميكائيل وكبرت
الملائكة وكبر محمد صلى الله عليه وآله فوضع التكبير على العرايس من تلك الليلة مسألة يستحب ان يسمى عند الجماع قال الصادق (ع) إذا اتى أحدكم أهله فليذكر الله
عند الجماع فإن لم يفعل وكان منه ولد كان شرك شيطان ويعرف ذلك بحبنا وببغضنا ويستحب ان يسال الله تعالى ان يرزقه ولدا ذكرا سويا لقول الصادق لبعض
أصحابه إذا دخل عليك أهلك فخذ بناصيتها واستقبل بها القبلة وقل اللهم بأمانتك اخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فان قضيت لي ولدا فاجعله مباركا
سويا ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا نصيبا وقال الباقر (ع) إذا أردت الجماع فقل اللهم ارزقني ولدا واجعله تقيا زكيا ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل فيه
إلى خير ويستحب الدعاء للمتزوج فيقال له بارك الله لك بورك عليك وجمع بينكما في خير وعاقبة وروى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله رأى على عبد الرحمن اثر صفرة فقال ما هذا
قال انى تزوجت على قدر نواة من ذهب قال بارك الله لك بارك الله أو لم لو شاة قال بعض أهل العلم وزن النواة خمسة دراهم وذلك ثلثه مثاقيل ونصف من الذهب وقال
المبرد الصواب عند أهل العربية ان يقال على نواه فحسب فان النواة عندهم اسم بخمسة دراهم كما أن الأوقية أربعون درهما والنش عشرون ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا
تزوج أحدكم امرأة واشترى خادما فليقل اللهم إني أسئلك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها ومن شرما جبلتها عليه وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة
سنامه وليقل مثل ذلك مسألة يكره الجماع في محاق الشهر لقول الكاظم (ع) من اتى أهله في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد وسال عمرو بن عثمن الباقر (ع) قال
سألته أيكره الجماع في ساعة من الساعات قال نعم يكره في ليلة ينكسف فيه القمر واليوم تنكسف فيه الشمس وفيما بين غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق ومن طلوع الفجر إلى
طلوع الشمس وفي الريح السوداء والحمراء والصفراء والزلزة ولقد بات رسول الله عند بعض نسائه فانكسف القمر في تلك الليلة فلم يكن منه شئ فقالت له زوجته
يا رسول الله بأبي أنت وأمي اكل هذا لبغض فقال ويحك حدث هذا الحادث في السماء فكرهت ان تلذذ وادخل في شئ وقد عبر الله تعالى قوما فقال وان يروا كسفا من
السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم وأيم الله لا يجامع أحد في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعه ولد وقد سمع بهذا الحديث فيرى ما يحب وقال الصادق (ع)
لا تجامع في أول الشهر ولا في وسطه ولا في اخره فإنه من فعل ذلك فليسلم لسقط الولد فان تم أو شك ان يكون مجنونا الا ترى ان المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر ووسطه
واخره وعن الكاظم (ع) عن أبيه عن جده قال إن فيما اوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله عليا (ع) قال يا علي لا تجامع أهلك في أول ليلة من الهلال ولا في ليلة النصف ولا في اخر ليلة فإنه
يتخوف على ولده من فعل الخيل فقال على) (ع) ولم ذلك يا رسول الله فقال إن الجن يكثرون غشيان نسائهم في أول ليله من الهلال وليلة النصف وفي اخره انما
رأيت المجنون يصرع في أول الشهر وفي وسطه وفي اخره وقال (ع) يكره الجناية حين تصفر الشمس وحين تطلع وهي صفراء سال محمد بن العيص الصادق (ع) إذا أجامع وانا
عريان فقال لا ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها وقال (ع) لا تجامع في السفينة ويكره الجماع عقيب الاحتلام قبل الاغتسال لقول رسول الله صلى الله عليه وآله يكره ان يغشى الرجل
المراة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى فان فعل يخرج الولد مجنونا فلا يلومن الا نفسه ويجوز ان يكرر الجماع مرات من غير غسل يتخللها لان النبي صلى الله عليه وآله كان
يطوف على نسائه ثم يغتسل أخيرا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من جامع امرأته وهي حايض فخرج الولد مجذوما أو أبرص فلا يلو من الا نفسه وكان علي (ع) يستحب للرجل عن
575

يأتي أهله أو ليلة من شهر رمضان لقوله عز وجل أحل لكم ليله الصيام الرفث إلى نسائكم والرفث الجماع ويكره للمسافر إذا قدم من سفره ان يطرق أهله ليلا لقول الصادق (ع)
يكره للرجل إذا قدم من سفره ان يطرق أهله ليلا حتى يصح مسألة يستحب للرجل وقت الجماع ان يمكث ولا يستعجل في شانه لقول الصادق (ع) قال رسول الله
إذا جامع أحدكم فلا يأتيهن كما يأتي الطير وليمكث وليلبث قال بعضهم وليتلبث ويجوز ان يقع عنه ثوبه حال الجماع لقول الكاظم (ع) في رجل يجامع فيقع عنه ثوبه قال
لا بأس ويجوز للرجل ان يقبل قبل المرأة لما رواه علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته في الرجل قبل المرأة قال لا باس يكره الكلام حالة الجماع بغير الذكر
لقول الصادق (ع) اتقوا الكلام عند ملتقى الختانين فإنه يورث الخرس ويكره للمختضب الجماع لقول الصادق (ع) لا يجامع المختضب قلت جعلت فداك لا تجامع المختضبة
فقال لا ويكره ان يجامع الرجل أمرائه وفي البيت غيرهما مما له حرمة كالصبي لقول الصادق (ع) ولا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبى فان ذلك مما يورث الزنا
ويكره اتيان النساء في الدبر وسيأتي وسأل أبو الصباح الكنائي الصادق (ع) عن قول الله عز وجل لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده قال كانت المراضع مما يدفع
إحداهن الرجل إذا أراد الجماع فتقول لا أدعيك انى أخاف ان أحبك فاقتل ولدى هذا الذي ارضعه وكان الرجل يدعوا امرأته فيقول انى أخاف ان أجامعك
فاقتل ولدى فيدعها ولا يجامعها فنهى الله عز وجل عن ذلك ان يضار الرجل امرأة والمرأة الرجل ويكره للرجل ان يجامع في السفر لوا ماء معه لان إسحاق بن
عمار سال الكاظم (ع) الرجل يكون معه أهل في السفر ولا يجد الماء يأتي أهله قال من أحب ان يفعل ذلك الا ان يخاف على نفسه مسألة اختلف علماؤنا في العزل وهو
ان يجامع الرجل ويولج ذكره في فرجها فإذا قرب الانزال نزع ذكره وانزل خارجا عن فرجها فقال الشيخ في الخلاف انه حرام في الحرة الا برضاها وقواه في المبسوط
وهو أحد وجهي الشافعية وظاهر كلام احمد لما رواه العامة عن ابن العباس أنه قال يستأذن الحرة ولا يستأذن السرية ونحوه عن ابن مسعود عن عمر
قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يعزل عن الحرة الا باذنها ولما روى عنه (ع) أنه قال في؟؟ ل انه الواد الخفى ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع)
انه سال عن العزل فقال إما الأمة فلا باس واما الحرة فانى أكره ذلك الا ان يشترط عليها حين يتزوجها وفي الصحيحين محمد بن مسلم عن الباقر (ع) مثل ذلك وقال
في حديث الا ان ترضى أو يتشرط ذلك عليها حين يزوجها ولان للحرة في الولد حقا وعليها في العزل ضرر ونقص في الاستمتاع فلم يجز الا باذنها ولان فيه
تقليل النسل وقطع اللذة عن الموطوءة والنبي صلى الله عليه وآله حيث على تعاطى أسباب الولد فقال تناكحوا تناسلوا تكثروا وقال شوهاء ولو تخير من حسناء عقيم وقال بعض
علمائنا انه مكروه غير محرم وبه قال علي (ع) وسعد بن أبي وقاص وأبو أيوب وزيد بن أبي ثابت وجابر وابن عباس والحسن بن علي (ع) وحباب بن الأرت وسعيد بن المسيب و
طاوس وعطا والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي لما رواه العامة انه ذكر العزل عند رسول الله (قال صح) فلم يفعل أحدكم ولم يقل فلا يفعل فإنه ليس من نفس مخلوقه
الا الله خلقها وقال رجل يا رسول الله ان جارية أريد ان اعزل عنها وانى أكره ان تحمل وان اليهود تحدث ان العزل المودة الصغرى قال كذبت اليهود لو أراد الله ان
يخلفه ما استطعت ان تهرقه ومن طريق الخاصة رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الموثق عن الصادق (ع) قال سألته عن العزل فقال ذلك إلى الرجل وعن
محمد بن مسلم عن الباقر (ع) وقال لا باس بالعزل عن المرأة الحرة ان أحب صاحبها فان كرهت فليس لها من الامر شئ ولان حقها في الوطي دون الانزال ولهذا تنقطع المطالبة
في دعوى العنة بمجرد الوطي مسألة لو كانت زوجته امه لم يكن بالعزل عنها باس وهو أحد وجهي الشافعية لما رواه العامة عن علي (ع) انه كان يعزل عن إمائه و
من طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن العزل فقال ألك إلى الرجل يصرفه حيث شاء وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما
عليهما السلام انه سئل عن العزل فقال إما الأمة فلا باس واما الحرة فانى أكره ذلك الا ان يشترط عليها حين يتزوجها ولأنه قد يخشى الرق على ولده منها والثاني
للشافعي انه لا يجوز لأنها مستفرشة بالنكاح ولها حق في الاستمتاع فتكون كالحرة واما الموطوءة بالملك فيجوز العزل عنها اجماعا صيانة للملك ولأنه لا حق
لها في الوطي ولا في الولد منها لا يملك المطالبة بالقسم ولا لهبة فلئلا يملك من العزل أولي فروع الأول قال بعض الشافعية انما قلنا بالتحريم فيما إذا نزع
على قصدان يقع الانزال خارجا تحرزا عن الولد فاما إذا غزله ان ينزع لا على هذا ا لقصد فيجب القطع بانتفاء التحريم الثاني رخص بعض القايلين بتحريم العزل فيه
إذا كان في دار الحرب وتدعوه الحاجة إلى الوطي فيطاع ويعز الثالث لو عزل عن زوجته أو أمته ثم أتت بولد لحقه نسبه اجماعا لما رواه العامد عن جابر قال جاء
رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال إن لي جارية وانا أطوف عليها وانا أكره ان تحمل فقال اعزل عنها ان شئت فإنه سيتبعها ما قدر لها ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) كان علي بن الحسين (ع) لا يرى بالعزل بأسا تقرأ هذه الآية وإذا خذ ربك من بنى أد م من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى فكل شئ
اخذ منه الميثاق فهو خارج وإن كان على صخرة صماء وسال أبو مريم الأنصاري الباقر (ع) عن رجل قال يوم اتى فلانه اطلب ولدها فهى حرة بعد ان يأتيها له ان يأتيها
ولا ينزل فيها فقال إذا اتاها فقد طلب ولدها ولأنه قد يسبق المنى ولا يشعر به فقد قيل إن الوطي في الفرج يحصل به الانزال ولا يحس به ولان لحوق النسب حكم
يتعلق بالوطي فلم يعتبر فيه الانزال كساير الاحكام مسألة روى الصدوق عن الكاظم (ع) قال لا باس بالعزل في ستة وجوه المراة التي أيقنت انها لا تلد والمسنة
والمراة السليطة والبذية والمرأة التي لا ترضع ولدها والأمة مسألة ذهب علمائنا إلى كراهة اتيان النساء في ادبارهن وانه ليس بمجرم وهو للشافعي في القديم
ونقل محمد بن عبد الله بن الحكم عن الشافعي أنه قال ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله في تحريمه ولا تحليله شئ والقياس انه حلال قال المزني قال أصحابنا حلال وبعضهم قال حرام ثم
قال واخر ما قال الشافعي ولا ارخص فيه بل انهى حمية وبه قال زيد بن مسلم ونافع اختلف أصحابنا مالك فروى الطحاوي عن اصنع عن القسم عن مالك أنه قال
ما أدركت أحد اهتدى به في ديني يشك في أنه حلال ويقال انه نص عليه في كتاب السر واهل العراق من أصحابه ينكرون ذلك وعن ابن عمر روايتان إحديهما انه مباح
وحكى الطحاوي عن حجاج بن أرطأة إباحة ذلك لنا قوله تعالى نساؤكم حرت لكم فاتوا حرثكم انى شئتم ولم يفصل بين القبل والدبر وقوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض
أراد به مكان الحيض فدل على إباحة ما عداه وقوله تعالى أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم فنهى عن اتيان الذكران وعاتبهم على ترك
مثله من أزواجهم فثبت انه مباح وأيضا قوله تعالى الذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم وأيضا قوله تعالى حرم عليكم أمهاتم إلى قوله تعالى وأحل
لكم ما وراء ذلكم وتحليل الأعيان يستدعى إباحة كل المنافع المتعلقة بها في الوطي لان الآية مختصه به وما روى عن النبي انه سئل عن اتيان النساء في ادبارهن
فقال في أي الحربيتين أو الحرزتين أو الخصفتين شئت كل ذلك روى والمعنى أحد وكل ثوب مستدير خزنه عن نافع قال قال لي ابن عمر أمسك على هذا المصحف فقراه عبد الله
حتى بلغ نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم انى شئتم فقال يا نافع ندري فيمن نزلت هذه الآية قال قلت لا قال في رجل من الأنصار أي امرأته في دبرها فوجد في نفسه فسال النبي صلى الله عليه وآله
576

فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم واذكر في التفسير ما قبل هذه الآية التي اوردها ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن يعفور عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يأتي
المراة في دبرها قال لا باس إذا رضيت قلت فأين قول الله عز وجل فاتوهن من حيث امركم الله قال هذا في طلب الولد فاطلبوا الولد من حيث امركم الله ان الله تعالى يقول
نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم ان شئتم وفي الصحيح عن علي بن الحكم قال سمعت صفوان يقول قلت للرضا (ع) ان رجلا من مواليكم امرني ان أسألك عن مسألة فهابك
واستحيى منك ان يسألك قال وما هي قال قلت الرجل يأتي امرأته في دبرها قال نعم ذلك له قال قلت فأنت تفعل ذلك قال لا انا لا نفعل ذلك وقال أكثر العامة انه محرم و
هو القول الثاني للشافعي ورواه العامة عن علي (ع) و عبد الله بن عباس و عبد الله بن مسعود وأبى الدرداء ومجاهد والحسن البصري وعكرمة وقتاده واحمد وأصحاب الرأي
وابن المنذر لما رواه أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال ملعون ملعون من اتى امرأته في دبرها وعن خزيمة بن ثابت ان النبي صلى الله عليه وآله قال إن الله لا يستحيى من الحق لا تأتوا
النساء أدبارهن والجواب المنع من صحة الروايات فإنها لو كانت صحيحة لم يذهب عن الشافعي ومالك ذلك ولما خالفاهما وكذا الجماعة من الصحابة والتابعين الذين
أباحوا ذلك إذا عرفت هذا فقد روى من طريق أصحابنا التحريم أيضا عن سدير قال سمعت الباقر (ع) يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله محاش النساء على أمتي حرام وهذا الرواية
مرسلة لا تعارض ما تقدم من الأدلة القاطعة مع احتمال حمل التحريم على الكراهة لقول الصادق (ع) وقد سئل عن اتيان النساء في اعجاز هن فقال ليس به باس
وما أحب ان تفعله ولان الأصل الإباحة مسألة الاتيان في الدبر كالاتيان في القبل في أكثر الاحكام كفساد العبادة ووجوب الغسل من الجانبين على
الأقوى ووجوب الكفارة في الصوم والحج وافساده به لو كان قبل الموقفين وثبوت النسب وهو أظهر قولي الشافعية لأن الماء قد يسبق ووجوب المهر ومهر المثل
في النكاح الفاسد وبالشبهة ووجوب الحد أو الرجم وانتفاء لغته ووجوب العدة وحرمة المصاهرة ويفارقه في أنه
لا يتعلق به التحليل والاحصان احتياطا
للتحليل ولسقوط الحد وايفاء المولى وفي الاستنطاق في النكاح نظر إما الحلال فلقوله (ع) في ذلك لا حتى تذوق عسيلته والمرأة لا يحصل لها بذلك ذوق
العسيلة واما الاحصان فإنما هو فضيلة متعلقه توطئ كامل وهذا غير كامل ولهذا لو وطئها في النكاح الفاسد لم يحصل به الاحصان ولا يلزم لو وطئها في
الحيض والاحرام لأنه وطى في محل الوطي في ملك وانما حرم لعارض وهذا ليس في محله واما ايفاء حق المولى فان ذلك لحق المرأة وقح المرأة الوطي في القبل واما الاذن
فان بكاره الأصل باقيه فلا يعتبر اذنها ويحتمله لان ترك استنطاق البكر لأجل الحياء وهو منتف هنا تذنيب يجوز التلذذ بغير الايلاج في الدبر بين
الأليتين اجماعا القايل بالتحريم خصصه بالدبر ووافقنا احمد على ايجاب المهر بالوطي في الدبر ولو كان الوطي للأجنبية قال يجب عليه حد الوطي ولا مهر عليه
لأنه لم يفوت منفعة لها عوض في الشرع مسألة يحرم الاستمناء باليد عند علمائنا وهو قول أكثر أهل العلم لقوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلى قوله
تعالى فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون وهذا مما وراء ذلك ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ملعون ستة فذكر فيه ناكح يده ومن طريق خاصة
قول الصادق (ع) ان أمير المؤمنين (ع) اتى برجل عبث بذكره فضرب يده حتى احمرت ثم زوجه من بيت المال وعن الباقر (ع) قال اتى علي (ع) برجل عبث بذكره حتى انزل
فضرب يده الدوة حتى احمرت ولا اعلم الا قال وزوجه من بيت مال المسلمين وإقامة هذا الحد عليه تقتضي تحريمه ولان في ذلك قطع النسل فأشبه اللواط وروى
عن ابن عمر وانه قال ذلك فاعل بنفسه قوال ابن عباس نكاح الأمة خير منه وهو جنس من الزنا وحكى ابن المنذر عن عمر وبن دينار انه رخص فيه وبه قال أحمد بن
حنبل لأنه اخراج فضلة من البدن فأشبه الفصاد ويخالف الفصاد بما ذكرناه وذكر القاضي ابن كح من الشافعية ان فيه توقفا للشافعي في القديم والمذهب عندهم
التحريم تذنيب كما يحرم ان يستمنى بيده كذا يحرم ان يستمنى بيد زوجته وجاريته لان المقتضى للتحريم آت هنا وجوزه الشافعي كما تستمتع بساير بدنها اخر لا يحرم
وطى الحايض والنفاس الا في الفرج خاصة وهو قول أكثر العلماء لقوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض وقال بعض الشافعية انه يحرم جميع بدنها لهذه الآية وهو غلط
لان المراد بالمحيض هنا موضع الحيض اخر يجوز ان يطوف على نسائه بالاذن وإمائه مطلقا بغسل واحد لكن يستحب ان يتوضأ ويغسل الفرج عقيب كل وطى
لقوله (ع) إذا اتى أحدكم ثم أراد ان يعود فليتوضأ ولأنه إذا غسل فرجه وتوضأ زاد بذلك نشاطا وقوة واما الحراير فإنما شرطنا الاذن لان القسم واجب فيهن ولا
يجوز في نوبة واحدة ان يأتي الأخرى الا باذنها واما ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يطوف على نسائه بغسل واحد فهو محمول على من كان القسم واجبا عليه على انهن
كن قد حللنه ومن لم يوجب عليه القسم نزلهن في حقه (ع) منزله الإماء مسألة إذا وطى الزوجة في الدبر وجب لها المهر المسمى لعموم قوله تعالى واتوا النساء صدقاتهن
وللشافعية قولان أحدهما هذا لأنه وطى في محل الاستمتاع وهو الأصح عندهم والثاني انه لا يستقر به المسمى ويجب مهر المثل قال بعض الشافعية وينظر بعد ذلك
فان وطئها فلها المسمى ويرد مهر المثل ولهم وجه آخر ان لها المسمى ومهر المثل وان لم يطأها وطلقها فقد حصل لها المثل وللزوج عندها المسمى فان كانا من جنس واحد
اجرى أقوال التقاص قال بعض الشافعية هذا كلام مظلم لا يهتدى إليه وهل يجب الحد لو وطى وزوجته أو أمته في الدبر لم يجب عليه الحد عندنا ولا التعزير لأنه مكروه
غير محرم والكراهة لا توجب أحدهما وهو أصح وجهي الشافعية ولهم وجه انه يجب الحد وول كان الوطي لأجنبية مع علم التحريم كان حكمه حم الوطي في القبل
وتثبت به الرجعة عندنا كما يثبت به النسب وللشافعية وجه اخر في الرجعة ويثبت به حرمة المصاهرة وللشافعية وجهان أصحهما الثبوت لأنه أعظم من
المفاخذة والتقبيل واللمس بشهوة وهي تثبت حرمة المصاهرة عندهم وفي قول لنا ويجوز الايلاج في القبل من جانب الدبر اجماعا مسألة لا يجوز
للرجل ان يترك وطى امرأته أكثر من أربعة أشهر وبه قال الشافعي لان عرم سال نساء أهل المدينة لما اخر أزواجهن إلى الجهاد وسمع امرأة تنشد أبياتا من
جملتها فوالله لولا الله لا شئ غيره لزلزل من هذا السرير جوانبه عن أكثر ما تصبر المرأة عن الجماع فقبل له أربعة أشهر فجعل المدة المضروبة للغيبة أربعة أشهر
ومن طريق الخاصة رواية صفوان بن يحيى انه سال الرضا (ع) عن رجل يكون عنده المرأة الشابة فيمسك عنها الأشهر والسنة لا يقربها ليس يريد الاضرار بها لهم يكون
مصيبة يكون في ذلك اثما قال إذا تركها أربعة أشهر كان اثما بعد ذلك الا ان يكون باذنها مسألة لا يجوز للرجل ان يدخل بالمرأة قبل ان تبلغ تسع سنين
فان دخل لم تحرم عليه الا إذا أفضاها فإذا أفضاها حرمت عليه ابدا ووجب عليه الانفاق إلى أن يموت أحدهما لقول الباقر لا يدخل بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين
أو عشر سنين وعن الصادق (ع) قال لمولى له انطلق فقد للقاضي قال رسول الله صلى الله عليه وآله حد المراة ان يدخل بها على زوجها بنت تسع سنني وسيأتي البحث في ذلك واحكامه
انشاء الله المقدمة العاشر في الوليمة والنثار مسألة الوليمة تقع على كل طعام يتخذ في حادث سرور من املاك وختان وغيرهما الا ان استعمالها
في طعام العرس أظهر فإذا أطقت أريد بها الاطعام في الاملاك لشهرته فيه وإذا استعمل في غيره افتقر إلى قيد فيقال وليمة الختان وغيره كذا قاله بعض الفقهاء وقال
577

تغلب وغيره من أهل اللغة الوليمة اسم للطعام في المعرس خاصة لا يقع هذا الاسم على غيره وقول أهل اللغة أقوى لانهم أهل اللسان وهم اعرف بموضوعات اللغة واعلم
بلسان العرب إذا عرفت هذا فإنه يسمى الطعام المتخذ عنه ة الولادة الخرس والخرسة وعند الختان العذيرة ويسمى الاعذار وعند احداث البناء الوكيزة يقال وكز و
خرس بالتشديد وعند قدوم الغايب النقيعة نقال نقع بالتخفيف والذبح عند حلق رأس المولود في اليوم السابع العقيقة وعند حداق الصبى الخداق والماد به اسم
لما يتخذ من غسر سبب وانما سمى طعام العرس الوليم لاجتماع الزوجين لان الأصل في الوليم اجتماع الشئ وتمامه يقال لغلام أو لم إذا اجتمع عقله وخلقه ويقال لامت
بين الامرين إذا أجمعتهما وحى الأزهري عن أبي زيد أنه قال النقيعة طعام الاملاك قال وسمى كل طعام ماء دبة مسألة لا خلاف بين العلماء الأمصار ممن تعيد به
في استحباب هذه الأطعمة دون وجوبها الا في شيئين بأحدهما العقيقة فان السيد المرتضى (ره) ان وجبنها وليمة العرس فان للشافعية فيها قولين أحدهما ان اتخاذها واجب
لان النبي قال لعبد الرحمن بن عوف أولم لو بشاة والامر للوجوب ولان الإجابة إليها واجبة فكانت واجبة والثاني انها غير واجبة كما قلنا وهو الصحيح عندهم لأصالة
براءة الذمة ولأنه طعام يتخذ لحادث سرور فأشبه الأضحية وساير الأطعمة والخبر محمول على الاستحباب ونمنع وجوب الإجابة سلمنا لكنه يبطل بالسلام فإنه ليس بواجب
وإجابة السلام واجبة مسألة المشهور في ساير أولاهم الاستحباب كما قلنا وللشافعي قولان هذا أحدهما لأصالة الذمة والثاني انها واجبة فإنه قال بعد
ذكرها ولا ارخص في تركها ولا دليل عليه وقوله ليس حجة مع احتمال شدة تأكيد الاستحباب وقال احمد ان ساير الولايم لا تستحب لان عثمن بن العاص دعى إلى ختان ولا
يجب إليه فقيل له في ذلك فقال انا كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لا ندعى إلى ختان ولا نجب إليه وهو مدفوع بالاجماع وبما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لو دعيت
إلى كراع لأجبت ولو اهدى إلى ذراع لقبلت ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا وليمة الا في خمس في عرس أو خرس أو عذارا أو ركازا ووكاز فالعرس
التزويج والخرس النفاس بالولد والعذار الختان والوكاز الرجل يشترى الدار والركاز الرجل يقدم من مكة وقول الباقر (ع) الوليمة يوم ويومان مكرمة وثلاثة أيام رباء
وسمعة وقال الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله حين تزوج ميمونة بنت الحرث أو لم عليها وأطعم الناس الحبيس وقال الرضا (ع) ان النجاشي لما خطل لرسول الله صلى الله عليه وآله نبت
أبي سفيان فتزوجه دعا بطعام وقال إن من سنن المسلمين الاطعام عند التزويج مسألة لا يجب الإجابة إلى الدعوة في وليمة العرس عند علمائنا أجمع بل
تستحب وهو أشهر قولي الشافعي على تقدير عدم وجوب اتخاذ الوليمة واما على تقدير وجوب اتخاذ الوليمة فان الإجابة عنده واجبة قطعا ووافقنا مالك و
احمد على الاستحباب دون الوجوب لأنها مادبة فلم يكن الإجابة إليها واجبة كساير الدعوات ولأصالة البراءة والقول الثاني للشافعي انها على تقدير عدم وجوب
اتخاذ الوليمة غير واجبة وعلى وجوبه تقدير واجبة قولا واحدا قال ابن عبد البر لا اختلاف في وجوب الإجابة إلى الوليمة ان دعى إليها إذا لم يكن فيها لهو وبه قال العنبري وأبو
حنيفة لما روى عن النبي أنه قال من دعى إلى وليمة فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ومن دخل على غير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا وفي رواية بعد قوله ورسوله
ومن جاءها من غير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا وقال (ع) من دعى إلى الوليمة فليأتها وقال (ع) من دعى فلم يجب فقد عصى الله ورسوله وهي محمولة على شدة
الاستحباب لان الضيافة الاكل وهو إما تملك المال الغير أو ا تلاف لماله باذنه وعلى التقديرين يبعد ايجابه مسألة لا تجب الإجابة في ساير الولايم وهو قول
قول أكثر العلماء لأصالة براءة الذمة وللشافعية طريقان أحدهما طرد القولين والثاني القطع بعدم الوجوب وهو الاظهر عنده وان ثبت الخلاف ثم اختلفوا
في أن وجوب الإجابة هل هو فرض عين أو على الكفاية ظاهر مذهبهم الأول لان الشافعي قال لا ارخص في ترك الإجابة لان ذلك يجب بالدعوة فإذا دعى
كل واحد وجبت منه الإجابة والثاني انه فرض كفاية لان الإجابة فرض اكرام وموالات فهى كرد السلام ولان المقصود ان يظهر الحال ويشتهر وذلك حاصل بحضور
البعض مسألة انما تستحب الإجابة أو تجب على الخلاف بشرط ان يكون الداعي مسلما فلو اتخذ الذي الوليمة لعرس قال الشيخ رحمه الله لا يجوز المسلم حضورها لان
الإجابة للمسلم للاكرام والولاية وتأكيد المحبة والاخاء فلا يجوز للمسلم فعلها قال الله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية
ولنجاسة طعامهم واختلاطه بالحرام وفساد تصرفاته فيه وللشافعي قولان أحدهما انه يجب على المسلم إجابة الذمي لعموم الخبر والثاني انه يستحب ولا يجب ولكن الاستحباب
هنا أقل من استحبابا الإجابة للمسلم واكثر العامة على انتفاء الوجوب وانتفاء الاستحباب مسألة يشترط ان لا يكون في الدعوة مناكير وملاهي مثل
شرب الخمر على المائدة وضرب العود والبرابط والمزامير وغير ذلك وعلم لو فلا يجوز له حضورها الا ان يعلم أنه إذا حضر أزال المنكر من غير تضرر له وجب عليه الحضور و
قال الشيخ يستحب فإن لم يتمكن من الإزالة لم يجز له الحضور لأنه كالرضا بالمنكر والتقدير عليه وقد قال (ع) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائة يدار
عليها الخمر وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يجوز له الحضور مع أولوية الترك وإذا حضر مع علمه فلا يسمع وينكر بقلبه كما لو ضرب الماهى في جواره لم يلزمه التحول
وإن كان يبلغه الصوت وليس بجيد للفرق وهو التمكن من عدم السماع في الأول دون الثاني ولتضرره بالرحيل عن منزله بخلاف عدم الدخول هنا ولو لم يعلم
بالحال حتى حضر فان امكنه الانكار عليهم وعلى تأثيره وحب عليه وان علم عدم تأثيره فان امكنه الخروج وجب عليه وان لم يمكنه فليجلس للضرورة ولينكر بقلبه
ولا يحل له الاستماع وللشافعية في وجوب الخروج مع امكانه وجهان ولو كان يشربون النبيذ وجب عليه الخروج أو عدم الحضور كالمسكر من الخمر عند علمائنا
لان حكمه حكمه وللشافعي قولان أحدهما عدم وجوب الخروج لأنه في موضع الاجتهاد والحق خلافه ولا فرق عندنا بين اللهو الخفيف كالدف وغيره وقال مالك
إما اللهو الخفيف كالدف فلا يرجع لأجله وقال ابن القسم وقال أبو حنيفة إذا وجد اللعب فلا بگ س ان يقعد ويأكل وقال محمد بن الحسن إن كان ثمن يقتدى به
فأحب إلى أن يخرج وقال الليث إن كان فيها الضرب في العود فلا ينبغي له ان يشهدها مسألة يشترط ان لا يكون في الدار فرش أو مخاد أو ستور معلقة فيها صور
حيوان وتكون منصوبه لان ذلك محرم فلا يجوز له الصبر عليه لأنه كالرضا به والتقرير له ولما روى أن النبي صلى الله عليه وآله رأى متسرا عليه صورد فقال لعايشة قطعيه مخادا
وفي رواية عن عايشه ان النبي صلى الله عليه وآله قدم من سفر وقد سترت على صفة لها ستر فيه الخيل وذا ت الأجنحة فامر بنزعها وفي رواية قطعنا منه وسادة أو وسادتين وكان
رسول الله صلى الله عليه وآله يرتفق بهما وعن أبي هريرة ان جبرئيل (ع) جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فرأى صورا نعرف صوته وهو خارج (ادخل فقال صح) فقال إن في البيت سترا فيه تماثيل فاقطعوا رؤسها
واجعلوه بسطا أو وسايد وامنا إن كانت مبسوطه توطأ بالأرجل أو تتخذ مخادا للاتكاء عليها فلا باس لأنها تهان وتتبذل وتسقط عزتها وحرمتها (ولا يكون صح) معظمة
تشبه الأصنام التي تعبد وتتخذ آلهة فلا يكره واما إذا كانت على الستور والحيطان والسقوف وما لا يطگ ولاتيكاء فان امكنه حطها لو قطع رؤسها فعل وجلس
وان لم يكن ذلك انصرف ولا يجلس وعليه اثر أهل العلم قال ابن عبد البر هذا اعدل المذاهب وحكاه عن سعد بن أبي وقاص وسالم بن عروزة وابن سيرين وعطا وعكرمة بن
578

خالد وعكرمة مولى ابن عباس وسعيد بن جبير وهو مذهب الشافعي وكان أبو هريرة يكره التصاوير ما نصف منها وما بسط وكذلك مالك الا انه كان يكرهها تنزها
ولا يراها محرمة لقول النبي صلى الله عليه وآله ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ومن طريق الخاصة رواية أبي بصير عن الصادق (ع) قال قلت له انا نبسط عندنا الوسايد فيها التماثيل
ونفترشها قال لا باس بما يبسط منها ويفرش ويوطگ انما يكره منها ما نصب على الحائط وعلى السرير وللشافعية وجه يخصص المنع بالسقوف والجدران ورخصوا فيما على
الستور والوسائد المنصوبة والوجه الأول مسألة لو قطع رأس صورة الحيوان ذهبت الكراهية قال ابن عباس الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فليس بصورة
وحكى ذلك عن عكرمة روى ابن هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله اتانى جبرئيل فقال اتيتك البارحة فلم يمنعني ان أكون دخلت الا انه كان على الباب تماثيل وكان في البيت كلب
فمر براس المثال الذي على باب البيت فيقطع منه فيصير كهيئه شجرة ومر بالستر فليقطع منه وسادتان مسودتان يوطيان ومر بالكلب فليخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله
ولو قطع منه ما لا يبقى الحيوان ان بعد ذهابه كصدره أو جعل له رأس منفصل عن بدنه لم يدخل تحت النهى لان الصورة لا تبقى بعددها به فهو كقطع الرأس ولو كان الذاهب
مما يبقى الحيوان بعده كاليد والعين والرجل فهو صورة داخله تحت النهى وكذا لو كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس أو رأس بلا بدن أو جعل له رأس
فساير بدنه صورة غير حيوان لم يدخل في النهى مسألة لو رأى نقوشا أو صورا ليست صور الحيوان بل صور أشجار ونحوها لم يكن به باس لأنها نقوش
فأشبهت العلم في الثواب ولو كانت صورة حيوان فيما يوطئ بالأرجل كالفرش التي تبسط للجلوس عليها والوسائد التي تيكاء عليها لم يكن به بأمر وكذا ينبغي الجواز
في الطبق والجواز في القصعة ولأنه في معناه ولا باس بصورة الشمس والقمر والكواكب لما روى عن ابن عباس انه لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال من صور صورة عذب
وكلف ان ينفخ الروح فيها وليس بنافخ اتاه رجل بصورة وقال اعرف صنعة غيرها فقال ابن عباس ان لم يكن لك بد فصور الأشجار وقال بعض الشافعية و
يكره تصوير الأشجار ان منهم من كان يعبد الأشجار وسوى بعض الشافعية في المنع بين صورة الحيوان براس وبغير رأس مسألة الأقرب كراهية دخول
البيت الذي فيه صور الحيوان وإن كان اتخاذها محرما لأصالة الإباحة واما يبيح ترك الدعوة وان قلنا بوجوبها من أجل عقوبة الداعي باسقاط حرمته لاتخاذه
المنكر في داره وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني تحريم الدخول ولو كانت الصور في الممر دون موضع الجلوس جاز الدخول والجلوس ولا تترك إجابة الدعوة بهذا
السبب وكذا يجوز دخول الحمام الذي على بابه تصاوير لان الصور في الممر مهانة غير معظمه وفي المجلس مكرمة وبينهما فرق كما فرق بين ان يكون على الأرض وما يوطئ بالأرجل
وبين ان يكون على الحيطان السقوف وقال الشافعي بتحريم دخول المنز الذي فيه صورة حيوان ضعيف لان النبي صلى الله عليه وآله دخل الكعبة فرأى فيها صورة إبراهيم وإسماعيل (ع)
يستقسمان بالأزلام فقال قاتلهم الله لقد علموا انهما ما استقسما بها قط وشرط عمر على أهل الذمة ان يوسعوا أبواب كنايسهم وبيعهم ليدخلها المسلمون المبيت
بها وضع النصارى لعمر حين قدم الشام طعاما فدعوه فقال أين هو فقالوا في الكنيسة فأمرهم بالاكل فذهب الناس فأكلوا ونظروا إلى الصور ولان دخول الكنايس
والبيع غير المحرم فكذا المناز التي فيها صور وكون الملائكة لا تدخلها لا يقتضى تحريم دخوله علينا كما لو كان فيه كلب فاما ستر الحيطان بستور غير مصورة فإن كان
لحاجة من وقاية حرا وبرد فلا باس به لأنه يستعملها في حاجته فأشبه الستر على الباب وما يلبسه على بدنه وإن كان لغير حاجة قال بعض العامة مكروه وعذر في الرجوع
عن الدعوة ونترك الإجابة لان زين العابدين (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهى ان تستر الجدر والوجه انه مكروه من حيث السرف كالزيادة في الملبوس والسرف في المأكول وقال
بعض العامة انه محرم للنهي وليس بجيد مسألة روى لو اشترى دارا فبه صورة حيوان وجب عليكه حكها ان قلنا بالتحريم ولو اكتراه لم يجز له حك تلك الصورة لأنه تصرف
في مال الغير بغير اذنه فيكون حراما وجوزه بعض العامة وكذا لو دخل حماما فرأى فيه صورة جاز له ان يحك الرأي لان اتخاذ الصورة منكر فجاز تغيرها كآلات اللهو و
الصليب أو الصنم ويتلف منها ما يخرجه عن حد الصورة كالرأس ونحوه ولو كان على الستر قران لم يكن به باس لكن ينبغي صوته عن التعليق الذي يحصل به الاستهانة كالمسح
به ولو كان على الثوب ذكر الله تعالى جاز شراؤه ويكره إذا كان يجلس عليه أو يداس مسألة يحرم صنعة التصاوير المحرمة على المصور ولا يستحق بها اجرة لقول
النبي صلى الله عليه وآله الذبين يصنعون هذا يعذبون يوم القيمة يقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال صلى الله عليه وآله ان أشد الناس عذابا يوم القيمة المصورون وامر بعلمه محرم كعمله والأقرب
انه يحرم نسج الثياب المصورة بصور الحيوانات إن كانت ثياب لبس لا تصلح الاله لأنه كاتخاذ آلات الملاهي وهو أحد قولي الشافعي لعموم الحديث الدال على لعن المصودين
والثاني الجواز لأنها قد لا تلبس وطرد القولين في التصوير على الأرض والأولى فيه الكراهة لأنها توطأ بالأرجل مسألة ومن شرط إجابة الداعي إلى الوليمة
ان لا يكون هناك من تياذى المدعو بحضوره ولا يليق به مجالسته فإن كان فيعذر في التخلف وللشافعية وجه اخر انه لا يعذر وليس من الشروط عدم منكر لايراء
ولا يسمعه فلو كان عند أهل الوليمة منكر لا يراه ولا يسمعه لكونه بمعزل عن موضع الطعام أو يخفونه وقت حضوره فله ان يحضر ويأكل لكون المجيب لا يرى منكر ولا
يسمعه وله الامتناع من الحضور ولا يكون مأثوما لان الداعي أسقط حرمة نفسه باتخاذ المنكر مسألة شرط الشافعي في ايجاب الإجابة إلى الدعوة في وليمة العرس
شروطا اخر منها ان يعمم صاحب الدعوة الدعوة بان يدعو جميع عشيرته أو جيرانه أو أهل حرفته الأغنياء منهم والفقراء فاما ان خصص بالدعوة الأغنياء بالاحضار
لم يجب الإجابة لقوله (ع) شرا لولايم وليمة العرس يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومنها ان يخصه بالدعوة بنفسه له بعينه أو بجماعة معينين أو بان يبعث إليه أو إليهم فاما إذا
دعى الجعلي بان فتح باب الدار ونادى ليحضر من يريد أو بعث رسوله ليحضر من يشاء أو دعا انسانا وقال له أحضر معك من شئت فقال لغيره أحضر لم تجب الإجابة ولا
تستحب لان الامتناع والحال هذه لا يورث التأذي والوحضة لأنه لم يعين بالدعوة فلم تتعين عليه الإجابة ولا يحصل كسر قلب الداعي بترك الجابته ومنها ان لا يكون
احضاره لخوف منه أو لطمع في جاهه أو لتعاونه على باطل بل يكون قصده بالدعاء التقرب والتودد ومنها ان يدعى في اليوم الأول فيجب الإجابة أو تستحب على الخلاف
ولو أولم في الثاني أيضا استحب الإجابة ولم تجب ولا تستحب كاستحباب الأول ولو أو لم في الثالث أيضا كره لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الوليمة في اليوم الأول حق و
في الثاني في معروف وفي الثالث رياء وسمعة منها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) الوليمة يوم ويومان مكرمة وثلثه أيام رياء وسمعة منها ان لا يرضى صاحب
الوليمة بترك إجابة دعائه وتخلفه عن وليمته فلو اعتذر المدعو إلى صاحب الدعوة فرضى بتخلفه زال الوجوب وارتفعت كراهية التخلف عنه مسألة
لو دعاه اثنان في فصاعدا ولم يمكن الجمع بينهما أجاب الأسبق لان دعوته وجبت أو استجبت حين دعاه فلم يزل
الحك بدعاه الثاني فلم تجب إجابة الثاني ولا تستحب
لأنها غير ممكنة مع إجابة الأولى فان جاء ادفعه أجاب الأقرب رحما فان تساويا أجاب الأقرب دارا كما في الصدقة قاله الشافعية لما فيه من صله الرحم وقال بعض العامة
إذا اجتمعا دفعة أجاب أقربهما بابا فان استويا أجاب أقربهما رحما لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما بابا فان أقربهما
579

بابا أقربهما جوازا فان سبق أحدهما فأجب الذي سبق ولان هذا من أبواب البر فقدم بهذه المعاني فان استويا أجاب الا دين منهما فان استويا أقرع بينهما لان القرعة
تعين المستحق عند استواء الحقوق مسألة يستحب ان يؤلم ولو بشاة مع المكنة قال بعض الشافعية أقل الوليمة للمتمكن شاة لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
لعبد الرحمن بن عوف أو لم شاة ولو لم يتمكن من ذلك اقتصر على ما يتمكن منه لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه أو لم على صفية بسويق وتمرا وانما فعل ذلك لأنه كان على سقر في حرب
خيبر وعن انس ان رسول الله صلى الله عليه وآله اصطفى صفية لنفسه فخرج بها حتى بلغ ثنية الصهبا فبنى بها ثم صنع جلسا في نطع صغير ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان رسول الله
حين تزوج ميمونة بنت الحرث أو لم عليها وأطعم الناس الحيس وان أو لم بأزيد من شاة كان أفضل لما فيه من تكثير المعروف قال انس ما أو لم رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من نسائه
ما أولم على زينب جعل يبعثني فادعوا الناس فاطعمهم خبزا ولحما حتى شبعوا وان لم يتمكن جاز ان يؤلم بهما كان كما أولم رسول الله صلى الله عليه وآله على بعض نسائه بمدين من شعير
مسألة الواجب الإجابة ان قلنا بوجوبهما وليس الاكل واجبا على المدعو إليها لكن يستحب لان التوعد انما هو على ترك الإجابة إما الاكل فغير واجب سواء كان
المدعو صايما أو مفطرا بل مستحب نوبه قال احمد والشافعي في أصح قوليه ولما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا دعى أحدكم فليجب فان شاء طعم وان شاء ترك والثاني ان الاكل
للمفطر واجب وأقله طعمة لان المقصود من الدعوة التناول ولان ترك الأكل يورث الوحشة ولأنه أبلغ في اكرام الداعي وجبر قلبه ولقول النبي صلى الله عليه وآله وإن كان مفطرا فليطعم
ولان المقصود منه الاكل فكان واجبا ويمنع لحضار المقصود في التناول بل مجرد الإجابة كاف في جبر القلب ولهذا كلف الصايم بالحضور من غير اكل ويمنع انه يورث الوحشة
مع الحضور واكرام الداعي بإجابة دعائه واجتماعه بين الجماعة ولا نسلم ان الامر هنا للوجوب لأنه لو وجب الاكل لوجب على المتطوع بالصوم فلما لم يلزم الاكل لم يلزمه
إذا كان مفطرا مسألة الصوم ليس عذرا في ترك إجابة الدعوة لقول النبي صلى الله عليه وآله إذ ادعى أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليصل
أي فليدع إذا ثبت هذا فإن كان صايما فلا يخلوا الصوم إما ان يكون فرضا أو نفلا فإن كان فرضا فلا يخلوا إما ان يكون مضيقا كرمضان والنذر المعين وقضاء
رمضان بعد الزوال لم يجز له الافطار اجماعا وان لم يكن مضيقا كالمطلق وقضاء رمضان قبل الزوال فالوجه كراهية الخروج منه لان ذمته مشغولة وقد يحصل له
عايق عن ابراء ذمته وتدارك ما عليه وهو أحد وجهي الشافعي والثاني انه لا يجوز له الخروج منه لأنه لا يجوز له الخروج من الواجب بعد الشروع فيه وإن كان صومه نفلا
فإن لم يشق على صاحب الدعوة امساكه فالأقوى اتمام الصوم وان شق عليه فالأولى له الافطار لان النبي صلى الله عليه وآله حضر دار بعضهم فلما قدم الطعام أمسك بعض القوم
وقال انى صايم فقال النبي صلى الله عليه وآله يتكلف لك أخوك المسلم وتقول انا صايم أفطر ثم اقض يوما مكانه مسألة لو دعاه من أكثر ماله حرام كرهت اجابته كما تكره معاملته
والأصل فيه أولوية الاحتياط أو التحفظ من اكل ما فيه شبهة ولو علم أن عين الطعام حرام لم يجز الإجابة وحرم الاكل منه وإذا دعت امرأة النساء فالحكم كما في الرجال
وان دعت رجالا أو رجلا أجاب إذا لم يكن خلوة محرمة مسألة الدعاء إلى الوليمة اذن في الدخول والاكل لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا دعى أحدكم فجاء
مع الرسول فذلك اذن فإذا قدم المضيف الطعام كان للضيف ان يأكل منه من غير أن يأذن صاحب الطعام نطقا الا إذا كان ينتظر حضور غيره فلا يأكل إلى أن
يحضر ذلك الغير أو يأذن المضيف نطقا وقال بعض الشافعية لا بد من الاذن في الاكل لفظا مطلقا والأقرب ما قلناه لان التقديم قرينة في الاذن وللقرائن ثار
في مثل هذه الأمور ولهذا يجوز الشرب من الدنان الموضوعة في الدروب وقال بعضهم ان تقديم الطعام انما يكفى إذا كان قد دعاه إلى بينه فاما ان لم تسبق الدعوة فلا بد
من الاذن لفظا مسألة الأقرب ان الضيف لا يملك ما يأكله وبه قال بعض الشافعية بل هو اتلاف مباح بإباحة المالك ان يرجع ما لم يأكل لأصالة وللمالك
ان يرجع ما لم يأكل بقاء الملك واستصحابه به كما كان أو لا وقال أكثر الشافعية انه يملك وان اختلفوا في وقت تملكه وسببه فقال بعضهم يملك الوضع بين يديه
وليس بشئ والا لكان للضيف بيعه وحرم على المضيف التصرف فيه لو لم يأكل الضيف وقال بعضهم بالأخذ وقال آخرون بوضعه في الفم وقال بعضهم بالازدراد يتبين
حصول الملك قبيله فعلى قولنا للمأكل الرجوع فيه ما لم يبلغه لبقاء الملك على مالكه واختلف الآخرون والتمكين من الرجوع يبتنى على وقت التمليك مسألة
انما يتصرف الضيف في الطعام بالاكل فليس له التصرف فيه بما عداه فلا يجوز له ان يأخذ منه مع نفسه شيئا الا إذا علم أن المالك يرضى بنقله ويختلف ذلك بتقدير
المأخوذ وجنسه وبحال المضيف والدعوة فان شك في أنه هل يسامح الملك بذلك أم لا لم يجز له النقل وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني التسويغ وليس
بجيد عملا باستصحاب الحال وليس للضيف ان يطعم السايل ولا ان يلقى اللقمة إلى الهرة الا مع ظن الإباحة ويجوز ان يلقم الضيفان بعضهم بعضا الا إذا فاوت بينهم في
الطعام فليس لمن خصصهم بنوع اطعام غيرهم منه ويكره للمضيف ان يفعل ذلك ولا يجوز التطفل لان الغالب كراهة المالك له ولو كان في الدار ضيافة جاز لمن بينه
وبين صاحب الدار انبساط ان يدخل ويأكل إذا علم أنه لا يشق عليه واعلم أن الخلاف في أنه لم تحصل الملك مخصوصة بما يأكله ولا يقول بأنه يملكه بما يضع بين يديه أو ما
يأخذه بحال لأنه لو ملك بذلك لما منع من النقل واطعام سايل والهر وساير التصرفات وهي ممتنعة اجماعا مسألة يجوز نثر السكر واللوز والجوز والقسب و
التمر ونحو ذلك في الاملاكات وليس بمكروه وهو أقوى وجهي الشافعية لأصالة الجواز وبه قال أبو حنيفة وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين وبه قال الحسن وقتادة والنخعي
وأبو عبيد وابن المنذر والثاني للشافعي الكراهية وبه قال ماكل وهو مروى عن ابن مسعود وعكرمة وابن سيرين وعطا لأنه يؤخذ بالاختلاس والانتهاب وقد يؤدى
إلى الوحشة والعداوة ولأنه قد يأخذه غير من يجب صاحب المنزل وللشافعية قول اخر بالاستحباب مسألة إذا نثر صاحب العرس وعلم منه إباحة الانتهاب لما رواه جاز
العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه حضر في املاك فانى باطباق عليها جوز ولوز وتمر فنثرت فقبضنا أيدينا فقال ما لكم لا تأخذون قالوا لأنك تهبت عن النهب قال انما نهبتكم عن
نهبي العساكر خذوا على اسم الله تعالى فجاذبنا وجاذبناه ولأنه نوع إباحة فأشبه إباحة الطعام للضيفان وان عرف كراهة المالك للانتهاب حرم اجماعا لأنه تصرف في مال الغير
بغير اذنه فكان ممنوعا منه وان جهل الأمران فالأول الكراهة وبالجملة التراه عنه مطلقا أحب إلى والولي لما في الانتهاب من التهاتر والتزاحم والقتال وربما اخذ من يكره صاحب
النثار يحرصه وشرهه ودناءة نفسه وحرمان من يشتهى صاحب المنزل لمروته وصيانة نفسه وعرضه والظاهر هذا فان أرباب المروات يترفعون عن مزاحمة سفلة الناس و
يصونون أنفسهم عن مدافعتهم وتهاوشهم على شئ من الطعام أو غيره لاشتماله على دناءة النفس ورذالتها والله تعالى يجب معالى الأمور وفعلى النبي صلى الله عليه وآله مخصوص بما إذا
ندب صاحب النثار إليه وطلب ذلك من الجماعة ولأنه أراد بعد النهى اظهار إباحة بالفعل لان الصحابة كانوا يتابعونه في أفعاله مسألة لو قسم صاحب النثار
نثار بين الحاضرين لم يكن اخذه مكروها اجماعا بل كان حسنا وقد روى العامة عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قيم يوما بين الصحابة تمرا فأعطى كل انسان سبع تمرات فأعطاني
سبع تمرات إحداهن حشفه لم يكن منهن تمرة أعجب إلى منها سدت في صاعي وكذا ان وضعه بين أيديهم اذن وان لهم في اخذه على وجه لا يقع فيه تناهب فلا يكره أيضا ولو
580

حصل في حجره شئ من النثار فهو له غير مكروه مسألة من القط شيئا من النثار السايغ التقاطه لم يؤخذ منه وهل يملكه الأقرب ذلك اعتبارا بالعادة وهو أحد وجهي
الشافعي والثاني انه لا تلك بذلك لأنه لم يوجد لفظ يملك ولا تمليك معين لعين واصل الخلاف المعاطاة لكن ثبوت الملك هنا أولي لأنه يشبه التقاط المباحات
فان قلنا بالأول فيخرج عن ملك الناثر بالنثر أو يأخذ الملتقط أو باتلافه الأقرب الأخير وهو قريب من إباحة الطعام المقدم الضيف والشافعية الوجوه الثلاثة وان قلنا
بالثاني فللناتر الاسترجاع قال بعض الشافعية على تقدير عدم الملك ان له الاسترجاع ما لم يخرج الملتقط عن الدار وعليه الغرم ان أتلفه مسألة لو حصل في
حجره شئ من النثار فان بسطه لذلك لم يؤخذ منه ونزل بمنزلة الاخذ باليد فان سقط كما وقع فهل يبطل حقه لأنه لم يستقر أو لا يبطل ويمنع الغير من اخذه للشافعية وجهان
مبنيان على ما إذا وقع في الشبكة وافلت في الحال وقال بعضهم الظاهر أن حقه يبقى بحاله ويمنع الغير منن اخذه وفيه نظر وان لم يبسط حجره لذلك لم يملكه بوقوعه فيه لأنه
لم يوجد منه قصد تملك ولا فعل فلو نقضه فهو كما لو وقع على الأرض وان لم ينقضه فهو أولي به من غير له فلا ينبغي لغيره اخذه كما لو وثبت سمكه من البحر فوقعت في حجره فان
اخذه الغير فهل يملكه للشافع وجهان مبنيان على ما إذا عشش الطاير في ملكه فاخذ القرح غيره وما إذا دخل السمك مع الماء حوضه وحكى عن بعض الشافعية انه كالخلاف
فيما إذا أحيى ما حجره غير لكن الأصح عندهم ا ن المحيى يملك وفي هذه الصورة ميلهم إلى المنع أكثروا فرقوا بان المتحجر غير مالك فلس الا حيا تصرفا في ملك الغير وفي صورة التعشش
الاخذ متصرفا في ملك الغير بدخول وغيره وفيه نظر فان عصيان الدخول لا يزيد الملك الحاصل بالاستيلاء ولو سقط من حجره قبل ان يقصد اخذه وأقام فسقط بطل
اختصاصه كما لو ملك الفرخ جناحه وطار يجوز لصاحب الدار اخذه ثم أولوية من وقع في حجره مخصوصة بما إذا كان ممن يأخذه فاما من يعلم منه انه لا يأخذه ولا يرغب
فيه فلا اختصاص له به ويجوز لغيره اخذه منه ويكره اخذ النثار من الهواء بالملاحف والازر المربوطة برؤس الخشب فان اخذه كذلك استحقه على ما تقدم من التفصيل
مسألة نثر الدراهم والدنانير يشبه نثر السكر في احكامه وتفاصيله ويجوز ان يخلط المسافرون زادهم ويأكلون جميعا وان اكل بعضهم أكثر من بعض فلا باس اتباعا
للعادة مسألة يحرم اتخاذ الملاهي من الدف وشبهه قد روى جواز ذلك في العرس والغنا فيه ومنعه ابن إدريس وهو المعتمد لان الله تعالى ذم اللهو واللعب بما
يقتضى تحريمهما وقالت العامة انه ليس بمنكر لان أبا بكر دخل على عايشه وعندها جاريتان في أيام منى تدفعان ويضربان والنبي صلى الله عليه وآله متغش بثوبه فأشهرهما أبو بكر فكشف
النبي صلى الله عليه وآله عن وجهه فقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عبد ونحن يحل منصب النبوة عن ذلك ونرفعه عنه وحاشاه صلى الله عليه وآله عن مثل هذه الأفعال التي ينسبونها إليه مما يوجب نقص
المروة وسقوط المحل من القلوب المقدمة الحادي عشر في سبب اباحه البضع وتحريمه الأشياء غير الضرورية في الأصل إما على الإباحة أو على التحريم على اختلاف
الرأي على ما ذكرناه في كتبنا الأصولية وليس هذا موضع ذكرها إما ما ورد فيه نص فإنه يجب اتباعه للانقياد إلى أو امره ونواهبه والتصرف في البضع بالاستمتاع
من هذا القبيل فان القران العز يزدل على تحريم بعض واباحه الباقي ثم التحريم إما ان يكون على التأبيد أولا يكون وجعل الله لكل منهما سبابا نحن نذكرها انشاء الله
تعالى واما المباح فقد حصر الله تعالى سببه في أمرين الزوجية والملك وكل منهما على قسمين فالزوجته ما أن تكون على الدوام أو منقطعة والملك إما ملك عين أو ملك منفعة
فالأقسام أربعة نحن نذكرها على التفصيل انشاء الله تعالى مسبب الزوجية العقد من الدايم والمنقطع معا والعقد له أركان واحكام ولو أحق فلنبدأ بالعقد الدايم لأنه
الأصل المقصود بالذات الركن الأول في العقد وفيه أركان الركن الأول الصيغة مسألة النكاح عقد يشتمل على ايجاب وقبول فالايجاب
له صيغتان الانكاح والتزويج ولا خلاف بين علماء الاسلام في الاكتفاء في الايجاب باحديهما وقد ورد نص القران بهما في قوله تعالى زوجناكها وقوله ولا تنكحوا
ما نكح اباؤكم فيقول الموجب إما الولي أو امرأة زوجتك أو أنكحتك فيقول الزوج تزوجت أو نكحت أو قبلت تزويجها أو قبلت نكاحها ولا ينعقد النكاح بلفظ
غير هذين وبه قال عطا وسعيد بن المسيب والزهري وربيعه والشافعي وأحمد بن حنبل فلا ينعقد بلفظ غيرهما سواء وجد منهما ما يقتضى التمليك مثل البيع و
الهبة والصدقة والتمليك والإجارة وما لا يقتضيه كالإباحة والاحلال والإعارة وسوى جرى ذكر المهر أو لم يجر لأصالة بقاء التحريم ولقوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون
عمل بخلافه فيما وقع الاتفاق عليه من اللفظين في الاجماع فيبقى الباقي على المنع ولقوله تعالى انا احللنا لك أزواجك إلى قوله تعالى وامرأة مؤمنة أو وهبت نفسها
للنبي ان أراد النبي ان يستنكحها خالصة بل من دون المؤمنين بين تالي تخصيصه بالموهوبة ولان هذا اللفظ يقصد به غير النكاح فلم ينعقد به النكاح كلفظ الإجارة
والاحلال والإباحة وقال الثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأبو ثور وأبو عبيد وداود ينعقد بلفظ الهبد وأبيع والتمليك والصدقة دون الاحلال والإباحة
وفي الإجارة عن أبي حنيفة روايتان لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله قال زوجه بامرأة قد ملكتها معك من القران ولأنه لفظ ينعقد به التزويج النبي صلى الله عليه وآله فانعقد به نكاح الأمة للتأسي
والرواية الصحيحة عندهم زوجتكما وأنكحتكما وزوجناكها والقصة واحدة والظاهر أن الراوي روى بالمعنى طنا منه ان معناهما واحد فلا يكون حجته وإن كان النبي صلى الله عليه وآله جمع
بين الألفاظ فلا حجة فيه لان النكاح انعقد بأحدهما والباقي فضلة وقال مالك ينعقد لكل هذه الألفاظ إذا ذكر المهر
بان يقول بعتكها على مهر كذا أو اجرتكها بمهر كذا و
أبحتكها على مهر كذا لان ذكر المهر يخلص اللفظ النكاح وهو ممنوع وأيضا فالنكاح نوع من العباه فلو ورد الندب فيه والاذكار في العبادات متلقاه من الشارع والقرآن
ورد بهذين اللفظين دون غيرهما ولان الشهادة عندهم شرط في النكاح والصريح فيه هذان اللفظان والباقي كناية والكناية انما تدل بانضمان النية إلى اللفظ أو النية
غير معلومة ولا يمكن اطلاع الشهود عليها كان يؤدى إلى عدم الانعقاد كما نقول به مسألة ولا ينعقد الدائم بلفظ المتعة عند أكثر علمائنا وقال بعضهم ينعقد
والأول أقوى لما تقدم وكونه ركنا في العقد المتعة لا يقتضيه في هذا الدايم لأنه يكون مجازا فيه والأصل في أركان العبادات اتباع المنصوص فيه والنكاح قد بينا استحبابه
فيكون عبادة وقد بينا انه لا ينعقد بالكنايات وبه قال الشافعي واختلفت الحنيفة في لفظ الشراء فالصحيح عندهم انه ينعقد النكاح وبه قال محمد بن الحسن لو شهد
أربعة على رجل بأنه زنى بهذه الحرة فقال الشهود عليه انى اشتريتها فإنه يسقط عنه الحد فقد جعل دعوى الشراء دعوى النكاح لأن هذه اللفظ تبنى عن التمليك
شرعا وعرفا فالتحقت بلفظ التمليك وهي موجبة للعقد عنده وهو ممنوع ولو اوصى بابنته للحال فقال قد أوصيت لك يا بنتي للحال قالت الحنفية ينعقد
النكاح لأنه تمليك للحال وان اوى مطلقا لم ينعقد لان الوصية المطلقة تفيد التمليك بعد الموت ولا نكاح بعد الموت واختلفت الحنيفة في لفظة
القرض والرهن فقيل ينعقد لان لفظ القرض تملك به الرقبة فكان كالهبة وقال آخرون لا يجوز لان استقراض الحيوان لا يجوز عندهم ولا ينعقد بلفظ الخلع
والإقالة والشرك والكتابة عندهم لأنها غير موضوعة للتمليك ولو قالت جعلت نفسي لك بألف كان نكاحا ولو قال جئتك خاطبا فقالت زوجت نفسي
منك انعقد كما لو قال زوجي نفسك منى ولو قال بمحضر من شاهدين راجعتك فرضيت المراة بذلك يكون نكاحا لأنه قد يراد بها النكاح وقد يراد بها
581

الرجعة المعروفة والمحل لا يقبل حقيقة الرجعة فانصرف إلى النكاح ولو قالت المطلقة بانيا رددت نفسي إليك وقال الزوج قبلت كان نكاحا عندهم وهذا كله عندنا
باطل لمنا تقدم مسألة لا ينعقد الا بلفظ العربية مع القدرة فلو تلفظ بأحد اللفظين بالفارسية أو غيرها من اللغات غير العربية مع تمكنه ومعرفته
بالعربية لم ينعقد عند علمائنا وهو قولي الشافعي واحمد لأنه عدل عن النكاح والتزويج مع القدرة فصار كما لو عدل إلى البيع والتمليك وقال أبو حنيفة وأصحابه
والشافعي أيضا انه ينعقد اعتبارا بالمعنى وليس بجيد لان غير العربي بالنسبة إليه كالنكاية فلا يعتبر به واما إذا لم يحسن العربية فان امكنه التعلم وجب والا عقد بغير العربي
للضرورة وللشافعي قولان أحدهما كما قلنا لان العربية كانت شرط عند القدرة لم يغن غيرها عند العجز كقراءة الفاتحة فيصبر إلى أن يتعلم أو يوكل وأصحهما عنده
الانعقاد لأنه لفظ لا يتعلق به اعجاز فاكتفى بترجمته عند العجز كالتكبير فقد حصل من هذا ثلثه أقوال للشافعي المنع مطلقا (والجواز مطلقا صح) ولمنع ان لم يحسن والجواز ان أحسن ولو اتى أحد المتعاقدين
بالعجمية والاخر بالعربية فالبحث منه ما تقدم والجواز ان أحسن إما عندنا فان أحسن أو تمكن من التعلم لم يجزوا عند الآخرين فكما تقدم من الخلاف هذه إذا فهم كل منهما
كلام الأخر فإن لم يفهم ولكن اخبره ثقة من معنى لفظ الأخر ففي الصحة للشافعية وجهان ولو كان أحدهما يحسن بالعربية والاخر لا يحسنها قالوا الذي لا يحسن بالعربية يأتي
بلفظ العجمية والاخر فيه الوجهان ولو كان الشاهدان لا يفقهان بالعجمية أو لا يفقهان بالعربية لم يصح ان يتحملا العقد الا ان يحفظ الصورة فحينئذ يصح العقد عندنا
وليس لهما ان يشهدا بالعقد أو بعد الاستفسار والدين اشترطوا في صحة العقد الشهادة لا يصح العقد عندهم هنا لان الغرض بالشهود معرفتهما بالعقد وتحملهما الشهادة
مسألة لا يشترط اتفاق اللفظ من الموجب والقائل فلو قال الموجب زوجتك فقال الزوج نكحت إما قال الموجب أنكحتك فقال الزوج تزوجت صح العقد
اجماعا ومن لا يحسن العربية منهما يصح منه عقد النكاح بلسانه لأنه عاجز عما سواه فسقط عنه كالأخرس ويحتاج إلى أن يأتي بمعناها الخاص بحيث يشتمل على معنى اللفظ
العربي ويجب على من لا يحسن العربية تعلم الفاظ النكاح لأنه شرط في صحة العقد لأنه ما كانت العربية شرط فيه لزمه تعلمها مع القدرة كالتكبير خلافا لبعضهم لان النكاح
غير واجب فلم يجب تعلم أركانه بالعربية والفرق ظاهر لما بينا من أن النكاح عبادة ويمنع حكم الأصل ولو كان أحدهما بحسن العربية والعجمية والاخر يعرف العجمية فالأقوى
وجوب ان يأتي العارف بالعربية بلغته ثم يعتبر الأخر هو أو اخر يعرف اللسانين جميعا يعبر عن المعنى لتقبل بلغته مسألة الأخرى إن كان له إشارة معلومة و
أشار إلى الايجاب أو القبول صح نكاحه لأنه معنى لا يعرف الا من جهته فصح بإشارته كبيعه وطلاقه ولعانه وان لم يكن له إشارة معلومة لم يصح منه كما لا يصح غيره من التصرفات
القولية ولان النكاح عقد بين شخصين فلا بد وان يفهم كل منهما ما يصدر عن صاحبه ولو فهم ذلك صاحبه العاقد معه صح العقد عنانا خلافا لمن شرط الشهادة
في صحة العقد عنده لا يصح حتى يفهم الشهود أيضا لان الشهادة شرط ولا تصح على ما لا يفهم قالوا ولا بزوجه وليه إذا كان بالغا لان الخرس لا يوجب الحجر فهو كالصمم مسألة
إذا قال الولي أو الزوجة للزوج زوجتك أو أنكحتك فقال الزوج قبلت نكاحها أو قبلت تزوجها أو هذا التزويج انعقد العقد اجماعا لتحقق المقتضى لانعقاده إذ لا
يتوقف الا على هذين ولو قال الزوج قبلت واقتصر صح العقد عنانا أيضا وتم وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين لان القبول صريح في الايجاب ومتضمن
للايجاب فإذا قال زوجتكها فقال قبلت معناه قبلت التزويج كما لو قال وهبت منك هذا الثوب فقال قبلت صح وعلم أن معناه قبلت الثوب وكذا في البيع
لو قال قبلت ولم يقل الشراء وكذا ساير العقود الثاني لا ينعقد لان قوله قبلت لم يوجد فيه لفظة النكاح أو التزويج فلم ينعقد كما لو قال زوجنيها فقال قبلت أو قال
رجل للولي زوجها من هذا فقال نعم والأصل ان الكنايات لا ينعقد بها النكاح ولفظ التزويج والنكاح لم توجد في لفظة قبلت فكان كناية وعدم النطق لا يقتضى
عدم الإرادة التي هي سبب صحة العقد والألفاظ انما جعلت وصلة في الدلالة عليها ولفظ قبلت صريح في الدلالة على الإرادة مسألة لو قال زوجتك
فقال قبلت ولم يضف التزويج أو النكاح إليها أو قال قبلتها ولم يذكر النكاح صح عندنا وللشافعية قولان مرتبان على الخلاف فيما إذا اقتصر على قوله قبلت وهاتان
الصورتان أولي بالصحة للتصريح بلفظ النكاح في الأولى والإضافة إلى منكوحه في الثانية واجري بعض الشافعية الخلاف فيما إذا قال زوجني لو انكحني فقال الولي قد فعلت
ذلك أو نعم اكتفاء بلفظ النكاح في أحد الطرفين وفيما إذا قال الولي زوجتكها فقبلت فقال نعم وكذا لو قال نعم من غير قولي الولي قبلت ومنهم من قطع بالمنع كما لو قال
أتزوجني ابنتك فقال نعم فقال قبلت وفي نظاير هذه الصورة من المبيع ينعقد البيع عند الشافعية ولهم وجه اخر انه لا ينعقد كما في النكاح مسألة لو كان العاقدان
؟؟ حاضرين فكتب الولي أو المراة زوجتك أو أنكحتك وكتب الزوج قبلت هذا النكاح أو هذا التزويج مع قدرتهما على النطق لم ينعقد لأنه لا ضرورة إلى ذلك ولو كان
أحدهما غايبا فكتب الولي والزوجة بالايجاب فوصل الكتاب إلى الزوج فقال قبلت لم ينعقد (أيضا وهو أحد قولي الشافعي لان الكناية كناية والنكاح لا ينعقد بالمكنيات والثاني انه ينعقد صح) لان الغايب يخاطب بالكتاب ولو خاطب غايبا بلسانه فقال زوجتك
ابنتي ثم كتب فبلغه الكتاب أو لم يبلغه وبلغه الخبر فقال قبلت نكاحها بطل لتراخى القبول عن الايجاب وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يصح ويجعل كأنه خاطبه حين
وصل إليه الكتاب أو الخبر ويبعد خطاب الغايب بقوله زوجتك ابنتي لان مكالمه الغايب سقه وعلى قولهم بالصحة إما بمجرد الكتاب الكتاب أو عند التلفظ فالشرط عندهم ان
يقبل في مجلس بلوغ الخبر وان يقع القبول بحضور الشاهدين الذي حضر الايجاب فان حضر غيرهما لم يصح عندهم ولو استخلف القاضي فقيها في تزويج امرأة لم يكف الكتاب
بل لا بد من اللفظ وللشافعية وجهان وهل المكتوب إليه الاعتماد على الخط الأقرب المنع وللشافعي وجهان كالوجهين في جواز الاعتماد على منشور توليد القاضي وإذا كتب
إلى الولي وقال زوجني وليتك فقراه الولي أو غيره بحضور شاهدين وقال زوجته لم ينعقد وبه قال الشافعي لما تقدم وقال أبو حنيفة وأصحابه ينعقد لان
قرائة الكتاب نيابة عنه في استدعائه من غايب فبلغه فأوجب مسألة إذا قالت المرأة زوجت نفسي من فلان أو قال الولي زوجت فلانه من فلان وبلغ
الزوج فقبل لم يصح وبه قال الشافعي لتأخر القبول وقال أبو يوسف يصح لان قولها زوجت نفسي جميع العقد ولهذا قال الولي زوجت وليتي من نفسي انعقد النكاح
فجاز ان يقف على الإجازة وهو غلط لان هذا شطر العقد فيما هو تمليك في حال الحياة فلا يقف على القبول كساير العقود وما ذكره ممنوع ولا يصح أيضا على أصله لان
ذلك اللفظ قام مقام الايجاب والقبول بخلاف مسئلتنا ولأنه لو كان الزوج حاضرا أو اخر القبول لم يصح مسألة إذا أوجب الولي أو المراة عقد النكاح
ثم زال عقله باغماء أو جنون أو مرض بطل ايجابه ولم يكن للزوج القبول وبه قال الشافعي واحمد لان الايجاب جايز من جهته لا يؤل إلى اللزوم لان الايجاب لا يكون دون
القبول لازما بحال بخلاف البيع إذا أغمي عليه في مدة الخيار عند الشافعية فان العقد يؤل إلى اللزوم بانقضاء المدة والوجه عدم الفرق في بطلان العقد وكذا إذا
استدعى الزوج منه النكاح ثم أغمي عليه قبل الايجاب بطل الاستدعاء لما سبق ولا تأثير للايجاب بعد ذلك وان زال العارض وكذا في القبول ولو زال عقله بنوم
ثم (استيقظ لم صح) حكم الايجاب ان يحصل الفصل بطول الرمان لأنه لا يبطل العقود الجايزة فكذا هنا ولو طال الزمان حتى عده فاصلا بين الايجاب والقبول لم يصح مسألة
582

إذا قدم الايجاب على القبول فقال زوجتك فقال الزوج تزوجت صح العقد اجماعا وكذا باقي العقود واما ان قدم القبول على الايجاب فإن كان في النكاح بان يقول الزوج
زوجنيها فيقول الولي زوجتكها قال الشيخ (ره) في المبسوط ينعقد اجماعا وبه قال الشافعي وماكل وأبو حنيفة لأنه قد حصل الايجاب والقبول فصح العقد كما لو تقدم
الايجاب ولان سهل بن الساعدي روى أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله اتى قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله
زوجنيها ان لم يكن لك فيها حاجة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هل عندك من شئ تصدقها إياه فقال ما عندي الا إزاري هذا فقال النبي صلى الله عليه وآله ان أعطيتها إياه جلست ولا ازار
لك فالتمس شيئا فقال ما أجد شيئا فقال التمس ولو خاتما من حديد فلم يجد شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله معك من القران شئ قال نعم سورة كذا وسورة كذا وسماهما
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قد زوجتكها بما معك من القران وظاهره انه يدل على جوزا تقديم القبول لأنه لم ينقل بعد ذلك وجود القبول من الزوج وقال احمد لا يصح العقد
إذا قدم القبول لان القبول انما يكون للايجاب فمتى وجد قبله لم يكن قبولا لعدم معناه فلم يصح كما لو تقدم بلفظ الاستفهام ولأنه لو تأخر عن الايجاب بلفظ الطلب
لم يصح فإذا قدم كان أولي كصيغة الاستفهام ولأنه لو اتى بالصيغة المشروعة مقدمة فقال قبلت هذا النكاح فقال المولى زوجتك ابنتي لمن يصح فلان لا يصح إذا
اتى بغيرها أولي ولا بأس بهذا القول مسألة انما يصح العقد إذا صدر في مجلس واحد ولم يتشاغلا بينه بغيره وان تراخى أحدهما عن الأخر إذا عد الجواب
جوابا للايجاب لان حكم المجلس حكم حالة العقد بدليل القبض فيما شرط فيه القبض وثبت الخيار في البيع فان تفرقا قبل القبول بطل الايجاب ولأنه لن يوجد معناه
فان الاعراض قد وجد من جهته بالتفرق فلا يكون قبولا وكذا لو تشاغلا عنه بما قطعه لأنه أيضا معرض عن العقد بالاشتغال عن قبوله مسألة لا يصح اشتراط
الخيار في النكاح ولا يثبت فيه خيار المجلس اجماعا لان الحاجة غير داعية إليه فإنه لا يقع في الغالب الا بعد فكر ورويته وسؤال كل واحد من الزوجين عن صاحبه معرفته
بحاله بخالف البيع الواقع في الأسواق من غير فكر وا رويد ولان النكاح ليس محض معاوضة ولهذا لا يعتبر فيه العلم بالمعقود عليه برؤية ولا وصف دافع للجهالة
ويصح من غير تسمية العوض ومع عوض فاسد ولان ثبوت الخيار فيه يفضى إلى فسخه بعد ابتذال المراة فان في فسخه بعد العقد ضررا بالمرأة ولهذا وجب بالطلاق
وقبل الدخول نصف الصداق ولان القصد في البيع المغانبة والأسواق تختلف في الأسعار فجور له الخيار بعد العقد ليتبين سعره في حال العقد والنكاح يقصد
منه أعيان الزوجين وذلك لا يختلف تذنيب لو شرط خيار الثلث في عقد النكاح بطل العقد قباله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي لان الرضي من الزوجين
بدون الشرط غير حاصل والرضي شرط في صحة العقد فإذا فات الشرط بطل المشروط وقال أبو حنيفة يبطل الشرط ويصح النكاح اخر يصح اشتراط الخيار في
الصداق خاصة ولا يفسد العقد مسألة يشترط في الصيغة الجزم فلا يصح الا بلفظ الماضي بان يقول زوجتك فيقول قبلت النكاح فلو قال
الموجب أزوجك فيقول قبلت أو يقول زوجتك فيقول اقبل لم يصح لأنه لفظ دلل غير على صريح الانشاء سالم عن تزويج الألفاظ المشتبهة بالإجابة والاستفهام
ولو اتى بلفظ الامر وقصد الانشاء كقوله زوجيها فيقول الموجب زوجت قال الشيخ يصح وان لم يعد الزوج القبول بلا خلاف لخبر سهل الساعدي ولو اتى بلفظ المستقبل
كقوله لتزوجك فتقول زوجتك قال بعض علمائنا يصح وان لم يعد الزوج القبول لرواية أبان بن تغلب في المتعة أتزوجك متعه فإذا قالت نعم فهى امرتك وقبل لا بد
من إعادة القبول وقال الشافعي إذا قال زوجني فقال الولي زوجتك فان قال الزوج قبلت فلا كلام في صحة النكاح وان لم يقل صح أيضا لوجود الاستدعاء الجازم
وبه قال أبو حنيفة لخبر سهل الساعدي وهو موافق لما قلنا ونقل بعض الشافعية فيه خلافا كما نقلوا في البيع مسألة إذا تقدم القبول في النكاح فقد نقلنا
الخلاف وانه صحيح عندنا وعند الشافعي وأبو حنيفة خلافا لأحمد واما البيع وساير العقود فقال الشيخ (ره) لو قدم القبول فقال بعينها فقال بعتكها صح عندنا
وعند قوم المخالفين وقال قوم منهم لا يصح حين سبق الايجاب واحمد وافق البيع لان البيع يكفى فيه المعاطاة من غير ايجاب وقبول ولأنه لا يتعين فيه لفظ بل
يصح بأي لفظ كان مما يؤدى المعنى وللشافعي قولان كما تقدم واما الخلع والصلح عن الدم والاعتاق على المال فأولى بالانعقاد بالاستيجاب والايجاب فإذا قالت
طلقني أو خالعني على الف فأجابها الزوج طلقت وصح لزم الألف ولا حاجة إلى قبول بعده وكذا لو قال العبد للسيد اعتقنى على كذا فاعتقه أو قال من عليه القصاص صالحنى
على كذا فقال المستحق صالحتك عليه لأن هذه الأشياء ليست عقودا محضة ولان الغرض الأصلي منها الطلاق والعتق والعفو وهذه المقاصد يمكن تحصيلها بغير عوض
فإذا ذكر عوض فهو على سبيل الاقتداء والتبعية ولهذا صح بذل المال على الطلاق والعتق من الأجنبي واما النكاح فإنه لا يخلوا في وضعه عن العوض الا نادرا فأشبه
البيع والمعاوضات ولأن هذه العقود تصح بصيغة التعليق عندهم بخلاف المعاوضات فإذا ثبت ان هذه العقود أولي بالانعقاد والقاطعون فانعقد النكاح
بالاستيجاب والايجاب يقطعون هنا بالصحة جزما واما المثبتون للخلاف هنا فامتنع أكثرهم من طرده هنا وهل تنزل الكتابة منزله الخلع والعتق حتى يقطع؟؟؟
بالاستيجاب والايجاب أو منزله النكاح حتى يجئ فيه الخلاف للشافعية قولان لان الكتابة متردده بين الاعتاق والمعاوضات هذا كله فيما إذا كانت صيغة الاستدعاء
زوجني وخالعني وأعتقني ونحوها فروع ا لو قال للزوج المولى قد زوجتها منك قال بعض الشافعية ليس ذلك في معنى الاستيجاب لأنه استدعاء اللفظ دون التزويج
فإذا تلفظ أشبه ان يقتضى القبول كما كان يقتضيه إذا لم يستدع شيئا ب لو قال الولي تزوج ابنتي فقال الزوج تزوجت فهو كما لو قال الزوج زوجني فقال الولي
زوجتك وهو المشهور عند الشافعية وقال بعضهم بالمنع ولو اتى بلفظ الاستفهام فقال الزوج أتزوجني ابنتك أو قال ازوجت منى ابنتك فقال الولي زوجت
لم ينعقد الا أن يقول الزوج بعده تزوجت وكذا لو قال الولي اتتزوج ابنتي لو قال أتتزوجها فقال تزوجت لم ينعقد الا أن يقول الولي بعده زوجت لأنه استفهام
لا يدل بالتصريح على الجزم ج لو قال المتوسط للولي زوجت ابنتك من فلان فقال زوجت ثم اقبل على الزوج فقال قبلت نكاحها فقال قبلت فالأقرب
صحة العقد وهو أصح وجهي الشافعي لوجود ركني العقد الايجاب والقبول وارتباط أحدهما بالآخر والثاني لا يصح لعدم التخاطب بين المتعاقدين د لو قال
رجل للولي زوجت بنتك من فلان فقال نعم فقال الزوج قبلت قال الشيخ (ره) يقوى في نفسي انه ينعقد لان نعم يتضمن إعادة السؤال وخالف فيه الشافعي ه‍
لو قال الخاطب للولي زوجني ابنتك أو قال جئتك خاطبا راغبا في بنتك فقال زوجتكها لم يصح حتى يقبل الأخر لأنه لم يوجد لفظ القبول ولا لفظ الاستدعاء
بل وجد منه معنى الاستدعاء مسألة عقد النكاح لا يقبل التعليق بل شرطه الجزم فلو علقه على وقت أو وصف مثل إذا جاء رأس الشهر أو ان قدم
زيد فقد زوجتك ابنتي فقال الزوج قبلت النكاح لم ينعقد وبه قال الشافعي لان البيع أو المعاوضات لا تقبل التعليقات فالنكاح مع اختصاصه بوجه الاحتياط
أولي ولو أخبر بمولود فقال لغيره إن كان بنتا فقد زوجتكها أو قال إن كان بنتا وطلقها زوجها أو مات عنها وانقضت عدتها فقد زوجتكها أو كانت تحته
583

أربع نسوة فقال غيره ان ماتت واحدة منهن فقد زوجتك ابنتي أو قال إن مات أبى وورثت جاريته فقد زوجتكها أو بان ان الامر كما قدم لم ينعقد شئ من هذه
الصور عندنا وللشافعية وجهان مبنيان على أنه إذا زوج أمة أبيه أو باعها على ظن أنه حي فبان انه كان ميتا وقت العقد هل يصح فيه العقد فيه للشافعية
قولان فان قلنا لا يصح العقد هناك مع أنه أطاق فهنا مع التعليق أولي فان قلنا يصح عند الاطلاق ففي هذه الصور وجهان أحدهما ان النكاح صحيح لان التصحيح
وان خرج على تقدير هذا التعليق فإذا صرح به فقد صرح بمقتضى العقد وبه قال أبو حنيفة وأصحهما عند الشافعية انه لا يصح كما قلناه لفساد الصيغة ولو بشر
ببنت فقال إن صدق الخبر فقد زوجتكها قال بعض الشافعية يصح ولا يكون ذلك تعليقا بل هو تحقيق كما لو قال إن كنت زوجتي فأنت طالق يكون تخيرا
للطلاق ويكون ان بمعنى إذ كما في قوله تعالى وخافون ان كنتم مؤمنين وكذا لو أخبر من له أربع نسوة بموت إحديهن فقال لرجل ان صدق الخبر فقد نكحت ابنتك
وقال ذك الرجل زوجتكها يصح وهذا انما يصح وهذا انما يصح إذا تيقن صدق الخبر فيما فرض والا فكلة ان من التردد فيما دخلت عليه تعليق واشتراط وهذا حق عندنا أيضا
الركن الثاني العاقد وهي الزوجة ووليها مقدمة يشتمل على مسائل انما يصح العقد على الزوجة بشرطين الأول خلوها من مواقع النكاح
الثاني يعينها وموانع النكاح قسمان نسب وسبب والأول يقتضى التحريم المؤبد وهو سبعة أصناف ا الام ب الحدات وان علون سواء كن
لأب أو لام ج البنات سواء للصلب أو كن بنت بنت أو بنت ابن وان نزلن د الأخوات سواء كن لأب أو لام اولهما وبناتهن وبنات أولادهن وان نزلن ه‍ العمات
سواء قربن بان كن أخوات أبيه لأبيه أو لامه اولهما (أو بعده صح) بان كن أخوات أجداده وان علون سواء أجداد الأب أو أجداد الام والخالات سواكن للأب أو للام اولهما
وكذا خالات الأب والام وان ارتفعن ز بنات الأخ سواء كان الأخ للأب أو للام اولهما وسواء كانت بنته لصلبه أو بنت بنته أو بنت ابنه وماتهن وان
سفلن هذا من النساء ومثلهن من الرجال يحرم على النساء فيحرم الأب على المرأة وان على والابن وانس فل والأخ وابن الأخ وابن الأخت وان علو والعم
والخال وان علوا واما الثاني فأسبابه خمسة ا الرضاع وهو يقتضى التحريم المؤبد ب المصاهرة وهي قسمان منها ما يقتضى التحريم المؤبد ومنها ما يقتضى التحريم على
الجمع ج استيفاء عدد النساء أو عدد الطلاق ولا يقتضيان التحريم المؤبد الا في صورة تأتى د اللعان وهو يقتضى التحريم المؤبد ه‍ الكفر ولا يقتضى التحريم
المؤبد ولا فرق في ذلك كله بين أقسام النكاح الثلاثة الدائم والمنقطع وملك اليمين وسيأتى البحث في ذلك كله مفصلا انشاء الله تعالى مسألة التعيين و
هو شرط في الزوجين اجماعا لان كل عاقد ومعقود عليه بحسب تعيينهما كالمشتري والمبيع ولان الاستمتاع يستدعى فاعلا ومنفعلا معينين لتعينه فلو قال زوجتك إحدى
ابنتي أو زوجت بنتي من أحدكما أو من أحدا بنيك لم يصح العقد بلا خلاف مسألة التعيين انما يحصل بأمور ثلثه
الإشارة أو الاسم المختص أو الصفة المميزة فإذا
كانت المراة حاضرة فقال الأب أو الولي زوجتك هذه أو هذه المراة أو هذه فلانة صح العقد بلا خلاف لان الشارة كافيه في التخصيص والزيادة تأكيد وكذا الإشارة تكفى
في تعيين الزوج وإن كانت غايبة افتقر إلى ذكر اسمها أو وصفها المميز بان يقول زوجتك بنتي فاطمة إن كان له غيرها أو يقول زوجتك بنتي ولا بنت له سوى واحدة وان لم
يسمها لحصول المميز في الأول بالاسم والوصف وحصوله في الثاني بالوصل الخاص ولو قال زوجتك التي في الدار وليس فيها غيرها أيضا لحصول الوصف الخاص ولو كان له
عدة بنات متميزات باللون أو بالقد أو بالسن فذكر ما يميز المعقود عليها بان يقول بنتي البيضاء أو السمرا وكان ما ذكره مختصا بواحدة صح العقد والا فلا وكذا
لو قال بنت الطويلة وليس له سوى واحده هي كذلك أو قال الكبر وبناتي أو أصغرهن أو الوسطى وهي واحدة ولو قال له زوجتك بنتي فلانه وسماها بغير اسمها ولا
بنت له سوى واحدة فالأقوى الصحة وهو أصح وجهي الشافعية لان البينة صفة لازمه مميزه فيتعين ويلقى الاسم المذكور بعده والثاني لا يصح النكاح لأنه ليس له
بنت بذلك الاسم ولو قال زوجتك هذا فاطمة وأشار إليها وكان اسمها زينت فالوجهان للشافعية وكذا لو قال بعتك فرسى هذا وهو بغل حتى قال بعض الشافعية
لو قال زوجتك هذا الغلام وأشار إلى ابنته صح النكاح تعويلا على الإشارة ولو قال بعتك داري هذه وحدها وغلط في حدودها صح البيع بخلاف ما لو قال
الدار التي في محلة كذا وحددها وغلط لان التعويل هنا على الإشارة ولو قال بعتك داري ولم يقل هذه وحددها وغلط وليس له دار سواها صح كما لو قال زوجتك
بنتي فلانه وذكر غير اسمها ولو كان له بنت واحدة اسمها فاطمة فقال زوجتك فاطمة ولم يقل بنتي فلانه لم يصح العقد لكثرة الفواطم لو نوياها صح عندنا وهو قول الشافعية
وليس بجيد على رأيهم لان النكاح عقد يفتقر إلى الشهادة والشهود انما يشهدون على اللفظ دون النية ولهذا حكموا بأن النكاح لا ينعقد بالكنايات مسألة
لو كان له أكثر من بنت واحدة فلا بد من تميز المنكوحة بالتسمية أو الإشارة بان يقول بنتي هذه أو بالوصف بان يقول بنتي الكبرى أو الوسطى أو بان نيويا
واحدة بعينها وان لم يجز لفظ مميز وهو قول الشافعية لكن يرد عليهم ما تقدم ولو قال زوجتك بنتي الكبرى فاطمة وكان اسما للصغرى صح النكاح على الكبرى اعتمادا
على الوصف بالكبر وهو وصف لازم وللشافعية وجه اخر يقتضى البطلان ولو لم يتعرض لذكر وصف الصغرى والكبرى بل قال زوجتك بنتي فلانه وذكر اسم
الكبيرة وقصد تزويج الصغيرة وقصد الزوج ما قصد أولي صح النكاح على المقصودة ولغت الضميمة ولو قال الزوج قصدنا الكبيرة والنكاح في الظاهر منعقد
عليها ولو قصد الولي على أنه قصد الصغير لم يصح النكاح لأنه قبل غير ما أوجب وأفتى بعض الشافعية فيما لو خطب زيد عند عمرو وخطب بكر عند خالد ثم جاء
زيد إلى خالد وبكرا إلى عمر وزوج كل من جاء بالصحة وليس بجيد لان كل ولى أوجب بغير من قبل فلا يصح العقد مسألة إذا كان لرجل عدة نبات فتزوج
واحدة منهن ولم يسمها عند العقد فإن لم يقصدها بالنية بطل العقد وان قصد الأب واحدة منهن صح النكاح إذا عرف الزوج ما قصده أو وكل الامر إليه
ولو اختلف الزوج والأب في المعقود عليها قال علماؤنا إن كان الزوج راهن كلهن فالقول قول الأب لأن الظاهر أنه وكل التعيين إليه وعليه ان يسلم الزوج
التي نواها وان لم يكن راهن كان العقد باطلا والأصل في ذلك رواية أبى عبيده عن الباقر (ع) قال سألته عن رجل كن له ثلاث نيات فروج إحديهن
رجلا ولم يسم التي زوج للزوج ولا للشهود وقد كان الزوج فرض لها صداقا فلما بلغ ان يدخل بها على الزوج وبلغ الزوج انها الكبرى فقال الزوج لأبيها
انما تزوجت منك الصغيرة من بناتك فقال الباقر (ع) إن كان الزوج راهن ولم يسم له واحدة منهن فالقول في ذلك قول الأب وعلى الأب فيما بينه وبين
الله تعالى ان يدفع إلى الزوج الجارية التي نوى ان يزوجها إياه عند عقده النكاح قال وإن كان الزوج لم يرهن كلهن ولم يسم له واحدة منهن عند عقده النكاح
فالنكاح باطل ومنع بعض علمائنا هذه الرواية لعدم تميز المعقود عليها وليس بجيد لان الزوج لمنا راهن ورضى بالابهام باللفظ فقد اخلد إليه في التعيين
لأنه راض بأنه من قصد فيكون الأب كالوكيل في التعيين ولو قال زوجتك بنتي فاطمة وهي اسم الكبيرة ونوى الصغيرة فقال الزوج قبلت نكاح فاطمة ونوى
584

الكبيرة (فالنكاح لازم في الظاهر لأنهما اتفقا على الاسم فكان الظاهر أن النكاح بنكاح الكبيرة صح) لكنه باطل في الباطن لان الولي أوجب الصغيرة وقبل الزوج الكبيرة فقد قبل غير التي أوجبها فبطل ان صدقه وان لم يصدقه فالنكاح لازم في الظاهر والأصل في ذلك
ان الزوج إذا اخطب امرأة بعينها وأجيب ثم أوجب في العقد النكاح في غيرها وهو يعتق انها التي خطبها فقبل لم ينعقد لان القبول انصرف إلى غير من وجد الايجاب
فيه مسألة لا يصح نكاح الحمل فلو قال زوجتك حمل هذه المرأة أو حمل هذه الجارية كان باطلان لان الجهالة بكثر فان الحمل موهوم لا يتحقق ولو تحقق لم يعلم كونه
أنثى وإن كانت أنثى فلا يعلم واحدة هي أم أكثر فكثرت الجهالة فبطل النكاح ولأنه لم يثبت لها حكم النبات قبل الظهور في الإرث والوصية ولأنه لم يتحقق ان في البطن
بنتا فأشبه ما لو قال زوجتك من في هذه الدار وه‍ الا يعلمان من فيها ولو قال إذا ولدت امرأتي بنتا زوجتكها لم يصح لأنه تعليق للنكاح على شرط والنكاح لا يتعلق
على شرط ولأنه مجرد وعدوا الوعد لا ينعقد به عقد وكذا لو قال للمرأة زوجتك من هذا الحمل وفي هذا الركن مباحث البحث الأول في المولى عليها مسألة الحرة
إن كانت بالغة رشيدة ملكت ببلوغها ورشدها جميع التصرفات من العقود غيرها اجماعا من العلماء كافة الا النكاح فإنه اختلفتا فيه وتقدير البحث ان نقول
إن كانت بكرا فقد اختلف علماؤنا فالمحققون منهم على انها تملكه أيضا فيصح ان تعقد لنفسها وغيرها مباشرة وتوكيلا ايجابا وقبولا دائما ومنقطعا سواء كان
لها أب وجدا وغيرهما من العصبات والأقارب أو لا وسواء رضي الأب والجد أو كسرها وسواء كانت رفيعة أو وضيعة وسواء زوجت نفسها بشريف أو رضيع وليس
لاحد من الأقارب عليها اعتراض ولا فسخ عقدها وبه قال أبو حنيفة الا في الا خبر فإنه قال يزول الولاية أي ولاية الأولياء عن المرأة ببلوغها ورشدها في
نكاحها ولا تفتقر في نكاحها إلى اذن الولي بل لها ان يتزوج وتعقد على نفسها فان زوجت نفسها في كفو لزم العقد وليس للولي عليها سبيل وان زوجت نفسها
من غير كفو كان للولي ان يفسخ لنا قوله تعالى ولا تعضلوهن ان ينكحن أزواجهن أضاف النكاح إليهن ونهى عن منعهن منه ولقوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد
حتى تنكح زوجا غيره فهو عام في البكر وغيرها وقد أضاف النكاح إليها وجعل النكاح في الولاية إليها في قوله
تعالى فال جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ومن جملة
فعلها في نفسها عقدها عليها عقد النكاح وما رواه العامة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الأيم أحق بنفسها من وليها قال صاحب الصحاح الأيامى الذين
لا أزواج لهم من الرجال والنساء والمرأة أيم بكرا كانت أو ثيبا ولما رواه ابن عباس ان جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت إن إياها زوجها وهي كارهة فخيرها رسول
الله صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة رواية فضل بن يسار ومحمد بن مسلم وزرارة بن أعين ويريد بن معاوية في الحسن عن الباقر (ع) قال المراة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة
ولا المولى عليها ان تزويجها بغير ولى جاز ولان كل من زالت عنه أو لاية بالبلوغ في المال زالت عنه في النكاح كالرجل وقال بعض علمائنا البكر لا تعقد بنفسها
بل يتولى الأب والجد لللأب العقد عليها وليس لغيرهما ولاية عليها لرواية عبد الله بن أبي يعفو الصحيحة عن الصادق (ع) قال لا تتزوج ذوات الاباء من الابكار الا بإذن أبيها
وهو محمول على الاستحباب لان عقد النكاح يستلزم حبس المراة تحت كنف و - جها ولا يمكنها التخلص منه وربما لم يكن موافقا لها في الأخلاق والرجال اعرف بأحوال
الرجال من أخلق وجودته وكرمه وعدمه والاستغناء وعدمه فيستحب لهم الاخلاد إلى أبيها أو جدها له وان لا تستقل بالعقد من دونهما لأنهما شفيقان عليها فقال
الشافعي إذا بلغت المراة رشيدة ملكت كل عقد الا النكاح فاتها متى أرادت ان تتزوج افتقر نكاحها إلى الولي وهو شرط لا ينعقد الا به بكل حال سواء كانت
كبيرة أو صغيرة أو مجنونه بكرا أو ثيبا شريفه أو وضيعة موسرة أو معسرة فان نكاحها يفتقر إلى الولي وليس لها ان تزوج نفسها ولا ان تزوج غيرها ولا تزوجها
أحد الا وليها وليس لها ان توكل غير وليها في تزويجها سوا كان مناسبا أو مولى أو حاكما ولا اعتبار بعبارة المرأة ايجابا وقبولا في عقد نفسها أو غيرها فان ردت
امرها إلى غير وليها فزوجها لم يصح النكاح بل إن كان لها مناسب كالأب والجد له والأخ وابن الأخ والعم وابن العم فهو أولي وان لم يكن فمولاها المعتق فإن لم يكن فالحاكم
والولي يملك ان يزوجها بنفسه وان يوكل من يزوجها من الرجال فان اذن لها ان يعقد على نفسها لم يجز وكذا ليس للمراة ان تزوج امرأة أخرى بإذن وليها وإذا
وكلها رجل في أن تتزوج له وتقبل النكاح فقبلته لم ينعقد عقده وبالجملة لا ولاية للنساء في مباشرة عقد النكاح ولا وكاله ونقله العامة عن علي (ع) وبه قال في
الصحابة عمر وابن مسعود وابن عباس وأبو هريرة وعايشه وفي التابعين سعيد ابن المسيب والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد وقتادة وفي الفقهاء ابن أبي
ليلى وابن شبرمة واحمد واسحق وابن الثوري و عبد الله بن المبارك و عبد الله بن الحسن العنبري وأبو عبيد لقوله (ع) لا نكاح الا بولي روية عايشه وعنها ان النبي صلى الله عليه وآله
قال أيما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل والقرآن أولى بالاتباع من الأحاديث خصوصا مع ضعفه فان رواية الثانية فقلوها عن
الزهري وقد أنكره وقال ابن جريح سالت الزهري عنه فلم يعرفه ومعارض بأحاديث أهل البيت (ع) مع أنهم اعرف بالأمور الشرعية لان الوحي كان ينزل عليهم وقال
أبو حنيفة يجوز للمراة ان يتزوج فعليها وغيرها وتؤكل في النكاح وتزوج ابنتها الصغيرة وبه قال الشعبي والزهري لقوله تعالى ولا تعضلوهن ان ينكحن أضاف النكاح
إليهن ولأنه خالص حقها وهي من أهل المباشرة فصح منها كبيع أمتها ولأنها تملك بيع أمتها وهو تصرف في رقبتها وساير منافعها ويفيد استباحة المشترى للبضع
ففي النكاح الذي هو عقد على بعض منافعها أولي وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز لها ذلك بغير اذن الولي فان فعلت كان موقوفا على اجازته وهو مروى عن ابن سيرين
والقسم ابن محمد والحسن بن صالح وقال داود إن كانت بكرا زوجها الولي وإن كانت ثيبا زوجت نفسها وقال مالك إن كانت رفيعة لا تزوج نفسها وإن كانت
وضيعة جاز ان يتزوج نفسها وقال أبو ثور لا يجوز ان تزوج نفسها الا بإذن وليها فإذا اذن وليها جاز احتج من اعتبر اذن الولي بما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أيما امرأة
نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل ذل بمفهومه على أنه إذا كان بإذن وليها جاز واحتج داود بقوله؟؟؟ أحق بنفسها من وليها والكبر تستأمر في نفسها إذا عرفت
هذا فقد أجمع علماؤنا على استقلال الثيب الرشيدة بنكاح نفسها وغيرها وعلى استقلال البكر بالعقد على نفسها إذا عضلها الولي وعن أحمد رواية ان للمرأة
تزويج أمتها وهو دليل على صحة عبادتها في النكاح فخرج أصحابه منه ان لها تزويج نفسها بان وليها وتزوج غيرها بالوكالة مسألة إذا نكحت المراة
الكاملة نفسها أو زوجها غير ولى باذنها صح عندنا وقالت العامة النكاح فاسد فإن لم يدخل بها الزوج فلا شئ عليه وان وطئها فإن كان يعتقد إباحة ذلك
عن اجتهاد أو تقليد مجتهدا وظن منه فلا حد عليه لشبهته باعتقاده وإن كان يعتقد التحريم قال بعض الشافعية عليه الحد لأن الاعتبار بما يعتقده الا ترى انه
لو رأى امه في داره فظن أنها أمته فوطئها فلا حد عليه ولو علم أنها أجنبية وجب عليه الحد ولهذا روى عن عمر ان زمعة جمعت ركبا فيهم امرأة فجعلت امرها
إلى رجل فزوجها فجلد عمر الناكح والمنكح واكثر الشافعية انه لا حد عليه لقوله (ع) أدوارا الحدود بالشبهات والاختلاف في اباحته شبهه وفيه كاعتقاده وفعل
عمر لا حجة فيه مع أنه حد المنكح ولا حد عليه وكذلك الناكح لاحد عليه الا مع الوطي عندهم ومع علمه بالتحريم ولم ينقل الوطي ولا علم التحريم والحق عندنا ان النكاح
585

صحيح ولا حد ولا تعزير وقال الشافعية لو رفع هذا النكاح إلى من يعتقد تحريمه سم بفساده عندهم وفرق بين الزوجين وان رفع إلى من يرى اباحته فحكم بصحته
ثم رفع إلى من يرى فساده واختلفت الشافعية فمنهم من قال يفسخه لأنه مخالف لنص خبر الواحد وهو قوله (ع) أيما امرأة نكحت نفسها بغير اذن وليها فنكاحها باطل
والمذهب عند الشافعية انه لا يفسد لأنها اجتهادية سوغ فيها الاجتهاد فإذا حكم الحاكم بما يراه لم يجز وفسخه عليه فان طلق الزوج في هذا النكاح صح عندنا لصحة
النكاح وعند الشافعي لا يقع طلاقه ولا يحتاج إلى المحلل لو خلق ثلثا لان الطلاق انما يقع في نكاح صحيح وقال بعض أصحابه يقع طلاقه ويحتاج إلى المحلل احتياطا
والشافعي احتج بان الطلاق قطع الملك ورفع لقيد النكاح فإن لم يحصل النكاح لم يقع فيه كالعتق في البيع الفاسد واختلفت الشافعية في أنها إذا زوجت نفسها
هل للولي ان يزوجها قبل تفريق القاضي بينهما ولو وكل ابنته بان توكل رجلا يزوجها فوكلت صح عندنا لا باعتبار وكاله الأب لها لكن باعتبار جواز ان توقعه
بنفسها مباشرة وان توكل غيرها وقالت الشافعية ينظر ان قال وكلي عن نفسك لم يصح وان قال وكلي عنى وأطلق فوجهان (أصحهما الجواز صح) لأنه ليس يتعلق بها أمر لا تحفاره بين الولي
والوكيل وجوز بعض الشافعية ان توكل المرأة في النكاح ايجابا وقبولا وان لم يكن لها تزويج نفسها ولا غيرها بالولاية وليس ببعيد فان الانسان قد لا يستقل
بالشئ ويصح توكله فيه كالخلاف توكله فيه كالخلاف في العبد والفاسق فإنه قد قيل إنهما يوكلان في ايجاب النكاح مع أن الفاسق والعبد لا يليانه عندهم والمراة لا تملك الطلاق
ويجوز ان يوكلها الانسان لتطلق زوجته وهو أصح وجهي الشافعية مسألة لو أقرت الحرة البالغة العاقلة بالنكاح صح اقرارها ولزم عند علمائنا أجمع
وبه قال أبو حنيفة لقوله (ع) اقرار العقال ء على أنفسهم جايز وللشافعي قولان الجديد ان اقرارها مع تصديق الزوج مقبول مغن عن البينة لان النكاح
حق الزوجين فثبت باقرارهما كالبيع والإجارة وغيرهما ولا فرق على هذا القول بين البكر والثيب ولا بين ان يكونا بلديين واو عريبين والثاني القديم أيهما ان
كانا غريبين ثبت النكاح باقرارهما والا طولبنا بالبينة السهولة اقامتها عليهما والنكاح مما يحتاط فيه وبه قال مالك وليس بجيد وعلى الأول هل يكفى اطلاق
الاقرار أو يفتقر إلى التفصيل فتقول زوجني منه وليتي بحضور شاهدين عدلين ورضاتي إن كانت ممن يعتبر رضاها وللشافعية وجهان بناء على الخلاف
في أن دعوى النكاح تسمع مطلقة أو يجيب التفصيل والا صح عندهم الثاني ثم إذا أقرت وكذبها أولي فوجهان عندهم أحدهما انه لا يحكم باقرارها لأنها
كالمقر على الولي بالتزويج فلا يقبل قولها عليه والأظهر عندهم انه يحكم به لأنها لا تقر بحق على نفسها ولهم ثالث الفرق بين العفيفة والفاسقة ولا فرق في هذا الخلاف
بين ان تفصل الاقرار وتضيف التزويج إلى الولي فيكذبها وبين ان تطلق وإذا قبلنا الاقرار المطلق فقال الولي لا ولى لك غيري وانا ما زوجتك وكذا يجرى
الخلاف في تكذيب الشاهدين لو كانت عينتها لأنه يورث التهمة في الاقرار والنكاح مما يحتاط فيه والظاهر عندهم انه لا يقدح لاحتمال النسيان والكذب وعلى
القول بان تكذيب الولي لها يمنع من الحكم باقرارها لو كان غايبا ثم ينتظر حضوره بل يسلم إلى الزوج في الحال للضرورة فان عاد وكذب فيحال بينهما الزوال الضرورة
أو يستدام فيه وجهان للشافعي وعلى القديم لو جرى الاقرار في الغربة ثم رجعا إلى الوطن فهل يحال بينهما فيه مثل هذا الخلاف ولو قضى قاض بالاقرار أو لم ينقض قضاؤه
عندهم وهذا البحث كله ساقط عندنا لان اقرارها مقبول في حق نفسها مسألة لو أقر الولي بالنكاح فإن كانت بالغة رشيده لم يعتقد باقراره
عندنا لانتفاء الولاية عنها واما عند العامة فينظر فإن كان له انشاء النكاح المقر به عند الاقرار من غير رضاها قبل اقراره لقدرته على الانشاء وللشافعية
وجه آخر انه لا يقبل حتى تساعده البالغة كالوكيل إذا ادعى انه اتى بما وكل به وان لم يكن له انشاء النكاح لمقربه عند الاقرار من غير رضاها لم يقبل اقراره عليها
ولو قال هي ثيب كنت زوجها في بكارتها لم يقبل اقراره أيضا واعتبر وقت الاقرار ولو أقرت لزوج وأقر وليها المقبول اقراره لاخر فالمقبول اقرارها وللشافعية
وجهان هذا أحدهما مسألة لا خلاف بين علماء الأمصار بثبوت الولاية على المجنونة والصغيرة فلا يصح لاحداهما ان تعقد على نفسها ولا على غيرها
ولا عبرة بعبارتهما في النكاح ايجابا وقبولا بلا خلاف البحث الثاني في أسباب الولاية وهي عندنا خمسة الأبوة والجدودة والملك والسلطنة والوصاية ولا
تثبت بغير ذلك عندنا خلافا للعامة فإنهم يثبتون مع ذلك شيئين آخرين العصوبة والعتق وسيأتي البحث في ذلك انشاء الله تعالى مسألة الأب تثبت
له الولاية على الصغيرين الحرين الذكر والأنثى وعلى المجنوني كذلك ولا يثبت له ولايه على غيرهما فلا ولاية له على الذكر البالغ الرشيد ولا على البالغة الرشيدة وقد
سبق الخلاف في ثبوت ولايته على البكر البالغة الرشيدة وبينا بطلان اثياتها في طرقها وولاية الأب على ما ذكرنا ثابته بالجماع وهي من أقوى الأسباب لكمال
شفقته على الولد وولايته ولاية اخبار فليس للحاكم ولا لغيره من الأقارب معارضته ولا ابطال ما يفعله فإذا زوج ابنته الصغيرة من الكفؤ لزم العقد سواء رضيت
أولا ولو بلغت لم يكن لها الاعتراض ولزمها النكاح لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال والبكر تزوجها أبوها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إذا كانت امرأة مالكه امرها
تبيع وتشترى وتعتق وتشهد وتعطى من مالها ما شاءت فان امرها جايز تزوج ان شاءت بغير اذن وليها وان لم يكن كذلك فلا يجوز تزويجها الا بأمر وليها
وعن عبد الله بن أبي الصلت قال سألت الرضا (ع) عن الجارية الصغيرة تزوجها أبوها الها أمر إذا بلغت قال لا وسال محمد بن إسماعيل بن بزيع الرضا على الصبية يزوجها
أبوها ثم يموت وهي صغيره ثم تكبر قبل ان يدخل بها زوجها أيجوز عليها التزويج أم الامر إليها قال يجوز عليها تزويج ابنها إذا ثبت هذا فان للأب ولاية النكاح على
الولد الذكر إذا كان صغيرا أو مجنونا وليس للولد بعد زوال الوصفين عنه الاعتراض على فعل والده بل يلزمه حكم العقد ولا تبين المراة منه الا بالطلاق بعد بلوغه
بالاجماع والاخبار مسألة لا ولاية للام عندنا وعند أكثر العلماء ولا في النكاح ولا غيره فلس لها ان تزوج ابنها ولا ابنتها صغيرين كانا أو مجنونين أو كاملة
لأصالة عدم الولاية ولان المراة عند أكثر الفقهاء لا تلى تزويج نفسها فأولى ان لا تلى نكاح غيرها وقال أبو حنيفة وأبو يوسف للام ان تزوج ولدها لكونها أشفق
الناس واعطفهم عليه ونمنع صلاحية العسلة ورواية محمد بن مسلم عن الباقر (ع) انه سال رجل زوجته امه وهو غايب قال النكاح جايز وان شاء المتزوج قبل وان شاء
ترك (فان ترك صح) المتزوج تزويجه فالمهر لازم لامه محمولة على انها ادعت الوكالة عنه والشفقة لا تعطى ثبوت الولاية كالأخت مسألة الثيب التي ذهبت بكارتها بالجماع
لا ولاية للأب ولا لغيره عليها مع بلوغها ورشدها عند علمائنا أجمع بل لها ان تزوج نفسها ممن شاءت مباشرة أو توكيلا وان تتوكل في عقد غيرها وقد سبق
وإن كانت بالغة غير رشيدة زوجها الأب أو الجد له خاصة فإن لم يكن لها أب ولا جد فقال أب ولا جد فقال أهل الطلب إن كانت علتها تزول بالتزويج زوجها
الحاكم ولا يقبل الا قول طببين مسلمين ذكرين حرين عدلين ولو انتفت العلة جاز للحاكم ان يزوجها لأنه من مصالحها وإن كانت صغيرة فإن كانت صحيحة
زوجها الأب أو الجد للأب ولهما ولاية الاجبار (نت صح) معتوهة جاز لهما تزويجها وبه قال أبو حنيفة لقوله (ع) ليس للولي مع الثيب أمر رواه العامة ومن طريق الخاصة
586

