الكتاب: تبصرة المتعلمين
المؤلف: العلامة الحلي
الجزء:
الوفاة: ٧٢٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: تقديم : الشيخ حسين الأعلمي / تحقيق : السيد أحمد الحسيني ، الشيخ هادي اليوسفي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٣٦٨ ش
المطبعة: احمدي
الناشر: انتشارات فقيه - طهران
ردمك:
ملاحظات: مؤسسة الوفاء

تبصرة المتعلمين
في أحكام الدين
تأليف
الإمام جمال الدين الحسن بن يوسف المطهر المعروف
بالعلامة الحلي المتوفى سنة 726 ه‍
تقديم:
الشيخ حسين الأعلمي
تحقيق
السيد أحمد الحسيني - الشيخ هادي اليوسفي
1

تبصرة المتعلمين
في أحكام الدين
3

نام كتاب: تبصرة المتعلمين
مؤلف: العلامة الحلي
مقدمة: الشيخ حسين الأعلمي
قطع وتعداد صفحات: 288 صفحة وزيري
نوبت چاپ: أول
چاپخانه: أحمدي
تيراژ: 3500 مجلد
تاريخ چاپ: پائيز 1368
ناشر: انتشارات فقيه
تهران - خيابان سعدي پلاك 596
4

المؤلف في سطور
المؤلف:
هو الشيخ الإمام جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر المعروف
بالعلامة الحلي ولد في ليلة الجمعة في الثلث الأخير من الليل 27 رمضان سنة 648 ه‍
في مدينة الحلة في العراق البلد الذي امتاز بطيب مناخه واعتدال جوه وجمال
طبيعته الخلابة، وفي بيئة صالحة امتازت بالذكاء الفطري والنبوغ، وفي بيت
شيدت دعائمه بالعلم والمعرفة والتقوى، من أبوين صالحين الشيخ سديد الدين أبي
المطهر وعقيلته كريمة الشيخ أبي يحيى الحسن بن يحيى صاحب الجامع وأخت
المحقق صاحب الشرائع.
وتربى في حجر تلك البرة الطاهرة ربيبة بيت العلم والمجد، وتحت رعاية
والده الشيخ العطوف الذي أحاطه بحنانه، وبعناية خاله المحقق الذي كان يغمره
يلطف فكانت تربيتهم له نموذجا صالحا للمربين.
دراساته:
تعلم القرآن الكريم والكتابة عند أستاذه الخاص الذي عينه له والده واسمه
(محرم)، ثم درس العلوم العربية وعلم الفقه وأصوله، والحديث، وعلم الكلام
5

وقواعده على والده الإمام سديد الدين وخاله العلامة المحقق (حيث كانا علمين
فقيهين لهما شأن عظيم في جميع العلوم خصوصا الفقهية والكلامية منها).
وقرء على الشيخ شمس الدين محمد الكتيبي العلوم العقلية، وقد كان يعترض
عليه أحيانا فيحير الشيخ عن جواب تلميذه ويعترف له بالعجز.
وقرء المنطق على المنطقي المعروف الشيخ نجم الدين علي بن عمر الكاتبي.
القزويني المعروف بدبيران.
وقرء الحكمة والهيئة على الشيخ المحقق الخواجة تقي الدين الطوسي.
وقرء على الشيخ برهان الدين النسفي وأطراه المؤلف بقوله: كان عظيم
الشأن زاهدا منصفا في الجدل استخرج مسائل مشكلة وقرأت عليه بعض
مصنفاته. هؤلاء مشايخه الذين قرء عليهم العلوم المختلفة وبرع فيها، أما سائر
مشايخه الذين روى عنهم فهم كثيرون نذكر المعروفين منهم.
1 - الشيخ المفسر أحمد بن عبد الله الواسطي المتوفى سنة 694 ه‍.
2 - السيد الأجل أحمد بن موسى بن جعفر الطاووسي المتوفى سنة 673 ه‍.
3 - الشيخ الفقيه نجم الدين جعفر بن الحسن المعروف بالمحقق صاحب
الشرائع المتوفى سنة 676 ه‍.
4 - الشيخ السعيد نجم الدين جعفر بن محمد بن جعفر المعروف بابن نما الحلي.
5 - عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي شارع نهج البلاغة المتوفى سنة 655 ه‍.
6 - السيد الأجل ابن طاووس الحلي المتوفى سنة 693 ه‍.
7 - الشيخ بهاء الدين علي بن عيسى الأربلي صاحب كشف الغمة.
8 - الشيخ الحكيم كمال الدين ابن ميثم البحراني صاحب شرح نهج البلاغة
المتوفى سنة 690.
6

أقوال العلماء في حقه:
قال الصفدي: كان ريض الأخلاق حليما قائما بالعلوم حكيما طار ذكره في
الأقطار واقتحم الناس إليه وتخرج به أقوام كثيرة.
وقال ابن حجر في الدرر الكامنة ج / 2 ص 72 تخرج به جماعة في عدة فنون.
وقال الأفندي في رياض العلماء كان رحمه الله آية الله لأهل الأرض، وله
حقوق عظيمة على زمرة الإمامية والطائفة الحقة الشيعية الاثني عشرية لسانا
وبيانا وتدريسا وتأليفا، وقد كان جامعا لأنواع العلوم مصنفا في أقسامها،
حكيما متكلما فقيها محدثا أصوليا أدبيا شاعرا ماهرا، وأفاد وأجاد على جمع
كثير من فضلاء دهره من الخاصة والعامة كما يظهر من إجازات علماء الفريقين.
إن أقوال العلماء في حق هذا الرجل العظيم كثيرة جدا من أراد المزيد من
التفصيل فليراجع كتب التراجم والسير من كتب الخاصة والعامة.
مدرسته وطلابه:
لقد اقترح على السلطان محمد خدابنده سلطان عصره بأن يؤسس مدرسة
لتربية وإعداد طلاب العلوم الدينية بالعدة الكافية فأجاب السلطان له، ولما
كانت رغبة السلطان في مجالسة الشيخ ابن المطهر والاستيناس به وبتلاميذه حتى
في الطريق والسفر لذلك أمر ببناء المدرسة السيارة، وألفت المدرسة من أربعة
أواوين وعدة غرف ومدارس كلها مكونة من الخيام الكرباسية وكانوا يرحلون
برحيل السلطان وينزلون بنزوله، وكان العضد الإيجي وبدر الدين الشوشتري
من مدرسي هذه المدرسة السيارة، وكان يقيم فيها مائة طالب علم مكفولي
الملبس والمأكل والدواب وجميع ما يحتاجون إليه، وكان يدرس في هذه المدرسة
علم النفس وعلم الكلام وأصول الدين وآداب البحث والاحتجاج وقواعد الجدل
إلى جانب العلوم الشرعية من فقه وأصول وحديث وتاريخ ودراية ورجال مضافا
7

إلى العلوم الأخرى كالحكمة والطبيعة والرياضة وشؤون التربية الدينية.
وتخرج من هذه المدرسة طلاب كثيرة في جميع العلوم وبرعوا واشتهروا
ونحن لا يسعنا في هذه الصفحات الغور في هذا الموضوع وذكر أسامي الطلاب
حيث إنها كثيرة جدا ولكن نذكر بعض التلاميذ المشهورين:
1 - الشيخ تقي الدين الآملي إبراهيم بن الحسين أجازه أستاذه في سنة 706 ه‍.
2 - الشيخ جمال الدين أحمد الحداد الحلي كتب بخطه من مصنفات أستاذه
القواعد سنة 727.
3 - السيد عز الدين أبو محمد الحسن بن زهرة الحلبي أجازه في سنة 723.
4 - الشيخ عز الدين الحسين بن إبراهيم الاسترآبادي أجازه في سنة 708 ه‍.
5 - شرف الدين الحسين بن محمد العلوي الحسيني الطوسي أجازه سنة 704 ه‍.
6 - كمال الدين عبد الرزاق بن أحمد الشيباني المؤرخ الشهير بابن الفوطي
المتوفى 723.
7 - رضي الدين علي بن أحمد بن يحيى المعروف بالمزيدي الحلي المتوفى 757 ه‍.
8 - تاج الدين محمد بن القاسم بن معية العالم النسابة الشهير.
9 - المولى قطب الدين محمد الرازي البويهي شارح المطالع والشمسية.
10 - السيد نجم الدين مهنا بن سنان بن عبد الوهاب العبيدلي المدني أجازه
سنة 709.
آثاره العلمية ومصنفاته:
لقد زين المكتبات الإسلامية من مؤلفات شيخنا المقدس رحمه الله. قال
صاحب كتاب مجمع البحرين في مادة علم أنه وجد بخط العلامة خمسمائة مجلد من
تصانيفه غير ما وجد منها بخط غيره، ونقل عن بعض شراح التجريد أن للعلامة
8

نحوا من ألف مصنف كتب تحقيق (وإن كان ذلك لا يخلو من غرابة) حيث
كان المؤلف يمتاز بسعة التفكير ودقة النظر وإحاطة شاملة في العلوم ومن أمعن
النظر في مؤلفاته يجد أن لشيخنا العلامة رحمه الله ما يناهز ثلاثين كتابا في
الكلام وأصول الدين والجدل والاحتجاج وآداب البحث والمناظرة.
وعشرين كتابا في الفقه وحده بينها ما كان في عدة مجلدات.
وسبعة كتب في أصول الفقه وفي التفسير كتابين، وفي الحديث خمسة كتب،
وفي الرجال ثلاثة كتب، وفي المعقول ستا وعشرين كتابا، وفي الأدعية كتابين،
وفي النحو أربعة كتب، وفي الفضائل كتابين إلى غير ذلك من مؤلفاته في مختلف
العلوم ونحن نذكر أسامي بعض مصنفاته المشهورة.
1 - إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان في الفقه من أجل الكتب في بابه.
2 - الأسرار الخفية في العلوم العقلية يوجد نسخة خطية منه في مكتبة
الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف تحت رقم 380.
3 - أنوار الملكوت في شرح فص الياقوت في الكلام.
4 - الباب الحادي عشر فيما يجب على عامة المكلفين من معرفة أصول الدين.
5 - الألفين الفارق بين الصدق والمين في إمامة أمير المؤمنين.
6 - تجريد الأبحاث في معرفة العلوم الثلاث المنطق والطبيعي والإلهي.
7 - تذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوي العلماء.
8 - تهذيب الوصول إلى علم الأصول ويسمى تهذيب الأصول.
9 - خلاصة الأقوال في معرفة أحوال الرجال.
10 - قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام.
11 - كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد.
12 - مختلف الشيعة في أحكام الشريعة في الفقه.
9

13 - نهج الأبحاث في تفسير القرآن.
14 - تبصرة المتعلمين في أحكام الدين وهو هذا الكتاب القيم، دورة
مختصرة في الفقه من الطهارة إلى الديات، وقد طبع هذا السفر الجليل عدة
مرات في كل من إيران والعراق، وقد تصدت هذه المؤسسة الثقافية (التي نذرت
نفسها لإحياء آثار أهل البيت ونشرها في جميع أقطار العالم) لإعادة طبعه
وبأسلوب ممتاز وشيق وأناقة تامة.
وفاته ومدفنه:
توفي رحمه الله في 21 من شهر المحرم يوم السبت من سنة 726 ه‍ ونقل جثمانه
الطاهر من مدينة الحلة التي كانت مسقط رأسه إلى النجف الأشرف، ودفن في
الحجرة عن يمين الداخل إلى الحضرة العلوية الشريفة من جهة الشمال، وقبره ظاهر
ومعروف ومزور إلى اليوم.
بيروت في 1 / 1 / 1984 م
حسين الأعلمي
10

في طريق التحقيق
قوبل هذا الكتاب على نسخة في مجموعة بمكتبة مجلس الأمة في طهران
(كتابخانه مجلس شوراى ملى) برقم (4953)، وتحتوي هذه المجموعة على:
1 - استقصاء النظر في البحث عن القضاء والقدر، للعلامة الحلي.
2 - السعدية، للعلامة الحلي.
3 - ثلاثة وأربعون حديثا نبويا، لفخر الدين ابن العلامة الحلي.
4 - الفخرية في معرفة النية، لفخر الدين الحلي.
5 - تبصرة المتعلمين في أحكام الدين، للعلامة الحلي.
6 - الجمل والعقود، للشيخ الطوسي.
7 - واجب الاعتقاد على جميع العباد، للعلامة الحلي.
8 - الخلل الواقع في الصلاة، لعله للمحقق الكركي.
الكتاب الأول كتبه حيدر بن علي بن حيدر العلوي الحسيني الآملي،
وفي الصفحة الأخيرة منه إنهاء كتبه فخر الدين محمد ابن العلامة في 12
11

رمضان سنة 759.
والكتاب الثاني كتب في قلعة أربيل أواخر ربيع الثاني سنة 764.
والكتاب الثالث كتبه علي بن يوسف بن عبد الجليل، يوم الاثنين
سلخ ربيع الآخر سنة 759، وعلى الورقة الأولى منه إجازة قراءة كتبها
فخر الدين ابن العلامة لتاج الدين أبي سعيد بن عماد بن يحيى بن محمد بن
أحمد الكاسي في سلخ شعبان سنة 759، وفي الصفحة الأخيرة إنهاء كتبه
ابن العلامة أيضا بنفس التاريخ.
والكتاب الرابع كتب في رابع شهر رمضان سنة 759، وعلى الورقة
الأولى منه إجازة قراءة فخر الدين للكاسي أيضا بتاريخ 5 شهر رمضان
759، وفي الصفحة الأخيرة إنهاء كتبه ابن العلامة بنفس التاريخ.
والكتاب الخامس (وهو التبصرة) كتب ليلة الثلاثاء 25 ربيع الثاني
سنة 759، وعلى الورقة الأولى منه إجازة فخر الدين للكاسي أيضا بتاريخ
سلخ ربيع الآخر 759، وفي آخره إنهاء كتبه في 29 ربيع الآخر من
نفس السنة. وهذا الكتاب بين ورقتي 52 - 97 من المجموعة.
والكتاب السادس كتبه محمد بن علي مجاور النجف الأشرف، وفرغ
منه يوم السبت سلخ ربيع الآخر سنة 763.
والكتاب السابع من دون اسم الناسخ والتاريخ.
والكتاب الثامن ناقص الآخر.
يتخلل المجموعة فوائد متفرقة كتبت بخطوط مختلفة كلها قديمة.
12

أما التعاليق فكثير منها مأخوذة من هذه النسخة المخطوطة التي نرمز
إليها بحرف (ن) أو نذكرها بعنوان النسخة المخطوطة.
واستفدنا أيضا مما علقه سماحة الإمام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء
على النسخة المطبوعة بمطبعة دنكور ببغداد سنة 1338 ه‍، وهي التعاليق
التي نعقبها بجملة (كاشف الغطاء).
واخترنا أيضا كثيرا من التعاليق من الكتب الفقهية كالشرائع
والمختصر النافع والمسالك والروضة البهية وغيرها.
كما أننا استعنا بكتب اللغة في تعريف بعض الألفاظ اللغوية أو بعض
المصطلحات الواردة في الكتاب.
والنسخ المطبوعة المتداولة تختلف في مواضع كثيرة مع نسختنا
المخطوطة، ولم نشأ أن نثقل الهوامش بذكر كل ما هو مختلف فيه،
فاكتفينا بالإشارة إلى هو المهم من الاختلافات في التعاليق بعنوان (في
سائر النسخ).
13

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القديم سلطانه، العظيم شأنه، الواضح برهانه، المنعم على
عباده بإرسال أنبيائه، المتطول عليهم بالتكليف المؤدى إلى حسن جزائه،
وصلى الله على سيد رسله في العالمين، محمد المصطفى وعترته الطاهرين.
أما بعد:
فهذا الكتاب الموسوم ب‍ (تبصرة المتعلمين في أحكام الدين)، وضعناه
لإرشاد المبتدئين وإفادة الطالبين، مستمدين من الله المعونة والتوفيق، إنه
أكرم المعطين، وأجود المسؤولين.
ونبدأ بالأهم فالأهم:
14

كتاب الطهارة (1)
وفيه أبواب:
الباب الأول
(في المياه)
الماء (2) ضربان: مطلق ومضاف، فالمطلق ما يستحق إطلاق اسم

(1) الطهارة في اللغة النظافة، وفي الشرع ما له صلاحية التأثير في
استباحة الصلاة من الوضوء والتيمم والغسل.
(2) قال تعالى: (وأنزلنا من السماء ماءا طهورا) أي طاهرا مزيلا
للأحداث والنجاسات، مع طهارته في نفسه. ووصف الله تعالى الماء بكونه
(طهورا) مطلقا على أن الطهورية صفة أصلية للماء ثابتة له قبل الاستعمال،
بخلاف ضارب وشاتم ومكلم لأنه أما يوصف به الانسان بعد ضربه أو شتمه
أو كلامه.
15

الماء عليه ولا يمكن سلبه عنه، والمضاف بخلافه. فالمطلق طاهر مطهر.
وباعتبار وقوع النجاسة فيه ينقسم أقساما:
الأول: الجاري، كمياه الأنهار، ولا ينجس لما (يقع) (1) فيه من
النجاسة ما لم يتغير لونه أو طعمه أو ريحه بها، فإن تغير نجس المتغير
خاصة دون ما قبله وبعده.
وحكم ماء الغيث حال نزوله، وماء الحمام إذا كانت له مادة حكمه.
الثاني: الواقف، كمياه الحياض والأواني، إن كان مقداره كرا -
وحده ألف ومائتا رطل بالعراقي (1)، أو كان كل واحد من طوله وعرضه
وعمقه ثلاثة أشبار ونصفا بشبر مستوى الخلقة لم ينجس بوقوع النجاسة
فيه ما لم تغير أحد أوصافه، فإن غيرته نجس، ويطهر بإلقاء كر دفعة
عليه حتى يزول تغيره.
وإن كان أقل من كر نجس، بوقوع النجاسة فيه وإن لم تغير
أوصافه ويطهر بإلقاء الكر دفعة عليه.
الثالث: ماء البئر، إن تغير بوقوع النجاسة فيه نجس، وطهر بزوال
التغير بالنزح، وإلا فهو على أصل الطهارة.

(1) الزيادة من النسخ المطبوعة.
(2) وهذا يبلغ حسب الكيلو ثلاثمائة وثلاث وثمانين كيلوا وتسعمائة وست
غرامات.
16

وجماعة من أصحابنا حكموا بنجاستها بوقوع النجاسة فيها وإن لم
يتغير ماؤها وأوجبوا نزح الجميع بوقوع المسكر أو الفقاع، أو
المني، أو دم الحيض أو الاستحاضة أو النفاس فيها، أو موت بعير فيها.
فإن تعذر تراوح أربعة رجال عليها مثنى يوما، ونزح كر لموت الجمل
والبقرة وشبههما، ونزح سبعين (دلوا) لموت الانسان، وخمسين للعذرة
الذائبة والدم الكثير غير الدماء الثلاثة وأربعين لموت الكلب
والسنور والخنزير والثعلب والأرنب وبول الرجل، ونزح عشرة للعذرة
اليابسة وللدم القليل، وسبع لموت الطير والفأرة إذا تفسخت أو
انتفخت وبول الصبي واغتسال الجنب وخروج الكلب منها حيا،
وخمس لذرق الدجاج، وثلاثة للفأرة والحية، ودلو للعصفور وشبهه
وبول الرضيع.
وعندي أن ذلك أي كلها مستحب.
الرابع: أسار (2) الحيوان، كلها طهارة إلا الكلب والخنزير والكافر.
وأما المضاف، فهو المعتصر من الأجسام، أو الممتزج بها مزجا يسلبه
الإطلاق كماء الورد والمرق، وهو ينجس بكل ما يقع فيه من النجاسة،
سواء كان قليلا أو كثيرا.

(1) وهو ماء الشعير المخمر.
(2) جمع سؤر: ماء الفم.
17

ولا يجوز رفع الحدث به، ولا الخبث، وإن كان طاهرا.
مسائل:
الأولى: الماء المستعمل في رفع الحدث طاهر مطهر.
الثانية: المستعمل في إزالة النجاسة نجس، سواء تغير بالنجاسة أو لم
يتغير، عدا ماء الاستنجاء.
الثالثة: غسالة الحمام نجسة ما لم يعلم خلوها من النجاسة.
الرابعة: الماء النجس لا يجوز استعماله في الطهارة، ولا إزالة
النجاسة، ولا الشرب إلا مع الضرورة.
الباب الثاني
(في الوضوء)
وفيه فصول:
الفصل الأول في موجبه:
إنما يجب بخروج البول، والغائط، والريح من المعتاد، والنوم الغالب
على السمع وما في معناه (1)، والاستحاضة القليلة الدم. ولا يجب
بغير ذلك.

(1) في هامش ن (من الجنون والإغماء).
18

الفصل الثاني في آداب الخلوة:
ويجب ستر العورة على طالب الحدث (1)، ويحرم عليه استقبال القبلة
واستدبارها في الصحاري والبنيان.
ويستحب له تقديم اليسرى عند الدخول إلى الخلاء، واليمنى عند
الخروج وتغطية الرأس، والتسمية، والاستبراء، والدعاء عند الدخول
والخروج، والاستنجاء، والفراغ، والجمع بين الأحجار والماء.
ويكره الجلوس في الشوارع، والمشارع، ومواضع اللعن، وتحت
الأشجار المثمرة، وفيئ النزال، واستقبال الشمس والقمر، والبول في
الأرض الصلبة، ومواطن الهوام، وفي الماء، واستقبال الريح به،
والأكل، والشرب، والسواك، والكلام إلا بذكر الله تعالى أو
للضرورة والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله
تعالى (2) أو أنبيائه عليهم السلام أو أحد الأئمة عليهم السلام.
ويجب عليه الاستنجاء، وهو غسل مخرج البول معه خاصة، وغسل
مخرج الغائط مع التعدي، وبدونه يجزي ثلاثة أحجار طاهرة، أو ثلاث
خرق (3).

(1) إن كان هناك ناظر محترم.
(2) إن كان مأمونا من التلوث، وإلا حرم عليه التختم.
(3) إن زالت النجاسة بها وإلا زاد على الخرق حتى تزول.
19

الفصل الثالث في كيفيته:
ويجب فيه سبعة أشياء:
(النية) مقارنة لغسل الوجه أو لغسل اليدين المستحب، واستدامتها
حكما حتى يفرغ.
و (غسل الوجه) من قصاص شعر الرأس إلى محادر (1) شعر الذقن
طولا، وما اشتملت عليه الإبهام والوسطى.
و (غسل اليدين) من المرفقين إلى أطراف الأصابع، ولو عكس لم يجز.
و (مسح بشرة مقدم الرأس أو شعره) بالبلل من غير استئناف ماء
جديد، بأقل ما يقع عليه اسم المسح.
و (مسح بشرة الرجلين) الأصابع إلى الكعبين، ويجوز
منكوسا.
و (الترتيب) على ما قلناه.
من رؤوس و (الموالاة) وهي متابعة الأفعال بعضها لبعض من غير تأخير.
ويستحب فيه غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، مرة من حدث النوم
والبول ومرتين من الغائط وثلاثا من الجنابة، ووضع الإناء على اليمين،
والاغتراف بها، والتسمية، والمضمضة، والاستنشاق ثلاثا، وتثنية

(1) من الانحدار.
20

الغسلات، ووضع الماء في غسل اليدين على ظهر الذراعين والمرأة على
باطنهما، وبالعكس في الثانية، والدعاء عند كل فعل.
ويكره التمندل (1) والاستعانة.
ويحرم التولية (2).
مسائل:
الأولى: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن.
الثانية: لو تيقن الحدث وشك في الطهارة تطهر، وبالعكس لا يجب
الطهارة.
الثالثة: لو شك في شئ من أفعال الوضوء وهو على حاله أتى به وبما
بعده، ولو انصرف لم يلتفت.
الباب الثالث
(في الغسل)
ويجب بالجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومس الأموات

(1) تمندل بالمنديل: تمسح به.
(2) أي تولية الغير لعمل الوضوء في حال الاختيار، أما في الاضطرار فلا
شئ عليه.
21

بعد بردهم وقبل تطهيرهم بالغسل وللموت (1)
ويستحب لما يأتي.
فهاهنا فصول:
الفصل الأول في الجنابة:
وهي تحصل بإنزال الماء مطلقا، وبالجماع في الفرج حتى تغيب الحشفة
سواء القبل والدبر وإن لم ينزل، ويجب فيه الغسل.
والواجب فيه النية عند غسل اليدين أو الرأس مستدامة الحكم،
واستيعاب الجسد بالغسل، وتخليل ما لا يصل إليه الماء إلا به، والبدأة
بالرأس ثم بالجانب الأيمن ثم الأيسر.
ويسقط الترتيب مع الارتماس.
ويستحب فيه الاستبراء بالبول، أو الاجتهاد، والمضمضة،
والاستنشاق، والغسل بصاع (2) فما زاد، وتخليل ما يصل إليه الماء.
ويحرم عليه قبل الغسل قراءة العزائم، ومس كتابة القرآن، أو

(1) ساقط من سائر النسخ.
(2) الصاع: أربعة أمداد، والمد ما يقارب ثلاثة أرباع الكيلو أي 750
غراما، فالصاع: ثلاث كيلوات.
(3) العزائم هي السور التي فيها سجدة واجبة. وهي: سورة السجدة،
وفصلت، والنجم والعلق.
22

شئ عليه اسمه تعالى، أو أسماء أنبيائه أو أحد الأئمة عليهم السلام،
ودخول المساجد إلا اجتيازا إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول عليه
السلام (1)، ووضع شئ فيها.
ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات، ومس المصحف، والأكل،
والشرب إلا بعد المضمضة والاستنشاق، والنوم إلا بعد الوضوء،
والخضاب.
ولو أحدث في أثناء الغسل أعاد.
الفصل الثاني في الحيض:
وهو في الأغلب دم أسود غليظ يخرج بحرقة وحرارة.
وما تراه بعد خمسين سنة إن لم تكن قرشية ولا نبطية (2) أو بعد
ستين سنة إن كانت أحدهما أو قبل تسع سنين مطلقا فليس بحيض.
وأقله ثلاثة أيام متواليات، وأكثره عشرة أيام، وما بينهما بحسب
العادة.
ولو تجاوز الدم العشرة فإن كانت المرأة ذات عادة مستقرة رجعت

(1) فإنه يحرم حتى الاجتياز فيهما.
(2) القرشية من تنتسب من طرف الأب إلى قريش - وهو نضر بن كنانة،
والنبطية من تنتسب إلى قوم كانوا ينزلون النبط - وهو مكان بين الكوفة
والبصرة.
23

إليها، وإن كانت مبتدئة أو مضطربة (1) ولها تميز عملت عليه، ولو
فقدته رجعت المبتدئة إلى عادة أهلها، فإن فقدن فإلى أقرانها، فإن فقدن
أو كن مختلفات تحيضت في كل شهر سبعة أيام، أو ثلاثة من الأول وعشرة
من الثاني والمضطربة تتحيض بالسبعة أو الثلاثة والعشرة في الشهرين.
ويحرم عليها دخول المساجد إلا اجتيازا، عدا المسجدين (2)،
وقراءة العزائم (3) ومس كتابة القرآن.
ويحرم على زوجها وطئها، ولو وطأ عزر وكفر مستحبا (4).
ولا ينعقد لها صلاة، ولا صوم، ولا طهارة رافعة للحدث، ولا
طواف، ولا اعتكاف، ولا يصح طلاقها، ولا يجب عليها قضاء الصلاة،
ويجب قضاء الصوم.
ويكره لها قراءة ما عدا العزائم، ومس المصحف، وحمله، والخضاب،
والوطي قبل الغسل، والاستمتاع منها بما بين السرة والركبة.

(1) المبتدئة: من لم يستقر لها عادة، أعم ممن كان أول رؤيتها الحيض أو
تكررت بلا استقرار عادة. والمضطربة: الناسية وقتا أو عددا أو كليهما.
(2) مسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يحرم عليها اجتيازهما أيضا.
(3) سبق تفسيرها في الهامش رقم (3) من الصفحة 22.
(4) بل اختار المتأخرون الوجوب دينارا في الثلث الأول، ونصفه في
الثاني، وربعه في الثالث.
24

ويستحب لها الوضوء لكل صلاة فريضة، والجلوس في مصلاها
ذاكرة بقدر صلاتها.
الفصل الثالث في الاستحاضة:
وهو في الأغلب دم أصفر بارد رقيق تراه بعد أيام الحيض، أو أيام
النفاس أو بعد اليأس.
فإن كان الدم قليلا وهو أن يظهر على القطنة ولا يغمسها وجب
عليها تغيير القطنة وتجديد الوضوء لكل صلاة، وإن كان كثيرا وهو
أن يغمس القطنة ولا يسيل وجب عليها مع ذلك تغيير الخرقة والغسل
لصلاة الغداة، وإن كان أكثر منه وهو أن يسيل وجب عليها مع ذلك
غسلان: غسل للظهر والعصر تجمع بينهما، وغسل للمغرب والعشاء تجمع
بينهما. وغسلها كغسل الحائض.
وإذا فعلت ما قلناه صارت بحكم الطاهر.
الفصل الرابع في النفاس:
وهو الدم الذي تراه عقيب الولادة أو معها (1).
ولا حد لأقله، وأكثره عشرة أيام.
وحكمها حكم الحائض في جميع الأحكام.

(1) إذا ولدت المرأة ولم تر دما فليس لها نفاس.
25

الفصل الخامس في غسل الأموات:
ومباحثه خمسة:
الأول الاحتضار:
يجب فيه استقبال الميت بالقبلة بأن يلقى على ظهره ويجعل وجهه
وباطن رجليه إليها.
ويستحب تلقينه الشهادتين، والإقرار (1) بالأئمة عليهم السلام،
وكلمات الفرج، وقراءة القرآن، وتغميض عينيه، وإطباق فيه، ومد
يديه، وإعلام المؤمنين، وتعجيل أمره إلا مع الاشتباه (2).
ويكره أن يحضره جنب أو حائض، أو يجعل على بطنه حديد.
الثاني الغسل:
ويجب تغسيله ثلاث مرات: الأولى بماء السدر، والثانية بماء الكافور،
والثالثة القراح كغسل الجنابة.
ولو خيف تناثر لحمه يمم.
ويستحب وقوف الغاسل على يمينه، وغمز بطنه (3) في الغسلتين

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: فيرجع فيها إلى الأمارات.
(3) أي مسح بطنه حتى يخرج ما فيه من القذارات، إلا أن يكون الميت
امرأة حاملا فإنه لا يمسح على بطنها حذرا من الإسقاط.
26

الأولتين، والذكر، والاستغفار، وإرسال الماء إلى حفيرة، وتغسيله تحت
سقف، واستقبال القبلة به، وغسل رأسه وجسده برغوة السدر، وفرجه
بالأشنان، وأن يوضأ. (1)
ويكره إقعاده، وقص أظفاره، وترجيل شعره.
الثالث التكفين:
ويجب تكفينه في ثلاثة أثواب: مئزر وقميص وأزار، ومساس
مساجده بالكافور.
ويستحب أن يزاد الرجل حبرة (2) غير مطرزة بالذهب (3)، وخرقة
لفخذيه، وعمامة يعمم بها محنكا، ويزاد المرأة لفافة أخرى لثدييها،
ونمطا (4)، وتعوض عن العمامة بقناع.
والتكفين بالقطن، وتطييبه بالذريرة، وجريدتان من النخل، وأن
يكتب على اللفافة والقميص والأزار والجريدتين اسمه وأنه يشهد الشهادتين

(1) في سائر النسخ هنا إضافة. ويحشى للرجل.
(2) الحبرة: ثوب يمني.
(3) في سائر النسخ هنا إضافة: والفضة.
(4) النمط: ثوب من صوف فيه خطوط تخالف لونه، شامل لجميع البدن،
ويلبس فوق جميع الأكفان، وهو معرب (نمد).
27

و (أسماء) (1) الأئمة عليهم السلام، وأن يكون الكافور ثلاثة عشر
درهما وثلثا.
ويكره التكفين في السواد، وجعل الكافور في سمعه وبصره، وتجمير
الأكفان (2).
الرابع الصلاة عليه:
وهي تجب على كل ميت مسلم أو بحكمه ممن بلغ ست سنين من
أولادهم ذكرا كان أو أنثى، حرا أو عبدا.
وتستحب على من نقص سنه عن ذلك.
وأولاهم بالصلاة عليه أولاهم بالميراث، والزوج أولى من غيره،
والهاشمي أحق إذا قدمه الولي ويستحب له تقديمه مع الشرائط والإمام
أولى من غيره. ووجه بها على الكفاية.
وكيفيتها: أن يكبر بعد النية خمسا بينها أدعية، أفضلها أن يكبر
ويتشهد الشهادتين، ثم يصلي على النبي وآله عليهم السلام بعد الثانية، ثم
يدعو للمؤمنين بعد الثالثة، ثم يدعو للميت إن كان مؤمنا وعليه إن كان
منافقا وبدعاء المستضعفين إن كان منهم في الرابعة، ولو كان طفلا سأل

(1) زيادة يقتضيها المقام.
(2) أي تبخير العود على الجمر لتطيب رائحة الأكفان.
28

الله تعالى أن يجعله لأبويه فرطا، وإن لم يعرفه سأل الله تعالى أن
يحشره مع من يتولاه، ثم يكبر الخامسة وينصرف بعد رفع الجنازة -
ولا قراءة فيها ولا تسليم.
ويستحب فيها الطهارة وليست شرطا.
مسائل:
الأولى: لا يصلى عليه إلا بعد تغسيله وتكفينه.
الثانية: يكره الصلاة على الجنازة مرتين.
الثالثة: لو لم يصل على الميت صلى على قبره يوما وليلة.
الرابعة: يستحب أن يقف الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة،
ولو اتفقا جعل الرجل مما يليه.
الخامسة: يجب أن يجعل رأس الميت عن يمين المصلي.
الخامس الدفن:
والواجب ستره في الأرض عن الهوام والسباع، وطم رائحته عن
الناس على جانبه الأيمن موجها إلى القبلة.

(1) أي سابقا إلى الجنة.
(2) في سائر النسخ (وكتم) وهو خطأ إذ لا يكفي الكتم بلا طم،
أي دفن.
29

ويستحب اتباع الجنازة (1)، أو مع أحد جانبيها، وتربيعها (2)،
ووضعها عند القبر إن كان رجلا، وقدامه مما يلي القبلة إن كان
امرأة، وأخذ الرجل من قبل رأسه والمرأة عرضا، وحفر القبر قدر
قامة أو إلى الترقوة، واللحد أفضل من الشق بقدر ما يجلس فيه الجالس،
والذكر عند تناوله وعند وضعه في اللحد، والتحفي (3)، وحل الأزرار،
وكشف الرأس، وحل عقد الأكفان، ووضع خده على التراب، ووضع
شئ من التربة معه، وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة (عليهم السلام)،
وشرج اللبن (4)، والخروج من قبل رجليه، وإهالة الحاضرين التراب
بظهور الأكف، وطم القبر، وتربيعه، وصب الماء عليه دورا، ووضع
اليد عليه، والترحم، وتلقين الولي بعد الانصراف.
ويكره نزول ذي الرحم، وإهالته التراب، وفرش القبر بالساج من
غير حاجة وتجصيصه، وتجديده (5)، ودفن ميتين في قبر واحد، ونقله

(1) أي المشي خلفها.
(2) أي حمل الجنازة من جوانبها الأربعة، بأن يحمل مقدمها الأيمن ثم
مؤخرها الأيمن ثم مؤخرها الأيسر ثم مقدمها الأيسر.
(3) أي أن يكون المتلقى للميت في القبر حافيا غير منتعل.
(4) أي ينضدها بالطين وشبهه بحيث لو أهالوا عليه التراب لم تصل إليه
إذ لا يكره الإهالة لكل أحد.
(5) إلا في قبور الأئمة عليهم السلام والعلماء والصلحاء، فإنه فيها من تعظيم
عظماء دين الله، وهو من تعظيم شعائر الله، وقد قال الله تعالى: (ومن يعظم
شعائر الله فإنها من تقوى القلوب).
30

إلى غير المشاهد.
والميت في البحر يثقل ويرمى فيه (1).
ولا يدفن في مقبرة المسلمين غيرهم، إلا الذمية الحامل من المسلم
فيستدبر بها القبلة (2).
مسائل:
الأولى: الشهيد لا يغسل ولا يكفن بل يصلى عليه وهو في ثيابه.
الثانية: صدر الميت كالميت في أحكامه، وغيره إن كان فيه عظم
غسل وكفن ودفن، وكذا السقط لأربعة أشهر، وإلا دفن بعد لفه في
خرقة، وكذا السقط لدون أربعة.
الثالثة: يؤخذ الكفن من أصل التركة قبل الديون، وكفن المرأة
على زوجها وإن كانت موسرة.
الرابعة: الحرام كالحلال إلا في الكافور فلا يقربه (3).
الخامسة: من مس ميتا من الناس، بعد برده بالموت وقبل تطهيره
بالغسل أو مس قطعة منه فيها عظم قطعت من حي أو ميت وجب

(1) مع تعذر الوصول إلى البر.
(2) ليقع وجه الولد إلى القبلة، لما هو الغالب في وضع الجنين في بطن أمه
أن يكون وجهه إلى ظهر أمه.
(3) أي حكم المحرم كحكم المحل في جميع ما مضى إلا أنه لا يطيب بالكافور.
31

عليه الغسل، ولو خلت القطعة من عظم أو كان الميت من غير الناس
غسل يده خاصة.
الفصل السادس في الأغسال المسنونة:
وهي: غسل يوم الجمعة ووقته من طلوع الفجر إلى الزوال،
وأول ليلة من رمضان، وليلة النصف منه، وسبع عشرة، وتسع عشرة،
وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة الفطر، ويومي العيدين،
وليلة نصف رجب، وليلة نصف شعبان، ويوم مبعث (1)، والغدير (2)،
والمباهلة (3)، وغسل الإحرام، وزيارة النبي والأئمة عليهم السلام،
وقضاء الكسوف مع الترك عمدا واحتراق القرص كله، وغسل التوبة،
وصلاة الحاجة، والاستخارة، ودخول الحرم، والمسجد الحرام
والكعبة، والمدينة، ومسجد النبي (عليه السلام) وغسل المولود.
الباب الرابع
(في التيمم)
ويجب عند فقد الماء، أو تعذر استعماله لمرض أو برد أو خوف

(1) هو يوم السابع والعشرين من رجب.
(2) هو يوم الثامن عشر من ذي الحجة.
(3) هو يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة.
32

عطش أو عدم آلة يتوصل بها إليه أو ثمن يضر في الحال، ولو لم يضره
وجب وإن كثر.
ويجب الطلب غلوة سهم في الحزنة وسهمين في السهلة من جوانبه
الأربع.
ولو كان عليه نجاسة ولا يفضل الماء عن إزالتها تيمم وأزالها به.
ولا يصح إلا بالتراب الخالص، ويجوز بأرض النورة والجص والحجر.
ويكره بالسبخة (1) والرمل، ولو لم يجد إلا الوحل تيمم به.
وكيفيته: أن يضرب بيديه على الأرض ناويا، وينفضهما، ويمسح
بهما وجهه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف، ثم يمسح ظهر كفه
الأيمن ببطن الأيسر، ثم ظهر الأيسر ببطن الأيمن من الزند إلى طرف
الأصابع.
ولو كان بدلا من الغسل ضرب ضربتين: ضربة للوجه وأخرى لليدين
ويجب الترتيب.
وينقضه كل نواقض الطهارة، ويزيد (عليها) (2) وجود الماء مع
التمكن من استعماله، ولو وجده قبل شروع الصلاة تطهر، ولو وجده
في الأثناء أتم صلاته، ولا يعيد ما صلى بتيممه.

(1) أي المملحة.
(2) أي على نواقض الطهارة بغير التيمم.
33

ولا يجوز قبل دخول الوقت، ويجوز مع الضيق، وفي حال السعة
قولان.
الباب الخامس
(في النجاسات)
وهي عشرة: (البول) و (الغائط) مما لا يؤكل لحمه من ذي النفس
السائلة، و (المنى) من ذي النفس السائلة مطلقا، وكذا (الميتة) و (الدم)
منه (1)، و (الكلب) و (الخنزير)، و (الكافر)، و (المسكر)، و (الفقاع) (2).
ويجب إزالتها عن الثوب والبدن للصلاة عدا ما نقص عن الدرهم
البغلي من الدم، غير الدماء الثلاثة ودم نجس العين.
وعفي عن دم القروح والجروح مع السيلان ومشقة الإزالة، وعن
نجاسة ما لا يتم الصلاة فيه كالتكة والجورب والقلنسوة.
ويكفي المربية للصبي إذا لم يكن لها إلا ثوب واحد: غسله في اليوم
مرة واحدة.
ويجب إزالة النجاسة مع علم موضعها، ولو جهل غسل جميع الثوب.

(1) أي من ذي النفس السائلة مطلقا.
(2) ماء الشعير المخمر.
34

ولو اشتبه الثوب بغيره صلى في كل واحد منهما مرة.
ولو لم يتمكن من غسل الثوب صلى عريانا إذا لم يجد غيره، ولو
خاف البرد صلى فيه، ولا إعادة.
ولو صلى في النجس مع العلم أعاد في الوقت وخارجه، ولو نسي
حالة الصلاة أعاد في الوقت، ولو لم يتقدم العلم حتى فرغ فلا إعادة.
وتطهر الشمس ما تجففه من البول وغيره على الأرض (1)، والأبنية،
والحصر والبواري (2).
والأرض (3) باطن الخف (4).
ولو نجس الإناء وجب غسله، فيغسل من ولوغ الكلب ثلاثا أولاهن
بالتراب، ومن الخنزير سبعا، ومن الخمر والفأرة ثلاثا والسبع أفضل،
ومن غير ذلك مرة والثلاث أفضل.
ويحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل وغيره.
ويكره المفضض.
وأواني المشركين طاهرة ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة.

(1) يجب أن يكون التجفيف بالإشراق. فإذا جففت الأرض بحرارة الشمس
من دون إشراق لم تطهر، وهكذا لو كان الجفاف بالريح والهواء.
(2) وغيرهما مما لا ينقل والبواري جمع البارية وهي الحصير من خوص القصب.
(3) أي وتطهر الأرض، وذلك بشرط طهارة الأرض وجفاف الخف.
(4) في سائر النسخ هنا إضافة: وباطن القدم.
35

كتاب الصلاة
وفيه أبواب:
الباب الأول
(في المقدمات)
وفيه فصول:
الفصل الأول - في إعدادها:
الصلاة الواجبة في كل يوم وليلة خمس: الظهر أربع ركعات في الحضر
وفي السفر ركعتان، والعصر كذلك، والمغرب ثلاث فيهما، والعشاء
كالظهر، والصبح ركعتان فيهما.
والنوافل اليومية أربع وثلاثون في الحضر: ثمان ركعات قبل الظهر،
وثمان بعدها للعصر، وأربع ركعات بعد المغرب، وركعتان من جلوس
بعد العشاء تعدان ركعة، وثمان ركعات صلاة الليل، وركعتا الشفع،
36

وركعة الوتر، وركعتا الفجر.
وتسقط في السفر نوافل النهار (1) والوتيرة خاصة (2).
ومن الصلوات الواجبة: الجمعة، والعيدان، والكسوف، والزلزلة،
والآيات، والطواف، والجنائز، والمنذور، وشبهه (3).
وما عدا ذلك مسنون.
الفصل الثاني في أوقاتها:
إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار أربع ركعات،
ثم يشترك الوقت بينها وبين العصر إلى أن يبقى لغروب الشمس مقدار
أربع ركعات فيختص بالعصر، وإذا غربت الشمس وحده غيبوبة
الحمرة المشرقية دخل وقت المغرب إلى أن يمضي مقدار أدائها، ثم
يشترك الوقت بينها وبين العشاء إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار أربع
فيختص بالعشاء، وإذا طلع الفجر الثاني دخل وقت الصبح إلى أن
تطلع الشمس.
وأما النوافل: فوقت نافلة الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يصير
ظل كل شئ مثله، فإذا صارت كذلك ولم يصل شيئا من (النافلة) اشتغل

(1) أي نوافل الظهر والعصر.
(2) وهي نافلة العشاء، دون نوافل المغرب.
(3) أي المقسم عليه أو المعاهد عليه الله تعالى.
37

بالفريضة، ولو تلبس بركعة من النافلة زاحم بها الفريضة، ووقت نافلة
العصر بعد الظهر إلى أن يصير ظل كل شئ مثليه، ولو خرج وقد تلبس
بركعة زاحم بها وإلا فلا، ووقت نافلة المغرب بعدها إلى أن تذهب الحمرة
المغربية، ولو ذهبت ولم يكملها اشتغل بالعشاء، ووقت الوتيرة بعد العشاء
وتمتد بامتداد وقتها، ووقت نافلة الليل بعد انتصافه، وكلما قرب من
الفجر كان أفضل، ولو طلع وقد تلبس بأربع زاحم بها الصبح وإلا
قضاها، ووقت ركعتي الفجر عند الفراغ من صلاة الليل، وتأخيرها إلى
طلوعه (1) أفضل، وإذا طلع الفجر (2) زاحم بها ولو إلى طلوع الحمرة
المشرقية.
مسائل:
الأولى: تصلى الفرائض في كل وقت إداءا وقضاءا ما لم تتضيق
الحاضرة، والنوافل ما لم تدخل الفريضة.
الثانية: يكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس، وغروبها، وقيامها
نصف النهار إلى أن يزول إلا يوم الجمعة، وبعد الصبح والعصر عدا

(1) أي طلوع الفجر، ويعني الفجر الأول الكاذب الذي يظهر على الأفق
عموديا قائما.
(2) يعني الفجر الثاني الصادق الذي يخرج معترضا على الأفق بعد الكاذب
العمودي.
38

ذي السبب (1).
الثالثة: تقديم كل صلاة في أول وقتها أفضل إلا في مواضع (2) ولا
يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، ولا تقديمها عليه.
الفصل الثالث - في القبلة:
وهي الكعبة مع القدرة، وجهتها مع البعد.
والمصلي في الكعبة يستقبل أي جدرانها شاء، وعلى سطحها يبرز بين
يديه بعضها.
وكل قوم يتوجهون إلى ركنهم: بالعراقي لأهل العراق، واليماني لأهل
اليمن، والمغربي لأهل المغرب، والشامي لأهل الشام.
وعلامة العراق جعل الفجر محاذيا لمنكبه الأيسر (3) والشفق لمنكبه
الأيمن، وعين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي

(1) أي الصلوات التي لها سبب خاص ليست مكروهة في الأوقات المذكورة
كصلاة الزيارة والحاجة، والاستخارة، والاستسقاء والشكر، وتحية المساجد
وأول الشهر، ونحوها.
(2) منها: من له عذر ويتوقع زواله، والصائم الذي ينتظرونه للطعام،
والصائم التائق نفسه إلى الطعام، والمفيض من عرفات إلى المشعر.
(3) لا يكون هذا موافقا للقبلة إلا في زمن الاعتدالين، وهو يومان في
السنة فقط، وأما سائر الأيام فلا يتم.
39

الأنف والجدي خلف المنكب الأيمن.
ومع فقد الأمارات يصلي إلى أربع جهات مع الاختيار، ومع الضرورة
إلى أي جهة شاء.
ولو ترك الاستقبال عمدا أعاد (1).
ولو كان ظانا أو ناسيا وكان بين المشرق والمغرب فلا إعادة، ولو
كان إليهما أعاد في الوقت.
ولو كان مستدبرا أعاد مطلقا.
ولا يصلي على الراحلة اختيارا إلا نافلة.
الفصل الرابع في اللباس:
يجب ستر العورة أما بالقطن، أو الكتان، أو ما أنبتته الأرض من
أنواع الحشيش، أو بالخز الخالص (2)، أو بالصوف والشعر والوبر مما
يؤكل لحمه أو جلده مع التذكية.
ولا يجوز الصلاة في جلد الميتة وإن دبغ، ولا جلد ما لا يؤكل لحمه
وإن ذكى ودبغ، ولا صوفه وشعره ووبره، ولا الحرير المحض للرجال

(1) في سائر النسخ إضافة: في الوقت وخارجه.
(2) الخز: دابة بحرية ذات أربع، ويطلق اسم الخز على الثياب المتخذة
من وبرها.
40

مع الاختيار (1) ويجوز في الحرب (2) وللنساء، وللركوب، والافتراش
له ولا (3) في المغصوب، ولا ما يستر ظهر القدم إذا لم يكن له ساق.
ويكره في الثياب السود إلا العمامة والخف (4) وأن يأتزر فوق
القميص وأن يستصحب الحديد ظاهرا، واللثام، والقباء المشدود في
غير الحرب واشتمال الصماء (5).
ويشترط في الثوب الطهارة إلا ما عفى عنه مما تقدم والملك أو
حكمه (6).
وعورة الرجل قبله ودبره، وجسد المرأة عورة، وسوغ لها كشف
الوجه واليدين والقدمين، وللأمة والصبية كشف الرأس.
ويستحب للرجل ستر جميع جسده، والرداء (7) وللمرأة ثلاثة أثواب:
قميص ودرع وخمار.

