الكتاب: الخلاف
المؤلف: الشيخ الطوسي
الجزء: ٦
الوفاة: ٤٦٠
المجموعة: فقه الشيعة الى القرن الثامن
تحقيق: المحققون : السيد علي الخراساني ، السيد جواد الشهرستاني ، الشيخ محمد مهدي نجف / المشرف : الشيخ مجتبى العراقي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٧
المطبعة: مطبعة مؤسسة النشر الإسلامى
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامى التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كتاب الخلاف
تأليف
شيخ الطائفة الإمام أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي
قدس سره
385 - 460 ه‍
الجزء السادس
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة
لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كتاب الخلاف
(ج 6)
تأليف: شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
تحقيق: السيد علي الخراساني والسيد جواد الشهرستاني والشيخ محمد مهدي نجف
إشراف: الحاج الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع: فقه
عدد الأجزاء: 6 أجزاء
شبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ 1417 ه‍.
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

كتاب الصيد والذبائح
3

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الصيد والذباحة
مسألة 1: لا يجوز الصيد إلا بالكلب، ولا يجوز بشئ من جوارح الطيور:
كالصقر والبازي والباشق والعقاب، ولا بشئ من سباع البهائم: من الفهد والنمر إلا
الكلب خاصة. وبه قال ابن عمر، ومجاهد. (1)
وقال أبو حنيفة وأصحابه، ومالك، والشافعي، والثوري: وربيعة: يجوز الصيد
بجميع ذلك إذا أمكن تعليمه متى تعلم. (2)
وقال الحسن البصري، والنخعي، وأحمد، وإسحاق: يجوز بكل ذلك إلا بالكلب
الأسود البهيم، فإنه لا يجوز الاصطياد به (3) لقوله عليه السلام:

1 - حلية العلماء 3: 425، والمجموع 9: 95، والميزان الكبرى 2: 61، وبداية المجتهد 1: 442، والبحر
الزاخر 5: 294.
2 - اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 59، وأحكام القرآن للجصاص 2: 313 و 314، والبحر 8: 171، و
تبيين الحقائق 6: 50، والنتف 1: 324، وبدائع الصنائع 5: 58، واللباب 3: 109، وشرح فتح القدير
8: 171، وحاشية رد المحتار 6: 463، والموطأ 2: 493، والمدونة الكبرى 2: 53 و 54، وبداية المجتهد
1: 442، وأسهل المدارك 2: 46، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 546 و 547، والأم 2: 227، ومختصر
المزني 281، والمجموع 9: 95، وكفاية الأخيار 2: 138 و 139، وحلية العلماء 3: 425، والسراج
الوهاج 559، ومغني المحتاج 4: 275، والميزان الكبرى 2: 61، والمحلى 7: 476.
3 - المغني لابن قدامة 11: 12 و 13، والشرح الكبير: 11: 25 و 26، وبداية المجتهد 1: 441، والمجموع
9: 95، والميزان الكبرى 2: 61، والبحر الزخار 5: 294، وفتح الباري 9: 601.
5

" لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا الأسود البهيم ". (1)
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، ولأن ما اعتبرناه مجمع على جوازه،
وما قالوه ليس عليه دليل.
وأيضا: قوله تعالى: " وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما
علمكم الله " (3) يعني: علمتم من الكلاب.
مسألة 2: الكلب إنما يكون معلما بثلاث شرائط: أحدها: إذا أرسله استرسل، و
ثانيها: إذا زجره انزجر، وثالثها: أن لا يأكل ما يمسكه، ويتكرر هذا منه دفعات
حتى يقال في العادة: إنه قد تعلم. وبه قال الشافعي (4)
وقال أبو حنيفة: إذا فعل ذلك دفعتين كان معلما (5)
دليلنا: إن ما اعتبرناه مجمع على أنه يصير به معلما، وليس على ما

1 - سنن أبي داود 3: 108، حديث 2845، سنن النسائي 7: 185، وسنن الترمذي:
4: 78، حديث 1486، وسنن ابن ماجة 2: 1069، حديث 3205، وسنن الدارمي
2: 90، ومسند أحمد ابن حنبل 5: 56، والمحلى 7: 477، ونصب الراية 4: 313، و
مجمع الزوائد 1: 286 و 4: 43، وفي البعض مما ذكرنا بتفاوت يسير في اللفظ.
2 - تفسير القمي 1: 162، وتفسير العياشي 1: 294، حديث 25، والكافي
6: 205، حديث 15 وص 207 حديث 1 و 3، والتهذيب 9: 24، حديث 94.
3 - المائدة: 4.
4 - الأم 2: 226 و 227، ومختصر المزني 281، وحلية العلماء 3: 425، والسراج
الوهاج 559، ومغني المحتاج 4: 275، والوجيز 2: 207، والمجموع 9: 93 و 94 و 97،
والميزان الكبرى 2: 61، وكفاية الأخيار 2: 138 و 139، والمحلى 7: 468، والبحر
الزخار 5: 294 و 295، والشرح الكبير 11: 27.
5 - النتف 1: 235، وحلية العلماء 3: 426، والمجموع 9: 97، والميزان الكبرى
2: 61، والمغني لابن قدامة 11: 8، والشرح الكبير 11: 27..
6

اعتبره دليل، ولأن المرجع في ذلك إلى العرف، ولا يقال في العرف إذا فعل
ذلك دفعتين: إنه تعلم.
مسألة 3: قد بينا أنه لا يجوز الصيد بغير الكلب المعلم، فإن صيد بغيره وأدرك
ذكاته حل أكله إذا ذكي، وإن قتله الجارح لا يحل أكله، معلما كان أو غير معلم، وما
اصطاده الكلب المعلم وقتله أن يدرك ذكاته ولم يأكل منه شيئا حل أكله، وإن كان
أكل منه، فإن كان معتادا لذلك لم يحل أكله، وإن كان ذلك نادرا جاز أكله.
وقال الشافعي: كل جارحة معلمه إذا أرسلت فأخذت وقتلت، فإن لم تأكل منه
شيئا فهو مباح، من الطير كان أو من السبع، وإن قتله وأكله، فإن كان طيرا
فسيجئ خلافه، وإن كان سبعا فأخذ وأكل واتصل أكله بالقتل، قال في " القديم ":
يحل، وأومأ في " الجديد " إلى قولين:
أحدهما: هذا. وبه قال ابن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وهو
مذهب مالك (1)
والثاني في " الجديد ": لا يحل. وبه قال أبو هريرة، وابن عباس، والحسن
البصري، والشعبي، والنخعي، وأحمد (2)

1 - حلية العلماء 3: 427، والوجيز 2: 207، كفاية الأخيار 2: 139، والميزان
الكبرى 2: 61، والمجموع 9: 104 و 105 و 107، والمبسوط 11: 223، والنتف
1: 235، وتبيين الحقائق 6: 52، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 546، والبحر
الزخار 5: 295.
2 - حلية العلماء 3: 427، والوجيز 2: 207، والجموع 9: 104 و 105 و 107، و
كفاية الأخيار 2: 139، والميزان الكبرى 2: 61، وأحكام القرآن لابن العربي
2: 546، والبحر الزخار 5: 295.
7

وما قتله قبل هذا ولم يأكل منه شيئا فهو مباح قولا واحدا (1)
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يحل هذا الذي أكل منه، وكل ما كان اصطاده و
قتله فيما سلف ولم يكن أكل منه (2)
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)
وأيضا: فما اعتبرناه مجمع على جواز أكله، وما ذكره الشافعي ليس عليه دليل.
وأيضا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (4) ومعناه قتلن ولم
يأكلن، لأنه إذا أكل فإنما أمسك على نفسه لا على من أرسله.
وروى عدي بن حاتم (5): أن النبي عليه السلام قال: " ما علمت من
كلب ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك " قلت: فإن
قتل؟ قال: " إذا قتله ولم يأكل منه شيئا فإنما أمسك عليك " (6) فدل على

1 - المجموع 9: 105.
2 - النتف 1: 235، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 174 و 176، و
المبسوط 11: 223، واللباب 3: 110، وشرح فتح القدير 8: 176، وتبيين الحقائق
6: 52، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 546، والميزان الكبرى 2: 61، وحلية
العلماء 3: 427، والبحر الزخار 5: 295.
3 - الكافي 6: 202 و 204، حديث 2 و 3 و 7 و 10، والتهذيب 9: 23. 25، حديث
92 و 95 و 96 و 99.
4 - المائدة 4.
5 - عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن أمري القيس بن عدي،
أبو طريف الطائي، قدم على النبي (ص) سنة (7) للهجرة، روى عن النبي (ص)، وعن
عمر بن الخطاب. وعنه قالوا: وعاش مائة وثمانين سنة، مات سنة (68 ه‍)
6 - سنن أبي داود 3: 109، حديث 2851، والسنن الكبرى 9: 238.
8

أنه إذا أكل منه شيئا فقد أمسك على نفسه.
مسألة 4: جوارح الطير كلها لا يجوز أكل ما تصطاده إلا إذا أدرك ذكاته، فما
قتله الجارح لا يجوز أكله.
وقال الشافعي: حكم سباع الطير حكم سباع البهائم، إن قتلت وأكلت مما
قتلت، فهل يحل أكل ما أكلت منه؟ على قولين (1)
وقالا المزني: إذا أكلت منه لم يحرم قولا واحدا. وبه قال أبو حنيفة (2)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3)
وأيضا: ما ذكرناه مجمع على جواز أكله، وما ذكروه ليس عليه دليل.
مسألة 5: إذا شرب الكلب المعلم من دم الصيد ولم يأكل من لحمه شيئا لم يحرم.
وبه قال جميع الفقهاء (4) إلا النخعي، فإنه قال: شرب الدم
كالأكل سواء (5).

1 - مختصر المزني: 281، وحلية العلماء 3: 427، والمجموع 9: 104 و 106، و
الوجيز 2: 207، والمغني لابن قدامة 1: 12، وأحكام القرآن للجصاص 2: 314، و
تبيين الحقائق 6: 52.
2 - مختصر المزني 281، وحلية العلماء 3: 427، والمجموع 9: 106 و 108، وأحكام
القرآن للجصاص 2: 314، والمبسوط للسرخسي 11: 343، واللباب 3: 110، و
النتف 1: 326، والهداية 8: 175، وبدائع الصنائع 5: 55، وتبيين الحقائق 6: 52.
3 - الكافي 6: 204، حديث 9، ومن لا يحضره الفقيه 3: 205، حديث 933، و
التهذيب 9: 31، حديث 121 و 124.
4 - المحلى 7: 474، والمبسوط للسرخسي 11: 224، والهداية 8: 177، وعمدة القاري 21: 100، وفتح الباري 9: 610، وحاشية رد المحتار 6: 464، وحليه العماء
3: 327، والوجيز 2: 207، والمجموع 9: 108، والمغني لابن قدامة 11: 10، والشرح
الكبير 11: 31.
5 - الحاوي الكبير 15: 10، وحلية العلماء 3: 427.
9

دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (1) وقد ثبت أن المراد
بذلك ترك الأكل منه، لأنه لو أكل لكان ممسكا على نفسه دون مرسله،
وهذا لم يأكل منه.
مسألة 6: التسمية واجبة عند إرسال السهم، وعند إرسال الكلب، وعند
الذبيحة. فمتى لم يسم مع الذكر لم يحل أكله، وإن نسيه لم يكن به بأس. وبه قال
الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (2)
وقال الشعبي، وداود، وأبو ثور: التسمية شرط، فمتى تركها عامدا أو ناسيا لم
يحل أكله (3)
وقال الشافعي: التسمية مستحبة، فإن لم يفعل لم يكن به بأس (4)

1 - المائدة 4.
2 - أحكام القرآن للجصاص 2: 31 و 38، والمبسوط للسرخسي 11: 236، و
الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 174، واللباب 3: 16، والنتف
1: 229 و 235، وعمدة القاري 21: 93، وفتخ الباري 9: 601، وبدائع الصنائع
5: 46، وتبيين الحقائق 6: 51 و 52، والمغني لابن قدامة 11: 4 و 5 و 36، والشرح
الكبير 11: 43، وحاشية رد المحتار 6: 465، وبداية المجتهد 1: 434، وحلية العلماء
3: 423، ورحمة الأمة 1: 155، والميزان الكبرى 2: 61، والبحر الزخار 5: 296.
3 - حلية العلماء 3: 423، والمغني لابن قدامة 11: 4، والشرح الكبير 11: 43، و
بداية المجتهد 1: 434، وعمدة القاري 21: 93، والنتف 1: 229، والبحر الزخار 5:
296، والميزان الكبرى 2: 61.
4 - الأم 2: 227 و 234، ومختصر المزني 282، وحلية العلماء 3: 422، والمجموع
9: 102، ورحمة الأمة 1: 155، والوجيز 2: 208، والميزان الكبرى 2: 61، وفتح
الباري 9: 601، وعمدة القاري 21: 93، والنتف 1: 229، وبدائع الصنائع 5: 46، و
تبيين الحقائق 6: 54، وبداية المجتهد 1: 434، والمغني لابن قدامة 11: 5، والشرح
الكبير 11: 43، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 552، والبحر الزخار 5: 296، و
المبسوط للسرخسي 11: 236.
10

دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (1)، ولأنه إذا أرسل وسمى حل أكله
بلا خلاف، وإذا لم يسم فليس على إباحته دليل.
وأيضا: قوله تعالى: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " (2) وهذا
نص، وإنما يخرج الناسي والساهي بدليل.
وأيضا: روى عدي بن حاتم، وأبو ثعلبة الخشني (3) كل واحد منها على
الانفراد: أن النبي عليه السلام قال: " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه
فكل " (4) فأباحه بشرط الإرسال والتسمية.
وروى عدي بن حاتم قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: إني أرسل
كلبي، فقال: " إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل، وإلا فلا تأكل "،
قلت: فإني أرسل كلبي فأجد عليه كلبا؟ فقال: " لا تأكل، فإنك إنما سميت على
كلبك " (5)

1 - دعائم الإسلام 2: 169 و 170 و 174، حديث 606 و 612 و 627، والكافي
6: 205 و 206، حديث 13 و 16 و 17، ومن لا يحضره الفقيه 3: 202، حديث
914 و 915، والتهذيب 9: 25 و 27، حديث 100 و 102 و 109.
2 - الأنعام: 121.
3 - أبو ثعلبة الخشني، اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا. روى عن النبي
(ص)، وعن معاذ بن جبل، وأبي عبيدة بن الجراح. وعنه أبو إدريس الخولاني، و
أبو أمية الشعباني، وسعيد ابن المسيب، وغيرهم. مات سنة خمس وسبعين
للهجرة. تهذيب التهذيب 12: 49.
4 - صحيح البخاري 7: 113 و 114، وصحيح مسلم 3: 1529، حديث 1، و
مسند أحمد بن حنبل 4: 380، وأحكام القرآن للجصاص 2: 315، والمصنف لعبد
الرزاق 4: 470، حديث 8502، وتلخيص الحبير 4: 133 حديث 1934، وعمدة القاري 21: 102، وسنن أبي داود 3: 108، حديث 2847، وأحكام القرآن لابن
العربي 21: 102. وفي بعض ما ذكرناه بتفاوت يسير في اللفظ.
5 - صحيح البخاري 7: 113 و 114، وصحيح مسلم 3: 1531 حديث 5، وسنن
أبي داود 3: 108 و 109 بتفاوت في اللفظ.
11

مسألة 7: إذا أرسل مسلم كلبه المعلم، ومجوسي كلبه، فأدركه كلب المجوسي
فرده إلى كلب المسلم، فقتله كلب المسلم وحده، حل أكله وبه قال الشافعي (1)
وقال أبو حنيفة: لا يحل أكله، لأنهما تعاونا على قتله، فأشبه إذا عقراه معا (2)
دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (3)
مسألة 8: إذا عض الكلب الصيد لم ينجس به، ولا يجب غسله.
وقال الشافعي: ينجس الموضع، وهل يجب غسله؟ على وجهين، أحدهما: مثل
ما قلناه، والثاني: يجب غسله كما لو لاغ في الإناء (4)
دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (5) ولم يأمر بغسله،
الأخبار (6) كلها دالة على ذلك، لأنه لم يأمر فيها بغسل الموضع.

1 - حلية العلماء 3: 426، والمجموع 9: 103، والوجيز 2: 206، والمغني لابن قدامة
11: 17، والشرح الكبير 11: 13، والبحر الزخار 5: 296.
2 - اللباب 3: 111 و 112، وتبيين الحقائق 6: 53، والهداية 8: 180، وحلية
العلماء 3: 426، والمجموع 9: 103، والمغني لابن قدامة 11: 17، والشرح الكبير
11: 13، والبحر الزخار 5: 296.
3 - المائدة: 4.
4 - الأم 2: 227، وحلية العلماء 3: 428، والمجموع 9: 108، والوجيز 2: 207، و
كفاية الأخيار 2: 139، ومغني المحتاج 4: 276، والسراح الوهاج 559.
5 - المائدة: 4.
6 - انظر الكافي 6: 202 و 204 حديث 2 و 3 و 7 و 10، والتهذيب 9: 23 و 25
حديث 92 و 95 و 96 و 99.
12

مسألة 9: إذا عقر الكلب المعلم الصيد عقرا لم يصيره في حكم المذبوح، وغاب
الكلب والصيد عن عينه ثم وجده ميتا، لم يحل أكله.
واختلف أصحاب الشافعي على طريقين، أحدهما: يحل أكله قولا واحدا (1)
والآخر: أن المسألة على قولين، أحدهما: يحل، والآخر: لا يحل، وهو أصحهما
عندهم (2)
وقال أبو حنيفة: إن تشاغل به وتبعه فوجده ميتا حل أكله، وإن لم يتبعه لم يحل
أكله (3)
وقال مالك: إن وجده من يومه حل أكله، وإن وجده بعد يوم لم يحل أكله (4)
دليلنا: أن الذكاة حكم شرعي، وليس في الشرع ما يدل على أن هذا يحل أكله،
أن لا يكون مباحا.
وروى سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله أنا

1 - حلية العلماء 3: 429، والمجموع 9: 114، والميزان الكبرى 2: 61 و 62، والمحلى
7: 464، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 548.
2 - الأم 2: 228، وحلية العلماء 3: 429، والمجموع 9: 114، والوجيز 2: 208، و
بداية المجتهد 1: 446، والمغني لابن قدامة 11: 21، والشرح الكبير 11، 20، وعمدة القاري 21: 101.
3 - المبسوط للسرخسي 11: 240، واللباب 3: 112، والهداية المطبوع بهامش
شرح فتح القدير 8: 183، وشرح فتح القدير 8: 183، وبدائع الصنائع 5: 59، و
عمدة القاري 21: 101، وحاشية رد المحتار 6: 468، وتبيين الحقائق 6: 57، والمحلى
7: 464، والمغني لابن قدامة 11: 21، والشرح الكبير 11: 20، وحلية العلماء
3: 429، وبداية المجتهد 1: 446.
4 - المدونة الكبرى 2: 51 و 52، وبداية المجتهد 1: 446، وأحكام القرآن لابن
العربي 2: 548، وحلية العلماء 3: 429، والمغني لابن قدامة 11: 21، والشرح
الكبير 11: 20، والمحلى 7: 464 و 467، وعمدة القاري 21: 101.
13

أهل صيد، وإن أحدنا يرمي الصيد فيغيب عنه الليلتين والثلاث فيجده ميتا و
فيه سهمه، فقال: " إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن فيه أثر سبع وعلمت أن
سهمك قتله فكل " (1) فأباحه بشرط أن يعلم أن سهمه قتله،
وهذا لا يعلمه أبدا.
وروي: أن رجلا جاء إلى عبد الله بن عباس، فقال: إني أرمي وأصمي وأنمي،
فقال له: كل ما أصميت ودع ما أنميت (2) يعني: كل ما
قتله وأنت تراه، ولا تأكل ما غاب عنك خبره.
مسألة 10: إذا أدركه وفيه حياة مستقرة لكنه في زمان يتسع لذبحه، أو كان
ممتنعا فجعل يعدو خلفه، فوقف وقد بقي من حياته زمان يا يتسع لذبحه، لا يحل
أكله. وبه قال أبو حنيفة (3)
وقال الشافعي: يحل أكله (4)
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على جواز أكله، وهو إذا أدركه فذبحه، فأما إذا لم
يذبحه فليس على إباحته دليل.
وأيضا: روى أصحابنا: أن أقل ما يلحق معه الذكاة أن يجده وذنبه يتحرك، أو
رجله تركض، وهذا أكثر من ذلك (5)

1 - تلخيص الحبير 4: 136 حديث 1947.
2 - المصدر السابق حديث 1948.
3 - بدائع الصنائع 5: 51، والميزان الكبرى 2: 61، والمغني لابن قدامة 11: 14.
4 - الأم 2: 228، ومختصر المزني 281، والسراج الوهاج 557، ومغني المحتاج
4: 269، والمجموع 9: 114 و 115، والميزان الكبرى 2: 61، والمغني لابن قدامة
11: 14، وفتح الباري 9: 601.
5 - تفسير العياشي 1: 291 حديث 16، والكافي 6: 232 و 233 حديث
1 و 3 و 4 و 6، والتهذيب 9: 57 حديث 237 و 238 و 240.
14

مسألة 11: إذا أرسل كلبه المعلم، وسمى عند إرساله على صيد بعينه فقتل غيره،
حل أكله. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي (1)
وقال مالك: لا يحل أكله، لأنه أمسك غير الذي أرسله عليه، فهو كما لو
استرسل بنفسه (2)
دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (3) ولم يفرق.
وأيضا: روى عدي بن حاتم، وأبو ثعلبة الخشني: أن النبي عليه السلام قال: " إذا
أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه، فكل ما أمسك عليك " (4) ولم
يفرق، وإنما اعتبر الإرسال مع التسمية والامساك فقط، ولم يعتبر إمساك ما
أرسله عليه بعينه.
مسألة 12: إذا أرسل كلبه المعلم في جهة، فعدل عن سمته إلى جهة غيرها وقتل،
حل أكله.
وللشافعي فيه وجهان، قال أبو إسحاق: لا يحل، لأن الكلب له اختيار، فإذا
عدل عن الأول قطع حكم الإرسال الأول، والوجه الثاني: مثل ما قلناه (5)

1 - الأم 2: 228، وحلية العلماء 3: 430، والمجموع 9: 120 و 122، والمبسوط
للسرخسي 11: 238، وبدائع الصنائع 5: 49، والشرح الكبير 11: 38، والمغني
لابن قدامة 11: 19.
2 - المدونة الكبرى 2: 54، والمغني لابن قدامة 11: 19، والشرح الكبير 11: 38،
والمجموع 9: 122، والبحر الزخار 5: 297.
3 - المائدة 4.
4 - صحيح البخاري 7: 113 و 114، وصحيح مسلم 3: 1529 حديث 1،
والمصنف لعبد الرزاق 4: 470 حديث 8502، وعمدة القاري 21: 102، ونصب
الراية 4: 312، وتلخيص الحبير 4: 133 حديث 1934.
5 - حلية العلماء 3: 429، والمجموع 9: 119، والمغني لابن قدامة 11: 19، والشرح
الكبير 11: 38.
15

دليلنا: الآية (1) والخبر (2)، وإنهما لم يفرقا.
مسألة 13: إذا رمى سهما أو حربة ولم يقصد شيئا، فوقع في صيد فقتله، أو رمى
شخصا فوقع في صيد فقتله، أو قتل شيئا ظنه غير شاة فكان شاة، كل هذا لا يحل
أكله.
وللشافعي في رمي السهم والسلاح وجهان، أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني:
يجوز أكله. وفي رمي الشخص وذبح الشاة وجه واحد: أنه يجوز أكله (3)
دليلنا: أنا قد دللنا على وجوب التسمية، والتسمية هاهنا مفقودة، ولو كانت
موجودة لاحتاجت إلى قصد قتل الصيد أو المذبوح، وذلك مفقود، فلا يجوز أكله.
مسألة 14: إذا استرسل الكلب من قبل نفسه من غير إرسال صاحبه، فقتل
الصيد، لم يحل أكله.
وبه قال جميع الفقهاء (4) إلا الأصم، فإنه قال: لا بأس بأكله (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا: فالصيد طريقه الشرع، وليس في الشرع ما يدل
على جواز أكل ما ذكرناه.

1 - المائدة 4.
2 - الخبر المتقدم في المسألة السابقة عن عدي بن حاتم والخشني، فلاحظ.
3 - الأم 2: 237، ومختصر المزني 282، والمجموع 9: 121، والوجيز 2: 208.
4 - المدونة الكبرى 2: 55، والوجيز 2: 207، والمجموع 9: 103، ومغني المحتاج
4: 276، والسراج الوهاج 560، والشرح الكبير 11: 34.
5 - المجموع 9: 103، والبحر الزخار 5: 295.
16

وأيضا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (1) وهذا أمسك على
نفسه.
وروى عدي بن حاتم، وأبو ثعلبة الخشني: أن النبي عليه السلام قال: " إذا
أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله تعالى عليه، فكل مما أمسك عليك " (2)
فأباحه بشرطين: الإرسال، والتسمية. فمن قال بأكله من غير إرسال فقد ترك
الخبر.
مسألة 15: إذا استرسل الكلب بنفسه نحو الصيد، ثم رآه صاحبه نحو الصيد،
فأضراه وأغراه، فازداد حرصه وعدوه، وحقق قصده وصار عدوه أسرع من
الأول، لم يحل أكله. وبه قال الشافعي (3)
وقال أبو حنيفة: يحل أكله (4)
دليلنا: الخبر المتقدم (5)، فإن النبي عليه السلام اعتبر الإرسال والتسمية،
وهذا ما أرسل.
مسألة 16: إذا رمى سهما وسمى، فوقع على الأرض ثم وثب فأصاب الصيد
فقتله، حل أكله.

1 - المائدة 4.
2 - صحيح البخاري 7: 113 و 114، وصحيح مسلم 3: 1529 حديث 1، و
المصنف لعبد الرزاق 4: 470 حديث 8502، ونصب الراية 4: 312، وتلخيص
الحبير 4: 133 حديث 1934.
3 - حلية
4 - حلية العلماء 3: 437، المجموع 9: 103، أحكام القرآن لابن العربي 2: 545.
5 - في المسألة السابقة.
17

وللشافعي فيه قولان، أحدهما: مث لما قلناه، والثاني: لا يحل له أكله (1)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم على جواز أكل ما يقتله السهم مع التسمية (2)
ولم يفصلوا.
مسألة 17: إذا قطع الصيد بنصفين، حل أكل الكل بلا خلاف، وإن كان الذي مع
الرأس أكثر، حل الذي مع الرأس دون الباقي. وبه قال أبو حنيفة (3)
وقال الشافعي: يحل أكل الجميع (4)
دليلنا: طريقة الاحتياط، فإن أكل ما مع الرأس مجمع على إباحته، وما قالوه
ليس عليه دليل.
وأيضا: روي عن ابن عمر: أن النبي عليه السلام قال: " ما أبين من حي فهو
ميت " (5) وهذا الأقل أبين من حي، فيجب كونه ميتا.