ما تقدم وقول الصادق (ع) لا باس ان تزوج المراة نفسها إذ كانت ثيبا بغير اذن أبيها إذا كان كفوا ولا باس بما صنعت وقال الشافعي الثيب إن كانت (رشيدة صح) لم تجبر على النكاح
ولا يزوجها الولي الا باذنها لان استيذانها ممكن لعقلها واختيارها الرجال وليس لها ان تزوج نفسها ولان ان توكل ولو كانت معتوهة زوجها الأب والجد خاصة
فإن لم يكونا زوجها الحاكم ان قال أهل الطلب ان علتها تزول بالتزويج وإن كانت صغيرة فإن كانت صحيحة لم يملك الأب والجد اجبارها وإن كانت معتوهة جاز للأب
والجد تزوى - ها ولم يجز للحاكم لان الصغيرة لا تحتاج إلى النكاح فيرجى زوال مرضها بخلاف الكبيرة إذا
عرفت هذا فالفرق بين الثيب والبكر مع بلوغهما ورشدها من
وجهين عندهم أحدهما ان الثيب لا يجبرها وليها وانما يزوجها إذا اختارت والثاني ان الثيب اذنها النطق واذن البكر السكوت السبب الثاني الجدودة للأب
مسألة الجد للأب وان علاء حكمه حكم الأب في أن له ولاية النكاح على الصغيرين والكبيرين المجنونين وكذا في غير النكاح وبالجملة حكمه حكم الأب اجماعا فان أحدا
لم يخالف في أن للجد ولاية النكاح على الصبى والصبية وعلى البالغين مع زوال رشدهما ولان الجد أكمل نظر أو أشد شفقة فثبتت له الولاية كالأب ولقول الصادق (ع)
فإذا زوج الرجل ابنته ابنه فهو جايز على ابنه قال ولابنه أيضا ان يزوجها فان هوى أبوها رجلا وجدها رجلا فالجد أو بنكاحها ولا يستأمر الجارية في ذلك إذا كانت
بين أبويها فإذا كانت ثيبا فهى أولي بنفسها تذنيب مسألة الوجه ان جد أم الأب لا ولاية له مع جد أب الأب ومع انفراده نظر مسألة لا يشترط في ولاية
الجد حياة الأب ولا عدمه بل تثبت له الولاية سواء كان الأب حيا أو ميتا لما تقدم وقال الشيخ ان ولايته مشروطة بحيوة الأب فإذا مات الأب سقطت ولاية
الجد ويكون المرأة بمنزله من لا أب لها ولا جد وليس للجد تزويجها الا باذنها وبه قال الصدوق والوجه الأول لان الولاية تثبت له فلا تزول الا بحكم شرعي ولم يثبت و
إما العامة فإنهم شرطوا في ولاية ألجا موت الأب فلو كان الأب باقيا كانت الولاية له دون الجد وقد تقدم في المسألة السابقة قول الصادق (ع) فان هوى أبوها
رجلا وجدها رجلا فالجد أولي بنكاحها مسألة إذا زوج الأب أو الجد أحدا الصغيرين لم يكن له بعد بلوغه ورشده فسخ العقد ولا خيار له سواء الذكر
والأنثى في ذلك وما ورد في بعض الأخبار من ثبوت الخبار لهما بعد بلوغهما محمول على ما إذا زوجاهما بغير كفوأ بدزى عيب وإذا كانت المرأة صغيرة كان للأب
اجبارها على النكاح سليمة كانت أو معتوهة وكذا للجد ولا يجوز لغيرهما ذلك وبه قال الشافعي وقال مالك واحمد لا يجوز ذلك الا للأب خاصة دون الجد لان الجد
ليس بأصل في الولاية فلا يجبر الصغيرة كالأخ ونمنع الصغرى ولا ن للجد ولادة وتعصيبا فاستحق بذلك الولاية على الصغيرين مع العدالة كالأب وقال أبو حنيفة
يجوز ذلك لجميع العصبات كالقيم والأخ وابنيهما وللحاكم أيضا الا انه إذا زوجها غير الأب والجد ثبت لها الخيار في فسخ النكاح إذا بلغت لان ذا العصبة يرثها بسبب
ثابت حال الاستحقاق فله اجبارها كالأب والجد وليس بجيد لأنه لا يلى مالها بنفسه فلا يملك الاجبار على النكاح كالأجنبي مسألة قد بينا ان للبكر
البالغة لا ولاية للأب ولا لغيره عليها في النكاح وغيره وسواء كان النكاح دائما أو منقطعا فلو زوجها أحدهما لم يمض عقده الا برضاها على أشهر الأقوال وقد
وقد بيت الخلاف في ذلك ومن فقهائنا من اذن لها في الدايم دون المنقطع وبعضهم عكس ومنهم من جعل الموالاية للأب أو الجد للأب دونها وليس لها معهما حكم
وفي رواية ان الولاية مشتركه بينها وبين أحدهما فلا يجوز لهما ان ينفردا عنها بالعقد لرواية منصور بن جازم الصحيحة عن الصادق تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح
الا بأمرها والمعتمد ما قلناه نعم يستحب للبالغة الرشيدة ان تستأذن أباها أو جدها فإن لم يكونا يستحب لها ان توكل أخاه وان يعول على رأي اجنها الأكبر لو
تعددت الاخوة وان تتخير ما اختاره الأكبر من الأزواج لو عارضه الأصغر وان أثبت الولاية ف ي البكر البالغة للأب أو الجد استحب ان يستأذنها أبوها أو جدها
لرواية صفوان قال استشار عبد الرحمن موسى بن جعفر (ع) في التزويج ابنته لابن أخيه فقال افعل ويكون ذلك برضاها فان لها في نفسها نصيبا قال واستشار
خالد بن داود موسى بن جعفر (ع) في تزويج ابنته علي بن جعفر فقال افعل ويكن ذلك برضاها فان لها في نفسها خطا مسألة كلالة الام ومن يرث بالرحم لا
ولاية لهم في تزويج امرأة صغيرة كانت أو كبيرة بكرا أو ثيبا وبه قال الشافعي لأصالة عدم الولاية وقال أبو حنيفة في إحدى الروايتين انها تلى النكاح لان كلالة الام من
أهل الميراث فتكون لهم الولاية وليس ان كلالة الام ليست من أهل عصباتها فأشبهت الأجنبي واعلم أن أبا حنيفة قال لكلاله الام تزويج امرأة الا انه لا يلزمها فلها
الرد إذا بلغت بخلاف تزويج الأب والجد له وهو آت على مذهبنا الا في قول الشيخ (ره) حيث يمنع ايقاف النكاح على الإجازة تذنيب لو كان بين المرأة وبين
الأب أو الجد له عداوة ظاهرة لم يكن لهما ولاية عليها إما عندنا فظاهر من انتفاء الولاية عن البالغة الرشيدة واما العامة فقال بعض الشافعية ليس له اجبارها
على النكاح وجوزه بعضهم اخر قد بينا فيما سلف ان الجد للأب (كالأب) وهو قول الشافعي وله قول اخر ان الجد لا يجبر البكر البالغة كالأخ وبه قال مالك في رواية وعند أحد
لا يجوز له اجبار الكبيرة ولا الصغيرة وهو رواية عن مالك والحق ما قلنا من أنه كالأب في النكاح كما أنه مثله في ولاية الملك وفي وجوب النفقة وحصول العتق اخر
يستحب للأب والجدان لا يزوج الصغيرين حتى يبلغا يلزمها حقوق وليكونا من أهل الاذن فيستأذنا أو يليا العقد بأنفسهما عندنا ولان قضاء الشهوة انما
انما يتعلق بالزوجين فتنظرهما فيه لأنفسهما أولي من غيرهما خصوصها فيمن يلزمهما عقده كالأب والجد للأب مسألة قد بينا ان الثيب هي التي زالت
بكارتها بالجماع فنقول ان زالت بوطئ في النكاح أو الملك أو الشبهة فهى ثيب تستأمر وتستأذن إن كانت كبيره وإن كانت صغيرة كان للأب والجد للأب اجبارها
على النكاح وقد سبق الخلاف في ذلك واما إذا زالت بكارتها بالزنا فإن كانت صغيرة لم يعتد باذنها في الصغر ولا إذا بلغت عندنا ولا يكفى سكوتها في الاذن لخروجها
عن كونها بكرا وبه قال الشافعي لان بكارتها ذهبت بالوطي فكان اذنها بالنطق كالموطؤة بالنكاح الصحيح ولا ن الحياء انما يغلب في البكر فلهذا اكتفى الشارع بسكوتها
بخلاف الموطوءة التي قد باشرت الرجال بل الزانية أولي بالاستنطاق وبه قال الشافعي وقا ل أبو حنيفة إذا زالت بكارتها بالزنا كانت كالبكر في الاكتفاء في اذنها
بالسكوت وعن مالك مثله وهو قول القديم للشافعي واحدى الروايتين عن أحمد لقوله (ع) البكر بالبكر جلد مائه وتغريب عام فسماهما بكرين بعد الزنا ولا حجة فيه لأنه (ع) سماهما
بكرين حين الزنا لأنهما كانا كذلك حالة الزنا ولأنها ثيب لدخولها فيما إذا اوصى المثيب فتعتبر نطقها ولو زالت بكارتها بسفرة أو وثبة أو سقطه أو بالإصبع أو حدة
الطمث أو طول التغيس أو الدودة المسماة بالحر قوص فالأقرب انها كالابكار لان حكم الابكار تزول باختيار الرجال ولم يحصل ولم تمارس الرجال فهى على غوابتها
وحيائها وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انها كالثيب لزوال العذرة إما لو وطئت وهي مجنونة أو مكرهة أو نايمة وقد قال بعض الشافعية ان حكمها حكم الابكار
لبقاء الحياء وهو خلاف ظاهر مذهب الشافعية وفي الموطوءة في الدبر وجهان للشافعي أصحهما ان حكمها الابكار الوجه والمنع لزوال الحياء ح مسألة إذا التمست البكر
البالغة التزويج وقد خطبها كفو جاز لها ان تزوج نفسها منه عندنا لان لها ان تستقل بالعقد على مذهبنا ومن جعل الولاية للأب أو الجد أو جب عليهما اجابتها
587

تحصينا لها كما يجب اطعام الطفل إذا استطعم فان امتنع اثم زوجها السلطان لما رواه العامة عن علي (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله قال ثلث لا تؤخرها لا صلاة إذا أتت وقتها والجنازة إذا
حضرت والأيم إذا وجدت لها كفوا وللشافعية وجه انه يجب الإجابة ولا باثم بالامتناع لان الغرض حاصل بتزويج السلطان ولأنها مجبرة من جهة الأب والجد فكيف يجبرهما
على النكاح مسألة لو عنيت البكر البالغة الرشيدة كفوا كان لها تتزوج به وان لم يرض الأب ولا الجد على ما تقدم ومن خالف في ذلك نازع هنا فلو عينت
كفوا وعين الأب غيره وأراد تزويجها به للشافعية قولان أحدهما ان عليه تزويجها بمن عينته عفافا لها وأظهرهما انه لا يتعين ولو زوجها من غيره جاز لأنها
مجبرة فليس لها اختيار الأزواج وهو أكمل نظرا منها السبب الثالث الملك مسألة الولاية في نكاح المملوك إلى المولى سواء كان المملوك كبيرا أو صغيرا
وسواء كان المولى ذكرا أو أنثى وسواء كان كبيرا أو صغيرا وكذا الأمة لقوله تعالى فانكحوهن بإذن أهلهن وقوله تعالى عبدا مملوكا لا يقدر على شئ فسلب قدرته
عن جميع الأشياء ومن جملتها النكاح وما رواه زرارة في الحسن عن الباقر (ع) قال سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذلك إلى سيده ان شاء أجاز
وان شاء فرق بينهما الحديث والاجماع فان أهل العلم اجمعوا على أنه ليس للعبد ان يتزوج بغير اذن سيده وما رواه العامة عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله أي
عبد تزوج بغير اذن مواليه فهو عاهر وفي حديث اخر فهو زان ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله أيما امرأة زوجت نفسها عبد بغير اذن
مواليه فقد أباحت فرجها ولا صداق لها وحكم الأمة في سلب ولا النكاح عنها حكم العبد وللشيخ (ره) قول بجواز العقد المنقطع على أمة المرأة من غير استيذان
ثم رجع عنه مسألة لو بادر العبد فتزوج بغير اذن مولاه وقف على اجازة المولى فان اجازه صح ولزم وان فسخ كان باطلا عند علمائنا وبه قال أصحاب
الرأي واحمد في إحدى الروايتين لأنه عقد صدر عن مكلف تعتبر عبارته في محل قابل للحول فيه فلا يقع فاسدا في نفسه ولأنه عقد يورث الفسخ فوقف على
الإجازة كالوصية ولما تقدم في الخبر الباقر (ع) وسال زرارة الباقر (ع) عن رجل نزوج عبده بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه قال ذلك لمولاه ان شاء
فرق بينهما وان شاء أجاز نكاحهما فان بينهما فرق فللمراة إما أصدقها الا ان يكون اعتدى فأصدقها صداقا كثيرا الحديث وقال مالك ينعقد النكاح ويكون للسيد
فسخه لان العبد يملك وانما منع لحق السيد فينعقد ويقف على فسخ كنكاح لاعنين وقال الشافعي يبطل العقد من أصله وهو قول عثمان وابن عمر وشريح واحمد في
الرواية الثانية لقول رسول الله صلى الله عليه وآله أيما عبد تزوج بغير اذن مواليه فهو عاهر (والعاهر صح) الزاني ولان السيد يملك رقبه العبد ومنافعه وحقوق النكاح تتعلق بمنفعته فقد عقد
في حق غيره بغير اذنه وكان باطلا والحديث ممنوع فان أحمد بن حنبل قال ذكرت هذا الحديث لأبي فقال هذا حديث منكر ورووه أيضا عن ابن عمر موقوفا عليه
سلمنا لكنه محمول على أنه نكح بعد منع مولاه وكراهته له فإنه يقع باطلا وملك الغير لا يستلزم الفساد من أصله فجاز ان يكون موقوفا كالفضول مسألة
لو اذن له سيده في التزويج فتزوج صح العقد اجماعا لان عبارته صحيحة وانما منع لحق السيد فإذا حصل رضاء السيد زال المانع حتى أن المرأة لو أذنت لعبدها
في النكاح فنكح صح اجماعا وان لم تكن عبارة المرأة في النكاح معتبرة عقد بعض العامة ويجوز ان يكون اذن السيد مطلقا ومقيدا بامرأة بعينها أو بواحدة من
القبيلة أو البلدة وإذا عين المولى امرأة بعينها لم يكن للعبد التزويج بغيرها فان تزوج بغيرها وقع موقوفا عندنا على اجازة المولى فان اجازه نفذ والا بطل و
قال أكثر الشافعية تبطل العقد وحكى بعضهم وجها انه لو كان قد نص على المهر فنكح غير المعينة بذلك المهر أو أقل صح منه النكاح ونحن نقول إنه يقف على الإجازة
وإذا اطلق الاذن تناول اذنه الحرة والأمة وفي تلك البلد وغيره الا انه ليس له الخروج إلى غير بلد مولاه الا باذنه فان خرج كان المولى منعه ولان اذنه في النكاح
لا يتضمن الاذن في السفر إلى المنكوحة مسألة طلاق الاذن انما ينصرف إلى النكاح الصحيح فلو تزوج فاسدا فرق بينهما فإن كان قبل الدخول فلا شئ عليه
وإن كان بعده وجب عليه مهر المثل وللشافعي قولان أحدهما ان اطلاق الاذن يشتمل على الصحيح والفاسد لان الفاسد من النكاح يتعلق به الاحكام كالصحيح والثاني لا
يتناول اذن ه الفاسد كما لو اذن في البيع لم يتناول الفاسد واما تعلق احكام الصحيح فإنما يتعلق به احكام الوطئ إذا وجد خاصة ولهذا لا يتعلق به شئ من غير دخول ولا
تجب عدة الوفاة ولا التوارث ولا الإيلاء ولا الظهار ولا كثير من الاحكام ولو اذن له في التزويج الصحيح فنكح نكاحا فاسدا بطل لفساده ولأنه غير مأذون فيه مسألة
إذا تزوج العبد بإذن مولاه بحرة صح العقد بلا خلاف وانما الخلاف في محل المهر والنفقة فللشيخ قولان أحدهما وهو الاظهر بين علمائنا انه يثبت في ذمة المولى سواء منها
أو لم يضمنها وسواء باشر العقد أو اذن لعبده ان يعقده مع ملكه له وتمامه لا لا فيه عليه سواء كان مأذون له في التجارة أو محجورا عليه وبه قال احمد لأنه حق تعلق
بالعبد برضى سيده فتعلق بسيده وجاز بيعه فيه كما لو رهنه بدين والثاني ان المهر والنفقة يثبتان في كسب العبد وبه قال الشافعي وهو رواية أخرى عن أحمد لان النكاح
لا يخلوا عن ذلك فاذنه فيه اذن فيما يتعلق به كما لو اذن لعبده في الاحرام بالحج كان اذنا فيما يتعلق به الاحرام واختص ذلك بكسبه ولم يتعلق بذمته لأنه يجب ف مقابلة عوض
يستوفيه في حال فكأنه بدله أيضا حالا ولم يتعلق برقبته لأنه يثبت برضى من له الحق وله تعلق بذمة السيد لان السيد لم يلتزمه في ذمته ولا هو مستوفى بدله إذا ثبت
هذا فان قلنا المهر والنفقة في ذمة السيد فهو بالخيار ان شاء أخرجها من ماله وان شاء من كسب العبد وعلى تقدير ثبوتهما في كسب العبد لا يخلوا العبد إما ان يكون
مكتسبا أو مأذونا له في التجارة أولا يكون شيئا منهما فإن كان مكتسبا وجب على سيده تخليته للكسب نهارا وتخليته للاستمتاع ليلا فان اختار سيده ان يستخدمه بالنهار
وينفق عليه وعلى زوجته جاز بخلاف الأمة حيث كان له استخدامها نهارا إذا زوجها لأنه لا كسب عليها ولو أراد سيده ان يسكنها في مسك في داره كان له ذلك إذا
كان مسكن مثلها ولا يلزمه ارسالها نهارا لأنه يحتاج إلى استخدامها وليس النهار محل للاستمتاع ولسيده السفر به فان حق امرأة العبد لا يزيد على حق امرأة
الحر وللحرام يسافر أو ان كرهت امرأته كذا هنا وانما تتعلق النفقة بكسبه الحاصل بعد وجوب النفقة فاما ما كان في يده من كسب قبل ذلك فلا يتعلق به لان
اذنه في النكاح اذن في اكتساب النفقة لوجوبها عليه وهو يقتضى اكتساب بعد الوجوب فاما المتقدم فلا يقتضى
اذنه تعلق النفقة به ولأنه جار مجرى أموال السيد
كلها ولو كان المهر مؤجلا فما كسبه قبل حلول اجله لا يتعلق به وانما يتعلق بما كسبه بعد حلول الأجل إذا لوجوب يتضمن الاكتساب له وإن كان مأذونا له
في التجارة فعلى ما قلناه من وجوب النفقة على مولاه لا تفاوت وعلى قول وجوبها في الكسب قال الشافعي يعطى مما في يده واختلف أصحابه فقال بعضهم يعطيه مما
في يده من التجارة لأنه مأذون بان يؤذى ما عليه م ندين منه وإذا تزوج لزمه المهر والنفقة فصار ذلك دينا وقال بعضهم يدفعه مما كسبه فيما بعد ولا يدفع مما في يده
الا ترى لو كان في يده شئ كسبه لم يدفع منه إذا لم يكن مأذونا في التجارة وانما يدفع من كسبه المتجدد وفرق بالأولون ان ما في يده من مال التجارة قد تناوله اذنه لقضاء
ديونه بخلاف ما في يده من كسبه وان لم يكن مأذونا ولا مكتسبا فعندنا يتخير مولاه بين الانفاق عليه من ماله وبين الانفاق عليه من عينه فيباع كل يوم جزء منه في
588

النفقة أوفي المهر كله وللشافعي قولان أحدهما انه يتعلق بذمته يتبع به إذا أعتق وأيسر لان ذلك حق لزمه برضى من له الحق فأشبه ما عليه من الديون غير القرض في التجارة فيقال
للمراة ان زوجك معسر وأنت بالخيار ان شئت فسخت النكاح لاعساره وان شئت صبرت ابدا والثاني يجب على السيد كما قلناه لا اذنه في تزويجه مع علمه
بعدم قدرته على المهر النفقة تقتضي الرضي بالتزام المهر والنفقة كالأب إذا زوج ابنه الصغير الفقير فالمهر على الأب تذنيب الفرق بين القول بوجوب النفقة
والمهر على المولى وبين وجوبها في الكسب ان الكسب (لو قصر صح) عنهما وجب على السيد اتمام النفقة على الأولى دون الثاني مسألة للسيد ان يعين له المهر فيتعين وان
يطلق فينصر إلى مهر المثل فان تزوج بما عينه أو دونه أو بمهر المثل مع الاطلاق أو دونه صح العقد ولزم المسمى وان تزوج بأكثر لم يلزم؟؟ الزياد ولا يبطل العقد
ولا الذي سماه بل تثبت الزيادة في ذمة العبد يتبع بها إذا أعتق وهو إحدى الروايتين عن أحمد والثانية انها يتعلق برقبته إذا عرفت هذا قال فاذن السيد إما
ان يكون مطلقا في المراة والمهر واما ان يكون مقيدا فيهما واما ان يكون مطلقا في المراة ومقيدا في المهر أو بالعكس فالأقسام أربعة ا ان يطلقهما فله ان يتزوج
من شاء بمهر المثل أو بدونه فان زاد فالزيادة ف ذمته يتبع بها بعد العتق ب ان يعينهما فليس له التجاوز في المراة إلى أشرف أو اخس قل مهرها أو كثر
فان تخطى المأذون له فيها كان العقد موقوفا على اجازة أمولي وقال بعض العامة يكون باطلا واما المهر فان نقص عن التعيين صح ولزم العقد المسمى وان
زاد كانت الزيادة في ذمة العبد يتبع بها بعد العتق ج ان يكون مطلقا في المرأة ومقيدا في المهر فلو اذن له في التزويج بمن شاء بمائة تخير العبد في تزويج من شاء بما
سماء مولاه فان تزوج بالمسمى امرأة مهر مثلها دونه فالوجه لزوم العقد والمسمى في الحال وهو أحد وجوه الشافعية والثاني ان الزيادة على مهر المثل يتبع بها إذا أعتق والثالث
بطلان النكاح د ان يكون معينا في المراة ومطلقا في المهر لم يجز له التخطي إلى غير المراة المعينة فيقف على الإجازة عندنا ويبطل عند الشافعي وانصرف اطلاق المهر إلى مهر المثل
وأقل فان زاد تبع بالزيادة بعد العتق مسألة إذا اذن لعبد ه في التزويج فتزوج ثم طلق العبد لم يكن له نكح امرأة أخرى الا بإذن جديد سواء عين له في اذنه الزوجة
أو اطلق الانصراف الاذن إلى المتيقن وهو المراة الواحدة فالزايد مشكوك فيه فيكون موقوفا على اجازة المولى أو باطلا لعى الخلاف ولو نكح نكاحا فاسدا فالأقرب ان له
نكاح الأخرى كان الفاسد لا اعتبار به وللشافعية قولان مبنيان على أن الاذن هل يتناول الفاسد أم يختص بالصحيح مسألة إذا اذن لعبده في النكاح الفاسد
بطل العقد والاذن إذ لا عبرة به ويفرق بينهما فإن كان قبل الدخول فلا شئ على الزوج ولا على السيد وإن كان بعده وجب مهر المثل ومحله محل المهر في النكاح الصحيح
إما في ذمة المولى أو في رقبة العبد ويحتمل في ذمته أو كسبه ولو اذن في النكاح مطلقا انصرف إلى الصحيح على ما تقدم فان تزوج فاسدا فرق بينهما فإن كان قبل الدخول
فلا شئ وإن كان بعده وجب مهر المثل لاشتماله على الجناية ومحل وجوبه ذمة العبد وللشافعي قولان مبنيان على أن مطلق الاذن هل يشمل الصحيح والفاسد أو يختص
بالصحيح فان قلنا بالأول فحكم المهر فيه حكم المهر في الصحيح إما ان يكون في الكسب أو في ذمة السيد على ما تقدم وان قلنا بالثاني فهو نكاح فاسدا بغير اذن سيده وابن
يجب المهر له قولان أحدهما يتعلق بذمته يتبع به بعد العتق واليسار كما قلناه لأنه يرضى من له الحق فكان بمنزلة ثمن المبيع والثاني يتعلق برقبته لان الوطي اتلاف
فجرى مجرى الجناية إذا عرفت هذا فإذا اذن له في نكاح حرة فنكح أمة أو بالعكس أو في نكاح امرأة معينة فنكح غيرها أو في بلدة معينة فنكح في غيره انا لنكاح موقوف عندنا
على اجازة السيد وعند الشافعي يقع باطلا وعند الشافعي يقع باطلا وهو قول بعض علمائنا مسألة لو تزوج العبد أمة بإذن سيده ثم دفع إليه مالا وامرة بشرائها فان قال اشترها
لي أو اطلق صح الشراء والنكاح باق لا محاله لان ملك السيد لا ينافى نكاحه ويجوز للعبد ان يتزوج بإذن سيده وان قال اشترها لك فاشتراها العبد لنفسه فللشافعية
قولان مبنيان على أن العبد إذا ملكه مولاه شيئا هل يملكه أم لا فان قلنا يملكه انفسخ نكاحها وان قلنا لا يملك وهو المعتمد فالنكاح باق بحاله ولا يقع فرقة بينه وبين
الأمة ويقع الشراء للسيد ولو كان نصفه حرا ونصفه رقيقا فتزوج بإذن سيده صح فان اشترى زوجته فان اشتراها بما ملكه بنصيبه الحر صح الشراء أو انفسخ النكاح
النكاح بينهما لأنه قد ملك زوجته وان اشتراها بجميع الكسب وقف على اجازة المولى فان اجازه صح وانفسخ النكاح وان لم يجز بطل في نصيب سيده لأنه شراء غير مأذون
فيه ولا يبطل في نصيب نفسه وللشافعي قولان في نصيب نفسه مبنيان على قولي تفريق الصفقة أحدهما يبطل في الكل فعلى هذا النكاح بحاله والثاني يبطل في نصيب
شريكه خاصة ويصح في نصيب نفسه فعلى هذا النكاح ينفسخ مسألة إذا تزوج العبد بغير اذن سيده فقد سبق القول بأنه يقع موقوفا وهو قول أحد في رواية
وقول أصحاب الرأي وقال الشافعي يقع باطلا فان دخل لم يكن على السيد شئ بل يتبع العبد بمهر المثل إذا أعتق وقال احمد يجب على سيده خمسا المهر الا ان يتجاوزا قيمته
فلا يلزم سيده أكثر من قيمته أو يسلمه وبه قال عثمان بن عفان وعمل به أبو موسى وعن أحمد رواية أخرى انه لا شئ لها وحمل بعضهم على أنه إذا كانت عالمه بالتحريم
فاما إذا جهلت المراة فلها المهر وعنه رواية ثالثة انها إن كانت عالمة بالتحريم فلها خمسا المهر وإذا لم تعلم فلها المهر في رقبة العبد وعنه رواية أخرى ان الواجب
مهر المثل وهو قول الكثر العامة لأنه وطى يوجب المهر فأوجب مهر المثل بكماله كالوطئ في النكاح بلا ولى وساير الأنكحة الفاسدة وانما أوجب جنسي المهر لان عثمان بن
عفان افتى به ولو زاد خمسا المسمى على قيمة العبد لم يلزم السيد تلك الزيادة لان الواجب عليه ما يقابل قيمة العبد فإنه لو سلم العبد إليهم لم يلزمه شئ فإذا اعطى
القيمة فقد اعطى ما يقابل القبة فلم يلزمه زيادة عليه وإن كان الواجب أقل من قيمة العبد لم يلزمه أكثر منه والخيار في تسليم العبد أو الفداء إلى السيد ولو اذن السيد لعبده
في تزويج معينه أو من بلد بعينه أو من جنس معين فنكح غير ذلك فنكاحه فاسد عنده والحكم ما تقدم من وجوب خسى المهر وان اذن في تزويج صحيح فنكح فاسدا
فكذلك لأنه غير مأذون له فيه فان اذن له في النكاح وأطلق فنكح نكاحا فاسدا احتمل ان يكون كذلك عنده لان الاذن في النكاح لا يتناول الفاسد (واحتمل ان يتناوله صح) اذنه لان اللفظ
باطلاقه يتناول وان اذن له في نكاح فاسد وحصلت الإصابة فيه فعلى سيده جميع المهر لأنه باذنه مسألة للسيد اجبار عبده الكبير العاقل على التزويج بمن
شاء المولى من حرة أو أمة له ولغيره عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في القديم لقوله تعالى وانكحوا الأيامى والصالحين من عبادكم وأمانكم ولأنه
يملك استفاء جميع منافعه وان يملكها من شيئا والنكاح من جملتها ولأنه يملك اجباره على عقد الإجارة فملك اجباره على النكاح كالأمة ولقول الباقر (ع) وقد سئل عن مملوك
تزوج بغير اذن سيده فقال ذلك إلى سيده ان شاء اجازه وان شاء فرق بينهما دعل على سلب اختيار العبد وان الخيار ان ما هو للمولى وقال الشافعي في الجديد لا يملك
المولى اجبار عبده الكبير على التزويج وبه قال احمد لأنه مكلف يملك الطلاق فلا يملك اجباره على النكاح كالولد الكبير ولأنه يملك رفع النكاح بالطلاق فكيف يجبر على
ما يملك رفعه ولان النكاح عقد يلزمه ذمة العبد مالا فلا يجبر عليه كالكتابة والفرق ان ولد الولد حر بخلاف ولد المملوك فإنه مملوك له فجاز له اجباره على النكاح
تحصيلا لهذه الفائدة وقد قلنا إن المهر لازم للسيد فلا يثبت شئ في ذمة العبد مسألة للمولى اجباره عبده الصغير على التزويج عند علمائنا أجمع وهو
589

قول أكثر العلماء لأنه يملك تزويج ابنه الصغير فعبده مع ملكه له وولايته عليه واولى واختلف الشافعية على طريقين منهم من قال فيه قولان للشافعي كالكبير منهم من
قال له اجباره قولا واحدا لأنه لا قول له فأشبه المجنون والأصل ان التعليل في عدم جبر البالغ إن كان بأنه يملك رفع النكاح بالطلاق فالصغير لا يملكه فيجبر وإن كان
بأنه يلزم ذمته مالا فلا فرق ولا خلاف في أن عبده المجنون كالصغير في النكاح إذا ثبت هذا فان المهر هنا ثابت في ذمة السيد سواء ضمنه أولا مسألة
لو طلب العبد من سيده النكاح لم يجب على السيد انكاحه ولا يجبر عليه وبه قال مالك وأبو حنيفة لأنه شخص يملك رقبته فلم يجبر على انكاحه كالأمة ولان للمالك
التصرف في ملكه كيف شاء ولان في اجباره ضررا على المالك لأنه يتعلق بالعبد حقوق الزوجية ويخرج إما من كسبه أو من المولى وفي ذلك ضرر عظيم وقال احمد يجبر
المولى على انكاحه (لحاجته إليه فكان على وليه انكاحه صح) وللشافعي كالمذهبين لأنه مكلف دعا إلى انكاحه لحاجته إليه فكان على وليه انكاحه كالمحجور عليه للسفه والفرق ان المحجور للسفه لا ضرر على
الولي في تزويجه والسيد يستضر مسألة يستحب للسيد إذا طلب العبد منه التزويج ان يزوجه بلا خلاف ولأنه يعفه ويكفه عن الزنا وفيه ارفاق بالعبد وعلى
ما قلناه من جواز الاجبار للسيد ان يقبل النكاح للعبد البالغ وله ان يكرهه على القبول ويصح لأنه غير مبطل في الاكراه وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم على تقدير
الاجبار ان قبوله بالقهر لا يصح وقيل اقرار السيد على العبد كاقرار الأب في حق ابنته وعلى قول الاجبار لو امتنع السيد زوجه السلطان كما لو عضل عن نكاح مواليته
ولو نكح بنفسه قال الجويني هو كما لو طلب السفيه وامتنع الولي فنكح بنفسه مسألة المدبر والمعتق نصفه على قول من يصححه ومنذور العتق حكمه حكم القن واما مر
نصفه حر ونصفه عبد فان سيده لا يملك اجباره على النكاح قولا واحدا لأنه لا يملك جميعه والنكاح لا يختص بنصفه فلا يصح ان يعقد على ما لا يملك فان طلب النكاح
من سيده لم يجبر عندنا وللشافعي قولان كالقن لان السيد يملك نصفه والعقد يقع على جميعه واما المكاتب فليس للسيد اجباره على النكاح سواء كان مطلقا
أو مشروطا لانقطاع سلطنه مولاه عنه الا بما يتعلق بالاكتساب وهو قولي الشافعي لأنه بمنزله الخارج عن ملكه ولا ن في ذلك ابطالا لكسبه عليه فان طلب المكاتب
من سيده النكاح لم يجبر مولاه عليه وعند الشافعية قولان مبنيان على أن القن يجبر مولاه على انكاحه أو فان قلنا يجبر فالمكاتب أولي وان قلنا لا يجبر على النكاح
القن ففي المكاتب للشافعي وجهان أحدهما يجر لان حق السيد يتعلق بكسبه ولهذا لا يملك شيئا بانكاحه والثاني لا يجبر لان حق السيد لا يتعلق بكسبه ولهذا لا يملك
هبته والمحاباة فيه فأشبه القن واما العبد المشترك بين اثنين فهما معا بمنزلة الواحد فان اختار العبد النكاح واحدا لسيدين لم يجبر الأخر على ما قلناه وهو أحد قولي
الشافعي والثاني ان السيد يجبر على انكاحه هنا وآن منعناه جبره لو انفرد كالمكاتب لان جانب العبد قوى بإجابة أحد السيدين فصار كالمكاتب وهو بعيد لأنه يملك
نصفه ملكا تاما فتعلق حق بكسبه بخلاف المكاتب ويبطل بمن نصفه حرا إذا طلب من سيده النكاح لان الحرية فيه أكثر من إجابة مالك النصف ولو نكح المكاتب بإذن السيد
صح عندنا وللشافعي طريقان أحدهما انه بمنى على الخلاف في تبرعاته بإذن السيد وأصحهما عندهم القطع بالصحة لان مؤن النكاح وان تعلقت بكسبه فنها عوض
ينتفع به فصار كالطعام يشتريه فيأكله مسألة يجوز للسيد ان يزوج أمته بعبده وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأصالة الجواز ولان السيدان يزوج كلا منهما
من واحد فجاز الجمع بينهما ولان كل واحد منها محل قابل لما فعله السيد وكان جايزا وما رواه حفص ابن النجتري عن الصادق (ع) قال إذا كانت لرجل أمة زوجها مملوك
فارق بينهما إذا شاء جمع بينهما إذا شاء وجمع بينهما إذا شاء وقال ابن إدريس هذا الفعل من المولى إباحة للعبد فرج جاريته دون ان يكون ذلك عقد نكاح وان سمى تزويجا
وعقدا فعلى طريق الاستعارة والمجاز وكذا تفريق المولى بينهما بأمر العبد باعتزالها ويأمرها باعتزاله سمى طلاقا مجازا والا لو كان طلاقا حقيقيا لروعي فيه احكام الطلاق
وشرائطه؟؟ وألفاظه ولا كان يقع الا ان تلفظ به الزوج لقوله (ع) الطلاق بيد من اخذ بالساق وهذا لم يقع من الاخذ بالساق بل من المولى وهو أدل دليل واصدق قيل على أن
هذا العقد والفعل من المولى إباحة للعبد وطى جاريته لأنه لو كان نكاح لروعي فيه الايجاب والقبول من موجب وقابل ولا يصح ذلك بين الانسان وبين نفسه وهذا
الكلام على قوله غير مفيد لان التقدر وجود العقد بان يقول المولى لعبده زوجتك جاريتي فلانة فيقول العبد قبلت هذا النكاح ولا نعنى بالتزويج والعقد الا هذين
اللفظين واستدلاله على أن التفريق ليس بطلاق غير تام إذ لا منافاة في صحة العقد ووقوع الفراق تارة بالطلاق وتارة بالتفريق من المولى في هذه الصورة حيث إن
للسيد أجابرهما على النكاح فكان التفريق إليه مسألة قال الشيخ في النهاية إذا زوج الرجل جاريته عبده فعليه ان يعطيها شيئا من ماله مهرا لها وكان الفراق بينهما
بيده فأوجب على المولى ان يعطيها شيئا من ماله يكون مهرا لما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال
قلت الرجل كيف ينكح عبده أمته قال يقول قد أنكحتك فلانه و
يعطيها ما شاء من قبله أو من قبل مولاه ولو مدا من طعام أو من درهم أو نحو ذلك ونحوه عن الباقر (ع) ومنع ابن إدريس من ذلك وقال لا تستحق الأمة هنا مهر الان المستحق
هو المولى والمستحق عليه هو المولى أيضا ولا يستحق الانسان في ذمة نفسه شيئا والأقرب حمل هاتين الروايتين على الاستحباب وقال الشافعي لا يجب المهر وقال أصحاب أبي
حنيفة انه يجب المهر لأنه حق الله تالي ثم يسقط لتعذر ايفائه على العبد حق المولى لئلا بحلوا النكاح عن مهر وليس بجيد لان المهر لو وجب لوجب للسيد على عبده ابتداء
ولهذا لا يجوز كما لا يستحق عليه بدل ما أتلفه وانما يعتبر وجوبه في حق من يصح الوجوب في حقه ولهذا سقط قال الشافعي في القديم استحب ذكرا المهر لأنه من سنة النكاح وقال
في الجديد ان شاء ذكر وان شاء ترك لأنه لا فائدة في ذكره مسألة لو كان نصفه حرا ونصفه عبدا فتزوج بإذن سيده صح وان اشترى زوجته فان اشتراها بما
ملكه بنصعة الحر انفسخ النكاح بينهما لأنه قد ملك زوجته وان اشتراها بكسب جملته انفسخ النكاح أيضا عندنا لأنه قد ملك بعض زوجته وهو مقتض لفسخ النكاح وهو أحد
قولي الشافعي والثاني لا يبطل والأصل في الخلاف تردده في تفريق الصفقة لأنه اشترى بمال مشترك بينه وبين سيده فان قلنا إن تفريق الصفقة مبطل للبيع بجملته
فالنكاح باق بحاله لا ن البيع لم يثمر ملكا له وان قلنا يصح البيع في قدر نصيبه ويبطل في نصيب الشريك خاصة ملك العبد نصف الجارية فيبطل النكاح مسألة
للسيد اجبار أمته على النكاح اجماعا سواء كانت صغيرة أو كبيرة بكرا كانت أو ثيبا عاقلة كانت أو مجنونة لان منافعها مملوكة له والنكاح عقد على منفعتها فأشبه
عقد الإجارة ولأنه ينتفع بانكاحها فإنه يكتسب مهرها ويسقط عنه نفقتها ويسترق ولدها ولان النكاح يرد على منافع البضع وهي مملوكه فان دعت هي إلى انكاحها
فإن كانت تحل له لم تجبر على ذلك لان في انكاحها اضرار به وهو تحريم الاستمتاع به ولان في نكاحها نقصان قيمتها وإن كانت تحرم عليه كأخته من النسب عند العامة
أو من الرضاعة ان قلنا بعدم العتق فكذلك عندنا لا يجبر عليه وهو إحدى وجهي الشافعية لان منافعها ملك له ولهذا يستحق بذلها والثاني للشافعية يجبر
لأنه لا ضرر عليه بل ينتفع به ولأنها لا تتوقع منه قضاء الشهوة فلا بد من اعفافها ولان حاجتها تشتد إلى ذلك فاجبر على رفعها كالاطعام ولأنه وليها فاجبر على انكاحها
كالحرة واما المدبرة والمعتقة نصفها عندهم فكالقن ومن بعضها حر وبعضها رق فليس له اجبارها على النكاح لأنه لا يملك جميعها ولو سألته الانكاح لم يجبر هو
590

عليه قال بعض الشافعية ينبغي ان يكون فيها وجهان كالتي لا تحل له وقال بعض الشافعية انه يزوجها سيدها برضاها ورضى وليها من النسب إن كان فإن لم يكن فمعتق نصفها
هذا على القول الذي يقولونه تورث فاما على القول بأنها لا تورث وانما يرجع ما ملكته بنصفها الحر إلى مالك نصفها نفيه وجهان أحدهما يزوجا مالك نصفها
لأنه لما جاز جميع المال ملك التزويج والثاني يزوجها الولي منه لأنها وإن كان له تورث لأجل رقها فالولاء ثابت عليها ولكن (الولاية ثابتة عليها أجل حربيتا صح) واما المكاتبة فليس له انكاحها عندنا و
عند العامة لانقطاع سلطنة عنها فهى بمنزل الخارجة عن ملكه ولو طلبت انكاحها لم يجب ذلك أيضا لأنها ربما عجزت نفسها فعادت إليه محرمة عليه فيستضر بذلك
وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يجبر لأنها تنتفع بذلك وهو بطريق من طرق اكتسابها ولأنه تمكين من الاكتساب للمهر والنفقة وللشافعية وجه ثالث انها لا تزوج
أصلا لان ملك المولى مختل وهي غير مالكه لأمرها واما أم الولد فإنها مملوكة للمولى لا يخرج عن ملكه بالولادة فله اجبارها على النكاح وللشافعي ثلثه أقوال أحدهما كما قلناه
وبه قال أبو حنيفة واختار المزني وهو الصحيح عند الشافعية والثاني قوله في القديم انه يزوجها برضاها لأنه ثبت لها حريد لا يملك المولى ابطالها فلم يكن له تزويجها بغير رضاها
كالمكاتب وهو قول مالك والثالث انه لا يملك تزويجها وان رضيت لان ملك السيد قد ضعف في حقها وهي لم تكمل فلا يكون له تزويجها كما أن الأخ والعم لا يزوج
الصغيرة لضعف ولايته واناه لم تكمل والحق ما قلناه لأنه أمته يملك الاستمتاع بها فملك تزويجها كالمدبرة وغيرها ونمنع ثبوت حكم الحرية بل هي ملك له اقصى ما في الباب
انه ليس له بيعها وذلك لا يخرجه عن الملك بخلاف المكاتبة لان سلطنة زالت عنها ونمنع ثبوت ولاية الأخ إذا ثبت هذا فعلى قولنا لا يجب وعلى أحد أقوال الشافعي
من أنه لا يزوجها هل يزوجها الحاكم فيه للشافعية وجهان قال بعضهم يزوجها الحاكم (من طريق الحكم لا من طريق الولاية ولكنه يكون برضى السيد لان المهر له ورضاها لابن
الاستمتاع بها وقال بعضهم لا يزوجها الحاكم صح) لان الحاكم نايب في النكاح عن الولي عند عدمه فإذا كان السيد لا يملك (فأولى ان الحاكم لا يملك صح) ولو
كان له أمتان اختان فنكح إحديهما حرمت الأخرى حتى يحرم التي وطئها وله ان يزوج أيتهما شاء فان طلبت إحديهما ان يزوجها لم يلزمه عندنا وهو ظاهر وعند العامة
وإن كانت المحرمة عليه لان تحريمها يزول بان يبيع الموطوءة مسألة لو اذن العبد في التجارة فاشترى أمة وركبته الديون فللسيد تزويج (ان يزوج صح) أمته وبيعها واعتاقها وللسيد
وطؤها وبه قال احمد لأنها مملوكة له فجاز ذلك له كغيرها من الإماء وقال الشافعي لو كان للعبد المأذون في التجارة أمة فاما ان لا يكون عليه دين أو يكون فإن لم
يكن (عليه دين صح) له تزويجها بغير اذن العبد وجهان أصحهما عندهم نعم والثاني لا الا ان يعيد السيد الحجر عليه وهذا الخلاف مبنى على أن السيد لو أعتق عبده المستأجر في أثناء
مدة الإجارة فهل يرجع على السيد بأجرة بقيه المدة أن المدة ان قلنا لا يرجع لأن العقد كان في زمان الملك فهنا له التزويج بغير اذن العبد وان قلنا يرجع لان منافعه
باقي المدة تتلف عليه في خدمته فليس له التزويج هنا بغير اذن العبد لان النكاح ينقص قيمتها فربما لا يفي ما في يده بدينه ان حدث دين فيطالب ببقية الدين
إذا أعتق وإن كان عليه دين فان زوجها بإذن العبد والغرماء صح لان الحق لا يعدوهم وان زوجها بإذن العبد دون الغرماء أو بإذن الغرماء دون العبد لم
يصح على أصح الوجهين عندهم لانهم يتضررون به إما العبد فلان التزويج ينقص قيمتها فالباقي من الدين يتعلق بذمته واما الغرماء فلأنهم ما رضوا بتأخر
حقوقهم وتعلقها بذمته إلى أن يعتق مسألة لو باع السيد أو وهب أو وطى هذه الجارية جاز عندنا سواي رضي الغرماء أولا واما الشافعية فالحكم فيه كالتزويج
في حالة قيام الدين وعدمه وإذا وطئ بغير اذن الغرماء فهل عليه المهر وجاهن في وجه لا يجب كما لو وطئ الراهن المرهونة والثاني يجب لان منفعة المرهون للراهن ومنفعة
رقيق المأذون الذي عليه دين لا يكون للمالك ولو احبلها فالولد حر والجارية أم ولد إن كان موسرا وإن كان معسرا لم تصرام ولد وتباع في الدين فان ملكها بعد
ذلك فالولد حر والجارية أم ولدان موسرا وإن كان معسرا فالحكم كما مر في المرهونة وكذا الحكم في استيلاد الجارية الجانية وفي استيلاد الوارث التركة إن كان
على المورث دين وإذا لم يحكم بثبوت الاستيلاد في الحال وجب قيمة الولد في جارية العبد المأذون وفي جارية التركة ولا تحت في الجانية والمرهونة لان حق المجني
عليه والمرتهن لا يتعلق بالولد ولو أعتق عبد المأذون وعلى المأذون دين أو أعتق الوارث عبدا من التركة وعلى المورث دين نفذ في الأول عندنا لتعلق الدين
بذمة السيد أو بكسب العبد ووقف الثاني على أداء الدين وللشافعي في نفوذ العتق فيهما قولان كما في اعتاق المرهونة والمذهب انه إن كان معسرا لم ينفذ العتق
وإن كان موسرا نفذ كالاستيلاد وعليه أقل الأمرين من الدين وقيمة العبد كما في اعتاق العبد الجاني وتزويج التي تعلق المال برقبتها من دون اذن المجني
عليه لا يجوز إن كان السيد معسر أو إذا كان موسرا فأحد الوجهين انه يصح ويجعل اختيار للفداء وتزويج السيد أمته سواء اختارت أو كرهت جايز اجماعا
وهذا الحكم ثابت للسيد بطريق الملك وهو أظهر وجهي الشافعية لأنه يملك الاستمتاع بها كما ملك تزويجها والتصرف فيما يملك استيفاء نفله إلى الغير
يكون بحكم الملك كاستيفاء المنافع ونقلها إلى الغير بالإجارة والثاني للشافعية انه يحكم الولاية لأنه عليه النظر ورعاية الحظ لها ولهذا لا يجوز عندهم
تزويجها من مجنون بغير رضاها ويتفرع على هذا الأصل مسائل الأولى إذا سلبنا الولاية بالفسق فالفاسق لا يزوج أمته ان جعلها هذا التزويج بالولاية
وان قلنا بالملك فله ان يزوجها كما أن له بيعها الثانية إن كان للمسلم أمة كتابية فظاهر مذهب الشافعية ان له تزويجها بالملك ان له بيعها واجارتها
نص عليه الشافعي فقال لا يكون المسلم وليا لكافرة الاعلى أمته وفيه وجه لهم انه لا يجوز له تزويجها كما لا يجوز له تزويج الكافر وتأول صاحباه النص بوجهين
أحدهما ان المعنى ولا على أمته لقوله تعالى وما كالمؤمن ان يقتل مؤمنا الأخطاء والثاني ان المعنى الاعلى أمته في البيع والإجارة ونحوهما لا في النكاح وعلى الظاهر فهي
لا يصلح للحر المسلم ان يزوجها من الحر الكتابي أو من العبد المسلم هذا إذا جوزنا لهما نكاحها فان فيه خلافا لهم يأتي فإن لم يجز لم يتصور من المسلم تزويجها هذا حكم الأمة
الكتابية إما المجوسية والوثنية فسيأتي الكلام فيهما الثالثة إذا كان للكافر أمة مسلمة أو أم ولد للشافعية وجهان أحدهما انه تزوجها للحق الملك كما يزوج
المسلم أمته الكافرة وحكم الأصل والفرع عندنا ممنوعان وأظهرهما عندهم المنع والفرق من وجهين أحدهما ان حق المسلم في الولاية اكد الا ترى انه تثبت الولاية
على الكافرات بالجبهة العامة الثاني ان المسلم يملك الاستمتاع ببضع الكافرة فملك تزويجها والعكس بخلافه ولو كان للمسلم أمة مجوسية أو وثنية فهل له تزويجها للشافعية
وجهان مبنيان على الفرقين ان قلنا بالأول فله تزويجها أيضا وان قلنا بالثاني فلا والأول أصح عند بعض الشافعية لان من ملك أخته من الرضاع والنسب
عندهم كان له تزويجها وان لم يكن له الاستمتاع بها وما تقدم من الخلاف في أن تزويج الأمة بحق الملك أو الولاية لا يجرى في تزويج العبد إذا قلنا إن السيد يجبره
فلو كان للكافر عبد مسلم عندهم ورأوا الاجبار ففي اجباره إياه الخلاف في أنه هل يزوج أمته المسلمة وان يروا الاجبار لم يستقل العبد ولكن يأذن له السيد ليسقط
حقه فيستقل العبد حينئذ كما أن المرأة تأذن لعبدها فيتزوج وان لم يكن هي من أهل التزويج الرابعة قال بعض الشافعية للمكاتب تزويج أمته ان قلنا إنه
تصرف بالملك وان قلنا بالولاية فلا لان الرق يمنع الولاية مسألة لو كان العبد لصبي أو مجنون أو سفيه فان اقتضت المصلحة تزويجه كان أمر النكاح إلى وليهم
591

وهو وجه للشافعية لان الولي فعل ما تقتضيه المصلحة والفرض ان النكاح مصلحة وكان له فعله كغيره وظاهر مذهب الشافعية المنع لما فيه من انقطاع اكتسابه وفوائده
عنهم وهو ممنوع لجواز اقتداره على الجميع ولو طلب عندهم التزويج لم يجبر الولي على اجابته وعند الشافعي خلاف مبنى على أن السيد الرشيد هل يجبر على اجابته
لو طلبه ان قلنا نعم أجبر الولي هنا لأنه قايم مقام الولي عليه وان قلنا لا يجبر الرشيد
فهنا لا يجر الولي مسألة أمة الصبى والمجنون والسفيه للولي ان يزوجها مع الغبطة من اكتساب المهر والنفقة قهرا وهو أحد وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة
لاشتماله على المصلحة والثاني للشافعية ليس للمولى ذلك لأنه ينقص من قيمتها وقد تحبل فتهلك وللشافعية وجه ان للوى ان يزوج أمة الصبى لأنه قد يحتاج إليها بعد
البلوغ ولو كانت الأمة للثيب الصغيرة جاز للولي ان يزوجها وان لم يجز تزويج السيد عندهم لزوال ولايته عنها بالثيوبة وعند يجوز تزويج السيد أيضا لان المقتضى
للولاية الصغر وقد سبق وقال الشافعي الأب لا يزوج أمة الثيب الصغيرة فإن كانت مجنونة يزوج وإن كان لسفيه فلا بد من اذنه وليس للأب تزويج أمة بنته البكر
البالغة قهرا وبه قال الشافعي لزوال الحجر عنها بالبلوغ وإن كان له تزويج عبده قهرا ولو لم يكن للصغير ولى الا السلطان كان له تزويج أمة الصغير وهو أحد الشافعي
وجهي الشافعية إذ هو ولى ماله لان ولى المال يزوج أمة الصغير والمجنون سلطانا كان أو وصيا أو قيما كساير التصرفات المالية لكن الاظهر عنهم ان الذي يزوجها ولى
النكاح الذي ولى المال فعلى هذا ليس لغير الأب والجد ان يزوجها لأنه لا يزوج الصغير والصغيرة وبالجملة اختلف الشافعية في تزويج رقيق الطفل لكن ظاهرهم في العبد
المنع وفي الأمة الجواز مسألة أمة المراة تزوجها مولاتها إن كانت رشيدة مباشرة أو تسبينا وان لم يكن رشيده كان امرها إلى وليها عند علمائنا لأنها سلطنه
على ملكها ولان الولاية عليها في نفسها عندنا أو عليها لو ليها إن كانت مولى عليها فيتبعها الامر وقال الشافعي وأمة المراة ينظر في حالها إن كانت مالكتها محجورا عليها
وقد سبق والا فيزوجها ولى المراة تبعا لولائه على المالكة ولا فرق بين الولي بالنسب وغيره ولا بين ان يكون الأمة عاقله أو مجنونه صغيرة أو كبيرة وقال بعضهم لا يزوجها
الأولياء بالأسباب الخاصة لأنه ليس بينها وبينهم سبب ولا نسب ولكن يزوجها السلطان بالولاية العامة وليس هذا القول مشهورا عندهم لكن المشهور ان معتقه
المرأة يزوجها السلطان وليس بجيد عندنا بل الامر إلى المعتقة إن كانت رشيده تذنيب لا يفتقر نكاح الأمة إلى اذنها وإن كان ثيبا بل لابد من اذن
المالكة ولا يكفى سكوت البكر في النكاح أمتها لانتفاء الحياء في تزويج أمتها مسألة لو أعتق المريض امه لم يجز لوليها الحر كالأب أو الجدان يزوجها ولا لها ان
تتزوج حتى يبرأ أو يموت ويخرج من الثلث لأنها انما تعتق بتمامها على أحد هذين التقديرين فلا يجوز نكاحها حتى تعلم الحرية كما أن الكافر لو أسلم لم يكن له ان يزوج
بأخت امرأته الكافرة لاحتمال اسلامها قبل انقضاء العدة وبه قال بعض الشافعية وقال الباقون يجوز لويها تزويجها لأنها يحكم بحريتها في ظاهر الحال فلا يمنع
العقد بالاحتمال ولهذا لو مات وخرجت من الثلث يحكم بعتقها ويجوز تزويجها وإن كان يحتمل ان يظهر عليه دين يمنع خروجها من الثلث وبعض الشافعية فرق
بينها وبين أخت المشركة فان الظاهر هناك بقاء النكاح ولهذا لو أسلمت في العدة تبينا دوام النكاح وهنا المريض هو المالك والظاهر بقاؤه ونفوذ العتق
وجعل بعضهم نكاح المشركة على قولين وسوى بين الصورتين قالوا فان حكمنا بالحصة فهو حكم بالظاهر وحقيقة الامر تتبين اخرا فان حققنا نفوذ العتق تحققنا
مضى النكاح على الصحة والا رجع إلى اجازه الورثة وردهم فان رد وأظهر فساد النكاح وان أجازوا فان جعلنا الإجازة انشاء تبرع منهم فكذلك لان العتق كان
مبعضا إلى أن أجازوا وان جعلناها تنفيذا فهو كما لو خرجت من الثلث هذا إذا لم يكن للمعتق مال سواها فلو كان له ضعف قيمتها اختلف الشافعية فقال بعضهم
النكاح محمول على الصحة على كثرة المال وقال آخرون بالمنع لضعف ملك المريض وكون المال في معرضا للاتلاف وقال آخرون يصبر ولم يقيدوا بعدم مال سواها
ولو كان السيد أعتقها وتزوجها من نفسه نفذ ذلك عند بعض الشافعية لأنها إذا رقت فهو سيدها والا فله ولاؤها واعترض بأنه على تقدير نفوذ العتق فالمعتق
لا يملك التزويج بالولاء مع وجود الأب وانما يتأتى على قول الشافعية لو لم يكن لها نسيب فإنها حينئذ ان لم يخرج من الثلث فهو ولى ما عتق بالولاء ومالك ما لم يعتق
ولو زوجها السيد ولها نسيب لم يصح عندهم الا ان يكون بإذن السيد النسب السبب الرابع السلطنة مسألة المراد بالسلطان هنا الإمام العادل
أو من بإذن له الامام ويدخل فيه الفقيه المأمون القائم بشرائط الاقتداء والحكم وليست ولاية عامة وليس له ولاية على الصغيرين ولا على من بلغ رشيدا ذكرا كان
أو أنثى وانما تثبت ولايته على من بلغ غير رشيدا وتجدد فساد عقله إذا كان النكاح صلاحا له لأصالة انتفاء الولاية واما ثبوت ولايته على من ذكرنا فإنه وليه
في ماله اجماعا فيكون وليه في النكاح لأنه من حملة المصالح ولرواية عبد الله بن سنان الصحيحة عن الصادق (ع) قال الذي بيده عقدة النكاح هو ولى امرها ولا
نعلم خلافا بين العلماء في أن للسلطان ولاية تزويج فاسد العقل وبه قال مالك والشافعي واسحق وأبو عبيدة وأصحاب الرأي لقول النبي (ص) السلطان ولى من لا ولى
له وعن أم حبيبه ان النجاشي زوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت عنده ولان للسلطان ولاية عامة لأنه ولى المال ويحفظ الضوال وكانت له الولاية في النكاح كالأب مسألة
قد بينا ان المراد بالسلطان هو الامام أو حاكم الشرع أو من فوضا إليه وليس لولى البلد ولاية النكاح لان الولاية عندنا مشروطه بإذن الامام أو نائبه واختلفت
الرواية عن أحمد في والى البلد فقال في موضع يزوج والى البلد وقال في الرستاق يكون فيه الوالي وليس فيه قاض بزوج إذا احتاط لها في المهر والكفو أرجوا ان لا يكون
به باس لأنه ذو سلطان وقال في موضع اخر ليس لوالي البلد ذلك بل للقاضي ولو استولى أهل البغى على بلد لم يكن لوليهم ولا لقاضيهم التسلط على الاحكام المتعلقة
بالامام من ولاية ونكاح وقضاء وغير ذلك عند علمائنا أجمع لا فانشرط في الوالي العدالة واذن الامام وقال احمد يجرى حكم سلطانهم وقاضيهم في ذلك مجرى
الامام وقاضيه لأنه اجرى مجراه في قبض الصدقات والجزية والخراج والاحكام فكذا هنا والأصل ممنوع مسألة قد بينا انه ليس للسلطان ولاية في تزويج
الصغاير وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة فإنه قال له تزويجها الا انه لا يلزم فإذا بلغت كان لها الرد بخلاف تزويج الأب والجد وعلى هذا التفسير فهو موافق لمذهبنا
لأنه فضولي لا فرق بينه وبين الأجنبي واما البوالغ ان امرهن مع رشدهن إليهن عندنا سواء كن ابكار أو ثيبات ولا ولاء للسلطان ولا لغيره عليهن وأثبت العامة
له ان يزوجهن بالولاية العامة باذنهن وله ان يزوج عند العامة في مواضع عدم الولي الخاص ب عضله ج غيبته الولي د إذا أراد الولي ان يتزوج بنفسه
وليس للسلطان عندنا ولاية على الكباير ولا على الصغاير بل على المجنون أو السفيه السبب الخامس الوصاءة مسألة انما تثبت وصاية الوصي في صورة
واحدة عند بعض علمائنا وهي ان يبلغ الصبى فاسد العقل ويكون له حاجة إلى النكاح وضرورة إليه مع عدم الأب والجد له دفعا للضرورة ولأنه يحتاج إلى النكاح
فكان للوصي ان يتولاه لعدم قدرته على المباشرة وثبوت الضرورة فأشبه الانفاق واما في غير ذلك فلا ولاية للوصي على التزويج على الأظهر سواء اطلق الموصي الوصاءة
592

أو نص على الانكاح وبه قال الثوري والشعبي والنخعي والحرث العكي وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين ولو اوصى بتزويج ابنته لم تصح الوصية ولم
يملك الوصي ذلك لان سبب الولاية القرابة الداعية إلى النظر والشفقة الوافرة والعاطفة بامعان النظر وكلاهما لم يوجد للوصي والايصاء بالانكاح لا يصح لما فيه من
نقل الولاية إلى غيره بعد الموت وولايته انقطعت بالموت فلا يتصور النقل إلى غيره ولأنها ولاية تنتل إلى غيره شرعا فلم تجز الوصية بها كالحضانة ولا نه لا ضرر على
الوصي في بضعها بوضعها عند من لا يكافيها فلم تثبت له الوالية كالأجنبي ولان الغرض بها حفظ العشيرة ورفع العار عنهم والنسب أحق بذلك والرواية الثانية عن أحمد ان
للوصي التزويج وهو مذهب الشيخ (ره) في الخلاف وبه قال أحسن وحماد بن بي سليمان لأنه ولاية ثابته للأب فجاز ان يوصى بها كولاية المال والفرق ظاهر فان الشفقة
على النفس يجب الاعتناء بها أكثر من الشفقة على المال واحتج الشيخ بأصالة الجوزا ولا مانع منه ويقوله تعالى فمن بدله بعد ما سمعه الآية ولان له واليد المال وله الوصية به
وكذا في النكاح وقال مالك إذا اوصى إليه بالتزويج فإن كانت البنت كبيرة زوجها الوصي باذنها وإن كانت صغيرة فان عين الموصى زوجا زوجها الموصى له وملك
اجبارها على النكاح وان لم يعين انتظر بلوغها التأذن مسألة قد بينا ان للبكر البالغة الرشيدة ان تزوج نفسها بمن شائت سواء رضي وليها أم لا ولا يشترط
اذنه سواء كان أبا أو غيره بعض علماؤنا أثبت للأب والجد الولاية عليها وبعضهم أثبت الولاية لها في الدائم دون المنقطع وبعضهم عكس ومنهم من أسقط امرها معهما
فيهما وفي رواية اشتراكها (معها صح) في الولاية حتى أنه لا يجوز لهما ان ينفردا عنها بالعقد وعند العامة لا بد من الولي في جميع الأنكحة فان عضلها الولي جاز وعند جميع
علمائنا لها التفرد والاستقلال بالعقد ولا يفتقر إلى ولى ولا وكيل لا سلطان ولا حاكم بل لها ان تعقد بنفسها وشرط العامة أحد هؤلاء إذا عرفت هذا فعنى
العضل منع المراة من التزويج بكفوها إذا طلبت ذلك ورغبت كل واحد منهما في صاحبه وكانت بالغة عاقلة فإذا دعت إلى غير كفو فله ان يمنع ولا يكون عاضلة مسألة
يحصل العضل يمنعها من التزويج بالكفو بمهر المثل أو دونه فلو رضيت بأقل مهر مثلها لم يكن لأوليائها حق الاعتراض عليها عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة
ومالك واحمد وأبو يوسف ومحمد لان المهر خالص حقها وعوض يختص بها فلم يكن لهم الاعتراض عليها فيه ولأنها لو أسقطته بعد وجوبه سقط كله فبعضه (أولي صح) لان من لا يملك
الاعتراض في جنس المهر لا يملك الاعتراض في قدره كما لو اوصى بذلك أحد الأولياء لم يكن للباقين حق
الاعتراض وقال الشافعي لهم الاعتراض في قده فيبطل المسمى ويثبت
مهر المثل وكذا إذا زوج ابنة الصغيرة بأكثر من مهر المثل تسقط الزيادة لان ذلك يوجب العار على القبيلة وتستضربه العشيرة فان مهر المثل يعتبره العشيرة فكان للأولياء
فيه الاعتراض كالفاؤه ويمنع انه عارفان عمر قال لا تعالوا في مهور النساء فلو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم به رسول الله صلى الله عليه وآله وأيضا فقد قال رسول الله
صلى الله عليه وآله لامرأة زوجت نفسها بنعلين أرضيت من نفسك بنعلين قالت نعم فأجاز النبي صلى الله عليه وآله وقد زوج النبي صلى الله عليه وآله لنباته وسمى لهن دون مهور امثالهن واما نشاء العشيرة
فإنما يعتبر مهورهن بمن لم يجاني في مهرها وعلى ان ذلك يختص بذلك دون الأولياء مسألة لو طلبت التزويج بغير الكفوء فللولي ان يمنع ولا يكون عاضلا ومن
شرط الولي فلا بد من ثبوت العضل عند الحاكم ليمكنها من تزويج نفسها عندنا أو ليزوجها الحاكم عند العامة وشرط بعض الشافعية فقال لا يتحقق العضل حتى يمتنع بين
يدي الحاكم وذلك بان يحضر الخاطب والمراة والولي ويامره القاضي بالتزويج فيقول لا افعل أو تسكت فحينئذ يزوجها القاضي هذا إذا أمكن احضاره قال فان تعذر لغيبته
أو عذر أو قراره وجب ان يزوج (يفد صح) الاثبات بالبينة كغيره من الحقوق وعند الحضور فلا معنى للبنية فإنه ان زوج فقد حصل الفرض والا فهو عضل إذا عرفت هذا فإذا
ثبت عند الحاكم العضل وثبت عنده الكفاة أمر الولي ان يزوجها فان عفل والا زوجها الحاكم عند العامة لان ذلك حق عليه فإذا امتنع من أدائه ناب عنه الحاكم كما لو كان
عليه دين فامتنع من أدائه فان الحاكم يقتضيه من ماله وعندنا تزوج نفسها البحث الثالث في نفى الولاية عمن ضمن انه كذلك مسألة لا ولاية للابن
عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان المراة إما صغيرة أو كبيرة فالصغيرة امرها إلى أبيها وجدها لا غير والكبيرة إن كانت رشيده فأمرها إلى نفسها خاصة وإن كانت مجنونة
فأمرها إلى الأب والجد فإن لم يكنوا فالحاكم والوصي وليس للابن ولاية لأنه ليس من عشيرتها ولا تنسب إلى من تنسب إليه فلم يشاركها في النسب فلا يعتنى بدفع العار النسب فلم
يملك تزويجها بالقرابة كابن الأخت وكخالها ولان طبعه ينفر من تزويجها فلا ينظر إليها وقال أبو حنيفة ومالك واحمد وأبو يوسف ومحمد للابن ولاية النكاح لما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعمر بن أم سلمة قم يا عمر فزوج؟؟؟ ولاية يرثها بسبب ثابت حال الاستحقاق فأشبه الأب والجواب ان نكاحه (ع) لا يفتقر إلى ولى ويحتمل ان يكون ذلك ردا
منه إليه التزويج لان النبي صلى الله عليه وآله هو الامام ويخالف الأب والعصبات لانهم من عشيرتها مسألة لو كان الابن مشاركا لامه في النسب بان كان ابن ابن عمها لم تكن له الولاية
أيضا عندنا لان العصبة عندنا لا ولاية لهم في النكاح كما لا ولاية لهم في المال وقال الشافعي تثبت بالعصوبة لا بالنبوة وكذا لو كان معتقا أو قاضيا أو فرضت قرابة أخرى يقول
من انكحه المجوس أو من وطى الشبهة بان كان ابنها أخاها وابن أخيها وابن عمها ولا يمنعه البنوة عن التزويج بالجهة الأخرى لأنه عصبة وكان له الولاية والملازمة عند
ممنوعة مسألة ليس للعصبة كالأخ وابنه والعم وابنه وبالجملة كل عصبة هي على حاشية النسب ولاية النكاح عند علمائنا أجمع سواء كانت المراة صغيرة أو
كبيرة عاقله أو مجنونه بكرا كانت أو ثيبا لان الأصل عدم الولاية ولأنها ولاية فلا تثبت على المراة كولاية المال لقول الصادق (ع) في رحل يريد ان يزوج أخته قال تؤمرها
فان سكتت فهو اقرارها وان أبت لم يزوجها وان قالت زوجني فلانا فيزوجها من ترضى واليتيمة في حجر الرجل لا يزوجها الا برضاها وفي التصحيح عن محمد بن الحسن
الأشعري قال كتب بعض بنى عمى إلى ابن جعفر (ع) فما تقول في صبيته زوجها عمها فلما كبرت أبت التزوج فكتب بخطه لا تكره على ذلك والامر امرها وقال الشافعي العصوبة
التي على حاشية النسب لا يفيد تزويج الصغيرة بكرا كانت أو ثيبا واما البالغة فإن كانت ثيبا فلهم تزويجها باذنها الصريح ولو زوجت بدون رضاها لم ينعقد
وإن كانت بكرا فإن كانت مجنونه لم يكن للعصبة تزويجها وإن كانت عاقله فلهم تزويجها إذا استأذنوها وهل يتشرط صريح نطقا أم يكتفى بالسكوت فيه وجهان أحدهما
انه لابد من النطق كما في الثيب وأصحهما عندهم الاكتفاء بالسكوت لقوله (ع) الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها واذنها صماتها وعنه وجه ثالث
انه لا حاجة إلى الاستيذان بل إذا جرى الاستيذان بين يديها ولم تنكر كان ذلك رضي كما إذا جرى فعل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فلم ينكر عليه وهذا القول قريب من
مذهبنا الا في شئ واحد وهو ان المراة تستقل بالعقد خلافا له وقال أبو حنيفة للعصبة تزويج الصغيرة بكرا كانت أو ثيبا الا انه لا يلزم فلها الرد إذا بلغت بخلاف
تزويج الأب والجد واما البالغة الثيبة فان عقد عصبتها عليها ينعقد موقوفا على اجازتها وإن كانت بكرا فلا بد من اذنها يكفي سكوتها وهو قريب من مذهبنا
أيضا مسألة لا ولاية في النكاح لغير العصبات من الأقارب كالام ومن يتقرب بها كالجد وللام والأخ لها وغيرهم من ذوي الأرحام عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي
واحمد وأبو حنيفة على إحدى الروايتين ومحمد لان الولاية عندنا مختصة بالأب والجد له على الصغيرين والمجنوني خاصة ولان هؤلاء ليسوا من عصبات المراة فاشبوا
593

الأجانب وفي الرواية الثانية عن أبي حنيفة ان كل من يرث بفرض أو عصبة يلى وبالجملة الام وذو الرحم ولى عنده وبه قال أبو يوسف لأنه من أهل ميراثها فتلى كالعصبة
ولأنها أشفق الناس واعطفهم وليس بصحيح لأنه ليس من عصباتها فأشبه الأجنبي ونمنع عليه الشفقة للنكاح مسألة لا ولاية بالعتق عند علمائنا كافة
لأنه لا ولاية بالتعصيب مع أنهم نسب فالأولى انتفاء الولاية عن المعتق اخرج الرقبة عن ملكه فصار كالأجنبي ولا شفقة له عليه باعتبار النسب
ولا باعتبار الملك فأشبه الأجانب وأطبق الجمهور كافة على أن المولى وهو المنعم بالاعتاق له الولاية في النكاح المراة إذا لم يكن لها عصبة ولا خلاف بينهم في ثبوت
ولايته إذا لم يكن لها عصبة من نسبها ولا في أن العصبة المناسب أولي منه وولايته بحق الولاء وان لم يكن المعتق موجودا أو كان موجودا ولا يصلح للولاية كالمراة و
الطفل والكافر فالولايد لعصبة المنعم فإن لم يكن عصبة فلمولى المولى وهو المنعم على المنعم فإن لم يكن معتق المعتق فعصبة فإن لم يكن فلمعتق معتق المعتق فإن لم يكن
فعصباته وهكذا فإن لم يكن لها أحد من هؤلاء فالسلطان والأقرب يمنع الا بعد في جميع المراتب كالميراث فان اجتمع ابن المعتق وأبوه قالوا فالابن أولي لأنه أحق بالميراث
وأقوى في التعصيب وانما قدم الأب المناسب لزيادة شفقته وفضيلة ولادته وهو معدوم في أبى المعتق مسألة لو لم يوجد للمراة ولى ولا ذو سلطان قال أحمد بن
حنبل ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل باذنها فاقه قال في دهقان قرية يزوج من لا ولى لها إذا احتاط لها في الكفؤ أو المهر إذا لم يكن في الرستاق قاض قال أصحابه
هذا القول يؤخذ منه ان النكاح لا يقف على ولى ووجه هذه الرواية ان اشترط الولي هنا يمنع النكاح بالكلية فلم يجز كاشتراط المناسب عندهم في حق من لا مناسبة
لها وهذا كله ساقط عندنا لان العاقلة الرشيدة لا ولاية لاحد عليها البحث الرابع في ترتيب الأولياء وتزاحمهم مسألة قد بينا انحصار ولاية
القرابة في الأب والجد له وان علاء دون غيرهما من جميع الأقارب فالقرابة الحاصلة منهما مقدمه على كل أحد من الأقارب عندنا وهو قول كل العلماء الا ما تقدم
من أن الابن عند أبي حنيفة وأبى يوسف أولي من الأب والجد وليس بمعتمدوا ما باقي الأقارب فقد سلم الجميع تأخرهم عن الأب والجد سواء العصبات وغيرهم (المالك أولي من صح) والأب
والجد وان علاء سواء كان المالك ذكرا أو أنثى فإن لم يكن من أهل الولايد كالطفل فالولاية للولي عليه مسألة لا ولاية بالعصوبة عندنا وعند العامة تثبت
بها الولاية لكن يقدم الأب والجد على باقي الأقارب عندهم بشدة الشفقة منهما وزيادتها فيها على الباقين ثم من بعد العصبة ولاية الولاة بالعتق عندهم
لالتحاق الولاء بالنسب كما قال (ع) الولاء؟؟؟ كلحة النسب وقوله (ع) السلطان ولى من لا ولى له ثم من بعد الولاء السلطان لهذا الحديث واما الوصي فهو ولى من السلطان
عندنا في موضع يثبت له الولاية فيه وهو أولي من الأقارب عندنا لأنه لا ولاية لهم الا الأب والجد وهما أولي منه وكذا المالك أولي من الوصي لأنه أولي من الأب والجد
فمن وصيهما أولي ولا ولاية للوصي من المالك لانتقال الملك عنه فلا يثبت لوصية ولايد على مملوك الغير مسألة إذا اجتمع الأب والجد له كان الجد أولي
عند علمائنا لا بمعنى انتفاء ولاية الأب بل بمعنى انه إذا اختار الأب رجلا واختار الجد غيره قدم اختيار الجد على اختيار الأب وإذا عقد كل منهما على رجل حكم
بعقد السابق سواء كان الأب هو السابق بالعقد أو الجد فان اتفقا في حال واحد قدم عقد الجد والأصل في ذلك رواية هشام بن سالم ومحمد بن الحكم الصحيحة
عن الصادق (ع) قال إذا تزوج الأب والجد كان التزويج للأول فإن كانا جميعا في حال واحد فالجد أولي وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال إذا
زوج الرجل ابنة ابنه فهو جايز على ابنه ولابنه أيضا ان يزوجها فقلنا فان هوى أبوها رجلا وجدها رجلا فقال الجد أولي بنكاحها وقال العامة الأب أولي
من الجد على معنى ان الجد لا ولاية له مع وجود الأب فإذا فقد الأب فالولاية للجد لان الأب يدلى بنفسه والجديد لي بواسطة الأب وما قلناه أولي اتباعا للنقل
عن أهل البيت عليهم السلام ولان للجد ولايته على الأب لوجوب طاعته له وامتثال أو امره فيكون أولي منه قال الصادق (ع) انى لذات يوم عند زياد ابن عبيد الله
إذ جاء رجل يستعدى على ابنه فقال أصلح الله الأميران أبى زوج لبنتي بغير اذنى فقال زياد لجلسائه الذي عنده ما تقولون فيما قال هذا الرجل فقالوا نكاحه باطل
قال ثم اقبل على فقال ما تقول يا أبا عبد الله فلما سألني أقبلت قال الذين أجابوه فقلت لهم أليس فيما تروم عن رسول الله صلى الله عليه وآله ان رجلا جاء يستعد به على أبيه
في مثل هذا فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أنت ومالك لأبيك فقالوا بل فقلت لهم يكون هذا هو وماله لأبيه ولا يجوز نكاحه قال فاخذ بقولهم وترك قولي تذنيب
هل يثبت هذا لا حكم في أب الجد مع الأب حتى يكون جد الجد أولي من أب والجد وأب الجد أولي من الجد أولي من الجد اشكال ينشأ من زيادة البعد هنا ومن وجود العلة وعند
العامة الأقرب يمنع الا بعد ويحتمل مع وجود الأب والجد وأب الجد ثبوت الولاية للأب لان أب الجد أولي من الجد فيسقط ولاية الجد ويبقى الأب ولا ولاية لأب الجد
عملا بالنص مسألة تثبت ولاية الجد وان إن كان الأب موجودا عندنا خلافا للعامة وتثبت أيضا وإن كان الأب معدوما خلافا للشيخ رحمه الله فإذا لم يوجد
الجد فأب الجد إلى حيث ينتهى وهو قول العامة لان له ولاية وعصوبة فيقدم على من له ليس الا عصوبة ولا ولاية للابن عندنا مطلقا وقال أبو حنيفة لابن أولي من الأب
ومن الجد وبه قال مالك والعنبري وأبو يوسف واسحق وابن المنذر لان الأب أولي من الأب بالميراث لأنه أكثر نصيبا وقال الشافعي الأب أولي من الابن والجد
أولي من الابن أيضا وقال احمد الأب أولي من الابن وهل هو أولي من الجد فيه روايتان إما الأولى فلان الولد موهوب لأبيه قال الله تعالى ووهبنا له يحيى وقال يا
زكرياء ورب هب لي من لدنك ذرية طيبة وقال فهب لي من لدنك وليا وقال إبراهيم الحمد الله الذي وهب ى على الكبر إسماعيل واسحق وقال النبي صلى الله عليه وآله أنت ومالك لأبيك فاثبات
ولاية الموهوب له على الهبة أولي من العكس ولان الأب أكمل نظرا وأشد شفقة فوجب تقدمه في الولاية ولان الأب يلى ولده في صغره وسفهه وجنونه فيليه في ساير ما
تثبت الولاية عليه فيه بخلاف الابن ولذلك اختص بولاية المال وجاز له ان يشترى لها من ماله وله من مالها إذا كانت صغيرة بخلاف غيره ولان الولاية احكام واحكام
الأصل على فرعه أولي من العكس بخلاف الميراث فإنه لا يتعين له النظر ولهذا يرث الصبى والمجنون وليس فيه احكام ولا ولاية على الموروث بخلاف ما نحن فيه واما الثاني فلان
الأب أولي من الجد في الميراث فيكون أولي منه بالتزويج ولان النبي صلى الله عليه وآله قال لعمر ابن أم سلمة قم يا عمر فزوج أمك ولأنه يرثها بسبب ثابت حال الاستحقاق فأشبه الأب وقد تقدم
الجواب ولان للجد إيلاد وتعصيبا فقدم على الابن كالأب ولان الابن يقاد بأمه ويقطع بسرقه مالها بخلاف الجد إذا عرفت هذا فالجد وان علاء أولي من جميع العصبات غير الأب
واولى الأجداد عند العامة اقربهم وأحقهم بالميراث مسألة الجد للأب وان علاء أولي من الأخ وإن كان من الأبوين عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان الأخ عندنا
لا ولاية له مطلقا وعند العامة له ولاية على أن ولاية الجد عند الشافعية مقدمه لان له ولاية وتعصيبا فكان مقدما على الأخ كالأب ولان التزويج ولاية واحكام فالجد
لزيادة شفقته أولي بالولاية ولهذا اختص بولاية المال وقال مالك الأخ أولي من الجد وهو رواية احمد لأنه يدلى بنبوة الأب والجد بأبوة والنبوة مقدمة على الأبوة و
الحكم في الأصل ممنوع فان الابن لا ولاية له ولا قيل بها لم يكن مقدمة على الأب ومع ذلك فإنما ذكروه خلاف اجماع الصحابة فان منهم من قدم الجد في الميراث ومنهم من
594

من شرك وعن أحمد رواية أخرى ان الأخ ولجد سواء لاستوائهما في الميراث بالتعصيب واستوائهما في القرابة فتساويا في الولاية أثبت هذا فالأجداد فان علو أولي
أولي من الاخوة عند الشافعي مسألة إذا فقد الأب والجد للأب وان علاء لم يكن للابن ولاية على ما تقدم فقال أصحاب الرأي متى عدم الأب وأباه فأولى الناس
بتزويج المراة ابنها ثم ابنه عبده وان نزلت درجته الأقرب فالأقرب منهم وبه قال احمد وقال الشافعي تثبت له الولاية إذا كان عصبة كان يكون (ابن صح) ابن عم لها فإذا فقد الاباء
والأبناء قالت العامة بأسرهم يثبت الولاية للأخ لأبيها وأمها لكونه أقرب العصبات بعدهم فإنه ابن الأب وأقويهم تعصيبا وأحقهم بالميراث مسألة إذا فقد
عمود النسب من الاباء والأولاد فلا ولاية بالقرابة عندنا كما تقدم وقالت العامة كافة تثبت للاخوة من الأبوين فإن لم يوجدوا فالاخوة من الأب خاصة وهل يستوى
الأخ من الأبوين مع الأخ من الأب وحده للشافعي قولان القديم انهما يستويان وبه قال أبو ثور واحمد لأنهما
استويا في الآلاء بالجهة التي يستفاد منه العصوبة
وهي جهة الأب فاستويا في الولاية كما لو كان امن أب وام وقرابة الام لا مدخل لها في الولاية بحال فلا ترجح بها كما لو كان لها عمان أحدهما حال أو ابنا عم أحدهما أخ من الام وهذا
بخلاف الإرث فان اخوة الام يفيده والثاني وهو الجديد وبه قال مالك وأبو حنيفة والمزني والأخ من الأبوين أولي من الأخ للأب وهو رواية عن أحمد أيضا لأنه حق مستفاد
بالتعصيب فوجب ان يقدم فيه الأخ للأب والام على الأخ للأب كالميراث بالولاء فإنه لا مدخل للنساء فيه وقد قدم الأخ للأبوين فيه ولان فيه
زيادة القرب والشفقة وليس كلما لا يفيد لا يترجح فان العم من الأبوين يقدم على العم من الأب في الميراث وإن كان العم من الام لا يرث عندهم إذا عرفت هذا فان الخلاف هنا
جار في ابني الأخ لو كان أحدهما للأبوين والاخر للأب وفي العمين (وابنى العمين صح) لو كان أحدهما للأبوين والأخ للأب خاصة وامتنع الجويني من طرد الخلاف فيما إذا كان لها ابنا عم أحدهما
اخوها من الام أو ابنا ابن عم أحدهما ابنها لان المعتمد في تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب ان اجتماع القرابتين فيه يوجب قوة عصوبة وهي عصوبة تفيد
ولاية التزويج واخوة الام في ابن العم لا تفيد عصوبة أصلا والنبوة في الصورة الأخرى تفيد قوة العصوبة لكنها عصوبة لا تفيد ولاية التزويج والأكثر من الشافعية
اكتفوا في طرد الخلاف بزيادة القرابة الموجبة لزيادة الشفقة وقالوا في الجديد يقدم الأخ والابن لو كان لها ابنا عم أحدهما من الأبوين والاخر من الأب لكنه اخوها
من الام فالثاني أولي لأنه يدلى بالام والأول يدلى بالجد والجده ولو كان لها ابنا ابن عم أحدهما ابنها والاخر اخوها من الام فالابن أولي لأنه أقرب من الأخ ولو كان لها
ابنان معتق أحدهما ابنها فهو مقدم على الأخر قال بعض لا شافعية لو أراد المعتق نكاح عتيقته وله ابن منها وابن من غيرها يزوجها منه ابنه منها دون أبيه من غيرها وهو غلط
عند أكثر الشافعية من جهة ان ابن المعتق لا تزوج في حياة لا معتق لأنه يدلى به كما يزوج ابن الأخ مع الأخ فإذا خطبها المعتق زوجها السلطان مسألة إذا فقد الإماء و
الأبناء والأخوة وأولادهم فلا ولايد عندنا وقالت العامة بأسرهم الولاية للأعمام من الأبوين أو الأب ثم لأولادهم ثم لا ولاد أولادهم وهكذا وان نزلوا ثم عمومة الأب ثم عمومة
الجد وان علاء وبالجمل الولاية بعد الاباء والاخوة تترتب على ترتيب الإرث بالتعصيب فأحقهم بالميراث أحقهم بالولاية فعلى قول من أثبت الولاية للابن الولاية بعد الاباء
لبنى المرأة ثم بنوهم وان سفلوا ثم بنوا الجد وهم أعمام الأب تم بنوهم وان سفلوا ثم بنوا جد الجد ثم بنوهم وعلى هذا لا تثبت الولاية لبنى أب أعلى مع بنى أب أقرب منه وان نزلت درجتهم
لان مبنى الولاية على النظر والشفقة وذلك معتبر بمظنته وهي القرابة وأقربهم أشفقهم وهو اجماع من العامة مسألة إذا فقدت العصبة فلا ولاية عندنا وعند العامة
يثبت للمنعم وقد أجمع العلماء من العامة على أن المرأة إذا لم يكن لها عصبة من نسبها ان معتقها المنعم عليها بالعتق يزوجها وعلى ان العصبة من النسب أولي منه لان المنعم عصبة
مولاة يرثها ويعقل عنها عند عدم عصباتها فكذلك يزوجها وقدم عليه السبب كما قدموا في الإرث العقل فان عدم المنعم فالولاية عندهم لعصبة الأقرب فالأقرب على
ترتيب الميراث فإن لم يكن له عصبة أو لم يكونوا من أهل الولاية كالمرأة أو الطفل والكافر فمولى المولى ثم من بعده لعصباته كالميراث سواء فان اجتمع ابن المنعم وأبوه قدم الابن
عند العامة لأنه أحق بالميراث أقوى في التعصيب وانما قدم الأب المناسب على الابن المناسب لزيادة شفقته وفضيلة ولادته وهو معدوم في أبى المعتق مسألة إذا
فقد المنعم فالولاية السلطان وقد أجمع العلماء على أن للسلطان ولاية في تزويج المراة عند عدم أوليائها أو عضلهم لقولهم (ع) السلطان ولى من لا ولى له ولان ولاية
السلطان عامة لأنه يلى المال وبه يحفظ الضوال وكانت له الولاية في النكاح كالأب فإن كان السلطان ظالما فلا ولاية له وقال احمد إذا استولى أهل البغى على بلد جرى حكم
سلطانهم وقاضيهم في ذلك بحرى الامام وقاضيهم وهو ممنوع ولو أسلمت المرأة على يد رجل لم يكن وليا لها ولا يزوجها مع عدم الأولياء الا السلطان عند العامة لأنه ليس
من عصبتها ولا يعقل عنها ولا يرثها فأشبه الأجنبي وهو إحدى الروايتين عن أحمد وعنه رواية أخرى ان الرجل الذي أسلمت على يده يزوجها وهو قول النخعي ورواية عن
الحسن مسألة كل من يرى أمر النكاح يجوز ان يوقعه مباشرة وتسبيبا بان يؤكل فيه من شاء ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله وكل أبا رافع في تزويجه ووكل حمزة بن
أمية في تزويجه أم حبيبه ولأنه عقد معاوضة فجاز التوكيل فيه كالبيع ولا فرق بين ان يكون الموكل حاضرا أو غايبا وللشافعية في توكيل غير الأب والجد وجهان أحدهما لا
يجوز لأنه يلى بالاذن فلم يجز له التوكيل والثاني الجواز لأنه ولى شرعا له التوكيل كالأب ومنعوا من استناد ولايته إلى الاذن فان ولايته ثابتة قبل الاذن وانما اذنها
شرط لصحة تصرفه فأشبه ولاية الحاكم عليها ولا خلاف في أن للحاكم ان يستنيب في التزويج من غير اذن المرأة عندهم ولأن المرأة لا ولاية لها على نفسها عندهم فكيف يثبت
لنايبها من قبلها وهذا البحث عندنا ساقط لأن المرأة يلى أمر نفسها مع بلوغها ورشدها فلها ان توكل من شاءت مسألة المرأة البالغة العاقلة يجوز لها
ان توكل من شاءت في النكاح وان تعقد لنفسها سواء كانت بكرا أو ثيبا ومن شرط من العامة الولي لم يسوغ للمرأة ذلك لسقوط عبارتها في النكاح لنفسها ولغيرها
في نظر الشرع وعند العامة انما يوكل الولي وهل يعتبر في صحة وكالة الولي اذن المرأة في التوكيل قال بعض العامة لا يعتبر سواء كان الموكل أبا أو غيره ولا يفتقر إلى حضور
شاهدين وبه قال احمد وقال بعض الأشفعية لا يجوز لغير المجبر التوكيل الا بإذن المراة وحكى عن الحسن بن صالح بن حي انه لا يصح الا بحضرة شاهدين لأنه يراد لحل الوطي
فافتقر إلى الشهادة كالنكاح والأصل عندنا ممنوع ولأنه اذن من الولي في التزويج فلم يفتقر لأي اذن المراة ولا إلى الشهادة كاذن الحكم وهذا التوكيل لا يملك البضع فلم
يفتقر إلى اشهاد ويبطل قول الحسن بن صالح بالتسرى مسألة يثبت للوكيل ما يثبت للموكل على الحد الذي ثبت له فإن كان للولي الاجبار كالأب والجد له على الصغيرين
والمالك على عبده وجاريته ثبت ذلك لوكيله وإن كانت ولايته ولاية مراجعة كالعم والأخ عند العامة احتاج الوكيل إلى اذنها ومراجعتها لأنه نائب فيثبت له مثال ما
يثبت لمن ينوب عنه وكذا السلطان والحاكم يأذن لغيره في التزويج فيكون المأذون له قائما مقامه مسألة قد بينا الخلاف في أن ولاية النكاح هل تثبت بالوصاية
فعلى تقديره لو اوصى الأب والجد معا كان وصى الجد أولي عندنا وعند العامة وصى الأب للقرب وهل يقدم وصى الأب على الأقارب من العصبات عند العامة الأقرب ذلك
وعن أحمد رواية انه إن كان له عصبة لم يجز الوصية بنكاحها لأنه سقط حقهم بالوصيد وان لم يكن لها عصبة جاز بعد ذلك وهو غلط لأنه لا حق للعصبة مع الأب
595

وكذا مع نايبه لأنها ولاية ثبت للأب فجاز ان يوصى بها كولاية المال ولأنه يجوز ان يستنيب فيه في حياته فيكون نائبه قائما مقامه فجاز ان يستنيب فيها بعد موته كولاة
المال إذا عرفت هذا فلو اوصى الأب أو الجد له إليه بالمال لم يصر وصيا في النكاح لأنها إحدى الوصيتين فلا يملكها بالوصية الأخرى كوصية المال لا تملك بالوصية في
النكاح وعلى القول بثبوت الولاية بالوصية بالنكاح من كل ذي ولاية سواء كان مجبرا كالأب أو غير مجبر كغيره عند العامة ووصى كل ولى يقوم مقامه فإن كان الولي له
فكذا الوصية وإن كان يحتاج إلى اذنها فكذا وصية لأنه قايم مقامه فهو كالتوكيل ومتى زوج وصى الأب الصغيرة فبلغت لم يكن لها خيار على القول بجواز الوصية
لان الوصي قائم مقام الموصى فلم يثبت في تزويجه خيار كالوكيل مسألة إذا لم يكن للمرأة أحد من عصبات النسب وعليها ولاء فلا ولاية للمنعم عليها عندنا و
عند العامة يثبت للمنعم الولاية كما تقدم وإن كان المنعم رجلا فولاية التزويج له فإن لم يكن أولم يكن بصفة الولاية فلعصباته ثم لعصبات معتقه وهكذا على ترتيب
الميراث وترتيب عصبات المعتق في التزويج كترتيب عصبات النسب عند العامة الا في صور ا جد المرأة أولي من أخيها وفي جد المعتق وأخيه للشافعي قولان كما في الميراث
أحدهما انها يستويان والثاني يقدم الأخ وإذا اجتمع جد المعتق وابن أخيه فان قدمنا الأخ على الجد فيقدم ابن الأخ أيضا لقوة البنوة وان سوينا بين الأخ والجد فيقدم
الجد على ابن الأخ للقرب ب ابن المراة لا يلى تزويجها عندنا وعند الشافعية وابن المعتق يلى عند الشافعي ويتقدم على أبيه عند الاجتماع لأنه العصبة والأب معه
صاحب فرض الأخ من الأبوين في النسب هل يقدم على الأخ من ا لأب فيه قولان أحدهما يقدم والثاني يستويان عند الشافعي ولو اجتمع أخ المعتق من الأبوين واخوه
من الأب فطريقان أحدهما طرد القولين وأظهرهما عنده القطع بتقديم الأخ من الأبوين لان التزويج بالولاء يتعلق بمحض العصوبة وبالقرابة لا يتعلق بمحض
العصوبة فان ابن المنكوحة لا يزوجها وبان المعتق يلى التزويج ويتقدم على الأب والأخ من الأبوين أقوى عصوبة بدليل الميراث وقال بعض الشافعية بدل هذه الطريقة
طريقه قاطعة باستوائهما لان قرابة الام لا اثر لها في الولاية والولاء وقد استويا في قرباة الأب هذا إذا أعتقها رجل أفن أعتقها امرأة فلا ولاية لها عندنا كالرجل
عندنا وعند العامة لا ولاية لها أيضا وإن كان لها الولاء لأنه لا عبارتا لنساء عندهم في النكاح ثم اختلفوا فقال بعض الشافعية إذا كانت المعتقة حية زوجها
السلطان لان من لها الولاية ليس له التزويج فكيف يزوج من يدلى به والمذهب المشهور عندهم انه يزوجها من يزوج المعتقة ويجعل الولاية عليها تبعا للولاية
على المعتقة وعلى هذا فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها على ترتيب الأولياء ولا يزوجها ابن المعتقة ويشترط في تزويجها رضاها وفي رضي المعتقة للشافعية وجهان
أصحهما عندهم انه لا حاجة لأنه لا ولاية لها ولا اجبار والثاني يشترط لان الولاء لها والعصبات يزوجون لادلائهم بها فلا أقل من مراجعتها فعلى هذا ان عضلت
باب السلطان عنها في الاذن والتزويج إلى أوليائها واما إذا ماتت المعتقة فمن له الولاء على العتيقة من عصبات المعتقة هو الذي يزوجها ويتقدم الابن على
الأب عند الاجتماع وتعود الصور المذكورة في مفارقة عصبات الولاء عصبات النسب فيما إذا كان المعتق رجلا هذا ظاهر مذهب الشافعية ولهم بعد ذلك
وجهان (أحدهما صح) ان أب المعتقة هو الذي يزوجها وان ماتت المعتقة لأنه كان أولي بتزويج المعتقة فيستدام هذا الحكم في حق هذا العقيقة والثاني انه يزوج العتيقة في حياة العتيقة
أيضا ابنها لأنه أحق بالعصوية والولاء مسألة لو اجتمع عد من عصبات المعتق في درجة كالبنين والاخوة فهم كالاخوة في النسب عند الشافعية إذا زوجها
أحد برضاها صح ولا يشترط رضي الآخرين ولو أعتق الأمة اثنان فلا بد من رضاهما فاما ان يوكلا أو يوكل أحدهما الأخر أو يباشر العقد معا لان كل واحد من المعتقين
انما يثبت له الولاء على بعضها بحسب الملك فكما يعتبر اجتماعهما على التزويج قبل الاعتاق يعتبر في التزويج قبل الاعتاق يعتبر في التزويج بعده وإذا كان المعتق واحدا فالولاء على الجميع لو وكل واحد من ابنيه
قام مقامه في تزويج عتيقته ولو أراد أحد المعتقين ان يتزوج بها لم يجز الا بموافقة السلطان الأخر ولو مات أحدهم عن ابنين أو أخوين كفى موافقة أحدهما المعتق الأخر
ولو مات كل واحد منهما عن ابنين كفى موافقة أحد ابني هذا لاحد ابني ذاك ولو مات أحدهما ووارثه الأخر استقل بتزويجها لأنه استحق الولاء على جميعا وهذا كله
ساقط عندنا تذنيب لو كان المعتق خنثى مشكلا ينبغي ان يزوجها أبوه باذنه ليكون قد يزوجها وكيله بتقدير المذكورة ووليها بتقدير الأنوثة مسألة
التي بعضها حر وبعضها رقيق لا يصح لها ان يستقبل بالنكاح لثبوت حق المولى ولا للمولى ان يستقل لسقوط ولايته في بعضها فعندنا يتفقان ويتزوج باذنه أو بوكيله
أو يوكلا أجنبيا واما العامة فللشافعية فيه وجهان أصحهما انه يجوز تزويجها وعلى هذا فالبعض الرقيق يتعلق تزويجه بمالكه فيمن تزوج معه مبنى على أن مثل هذا
الشخص هل يورث فيه قولان فان قلنا بالجديد وهو انه يورث فوجهان أصحهما انه يزوجها معه الولي القريب وان لم يكن فمعتق المعتق فإن لم يكن فالقاضي وقاء لحق
لحرية والثاني ان القريب لا يزوجها لان القرابة لا يجوز ان تثبت مع بعض الشخص دون بعض فكذا الولاية المرتبة عليها لا تتبعض وعلى هذا فوجهان يزوجها معه
لعتق البعض لان الولاء قد ثبت على بعض الشخص دون بعض فجاز ان يبعض الولاية الثانية وفي وجه يزوجها معه السلطان والقريب يمنع البعض من التزويج
كما يحجبه عن الميراث واما السلطان فإنه يزوج بالولاية العامة إذا تعذرت الأسباب الخاصة فان قلنا إنه لا يورث فيبنى على أن ما ملكه ببعضه الحر يكون كمالك البعض
أو كبيت المال وفيه وجهان فان قلنا إنه لمالك البعض فوجهان أحدهما انه ينفرد المالك بتزويجها كما يجوز مالها والثاني يزوجها معه لمعتق البعض بالولاء وان
قلنا إنه لبيت المال فيزوجها معه السلطان والوجه الثاني في أصل المسألة انه لا يزوج أصلا لضعف الملك والولاية لتبعض الرق والحرية وهذا القول للشافعي في أن
أم الولد لا يتزوج لضعف الملك فيها وقد ظهر ان في المسألة خمسة أوجه ا يزوجها مالك البعض بالاستقلال ب يزوجها هو والقريب ج يزوجه هو ومعتق البعض د
يزوجها هو والسلطان ه‍ لا تزوج أصلا مسألة إذا اجتمع ولبان للمرأة في درجة احدة كالأب والجد له عندنا كان الجد أولي لما تقدم ولا تسقط ولاية الأب وعند
العامة الولاية للأب لان الأقرب يمنع الا بعد ولو فقد الأبوان وكان هنا اخوه فلا ولاية لهم عندنا لكن يستحب للرشيدة ان تولى امرها أخاها الأكبر وان تختار خيرته
من الأزواج وليس شرطا وعند العامة انهم أولياء فإذا اجتمع أولياء في درجة واحدة كالاخوة أو بينهم أو الأعمام أو بينهم فالأولى عندهم ان يزوجها أسهم وأفضلهم بالفقه
أو بالورع يرضى الأخرى ناما تقديم الاسن فلزيادة بحريته واما الأورع فلانه أشفق واحرص على طلب الخط وام الأفقه فلانه اعلم بشرايط النكاح واما رعاية رضي
الآخرين فتجتمع الآراء ولا يتأذى بعضهم باستيثار البعض ولو تعارضت هذه الخصال قالوا يقدم الأفقه ثم الأورع
ثم الاسن ولو زوج الأدون فضلا أو هذا
أو فقها أو الأصغر سنا برضى المراة من كفؤ صح النكاح ولا اعتراض للباقين عندنا وعندهم وليست هذه الولاية كولاية القصاص حيث يشترط اتفاق الأولياء على
الاستيفاء أن القصاص مبنى على الدواء والاسقاط والنكاح مبنى على الاثبات والالتزام ولهذا لو عضل أحد زوج الآخرون ولو عفا واحد عن القصاص سقط
حق الكل عندهم ولو أراد كل واحد منهم ان يزوج نظر ان تعذر الخاطب في التزويج فمن ترضاه المراة فان وضيتهما جميعا نظر القاضي في الأصلح وامر بالتزويج منها ولو اتحد
596

الخاطب وتزاحموا على العقد أقرع بينهم فمن خرجت قرعته زوجها وان بادر غيره زوجها فوجهان أحدهما انه لا يصح لتظهر فائدة القرعة ومثل هذا الوجه تخصيص بما إذا
اخرجوا القرعة من غير ارتفاع إلى مجلس الحاكم أم يختص بقرعة ينشئها السلطان تردد فيه الجويني وأصحهما عندهم ان النكاح صحيح وليست لاقرعه لتسلب ولاية البعض وانما
هي لقطع (المنازعة هذا إذا أذنت لكل واحد صح) على الانفراد وفي معناه ان تقول أذنت من فلان فمن شاء من ولايتي زوجني منه مسألة لو قالت للأولياء زوجوني فهل يشترط اجتماعهم الأقرب ذلك
لان الاذن تناول الجماعة فلا يتناول كل واحد منهم على انفراده وهو أظهر وجهي الشافعية ولو قالت رضيت ان أزوج أو رضيت بفلان زجا لم يكن لأوليائها ان يزوجوها
بمجرد ذلك بل لا بد من الاذن وهو أحد وجهي الشافعية لأنها لم تأذن لجميعه بلفظ عام ولو خاطبت واحد منهم على التعيين فأشبه ما إذا قال المالك رضيت بان يباع
مالي فإنه ليس لأحد ان يبيعه وأظهرهما عندهم وانه يكتفى به ولكل واحد منهم تزويجها لان الأولياء متعينون للتصرف شرعا والشرط الرضي من جهتها وقد وجد وعلى هذا
فلو عنيت بعد ذلك واحدا أهل ينعزل الآخرون الأقرب عدم الانعزال على هذا الوجه وللشافعية وجهان لان في التنصيص اشعارا برفع الاطلاق وهما مبنيان على
دلالة المفهوم هل هي حجة مسألة لو عقد الوليان أو وكيلهما أو الوكيل والولي أو وكيلا المرأة أحدهما على زيد والاخر على عمرو فالأحوال خمسة الأول ان
يسبق أحد النكاحين بعينه من غير اشكال فهو الصحيح والثاني باطل سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وهو قول حسن البصري والزهيري
وقتاده وابن سيرين والأوزاعي والثوري وأبو عبيد لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا نكح الوليان فالأول أحق ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) قضى أمير المؤمنين
في امرأة انكحها اخوها رجلا ثم أنكحتها أمها بعد ذلك وخالها وأخ لها صغير فدخل بها فحبلت فاختلف فيها فأقام الأول الشهود فالحقها بالأول وجعل لها الصداقين
جميعا ومنع زوجها الذي لحقت به ان يدخل بها حتى تضع حملها ثم الحق الولد بأبيه والأخ وان لم يكن له ولاية عندنا فجاز ان يوكل قد وكلته وأذنت له ولاية
عندنا وقع صحيحا فلا يبطله الباطل ولان النكاح الأول قد صح والثاني تزوج بها وهي في عصمة زوج فكان باطلا وان دخل بها كما لو علم أن لها زوجا وقال مالك
ان دخل بها الثاني فهى زوجة الثاني لما رواه العامة عن عمر أنه قال إذا نكح الوليان فالأول أحق ما لم يدخل بها الثاني ومن طريق الخاصة ما رواه وليد بياع الأصفاط
قال سئل الصادق (ع) وانا عنده عن جارية كان لها اخوان زوجها الأكبر بالكوفة وزوجها الأصغر بأرض أخرى قال الأول أحق بها واولى الا ان يكون الأخر قد دخل بها فان دخل
بها فهى امرأته ونكاحه جايز ولان الثاني اتصل بعقده القبض فكان أحق وحديث عمر ليس حجه إما أولا فلانه كغيره من المجتهد فكان ان قول المجتهد ليس حجة عند اخر كذا
هنا واما ثانيا فلانه معارض بما تقدم من حديث النبي صلى الله عليه وآله ومن حديث علي (ع) واما ثالثا فلان أصحاب الحديث لم يصححوه وطعنوا فيه واما رابعا فلما رواه العامة عن علي (ع)
وعن شريح من خلافه وان العقد للأول والقبض لا معنى له لان النكاح يتم من غير قبض واما حديث وليد عن الصادق (ع) فلا نص فيه على المطلوب لجواز ان يكون الاخوان
قد عقدا عليها من غير ولاية فحينئذ يكون الأول أولي بها لأنه عقد الأكبر من الأخوين وقد بينا انه يستحب لها ان يختار خيرة أكبرهما ثم استثنى (ع) بقوله الا ان يكون الثاني
قد دخل بها فحينئذ يكون قد أجازت عقد الأخر وفسخت عقد الأول لان دخوله بها دلالة على ذلك إذا عرفت هذا فالسبق انما يعرف بالاقرار أو بقيام البينة عليه مسألة
إذا تقدم عقد أحدهما فقد قلنا إنه الصحيح وان الثاني باطل فإن لم يدخل بها أحدهما سلمت إلى الأول اجماعا وان دخل بها الأول دون الثاني سلمت إلى الأول ولا شئ على
الثاني وان دخل بها الثاني وجب عليه مهر المثل لأنه في مقابلة الاستمتاع وكان لها دون زوجها كما لو وطئت بشبهة أو مكرهة وتعتد منه ثم تسلم إلى الأول ويجب لها عليه
المسمى فان فاتت بولد الحق به لرواية الباقر (ع) في قضاء أمير المؤمنين (ع) وقد سبق في المسألة السابقة فان دخل بها كل واحد منهما استقر المسمى على الأول والمثل على الثاني فان
أتت بولد فان امتنع الحاقه بالثاني بان يكون قد أتت به لدون ستة أشهر من وطى الثاني ولستة أشهر من نكاح الأول الحق بالأول وان لم يمكن الحاقه بالأول بان يكون قد
أتت به لأكثر من اقصى مدة الحمل من نكاحه أحق بالثاني ان أمكن وان امتنع الحاقه بهما بان يكون قد أتت به لأكثر من اقصى مدة الحمل من وطى الأول ولاقل من ستة أشهر من
وطى الثاني لم يلحق بهما وان أمكن الحاقه بهما قال الشيخ (ره) يقرع بينهما فان خرجت القرعة للأول الحق به والا فبالثاني وتعتد منه ثم يرجع إلى الأول قال الشافعي يعرض
على القافة ويلحق بمن يلحقه به مسألة هل يجب بوطئ الثاني المسمى أو مهر المثل قيل بالأول وبه رواية وهو قياس مذهب احمد وقيل مهر المثل لأنه يجب بالإصابة
لا بالتسمية ولا يجب الا بالوطي قبلا وفي الدبر عندنا ولا يجب بالخلوة الحال الثاني ان يعلم وقوع النكاحين دفعة واحدة فيبطلان معا والالزم الترجيح من غير مرجح
أو اجتماع الضدين لأنه انما يصح نكاح أحدهما دون الأخر وهو ترجيح من غير مرجح لانتفاء الأولوية وهي السبق إذ؟ أولوية سواه أو يصح العقدان وهو الأمر الثاني لان نكاح
كل واحد منهما يضاد نكاح الأخر ولا حاجة إلى فسخ ولا قرعة ولا مهر على واحد منهما مع عدم الدخول أو معه العلم ولا ميراث لها منهما ولا لأحدهما منها ولو اتحد الخاطب
وعقد أحد الوكيلين معه والأخ مع وكيله أو عقد وكيلاه بطل العقدان أيضا لأنه ليس أحدهما أولي بالاعتبار من الأخر وهو أحد وجهي الشافعية والاخر وهو أظهرهما
الصحة ويتقوى كل واحد من الإيجابين بالثاني الحال الثالث إذا لم يعلم السبق ولا المعية واحتمل الأمران قال الشافعي وابن المنذر بطل النكاحان أيضا لأنهما ان وقعا معا بطلا
لتدافعهما وان ترتبا فلا اطلاع على السابق منهما وإذا تعذر امضاء العقد يقاولان المعية محتملة والأصل حرمة البضع فتستصحب الا ان يتقين النكاح وقال أبو حنيفة
ومالك واحمد ان الحاكم يفسخ النكاحين جميعا لامكان الترتيب في العقدين بل هو الأغلب لبعد المصاحبة فحينئذ يكون السباق من العقدين صحيحا والاخر باطلا فيحتاج
إلى الفسخ ليرتفع وهو قول الشافعي وعن أحمد رواية انه يقرع بينهما فمن وقعت له القرعة أمر صاحبه بالطلاق ويجدد القارع عقد النكاح فإن كانت زوجته لم يضره تجديد
النكاح وإن كانت زوجة الأخر بانت بطلاقه وصارت زوجة الأخر بالعقد الثاني لان القرعة تفيد تمييز الحقوق عند التساوي كالسفر بإحدى نسائه والبداية بالمبيت
عند إحديهن وتعيين الانصباء في القسمة وتعيين العتق وتعيين الولد وقال الثوري وأبو ثور يجبرهما السلطان على أن يطلق كل واحد منهما طلقه فان امتنعا فرق بينهما
لأنه تعذر امضاء العقد الصحيح فوجب إزالة الضرر بالتفريق وهو؟؟ قوى عندي وقول الشافعي بعيد فان العقد الصحيح لا يبطل بمجرد اشكاله كما لو اختلف المتبايعان في
قدر الثمن قان العقد لا يزول الا بفسخه فكذا هنا يبقى هنا اشكال وهو ان الطلاق بالاكراه باطل وروى عن شريح وعمر بن عبد العزيز حما د بن أبي سليمان انها تتخير فأيهما
اختارته فهو زوجها وهو باطل فان أحدهما ليس بزوج فلا يصير زوجا باختيارها كما لو أشكل زوجها بأجنبي لم يعتبر اختيارها فكذا هنا لو أشكل على الرجل زوجته
بأجنبية إذا عرفت هذا فلو وقعت القرعة على أحدهما لم تجبر المراة على نكاحه لعدم اليقين باية الزوج والفروج تجب الاحتياط فيها بل إذا اطلقها أو فسخ الحاكم النكاحين
معاظها ان تزوج بمن شاءت منهما أو غيرهما في الحال ان لم يكن قد دخل بها ولو دخل أحدهما لم تنكح حتى تنقضي عدتها الحال الرابع إذا سبق واحد معين ثم اشتبه واشكل
الامر وقف الحال إلى أن يظهر ويبين ولا يجوز لواحد منهما وطؤها ولا لأجنبي ان يزوجها قبلان يطلقاها معا أو يموتا أو يطلق أحدهما ويموت الثاني وبه قال
597

الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك واحمد يفسخ النكاح الحاكم النكاحين معا ثم تزوج من شاءت منهما أو من غيرهما وعن أحمد رواية أخرى انه يقرع بينهما فمن وقعت له القرعة
لسر الأخر بالطلاق ثم تجدد القارع النكاح ان اختارت ولا باس به وللشافعية قول اخر انه إذا ليس من الثاني فالحكم كالأول وهو ان يحتمل السبق والمعية الحال الخامس إذا
عرف سبق أحدهما ولم يعلم أيهما السابق فالحكم فيه كما إذا احتمل السبق والمعية نص عليه الشافعي وهو ظاهر مذهبهم لتعذر الامضاء والعلم بتقدم أحدهما لا يكفى إذا لم يعلم
المتقدم كالمتوارثين إذا عرفا لا يفترق الحال بين ان يعرف السبق والمعية وبين ان يعرف سبق أحدهما من غير تعيين وذكروا في الجمعتين في مثل هذه قولين أحدهما ابطالهما
واستيناف جمعه كالمنصوص هنا والثاني ان الحكم كما لو عرفت لا سابقة ثم اشتبهت فيعيدون جميعا الظهر فمن أصحابه من خرج هذا القول من النكاحين أيضا وقال في التوقف
كما في الصورة الرابعة ومنهم من أباه وفرقا بان الجمعة بعد تمامها على الصحة لا يلحقها البطلان والنكاح يلحقه الفسخ بأسباب واعذار وإذا ألحقت هذه الصورة بما إذا احتمل
السبق والمعية فيبطلان أو لا بد من انشاء الفسخ قولان سبقا فان أحوجنا إلى انشاء الفسخ فثلثه أوجه في منشئ الفسخ أحدها انه الحاكم أو المحكم إذا جوزنا لتحكيم لان في الواقعة
اشكالا والتباسا فنحتاج فيها إلى نظر واجتهاد والثاني ان للمراة الفسخ من غير مراجعة الحاكم كما يفسخ يجب الزوج والثالث ان للزوجين الفسخ أيضا كما يفسخ الزوج برتق
الزوجة فرعان / ا / كل موضع حكم فسخ يبطلان النكاحين فإنه لا مهر على أحدهما الا مع الدخول فيجب مهر المثل وكل موضع حكمنا فيه بالطلاق عند احتمال السبق والمعية
وإذا سبق أحدهما ولم يعلم السابق هل تطلق ظاهر أو باطنا أو نقول به ظاهرا لا باطنا فيه وجهان للشافعية ان قلنا بالأول فلو ظهر السابق وتعين يوما ما من الدهر
فلا زوجية ولو كانت نكحت ثالثا فهى زوجته وان قلنا بالثاني فالحكم بخلافه ب إذا قلنا بالتوقف فلو مات أحدهما قبل البيان وقفنا من تركته ميراث زوجة
ولو ماتت هي وقفنا ميراث زوج بينهما حتى يصطلحا أو يتبين الحال وهل يطالبان بالنفقة وجهان أحدهما لا لأصالة براءة الذمة ونحن لا نتيقن النفقة عليما وجوب
النفقة على واحد منهما ولان كل واحد منهما لا يتمكن من الاستمتاع فله الامتناع من النفقة والثاني نعم بجريان صورة العقد وعدم النشور وكونها في حبسها وعلى
الثاني فتوزع النفقة عليهما فإذا ظهر سبق أحدهما بعينه رجع الأخر عليه بما أنفق ويحتمل ان يقال انما لم يرجع إذا كان قد أنفق بغير اذن الحاكم واما المهر فلا يطالب به واحد
منهما لمكاني الاشتباه ولا سبيل إلى الزام مهرين ولا إلى قسمة مهر عليهما مسألة هذه الأحوال الخمسة السابقة ثابتة فيما إذا تصادقوا على كيفية جريان العقد
إما إذا فرض اختلاف بينهم فزعم كل واحد من الزوجين ان نكاحه سابق وانها زوجته فإن لم يوجبا الدعوى عليها فلا عبرة ولا تسمع دعوى أحدهما على الأخر ولا يحلف
واحد منهما للاخر لان الحرة لا تدخل تحت اليد وليس في يد واحد منهما ما يدعيه الأخر وبه قال أكثر الشافعية وقال بعضهم انهما يحلفان فلعله يظهر الحق قال الجويني هذا
لا مجال له ان كانا يزعمان علم المرأة بل الحال بل تراجع هي نعم لو اعترفا بأنها لا يعلم فهو يحتمل وإذا ادعى كل منهما السبق وعلم المرأة كانت دعوى مسموعة لان كل واحد منهما
يدعى صحة نكاحه وانها زوجته يسمعه دعواهما كما إذا تداعيا رجلا زوجية امرأة وإذا لم يدعيا علم المراة فان حلفا أو نكلا فهو كما لو اعترفا بالاشكال وان حلف أحدهما
دون الأخر قضى للحالف فان ادعيا علم المراة فإن كانت صيغة دعواهما ان المراة تعلم سبق أحدهما النكاحين لم تسمع الدعوى لأنها مجهولة وان قال كل واحد منهما هي تعلم أن
؟ نكاحي سابق فللشافعية قولان أحدهما انه مبنى على القولين في أن اقرار المراة بالنكاح هل تقبل وفيه قولان فان قلنا لا تقبل لا تسمع الدعوى عليها لان غاية
ما في الباب ان تفر وهو غير مقبول على هذا القول والثاني وهو الصحيح انها تسمع فحينئذ إما ان تنكرا أو يقران أنكرت العلم بالسبق تحلف عليه لان القول قولها
لأصالة عدم العلم وهل يكفى يمين واحدة أو لا بد من يمينين قال بعض الشافعية لا بد من التعدد لكن واحد يمين وقال بعضهم ان كانا حاضرين في مجلس الحكم وادعيا حلفت
لهما يمينا واحدا ان رضيا بالواحدة ولو حضر أحدهما وادعى فحلفت له ثم حضر الأخر وأراد تحليفها فهل له ذلك للشافعية وجهان أحدها نعم لتميز حق كل واحد منهما عن الثاني
والثاني المنع لان الواقعة واحدة ونفى العلم بالسبق يشملها جميعا فلا معنى للتكرير واجروا هذا الخلاف في كل شخصين يدعيان شيئا واحدا فإذا حلفت على ما ينبغي قال
بعض الشافعية سقطت دعواهما وحكمنا بفساد النكاحين فلا تحالف بين الزوجين وقد افضى الامر إلى الاشكال وليس بجيد لأنها انما حلفت على نفى العلم بالسبق ولم تنكر
جريان حد العقدين على الصحة فوجب بقاء التداعي والتحالف بينهما وان نكلت هي رددنا اليمين عليهما فان حلفا أو نكلا جاء الاشكال وعند بعض الشافعية يحكم بفساد
النكاحين لتعذر امضائها لان كل واحدا ثبت بيمينه انه هو السابق ولو نكل أحدهما حلف الأخر وقضى للحالف لأنه أثبت بيمينه انه هو السابق وإذا حلفا أو نكلا فلا شئ
لهما على المراة وقال بعض الشافعية إذا حلفاه واندفع النكاح فلكل واحد عليها مهر المثل ويمينها يكون على البت ولا حاجة إلى تعرض لعلمها واما هي فتحلف على نفى العلم
مسألة لو ادعى كل واحد من الزوجين عليها السبق وعلمها به فأقرت لهما معا في حالة واحدة لم يسمع ذلك منها وكان هذا الاعتراف كعدمه لأنها أقرب بما يعلم
كذبها فيه لامتناع حصول السبق لكل واحد منهما قال بعض الشافعية يحكم بفساد النكاحين وهو غلط بل يتقى
الدعوى على حالها لأنها أجابت بالمحال الذي لا يسمع في جواب
الدعوى فتطالب بجواب صحيح وان اعترفت لأحدهما دون صاحبه بالسبق ثبت نكاحه كما لو ادعى زوجيتها رجلان فأقرت لأحدهما وقال احمد لا يقبل اقرارها لان الخصم
في ذلك هو الزوج الأخر فلم يقبل اقرارها في ابطال حقه كما لو أقرت عليه بطلاق والذي اخترناه أولا وهو قول الشافعي إذا عرفت هذا فهل تحلف للاخر الأقوى انها
تحلف وهو أحد قولي (الشافعي صح) لجواز ان تعترف للثاني فإنها وان لم يقبل قولها على الأول في بطلان النكاح فإنه يلزمها مهر المثل للثاني والثاني للشافعي انها لا تحلف لأنها لو أقرت
له يعيد ما أقرت للأول لم يقبل اقرارها والأصل في القولين ما إذا ادعاها رجلان فأقرت لأحدهما ثم أقرت للاخر هل يجب عليها مهر مثلها للثاني للشافعي قولان
كما إذا اقران هذه الدار لزيد لابل لعمرو فإنها تدفع إلى زيد وهل يلزمه قيمتها لعمرو قولان فان قلنا تغرم سمعت دعوى الثاني وله التحليف لجواز ان تقر فتعزم وان لم يحصل
له الزوجة فان قلنا لا تغرم فقولان مبنيان على أن يمين المدعى بعد نكول المدعى عليه كإقامة البينة من جهة المدعى وفيه للشافعي قولان ان قلنا كالاقرار لم تسمع دعواه
لان غاية ما في الباب ان يقرا وينكل عن اليمين فيحلف فيكون كما لو أقرت ولا فائدة فيه على القول الذي عليه يفرع وان قلنا كالبينة فله ان يدعى ويحلف وإذا حلفت
فتسقط دعوى الثاني أو ينكل فيرد اليمين عليه فان نكل فكذلك وان حلف فيبنى لعى ان اليمين المردودة كالاقرار أو كالبينة ان قلنا كالاقرار وهو الأصح عندهم فوجهان
للشافعية أحدهما انه يندفع النكاحان لتساويهما في الحجة إما الأول فقد أقرت له واما الثاني فلانه حلف اليمين المردودة وهو كالاقرار فصارت كما لو أقرت لهما معا أو أصحهما
عندهم استدامة النكاح الأول كأنه قد مضى الحكم لاقرارها فلا يندفع بنكولها المحتمل للتورع عن اليمين لصادقة فيكون كما لو أقرت للأول ثم الثاني فان قلنا إنها كالبينة
فقد قيل يحكم بانكاح الثاني لان البينة تقدم على الاقرار وقال آخرون انها منكوحة الأول لان اليمين المردودة انما نجعل كالبينة في حق الحالف والناكل لا في حق غيرهما و
حيث يغرم فالواجب عليها هو الواجب على شهود الطلاق فإذا رجعوا ولو كانت خرساء أو خرست بعد التزويج فأقرت بالإشارة بسبق نكاح أحدهما لزمها الاقرار ولو
598

حلفت لا حد المدعيين انها لا تعلم سبق نكاحه لم تكن مقرة بسبق نكاح الأخر ولو قالت لأحدهما لم تسبق نكاحك تكون مقرة للاخر ان اعترفت أولا بسبق أحدهما والا فلا
مسألة لو ادعيا عليها زوجية مطلقه ولم يتعرضا للسبق ولا لعلمها بالسبق فان قلنا إن دعوى النكاح لا يشترط فيها التفصيل وال ذكر الشرائط وانه لا فرق بين دعوى ابتداء
النكاح فنقول نكحت هذه وبين دعوى دوامه فيقول هذه زوجتي بل سمعنا دعوى النكاح مطلقه أو مفصلا القدر المحتاج إليه ولم يتعرضا للسبق فعليها ان تجيب جوابا
قاطعا ولا يكفيها في هذه المسألة نفى العلم بالسابق من النكاحين لأنها إذا لم تعلم فلها الجواب البات والحلف على انها ليست زوجة كما إذا ادعى شخص على انسان ان أباه
أتلف عله كذا وأراد تغريمه من التركة فالوارث يحلف انه لا يعلم أن أباه أتلف ولو ادعى ان عليه تسليم كذا وأراد تغرمه من التركة فيحلف انه لا يلزم التسليم وعدم العلم يجوز
له الحلف البا مسألة لو ادعيا على الولي السبق فإن لم يكن مجبرا لم تسمع الدعوى عليه ولم يحلف لأنه لو أقر لم يقبل اقراره كالأخ والعم والوكيل وإن كان مجبرا كالأب
والجد له فالوجه سماع الدعوى عليه أن اقراره مقبول ومن يقبل اقراره نتوج ه الدعوى عليه اليمين وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني انه كغير المجبر لأنه عاقل كالوكيل
والعقد لغيره والفرق ان الأب مجبر فيقبل اقراره بخلاف غيره وعلى الأول إن كانت المدعى نكاحها بكرا صغيرة حلف الأب وإن كانت بالغة بكرا فللشافعية
وجهان أحدهما لا يحلف لأنا نقدر على تحليفها وهي أولي باليمين وأشبههما ثم إن حلف الأب كان للمدعى ان يحلف البنت أيضا فان نكلت حلفت اليمين المردودة وثبت النكاح
وقال بعضهم وهو المعتمد ان المراة إن كانت بالغة رشيدة بكرا أو ثيبا يكون الدعوى عليها لو ادعى كل منهما انه السابق فأقرت لأحدهما ثم فرق بينهما ووجب المهر على المقر له
دون صاحبه مع عدم الدخول لاقرار المقر له باستحقاقها للمهر في ذمته واقرارها ببراءة الأخر وان ماتا ورثت المقر له دون الأخر لذلك وان ماتت هي قبلهما احتمل ان
يرثها المقر له كما ترثه وان لم يقبل اقرارها له كما لم يقبله في نفسها ولو لم تقر لأحدهما الا بعد موته فهو كما لو أقرت في حياته وليس لورثه واحد منهما ان ينكر استحقاقها
لان مورثه قد أقر له بدعواه صحة نكاحها وسبقه بالعقد عليها وان لم تقر لواحد منهما أقرع بينهما وكان له ميراث من تقع القرعة عليه وإن كان أحدهما قد أصابها
فإن كان هو المقر أو كانت لم تقر لواحد منهما فلها المسمى لأنه مقر لها به وهي لا تدعى سواه وإن كانت مقرة للاخر فهى تدعى مهر المثل وهو يقر لها بالمسمى فان استويا أو اصطلحا
فلا كلام وإن كان مهر المثل أكثر حلف على الزايد وسقط وإن كان المسمى أكثر فهو مقر لها بالزيادة وهي تنكرها فلا تستحقها مسألة إذا ادعى زوجية امرأة فأقرت
له بذلك ثبت النكاح وتوارثا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنها بالغة رشيدة أقرت بعقد يلزمها حكمه فقبل اقرارها كما لو أقرت ان وليها باع ملكها قبل بلوغها
ولو أنكر أبوها تزويجها لم يقبل انكاره لان الحق على غيره وقد أقربه ولو ادعى الزوج انما لزوج امرأة بول وشاهدين عينهما فأقرت المراة بذلك وانكر الشاهدان لم
يلتفت إلى انكارهما لان الشاهد انما يحتاج إليه عند الانكار وقال بعض العامة يحتمل ان لا يقبل اقرارهما مع انكار الشاهدين فان ادعى نكاحها فلم تصدقه حتى ماتت لم
يرثها وان مات قبلها فاعترفت بما قال ورثته لكمال الاقرار منهما بتصديقهما وكذا لو أقرت المرأة دونه فان مات قبل ان يصدقها لم ترثه وان ماتت فصدقها
ورثها البحث الخامس في أسباب انتفاء الولاية مسألة الظاهر أن الكافر لا يصح ان يكون وليا للمسلم ولا لمسلمة في العقد النكاح سواء كان أبا أو
جدا أو غيرهما عند علمائنا أجمع ولا نعلم فيه خلافا لقوله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض وقال تعالى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
والولاية نوع تسلط وسبيل للكافرين على المؤمنين فيدخل في المنع وروى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله عبث عمرو ابن أمية الصيمري إلى خثيمة فتزوج له أم حبيبة بنت أبي سفيان
زوجه بها خالد بن سعيد بن العاص وكان ابن عمها لان أباها كان كافرا قال ابن عبد البر أجمع عامة من يحفظ عنه من أهل العلم على هذا قال احمد بلغنا ان عليا (ع)
رد نكاح الأب وكان نصرانيا مسألة ويثبت للمسلم الولاية على الكافر والكافرة عند علمائنا لقوله تعالى فانكحوهن بإذن أهلهن وأقل تعالى وانكحوا الأيامى منكم
والصالحين من عبادكم وامائكم ولم يخص ولقوله (ع) الاسلام يعلوا ولا يعلى عليه وقال الشيخ في المبسوط ولى الكافرة لا يكون الا كافرا فإذا كان لها وليان أحدهما مسلم
والاخر كافر كان الذي يتولى تزويجها الكافر دون المسلم لقوله تعالى والذين كفروا بعضهم أولياء بعض وقال في الخلاف مثل ما قلناه وقال الشافعي لا يكون المسلم
وليا لكافرة الا على أمته واختلف أصحابه في ذلك منهم من قال إن الأمة الكافرة لا يحل نكاحها لأنها لا تحل للمسلمين فلا تحل لغيرهم كالمرتدة وقوله الا على أمته يريد به في
غير النكاح من البيع والإجارة ومنهم من قال يجوز تزويجها من الكفار لأنها لا تحل لغير دينها فحلت لأهل دبتها كالمسلمة فيزوجها سيدها المسلم لأنه وليه بالملك و
الكفر لا يمنع منها كما لا يمنع الفسق منها وتفارق ولاية النسب لان الفسق ينافيها وفيه وجه اخر لهم انه لا يزوجها لكفرها كما لا يزوج المناسب والأول أصح فإن كان وللكافر أمة مسلمة
فقبل ان يزيل ملكه عنها زوجها قال بعض الشافعية يكون ذلك على الوجهين وقد بينا نحن ان اجماع العلماء على أنه لا ولاية للكافر على المسلمة مسألة الكافر هل
يزوج ابنته الكافرة لأنه قريب ناظر وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه ولا تعتبر عدالته في دينه عندنا لان الفسق عندنا لا يسلب ولاية المسلم على ما يأتي فيحكمه
حكم فساق المسلمين وللشافعي قولان كما في ولاية المسلم الفاسق وقال بعض الشافعية ان الكافر لا يلى التزويج وإذا أراد مسلم ان يتزوج بذمية زوجها منه القاضي و
الحق ما قلناه من أن الأب الكافر يزوجها وهو ظاهر مذهب الشافعية وفرق بين ولاية الكافر في النكاح على ابنته إما مطلقا عندنا أو بشرط ان لا يرتكب محظورا ف
دينه وبين الشهادة حيث لا تقبل شهادة الكافر وإن كان لا يرتكب محظورا في دينه فان الشهادة محض ولاية على الغير فلا يوهل الكافر والولي في التزويج كما يراعى خط (المولية يراعى حظ صح)
نفسه بتحصيتها ودفع العار عن النسب واختلاف الدين يمنع الموالاة والتوارث فلا يزوج المسلمة قريبها الكافر بل يزوجها الا بعد أو السلطان وعندنا يزوج الكافرة
قريبها المسلم خلافا للشافعي فان مذهبه انه يزوجها الا بعد الكافر فإن لم يكن زوجها قاضى المسلمين بالولاية العامة فإن لم يكن هناك قاض للمسلمين قال بعض الشافعية
انه يجوز للمسلم قبولها نكاح ها من قاضيهم وهل يزوج اليهودي النصرانية الأقرب ذلك لاشتراكهما في الكفر الذي هو كالملة الواحدة كالميراث ومنعه بعض الشافعية
لان اختلاف الممل وإن كانت باطلة منشأ العداوة وسقوط النظر والمرتد لا ولاية له على المسلمة ولا على الكافرة ولا على المرتدة وبه قال بعض الشافعية مسألة
الفسق لا يسلب ولاية النكاح عند علمائنا أجمع فللفاسق ان يزوج ابنته الصالحة البالغة باذنها والصغيرة والمجنونة مطلقا وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي
في أحد القولين واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى فانكحوهن بإذن أهلهن وهو عام ولان ولايته ثابته قبل فسقه والأصل البقاء ولان الفسق لم يمنعوا من التزويج
في عصر الأولين احتجوا بما روى عن ابن عباس أنه قال لانكاح الا بولي مرشد وشاهدي عدل ولأنها ولاية نظرية فلا يستبد بها الفاسق كولاية المال والحديث
موقوف على ابن عباس وليس حجة ونمنع ان المراد من الرشد العدل بل الذي في مقابله السفيه وهو الحافظ لأمواله والمتصرف فيها على الوجه اللايق بأفعال
العقلا والفرق بين المال وبينه ظاهر فان الفاسق يدفع عن نفسه العار كما يدفع العدل فسواء في الشفقة ولان سبب الولاية الدابة واعلم أن للشافعية في كلام
599

الشافعي سبع طرق أشهرها اثبات الولاية وانتفاها الطريق الثاني القطع بالمنع الثالث القطع بأنه يلى د ان الأب والجد يليان مع الفسق ولا يلى غيرهما والفرق كمال
شفقتهما وقوة ولايتهما / ه‍ / الأب والجد لا يليان مع الفسق وغيرهما يلى وأفرق انهما مجبران فربما وضعاها تحت فاسق مثلها وغيرهما يزوج بالاذن فإن لم ينظر لها نظرت
هي لنفسها وقايس هذه الطريقة ان يزوج الفاسق ابنته البكر برضاها وان لا يجبرها / و / إن كان فسقه بشرب الخمر لم يل لاضطراب نظره وغلبة السكر
عليه وإن كان بسب اخر ولى / ز / الفرق بين المعلن بفسقه والمستتر به فيلي الثاني دون الأول فروع ا اختلف الشافعية في ولاية المال هل تثبت
مع الفسق لاختلافهم في ولاية النكاح فبعضهم ساوى بينهما في الثبوت والعدم وبعضهم فرق وقطع بالمنع في ولاية المال لان المال محل الخيانات الخفية ولامر
النكاح خطر فالاهتمام بشأنه أعظم وإن كان الشخص فاسقا / ب / الامام الأعظم عندنا واجب العصمة لا يتحقق مرض فسقه وخالفت العامة في ذلك وجوزوا بامرهم
عليه الفسق ففي انعزاله بالفسق عندهم قولان الصحيح عند الشافعية انه لا ينعزل وحينئذ ففي نزو؟ بناته وبنات غيره بالولاية العامة وجهان تفريعا على أن
الفاسق لا يلى أحدهما انه لا يزوج كغيره من الفسقة ويزوجهن من دونه من الولاة والحاكم وأصحهما عندهم انه يزوج تفخيما لشأنه ولهذا لم يحكموا وانعزال / ج / إذا تاب الفاسق
كان له التزويج في الحال ولا يشترط مضى مدة الاستبراء وهو أحد قولي الشافعية والقياس الظاهر عندهم انه يعبر الاستبراء العود الولاية حيث تعتبر لقبول الشهادة
/ د / قد بينا ان الفاسق لا تنتفى ولايته فجاز ان ينكح لنفسه وهو أظهر وجهي الشافعية لان غايبة ان يضر نفسه ويحتمل في حق نفسه ما لا يحتمل في حق غيره ولهذا يقبل اقراره
على نفسه ولا يقبل شهادته على غيره والثاني ان ولايته قد زالت بفسقه فليس له ان ينكح لنفسه / ه / للشافعية وجهان على تقدير انتفاء الولايد عن الفاسق هل تثبت
الولاية لذوي الحرف الدنية مسألة بنت العبد إن كانت أمة لمولاه أو لغير فالولاية لمولاها على يما تقدم سواء كانت صغيرة أو كبيرة بكرا أو ثيبا وإن كانت
حره فإن كان لها جد حرفا فالولاية له دون الأب لان الرق معرض للنقصان وعدم التفرغ للبحث والنظر ولأنه ممنوع من التصرف في نفسه ولا ولاية على نفسه فلئن لا يلى
غيره أولي وان لم يكن لها جد حر فهى امرأة حرة لا ولى لها إن كانت صغيرة انتظر بها البلوغ وإن كانت كبيرة رشيدة كان امرها إلى نفسها وبالجملة العبد لا ولاية له على
بناته ولا أولاده ويجوز ان يتوكل عن غيره في قبول النكاح إذا اذن له المولى وان لم يأذن فان استلزم ابطال حق للمولى لم يصح ولا أصح على أصح وجهي الشافعية ولو توكل
في التزويج فعندنا على ما تقدم من جوازه بإذن مولاه وبغير اذنه ان لم يستضر المولى بسقوط بعض حقوقه والا فلا والأظهر عند الشافعية المنع لأنه لا ولايد له على بنته (بشئ صح)
فلانه ينوب فيها عن غيره مسألة سلب العقل مسقط للولاية سواء كان لصغر كالصبي أو الجنون أو لسفه أو لكسر أو لمرض شديد شاغل عن انظر أو لهرم مانع
من التحصيل والنظر أو اغماء أو لغير ذلك فالصبي لا يلى عقد النكاح لنفسه ولا لغيره ولا يتحقق الولاية له لأنه غير بصير بأحوال الرجال واختيارهم واستصلاحهم الأجود
فأشبه الأجنبي ولا فرق بين المميز وغيره وإن كان الأقرب صبيا زوجها الا بعد ولا يتصور ذلك في الأب والجد له واما المجنون فإن كان جنونه مطبقا فحكمه في سلب ولايته
حكم الصبى ونقل ولايته إلى الابعد وإن كان جنونه منقطعا فالأقوى انه حال انفصال جنونه تثبت ولاينه وتزول بتجدد الجنون وهو أصح وجهي الشافعية لأنه يشبه
الاغماء فهو كالعاقل والثاني ان ولايته تزول ويزوجها الا بعد في يوم جنونه لبطلان أهليته وزوال ولايته في نفسه وماله والوجه الأول لأنه يطرء ويزول فأشبه
الاغماء وللشافعية وجه اخر انه يزوجها الحاكم كما في الغيبة وكذا الخلاف في الثيب المنقطع جنونها فبعضهم
قال تنتظر افاقتها لتأذن وهو الصحيح عندنا ولو وكل هذا الولي
في نوبة افاقته جاز ان يوقعه الوكيل قبل معاودة الجنون وبعده لا يجوز لبطلان الوكالة بالجنون وبه قال الشافعي ولو أذنت الثيب يشترط تقدم العقد على معاودة
الجنون ولو قصرت نوبة الإفاقة جدا كان حكمها حكم الجنون المطبق لان السكون اليسير لابد وان يعرض مع اطباق الجنون وافاق وبقيت فيه اثار من الخلل يحمل مثلها
ممن لا يعتريه الجنون على حدة في الخلق فالوجه انه يستدام حكم الجنون إلى أن يصفوا حاله عن الحلل وهو لاحد وجهي الشافعي والثاني انه يعود الولاية إليه بحصول الإفاقة
وهو ممنوع إذا المراد الإفاقة التي يكمل فيها البحث والنظر مسألة سلب الولاية اختلال العقل وضعف النظر إما بسبب هرم وكبر سن أو بخبل إما في جبلته أو كان
عارضا للعجز من اختيار الأزواج والنظر في أحوالهم وادراك التفاوت بينهم وعدم المعرفة بمواضع الخط وتنتقل الولاية إلى الابعد واما المحجور عليه بفلس فان ولايته باقيه لا
تزول باعتبار حجرا لحاك عليه لوجود المقتضى للولاية وهو سببها وارتفاع المانع وهو الحجر للفلس لان ذلك لا يسلب شيئا من نظره والحجر عليه لحق الغرماء لا يقتضيه واما
المحجور عليه للسفه فالأقرب زوال ولايته لان الحجر عليه لنقصانه فلا يحسن ان يفوض إليه أمر غيره وهو المشهور عند الشافعية ولهم وجه اخر انه يلى لأنه كامل النظر في مصالح
النكاح وانما حجر عليه لئلا يضيع ماله وقال بعضهم الحجر على السفيه يتعلق بالفسق كما يتعلق بالتبذير حتى لو بلغ مفسدا لما له ودينه يستمر الحجر عليه ولو بلغ مصلحا لهما ثم عاد
الفسق أو التبذير ففي إعادة الحجر عندهم خلاف فإذا حصل الفسق وقلنا انه يسلب الولاية فلا اثر للتبذير ولا للحجر وانما يظهر اثرهما إذا لم يوجد يجعله سالبا للولاية
وإذا وجد التبذير المقتضى للحجر ولم يحجر عليه بعد لم تزل ولايته مسألة الاغماء إن كان مما يدوم يوما ويومين واكثر فالوجه زوال الولاية حالة الاغماء وينتظر وقت افاقته
لأنه وقت الزوال فتنتظر افاقته كالنايم ينتظر استيقاظه وهو أحد قولي الشافعي والثاني ان ولايته تزول وينتقل الولاية إلى الابعد كالجنون ولو كان مما لا يدوم غالبا
المرة الصفراء والصوع لم تزل ولايته لأنه كالنوم تنتظر افاقته ولا يزوجها غيره والمرجع في طول مدته وقصرها إلى أهل الخبرة فان قالوا إنه يدوم زوجها الا بعد عندهم واما
السكران فان بلغ السكر به إلى أن لا يحصل شيئا لم يكن له ان يزوج في تلك الحال لعدم اعتبار كلامه فان بقى التميز فالوجه انه لا يزوج في الحال وللشافعية قولان أحدهما
ان تصرفه كتصرف الصاحي ومنهم من منع كما قلناه لاختلال نظره وفصل بعض الشافعية فقال إن كان السكر حصل بسبب لضيق به رجع إلى الفاسق هل يلى أم لا فان قلنا
لا يلى فذاك وان قلنا يلى أو حصل بسبب لا يفسق به كان كرها مكرها أو غالطا فإن لم تنفذ نصرف السكران فان السكر كالاغماء (فلا يلى صح) وان جعلنا تصرفه كتصرف الصاحي فمنهم
من صح تزويجه ومنهم من منع لاختلاف نظره واما الأسقام الشديدة والأمراض القلقة الشاغلة عن النظر ومعرفة المصلحة فالأقرب زوال الولاية بها وانتقالها إلى الابعد
وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان الولاية تنتقل إلى السلطان لا إلى الا بعد كما في صورة الغيبة لان الأهلية باقية و؟ دة الا لم مانع من النظر كالغيبة مسألة
يجوز ان يكون الأعمى وليا في النكاح سواء كان العمى خلقة أو متجددا ولا يسلب المتجدد ولاية الولي عند علمائنا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه من أهل النظر والبحث والاجتهاد
واستعلام الأصلح من الرجال ولان شعيبا (ع) زوج ابنته من موسى (ع) وكان أعمى والثاني للشافعي انه لا لا يصح ان يكون وليا لأنه نقص يؤثر في الشهادة فأشبه الصغير ونمنع العلة
فان شهادة الأعمى مقبولة فيما لا يفتقر إلى النظر فيه واما ما يفتقر إلى النظر فيه فان شهادته غير فيه مقبولة واما الأخرس فإن كانت له إشارة مفهومة صح ان يكون وليا لان
إشارته تقوم مقام نطقه في ساير العقود والاحكام فكذلك ف النكاح وان لم يكن له إشارة مفهومة له لم يصح ان يكون وليا العدم الانتفاع به وتعذر الوصول إلى اختياره
600

وللشافعية في الأخرس إذا كان له إشارة أو كتابة مفهومة وجهان وبعضهم قطع بأنه يلى مسألة الاحرام يسلب ولاية النكاح حالة الاحرام فاحرام المتعاقدين والمرأة يمنع
صحة النكاح عند علمائنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا ينكح المحرم ولا ينكح ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ليس للمحرم ان يتزوج ولا يزوج محلا فان
تزوج أو زوج فتزويجه باطل وان رجلا من الأنصار تزوج وهو محرم فأبطل رسول الله صلى الله عليه وآله نكاحه وقال أبو حنيفة لا يمنع الاحرام من صحة النكاح وعن مالك انه ينعقد النكاح
ثم يفرق بينهما بطلقتين واعلم أنه لا فرق عندنا بين جميع الأولياء في ذلك والشافعية قالوا الاحرام يسلب ولاية النكاح الا ولاية الامام والقاضي فان فيهما وجهين أحدهما
ان لهما التزويج في الاحرام لقوة ولايتهما وأصحهما عندهم المنع لاطلاق الخبر مسألة الاحرام لا يسلب ولاية النكاح مطلقا عند علمائنا بل اثره مجرد الامتناع فإذا أحل
المحرم إما الولي أو المرأة أو أزوج أو الجميع كان له ان يزوج وهو إحدى قولي الشافعية لبقاء رشده ونظره وشفقته وعلى هذا يزوج السلطان المحلل كما في صورة الغيبة والثاني
للشافعية انه يسلب الولاية واثره نقلها إلى الابعد كالجنون ولا فرق بين ان يكون الاحرام بالحج أو بالعمرة ولا بين ان يكون صحيحا أو فاسد أو للشافعية في الاحرام الفاسد وجهان
هذا أحدهما والثاني انه لا يمنع صحة النكاح ليس من شرطه الشهادة على ما تقدم خلافا للعامة فعلى قولهم للشافعية وجهان في انعقاد النكاح بشهادة المحرم
قال بعضهم انه لا ينعقد لأنه روى في بعض الروايات لا ينكح المحرم ولا يشهد والأظهر عندهم الانعقاد لأنه ليس بعاقد ولا معقود عليه لكن الأولى انه لا يحضر مسألة
يجوز الرجعة في الاحرام لان الرجعة استدامة للعقد فأشبهت الامساك في دوام النكاح وهو احص وجهي الشافعية والثاني المنع لأنه كابتداء النكاح وهو أصح الروايتين عن أحمد
وقد يبنى هذا الخلاف على أن الرجعة هل يفتقر إلى حضور الشهود ان قلنا نعم أجريناها مجرى الابتداء وفي جواز النكاح بين التخللين للشافعية قولان ومن فاته الحج هل
له ان نكح قتل التحلل بعمل عمرة للشافعي وجهان ولو وكل حلال حلال في التزويج ثم أحرم أحدهما وأحرمت المرأة ففي انعزال الوكيل للشافعية وجهان بناء على ما سبق من الخلاف في أن الاحرام
يزيل الولاية أم لا والظاهر أنه لا ينعزل وهو المعتمد يجوز له التزويج بعد التحلل بالوكالة السابقة وهل له التزويج قبل تحلل الموكل للشافعية وجهان والحق عندنا انه لا يجوز
لان الوكيل نايب وتنفيذ تصرف النايب مع عجز الأصل بعيد ولو جرى التوكيل في حال احرام الموكل أو الوكيل أو المرأة فالوجه المنع وقالت الشافعية وكل ليعقد في حال
الاحرام لم يصح وان وكل التزويج بعد التحلل صح لان الاحرام يمنع العقد دون الاذن ومن الحق الاحرام بالجنون لم يصححه ولو اطلق التوكيل فهو كالتقييد بما بعد التحليل ولو قال
إذا حصل التحلل فقد وكلتك لم يصح لان الوكالة لا تقع معلقة وللشافعي قولان واذن المرأة في حال احرامها كالتفضيل السابق في التوكيل ولو وكل حلال
محرما في أن يوكل حلال بالتزويج فالأقرب المنع وللشافعي قولان أصحهما عندهم الجواز لأنه سفير محض أليس إليه من العقد شئ وهو ممنوع مسألة
إذا لم يكن الولي الأقرب حاضرا فإن كان مفقود الا يعرف مكانه زوجها الا بعد ان نكاحها من جهته قد تعذرنا شبه ما إذا عضلها وقال الشافعي يزوجها السلطان لأنه
يتولى ما يتولاه الغايب بنفسه وقد تعذر الأقرب فيفعل السلطان ما كان بفعل وإذا انتهى الامر إلى غاية يحكم فيها بالموت ويقسم ماله بين ورثته قال الشافعي لا بد من نقل
الولاية إلى الابعد وإن كان غايبا يعرف مكانه فإن كانت الغيبة إلى مسافة تقصر فيها الصلاة فالأقرب ان الا بعد يزوجها وقال الشافعي يزوجها السلطان ولا يزوج
الا بعد لان الغايب ولى ولهذا لا ينعزل وكيله ويصح تزويجه في الغيبة والتزويج حق عليه فإذا تعذر استيفاؤه منه تاب عنه القاضي وقال بعض الشافعية ان الغيبة تنقل
الولاية إلى الابعد كالجنون وقال بعضهم انه يفرق بين الملوك وأكابر الناس فتعبر وامر اجعتهم بخلاف التجار وأوساط الناس فإنه لا يعتبر ولو كانت الغيبة إلى مسافة لا تقصر
فيها الصلاة فوجهان أحدهما ان الحكم كما في المسافة الطويلة فنزوجها السلطان لان التزويج حق لها وقد يفوت الكفوء الراغب بالتأخير فتضرر به وأظهرهما انها لا تتزوج
حتى يراجع أو توكل لان الغيبة إلى المسافة القصيرة كالإقامة ولو كان مقيما في البلد لم يزوجها الحاكم فكذا هنا ولهم قول اخر انه ان غاب بحيث يتمكن المسافر إليه من يكره من العود قبل
الدخول للبيت فلا بد من مراجعته قطعا والوجهان فيما تجاوز ذلك وقال أبو حنيفة واحمد إن كانت الغيبة منقطعة انتقل الولاء إلى الابعد والغيبة المنقطعة ان يكون بحيث
لا تصل القوافل إليه في السنة الامرة واحدة ولو ادعت امرأة ان وليها غايب لم يزوجها السلطان عند الشافعي حتى يشهد بذلك شاهدان وانها خلية عن نكاح وعدة
ثم اختلف أصحابه فبعضهم قال بوجوب ذلك احتياطا للبضع إذ لا تؤمن ان يكون الولي زوجها في غيبته وقال بعضهم باستحبابه فيجوز الرجوع إلى قولها فان الرجوع في العقود
إلى قول أربابها وعلى هذا فلو الحت على المطالبة ورأى السلطان التأخير هل له ذلك فيه للشافعية وجهان ولا يقبل في هذا الباب الا شهادة من يطلع على باطن امرها كالاعسار
وفقد وارث اخر وإن كان الغايب ممن لا يزوج الا بإذن وقالت ما أذنت له فللقاضي تحليفها على نفى الاذن والأولى عندهم ان يأذن القاضي للأبعد إذا غاب الأقرب الغيبة
المنقطعة حتى يزوج أو يزوج القاضي بإذن الابعد للخروج من الخلاف البحث السادس في جواز التوكيل وتولى الولي طرف بالعقد مسألة يجوز التوكيل في
النكاح فان رسول الله صلى الله عليه وآله وكل عمرو ابن أمية الصميري في قبول نكاح أم حبيبه ولأنه عقد معاوضة فجاز التوكيل فيه كالبيع وقال الحسن بن صالح بن حي لا يصح التوكيل الا بحضور
شاهدين كما لا ينعقد النكاح الا بحضورهما والأصل ممنوع سواء كان الموكل المراة العاقلة أو ولى الصبية والمجنونة وانه يجوز ان يكون الوكيل امرأة وقد سبق خلاف العامة
فيه قالت الشافعية الولي ان تمكن من الاجبار فله التوكيل من غير اذن المرأة ولهم وجه انه لا بد من اذنها وعلى هذا فلو كانت صغيرة امتنع التوكيل بتزويجها والمشهور عندهم الأول
وهل يشترط تعيين الزوج للشافعي قولان أحدهما انه يشترط لاختلاف الأغراض باختلاف الأزواج وليس للوكيل شفقة داعية آل حسن الاختيار وأصحهما انه لا يشترط وهو
الوجه عندي لأنه يملك التعيين في التوكيل فيملك الاطلاق كما في البيع وساير التصرفات وشفقته تدعوه إلى أنه لا يوكل الا من يثق بنظره واجري هذا الخلاف في اذن البنت
في النكاح وفي اذن البكر البالغة لغير الأب والجد هل يشترط فيه التعيين ومنهم من قطع هنا بعدم الاشتراط بان الاذن للولي يصادف من يعتنى بدفع العار عن النسب ويحافظ
على المصلحة والتفويض إلى الوكيل بخلافه قال الجويني ظاهر كلام الشافعية يقتضى طرد الخلاف وان رضيت المراة بترك الكفاءة لكن القياس تخصيص الخلاف بما إذا لم ترض
به فاما إذا سقطت الكفأة ولم يطلب الحظ فلا معنى لاعتبار التعيين مسألة إذا جوزنا التوكيل المطلق وجب على الوكيل رعاية النظر فلا يزوج الا من كفو فان زوج
من غير كفو لم يصح عندنا لان الكفأة عندنا هي الايمان وعند العامة زيادة التمكن من النفقة والنسب وسيأتى فعلى قولهم للشافعية قولا للشافعية أحدهما انه لا يصح والثاني
الصحة ولها الخيار قال كانت صغيرة اختارت عند البلوغ ولو خطب كفوان أحدهما أشرف فزوج الأدون ففي الصحة اشكال أقرب انه لا يصح وبه قال الشافعي ولو قالت
زوجني ممن شئت وجوزنا الاذن المطلق فهل له ان يزوجها من غير كفو وللشافعية وجهان أحدهما نعم كما لو قالت عمن شئت كفوا كان أو غير كفور والثاني المنع لان الكفأة
لا تهمل ظاهرا فكأنها قالت زوجني ممن شئت من الأكفاء هذا إذا كان الولي متمكنا من الاجبار واما إذا لم يكن إما لأنه غير الأب والجد أو لأنها يثبت فهنا صور ا منعت
الولي من التوكيل لم يجز له ان يوكل لأنها انما أذنت له في ايقاع العقد بنفسه فلم يجز له ان يوكل ب أذنت له التزويج وفي التوكيل بالتزويج فللولي ان يزوج بنفسه وان
601

يوكل فيه / ج / قالت وكل في تزويجي واقتصرت عليه فله التوكيل قطعا وهل له ان يزوج بنفسه الوجه لا لأنها لم تفوض التزويج إليه بل جعلت له آن يولى غير ذلك فأشبه
ما لو قالت أذنت لك في أن توكل بتزويجي ولا تزوجني بنفسك وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني له ان يزوج لأنه يبعد مما له التوكيل فيه ومنعوا من صحة الاذن في قولها
أذنت لك في التوكيل بتزويجي ولا تزوجني بنفسك لأنها منعت الولي وردت التزويج إلى الوكيل الأجنبي فأشبه التفويض إليه ابتداء د أذنت له في التزويج فله ان يزوج
مباشرة وهل له التوكيل للشافعي وجهان أحدهما المنع وهو المعتمد لأنه متصرف في الاذن فلا يوكل الا بالاذن كالوكيل وأصحهما عندهم الجواز لأنه متصرف بالولاية فأشبه
الوصي والقيم يتمكنان من التوكيل من غير اذن ولو أنه وكل من غير مراجعة المرأة واستيذانها لم يجز وهو أصح وجهي الشافعية لأنه لا يملك التزويج بنفسه حينئذ فكيف توكل غيره
والثاني يجوز لأنه يلى تزويجها بشرط الاذن فله تفويض ماله إلى غيره فعلى هذا يستأذن الولي أو الوكيل للولي ثم بزوج ولا يجوز ان يستأذن لنفسه عندهم مسألة
إذا وكل الولي غير المجبر بعد اذن المراة له في التوكيل ففي اشتراط تعيين الزوج ان أطلقت المراة الاذن اشكال وللشافعية فيه وجهان كما في توكيل المجبر ولو كانت قد عينت
الزوج سواء اعتبرنا التعيين أولا فليذكر الولي للوكيل وان يفعل وزوج الوكيل من غيره لم يصح وان اتفق التزويج منه فالأقرب الجواز لمصادفة تعيين المراة فعل الوكيل
وايقاعه ما طلبت منه وهو أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم انه لا يصح التزويج لان التفويض المطلق مع تعيين المطلوب فاسد كما لو وكل الولي ببيع مال الطفل بما شاء
الوكيل من ثمن القليل والكثير فباع بالغبطة لم يصح لفساد الصبغة التفويض ويمنع حكم الأصل ويفرق بان قوله بع بما شئت من قليل أو كثير اذن صريح في البيع الممتنع شرعا
وقوله وكلتك بتزويجها لا تصريح فيه بالنكاح الممتنع انما هو لفظ مطلق كما يتقيد بالكفؤ جاز ان يتقيد بالكفؤ المعين مسألة المرأة ان زوجت نفسها قالت
للخاطب زوجت نفسي منك وان زوجها أبوها قالت زوجت ابنتي منك وان زوجها وكيلها قال زوجت موكلتي منك وان زوجها وكيل الأب قال زوجت
بنت فلان منك هذا إذا كان القابل هو الزوج وإن كان وكيله فلنقل المرأة زوجت نفسي من فلان فيقول الوكيل
قبلت التزويج له ولو لم يقل له فوجهان
للشافعية كما إذا قال الزوج قبلت ولم يقل نكاحها أو تزويجها ولو كان الولي هو الموجب فليقل زوجت ابنتي من فلان وليقل الوكيل قبلت النكاح له ولو قال الأب
لوكيل الخاطب زوجت بنتي منك فقال الوكيل قبلت نكاحها لفلان لم ينعقد فان قال قبلت نكاحها وقع العقد للوكيل ولم ينصرف بالنية إلى الموكل ولو عقد الوكيلان
فليقل وكيل المرأة زوجت فلانة من فلان ويشير إلى الزوج ويقول وكيل الزوج قبلت نكاحها لفلان يعنى الزوج وفي البيع يجوز أن يقول البايع لوكيل المشترى
بعت منك ويقول الوكل اشتريت وينوى موكله فيقع العقد للموكل وان لم يسمه والفرق ان الزوجين في النكاح بمثابة الثمن والمثمن في البيع ولا بد من تسمية
الثمن والمثمن في البيع فلا بد من تسمية الزوجين في النكاح ولان المبيع يرد على المال وهو قابل للنقل من شخص إلى اخر فجاز ان يقع العقد للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل
واما النكاح فإنه يقع على البضع وهو غير قابل للنقل ولهذا لو قبل النكاح وكالة عن غيره فأنكر الموكل الوكالة بطل النكاح ولو اشترى بالوكالة وانكر الموكل الوكالة
وقع العقد للوكيل ولو قال وكيل الزوج أولا قبلت نكاح فلانه منك لفلان ثم قال وكيل الولي زوجتها من فلان جاز ولو اقتصر على قوله زوجتها ولم يقل من
فلان فعلى الخلاف السابق وإذا عقد ولى المراة على الزوج وقبل أبوه بالولاية فليقل الولي زوجت فلانه من ابنك ويقول الأب قبلت النكاح لابنى لان النكاح يقع
من الموكل والمولى عليه لا من المخاطب والبيع يتعلق بالمخاطب دون له من العقد ولهذا لو قال زوجتها من زيد فقبل وكيل زيد النكاح صح ولو حلف ان لا ينكح فقبل
له وكيله حنث ولو قال بع من زيد فباع من وكيل زيد لم يصح ولو حلف ان لا يشترى فاشترى له وكيله لم يحنث مسألة قد بينا انه لا يصح تعليق الوكالة ويجوز
تعليق التصرف إذا كانت منجزة فلو كانت ابنته مزوجة أو معتدة فقال أبوها إذا طلقها زوجها أو خرجت عدتها فقد وكلتك في تزويجها لم يصح الوكالة وللشافعي
قولان وكذا لو قال إذا مضت سنة فقد وكلتك في تزويجها أحدهما لا يصح كما قلناه والثاني يصح كما لو قال وكلتك في تزويج ابنتي إذا طلقها زوجها يصح كما لو قال زوجها
إذا مضت سنة والأصل الأول ممنوع والثاني لم يقع الوكالة فيه معلقة بل منجزة مسألة لا يشترط في التوكيل بالتزويج ذكر المهر لأنه ليس شرطا في النكاح فلا يمكن
جعله شرطا في التوكيل نعم لو سمى قدرا لم يصح التزويج بما دونه فلو وكله الأب أو المراة عندنا على أن يزوجها بمائة فزوجها بخمسين فالأقرب عدم لزوم العقد وجرى
مجرى عقد الفضولي لان التوكيل وقع على معين فلا يتعدى إلى غيره وهو قول الشافعي كما لو قال زوجها في يوم كذا أو في مكان كذا فخالف الوكيل لم يصح ولو اطلق
التوكيل الولي فزوج بأقل من مهر المثل احتمل فساد العقد لأن المطلق يحمل على مهر المثل فكأنها قيدت الاذن بمهر المثل فإذا نقص عنه بطل وهو أحد قولي الشافعي والثاني
الصحة ويرجع إلى مهر المثل ولو أنها أذنت للولي في التزويج مطلقا فزوج بما دون مهر المثل فالأقرب فساد النكاح ويحتمل صحته ووجوب مهر المثل وللشافعي
قولان كهذين ولو زوجنا بلا مهر فالقولان وله قول ثالث القطع بالفساد ولو وكل الزوج برجلا بقبول نكاح امرأة له وسمى مهرا فقبل بأزيد لم يصح القبول ويصح
بأقل وان لم يسمى قبل بمهر المثل أو أقل فان قبل بأزيد أو بغير نقد البلد أو بعين من أعيان مال الموكل أو من مال نفسه احتمل صحة النكاح وعلى الموكل مهر المثل من
نقد البلد وبه قال أبو حنيفة والشافعي وللشافعي قول اخر يحتمل عندنا انه لا يصح النكاح كما لو باع الوكيل بأقل من مهر المثل أو بغير نقد البلد ولو قال له اقبل لي نكاح
فلانه على عبدك هذا أو دارك هذه فقبل صح النكاح لأنه فعل المأمور به واما المسمى فيحتمل بطلانه وان المرأة لم تملك العبد أو الدار فيجب على الزوج مهر المثل
ويحتمل انها تملكه فحينئذ يحتمل ان يكون قرضا على الزوج وأن يكون موهوبا منه وللشافعية مثل هذه الاحتمالات مسألة الأب يجوز ان يكون يتولى
طرفي عقد البيع قيل لقوة ولايته وكمال شفقته وقيل لعسر مراجعة السلطان في كل بيع وشراء وقيل لمجموع الامرين إذا عرفت هذا فإنه يصح ان يتولى طرفي عقد
النكاح بان يكون وكيلا لأحدهما أو مولى واما الجد فإنه يتولى طرفي النكاح على حافدبه بان يزوج بنت ابنه الصغير من ابن ابنه الأخر الصغير لأنه جد بالنسبة إليهما
وقد بينا ثبوت ولاية الجد فلا يضر الجمع لقوة ولايته وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يصح لان خطاب الانسان مع نفسه لا ينتظم وانما جوزوا في البيع لكثرة وقوعه
ولما روى أنه لا نكاح الا بأربعة خاطب وولى وشاهدين والأول أقوى عندهم وإذا تولى طرفي العقد فيشترط الاتيان بشقى العقد من الايجاب والقبول ولا يكفى أحدهما
وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه يكفى وعلى المنع من تولى طرفي العقد عند الشافعية إن كانت بالغه زوجهما السلطان باذنها ويقبل الجد النكاح وإن كانت صغيرة
وجب الصبر إلى أن تبلغ فتأذن ان يبلغ الصغير فقبل وقال الجويني تفريعا على منع التوكيل انه يرفع الامر إلى السلطان حتى يتولى أحد الطرفين ثم يحتمل ان يقال يتخير
ويتولى ما شاء منهما ويحتمل ان يقال يأتي بما يستدعيه الولي وهذا إن كان مفروضا فيما إذا كان ابن الابن صغيرا فهو مخالف الأصل المقرر ان غير الأب والجد لا يزوج الصغيرة
ولا من الصغير لكن يمكن فرضه فيما إذا كانت الولاية عليه بسبب الجنون واختلفت الشافعية في العم هل له تزويج بنت أخيه ولابن العم تزويج بنت العم من الابن البالغ على وجهين
602

أظهرهما عندهم نعم لأنه لم يوجد تولى الطرفين والثاني المنع لأنه منهم في حق ولده ربما عرف منه منقضه فأخفاها ومنهم من قطع بالأول واستشهد به للوجه الذاهب
إلى تجويز بيع الوكيل المطلق من أبيه وهذا إذا أطلقت الاذن واما إذا اذن ت في التزويج منه بعينه فلا كلام عندهم في جوازه وان زوجها من ابنه الطفل فإن لم
نجوزه في البالغ فهنا أولي وان جوزوه هناك فهناك لهم وجهان والظاهر المنع لأنه نكاح لم يحضره أربعة مسألة إذا أذنت لولى ان يزوجها واطلقت
صح عندنا وللشافعي قولان أحدهما المنع وعلى الجواز هل يجوز له ان يزوجها من نفسه يحتمل على الجواز عملا باطلاق الاذن ومساواته لغيره والمنع وكلاهما قولان
للشافعية وإذا كان ولى المراة ممن يجوز له نكاحها عند العامة كابن العم والمعتق والقاضي ورغب في نكاحها لم يجز ان يزوجها من نفسه عند الشافعية فيتولى الطرفين
لقوله (ع) لانكاح الا بأربعة خاطب وولى وشاهدين ولكن يزوجها من هو في ن زوجته كما لو كان هناك ابن عم اخر وان لم يكن في درجته غير زوجها منه القاضي وإن كان
الراغب القاضي زوجها منه من فوقه من المولاة أو خرج إلى قاضى بلدة أخرى ليزوجها منه أو استخلف خليفة إذا كان له ان يستخلف فيزوجها منه وفي ابن العم للشافعية وجه
آخران له تولى الطرفين ويجئ مثله في العتق وفي القاضي أيضا لهم وجه يعيد وفي الامام الأعظم لهم وجهان أحدهما ان له تولى الطرفين لأنه ليس فوقه من يزوجها واصبحهما
عندهم المنع فيزوجها القاضي منه بالولاية كما يزوج خليفة القاضي من القاضي ولو أراد أحدهما ولاء تزويجها من ابنه الصغير فهو كما لو أراد تزويجها من نفسه وحيث جوزوا
لأحدهم التزويج من نفسه فذلك إذا سمته في الاذن وقع في الاطلاق وجهان تقدما مسألة من منع من تولى الطرفين لو وكل في أحد الطرفين أو وكل
شخصين بالطرفين فيه للشافعية وجهان أحدهما انه يجوز لان المقصود رعاية العدد في صورة العقد وقد حصل وأصحهما عندهم المنع لان فعل الوكيل فعل الموكل و
ليس ذلك كتزويج خليفة القاضي القاضي ولا القاضي من الامام الأعظم لأنهما يتصرفان بالولاية لا بالوكالة ومنهم من جوز للجد التوكيل ولم يجوزه لابن العم ومن في معناه
لان الجد تام الولاية من الطرفين وابن العم ولى من طرف وخاطب من طرف ولو اتحد وكيل الرجل والمرأة بان وكلت المراة أو وليها شخصا بايجاب العقد وكل الزوج
ذلك الرجل بقبوله فالأقرب عندي الجواز وللشافعية وجهان أصحهما عندهم المنع وكذا في البيع لو وكل البايع والمشترى رجلا ويجرى الخلاف فيما لو وكل الزوج رجلا
بان يزوج ابنته من نفسه وقال أبو حنيفة ان الولي الوكيل يتوليان طرفي النكاح دون البيع وجوز أبو حنيفة ومالك ان يتولى المولى طرفي النكاح قوال احمد ان الولي
البعيد والقاضي والمعتق وابن العم يكفيهم التوكيل فروع ا للسيد تزويج أمته بعبد ه الصغير أو الكبير أو ابن الكبير وللشافعية وجهان كتولي الجد للطرفين لو كان ابنا
تم أحدهما لأب والاخر لأب وام وأراد الأول نكاحها زوجها منه الثاني عندهم وان أراد الثاني نكاحها فان قالوا يستويان يزوجها منه الأول عندهم والا فالقاضي / ب /
لو قالت لابن العم أو لمعتق زوجني ممن شئت لم يكن للقاضي تزويجها منه عندهم بهذا الاذن لان المفهوم منه التزويج من الغير وكذا الوكيل لو قالت له زوجني من شئت
لو قالت زوجني من نفسك قال بعض الشافعية جاز للقاضي تزويجها منه بذلك الاذن وقال بعضهم لا يجوز لأنها انما أذنت له لا للقاضي وعندنا لا يشترط القاضي
بل يجوز له تزويجها من نفسه / ج / لو حضر شخص وادعى ان فلانا وكله في نكاح امرأة فتزوجها له وضمن عنه المهر ثم أنكر الموكل الوكالة فالقول قوله مع يمينه فإذا
حلف لم يلمزه النكاح ولا يقع للوكيل بخلاف الشراء لان الغرض منه الأعيان ولا يثبت لها على الحالف حق ويكون لها الرجوع أعلى الوكيل بالمهر كله وبه قال محمد بن الحسن
لان هذا النكاح محكوم به في الباطن فيجب جميع المهر لان الفرقة لم تقع في الباطن بانكاره وهي رواية محمد بن مسلم عن الباقر (ع) وقد سأله رجل زوجة امه وهو غايب
قال النكاح جايز ان شاء الرجل قبل وان شاء ترك فان ترك الزوج تزويجه فالمهر لازم لامه وقد قلنا إنه محمول على ما إذا ادعت الوكالة وقال أبو حنيفة وأبو يوسف
والشافعي ترجع على الوكيل بنصف المهر لأنه يدعى وجوبه على الموكل وهو ضامنه ولأنه يملك الطلاق فإذا أنكر النكاح فقد أقر بتحريمها فصار بمنزله ايقاعه لما تحرم
به ولو ادعت ان فلان الغائب وكله في تزويج امرأة فتزوجها له ثم مات الغايب لم يرث هذه الا ان يصدقه الورثة على التوكيل أو يقوم به البينة ولو وكل رجلا
في أن يزوج فله بمائة فتزوجها بأكثر لم يصح المهر وان تزوجها بخمسين صح وان امره بجنس فزوجها بجنس أحر فسد المهر دون النكاح ولو حضر رجل عند زوجة غايب و
اخبرها انه طلقها بانيا دون الثلث وانه وكله في استيناف العقد بألف فعقد عليها وضمن الوكيل ذلك ثم قدم الموكل فأنكر ذلك كله فالقول قوله والنكاح الأول
بحاله وهل يلزم الوكيل ضمان ما ضمنه قال مالك وزفر يلزمه الضمان وقال الشافعي وأبو حنيفة لا يلزمه الضمان لان الضامن فرع على المضمون معنه فإذا لم يجب
على المضمون عنه لم يجب على الضامن وهو خطأ لان الضامن مقربان الحق واجب على المضمون عنه وانه ضامن له فلزمه اقراره في حق نفسه كما لو ادعى البيع وانكره
المشترى وصدقه الشفيع فإنه يستحق الشفعة في أصح الوجهين البحث السابع في الكفاءة مقدمه قال صاحب الصحاح الكفى النظير وكذلك
الكفؤ على وزن فعل والكفو وزن فعول والمصدر الكفاءة بالفتح والمدا إذا عرفت هذا فيقول الكفاة معتبره في النكاح بالاجماع وان اختلفوا في تفسيرها مسألة
ذهب أكثر علمائنا إلى أن الفكاة المعتبرة في النكاح انما هي شيئان الا يمان وامكان القيام بالنفقة واقتصر بعض علمائنا على الأول والحق المجموع لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
أنه قال لا يزوج النساء الا الأولياء ولا يزوجن الامن الأكفاء ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الكفؤ ان يكون عفيفا عنده يسار واعلم أنه لا بد من اعتبار الايمان
لقول الصادق (ع) ان الله عز وجل لم يترك شيئا مما يحتاج إليه الا علمه نبيه صلى الله عليه وآله فكان من تعليمه إياه ان صعد المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها ان الناس جبرئيل (ع)
اتانى من اللطيف الخبير فقال إن الابكار بمنزله الثمر على الشجر إذا أدرك ثمارها فلم يجتبى أفسدته الشمس ونثرته الرياح وكذلك الابكار إذا أدركن ما تدركه النساء فليس
لهن دواء الا البعولة والا لم يؤمن عليهن الفساد لأنهن بشر قال فقام إليه رجل فقال يا رسول الله فمن تزوج قال الكفاء قال يا رسول الله من الأكفاء فقال المؤمنون
بعضهم اكفاء بعض وام اليسار فالأقوى اعتباره وهو أحد قولي الشافعي لما تقدم من الخبر عن الصادق (ع) فيروى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال لفاطمة بنت قيس حين
أخبرته ان معوية خطبها إما معوية فصعلوك لا مال له ولان اعسار لرجل مضر بالمرأة جدال فإنه إذا كان معسرا لا ينفق على الولد وينفق عليها نفقة المعسرين وإذا
كانت مؤسرة أنفقت هي على الولد وذلك ضرر عظيم فكان اعتباره أليق بمحاسن الشرع ولتضررها باعساره ملكت الفسخ لاختلاله بالنفقة فكذا إذا كان مقارنا
ولان ذلك معدود نقصا في رعف الناس يتفاضلون فيه كتفاضلهم في النسب وأبلغ ولان النفقة قوام النكاح ودوام الأزواج واحتج بعض علمائنا والشافعي
على القول الثاني بعدم اشتراطه على أن اليسار ليس شرطا في الكفأة بقوله (ع) المؤمنون بعضهم اكفاء بعض وبقول أبى جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جاءكم من ترضون
خلقه ودينه فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ولم يذكر اليسار بل الدين خاصة ولان النبي صلى الله عليه وآله اختار الفقر ولان المال عاد ورايح ولا يفتخر
به أهل المروات والبصاير مسألة قد بينا ان الكفاءة عندنا شرط في النكاح وهي التساوي في الاسلام هذا لا خلاف فيه لكن الخلاف في اشتراط أمر زايدا
603

فمنعه الشافعي واكتفى بالاسلام لان النبي صلى الله عليه وآله أمر فاطمة بنت قيس ان تنكح أسامة وهو مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وتزوج بلال به آلة بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف وروى
ابن منذر من الشافعية ان الكفاءة في الدين وقال سفيان واحمد الكفاءة شرط في صحة النكاح لقوله صلى الله عليه وآله انكحوا بناتكم الأكفاء هذا أمر يقتضى الوجوب ونحن نقول
بموجبه فان الكفاءة على الدين على ما تقدم مسألة اعتبر كثير من الحنفية في الكفاءة سبعة أشياء النسب والمال والحرية والتقوى واسلام الاباء والحرفة والعقل
وقال كثير من الشافعية يعتبر في الكفاءة ستة شرائط الحرية الدين والنسب واليسار والحرفة والخلو من العيوب
الأربعة وبه قال احمد وعنه رواية أخرى انه يعتبر الدين
والنسب ولم يعتبر أبو حنيفة ومحمد الصنعة ولم يعتبر محمد الدين الا ان يكون ممن يسكر ويخرج إلى السوق ويسخر منه الصبيان فلا يكون كفوا ولم يعتبر أبو حنيفة و
أصحابه السلامة من العيوب واعتبر الشافعي في أحد قوليه الدين لا غير وهو قول بعض علمائنا لقوله صلى الله عليه وآله ان أكرمكم عند الله أتقاكم ومن اعتبر غير ذلك احتج بان العرف
في الناس انهم لا يجعلون الفقير مكافيا للموسر ولا أصحاب الصنايع الدينة مكافيا لأصحاب الصنايع العالية فكان الاعتبار بالعرف بين الناس في ذلك وليس بجيد لان
الشارع يجب اتباعه ولا عبرة بالعرف والعادة وقد بينا النصوص في ذلك مسألة اعتبر كثير من الشافعية النسب على ما تقدم فالعجمي ليس كفوا للعربية والعرف بعضهم
اكفاء بعض فلا تكافيهم الموالى وبه قال أبو حنيفة لقول صلى الله عليه وآله ان الله تعالى اختار العرب من ساير الأمم واختار من العرب قريشا الحديث ورووا عنه (ع) أنه قال قريش بعضهم
اكفاء لبعض والعرب بعضهم اكفاء لبعض قبيله لقبيله والموالي بعضهم اكفاء بعض لرجل برجل أي يعتبر نسبهم قال الشافعية قريش لا تكافى في بني هاشم وبنوا هاشم وبنوا
المطلب متكافيون كقوله (ع) ان الله اختار العرب من ساير الأمم واختار من العرب قريشا واختار من قريش م بني هاشم وبني المطلب وقال صلى الله عليه وآله نحن وبني المطلب هكذا
وشبك بين أصابعه وقال أبو حنيفة قريش بعضهم اكفاء بعض لقول ابن عباس قريش بعضهم اكفاء بعض ومنعه الشافعية وقالوا انه لم يثبت عنه ولو ثبت فحديث النبي صلى الله عليه وآله
أولي منه وعندنا نحن ان النسب لا اعتبار به بل يجوز لو ضيع النسب ان يزوج بشريفه حتى أن العبد يجوز ان يتزوج بالعلوية الشريفة وهو أحد قولي الشافعي لعموم قوله
تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وما رواه العامة ان سلمان الفارسي طلب إلى عمر فاجابه إلى ذلك فكره عبد الله ابنه ذلك فقال له عمر وبن العاص انا أكفيك فلقى عمر بن
العاص سلمان فقال ليهتك يا سلمان فقال وما هو قال تواضع لك أمير المؤمنين فقال سلمان لمثلي يقال هذا والله لا نكحتها ابدا وسلمان كان من العجم فاجابه
عمر إلى التزويج وابن عمر لم ينكر بل؟؟ ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار عن الصادق (ع) قال إن رسول الله زوج ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب من مقداد
ابن الأسود فتكلمت في ذلك بنو هاشم فقال رسول الله انى انما أردت ان؟ المناكح وفي حديث اخر عن الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله زوج المقداد ابن الأسود و
ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وانما زوجه ليتضع المناكح وليتأس برسول الله صلى الله عليه وآله وليعلموا ان أكرمكم عند الله اتقاهم مع أن ضباعة بنت عمته (ع) والمقداد بن عمر الأسود
وهو عامي اجماعا وعند احمد رواية ان المبطل عدم الكفائة في النسب لا يغر لأنه نقص لازم ويتعدى نقصه إلى الولد وعن مالك الكفاءة في الدين لا غير قال ابن عبد
البر هذا جملة مذهب مالك وأصحابه وعن الشافعي قول اخر ثمل في قول اخر انها ستة الدين والحسب وهو النسب والجرية والصناعة واليسار والسلامة
من العيوب وكذا قال أبو حينفة والثوري والحسن بن صالح بن حي الا في الصنعة والسلامة من العيوب وعن أحمد رواية ان العرب بعضهم اكفاء بعض والعجم بعضهم
اكفاء بعض (لان صح) النبي صلى الله عليه وآله زوج عثمن وزوج العاص بن الربيع زينب وهما من بنى عبد شمس وزوج علي (ع) عمر ابنته أم كلثوم وزوج عبد الله بن عمر بن عثمن فاطمة بنت
الحسين (ع) وزوج مصعب ابن الزبير أختها سكينه وزوجها أيضا عبد الله بن عثمن بن حكيم بن حرام مسألة من اعتبر النسب قال بعضهم انه لا يعتبر النسب في العجم
وبه قال القفال من الشافعية لانهم لا يفتنون بحفظ ولا يدونونها وظاهر مذهب الشافعية انه معتبر كالعرب ولا اعتبار في النسب عند من اعتبره بالأب فالذي
أبوه عجمي وامه عربية ليس بكفو للتي أبوها عربي والام أعجمية وقال الجويني شرف النسب يثبت من ثلث جهات احديها الانتماء إلى شجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه
بنى عمر ديوان المرتزقة والثانية الانتماء إلى العلماء فإنهم ورثه الأنبياء عليهم السلام وبه ربط الله تعالى وحفظ الملة الاسلامية والثالثة الانتماء إلى أهل الصلاح والتقوى
قال الله تعالى وكان أبوهما صالحا فبين شرف هذه الانسان ويعتبر ان يكون إليه الانتماء مشهورا بين الناس بالصلاح والشرف وحينئذ يحصل ولا عبرة بالانتساب إلى
عظماء الدنيا والولاة الظلمة المستولين على الرقاب وان تفاخر بهم الناس وقال بعض الشافعية للعجم عرف في الكفاء فيعتبر عرفهم مسألة المال المعتبر في كفاءة النكاح
عند أكثر علمائنا هو التمكن من النفقة وعن أحمد روايتان إحديهما ان اليسار ليس شرطا لان الفقر شرف في الدين وقد قال النبي صلى الله عليه وآله اللهم أحيني مسكينا (وأمتني مسكينا صح) ولأنه ليس لازما فأشبه
العافية من المرض والثانية انه معتبر وقد سلف وعلى تقدير اعتباره فاليسار عندها ما قلناه من القدرة على الانفاق عليها حسب ما يجب لها والظاهر عند الحنيفة ان
يكون واجد للمهر والنفقة حتى لو وجد المهر ولم يجد النفقة أو بالعكس لا يكون كفوا كقوله (ع) احساب أهل الدنيا المال وإذا كان عندما لم يكن حسيبا ولان المهر بدل البضع
فلا بد من تسليمه والمراد من المهر قدر ما يتعارف من تعجيله لازما لأمان وراه مؤجل عرفا واما النفقة فلان فيها قوام النكاح ودوام الأزواج الا ان النفقة أشد اعتبارا
في الكفاءة من المهر لأنه يجرى فيه التسهيل والتأجيل ويعتبر ان يكون قادرا على المهر بيسار إليه وامه وجده وجدته عادة كما في أداء الزكاة إلى ولد الغنى لا يصح ولا يعبر ما دون
على النفقة بيسار الأب في العادة لان الاباء يتحملون المهر عن الأولاد واما النفقة الدايمة فلا وروى عن أبي حنيفة ومحمد ان امرأة فايقة في اليسار لو زوجت نفسها ممن
يقدر على المهر والنفقة رد عقدها وقال أبو يوسف إذا كان قادرا على ايفاء ما يعجل لها باليد ويكتسب ما ينفق عليها يوما بيوم يكون كفوا لاه لأنه لاثبات لوصف
الغناء لان المال غاد ورايح فلا يعتبر وللشافعي أقوال ثلثه أحدها انه لا يعتبر اليسار والثاني انه يعتبر اليسار قدر المهر والنفقة وقد تقدما والثالث انه يكفى ذلك لان
الناس أصناف غنى وفقير ومتوسط وكل صنف اكفاء وان اختلف المراتب مسألة الحرية ليست شرطا في الكفاءة فللعبد ان يتزوج بالحرة عند علمائنا أجمع
وهو إحدى الروايتين عن أحمد واحد قولي الشافعي لما رواه العامة عن ابن عباس ان بريرة أعتقت تحت عبد فاختارت الفسخ فقال النبي صلى الله عليه وآله لو راجعته فان أبو ولدك
فقالت يا رسول الله أتأمرني فقال لا انما انا شفيع فقالت لا حاجة لي فيه ومراجعتها له ابتداء نكاح فإنه قد انفسخ نكاحها باختيارها ولا شفيع إلهيا النبي صلى الله عليه وآله في أن
تنكح عبدا لا والنكاح صحيح فاذن النبي صلى الله عليه وآله للحرة في أن تنكح عبدا يدل على الكفاءة ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن العبد
يزوج أربع حراير قال لا ولكن يزوج حرتين وان شاء تزوج أربع إماء وقال الشافعي في الثاني انه ليس بكفو وبه قال احمد في رواية وأبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله خير بريرة حين عتقت
تحت عبد وإذا ثبت الخيار بالجرية الطارية فبالحرية المقارنة أولي ولان نقص الرق كبيرة ضرره ظاره فان العبد مشغول عن امرأته بحقوق سيده ولا ينفق نفقة الموسرين
ولا على ولده وهو كالمعدوم بالنسبة إلى نفسه ولان الحرة تعبر بكونها فراشا للعبد والنص يدفع ذلك كله وقالت الشافعية الرقيق لا يكون كفوا للحرة أصلية كانت أو عتيقة
604

والعتيق لا يكون كفوا للحرة الأصلية ولا من مس الرق واحدا من ابائه التي لم يمس الرق واحدا من ابائها ولا من مس الرق أبا قرب في نسبه التي مس الرق أبا ابعد من نسبها ويشبهه ان يكون
جريان الرق في الأمهات مؤثرا أيضا ولذلك تعلق به الولاء مسألة التقوى المراد بها عندنا الايمان في طرف الزوج إن كانت الزوجة مؤمنة والاسلام إن كانت
مسلمة ولا يشترط زيادة على ذلك واما المؤمن فيجوز ان يتزوج بغير المؤمنة والمسلم يتزوج بغير المسلمة على خلاف يأتي ولا يجوز للمؤمنة ان تتزوج بغير المؤمن وإن كان مسلما لقول
الصادق (ع) تزوجوا في الشكال ولا تزوجوهم لان المراة يأخذ من أدب زوجها ويقهرها على دينه وفي الصحيح عن الفضيل بن يسار عن الصادق (ع) قال له الفضيل أزوج الناصب
قال لا ولا كرامة قلت جعلت فداك والله انى لا أقول لك هذا وانى لو جاءني ببيت ملأته دراهم ما فعلت وعن الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان لامرأتي
أختا عارفه على رأينا وليس على رأينا بالبصرية الا قليل فأزوجها ممن لا يرى رأيها قال لا ولا نعمة ان الله عزو جل يقول فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن
وفي الصحيح عن عبد بن سنان عن الصادق (ع) قال سألته عن الناصب الذي عرف نصبه وعداوته هل يزوجه المؤمنة وهو قادر على رده وهو لا يعلم برده قال لا يزوج المؤمن
الناصبة ولا يزوج الناصب المؤمنة ولا يزوج المستضعف مؤمنة إذا عرفت هذا فنقول الزوج إن كان ناصبا وهو المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام وسب الأئمة
عليهم السلام لم يجز للمؤمنة ان تزوج به لما تقدم واجماع الامامية عليه وكما لا يجوز للناصب ان يزوج المؤمنة كذا المؤمن لا يجوز ان يزوج الناصبة وهي المعلنة بعداوة الأئمة
عليهم السلام لما تقدم من حديث عبد الله بن سنان الصحيح عن الصادق (ع) قال لا يزوج المؤمن الناصية وفي الصحيح عن فضيل بن يسار عن الصادق (ع) قال لا يزوج المؤمن الناصبة
المعروفة بذلك وغير ذلك من الأحاديث واما الزوج المستضعف فلا يجوز للمؤمنة العارفة ان تزوج به لعدم الكفائة وقد لما تقدم في حديث الفضل بن يسار عن الصادق (ع)
وفي حديث عبد الله بن سنان الصحيح عن الصادق (ع) ولقول الصادق (ع) ان العارفة لا توضع الا عند عارف ويجوز للمؤمن ان يزوج المستضعفة الذي لا تعرف بنصب ولا عداوة
لأهل البيت (ع) للأصل ولما تقدم في قول الصادق (ع) تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم وفي الحسن عن زرارة عن الباقر (ع) قال قلت له انى اخشى ان لا يحل لي ان أتزوج ممن لم
يكن على امرى فقال ما يمنعك من البله من النساء قلت وما البله قال هن المستضعفات اللاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه وفي الصحيح عن زرارة عن الصادق (ع) قال
قلت له أتزوج مرجية أو حرورية قال لا عليك بالبله من النساء قال زرارة والله ما هي الا مؤمنة أو كافرة فقال الصادق (ع) فأين أهل ثنوى الله عز وجل قول الله أصدق
من قولك الا المستضعفين من الرجال والسناء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا مسألة العدالة ليست شرطا في الكفاءة وان استحب
ويجوز للمؤمنة ان تزوج الفاسق على كراهية خصوصا أرب الخمر للأصل ولقوله تعالى فانكحوا ما طاب لمن وهو خطاب الفاسق والعدل فيعمها وان من اشتدت الكراهية
في تزويج شارب الخمر لسقوط محله ونقص مروته وغضاضة قال الصدق (ع) من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها وقال الصادق (ع) في الحسن قال رسول الله
شارب الخمر لا يزوج إذا خطب وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من شرب الخمر بعد ما حرمها الله على لساني فليس باهل ان يزوج وهو محمول على من شربها مستحلا أو على الكراهة لم يعتقد
تحريمها وقال الشافعي الفاسق ليس بكفو للعدل ولا للعدل ولا للعفيف وقال محمد لا يعتبر الا ان يكون ممن يخرج إلى السخافة فيسكر ويخرج إلى الطرفات ويولع به الصبيان لان الاعراب والجند
يقتلون النفوس ويأخذون الأموال ولا يسقط ذلك كفاتهم في العرب واحتج الشافعي بقوله تعالى أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون وقال صلى الله عليه وآله عليك بذات الدين من تبت
يداك ونحن نقول بالأبية فان الفاسق هنا يرد به الكافر أن مطلق الفسق عندنا لا يخرج المؤمن عن ايمانه ولان عدم الاستواء لا يقتضى العموم والحديث نقول به فإنه
تحريص على طلب ذوات الدين وهو اجماع إما على تحريم غيرهم فهو ممنوع مسألة منع احمد من تزويج أهل البدع فقال في الرجل يزوج الجهمي يفرق بينهما وكذلك
إذا زوج الواقفي يفرق بينهما وقال لا يزوج بنته من خروروى مرق من الدين ولا من القدري وقال بعض أصحابه المقلد منهم يصح تزويجه واعتبر أبو حنيفة وأبو يوسف
الكفاءة وفي التقوى والورع حتى ارماة من نبات الصالحين لو نكحت رجلا من أهل الفسوق كان للأولياء حق الرد لان التفاخر به أحق المفاخر وأولاها وقال محمد لا
يعتبر لان هذا من أمور الآخرة فلا يعتبر لبناه حكم دنياوي عليه الأشياء فاحشا كرجل يصفع ويسحر معه ويخرجه سكرانا ويلعب به الصبيان فهذا يكون مستخفا به فلا يكون
كفوا وقال أبو يوسف إذا كان الفاسق ذا مروة فهو كفؤ وانما يريد به أعوان الظلمة إذا كان بحيث يهابه الناس مسألة ولا ينبغي رد المؤمن لقلة ما له وسوء حالة
وذمامة خلقته إذا كان ذا ورع لما رواه أبو حمزة الثمالي في الصحيح قال كنت عند أبي جعفر (ع) إذ استأذن عليه رجل فاذن له فدخل عليه فسلم فرحب به أبو جعفر له وأدناه
وسايله فقال الرجل جعلت فداك انى خطبت إلى مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانه فردني ورغب عنى فازدراني لذمامتي وحاجتي وغربتي وقد دخلني من ذلك غضاضه
هجمة عض لها قلبي تمنيت عندها الموت فقال أبو جعفر (ع) اذهب فأنت رسولي إليه وقل له يقول لك محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زوج من (متحج ابن رياع صح) حج ابن رماح مولاي
بنتك فلانه ولا ردته قال أبو حمزة فوثب الرجل فزعا مسرعا برسالة أبى جعفر (ع) فلما ان توارى الرجل قال أبو جعفر (ع) انه رجلا كان من اليمامة يقال له جويبر اتى رسول الله صلى الله عليه وآله
منتجعا للاسلام فأسلم وحسن اسلامه وكان رجلا فصيرا ذميما محتاجا عاريا وكان من قباح السودان فضمه رسول الله صلى الله عليه وآله لحال غربته وعريته وكان يجرى عليه طعامه
صاعا من تمر بالصاع الأول وكساء بشملتين وامره ان يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل فمكث بذلك ما شاء حتى كثر الغرماء ممن يدخل في الاسلام من أهل الحاجة
بالمدينة وضاق بهم المسجد فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله ان طهر مسجدك واخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل ومر بسد أبواب كل من كان له في مسجدك باب الا باب علي عليه السلام
ومسكن فاطمة (ع) ولا يمرون فيه جنب ولا يرقد فيه غرب قال فامر رسول الله صلى الله عليه وآله عند ذلك بسد أبوابهم الا باب علي (ع) وأقر مسكن فاطمة (ع) على حاله قال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر
ان يتخذ للمسلمين سقيفة فعملت لهم وهي الصفة ثم أمر الغرباء والمساكين ان يصلوا فيها نهارهم وليلهم فنزلوها واجتمعوا فيها وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعاهدهم بالبر والتمر
والشعير والزبيب إذا كان عنده وكان المسلمون تبعاه دونهم ويرقون عليهم لرقة رسول الله ويصرفون صدقاتهم إليهم فان رسول الله نظر إلى جويبر ذات يوم
برحمة منه له ورقة عليه فقال له يا جويبر لو تزوجت امرأة فعففت بها فرجك فأعانت على دينك واخرتك فقال له جويبر يا رسول الله بابى أنت وأمي وأي امرأة
ترغب فوالله ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال فأية امرأة ترغب في فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا جويبر ان الله قد وضع بالاسلام من كان في الجاهلية شريفا وشرف
بالاسلام من كان في الجاهلية وضيعا وأعز بالاسلام من كان في الجاهلية ذليلا واذهب الاسلام ما كان من عزة الجاهلة وتفاخرها بعشايرها وباسق أنسابها
فالناس اليوم كلهم أبيضهم وأسودهم وقرشيهم وعربيهم وأعجميهم من ادم وان ادم خلقه الله من طين وان أحب الناس إلى الله عز وجل يوم القيمة أطوعهم له و
اتقاهم وما اعلم يا جويبر لاحد من المسلمين عليكم اليوم فلا الا لمن كان اتقى الله منك وأطوع ثم قال له انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنه أشرف بنى بياضه حسبا
فيهم فقل له انى رسول رسول الله إليك وهو يقول زوج جويبر ابنتك الذلفا قال فانطلق جويبر برسالة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من
605

قومه عنده فاستأذن قومه عنده فاستأذن فاذن له وسلم عليه ثم قال يا زياد بن لبيد انى رسول رسول الله صلى الله عليه وآله إليك في حاجه لي فأبوح بها أم أسرها إليك فقال له زياد بل بح بها فان ذلك
بها فان ذلك شرف لي وفخر فقال له جويبر ان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لك زوج جويبر ابنتك الدلفاء فقال له زياد ان رسول الله صلى الله عليه وآله أرسلك إلى بهدايا جويبر فقال
له نعم ما كنت لا كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له زياد انا لا نزوج فتاتنا الا اكفاءنا من الأنصار فانصرف يا جويبر حتى القى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بعذري فانصرف
جويبر وهو يقول والله ما بهذا نزل القرار ولا بهذا ظهرت نبوة محمد صلى الله عليه وآله فسمعت مقالته الدلفا بنت زياد وهي في خدرها فأرسلت إلى
أبيها ادخل إلى فدخل إليها فقالت له ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبر فقال لها ذكر ان رسول الله صلى الله عليه وآله أرسله وقال له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وآله زوج
جويبر ابنتك الدلفا فقالت والله ما كان جويبر ليكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله بحضرته فابعث الان رسولا ليرد عليك جويبرا فبعث زياد رسولا فللحق جويبر فقال له زياد
يا جويبر مر حبابك اطمئن حتى أعود إليك ثم انطلق زياد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له بأبي أنت وأمي ان جويبرا تأنى برسالتك وقال إن رسول الله يقول زوج جويبرا
بنتك الدلفاء فلن أن له في القول ورأيت لقاءك ونحن لا نزوج الا اكفاءنا من الأنصار فقا له رسول الله صلى الله عليه وآله يا زياد جويبر مؤمن والمؤمن كفوا للمؤمنة والمسلم
كفو للمسلمة فزوجه يا زياد ولا ترغب عنه قال فرجع زياد إلى منزله ودخل على ابنته فقال لها ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت له انك ان عصيت رسول الله كفرت فزوج
جويبرا فاخذ زياد بيد جويبر ثم أخرجه إلى قومه فزوجه على سنة الله. وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وضمن صداقه قال فجهزها زياد وهيؤها ثم أرسلوا إلى جويبر فقال ألك منزل فنسوقها
إليك فقال والله مالي من منزل قال فهيوها وهيئوا منزلا وهيؤا فيه فراشا ومتاعا وكسوا جويبرا ثوبين وأدخلت الدلفا في بيتها وادخل جويبر عليها مغنما فلما أراها نظر
إلى بيت ومتاع وريح طيبة وام إلى زاوية البيت فلم يزل تاليا للقران أو راكعا وساجدا حتى طلع الفجر فلما سمع الندا خرج وخرجت زوجته إلى الصلاة فتوضأت وصلت
الصبح فسئلت هل مسك فقالت ما زال تاليا للقران وراكعا وساجدا حتى سمع الندا فخرج فلما كانت الليلة الثانية فعل مثل ذلك واخفوا ذلك من زياد فلما كان
في اليوم الثالث فعل مثل ذلك فأخبر بذلك أبوها فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له بابى أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وآله أمرتني بتزويج جويبر لا والله ما كان من منكاحنا ولكن
من طاعتك أوجبت على تزويجه فقال له النبي صلى الله عليه وآله فما الذي أنكرتم منه فقال انا هيئنا له بيتا ومتاعا وأدخلت بنتي البيت وادخل معها معتما فما كلمها ولا نظر إليها ولا دنا
منها قام إلى زاوية البيت فلم يزل تاليا للقران وراكعا وساجدا حتى سمع الندا فخرج ثم فعل مثل ذلك في الليلة الثانية ومثل ذلك في الليلة الثالثة ولم يدن منها ولم
يكلمها إلى أن جئتك وما نراه يريد النساء فانظر في امرنا فانصرف زياد وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جويبر فقال له ما تقرب النساء فقال له جويبر أو ما انا بفحل بلى يا رسول الله صلى الله عليه وآله
انى لشبق منهم إلى النساء فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله قد خبرت بخلاف ما وصفت به نفسك قد ذكر لي انهن هيؤا لك بيتا وفرشا ومتاعا وأدخلت عليك فتاة حسناء
عطرت وأنت مغتما فلم تنظر إليها ولم تكلمها ولم تدن منها فماذا وهاك إذا قال له جويبر يا رسول الله صلى الله عليه وآله دخلت بيتا واسعا ورأيت فراشا ومتاعا وفتاة حسنا عطرت
وذكرت حال الذي كنت عليها وغربتي وحاجتي وضيقتي وكينونتي مع الغرباء والمساكين فأحببت إذا ولانى الله ذلك ان اشكره على ما أعطاني الله وأتقرب إليه
بحقيقة الشكر فنهضت إلى جانب البيت فلم أزل في صلواتي تاليا للقران راكعا وساجدا اشكر الله تعالى حتى سمعت النداء فخرجت فلما أصبحت رأيت أن أصوم
ذلك اليوم ففعلت ذلك اليوم ثلاثة أيام ولياليها ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني الله يسيرا ولكني سأرضيها وأرضيهم الليلة إن شاء الله وأرسل رسول الله
صلى الله عليه وآله إلى زياد فاتاه فاعلمه بما قال جويبر فطابت أنفسهم قال ووفى لهم جويبر ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في غزاة له ومعه جويبر فاستشهد رحمه الله
فما كان في الأنصار أيم أنفق منها بعد جويبر مسألة لا يشترط عندنا لكفاءة في اسلام الاباء وهو قول كثير من العامة فلو كان المسلم له أب كافر جاز له ان ينكح
المسلمة التي لا أب لها كافر ويكون كفوا لها وهو قول الشافعي لما تقدم من الأدلة وقال أبو حنيفة اسلام الاباء معتبر في الكفاءة فيمن كان له أبوان أو ثلاثة في الاسلام
والحرية فلا تعتبر من الزيادة كما لا تعتبر في الشهادة ومن كان أب واحد في الاسلام لا يكون كفوا لمن له أبوان في الاسلام وكذا في الحرية وروى عن أبي يوسف أنه يكون
كفوا والجد الواحد بالمشق كما في التعريف في الشهادة وقال الشافعي في القول الثني من أسلم بنفسه ليس بكفو للتي لها أبوان أو ثلاثة في الاسلام وقال بعض الشافعية
انهما كفوان قال بعضهم انه لا ينظر الا إلى الاسلام الأب الأول والثاني فمن له أبوان في الاسلام (فهو صح) كفو للتي لها عشرة في الاسلام لان الأب الثالث لا يذكر في التعريف
فلا يلحق لعار بسببه مسألة الخرقة غير معتبرة في الكفاءة عندنا لما تقدم وبه قال جماعة من العامة فصاحب الحرفة الدنية كفو للشريفة ولسائر المحترفة
وللشافعي قول ان أصحاب الحرف الدينة ليسوا باكفاء للاسراف ولا لسائر المحترقة فالكنايس والحجام وقيم الحمام والحارس والراعي لا يكافئون ابنة الخياط والخياط
لا يكافى ابنة التاجر والبزار وال المحترف ابنة القاضي والعالم وقال بعضهم انه يراعى العادة في العرف والصناعات لان في بعض البلاد التجارة أولي من الزراعة وفي بعضها
الامر بالعكس قالوا إن الحرفة الدنية في الاباء والاشتهار بالفسق مما يعير به الولد فشبه ان يكون حال الذي كان أبوه صاحب حرفة دنية أو مشهورا بالفسق مع التي أبوها
عدل كما تقدم في حق من أسلم بنفسه مع التي أبوها مسلم قالوا والحق ان يجعل النظر في حال الاباء دنيا وسيرة
وحرفة من خير النسب فان مفاخر الاباء ومثالهم هي التي
يدور عليها أمر النسب وقال أبو حنيفة ومحمد الكفاءة في الحرفة معتبرة لا له مما يفتخر بها الناس وتعد الدناءة في الحرفة منقصة وقال أبو يوسف لا يعتبر كما قلنا نحن
لان الحرفة ليست بشئ لازم يقدر المرء على تركها فلا يعير بها الا ان تفحش مثل الحايك والحجام والكنايس والدباغ لا يكونوا كفوا البنت عطار أو بزار أو صراف مسألة
العقل معتبر في الكفاءة لا بمعنى بطلان النكاح من أصله بل بمعنى ان للمرأة الفسخ لو تقدم الجنون العقد والوطئ أو تجدد بعدهما واختلفت الحنيفة في أن العقل هل
يعتبر في الكفاءة فقال بعضهم لا يعتبر لان الجنون بمنزله المرض فيعتبر كساير الأمراض وساير الأمراض لا تسلب الكفاءة فكذا الجنون وقيل يعتبر حتى أن الزوج إذا كان مجنونا لا
يكون كفوا للمراة العاقلة لان الجنون يفوت ما هو المقصود بالنكاح أكثر مما يفوته دفاءة النسب والفقر قال الشيخ (ره) السلامة من العيوب شرط في النكاح و
العيوب سبعة ثلثه يشترك فيها الرجال والنساء الجنون والجذام والبرص واثنان تختص النساء وهو الرتق والقرن واثنان تختص الرجال وهما الجب والعنه بلا خلاف
وكل واحد من النساء أو الرجال عيوبه خمسة وقالت الشافعية من خصال الكفاءة السلامة عن العيوب المثبتة للخيار لان النفس تعاف صحبته من به تلك العيوب و
يختل بها مقصود النكاح واستثنى بعضهم من العيوب المثبتة للخيار العنة وقال إنها لا يتحقق فلا نظر إليها في الكفاءة وأكثرهم سوى بين الغته وغيرها إذا عرفت
هذا فمن به بعض تلك العيوب لا يكون كفوا للسليمة عنها ولو كان بكل واحد منهما عيب فإذا اختلف العيبان فلا كفاءة أيضا وان اتفقا وكان ما في الرجل أفحش أو أكثر فكذلك
ولو تساويا أو اختلف العيبان أو كان ما بها أكثر فلهم وجهان وتجرى الوجهان فيما لو كان مجبوبا والمرأة رتقا وزاد بعض الشافعية على العيوب المثبتة للخيار العيوب
606

التي تنفر النفس عنها كالعمى والقطع وتشوه الصورة يمنع الكفاءة مسألة نقص المهر ليس نقصا في النسب فإذا زوجت الشريفة نفسها بدون مهر المثل لم يكن للأولياء
حق الاعتراض عليها وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد واحمد لان من لا يملك الاعتراض في جنس المهر لا يملك الاعتراض في قدره كما لو رضي بذلك أحد الأولياء لم يكن
للباقين حق الاعتراض فيه وقال أبو حنيفة لهم الاعتراض في قدره لان ذلك مما يلحق به العار ويستضربها عشيرتها فان مهر المثل يعتبر بنساء العشيرة فكان للأولياء فيه
الاعتراض كالفكاءة ويلزم عليه الجنس إذا كان دينا ولى خفة المهر عارا لأنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان رسول الله صلى الله عليه وآله أولي بذلك ونساء العشيرة
انما تعتبر بمهورهن بمن لم تحابى في مهرها مسألة الكفاءة في النساء للرجال غير معتبرة عندنا وبه قال أبو حنيفة لان الرجال لا تعير بتزويج غير الكفؤ ولا يلحق الأولياء
ضرر بذلك واعتبرها أبو يوسف ومحمد استحسانا لان المتعارف من المطلق انما هو الاذن بتزويج الكفاءة والحق ما قلناه فان رسول الله صلى الله عليه وآله لا مكافئ له وقد تزوج
من احياء العرب وتزوج صفية بنت حي وتسرى بالإماء ولان المولود يشرف بأبيه لا بأمة مسألة ليست الكفاءة شرطا لصحة النكاح الا في الايمان وهو قول أكثر
أهل العلم وروى نحوه من عمر وابن مسعود وعمر وبن عبد العزيز وحماد بن أبي سليمان وابن سيرين وابن عوف ومالك والشافعي وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين
لقوله تعالى ان أكرمكم عند الهل أتقاكم وقالت عايشه ان أبا حذيفة ابن عنبه وابن بيعه تبنى سالما وانكحه ابنة أخيه هندا بنت الوليد بن عتبه وهو مولى لامرأة من الأنصار
وامر النبي صلى الله عليه وآله فاطمة بنت قيس ان تنكح أسامة ابن زيد مولاه فنكحها بأمره وقال ابن مسعود لأخته أنشدك الله ان تتزوجي الا مسلما وإن كان احمر روميا أو اسود حبشيا ولان
الكفاءة لا تخرج عن كونها حقا للأولياء اولهما فلا يشترط وجودها كالسلامة من العيوب وحجم أبو هند النبي صلى الله عليه وآله في اليافوخ فقال النبي صلى الله عليه وآله يا بنى بياضة انكحوا إليه أبا هند
انكحوا إليه وقال احمد في الراية الأخر انها شرط وهو رواية عن مالك فإذا تزوج المولى العربية فرق بينهما وبه قال سفيان قال احمد لو كان المتزوج حايكا فرقت
بينهما لقول عمر لأمنعن تزويج ذوات الأحساب الا من الأكفاء وعن أبي إسحاق الهمداني قال خرج سلمان وجرير في سفر فأقيمت الصلاة فقال جرير لسلمان تقدم
فقال سلمان بل أنت فإنكم معشر العرب لا يتقدم في صلاتك ولا تنكح نساؤكم ان فضلكم علينا بمحمد صلى الله عليه وآله وجعله فيكم ولان التزويج مع فقد الكفاءة تصرف في حق من
تخلف من الأولياء بغير اذنه وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تنكحوا النساء الا الأكفاء ولا بزوجهن الا الأولياء وقول عمر ليس بحجة خصوصا وقد فعل النبي صلى الله عليه وآله ضده ونطق
القران بخلافه فقال تعالى ان امركم عند الله أتقاكم وكذا قول سلمان مع احتمال قصد التأدب ونمنع ثبوت حق الكفاءة للأولياء والحديث ضعفه ابن عبد البر و
قال لا أصل له ولا نحتج بمثله على ما ذكروه ولو سلم فيدل على اعتبارها في الجملة لا على انها شرط لا ن للزوجة وكل واحد من الأولياء في الكفاءة حقا ومن لم يرض منهم فله الفسخ
لو قلنا بها ولهذا لما زوج رجل ابنته من ابن أخيه ليرفع بها حسبه ونسبه جعل لها النبي الخيار وأجازت ما صنع أبوها ولو فقد الشرط لم يكن لها خيار والمشترطون
قالوا انما يعتبر وجودها حالة العقد فلو عدمت بعده لم يبطل النكاح لان شروطه النكاح انما تعتبر حالة العقد وإن كانت معدومة وقت العقد لم يصح عندهم
وعلى قول عدم الاشتراط لو رضيت المراة وجميع الأولياء صح النكاح وان لم يرض بعضهم فهل يقع النكاح باطلا من أصله أو صحيحا فيه عن أحمد روايتان وعن الشافعي
قولان أحدهما بال لان الكفاءة حق لجميعهم والعاقد متصرف فيها بغير رضي منهم فلم يصح كتصرف الفضولي والثاني يصح لان المراة التي رفعت إلى النبي صلى الله عليه وآله ان أباها
زوجها من غير كفوها خيرها ولم يبطل النكاح من أصله ولا ن الأصل العقد وقع بالاذن والنقص الموجود فيه لا يمنع صحته وانما يثبت الخيار كالعيب من الغته وغيرها
فعلى هذا القول لمن لم يرض الفسخ وبه قال مالك واحمد والشافعي لان كل واحد من الأولياء يعتبر برضاء غيره كالمراة مع الولي وقال أبو حنيفة إذا رضيت المرأة وبعض
الأولياء لم يكن لباقي الأولياء فسخ لان هذا الحق لا يتجزى أو قدا سقط بعض الشركاء حقه فسقط جميعه كالقصاص قال احمد وسواء كانوا متساويين في الدرجة أو متفاوتين
فلو زوج الأقرب كالأب بغير كفؤ كان للاخوة الفسخ وقال مالك والشافعي ليس لهم فسخ إذا زوج الأقرب لأنه لا حق للأبعد معه قرضاه لا يعتبر وكل هذا البحث ساقط
عندنا لان المعتبر عندنا في الكفاءة الدين واليسار لا غير فلو رضيت المرأة أو أبوها أو جدها مع صغرها بنكاح الفقير صح العقد عندنا فلو كان الذي يلى
امرها السلطان لم يكن له ان يزوجها الا بكفو في الدين واليسار واما في غيرهما فللشافعي فيما لو زوجها من غير كفؤ إذا التمسته المراة قولان أحدهما نعم كالولي الولاء والنسب
لأنه لا يرجع إلى المسلمين منه عاروا أظهرهما عندهم المنع لأنه كالنايب الناظر لأولياء النسب فلا يترك ما فيه الحظ وقد اختلف قولي الشافعي فيما لو زوجها أحد الأولياء
من غير كفؤ برضاها دون رضي الآخرين فقال في موضع ان النكاح لا يثبت وفي موضع للباقين الرد ولأصحابه طرق أحدها ان في المسألة قولين أصحهما
عندهم ان النكاح باطل لانهم أصحاب حقوق في الكفاءة فاعتبر اذنهم كاذن المرأة والثاني يصح ولهم الخيار لان النقصان يقتضى الخيار لا لبطلان كما لو اشترى معيبا
والطريق الثاني القطع بالقول الأول وحمل القول الثاني على أن لهم المنع من التزويج من غير الكفؤ والثالث القطع بالقول الثاني وعند أبي حنيفة يلزم النكاح ولا اعتراض
للآخرين فخالف القولين جميعا كما قلناه مسألة قال الشيخ في الخلاف للأب ان تزوج ابنته الصغيرة بعيدا ومجنون أو مجهول أو مجذوم أو أبرص أو اخصى وقال
الشافعي ليس له ذلك ثم استدل الشيخ بان الكفاءة ليس من شرطها لا حرية ولا غير ذلك من الأوصاف ولأصالة الإباحة ولو زوجها من واحد ممن ذكرنا صح العقد و
للشافعي قولا ن وقال في المبسوط لو زوجها الأب أو الجد بعبد ثم بلغت لم يكن لها الاعتراض وقال بعض علماؤنا إذا زوجها الولي بالمجنون أو الخصي صح ولها
الخيار وكذا لو زوج الطفل بمن بها أحد المعيب والموجبة للفسخ ولو زوجها بمملوك لم يكن لها الخيار إذا بلغت وكذا الطفل وقيل بالمنع في الطفل لان نكاح الأمة
مشروط بخوف العنت ولا يتحقق في ابن الصبى وللشافعي قولان فيما إذا زوج الأب أو الجد له البكر الصغيرة أو البالغة من غير اذنها ممن به إحدى العيوب من جنون
أو خبال أو غيرهما والفرق بين الجنون والخبال ان المجنون يعترض للناس ويخافونه والمجن لا يعترض لهم وكلاهما إذا هب العقل وأصحهما عندهم البطلان لأنه
على خلاف الغبطة وإذا لم يصح التصرف في المال على خلاف الغبطة فالتصرف في البضع أولي والثاني الصحة لأنه عيب في المعقود عليه فلا يمتنع صحة العقد كما لو اشترى
شيئا فوجده معيبا وعلى تقدير الصحة فهل عليه ان يفسخ في الحال أو يدعه حتى يبلغ ويختار فيه قولا أحدهما ان عليه رده وفسخ كما لو اشترى بها شيئا فوجده
معيبا والثاني ليس له ذلك لاختلاف الشهوات والنكاح متعلق بالشهوة فإذا بلغت تخيرت وبه قال بعض الشافعية وان القولين منزلان على حالين ان علم
الولي عدم الكفاءة فالنكاح باطل والا فصحيح وقال بعضهم بالقطع بالبطلان سواء علم أو لم يعلم وعلى القول بالصحة فللمراة الخيار إن كانت بالغة وإن كانت
صغيرة فإذا بلغت ولهم وجه اخر انها لا تتخير وعليها ان ترضى بعقد الأب وهل للولي الخيار في صغرها فيه قولان أحدهما نعم كما لو اشترى للصغير معيبا والثاني
لا لأنه يتعلق بالشهوة والطبع فلا تجرى فيه النيابة وقال بعضهم ان جهل الولي حال الزوج فله الخيار والا فلا وطرده بعضهم في حالة العلم والجهل لأنه ليس
607