(1) ولا الذهب للرجال، ولا يجوزان في غير الصلاة أيضا.
(2) في الحرب فقط، فإن أمكن نزعه في حال الصلاة.
(3) والرداء.
(5) وهو: إدخال الثوب تحت الجناح وجعله على منكب واحد.
(6) كالمستعار والمأذون صريحا أو فحوى أو شهد حال قطعي.
(7) في سائر النسخ إضافة (أفضل) ولا معنى لأفضل من الاستحباب.
41

ولو لم يجد ساترا صلى قائما بالإيماء إن أمن اطلاع غيره، وإلا قاعدا
مؤميا.
الفصل الخامس - في المكان:
كل مكان مملوك أو مأذون (1) فيه يجوز فيه الصلاة، وتبطل في
المغصوب مع علم الغصب (2).
ويشترط طهارة موضع الجبهة. ويستحب الفريضة في المسجد، والنافلة في المنزل.
وتكره الصلاة في الحمام، ووادي ضجنان، والشقرة، والبيداء،
وذات الصلاصل (3)، وبين المقابر، وأرض الرمل (4)، والسبخة،
ومعاطن (5) الإبل، وقرى النمل، وجوف الوادي (6)، وجواد (7)

(1) صريحا أو فحوى أو شاهد حال القطعي.
(2) عينا أو منفعة أو حقا.
(3) أي ذات الصلصل، هي قطع الطين الناعم الجاف، التي توجد في أرض
الطين بعد انسحاب الماء منه وإشراق الشمس عليه وجفافه.
(4) الشن.
(5) من العطن بمعنى أوساخ وقذارات الحيوانات.
(6) منحدر الأرض: مجرى السيل.
(7) بتشديد الدال، يدل جمع الجادة، أي الشارع العام.
42

الطريق، والفريضة جوف الكعبة، وبيوت المجوس والنيران، وأن
يكون بين يديه أو إلى أحد جانبيه امرأة تصلي، وإلى باب مفتوح، أو
انسان مواجه، أو نار مضرمة، أو حائط ينز من بالوعة.
ولا يجوز السجود إلا على الأرض، أو ما أنبتته الأرض مما لا يؤكل
ولا يلبس إذا كان مملوكا أو في حكمه خاليا من نجاسة، ولا يجوز على
المغصوب مع العلم ولا على نجاسة.
ولا يشترط طهارة مساقط بقية أعضاء السجود (1).
ولا يجوز السجود على ما ليس بأرض كالجلود، أو ما خرج عنها
بالاستحالة كالمعادن.
ويجوز مع عدم الأرض السجود على الثلج والقير وغيرهما، ومع
الحر على الثوب، فإن فقد فعلى اليد.
الفصل السادس في الأذان والإقامة:
وهما مستحبان في الصلوات الخمس أداءا وقضاءا، للمنفرد والجامع،
رجلا كان أو امرأة، بشرط أن تسر.
ويتأكدان في الجهرية، خصوصا في الغداة والمغرب.
وصورة الأذان: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد
أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله،

(1) إذا لم تكن النجاسة متعدية.
43

أشهد أن محمدا رسول الله (1)، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على
الفلاح، حي على الفلاح، حي على خير العمل، حي على خير العمل، الله
أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله).
والإقامة مثله إلا التكبير فإنه يسقط منه مرتان في أوله، والتهليل
يسقط مرة واحدة في آخره، ويزيد قد قامت الصلاة مرتين بعد حي على
خير العمل. فجميع فصولهما خمسة وثلاثون فصلا.
ولا يؤذن قبل دخول الوقت إلا في الصبح (2)، ويستحب إعادته
بعد دخوله.
ويشترط فيهما الترتيب.
ويستحب كون المؤذن عدلا، صيتا، بصيرا بالأوقات، متطهرا،
قائما على مرتفع، مستقبلا للقبلة، رافعا صوته، مرتلا للأذان، محدرا،
للإقامة (3)، فاصلا بينهما بجلسة أو سجدة أو خطوة.
ويكره أن يكون ماشيا أو راكبا مع القدرة والإعراب أواخر
الفصول، والكلام في خلالهما، والترجيع لغير الأشعار.

(1) لا بأس بقول: (أشهد أن عليا ولي الله) تبركا ورجاءا، من دون أن ينويه جزءا من الأذان أو الإقامة، ولا يكون هذا بدعة، وقد صرح بجوازه
أكثر علماء الإمامية، فمن قال بأنه بدعة فقد تحدى القواعد والأصول.
(2) للإعلام لا للصلاة.
(3) ترتيل الأذان: إطالة الوقوف على أواخر فصوله، وتحدير الإقامة.
الإسراع فيها بتقصير الوقوف على كل فصل من فصوله.
44

ويحرم قول (الصلاة خير من النوم) (1).
الباب الثاني
(في أفعال الصلاة)
وهي واجبة ومندوبة، فها هنا فصول:
الأول الواجبات ثمانية:
الأول: النية، مقارنة لتكبيرة الإحرام.
ويجب نية القربة، والتعيين، والوجوب أو الندب، والأداء أو
القضاء، واستدامة حكمها إلى الفراغ.
الثاني: تكبيرة الإحرام، وهي ركن وكذا النية - وصورتها: (الله
أكبر) (2) ولا يكفي الترجمة مع القدرة.
ويجب التعلم، والأخرس يشير بها مع عقد قلبه.
وشرطها القيام مع القدرة.
ويستحب رفع اليدين بها إلى شحمتي الأذنين.
الثالث: القيام وهو ركن (3) مع القدرة، ولو عجز اعتمد فإن

(1) ويطلق عليه (التثويب).
(2) سيأتي في مندوبات الصلاة أن المصلي يتوجه بسبع تكبيرات، واحدة
منها واجبة.
(3) حال التكبير وقبل الركوع لا مطلقا.
45

تعذر صلى قاعدا، ولو عجز صلى مضطجعا بالإيماء، ولو عجز صلى
مستلقيا.
الرابع: القراءة، ويجب الحمد والسورة في الثنائية، والأوليين من
غيرها، ولا يجزي الترجمة، ويجب التعلم لو لم يحسن مع المكنة، ومع
العجز يصلي بما يحسن، وإن لم يحسن شيئا كبر الله وهلله، والأخرس
يحرك لسانه ويعقد بها قلبه، ويتخير في الثالثة والرابعة بينها وبين
التسبيح أربعا، وصورته (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر).
ويجب الجهر في الصبح، وأولتي المغرب، وأولتي العشاء، والإخفات
في البواقي (1).
ولا يجوز قراءة العزائم (2) في الفرائض، ولا ما يفوت الوقت
بقراءته، ولا قراءة سورتين بعد الحمد.
ويستحب الجهر بالبسملة في الإخفات، وقراءة الجمعة والمنافقين في
الجمعة وظهريها.
ويحرم قول (آمين)، ويبطل (3).

(1) وجوب الجهر مختص بالرجال، وأما النساء ففي الجهرية يتخيرن بين
الجهر والإخفات إذا أمن سماع الأجنبي صوتهن وإلا وجب عليهن الإخفات.
(2) السور الأربع التي بها سجدات واجبة.
(3) لأنه ليس من القرآن ولا هو دعاء بل إنما اسم فعل للدعاء.
46

الخامس: الركوع، ويجب في كل ركعة مرة إلا في الكسوف
والآيات وهو ركن، ويجب أن ينحني قدرا تصل كفاه إلى ركبتيه،
ولو عجز أتى بالممكن، وإلا أومى، وأن يطمئن بقدر التسبيح، وأن
يسبح مرة واحدة، صورتها. (سبحان ربي العظيم وبحمده)، وأن
ينتصب قائما مطمئنا.
ويستحب التكبير له، ورفع اليدين به، ووضع يديه على ركبتيه
مفرجات الأصابع، وردهما إلى خلفه، وتسوية ظهره، ومد عنقه،
والدعاء، وزيادة التسبيح وأن يقول بعد رفع رأسه: سمع الله لمن حمده.
ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه.
السادس: السجود، ويجب في كل ركعة سجدتان، وهما ركن،
ويجب في كل سجدة السجود على سبعة أعضاء: الجبهة واليدين والركبتين
وإبهامي الرجلين، وعدم علو موضع السجود على القيام بأزيد من لبنة،
ولو تعذر السجود أومأ، أو رفع شيئا وسجد عليه، وأن يطمئن بقدر
التسبيح، وأن يسبح مرة واحدة، صورتها: سبحان ربي الأعلى وبحمده
وإن يجلس بينهما مطمئنا وإن يضع جبهته على ما يصح السجود عليه.
ويستحب التكبير له وعند رفع الرأس منه، والسبق بيديه إلى
الأرض (1)، والإرغام بالأنف، والدعاء والتسبيح الزائد، والطمأنينة
عقيب رفعه من الثانية، والدعاء، بينهما، والقيام معتمدا على يديه سابقا

(1) أي يسبق المصلي بيديه إلى الأرض قبل ركبتيه.
47

برفع ركبتيه.
ويكره الإقعاء (1).
السابع: التشهد، ويجب في كل ثنائية مرة، وفي الثلاثية والرباعية
مرتين، ويجب فيه الجلوس بقدره، والشهادتان، والصلاة على النبي وآله
عليهم السلام، وأقله: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله،
اللهم صل على محمد وآل محمد).
ويستحب أن يجلس متوركا، وأن يدعو بعد الواجب.
الثامن: التسليم، وفي وجوبه خلاف، وصورته: (السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين]، أو [السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).
ويستحب أن يسلم المنفرد إلى القبلة ويومي بمؤخر عينيه إلى يمينه،
والإمام (يومئ إلى يمينه) بصفحة وجهه، والمأموم (يومئ بصفحة
وجهه) (2) إلى يمينه ويساره - إن كان على يساره أحد.
الفصل الثاني - في مندوبات الصلاة:
وهي خمسة:
الأول: التوجه بسبع تكبيرات بينها ثلاثة أدعية، واحدة منها
تكبيرة الإحرام. (3)

(1) الإقعاء: الجلوس على الأليتين ونصب الساقين والتساند إلى الظهر، كما
يجلس الكلب.
(2) زيادات منا لتوضيح العبارة.
(3) وتتعين بالنية.
48

الثاني: القنوت، وهو في كل ثانية قبل الركوع وبعد القراءة (1)
ويقضيه لو نسيه بعد الركوع.
الثالث: نظره في حال قيامه إلى موضع سجوده، وفي حال قنوته
إلى باطن كفيه، وفي ركوعه إلى بين رجليه، وفي سجوده إلى طرف
أنفه، وفي جلوسه إلى حجره.
الرابع: وضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه، وقانتا تلقاء
وجهه، وراكعا على ركبتيه، وساجدا بحذاء أذنيه، وجالسا على فخذيه.
الخامس: التعقيب، وأقله تسبيح الزهراء عليها السلام (2)، ولا
حصر لأكثره، ويستحب أن يأتي فيه بالمنقول.
الفصل الثالث - في قواطع الصلاة:
ويبطلها كل نواقض الطهارة - وإن كان سهوا -، وتعمد الالتفات
إلى ما ورائه، والكلام بحرفين (3) فصاعدا - مما ليس بدعاء ولا قرآن (4) -
والقهقهة، والفعل الكثير الخارج عنها، والبكاء لأمور الدنيا، والتكفير (5).

(1) إلا في الجمعة ففيها قنوتان قبل الركوع في الأولى وبعده في الثانية.
(2) وكيفيته (الله أكبر) أربعا وثلاثين، و (الحمد لله) ثلاثا وثلاثين،
و (سبحان الله) ثلاثا وثلاثين.
(3) أو حرف واحد مفهم.
(4) ومنه قول (آمين).
(5) التكفير: وضع إحدى اليدين على الأخرى. وقد ورد في تحريمه عن
الأئمة عليهم السلام روايات سبعة في الوسائل ج 4 ص 1264.
49

ويكره الالتفات يمينا وشمالا، والتثاؤب، والتمطي، والفرقعة،
والعبث، والإقعاء، والتنخم، والبصاق، ونفخ موضع السجود، والتأوه،
ومدافعة الأخبثين.
ويحرم قطع الصلاة لغير ضرورة، وفي عقص الشعر للرجل قولان.
ويجوز تسميت العاطس (1)، ورد السلام (2)، والدعاء بالمباح (3).
الباب الثالث
[في بقية الصلوات]
وفيه فصول:
الفصل الأول - في الجمعة:
وهي ركعتان عوض الظهر، ووقتها من زوال الشمس إلى أن يصير
ظل كل شئ مثله.
وشروطها: السلطان العادل، أو من نصبه، والعدد - وهو خمسة
نفر أحدهم الإمام - والخطبتان -، وهما حمد الله تعالى والصلاة على النبي
وآله والوعظ وقراءة سورة خفيفة من القرآن - والجماعة، وأن لا يكون

(1) أي يقال للعاطس: يرحمك الله.
(2) بل هو واجب بالمثل.
(3) وقد ورد كل هذا في أبواب قواطع الصلاة في الوسائل ج 4 فراجع.
50

هناك جمعة أخرى بينهما أقل من ثلاثة أميال (1).
وتجب مع الشروط على كل مكلف حر ذكر سليم من المرض والعمى
والعرج، وأن لا يكون هما (2)، ولا مسافرا.
ولو كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين لم يجب الحضور.
ولو فاتت وجبت الظهر.
ويجب إيقاع الخطبتين بعد الزوال قبلها، وقيام الخطيب مع القدرة.
ويستحب فيهما الطهارة، وأن يكون الخطيب بليغا مواظبا على
الصلاة، مرتديا، معتمدا على شئ، والإصغاء إليه.
مسائل:
الأولى: الأذان الثاني بدعة.
الثانية: يحرم البيع بعد النداء، وينعقد.
الثالثة: لو أمكن الاجتماع حال الغيبة استحبت الجمعة (3).
الرابعة: يستحب التنفل بعشرين ركعة، وحلق الرأس، وقص

(1) وهو فرسخ واحد يعادل خمس كيلو مترات ونصف تقريبا. (فإن اتفقا
بطلتا، وإن سبقت أحداهما - ولو بتكبيرة الإحرام - بطلت المتأخرة)
شرائع الاسلام.
(2) الهم: الشيخ الكبير الذي يتعذر أو يصعب عليه الحضور.
(3) إذا لم يكن الإمام موجودا ولا من نصبه للصلاة، وأمكن الاجتماع
والخطبتان، قيل يستحب أن يصلي جمعة، وقيل لا يجوز، والأول أظهر (شرائع).
51

الأظفار، وأخذ الشارب، والمشي بسكينة ووقار، وتنظيف البدن،
والتطيب، والدعاء والجهر بالقراءة.
الفصل الثاني - في صلاة العيدين:
وهي واجبة جماعة بشروط الجمعة، ومع فقدها تستحب جماعة
وفرادى، ووقتها بعد طلوع الشمس إلى الزوال، ولا تقضى لو فاتت.
وهي ركعتان، يقرأ في الأولى الحمد والأعلى، ثم يكبر خمسا يقنت
بينها، ثم يكبر السادسة للركوع، ويسجد السجدتين، ثم يقوم فيقرأ
الحمد والشمس، ثم يكبر أربعا ويقنت بينهما، ثم يكبر الخامسة للركوع (1).
ويستحب الإصحار بها (2)، والخروج حافيا بسكينة ووقار، وأن
يطعم قبل خروجه في الفطر وبعده (3) في الأضحى مما يضحي به،
والتكبير عقيب أربع صلوات: أولها المغرب، وآخرها العيد في الفطر،
وفي الأضحى عقيب خمسة عشرة: أولها ظهر العيد لمن كان بمنى، وفي
غيرها عقيب عشر (4).

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: ويسجد سجدتين.
(2) أي يصليها في الصحراء إلا في مكة.
(3) في سائر النسخ: يعد عوده.
(4) وصورة التكبيرات في الأضحى (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام).
وصورتها في الفطر (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله
أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا).
52

مسائل:
الأولى: يكره التنفل قبلها وبعدها إلا في مسجد النبي [عليه السلام]
قبل خروجه.
الثانية: قيل التكبير الزائد واجب، وكذا القنوت.
الثالثة: الخطبتان بعدها (1).
الرابعة: يحرم السفر بعد طلوع الشمس قبلها، ويكره قبله.
الفصل الثالث - في صلاة الكسوف:
وتجب - عند كسوف الشمس، وخسوف القمر، والزلزلة، والرياح
المخوفة، وغيرها من أخاويف السماء - ركعتان، تشتمل كل ركعة على
خمس ركوعات وسجدتين.
وكيفيتها: أن ينوي ويكبر، ويقرأ الحمد وسورة أو بعضها، ثم
يركع، ثم ينتصب، فإن كان أتم السورة قرأ الحمد ثانيا وسورة أو بعضها،
وهكذا إلى أن يركع خمسا، وإن لم يكن أتمها اكتفى بتمامها عن الفاتحة،
فإذا ركع خمسا كبر وسجد سجدتين، ثم قام وصنع ثانيا كما صنع أولا،
وتشهد وسلم.
ويستحب أن يقرأ فيها السور الطوال، ومساواة الركوع للقيام (2)،
والجماعة، والإعادة مع بقاء الوقت، والتكبير عند الانتصاب من الركوع -

(1) وفي بعض النسخ: يجب الخطبتان بعدها.
(2) أي يكون طول زمان الركوع مساويا لمدة القيام.
53

إلا في الخامس والعاشر فإنه يقول: سمع الله لمن حمده (1) والقنوت خمس
مرات.
ووقت الكسوف والخسوف (2) من حين ابتدائه إلى ابتداء الانجلاء،
وفي غيرهما مدته، وفي الزلزلة مدة العمر.
ولو فاتته عمدا أو نسيانا قضاها، ولو كان جاهلا فإن كان قد احترق
القرص كله قضى وإلا فلا.
ولو اتفقت وقت حاضرة (3) تخير ما لم تتضيق إحداهما، ولو
تضيقتا قدم الحاضرة، ولا قضاء مع عدم التفريط.
الباب الرابع
[في الصلوات المندوبة]
[فمنها] صلاة الاستسقاء، وهي مؤكدة عند قلة المياه.
وكيفيتها مثل صلاة العيد، إلا أنه يقنت لسؤال توفير المياه
والاستعطاف به - ويستحب بالمأثور - وأن يصوم الناس ثلاثا، والخروج
يوم الاثنين أو الجمعة والتفريق بين الأطفال وأمهاتهم، وتحويل الرداء،

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: والحمد لله رب العالمين.
(2) أي صلاة الكسوف والخسوف خاصة.
(3) أي فريضة حاضرة.
54

وتكبير الإمام بعدها مائة مستقبل القبلة، والتسبيح كذلك يمينا، والتهليل
يسارا، والتحميد تلقاء الناس، ومتابعتهم له، والمعاودة مع تأخير
الإجابة.
[ومنها] نافلة رمضان، وهي ألف ركعة، في كل ليلة عشرين، وفي
ليالي الأفراد زيادة مائة (1)، وفي العشر الأواخر زيادة عشر.
[ومنها] صلاة ليلة الفطر (2)، ويوم الغدير (3)، وليلة نصف شعبان (4)
وليلة المبعث ويومه (5)، وصلاة علي (6) وفاطمة (7) وجعفر (8) - عليهم السلام.

(1) ليالي الأفراد: الليالي التي يحتمل أن تكون قدرا، وهي: ليلة التاسعة
عشرة، والحادية والعشرين، والثالثة والعشرين.
(2) وهي ركعتان، يقرأ في الأولى الحمد مرة والتوحيد ألف مرة، وفي
الثانية الحمد مرة والتوحيد مرة.
(3) وهي ركعتان، قبل الزوال ينصف ساعة.
(4) وهي أربع ركعات.
(5) وهي اثنتا عشر ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد ويس.
(6) وهي أربع ركعات بتشهدين وتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة
والتوحيد خمسين مرة.
(7) وهي ركعتان، يقرأ في الركعة الأولى الحمد مرة والقدر مائة مرة.
وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد مائة مرة.
(8) وهي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في الأولى الحمد مرة وإذا زلزلت
مرة، ثم يقول خمس مرة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم يقولها عشرا في كل من الركوع والقيام بعده والسجدتين والجلوس بعدهما،
ويقرأ في الركعة الثانية الحمد مرة والعاديات مرة، وفي الثالثة الحمد مرة والنصر
إلخ كما مضى، فيكون مجموعها في كل ركعة 75 مرة، وفي مجموع الركعات
ثلاثمائة مرة.
55

الباب الخامس
[في السهو]
من ترك شيئا من واجبات الصلاة عمدا بطلت صلاته وإن كان جاهلا،
عدا الجهر والإخفات فقد عذر لو جهلهما، وكذلك لو فعل ما يجب تركه
عمدا، أما الناسي فإن ترك ركنا أتى به إن كان في محله (1) وإلا أعاد.
ولو زاد ركوعا عمدا أو سهوا أعاد، ولو نقص من الصلاة ركعة أو
ركعتين سهوا ولم يذكر حتى تكلم أو استدبر القبلة أعاد، ولو صلى على
مكان مغصوب أو في ثوب مغصوب، أو نجس، أو سجد عليه مع العلم
أعاد، ولو صلى بغير طهارة أعاد مطلقا، أو قبل الوقت، أو مستدبر
القبلة أعاد
وأن كان غير ركن فله أقسام:
الأول: ما لا حكم له، وهو من نسي القراءة حتى ركع، أو الجهر،

(1) ومحله أن لا يدخل في ركن آخر.
56

أو الإخفات، أو تسبيح الركوع أو طمأنينته حتى ينتصب، أو رفع
الرأس منه، أو طمأنينته، أو تسبيح السجود، أو طمأنينته، أو إحدى
الأعضاء السبعة أو رفع الرأس منه، أو طمأنينته في الرفع منهما، أو
طمأنينة الجلوس في التشهد.
الثاني: ما يوجب التلافي، فمن ذكر أنه لم يقرأ الحمد وهو في السورة
قرأ الحمد وأعاد السورة، ومن ذكر ترك الركوع قبل السجود ركع،
ومن ذكر بعد القيام ترك سجدة قعد وسجد - ويسجد سجدتي السهو -،
وكذا لو ذكر ترك التشهد، ولو ذكر التسليم ترك التشهد أو الصلاة
على النبي عليه السلام قضاه.
الثالث: الشك، إن كان في عدد الثنائية أو الثلاثية أو الأوليين من
الرباعية أعاد. وكذا إذا لم يعلم كم صلى، وإن كان في فعل قد انتقل عنه لم
يلتفت وإلا أتى به، فإن ذكر أنه قد فعله استأنف إن كان ركنا وإلا فلا،
فلو شك فيما زاد على الأوليين في الرباعية ولا ظن بنى على الزائد واحتاط.
فمن شك بين الاثنين والثلاث أو بين الثلاث والأربع بنى على الأكثر،
فإذا سلم صلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس.
ومن شك بين الاثنين والأربع بنى على الأربع وصلى ركعتين من قيام.
ومن شك بين الاثنين والثلاث والأربع بنى على الأربع وصلى ركعتين
من قيام وركعتين من جلوس.
57

مسائل:
الأولى: لا سهو على من كثر سهوه وتواتر (1)، ولا على الإمام والمأموم
إذا حفظ عليه الآخر، ولا سهو في سهو (2).
الثانية: من سهى في النافلة بنى على الأقل، وإن بنى على الأكثر جاز.
الثالثة: من تكلم ساهيا، أو قام في حال القعود، أو قعد في حال
القيام، أو سلم قبل الإكمال، وجب عليه سجدتا السهو، وكذا يجبان على
من شك بين الأربع والخمس فإنه يبني على الأربع ويسجدهما (3).
الرابعة: سجدتا السهو بعد الصلاة، ويقول فيهما: (بسم الله وبالله،
اللهم صلى على محمد وآل محمد)، أو (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته)، ثم يتشهد خفيفا (4) ويسلم.
الخامسة: المكلف إذا أخل بالصلاة عمدا أو سهوا أو فاتته بنوم أو

(1) أي لا عبرة بشك من يشك كثيرا فإنه يبني على صحة عمله، إلا إذا كان
مفسدا فيبنى على بطلانه.
(2) فلو سهى في سجدتي السهو أو ركعتي الاحتياط فلا شئ عليه وإن لم
يكن السهو كثيرا، بل يبني على الصحيح دائما.
(3) وكذا في نسيان السجدة الواحدة، والتشهد مع فوات محل التدارك.
وقد قال بعضهم به في كل زيادة ونقيصة. وسجدة السهو في الشك بين الأربع
والخمس إنما هو فيما إذا كان الشك بعد إكمال السجدتين، أما قبل ذلك فإن كان
بعد الركوع فالبطلان، وإن كان قبله هدمه وبنى على الأربع وأتم العمل.
(4) التشهد الخفيف: الشهادتين والصلاة على النبي وآله، ويجوز الكامل.
58

بسكر وكان مسلما قضى، وإن كان مغمى عليه جميع الوقت أو كان كافرا
فلا قضاء (1)، والمرتد يقضي، ولو لم يجد ما يتطهر به من الماء والتراب
سقطت أداءا وقضاءا.
السادسة: إذا دخل وقت الفريضة وعليه فائتة تخير بينهما، وإن
تضيقت الحاضرة تعينت.
السابعة: الفوائت تترتب كالحواضر.
الثامنة: من فاتته فريضة ولم يعلم ما هي صلى ثلاثا وأربعا واثنين (2).
التاسعة: الحاضر يقضي ما فاته في السفر قصرا، والمسافر يقضي ما
فاته في الحضر تماما.
العاشرة: يستحب قضاء النوافل المرتبة، ولو فاتت بمرض أستحب
أن يتصدق عن كل ركعتين بمد (3)، فإن لم يتمكن فعن كل يوم.
الباب السادس
(في صلاة الجماعة)
وهي واجبة في الجمعة والعيدين بالشرائط، ومستحبة في الفرائض

(1) وكذلك المخالف لو أتى بها صحيحا على مذهبه قبل.
(2) وينوي بكل واحد منها القضاء، هذا إذا كانت الفريضة المجهولة فاتت
في الحضر، وأما إذا كانت في السفر ولم ينو الإقامة صلى ثلاثا واثنين فقط.
(3) المد ما يقارب ثلاثة أرباع الكيلو، أي (750 غراما).
59

الباقية، والعيدين مع اختلاف الشرائط، والاستسقاء.
وتنعقد باثنين فصاعدا، ولا تصح مع حائل بين الإمام والمأموم يمنع
المشاهدة إلا في المرأة، ولا مع علو الإمام في المكان بما يعتد به، ويجوز
العكس، ولا يتباعد المأموم بالخارج عن العادة من دون صفوف.
ولو أدرك الإمام راكعا أدرك الركعة وإلا فلا، ولا يقرأ المأموم مع
المرضى (1) ولا يتقدمه في الأفعال.
ولا بد من نية الايتمام، ويجوز اختلافهما في الفرض.
وإذا كان المأموم واحدا أستحب أن يقف عن يمينه، وإن كانوا جماعة
فخلفه، إلا العاري فإنه يجلس وسطهم.
وكذا المرأة (2)، ولو صلين مع الرجال تأخرن عنهم (3).
ويعتبر في الإمام التكليف، والعدالة، وطهارة المولد.
ولا يؤم القاعد القائم، ولا الأمي القارئ، ولا المؤف اللسان (4)
صحيحه، ولا المرأة رجلا ولا خنثى.

(1) أي مع الإمام الذي مذهبه كمذهبه، أما إذا كان مخالفا في مذهبه
فتجوز القراءة.
(2) أي حكمها كحكم الرجل، فإنها إذا صلت بصلاة امرأة أخرى تصنع
كما يصنع الرجل.
(3) أو يجعل بين الرجال والنساء ستر وحينئذ فلا تضر المساواة وتصح
الجماعة.
(4) المؤف اللسان: الذي لا يحسن تأدية الكلمات والحروف.
60

والهاشمي وصاحب المسجد أولى.
ويقدم الأقرأ، فالأفقه، فالأقدم هجرة، فالأسن، فالأصبح.
ويكره أن يأتم الحاضر بالمسافر، والمتطهر بالمتيمم، والسليم بالأجذم
والأبرص والمحدود بعد توبته والأغلف. ويكره إمامة من يكرهه
المأمومون، والأعرابي بالمهاجرين.
مسائل:
الأولى: لو أحدث الإمام استناب، ولو مات أو أغمي عليه قدموا
إماما.
الثانية: لو خاف الداخل فوات الركعة ركع ومشى ولحق بهم.
الثالثة: إذا دخل الإمام وهو في نافلة قطعها (1)، ولو كان في فريضة
أتمها نافلة، ولو كان أمام الأصل (2) قطعها وتابعه.
الرابعة: لو فاته بعض الصلاة دخل مع الإمام وجعل ما يدركه أول
صلاته، فإذا سلم الإمام قام وأتم الصلاة.
الخامسة: يستحب عمارة المساجد مكشوفة، والميضاة على أبوابها (3)،
والمنارة مع حائطها، والإسراج فيها، وإعادة المستهدم.

(1) أي إذا دخل الإمام في الصلاة والمأموم مشغول بالنافلة قطعها وصلى
بصلاته. هذا إذا خشي عدم إدراك الجماعة وإلا فلا يقطعها بل يكملها ثم يصلي
بصلاته.
(2) المراد بإمام الأصل أحد الأئمة الاثني عشر عليهم السلام.
(3) أي صنع محل للوضوء والغسل عند أبواب المساجد في خارجها.
61

ويجوز استعمال آلته في غيره منها (1).
ويحرم زخرفتها، ونقشها بالصور، وأخذها أو بعضها في ملك أو
طريق، وإدخال النجاسة إليها، وإخراج الحصى منها وتعاد لو أخرج.
ويكره تعليتها، والشرف والمحاريب في حائطها، وجعلها طريقا،
والبيع فيها والشراء، والتعريف، وإقامة الحدود، وإنشاد الشعر، وعمل
الصنائع، والنوم، والبصاق، وتمكين المجانين، وإنفاذ الأحكام.
ويستحب تقديم الرجل اليمنى دخولا، واليسرى خروجا، والدعاء
فيهما، وكنسها.
الباب السابع
(في صلاة الخوف)
وهي مقصورة سفرا وحضرا جماعة وفرادى، وشروطها ثلاثة: أن
يكون في المسلمين كثرة يمكنهم الافتراق قسمين يقاوم كل قسم العدو، وأن
يكون في العدو كثرة يحصل معها الخوف، وأن يكون العدو في خلاف
جهة القبلة.

(1) أي يجوز استعمال حاجيات أحد المساجد في غيره إذا كان لا يستفاد
منها في ذلك المسجد إما لعدم الاحتياج إليها أو لخرابها أو لتعذر استعمالها بوجه
من الوجوه.
62

وكيفيتها: أن يصلي الإمام بالأولى ركعة ويقف في الثانية حتى يتموا
ويسلموا فيجئ الباقون فيصلي بهم الثانية ويقف في التشهد حتى يلحقوه
فيسلم بهم، وإن كانت ثلاثية صلى بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين أو
بالعكس.
ويجب أخذ السلاح ما لم يمنع شيئا من الواجبات فيؤخذ مع الضرورة.
وصلاة شدة الخوف بحسب الإمكان واقفا أو ماشيا أو راكبا،
ويسجد على قربوس سرجه وإلا أوما، ويستقبل القبلة ما أمكن، ولو لم
يتمكن من الإيماء صلى بالتسبيح عوض كل ركعة: سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر.
والموتحل والغريق يصليان إيماءا، ولا يقصران إلا مع السفر أو
الخوف.
الباب الثامن
(في صلاة المسافر)
يسقط في السفر من كل رباعية ركعتان بشروط خمسة:
أحدها: قصد المسافة، وهي: ثمانية فراسخ، أو أربعة مع قصد
العود في يومه.
الثاني: أن لا ينقطع سفره ببلد له فيه ملك قد استوطنه ستة أشهر
فصاعدا أو عزم على إقامة عشرة أيام، ولو قصد المسافة وله على رأسها
63

منزل قصر في طريقة خاصة.
الثالث: إباحة السفر، فلو كان عاصيا بسفره لم يقصر.
الرابع: أن لا يكون سفره أكثر من حضره كالملاح والمكاري
والراعي والبدوي والذي يدور في تجارته. والضابط: من لا يقيم في بلده
عشرة أيام، ولو أقام أحد هؤلاء في بلده أو بلد غير بلده عشرة قصر إذا
خرج.
الخامس: أن يتوارى عنه جدران بلده أو يخفى أذان مصره، فلا
يترخص قبل ذلك.
ومع حصول الشرائط يجب التقصير، إلا في حرم الله وحرم رسوله
صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة والحائر على ساكنه السلام
فإنه يتخير، ولو أتم في غيرها عمدا أعاد، والجاهل لا يعيد، والناسي يعيد
في الوقت لا خارجه.
ولو سافر بعد دخول الوقت قصر مع بقاء الوقت، ولو دخل من
السفر بعد دخول الوقت أتم.
ولو نوى المسافر إقامة عشرة أيام أتم، ولو لم ينو قصر إلى ثلاثين
يوما ثم يتم.
64

كتاب الزكاة
وهي قسمان: زكاة المال، وزكاة الفطرة. وهنا أبواب:
الباب الأول
(في شرائط الوجوب ووقته)
إنما تجب زكاة المال على البالغ العاقل الحر المالك للنصاب المتمكن من
التصرف فيه.
ويستحب لمن أتجر في مال الطفل من أوليائه اخراجها عنه.
والمال الغائب إذا لم يتمكن صاحبه منه لا تجب فيه. ولو مضت عليه
أحوال كذلك أستحب اخراج زكاة حول عنه بعد وجوده.
ولا زكاة في الدين.
وزكاة القرض على المقترض إن تركه بحاله حولا.
ومع هلال الثاني عشر (1) تجب مع بقاء الشرائط في كمال الحول، ولا

(1) أي مع دخول أول يوم من الشهر الثاني عشر من الحول تجب الزكاة.
65

مع المكنة فيضمن، ولا تقديمها قبل وقت الوجوب، فإن
دفع كان قرضا له استعادته واحتسابه منها مع بقائه على الاستحقاق وتحقق
الوجوب.
ولا يجوز نقلها عن بلدها مع وجود المستحق فيه، ويضمن (1)، ولو
عدم: نقل ولا ضمان، ولا بد من النية عند الإخراج.
وأما الضمان فشرطه اثنان: الاسلام، وإمكان الأداء. فالكافر يسقط
عنه بعد إسلامه، ومن لم يتمكن من اخراجها مع الوجوب إذا تلفت
لم يضمنها.
الباب الثاني
(فيما تجب فيه الزكاة)
وهي تسعة أصناف لا غير، وينضمها ثلاثة فصول:
الأول النعم:
تجب الزكاة في النعم الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، بشروط أربعة:
النصاب والسوم والحول وأن لا تكون عوامل.
فنصاب الإبل اثنا عشر: خمس وفيها شاة، ثم عشر وفيها شاتان، ثم

(1) أي إذا نقلها من بلدها وكان في البلد مستحق وتلفت الزكاة فهو
ضامن لها.
66

خمس عشرة وفيها ثلاث شياة، ثم عشرون وفيها أربع شياة، ثم خمس
وعشرون وفيها خمس شياة، ثم ست وعشرون وفيها بنت مخاض (1)،
ثم ست وثلاثون وفيها بنت لبون (2)، ثم ست وأربعون وفيها حقة (3)،
ثم إحدى وستون وفيها جذعة (4)، ثم ست وسبعون وفيها بنتا لبون،
ثم إحدى وتسعون وفيها حقتان، ثم مائة وواحدة ففي كل خمسين حقة
وفي كل أربعين بنت لبون بالغا ما بلغ.
وأما البقر فلها نصابان: أحدهما ثلاثون وفيه تبيع أو تبيعة (5)،
والثاني أربعون وفيه مسنة (6).
وأما الغنم ففيها خمسة نصب: أربعون وفيها شاة، ثم مائة وإحدى
وعشرون ففيها شاتان، ثم مائتان وواحدة ففيها ثلاث شياة، ثم ثلاثمائة
وواحدة ففيها أربع شياة، ثم أربعمائة ففي كل مائة شاة، بالغا ما بلغت.
وما لا يتعلق به الزكاة وهو ما بين النصابين في الإبل شنقا، وفي
البقرة وقصا، وفي الغنم عفوا.
وأما السوم، فهو شرط في الجميع طول الحول، فلو اعتلف في أثناء

(1) بنت المخاض: هي التي دخلت في الثانية.
(2) بنت اللبون: هي التي دخلت في الثالثة.
(3) الحقة: هي التي دخلت في الرابعة.
(4) الجذعة: هي التي دخلت في الخامسة.
(5) التبيع من البقر: هو الذي استكمل عاما ودخل في الثاني.
(6) المسنة: هي التي دخلت في الثالثة.
67

الحول من نفسها، أو أعلفها مالكها، استأنف الحول بعد العود إلى السوم.
وأما الحول: فهو شرط في الجميع، وهو اثنا عشر شهرا، وبدخول
الثاني عشر تجب الزكاة. ولو ثلم النصاب قبل الحول سقط الوجوب ولو
قصد الفرار، ولو كان بعده لم يسقط.
مسائل:
الأولى: الشاة المأخوذة في الزكاة أقلها الجذع (1) من الضأن، والثني (2)
من المعز، ويجزئ الذكر والأنثى.
وبنت المخاض والتبيع: هو الذي كمل حولا. وبنت اللبون والمسنة:
ما كمل الحولين. والحقة: ما كملت ثلاثا ودخلت في الرابعة. والجذعة:
ما دخلت في الخامسة.
الثانية: لا تؤخذ المريضة، ولا الهرمة، ولا الوالدة (3)، ولا ذات
العوار، ولا تعد الأكولة، ولا فحل الضراب.
ولو كانت إبله مراضا أخذ منها.
الثالثة: من وجب على بنت مخاض وعنده بنت لبون، دفعها واستعاد
شاتين أو عشرين درهما، ولو كان بالعكس دفع بنت مخاض ومعها شاتين
أو عشرين درهما، وكذا الحقة والجذعة، وابن اللبون يساوي بنت المخاض.

(1) الجذع من الضأن: ما تم له سنة:
(2) والثني من المعز: ما تم له سنتان.
(3) إلى خمسة عشر يوما.
68

الرابعة: لا يجب اخراج العين، بل يجوز دفع القيمة.
الفصل الثاني في زكاة الذهب والفضة:
تجب الزكاة فيهما بشروط: الحول وقد مضى، والنصاب، وكونهما
مضروبين بسكة المعاملة.
ونصاب الذهب: عشرون دينارا ففيه نصف دينار (1)، ثم أربعة
دنانير ففيها قيراطان (2)، وهكذا دائما. ولا يجب فيما نقص عن عشرين
ولا عن أربعة شئ (3).
ونصاب الفضة: مائتا درهم ففيها خمسة دراهم، ثم أربعون
ففيها درهم (4) ولا شئ فيما نقص عن المائتين، ولا عن

(1) العشرون دينارا تساوي عشرين مثقالا شرعيا، وهي تعادل خمسة عشر
من المثاقيل المتداولة. والمثقال الشرعي 18 حمصة، فيكون نصف الدينار منه 9 حمصات، وهو يعادل واحد من أربعين من النصاب.
(2) الأربعة دنانير تساوي أربعة مثاقيل شرعية، وهي تعادل ثلاثة من
المثاقيل المتداولة، وزكاتها القيراطان تعادل عشرها، وهي إذا اجتمعت مع
التسع حمصات تعادل واحد من أربعين من مجموع 18 مثقالا من المتداول.
(3) فالذهب المسكوك دينار لا يجب فيه شئ حتى يبلغ 15 مثقالا، ثم لا
يجب فيما زاد عنه شئ حتى يبلغ 18 مثقالا، ثم لا يجب فيما زاد عنه شئ حتى
يبلغ 21 مثقالا. وهكذا.
(4) النصاب الأول: مائتا درهم، يعادل 105 مثاقيل، وزكاته خمسة
دراهم يعادل مثقالين و 15 حمصة. والنصاب الثاني: أربعون درهما، يعادل 21
مثقالا، فهي مع 105 مثاقيل تساوي 126 مثقالا، يجب زكاتها وهي ما يعادل
واحد من أربعين من مجموع المقدار.
69

الأربعين (1)، ولا السبائك، ولا الحلي وإن قصد الفرار قبل الحول
وبعده تجب.
الفصل الثالث في زكاة الغلات:
تجب الزكاة في أربعة أجناس منها، وهي: الحنطة، والشعير،
والتمر، والزبيب. ولا تجب فيما عداها.
وإنما تجب فيها بشرطين (2):
الأول: النصاب، وهو في كل واحد منها خمسة أوسق، كل وسق
ستون صاعا، كل صاع أربعة أمداد، كل مد رطلان وربع بالعراقي (3)،
فيجب العشران سقي سيحا (4) أو بعلا أو عذيا (5) وإن سقي بالقرب
والدوالي والنواضح فنصف العشر، ثم كل ما زاد وإن قل، بعد

(1) فالفضة المسكوكة درهما لا يجب فيها شئ حتى يبلغ 105 مثاقيل،
فيجب فيها زكاتها وهي مثقالان و 15 حمصة، ثم لا يجب فيما زاد عنه شئ حتى
يبلغ 126 مثقالا، ثم لا يجب فيما زاد عنه شئ حتى يبلغ 147 مثقالا. وهكذا.
(2) في (ن) بشرط اثنين (هكذا).
(3) خمسة أوساق تساوي 300 صاعا و 300 صاعا تساوي 1200 مدا،
وهي تعادل ما يقارب 850 كيلوا، وعلى التحدي فهي على الأقل 847 كيلوا و 207 غرامات، وعلى الأكثر 849 كيلوا و 193 غراما.
(4) وهو ما شرب بالماء الجاري.
(5) في مختار الصحاح: قال الأصمعي: العذى: ما سقته السماء، والبعل:
ما شرب بعروقه من غير سقي ولا سماء.
70

اخراج المؤن من بذر وغيره، ولو سقي بهما اعتبر بالأغلب، ولو تساويا
قسط.
الثاني: أن ينمو في ملكه، فلو انتقلت إليه بالبيع أو الهبة أو غيرهما
لم تجب الزكاة إن كان نقلها بعد بدو الصلاح، وإن كان قبله وجبت.
ويتعلق الزكاة بالغلات إذا اشتدت، وفي الثمار إذا بدا صلاحها.
ووقت الإخراج عند التصفية وجذ الثمرة. وإن اجتمعت أجناس مختلفة
ينقص كل جنس عن النصاب، لم يضم بعضه إلى بعض.
الفصل الرابع فيما يستحب فيه الزكاة:
يستحب الزكاة في مال التجارة بشرط: الحول، وأن يطلب برأس
المال أو بزيادة في الحول كله، وبلوغ قيمته النصاب، ويقوم بالنقدين.
ويستحب في الخيل بشرط: الحول، والسوم، والأنوثة فيخرج
عن العتيق (1) ديناران، وعن البرذون (2) دينار واحد.
ويستحب فيما تخرج الأرض عدى الأجناس الأربعة من الحبوب،
بشرط حصول شرائط الوجوب في الغلات، ويخرج كما يخرج منها.

(1) من الخيل: النجيب الفاضل النفيس في نوعه - مجمع البحرين.
(2) بكسر الباء وفتح الذال: التركي من الخيل وجمعها البراذين وخلافها
العراب - مجمع البحرين. والديناران يعادلان بالمثقال الصيرفي: مثقالا ونصف
والدينار نصفه.
71

الباب الثالث
(في المستحق للزكاة)
وهم ثمانية أصناف:
الأول والثاني: الفقراء والمساكين، وهم الذين لا يملكون قوت سنتهم
لهم ولعيالهم، ويكون عاجزا عن تحصيل الكفاية بالصنعة. ويعطي
صاحب دار السكنى وعبد الخدمة وفرس الركوب.
الثالث: العاملون، وهم السعاة للصدقات.
الرابع: المؤلفة قلوبهم، وهم الذين يستمالون للجهاد وإن كانوا كفارا.
الخامس: في الرقاب، وهم المكاتبون والعبيد الذين في الشدة.
السادس: الغارمون، وهم المدينون في غير معصية الله.
السابع: في سبيل الله، وهو كل مصلحة أو قربة، كالجهاد، والحج،
وبناء المساجد والقناطر.
الثامن: أين السبيل، وهو المنقطع به في الغربة، وإن كان غنيا في
بلده، والضيف إذا كان سفرهما مباحا.
ويعتبر في الأولين الإيمان، ويعطى أولاد المؤمنين، ولو أعطي
المخالف مثله أعاد مع الاستبصار.
وأن لا يكونوا واجبي النفقة عليه، من الأبوين وإن علوا، والأولاد
وإن نزلوا، والزوجة، والمملوك.
وأن لا يكونوا هاشميين إذا كان المعطي من غيرهم وتمكنوا من الخمس.
72

وتحل للهاشمي المندوبة، ويجوز إعطاء مواليهم. ويجوز تخصيص واحد
بها أجمع.
والمستحب تقسيطها على الأصناف.
وأقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول، ولا حد للكثرة.
الباب الرابع
(في زكاة الفطرة)
وهي واجبة على المكلف الحر الغني، وهو مالك سنته، في كل سنة،
عند هلال شوال، وتتضيق عند صلاة العيد.
ويجوز تقديمها في رمضان، ولا تؤخر عن العيد إلا لعذر.
ولو فاتت قضيت، ولو عزلها ثم تلفت من غير تفريط فلا ضمان.
ولا يجوز نقلها عن بلده مع وجود المستحق.
وقدرها: تسعة أرطال (بالعراقي) (1)، من الحنطة والشعير والتمر
والزبيب والأرز والأقط (2)، ومن اللبن أربعة أرطال بالمدني.
وأفضلها: التمر، ثم الزبيب، ثم ما يغلب على قوت السنة. ويجوز
اخراج القيمة.

(1) وبحسب الكيلو ثلاث كيلوات تقريبا، وبالمثاقيل ستمائة وأربعة عشر
مثقالا وربع.
(2) لبن مجفف مقطع.
73

ويجب أن يخرجها عن نفسه وعن من يعوله من مسلم وكافر، حر
وعبد، صغير وكبير، وإن كان متبرعا بالعيلولة.
ويجب فيها النية، وإيصالها إلى مستحق زكاة المال.
والأفضل صرفهما إلى الإمام عليه السلام، ومع غيبته إلى المأمون من
فقهاء الإمامية.
ولا يعطى الفقير أقل من صاع (1)، ولا حد لأكثره.
ويستحب اختصاص القرابة بها ثم الجيران. ويستحب للفقير
اخراجها.
الباب الخامس
(في الخمس)
وهو واجب في غنائم دار الحرب، والمعادن، والغوص، وأرباح
التجارات والصناعات والزراعات، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم،
والحرام الممتزج من الحلال ولم يتميز.
ويعتبر في المعادن والكنوز عشرون دينارا، وفي الغوص دينار،
وفي أرباح التجارات والصناعات والزراعات الزيادة عن مؤنة السنة له
ولعياله بقدر الاقتصاد فيجب في الزائد.

(1) ثلاث كيلوات تقريبا.
74

ووقت الوجوب: وقت حصول هذه الأشياء.
ويقسم الخمس ستة أقسام: سهم لله، وسهم لرسوله، وسهم لذي القربى
فهذه الثلاثة للإمام. وسهم للمساكين من الهاشميين، وسهم لأيتامهم، وسهم
بأبناء سبيلهم (1).
ولا يحمل عن البلد مع وجود المستحق فيه، ويحوز اختصاص بعض
الطوائف الثلاثة بنصيبهم.
ويعتبر فيهم الإيمان، وفي اليتيم الفقر.
والأنفال: كل أرض خربة باد أهلها، وكل أرض لم يوجف عليها بخيل
ولا ركاب، وكل أرض أسلمها أهلها من غير قتال، ورؤوس الجبال،
وبطون الأودية، والموات التي لا أرباب لها، والآجام، وصوافي الملوك (2)
وقطائعهم غير المغصوبة، وميراث من لا وارث له، والغنائم المأخوذة
بغير إذن الإمام. فهذه كلها للإمام.

(1) وذلك مأخوذ من قوله تعالى (واعلموا أن غنمتم من شئ فأن لله
خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) فقوله (ما غنمتم)
يعم الأنواع التي ذكرها المؤلف، والثلاثة أقسام التي يأخذها الإمام هي ما كان
لله ولرسوله ولذي القربى، وفي حال غيبة الإمام عليه السلام يلزم دفع تلك السهام
الثلاثة إلى نائبه العام المجتهد العادل الأمين.
(2) صوافي الملوك: ما كان في أيديهم من غير غصب.
75

وأبيح لنا المساكن، والمتاجر، والمناكح (1).

(1) وفسرت المناكح: بالجواري التي تسبى، فإنه يجوز شراؤها وإن كان
فيها الخمس فلا يجب اخراجه (مسالك الأفهام في شرح شرائع الاسلام) بل يفتي
الفقهاء بإباحة الأنفال كلها للشيعة في زمن الغيبة - كما في هامش السيد اليزدي
على التبصرة، واحتاط بعضهم بالاستيذان من الحاكم الشرعي الفقيه.
76

كتاب الصوم
وفيه أبواب:
الباب الأول
الصوم هو الإمساك عن المفطرات مع النية، فإن تعين الصوم
كرمضان كفت فيه نية القربة، وإلا افتقر إلى التعيين. ووقتها الليل،
ويجوز تجديدها إلى الزوال، فإذا زالت الشمس فات وقتها ووجب
الإمساك في رمضان والمعين، ثم قضاه.
ويجزي في رمضان نية عن الشهر في أوله، ويجوز تقديم النية عليه (1).
ويوم الشك يصام ندبا عن شعبان، فإن اتفق أنه من رمضان
أجزأ. ولو أصبح بنية الإفطار ولم يفطر ثم تبين أنه من رمضان جدد
النية إلى الزوال، ولو كان بعد الزوال أمسك واجبا وقضى.