1 - حلية العلماء 3: 431، والوجيز 2: 208، والمجموع 9: 112.
2 - انظر الكافي 6: 210 و 211 حديث 6 و 7 و 10، والتهذيب 9: 34 حديث
136 و 139.
3 - اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 63 و 64، والمبسوط 11: 254، واللباب
3: 114، والهداية 8: 185 و 186، وعمدة القاري 21: 95، وتبيين الحقائق 6: 59،
وحاشية رد المحتار 6: 473، والمحلى 7: 465، والمجموع 9: 118، والميزان الكبرى
2: 62، والمغني لابن قدامة 11: 24، والبحر الزخار 5: 301.
4 - الأم 2: 229 و 238، ومختصر المزني 282، والسراج الوهاج 557، ومغني
المحتاج 4: 270، والميزان الكبرى 4: 62، والمجموع 9: 118، واختلاف الفقهاء
للطحاوي 1: 64، وعمدة القاري 21: 95، وتبيين الحقائق 6: 59، والهداية
8: 185 و 186، وحاشية رد المحتار 6: 473، والمحلى 7: 464، والمغني لابن قدامة
11: 24، والبحر الزخار 5: 300 و 301.
5 - رواه ابن قدامة في المغني 11: 24 و 25.
18

وهذا أيضا رواه أصحابنا (1)، ولا يختلفون فيه، فهو إجماع منهم عليه.
مسألة 18: إذا اصطاد المسلم بكلب علمه مجوسي، حل أكل ما قتله.
وبه قال جميع الفقهاء (2)
وقال الحسن البصري، والثوري: لا يحل (3)
دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (4) ولم يفصل، وعليه
إجماع الفرقة وأخبارهم (5)
مسألة 19: إذا كان المرسل كتابيا، لم يحل أكل ما قتله.
وقال جميع الفقهاء: يجوز ذلك (6)
دليلنا: أنا ندل على أن ذبائح أهل الكتاب لا تحل، وكل من قال بذلك قال: إن
إرسالهم لا يجوز أن يعتبر في استباحة الصيد، وطريقة

1 - الكافي 6: 255 حديث 6 و 7، والتهذيب 9: 77 حديث 326 و 328.
2 - اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 59، وأحكام القرآن للجصاص 2: 319، و
المدونة الكبرى 2: 56، ومختصر المزني 282، والمبسوط 11: 245، والموطأ
2: 494، والأم 2: 232، والمغني لابن قدامة 11: 17، والوجيز 2: 208، وحلية
العلماء 3: 426، والمجموع 9: 97.
3 - الحاوي الكبير 15: 24، وفي المجموع 9: 97، والمغني لابن قدامة 11: 17، و
الشرح الكبير 11: 12، إن ممن كرهه جابر بن عبد الله والحسن البصري وعطاء و
النخعي والثوري وإسحاق بن راهويه.
4 - المائدة 4.
5 - تفسير العياشي 1: 293 حديث 24، والكافي 6: 208 حديث 1، والتهذيب
9: 30 حديث 118، والاستبصار 4: 70 حديث 254.
6 - المبسوط 11: 246، والمغني لابن قدامة 11: 36، والشرح الكبير 11: 48، و
الوجيز 2: 205، والمجموع 9: 102، وحاشية رد المحتار 6: 465.
19

الاحتياط تقتضي ذلك.
مسألة 20: إذا كان المرسل مجوسيا أو وثنيا لم يحل أكل ما اصطاده بلا خلاف،
وإذا كان أحد أبويه مجوسيا أو وثنيا والآخر كتابيا لم يجز أيضا عندنا.
وقال أبو حنيفة: يجوز على كل حال (1)
وقال الشافعي: إن كان الأب مجوسيا لم يحل قولا واحدا، وإن كانت الأم مجوسية
فعلى قولين (2)
دليلنا: ما قدمناه من أنه لو كان كتابيا لما جاز أكل ما أرسل عليه، فهذا القرع
يسقط عنا.
مسألة 21: كل حيوان مقدور على ذكاته إذا لم يقدر على - مثل أن يصير مثل
الصيد أو يتردى في بئر فلا يقدر على ذكاته - كان عقره ذكاته في أي موضع وقع
فيه. وبه قال في الصحابة: علي عليه السلام، وابن مسعود، وابن عمر، وابن
عباس (3)، وفي التابعين: عطاء، وطاووس، والحسن
البصري (4)، الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي (5).

1 - المبسوط 11: 246، وبدائع الصنائع 5: 46، والمغني لابن قدامة 11: 37، و
المجموع 9: 79.
2 - الأم 2: 233، ومختصر المزني 282، وحلية العلماء 3: 421، والمجموع
9: 75 و 79، والمغني لابن قدامة 11: 37، والوجيز 2: 205 و 206.
3 - السنن الكبرى 9: 246، والمحلى 7: 447، والمغني لابن قدامة 11: 35، والشرح
الكبير 11: 55.
4 - المحلى 7: 448، والمغني لابن قدامة 11: 35، والشرح الكبير 11: 55.
5 - الأم 2: 234، ومختصر المزني 282، والسراج الوهاج 556، ومغني المحتاج
4: 265، وكفاية الأخيار 2: 137، والمحلى 7: 447، والهداية 8: 52، وبدائع الصنائع
5: 43، والمغني لابن قدامة 11: 35، والشرح الكبير 11: 55.
20

وذهبت طائفة إلى: أن ذكاته في الحلق واللبة مثل المقدور عليه، فإن عقره فقتله
في غيرهما لم يحل أكله. ذهب إليه سعيد بن المسيب، وربيعة، ومالك، والليث بن
سعد (1)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2)
وأيضا: روى رافع بن خديج: أن بعيرا ند، فرماه رجل بسهم فحسه، فقال النبي
عليه السلام: " إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما ند منها فاصنعوا به
هكذا " (3)
ومنه دليلان:
أحدهما: أن الرامي حسه، أي قتله (4)، بدليل ما روي في خبر آخر: أنه
رماه فحسه الله، يعني: مات، ولو كان حراما ما أقرهم عليه.
والثاني: قوله: " فما ند منها فاصنعوا به هكذا " فهذا أمر برمي ما كان غير مقدور
عليه.

1 - والمغني لابن قدامة 11: 35، والشرح الكبير 11: 55، والحاوي الكبير
15: 27.
2 - قرب الإسناد 51، والكافي 6: 231 حديث 1 و 5، ومن لا يحضره الفقيه
3: 208 حديث 956 و 957، التهذيب 9: 54 حديث 224 و 226.
3 - صحيح البخاري 7: 118، وسنن ابن ماجة 2: 1062 حديث 3183، وسنن
النسائي 7: 228، ومسند أحمد بن حنبل 4: 140 و 142، ومعجم الطبراني الكبير
4: 269 حديث 4380، وفتح الباري 5: 131 و 9: 623، والجامع لأحكام القرآن
6: 55، والسنن الكبرى 9: 246، ومجمع الزوائد 4: 34، والمحلى 7: 448، وتلخيص
الحبير 4: 134 حديث 1936، وفي الجميع باختلاف يسير في اللفظ.
4 - انظر النهاية 1: 385 مادة " حسس ".
21

وروى حماد بن سلمة (1) عن أبي العشراء الدارمي (2)، عن أبيه قال:
قلت: يا رسول الله، أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة؟ فقال: " لو طعنت في فخذها
لأجزأك " (3)
وفي بعضها: أن بعيرا تردى في بئر، فقلت: يا رسول الله ما تصلح الذكاة إلا في
الحلق واللبة؟ فقال: " وأبيك، لو طعنت في فخذها لأجزأك " (4)
وروينا عن علي عليه السلام، وابن مسعود، وابن عباس، وابن
عمر (5) ولا مخالف لهم.
مسألة 22: لا تحل التذكية بالسن ولا بالظفر، سواء كان متصلا أو منفصلا بلا
خلاف، فإن خالف وذبح به لم يحل أكله. وبه قال

1 - حماد بن سلمة بن دينار البصري، أبو سلمة، مولى تميم، ويقال: مولى قريش،
وقيل غير ذلك. روى عن ثابت البناني، وقتادة، وإسحاق بن عبد الله، وجماعة.
وعنه ابن جريج، والثوري، وشبعة، وغيرهم. مات سنة (167 ه‍). تهذيب التهذيب
3: 11.
2 - أبو الشعراء الدارمي، بضم العين، قبل: اسمه يسار بن بكر بن مسعود بن خولي
بن حرملة بن قتادة، من بني دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم. روى
عن أبيه، وروى عنه حماد بن سلمة. تهذيب التهذيب 12: 167.
3 - سنن أبي داود 3: 103 حديث 2825، وسنن النسائي 7: 228، وسنن أبي ماجة
2: 1063 حديث 3184، ومسند أحمد بن حنبل 4: 344، مجمع الزوائد 4: 34، و
السنن الكبرى 9: 246، والمحلى 7: 449، والجامع لأحكام القرآن 6: 55، وفتح
الباري 9: 641، باختلاف يسير في اللفظ.
4 - مسند أحمد بن حنبل 4: 334، والسنن الكبرى 9: 246، وتلخيص الحبير
4: 134 حديث 1937.
5 - انظر السنن الكبرى 9: 246، والمحلى 7: 447.
22

الشافعي (1)
وقال أبو حنيفة: إن كان الظفر والسن متصلين كما قلناه، وإن كانا منفصلين حل
أكله (2)
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وطريقة الاحتياط.
وروى رافع به خديج: أن النبي عليه السلام قال: " ما أنهر الدم وذكر اسم الله
عليه فكلوا إلا ما كان من سن أو ظفر، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم من
الإنسان، وأما الظفر فمدى الحبشة " (4) ولم يفصل بين أن
يكون متصلا أو منفصلا.
مسألة 23: لا تجوز ذبائح أهل الكتاب - اليهود، والنصارى - عند

1 - الأم 2: 236، وحلية العلماء 3: 422، والوجيز 2: 206، وكفاية الأخيار
2: 139، والمجموع 9: 81، والسراج الوهاج 559، ومغني المحتاج 4: 273، والمحلى
7: 450، وبدائع الصنائع 5: 42، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 542، واختلاف
الفقهاء للطحاوي 1: 71.
2 - اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 71، والمبسوط 12: 2، وبدائع الصنائع 5: 42، و
النتف 1: 227، واللباب 3: 119، وشرح معاني الآثار 4: 184، والهداية المطبوع مع
شرح فتح القدير 8: 59، وتبيين الحقائق 5: 290، والمغني لابن قدامة 11: 45، و
الشرح الكبير 11: 52، وبداية المجتهد 1: 433، وأحكام القرآن لابن العربي
2: 542، والمحلى 7: 450، وحلية العلماء 3: 422، والوجيز 2: 206،
3 - الكافي 6: 227 حديث 1 و 4، والتهذيب 9: 51 حديث 209 و 212، و
الاستبصار 4: 79 و 80 حديث 292 و 295.
4 - انظر: صحيح البخاري 7: 118، وصحيح المسلم 3: 1558 حديث 20، وسنن
النسائي 7: 228، 229، وسنن ابن ماحة 2: 1061 حديث 3178، ومسند أحمد بن
حنبل 4: 142، وشرح معاني الآثار 4: 183، ومعجم البراني الكبير 4: 269 حديث
4380 و 4395، وعمدة القاري 21: 116، وفتح الباري 9: 623، ونصب الراية
4: 186، وتلخيص الحبير 4: 135 حديث 1939، وفي الجميع اختلاف في اللفظ.
23

المحصلين من أصحابنا (1)
وقال شذاذ منهم: إنه يجوز أكله (2) وخالف جميع الفقهاء في
ذلك (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وإنما يخالف فيها من لا يعتد بقوله من
الطائفة.
وأيضا: قوله تعالى: " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " (5) وهؤلاء
لا يذكرون اسم الله عليها، لأنهم غير عارفين بالله، وإنما يكون الاسم
متوجها إليه بالقصد، فمن لا يعرفه با يصح أن يقصد به اسمه.
وأيضا: فهم أن ذكروا اسم الله فهم لا يعتقدون وجوب ذلك، والمراعى في
ذلك اعتقاد وجوبه، ألا ترى أنه لو ذكر اسم الله الوثني أو المجوسي لم يحل أكله بلا
خلاف، ولو ذبح المسلم الأخرس حل أكله وإن لم يذكر اسمه إذا كان معتقدا
لوجوب ذلك.

1 - قال العلامة في المختلف 2: 127، ذهب إليه الشيخان، والسيد المرتضى، و
سلار، وابن البراج، وأبو الصلاح، وابن حمزة، وابن إدريس.
2 - وهو قول ابن أبي عقيل، وابن الجنيد كما حكاه عنهما العلامة في المصدر
السابق.
3 - الأم 2: 231 و 236، وحلية العلماء 3: 421، وكفاية الأخيار 2: 140، و
الوجيز 2: 205، والمجموع 9: 78، والمدونة الكبرى 2: 56 و 67، وبداية المجتهد
1: 435 و 436، والمبسوط للسرخسي 11: 246، واللباب 3: 115، والنتف
1: 228، والهداية 8: 52، وشرح فتح القدير 8: 52، وتبيين الحقائق 5: 287،
والمغني لابن قدامة 11: 36، والشرح الكبير 11: 48.
4 - الكافي 6: 238 و 239 حديث 1 و 5 و 7، والتهذيب 9: 63 حديث 266 و 269،
والاستبصار 4: 81 حديث 299 و 301.
5 - الأنعام 121.
24

مسألة 24: لا يجوز الذكاة في اللبة (1) إلا في الإبل خاصة، وأما البقر
والغنم فلا يجوز ذبحهما إلا في الحلق، فإن ذبح الإبل أو نحر البقر والغنم لم يحل أكله.
وقال الفقهاء كلهم: إن التذكية في الحلق واللبة على حد واحد (2)،
ولم يفصلوا.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3)، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك،
لأن ما اعتبرناه مجمع على جواز الاستباحة به، ووقوع الذكاة به، وما قالوه
ليس عليه دليل.
مسألة 25: إذا رمى طيرا فجرحه، فسقط على الأرض، فوجده ميتا، حل أكله،
سواء مات قبل أن يسقط أو بعد ما سقط أو لم يعلم وقت موته.
وبه قال أبو حنيفة، والشافعي (4)

1 - اللبة، قيل، هو جمع لبب، وهو المنحر من كل شئ، وبه سمى لبب السرج، وأما
اللباب فهي جمع لبة، وهي الهزمة التي فوق الصدر، وفيها تنحر الإبل، ومنه
الحديث: " أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة ". قاله ابن الأثير في النهاية 4: 223.
2 - الأم 2: 234 و 237 و 239، ومختصر المزني 284، وحلية العلماء 3: 424، و
المحلى 7: 445، وعمدة القاري 21: 122، وبداية المجتهد 1: 430، والمغني لابن
قدامة 11: 43، والشرح الكبير 11: 53، والهداية 8: 61، واللباب 3: 117، و
الوجيز 2: 206، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 541، وتبيين الحقائق 5: 289.
3 - الكافي 6: 228 و 229 حديث 2 و 3، ومن لا يحضره الفقيه 4: 107 حديث
968، والتهذيب 9: 53 حديث 218 و 219.
4 - مختصر المزني 282، ومغني المحتاج 4: 274، والسراج الوهاج 559، وحلية
العلماء 3: 438، والمجموع 9: 113، والمغني لابن قدامة 11: 23، والشرح الكبير
11: 18 و 19، والمبسوط للسرخسي 11: 251، واللباب 3: 113، والهداية
8: 184، وشرح القدير 8: 184، وتبيين الحقائق 6: 58، وحاشية رد المحتار
6: 473، والبحر الزخار 5: 299.
25

وقال مالك: إذا مات بعد سقوطه لا يحل أكله، لأن السقطة أعانت على موته كما
لو وقع في الماء (1)
دليلنا: ظواهر الأخبار التي وردت فيما قتله السهم: أنه لا بأس بأكله (2)
ولم يفصلوا.
وروى عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصيد،
فقال: " إذا رميت الصيد وذكرت اسم الله تعالى فقتل فكل، وإن وقع في الماء فلا
تأكله، فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك " (3)
مسألة 26: إذا قتل الكلب المعلم الصيد بالعقر حل أكله بلا خلاف، وعند الفقهاء
سائر الجوارح مثل ذلك من جوارح الطير والسباع، وإن قتله من غير عقر - مثل
أن صدمه فقتله أو غمه حتى مات - فلا يحل أكله.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مث لما قلناه، وهو الأظهر، وهو الذي رواه أبو يوسف ومحمد وزفر عن أبي حنيفة، واختاره المزني (4)
والقول الآخر: يحل أكله، وهو رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي عن

1 - المدونة الكبرى 2: 59، وحلية العلماء 3: 437، والمجموع 9: 113، والمغني
لابن قدامة 11: 23، والشرح الكبير 11: 18 و 19، والبحر الزخار 5: 299.
2 - الكافي 6: 215 حديث 1 و 2، والتهذيب 9: 52 حديث 216.
3 - صحيح مسلم 3: 1531 حديث 6 و 7، وسنن الدارقطني 4: 294 حديث 90،
وسنن الترمذي 4: 67 حديث 469، ونصب الراية 4: 316 وفي الجميع بتفاوت
يسير في اللفظ.
4 - مختصر المزني 282، وحلية العلماء 3: 426، وكفاية الأخيار 2: 139، و
المجموع 9: 103، والميزان الكبرى 2: 61، والحاوي الكبير 15: 51.
26

أبي حنيفة (1)
دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا مما أمسكن عليكم " (2) فأباح لنا ما أمسكه
الجارح، والجارح هو الذي يجرح ويعقر، وهذا ما جرح.
وروى رافع بن خديج: أن النبي عليه السلام قال: " ما أنهر الدم وذكر اسم الله
عليه فكلوا " (3) وهذا ما أنهر دما.
مسألة 27: إذا رمى شخصا يظنه حجرا أو شجرا فبان صيدا قد قتله، أو عقر
آدميا، أو صيدا لا يوكل كالكلب والخنزير والدب وغير ذلك، لا يحل أكله. وبه
قال مالك (4)
وقال أبو حنيفة، والشافعي، يحل أكله (5)
وقال محمد: إذا اعتقده شجرا أو آدميا فبان صيدا لم يوكل، وإن اعتقده

1 - مختصر المزني 282، وحلية العلماء 3: 426، وكفاية الأخيار 2: 139، و
المجموع 9: 103، والميزان الكبرى 2: 61، والحاوي الكبير 15: 51.
2 - المائدة 4.
3 - صحيح البخاري 7: 118، وصحيح مسلم 3: 1558 حديث 20، وسنن
النسائي 7: 228 و 229، وسنن أبي ماجة 2: 1061 حديث 3178، ومسند أحمد بن
حنبل 4: 142، وشرح معاني الآثار 4: 183، ومعجم البراني الكبير 4: 269 حديث
4380 و 4395، وعمدة القاري 21: 116، وفتح الباري 9: 623، ونصب الراية
4: 186، وتلخيص الحبير 4: 135 حديث 1939.
4 - المدونة الكبرى 2: 61، وأسهل المدارك 2: 50، والمجموع 9: 122، والشرح
الكبير 11: 37، والحاوي الكبير 15: 52.
5 - مختصر المزني 282، وحلية العلماء 3: 430، والسراج الوهاج 560، ومغني
المحتاج 4: 277، والوجيز 2: 208، والمجموع 9: 122، والهداية 8: 181، وتبيين
الحقائق 6: 56، والشرح الكبير 11: 37، والبحر الزخار 5: 300، والحاوي الكبير
15: 52.
27

كلبا أو خنزيرا فبان صيدا أكله: لأنه من جنس الصيد (1)
دليلنا: أنا قد بينا وجوب التسمية، وهذا ما سمى ولا قصد الذباحة.
وأيضا: طريقة الاحتياط تقتضي ما قلناه: لأن الذكاة طريقها الشرع، وليس في
الشرع ما يدل على جواز ذلك.
مسألة 28: إذا ملك صيدا فانفلت منه، لم يزل ملكه عنه، طائرا كان أو غير
طائر، لحق بالبراري والصحاري أو لم يلحق. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي (2)
وقال مالك: إن كان يطير في البلد وحوله فهو على ملكه، وإن لحق بالبراري و
عاد إلى أصل التوحش زال ملكه (3)
دليلنا: أنه قد ثبت أنه ملكه قبل الانفلات بلا خلاف، ولا دليل على زوال ملكه
فيما بعد، وعلى من ادعى ذلك الدلالة.
مسألة 29: إذا قتل المحل صيدا في الحل لا جزاء عليه، سواء كان منشأه في الحل
ولم يدخل الحرام أو دخل الحرام وخرج إلى الحل، أو كان منشأه في الحرام فخرج
إلى الحل. وبه قال أبو حنيفة، والشافعي (4)
وقال مالك: متى كان منشأه في الحل وقتل في الحل فلا جزاء، سواء

1 - المجموع 9: 122، والحاوي الكبير 15: 52.
2 - الأم 2: 230، ومختصر المزني 282، ومغني المحتاج 4: 279، وحلية العلماء
3: 438، والسراج الوهاج 560، والوجيز 2: 20، والمجموع 9: 141، والبحر الزخار
5: 300.
3 - المدونة الكبرى 2: 62، وأسهل المدارك 2: 50، والبحر الزخار 5: 300
4 - مختصر المزني: 282، والمبسوط للسرخسي 12: 21 و 22، والمغني لابن قدامة
3: 356، والشرح الكبير 3: 374، والحاوي الكبير 15: 55.
28

دخل الحرام أو لم يدخل، ومتى كان منشأه في الحرام ثم خرج منه ففيه
الجزاء (1)
دليلنا: أن الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل، والأصل براءة الذمة، و
شغلها يحتاج إلى دليل.
مسألة 30: الطحال عندنا محرم، والقضيب، والخصيتان، والرحم، والمثانة، و
الغدد، والعبا، والخرزة تكون في الدماغ، والحدق، والنخاع، والفرج عندنا يحرم،
ويكره الكليتان.
وقال الشافعي: هو مباح، وهو قول باقي الفقهاء (2)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 31: لا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك، ولا يؤكل من أنواع السمك إلا
ما كان له قشر، فإنما غيره مثل: المارماهي (4) والزمير (5) وغيره،
وغير السمك من الحيوان مثل: الخنزير والكلب والفأرة والإنسان
والسلحفاة والضفادع، فإنه قيل: ما من شئ في البر إلا ومثله في الماء،

1 - الحاوي الكبير: 15: 55، ونسبه ابن قدامة في المغني 3: 356، والشرح الكبير
3: 374 إلى ابن الماجشون من أصحاب مالك وإسحاق، فلاحظ.
2 - انظر: المغني لابن قدامة 11: 90، والشرح الكبير 11: 118، والمجموع
9: 69 - 70.
3 - الكافي 6: 253 - 254 حديث 1 - 6، والتهذيب 9: 74 - 75 حديث 314 - 318.
4 - المارماهي: ضرب من السمك الشبيه بالحيات، وليس بحيات، واللفظ فارسي.
انظر الحيوان للجاحظ 4: 129.
5 - الزمير: نوع من السمك له شوك ناتئ على ظهره، وأكثر ما يكون في المياه
العذبة. المنجد: مادة " زمر ".
29

فإن جميع ذلك لا يحل أكله بحال.
وقال أبو حنيفة: لا يؤكل غير السمك، ولم يفصل. وبه قال بعض أصحاب
الشافعي (1)
وقال الشافعي: جميع ذلك يؤكل (2)
وقال المزني: السمك وغيره، وقال: غير الحوت كالحوت (3)
وقال الربيع: سئل الشافعي عن خنزير الماء، فقال: يؤكل. وقال في السلم: يؤكل
فأر الماء (4)
ولما دخل العراق سئل عن اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى في هذه المسألة،
فإن أبا حنيفة قال: لا يؤكل، وقال ابن أبي ليلى: يؤكل، فقال الشافعي: أنا على قول
ابن أبي ليلى (5). وبه قال أبو بكر، وعمر، وعثمان،
وابن عباس، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو هريرة، ومالك، والأوزاعي،
والليث بن سعد، وابن أبي ليلى (6).
وفي أصحاب الشافعي من قال: يعتبر بدواب البر، فما يؤكل لحمه من

1 - النتف 1: 232، واللباب 3: 123، وتبيين الحقائق 5: 296، والهداية المطبوع مع
شرح فتح القدير 8: 64، وبدائع الصنائع 5: 35، وفتح الباري 9: 619، والمغني لابن
قدامة 11: 86، والجامع لا حكام القرآن 6: 318، وحلية العلماء 3: 410، والمجموع
9: 33.
2 - مختصر المزني: 238، والسراج الوهاج: 565، والمغني المحتاج 4: 297، و
المجموع 9: 32، والميزان الكبرى 2: 58، والنتف 1: 232، وبدائع الصنائع 5: 35، و
تبيين الحقائق 5: 296، وفتح الباري 9: 619، والمغني لابن قدامة 11: 85، والجامع
لا حكام القرآن 6: 319.
3 - انظر مختصر المزني: 238.
4 - الحاوي الكبير 15: 60، وانظر السراج الوهاج: 565، والميزان الكبرى 2: 58.
5 - بدائع الصنائع 5: 35، والحاوي الكبير 15: 60.
6 - انظر المصدرين السابقين.
30

دواب البر البحر، وما لم يؤكل البري منه فكذلك البحري (1)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2)
وأيضا: قوله تعالى: " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير " (3)
ولحم خنزير، ولم يفرق.
وروى ابن عمر: أن النبي عليه السلام قال: " أحلت لنا ميتتان
ودمان، فالميتتان: السمك والجراد، والدمان: الكبد والطحال " (4) فمن
قال: يحل من الميتة غير هذا فقد ترك الخبر.
مسألة 32: السمك إذا مات في الماء لم يحل أكله، وكذلك إذا نضب الماء عنه، أو
حصل في ماء بارد أو حار فمات فيه، لم يحل أكله.
وقال الشافعي: يحل جميع ذلك من جميع حيوان الماء (5)

1 - حلية العلماء 3: 410، والسراج الوهاج: 565، ومغني المحتاج 4: 298، و
المجموع 9: 32، والوجيز 2: 216، والمغني لابن قدامة 11: 86، والميزان الكبرى
2: 58.
2 - انظر: الكافي 6: 219 حديث 1 - 3 وأحاديث أخرى في الباب، والتهذيب
9: 2 - 3 حديث 4 - 1.
3 - المائدة: 3.
4 - مسند أحمد بن حنبل 2: 97، والسنن الكبرى 1: 254 و 9: 257، والدار المنثور
1: 168، ونصب الراية 4: 201 و 202، وفتح الباري 9: 621.
5 - السراج الوهاج: 565، ومختصر المزني: 283، ومغني المحتاج 4: 297 و 298، و
وبداية المجتهد 1: 451، والمحلى 7: 397 و 398، والمجموع 9: 31 و 33 و 73، وبدائع
الصنائع 5: 35 و 36، وعمدة القاري 21: 105، والهداية 8: 65، وتبيين الحقائق
5: 296 و 297.
31

وقال أبو حنيفة: إذا مات حتف أنفة لم يؤكل، وإن مات بسبب، مثل أن انحسر
عنه الماء أو ضربه بشئ أكل، إلا ما يموت بحرارة الماء أو برده، فإن عنه فيه
روايتين (1)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2)، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك،
فإن ما اعتبرناه مجمع على إباحته، وما قاوه ليك عليه دليل.
وروى عن جابر: أن النبي عليه السلام نهى عن أكل السمك الطافي (3)
وروى جابر: أن النبي عليه السلام قال: " ما انحسر الماء عنه فكل، وما مات فيه
فلا تأكل " (4)
مسألة 33: السمك يحل أكله إذا مات حتف أنفة (5). وبه قال
أبو حنيفة (6).