عاقدا لنفسه حتى يلزمه حكم عمله هذا إذا كان العاقد هو الولي وحده فإن كان معه غيره فلهم الاعتراض على العقد وفسخه قولا واحد لان العاقد أسقط حقه برضائه
والباقون لم يرضوا وقال أبو حنيفة إذا زوجها الأب من غير كفو صح النكاح ولا خيار لها بعد البلوغ والوجه عندي صحة النكاح وثبوت الخيار إما صحة النكاح
فلان الولي كالمولى عليه في التصرفات مع كماله ولا ريب ان الصغيرة لو كانت بالغة كان لها ان تزوجت ممن له إحدى العيوب فكذا الولي إما ثبوت الخيار فلانه أمر يتعلق
بالشهوة ولاحظ فيه لغيرها ولأنها لو فعلت ذلك مع جهلها كان لها الخيار لو علمت مسألة لو زوج ابنه الصغير بمن بها أحد العيوب المثبتة للخيار فالأقوى
الصحة وثبوت الخيار له عند البلوغ كما تقدم في البنت وللشافعي قولان كما في تزويج البنت الصغيرة من غير كفؤ والصحيح انه لا يصح النكاح لأنه عقد و (وقع على خلاف الغبطة صح) وقال بعضهم
ان قبل له نكاح الرتقا والقرنا لم يصح لاشتماله على بذل المال في مقابلة بضع لا ينتفع به بخلاف تزويج الصغيرة من المجبوب وان قبل له نكاح أمة لم يصح لأنه لم يوجد
خوف العنت وان قبل نكاح من لا يكافيه بجهة أخرى فوجهان كالقولين في تزويج البنت الصغيرة بمن لا يكافيها لكن الأشبه هنا الصحة عندهم لام المرأة تعير
بان يستفرشها من لا يكافيها والرجل لا يعير بان يستفرض من لا يكافيه فان قبل له نكاح عميا فوجهان (كما صح) فيما لو قبل نكاح عجوزا أو مفقوده بعض الأطراف وحينئذ
يجب ان يكون في تزويج الصغيرة من الأعمى والاقطع والشيخ الهم مثل هذا الخلاف وان قبل لابنه المجنون نكاح أمة جاز إن كان معسرا وكان يخشى عليه العنت وفيه لهم
وجه انه لا يجوز لأنه لا يخشى وطى يوجب حدا أو أثمنا وإن كان النقصان بسبب آخر فعلى ما ذكرنا في القبول للصغير وان زوج ابنته من خنثى أو قبل لابنه نكاح خنثى فان
أثبتنا الخيار بهذا السبب فهو كالتزويج من المجنون وقبول نكاح المجنونة والا فكالأعمى وللسيد ان يزوج أمته من الرقيق وذي النسب ويزوجها ممن به عيب من
العيوب المثبتة للخيار ويثبت لها الخيار بعد العتق ومنع الشافعي من تزويجها وبه من تزويجها من لا يكافيها بسبب اخر فان قبل فقولان للشافعي البطلان والصحة مع
الخيار وللشافعية وجه ضعيف عندهم انه يصح ولا خيار هلا ولو زوجها ممن به عيب برضاها لم يكن لها الامتناع من التمكين ولا بعد العتق وللمولى بيعها ممن به بعض
العيوب المثبتة للخيار لأن الشراء لا يتعين للاستمتاع وليس لها الامتناع من التمكين وللشافعية وجهان لان الواطي في ملك اليمين بمثابة نفس النكاح البحث
الخامس فيما يجب على الولي فعله وهو قسمان الأولى في النكاح مسألة الولي المجبر كالأب والجد له ينبغي ان تزوج ا لبنت الصغيرة م الكفؤ استحفاظا به
وتحصيلا له نعقد يفوت ويتعذر مثله ولو بلغت وطلبت التزويج لم يجز لهما منعها منه إذا كان الخاطب كفوا لقوله تعالى ولا تعضلوهن الآية ولو كانت المرأة
مجنونة وجب على الولي تزويجها ويجب تزويج المجنون إذا مسته الحاجة بظهور امارات التوقان أو يتوقع الشفاء إذا أشار به الأطباء ولا يجب عليه تزويج
ابنه الصغير ولا تزويج ابنة الصغيرة لانتفاء الحاجة لكن لو ظهرت الغطبة ففي وجوب تزويجها للشافعية وجهان أحدهما الوجوب لقول النبي صلى الله عليه وآله لعلى (ع) لا توخر
أربعا وذكر منها تزويج البكر إذا وجدت كفوا ولأنه يجب عليه بيع ماله إذا طلب بزيادة فكذا هنا وترددوا في وجوب تزويج الصغير عند ظهور الغبطة لكن
الوجوب فيه ابعد لما يلزمه من المؤن واما غير المجبر فليس له ولاية التزويج عندنا فيه وقال الشافعية إن كان متعينا كأخ واحد فعليه الإجابة إذا التمست التزويج
كالمجبر وان لم يكن متعينا كإخوة أو أعمام فالتمست التزويج من بعضهم ففي وجوب الإجابة لهم وجهان كالوجهين فيما إذا كان في الواقعة شهود فدعا بعضهم إلى أداء
الشهادة والأظهر عندهم وجوب الإجابة ولو عضل الواحد أو الجماعة زوج السلطان مسألة روى هشام بن الحكم في الصحيح عن الصادق (ع) أو الكاظم (ع)
قال قيل له انا تزوج صبياننا وهو صغار قال فقال زوجوهم صغار لم يكاد واما تلفون مسألة إذا زوج الأبوان الصغيرين لزم العقد ولم يكن لأحدهما
فسخه بعد بلوغه فان مات أحدهما ورثه الأخر لتحقق الزوجية بينهما ولعموم قوله تعالى ولكم نصف ما ترك
أزواجكم وقال تعالى ولهن الربع مما تركتم وكل واحد من هذين
زوج ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) في الصبى يزوج الصبية يتوارثان قال إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم قلت فهل يجوز طلاق الأب قال لا والوجه
ان حكم الجدين للأب والجد لأحدهما كالأب مع أب الأخر كذلك فلو زوجهما غير الأبوين والجدين من ساير القربات كالجدين للام أو الاخوة أو الأعمام وغيره كان العقد
موقوفا على بلوغهما ورضاهما بالعقد وتقريره فان ماتا أو مات أحدهما قبل بلوغه بطل العقد لأنه عقد غير لازم موقوف على رضا الميت بعد بلوغه ولم يحصل
الشرط فيبطل ولو بلغ أحدهما ورضى بالعقد ثم مات الأخر قبل بلوغه بطل العقد أيضا لفوات شرطه رضي الزوجين معا بعد بلوغهما فان مات البالغ
بعد اجازته ورضاه بالعقد ثم بلغ الأخر ففسخ العقد بطل النكاح أيضا ولم يرث من الميت شيئا وان أجاز بعد بلوغه احلف بالله تعالى انه لم يجز العقد للرغبة في الميراث
ثم يرث نصيبه من التركة لأنه عقد حصل شرطه وهو تراضى الزوجين عليه والاحلاف للاحتياط في سبب الميراث وهو تحقق الزوجية لاحتمال ان يكون اجازته للرغبة
في الميراث لان لرضى بالعقد لمجرد النكاح خاصة ولما رواه أبو عبيد ه الحذا في الصحيح عن الباقر (ع) قال سألته عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين فقال
النكاح جايز وأيهما أدرك كان له الخيار فان ماتا قبل ان يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر الا ان يكون قدر أدركا ورضيا قفلت فان أدرك أحدهما قبل الأخر قال يجوز ذلك
عليه ان هو رضي قلت فإن كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية ورضى بالنكاح ثم مات قبل ان تدرك الجارية ارثه قال نعم يعزل ميراثها منه حتى يدرك فيحلف الله
ما دعاها إلى اخذ الميراث الا رضي بالتزويج ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر قلت فان ماتت الجارية ولم يكن أدركت أيرثها الرجل المدرك قال لا لان له الخيار
إذا أدرك قلت قلت فإن كان أبوها هو الذي زوجها قبل ان تردك قال يجوز عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام والمهر على الأب للجارية إذا عرفت هذا فالوجه ان
حكم الأجانب في هذا الباب حكم الأقارب لاشتراكهما في انتفاء الولاية فحكمهما واحد وكذا الأولى ان حكم المجنون حكم الصغيرين في البابين معا مسألة إذا
قبل الأب لابنه الصغير أو المجنون نكاح امرأة على صداق قال علماؤنا إن كان للصبي مال حال العقد كان المهر في مال الصبى دون الأب لأنه الناظر في مصالحه والوالي
عليه في تلك الحال وان لم يكن للابن منال كان المهر لازما للأب يؤخذ من صلب تركته إذا مات ومنه لو كان حيا سواء ضمن الأب المهر أولا لأنه لما قبل النكاح لولده
مع علمه باعساره وعلمه بلزوم الصداق بعقد النكاح علم من حيث العرف والعادة انه دخل على أن يضمنه فقال العرف في هذا مقام نطقه لما رواه محمد بن مسلم
في الصحيح عن أحدهما عليهما لاسلام قال سألته عن رجل كان له ولد فزوج منهم اثنين وفرض الصداق من أين يجب الصداق من جملة المال أو من حصتهما قال
من جميع المال انما هو بمنزله الدين وفي الموثق عن عبيد بن زرارة قال سالت الصادق (ع) عن الرجل يزوج ابنه وهو صغيران كان لابنه مال فعليه المهر وان يكن له
مال فالأب ضامن للمهر ضمن أولم يضمن وفي الصحيح عن الفضيل بن عبد الملك قال سالت الصادق (ع) عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير قال لا باس قلت يجوز
طلاق الأب قال لا قلت على من الصداق قال على الأب إن كان ضمنه وان لم يكن ضمنه فهو على الغلام الا ان يكون للغلام مال فهو ضامن له وان لم يكن ضمن
608

وقال إذا زوج الرجل ابنة فكذلك إلى ابنه فإذا زوج الابنة جاز وقال الشافعي إذا زوج الأب ابنه الصغير أو المجنون بصداق ومن مال الابن فإن كان عينا صح ولا
تعلق له بالأب وإن كان دينا فقولان القديم ان الأب يكون ضامنا للمهر بالعقد للعرف والجديد انه لا يكون ضامنا الا ان يضمن صريحا كما لو اشترى للطفل شيئا
يكون الثمن على الطفل لا على الأب ثم اختلف أصحابه في موضع القولين من وجهين أحدهما ان القولين فيما إذا اطلق إما إذا شرط كونه على الابن فهو على الابن لا غير و
الثاني خصص الأكثر القولين بما لم يكن إذا للابن مال وقطعوا فيما إذا كان له مال ان الابن (الأب صح) غير ضامن ومنهم من طرد القولين في الحالين وقال احمد إذا زوج ابنه
تعلق الصداق بذمة الابن سواء كان موسرا أو معسرا لأنه عقد للابن فكان عليه بدله كثمن المبيع وهل يضمنه الأب فيه روايتان إحديهما انه يضمن لأنه قال تزويج
الأب لابنه الطفل جايز ويضمن الأب المهر لأنه التزم العوض عنه فضمنه كما لو نطق بالضمان والاخرى لا يضمنه لأنه عقد معاوضة ناب فيه عن غيره فلم يضمن عوضه
كثمن مبيعه أو كالوكيل قال بعض أصحابه الروايتان فيما إذا كان الابن معسرا إما الموسر فلا يضمن الأب عنه رواية واحدة والوجه عندي أن يقول المهر إن كان عينا من
مال الطفل فلا ضمان وإن كان دينا فإن كان الابن موسرا فلا ضمان أيضا الا ان يصرح بالضمان وان (كان صح) معسرا فاما ان يضمن الأب فيتعلق به المهر قطعا أو يصرح بنفي
الضمان فلا ضمان أو يطلق فيضمن أيضا للروايات الصحيحة في قولهم (ع) ضمن أو لم يضمن ويحمل قوله أو لم يضمن على عدم اشتراط الضمان لا على اشتراط عدمه مسألة (كل صورة صح)
لا يضمن الأب فيها كالموسر لو أدي المهر تبرعا لم يرجع وكذا الأجنبي وبه قال الشافعي على الجديد ولو ضمن صريحا تعلق المهر بذمته عندنا وعنده فلو عزم رجع إن كان
قصد الرجوع لان قصد الرجوع هنا يجرى مجرى اذن المضمون عنه في الضمان فإذا ضمن على قصد الرجوع رجع قطعا وبه قال الشافعي والا فعلى الخلاف المذكور في الضمان
بغير الاذن والاداء بغير الاذن وان ضمن بشرط براءة الأصيل فللشافعي قولان أحدهما ان الضمان بشرط براءة الأصيل باطل فيكون هذا الضمان فاسدا ولو شرط في عقد
الصداق فلهم قولان في أن شرط الضمان الفاسد والرهن الفاسد في العقد هل يتضمن فساد العقد أم لا والثاني انه يصح الضمان بشرط الأصيل وهو مذهبنا فهنا قال
الشافعي يكون الشرط فاسدا لأن العقد يستدعى ثبوت العوض في ذمة المعقود هل وفي هذه الصورة الدين ثابت مستقر فلا يبعد سقوطه وإذا فسد الشرط نفى فساد
الضمان وجهان تقدما في الضمان وعلى قول القديم للشافعي إذا عزم قال بعض أصحابه لا يرجع به على الابن كما لا يرجع العاقلة على الجاني لان كل واحد منهما عزم لزم
بالشرع ابتداء فاعترضه الجويني بان الأب نصب المنظر ورعاية مصلحة الابن فكيف يجعل نظره وتصرفه موجبا للغرم الثقيل عليه وليس كذلك العاقلة مع الجاني وتحقيق
الفرق ان يتوجه المطالبة على الابن ولا يتوجه على الجاني فعلى هذا يرجع ان قصد الرجوع عند الأداء والحق عندنا انه لا يرجع لأنه أداء مال وجب عليه بالشرع ولو شرط
الأب ان لا يكون ضامنا قال بعض الشافعية يبطل العقد على القديم قال الجويني انه وهم فان النكاح لا يفسد بمثل ذلك ولعله قال يبطل الشرط ويلزم الضمان مسألة
لو طلق الابن قبل الدخول وكان المهر قد سلمه الأب من ماله سقط بالطلاق نصف الصداق ويرجع هذا النصف إلى الابن لا الولي وليس للأب الرجوع فيه لان الابن
ملكه بالطلاق عن غير أبيه فأشبه ما لو وهبه الأب لا جنبي ثم وهبه الأجنبي للابن ويحتمل عند بعض العامة ان يرجع إلى الاقب لأنه تبرع عن ابنه الكبير فلم يستقر الملك حتى
استرجعه الابن وكذا البحث لو قضى الصداق عن ابنه الكبير ثم طلق قبل الدخول ولو ارتدت الزوجة قبل الدخول فالحكم في الرجوع في جميع الصداق كالحكم في الرجوع في النصف
بالطلاق وقال أبو حنيفة إذا ضمن عنه ابنه الصغير جاز لان المهر وجب على الابن ولكن لا يطالب لعجزه عن الايفاء بنفسه فأقيم الأب مقامه فيها وان أدي لا
يرجع على الولد استحسانا لأنه صلة منه له لان العادة قد جرت ان الاباء يتبرعون على الأولاد بمهور نسائهم مبرة وصلة والنايب عرفا كالنايب شرعا ويسترجع قياسا
كما لو ضمن الوصي والولي إذا زوج الصغير ثم أدي المهر يرجع به في مال الصغير لأنه لا صلة منه لعدم العرف في حقه ولو مات الأب قبل ان يؤدى واخذ من تركته قال أبو
حنيفة يرجع به بقية الورثة على في حصته لان الصلة لم تتم من جهة الأب ولم يصر المودى صلة من جهة الورثة لأنه لا عرف في حقهم فان ضمن في المرض ومات اخذ من
تركته ويرجع باقي الورثة على الابن لأنه تعلق حقهم بما له وان العادة لم تجر بأداء البعض مهر البعض القسم الثاني ما يجب على الولي فعله في غير النكاح مسألة
يجب على الولي حفظ مال الطفل لان الله تعالى جعله قيما عليه ناظرا في مصالحه وتحصيل منافعه ودفع المفاسد عنه فيجب عليه مراعاة حاله في حفظ ماله وصونه عن أسباب
التلف وعلى استنماؤه بحيث لا يأكله النفقة والمؤن ان أمكن ذلك ولا تجب عليه المبالغة في الاستنماء وطلب النهاية فيه ولو طلب متاعه بأكثر من ثمنه وجب بيعه الا
ان تقتضي المصلحة بقاؤه ولو كان هناك متاع يباع بأقل من ثمنه وللطفل مال وجب ان يشتريه مع المصلحة والغبطة الا ان يرغب الولي في شرائه لنفسه فيجوز وما
يحتاج الطفل إلى ابقائه وحفظ ثمنه لا يجوز بيعه وان طلب بالزيادة والعقار الذي يحصل منه قدر كفايته لا يباع وكذا في طرف الشراء قد يكون الشئ رخيصا
لكن يكون في معرض التلف أو يتعذر بيعه لقلة الراغب فيه فلا يشتريه الولي لأنه يكون ثقله على الطفل مسألة على الطفل يجوز للأب ان ينصب على ولده قيما
لحفظ ماله واستنمائه وحراسته بأجرة المثل وان يرفع امره إلى القاضي ليفعل القاضي ذلك ويجوز ان ينصب الأب نفسه بأجرة وقالت الشافعية لو طلب من القاضي
ان يثبت له اجرة على عمله لم يجبر إليه سواء كان غنيا أو فقيرا الا انه إذا كان فقيرا ينقطع عن كسبه فله ان يأكل منه بالمعروف والوجه عندي ان له أجرة المثل لان له
ان يستأجره من يعمل فإذا جاز له بذل الأجرة لغيره جاز له طلب الأجرة لنفسه وبه قال بعض الشافعية وحينئذ قال بعض الشافعية لا بد من تقدير القاضي وليس له الاستقلال
به والأقوى جواز الاستقلال به لأنه أشفق من غير ولو وجد متبرع بالحفظ والعمل وطلب الام الأجرة فللشافعية وجهان أظهرهما انه لا يثبت له اجرة لحصول
الغرض مع حفظ مال الطفل عليه والثاني يثبت لزيادة شفقته كمنا ان الام تأخذ اجرة الارضاع على قول وان وجدت متبرعة أجنبية البحث التاسع
في المولى عليه مسألة انما تثبت الولاية على ناقص بصغر أو جنون أو سفه أو رق أو انوثة وقد مضى البحث عن كثير منها وبقى ما نذكره الان فالمجنون إن كان كبيرا
لم يزوج الا ان تدعوا لحاجة إليه لما فيه من لزوم المهر والنفقة عليه من غير حاجة تدعوا إليه بخلاف الصغير الذي يجوز تزويجه حال صغره لان للصغر غاية يتوقع
بعدها كما له فلا يراعى في نكاحه الا المصلحة وإذا ادعت الحاجة إلى تزويج المجنون جاز ان يزوجه الولي والسلطان وتظهر الحاجة إذا رغبت في النساء يتبعه وتعلق
بهن وطلب منهن الفعل وحام حواهن وما أشبه ذلك وإذا احتاج إلى امرأة تخدمه وتتعهد بالقيام به ولا يوجد في أهله من يتكفل بذلك وتكون مؤنة الزوجة أخف
من شرائه أمة تخدمه فحينئذ تستجز الزوجة لئلا ترجع عن الوعد بالخدمة فان ذلك ليس واجبا عليها وكذا لو ظن الشفا بالنكاح ففي هذه المواض يجوز ان تزوج
ويكون القابل الأب أو الجد له دون باقي العصبات فإن لم يكونا فالسلطان لأنه يلى ماله اجماعا مسألة المجنون الصغير يجوز للأب أو الجد له ان يزوجاه مع المصلحة
كالعاقل وليس لغيرهما ذلك من عصبة وسلطان اجماعا وهو أحد وجهي الشافعي والظاهر عندهم انه لا يزوج لأنه لا حاجة له إلى النكاح في الحال وبعد البلوغ
609

لا يدرى كيف يكون الامر بخلاف الصغير العاقل فان الظاهر حاجته إلى النكاح بعد البلوغ والتعهد والخدمة قد يقمن بهما الأجنبيات وخرج بعض الشافعية على هذين
الوجهين التزويج م الصغير الممسوح والوجه اعتبار المصلحة وتحصيل الغبطة في ذلك كله وفي صورة جواز تزويج المجنون لا يزوج الا زوجة واحدة لاندفاع
للحاجة بها واما الصغير العاقل ففي تزويجه من أكثر من واحدة احتمال أقربه الجواز مع المصلحة إذا تزويجه منوط بالمصلحة والغبطة فمتى حصلت أجاز وهو أحد وجهي
الشافعية والثاني المنع لئلا تكثر المؤنة عليه مع وقوع الكفاية بالواحدة مسألة المجنونة يزوجها الأب أو الجد له ولا يشترط عدم الأب في ولاية الجد خلافا
للشافعية ولا حياته خلافا للشيخ ولا فرق بين ان يكون المجنونة ه صغيرة أو كبيرة كبرا أو ثيبا عندنا وبه أقل الشافعي وللشافعية وجهان آخران أحدهما ان الأب لا يستقل
بتزويج البنت الكبيرة بل يفتقر إلى اذن السلطان بدلا عن اذنها وليس بشئ والثاني ان الأب لا يزوج البنت الصغيرة كما لو كانت عاقلة والأصل ممنوع ولا يكفى في تزويجها
ظهور الحاجة بل يكفى ظهور المصحلة بخلاف المجنون لأنها تستفيد من النكاح النفقة والمهر والمجنون يغرمهما ولا فرق بين المجنونة التي سبق رشدها ثم جنت وبين
المجنونة الصغيرة إذا استرم جنونها وهو أحد وجهي الشافعي والثاني ان التي تجدد جنونها بعد بلوغها يكون الولاية للسلطان لا للأب كالمال والأصل ممنوع ولو لم يكن
للمجنونة أب ولا جد فإن كانت صغيرة احتمل ان يزوجها السلطان مع المصلحة لان الحاجة قد تدعوا إلى تحصيل الكفؤ وقال الشافعي لا تزوج وهو قول أكثر علمائنا
لأنه لا حاجة لها في الحال وغير الا بو الجد لا يملك الاجبار وإن كانت بالغة زوجها السلطان وهو أظهر قول الشافعي لأنه ليس في أقاربها من له كمال الشفقة
فيفوض الامر إلى من له الولاية العامة ولأنه يلى مالها في هذه الحال فكذا يلى نكاحها والثاني ان القريب يزوجها من الخ والعم لان النسيب أشفق واولى من السلطان
وعلى هذا الثاني لا ينفرد به القريب عند الشافعي بل يحتاج إلى مراجعة السلطان فيقوم اذن السلطان مقام اذنها فان امتنع القريب زوجها السلطان كما في العضل
وعلى الأول فالسلطان عندهم يراجع أقاربها وهل هذه المراجعة واجبة أو مستحبة وجهان أحدهما انها واجبة لان الأقارب اعرف بحالها واحرص على طلب الخط
لها فان شاورهم فلم يشيروا بشئ استقل السلطان والثاني انها مستحبة وفاء بتفويض الامر إلى السلطان وانما يزاحمهم (فيجوز له التزويج بإذن وليه صح) تطييبا لقلوبهم كما استحب الشافعي
في صورة غيبة الولي وساير صور تزويج السلطان بان يشاور ذوي الرأي من أقاربها فإن لم يكن فيهم ولى
شاور أقاربها من طرف الام والوجهان في ساير وجوب المساواة
جاريان في التزويج من المجنون مسألة المخبل وهو ناقص العقل الذي في عقله خلل وفي أعضائه استرخاء. ولان حاجة له إلى النكاح غالبا فان فرض
احتياجه زوجه الأب أو الجد له فإن لم يكونا فالسلطان وإذا خرج بالخيال عن حد الرشد والبالغ المنقطع جنونه لا يجوز التزويج منه إلى أن يفيق فيأذن ويشترط
وقوع العقد في وقت الإفاقة حتى يأذن ولو عاد الجنون قبل العقد بطل الاذن كما تبطل الوكالة بالجنون وكذا البنت المنقطع جنونها والمغلوب على عقله بمرض
اصابه ينتظر افاقته فإن لم يتوقع الإفاقة فهو كالجنون مسألة المجنون ة إذا زوجها الولي أو السلطان يزوجها عند ظهور الحاجة إليها بان يظهر منها غلبة
الشهوة والميل إلى الرجال أو يحكم أهل الطلب يتوقع الشفاء عند التزويج واما إذا لم يظهر ذلك وأراد التزويج لكافية النفقة أو لمصلحة الاستيناس أو لغيرها من
المصالح فإنه يجوز أيضا وهو أحد وجهي الشافعية كما أن للأب ان يزوج لمجرد المصلحة وأصحهما المنع عندهم لان تزويجها يقع اجبار إذ غير الأب والجد له لا يملك الاجبار
وانما يصار إليه للحاجة النازلة منزلة الضرورة حتى قال الجويني كنت أو دلو استنبط مستنبط من الخلاف في اذن الثيب الصغيرة المجنونة هل يزوجها أبوها انه
هل يكفى بمجرد المصلحة في البالغة أم تعتبر الحاجة لكن اتفق الأصحاب على الاكتفاء بالمصلحة مسألة المحجور عليه للفلس يجوز له التزويج والاستقلال به من
غير حاجة إلى اذن ولى أو حاكم بلا خلاف واما المحجور عليه للسفه وهو المبذر لما له قال الشافعي أو المفسد لدينه وفيه نظر سبق فان الحاكم بحجر عليه لحفظ ماله سواء؟؟؟
مبذرا أو تجدد سفهه بعد بلوغه فإذا حجر عليه فإن لم يكن به حاجة إلى النكاح لم يزوج لاشتماله على ضرر تحمل المهر والنفقة الا ان يكون مفتقرا إلى من يخدمه فيزوجه
وليه امرأة لتخدمه لأنه إذا كان بينهما نكاحا صارت محرما له يجوز له الخلوة بها فيكون ذلك أحوط إذا عرفت هذا فأكثر الشافعية على أنه يشترط في نكاح السفية حاجته
إليه وهو قول الشيخ (ره) لان فيه اتلاف ماله فيما لا يحتاج إليه وبنوا على هذا انه لا يزوج الا امرأة واحدة كما في المجنون قالوا والحاجة إلى النكاح بان تغلب شهوته
ويلحق بهما إذا احتاج إلى من يخدمه ولم يقم بخدمته محرم وكانت مؤنة الزوجة أخف من ثمن جارية ومؤنتها ولم يكتفوا في الحاجة بقول السفيه لأنه قد يقصد اتلاف
المال بل اعتبروا ظهور الامارات الدالة على غلبة الشهوة وروى الجويني وجها اخر للشافعية انه يجوز التزويج منه لمصلحته لان العاقل لا يبعدان تحنكه التجارب
بخلاف المجنون فان افاقته بعيده ولم تعتبر ظهور امارات الشهوة واكتفى فيها بقول السفيه لأنه لو اعتبرت الحاجة في النكاح لما اعتبر اذنه كالمجنون وكما لو عرف
جوعه فإنه يطعم وان لم يطلب الطعام بخيله أو إذا اعتبر اذنه و. مراجعته وجب ان يكتفى بقوله ولا يعتبر ظهور الامارات لأنه صحيح العبارة في الجملة فصار كالمرأة
إذا التمست التزويج قالوا وقضية هذا جواز الزيادة على واحدة إذا لم يكف الواحدة للخدمة والمعتمد عندنا الحاجة والضبط بالمصلحة مسألة إذا
ذكر السفيه حاجته إلى النكاح وعلم الولي حاجته وجب عليه ان يزوجه لأنه انما نصب ليفعل ما هو مصلحة له وهذا من مصالحه لأنه يبلغ به حاجته ويصون
دينه وعرضه فإنه ربما عدته الحاجة إلى الزنا فيذهب دينه ويقام عليه الحد وليس للسفيه ان يستقل بالتزويج لان النكاح يشتمل على مؤن مالية ولو استقل به لم
يؤمن ان يقنى ماله في المهر والنفقة فلا بد له من مراجعته الولي فإذا عرفت هذا فان الولي بالخيار ان شاء زوجه بنفسه من غير اذنه لأنه منصوب لمصالحه وهذا
منه فهو كطعامه وكسوته وان اختار الولي ان يرد إليه ليعقد السفيه على نفسه جاز لأنه عاقل لم يخرجه سفهه على العقد والتكليف وانما حجر عليه لحفظ ماله و
يخالف الصبى المراهق حيث قلنا ليس لوليه ان يرد إليه عقد النكاح لأنه غير مكلف لا حكم لكلامه في الشرع بخلاف السفيه فان طلاقه واقراره بالحدود صحيح وانما
حجر عليه في المال فإذا تصرف بإذن وليه جاز بخلاف البيع والشراء بإذن الولي فان منهم من منع وفرق بين النكاح والبيع فان البيع يختلف حكمه ساعة فساعة لان
السوق قد يزيد وقد ينقص بدخول الجلب وانقطاعه فافتقر إلى عقد الولي لاحتياطه في ذلك بخلاف النكاح ولا ن المقصود من البيع المال وهو محجور عليه وليس المقصود
من النكاح المال فافترقا مسألة إذا جعل الولي للسفيه ان يتزوج فان عين المرأة شخصا بان يقول تزوج بفلانة بنت فلانة أو صنفا بان يقول تزوج من
بنى فلان أو بإحدى بنات زيد اقتصر السفيه عليها وليس له ان يتزوج بغيرها ثم إما ان يطلق له المهر أو يعينه فان اطلق وعين المرأة نكحها بمهر مثلها أو بأقل فان زاد
على مهر المثل بطل الزايد وصح النكاح بمهر المثل وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال بعضهم يبطل النكاح وليس بجيد لان الخلل في الصداق لا يقتضى فسخ النكاح وللشافعية
على قول صحة النكاح وجهان أحدهما ان الزايد على مهر المثل يبطل ويصح عقده في الباقي والثاني انه تبطل التسمية ويثبت مهر المثل والفرق بين بطلان التسمية
610

انه مع صحة التسمية تملك المرأة مما عينه له أقدر مهر المثل الصحيح ومع فسادها يجب ذلك في الذمة لا يقال العبد إذا اذن له السيد في النكاح فتزوج بأكثر من
مهر المثل فان التسمية تصح وإذا أعتق طالبته بالزيادة فلم لا يقولون هنا إذا فك الحجر كان لها المطالبة بالزيادة لا نا نقول المنع في العبد لحق السيد فإذا أعتق سقط
حق السيد وهنا منعنا الزيادة لحفظ ماله فلو ألزمنا إياه بعد زوال الحجر لم يحصل المقصود بالحجر (فإذا صح) لم يمكن المطالبة به بحال كان باطلا وان عين المرأة والمهر فقال
له انكح فلانه بألف فإن كان مهر مثلها أقل من الف بطل الاذن فان نكحها بألف أو بأقل وإن كان أزيد من مهر المثل بطل المسمى وإن كان مهرا مثلها ألفا فنكحها
به أو بأقل صح النكاح بالمسميان زاد سقطت الزيادة وإن كان مهر مثلها أكثر من الف فان نكح بألف صح النكاح بالمسمى وان زاد لم يصح النكاح عند بعض الشافعية
مسألة لو عين الولي للسفيه المهر ولم يعين المرأة فقال له انكح بألف فنكح امرأة بألف فإن كان مهر مثلها ألفا أو أكثر صح النكاح بالمسمى وإن كان أقل
من الف صح النكاح بمهر المثل وسقطت الزيادة لأنها تبرع وليس السفيه من أهل التبرع وان نكح امرأة بالفين فإن كان مهر مثلها أكثر من الف لم يصح النكاح
لان الولي لم يأذن في الزيادة على الف وفي الرد إلى الف اضرار بالمرأة لأنه دون مهر مثلها وإن كان مهر مثلها ألفا أو أقل صح النكاح بمهر المثل وسقطت الزيادة
لأنها تبرع وليس السفيه من أهل التبرع وان نكح امرأة بالفين؟؟؟ فا ن كان مهر مثلها أكثر من الف لم يصح النكاح لان الولي لم يأذن في الزيادة على الف وفي الرد إلى الف على
وقال بعض الشافعية إذا زاد السفيه على ما اذن الولي بطل (النكاح صح) بكل حال كما لو قالت للوكيل خالع بعشرة فخالع بعشرين بطل الخلع ولو اطلق الولي له الاذن ولم يعين المراة
ولا المهر فالأقرب الجواز فينكح من شاء بمهر مثلها أو أقل كما يجوز اطلاق السيد الاذن في ذلك للعبد الا ان ينكح شريفة يستغرق مهر مثلها ماله أو أكثره فإنه لا يصح
النكاح لأنه غير موافق للمصلحة ونكاح السفيه منوط بالمصلحة ولو تزوج امرأة بأكثر من مهر مثلها صح النكاح وسقطت الزيادة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
لا يصح الاطلاق بل لا بد من تعيين امرأة أو نساء قبيلة أو من تقدير المهر لأنا لو اعتبرنا الاذن المطلق لم يؤمن ان ينكح شريفه يستغرق مهر مثلها ماله ولو عين الولي له
امرأة فعدل السفيه إلى غيرها ونكحها بمثل مهر المعينة قال بعضهم يصح لأنه لا غرض للوى في أعيان الأزواج ولو قال له الولي انكح من شئت بما شئت قال بعضهم يبطل
الاذن لأنه رفع الحجر بالكلية ولو اذن الولي للسفيه في النكاح لم يفده جواز التوكيل لان الولي لم يرفع الحجر آل عن مباشرته مسألة لو قبل الولي النكاح عن السفيه قال
الشيخ لا يشترط اذن السفيه فيه لأنه فوض إليه رعاية مصالحه إذا عرف حاجته زوجه كما يطعمه ويكسوه وهو أحد قولي الشافعية وفي الآخرة يشترط اذنه لا حر
مكلف فلا بد من استيذانه وهو الأصح عندهم واختلف قول الشافعية فنقل بعض أصحابه عنه ان السفيه يزوجه وليه ونقل عنه آخرون انه لا يزوج وليه وقال
بعضهم انه ليس اختلاف قول بل حمل بعضهم الثاني على أنه لم يأذن له الحاكم في تزويجه وبعضهم حمله على ما إذا لم يحتج السفيه إلى النكاح وإذا قبل الولي له النكاح
فيقبل بمهر المثل أو دونه فان زاد فالوجه صح ة النكاح بمهر المثل وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه يبطل النكاح مسألة لو نكح السفيه بغير اذن الولي
مع حاجته إليه وطلبه من الولي فلم يزوجه قال الشيخ (ره) الأقوى الحصة لان الحق قد تعين له فإذا تعذر عليه ان يستوفيه بغيره جاز ان يستوفيه بنفسه كمن له حق
عند غيره فمنعه وتعذر عليه ان يصل إليه كان له ان يستوفيه بنفسه بغير رضي المديون وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان النكاح يبطل لأنه محجور عليه فلا يصح
التصرف منه حين (عدم صح) الاذن كالعبد ويفرق بينهما فإن كان قد دخل بها فلا حد للشبهة وفي المهر أوجه أصحهما عندهم انها لا تجب لأنها بذلت بضعها باختيارها
فكان كما لو بيع منه شئ فاتلفه فإنه لا يضمنه بالاتلاف لأنه سلطه عليه وهذا لان معاقدته والتسليم إليه تسليط له على التصرف والاتلاف واستشكل بعض الشافعية
ذلك من حيث إن المهر حق الزوجة وقد تزوج ولا شعور لها بحال الزوج فكيف يبطل حقها والثاني يجب مهر المثل لان تعرى الوطي عن الحد والمهر جميعا لا سبيل
إليهما والثالث يجب أقل ما يتمول رعاية الحق السفيه ووفاء لحق العقد إذ به يتميز عن السفاح مسألة المحجور عليه للسفه له ان يطلق ولو كان مطلاقا اشترى
له جارية وهل يحص اقرار السفيه على نفسه بالنكاح الأقرب المنع لأنه ليس ممن يباشر النكاح بنفسه فلم يقبل اقراره به وجوز بعضهم اقراره به كالمرأة تقربه وان لم يكن
منها مباشرة النكاح وقد بينا ان أمر نكاح السفيه إلى أبيه وجده لأبيه ان وجدا والا تولاه السلطان ولا فرق بين ان يكون قد بلغ سفيها أو تجدد له السفه عبد
بلوغه ورشده وفرض بعض الشافعية فقال إن بلغ رشيدا ثم طرا السفه؟ مر نكاحه يتعلق بالسلطان وان بلغ سفيها فوض الامر إلى السلطان على أحد الوجهين
وفي الثاني يلى الأب أو الجد له وقال بعضهم يزوجه الحاكم مطلقا ولو حطه الحاكم في حجر انسان وزوجه الذي هو في حجره وقال الجويني ان فوض إلى القيم التزويج
زوج والا فلا واما المحجور على الفلس فله ان ينكح لكن ما في يده كالمرهون (يتعلق به صح) حقوق الغرماء فلا يصرف في مؤن النكاح وانما تثبت مؤن النكاح فيما يكتسبه مسألة
قد بينا ان نكاح العبد والأمة مشروط بإذن المولى فلو اذن المولى لعبده في التزويج فتزويج ثم رجع عن الاذن ولم يعلم به العبد حتى نكح فالأقرب ان النكاح يبطل
وفيه احتمال الصحة وقد مضى البحث في مثله في التوكيل فان دخل العبد فالوجه ان المهر على السيد ان قلنا بثبوت المهر في ذمة السيد إذا اذن في العقد كالوكيل في
الشراء إذا رجع الموكل من غير علمه قبل الشراء وتلف المبيع بغير تفريط فان الثمن يكون على الموكل لأنه غار والمباشر ضعيف بالجهل ولو طلق العبد بعد ما نكح بإذن السيد
لم ينكح اخر الا بإذن جديد وليس له ان يتزوج بها بعد البينونة إما لو طلقها رجعيا فالوجه ان العبد المراجعة من غير افتقار إلى اذن جديد لان الرجعية كالزوجة
فان الرجعة استدامة النكاح ولهذا جازت للمحرم بل لو منع السيد من مراجعتها فالوجه ان للعبد المراجعة ولو اذن له في النكاح فنكح نكاحا فاسدا لم يعتد بهذا
النكاح وكان له ان يزوج أخرى وللشافعي وجهان مبنيان على أن الاذن هل يتناول الفاسد أو يختص بالصحيح مسألة لو اذن لعبده في النكاح كان المهر
في ذمة الملوي على قول أكثر علمائنا وعلى قول الباقين يكون في كسبه وهو قول بعض الشافعية فعلى القولي الثاني لو ضمن السيد المهر من عبده صح ضمانه لأنه دين ثابت
في ذمته وكان للمراة ان يطالب أيهما شاءت إن كان للعبد كسب عند الشافعي لأن الضمان لا ينقل المال عن ذمة المضمون عنه عنده وعندنا الضمان ناقل فليس لها
مطالبة العبد بل للسيد خاصة وان لم يكن لها له كسب طالبت السيد خاصة وبه قال الشافعي فان طلقها العبد قبل الدخول سقط نصفه وكان للسيد لان كسب العبد
له وان طلقها بعد ما أعتق عاد النصف إليه لأنه اكتسبه الان بعد حريته وبه قال الشافعي مسألة لو زوج السيد عبده بحرة بألف ثم ضمن الألف ثم باعه
منها بألف مطلقه ولم يعين تلك الألف التي ضمنها صح البيع لوجود المقتضى وهو العقد الصادر عن أهله في محله ويبطل النكاح فان ملك اليمين ينافى
ملك النكاح لتضاد لوازمهما لأنها إذا كانت زوجته وجب عليه الانفاق عليها وإذا كان عبدها وجب عليها الانفاق عليه وأيضا يثبت لها قهره على السفر
به بمقتضى الملك ويثبت له قهرها على (على الإقامة بمقتضى صح) الزوجية وتنافي في اللوازم يستلزم تنافى الملزومات فلا يمكن الجمع بينهما ويجب الحكم ببطلان أحدهما فغلبنا ملك اليمين لأنه
611

أقوى إذا كان يملك به ما يملك بالنكاح من الاستمتاع ويملك به غير ذلك وإذا ثبت ان النكاح ينفسخ فإن كان قبل الدخول سقط عن الزوج نصف المهر
وهو أحد وجهي الشافعية لان المغلب جهة السيد وهو القايم مقامه ولو أن الزوج خالع قبل الدخول سقط نصف الصداق لأنه هو الموجب للفرقة وكذا هنا
والثاني يسقط جميعه لأنه لا صنع للزوج فيه والسيد ليس بنايب عنه فيه بالمرة ويفارق الخلع لأنه بالزوج ثم آن الطلاق من جهته وانما يجب العوض لقبولها
دون الطلاق فان قلنا بسقط نصفه كما اخترنا فقد برى العبد وسيده من النصف وبقى النصف في ذمتها في أحد الوجهين وللسيد عليها الألف ثمن العبد
تقاصها بالنصف وعلى القول الثاني وهو سقوط جميع المهر يبرء السيد والعبد منه وللسيد مطالبتها بألف والأصل في ذلك ان الفسخ قبل الدخول
إن كان من قبل الزوجة سقط جميع مهرها وإن كان من قبل الزواج سقط نصفه واختلفوا هنا فبعضهم جعل
المغلب حكم الزوج لان عقد البيع بينهما وبين
سيده وسيده قام مقامه فكأنه العاقد فإذا تم العقد بهما غلينا حكم الزوج والثاني المغلب حكمها وانه يسقط جميع مهرها وقواه الشيخ وإن كان ذلك
بعد الدخول فقد استقر المهر ولا يسقط بفسخ النكاح ولكن قد ملكت العبد ولها في ذمته الف فهل يسقط لأجل الملك للشافعي وجهان أحدهما يسقط لان
السيد لا يثبت له في ذمة عبده شئ ولهذا إذا أتلف عليه شيئا لا يضمنه والثاني لا يسقط لان الملك يمنع ابتداء ثبوت الدين دون استدامته لان استدامته
أقوى فلم يعتبر بالابتداء فان قلنا سقطت الألف فقد برى العبد وسيده الضامن وكان للسيد عليها الف ثمن العبد وان قلنا لا يسقط قاصت السيد
بذلك وبرى العبد والسيد هذا إذا باعه السيد منها بألف مطلقه وان باعه بعين الف التي هي المهر فإن كان قبل الدخول بطل البيع وبه قال الشافعي
والنكاح بحاله لان المغلب ههنا جهتها من حيث وقع العقد بعين الألف فلو صح البيع بطل المهر لان الفسخ جاء من قبلها وإذا بطلا المهر بطل البيع وإذا كان
البيع بغير ثمن وهو محال وإذا بطل البيع بطل هو والنكاح معا فإنها إذا ملكت زوجها انفسخ النكاح (وإذا انفسخ النكاح صح) سقطت التي هي الألف المهر وإذا أسقطت بطل البيع لأنها
الثمن وما يؤدى ثبوته إلى نفيه يستحيل ثبوته كما أن عند العامة لو خلف الرجل أخا لا وارث له سواه فاقر بابن للميت ثبت نسبه ولم يرث عندهم لأنه لو ورث
حجب الأخ وإذا حجبه سقط اقراره بالنسب لأنه غير وارث وإذا سقط اقراره سقط نسب الابن وسقط ارث الأخ وهذا الأصل عندنا باطل على ما يأتي
وإن كان البيع بعد الدخول صح البيع لان الألف استقرت فلا تسقط بانفساخ النكاح ويكون الزوجة قد ملكت الزوج بالألف التي كان لها في ذمة سيده
فبرئت ذمته عنه وبريت ذمة العبد أيضا عنه لان سيده قضى ذلك عنه بعوض فلم يبق لها في ذمة زوجها حق ولا في ذمة سيده حق فان قيل هلا سقطت
لأنها ملكه قلنا ليس يحصل ملكها له ولها في ذمته شئ لان الملك في مقابلة الألف فإذا سقطت عن ذمة الضامن سقطت عن ذمة المضمون عنه في تلك
الحال مسألة إذا كان للرجل جارية جاز له ان يعتقها ويتزوجها ويجعل عتقها مهرها باجماع علماؤنا وبه قال الأوزاعي واحمد في إحدى الروايتين لكن
شرط احمد حضور شاهدين لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله أعتق صفية وجعل عتقها صداقها ولم ينقل عنه (ع) انه عقد معها نكاحا غير ذلك ومن طريق
الخاصة رواية الحلبي الحسنة عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يعتق الأمة ويقول مهرك عتقك فقال حسن وعن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله قال سالت
الصادق (ع) عن الرجل تك. ون له الأمة فيريدان يعتقها ويتزوجها أيجعل عتقها مهرها أو يعتقها ثم يصدقها وهل عليها منه عدة وكم تعتد إذ أعتقها وهل يجوز
له نكاحها بغير مهر وكم تعتد من غيره فقال يجعل عتقها صداقها ان شاء أعتقها ثم أصدقها وإن كان عتقها صداقها فإنها لا تعتد ولا يجوز نكاحها إذا
أعتقها الا بمهر ولا يطأ الرجل المراة إذا تزوجها حتى يجعل لها شيئا وإن كان درهما ولقول الباقر (ع) أيما رجل شاء ان يعتق جارية ويتزوجها ويجعل صداقها
عتقها فعل والاخبار عن أهل البيت (ع) كثيرة ولان الجارية مح لقابل للمعتق والنكاح والجمع بينهما ويجعل رقبته مهرا لغيرها فجاز لنفسها وقال الشافعي لو قال
له أمته اعتقنى على أن أنكحت وصداقي عتقي فاعتقها على ذلك فلها الخيار ولم تضر زوجة ولا وجب عليها ان يتزوجها به واحتج على الأوزاعي بانا لو أوجبنا عليها
ان تتزوج به كان ذلك سلفا في عقد النكاح والسلف فيه لا تجوز بالاجماع وعن أحمد بان العتق يزيل ملكه عن الاستمتاع بحق الملك فلا يجوز ان يملك
به الاستمتاع بحق النكاح كما لا يجوز ان يستبيح العتق بنفس البيع وتأول الشافعي الرواية بأنه (ع) أعتق صفية وجعل عتقها صداقها وتزوج بها وهو
يناسب مذهبنا إذا عرفت هذا فقال الشافعي ان الأمة تعتق ولا تصح النكاح لما تقدم من دليله فيجب على الأمة قيمتها لأنه شرط في مقابلة العتق منقعة
يصح بذل العوض في مقابلتها فإذا لم يسلم له وجبت له القيمة كما لو أعتقها بمنفعة دار ليست لها يعتبر قيمتها يوم العتق وحكى عن مال وزفر انهما قالا لا شئ عليها
لأنه عارض على ما لا يلزم الوفاء به وان قالت قد رضيت ان تتزوجني بالعتق لم يلزمه ذلك ولم يصح على قوله قال وان تراضيا على أن يتزوجها بالقيمة التي
وجبت عليها نظرت فان علما قدرا القيمة وجنسها صح العقد وسقطت عن ذمتها وان لم يعلما ذلك لم يصح المهر في قول أكثر الشافعية وقال بعضهم يصح كما يصح ان يكون
العبد صداقا وان لم يعلما قيمته فكذلك بدله واحتج الأولون بان القيمة مجهولة والمجهول لا يكون صداقا كما لو أصدقها عبدا أو ثوبا مطلقا وتفارق العبد لأن العقد
وقع على عينه وهي معلومة وهنا وقع على القيمة وهي مجهولة مسألة قال الشيخ (ره) ينبغي ان يقدم لفظ العقد على لفظ العتق بان يقول تزوجتك وجعلت
مهرك عتقك فان قدم العتق على التزويج بان يقول أعتقتك وتزوجتك وجعلت مهرك عتقك مضى العتق وكانت مخيرة بين الرضا بالعقد والامتناع من قبوله
وعليه دلت رواية علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن رجل قال لامته أعتقتك وجعلت مهرك عتقك فقال عتقت وهي بالخيار ان شاءت تزوجته وان
شاءت فلا وان تزوجته فليعطها شيئا وان قال قد تزوجتك وجعلت مهرك عتقك فان النكاح واقع ولا يعطها شيا وقال في الخلاف لو قال لامته أعتقت على أن
أتزوج بك وعتقك صداقك أو استدعته هي ذلك فقالت اعتقنى على أن أتزوج بك وصداقي عتقي ففعل فإنه يقع العتق ويثبت التزويج وبه قال احمد وقال الشافعي
يقع العتق وهي بالخيار بين ان تتزوج به أو تدعه وقال الأوزاعي يجب عليها ان يتزوج به لأنه عتق بشرط فوجب ان يلزمها الشرط كما لو قال أعتقتك على أن يتخطى
لي هذا الثوب لزمها خياطته وكذا قال أبو الصلاح من علمائنا يعدم العتق وهو الأقرب لان تزويج الأمة بعيد إذ لا يتحقق استقباحه البضع بالملك والعقد ويمنع
اختيارها لان الكلام يتم باخره فروع ا قال الشافعي إذا قال أعتقك على أن تزوج بك ان تزوجيني نفسك فقبلت عتقت ووجب عليها القيمة وان لم يجعل
العتق صداقا لأنه شرط عليها النكاح في مقابلة العق / ب / قال بعض الشافعية ان أراد ان يتخلص من وقع العتق قال إن كان في معلوم الله تعالى انى إذا أعتقك نكحتك
فأنت حره فان نكحها عتقت والا لم تعتق وقال باقي الشافعية هذا ليس يصحح لان النكاح لا يصح قبل حصول الحرية وما لم يثبت عتقها لا يجوز ان يعقد عليها وانما
612

يتبين بعد العقد الحرية ولا يصح العقد مع الشك / ج / إذا قالت امرأة لعبدها أعتقك على أن تتزوج بي وقبل لم يصح عندنا لان العتق لا يقبل التعليق وقالت
الشافعية يصح العتق ولا يلمه ان يتزوج بها ولا يجب لها عليه شئ لأنها لا تشترط عليه في مقابلة العتق شيئا يملكه عليه وانما شرطت عليه ان تملكه نفسها لان
العوض في النكاح لها عليه لا له عليها وفارق بذلك عتق الأمة على النكاح لأنها تستحق عليه بالنكاح عوضا فجعل العوض العتق / د / إذا قال رجل لرجل له عبد
أو أمة أعتق عبدك على أن أزوجك بنتي أو أختي فأعتق ص العتق ولم يلزمه الباذل ان يزوجه وهل يجب عليه القيمة حكى بعض الشافعية وجوب القيمة عليه لأنه
أعتقه في مقابلة انه لا يجب عليه شئ قال واصل هذين إذا قال رجل لرجل أعتق عبدك عن نفسك وعلى الف فاعتقه هل يلزم الباذل شئ قولان للشافعي
أحدهما يلزم كما إذا قال طلق زوجتك وعلى الف والثاني لا يلزمه لان هذا المستدعى المعتق لا ينتفع به وبذل المال فيما لا منفعة فيه لا يصح كما لا يصح بذله
في شراء الديدن وشبهها ويفارق الطلاق لان له غرضا في ذلك وهو انه ان يتزوجها وقال بعضهم هذا ليس بصحيح لأنه قد يكون له غرض في عتق أو يفكها الأمة لتزوجها أيضا لو
يفكها من السوق فيكتسب ثوابا وانما حمل الوجهين على القولين لان هذا الباذل في مسئلتنا لم يبذل شيئا من عنده فيقطع العتق عنه وانما يقع العتق عن المعتق / ه / قال الشيخ (ره)
لو طلق هذه الجارية التي جعل مهرها صداقها قبل الدخول رجع نصفها رقا واستسعت في ذلك النصف فإن لم تسع فيه كان له منها يوم ولها من نفسها يوم في الخدمة
وتبعه ابن حمزة لقول الصادق (ع) في رجل أعتق أمة له وجعل عتقها صداقها ثم طلقها قبل ان يدخل بها قال يستسعيها في نصف قيمتها فان أبت كان لها يوم وله
يوم في الخدمة قال وإن كان لها ولد يؤدى عنها نصف قيمتها وعتقه وفي الطريق الرواية قول فلا يحتج بها والوجه ما قاله الصدوق وابن الجنيد انه يمضى عتقها
ويرجع عليها سيدها بنصف ثمنها لأنها ملكت نفسها بالاصداق وعتقت فلا ترجع مملوكة بعد العتق مسألة لو اشترى جارية ولم يؤد ثمنها وجعل
عتقها صداقها فمات قال الشيخ إن كان له مال يحيط بثمن رقبتها أدي عنه وكان العتق والنكاح ماضيين وان لم يترك غيرها كان العتق والعقد فاسدين و
ترجع الأمة إلى مولاها الأول وإن كانت قد علفت منه كان حكم ولدها حكمها في كونه رقا لرواية هشام بن سالم الصحيحة عن أبي بصير قال سال الصادق (ع) وانا
حاضر عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة فلما قبضها المشترى أعتقها من الغد وتزوجها وجعل مهرها عتقها ثم مات بعد ذلك بشهر فقال أبو عبد الله (ع)
إن كان الذي اشتراها له مال أو عقدة يحيط بقضاء ما عليه من الدين في رقبتها فان عتقه ونكاحه جايز وان لم يملك ما لا أو عقدة يحيط بقضاء ما عليه من
الدين في رقبتها فان عتقه ونكاحه باطل لأنه عتق ما لا يملك ورأى انها رق لمولاها الأول فان قيل له كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوجها ما حال ما في
بطنها فقال الذي في بطنها مع امه كهيئتها والوجه حمل هذه الرواية على أن يكون المشترى مريضا وصادف عتقه ونكاحه وشراؤه مرض الوفاة وان لم يكن
كك؟ نفذ العتق والنكاح وانعقد الولد حرا ولا سبيل للأول عليها ولا على ولدها بل إن خلف تركه كان له اخذ ثمن الجارية منها والا فلا شئ له الركن
الثالث في المحرمات قد عرفت فيما سبق ان التحريم إما ان يكون على التأبيد أولا على التأبيد والأول إما ان يكون بالنسب أو السبب فيها فصول الأول
في المحرمات بالنسب مسألة حرم الله تعالى أربع عشرة امرأة سبع منهن النسب وهو في قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات
الأخ وبيات الأخت واثنتان بالرضاع في قوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأربع بالمصاهرة في قوله تعالى وأمهات نسائكم
وربائبكم اللاتي في حجوركم من نساءكم وحلائل أبنائكم وزوجات الاباء في قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح اباؤكم من النساء وواحدة بالجمع في قوله تعالى وان تجمعوا بين
الأختين إذا عرفت هذا فالرجل يحرم عليه امه على التأبيد سواء كانت الحقيقة وهي التي ولدته أو مجازا وهي أمهاتها فتحرم الجدات سواء كن من قبل الأب أو من
قبل الام قربن أو بعدن وسواء كن وارثات غو غير وارثات فتحرم الام الأب وأمهاتها وام الجد وأمهاتها وكك؟ أم أبى أم الأب وكذا في طرف الأجداد من قبل الام
وبالجملة الام للشخص هي كل أنثى ولدته أو ولدت من ولده ذكرا كان أو أنثى ينتهى إليهما نسبه بالولادة بواسطة أو بغير واسطة / ب / البنت تحرم على التأبيد
سواء كانت نبتا أو حقيقة وهي بنت الصلب أو مجازا وهي بنته البنت وان نزلت وبنت الابن وان نزلت أو نزلت وبنت الشخص كل أنثى ولدها الشخص أو ولد
من ولدها ذكرا كان أو أنثى بواسطة كان أو بغير واسطة ويقال كل أنثى ينتهى نسبها بالولادة بواسطة أو بغير واسطة / ج / الأخت محرمة على التأبيد سواء كانت
للأبوين أو لأحدهما وأخت الشخص كل أنثى ولدها أبواها أو أحدهما ولا مجاز فيها / د / العمة محرمة على التأبيد سواء كانت حقيقة وهي أخت الأب أو هي
أخت الجد وان علاء سواء كانت أخته لأبيه أو لامه اولهما وعمه كل شخص هي كل أنثى هي أخت ذكر ولده بواسطة أو بغير واسطة وقد يكون من جهة الام كأخت أبى الام / ه /
الحالة وهي تحرم مؤبدا سواء كانت حقيقة وهي أخت الام كأبيها أو لامها اولهما أو مجازا وهي أخت الام للأب وان علاء وكذا أخت أب الام وان علاء وقاله الشخص هي
كل أنثى هي أخت انى ولدته بواسطة أو بغير واسطة وقد يكون من جهة الأب كأخت أم الأب / و / بنات الأخ يحر من على التأبيد سواء صدق الاسم
عليهن كبنت الأخ لصلبه أو مجازا كبنت ابن الأخ أو بنت بنت الأخ وان سفلن / ز / نبات الأخت يحرمن مؤبدا سواء صدق الاسم عليهم حقيقة
كبنت الأخ لصلبه أو مجازا وهي بنات الأخت إذا بعدن كبنات الابن الأخت أو بنت بنت الأخت ان سفلن وضبطهن بعض الفقهاء بأمرين أحدهما انه يحرم على الرجل
أصوله وفروعه وفروع أول أصوله وأول فروع من كل أصل بعد أول الأصول فالأصول الأمهات وان علون والفروع البنات وفروع أول الأصول الأخوات
وبنات الأخ وبنات الأخت وأول فروع من كل أصل بعد الأصل الأول العمات والخالات / ح / ان نساء القرابة محرمات الا من دخل في اسم ولد العمومة وولده؟
الخؤلة مسألة البنت المخلوقة من الزنا يحرم على الزاني وطؤها وكذا على ابنه وأبيه وجده وبالجملة حكمها في تحريم الواطي في حكم البنت
عن عقد صحيح عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى وبناتكم وحقيقة البينة موجودة فيها فان البنت هي المتكونة من منى الرجل وتفيها عنه
شرعا لا يوجب نفيها حقيقة لان المنفى في الشرع هو تعلق الأحكام الشرعية من الميراث وشبهه ولأنها متخلقة من مائة في الظاهر فلم يجز له ان يتزوج بها
كما لو وطئها بشبهه وقال الشافعي لا تحرم بل يكره وبه قال مالك لأنها منفية عنه قطعا ويقينا فلا يثبت بينهما
تحريم الولادة كالأجنبية والنفي قد قلنا إنه
يرجع إلى الأحكام الشرعية لا الحقيقة اللغوية واختلفت الشافعية في سبب الكراهة فقال بعضهم سببها الخروج من اختلاف العلماء فان بعضهم حرمها
والورع يقتضى تحببها فكره له التزويج بها وقال آخرون السبب احتمال كونه مخلوقه من مائه فعلى هذا الثاني لو يتقين انها مخلوقة من مائة حرم عليه نكاحها
وهو قول بعض الشافعية وعلى الأول لا تحرم مع التيقن لكن الأصح عندهم انها لا تحرم والعجب انهم اتفقوا على انها ان ولدت ابنا حرم عليه ان ينكحها فما الفرق
613

مسألة البنت المنفية باللعان لا يجوز للملاعن نكاحها وإن كان قد دخل بالملاعنة وبه قال الشافعي لأنها ربيبة امرأته المدخول بها وان لم يدخل فللشافعية
وجهان أحدهما الجواز كبنت الزنا لأنها منفية أيضا والثاني وهو الأصح عندهم المنع لأنها غير منفية عنه قطعا فإنه لو كذب نفسه التحقت به وعلى هذا ففي
وجوب القصاص بقتلها والحد بقذفها والقطع بسرقة مالها وقبول شهادتها عليه للشافعية وجهان الا في الشهادة عليه فإنهم يقولون عرضية وقبول
شهادته لها والأقرب عندي ثبوت هذه الأحكام عليه لأنه نفى نسبه منها والاعتراف بها بعد ذلك لا يسقط ما ثبت عليه وان عاد نسبه وإن كان لا يرث
الولد مسألة أم العمة حرام على التأبيد لان العمة من الام أو من الأبوين أمها هي أم أبيه وام أبيه جدته وهي حرام عليه والعمة من الأب هي أخت الأب لأبيه وأمها
تكون امرأة الجد أب الأب وامرأة الجد حرام عليه وكذا عمات أبيه وعمات أجداده وعمات امه وعمات جداته فان سفلن واما عمة العمة فإن كانت العمة القريبة عمه
لأبيه وامه أو لأبيه فعمة العمة حرام لان القريبة إذا كانت أخت أبيه لأبيه فان عمتها يكون أخت جده أب الأب وأخت أب الأب حرام لأنها عمه وإن كانت العمة القريبة
عمة لامة فعمة العمة لا تحرم لان أب العمة يكون زوج أم أبيه فعمتها يكون أخت زوج الجدة أم الأب وأخت زوج الام لا تحرم وأخت زوج الجدة أولي ان لا تحرم
واما خالة الخالة فإن كانت الخالة القريبة خالة لأب (ولام صح) أو لام فخالتها تحرم عليه وإن كانت الخالة القربة خالة لأب فخالتها لا تحرم عليه لان أم الخالة لقريبة تكون
امرأة الجد أب الام لا أم ن امه فأختها يكون أخت امرأة أب الام وأخت امرأة الجد لا تحريم عليه مسألة النسب يثبت مع النكاح الصحيح سواء كان دايما
أو منقطعا أو ملك يمين أو محللة ومع الشبهة فلو وطى امرأة ظنها زوجته فحملت لحق به النسب ولحقه حك أولاد النكاح الصحيح وكذا لو نكح نكاحا فاسدا بظن
الإباحة كنكاح الشغار فحملت المراة منه لحق به النسب أيضا ولا يثبت مع الزنا فالواطئ امرأة بالزنا لو حملت لم يلحق به الولد نعم تحرم على الزاني والزانية لأنه مخلوق
من مائه فهو ولده حقيقة وقد سبق الخلاف فيه ولو طلق زوجته فوطئت بالشبهة فان جاء الولد لأقل من ستة أشهر من وطى الثاني ولستة أشهر فصاعدا
إلى تسعة أشهر أو عشرة من وطى الأول فالولد للأول ولو جاء لأقل من ستة أشهر من وطئ الثاني ولاكثر من عشرة أشهر من وطى الأول لم يلتحق بأحدهما فلو كان لستة
أشهر من وطى الثاني ولتسعة أو عشره من وطى الأول احتمل ان يكون منهما فيحكم فيه بالقرعة ولو كان الثاني قد وطى بعقد النكاح فالوجه الحاقه بالثاني لأنها فراشه
وحكم اللبن تابع للنسب الفصل الثاني في الرضاع وفيه مباحث الأول في تحريم المرأة والرجل به الرضاع سبب موجب للتحريم قال الله تعالى وأمهاتكم
اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وروى العامة وعن عايشه عن النبي صلى الله عليه وآله قال يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة وروى من النسب وعن ابن عباس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وآله في بنت حمزة لانحل لي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهي ابنة اخى من الرضاعة ومن طريق الخاصة رواية عبد الله بن سنان الحسنة عن الصادق (ع)
قال سمعته يقول يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة وفي الصحيح عن أبي الصباح الكتاني عن الصادق (ع) انه سئل عن الرضاع فقال يحرم من الرضاع ما يحرم
من النسب وعه ن أبى عبيده في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة وقال إن عليا (ع) ذكر لرسول الله صلى الله عليه وآله بنت
حمزة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إما علمت أنها بنت اخى من الرضاعة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وعمه حمزة قد ارتضعا من امرأة ولا خلاف بين المسلمين في ذلك مسألة
تحريم الام والأخت من الرضاع ثابت بالنص وتحريم البنت من الرضاعة بدلالة التنبيه لان الأخت إذا حرمت فالبنت أولي بالتحريم وامنا العمة والخالة وبنات
الأخ وبنات الأخت فإنهن (يحرمن بالرضاع بالنسبة لان النبي صلى الله عليه وآله شبهه بالنسب وانما تشبه بالنسب في النكاح لان النص صح) ورد فيه وثلث به المحرمية المفيدة لحل الخلوة والنظر لأنها فروع على التحريم إذا كان بسبب مباح واما باقي احكام النسب من النفقة
ورد الشهادة والميراث وسقوط القصاص وغير ذلك فلا يتعلق بالرضاع لان النسب أقوى منه فلا يقاس عليه في جميع احكامه وانما شبهه فيما نص فيه عليه وفي العتق
لعلمائنا قول وسيأتي البحث فيهما انشاء الله تعالى مسألة الام من الرضاع هي كل امرأة أرضعتك على الشرائط الآتية أو أرضعت من أرضعتك بواسطة (أو بغير واسطة صح)
وكذا كل امرأة ولدت المرضعة أو الفحل واما البنت فكل كل امرأة ارتضعت بلبنك أو بلبن من ولدته أو أرضعتها امرأة ولدتها فهى بنتك وكذا بناتها
من النسب والرضاع واما الأخت فكل امرأة أرضعتها أملك أو ارتضعت بلبن أبيك فهى الأخت وكذا كل امرأة ولدتها المرضعة أو الفحل واما العمات والخالات
فأخوات الفحل والمرضعة وأخوات من ولدهما من النسب والرضاع عماتك وخالاتك وكذا كل امرأة أرضعتها واحدة من جداتك أو ارتضعت بلبن واحد من أجدادك
من النسب والرضاع واما بنات الأخ وبنات الأخت فكل أولاد المرضعة والفحل من الرضاع والنسب بنات أخيك وأختك وكذا كل أنثى أرضعتها أختك أو
ارتضعت بلبن أختك وبناتها وبنات أولادها من الرضاع والنسب بنات أختك وبنات كل ذكرا أرضعته أمك أو ارتضع بلبن أبيك (بنات صح) أخيك وبنات أولاده
من الرضاع والنسب بنات أخيك وبنات كل امرأة أرضعتها أمك أو ارتضعت بلبن أبيك وبنات أولادها من الرضاع والنسب بنات أختك مسألة
يحرم في النسب أربع نسوة قد يحر من الرضاع وقد لا يحر من / ا / أم الأخ والأخت في النسب حرام لأنها إما أم أو زوجة أب واما في الرضاع فإن كانت كذلك حرمت
أيضا وان لم يكن كذلك لم تحرم كما لو أرضعت أجنبية أخاك أو أختك لم تحرم / ب / أم ولد الولد حرام لأنها ان بنته أو زوجة ابنه وفي الرضاع قد لا يكون إحديهما
مثل ان ترضع الأجنبية ابن الابن فإنها أم ولد الولد وليست حراما / ج / جدة الولد في النسب حرام لأنها إما أمك أو أم زوجتك وفي الرضاع قد لا يكون
كذلك كما إذا أرضعت أجنبية ولدك فان أمها جدته وليست بأمك ولا أم زوجتك / د / أخت ولدك في النسب
حرام عليك لأنها إما بنتك أو ربيتك وإذا
أرضعت أجنبية ولدك فبنتها أخت ولدك وليست بنت ولا ببينة ولا تحرم أخت الأخ في النسب ولا في الرضاع إذا لم يكن أختا له بان يكون له أخ من الأب وأخت من الام
فإنه يجز وللأخ من الأب نكاح الأخت من الام وفي الرضاع لو أرضعتك امرأة وأرضعت صغيرة أجنبية منك يجوز لأخيك نكاحها وهي أخت من الرضاع وهذه
الصور الأربع مستثناه من قولنا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وفيه قول سيأتي واعلم أن الرضاع يتعلق بالمرضعة والمرتضع والارتضاع واللبن فهذه
أركانه وله شرائط واحكام فهنا مباحث سبق منها الأول البحث الثاني في المرضعة مسألة يشترط في المرضعة ان يكون امرأة فلو ارتضع الصغيران
من لبن البهيمة لم ينشر الحرمة ولم يكونا أخوين عند علمائنا كافة وهو قول العامة أهل العلم لقول الباقر (ع) لا يحرم الرضا ع أقل من رضاع يوم وليلة أو خمس عشر
رضعة متواليات من امرأة واحده ولان هذا اللبن لا يتعلق به تحريم الأمومة فلم يتعلق به تحريم الاخوة فرع عليها ولان هذا اللبن لم يخلق لغذاء المولود
فلم يتعلق به التحريم كساير الطعام وحكى عن بعض السلف أنه قال يتعلق به التحريم وهو مروى عن مالك لأنها شربا من لبن واحد فصارا أخوين كما لو شربا من لبن امرأة
والفرق ما تقدم من لبن البهيمة لا يصح غداء للطفل لا يصلح غذاء للطفل صلاحية لبن الأمهات فلا يشاركها في التحريم مسألة لو در لرجل لبن فان تضع الصغيران عنه
614

لم يتعلق به تحريم عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر علماء (العامة صح) لان اللبن من اثر الولادة (والولادة صح) تختص بالنساء ولأنه لبن لم يخلق لغذاء المولود فلم يتعلق به التحريم كساير المايعات ولأنه
لبن لا يتلعق به تحريم الأبوة فلا يتعلق به تحريم الاخوة لان الاخوة فرعها وقال بعض الشافعية انه تعلق به التحريم لأنه لبن ادمى فأشبه لبن ادمي وهو غلط لأنه
لم يخلق بها ولو در لبن الخنثى المشكل لم يتعلق به تحريم فلو رضع منه الصغيران لم يصيرا أخوين ولا تحرم الأنثى على الذكر عند علمائنا لأنه يشترط ان يكون اللبن عن
نكاح عليها ما يأتي ولأنه لبن لم يخلق لغذاء الولد فلا يتعلق به التحريم وقال بعض الشافعية انه يعرض على القولين بل فان قلنا هذا اللبن لا يكون الا للنساء لغزارته حكم
بأنوثيته وقال بعضهم يستدل باللبن على الأنوثة عند فقد ساير الامارات وظاهر مذهب الشافعية انه لا يقتضى الأنوثة فعلى الظاهر لو ارتضع صغير من لبنه
توقف التحريم على تبين حالة فان بان انه أنثى تعلق به التحريم والا فلا ونحن لما شرطنا ان يكون اللبن عن النكاح والنكاح للرجل لا يصح في طرفي الخنثى الا بعد ظهور
كونها أنثى سقط عنا هذا الفرع مسألة يشترط في المرضعة الحياة فلو ارتضع الصبى من ثدي ميتة الرضعات التامة لم ينشر الحرمة وكذا لو ارتضع أكثر الرضعات
من المرأة حال الحياة وتكملها بعد الموت ولو جرعة واخذه إذا لم يكمل الأخيرة حال الحياة عند علمائنا وبه قال الشافعي لقوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وهذا ليست
مرضعة ولقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وهذه من وراء ذلكم ولان الأصل الإباحة ولأنه لبن نجس قبل انفصاله لأنه في وعاء نجس ولأنه لبن ممن ليس بمحل للولادة
فلم يتعلق به التحريم كلبن الرجل ولأنه لبن حرام قبل انفصاله فلا يتعلق به الترحيم كالمنفصل من الرجل وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي واحد يتعلق به التحريم لان
اللبن لا يحله الموت اقصى من في الباب انه نجس بموتها ولو حليه في اناء نجس ثم شربه الصبى تعلق به التحريم كذا هنا ولأنه وجد الارتضاع على وجه ينبت اللحم ويشد العظم
من امرأة فأثبت التحريم كما لو كانت حية ولأنه لا فارق بين شربه في حيوتها وموتها الا الحياة والموت أو لنجاسته وهذا لا اثر له فان اللبن لا يموت والنجاسة
لا تمنع كما لو حلب في اناء النجس ونمنع حكم الأصل فان شرط نشر الحرمة عندنا شربه من الثدي على ما يأتي ولان الفرق ظاهر فان الأصل حلب وانفصل من محل ظاهر
حلال وهنا بخلافه والفرق بين الحية والميتة ظاهر فان اللبن من الميتة ضعفت حرمته بموت المرأة فان الموت يسقط حرمة الأعضاء حتى لا يجب كمال الضمان
بقطعها ولأنها بعد الموت جثة لا يتعلق بها تحليل وتحريم فأشبه جثة البهيمة ولان المراة ولا ن الحرمة المؤبدة مختصة ببدن الحي ولهذا لا تثبت حرمة المصاهرة
بوطئ الميتة ولان اللبن لو اتصل إلى جوف الصبى الميت لم ينشر الحرمة فكذا إذا انفصل منها بعد موتها قياسا لاحد الطرفين على الأخر تذنيب لو
حلب لبن المرأة في حياتها واو جر الصبى بعد موتها لم ينشر حرمة عندنا لأنا نشترط ان يرتضع الصبى من الثدي على منا يأتي وقال كل من جعل الوجور محرما
انه ينشر الحرمة وبه قال أبو ثور والشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم لأنه لبن امرأة حلب حال حيوتها فأشبه ما لو شربه وهي في الحياة لأنه انفصل منها وهو حلال
فحرم وللشافعية وجه ضعيف انه لا يتعلق به حرمة لبعد أسباب الأمومة بعد الموت قالوا إنه مخرج مما إذا لق طلاقا في الصحة ووجدت الصفة المعلق عليها في
المرض يعتبر وقت التعليق ووجود الصفة مسألة يشترط كون المرأة محتمله للولادة فلو در لبن امرأة صغيرة لم ينشر حرمة عند علمائنا لأنا نشترط كون اللبن
عن نكاح حتى لو كانت المراة الكبيرة خالية من بعل قدر لبنها لم ينشر حرمة على ما يأتي وقالت الشافعية لو ظهر للصغيرة لبن نظر ان لم تبلغ تسع سنين لم يتعلق به
التحريم لأنها لا تحتمل الولادة واللبن فرع الولد كما انها إذا رأت دما لم يحكم بكونه حيضا وان بلغت تسع سنين تعلق به التحريم لأنه موان لم يحكم ببلوغها باللبن
فاحتمال البلوغ قايم والرضاع تلوا النسب فيكفي فيه الاحتمال كالنسب ولا فرق بين ان يكون المرضعة خلية أو ذات زوج ولا بين ان يكون بكرا أو ثيبا عندهم كاحتمال
الولادة وهو صلاحية اللبن للغذاء هذا هو ظاهر مذهب الشافعي ويحيى عن قوله في الفويطي وفي لبن البكر وجه انه لا يحرم لأنه نادر فأشبه لبن الرجل وهذا
هو الذي اخترناه البحث الثالث في اللبن مسألة يشترط كون اللبن عن نكاح عند علمائنا أجمع فلو در لبن امرأة وإن كانت كبيرة من غير
نكاح لم ينشر الحرمة ولا يتعلق به حكم الرضاع عند علمائنا أجمع وهو قول احمد في رواية لأنه نادر ولم يجز العادة به لتغذية الطفل فأشبه لبن الرجل ولأصالة الإباحة
ولما رواه يعقوب به شعيب عن الصادق (ع) قال قلت له امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت ذكرانا وإناثا أو يحرم من ذلك ما يحرم من الرضاع فقال لي لا و
لأنه لبن در من غير نكاح فأشبه لبن الرجل وقال مالك والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي واحمد في أظهر الروايتين انه ينشر الحرمة لقوله تعالى وأمهاتكم
اللاتي أرضعنكم ولأنه لبن امرأة فتعلق به التحريم كما لو در بوطئ ولان لبان النساء خلق لغذاء الأطفال وإن كان هذا نادرا فجنسه معتاد ولا دلالة فيما ذكرتكم لأنا
نمنع الأمومة هنا الانتفاء الأبوة ولما تقدم من أن لبنها يشبه لبن الرجل حيث لم يصدر عن وطى والفرق بين ان يذر بوطئ وغيره ظاهر وهذا اللبن لم يخلق
لتغذية الولد كلبن الرجل مسألة ويشترط كون النكاح صحيحا لان الزنا لا حرمة له ولرواية عبد الله بن سنان الصحيحة عن الصادق (ع) قال سألته عن ابن
الفحل فقال هو ما أرضعت امرأتك من لبنك ولبن ولدك امرأة أخرى فهو حرام خص لبن الفحل بما يحصل من امرأته وغير الصحيح لا يكون امرأة له وقد ثبت انه يشترط
ان يكون اللبن للفحل ولا ينشر در اللبن الحرمة إذا عرفت (هذا صح) ولو زنت امرأة فحصل لبن من الزنا لم ينشر الحرمة بين المرتضع والزاني ولا بينه وبين أولاده وان كانوا الولاد
حلال وبالجملة المقتضى للتحريم اللبن الصادر عن نكاح يلحق به النسب سواء كان صحيحا أو فاسدا أو وطئ شبهه أو ملك يمين لان الله تعالى خلق الولد بينهما فهو بنتها
معا لأنه خلق من مائهما كما قال تعالى خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب فالولد خلق من مائهما معا ويكون ولدهما معا فإذا نزل له لبن كان اللبن أيضا
لهما لأنه انما نزل غذاء لهذا الولد فلبن المرأة لبن المرضعة ولبن الرجل لبن الفحل قضاء لتسمية الفقهاء باعتبار ان اللبن ينزل بفعلهما لأنه يجب من الفحل لبن
وتردد أبى ابن إدريس في وطى الشبهة ومال إلى الحاقه به والشافعي وافقنا على أنه يشترط في نشر الحرمة بين المرتضع وبين الرجل صاحب اللبن الذي نزل اللبن بوطئه ان
يكون لبن حمل ينتسب إلى الواطي إما لكون الوطي في نكاح أو ملك يمين أو شبهه فاما لبن الزاني أو النافي للولد باللعان فلا ينشر الحرمة بينهما وهو قول الشافعي و
بعض الحنابلة وقال بعضهم ينشر الحرمة بينهما لأنه معنى ينشر الحرمة بينهم فاستوى في ذلك مباحه ومحظوره كالوطئ محققه ان الوطي حصل منه لبن وولد ثم إن
الولد تنشر الحرمة بينه وبين الواطي كذلك اللبن ولأنه رضاع ينشر الحرمة إلى المرضعة فينشرها إلى الواطي كصورة الاجماع والوجه عندنا الأول لان التحريم
بينهما فرع لحرمة الأبوة فلما لم تثبت حرمة الأبوة لم يثبت ما هو فرع لها ويفارق تحرم ابنته من الزنا لأنا نكونت من بظفته حقيقة بخلاف مسئلتنا ويفارق
تحريم المصاهرة فان التحريم هناك لا يقف على ثبوت النسب ولهذا يحرم أم زوجته وابنتها من غير نسب وتحريم الرضاع مبنى على النسب ولهذا قال (ع) يحرم
من الرضاع لا يحرم ما يحرم من النسب واما المرضعة فان الطفل المرتضع محرم عليها ومنسوب إليها عند جميع العامة فلذلك يحرم جميع أولادها وأقارب الذين
615

يحرمون على أولادها على هذا المرتضع كما في الرضاع باللبن المباح وإن كان المرتضع جارية حرمت على الملاعن بغير خلاف أيضا لأنها ربيبة فإنها بنت امرأته
من الرضاع ويحرم على الزاني عند من يرى تحريم المصاهرة ولذلك يحرم بناتها وبنات المرتضع من الغلمان كذلك وعندي في تحريم المرضعة من الزنا على المرتضع
نظر مسألة لو وطى رجلان امرأة بالشبهة فاتت بولد فأرضعت بلبنه طفلا صار ابنا لمن يثبت النسب المولود منه سواء ثبت نسبه بالقرعة عندنا أو بالقيافة عند
العامة أو بغيرهما وان ألحقته القيافة بهما لم يصح عندنا وعند بعض العامة يصير المرتضع ابنا لهما فالمرتضع في كل موضع تبع للمناسب فمتى لحق التناسب تشخص فالمرتضع
مثله فان انتفى التناسب عن أحدهما فالمرتضع مثله لأنه بلبنه ارتضع وحرمته فرع على حرمته ولم يثبن ت نسبه منهما إما التعذر القيافة للاشتباه عليهم عند العامة أو لغير ذلك قال
بعض العامة حرم عليهما تغليبا للخطر لاحتمال ان يكون منهما ومن أحدهما فيحرم عليه أقاربه دون أقارب الأخر فقد اختلطت أخته بغيرها فحرم الجميع كما لو علم أخته بعينها ثم اختلطت
بأجنبيات فن انتفى عنهما جميعا بان تأتى به لأقل من ستة أشهر من وطئها أولا كثر من اقصى مدة الحمل أو لدون ستة أشهر من وطى أحدهما أو لأكثر من اقصى مدة الحمل من وطى
الأخر انتفى المرتضع عنهما أيضا ولو كان المرتضع جارية حرمت عليهما تحريم المصاهرة وتحرم أولاد عليهما أيضا لأنها ابنة موطوئتهما فهى ربيبة لهما مسألة لو نفى
الرجل ولده باللعان فأرضعت المراة باللبن المنازل عليه صغيرة لم تثبت الحرمة ولم ينسب اللبن كما لا ينسب الولد وقد تقدم فلو استلحق الولد بعد ذلك لحق الرضيع
أيضا ولو وطئت منكوحة انسان بالشبهة أو وطى اثنان بالشبهة أو نكح رجل امرأة في العدة عن جهل واتت بولد وأرضعت باللبن النازل عليه صغيرا فقد قلنا إنه يتبع الولد
في النسب فمن التحق الولد به التحق به فكذا الرضاع وطريقه عند العامة القايف فإن لم يكن قايف أو نفاه عنهما أو أشكل عليه قال الشافعي توقفنا إلى أن يبلغ
المولود فينسب إلى أحدهما فان بلغ مجنونا صبرنا إلى أن يفيق فينتسب فإذا انتسب إلى واحد تبعه الرضيع فان مات قبل الانتساب وكان له ولد قام مقامه في الانتساب
فإن كان له أولاد فانتسب بعضهم إلى هذا وبعضهم إلى هذا استمر الاشكال فإن لم يكن له ولد وبقى الاشتباه ففي الرضيع للشافعي قولان أحدهما أنه يكون ابنهما جميعا
ويجوز ان يكون للواحد من الرضاعة بخلاف نبوة النسب وأيضا فقد اشتركا في الواطي واللبن قد يكون من الوطي كما يكون من الولادة وأصحهما انه لا يكون ابنهما لان
اللبن فرع الولد فإذا كان الولد من أحدهما (كان اللبن من أحدهما صح) فعلى الأول هل يحتاج إلى عشر رضعات أم يكفى خمس يحتمل عند الشافعية وجهان مبنيان على ما إذا ارتضع من امرأتين
على التواصل هل يكون ذلك رضيعة في حق كل واحد منهما ومعنى هذا على ضعفه اثبات أبوتهما في الظاهر دون الباطن لأنا لا نعلم قطعا ان الولد من أحدهما واللبن
يتبعه لكن لما عسر الوصول إليه اطلق ثبوت أبوتهما وان قلنا بالأصح فهل للرضيع ان ينتسب بنفسه فيه قولان أحدهما لا كما لا يعرض على القايف بخلاف المولود فإنه
يعود على ميل الطبع بسبب انه مخلوق من مائه وأصحهما نعم كما للمولود والمرضع مؤثر في الطباع والأخلاق وقد يميل الانسان إلى من ارتضع بلبنه لتشابههما في الأخلاق
لقوله صلى الله عليه وآله انا سيد ولد ادم بيد انى من قريش ونشأت في بنى سعد وارتضعت من بنى زهرة ويروى انا أفصح العرب بيد انى من قريش الخ وكانت هذه القبايل أفصح العرب
فافتخر بالرضاع كما افتخر بالنسب ويخالف العرض على القايف فان معظم تعويله على الأشياء الظاهرة في الخلقة دون الخلاف ونقل عن بعض الشافعية وجهين في أنه
يعرض على القايف وهو غريب وعلى القول بان له الانتساب هل يجبر عليه للشافعية قولان أحدهما يجبر عليه كالمولود والثاني وهو الأصح المنع والفرق ان النسب
يتعلق به حقوق له وعليه كالنفقة والميراث والعتق والشهادة وغيرها فلا بد من رفع الاشكال والذي يتلعق بالرضاع حرمة النكاح والامتناع منه سهل
وإذا انتسب إلى أحدهما كان ابنه وانقطع عن الأخر فله ان ينكح ابنته وان لم ينتسب له أو قلنا ليس له الانتساب فليس له ان ينكح بنت هذا وبنت ذاك جميعا لان إحديهما محرمة لا
مح؟ وعن بعض لا شافعية وجه ضعيف انه يجزو ويحكم بانقطاع الأبوة عنهما وهل له ان ينكح بنت إحديهما فيه وجهان أصحهما لا لأنا نتيقن بان إحديهما أخته فأشبه ما
إذا اختلطتا أخته بأجنبية والثاني وهو الظاهر الجواز لان الأصل الحل والحرمة في غير معلومة وفي فرق بينه وبين اختلاف الأخت بالأجنبية بان
الأصل في الأخت التحريم فغلبت التحريم كما إذا أشبه على ماء وبول يتركهما جميعا وهنا الأصل في كل واحدة
منهما الإباحة فيجوز واخذ أحدهما كما إذا اختلط ماء
طاهر ونجس عندهم فعل تقدير انه يجوز له نكاح إحديهما فالمشهود انه لا يحتاج في نكاح إحديهما إلى الاجتهاد بخلاف ما في الأواني المشتبهة لان المتجنس له علامات طاهرة وقال
بعض الشافعية يجتهد في الرجلين أيهما الأب ثم ينكح بنت من لا يراه أبا وإذا نكح واحدة ثم فارقها فهل له ان ينكح الأخرى فيه وجهان للشافعية أحدهما نعم لان التحريم غير
متعين في واحدة منهما وشبه ذلك بما إذا صلى إلى جهة بالاجتهاد ويجوز ان يصلى إلى جهة أخرى باجتهاد اخر والثاني المنع من نكاح الأخرى وتحرم عليه
ابدا لأنه إذا نكح إحديهما تعينت الاخوة في الأخرى كما إذا اشتبه ثلثه أو ان طاهران ونجس واختلف فيها اجتهاد ثلثه واستعملوها واقتدى أحدهم
بأحد صاحبه لا يجوز له الاقتداء بالثاني لتعينه للنجاسة في زعمه مسألة إذا طلق الرجل زوجة أو مات عينا ولها منه لبن أو كانت حاملا فو
ضعت بعد البينونة وصارت ذات لبن ففيه أقسام الأول ان تصير ذات لبن قبل ان نعقد على غيره وتنكحه وتحيل منه نارضعت قبل ان تنكح اخر
صبيا بذلك اللبن صار الصبى ابن المطلق أو للميت كما هو ابن المرضعة ولا تنقطع نسبة اللبن عنه بموته ولا فرق بين ان يرتضع في العدة أو بعدها ولا فرق
بين ان تقصر المدة وتطول حتى بالغ بعض الشافعية فقال أو تطول عشر سنين وهو غير آت على قولنا في اشتراط القولين ولا بين ان ينقطع اللبن ثم
يعود أولا ينقطع لأنه لم يحدث ما يحال اللبن عليه فهو على استمراره منسوب إليه وفي وجه الشافعية ان يقطع وعاد بعد مضى أربع سنين من وقت
الطلاق لم يكن منسوبا إليه كما لو أتت بولد بعد هذه المدة لا يلحقه وبعضهم طرد ذلك مع استمرار اللبن الثاني ان تزوجت بأخرى وبقى لبن الأول
بحاله لم يزد ولم تنقص ولم تلد من الثاني فهو للأول سواء حملت من الثاني أم لم تحمل ولا نعلم فيه خلافا لان اللبن كان للأول ولم يتجدد بما يجعله من الثاني
فيبقى للأول الثالث ان لا تحمل من الثاني فهو للأول سواء أزاد أو نقص أو انقطع ثم عاد أو لم ينقطع الرابع ان تحمل من الثاني وتلد فاللبن بعد الولادة
للثاني خاصة بالاجماع قاله كل من يحفظ عنه العلم سواء زاد أو لم يزد أو انقطع أو اتصل لان لبن الأول انقطع بولادة الثاني فان حاجة المولود إلى اللبن يمنع
كونه كغيره الخامس ان تحمل من الثاني ولا تلد وزاد لبن ن بالحمل من الثاني فاللبن للأول أيضا لان اللبن قد يزيد من غير احبال وقال الشافعي ان ظهر انه
كانت حاملا في زمان يجوز ان ينز للحمل منه لبن نظر فإن كان لبنه الأول لم يزد فاللبن للأول أيضا لأن الظاهر مع بقائه على حاله انه لم ينزل للحمل لبن وان زاد لبن ففيه
قولان أحدهما انه للأول وهو قولنا وبه قال أبو حنيفة والثاني انه منهما وبه قال محمد وظرف واحمد ودليل الأول انه نزل قبل الولادة من الثاني فكان للأول كما لو لم يزد
ووجه الثاني انه إذا زاد فالطاهر انها لأجل الحمل لأنه نزل بسببه فكان اللبن لهما وإذا ارتضعت المراة صبيا بلبن زوجين من كل واحد كما العدد جرم
616

عليهما ويخالف إذا لم يزد لان الحمل لم يظهر له تأثير / و / ان ينقطع اللبن عن الأول انقطاعا بينا ثم يعود في وقت يمكن ان يكون للثاني للشافعية فيه ثلثه أقوال أحدها
أنه يكون للثاني وبه قال الشيخ (ره) وأبو يوسف لأنه لما انقطع ثم عاد كان سببه الحمل فأشبه ما إذا نزل بعد الولادة والثاني انه للأول ما لم تلد من الثاني وبه قال أبو حنيفة
لان الحمل لا يقتضى اللبن وانما يخلقه الله تعالى للود عند وجوده لحاجته إليه وهو غذاء الولد لا غذاء الحمل والثالث ان يكون منهما وهو قول بعض الحنابلة إذا انتهى
الحمل إلى حال ينزل به اللبن وأقله أربعون يوما لان اللبن كان للأول فلما عاد بحدوث الحمل فالظاهر أن لبن الأول يرجع بسبب الحمل الثاني فكان مضافا إليهما
كما لو لم ينقطع واما إذا نزل اللبن بعد الولادة فإنه للثاني على بيناه وقال ابن الصباغ من الشافعية ان احمد قال يكون بينهما كما لو كان قبل الولادة وأبطله بان
اللبن تابع للود فإذا ولدته كان اللبن يحكمه وهو للثاني كذلك اللبن ويخالف قبل الوضع لان الولد الذي جعل اللبن غذاء له لم يوجد ورأيت في كتبه الحنابلة
ان اللبن بعد الولادة من الثاني يكون للثاني وادعى عليه اجماع العلماء مسألة قد ذكرنا الخلاف في أن اللبن بعد الحمل من الثاني وقبل الوضع إذ انقطع
مدة طويله ثم تجدد في مدة يمكن ان يحدث اللبن للحمل وان الشيخ رجح ان يكون من الثاني وهو أحد أقوال الشافعي والثاني انه للأول والثالث انه بينهما ويتفرع
على هذا الخلاف فروع / ا / لو نزل للبكر لبن ونكحت وهي ذات لبن ثم حملت مسن الزوج فعندنا لا اعتبار بما در قبل النكاح وعند الشافعي يعتبر فحينئذ حيث
قلنا في المسألة ان اللبن للثاني في اولهما فهنا يكون للزوج وحيث قلنا إنه للأول فهو للمرأة وحدها ولا أب للرضيع / ب / لو حملت من الزنا وهي ذات لبن من
الزوج فحيث قلنا هناك ان اللبن للأول ولهما فهو للزوج وحيث قلنا إنه للثاني فلا أب للرضيع / ج / لو نكحت ولا لبن لها فحبلت ونزل لها لبن قال بعض
الشافعية في ثبوت الجزية بين الرضيع والزوج وجهان بناء على الخلاف المذكور ان جعلنا اللبن للأول لم نجع لا لحمل مؤثرا فلا تثبت الحرمة حتى ينفصل الولد
وان جعلناه للثاني اولهما ثبتت الحمرة تذنيب لو طلق الزوج وهي حامل منه أو مرضع فأرضعت ولدا نشر الحرمة كما لو كانت في حباله وكذا لو تزوجت
ودخل بها الزوج الثاني وحملت إما لو انقطع ثم عاد في وقت يمكن ان يكون للثاني كان له دون الأول ولو اتصل حتى تضع الحمل من الثاني كان ما قبل الوضع
للأول وما بعد الوضع للثاني هكذا قال بعض فقهائنا وهي يعطى ان اللبن الموجود عند النكاح قبل الولادة ينشر الحرمة والشيخ (ره) في المبسوط وقال نحو ذلك
فإنه قال قد ذكرنا ان من وطى وطيا يلحق به النسب في النكاح صحيح أو فاسدا ووطى شبهة أو يملك يمين فأحبلها ونزل لها لبن فأرضعت به مولود العدد الذي
يحرم فان المرتضع ولدهما معا من الرضاعة الا ان الشيخ (ره) قال قبل ذلك في المبسوط حيث ذكران المطلقة بعد الدخول بها إذا وطئت بالشبهة ثم أرضعت لبن ذلك
الولد كان اللبن تابعا للولد فمن الحق به الولد تبعه اللبن فان أمكن ان يكون الولد من كل واحد منهما استخرج بالقرعة فمن خرج اسمه الحق به ومنهم من أقل يكون ولدا لهما
لان اللبن ينزل تارة بالوطي واخرى للولد فإنه إذا أمكن ذلك في اللبن كذلك الولد وقال آخرون لا يكون الا لأحدهما لا بعينه وهو الصحيح لان اللبن الذي ينزل على
الأحبال لا حرمة له وانما الحرمة لما نزل على الولادة وفي رواية يعقوب بن شعيب ان سال الصادق (ع) امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت ذكرانا وأناثا ليحرم
من ذلك ما يحرم من الرضاع فقال لي لا وفي هذه الرواية دلاله على أن لبن الأحبال لا حرمة له لان قوله من غير ولادة يدل عليه مسألة يشترط كون اللبن
الناشر للحرمة واصلا إلى معدة الصبى بمصه والتقامه ثدي المراة فلو حلب اللبن في اناء وصب في حلقه صبا حتى وصل إلى جوف الطفل لم ينشر حرمة عند علمائنا أجمع
وبه قال داود واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ولم يوجد في الوجور الارضاع فيبقى على أصل الإباحة وقوله تعالى وأحل لكم ما وراء
ذلكم وقول الباقر (ع) لا يحرم من الرضاع أقل من رضاع يوم وليلة أو خمس شعرة رضعة متواليات من (ثدي صح) امرأة واحدة جعل الشرط كون الرضاع من ثدي المراة حال
كونها واحدة وسال زرارة الصادق (ع) عن الرضاع فقال لا يحرم من الرضاع الا ما ارتضعا من ثدي واحد وهو نص في الباب وقال الشافعي لو حلب اللبن في
الاناء وأوجر منه الصبى خمس مرات متفرقات فإنه يتعلق به التحريم وبه قال احمد في الرواية الثانية والشعبي والثوري وأصحاب الرأي ومالك لقول النبي صلى الله عليه وآله لارضاع
الا ما تشد العظم وانبت اللحم ولأنه يصل إلى الجوف كما يصل بالارتضاع ويحصل به من البنات اللحم وانشاد العظم ما يحصل بالرضاع فيجب ان يساويه في التحريم
ولا دلالة في الحديث لان هذا ليس برضاع وانما حرم الله تعالى ورسوله بالرضاع ولأنه حصل من غير ارتضاع فأشبه لو ما دخل من خرج في بدنه ويمنع مساواة الوصول
بالوجور للارتضاع وهو ظاهر فان الصبى إذا ارتضع بنفسه علم كمال الرضعة باعراضه بالحلية بخلاف لو الجور مسألة الوجور ان يوجر في حلق الصبى اللبن حتى
يصل إلى جوفه بان يصب في حلقه صبا إلى أن يصل إلى جوفه وقد بينا انه لا اعتبار به عند علمائنا على ما تقدم واما السعوط فهو ان يصب اللين في أنف الصبى
حتى يصل إلى دعاغه ولا يتعلق به التحريم عندنا لما تقدم في الوجور وبه قال داود واحمد في رواية ومالك وعطا الخراساني لأنه ليس برضاع وانما حرم الله ورسوله
بالرضاع وللشافعية طريقان أحدهما ان في ثبوت الحرمة قولين وأصحهما عندهم القطع بثبوتها وبه قال الشعبي والثوري واحمد في أصح الروايتين لان الدماغ جوف
التغذى كالمعدة والادهان الطيبة إذا حصلت في الدماغ انتشرت في العروق وتغذت بها كالأطعمه في المعدة ويقال ان الحاصل في الدماغ ينحدر إلى المعدة في عروق
متصلة وعن أبي حنيفة ان الحرمة لا تثبت بالسعوط مسألة الحقنة باللبن لا تنشر الحرمة عند علمائنا أجمع فلو حقن الصبى بلبن المرأة العدد أو بعضه لم ينشر الحرمة
بينهما وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي في أحد القولين لما تقدم من أن المقتضى للتحريم الرضاع المستند إلى مص الصبى من الثدي ولان الحقنة تراد لاسهال
ما انعقد من الفضلان في الأمعاء ولا يحصل به التغذية وقد شرطها الشارع فقال (ع) الرضاع ما ابنت اللحم وانشد العظم ولان هذا ليس برضاع ولا يحصل به
التغذى فلم ينشر الحرمة كما لو قطر في احليله ولأنه ليس برضاع ولا في معناه فلم يجز اثبات حكمه فيه والثاني للشافعي انه يتعلق به التحريم لأنه سبيل يحصل بالواصل
منه القطر فيتعلق به التحريم كالفم ونمنع حصول القطر به سلمنا لكنه يخالف القطر لأنه يعتبر فيه انبات اللحم وانتشار العظم مسألة لو قطر اللبن في احليله لم يتعلق
به حكم الرضاع ولا نشر الحرمة عند علمائنا أجمع وللشافعي قولان كما في الحقنة وكذا لو كان في بطنه جراحة فصب فيها اللبن حتى وصل إلى الجوف ولو صب في اذنه
للشافعية قولان أحدهما انه تثبت الحرمة بها والثاني انها لا تثبت الحرمد وهو الحق عندنا لأنه لا ينفذ منها إلى الدماغ واما الصب في العين فلا يؤثر اجماعا (كما صح) يؤثر
الاكتحال في الصوم ولو رضع بعض العدد وأكمله بوجور أو سعوط أو حقنة لم يعتد به عندنا لأنا نشترط الرضاع بالفم وعلى أحد القولين للشافعي ينشر الحرمة فلو
أرضعته مرتين وأوجرته مرة وأوسطته مرة وحقنه مرة تعلقه به التحريم عنده على أحد قوليه مسألة يشترط وصول اللبن إلى معدة الصبى خالصا فلو
مزج اللبن بان وضع في فم الصبى مايع ورضع فامتزج لم ينشر حرمته عند علمائنا لقوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم ولا يتحقق هذا مع المزج وما رواه العامة
617

عن النبي صلى الله عليه وآله قال الرضاع ما انبت اللحم وانشر العظم ومن طريق الخاصة رواية عبد الله بن سنان عن الكاظم (ع) قال قلت له تحرم من الرضاع إلى هذه الغاية وقال
الشافعي إذا اختلط اللبن بالماء أو الطعام وسقاه في خمس دفعات وتحقق وصول اللبن إلى جوفه في كل مرة تعلق بذلك التحريم وبه قال احمد لأنه وصل اللبن
المحرم إلى جوفه بعدده في وقته فأشبه ما لو كان خاليا وهو ممنوع لعدم تحقق استناد انبات اللحم ورشد العظم إلى الرضاع بل جاز ان يستند إلى الممازج وقال أبو حنيفة
ان خلط بالماء اعتبرنا الأغلب منهما فإن كان هو الغالب لم يتعلق به التحريم وكذا إذا اختلط بالدواء أو بلبن بهيمة اعتبر الأغلب فإذا اختلط بالطعام وكان الطعام
طاهرا فيه لم يتعلق به التحريم وإن كان أغلب واعتبر مالك ان يكون اللبن مستهلكا في جميع ذلك فلا يتعلق به التحريم فان الماء إذا غلب اللبن زال عنه الاسم فلا يتعلق
به حكم اللبن كما لو حلف لا شربت لبنا ويبطل بأنه لا فرق بين الغالب والمغلوب في تعلق التحريم كالمماسة بخلاف اليمين لأنه يعتبر هناك الاسم دون المعنى مسألة
لا فرق بين ان يكون اللبن غالبا ومغلوبا ولا بين ان يمزج بجامد كالدقيق والسويق والأرز ونحوه أو بما يع كالماء وانحل واللبن ولا بين ان يكون مستهلكا أو غير
مستهلك في انتفاء التحريم وقال الشافعي ينشر الحرمة وإن كان مستهلكا في الماء إذا تحقق وصوله إلى جوفه مثل ان يحلب في قدح ويصب الماء عليه ويستهلك فيه و
يشرب كل الماء فإنه ينشر الحرمة لأنا تحققنا وصوله إلى جوفه فإن لم تحقق ذلك مثل ان وقعت فطرة لبن في جب ماء فإنه إذا شرب بعض الماء لم ينشر الحرمة لأنا لا فتحقق
وصوله إلى جوفه الا بشرب الماء كله وقال أبو حنيفة ان مزج بجامد كالسويق والدقيق والأرز والدواء لم ينشر الحرمة غالا بكان اللبن أو مغلوبا وإن كان مشوبا بما بع
كالخل والخمر والدواء المايع نشر الحرمة إن كان غالبا ولم ينشر ها إن كان مغلبا وقال أبو يوسف ومحمد كان غالبا نشرها وإن كان مغلوبا مستهلكا لم ينشرها والحامد
والمايع واء فان شيب لبن امرأة بلبن أخرى وشربه مولود قال أبو حنيفة وأبو يوسف هو ابن التي غلب لبنها دون الأخرى وقال محمد هو ابنهما معا وكل هذا (باطل عندنا مسألة لوجهين اللبن وأطعم الصغير منه خمس دفعات لم يعتد به عند علمائنا الاشتراط فمنه صح) الاختصاص
من الثدي ولأنه لا يسمى رضاعا وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي واحمد يتعلق به التحريم لأنه واصل من الحلق يحصل به انبات اللحم وانتشار العظم فحصل به التحريم
كما لو شربه وهو غلط لان الاسم منتف هنا وقد علق الحكم عليه في قوله إن له تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم فينتفى الحكم (وكذا لو اتخذ منه زبدا وافط أو يختص لم ينشر الحرمة لعدم الشرط عندنا وهو الامتصاص من الثدي صح) ولم يشترط الشافعية لثبوت الحمرة بقاء اللبن على
الهيئة التي كانت عند الانفصال عن الثدي بل لو تغير لحموضة أو انعقاد أو اغلاء تعلقت الحرمة وكذا لو اتخذ منه جبن أو اقط أو غيرهما فأطعم الصبى نشر
عندهم ويروى عن أبي حنيفة ان اللبن المغلى لا ينشر الحرمة ولو ثرد فيه طعام أو عجن به دقيق وخبز لم ينشر
الحرمة عندنا خلافا للشافعي ونقل بعض الشافعية وجهان
في صورة العجن والخبز انه لا ينشر حرمة ولو مزج اللبن بغيره حلالا أو حراما لم ينشر الحرمة عندنا وقال الشافعي ان غلب اللبن نشر الحرمة حتى لو شرب منه خمس دفعات
ثبتت الحرمة وإن كان مغلوبا فقولان أحدهما لا يتعلق به الحرمة لان المغلوب المستهلك كالمعدوم فان النجاسة إذا استهلك في الماء الكثير كالمعدومة والخمر إذا
استهلكت فيما خالطة لم يتعلق بشربه الحد والمحرم لو اكل طعاما استهلك فيه الطيب لم يلزمه الفدية وأصحهما عنده التعلق لوصول عين اللبن إلى الجوف وهو المعتبر
وكذا يؤثر كثير اللبن الذي لا يغدى بحال بخلاف النجاسة فان اجتنابها لما فيها من الخبث والاستغدار والكثرة دافعة له ومسألة الخمر فان الحد منوط بالشدة
المزيلة للعقل على ألنا نمنع سقوط الحدود ومسألة المحرم فإنه ممنوع من التطيب وليس ذلك بتطيب وعلى الأصح عندهم لو شرب جميع المخلوط تعلقت الحمرد به وان شرب
بعضه فوجهان أحدهما انه تثبت الحرمة أيضا إذا شربه في خمس دفعات أو شرب منه دفعة بعد ان يسقى اللبن الصرف أربعا لان المايع إذا خالط المايع فيما من قدر
يوجد الا وفيه شئ من هذا أو شئ من ذاك وأظهرهما المنع لأنا لا نتحقق وصول اللبن إليه والخلاف فيما إذا لم نتحقق وصول اللبن كما إذا وقعت قطرة لبن في حب ماء
وشرب بعضه فان تحققت انتشاره في الخيط وحصول بعضه في المشروب أو كان الباقي من المخلوط أقل من قدر اللبن فنقطع بالحرمة وهل يشترط ان كون اللبن
قدرا يمكن ان يسقى منه خمس دفعات لو انفرد على الخليط وجهان للشافعية أظهرهما الاشتراط أو الاظهر عندهم انه لا فرق بين ان يكون الاختلاط بالماء أو بغيره وفيهم
من فرق فجعل غير الماء على ما ذكرنا وقال في الماء واللبن مغلوب فيه ان امتزج بما دون القلتين وشربه الصبى كله ففي ثبوت الحرمة القولان وان شرب
بعضه فقولان مرتبان فإن لم نثبت الحرمة في شرب الكل ففي شرب البعض أولي وان ثبت في الكل ففي البعض وجهان للتردد في وصول اللبن وان امتزج بقلتين
فصاعدا فان قلنا لا تتعلق الحرمة بالمغلوب بما دون القلتين فهنا أولي وان قلنا تتعلق فان تناول بعضه لم يؤثر وان تناول كله فقولان مرتبان على
القولين فيما دون القلتين فأولى بان لا يؤثر وفرقوا بين القلتين وغيره مراعاة للشرع في احكام النجاسات لان القليل يسهل احرازه وصونه عن النجاسات والكثير
يعسر صونه فيجعل ذلك حدا فاصلا بين القليل والكثير وهنا النظر إلى وصول اللبن وعدم وصوله فلا معنى للفرق بين القلتين وما دون القلتين في
ساير المايعات وأبو حنيفة فرق بين الخليط بالجامد كما لو ثرد قطعه فيه الخبز والمايع فقال في الأول لا يتعلق به الحرمة سواء كان اللبن غالبا أو مغلوبا وفي
الثاني إن كان اللبن غالبا تعلقت الحرمة به والا فلا ومالك قال الحكم للغالب ولا فرق عنده بين الجامد والمايع واختلفوا في اعتبار صيرورة اللبن مغلوبا
فقال بعضهم ان الاعتبار بصفات اللبن اللون والطعم والرايحة فان ظهر شئ منها في المخلوط فاللبن غالب والا فهو مغلوب وقال بعضهم انه لو زايلته الأوصاف
الثلاثة فتغير قدر اللبن لما له لون قوى يستولى على الخليط فإن كان ذلك القدر منه يظهر في الخليط تثبت الحرمة والا فلا تذنيب لو وقعت قطرة
من اللبن في فم الصبى فاختلط بريقه ثم وصل إلى جوفه فطريقان أحدهما انه ينظر إلى كونه غالبا أو مغلوبا كما تقدم والثاني انه يقطع بثبوت التحريم ولا ينظر
إلى الامتزاج بالريق كما لا ينظر إلى الامتزاج برطوبات المعدة وهذا ساقط عندنا إذ لا عبرة بالفطرة وإذا اختلط لبن امرأة بلبن أخرى نغلب أحدهما فان
غلبنا الحمرة بالمغلوب تثبت الحمرة منهما والا اختصت بالتي غلب لبنها البحث الرابع المرتضع يشترط وصول اللبن إلى معدة المرتضع بالمص عندنا
ومطلقا عند العامة على ما سلف ولو تقيأ في الحال فالأقرب عدم الاعتبار به لعدم صلاحيته للاغتذاء به وانتفاء انبات اللحم ونشر العظم عنه قالت
الشافعية ينشر الحرمة لأن الاعتبار بوصوله إلى الجوق وقد وصل ولبقاء شئ منه في معدته وان قل وللشافعي وجه اخر انه ان تقيأ قبل ان يتغير اللبن لم يثبت
الحرمة وان تغير ثبتت وليس هذا كله بشئ وقد بينا انه لا اعتبار بالارتضاع الا بالمص من الثدي لا بشربه بعد حلبه في انية وشبهها خلافا للعامة حيث علقوا
التحريم بالشرب من الأواني وقد سلف فعلى قولهم لو حلب في اناء خمس حلبات في خمس أو قات ثم سقته دفعة واحدة قال بعض الحنابلة وهو أحد قولي الشافعي
كان رضعة واحدة كما لو جعل الطعام في اناء واحد في خمس أوقات ثم اكله دفعة واحدة كان اكلة واحده وحى عن الشافعي قول في الصورتين عكس ما قلنا
وهو ان يكون رضعات متعددة اعتبارا بخروجه منها لأن الاعتبار بالارضاع والوجود فرعه احتج الأولون بان الاعتبار بشرب الصبى له لأنه المحرم ولهذا يثبت
618