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: بيوم أو يومين.
77

ومحل الصوم النهار، من طلوع الفجر الثاني إلى الغروب.
الباب الثاني
(فيما يمسك عنه)
وهو ضربان:: واجب، وندب.
فالواجب: الأكل، والشرب، والجماع في القبل والدبر، والاستمناء،
وإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق متعديا، والبقاء على الجنابة متعمدا حتى
يطلع الفجر، ومعاودة النوم بعد انتباهتين حتى يطلع الفجر.
وهذه السبعة توجب القضاء والكفارة.
ويجب القضاء: بالإفطار بعد الفجر مع ظن بقاء الليل وترك المراعاة
مع القدرة عليها، ولو أخبره غيره ببقاء الليل، وقبل الغروب للظلمة
الموهمة ولو غلب على الظن دخول الليل فلا قضاء وتقليد الغير في
دخول الليل ولم يدخل، ومعاودة النوم بعد انتباهة واحدة قبل الغسل
حتى يطلع الفجر، وتعمد القئ، ودخول الماء إلى الحلق للتبرد دون
ماء المضمضة للصلاة والحقنة بالمائعات.
ويجب الإمساك عن الكذب على الله تعالى وعلى رسوله وعلى الأئمة
عليهم السلام.
78

وفي الارتماس في الماء قولان (1)، وكذا الإمساك عن كل محرم سوى
ما ذكرناه، ويتأكد في الصوم.
والمندوب: (ترك) السعوط، والكحل بما فيه صبر أو مسك،
وإخراج الدم، ودخول الحمام للضعفان، وشم النرجس والرياحين،
والحقنة بالجامد وبل الثوب على الجسد، والقبلة والملاعبة والمباشرة بشهوة،
وجلوس المرأة في الماء.
ولا يفسد الصوم بمص الخاتم، ومضغ العلك، وذوق الطعام إذا لفظه،
وزق الطائر، واستنقاع الرجل في الماء.
مسائل:
الأولى: الكفارة إلا تجب إلا في رمضان والنذر المعين، وقضاء
رمضان بعد الزوال، والاعتكاف على وجه (2).
وما لا يتعين صومه كالنذر المطلق وقضاء رمضان قبل الزوال،
والنافلة، لا يجب بإفساده شئ.
الثانية: كفارة المتعين: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو
إطعام ستين مسكينا.
وكفارة قضاء رمضان بعد الزوال: إطعام عشرة مساكين، فإن

(1) ليس في شئ من الأخبار المعتبرة - عند الفقهاء - ما يدل على وجوب
الكفارة في المذكورات، فأنكرها بعضهم فيها، وقال بها آخرون، واحتاط
منهم جماعة.
(2) الكفارة فيه للاعتكاف لا للصوم، ولذا تثبت بالجماع ليلا أيضا.
79

عجز صام ثلاثة أيام.
ولو تكرر الإفطار في يومين تكررت الكفارة. ويعزر المفطر،
ولو كان مستحلا قتل.
الثالثة: المكره لزوجته يتحمل عنها الكفارة، والمطاوعة تكفر عن
نفسها.
الباب الثالث
(في أقسامه)
وهي أربعة: واجب، ومندوب، ومكروه، ومحظور.
والواجب شهر رمضان، والكفارات، ودم المتعة (1) والنذر، وشبهه،
والاعتكاف على وجه، وقضاء الواجب بغير رمضان يأتي في أماكنه.
وأما شهر رمضان: فعلامته رؤية الهلال، أو مضي ثلاثين من شعبان،
أو قيام البينة بالرؤية
وشرائط وجوبه سبعة: البلوغ، وكمال العقل، والسلامة من المرض،
والإقامة، أو حكمها، والخلو من الحيض، والنفاس.
وشرائط القضاء: البلوغ، وكمال العقل، والإسلام.
والمرتد يقضي ما فاته من زمان ردته.
ويتخير قاضي رمضان في إتمامه إلى الزوال، فيتعين.
والمندوب: جميع أيام السنة إلا المنهي عنه. والمؤكد ستة عشر قسما:

(1) أي متعة الحج.
80

أول خميس من كل شهر، وأول أربعاء من العشر الثاني، وآخر الخميس
من الثالث، ويوم الغدير (1)، والمباهلة (2)، ويوم المبعث (3) ومولد النبي
عليه السلام (4)، ويوم دحو الأرض (5)، وعاشوراء (6) على وجه الحزن،
وعرفة (7) لمن لا يضعفه عن الدعاء، وأول ذي الحجة، وأول رجب،
ورجب كله، وشعبان كله، وأيام البيض (8)، وكل خميس، وجمعة.
ويستحب الإمساك وإن لم يكن صوما للمسافر القادم بعد الزوال
أو قبله وقد أفطر، والمريض إذا برئ كذلك، والحائض والنفساء إذا
طهرتا، والكافر إذا أسلم، والصبي إذا بلغ، والمجنون إذا أفاق، وكذا
المغمى عليه.
ولا يصح صوم الضيف تطوعا بدون إذن المضيف، ولا المرأة بدون

(1) الثامن عشر من ذي الحجة.
(2) الخامس والعشرين من ذي الحجة.
(3) السابع والعشرين من شهر رجب.
(4) الثاني عشر أو السابع عشر من ربيع الأول.
(5) الرابع والعشرين من ذي الحجة.
(6) العاشر من المحرم، وحقيقته الإمساك عن الطعام والشراب حزنا
ومواساة للحسين بن علي عليه السلام وآله، ويلزم فيه الإفطار بعد العصر قبل الغروب
فهو ليس بصوم وإنما هو إمساك حزن ومواساة مصاب.
(7) التاسع من ذي الحجة.
(8) الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من كل شهر.
81

إذن الزوج (1)، ولا الولد بدون إذن الوالد، ولا المملوك بدون إذن المولى. والمكروه: النافلة سفرا،
والمدعو إلى طعام، وعرفة مع ضعفه عن
الدعاء أو شك الهلال.
والمحرم: صوم العيدين، وأيام التشريق لمن كان بمنى، ويوم الشك على
أنه من رمضان، وصوم نذر المعصية، وصوم الصمت، والوصال،
والواجب في السفر إلا النذر المقيد به، وبدل دم المتعة (2)، والبدنة لمن
أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا، أو يكون سفره أكثر من حضره،
وهو كل من ليس له في بلده مقام عشرة أيام.
مسائل:
الأولى: الصوم الواجب ينقسم إلى:
مضيق، وهو رمضان، وقضاؤه، والنذر، والاعتكاف.
ومخير، وهو صوم كفارة أذى حلق الرأس، وكفارة رمضان،
وجزاء الصيد.
ومرتب، وهو صوم كفارة اليمين، وقتل الخطأ، والظهار، ودم
الهدي، وكفارة قضاء رمضان.
الثانية: كل الصوم يجب فيه التتابع إلا النذر المطلق وشبهه، والقضاء،
وجزاء الصيد، والسبعة في بدل الهدي.

(1) إن كان صومها مزاحما لحق الزوج، وإلا فالاحتياط أولى.
(2) متعة الحج.
82

الثالثة: كل ما يشترط فيه التتابع إذا أفطر لعذر، بنى، وإن كان
لغيره استأنف، إلا من وجب عليه شهران فصام شهرا ومن الثاني ولو
يوما، ومن وجب عليه شهر فصام خمسة عشر يوما، والثلاثة في بدل
هدي التمتع إذا صام يومي التروية وعرفة صام الثالث بعد أيام التشريق.
الباب الرابع
(في المعذورين)
إذا حاضت المرأة أو نفست، أي وقت كان من النهار، بطل صومها
وتقضيه ولو طهرت بعد الفجر أمسكت استحبابا وقضته.
ولو بلغ الصبي أو أفاق المجنون قبل الفجر صاما ذلك اليوم واجبا،
وإلا فلا.
والمريض إذا برئ أو قدم المسافر قبل الزوال ولم يفطرا أمسكا
واجبا وأجزأهما، وإلا فلا. ولو استمر المرض إلى رمضان آخر سقط
القضاء وتصدق عن الماضي لكل يوم بمد، ولو برئ بينهما وكان عازما على
الصوم قضاه ولا كفارة، وإن تهاون قضى وكفر عن كل يوم بمد، وحكم
ما زاد على رمضانين حكم رمضانين.
ويجب الإفطار على المريض والمسافر، فلو صاما لم يجزهما، وشرائط
قصر الصلاة شرائط قصر الصوم.
والشيخ والشيخة مع عجزهما، يتصدقان عن كل يوم بمد، وكذا ذو
83

العطاش، ويقضي مع البرء.
والحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن تفطران وتقضيان مع الصدقة.
ولو مات المريض في مرضه استحب لوليه القضاء عنه، ولو مات بعد
استقرار الصوم والفوات بسفر وغيره قضى الولي وهو أكبر أولاده
الذكور واجبا، ولو كان وليان تحاصا. ويقضى عن المرأة، ولو كان
الأكبر أنثى فلا قضاء، وتصدق من التركة عن كل يوم بمد، ولو كان عليه
شهران قضى الولي شهرا، وتصدق من مال الميت عن الآخر.
الباب الخامس
(في الاعتكاف)
وهو اللبث للعبادة في مسجد مكة، أو مسجد النبي (عليه السلام)،
أو جامع الكوفة أو البصرة خاصة.
وشرطه: النية، والصوم، وإيقاعه ثلاثة أيام فما زاد.
وهو واجب وندب: فالواجب ما أوجب بالنذر وشبهه، والندب
ما تبرع به، فإذا مضى يومان وجب الثالث.
ولا يخرج عن المسجد إلا لضرورة أو طاعة كتشييع أخ أو عيادة
مريض وصلاة جنازة وإقامة شهادة.
ومع الخروج لا يمشي تحت الظلال ولا يجلس ولا يصلي إلا بمكة.
ويستحب الاشتراط.
84

ويحرم عليه الاستمتاع بالنساء، والبيع والشراء، وشم الطيب،
والجدال.
ويفسده ما يفسد الصوم.
ولو جامع فيه كفر مثل كفارة رمضان وإن كان ليلا، وفي نهار
رمضان تتضاعف الكفارة.
ولو أفطر بغيره مما يوجب الكفارة، فإن وجب بالنذر المعين كفر،
وإلا فلا، إلا في الثالث.
ولو حاضت المرأة أو مرض المعتكف خرجا وقضيا مع وجوبه.
85

كتاب الحج
وفيه أبواب:
الباب الأول
(في أقسامه)
وهي: حجة الاسلام، وما يجب بالنذر وشبهه، وبالاستيجار،
والافساد.
فحجة الاسلام واجبة بأصل الشرع مرة واحدة على الذكور
والإناث والخناثى، بشروط ستة: البلوغ، والعقل، والحرية، والزاد،
والراحلة، وإمكان المسير (1).
فلو حج الصبي لم يجزه إلا إذا أدرك أحد الموقفين بالغا، وكذا العبد.
ويصح الإحرام بالصبي غير المميز وبالمجنون، ومن العبد بإذن المولى.

(1) المراد عدم المانع من سلوكه من لص أو عدو أو غيرهما، والمرجع في
ذلك إلى العلم أو الظن.
86

ولو تسكع الفقير لم يجزئه بعد الاستطاعة. ولو كان المتمكن مريضا
لم يجب الاستنابة.
ويجب مع الشرائط على الفور، ولو أهمل مع الاستقرار حتى مات،
قضي من صلب ماله من أقرب الأماكن ولو لم يخلف غير الأجرة.
ولا يجوز لمن وجب عليه الحج أن يحج تطوعا ولا نائبا.
ولا يشترط في المرأة المحرم ولا إذن الزوج، ويشترط في الندب.
أما النائب، فشرطه: الاسلام، والعقل، وأن لا يكون عليه حج
واجب، ولو لم يكن جاز ولو كان صرورة (1) أو امرأة، ولو تبرع عن
الميت برئت ذمته.
الباب الثاني
(في أنواعه)
وهي ثلاثة: تمتع بالعمرة إلى الحج، وقران، وإفراد.
أما التمتع: فصورته الإحرام من الميقات، والطواف بالبيت سبعا،
وصلاة ركعتين في مقام إبراهيم عليه السلام، والسعي بين الصفا والمروة
سبعا، والتقصير. والإحرام ثانيا من مكة بالحج، والوقوف بعرفات
تاسع ذي الحجة إلى الغروب، والإفاضة إلى المشعر والوقوف به بعد

(1) الصرورة: الحاج لأول مرة.
87

الفجر، ورمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق يوم النحر بمنى، وطواف
الحج، وركعتاه، وسعيه، وطواف النساء، وركعتاه، والمبيت بمنى
ليلة الحادي عشر والثاني عشر، ورمي الجمار الثلاث في اليومين، ثم إن
أقام الثالث عشر رمى.
وهذا فرض من نأى عن مكة اثني عشر فما زاد من كل جانب.
والمفرد: يقدم الحج ثم يعتمر عمرة مفردة بعد الإحلال.
والقارن: كذلك، لكنه يسوق الهدي عند إحرامه.
وشرط التمتع: النية، ووقوعه في أشهر الحج، وهي شوال وذو
القعدة وذو الحجة، وإتيان الحج والعمرة في عام واحد، وإنشاء إحرام
الحج من مكة.
وشرط الباقيين: النية، ووقوعه في أشهر الحج، وعقد الإحرام من
الميقات أو من منزله إن كان دون الميقات.
ويجوز لهما الطواف قبل المضي إلى عرفات، لكنهما يجددان التلبية
عند كل طواف استحبابا، ويجب على المتمتع الهدي، ولا يجب على الباقين.
الباب الثالث
(في الإحرام)
وإنما يصح من الميقات، وهي ستة:
لأهل العراق: العقيق، وأفضله المسلخ، وأوسطه غمرة، وآخره
88

ذات عرق. فلا يجوز عبورها إلا محرما.
ولأهل المدينة: مسجد الشجرة، وعند الضرورة الجحفة، وهي
ميقات أهل الشام اختيارا.
ولليمن. يلملم.
وللطائف: قرب المنازل. ولحج التمتع مكة.
ومن كان منزله أقرب من الميقات فمنزله ميقاته. وفخ للصبيان (1).
ومن حج على طريق أحرم من ميقات أهله.
ولا يجوز الإحرام قبل هذه المواقيت، ولو تجاوزها متعمدا رجع
وأحرم منها، وإن لم يتمكن بطل حجه، وإن كان ناسيا أو جاهلا رجع
مع المكنة، وأحرم من موضعه إن لم يتمكن. ولو نسي الإحرام حتى
كملت مناسكه صح حجه على رواية.
والواجب في الإحرام: النية، واستدامتها حكما، والتلبيات الأربع
للمتمتع والمفرد، وهي والإشعار والتقليد للقارن، وصورتها (لبيك اللهم
لبيك لبيك، إن الحمد والنعمة والملك لك، لا شريك لك لبيك)، ولبس
الثوبين مما يصح فيه الصلاة.
والمندوب: توفير شعر الرأس للمتمتع من أول ذي القعدة، وتنظيف
الجسد، وقص الأظفار والشارب، وأخذ العانة والإبطين بالنورة،

(1) فخ: أسم بئر قريبة من مكة، وتأخيره إليه رخصة. لرعاية ضعفهم
عن تحمل الحر والبرد.
89

والغسل أمامه، والإحرام عقيب الظهر، أو فريضة، أو ست ركعات،
أو ركعتين (1)، ورفع الصوت بالتلبية إذا علت راحلته البيداء على طريق
المدينة، والدعاء والتلفظ بالنوع (2) والاشتراط (3) وتكرار التلبية إلى أن
يشاهد بيوت مكة للمتمتع، وإلى عند الزوال يوم عرفة للمفرد والقارن،
وإذا دخل الحرم للمعتمر، والإحرام في قطن محض. وإحرام المرأة
كإحرام الرجل إلا في تحريم المخيط، ولا يمنعها الحيض منه.
الباب الرابع
(في تروك الإحرام)
والواجب منها أربعة عشر تركا: صيد البر، وإمساكه، وأكله،
والإشارة إليه، والإغلاق عليه، وذبحه، والنساء: وطئا وتقبيلا ولمسا
ونظرا بشهوة، وعقدا له ولغيره وشهادة عليه، والاستنماء، والطيب،
والمخيط للرجال، وما يستر ظهر القدم، والفسوق وهو الكذب (4)،
والجدال وهو قول لا والله وبلى والله وقتل هوام الجسد، وإزالة الشعر

(1) (يقرأ في الأولى الحمد والجحد، وفي الثانية الحمد والتوحيد)
شرائع الاسلام.
(2) أي نوع الحج من التمتع أو القران أو الإفراد.
(3) فيذكر كونه نائبا أو يحج عن نفسه.
(4) والسباب والمفاخرة.
90

مع غير الضرورة، واستعمال الدهن، وتغطية الرأس للرجال، والتظليل
سائرا، وقص الأظفار، وقطع الشجر والحشيش النابت في غير ملكه
إلا الفواكه والإذخر (1) والنخل.
ويكره الاكتحال بالسواد، والنظر في المرآة، ولبس الخاتم للزينة،
والحجامة، ودلك الجسد، ولبس السلاح اختيارا، على أحد القولين في
ذلك كله، والنقاب للمرأة، والإحرام في الثياب الوسخة والمعلمة، والحناء
للزينة، ودخول الحمام وتلبية المنادي، واستعمال الرياحين.
ويجوز حك الجسد والسواك ما لم يدم.
الباب الخامس
(في كفارات الإحرام)
وفيه فصلان:
الأول في كفارات الصيد
وهو الحيوان المحلل الممتنع في البر، ويجوز صيد البحر وهو ما يبيض
ويفرخ فيه، والدجاج الحبشي.
ففي النعامة (بدنة)، ومع العجز يفض ثمن البدنة على البر ويطعم
لكل مسكين مدان، وما زاد عن ستين له، ولا يجب عليه ما نقص عنه.

(1) نبات ينبت بمكة ذو رائحة طيبة كان يتطيب به الحجازيون.
91

ولو عجز صام عن كل مدين يوما، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما.
وفي بقرة الوحش وحماره (بقرة)، فإن لم يجد فض ثمنها على البر
وأطعم ثلاثين مسكينا لكل واحد مدان، ولا يجب عليه التتميم، والفاضل
له، وإن عجز صام عن كل مدين يوما، فإن عجز صام تسعة أيام.
وفي الضبي والثعلب والأرنب (شاة)، فإن عجز فض ثمنها على البر
وأطعم عشرة لكل مسكين مدان، والفاضل له، ولا يجب عليه التتميم،
فإن عجز صام عن كل مدين يوما، فإن عجز صام ثلاثة أيام.
وفي كسر بيض النعام إذا تحرك الفرخ، لكل بيضة (بكرة) من
الإبل، وإن لم يتحرك أرسل فحولة الإبل في إناث بعددها فالناتج هدي
لبيت الله، فإن عجز فعن كل بيضة شاة (1)، فإن عجز صام ثلاثة أيام.
وفي بيض القطا والقبج إذا تحرك الفرخ، لكل بيضة (من صغار
الغنم)، وإن لم يتحرك أرسل فحولة الغنم في إناث بعددها والناتج هدي
للبيت، ولو عجز كان كبيض النعام.
وفي الحمامة (شاة)، وفي فرخها (حمل)، وفي بيضها (درهم).
وعلى المحل في الحرم عن الحمامة درهم، وعن الفرخ نصف، وعن
البيضة ربع، ويجتمعان على المحرم في الحرم (2).

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: فإن عجز أطعم عشرة مساكين.
(2) جاء في شرائع الاسلام (من أغلق على حمام من حمام الحرم وله فراخ
وبيض ضمن بالإغلاق، فإن زال السبب وأرسلها سليمة سقط الضمان، ولو
هلكت ضمن الحمامة بشاة والفرخ يحمل والبيضة بدرهم إن كان محرما، وإن
كان محلا ففي الحمامة درهم وفي الفرخ نصف وفي البيضة ربع. وقيل يستقر
الضمان بنفس الإغلاق.).
والحرم: بريد في بريد. والبريد: اثنا عشر ميلا، وكل ثلاثة أميال فرسخ
فكل بريد أربعة فراسخ. فالحرم: أربعة فراسخ في أربعة فراسخ، والفرسخ:
خمس كيلو مترات ونصف تقريبا. فالحرم: اثنان وعشرون كيلو مترا في اثنين
وعشرين كيلو مترا تقريبا.
92

وفي الضب والقنفذ واليربوع (جدي)، وفي القطاة والدراج وشبهه
(جمل فاطم)، وفي العصفور والقنبرة والصعوة (مد)، وفي الجرادة
والقملة يلقيها عن جسده (كف من طعام)، وفي الجراد الكثيرة (شاة)
ولو لم يتمكن من التحرز لم يكن عليه شئ.
ولو أكل ما قتله كان عليه فداءان، ولو أكل ما ذبحه غيره ففداء
واحد، ولو اشترك جماعة في قتله فعلى كل واحد فداء، وكل من معه صيد
يزول ملكه عنه بالإحرام. ويجب عليه إرساله. فإن أمسكه ضمنه.
مسائل:
الأولى: المحرم في الحل يجب عليه الفداء. والمحل في الحرم القيمة.
ويجتمعان على المحرم في الحرم ما لم يبلغ بدنة فلا يتضاعف.
الثانية: القاتل يضمن الصيد بالقتل عمدا وسهوا وجهلا. ولو تكرر
خطأ تكررت الكفارة. وكذا العمد.
الثالثة: لو اضطر إلى أكل الصيد والميتة أكل الصيد وفداه مع المكنة.
وإلا أكل الميتة.
93

الرابعة: فداء الصيد المملوك لصاحبه، وغير المملوك يتصدق به،
وحمام الحرم يشتري بقيمته علف لحمامه.
الخامسة: ما يلزمه في إحرام الحج ينحره أو يذبحه بمنى، وإن كان
معتمرا فبمكة في الموضع المعروف بالحزورة.
السادسة: حد الحرم بريد في بريد، من أصاب فيه صيدا ضمنه.
الفصل الثاني في بقية المحظورات:
وفيه مسائل:
الأولى: من جامع امرأته قبل أحد الموقفين قبلا أو دبرا عامدا عالما
بالتحريم بطل حجه، وعليه إتمامه والقضاء من قابل، وبدنة. سواء كان
الحج فرضا أو نفلا، وعليها مثل ذلك إن طاوعته، وعليهما الافتراق،
وهو أن لا ينفردا بالاجتماع إن حجا في القابل من موضع المعصية إلى أن
يفرغا من المناسك.
ولو أكرهها صح حجها ويحمل عنها الكفارة، ولو كان بعد الموقفين
صح الحج ووجبت البدنة على كل واحد منهما.
ولو جامع قبل طواف الزيارة لزمه بدنة، فإن عجز فبقرة أو شاة،
ولو جامع قبل طواف النساء لزمه بدنة (1).
ولو كان قد طاف منه خمسا فلا كفارة. ولو جامع في إحرام العمرة
قبل السعي بطلت. وعليه بدنة وقضاؤها وإتمامها.

(1) في بعض النسخ إضافة: فإن عجز عنها فبقرة أو شاة.
94

ولو نظر إلى غير أهله فأمنى كان عليه بدنة، فإن عجز فبقرة، وإن
عجز فشاة.
ولو نظر إلى أهله بغير شهوة فأمنى فلا شئ عليه، وإن كان بشهوة
فأمنى فجزور، وكذا لو أمنى عند الملاعبة.
ولو عقد المحرم لمحرم فدخل كان عليهما كفارتان.
الثانية: من تطيب لزمه شاة، سواء الصبغ والإطلاء والبخور
والأكل، ولا بأس بخلوق الكعبة.
الثالثة: في تقليم كل ظفر مد من طعام، وفي يديه ورجليه شاة مع
اتحاد المجلس، ولو تعدد فشاتان. وعلى المفتي إذا قلم المستفتي فأدمى
إصبعه شاة.
الرابعة: في لبس المخيط شاة وإن كان لضرورة.
الخامسة: في حلق الشعر شاة، أو إطعام عشرة مساكين لكل مسكين
مد، أو صيام ثلاثة أيام وإن كان مضطرا.
السادسة: في نتف الإبطين شاة، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين،
ولو سقط من رأسه أو لحيته شئ بمسه تصدق بكف من طعام، وإن كان
في الوضوء فلا شئ.
السابعة: في التظليل سائرا شاة، وكذا في تغطية الرأس وإن كان
لضرورة.
الثامنة: في الجدال صادقا ثلاثا شاة، وكذا في الكاذب مرة، ولو ثنى
فبقرة، ولو ثلث فبدنة.
95

التاسعة: في الدهن الطيب وقلع الضرس شاة.
العاشرة: في الشجرة الكبيرة بقرة، وفي الصغيرة شاة، وفي أبعاضها
قيمته.
الحادية عشرة: تتكرر الكفارة بتكرر الوطئ، واللبس، مع
اختلاف المجلس، والطيب كذلك.
الثانية عشرة: لا كفارة على الجاهل والناسي إلا في الصيد.
الباب السادس
(في الطواف)
وهو واجب مرة في العمرة المتمتع بها، ومرتين في حجه، وفي كل
واحد من عمرة الباقيين مرتين، وكذا في حجهما.
ويشترط فيه الطهارة، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن، والختان
في الرجل.
ويجب فيه النية، والطواف سبعة أشواط، والابتداء بالحجر والختم
به، وجعل البيت على يساره، وإدخال الحجر فيه، ويكون بين المقام
والبيت، وصلاة ركعتيه في مقام إبراهيم عليه السلام (1).

(1) خلف صخرة المقام، ومع الزحام وضيق المقام ففي الأقرب فالأقرب
من خلفه.
96

ويستحب فيه الدعاء عند الدخول إلى مكة والمسجد، ومضغ الأذخر (1)
ودخول مكة من أعلاها حافيا بسكينة ووقار، والغسل من بئر ميمون
أو فخ (2)، واستلام الحجر في كل شوط، وتقبيله أو الإيماء إليه، والدعاء
عند الاستلام وفي الطواف، والتزام المستجار ووضع الخد عليه والبطن،
والدعاء، واستلام الركن اليماني وباقي الأركان، والطواف ثلاثمائة وستين
طوافا، فإن لم يتمكن فثلاثمائة وستين شوطا.
والطواف ركن من تركه عمدا بطل حجه، وناسيا يأتي به، ومع
التعذر يستنيب.
ولو شك في عدده بعد الانصراف لم يلتفت، وفي الأثناء يعيد إن كان
فيما دون السبعة، وإلا قطع.
ولو ذكر في طواف الفريضة عدم الطهارة أعاد. ولو قرن في طواف
الفريضة بطل، ويكره في النافلة.
ولو زاد سهوا أكمل أسبوعين (3)، وصلى ركعتي الواجب قبل السعي
والمندوب بعده. ولو نقص من طوافه وقد تجاوز النصف أتم، ولو رجع
إلى أهله استناب، ولو كان أقل استأنف، وكذا من قطع الطواف لحاجة
أو صلاة نافلة.

(1) نبات طيب.
(2) بئر قرب مكة.
(3) الأسبوع من الطواف - بضم الهمزة -: سبع طوافات، والجمع:
أسبوعات وأسابيع - مصباح اللغة.
97

ولا يجوز تقديم طواف حج التمتع وسعيه على الوقوف إلا لخائفة
الحيض (1) ولو حاضت قبله انتظرت الوقوف، فإن لم تطهر بطل متعتها
وصارت حجتها مفردة، وتقضي العمرة بعد ذلك. ولو حاضت خلاله
فإن تجاوزت النصف تركت بقية الطواف وفعلت بقية المناسك، ثم
قضت الفائت بعد طهرها، وإلا فحكمها حكم من لم تطف.
والمستحاضة إذا فعلت ما يجب عليها كانت كالطاهرة.
الباب السابع
(في السعي)
وهو واجب في كل إحرام مرة، وتجب فيه النية، والبداءة بالصفا
والختم بالمروة، والسعي سبعة أشواط من الصفا إليه شوطان.
ويستحب فيه الطهارة، واستلام الحجر، والشرب من زمزم،
والاغتسال من الدلو المقابل للحجر، والخروج من باب الصفا والصعود
عليه، واستقبال ركن الحجر بالتكبير والتهليل سبعا، والدعاء والمشي
طرفيه، والهرولة من المنارة إلى زقاق العطارين فإنه من وادي محسر،
والسعي ماشيا.

(1) والمريض والشيخ والعاجز عن العود والعليل وغيرهم من ذوي الأعذار -
كما في هامش السيد اليزدي.
98

وهو ركن يبطل الحج بتركه عمدا لا سهوا، ويعود لأجله. فإن
تعذر استناب، ولو زاد على السبع عمدا بطل، لا سهوا. ويعيده لو لم
يحصل عدد أشواطه، ولو قطعه لقضاء حاجة أو صلاة فريضة تممه. ولو
ظن الإتمام فأحل وواقع أهله وقلم الأظفار ثم ذكر نسيان شوط أتم
ويكفر ببقرة.
وإذا فرغ من سعي العمرة قصر، وأدناه أن يقص أظفاره أو شيئا
من شعره، ولا يحلق رأسه، فإن فعل كان عليه دم، وكذا لو نسيه حتى
أحرم بالحج، ومع التقصير يحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد ما دام في
الحرم، ويستحب له أن يتشبه بالمحرمين في ترك لبس المخيط.
الباب الثامن
(في أفعال الحج)
وفيه فصول:
الفصل الأول في إحرام الحج:
إذا فرغ من العمرة وجب عليه الإحرام بالحج من مكة، ويستحب
أن يكون يوم التروية عند الزوال من تحت الميزاب.
وكيفيته كما تقدم، إلا أنه ينوي إحرام الحج، ويقطع التلبية يوم
عرفة عند الزوال.
99

ولو نسيه حتى يحصل بعرفات (1) أحرم بها إذا لم يتمكن من الرجوع،
ولو لم يتذكر حتى يقضي مناسكه لم يكن عليه شئ.
الفصل الثاني في الوقوف بعرفات:
وهو ركن في الحج، يبطل الإخلال به عمدا. ولو تركه ناسيا حتى
فات وقته ولم يحصل بالمشعر بطل حجه.
ويجب فيه النية، والوقوف بعرفات إلى غروب الشمس من يوم
عرفة. ولو لم يتمكن من الوقوف نهارا وقف ليلا ولو قبل الفجر، ولو لم
يتمكن أو نسي حتى طلع الفجر، وقف بالمشعر وأجزأه (2)، ولو أفاض
منها قبل الغروب وجب عليه بدنة، ولو عجز صام ثمانية عشر يوما إن
كان عالما، وإن كان جاهلا أو ناسيا فلا شئ عليه.
ونمرة، وثوية، وذو المجاز، وعرنة، والأراك: حدود لا يجزي
الوقوف بها.
ويستحب أن يخرج إلى منى يوم التروية بعد الزوال والإمام يصلي
بها، ثم يثبت بها إلى فجر عرفة، ولا يجوز وادي محسر (3) حتى تطلع
الشمس، ويدعو عند نزولها والخروج منها وفي الطريق، وأن يقف مع

(1) أي يكون بعرفات.
(2) (وقت الاختيار لعرفة من زوال الشمس إلى الغروب، من تركه عامدا
فسد حجه، ووقت الاضطرار إلى طلوع الفجر من يوم النحر) (شرائع الاسلام).
(3) أي لا يجتازه.
100

السفح في ميسرة الجبل داعيا قائما (1)، وأن يجمع بين الظهرين بأذان
وإقامتين.
ويكره الوقوف في أعلى الجبل، وقاعدا، وراكبا.
الفصل الثالث في الوقوف بالمشعر:
وإذا غربت الشمس من يوم عرفة أفاض إلى المشعر.
ويستحب أن يقتصد في المسير، ويدعو عند الكثيب الأحمر، ويؤخر
العشائين حتى يصليهما فيه ولو صار ربع الليل، ويجمع بينهما بأذان
وإقامتين.
وتجب فيه النية، والكون فيه بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،
ولو فاته لضرورة فإلى الزوال، ولو أفاض قبل الفجر عالما عامدا كفر
بشاة وصح حجه إن وقف بعرفة. ويجوز للمرأة والخائف الإفاضة قبله.
وحد المشعر: بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي محسر.
وهذا الوقوف ركن، من تركه ليلا ونهارا عمدا بطل حجه، ولو
كان ناسيا وأدرك عرفات صح حجه.
مسائل:
الأولى: وقت الوقوف الاختياري بعرفة من زوال الشمس يوم عرفة
إلى غروبها، والاضطراري إلى الفجر.

(1) (بقوله: اللهم إرحم موقفي، وزد في عملي، وسلم لي ديني، وتقبل
مناسكي) (شرائع الاسلام).
101

ووقت الوقوف الاختياري بالمشعر من طلوع الفجر يوم النحر إلى
طلوع الشمس، والاضطراري إلى الزوال.
فإن أدرك أحد الموقفين اختيارا وفاته الآخر لضرورة صح حجه،
وإن أدرك الاضطراريين معا فاته الحج على قول، أما لو أدرك أحدهما
فإنه يبطل حجه إجماعا (1).
الثانية من فاته الحج سقطت عنه أفعاله، ويحل بعمرة مفردة، ويقضي
الحج في القابل مع الوجوب.

(1) صور إدراك الموقفين أو أحدهما ثمانية، أربعة منها مفردة، وهي:
اختياري عرفة فقط، أو اضطراريها كذلك، ومثلهما في المشعر، فهذه أربعة.
وأربعة مركبة: الاختياريان، والاضطراريان، واختياري عرفة مع اضطراري
المشعر والعكس. وبضم صورتين من إدراك ليلة النحر في المشعر مفردة أو
بضميمة واحد من اختياري عرفة أو اضطراريها تكون الصور إحدى عشر:
خمس منها مفردة، وست مركبة، يصح منها: الاختياريان بالضرورة،
واختياري أحدهما مع اضطراري الآخر بالإجماع والسنة، واضطراريهما معا على
الأقوى عند جماعة، وليلة النحر في المشعر مع اختياري عرفة، ومع اضطراري
عرفة أيضا على الأصح - عند جماعة. ومن المفردة: اختياري عرفة خاصة، أو
المشعر كذلك، دون اضطراري عرفة وحده أو ليلة النحر في المشعر فقط.
وتبقى صورة واحدة معروفة بالإشكال وهي: إدراك اضطراري المشعر فقط
أي الوقوف به بعد طلوع الشمس يوم النحر، فقد اختلفت فيها الأخبار وتوافرت
عدة منها على البطلان: كصحيحة الحلبي، وصحيحة حيز، وغيرهما. هذا كله
في غير الترك العمدي، وأما معه فالأكثر على البطلان إلا في مدرك اختياري
عرفة وليلة النحر في المشعر قبل الفجر.
102

الثالثة: يستحب الوقوف بعد الصلاة والدعاء، ووطئ المشعر
بالرجل للصرورة، والصعود على قزح، وذكر الله عليه.
الرابعة: يستحب التقاط حصى الرمي منه، ويجوز من أي جهات
الحرم كان، عدى المساجد.
الفصل الرابع في نزول منى:
ويجب يوم النحر بمنى ثلاثة:
أحدها: رمي جمرة العقبة بسبع حصيات ملتقطة من الحرم أبكارا،
مع النية، وإصابة الجمرة بفعله بما يسمى رميا.
ويستحب أن تكون رخوة برشا (1) قدر الأنملة، ملتقطة، لا مكسرة
ولا صلبة، والدعاء عند كل حصاة، والطهارة، والتباعد بمقدار عشرة
أذرع إلى خمسة عشر ذراعا، والرمي خذفا (2) وأن يستقبل هذه الجمرة
ويستدبر القبلة، وفي غيرها يستقبلها. ويجوز الرمي عن العليل.
الثاني: الذبح، ويجب بعد الرمي مرتبا، وهو الهدي، على
المتمتع خاصة، في الفرض والنفل. وللمولى إلزام المملوك بالصوم، أو أن
يهدي عنه، فإن عتق قبل أحد الموقفين لزمه الهدي مع القدرة وإلا صام.
وتجب فيه النية، وذبحه بمنى يوم النحر، وعدم المشاركة في

(1) أي منقطة بسواد.
(2) الخذف بالخاء: رمي الحصى بأن توضع على الإبهام وتدفع بظفر السبابة.
103

الواجب، وأن يكون من النعم ثنيا (1) قد دخل في السادسة إن كان
من البدن، وفي الثانية إن كان من البقر والغنم، ويجزي من الضأن الجزع
لسنة، تاما (2) غير مهزول بحيث لا يكون على كليتيهما شحم.
ويستحب أن تكون سمينة قد عرف بها (3)، إناثا من الإبل والبقر،
وذكرنا من الضأن والمعز، والدعاء عند الذبح، وأن يأكل ثلثه ويهدي
ثلثه ويطعم القانع والمعتر ثلثه.
ولو فقد الهدي ووجد ثمنه خلفه عند من يشتريه ويذبحه طول ذي
الحجة، ولو فقده صام ثلاثة أيام متتابعة في الحج وسبعة إذا رجع، ويجوز
تقديم الثلاثة من أول ذي الحجة ولا يجوز تقديمها عليه، فإن خرج ولم
يصمها تعين الهدي في القابل بمنى.
وأما هدي القران: فيجب ذبحه أو نحره بمنى إن قرن بالحج،
وبمكة إن قرن بالعمرة. ويجوز ركوب الهدي وشرب لبنه ما لم يضر به
وبولده، وإذا هلك هدي القران لم يلزمه بدله إلا أن يكون مضمونا، ولا

(1) (فلا يجزي من الإبل إلا الثني، وهو الذي له خمس ودخل في السادسة،
ومن البقر والمعز ما له سنة ودخل في الثانية، ويجزئ من الضأن الجذع أي
لستة أشهر ".
(شرائع الاسلام)
(2) أي صحيحا، فلا تجزي العوراء والعرجاء والكبيرة التي لا مخ لها،
ولا مكسورة القرن من الداخل، ولا الخصي. ولا المريضة.
(3) (هي التي أحضرت عرفة عشية عرفة) (تذكرة الفقهاء).
104

يتعين للصدقة إلا بالنذر، ولا يعطي الجزار من الهدي الواجب.
وأما الأضحية: فمستحبة يوم النحر، وثلاثة بعده بمنى، ويومان
في غيرها، ويجزي هدي التمتع عنها، فلو فقدها تصدق بثمنها. ويكره
التضحية بما يربيه، وإعطاء الجزار الجلود (1).
الثالث: الحلق، ويجب يوم النحر بعد الذبح الحلق أو التقصير
بمنى، والحلق أفضل، ويتأكد للصرورة والملبد. ويتعين في المرأة
التقصير.
ولو رحل قبل الحلق أو التقصير رجع وفعل أحدهما، فإن تعذر
حلق أو قصر أين كان وجوبا وبعث شعره إلى منى ليدفن بها
استحبابا. ومن ليس على رأسه شعر يمر الموسى عليه.
ولا يزور البيت قبل التقصير، فإن طاف قبله عمدا كفر بشاة، ولا
شئ على الناسي، ويعيد طوافه.
فإذا حلق أو قصر أحل مما عدا الطيب والنساء، فإذا طاف طواف
الزيارة حل الطيب، ويحل النساء بطوافهن.
الفصل الخامس في بقية المناسك:
فإذا تحلل بمنى مضى ليومه أو غده إن كان متمتعا، ويجوز
للقارن والمفرد طول ذي الحجة إلى مكة لطواف الحج، ويصلي ركعتيه
ثم يسعى للحج، ثم يطوف للنساء، كل ذلك سبعا، ثم يصلي ركعتيه،

(1) على وجه الأجرة.
105

وصفة ذلك كما قلنا في أفعال العمرة، وطواف النساء واجب على كل حاج.
فإذا فرغ من هذه المناسك رجع إلى منى وبات بها ليلتي الحادي عشر
والثاني عشر من ذي الحجة واجبا، ويرمى في اليومين الجمار الثلاث، كل
جمرة في كل يوم، بسبع حصيات، يبدأ بالجمرة الأولى ويرميها عن يسارها
مكبرا (1) داعيا، ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة، ولو نكس أعاد على ما
يحصل معه الترتيب.
ووقت الرمي: ما بين طلوع الشمس إلى غروبها.
ولا يجوز الرمي ليلا إلا للمعذور كالخائف والرعاة والعبيد، فإن
أقام اليوم الثالث رماها أيضا وإلا دفن حصاه بمنى، ولو بات الليلتين
بغير منى وجب عليه عن كل ليلة شاة، إلا أن يبيت بمكة مشتغلا
بالعبادة. ويجوز أن يخرج بعد نصف الليل.
ويجوز النفر الأول لمن اتقى (الصيد والنساء) إذا لم تغرب الشمس
في الثاني عشر بمنى، ولا يجوز لغيره، فإن نفر كان عليه شاة، والنافر
في الأول يخرج بعد الزوال، وفي الثاني يجوز قبله.
ولو نسي رمي يوم قضاه من الغد مقدما، ولو نسي جمرة وجهل
عينها رمى الثلاث، ولو نسي الرمي حتى دخل مكة رجع ورمى، فإن
تعذر مضى ورمى في القابل أو استناب مستحبا.

(1) (صورته: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر على ما
هدانا، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام) (شرائع الاسلام.
106

ويستحب الإقامة بمنى أيام التشريق.
فإذا فرغ من هذه المناسك تم حجه، واستحب له العود إلى مكة
لطواف الوداع ودخول الكعبة خصوصا للصرورة، والصلاة في زواياها،
وبين الأسطوانتين، وعلى الرخامة الحمراء، ودخول مسجد الحصبة (1)
والصلاة فيه، والاستلقاء على قفاه، وكذلك مسجد الخيف، ويخرج من
المسجد من باب الحناطين، ويسجد عند باب المسجد ويدعو، ويشتري
بدرهم تمرا يتصدق به.
ويكره أن يجاور بمكة، ويستحب بالمدينة.
والحائض تودع من باب المسجد.
ثم يأتي المدينة لزيارة النبي عليه السلام استحبابا مؤكدا، وزيارة
فاطمة عليها السلام من الروضة، وزيارة الأئمة عليهم السلام بالبقيع،
وزيارة الشهداء خصوصا حمزة بأحد، والاعتكاف ثلاثة أيام بها.
الباب التاسع
(في العمرة)
وهي فريضة مثل الحج بشرائطه وأسبابه.

(1) حكى الشيخ كاشف الغطاء عن (التحرير) للعلامة (ره) أنه قال:
(ولا أثر له اليوم، وإنما المستحب النزول بالمحصب والاستراحة فيه، وحده من
الأبطح: ما بين الجبلين إلى المقبرة) ثم قال (قده): (أقول: وهو أول منزل
للحاج عند خروجهم من مكة بهذه الأوقات، ويسمى بالأبطح - كما في تعليقته
على التبصرة.
107

وأفعالها: النية، والإحرام، والطواف، وركعتاه، والسعي،
وطواف النساء، وركعتاه، والتقصير أو الحلق.
وليس في المتمتع بها طواف النساء.
ويجوز المفردة في جميع أيام السنة، وأفضلها رجب، والقارن والمفرد
يأتي بها بعد الحج، والمتمتع بها يجزي عنها.
ولو اعتمر في أشهر الحج جاز أن ينقلها إلى التمتع، ويجوز في كل
شهر، وأقله في كل عشرة أيام، ولا حد لها عند السيد المرتضى (قده).
الباب العاشر
(في المحصور والمصدود)
المصدود: الممنوع بالعدو، فإن تلبس بالإحرام نحر هديه وأحل من
كل شئ أحرم منه. وإنما يتحقق الصد بالمنع عن مكة أو عن الموقفين (1)
ولا يسقط الواجب، ويسقط المندوب. ولا يصح التحلل إلا بالهدي ونية
التحلل، ويجزي هدي السياق عنه، والمعتمر المصدود كالحاج. ح
والمحصر: هو الممنوع بالمرض، فيبعث هديه إن لم يكن قد ساق.
وإلا اقتصر على هدي السياق، فإذا بلغ محله - وهو منى إن كان حاجا،
ومكة إن كان معتمرا - قصر، وأحل إلا من النساء حتى يحج في القابل
إن كان واجبا، أو يطاف طواف النساء عنه إن كان ندبا، ولو زال
الحصر التحق، فإن أدرك أحد الموقفين صح حجه، وإلا فلا.

(1) عرفات والمشعر الحرام: المزدلفة.
108

كتاب الجهاد
وفيه فصول:
الفصل الأول - فيمن يجب عليه:
وهو فرض على الكفاية بشروط تسعة: البلوغ، والعقل، والحرية،
والذكورة، وأن لا يكون هما (1)، ولا مقعدا، ولا أعمى، ولا مريضا
يعجز عنه، ودعاء الإمام أو من نصبه إليه.
ولا يجوز مع الجائر إلا أن يدهم المسلمين عدو يخشى عليه منه فيدفعه
ولا يقصد معونة الجائر، والعاجز يجب أن يستنيب مع القدرة (2) ويجوز لغير العاجز.

(1) الهم بكسر الهاء: الشيخ الفاني العاجز عن المعونة في الدفاع والجهاد
بجميع أنواعها.
(2) على الاستنابة فيستنيب حينئذ من لم يجب عليه من ذمي أو معاهد،
أو مسلم ليس من أهل البلد، أو من لا مؤنة له منهم. وهذا مع عدم وجود من
به الكفاية للدفاع.
109

ويستحب المرابطة ثلاثة أيام إلى أربعين فإن زادت كانت جهادا،
ويجب بالنذر (وشبهه) (1).
الفصل الثاني - فيمن يجب جهادهم:
وهم ثلاثة أصناف:
الأول: اليهود والنصارى والمجوس، وهؤلاء يقتلون إلى أن يسلموا
أو يلتزموا شرائط الذمة، وهي: قبول الجزية، وأن لا يؤذوا المسلمين،
وأن لا يتظاهروا بالمحرمات كشرب الخمر، وأن لا يحدثوا كنيسة ولا
يضربوا ناقوسا، وأن يجري عليهم أحكام المسلمين.
فإن التزموا بهذه كف عنهم، ولا حد للجزية بل بحسب ما يراه الإمام
ولا تؤخذ من الصبيان، والمجانين والبله والنساء، ويجوز وضعها على
رؤوسهم وأراضيهم، ولو أسلموا سقطت، ولو مات الذي بعد الحول
أخذت من تركته ويجوز أخذها من ثمن المحرمات. ومستحقها المجاهدون.
وليس لهم استيناف بيعة ولا كنيسة في دار الاسلام، ويجوز تجديدهما،
ولا يجوز أن يعلو الذمي على بناء المسلمين، ويقر ما ابتاعه من مسلم على

(1) جاء في (تذكرة الفقهاء): (قال سلمان: سمعت رسول الله يقول
رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه) وتستحب المرابطة بنفسه
وغلامه وفرسه. ولو عجز عن المرابطة بنفسه، رابط فرسه أو غلامه أو
جاريته، أو أعان المرابطين. ويستحب الحرس في سبيل الله، قال ابن عباس:
سمعت رسول الله يقول: (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله،
وعين باتت تحرس في سبيل الله).
110

حاله، ولا يجوز أن يدخلوا المساجد.
الثاني: من عدا هؤلاء من الكفار يجب جهاده ولا يقبل منه إلا
الاسلام، ويبدأ بقتال الأقرب والأشد خطرا. وإنما يحاربون بعد الدعاء
من الإمام أو من نصبه إلى الاسلام فإن امتنعوا أحل قتالهم، ويجوز
المهادنة مع المصلحة بإذن الإمام، ويمضي ذمام آحاد المسلمين وإن كان
عبدا - لآحاد المشركين، ويرد من دخل بشبهة الأمان إلى مأمنه ثم يقاتل،
ولا يجوز الفرار إذا كان العدو على الضعف من المسلمين إلا لمتحرف لقتال
أو متحيز إلى فئة، ويجوز المحاربة بسائر أنواع الحرب إلا إلقاء السم في
بلادهم. ولو تترسوا بالصغار والنساء أو المسلمين ولم يمكن الفتح إلا بقتلهم
جاز، ولا يقتل النساء - وإن عاون - إلا مع الضرورة. ومن أسلم في دار
الحرب حقن دمه وولده الصغار من السبي وماله من الأخذ مما ينقل
ويحول، وأما الأرضون فمن الغنائم. ولو أسلم العبد قبل مولاه وخرج
ملك نفسه.
الثالث: البغاة، وهم كل من خرج على إمام عادل (1)، ويجب قتاله
مع دعاء الإمام أو من نصبه، على الكفاية، إلا أن يرجعوا، وهم قسمان:
من له فئة، فيجهز على جريحهم ويتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم. ومن لا فئة
له، فلا يجهز على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم. ولا يحل
سبي ذراري الفريقين ولا نساؤهم ولا أموالهم.