1 - اللباب 3: 123، وبدائع الصنائع 5: 35 و 36، والهداية 8: 65، وتبيين الحقائق
5: 296 - 297، وحيلة العلماء 3: 411410 -، والمجموع 9: 33.
2 - الكافي 6: 218 حديث 11 و 15، والتهذيب 9: 6 و 7 حديث 18 و 20 و 21.
3 - انظر سنن أبي داود 3: 358 حديث 3815، والسنن الكبرى 9: 255، وكنز
العمال 15: 278، حديث 40979.
4 - سنن الدارقطني 4: 267 حديث 6، والمحلى 7: 396، الجامع لا حكام القرآن
6: 319، وفي الجميع بتفاوت باللفظ.
5 - المراد من الموت حتف الأنف، هو الموت خارج الماء، مثل أن تثب السمكة من
الماء على الشاطئ فتضطرب حتى تموت حتف أنفها، وإن أكدت بعض الأخبار أن
يدركها قبل موتها الإنسان ويأخذها ثم تموت. وأما ما يموت في الماء حتف أنفه
فيطفو على الماء، أو ما انحسر عنه الماء فقد تقدم في المسألة السابقة أنه لا يحل أكله.
6 - انظر: بدائع الصنائع 5: 35 و 36، واللباب 3: 123، والهداية 8: 65، وتبيين
الحقائق 5: 296 و 297.
32

وقال مالك: لا يحل حتى يقطع رأسه (1)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2)
وأيضا: روى ابن عمر: أن النبي عليه السلام قال: " أحلت لنا ميتتان و
دمان، فالميتتان: السمك والجراد، والدمان: الكبد والطحال " (3)
مسألة 34: ابتلاع السمك الصغار قبل أن يموت لا يحل. وبه قال أبو حامد
الأسفرايني من أصحاب الشافعي (4)
وقال ابن القاص من أصحابه: يحل ابتلاعه (5)
دليلنا: أن جواز ذلك يحتاج إلى دليل، وإنما أبيح لنا إذا كان ميتا.
مسألة 35: يجوز أكل الهازبي (6) وإن لم يلق ما في جوفه من الرجيع.
وقال أبو حامد الأسفرايني: لا يجوز أكله إلا بعد تنقيته (7)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم على أن ذرق وروث ما يؤكل لحمه
طاهر (8)، هذا منه.

1 - حلية العلماء 3: 411.
2 - التهذيب 9: 7 حديث 22 و 24.
3 - مسند أحمد بن حنبل 2: 97، والسنن الكبرى 1: 254 و 9: 297، والدار المنثور
1: 168، ونصب الراية 4: 201 و 202، وفتح الباري 9: 621.
4 - حلية العلماء 3: 411، والمجموع 9: 73.
5 - المصدران السابقان.
6 - الهازبي: نوع من أنواع السمك، قاله ابن منظور في لسان العرب 1: 784، و
الزبيدي في تاج العروس 1: 515، وقيل: الهاربي، وهو السمك الصغار الذي يقلى
من غير أن يشق جوفه.
7 - انظر: حلية العلماء 3: 411 و 412، والمغني لابن قدامة 11: 42، والمجموع
9:. 73
8 - التهذيب 1: 246 حديث 710 وص 264 - 267 حديث 771 - 782.
33

مسألة 36: دم السمك طاهر.
وللشافعي فيه وجهان، أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: أنه نجس (1)
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2)
وأيضا: النجاسة حكم شرعي، ولا دلالة في الشرع على نجاسته.

1 - الحاوي الكبير 15: 64، وانظر الجامع لا حكام القرآن 7: 124.
2 - الكافي 3: 59 حديث 4، والتهذيب 1: 260 حديث 755..
34

كتاب الضحايا
35

كتاب الضحايا
مسألة 1: الأضحية سنة مؤكدة لمن قدر عليها، وليست واجبة. وبه قال
في الصحابة: أبو بكر، وعمر وعثمان، وأبو مسعود البدري، وابن عباس،
وابن عمر، وبلال (1). وفي التابعين: عطاء، وعلقمة، والأسود. وإليه ذهب
الشافعي، وأحمد بن حنبل، وأبو يوسف، ومحمد (2).
وذهب قوم إلى: أنها واجبة بأصل الشرع. ذهب إليه ربيعة، ومالك،
والأوزاعي، والليث بن سعد، وأبو حنيفة (3).

(1) صحيح البخاري 7: 128، والمصنف لعبد الرزاق 4: 381 حديث 8137، والسنن الكبرى
9: 264 و 265، والمغني لابن قدامة 11: 95، والشرح الكبير 3: 585، والمبسوط للسرخسي
12: 8، وعمدة القاري 21: 144، وفتح الباري 10: 3، والمجموع 8: 385، والبحر الزخار
5: 311.
(2) المغني لابن قدامة 11، 95، والشرح الكبير 3: 585، والأم 2: 221، ومختصر المزني 284،
وحلية العلماء 3: 369، وكفاية الأخيار 2: 145، والسراج الوهاج: 561، ومغني المحتاج
4: 282، والمجموع 8: 383 و 385، والميزان الكبرى 2: 51، والنتف 1: 241، والهداية
المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 67، وتبين الحقائق 6: 2، وبدائع الصنائع 5: 62، والمبسوط
للسرخسي 12: 8، وفتح الباري 10: 3، والمحلى 7: 358، وبداية المجتهد 1: 415، والوجيز
2: 211، والبحر الزخار 5: 311، وعمدة القاري 21: 144.
(3) المبسوط للسرخسي 12: 8، وعمدة القاري 21: 144، وفتح الباري 10: 3، واللباب 3: 124،
والنتف 1: 239 و 241، وبدائع الصنائع 5: 62، والهداية 8: 67، وشرح فتح القدير 8: 67،
وتبيين الحقائق 6: 2، والآثار (مخطوط) ر: باب الأضحية، وحاشية رد المحتار 6: 313، والمحلى
7: 355، والمغني لابن قدامة 11: 95، والشرح الكبير 3: 585، وبداية المجتهد 1: 415، وحلية
العلماء 3: 369، والمجموع 8: 385.
37

ولأبي حنيفة تفصيل، فقال: إن كان معه نصاب تجب عليه، وإن لم
يكن معه نصاب لا تجب عليه، وتجب عنده على المقيم، ولا تجب على
المسافر، وإن فات وقتها لا تجب إعادتها (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2)، وأيضا: الأصل براءة الذمة،
ووجوبها يحتاج إلى دليل.
وروى سعيد بن المسيب، عن أم سلمة: أن النبي عليه السلام قال:
" إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره شيئا حتى
يضحي " (3). فلو كانت واجبة ما علقها على إرادته، لأنها تجب، أراد أو لم
يرد.

(1) النتف 1: 239، والمبسوط للسرخسي 12: 8، واللباب 3: 124، وفتح الباري 10: 3، وعمدة
القاري 21: 144، والهداية 8: 67، وشرح فتح القدير 8: 67، وبدائع الصنائع 5: 63،
وحاشية رد المحتار 6: 313 و 315، وتبيين الحقائق 6: 2، وحلية العلماء 3: 369، والمجموع
8: 385، وكفاية الأخيار 2: 145، والميزان الكبرى 2: 51، وبداية المجتهد 1: 415، والبحر
الزخار 5: 311.
(2) انظر من لا يحضره الفقيه 2: 292 حديث 1445 و 1446.
(3) صحيح مسلم 3: 1565 حديث 39، وسنن أبي داود 3: 94 حديث 2791، ومسند أحمد بن
حنبل 6: 289، وسنن ابن ماجة 2: 1052، حديث 3149، وسنن الدارقطني 4: 278،
حديث 36، وسنن النسائي 7: 221، وشرح معاني الآثار 4: 181، والسنن الكبرى 9: 263،
وعمدة القاري 21: 158، وكنز العمال 5: 88 حديث 12178 وفي الجميع بتفاوت يسير في
اللفظ.
38

وروى عكرمة عن ابن عباس: أن النبي عليه السلام قال: " أمرت
بالنحر، وهو سنة لكم " (1).
وعن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي عليه السلام قال: " ثلاث
كتبت علي ولم تكتب عليكم: النحر، والوتر، وركعتا الفجر " (2).
وهو إجماع الصحابة، روي عمن تقدم ذكره، ولا مخالف لهم.
فروي: أن أبا بكر وعمر كانا لا يضحيان مخافة أن يرى أنها واجبة (3).
وأبو مسعود قال: أنا لا أضحي وأنا موسر، لأن لا يقدر جيراني أنها
واجبة علي (4).
وابن عباس أعطى عكرمة درهمين وأمره أن يشتري بهما لحما، وقال:
من سألك عن هذا فقل هذه أضحية ابن عباس (5).
وسأل زياد بن عبد الرحمان (6) ابن عمر عن الأضحية، فقال: تريد أنها
واجبة؟ قال: لا، إنها سنة ومعروف، قال ابن عمر: صدقت (7).

(1) رواه الدارقطني في سننه 4: 282 حديث 41 بلفظ: " أمرت بالنحر وليس بواجب ".
(2) رواه البيهقي في سننه 9: 264 وغيره بألفاظ مختلفة لا تضر بالمقصود، فلاحظ.
(3) الحاوي الكبير: 15: 72 وانظر: السنن الكبرى 9: 264 و 265، والمحلى 7: 358، ومختصر
المزني: 283، وبدائع الصنائع 5: 62، والمجموع 8: 383، وتلخيص الحبير 4: 145 ذيل
الحديث 1980.
(4) الحاوي الكبير 15: 72 وانظر السنن الكبرى 9: 265.
(5) مختصر المزني: 284، والمحلى 7: 358، وبداية المجتهد 1: 415 والحاوي الكبير 15: 72.
(6) زياد بن عبد الرحمان القيسي، أبو الخصيب البصري. روى عن ابن عمر، وعنه عقيل بن
طلحة. تهذيب التهذيب 3: 379.
(7) ذكره ابن حزم في المحلى 7: 358 باختصار، فلاحظ.
39

ونحو هذا عن بلال (1) (2)، ولا مخالف لهم.
فإن تعلقوا بقوله تعالى: " فصل لربك وانحر " (3) فإنه أمر بالنحر، والأمر
يقتضي الإيجاب.
قلنا: هذا متروك بالإجماع، لأن الظاهر يقتضي النحر، وهو يختص
بالإبل، ولا خلاف أن ذلك لا يجب، وأنه يجوز ذبح البقر والغنم.
وإذا ترك ظاهرها، جاز لنا أن نحملها على الاستحباب، أو على هدي
المتمتع، أو على ما كان نذرا، أو غير ذلك، على أن ذلك خطاب للنبي
عليه السلام خاصة.
ومن قال: أن الأمة داخلة فيه احتاج إلى دليل، وقد بينا ما روي أنه
كان خاصا به من قوله عليه السلام.
مسألة 2: لا يكره لمن يريد التضحية يوم العيد، أو شراء أضحية وإن لم
تكن حاصلة أن يحلق شعر رأسه، أو يقص أظفاره من أول العشر إلى يوم
النحر، ولا يحرم ذلك عليه. وبه قال أبو حنيفة، ومالك (4).
وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق: يحرم عليه ذلك حتى يضحي (5).

(1) لم تشر المصادر إلى اسم أبيه أو كنيته أو لقبه، وهو مشترك بين عدة. فلاحظ أسد الغابة 1:
205 - 210.
(2) المغني لابن قدامة 11: 95، والمجموع 8: 385.
(3) الكوثر: 2.
(4) عمدة القاري 21: 158، والمغني لابن قدامة 11: 96، وحلية العلماء 3: 372، والمجموع
8: 392، والميزان الكبرى 2: 52، ونيل الأوطار 5: 201.
(5) المغني لابن قدامة 11: 96، وحلية العلماء 3: 372، والمجموع 8: 392، والميزان الكبرى
2: 52، ونيل الأوطار 5: 200.
40

وقال الشافعي: يكره له ذلك ولا يحرم (1).
دليلنا: أن الأصل الإباحة، وكون ذلك محرما أو مكروها يحتاج إلى
دليل.
وروت عائشة قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه
وآله، ثم يقلدها هو بيده، فلم يحرم عليه شئ أحله الله له حتى نحر
الهدي (2)، وهذا نص.
مسألة 3: يجزي الثني (3) من كل شئ من الإبل والبقر والغنم،
والجذع (4) من الضأن. وبه قال عامة أهل العلم (5).
وقال ابن عمر، والزهري: لا يجزئ إلا الثني. فخالفا في الجذع من

(1) حلية العلماء 3: 371، والمجموع 8: 392، والميزان الكبرى 2: 52، والمغني لابن قدامة
11: 96، وعمدة القاري 21: 158، ونيل الأوطار 5: 200.
(2) السنن الكبرى 9: 267، ومسند أحمد بن حنبل 6: 36، وتلخيص الحبير 4: 144
حديث 1974، وفي بعضها تفاوت يسير في اللفظ.
(3) قال ابن الأثير في النهاية 1: 226، مادة " ثنا ": الثنية من الغنم: ما دخل في السنة الثالثة،
ومن البقر كذلك، ومن الإبل في السادسة.
(4) وقال في المصدر السابق 1: 250 مادة " جذع ": وأصل الجذع من أسنان الدواب، وهو ما
كان منها شابا فتيا، فهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة ومن البقر والمعز ما دخل في
السنة الثانية، وقيل: البقر في الثالثة، ومن الضأن ما تمت له سنة، وقيل أقل منها. ومنهم من
يخالف بعض هذا في التقدير.
(5) المدونة الكبرى 2: 69، ومختصر المزني: 284، وسنن الترمذي 4: 88 ذيل الحديث 1499،
والمبسوط للسرخسي 12: 9، والمغني لابن قدامة 11: 100، والشرح الكبير 3: 542، وحلية
العلماء 3: 372، وفتح الباري 10: 15، وكفاية الأخيار 2: 145، وتبيين الحقائق 6: 7،
والمجموع 8: 392 و 393، واللباب 3: 127، والبحر الزخار 5: 311، وحاشية رد المحتار
6: 321 و 322.
41

الضأن (1).
وقال عطاء، والأوزاعي: يجزئ الجذع من كل شئ (2).
وأما الجذع من الماعز فلا يجزئ بلا خلاف.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وروى زيد بن خالد الجهني، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وآله
في أصحابه ضحايا، فأعطاني عناقا (4) جذعا، فرجعت بها إليه، فقلت: إنه
جذع، فقال: " ضح به " فضحيت به (5).
وروى عقبة به عامر الجهني، قال: كنا نضحي مع رسول الله صلى الله عليه وآله بالجذع من الضأن (6).

(1) المحلى 7: 365، والمغني لابن قدامة 11: 100، والشرح الكبير 3: 542، والبحر الزخار
5: 311.
(2) المغني لابن قدامة 11: 100، والشرح الكبير 3: 542، وحلية العلماء 3: 372، وفتح الباري
10: 15، والبحر الزخار 5: 311.
(3) الكافي 4: 489 - 491 حديث 1 و 5 و 7 و 9، والتهذيب 5: 206 حديث 688 - 690، ومن
لا يحضره الفقيه 2: 294 ذيل الحديث 1455.
(4) في بعض المصادر الحديثة " عتودا " والعناق: هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم له سنة،
والعتود: هو الصغير من أولاد المعز، إذا قوي ورعى وأتي عليه حول. انظر النهاية 3: 177 و
311 مادتي " عتد " و " عنق ".
(5) سنن أبي داود 3: 95 حديث 2798، والسنن الكبرى 9: 270، وقد روي في صحيح البخاري
7: 131، وصحيح مسلم 3: 1556 حديث 16، وسنن الترمذي 4: 88 ذيل الحديث 1500،
والمعجم الكبير للطبراني 17: 343 و 344، حديث 945 - 947، ونيل الأوطار 5: 203
بطريق عقبة بن عامر الجهني نحوه، فلاحظ.
(6) سنن النسائي 7: 219، والمعجم الكبير للطبراني 17: 346 حديث 953، والسنن الكبرى
9: 270، والمحلى 7: 364 وفي بعضها بتفاوت يسير.
42

وأما الدليل على الأوزاعي وعطاء، فما رواه جابر قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: " لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا
جذعة من الضأن " (1).
مسألة 4: أفضل الأضاحي الثني من الإبل، ثم من البقر، ثم الجذع
من الضأن، ثم الثني من المعز. وبه قال الشافعي (2).
وقال مالك: أفضلها الجذع من الضأن (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4).
وروى جابر: أن النبي عليه السلام قال: " لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن
تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن " (5).

(1) صحيح مسلم 3: 1555 حديث 13، وسنن أبي داود 3: 95 حديث 2797، وسنن النسائي
7: 218، وسنن ابن ماجة 2: 1049 حديث 3141، ومسند أحمد بن حنبل 3: 312 و 327،
والسنن الكبرى 5: 229 و 231 و 9: 269 و 279، وفتح الباري 10، 15، وكنز العمال
5: 86 حديث 12167، ونصب الراية 4: 216، وتلخيص الحبير 4: 141 حديث 1967.
(2) الأم 2: 224، وحلية العلماء 3: 372، والسراج الوهاج: 562، والوجيز 2: 212، ومغني
المحتاج 4: 285، والمجموع 8: 395 و 396 و 398، والمحلى 7: 370، وبداية المجتهد 1: 416،
والمغني لابن قدامة 11: 99، والشرح الكبير 3: 540، والبحر الزخار 5: 312.
(3) بداية المجتهد 1: 416، وأسهل المدارك 2: 38، وحلية العلماء 3: 373، والمغني لابن قدامة
11: 99، والشرح الكبير 3: 540، والميزان الكبرى 2: 54، والمجموع 8: 398، والبحر الزخار
5: 312، ونيل الأوطار 5: 203.
(4) التهذيب 5: 206 حديث 688، وانظر دعائم الإسلام 1: 326.
(5) صحيح مسلم 3: 1555 حديث 13، وسنن أبي داود 3: 95 حديث 2797، وسنن ابن ماجة
2: 1049 حديث 314، وسنن النسائي 7: 218، ومسند أحمد بن حنبل 3: 312 و 327،
والسنن الكبرى 5: 229 و 231، و 9: 269 و 279، والمحلى 7: 363، ونصب الراية
4: 216، وفتح الباري 10: 15، وتلخيص الحبير 4: 141 حديث 1967.
43

وروى أبو هريرة: أن النبي عليه السلام قال: " من راح في الساعة
الأولى فكأنما أهدى بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما أهدى بقرة،
ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما أهدى كبشا، ومن راح في الساعة الرابعة
فكأنما أهدى دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما أهدى
بيضة " (1).
فوجه الدلالة: أن النبي عليه السلام فاضل بين الساعات، فجعل لمن
راح في أولها بدنة، ولمن راح في الثانية بقرة، ولمن راح في الثالثة كبشا،
ثبت: أن البدنة أفضل.
مسألة 5: يكره من الأضاحي الجلحاء (2) وهي التي لم يخلق لها قرن،
والعضباء وهي التي كسر ظاهر قرنها وباطنه، سواء أدمي قرنها أو لم يدم.
وبه قال الشافعي (3).
وقال النخعي: لا يجوز الجلحاء (4).
وقال مالك: العضباء إن دمي قرنها لم تجز، وإن لم يدم أجزأت (5).

(1) صحيح البخاري 2: 3، والمغني لابن قدامة 11: 99، وترتيب مسند الشافعي: 131 حديث
389، ونصب الراية 3: 98 حديث 89، وسنن الترمذي 2: 372 حديث 499، وسنن
النسائي 3: 99 وفي الجميع بتفاوت يسير في اللفظ.
(2) وقد عبر عنها أيضا ب‍ " الجماء " في بعض المصادر التي سوف نذكرها، وهي بمعنى واحد. انظر
النهاية 1: 284 و 300 مادتي " جلح " و " جمم ".
(3) الأم 2: 223، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 374، والمغني لابن قدامة 11: 102،
والشرح الكبير 3: 548، والمجموع 8: 402.
(4) المجموع 8: 402، والحاوي الكبير: 15: 84.
(5) المدونة الكبرى 2: 69، وبداية المجتهد 1: 419، وأسهل المدارك 2: 40، والمغني لابن قدامة
11: 102، وحلية العلماء 3: 374، والمحلى 7: 360، والمجموع 8: 402، والشرح الكبير
3: 548.
44

دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (1)، وأيضا: الأصل الإجزاء، والمنع
يحتاج إلى دليل.
مسألة 6: يدخل وقت ذبح الأضحية بطلوع الشمس من يوم النحر. وبه
قال عطاء (2).
واختلف الفقهاء على أربعة مذاهب:
فقال الشافعي: يدخل بدخول الوقت، والوقت إذا دخل وقت صلاة
الأضحى، وهو إذا ارتفعت الشمس قليلا يوم الأضحى، ومضى بعد هذا
زمان بقدر ما يمكن صلاة العيد والخطبتين، سواء صلى الإمام أو لم
يصل (3).
واختلف أصحابه في صفة الصلاة على وجهين:
منهم من قال: الاعتبار بصلاة النبي عليه السلام، وكان يقرأ في الأولى
" ق " وفي الثانية فاتحة الكتاب و " اقتربت الساعة "، ويخطب بعدها

(1) الكافي 4: 491 حديث 12، ودعائم الإسلام 1: 326، ومن لا يحضره الفقيه 2: 293 حديث
1450، والتهذيب 5: 213 حديث 716، ويستفاد من النهي الوارد في الأخبار المشار إليها أنه
نهي تنزيهي وليس بنهي تحريمي، فلاحظ.
(2) حلية العلماء 3: 370، والمغني لابن قدامة 11: 114، والشرح الكبير 3: 555، وعمدة القاري
21: 157، والبحر الزخار 5: 316، والميزان الكبرى 2: 52.
(3) الأم 2: 223، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 370، والميزان الكبرى 2: 51، وكفاية
الأخيار 2: 148، واختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 81، والمغني لابن قدامة 11: 114،
والشرح الكبير 3: 554، وبدائع الصنائع 5: 73، وعمدة القاري 21: 157، وفتح الباري
10: 21، والمجموع 8: 387 و 389، والبحر الزخار 5: 315، ونيل الأوطار 5: 215.
45

خطبتين خفيفتين (1).
ومنهم من قال: الاعتبار بركعتين أقل ما يجزئ من تمام الصلاة،
وخطبتين خفيفتين بعدها (2).
وقال أبو حنيفة: يدخل وقتها بالفعل، وهو أن يفعل الإمام الصلاة
ويخطب، فإذا فرغ من ذلك وقت الذبح، وإن تأخرت صلاته لم يذبح
حتى يصلي، هذا في حق أهل المصر، وأما أهل السواد فوقت الذبح في
حقهم طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، لأنه لا عيد على أهل السواد (3).
وقال مالك: يدخل وقته بوجود الفعل أيضا، والفعل صلاة الإمام
والخطبتين وذبح الإمام أيضا، فإن تقدم على هذا لم يجز، قال: وأما أهل
السواد فوقت كل موضع معتبر بأقرب البلدان إليه، فإذا أقيمت الصلاة
والذبح في ذلك البلد دخل وقت الذبح (4).
وقال عطاء: وقته طلوع الشمس من يوم النحر (5).

(1) حلية العلماء 3: 370، والمجموع 8: 387، والحاوي الكبير 15: 85.
(2) حلية العلماء 3: 370، والحاوي الكبير 15: 85.
(3) شرح معاني الآثار 4: 174، والمبسوط للسرخسي 12: 18 و 19، واللباب 3: 125، وبدائع
الصنائع 5: 73، والهداية 8: 72، وحاشية رد المحتار 6: 318، وشرح فتح القدير 8: 72، وفتح
الباري 10: 21، وحلية العلماء 3: 370، والميزان الكبرى 2: 51 - 52، وبداية المجتهد
1: 421، ونيل الأوطار 5: 215.
(4) الموطأ 2: 483 حديث 3، والمدونة الكبرى 2: 69، وبداية المجتهد 1: 421، وأسهل المدارك
2: 39، وحلية العلماء 3: 370، والمجموع 8: 389، والمحلى 7: 374، وفتح الباري 10: 21،
وعمدة القاري 21: 157، ونيل الأوطار 5: 214، والبحر الزخار 5: 316.
(5) حلية العلماء 3: 370، والمغني لابن قدامة 11: 114، والشرح الكبير 3: 555، وعمدة القاري
21: 157، والبحر الزخار 5: 316.
46

دليلنا: إجماع الفرقة على أن الأضحية يوم الأضحى، ولم يعينوا، فيجب
أن يكون جميع اليوم وقتا له.
مسألة 7: الذكاة لا تقع مجزئة إلا بقطع أشياء أربعة: الحلقوم وهو
مجرى النفس، والمرئ وهو تحت الحلقوم، وهو مجرى الطعام والشراب،
والودجين وهما عرقان محيطان بالحلقوم. وبه قال مالك (1).
وقال أبو حنيفة: قطع أكثر الأربعة شرط في الإجزاء، قالوا: وظاهر
مذهبه الأكثر من كل واحد منها (2).
وقال أبو يوسف: أكثر الأربعة عددا، فكأنه يقطع الثلاثة من الأربع
بعد أن يكون الحلقوم والمرئ من الثلاثة (3).
وقال الشافعي: الإجزاء يقع بقطع الحلقوم والمرئ وحدهما، وقطع
الأربعة من المكملات (4).