التحريم به من غير رضاع ولو ارتضع بحيث يصل إلى فيه ثم مجه لم يثبت التحريم وكان
الاعتبار به وما وجد منه الا دفعة واحدة فكان رضعة واحدة وان سقطه في أوقات فقد
وجد في خمس أوقات فكان خمس رضعات فاما ان سقطه من لبن المجموع جرعة بعد جرعة متتابعة قال بعض الحنابلة انه رضعة واحدة لاعتباره خمس رضعات متفرقات
ولان المرجع في الرضعة إلى العرف وهم لا يعدون هذا رضعات فأشبه ما لو اكل الاكل الطعام لقمة بعد لقمة فإنه لا يعد أكلات وتغير كلام الشافعي انه إذا حلب اللبن من
المراة دفعة واحدة ثم ارتضع الصبى دفعات فقولان أحدهما أنه يكون رضعة واحدة والثاني انه رضعات وان حلب خمس دفعات متفرقات فشربها الصبى دفعة واحدة
فقولان أيضا كما لو حلبته دفعة واحدة وشربه متفرقات وقال بعض الشافعية يكون رضعات ولو حلب خمس دفعات متفرقات وخلط فشرب منه خمس دفعات
فقولان أحدهما أنه يكون خمس رضعات لان الارضاع متفرق والحلب متفرق فأشبه المتميز ومنهم من قال يكون واحدة لان كل مرة يشرب الصبى لا يتميز حلبه وانما يكون
بعضها من هذه وبعضها من هذه فلا تكمل الرضعة الا بالخمس مسألة يشترط في الصبى المرتضع ان يكون له دون الحولين وان يكمل العدد باسره في الحولين عند علمائنا أجمع
وهو قول أكثر أهل العلم وهو قول علي (ع) وابن عباس وعمرو بن عمرو بن مسعود وأبو هريرة وأزواج النبي صلى الله عليه وآله سوى عايشه واليه ذهب الشعبي وابن شبرمة والأوزاعي و
الشافعي واسحق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور واحمد ومالك في إحدى الروايات عنه لقوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة جعل
تمام الرضاع في الحولين وهو يدل على أمان بعد الحولين بخلافه وقوله تعالى وفصاله في عامين ولما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لارضاع الا ما كان في الحولين وقال أيضا
عليه السلام الارضاع بعد فصال ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لارضاع بعد فطام قلت جعلت فداك وما الفطام قال الحولين الذي قال الله عز وجل وقال
عليه السلام الرضاع قبل ان يفطم والرواية الثانية عن مالك انه إذا زاد شهرا على الحولين تعلق به التحريم فجعل أكثر الرضاع حولين وشهرا واحدا وعنه رواية ثالثة
انه ان زاد شهرين تعلق به الحرمة أيضا فجعل أكثر الرضاع حولين وشهرين وعنه رواية رابعة ان الحرمة تثبت ما دام محتاجا إلى اللبن وقال أبو حنيفة يحرم الرضاع
في ثلثين شهرا لقوله تعالى وحمله وفصاله ثلثون شهرا ولم يرد بالحمل حمل الأحشاء ولأنه يكون سنين فعلم أنه أراد الفصال خاصة وهو غلط لأنه حكم بخلاف ما نطق
به الكتاب العزيز وقول الصحابة فقد روى عن علي (ع) وابن عباس ان المراد بالحمل حمل البطن وبه استدل على أن ا قل مدة الحمل ستة أشهر ودل عليه قوله تعالى وفصاله في عامين
فلو حمل على ما قال أبو حنيفة لكان مخالفا لهذه الآية وقال زفر مدة الرضاع ثلاث سنين وروى عن عايشه انها قالت يحرمه ابدا فلو ارتضع الكبير الفاني نشز
الحرمة وبه قال عطا والليث وداود لما روى أن سهله بنت سهيل قالت يا رسول الله انا كنا نرى سالما ولدا فكان يأوى معنا ومع أبى حذيفة في بيت واحد
ويرى بي فضلا وقد انزل الله انا كنا نرى فيهم ما قد علمت فكيف ترى فيهم قال لها النبي صلى الله عليه وآله ارضعيه فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها فبذلك كانت عايشه تأخذ
تأمر بنات أخواتها وبنات اخوتها يرضعن من أخت عايشه ان يراه ويدخل عليها وإن كان كبيرا خمس رضعات وأبت ذلك أم سلمة وساير أزواج النبي صلى الله عليه وآله ان يدخل
عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس حتى يرضع في المهد وقلن لعايشة والله ما تدرى لعلها رخصته من النبي صلى الله عليه وآله دون الناس والآيات والأخبار السابقة أولي
بالاتباع قالت عايشه ان رسول الله صلى الله عليه وآله دخل عليها وعندها رجل فتغير وجه النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله انه اخى من الرضاعة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله انظرن من اخوانكن
فإنما الرضاعة من المجاعة وقالت أم سلمة قال رسول الله لا يحرم من الرضاع الا ما فتق الأمعاء وكان قبل الطعام وحديث سالم كان مخصوصا بذلك لان سهلة كانت
تبنت به فلما نزل تحريم النبي صلى الله عليه وآله قالت يا رسول الله تعلم موضع سالم منا فجعل لها ارضاعه ويكن يوجد هذا المعنى لغيره مسألة الاعتبار بالعامين لا بالفطام
فلو فطم قبل الحولين ثم ارتضع فيها حصل التحريم لوجود المقتضى ولقول الصادق (ع) لارضاع بعد فطام قلت جعلت فداك وما لفطام قال الحولين الذين قال الله عز
وجل ولو لم يفطم حتى يتجاوز الحولين ثم ارتضع بعدهما قبل الفطام لم يثبت التحريم وقال ابن القسم صاحب مالك لو ارتضع بعد الفطام في الحولين لم يحرم لقوله تعالى وكان
قبل الفطام وليس بجيد لقوله تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وروى عنه (ع) لارضاع الا ما كان في الحولين والفطام معتبر بمدة لا ينفسه ولو رضع
العدد الا رضعة فتم الحولين ثم اكمله بعدهما لم ينشر الحرمة وكذا لو كملت الحولان ولم يرو من الأخيرة إما لو تمت الرضعة مع تمام الحولين فإنه ينشر الحرمة وقال بعض العامة
لو شرع في الخامسة فحال الحولين قبل كمالها نشر الحرمة لان ما وجد من المرضعة في الحولين كان في التحريم بدليل ما لو انفصل مما بعده فلا ينبغي ان يسقط حكمه باتصال
مالا اثر له به وليس بجيد للاخبار السابقة مسألة تعتبر الحولان بالأهلة لأنه المتعارف فان أنكر الشهر الأول اعتبر ثلاثة وعشرون شهرا بالأهلة ويكمل المنكسر
بالعدد من الشهر الخامس والعشرين ويحسب ابتداء الحولين من وقت انفصال الولد بتمامه وهو القياس عند الشافعي وقال بعض أصحابه لو خرج نصف الولد ثم بعد مدة
خرج الباقي فابتداء الحولين في الرضاع عند ابتداء خروجه ولهم وجهان فيما لو ارتضع قبل ان ينفصل جميعه هل يتعلق به حرمة أم لا مسألة لا شك ان الجويني
شرط في المرتضع وهل هما شرط في ولد المرضعة يحتمل ذلك لقوله تعالى لمن أراد ان يتم الرضاعة دل على أن ما خرج عن ذلك ليس له حكم وليس رضاعا معتبرا في نظر الشرع
فلبنه غير ناشر للحرمة ومنع بعض علمائنا اشتراط ذلك إذا عرفت هذا فان حياة المرتضع عند علمائنا شرط في التحريم لان الشرط في الرضاع امتصاص الصبى
من الثدي ولا يتحقق بدون الحياة وباشتراط الحياة قال الشافعي فلا اثر للوصل إلى معدة الميت لخروجه عن التغذي ونبات اللحم البحث الخامس
في الارتضاع مسألة لا يكفى في التحريم بالرضاع مسمى الارتضاع عند علمائنا كافة وبه قالت عايشه وابن مسعود وابن الزبير وعطا وطاوس والشافعي
واحمد في أصح الروايات عنه واسحق وابن ثور وداود وابن المنذر لما رواه عن عايشه انها قالت كان فيما انزل عشر رضعات معلومات يحر من فسخ بخمس معلومات
يحرمن وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الرضاع ما ابنت اللحم وانشر العظم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا يحرم من الرضاع الا ما انبت اللحم وشد العظم وسال عبد الله
ابن سنان الكاظم (ع) قال قلت له من الرضاع الرضعة والرضعتان والثلاثة قال لا الا ما اشتد عليه العظم ونبت اللحم ولاستلزامه المشقة والتضييق فان
أكثر الناس لا ينفكون عن الرضعة والرضعتين ولمنافاته لأصالة الإباحة وروى العامة عن علي (ع) وعن ابن عباس وابن عمر تحريم القليل والكثير وبه قال مالك
والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والليث واحمد في إحدى الروايات وزعم من الليث ان المسلمين اجمعوا على أن قليل الرضاع وكثيره يحرم في المهد ما يفطر به الصايم
لقوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وهو يصدق في القليل والكثير وقوله (ع) يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وبما روى عن علي (ع) قال تحرم
الرضعة ما يحرم الحولان ولأنه فعل تعلق به تحريم مؤبد فلم يعتبر فيه العدد كتحريم أمهات النساء والآية لا حجة فيها لأنها تدل على الكثرة فإنه لا يقال فلان الذي
يفعل كذا الا إذا كان يصدق عنه مرة غير واحده في الغالب وكذا في الخبر والحديث المنقول عن علي (ع) ممنوع فان العترة اجمعوا على اعتبار العدد وهم اعرف بمذهب
619

أبيهم عليهم السلام وينتقض قياسهم باللعان مسألة اختلف علماؤنا في العدد المقتضى للتحريم فالمشهور ان المقتضى للتحريم خمس عشرة رضعة تامات و
ذهب جماعة من علمائنا إلى أن المقتضى للتحريم عشر رضعات احتج الأولون بأصالة الإباحة واستصحابها وبما رواه زياد بن سوقه عن الباقر (ع) قال قلت له
هل للرضاع حد يؤخذ به فقال لا يحرم الرضاع أقل من رضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم تفصل بينهم رضعة
امرأة غيرها ولو أن امرأة رضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وأرضعتها امرأة أخرى من لبن فحل اخر شعر رضعات لم يحرم نكاحها
وما رواه علي بن رباب في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت ما يحرم من الرضاع قال ما ابنت اللحم وشد العظم قلت فتحرم عشر رضعات قال لا انها لا تنبت اللحم
ولا تشد العظم عشر رضعات وفي الموثق عن عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) قال سمعته يقول عشر رضعات لا يحر من شيئا احتج الآخرون بصدق اسم الرضاع
فيدخل تحت الآية وبما رواه عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) قلت فما الذي يحرم من الرضاع قال ما انبت اللحم والدم فقلت وما الذي ينبت اللحم والدم فقال
كان يقال عشر رضعات فقلت هل يحرم بعشر رضعات فقال دع هذا أو قال ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع وعن هارون مسلم عن الصادق عليه السلام
يبلغ عشر إذا كن متفرقات قال لا يحرم من الرضاع الا ما شد العظم وانبت اللحم فاما الرضعة والرضعتان والثلاث حتى يبلغ عشرا إذا كن متفرقات فلا باس
دل على ثبوت الباس إذا كانت متوالية حتى تبلغ والجواب ان مطلق الارضاع ليس مرادا بالاجماع فخرج عن الدلالة وبقيت الإباحة على أصلها وعن الحديث الأول
انه أجاب بقوله كان يقال وهو يدل على استضعافه (ع) ويؤيده تمام الحديث فان السائل لما سأله عن العشر هل تحرم اعرض عليه السلام عن الجواب للتقية والحديث
الثاني يدل من حيث المفهوم وفيه ضعف خصوصا مع معارضة المنطوق له في قوله (ع) عشر رضعات لا تحرم واما العامة فقد اختلفوا فمنهم من حرم بالقليل و
الكثير وقد سبق ومنهم من ضبط عددا يوجب التحريم فقال الشافعي المقتضى التحريم انما هو خمس رضعات وهو مروى عن عايشه و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن
الزبير وبه قال عطا وطاوس واحمد في أصح الروايات واسحق لقول عايشه (كان صح) فيما انزل عشر رضعات معلومات يحرمن فنسخ بخمس معلومات يحر من ونمنع النقل خصوصا
ولم يحك عن المنقول فربما قالت ذلك عن اجتهاد وقال أبو ثور وداود وابن المنذر تحرم الثلث لما رواه عبد الله بن الزبير ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان
ولا دلالة فيه على عدم تحريم الزايد الا من حيث المفهوم وأحاديثنا تدل من حيث المنطوق واعلم أن للشافعية مذهبين آخرين أحدهما ان الرضعة الواحدة تحرم
كمذهب أبي حنيفة ومالك والثاني ان الثلاث تحرم كمذهب ابن المنذر وداود واختلف القائلون بان المحرم هو الخمس من الشافعية بأنه لو حكم حاكم بالتحريم برضعه
هل ينقض حكمه أم لا قال بعضهم ينقض وقال آخرون لا ينقض مسألة وللرضاع المحرم عند علمائنا تقديران آخران أحدهما ما انبت اللحم وشد العظم ولا
خلاف في التحريم وبه لقول الصادق (ع) لا يحرم الرضاع الا ما انبت اللحم وشد العظم أو انشر العظم الثاني رضاع يوم وليلة لمن لا يضبط العدد لقول الباقر (ع) لا يحرم
الرضاع أقل من رضاع يوم وليله أو خمس عشرة رضعة الحديث إذا عرفت هذا يثبت الرضاع المحرم بما حصل به أحد التقاويل الثلاثة إما رضاع يوم وليلة لمن
لم يضبط العدد أو رضاع خمس عشر رضعة أو ما ابنة اللحم وشد العظم عند علماء الإمامية وروى عن حفصة وعايشه انهما قالتا لا تحرم دون عشر رضعات لان عروة
روى في حديث سهله بنت سهيل فقال لها رسول الله فيما بلغنا ارضعيه عشر رضعات فيحرم بلبنها ولا دلالة فيه لأنه روى في هذا الحديث عبارة أخرى ارضعي
سالما خمس رضعات فيحرم بلبنها وإذا اختلف لفظه سقط الاحتجاج به مسألة يشترط في الرضعات عند علمائنا بعد
ما تقدم من الارتضاع من الثدي امران اخر ان أحدهما أن تكون الرضعة كاملة والثاني توالى الرضعات بمعنى انه لا يفصل بينهما برضاع امرأة أخرى إما كمالية
الرضعة فالمرجع فيه إلى العرف إذا الشارع لم يعين لها قدرا مضبوطا بل ورد الشرع بها مطلقا ولم يجدها بزمان ولا بمقدار فدل ذلك على أنه ردهم إلى العرف كما
هو عادته في مثله كالقبض وشبهه فإذا ارتضع الصبى وروى وقطع بينا باختياره واعرض اعراضا مملا باللبن كان ذلك رضعة وان قطع لا بنية الاعراض بل قطع
لضيق نفس أو للسعال أو للالتفات إلى ملاعب أو للانتقال من ثدي إلى اخر أو قطع عليه المرضعة أو لفظ الثدي ثم عاد في الحال إلى الالتقام أو النهى عن الامصاص
والثدي في فمه ثم عاد أو تحول عن الثدي ثم عاد في الحال لنفاد ما إلى فيه الأخر أو تخلل النوم الخفيف أو تقوم المرضعة بشغل خفيف ثم تعود إلى ارتضاعه كان الكل
رضعة واحدة وإذا منع قبل استكماله الرضعة لم تعتبر في العدد عند علمائنا وبه قال الشافعي الا فيما إذا قطعت عليه المرضعة ففيه وجهان لأنه لو حلف لا اكلت اليوم
الا اكلة واحدة فاستدام الاكل من أول النهار إلى اخره لم يحنث وان اكل وقطع قطعا بينا ثم عاد إليه حنث ولو قطع بشرب ماء أو انتقال من لون إلى اخر أو انتظار لما
يحمل إليه من الطعام لم يعد الا اكله واحدة فكذا هنا وكذا لو قطعته المراة دون شبعه ودون قطعه ثم عاد كان الجميع رضعة واحدة وهي أحد وجهي الشافعية لأنها
شربة ليس برضعة لأن الاعتبار بالمرتضع دون المرضعة الا ترى انه لو ارتضع منها وهي نائمة خمس رضعات تعلق بها التحريم وان لم يكن لها فيه فعل وكذا الحالف
لو منع من الطعام لم يكن من اكله اكله والثاني ان الأول يحتسب رضعة لان القطع وجد بينا وتعتبر المراة في الرضاع كما يعتبر المرتضع الا ترى انه لو ارتضع من لبن ميتة
لم يتعلق به حكم وكذا لو وجرته وهو نايم تعلق به التحريم عنده وهو ممنوع عندنا على ما تقدم إما لو ارتضع من امرأة ثم انتقل إلى امرأة أخرى قبل ان يقطع قطعا
بينا فهل يكون ما شربه من كل واحدة رضعة من كل واحدة لأنه لم يقطع ما بينهما فهو بمنزلة من انتقل (إلى ثدي صح) من ثدي
ومن انتقل في الاكل من لون إلى لون فعلى هذا لو كان ارتضع من كل واحدة أربع رضعات ثم شرب من واحدة وانتقل إلى الأخرى فأتم شربه منها لم يحرم على واحدة منهما
لأنه لم يتم العدد ف ي حقها والثاني ان ذلك رضعة من كل واحدة منهما لأنه قطع عن شربه منها قطعا بينا فكان رضعة كما لو لم يشرب من الأخرى بخلاف الانتقال
من ثدي إلى ثدي لان ذلك لبن واحد وهنا انتقل من لبنها إلى غيره وكذا الطعام هو طعام واحد وان اختلفت ألوانه واللبن في حقهما مختلف وهذا لا يتأتى على
مذهبنا حيث شرطنا عدم الفصل بين الرضعات برضعات امرأة أخرى مسألة يشترط توالى الرضعات من المرأة الواحدة فلو تخلل بين العدد رضاع
امرأة أخرى لم ينشر الحرمة ولم يعتد برضاع شئ منهما ما لم يكمل رضاع إحديهما خمس عشر رضعة متوالية فلو رضع من إحديهما أربع عشر رضعة ثم رضع مثلها
من أخرى لم يعتد بذلك الرضاع عند علمائنا أجمع لقول الباقر (ع) لا يحرم الرضاع أقل من رضاع يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة
من لبن فحل واحد لم يفصل بينها رضعة امرأة غيرها ولو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل واحد وأرضعتها امرأة أخرى من لبن
فحل اخر عشر رضعات لم يحرم نكاحها ولان مطلق الارتضاع غير كاف على ما تقدم بل لا بد من تأثيره في تربية البدن وقد أشار (ع) بقوله الرضاع ما انبت اللحم
620

وانشر العظم وانما يتحقق ذلك لو اتحدت المرضعة ولأصالة الإباحة ولو يشترط أحد من العامة ذلك والأصل ما قلنا ولو تناوب عليه عدة نساء لم ينشر الحرمة
ما لم يكمل من واحدة خمس عشرة رضعة ولاء ولا يصير صاحب اللبن مع اختلاف المرضعات أبا ولا أبوة جدا
ولا المرضعة إما عند علمائنا أجمع مسألة
لو وقع الشك في أنها أرضعت خمس عشر رضعات أو أقل لم تثبت الحرمة بالشك لك ن الورع يقتضى الاحتراز عنه ولو وقع الشك في أنه هل وصل اللبن في بعض المرات إلى
جوفه فكذلك ولو وقع الشك في أنها أوضعته في الحولين أو بعد الحولين أو بعض الرضعات في الحولين والبعض بعدهما تعارض أصلا الإباحة وبقاء مدة
الحولين والوجه الإباحة حتى يحصل يقين الارتضاع المحرم وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني التحريم والأول أصح وان أصالة الإباحة متيقنة وسبب
التحريم مشكوك فيه فلا ينتقل عن اليقين بالشك كما لو شك هل ارتضعت أم لا فانا لا نحكم بالتحريم وكذا لو شك هل طلق أم لا أو شك في عدد الطلاق فانا
نحكم في ذلك كله بأصالة الإباحة فكذا هنا بخلاف ما إذا اختلطت أخته بأجنبيات حيث غلبنا التحريم لان تحريم بعضهم متيقن كإباحة بعضهم مسألة
لو كان له خمس عشر امرأة بالنكاح المنقطع عندنا أو بالدايم والاستيلاد أو بالاستيلاد وحده وله من كل واحدة لبن عن ولادة فأرضعت كل واحدة منهن
الصبى رضعة واحدة لم ينشر الحرمة لما تقدم من اشتراط توالى الرضعات من امرأة واحدة من غير فصل رضاع امرأة أخرى وللشافعية خلاف فقالوا لو كان لرجل
خمس أمهات أولاد وله زوجة صغيرة فأرضعت أمهات الأولاد الزوجة الصغيرة كان واحدة منهن رضعة لم تصر واحدة منهن إما للزوجة قطعا وهل يصير
سيدهن أباها قولان أحدهما انه لا يصير أباها لان الأبوة فرع الأمومة لان انفصال اللبن عنها مشاهد محسوس فإذا لم تحصل الأمومة (لم تحصل صح) الأبوة ولا ينفسخ نكاح
الصغيرة والثاني ان السيد يصير أباها لأنها شربت من لبنه خمس رضعات فأشبه ما إذا كانت المرضعة واحدة وقد حصل من لبنه في جوفه خمس مراة والزوجات ظروف
اللبن (فيحرم صح) نكاح الصغيرة وكذا إذا كان لرجل أربع زوجات وام ولد فأرضعن صغيرة بلبنه فهل تصير بنته قولان ويجوز ان تثبت الأبوة دون الأمومة كما يجوز العكس
كما لو در البن امرأة لا زوج لها وكذا لو أرضعت صغير بلبن زوجها ثلث رضعات فطلقها زوجها فنكحت غيره وأرضعت بلبان الثاني ذلك الصغير
رضعتين ثبتت الحرمة بينهما وبين الرضيع عندهم وان لم تثبت بينه وبين الرجل وإذا قلنا بأنه يصيرا بالمرضعات يحرمن على الرضيع وان لم يكن أمهات لأنهن
موطوءات أبيه إذا عرفت هذا فلو كانت المرضعات للزوجة الصغيرة أمهات أولاده لم يعز من شيئا من المهر ان قلنا بانفساخ النكاح لان السيد لا يثبت له
دين على مملوكه ولو كانت له زوجة صغيرة وثلث نسوة ومستولدات وأرضع الجميع الصغيرة خمس رضعات لم يتعلق به تحريم عندنا واما الشافعية فلهم في انفساخ
نكاح الصغيرة وجهان تقدما واما عزم المهر للصغيرة على تقدير الفسخ فنقول ان أرضعن على الترتيب فالانفساخ مستند إلى ارضاع الأخيرة فإن كانت الأخيرة إحدى
المستولدتين فلا شئ عليها وإن كان إحدى النسوة فعليها الغرم وان أرضعن معا بان أخذت كل واحدة لبنها في مسعط واو جرته دفعة فلا شئ على المستولدتين وعلى
النسوة ثلثه أخماس العزم ولا ينفسخ نكاح النسوة الثلاث لأنهن لم يصرن أمهات الزوجة بذلك الرضاع ولو كان للزوج أربع نسوة فأرضعت واحدة منهن صغيرا ارضعتين
والثلاثة الباقيات أرضعته رضعة أو ان له ثلث مستولدات فأرضعت واحدة منهن بلبنه صغيرا ثلث رضعات والباقيتان أرضعتاه رضعة رضعة جا الخلاف
بينهم في صيرورته أبا للصغيرة ولا تصير المرضعات أمهات مسألة يشترط في الارضاع حصول العدد بتمامه ولا يشترط افتقار المرتضع إلى اللبن بل لا فرق بين
ان يكون المرتضع مفتقرا إلى اللبن أو مستغنيا عنه فان التحريم يحصل بأيهما كان وبه قال الشافعي للعموم وقال مالك إن كان الصغير مفتقر نشر الحرمة وإن كان
مستغنيا لم ينشر ولا حجة له على ذلك ولا يشترط اذن الزوج ولا الملوي ولو أرضعت الزوجة الارضاع المحرم من غير اذن زوجها نشر الحرمة وكذا الأمة مسألة
يشترط في الرضاع المحرم ان يكون اللبن لفحل واحد عند علمائنا أجمع فلو ارتضعت امرأة بلبن فحل واحد مائة حرم بعضهم على بعض وكذا لو نكح شخص مائة امرأة وأرضعت
كل واحدة واحدا أو أكثر حرم التناكح بينهم جميعا ولو أرضعت امرأة بلبن فحل صبيا ثم طلقها الزوج ونكحت غيره وأرضعت بلبن الثاني صبية لم يحرم الصبى على الصبية
لقول الباقر (ع) لا يحرم من الرضاع أقل من الرضاع يوم وليلة أو خمس عشر رضعة متواليات من امرأة واحده من لبن فحل واحد لم يفصل بينهم رضعة امرأة غيرها وسال
عمار الساباطي الصادق (ع) عن غلام رضع من امراه أيحل له ان يتزوج أختها لأبيها من الرضاعة قال فقال قد رضعا جميعا من لبن فحل واحد من امرأة وادة قال قلت يتزوج
أختها من الرضاعة قال لا بأس بذلك ان أختها التي لم ترضعه كان فحلها غير محل التي أرضعت الغلام فاختلف فلا باس وخالفت العامة في ذلك ولم يشترطوا اتحاد الفحل
مسألة لو كان للرجل أو للمرأة خمس بنات أو خمس أخوات مراضع فأرضعت كل واحدة منهن صغيرا رضعته لم يصرن أمهات للصغير ولا أزواجهن اباؤه قال الشافعي
وهل تثبت الحرمة بين الرضيع وبين الرجل والمراة إما عندنا فلا لانتفاء شرائط الارضاع وهي العدد وعدم فصل رضاع امرأة أخرى وللشافعية وجهان أحدهما انها
يثبت أيضا لان البنت الواحدة لو أرضعت خمسا لثبت التحريم بينها وبين الرضيع فإذا أرضعت البنات الخمس كل واحدة واحدة وجب ان ينشر الحرمة كما انا نزلنا ارضاع
المستولدات الخمس منزلة ارضاع الواحدة خمسا وأصحهما عندهم المنع بخلاف المستولدات والفرق انه لو ثبت التحريم لكان لصيرورة الرجل جد الام في ارضاع البنات و
خالا في ارضاع الأخوات وصيرورة المراة جدة لام أو خالة والجدودة والخوولة لا يثبتن الا توسط الأمومة فإذا لم يكن المرضعات أمهات استحال ان يكون أبوهن
جدا وأخوهن خالا وأمهن جدة وأختهن خالة وهناك اللبن مشترك بين الرجل والمرضعات والاستحالة في ثبوت الأبوه دون الأمومة ودون العكس كما تقدم وقال بعض
الشافعية تحرم المرضع على الرضيع لا لكونهن أمهات ولا لكون البنات أخوات ولا كون الأخوات عمات وانما يصح كون البنات أخوات وكون الأخوات عمات إذا كان
الرجل أبا والحرمة هنا لو تثبت (لثبت صح) من جهة كونه جد الام أو خال وفي صيرورة الرجل جد الام أو خالا وجهان وإذا كانت الحرمة بهذه الجهة فينبغي ان يقال انهن يحر من لكونهن
كالخالات لان بنت الجد للام إذا لم يكن إما كانت خالة وكذلك أخت الخال مسألة لو أرضعت كل واحدة من أم الرجل وبنته وأخته وبنت أخيه من الأب وبنت
أخته من الأب أيضا صغيرا وصغيرة لم ينشر حرمه عندنا لما تقدم وللشافعية قولان أصحهما المنع والفرق بين هذه الصورة وصورة البنات أو الأخوات السابقة ان هناك
يمكن نسبة الرضيع إليه بكون ناقلة له ونسبة إلى الرضيع بكونه جدا وهنا لا يمكن لاختلاف الجهات ولا يجوز ان يكون بعض الرضيع أخا وبعضه ابن بنت والثاني
انه يثبت التحريم لان الواحدة منهن لو انفردت بخمس رضعات ليثبت الحرمة بينه وبين الرضيع وارضاع الخمس كالرضعات الخمس من واحده وعلى هذا فتحرم المرضعات على
الرضيع لا لأنهن أمهات ولكن بجهات مختلفة فأم الرجل كأنها زوجة أبيه لان لبنها من لبن الرجل الرضيع بمثابة ولده وبنت الرجل لبنت ابن أبيه فيكون بنت أخيه
وأخته وأخت الرجل بنت أبيه فيكون أخته وبنت اخى الرجل بنت ابن أبيه فيكون بنت أخيه وبنت أخت الرجل بنت أخيه أيضا وكذا لو كانت إحدى هؤلاء المرضعات
621

زوجة أو جده كان الحكم كذلك ولو أرضعت كل واحدة من هؤلاء صغير له في نكاح الرجل رضعة واحدة فانفساخ النكاح على الوجهين وإذا قلنا بالانفساخ فان
أرضعن على الترتيب عزمت الأخيرة للزوج وان أرضعن معا اشتركن فيه فان اختلف عدد المرضعات بان كن ثلثا فان أرضعت واحدة رضعتين والثانية كذلك
والثالثة رضعة لم ينشر الحرمة عندنا ولا يجب الغرم ولا ينفسخ النكاح خلافا للعامة وعند الشافعي في كيفية الغرم وجهان أحدهما أثلاثا على عدد الرؤس والثاني
أخماسا على عدد الرضعات البحث السادس فيما يحرم بالرضاع مسألة تحريم الرضاع يتعلق بأصول ثلثه المرضعة والفحل الذي منه اللبن و
الطفل المرتضع ثم تنشر الحرمة إلى غيرهم إذا عرفت هذا فاللبن للمراة والزوج وينشر التحريم إليهما عند علمائنا أجمع ولا خلاف في أن المرضعة تصير إما للطفل من
الرضاع واما الفحل فإنه أب للطفل وهو قول علي (ع) وابن عباس وعطا وطاوس والحسن وسليمان بن يسار ومالك وأبي حنيفة والشافعي واحمد واسحق أكثر أهل العلم
لما روى أن عايشة قالت استأذن عليها أفلح اخواني العقيس بعد نزول أية الحجاب فلم اذن له حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله فان أخا أبى العقيس ليس هو أرضعني (ولكن أرضعتني صح) امرأة
أبى العقيس فدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت يا رسول الله ان الرجل ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس بعمك فليلج عليك فقالت انما أرضعتني
امرأة لم يرضعني الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وسئل ابن عباس عن رجل تزوج امرأتين فأرضعت إحديهما جارية والاخرى
غلاما هل يتزوج الغلام بالجارية فقال لا للقاح واحد وانما أراد انهما اخوان من الأب لان زوج المرضعتين واحد قال مالك اختلف قديما في الرضاعة من قبل
لأب ونزل برجال من أهل المدينة في أزواجهم منهم محمد بن منكدر وابن أبي حبيبة فاستفتوا في ذلك فاختلف عليهم ففارقوا زوجاتهم وقال ابن عمر وابن الزبير وداود
وابن علته وابن بنت الشافعي لا يحرم لبن الفحل والمرتضعة مباحة للزوج لان اللبن للمراة لا يشاركها فيه الزوج وقد ينزل للبكر لبن ولا يشاركها فيها الزوج ولو نزل للزوج
لبن لم يتعلق بارضاعة التحريم وليس بشئ فان ملك اللبن وإن كان للمراة فالتحريم يتعلق بالزوج كما أن الولد يتبع الام في الملك عندهم والتحريم يتعلق بهما ولبن الرجل
يحرم شربه فلا يثبت له حرمة فافترقا مسألة لو كان لكل واحد من الأخوين زوجة ولأحدهما بنت صغيرة لها دون الحولين ولامرأة الأخر لبن منه فأرضعت
الصغيرة العدد المحرمات صارت هذه الصغيرة بنتها وبنت زوجها الذي هو عم الصغيرة من النسب فان ولدت هذه المرضعة من زوجها أولاد افهم اخوة هذه الصغيرة من الرضاعة
وبنوعها من النسب وان رزقت أولاد امن غير زوجها فهم أخ. انها من أمها وان حصل لعمها أولاد من غير المرضعة فهم اخوة الصغيرة من الأب وبنوعها وما تلده أم الصغيرة من
النسب لا يحرم على أولاد أمها من الرضاع لانهم اخوة أخيهم مسألة إذا ولدت المراة من الرجل وأرضعت بلبنه طفلا رضاعا محرما صار الطفل المرتضع ابنا للمرضعة
اجماعا وصار أيضا ابنا لصاحب اللبن فصار في التحريم وإباحة الخلوة ولدا لهما وأولاده من البنين والبنات أولاد أولادهما وان نزلوا وجميع أولاد المرضعة من زوجها ومن
غيره وجمع أولاد الرجل صاحب اللبن من المرضعة ومن غيرها اخوة المرتضع وأخواته وأولاد أولادها أولاد اخوته واخوانه وان نزلت درجتهم وام المرضعة جدته و
أبوها جده واخوتها أخواله وأخواتها خالاته وأبو الرجل جده وامه جدته واخوته أعمامه وأخواته عماته وجميع أقاربهما ينسبون إلى المرتضع كما ينتسبون إلى ولدهما من
النسب لان اللبن الذي صار للمرأة مخلوق من ماء الرجل والمرأة فنشر التحريم بينهما ونشر الحرمة بينهما ونشر الحرمة إلى الرجل والى أقاربه وهو الذي يسمى لبن الفحل وبالجملة أصول التحريم ثلثه
المرضعة والفحل والطفل وتنتشر منهم الحرمة إلى غيرهم إما المرضعة فينتشر منها التحريم إلى ابائها (اجدار الرضيع فلو كان الرضيع أنثى حرم عليهم نكاحها والى امهانها صح) من النسب والرضاع فهم جدات المرتضع فيحرم عليه نكاحهن إذا كان ذكرا والى أولادهما
من النسب خاصة دون أولادها من الرضاع الا ان يكون رضاعهم من لبن هذا الفحل لأنا نشترط كون اللبن لفحل واحد وعند العامة يحرم أولادها من الرضاع أيضا لانهم
لا يشترطون وجدة الفحل فهم اخوته وأخواتها والى اخوتها وأخواتها من النسب والرضاع فهم أخواله وخالاته وأولاد أولادها من النسب عندنا ومطلقا عند العامة لانهم أولاد
اخوة وأخوات الرضيع ولا تثبت الحرمة بين الرضيع وبين أولاد اخوة المرضعة وأخواتها فإنهم أولاد أخواله وخالاته واما الفحل فكذلك ينشر الحرمة منه إلى ابائه وأمهاته فهم أجداد
الرضيع وجداته والى أولاده نسبا ورضاعا فهم اخوة المرتضع بخلاف المرتضع بخلاف المرضعة فان أولادها من الرضاع لا يحرمون على المرتضع على ما قدمنا خلافا للعامة الا ان يكون
رضاعهم من لبن هذا الفحل إما من لبن غيره فلا فلهذا قال علماؤنا يحرم صاحب اللبن على المرتضع وأولاده نسبا ورضاعا ويحرم أولاد المرضعة على المرتضع ولادة لا رضاعا
وينشر الحرمة من الفحل إلى اخوته واخوانه فهم أعمام الرضيع وعماته واما المرتضع فينشر الحرمة منه في أولاده من الرضا ع والنسب فهم أحفاد المرضعة والفحل بلا خلاف وهل
تنتشر الحرمة إلى من هو في طبقته كأخويه وأخواته أو أعلى منه من أمهاته وجداته وأخواله وخالاته أو ابائه وأجداده وأعمامه وعماته قال العامة لابل الحكم فيمن عداه وعدا
ما تناسل منه بمنزلة ما لم يكن هناك رضاع ينحل للفحل لنكاح أخت هذا المولود ونكاح أمهاته وجداته وإن كان لهذا الرضيع أخ حل له نكاح هذه المرضعة ونكاح
أمهاتها وأخواته كأنه لارضاع هناك وقال علماؤنا ان جميع أولاد هذه المرضعة وجميع أولاد الفحل يحرمون على هذا المرتضع وعلى أبيه وجميع أخواته وانهم
صاروا بمنزلة الاخوة والأخوات خالف جميع العامة في ذلك مسألة قال الشيخ (ره) الذي يدور عقد الرضاع عليه جملته ان امرأة الرجل إذا كان لها لبن
منه فأرضعت مولودا خمس عشرة رضعه صار كأنه ابنهما من النسب فكل من حرم على ابنها من النسب حرم على هذا لان الحرمة انتشرت منه إليهما ومنهما إليه فالتي انتشرت
منه إليهما انه صار كأنه ابنهما من النسب والحرمة التي انتشرت منهما إليه وقفت عليه وعلى نسله دون من هو في طبقة من اخوته وأخواته أو أعلى منه من ابائه وأمهاته فيجوز
للفحل ان يتزوج بام هذا الرضيع وبأخته وبجدته. ويجوز لوالد هذا الرضيع ان يتزوج بالتي أرضعته لأنه لا نسب بينهما ولا رضاع ولأنه لما جاز له ان يتزوج أم ولده من النسب
وبان يجوز ان يتزوج أم ولده من الرضاع أولي قالوا أليس لا يجوز له ان يتزوج أم أم ولده من النسب ويجوز ان يتزوج بام أم ولده من الرضاع فكيف جاز هذا وقد
انه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب أجاب بان أم ولده من النسب ما حرمت بالنسب وانما حرمت بالمصاهرة قبل وجود النسب والنبي صلى الله عليه وآله انما قال يحرم من الرضاع
ما يحرم من النسب ولم تقل يحرم من الرضاع ما يحرم من المصاهرة وقال في المبسوط قبل ذلك ان جميع أولاد هذه المرضعة وجميع أولاد الفحل يحزون على هذا المرتضع
(وعلى أبيه صح) وجميع اخوته وأخواته وانهم صاروا بمنزلة الاخوة والأخوات وقال في الخلاف إذا حصل الرضاع المحرم لا يحل للبعل نكاح أخت هذا المولود المرتضع بلبنه
ولا لاحد من أولاده من غير المرتضعة ومنها لان اخوته وأخواته صاروا بمنزلة أولاده واستدل باجماع الفرقة وطريق الاحتياط وقول النبي ص () يحرم من الرضاع
ما يحرم من النسب وليس في الشرع جواز ان يتزوج الانسان بأخت ابنه على حال فحكم الرضاع مثله وفيه نظر لان أخت الابن انما حرمت بالمصاهرة حيث وطى
أمها لكن قد روى الشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار قال سال عيسى بن جعفر بن عيسى أبا جعفر الثاني ان امرأة أرضعت لي صبيا فهل يحل لي ان أتزوج ابنة زوجها
فقال لي ما أجود ما سالت من ههنا يؤتى أن يقول الناس عليه امرأته من قبل لبن الفحل هذا هو لبن الفحل لا غيره فقلت له الجارية ليست ابنة المراة التي أرضعت
622

لي هي ابنة غيرها فقال لو كن عشر متفرقات ما حل لك منهن شئ وكن في موضع بناتك ولولا هذه الرواية كان الوجه ما قاله الشيخ في المبسوط لكن الرواية الصحيحة السند
والشيخ في الخلاف نقل اجماع الفرقة على مضمونها وقد روى أمي؟؟؟؟ رب في الصحيح عن عبد الله بن جعفر قال كتبت إلى أبى محمد (ع) ان امرأة أرضعت ولد الرجل هل يحل
لذلك الرجل ان يتزوج ابنة هذه المرأة أم لا فوقع لا يحل له مسألة قال الشيخ في المبسوط لو كان امرأة ذات زوج لها ولد منه وأرضعت بنت القوم الرضاع المحرم
ولتلك البنت الرضيعة أخت فإنه يحل لابن المرضعة الذي قد شرب من هذه المرضعة منه ان يتزوج بأختها وهي أخت أخته من الرضاع لما مضى من الأصل وهو انه
انما يحرم هذا المرتضع وحده ومن كان من نسله دون من كان في طبقته وهذه من طبقته لأنه لا نسب بينه وبين أخت أخته ولا رضاع ومثله في النسب رجل له ابن
له ابن تزوج امرأة لها بنت فولدت منه بنتا فهذه البنت أخت ابنه من أبيه وله ان يتزوج بأختها التي هي بنت زوجة ابنه من غير امه وهي أخت أخته من النسب لأنه لان
بينهما ولا رضاع والتجاء الشيخ إلى الأصل مشكل للرواية لكن لو اقتصر على ما قال إن مثل هذه لا تحرم من النسب فلا تحرم من الرضاع كان أولي البحث السابع
في انقطاع النكاح بالرضاع واحكام الضمان مسألة الرضا ع السابق كما يمنع النكاح كذا اللاحق بعد النكاح يبطله ثم الرضا الطارئ قد يقطع النكاح من غير أن
يقتضى تحريما مؤبدا وقد يقتضى التحريم المؤبد على ما يأتي أمثلة ذلك انشاء الله تعالى فكل امرأة يحرم على الرجل ان ينكح ابنتها لو أرضعت زوجه الرجل الصغيرة
حرمت عليه فلو أرضعت أم الرجل من النسب أو الرضاع زوجته الصغيرة الرضاع المحرم بشرائطه حرمت الزوجة عليه اجماعا لأنها صارت أخته من الرضاع وانفسخ النكاح
وكذا لو أرضعتها جدته من النسب أو الرضاع لان الجدة إن كانت أم الأب فالرضيعة عمته وإن كانت أم الام فالرضيعة قد صارت خالته وهما يحرمان من النسب دائما
فكذا من الرضاع وكذا فلو أرضعت ها ابنته من النسب أو الرضاع لأنها تصير بنت بنته وكذا لو أرضعتها زوجة أبيه بلبن أبيه لأنها تصير أخته وكذا لو أرضعتها زوجة
ابنه بلبن الابن لأنها تصير بنت ابنه وكذا لو أرضعتها زوجة أخيه بلبن أخيه لأنها تصير بنت أخيه ولو كان اللبن من غير الأب أو الابن أو الأخ لم يؤثر شيئا لأنها تصير ربيبة
الأب أو الابن أو الأخ وهن غير محرمات على الرجل وكذا لا تحرم لو أرضعتها عمته أو خالته لان بينهما من النسب حلال فكذا من الرضاع وكل موضع قلنا إنها تحرم فان
نكاحها منه ينفسخ لان تحريم الرضاع تحريم مؤبد فاستوى فيه الابتداء والاستدامة بخلاف العدة والمدة حيث اختلف فيها ابتداء النكاح واستدامته لان تحريمه
غير مؤبد ولو وطئ الابن زوجة الأب بشبهة انفسخ النكاح وحرمت عليه مؤبد كالأول مسألة إذا ارتضعت زوجته الصغيرة من إحدى هؤلاء المحرمات على التأبيد
انفسخ نكاحها كما قلنا ثم لا يخلوا إما ان يكون الفسخ بسبب الصغيرة بان سعت إلى صاحبه لبن وارتضعت الرضاع المحرم بشرائطه والكبيرة نائمة فالأقوى انها لا تستحق
شيئا لان الفسخ جاء من قبلا لصغيرة قبل الدخول فاسقط مهرها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه لا يسقط ويثبت لها نصف المسمى ولا يعتب فعلها في الاسقاط و
ان لم يكن الارتضاع بسببها بل ارتضعت ها الكبيرة أو مكنتها وقربة الصغيرة منها فإن كان المسمى صحيحا ثبت للصغيرة نصفه لان الفسخ لم يكن من جهة الصغيرة فيبقى المقتضى
لاستحقاق المهر سالما عن المعارض ويثبت في ذمة الزوج كما لو طلقها ثم إن كان المسمى وفق مهر المثل أو أكثر ثبت لها المسمى عندنا وعند الشافعي وإن كان دون مهر المثل
فلها نصف مهر مثلها عند الشافعي لان الأب لو زوج ابنته الصغيرة بدون مهر مثلها وجب لها مهر مثلها عنده وله قول اخر انه يجب نصف المسمى إن كان صحيحا ونصف
مهر المثل إن كان فاسدا وهو الأولى لان الولي إذا زوج بأقل من مهر المثل وصح عندنا لا يجب الا نصف المسمى ونمنع ما ذكره في طر ف الأب إذا عرفت هذا فان الزوج يرجع
إلى المرضعة بما لزم عندنا وهو نصف المسمى وبنصف مهر المثل سواء زادا ونقص عن المسمى عند الشافعي لأنها كالمتلفة عليه نصف البضع لان الزوج لا يضمن لها الا
نصف فأوجبنا نصف مهر المثل دون المسمى لان من أتلف على غيره شيئا كان الاعتبار في ضمانه بالقيمة دون ما ملك (المهر صح) وكذا هنا ثم اعترضوا على أنفسهم بأنه لو شهد
عليه اثنان بالطلاق قبل الدخول ثم رجعا فللشافعي قولان أحدهما يغرمان نصف مهر المثل والاخر جميعه فما الفرق بين مسألة الطلاق وهذه المسألة أجابوا بان
بعض الشافعية قال هنا قول آخران المرضعة تغرم جميع مهر المثل فسوى بين المسئلتين ومن فرق قال هنا تغرم المرضعة النصف خاصة لان الرضاع يوقع الفرقة ظاهرا
وباطنا وكانت المرضعة متلفه نصف البضع وفي مسألة الشهادة لم تقع الفرقة باطنا وانما الشاهدان حالا بينه وبين زوجته في الظاهر فلزمهما جميع المهر مسألة
قال الشيخ في الخلاف إذا أوضعتها من تحرم عليه بنتها كامة أو جدته أو بنته أو أخته فانفسخ النكاح لم يكن للزوج على المرضعة شئ سواء قصدت المرضعة فسخ النكاح أو لم
تقصد وبه قال مالك وقال في المبسوط الذي يقوى ف نفسي انها ان قصدت الفسخ لزمها وان لم تقصد لم يلزمها وبه قال أبو حنيفة لأن الضمان يجب بالسبب وهو ارضاعهما
فإذا كان السبب جايزا لم يتعلق به الضمان كما لو حفر بئرا في ملكه وذلك لان الصبى قد يحتاج إلى اللبن فتسقيه وتحسن بذلك إليه والشافعي وافق الشيخ على ما في المبسوط وبه
قال احمد لان البضع مضمون بالعقد في الخلع فكذلك تضمن بالاتلاف كالأموال ولا فرق بين ان تقصد المرضعة
فسخ النكاح أولا نقصده عند الشافعي واحمد ولا بين
ان يجب عليها الارضاع بان لا يكون هناك مرضعة أخرى أولا يجب لان غرامة الاتلاف لا تختلف بهذه الأسباب عندهما وقال بعض الشافعية لا غرم عليها إذا لزمها الارضاع
والمشهور عن الشافعي قولان أحدهما وجوب جميع مهر المثل لان قيمة البضع مهر المثل واتلاف الشئ المتقوم يوجب قيمته والثاني وجوب النصف لان الفرقة إذا حصلت قبل
الدخول جعل كان الزوج لم يملك الا نصف المعقود عليه ولذلك لم يلزمه الا نصف المسمى وإذا لم يملك الا النصف لم يغرم له الا النصف وقطع آخرون بالفرق بين الرضاع
والشهادة لان الرضاع يوجب الفرقة حقيقة والمفارقة قبل الدخول لا توجب الا النصف كالمفارقة بالطلاق وفي الشهادة النكاح باق في الحقيقة بزعم الزوج والشاهدين
عليهما فالشهادة حالت بينه وبين البضع فغرما قيمته كالغاصب يحول بين المالك والمغصوب وللشافعية قولان آخران أحدهما ان الزوج يرجع بنصف المسمى لأنه
الذي قوم على الزوج وخرج ذلك من الضمان فإنه إذا ضمن ألفا وادى خمس مائة لا يجرع بما يضمن والثاني انه يرجع بتمام المسمى لأنه قد التزامه وبذله والتشطير أمر يثبت
على خلاف القياس ويختص بالزوجين إذا عرفت هذا فقد احتج أبو حنيفة على أنه يضمن نصف المسمى إذا قصد ت الفسخ بان الذي غرمه الزوج انما هو نصف المسمى فيجب
ان يغرم له ما غرم وهو الذي نذهب نحن إليه واما الشافعي فاحتج بأنه ضمان متلف فكان الاعتبار بقيمته دون ما ملكه به كسائر الأعيان وقول أبي حنيفة
بالفرق ضعيف لان من ضمن في العمد ضمن في الخطا كالمال ولأنها أفسدت نكاحه وقررت عليه نصف الصداق كما قصدت الافساد وقول من أوجب الجميع ضعيف
لان الزوج لم يغرم الا النصف فل يجب له أكثر مما غرم ولأنه بالفسخ رجع إليه بدل النصف الآخر فلم يجب له بدل ما اخذ بذله مرة أخرى ولان خروج البضع من ملك الزوج
لا قيمة له وانما ضمنت المرضعة لما ألزمت الزوج ما كان معرضا للسقوط بسبب يوجد من الزوجة فلم يرجع هناك بأكثر ما التزمته وقول الشافعي بالرجوع بنصف
مهر المثل ضعيف لان خروج البضع من ملك الزوج لا قيمة له بدليل ما لو قتلت نفسها أو ارتدت أو أرضعت من ينفسخ نكاحها بارضاعه فإنها لا تغرم له شيئا
623

وانما الرجوع هنا بما غرم فلا يرجع بغيره ولأنه لو رجع بقيمة المتلف لرجع بمهر المثل كله ولم يختص بنصفه لان التلف لا يختص بالنصف ولان شهود الطلاق قبل
الدخول لو رجعوا ألزمهم نصف المسمى فكذا هنا مسألة نقل المزني عن الشافعي أنه قال إذا زوج الرجل أم ولده من عبده وله دون الحولين فأرضعته من لبن مولاه
خمس رضعات حرمت على العبد وانفسخ النكاح بينهما ولا تحرم أم الولد على المولى لأنها لم تصر أم الصغير الا بعد زوال النكاح فكانت حليلة الصغير ولم يكن ابنا له
وانكر المزني ذلك وكذا انكسر جميع الشافعية ونص الشافعي على خلاف ذلك وقال هذا غلط في الحكاية واما التعليل فلا يصح لان بزوال النكاح لا يمتنع وقوع
الاسم لأنها حليلة ابنه فان قيل ليست زوجة في تلك الحال التي هو ابنه قلنا الاسم يتناول ذلك مجازا والمجاز يقوم مقام الحقيقة في التحريم ولهذا حرم الله تعالى
الام وكانت الجدة داخلة في التحريم لان الاسم يتناول ها مجازا مسألة لو نكح العبد صغيرة فارضعها امه انفسخ النكاح وللصغيرة نصف المسمى في كسبه
وللسيد الرجوع على أم العبد بالغرم وبه قال الشافعي وانما أثبتنا للسيد الرجوع عليها لان العبد إذا خالع زجته كان العوض للسيد وكذلك إذا وجب المال بتقويت
البضع عليه ولو زوج السيد أمته الصغيرة مفوضة بحرفا رضعتها أم الزوج فالواجب لها على الزوج المتعة والزوج يرجع على المرضعة بالمبتعه وبه قال الشافعي ولو كانت
الصغيرة حرة مفوضة أو أرضعتها أم الزو فكذلك يجب لها على الزوج المتعة وبه قال بعض الشافعية وانكر آخرون في الحرة لان التفويض لا يتصور في حق الحرة الصغيرة
وهو ممنوع وإن كان بعض علمائنا تردد في ذلك والوجه الصحة على ما يأتي قالت الشافعية وهذا أيضا انما يتم على القول بأنه يرجع بنصف المسمى والظاهر أنه يرجع
بنصف مهر المثل أو جميعه وإن كان الذي عزمه نصف المسمى بناء على مذهبهم مسألة لا حكم لما يوجر في فم الصبى من اللبن عندنا على ما تقدم خلافا للعامة
فلو حلب أجنى لبن أم الزوج أو غيرها من المحرمات المذكورة أو كان اللبن محلوبا فاخذه وأوجره الصغيرة تحت الزوج لم ينشر حرمة ولا غرم لعدم الفسخ وعند الشافعي
ينفسخ فيكون الغرم على الأجنبي ولو أوجرها خمس أنفس من لبن إحديهن كل واحد مرة فعلى كل واحد منهم خمس الغلم ولو أوجروا حد مرة واخر ان كل واحد مرتين
ففي كيفية التوزيع للشافعي وجهان أحدهما انه يوزع الغرم عليهم أثلاثا لاشتراكهم في افساد النكاح كما لو طرح اثنان قدرين متفاوتين من النجاسة في مايع
يستويان في الضمان وأصحهما عندهم انه يوزع على عدد الرضعات لان انفساخ النكاح يتعلق بالعدد فعلى هذا يجب على الأولى خمس الغرم على الأول خمس الغرم
وعلى كل واحد من الآخرين خمساه وكل هذا ساقط عندنا مسألة لو أرضعت بتخويف الغير فالغرامة عليهما في أصح وجهي الشافعية والثاني انه على الخوف
مسألة لو كان لرجل زوجتان صغيرة وكبيرة فأرضعت أم الكبيرة الصغيرة الرضاع المحرم انفسخ نكاح الصغيرة لأنها صارت أختا للكبيرة ولا يحل له الجمع
بين الأختين ويبطل نكاح الكبيرة أيضا لهذه العلد وهو أحد قولي الشافعي والثاني ان الفسخ يختص بالصغيرة ولو أرضعتها جدة الكبيرة فكذلك ينفسخ نكاحها لان
الصغيرة تصير خالة الكبيرة ولا يجوز الجمع بين الخالة وبنت الأخت وكذا لو أرضعتها أخت الكبيرة فكذلك لان الكبيرة تصير خالة الصغيرة فيكون جامعا بين المراة و
خالتها وكذا لو أرضعتها بنت أخ الكبيرة لأنها تصير بنت بنت أخ الكبيرة أو أرضعتها بنت أخت الكبيرة لأنها تصير بنت بنت أخت الكبيرة ولا يجوز الجمع بين المراة
وبين عمه أمها ولا بينها وبين خالة أمها ويجوز في هذه الصور ان ينكح واحدة منهما بعد ذلك ولا يجمع مطلقا عند العامة وعندنا بشرط عدم رضي العمة والخالة فاما
إذا رضيتا فإنه يجوز الجمع وسيأتي ولو أرضعتها بنت الكبيرة انفسخ النكاح لأنه فيه الجمع بين المراة وبنت بنتها لأنها ربيبة له وحكم مهر الصغيرة على الزوج
والغرم على المرضعة على ما تقدم وكذا القول في الكبيرة ان قلنا بانفساخ نكاحها ولم يكن مدخولا بها وإن كانت مدخولا بها فعلى الزوج مهرها المسمى وهل تغرم
المرضعة للشافعي قولان أحدهما لا تغرم لا ن البضع بعد الدخول لا يتقوم للزوج فإنها لو ارتدت وامرت حتى انفسخ النكاح لا تغرم للزوج شيئا ولأنه استوفى بالدخول
ما يقابل المهر فلا يأخذه عوضا وأصحهما عنده انها تغرم له مهر المثل كما لو شهدوا عليه بالطلاق بعد الدخول ثم رجعوا فإنهم يغرمون مهر المثل فلو ادعى الزوج انه
راجعها قبل انقضاء العدة فأنكرت فصدقناها بيمينها فنكحت زوجا اخر ثم أقرت للأول بصحة الرجعة لم يقبل اقرارها على الثاني وتغرم الأول مهر مثلها لأنها
أتلفت بضعها عليه وعندنا في كل موضع يرجع بالغرم يرجع بالمسمى مع صحته وبمهر المثل مع فساده مسألة إذا وجب الغرم على المرضعة في الصور السابقة
فإنما يحال بجميع الغرم عليها إذا أرضعت الطفلة أو مكنت من الارتضاع فلا يعتبر مع ذلك ارتضاع الصغيرة والحوالة في الانفساخ على تمكين أم الزوج وابنته و
ما شابههما أو على ارضاعها دون ارتضاع الصبى فإنه لا مدخل له فيه فلا يغرم شيئا لان الارتضاع منها بحكم الطبع فلا وقع له ولا ينزل هذا منزلة انفلات الطائر
عند فتح باب القفص حتى يكون على الخلاف المذكور هناك والفرق غامض إما لو كانت صاحبة اللبن نائمة فمشت الصغيرة إليها وارتضعت وانفسخ النكاح فالحوالة
في الانفساخ هنا على فعل الصغيرة ولا غرم على صاحبة اللبن لأنها لم تضع شيئا وقال بعض الشافعية انها تغرم لان اللبن لها ونومها بحيث تصل الصغيرة إلى الارتضاع
منها نوع تقصير وبعدي لكن الصغيرة لا مهر لها لحصول الفسخ منها قبل الدخول وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان لها نصف المسمى ولا يعبر فعلها في الاسقاط
وعلى الأول يرجع الزوج في مال الصغيرة حيث يندفع نكاح الكبيرة بنسبة ما يغرم لها من مهر مثلها عند الشافعية لأنها أتلفت عليه بضع الكبيرة ولا فرق في غرامة المتلفات
بين الكبيرة والصغيرة واما عندنا فإن كان الرضاع الصادر م الصبية قبل الدخول بالكبيرة وجب الكبيرة نصف المسمى على الزوج ويرجع به على الصغيرة وإن كان
بعد الدخول وجب لها المهر كملا على الزوج وفي رجوعه على الصغيرة اشكال سبق وعلى قول الشافعية لو وصلت قطرة إلى جوف الصبية بتطيير الريح فلها نصف المهر ولا
غرم على صاحبة اللبن لأنه لا صنع على واحدة منهما ولو أراد ارتضعت الصغيرة من أم الزوج مثلا رضعتين وهي نايمة وأرضعتها الام ثلث رضعات ففي التوزيع على المرضعتين
أو على عدد الرضعات قولان عندهم فان قلنا بالأول سقط من نصف المسمى نصفه ويجب على الزوج نصفه وهو الربع وان قلنا بالثاني سقط من نصف المسمى
خمساه ويجب على الزوج ثلاثة أخماس وقال بعض الشافعية يرجع الزوج على المرضعة بربع مهر المثل على الأول وبثلاثة أخماس نصف مهر المثل على الثاني وهو تفريع
من الأقوال السابقة على أن الزوج يرجع على المرضعة بنصف مهر المثل ولو أرضعتها الام أربع رضعات ثم ارتضعت الصغيرة منها وهي نائمة المراة الخامسة اختلف
قول الشافعية بناء على أن الرجل إذا طلق زوجته ثلثا على التلاحق هل يتعلق التحريم بالثالثة وحدها أو بالطلقات الثلاث ان قلنا يتعلق بالثالثة وحدها
فكذا هنا بحال التحريم على الرضعة الأخيرة ويكون الحكم كما لو ارتضعت الخمس وصاحبة اللبن نائمة ولا يحرم عليها ويسقط مهر الصغيرة وان علقنا التحريم
بالطلقات الثلث فهنا يتعلق التحريم بالرضعات مسألة المصاهرة تتعلق بالرضاع فمن نكح صغيرة أو كبيرة حرمت عليه مرضعتها لأنها (أم زوجه من الرضاع فحرمت كما تحرم أمها من النسب ولو نكح صغيرة ثم طلقها فأرضعتها امرأة صح) حرمت
المرضعة على المطلق لأنها صارت أم من كانت زوجية فتدخل تحت أمهات النساء ولا عبرة في ذلك بالتقدم والتأخر ولو كانت تحته كبيرة وطلقها فنكحت صغيرا
624

وأرضعته بلبن المطلق حرمت ابدا عليها إما على المطلق فلان الصغير صار ابنا له وهي امرأة الصغير فيكون حليلة ابنه واما على الصغير فلانها امه أيضا وزوجة أبيه
ولو تزوجت بصغير ثم فسخت نكاحه لعيب فيه نكحت زوجا اخر وأرضعت الأول بلبن الثاني انفسخ نكاحها وحرم عليهما مؤبدا لان الأول صار ابنا للثاني فهى زوجة
ابن الثاني وزوجة أب الأول ولو كانت تحته صغيره فأرضعتها أمة له فا وطئها بلبن غيره بطل نكاحها الصغيرة وحرمتا على التأبيد إما الأمة فلانها أم زوجته واما الصغيرة
فلانها ربيبة موطوءتة ولو كانت له زوجة أمة وزوجة صغيرة فأرضعت الأمة الصغيرة حرمت الصغيرة عليه وكان ما لزمه من صداق الصغيرة لهم في رقبة الأمة لان ذلك من
جنايتها وان أرضعتها أم ولده أفسدت نكاحها وحرمتا عليه لأنها ربيبته دخل بأمها وتحرم أم الولد عليه ابدا لأنها من أمهات نسائه والى غرامته عليها لأنها أفسدت
على سيدها فإن كان قد كاتبها رجع عليها لان المكاتبة يلزمها أرش جنايتها وان أرضعت أم ولده امرأة ابنه بلبنه فسخت نكاحها وحرمتا عليه لأنها صارت أخته
ان أرضعت زوجة أبيه بلبنه حرمتا عليه لأنها صارت بنت ابنه ويرجع الأب على أمته بأقل الامرين مما غرمه لزوجته لقيمتها لان ذلك من جناية أم ولده وان أرضعت واحدة
منهما بغير لبن سيده لم يحرمها لان كل واحدة منهما صارت بنت أم ولده مسألة لو كان له زوجتان كبيرة وصغيرة لها دون الحولين فأرضعت الكبرى الصغرى
الرضاع المحرم انفسخ نكاحها لامتناع الجمع في النكاح بين الام والبنت وقد صارت الصغيرة بنتا والكبيرة إما دفعة واحدة فانفسخ نكاحها ثم إن كان لان الارضاع
بلبن الزوج حرمتا عليه مؤبدا لان الكبيرة أم زوجته والصغيرة بنته وإن كان الارتضاع بلبن غيره فالكبيرة أم زوجته والصغيرة ربيبة فلان كان قد دخل بالكبيرة حرمت ابدا
والا لم تحرم الصغيرة مؤبدا ويجب على الزوج نصف المسمى للصغيرة إن كانت التسمية صحيحة وإن كانت فاسدة فنصف المهر وفيما يرجع به على الكبيرة الأقوال السابقة
واما الكبيرة فإن كان قد دخل بها لم يسقط مهرها ولا يرجع الزوج عليها بمهرها لأنها تلفت عليه بضعها لان تغريمه وتمكينه من الرجوع اسقاط للمهر فتصير كالموهوبة
وذلك من خصائص النبي ولان مهرها قد استقر بالدخول فلا يسقط بالفسخ من قبلها كما لو ارتدت بعد الدخول فإذا لم يسقط لم يرجع عليها بشئ وان لم يكن دخل بها سقط
مهرها لان الفسخ حصل بفعلها لا يقال مع الدخول ينبغي ان يرجع عليها كما قلتم لو كان قد دخل بها ثم طلقها واحدة وراجعها وادعى وقوع الرجعة في العدة وأنكرت وقالت لم
تراجعني الا بعد انقضاء العدة وقد صدقناها باليمين فنكحت زوجا اخر ثم كذبت نفسها في اليمين وصدقت الزوج لم يقبل قولها على الثاني ورجع الأول عليها بمهر المثل
وإن كان قد وطئها لأنا نقول إنه يرجع لأنها حالت بينه وبين بضعها مع كونه مالكا لها فان نكاح الأول باق بزعمه وزعمها الا انها حالت بينه وبينها باليمين ولهذا
لو طلقها الثاني عادت إلى الأول من غير تجديد عمد ووجب عليه رد المهر عليها فتثبت بذلك انه ما لزمها رد المهر وانما دفعته للحيلولة باليمين مسألة لو كان لزيد
زوجه كبيرة ولعمرو زوجة صغيرة فطلق كل واحد منهما زوجته ونكح زوجة الأخر ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة واللبن من غيرهما حرمت الكبيرة عليهما مؤبدا وقد فسخ نكاحها لأنها
أم للصغيرة وقد كانت الصغيرة زوجة لكل واحد منهما واما الصغيرة فهى بنت زوجة كل واحد منهما فإن كان قد دخلا بالكبيرة حرمت لصغيرة عليهما مؤبد أو ينفسخ نكاحها
أيضا وان لم يدخل بها واحد منهما لم تحرم عليهما ولم ينفسخ نكاحها وكذا لو لم يدخل زيد بها حين كانت في نكاحه لم تحرم الصغيرة عليه ولا ينفسخ نكاحها وإذا انفسخ نكاحها فعلى
زوجها نصف المسمى ويرجع بالغرم على الكبيرة ولا يجب للكبيرة شئ على زوجها ان لم يكن مدخولا بها لأن الانفساخ جاء من قبلها ولو كانت تحت زيد كبيرة وصغيرة وطلقها
ونكحهما عمرو ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة فحكم تحريمهما عليهما على ما فضلناه وينفسخ نكاحهما إذا أرضعت الكبيرة الصغيرة وان لم يدخل عمر وبالكبيرة لاجتماع الام والبنت في
نكاح واحد مسألة لو كان له زوجة كبيرة نائمة فارتضعت زوجته الصغيرة منها فلا مهر للصغيرة وللكبيرة نصف المسمى ان لم يدخل بها وجميعه ان دخل ويرجع
بالغرم في مال الصغيرة على ما فقدم ولو أرضعتها الكبيرة بعض الرضعات ثم ارتضعت الصغيرة منها وهي نائمة الباقي فالأقرب تقسيط الضمان على عدد الرضعات
فما أصاب رضعات الكبيرة سقط من مهرها بازائه وما أصاب رضعات الصغيرة كان الضمان على الصغيرة فلو أرضعت الكبيرة أربع مرات ثم ارتضعت الصغيرة منها وهي نائمة
مرة خامسة قال بعض الشافعية انى قلنا يتعلق التحريم بالرضعات ولم نحله على الخامسة الأخيرة سقط خمس مهر الصغيرة بسبب فعلها ونصفه بالفرقة قبل الدخول
ويجب على الزوج خمس ونصف خمس وهو ثلثه أعشار ويرجع على الكبيرة بثلثه أعشار مهر المثل وبأربعة أخماسه على القول الآخر والخمس الساقط بفعلها لا رجوع به
وهذا القول الآخر هو قول الذاهب إلى الرجوع بجميع مهر المثل قال واما الكبيرة فتسقط أربعة أخماس مهرها بفعلها والباقي بالفرقة قبل الدخول فان قضيتها سقوط
النصف والباقي دون النصف فسقط وقياس القول الآخر ان يقال يسقط الخمس من ضف مهر الصغيرة ويجب أربعة أخماسه وهو خمساء الكل وان يقال يسقط أربعة
أخماس نصف مهر الكبيرة ويجب خمسه ولو كانت الكبيرة أمة فد نكحها فأرضعت الصغيرة تعلق الغرم برقبتها لان ذلك كجناية منها على نفس أو مال وان لم يسلمها سيدها
للبيع واختار الفداء فداها بالأقل من قيمتها وعدم الغرم في أظهر القولين عندهم ويقدر الغرم في الباقي وان أرضعت الصغيرة أمته أو أم ولده فلا غرم عليها للزوج
لان السيد لا يستحق مملوكه ما لا ولو كاتب أمته أو أم ولده فأرضعت المكاتبة الصغيرة فعليها الغرم للزوج فان عجزها سقطت المطالبة بالغرم عما تعجز بالنجوم قال
بعض الشافعية لو كانت له خمس أمها ت أولاد قد كاتبهن فأرضعت كل واحدة منهن زوجته الصغيرة رضعة صارت الصغيرة بنتا على ظاهر المذهب وانفسخ نكاحها و
له الرجوع عليهن بالغرم ان أرضعت معا وان أرضعت على التعاقب فجميع الغرم على الخامسة وهذا كله ساقط عندنا لان الشرط عدم الفصل برضاع امرأة أخرى على
ما تقدم مسألة لو كان له زوجة كبيرة وثلث صغاير فأرضعت الكبيرة الصغاير الرضاع المحرم فإن كان اللبن منه أو كانت الكبيرة مدخولا بها انفسخ نكاح
الجميع وحرمن مؤبدا سواء أرضعتهن معا أو على التعاقب الكبيرة أم زوجاته والصغاير بنائه أو ربائب زوجته للدخول بها وعليه المسمى للكبيرة ونصف المسمى
لكل صغيرة وعلى الكبيرة الغرم وان لم يكن اللبن منه ولا كانت الكبيرة مدخولا بها نظر ان أرضعتهن معا بان أو جرتهن معا لرضعة الخامسة من لبنها المحلوب انفسخ نكاحهن
جميعا لصيرورتهن أخواتهن ولاجتماعهن مع الام في النكاح وتحرم الكبيرة على التأبيد لأنها أم زوجاته ولا تحرم الصغاير لأنهن بنات امرأة لم يدخل بها فله ان يجدد
نكاح واحدة منهن ولا يجمع بين اثنين وهذا لا يجى على مذهبنا لأنا نشترط الارتضاع من الثدي إما إذا أرضعتهن على الترتيب فتحرم الكبيرة عليه مؤبدا وأقسام
الترتيب ثلثه الأول ان ترضع الكبيرة اثنتين معا ثم الثالثة بان تعطى كل واحدة ثديا وترضعهما القدر المحرم أو ترضعهما ثم تعطى كل واحده منهما ثديا في الرضعة الأخيرة
فان نكاح الكبيرة ينفسخ لأنها صارت أم زوجته ولأنه جامع بين المراة وبنتها وينفسخ نكاح الصغيرتين إن كان قد دخل بالام لأنها بنت من دخل بها وللجمع بينها وبين أمها و
بين أختها أيضا والمهر على المتقدمة فان أرضعت الصغيرة الثالثة فإن كان قد دخل بالكبيرة انفسخ نكاحها لأنها بنت من دخل بها وان لم يكن لم خل بها ينفسخ لان نكاح الكبيرة قد
انفسخ فصارت بنتها بعد زوال نكاحها فلا يكون جامعا بينهما وقد انفردت ووقع ارضاعها بعد اندفاع نكاحها أمها وأختيها الثاني أرضعت الكبيرة واحدة منهن ثم
625

أرضعت الأخيرتين انفسخ نكاح الأولة والمرضعة للجمع بين الام والبنت وينفسخ نكاح الأخيرتين أيضا لأنهما اختان قد اجتمعا فيفسد نكاحهما إذ لا مزية لأحدهما على
الأخرى وإن كان قد دخل بالام انفسخ نكاحها للمعيتين الثالث ان رضعت على التعاقب بان ترضع واحدة كمال الرضاع ثم ترضع الثانية كماله ثم الثالثة فيفسخ نكاح الكبيرة
والأولى دفعة للجمع بين الام والبنت فإن كان قد دخل بالام حرمتا مؤبدا والا الكبيرة فإذا أرضعت الثانية فإن كان قد دخل بالكبيرة انفسخ نكاح الثانية وحرمت مؤبدا
وان لم يكن قد دخل بالكبيرة لم ينفسخ نكاح الثانية لان الكبيرى قد بانت قبل ارتضاع الثانية الرضاع المحرم فصارت أجنبية فلم يكن جامعا بين الام والبنت فإذا أرضعت
الثالثة فإن كان قد دخل بالكبيرة حرم الجميع مؤبدا وان لم يكن قد دخل بها صارت الثالثة أختا للثانية فيكون جامعا بين الام والبنت وهل ينفسخ نكاح الثانية والثالثة
معا أو ينفسخ نكاح الثالثة وحدها قال الشيخ (ره) ينفسخ نكاحهما معا وبه قال أبو حنيفة واحمد والمزني والشافعي في القديم لأنها صارت أختين في حالة واحدة عند ارضاع
الثالثة فانفسخ نكاحهما كما لو أرضعتهما دفعة واحدة والثاني للشافعي ان نكاح الثالثة ينفسخ خاصة دون الثانية لان الجمع تم بها فاختصت بفساد النكاح لما لو تزوج
(امرأة ثم تزوج صح) بأختها فان الفساد يختص بالثانية لان الجمع حصل بنكاحها فاختصت بالتحريم ولى بجيد لان تزويج الثانية باطل لم يقع صحيحا حتى يتحقق الجمع ففساد نكاح الثانية
باعتبار بطلان عقدها لا باعتبار الجمع ولو كانت تحته كبيرة وصغيرة فأرضعت أم الكبيرة الصغيرة انفسخ نكاحهما جميعا وطرد بعض الشافعية الخلاف هنا كالأول ولو كان
له زوجتان صغيرتان فأرضعتهما أجنبية فان أرضعتهما معا انفسخ نكاحهما لأنها صارتا أختين معا وحرمت الأجنبية مؤبدا لأنها صارت من أمهات نسائه
وله نكاح من شاء من الصغيرتين ولا يجمع بينهما ولو أرضعتهما على التعاقب لم ينفسخ نكاح الأولى بارضاعها فإذا أرضعت للثانية انفسخ نكاحها لأنها صارت أختا
للأولى وهل ينفسخ نكاح الأولى فيه الخلاف السابق والأصح عندنا الانفساخ فروع / ا / لو كان له ثلث زوجات كباير ورابعة صغيرة فأرضعتها كل واحدة من الكباير
الرضاع المحرم حرمن كلهن إما المرضعة أولا فينفسخ نكاحها مع الصغيرة لاجتماع الام والبنت في النكاح ولأنها صارت أم الزوجة واما الأخرتان فينفسخ نكاحهما
لأنها صارت أمهات من كانت زوجته وتحريم (الكباير صح) الثلث مؤبدا وكذا الصغيرة إن كان قد دخل بواحدة من الكبار والا لم تحرم الصغيرة مؤبدا بل الكبار / ب / لو كان
له أربع زوجات صغار فأرضعتهن أجنبية على الترتيب فلا اثر لارضاع الأولى في نكاح واحدة منهن فإذا أرضعت الثانية صارت أختا للأولى وانفسخ نكاحها لان الأجنبية
تمت برضاعها وفي انفساخ نكاح الأولى القولان فان (أبطلنا نكاحهما فإذا صح) أرضعت الثالثة لم ينفسخ نكاحها فإذا أرضعت الرابعة انفسخ نكاحهما فإذا قلنا لا يبطل نكاح الأولى فإذا أرضعت
الثالثة انفسخ نكاحها لأنها صارت أختا للأولى وكذا الرابعة ولو أرضعتهن معا وأرضعت اثنتين معا انفسخ نكاح
الكل / ج / لو كان له أربع زوجات كبيرتان وصغيرتان
فأرضعت كل واحدة من الكبيرتين واحدة من الصغيرتين فإن كان قد دخل بالكبيرتين حرمن على التأبيد وان لم يدخل بهما حرمت الكبيرتان مؤبدا فينفسخ نكاح الصغيرتين
في الحال وله تجديد نكاحهما والجمع بينهما ولو أرضعتهما إحدى الكبيرتين على الترتيب انفسخ نكاح الأولى والمرضعة لاجتماع الام والبنت ولم ينفسخ نكاح الثانية فان أرضعتهما
الكبيرة الثانية بعد ارضاع الصغيرة الأولى انفسخ نكاحها على ترتيب ارضاع الأولى انفسخ نكاحها بارضاع الصغيرة الأولى ولم ينفسخ نكاح الصغيرة الثانية لأنه لم يحصل
في حقها اجتماع الام والبنت في النكاح وان أرضعتهما على غير ترتيب المرضعة الأولى انفسخ نكاح الكل وله تجديد نكاح كل واحدة من الصغيرتين إذا لم يكن الكبيرتان مدخولا بهما
ولا يجوز الجمع / د / لو كان تحته ثلث نسوة كبيرتان وصغيرة فأرضعتها الكبيرتان دفعة واحدة بان أو جرتا لبنها المحلوب المخلوط لم يكن له اثر عندنا وقال الشافعي
ينفسخ نكاح الجميع لاجتماع البنت مع أميها في النكاح ويحرمن مؤبدا ان دخل بالكبيرتين أو إحديهما لان الكبيرتين إما لزوجته والصغيرة ربيبة مدخول بها وان لم يدخل
بواحدة منهما لم تحرم الصغيرة على التأبيد وعلى الزوج للصغيرة نصف المسمى ويرجع على الكبيرتين بالغرم واما الكبيرتان فإن كان قد دخل بهما فعليه لكل واحدة منهما جميع المسمى
ويرجع على كل واحدة منهما بنصف مهر مثل صاحبتها تفريعا على القول الصحيح عندهم وهو الرجوع في غرم مهر الكبيرة الممسوسة لان انفساخ نكاح كل واحدة منهما جاء من فعلها
وفعل صاحبتها فيسقط النصف لفعلها ويجب النصف على صاحبتها وان لم يدخل بواحدة منهما فلكل واحدة منهما ربع مهرها المسمى لأن الانفساخ حصل بفعلهما فيسقط
بفعل كل واحدة منهما نصف الشطر الذي يبقى بعد الدخول ويجب النصف الآخر ويرجع الزوج على كل واحدة منهما بربع مهر مثل الأخرى تفريعا على أن التغريم في حق غير الممسوسة
يكون بنصف مهر المثل وإن كان إحديهما مدخولا بها دون الأخرى فللمدخول بها تمام المسمى وللأخرى ربع المسمى ويرجع الزوج على التي لم يدخل بها بنصف مهر مثل المدخول
بها وعلى المدخول بها بربع مهر التي لم يدخل بها هذا كله فيما إذا كان اللبن من غير الزوج فإن كان اللبن منه فالصور كما تقدمت فتصير الصغيرة بنته وتحرم مؤبدا ولو تم العدد
في حق الزوج دون الكبيرتين بان أرضعت هذه بعض الخمس وهذه بعض الخمس فلا اثر لذلك عندنا وعلى ظاهر مذهب الشافعية يحصل التحريم في حق الرجل فينفسخ نكاح الصغيرة
وتحرم عليه على التأبيد ولا ينفسخ نكاح الكبيرتين لان كل واحدة منهما لم تصر أما حتى تكون من أمهات نسائه ثم إن حصلت الرضعات متفرقة مثل ان ارتضعت إحديهما
ثلثا والاخرى رضعتين فالغرم على التي أرضعت الخامسة وان اشتركتا في الرضعة الخامسة بان أرضعت كل واحدة منهما رضعتين ثم أو جرتا لبنهما المحلوب في اناء واحد
دفعة واحدة فالغرم عليهما بالسوية ولو حلبت إحديهما لبنهما ثلث دفعات في ثلثه أوان والاخرى في دفعتين في إنائين ثم جمع الكل وأوجرت الصبية منه فان أو جرتها أحدهما
فالغرم عليهما وان أوجرتاها فيغرمان بالسوية أو أخماسا فيه الوجهان / ه / لو كان تحته ثلث صغاير فجاءت ثلاث خالات للزوج من م الأبوين وأرضعت كل واحدة
منهن صغيرة لم يؤثر ذلك في ناح الصغاير لأنه ليس له فيه الا انهن بنات خالات والجمع بينهن وهو جايز فلو جاءت جدة الزوج بعد ذلك أم امه وأرضعت الصغيرة الرابعة بطل
نكاحها وحرمت مؤبدا لأنها صارت خالة الزوج وللصغاير الثلث واجتمعت معهن في النكاح وفي انفساخ نكاح الثلث القولان السابقان للشافعية وكذا الحكم
لو أرضعت الرابعة (امرأة أبى أم الزوج بلبنه ولو كانت الخالات الثلاث منفرقات ثم أرضعت الثالثة ثم أرضعت الرابعة صح) أم أم الزوج انفسخ نكاحها ولا ينفسخ نكاح الصغيرة التي أرضعتها خالة الزوج للأب لان الرابعة لا تصير خالة هذه الصغيرة وفي الأخوتين القولان و
لو كن متفرقات فأرضعت الرابعة امرأة أبى أم الزوج فينفسخ نكاح الرابعة ولا ينفسخ نكاح الصغيرة التي أرضعتها خالة الزوج للام وفي الأخوتين القولان مسألة
لو كان له زوجة كبيرة وثلاث صغاير والكبيرة ثلاث بنات مراضع فأرضعت كل واحدة منهن صغيرة من الثلاث فإن كانت الكبيرة مدخول بها حرمن مؤبدا سواء أرضعن
معا أو على الترتيب لان الكبيرة جدة نسائه والصغاير بنات بنات زوجته المدخول بها وعلى الزوج مهر الكبيرة بتمامه ويرجع بالغرم على الصحيح عليهن ان أرضعت معا لاشتراكهن
في افساد النكاح وعلى الأول ان أرضعت على الترتيب وقال بعض الشافعية لا يرجع عليهم بشئ من مهر الكبيرة لأنه قد وطئها فإذا رجع بمهرها صارت في معنى الموهوبة كما إذا ارتدت
بعد الدخول لا يسقط مهرها وغلطه بعضهم فإنه يرجع بالمهر على غيرها فلا يكون راجعا في بدل المهر بخلاف المرتدة ولكل واحدة من الصغاير نصف المسمى على الزوج ويرجع
بالغرم لمهر كل صغيرة على مرضعتها فإن لم تكن الكبيرة مدخول بها فان أرضعتهن معا في الرضعة الأخيرة انفسخ نكاحهن لاجتماع الجدة مع بنات بناتها وتحرم الكبيرة
626

مؤبدا دون الصغاير وعلى الزوج نصف المسمى للكبيرة ولكل واحدة من الصغاير ويرجع بالغرم لان مهر كل صغيرة على مرضعتها وبسدس مهر مثل الكبيرة على المرضعات الثلاث
لاشتراكهن في فساد نكاحهن ان أرضعن على الترتيب فبارضاع الأولى ينفسخ نكاح الكبيرة وتلك الصغيرة ولكل واحدة منهما نصف مهر المسمى على الزوج ويرجع بالغرم ولا
ينفسخ نكاح الأخيرتين أرضعتا معا أو على الترتيب لأنهن لا يصيران أختين أوما اجتمعا معا الجدة في النكاح ولو أرضعت اثنتان صغيرتين معا ثم أرضعت الثالثة الثالثة
لم ينفسخ نكاح الثالثة وانفسخ نكاح الكبيرة والصغيرتين الأولتين وعلى الزوج نصف المسمى لكل واحدة منهن ويرجع الزوج بالغرم لمهر كل صغيرة على مرضعتها ولمهر الكبيرة على
المرضعتين مسألة لو نكح صغير بنت عمه الصغيرة فأرضعت جدتها التي هي أم أبى كل واحد منهما أحدهما تثبت الحرمة بينهما فانفسخ النكاح لأنها ان أرضعت الصغيرة
صار عما للصغيرة وان أرضعت الصغيرة صارت عمة للصغير وكذا الحكم لو كانت الجدة أم أبى الصغيرة غير أم أبى الصغير فإن كان أبوهما أخوين من الأب دون الام فأرضعت
إحديهما أحد الصغيرين بلبن جدهما ينفسخ النكاح لان جدة الصغيرة ان أرضعت الصغير صار عما للصغيرة من جهة الأب وان أرضعت الصغيرة صارت عمة للصغير من جهة
الأب وكذا لو أرضعت جدة الصغير أحدهما ولو نكح الصغير بنت عمته الصغيرة فأرضعت الجدة التي هي أم أبى الصغير وام أم الصغيرة انفسخ النكاح لأنها ان أرضعت الصغير
صار خالا للصغيرة وان أرضعت الصغيرة صارت عمة للصغير وكذا الحكم لو كانت أم أبى الصغير غير أم أم الصغيرة وأرضعت جدتهما أم أم كل واحد منهما أحدهما فكذلك لأنها
ان أرضعت الصغير صار خالا للصغيرة وان أرضعت الصغيرة صارت خالة للصغير ولو نكح صغير بنت خاله الصغيرة وأرضعت جدتها أم أم الصغيرة صارت خالة الصغير
مسألة لو كان له زوجة صغيرة فأرضعتها أمته بلبن من غيره كمال العدد حرمت عليه الأمة مؤبدا لأنها أم زوجته ولم يزل ملكها لان التحريم لا ينافى ملك اليمين و
إما الصغيرة فإن كان قد دخل بالأمة حرمت عليه الزوجة لأنها ربيبة وانفسخ نكاحها وان لم يكن دخل بها لم
تحرم ولم ينفسخ نكاحها مسألة قد بينا انه يشترط توالى إلى الرضعات
من المرضعة الواحدة لا بمعنى انه لا يفصل بينها بشئ البتة بل لا يفصل برضاع امرأة أخرى ارضاعا تاما فلو ارتضع من واحدة رضعة تامة ثم اغتذى بما كول ومشروب أو برضعة
غير تامة من امرأة أخرى ثم أرضعته الأولى رضعة تامة ثم اغتدى أو رضع من أخرى إما الثانية أو غيرها رضعة غير تامة وهكذا خمس عشرة مرة نشر الحرمة بين المرضعة الأول وبين
المرتضع دون المرضعة الثانية لفقد الشرط فيها البحث الثامن في صفات المرضعة مسألة أفضل ماى رضع به الصبى لبن امه لما رواه طلحة بن زيد في
الموثق عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) ما من لبن يرضعن به الصبى أعظم بركة عليه من لبن امه ولان لبن الام أقرب إلى طباع الولد من لبن غيرها فكان أولي
مسألة يستحب ارتضاع العفيفة العاقلة المسلمة الوضيئة الحسنة لما رواه محمد بن مروان عن الباقر (ع) قال قال لي استرضع لولدك بلبن الحسان وإياك والقباح فان
اللبن لم قد يعدى وفي الصحيح عن زرارة عن الباقر (ع) قال عليكم بالوضاء من الضوءرة فان اللبن قد يعدى مسألة يكره ارتضاع من ولدت من الزنا وابنتها لما فيها من
الخبث اللبن فنفيه عن صاحبه لما رواه عبيد الله الحلبي في الموثق عن الصادق (ع) قال قلت له امرأة قد ولدت من الزنا اتخذها ضيراء فقال لا تسترضعها ولا ابنتها وقد روى محمد بن
سنان في الموثق عن الباقر (ع) قال لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحب إلى من لبن ولد الزنا وكان لا يرى بأسا بولد الزنا إذا جعل مولى الجارية الذي فجر بالجارية في حل مسألة
لو احتاج إلى استرضاع من ولدت من الزنا جاز له ذلك بعد اباحتها من بعلها الذي هو الزاني لما تقدم من الحديث ولما رواه اسحق به عمار عن الكاظم (ع) قال سألته عن غلام لي
وثب على جارية لي فأحبلها فولدت واحتجنا إلى لبنها فان أحللت لها ما صنعت أيطيب لبنها قال نعم وفي الحسن عن هشام بن سالم وجميل بن دراج وسعد بن أبي خلف عن الباقر (ع)
في المراة يكون لها الخادم قد فجرت يحتاج إلى لبنها قال مرها فلتحللها يطيب اللبن إذا عرفت هذا فقد روى علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى صلى الله عليه وآله قال سألته عن امرأة ولدت
من الزنا هل يصلح ان تسترضع من لبنها قال لا ولا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا وهو يدل على المنع من استرضاع بنت الزانية لما تقدم في خبر الحلبي فسي المسألة السابقة مسألة
يكره استرضاع المجوسية لشدة كفرها وعدم اعترافها بالربوبية لله تعالى ولا باس باليهودية والنصرانية لما رواه عبد الله بن هلال عن الصادق (ع) قال سألته عن مظايره المجوسي
فقال لا ولكن أهل الكتاب إذا عرفت هذا فإنه إذا احتاج إلى استرضاع أهل الكتاب منعهن من شرب الخمر واكل لحم الخنزير لئلا يتغذى الصبى باللبن المتولد منه لما رواه عبد الله
ابن هلال عن الصادق (ع) قال إذا أرضعن لكم فامنعوهن من شرب الخمر وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (ع) قال سألته هل تصلح للرجل ان ترضع له اليهودية والنصرانية
والمشركة قال لا باس وقال امنعوهن من شرب الخمر وعن سعيد بن يسار عن الصادق (ع) قال لا تسترضع للصبي المجوسية واسترضع له اليهودية والنصرانية ولا يشربن الخمر
يمنعن من ذلك إذا ثبت هذا فإنه يكره له تسليم الولد إليها لتحمله إلى منزلها مسألة يكره استرضاع الحمقا لقول الباقر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا ترضعه الحمقاء فان اللبن يعدى
وان الغلام ينزع إلى اللبن يعنى إلى الظيرء في الرعونة والحمق وعن الصادق (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) يقول لا تسترضع الحمقا فان اللبن يغلب الطباع وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تسترضعوا
الحمقا فان الولد يشب كذا عليه وعن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) انظروا من يرضع أولادكم فان اللبن يشب عليه مسألة ينبغي للمرضعة ان ترضع الصبى من ثديها
جميعا لما رواه محمد بن عباس بن الوليد عن أبيه عن امه أم اسحق ابنة سليمان قالت نظر إلى أبو عبد الله (ع) وانا ارضع أحد ابني محمدا واسحق فقال يا أم اسحق لا ترضعيه من ثدي
واحدا ارضعيه من كليهما يكن أحدهما طعاما والاخر شرابا مسألة تمام الرضاع حولان تامان ويجوز الزيادة عليها شهرا وشهرين لكن لا تستحق المرضعة على هذا
الزيادة اجرا ولا ينشر لبنها الحمرة ويجوز ان ترضع الصبى أحدا وعشرين شهرا ولا يجوز نقصه عن ذلك فيكون جورا عليه لرواية جماعة عن الصادق (ع) قال الرضاع أحد وعشرين
شهرا فما نقص فهو جور على الصبى وسال سعد الأشعري الرضا (ع) عن الصبى هل يرضع أكثر من سنتين فقال عامين فقلت فان زاد على سنتين هل على أبويه من ذلك شئ
قال لا مسألة لا تجبر الحرة على رضاع الولد وتجبر الأمة لأصالة براءة الذمة في الأول واستيلاء المالك على منافع الأمة ولما رواه سليمان بن داود المنقري عن
الصادق (ع) قال سال عن الرضا (ع) فقال لا تجبر الحرة على رضاع الولد وتجبر أم الولد إذا عرفت هذا فان اجر الرضاع على الصبى إن كان ذا مال لما رواه ابن أبي يعفور في الحسن عن
الصادق (ع) قال قضى أمير المؤمنين (ع) في رجل توفى وترك صبيا فاسترضع له فقال اجر رضاع الصبى مما يرث من أبيه وامه وفي الصحيح عن ابن سنان عن الصادق (ع) في رجل مات
وترك امرأة ومعه منها ولد فالقته على خادم لها فأرضعته ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الموصى فقال لها اجر مثلها وليس للوصي ان يخرجه من حجرها حتى يدرك ويدفع
إليه ماله البحث التاسع في الشهادة في الرضاع والاقرار به مسألة لعلمائنا قولان في قبول شهادة النساء منفردا وسيأتى البحث فيه ونحن
رجحنا القبول في كتاب مختلف الشيعة في أحكام الشريعة وللعامة أيضا خلاف يأتي انشاء الله تعالى في كتاب الشهادات وتثبت بشهادة رجلين اجماعا ولا تثبت
بشهادة أقل من أربع نسوة قال كل امرأتين بمنزلة رجل واحد وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تثبت الرضاعة بالنسوة والمنضمحات وقال مالك لا حاجة إلى أربع نسوة
وتكفى ثنتان وهي (شهادة صح) روايتان عن أحمد وبه قال الحكم وعن أحمد رواية ثانية (ثالثة صح) ان الواحدة تقبل شهادتها ونحن نستحلف مع شهادتها وبه قال ابن عباس وليس حجة وقال احمد تقبل
627

شهادة المرضعة وحدها أو امرأة واحده وبه قال طاوس والزهري والأوزاعي وابن أبي ذر وسعد بن عبد العزيز لان عقبه بن الحرث قال تزوجت أم يحيى بنت أبي اهاب
وجاءت أمة سوداء وقالت قد أرضعتكما فأتت النبي صلى الله عليه وآله فذكرت له ذلك فأتيته من قبل وجهه فقلت انها كاذبة قال وكيف وقد زعمت أنها أرضعتكما خل سبيلها وقال
الزهري فرق عثمان بين أربعة وبين نسائهم بشهادة امرأة ولو سلم الحديث جاز ان يكون قد نز ل عليه صلى الله عليه وآله الوحي فيه وفعل عثمن ليس حجة واما الاقرار
بالرضاع فلا يثبت الا بشهادة رجلين لان الاقرار به ما يطلع عليه الرجال غالبا بخلاف نفس الرضاع وفصل بعض الشافعية فقال إن كان الرضاع عن نفس الثدي
قبل شهادتهن وإن كان النزاع في شرب اللبن من ظرف حلب فيه اللبن أو من انية كذلك لم يقبل فيه شهادة النساء منفردات لأنه لا يختص باطلان النساء عليه و
انما تقبل شهادتهن منفردات إذا كان ت النزاع في الرضاع من الثدي وتقبل أيضا شهادتهن عن أن اللبن الحاصل في الظرف لبن فلانة لان الرجال لا يطلعون على
الحلب غالبا ولو شهدت أم المراة وبنتها على حرمة الرضاع بينها وبين الزوج مع الثلث نسوة قبل عندنا وقالت العامة إن كان الرجل مدعيا والمراة منكرة قبل
لأنها شهادة على البنت أو الام وإن كانت المراة مدعية والرجل منكرا لم تقبل لأنها شهادة للبنت أو للام قالت الشافعية لا يتصور ان تشهد البنت على أمها بأنها ارتضعت
من أم الزوج لان الشهادة على الرضاع يشترط فيها المشاهدة لكن يتصور ان تشهد عليها بأنها أرضعت الزوج في صغره أو أرضعته أمها ولو شهدت الام أو البنت
من غير تقدم دعوى على سبيل الحسبه قبلت كما لو شهد أبو الزوجة وابنها أمها أو ابناها على أن زوجها قد طلقها ابتداء يقبل ولو ادعى لطلاق فشهدا لم يقبل
مسألة إذا شهدت المرضعة بالرضاع وحدها لم يقبل عند علمائنا وبه قال الشافعي وتقبل شهادتها مع ثلث نسوة على الخلاف إذا لم تدع اجرة ولم يرتضع
لفعلها بل شهدت بحرمة الرضاع أو على أن بينهما رضاعا محرما قبلت شهادتها وان ادعت اجرة الرضاع لم تقبل شهادتها لأنها متهمة تشهد لنفسها وللشافعية
هنا وجهان هذا أحدهما والثاني انها لا تقبل في الأجرة وتقبل في ثبوت الحرمة تخريجا على الخلاف في بعض الشهادة وان لم تدع اجرة وشهدت بأنها أرضعتهما معا احتمل القبول
وبه قال الشافعي لأنها لا تجر بذلك إلى نفسها نفعا بخلاف الولادة فإنها إذا شهدت بالولادة يثبت لها نفقة ودرئ القصاص عندهم والام من الرضاعة لا يثبت لها
شئ من ذلك لا يقال إنها تصير محرما وتسبيح الخلوة به والمسافرة لأنا نقول ليس ذلك من الأمور المقصودة التي ترد بها الشهادة فان رجلين لو شهدا ان فلانا أعتق جاريته
قبلت وإن كان يحل لهما نكاحهما بالحرية وكذلك إذا شهد رجل على اخر بالطلاق قبل وإن كان يستحل بشهادته نكاح المطلقة لا يقال قد شهدت المرضعة على فعل نفسها
وقد قلتم ان الحاكم المعزول إذا شهد عند حاكم بحكمه على رجل لم يقبل وكذا القاسم إذا شهد بأنه قسم بين متداعيين لأنا نقول إما أولا فان حكم الحاكم وقسم القاسم يتعلق
به الحكم المتنازع فيه وليس كذلك ارضاع المرضعة فان التحريم لا يتعلق بفعلها ولهذا لو شرب منها وهي نائمة تعلق به حكم الرضاع واما ثانيا فلان الحاكم والقاسم متهمان
لأنهما يثبتان لنفسهما العدالة والأمانة بخلاف المتنازع وللشافعي قول اخر انه لا تقبل شهادتها على فعلها لأنه لا تقبل شهادة الشخص على فعل نفسه لكن الأول أظهر عندهم
كان فعل المرضعة غير مقصود بالاثبات وانما الاعتبار بوصول اللبن إلى الجوف بخلاف الشهادة بالحكم والقسمة لتضمنها تزكية النفس فان الحكم القسمة ينصرفان إلى العدالة
والارضاع بخلافه مع أن للشافعية قولين في أن الحاكم المعزول لو شهد ان حاكما حكم به ولو يضيف إلى نفسه ففي قبول شهادته خلاف مسألة لا تقبل الشهادة
بالرضاع الا المفسرة فلو شهد اثنان ان هذا ابن هذا من الرضاع لم يسمع الحاكم شهادتهما حتى يفصلا ويثبتا كيفية وكمية لان الرضاع الذي يتعلق به التحريم مختلف
فيه فبعضهم حرم بالقليل وبعضهم بالرضاع من الآنية وبالايجار وشبهه ومنهم من يحرم بالرضاع بعد الحولين وإذا كان كذلك وجب ان يفصل الشاهدان وان يبينوا
كيفيته ليحكم الحاكم فيه باجتهاده فيحتاج ان يشهد بان الصغير ارتضع من الثدي خمس عشرة رضعة متفرقات تامات وصل اللبن فيهن إلى جوفه في الحولين من غير أن
يفصل بينها برضاع امرأة أخرى وبالجملة لا بد من التعرض بجميع الشرائط لاختلاف الناس في شرايط الحرمة فلا بد من التفصيل ليعمل القاضي باجتهاده وهو أحد وجهي
الشافعية والثاني انه يكفى الاطلاق بان يشهد الشاهدان ان بينهما رضاعا محرما ولهم وجه اخر انه كان الشاهد بالطلاق ففيها موثوقا بمعرفته قبل منه الاطلاق
أولا فلا بد من التفصيل وليس بجيد لأنه ربما اطلق بحسب اجتهاده وجاز ان يخالف اجتهاده اجتهاد الحاكم الذي يشهد عنده وبالجملة الخلاف هنا كالخلاف في الاخبار
عن نجاسة الماء وغير والمانعون من قبول الشهادة المطلقة في الرضاع ذكروا وجهين في قبول شهادة المطلقة على الاقرار بالرضاع ولو قال هي أختي من الرضاع قال بعض الشافعية
لا حاجة هنا إلى التعرض للشرائط إن كان من أهل الفقه والا فوجهان وفرق بين الاقرار والشهادة بان المقر تحياط لنفسه فلا يطلق الا عن تحقيق ولو شهد الشاهد على فعل الرضاع
والارتضاع لم يكف وكذا في الاقرار بل لا بد من التعرض للوقت والعدد بان يشهد بأنه ارتضع منها أو ارضعية في الحولين خمس عشرة رضعة تامات لا يفصل بينها برضاع امرأة
أخرى وهل يشترط في الشهادة ذكر وصول اللبن إلى الجوف فيه للشافعية وجهان أظهرهما انه يشترط وهو الوجه عندي كما يشترط ذكر الايلاج في شهادة الزنا لان الحرمة يتعلق
بالوصول إلى الجوف والثاني انه لا يشترط لأنه لا يشاهد ذلك ولا بد ان يستفصل القاضي ذلك ولو مات الشاهد قبل الاستفصال هل للقاضي التوقف وجهان مسألة
الشاهد لا بد وان يشهد على البت والقطع بالرضاع ولا يكفى ذكر القراين الدالة عليه وإن كانت هي السبب في عمله فان الشاهد قد يحصل له العلم القراين بان يشاهد الصبى ملتقما
للثدي ماله متحرم الحلق بالجرع والازدواد بعد العلم كون المراة ذات لبن فلو حكى الشاهد هذه القرائن عند الحاكم لم يحكم الحاكم بذلك بل لابد وان يشهد بالرضاع عن قطع وبت
وهل يكفى لو غلب على ظن الشاهد الرضاع ويتسلط بالظن القوى المستند إلى هذه القراءة على الشهادة قال بعض الشافعية نعم كما أن يشهد على الملك بمجرد اليد والتصرف الدالين
على الملك وان لم يكن تلك الدلالة قطعية بل ظنية ولا يجوز للشاهد ان يشهد على الرضاع بان يرى المراة قد أدخلت الصبى تحت ثيابها وأذنته منها لا تفعل المرضعة لأنها قد
توجره لبن غيرها في شئ على هيئة الثدي ولا بان يسمع صوت الامتصاص فقد يمتص إصبعها أو إصبعه واكتفى بعض الشافعية على مشاهدة الالتقام والامتصاص وهيئة الازدراد
وفي الشهادة من غير أن يعر فإنها ذات لبن قضاء لظاهر الحال والوجه المنع لان الأصل عدم اللبن ولا يكفى عند أداء الشهادة حكاية القرائن بان يشهد برؤية الالتقام والامتصاص
والتجرع ولا يتعرض في الشهادة لوصول اللبن إلى الجوف عند بعض الشافعية ولا للرضاع المحرم وإن كان مستند علمه رؤية تلك القرائن لان معانيها تطلع على مالا يتطلع عليه الحكاية
فان أطلعته القرائن على وصول اللبن فليجزم به على قاعدة الشهادات ولو شهد اثنان بالرضاع وقالا تعمدنا النظر إلى الثدي لا لتحمل الشهادة لم يقبل شهادتهما لأنهما فاسقان
بقولهما وفي النظر إلى الثدي لتحمل الشهادة خلاف والظاهر جوازه مسألة إذا اعترف رجل ان فلانه أخته من الرضاع أو امه أو ابنته أو إحدى المحرمات عليه وكان
ممكنا حرم عليه نكاحها لأنه أقر على نفسه بما لا ضرر فيه على غيره فيحكم عليه بمقتضاه كساير الاقرارات وكذا لو أقرت امرأة ان فلانا أبوها أو اخوها أو ابنها أو عمها أو خالها
أو أحد المحارم عليها من الرضاع وكان ذلك ممكنا حرم عليها نكاحه لما تقدم وشرطنا الامكان لان اقرار أحدهما مع عدمه لغو فلو ادعى رجل ان فلانه امه من الرضاع وكانت
628

أصغر منه سنا لم يلتفت إلى قوله وجاز له نكاحها عند علمائنا وكذا لو أقر بعبده وهو أكبر سنا منه انه ابنه لم يعتق عليه للعلم بكذب اقراره فلا يترتب حكمه عليه وبه قال الشافعي
لأنه أقرب ما يتحقق كذبه فيه فأشبه ما لو قال أرضعتني وأيها حوا أو كما لو قال هذه حوا أم البشر وقال أبو حنيفة تحرم ويعتق لأنه اقرار بما يتضمن تحريمها عليه وعتقه فوجب
ان يقل كما لو أنكر والفرق بين الممكن والممتنع ظاهر فان في الثاني يقطع بكذبه بخلاف الممكن ولا فرق في
صورة الامتناع بين ان تصدقه الأخرى ويكذبه في انتفاء التحريم والحكم في
الاقرار بقرابة من النسب يحرمها عليه كالحكم في الاقرار بالرضاع لأنه في معناه مسألة إذا أقر الرجل أو المراة بالرضاع الممكن المقتضى للتحريم فقد قلنا إنه يصح وليس
لأحدهما ان ينكح الأخر سواء صدقه الأخر أو كذبه لاعترافه بما يمنع النكاح وإذا صح الاقرار فلو رجع المقر منهما أو كانا قد أقر أو رجعا وكذبنا أنفسهما لا يقبل رجوعهما ولا رجوع
المقر منهما ولا يجوز للمقر ان ينكح الأخر وبه قال الشافعي واحمد لأنه أقر بما يتضمن تحريمها عليه فإذا رجع لم يقبل كما لو أقر بالطلاق ثم رجع وكذا إذا قال لامته انها أختي من
النسب ثم رجع وقال أبو حنيفة إذا رجع عن ذلك وقال وهمت أو أخطأت قبل لا قوله إنها أخته أو بنته من الرضاع يتضمن انه لم يكن بينهما نكاح ولو جحد النكاح ثم أقربه
قبل ذلك هنا وهو ممنوع ثم المقران كان صادقا حرم النكاح باطنا وظاهرا وإن كان كاذبا حرم النكاح ظاهرا لا باطنا وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي
الأخرى انها لا تحل له إذا علم كذبه وهو خطأ لان قوله ذلك إذا كان كذبا لم يثبت التحريم به كما لو قال لمن هي أكبر منه هي ابنتي من الرضاع هذا حكم الاقرار قبل النكاح مسألة
لو أقر الرجل ان (زوجته صح) أخته من الرضاع أو ابنته أو أحد المحرمات عليه فان صدقته فقد ثبت فساد النكاح وسقط المهر ان لم يكن قد دخل وإن كان بعد الدخول سقط المسمى ووجب
مهر المثل مع جهل المراة بذلك حين الوطي وان كذبته قبل قول الزوج في حقه ولم يقبل في حقها ويكون القول قولها مع اليمين إذا ادعى علمها ويحكم بانفساخ النكاح
ويفرق بينهما لأنه يملك الفرقة فإذا اعترف بما يتضمن الفرقة قبل ويكون لها عليه نصف المسمى ان لم يكن دخل بها فان أقام البينة على أن بينهما رضاعا سقط عنه المهر
ان لم يكن دخل وإن كان قد دخل مع جهلها فلها مهر المثل وله احلافها قبل الدخول أو بعده إن كان المسمى أكثر من مهر المثل فان نكلت حلف الزوج ولا شئ لها قبل الدخول
كما لو أقام بينة على الرضاع ولو شهد له أمها وبنتها قبل شهادتهما لأنها يشهدان عليها وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الثانية لا تقبل بناء على (عدم قبول صح) شهادة
الوالد على ولده والولد على والده وفيه روايتان عن أحمد مسألة لو أقرت المراة ان زوجها اخوها من الرضاع أو ابنها أو أحد الأقارب المحرم عليها فان صدقها
انفسخ النكاح ولا مهر قبل الدخول وبعده لها مهر المثل مع جهلها بالرضاع حال الوطي فان كذبها فالقول قوله مع اليمين ولا يقبل قولها في فسخ النكاح لأنه حق عليها
وقال بعض الشافعية ان جرى التزويج منه برضاها لم يقبل قولها بل يصح ويصدق الزوج باليمين وان جرى بغير رضاها فالقول قول الزوج مع اليمين وهو ظاهر
قول الشافعي ولهم قول اخر ان القول قول الزوجة وحكاه فقال عن الشافعي وإذا مكنت الزوج وقد زوجت بغير رضاها قام تمكينها مقام الرضا إذا ثبت هذا وان
القول قول الزوج مع اليمين فان النكاح باق بالنسبة إليه فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها لاقرارها بعد استحقاقها له ثم إن كانت قد قبضته لم يكن للزوج اخذه
منها لأنه يقر بأنه حق لها ويمكن ان يفعل بالمال ما يفعل فيما إذا أقر بمال لغيره فأنكره المقر له وإن كان بعد الدخول فأقرت انها خانت عالمة بأنها أخته من الرضاع
وطاوعته في الوطي فلا مهر لها أيضا لاقرارها بأنها زانية مطاوعة وان أنكرت شيئا من ذلك فلها المهر لأنه وطئ شبهه وهي زوجته في ظاهر الحكم لان قوله عليها
غير مقبول واما فيه بينهما وبين الله تعالى فان علمت صحة ما أقرت به لم يحل لها مناكحته وتمكينه من وطئها وعليها ان تفر منه وتقتدى نفسها بما أمكنها لان
وطيه لها زنا فعليها التخلص منه ما أمكنها كالتي عرفت ان زوجها طلقها ثلثا وجحدها وذلك وينبغي ان يكون الواجب لها من المهر بعد الدخول أقل الأمرين من المسمى
أو مهر المثل لأنه إن كان المسمى أقل فلا يقبل قوله في وجوب زايد عليه وإن كان أقل من مهر المثل لم تستحق أكثر منه لاعترافها بان استحقاقها له بوطئها لا بالعقد فلا
تستحق أكثر منه مسألة لو أقرت أمة باخوة الرضاع لغير سيدها قبل فإذا اشتراها ذلك الغير لم يحل له وطوئها وان أقرت لسيدها لم يقبل بعد التمكين
وبه قال الشافعي وقبله كذلك وللشافعية وجهان مسألة انه سيأتي فيما بعد انشاء الله تعالى ان الحالف على نفى فعل الغير (يحلف صح) على نفى العلم واحلاف على اثبات فعل
الغير أو اثبات فعل نفسه أو نفى فعل نفسه انما يحلف على القطع والبث إذا ثبت هذا فالمدعى للرضاع سواء كان الرجل أو المراة إذا توجهت اليمين عليه حلف على
القطع والبنت وعلى منكره سواء كان الرجل أو المراة اليمين على نفى العلم به لأنه ينفى فعل الغير ولو نكلت المراة عن اليمين ورددناها على الزوج أو نكل الزوج ورددنا ما
على المراة كانت اليمين المردودة على القطع والبنت لأنها مثبته وقال بضع الشافعية ان اليمين المردودة يكون على نفى العلم ليكون موافقه ليمين الابتداء وعن بعضهم وجهان
مطلقا في يمين الزوج إذا انكرا لرضاع أحدهما انها على نفى العلم كيمين الزوج ناو الزوجة إذا أنكرت والثاني انها على البت والقطع وبنى على هذين الوجهين ما إذا ادعت
الرضاع وشك الزوج فلم يقع في نفسه صدقها ولا كذبها ان قلنا يحلف على نفى العلم فله ان يحلف هنا. وان قلنا يحلف على البت لم يحلف ووجه اليمين على البت انه ينفى
حرمة يدعيها المدعى للرضاع فيحلف على القطع خاتمة تشتمل على مسائل الأولى لو كان تحته ثلث زوجات صغار وأرضعت أجنبية إحديهن ثم أرضعت أم
المرضعة أخرى ثم أرضعت بنت المرضعة الثالثة فنكاح الأولى ثابت بارضاعها وينفسخ نكاح الثانية عند ارضاعها لصيرورتها خالة للأولى واجتماعهما في النكاح وهل ينفسخ
نكاح الأولى مع نكاح الثانية أو يختص الانفساخ بنكاح الثانية للشافعية قولان تقدما ويتفرع عليها حكم نكاح الثالثة وان حكمنا بانفساخ نكاح الأولى بقى نكاح الثالثة
والا انفسخ نكاح الثالثة لصيرورتها بنت أخت الأولى واجتماعهما في النكاح / ب / لو أرضعت امرأة صغيرة ثلث رضعات أو أربعا فنكحهما أو نكح أحدهما دون الأخرى ثم أتمت
العدد فكذلك ينفسخ نكاحها عند الشافعية وإن كان الصبى يرتضع الرضعة الخامسة فمات أو ماتت المرضعة قبل ان يتمها ففي ثبوت التحريم وجهان كالوجهين فيما إذا قطعت
المرضعة الرضعة وهذا كله ساقط عندنا / ج / لو كان له زوجتان إحديهما صغيرة فأرضعت الصغيرة من الكبيرة وهي ساكته فهل هو كما لو كانت نائمة فارتضعت منها
الصغيرة أو يقال سكوتها كالرضي فيحال الفسخ على فعلها فيه احتمال وللشافعية وجهان / د / لو تزوج كبيرة وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة قبل دخوله بها فسد نكاح
الكبيرة في الحال وحرمت مؤبدا وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لان الكبيرة صارت من أمهات نسائه فتحرم ابدا للآية ولم يشترط الدخول وقال
الأوزاعي نكاح الكبيرة ثابت وتنتزع منه الصغيرة وهو غلط للآية واما الصغيرة فقد بينا فيما تقدم ان نكاحها ينفسخ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنهما صارتا
إما وبنتا وقد اجتمعا في نكاحه والجمع بينهما محرم فانفسخ نكاحهما كما لو صارتا أختين وكما لو عقد عليهما بعد الرضاع عقدا أو أحدا وبه قال احمد أيضا ففي إحدى الروايتين
وقال في الأخرى ان نكاح الصغيرة ثابت لا ينفسخ لأنها ربيبة لم يدخل بابها فلا يحرم لقوله تعالى فإن لم يكونوا أدخلتم بهن فلا جناح عليكم ولأنه أمكن إزالة الجمع بانفساخ
نكاح الكبيرة وهي أولي به لان نكاحها محرم على التأبيد فلم يبطل نكاحها به كما لو ابتداء لعقد أخته وأجنبيته ولان الجمع طرا على نكاح الام والبنت فاختص الفسخ بنكاح
629