(1) أي معصوم.
111

الفصل الثالث في قسمة الغنائم:
جميع ما يغنم من بلاد الشرك يخرج منه ما شرطه الإمام كالجعائل
والرضخ (1) والأجر وما يصطفيه، ثم يخمس الباقي، وأربعة الأخماس
الباقية إن كان مما ينقل ويحول فللمقاتلة ومن حضر القتال وإن لم يقاتل
خاصة، للراجل سهم وللفارس سهمان، ولذي الأفراس ثلاثة، ومن ولد
بعد الحيازة قبل القسمة أسهم له، وكذا من يلحقهم للمعونة، ولا يفضل
أحد على غيره لشرفه أو شدة بلائه، ويقسم ما يغنم في المراكب هذه
القسمة، ولا يسهم لغير الخيل، والاعتبار بكونه فارسا عند الحيازة
لا بدخول المعركة، ولا نصيب للأعراب (2) وإن جاهدوا.
والأسارى من الإناث والأطفال يملكون بالسبي. والذكور البالغون:
إن أخذوا قبل أن تضع الحرب أوزارها وجب قتلهم ما لم يسلموا،
ويتخير الإمام بين ضرب أعناقهم وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف
ويتركهم حتى ينزفوا ويموتوا، وإن أخذوا بعد انقضاء الحرب لم يجز
قتلهم، ويتخير الإمام بين المن والفداء والاسترقاق.
وأما الأرضون: فما كان حيا فللمسلمين كافة لا يختص بها الغانمون،
والنظر فيها إلى الإمام، ولا يصح بيعها ولا وقفها ولا هبتها ولا ملكها

(1) الرضخ: القليل من العطية لمن لا قسمة له من الكفار والعبيد والنساء.
(2) فقد وردت عدة روايات معتبرة تفيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صالح
الأعراب على أن يدعهم في ديارهم، وإذا دهمه العدو يقاتل بهم، وليس لهم في
الغنيمة نصيب. ومرجع الأمر فيها نظر الإمام المعصوم عليه السلام.
112

على الخصوص، بل يصرف الإمام حاصلها في المصالح. والموات وقت
الفتح للإمام، لا يتصرف فيها إلا بإذنه. هذا حكم الأرض المغنومة (1) وأما
أرض الصلح: فلأربابها، ولو باعها المالك انتقل ما عليها من الجزية إلى
رقبته، ولو أسلم سقط ما على أرضه أيضا (2) ولو شرطت الأرض
للمسلمين كانت كالمغنومة (3)
وأما أرض من أسلم عليها أهلها طوعا فلأربابها، وليس عليهم سوى
الزكاة مع الشرائط. وكل أرض ترك أهلها عمارتها فالإمام يقبلها ويدفع
طسقها (4) من المتقبل إلى أربابها، وكل من أحيى أرضا مواتا بإذن الإمام
فهو أحق بها، ولو كان لها مالك كان عليه طسقها له، وإلا فللإمام،
ومع غيبته فهو أحق، ومع ظهوره له رفع يده.
وشرط التملك بالإحياء: أن لا يكون في يد مسلم، ولا حريما لعامر،
ولا مشعرا لعبادة، ولا مقطعا (5) ولا محجرا.
والإحياء بالعادة، والتحجير لا يفيد التمليك بل الأولوية.

(1) في سائر النسخ: المفتوحة عنوة.
(2) في سائر النسخ إضافة: وملكها على الخصوص.
(3) في سائر النسخ: كالمفتوحة.
(4) الطسق: الضريبة.
(5) أي بشرط أن لا تكون الأرض مما أقطعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام عليه السلام
لأحد المسلمين أو غيرهم، وإن لم يحيه بعد، فإن الإحياء بالعادة، إلا أن يهمل،
فيلزمه الحاكم بالإحياء أو يرفع يده عن الأرض.
113

الفصل الرابع - في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
وهما يجبان عقلا على الكفاية (1) بشروط أربعة: أن يعلم المعروف
والمنكر، وأن يجوز تأثير الانكار (2) وأن لا يظهر أمارة الإقلاع،
وانتفاء المفسدة (3).
والمعروف قسمان: واجب وندب، فالأمر بالواجب واجب،
وبالمندوب مندوب. وأما المنكر فكله قبيح فالنهي عنه واجب.
وينكر أولا بالقلب، ثم باللسان، ثم باليد. ولو افتقر إلى الجراح لم
يفعله إلا بإذن الإمام.
والحدود لا يقيمها إلا بأمره.
ويجوز للرجل إقامة الحد على عبده وولده وزوجته (4) إذا أمن
الضرر.

(1) في حفظ كلية الشرائع وصون النواميس، ولولا هما لما قامت شريعة ولا
استقامت ملة.
(2) لم يلتزم بعضهم بهذا الشرط وقال: الحق إن نفس الانكار مطلوب
لصاحب الشريعة، وهو عبادة في ذاته سواء أثر في المنكر عليه أم لا. فهو على
التحقيق من الثمرات لا الشروط كما في تعليقة كاشف الغطاء على التبصرة.
(3) إن كانت المفسدة في الدين أو الدنيا نوعا أو شخصا ضررا معتدا به لا
مطلقا - كما في تعليقة كاشف الغطاء على التبصرة.
(4) اشترط الفقهاء في هذا أن يكون الرجل فقيها جامعا للشرائط، وإلا فلا
يجوز له إلا تعزيرهم بما لا يبلغ الحد والجرح تأديبا، كما يجوز ذلك للمعلم أيضا.
114

وللفقهاء إقامتها حال الغيبة مع الأمن، ويجب على الناس مساعدتهم.
ولهم الفتوى والحكم بين الناس مع الشرائط المبيحة للفتيا، ولا يجوز
الحكم بمذهب أهل الخلاف، فإن أضطر عمل بالتقية ما لم يكن قتلا.
ويجوز الولاية من قبل العادل، ولو ألزمه وجبت، ويحرم من الجائر
ما لم يعلم تمكنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو أكره بدونه
جاز، ويجتهد في إنفاذ الحكم بالحق.
115

كتاب المتاجر
وفيه فصول:
الفصل الأول - التجارة:
قد تجب إذا لم يكن للإنسان معيشة سواها وكانت مباحة، وقد
تستحب إذا أراد التوسعة على عياله، وقد تكره كالمحتكر، وقد تباح بأن
لا يحتاج إليها ولا ضرر في فعلها، وقد تحرم إذا كانت في محرم. وهي
أصناف:
الأول: يحرم التكسب ببيع الأعيان النجسة، كالخمر وكل مسكر،
والفقاع، والميتة، والدم، والكلب إلا كلب الصيد والماشية والحائط
والزرع، والدهن النجس للاستصباح به تحت السماء.
الثاني: يحرم التكسب بالآلات المحرمة، كالعود، والمزمر، والأصنام
والصلبان، وآلات القمار كالشطرنج والنرد والأربعة عشر.
الثالث: يحرم التكسب بما يقصد به المساعدة على الحرام كبيع السلاح
116

لأعداء الدين (1) والمساكن للمحرمات، والحمولة لها، وبيع العنب ليعمل
خمرا، والخشب ليعمل صنما، ويكره بيعهما على من يعمل ذلك من
غير شرط.
الرابع: ما لا ينتفع به يحرم التكسب به، كالمسوخ البرية كالقردة
والدب، والبحرية كالجري والسلاحف والطافي، ولا بأس بالسباع.
الخامس: يحرم التكسب بما يحرم عمله، كعمل الصور المجسمة،
والغناء في غير العرس بالحق (2) - وهجاء المؤمنين، وحفظ كتب الضلال
ونسخها لغير النقض، وتعلم السحر والقيافة والكهانة والشعبدة، والقمار،
والغش، وتزيين الرجل بالمحرم (3)، وزخرفة المساجد والمصاحف،
ومعونة الظالمين في ظلمهم، وأجر الزانية.
السادس: ما يجب فعله يحرم التكسب به كأجرة تغسيل الموتى
وتكفينهم ودفنهم، والأجرة على الحكم، والرشا فيه. ويجوز أخذ الرزق
من بيت المال، وكذا الأذان.

(1) أو اللصوص وقطاع الطرق والمفسدين في الأرض.
(2) كذا في نسخة (ن) وفيما عداها هكذا: (والغناء - لغير العرس -
والنوح بالباطل ولا بأس بالحق) واشترط فيه الفقهاء عدم سماع الأجنبي
أصواتهن.
(3) مثل الذهب والحرير وكلما يختص بالنساء.
117

وأما المكروه: فالصرف، وبيع الأكفان، والطعام، والرقيق،
والذباحة، والصياغة، والحجامة مع الشرط، والحياكة، وأجرة الضراب،
وأجرة تعليم القرآن ونسخه، وكسب القابلة مع الشرط.
وما يأخذه السلطان باسم المقاسمة أو الزكاة حلال وإن لم يكن
مستحقا له.
وجوائز الظالم حرام إن علمت بعينها وإلا حلت.
ومن أمر بصرف مال إلى قبيل وعين له لم يجز التعدي، وإلا جاز أن
يتناول منه مثل غيره إذا كان منهم، على قول.
الفصل الثاني - في آداب التجارة:
ويستحب التفقه فيها ليعرف صحيح البيع وفاسده ويسلم من الربا،
وأن يسوي بين المبتاعين (1) ويقيل المستقيل، ويشهد الشهادتين عند
العقد ويكبر الله تعالى، ويأخذ الناقص ويعطي الراجح.
ويكره مدح البائع وذم المشتري (2) وكتمان العيب (3) والحلف على
البيع، والبيع في المظلم، والربح على المؤمن، وعلى الموعود بالإحسان،
والسوم بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وأن يدخل السوق قبل غيره،

(1) فلا يفرق بين المماكس وغيره بزيادة السعر للأول أو بنقصه للثاني، ولا
بأس بالفرق للمرجحات الشرعية كالعلم والتقوى ونحوهما - كما في المنهاج.
(2) أي مدح البائع سلعته وذم المشتري لها.
(3) ما لم يؤد إلى غش، وإلا فحرام.
118

ومعاملة الأدنين، وذوي العاهات والأكراد (1)، والاستحطاط (2) بعد
الصفقة، والزيادة وقت النداء (3) والتعرض للكيل والوزن مع عدم
المعرفة، والدخول على سوم أخيه (4) وأن يتوكل حاضر لباد (5)،
وتلقى الركبان، وحده أربعة فراسخ فما دون (6).
ويثبت الخيار مع الغبن الفاحش والنجش، وهو زيادة لزيادة من

(1) قد صرح أهل اللغة بأن (الأكراد) جيل من الناس، فليس معنى
كراهة معاملتهم كراهة معاملة كل من سكن مع الأكراد وتكلم بلغة الأكراد،
بل الظاهر أن المراد منهم - كما في الخوزي - هو الجيل المعهود منهم في صدر
الاسلام، ولعله لعلة. وإذا كانت تسميتهم بالأكراد عربية فمعناه: القوم المطاردون
الراحلون من مكان، إلى مكان وعلى هذا فلعل علة الكراهة فيهم ما في
الأعراب مما نطق به الذكر الحكيم فقال: (وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل
الله)، وإذا كان علة الكراهة التعرب والبعد عن الفقه والمسائل والأحكام -
كما صرح بكراهة المعاملة معه - فإذا زالت العلة هذه كما في أكراد هذا العهد
زال حكم الكراهة أيضا، ولا تكون الكراهة - على هذا - حكما خاصا بهم
بغير علة.
(2) أي أن يطلب الحط والتنقيص من الثمن بعد انتهاء المعاملة.
(3) أي بعد أن يزيد في الثمن نادى للمشتري الآخر بثمن أقل.
(4) وهو المعاملة بعد أن انتهت، وإلا فهو من الزيادة بعد النداء، وقد
حرمه بعضهم.
(5) لأن العباد يرزق بعضهم من بعض كما في الروايات.
(6) لأنه إن كان إلى الأكثر كان سفرا للتجارة وهو غير مكروه بل مستحب.
119

واطاه البائع (1) والاحتكار وهو حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب
والسمن والملح للزيادة في الثمن مع عدم غيره، ويجبر على البيع، ولا
يسعر عليه (2).
الفصل الثالث - في عقد البيع:
وهو الإيجاب، كقوله (بعتك) والقبول وهو (اشتريت).
وإنما يصح إذا صدر عن مكلف مالك، أو بحكمه كالأب والجد والحاكم
وأمينه والوصي والوكيل، ويقف عقد غيرهم على الإجازة.
ولو جمع بين ملكه وغيره مضى في ملكه وتخير المالك في الآخر،
وللمشتري مع فسخ المالك الخيار.
ويشترط في المكيل والموزون والمعدود معرفة المقدار بأحدها،
ويجوز ابتياع بعض الجملة مشاعا إذا علمت نسبته، ويجوز الإندار (3)
للظروف بما يقاربها.

(1) أي أن يزيد البائع لأن من اتفق معه البائع قد زاد في الثمن زيادة
صورية غير واقعية يراد بها رفع سعر المتاع، بل أفتى بعضهم بحرمة الزيادة مع
عدم قصد الشراء مطلقا سواء كان بالتوافق مع البائع أم لا - كما في تعليقة
السيد اليزدي (قده) على التبصرة.
(2) نعم إذا أجحف في الثمن يجبر على التنقيص، وهكذا إذا أجحف في
ثمن غيره هذه المواد أو احتكر مما أجحف بالعامة حتى أخل بالنظام فللفقيه
- بولايته - أن يجبره على البيع، أو على الأقل مما يجحف.
(3) أي التقدير الحدسي والتخميني.
120

ويشترط في كل مبيع أن يكون مشاهدا أو موصوفا بما يرفع الجهالة،
فإن وجد على الوصف وإلا كان له الخيار (1)
ولو افتقرت معرفته إلى الاختبار جاز بيعه بالوصف أيضا، ويتخير
مع خلافه (2) ولو أدى اختباره إلى الإفساد جاز شراؤه، فإن خرج معيبا
أخذ أرشه، وإن لم يكن له قيمة بعد الكسر أخذ الثمن (3)
ولا يجوز بيع السمك في الأجمة، ولا اللبن في الضرع، ولا ما في بطون
الأنعام، ويجوز لو ضم معها غيرها. ولا ما يلقح الفحل، ويجوز بيع
المسك في فأره وإن لم يفتق، وبيع الصوف على ظهور الغنم.
ولا بد أن يكون الثمن معلوما قدرا ووصفا بالمشاهدة أو الصفة،
يبيع بدينار غير درهم نسيئة ولا نقدا مع جهل نسبته إليه (4).
ويشترط أن يكون مقدورا على تسليمه، فلا يصح بيع الآبق (5)
منفردا ولو ضم إليه غيره صح، ولا الطير في الهواء.
وكل بيع فاسد فإنه مضمون على قابضه. ولو علمه صنعة، أو صبغه
فزادت قيمته رجع بالزيادة، ولو نقص ضمن النقصان كالأصل.

(1 و 2) خيار تخلف الوصف.
(3) إن لم يشترط البائع البراءة منه.
(4) هذا إنما هو في الدينار والدرهم القديمين، حيث كان الدينار من ذهب
والدرهم من فضة، فقد يجهل نسبة الفضة إلى الذهب وبالعكس.
(5) أي العبد الفار من مولاه.
121

وإذا اختلف المتبايعان (1) في قدر الثمن فالقول قول البائع إن كان
باقيا، وقيل إن كان في يده، وقول المشتري إن كان تالفا، وقيل إن كان
في يده.
الفصل الرابع في الخيار:
وأقسامه سبعة:
الأول: خيار المجلس، فمن باع شيئا ثبت له وللمشتري الخيار ما لم
يتفرقا، أو يشترطا سقوطه قبل العقد أو بعده، ولا يثبت في غير البيع.
الثاني: خيار الحيوان، وكل من اشترى حيوانا ثبت له الخيار خاصة
ثلاثة أيام من حين العقد، إن شاء الفسخ فيها فسخ، ما لم يشترطا سقوطه
أو يتصرف المشتري فيه، فإن تلف في هذه المدة قبل القبض أو بعده فمن
البائع ما لم يحدث المشتري فيه حدثا، والعيب الحادث من غير تفريطه لا
يمنع الرد بالسابق.
الثالث: خيار الشرط، وهو يثبت في كل مبيع اشترط الخيار فيه،
ولا يتقدر بمدة معينة، بل لهما أن يشترطا مهما شاءا بشرط أن تكون المدة
مضبوطة، ويجوز اشتراطه لأحدهما أو لهما أو لثالث واشتراط مدة يرد

(1) اختلاف المتبايعين من باب التداعي الموجب للتحالف وفق القواعد
العامة في باب القضاء: وعليه فيكون الرجوع إلى ثمن المثل، أو التنصيف، أو
الحكم بالتفاسخ. ولكنهم أخرجوا هذا المورد عن القواعد بمرسلة عن أبي بصير،
وهي لا تنهض - في نظر بعضهم لإثبات حكم مخالف للقواعد، كما في تعليقة
كاشف الغطاء (قده) على التبصرة.
122

فيها البائع الثمن ويرتجع المبيع، فإن خرجت ولم يأت بالثمن كاملا لزم
البيع، والتلف من المشتري في المدة والنماء له.
الرابع: خيار الغبن. وهو أن يبيع بدون ثمن المثل أو يشتري بأكثر
منه، ولا يعرف القيمة مما لا يتغابن الناس فيه فيختار المغبون الفسخ.
الخامس: من باع شيئا ولم يقبض الثمن ولا سلم السلعة ولم يشترط
التأخير، لزم البيع ثلاثة أيام، فإن جاء المشتري فهو أحق بالسلعة، وإن
مضت كان للبائع الفسخ، ولو تلفت السلعة كانت من مال البائع على كل
حال (1) وما لا بقاء له يثبت الخيار فيه يوما.
السادس: خيار الرؤية، فمن اشترى موصوفا غير مشاهد كان
للمشتري خيار الفسخ إذا وجده دون الوصف، ولو لم يشاهده البائع
وباعه بالوصف فظهر أجود كان الخيار للبائع.
السابع: خيار العيب، وسيأتي.
والخيار موروث. والمبيع إذا تلف قبل القبض كان من مال البائع،
وإن تغيب تخير المشتري بين الرد والإمساك بالأرش.
الفصل الخامس - في العيوب:
وهو كل ما زاد أو نقص عن المجرى الطبيعي. فإن أطلق المتبايعان
البيع أو اشتراطا الصحة اقتضى الصحة، وإن تبرء المشتري من العيوب

(1) ولو تلف الثمن كان من المشتري، بقاعدة: كل مبيع تلف قبل قبضه
فهو من مال بائعه، والقاعدة تجري فيهما.
123

فلا ضمان. وبدونه إذا ظهر عيب تخير المشتري بين الرد والإمساك بالأرش
ما لم يتصرف، فإن كان قد تصرف أو حدث فيه عيب عنده ثبت الأرش
خاصة، ولو علم بالعيب ثم اشتراه فلا أرش أيضا.
ولو باع شيئين صفقة وظهر العيب في أحدهما كان للمشتري الأرش
أورد الجميع لا المعيب وحده، ولو اشترى اثنان صفقة لم يكن لأحدهما
رد حصته بالعيب إلا إذا وافقه الآخر، والتصرف يبطل رد المعيب إلا
في الوطي في الحامل فيردها مع نصف عشر القيمة، والحلب في الشاة
المصراة فيردها مع قيمة اللبن إن تعذر المثل.
ولو ادعى البائع التبري من العيوب ولا بينة فالقول قول المشتري مع
يمينه، ولو ادعى المشتري تقدم العيب على العقد فالقول قول المشتري مع يمينه.
الفصل السادس - في النقد والنسيئة والمرابحة:
إطلاق العقد يقتضي حلول الثمن، فإن شرطا تأجيله مدة معينة
صح، ويبطل في المجهولة، وكذا لو باعه بثمن حالا وبأزيد مؤجلا.
وإذا باع نسيئة ثم اشتراه قبل الأجل بزيادة أو نقصان من جنس
الثمن وغيره حالا ومؤجلا صح مع عدم الشرط، ولو اشتراه بعد حلوله
جاز بغير الجنس مطلقا، وبه: قيل (1) لا يجوز مع التفاوت، والأقرب
خلافه.
ولا يجب دفع الثمن قبل الأجل ولا قبضه قبله، ولو حل ودفع وجب

(1) القائل هو الشيخ (قده) - كما قال السيد (قده).
124

القبض، فإن امتنع كان هلاكه من صاحب الحق.
ولو اشترى نسيئة وجب أن يخبر بالأجل إذا باعه مرابحة، فإن
أخفى تخير المشتري بين الرد والإمساك بالثمن (1) حالا. وإذا باع مرابحة
نسب الربح إلى السلعة (2) لا إلى الثمن. ولو اشترى أمتعة صفقة بثمن لم
يجز بيع أفرادها مرابحة بالتقويم إلا بعد الإعلام.
الفصل السابع - فيما يدخل في المبيع:
من باع أرضا دخل فيها النخل والشجر مع الشرط، وإلا فلا،
ويدخل لو قال: (بعتكها وما أغلق عليه بابها) ويدخل في الدار الأعلى
والأسفل إلا أن يستقل بالسكنى عادة.
ولو باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبائع، ولو لم يؤبر فالثمرة للمشتري.
ولا يدخل الحمل في الابتياع من غير شرط، فلو استثنى نخلة كان له المدخل
إليها والمخرج منها ومدى جرائدها في الأرض.
الفصل الثامن - في التسليم:
وهو التخلية فيما لا ينقل ويحول، والكيل والوزن فيما يكال أو يوزن

(1) للأجل في النسيئة ببيع المرابحة مدخلية في مقدار الثمن، فإذا أخفاه
البائع أفتى الفقهاء بالخيار للمشتري بين الرد والإمساك بالثمن. وقد ورد في جملة
من الأخبار أن له يستعلم ما للبائع من الأجل فيكون له ما للبائع منه، ولا
منافاة بين خياره ومفاد هذه الروايات كما في تعليقة السيد اليزدي (قده) على
التبصرة.
(2) بأن يقول: رأس مالي مائة، وبعتك بربح درهم في كل عشرة (المسالك).
125

والقبض باليد في الأمتعة، والنقل في الحيوان
وهو واجب على البائع في البيع وعلى المشتري في الثمن، ويجبران معا
لو امتنعا. ويجب التسليم مفرغا.
ويجوز بيع ما لم يقبض قبله إلا أن يكون طعاما فلا يبيعه إلا تولية.
والقول قول البائع في عدم النقصان مع حضور المشتري الكيل
والوزن مع يمينه وعدم البينة، وقول المشتري مع عدم حضوره.
ويصح في حال العقد اشتراط ما يسوغ ويدخل تحت القدرة، ولا
يجوز اشتراط ما ليس بمقدور كصيرورة الزرع سنبلا، ويصح اشتراط
العتق. ولو اشترط ما لا يسوغ أو عدم العتق أو عدم وطئ الأمة بطل
الشرط، وفي إبطال البيع وجه قوي.
ولو شرط مقدارا فنقص تخير المشتري بين الرد والإمساك بالقسط
من الثمن، سواء كانت أجزاءه متساوية أو مختلفة، فإن أخذ بالقسط
تخير البائع، ولو أخذه بالجميع فلا خيار، ولو زاد متساوي الأجزاء أخذ
البائع الزائد فيتخير المشتري حينئذ، ولو زاد المختلف فالوجه البطلان،
ويجوز أن يجمع بين سلف وبيع مختلفين صفقة.
الفصل التاسع - في الربا:
وهو معلوم التحريم بالضرورة من الشرع، وهو بيع أحد المثلين
بآخر مع زيادة عينية كبيع قفيزين، أو حكمية كبيع قفيز بقفيز
نسيئة.
126

وشرطه أمران: الاتحاد في الجنس، والكيل أو الوزن.
ويجوز بيع المثلين متساويا نقدا، ولا يجوز نسيئة، وكل ربوي يجوز
بيعه بمخالفه نقدا متفاضلا ونسيئة على كراهية، وكذا غير الربوي، إلا
أن يكون أحد العوضين من الأثمان.
والشعير والحنطة جنس واحد هنا، وكذا كل شئ مع أصله كالسمسم
والشيرج، وكل فرعين من أصل واحد كالسمن والزبد، والجيد والردئ.
واللحوم تختلف باختلاف الحيوان، وكذا الإدهان.
ولو كان الشئ جزافا في بلدة وموزونا في أخرى فلكل بلد حكم
نفسه، ولا يباع الرطب بالتمر وإن تساويا، ويكره اللحم بالحيوان.
ولو باع درهما ومد تمر بدرهمين أو مدين صح.
ومن ارتكب الربا بجهالة فلا أثم عليه، ويعيد ما أخذ منه على مالكه
إن وجده أو ورثته، ولو جهل تصدق به عنه.
ولا ربا بين الوالد وولده، ولا بين السيد وعبده، ولا بين الرجل
وزوجته، ولا بين المسلم والحربي، ويثبت بينه وبين الذمي.
وأما الصرف: فشرطه التقابض في المجلس، فإن تساوى الجنس
وجب تساوي المقدار، وإلا فلا. ولو قبض البعض صح فيه خاصة، ولو
فارقا المجلس مصطحبين ثم تقابضا صح.
ومعدن الذهب يباع بالفضة وبالعكس، والدراهم المغشوشة إذا كانت
معلومة الصرف جاز إنفاقها، وإلا فلا، إلا أن يبين حالها.
والمصاغ من الجوهرين إن أمكن تخليصه لم يبع بأحدهما قبله، وإلا
127

بيع بالناقص، ومع التساوي يباع بهما، وتراب الصاغة يتصدق به.
ويجوز أن يقرضه ويشترط الإقباض بأرض أخرى، وأن يشتري
درهما بدرهم ويشترط صياغة خاتم على أشكال. ولا ينسحب على غيره.
الفصل العاشر - في بيع الثمار:
لا يجوز بيع الثمرة قبل ظهورها، ويجوز بعده وإن لم يبد صلاحها،
بشرط القطع أو مع الضميمة أو عامين، ولو فقد الجميع فقولان
ولو أدرك بعض البستان جاز بيع الجميع، وكذا يجوز بيع البستانين
إذا أدرك أحدهما، وبيع الثمرة في كمامها، والزرع قائما وحصيدا
وقصيلا، وعلى المشتري قطعه، فإن تركه طالبه البائع بأجرة الأرض
مدة التبقية، وللبائع قطعه.
ويجوز بيع الخضر بعد انعقادها لقطة ولقطات، وما يجز أو يخرط
جزة وجزات وخرطة وخرطات.
ويجوز استثناء حصة مشاعة أو نخلا أو شجرا معينا أو أرطالا
معلومة، فإن خاست سقط من الثنيا بحسابه.
والمحاقلة (1) حرام، وكذا المزابنة (2) إلا العرية (3) ويجوز أن
يتقبل أحد الشريكين بحصة بوزن معلوم.

(1) أي بيع السنبل بحب منه، وهي من الحقل بمعنى الزرع.
(2) أي بيع تمر النخل بتمر منه، وهي بمعنى المدافعة، ومنها الزبانية.
(3) وهي النخلة يشتريها صاحب الدار بخرصها تمرا كما في (القواعد)
للعلامة. (قده).
128

ومن مر بثمرة نخل لا قصدا جاز أن يأكل من غير استصحاب ولا
أضرار.
الفصل الحادي عشر: في بيع الحيوان:
كل حيوان مملوك يصح بيعه ويستقر ملك المشتري عليه، إلا الآبق
منفردا، وأم الولد مع وجود ولدها وإيفاء ثمنها أو القدرة عليه إلا أن
يكون العبد أبا للمشتري وإن علا، أو ابنا وإن نزل، أو واحدة من
المحرمات عليه نسبا ورضاعا، وكذا المرأة في العمودين، فيعتق عليه لو
ملكه، أو يكون المشتري كافرا والعبد مسلما، أو يكون موقوفا. ولو
ملك أحد الزوجين صاحبه استقر الملك وبطل النكاح.
ويجوز ابتياع أبعاض الحيوان المشاعة، ولو شرط أحد الشريكين
الرأس والجلد بما له، كان له بنسبة ما له لا ما شرط، ولو أمره بشراء
حيوان أو غيره بشركته صح ولزمه نصف الثمن، ولو شرط رأس المال
لم يلزمه.
وعلى البائع استبراء الأمة قبل بيعها بحيضة إن كانت تحيض، وإلا
فخمسة وأربعين يوما، ولو لم يستبرئ وجب على المشتري، ويسقط في
اليائسة والصغيرة والمستبراة وأمة المرأة، ولا يطأ الحامل قبلا إلا بعد
مضي أربعة أشهر وعشرة أيام، فإن فعل عزل، ولو لم يعزل كره له
بيع ولدها.
ويستحب تغيير اسمه، وإطعامه شيئا من الحلاوة، والصدقة عنه
129

بأربعة دراهم، ولا يريه ثمنه في الميزان ويكره التفرقة بين الأم والولد
قبل سبع سنين.
ولو ظهر استحقاق الأمة بعد حملها انتزعها المالك، وعلى المشتري
قيمتها إن كانت بكرا وإلا فنصفه وقيمة الولد يوم سقوطه حيا، ويرجع
بذلك كله على البائع (1) إن لم يكن علم بالغصب وقت البيع.
ويجوز شراء ما يسبيه الظالمون، وكذا بنت (الكافر) وأخته
وغيرهما من أقاربه.
ومن اشترى جارية سرقت من أرض الصلح ردها على البائع واسترجع
الثمن، وإن مات ولا عقب له دفعها إلى الحاكم. ولو دفع إلى مملوك غيره
(ال‍) مأذون مالا ليعتق نسمة ويحج عنه فاشترى أباه، ثم ادعى كل من
الثلاثة شراءه من ماله، فالقول قول سيد المملوك مع عدم البينة.
ولو وطأ الشريك جارية الشركة، حد بنصيب غيره، فإن حملت
قومت عليه وانعقد الولد حرا، وعليه قيمة حصص الشركاء منه عند
سقوطه، ولو اشترى كل من المأذونين صاحبه ولا سبق، بطل العقدان.
الفصل الثاني عشر - في السلف:
وشروطه: ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة، وقبض الثمن قبل
التفرق، ولو قبض البعض بطل الباقي، وتقدير المبيع ذي الكيل والوزن
بمقداره، وتعيين أجل مضبوط، وإمكان وجوده بعد الحلول، فإن تعذر

(1) في سائر النسخ إضافة: من أهل الحرب.
130

تخير المشتري بين الفسخ والصبر (1).
ولو دفع دون الصفة أو أكثر أو قبل الأجل لم يجب القبول، بخلاف
ما لو دفعه في وقته بصفته أو أزيد منها.
ويجوز اشتراط ما هو سائغ، ولا يجوز أن يشترط من زرع أرض
بعينها، أو غزل امرأة بعينها أو ثمرة نخلة بعينها.
وأجرة الكيال ووزان المتاع وبائع الأمتعة على البائع، وأجرة الناقد
ووزان الثمن ومشتري الأمتعة على المشتري. ولو تبرع الواسطة فلا
أجرة.
ولا ضمان على الدلال في الجودة ولا التلف في يده إذا لم يفرط، والقول
قوله في التفريط مع اليمين وعدم البينة، وفي القيمة لو ثبت التفريط.
الفصل الثالث عشر - في الشفعة:
إذا باع أحد الشريكين حصته في ملكه كان للآخر الشفعة، بشروط:
أن يكون الملك مما يصح قسمته، وأن ينتقل الحصة بالبيع، وأن يكون
البيع مشاعا مع الشفيع حال البيع، أو يكون شريكا في الطريق والنهر
والساقية، وأن لا يزيد الشركاء على اثنين، وأن يكون الشريك قادرا
عليه، وأن يطالب على الفور مع المكنة.
ولو باع صاحب الشقص الطلق نصيبه جاز لصاحب الوقف الأخذ

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: ولو دفع من غير الجنس برضاه صح
ويحتسب القيمة يوم الإقباض.
131

بالشفعة، ولا يثبت لذمي على مسلم ويثبت للمسلم عليه. ويأخذ الشفيع بما
وقع عليه العقد وإن أبرأه من بعضه، ولو لم يكن مثليا أخذ بقيمة الثمن،
ولو ذكر غيبة الثمن أجل ثلاثة أيام وينظر لو كان في بلد آخر بما يمكن
وصوله إليه مع ثلاثة أيام ما لم يستضر المشتري. ويثبت للغائب ويطالب
مع حضوره، وللسفيه والصبي والمجنون، ويطالبون مع زوال الأوصاف،
أو الولي. والشفيع يأخذ من المشتري ودركه عليه.
ولو كان الثمن مؤجلا أخذ الشفيع في الحال، وألزم بكفيل إذا لم
يكن مليا على إيفاء الثمن عند الأجل.
والقول قول المشتري مع يمينه في كمية الثمن إذا لم يكن للشفيع بينة.
والشفعة تورث كالأموال.
ولو أسقط الشفعة قبل البيع لم تبطل، بخلاف ما لو بارك أو شهد
على أشكال.
132

كتاب الإجارة
(والوديعة وتوابعهما
وفيه فصول:
الفصل الأول - في الإجارة:
وشروطها ستة: العقد، وهو الإيجاب والقبول الدالان بالوضع على
تمليك المنفعة مدة من الزمان بعوض معلوم. وأن يكون ممن هو جائز
التصرف. والعلم بالأجرة كيلا أو وزنا، ويكفي فيهما وفي غيرهما
المشاهدة. وأن تكون المنفعة معلومة بالزمان أو العمل، ومملوكة أو في
حكمها. وضبط المدة بما لا يزيد وينقص.
وهي لازمة لا تبطل إلا بالتراضي، لا بالبيع ولا بالموت. والمستأجر
أمين يضمن مع التعدي.
وإطلاق العقد يقتضي تعجيل الأجرة، ولو شرط دفعها نجوما
معينة أو بعد المدة صح.
وللمستأجر أن يؤجر بأكثر أو أقل إن لم يشترط عليه المباشرة،
133

ولو منعه المؤجر من العين أو هلكت قبل القبض بطلت، ولو منعه ظالم
بعد القبض صحت ورجع المستأجر على الظالم.
ولو انهدم المسكن من غير تفريط فسخ المستأجر ورجع بنسبة
المتخلف من الأجرة، أو ألزم المالك بالعمارة.
والقول قول منكر الإجارة مع عدم بينة المدعي، وقول المستأجر في
قدر الأجرة والتفريط وقيمة العين، وقول المالك في رد العين وقدر
المستأجر.
وكل موضع يبطل فيه الإجارة يثبت فيه أجره المثل. ويصح أجرة
المشاع.
ويضمن الصانع ما يجنيه وإن كان حاذقا، كالقصار (1) يخرق الثوب.
الفصل الثاني - في المزارعة والمساقاة.
وهما عقدان لازمان لا يبطلان إلا بالتفاسخ.
(أما المزارعة) فشروطها خمسة: العقد، وأن يكون النماء مشاعا،
والأجل المعلوم، وتعيين الحصة بالجزء المشاع، وكون الأرض مما
ينتفع بها.
وله أن يزرع بنفسه أو بغيره أو بالشركة ما لم يشترط المباشرة.
ويزرع ما شاء مع عدم التخصيص في العقد. والخراج على المالك ما لم

(1) غسال الثياب في القديم.
134

يشترط عليه. والخرص (1) جائز من الطرفين، فإن اتفقا كان مشروطا
بالسلامة، وإذا بطلت المزارعة أو لم يزرع العامل يثبت أجرة المثل (2).
ويكره إجارة الأرض بالحنطة والشعير، وأن يشترط مع الحصة
ذهبا أو فضة.
ولو غرقت الأرض قبل القبض بطلت، ولو غرق بعضها تخير
العامل في الفسخ والإمضاء، وكذا لو استأجرها.
(وأما المساقاة) فشروطها ستة: العقد من أهله، والمدة المعلومة،
وإمكان حصول الثمرة فيها، وتعيين الحصة، وشياعها، وأن يكون على
أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه.
وتصح قبل ظهور الثمرة وبعدها مع الاستزادة بالعمل، وإطلاق
العقد يقتضي قيام العامل بكل ما يستزاد به الثمرة، وعلى المالك بناء
الجدران وعمل الناضح والخراج.
ومع بطلانها يثبت للعامل أجرة المثل، والنماء لربه.

(1) بأن يخمن أحدهما حصته على الآخر ثم يقبلها إياه من الزرع، ويفوض
الزرع كله إليه، على أن يدفع له ذلك المقدار، وهي مستثناة من حكم (المحاقلة)
إن كانت منها.
(2) الحاصل: أنه إذا بطلت المزارعة فالزرع لصاحب البذر سواء كان هو
العامل أو المالك، فإن كان المالك فعليه أجرة عمل العامل، وإن كان هو العامل
فعليه أجرة الأرض للمالك، وإن كان البذر منها فالحكم عليهما كما عرفت.
135

ولو شرط على العمل مع الحصة ذهبا أو فضة كره، ووجب الوفاء
مع سلامة الثمرة.
الفصل الثالث - في الجعالة:
ولا بد فيها من الإيجاب والقبول، كقوله (من رد عبدي أو فعل
كذا فله كذا) ولا يفتقر إلى القبول لفظا.
ويجوز على كل عمل محلل مقصود وإن كان مجهولا، فإن كان العوض
معلوما لزم بالفعل، وإلا فأجرة المثل، إلا في البعير والآبق يوجدان في
المصر فعن كل واحد دينار (1) وفي غير المصر أربعة.
ولو تبرع فلا أجرة سواء جعل لغيره أو لا، ولو تبرع الأجنبي
بالجعل لزمه مع العمل.
ويستحق الجعل بالتسليم، ومع التلبس بالعمل ليس للجاعل الفسخ
بدون أجرة ما عمل. ويعمل بالمتأخر من الجعالتين.
ولو جعل لفعل يصدر عن كل واحد بعضه فللجميع الجعل، ولو
صدر من كل واحد فلكل واحد جعل، ولو جعل للرد من مسافة فرد من
بعضها فله النسبة.
والقول قول المالك في عدم الجعل، وفي تعيين المجعول فيه، وفي
القدر. فيثبت فيه الأقل من أجرة المثل والمدعي، وعدم السعي.

(1) هذا للخبر الوارد فيهما من غير ذكر جعالة، وهو من باب الأفضل لا
التعيين.
136

الفصل الرابع - في السبق والرماية (1):
ولا بد فيهما من إيجاب وقبول، وإنما يصحان في السهام والحراب
والسيوف، والإبل والفيلة والخيل والبغال والحمير خاصة.
ويجوز أن يكون العوض دينا وعينا، وأن يبذله أجنبي أو أحدهما
أو من بيت المال، وجعله للسابق منهما أو للمحلل، وليس المحلل شرطا.
ولا بد في المسابقة من تقدير المسافة والعوض وتعيين الدابة، وتساويهما
في احتمال السبق.
ويفتقر الرمي إلى تقدير الرشق وعدد الإصابة وصفتها وقدر المسافة
والغرض والعوض وتماثل جنس الآلة، ولا يشترط تعيين السهم ولا
القوس.
ولو قالا (من سبق منا ومن المحلل (2) فله العوضان) فمن سبق من
الثلاثة فهما له، فإن سبقا فلكل ما له، وإن سبق أحدهما والمحلل فللسابق
ما له ونصف الآخر والباقي للمحلل. ولو فسد العقد فلا أجرة.
ولو كان العوض مستحقا فعلى الباذل مثله أو قيمته.
ويحصل السبق بالتقدم بالعنق والكتد ولا يشترط ذكر المحاطة

(1) السبق بسكون الباء: المصدر، وبالتحريك: العوض.
(2) المحلل: هو الذي يدخل بين المتراهنين، إن سبق أخذ وإن لم يسبق لم
يغرم. وسمي محللا لأن العقد لا يحل بدونه عند الشافعي، وكذا عند ابن الجنيد
من الإمامية.
137

والمبادرة (1).
الفصل الخامس في الشركة:
إنما يصح في الأموال دون الأعمال فلكل أجرة عمله والوجوه (2)
والمفاوضة (3).
ويتحقق باستحقاق الشخصين فما زاد عينا واحدة، أو بمزج
المتساويين بحيث يرتفع الامتياز بينهما. ولكل منهما في الربح والخسران
بقدر ماله.
ولو اشترطا التساوي مع اختلاف المالين أو بالعكس جاز ولا (4)
يصح تصرف أحدهما بدون إذن الآخر، ويقتصر على المأذون.
ومع انتفاء الضرر بالقسمة يجبر الممتنع عنها مع المطالبة. ويكفي
القرعة في تحقق القسمة مع تعديل السهام، والأحوط حضور قاسم وليس
شرطا. والشريك أمين.

(1) المحاطة: أي حط ما اشتركا فيه وطرحه، وجعل العوض لمن سلم له
مقدار معين زائدا على إصابات صاحبه. والمبادرة: جعل العوض لمن بادر إلى
إصابات معينة من مقدار معين، كخمسة من عشرين رمية.
(2) الوجوه: اشتراك وجهين لا مال لهما ليبتاعا في الذمة، وما يربحان
فهو لهما.
(3) المفاوضة: اشتراك شخصين أو أكثر في كل ما يغرمان ويغنمان، بحيث
لا يختص أحدها عن الآخر إلا في القوت والزوجة وثياب البدن. وهما عندنا
باطلان إجماعا - كاشف الغطاء.
(4) منعه جماعة من الفقهاء.
138

ولا تصح مؤجلة (1) وتبطل بالموت والجنون.
ويكره مشاركة الكفار، وليس لأحد الشركاء المطالبة بإقامة رأس
المال. وإنما تصح القسمة بالتراضي.
ولا تصح قسمة الوقف، ويجوز قسمته مع الطلق.
الفصل السادس في المضاربة:
وهي أن يدفع الانسان مالا إلى غيره ليعمل فيه بحصة من ربحه.
وإنما تصح بالأثمان (2) الموجودة، والشركة في الربح، وللعامل ما
شرط له، ولو وقعت فاسدة فله أجرة المثل والربح لصاحب المال.
وليست لازمة
ويقتصر على المأذون، ولو أطلق تصرف كيف شاء مع اعتبار
المصلحة، ويضمن لو خالف. وتبطل بالموت. ويشترط العلم بمقدار المال.
ويملك العامل حصته من النماء بالظهور، ولا خسران عليه بدون
التفريط. والقول قوله في عدمه وفي قدر رأس المال والتلف والخسران،
وقول المالك في عدم الرد.
ولو اشترى العامل أباه عتق نصيبه من الربح فيه وسعى الأب في الباقي.
وينفق العامل من الأصل في السفر قدر كفايته.

(1) أي لا تصح الشركة مؤجلة بأجل، بل تكون دائمة ولكل منهما الفسخ
والخروج متى شاء.
(2) أي النقود، دون العروض.
139

ولا يطأ جارية القراض من دون إذن، والإطلاق يقتضي الشراء بعين
المال وثمن المثل، ولو فسخ المالك المضاربة فللعامل أجرته إلى ذلك الوقت.
الفصل السابع - في الوديعة:
وهي عقد جائز من الطرفين، ويجب حفظها بمجرى العادة، ولو
عين المالك حرزا تعين، فلو خلف ضمن إلا مع الخوف (1).
ويجب على الودعي علف لدابة وسقيها، ويرجع به (على المالك)،
ويضمن المستودع مع التفريط لا بدونه، ولا يزول إلا بالرد إلى المالك أو
الإبراء. ويحلف للظالم ويوري، ولو أقر له لم يضمن (2).
ويجب ردها عقلا على المودع أو إلى ورثته بعد موته، إلا أن يكون
غاصبا فيردها على مالكها، ومع الجهل لقطة يتصدق بها إن شاء (3)، إلا
أن يمتزج بمال الظالم فيردها عليه (4).
والقول قول الودعي في التلف وعدم التفريط والرد والقيمة مع يمينه،

(1) (ولو عين له موضع الاحتفاظ اقتصر عليه، فلو نقلها ضمن، إلا إلى
الأحرز، أو مثله على قوله. ولا يجوز نقلها إلى ما دونه - ولو كان حرزا - إلا
مع الخوف) (شرائع الاسلام).
(2) إذا لم يمكن دفعه بالتورية والحلف وغيرهما بوجه من الوجوه، وإلا ضمن.
(3) إن يئس من وجود صاحبها وإلا فعليه تعريفها إلى الحول أو إلى اليأس.
(4) وقال بعضهم بلزوم مراجعة المرجع الشرعي فيخرجها من مال الظالم
ولاية على مجهول المالك.
140

وقول المالك (1) أنه دين لا وديعة مع التلف.
القصل الثامن في العارية
كل عين مملوك يصح الانتفاع بها مع بقائها صح إعارتها، بشرط كون
المعير جائز التصرف.
وينتفع المستعير على العادة، ولا يضمن مع التلف بدون التضمين أو
التعدي، أو كون العين أثمانا (1)، ولو نقصت بالاستعمال المأذون، فيه لم
يضمن، ولو استعار من الغاصب ضمن، فإن كان جاهلا رجع على المعير
بما يؤخذ منه. ويقتصر المستعير على المأذون.
والقول قول المستعير مع يمينه في عدم التفريط والقيمة معه، وقول
المالك في الرد. ويصح الإعارة للرهن، وله المطالبة بالافتكاك بعد المدة (3).

(1) يتجه تقديم قول المالك هنا بقاعدة اليد، وفي شمولها لمثل المقام تأمل، والقول بكون القول الودعي هنا أيضا غير بعيد، وذلك لموافقته لأصالة
عدم انتقال المال من ملك مالكه السابق بالدين، فإن الدين تمليك، والأصل
عدمه، وكيفما كان فحسم مادة النزاع بالمصالحة في المقام أصلح قطعا.
(2) أي ذهبا أو فضة، مسكوكة وغيرها.
(3) ولكنها تقع لازمة في مواضع يستلزم الرجوع بها ضررا في النفوس أو
الأموال، كلوح السفينة، والجدار لوضع طرف الخشبة، أو الخشبة لوضع
الجدار، أو الأرض للزرع إلى أجله أو لدفن الميت إلى أن لا يبقى من الميت
أثر فيه.
141

الفصل التاسع في اللقطة:
يشترط في ملتقط الصبي: التكليف، والإسلام، وإذن المولى في
المملوك (1) فإن كان في دار الاسلام فهو حر، وإلا فرق.
ووارث الأول الإمام مع عدم الوارث وهو عاقلته.
ولو بلغ رشيدا فأقر بالرقية قبل، وينفق عليه السلطان، فإن تعذر
فبعض المؤمنين، فإن تعذر أنفق الملتقط ويرجع مع نيته لا بدونها، ولو
كان له أب أو جد ملتقط قبله أجبر على أخذه.
ولو كان مملوكا رده على مولاه، فإن أبق أو تلف من غير تفريط
فلا ضمان.
وأخذ اللقيط واجب على الكفاية، وهو مالك لما يده عليه.
ويكره أخذ الضوال إلا مع التلف، فلا يؤخذ البعير في كلاء وماء،
ويؤخذ في غيره إذا ترك من جهد، ويملكه الأخذ، وتؤخذ الشاة في الفلاة
مضمونة (2) وينفق مع تعذر السلطان ويرجع بها، ولو انتفع تقاص،

(1) وأن لا يكون فاسقا، لأنه أمانة، والفاسق لا أمانة له.
(2) تخصيص أخذها مضمونة بما إذا كانت في الفلاة لعدم تمكنها من حفظ
نفسها من السباع، فإذا كانت في العمران وكانت في معرض التلف الضياع
جاز أخذها مضمونة أيضا، وقد وردت رواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال:
(جاء رجل من أهل المدينة يسألني عن رجل أصاب شاة، فأمرته أن يحبسها
عنده ثلاثة أيام ويسأل عن صاحبها، فإن جاء وإلا باعها وتصدق بثمنها) وهي
كما ترى عامة وإن خصها بعضهم بالعمران، ولا معارض لها، وقد عمل بها جل
الأصحاب من دون تخصيص بالعمران، فلا بأس بالعمل بها - كاشف العطاء
بتصرف.
142

وإذا حال الحول على الضالة ونوى الاحتفاظ فلا ضمان، ولو نوى
التملك ضمن.
ويكره أخذ اللقطة، فإن أخذها وكانت دون الدرهم ملكها، وإن
كانت درهما فما زاد عرفها حولا، فإن كانت في الحرم تصدق بها بعده ولا
ضمان إذا استبقاها أمانة، وإن كانت في غيره فإن نوى التملك جاز (1)
ويضمن، وكذا إن تصدق بها، ولو نوى الحفظ فلا ضمان، ولو كانت
مما لا يبقى انتفع بها بعد التقويم وضمن القيمة، أو يدفعها إلى الحاكم
فلا ضمان.
ويكره أخذ ما يقل قيمته ويكثر نفعه وما يوجد في فلاة أو خربة
فلو أجده (2) ولو كان في مملوكة عرف المالك، فإن عرفه فهو له وإلا
فللواجد، وكذا ما يوجد في جوف الدابة.
ويتولى الولي التعريف لو التقط الطفل أو المجنون، ويكفي تعريف
العبد في تملك المولى، وله أن يعرف بنفسه وإن يستنيب.

(1) بعد التعريف حولا.
(2) هذا إذا شهدت القرائن أنه ليس من أهل عصره أو ما قاربه، وإلا
جرى عليه حكم اللقطة.
143

ولا يشترط فيه التوالي، ولا يكفي الوصف (1) بل لا بد من
البينة (2)، والملتقط أمين (3).
الفصل العاشر في الغصب:
وهو حرام عقلا. ويتحقق بالاستيلاء على مال الغير ظلما وإن كان
عقارا، ويضمن بالاستقلال.
ولو سكن الدار قهرا مع المالك ضمن النصف، ولو غصب حاملا ضمن
الحمل، ولو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة أو من القعود على بساطه
لم يضمن (4)، ولو غصب من الغاصب تخير المالك في الاستيفاء ممن شاء.
ولا يضمن الحر إلا أن يكون صغيرا، ولا أجرة الصانع لو منعه
عنها، ولو استعمله فعليه أجرة عمله، ولو أزال القيد عن العبد المجنون
أو الفرس ضمن، ولو فتح بابا فسرق غيره المتاع ضمن السارق، ويضمن
الخمر والخنزير للذمي، وبقيمتهما عندهم - مع الاستتار، لا للمسلم (5).
.