(1) بداية المجتهد 1: 431، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 540، والمغني لابن قدامة 11: 46،
وحلية العلماء 3: 423، والوجيز 2: 212، والمجموع 9: 90، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير
8: 58، والبحر الزخار 5: 308.
(2) النتف 1: 226 - 227، واللباب 3: 118، والمبسوط للسرخسي 14: 2، والهداية 8: 58،
وشرح فتح القدير 8: 58، وتبيين الحقائق 5: 290، والمحلى 7: 439، وبداية المجتهد 1: 431،
والمغني لابن قدامة 11: 46، وحلية العلماء 3: 423، والمجموع 9: 90، والبحر الزخار 5: 308.
(3) المبسوط للسرخسي 12: 3، واللباب 3: 118، والهداية 8: 58، وتبيين الحقائق 5: 290 -
291، وحلية العلماء 3: 423، والمجموع 9: 90.
(4) الأم 2: 236 و 237، وكفاية الأخبار 2: 137، والسراج الوهاج 558، ومغني المحتاج
4: 270، والوجيز 2: 212، والمجموع 9: 83 و 86 و 90، وحلية العلماء 3: 423، وبداية المجتهد
1: 431، والمحلى 7: 439، والمغني لابن قدامة 11: 45 و 46، والنتف 1: 227، وأحكام
القرآن لابن العربي 1: 541.
47

دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على وقوع الذكاة به، وما قالوه ليس عليه
دليل، فالاحتياط يقتضي ما قلناه.
وروى أبو أمامة: أن النبي عليه السلام قال: " ما فرى الأوداج فكلوا
ما لم يكن قرض ناب أو حز ظفر " (1) فاعتبر فري الأوداج، يعني قطعها.
مسألة 8: السنة في الإبل النحر، وفي البقر والغنم الذبح بلا خلاف.
فإن ذبح الكل، أو نحر الكل لم يجز عندنا.
وقال الشافعي: يجوز كل ذلك (2).
وقال مالك: النحر يجوز في الكل، والذبح لا يجوز في الإبل خاصة،
فإن ذبح الإبل لا يحل أكله، كما قلناه (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4)، وأيضا: ما اعتبرناه مجمع على
حصول التذكية به، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 9: قد بينا أن ذبائح أهل الكتاب لا تجزئ (5)، وكذلك

(1) رواه في كنز العمال 6: 262 حديث 15607 عن أبي أمامة ولفظه: " كل ما أقري الأوداج
ما لم يكن قرض سن أو حز ظفر ".
(2) الأم 2: 239، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 424، والمجموع 9: 85 و 90، والسراج
الوهاج: 558، ومغني المحتاج 4: 271، والمحلى 7: 445، وبداية المجتهد 1: 430، والمغني لابن
قدامة 11: 48، واختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 72.
(3) بداية المجتهد 1: 430، وأسهل المدارك 2: 52، والمدونة الكبرى 2: 65، والمحلى 7: 445،
والمغني لابن قدامة 11: 48، وحلية العلماء 3: 424، والمجموع 9: 90، والبحر الزخار 5: 307،
واختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 72.
(4) الكافي 6: 228 - 229 حديث 2 و 3، والتهذيب 9: 53 حديث 218 و 219.
(5) تقدم بيانه في المسألة " 23 " من كتاب الصيد والذبائح، فراجع.
48

الأضحية. وخالفنا جميع الفقهاء في ذلك في الذباحة من غير كراهة (1).
وقال الشافعي: أكره ذلك في الأضحية، ولكن يجزئه (2).
وقال مالك: يحل أكله، ولا يجزئ في الأضحية (3).
دليلنا: ما تقدم من أن ذبائح أهل الكتاب لا تجزئ، وكل من قال
بذلك قال في الأضحية مثله.
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: " لا يذبح ضحاياكم إلا
طاهر " (4) والكفار أنجاس.
مسألة 10: إذا قلنا: إن ذبائح أهل الكتاب ومن خالف الإسلام لا
تجوز، فقد دخل في جملتهم ذبائح نصارى تغلب (5)، وهم: تنوخ (6)،

(1) الأم 2: 231 و 236، وحلية العلماء 3: 421، وكفاية الأخيار 2: 140، والوجيز 2: 205،
والمجموع 9: 78 و 80، والمدونة الكبرى 2: 56 و 67، وبداية المجتهد 1: 435 و 436،
والمبسوط للسرخسي 11: 246، واللباب 3: 115، والنتف 1: 228، والهداية المطبوع مع
شرح فتح القدير 8: 52، وشرح فتح القدير 8: 52، وبدائع الصنائع 5: 45، وتبيين الحقائق
5: 287، والمغني لابن قدامة 11: 36، والشرح الكبير 3: 553، و 11: 48، والمحلى 7: 380 و
454.
(2) الأم 2: 222، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 374، والميزان الكبرى 2: 53، والسنن
الكبرى 9: 284، والشرح الكبير 3: 553.
(3) المدونة الكبرى 2: 67، وحلية العلماء 3: 374، والمجموع 8: 407، والميزان 2: 53.
(4) الشرح الكبير 3: 553، والحاوي الكبير 15: 92.
(5) نسبة إلى بني تغلب بن وائل بن قاسط، كان أكثرهم نصارى. انظر الأنباه على قبائل
الرواة: 87.
(6) نسبة إلى تنوخ بن مالك بن تيم بن نمر بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن
قضاعة. الأنباه على قبائل الرواة: 137.
49

وبهراء (1)، وبنو وائل. ووافقنا في نصارى تغلب الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: تحل ذبائحهم (3).
دليلنا: ما قدمناه من الأدلة على ذلك، فلا وجه لا عادته، وأيضا: فقد
قال بتحريم ذبائحهم علي عليه السلام، وعمر (4)، ولا مخالف لهما.
وروي عن ابن عباس روايتان (5).
مسألة 11: لا يجوز أكل ذبيحة تذبح لغير القبلة مع العمد والإمكان.
وقال جميع الفقهاء: إن ذلك مستحب (6).
وروي عن ابن عمر أنه قال: أكره ذبيحة تذبح لغير القبلة (7).
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على جواز التذكية به، وليس على ما قالوه
دليل.
وأيضا: روى جابر، قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) بهراء: نسبة إلى بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. الأنباه على قبائل الرواة: 138.
(2) الأم 2: 232، ومختصر المزني: 284، وكفاية الأخيار 2: 140، والمجموع 9: 78، والمغني لابن
قدامة 10: 587، وبداية المجتهد 1: 436، والشرح الكبير 11: 49، وعمدة القاري 21: 119.
(3) بدائع الصنائع 5: 45، وحلية العلماء 3: 421، والمجموع 9: 78، وتبيين الحقائق 5: 287.
(4) انظر المصنف لعبد الرزاق 4: 485 حديث 8570، ومسند الشافعي 2: 174 و 175، والسنن
الكبرى 9: 284، وعمدة القاري 21: 119، وبداية المجتهد 1: 436، والمجموع 9: 78.
(5) ذكر ابن رشد في بداية المجتهد 1: 436 أحد قوليه.
(6) الأم 2: 239، ومختصر المزني 284، والوجيز 2: 212 و 213، والمجموع 8: 408 و 9: 86،
والسراج الوهاج: 558، ومغني المحتاج 4: 272، والمدونة الكبرى 2: 66، والنتف 1: 230،
وبداية المجتهد 1: 435، والشرح الكبير 3: 552، والبحر الزخار 5: 307، والمحلى 7: 454.
(7) الشرح الكبير 11: 61، والمغني لابن قدامة 11: 47، والمحلى 7: 454.
50

بكبشين أقرنين، فلما وجههما قرأ " وجهت وجهي... " الآيتين (1).
مسألة 12: يستحب أن يصلي على النبي عليه السلام عند الذبيحة،
وأن يقول: اللهم تقبل مني. وبه قال الشافعي (2).
وقال مالك: تكره الصلاة على النبي عليه السلام عند الذبيحة.
وقال أبو حنيفة: تكره الصلاة على النبي عليه السلام عند الذبيحة،
وأن يقول: اللهم تقبل مني (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا: قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " (4)
وذلك على عمومه إلا ما أخرجه الدليل.
وقد روي في التفسير في قوله: " ورفعنا لك ذكرك " (5): أن لا أذكر
إلا تذكر معي (6). وقد أجمعنا على ذكر الله، فوجب أن يذكر رسول الله

(1) سنن أبي داود 3: 95 حديث 2795، وسنن ابن ماجة 2: 1043 حديث 3121، والسنن
الكبرى 9: 285، وتلخيص الحبير 4: 143 حديث 1973 وفي الجميع باختلاف يسير.
(2) الأم 2: 239، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 375، والمجموع 8: 410 و 9: 86،
والسراج الوهاج: 558، ومغني المحتاج 4: 273، وكفاية الأخبار 2: 148 والجامع لأحكام
القرآن 12: 66، والسنن الكبرى 9: 285.
(3) انظر: المدونة الكبرى 2: 66، والمغني لابن قدامة 11: 118، والشرح الكبير 3: 552، والجامع
لأحكام القرآن 12: 66، وحلية العلماء 3: 375، والمجموع 8: 410 و 412، والميزان الكبرى
2: 53، والبحر الزخار 5: 318.
(4) الأحزاب: 56.
(5) الشرح: 4.
(6) الجامع لأحكام القرآن 20: 106، وتفسير علي بن إبراهيم القمي 2: 428، والبحر الزخار
5: 318: والسنن الكبرى 9: 286.
51

صلى الله عليه وآله.
وروى عبد الرحمان بن عوف قال: سجد رسول الله صلى الله عليه
وآله، فذهبت أنتظر، فأطال ثم رفع رأسه، فقال عبد الرحمان: لقد خشيت
أن يكون الله قد قبض روحك في سجودك، فقال: " يا عبد الرحمان، لقيني
أخي جبرئيل عليه السلام وأخبرني عن الله أنه قال: من صلى عليك
صليت عليه، فسجدت شكرا لله " (1). وفي بعضها قال: " من صلى عليك
مرة صليت عليه عشرا، فسجدت لله شكرا " (2) ثبت: أن الصلاة عليه
مستحبة على كل حال، وفي كل وقت، ولم يفصل.
وروى جابر قال: ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوم النحر كبشين
أقرنين أملحين، فلما وجههما قال: " وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله
رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك
ولك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر "، ثم ذبح (3).
وروت عائشة: أن النبي عليه السلام أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد،
وينظر في سواد، ويبرك في سواد، فأتي به ليضحي به، ثم أخذ الكبش
فأضجعه وذبحه، فقال: " بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة

(1) مسند أحمد بن حنبل 1: 191، والسنن الكبرى 2: 370 - 371 و 9: 285 - 286، وكنز
العمال 1: 502 حديث 2219 بتفاوت يسير في اللفظ.
(2) انظر كنز العمال 1: 501 حديث 2214 وأحاديث أخرى في الباب تدل على ذلك.
(3) سنن أبو داود 3: 95 حديث 2795، وسنن ابن ماجة 2: 1043 حديث 3121، والسنن
الكبرى 9: 287، والجامع لأحكام القرآن 12: 66، وتلخيص الحبير 4: 143 حديث 1973،
ونيل الأطار 5: 211 وفي بعض بتفاوت يسير في اللفظ.
52

محمد "، ثم ضحى (1). وهذا نص.
مسألة 13: يكره إبانة الرأس من الجسد، وقطع النخاع قبل أن تبرد
الذبيحة، فإن خالف وأبان لم يحرم أكله. وبه قال جميع الفقهاء (2).
وقال سعيد بن المسيب: يحرم أكلها (3).
دليلنا: أن الأصل الإباحة.
وأيضا: قوله تعالى: " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه " (4) وهذا ذكر اسم
الله عليه، وعليه إجماع الصحابة.
روي عن علي عليه السلام أنه سئل عن بعير ضربت عنقه بالسيف،
فقال: " يؤكل " (5).
وعمران بن حصين، قيل له في رجل ذبح بطة، فأبان رأسها، فقال:
تؤكل (6). وعن ابن عمر نحوه (7). ولا مخالف لهم.

(1) صحيح مسلم 3: 1557 حديث 19، وسنن أبي داود 3: 94 حديث 2792، والسنن الكبرى
9: 272 و 286، والجامع لأحكام القرآن 12: 66، وتلخيص الحبير 4: 138 حديث 1953.
(2) الأم 2: 239، والمجموع 9: 89، والمبسوط للسرخسي 11: 3 و 4، والمغني لابن قدامة 11: 54
و 55، والمدونة الكبرى 2: 66، وبداية المجتهد 1: 432، وبدائع الصنائع 5: 80، والبحر
الزخار 5: 308، والمحلى 7: 445 و 457.
(3) الحاوي الكبير 15: 98.
(4) الأنعام: 118.
(5) الحاوي الكبير 15: والمحلى 7: 443 ونحوه.
(6) المحلى 7: 443، والحاوي الكبير 15: 98 والمغني لابن قدامة 11: 51
(7) المحلى 7: 443، والحاوي الكبير 15: 98، والمغني لابن قدامة 11: 51، والشرح الكبير
11: 56.
53

مسألة 14: إذا قطعت رقبة الذبيحة من قفاها، فلحقت قبل قطع
الحلقوم والمرئ، وفيها حياة مستقرة، وعلامتها أن تتحرك حركة قوية، حل
أكلها إذا ذبحت، فإن لم تكن فيها حركة قوية لم يحل أكلها، لأنها ميتة.
وبه قال الشافعي (1).
وقال مالك، وأحمد: لا تحل أكلها على حال (2).
ورووا عن علي عليه السلام أنه قال: إن قطع ذلك عمدا لم يحل
أكلها، وإن كان سهوا حل أكلها (3).
دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه " (4).
وقوله عليه السلام: " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه " (5) ولم
يفصل.
وروى أصحابنا: أن أدنى ما يلحق معه الذكاة أن يجده يركض
برجله، أو يتحرك ذنبه. وهذا أكثر من ذلك (6).

(1) الأم 2: 239، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 424، والمجموع 9: 91، والمحلى
7: 439، والمغني لابن قدامة 11: 51، والشرح الكبير 11: 56.
(2) المغني لابن قدامة 11: 51، والشرح الكبير 11: 56، وحلية العلماء 3: 424، والمجموع 9: 91.
(3) الحاوي الكبير 15: 99.
(4) الأنعام: 118.
(5) صحيح البخاري 7: 118، وصحيح مسلم 3: 1558 حديث 20، وسنن النسائي 7: 228 -
229، ومسند أحمد بن حنبل 4: 142، وسنن ابن ماجة 2: 1061 حديث 3178، وشرح
معاني الآثار 4: 183، ومعجم الطبراني الكبير 4: 269 حديث 4380 - 4395، وعمدة
القاري 21: 116، وفتح الباري 9: 623، ونصب الراية 4: 186، وتلخيص الحبير 4: 135
حديث 1939، ومختصر المزني: 282، وفي بعض ما تقدم: " فكل " بدلا من " فكلوه ".
(6) تفسير العياشي 1: 291 حديث 16، والكافي 6: 232 - 233 حديث 1 و 2 و 4 و 5 و 6،
والتهذيب 9: 57 حديث 237 - 238 و 240.
54

مسألة 15: إذا اشترى شاة تجزئ في الأضحية بنية أنها أضحية، ملكها
بالشراء، وصارت أضحية. وبه قال أبو حنيفة، ومالك (1).
وقال الشافعي: يملكها ولا تكون أضحية (2).
دليلنا: قوله عليه السلام: " الأعمال بالنيات " (3) وهذا نوى كونها
أضحية، فيجب أن تكون كذلك.
وقال الشافعي: عقد البيع يوجب الملك، وجعلها أضحية يزيل الملك،
والشئ الواحد لا يوجب الملك ويزيله في وقت واحد (4).
وهذا لا ينقض، لأنه لو قال: إن ملكت عبدا فلله علي أن أعتقه،
صح، ولزمه عتقه، وهذا لفظ واحد أوجب شيئين.
مسألة 16: إذا أوجب على نفسه أضحية بالقول أو بالنية على ما
مضى من الخلاف، زال ملكه عنها، وانقطع تصرفه فيها. وبه قال
أبو يوسف، وأبو ثور، والشافعي (5)، وروي ذلك عن علي عليه السلام (6).

(1) بدائع الصنائع 5: 62، والمغني لابن قدامة 11: 107، والشرح الكبير 3: 560، وحلية العلماء
3: 374، والمجموع 8: 426، والميزان الكبرى 2: 53، والبحر الزخار 5: 319.
(2) الأم 2: 223، وحلية العلماء 3: 374، والمجموع 8: 425، والميزان الكبرى 2: 53، والمغني
لابن قدامة 11: 107، والشرح الكبير 3: 560، ومختصر المزني: 284، وبدائع الصنائع
5: 62، والبحر الزخار 5: 319.
(3) التهذيب 4: 186 حديث 518 و 519، وأمالي الشيخ الطوسي 2: 231، وصحيح البخاري
1: 2، ومسند أحمد بن حنبل 1: 25، والسنن الكبرى 7: 341.
(4) انظر الحاوي الكبير 15: 100.
(5) مختصر المزني: 284، والأم 2: 223 و 224، وكفاية الأخيار 2: 148، والمبسوط للسرخسي
12: 13، والشرح الكبير 3: 562.
(6) تلخيص الحبير 4: 145 ذيل الحديث 1980، والحاوي الكبير 15: 102.
55

وقال أبو حنيفة، ومحمد: لا يزول ملكه عنها، ولا ينقطع تصرفه فيها،
وتكون له على ملكه حتى يخرجها إلى المساكين، وله أن يستبدل بها بالبيع
وغير ذلك. وبه قال عطاء (1).
فأما إن قال لعبده: لله علي أن أعتقك، لم يزل ملكه بلا خلاف، فأما
بيعه فلا يجوز عند الشافعي (2)، وعند أبي حنيفة: يجوز (3) وهو الأقوى، لأنه
يبيعه ثم يشتريه ويعتقه.
دليلنا: على الأول: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4).
وروي عن عمر بن الخطاب، قال: قلت: يا رسول الله، إني أوجبت
على نفسي بدنة، وقد طلبت مني، فقال: " انحرها ولا تبعها، ولو طلبت
بمائة بعير " (5) وهذا نص، لأنه أمره بالنحر ونهاه عن البيع، ثم بالغ فقال:
" ولو طلبت بمائة بعير ".
وروي عن علي عليه السلام أنه قال: " من عين على أضحية فلا
يستبدل بها " (6) ولا مخالف له.
مسألة 17: إذا أتلف الأضحية التي أوجبها لله عليه، كان عليه قيمتها.

(1) المبسوط للسرخسي 12: 13، والحاوي الكبير 15: 101.
(2) مغني المحتاج 4: 288.
(3) انظر المبسوط للسرخسي 9: 32 - 33.
(4) انظر: الكافي 4: 494 حديث 7، ومن لا يحضره الفقيه 2: 298 حديث 1480، والتهذيب
5: 218 حديث 737، والاستبصار 2: 271 حديث 961.
(5) تلخيص الحبير 4: 144 حديث 1975، والحاوي الكبير 15: 102
(6) تلخيص الحبير 4: 145 ذيل الحديث 1980، والحاوي الكبير 15: 102.
56

وبه قال أبو حنيفة، ومالك (1).
وقال الشافعي: عليه أكثر الأمرين من مثلها أو قيمتها (2).
ويبين الخلاف إذا كان قيمتها يوم الإتلاف عشرة ويوم الإخراج
عشرين، عند الشافعي: عليه مثلها بعشرين، وعندنا: عليه قيمتها.
دليلنا: أن كل من أتلف شيئا كان عليه قيمته، وإيجاب المثل يحتاج
إلى دليل، كيف ويختلف المثل.
وأيضا: فما قلناه مجمع عليه، والزائد يحتاج إلى دليل.
مسألة 18: إذا لم يكن للأضحية ولد، أو كان لها ولد وفصل من لبنها،
جاز لصاحبها الانتفاع باللبن، وله أيضا ركوبها غير فادح (3). وبه قال
الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: ليس له ركوبها، ولا حلب لبنها (5).

(1) حلية العلماء 3: 365، والمغني لابن قدامة 11: 104، والشرح الكبير 3: 570.
(2) الأم 2: 223، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 365، والسراج الوهاج: 563، ومغني
المحتاج 4: 288، والمغني لابن قدامة 11: 104، والشرح الكبير 3: 570، والبحر الزخار
5: 320.
(3) الفدح: الثقل، أي من غير إثقال لها. انظر النهاية لابن الأثير 3: 419 مادة " فدح ".
(4) الأم 2: 225، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 364، والسراج الوهاج: 564، ومغني
المحتاج 4: 292، والمجموع 8: 365 و 366، والمحلى 7: 376، والمغني لابن قدامة 11: 106،
وشرح فتح القدير 2: 325، وسنن الترمذي 3: 254 ذيل الحديث 911.
(5) أحكام القرآن للجصاص 3: 242 و 243، وشرح معاني الآثار 2: 162، والهداية المطبوع مع
شرح فتح القدير 2: 325، وتبيين الحقائق 2: 91، والمحلى 7: 376، والمغني لابن قدامة
11: 106، وحلية العلماء 3: 365..
57

دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (1)، وأيضا: الأصل الإباحة، والمنع
يحتاج إلى دليل.
وأيضا: قوله تعالى: " ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى
القلوب * لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق " (2)،
فقال: " لكم فيها منافع ".
وروي عن النبي عليه السلام أنه رأى رجلا يسوق بدنة، فقال له:
" اركبها "، فقال: إنها بدنة، فقال: " اركبها ويلك " (3).
وحديث علي عليه السلام يدل عليه (4) أيضا وقد قدمناه.
مسألة 19: إذا أوجب على نفسه أضحية سليمة من العيوب التي تمنع
الأضحية، ثم حدث بها عيب يمنع جواز الأضحية كالعور، والعرج،
والجرب، والعجاف (5)، نحرها على ما بها وأجزأه، وهكذا ما أوجبه على
نفسه من الهدايا الباب واحد. وبه قال علي عليه السلام، وعبد الله بن

(1) الكافي 4: 492 حديث 1 - 3، ومن لا يحضره الفقيه 2: 300 حديث 1490 - 1493،
والتهذيب 5: 220 حديث 741 - 742.
(2) الحج: 32 و 33.
(3) صحيح البخاري 2: 205 و 4: 8 و 8: 46، وصحيح مسلم 2: 960 حديث 371، ومسند
أحمد بن حنبل 2: 254 و 474 و 481، وسنن أبي داود 2: 147 حديث 1760، وسنن
الترمذي 3: 254 حديث 911، وسنن النسائي 5: 176، وسنن الدارمي 2: 66، والموطأ
1: 377 حديث 139، وأحكام القرآن للجصاص 3: 242، وشرح معاني الآثار 2: 160،
والسنن الكبرى 5: 236، ونصب الراية 3: 164 وفي بعض ما ذكرناه بتفاوت يسير في اللفظ.
(4) السنن الكبرى 5: 237، و 9: 288، والمحلى 7: 376 و 377، وتلخيص الحبير 4: 146.
(5) عجاف: جمع عجفاء، وهي المهزولة من الغنم وغيرها. انظر النهاية 3: 186 مادة " عجف ".
58

الزبير، وعطاء، والزهري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق (1).
وقال أبو حنيفة: إن كان الذي أوجبها من لا تجب عليه الأضحية - وهو
المسافر عنده، ومن لا يملك نصابا - كقولنا، وإن كان من تجب عليه عنده
الأضحية ابتداء، فعينها في شاة بعينها، فعابت، فهذه لا تجزئ (2). وبه قال
أبو جعفر الاسترآبادي من أصحاب الشافعي (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب مثلها عليه يحتاج إلى دليل.
وروى أبو سعيد الخدري، قال: قلت: يا رسول الله أوجبت أضحية وقد
أصابها عوار، فقال: " ضح بها " (4).
وروي عن علي عليه السلام وابن الزبير (5)، ولا مخالف لهما.
مسألة 20: إذا ضلت الأضحية التي أوجبها على نفسه، أو غصبت، أو
سرقت لم يكن عليه البدل، فإن عادت ذبحها أي وقت كان، سواء كان
قبل مضي وقت الذبح أو بعده.
وبه قال الشافعي، إلا أنه قال: إن عادت قبل فوات وقت الذبح وهو

(1) الأم 2: 225، ومختصر المزني: 284، وحلية العلماء 3: 380، والمغني لابن قدامة 11: 104،
والشرح الكبير 3: 573، والمحلى 7: 376.
(2) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 75، والآثار (مخطوط): باب الأضحية، وحلية العلماء
3: 380، وتبيين الحقائق 6: 6، والمغني لابن قدامة 11: 104، والشرح الكبير 3: 573،
والمحلى 7: 376، والبحر الزخار 5: 321.
(3) لم أقف على قول الاسترآبادي هذا من مظانه في المصادر المتوفرة.
(4) الحاوي الكبير 15: 109، وروى البيهقي في سننه 9: 289 حديثا آخر بمعناه فلاحظ.
(5) السنن الكبرى 9: 289، والمحلى 7: 376.
59

آخر أيام التشريق كانت أداء، وإن عادت بعد انقضائه تكون قضاء (1).
وقال أبو حنيفة: إن عادت قبل انقضائه ذبحها، وإن عادت بعد
انقضائه لم يذبحها بل سلمها حية إلى الفقراء (2)، وما يجب عنده ابتداء بلا
نذر يسقط بفوات وقته.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3) ولأنه لا خلاف أنه كان عليه
ذبحها قبل فوات الوقت، فمن قال: يسقط ذلك، فعليه الدلالة.
مسألة 21: إذا عين أضحية بالنذر، ثم جاء يوم النحر، ودخل وقت
الذبح فذبحها أجنبي بغير إذن صاحبها، فإن نوى عن صاحبها أجزئت عنه،
وإن لم ينو عن صاحبها لم تجز عنه، وكان عليه ضمان ما نقص بالذبح.
وقال الشافعي: تجزئ عن صاحبها، ولم يفصل، وعلى الذابح ضمان ما
نقص بالذبح (4).
وقال أبو حنيفة: تقع موقعها، ولا يجب على ذابحها ضمان ما نقص
بالذبح (5).