الام كما لو أسلم وتحته امرأة وبنتها وفارق الأختين لأنه ليست أحدهما أولي بالفسخ من الأخرى وفارق ما لو ابتداء العقد عليهما لان الدوام أقوى من الابتداء وينتقض
بما لو جمع بين المراة وابنتها في عقد واحد فان العقد يبطل فيهما مع أن تحريم الام مؤبد بخلاف تحريم البنت / ه / قد بنيا ان من أفسد نكاح امرأة بالرضاع قبل الدخول يغرم نصف
الصداق وإن كان بعده رجع بالجميع وبه قال الشافعي واحمد وقال بعض العامة لا يرجع الزوج على المرضعة بعد الدخول بشئ لأنها لم تقرر على الزوج شيئا ولم تلزمه إياه فلم يرجع
عليها بشئ كما لو أفسدت نكاح نفسها لو أنه لو ملك الرجوع بالصداق بعد الدخول لسقط إذا كانت المراة هي المفسدة للنكاح كالنصف قبل الدخول ولان خروج البضع عن ملك
الزوج غير متقوم كما تقدم ولهذا لا يجب مهر المثل وانما رجع الزوج بنصف المسمى قبل الدخول لأنها قررته عليه ولهذا لو كانت هي المفسدة لنكاحها لسقط ولم يوجد ذلك هنا
ولأنه لو رجع بالمهر بعد الدخول لرجع بما يبدل البضع الذي فوته أو بالمهر الذي أداه والأول باطل لأنه لو وجب بدله لو جب له على الزوجة إذا فات بفعلها أو بقتلها و
لكان الواجب لها مهر مثلها ولا يجوز ان يجب له بدل ما أداه إليها لأنها ما ا أوجبته ولا لها اثر في ايجابه ولا أدائه ولا تقرره ولا خلاف في أنها إذا أفسدت نكاح نفسها
بعد الدخول انه لا يسقط مهرها ولا يرجع عليها بشئ إن كان أداه إليها ولا في أنها إذا أفسدته قبل الدخول انه يسقط صداقها وانه يرجع عليها بما أعطاها إذا عرفت هذا
وقلنا بالمشهور من الرجوع لوسعت الصغيرة فارتضعت من الكبيرة وهي نائمة رجع في مال (الصغيرة بمهر صح) الكبيرة أو بنصفه على اشكال فان أرضعتها عشر رضعات ثم ثلث فارتضعت خمسة
احتمل الحوالة بالتحريم على الأخيرة فالحكم كما لو كانت نائمة في الجميع والتقسيط فيسقط ثلث مهر الرضيعة بسبب فعلها ونصف المهر لوجود الفرقة قبل الدخول ويسقط ثلث مهر
الكبيرة فإن كانت غير مدخول بها سقط الباقي لأنه أقل من النصف السقاط بالفرقة ويغرم للصغيرة سدس مهرها ويرجع به على الكبيرة ويحتمل سقوط مهر الصغيرة وتغرم الكبيرة
ثلثه وسقوط ثلث مهر الكبيرة وتغرم الصغيرة سدسه إن كان قبل الدخول وبعده اشكال / و / قد بينا لا يقبل في الرضاع شهادة امرأة واحدة وتدل عليه رواية صالح بن
عبد الله الخثعمي عن الكاظم (ع) قال سألته عن أم ولد صدوق زعمت أنها أرضعت جارية إلى أصدقها قال لا وعن الصادق (ع) في امرأة أرضعت غلاما وجارية قال يعلم ذلك غيرها قلت لا
قال لا تصدق وان يكن غيرها تصدق / ز / سال يونس بن يعقوب الصادق (ع) عن امرأة أرضعت لي فأرضعت صبيا معي ولذلك الصبى أخ من أبيه وامه فيحل ان أتزوج ابنته قال
لا باس وقال عثمن بن عيسى سألت أبا الحسن قلت إن اخى تزوج امرأة فأولدها فانطلقت امرأة اخى فأرضعت جارية من عرض الناس فيحل لي ان أتزوج تلك الجارية التي أرضعتها
امرأة اخى فقال لا لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب / ح / قال الشيخ (ره) إذا ربت المراة جديا بلبنها فإنه يكره لحمه ولحم كل ما كان من نسله وليس ذلك بمحظور لما رواه محمد بن أحمد
بن عيسى قال كتبت جعلني الله فداك ان امرأة أرضعت عناقا بلبن نفسها حتى فطمت وكبرت وضربها الفحل ووضعت يجوز ان يؤكل لبنها ويباع وتذبح ويؤكل
لحمها فكتب صلى الله عليه وآله فعل مكروه ولا باس وعن علي بن الحكم عن رواه عن الصادق (ع) في جدي رضع من لبن امرأة حتى اشتد عظمة وبنت لحمه قال لا باس بلحمه الفصل الثالث
في المصاهرة مسألة (المصاهرة صح) من أسباب تحريم النكاح وهي قسمان الأول ما يقتضى تحريما مؤبدا والثاني ما يقتضى تحريما غير مؤبد ثم المصاهرة تتحقق مع الوطي الصحيح
أو العقد الصحيح اجماعا واما مع وطى الشبهة أو الزنا فخلاف يأتي انشاء الله تعالى وقد يقع التحريم بسبب النظر واللمس والمفاخذة والتقبيل على خلاف يأتي بيان ذلك كله إن شاء الله
تعالى ولنبدأ بالتحريم المؤبد القسم الأول المحرمات بالمصاهرة على التأبيد أربع يشتمل عليها أربعة مسائل الأولى أم الزوجة حقيقة ومجاز فالحقيقة أمها القريبة
والمجاز جدتها وام جدتها وهكذا فان هؤلاء كلهن يحرمن على التأبيد ولا فرق في ذلك بين ان يكون أمها من النسب أو من الرضاع لقوله تعالى وأمهات نساءكم و
ويثبت التحريم المؤبد بمجرد العقد على البنت ولا يشترط الدخول بالبنت عند عامة أهل العلم وبه قال في الصحابة علي عليه السلام و عبد الله بن عمر وابن عباس وابن مسعود
وعمران بن حصين وجابر بن عبد الله الأنصاري وبه قال الفقهاء الأربعة الا الشافعي فان له فيها قولين لقوله تعالى وأمهات نساءكم وهو عام وما رواه العامة عن عبد الله
عمر وبن العاص ان النبي صلى الله عليه وآله قال من نكح امرأة ثم طلقها قبل ان يدخل بها حرمت عليه أمها ولم تحرم عليه ابنتها ومن طريق الخاصة رواية غياث بن إبراهيم عن الصادق (ع) عن
أبيه الباقر (ع) ان عليا (ع) قال إذا تزوج الرجل المراة حرمت ابنتها إذا دخل بالام وإذا لم يدخل بالام فلا باس ان يتزوج بالابنة وإذا تتزوج الابنة فدخل بها أو لم يدخل بها
فقد حرمت عليه الام وقال الربائب عليكم حرام كن في الحجر أو لم يكن وعن أبي بصير قال سألته عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل ان يدخل بها فقال تحل له ابنتها ولا تحل أمها
وعن إسحاق بن عمار عن الصادق عن الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يقول الربائب عليكم حرام من الأمهات للآتي قد دخل بهن هن في الحجور (أولا صح) والأمهات مبهمات دخل بالبينات
أولم يدخل بهن فحرموا وأبهموا ما أبهم الله ونقل العامة عن علي (ع) انه يشترط في تحريم الام الدخول بالبنت كالبنت وبه قال مجاهد ومالك بن انس وداود الأصفهاني
وبشر المريصى وقال زيد تحرم بالدخول وبالموت لقوله تعالى وأمهات نساءكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فشرط الدخول في تحريمهما لان العطف
بالواو يقتضى التشريك في الحكم والشرط والصوف وقال زيد الموت يقوم مقام الدخول ولهذا يجب له كمال المهر والعدة وتمنع مشاركه المعطوف عليه للمعطوف في جميع الأحكام
مع أن شرط الدخول في الربائب خاصة الا ترى أنه قال من نسائكم اللاتي دخلتم بهن والأمهات ليس منهن وانما بناتهن منهن أو يحمل على ذلك ان احتملهما بدليل
ما ذكرناه وقول زيد ضعيف فان مساواة الموت للدخول في أمر لا يقتضى التعميم وكيف انه لا يجرى مجراه لأنه لا يحصل به الاحصان والاحلال ولا يوجب عدة الأقراء
على أنه قد روى علماؤنا في الصحيح عن جميل بن دراج وحماد بن عيسى عن الصادق (ع) قال الام والبنت سواء ما دام لم يدخل بها يعنى إذا تزوج المراة ثم طلقها قبل ان يدخل
بها فان انشاء تزوج ابنتها قال الشيخ (ره) هذا الخبر مخالف لظاهر كتاب الله تعالى وللاخبار المسندة أيضا المفصلة وما هذا حكمه لا يجوز العمل به مع أنه
مضطرب الاسناد لان الأصل فيه جميل وحماد بن عثمن وهما تارة يرويانه عن الصادق (ع) بلا واسطة واخرى يرويانه عن الحلبي عن الصادق (ع) ثم إن جميلا تارة يرويه مرسلا
عن بعض أصحابه عن أحدهما وهذا الاضطراب في الحديث مما يضعف الاحتجاج به معان ابن عباس قال في
هذه الآية أبهموا ما أبهم القران يعنى عموا حكمها في كل حالة ولا
تفضلوا بين المدخول بها وبين غيرها كما نقلنا عن علي (ع) الثانية من المحرمات بالمصاهرة بنت الزوجة وهي الربيبة فمن تزوج امرأة حرم عليه نكاح بنتها تحريم
جمع فإذا دخل بالام حرمت البنت على التأبيد وسواء في ذلك بنت المراة حقيقة وهي المولودة منها بغير واسطة تقدمت ولادتها على النكاح أو تأخرت ومجازا وهي
المولودة منها بواسطة كبنت بنتها وان نزلت وبنت ابنها وان نزل وسواء كانت بنت نسب أو رضاع وسواء كانت وارثه أو غير وارثة لقوله تعالى وربائبكم الآية ولما تقدم
من أحاديث أهل البيت عليهم السلام وان لم يدخل بالام لم تحرم البنت مؤبدا بل جمعا فإذا طلق الام قبل الدخول حل له التزويج بالبنت للآية إذا عرفت هذا فان البنت
تحرم سواء كانت في حجره أو لم تكن في حجره عند جميع العلماء وقال داود انما تحرم عليه إذا كانت في حجره وكفالته فاما إذا لم يكن في حجره وكفالته فإنها فا تحرم وان دخل
بأمها وهو رواية عن مالك ونقله العامة عن عمر وعن علي (ع) وقال زيد بن ثابت واحمد في إحدى الروايتين تحرم إذا دخل بأمها أو ماتت الام قبل الدخول لقوله تعالى
630

وربائبكم اللاتي في حجوركم قيد بكونها في الحجر فينتفى التحريم بانتفائه والنقل عن علي (ع) غلط لان أهل البيت عليهم السلام نقل عنه التحريم وان لم يكن في الحجر وهم اعرف
بمذهب أبيهم (ع) قال الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يقول ربائبكم عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد دخل بهن في الحجور وغير الحجور وفي حديث اخر نقله الباقر (ع) عن علي (ع)
قال الربائب عليكم حرام كن في الحجور أو لم يكن ولحديث عبد الله بن عمر وبن العاص الذي رواية العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من نكح امرأة ثم طلقها قبل ان يدخل بها حرمت عليه أمها
ولم تحرم عليه ابنتها وهو عام ولان المترتبة لا تأثير لها في التحريم كساير الأقارب والأجانب والقيد في الآية لم يقصد به التخصيص بل هذا القيد خرج مخرج الغالب فان الغالب
كون بنات المراة في حجر الرجل فوصفها الله تعالى بذلك تقريبا وقول زيد تقدم بطلانه قال ابن المنذر أجمع عامة علماء الأمصار على أن الرجل إذا تزوج المراة ثم طلقها
أو مات قبل ان يدخل بها حل له ان يتزوج ابنتها وكذلك قال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي واحمد واسحق وأبو ثور ومن تبعهم لقوله تعالى فإن لم يكونوا دخلتم
بهن فلا جناح عليكم وهذا نص لا يترك بقياس ضعيف إذا عرفت هذا فان الدخول بها هو كناية عن الوطي قبلا أو دبرا فان خلا بها لم يطأها لم تحرم ابنتها لأنها غير
مدخول بها وقال بعض الحنابلة تحرم ولو قال لم أطأها وصداقته لم يلتفت إلى قولهما وكان حكمها حكم المدخول بها في جميع أمورها الا في الرجوع إلى زوج طلقها ثلاثا
وفي الزنا فإنهما يجلد ان ولا يرجمان وهو خلاف الاجماع الثالثة من محرمات المصاهرة حليلة الابن وهي زوجة الابن قال الله تعالى وحلائل أبنائكم فيحرم على
الرجل أزواج أبنائه سواء كانت حقيقة كزوجة ابنه القريب منه أو مجازا كحليلة ابن ابنه أو ابن ابنته وان نزلا وسوا كان ابنه من النسب أو من الرضا ع بمجرد العقد وان لم
يكن هناك دخول لعموم الآية وهو وفاق والمقصود من قوله تعالى من أصلابكم بيان انه لا يحرم على الانسان زوجة من تبناه مسألة الرابعة من محرمات المصاهرة
زوجة الأب لقوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح ابائكم من النساء آل ما قد سلف وسواء كانت حليلة أبيه حقيقة أو مجازا فالحقيقة حليلة الأب والمجاز حليلة جده سواء كان
الجد للأب أو للام قريبا أو بعيدا سوا كان الأب وارثا أو غير وارث وسواء النسب والرضاع في ذلك قال البرائن بن عازب لقيت خالي ومعه الراية فقلت أين تريد فقال أرسلني
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده ان اضرب عتقه أو اقتله ويحرم عليه من وطئها أبوه أو ابنه بملك يمين أو شبهة كما تحرم عليه من وطئها في عقد نكاح قال
ابن المنذر الملك في هذا والرضاع بمنزلة النسب وممن حفظنا ذلك عنه عطاو وطاوس والحسن وابن سيرين ومحول وقتاده والثوري والأوزاعي وأبو عبيدة وأبو ثور وأصحاب
الرأي ولم يحفظ عن أحد خلافهم والمحرمات الثلاث غير الربيبة يحرمن بمجرد النكاح وان لم يكن دخول وهل يشترط في النكاح ان يكون صحيحا قيل نعم وهو مذهب الشافعي لان
النكاح الفاسد لا يتعلق به الحرمة لأنه لا يفيد الحل في المنكوحة والحرمة في غيرها فرع الحل فيها وقيل لا يشترط بل ينشر الحرمة النكاح الصحيح والفاسد وسيأتي تتمه الكلام
فيه انشاء الله تعالى واما الرابعة وهي الربيبة فإنما تحرم بشرط الدخول بالام على ما سبق والا تحرم على الرجل بنت زوج الام ولا امه ولا بنت زوج البنت ولا امه ولا أم زوجة الأب
ولا بنتها ولا أم زوجة الأب ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب مسألة لا خلاف في أن النكاح الصحيح ينشر حرمة المصاهرة سواء كان دائما
أو منقطعا عندنا أو ملك يمين فإذا كان له أمة فوطئها حرم عليه بنتها وأمها على التأبيد بلا خلاف لأنه وطى له حرمة يتعلق به لحوق النسب فيتعلق به تحريم بنتها كوطئ
الزوجة واما الام فتحرم بعقد النكاح من غير دخول لأنها تصير به فراشا والوطي اكد في ذلك من العقد ولأنه إذا حرم البنت فالأم أولي لان البنت أو سع في الإباحة من
الام ولرواية زرارة عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل بكون له الجارية فيصيب منها له ان ينكح ابنتها قال لا هي كما قال الله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم والام في ذلك
كالبنت اجماعا ولرواية زرين يباع الأنماط عن الباقر (ع) في رجل كان له جارية فوطأها ثم اشترى أمها وابنتها قال لا تحل له الام والبنت سواء ولو أعتقت الام فكذلك
يحرم عليه نكاح البنت بعد وطى الام لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل كانت له جارية فعتقت فتزوجت فولدت أيصلح لمولاها الأول
ان يتزوج ابنتها قال لا هي عليه حرام وهي ابنته (ربيبة صح) الحرة والمملوكة في هذا سواء ثم قراء هذه الآية وربائبكم اللاتي في حجوركم مسألة حكم المتعلقة في ذلك كالدايم إذا تزوج
بامرأة متعة لم يحل له ان يتزوج ابنتها لقوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم للآتي دخلتم بهن والمنكوحة بعقد المتعة من نسائه فان الشئ قد يضاف إلى غيره بأدنى
ملابسة كقوله المراة إذا كوكب الخرقاء اضافه إليها لحدة سيرها فيه وكما يقال لاحد حاملي الخشبة خذ طرفك ولما رواه أحمد بن محمد؟ بن أبي نصر في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع)
عن الرجل يتزوج المراة متعة أيحل له ان يتزوج ابنتها قال لا ولو كان له زوجة إما حرة أو أمة فطلقها أو لها بنت مملوكه فاشتراها لم يحل له وطؤها للآية ولما رواه أبو بصير في
الصحيح عن الصادق (ع) قال قال سألته عن رجل طلق امرأة فبانت منه ولها بانة مملوكة فاشتراها أيحل له ان يطأها قال لا مسألة مجرد ملك الرقبة لا يوجب التحريم في جميع
ما تقدم من المحرمات وانما يثبت التحريم الواطي فلو ملك الرجل جارية ولم يصبها جاز له ان يطأ بنتها بالملك أو العقد وأمها وجاز لأبيه وابنه وطؤها ولو وطى الرجل جارية
بالملك أو امرأة بالعقد حرم عليه أمها وبنتها وحرم على أب الواطي وابنة الموطوءة لان الوطي في ملك اليمين جار مجرى عقد النكاح ولهذا يحرم الجمع في الوطي بين الأختين في
الملك كما يحرم الجمع في النكاح ولا يحرم الجمع في ملك اليمين ولا يحرم مملوكة الأب على الابن بمجرد الملك ولا مملوكة الابن على الأب بذلك بل لو وطى أحدهما مملوكته حرمت على
الأخر لقوله ولا تنكحوا ما نكح ابائكم من النساء والنكاح حقيقة في الوطي وهو إما مشترك أو مجاز في العقد لان النكاح في أصل اللغة الض وحقيقة الضمن انما توجد في الوطي لا في العقد
لأنهما ينضمان حقيقة فموطوءة الأب حرام على الابن بنص القران ومنكوحته إذا لم يدخل بها حرام إما بالكتاب لأنه نطلق بثبوت اسم النكاح على العقد أو بالسنة المتواترة أو بالاجماع
والسبب فيه ان العقد يفضى إلى الوطي طبعا فأقيم مقام الوطي شرعا عند عدمه في حق ثبوت حرمة المصاهرة وصار العقد كالخلف عن الوطي كالنوم مع الحدث مسألة
أقسام الوطي ثلثه مباح وهو الموطوءة في نكاح صحيح أو ملك يمين ويتعلق به حرمة المصاهرة بلا خلاف على ما تقدم وتصير محرما لمن حرمت عليه لأنها حرمت عليه وطى
التأبيد بسبب مباح فأشبهت الام والأخت التأني الوطي بشبهة وهو الموطوء في نكاح فاسدا وشراء فاسد لا يعلم بفسادهما وإذا وطى امرأة ظنها زوجته أو أمته أو وطها
الأمة المشتركة بينه وبين غيره وأشباه ذلك وهذا يتعلق به التحريم اجماعا كتعلقه بالوطي المباح قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ من علماء الأمصار على أن الرجل إذا
وطى امرأة بنكاح فاسدا وشراء فاسد انها تحرم على أبيه وابنه وأجداده وولد ولده وهذا مذهب مالك والأوزاعي والثوى والشافعي واحمد واسحق وأبى ثور وأصحاب
الرأي وأصحاب النص وهم الامامية لأنه وطئ يلحق به النسب ويثبت المهر فأثبت التحريم كالوطئ المباح ولا يصير بالرجل محرما لمن حرمت عليه ولا يباح له به النظر إليها
ولا إلى أمها لان الوطي لم يكن مباحا هنا وانما تتعلق به حرمة المصاهرة لشبهه بالمباح في بعض الأحكام تغليبا للتحريم واما الحرمة فتتعلق بكمال حرمة الوطي لأنها
إباحة ولان للموطوءة لم يستبيح النظر إليها فلا يجوز لأجل ذلك ان يستبيح النظر إلى أمها وبنتها والمسافرة بها الثالث الزنا المتمحض في التحريم فإن كان سابقا بان يزنى
بامرأة ليست أمها ولا ابنتها زوجة له ففي تحريم ابنها وابنتها خلاف بين العلماء قال بعض علمائنا بالتحريم وبه قال عمران بن حصين والحسن وعطا وطاوس ومجاهد
631

والشعبي والنخعي والثوري واحمد واسحق وأصحاب الرأي لقوله تعالى وأمهات نسائكم والموطؤة بالزنا من جملة النساء لأنا قد بينا ان الشئ يصح اضافته إلى غيره بأدنى ملابسة
ولان فعل الوطي أبلغ في ثبوت الإضافة والسنبة من لفظين يصدر ان منها مثل زوجتك وتزوجت وكذا قوله تعالى وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتهم بهن
وهذا الوطي يسمى دخولا وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهم السلام انه سال عن الرجل يفجر بالمراة يتزوج ابنتها قال لا ولكن إن كانت عنده امرأة ثم فجر بأمها
أو ابنتها أو أختها لم تحرم عليه امرأة لان الحرام لا يفسد الحلال وفي الصحيح عن عيص بن القسم عن الصادق (ع) قال سألته رجل باشر امرأة وقبل غير أنه لم يفض إليها ثم تزوج ابنتها
فقال إذا لم يكن افضى إلى الام فلا باس وإن كان افضى إليها فلا يتزوج ابنها وقال جماعة من علمائنا إذا نا بامرأة لا تحرم عليه أمها ولا بنتها ورواة العامة عن علي (ع)
وابن عباس وفي التابعين قول الزهري وسعيد بن المسيب وبه قال ربيعه ومالك وأبو ثور والشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل عن الرجل يزنى بامرأة ثم يريدان
يتزوج بنتها فقال لا يحرم الحرام الحلال وانما يحرم ما كان بنكاح واحتج الشيخ على ذلك بما رواه من الاخبار في التهذيب ولم يحضرني الان شئ منها وبقوله تعالى فانكحوا ما طاب
لكم من النساء وقوله وأحل لكم ما وراء ذلكم وباصالة الإباحة وبقوله لا يحرم الحرام الحلال والآية ليست للعموم اجماعا فيمنع اندراج المتنازع فيها بعض التخصيص والآية
الثانية لا حجه فيها لا نما وراء ذلك لا يدخل المتنازع فيه لأنه يدخل تحت قوله وأمهات نساءكم وربائبكم ونمنع أصالة الإباحة بعد قوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون
والخبر غير دال على صورة النزاع لأنا نمنع كونها حلالا مسألة حكم الرضاع في ذلك حكم النسب فلا يحل للرجل أم المزني بها من الرضاع ولا ابنتها منه لدخولهما
في الأمة ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل فجر بامرأة يتزوج أمها من الرضاعة وابنتها قال لا مسألة لو سبق النكاح
لم يؤثر الزنا المتجدد فيه فلو كان له زوجة معقود عليها دائما أو متعة أو ملك يمين دخل بهن أولا فزنا بأمها أو ابنتها لم يؤثر الزنا تحريما لها وبه قال الشافعي لما رواه العامة
ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يحرم الحرام الحلال ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن الرجل بفجر بالمراة يتزوج ابنتها قال لا ولكن إن كانت
عنده امرأة ثم فجر بأمها أو بنتها أو أختها لم تحرم عليه امرأته لان الحرام لا يفسد الحلال وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) في رجل تزوج جارية فدخل بها ثم ابتلى بها ففجر بأمها
أتحرم عليه امرأته قال لا انه لا يحرم الحلال الحرام وقال احمد لو وطى أم امرأته وبنتها حرمت عليه زوجته لان النكاح عقد يفسده الوطؤ بالشبهة فأفسده الوطؤ بالحرام
كالاحرام ونمنع في نكاح الشبهة إذا كان متأخرا تذنيب لو أكره امرأة على الزنا ثبت تحريم المصاهرة مع سبقه كما تقدم عندنا وقال الشافعي لا يثبت به تحريم المصاهرة
لأن هذه الوطي زنا في حقه فلا يثبت به تحريم مصاهرة مسألة لو زنا بامرأة حرمت على أبيه وابنه وبه قال الحسن وعطا وطاوس ومجاهد والشعبي والنخعي والثوري واحمد
واسحق وأصحاب الرأي لقوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح اباؤكم من النساء والوطي يسمى نكاحا حقيقة لأنه عبارة عن الضم على ما تقدم ويؤيد إرادة الوطي قوله تعالى في اخر الآية انه كان
فاحشة ومقتا وساء سبيلا والتغليظ انما يكون في الوطي وروى عمار عن الصادق في الرجل يكون له جارية فيقع عليها ابن ابنه قبل ان يطأها الجد والجل يزنى بالمراة هل
يحل لأبيه ان يتزوجها قال لا انما ذلك إذا تزوجها الرجل فوطئها ثم زنا بها ابنه لم يضره لان الحرام لا يفسد الحلاف وكذلك الجارية وعن أبي بصير قال سألته عن الرجل
يفجر بالمراة أتحل لابنه أو يفجر بها الابن أتحل لا بيه قال إن كان الأب أو الابن مسها واحدة منهما فلا تحل وفي الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى الكاظم (ع) قال سألته عن
رجل زنى بامرأة هل يحل لابنه ان يتزوجها قال لا وقال الشافعي لا تحرم لقوله (ع) لا يحرم الحرام الحلال ونمنع الحل مسألة لو كان للأب جارية لم يسمها جاز لولده ان
ينكحها بالعقد والملك وكذا الابن لو كان له جارية لم يسمها جاز للأب ان يطأها بالعقد أو الملك للأصل ولما رواه عبد الرحمن بن الحجاج وحفص بن النخترى وعلي بن يقطين
في الصحيح قالوا سمعنا أبا عبد الله (ع) يقول عن الرجل يكون له الجارية أفتحل لابنه قال ما لم يكن من جماع أو مباشرة كالجماع فلا باس ولو عقد أحدهما على امرأة حرمت على
الأخر بمجرد العقد وان لم يكن دخول لقوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح اباؤكم والنكاح يطلق على العقد من غير وطى في عرف الشرع قال الله تعالى يا أيها الذين امنوا إذا نكحتم المؤمنات
ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن ولقول الباقر (ع) إذا تزوج رجل امرأة تزويجا حلالا فلا تحل المراة لا لأبيه وال لابنه وسال يونس به يعقوب الكاظم (ع) عن رجل تزوج امرأة
فمات قبل ان يدخل بها أتحل لابنه فقال إنهم يكرهونه لأنه ملك العقدة إذا عرفت هذا فلعل الفرق بين الشيئين أعني الشراء في الأمة الذي هو السبب في استباحة وطئها
وبين العقد في الزوجة الذي هو (السبب في صح) استباحة وطئها لأن الشراء لم ينعقد مقصورا على الوطي بل
على ملك الرقبة واستباحة الوطي تابع بخلاف عقد النكاح الذي المقصود
منه بالذات الوطي مسألة لو ملك الأب أو الابن جارية (فلا يجوز لأحدهما ان يطأ مملوكة الأخر الا بعقد أو ملك ويجوز للأب ان يقوم لأحدهم ان يطأ مملوكة ابنه الصغير ثم عليه يطأها
بالملك ولو بادر أحدهما فوطى مملوكة الأخر من غير شبهة كان زانيا لكن ليس على الأب حد ويجب على الابن ولو كان هناك شبهة سقط الحد عنه أيضا ولو حملت مملوكة الأب
من الابن لشبهة عتق الولد لأنه ملك جده فينعتق عليه ولا قيمة على الابن لان العتق وجب على الأب ولو حملت مملوكة الابن بوطئ الأب فإن لم ذكرا لم ينعتق على الابن لأنه
يصح ان يملك أخاه وعلى الأب فكه لالتحاقه به حيث هو وطى شبهة فإن كان أنثى عتقت على الابن لان من ملكه أخته عتقت عليه مسألة لو وطى الأب زوجة ابنه بشبهة
لم تحرم على الابن لسبق أحل قال (ع) لا يحرم الحرام الحلال وقيل؟ تحرم لأنها منكوحة الأب ويجب على الأب مهرها مع جهلها فان عاودها الولد فان قلنا الوطي للشبهة ينشر
الحرمة كان عليه مهر ان وان قفلنا لا تحرم وهو الأصح فلا مهر سوى الأول مسألة قال الشيخ في النهاية إذا ملك الرجل جارية فوطئها ابنه قبل ان يطؤها حرم
على الأب وطوءها فان وطئها بعد وطى الأب لم تحرم ذلك على الأب وطوءها ومنع ابن إدريس من تحريم الجارية مطلقا وسوى بين الامرين لأصالة الإباحة ولقوله
تعالى فانكحوا ما طاب ولقوله تعالى أو ما ملكت ايمانكم ولقوله (ع) لا يحرم الحرام الحلال ولا صدوق قال بمقالة ابن إدريس والشيخ (ره) عول في ذلك على رواية عمار عن الصادق
(ع) في الرجل يك. ون له الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل ان يطأها الجد والرجل يزنى بالمراة هل يحل لابنه ان يتزوجها قال لا انما ذلك إذا تزوجها فوطئها ثم
زنا بها انيه لم يضره لان الحرام لا يفسد الحلال وكذلك الجارية ثم إن الشيخ روى عن مرازم في الصحيح عن الصادق قال سمعته وقد سئل عن امرأة امرت ابنها ان يقع
على جارية لأبيه فوقع فقال أثمت واثم ابنها وقد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة فقلت له امسكها فان الحلال لا يفسده الحرام وتأوله بأنه ليس في هذا الخبر انها
امرت ابنه بمواقعتها قبل وطى الأب أو بعده وإذا لم يكن ذلك في ظاهره واحتملا المعينين معا حملناه على ما قدمناه لان الخبر الأول مفصل وهذا بحمل روايته إلى الشيخ (ره)
غير سليمه السند لان في طريقها جماعة مطعون فيهم والثانية أصح فيجب طرح الأولى والتعويل على الثانية مسألة قد عرفت فيما تقدم ان وطى الشبهة كالنكاح
الصحيح في تحريم المصاهرة خلافا للشافعية في قول ضعيف لهم هذا إذا اشتملت الشبهة الواطي والموطؤة معا فاما إذا اختصت الشبهة بأحدهما والاخر زانيا بان يأتي الرجل
فراش غير زوجته غلطا فيطأها وهي عالمة أو أتت المراة غير زوجها غالطة وهو عالم أو كانت هي جاهلة أو نايمة ومكرهة وهو عالم أو مكنت البالغة العاقلة مجنونا
632

مراهقا فكذلك تثبت حرمة المصاهرة عندنا وهو إحدى وجهي الشافعية والأصح عندهم ان الاعتبار بالرجل حتى تثبت حرمة المصاهرة إذا اشتبه الحال كما يثبت النسب
وتجب العدة ولا يثبت إذا لم تشتبه عليه كما لا يثبت النسب والعدة والثاني ان الشبهة في أيهما كانت يثبت حرمة المصاهرة نعلي هذا فوجها ن أحدهما انها تختص ممن اختصت
به الشبهة حتى لو كان الاشتباه عليه حرم عليه أمها وابنتها ولا تحرم هي على أبيه وابنه ولو كان الاشتباه عليها حرمت على أبيه ولا تحرم عليه أمها ولا ابنتها والثاني انهم تعم الطرفين
كالنسب مسألة الوطي في النكاح المباح وملك اليمين كما يوجب للحرمة يوجب المحرمية فيجوز للواطي المسافرة بام الموطوءة وابنتها ولأبيه ولابنه الخلوة والمسافرة بها وبه
قال الشافعي واما في وطى الشبهة فالمنع من ثبوت المحرمية وهو إحدى قولي الشافعي لأنه لا يجوز له الخلوة والمسافرة بالموطؤة فبأمها وابنتها أولي وليس كالوطئ في النكاح وملك
اليمين لان أم الموطوءة وبنتها يدخلان عليها ويشق عليهما الاحتجاب عن زوجها ومثل هذه الحاجة مفقوده ها والثاني مساواة وطى الشبهة للنكاح الصحيح لان الوطي
بالشبهة يثبت النسب ويوجب العدة فكذلك المحرمية مسألة قد بينا ان الأقوى عندنا ان الزنا يثبت حرمة المصاهرة وبه قال أبو حنيفة واحمد فليس للزاني ان
ينكح أم المزني بها وبنتها ولا يجوز لأبيه ولا لابنه ان ينكح لعموم الآية وقال الشافعي لا تثبت حرمة المصاهرة فيجوز للزاني وطى أم المزني بها وبنتها ويجوز لأبيه وابنه وطؤها لان
حرمة المصاهرة تعبد من الله تعالى فلا تثبت بالزنا كما لا يثبت به النسب والفرق ظاهر ولو منلك جارية تحرم عليه برضاع أو مصاهرة فوطئها فالأقرب ثبوت حرمة المصاهرة
وقالت الشافعية ان لم يوجب به الحد أثبت حرمة المصاهرة وان به أوجبنا فهو كالزنا تنبيه لا فرق في الزنا بين الوطي في القبل أو الدبر لعموم الآية في قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح
ابائكم وربائبكم وأمهات نسائكم ولأنه يتعلق به التحريم فيما إذا وجد في الزوجة والأمة فكذلك في الزنا مسألة من زنا بعمته أو خالته حرمت عليه بنتاهما ابدا عند علمائنا
لما رواه أبو أيوب عن الصادق (ع) قال سأله محمد بن مسلم وانا جالس عن رجل نال من خالته وهو شات ثم ارتدع أيتزوج ابنتها قال لا قال إنه لم يكن افضى إليها انما كان شئ
ذلك قال كذب إذا ثبت هذا فهل هذا الحكم جار هنا في العمة والخالة البعيدتين أو في البنات البعيدة فيه نظر الأقوى ذلك ولو زنى بالعمة أو الخالة بعد العقد على بنتها لم
يحرما عليه مسألة من لاط بغلام فأوقبه حرم عليه أم الغلام وأخته وبنته عند علمائنا وبه قال الأوزاعي واحمد لأنه وطي في الفرج فينشر الحرمة كوطئ المراة ولأنها
بنت من وطئه وامه فحرمتا عليه كما لو كانت الموطوءة أنثى ولما رواه ابن أبي عمير عن رجل في الصحيح عن الصادق (ع) في الرجل يعبث بالغلام قال إذا أوقب حرم عليه أخته وابنته
وعن إبراهيم بن عمر عن الصادق (ع) ففي رجل لعب بغلام هل تحل له امه قال إن كان يقب فلا قال إدريس حد الايقاب المحرم لذلك ادخال بعض الحشفة ولو قليلا وان لم
يجب عليه الغسل لان الغسل لا يجب الا بغيبوبة الحشفة جميعها والتحريم لهؤلاء المذكورات يتعلق بادخال بعضها لان الايقاب هو الدخول إذا عرفت هذا فان أم الموطوء
تحرم على الواطي وان بعدت كالجدة أم امه وام أبيه وان علتا تحريما مؤبدا لأنهن أمهات وتحرم أيضا بنت بنت الموطوءة وبنت ابنه وبنت ابن بنته وان نزلن تحريما
مؤبدا واما الأخت فلا يتعداها التحريم إلى ابنتها ولا إلى أخت الأب وقال الشافعي لا يحرم بهذا الفعل شئ من ذلك للأصل مسألة لا يحرم على الصبى المفعول
به أم اللايط ولا أخته ولا بنته عند علمائنا وهو قول العلماء للأصل ولان هؤلاء غير منصوص عليهن في التحريم فيدخلن في عموم قوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وعن أحمد
رواية انه يحرم على الغلام أم اللائط وابنته وهو غلط لقوله تعالى وأحل لكم ما وراه ذلكم وقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مسألة وطؤ الميت لا ينشر حرمة المصاهرة
وبه قال أبو حنيفة والشافعي لأنه ليس بسبب للبضعية وللأصل ولان التحريم يتعلق باستيفاء منفعة الوطي والموت المنافع وهذا إحدى الروايتين عن أحمد وفي الثانية انه
ينشر لأنه معنى ينشر الحرمة المؤبدة فلم يختص بالحياة كالرضاع والفرق ان الرضاع يحرم لما يحصل به من انبات اللحم وهو يحصل من لبن الميتة على انا نمنع حكم الأصل فان الرضاع
من الميتة لا ينشر الحرمة عندنا واما وطى الصغيرة الأقرب انه ينشر الحرمة وبه قال أبو يوسف لأنه وطئ امرأة أخيه في القبل فأشبه وطى الكبيرة وقال أبو حنيفة لأنه لا ينشر ليس
بسبب للبضعية فأشبه وطى الميتة مسألة قال الشيخ يحرم وطى جارية قد ملكها الأب أو الابن جامعاها أو نظرا منها إلى ما يحرم على غير ما لكها النظر إليه أو قبلاها
بشهوة ومنع ابن إدريس من انتشار الحرمة بمجرد النظر والتقييد وان كانا بشهوة وانما المقتضى للتحريم الوطي خاصة لقوله تعالى فانكحوا ما طاب وقوله أو ما ملكت ايمانكم ولأصالة
الإباحة والشيخ (ره) روى في الصحيح عن محمد بن إسماعيل قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يكون له الجارية فيقبلها هل تحل لولده فقال بشهوة قلت نعم قال ما ترك شيئا إذا
قبلها بشهوة ثم قال ابتداء منه ان جردها فنظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه قلت إذا نظر إلى جسدها بشهوة حرمت عليه وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال
إذا جرد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحل لابنه والآيات التي احتج بها ابن إدريس ليست للعموم لدخول التخصيص فيها مع أن العام قد يخص بخبر الواحد خصوصا
إذا كان مشهورا بين الطائفة مسألة قال الشيخ في المبسوط (من باشر امرأة صح) من غير ايلاج في فرج كالقبلة واللمس بشهوة والوطي فيما دون الفرج فإن كان بغير شهوة لم يتعلق
به تحريم مصاهرة بحال بلا خلاف وإن كان بشهوة فإن كان محظورا صريحا مثل ان قبل امرأة الغير أو أمة الغير بشهوة وبغير شهوة فإنه لم يتعلق به تحريم مصاهرة ولا ثبوت
حرمة وإن كان مباحا أو محظورا بشبهة المباح في زوجة أو ملك يمين فهل ينشر تحريم المصاهرة قبل فيه قولان أحدهما وهو الصحيح تحرم عليه أمها وأمهاتها وبنتها وبنات
بناتها وهو قول أكثر أهل العلم وقال قول لا يثبت به تحريم المصاهرة واما النظر إلى فرجها فإنه يتعلق به تحريم المصاهرة عندنا وعند كثير منهم وقال قوم لا يتعلق به التحريم
وقال في الخلاف اللمس بشهوة مثل القبلة واللمس إذا كان مباحا أو شبهة ينشر التحريم وتحرم الام وان علت والبنت وان نزلت وبه قال أكثر أهل العلم وهو قول أبي حنيفة ومالك
والمنصوص للشافعي ولا نعرف له قول غيره وخرج أصحابه قولا اخر انه لا يثبت به تحريم المصاهرة فالمسألة مشهورة بالقولين وإذا نظر إلى فرجها تعلق به تحريم المصاهرة وبه
قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يتعلق به ذلك واستدل فيهما باجماع الفرقة والاخبار وطريقة الاحتياط وقول النبي صلى الله عليه وآله لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها وقوله (ع)
من كشف قناع امرأة حرم عليه أمها وبنتها هذا اخر قول الشيخ (ره) واما العامة فقالوا المباشرة فيما دون الفرج والنظر بغير شهوة لا يفيد التحريم اجماعا وإن كان بشهود في
أجنبية لم ينشر الحرمة أيضا وإن كانت المباشرة لا مراة محللة له كامرأته ومملوكته لم تحريم على ابنتها قال ابن عباس لا يحرم الربيبة الاجماع أمها وبه قال طاوس وعمر بن دينار
واحمد لان الله تعالى قال فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وهذا ليس بدخول فلا يجوز ترك النص الصريح من اجله واما تحريم أمها وتحريمها على أبى المباشر لها و
ابنه فإنها في النكاح تحرم بمجرد العقد قبل المباشرة فلا نظهر للمباشرة اثر واما الأمة فمتى باشرها دون الفرج بشهوة فهل يثبت تحريم المصاهرة قولان أحدهما ينشر
وبه قال ابن عمر ومسروق والقسم والحسن ومحول والنخعي والشعبي ومالك والأوزاعي وأبو ثور وأبو حنيفة واحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد لأنه نوع استمتاع
فتعلق به تحريم المصاهرة كما لو وطى في الفرج ولأنه تلذذ بمباشرة فتعلق به التحريم والقول الثاني لا يثبت به التحريم لأنها ملامسة لا يوجب الغسل ولم يثبت به التحريم كما
لو لم تكن بشهوة ولان ثبوت التحريم إما بنص أو بقياس عليه ولا نص هنا في معنى المنصوص عليه في معنى المنصوص عليه ولان الجمع عليه فان الوطئ يتعلق به من الاحكام استقرار
633

المهر والاحصان والاغتسال والعدة وافساد الاحرام والصيام مسألة قد بينا ان بنت الزوجة انما تحرم إذا دخل بالام والدخول هو الوطئ قاله الشيخ (ره) تعالى
في التهذيب لظاهر القران ولما رواه عيص ابن القسم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل باشر امرأته وقبل غير أنه لم يفض إليها ثم تزوج ابنتها قال إن لم يكن افضى
إلى الام فلا باس وإن كان افضى فلا يتزوج ثم إن الشيخ روى حديثين أحدهما عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل تزوج امرأة فنظر إلى
رأسها والى بعض جسدها أيتزوج ابنتها قال فلا إذا رأى منها ما يحرم على غيره فليس له ان يتزوج ابنتها والثاني عن أبي الربيع الشامي قال سئل الصادق (ع) عن رجل
تزوج امرأة فمكث أياما معها لا يستطيعها غير أنه قد رأى منها ما يحرم على غيره ثم طلقها أيصلح له ان يتزوج ابنتها فقال أيصلح له وقد رأى من أمها ما رأى ثم قال (ره)
هاتان الروايتان محمولتان على الكراهية دون الخطر لان الذي يقتضى الخطر هو ما قدمناه من المواقعة حسب ما نطبق به ظاهر القران مسألة قال الشيخ إذا نظر
إلى فرج امرأة تعلق المصاهرة وفيه الخلاف الذي سبق وبالجملة فهو كلمها بشهوة وفيه عن أحمد روايتان أحدهما انه ينشر الحرمة وهو مروى عن عمر وابن عمر و
عامر بن ربيعه لما رواه عن النبي قال من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها وبنتها وفي لفظ لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها والثانية لا يتعلق به التحريم وهو قول
الشافعي واكثر أهل العلم لقوله (ع) وأحل لكم ما وراء ذلكم ولأنه نظر من غير مباشرة فلم يوجب التحريم كالنظر إلى الوجه وأحاديث موقوف على علي بن مسعود مع أن جماعة
ضعفوه ويحتمل انه كنى بذلك عن الموطوء واما النظر إلى ساير البدن فلا ينشر حرمة وقال بعض العامة لا فرق بين النظر إلى الفرج وساير البدن ولا خلاف في أن النظر
إلى الوجه لا يثبت الحرمة ولا خلاف أيضا في أن النظر إذا وقع من غير شهوة لا ينشر الحرمة لان اللمس الذي هو أبلغ منه لا يؤثر إذا كان بغير شهوة فالنظر أولي وموضع الخلاف
في اللمس والنظر فيمن؟؟؟ سنا يمكن الاستمتاع منها كبنت تسع فما زاد فاما لطفلة فلا يثبت فيها ذلك وعن أحمد رواية في بنت سبع إذا قبلها حرمت عليه أمها
وان نظرت المراة إلى فرج رجل بشهوة لم يؤثر تحريما عندنا وقال احمد حكمه في التحريم حكم نظره إليها لأنه معنى يوجب التحريم فاستوى فيه الرجل والمراة كالجماع وهو ممنوع
وقال بعض العامة ينبغي على هذا ان يكون حكم لمسها له أو قبلتها إياه بشهوة حكم ما تقدم مسألة الخلوة بالمراة لا يوجب حرمة المصاهرة لأصالة الإباحة و
لقوله تعالى فإن لم يكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وعن أحمد رواية انه إذا خلا بالمراة وجب الصداق والعدة ولا يحل له ان يتزوج أمها وابنتها والشيخ (ره) ذهب إلى
وجوب الصداق بالخلوة وسيأتي وفي رواية حسنة عن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال سأله رجل وانا جالس عن رجل نال من خالته في شبابه ثم ارتدع أيتزوج
ابنتها فقال لا فقال إنه لم يكن افضى إليها انما كان شئ دون شئ فقال لا يصدق والا كرامة وهو يعطى التحريم بالخلوة في هذا الموضع لكن الأصحاب لم يذكروا ذلك واما المفاخذة
والتقبيل واللمس بالشهوة عند الشافعي قولان هل تحرم الربيبة في النكاح أم لا أحدهما نعم وبه قال أبو حنيفة ومالك لأنه استمتاع يوجب الفدية على المحرم فأشبه الوطي
والثاني لا وبه قال احمد لأنه لا يوجب العدة فكذا لا يثبت الحرمة وقال بعض الشافعية بمجرد الملامسة وان لم
يكن بشهوة تثبت له الحرمة كما يكفى مجرد ملامسة في نقص الطهارة
وهو ممنوع والنظر بشهوة لا يقتضى حرمة المصاهرة عنده وحكى بعض الشافعية قولا اخر ضعيفا ثم خصصه بعضهم بالنظر إلى الفرج وهو مذهب أبي حنيفة ومنهم من لم يفرق
بين الفرج وغيره مسألة لو استدخلت المراة ماء زوجها أو ماء أجنبي بالشبهة يثبت حرمة المصاهرة عند الشافعي لا يثبت النسب ويجب العدة لكن لا يحصل به
الاحصان والتحليل وفي تقرير المهر ووجوبه للمفوضة وثبوت الجرعة ووجوب المهر في صورة الشبهة وجهان أصحهما المنع عندهم وان انزل الأجنبي بزنا لم يثبت النسب باستدخاله
ولا حرمة المصاهرة وان انزل الزوج بالزنا قال بعض الشافعية لا يثبت النسب ولا حرمة المصاهرة ولا تجب العدة ولا يثبت التحريم في الطارئ على النكاح حتى لو نكح امرأة ثم وطئها
أبوه أو امه بشبهة أو وطى هو أمها أو بنتها بشبهة لم ينفسخ النكاح عندنا وقال الشافعي ينفسخ مسألة لو نكح الرجل امرأة ونكح ابنه بنتها ووطى كل واحد منهما زوجة
الأخر غالطا لم ينفسخ النكاح عندنا الا على رواية وقال الشافعي ينفسخ النكاحان لان زوجة الأب موطوءة الابن وام موطوءته بالشبهة وزوجة الابن موطوءة الأب وبنت
موطوءته بشبهة بناء على أن الوطي بالشبهة كما الوطئ بالملك إذا تأخر عن النكاح ويجب على كل واحد منهما مثل مهر التي وطئها بالشبهة ثم لا يخلوا إما ان يترتب الوطئان أو
يقعا معا فان ترتبا نظر ان سبق وطى الأب فعليه لزوجته نصف المسمى لأنه الذي رفع نكاحها فهو كما لو طلقها قبل الدخول وهل يجب على الابن لزوجته شئ قال بعض
الشافعية لا لان نكاحها لم يرتفع بسبب من جهته وانما ارتفع بوطئ الأب السابق وقال آخرون يجب عليه نصف ما سمى لها لأنه ان لم يكن للزوج صنع في دفع النكاح فلا صنع
لها فيه أيضا فما ينبغي ان يسقط مهرها وتوسط بعضهم فقال إن كانت زوجة الابن نائمة أو مكرهة أو صغيرة لا تعقل فلها نصف المسمى على الزوج لأن الانفساخ والحال
هذه غير منسوب إليها فصار كما لو كانت تحته صغيرة كبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة ينفسخ نكاحها وللصغيرة نصف المسمى على الزوج وإن كانت زوجة الابن عاقله وطاوعت
الأب بظن انه زوجها فلا مهر لها كما لو اشترت الحرة زوجها قبل الدخول يسقط مهرها وإذا أو جبنا على الابن نصف المسمى رجع على أبيه لأنه فوت عليه نكاحها ثم يرجع بمهر المثل نصفه
أو بما غرم للشافعية فيه ثلثه أقوال تقدمت في الرضاع وان سبق وطى الابن فعليه لزوجية (نصف المسمى وهل يجب على الأب هل لزوجته نصف المسمى وللشافعية خلاف سبق فان قلنا نعم صح) فله الرجوع كما ذكرنا وان اتفق الوطيان دفعة فعلى كل واحد منهما نصف ما سمى
لزوجته وهل يرجع على الأخر بشئ قال بعض الشافعية ان زوجة كل واحد منهما حرمت عليه بفعله وبفعل صاحبه فيرجع كل واحد منهما على صاحبه بنصف ما كان يرجع
به لو انفرد ويهدر نصفه كما في الاصطدام وقال بعضهم لا يرجع كل واحد منهما على الأخر لان النكاح ارتفع بفعلهما جميعا فينسب الفراق إلى الزوج كما لو اشترى امرأته أو خالتها
بخلاف الاصطدام ولان فعل كل واحد منهما هنا لو انفر لحرمت به زوجته وزوجة صاحبه ولا يمكن ان يقال في الاصطدام لو انفرد أحدهما بفعل فحصل ذلك الأثر مسألة
لو نكح امرأتين في عقد واحد ثم بان ان إحديهما أم الأخرى بطل العقدان فلا يجب المسمى ولا شئ منه لواحدة منهما لأنه عقد باطل نعم لو وطئها أو وطئ واحدة منهما وجب
مهر المثل مع الجهل ولو نكحهما في عقدين ووطى إحديهما فان سبق عقد الام وكانت هي الموطوءة فنكاحها باق بحاله وحرم الأخر ولأنها ربيبة وإن كان البنت
هي الموطوءة بطل النكاحان إما نكاح البنت فلانه نكح أمها واما نكاح الام فلانها أم موطوئة بالشبهة ان قلنا بالتحريم في الشبهة المتجددة وله ان ينكح البنت متى شاء
لأنها ربيبة امرأة لم يدخل بها ويجب للبنت مهر المثل وللام نصف المسمى لارتفاع النكاح بفعل الزوج وإن كان السابق نكاح البنت فإن كانت هي الموطوءة
فنكاحها باق بحاله وتحرم الام مؤبدا وإن كانت الموطوئة الام بطل النكاحان حرمنا مؤبدا ان قلنا بالتحريم في الوطي المتجدد إما الام فبنكاح البنت واما البنت فبوطئ
الام بشبهة النكاح ويجب للام مهر المثل وللبنت نصف المسمى ولو اشتبهت الموطوءة وعرف الذي سبق نكاحها فنكاح السابق نكاحها ثابت ولأنه يحتمل ان يكون السابقة
هي الموطوءة فلا يؤثر الوطي في نكاحها ويحتمل ان يكون الموطوءة الأخرى فيفسد نكاح الأولى وإذا وقع الشك فالأصل الاستمرار وليس له نكاح الثانية لان الأولى إن كانت
بنتا فالثانية أم امرأته فتحرم على التأبيد وإن كانت إما فلس له نكاح البنت والام تحته فان ارتفع نكاح الام بطلاق وغيره لم يحل له نكاح واحدة منهما لان إحديهما محرمة
634

على التأبيد فأشبه ما إذا اختلطت أخته من الرضاع بامرأة أخرى لا ينكح واحدة منهما وان اشتبه السابق من النكاحين وعرفت الموطوءة فغير الموطوءة محرمة ابدا لأنها أم الموطوءة
بالشبهة أو بنت الموطوءة واما الموطوءة فإن كانت هي المنكوحة أو الأخرى فنكاحها غير منعقد فيوقف امرها ونمنع من نكاح غيره وان طلبت الفسخ للاشتباه في النكاح
كما في تزويج الوليين وان اشتبه السابق من النكاحين واشتبهت الموطوءة أيضا فيوقف عنهما لاحتمال سبق نكاح البنت فدخل بالام فيحرمان وليس له ان ينكح واحدة
منهما لأنها محرمة عليه على التأبيد ثم إن وطى أولا التي نكحها أولا فللأولى مهرها المسمى وللثانية مهر المثل وان وطى أولا التي نكحها أخيرا فلها مهر مثلها لأنه لا ينعقد نكاحها
وللمنكوحة أولا نصف مهرها المسمى وجميع مهر المثل إما نصف المسمى فلارتفاع نكاحها بسبب من جهة الزوج وهو وطى المنكوحة أخيرا واما جميع مهر المثل فلانه وطئها بعد
ارتفاع النكاح وطئ شبهة مسألة قد تقدم الخلاف في أن اللمس والنظر بشهوة هل يقتضى تحريم المصاهرة وقيد بعض الفقهاء من الحنيفة الشهوة بانتشار العضو بالنظر
واللمس فإن كانت الته منتشرة قبله بان يزداد قوة وشدة وإن كان عنينا أو مجبوبا بان يتحرم قلبه بالاشتهاء إذا لم يكن متحركا قلبه وإن كان متحركا بان يزداد الاشتهاء وقال
بعضهم حد الشهوة ان يشتهى قلبه فليست حركه الآلة شرطا والانتشار كما في العنين والمجبوب وقالت الحنيفة فلو مس امرأة وعليها ثوب صفيق يمنع وصول حرارة بدنها
إلى يده لم يثبت الحرمة لأنه مس الثوب وإن كان رقيقا لا يمنع ذلك تثبت الحرمة لأنه مس المرأة قالت الحنيفة النظر إلى ظاهر الفرج لا يوجب الحرمة ما لم ينظر إلى داخله و
هو مروى عن أبي يوسف لان النظر من كل وجه انما يتحقق بالنظر إلى داخله ولو نظر إلى دبر امرأة بشهوة لا يوجب الحرمة عندهم لان هذا النظر لا يفضى إلى الوطي في محل
الحرث فلا يقام مقامه ولو مست امرأة رجلا بشهوة لم ينشر حرمة عندنا وقالت الحنيفة ينشر ولو اخذ بيد جارية ليقبلها بشهوة فلم يفعل قالوا حرمت على أبيه لان اخذه
بيدها بشهوة للقبلة بمنزلة لمسه للشهوة ولو مس شعرا امرأة بشهوة قالوا حرمت عليه أمها وبنتها وقال أبو حنيفة إذا جامع صغيرة لا يجامع مثلها أو أفضاها لا تحرم
عليه أمها لان هذا وطى صورة لانعدام معنى الوطي وفيه وهو قضاء الشهوة وقال أبو يوسف تحرم عليه أمها وإن كان ممن لا يجامع مثلها وهو المعتمد ولو نظر رجل إلى فرج
ابنته بغير شهوة فتمنى ان يكون له جارية مثلها فوقعت منه شهوة مع رفع بصره فان وقعت شهوته على ابنته
حرم عليه أمها عندهم وان وقعت على ما تمنى لم تحرم
ولو قصد إلى فراش زوجته ليجامعها وهي نائمة مع ابنتها المشتهاة فوصل يد الزوج إلى بنتها فقرصها بإصبعه وظن أنها زوجته فإن كانت يشتهى عند ملامستها حرمت
عليه امرأته عندهم والا فلا القسم الثاني من قسمي تحريم المصاهرة وهو غير المؤبد وأصنافه ثلثة الأول الجمع بين الأختين مسألة يحرم الجمع
بين الأختين في العقد والوطي بالنص والاجماع قال الله تعالى وان تجمعوا بين الأختين وقد أجمع المسلمون على تحريمه ولا فرق في ذلك بين النكاح الدائم والمنقطع وملك اليمين ولا
بين ان يكون الأختان من النسب أو من الرضاع ولا بين ان يكون من الأبوين أو من أحدهما فلو نكح امرأة بالعقد الدائم أو المنقطع وملك اليمين حرم عليه أختها لا تحريما مؤبدا
بل تحريم جمع إذا عرفت هذا فلو عقد على الأختين دفعة واحدة بطل العقدان عند جماعة من علمائنا وهو قول العامة لان الجمع حصل بهما لان كل واحدة جمعت إلى صاحبتها
معا فيكون سبب الفساد ثابتا في حقهما ولان هذا الجمع منهى عنه والنهى هنا يدل على الفساد اجماعا إذ لولا ذلك لصح الجمع وهو خلاف الاجماع ولأنه لا يمكن تصحيح هذا العقد
فيهما لأنه خلاف الاجماع ولا في إحديهما والا لزم الترجيح من غير مرجح وقال بعض علمائنا انه يتخير في نكاح أيهما شاء ويفسخ عقد الأخرى لما رواه جميل بن دراج عن بعض أصحابنا
عن أحدهما عليهما السلام في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة قال هو بالخيار ان يمسك أيتهما شاء وتخلى سبيل الأخرى والرواية مرسلة في طريقها على ابن السندي ولا
يحضرني الان حاله ومع ذلك فلا حجة فيها لجواز ان يكون المراد تخييره بين ان يمسك أيتهما شاء بعقد مستأنف ويخلى سبيل الأخرى ان ترتب العقدان بان عقد على إحديهما
أولا ثم عقد على الأخرى ثانيا بطل العقد الثاني بلا خلاف لما رواه زرارة بن أعين عن الباقر (ع) في الصحيح قال سألته عن رجل تزوج امرأة بالعراق ثم خرج إلى الشام فتزوج
امرأة أخرى فإذا هي أخت امرأته التي بالعراق قال يفرق بينه وبين التي تزوجها بالشام ولا يقرب المراة التي بالعراق حتى تنقض عدة الشامية قلت فان تزوج امرأة ثم تزوج أمها
وهو لا يعلم أنها أمها قال قد وضع الله عنه جهالته بذلك ثم قال إذا علم أنها أمها فلا يقر بها ولا يقرب البنت حتى تنقضي عدة الام منه فإذا انقضت عدة الام حل له نكاح البنت
قلت فان جاءت الام بولد قال هو ولده ويكون ابنه واخا امرأته مسألة لو تزوج الأختين على الترتيب ونكاح الثانية باطل اجماعا فان وطئها جاهلا بالحكم فلها
مهر المثل وعليها العدة ولها ان يطأ الأولى والثانية في العدة لم تخرج بعد على كراهية روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يجمعن ماءه في
رحم أختين ولرواية زرارة الصحيحة عن الباقر (ع) ولا تقرب المراة حتى تنقضي عدة الشايعة وقد سبقت وانما قلنا إنه على الكراهة لأصالة الإباحة ولأنها عدة باين و
لو طلق الأولى طلاقا باينا بخلع أو مباراة أو فسخ جاز له نكاح الثانية لأنه طلاق باين فجاز له العقد على أختها كما لو طلقها قبل الدخول وبه قال زيد بن تابت والزهري
ومالك والشافعي واستدل الشيخ (ره) باجماع الفرقة واخبارهم وبقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم النساء وقوله تعالى اليوم أحل لكم الطيبات إلى قوله تعالى والمحصنات من المؤمنات
الحرائر ولم يفصل وقال الثوري واحمد وأصحاب الرأي لا يجوز قبل الخروج من العدة على كل حال ورواه العامة عن علي (ع) وابن عباس وكذا الخلاف لو كان تحته أربع
فطلق واحدة هل يحل له نكاح أخرى قبل انقضاء عدة هذه أم لا ولو طلقهن كلهن لم يكن له ان يتزوج غيرهن لا واحدة ولا أربعا حتى تنقضي عدتهن وهكذا لو كان له زوجة
واحدة فطلقها كان له العقد على أربع سواها وقالوا لا يجوز ولو وطى امرأة بالشبهة فاعتدت منه جاز له التزويج بأختها عندنا وعند الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز
ولو كان الطلاق رجعيا لم يجز له نكاح أختها ما لم تنقض عدتها لان الرجعية في حكم الزوجة فإنه يصح ظهارها والايلاء منها ويتوارثان فيها وتعتد عدة الوفاة لو مات
زوجها فيها مسألة لو طلق الرجل زوجته وادعى ان زوجته أخبرته بانقضاء عدتها والوقت محتمل وأنكرت المراة وقالت لم تنقض عدتي بعد جواز له نكاح أختها لزعمه
انقضاء عدتها ولو طلقها لا يقع الطلاق ولو وطئها وجب الحد وقال بعض الشافعية ليس له نكاح أختها لان القول قولها في بقاء العدة وعلى هذا لو طلقها وقع طلاقها ولو
وطئها لا يجد لكن الأول هو الاظهر بين الشافعية وهو منصوص الشافعية والثاني فيه قوة وتجب النفقة ولا يقبل قوله في سقوط حقها ولو كان له زوجة رقيقه وطلقها
طلاقا رجعيا ثم اشتراها فله نكاح أختها في الحال وكذا لو اشتراها قبل الطلاق لان ذلك الفراق قد انقطع وصار السبب في استباحة البضع الملك لا غير مسألة
لو تزوج الأختين في عقدين واشتبه السابق منهما وجب عليه اجتنابهما لان إحديهما محرمة عليه فنكاحها باطل وقد اشتبهت بالأخرى فيعتمهما التحريم فان حصل
اليقين عمل عليه والا وجب طلاقها جميعا كما لو زوج الوليات ولم يعرف الأول منهما وان شاء طلق إحديهما وجدد عقد الأخرى ولا فرق بين ان يفعل ذلك بقرعة
أو بغير قرعة لكن لا يكتفى بالقرعة ثم نقول إن لم يكن دخل بواحدة منهما كان له ان يطلق واحدة منهما في الحال ويملك الأخرى بعد الطلاق ولا يجوز ان (يعقد صح) أولا بأخذ لهما
ثم يطلق الأخرى لجواز ان يكون التي عقد عليها هي المعقود عليها ثانيا في النكاح الأول فيكون العقد الثاني باطلا أيضا وإن كان قد دخل بواحدة فان أراد نكاحها
635

طلق الأخرى التي لم يصيبها ثم يمتنع عن المصابة حتى تنقضي عدتها ثم يعقد عليها عقدا ثانيا لجواز ان يكون هي الثانية ويكون قد أصابها في نكاح فاسد فلهذا اعتبرنا القضاة
عدتها ويحتمل ان يكون له العقد عليها في الحال قاله بعض العامة لان النسب لا حق به ولا يصان ذلك من مائه وان أحب نكاح الأخرى فارق المصابة بطلقة ثم انتظرها حتى تنقضي
عدتها ثم يتزوج بأختها وإن كان قد دخل بهما فليس له نكاح واحدة منهما حتى يفارق الأخرى وتنقضي عدتها من حين فرقتها وتنقضي عدة الأخرى من حين اصابتها ولو ولدتا
لواحديهما منه فالنسب لا حق به لأنه إما من نكاح صحيح أو شبهة وكلاهما يلحق به النسب وان لم يرد نكاح واحدة منهما اطلقهما واما المهر فإن لم يدخل بواحدة منهما فلأحديهما نصف
المهر ولا نعلم من يستحقه منهما فيصطلحان عليه وان امتنعا أقرع واستحقت من خرج لها القرعة بعد يمينها وقال بعض العامة يسقط المهر لأنه يجبر على الطلاق قبل الدخول وان
دخل بواحدة منهما أقرع بينهما فان وقع القرعة على المصابة فللمصابة جميع المهر ولا شئ لغير المصابة وان وقعت على غير المصابة فلها نصف المهر وللمصابة مهر المثل بما استحل
من فرجها ولو أصابهما معا فلأحديهما المسمى وللأخرى مهر المثل يقرع بينهما فيه ان قلنا إن الواجب في النكاح الفاسد مهر المثل وان قلنا بوجوب المسمى فيه وجب هنا لكل واحدة
منهما تذنيب إذا تزوج امرأة ثم تزوج أختها ودخل بها كان الثاني باطلا ويفرق بينهما بغير طلاق ولا يجب عليه اعتزال زوجته لعموم قوله (ع) لا يحرم الحرام الحلال وقال
احمد يعتزل زوجته حتى تنقضي عدة الثانية لأنه لو أراد العقد على أختها في الحال لم يجز له حتى تنقضي عدة الموطوءة كذلك لا يجوز الوطء لامرأة حتى تنقضي عدة أختها التي أصابها
والفرق ظاهر لان الوطي السابق يجب له عدة فإن كانت العدة بانية جاز له ان يعقد على الأخت في الحال من غير انتظار العدة وإن كانت رجعية كانت بحكم الزوجة فلهذا وجب
التربص حتى تنقضي العقدة مسألة لو تزوج إحدى الأختين ثم طلقها وقد احبلها ثم خطب أختها فجمعهما قبل ان تضع أختها المطلقة ولدها فالنكاح الثاني باطل
فان دخل بها فعليه صداقها مع جهلها فإذا وضعت الأخت جاز له ان يتزوج الثانية بعقد مستأنف ومهر جديد لما رواه محمد بن قيس في الموثق عن الباقر (ع) قال قضى أمير المؤمنين (ع)
في أختين نكح إحديهما ثم طلقها وهي حبلى ثم خطب أختها فجمعهما قبل ان تضع أختها المطلقة ولدها فأمره ان يفارق الأخيرة حتى تضع أختها المطلقة ولدها ثم يخطبها ويصدقها
صداقها مرتين مسألة قد بينا فيما سلف انه متى طلق الرجل زوجته لم يجز له نكاح الأخرى الا بعد انقضاء عدة الأولى إن كان الطلاق رجعيا فإن كان باينا جاز
له العقد على أختها بعد الطلاق بلا فصل وبينا الخلاف في ذلك ويؤيده رواية أبى الصباح في الصحيح عن الباقر (ع) قال سألته عن رجل اختلعت منه امرأته أيحل له ان يخطب
أختها قبل ان تنقضي عدتها فقال إذا برئت عصمتها ولم يكن له رجعة فقد حل لها ان يخطب أختها وهو يدل بمفهومه على التحريم عند عدم براءة عصمتها وعن الحسن بن
سعيد عن القسم عن علي عن الكاظم (ع) قال سألته عن رجل طلق امرأته أيتزوج أختها قال لا حتى تنقضي عدتها قال وسألته عن رجل كانت له امرأة فهلكت أيتزوج أختها قال من
ساعته ان أحب وعن زرارة عن الباقر (ع) في رجل طلق امرأته وهي حبلى أيتزوج أختها ثم (قبل ان تضع قال لا يتزوجها حتى يخلو حملها إذا عرفت هذا فقد روى أنه إذا نمنع بامرأة صح) ثم انقضى اجلها لم يجز له العقد على أختها الا بعد انقضاء عدتها رواه الحسين بن سعيد
قال قرأت في كتاب رجل إلى الرضا (ع) جعلت فداك الرجل يتزوج المراة متعة إلى أجل مسمى فينقضي الاجل بينهما هل له ان ينكح أختها قبل ان يقضى عدتها فكتب لا يحل ان
يتزوجها حتى تنقضي عدتها وهو محمول على الكراهة فان المكروه يصدق عليه انه ليس بحلال مسألة قد بينا انه يحرم الجمع بين الأختين لقوله تعالى وان تجمعوا بين
الأختين فحرم الجمع بينهما مطلقا وهو يتناول الجمع في الحراير وطيا وعقدا وفي ملك اليمين وطيا ولا يدخل فيه الجمع في ملك اليمين وان تناوله بظاهره لأنه غير مراد
بالاجماع إذ لا خلاف في جواز تملك الأختين دفعة وكذلك بينها وبين عمتها وخالتها فبقى المراد الجمع بينهما نكاحا ورطيا لان في الجمع بينهما نكاحا ووطيا قطيعة الرحم لما
فيه من البغضة والغضاضة وذلك يفضى إلى قطيعة الرحم وقطعية الرحم حرام اجماعا إذا عرفت هذا فإذا اشترى جاريه فوطئها جاز له ان يشترى أختها وعمتها وخالتها
وأمها وابنتها لان الملم يقصد به التمول دون الاستمتاع ولهذا يجوز للرجل شراء المجوسية والوثنية والمعتدة والمزوجة والمحرمات عليه بالرضا وبالمصاهرة بلا
خلاف مسألة ذهب علماؤنا أجمع إلى أنه لا يجوز الجمع بين الأختين من إمائه في الوطي وبه قال علي (ع) و عبد الله بن عمرو جابر من زيد وابن عباس ومالك والأوزاعي
وأبو حنيفة والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى وان تجمعوا بين الأختين وهو عام في العقد والملك على ما تقدم وروى عن ابن عباس أنه قال أحلتهما أية
وحرمتهما أية ولم أكن لا فعله يريد بالمحرمة قوله تعالى وان تجمعوا بين الأختين وبالمحللة قوله تعالى الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم وقال احمد ان الجمع بينهما في الوطي وملك
اليمين مكروه ليس بمحرم وقال داود واهل النظر لا يحرم استدلالا بالأيمة المحللة لان حكم الحراير في الوطي مخالف لحكم الإماء ولهذا تحرم الزيادة على أربع في الحراير ويباح
في الإماء بغير حصر والحق ما قلناه من التحريم للآية المحرمة فإنه يريد بها العقد والوطي جميعا بدليل ان ساير المذكورات في الآية يحرم وطوءهن والعقد عليهم واية الحل
مخصوصة بالمحرمات جميعهن وهذه منهن ولأنها امرأة صارت فراشا وحرمت أختها كالزوجة والزيادة على أربع في الحراير منع للقسمة والنفقة ومع الكسرة يلزم الحيف
والظلم بخلاف الإماء فإنه لا قسمة لهن والنفقة في كسبهن ولان العامة رووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال معلون من جمع ماءه في رحم أختين ومن طريق الخاصة ان معوية بن عمار
سال الصادق (ع) عن رجل كانت عنده جاريتان اختان فوطى إحديهما ثم بدأ له في الأخر يقال يعتزل هذه ويطأ الأخرى قال قلت فإنه تنبعث نفسه للأولى فإنه لا يقر بها
حتى تخرج تلك على ملكه لا يقال إن الجمع بين الأختين في الوطي محال فلا يتناوله وله النهى لأنا نقول الجمع ممكن في الاستمتاع بما دون الوطي وإذا فيه التحريم ثبت في الوطي
اجماعا ولان الجمع قد يقع على المتعاقدين كما روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يجمع بين الصلاتين مسألة إذا ملك أختين جاز له وطى إحديهما عند علمائنا أجمع وهو قول
أكثر العلماء للأصل ولقوله تعالى أو ما ملكت ايمانهم السالم عن معارضة الجمع فإنه ليس بجميع بينهما في الفراش فلم يحرم كما لو كان في ملكه إحديهما فقط وقال الحكم وحماد لا يقرب
واحدة منهما وروى ذلك عن النخعي وبه قال أحمد بن حنبل وليس بمعتمد (مسألة صح) لو ملك إحدى الأختين ووطئها أو م يطأها ثم نكح أختها صح النكاح وحلت المنكوحة وحرم عليه
وطي الأولى قاله الشيخ (ره) في كتابي المبسوط والخلاف وبه قال الشافعي لان النكاح أقوى من الوطي بملك اليمين فإذا اجتمعا وجب تقديم الأقوى ولان الاستفراش
والاستباحة بالنكاح أقوى الأثري انه يتعلق به الظهار والطلاق والايلاء واللعان والميراث وساير الاحكام وإذا كان فراش النكاح أقوى لم يندفع بالأضعف
وقال احمد في رواية ومالك في إحدى الروايات عنه النكاح لا يصح لان الوطي تصير به الأمة فراشا فلم يجز ان يرد النكاح على فراش الأخت كالوطئ ولأنه فعلى في الأخت
ما ينافى إباحة أختها المفترشة فلم يجز كالوطئ وقال أبو حنيفة يصح النكاح ولا يباح وتطئ المنكوحة حتى تحرم أختها ببيع وشبهه وهو ظاهر كالم احمد لأنه سبب يستباح
به الوطي فجاز ان يرد على وطى الأخت ولا يبيح كالشراء إما إذا تقدم التزويج لاحدى الأختين فإنه يجوز له شراء الأخرى بلا خلاف ولا تحرم عليه زوجته بمجرد الشراء
ولا بالوطي لأنه طوى محرم فلا يحرم المباح ولا فرق بين ان يكون قد دخل بالزوجة أولا ويحرم عليه وطى الأخرى بملك اليمين سواء ملكها قبل التزويج أو بعده فالمنكوحة
حلال والمملوكة حرام لان الأقوى بدفع الأضعف وعن مالك ان النكاح لا يصح إذا تقدم الملك إذا سلف مسألة كل امرأتين لا يجوز الجمع بينهما في النكاح
636

لا يجوز الجمع بينهما في الوطي بملك اليمين ويجوز الجمع بينهما في نفس الملك فلان الوطي في ملك اليمين بمنزلة النكاح في حرمة المصاهرة فكذا هنا ولأنها بالوطي تصير فراشا له
فيمتنع افتراش الأخرى كما انها إذا صارت فراشا بالنكاح امتنع نكاح الأخرى إذا عرفت هذا فلو اشترى أختين دفعة أو على التعاقب صح الشراء اجماعا وله نكاح أيتهما شاء فإذا
وطى إحديهما حرم عليه وطؤ الأخرى فان وطئها فعل حراما ولا يجب عليه الحد لقيام الملك وكونه بسبيل من استباحتها وبه قال الشافعي بخلاف ما لو وطى أمته التي هي أخته
من الرضاع حيث يجب الحد عنده على أحد قوليه لأنه لا سبيل إلى استباحتها بحال ثم الثانية تبقى حراما كما كانت والأولى تبقى حلالا كما كانت ولا يحرم الحرام الحلال هذا
هو المشهور عندنا وبه قال الشافعي ولو اخرج الموطوءة أولا من ملكه ببيع وشبهه حل له وطؤ الثانية سواء تأخر شراؤها أو تقدم فان العبرة انما هو يتقدم الوطي لا يتقدم
الشراء ولا فرق أيضا بين ان يطأ الثانية مع عمله بالتحريم أو جهله وبه قال علي (ع) وابن عمر والحسن البصري والأوزاعي والشافعي واحمد واسحق وقال الشيخ في النهاية إذا
وطى الأخرى بعد وطئه الأولى وكان عالما بتحريم ذلك عليه حرمت عليه الأولى حتى تموت الثانية فان اخرج الثانية من ملكه ليرجع إلى الأولى لم يجز له الرجوع إليها وان اخر بها
من ملكه لا لذلك جاز له الرجوع إلى الأولى فإن لم يعلم تحريم ذلك عليه جاز له الرجوع إلى الأولى على كل حال إذا اخرج الثانية عن ملكه ببيع أو هبة والشيخ (ره) عول في ذلك
على ما رواه أبو الصباح الكناني في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل عنده اختان مملوكتان فوطى إحديهما ثم وطى الأخرى قال فحرمت عليه الأولى حتى تموت
الأخرى قلت أرأيت ان باعها فقال إن كان انما ببيعها لحاجة ولا يخطر على باله من الأخرى شئ فلا ارى بذلك بأسا وإن كان انما يبيع لترجع إليه الأولى فلا وفي الحسن
عن الحلبي عن الصادق (ع) قال سئل عن رجل كانت اختان مملوكتان فوطى إحديهما ثم وطى الأخرى قال إذا وطئ فقد حرمت عليه الأولى حتى تموت الأخرى
قلت أرأيت ان باعها أتحل له الأولى قال إن كان يبيعها لحاجة ولا يخطر على قلبه من الأخرى شئ فلا ارى بذلك باس وإن كان انما ببيعها فليرجع إلى الأولى فلا ولا كرامة
وعن الحلبي عن الصادق (ع) قال قلت له الرجل يشترى الأختين فيطئ إحديهما ثم يطأ الأخرى بجهالة قال إذا وطئ الأخيرة بجهالة لم تحرم عليه الأولى ولو وطئ الأخيرة
وهو يعلم أنها عليه حرام حرمتا عليه جمعيا تذنيب قال بعض الشافعية إذا وطى المولى وأحبل الثانية حلت وحرمت الأولى والوجه ما قلناه لكن يستحب ان لا
يطأ الأولى حتى يستبرى الثانية مسألة إذا ملك الأختين فوطئ إحديهما حرمت عليه الأخرى كما تقدم فليس له وطئ الأخرى قبل تحريم الموطوءة على نفسه
باخراج عن ملكه أو تزويج وبه قال الجماعة على ما سلف وقال قتادة ان استبرى الأولى حلت له أختها لأنه قد زال فراشه ولهذا لو أتت بولد فنفاه بدعوى الاستبراء
انتفى فأشبه ما لو زوجها والمشهور خلاف ذلك لقول علي (ع) وقول ابن عمر ولأنه لم يزل ملكه عنها ولا حلها له فأشبه ما لو وطئت بشبهة فاستبرأها من ذلك الوطي
ولان الملك لا يمنعه وطئها فلا يا من عوده إليها فيكون ذلك ذريعة إلى الجميع بينهما وإذا اخرج الأولى عن ملكه حل له وطؤ الثانية في الحال وقال بعض العامة لا تحل له
أختها حتى يستبرى المخرجة ويعلم براءتها من الحمل ومتى كانت حاملا منه لم تحل له أختها حتى تضع حملها لأنه يكون جامعها ماؤه في رحم أختين وهو بمنزله كأخ الأخت
في عدة أختها وفيه نظر (مسألة صح) إذا وطى إحدى الأختين المملوكتين لم تحل الأخرى حتى يخرج الأولى عن ملكه ببيع أو هبة أو عوض في اجارة أو هبة أو غير ذلك من أسباب
فقل العين أو بتزويج لان التحريم يحصل به فان رهنها لم تحل له الأخت لان منعه من وطئها لحق المرتهن لا لتحريمها ولهذا تحل بإذن المرتهن في وطيها ولأنه يقدر على
فكها متى شاء واسترجعها إليه ولو حرم إحديهما باليمين على نفسه لم تبح الأخرى لان هذا لا يحرمها وانما هو يمين مكفر ولو حرمها الا انه يعارض متى شاء إزالة
بالكفارة فهو كالحيض وأنفاس والاحرام والصيام ولو كاتب إحديهما حلت له الأخرى وهو قول الشافعية لأنها حرمت عليه بسبب لا يقدر على دفعه فأشبه التزويج
وقال بعض العامة لا تحل لأنه بسبيل من استباحتها بما إذا اتفق عجزها فلم تبح له أختها كالمرهونة ولو وهب الأولى فان اقبض حلت له الثانية والا فلا لان الهبة انما
تتم بالقبض ولو أزال ملك الأولى بالاعتاق حلت الثانية أيضا ولو باع بعضها كفى في التحليل وقال أبو حنيفة لا يكفى التزويج والكتابة ولا يكفى في عروض الحيض والاحرام
والعدة عن وطى شبهة لأن هذه أسباب عارضه ولم نزل الملك والاستحقاق وكذا عروض العدة لا يفيد حل الأخرى وفي الرهن للشافعية وجهان أحدهما
انه يكفى كالكتابة والتزويج وأصحهما انه لا يكفى لأنه لا يفيد استقلالا كما تفيده الكتابة ولا حلا للغير كما يفيده التزويج ولأنه لا يزيل الحل فإنه لو اذن فيه المرتهن
جاز مع بقاء الرهن ولو باع بشرط الخيار وكل موضع يجوز للبايع الوطي لا تحل فيه الثانية وحيث لا يجوز فوجهان للشافعية أحدهما حل الأخرى لثبوت الملك للمشترى
ونفاذ تصرفاته ولا يكفى الاستبراء عن الأولى في حل الأخرى لأنه لا يزيل الفراش وقد روى العامة عن علي (ع) أنه قال من وطى إحدى الأختين فلا يطئ الأخرى حتى تخرج الموطوءة
عن ملكه فروع ا لو خرج الثانية عن ملكه بسبب من الأسباب المعتد بها كالبيع والتزويج والكتابة ثم عادت إليه يرد عيب أو إقالة أو طلقها زوجها أو عجزت عن أداء
مال الكتابة ففسخ الكتابة لم يجز له ان يطأها قبل ان يستبرئها لملكه الحارث ولا تحل له المردودة حتى تخرج التي وطئها (عن ملكة صح) / ب / الوطئ في الدبر كما لو طي في القبل في تحريم الثانية
وفي اللمس في القبلة والنظر بشهوة خلاف بين الفقهاء كما في حرمة المصاهرة / ج / لو ملك أختين وإحديهما مجوسية أو أخته من الرضاع فوطئها بشبهة جاز له وطؤ الأخرى
لان الأولى محرمة / د / لو ملك إما وبنتها ووطى إحديهما حرمت الأخرى على التأبيد فلو وطى الأخرى بعده فان جهل التحريم حرمت الأولى أيضا مؤبدا عند الشافعية
إن كان عالما فهل عليه الحد لو وطى الثانية قولان ان قلنا بعدمه حرمت الأولى أيضا عندهم على التأبيد والا فلا / ه / لو كان له عند وللعبد اختان إحديهما من الام
والاخرى من الأب جاز لسيدهم ان يطأ أختي عبده لان إحديهما ليست أختا للأخرى بل لو كانت إحديهما ذكرا جاز له ان يتزوج بالأخرى / و / لو كان له أمتان اختان
فوطى إحديهما حرمت عليه الأخرى وان كاتب الموطوءة حلت له الأخرى وان لم يطأها حتى عجزت المكاتبة واستبرأها كان مخيرا بين الأمتين لان الأولى حلت له بكتابة للاحرام
والمكاتبة حلت بالاستبراء مسألة لو استمتع باللمس والقبلة وما دون الفرج فالأقوى انه لا يتعلق به تحريم الأخت وهو أحد قولي الشافعي وبه قال احمد لقوله تعالى
وربائبكم اللاتي ففي حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنن فشرط الدخول وللأصل ولقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم وقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ولأنه تلذذ
بغير الوطي فأشبه النظر والقول الثاني للشافعي انه تحرم الأخت وبه قال أبو حنيفة لأنه تلذذ بمباشرته فوجب ان يتعلق به التحريم كالوطوء والفرق ظ؟ فان الوطوء يتعلق به
احكام كثيرة من استقر المهر والاحصان والاحلال والاغتسال واما إذا نظر إليها أو إلى فرجها لم يتعلق به التحريم وبه قال الشافعي للآية ولأنه استمتاع من غير مباشرة فأشبه
النظر إلى الوجه وقال أبو حنيفة يتعلق بالنظر إلى فرجها لقوله صلى الله عليه وآله لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها والخبر أنكره جماعة وليس بمعروف عند أرباب الحديث على أو انه
محمول على أنه كناية عن الوطي قالت الشافعية إذا قلنا يتعلق التحريم باللمس تعلق به عن ذلك ما يتعلق بالوطي من تحريم الربيبة والأخت من الماء مسألة لو أرادت
المراة بعد الدخول بها لم يجز نكاح أختها ولا أربع سواها إلى أن تنقضي العدة كالرجعية قاله الشافعي فلو قال
لها وقد ارتدت أنت طالق وكانت على واحدة فله في الحال نكاح
637

أختها لحصول البينونة بكل حال وكذا لو ارتدت وخالعها في الردة ولو كانت تحته صغيرة وكبيرة مدخول بها فارتدت الكبيرة وأرضعت أمها في عدتها الصغيرة وقف نكاح
الصغيرة فان أصرت الكبيرة إلى النقضاء العدة بقى نكاح الصغيرة بحاله فان رجعت إلى الاسلام بطل نكاح الصغيرة لأنها صارت أختا للكبيرة واجتمعت معها في النكاح وفي
بطلان نكاح الكبيرة قولان أحدهما انه لا يبطل بل هو كما لو نكح أختا على أخت لا يبطل نكاح الأولى وكذلك الحكم لو كانت المرضعة أخت الكبيرة لاجتماعها مع الخالة في النكاح
وعلى الزوج للصغيرة نصف المسمى وللكبيرة تمامه ويرجع الزوج على المرضعة بنصف مهر المثل الصغيرة على أظهر أقوال الشافعية وتمامه في الأخر وبجميع مهر مثل الكبيرة على أظهر
قوليهم إذا قلنا ببطلان نكاحهما الصنف الثاني الجمع بين العمة وبنت أخيها وبين الخالة وبنت الأخت مسألة يحرم على الرجل الجمع بين المرأة و
عمتها وكذا يجرم الجمع بينها وبين خالتها (لا مطلقا عندنا بل إذا ادخل بنت الأخ أو بنت الأخت على العمة والخالة بغير رضاء العمة والخالات صح) واما عند العامة بأسرهم الا لخوارج فإنه حرام مطلقا واما الخوارج فجوزوه مطلقا ويدل على التحريم ما رواه العامة عن أبي
هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يجمع بين المراة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الصباح الكناني في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا يحل للرجل
ان يجمع بين المراة وعنها ولا بين المراة وخالتها وعن السكوني عن الصادق (ع) عن الباقر (ع) ان عليا (ع) أوتي برجل تزوج امرأة على خالتها فجلده وفرق بينهما وفي الصحيح
عن أبي عبيده الحذا قال سمعت الصادق (ع) يقول لا تنكح المراة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من المرضعة ولان العلة في تحريم الجمع بين الأختين ايقاع العداوة
الثابتة بين الضراير وتقضى إلى البغض بين الأقارب وتستلزم قطيعة الرحم المحرمة وهذا المعنى موجود فيما ذكرنا إذا عرفت هذا فانا نشترط في التحريم عدم رضاء العمة والخالة
بنكاح بنت الأخ أو بنت الأخت فلو رضيتا بنكاح بنت الأخ أو الأخت لم يحرم الجمع عند علماؤنا كافة خلافا للعامة لقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلكم ولقوله تعالى فانكحوا
ما طاب لكم وما رواه الخاصة عن أهل البيت ثم روى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال لا تزوج ابنة الأخت على خالتها الا باذنها وتزوج الحال على ابنت الأخت
بغير اذنها وعن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن أرملة تزوجت على عمتها وخالتها قال لا بأس قال تزوج العمة والخالة على ابنة الأخ وبنت الأخت وا تزوج بنت الأخ
والأخت على العمة والخالة الا برضى منهما فمن فعل فنكاحه باطل ولان المقتضى للتحريم وهو البغض والاداء إلى قطيعة الرحم منفى هنا لان مع رضاهما ينتفى هذا المعنى فينتفى
الحكم المعلق عليه وهو التحريم ويبقى الدليل على الإباحة من القران والأحاديث سالما عن المعارض مسألة لو تزوج بالعمة والخالة على بنت الأخ وبنت الأخت
جاز العقد وان كرهت بنت الأخ إذا بنت الأخت عند علمائنا كافة خلافا للعامة كافة لما تقدم من الآيات والاخبار وأصالة الإباحة وما رواه محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال
تزوج العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت بغير اذنهما احتج العامة بما رواه أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تنكح المراة على عمتها ولا العمة على بنت أختها ولا المرأة على خالتها ولا
الخالة على بنت أختها أراد الكبر ولا الكبرى على الصغير ولا الصغرى على الكبير وأراد الكبر والصغير في الدرجة لا في السن فالصغرى بنت الأخ وبنت الأخت و
الكبرى العلمة والخالة ونحن نقول بموجبه فان نكاح بنت الأخت مع العمة والخالة منهى عنه الا مع رضاء العمة والخالة سوى تقدم عقد الكبرى والصغرى
مسألة قال الشيخان رحمهما الله تعالى لو تزوج بنت الأخ أو بنت الأخت على العمة والخالة كانت العمد والخالة مخيرة بين امضاء العقد وبين الاعتزال
فان أمضت كان ماضيا وان لم يكن لها بعد ذلك فسخ فان اعتزلت واعتدت ثلثه اقراء كان ذلك فراقا بينهما وبين الزوج ومغنيا عن الطلاق وقال ابن إدريس
ان عقد على بنت الأخ أو بنت الأخت وكانت عنده العمة أو الخالة كانت العمة أو الخالة مخيرة بين امضاء العقد وبين الاعتزال فان أمضت كان ماضيا على
ما روى أو رد ذلك شيخنا في نهايته والذي يقتضيه أصول مذهبنا انه يحتاج إلى عقدان إذا عقد من غير اذنها ثم رضيت ولا يكفى رضاها بل يحتاج إلى عقد مستأنف
لان ذلك العقد الأول منهى عنه والنهى بدل على فساد النهى عنه فإذا اعتزلت واعتدت كان ذلك فراقا بينها وبين الزوج مغنيا عن الطلاق ولا تستحق في هذه العدة نفقته
لأنها فسخ وله ان يتزوج بأختها في الحال ولا يجوز له ان يستبيح وطى بنت الأخ أو بنت الأخت الا بعقد مستأنف لأن العقد وقع فاسدا والوجه ان نقول إن كرهت العمة أو الخالة
ادخال بنت الأخ أو بنت الأخت عليها كان العقد على بنت الأخ أو بنت الأخت باطلا وان عقد ولم يستأذن العمة ولا الخالة ولا علم الكراهة منهما فان أذنتا في العقد صح ولزم
من غير استيناف عقد اخر وصح الجمع بينهما وان فسختا عقد بنت الأخ أو بنت الأخت بطل العقدان وليس للعمة ولا للخالة فسخ نكاح أنفسهما ولا الاعتزال لا لإعتداد لان
عقدهما كان صحيحا فلا يزول حكمه بالطلاق والفساد انما كان في العقد الثاني مسألة حكم الرضاع في ذلك حكم النسب لما رواه أبو عبيدة الحذافي الصحيح عن الصادق (ع)
قال سمعته يقول لا ينكح المراة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة ولقوله تعالى يحرم من الرضاع منا يحرم من النسب وهو اجماع الصنف الثالث
استيفاء العدد وهو نوعان الأول الزيادة على عدد النساء وفيه قسمان إما يتعلق بالأحرار مسألة أجمع علماء الأمصار في جميع الأزمان والأقطار
على أنه يجوز للحر المسلم ان يتزوج بالعقد الدايم أربع حراير ولا يجوز له الزيادة عليهن لما روى العامة عن غيلان بن سلمة الثقفي انه أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وآله أمسك
أربعا وفارق (سائرهن واسلم نوفل بن معوية فقال له النبي صلى الله عليه وآله أمسك أربعا وفارق صح) الأخرى ومن طريق الخاصة رواية زرارة بن أعين أو محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا يجمع ماؤه في خمس وفي الحسن عن جميل بن دراج عن الصادق (ع)
في رجل تزوج خمسا في عقد قال يخلى سبيل أيهن شاء ويمسك الأربع وحكى عن القسم بن إبراهيم انه أجاز العقد على تسع واليه ذهبت القاسمية من الريدية قال الشيخ رحمه الله
هذه حكاية الفقهاء عنهم ولم أجد أحد من الزيدية يعترف بذلك بل انكروها أصلا واستدلوا بقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع والواو للجمع ولان
النبي صلى الله عليه وآله مات عن تسع والوا وليست للجمع بل للتخيير كما في قوله تعالى أولي احتجه مثنى وثلاث ورباع ولم يرد به الجمع إذ لو كان المراد الجمع لقال تسعة ولم يكن للتطويل معنى قال الشيخ (ره)
لو كان المراد الجمع لجاز الجمع بين ثماني عشره لان معنى قوله مثنى اثنين اثنين اثنين وكذا قوله ثلث معناه ثلثا ثلثا وقله رباع معنا أربعا أربعا كما في قوله جاء الناس مثنى وموحدا
أي اثنين اثنين وواحد أو أحدا وهو باطل اجماعا والنبي صلى الله عليه وآله كان مخصوصا بذلك فإنه جمع بين أربع عشرة امرأة فثبت ما قلناه مسألة لو تزوج الحر أكثر من أربع بالعقد
الدايم بطل العقد عليهم إن كان بلفظ واحدا ووقع العقد عليهن دفعة بتزويج وكلائه وبه قال العامة لأنه منهى عنه والنهى هنا يدل على الفاسد إذا لم يقل أحد بصحة هذا
النكاح وقال بعض علمائنا إذا اطلق إحدى الأربع وبقى عنده ثلث وعقد على اثنين دفعة تخير في نكاح أيتهما شاء ويخلى سبيل الأخرى لرواية جميل بن دراج الحسنة عن الصادق (ع)
في رجل تزوج خمسا في عقده قال يخلى سبيل أيتهن شاء ويمسك الأربع ولا دلالة فيها لان التخلية والامساك قد يكون بتجديد عقد جديد لمن شاء منها إذا عرفت هذا
فلو تزوجتهن على التعاقب صح نكاح الأربع الأول وبطل عقد ما زاد عليهن وان نكح خمسا في عقد وفيهن اختان بطل العقد في الأختين ان قلنا يبطل ببطلانه لو تزوجها
في عقد واحد وان يتخير فكذا هنا يتخير فان اختارهما لو يصح اختياره وهل يبطل عقد الثلث أو واحدة أو لا يبطل شئ منهن ويتجدد الاختيار اشكال وان قلنا بفساد عقده
638

على الأختين لو وقع دفعة فكذا هنا يبطل العقد على الأختين ويصح العقد على الثلث وللشافعي في صحة العقد على الثلث البواقي قولا تفريعا للصفقة ولو نكح سبعا فيهن
اختان (بطل نكاح الكل ان لم نقل الا؟ فيما زاد على الأربع وف؟؟ قلنا بالتخيير فكذا؟؟؟ فان اختاره صح) واحدة من الأختين تخير من البواقي تمام الأربع وان قلنا بالبطلان بطل نكاح السبع ولو نكح أربعا أختين وأختين فان قلنا بالبطلان بطل نكاح الأربع والا تخير واحدة
من إحدى الأختين وواحدة من الأخيرتين ولو كان في نكاحه أربع حراير فطلقهن باينا فله ان ينكح أربعا بدلهن وان كن في العدة ولو ابان واحدة فله نكاح أخرى وإن كانت المبانة
في عدته وكذا لو وطى امرأة بالشبهة له ان ينكح في عدتها أربعا وبه قال الشافعي لانقطاع العصمة باطلاق الباين وصيرورتها كالأجنبية إذ ليس له الرجوع الا بعقد جديد
لقول الصادق (ع) في رجل طلق امرأته أو اختلعت أو بارأت له ان يتزوج بأختها قال إذا برى عصمتها فلم يكن له عليها رجعة فله ان يخطب أختها والنص في الأختين يستلزمه
في الزايد على الأربع لعدم الفارق بينهما وعلى هذا تحمل رواية زرارة عن الصادق (ع) الصحيحة قال إذا جمع الرجل أربعا فطلق أحديهم فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المراة
التي طلق وقال لا يجمع ماءه في خمس فان الطلاق الباين لا يوجب جمع الماء في الخمس في العدة وانما يكون ذلك إذا كان الطلاق رجعيا وقال أبو حنيفة واحمد إذا وطى امرأة بالشبهة
لم يكن له ان ينكح في عدتها أربعا وكذا في الطلاق وليس بمعتمد ولا خلاف انه إذا كان الطلاق رجعيا لم يجز ذلك في العدة مسألة لو كان مع الحر ثلاث حراير فتزوج
اثنتين على العاقب صح نكاح الأولى لأنها تكمله الأربع وبطل نكاح الثانية لأنها زائدة على الأربع بلا خلاف فان دخل بالألوى لزمه المهر وان مات اعتدت عدة الوفاة وان
دخل بالثانية كان عقده باطلا وعليه المهر مع جهلها وعليها العدة لما رواه عنيشة بن مصعب عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل كانت له ثلث نسوة فتزوج عليها امرأتين
في عقد واحد فدخل بواحدة منهما ثم مات فقال إن كان دخل بالمراة التي بدا باسمها وذكرها عند عقدة النكاح فان نكاحها جاز ولها الميراث وعليها العدة وإن كان دخل
بالمراة التي سميت وذكرت بعد ذكر المراة الأولى فان نكاحها باطل ولا مراث لها وعليها العدة مسألة يجوز للرجل الحران يتمتع بأكثر من أربع حراير وهو قول كل من أباح
المتعة للأصل ولأنها بمنزلة المستأجر ولما رواه زرارة بن أعين في الصحيح قال قلت ما يحل من المتعة قال كم شئت وسال أبو بصير الصادق (ع) عن المتعة أهي من الأربع فقال لا
ولا من السبعين وعن زرارة عن الصادق (ع) قال ذكر له أهي من الأربع قال تزوج منهن ألفا فإنهن مستأجرات وعن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في المتعة قال ليست من
الأربع لأنها لا تطلق ولا ترث ولا تورث وانما هي مستأجرة وقال عدتها خمس وأربعون ليلة إذا عرفت هذا فإنه يكره الزيادة فيهن على الأربع حملا على الدايم ولرواية
عمار الساباطي عن الصادق (ع) في المتعة قال هي إحدى الأربع وهي محمولة على الكراهة دون التحريم لما رواه أحمد بن أبي نصر عن الرضا (ع) في الصحيح قال قال أبو جعفر (ع) اجعلوهن
من الأربع فقال له صفوان بن يحيى على الاحتياط قال نعم مسألة ولا خلاف بين علماء الأمصار في أنه يجوز للرجل ان ينكح من الإماء بملك اليمين ما شاء من
غير حصر لعموم قوله تعالى أو ما ملكت ايمانكم وهو عام وللأصل وللاجماع واما بالعقد الدايم فلا يجوز له الزيادة على اثنتين على ما يأتي ويجوز في المتعة ما شاء من غير حصر كالحراير
مسألة ان من حكمة الله تعالى حفظ الأنساب لأجل تربيت الأولاد وقيام النظام في النوع الانساني بتحريم ما اقتضى تحريمه وإباحة ما اقتضى الشرع اباحته ومن
الأصول الممهدة في ذلك تحريم زوجين على امرأة واحدة فلو عقدت على اثنين دفعة كان العقد فاسدا إذا الجمع بين الزوجين في النكاح يؤدى إلى اختلاط المياه واشتباه لانسان
فينفي كل واحد نسب الولد عن نفسه فيضيع ولهذا لم يكن الجمع بين زوجين مشروعا في دين من الأديان فلو تزوج إحدى اثنتين إحديهما معتدة الغير أو منكوحته صح نكاح
الفارغة لأنه لم يتحقق الجمع بين الزوجين وعليه جميع ماسمتا لها عند أبي حنيفة لأنها ما رضيت الا بهذا القدر فإذا ألفا ذكرا أحدهما وصح ذكر لاخر لا ينقص عما رضيت
وعند أبي يوسف ومحمد يجب نصف ما سميا كما لو تزوج امرأتي بألف وإحديهما لا تحل له صح نكاح من تحل له بجميع الألف عنده وعنهما بنصفهما مسألة ضبط بعض
الفقهاء تحريم الجمع فقال يحرم الجمع بين كل امرأتين بينهما قرابة أو رضاع لو كانت إحديهما ذكر لحرمت المناكحة بينهما وقيل عبارة أخرى وهي انه يحرم الجمع بين كل امرأتين بينهما
وصلة قرائة أو رضاع يقتضى المحرمية وقيل يحرم الجمع بين كل امرأتين بينهما وصلة قرابة أو رضاع لو كانت تلك الوصلة بينك وبين امرأة لحرمت عليك وقصد وابقية القرابة
والرضاع الاحتراز عن الجمع بين المرأة وام زوجها وبين المراة وزوجه أبيها وعن الجمع بين المراة وبنت زوجها أو بين المراة وزوجة ابنها فان هذا الجمع غير محرم وإن كان يحرم
النكاح بينها لو كانت احديها ذكرا لأنا لو قدرنا أم الزوج ذكرا حرمت عليه زوجة الابن ولو قدرنا بنت الزوج ذكرا حرمت عليه زوجة الأب لكن ليس بينهما قرابة ولارضاع و
انما ذلك التحريم بسبب المصاهرة وقد يستغنى عن قيد القرابة والرضاع بان يقال يحرم الجمع بين كل امرأتين أيتهما قدرت ذكرا حرمت عليه الأخرى فتخرج الصورتان المذكورتان
لان أيتهما قدرت ذكرا لا تحرم عليه الأخرى لان أم الزوج وإن كانت تحرم عليها زوجة الابن لو قدرت ذكرا لكن زوجة الابن لو قدرت ذكرا لا تحرم عليه الأخرى بل يكون أجنبية
عنه ويجوز الجمع بين بنت الرجل وربيبة وبين المراة وربيبة زوجها من امرأة أخرى وبين أخت الرجل من أبيه وأخته من امه لأنه لا تحرم المناكحة بتقدير ذكورية أحدهما مسألة
يجوز الجمع بين امرأة كانت زوجة لرجل وبين بنته من غيرهما مثل ان يكون لرجل زوجة فيطلقها أو يموت عنها وله بنت من غيرها فيتزوج رجل بالمراة وبنت زوجها
لانتفاء القرابة المحرمة الموجبة لتحريم الجمع وبه قال الشافعي وحكى ابن أبي ليلى أنه قال لا يجوز الجمع بينهما لان إحديهما لو قبلت ذكرا لم يحل له نكاح الأخرى فيحرم الجمع بينهما كالأختين
ويبطل بقوله تعالى وأحل لكم ما وراء ذلك ولان الجمع حرم خوفا من قطع الرحم بين المتناسبين وليس بين هؤلاء قرابة يخشى قطعها وما ذكره انما يعتبر به التحريم لو كان كل واحد
منهما لو قلبت ذكرا لم تحل له الأخرى وهنا لو قبلت المراة رجلا حل له نكاح بنت زوجها زوجها ويجوز ان يجمع بين امرأة كانت لرجل وبنت امرأة له أخرى لأنه ليس بينهما قرابة
توجب تحريم الجمع بينهما فروع / ا / لو كان لرجل ابن فتزوج امرأة لها بنت أو كان له بنت وللمرأة ابن جاز له ان يزوج ابنه من بنتها أو بنته من ابنها فلو ولدت له ولدا
ذكرا كان اخوه متزوجا بأخته لأمه وانما جاز ذلك لأنه ليس بين ابنه وبين بنتها نسب ولا سبب يقتضى التحريم وكونه أخا لأختها لم يرد الشرع بأنه يثبت التحريم فكان ذلك على
الإباحة بمطلق الإباحة / ب / لو تزوج بامرأة وتزوج ابنه بأمها جاز لان أمها محرمة على أبيه وليس بينها وبين الابن ما يقتضى التحريم وإذا ولدا لكل واحد منهما ابن كان
الأب عم ولدا لابن خاله وان الأب تزوج بالام والابن بالبنت ثم ولد لكل منهما ابن كان ولد الأب عم ولد الابن وخاله وولد الابن ابن أخيه وأخته الثالث
لو تزوج رجل بامرأة وتزوج ابنه بنتها فرقت امرأة كل منهما إلى الأخر فوطئها فان وطئ الأول تعلق به وجوب مهر المثل لأنه وطى شبهة وينفسخ به نكاحها من زوجها
لأنها صارت بالوطي بمنزله حليلة ابنه أو أبيه ويجب لزوجها عليه مهر مثلها في أحد قولي الشافعي وفي اخر نصف مهر المثل ولا يجب للموطوءة على زوجها شئ
يسقط عنه مهرها لان الفسخ جاء من قبلها دونه وهو مطاوعتها على الوطي وينفسخ نكاح زوجة الواطي لأنها أم من وطئها أو ابنتها ويجب لها نصف المسمى
واما وطى الثاني فيتعلق به وجوب مهر المثل لها خاصة فان أشكل الأولى منهما فيجب للموطوءة مهر المثل وينفسخ النكاحات ولا يثبت لرجوع لأحدهما على
الأخرى ويجب لزوجة كل واحد منهما على زوجها نصف المسمى ولا يسقط بالشك مسألة قد بينا انه لا يجوز للرجل الحر ان يعقد على أكثر من
639