(1) إلا مع الاطمئنان والوثوق ولو من الأوصاف الخاصة التي لا يطلع عليها
إلا المالك غالبا.
(2) لحصول العلم، ولو العادي، ولو بخبر العدل الواحد. نعم لا عبرة بخبر
العدل الواحد لو لم يوجب العلم، كما لا عبرة بالوصف لو لم يجب العلم، فلو دفع
بدون البينة أو العلم ضمن.
(3) إن كان عادلا.
(4) إن لم يستند التلف إليه.
(5) إلا إذا كان له حق الاختصاص لغرض صحيح كالدواء.
144

ويجب رد المغصوب، فإن تعيب ضمن الأرش، فإن تعذر ضمن
مثله، فإن تعذر فقيمته يوم المطالبة، ولو لم يكن مثليا ضمنه بأعلى القيم
من حين الغصب إلى حين التلف على إشكال، ولو زاد للسوق لم يضمنه مع
الرد، ولو زاد للصفة ضمنها، ولو تجددت صفة لا قيمة لها لم يضمنها،
ولو زادت القيمة لنقص بعضه كالحب فعليه الأرش، ولو زادت العين
بأثرها رجع الغاصب بها وعليه أرش النقصان وليس له الرجوع بأرش
نقصان عينه.
ولو غصب عبدا وجنى (عليه) بكمال قيمته رده مع الأرش على قول،
ولو امتزج المغصوب بمساويه أو بأجود رده، ولو كان بأدون ضمن المثل.
وفوائد المغصوب للمالك. ولو اشتراه جاهلا بالغصب رجع بالثمن
على الغاصب وبما غرم عوضا عما لا نفع في مقابلته، أو كان، على إشكال.
ولو كان عالما فلا رجوع بشئ.
ولو زرع (في) المغصوب كان الزرع له وعليه الأجرة، والقول
قول الغاصب في القيمة مع اليمين وتعذر البينة.
الفصل الحادي عشر في إحياء الموات:
لا يجوز التصرف في ملك الغير بغير إذنه ولو فيما فيه صلاحه،
كالطريق والنهر والمراح.
وحد الطريق المبتكر في المباحة مع المشاحة سبعة أذرع، وحريم بئر
المعطن أربعون ذراعا، والناضح ستون، والعين في الرخوة ألف، وفي
145

الصلبة خمسمائة.
ويحبس النهر للأعلى إلى الكعب في النخل، وللزرع إلى الشراك، ثم
كذلك لمن هو دونه، وللمالك أن يحمي المرعى في ملكه، وللإمام مطلقا.
وليس لصاحب النهر تحويله إلا بإذن صاحب الرحى المنصوبة عليه.
ويكره بيع الماء في القنوات والأنهار.
ويجوز اخراج الرواشن والأجنحة في الطرق النافذة ما لم تضر المارة،
ومع الإذن في المرفوعة، وكذا فتح الأبواب.
ويشترك المتقدم والمتأخر في المرفوعة إلى الباب الأول وصدر الدرب،
ويختص المتأخر بما بين البابين، ولكل منهما تقديم بابه لا تأخيرها.
ولو أخرج الرواشن في النافذ فليس لمقابله منعه وإن استوعب عرض
الدرب، ولو سقط فبادر مقابله لم يكن للأول منعه.
ويستحب للجار وضع خشب جاره على حائطه مع الحاجة، ولو أذن
جاز الرجوع قبل الوضع، وأما بعده فبالأرش.
ولو تداعيا جدارا مطلقا فهو للحالف مع نكول الآخر، ولو حلفا
أو نكلا فلهما، ولو اتصل ببناء أحدهما أو كان له عليه طرح فهو له مع
اليمين.
ولا يتصرف الشريك في الحائط والدولاب والبئر والنهر بغير إذن
شريكه، ولا يجبر الشريك على العمارة.
والقول قول صاحب السفل في جدران البيت، وقول صاحب العلو
146

في السقف وجدران الغرفة والدرجة، وأما الخزانة تحتها فلهما، وطريق
العلو في الصحن بينهما، والباقي للأسفل.
وللجار عطف أغصان الشجرة، فإن تعذر قطعها عن ملكه.
وراكب الدابة أولى من قابض لجامها. وصاحب الأسفل أولى بالغرفة
المفتوح بابها إلى غيره مع التنازع واليمين وعدم البينة.
147

كتاب الديون
وفيه فصول:
الفصل الأول
يكره الدين مع القدرة (1)، ولو استدان وجب نية القضاء، وثواب
القرض ضعف ثواب الصدقة.
ويحرم له اشتراط زيادة القدر أو الصفة، ويجوز قبولها من غير
شرط، ولو شرط موضع التسليم لزم.
وكل ما ينضبط وصفه وقدره صح قرضه، وذو المثل يثبت في الذمة
مثله وغيره قيمته وقت التسليم.
ولا يجب إعادة العين بدون اختيار المقترض، ولا يتأجل الحال،
ويصح تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه.

(1) ويحرم مع عدم القدرة على الأداء، أو عدم نية الأداء، أو نية عدم
الأداء ولا يبعد حرمة المال أيضا.
148

ولو غاب المدين وانقطع خبره وجب على المستدين نية القضاء والوصية
به عند الوفاة، فإن جهل خبره ومضت مدة لا يعيش مثله إليها غالبا سلم
إلى ورثته، ومع فقدهم يتصدق به عنه، والأولى أنه للإمام.
ولو اقتسم الشريكان الدين لم يصح، ويصح بيع الدين بالحاضر وإن
كان أقل منه إذا كان من غير جنسه أو لم يكن ربويا، ولا يصح
بدين مثله (1).
وللمسلم قبض دينه من الذمي من ثمن ما باعه من المحرمات (2) ولو أسلم
الذمي بعد البيع استحق المطالبة.
وليس للعبد الاستدانة بدون إذن المولى، فإن فعل تبع به إن عتق
وإلا سقط، ولو أذن له لزمه دون المملوك وإن عتق. وغريم المملوك
كغرماء المولى.
ولو أذن له في التجارة فاستدان لها لزم المولى، وإن كان لغيرها تبع
به بعد العتق.
الفصل الثاني في الرهن:
ولا بد فيه من الإيجاب والقبول من أهله، وفي اشتراط الإقباض
إشكال.

(1) سواء كانا سابقين مؤجلين فعلا أو حالي الأجل أو مختلفين، كما لا يجوز
البيع بالدين من الطرفين أو من أحدهما مع كون الآخر دينا سابقا ولو حالا.
(2) إذا كان بيعه لها للكفار بتستر عملا بشرائط الذمة، وإلا فلا يخلو
من إشكال.
149

ويشترط فيه أن يكون عينا مملوكا يمكن قبضه ويصح بيعه، على
حق ثابت في الذمة عينا كان أو منفعة.
ويقف رهن غير المملوك على الإجازة، ولو ضمنها لزم في ملكه،
ويلزم من جهة الراهن.
ورهن الحامل ليس رهنا للحمل وإن تجدد، وفوائد الرهن للراهن.
ورهن أحد الدينين ليس رهنا على الآخر. ولو استدان آخر وجعل الرهن
على الأول رهنا عليهما صح. وللولي الرهن مع مصلحة المولى عليه.
وكل من الراهن والمرتهن ممنوع من التصرف بغير إذن صاحبه، ولو
شرط وكالة المرتهن لم ينعزل ما دام حيا. ولو وصى إليه لزم، والرهانة
موروثة.
والمرتهن أمين لا يضمن بدون التعدي، فيضمن يه مثله إن كان مثليا
وإلا قيمته يوم القبض. والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم بينة
التفريط، لا قدر الدين. وهو أحق به من باقي الغرماء، ولو فضل من
الدين شئ شارك في الفاضل، ولو فضل من الرهن وله دين بغير رهن
تساوي الغرماء فيه.
ولو تصرف المسترهن بدون إذن ضمن وعليه الأجرة، ولو أذن
الراهن في البيع قبل الأجل فباع لم يتصرف في الثمن إلا بعده، ولو خاف
جحود الوارث ولا بينة جاز أن يستوفي من الرهن من تحت يده، والقول
قول المالك مع ادعاء الوداعة وادعاء الآخر الرهن.
150

الفصل الثالث في الحجر:
وأسبابه ستة:
الأول: الصغر. فالصغير ممنوع من التصرف إلا مع البلوغ والرشد،
ويعلم الأول بالإنبات أو الاحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة في الذكور
وتسع في الأنثى (1)، والثاني بإصلاح ما له عند اختباره بحيث يسلم من
المغابنات وتقع أفعاله على الوجه الملائم.
ولا يزول الحجر مع فقد أحدهما وإن طعن في السن، ويثبت في
الرجال بشهادة أمثالهم، وفي النساء بشهادتهن (2) أو بشهادة الرجال.
الثاني: الجنون. ولا يصح تصرف المجنون إلا في أوقات إفاقته.
الثالث: السفه. ويحجر عليه في ماله خاصة.
الرابع: الملك. فلا ينفذ تصرف المملوك بدون إذن مولاه، ولو
ملكه شيئا لم يملكه على الأصح.
الخامس: المريض. تمضي وصيته في الثلث خاصة، ومنجزاته
المتبرع بها كذلك إذا مات في مرضه.
السادس. الفلس. ويحجر عليه بشروط أربعة: ثبوت ديونه عند
الحاكم، وحلولها، وقصور أمواله عنها، ومطالبة أربابها الحجر.
وإذا حجر عليه الحاكم بطل تصرفه في ماله (3) ما دام الحجر، فلو

(1) وبالحيض.
(2) بشهادة أربع نسوة مخالطات لها.
(3) وما يؤول إلى المال كالنكاح والطلاق والإقرار بالنسب.
151

اقترض بعده أو اشترى في الذمة لم يشارك المقرض والبائع الغرماء (1)،
ولو أتلف مال غيره شارك صاحبه، وكذا لو أقر بدين سابق.
ولو أقر بعين - قيل يدفع إلى المقر له (2) وله إجازة بيع الخيار
وفسخه (3) ومن وجد عين ماله كان له أخذها ولو خلطها بالمساوي
والأدون، وإن لم يكن سواها، دون نمائها والضرب مع الغرماء.
ولا اختصاص في (مال) الميت مع قصور التركة، ويخرج الحب
والبيض بالزرع والاستفراخ عن الاختصاص.
وللشفيع أخذ الشقص، ويضرب البائع مع الغرماء.
مسائل:
الأولى: لو أفلس بثمن أم الولد بيعت أو أخذها البائع.
الثانية: لا تحل مطالبة المعسر أو إلزامه بالتكسب (4) ولا بيع دار
سكناه (5) ولا عبد خدمته.
الثالثة: لا يحل بالحجر الدين المؤجل، ولو مات من عليه حل، ولا
يحل بموت صاحبه.

(1) إذا كانا جاهلين بفلسه، وإلا فلا وجه له.
(2) مع انتفاء التهمة، وإلا ففيه إشكال من الفقهاء.
(3) مع المصلحة، وإلا ففيه إشكال من الفقهاء.
(4) إلا إذا كان من شأنه ذلك بلا حرج عرفا.
(5) إلا إذا زادت عن حاجته وشأنه.
152

الرابعة: ينفق عليه من ماله إلى يوم القسمة وعلى عياله، ولو مات
قدم الكفن.
الخامسة: يقسم المال على الديون الحالة بالتقسيط، ولو ظهر دين حال
نقضت وشاركهم، ومع القسمة يطلق ويزول الحجر بالأداء.
السادسة: والولاية في مال الطفل والمجنون (1) للأب والجد له، فإن
فقد فالوصي، فإن فقد فالحاكم، وفي مال السفيه والمفلس للحاكم خاصة.
الفصل الرابع في الضمان (2)
وإنما يصح إذا صدر عن أهله (3) ولا بد من رضا الضامن ولمضمون
له، ويبرأ المضمون عنه وإن أنكره، وينتقل المال على الضامن، فإن كان
مليا أو علم المضمون له بإعساره وقت الضمان صح وإلا كان له الفسخ.
ويصح مؤجلا وإن كان الدين حالا، وبالعكس. ويرجع الضامن على
المضمون عنه بما أداه إن ضمن بسؤاله (وإلا فلا).

(1) إذا اتصل جنونه أو سفهه من طفولته ببلوغه فبلغ مجنونا أو سفيها
فهي للأب والجد استصحابا، ولو كان جنونه أو سفهه عارضا له بعد بلوغه فالولاية
عليه إذن للحاكم الشرعي لا الأب والجد.
(2) وهو عبارة عن: تعهد شخص لآخر بمال أو نفس، بريا كان المتعهد
أو مشغول الذمة.
(3) وأهله: كل مكلف جائز التصرف، فيخرج الصبي والمجنون والعبد
والمحجور عليه لسفه أو غيره.
153

ولا يشترط العلم بقدر المضمون، ويلزمه ما تقوم به البينة خاصة.
ولو ضمن المملوك بغير إذن مولاه تبع به بعد العتق.
ولا بد في الحق من الثبوت، سواء كان لازما أو آيلا إليه.
ولو ضمن عهدة الثمن لزمه مع بطلان العقد لا تجدد فسخه.
وأما الحوالة: فيشترط فيها رضا الثلاثة، ولا يجب قبولها، ومعه
يلزم ويبرأ المحيل، وينتقل المال إلى ذمة المحال عليه إن كان مليا أو علم
بإعساره، وإلا فله الفسخ.
ولو طالب المحال عليه بما أداه فادعى المحيل ثبوته في ذمته فالقول قول
المحال عليه مع يمينه.
ولو أحال المشتري بالثمن ثم فسخ بطلت الحوالة على إشكال، ويرجع
المشتري على البائع مع قبضه.
ولو أحال البائع أجنبيا ثم فسخ لم تبطل الحوالة، ولو بطل البيع
بطلت فيهما.
وأما الكفالة: فيشترط فيها رضا الكفيل والمكفول له خاصة (1)،
وفي اشتراط الأجل قولان، وتعيين المكفول (2)، وعلى الكافل دفع
المكفول أو ما عليه.

(1) وقال بعضهم باشتراط رضى المكفول أيضا.
(2) مراده (قده) أن لا يكون المكفول مبهما، وأما أحد الشخصين فإذا
كانا معينين صح وإلا بطل.
154

ومن أطلق غريما عن يد صاحبه قهرا ألزم بإعادته أو ما عليه، ولو
كان قاتلا دفعه أو الدية.
ولو مات المكفول أو دفعه الكفيل أو سلم نفسه أو أبرأه المكفول له
برئ الكفيل.
ولو عينا موضعا للتسليم لزم، وإلا انصرف إلى بلد الكفالة.
الفصل الخامس في الصلح (1)
وهو جائز مع الإقرار والإنكار، إلا ما حلل حراما أو
بالعكس (2)، مع علم المصطلحين بالمقدار أو جهلهما (3)، دينا (أو) عينا،

(1) قال في كتابه (تذكرة الفقهاء): (الصلح عند علمائنا أجمع عقد قائم
بنفسه، ليس فرعا على غيره، بل هو أصل في نفسه، منفرد بحكمه، ولا يتبع
غيره في الأحكام، لعدم الدليل على تبعيته للغير، والأصل في العقود الأصالة)
وجاء في (شرائع الاسلام) في تعريفه: (هو عقد شرعي لقطع التجاذب،
وليس فرعا على غيره ولو أفاد فائدته).
(2) وذلك لإطلاق النصوص بجوازه من غير تقييد بالخصومة، كقول
النبي صلى الله عليه وآله وسلم (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما أو حرم
حلالا)، والأصل في العقود الصحة، وللأمر بالوفاء بها - كما جاء ذلك في
(المسالك).
(3) بالمصالح عنه، بشرط عدم الفور، أو عدم إمكان الاستعلام،
أو رضا الغريم واقعا على كل تقدير يفرض، بحيث لو علم به كان راضيا به
أيضا، وإلا فلا يصح مع الجهل منهما أو أحدهما مع إمكان الاستعلام وعدم
رضاهما على كل تقدير يفرض - على اختلاف بين الفقهاء - وأما المصالح به فلا بد
من كونه معلوما.
155

ولا يبطل إلا برضاهما أو استحقاق أحد العوضين.
ولو اصطلح الشريكان على أن لأحدهما الربح والخسران وللآخر
رأس المال صح.
ولو أدعى أحدهما درهمين في يدهما والآخر أحدهما أعطى الآخر
نصف درهم. وكذا لو أودع أحدهما درهمين والآخر ثالثا وتلف أحدهما
بغير تفريط (فلصاحب الاثنين درهم ونصف وللآخر ما بقي) (1).
ولو اشتبه الثوبان بيعا وقسم الثمن على نسبة رأس مالهما.
وليس طلب الصلح إقرارا، بخلاف (ما إذا قال) بعني أو ملكني
أو هبني أو أجلني أو قضيت.
الفصل السادس في الإقرار
وهو إخبار عن حق سابق. ولا يختص لفظا، ويصح بالإشارة المعلومة.
ولو قال: (نعم) أو (أجل) (في) جواب (عليك كذا) فهو إقرار،
وكذا (بلى) عقيب (أليس عليك) بخلاف نعم. ولو قال (أنا مقر)
فليس بإقرار إلا أن يقول به، ولو علقه بشرط بطل، ولو قال (إن

(1) هذه العبارة ليست في نسخة (ن) بل في سائر النسخ، فلعل العلامة
(قده) أراد عطف هذه الصورة على الأولى، والعبارة من رواية إسماعيل بن أبي
زياد السكوني القاضي العامي، وقد ذكره العلامة (قده) في القسم الثاني من
(الخلاصة) أي في الضعفاء، فقد يكون هذا مما يدل على عدم استناد العلامة
إلى مفاد هذه الرواية. فالعمل بها مشكل، والرجوع إلى القرعة أو التحالف
أقوى، والتراضي بالصلح أحوط - كما في تعليقة كاشف الغطاء (ره) على التبصرة.
156

شهد فلان فهو صادق) لزمه وإن لم يشهد.
ويشترط في المقر: التكليف، والحرية، ويتبع العبد بإقراره
بعد العتق.
وفي المقر له: أهلية التملك، ولو أقر للعبد فهو لمولاه، وأن فسر
المقر به بما يملك قبل وإن قل، ولو لم يفسر حبس عليه. ولو قال ألف
درهم قبل تفسيره في الألف، ولو قال ألف وثلاثة دراهم أو مائة وعشرون
درهما فالجميع دراهم، ولو قال كذا درهما فعشرون، ولو قال كذا
درهم فمائة، و (لو قال) كذا كذا كذا درهما أحد عشر، وكذا (و) (1)
كذا درهما أحد وعشرون. هذا مع معرفته وإلا فله التفسير، ولو قال
مائة مؤجلة، أو من ثمن خمر، أو مبيع لم أقبضه، أو ابتعت بخيار،
فالقول قول الغريم مع اليمين.
ويحكم بما بعد الاستثناء المتصل والمنفصل، (2) ويسقط بقدر قيمة
المنفصل.
ولو قال عشرة إلا ثلاثة إلا ثلاثة لزمه أربعة، والوجه بطلان
الاستثناء في درهم ودرهم إلا درهما. ولو قال عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة

(1) لا يوجد (و) في نسخة (ن) ويوجد في سائر النسخ، ولا بد منه
للفرق بين الصورتين والصور كلها محل خلاف في الفقه.
(2) الظاهر أن المراد بالمنفصل هنا هو المنقطع، إذ المنفصل في الزمان - بل
وحتى في الكلام - إنكار بعد إقرار، وهو غير مقبول.
157

لزمه ثمانية، ولو قال عشرة ينقص واحدا لم يقبل. ولو قال هذا لفلان
بل لفلان كان الأول وغرم للثاني القيمة.
ويرجع في النقد والوزن والكيل إلى عادة البلد. ومع التعذر إلى
تفسيره.
ولو أقر بالمظروف لم يدخل الظرف. ولو قال قفيز حنطة بل قفيز
شعير لزمه القفيزان، ولو قال قفيز حنطة بل قفيزان لزمه اثنان.
ولو قال إذا جاء رأس الشهر فله علي ألف أو بالعكس لزمه، بخلاف
إن قدم زيد. ولو أبهم الجمع حمل على أقله. ولو أبهم المقر له كانا خصمين
ولهما اليمين على عدم العلم، ولو أبهم المقر له ثم عين فأنكر المقر له انتزعه
الحاكم أو أقره في يده بعد يمينه.
ولو أنكر المقر له بالعبد (قال الشيخ): يعتق، وفيه نظر. ولو
ادعى المواطاة على الإشهاد كان له الإحلاف.
مسائل:
الأولى: يشترط في الإقرار بالولد إمكان البنوة والجهالة وعدم المنازع.
ولا يشترط تصديق الصغير، ولا يلتفت إلى إنكاره بعد البلوغ، ويشترط
في الكبير وفي غير الولد.
ومع تصديق غير الولد ولا وارث يتوارثان، ولا يتعد التوارث إلى
غيرهما، ولو كان له ورثة مشهودون لم يقبل في النسب.
الثانية: لو أقر الوارث بأولى منه دفع ما في يده إليه، ولو كان
مساويا دفع بنسبة نصيبه من الأصل.
158

ولو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما، ولو أقر بأولى منه ثم
بأولى من المقر (له) فإن صدقه دفع إلى الثالث وإلا إلى الثاني وغرم للثالث.
ولو أقر الولد بآخر ثم أقرا بثالث وأنكر الثالث الثاني كان للثالث
النصف وللثاني السدس، ولو كانا معلومي النسب لم يلتفت إلى إنكاره.
الثالثة: يثبت النسب بشهادة عدلين لا برجل وامرأتين ولا برجل
ويمين.
ولو شهد الأخوان بابن (للميت) وكانا عدلين كان أولى منهما وثبت
النسب، ولو كانا فاسقين ثبت الميراث دون النسب.
الفصل السابع في الوكالة:
ولا بد فيها من الإيجاب والقبول وإن كان فعلا أو متأخرا
والتنجيز.
وهي جائزة من الطرفين. ولو عزله الموكل بطل تصرفه مع علمه
بالعزل.
وتبطل بالموت والجنون والإغماء وتلف متعلقها وفعل الموكل، وتصح
فيما لم يتعلق غرض الشرع بإيقاعه مباشرة.
ولا يتعدى الوكيل المأذون إلا في تخصيص السوق، ولو عمم التصرف
صح مع المصلحة إلا في الإقرار.
والإطلاق يقتضي البيع حالا بثمن المثل بنقد البلد، وابتياع الصحيح
وتسليم المبيع في البيع وتسليم الثمن في الشراء، والرد بالعيب.
ولا يقتضي وكالة الحكومة القبض.
159

ويشترط أهلية التصرف فيهما، والحرية. ولو توكل العبد أو وكل
بإذن مولاه صح.
ولا يوكل الوكيل بغير إذن، وللحاكم التوكيل عن السفهاء والبله
ويستحب لذوي المروات.
ولا يتوكل الذمي على المسلم. ولا يضمن الوكيل إلا بتعد ولا تبطل
وكالته به. والقول قوله مع اليمين وعدم البينة في عدمه، وفي العزل
والعلم به والتلف والتصرف، وفي الرد قولان.
والقول قول منكر الوكالة، وقول الموكل لو ادعى الوكيل الإذن في
البيع بثمن معين، فإن وجدت العين استعيدت، وإن فقدت أو تعذرت
فالمثل أو القيمة إن لم يكن مثليا.
ولو زوجه فأنكر الموكل الوكالة حلف، وعلى الوكيل المهر وقيل
نصفه، ويجب على الموكل طلاقها مع كذبه (1).
ولو وكل اثنين لم يكن لأحدهما الانفراد بالتصرف إلا أن يأذن لهما،
ولا تثبت إلا بشاهدين.
ولو أخر الوكيل التسليم مع القدرة والمطالبة ضمن.

(1) ونصف المهر، المهر أو العمل بالزوجية.
160

كتاب الهبات وتوابعها
وفيه فصول:
الفصل الأول في الهبات وتوابعها:
الهبة إنما تصح في الأعيان المملوكة (1) وإن كانت مشاعة، بإيجاب
وقبول وقبض من المكلف الحر، ولو وهبه ما في ذمته كان إبراءا.
ويشترط في القبض إذن الواهب إلا أن يهبه ما في يده.
وللأب والجد ولاية القبول والقبض عن الصغير والمجنون (2) وليس
له الرجوع بعد الإقباض إن كانت لذي الرحم بعد التلف أو

(1) ويصح أيضا هبة المنافع والحقوق ولكنها تكون عارية، وتفترق عنها
بموارد لزوم الهبة إن كانت بصيغة الهبة. وأما هبة ما في الذمة فهو إبراء - كما
في المتن - ولكن تخالفه في الحاجة إلى القبول هنا. والتمليك المجاني إن تجرد عن
القربة فهو هبة، وإلا فهو صدقة - كاشف الغطاء.
(2) اشترط فيه بعض الفقهاء أن يكون جنونه من قبل البلوغ مستمرا إلى
ما بعده، وأما إذا جن بعد البلوغ فولايته لحاكم الشرع.
161

التعويض (1)، وفي التصرف خلاف، وقيل الزوجان كالرحم. وله
الرجوع في غير ذلك. فإن عاب فلا أرش، وإن زادت زيادة متصلة تبعت
وإلا فللموهوب (2) (له).
مسائل:
الأولى: لا يجوز الرجوع في الصدقة بعد الإقباض وإن كانت على
الأجنبي، ولو قبضها من غير إذن المالك لم تنتقل إليه.
الثانية: لا بد في الصدقة من نية القربة.
الثالثة: يجوز الصدقة على الذمي وإن كان أجنبيا.
الرابعة: صدقة السر أفضل إلا مع التهمة.
الفصل الثاني في الوقف:
وصريح ألفاظه (وقفت)، والباقي بقرينة.
وشروطه: القبول، والتقرب، والإقباض.
ويتولى الولي القبض عن الطفل، والناظر في المصالح القبض عنها،

(1) الظاهر إن عدم صحة الرجوع في الهبة المعوضة إجماعي، والصحاح به
متوفرة، قبل التلف وبعده، سواء كان شرط العوض في العقد أو بعده. وقد
علق هنا السيد اليزدي (قده) يقول: المعوضة وما قبلها كغيرها سواء.
والله العالم.
(2) في سائر النسخ: فللواهب وهو خطأ واضح، والعجب أنه لم يلتفت
إليه الكثير.
162

والتنجيز والدوام، وإخراجه عن نفسه.
ولو شرط عوده كان حبسا، ولو جعله إلى أمد أو لمن ينقرض غالبا
رجع إلى ورثة الواقف.
وأن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها وإن كانت مشاعة.
وجواز تصرف الواقف، ووجود الموقوف عليه (1) وتعيينه،
وأهليته للتملك، وإباحة منفعة الوقف على الموقوف عليه.
وله جعل النظر لنفسه، فإن أطلق كان لأربابه، ويصح الوقف على
المعدوم تبعا للموجود.
ويصرف الوقف على البر إلى الفقراء ووجوه القرب.
ولو وقف المسلم على البيع والكنائس بطل بخلاف الكافر، ويبطل على
الحربي وإن كان رحما، لا الذمي وإن كان أجنبيا.
وينصرف وقف المسلم على الفقراء إلى المسلمين، والكافر إلى فقراء
ملته، وعلى المسلم إلى المصلي إلى القبلة (2) والمؤمنين أو الإمامية إلى الاثني
عشرية، وكذا كل منسوب إلى من انتسب إليه، ولو نسب إلى أب كان لمن
انتسب إليه بالأبناء، وفي البنات قولان، ولو شرك استوى الذكور والإناث
ما لم يفضل.

(1) أو تبعيته لموجود وإن لم يكن موجودا حين الوقف كالبطون.
(2) جاء في (شرائع الاسلام): (ولو وقف على المسلمين انصرف إلى من
صلى إلى القبلة) وفي مختصره (والمسلمون من صلى إلى القبلة).
163

والقوم أهل اللغة، والعشيرة الأقرب في النسب، والجيران لمن يلي
داره إلى أربعين ذراعا (1)، وسبيل الله كلما يتقرب به إليه، والموالي
الأعلون والأدنون (2).
ولا يتبع كل فقير في الوقف على الفقراء، بل يعطي أهل البلد منهم
ومن حضره، ومن صار منهم جاز له أن يأخذ معهم.
مسائل:
الأولى: إذا بطلت المصلحة الموقوف عليها صرف إلى البر.
الثانية: لو شرط إدخال من يوجد مع الموجود صح، ولو أطلق
وأقبض لم يصح، ولو شرط نقله بالكلية أو اخراج من يريد بطل الوقف.
الثالثة: نفقة المملوك على الموقوف عليه، ولو أقعد انعتق وكانت
نفقته على نفسه. ولو جنى الموقوف لم يبطل الوقف إلا بقتله قصاصا، ولو
جني عليه كانت القيمة للموقوف عليه.
الرابعة: لو وقف على أولاد أولاده، اشترك أولاد البنين والبنات
الذكور والإناث، ولو قال (من انتسب إلي) فهو لأولاد البنين خاصة،
على قول.
الخامسة: كل ما يشترطه الواقف من الأشياء السائغة لازم.

(1) عملا بمفاد روايات لم يعتمدها بعضهم فجعل المناط الصدق العرفي، أو
القرائن على الأقل أو الأكثر.
(2) لعل المراد بالأعلون معتقوه، وبالأدنون من أعتقهم.
164

السادسة: يفتقر (السكنى) (1) و (العمرى) (2) إلى إيجاب وقبول
وقبض، وليست ناقلة، فإن عين مدة لزمت ولو مات المالك، وكذا لو
قال له (عمرك) فإن مات الساكن بطلا، ولو قال (مدة حياتي) بطلت
بموته، ولو مات الساكن قبله انتقل الحق إلى ورثته مدة حياته (3)، ولو
لم يعين كان للمالك اخراجه متى شاء.
ولو باع المسكن لم تبطل السكنى، وللساكن أن يسكن بنفسه ومن
جرت عادته به كالولد وللزوجة والخادم، وليس له إسكان غيره من دون
إذن، ولا إجارته.
وكل ما يصح وقفه يصح إعماره كالملك والعبد والأثاث، ولو حبس
فرسه أو غلامه في خدمة بيوت العبادة وسبيل الله لزم ما دامت العين
باقية (4).
الفصل الثالث في الوصايا:
وهي واجبة (5)، ولا بد فيها من إيجاب وقبول، ويكفي الإشارة

(1) هي حبس العين المسكون على الساكن بدون أجل.
(2) هي الإسكان مدة عمر أحدهما أو عمر أجنبي.
(3) أي انتقل حق السكنى إلى ورثه الساكن مدة حياة الواقف.
(4) وهي الرقبى - من أنواع الوقف، ووجه الإطلاق بقاء الوقف ما دامت
الرقبة باقية. يرتقب بها عدمها.
(5) إن كان عليه واجب، وإلا فمستحب مؤكد.
165

والكتابة مع الإرادة والتعذر لفظا، ولا يجب العمل بما يوجد بخطه.
وإنما تصح في السائغ (1). فلو أوصى المسلم ببناء كنيسة لم تصح، وله
الرجوع فيها.
ويشترط صحة تصرف الموصي (2)، ووجود الموصي له، والتكليف
والإسلام في الوصي (3) والملك في الموصى به
ولو جرح نفسه بالمهلك ثم أوصى لم تصح، ولو تقدمت الوصية صحت.
وتصح الوصية للحمل بشرط وقوعه حيا، وللذمي دون الحربي،
ولمملوكه وأم ولده ومدبره ومكاتبه، لا مملوك الغير، وللمكاتب فيما تحرر
منه، فإن كان ما أوصى به لمملوكه بقدر قيمته عتق ولا شئ له، وإن
زاد أعطى الفاضل، وإن نقص استسعى فيه. وأم الولد كذلك، لا من
النصيب.
ولو أوصى بالعتق وعليه دين قدم الدين، ولو نجز العتق صح إذا
كانت قيمته ضعف الدين، وسعى للديان في نصف قيمته وللورثة في الثلث.

(1) بشرط العلم أو الاطمئنان بصحته وعدم نسخه، أي رجوعه عنها.
(2) ولا يشترط فيه البلوغ، فتصح وصية البالغ عشرا كما في الخبر، بل في
رواية معتبرة صحة وصية من بلغ الثمان وفي أخرى السبع، ولكن يلزم تقييد
الجميع بظهور الرشد وصحة التمييز وحسن التصرف في الأموال - كاشف الغطاء
بتصرف.
(3) لم يشترط العدالة، وهي لازمة، خصوصا في الوصي القيم على الصغار
بعد الميت.
166

ولو أوصى لذكور وإناث تساووا إلا مع التفضيل، وكذا الأعمام
والأخوال.
ولو أوصى لقرابته فهم المعروفون بنسبه، والعشيرة والجيران
والسبيل والبر والفقراء كالوقف.
ولو مات الموصى له قبله ولم يرجع كانت لورثته، فإن لم يكن وارث
فلورثة الموصي.
وتصح الوصية بالحمل.
ويستحب للقريب وإن كان وارثا. وإذا أوصى إلى عدل ففسق
بطلت (1).
ويصح أن يوصي إلى المرأة والصبي بشرط انضمامه إلى الكامل، وإلى
المملوك بإذن مولاه، فيمضي الكامل الوصية إلى أن يبلغ ثم يشتركان،
ولا ينقض بعد بلوغه ما تقدم مما هو سائغ.
ولو أوصى الكافر إلى مثله صح.

(1) هذا، ولم يشترط المؤلف في الوصي سوى الاسلام والتكليف فقط،
ولعله بنى هنا على أن العدالة كانت مشترطة في نظر الموصي فبزوالها تنتفي الوصية
أيضا كما لو اشترطها صريحا. وجاء في (شرائع الاسلام) (وهل تعتبر العدالة؟
قيل: نعم، لأن الفاسق لا أمانة له. وقيل: لا، لأن المسلم محل الأمانة كما في
الوكالة والاستيداع، ولأنها ولاية تابعة لاختيار الموصي فيتحقق بتعيينه. أما
لو أوصى إلى العدل ففسق بعد موت الموصي أمكن القول ببطلان وصيته، لأن
الوثوق ربما كان باعتبار صلاحه، فلا يتحقق عند زواله. فحينئذ يعزله الحاكم
ويستنيب مكانه).
167

ولو أوصى إلى اثنين وشرط الاجتماع أو أطلق فليس لأحدهما
الانفراد، ويجبرهما الحاكم على الاجتماع. ولو تشاحا فإن تعذر استبدل،
ولو عجز أحدهما ضم إليه، ولو شرط الانفراد جاز وتصرف كل واحد
منهما، ويجوز الاقتسام.
وإذا بلغ الموصي رد الموصى إليه صح الرد، وإلا فلا، ولو خان
استبدل به الحاكم. ولا يضمن الوصي إلا مع التفريط، وله أن يستوفي
دينه أو يقترض مع الملاءة، أو يقوم على نفسه، ويأخذ أجرة المثل مع
الحاجة، وأن يوصي مع الإذن لا بدونه ولا يتعدى المأذون، ويتولى
الحاكم من لا وصي له.
وتمضي الوصية بالثلث فما دون، ولو زادت وقف الزائد على إجازة
الورثة، ولو أجاز بعض مضى في قدر حصته، ولو أجازوا قبل الموت صح.
ويملك الموصى به بعد الموت والقبول. ويقدم الواجب من الأصل
والباقي من الثلث (1)، ويبدأ بالأول فالأول في غير الواجب، ولو جمع
تساووا (2).
ولو أوصى بجزء ماله فالسبع، والسهم الثمن، والشئ السدس (3).

(1) هذا إن لم يعين من الثلث ولم تقم قرينة أو عرف على ذلك.
(2) أي إن لم يرتب تساوي الموصى به في العمل. وفي سائر النسخ إضافة:
(في الثلث) وهو خطأ.
(3) هذا إذا علم إرادته المعنى الشرعي، وإلا فالصدق العرفي.
168

ولو أوصى بمثل نصيب أحد الورثة صحت من الثلث، فإن لم يزد أو
أجازوا كان الموصى له كأحدهم، فلو أوصى بمثل نصيب ابنه وليس له
سواه أعطى النصف مع الإجازة والثلث بدونها، ولو كان (له) ابنان
فالثلث، ولو اختلفوا (1) أعطى الأقل إلا أن يعين الأكثر.
ولو نسي الوصي وجها رجع ميراثا. ويعمل بالأخير من المتضادين،
فإن لم يتضادا عمل بهما. ولو قصر الثلث بدئ بالأول فالأول (2).
وتثبت الوصية بالمال بشاهدين، وشاهد وامرأتين، وشاهد ويمين،
وأربع نساء، وتقبل الواحدة في الربع، والاثنتان في النصف. ولا تثبت
الولاية إلا برجلين.
ولو أعتق عبده (3) ولا شئ له عتق ثلثه، ولو أعتق بعضه وله (4)

(1) أي في النصيب ذكورا وأناثا أعطى الأقل من نصيب الورثة الإناث أو
الذكور إن كان هو الأقل. وبما أن الوصية تقدم على التقسيم، فلو ترك ابنا وبنتا
قدم الموصى له فأعطى الثلث لأنه لو لم يكن كان يقسم المال ثلاثة أثلاث ثلثان
للذكر وثلث للأنثى وهو الأقل ثم قسم الباقي ثلاثة أثلاث فثلثان للذكر وثلث
للأنثى. ولا يعطي الربع لأن المال هنا لا يقسم أرباعا حتى يكون النصيب
الأقل الربع، إلا إذا جعل الموصى له مع الوارثين، وهذا خلاف حكم تقديم
الوصية. وقد قال به الشهيد (قده) في الروضة - كاشف الغطاء بتصرف.
(2) هذا إذا لم يمكن التوزيع على الجميع، وإلا فهو المتعين في فتوى الفقهاء.
(3) وصية لا منجزا.
(4) وفي بعض النسخ: ولو ضعفه، وعليه فقد أشكل المراد على المعلقين.
وقد أشار الشيخ كاشف الغطاء (قده) إلى هذه النسخة في تعليقته فقال: وفي
بعض النسخ (وله ضعفه) وعليه فالمراد واضح، والحكم بانعتاق العبد كله متعين
كما في المتن - لانطباق تمام الثلث حينئذ عليه.
169

ضعفه عتق كله، ولو أعتق مماليكه (1) ولا شئ سواهم عتق ثلثهم بالقرعة،
ولو رتبهم بدئ بالأول فالأول. ويجزي في الرقبة مسماها، ولو قال
مؤمنة وجب، فإن لم يوجد عتق من لا يعرف بنصب، ولو بانت بالخلاف
بعد العتق صح.
وتصرفات المريض من الثلث وإن كانت منجزة.
أما الإقرار فإن كان متهما فكذلك، وإلا فمن الأصل.
وهذا حكم يتعلق بمطلق المرض الذي يحصل به الموت وإن لم يكن
مخوفا.
ويحتسب من التركة أرش الجناية والدية.
ولو عين ثمن الرقبة ولم توجد به توقع الوجود، فإن وجد بأقل أعتق
وأعطي الفاضل.
وتصح الوصية على كل من للموصى عليه ولاية، ولو انتفت صحت في
اخراج الحقوق عنه (2).
ولو أوصى باخراج بعض ولده من الميراث لم يصح.

(1) وصية لا منجزا.
(2) أي عن نفسه - كاشف الغطاء (قده).
170

كتاب النكاح
وفيه فصول:
الفصل الأول
النكاح ثلاثة: الدائم، والمنقطع، وملك اليمين.
ويفتقر الأول إلى العقد، وهو الإيجاب من أهله والقبول بلفظ الماضي
من أهله، ولو قيل (زوجت بنتك (فلانة) من فلان؟) فقال (نعم)
كفى في الإيجاب، ويجزئ مع العجز الترجمة والإشارة. ولو زوجت
المرأة نفسها صح. ولا يشترط الولي مع البلوغ والرشد (1) ولا الشهود.
ولا يلتفت إلى دعوى الزوجية بغير بينة أو تصديق. ولو ادعت
أخت الزوجة زوجيته، حكم لبينته إلا مع تقديم تاريخها أو دخوله بها.

(1) وإن كان الأحوط تحصيل إذنه، ولكن لو تشاحا قدم رضاها إلا أن
تختار ما فيه هتك شرف الولي فيجوز له منعها منه حينئذ لا إجبارها أو
إكراهها على غيره ممن يريد كاشف الغطاء، بتصرف.
171

والقول قول الأب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية مع رؤية الزوج
للجميع، وإلا بطل العقد.
ويستحب أن يتخير البكر العفيفة الكريمة الأصل، وصلاة ركعتين،
والإشهاد والإعلان، والخطبة أمام العقد، وإيقاعه ليلا، وصلاة ركعتين
عند الدخول، والدعاء، وأمرها بمثله، وسؤال الله الولد.
ويكره إيقاع العقد والقمر في العقرب، وتزويج العقيم، والجماع ليلة
الخسوف ويوم الكسوف وعند الزوال وعند الغروب وقبل ذهاب الشفق
وفي المحاق وبعد الفجر حتى تطلع الشمس وفي أول ليلة كل شهر إلا
رمضان وليلة النصف وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء ومستقبل
القبلة ومستدبرها وفي السفينة وعاريا وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو
الوضوء، والنظر إلى فرج المرأة، والكلام بغير الذكر، والوطي في
الدبر (1)، والعزل عن الحرة بغير إذنها، وأن يطرق المسافر أهله ليلا.
ويحرم الدخول بامرأة قبل تسع سنين.
ويجوز النظر إلى من يريد التزويج بها أو شراءها، وإلى أهل الذمة
بغير تلذذ.
الفصل الثاني في الأولياء:
إنما الولاية للأب وإن علا، والوصي، والحاكم. فالأب على الصغيرين

(1) جاء في (المختصر النافع) (وطي الزوجة في الدبر فيه روايتان:
أشهرهما الجواز على الكراهية) وجاء في (الشرائع): أي الكراهة الشديدة.
والرواية الأخرى بالتحريم.
172

والمجنونين، ولا خيار (لهما) بعد زوال الوصفين (1) والبالغ الرشيد لا
ولاية عليه ذكرا كان أو أنثى والحاكم والوصي على المجنون البالغ ذكرا
وأنثى مع المصلحة. ويقف عقد غيرهم على الإجازة، ويكفي فيها
سكوت البكر.
وللمولى الولاية على مملوكه ذكرا وأنثى مطلقا. ولا ولاية للأم.
ويستحب للبالغة أن تستأذن أباها، وأن توكل أخاها مع فقده.
وليس للوكيل أن يزوجها من نفسه بغير إذنها.
ولو زوج الصغيرين الأبوان توارثا، ولو كان غيرهما وقف على الإجازة
فإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل، وإن بلغ أحدهما وأجاز ثم مات حلف
الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع (2) وورث، وإلا فلا.
الفصل الثالث في المحرمات:
وهي قسمان: نسب وسبب.
فالنسب: الأم وأن علت، والبنت وأن سفلت، والأخت وبناتها
وإن نزلن، والعمة والخالة وإن علتا، وبنات الأخ وإن نزلن.

(1) إلا إذا كان العقد حين وقوعه ذا مفسدة عند العقلاء، فلا يصح إلا
بالإجازة بعد البلوغ والرشد، بل لا يترك الاحتياط بالإجازة منهما فيما إذا كان
العقد صحيحا بلا مفسدة أيضا، لأن في لزومه عليهما إشكالا - منهاج الصالحين،
بتصرف.
(2) أي الطمع في الميراث.
173

وأما السبب فأمور:
الأول: ما يحرم بالمصاهرة.
فمن وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أمها وأن علت، وبنتها
وإن نزلت، تحريما مؤبدا، سواء سبقن على الوطئ أو تأخرن عنه.
وتحرم الموطوءة بالملك أو العقد على أب الواطئ وإن علا، وعلى
أولاده وإن نزلوا.
ومن عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه أبدا، وبنتها ما
دامت الأم في عقده، فإن طلقها قبل الدخول جاز له العقد على بنتها،
ولو دخل حرمت أبدا.
وتحرم أخت الزوجة جمعا لا عينا، وكذا بنت أختها وبنت أخيها
إلا مع إذن العمة والخالة، ولو عقد من دون إذنهما بطل.
ومن زنا بعمته أو خالته حرمت عليه بناتهما أبدا. ولو ملك الأختين
فوطأ إحداهما حرمت الأخرى جمعا، فلو وطأها أثم ولم تحرم الأولى.
ويحرم على الحر في الدائم ما زاد على أربع حرائر، وفي الإماء ما زاد
على أمتين، وله أن يجمع بين حرتين وأمتين أو ثلاث حرائر وأمة، وعلى
العبد ما زاد على أربع إماء، وفي الحرائر ما زاد على حرتين، وله أن
ينكح حرة وأمتين.
ولا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها، ولو عقد بدونه كان باطلا.
ولو أدخل الحرة على الأمة ولم تعلم فلها الخيار، ولو جمعهما في عقد صح
على الحرة.
174

ويحرم العقد على ذات البعل، والمعتدة ما دامت كذلك، ولو تزوجها
في عدتها جاهلا بطل العقد، فإن دخل حرمت أبدا والولد له والمهر
للمرأة، وتتم عدة الأول وتستأنف للثاني، ولو عقد عالما حرمت أبدا بالعقد.
مسائل:
الأولى: من لاط بغلام فأوقبه حرم عليه أم الغلام وأخته وبنته
أبدا، ولو سبق عقدهن لم يحرمن.
الثانية: لو دخل بصبية لم تبلغ تسعا فأفضاها (1) حرمت أبدا ولم
تخرج من حباله.
الثالثة: لو زنا بامرأة لم يحرم نكاحها (2) ولو زنا بذات بعل أو في
عدة رجعية حرمت أبدا. الرابعة: لو عقد المحرم عالما بالتحريم حرمت أبدا، ولو كان جاهلا
بطل العقد ولم تحرم (3).
الخامسة: لا تنحصر المتعة وملك اليمين في عدد.
السادسة: لو طلقت الحرة ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا غيره وإن

(1) الإفضاء: خرق مخرج البول وإيصاله إلى مخرج الحيض، أي المهبل.
(2) على الزاني، إلا أن تكون ذات بعل أو في عدة رجعية فتحرم عليه
أبدا على المشهور (شرائع الاسلام).
(3) إذا عقد المحرم على امرأة عالما بالتحريم حرمت عليه أبدا، ولو كان
جاهلا فسد عقده ولم تحرم (شرائع الاسلام).
175

كانت تحت عبد، ولو طلقت الأمة طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا
غيره وإن كانت تحت حر.
السابعة: المطلقة تسعا للعدة ينكحها بينها رجلان تحرم على المطلق
أبدا.
الثامنة: لو طلق إحدى الأربع رجعيا لم يجز أن ينكح بدلها حتى
تخرج من العدة، ويجوز في البائن. ولو عقد ذو الثلاث على اثنين دفعة
بطلا، ولو ترتب بطل الثاني، وكذا الحكم في الأختين.
الثاني: الرضاع.
ويحرم منه ما يحرم بالنسب، إذا كان عن نكاح، يوما وليلة، أو ما
أنبت اللحم وشد العظم، أو كان خمس عشرة رضعة كاملة من الثدي لا
يفصل بينها رضاع أخرى، وأن يكون في الحولين بالنسبة إلى المرتضع،
وفي ولد المرضعة قولان، وأن يكون اللبن لفحل واحد.
فلو أرضعت امرأتان (صبيين) بلبن فحل واحد نشر الحرمة بينهما،
ولو أرضعت امرأة صبيين بلبن فحلين لم ينشر الحرمة.
ومع الشرائط تصير المرضعة أما وذو اللبن أبا وأخوتهما أخوالا
وأعماما وأولادهما أخوة. ويحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على
المرتضع وأولاد المرضعة ولادة لا رضاعا.

(1) فإنهم لا يحرمون على المرتضع إذا يكونوا قد رضعوا من لبن ذلك
الفحل الذي رضع منه ذلك المرتضع، وإلا فإنهم يحرمون عليه قطعا اتفاقا.
وعليه فلو ارتضع من أم أمه أو ضرتها بلبن جده لأمه حرمت أمه على أبيه، لأن
الأم من أولاد صاحب اللبن فتحرم على أب المرتضع، دون ما لو ارتضع من أم
أبيه، وكذا لا حرمة لو أرضعته أم أمه ولكن من لبن جده لأبيه أو أجنبي -
كاشف الغطاء (قده) بتصرف.
176

ولا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا، ولا في
أولاد زوجة المرضعة ولادة لا رضاعا، ولأولاده الذين لم يرتضعوا من
هذا اللبن النكاح في أولاد المرضعة والفحل.
ولو أرضعت كبيرة الزوجتين صغيرتهما حرمتا إن كان دخل
بالمرضعة (1) وإلا فالمرضعة. ولو أرضعت الأم من الرضاعة الزوجة
حرمت (2) ولا تحرم أم الولد من الرضاع على أبيه وإن حرمت من النسب.
ويستحب اختيار المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة للرضاع.
الثالث: اللعان.
ويثبت به التحريم المؤبد، وكذا قذف الزوج امرأته الصماء الخرساء.
الرابع: الكفر.
ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية إجماعا، وفيها قولان، ولا
للمسلمة أن تنكح غير المسلم.