(1) الأم 2: 225، ومختصر المزني: 284 و 285، وحلية العلماء 3: 371، والميزان الكبرى 2: 52،
والمجموع 8: 379، والمغني لابن قدامة 11: 113 و 116، والشرح الكبير 3: 558، والحاوي
الكبير 15: 111.
(2) المغني لابن قدامة 11: 116، وحلية العلماء 3: 371، والشرح الكبير 3: 558، والميزان الكبرى
2: 52، والحاوي الكبير 15: 111.
(3) الكافي 4: 493 حديث 2، والتهذيب 5: 217 حديث 733.
(4) الأم 2: 225، وحلية العلماء 3: 367، والوجيز 2: 213، والمجموع 8: 374، والمبسوط
للسرخسي 12: 18، والمغني لابن قدامة 11: 118، والشرح الكبير 3: 568، وبدائع الصنائع 5: 67.
(5) المبسوط للسرخسي 12: 17، واللباب 3: 129، والهداية 8: 77، وبدائع الصنائع 5: 67،
وتبيين الحقائق 6: 9 - 10، والمغني لابن قدامة 11: 118، والشرح الكبير 3: 568، وحلية
العلماء 3: 367.
60

وقال مالك: لا تقع موقعها، وعليه أن يضحي بغيرها (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2).
مسألة 22: ذبح الأضاحي مكروه بالليل، إلا أنه يجزئ. وبه قال
الشافعي (3).
وقال مالك: لا يجزئ (4).
دليلنا: وقوله تعالى: " فكلوا مما ذكر اسم الله عليه " (5) ولم يفصل.
وروى رافع بن خديج، عن النبي عليه السلام أنه قال: " ما أنهر الدم
وذكر اسم الله عليه فكلوه " (6) ولم يفصل.

(1) المدونة الكبرى 2: 72، وحلية العلماء 3: 367، والمغني لابن قدامة 11: 118، والشرح الكبير
3: 568.
(2) من لا يحضره الفقيه 2: 296 حديث 1469، والتهذيب 5: 222 حديث 748.
(3) الأم 2: 222 و 226، ومختصر المزني: 285، وحلية العلماء 3: 368، والوجيز 2: 212، وبداية
المجتهد 1: 423، والمحلى 7: 379، والمغني لابن قدامة 11: 115.
(4) المدونة الكبرى 2: 73، وبداية المجتهد 1: 423، وأسهل المدارك 2: 39، والمحلى 7: 379،
والمغني لابن قدامة 11: 115، وحلية العلماء 3: 368، والوجيز 2: 212.
(5) الأنعام: 118.
(6) صحيح البخاري 7: 118، وصحيح مسلم 3: 1558 حديث 20، وسنن النسائي 7: 228 -
229، ومسند أحمد بن حنبل 4: 142، وسنن ابن ماجة 2: 1061 حديث 3178، وشرح
معاني الآثار 4: 183، ومعجم الطبراني الكبير 4: 269، حديث 4380 - 4395، وعمدة
القاري 21: 116، وفتح الباري 9: 623، ونصب الراية 4: 186، وتلخيص الحبير 4: 135
حديث 1939، ومختصر المزني: 282، وفي بعض ما تقدم " فكل " بدلا من " فكلوه " فلاحظ.
61

مسألة 23: الأكل من الأضحية المسنونة والهدايا المسنونة مستحب غير
واجب. وبه قال جميع الفقهاء (1).
وقال بعض أهل الظاهر: هو واجب (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وأيضا: قوله تعالى: " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها
خير " (4) فأخبر أنها لنا، وما كان لنا كنا بالخيار بين الأكل منه وبين
الترك.
مسألة 24: يستحب أن يأكل من الأضحية المسنونة ثلثها، ويهدي
ثلثها، ويتصدق بثلثها.
وقال الشافعي فيه: مستحب، وفيه قدر الإجزاء.
فالمستحب على قولين: أحدهما: مثل ما قلناه، والآخر: يأكل نصفه
ويتصدق بنصفه، والإجزاء على قولين، أحدهما: أنه يأكل جميعها إلا قدرا
يسيرا ولو أوقية (5).

(1) بداية المجتهد 1: 424، وحلية العلماء 3: 375، والمجموع 8: 419، والوجيز 2: 214، والسراج
الوهاج: 563، ومغني المحتاج 4: 290، والشرح الكبير 3: 582، وبدائع الصنائع 5: 80.
(2) بداية المجتهد 1: 424، وحلية العلماء 3: 375، والمحلى 7: 383.
(3) انظر التهذيب 5: 223 حديث 751 و 752.
(4) الحج: 36.
(5) ألم 2: 217، وحلية العلماء 3: 376، والمجموع 8: 413، والوجيز 2: 214، والشرح الكبير
3: 587، وكفاية الأخيار 2: 149، والسراج الوهاج: 563، ومغني المحتاج 4: 290، والميزان
الكبرى 2: 53، والمغني لابن قدامة 11: 109، وفتح الباري 10: 27.
62

وقال أبو العباس: له أكل الجميع (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2).
وأيضا: قوله تعالى: " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " (3) فقسم ثلاثة
أقسام: أحدها: أمر بأكله، والثاني: بإطعام القانع، والثالث: بإطعام المعتر،
فصنفهم ثلاثة أصناف، فمن قال غير ذلك فقد ترك الظاهر.
مسألة 25: الأضحية إذا كان نذرها وصارت واجبة، كان له الأكل
منها.
وللشافعي فيها وجهان، أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: ليس له ذلك
كالهدايا الواجبة (4).
دليلنا: قوله تعالى: " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " (5) فقسم ثلاثة
أقسام، ولم يفصل.
وأيضا: الأخبار التي وردت في جواز الأكل من الأضحية مطلقة (6).
وأيضا: المطلق من النذر يحمل على المعهود الشرعي، والمعهود في
الأضحية الأكل منها، فكذلك المنذور.

(1) حلية العلماء 3: 376، والمجموع 8: 413.
(2) الكافي 4: 499 حديث 3، ومعاني الأخبار 208 حديث 2، والتهذيب 5: 223 حديث
753.
(3) الحج: 36.
(4) حلية العلماء 3: 377، والمجموع 8: 414، والوجيز 2: 214.
(5) الحج: 36.
(6) الكافي 4: 499، ودعائم الإسلام 1: 328، والتهذيب 5: 223 حديث 751 و 753.
63

مسألة 26: لا يجوز بيع جلد الأضحية، سواء كانت تطوعا أو نذرا، إلا
إذا تصدق بثمنها على المساكين.
وبه قال أبو حنيفة، وزاد: أنه يجوز أن يبيعها بآلة للبيت على أن
يعيرها، مثل: القدر، والفأس والمنخل، والميزان، ونحو ذلك (1).
وقال الشافعي: لا يجوز بيعها بحال (2).
وقال عطاء: يجوز بيعها على كل حال (3).
وقال الأوزاعي: يجوز بيعها بآلة للبيت (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (5).
وأيضا: فالجلد إذا كان للمساكين فلا فرق بين أن يعطيهم إياه أو
ثمنه.
وروى عبد الرحمان بن أبي ليلى عن علي عليه السلام، قال: أمرني رسول
الله صلى الله عليه وآله أن أقوم على بدنة فأقسم جلودها وجلالها، وأمرني

(1) المبسوط للسرخسي 12: 14، واللباب 3: 128، والهداية 8: 77، وشرح فتح القدير 8: 77،
وتبيين الحقائق 6: 8، والمحلى 7: 386، والمغني لابن قدامة 11: 112، والشرح الكبير
3: 567، وبداية المجتهد 1: 424، وحلية العلماء 3: 379، والميزان الكبرى 2: 54.
(2) حلية العلماء 3: 378، وكفاية الأخيار 2: 149، والوجيز 2: 214، والسراج الوهاج: 563،
ومغني المحتاج 4: 291، والمغني لابن قدامة 11: 112، والشرح الكبير 3: 567، والمجموع
8: 420.
(3) بداية المجتهد 1: 424، وحلية العلماء 3: 379، والميزان الكبرى 2: 54.
(4) المغني لابن قدامة 11: 112، والشرح الكبير 3: 567، والمجموع 8: 420، والميزان الكبرى
2: 54.
(5) الكافي 4: 501 حديث 2، والتهذيب 5: 228 حديث 773، والاستبصار 2: 276 حديث
982.
64

أن لا أعطي الجازر منها شيئا، وقال: " نحن نعطيه من عندنا " (1) فأمره
بقسمة الجلود، والأمر يقتضي الإيجاب.
مسألة 27: الهدي الواجب لا يجزئ إلا واحد عن واحد، وإن كان
تطوعا يجوز عن سبعة إذا كانوا أهل بيت واحد، وإن كانوا من أهل بيتين
لا يجزئ. وبه قال مالك (2).
وقال الشافعي: يجوز للسبعة أن يشتركوا في بدنة أو بقرة في الضحايا
والهدايا، سواء كانوا مفترضين من نذر أو هدايا الحج، أو متطوعين كالهدايا
والضحايا المسنونة، أو متقربين وبعضهم يريد لحما، وسواء كانوا أهل بيت
واحد أو بيوت شتى (3).
وقال أبو حنيفة: إن كانوا متقربين مفترضين، أو متطوعين، أو منهما
جاز، وإن كان بعضهم يريد لحما وبعضهم يكون متقربا لم يجز (4).
وروي عن ابن عباس، وبعض التابعين: أن البدنة تجزئ عن عشرة،

(1) سنن ابن ماجة 2: 1045 حديث 3157، والسنن الكبرى 9: 294، ونصب الراية 4: 219،
ونيل الأوطار 5: 220، وفي بعضها بتفاوت يسير في اللفظ.
(2) المدونة الكبرى 2: 70، وبداية المجتهد 1: 420، وأسهل المدارك 2: 40، والموطأ 2: 486
حديث 10، والمبسوط للسرخسي 12: 11، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 71،
وبدائع الصنائع 5: 70، والمحلى 7: 381، وحلية العلماء 3: 379.
(3) الأم 2: 224، ومختصر المزني: 285، وحلية العلماء 3: 379، والوجيز 2: 211، والمجموع
8: 397، والمبسوط للسرخسي 12: 12، والمحلى 7: 381، وبداية المجتهد 1: 420، ونيل
الأوطار 5: 211.
(4) المبسوط للسرخسي 12: 11، واللباب 3: 124، والنتف 1: 238، وبدائع الصنائع 5: 70 و
71، والمغني لابن قدامة 3: 595، وحلية العلماء 3: 379.
65

والبقرة عن عشرة (1). وبه قال أبو إسحاق المروزي (2).
وقد روى أصحابنا: أنها تجزئ عن السبعين مع التعذر (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 28: أيام النحر بمنى أربعة: يوم النحر وثلاثة بعده، وفي الأمصار
ثلاثة أيام: يوم النحر ويومان بعده.
وقال الشافعي: أيام النحر: هي الأيام المعدودات، وهي أربعة أيام،
أولها يوم النحر وآخرها غروب الشمس من التشريق (5).
وروي ذلك عن علي عليه السلام. وبه قال الحسن، وعطاء (6).
وقال مالك، وأبو حنيفة: المعدودات ثلاثة، أولها يوم عرفة، وأيام الذبح
ثلاثة، أولها يوم النحر، فخالفوا الشافعي في الثالث من التشريق (7).

(1) المحلى 7: 382، والحاوي الكبير 15: 122.
(2) حكي في حلية العلماء 3: 379، والميزان الكبرى 2: 51 عن إسحاق بن راهويه.
(3) من لا يحضره الفقيه 2: 294 حديث 1455، والتهذيب 5: 209 حديث 702 - 704.
(4) من لا يحضره الفقيه 2: 294 حديث 1453، والتهذيب 5: 208 حديث 698.
(5) الأم 2: 226، ومختصر المزني: 285، وحلية العلماء 3: 370، والوجيز 2: 212، والسراج
الوهاج: 562، ومغني المحتاج 4: 287، والمجموع 8: 390، والميزان الكبرى 2: 52، والمبسوط
للسرخسي 12: 9، والنتف 1: 238، وعمدة القاري 21: 148، وفتح الباري 10: 8،
والهداية 8: 73، وحاشية رد المحتار 6: 318، والمغني لابن قدامة 11: 115، وبداية المجتهد
1: 422.
(6) السنن الكبرى 9: 296 و 297، ومختصر المزني: 285، والمجموع 8: 390، وعمدة القاري
21: 148، والمغني لابن قدامة 11: 115، والمحلى 7: 378، ونيل الأوطار 5: 216.
(7) الموطأ 2: 487 حديث 12، والمدونة الكبرى 2: 73، وبداية المجتهد 1: 422، والمغني لابن
قدامة 11: 115، والمبسوط للسرخسي 12: 9، والنتف 1: 238، واللباب 3: 126، وعمدة القاري 21: 147، وشرح فتح القدير 8: 73، والهداية 8: 73، وفتح الباري 10: 8، وبدائع
الصنائع 5: 65، وحلية العلماء 3: 370، والمجموع 8: 390، والميزان الكبرى 2: 52.
66

دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (1).
وأيضا: روى جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
" عرفة كلها موقف وارتفعوا عن عرفة، ومزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن
محسر، وأيام منى كلها أيام ذبح " (2).
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: " الضحايا إلى هلال
المحرم " (3)، فالظاهر أن الوقت باق إلى هلال المحرم إلا ما أخرجه الدليل.
مسألة 29: العقيقة سنة مؤكدة، وليست بواجبة. وبه قال الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: غير مسنونة، ولا واجبة (5).
وقال محمد: كانت واجبة في صدر الإسلام، ثم نسخت بالأضحية (6).

(1) من لا يحضره الفقيه 2: 291 حديث 1439، والتهذيب 5: 202 - 203 حديث 673 و 674،
والاستبصار 2: 264 حديث 930 و 931.
(2) مسند أحمد بن حنبل 4: 82، والسنن الكبرى 9: 295 و 296، ومجمع الزوائد 3: 251، و
4: 24 و 25 بتفاوت يسير في اللفظ.
(3) السنن الكبرى 9: 297، وكنز العمال 5: 90 حديث 12192.
(4) حلية العلماء 3: 383، والوجيز 2: 215، وكفاية الأخيار 2: 149، والمجموع 8: 426 و 429،
والميزان الكبرى 2: 54، والبحر الزخار 5: 322، وفتح الباري 9: 588، وعمدة القاري
21: 83.
(5) عمدة القاري 21: 83، وفتح الباري 9: 588، والمغني لابن قدامة 11: 120، والشرح
الكبير 3: 593، وبداية المجتهد 1: 448، وحلية العلماء 3: 383، والميزان الكبرى 2: 54،
والبحر الزخار 5: 323.
(6) كتاب الآثار (مخطوط * 6 باب زكاة الجنين والعقيقة، وبدائع الصنائع 5: 69، وعمدة القاري
21: 83، وفتح الباري 9: 588، والبحر الزخار 5: 323.
67

وقال الحسن وقوم من أهل الظاهر: واجبة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وروت أم كرز (3) قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله أسأله
عن لحم الهدي، فسمعته يقول: " أقروا الطير على مكناتها " (4) وسمعته
يقول: " عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة، لا يضركم ذكرانا كن أو
إناثا " (5).
وروى عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي عليه السلام عق عن الحسن
والحسين كبشا كبشا (6).
مسألة 30: إذا ثبت أنها مستحبة، فالأفضل أن يعق عن الغلام
بكبش، وعن الجارية بنعجة.
وقال الشافعي: يعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة واحدة.

(1) المحلى 7: 523، وعمدة القاري 21: 83، وفتح الباري 9: 588، وحلية العلماء 3: 383،
والميزان الكبرى 2: 54، والمغني لابن قدامة 11: 121، والشرح الكبير 3: 593، وبداية
المجتهد 1: 448.
(2) التهذيب 7: 440 - 444 حديث 1759 - 1776.
(3) أم كرز الكعبية، روى عنها ابن عباس ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. أسد الغابة 5:
611.
(4) مكناتها - بنصب الكاف -: جمع مكان، وقد ورد في بعضها: " مكاناتها " أيضا.
(5) سنن أبي داود 3: 105 حديث 2835، ومسند أحمد بن حنبل 6: 381 و 422، والسنن
الكبرى 9: 311، والمستدرك على الصحيحين 4: 237.
(6) سنن أبي داود 3: 107 حديث 2841، والسنن الكبرى 9: 299، وتلخيص الحبير 4: 147
حديث 1983، ونيل الأوطار 5: 226 و 227 وفي البعض منها باختلاف يسير.
68

وبه قالت عائشة (1).
وقال مالك: عن الغلام شاة، وعن الجارية شاة لأفضل بينهما. وبه قال
ابن عمر (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وأيضا: روى عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي عليه السلام عق عن
الحسن والحسين كبشا كبشا (4).
مسألة 31: وقت العقيقة المستحب يوم السابع بلا خلاف، ولا يلطخ
رأس الصبي بدمه. وبه قال جميع الفقهاء (5).
وقال الحسن: يستحب أن يمس رأسه بدم (6).
وقال قتادة: يؤخذ منها صوفه ويستقبل بها أوداجها، ثم توضع على

(1) مختصر المزني: 285، وحلية العلماء 3: 384، وكفاية الأخيار 2: 149، والوجيز 2: 215،
والسراج الوهاج: 564، ومغني المحتاج 4: 293، والمستدرك على الصحيحين 4: 238، وسنن
الترمذي 4: 96 حديث 1513، والسنن الكبرى 9: 304، والمحلى 7: 526 و 528، والمغني
لابن قدامة 11: 121، والشرح الكبير 3: 595، وبداية المجتهد 1: 449،، وبدائع الصنائع
5: 69، ونيل الأوطار 5: 224.
(2) الموطأ 2: 501 و 502، وبداية المجتهد 1: 449، والمغني لابن قدامة 11: 121 - 122، والشرح
الكبير 3: 595، وحلية العلماء 3: 384، والميزان الكبرى 2: 54، والبحر الزخار 5: 323.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 313 حديث 1518.
(4) سنن أبي داود 3: 107 حديث 2841، والسنن الكبرى 9: 299، والمحلى 7: 530، وتلخيص
الحبير 4: 147 حديث 1983، وفي البعض منها باختلاف يسير.
(5) المغني لابن قدامة 11: 123، والشرح الكبير 3: 596 و 598، وحلية العلماء 3: 384، والمجموع
8: 427، والوجيز 2: 215، والبحر الزخار 5: 325.
(6) المغني لابن قدامة 11: 123، والشرح الكبير 3: 598، والبحر الزخار 5: 325.
69

يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط، ثم يغسل رأسه لغد،
ويحلق (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى
دليل.
وروى يزيد بن عبد المزني (2)، عن أبيه: أن النبي عليه السلام قال:
" يعق عن الغلام، ولا يمس رأسه بدمه " (3).
وروت عائشة قالت: كانت الجاهلية تعق عن الغلام فتأخذ صوفه
فتطلي رأسه بدمها، فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك، وأمر أن
يجعل مكانه خلوق (4).

(1) حلية العلماء 3: 384، والمحلى 7: 525، وبداية المجتهد 1: 450.
(2) يزيد بن عبد (الله) المزني، حجازي. روى عن أبيه عن النبي (ص) وروى عنه أيوب بن
موسى القرشي. تهذيب التهذيب 11: 348.
(3) سنن ابن ماجة 2: 1057 حديث 3166، والسنن الكبرى 9: 303، وفتح الباري 9: 594،
وكنز العمال 16: 432 حديث 45285.
(4) السنن الكبرى 9: 303 بتفاوت يسير في اللفظ.
70

كتاب الأطعمة
71

كتاب الأطعمة
مسألة 1: الكلب والخنزير نجسا ن في حال الحياة. وبه قال أبو حنيفة،
والشافعي (1).
وقال مالك: هما طاهران في حال الحياة، وإنما ينجسان بالموت أو
القتل (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وأيضا طريقة الاحتياط تقضيه.
مسألة 2: الحيوان على ضربين: طاهر، ونجس.
فالطاهر: النعم بلا خلاف، وما جرى مجراها من البهائم، والصيد.
والنجس: الكلب، والخنزير، والمسوخ كلها.
وقال الشافعي: الحيوان طاهر ونجس، فالنجس: الكلب والخنزير

(1) الأم 1: 9، والمجموع 9: 2، وفتح العزيز بهامش المجموع 1: 160 و 161، والمبسوط للسرخسي
1: 48 و 11: 334 و 335، والهداية 8: 64، وبدائع الصنائع 1: 63، وبداية المجتهد 1: 73 و
454.
(2) انظر المدونة الكبرى 1: 5، وفتح الرحيم 1: 38، والمبسوط للسرخسي 1: 48، وبدائع الصنائع
1: 64، ونيل الأوطار 1: 43، وفتح العزيز بهامش المجموع 1: 161.
(3) الكافي 6: 245 حديث 6، والتهذيب 9: 39 حديث 164.
73

فحسب، والباقي كله طاهر (1).
وقال أبو حنيفة: الحيوان على أربعة أضرب: طاهر مطلق وهو النعم وما
في معناها، ونجس العين وهو الخنزير، ونجس نجاسة يجري مجرى ما ينجس
بالمجاورة وهو الكلب والذئب والسباع كلها، ومشكوك فيه وهو الحمار (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3)، وقد مضى ذلك في كتاب
الطهارة (4).
مسألة 3: السباع على ضربين: ذي ناب قوي يعدو على الإنسان،
كالأسد، والنمر، والذئب، والفهد، فهذا كله لا يؤكل بلا خلاف.
الثاني: ما كان ذا ناب ضعيف لا يعدو على الناس، وهو الضبع،
والثعلب، فعندنا أنه حرام أكلهما.
وقال الشافعي: هما مباحان (5).
وقال مالك: أكل الضبع حرام (6).

(1) المجموع 9: 2 و 3، والمغني لابن قدامة 1: 70.
(2) لم أقف على التفصيل المذكور في المصادر المتوفرة.
(3) الكافي 6: 245 حديث 4 - 6، والتهذيب 9: 39 حديث 163 - 165.
(4) انظر المسألة رقم: 9 و 10 و 12 من كتاب الطهارة.
(5) الأم 2: 241 و 242 و 244 و 249، ومختصر المزني: 286، وكفاية الأخيار 2: 142،
والسراج الوهاج: 565، ومغني المحتاج 4: 299، والوجيز 2: 215، والمجموع 9: 9، وحلية
العلماء 3: 3: 406، والمحلى 7: 400، والمغني لابن قدامة 11: 68، وبداية المجتهد 1: 454،
وأحكام القرآن للجصاص 3: 18 و 20، وعمدة القاري 21: 132، وفتح الباري 9: 657 و
658، والجامع لأحكام القرآن 7: 121، والبحر الزخار 5: 330، وبدائع الصنائع 5: 39.
(6) المغني لابن قدامة 11: 83، والشرح الكبير 11: 84 والجامع لأحكام القرآن 7: 121.
74

وقال أبو حنيفة: الضبع مكروه، والثعلب محرم (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2).
وأيضا: روي عن علي عليه السلام: " أن النبي عليه السلام نهى عن
أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير " (3).
وروى أبو هريرة: أن النبي عليه السلام قال: " كل ذي ناب من
السباع حرام " (4) وهذا نص.
مسألة 4: اليربوع حرام أكله.
وقال الشافعي: حلال (5).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (6) وطريقة الاحتياط.
مسألة 5: ابن آوى لا يحل أكله.

(1) الجامع لأحكام القرآن 7: 121، وورد تحريمهما في كثير من المصادر الحنفية والشافعية عن
أبي حنيفة، انظر: بدائع الصنائع 5: 39، واللباب 3: 122، وحلية العلماء 3: 406، والمجموع
9: 9، والمغني لابن قدامة 11: 68، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 62.
(2) دعائم الإسلام 2: 123 حديث 420.
(3) شرح معاني الآثار 4: 190، ومجمع الزوائد 4: 87، وتلخيص الحبير 4: 151 حديث 1992.
(4) صحيح مسلم 3: 1534 حديث 15، والموطأ 2: 496 حديث 14، وترتيب مسند الشافعي
2: 172 حديث 603، وسنن النسائي 7: 200، وسنن ابن ماجة 2: 1077 حديث 3233،
ومسند أحمد بن حنبل 2: 236، والسنن الكبرى 9: 315، والمحلى 7: 399، ونصب الراية
4: 193، وبداية المجتهد 1: 454.
(5) الأم 2: 242 و 244، وحلية العلماء 3: 406، والسراج الوهاج: 565، والمجموع 9: 11 و 12،
ومغني المحتاج 4: 299، والميزان الكبرى 2: 57، والمغني لابن قدامة 11: 71، وبداية المجتهد
1: 454، والبحر الزخار 5: 331.
(6) من لا يحضره الفقيه 3: 213 حديث 988.
75

ولأصحاب الشافعي فيه وجهان، منهم من قال: يؤكل (1) وهو الأشبه
بالمذهب، ومنهم من قال: لا يحل أكله كما قلناه (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وأيضا: قوله: " كل ذي ناب محرم " (4) وهذا ذو ناب.
مسألة 6: السنور (5) لا يحل أكله، أهليا كان أو بريا. وبه قال
أبو حنيفة (6).
ووافقنا الشافعي على الأهلي، وقال في البري وجهان (7).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (8).