أربع حراير بالعقد الدايم ويجوز ان يجمع بين أربع حراير بالدايم ومهما شاء من النكاح المنقطع وملك اليمين فان عقد الرجل على امرأة حرة في عقد وعلى اثنتين حرتين في
عقد وعلى ثلاث حراير في عقد ولم يعلم السابق من العقود الثلاثة فان أبطلنا عقد ما زاد على أربع في الجمع صح النكاح الواحدة قطعا لأنها ان سبقت فظاهر وان توسطت
كانت إما ثالثه أو رابعة وان تأخرت عنها فأسبق عقد الثلاث بطل عقد الاثنتين لزيادتهما على الأربع فصح عقد الثالثة لأنها رابعة وان سبق عقد الاثنتين بطل
عقد الثلاث فصح عقد الواحدة لأنها يكون ثالثة فعلى كل تقدير يصح نكاح الواحدة واما البواقي فقال ابن الحداد الشافعية لا يثبت نكاحهن لان كل واحدة من عقدتي الاثنتين
والثلاث يحتمل ان يكون بعد العقدة الأخرى فتبطل فإذا وقع الشك والأصل العدم وقال بعض الشافعية هذا غلط من ابن الحداد بل يصح مع نكاح الواحدة إحدى العقدتين
إما الاثنتين أو الثلاث لأنه ان سبق نكاح الاثنتين على الثلث صح سواء كان قبل الواحدة أو بعدها وان سبق نكاح الثلث فكذلك لكن لا نعرف ان الصحيح هذا أم ذاك
فتوقف الامر ونسأل الزوج فان ادعى سبق نكاح الاثنتين وصدقناه صح نكاحها مع الواحدة وان ادعى سبق نكاح الثلث وصدقته فكذلك وان قال الزوج لا أدرى أو لم
يبين فلهن طلب الفسخ فان رضين بالصبر لم ينفسخ وعلى الزوج نفقه جميعهن في مدة التوقف والوجه عندي استعمال القرعة ولو مات قبل البيان اعتدت من لم يدخل
بها عدة الوفاة ومن دخل بها اقصى الأجلين من عدة الوفاة أو الأقراء لاحتمال ان يكون منكوحة توفى عنها زوجها وموطوءة بالشبهة لتحصيل اليقين ويدفع إلى الواحدة
ربع ميراث النسوة من الربع أو الثمن لان غاية الممكن صحة نكاح الثلث فلا يستحق الا الربع الذي أخذت ويحتمل ان يكون الصحيح نكاح الاثنتين فتستحق الثلث من نصيب
النسوة فيوقفوا الزايد على الربع وهو نصف سدس بنى الواحدة والثلاث لا شئ للاثنتين والثلث لا حق للواحدة فيه فان أردت الصلح فالصلح يثبت في نصف السدس
بين الواحدة والثلث ولا حاجة إلى رضي الاثنتين وفي الثلثين بين الاثنتين والثلث لا حاجة إلى رضي الواحدة فيه وقال أبو حنيفة ميراث النساء بينهن على أربعة وعشرين
سهما سبعة للتي تزوجها وحدها والباقي نصفه للاثنتين ونفه للثلاث لان الفريقين في الاستحقاق على السواء لأنه يستحق في حال ولا يستحق في حال فصار كما لو لم
يكن معهن واحدة ثم يخرج أصل المسألة على أربعة وعشرين لان نكاح الواحدة صحيح على كل حال تقدم أو توسط أو تأخر ونكاح أحد الفريقين لا يجوز وهو المتأخر فان صح
مع الاثنتين فلها الثلث من الميراث وان صح مع الثلاث فلها الربع فيحتاج إلى حساب له ثلث وربع أقله اثنا عشر لها الثلث في حال وهو أربعة والربع في حال وهو ثلثه
فالثلث ثابت بيقين والربع يجب في حال ولا يجب في حال فينتصف ويحتاج إلى ضرب فيصير أربعة وعشرين لها الثلث في حال ثمانية والربع في حال ستة فستة ثابته بيقين
وسهمان يثبتان في حال ويسقطان في حال ويثبت أحدهما ويضم إلى ستة فيصير سبعة والباقي على ما ذكرنا وقال أبو يوسف ومحمد ثمانية أسهم من الباقي وهو سبعة عشر
للاثنتين وتسعة أسهم للثالث على اختلاف تخرجها إما أبو يوسف فإنه يعتبر المنازعة فيقول منازعه للاثنتين في السهم السابع عشر لأنهما لا يدعيان الا ثلثي الميراث
والسهم السابع عشر سهم الثلاث لأنهن يدعيان ذلك باعتبار ثلثه أرباع الميراث بقى ستة عشر سهما استوت منازعة الفريقين في ذلك فيكون بينهما نصفين واما
محمد فيعتبر الأحوال فيقول ان صح نكاح الاثنتين فلها ثلثا الميراث ستة عشر وان لم يصح فلا شئ فلهما نصف ذلك وهو ثمانية والثلث ان صح نكاحهن فلهن ثلثه
أرباع الميراث وهي ثمانية عشر سهما سهما لان الواحدة ترث معهن وان لم يصح فلا شئ لهن فيكون لهن نصف ذلك وهو تسعة فاتفق الجواب واختلف التخريج هذا حكم الميراث
واما المهر فقالت الشافعية للمفردة مسماها لان نكاحها ثابت واما البواقي فان دخل بهن جميعا قابلنا المسمى لاحد الفريقين ومهر المثل للاخر فالمسمى للفرقة الأخرى و
مهر المثل للأولى واخذنا أكثر العددين من التكره ودفعنا كل واحدة منهن الأقل من المسمى ومهر المثل ووقفنا الباقي كما نقول سمى لكل واحدة مائة ومهر مثل كل
واحدة خمسون فالمسمى للثلث ومهر مثل الاثنتين أربعمائة وهي أكثر من المسمى للاثنتين ومهر المثل فنأخذ أربع مائة وندفع منها إلى كل واحدة خمسين ويقف الباقي
وهو مائة وخمسون منها مائة بين الخمس وخمسون بين الثلث والورثة فان ظهر صحة نكاح الاثنتين فالمائة لهما والخمسون للورثة وان ظهر صحة نكاح الثلاث فلهن المائة
والخمسون فإن لم يدخل بواحدة منهن فنأخذ من التركة أكثر المسميين ولا ندفع في الحال شيئا إلى واحدة منهن والأكثر في المال المذكور ما سمى للثلث فنأخذه ونقف منه مأتين
الثلاث والاثنتين ومائة بين الثلث والورثة وان دخل بإحدى الفريقين أخذنا بالأكثر من مسمى المدخول بهن وحده ومن مهر مثلهن مع مسمى اللواتي لم يدخل بهن و
يدفع إلى اللواتي دخل بهن الأقل من المسمى ومهر المثل ففي المثال المذكور ان دخل بالاثنتين فمهر مثلهما مع مسمى الثلث أربعمائة وذلك أكثر من مسمى الاثنتين فنأخذ أربعمائة
وندفع منها إلى كل واحدة من الاثنتين خمسين وتقف مائة بينهما وبين الثلث ومأتين بين الثلث وبين الورثة فان
ظهر صحة نكاح الاثنتين دفعنا إليهما المائة و
البواقي للورثة وان ظهر صحة نكاح الثلاث دفعناها مع المأتين إليهن وان دخل بالثلاث فمهر مثلهن مع المسمى للاثنتين ثلاثمأة وخمسون وذلك من المسمى للثلاث
فنأخذ ثلاثمائة وخمسين وندفع منها إلى كل واحدة من الثلاث خمسين وتقف الباقي وهو مائتان منها مائة وخمسون بين الاثنتين والثلاث والباقي بين
الاثنتين والورثة ان ظهر صحت نكاح الثلث دفعنا إليهم مائة وخمسين والباقي للورثة وان ظهره صحت نكاح الاثنتين دفعنا إليهما المائتين وإن كانت المسألة بحالها
ونكح أربعا أخرى في عقدة الرابعة وجهلنا الترتيب لم يحكم بحصة نكاح الواحدة لجواز وقوعه بعد الأربع فان مات قبل البيان وقفنا الربع أو الثمن ولم ندفع شيئا منه إلى
واحدة منهن واما المهر فان دخل بهن جميعا أخذنا لكل واحدة منهن الأكثر من مسماها ومهر مثلها ودفعتنا إليها الأقل منهما ووقفنا الباقي بينهما وبين الورثة فإن لم يدخل بواحدة
منهن فيحتمل ان يكون الصحيح نكاح الأربع ويحتلم ان يكون كاح الواحدة مع الثلاث أو مع الاثنتي فتنظر إلى مهر الأربع وحده والى مهر الواحدة مع ثلاث مع الاثنتين فيؤخذ
أكثر المقادير الثلاثة ويوقف وان دخل ببعض دون البعض فيؤخذ لمن دخل بها أكثر من مهرها ويدفع إليها أقلهما ويوقف الباقي بينها وبين الورثة ولمن لم يدخل بها مهرها
المسمى ويوقف بينهما وبين الورثة مسألة يجوز للرجل الحران يطأ بملك اليمين ما شاء من غير حصر ولا شرط اجماعا واما بالعقد الدايم فللشيخ (ره) قولان في أنه يجوز
للحر ان يعقد عقد الدايم على الأمة لا قال في النهاية انه مكروه مع وجود الطول وهو القدرة على المهر وليس محرما فان عقد على الأمة معذ تمكنه من العقد على الحرة كان
العقد ماضيا وبه قال أبو حنيفة بشرط ان لا يكون عنده حرة فإن كان عنده حرة لم يجز له العقد على الأمة وان لم يكن تحته حرة جاز له العقد على الأمة سواء وجد الطول
وخاف العنت أولا لعموم قوله تعالى ولا مسة مؤمنة خير من مشتركة ولما رواه أبى بكير عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع) لا ينبغي ان يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم انما كان ذلك
حيث قال الله تعالى ومن لم يستطع منكم طولا والطول المهر ومهر الحرة اليوم مثل مهر الأمة وأقل ولفظة لا ينبغي تستعمل للكراهة دون التحريم وباقي الحديث يدل على الجواز أيضا و
للأصل ولعموم قوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ولان القدرة على النكاح لا تمنع نكاح اخر بل وجود النكاح كنكاح الأخت والخامسة هذه حجة أبي حنيفة وقال
الثوري إذا خاف العنت جاز له العقد على الأمة وإن كان واحدا للطول وقال الشيخ رحمه الله في الخلاف لا يجوز للحر المسلم تزويج الأمة الا بثلث شرائط أن تكون مسألة
640

ولا يجد طولا ويخاف العنت وبه قال ابن عباس وجابر والحسن وعطا وطاوس وعمر وابن دينار والزهري وفي الفقها مالك والأوزاعي والشافعي واحمد لقوله تعالى ومن لم يستطع
منكم طولا ان ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات وفيه دليلان أحدهما أنه قال ومن لم يستطع منكم طولا يعنى سعة وفضلا وهكذا قال ابن عباس
والمحصنات أراد به المؤمنات الحراير ثم اعترض فقال فان قالوا معنى قوله فمن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات أراد به الوطي منها وكانه قال من لم يقدر على وطى حرة وطى أمة
بملك اليمين وهكذا نقول وأجاب بان هذا فاسد من ثلثه وجوه أحدها ليس من شرط جواز وطى ملك اليمين عدم القدرة على وطي الحرة والثاني لا يجوز حمل على وطى ملك
اليمين لأنه قال فانكحوهن بإذن أهلهن والثالث أنه قال في سياق الأمة ذلك لمن خشى العنت منكم وليس من شرط جواز وطى ملك يمينه خوف العنت على نفسه روى جابر أنه قال
من وجد صداق حرة فلا ينكح أمة وعن ابن عباس مثله ولا مخالف لهما هذا اخر ما ذكره الشيخ وقد روى في التهذيب حديثين ضعيفين إحديهما عن أبي بصير عن الصادق (ع)
في الحر يتزوج الأمة قال لا باس إذا اضطر إليها والثاني عن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال سألته عن الرجل يتزوج المملوكة قال إذا اضطر إليها فلا باس وهو يعطى ثبوت الباس مع انتفاء
الضرورة لكن في طريقهما ضعف فالأقوى ما ذكره في النهاية والآية محمولة على الكراهة كما قال في البيان إذا عرفت هذا فقد شرط الشافعي في جواز نكاح الأمة المسلمة شرطين عدم
الطول وهو وجود مهر الحرة وخوف العنت وهو خوف الزنا وشرط بعض الشافعية ثالثا ان يكون لا يكون تحته حرة وضعفه الباقون لأنه إذا كانت تحته حرة امن من العنت الا ان يكون
صغيرة لا يوطأ مثلها فلا يمنع إذا من نكاح الأمة مسألة إذا وجد من يقرضه مهر حرة جاز له نكاح الأمة إما عندنا فظاهر واما عند الشافعي فلان عليه ضرر في تعلق الدين
بذمته وكذا إذا رضيت الحرة بتأخير صداقها أو بتفويض بضعها لان لها ان تطالبه بعوض صداقها فيجب في ذمته وكذا إذا بذل له الصداق باذل تبرعا عنه أو يقرضه إياه لم يلزمه لتحمل
المنة في الهبة ووجوب الدين عليه في القرص فإذا كانت تحته حرة صغيرة لا يمكنه وطؤها وهو يخاف العنت جاز له ان يتزوج أمة وكذا إذا كانت الحرة كبيرة غايبة لا يصل إليها وكذا إذا كان
واجد المهر حرة الا انه لا يزوج لقصور نسبه جاز له ان يتزوج أمة فاما إذا وجد مهر كتابية أوما يشترى به أمة فللشافعية قولان أحدهما يجوز نكاح الأمة لان الله تعالى شرط في جوار
نكاح الأمة ان لا يستطيع نكاح المحصنات المؤمنات والشرط موجود والثاني انه لا يجوز وهو الصحيح عندهم لان الله تعالى شرط خوف العنت والواجد لهذين لا يخاف العنت وإذا لم
يزوجه أهل البلد الا بأكثر من مهر المثل كان له ان ينكح أمة لان وجودها بأكثر من مهرها بمنزلة عدمها مسألة إذا وجوزنا للحر نكاح الأمة إما مطلقا كما اخترناه نحن أو مع وجود
الشرطين كما اختاره الشيخ والشافعي وغيرهما ممن تقدم فإنه يجوز له ان ينكح أكثر من واحدة فإذا كان معه أمة منكوحة جاز له ان يتزوج بأمة أخرى وبه أقل أبو حنيفة ومالك
للأصل ولقوله تعالى أوما ملكت ايمانهم وقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم ولان كل امرأة جاز له ان يتزوجها كان له ان يستوفى العدد من جنسها كالحرة وقال الشافعي إذا تزوج
الحرامة يمكنه وطئها لم يجز له ان يتزوج بأخرى وبه قال احمد لقوله تعالى ذلك لمن خشى العنت منكم وإذا كان تحته أمة فلا يخشى العنت ويفارق الأحرار لان خوف العنت ليس بشرط
في نكاحهن وقد بينا ان الآية تدل على الكراهة دون التحريم إذا ثبت هذا فلو تزوج بأمتين دفعة واحدة صح عندنا وعند أبي حنيفة وما لك وقال الشافعي نكاحهما باطل لأنه
لا يجوز ان يعقد على أكثر من أمة واحدة عنده وليس إحديهما بأولى من الأخرى كما إذا جمع بين أختين فان تزوج واحدة بعد واحده صح عندنا وبطل الثاني عند الشافعي
مسالة يجوز للحر ان يتزوج بأمتين ويحرم عليه ان يتزوج بأمة ثالثة وله ان يتزوج بحرتين وأمتين وليس له ان يتزوج بحرة وثلث إماء وقد خالفنا في ذلك الشافعي
لان الشافعي يحرم عليه ما زاد على أمة واحدة بل له ان يتزوج أمة واحدة وثلث حراير وليس له ان يتزوج بأمتين وان لم يكن معه حرة وقال أبو حنيفة إذا لم يكن تحته حرة جاز له
ان ينكح من الإماء لا ما ينكح من الحراير وله ان يتزوج أربع إماء بعقد واحدا وعقود متعددة كيف شاء لنا على تحريم ما زاد على الأمتين الآية خرج منهم الأمتان فيبقى الباقي
على الأصل مسألة لا يجوز للرجل الحرام يجمع بين حرة وأمة في الدايم الا بإذن الحرة فان أذنت جاز النكاحان معا عند علمائنا أجمع خلافا للعامة للأصل ولقوله تعالى
فانكحوا ما طب لكم ولما رواه سماعة عن الصادق (ع) في رجل تزوج أمة فقال إن شاءت الحرة ان تقيم مع الأمة قامت وان شاءت ذهبت إلى أهلها الحديث وفي الصحيح عن
يحيى الأزرق عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل كانت له امرأة وليدة فتزوج حرة ولم يدخل يعلمها بان له امرأة وليدة فقال إن شاءت الحرة أقامت وان شاءت لم تقم قلت
قد أخذت المهر فتذهب به قال نعم بما استحل من فرجها مسألة إذا جمع الحربين الأمة والحرة فاما ان يقرن العقدان مثل ان يكون له بنت وأمة فتزوجها من رجل أو تزوج
بنت غيره بوكالته وأمة نفسه فإن كانت الحرة عالمة بالجمع راضية به فيصح العقدان عند علمائنا خلافا للعامة وان علمت ولم ترض بنكاح الأمة فسد نكاح الأمة وان لم تعلم
ثم علمت فان رضيت صح العقدان والافسد نكاح الأمة وقال الشافعي يفسد نكاح الأمة مطلقا لأنه واحد لطول الحرة وهل يفسد نكاح الحرة له قولان بناء على تفريق
الصفقة في البيع كما لو باع حرا وعبدا فان العقد في الحر باطل وهل يبطل في العبد قولان فان قلنا يبطل في العبد فاختلف الشافعية في تعليله فمنهم من يقول فسد فيه العقد
لجهالة ثمنه ومنهم من يقول فسد لان اللفظة الواحدة جمعت حلالا وحرا ما فإذا قلنا الا يفسد العقد في العبد أو قلنا يفسد لجهالة العوض لم يفسد نكاح الحرة لان جهالة
الصداق لا تفسد النكاح وإذا قلنا يفسد لان اللفظة جمعت حلالا وحراما فسد في الحرة وإذا قلنا إن النكاح فاسد فلا كلام وإذا قلنا يصح في الحرة ففي مهرها قولان أحدهما
يجب لها مهر المثل يجب لها مهر المثل من المسمى واصل هذين إذا تزوج امرأتين يجوز له نكاحهما وسمى لهما صداقا واحدا أهل يصح تسمية الصداق قولا وكذا إذا اشترى عبدين
من رجلين لكل واحد منهما أحدهما بثمن واحد هل يصح البيع قولان أحدهما يصح وهو الذي يذهب علماؤنا إليه لان جمله الثمن معلومة كما لو كان العبد ان لواحد والثاني
لا يصح لأن العقد مع الاثنين بمنزلة العقدين فيكون عوض كل واحد من العقدين مجهولا فإذا قلنا تفسد التسمية وجب لكل واحدة مهر المثل وإذا قلنا يصح قسطنا
المسمى على مهر مثلها فأخص الأمة سقط وما خص الحرة ثبت وهو المعتمد عندنا والمزني وافقنا على صح ء نكاح الحرة لان النكاح يقوم بنفسه ولا يفسد بغير فهو
في معنى من تزوجها وقسطا معها من خمر بدينار فالنكاح وحده ثابت والقسط من الخمر والمهر فاسدان وأبطل بان اللفظة لم تجمع الحلال والحرام وانما تقديره زوجتك
بنتي وهتك الخمر وعلى ما اخترناه من صحة العقدين لو رضيت الحرة بالجمع أولم ترض الحرة بنكاح الأمة فان نكاح الأمة يفسد قطعا ويصح نكاح الحرة ولو لم يرض
بنكاح نفسها قهل يبطل نكاحها اشكال وإذا بطل ففي صحة نكاح الأمة اشكال ولو قرن بين عقد حرة وأمتين فالحكم كما تقدم في الأمة الواحدة وعند الشافعي يبطل العقد
على الأمتين قطعا وفي بطلان الحرة قولا وعند أبي حنيفة يبطل العقد على الأمتين لأنه شرط في نكاح الأمة ان لا يكون عنده حرة مسألة لو عقد على الأمة
والحرة على التعاقب فان سبق عقد الحرة وتزوج الأمة عليها فإن كان بإذن الحرة صح العقد عند علمائنا خلافا للعامة وقد تقدم وليس للحرة بعد رضاها الفسخ لعقد
الأمة وان لم ترض الحرة بعقد الأمة بطل عقد الأمة بلا خلاف لما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال تزوج الحرة على الأمة ولا تزوج الأمة على الحرة ومن تزوج أمة على
حرة فنكاحه باطل إذا عرفت هذا فان دخل بالأمة قبل اذن الحرة أدب يضرب اثنى عشر سوطا بنصف ثمن حد الزاني لما رواه حذيفة بن منصور عن الصادق (ع)
641

قال سألته عن رجل تزوج أمة على حرة لم يستأذنها قال يفرق بينهما قلت عليه أدب قال نعم اثنى عشر سوطا ونصف ثمن حد الزاني وهو صاغر وهل للحرة ان يفسخ عقد
نفسها وتعتزل الزوج قال الشيخ رحمه الله نعم ويكون ذلك فراقا بينها وبين الزوج إذا اعتزلت ثلثه اقراء وقال الشيخ أيضا في التبيان من شرط صحة العقد على الأمة عند أكثر
الفقهاء ان لا يكون عند حرة وهكذا عندنا الا ان ترضى الحرة بان يتزوج عليها أمة فإذا أذنت كانت العقد صحيحا عندنا ومتى عقد عليها بغير اذن الحرة كان العقد على الأمد
باطلا وروى أصحابنا ان الحرة يكون بالخيار بين ان يفسخ عقد الأمة أو يفسخ عقد نفسا قال والأول أظهر لأنه إذا كان العقد باطلا لا يحتاج إلى فسخه ويدل على البطلان ما
رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) ومن تزوج أمة على حرة فنكاحه باطل ويدل على جواز فسخ الحرة عقد نفسها رواية سماعة في الموثق عن الصادق (ع) في رجل تزوج أمة فقال إن
شاءت الحرة ان تقيم مع الحر أقامت وان شاءت ذهبت إلى أهلها قالت قلت له فإن لم ترض بذلك وذهبت إلى أهلها اله عليها سبيل إذا لم ترض بالمقام قال لا سبيل له عليها
إذا لم ترض حين تعلم قلت فذهابها إلى أهلها طلاقها قال نعم إذا خرجت من منزله اعتدت ثلثه أشهر أو ثلثه اقراء ثم تزوجت ان شاءت إذا عرفت هذا فقال ابن إدريس إذا أبت
الحرة اعتزلت وصبرت إلى انقضاء عدتها كان ذلك فراق بينها وبين الزوج ولا تحل له الأمة بالعقد الأول فلا بدلها من عقد ثان لان الأول وقع باطلا لأنه قبل الرضي
والاذن وذلك منهى عنه والنهى يدل على الفاسد قال إذا كان عقد الحرة سابقا فالعقد على الأمة باطل وإن كان عقد الأمة سابقا على عقد الحرة فإن كانت الحرة عالمة
لم يكن لها اختيار في فسخ عقدها ولا فسخ عقد الأمة لان دخولها على الأمة مع علمها دليل على الرضا به وان لم يكن عالمة ولم ترض بعد العلم كان لها فسخ عقد نفسها وليس لها
فسخ عقد الأمة لأنه وقع مشروعا فلا سبيل إلى بطلانه لرواية يحيى الأزرق الصحيحة عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل كانت له امرأة وليدة فتزوج حرة ولم يعلمها بان له امرة وليدة
فقال إن شاءت الحرة أقامت وان لم تشاء لم تقم الحديث وقال العامة لا يبطل عقد واحدة منهما الا أحمد بن حنبل فإنه قال متى تزوج حرة على أمة بطل نكاح الأمة وليس
بجيد لما تقدم ولما رواه العامة عن علي (ع) وابن عباس انهما قالا إذا تزوج بأمة ثم تزوج بحرة بعد ذلك فلا يبطل نكاح الأمة ولا مخالف لهما واستدل الشيخ على جواز فسخ نكاح
الحرة واختارت الحرة باجماع الفرقة واخبارهم وقد تقدم فروع / ا / إذا تزوج الحر بأمة لوجود الشرطين عدم الطول وخوف العنت ثم زال الشرطان أو أحدهما لم يبطل نكاح
الأمة وبه قال جميع الفقهاء وقال المزني متى أيسر ووجد الطول للحرة بطل نكاح الأمة وهو خلاف الاجماع / ب / عدة الحرة لا تمنع نكاح الأمة سواء كانت العدة رجعية أو باينة
لأنه يجوز عندنا نكاح الأمة على الحرة إذا رضيت الحرة فههنا في الرجعية يكون العقد موقوفا فان راجع الحرة وفسخت عقد الأمة بطل عقد الأمة وان رضيت به أو خرجت العدة
وبانت صح عقد الأمة وإن كانت العدة باينة صح عقد الأمة وقال أبو حنيفة عدة الحرة تمنع نكاح الرقيقة وقال أبو يوسف ومحمد يجوز العقد في عقدة الحرة الباينة لارتفاع النكاح
بعد الباين فلم يوجد نكاح الأمة على الحرة فلهذا لو حلف ان لا يزوج على فلانة فأبانها فتزوج على أخرى في عدتها لم يحنث واحتج أبو حنيفة بان النكاح قايم من وجه بدليل
قيام بعض احكامه وهو العدة ووجوب النفقة وثبات النسب والثابت من وجه يلحق بالثابت من كل وجه في باب التحريم احتياطا / ج / لو تزوج أربعا من الإماء وخمسا
من الحراير في عقد واحد فان قلنا ببطلان العقد إذا تضمن العقد على من يفسد العقد إليه بطل نكاح الجميع وان
قلنا يتخير فان جوزنا نكاح الأمة مع الحرة إذا رضيت
فان رضي جميع الحراير بنكاح الإماء تخير بين أربع حراير أو ثلث أمة أو حرتين وأمتين وان لم ترضى الحراير تخير أربعا من الحراير وقال أبو حنيفة يصح نكاح الإماء لان التزويج
بالخمس باطل فلم يتحقق الجمع فيصح نكاح الإماء / د / لو تزوج كتابية ووثنية فسد في الوثنية واما الكتابية فان جوزنا ابتداء نكاحها للمسلم صح والا فلا وللشافعي قولان
مبنيان على تفريق الصفقة وكذا لو تزوج محل محلة ومحرمة فسد نكاح المحرمة وكان نكاح المحلة على القولين له وكذا لو تزوج أخته وأجنبية / ه / لو تزوج من يحل له نكاح الأمة
خمسا أربع حراير وأمة في عقد واحد فان قلنا ببطلان العقد في الزايد على الأربع بطل هنا وان قلنا بالتخيير فان اختار الحراير نكاح الأمة معهن تخير بين أربع من شاء
منهن وفسخ عقد الأخرى سواء كانت الأمة أو الحرة وقال الشافعي يبطل نكاح الخمس لان المعسر الخايف من العنت يجوز له نكاح الأمة فإذا تزوج بها وأربع حراير تجاوز العدد فيحرمن
ويجوز له افراد كل واحدة بالعقد فإذا جمع فسد الكل لأنه لا مزية لأحديها على الأخرى كالجمع بين الأختين ولو كان موسرا فسد نكاح الأمة وكان في نكاح الحراير القولان / و /
لو تزوج بأمة ثم قال كنت واجدا للطول حين العقد فان صدقه المولى وحرمنا الأمة مع الطول حكم بفساد العقد في حقهما وان كذبه حكم بفساد النكاح في حق الزوج
خاصة ولو كان في يده مال فقال هذا فاستفدته بعد العقد كان القول قوله لأن الظاهر صحة النكاح / ز / لو وجد الشرطان فتزوج بأمة أبيه ثم مات أبوه انفسخ النكاح
لأنه ملكها أو جزءا منها لان ملك اليمين والنكاح يتنافيان فان وصى بها أبوه لأجنبي وقبل الأجنبي الوصية وخرجت من الثلث لم ينفسخ النكاح قال بعض الشافعية
هذا إذا قلنا إنه يظهر بالقبول الموصى له ملك من حين الموت وان قلنا يملك من حين القبول انفسخ النكاح لان قبل القبول كانت في ملك الورثة ومنهم من قال
لا ينفسخ على هذا القول أيضا لأنها يكون حكم ما ل الميت إلى أن يقبل وان لم يخرج من الثلث فإن لم يخبر الورثة بطل النكاح وان أجازوا فان قلنا إنه عطية منهم كان
مفسوخا أيضا وان قلنا إنه يكون تنفيذا لما فعله الموصى كان كما لو خرجت من الثلث / ح / حكم المعتق بعضها حكم الأمة فلو تخلف منها ولو جزءا يسيرا في العبودية
كانت كالأمة فليس للحر ان يتزوج من جنسها أكثر من اثنتين تغليبا للحرية / ط / لو قال انا أحيط علما ان في هذه المدينة من يحرم على بنسب أو صهر أو رضاع ولا اعلم عينها
جاز له ان يتزوج من المدينة لان في الامتناع من ذلك مشقة ولو اختلطت هذه المحرمة بعدد محصور لم يجز كما لو انفلت صيد من رجل لم يحرم على غيره الاصطياد
ولأنها غير متعينة في البلد لجواز ان تموت بخلاف العدد المحصور القسم الثاني ما يتعلق بالعبيد مسألة للعبد ان يتزوج حرتين لا أزيد أو أربع
إماء أو حرتين أو أمتين وليس له ان يعقد على حرتين وأمة ولا على ثلث إماء وحرة لان الحرة في حقه بمنزلة أمتين عند علمائنا أجمع لما رواه العامة عن الحكم بن عيينة قال
أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله على أن لا ينكح العبد أكثر من أمتين ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال سألته عن المملوك يتزوج أربع حراير قال
لا يتزوج الا حرتين وان شاء أربع إماء وفي الصحيح عن الحسن بن زياد عن الصادق (ع) قال سألته عن المملوك ما يحل له من النساء قال حرتين أو أربع إماء وعن زرارة عن الباقر (ع)
قال لا يجمع العبد المملوك من النساء أكثر من الحرتين ولان الحر أكمل من العبد فلا يليق مساواته له في العدد من الحراير وكما كان عليه نصف العذاب كذا يليق له نصف
الحراير واما جواز الأربع من الإماء له فلان الروايات دلت عليه والمساواة للحر هنا منفية لان الأمة انقص من الحرة فجاز ان يساوى عدد الحر من الحراير في الإماء
وخالف جميع العامة في ذلك لان الشافعي قال لا يزيد العبد على اثنتين ولم يفرق بين ان يكونا حرتين أو أمتين وليس له ان ينكح أزيد من اثنتين ورواه العامة عن علي (ع)
وعن عمرو عن عبد الرحمن وبه قال عطا والحسن البصري وبه قال عامة الفقهاء الا ما حكى والزهري وربيعه ومالك وداود وأبى ثور فإنهم قالوا لا يحل له أربع ولم
يفرقوا بين الحراير والإماء لعموم الآية ولان هذا طريقة الشهوة واللذة فاستوى فيه الحر والعبد كالمأكول والمشروب والآية المراد بها الأحرار لقوله أو ما ملكت ايمانهم
642

أو يخص بما دللنا عليه ويفارق النكاح المأكول لأنه غير مبنى على التفضيل وهذا مبنى على التفضيل فان النبي صلى الله عليه وآله فارق فيه الأمة فافترق فيه الحر والعبد كالطلاق والحدود احتج
الشافعي بما روى الحكم بن عيينة قال أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله على أن لا ينكح العبد أكثر من اثنتين ونحن نحمل الأدلة الأولى على الإماء وهذا الحديث على الحراير مسألة
العبد كالحر في أن له ان يتزوج الحرة والأمة معها إذا رضيت الحرة سواء تعدد العقد أو اتحد وإذا كان تحته حرة جاز له ان يتزوج أمة إذا رضيت الحرة وكذا إذا كان قادرا على نكاح الحرة
جاز له ان يتزوج أمة وبه قال الشافعي واحمد في أشهر الروايتين عنه لان كل من جاز له ان يتزوج بامرأة من غير جنسه جاز له ان يتزوج عليها امرأة من جنسه كالحر له ان يتزوج الحرة
على الأمة وقال أبو حنيفة إذا كان تحته حرة لا يجوز له ان يتزوج بأمة لان من ملك بضع الحرة لا يجوز له ان يتزوج بأمة كالحر والفرق ان الحر عليه ضرر في استرقاق ولده مسألة
في جواز تزويج المسلم الحر أو العبد الأمة الكتابية قولان يأتيان انشاء الله تعالى فيما بعد أحدهما انه لا يجوز وهو مروى عن عمر وابن مسعود وبه قال الحسن البصري ومجاهد و
الزهري ومالك والأوزاعي واسحق والشافعي لقوله تعالى فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات فشرط؟؟؟؟ فدل على أنه لا يجوز غير المؤمنات وقال أبو حنيفة يجوز للمسلم
الحر أو العبد التزويج بالأمة الكتابية لان كل أمة جاز وطوءها بملك اليمين جاز بالنكاح كالمسلمة والفرق انه لا يؤدى إلى استرقاق الكافر ولد المسلم لان ولدها يكون رقيقا لسيدها
والأمة الكافرة تؤدى إلى ذلك مع أنه قد اعتورها نقصان من جهة الكفر لان الرق كان بسبب الكفر فهى كالمجوسية اعتورها الكفر وعدم الكتاب ويخالف الوطي بملك اليمين لأنه
أوسع الا ترى ان لا يتقدر بعدد معين مسألة قال بعض الناس يجوز للعبد نكاح الأمة الكتابية دون الحر لان العبد ساواها في الرق وانما نقصت عنه بالدين وبمنزلة الحر
مع الحرة الكتابية والحق المساواة لان كل امرأة لا تحل للحر لا تحل للعبد كالمجوسية وما ذكره فليس بصحيح لأنا منعنا النكاح لأنه اعتورها نقصان من جهة الكفر وهو موجود في حقهما فاما
الكافر فله ان يتزوج بالأمة الكافرة لأنه مساوى لها في الدين وكذا المجوسية والوثنية تحل لأهل دينها وللشافعي وجهان في المسئلتين هذا أحدهما والثاني انه لا يجوز لأنها لا تحل
للمسلمين فلا تحل للكفار كالمرتدة والفرق ان المرتدة صارت بحكم المسلمين باسلامها المتقدم إذا عرفت هذا فأي صنف يحل نكاح حرايرهم يحل نكاح إمائهم بملك اليمين فالمسلمة
يجوز وطؤها بملك اليمين وكذا الكتابية لقوله تعالى الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فإنهم غير ملومين فاما المجوسية ففي جواز نكاحها لنا قولان ومنع الشافعي من وطئها بملك
اليمين لأنه لا يجوز نكاح حرايرهم عنده كالمرتدات إذا ثبت هذا فان الحرة من أهل الكتاب يجوز نكاحها اعتبارا بالكتاب دون الدار وبه قال الشافعي الا انه يكره نكاحها خوفا من أن
تفتنه عن دينه أو لامكان قتلها وهي حامل منه أو معها ولد فيسترق ولما فيه من تكثير جمع الكفار وإذا أقام عندهم هذا إذا جوزنا نكاح الكتابيات بالعقد الدايم تذنيب
المعتق بعضها كالحرة في حق العبد حتى أنه لا يجوز له ان يزيد على اثنتين لو انعتق من كل واحدة منهما ولو جزئية وليس له ان يضيف إليهما أمة كالحرتين لو اجتمعا عنده النوع
الثاني استيفاء عدد الطلاق مسألة إذا طلق الحر أو العبد زوجته الحرة ثلث طلقات بينها رجعتان حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره سواء كان في نكاح
واحد أو أكثر في مجلس واحد أو أكثر قبل الدخول أو بعده ويدخل بها الزوج الثاني ويفارقها بطلاق أو غيره وتنقضي عدتها قال الله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعده حتى
تنكح زوجا غيره والمراد الطلقة الثالثة وروى العامة عن عايشة قالت جاءت امرأة رفاعة الفرضي إلى النبي صلى الله عليه وآله وقالت انى كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد
الرحمن بن الزبيري وانا معه مثل هدبة الثوب فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال تريدين ان ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ومن طريق الخاصة رواية أبي بصير عن
الصادق (ع) المراة لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره قال هي التي تطلق ثم تراجع ثم تطلق ثم تراجع ثم تطلق الثالثة فهى التي لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره ويذوق عسيلتها مسألة
الاعتبار عندنا في عدة الطلاق بالزوجة فإن كانت حرة لم تحرم على الزوج من غير محلل الا بعد الطلقة الثالثة بينها رجعتان سواء كان الزوج حرا أو عبدا وإن كانت أمة لم
تحرم على الزوج من غير محلل الا بعد الطلقة الثانية حرا كان الزوج أو عبدا والعامة جعلوا الاعتبار بالزوج فإن كان حرا حرمت عليه بعد الطلاق ثلاثا وإن كانت زوجته أمة وإن كان
عبدا حرمت عليه بعد طلقتين وإن كانت زوجته حرة وسيأتي البحث في ذلك انشاء الله تعالى إذا عرفت هذا فإذا طلق الرجل زوجته تسعا للعدة ينكحها بينها رجلان
حرمت على الزوج ابدا خلافا للعامة وسيأتي الفصل الرابع في الرق مسألة لا يجوز للرجل ان يعقد على أمة نفسه ولا التي يملك بعضها ولو ملك
زوجته أو بعضها انفسخ النكاح لان ملك اليمين أقوى من ملك النكاح لان ملك اليمين تملك به الرقبة والمنفعة والنكاح لا تملك به الرقبة بل ضربا من المنفعة فكان الأول
أقوى فيسقط الأضعف بالأقوى ولا يجوز للمراة ان تنكح عبدها ولو ملك زوجها أو بعضه انفسخ النكاح والالزم التنافي في الاحكام فان العبد يجب عليه طاعة مولاته
فان طلبت منه السفر إلى بلد وجب عليه اجابتها بمجرد الملك والزوجة يجب عليها طاعة زوجها فلو طلب منها السفر إلى غير ذلك البلد وجب عليها متابعته وقد يطلبها
إلى الفراش فتطلب منه المضي في حاجة في ذلك الوقت وإذا حصل التنافي في الاحكام وجب امتناع الجمع بين العقد والملك وإذا امتنع الجمع بطل الأضعف وثبت الأقوى
ولا فرق في ذلك كله بين القنة والمدبرة والمعتق بعضها والمكاتبة وام الولد وكذا في جانب العبد ويحرم أيضا وطى جارية له فيها حق ملك كجارية من اكتساب مكاتبة واكتساب
عبده المأذون والمديون لان حق الملك وهو الملك من وجه مناف للنكاح بحكم مسألة يستباح وطؤ الإماء بثلاثة أشياء أحدها ملك اليمين ولا خلاف فيه الثاني
العقد عليهن بإذن أهلهن ولا خلاف فيه مع الشرايط الثالث التحليل فإذا أحل الرجل لغيره نكاح جاريته جاز له وطؤها من غير احتياج إلى عقد سوى ذلك عند
أكثر علماؤنا وخالف فيه جميع العامة لنا قوله تعالى أو ما ملكت ايمانكم وهو يصدق في المتنازع لأنه شامل لملك العين وملك المنفعة وما رواه محمد بن مسلم عن
أحدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل لا يحل؟؟؟ فرج جاريته قال هي له حلال ما اخذ منها وفي الصحيح عن أبي بصير عن الصادق (ع) قال سألته عن امرأة أحلت لابنها
جاريتها قال هو له حلال قلت أفيحل له ثمنها قال لا انما يحل له ما أحلت له وفي الصحيح عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع عن الرضا (ع) قال سألته عن امرأة حلت لي جاريتها
فقال ذلك لك قلت فإنها كانت تمزح فقال كيف بما في قلبها فان علمت أنها تمزح فلا احتج المانعون بقوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الاعلى أزواجهم أو ما ملكت
ايمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون وهذا النوع خارج عن التزويج والملك وما رواه علي بن يقطين في الصحيح قال سألته عن الرجل
يحل فرج جاريته قال لا أحب ذلك وعن عمار الساباطي عن الصادق (ع) في المراة تقول لزوجها جاريتي لك حلال قال لا تحل لزوجها الا ان تبعه أو تهب له والجواب عن الأمة ما تقدم
من اندراج صورة النزاع تحت ملك اليمين وعن الخبر الأول ان الراوي لم يسنده إلى امام مع أن الحديث لا يدل على التحريم ولا الكراهة والرواية الثانية ضعيفة السند مع
قصورها عن الدلالة على المتنازع لأنه لم يوجد اللفظ المقتضى للإباحة وفي التحليل مسألة قال الشيخ في النهاية والتهذيب ينبغي ان يراعى في ذلك لفظ التحليل
فيقول الرجل المالك للأمة لمن يحللها له قد جعلتك في حل من وطى هذه الجارية أو أحللت لك وطئها ولا يجوز لفظ العارية في ذلك وذهب بعض علمائنا إلى جواز استعمال
لفظ الإباحة أيضا فيقول أبحتك وطى هذه الجارية واما لفظ العارية فلا يجوز الوطي بمجردها بذلك خلافا لمالك ولان الأصل عصمة الفروج ومنع التصرف فيها خرج ما اشتمل
643

على لفظ التحليل بالنقل روى البقباق قال سال رجل الصادق (ع) ونحن عنده عن عارية الفروج فقال حرام ثم مكث قليلا وقال لكن لا بأس بان يحل الرجل جاريته
لأخيه وكذا يخرج ما اشتمل على لفظ الإباحة لأنه مشارك للتحليل في المعنى من كل وجه فيكون مرادفا له ويبقى الباقي على المنع مسألة اختلف علمائنا في
التحليل والإباحة هل هما عقد نكاح استعملا فيه على وجه المجاز لاشتراكهما في استباحة بضع الأمة قال بعضهم نعم وقال آخرون انه ملك منفعة والأصل في ذلك ان الله تعالى
حصر أسباب الإباحة في الزوجية والملك بقوله تعالى الاعلى أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فاحتاج علماؤنا إلى تخريج هذا الحكم واسناده إلى أحد الامرين والأقوى
الأخير لأنه لا معنى لتمليك المنفعة من غير عوض الا ذلك إذا عرفت هذا فالشيخ (ره) شرط في المبسوط التقييد بمدة معينة والوجه عدم اشتراط ذلك للأصل
مسألة لو وطى من حلل له وطى الجارية فجاءت بولد فالأقوى أنه يكون حرا ولا يجب على الأب دفع قيمته إلى مولى الجارية لأنه إما تمليك أو عقد وولد كل منهما
حر اجماعا وما رواه زرارة في الحسن عن الباقر (ع) قال قلت له الرجل يحل جاريته لأخيه قال لا بأس قلت فان جاءت بولد قال يضم إليه ولده ويرد الجارية على صاحبها
قلت له انه لم يأذن في ذلك قال إنه قد اذن له وهو لا يأمن ان يكون ذلك وما رواه إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) قال قلت له الرجل يحلل جاريته لأخيه أو حرة حللت
جاريتها لأخيها قال يحل له من ذلك ما أحل له قلت فجاءت بولد قال يلحق بالحر من أبويه وهذا أحد قولي الشيخ والثاني أنه قال يكون الولد لمولاها وعلى أبيه ان
يشتريه بماله إن كان له مال وان لم يكن له استسعى في ثمنه فان شرط ان يكون الولد حرا كان على ما شرط وللشافعي قولان كالقولين نقلهما الشيخ فيما إذا أتت الجارية
الموطوءة بإذن الراهن بولد كان حرا لاحقا بالمرتهن ولا يلزمه قيمته عندنا وللشافعي قولان لان ضرير بن عبد
الملك سال الصادق (ع) الرجل يحل لأخيه فرج جاريته
قال هو له حلال قلت فان جاءت بولد منه فقال هو لمولى الجارية الا ان يكون اشترط على مولى الجارية حين أحلها ان جاءت بولد فهو حر وطريق اخبارنا أوضح فيكون
العمل بها مسألة قال الشيخ (ره) لا يجوز للرجل ان يجعل عبده في حل من وطئ جاريته فان أراد ذلك عقد له عليها عقدا وجوزه ابن إدريس للأصل وقوله تعالى فانكحوهن بإذن
أهلهن والشيخ (ره) عول على ذلك على أنه تمليك منفعة والعبد ليس أهلا للتمليك وما رواه علي بن يقطين في الصحيح عن الكاظم (ع) انه سئل عن المملوك أيحل له ان يطأ الأمة
من غير تزويج إذا أحل له مولاه قال لا يحل له مسألة قد بينا ان بعض علماؤنا شرط في نكاح الحر للأمة بالعقد عدم الطول وخوف العنت فلو كان تحته حرة لا يمكنه
الاستمتاع بها كالصغيرة والهرمة والغائبة والمجنونة والمجذومة والبرصاء والرتقاء والمفضاة لم يمنع من نكاح الأمة وهو أحد وجهي الشافعي لأنه لا يستغنى بهذه الحرة فجاز له نكاح
الأمة والثاني للشافعي المنع لظاهر نهيه (ع) ان تنكح الأمة على الحرة وروى ذلك أيضا عن علي (ع) ولان نكاح الصغيرة والغائبة مثل نكاح البالغة والحاضرة في منع الأخت
في؟ منع النكاح الأمة الصغيرة والغائبة مثل نكح البالغة والحاضرة في منع الأخت فكذا ولو قدر على نكاح حرة لم يجز له نكاح الأمة على هذا القول وبه قال الشافعي وأبو حنيفة
لا يشترط ذلك وهو الوجه عندنا على ما تقدم ولو قدر على نكاح حرة رتقاء أو قرناء هل له نكاح الأمة على تقدير اشتراط عدم الطول للشافعية وجهان أحدهما ان له ذلك لحصول
كثير من الاستمتاعات بها والثاني المنع لأنها هو المقصود الأصلي لا يحصل وكذا الوجهان فيما لو قدر على نكاح رضيعة وكذا المجنونة والمجذومة ولو كانت الحرة التي يقدر على
نكاحها معتدة من الغير فلا يجوز نكاح الأمة مسألة
الجامع لشرايط نكاح الأمة يجوز له ان ينكح أمة صغيرة للأصل السالم عن معارضة عدم بعض الشرائط وقالت الشافعية ان قلنا إن وجود الحرة الصغيرة في نكاحه لا يمنع
النكاح الأمة فلا ينكح الأمة الصغيرة لأنه لا يأمن بها من العنت وان قلنا إنه يمنع نكاح الأمة فلها نكاحها الحاقا للصغيرة بالكبيرة في الحراير كما ألحقت بها في المنع ولو كان
قادرا على نكاح حرة غايبة عن بلده قال بعض الشافعية له ان ينكح الأمة وأطلق وقال بعضهم إن كان يخاف العنت في المدة لقطع المسافة أو يلحقه مشقة ظاهرة في
الخروج إليها فله نكاح الأمة والا فلا ولو قدر على صداق الحرة كتابية فان سوغناه لم يكن له نكاح الأمة وللشافعية وجهان أحدهما انه يجوز له نكاح الأمة لان الشرط
في الأمة انه لا يستطيع طول المؤمنات وقد حصل الثاني المنع لأنه مستغنى بها عن ارقاق ولده ولهذا لو كانت تحته كتابية لم يجز له نكاح الأمة كما لو كانت تحته مسلمة
ولو لم ترض الحرة الا بأكثر من مهر المثل وهو واحد فللشافعية وجهان أحدهما انه لا ينكح الأمة والثاني انه ينكحها كما إذا بيع الماء بأكثر من ثمن المثل فان له العدول عندهم
إلى التيمم وفرق بين التيمم والمتنازع بان الحاجة إلى الماء تتكرر والنكاح يتعلق به اغراض كلية لا يعد باذل المال فيها مغبونا ولو بيعت الرقبة بثمن غال والكفر واجد له فهل
يعدل إلى الصوم وجهان وإذا لم يجد المهر لكن رضيت الحرة بمهر مؤجل فللشافعية وجهان أحدهما انه لا يجوز له نكاح الأمة لتمكنه من نكاح الحرة وأظهرهما الجواز لان ذمته
تصير مشغولة في الحال وقد لا يصدق رجاه عند توجيه الطلب عليه وكذا لو بيع منه نسية ما يفي بصداقها أو وجد من يستأجره بأجرة معجلة ولو رضيت الحرة بان ينكحها
بلا مهر لم يمنع نكاح الأمة لأنها تطالبه بالفرض خلافا لبعض الشافعية ولو رضيت بدون مهر المثل وهو يجده فالأقوى انه لا ينكح الأمة لقدرته على نكاح حرة وهو
أحد وجهي الشافعية والثاني انه يجوز لما فيه من المنة وليس بجيد لقضاء العادة بالتسامح في المهور ولا يتعلق به كثير منة ولو وهب منه مال أو جاريته لم يجب القبول
وجاز له نكاح الأمة مسألة قد بينا ان بعض علمائنا شرطوا خوف العنت والمراد المشقة الشديدة وانما تتم بغلبة الشهوة وضعف التقوى والمراد به هنا الزنا
سمى به لأنه سبب المشقة والهلاك بالحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة وأبو حنيفة لا يشترط ذلك وهو الأقوى والمجبوب لا يتصور منه الوطي مباحا ولا محظورا قال
بعض الشافعية لا ينكح أمة وقال بعضهم ينكح عند خوف العنت والقادر على شراء الأمة يتسراها له نكاح الأمة لأنه لا يستطيع طولا للحرة الذي هو شرط في الأمة وقال
بعض الشافعية ليس له ذلك لأنه غير خايف من العنت ولو كان ملكه الأمة لا ينكح الأمة وللشافعية قولان وعلى الأول لو كانت الأمة التي يملكها غير محلله عليه فان
وقت قيمتها بمهر حرة أو ثمن جارية يتسراها لم ينكح الأمة والا نكحها مسألة لو كان للكافر أمة مسلمة لم تقر يده على ما مضى وألزم بيعها وهل يجوز للحرة ان ينكحها الأقرب
الجواز لحصول صفة الاسلام في المنكوحة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع لما فيه من ارقاق الولد المسلم للكافر وفي نكاح الحر الكتابي للأمة الكتابية للشافعي قولان
أحدهما المنع كما يمنع الحر المسلم من نكاحا وأصحهما الجواز كما أن الحر المسلم ينكح الأمة مسألة من بعضها حر كالرقيقة ليس للحر ان ينكحها الا عند اجتماع الشرطين وبه قال
الشافعي وإذا قدر على نكاحها فهل له نكاح رقيقه الأقرب ذلك ومنعه بعض الشافعية لان ارقاق بعض الولد أهون من ارقاق كله ومن كان بعضه رقيقا له ان ينكح
الأمة مع القدرة على الحرة لأنها فيه من الرق أخرجه عن الولاية والنظر للولد مسألة الولد يتبع أشرف طرفيه من الأب أو الام في الحرية فلو كان الأب حرا
فالولد كذلك الا ان يشترط مولى الجارية رقية الولد فيكون رقيقا وكذا لو كانت الام حرة فالولد حر الا ان يشترط مولى الأب رقية الولد وقال الشافعي ولد الأمة
المنكوحة رقيق لمالكها سواء كان الحر الذي نكحها عربيا أو غير عربي وفي القديم له ان الرق لا يجرى على العرف فإذا كان النكاح عربيا يكون الولد حرا وهل له على الناكح
644

قيمته كما في صورة المغرور أم لا شئ عليه لان السيد رضي به حيث زوجها من العربي فيه للشافعي قولان الفصل الخامس في الكفر وفيه مباحث الأول في أقسام
الكفار مقدمة أصناف الكفار ثلثة الأول من له كتاب وهم اليهود لهم التورية والنصارى ولهم الإنجيل واما من لهم كتاب غير هذين كصحف إبراهيم (ع) وزبور داود (ع) وصحف
شيث وإدريس (ع) فلا اعتبار بها في ذلك واختلف في سببه فقيل إنها لم تنزل عليهم بنظم تدرس وتتلى وانما اوحى إليهم معانيها وقيل إنها حكم ومواعظ وآداب ولم تتضمن احكاما وشرائع
وقيل إن هذه الكتب كانت وحيا كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله بأشياء من الوحي وليست قرانا الصنف الثاني من لا كتاب له ولا شبهة كتاب وهم عبدة الأوثان والنيران والشمس
والنجوم والصور التي يستحسنونها كالحجر والبقر والقمر والمعطلة والزنادقة وكل مذهب يكفر معتقده الصنف الثالث من له شبهة كتاب وهم المجوس كان لهم كتاب
فتبدلوه فأصبحوا وقد اسرى به ورفع عنهم قاله علي (ع) وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني انه لم يكن لهم كتاب البتة لقوله (ع) سنوا بهم سنة أهل الكتاب وهو يشعر بأنهم ليسوا
باهل كتاب المشهور بين علمائنا انه لا يحل للمسلم نكاح الكتابية بالعقد الدايم لقوله تعالى ولا تنكحوا المشركات
حتى يؤمن وقوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر وهو عام وما رواه
زرارة عن الباقر (ع) قال لا ينبغي نكاح أهل الكتاب قلت جعلت فداك وأين تحريمه قال قوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر وقال بعض أصحاب الحديث من علمائنا انه يصح نكاح الكتابيات
في الدايم وهو مذهب العامة بأسرهم لقوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وما رواه محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية قال لا باس
به إما علمت أنه كانت تحت طلحة بن عبيد الله يهودية على عهد رسول الله والجواب عن الآية من وجوه الأولى الحمل على المتعة لقوله تعالى إذا آتيتموهن أجورهن ويدل عليه
رواية زرارة قال سمعته يقول لا بأس ان يتزوج اليهودية والنصرانية متعة وعنده امرأة الثاني ان هذه الآية منسوخة بالآية السابقة لما رواه زرارة بن أعين في الحسن عن
الباقر (ع) قال سألته عن قول الله عز وجل والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم فقال هي منسوخة بقوله ولا تمسكوا بعصم الكوافر الثالث انه محمول على ما إذا لم يجد المسلمة
ان له ينكح الكتابية دفعا للضرورة وتحرزا من الزنا لما رواه محمد بن مسلم عن الباقر (ع) قال لا ينبغي للمسلم ان يتزوج يهودية ولا نصرانية وهو يجد مسلمة حرة أو أمة ونقل العامة
ان علمائنا انه لا يجوز نكاح الكتابية الا إذا لم يجد مسلمة وهذا الحديث يدل عليه الرابع انه يجوز إرادة المستضعفات والبله منهن فإنهن لا يعتقدون الكفر على وجه التمسك
والعصبية لما رواه زرارة عن الباقر (ع) قال سألته عن نكاح اليهودية والنصرانية قال لا يصح للمسلم ان ينكح يهودية ولا نصرانية انما يحل منهن البله الخامس يجوز ان يكون التحليل
مختصا؟ بمن كان زوجها كافرا ثم أسلم فإنه يجوز له امساك زوجته الذمية لرواية ابن سنان عن الصادق (ع) في رجل هاجر وترك امرأته في المشركين ثم لحقت به بعد ذلك أيمسكها
بنكاح أو تنقطع عصمتها قال لا بل يمسكها وهي امرأته وهذه الأجوبة آتية في الحديث إذا عرفت هذا فان أكثر علمائنا على إباحة التزويج بالكتابية بالعقد المنقطع للأصل ولرواية
زرارة وقد تقدمت وكذا يجوز للمسلم الحر والعبد نكاح الكتابية بملك اليمين لأنه كالمتعة وقد تقدم البحث فيه مسألة قال المفيد (ره) الذي يجب عليه الجزية من الكفار ثلثه
أصناف اليهود على اختلافهم والنصارى على اختلافهم والمجوس على اختلافهم وقد اختلف فقهاء العامة في الصابئين ومن ضارعهم في الكفر سوى من ذكرناه من الأصناف
الثلاثة فقال مالك بن انس والأوزاعي كل دين بعد دين الاسلام سوى اليهودية والنصرانية فهو مجوسية وحكم أهله حكم المجوس وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال الصابئون مجوس
وقال الشافعي وجماعة من أهل العراق حكمهم حكم المجوس وقال بعض أهل العراق حكمهم حكم النصارى وقد روى عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: المجوس انما الحقوا باليهود والنصارى
في الجزية والديان لأنه كان لهم فيما مضى كتاب ثم قال رحمه الله ولو خلينا والقياس لكانت المانوية والمزرقية والديصافية عندي بالمجوس أولي من الصابئين لانهم يذهبون في
أصولهم مذهب يقارب المجوسية ويكاد يختلط بها فاما المرقونية والماهانية فإنهم إلى النصرانية أقرب من المجوسية لقولهم في الروح والكلمة والابن بقول النصارى و
ان كانوا يوافقون الثنوية في أصول أخروا إما الكينونية فقولهم يقرب من النصرانية واصلهم في التثليث وإن كان أكثره لأهل الدهر واما السمنية فتدخل في جملة مشركي العرب
ويضارع مذاهبهم قولها في التوحيد للباري وعبادتهم للباري وعبادتهم سواه تقربا إليه وتعظيما فيما زعموا عن عبادة الخلق له وقد حكى عنهم ما يدخلهم في جملة الثنوية
واما الصابئون فمنفردين بمذاهبهم ممن عددناه لان جمهورهم يوحد الصانع في الأول ومنهم من يجعل معه هيول في القدم صنع منها العالم فكانت عندهم الأصل يعتقدون
في الفلك وما فيه الحياة والنطق وانه المدبر لما في هذا العالم والدال عليه وعظموا الكواكب وعبدوها من دون الله عز وجل وسماها بعضهم ملائكة وجعلها بعضهم آلهة و
بنوا لها بيوتا للعبادة وهؤلاء على طريق القياس إلى مشركي العرب وعباد الأوثان أقرب من المجوس وقال الشيخ (ره) قد قيل إن السامري قوم من اليهود والصابئون قوم من النصارى
والصحيح في الصابئة انهم غير النصارى لانهم يعبدون الكواكب وقال الشافعي السامرة من اليهود والصابئون من النصارى ثم قال إن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين و
يخالفونهم في فروعه كانوا منهم وان خالفوهم في أصله فليسوا منهم وقد وقع الاختلاف فيهم في زمن القاهر فأفتى أبو سعيد الإصطخري انهم لا يقرون ببذل الجزية فإنهم
يقولون إن الفلك حي ناطق ويعبدون الكواكب السبعة كما قال شيخنا المفيد إذا عرفت هذا فكل من كان من الكتابيات ففيه الخلاف ومن عداهم وعدا المجوس فلا يجوز نكاح
نسائهم اجماعا لا بالدائم ولا بالمتعة ولا بملك اليمين مسألة قال الشيخ في الخلاف المحصلون من أصحابنا يقولون لا يحل نكاح من خالف الاسلام لا اليهود ولا النصارى
ولا غيرهم وقال قول من أصحاب الحديث من أصحابنا يجوز ذلك وأجاز جميع الفقهاء التزوج بالكتابيات وهو المروى عن عمرو عثمن وطلحة وحذيفة وجابر وروى أن عمار
انكح نصرانية ونكح طلحة نصرانية ونكح حذيفة يهودية واستدل بقوله تعالى ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ثم اعترض بمنع كون الكتابية مشركة وأجاب بان اللغة والشرع يقتضيان
اشتراكهم قال الله تعالى وقالت اليهود عزيرا بن إلى قوله سبحانه وتعالى عما يشركون سماهم مشركين واما اللغة فلفظه الشركة مشتقة من الاشتراك وقد جعلوا لله تعالى ولد فوجب
ان يكونوا مشركين وقول اليهود انا لا نقول عزير ابن الله لا يقبل مع ما نطق به القران العزيز ثم إذا ثبت في النصارى ثبت في اليهود بالاجماع لعدم الفارق واما المجوس
فلا يجوز مناكحتهم بلا خلاف الا أبا ثور فإنه قال تحل مناكحتهم وذبائحهم وروى في بعض اخبارنا جواز المتعة بنسائهم لقوله (ع) سنوا بهم سنة أهل الكتاب وحمله الشافعي
على حقن الدماء واخذ الجزية منهم قال الشيخ لا يحل للمسلم نكاح أمة كتابية حرا كان أو عبدا وبه قال في الصحابة عمر وبن مسعود وفي التابعين الحسن البصري ومجاهد والزهري
وفي الفقهاء مالك والشافعي والأوزاعي والليث بن سعد والثوري واحمد واسحق وقال أبو حنيفة يجوز للمسلم نكاح أمة كتابية مسألة لا فرق بين ان يكون الكتابية جزية أو ذمية أو
مستأمنه في التحليل عند الشافعي وفي المنع عند أكثر علمائنا قال الشافعي يكره نكاح الحربية لما في الإقامة بين أهل الحرب من تكثير سوادهم ولأنه يخاف من الميل إليها الفتنة
في دينه ولأنها قد تسترق وهي حامل ولا يقبل في أن حملها من مسلم والذمية عندهم أخف كراهية وله قول اخر انه لا كراهية في نكاح ألذ مية واما من انتقل إلى دين أهل الكتاب
فينظر فإن كان بعد النسخ لم يثبت لأولادهم حرمة ولم يقروا على دينهم وإن كان دخلوا في دينهم قبل النسخ والتبديل ثبت لهم حرمة أهل الكتاب وان كانوا انتقلوا إلى ذلك
قبل النسخ وبعد التبديل نطر فان انتقلوا إلى دين من لم يبدل ثبت لأولادهم حرمة أهل الكتاب وان أشكل امرهم فلم يدر هل انتقلوا قبل التبديل أو بعده أو دخلوا
645

في دين من بدل أو لم يبدل كان حكمهم حكم المجوس في تحريم ذبائحهم ومناكحاتهم وحقن الدماء مسألة إذا جوزنا نكاح الكتابية بالدائم كما هو مذهب بعض علمائنا ومذهب
الشافعي أو كان كتابيا واسلم دونها فإنها يكون كالمسلمة في النفقة والقسم والطلاق والمهر والسكنى واحكام المولى وتطالب عند انتهاء المدة بالفئة والطلاق كالمسلمة وبالجملة عامة
حقوق الزوجية لأنه عقد معاوضة فاستوت المسلمة والكافرة في حقه كالبيع والإجارة الا في الميراث فإنه عند الشافعي إذا مات أحدهما لم يرثه الا خر واما عندنا فإنها لا
ترث المسلم ويرثها الزوج المسلم على ما يأتي ولو مات زوجها المسلم لم يجز لها تغسيله لان عندنا لا يغسل المسلم الا مسلم واما عند الشافعي فقال إن اعتبرنا في غسل الميت
النية لم يجز لها تغسيله لأنها لا يصح منها النية وان لم نعتبر جاز وإذا طهرت عن الحيض أو النفاس فان شرطنا الغسل في استباحة وطى الطاهر من الحيض امرها بالاغتسال
فان امتنعت جبرها عليه واستفاد الحل وان لم توجد منها النية للضرورة كما تجبر المسلمة المجنونة وقال بعض الشافعية تخيرا على الاجبار على الغسل ان للسيد اجبار أمته المجوسية و
الوثنية على الاسلام لان حل الاستمتاع يقف عليه وخالف باقي الشافعية فيه لان الرق أفاد الأمان من القتل فلا تجبر كالمستأمنة وليس كالاغتسال فإنه لا يعظم الامر فيه
ولا يعسر عسر تبديل الدين ولان غسلها تنظيف لا غسل عبادة فإنها إذا أسلمت لا تصلى بذلك الغسل والتنظيف حق الزوج فجاز ان يجبرها عليه والفرق مع المجوسية ان
المجوسية دخلت في ملكه ولا تحل له فأشبه ما إذا اشترى جارية قد أحرمت أو شرعت في الصوم بإذن السيد ليس له تحليلها وهنا كانت الزوجة الكتابية حلالا له ثم طرا الحيض المحرم
فامر برفع اثره وينتقض هذا بما إذا نكحها وهي حايض واما غسل الجنابة فالأقوى عندنا انه ليس له اجبارها عليه لعدم صحة شرطه وهي النية ولان عدم الغسل لا يحرم الوطي
ولا يكرهه وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه له اجبارها عليه لان نفسه تعاف من لا يغتسل من جنابته واما المسلمة فإنها تجبر على الغسل من الجنابة وتجبر المسلمة فإنها تجبر على الغسل من الجنابة وتجبر المسلمة والكتابية على
التنظيف والاستحداد وقلم الأظفار وإزالة شعر الإبط والأوساخ إذا تفاحش شئ من ذلك فان النفس تعاف طول الأظفار وترك الاستحداد وهو اخذ شعر العانة وإذا
طال ما جرت العادة بأخذه الا انه لم يتفاحش فهل تجبرها على اخذه للشافعية قولان أحدهما تجبر لان ذلك ينقص الاستمتاع والثاني لا تجبر لأنه لم يتفاحش فلا يؤثر في الاستمتاع
مسألة للزوج منع زوجته المسلمة من الخروج إلى المساجد والمشاهد وبيوت الجيران واهلها والأعياد وشبهها لأنه استحق عليها تمكينه من نفسها في بيته وبخروجها
يفوت ذلك عليه هذا إذا كان شابة وإذا كان عجوزا لا جمال لها ولا تتوق النفس إليها قال الشافعي يستحب للزوج ان لا يمنعها من المساجد لقوله تعالى لا تمنعوا إماء الله مساجد
الله وتفارق الشابة خوفا من الاقتتان وله منع زوجته الكتابية من البيع والكنايس والخروج إلى الأعياد لما تقدم من منعه من الاستمتاع بها في بيته كل وقت ويمنعها من
شرب الخمر لأنه منكر ولأنه يفوت به الاستمتاع وللشافعي قولان أحدهما انه له منعها من السكر خاصة لما فيه من تفويت الاستمتاع واما الذي لا يسكر فليس له منعها منه لأنه
لا يؤثر في الاستمتاع وهي مستحلة له والثاني انه له منعها من شرب الخمر مطلقا وان لم يبلغ حد الاسكار لان نفسه قد تعاف ذلك لدينه فينقص استمتاعه ولان القدر الذي
يسكر لا ينحصر فان بعض الناس من يسكر بالقليل ومنهم من لا يسكر به فيمنع من الجميع كما حرم جميع الخمر لهذه العلة فربما حصل السكر من القليل فيفوت الاستمتاع ولأنها حينئذ لا
ترديد لا مس وله ان يمنعها من اكل لحم خنزير لما فيه من الاستقرار والنفس قد تعاف منه وللشافعي قولان أحدهما المنع مطلقا والثاني المنع ان عافته نفسه وان لم تعافه نفسه
لم يمنعها لأنها تعتقد اباحته وإذا شربت خمرا أو اكلت لحم خنزير فله اجبارها على غسل فمها للنجاسة وإذا قبلها نجس فمه فاحترز على إزالة ذلك واما المسلمة إذا أرادت شرب
النبيذ وجب عليه منعها منه عند علمائنا لأنه حرام عندنا وبعض العامة ممن يعتقد تحريمه قال إن كانت تعتقد تحريمه كان له منعها عن قليله وكثيره وان كانا ممن
يعتقدان تحليله كان له المنع من القدر الذي يسكر وفيما لا يسكر للشافعي قولان وهكذا إذا كانت تعتقد اباحته وهو يعتقد تحريمه وقال آخرون له منعها عن شرب
قليله وكثيره كما اخترناه لان القدر الذي يسكر لا طريق إليه لاختلاف العادات فيه مسألة للزوج ان يمنع زوجته المسلمة والذمية من اكل ماله رايحة من الأشياء
المنتنة كالثوم والبصل والكراس وما أشبه ذلك لأنه ينقص الاستمتاع الا ان يكون مطبوخا فان نتنه تزول وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني انه مشبه بالقليل
من الخمر ولحم الخنزير والوجه الفرق لان النفس تعاف الخمر والخنزير من حيث الدين والاعتقاد وهذه الأشياء المنتنة فان كل أحد تعاف نفسه وتمنعه من كمال الاستمتاع
ويجوز للمراة المسلمة والكافرة لبس الديباج والحرير وليس له منعها لأنه مباح للنساء وكذا الحلى واما ان لبست جلد ميتة فان له منعها إن كان له رايحة منتنة وان لم
يكن فاشكال وقال الشافعي إن كان طاهرا مدبوغا لم يكن له منعها الا ان يكون له رايحة منتنة وإن كان غير مدبوغ فإنه نجس وله منعها منه لان ذلك ينجسه ان التصغ به
ويحتاج إلى التحرز منه وعندنا لا فرق بين الجلد وجسدها لنجاستها مسألة الكتابية ان لم تكن من بني إسرائيل فإن كانت من قوم علم دخولهم في ذلك الدين
قبل تطرق التحريف والنسخ إليه فمن جوز نكاح الكتابيات جوز نكاحهن لتمسكهم بذلك الدين لما كان حقا وللشافعية قولان مبنيان على أن التي من بني إسرائيل تنكح
لفضيلة النسب والدين جميعا أو لفضيلة الدين وحدها فان قالوا بالأول لم يحل نكاح هذه وان قالوا بالثاني جاز ومن الشافعية من قطع بالجواز وهؤلاء يقرون
بالجزية وإن كانت من قوم يعلم دخول هم في ذلك الدين بعد التحريف وقبل النسخ فان تمسكوا بالحق منه وتجنبوا المحرف فكالأول وان دخلوا في المحرف فللشافعية طريقان
أحدهما ان في نكاحها القولين أحدهما الجواز لان الصحابة تزوجوا منهن ولم يبحثوا عن أحوالهم والثاني المنع للتحريف والثاني القطع بالمنع وهل يقر هؤلاء بالجزية قولان أحدهما
المنع والثاني الجواز كالمجوس وإن كانت من قوم يعلم دخولهم في ذلك الدين بعد التحريف والنسخ فلا لسقوط فضيلته وحرمته بالنسخ فالذين تهودوا وتنصروا بعد بعثة
النبي صلى الله عليه وآله لا يناكحون في المتهودين بعد بعثة عيسى (ع) للشافعية وجهان أصحهما عندهم ان الحكم كذلك والثاني الجواز لأنا لا نعلم كيفية نسخ شريعة عيسى (ع)
بشريعة موسى (ع) وهل نسخت كلها أو بعضها وهؤلاء كما لا يناكحون لا يقرون بالجزية وإن كانت من قوم لا نعلم أنهم دخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أو بعده أو قبل
النسخ أو بعده فتؤخذ في نكاحها بالأغلظ ويجوز تقررهم بالجزية تغليبا للحقن وبذلك حكمت الصحابة في نصارى العرب وهم بهرا وينوح وتغلب وإن كانت من
بني إسرائيل فالمشهور عند الشافعية جواز نكاحها على الاطلاق من غير نظر إلى آبائها هل دخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أو بعده فليس ذلك لان كل إسرائيلية يفرض آبائها
داخلون في دينها قبل التحريف وان اشعر كلام جماعة منهم به لان إسرائيل هو يعقوب (ع) بينه وبين صاحب التورية موسى (ع) زمان طويل ولا يعلم بان بني إسرائيل
على كثرتهم دخل كلهم في زمان موسى أو بعده قبل التحريف بل في القصص ما يدل على استمرارهم بعضهم على عبادة الأوثان والأديان الفاسدة أو بتقدير ان
يستمر هذا في اليهوديات فلا يستمر في النصرانيات لان بني إسرائيل بعد بعثة عيسى (ع) افترقوا فمنهم من امن به ومنهم من أصر دين موسى (ع) لكن الشافعية اكتفوا بشرف
النسب وجبروا به نقصان دخول الاباء في الدين بعد التحريف حتى فارق حكمهن حكم غير الإسرائيليات إذا دخل في الدين التحريف واما الدخول فيه بعد النسخ
وبعثه نبينا (ع) فلا تفارق الإسرائيلية فيه غيرها وعند نا لا فرق بين الإسرائيلي وغيرها مطلقا واعلم أنه من كفرهم اليهود والنصارى واخرجوهم من جملتهم من الصائبين
646

والمسامرة وغيرهم لا يعدون من أهل الكتاب كما قال إن الصابئين فرقتان فرقة توافق النصارى في أصول الدين واخرى تخالفهم فتعبد الكواكب السبعة وتضيف الايمان إليهما
وتنفى الصانع المختار إما الذين ينزلونهم منزلة؟؟ في المسلمين ولا يكفرونهم فحكمهم حكم اليهود والنصارى وإذا شككنا في جماعة انهم يخالفونهم في أصول الدين أو فروعه لم نناكحهم
البحث الثاني في الانتقال مسألة الانتقال من دين إلى دين على أقسام ثلثة الأول الانتقال من دين باطل إلى دين باطل الثاني الانتقال من دين حق إلى دين
باطل وهو الارتداد الثالث الانتقال من دين باطل إلى دين حق وفيه يقع البحث عن نكاح المشركات والأول إما ان يكون الانتقال من دين يقر أهله عليه إلى دين يقر أهله عليه
أو من دين يقر أهله عليه إلى ما لا يقر أهله عليه أو بالعكس ولا حاجة إلى البحث عن الرابع فالأول اليهودي إذا تنصروا أو بالعكس لعلمائنا قولان تقدما في الجهاد في أنه هل
يقر بالجزية على ما انتقل إليه وللشافعي أيضا قولان أحدهما لا يقر لأنه أحدث دينا باطلا بعد اعترافه به فلا يقر عليه كالمسلم إذا ارتد ولقوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل
منه ولقوله (ع) من بدل دينه فاقتلوه والثاني يقر لان الكفر كالملة الواحدة وتساوى الدينان في التقرير بالجزية وفي كونهما على خلاف الحق بخلاف المسلم إذا ارتد لأنه ترك الحق وبه
قال أبو حنيفة وهذان القولان مبنيان على أن الكفر ملة واحدة أو ملل مختلفة ان قلنا ملة واحدة أقر وان قلنا ملل لم يقر والأول أقرب كما في الميراث فان اليهودي
يرث النصراني أو بالعكس فأشبه انتقال المسلم من مذهب إلى مذهب مسألة إذا قلنا يقر وانتقلت المراة من اليهودية إلى النصرانية أو بالعكس وأجزنا نكاح الذميان جاز للمسلم
نكاحها وتحل ذبيحة هؤلاء عند الشافعية ولو انتقلت في دوام نكاح المسلم لم يتأثر به وان قلنا لا تقر لم تحل الذبيحة عندنا ولا عند الشافعي إما عندنا فلانا لا نحلل ذبايح أهل الكتاب
مطلقا واما عند الشافعي فلانه يشترط اكل ذبيحة من يقر على دينه وعلى القول بأنها لا تقر لو انتقلت في دوام نكاح المسلم فهى كالمسلمة ترتد فإن كان قبل الدخول
وقعت الفرقة في الحال وإن كان بعده توقفت على انقضاء العدة وعلى هذا للشافعي قولان أحدهما انه لا يقبل منه الا الاسلام لأنه أقر ببطلان المنتقل عنه وكان مقرا ببطلان
المنتقل إليه والثاني انه لو عاد إلى ما كان عليه قبل لتساوي المذهبين في الحكم والجويني رجح الأول لان ذلك الدين قد زال فعوده إليه انتقال منه إليه فلو قنعنا منه بالانتقال
إليه لأقررناه على ما انتقل إليه أولا فان امتنع من الاسلام على القول الأول أو الاسلام والعود إلى ما كان إليه جميعا وعلى القول الثاني فقولان للشافعي أحدهما انه يجب عليه
القتل كالمسلم إذا ارتد ولقوله (ع) من بدل دينه فاقتلوه أشبههما عندهم انه لا يقتل بل يلحق بماء منه كمن نبذ العهد إلينا ثم هو حرب لنا ان ظفرنا به قتلناه مسألة
لو انتقل يهودي أو نصراني إلى المجوسية هل يقر بالجزية فيه القولان لنا وللشافعي وقد سبق وقال بعض الشافعية لا يقبل منه قطعا لكون المنتقل إليه دون الأول فان قلنا
لا يقر ففي الاكتفاء بعوده إلى الأول القولان السابقان وان امتنع ففي القتل أو الالحاق بالمأمن القولان وعلى كل حال لا تحل ذبيحته ولا النكاح إن كان هذا الانتقال من امرأة
ولو كانت في نكاح مسلم تنجزت الفرقة إن كان قبل الدخول والا فان أسلمت قبل انقضاء العدة أو عادت إلى ما كانت عليه وقنعنا به دام النكاح بينهما والأظهر حصول الفرقة من
وقت الانتقال ولو تمجست كتابية تحت كتابي فان كانوا لا يعتقدون جواز نكاح المجوس فكما لو تمجست تحت مسلم والا فنقررهما إذا أسلما ولو تهود أو تنصر مجوسي ففي التقرر
القولان وإذا لم تقرر فالتفريق كما سبق ولا تحل ذبيحته ومناكحته بحال لان الانتقال من دين باطل إلى باطل لا يفيد فضيلة لم يكن وعند أبي حنيفة يفيدها الضرب الثاني
ان انتقل اليهودي والنصراني والمجوسي أي التوثن فإنه لا يقر عليه اجماعا لان الانتقال من دين باطل إلى دين باطل يبطل الفضيلة التي كانت ويجب قتله لقوله تعالى ومن يبتغ غير
الاسلام دينا فلن يقبل منه وقوله (ع) من بدل دينه فاقتلوه وهل يقنع منه بالعود إلى ما كان عليه أم لا يقبل منه الا الاسلام فيه ما سبق من الخلاف وهنا قول اخر ثالث انه
يقنع منه الانتقال إلى دين اخر يساوى المنتقل عنه كما لو توثن بعد اليهودية أو تنصر وإذا وجد هذا الانتقال من كتابية تحت مسلم انفسخ النكاح إن كان قبل الدخول وإن كان بعده
فان رجعت إلى الاسلام قبل انقضاء مدة العدة أو إلى ما انتقلت إليه في القول الثاني أو إلى ما تساويه في الثالث استمر النكاح والا تبينا الفراق من وقت الانتقال ولو توثن
المجوسي لم يقر عليه وفي القناعة منه بالعود إلى ما كان القولان الضرب الثالث ان ينتقل الوثني إلى التهود أو التنصر أو التمجس لم يقر عليه ولم يقبل منه الا الاسلام
لأنه كان على دين لا يقر عليه وانتقل إلى دين يقر أهله عليه فلا يستفيد هذه الفضيلة من الدين الباطل الذي انتقل إليه القسم الثاني الانتقال من الدين
الحق إلى الدين الباطل وهو الارتداد فإن كان عن فطرة بان يولد على الاسلام ثم ينتقل بعد بلوغه ورشده إلى الكفر فإنه لا تقبل منه توبته ولا رجوعه إلى الاسلام بل
يجب قتله وتخرج أمواله عنه بنفس الارتداد وتبين منه زوجاته ولو رجع لم يرجع إليه شئ من ماله ولا من منكوحاته بل يحرمن عليه وغيرهن من المسلمات تحريما مؤبدا
وتعتد زوجاته منه عدة الوفاة وإن كان عن غير فطرة بان كان كافرا فيسلم ويرجع إلى الكفر فهنا يستتاب فان تاب ورجع قبل رجوعه ولا تخرج أمواله عنه ولا منكوحاته
بالارتداد بل يحجر عليه في ماله ويفرق بينه وبين منكوحاته فان رجع في العدة وهي عدة الطلاق هنا كان أحق بهن وان خرجت العدة ولم يرجع بن عنه وجاز لهن نكاح
غيره وان أقام على الكفر ولم يتب قتل ولا يحل نكاح المرتدة للمسلمين لأنها كافرة لا تقر على دينها ولا للكفار لبقاء علقة الاسلام فيها مسألة إذا ارتد أحد الزوجين
فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال عند عامة أهل العلم لقوله تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر ولان هذا اختلاف دين يمنع الإصابة فأوجب فسخ النكاح كما لو أسلمت
الذمية تحت كافر وقال داود انه لا ينفسخ النكاح بالردة لأصالة بقاء النكاح وهو خطأ لما تقدم ثم المرتد إن كان الزوجة فلا شئ لها لأنه فسخ جاء من قبلها قبل الدخول بها
فكان مسقط المهر وإن كانت الرجل فعليه نصف المسمى إن كان صحيحا لان الفسخ من جهته فأشبه ما لو طلق وإن كان التسمية فاسدة فعليه نصف مهر المثل وان لم يكن قد
سمى شئ فعليه المتعة ولا عدة عليها بل لها ان تزوج في الحال وإن كان ارتداد أحدهما بعد الدخول لم ينفسخ النكاح في الحال بل يفرق بينهما ويقف الفسخ على انقضاء العدة
فان اجتمعا على الاسلام قبل انقضائها كانا على النكاح وان لم يجتمعا حتى انقضت العدة بينا ان العقد انفسخ من
حين الارتداد عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي
واحمد ومالك في إحدى الروايتين لأنه اختلاف دين بعد الإصابة فلا يوجب فسخه في الحال كما لو أسلمت الحربية تحت الحربي وقال أبو حنيفة ومالك في الرواية الأولى واحمد في
الرواية الثانية وهو مروى عن الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وزفر وأبو ثور وابن المنذر ينفسخ النكاح في الحال لان ما أوجب فسخ العقد استوى فيه قبل الدخول
وبعده كالرضاع والملك ويخالف الرضاع فان الحاقه باسلام أحد الزوجين وقياسه عليه أولي لأنه أشبه به فان اسلام أحد الزوجين أقرب إليه من قياسه على الرضاع
واما النفقة فإن كانت المرأة هي المرتدة فلا نفقة لها لأنها قد منعته بارتدادها عن الاستمتاع بها فكانت ناشزا تسقط نفقتها وإن كان هو المرتد فعليه نفقة
العدة لأنه متمكن من الاستمتاع بها بان يسلم ويرجع إليها فكانت النفقة واجبة عليه كزوج الرجعية ومن قال من العامة بانفساخ النكاح في الحال لم يكن عليه نفقة
مطلقا مسألة لو ارتد الزوجان معا فإنه كارتداد أحدهما فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال وإن كان بعده وقف الفسخ على انقضاء العدة عند
علمائنا وبه قال مالك والشافعي واحمد لأنها ردة طارية على النكاح فوجب ان يتعلق بها فسخه كما لو ارتد أحدهما وقال أبو حنيفة لا ينفسخ العقد استحسانا لأنه لم يختلف
647

بهما الدين فأشبه ما لو أسلما وليس بصحيح لان المسلم زوج اليهودية لو انتقل هو وهي إلى التنصر انفسخ النكاح وهما على دين واحد ثم الزوجان إذا أسلما انتقلا إلى دين يقران
عليه بخلاف المرتدين ولان ارتدادهما معا أفحش من ردة أحدهما فالأولى ان يتأثر بها النكاح وليس ردة الزوجين كاسلامهما لأنهما إذا أسلما مكنا من الوطي بخلاف
ما إذا أسلم أحدهما وإذا ارتد لم يمكنا كما إذا ارتد أحدهما فخالف حكم اسلامهما حكم اسلام أحدهما ولم يخالف حكم ردتهما حكم ردة أحدهما وإذا ارتد بعد الدخول منع من وطئها لان النكاح
موقوف على انقضاء العدة فان وطئها نظرت فان أقام على الردة حتى انقضت العدة فقد بانت بالردة فلها عليه مهر المثل لأنه وطى أجنبية في غير نكاح يشبه النكاح
وكذا إن كانت هي المرتدة فوطئها أو ارتدا جميعا فاما ان عادا أو المرتد منهما إلى الاسلام قبل انقضاء العدة فلا مهر لها وبه قال الشافعي لأنها حين الوطي تبينا
انها بحكم الزوجة وقال الشافعي في الرجعية إذا وطئها وجب لها مهر المثل وان راجعها لم يسقط المهر واختلف أصحابه في ذلك على طريقين فمنهم من قال لا فرق بينهما وخرج
في المسألة قولين ومنهم من حملها على ظاهر النصين وفرق بينهما بان المرتد منهما إذا أسلم فقد زال شعث النكاح وعاد كما كان وليس كذلك إذا راجعها فإنه يستبيحها
بالرجعة والطلقة التي أوجبت التحريم باقية تفترقا وعندنا انه إذا وطى الرجعية كان ذلك رجعة منه إما لو وطئها مشتبهة عليه بغيرها لأنها المطلقة ففي وجوب المهر
نظر أقربه به الوجوب إذا عرفت هذا فإنه وإن كان ممنوعا من الوطي الا انه لو وطى لم يجب عليه الحد ووجبت العدة وهما عدتان من شخص واحد فهو بمثابة ما لو طلق
امرأته ثم وطئها في العدة ولكن اجتماعهما في الاسلام هنا بمثابة الرجعة هناك حتى يستمر النكاح إذا جمعهما الاسلام في الحالات التي يحكم فيها بثبوت الرجعة هنا
مسألة أنكحة المشركين صحيحة وطلاقهم واقع وإذا تزوج مشركة وطلقها ثم أسلما وكان الطلاق مما يفتقر فيه إلى المحلل لو أوقعه المسلم لم يجز له ان يتزوجها حتى
تنكح زوجا غيره ولو تزوج مسلم ذمية وطلقها ثم تزوجت ذميا ووطئها ثم طلقها حلت للمسلم وبه قال الشافعي وعطا والزهري والشعبي والنخعي والحكم وحماد و
أبو حنيفة والثوري والأوزاعي واحمد لقوله تعالى وامرأته حمالة الحطب وهو يدل على صحة نكاحه وقوله تعالى إذا قالت امرأة فرعون وقال مالك لا تصح أنكحتهم ولا يقع طلاقهم وانما يقرون
عليها بالاسلام لان أنكحتهم لو وقعت من المسلم كانت فاسدة فكذلك منهم وليس بجيد لان افساد نكاح المسلمين ينفرهم عن الاسلام فلهذا حكم بصحتها لاعتقادها صحتها
إذا عرفت هذا فان أنكحة الكفار يتعلق بها احكام النكاح الصحيح من وقوع الطلاق والظهار والايلاء ووجوب المهر والقسم والإباحة للزوج الأول والاحصان وغير ذلك
فعلى هذا لو طلق الكافر ثلثا ثم تزوجها قبل تحليل المحلل ثم أسلما لم يقرا عليه وان طلق امرأته أقل من ثلث ثم أسلما فهى عنده على ما بقى من طلاقها وان انكحها كتابي
وأصابها حلت لمطلقها ثلثا سواء كان المطلق مسلما أو كافرا فان ظاهر الذمي من امرأته ثم أسلما فعليه كفارة الظهار لقوله تعالى والذين يظاهرون من نسائهم وان إلى
ثبت حكم الايلاء لقوله تعالى للذين يولون من نسائهم وهو عام مسألة إذا ارتد أحد الزوجين عن غير فطرة بعد الدخول فقد قلنا إنه يوقف الفسخ إلى انقضاء
العدة فان انقضت ولم يتب المرتد تبينا فساد النكاح من حين الارتداد فلو طلقها في مدة توقف أو ظاهر منها أو آلى توقفنا فان جمعهما الاسلام قبل انقضاء العدة
تبينا صحتها والا فلا وليس للزوج إذا ارتدت المراة ان ينكح في مدة التوقف أختها ولا أربعا سواها ولا ان ينكح أمة ان حرمناه وإن كان ممن يجوز له نكاح الإماء لاحتمال
عودها إلى الاسلام واستمرار النكاح فان طلقها ثلثا في المدة التوقف أو خالعها جاز ذلك على ما تقدم لأنها لم تعد إلى الاسلام فقد انفسخ نكاحها من وقت
الردة فان عادت فمن وقت طلقات الثلث أو الخلع مسألة من أحد أبواه كتابي والاخر وثنى يقر بالجزية وهو أصح قولي الشافعي واما مناكحته فعندنا لا يجوز
على الأقوى الا متعة واما عند الشافعي فينظر إن كانت الأب كتابيا فقولا ن أحدهما ويحيك عن مالك انها تحل لان الانتساب إلى الأب والأب كتابي وأصحهما عندهما المنع
وبه قال احمد تغليبا للتحريم كما أن المتولد بين المأكول وغير المأكول حرام وإن كانت الام كتابية لم يحل قول واحد وبه قال احمد وقال أبو حنيفة يحل سواء كان الأب كتابيا
أو الام كتابية ويجعل تبعا لاشرف الأبوين دينا كما لو كان أحد الأبوين مسلما يحكم باسلام الولد وفرق الشافعية بان الاسلام يعلوا ويغلب ساير الأديان وساير الأديان
تتقاوم ولا يغلب بعضها بعضها ولهذا قلنا إن الكفر كله ملة واحدة هذا إذا كان الولد صغيرا إما إذا بلغ وتدين بدين الكتابي من أبويه فعن الشافعي تحل مناكحته وذبيحته واختلف
فيه أصحابه منهم من أثبته قولا ووجه بان فيه شعبه من كل واحد منهما لكنا غلبنا بالتحريم ما دام تبعا لاحد الأبوين وإذا بلغ واشتغل واختار الكتابية قويت تلك الشعبة ومنهم
من قال لا تحل ذبيحته ومناكحته بعد البلوغ أيضا كالمتولد بين المجوسين وحملوا ما نقل عن الشافعي على ما إذا كان أحد الأبوين يهود يا والاخر نصرانيا فبلغ واختار دين
أحدهما والمتولد بين يهودي ومجوسية إذا بلغ واختار التمجس قال بعض الشافعية انه يكن (يكون صح) منه ويجرى عليه احكام المجوس بخلاف من تولد من مسلم ويهودي فإنه حيث
يلزمه التمسك بالاسلام بعد البلوغ القسم الثالث الانتقال من دين باطل إلى دين الحق وفيه مباحث الأول فيما يقرر عليه الكافر إذا أسلم من الأنكحة
الواقعة في الكفر مسألة قد بينا ان أنكحة الكافر صحيحة يقرون عليها إذا أسلموا أو تحاكموا إلينا وإذا كانت المراة ممن يجوز ابتداء نكاحها في الحال فلا ينظر إلى
كيفيته عندهم وصفته ولا يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي والشهود وصيغة الايجاب والقبول وأشباه ذلك بلا خلاف بين علماء الاسلام قال ابن عبد البر أجمع العلماء
على أن الزوجين إذا أسلما معا في حال واحدة ان لهما المقام على نكاحهما ما لم يكن بينهما نسب ولارضاع وقد أسلم خلق كثير في عهد رسول الله واسلم نسائهم وأقرهم على أنكحتهم
ولم يسئلهم رسول الله صلى الله عليه وآله عن شروط النكاح ولا كيفيته وهذا أمر معلوم بالضرورة مستند إلى القرائن ولكن ينظر في الحال فإن كانت المرأة على صفة يجوز له ابتداء نكاحها
اقرا عليه وإن كانت ممن لا يجوز ابتداء نكاحها كاحدى المحرمات عليه نسبا أو سببا كالمعتدة والمرتدة والربيبة والمطلقة ثلثا لم يقرا عليه وان تزوجها في العدة وأسلما بعد
انقضائها اقرا لأنه يجوز ابتداء نكاحها إذا عرفت هذا فإذا أسلم الكافر وتحته كتابية واثنتان إلى أربع حراير استمر النكاح سواء أسلمن أو بقين على الكفر ولا فرق في ذلك
بين ان يكون الزوج يهود يا أو نصرانيا أو مجوسيا أو حربيا أو وثنيا ولا بين ان يكون اسلامه قبل الدخول أو بعده ولا خلاف في ذلك بين القايلين بإجازة نكاح الكتابية
ومن منع لان الاستدامة أضعف من الابتداء فلا يلزم من منع ابتداء نكاح الذمية منع استدامة نكاحها وكذا البحث لو كانت المرأة مجوسية على خلاف تقدم ولو كانت
الزوجة وثنية أو مجوسية عند بعضهم أو من لا يجوز نكاحها من الكفار واسلم وتخلفت هي نظر فإن كان ذلك قبل الدخول وقعت الفرقة بينهما في الحال وإن كان بعده انتظرت العدة
فان لحقت به في الاسلام قبل انقضائها استمر النكاح وان انقضت ولما تلحقه تبينا حصول الفرقة من وقت اسلام الزوج وقد ظهر الفرق بين الذمية والحربية فان الحربية
إذا أسلم زوجها قبل الدخول انفسخ العقد في الحال وإن كان بعده انتظرت العدة واما الذمية فيستمر عقدها مسألة لو أسلمت الكافرة قبل اسلام زوجها الكافر أي كفر
كان سواء كان كتابيا أو غيره فإن كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال ولا مهر لها لأنه فسخ جاء من قبلها وإن كان بعده انتظرت العدة فان أسلم الزوج فيها استمر النكاح
والا تبينا حصول الفرقة من وقت اسلام المرأة سواء اتفقت الدار أو اختلفت بينهما وبه قال الشافعي واحمد لأنه اختلاف دين يمنع من الاقرار على النكاح فأوجب
648

الفرقة كالحربية وقال بعضهم وأبو حينفة إذا أسلم أحد الزوجين فان كانا في دار الاسلام لم يقرا على النكاح بل يعرض الحاكم الاسلام على الكافر منهما فان امتنع فرق بينهما فإن كان
الامتناع من الزوج كانت الفرقة طلاقا وإن كان بالمرأة كان فسخا وإن كان في دار الحرب وقف على مضى ثلث حيض إن كانت من ذوات الأقراء أو ثلثة أشهر إن كانت من
ذوات الشهور فإذا مضت ولم يجتمعا على الاسلام وقعت الفرقة وكان عليها استيناف العدة إن كانت مدخولا بها وان أسلم أحدهما ودخل إلى دار الاسلام وتخلف
الأخر في دار الحرب وقعت الفرقة بينهما في الحال لاختلاف الدارين وكذلك ان دخل إلى دار الاسلام وعقد الذمة فإنه ينفسخ نكاحه مع زوجته وكذا لو كان في دار الاسلام
فالتحق الكافر بدار الحرب قال وكذلك لو التحق الذمي بدار الحرب ناقضا للعهد وامرأته في دار الاسلام حصلت الفرقة بينهما وكذا الزوجان لو كانا في دار الحرب فدخل
الزوج دار الاسلام وعقد الذمة لنفسه والمرأة في دار الحرب حصلت الفرقة بينهما ولا فرق عنده بين ما قبل المسيس وما بعده لان الزوج إذا لم يسلم كانت الفرقة حاصلة
بامتناعه وكل فرقة كانت من جهة الزوج كانت طلاقا كلفظ الطلاق واما اختلاف الدار فلانها قد اختلف بها وفعلا وحكما فوجب ان تقع الفرقة بينهما كما لو أسلمت
في دار الاسلام قبل الدخول وهو في دار الحرب أو سبى أحد الزوجين فلا ينفسخ النكاح لان اسلامها لا يوجب الفرقة بعد الدخول فكذا قبله كاسلام زوج الذمية و
ليس بجيد فان الاسلام فرقة يوجبها اختلاف الدين فكانت فسخا لا طلاقا كما لو أسلم الزوج ولم يسلم الزوجة ويفارق لفظ الطلاق لأنه أوقعه بايقاعه وهنا حصول
سبب ينافى النكاح فأشبهت الردة واما اختلاف الدار فان أبا سفيان وحكيم بن خزام أسلما بمر الظهر انى وهو معسكر المسلمين وامرأتيهما بمكة وهو يومئذ دار الحرب
فلما فتحت مكة أسلما وأقرهما النبي صلى الله عليه وآله على النكاح ولان صفوان ابن أمية وعكرمة بن أبي جهل هربا كافرين إلى الساحل حين فتحت مكة وأسلمت امرأتهما بمكة وأخذتا
الأمان لزوجيهما بعدما أسلما فرد النبي صلى الله عليه وآله امرأتيهما وقد روى أن بين اسلام صفوان بن أمية وامرأته بنت الوليد ابن المغيرة نحوا من شهر أسلمت يوم الفتح وبقى صفوان
حتى شهدا حنينا والطايف وهو كافر ثم أسلم فلم يفرق النبي صلى الله عليه وآله بينهما وقياسه ليس بصحيح لان القاطع للنكاح في الأصل المقيس عليه انما هو اختلاف الدين المانع من
الاقرار على النكاح دون ما ذكره واما السبى فإنما يزول النكاح بالاسترقاق دون السبى وحدوث الاسترقاق مبطل للاملاك كذلك النكاح لا يقال لو سبى عبد بانت
منه زوجته ولم يحدث رق لأنا نقول إن الرق الذي فيه ليس بمستقر لأنه لو غلب على نفسه عتق انما يستقر بالسبي ولان حدوث سبب الرق بمنزلة حدوث الرق واما
اسلامها بعد الدخول فيوجب الفرقة عندنا لكن تقف البينونة على انقضاء العدة كالطلاق وقال مالك إن كان المسلم منهما هو المراة فكما قلنا وإن كان هو الرجل
عرض عليها الاسلام في الحال فان أسلمت والا انفسخ نكاحها لقوله تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر وينتقض قول مالك باسلام الزوجة إما الآية فإنها لا نقرهما على النكاح و
نمنعه من التمسك بعصمتها وعن أحمد رواية انه ينفسخ النكاح مسألة لو أسلم الزوجان الكافران معا فالنكاح بحاله لا ينفسخ بتبديل الدين بلا خلاف لأنه
لم يوجد اختلاف دين لان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله مسلما ثم جاءت امرأته بعده مسلمة فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله انها أسلمت معي فردها عليه ويعتبر تلفظهما بالاسلام دفعة واحدة
لئلا يسبق أحدهما صاحبه فيفسد النكاح وقال بعض العامة يقف على المجلس كالقبض ونحوه فان حكم المجلس كله حكم حالة العقد لبعد اتفاقهما على النطق بكلمة الاسلام
دفعة واحدة فلو اعتبر لوقعت الفرقة بين كل مسلمين قبل الدخول الا ما شذ ويستوى في ذلك جميع أنواع الكفر وما سبق قبل المسيس وما بعده والاعتبار في الترتيب و
المعية باخر كلمة الاسلام لا بأولها ولو نكح الكافر لابنه الصغير صغيرة فاسلام الأبوين أو أحدهما قبل بلوغهما كاسلام الزوجين أو أحدهما ولو نكح لابنه الصغير بالغة واسلم
أبو الطفل والمراة معا قال بعض الشافعية يبطل النكاح لان اسلام الولد يحصل عقيب اسلام الأب فيتقدم اسلامها اسلام الزوج ولكن ترتب اسلام الولد على
الأب لا يقتضى تقدما أو تأخرا بالزمان فلا يظهر تقدم اسلامهما على اسلام الزوج قال وان أسلمت عقيب اسلام الأب بطل أيضا لان اسلام الطفل يحصل حكما واسلامهما
يحصل بالقول والحكمي يكون سابقا على القولي فلا يتحقق اسلامهما معا مسألة لو أسلم أحد الزوجين بعد الدخول وانتظرنا الحال إلى انقضاء مدة العدة فلو طلقها قبل
تمام العدة فالطلاق موقوف أيضا فان اجتمعا على الاسلام في العدة تبين وقوعه وتعتد من وقت الطلاق والا فلا طلاق وكذا يتوقف في الظهار والايلاء ولو قذفها
فإن لم تجتمعا على الاسلام في مدة العدة لم يلاعن ويعزران إن كان التخلف من الزوجة وإن كان التخلف من
الزوج صدق ان اجتمعا على الاسلام وله ان يلاعن لدفع
الحد أو التعزير مسألة لو أسلم زوج الوثنية فنكح في زمان التوقف أختها المسلمة أو أربعا سواها لم يصح وكذا لو كان قد طلقها طلقة رجعية في الشرك ثم أسلم
ونكح في العدة أختها المسلمة أو أربعا سواها لان الوثنية معرض العود وزوال نكاحها غير معلوم فليس له ان ينكح من لا يجوز الجمع بينهما وبين المستخلفة وبه قال الشافعي
ويحتمل ان يقف نكاح الأخت أو الأربع كما يتوقف في نكاح المستخلفة فان أسلمت المستخلفة تبينا بطلان نكاح الثانية وان أصرت على الكفر حتى انقضت العدة تبينا
صحته وبه قال المزني ولو أسلمت المراة أولا ثم نكح زوجها الكافر أختها الكافرة في مدة التوقف ثم أسلم مع الثانية فإن كان بعد انقضاء عدة السابقة كانت الثانية زوجته
له وانفسخ نكاح الأولى بخروج العدة ولو أسلم قبل انقضاء عدتها فله ان يختار منهما ما شاء كما لو أسلم المشرك ومعه اختان أسلمنا معه بخلاف المسلمة السابقة فإنه
مسلم عند نكاح الثانية فلا ينكح الأخت على الأخت وهنا النكاحان وقعا في الشرك وكان له الخيار مسألة إذا أسلم الزوجان لم يبحث عن كيفية نكاحهما ولا
شروطه لان النبي صلى الله عليه وآله أسلم خلق كثير في زمانه فلم يسألهم النبي صلى الله عليه وآله عن شروط أنكحتهم وأقرهم عليها وتقريره ان نقول إن لم يقترن شئ من مفسدات النكاح بالعقد الجائزة
في الشرك فهو مقرر عليه مستمر وان كانوا يعتقدون فساد شئ من ذلك لم يعتقد باعتقادهم وحكمنا بدوام ما هو صحيح عندنا وإن كان فاسدا عندهم وان اقترن بالعقد
شئ يفسده فإن كان ذلك زايلا عند الاسلام وكانت بحيث يجوز نكاحها حينئذ ابتداء فكذلك على ما تقدم الا إذا كانوا يعتقدن فساده وانقطاعه و
انما حكمنا بالاستمرار مع اقتران المفسد بالعقد على سبيل الرخصة والتخفيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفيروز الديلمي لما أسلم على أختين اختر أحدهما ولو أوخذوا
وبحكم الاسلام وشرطه لبحث عن كيفية النكاحين وحكم ببطلانهما اتفقتا وبصحة الأول ان تعاقبتا وإن كان المفسد باقيا وقت الاسلام وكانت بحيث لا
يجوز ابتداء نكاحهما فلا تقرير بل يندفع النكاح إذا ثبت هذا فالعقد الواقع في الكفر بغير ولى ولا شهود مقرر عليه بعد الاسلام وهو عندنا ظاهر لأنا لا نشترطهما
وعند العامة كذلك أيضا لأنه لا مفسدة عند الاسلام ونكاحها ابتداء جايز وكذا لو راجع الرجعية في قرء الرابع وهم يعتقدون امتداد الرجعية إليه إما لو كان
قد نكح امه أو ابنه أو زوجة أبيه أو زوجة ابنه دفع النكاح عند الاسلام وكذا لو كان قد نكح التي طلقها ثلثا قبل ان تنكح زوجا غيره لأنه لا يجوز ابتداء
نكاحها وقت الاسلام ولو كان قد عقد عليها وهي في عدة الغير فإن كانت العدة باقية عند الاسلام دفع النكاح وإن كانت منقضية استمر لأنها إذا كانت
منقضية جاز ابتداء نكاحها فجاز التقرير وإذا كانت باقية لم يجز ابتداء النكاح فلم يجز التقرير قال بعض الشافعية هذا إذا كانت عدة النكاح فاما إذا نكح معتدة
649

عن الشبهة ثم أسلم والعدة باقية فإنهما يقران على النكاح لان الاسلام لا يبقى دوام النكاح مع عدة الشبهة فلا يعرض عليه إذا لاقاه مسألة لو شرط في العقد
الخيار للزوجين أو لأحدهما مدة قدراها فينظر عند الاسلام هل المدة باقية أم لا ويكون الحكم كما في العدة ان انقضت المدة قبل الاسلام واستمر النكاح والا
اندفع لأنهما لم يعقداه على صفة اللزوم في المدة التي شرطا فيها الخيار ونحن وان لم نراع في عقودهم الجارية في الشرك شرايط الاسلام فلا تثبت ما لم يثبتوه ولا فرق
بين ان يقارن بقية العدة أو مدة الخيار اسلامهما أو اسلام أحدهما حتى لو أسلم أحدهما والعدة أو مدة الخيار باقية ثم أسلم الأخر وقد انقضت فلا تقرير لان المفسد
لأتى اسلام أحدهما فيغلب الفساد وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم ان اقترانهما باسلامهما هو المؤثر إما إذا لم يقترن الا باسلام أحدهما فلا يندفع النكاح لان وقت
الامساك والاختيار هو الاجتماع على الاسلام فليكن النظر إليه والنكاح الموقت ان اعتقدوه مؤبدا أقروا عليه وان اعتقدوه موقتا لم يقروا عند العامة سواء كان الاسلام
بعد اتمام المدة أو قبله إما بعده فلإعتقادهم انه لا نكاح واما قبله فكما لو أسلما والعدة باقية ولو كان قد غصب امرأة واتخذها زوجة له وهم يعتقدون غصب المراة نكاحا
لم يقروا عليه لقبح الغصب عقلا فلا يسوغ في ملة وقال بعض الشافعية لا يقروا عليه لأنه لا عقد هنا والصحيح عند الشافعية التقرير لأنه ليس فيها الا إقامة الفعل مقام القول
فأشبه ساير وجوه الفساد هذا في حق أهل الحرب فاما أهل الذمة إذا فعلوا ذلك لم يقروا عليه بعد الاسلام لان على الامام ان يدفع قهر بعضهم عن بعض بخلاف أهل الحرب
والمستأمنون ليسوا كاهل الذمة في ذلك إذ ليس على الامام منع بعضهم عن بعض وانما يلزمه بحكم الأمان ان يمنع عنهم من تجرى عليه احكام الاسلام مسألة لو أسلم
الرجل ووطئت امرأته بالشبهة ثم أسلمت قال الشافعي وهو المشهور بينهم انه يستمر النكاح وكذا لو أسلمت المراة ثم وطئت بالشبهة في زمان التوقف ثم أسلم قبل انقضاء
مدة العدة يستمر النكاح وإن كان لا يجوز ابتداء نكاح المعتدة لان عدة الشبهة إذا طرأت على نكاح المسلمين لم تقطعه فأولى بان لا تقطع الأنكحة في الشرك وقال بعضهم
يندفع النكاح كما لا يجوز ابتداء النكاح في العدة ونازع في عروض عدة الشبهة من جهة ان أحد الزوجين إذا أسلم والاخر متخلف جرت المراة في عدة النكاح وعدة النكاح
تتقدم على عدة الشبهة فإذا أسلم الأخر كان اسلام في عدة النكاح لا في عدة الشبهة نعم لو احبلها الوالي بالشبهة وأمكن اقترانها باسلام الآخر حينئذ فيندفع النكاح اعتبارا
بالابتداء وأجيب بان أحد الزوجين إذا أسلم وتخلف الأخر فانا لا يستقين جريانها في عدة النكاح لأنه لو أسلم وتخلف الأخر لأنا لا نستيقن جريانها في عدة النكاح لأنه لو
أسلم المتخلف قبل انقضاء مدة العدة يستمر النكاح وتبين ان ما مضى لم يكن عدة النكاح وحينئذ فيكون في عدة الشبهة نعم لو أصر المتخلف تبين ان تلك العدة كانت عدة
النكاح وعليها ان تعتد للشبهة إذا تصرمت تلك العدة مسألة لو أسلم الرجل وأحرم ثم أسلمت المراة في العدة جاز امساكها حالة الاحرام لأنه ليس ابتداء نكاح و
كذا لو أسلم وتحته أكثر من أربع نسوة ثم أسلمن حال احرامه جاز له ان يختار أربعا منهن وللشافعية طريقان أحدهما القطع بالمنع كما لو أسلم وتحته أمة وهو موسر لا يجوز له امساكها
عندهم وحملوا نص الشافعي على ما إذا أسلما معا ثم أحرم الزوج له الاختيار لان ههنا قبل الاحرام والقفال أنكر ذلك وقال تصفحت كتب الشافعي فلم أجد هذا القول به
والثاني وهو المشهور ان المسألة على قولين أشهرهما النص المنقول الذي أنكره القفال وهو تجويز امساكها في حال الاحرام كما قلناه نحن لان عروض الاحرام لا يؤثر كما في
أنكحة المسلمين ولأنه امساك استدامة النكاح فجاز حال الاحرام كالرجعة والثاني المنع الحاقا للدوام بالابتداء والمعتمد عندنا الأول مسألة لو نكح في الكفر حرة وانه
ثم أسلم وأسلمتا معه فان رضيت الحرة بمجامعة الأمة لها بقى نكاحان عندنا وان امتنعت بطل عقد الأمة وبقى عقد الحرة وظاهر مذهب الشافعي ان الحرة تتعين للنكاح
ويندفع نكاح الأمة ولا فرق في ذلك بين ما إذا أنكحهما معا وبين ما إذا رتب فنكح إحديهما قبل الأخرى لأنا لا تنظر في نكاح الأختين إلى التقدم والتأخر بل تخيره بينهما كذلك
هنا وعند الشافعي انه كما يندفع الأمة بالحرية الطارية كذا يندفع باليسار الطارئ إذا قارن الاسلام ولو اقترن اليسار بالعقد الجاري في الشرك ودام إلى الاسلام فالاندفاع
أولي وحاصل مذهب الشافعي هنا أمة متى أسلم الكافر وتحته أمة وأسلمت معه أو جمعت العدة اسلامهما وهي مدخول بها فإن كان ممن يحل له نكاحهن إما لليسار أو للأمن
من العنت اندفع نكاحها مسألة لو أسلمت الزوجة بعد الدخول ثم ارتدت فان خرجت العدة من وقت اسلامهما ولم يسلم الزوج بانت من الزوج باختلاف الدين
أولا وهو وقت اسلامها ويكون العدة من يومئذ وان أسلم قبل انقضاء العدة سقط حكم العدة من حين اسلامه ثم يتوقف لأجل الارتداد فان عادت إلى الاسلام قبل
انقضاء مدة العدة من وقت ردتها استمر النكاح والا انقطع من يوم الردة وكذا لو أسلم الزوج بعد الدخول ثم ارتد فإن لم تسلم المرأة إلى انقضاء مدة العدة من يوم اسلامه
بانت منه وان أسلمت توقفنا لأجل ارتداده فان عاد إلى الاسلام قبل انقضاء مدة العدة من وقت ردته استمر النكاح والا حصلت الفرقة من يومئذ والشافعي
وافقنا في أحد قوليه على ذلك وفي الثاني قال إنه يندفع النكاح في اسلام أحد الزوجين وارتداده ولا يتوقف لاندفاعه بالعدة والاحرام الطاريين كما تقدم في القول
القفال والظاهر عند الشافعية التوقف قال بعضهم الردة يفرق فيها حكم الابتداء والاستدامة لان ابتداء نكاح المرتد باطل غير منعقد على التوقف وفي الدوام
توقفنا فالتحقت الردة بالعدة للشبهة والاحرام وانما قبل التوقف في الردة ولم يجوز الاختيار فيها بخلاف الاحرام والعدة لان منافاة الردة للنكاح ابتداء الا ترى تقطع
النكاح في الجملة وهما لا يقطعان النكاح ولذلك لا يجوز المراجعة في الردة وتجوز في الاحرام على الأظهر ولو أسلم وتحته خمس وارتد ثم أسلمت النسوة في العدة أو أسلم وأسلمن معه
ثم ارتد قبل الاختيار لم يكن له ان يختار أربعا منهن في الردة وان عاد في الاسلام في العدة فله الاختيار حينئذ مسألة قد سبق فيما تقدم ان المفسد في النكاح
عند الاسلام منه ما كان حاصلا عند العقد واستمر كما لو كان معتدة وكانت عند الاسلام بعد في العدة واختلفوا في أنه هل يشترط ان يفارق المفسد اسلامهما
أم يكفى للفساد اقترانه بأحدهما والظاهر عند الشافعية انه يكفى الاقتران باسلام أحدهما ومنه ما طرا بعد العقد كما لو أسلم وتحته حرة طارية على أمة أو أسلم على أمة و
قد طراء له اليسار وظاهر مذهبهم انه إذا أسلم وتحته حرة وأمة فإنه يندفع نكاح الأمة وتتعين الحرة وكذا الحكم لو أسلمت الحرة المدخول بها معه أو بعده قبل انقضاء عدتها
ثم أسلمت الأمة قبل انقضاء العدة ولو أصرت الأمة حتى انقضت العدة فاندفاعها بتبديل الدين ومنه تحتسب العدة ولو ماتت الحرة بعد اسلامها أو ارتدت ثم أسلمت
الأمة اندفع نكاحها أيضا وكفى اقتران اسلام الحرة باسلام الزوج ولو أسلم وتحته أمة وهو موسر ثم تلف ماله وأسلمت الأمة وهو معسر فله امساكها وانما يؤثر اليسار
في الرفع إذا قارن اسلامهما جميعا ونازع بعض الشافعية في الأولى وعن بعضهم في الثانية ان اقتران اليسار باسلامه يكفى في اندفاع وليس له امساكها وإن كان معسرا
عند اسلامها قال وعلى عكسه لو أسلم وهو معسر ثم أسلمت وهو مؤسر فله امساكها نظر إلى وقت اسلامه وعن بعضهم ان في اليسار الزايل قولين فحصل الخلاف في العسرين
معا والظاهر عندهم في صورة الحرة والأمة اندفاع نكاح الأمة وإن كانت الحرة في صورة زوال اليسار عند اسلامهما عدم الاندفاع واعتبار اقترانه باسلامهما جميعا
والسبب في اعتبار الاقتران باسلامهما معا ان وقت الاجتماع في الاسلام وقت جواز نكاح الأمة لأنه ان تقدم اسلامه فالأمة الكافرة لا تحل للمسلم وان تقدم اسلامها
650