(1) اعتبار الدخول لأجل أن يكون اللبن منه، فلو لم يدخل ولم يكن اللبن
منه حرمت نفس المرضعة، لأنها تصبح أم زوجته، ولا تحرم المرتضعة.
(2) هذا إذا كان إرضاع الأم من الرضاعة للزوجة من نفس اللبن الذي
شرب منه الزوج.
177

ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول انفسخ في الحال، ويقف بعده
على انقضاء العدة، إلا أن يرتد الزوج عن فطرة فينفسخ في الحال.
وعدة المرتد عن فطرة عدة الوفاة، وعن غيرها عدة الطلاق.
ولو أسلم زوج الكتابية ثبت عقده، ولو أسلمت دونه قبل الدخول
انفسخ العقد، وبعده يقف على العدة. فإن أسلم فيها كان أملك بها.
ولو كان الزوجان حربيين وأسلم أحدهما قبل الدخول انفسخ النكاح
في الحال، ولو كان بعده وقف على انقضاء العدة.
(ولو أسلم الزوج الحربي على أكثر من أربع حربيات وأسلمن فاختار
أربعا انفسخ نكاح البواقي) (1) ولو أسلم الذمي وعنده أربع ثبت عقده
عليهن، ولو كن أزيد تخير أربعا وبطل نكاح البواقي.
مسائل:
الأولى: لا يجوز للمؤمنة أن تتزوج بالمخالف، ويجوز العكس (2)
ويكره تزويج الفاسق (3).
الثانية: نكاح الشغار باطل، وهو جعل نكاح امرأة مهرا لأخرى.
الثالثة: يجوز تزويج الحرة بالعبد والهاشمية بغيره والعربية بالعجمي

(1) ليست في نسخة (ن).
(2) المناط خوف الضلال، فإذا خيف حرم من الطرفين، وإلا فجائز
عند الأكثر.
(3) والأحوط تركه خصوصا في شارب الخمر وتارك الصلاة، ولا سيما إذا
خيف الضلال.
178

وبالعكس، ويجب إجابة المؤمن القادر (على النفقة) (1).
الفصل الرابع في المتعة:
ويشترط فيها الإيجاب والقبول (2) من أهله، وذكر المهر، ولا بد
فيه من ذكر الأجل المعين. ولو لم يذكر المهر بطل، ولو لم يذكر الأجل
فالأقرب البطلان (3).
ويحرم غير الكتابية من الكفار، والأمة على الحرة من دون إذنها،
وبنت الأخ والأخت من دون إذن العمة والخالة.
ويكره الزانية (4) والبكر من دون إذن الأب.
ولا حد للمهر (5) ولو وهبها المدة قبل الدخول ثبت نصفه، ولو

(1) ليس في نسخة (ن) والمشهور على عدم الوجوب بل الاستحباب المؤكد
وكراهة الرد كراهة شديدة مغلظة، ففي الخبر: (إذا جاءكم مؤمن ترضون
خلقه ودينه فزوجوه، أن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)
(الوسائل ج 14).
(2) وألفاظ الإيجاب ثلاثة: زوجتك ومتعتك وأنكحتك.
(3) والأكثر على عدم البطلان بل انقلابها دائما، والاحتياط بالطلاق ثم
التجديد من دون عدة.
(4) وإذا كانت مشهورة بالزنا فقد احتاط بعضهم لزوما بترك التمتع بها -
المنهاج.
(5) في (صحيح مسلم) عن جابر بن عبد الله الأنصاري كان يقول: (كنا
نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر، حتى
نهى عمر في شأن عمرو بن حريث).
179

أخلت ببعض المدة لها أسقط بنسبته. ولو ظهر بطلان العقد فلا مهر قبل
الدخول، وبعده لها المهر مع جهلها. ويلحق به الولد وإن عزل، ولو
نفاه فلا لعان.
ولا يقع بها طلاق ولا لعان ولا ظهار، ولا ميراث لها وإن شرط
(1) وتعتد بعد الأجل بحيضتين، أو بخمسة وأربعين يوما، وفي الموت بأربعة
أشهر وعشرة أيام.
الفصل الخامس: في نكاح الإماء:
ولا يجوز للعبد والأمة أن يعقدا لأنفسهما بغير إذن المولى، فإن فعل
أحدهما وقف على الإجازة، ولو أذن المولى للعبد ثبت مهر عبده عليه
ونفقة زوجته، وثبت لمولى الأمة مهر أمته. ويستقر بالدخول. ولو لم
يأذنا فالولد لهما، ولو أذن أحدهما فالولد للآخر. ولو كان أحد الزوجين
حرا فالولد مثله ما لم يشترط المولى الرقية.
ولو تزوج الحر من دون إذن المولى عالما فهو زان والولد رق، ولو
كان جاهلا سقط الحد دون المهر وعليه قيمة الولد يوم سقوطه حيا، ولو
ادعت الحرية فكذلك.
وعلى الأب فك أولاده، ويلزم المولى دفعهم إليه، ولو عجز سعى في
القيمة، ومع عدم الدخول لا مهر.
ولو تزوجت الحرة بعبد عالمة فلا مهر والولد رق ومع الجهل حر

(1) وأما بالنسبة إلى الولد فإنه يرثهما ويرثانه من غير خلاف (شرائع).
180

ولا قيمة، وعلى العبد المهر يتبع به بعد العتق مع الدخول.
ولو زنى الحر أو العبد بمملوكة فالولد لمولاها، ولو اشترى جزءا من
زوجته بطل العقد ولم تحل بالتحليل على قول، ولو أعتقت الأمة كان لها
فسخ النكاح.
ويجوز جعل العتق مهرا لمملوكته إذا قدم العتق أو النكاح على خلاف.
وأم الولد رق لا يجوز بيعها مع وجوده إلا في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها،
وتنعتق بموت المولى من نصيب الولد، ولو عجز سعت.
وإذا بيعت الأمة كان للمشتري على الفور فسخ النكاح ولصاحب العبد
أيضا، وكذا العبد.
ومع فسخ مشتري الأمة قبل الدخول لا مهر، ولو أجاز قبله فله
المهر، وبعده فللبائع.
وطلاق العبد بيده، ولو كانا لواحد كان للمولى فسخه.
ويحرم لمن زوج أمته وطيها ولمسها والنظر بشهوة ما دامت في حباله.
وليس لأحد الشريكين وطئ المشتركة بالملك.
ويجب على مشتري الجارية استبراؤها (1) ولو أعتقها حل له وطيها
بالعقد من غير استبراء، ولا بد لغيره من عدة الحرة. (2)

(1) بحيضة، أو بخمسة وأربعين يوما إن كانت لا تحيض في سن من تحيض،
ويسقط إذا كان البائع امرأة أو كانت الأمة حائضا أو يائسة أو حاملا، أو علم
عدم وطيها، أو عدم حملها، أو خبر عدل باستبرائها.
(2) هذا إذا أعتقها المشتري وأراد غيره العقد عليها.
181

ولو حلل أمته على غيره حلت له ولو كان لمملوكه، ولا يحل غير
المأذون (1)، وينعقد الولد حرا (2).
الفصل السادس في العيوب:
وهي أربعة في الرجل: الجنون، والخصاء، والعنن (3)، والجب (4).
وسبعة في المرأة: الجنون، والجذام، والبرص، والقرن، والإفضاء،
والعمى، والإقعاد.
ولا فسخ بالمتجدد بعد العقد في غير العنة، وفي الجنون المتجدد قول
بالفسخ. والخيار على الفور، ليس بطلاق. ولا بد من الحاكم في
العنة خاصة.
ولا مهر في الفسخ قبل الدخول من الرجل، وبعده المسمى، ويرجع
الزوج على المدلس.
ومن المرأة لا مهر لها قبل الدخول إلا في العنة فيثبت نصفه، وبعده
المسمى. والقول قول المنكر للعيب.
ويؤجل الحاكم العنين مع المرافعة سنة، فإن وطأها أو غيرها فلا
فسخ، وإلا فسخت ولها نصف المهر.

(1) من الاستمتاعات.
(2) إذا كان أبوه حرا.
(3) العجز عن الوطئ قيلا.
(4) الجب: القطع إذا لم يبق معه ما يمكن الوطئ به قبلا.
182

ولو تزوجها حرة فبانت أمة فسخ ولا مهر إلا مع الدخول، فيرجع
على المدلس. وكذا لو شرطت بنت مهيرة فخرجت بنت أمة.
ولو تزوجته حرا فبان عبدا فلها الفسخ، والمهر بعد الدخول لا قبله،
الفصل السابع في المهر:
وهو عوض البضع، وتملكه المرأة بالعقد، ويسقط نصفه بالطلاق
قبل الدخول، ولو دخل قبلا أو دبرا استقر.
ويصح أن يكون عينا أو دينا أو منفعة، ولا يتقدر قلة وكثرة،
ولا بد فيه من الوصف أو المشاهدة.
ولو لم يتعين صح العقد، وكان لها مع الدخول مهر المثل ما لم يتجاوز
السنة، فإن تجاوز رد إليها، ومع الطلاق لها المتعة، للموسر بالثوب
المرتفع أو عشرة دنانير، والمتوسط بخمسة، والفقير بخاتم أو درهم.
ولو تزوجها بحكم أحدهما صح، ويلزم ما يحكم به صاحب الحكم ما لم
تتجاوز المرأة مهر السنة إن كانت الحاكمة، ولو مات الحاكم قبله فلها المتعة.
ولو تزوجها على خادم مطلقا أو دار أو بيت كان لها وسط ذلك، ولو
قال (على السنة فخمسمائة درهم.
ولو تزوج الذميان على خمر صح، فإن أسلم أحدهما قبل القبض فلها
القيمة (1)، ولو تزوج المسلم عليه قيل يصح ويثبت على الدخول مهر المثل،

(1) لورود النص المعتبر في (النصراني يتزوج النصرانية على ثلاثين دنا خمرا
وثلاثين خنزيرا ثم أسلما بعد ذلك، ولم يكن دخل بها؟ قال عليه السلام: ينظر كم
قيمة الخمر وكم قيمة الخنازير ويرسل بها إليها ثم يدخل عليها وهما على نكاحهما
الأول (الوسائل ج 14) والظاهر عدم الفرق بين الاسلام قبل الدخول أو
بعده - كاشف الغطاء.
183

وقيل يبطل العقد، ولو أمهر المدبر بطل التدبير.
ولو شرط في العقد المحرم بطل الشرط خاصة، ولو اشترط أن لا
يخرجها من بلدها لزم.
والقول قول الزوج في قدر المهر، ولو أنكره بعد الدخول فالوجه
مهر المثل، ولو ادعت المواقعة فالقول قوله مع يمينه على إشكال.
ولو زوج الأب الصغير ضمن المهر مع فقره، وللمرأة الامتناع قبل
الدخول حتى تقبض المهر.
الفصل الثامن في القسم والنشوز:
للزوجة دائما ليلة من أربع، وللزوجتين ليلتان، وللثلاث ثلاث،
ولو كن أربع فلكل واحدة ليلة. ولو وهبته إحداهن وضع ليلتها حيث
شاء، ولو وهبت الضرة بات عندها.
والواجب المضاجعة ليلا لا المواقعة، وللحرة ليلتان، وللأمة
والكتابية ليلة، وتختص البكر عند الدخول بسبع، والثيب بثلاث.
ويستحب التسوية في الانفاق.
ويجب على الزوجة التمكين وإزالة المنفر. وله ضرب الناشزة بعد
وعظها وهجرها، ولو نشز طالبته، ولها ترك بعض حقها أو كله استمالة
184

له، ويحل قبوله.
ولو كره كل منهما صاحبه أنفذ الحاكم حكمين من أهلها أو أجنبيين،
فإن رأيا الصلح أصلحا (1)، وإن رأيا الفرقة راجعاهما في الطلاق والبذل،
ولا حكم مع اختلافهما.
الفصل التاسع في أحكام الأولاد:
يلحق الولد في الدائم مع الدخول (2)، ومضي ستة أشهر من حين
الوطئ ووضعه لمدة الحمل، وهي ستة أشهر إلى عشرة (3)، فلو غاب أو
اعتزل أكثر من عشرة أشهر ثم ولدت لم يلحق به.
والقول قوله في عدم الدخول، ولو اعترف به وأنكر الولد لم ينتف
إلا باللعان، ولا يجوز له إلحاق ولد الزنا به.

(1) ويجب على الزوجين العمل بحكمهما فيما عدى البذل والطلاق، إن كانا
عادلين.
(2) وعند الشك يحكم به لذي الفراش حتى مع العلم بعدم الدخول إذا أمنى
على فرجها أو أمكن احتمال وقوع ذلك، لعموم قوله (صلى لله عليه وآله وسلم) الولد للفراش،
وللعاهر الحجر).
(3) هذا لما يحصل من الاشتباه في مبدأ الحمل عند الناس، وإلا فهو محدود
في أقصاه - بالتجربة - بتسعة أشهر وتسعة أيام وتسع ساعات. ومصدر القول
بتحديده عندنا ما ورد عن الأئمة عليهم السلام من الروايات، ولذلك فقد اختص
به المذهب الجعفري، حيث قال سواه بأكثر منه إلى أربع سنين! ورووا في
ذلك ولادة الشافعي بعد أربع سنين من غياب زوج أمه عنها! ومنشأ الاختلاف
فيه عندهم التخرصات والظنون.
185

ولو تزوجت بآخر بعد طلاق الأول وأتت بولد لأقل من ستة أشهر
فهو للأول، وإن كان لستة أشهر فصاعدا فهو للأخير، ولو كان لأقل من
ستة أشهر من وطئ الثاني أو أكثر من عشرة أشهر من طلاق الأول
فليس لهما، وكذا الأمة لو بيعت بعد الوطئ.
ولو اعترف بولد أمته أو المتعة ألحق به، ولا يقبل نفيه بعد ذلك.
ولو وطأها المولى وأجنبي فالولد للمولى، ومع إمارة الانتفاء لا يجوز
إلحاقه ولا نفيه، بل يستحب أن يوصي له بشئ.
ولو وطأها المشتركون فتداعوه الحق بمن تخرجه القرعة، ويغرم
للباقين حصصهم من قيمة الأمة وقيمته يوم سقوطه حيا.
ولو وطأ بالشبهة لحق به الولد، فإن كان لها زوج وظنت خلوها
ردت عليه بعد العدة من الثاني، ويجب عند الولادة استبدار النساء أو
الزوج بالمرأة.
ويستحب غسل المولود، والأذان في أذنه اليمنى، والإقامة في
اليسرى، وتحنيكه بتربة الحسين عليه السلام وبماء الفرات، وتسميته
باسم أحد الأنبياء أو الأئمة عليهم السلام (1) والكنية، ولا يكنى محمدا
بأبي القاسم، وحلق رأسه يوم السابع، والعقيقة بعده، والتصدق بوزنه
ذهبا أو فضة، وثقب أذنه، وختانه فيه، ويجب بعد البلوغ. وخفض
الجواري مستحب.

(1) وأفضلها ما تضمن العبودية لله سبحانه (شرائع الاسلام).
186

ويستحب له أن يعق عن الذكر بذكر وعن الأنثى بأنثى، بصفات
الأضحية، ولا يأكل الأبوان منها، ولا يكسر شئ من عظامها.
وأفضل المراضع الأم. وللحرة الأجرة على الأب، ومع موته من مال
الرضيع، ولا تجبر على إرضاعه، وتجبر الأمة.
وحد الرضاع حولان، وأقله أحد وعشرون شهرا، والأم أحق
بإرضاعه إذا رضيت بما يطلب غيرها من أجرة أو تبرع وأحق بحضانة
الذكر مدة الرضاع إذا كانت حرة مسلمة، وبالأنثى إلى سبع سنين،
وتسقط الحضانة لو تزوجت. ولو مات الأب أو كان مملوكا أو كافرا
فالأم أولى.
الفصل العاشر في النفقات:
أما الزوجة فيجب لها النفقة: من الإطعام والكسوة والسكنى، مع
العقد الدائم والتمكين التام مع القدرة (1) وإن كانت ذمية أو أمة. فإن
طلقت بائنا أو مات الزوج فلا نفقة مع عدم الحمل (2) وتقضي مع الفوات.
وأما الأقارب، فيجب للأبوين وإن علوا والأولاد وإن نزلوا خاصة،
بشرط الفقر، والعجز عن التكسب. وعلى الأب نفقة الولد، فإن فقد

(1) والواجب من النفقة الطعام والكسوة والسكنى بحسب شأنها، فلو كان
من شأنها الخدمة وجب بحسب شأنها، إلا تكون ناشزة فلا يجب شئ على
الزوج.
(2) (وفي الحامل المتوفى عنها زوجها روايتان، أشهرهما أنه لا نفقة لها،
والأخرى: ينفق عليها من نصيب ولدها) (شرائع الاسلام).
187

أو عجز فعلى أب الأب وهكذا، فإن فقدوا فعلى الأم، فإن فقدت فآباؤها
وأما المملوك: فتجب نفقته على مولاه، وله أن يجعلها في كسبه مع
الكفاية، وإلا أتمه المولى. ويجب للبهائم، فإن امتنع أجبر على البيع، أو
الذبح إن كانت مذكاة أو الانفاق.

(1) وإن كانت غير مأكولة اللحم، وذلك لإراحتها من ألم الجوع المستمر
أو الموت بالتدريج.
188

كتاب الفراق
وفيه فصول:
الفصل الأول في الطلاق:
ويشترط في المطلق: البلوغ، والعقل، والاختيار، والقصد. وللولي
أن يطلق عن المجنون لا الصغير والسكران.
وفي المطلقة: دوام الزوجية، وخلوها عن الحيض والنفاس إن كان
حاضرا ودخل بها، ولو كان غائبا يقدر انتقالها من طهر إلى آخر صح
طلاقه ولو كانت حائضا، وأن يطلقها في طهر لم يقربها فيه بجماع إلا في
الصغيرة واليائسة (1) والحامل، والمسترابة (2) تصبر ثلاثة أشهر.

(1) لما في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج) ثلاث يتزوجن على كل حال:
من أتى لها أقل من تسع سنين، والتي لم يدخل بها، والتي قد يئست من المحيض).
(2) يشتمل المسترابة هنا: مسترابة الدم أي من اتصل دمها ولم يتميز
حيضها من طهرها، والمسترابة في اليأس وعدمه ودخولها
في الحيض وعدمه، ومن لا تحيض وهي في سن من تحيض ففي جميع هذه
الصور يجب عليها التربص ثلاثة أشهر - كاشف الغطاء (قده).
189

ولا يقع إلا بقوله (طالق) مجردا عن الشرط والصفة (1)، ويشترط
سماع رجلين عدلين (2).
الفصل الثاني في أقسامه:
وهو بدعة، وسنة.
فالأول: طلاق الحائض الحائل (3) أو النفساء مع حضور الزوج (4)
والمسترابة (5) قبل ثلاثة أشهر، وطلاق الثلاث مرسلا (6) والكل باطل (7).
والثاني بائن، ورجعي.
فالأول: طلاق اليائسة، والصغيرة، وغير المدخول بها والمختلعة
والمبارءة مع استمرارهما على البذل، والمطلقة ثلاثا بينها رجعتان (8).

(1) الشرط في اصطلاح الفقهاء عبارة عن: كل حادث أمكن وقوعه
وعدمه، كشفاء المريض وقدوم المسافر. والصفة: ما كان محقق الوقوع،
كطلوع الشمس وغيبوبة الشفق. وتعليق الطلاق على كل ذلك باطل عندهم إجماعا.
(2) لقوله تعالى (وأشهدوا ذوي عدل منكم) سورة الطلاق.
(3) غير الحامل.
(4) ألحق بالحضور بعضهم ما يحكمه من إمكان علمه بحالها مع غيبته.
(5) سبق معناه فيما مضى.
(6) أي من غير رجعة بينها.
(7) لا ينبغي الإشكال في وقوع الطلاق الثلاث المرسل بواحدة، وقد ورد
بها الأخيار.
(8) المراد من الرجعة ما يشمل العود إلى الزوجية بعقد جديد، وإن لم
يطأها وكانت الطلقات كلها في طهر واحد مواقع فيه.
190

والثاني: ما عداه مما للرجل المراجعة فيه.
وطلاق العدة من أحد هذه: ما يراجع في العدة ويواقع ثم يطلق بعد
الطهر فهذه تحرم بعد تسع ينكحها بينها رجلا، مؤبدا. وما عداه تحرم
في كل ثالثة حتى تنكح غيره.
ويشترط في المحلل: البلوغ، والوطي قبلا بالعقد الصحيح الدائم.
وكما يهدم الثلاث يهدم ما دونها.
ويصح الرجعة نطقا وفعلا، ولا يجب فيها الإشهاد. ويقبل قول
المرأة في انقضاء العدة بالحيض (1).
ويكره طلاق المريض، ويقع، لكن ترثه المرأة وإن كان بائنا
إلى سنة، ما لم يمت بعدها ولو بلحظة أو تتزوج هي، أو يبرأ من
مرضه. وهو يرثها في الرجعي في العدة، ونكاحه صحيح مع الدخول،
وإلا فلا.
الفصل الثالث في العدد:
لا عدة في الطلاق على الصغيرة، واليائسة، وغير المدخول بها.
والمستقيمة الحيض عدتها ثلاثة إقراء (2) إن كانت حرة وإلا فقرءان.
وإن كانت في سن من تحيض ولا حيض لها فعدتها ثلاثة أشهر إن كانت
حرة، وإلا فشهر ونصف.

(1) وبغيره أيضا.
(2) أي أطهار.
191

والحامل عدتها وضع الحمل وإن كان سقطا.
وعدة الحرة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام، صغيرة
أو يائسة أو غيرهما، دخل أو لا، ولو كانت حاملا فأبعد الأجلين، وعليهما
الحداد (1) ولو كانت أمة فشهران وخمسة أيام، والحامل بأبعد الأجلين.
وأم الولد تعتد من وفاة الزوج كالحرة، وغيرها كالأمة.
ولو مات زوج الأمة ثم أعتقت اعتدت كالحرة، ولو أعتق أمته بعد
وطيها اعتدت بثلاثة إقراء.
ولو مات بعد الطلاق رجعيا اعتدت الحرة والأمة للوفاة، ولو كان
بائنا أتمت عدة الطلاق.
ولا يجوز للزوج أن يخرج الرجعية من بيت الطلاق حتى يخرج عدتها
إلا أن تأتي بفاحشة، ولا لها أن تخرج إلا مع الضرورة بعد نصف الليل
وترجع قبل الفجر، وعليه نفقة عدتها.
وتعتد المطلقة من وقت إيقاعه، والمتوفى عنها من حين البلوغ (2).

(1) وهو ترك الزينة من الثياب الملونة والأدهان والكحل الأسود والحناء
الأحمر، وكل ما يتعارف عند النساء للزينة، وهو يختلف باختلاف الأعصار
والأمصار والنساء. والأحوط مع ذلك أن لا تخرج من بيتها ليلا ولا تبيت خارج
منزلها، ولو خرجت لضرورة رجعت إليه ولو بعد نصف الليل - كاشف
الغطاء (قده).
(2) أي بلوغ خبر الوفاة لو كان غائبا أو غائبة.
192

الفصل الرابع في الخلع والمباراة:
ولا يقع الخلع بمجرده ما لم يتبع بالطلاق على قول. ولا بد فيه من
الفدية، وهي ما يصح تملكه. بشرط التعيين، واختيار المرأة. وله أن
يأخذ أزيد مما أعطاها.
ويشترط في الخالع: التكليف، والاختيار، والقصد. وفي المرأة
مع الدخول الطهر الذي لم يقر بها فيه بجماع مع حضوره، وانتفاء الحمل،
وإمكان الحيض، واختصاصها بالكراهية، وحضور شاهدين عدلين،
وتجريده عن شرط لا يقتضيه العقد. ويبطل لو انتفت الكراهية منها.
ولا يملك الفدية، ولها الرجوع في الفدية ما دامت في العدة، وإذا
رجعت كان له الرجوع في البضع، وإلا فلا. ولا توارث بينهما في العدة.
ولو بانت الفدية مستحقة قيل يبطل الخلع. ولو بذلت الأمة
مع الإذن صح، وبدونه تتبع به.
ولو كانت فدية المسلم خمرا فإن أتبع بالطلاق كان رجعيا. ولو
خالعها على ألف ولم يعين بطل، ولو خالع على خل فبان خمرا صح، وله
بقدره خل.
ولو طلق بفدية كان بائنا وإن تجرد عن لفظ الخلع، ولو قالت
(طلقني بكذا) كان الجواب على الفور، فإن تأخر فلا فدية، وكان
رجعيا.
وشروط المباراة كالخلع، إلا إن الكراهية منهما، وصورتها (بارأتك
بكذا فأنت طالق) وهي بائن ما لم ترجع في البذل في العدة، ولا يحل له
193

الزائد على ما أعطاها.
الفصل الخامس في الظهار:
وهو حرام، وصورته أن يقول لزوجته (أنت علي كظهر أمي)
أو إحدى المحرمات (1).
وشرطه: سماع شاهدي عدل، وكمال المظاهر، والاختيار، والقصد،
وإيقاعه في طهر لم يجامعها فيه إذا كان حاضرا ومثلها تحيض. وفي
المتمتع بها، والأمة، وغير المدخول بها، ومع الشرط قولان (2) ولا يقع
في إضرار ولا يمين. (3)
ومع إرادة الوطي يجب الكفارة، بمعنى تحرم الوطي حتى يكفر.
فإن طلق وراجع في العدة لم تحل حتى يكفر، ولو خرجت أو كان بائنا
فاستأنف في العدة أو مات أحدهما أو ارتد فلا كفارة، ولو وطأ قبل
التكفير عامدا (لزمته) كفارتان، ويتكرر بكل وطي كفارة، ولو

(1) في وقوع الظهار بالتشبيه بسائر المحرمات اختلاف، والمشهور على
البطلان.
(2) أما الدخول فهو شرط في صحة الظهار وترتب آثاره لتظافر الصحاح
باعتباره. ويصح تعليقه على الشرط - وهو ما يحتمل وقوعه - كخروجها من
الدار، لا الصفة - وهو متحقق الوقوع - كخروج الشهر، والفارق بين الأمرين
ورود النص في الشرط دون الصفة كاشف الغطاء (قده).
(3) في مقابل الإيلاء، فإنه يمين لا ينعقد لغير الإضرار. وهذا من الفروق
بينهما.
194

عجز أجزأه الاستغفار.
وإذا رافعته أنظره الحاكم ثلاثة أشهر من حين المرافعة فيضيق عليه
بعدها حتى يكفر أو يطلق.
ولو ظاهر زوجته الأمة ثم اشتراها ووطأها بالملك فلا كفارة.
الفصل السادس في الإيلاء (1):
ولا ينعقد بغير اسم الله تعالى، ولا لغير إضرار (2) من كامل مختار
قاصد، وإن كان عبدا أو خصيا أو مجبوبا (3).
ولا بد أن تكون المرأة منكوحة بالدائم، مدخولا بها، يولي مطلقا
أو أزيد من أربعة أشهر (4).
وإذا رافعته أنظره الحاكم أربعة أشهر، فإن رجع وكفر (5) وإلا

(1) الإيلاء: هو الحلف بالله (جل شأنه) على ترك وطي زوجته المعينة
مدة معينة، أو مطلقا، مجردا عن الشرط والصفة. فهو صنف خاص من اليمين
اختص بأحكام خاصة من الشارع، كوجوب الفئة، والكفارة أو الطلاق.
وإذا بطل إيلاءا صح يمينا وجرت عليه أحكامه. والإيلاء من آلى على نفسه،
أي حلف ليمنع نفسه عن شئ مطلقا أو مدة معينة
(2) بالزوجة فقط.
(3) فيما لو بقي مقدار يمكن معه الدخول.
(4) ومن هذا أنهم حكموا بحرمة ترك وطي الزوجة أكثر من أربعة أشهر
اختيارا، إلا برضاها، وحرمة السفر أكثر من أربعة أشهر إلا برضاها أو أخذها
معه إلا أن يكون السفر ضروريا.
(5) كفارة اليمين للوطي خلافا للحلف على الامتناع منه.
195

ألزمه الطلاق أو الفيئة والتكفير، ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى
يفعل أحدهما. ويقع الطلاق رجعيا.
ولو آلى مدة فدافع حتى خرجت فلا كفارة، وعليه الكفارة لو
وطأ قبل‍ (ها) (1) ولو ادعى الإصابة (2) فالقول قوله مع يمينه.
وفئة القادر الوطي قبلا، وفئة العاجز إظهار العزم على الوطي مع
القدرة. ولا يتكرر الكفارة بتكرر اليمين (3).
الفصل السابع في اللعان:
وسببه: قذف الزوجة بالزنا مع ادعاء المشاهدة وعدم البينة (4) وإنكار
ولد يلحق به ظاهرا.
ويشترط في الملاعن والملاعنة: التكليف، وسلامة المرأة من الصمم
والخرس، ودوام النكاح. وفي اشتراط الدخول قولان.
وصورته: أن يقول الرجل (أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما قلته عن
هذه المرأة) أربع مرات. ثم يعظه الحاكم فإن رجع حده، وإلا قال (إن

(1) أي قبل المدة، والعبارة في الأصل: قبله، وهو من التسامح في
تذكير الضمير، أو لئلا يشتبه بقبل المرأة.
(2) أي الدخول.
(3) في إيلاء واحد إلا في إيلاء واحد لنسائه، تخصيصا أو جمعا.
(4) مع عفتها، فلو رمى المشهورة بالزنا - ولو كان شهرتها بالزنا مرة
واحدة - فعليه التعزيز، بلا لعان في الزوجية، ولا حد في غيرها - كاشف
الغطاء بتصرف.
196

لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين (ثم تقول المرأة أربع مرات) أشهد بالله
أنه لمن الكاذبين)، ثم يعظها الحاكم، فإن اعترفت رجمها وإلا قالت (إن
غضب الله عليها إن كان من الصادقين) فتحرم أبدا (1).
ويجب: التلفظ بالشهادة، وقيامها عند التلفظ، وبداءة الرجل،
وتعيين المرأة، والنطق بالعربية مع القدرة، ويجوز غيرها مع العذر،
والبدأة بالشهادات ثم باللعن في الرجل، وفي المرأة تبدأ بالشهادات ثم بالغضب.
ويستحب: جلوس الحاكم مستدبر القبلة، ووقوف الرجل عن
يمينه والمرأة عن يساره، وحضور من يسمع اللعان، والوعظ قبل اللعن
والغضب.
ولو أكذب نفسه بعد اللعان حد للقذف، ولم يزل التحريم، ويرثه
الولد مع اعترافه بعد اللعان، ولا يرثه الأب ولا من يتقرب به.
ولو اعترفت المرأة بعد اللعان أربعا، قيل تحد. ولو ادعت المرأة
المطلقة الحمل منه فأنكر الدخول فأقامت بينة بإرخاء الستر، فالأقرب
سقوط اللعان ما لم يثبت الدخول.

(1) وينتفي الولد.
197

كتاب العتق
وفيه فصول:
الفصل الأول في الرق:
يختص الرق بأهل الحرب، أو بأهل الذمة إن أخلوا بالشرائط.
ويحكم على المقر بالرقية مختارا، ولا يقبل قول مدعي الحرية إذا كان
يباع في الأسواق إلا ببينة (1)
ولا يملك الرجل ولا المرأة أحد الأبوين وإن علوا، والأولاد وإن
نزلوا، ولا (يملك) الرجل بالمحارم بالنسب من النساء، ولو ملك أحد
هؤلاء عتق. وحكم الرضاع حكم النسب.
الفصل الثاني في العتق:
والصريح (أنت حر)، وفي لفظ العتق إشكال، ولا يقع بغيرهما،

(1) هذا من باب تقديم الظاهر على الأصل، ومقتضى الأصل: الحرية حتى
يثبت خلافه كاشف الغطاء.
198

ولا بالإشارة والكتابة مع القدرة، ولا يقع مشروطا ولا في يمين (1) ولو
شرط مع العتق شيئا من خدمة وغيرها جاز.
وشرطه: تكليف المعتق (2) والاختيار، والقصد، والقربة، وإسلام
العبد. ويكره (اعتقاق) المخالف. ولو نذر عتقه أو عتق الكافر صح (3).
ويستحب أن يعتق من مضى (له) في ملكه سبع سنين.
ولو نذر عتق كل عبد له قديم عتق من ملكه ستة أشهر فصاعدا،
ولو نذر عتق أول مملوك يملكه فملك جماعة استخرج بالقرعة على خلاف،
والعبد لا يملك شيئا وإن ملكه مولاه على الأقوى، فلو أعتقه وبيده
مال فالمال للمولى وإن علم به ولم يستثنه.
ولو أعتق ثلث عبيده استخرج بالقرعة. ولو أعتق بعض عبده عتق
كله، ولو كان له شريك قوم عليه حصة شريكه وأعتقت، ولو كان
معسرا سعى العبد في النصيب.
ولو أعتق الحبلى فالوجه: عدم عتق الحمل إلا أن يعتقه بالنصوصية.

(1) المراد بالعتق باليمين: ما هو المعروف عند العامة من الحلف بالعتاق
والطلاق، حيث يقول القائل (عبيده أحراره ونساؤه طوالق إن فعل كذا)،
وهو باطل عندنا إجماعا، وفي الخبر (أنها من خطوات الشيطان) - كاشف
الغطاء (قده).
(2) بالكسر، أي بلوغه حتى يكون نافذ التصرف، فإن قصد الصبي
كلا قصد.
(3) يحتمل أن يكون منع عتق العبد الكافر لعدم القربة المرجحة، فيصبح
بالنذر راجحا. ولم يوافقه المشهور في اشتراط الاسلام في الإعتاق.
199

وعمى المملوك، وجذامه، وتنكيل المولى به، والإقعاد: أسباب في
العتق، وكذا إسلام العبد وخروجه قبل مواليه (1).
ولو مات ذو المال وله وارث مملوك لا غير اشتري من مولاه واعتق
وأعطي الباقي.
الفصل الثالث - التدبير:
وهو أن يقول (أنت رق في حياتي حر بعد وفاتي)، من الكامل
القاصد، فينعتق من الثلث بعد الوفاة كالوصية، وله الرجوع متى شاء،
وهو متأخر عن الدين.
ولو دبر الحبلى اختصت بالتدبير دون الحمل، أما لو تجدد الحمل من
مملوك بعد التدبير فإنه يكون مدبرا.
ولو رجع في تدبير الأم قيل: لا يصح رجوعه في تدبير الأولاد،
والأقرب أن رجوعه في تدبير الأم خاصة ليس رجوعا في تدبير الأولاد،
ولو رجع في تدبيرهما صح الرجوع.
وولد المدبر من مملوكه مدبر، ولا يبطل تدبير الولد بموت أبيه قبل
مولاه، وينعتقون من الثلث، فإن عجز استسعوا.
وإباق المدبر إبطال للتدبير.
الفصل الرابع في الكتابة:
وهي قسمان: مطلقة، ومشروطة.

(1) من دار الحرب إلى دار الاسلام.
200

فالمطلقة: أن يقول لعبده أو أمته (كاتبتك على كذا على أن تؤديه في
نجم كذا) أما في نجم واحد أو نجوم (1) متعددة، فيقول (قبلت).
وقيل: يفتقر إلى قول: فإذا أديت فأنت حر) فهذا يتحرر منه بقدر
ما يؤدي، وليس لمولاه فسخ الكتابة وإن عجز، ويفكه الإمام من سهم
الرقاب وجوبا مع العجز.
فإن أولد من مملوكة تحرر من أولاده بقدر ما فيه من الحرية، وإن
مات ولم يتحرر منه شئ كان ميراثه للمولى، وإن تحرر منه شئ كان
لمولاه من ماله بقدر الرقية، ولورثته بقدر الباقي، ويؤدون منه ما بقي
من مال الكتابة.
ولو لم يكن مال سعى الأولاد فيما بقي على أبيهم، ومع الأداء ينعتق
الأولاد ويرث بقدر نصيب الحرية.
ولو أوصى أو أوصي له بشئ صح بقدر نصيب الحرية، وكذا لو
وجب عليه حد، ولو وطأ المولى المطلقة حد بنصيب الحرية.
وأما المشروطة: فأن يقول بعد ذلك (فإن عجز فأنت رد في الرق).
وهذا لا يتحرر منه شئ إلا بأداء جميع ما عليه، فإن عجز وحده أن
يؤخر نجما عن وقته رد في الرق، ويستحب للمولى الصبر عليه.
ولا بد في العوض من كونه دينا مؤجلا معلوما مما يصح تملكه.
ويكره أن يتجاوز به القيمة.

(1) النجوم: بالأقساط الموضوعة على العبد المكاتب.
201

وإذا مات المشروط بطلت الكتابة، وكان ماله وأولاده لمولاه. وليس
للمكاتب أن يتصرف في ماله بغير الاكتساب إلا بإذن المولى، وينقطع
تصرف المولى عن ماله بغير الاستيفاء.
ولو وطأ مكاتبته مكرها فلها المهر، وليس لها أن تتزوج بدون إذن
المولى، وأولادها بعد الكتابة إذا لم يكونوا أحرارا حكمهم حكمها ينعتقون
بعتقها مشروطة كانت أو مطلقة.
ولو انعتق من المطلقة بعضها انعتق من الولد بقدره، وكسبهم إن
عتقوا فلهم وإن رقوا فللمولى.
ولو أشرفت الأم على العجز وهم المولى بالفسخ استعانت به (1). والله
أعلم بالصواب.

(1) أي بمال الأولاد.
202

كتاب الأيمان
وفيه فصول:
الفصل الأول
لا ينعقد اليمين بغير أسماء الله تعالى، ولا بالبراءة منه أو من أحد
الأنبياء أو الأئمة عليهم السلام.
ويشترط في الحالف: التكليف، والقصد، والاختيار. ويصح من
الكافر.
وإنما ينعقد على فعل الواجب أو المندوب أو المباح مع الأولوية أو
التساوي أو ترك الحرام أو ترك المكروه أو ترك المباح مع الأولوية.
ولو تساوى متعلق اليمين وعدمه في الدين والدنيا وجب العمل
بمقتضى اليمين.
ولا يتعلق بفعل الغير، ولا بالماضي ولا بالمستحيل.
ولو تجدد العجز عن الممكن انحلت اليمين. ويجوز أن يحلف على
خلاف الواقع مع تضمن المصلحة والتورية إن عرفها.
203

ولو استثنى بالمشيئة انحلت اليمين. وللوالد والزوج والمولى حل يمين
الولد والزوجة والعبد في غير الواجب
وإنما تجب الكفارة بترك ما يجب فعله أو فعل ما يجب تركه باليمين،
لا بالغموس (1).
ولا يجوز أن يحلف إلا مع العلم (2).
وينعقد لو قال: والله لأفعلن، أو بالله، أو تالله، أو أيم الله، أو
لعمر الله، أو أقسم بالله، أو أحلف برب المصحف. دون: وحق الله.
الفصل الثاني في النذر والعهود:
ويشترط في الناذر: التكليف، والاختيار، والقصد، والإسلام،
وإذن الزوج والمولى في الزوجة والعبد في غير الواجب.
وهو أما بر كقوله (إن رزقت ولدا فلله علي كذا)، أو شكر كقوله

(1) في الحديث - كما في المجمع - (اليمين الغموس: هي التي عقوبتها دخول
النار. وهي أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما) فهو يمين
على فعل الحرام. ولا ينعقد اليمين على فعل الحرام، فلا كفارة في حنثه، بل
يجب تركه والاستغفار منه. فعدم وجوب الكفارة فيه لوجوب حنثه لا لشدة
الذنب فيها - كما في المجمع - وإن كان الذنب فيه شديدا ففي الحديث - كما في
المجمع - (اليمين الغموس هي التي تذر الديار بلاقع).
(2) فلو حلف على أمر غير واقع بالنسبة إلى الماضي فلا كفارة، كما لو حلف
على أن زيدا قد مات ولم يكن بميت لم تلزمه الكفارة وإن حنث وأثم، وإنما تلزم
لو حلف على فعل فلم يفعله ترك فلم يتركه.
204

" إن برئ المريض فلله علي كذا) أو زجر كقوله (إن فعلت محرما
فلله علي كذا)، أو (إن لم أفعل الطاعة فلله علي كذا)، أو تبرع كقوله
(لله علي كذا). ولو قال (علي) ولم يقل (لله) لم يجب.
ومتعلق النذر يحب أن يكون طاعة لله مقدورا للناذر، ولو نذر
فعل طاعة ولم يعين تصدق بشئ أو صلى ركعتين أو صام يوما.
ولو نذر صوم حين كان عليه ستة أشهر، ولو قال زمانا فخمسة.
ولو نذر الصدقة بمال كثير فثمانون درهما (1) ولو عجزنا ذر الصدقة
بماله قومه وتصدق شيئا فشيئا حتى يوفي، ومع الإطلاق لا يتقيد بوقت،
ولو قيده بوقت أو مكان لزم (2).
ولو نذر صوم يوم بعينه فاتفق له السفر أفطر وقضاه، وكذا لو
حاضت المرأة أو نفست، ولو كان عيدا أفطر ولا قضاء، وكذا لو عجز
عن صومه.
والعهد: أن يقول (عاهدت الله)، أو (علي عهد الله أنه متى كان
كذا فعلي كذا). وهو لازم وحكمه حكم اليمين.
ولا ينعقد النذر والعهد إلا باللفظ.

(1) هنا عبارة لا توجد في النسخة المخطوطة وتوجد في سائر النسخ وهي:
(ولو نذر عتق كل عبد له قديم عتق من مضى عليه ستة أشهر فصاعدا في ملكه.
ولو عجز عما نذر سقط فرضه. ولو نذر أن يتصدق بجميع ما يملكه وخاف
الضرر قومه...) إلخ.
(2) هذا إذا كانت تلك الخصوصية راجحة.
205

ولو جعل دابته أو عبده أو جاريته هديا لبيت الله تعالى (أو أحد
المشاهد) (1) بيع وصرف ثمنه في مصالح البيت أو المشهد الذي جعل له،
وفي معونة الحاج والزائرين.
الفصل الثالث في الكفارات:
وهي: مرتبة، ومخيرة، وما يجتمع فيه الأمران، وكفارة الجمع.
فالمرتبة: كفارة الظهار، وقتل الخطأ. ويجب فيهما عتق رقبة، فإن
عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينا. وكفارة من
أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال: إطعام عشرة مساكين،
فإن عجز صام ثلاثة أيام متتابعات.
والمخيرة: كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان، أو من نذر معين،
أو خالف عهدا أو نذرا على قول (2). وهي: عتق رقبة، أو صيام
شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا.
وما يجتمع فيه الأمران: كفارة اليمين: عتق رقبة، أو إطعام عشرة
مساكين، أو كسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أيام متتابعات. وكذا الإيلاء.
وكفارة الجمع. في قتل المؤمن عمدا ظلما: عتق رقبة، وصيام شهرين
متتابعين، وإطعام ستين مسكينا.
وقيل: من حلف بالبراءة فعليه كفارة ظهار، فإن عجز فكفارة

(1) ليست في النسخة (ن).
(2) والقول الآخر أن تكون كفارة النذر والعهد كفارة اليمين.
206

اليمين. وفي جز المرأة شعرها في المصاب كفارة رمضان، وفي نتفه أو
خدش وجهها (1) أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته: كفارة يمين.
ولو تزوج امرأة في عدتها فارقها وكفر بخمسة أصوع (2) من دقيق.
ولو نام عن العشاء الآخرة حتى خرج الوقت أصبح صائما.
ولو عجز عن صوم يوم نذره تصدق بمدين على مسكين.
مسائل:
الأولى: من وجد الثمن وأمكنه الشراء فقد وجد الرقبة، ويشترط
فيها الإيمان، ويجزئ الآبق، وأم الولد، والمدبر.
الثانية: من لم يجد الرقبة، أو وجدها ولم يجد الثمن انتقل إلى الصوم
في المرتبة، ولا يباع ثياب بدنه ولا خادمه ولا مسكنه.
الثالثة: كفارة العبد في الظهار وقتل الخطأ في الصوم نصف
كفارة الحر.
الرابعة: إذا عجز عن الصيام في المرتبة وجب الإطعام لكل مسكين
مد من طعام، ولو تعذر العدد جاز التكرار، ويطعم غالب قوته.
ويستحب الأدام، وأعلاه اللحم، وأوسطه الخل، وأدناه الملح. ولا يجوز
إطعام الصغار إلا منضمين إلى الرجال، وإن انفردوا احتسب الاثنان بواحد.
الخامسة: الكسوة لكل فقير ثوبان مع القدرة، وإلا فواحد.
السادسة: لا بد من نية القربة والتعيين، والتكليف في المكفر،
وإسلامه.

(1) مع الإدماء - كما في الخبر - كاشف الغطاء (قده)
(2) يعادل ثلاث كيلوات وسبعمائة غراما تقريبا.
207

كتاب الصيد وتوابعه
وفيه فصول:
الفصل الأول فيما يؤكل صيده:
وهو أمران: الكلب، والسهم.
أما الكلب: فإذا قتل صيدا وهو الممتنع حل أكله بشروط ستة: أن
يكون الكلب معلما يسترسل إذا أرسله وينزجر إذا زجره، وأن لا يعتاد
أكل ما يصيده وإلا اعتبار بالنادر، وأن يكون المرسل مسلما أو في حكمه،
قاصدا لإرسال الكلب، وأن يسمي عند إرساله، وأن لا يغيب عن العين
حيا (1).

(1) أي: لا يغيب الصيد عن عين المرسل وللصيد حياة مستقرة، فالواجب
عليه أن يبادر إلى ذبحه، فلو مات قبل أن يبادر إلى ذبحه - ولو لقصر الزمان،
أو لعدم وجود الآلة حرم. وقد غاب عن المصنف (قده) أن يضيف شرطا
(سابعا): أن يقتله بعقره لا بإتعابه أو صدمته، وهو شرط متفق عليه.
و (ثامنا): أن يكون قصده إلى الصيد الحلال وإلا حرم وإن قتل محللا، بخلاف
ما إذا قصد محللا معينا فقتل محللا غيره. وهذا أيضا متفق عليه.
208

فلو نسي التسمية وكان يعتقد وجوبها حل الأكل. ولو سمى غير
المرسل لم يحل. وكذا لا يحل لو شاركه كلب الكافر أن سمى، أو من لم
يسم، أو لم يقصد.
وأما السهم: فيدخل فيه السيف والرمح والسهم والمعراض إذا خرق،
فيؤكل ما يقتله أحدها إذا سمى المرسل وكان مسلما أو بحكمه، ولو قتل ما
فيه حديدة معترضا حل، ولو قتل السهم أو الكلب فرخا لم يحل.
ولو رماه بسهم فتردى من جبل أو وقع في الماء فمات لم يحل، ولو
قده السيف بنصفين حلا إن تحركا أو لم يتحركا، ولو تحرك أحدهما
حركة ما حياته مستقرة حل بعد التذكية خاصة (1)، وإلا حلا معا. ولو
قطعت الحبالة بعضه فهو ميتة (2).
ولو رمى صيدا فأصاب غيره حل، ولو رماه لا للصيد فأصاب لم يحل.
وباقي آلات الصيد كالفهود والحبالة وغيرهما لا يحل ما لم يدرك ذكاته
وهو المستقر حياته ويذكيه (3).

(1) وحرم الباقي، لأنه حينئذ كالقطعة المبانة من الحي، أما لو لم يتحركا
فالجميع حلال مقتول بالآلة.
(2) والباقي إن ذكاه وهو مستقر الحياة حل، وإلا ميتة أيضا.
(3) وفي (الشرائع): (ولو رمى صيدا فتردى من جبل أو وقع في ماء
فمات، لم يحل، لاحتمال أن يكون موته من السقطة، نعم لو صير حياته غير
مستقرة، حل، لأنه يجري مجرى المذبوح).
209

الفصل الثاني في الذباحة:
ويشترط في الذابح الاسلام أو حكمه، ولو ذبح الذمي أو الناصب (1)
لم يحل الأكل، ويحل (من) المخالف.
وإنما يكون بالحديد مع القدرة، ويجوز مع الضرورة بما يفري
الأوداج.
ويجب قطع المرئ والودجين والحلقوم (2)، ويكفي في المنحور
طعنه في وهدة اللبة.
ويشترط في الذبيحة: استقبال القبلة، والتسمية، ولو أخل بأحدهما
عمدا لم يحل، ولو كان ناسيا جاز (3).
ويشترط في الإبل النحر، وفي غيرها الذبح، وأن يتحرك بعد
التذكية حركة الإحياء، وأقله حركة الذنب أو تطرف العين، أو يخرج
الدم المسفوح، ولو فقدا لم تحل.
ويستحب في الغنم ربط قوائمها عدى إحدى رجليه، وفي البقر
إطلاق ذنبه، وربط أخفاف الإبل إلى الإبط، وإرسال الطير.