(1) حلية العلماء 3: 406، والمجموع 9: 12، وكفاية الأخيار 2: 142، ومغني المحتاج 4: 300،
والسراج الوهاج: 565، والوجيز 2: 215، والشرح الكبير 11: 70، والمغني لابن قدامة
11: 68.
(2) حلية العلماء 3: 406، والمجموع 9: 13، وكفاية الأخيار 2: 142، والسراج الوهاج: 565،
ومغني المحتاج 4: 300، والوجيز 2: 215، والمغني لابن قدامة 11: 68، والشرح الكبير
11: 70.
(3) دعائم الإسلام 2: 123 حديث 420.
(4) انظر هامش " 6 " من المسألة رقم " 3 " المتقدمة.
(5) السنور: الهر، وجمعه السنانير. لسان العرب 4: 381 مادة " سنر ". وقال الدميري في حياة
الحيوان 2: 333 مادة " الهر ": الهر: السنور، والجمع هررة.
(6) بدائع الصنائع 5: 39.
(7) حلية العلماء 3: 405، وكفاية الأخيار 2: 142 و 143، والمجموع 9: 8 و 13، والمغني لابن
قدامة 11: 68، والشرح الكبير 11: 78، ونيل الأوطار 8: 286.
(8) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 91 باب 33، وعلل الشرائع 2: 482 باب 235 كما وأنه
يدخل تحت عموم الأخبار التي تحرم أكل كل ذي مخلب من السباع، فلاحظ.
76

وأيضا: روى جابر: أن النبي عليه السلام نهى عن أكل السنور، وعن
أكل ثمنها (1).
مسألة 7: لا يحل أكل الوبر والقنفذ، والوبر: دويبة سوداء، أكبر من
ابن عرس، تأكل وتجتر (2).
وقال الشافعي: يجوز أكلهما معا (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: " خبيثة من الخبائث " (4).
وروى عيسى بن نميلة (5)، عن أبيه قال: كنت عند ابن عمر، فسئل
عن القنفذ، فتلا قوله تعالى: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما - إلى قوله: -
أو لحم خنزير فإنه رجس " (6) فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول:

(1) روي الحديث بألفاظ مختلفة، فمنها: " نهى رسول الله (ص) عن أكل الهر وأكل ثمنه "، وفي
لفظ: " نهى عن ثمن الكلب والسنور "، وفي لفظ: " نهى عن ثمن السنور ". انظر ذلك في
سنن الدارقطني 4: 290 حديث 78، وسنن أبي داود 3: 356 حديث 3807، والسنن الكبرى
6: 11، وسنن الترمذي 3: 577 حديث 1279.
(2) انظر حياة الحيوان للدميري 2: 341
(3) الأم 2: 241، وحلية العلماء 3: 406، والمجموع 9: 11، والميزان الكبرى 2: 58، والمغني لابن
قدامة 11: 71، والبحر الزخار 5: 331.
(4) سنن أبي داود 3: 354 حديث 3799، ومسند أحمد بن حنبل 2: 381، والسنن الكبرى
9: 326، والجامع لأحكام القرآن 7: 120، وتلخيص الحبير 4: 155 حديث 2007، ونيل
الأوطار 8: 285.
(5) عيسى بن نميلة الفزاري، روى عن أبيه، وعنه الدراوردي، وثقه ابن حبان. تهذيب التهذيب
8: 236.
(6) الأنعام: 145.
77

ذكر عند النبي عليه السلام، فقال: " خبيثة من الخبائث "، فقال ابن عمر:
إن كان رسول الله صلى الله عليه وآله قال هذا، فهو كما قال (1).
مسألة 8: الأرنب محرم.
وقال الشافعي حلال (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 9: الضب حرام أكله. وبه قال مالك (4).
وقال أبو حنيفة: مكروه، يأثم بأكله، إلا أنه لا يسميه حراما (5).
وقال الشافعي: حلال (6).

(1) سنن أبي داود 3: 354 حديث 3799، ومسند أحمد بن حنبل 2: 381، والسنن الكبرى
9: 326، والجامع لأحكام القرآن 7: 120، وتلخيص الحبير 4: 155 حديث 2007، ونيل
الأوطار 8: 285.
(2) الأم 2: 241، والمجموع 9: 10 و 11، والسراج الوهاج: 565، ومغني المحتاج 4: 299، والمغني
لابن قدامة 11: 71، والشرح الكبير 11: 83، وعمدة القاري 21: 136، وفتح الباري
9: 662.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 213 حديث 988.
(4) الحاوي الكبير 15: 138.
(5) اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 74، وأحكام القرآن للجصاص 3: 19، وشرح معاني الآثار
4: 200، واللباب 3: 122، وعمدة القاري 21: 137، وفتح الباري 9: 665، والمحلى 7: 431،
والمجموع 9: 12، والميزان الكبرى 2: 57، والبحر الزخار 5: 336، والحاوي الكبير 15: 138.
(6) الأم 2: 241 و 250، ومختصر المزني: 286، وحلية العلماء 3: 406، والحاوي الكبير 15: 138،
والمجموع 9: 12، والوجيز 2: 215 و 216، والميزان الكبرى 2: 57، والسراج الوهاج: 565،
ومغني المحتاج 4: 299، وأحكام القرآن للجصاص 3: 19، والمبسوط للسرخسي 11: 231،
وعمدة القاري 21: 137، وفتح الباري 9: 665، وبدائع الصنائع 5: 36، وتبيين الحقائق
5: 295، والمغني لابن قدامة 11: 82، والشرح الكبير 11: 85، والبحر الزخار 5: 336.
78

دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (1).
وروى ثابت بن وديعة (2) قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله
في جيش، فأصبنا ضبانا، فشويت منها ضبا، فأتيت به رسول الله صلى الله
عليه وآله، فوضعته بين يديه، قال: فأخذ عودا فعد به أضلاعه، ثم قال:
" إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض، وإني لا أدري أي
الدواب هي " (3) فلم يأكله، فلو كان حلالا ما امتنع من أكله.
مسألة 10: أكل لحم الخيل حلال، عرابا (4) كانت أو براذين (5) أو
مقاريف (6). وبه قال الشافعي، وأبو يوسف، ومحمد، وأحمد، وإسحاق (7).

(1) الكافي 6: 245 حديث 5 و 14، ودعائم الإسلام 2: 123 حديث 423، والتهذيب
9: 39 حديث 163 و 166، والاستبصار 4: 75 قطعة من حديث 276.
(2) أبو سعيد، ثابت بن يزيد بن وديعة بن جذام الأنصاري، وقد ينسب إلى جده كما ذكر في
المتن، صحب النبي صلى الله عليه وآله بخيبر، وسكن الكوفة، وحديثه عند أهلها. تاريخ
الصحابة: 53 - 54.
(3) سنن أبي داود 3: 353 حديث 3795، وسنن ابن ماجة 2: 1078 حديث 3238.
(4) عرابا: أي عربية منسوبة إلى العرب. النهاية 3: 203 مادة " عرب ".
(5) البراذين: جمع برذونة، وهو التركي من الخيل، وخلافها العراب. المنجد: مادة " برذ ".
(6) المقاريف: جمع المقرف، الهجين، وهو الذي أمه برذونة وأبوه عربي، وقيل: بالعكس، وقيل هو
الذي دانى الهجنة وقاربها. النهاية 4: 46 مادة " قرف ".
(7) اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 77، وبداية المجتهد 1: 455، وأسهل المدارك 2: 59، والأم
2: 251، وحلية العلماء 3: 405، والمجموع 9: 4، ومغني المحتاج 4: 298، والسراج الوهاج:
565، وشرح معاني الآثار 4: 211، والمبسوط للسرخسي 11: 233، وعمدة القاري
21: 128، والنتف 1: 231، وفتح الباري 9: 650، وبدائع الصنائع 5: 38، والهداية المطبوع
مع شرح فتح القدير 8: 63، والجامع لأحكام القرآن 7: 123، والمغني لابن قدامة 11: 70.
79

وقال مالك: حرام (1).
وقال أبو حنيفة: مكروه (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وأيضا: قوله تعالى: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما " (4) الآية، وعليه
إجماع الصحابة، روي ذلك عن أنس بن مالك، وعبد الله بن الزبير،
وسويد بن غفلة (5)، وفضالة بن عبيد، وأسماء بنت أبي بكر (6).
وأيضا: الأصل الإباحة، والتحريم يحتاج إلى دليل.
مسألة 11: يجوز أكل لحوم الحمر الأهلية والبغال، وإن كان فيها بعض
الكراهية إلا أنه ليس بمحظور. وبه قال ابن عباس في الحمار (7)، ووافقنا

(1) الموطأ 2: 497 حديث 15، وبداية المجتهد 1: 455، وأسهل المدارك 2: 59، واختلاف
الفقهاء للطحاوي 1: 77، وفتح الباري 9: 650.
(2) شرح معاني الآثار 4: 210، والمبسوط للسرخسي 11: 233، والنتف 1: 231، وعمدة القاري
21: 128، واللباب 3: 122، وبدائع الصنائع 5: 38 و 39، وفتح الباري 9: 650، والهداية
8: 63 وحلية العلماء 3: 405، والمجموع 9: 4، والبحر الزخار 5، 330.
(3) المحاسن: 473 حديث 471، ومن لا يحضره الفقيه 3: 213 حديث 988، والتهذيب 9: 41
حديث 174، والاستبصار 4: 74 حديث 271.
(4) الأنعام: 145.
(5) سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر، أبو أمية الجعفي الكوفي، أدرك الجاهلية، قدم المدينة بعد
دفن رسول الله (ص)، وروى عن علي (ع)، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن مسعود،
وغيرهم. وعنه إبراهيم النخعي، والشعبي، وسلمة بن كهيل وجماعة. مات سنة (80 ه‍) أو
بعدها، وقيل: إنه بلغ ثلاثين ومائة سنة. تهذيب التهذيب 4: 278.
(6) شرح معاني الآثار 4: 211، والمحلى 7: 408 و 409، والمجموع 9: 4.
(7) أحكام القرآن للجصاص 3: 17، والمغني لابن قدامة 11: 66، والشرح الكبير 11: 66،
وبداية المجتهد 1: 455، وحلية العلماء 3: 405، والميزان الكبرى 2: 57، وعمدة القاري
21: 131، وفتح الباري 9: 655 و 656، ونيل الأوطار 8: 279، والبحر الزخار 5: 330، وشرح
والسيل الجرار 4: 98.
80

الحسن البصري في البغال (1).
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: حرام أكلها (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وأيضا: الأصل الإباحة، والحظر يحتاج إلى دليل.
وأيضا: قوله تعالى: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما - إلى قوله: - أو
لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا " (4) فالظاهر أن ما عدا هذه مباح إلا ما
أخرجه الدليل.
وروى غالب بن أبجر (5)، قال: لم يكن في مالي شئ أطعم إلا سمان

(1) حلية العلماء 3: 405، والميزان الكبرى 2: 57، والمجموع 9: 8، والبحر الزخار 5: 330، وشرح
الأزهار 4: 95.
(2) الأم 2: 251، والمجموع 9: 6، والسراج الوهاج: 565، ومغني المحتاج 4: 299، وكفاية الأخيار
2: 142، والميزان الكبرى 2: 56 و 57، والموطأ 2: 497، والوجيز 2: 215، وبداية المجتهد
1: 455، وشرح معاني الآثار 4: 210، وأحكام القرآن للجصاص 3: 17، والمبسوط
للسرخسي 11: 232، والنتف 1: 231، وعمدة القاري 21: 131، وبدائع الصنائع 5: 38 و
39، وفتح الباري 9: 656، وتبيين الحقائق 5: 295، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير
8: 63، والمحلى 7: 406، والمغني لابن قدامة 11: 66، وأسهل المدارك 2: 59، واللباب
3: 122، والبحر الزخار 5: 330.
(3) الكافي 6: 245 و 246 حديث 10 و 13، والتهذيب 9: 41 حديث 171، والاستبصار 4: 73
- 74 حديث 268 و 271 و 275.
(4) الأنعام: 145.
(5) غالب بن أبجر المزني، عداده في أهل الكوفة، روى عن النبي (ص)، وعنه خالد بن سعد
وعبد الله، ويقال: عبد الرحمان بن معقل بن مقرن، روى له أبو داود حديث الحمر الأهلية قاله
ابن حجر في تهذيب التهذيب 8: 241.
81

حمر، فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: " أطعم أهلك من
سمين حمرك، وإنما حرمتها من أجل جوال (1) القرية " (2) وهذا نص.
وروى أبو وائل شقيق بن سلمة (3)، عن ابن عباس قال: إنما نهى
رسول الله صلى الله عليه وآله عن أكل لحوم الحمر الأهلية لئلا يقل
الظهر (4). وكل خبر يروى في تحريم لحم الحمر الأهلية، والنهي عنها، يمكن
حمله على هذا.
مسألة 12: القرد نجس، حرام أكله.
قال أبو حامد الأسفرائيني: قال ابن حبويه (5): قال أبو العباس: القرد
طاهر (6).
وحكى بعض أهل العلم عن الشافعي: أنه حلال (7).

(1) فسر ابن داود في ذيل الحديث المذكور الجوال: بالجلالة.
(2) سنن أبي داود 3: 356 حديث 3809، والسنن الكبرى 9: 332، ونصب الراية 4: 197
باختلاف يسير في اللفظ.
(3) شقيق بن سلمة الأسدي، أبو وائل الكوفي. أدرك النبي (ص) ولم يره، روى عن علي (ع)،
وأبي بكر، وعمر، وعثمان وغيرهم، وعنه جماعة. قيل: مولده سنة إحدى من الهجرة، ومات
سنة (82 ه‍) وقيل غير ذلك. تهذيب التهذيب 4: 361 - 363.
(4) روى قريب منه العسقلاني في فتح الباري 9: 655 فلاحظ.
(5) اضطربت النسخ المعتمدة في اسم هذا الرجل، ولم أقف على ترجمته في المصادر المتوفرة.
(6) لم أقف على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(7) لم أقف على هذا القول في المصادر المتوفرة أيضا.
82

قال أبو حامد: وهذا غير معروف عنه، ولا مذكور (1).
دليلنا: إجماع الفرقة على تحريمه، وأيضا: هو من المسوخ، قال تعالى:
" فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين " (2) وطريقة الاحتياط تقتضي تركه.
مسألة 13: الحية والفأرة حرام أكلهما. وبه قال الشافعي (3).
وقال مالك: هما مكروهان، وليسا بمحظورين، وكذلك الغراب، فإذا
أراد أكلهما ذبحهما وأكلهما (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (5).
وأيضا: قوله تعالى: " أحل لكم الطيبات " (6)، وقال في موضع آخر:
" ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث " (7) وهذا مستخبث.
وروى ابن عمر، وحفصة: أن النبي عليه السلام، قال: " خمس لا
جناح على من قتلهن في حل أو حرم: الحية، والعقرب، والفأرة، والحدأة،
والكلب العقور " (8).

(1) لم أعثر في مظانه من المصادر المتوفرة، إلا أن حرمة أكل القرد ثابتة عند الشافعي في
المصادر التالية: مغني المحتاج 4: 300، والمجموع 9: 17، والسراج الوهاج: 565.
(2) البقرة: 65.
(3) الأم 2: 241، وحلية العلماء 3: 408، والسراج الوهاج: 566، والمجموع 9: 15 و 16، ومغني
المحتاج 4: 301، والوجيز 2: 215، والمغني لابن قدامة 11: 65.
(4) المغني لابن قدامة 11: 66 و 83، والشرح الكبير 11: 74 - 75، وحلية العلماء 3: 408.
(5) الكافي 6: 245 حديث 5، ومن لا يحضره الفقيه 3: 213 ذيل الحديث 988 وص 221 حديث
1027.
(6) المائدة 4 و 5.
(7) الأعراف: 157.
(8) روى المتقي الهندي في كنز العمال الحديث بألفاظ مختلفة، وأبدل في بعضها " الحدأة " بدلا من
" الحية " فلاحظ 5: 35 - 37 حديث 11935 - 11947، وكذلك في كثير من المصادر
الحديثية، انظر ذلك في موسوعة أطراف الحديث النبوي 4: 634 - 635.
83

فوجه الدلالة: أن الله تعالى أو جب الجزاء على المحرم، وعلى المحل في
الحرم بقتل الصيد المأكول والجناح، فلما رفع الجناح عمن قتل هذه، محرما
كان أو في الحرم، وكلها وحوش، ثبت أنها مما لا يحل أكلها.
مسألة 14: جوارح الطير كلها محرمة، مثل: البازي، والصقر،
والعقاب، والباشق، والشاهين ونحوها. وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة (1).
وقال مالك: الطائر كله حلال (2)، لقوله تعالى: " قل لا أجد فيما
أوحي إلي محرما " (3) الآية.
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4).
وأيضا: روى عاصم بن ضمرة، عن علي عليه السلام، وسعيد بن
جبير، عن ابن عباس: أن النبي عليه السلام نهى عن كل ذي ناب من

(1) الأم 2: 241، ومختصر المزني: 285 و 286، وكفاية الأخيار 2: 142 و 143، والسراج
الوهاج: 565، ومغني المحتاج 4: 300، والمجموع 9: 24، والوجيز 2: 215، والميزان الكبرى
2: 57، وأحكام القرآن للجصاص 3: 18، والنتف 1: 232، واللباب 3: 121، والهداية
المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 61، وعمدة القاري 21: 132، وبدائع الصنائع 5: 39،
وتبيين الحقائق 5: 294، والمحلى 7: 404 و 405، والمغني لابن قدامة 11: 69، والشرح
الكبير 11: 71.
(2) بداية المجتهد 1: 454، وأحكام القرآن للجصاص 3: 18، والنتف 1: 232، والمغني لابن قدامة
11: 69، والشرح الكبير 11: 71، والميزان الكبرى 2: 57.
(3) الأنعام: 145.
(4) الكافي 6: 244 و 245 و 247 حديث 2 - 3 وحديث 1، والتهذيب 9: 16 حديث 65 و
ص 38 حديث 161 و 162.
84

السباع، وكل ذي مخلب من الطير (1). وهذا عام في جميعه.
مسألة 15: الغراب كله حرام على الظاهر في الروايات (2)، وقد روي
في بعضها: رخص، وهو الزاغ: وهو غراب الزرع، والغداف: وهو أصغر منه
أغبر اللون كالرماد (3).
وقال الشافعي: الأسود والأبقع حرام، والزاغ والغداف على وجهين،
أحدهما: حرام والثاني: حلال، وبه قال أبو حنيفة (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وعموم الأخبار في تحريم الغراب (5)، وطريقة
الاحتياط أيضا تقتضي ذلك.
مسألة 16: الجلال: عبارة عن البهيمة التي تأكل العذرة اليابسة أو
الرطبة - كالناقة والبقرة والشاة والدجاجة - فإن كان هذا أكثر علفها، كره
أكل لحمها عندنا وعند جميع الفقهاء (6)، إلا قوما من أصحاب الحديث،

(1) سنن أبي داود 3: 355 حديث 3805، وشرح معاني الآثار 4: 190، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 19، ومسند أحمد بن حنبل 1: 147، والسنن الكبرى 9: 315، وشعب الإيمان
5: 19 حديث 5626، ومجمع الزوائد 4: 87، وتلخيص الحبير 4: 151 حديث 1992.
(2) الكافي 6: 245 حديث 8، ومن لا يحضره الفقيه 3: 221 حديث 117، والتهذيب 9: 18
حديث 73، والاستبصار 4: 65 حديث 236.
(3) التهذيب 9: 19 حديث 74، والاستبصار 4: 66 حديث 238.
(4) حلية العلماء 3: 408، وكفاية الأخيار 2: 143، والوجيز 2: 216، والسراج الوهاج: 566،
ومغني المحتاج 4: 301، والمجموع 9: 18 و 24، واللباب 3: 121، والهداية 8: 62، وبدائع
الصنائع 5: 40، وتبيين الحقائق 5: 295.
(5) تقدم في الهامش الأول من هذه المسألة.
(6) اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 78، وأحكام القرآن للجصاص 3: 21، والنتف 1: 233،
وبدائع الصنائع 5: 39، والمغني لابن قدامة 11: 72، والشرح الكبير 11: 91، وبداية المجتهد
1: 452، وحلية العلماء 3: 407، ومغني المحتاج 4: 304، والسراج الوهاج: 566، وكفاية
الأخيار 2: 143، والمجموع 9: 28 و 30، والميزان الكبرى 2: 58، وشرح الأزهار 4: 98.
85

فإنهم قالوا: إنه حرام (1).
وروى أصحابنا تحريم ذلك إذا كان غذاؤه كله من ذلك (2).
ويزول حكم الجلل عندنا بأن يحبس ويطعم علفا طاهرا: الناقة
أربعين يوما، والبقرة عشرين يوما، والشاة عشرة أيام، أو سبعة أيام،
والدجاجة ثلاثة أيام.
ولم أعرف للفقهاء في ذلك نصا.
وحكى بعض أصحاب الشافعي ما حددناه عن بعض أهل العلم،
وقال: لا معول على ذلك، بل المعول على ما يزول معه حكم الجلل باعتبار
العادة، فيحبس ذلك القدر (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4).
وأيضا: روى مجاهد، عن ابن عمر: أن النبي نهى عن أكل الجلالة
وألبانها (5).

(1) المحلى 7: 410، والمغني لابن قدامة 11: 73، والشرح الكبير 11: 91، وحلية العلماء 3: 407،
والمجموع 9: 30، والميزان الكبرى 2: 58.
(2) الكافي 6: 250 - 253 حديث 1 - 12، ودعائم الإسلام 2: 124 حديث 429، والتهذيب
9: 45 حديث 188 - 189، والاستبصار 4: 76 - 77 حديث 281 - 285.
(3) انظر حلية العلماء 3: 407، وشرح الأزهار 4: 98.
(4) الأخبار المشار إليها في الهامش رقم: (2) فلا حاجة لإعادتها.
(5) سنن أبي داود 3: 351 حديث 3785، وسنن الترمذي 4: 270 حديث 1824، وسنن ابن
ماجة 2: 1064 حديث 3189، والسنن الكبرى 9: 332، وتلخيص الحبير 4: 156 حديث 2008.
86

وروى نافع، عن ابن عمر: أن النبي عليه السلام نهى عن الجلالة في
الإبل أن تركب، أو يشرب من ألبانها (1).
مسألة 17: كسب الحجام مكروه للحر، مباح للعبد، حر كسبه أو
عبد. وبه قال الشافعي، وأحمد بن حنبل على ما حكاه الساجي عنه (2).
وقال قوم من أصحاب الحديث: حرام على الأحرار، حلال للعبيد (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4).
وأيضا: روى حرام بن محيصة (5)، عن أبيه (6) قال: سألنا رسول الله
صلى الله عليه وآله عن كسب الحجام، فنهانا عنه، فلم نزل نكرره عليه
حتى قال: " أطعمه رقيقك، واعلفه نواضحك " (7).
وروى عكرمة، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله فأعطى الحجام

(1) سنن أبي داود 3: 351 حديث 3787، والسنن الكبرى 9: 333.
(2) مسائل أحمد بن حنبل: 193، ومختصر المزني: 286 و 557، وحلية العلماء 3: 418، والمجموع
9: 58 و 60، والوجيز 2: 216، والسراج الوهاج: 567، ومغني المحتاج 4: 305.
(3) حلية العلماء 3: 418، والمجموع 9: 60.
(4) الكافي 5: 116 حديث 4، والتهذيب 6: 355 - 356 حديث 1011 و 1014 - 1015،
والاستبصار 3: 59 حديث 193.
(5) حرام بن سعد بن محيصة بن مسعود بن كعب الأنصاري، أبو سعد، ويقال: أبو سعيد المدني،
وقد ينسب إلى جده ويقال: حرام بن محيصة، روى عن جده محيصة. توفي بالمدينة سنة
(113 ه‍) وهو أين (70) سنة. تهذيب التهذيب 2: 223، وطبقات ابن سعد 8: 395.
(6) سعد بن محيصة بن مسعود الأنصاري، له صحبه، روى عن أبيه، وعنه ابنه حرام بن سعد بن
محيصة. تهذيب التهذيب 3: 481.
(7) سنن أبي داود 3: 226 حديث 3422، والسنن الكبرى 9: 337 باختلاف يسير في اللفظ.
87

أجره. قال ابن عباس: ولو كان خبيثا ما أعطاه (1).
وروى علي عليه السلام: أن النبي عليه السلام احتجم، وأمرني أن
أعطي الحجام أجره (2).
وروى أنس: أن أبا طيبة (3) حجم النبي عليه السلام، فأمر له بصاع
من تمر، وأمر مواليه أن يخففوا عنه من خراجه (4).
وقال جابر في حديث آخر: كان خراجه - وفي بعضها: كانت ضريبته -
ثلاثة أصوع من تمر في كل يوم، فخففوا عنه في كل يوم صاعا (5).
وروي ذلك عن عثمان، وابن عباس (6)، ولا مخالف لهما.
مسألة 18: إذا نحرت البدنة، أو ذبحت البقرة أو الشاة، فخرج من
جوفها ولد، فإن كان تاما وحده بأن يكون أشعر أو أوبر نظر فيه، فإن خرج
ميتا حل أكله، وإن خرج حيا ثم مات لم يحل أكله، وإن خرج قبل أن
يتكامل لم يحل أكله بحال.
وقال الشافعي: إذا خرج ميتا حل أكله، ولم يفصل بين أن يكون تاما
أو غير تام، وإن خرج حيا، فإن بقي زمانا يتسع لذبحه ثم مات لم يحل أكله،

(1) سنن أبي داود 3: 266 حديث 3423، والسنن الكبرى 9: 338 نحوه.
(2) السنن الكبرى 9: 338.
(3) أبو طيبة الحجام، مولى بني حارثة، من الأنصار، ثم مولى محيصة بن مسعود، قيل: اسمه
دينار، وقيل غير ذلك: أسد الغابة 5: 236.
(4) سنن أبي داود 3: 266 حديث 3424، والسنن الكبرى 9: 337، وتلخيص الحبير 4: 158
حديث 2010.
(5) مجمع الزوائد 4: 94، وأسد الغابة 5: 236.
(6) مجمع الزوائد 4: 94.
88

وإن لم يتسع الزمان لذبحه ثم مات حل أكله، وسواء كان ذلك لتعذر آلة أو
غير ذلك (1). وبه قال مالك، والأوزاعي، والثوري، وأبو يوسف، ومحمد،
وأحمد، وإسحاق. وهو إجماع الصحابة (2).
وانفرد أبو حنيفة بأن قال: إذا خرج ميتا فهو ميتة، لا يؤكل حتى
يخرج حيا فيذبح، فيحل بالذبح (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (4).
وأيضا: الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل.
وروى أبو داود في سننه عن مسدد، عن هشيم (5)، عن مجالد (6)، عن

(1) كفاية الأخيار 2: 140، والسراج الوهاج: 567، ومغني المحتاج 4: 306، والمبسوط للسرخسي
12: 6، والنتف 1: 228، وبداية المجتهد 1: 428، والمحلى 7: 420، والمغني لابن قدامة
11: 52، والشرح الكبير 11: 60.
(2) بداية المجتهد 1: 428، والمبسوط للسرخسي 12: 6، والنتف 1: 228، والمغني لابن قدامة
11: 52، والشرح الكبير 11: 60، والمحلى 7: 420.
(3) المبسوط للسرخسي 12: 6، والنتف 1: 228، ونصب الراية 4: 192، وبداية المجتهد 1: 428،
والمغني لابن قدامة 11: 52، والشرح الكبير 11: 61، والمحلى 7: 419.
(4) الكافي 6: 234 - 235 حديث 2 - 5، ومن لا يحضره الفقيه 3: 209 حديث 965 و 966،
والتهذيب 9: 58 - 59 حديث 242 - 246.
(5) هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي خازم الواسطي، قيل: إنه
بخاري الأصل. روى عن مجالد، والعوام بن حوشب، وعطاء بن السائب، وجماعة. وعنه
مالك بن أنس، وشعبة، والثوري، وغيرهم. ولد سنة أربع ومائة، ومات في شعبان سنة ثلاث
وثمانين ومائة. تهذيب التهذيب 11: 59.
(6) مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام بن ذي مران، أبو عمرو الهمداني، ويقال: أبو سعيد
الكوفي. روى عن الشعبي، وقيس بن أبي حازم، وأبي الوداك جبر بن نوف، وغيرهم. وعنه
ابنه إسماعيل، وإسماعيل بن أبي خالد - وهو من أقرانه - وجرير بن حازم، وشعبة، وغيرهم.
تهذيب التهذيب 10: 39.
89

أبي الوداك، عن أبي سعيد الخدري، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه
وآله، فقلت: يا رسول الله، ننحر الناقة أو نذبح البقرة والشاة وفي بطنها
الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ فقال: " كلوه إن شئتم، فإن ذكاة الجنين ذكاة
أمه " (1).
وروى أبو إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي عليه السلام.
وعكرمة، عن ابن عباس. ونافع، عن ابن عمر. وأبو الزبير، عن جابر.
وطاووس، عن أبي هريرة: أن النبي عليه السلام قال: " ذكاة الجنين ذكاة
أمه " (2).
فوجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وآله أخبر أن إحدى الذكاتين
نائبة مناب الأخرى، وقائمة مقامها، فوجب أن تكون ذكاة الأم نائبة عن
ذكاتها وذكاة جنينها.
وروي عن علي عليه السلام أنه قال: " ذكاة الجنين ذكاة أمه " (3).
وعن ابن عمر، وابن عباس: إذا خرج الجنين ميتا وقد أشعر
أكل (4).