فالمسلمة لا تحل للكافر فكان اجتماعهما في الاسلام سببا بحال ابتداء النكاح للأمة واليسار السابق على نكاح الأمة لا يمنع جواز نكاحها وهذا المعنى يقتضى جواز امساك الأمة
في الصورة الأولى وهي ما إذا ماتت الحرة باق بعد اسلامها ثم أسلمت الأمة لكن فرقوا بينها بوجوه منها ان اثر نكاح الحرة باق بعد موتها فإنه يرثها ويغسلها وعليه تجهيزها فكان
النكاح باقيا واليسار بخلافه ومنها ان المرأة إذا أسلمت وتحسب حسبت على الزوج ولم يؤثر موتها بعد ذلك الا ترى انه لو أسلم وتحته خمس نسوة وأسلمت واحدة فاختارها
ثم ماتت ثم أسلمت البواقي لم يكن له امساكهن وانما يمسك ثلثا منهن ومنها قال بعض الشافعية الحرة لا تنزل منزلة اليسار بل الامر فيها وفي اشتراط عدمها أهم وأعظم و
لهذا لو كانت في نكاحه حرة رتقاء أو غايبة لم ينكح الأمة ولو كان ماله غايبا لا يصل إليه الا بعد زمان طويل يجوز له نكاح الأمة مسألة قد بينا فيما تقدم ان
أنكحة الكفار صحيحة وهو أحد أقوال الشافعية لقوله تعالى وامرأته حمالة الحطب وقالت امرأة فرعون ولأنهم لو ترافعوا إلينا لا نبطله ولا فرق بين رجالهم ونسائهم ولانا
نقررهم عليه بعد الاسلام والفاسد لا ينقلب صحيحا والتقرير على الفاسد محال والقول الثاني للشافعي وبه قال مالك انها فاسدة لانهم لا يراعون حدود الشرع
وشرايطه ولكن لا يفرق بينهم لو ترافعوا إلينا رعاية للعهد أو الذمة وإذا أسلموا نقررهم تخفيفا عفوا والثالث انا لا نحكم لها بصحة ولا فسا د ولكن يتوقف إلى الاسلام
فما يقرر عليه إذا أسلموا يتبين صحته وما لا يقرر عليه يتبين فساده إذا عرفت هذا فلو طلق الكافر زوجته ثلثا ثم أسلما فعلى ما اخترناه من صحة أنكحتهم لا تحل له الا
بمحلل وعلى القول بالفساد فالطلاق في النكاح الفاسد لا يحتاج إلى المحلل وعلى الأول لو نكحت المطلقة في الشرك زوجا اخر ودخل وطلقها ثم أسلمت فتزوجها الأول حلت له وكذلك
يحصل التحليل بوطئ الكافر إذا نكح الذمية التي طلقها المسلم ثلثا سواء كان حربيا أو ذميا مسألة الزوجة التي تقرر نكاحها بعد الاسلام لها المهر المسمى إن كان صحيحا وإن كان
فاسدا كخمر أو خنزير فسيأتي بيانه والتي يندفع نكاحها بالاسلام إن كانت غير مدخول بها وجب نصف الصحيح إن كان الاندفاع باسلام الزوج وإن كان فاسدا وجب نصف
مهر المثل وان لم يسم وجبت المتعة وإن كان الاندفاع باسلامها فلا شئ لها من المهر لان الفسخ من قبلها وهو إحدى قولي الشافعي والثاني انه يجب نصف المهر لأنها محسنة با
بالاسلام وإن كان من حقه ان يوافقها فان امتنع فالفراق مستند إلى تخلفه والظاهر الأول وعلى القول الثاني للشافعي وهو فساد أنكحتهم لا مهر لها لان المهر لا يجب في النكاح
الفاسد بغير دخول وإن كان مدخولا بها فان صححنا أنكحتهم المسمى إن كان صحيحا وعلى قول الشافعي بالفساد يجب مهر المثل مسألة لو كان تحته اختان فطلق كل
واحدة منهما ثلثا ثم أسلم وأسلمتا نفذت الطلقات فيهما ولم ينكح واحدة منهما الا بالمحلل لان أنكحة الكفار صحيحة وعلى قول الشافعي بالفساد لا نكاح ولا طلاق ولا حاجة
إلى المحلل فواحدة منهما وعلى القول بالتوقف فلو لم يكن طلاق لكان يختار إحديهما ويبين بذلك صحة نكاحها وفساد نكاح الأخرى فإذا طلقها أمر بالاختيار لينفذ
الطلاق في المنكوحة منهما ولو أنه أسلم هو والأختان تحته ثم طلق كل واحدة منهما ثلثا تخير لا غير لانهم لما
أسلموا اندفع نكاح إحدى الأختين وانما ينفذ الطلاق في المنكوحة
ولو أسلم الزوج دونهما أو أسلمتا دون الزوج تخير الزوج أيضا لأنه والحال هذا لا يمسك الا إحديهما وينفسخ نكاح الأخرى من وقت اسلام من تقدم اسلامه منهم ولو
كانت تحت المشرك أكثر من أربع فطلقهن ثلثا ثم أسلموا فعلى القول بصحة أنكحتهم يقع الطلاق الثلث بهن جميعا وعلى التوقف يختار أربعا منهن فينفذ فيهن الطلقات
دون البواقي مسألة قد سبق انه إذا سبق أحد الزوجين بالاسلام بعد الدخول وقف على انقضاء العدة فان أسلم الأخر قبل انقضائها فهما على النكاح وان لم يسلم
حتى انقضت العدة وقعت الفرقة منذ اختلاف الدين الا إذا كانت الزوجة ذمية ولا يحتاج إلى استيناف العدة وهذا قول الزهري والليث والحسن بن صالح والأوزاعي
والشافعي واسحق ومجاهد و عبد الله بن عمر ومحمد بن الحسن واحمد في إحدى الروايتين وفي الثانية تتعجل الفرقة وبه قال الحسن وطاوس وعكرمة وقتادة والحكم وعمر بن
عبد العزيز وابن المبارك وقول أبي حنيفة هنا كقوله فيما قبل الدخول وهو انه لا تتعجل الفرقة بل إن كان في دار الاسلام عرض الاسلام على الأخر فان امتنع وقعت الفرقة
حينئذ وان كانا في دار الحرب وقف ذلك على انقضاء عدتها فإن لم يسلم الأخر وقعت الفرقة فإن كان الاسلام من الزوج كان طلاقا لان الفرقة حصلت من قبله فكان
طلاقا كما لو تلقط به وإن كان من المراة كان فسخا لان المراة لا تملك الطلاق فلم يفرق بين الدخول وعدمه الا ان المراة إذا كانت في دار الحرب فانقضت عدتها وحصلت الفرقة
لزمها استيناف العدة ولو أسلم أحد الزوجين وتخلف الأخر حتى انقضت عدة المرأة انفسخ النكاح في قول عامة العلماء لم تختلف أحد فيه الا رواية عن النخعي انها ترد إلى
زوجها وان طالب المدة لرواية ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله رد زينب على زوجها أبى العاص بنكاحها الأول والصواب هو الأول لقوله تعالى لا هن حل لهم ولاهم يحلون لهن وقوله تعالى ولا تمسكوا بعصم
الكوافر وللاجماع المنعقد على تحريم تزوج المسلمات على الكفار وقضية أبى العاص لا حجة فيها لان الترمذي نقل ان النبي صلى الله عليه وآله ردها عليه بنكاح جديد مسألة إذا وقعت
الفرقة باسلام أحد الزوجين بعد الدخول فللمراة المهر كملا لأنه استقر بالدخول فلم يسقط منه شئ ثم إن كان صحيحا فهو لها لان أنكحة الكفار صحيحة يثبت لها احكام الصحة
وإن كان فاسدا كخمر أو خنزير فان قبضته حالة الكفر فلا شئ لها لأنا لا نتعرض لما مضى من احكامهم ولانفصال الامر بينهما وانتهاء النكاح إلى حالة انقطاع المطالبة وما
مضى في الكفر لا يتبع وان أسلمنا قبل قبضه وجب مهر المثل لأنها لم ترض الا بالمهر والخمر والخنزير لا يجوز الا ان يكون صداقا والمطالبة بالخمر في الاسلام ممتنعة فرجع إلى مهر المثل
ويجعل كما لو نكح المسلم وهو قول الشافعي وله قول اخر فيما إذا أسلما بعد القبض ان لها مهر المثل لفساد القبض الجاري في الشرك وقوله فيما إذا أسلما قبل القبض انه لا شئ
لها لأنها قد رضيت بالخمر فيدام عليها حكم رضاها وقد تعذر قبض الخمر بعد الاسلام فسقطت المطالبة لكن المشهور الفرق بين الحالين كما تقدم ولا فرق بين ان يكون
المسمى خمرا في الذمة أو خمرا معينه وعن أبي حنيفة ان الخمر المعينة ليس لها المسمى ولا رجوع إلى مهر المثل ولو أصدقها حرا مسلما استرقوه ثم أسلما قبل القبض أو بعده فلا يقر في
يدها بل يبطل المسمى ويجب مهر المثل ويحتمل ان يخرج من يدها ولا يرجع بشئ كما تراق الخمر المقبوضة ولا ترجع بشئ فان قبضت بعض الصداق الفاسد دون بعض ثم أسلما
وجب من مهر المثل بالقسط فلو قبضت النصف وجب نصف مهر المثل لأنه يقسط الباقي ولا يجوز تسليم الباقي من الفساد وقالت الشافعية وليس ذلك كما لو كاتب المولى
عبده على عوض فاسد وقبض بعضه ثم أسلما حيث يسلم المكاتب ما بقى من الفاسد فيحصل العتق فان العتق في الكتابة يحصل بحصول الصفة ثم يلزمه تمام قيمته ولا يحط منها
قسط المقبوض في التلف لان العتق تعلق بأداء اخر النجوم وانه وقع في الاسلام فكان بمثابة ما لو كاتب المسلم على عوض فاسد يحصل العتق بوجود الصفة وتجب على المكاتب القيمة
وطريق تقسيط مهر المثل على المقبوض وغير المقبوض ان نقول إن سميا جنسا واحدا ولم يكن فيه نقد وكما لو أصدقها زق خمر وقبضت نصفه ثم أسلما وجب نصف المهر و
ان تعدد المسمى كزق خمر قبضت أحدهما فان تساويا في القدر فلا بحث وان اختلفا احتمل ان يعتبر العدد خاصة ولا ينظر إلى القدر وان يعتبر القدر وللشافعية وجهان
كهذين والثاني أقيسهما عندهم وحينئذ يحتمل امكان اعتبار الكيل أو الوزن ولو أصدقها خنزيرين وقبضت أحدهما فان اعتبرنا في الخمر القدر فهنا تقدر قيمتهما
بتقدير ماليتهما ويسقط ثمن مهر المثل على القيمتين وان كانا قد سميا جنسين فصاعدا احتمل ان النظر إلى الأجناس فيقال قد قبضت ثلث المهر وان ينظر إلى العدد فان قبضت
651

الخمر أو الكلب جعلت قابضة لسبع الصداق وان قبضت الخنازير كانت قابضة لثلاثة أسباعه وان تقوم بتقدر ماليتها ويسقط مهر المثل على القيمة وهو الأقوى وعلى القول
بالتقويم وتقدير المالية ففي كيفيته أقوال أحدها انه يقدر الخمر؟؟؟ الكلب شاة والخنزير بقرة ويقدر الكلب فهذا لاشتراكهما في الصيد والخنزير حيوانا يقاربه في الصورة
والفائدة وقيل يعتبر قيمتها عند من يجعل لها قيمة ويقدر كان الشرع جعلها مالا كما يقدر الحر رقيقا في الحكومات وهو أجود هذا إذا جرى القبض عن تراض فاما إذا جرى
القبض باجبار قاضيهم في تسليم الصداق الفاسد وفي ثمن الخمر إذا باعوها ثم أسلموا لم نوجب الرد فان الاسلام يجب ما قبله وان ترافعوا إلينا وهم على كفرهم فللشافعية قولان
أحدهما انا نكلفهم الرد لان المودى كان مجبرا عليه والترافع لا يجب ما قبله وأصحهما عندهم ان الحكم كما لو جرى القبض عن تراض وكما لو أسلموا تذنيب لو نكح الكافر
على صورة التفويض وهم يعتقدون ان لا مهر للمفوضة بحال ثم أسلموا فلا مهر وإن كان الاسلام قبل المسيس لأنه قد سبق استحقاق وطى بلا مهر مسألة كل
من خالف الاسلام لا تحل مناكحته ولا اكل ذبيحته سواء كان ذميا أولا لصحيح من المذهب وفي أصحابنا من أجازهما من أهل الذمة وهو مذهب العامة كافة واما الوثني
فلا تحل مناكحته ولا اكل ذبيحته ولا يقر ببذل الجزية اجماعا والمجوسي كالوثني في جميع الأحكام الا في باب التقرير على دينه بالجزية فإنهم يقرون عليه ببذل الجزية لقوله (ع)
سنوا بهم سنة أهل الكتاب إذا عرفت هذا فإذا ترافع إلينا مشركان في نكاح وغيره فاما ان يكونا ذميين أو مستأمنين أو ذميا ومستأمنا أو مستأمنا فالذمي من
له ذمة مؤيدة والمستأمن من دخل إلينا بأمان ويسمى الذمي أهل العهد فان ترافع ذميان إلى حاكم المسلمين فاما ان يكونا من أهل ملة واحدة كيهوديين أو نصرانيين
أو مجوسيين أو من ملتين مختلفتين كيهودي ونصراني أو مجوسي أو نصراني ومجوسي فالأول يتخير حاكم المسلمين بين الحكم بينهم وبين ان يعرض عنهم ويردهم إلى حكام ملتهم
ولا يتركهما على النزاع وهو أصح قولي الشافعي وبه قال مالك لقوله تعالى فان جاؤوك فاحكم بينهم أو اعرض عنهم ولأنهما لا يعتقدان صحة الحكم فأشبها المستأمنين والثاني للشافعي
انه يجب عليه الحكم بحكم المسلمين وهو مروى عن أبي حنيفة وبه قال المزني لقوله تعالى وان احكم بينهم بما انزل الله والامر للوجوب ولان دفع الظلم عنهم واجب على الامام
والحكم بينهم دفع لذلك فلزم كالمسلمين والآية لا يدل على مطلوبهم لان الامر تناول الحكم بما انزل الله ونحن نقول بموجبه لو حكم يدل وعليه تمام الآية وان حكمت فاحكم
بينهم بالقسط والقياس على المسلمين باطل لان المسلمين يعتقدون صحة الحكم بخلافهم فمن قال يجب الحكم إذا استعدى واحد منهم على صاحبه فعلى الحاكم ان يعدى
عليه وعلى الخصم ان يجيب الحاكم ويحضر للحكم بينه وبين خصمه ومن قال لا يجب عليه ان يعدى له على خصمه فلا يجب على الخصم ان يحضر إذا بعث إليه الحاكم بل له ان يمتنع
ولا يحضر وان كانا من أهل ملتين كان يتحاكم إلينا يهودي ونصراني فكالأول عند علمائنا لما تقدم ولان الكفر كالملة الواحدة وللشافعية طريقان قال أبو إسحاق في
وجوب الحكم بينهما قولان كما لو كانا من أهل ملة واحدة وقال أبو علي بن أبي هريرة يجب الحكم هنا قولا واحدا لان ترك الحكم يؤدى إلى التخاصم والتظالم لان كل واحد منهما
لا يرتفع إلى ملة الأخر في احكامها بخلاف أهل الملة الواحد إذا ثبت هذا فقد اختلفت الشافعية في موضع القولين على ثلاثة طرق أحدهما ان القولين في حقوق
الآدميين مع حقوق الله تعالى فيجب الحكم لئلا تضيع فإنه لا يطالب بها والثالث ان القولين في حقوق الله تعالى واما حقوق الآدميين فيجب عليه النظر فيها قولا واحدا
لان حقوق الله تعالى مبنية على التسهيل والتسامح بخلاف حقوق الآدميين واما ان كانا مستأمنين لم يجب الحكم بينهما سواء اتفقت ملتها أو اختلفت لانهم
لم يلتزموا الاحكام ولا التزما دفع بعضهم عن بضع بخلاف أهل الملة وهو قول الشافعي وقيل بالحاقهما بالذميين وقيل إن كانا مختلفي الملة وجب والا فلا والأظهر عندهم
الأول لان أهل الذمة أكثر حرمة فإنهم يسكنوا دار الاسلام على التأبيد ولا يجوز لهم نقض ذمتهم لخوف خيانتهم بخلاف المستأمنين فاما ان ارتفعا إلينا ذمي ومعاهد
كما كان لو ارتفع إليه ذميان وللشافعية طريقان أظهرهما انها كالذميين فيجئ فيه القولان للشافعي والثاني القطع بوجوب الحكم كالذميين المختلفي الملة واما ان ترافع
إلينا ذمي ومسلم أو مسلم ومعاهد وجب عليه الحكم بينهما وهو قول الشافعي المسلم ولمنع الظل من المسلم أو منعه من الظلم ولأنه لا يمكنه النزول على حكى الحاكم الكافر فلا بد من فصله
منه بحكمنا مسألة قد بينا ان انكحه (لحق صح) الكفار صحيحة وإذا سالم واحد منهم وتحته امرأة يجوز له ابتداء العقد عليها في حال الاسلام اقررنا عليها لأنا إذا حكمنا بينهم
سواء أوجبنا الحكم أو لم نوجبه انما يكون على موجب الاسلام فإذا ترافعوا إلينا في أنكحتهم أقررناهم على ما تقررهم عليه لو أسلموا ويبطل ما يبطله لو أسلموا فإذا كان قد نكح
امرأة بلا ولى ولا شهودا وبنتا بدون رضاها وترافعوا إلينا وأقررناهم وحكمنا في هذا النكاح بوجوب النفقة وكذا لو نكح معتدة وقد انقضت عدتها عند الترافع و
إن كانت العدة باقية عند المرافعة أبطلنا العقد ولم نحكم بالنفقة ولو أرادوا ابتداء العقد وارتفعوا إلى الحاكم لم يزوجهم الا بشروط النكاح بين المسلمين لأنه لا حاجة هنا
إلى عقد بخلاف ذلك وانما عفونا عما كان في الشرك من عقودهم لئلا يكون ذلك تنفيرا عن الاسلام وهذا لم يوجد في الابتداء فإن كان للمرأة ولى مناسب تثبت له
الولاية في الاسلام زوجها إن كان زوجها إن كان عدلا في دينه وإن كان فاسقا في دينه زوجها من دونه فإن لم يكن لها مناسب زوجها الحاكم بالحكم لان حكمه نافذ فيهم ويكون الشهود عدولا
مسلمين وليس شرطا عندنا وأبو حنيفة أجاز كافرين فاسقين وقد تقدم ولو نكح المجوسي محرما وترافعا في طلب النفقة لم يقبل ولو طلبت المجوسية النفقة من الزوج المجوسي
أو اليهودي فللشافعية وجهان وكذا في تقريرهما على النكاح والظاهر التقرير والحكم بالنفقة كما لو أسلما والتزما احكام الدين والثاني المنع لان المجوسية لا يجوز نكاحها في الاسلام
فكذا لا يتقرر نكاحها ولو جاءنا كافر وتحته اختان وطلبوا فرض النفقة فالأقرب المنع لقيام المانع وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم يفرض لأنا نحكم بصحة نكاحهما وانما يدفع
أحدهما بالاسلام وعلى الأول فالقاضي المرفوع إليه يعرض عنهما أو يفرق بينهما فيه وجهان الأقرب الاعراض وانما يفرق إذا رضوا بحكمنا وقيل إنهم بالترافع اظهروا ما خالف الاسلام
فأشبه ما لو اظهروا خمورهم ولو لم يترافع المجوسي إلينا ولكن علمنا أن منهم من نكح محرما فالوجه وبه قال أبو حنيفة انه لا يتعرض له لان الصحابة عرفوا من حال المجوس انهم ينكحون المحارم
وما تعرضوا لهم وهو قول الشافعي وله وجه اخر ان الامام إذا عرفت ذلك فرق بينهما كما لو عرف ان المجوسي نكح مسلمة أو مرتدة البحث الثان ي في الزيادة على العدد الشرعي
إذا أسلم الكافر وتحته أكثر من أربع وأسلمن معه أو كن كتابيان كان عليه ان يختار أربعا منهن ويفارق البواقي وسواء اختار الاوايل أو الا واخر عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي
واحمد ومحمد الحسن لما رواه العامة عن سالم عن أبيه ان غيلان أسلم وعنده عشره نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وآله أمسك أربعا وفارق سايرهن وترك الاستفصال في حكاية الحال تجرى
مجرى العموم في الأقوال وقال أبو حنيفة وأبو يوسف إن كان تزوجهن في عقد واحد فارقهن كلهن وإن كان ذلك في عقود متعددة لزمته الأربع الاوايل وفارق البواقي لأن العقد
إذا تناول أكثر من أربع فتحريمه من طريق الجمع فلا يكون مخيرا فيه بعد الاسلام كما لو تزوجت المرأة في حال الشرك بزوجين ثم أسلموا واتباع الخبر المشهور أولى ولان كل عدد جاز له
ابتداء العقد عليهم جاز له ان يمسكهن بنكاح مطلق في حال الشرك كما لو تزوج أربعا بغير شهود بخلاف ما لو تزوجت بزوجين فإنه متى واحدا منهما بعد واحدة فنكاح
الثاني باطل لأنها ملكته ملك غيرها وإذا جمعت بينهما فلا يصح ان تختار واحدا منهما لأنها لم تملكه جميع بضعها ولان المراة ليس لها اختيار النكاح وفسخ ه بغير عذر عندهم فافترقا؟
652

ولأنه روى أن نوفل بن معويه أسلم وعنده خمس نسود فقال له النبي صلى الله عليه وآله فارق واحدة وامسك أربع فعمدت إلى أقدمهن ففارقتها وهو نص في الباب مسألة لو أسلم
وتحته أربع كتابيان لا أزيد ثبت عقده عليهن سواء دخل بهن أولا وسواء أسلمن معه أولا وكذا لو كان تحته أربع وثنيات لا غير مدخول بهن فان أسلمن معه ثبت عقد عليهم
وان لم يكن دخل بهن انفسخ نكاحه في الحال ولو أسلم عن أكثر من أربع وهن غير مدخول بهن فأسلم معه أربع منهن تقرر نكاحهن وارتفع نكاح البواقي وإن كان قد دخل
بهن فان أسلمن في العدة تخير أربعا كما تقدم وان أسلم في العدة أربع لا غير وخرجت العدة والبواقي على الكفر نثبت عقد الأربع وانفسخ نكاح البواقي ولو أسلم أربع
من ثمان تحته قبل الزوج وانقضت العدة أو متن في الاسلام ثم أسلم الزوج وأسلمن الباقيان في عدتهن انفسخ نكاح الاوايل باسلامهن وخروج العدة وهو كافر
وتعينت الأربع الأواخر ولو أسلم أربع ثم أسلم الزوج قبل انقضاء عدتهن وتخلفت الباقيان وانقضت عدتهن من وقت اسلام الزوج أو متن على الشرك تعنيت
الاوايل للنكاح ولو كان تحته ثمان فأسلم أربع منهن ثم أسلم الزوج قبل انقضاء عدتهن ثم أسلم الأربع الأخر قبل انقضاء عدتهن من وقت اسلام الزوج اختار أربعا
من الأوليات والاخر يأت أو منهما معا كيف شاء فان ماتت الاوايل أو بعضهن جاز له اختيار الميتات ويرثهن مسألة لو زوج الكافر ابنه الصغير (بأكثر صح) من أربع مشركات
بان قبل نكاحهن ثم أسلم الأب وأسلمن اندفع نكاح ما زاد على أربع ثم ينتظر بلوغ الصبى فإذا بلغ اختار حينئذ
أربعا منهن لأنه في حال الصبوة لا باعتبار باختياره وكذا
لا اعتبار باختيار الولي ولا يقوم مقامه فيه لان طريقه التشهي فتعين الايقاف إلى البلوغ ويكون نفقتهن من ماله لأنه ن محسوبات بسببه وكذا لو أسلم الرجل ثم جن قبل
الاختيار وجب الاياقق إلى حين برؤه مسألة لو تزوج الكافر بامرأة وابنتها أو معا أو على الترتيب ثم أسلمتا معه أو لم يسلما وهما كتابيتان فالأحوال أربع الأولى
ان يدخل بهما معا في حال الكفر فيحرمان عليه مؤبدا إما البنت فبدخوله بالام واما الام فلانه عقد على البنت ودخل بها وهما سببان في التحريم وهو أحد قولي الشافعي
والثاني انها تحرم بسبب واحد وهو الدخول بهما ولكن واحدة منهما المسمى إن كانت التسميد صحيحة وإن كانت فاسدة فمهر المثل ولو كانت تسمية إحديهما صحيحة والاخرى
فاسدة فللصحيحة تسميتها ما سمى لها وللأخرى مهر المثل الثانية ان لا يدخل ولا بواحدة منهما فإنه يختار أيتهما شاء قاله الشيخ (ره) وهو أحد قولي الشافعي لأن العقد في حال
الشرك لا يحكم بصحته الا بانضمام الاختيار في حال الاسلام فإنه لو تزوج بعرة فاختار منهن أربعا لم يجب للبواقي مهر ولا نفقه ولا متعة بمنزلة من لم يقع عليهن عقد
ولأنه لو تزوج الأختين دفعة واحدة واسلم كان له ان يختار أيتهما شاء فكذا الام والبنت فان اختار نكاح البنت استقر نكاحها وحرمت الام على التأبيد وان اختار
الام لم يحرم البنت على التأبيد بل لو فارغ الام قبل الدخول جاز له نكاح البنت والثاني وبه قال المزني أيضا انه لا اختيار له بل يلزمه نكاح البنت وهو جيد لان النكاح
في حال الشرك صحيح ولهذا لو جمع بين الأختين كان له ان يختار أيتهما شاء فثبت انه قد صح فيهما وإذا صح النكاح على البنت حرم الام على التأبيد والبنت لا تحرم
بالعقد على الام والقولان مبنيان عند أكثر الشافعية على الخلاف في صحة أنكحته ان صححناها تعينت البنت ولا تخيير قال ابن الحداد ان قلنا إنه يلزمه نكاح البنت فلا
شئ للام لان نكاحها لم يزل (باختياره وان قلنا بالتخيير فللفارقة نصف المهر لأنه رفع نكاحها بامساك الأخرى وقال صح) القفال من الشافعية ان الحكم بالعكس فإذا لزمه نكاح البنت فقد صححنا نكاح الام ثم أفسدناه بالاسلام فكان ايجاب المهر لها أولي فان اخترناه
فلا حكم للمفارقة لان التخيير مبنى على أن أنكحتهم فاسدة فالتي فارقها كأنه لم ينكحها قط حتى جوز بعض الشافعية لأبيه وابنه نكاحها تفريعا على هذا القول وإذا لم يكن نكاح
ولا دخول فلا مهر وان عينوا البنت فللأم نصف مهر لصحة نكاحها واندفاعه بالاسلام واستبعد الجويني وجوب المهر لأنه صحح نكاح البنت فتصير الام محرما وايجاب
مهر للمحرم بعيد الثالثة ان يدخل بالبنت خاصة فتحرم الام عليه مؤبدا بالعقد على البنت أو الدخول ولا مهر لها على الخلاف بين الشافعية وعند بعضهم
يجب نصف المهر لها إذا صححنا أنكحتهم يستقر نكاح البنت لأنه لم يدخل بالام والعقد عليها لا يحرم البنت الرابع ان يدخل بالام خاصة فتحرم البنت على التأبيد
للدخول بالام وهل حرمت الام عليه بالعقد على البنت فيه قولان فان خيرناه فيما إذا لم يدخل بهما فله امساك الام هنا وان عينا البنت فلا لان نكاح البنت يحرمهما
ولها مهر المثل بالدخول مسألة لو تزوج في الشرك بأختين ثم أسلم وأسلمتا معه قبل الدخول فاختار إحديهما وجب للأخرى نصف المهر قال ابن الحداد من الشافعية
ورد عليه القفال منهم وقال ذلك يكون على القولين في صحة النكاح ولو كان له أمتاه امرأة وبنتها فأسلم وأسلمتا معه فإن كان قد وطئهما معا حرمتا عليه مؤبدا
وإن كان قد وطيا حديهما حرمت الأخرى مؤبدا وان لم يكن قدر وطأ واحدة منهما فله وطى إحديهما فإذا وطيها حرمت الأخرى مؤبدا ولو أسلم وتحته امرأة وعمتها أو
خالتها أو أختها تخير أيتهما شاء سواء دخل بهما أو باحديهما أو لم يدخل بواحدة منهما لان تحريمها تحريم جمع مسألة إذا أسلم وعنده زوجات وأسلمن معه فكل من
من كان له نكاحها لو لم يكن زوجته كان له ان يختارها وكل من لم يكن له نكاحها لو لم يكن زوجة لم يكن له اختيارها فلو أسلم وعنده أكثر من أربع زوجات وثنيات فإن لم
يكن دخل بهن انفسخ عقدهن في الحال وإن كان قد دخل بهن انتظرت العدة فان لحق به أربع في العدة وأسلمن قبل انقضائها ثبت عقدهن ان خرجت العدة والبواقي
على الكفر وان أسلمن كلهن تخير أربعا ولو بقين على الكفر لم يكن له ان يختار شيئا ولو كان عنده أربع زوجات إماء وأسلمن معه تخير منهن اثنتين سواء كان له ان
ينكح الإماء أولا عند علمائنا الأمة مستديم للعقد لا مستأنف له ويجوز في الاستدامة ما لا يجوز في الابتداء كما أنه ليس له العقد على كتابية وإن كان له استدامه عقدها
واما الشافعي فقال إن كان ممن يجوز له ابتداء العقد على الأمة كعادم الطول الخايف من العنت فإنه إذا كان تحته أمة ثبت العقد وإن كان واجد للطول انفسخ نكاحها
وإن كان تحته حرة وأمة انفسخ نكاح الأمة وإن كان تحته أربع إماء فإن كان عادما للطول خائفا من العنت كان له ان يختار واحدة منهن وان لم يكن كذلك انفسخ نكاح
الكل قال أبو ثور له ان يختار نكاح الأمة مع القدرة على الحرة لان الاختيار ليس بابتداء عقدوا ما استدامه العقد كما أنه لو أسلم أو أجرم كان له ان يختار في احرامه
ولا يجوز للمحرمة ابتداء العقد ولا يفتقر أيضا الاختيار إلى الولي والشهود والرضا فلم يكن ابتداء عقد قال بعض الشافعية ان هذه امرأة لا يجوز له ابتداء العقد عليها في
حال الاسلام فلا يجوز اختيارها فيه كما لو أسلم وهي معتدة من غير وكذا ذات المحارم وفرقوا بينه وبين الاحرام لان له الاختيار في الاحرام لان حالة ثبوت الاختيار لم يكن
محرما وانما الاعتبار بحالة ثبوت الاختيار دون وجود الاختيار وكذا لو أسلم وأسلمن معه وهو معسر ثم أيسر جاز له اختيار الأمة ومن الشافعية من قال إذا أسلم فاحرم ثم
أسلمن فهل له الاختيار قولان للشافعي مسألة لو أسلم وتحته أمة كتابية وعتقت في العدة فله امساكها وكذا لو لم يسلم ولم تعتق عندنا خلافا للشافعي لأنه لا يجوز
نكاح الأمة (المشركة صح) ولو كانت وثنية ولم تسلم إلى انقضاء مدة العدة تبينا اندفاع النكاح من وقت اسلامه ولو كن أربعا واجتمع اسلامه واسلامهن في العدة اختيار اثنتين منهن
عندنا مطلقا وواحدة عند الشافعي إن كان ممن يحل له نكاح الأمة ولو لم يجتمع اسلامه واسلامهن في العدة اندفع نكاح الجميع ولا فرق بين ان يسلم أولا أو يسلمن أولا
ولو أسلم وتحته ثلث فأسلمت واحدة منهن معه وهو معسر خايف العنت ثم أسلمت الثانية في عدتها وهو معسر ثم أسلمت الثالثة وهو معسر خايف اندفع نكاح الثانية
653

عند الشافعية لفقدان الشرط عند اجتماع اسلامها واسلامه ويتخير بين الأولى والثالثة وهو مبنى على ظاهر مذهبه في اليسار انه انما يؤثر في اندفاع النكاح إذا اقترن
باسلامهما جميعا لكن من الشافعية من ينظر إلى وقت اسلامه ويكتفى به فعلى هذا لا تندفع الثالثة أيضا مسألة لو أسلم وتحته إماء وأسلمت معه واحدة
منهن فله ان يختار التي أسلمت كما لو أسلمن جميعا وله ان يتوقف وينتظر اسلام الباقيات لجواز ان يؤثر واحدة منهن فان بقين على الكفر حتى خرجت العدة ظهر
انهن بن وقت اختلاف الدين وان عدتهن قد انقضت وتقرر نكاح مسلمة وان أسلمن في العدة فينظر إن كان قد
اختار التي أسلمته أولا كان له اختيار ثانية
عندنا وعند الشافعي تكون بيبوسهن باختياره إياها وإن كان متوقفا منتظرا فأسلمن اختار واحدة منهن واندفعت نكاح البواقي ولو طلق التي أسلمت كان الطلاق
اختيارا لنكاحها ثم إن أصرت البواقي حتى انقضت العدة ظهر انهن بن باختلاف الدين وان أسلمن في العدة ظهر انهن بن من وقت الطلاق فإنه وقت الاختيار و
ان فسخ نكاح التي أسلمت أولا يم ينفذ لان الباقيات مختلفات وانما يفسخ النكاح إذا زدن على عدد الجايز امساكه ثم إن أصررن اندفعن باختلاف الدين و
لزمه نكاح الأولى وان أسلمن في العدة اختار من شاء من الكل وفيه وجه للشافعية بان باسلام الباقيان يظهر نفوذ الفسخ فيها فلا يختارها ولكن يختار واحدة من
الباقيات والظاهر عندهم الأول مسألة لو أسلم وتحته حرة وثلث إماء فان أسلمن كلهن معه ثبت النكاح للحرة ثم إن تخير الحرة فسخ نكاح الإماء انفسخ نكاحهن
وان اختار الاجتماع معهن كان للزوج ان يختار الاثنتين وتبين الثالثة عندنا وعند العامة ينفسخ نكاح الإماء ان أسلمت الحرة معه أو كانت مدخولا بها فأسلمت
بعده في العدة وتعينت الحرة للنكاح واندفع نكاح الإماء سواء أسلمن قبل اسلامها أو بعده أو بين اسلام الزوج والحرة لان القدرة على الحرة تمنع من اختيار الأمة
وإذا تأخر اسلامهن فان أسلمن في العدة بن من وقت اجتماع اسلام الزوج والحرة وعدتهن من ذلك الوقت فإن لم يسلمن حتى انقضت العدة فبينونتهن باختلاف
الدين وان ألم يجتمع اسلام الحرة مع اسلامه في العدة بان أسلم الزوج ولم تسلم هي إلى أن انقضت العدة أو أسلم الزوج وماتت في العدة أو كانت قد أسلمت هي أولا وبقى
الزوج على كفره إلى أن خرجت العدة أو ماتت فالحكم كما لو كلم يكن في نكاحه حرة فيختار واحدة من الإماء عند العامة عندنا يختار اثنتين وليس له اختيار واحدة من
الإماء في مدة تخلف الحرة المدخول بها إذا أسلمن معه أو بعده في العدة حتى تنقضي عدتها أو تموت على الكفر فان اختار واحدة منهن قبل انقضاء عدتهن أو قبل
موتها ثم ماتت الحرة أو انقضت عدتها على الشرك وللشافعية قولان أحدهما نفوذ الاختيار السابق والثاني انه في الابتداء موقوف إلى أن يظهر حال الحرة في الانتهاء
ولو تأخرت الحرة فطلقها ثلثا كان الطلاق موقوفا فان أسلمت في العدة فنكاحها كان ثابتا والطلاق وقع فيه والإماء بن بثبوت نكاحها قبل الطلاق وان لم تسلم
حتى انقضت عدتها لم يقع الطلاق بها وبان ان الفسخ وقع باختلاف الدين وكان له ان يختار الواحدة من الإماء إذا كان من يجوز له نكاح الإماء مسألة
لو أسلم وتحته أربع إماء وهو موسر ثم أعسر بعد ذلك وأسلمن بعد اعساره جاز ان يختار واحدة منهن لان شرائط النكاح تعتبر في وقت الاختيار ووقت الاختيار
هو معسر فجاز له الاختيار بخلاف ما لو كان تحته حرة وإماء فأسلمت الحرة وتأخر اسلام الإماء فماتت ثم أسلمن فإنه لم يكن له ان يختار واحدة منهن وإن كان وقت
الاختيار ليس تحته حرة لأنه إذا كان تحته حرة وأسلمت فقد نكاحها ثبت فانقطعت عصمة الإماء فإذا ماتت لم تعد عصمتهن ولان اسلام الحرة دخل وقت الاختيار
وماتت بعده ويفارق الاختيار بعد اليسار لأنه وجد حال الاختيار بعد اليسار لأنه وجد حال الاختيار فلو كان تحته أربع إماء فأسلمت واحدة منهن وهو موسر ثم أسلم الباقيان بعد اعساره
لم يكن له ان يختار واحدة منهن لأنه باسلام الأولى دخل وقت الاختيار الا ترى انه لو كان معسرا كان له ان يختارها فإذا كان موسرا بطل اختياره لو كان حين أسلم أسلمن
معه وهو معسر ثم أيسر قبل ان يختار كان له الاختيار لان حال ثبوت الاختيار كان له ذلك فتغير حاله لا يسقط ما ثبت له كما لو تزوج أو اختار ثم أيسر لم يحرم عليه استدامة
النكاح مسألة لو كان تحته حرة وأربع إماء فأسلم وأسلمن وتأخرت الحرة في الشرك وأعتقن الإماء فليس له ان يختار واحدة منهن لا قبل العتق لأنه متمسك
بالجرة ولا بعده لان وقت الاختيار حين اجتماع اسلامه واسلامهن بل يقف ذلك على الاسلام الحرة لان نكاح الأمة لا يجوز لقار على حرة وانما يعتبر حالهن حال ثبوت
الخيار وهو حال اجتماع اسلامه واسلامهن وذلك قبل العتق حصل فينظر فإن لم تخير واحدة منهن حتى أسلمت الحرة قبل انقضاء عدتها فقد بن ويثبت نكاح الحرة
ان لم ترض بنكاحهن عن الاسلام حتى (انقضت عدتها فقد بانت صح) وكان له ان يختار واحدة من الإماء عند العامة وعندنا يختار اثنتين من الإماء وان كن حراير اعتبارا بحال اجتماع
اسلامه واسلامهن وإن كان اختار واحدة من المعتقان نظر فان أسلمت الحرة قبل انقضاء العدة بن الأربعة وبطل اختياره ان لم تجز الحرة وان اختارت لغير من اختارها بطل
نكاح الإماء وان تخلفت في الشرك قال الشافعي ثبت نكاح الأمتين واختلف أصحابه فبعضهم قال انما يثبت يعنى باختيار جديد ولا يكون لاختياره موقوفا لأنه جار
مجرى استدامة العقد وابتداء العقد لا يقف فكذا ما رجى مجراه وبعضهم قال بظاهره وجوز ان يكون الاختيار موقوفا لان ثبوت الاختيار يكون موقوفا فكذا صحته
مسألة لو أعتق الإماء قبل ان يسلم الزوج ثم أيسلم وأسلمن أو أعتقن بعد ما أسلم الزوج وقبل ان يسلمن ثم أسلمن فالحكم واحد لان هن أعتقن قبل حالة الاختيار (لان حالة الاختيار صح)
حال اجتماع اسلامه واسلامهن وإذا كان كذلك فقد ثبت له ان يختار هؤلاء الأربع فان اختارهن ثبت نكاحهن وانقطعت عصمة الخامسة فان أسلمت قبل انقضاء
عدتها فقد بانت باختيار الأربع وان لم تسلم فقد بانت باختلاف الدين قال الشيخ (ره) لو أسلم وأسلمن ثم أعتقن بعده كان بمنزله من ابتدء نكاحهن وهو خمس حراير لأن الاعتبار
بحال الاختيار فيكون بالخيار بين ثلثه أشياء أحدها ان يختار اللواتي أسلمن معه فان فعل ثبت نكاحها وانقطعت عصمة الخامسة فان أسلمت انفسخ نكاحها
بالاختيار وان أقامت على الشرك حتى انقضت عدتها انفسخ نكاحها باختلاف الدين الثاني ان يختار ترك الاختيار لينظر حال المتأخرة فان أقامت على الشرك حتى انقضت
عدتها ثبت نكاح اللواتي أسلمن معه وان أسلمت تلك اجتمع اسلامه واسلام خمس حراير يختار منهن أربعا وينفسخ نكاح الخامسة الثالث ان يختار منهن ثلثا
ويؤخر واحدة من الأربع لينظر ما يكون من الخامسة والحكم على ما مضى قال ولا فرق بين ان يتقدم اسلامه ثم يعتق ثم يسلمن وبين ان يتقدم اسلامهن ثم يعتق ثم يسلم وانما يراعى
اجتماع اسلامه واسلامهن مسألة لو أعتقن ثم أسلم الزوج وأسلمن أو أسلمن ثم عتقن ثم أسلم الزوج أو أسلم الزوج وعتقن ثم أسلمن التحقن بالحراير الأصليات
حتى لو أسملت الحرة ثم أسلمت الإماء المتخلفات بعد ما عتقن فهو كما لو أسلم على حراير فيختار منهن أربعا كيف شاء وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه اخر فيما إذا أسلم وتحته حرة
وإماء فعتقت الإماء ثم أسلمن انه لا يجوز له ان يختار الا الحراير الأصليات ولو تخلفت الحرة واجتمع اسلامه واسلامهن وهن عتيقات وله ان يختارهن ثم إن أسلمت المتخلفة
في العدة بانت باختيار الأربع وان لم تسلم بانت باختلاف الدين وان اخر الاختيار انتظار الاسلام المتخلفة جاز وقال بعض الشافعية لا معنى لتأخير اختيار الكل فإنه يلزم نكاح
ثلث منهن لا محاله فيختار ثلثا ثم إن أسلمت المتخلفة في العدة اختارها أو الرابعة من العتيقات وان لم تسلم لزمه نكاح الرابعة من العتيقات ولو أسلم وليس في نكاحه الا الإماء
654

وتخلفن وعتقن ثم أسلمن في العدة اختار منهن أربعا كالحراير الأصليات ولو أسلمن معه الا واحدة ثم أسلمت المختلفة في العهدة بعد منا عتقت تعينت كالحرة الأصلية ولو كان تحته
أربع إماء فأسلمت معه اثنتان وتخلفت اثنتان فعتقت واحدة من الأوليين ثم أسلمت الأخرتان على الرق اندفع نكاحهما لان تحت زوجها عتيقه عند اجتماع اسلامهما واسلام
الزوج ولا يندفع الرقيقة المتقدمة لان عتق صاحبتهما كان بعد اجتماع اسلامهما واسلام الزوج فلا يؤثر في حقها بل يختار واحدة منهما ولو كان تحته إماء فأسلم الزوج مع واحدة ثم
عتقت ثم عتق الباقيات وأسلمن اختار أربعا منهن لإلتحاقهن بالحراير الأصليات وليس له اختيار الأولى لأنها كانت رقيقة عند اجتماع اسلامهما واسلام الزوج فلا يؤثر في
حقهما بل يختار واحدة منهما ولو كان تحته إماء فأسلم الزوج مع واحدة ثم عتقت ثم عتق الباقيات واسلموا اختار أربعا لإلتحاقهن بالحراير الأصليات وليس له اختيار الأولى لأنه
كانت رقيقه عند اجتماع الاسلامين فتندفع الباقيات العتيقات عند اجتماع الاسلامين ولو كان تحته أربع إماء فأسلم واسلم معه اثنتان ثم عتقتا وعتقت المتخلفات ثم أسلمتا
تعنيت الأخرتان للامساك بحريتهما عند اجتماع الاسلاميين ولا يجوز امساك الأولين برقهما عند اجتماع الاسلامين فاندفاعهما بالعتيقتين ولو أسلم الزوج وتخلفن ثم عتقت
اثنتان ثم أسلمتا وأسلمت الأخرتان ثم عتقت تعينت الأولتان للامساك ويندفع بهم الأخرتان والأصل في ذلك ان الاعتبار بحال اجتماع الاسلامين فإنها حاله امكان
الاختيار كما أن النظر في اليسار والاعسار وفي خوف العنت والا من منه إلى حالة اجتماع الاسلامين مسألة إذا تزوج الكافر أمة كافرة ودخل ثم أسلمت قبله لم يكن
لها اجازة النكاح سواء عتقت ثم أسلمت واو أسلمت ثم عتقت لأنه ليس للمسلمة المقام تحت كافر فلو أجازت لم يبطل حقها من الفسخ ولو اختارت الفسخ في الحال جاز لأنه ملائم حالها
ولا يلزمها الانتظار إلى أن يظهر حال الزوج من الاسلام والإصرار على الكفر لأنها لو أخرت الفسخ إلى بعد اسلام الزوج كانت عدتهما من حينئذ فيندفع بالتعجيل طول التربص فإذا
فسخت فان أسلم الزوج قبل انقضاء مدة عدتها فعدتها من وقت الفسخ وتعتد عدة الحراير وان لم يسلم إلى أن انقضت المدة فعدتها من اسلامها ويلغوا الفسخ لحصول الفراق
قبله وتعتد عدة الحراير ان عتقت ثم أسلمت وان أسلمت ثم عتقت فهذه أمة عتقت في أثناء العدة فتكمل عدة الحرة عند بعض الشافعية لأنها كالرجعية يعتق في الأثناء العدة؟
لتمكن الزوج من استيفاء النكاح بالاسلام كما يتمكن بالرجعة فالرجعية وقال بعضهم تعتد عدة الأمة الحاقا لها بالباينة يعتق في أثناء العدة لان البانية لا تكون بينونتها بانقضاء
العدة كذلك هذه التي أسلمت ثم عتقت وأصر الزوج فانا نحكم بحصول الفرقة من وقت اسلامها بخلاف الرجعية فإنها تبين بانقضاء العدة ولو أرادت تأخير الفسخ إلى أن
يتبين حال الزوج جاز ولا يبطل خيارها كالرجعية إذا أعتقت في العدة والزوج رقيق يجوز لها ثم إن لم يسلم الزوج إلى أن انقضت العدة سقط الخيار وعدتها من وقت
اسلامها وتعتد عدة الحراير ان عتقت ثم أسلمت وان أسلمت ثم عتقت فعدتها عدة الحراير أو عدة الإماء فيه ما سبق من الخلاف وان أسلم الزوج فلها الفسخ ويعتد من
وقت الفسخ عدة الحراير ولو أسلم الزوج قبلها وتخلفت فلها الخيار لتضررها برق الزوج وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه لا خيار لها لان خيار العتق من احكام الاسلام
وهي كافرة فلا يثبت لها حكم الاسلام والأظهر عندهم الأول فحينئذ لها تأخير الفسخ والإجازة ثم إن أسلمت قبل مضى العدة وفسخت اعتدت من يوم الفسخ عدة الحرة وان لم يسلم
حتى انقضت عدتها حصل الفراق من وقت اسلام الزوج وهل تعتد عدة الحرة أو الأمة للشافعي قولان قال الجويني الاظهر الحاقها بالباينة لأنه ليس بيد الزوج شئ إذا
كانت هي المتخلفة ولو اجازه قبل ان تسلم لم يصح لأنها لا يلايم حالها فإنها تعرض البينونة وقال بعض الشافعية يصح ولو فسخت قال بعض الشافعية لا يصح لأنه لا حاجة لها إلى الفسخ
لأنها تنتهى إلى البينونة واسلامها بيدها ان أسلمت فسخت والا بانت من وقت اسلامه بخلاف ما إذا تخلف الزوج فان اسلامه لا يتعلق باختيارها فلا تأمن ان يسلم في مدة
العدة وقال أكثر الشافعية ينفذ الفسخ كما لو تقدم اسلامها والاسلام واجب عليها في الحال فليس لها تأخيره إلى انقضاء مدة العدة مسألة لو كان تحت العبد الكافر زوجة
كافرة فأسلم الزوج لم يكن لزوجته خيار الفسخ وهو أظهر وجهي الشافعية لان الأصل لزوم العقد ولم يحدث عتق لها وقد رضيت برقه (أولا صح) قد يثبت لها خيار الفسخ وقال
بعض الشافعية يثبت لها الخيار لا ن الرق نقص في الاسلام فان العبد لا يساوى الحر في الاحكام إما في حالة الشرك فلا يتميز الحر عن الرقيق قال بعض الشافعية هذا الخلاف
في حق أهل الحرب إما الذمة مع الذمي فلا خيار لها لأنها رضيت بأحكامنا قال الشيخ (ره) لو تزوج العبد في حال الشرك ستا أمتين وكتابيتين ووثنيتين فأسلم
وأسلمن معه فقد اجتمع عنده ست مسلمات وكن ثلاثة أصناف أمتان وحرتان كتابيتان ووثنيتان فإن لم يخترن فراقه أمسك أي اثنتين شاء واما الاثنتان
فليس لهما ان تختار فراقه لأنه مملوك وهما مملوكتان فلا مزية لهما عليه واما الحراير فهل لهن ان يخترن فراقه مذهبنا ان لهن الاختيار وقال قوم لا خيار لهن قال والأول أصح
فان اخترن فراقه بقى عنده أمتان فله امساكهما لان عندنا انه يجوز للعبد ان يتزوج بأربع إماء وعند المخالف بأمتين ومن قال لا خيار لهن اختار العبد أي اثنتين
شاء حرتين أو المتين أو حرة وأمة أي صنف شاء وعندي في ثبوت الخيار للحراير اشكال مسألة العبد إذا أسلم وتحته أكثر من امرأتين حرتين وأسلمن معه أو بعده
في العدة وقد كان دخل بهن يختار اثنتين من الحراير أو أربع إماء عندنا أو حرة وأمتين وعند الشافعي يختار اثنتين لا غير سواء كن حراير أو إماء أو بالتفريق فإن كان
تحته أربع إماء فان أسلمن أولا ثم أعتقن وتأخر العبد في الشرك كان لهن اختيار الفسخ لان الأمة إذا أعتقت تحت العبد كان لها (الخيار صح) وانما ثبت لهن الفسخ وان كن جاريات إلى
بينونة لأنه قد يسلم الزوج قبل انقضاء العدة فلا بين باختلاف الدين فان فسخن بعد ذلك استأنفن العدة وكان عليهن في تأخر الفسخ ضرر فان اخترن الفسخ انقطعت
العصمة بينهن وبينه وأكملن الحراير ان سكتن لم يسقط خيارهن فإذا أقام الزوج على الشرك حتى انقضت العدة ووقع الفسخ باختلاف الدين وظهر فساد الفسخ لأنه صادف
البينونة وقد أعتقن في العدة وكان ابتداء العدة من حين الفسخ وهل تكمل عدة الحرة قيل فيه قولان للشافعي أقواهما لا يجب عليهم ذلك لان الأصل براءة الذمة و
ان اخترن المقام معه ثبت نكاحهن فيكون عبد تحته أربع حراير فله ان يختار اثنتين منهن فإذا فعل ثبت نكاحهما وانفسخ نكاح الباقين من حين اختياره وعليهن عدة
الحراير من حين وقع (وقوع صح) الفسخ هذا إذا سكتن فان اخترن المقام معه كان هذا الاختيار فان أقام الزوج على الشرك حتى انقضت العدة وقع الفسخ باختلاف
الدين وكان ابتداء العدة من حين الفسخ وهل تكمل عدة الحراير قولان وان أسلم العبد أولا وتأخرن في الشرك
واعتق فحكم اختيارهن في الفسخ والمقام معه تقدير في المسألة
السابقة ويصح منهن اختيار الفسخ دون اختيار المقام ولا يصح منهن اختيار فسخ ولا مقام ولهن الخيار حين أسلمن قال قوم ان هذا صحيح فإنهن متى اخترن فراقه أو المقام معه
فلا حكم وقال الباقون ان الحكم فيها كالتي قبلها وانهن ان اخترن صح اختيار الفسخ لأنهن أعتقن تحت عبد فعلى هذا يكون فيها الأقسام الثلاثة التي ذكرناها وهذا الأقوى
قاله الشيخ مسألة إذا كانت تحت العبد أربع إماء فأسلمن وأعتقن قبله كان لهن اختيار الفسخ على ما تقدم فإذا فسخن ولم يسلم الزوج حتى انقضت العدة بن باختلاف
الدين من حين أسلمن وان أسلم قبل انقضا العدة بن بفسخ النكاح ووجب عليهم عدة الحراير لأن العدة وجبت وهن أحرار وان سكتن حتى أسلم الزوج لم يسقط بذلك
حقهن من الفسخ قولا واحدا لأنهن جاريات إلى بينونة فيكون تركهن للفسخ اعتماد على ذلك فلا يتضمن الرضا بالنكاح فان أسلم قبل انقضاء العدة كن بالخيار فان
655

اخترن فراقه انفسخ النكاح واعتددن عدة الحراير وان اخترن المقام معه كان عليه ان يختار منهن اثنتين فان العبد لا يجمع أكثر من اثنتين عند الشافعي وعندنا له
ان يختار أربع إماء وان اخترن المقام معه قبل اسلامه لم يصح ولم يسقط حقهن من الفسخ عند اسلامه لان اختيار المقام يضاد البينونة وهن جاريات إلى بينونة
فلا يصح اختيارهن للمقام معه ويفارق بفسخهن حيث صح لأنه لا يناسب الجري إلى البينونة كما لو ارتدت المرأة بعد الدخول وقف النكاح على انقضاء العدة فان طلقها
كان الطلاق موقوفا أيضا فلو ارجعها لم تصح الرجعة لان جريانها إلى البينونة ينافي الرجعة فمنعت صحتها فان أسلم بعد ذلك كان لهن الخيار كما لو سكتن قبل اسلامه بهذا
إذا أسلمن واعتق أو لا فاما إذا أسلم وتخلفن في الشرك فأعتقن فان اخترن المقام معه لم يصح اختيارهن لأنهن جاريات إلى البينونة وان اخترن الفسخ فللشافعي قولان أحدهما
انه لا يصح لأنهن يجرين إلى بينونة ولا غرض لهن في الفسخ بخلاف المسألة السابقة لان في تلك لا يا من أن يسلم قبل انقضاء العدة فيحتجن إلى الفسخ واستيناف العدة
وهنا الاسلام إليهن ان اخترن الاسلام أسلمن وفسخن وان لم يخترن الاسلام فالبينونة تقع باختلاف الدين والثاني ان لهن الفسخ كالمسألة السابقة وما ذكروه ممنوع
لأنه قد يتجدد لهن ان أسلمن والاسلام واجب عليهن في كل الحال فيسلمن وتطول العدة ولو اجتمع اسلامه واسلامهن وهن إماء ثم أعتقن من ساعتهن واخترن فراقه لم
يكن لهن ذلك إذا تراخا اختيارهن أقل لحظة لان خيار المتعة على الفور وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه على التراخي وكذا لا خيار لو وقع عتقه وعتقهن دفعة لأنهن
لم يوجد علة ثبوت الخيار وهو كمالها تحت ناقص مسألة العبد الكافر إذا أسلم وتحته أكثر من امرأتين وأسلمن معه أو بعده في العدة مع دخوله بهن كان له ان يختار
حرتين أو أربع إماء أو حرة وأمتين عند علمائنا وعند الشافعي يختار منهن اثنتين سواء كن حراير أو إماء وان كن حراير وإماء فان شاء اختار حرتين وان شاء أمتين
وان شاء حرة وأمة لو سبقن إلى الاسلام ثم أسلم قبل انقضاء عدتهن فالحكم كذلك ولو طرء العتق عليه وكان قد تزوج في الشرك بعدد من النسوة نظر فان تأخر عتقه
عن اجتماع الاسلامين لم تحير الأخرتين أو أربع إماء أو حرة وأمتين ولم يؤثر العتق في اختيار زيادة وان أعتق قبل اجتماع الاسلامين بان عتق قبل اسلامه واسلامهن
أو بين اسلامه واسلامهن تقدم اسلامه أو تأخر فحكمه حكم الأحرار فإن كان النساء حراير اختار أربعا منهن وان المت منهن ثنتان معه ثم عتق ثم أسلمت الباقيتان فليس
له الا اختيار اثنتين إما الأولتين أو الأخيرتين أو واحدة من الأولتين وواحدة من الأخيرتين فإذا اختار اثنتين وفارق اثنتين كان له ان يتزوجها لأنه حر يجوز
له الجمع بين الربع ولو أسلم معه واحدة ثم عتق ثم أسلم الباقيات فله اختيار أربع منهن والفرق انه إذا لم يلم معه الا واحدة لم يكمل عدد العبيد فإذا أسلم اثنتان ثم عتق كمل
عدد العبيد قبل العتق فحدوث الحرية بعد ذلك لا توجب زيادة عدد قياسا على ما إذا طلق العبد امرأته طلقتين ثم عتق لم يملك بالعتق طلقه ثالثه ولم يجز نكاحها الا
بمحلل ولو طلقها طلقة ثم عتق ونكحها أو راجعها ملك طلقتين وعلى منا إذا أعتقت الأمة في أثناء القرئين تكمل ثلثة اقراء وان عتقت بعد تمامهما لم يلزمها شئ اخر وعلى
ما إذا كان تحته حرة وأمة فقسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة ثم عتقت الأمة ان عتقت بعد اتمام ليلتها لم تستحق زيادة وان عتق قبل اتمامها كمل لها ليلتين وإن كان
السناء إماء فان عتقن عند اجتماع الاسلامين اختار منهن أربعا والا فلا يختار الا واحدة بشرط الاعسار والخوف من العنت وعندنا يختار اثنتين لا غير
ولو كان تحته أربع إماء فأسلمت معه اثنتان ثم عتق ثم أسلمت المتخلفتان لم يكن له الا اختيار اثنتين لأنه وجد كمال عدد العبيد قبل العتق قالت الشافعية يجوز اختيار الأولتين
لأنه كان رقيقا عند اجتماع اسلامه واسلامهما ولا يجوز للحر امساك الأمة وفي حكم نكاحه حرة وهل يختار واحدة من الأولتين وواحدة من الأخيرتين للشافعية وجهان
أصحهما عندهم المنع وقال بعضهم يجوز اختيار الأخيرتين أيضا لأنهما اجتمعا معه في الاسلام قبل انقضاء العدة فأشبهت الأولتين ولو أعتقت المختلفات بعد عتقه ثم
أسلمتا فله اختيار الأخيرتين واختيار واحدة واحدة من الأولتين وواحدة من الأخيرتين لأنهما حرتان عند اجتماع اسلامه واسلامهما فصار كما لو كان تحته أربع حراير و
أسلمت أسلمت معه اثنتان ثم عتق ثم أسلمت الأخيرتان يختار اثنتين كيف شاء ولو أسلمت معه واحدة من الإماء الأربع ثم عتق ثم أسلمت البواقي قال بعض الشافعية لا يختار
الا واحدة على ظاهر مذهبه وقال بعضهم يجوز اختيار اثنتين لأنه لم يستوف عدد العبيد ولو عتقت البواقي في صورة الاسلام الواحدة معه ثم أسلمت قال بعضهم له
امساك الجميع لأنه لم يستوف عدد الرق قبل العتق أوله امساك الأولى لأنه كان رقيقا عند اجتماع اسلامه واسلامهن والبواقي كن حراير عند اجتماع اسلامه واسلامهن
فله امساكهن لان ادخال الحراير على الأمة جايز وإن كان بعض النساء حراير وبعضهن إماء اندفع نكاح الإماء مطلقا عند العامة وعندنا بشرط عدم رضاء الحراير فعندهم
يختار من الحراير أربعا ان زدن على (أربع صح) والا أمسكهن ولو كان قد نكح حرتين وأسلمت معه حرة وأمة ثم عتق ثم أسلمت المختلفات فلا يختار الا اثنتين لاستيفاء العدد قبل
العتق وله اختيار الحرتين واختيار الأمة الأولى مع حرة وليس له اختيار الثانية مع حرة لأنه كان رقيقا عند اجتماع اسلامه واسلام الأولى وحرا عند اجتماع اسلامه واسلام
الثانية فلا يجوز له اختيار الأمة وفي حكم نكاحه حرة البحث الرابع في الاختيار ولو أحقه وفيه انظار النطر الأولى في وجوبه مسألة إذا أسلم الكافر على أكثر
من أربع نسوة وأسلمن معه أو بعده قبل خروج العدة أو أصررن وهن كتابيات وقعت الفرقة بينه وبين ما زاد على الأربع بالاسلام ويجب عليه الاختيار والتعيين
للأربع لقول النبي صلى الله عليه وآله لغيلان بن سلمة الثقفي اختر منهن أربعا وفارق سايرهن امره بالاختيار والامر للوجوب ولأنه لو لم تخير أربعا كان متمسكا بنكاح بعد الاسلام فلم
يجز فان المسلم كما لا يجوز له ان ينكح أكثر من أربع كذا لا يجوز ان يستديم أكثر من أربع فان اختار أربعا والا حبسه الحاكم تعزير عليه في ترك الواجب فان أصر ولم يرتدع بالحبس أخرجه
وعزره ويجده بما يراه الحاكم إما بالضرب أو غيره فان فعل والا رده إلى الحبس والضرب حتى يختار لأنه حق لا يقضى الا من جهته وكذا من وجب عليه دين حال وكان له مال يعرف
الحاكم وبه كان يسره ولا يظهره ولا مال له سواه فان السلطان يجبره على قضاء الدين فان فعل والا حبسه تعزيرا فان فعل والا أخرجه وعزره ولا يزال يحبسه ويعزره
حتى يظهر المال ويقضى الدين لا يقال إن المولى إذا امتنع من الفئة والطلاق طلق الحاكم عليه ولا يعزره فلم لا يكون هنا كذلك لأنا نقول لا نسلم ان الحاكم يطلق عن
المولى فان علمائنا منعوا من ذلك وهو أحد قولي الشافعي فلا يرد نقضا والثاني للشافعي انه يطلق عن المولى والفرق ان الطلاق في الايلاء حتى لمعين يمكن الحاكم ايفاؤه
وهنا انما يتعين الزوجات باختياره وشهوته ولا يمكن اطلاع الحاكم عليه فلا يمكن ان ينوب عنه فيه فلهذا أكرهه عليه وجاز له تعزيره لأنه حق عليه يمكن
ايغاؤه وهو ممنوع إذا عرفت هذا فان جن أو أغمي عليه في الحبس خلاه الحاكم إلى أن يفيق قال بعض الشافعية إذا حبس لا يغرر على الفور فلعل عليه في التعيين فكرا
وأقرب معسر فيه مدة الاستتابة واعتبر بعضهم في الامهال الاستنظار فقال ولو استنظر أنظره الحاكم آل ثلثه أيام ولا يزيد مسألة الظاهر أنه إذا
اجتمع اسلام الزوج واسلامهن في العدة وجب عليه الاختيار والتعيين على الفور إذا زدن على عدد الشرعي ولو أسلم العبد وتحته أربع زوجات إماء فله ان يختار
اثنتين عند العامة وعند نا له ان يمسكهن فان أعتقن كان لهن خيار الفسخ لخبر بريرة والخيار على الفور هنا دون بالتراخي قاله الشيخ (ره) وهو أحد قولي الشافعي
656

والثاني انه على التراخي فعلى هذا القول كم يكن مقداره للشافعي ثلثه أقوال أحدها مدة الخيار ثلثه أيام والثاني المدة باقية حتى يتمكن من الوطي أو يصرح بالرضا والثالث ان يكون
منها ما يدل على الرضا إذا عرفت هذا فمتى ادعت المراة انها لم تعلم بالعتق فإن كان مثل ذلك يخفى قبل منها مع اليمين بان تكون في بلد وسيدها في الأخر أو في قرية وهو في غيرها
أو في محلتين متباعدتين ولو كانت مع سيدها في دار واحدا ودرب واحد وكان مما لا يخفى عليها ميل سيدها إليها والى اعلامها به لم يقبل قولها وان ادعت جهالة الحكم فقالت
علمت العتق ولم اعلم أن للأمة إذا أعتقت الخيار فالأقوى قبول قولها مع اليمين لان ذلك من علم الفقهاء ويخفى على العامة وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يقبل منها
كخيار الرد بالغبن في التزويج وكل موضع قلنا يقبل قولها في الجهالة فلا بد من اليمين وان لم يقبل فالقول قول الزوج مع اليمين النظر الثاني في كيفية الاختيار و
هو إما بالقول أو الفعل فهنا مقامان الأول القول وهو إما صريح واما كناية واما الصريح فمثل أن يقول اخترت نكاحك أو اخترت تقرير نكاحك أو اخترن حبسك
على النكاح أو اخترت عقدك أو اخترتك أو أمسكتك وما شابهه من الألفاظ وقال بعض الشافعية ان قول اخترتك وامكنتك من غير التعرض للنكاح كناية واما الكناية فهو
ما يدل اللفظ عليه بالالتزام كما لو كان تحته ثمان نسوة وأسلمن معه واختار أربعا منهن الفسخ وهو يريد حل نكاحهن بغير طلاق لزمه نكاح الأربع الباقيات وان لم يتلفظ
في حقهن بشئ لان نكاح أربع لازم له وقد جعل الشارع له خيار فسخ نكاح من شاء فإذا اختار فسخ أربع ثبت عقد البواقي ولو قال لا ربع أريد كن ولا ربع لا أريد كن حصل
التعيين والوجه حصوله بمجرد قوله أريد كن أو بقوله لا أريد كن مسألة إذا طلق واحدة منهن أو أربعا كان ذلك تعيينا للنكاح لان الطلاق لا يخاطب به الا الزوجة
لأنه موضوع لإزالة قيد النكاح فلا يواجه به الا الزوجة فإذا خاطب واحدة منهن به كان ذلك دليلا على اختيارها زوجة أولا ويقع بها الطلاق وان حصلت شرائطه
وينقطع نكاح الأربع المطلقات بالطلاق ويندفع نكاح الباقيات بالشرع ولو طلق أربعا لا على التعيين فان قلنا بصحة الطلاق المبهم وقع على أربع وتعيين للطلاق
من شاء منهن ويكون الحكم كما تقدم من اندفع نكاح البواقي بالشرع والشافعية وجه اخر ان الطلاق ليس تعيينا للنكاح لأنه روى في قصه فيروز الديلمي ان النبي صلى الله عليه وآله قال
له طلق أيتهما شئت ولو كان الطلاق تعيينا للنكاح لكان ذلك تفويتا لنكاحهما عليه والمعتد ما قلناه فإذا طلق واحدة صح طلاقها وكانت واحدة من الأربع التي
يختارهن للنكاح ثم يختار من البواقي للنكاح ثلاثا ولو طلق الأربع اندفع نكاح البواقي وتثبت نكاح المطلقات ثم أطلقن بالطلاق لان الاختيار ليس باللفظ بل بالقصد
والإرادة واللفظ وضع دلالة عليه مسألة قال الشيخ (ره) ان كل واحد من الظهار واليلاء يكون تعيينا للنكاح فلو ظاهر من واحدة من أربع أو إلى منها كان
ذلك اختيار لنكاحهن لأنهما تصرفان مخصوصان بالنكاح فأشبها لفظ الطلاق وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما عنده المنع لان الظهار وصف بالتحريم والايلاء حلف على الامتناع
من الوطي وكل واحد من المعيني بالأجنبية أليق منه بالزوجة ولان الظهار يصح ان يخاطب به الأجنبية وكذا الايلاء يصح ان يحلف على الأجنبية انه لا يطأها حتى أنه لو تزوج
بها فوطئها كان عليه الكفارة فعلى القول الثاني لو اختار التي ظاهر عنها أو إلى للنكاح صح الظهار والايلاء عنده ويكون ابتداء مدة الايلاء من وقت الاختيار وحينئذ
يصير عايدا ان لمن يفارقها ولو قذف واحدة منهن فان اختار غيرها وجب لها الحدان كانت محصنة ولا يسقط عنه الا بالبينة وان اختار التي قذفها كان له اسقاطه بالبينة أو
اللعان فاما إذا أسلم وتخلفن في الشرك فطلق واحدة منهن أو ظاهر منها أو إلى منها أو قذفها نظر فإن لم تسلم حتى انقضت العدة فلا حكم للطلاق ولا الايلاء ولا للظهار
لأنهن بن باختلاف الدين من حين أسلم واما القذف فيجب عليه التعزير دون الحد لأنه قذف مشركة وله اسقاطه بالبينة دون العام لأنه قذفها وهي بائن فاما
إذا أسلمن قبل انقضاء عددهن فاما التي طلقها قال بعض الشافعية انه ان اختارها وقع عليها الطلاق وصح ظهارها والايلاء منها وقال بعضهم بل يجب إذا أسلمت المطلقة
ان يقع الطلاق ويكون ذلك اختيارا لها لان هذا الطلاق إن كان يقع عليها مع اختياره وقع عليها باسلامها واما الظهار والايلاء فليس باختيار فان اختار التي ظاهر منها
والى صح ذلك واما القذف فإن لم يختبر التي قذفها وجب عليه التعزير لأنه قذفها وهي مشركة وليس له اسقاطه باللعان لأنه قذف أجنبية وان اختارها كان أيضا عليه التعزير لأنه
قذفها قبل اسلامها وله اسقاطه بالبينة أو اللعان مسألة لو أسلم عن ثماني نسوة وأسلمن معه فطلقهن كلهن ثلثا قيل له اختر أربعا فإذا اختار وقع بهن الطلاق و
حل له نكاح الباقيات لأنه قد ظهر بالاختيار ان الزوجات غيرهن ولو تزوج مشرك أختين ثم طلق كل واحدة منهما ثلاثا ثم أسلم وأسلمتا وأراد ان يتزوج إحديهما قبل ان
ينكح زوجا غيره أو أسلم وأسلمتا قبل ان يطلقها ثم يطلقهما ثلاثا قال بعض الشافعية يقال له يطلق من كنت نختار منهما فإذا أشار إلى واحدة حل له ان يعقد على الأخرى واختلفت
الشافعية في ذلك فمنهن من صوبة في إحدى المسألتين دون الأخرى وهو إذا أسلم واسلمتا ثم طلقهما فاما إذا
طلقهما ثلاثا في حال الشرك فلا تحل له واحدة منهما لان الطلاق
عند الشافعي حال الشرك واقع وقال بعضهم هذا ليس بصحيح لان الرك إذا زاد على ما يجوز في الشرع كان باطلا في الزيادة ولهذا إذا أسلم عن عشرة نسوة وأسلمن معه فاختار
منهن أربعا لم يجب الباقيات مهر إذا لم يكن دخل بهن ولا متعة ولا نفقة فجعل النكاح على الباقيات فاسدا من أصله اعترض بان هذا انما يراعى إذا بقى النكاح إلى حالة الاسلام
واما ما أوقعه من الطلاق في حال الشرك فإنه يمضى عليه الا ترى انه لو تزوج بامرأة في عدة ثم أسلم لم يقر على نكاحها ولو طلقها قبل الاسلام ثلاثا لم يكن له ان يتزوج بها وإن كان
النكاح فاسدا ولو كانت تعتد من الطلاق بالصحيح لكان يجب ان تعتد من النكاح بالصحيح لو كان قد تزوج أختين دفعة واحدة وأسلمن جاز له امساك الثانية وإن كان
نكاحها فاسدا في الشرع فكذا طلاقها مسألة الطلاق عندنا لا يقع بالكنايات وانما يقع بصريح لفظة طالق فلو قال فسخت نكاح هذه ونكاح هؤلاء الأربع وأراد
للطلاق صرف إليه عند العامة ووقع وعندنا لا يقع وهل يكون اختيارا كالطلاق لوقوع الطلاق بالكناية إما عندنا فيحتمل ذلك لان الاختيار النفسي هو المقتضى لتقرير
النكاح فبأي لفظ اتى به مما يدل عليه كان كافيا قضاء للدلالة ولا شك ان هذا اللفظ يشابه الطلاق في الفسخ فصح استعماله فيه مجازا وإذا أريد المجاز حمل عليه وثبت
مقتضاه وان قال أردت حمل النكاح وفسخه بغير طلاق صح وارتفع نكاحهن وثبت عقد البواقي ان كن أربعا ولو قال الواحدة فارقتك قال بعض الشافعية يكون طلاقا
لان الفراق صريح في الطلاق فهو كقوله طلقتك وليس بجيد ويكون فسخا كما لو قال اخترت فراقها ولا أريدها وبه قال بعض الشافعية لان النبي صلى الله عليه وآله قال لفلان اختر أربعا
منهن وفارق سايرهن فلو كان الفراق طلاقا والطلاق اختيار لزم صحة عقد الجمع وهو باطل مسألة انما يكون الفسخ فيما زاد على الأربع فلو أسلم على أربع لا غير
فاختار فسخ نكاحهن فان أراد حل النكاح بغير طلاق لم يكن له ذلك وكذا لو زدن على الأربع فاختار فسخ نكاح الجميع لم يكن له ذلك لان النكاح ثابت في أربع لا سبيل
إلى فسخه ومندفع في الزايد لا سبيل ثبوته وانما الذي إليه التعيين لا يغر فلو (اختار الجميع وهن أزيد من أربع للنكاح لم يصح ولو خاطب الجميع بالطلاق وقع الطلاق صح) على الأربع المنكوحات ويبقى الحاجة إلى التعيين مسألة إذا قال إن دخلت الدار
فقد اخترتك للنكاح أو الفسخ لم يصح لان تعليق الاختيار لا يجوز فان ان نزله منزلة الابتداء كان تعليقه كتعليق النكاح وان نزل منزله الاستدامة كان تعليقه كتعليق
الرجعة ولأنه أمر بالتعيين والاختيار المعلق ليس بتعيين وبه قال بعض الشافعي وقال بعض أصحابه ان تعليق الاختيار للفسخ يجوز تشبيها بالطلاق فان كل واحد منهما
657

سبب للفراق والظاهر الأول ولو قال إن دخلت الدار فأنت طالق ففي وجه للشافعية انه لا يجوز لان الطلاق اختيار للنكاح وتعليق الاختيار ممتنع والصحيح عندهم جوازه
تغليبا بحكم الطلاق والاختيار يحصل ضمنا وقد يحتمل في العقود الضمينة مالا يحتمل عند الانفراد والاستقلال كما أن تعليق الابراء لا يجوز ولو علق عتق المكاتب بان قال
السيد لمكاتبه ان دخلت الدار فأنت حر صح والعتق يتضمن البراءة من مال الكتابة والبراءة المنفردة لا تصح معلقة على الشرط وكذا لا يصح تعليق التمليك ولو قال أعتق عبدك
إذا جاء الغد على كذا ففعل صح وإن كان ذلك متضمنا للتمليك ولو قال إن دخلت الدار فنكاحك مفسوخ ان أراد الطالق نفذ والا لغى مسألة لو أسلم وتحته زوجات
حراير فقال كما أسلمت واحدة منكن فقد اخترت نكاحها لم يصح لتعليق الرجعة على الشرط ولو قال كلما أسلمت واحدة منكن فقد طلقتها جاز على أصح وجهي الشافعية ولا
يجوز عندنا لان الطلاق لا يقع موقوفا ولو قال كلما أسلمت واحدة منكن فقد فسخت نكاحها فان أراد حله بغير طلاق لم يجز لان تعليق الفسخ لا يجوز ولان التعيين للفسخ
قبل استيفاء العدد الجايز غير جايز وان أراد الطلاق جاز عندهم وإذا أسلمت واحدة طلقت وحصل اختيارها ضمنا وهكذا إلى تمام الأربع ويندفع نكاح الباقيات
وقال بعض الشافعية تفسير الفسخ بالطلاق غير جايز المقام الثاني الوطي وقد اختلف فيه هل هو تعيين أم لا قال الشيخ (ره) أنه يكون تعيينا فلو أسلم على أكثر من أربع
وأسلمن فوطى واحدة منهن كان اختيار لنكاحها لأن الظاهر أنه لا يطأ الامن يختار نكاحها كما لو باع أمته بشرط الخيار فوطئها قبل القبض كان وطئه فسخا للبيع ورد إلى ملكه و
للشافعية طريقان أظهرهما انه على وجهيه كالوجهين أو القولين فيما إذا اطلق إحدى زوجية على الا بها م ثم وطئ إحديهما هل يكون ذلك تعيينا للنكاح فيها وللطلاق في
الأخرى والثاني القطع بأنه لا يكون اختيار الان الاختيار في باب المشركات حكمه حكم الابتداء ولا يصح ابتداء النكاح الا بالقول بل امساكه واستدامته لا يحصل الا بالقول
فان الوطي لا تحصل به الرجعة والحق عندنا الأول والرجعة تحصل عندنا بالوطي ونمنع انحصار طرق الاختيار في القول فإنه المتنازع مسألة لو وطئ أربعا صح نكاحهن
عندنا وعند بعض الشافعية وزال النكاح عن البواقي لان الاختيار قد حصل لهن وعلى القول بعدم كونه اختيارا يؤمر بالاختيار فان اختار الموطوءات فلا شئ عليه لأنه قد ظهر
انه وطى زوجاته وان اختار غيرهن وجب لهن عليه مهر المثل لأنه وطئ في غير ملك بشبهة الملك فوجب عليه المهر لأن العقد الذي اتصل به الاختيار تبين انه هو الصحيح دون غيره
ولو وطى الجميع وجعلنا الوطي اختيارا كان مختارا للأوايل وعليه المهر للبواقي وان لم نجعله اختبار اختار منهن أربعا وغرم المهر للباقيات التعيين والتعيين قد يكون تاما بان
يعين للنكاح أربعا منهن إما دفعة أو على التدريج وكذا الفسخ وقد يكون ناقصا فيفتقر إلى اتمامه فلو قال حصرت المختارات للنكاح في هؤلاء الست أو الخمس ان حضرت وزال
بعض الابهام واندفع نكاح البواقي وكذا لو طلق واحدة من أربع وأبهم ثم قال التي أردتها بالطلاق إحدى هاتين اعتبر هذا القول وتعيين به الأخرتان للزوجية مسألة لو أسلم على
ثماني وثنيات مدخول بهن وأسلمن معه أربعا وتخلفت أربع فاختار الاوايل للنكاح صح واما البواقي فان أصررن على الشرك اندفع نكاحهن من وقت اسلامه وان أسلمن في
العدة وقعت الفرقة بينه وبينهن باختيار الاوايل وقال بعض الشافعية يتبين أيضا اندفاع نكاحهن باختلاف الدين لكن تبين بعضهن من وقت تعيينه الاوايل ولو طلق الاوايل
وصح وتضمن اختيارهن فيقطع نكاحهن بالطلاق ونكاح الأواخر بالشرع وان قال فسخت نكاحهن فان أراد به الطلاق فكذلك وان أراد حل النكاح بغير طلاق فهو لغو لان الحل
انما يجوز فيما زاد على الأربع وعدد المسلمات لم يزد على أربع فإن لم يسلم المتخلفات تعينت الاوايل وان أسلمن اختار من الكل أربعا فان ادعت المسلمات انك أردت الطلاق وقد
بنا منك سمعت وكان (لهن صح) احلافه وان ادعت المتخلفات انك أردت الطلاق وقد بان منك بالشرع سمعت وكان لهن احلافه وللشافعية وجه ان الفسخ لا يلغوا ولكنه موقوف فان
أصررن على الكفر إلى انقضاء العدة لغا وان أسلمن في العدة تبين نفوذ الفسخ في الاوايل وتعينت الأخرتان للنكاح ولو عين المتخلفات للفسخ صح وتعنيت الاوايل للزوجية وان
عينهن للنكاح لم يصح لأنهن وثنيات وقد لا يسلمن وعلى وجه الوقف ينعقد الاختيار موقوفا فان أسلمن بانت
صحته ولو أسلم على ثمان وثنيات فتخلفن ثم أسلمن على التعاقب
وهو يقول لكل واحدة تسلم فسخت نكاحك فان أراد الطلاق صار مختار الأوائل على اشكال وان أراد حلا بغير طلاق فهو على أحد قولي الشافعية لغو في الأربع الاوايل نافذ
في الأواخر لان فسخ نكاحهن وقع وراء الكامل فينفذ على وجه الوقف وإذا أسلمت الأواخر تبين نفوذ الفسخ في حق الاوايل ولو أسلم معه من الثمان خمس فقالت فسخت نكاحهن
فان أراد الطلاق صار مختار الأربع منهن وبن بالطلاق فعليه التعيين وان أراد حله بغير طلاق انفسخ نكاح واحدة لا بعينها فإذا أسلمت المتخلفات في العدة اختار من الجميع
أربعا ولو قال فسخت نكاح واحدة منكن ان أراد الطلاق صار مختار الواحدة لا بعينها ويختار للنكاح من الباقيات ثلاثا وان أراد الحل بغير طلاق بعينها ويختار من الباقيات
أربعا فان فسخ نكاح اثنتين منهن لا على التعيين وأراد حله بلا طلاق انفسخ نكاح واحدة بعينها ويختار ممن عداها أربعا وان عين اثنتين منهن انفسخ نكاح واحدة منهما
فتعينها وله اختيار الأخرى مع ثلث اخر ولو اختار الخمس جميعا تعنيت المنكوحات فيهن فيختار منهن أربعا النظر الثالث في النفقة عليهن مسألة إذا أسلمت
زوجة المشرك وتخلف في الشرك كان لها عليه النفقة سوا أسلم ولم يسلم حتى انقضت العدة فان انقضت العدة ولم يسلم سقطت النفقة لحصول البينونة منها وخروجها عن كونها
زوجة وانما وجبت النفقة في العدة عليه لأنه متمكن من الاستمتاع بها بالاسلام فكانت نفقتها واجبة عليه كالرجعية يتمكن من رجتها بقوله فإذا أسلم الزوج قبل انقضاء
مدة العدة فلها النفقة لمدة التخلف ولما بعدها لأنها أدت فرضا مضيقا عليها فلا تسقط به النفقة كما لو صلت أو صامت شهر رمضان وهو ظاهر مذهب الشافعي وله قول
اخر انه لا نفقة لها في مدة تخلفه لأنه استمر على دينه وهي التي أحدثت المانع من الاستمتاع ولأنه إذا لم يسلم حتى انقضت العدة فقد بان انها بانت باختلاف الدين والباين لا
نفقة لها وليس بجيد لان المنع من الاستمتاع بفعله وهو ترك الاسلام الذي هو قادر عليه وهذه وان بان انها بانت فقد كان يمكن الزوج في جميع العدة تلافى نكاحها وكانت
معنى في الرجعية دون الباين لا يقال الرجعية خرجت إلى البينونة بسبب منه وهذا كان السبب منها لأنا نقول هذا بسبب كان فرضا لازما عليها مضيقا يمكنه تلافيه وهي محسنة
بالاتيان بما عليها والزوج قادر على تقرير النكاح بان يسلم فصارت كالرجعية وهذا بخلاف ما إذا سبقت إلى الاسلام قبل الدخول حيث يسقط مهرها وإن كانت محسنة
بالاسلام لان المهر عوض العقد والعوض يسقط بتفويت العاقد المعقود عليه وإن كان معذورا كما لو باع طعاما ثم اكله وهو مضطر إليه والنفقة في مقابلة التمكين وانما
تسقط عند التعدي ولا تعدى هنا والمسلمة قبل الدخول وإن كانت أتت بما هو فرض عليها الا انه لا يمكن الزوج تلافيه مسألة إذا أسلم الزوج أولا وتخلفت في الشرك
فان أصرت إلى انقضاء العدة فلا نفقه لها لأنها ناشزة بالتخلف عن الاسلام ممتنعة عن التمكن المقتضى لاستحقاقها النفقة وان أسلمت في العدة استحقت النفقة من وقت
الاسلام لاستمرار النكاح وهل لها النفقة فيما مضى قبل اسلامها قال الشيخ (ره) الأقوى انه لا يلزمه لأنها أساءت بالتخلف والامتناع عما هو فرض عليها فأشبه ما إذا سافر
الزوج وأراد مسافرتها فتخلفت ولأنها منعت نفسها بمعصية أو منعت نفسها بمعنى لا يمكنه تلافيه كما لو نشزت وهو قول الشافعي في الجديد وقال في القديم انها تستحق لنفقة
لأنه بان انها كانت زوجة في ذلك الزمان ولم تحدث شيئا والزوج هو الذي يدل الدين وليس بجيد لأنها أحدثت النشوز ببقائها على الكفر مسألة إذا أسلم الزوجات
658

معا استمرت النفقة كما يستمر النكاح وكذا لو أسلم الزوج وكانت كتابية لبقاء النكاح بينهما المقتضى مع التمكين استحقاق الانفاق والتقدير انها ممكنة إما لو كانت وثنية فان
اتفق اسلامهما فالنفقة باقية كما قلنا وان تقدم اسلام الزوج لم تستحق الزوجة النفقة في مدة التخلف وان تقدم اسلامها استحقت فان اختلفا في سبق الاسلام بعد
ان أسلم أحدهما وتخلف الأخر حتى انقضت العدة ووقعت البينونة فقال الزوج انا أسلمت وتخلفت أنت فلا نفقة لك وقالت الزوجة بل انما أسلمت انا تخلفت أنت فلى
النفقة فالأقوى ان القول قول الزوج لان النفقة انما تجب يوما بيوم وكل يوم تجب النفقة عند صلاة الغداة فإذا اختلفا كان اختلافا في ثبوت الوجوب والزوج ينكره
والأصل معه والزوجة تدعى خلاف الأصل فتفتقر إلى البينة لأصالة براءة ذمة الزوج وهو أحد وجهي الشافعية ولا ثاني ان للقول قولها لان النفقة كانت واجبة والأصل بقاءه ا
فالظاهر معها لأنه يدعى السقط فأشبه ما إذا ادعى عليها النشوز وأنكرت ولو اتفقا على سبق اسلام الزوج وادعى الزوج انها أسلمت اليوم أو منذ عشرة أيام وادعت هي
انها أسلمت منذ شهر وانها تستحق نفقة شهر قدم قول الزوج مع بنيته لأصالة استمرار كفرها وأصالة براءة ذمته عن النفقة وكذا على أحد قولي الشافعية باستحقاق النفقة
زمان التخلف ولو اختلف فقال الزوج أسلمت بعد العدة فلا نفقة لك وقالت أسلمت في العدة فالقول قول الزوج مع يمينه لأصالة البراءة وكذا لو ادعى سبق الاسلام
وادعت المقارنة فالقول قوله لأصالة براءة ذمته واستصحاب حال كفرها وبعد ما ادعته لنزوله مسألة لو ارتدت المرأة بعد بعد الدخول فلا نفقة لها في
زمان الردة لأنها أساءت ونشزت ولا فرق بين ان تعود إلى الاسلام في العدة أو لا تعود ولا يجئ هنا القول القديم للشافعي المذكور فيما إذا أسلمت بعد اسلام فعليه
النفقة لمدة العدة وان ارتد معا فهو كما لو ارتدت المرأة ويحتمل فيه الخلاف كما لو ارتدا معا قبل الدخول في وجه الشافعية يجب يجب نصف المهر كما لو ارتد الزوج ونفي وجه لا يجب
شئ كما لو ارتدت هي النظر الرابع في حكم المهر مسألة قد بينا صحة أنكحة المشركين فان أسلم الزوج أولا قبل الدخول أو قبل الدخول وكان تحته كتابية فهما على النكاح و
إن كانت وثنية وقع الفسخ في الحال وكان عليه نصف المسمى إن كان صحيحا ونصف المهر المثل إن كان فاسدا والمتعة الا ان يسمى شيئا وان أسلمت أولا قبل الدخول وقع الفسخ
في الحال سواء كانت كتابية أو وثنية وسواء كان الزوج كتابيا أو غير كتابي لان الكافر لا يتزوج المسلمة وسقط المهر لان الفسخ جاء من قبل المرأة وإن كان الاسلام بعد الدخول
ثبت المهر باسره إذا عرفت هذا فلو اختلفا فقال الزوج للمراة أنت سبقت إلى الاسلام فلا مهر لك وقالت المرأة بل أسلمت أنت أولا فعليك نصف المهر فالقول قولها
مع اليمين لأصالة بقاء نصف المهر ولو قالا سبق اسلام أحدنا الأخر ولا نعلم أينا السابق انفسخ النكاح باتفاقهما على السبق المقتضى له وهو مقتضى للفسخ سواء كان السابق
الزوج أو الزوجة واما المهر فإن كانت المرأة لم تقبض منه شيئا فليس لها المطالبة به لأنه يجوز ان يكون هي السابقة فيكون قد سقط مهرها فتقف حتى نعلم وإن كان الزوج قد دفع
المهر فله المطالبة بنصفه لأنه يستحب ذلك بكل حال وإن كانت هي السابقة فله الجميع وإن كان هو السابق فله النصف فيأخذ النصف ويقف الباقي حتى يتبين ولو ادعى
الزوج سبق اسلامها على الدخول فقالت لا أدرى أينا أسلم أولا تمكن من طلب المهر فان عادت وقالت قد يتقنت انه أسلم أولا صدقت بيمينها وطلبت نصف المهر ولو
اختلفا في بقاء النكاح فقال الزوج أسلمنا معا والنكاح باق وقالت بل أسلمنا على التعاقب ولا نكاح قال الشيخ (ره) القول قول الزوج وهو أحد قولي الشافعية لأصالة
بقاء النكاح فكان القول قول من يدعى (بقاء النكاح صح) والثاني ان القول قولها لان القول في التداعي قول من الظاهر معه والظاهر أنه لا يقف اسلامهما معا دفعة واحدة الا نادرا و
كان القول قوله كما يقدم صاحب اليد لأن الظاهر معه وقد احتج الفريق الأول بوجهين أحدهما انا قد جعلنا القول قولها فيما إذا اختلفا في السابق بناء على أصالة بقاء
المهر فكذا هنا الأصل بقاء النكاح الثاني انهما لو اختلفا بعد الدخول واسلام المرأة أولا فقالت المرأة أولا فقالت المرأة للزوج أنت أسلمت بعد انقضاء العدة وادعى اسلامه قبل انقضائها
فان القول قوله لأصالة بقاء النكاح وأجاب الآخر عن الأول وهو الصداق بان الأصل لم يعارضه ظاهر وهنا الظاهر بخلافه وعن الثاني بان الشافعي نص في مسئلتين
اخرتين بخلافها إحديهما إذا ارتد ثم رجع وقال رجعت قبل انقضاء العدة وقالت بل بعد انقضائها فالقول قول المرأة واختلف أصحابه على ثلاث طرق منهم من جعل
في المسايل الثلاث قولين ومنهم من قال على اختلاف حالين فالموضع الذي قال يقدم قول الزوج إذا سبق بالدعوى والذي يقدم قولها إذا سبقت هي بالدعوى ومنهم
من قال على اختلاف حالين وهو انه يقبل قول كل واحد فيما يدعين ويبين زمانه ثم يقال بين بين الأوقات ومع التسليم الفرق بينهما ان قول الزوج لا يخالف الظاهر وهنا
بخلافه فافترقا تذنيب لو أقام الزوج شاهدين شهدا انهما أسلما معا حين غربت الشمس أو قالا حين طلعت الشمس أو قالا حين زالت الشمس ثبت انهما لسلما
معا فان قالا أسلما مع طلوع الشمس أو مع غروب الشمس أو مع زوال الشمس لم يثبت الاقتران لان حين غروب الشمس يقتضى تكامل غروبها باسلامهما وقع في زمان واحد
واما مع الغروب فإنه يحتمل من حين أخذت في الغروب إلى أن تكامل غروبها فيجوز ان يكون أحدهما أسلم في ابتدائه والاخر في انتهائه ومن مسألة تداعى أحد الزوجين السبق و
الأخر المصاحبة استنبط حد المدعى والمدعى عليه وإذا قلنا لا قول قولها فإنه ينتظر في كيفية دعواها ان قالت للزوج أسلمت قبلي حلفت هي على البت انها ما أسلمت يوم اسلامه و
ان قالت أسلمت قبلك حلفت على بقى العلم باسلامه يوم اسلامهما ولو اختلفا على العكس فقالت أسلمنا معا وقال الزوج على التعاقب فلا نكاح بقوله وهي تدعى نصف
المهر وفي الصدق منهما القولان ولو قالا لا ندري أوقع اسلامنا معا أو على التعاقب استمر النكاح بينهما مسألة لو أسلمت المرأة بعد الدخول ثم أسلم الزوج واختلفا
فادعى الزوج ان اسلامه سبق انقضاء العدة وادعت هي ان انقضاء العدة سبق اسلامه فهنا وجوه الأول ان يتفقا على وقت انقضاء العدة كغرة شهر رمضان مثلا
وقال الزوج أسلمت في شعبان وقالت هي بل في منتصف رمضان قدم قولها مع اليمين لأنهما اتفقا على وقت انقضاء العدة واختلفا في تقدم الاسلام وتأخره والأصل
بقاء الكفر الثاني ان يتفقا على وقت الاسلام كغرة رمضاء وقال الزوج انقضت عدتك في منتصف رمضان وقالت هي بل في شعبان قدم قوله مع اليمين لاتفاقهما
على وقت الاسلام فالخلاف في أن العدة هل انقضت قبله أم لا والأصل بقاؤها الثالث إذا لم يتفقا لعى شئ واقتصر الزوج على أن اسلام سبق والزوجة على أن
انقضاء عدتي سبق فالقول قول الزوج عند الشافعي ونصف يما إذا ارتد الزوج إذا عاد إلى الاسلام واختلفا فادعى الزوج انه عاد في العدة وادعت انقضاء العدة
قبل عوده إلى الاسلام وفيما إذا اختلف في الرجعة وانقضاء العدة فقال راجعتك في عدتك وقالت بل بعد انقضاء عدتي ان القول قول الزوجة واختلف أصحابه على
طريقين أحدهما التصرف في الحولين وجعل المسائل على قولين أحدهما تصديق الزوجة لأصالة عدم الاسلام والرجعة وأصحهما عندهم تنزيلهما على حالين واختلف
القايلون به فقال بعضهم حيث قال القول قول الزوج أراد ما إذا اتفقا على وقت الاسلام واختلفا في أن العدة هل انقضت قبله وكذا الحكم في المسئلتين الأخيرتين
وحيث القول قول الزوجة أراد ما إذا اتفقا على وقت انقضاء العدة واختلفا في أنه هل عاد إلى الاسلام أو راجع قبله وكذا مسئلتنا وقال آخرون حيث قال القول
قول الزوج أراد ما إذا كان هو السابق إلى الدعوى وحيث قال القول قولها أراد ما إذا كانت هي السابقة ووجهوا هذا التفصيل من وجهين أحدهما انها إذا قالت أولا
659

انقضت عدتي فلا بد من تصديقها فإنها مؤتمنة في رحمها وإذا صدقناها لم نلتفت إلى مجرد دعوى الاسلام والرجعة ثقة للحكم بانقضاء العدة وإذا قال الزوج أولا
أسلمت قبل انقضاء العدة أو راجعت فنصدقه ونديم النكاح بينهما ظاهرا لان الأصل بقاء العدة فمجرد دعويها بعد ذلك لا يغير الحكم والثاني من أقر بشئ يجعل
كأنه انشاه حينئذ وكذلك يشترط قبول الاقرار كونه أهلا للانشاء فقول الزوج أولا أسلمت كأنه انشاء الاسلام في الحال فقولها بعد ذلك انقضت عدتي من
قبل تقتضي الحكم بانقضاء العدة في الحال فيتأخر انقضاء العدة عن الاسلام وقوله بعد ذلك أسلمت من قبل كأنه انشاء اسلامه في الحال فيقع بعد العدة تذنيب
لو نكحت في الكفر زوجين ثم أسلموا فان ترتب النكاحان فهى زوجة الأول فان مات الأول ثم أسلمت مع الثاني وهم يعتقدون جواز التزويج بزوجين ففي جواز التقرير
وجهان وان اجرى النكاحان دفعة لم تقر مع واحد منهما سواء اعتقدوا جوازه أو لم يعتقد واو للشافعية وجه فيما إذا اعتقدوا جوازه ان المرأة تجبر حتى تختار أحدهما
كما لو أسلم الكافر على أختين النظر الخامس في الموت وفيه مقامان الأول الأول في العدة مسألة إذا أسلم على أكثر من أربع وأسلمن في العدة ثم مات فإن كان
قد عين الزوجات وجبت العدة للوفاة عليهن خاصة وان لم يعين شيئا وجبت العدة على الجميع لان الزوجات لا يتعين منهن ثم إن لم يكن دخل بهن وجب على كل واحدة
ان تعتد بأربعة أشهر وعشرة أيام لان كل واحدة منهن يحتمل ان يكون زوجة وإن كان قد دخل بهن فإن كان قد حمل بعضهن أو كلهن اعتدت بأبعد الأجلين من وضع الحمل
ومضى أربعة أشهر وعشر واما الحائل فإن كانت من ذوات الأشهر كالآيسة والصغيرة اعتدت بأربعة أشهر وعشر لان كل و. احدة منهن يحتمل ان يكون مختارة أو مفارقة وعدة
المفارقة ثلثه أشهر وعدة المختارة أربعة أشهر وعشرة أيام فأوجبنا الاعتداد بأقصاهما وإن كانت من ذوات الأقراء اعتدت بأبعد الأجلين من أربعة أشهر وعشر ومن ثلثة؟
اقراء فان انقضت الأقراء قبل انقضاء أربعة أشهر
وعشر انتظرت انقضاها وان مضت المدة قبل انقضاء الأقراء صبرت إلى أن تنقضي الأقراء لان كل واحدة منهن يحتمل
ان يكون زوجته فتعتد للوفاة بأربعة أشهر وعشر وأن يكون قد بانت باختلاف الدين فتعتد بالأقراء كالمطلقة كما لو نسى صلاة من ثلثة مختلفة العدد وأوجبنا التداخل
في العدتين لان الواجب عدة واحدة ولا يجب لها تعدد النية بخلاف الصلاة تنبيه ابتداء الأشهر من حين الوفاء قطعا لأنه ابتداء عدة الوفاة واما الأقراء فيحتمل ذلك
أيضا لأنه لا يقين لنا قبل ذلك بشروعها في العدة وهو أحد قولي الشافعي ويحتمل الاعتبار من وقت اسلامهما ومن حين اسلام من سبق اسلامه أي تعاقبا فيه لان الأقراء انما
يجب لاحتمال انها مفارقة قد انفسخ نكاحها والانفساخ يحصل من ذلك الوقت المقام الثاني في الميراث مسألة إذا مات قبل التعيين وهي أكثر من
أربع فإن كان له ولدا وقفنا الثمن نصيب الزوجات لهن وان لم يكن له ولد أوقفنا الربع فان اصطلحن قسم بينهم على حسب ما اصطلحن عليه من التساوي أو التفاضل وهو
المشهور عند الشافعية وقال ابن شريح منهم ان الربع أو الثمن يقسم بينهن بالسوية لان البيان غير متوقع وهي جميعا معترفا؟؟ الامتكال ثابت في الجميع وانه لا مزية لأحدهن
على الأخرى بخلاف ما لو قال لاحد زوجيته إن كان هذا الطاير غرابا فاتت طالق وقال للأخرى ان لم يكن غرابا (فأنت طالق صح) واشكل بان هناك الا اشتباه انما هو علينا دون الله تعالى
فإنه يعلم حال الغراب ويعلم الطالق منهما وهنا لا يمكن ان يقال إنه الله تعالى يعلم المختارات منهن مع أنه لم يوجد منه اختيار لأنه تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه فالمعين في نفسه
يعلمه معينا وان اشتبه علينا والمبهم في نفسه يعلمه مبهما فلا يمكن تخصيص أحدهن بالميراث عندنا ولا عند الله تعالى نعم انه تعالى يعلم أنه لو اختار من كل يختار لكن المشهور الأول
فإذا فرضنا الزوجات ثماني فطلبت واحدة أو اثنتان أو ثلاث أو أربع منهن شيئا من الموقوف عليه قبل الصلح لم يدفع إليها لأنا لا ينتقن استحقاقها لاحتمال ان يكون الزوجات
غيرهن وان طلبت خمس دفع إليهن ربع نصيب الزوجات للعلم بان فيهن زوجة وان طلبت ستة منهن دفع إليهن نصف النصيب وان طلبت سبع دفع إليهن ثلاثة أرباع النصيب
مسألة إذا دفعنا إلى الخمس ربع نصيب الزوجات (للعلم بان فيهن صح) لم يسقط بذلك حقهن من الباقي لو كان لهن فيه حق فلا يشترط في الدفع حينئذ ان يبرئن عن الباقي وهو أحد قولي
الشافعي لأنا نعلم أن فيهن من يستحق القدر المدفوع فلا يسقط بذلك حقه مما يجوز ان يستحقه فكيف يكفهن بدفع الحق إليهن اسقاط حق آخران كان كما لو خلف زوجة وحملا
فانا نعطى الزوجة اليقين وتوقف الباقي ولا يسقط حقها وكذا لو خلف بنتا وحملا دفع إلى البنت الخمس وأوقف أربعة الأخماس ولا يسقط حق البنت من الباقي لو ظهر الخلاف
وللشافعي قول اخر انه انما ندفع إليهن بشرط ان لا يكون لهن حق في الباقي ويوقف الباقي بين الباقيات لأنا انما ننجز شيئا من الموقوف القطع الخصومة عاجلا (واجلا صح) وانما يحصل
ذلك بالابراء وهو ممنوع ثم هذا القول لا يخلوا من تناقض لأنه إذا سقط حق الخمسة من الباقي وهو ثلاثة أرباع النصيب والباقي من النساء ثلاث لا غير فلا يستحق واحدة منهن
أكثر من ربع النصيب فلا منازعة بينهن فان كل واحدة قد بقى لها نصيبها فلا وجه لايقاف الباقي الا إذا كان للجميع لا يقال كيف يعطى بعضهن ويوقف ميراث بعضهن
لأنا نقول لاصطلاح بعضهن دون البواقي ولو اصطلح الكل دفعن الكل (إليهن كلهن صح) مسألة لو كان بعض الثمان صغيرة أو مجنونة صالح الولي عنها بربع الموقوف فما زاد لأنا
نعلم أن ليس لها أكثر من ذلك وللشافعي وجهان هذا أحدهما لاحتمال انها زوجة وأصحهما انه يجوزا ن ينقص عن الربع لأنا لا ينتقن لها حقا لكنها صاحبة يد في الموقوف فإنه
موقوف بين ثمان ولا يجوز ان ينقص عن الثمن وجميع ما قلناه فيما إذا عرف استحقاق الزوجات للميراث إما إذا لم نعلم كما إذا أسلم على ثمان كتابيات واسلم معه أربع أو كان
تحته أربع كتابيات وأربع وثنيات واسلم معه الوثنيات ومات قبل البيان والاختيار فالأقرب أيضا انه يوقف نصيب الزوجات لأنا لا نعطى الورثة الا ما نعلم أنه لهم
ونوقف مع الشك كما توقف الميراث عن الأولاد وجملة إذا كان هنا ك حمل لأنا لا ينتقن قدر ميراثهم والحمل أيضا مشكوك في ارثه واستحقاق ساير الورثة وقدر نصيب الزوجات
غير معلوم والشك في أصل الاستحقاق ولا يمنع الوقف كمسايل الحمل وهو أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم انه لا يوقف شئ للزوجات بل يقسم التركة بين ساير الورثة لان
استحقاق الزوجات للإرث غير معلوم لجواز ان يكون الزوجات الكتابيات ويجرى الوجهان فيما إذا مات عن مسلمة وكتابية وكان قد طلق إحديهما لا بعينها ولم يبين
تنبيه إذا وقفنا نصيب الزوجات ينبغي ان لا يدفع إليهن الا ان يصطلحوا مع بقية الورثة الذين يكونون لهم نصيب الزوجات ان لم يكونوا وارثات لأنهن متردد
بينهن بخلاف المسلمة الأولى لأنا ينتقن ارث الزوجات هناك ولو مات الذمي عن أكثر من أربع نسوة كان الربع أو الثمن لهن جميعا وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا ترث
منهن الا أربع فيوقف بينهن الس ان يصطلحن ويجعل الترافع إلينا بمثابة ما إذا أسلموا قال القفال بناء الخلاف على صحة أنكحة الكفار فان صححناها ورث الكل وهو مذهبنا
والا لم يرث الا أربع ولو نكح المجوسي امه أو ابنته ومات قال بعض الشافعية منهم من بنى التوريث على الخلاف في صحة على الخلاف في صحة أنكحتهم والمذهب الجزم بالمنع لأنه ليس بنكاح في شئ من
الأديان وعند علمائنا خلاف في أنهم هل يرثون بالأسباب الفاسدة أم لا وسيأتي مسألة إذا أسلم على أكثر من أربع وعين للفراق بعضهن هل يحتسب عدتهن
من وقت الاختيار أو من وقت اسلام الزوجين ان أسلما معا واسلام متقدم الاسلام منهما ان أسلما على التعاقب الأقرب الأول وللشافعية وجها ن كما لو طلق إحدى امرأتيه لا
بعينها ثم عين تكون عدتها من وقت التعيين أو من وقت التلفظ بالطلاق والأشهر عند الشافعية الاعتبار من وقت الاسلام لان سبب الفرقة اختلاف الدين فتعتبر العدة
660

منه والأصح عند بعضهم الاعتبار من وقت الاختيار مسألة اختلاف الدين بين الزوجين قبل الدخول يوجب فسخ النكاح وليس طلاقا فلا بعد في الثلث ثم إن كان
من المرأة قبل الدخول سقط المهر باسره وإن كان من الرجل يسقط نصفه على الأشهر وإن كان بعد الدخول لم يسقط من المهر شئ سواء كان من المراة أو من الرجل لاستقرار المهر
بالدخول فان البضع عوض المهر وقد استوفاه الرجل فثبت العوض للمرأة ولو كان المهر فاسدا وجب مهر المثل مع الدخول وقبله يجب نصفه إن كان الفسخ من الرجل ولو لم
يسم المهر أولا وقع دخول وجبت المتعة كالمطلقة قبل الدخول ولو ارتد المسلم بعد الدخول حرم عليه وطى زوجته المسلمة ووقف نكاحها على انقضاء العدة فان وطئها حال ردته
بشبهة وبقى على كفره إلى أن انقضت العدة قال الشيخ (ره) تعالى عليه مهران الأصلي بالعقد
واخر بوطئ الشبهة وإذا كان تحته أكثر من أربع وأسلمن واسلم أيضا وماتت إحديهن قبل
الاختيار لم يبطل اختياره لها فان اختارها ورث نصيبه منها لو متن كلهن فان له
ان يختار أربعا منهن ويرثهن لان الاختيار تعيين لذات العقد الصحيح و
ليس عقدا مستأنفا ولو مات ومتن كلهن قبل الاختيار لم يبطل الاختيار
أيضا واستعملت القرعة لان فيهن وارثات ومورثات مسألة
العبد إذا تزوج بحرة أو أمة بإذن مولاه ومولى الجارية صح العقد فان
ابق لم ينفسخ النكاح على الأشهر بين علمائنا لأصالة بقاء النكاح
وعملا بالاستصحاب ولرواية عمار الساباطي عن الصادق (ع)
ان اباق العبد طلاق امرأته بمنزله الارتداد
فان رجع وهي في العدة فهى امرأته بالنكاح الأول
وان رجع بعد العدة وقد تزوجت فلا
سبيل له عليها وعمار فطحى لا يعول
على ما ينفرد به وإن كان
ثقة صورة؟ ما كتبه المصنف
بخطه طاب
ثراه تم الجزء الخامس عشر من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى على يد مصنفه العبد الفقير إلى الله تعالى حسن بن يوسف بن علي بن المطهر الحلي، في سادس عشر من ذي حجة سنة عشرين وسبعمائة بالحلة. ويتلوه بعون الله تعالى بحسن توفيقه لي الجزء السادس عشرة المقصد الثاني في باقي أقسام النكاح.
661