(1) وفي (المختصر النافع): (لا تحل ذبيحة المعادي لأهل البيت عليهم
السلام).
(2) المري: مجرى النفس المتصل بالحلقوم، وهو مجرى الطعام، والودجان:
عرقان إلى جانبهما.
(3) لرواية وردت في حل ذبيحة الجاهل بالاستقبال، والحق به الفقهاء
جاهل التسمية.
210

وما يباع في سوق المسلمين فهو ذكي حلال إذا لم يعلم حاله، ولو تعذر
الذبح أو النحر كالمتردي والمستعصي يجوز أخذه بالسيوف وغيرها مما
يجرح إذا خشي التلف.
وذكاة السمك اخراجه من الماء حيا، ولو مات في الماء بعد أخذه لم
يحل. وكذا ذكاة الجراد أخذه حيا، ولا يشترط فيهما الاسلام ولا التسمية.
والدبا حرام، ولو احترق في أجمة قبل أخذه فحرام.
وذكاة الجنين ذكاة أمه مع تمام الخلقة، ولو أخرج حيا لم يحل بدون
الذكاة.
الفصل الثالث في الأطعمة والأشربة:
وفيه مباحث:
الأول: في حيوان البحر.
ولا يؤكل منه إلا سمك له فلس، ويحرم الطافي والجلال منه حتى
يطعم علفا طاهرا يوما وليلة، والجري والسلحفاة والضفادع والسرطان.
ولا بأس بالكنعت، والربيثا، والطمر، والطبراني، والابلامي،
والأربيان.
ويؤكل ما يوجد في جوف السمكة إذا كانت مباحة، لا ما تقذفه الحية
إلا أن يضطرب ولم ينسلخ.
والبيض تابع، ومع الاشتباه يؤكل الخشن (1).

(1) في سائر النسخ: لا الأملس.
211

الثاني: البهائم.
ويؤكل النعم الأهلية، وبقر الوحش، وكبش الجبل، والحمر،
والغزلان، واليحامير.
ويكره الخيل، والبغال، والحمير.
ويحرم الجلال من المباح، وهو ما يأكل عذرة الانسان خاصة، إلا مع
الاستبراء، وتطعم الناقة علفا طاهرا أربعين يوما، والبقرة عشرين،
والشاة عشرة. ولو شرب لبن خنزيرة كره، ولو اشتد لحمه كره هو ونسله.
ويحرم كل ذي ناب كالأسد والثعلب، ويحرم الأرنب، والضب،
واليربوع، والحشرات، والقمل، والبق، والبراغيث.
الثالث: الطيور.
ويحرم السبع كالبازي، والرخم، وما كان صفيفه أكثر من دفيفه،
وما ليس له قانصة (1) ولا حوصلة ولا صيصة، والخفاش، والطاووس،
والجلال من الحلال حتى يستبرأ، فالبطة وشبهها بخمسة أيام، والدجاجة
بثلاثة. والزنابير، والذباب، وبيض المحرم، وما اتفق طرفاه في المشتبه.
ويكره: الغراب، والخطاف، والهدهد، والصرد، والصوام،
والشقراق، والفاختة، والقبرة.

(1) القانصة في الطير بمنزلة الأمعاء لغيرها، والحوصلة بمنزلة المعدة، والصيصة
شوكة في عقب رجل الطائر.
212

الرابع: الجامد.
ويحرم الميتة وأجزاؤها، عدى صوف ما كان طاهرا في حياته،
وشعره ووبره وريشه، وقرنه وعظمه (1) وظلفه (2) وبيضه إذا اكتسى
الجلد الفوقاني، والإنفحة (3).
ويحرم من الذبيحة: القضيب، والأنثيان، والطحال (3)، والفرث،
والدم، والمثانة، والمرارة (4) والمشيمة (6) والفرج، والعلباء (7)

(1) ومنه الأسنان.
(2) وهو بمنزلة الظفر لرجل البقر والغنم والمعز، وألحق به الخف من الإبل،
والحافر من الخيل والبغال والحمير.
(3) الإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء - كما في المجمع حكاية عن صحاح
الجوهري عن أبي زيد: هي كرش الحمل والجدي ما لم يأكل فإذا أكل فهو كرش
وعن المغرب: يقال: هي كرشة إلا أنه ما دام رضيعا سمي إنفحة، فإذا فطم
ورعى العشب قيل: استكرش وهو شئ أصفر عليه صوف رقيق أصفر يعصر
في صوفه مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن.
(4) وبما أن الطحال فيه دم فإذا شوي مع اللحم فإن كان الطحال غير
مثقوب لم يؤثر شيئا، وإلا فينجس ما تحته من اللحم فيحرم.
(5) المرارة: كيس فيها ماء أخضر هي مرة الصفراء معلقة مع الكبد،
وهي لكل حيوان إلا البعير.
(6) المشيمة: غشاء ولد الانسان، ويقال له من غيره: السلا. المجمع.
(7) العلباء، أو العلباءان - بكسر العين والمد: هما عصبتان عريضتان
صفراوان ممتدان على الظهر والعنق. والمجمع.
213

والنخاع (1) والغدد (2) وذات الأشاجع (3) وخرزة الدماغ (4) والحدق.
ويكره: الكلى، وإذنا القلب.
ويحرم الأعيان النجسة: (5) كالعذرة، وما أبين من الحي، والطين،
عدى اليسير من تربة الحسين عليه السلام للاستشفاء، والسموم القاتلة (6).
الخامس: المائع.
ويحرم كل مسكر من خمر وغيره، والعصير إذا غلا، والفقاع،

(1) النخاع - بالضم: هو الخيط الأبيض داخل عظم الرقبة، ممتد إلى
الصلب، يكون في جوف الفقار. وفي الخبر: لا تنخعوا الذبيحة حتى تجب.
أي لا تقطعوا رقبتها وتفصلوها حتى يسكن حركتها.
(2) الغدد جمع الغدة، وهي شئ أسود أو أصفر شديد يحدث على الشحم
من داء بين الجلد واللحم - المجمع.
(3) الأشاجع: أصول الأصابع التي تتصل بعصب ظاهر الكف، والواحدة:
أشجع.
(4) قيل: هي خرزة في وسط المخ الكائن في وسط الدماغ بقدر الحمصة
تقريبا، يخالف لونها لونه، تميل إلى الغبرة.
(5) يفتى كثير من الفقهاء بجواز ما تعارف عليه العقلاء من المنافع المحللة
المقصودة عندهم من النجس أو المتنجس من تسميد أو غيره، فتكون المعاملة
عليه أيضا جائزة.
(6) ألحق بالسم جمع من متأخري الفقهاء جميع أنواع الأفيونات ومنها
الترياق، إلا للمعالجة.
214

والدم، والعلقة وإن كانت في البيضة، وهي نجسة، وكل ما هو نجس من
المائع وغيره وتلقى النجاسة وما يكتنفها من الجامد كالسمن والعسل
ويحل الباقي.
والدهن النجس بملاقاة النجاسة يجوز الاستصباح به تحت السماء خاصة.
ويحرم الأبوال كلها عدى أبوال الإبل للاستشفاء. وكذا يحرم لبن
الحيوان المحرم.
ولو اشتبه اللحم ألقي في النار، فإن انقبض فذكي، وإلا فميتة، ولو
امتزجا واشتبه اجتنبا (1).
مسائل:
الأولى: يجوز للإنسان أن يأكل من بيت من تضمنته الآية خاصة (2)
مع عدم العلم بالكراهية.
الثانية: إذا انقلبت الخمر خلا طهرت (3)، بعلاج كان أو غيره، ما
لم يمازجها نجاسة.

(1) هذا على روايتين عمل بهما جماعة، والعمل بأصالة الحرمة أوفق بالاحتياط.
(2) وهي قوله تعالى: (ليس على الأعمى حرج ولا على المريض حرج ولا على
أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم
أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت
خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم) (النور 60) والمراد بما ملكتم
مفاتحه ما لكم الولاية عليه والقيمومة به وما ملكتم أمره كالعبد والطفل ونحوها.
(3) هي وظروفها وآلاتها وأغطيتها وجميع توابعها.
215

الثالثة: لا يحرم شئ من الربوبات وأن شم منها رائحة المسكر.
الرابعة: العصير (1) إذا غلا من قبل نفسه أو بالنار حرم حتى
ثلثاه، أو ينقلب خلا.
الخامسة: يجوز للمضطر تناول المحرم بقدر ما يمسك رمقه، إلا
الباغي، وهو: الخارج على الإمام عليه السلام، والعادي، وهو قاطع
الطريق.
السادسة: يستحب غسل اليد قبل الطعام، والتسمية، والأكل
باليمين (2) وغسل اليد بعده، والحمد، والاستلقاء وجعل الرجل اليمنى
على اليسرى. ويحرم الأكل على مائدة المسكر (3) وإفراط الأكل المتضمن
للضرر.

(1) خصوص العصير العنبي أو الزبيبي - على اختلاف الفتاوى.
(2) في سائر النسخ: باليمنى.
(3) بل يجب مقاطعة ذلك المجلس والخروج منه إنكارا للمنكر، فيحرم
حتى الجلوس فيه.
216

كتاب الميراث
وفيه فصول:
الفصل الأول - في أسبابه:
وهي شيئان، نسب. وسبب. فالنسب مراتبه ثلاث:
الأولى: الأبوان والأولاد.
فللأب المنفرد المال، وللأم وحدها الثلث والباقي رد عليها، ولو
اجتمعا كان الباقي له.
ولو كان معهما زوج أو زوجة فله نصيبه (1) وللأم الثلث والباقي
للأب. (2)
وللابن المال، وكذا الاثنين (3) فما زاد بالسوية. ولو انفردت البنت

(1) الأعلى: للزوج النصف وللزوجة الربع.
(2) وهو السدس مع الزوج، والسدسان ونصف السدس مع الزوجة.
(3) في سائر النسخ: الابنين.
217

فلها النصف والباقي رد عليها، وللاثنتين (1) فما زاد الثلثان والباقي رد
عليهما، فلو اجتمع الذكور والإناث من الأولاد فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ولكل واحد من الأبوين مع الذكور السدس والباقي للأولاد، ولو
كان معهم إناث فالباقي بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولكل واحد من الأبوين منفردا مع البنت الربع بالتسمية والرد
والباقي للبنت كذلك، ومع البنتين فما زاد: الخمس.
ولهما معا (2) مع البنت: الخمسان تسمية وردا والباقي لها، ومع
البنتين فما زاد: الثلث.
ولو شاركهم زوج أو زوجة دخل النقص على البنت أو البنات (3)
مسائل:
الأولى: إذا خلف الميت مع الأبوين أخا وأختين أو أربع أخوات أو
أخوين، حجبوا الأم عما زاد على (4) السدس، بشرط أن يكونوا مسلمين،
غير قاتلين ولا مماليك، منفصلين غير حمل، ويكونوا من الأبوين، أو من
الأب ويكون الأب موجودا، فإن فقد أحد هذه فلا حجب، وإذا
اجتمعت الشرائط فإن لم يكن معهما أولاد فللأم السدس خاصة والباقي

(1) في سائر النسخ: وللبنتين.
(2) لا توجد في سائر النسخ.
(3) وهو من عدم القول بالعول الذي يقول به العامة، أي دخول النقص
على الجميع، وسيأتي الكلام عليه مفصلا في مخارج السهام.
(4) في سائر النسخ: عن.
218

للأب، وأن كان معهما بنت فلكل من الأبوين السدس وللبنت النصف،
والباقي يرد على الأب والبنت أرباعا.
الثانية: أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند عدمهم، ويأخذ كل
فريق منهم نصيب من يتقرب به، فلأولاد البنت مع أولاد الابن الثلث
للذكر مثل حظ الأنثيين، ولأولاد الابن الثلثان كذلك، والأقرب يمنع
الأبعد (1) ويشاركون الأبوين كآبائهم، ويرد على أولاد البنت كما يرد عليها
ذكورا كانوا أو إناثا.
الثالثة: يحبى الولد الذكر الأكبر: بثياب بدن الميت وخاتمه،
وسيفه، ومصحفه (2)، إذا لم يكن سفيها ولا فاسد الرأي، بشرط أن
يخلف الميت غير ذلك، وعليه ما على الميت من صلاة وصيام.
المرتبة الثانية: الأخوة والأجداد.
إذا لم يكن للميت ولد وإن نزل ولا أحد الأبوين، كان ميراثه

(1) أي أن المتقرب بالأبوين يمنع المتقرب بالأب في جميع الطبقات، بشرطين:
أولا تساوي الدرج. وثانيا: اتحاد القرابة، فالعم من الأبوين لا يمنع الخال من
الأب لاختلاف القرابة، ولا يمنع ابن الخال من الأبوين الخال من الأب لاختلاف
الدرجة. وهذا اتفاقي كاشف الغطاء (قده).
(2) وأضاف بعضهم إلى ما ذكر - كما في بعض الروايات - الكتب والرحل
والراحلة والدرع والسلاح، وقال: فله ما يختار من هذه الأنواع الواردة في
الأخبار على أن يحتسبها من حصته، ثم قال: ولعل هذا وجه ما يمكن الجمع به
بين الأخبار المختلفة في المقام.
219

للإخوة والأجداد، فللأخ من الأبوين فما زاد المال، وللأخت من قبلهما
النصف والباقي رد عليهما، وللأختين منهما فما زاد الثلثان والباقي
رد عليهما.
ولو اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين، وللواحد
من ولد الأم ذكرا أو أنثى السدس والباقي رد عليه، وللاثنين فصاعدا
الثلث والباقي رد عليهم الذكر والأنثى سواء.
ويقوم من يتقرب بالأب خاصة مقام من يتقرب بالأبوين من غير
مشاركة وحكمهم حكمهم.
ولو اجتمع الأخوة من الأبوين مع الأخوة من كل واحد منهما كان لمن
يتقرب بالأم السدس أو كان واحدا والثلث إن كانوا أكثر بينهم بالسوية
وإن كانوا ذكورا وأناثا، ولمن تقرب بالأبوين الباقي واحدا كان أو أكثر
للذكر مثل حظ الأنثيين وسقط الأخوة من الأب. (1)
ولو اجتمع الأخوة من الأم مع الأخوة من الأب خاصة كان لمن تقرب
بالأم السدس إن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن
تقرب بالأب للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولو كان الأخوة من قبل الأب إناثا كان الرد بينهن وبين المتقرب
بالأم أرباعا أو أخماسا وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى، ويدخل النقص

(1) لأن الأقرب يمنع الأبعد كما سبق وأسلفنا معناه فيما مضى:
220

على المتقرب بالأبوين أو بالأب (1).
وللجد إذا انفرد المال، وكذا الجدة، ولو اجتمعا لأب فللذكر ضعف
الأنثى، وإن كانا لأم فبالسوية.
ولو اجتمع المختلفون فللمتقرب بالأم الثلث وإن كان واحدا والباقي
للمتقرب بالأب، ولو دخل الزوج أو الزوجة دخل النقص على المتقرب
بالأب (2) والأقرب يمنع الأبعد (3).
ولو اجتمع الأخوة والأجداد كان الجد كالأخ والجدة كالأخت (4).
والجد وإن علا يقاسم الأخوة.
وأولاد الأخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة
الأجداد، وكل واحد منهم يرث نصيب من يتقرب به، ويقتسمون
بالسوية إن كانوا الأم، وإن كانوا لأب فللذكر ضعف الأنثى.

(1) لعدم القول بالعول، كما سبق ويأتي في مخارج السهام.
(2) لعدم القول بالعول، كما سبق ويأتي في مخارج السهام.
(3) مع اتحاد الصنف أيضا، فالجد الأدنى يمنع الأعلى ولا يمنع ابن الأخ،
والأخ إنما يمنع ابن الأخ ولا يمنع الجد البعيد، وإن كان الأخ أقرب منه لاختلاف
القرابة - كاشف الغطاء (قده).
(4) هذا مع الاتحاد في جهة النسبة، فالجدودة من طرف الأب أو الأبوين
كالأخوة من طرفها، وأما مع الاختلاف، فمع اجتماع الجدودة من طرف الأب
مع الأخوة للأم: للإخوة مع الاتحاد السدس ومع التعدد الثلث، والبقية للجدودة
اتحدوا أو تعددوا. ومع اجتماع الأمي منهم مع الأبي من الأخوة: لهم الثلث
اتحدوا أو تعددوا، والبقية للإخوة كذلك - السيد اليزدي (قده).
221

المرتبة الثالثة: الأعمام والأخوال.
وإنما يرثون مع فقد الأولين، فللعم وحده المال، وكذا العمان فما زاد،
كذا العمة والعمتان والعمات، ولو اجتمعوا، فللذكر منهم مثل حظ
الأنثيين، ولو تفرقوا فللواحد من الأم السدس، وللزائد عليه الثلث
بالسوية والباقي لمن تقرب بالأبوين واحدا أو أكثر للذكر ضعف الأنثى،
وسقط المتقرب بالأب، ولو فقد المتقرب بهما قام المتقرب بالأب مقامه
وحكمه حكمه.
وللخال المنفرد المال، وكذا الخالان فما زاد، وكذا الخالة والخالتان
والخالات، ولو اجتمعوا تساووا، ولو تفرقوا فللمتقرب بالأم السدس
وإن كان واحدا، والثلث إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن يتقرب
بالأبوين واحدا كان أو أكثر بالسوية، وسقط المتقرب الأب، ولو فقد
المتقرب بهما قام المتقرب بالأب مقامه كهيئته.
ولو اجتمع الأخوال والأعمام فللأخوال الثلث وإن كان واحدا
ذكرا أو أنثى، والباقي للأعمام (1)، فإن تفرق الأخوال فللمتقرب بالأم
سدس الثلث إن كان واحدا، وثلثه إن كان أكثر بالسوية، والباقي لمن
تقرب بالأبوين، وسقط المتقرب بالأب، وللأعمام الباقي، فإن تفرقوا
فللمتقرب بالأم سدسه إن كان واحدا، وإلا فالثلث، والباقي للمتقرب
بهما، وسقط المتقرب بالأب، وللزوج أو الزوجة نصيبه (2)، وللمتقرب

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: وإن كان واحدا ذكرا أو أنثى.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: الأعلى.
222

بالأم ثلث الأصل، والباقي للمتقرب بهما أو بالأب.
ويقوم أولاد العمومة والعمات والخؤولة والخالات مقام آبائهم مع
عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به، واحدا كان أو أكثر،
والأقرب يمنع الأبعد إلا في صورة واحدة، وهي: ابن عم من الأبوين مع
العم من الأب، فإن المال لابن العم خاصة
وعمومة الأب وخؤولته وعمومة الأم وخؤولتها يقومون مقام العمومة
والعمات والخؤولة والخالات مع فقدهم، والأقرب يمنع الأبعد، وأولاد
العمومة والخؤولة وإن نزلوا يمنعون عمومة الأب وخؤولته وعمومة الأم
وخؤولتها.
ولو اجتمع للوارث سببان متشاركان ورث بهما، كابن عم لأب هو
ابن خال لأم، أو زوج هو ابن عم، مع ابن عم أو ابن خال (1).
ولو منع أحدهما الآخر ورث من قبل المانع كابن عم لأب هو أخ لأم (2)

(1) في سائر النسخ: هو ابن عم أو ابن خال، فالساقط: مع ابن عم.
(2) (كما إذا تزوج الأخوان زوجتين فولدتا لهما، ثم مات أحدهما، فتزوجها
الآخر فولدت له، فولد هذه المرأة من زوجها الأول ابن عم لولدها من زوجها
الثاني، وأخ لأم، فيرث بالأخوة لا بالعمومة) - المنهاج. وبعبارة أخرى:
كرجل تزوج زوجتين وله من كل منهما ولد ذكر تزوج أحدهما بزوجة وله منها
ولد ذكر، ثم طلقها وتزوجها الآخر وله منها ولد ذكر أيضا هو الميت، فيكون
ولد هذين لولد الآخر إخوانا لأمهم وأبناء عم لأبيهم.
223

الفصل الثاني في الميراث بالسبب:
وهو اثنان: الزوجية، والولاء.
فللزوج مع عدم الولد النصف، ومعه وإن نزل الربع، وللزوجة
مع عدمه الربع ومع وجوده الثمن، ولو فقد غيرهما رد على الزوج، وفي
الزوجة قولان (1) ويتشارك ما زاد على الواحدة في الثمن أو الربع
ويرث كل منهما من صاحبه مع الدخول وعدمه، ومع الطلاق
الرجعي (2).
ويرث الزوج من جميع التركة، وكذا المرأة إذا كان له ولد منها.
ولو فقد ورثت إلا من العقارات والأرضين، فيقوم الأبنية والآلات
والنخيل والأشجار وترث من القيمة (3).
ولو تزوج المريض ودخل ورثت، وإلا فلا مهر ولا ميراث (4)
وأما الولاء: فأقسامه ثلاثة:

(1) قول بالرد وقول بالرجوع إلى الإمام.
(2) ولا ترث في البائن إلا إذا كان الطلاق في مرضه الذي توفي فيه، فإنها
ترثه حينئذ إلى سنة من حين الطلاق في ذلك المرض، إن لم تكن قد تزوجت،
أو طلبت الطلاق بنفسها، فحينئذ لا إرث لها.
(3) اشترط العلامة في منعها من إرث الأرض أن لا يكون له منها ولد.
ومشهور الشيعة مساواة ذات الولد لغيرها في المنع من إرث الأرض عينا وقيمة،
وإنما ترث من قيمة ما عليها.
(4) بينهما.
224

الأول: ولاء العتق. ويرث المعتق عتيقه مع التبرع وعدم التبري من
الجريرة بعد فقد النسب. ويشارك الزوج والزوجة.
ولو كان المنعم متعددا تشاركوا، ولو عدم فالأقرب انتقال الولاء
إلى الأبوين والأولاد الذكور، فإن فقدوا فللعصبة.
ولو كان المنعم امرأة انتقل إلى عصبتها دون أولادها.
ولا يرث الولاء من يتقرب بالأم.
ولا يصح بيعه ولا هبته ولا اشتراطه في بيع.
وجر الولاء صحيح، فلو حملت المعتقة بعد العتق من مملوك حرا (1)
فولاؤه لمولاها، فإذا أعتق الأب انجر الولاء إلى معتق أبيه، فإن فقد
فلأبويه وأولاده الذكور، فإن فقدوا فلعصبته: فإن فقد فلمولى مولى
الأب، فإن فقد فلمولى عصبة المولى، فإن فقد فللضامن، فإن فقد فللإمام.
ولا يرجع إلى مولى الأم.
ولو مات المنعم عن اثنين ثم مات المعتق بعد موت أحدهما شارك الحي
ورثة الميت.
الثاني: ولاء تضمن الجريرة (2) ومن توالى إنسانا يضمن حدثه،

(1) في سائر النسخ: آخر، وهو قيد زائد لا حاجة إليه. ويكون ولدها
حرا لأنه تابع لأمه فهي أشرف الأبوين. وحيث إن أباه مملوك، وقد اشترط
مولاها المعتق ولاءها لنفسه بإزاء ضمانه لجريرتها، يكون ولاء ولدها أيضا له
لأنه تابع لها.
(2) هو المعروف عند فقهاء السنة بولاء الموالاة.
225

ويكون ولاؤه له، وورث مع فقد كل مناسب ومسابب، ويشارك
الزوجين، وهو أولى من الإمام. ولا يتعدى الضامن.
ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق واجبا، أو من لا وارث سواه.
الثالث: ولاء الإمامة، وإذا فقد كل مناسب ومسابب انتقل الميراث
إلى الإمام يعمل به ما شاء وكان علي (عليه السلام) يضعه في فقراء بلده
وضعفاء جيرانه.
ومع الغيبة يقسم في الفقراء.
الفصل الثالث في موانع الإرث:
وهي ثلاثة: كفر، وقتل، ورق.
أما الكفر: فلا يرث الكافر المسلم وإن قرب، ولا يمنع من يتقرب به،
فلو كان للمسلم ولد كافر وله ابن مسلم ورث الجد ولو فقد المسلم كان الميراث
للإمام. والمسلم يرث الكافر، ويمنع مشاركة الكفار، فلو كان للكافر ولد
كافر وابن عم مسلم فميراثه لابن العم، ولو أسلم الكافر قبل القسمة شاركه
إن كان مساويا وأخذ الجميع إن كان أولى، سواء كان الميت مسلما أو
كافرا، ولو كان الوارث وواحدا وأسلم الكافر لم يرث.
والمسلمون يتوارثون وإن اختلفوا في الآراء، والكفار يتوارثون
وإن اختلفوا في الملل.
والمرتد عن فطرة (1) يقتل في الحال، وتعتد امرأته من حين الارتداد

(1) هو من كان أبواه مسلمين أو أحدهما عند بدء الحمل به.
226

عدة الوفاة، ويقسم ميراثه، ولا تسقط هذه الأحكام بالتوبة.
وعن غير فطره يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وتعتد زوجته عدة
الطلاق، ولا تقسم أمواله إلا بعد القتل، ولو تكرر قتل في الرابعة.
والمرأة إذا ارتدت حبست وضربت أوقات الصلاة حتى تتوب أو
تموت، وإن كانت عن فطرة.
وميراث المرتد للمسلم ولو لم يكن إلا كافرا انتقل إلى الإمام، والمرتد
لا يرث المسلم.
الثاني: القتل، وهو يمنع الوارث من الإرث إن كان عمدا ظلما، ولو
كان خطأ منع من إرث الدية على قول، وميراث المقتول لغير القاتل وإن
بعد أو تقرب بالقاتل، ولو فقد فللإمام.
والدية يرثها من يتقرب بالأب ذكورا أو إناثا والزوج والزوجة، وفي
المتقرب بالأم قولان.
ولو لم يكن للمقتول عمدا وارث لم يكن للإمام العفو بل أخذ الدية
أو القتل، ويقضي من الدية الديون والوصايا، وإن كانت للعمد، وليس
للديان المنع من القصاص.
الثالث: الرق، وهو مانع في الطرفين (1) ولو اجتمع الحر مع المملوك
فالمال للحر وإن بعد، ولو أعتق قبل القسمة شارك مع المساواة
واختص مع الأولوية.

(1) أي وارثا وموروثا، وعلى هذا فانتقال ما للمملوك إلى سيده ليس من
باب الإرث.
227

ولو كان الوارث واحدا وأعتق لم يرث، ولو لم يكن وارث إلا
المملوك أجبر مولاه على أخذ القيمة من التركة واعتق وأخذ الباقي، ولو
قصرت التركة لم يفك.
وميراث المملوك لمولاه وإن قلنا أنه يملك، فالمدبر وأم الولد والمكاتب
المشروط أو المطلق إذا لم يتحرر منه شئ كالقن.
الفصل الرابع في مخارج السهام:
النصف من اثنين، والثلث والثلثان من ثلاثة، والربع من أربعة،
والسدس من ستة، والثمن من ثمانية. ولو كان في الفريضة ربع وسدس
فمن اثني عشر، والثمن والسدس من أربعة وعشرين.
وقد تنكسر الفريضة فيضرب عدد من انكسر في أصل الفريضة
إن لم يكن بين نصيبهم وعددهم وفق (1) مثل: أبوين وخمس بنات

(1) الوفق: هو العدد أكثر من الواحد الذي يزيد من أحد العددين المختلفين
إذا قيس بالآخر.
وميزان معرفة الوفق بين الأعداد: أن تسقط الأقل من الأكثر ما أمكن،
فإن بقي منه شئ تسقطه من الأقل، فإن بقي منه شئ تسقطه مما بقي من
الأكثر، ولا تزال تفعل ذلك حتى يفنى العدد المنقوص منه أخيرا، فإن فنى بعدد
أكثر من الواحد فهما متوافقان، ووفقهما: الجزء المأخوذ من ذلك العدد الذي فنى
به العدد، فإن فنى باثنين فهما متوافقان بالنصف، وإن فنى بثلاثة فهما متوافقان
بالثلث وهكذا. كالستة مع العشرة: فإنه لا يفنى العشرة بالستة، ولكن
يفنيهما الاثنان، لأنا نرجع فنسقط الأربعة الباقية من الستة بالقياس إلى العشرة -
من الستة، فيبقى اثنان، فهما الوفق والوفق فيهما النصف. وهكذا في الأربعة
والستة.
فالمثال الذي ضربه المصنف (قده) الأبوين وخمس بنات - ليس بين عددهم -
خمس بنات - ونصيبهم - أربعة من ستة - وفق، لأن الأبوين لكل واحد منهما
السدس، وقد قال المصنف (قده) إن السدس يخرج من ستة، فإذا أخذنا
التقسيم من ستة وأعطينا لكل واحد من الأبوين السدس يبقى أربعة لخمس بنات،
فلا يقسم عليهن بالمطابقة، وأيضا ليس بين الأربعة - النصيب - والخمسة -
العدد: وفق، لأنه إذا أخرج الأقل من الأكثر بقي واحد وهو ليس وفقا.
فهنا قال المصنف (قده) (وقد تنكسر الفريضة، فيضرب عدد من
انكسر (عليه) في أصل الفريضة) وعدد المنكسر عليه هنا - وهن البنات:
خمسة، وأصل الفريضة - أي المخرج الأول - كان ستة، فيضرب أحدهما في
الآخر، فيحصل ثلاثون (5 في 6 يساوي 30) فيعطى سدسه (5) للأب وسدسه
(5) للأم، ويبقى عشرون يقسم بينهن بالسوية لكل واحدة أربعة: (5 زائد 5
زائد 20 يساوي 30).
228

وإلا ضربت الوفق من العدد كأبوين وست بنات تضرب ثلاثة وفق العدد
مع النصيب (1) في الفريضة.

(1) إنما كان وفق العدد - والعدد ستة - مع النصيب - وهو أربعة -
ثلاثة، لأن الأربعة إذا قيس بالستة زاد اثنان، وهو النصف، فإذا ضربنا نصف
الأربعة فيها لم يحصل المخرج الموافق، وإذا ضربنا نصف الأربعة في الستة كان
كذلك، وإذا ضربنا نصف الستة في الأربعة كان كذلك، ولكنا إذا ضربنا
نصف الستة فيها حصل المخرج الموافق للعدد والنصيب. هكذا: (3 في 6
يساوي 18) فللأب السدس (3) وللأم السدس (3) وللبنات ألست لكل واحدة
اثنان، هكذا: (3 زائد 12 يساوي 18).
229

ولو قصرت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة دخل النقص على
البنت أو البنات والأخت أو الأخوات للأبوين أو للأب (1).
ولو زادت الفريضة ردت على غير الزوج والزوجة والأم مع الأخوة (2).
وذو السببين أولى بالرد من السبب الواحد.
ولو مات بعض الوراث (3) قبل القسمة وتغاير الوارث (4) أو

(1) وهذا - لعدم القول بالعول الذي يقول به العامة أي دخول النقص على
الجميع، وبطلانه من ضروريات مذاهبنا. وتصويره: كما إذا ماتت امرأة ولها
زوج وأبوان وبنت، فللزوج الربع وللأبوين الثلث وللبنت النصف، فينقص.
أو مات رجل وله زوجة وأبوان وبنتان، فللأبوين الثلث وللزوجة الثمن وللبنتين
الثلثان، فينقص.
(2) في بعض النسخ: الأخت، وهو خطأ إذ لا خصوصية للأخت في حجب
الأم عن الرد عليها، بل الحاجب هم الأخوة والأخوات مطلقا. والقول بالحجب
لعدم القول بالتعصيب الذي يقول به العامة أي رد الزائد على عصبة الأب فقط،
وبطلانه من ضروريات مذهبنا. وتصويره: كما إذا مات رجل وله بنت وأبوان
وزوجة وأخوة، فللبنت النصف وللأبوين الثلث وللزوجة الثمن، فيزيد شئ
يرد على الأب والبنت فقط، ولا يرد على الأم لوجود الأخوة، ولا على الزوج لأنه
سبب لا نسب.
(3) هكذا في الأصل. والمفروض: موته وانحصار الورثة في الباقي مع
اتحاد رتبتهم جميعا: كست إخوة وأخوات، مات أخ ثم أخت ثم أخ ثم أخت،
فورثهم أخ وأخت بلا مزاحم.
(4) والمفروض هنا: موت الوارث وله وارث مثله يخلفه: كأخوين وارثين
مات أحدهما فخلفه ابنه.
230

الاستحقاق (1) فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الأولى (2)،
وإن لم يكن وفق فاضرب الفريضة الثانية في الأولى (3).

(1) كأخوة وراث مات أحدهم فانتقلت حصته وإرثه إلى أخويه.
(2) الفريضة الأولى: أي القسمة الأولى قبل موت بعض الوراث أو تغيره
أو تغير استحقاقه. والفريضة الثانية: هي القسمة في تركة الميت الثاني. والوفق
يكون فيما: لو كان للميت أبوان وابن، فالفريضة الأولى ستة، لأن لكل من
الأبوين السدس، وللابن الباقي. فينقسم مال الميت إلى ستة أقسام: قسم للأب
وقسم للأم وأربعة أقسام للابن، فإن مات الابن قبل القسمة، وكان له إبنان
وبنتان، فيجب أن يقسم مال الميت الثاني - أي الابن - إلى ستة أقسام: لكل
من البنتين قسم واحد ولكل من الابنين قسمان، فصار كل من الفريضتين ستة،
ولو أردنا تقسيم حصة الميت الثاني - التي هي أربعة - على ورثته - الذين هم على
ست حصص - لزم الكسر، فههنا يكون الوفق بين الأربعة والستة في اثنين وهو
النصف، فيضرب الوفق - أي النصف وهو هنا الثلاثة نصف الستة في الفريضة
الأولى أي القسمة الأولى أي الستة فيحصل ثمانية عشر، هكذا: (3 في 6
يساوي 18) وحينئذ يصح التقسيم على جميع الورثة بقسمة واحدة بالمطابقة أي
بدون كسر: فالسدسان ستة للأبوين، والباقي اثنا عشر للذكر مثل حظ الأنثيين
لكل ذكر أربعة، ولكل أنثى اثنان.
(3) كما لو كان للميت أبوان وابن، فالفريضة الأولى ستة، لأن لكل من
الأبوين السدس، وللابن الباقي، فيقسم المال إلى ستة أقسام قسم للأب وقسم
للأم وأربعة أقسام للابن، فمات الابن قبل القسمة، وكان له إبنان وبنت واحدة
فتكون سهامهم خمسة وإرثهم أربعة وليس بين الأربعة والخمسة وفق - لأنه لا
يزيد أحدهما على الآخر عند المقايسة أكثر من واحد - فهنا تضرب الفريضة
الثانية - أي الخمسة - في الفريضة الأولى أي القسمة الأولى - أي الستة - فيحصل
ثلاثون، هكذا: (5 في 6 يساوي 30) وحينئذ يصح التقسيم على جميع الورثة
بقسمة واحدة بالمطابقة أي بدون كسر: فالسدسان عشرة للأبوين، والعشرون
للذكر مثل حظ الأنثيين: أي لكل ذكر ثمانية وللأنثى أربعة، هكذا: (5
زائد 5 زائد 8 زائد 4 يساوي 30).
231

الفصل الخامس - في ميراث ولد الملاعنة والزنا والحمل والمفقود:
ولد الملاعنة: ترثه أمه ومن يتقرب بها وولده وزوجه أو زوجته،
وهو يرثهم. فلا توارث بينه وبين الأب ومن يتقرب به، ولو ترك أخوة
من الأبوين مع أخوة من الأم تساووا في ميراثه.
وولد الزنا: لا يرثه الزاني ولا الزانية ولا من يتقرب بهما، ولا يرثهم،
وإنما يرثه ولده وزوجه أو زوجته، وهو يرثهم، ومع عدمهم الإمام
والحمل: إن سقط حيا ورث، وإلا فلا، ويوقف له قبل الولادة
نصيب ذكرين احتياطا، ويعطى أصحاب الفرض أقل النصيبين، ودية
الجنين لأبويه ومن يتقرب بهما أو بالأب.
والمفقود: يقسم أمواله بعد مضي مدة لا يمكن أن يعيش مثله
إليها غالبا.
الفصل السادس في ميراث الخنثى:
وهو من له فرجان، فأيهما سبق بالبول منه حكم له، ولو تساويا حكم
232

للمتأخر في الانقطاع، فإن تساويا أعطي نصف سهم رجل ونصف سهم
امرأة.
ولو خلف ولدين ذكرا وخنثى فرضتهما ذكرين ثم ذكرا وأنثى،
وضربت إحدى الفريضتين في الأخرى، ثم المجتمع (1) في حالتيه (2)
فيكون اثني عشر، للخنثى خمسة (3) وللذكر سبعة. ولو كان معه أنثى
كان لها خمسة وللخنثى سبعة (4) ولو اجتمعا معه فالفريضة من

(1) أي المجتمع من ضرب إحدى الفريضتين في الأخرى: أي الستة المجتمعة
من ضرب فريضة الذكرين: أي الاثنين، في فريضة الذكر والأنثى: أي الثلاثة.
(2) أي حالتي فرضه ذكرا أو فرضه أنثى: أي الحالتين: أي الاثنين.
يعني يضرب مجموع الستة في اثنين، فيكون اثني عشر. وفي سائر النسخ هنا
إضافة: في مخرج النصف، وهي زائدة، لأنها إن كانت كان عبارة: في
حالتيه زائدة، لأن الستة ليس هو العدد المجتمع من حالتي الخنثى بل هو اثنان،
فتارة واحد من اثنين وأخرى واحد من ثلاثة، وإذا كان المراد به الاثنين
كانت عبارة: في مخرج النصف، زائدة لا محالة. والعجب إن خفي هذا على
الكثير!.
(3) وهي مجموع نصف حظ الذكر مع الذكر: ثلاثة من ستة، ونصف حظ
الأنثى مع الذكر: اثنين من أربعة.
(4) لأن الخنثى تفرض أنثى فتكون الفريضة من اثنين، وأخرى تفرض
ذكرا فتكون الفريضة من ثلاثة: اثنان للخنثى وواحدة للأنثى، فيضرب
الثلاثة في الاثنين: (3 في 2 يساوي 6) ثم تضرب الستة في الاثنين أيضا
- كما سبق - (6 في 2 يساوي 12)، فعلى كون الخنثى ذكرا لها ثمانية،
فنصف حظ الذكر والأنثى يكون سبعة.
233

أربعين (1) ولو فقد الفرجين ورث بالقرعة.
ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد، يصاح به فإن انتبها معا
فواحد وإلا فإثنان.
الفصل السابع في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم:
وهؤلاء يتوارثون بشروط: أن يكون لهما أو لأحدهما مال وكانوا
يتوارثون، ويشتبه المتقدم. وفي ثبوت الحكم بغير الغرق والهدم إشكال.
ومع الشرائط يرث كل منهم (2) من صاحبه لا مما ورث منه. ويقدم
الأضعف في الإرث، فلو غرق أب وابن فرض موت الابن وأخذ الأب
نصيبه ثم يرث الابن نصيبه من تركة الأب مما ورث وينتقل نصيب كل
واحد منهما إلى وارثه، ولو كان لأحد الآخرين مال انتقل ماله إلى ورثة
الآخر. ولو لم يكن وارث كان للإمام.

(1) أي لو اجتمع الذكر والأنثى مع الخنثى، تفرض أنثى فتكون
الفريضة من أربعة، وأخرى تفرض ذكرا فتكون الفريضة من خمسة، فتضرب
الأربعة في الخمسة: (4 في 5 يساوي 20) ثم تضرب العشرون في الاثنين
أيضا - كما سبق: (20 في 2 يساوي 40) فعلى كون الخنثى ذكرا لها ستة
عشر، وعلى كونها أنثى لها عشرة، فنصف حظ الذكر والأنثى يكون ثلاثة
عشر، والباقي سبعة وعشرون للذكر ثلثاه: ثمانية عشرة، وللأنثى ثلثه: تسعة:
(13 زائد 18 زائد 9 يساوي 40).
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: واحد.
234

الفصل الثامن - في ميراث المجوس:
وهؤلاء يرثون بالنسب والسبب صحيحهما وفاسدهما - على خلاف،
فلو ترك أما هي زوجة فلها نصيبها، ولو كان أحدهما مانعا ورث به
خاصة: كبنت هي بنت بنت، فإنها ترث نصيب البنت خاصة.
235

كتاب القضاء
(والشهادات والحدود)
وفيه فصول:
الفصل الأول في صفات القاضي:
ولا بد أن يكون: مكلفا، مؤمنا، عدلا، عالما، طاهر المولد،
ضابطا. ولا يكفيه فتوى العلماء.
ولا بد من إذن الإمام، وينعقد قضاء (1) الفقيه مع الغيبة إذا جمع
الصفات.
ويستحب الإعلان بوصوله، والجلوس وسط البلد مستدبر القبلة،
والسؤال عن الحجج والودائع وأرباب السجن وموجبه. وأن يفرق

(1) بل القضاء واجب على الفقهاء كفاية مع التعدد، وعينا مع الانحصار،
اللهم إلا مع خوف الضرر على نفسه أو عرضه، أو عدم وثوقه بنفوذ حكمه، أو
عدم تطامن الناس إلى الحق، كما هو الحال الغالب في هذه الأزمنة، الذي
أوجب تعطيل القضاء بالحق من أهله، والله المستعان - كاشف الغطاء (قده).
236

الشهود مع التهمة، ومخاوضة العلماء
ويكره القضاء مع شغل القلب بالغضب والجوع والعطش والهم
والفرح وغيرها، واتخاذ حاجب وقت القضاء، وتعيين قوم للشهادة،
والشفاعة إلى الغريم في إسقاطه حقه.
ويقضي الإمام بعلمه. وغيره به في حقوق الناس، وإذا انتفى العلم
حكم بالشهادة مع علمه بعدالة الشهود أو التزكية وتسمع مطلقة، بخلاف
الجرح، ومع التعارض يقدم الجرح.
وتحرم الرشوة، ويجب إعادتها وإن حكم بالحق، وإذا التمس الغريم
إحضار خصمه أجابه، إلا المرأة غير البرزة أو المريض فينفذ إليهما من
يحكم بينهما.
الفصل الثاني - في كيفية الحكم:
وعليه أن يسوي بين الخصمين في الكلام والسلام والمكان والنظر
والانصات والعدل في الحكم، ويجوز أن يكون المسلم قاعدا أو أعلى منزلا
والكافر أخفض أو قائما.
ولا يلقن الخصم، ولو بدر أحدهما بالدعوى قدمه فيها، ولو ادعيا
دفعة سمع من الذي على يمين خصمه.
فإن أقر خصمه ألزمه إن كان كاملا مختارا، فإن امتنع حبسه مع
التماس خصمه، ولو طلب المدعي إثبات حقه أثبته مع معرفته باسمه
ونسبه أو بعد معرفة عدلين، أو بالحلية.
ولو ادعى الإعسار وثبت أنظر، وإن لم يثبت ألزم بالبينة إذا عرف
237

له مال، أو كان أصل الدعوى مالا، وإلا قبل قوله مع اليمين.
وإن جحد طلبت البينة من المدعي، فإن أحضرها حكم له، وإلا
توجهت له اليمين. فإن التمسها حلف المنكر.
ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي فإن تبرع أو أحلفه الحاكم لم
يعتد بها وأعيدت مع التماس المدعي، فإن نكل ردت على المدعي وثبت
حقه إن حلف (1) وإن نكل بطل (2) وإن رد اليمين حلف المدعي فإن
نكل بطلت دعواه.
وإذا حلف المنكر لم يكن للمدعي المقاصة، ولا تسمع بينته بعد
اليمين إلا أن يكذب نفسه.
ولو كان الدين على ميت احتاج المدعي مع البينة إلى يمين على البقاء
استظهارا.
ولو سكت المنكر لآفة توصل إلى معرفة إقراره أو إنكاره، ولا
يكفي المترجم الواحد، وإن كان عنادا حبس حتى يجيب.
الفصل الثالث في الاستحلاف:
ولا يجوز بغير أسماء الله تعالى، ولو كان أحلاف الذمي بدينه
أردع جاز.
ويستحب الوعظ والتخويف والتغليظ، في نصاب القطع (3) فما زاد

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: المدعي.
(2) في سائر النسخ هكذا: فإن نكل بطلت دعواه.
(3) أي في نصاب قطع يد السارق: أي ربع دينار.
238

بالقول والمكان والزمان ويكفي " والله ماله قبلي كذا "
ويمين الأخرس بالإشارة ولا يحلف إلا في مجلس القضاء مع المكنة.
واليمين على القطع، إلا في نفي فعل الغير فإنها على نفي العلم.
ولو ادعى المنكر الإبراء أو الإقباض انقلب مدعيا.
ولا يمين في حد، ولا مع عدم العلم، ولا يثبت مالا لغيره.
وتقبل الشهادة مع اليمين إذا بدأ بالشهادة وعدل، في الأموال
والديون، لا في الهلال والطلاق والقصاص.
وإذا شهد بالحكم عدلان عند آخر أنفذه الحاكم الثاني ما لم يناف
المشروع.
الفصل الرابع في المدعي:
ولا بد أن يكون مكلفا مدعيا لنفسه أو لمن له الولاية عنه ما يصح
تملكه وله انتزاع العين، أما الدين فكذا مع الجحد وعدم البينة ومع عدم
البذل. ولو ادعى ما لا يد لأحد عليه قضي له به مع عدم المنازع. ويحكم
على الغائب مع البينة ويباع ما له في الدين، ولا يدفع إلا بكفيل.
ولو تنازع اثنان ما في يدهما فلهما بالسوية، ولكل إحلاف صاحبه،
ولو كان في يد أحدهما فللتشبث مع اليمين. ولو كانت في يد ثالث فهي لمن
صدقه وللآخر إحلافه، فإن صدقهما تساويا ولكل إحلاف صاحبه، وإن
كذبهما أقرت في يده.
ولو تداعى الزوجان متاع البيت قيل للرجل ما يصلح له وللمرأة ما
يصلح لها، وما يصلح لهما بينهما. وقال في (المبسوط). إذا لم تكن بينة
239

ويدهما عليه فهو لهما، ولو تعارضت البينتان قضى للخارج إلا أن تشهد
بينة المتشبث بالسبب. ولو شهدتا بالسبب فللخارج، ولو تشبثا قضى
لكل بما في يد صاحبه فيكون بينهما بالسوية، ولو كان في يد ثالث قضي
للأعدل فالأكثر عددا، وإن تساويا أقرع فيحلف من تخرجه القرعة،
فإن امتنع أحلف الآخر، فإن امتنعا قسم بينهما.
الفصل الخامس - في صفات الشاهد:
وهي ستة: البلوغ، وكمال العقل، والإيمان، والعدالة، وانتفاء
التهمة (1) وطهارة المولد.
وتقبل شهادة الصبيان في الجراح مع بلوغ العشر وعدم الاختلاف
وعدم الاجتماع على المحرم.
وتقبل شهادة أهل الذمة في الوصية مع عدم المسلمين. ولا تقبل شهادة
الفاسق إلا مع التوبة، ولا شهادة الشريك لشريكه فيما هو شريك فيه،
ولا الوصي فيما له الولاية فيه، وكذا الوكيل (2)، ولا العدو، ولا شهادة
الولد على الولد، ويجوز العكس، وتقبل شهادة كل منهما لصاحبه، وكذا
الزوجان.

(1) التهمة المانعة هي التي يجر الشاهد فيها نفعا إلى نفسه كالشريك والأجير
والغريم، وأما ما لا تستلزم نفعا للشاهد فلا تمنع كالصداقة والقرابة والجوار
ونحوها، نعم للخصم أن يجرحه بها فينظر الحاكم فيها ردا أو قبولا.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: ولا القاذف.
240

ولا تقبل شهادة المملوك على مولاه، وفي غيره قولان. ولو أعتق
قبلت له وعليه.
ولو شهد من تحملها مع المانع بعد زواله قبلت.
ولا تقبل شهادة المتبرع (1)، ولا شهادة النساء في الهلال والطلاق
والحدود، وتقبل مع الرجال (2) في الحقوق (3) والأموال، وتقبل شهادتهن
بانفرادهن في العذرة وعيوب النساء الباطنة (4) وشهادة القابلة في ربع
ميراث المستهل، وامرأة واحدة في ربع الوصية.
الفصل السادس في بقية مسائل الشهادات:
الأولى: لا يحل للشاهد أن يشهد إلا مع العلم، ولا يكفي رؤية الخط
مع عدم الذكر وإن أقام غيره، ويكفي في الشهادة بالملك مشاهدته
متصرفا فيه.
ويثبت بالسماع (5): النسب والملك الطلق والوقف والزوجية.