(1) سنن أبي داود 3: 103 حديث 2827، وسنن الترمذي 4: 72 حديث 1476، وسنن ابن
ماجة 2: 1067 حديث 3199، وسنن الدارقطني: 4: 274 حديث 29، ونصب الراية
4: 189، والسنن الكبرى 9: 335، والمحلى 7: 419 وتلخيص الحبير 4: 156 حديث 2009،
وفي البعض منها روي باختصار فلاحظ.
(2) سنن الدارقطني 4: 274 - 275 حديث 32 و 33، وسنن أبي داود 3: 103 حديث 2828
وسنن الدارمي 2: 84، والسنن الكبرى 9: 335 و 336.
(3) سنن الدارقطني 4: 274 حديث 33، والسنن الكبرى 9: 336، والمحلى 7: 419، ونصب
الراية 4: 189.
(4) المحلى 7: 419، ومجمع الزوائد 4: 35، وتلخيص الحبير 4: 157.
90

وروي عن عبد الرحمان بن كعب بن مالك (1) قال: كان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله يقولون: ذكاة الجنين ذكاة أمه (2).
فهو إجماعهم على ذلك بلا خلاف.
مسألة 19: إذا ماتت الفأرة في سمن، أو زيت، أو شيرج (3)، أو
بزر (4)، نجس كله، وجاز الاستصباح به، ولا يجوز أكله ولا الانتفاع به لغير
الاستصباح. وبه قال الشافعي (5).
وقال قوم من أصحاب الحديث: لا ينتفع به بحال، لا بالاستصباح ولا
غيره، بل يراق كالخمر (6).
وقال أبو حنيفة: يستصبح به، ويباع أيضا للاستصباح (7).
وقال داود: إن كان المانع سمنا لم ينتفع به بحال، وإن كان ما عداه
من الأدهان لم ينجس بموت الفأرة فيه، ويحل أكله وشربه، لأن الخبر ورد

(1) عبد الرحمان بن كعب بن مالك الأنصاري السلمي، أبو الخطاب المدني. روى عن أبيه،
وأخيه عبد الله بن كعب، وجابر، وعائشة، وغيرهم. وعنه ابنه كعب، والزهري، وسعد بن
إبراهيم، وغيرهم. تهذيب التهذيب 6: 259.
(2) المحلى 7: 419، ومجمع الزوائد 4: 35، وتلخيص الحبير 4: 158.
(3) الشيرج: دهن السمسم. مجمع البحرين 2: 312 مادة " شرج ".
(4) بزر: البزر، بزر البقل وغيره. ودهن البزر. لسان العرب 4: 56 مادة " بزر ".
(5) مختصر المزني: 286، وحلية العلماء 3: 417، والمجموع 9: 38، وأحكام القرآن للجصاص
1: 118، وعمدة القاري 21: 138، وفتح الباري 9: 670، والمغني لابن قدامة 11: 87.
(6) حلية العلماء 3: 417، والمجموع 9: 38، وعمدة القاري 21: 138، والمغني لابن قدامة 11: 87.
(7) أحكام القرآن للجصاص 1: 118، وعمدة القاري 21: 138، وفتح الباري 9: 670،
والمجموع 9: 38.
91

في السمن فحسب (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2).
وروى سالم، عن أبيه: أن النبي عليه السلام سئل عن الفأرة تقع في
السمن والودك؟ فقال: " إن كان جامدا فاطرحوها وما حولها، وإن كان
مائعا فانتفعوا به ولا تأكلوه " (3).
وروى أبو سعيد الخدري: أن النبي عليه السلام سئل عن الفأرة تقع في
السمن والزيت، فقال: " استصحبوا به ولا تأكلوه " (4).
وهو إجماع الصحابة.
وروي ذلك عن علي عليه السلام وابن عمر.
فأما علي عليه السلام فقال في السمن تقع فيه الفأرة: " لا تأكلوه،
وانتفعوا به في السراج والأدم " (5).
وابن عمر قال: ينتفع به في السراج، ويدهن به الأدم (6).
والدليل على أبي حنيفة، قوله عليه السلام: " إن الله تعالى إذا حرم

(1) حلية العلماء 3: 417، والمجموع 9: 38.
(2) الكافي 6: 261 حديث 1 - 2، والتهذيب 9: 85 - 86 حديث 358 - 361.
(3) أحكام القرآن للجصاص 1: 118، والسنن الكبرى 9: 354، والجامع لأحكام القرآن
2: 219 - 220 بتفاوت يسير في اللفظ.
(4) سنن الدارقطني 4: 292 حديث 81، والسنن الكبرى 9: 354، وتلخيص الحبير 2: 77 حديث
671.
(5) التهذيب 9: 86 حديث 362، وفيه: " فقال: لا تأكله، ولكن أسرج به ".
(6) رواه البيهقي في سننه 9: 354، والعسقلاني في فتح الباري 9: 670 بلفظ: " استصحبوا به،
وادهنوا به أدمكم "..
92

أكل شئ حرم ثمنه " (1).
مسألة 20: إذا جاز الاستصباح به، فإن دخانه يكون طاهرا، ولا يكون
نجسا.
وقال الشافعي: فيه وجهان، أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني - وهو
الصحيح عندهم -: أنه يكون نجسا (2).
ثم ينظر، فإن كان قليلا مثل رؤوس الأبر فإنه معفو عنه، وإن كان
كثير ا وجب غسله (3).
دليلنا: أن الأصل الطهارة، براءة الذمة، والحكم بالنجاسة وشغل
الذمة يحتاج إلى دليل.
مسألة 21: الزيت والشيرج والبزر إذا نجس لا يمكن تطهيره بالماء.
وللشافعي فيه وجهان، أحدهما: مثل ما قلناه (4)، والثاني - وهو
المذهب، واختاره أبو العباس -: أنه يطهر بأن يكاثر الماء عليه (5).
دليلنا: أن نجاسة هذه الأشياء معلومة، ولا دليل على أنها تطهر بالماء،
فمن ادعى صحته فعليه الدلالة.
مسألة 22: لا يجوز للمضطر إلى أكل الميتة أن يأكل أكثر مما يسد

(1) مسند أحمد بن حنبل 1: 293.
(2) المجموع 2: 579، والحاوي الكبير 15: 161.
(3) المغني لابن قدامة 11: 89، والمجموع 2: 579 - 580.
(4) المجموع 2: 599، والسراج الوهاج: 24، ومغني المحتاج 1: 86.
(5) نفس المصادر السابقة.
93

الرمق، ولا يحل له الشبع. وبه قال أبو حنيفة، وأحد قولي الشافعي اختاره
لنفسه، واختاره المزني (1).
وله قول آخر: أن له أن يأكل الشبع، وبه قال مالك، والثوري (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وأيضا: ما قلناه حلال بلا خلاف، وبقي الباقي على تحريمه
بالآيات (4).
مسألة 23: إذا اضطر إلى أكل الميتة، يجب عليه أكلها، ولا يجوز له
الامتناع منه. وللشافعي فيه وجهان:
أحدهما: مثل ما قلناه (5).
وقال أبو إسحاق: لا يجب عليه، لأنه يجوز أن يكون له غرض في

(1) الأم 2: 252، ومختصر المزني: 286، وكفاية الأخيار 2: 144، وحلية العلماء 3: 413، والوجيز
2: 217، والسراج الوهاج: 567، ومغني المحتاج 4: 307، والمجموع 9: 40 و 42 و 52،
والميزان الكبرى 2: 58، والمغني لابن قدامة 11: 74، والشرح الكبير 11: 96، وبداية المجتهد
1: 462، وعمدة القاري 21: 143، والبحر الزخار 5: 332، وشرح الأزهار 4: 97، وفتح
الباري 9: 674.
(2) الأم 2: 522، ومختصر المزني: 286، وحلية العلماء 3: 413، وكفاية الأخيار 2: 133،
والمجموع 9: 40 و 42 و 52، والوجيز 2: 217، والميزان الكبرى 2: 58، والمغني لابن قدامة
11: 74، والشرح الكبر 11: 96، وعمدة القاري 21: 143، وشرح الأزهار 4: 97، وفتح
الباري 9: 674.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 216 - 217 حديث 1007، والتهذيب 9: 83 حديث 354.
(4) البقرة: 173، والمائدة: 3، والنحل: 115.
(5) حلية العلماء 3: 413، والوجيز 2: 217، والسراج الوهاج: 567، ومغني المحتاج 4: 306،
والمجموع 9: 39 و 40، والشرح الكبير 11: 97.
94

الامتناع منه، وهو أن لا يباشر نجاسة (1).
دليلنا: ما علمناه ضرورة من وجوب دفع المضار عن النفس، فإذا كان
هذا مباحا في هذا الوقت، وبه يدفع الضرر العظيم عن نفسه، وجب عليه
تناوله.
مسألة 24: إذا اضطر إلى طعام الغير، لم يجب على الغير إعطاؤه.
وقال الشافعي: يجب عليه ذلك (2).
ثم لا يخلو حال المضطر من أحد الأمرين: إما أن يكون واجدا ثمنه في
الحال أو في بلدة، أو لم يكن واجدا، فإن كان واجدا لم يجب عليه إلا
ببدل، وإن لم يكن واجدا أصلا وجب عليه بذله بغير بدل.
وفي الناس من قال: يجب عليه بذله بغير بدل إذا لم يكن واجدا في
الحال، وإن كان واجدا له في بلده (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب ذلك يحتاج إلى دليل.
مسألة 25: إذا وجد المضطر ميتا وصيدا حيا وهو محرم، اختلف
أحاديث أصحابنا فيها على وجهين:.
أحدهما: أنه يأكل الصيد ويفدي، ولا يأكل الميتة (4). وبه قال

(1) المجموع 9: 40، والشرح الكبير 11: 98.
(2) حلية العلماء 3: 414، والسراج الوهاج: 567، ومغني المحتاج 4: 308.
(3) حلية العلماء 3: 414 - 415.
(4) الكافي 4: 383 حديث 1 - 3، ومن لا يحضره الفقيه 2: 235 حديث 1120 - 1121
والتهذيب 5: 368 حديث 1282 و 1283 و 1285، والاستبصار 2: 209 حديث 713 و
714.
95

الشافعي في أحد قوليه، وهو اختيار المزني (1).
والوجه الآخر: يأكل الميتة، ويدع الصيد (2). وهو قول الشافعي الآخر،
وبه قال مالك وأبو حنيفة (3).
دليلنا على ذلك: أن الصيد إذا قتله وأكله، فداه، فيكون أكل من ماله
طيبا.
وأيضا: أكثر أصحابنا على ذلك، وأكثر رواياتهم (4).
وإذا قلنا بالرواية الأخرى - وهو الأصح عندي -: أن الصيد إذا كان
حيا، فذبحه المحرم، كان حكمه حكم الميتة، ويلزمه الفداء، فإن يأكل
الميتة أولى من غير أن يلزمه فداء.
والرواية الأولى نحملها على من وجد لحم الصيد مذبوحا، فإن الأولى
أن يأكله ويفدي ولا يأكل الميتة.
وقد بينا ذلك في كتاب " تهذيب الأحكام " وكتاب
" الاستبصار " (5).

(1) الأم 2: 253، ومختصر المزني: 287، وحلية العلماء 3: 415، والوجيز 2: 217، والمجموع 9: 40
و 41 و 48 و 49، والمغني لابن قدامة 11: 79، والشرح الكبير 11: 103.
(2) التهذيب 5: 368 و 369 حديث 1284 و 1286، والاستبصار 2: 209 - 210 حديث 715
و 717.
(3) الأم 2: 253، ومختصر المزني: 287، وحلية العلماء 3: 415، والوجيز 2: 217، والسراج
الوهاج: 568، ومغني المحتاج 4: 309، والمجموع 9: 40 و 41 و 48 و 49، والمغني لابن قدامة
11: 79، والشرح الكبير 11: 103، والموطأ 1: 354 ذيل حديث 85.
(4) تقدمت الإشارة إلى الأحاديث في الهامش الرابع من الصفحة السابقة.
(5) انظر ما أشرنا إليه في التهذيب والاستبصار في هذه المسألة.
96

مسألة 26: إذا ذبح المحرم الصيد، كان حكمه حكم الميتة، لا يحل أكله
لأحد.
وللشافعي فيه قولان، أحدهما: أن ذكاته لا تبيح مثل ذكاة المجوسي،
والثاني: أن ذكاته لا تحل له، وتحل لغيره من المحلين (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط.
مسألة 27: إذا اضطر إلى شرب الخمر للعطش أو الجوع أو التداوي،
فالظاهر أنه لا يستبيحها أصلا.
وقد روي: أنه يجوز عند الاضطرار إلى الشرب أن يشرب، فأما الأكل
والتداوي فلا (2).
وبهذا التفصيل قال أصحاب الشافعي (3).
وقال الثوري، وأبو حنيفة: تحل للمضطر إلى الطعام وإلى الشراب،
وتحل للتداوي بها (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (5)، وأيضا: طريقة الاحتياط تقتضي
ذلك.
وأيضا: تحريم الخمر معلوم ضرورة، وإباحته في موضع يحتاج إلى دليل،

(1) حلية العلماء 3: 298، والمجموع 9: 49، والشرح الكبير 11: 104.
(2) التهذيب 9: 114 حديث 492.
(3) حلية العلماء 3: 416، والمجموع 9: 51، والحاوي الكبير 15: 170.
(4) حلية العلماء 3: 416، والحاوي الكبير 15: 170.
(5) الكافي 6: 413 - 415 حديث 1 - 12، ودعائم الإسلام 2: 125 حديث 435، والتهذيب
9: 113 حديث 488 - 491.
97

وما قلناه مجمع عليه، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 28: إذا مر الرجل بحائط غيره وبثمرته، جاز له أن يأكل منها،
ولا يأخذ منها شيئا يحمله معه. وبه قال قوم من أصحاب الحديث (1).
وقال جميع الفقهاء: لا يحل له الأكل منه إلا في حال الضرورة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (3).
وأيضا: روى نافع، عن ابن عمر: أن النبي عليه السلام قال: " إذا مر
أحدكم بحائط غيره، فليدخل وليأكل، ولا يتخذ خبنة " (4).
وفي بعضها: " فليناد ثلاثا، فإن أجابوه وإلا فليدخل وليأكل، ولا
يتخذ خبنة " (5) أي لا يحمل معه شيئا، والخبنة: ما وضع في الحجر.

(1) المغني لابن قدامة 11: 77، والانصاف 10: 377.
(2) المغني لابن قدامة 11: 77، والشرح الكبير 11: 111، وحلية العلماء 3: 417، والمجموع 9: 53
و 54، والميزان الكبرى 2: 56.
(3) التهذيب 6: 383 حديث 1135.
(4) سنن ابن ماجة 2: 772 حديث 2301، والسنن الكبرى 9: 358 - 361، والحاوي الكبير
15: 170 باختلاف يسير في اللفظ.
(5) السنن الكبرى 9: 358 - 361 بألفاظ مختلفة نحوه.
98

كتاب السبق
99

كتاب السبق
مسألة 1: المسابقة على الأقدام بعوض لا تجوز، وهو مذهب الشافعي (1).
وقال قوم من أصحابه: أنه يجوز، وبه قال أبو حنيفة (2).
دليلنا: قوله عليه السلام: " لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر " (3)
وليس هذا واحدا منها، وهذا خبر مجمع عليه، فلذلك استدللنا به.
مسألة 2: المسابقة بالمصارعة بعوض لا تجوز.
وقال أهل العراق: تجوز (4).

(1) الأم 4: 230، وحلية العلماء 5: 465، والمجموع 15: 140، والمغني لابن قدامة 11: 130،
والشرح الكبير 11: 130، والبحر الزخار 6: 103.
(2) النتف 2: 864، وحلية العلماء 5: 465، والوجيز 2: 219، والمجموع 15: 131 و 132 و 140،
والمغني لابن قدامة 11: 130، والشرح الكبير 11: 130.
(3) سنن أبي داود 3: 29 حديث 2574، وسنن الترمذي 4: 205 حديث 1700، وسنن النسائي
6: 226، وسنن ابن ماجة ": 960 حديث 2878، والمعجم الكبير للطبراني 10: 382 حديث
10764، والسنن الكبرى 10: 16، ومجمع الزوائد 5: 263، وتلخيص الحبير 4: 161 حديث
2020، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 9: 146، وفي بعض ما أشرنا إليه تقديم وتأخير في
ألفاظ الحديث.
(4) المغني لابن قدامة 11: 130، والشرح الكبير 11: 130، وحلية العلماء 5: 465، والمجموع
15: 141.
101

وللشافعي فيه وجهان: أحدهما كما قلناه، والآخر كما قالوه (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 3: المسابقة بالطيور بعوض لا تجوز.
وللشافعي فيه وجهان: أحدهما: مثل ما قلناه، وهو المذهب عندهم.
والآخر: أنه يجوز، لأن فيها فائدة من نقل الكتب ومعرفة الأخبار (2).
دليلنا: ما قدمناه من الخبر (3).
مسألة 4: لا تجوز المسابقة بالسفن والزبازب (4).
ولأصحاب الشافعي فيه وجهان: والذي عليه عامة أصحابه مثل ما
قلناه (5).
وقال أبو العباس: لا يجوز ذلك (6).
دليلنا: الخبر المتقدم (7).
مسألة 5: يجوز لغير الإمام أن يعطي السبق، وهو ما يخرج في المسابقة في

(1) الأم 4: 230، وحلية العلماء 5: 465، وكفاية الأخيار 2: 152، والمجموع 15: 137 و 141،
والمغني لابن قدامة 11: 130، والشرح الكبير 11: 130، والحاوي الكبير 15: 186.
(2) حلية العلماء 5: 464، وكفاية الأخيار 2: 152، ومغني المحتاج 4: 312، والمجموع 1: 137،
والسراج الوهاج: 569، والمغني لابن قدامة 11: 130، والشرح الكبير 11: 130.
(3) تقدم في المسألة الأولى فلاحظ.
(4) الزبازب: جمع الزبزب وهو ضرب من السفن. انظر لسان العرب 1: 446.
(5) حلية العلماء 5: 465، والمجموع 15: 137 و 139 و 140، والمغني لابن قدامة 11: 130،
والشرح الكبير 11: 130.
(6) المجموع 15: 140، وحلية العلماء 5: 465.
(7) المتقدم في المسألة الأولى.
102

الخيل، وبه قال الشافعي (1).
وقال مالك: لا يجوز ذلك إلا للإمام، لأنه من المعاونة على الجهاد،
وليس ذلك إلا للإمام (2).
دليلنا: الخبر (3) فإنه قال: " لا سبق إلا في نصل " وقد روي بالفتح
والسكون (4) فالفتح يفيد الشئ المخرج، والسكون يفيد المصدر، ولم يفصل،
ولأن الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل.
مسألة 6: إذا قال أحدهما لصاحبه إن سبقت فلك العشرة، وإن
سبقت أنا فلا شئ لي عليك، كان جائزا، وبه قال الشافعي (5).
وقال مالك: أنه لا يجوز، لأنه قمار (6).
دليلنا: أن الأصل جوازه، والمنع يحتاج إلى دليل.
وأيضا روي أن النبي عليه السلام مر بحزبين من الأنصار يتناضلون (7)
وقد سبق أحدهما الآخر، فقال النبي عليه السلام (أنا مع الحزب الذي فيه

(1) مختصر المزني: 287، وحلية العلماء 5: 467، والوجيز 2: 218، والسراج الوهاج: 569،
والمجموع 15: 135، ومغني المحتاج 4: 313، والمغني لابن قدامة 11: 131، والشرح الكبير
11: 136، والبحر الزخار 6: 102.
(2) حلية العلماء 5: 469، والمجموع 15: 135، والمغني لابن قدامة 11: 131، والشرح الكبير
11: 136، والبحر الزخار 6: 102.
(3) المتقدم في المسألة الأولى.
(4) انظر النهاية لابن الأثير 2: 338 (مادة سبق).
(5) مغني المحتاج 4: 313 و 314، والسراج الوهاج: 569، والمغني لابن قدامة 11: 148.
(6) المغني لابن قدامة 11: 131، والشرح الكبير 11: 136.
(7) النضال: الرمي بالسهام، يقال: انتضل القوم وتناضلوا: أي رموا للسبق. انظر النهاية 5: 72
(مادة نضل).
103

ابن الأدرع (1) (2) فأقرهما على النضال، وقد سبق أحدهما الآخر.
مسألة 7: إذا أخرج اثنان سبقا، فأدخلا بينهما ثالثا لا يخرج شيئا،
وقالا: أن سبقت أنت فلك السبقان معا كان جائزا، وبه قال
الشافعي (3).
وقال مالك: لا يجوز، وبه قال ابن خيران من أصحاب الشافعي (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى.
وأيضا روي عن النبي عليه السلام أنه قال: " من أدخل فرسا بين
فرسين وقد آمن أن يسبق فهو قمار وإن لم يأمن أن يسبق فليس بقمار " (5)
وهذا ممن لا يأمن أن يسبق، ومعناه لا يأيس، فوجب أن يصح.
مسألة 8: الاعتبار في السبق بالهادي، وهو العنق والكتد (6)، وبه قال

(1) محجن بن الأدرع الأسلمي، له صحبه، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " ارموا وأنا مع ابن
الأدرع "، مات في خلافة معاوية. قاله ابن حبان في تاريخ الصحابة: 242 برقم 1334،
وابن الأثير في أسد الغابة 5: 324.
(2) صحيح البخاري 4: 179 و 219، ومسند أحمد بن حنبل 4: 50، والسنن الكبرى 10: 17،
والمعجم الكبير للطبراني 3: 174 و 367، والمستدرك على الصحيحين 2: 94، والدر المنثور
3: 192، وفي الجميع بتفاوت باللفظ فلاحظ.
(3) الأم 4: 230، وحلية العلماء 5: 470، والمجموع 15: 150، والسراج الوهاج: 570، ومغني
المحتاج 4: 314، وكفاية الأخيار 2: 151، والجامع لأحكام القرآن 9: 148.
(4) حلية العلماء 5: 470، والمجموع 15: 150، وأحكام القرآن لابن العربي 3: 1064.
(5) سنن أبي داود 3: 30 حديث 2579، وسنن الدارقطني 4: 111 حديث 33، ومسند أحمد بن
حنبل 2: 505، والسنن الكبرى 10 20، والجامع لأحكام القرآن 9: 148، وتلخيص الحبير
4: 163 حديث 2025، وفي بعض ما ذكرنا اختلاف يسير باللفظ وفي بعض آخر تقديم
وتأخير لا يضر بالمعنى.
(6) الكتد: بفتح التاء وكسرها: مجتمع الكتفين، وهو الكاهل.
104

الشافعي (1).
وقال الثوري: الاعتبار بأذنيه، فإنه متى سبق بهما فقد سبق (2).
دليلنا: إن ما اعتبرناه مجمع عليه، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 9: عقد المسابقة من العقود الجائزة مثل الجعالة، وبه قال
أبو حنيفة. وهو أحد قولي الشافعي (3).
وله قول آخر: أنه من العقود اللازمة كالإجارة (4) وهو أصحهما عندهم،
لقوله تعالى: " أوفوا بالعقود " (5) وهذا عقد.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على لزوم هذا العقد، فيجب
نفي لزومه، والآية مخصوصة بلا خلاف.
مسألة 10: إذا تناضلا، فسبق أحدهما صاحبه، فقال لك عشرة بشرط
أن تطعم السبق أصحابك، كان النضال صحيحا والشرط باطلا، وبه قال
أبو حنيفة وأبو إسحاق المروزي (6).
وقال الشافعي: النضال باطل (7).
دليلنا: أن الأصل صحته، وأن مضامة الشرط إليه تفسده يحتاج إلى دليل.

(1) الأم 4: 230، ومختصر المزني: 287، والمجموع 15: 156، والسراج الوهاج: 569، ومغني
المحتاج 4: 315.
(2) حلية العلماء 5: 472.
(3) المغني لابن قدامة 11: 132، والحاوي الكبير 15: 183.
(4) الوجيز 2: 219، والمغني لابن قدامة 11: 132، والبحر الزخار 6: 104، والحاوي الكبير
15: 183.
(5) المائدة: 1.
(6) حلية العلماء 5: 478، والشرح الكبير 11: 142، والحاوي الكبير 15: 208.
(7) المصادر السابقة.
105

كتاب الأيمان
107

كتاب الأيمان
مسألة 1: في الأيمان ما هو مكروه، وما ليس بمكروه. وبه قال أكثر
الفقهاء (1).
وقال بعضهم: كلها مكروهة، لقوله تعالى: " ولا تجعلوا الله عرضة
لأيمانكم إن تبروا وتتقوا " (2) (3).
دليلنا: ما روي عن ابن عباس أن النبي عليه السلام قال ثلاث
مرات: " والله لأغزون قريشا " (4) فلو كان مكروها ما حلف.
وروى ابن عمر قال: كان كثيرا ما يحلف رسول الله صلى الله عليه
وآله بهذه اليمين " لا ومقلب القلوب " (5).