(1) في حقوق الناس فقط.
(2) في بعضها: ففي الزنا الموجب للرجم يكفي ثلاثة رجال وامرأتان،
وفي الموجب للجلد رجلان أو أربع نسوة.
(3) في سائر النسخ: في الحدود. وعلق عليه كاشف الغطاء (قده) يقول:
في النسخة الصحيحة: في الحقوق.
(4) والولادة والرضاع والحيض.
(5) في سائر النسخ: بالشياع.
241

ولو سمع الإقرار شهد وإن قيل له لا تشهد.
الثانية: لا يجوز للشاهد كتمان الشهادة مع العلم وانتفاء الضرر غير
المستحق (1) ولو دعي للتحمل وجب على الكفاية، ولا يشهد على من لا
يعرفه إلا بمعرفة عدلين، ويجوز النظر إلى وجه امرأة للشهادة.
الثالثة: تقبل الشهادة على الشهادة في الديون والأموال والحقوق لا
الحدود.
ولا يكفي أقل من عدلين على أصل، ولو شهد اثنان على كل واحد من
الأصلين قبلت، وإنما تقبل مع تعذر حضور شاهد الأصل. ولو أنكر
الأصل ردت الشهادة مع عدم الحكم، ولا تسمع الشهادة الثالثة في شئ أصلا.
الرابعة: إذا رجع الشاهدان قبل الحكم بطل، وإن كان بعده لم ينقض
وغرمهما (2).
ولو ثبت تزويرهما استعيدت العين، فإن تلفت أو تعذر الاستعادة
ضمن الشهود.
ولو قال شهود القتل بعد القصاص أخطأنا غرموا، وإن قالوا تعمدنا

(1) هذا احتراز عن الضرر المستحق، كما لو خاف أن يطالبه المشهود عليه
بمال له عليه.
(2) في سائر النسخ هكذا: لم ينقض الحكم وغرما. هذا إذا كانت الشهادة
في الحقوق لا الحدود، وإلا نقض، وأجرى عليهما حد القذف أو عزرا.
242

اقتص منهم أو من بعضهم ويرد (1) البعض ما وجب عليهم فإن فضل
شئ أتمه الولي، ولو قال بعضهم ذلك رد عليه الولي ما يفضل عن جنايته،
واقتص منه إن كان عمدا وأخذ منه ما قابل فعله من الدية إن قال أخطأت.
ولو شهدا بسرقة فقطعت يد المشهود عليه ثم قالا: أوهمنا والسارق
غيره، غرما دية اليد، ولا يقبل قولهما على الثاني.
الخامسة: يجب شهرة شاهد الزور وتعزيره بما يراه الإمام رادعا.
الفصل السابع في حد الزنا:
وهو يثبت بإيلاج فرجه في فرج امرأة، حتى تغيب الحشفة، قبلا أو
دبرا، من غير عقد ولا شبه عقد ولا ملك، بشرط بلوغه وعقله وعلمه
بالتحريم واختياره، ولو علم التحريم وعقد على المحرم ثبت الحد، ولو
تشبهت الأجنبية عليه حدت دونه، ولو ادعى الزوجية أو ما يصلح شبهة
سقط الحد.
ولو تزوج المعتدة عالما حد مع الدخول، وكذا المرأة، ولو ادعى
أحدهما الجهالة المحتملة قبل.
ويحد الأعمى مع انتفاء الشبهة المحتملة لا معها.
ويثبت بالإقرار من أهله أربع مرات، أو بشهادة أربعة رجال عدول
أو ثلاثة وامرأتين، ولو شهد رجلان وأربع نسوة ثبت الجلد دون

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: على، وهو خطأ، فكيف يرد على البعض
ما وجب عليهم؟ والعجب كيف غفل عنه الكثير.
243

الرجم، ولا يقبل رجل واحد مع النساء وإن كثرن. ولو شهد أقل من
أربعة حدوا للفدية.
ويشترط في الشهادة اتفاقها من كل وجه والمشاهدة عيانا كالميل في
المكحلة، ولو شهدوا بالمضاجعة والمعانقة والتقبيل والتفخيذ ثبت التعزير.
ولو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط، ولو كان بحد لم يسقط.
ولو أقر ثم تاب تخير الإمام، ولو تاب بعد البينة تحتمت الإقامة، ولو كان
قبلها سقط الحد.
ويقتل الزاني بأمه أو بإحدى المحرمات نسبا أو رضاعا أو بامرأة
الأب، أو بالمسلمة إذا كان ذميا، أو بمن أكرهها عليه، محصنا كان أو غير
محصن عبدا أو حرا مسلما أو كافرا.
أما الزاني بغير المحرمات نسبا أو رضاعا، فإن كان محصنا وهو
الذي له فرج مملوك بالعقد الدائم أو الملك يغدو إليه ويروح ويكون
عاقلا، جلد مائة، ثم رجم إن زنى ببالغة عاقلة، وإن كان بصغيرة أو
مجنونة جلد خاصة.
وكذا المرأة المحصنة ترجم بعد الحد، وإحصانها كإحصان الرجل.
ولو راجع المخالع لم يرجم حتى يطأ، وكذا العبد إذا أعتق، والمكاتب
إذا تحرر.
ولو زنت المحصنة بصغير حدت، ولو كان بمجنون رجمت، وإن كان
غير محصن جلد مائة سوط وحلق رأسه وغرب عن البلد (1). وليس على

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: سنة.
244

المرأة والمملوك جز ولا تغريب.
فإن زنى بعد الحد ثانية تكرر الحد، وإن لم يحد كفى حد واحد،
فإن زنى ثالثة بعد الحدين قتل، وقيل في الرابعة، وكذا المرأة.
أما المملوك فيجلد (1) خمسين محصنا كان أو غيره، وكذا المملوكة،
ويقتل في الثامنة أو التاسعة مع تكرار الحد في كل مرة.
مسائل:
الأولى: للحاكم إقامة الحد على أهل الذمة، ورفعه إلى أهل ملته
ليقيموه عليه.
الثانية: لا يقام الحد على حامل حتى تضع، ويستغنى الولد، ولا
المريض ولا المستحاضة وترجمان.
ولو اقتضت المصلحة تقديم حد المريض ضرب بضغث فيه مائة
سوط دفعة.
ولا يقام في شدة الحر ولا البرد، ولا في أرض العدو، ولا على الملتجئ
إلى الحرم، ويضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقام عليه الحد،
ولو زنى في الحرم حد فيه.
الثالثة: لو اجتمع الجلد والرجم بدئ بالجلد، ويدفن المرجوم إلى
حقويه والمرأة إلى صدرها، فإن فر أحدهما وقد ثبت بالبينة أعيد، وإن

(1) في سائر النسخ: فيحد.
245

كان بالإقرار لم يعد مع إصابة الحجر. ويبدأ الشهود بالرجم، وفي الإقرار
الإمام.
الرابعة: يجرد للجلد، ويضرب أشد الضرب، ويتقي وجهه (1)
وتضرب المرأة جالسة وقد ربطت عليها ثيابها.
الخامسة: من تزوج بأمة على حرة مسلمة فوطأها قبل الإذن كان عليه
ثمن حد الزاني، ومن زنى في زمان شريف أو مكان شريف ضرب زيادة
على الجلد (2).
الفصل الثامن في اللواط والسحق والقيادة:
يثبت اللواط بما يثبت به الزنا إن أوقب قتل، أو رجم، أو ألقي من
شاهق، أو أحرق، وللإمام إحراقه أو قتله بغيره، وإن كان بصغير أو
مجنون.
ولو لاط المجنون أو الصغير بعاقل أدبا، وقتل العاقل.
ولو ادعى العبد إكراه مولاه قبل وإلا قتل. ولو لاط الذمي بمسلم
قتل وإن لم يوقب.
ويقتل المفعول مع الإيقاب، ولو لم يوقب جلد مائة، حرا كان أو
عبدا، فاعلا أو مفعولا. ولو تكرر الحد قتل في الرابعة.
ويعزر الأجنبيان المجتمعان في إزار واحد مجردين من ثلاثين إلى

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: وفرجه.
(2) في سائر النسخ: الحد.
246

تسعة وتسعين، ولو تكرر التعزير حد في الثالثة، ويعزر من قبل غلاما
بشهوة.
ويثبت السحق بما يثبت به الزنا، ويجب فيه جلد مائة على الفاعلة
والمفعولة الحرة والأمة سواء، ولو تكرر الحد قتلت في الرابعة.
ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة كاللواط ولا يسقط بعدها.
وتعزر المجتمعتان تحت إزار واحد مجردتين، وتحدان لو تكرر
التعزير مرتين.
ويحد (1) القواد خمسا وسبعين جلدة، ويحلق رأسه، ويشهر وينفى،
حرا كان أو عبدا مسلما أو كافرا، ولا جز على المرأة ولا نفي. ويثبت
بشاهدين (2)، أو الإقرار مرتين.
الفصل التاسع في حد القذف:
من قال من المكلفين للبالغ العاقل الحر المسلم (يا زان) أو
(يا لائط) أو (يا منكوحا في دبره) أو (أنت زان) أو (لائط)، بأي
لغة كانت، مع معرفة القائل بالفائدة (3) حد ثمانين جلدة، حرا كان
أو عبدا.

(1) في سائر النسخ: ويجلد.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: عدلين.
(3) وأن لا يكون قد أفلت منه في حال الغضب أو نحوه، كما في بعض
النصوص - كاشف الغطاء (قده).
247

ولو قال لمن اعترف ببنوته (لست بولدي) أو قال لغيره (لست
لأبيك)، وجب الحد. ولو قال: (يا بن الزاني أو الزانية) أو (يا بن
الزانيين) فالحد للأبوين إذا كانا مسلمين ولو كان المواجه كافرا، ويعزر
لو قال للمسلم: (ابن الكافرة) أو (أمك زانية). ولو قال: (يا
زوج الزانية) أو (يا أخ الزانية) أو (يا أب الزانية) فالحد للمنسوبة إلى
الزنا دون المخاطب. ولو قال: (زنيت بفلانة) أو (لاط بك فلان) أو
(لطت به) وجب حدان.
ويعزر في كل قول موجب للاستخفاف، كقوله لامرأته (لم أجدك
عذراء) أو (احتلمت بأمك البارحة) أو (يا فاسق) أو (يا شارب الخمر)
إذا لم يكن المقول له متظاهرا.
وكذا يعزر قاذف الصبي والكافر والمملوك والمتظاهر
بالزنا، والأب إذا قذف ولده.
ولو قذف جماعة، فإن جاؤوا به مجتمعين فعليه حد واحد، وإن
جاؤوا متفرقين فلكل واحد حد.
ويثبت القذف بالإقرار مرتين من المكلف، أو بشهادة عدلين.
ويعزر الصبي والمجنون إذا قذفا.
والحد موروث كالمال، ولا ميراث للزوجين، ولو عفى أحد الوراث
كان للباقي الاستيفاء على التمام.
ولو تكرر الحد ثلاثا قتل في الرابعة.
ولو تقاذف اثنان عزرا.
248

ويقتل من سب النبي (عليه السلام) أو واحدا من الأئمة (عليهم
السلام). ويحل لكل سامع قتله مع أمن الضرر، وكذا يقتل مدعي النبوة.
ومن قال: لا أدري صدق محمد (عليه السلام)، وكذبه مع تظاهره
بالإسلام أولا، والساحر إذا كان مسلما، ويعزر الكافر.
الفصل العاشر في حد المسكر:
من تناول مسكرا أو فقاعا أو عصيرا قد غلا قبل ذهاب ثلثيه
اختيارا مع العلم بالتحريم والتكليف حد ثمانين جلدة عاريا على ظهره
وكتفه، ويتقي وجهه وفرجه بعد الإفاقة، حرا كان أو عبدا أو كافرا
متظاهرا. ولو تكرر الحد ثلاثا قتل في الرابعة.
ولو شرب الخمر مستحلا فهو مرتد ويحد مستحل غيره (1).
ولو باع الخمر مستحلا استتيب، فإن تاب وإلا قتل، ويعزر بائع غيره.
ولو تاب قبل قيام البينة سقط الحد، ولا يسقط بعدها. ولو أقر ثم
تاب تخير الإمام.
ويثبت بشهادة عدلين، أو الإقرار مرتين من أهله.
ولو شرب المسكر جاهلا به أو بالتحريم سقط الحد.
ومن استحل ما أجمع على تحريمه كالميتة قتل، ولو تناوله محرما عزر.
ولا دية لمقتول الحد أو التعزير، ولو بان فسق الشهود فالدية في
بيت المال.

(1) قال في (شرائع الاسلام): (وأما سائر المسكرات فلا يقتل مستحلها،
لتحقق الخلاف بين المسلمين فيها، ويقام الحد مع شربها مستحلا ومحرما).
249

الفصل الحادي عشر في حد السرقة:
ويشترط في قطع السارق: التكليف، وانتفاء الشبهة، وهتك الحرز
وهو المستور بقفل أو غلق أو دفن وإخراج النصاب وهو ما قيمته
ربع دينار خالصا مضروبا بسكة المعاملة بنفسه سرا.
ومع الشرائط تقطع أصابعه الأربع من يده اليمنى، فإن عاد قطعت
رجله اليسرى من مفصل القدم ويترك له العقب، فإن عاد ثالثا خلد
السجن، فإن سرق فيه قتل ولو تكررت السرقة من غير حد كفى
حد واحد.
ولو سرق الطفل أو المجنون عزرا، ولا يقطع العبد بسرقة مال
السيد، ويقطع الأجير والزوج والزوجة والضيف مع الإحراز دونهم.
ويستعاد المال من السارق.
ولا يقطع السارق من المواضع المنتابة (1) كالحمامات والمساجد، ولا
من الجيب والكم الظاهرين، ولو كانا باطنين قطع (2).
ويقطع سارق الكفن، وبايع المملوك والحر، ولو نبش ولم يأخذ
عزر، فإن تكرر وفات السلطان (3) قتله.

(1) هي الأمكنة التي يدخل الناس إليها بالنوبة.
(2) ولا الشريك من شريكه، وفي بعض النصوص: لا قطع في طير، ولا
رخام، ولا ثمر ولا بيدر إمام جائر، ولا من بيت المال، فإن له فيه نصيبا.
(3) في سائر النسخ هنا إضافة: جاز.
250

ويثبت بشهادة عدلين أو الإقرار (1) مرتين من أهله، ويكفي في
غرم المال المرة وشهادة الواحد مع اليمين. ولو تاب قبل البينة سقط الحد
لا بعدها، ولو تاب بعد الإقرار تخير الإمام.
مسائل:
الأولى: لو سرق اثنان نصابا فالأقوى سقوط الحد عنهما حتى يبلغ
نصيب كل واحد النصاب.
الثانية: قطع السارق موقوف على المرافعة، فلو لم يرافعه المسروق
منه لم يقطع الإمام. لو وهبه أو عفى عن القطع سقط إن كان قبل
المرافعة وإلا فلا (2).
الثالثة: لو أخرج النصاب دفعة وجب القطع، وكذا لو أخرجه
مرارا على الأقوى
الرابعة: لو سرق الولد من مال ولده لم يقطع، ولو سرق الولد قطع (3).
الخامسة: يقطع اليمين وإن كانت إحدى يديه أو هما شلاوين أو لم

(1) في سائر النسخ هنا إضافة. به. وفي بعض النصوص: إذا كان إقراره
بعد الضرب فإن جاء بالسرقة قطع، وإلا قلا، لاحتمال أن يكون إقراره لدفع
العذاب.
(2) وفي الخبر: إنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام، وذلك قوله تعالى:
(والحافظون لحدود الله) فإذا انتهى إلى الإمام فليس لأحد تركه.
(3) وفي رواية: لا يقطع لأن ابن الرجل لا يحجب عن منزل أبيه، هذا
خائن. وكذلك إن أخذ من منزل أخيه أو أخته إن كانا لا يحجبانه عن الدخول
- كاشف الغطاء (قده).
251

يكن له يسار (1) ولو لم يكن له يمين قطعت يساره، وقيل رجله اليسرى.
الفصل الثاني عشر في حد المحارب وغيره:
كل من جرد السلاح للإخافة في بر أو بحر ليلا أو نهارا، تخير الإمام
بين: قتله، وصلبه، وقطعه مخالفا (2)، ونفيه. ولو تاب قبل القدرة
عليه سقط الحد دون حقوق الناس، ولو تاب بعدها لم يسقط.
وإذا نفي كتب إلى كل بلد بالمنع من معاملته ومؤاكلته ومجالسته إلى
أن يتوب.
واللص محارب يدفع مع غلبة السلامة، فإن قتل فهدر.
ومن كابر امرأة على فرجها أو غلاما فلهما دفعه فإن قتلاه فهدر.
ومن دخل دار قوم فزجروه فلم ينزجر لم يضمنوا تلفه أو تلف
بعض أعضائه.
ويعزر المختلس والمستلب، والمحتال بشهادة الزور وغيرها،
والمبنج (3)، بما يرتدع غيره (به) ويستعاد منه ما أخذه.

(1) وفي بعض النصوص: أن يسراه إذا كانت شلاء لا تقطع يمينه - كاشف
الغطاء (قده).
(2) أي اليد اليمنى والرجل اليسرى كقطع السارق من مفصل الأصابع عدا
الإبهام. وقد وردت رواية معتبرة فيمن لم يأخذ مالا ولم يقتل أحدا ولم يجرح
أن يقتصر فيه على النفي دون القطع والقتل. نعم لو قتل تعين قتله - كاشف
الغطاء (قده) بتصرف.
(3) من البنج معرب بنگ (بالگاف الفارسية): نبت مسبت مخيط للعقل -
بديع اللغة.
252

مسائل:
الأولى: إذا وطأ البالغ العاقل بهيمة عزر، ثم إن كانت مأكولة اللحم
حرم لحمها ولحم نسلها، وتذبح وتحرق ويغرم قيمتها لصاحبها، ولو
اشتبهت قسم القطيع نصفين ثم أقرع ثم قسم الخارج بالقرعة إلى أن يقع
إلى واحدة.
ولو كانت غير مأكولة (1) أخرجت من البلد وبيعت في غيره،
ويغرم قيمتها لصاحبها إن لم يكن له، ويتصدق بالثمن على رأي.
ويثبت بشهادة عدلين، أو الإقرار مرتين.
ولو تكرر التعزير قتل في الرابعة.
الثانية: من زنى بميتة فهو كمن زنى بحية في الحد واعتبار الإحصان،
ويغلظ هاهنا العقوبة، ولو كانت الميتة زوجة عزر، ويثبت بأربعة.
وحكم اللائط بالميت حكم اللائط بالحي ويغلظ عقوبته.
الثالثة: من استمنى بيده عزر، ويثبت بشهادة عدلين والإقرار مرة.
الرابعة: للإنسان الدفع عن نفسه وحريمه وماله ما استطاع. ويجب
الأسهل فإن لم يندفع به انتقل إلى الأصعب، ومن اطلع على قوم فزجروه
فلم ينزجر فرموه بحصاة أو عود فجني عليه فهدر.

(1) في بعض النسخ هنا إضافة (اللحم)، والمراد بها غير المعدة للأكل وإن
كانت جائزة الأكل كالخيل والبغال والحمير، فلا يجري حكم الذبح والإحراق
عليها. ومن هنا يعلم إن إضافة: اللحم غير مقصودة، لأنها تفيد المعنى المصطلح
وهو غير مقصود.
253

كتاب القصاص (والديات) (1)
وفيه فصول:
الفصل الأول
القتل: إما عمد. وهو أن يقصد بفعله إلى القتل، كمن يقصد قتل
انسان بفعل صالح له ولو نادرا، أو يقصد إلى فعل يقتل غالبا وإن لم
يقصد القتل.
وإما شبيه عمد. وهو أن يكون عامدا في فعله مخطئا في قصده، كمن
يضرب تأديبا فيموت.
وإما خطأ محض. بأن يكون مخطئا في الفعل والقصد معا كمن يرمي
طائرا فيصيب إنسانا، وكذا أقسام الجراح.
ويثبت القصاص بالأول مع صدوره من البالغ العاقل، في النفس
المعصومة المتكافئة، سواء كان مباشرة كالذبح والخنق، أو تسبيبا

(1) ليست في نسخة الأصل.
254

كالرمي بالسهم والحجر والمتكرر بالعصا بحيث لا يحتمله مثله،
والإلقاء إلى الأسد فيفترسه، وكذا لو جرحه فسرت الجناية فمات،
ويدخل قصاص الطرف وديته (1) في قصاص النفس وديتها. ولو جرحه
ثم قتله فإن فرق اقتص منهما وإلا فالنفس.
ولو أكره غيره على القتل اقتص من القاتل، وكذا لو أمر، ويخلد
الأمر السجن به، وإن كان عبد الأمر.
ولو أمسكه واحد وقتله آخر ونظر ثالث قتل القاتل وخلد الممسك
(السجن) وسملت عين الناظر (2).
الفصل الثاني في شرائط القصاص:
وهي خمسة:
الأول: الحرية.
إذا كان القاتل حرا، فلا يقتص من الحر للعبد، ولا للمكاتب، ولا
لأم الولد، ولا المدبر، بل يلزمه قيمته يوم قتل (3) ولا يتجاوز دية الحر،
ولا بقيمة الأمة دية الحرة، ولا بدية عبد الذمي دية مولاه، ولا بدية أمته
دية الذمية.

(1) في صورة السراية إلى النفس، يتداخلان.
(2) في (مجمع البحرين) قضى علي عليه السلام فيمن رأى المقتول، أن تسمل
عيناه! أي تفقأ بحديدة محماة!
(3) في سائر النسخ: بل تلزم قيمة عبد يوم قتله.
255

ويقتل الحر بمثله، و بالحرة مع رد نصف الدية، والحرة بمثلها، وبالحر،
ولا يؤخذ منها الفضل.
و كذا في قصاص الجراح والأطراف ما لم يبلغ ثلث دية الحر فينتصف
دية المرأة، ويقتص لها من الرجل مع رد الفضل، وله منها، ولا رد.
ويقتل العبد بالأمة (1) والأمة بمثلها وبالعبد.
ولو قتل العبد حرا كان ولي الدم مخيرا بين قتله واسترقاقه، ولا
خيار لمولاه، ولو جرح اقتص المجروح أو استرقه إن استوعب الجناية
قيمته وإلا فبالنسبة، أو يباع فيؤخذ من ثمنه الأرش.
ولو كانت الجناية خطأ (2) فلمولاه أن يفديه بأرش الجناية، والأقوى:
بأقل الأمرين من القيمة وأرش الجناية (3) ولو قتل مولاه قيد به إن اختار
الولي، ولو قتل عبدا مثله عمدا قتل به، ولو قتل خطأ للمولى فكه
بقيمته أو دفعه، وله فاضل قيمته عن قيمة المقتول، ولا يضمن النقص (4).
والمكاتب المشروط أو المطلق الذي لم يؤد شيئا كالقن، وإن كان قد
أدى شيئا قيد بالحر لا القن، بل يسعى في نصيب الحرية ويباع، أو

(1) في سائر النسخ: العبد بالعبد وبالأمة.
(2) لا توجد هذه الجملة: (ولو كانت الجناية خطأ) في سائر النسخ، بل
فيها: ولمولاه.
(3) لا توجد هذه الجملة (والأقوى بأقل الأمرين من القيمة وأرش الجناية)
في سائر النسخ.
(4) أي ما ينقص من قيمة الجاني عن قيمة المجني عليه.
256

يسترق في نصيب الرقية.
ولو قتل خطأ فعلى الإمام في نصيب الحرية، وللمولى الخيار بين
فك (1) الرقية بالأرش أو تسليم الرق للرقية.
ولو قتل الحر حرين قتل بهما.
ولو كان القاتل عبدا، على التعاقب اشتركا (2) فيه ما لم يحكم به
للأول فيكون للثاني (3).
الثاني: الاسلام.
إذا كان القاتل مسلما، فلا يقتل مسلم بكافر وإن كان ذميا، بل يعزر
ويغرم دية الذمي (4)
ويقتل الذمي بمثله، وبالذمية بعد رد فاضل ديته، والذمية بمثلها،
وبالذمي ولا رد.
ولو قتل الذمي مسلما عمدا دفع هو وماله إلى أولياء المقتول إن شاؤوا

(1) في سائر النسخ هنا إضافة: نصيب الرقية.
(2) ضمير المثنى راجع إلى وليي المقتولين.
(3) سئل الإمام عليه السلام عن عبد قتل أربعة أحرار واحدا بعد واحد؟
فقال عليه السلام هو لأهل الأخير من القتلى، إن شاؤوا قتلوه، وإن شاؤوا
استرقوه لأنه إذا قتل الأول استحقه أولياؤه، فإذا قتل الثاني استحقه أولياء
الثاني وهكذا. وظاهره: إن الحكم للأخير لا للسابق مطلقا - كاشف الغطاء
(قده) بتصرف.
(4) وهي نصف دية المسلم: خمسمائة دينار.
257

قتلوه وإن شاؤوا استرقوه، وقيل: يسترق أولاده الصغار أيضا.
ولو أسلم بعد القتل فكالمسلم.
ولو قتل خطأ لزمته الدية في ماله، فإن لم يكن له مال فالعاقلة الإمام
دون أهله.
الثالث: أن لا يكون القاتل أبا.
فلا يقتل الأب بالولد بل يؤخذ منه الدية، ويعزر (1) ويكفر. ولو
قتل الولد أباه قتل به، وكذا الأم لو قتلت ولدها قتلت به.
الرابع: العقل.
فلو قتل المجنون أو الصبي لم يقتلا، بل أخذت الدية من العاقلة، لأن
عمدهما خطأ. ولو قتل البالغ صبيا قتل به، ولو قتل العاقل مجنونا أخذ
منه الدية. إلا أن يقصد دفعه فيكون هدرا، (2) والأعمى كالمبصر على
الأقوى.
الخامس: أن يكون المقتول معصوم الدم.
فلو قتل مرتدا أو من أباح الشرع قتله لم يقتل به.
الفصل الثالث - في الاشتراك:
إذا اشترك جماعة في قتل حر مسلم كان للولي قتل الجميع بعد رد فاضل

(1) وفي الخبر: يضرب ضربا شديدا وينفى من مسقط رأسه.
(2) بل في معتبرة أبي بصير: تدفع ديته إلى ورثته من بيت المال - كاشف
الغطاء (قده) بتصرف.
258

دية كل واحد عن جنايته عليه، وله قتل البعض ويرد الآخرون قدر
جنايتهم على المقتص منه، ولو فضل للمقتولين فضل قام به الولي، وإن
فضل منهم كان له، وكذا البحث في الأطراف.
ولو قتلت امرأتان رجلا قتلتا به ولا رد، ولو كن أكثر قتلن به بعد
رد الفاضل عليهن، وللولي قتل البعض، وترد الباقيات قدر جنايتهن.
ولو اشترك رجل وامرأة في قتل رجل فللولي قتلهما بعد رد الفاضل
على الرجل، وله قتل الرجل، وترد المرأة ديتها عليه، وله (1) قتل المرأة
وأخذ نصف الدية من الرجل.
ولو اشترك عبد وحر في قتل حر فللولي قتلهما بعد رد نصف الدية
على الحر وما يفضل من قيمة العبد عن جنايته على مولاه.
ولو قتل الحر رد السيد عليه نصف الدية، أو سلم العبد إليه، ولو
زادت قيمته على النصف كان الزيادة للمولى، ولو قتل العبد رد الحر على
المولى ما فضل عن نصف الدية (2) وإلا كان تمامها لأولياء المقتول.
ولو اشترك عبد وامرأة في قتل الحر فللولي قتلهما، ولو فضلت قيمة
العبد عن جنايته رد الولي على مولاه الفاضل، وله قتل المرأة واسترقاق
العبد إن كانت قيمته بقدر الجناية أو أقل، وإلا كان الفاضل لمولاه.
ولو قتل العبد وقيمته بقدر الجناية أو أقل كان للولي أخذ نصف

(1) وفي سائر النسخ: ولو قتل المرأة أخذ.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: إن كان في العبد فضل، فإن استوعب
الدية، وإلا.
259

الدية من المرأة، ولو كانت القيمة أكثر ردت المرأة عليه الفاضل، فإن
استوعبت دية الحر، وإلا كان الفاضل لورثة المقتول.
الفصل الرابع - فيما يثبت به القتل:
وهو ثلاثة:
الأول: الإقرار. ويكفي المرة من أهله، ولو أقر بقتله عمدا فأقر
آخر أنه الذي قتل ورجع الأول سقط القصاص وكانت الدية على بيت
المال، ولو أقر واحد بقتله عمدا وأقر آخر أنه قتل خطأ كان للولي الأخذ
بقول من شاء منهما ولا سبيل له على الآخر.
الثاني: البينة. وهي عدلان. ويثبت ما يوجب الدية كالخطأ
والهاشمة بشاهد وامرأتين، أو بشاهد ويمين.
الثالث: القسامة. وهي تثبت مع اللوث (1) وهو إمارة يغلب معها
الظن بصدق المدعي، كالشاهد الواحد. فللولي معه إثبات الدعوى بأن
يحلف هو وقومه خمسين يمينا.
ولو لم يكن للمدعي قسامة كررت عليه الأيمان، ولو لم يحلف
حلف المنكر خمسين يمينا هو وقومه، ولو لم يكن له أحد كررت
الخمسون عليه، ولو نكل ألزم الدعوى.
والأعضاء الموجبة للدية كالنفس، ولو نقصت فبالحساب. ولا يثبت
اللوث بالفاسق الواحد ولا الصبي ولا الكافر.

(1) أظهر موارد اللوث وجوده قتيلا في دار قوم أو قريتهم أو نحو ذلك.
260

ولو أخبر جماعة الفساق أو النساء مع الظن بانتفاء المواطاة ثبت
اللوث، ولو كانوا كفارا أو صبيانا لم يثبت اللوث إلا أن يبلغوا حد
التواتر.
ولو وجد قتيلا في دار قوم أو محلتهم أو قريتهم كان لوثا، ولو وجد
بين قريتين وهو إلى أحدهما أقرب فهو لوث، ولو تساوت مسافتهما
تساويا في اللوث، ولو وجد في فلاة وجهل قاتله، أو في عسكر أو سوق
فديته على بيت المال، ومع انتفاء اللوث يكون الدعوى فيه كغيرها من
الدعاوي.
الفصل الخامس في كيفية القصاص:
قتل العمد يوجب القصاص (1) ولا يثبت الدية إلا صلحا، وكذا
الجراح، ولا قصاص إلا بالسيف (2)، ويقتصر على ضرب العنق (3)، ولا
يضمن سراية القصاص مع عدم التعدي.
ولو كان القصاص لجماعة وقف على الاجتماع. ولو طلب البعض الدية
ودفعها القاتل كان للباقي القصاص بعد رد نصيب الآخرين على القاتل،
وكذا لو عفى البعض.

(1) للولي، ولا يجب الثبوت عند الإمام ولا إذنه - كاشف الغطاء (قده)
بتصرف.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: وشبهه.
(3) من دون قطعه لأنه من المثلة، إلا أن يكون الجاني فعله. ولا يكون
إلا السيف حتى ولو أحرقه الجاني أو أغرقه - كاشف الغطاء (قده).
261

ولو مات القاتل قبل القصاص أخذت الدية من تركته. ولو كان
المقتول مقطوع اليد في القصاص أو أخد ديتها كان للولي القصاص بعد رد
دية اليد، ولو قطعت من غير جناية ولم يأخذ ديتها فلا رد.
ويثبت القصاص في الطرف لكل من يثبت له القصاص في النفس،
ويقتص للرجل من المرأة ولا رد، وللمرأة من الرجل مع الرد فيما زاد
على الثلث.
ويعتبر سلامة العضو، فلا يقطع الصحيح بالأشل، ويقطع الأشل
بالصحيح إذا كان مما ينحسم. وتساوي المساحة في الشجاج طولا وعرضا
لا نزولا بل يعتبر الاسم كالموضحة.
ويثبت القصاص فيما لا تعزير فيه، ولا قصاص فيما فيه تعزير
كالأمومة (1) والجايفة (2) وكسر العظام. ولا يقتص للذمي من المسلم (3)،
ولا للعبد من الحر.
ويقطع الأنف الشام بفاقده، والأذن الصحيحة بالصماء، ولا يقطع
الذكر الصحيح بالعنين، وتقلع عين الأعور الصحيحة بعين السليم قصاصا
وإن عمي، وينتظر بسن الصبي سنة فإن عادت فالأرش وإلا فالقصاص.

(1) المأمومة: الشجة التي بلغت الرأس التي تجمع أم الدماغ، وهي أشد
الشجاج - المجمع.
(2) التي تبلغ الجوف - المجمع.
(3) إلا أن يعتاد المسلم ذلك فيقتل به صاغرا - كاشف الغطاء (قده)
بتصرف.
262

والملتجئ إلى الحرم يضيق عليه في المطعم والمشرب ليخرج ويقتص
منه، ولو جنى في الحرم اقتص منه فيه.
ولو قطع يد رجل وإصبع آخر اقتص للأول وكان للثاني الدية، ولو
قطع الإصبع أولا اقتص صاحبها ثم صاحب اليد ورجع بدية الإصبع.
الفصل السادس في دية النفس:
دية الحر المسلم في العمد: مائة من مسان الإبل (1)، أو مائتا بقرة، (2)،
أو مائتا حلة (3) وهي أربعمائة ثوب من برود اليمن، أو ألف شاة، أو
ألف دينار أو عشرة آلاف درهم (4) وتستأدى في سنة واحدة من مال
الجاني ولا يثبت إلا بالتراضي.
ودية شبيه العمد، من الإبل: ثلاث وثلاثون بنت لبون، وثلاث
وثلاثون حقة، وأربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل، أو ما ذكرنا (ه) في
مال الجاني. وتستأدى في سنتين.
ودية الخطأ، من الإبل: عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون،
وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة. أو ما ذكرنا (ه) من باقي الأصناف.
وتؤخذ من العاقلة في ثلاث سنين.

(1) وهي ما دخل في السنة السادسة.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: مسنة، وهي ما دخل في الثالثة.
(3) الحلة: بردان: رداء وإزار من نوع واحد.
(4) والتخيير للقاتل.
263

ودية المرأة: النصف من ذلك.
ودية الذمي ثمان مائة درهم. والذمية أربع مائة درهم.
ودية العبد: قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فيرد إليها. ودية الأمة
قيمتها فإن تجاوزت دية الحرة ردت إليها.
ودية الأعضاء بنسبة القيمة، فكل ما في الحر كمال ديته ففي العبد
كمال قيمته، لكن ليس للمولى المطالبة بها إلا بعد دفع العبد إلى الجاني،
وما فيه دونه بحسابه، وما لا تقدير فيه ففيه الأرش.
وجناية العبد تتعلق برقيته لا بالمولى، لكن له فكه بأرش الجناية.
الفصل السابع - فيما يوجب ضمان الدية:
وهو اثنان:
الأول: المباشرة. بأن يقع التلف من غير قصد، كالطبيب يعالج
فيتلف المريض بعلاجه (1) والنائم إذا انقلب على غيره فمات، ومن حمل
على رأسه متاعا فأصاب غيره، وكسر المتاع فإنه يضمنها، ولو وقع على
غيره من علو فمات ضمن ديته، ولو أوقعه غيره فالدية على الدافع.
ولو اشترك ثلاثة في هدم حائط فوقع على أحدهم فمات كان على الباقين
ثلثا ديته. ولو أخرج غيره من منزله ليلا ضمنه إلا أن تقوم البينة بموته أو
بقتل غيره له.

(1) وفي الخبر المشهور: من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه.
وإلا فهو ضامن - كاشف الغطاء (قده).
264

الثاني: التسبيب. كمن حفر بئرا في غير ملكه فوقع فيها انسان، أو
نصب سكينا أو طرح المعاثر في الطريق، ولو كان ذلك في ملكه لم يضمن.
ولو دخل دار قوم بإذنهم فعقره كلبهم ضمنوا جنايته، ولو كان بغير إذن
فلا ضمان.
ومن ركب دابة ضمن ما تجنيه بيديها، وكذا لو قادها، ولو وقف بها
ضمن جنايتها بيديها ورجليها، وكذا لو ضربها غيره فالدية على الضارب،
ولو ركبها اثنان تساويا في الضمان، ولو كان صاحبها معها ضمن دون
الراكب، ولو ألقت الراكب ضمن المالك إن كان بتنفيره وإلا فلا
ولو اجتمع المباشر والسبب كان الضمان على المباشر.
الفصل الثامن في ديات الأعضاء:
في شعر الرأس: الدية كاملة، وكذا في اللحية إذا لم ينبتا، ولو نبتا
فالأرش وفي شعر المرأة ديتها، فإن نبت فمهرها.
وفي الحاجبين: خمس مائة دينار، وفي كل واحد النصف.
وفي الأهداب الأرش وكذا باقي الشعر.
وفي كل واحد من العينين نصف الدية، وفي كل جفن ربع الدية، أما
عين الأعور الصحيحة ففيها الدية كاملة إن كان العور خلقة أو بشئ من
قبل الله تعالى، وفي خسف العوراء الثلث (1)

(1) خسف العين: فقؤها. وفي صحيحة محمد بن قيس: في رجل أعور
أصيبت عينه الصحيحة. تفقأ إحدى عيني صاحبه، ويعقل له نصف الدية، وإن
شاء أخذ دية كاملة ويعفو عن عين صاحبه - كاشف الغطاء (قده) بتصرف.
265

وفي الأنف الدية كاملة، وكذا في ما رنه، أو كسر مفسد (1). ولو
جبر على غير عيب فمائة دينار. وفي شلله ثلثا ديته. وفي الروثة وهي
الحاجز نصف الدية. وفي أحد المنخرين نصف الدية.
وفي كل إذن نصف الدية، وتقسط الدية على أجزائها.
وفي الشحمة ثلث ديتها وكذا في خرمها.
وفي كل شفة نصف الدية، وفي بعضها بحسابه (2)، ولو تقلصت قال
الشيخ: فيه ديتها، ولو استرختا فثلثا الدية.
وفي لسان الصحيح أو الطفل الدية، ولو قطع بعضه اعتبر بحروف
المعجم وهي ثمانية وعشرون حرفا، فيقسط الدية عليها فما نقص أخذ
قسطه. وفي لسان الأخرس ثلث الدية، وفي بعضه بالحساب مساحة. ولو
ادعى الصحيح ذهاب نطقه صدق مع القسامة.
وفي الأسنان الدية، وهي ثمانية وعشرون، اثنا عشر مقاديم في كل
واحد خمسون (دينارا) وستة عشر مئاخير في كل واحدة خمسة وعشرون.
وفي الزائد منفردة ثلث دية الأصلية، ولا دية لها مع الانضمام.
وفي اسوداد السن ثلثا ديتها، وفي انصداعها من غير سقوط ثلثا ديتها.

(1) في رواية الشيخ الكليني (قده) عن أمير المؤمنين عليه السلام (فإن قطع
روثة الأنف - وهي طرفه - فديته: خمسمائة) وفي رواية عن مسمع: (أنه
عليه السلام قضى في خرم الأنف: ثلث الدية) - كاشف الغطاء (قده).
(2) وفي رواية الشيخ الكليني (قده) عن (كتاب طريف): (إن في العيا
النصف، وفي السفلى الثلث) - كاشف الغطاء (قده).
266

وفي سن الصبي الذي لم يثغر الأرش إن نبت وإلا فدية المثغر (1)
وفي العنق إذا كسر وصار الانسان أصور: الدية، وكذا لو جنى
عليه بما يمنع الازدراد، ولو زال فالأرش.
وفي اللحيين: الدية لو انفردا عن الأسنان كالصبي وفاقد الأسنان،
ومع الأسنان ديتان.
وفي كل يد: نصف الدية، وحدها المعصم.
وفي شلل اليد ثلثا ديتها، وفي الشلاء ثلث الصحيحة، وكذا للزائدة.
وفي كل أصبع من اليدين عشر الدية، ويقسط على ثلاث أنامل، وفي
الإبهام على اثنين. وفي الزائدة ثلث الأصلية، وكذا الشلاء، وفي الشلل
الثلثان.
وفي الظفر: عشرة دنانير إن لم ينبت أو نبت أسود، ولو نبت
أبيض فخمسة.
وفي الظهر إذا كسر: الدية، وكذا لو أصيب فاحدودب أو صار
بحيث لا يقدر على القعود، ولو صلح فثلث الدية، ولو ذهب مشيه
وجماعه فديتان.
وفي النخاع: الدية.
وفي كل واحد من ثديي المرأة نصف ديتها، وكذا في حلمتهما، ولو

(1) وفي شرائع الاسلام: وينتظر بسن الصغير، فإن نبت لزم الأرش،
وإن لم ينبت فدية سن المثغر. ومثله في المختصر النافع.
267

انقطع لبنهما أو تعذر نزوله فالأرش. وفي حلمة الرجل نصف الدية عند
(الشيخ) وثمنها عند (ابن بابويه).
وفي الذكر: الدية، وكذا (1) في الحشفة، وفي العنين ثلث الدية.
وفي الخصيتين: الدية، وفي كل واحدة النصف، وفي أدرة (2) الخصيتين
أربع مائة دينار، فإن فحج (3) فلم يقدر على المشي فثمانمائة.
وفي كل واحد من شفري المرأة نصف ديتها.
وفي إفضاء (4) المرأة ديتها، ويسقط عن الزوج بعد بلوغها، ولو كان
قبله ضمن الزوج مع المهر الدية والانفاق عليها حتى يموت أحدهما، ولو لم
يكن زوجا وكان مكرها فالمهر والدية، ومع المطاوعة الدية، ولو كانت
المكرهة بكرا فلها أرش البكارة أيضا.
وفي كل واحدة من الأليتين: نصف الدية، وفي كل واحدة من الرجلين
نصف الدية، وحدها مفصل الساق وإصبعهما كاليدين.
وفي كل واحد من الساقين والفخذين: نصف الدية.
وفي كسر الضلع: خمسة وعشرون دينارا إن كان مما يخالط القلب،
وإن كان مما يلي العضدين فعشرة.

(1) في بعض النسخ هنا إضافة: عند الشيخ.
(2) فتق الخصيتين - المجمع.
(3) الفحج: تباعد ما بين الرجلين في الأعقاب مع تقارب صدور القدمين.
وفي سائر النسخ: فخج بالخاء وهو خطأ لم يلتفت إليه الكثير.
(4) الإفضاء: إيصال مخرج البول بالمهبل أي الفرج، أي اتحادهما.
268

وفي كسر البعصوص (1) إذا لم يملك الغائط: الدية وكذا في العجان (2)
إذا لم يملك البول ولا الغائط.
وفي الترقوة إذا كسرت وجبرت على غير عيب: أربعون دينارا.
ومن داس بطن انسان حتى أحدث. ديس بطنه، أو يفتدي ذلك
بثلث الدية.
ومن افتض بكرا بأصبعه حتى خرق مثانتها فلم تملك بولها (فعليه)
ديتها ومثل مهر نسائها.
وفي كسر عظم من عضو: خمس دية ذلك العضو، فإن صلح على
غير عيب: فأربعة أخماس دية كسره، وفي موضحته ربع دية كسره،
وفي رضه ثلث ديته، فإن برئ على غير عيب: فأربعة أخماس دية رضه،
وفي فكه من العضو بحيث تتعطل: ثلثا دية العضو، فإن صلح على غير
عيب فأربعة أخماس دية فكه.
الفصل التاسع - في ديات المنافع:
في العقل: الدية، وفي نقصه الأرش، ولو عاد لم يرتجع الدية.
وفي السمع: الدية، وفي سمع إحدى الأذنين: النصف، ولو نقص
سمع إحداهما قيس إلى الأخرى ويؤخذ بحسب التفاوت بين المسافتين، ولو
نقص سمعهما قيس إلى المساوي له في السن.

(1) البعصوص: العصعص، وهو عجب الذنب.
(2) العجان بكسر العين: ما بين الدبر والخصية.
269

وفي ضوء كل عين: نصف الدية، وفي نقصان ضوء إحداهما بحسابه،
وكذا في نقصان ضوئهما ويعتبر بالقياس إلى عيني مساويه في السن.
وفي الشم الدية ولو قطع الأنف فذهب الشم فديتان، وفي نقصانه
الأرش بما يراه الحاكم.
وفي الذوق الدية، وفي نقصانه الأرش.
ولو أصيب فتعذر عليه الإنزال حالة الجماع: فالدية.
وفي سلس البول: الدية.
وفي الصوت: الدية.
الفصل العاشر في ديات الجراح:
الشجاج ثمانية:
الحارصة: وهي التي تقشر الجلد، وفيها بعير.
والدامية: وهي التي تأخذ يسيرا في اللحم، وفيها بعيران.
والمتلاحمة: وهي التي تأخذ في اللحم أكثر، وفيها ثلاثة أبعرة.
والسمحاق: وهي التي تنتهي إلى الجلدة المغشية للعظم، وفيها
أربعة أبعرة.
والموضحة: وهي التي توضح العظم، وفيها خمسة أبعرة.
والهاشمة: وهي التي تهشم العظم، وفيها عشرة أبعرة.
والمنقلة: وهي التي تحوج إلى نقل العظم، وفيها خمسة عشر بعيرا.
والمأمومة: وهي التي تصل إلى أم الدماغ، وفيها ثلث الدية. وكذا
الجايفة: وهي التي تبلغ إلى الجوف. ودية
270

النافذة في الأنف: ثلث الدية، فإن صلح فخمس الدية (1).
وفي أحد المنخرين إلى الحاجز: عشر الدية.
وفي شق الشفتين حتى تبدو الأسنان: ثلث الدية، ولو برئت فالخمس،
وفي كل واحد نصف ذلك.
وفي النافذة في شئ من أطراف الرجل: مائة دينار.
وفي احمرار الوجه بالجناية: دينار ونصف، وفي اخضراره: ثلاثة،
وفي اسوداده: ستة، ولو كانت في البدن فعلى النصف. ويتساوى الشجاج
في الرأس والوجه. أما البدن فبنسبة العضو الذي يتفق فيه من دية الرأس.
ويتساوى المرأة والرجل في الدية والقصاص فيما دون ثلث الدية، فإذا
بلغت الجناية ثلث الدية صارت المرأة على النصف.
وكل ما فيه الدية من الرجل ففيه من المرأة ديتها، كذا من الذمي،
ومن العبد قيمته. وما فيه مقدر من الحر فهو بنسبته من دية المرأة
والذمي وقيمة العبد.
والإمام ولي من لا ولي له، يقتص أو يأخذ الدية، وليس له العفو.
الفصل الحادي عشر في دية الجنين والميت:
في النطفة بعد استقرارها في الرحم: عشرون دينارا، وفي العلقة:
أربعون. وفي المضغة: ستون. وفي العظم: ثمانون. وإذا تمت خلقته ولم

(1) لوروده في رواية طريف، وإن كانت في خصوص نافذة الخد -
كاشف الغطاء (قده) بتصرف.
271

تلجه الروح فمائة، وفيما بين ذلك بحسابه.
ودية جنين الذمي عشر دية أبيه (1).
والمملوك: عشر قيمة أمه المملوكة سواء الذكر والأنثى.
ولو ولجته الروح فدية كاملة في الذكر ونصف في الأنثى.
ولو قتلت المرأة ومات معها فدية للمرأة ونصف الديتين للجنين إن
جهل حاله.
ولو ألقته المرأة مباشرة أو تسبيبا فعليها ديته لوارثه، ولا يسهم لها.
ومن أفزع مجامعا فعزل فعليه عشرة دنانير.
ويرث دية الجنين من يرث المال، الأقرب فالأقرب.
ودية جراحاته وأعضائه بنسبة ديته.
ولوز ضرب الحامل فألقت جنينا حيا فمات بالإلقاء قتل به إن كان
عمدا، وإلا أخذت الدية.
وفي قطع رأس الميت الحر المسلم مائة دينار، وفي قطع جوارحه
بحساب ديته، وكذا في جراحه وشجاجه، وتصرف هذه الدية في
وجوه البر.

(1) وفي روايتي مسمع والسكوني: عشر دية أمه، ولكنهما ضعيفتان،
وقد أعرض عنهما المشهور، وقاعدة: أن الولد يلحق بأبيه في الانسان، وبأمه
في الحيوان، محكمة - كاشف الغطاء (قده) بتصرف.
272

الفصل الثاني عشر - في الجناية على الحيوان:
من أتلف حيوانا مأكولا بالذكاة فعليه الأرش (1) لمالكه، وإن كان
بغيرها فعليه القيمة يوم الإتلاف، وفي قطع جوارحه أو كسر شئ من
أعضائه الأرش.
وإن كان غير مأكول (2) وهو مما يقع عليه الذكاة، فإن كان بالذكاة
فالأرش، وكذا في قطع أعضائه مع استقرار الحياة، وإن كان بغيرها
فالقيمة، وإن لم تقع عليه الذكاة فالقيمة، ففي كلب الصيد أربعون درهما
وفي كلب الغنم والحائط عشرون درهما، وفي كلب الزرع قفيز من بر،
وفي جنين البهيمة عشر قيمتها.
الفصل الثالث عشر - في العاقلة:
قد بينا إن دية الخطأ على العاقلة، وهم: العصبة، والمعتق، وضامن
الجريرة، والإمام.
أما العصبة: فهم المتقربون إلى الميت بالأبوين أو بالأب، والأقرب
دخول الآباء والأولاد في العقل، ولا يدخل القاتل فيه، ولا تعقل المرأة
ولا الصبي ولا المجنون، ولا تعقل العاقلة ولا عمدا ولا مدبرا ولا أم
ولد ولا ما دون الموضحة ولا ما يثبت بالإقرار ولا صلحا ولا جناية
الانسان على نفسه ولا ما تجنيه البهيمة ولا إتلاف المال.

(1) أي تفاوت ما بين قيمته حيا ومذكى.
(2) في سائر النسخ هنا إضافة: اللحم.
273

وعاقلة الذمي الإمام إن لم يكن له مال.
وتقسط الدية على الأقرب فالأقرب، وتقديره إلى الإمام، أو من
ينصبه للحكومة، ولا ترجع العاقلة على الجاني.
ولو زادت الدية عن العصبة أخذت من الموالي، فإن اتسعت فمن
عصبة الموالي، فإن اتسعت فمن موالي الموالي وهكذا، ولو زادت الدية
عن العاقلة أجمع كان الزائد على الإمام، ولو زادت العاقلة وزع بالحصص،
ولو غاب بعض العاقلة لم يخص بها الحاضر.
ولو قتل الأب ولده عمدا أخذت منه الدية لغيره من الوراث، وإن
لم يكن وارث فالإمام، ولو كان خطأ فالدية على العاقلة.
274

فهذا خلاصة ما أثبتناه في هذا المختصر.
ونسأل الله تعالى أن يجعل ذلك لوجهه خالصا، إنه قريب مجيب.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على سيدنا محمد المصطفى،
وعلى وصيه علي المرتضى، وآلهما الطيبين والطاهرين.
تم ذلك في ليلة الثلاثاء، خامس عشرين ربيع الثاني، لسنة تسع
وخمسين وسبعمائة. بمدينة (حلة) حماها الله عن الآفات.
275