(1) الأم 7: 61، والمغني لابن قدامة 11: 167 - 171، والشرح الكبير 11: 162 و 163،
والفتاوى الهندية 2: 52.
(2) البقرة: 224.
(3) المغني لابن قدامة 11: 165.
(4) سنن أبي داود 3: 231 حديث 3285، والمعجم الكبير للطبراني 11: 282 حديث 11742،
والسنن الكبرى 10 47 و 48، ونصب الراية 3: 302، وتلخيص الحبير 4: 166
حديث 2033.
(5) الموطأ 2: 480 حديث 15، وصحيح البخاري 8: 157 و 160 و 9: 145، وسنن أبي داود
3: 225 حديث 3263، وسنن الترمذي 4: 113 حديث 1540، وسنن النسائي 7: 2، ومسند
أحمد بن حنبل 2: 25 و 26 و 67 و 68 و 167، وسنن الدارمي 2: 187، ومعجم الطبراني
الكبير 12: 296، والسنن الكبرى 10: 27، والجامع لأحكام القرآن 6: 269، وعمدة القاري
23: 168، وفتح الباري 11: 523، وتلخيص الحبير 4: 166 حديث 2034.
109

وروى أبو سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا
اجتهد في اليمين قال: " لا والذي نفس أبي القاسم بيده " (1).
والمعنى في الآية متوجه إلى اليمين به على ترك البر والتقوى والإصلاح
بين الناس فقال: " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا " (2) أي لا تبروا
الناس ولا تتقوا الله.
وقيل أيضا معناها لا تكثروا الأيمان بالله مستهزئين بها في كل رطب
ويابس، فيكون فيه استبذال الاسم.
مسألة 2: إذا حلف: والله لا أكلت طيبا، ولا لبست ناعما. كانت
هذه يمينا مكروهة، والمقام عليها مكروه، وحلها طاعة. وبه قال الشافعي،
وهو ظاهر مذهبه.
وله فيه وجه آخر ضعيف، وهو أن الأفضل إذا عقدها أن يقيم عليها (3).
وقال أبو حنيفة: المقام عليها طاعة ولازم (4).

(1) مسند أحمد بن حنبل 3: 33 و 48، والسنن الكبرى 10: 26، وتلخيص الحبير 4: 166
حديث 2035.
(2) البقرة: 224.
(3) انظر الأم 7: 61، ومختصر المزني: 289 - 290، وحلية العلماء 7: 245، والجامع لأحكام
القرآن 6: 265، والسراج الوهاج: 573، ومغني المحتاج 4: 326.
(4) السراج الوهاج: 573، ومغني المحتاج 4: 326.
110

دليلنا: قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله
لكم " الآية ثم قال: " وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم
به مؤمنون " (1) يعني في المخالفة.
وأيضا قوله تعالى: " قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات
من الرزق " (2) الآية وقال: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي
مرضا ت أزواجك - الآية إلى قوله - قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " (3).
مسألة 3: كل يمين كان حلها طاعة وعبادة، إذا حلها لم تلزمه كفارة.
وبه قال جماعة (4).
وقال أكثر الفقهاء أبو حنيفة والشافعي ومالك وغيرهم: يلزمه
كفارة (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6). وأيضا الأصل براءة الذمة.
وروى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، أن النبي عليه السلام قال:
" من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير فإن تركه
كفارتها " (7).

(1) المائدة: 87 - 88.
(2) الأعراف: 32.
(3) التحريم: 1 - 2.
(4) حلية العلماء 7: 245، والمغني لابن قدامة 11: 174، والشرح الكبير 11: 180.
(5) الأم 7: 61، ومختصر المزني: 289، وحلية العلماء 7: 245، والميزان الكبرى 2: 129، والموطأ
2: 478 حديث 11.
(6) الكافي 7: 443 (باب من حلف على يمين فرأى خيرا منها) وص 445 حديث 2 و 3،
والتهذيب 8: 284 حديث 1043 و 1044 وص 289 حديث 1065.
(7) سنن ابن ماجة 1: 682 حديث 2111، ومسند أحمد بن حنبل 2: 185، والسنن الكبرى
10: 33 و 34، والمحلى 8: 42، والجامع لأحكام القرآن 3: 100، ونصب الراية 3: 299، وفي
بعض ما ذكرناه اختلاف يسير في اللفظ.
111

مسألة 4: إذا قال: أنا يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، أو برئت من
الإسلام، أو من الله، أو من القرآن لا فعلت كذا، ففعل، لم يكن يمينا، ولا
المخالفة حنث، ولا يجب به كفارة. وبه قال مالك، والأوزاعي، والليث
ابن سعد، والشافعي (1).
وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: كل هذا يمين، وإذا خالف حنث
ولزمته الكفارة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3). وأيضا الأصل براءة الذمة، وتعليق
الكفارة عليها يحتاج إلى دليل.
وروى ابن بريدة عن أبيه أن النبي عليه السلام قال: " من قال أنا
برئ من الإسلام كاذبا فهو كما قال، وإن كان صادقا لم يرجع إلى الإسلام
سالما " (4).

(1) المدونة الكبرى 2: 106، وبداية المجتهد 1: 396، وأسهل المدارك 2: 20، و 21، والموطأ
2: 478، والنتف 1: 379، وفتح المعين: 152، وحلية العلماء 7: 246، والسراج الوهاج:
573، ومغني المحتاج 4: 324، وكفاية الأخيار 2: 154، والمجموع 18: 16، والمغني لابن قدامة
11: 200، والشرح الكبير 11: 194، وعمدة القاري 23: 175.
(2) الآثار (مخطوط) باب الأيمان، والمبسوط 8: 134، واللباب 3: 134، والنتف 1: 379، وعمدة
القاري 23: 175، وشرح فتح القدير 4: 15، وفتح الباري 11: 534، والفتاوي الهندية
2: 54 و 57، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 15، والمغني لابن قدامة 11: 200،
والشرح الكبير 11: 194، وحلية العلماء 7: 247، والمجموع 18: 19، وبداية المجتهد 1: 396،
وأسهل المدارك 2: 21، والبحر الزخار 5: 241، والجامع لأحكام القرآن 6: 271.
(3) التهذيب 8: 278 حديث 1012 و 8: 288 حديث 1064.
(4) سنن أبي داود 3: 224 حديث 3258، ومسند أحمد بن حنبل 5: 356، والسنن الكبرى
10: 30، والمستدرك على الصحيحين 4: 298 وأول الحديث " من حلف وقال:... " وباختلاف يسير في اللفظ.
112

فوجه الدلالة هو أن ظاهره يفيد أنه متى كان كاذبا فهو يهودي، وقد
خرج من الإسلام، ولا خلاف أن الظاهر متروك، ثبت أنه أراد الزجر
والردع، كقوله: " من غشنا فليس منا " (1) و " من أكل من هاتين البقلتين
فلا يقربن مصلانا " (2) فإذا ثبت أنه أراد الزجر فقد أخبر بجميع الواجب
وكل الحكم وأنه أمر محظور ولم يذكر الكفارة فمن أوجب بذلك الكفارة
فعليه الدلالة.
مسألة 5: إذا حلف أن يفعل القبيح أو يترك الواجب، أو حلف أن
لا يفعل الواجب، وجب عليه أن يفعل الواجب ويترك القبيح، ولا كفارة عليه
وقال جميع الفقهاء تلزمه الكفارة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4) وأيضا الأصل براءة الذمة.

(1) صحيح مسلم 1: 99 حديث 164، وسنن الدارمي 2: 248، ومسند أحمد بن حنبل 2: 50،
والمعجم الكبير للطبراني 10: 169، و 11: 221 حديث 11553، والمستدرك على الصحيحين
2: 9، والجامع لأحكام القرآن 3: 252، ومجمع الزوائد 4: 78 و 79.
(2) ورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة وفي مصادر كثيرة أشار إليها ابن زغلول في موسوعة أطراف
الحديث النبوي 8: 140 - 143، وانظر مجمع الزوائد 2: 17، وشرح معاني الآثار 4: 238،
ومعجم الطبراني الكبير 19: 30، والسنن الكبرى 3: 78.
(3) المدونة الكبرى 2: 114، والمحلى 8: 76، واللباب 3: 136، وبدائع الصنائع 3: 17، والهداية
4: 22، وتبيين الحقائق 3: 114، وشرح فتح القدير 4: 22، والسراج الوهاج: 573، ومغني
المحتاج 4: 325، وفتح المعين: 152.
(4) الكافي 7: 445 حديث 2 - 5، والتهذيب 8: 287 حديث 1055، والاستبصار 4: 42 حديث
143 - 144.
113

مسألة 6: إذا حلف على مستقبل على نفي أو إثبات، ثم خالفه ناسيا، لم
تلزمه الكفارة، وإن خالفه عامدا لزمته الكفارة، إذا كان من الأيمان التي
يجب بالحنث فيها الكفارة.
وقال الشافعي: إن خالفه عامدا فعليه الكفارة. قولا واحدا كما قلناه،
وإن خالفه ناسيا فعلى قولين (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأخبارهم (2) وأيضا الأصل براءة الذمة،
وأيضا قوله عليه السلام: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا
عليه " (3) وإنما أراد به حكم النسيان بلا خلاف.
مسألة 7: لا تنعقد اليمين على ماض، سواء كانت على نفي أو إثبات،
ولا يجب بها الكفارة، صادقا كان أو كاذبا، عالما كان أو ناسيا. وبه قال
مالك والليث بن سعد والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق (4).
وقال قوم: إن كان صادقا فهو بار لا شئ عليه، وإن كان كاذبا فإن
كان عالما حنث ولزمته الكفارة قولا واحدا، وإن كان ناسيا فعلى قولين،
هذا مذهب الشافعي. وبه قال في التابعين عطاء والحكم، وفي الفقهاء

(1) المغني لابن قدامة 11: 176، والشرح الكبير 11: 186، وفتح الباري 11: 551.
(2) انظر التهذيب 8: 291 حديث 1074 - 1077.
(3) اختلفت ألفاظ حديث الرفع كما اختلفت أسانيده وطرقه، وقد أشرت فيما سبق إلى بعض
مصادر الحديث فلاحظ.
(4) الموطأ 2: 477، وبداية المجتهد 1: 396، وحلية العلماء 7: 245، والمبسوط 8: 129، والنتف
1: 381، واللباب 3: 130، وعمدة القاري 23: 193، وفتح الباري 11: 556، والهداية
4: 3، وشرح فتح القدير 4: 3، وتبيين الحقائق 3: 107، والفتاوي الهندية 2: 52، والمغني
لابن قدامة 11: 178، والحاوي الكبير 15: 267.
114

الأوزاعي وعثمان البتي (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2) وأيضا الأصل براءة الذمة، وشغلها
يحتاج إلى دليل. وأيضا قوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في
أيمانكم " (3).
وقال مالك: هذا لغو، لأن اللغو ما كان محالا، فإذا حلف على محال
كان لغوا (4).
وقال أبو حنيفة: هي في معنى اللغو (5).
وأيضا: قوله تعالى: " ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " (6) فأخبر أن
المؤاخذة بما عقدناه من الأيمان، وهذه يمين ما عقدت، لأنها لو عقدت
انعقدت، ولا خلاف أنها لا تنعقد.
وقال تعالى: " واحفظوا أيمانكم " (7) وهذه لا يمكن حفظها عن الحنث.
وروى ابن مسعود أن النبي عليه السلام قال: " من حلف يمينا وهو فيها

(1) حلية العلماء 7: 244، والمجموع 18: 10 و 13 و 14، والمغني لابن قدامة 11: 179، وعمدة
القاري 23: 193، وفتح الباري 11: 557، وبداية المجتهد 1: 396، والهداية 4: 3، والحاوي
الكبير 15: 267.
(2) الكافي 7: 438 حديث 1 و 7: 463 حديث 19، والتهذيب 8: 287 حديث 1055 و 8: 294
حديث 1090.
(3) البقرة: 225، والمائدة: 89.
(4) المدونة الكبرى 2: 101، وأسهل المدارك 2: 19، والمجموع 18: 13.
(5) انظر المبسوط 8: 129 - 130.
(6) المائدة: 89.
(7) المائدة: 89.
115

فاجر ليقطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان " (1).
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: " اليمين الغموس (2) تدع الديار
بلاقع (3) من أهلها " (4) ولم يذكر الكفارة، فمن قال فيها الكفارة فقد زاد في
الخبر.
مسألة 8: إذا قال: والله لأصعدن السماء، والله لأقتلن زيدا. وزيد قد
مات، عالما كان بذلك أو لم يكن عالما، لم يلزمه كفارة.
وقال أبو حنيفة والشافعي: يحنث في الحال، وتلزمه الكفارة (5). إلا أن
أبا حنيفة قال: إن اعتقد أن زيدا حي فحلف على قتله، ثم علم أنه كان
مات، لم يكن عليه كفارة (6).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 9: لا تنعقد يمين الكافر بالله، ولا يجب عليه الكفارة بالحنث،

(1) صحيح البخاري 6: 42، وسنن أبي داود 3: 220 حديث 3243، وعمدة القاري 23: 184،
وفتح الباري 8: 212 وفي الجميع بتفاوت يسير في اللفظ.
(2) قال ابن الأثير في النهاية 3: 386 مادة غمس منه " اليمين الغموس تذر الديار بلاقع " هي
اليمين الكاذبة الفاجرة كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها
في الإثم، ثم في النار، وفعول للمبالغة.
(3) البلاقع: جمع بلقع وبلقعة، وهي الأرض القفر التي لا شئ بها. النهاية 1: 153 مادة
(بلقع).
(4) كنز العمال 16: 696 حديث 46383.
(5) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 62، وشرح فتح القدير 4: 62، واللباب 3: 151،
وتبيين الحقائق 3: 135، والوجيز 2: 227، والميزان الكبرى 2: 132، والبحر الزخار
5: 252.
(6) شرح فتح القدير 4: 101، والهداية 4: 101، وتبيين الحقائق 3: 157 - 158.
116

ولا يصح منه التكفير بوجه. وبه قال أبو حنيفة (1).
وقال الشافعي: تنعقد يمينه، وتلزمه الكفارة بحنثه، سواء حنث حال
كفره أو بعد إسلامه (2).
دليلنا: إن اليمين إنما تصح بالله ممن كان عارفا بالله، والكافر غير عارف
بالله عندنا أصلا، فلا يصح يمينه. وأيضا الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج
إلى دليل، وأيضا قوله عليه السلام: الإسلام يجب ما قبله (3).
وأما الكفارة فتحتاج إلى نية، ومن لا يعرف الله لا يصح أن ينوي
ويتقرب إليه.
واستدل الشافعي بالظواهر والأخبار، وحملها على عمومها.
وهو قوي يمكن اعتماده، بأن يقال: أن اليمين تصح ممن يعتقد الله،
ويصح القربة وإن لم يكن عارفا، ولأجل هذا تصح أيمان المقلدة والعامة،
وتنعقد وتصح منهم الكفارة وإن لم يكونوا عارفين بالله تعالى على الحقيقة.
مسألة 10: فإن قال: وقدرة الله، أو وعلم الله، أو وعظمة الله، أو

(1) اللباب 3: 136، وبدائع الصنائع 3: 11، والهداية 4: 22، وشرح فتح القدير 4: 22، وتبيين
الحقائق 3: 114، والفتاوي الهندية 2: 51، والمغني لابن قدامة 11: 162، والشرح الكبير
11: 162، والميزان الكبرى 2: 130، والبحر الزخار 5: 259.
(2) الوجيز 2: 225، وكفاية الأخيار 2: 155، والميزان الكبرى 2: 130، والمغني لابن قدامة
11: 162، والشرح الكبير 11: 162، وبدائع الصنائع 3: 11، وتبيين الحقائق 3: 114،
والبحر الزخار 5: 242.
(3) مسند أحمد بن حنبل 4: 199، و 204 و 205، والجامع الصغير 1: 474 حديث 3064،
وكنز العمال 1: 66 حديث 243، و 13: 374 حديث 37024، وطبقات ابن سعد 7: 497.
وفي الجميع (يجب ما كان قبله).
117

وحياة الله وقصد به كونه قادرا وعالما وحيا كان ذلك يمينا بالله، وإن
قصد بذلك المعاني والصفات التي يثبتها الأشعري لم يكن حالفا بالله. وبه
قال أبو حنيفة (1).
وقال أصحاب الشافعي: كل ذلك يمين بالله (2).
دليلنا: قيام الدلالة على أن الله تعالى يستحق هذه الصفات لنفسه، وأن
القول بالصفات باطل، فإذا حلف بها وجب الحكم ببطلان يمينه، ولأن
الأصل براءة الذمة.
مسألة 11: إذا حلف بالقرآن أو سورة من سوره، لم يكن ذلك يمينا،
ولا كفارة بمخالفتها. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه (3).
قال أبو يوسف: إن حلف بالرحمن، فإن أراد السورة فليس بيمين، وإن
أراد الاسم كان يمينا (4).
وقال محمد: من حلف بالقرآن فلا كفارة عليه (5).

(1) المبسوط 8: 133، وبدائع الصنائع 3: 6، واللباب 3: 132، والمغني لابن قدامة 11: 186،
والجامع لأحكام القرآن 6: 270، وحلية العلماء 7: 248، والبحر الزخار 5: 236.
(2) الأم 7: 61، ومختصر المزني: 290، وحلية العلماء 7: 248، ومغني المحتاج 4: 321، والمجموع
18: 28، والسراج الوهاج: 572، والمغني لابن قدامة 11: 186، وفتح الباري 11: 535،
والبحر الزخار 5: 236.
(3) المبسوط 8: 132، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 9، وشرح فتح القدير 4: 9،
والفتاوى الهندية 2: 53، واللباب 3: 132، والمغني لابن قدامة 11: 194، وحلية العلماء
7: 249، والشرح الكبير 11: 173، والجامع لأحكام القرآن 6: 270، والمجموع 18: 41،
والبحر الزخار 5: 236.
(4) عمدة القاري 23: 175.
(5) انظر المغني لابن قدامة 11: 194، والشرح الكبير 11: 173.
118

وقال الشافعي وأصحابه: كل ذلك يمين، ويلزمه الكفارة بخلافها (1).
دليلنا: ما تقدم أن اليمين بغير الله لا ينعقد، وكلام الله غير الله ولا هو
صفة من صفاته الذاتية.
فإن نازعونا في أنه صفة من صفاته الذاتية، كان الكلام معهم فيها،
وليس هذا موضعه.
مسألة 12، كلام الله تعالى، فعله، وهو محدث، وامتنع أصحابنا من
تسميته بأنه مخلوق لما فيه من الإيهام بكونه منحولا (2).
وقال أكثر المعتزلة: أنه مخلوق (3)، وفيهم من منع من تسميته بذلك، وهو
قول أبي عبد الله البصري (4) وغيره (5).
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: أنه مخلوق (6). قال محمد: وبه قال
أهل المدينة (7).

(1) حلية العلماء 7: 248، والمجموع 18: 40، والميزان الكبرى 2: 130، وفتح المعين: 151،
والمغني لابن قدامة 11: 194، والشرح الكبير 11: 173، وعمدة القاري 23: 185، والبحر
الزخار 5: 236.
(2) التوحيد للصدوق 224 - 225 حديث 4 و 5، وأمالي الصدوق: 443 حديث / 5
(3) تفسير الفخر الرازي 22: 140، والملل والنحل للشهرستاني 1: 45، والمجموع 18: 41.
(4) الحسين بن علي، أبو عبد الله البصري، يعرف بالجعل. سكن بغداد وكان من شيوخ المعتزلة، وله
تصانيف كثيرة على مذاهبهم، وينتحل في الفروع مذهب أهل العراق. توفي في ذي الحجة
سنة تسع وستين وثلاثمائة. قاله الخطيب في تاريخ بغداد 8: 73.
(5) لم أقف على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(6) حلية العلماء 7: 249، وتاريخ بغداد 13: 378. وقد أفرد الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ
بغداد 13: 378، بابا في ذكر الروايات عمن حكى عن أبي حنيفة القول بخلق القرآن فلاحظ.
(7) لم أقف على هذا القول في مظان المصادر المتوفرة.
119

قال الساجي: ما قال به أحد من أهل المدينة (1).
قال أبو يوسف: أو ل من قال بأن القرآن مخلوق أبو حنيفة (2).
قال سعيد بن سالم (3): لقيت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة (4) في
دار المأمون (5)، فقال: إن القرآن مخلوق هذا ديني ودين أبي وجدي (6).
وروي عن جماعة من الصحابة الامتناع من تسميته بأنه مخلوق (7).
وروي ذلك عن علي عليه السلام أنه قال يوم الحكمين: " والله ما
حكمت مخلوقا ولكني حكمت كتاب الله " (8).
وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وابن مسعود (9).
وبه قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام - فإنه سئل عن القرآن -

(1) لم أقف على هذا القول من أثر في المصادر المتوفرة.
(2) تاريخ بغداد 13: 378.
(3) سعيد بن سالم القداح، أبو عثمان المكي، خراساني الأصل، ويقال: كوفي سكن مكة. قال
الساجي: حدثنا الربيع، سمعت الشافعي يقول: كان سعيد القداح يفتي بمكة، ويذهب إلى قول
أهل العراق. مات قبل المائتين. تهذيب التهذيب 4: 35.
(4) إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة. كان فقيها، وولي القضاء بالبصرة، ثم عزل بيحيى بن
أكثم. طبقات الفقهاء: 115.
(5) المأمون عبد الله بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور العباسي، ولد سنة
سبعين ومائة، عندما استخلف أبوه الرشيد، سمع من هشيم وعباد بن العوام ويوسف بن
عطية وطبقتهم مات سنة 218 هجرية. تاريخ الإسلام 15: 225 - 240.
(6) روى الخطيب في تاريخه 13: 379 بسنده عن حسين بن عبد الأول، عن إسماعيل بن حماد
ابن أبي حنيفة قال: هو قول أبي حنيفة القرآن مخلوق.
(7) الدر المنثور 5: 326.
(8) شرح نهج البلاغة 17: 13، التوحيد للصدوق: 224 حديث 6.
(9) الدر المنثور 5: 326.
120

فقال: لا خالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله (1).
وبه قال أهل الحجاز (2).
وقال سفيان بن عيينة: سمعت عمرو بن دينار وشيوخ مكة منذ سبعين
سنة يقولون: إن القرآن غير مخلوق (3).
وقال إسماعيل بن أبي أويس (4)، قال مالك: القرآن غير مخلوق. وبه
قال أهل المدينة، وهو قول الأوزاعي وأهل الشام، وقول الليث بن سعد،
وأهل مصر، وعبيد الله بن الحسن العنبري البصري، وبه قال من أهل
الكوفة ابن أبي ليلى وابن شبرمة. وهو مذهب الشافعي إلا أنه لم يرو عن
واحد من هؤلاء أنه قال: القرآن قديم، أو كلام الله قديم (5).
وأول من قال بذلك الأشعري (6) ومن تبعه على مذهبه، ومن الفقهاء
من ذهب مذهبه (7).
دليلنا على ما قلناه: ما ذكرناه في الكتاب في الأصول (8) ليس هذا

(1) تفسير العياشي 1: 6 حديث 14 باختلاف يسير.
(2) لم أقف على هذا القول في مظان المصادر المتوفرة.
(3) السنن الكبرى 10: 43، والدر المنثور 5: 326، واللآلي المصنوعة 1: 8 - 9 باختلاف يسير في
اللفظ.
(4) إسماعيل بن أبي أويس، كان من أصحاب مالك، وهو ابن أخته وصهره على ابنته، توفي
سنة سبع وعشرين ومائتين، طبقات الفقهاء: 126.
(5) انظر السنن الكبرى 10 - 43، والمحلى 8: 33، واللآلي المصنوعة 1: 5.
(6) علي بن إسماعيل بن أبي بشر، أبو الحسن الأشعري، البصري، أخذ عن زكريا الساجي، وأبي
علي الجبائي. مات سنة 324 هجرية. شذرات 2: 303.
(7) انظر الملل والنحل 1: 96.
(8) عدة الأصول ج 2: 46 (فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن) طبع بمبئي.
121

موضعها، فمنها قوله: " ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه " (1)
فسماه محدثا وقال: " إنا جعلناه قرآنا عربيا " (2) وقال: " بلسان عربي
مبين " (3) فسماه عربيا، والعربية محدثة، وقال: " إنا نحن نزلنا الذكر " (4)
وقال: " وأنزلنا إليك الذكر " (5) فوصفه بالتنزيل.
وهذه كلها صفات المحدث، وذلك ينافي وصفه بالقدم، ومن وصفه
بالقدم فقد أثبت مع الله تعالى قديما آخر، وذلك خلاف ما أجمع عليه الأمة
في عصر الصحابة والتابعين، ومن بعدهم إلى أيام الأشعري، وليس هذا
موضع تقصي هذه المسألة، فإن الغرض ها هنا الكلام في الفروع.
وروي عن نافع قال: قلت لابن عمر: سمعت من رسول الله صلى الله
عليه وآله في القرآن شيئا؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله يقول: " القرآن كلام الله غير مخلوق، ونور من نور الله " (6) ولقد أقر
أصحاب التوراة أنه كلام الله، وأقر أصحاب الإنجيل أنه كلام الله.
وروى أبو الدرداء أن النبي عليه السلام قال: " القرآن كلام الله غير
مخلوق " (7).
وقد مدح الصادق عليه السلام بما حكيناه عنه بالنظم، فقال بعض
الشعراء لاشتهاره عنه.

(1) الأنبياء: 2.
(2) الزخرف: 3.
(3) الشعراء: 195.
(4) الحجر: 9.
(5) النحل: 44.
(6) روى خالد الحذاء قال: سمعت أبا العربان يقول: قال عبد الله بن عمر: القرآن كلام الله
غير مخلوق. انظر اللآلي المصنوعة 1: 8.
(7) الدر المنثور 5: 326، واللآلي المصنوعة 1: 5.
122

قد سأل عن ذا الناس من قبلكم * ابن النبي المرسل الصادق
فقال قولا بينا واضحا * ليس بقول المعجب المايق
كلام ربي لا تمارونه * ليس بمخلوق ولا خالق
جعفر ذا الخيرات فافخر به * ابن الوصي المرتضى السابق (1)
مسألة 13: اليمين لا تنعقد إلا بالنية، فأما قول الرجل: أقسمت،
وأقسم بالله متى سمع منه هذه الألفاظ، ثم قال لم أرد به يمينا في الظاهر
يقبل منه فيما بينه وبين الله لأنه أعرف بمراده.
وقال الشافعي: يقبل قوله فيما بينه وبين الله، لأنه لفظ محتمل (2)، وفي
الحكم هل يقبل منه أم لا؟ للشافعي فيه قولان.
قال في الأيمان إذا قال: أقسمت لا وطئتك، وقال: أردت إخبارا عن
يمين قديمه، فإن كان عرف له يمين قديمة قبل منه، وإلا فهو مؤلي (3).
وقال أصحابه: يقبل منه فيما بينه وبين الله على كل حال، وأما في
الظاهر فإن كان عرفت له يمين قديمة وثبت ذلك قبل منه قولا واحدا (4).
وإن لم تعرف له يمين سابقة اختلفوا على ثلاث طرق:
منهم من قال: لا أقبل منه.

(1) لم أظفر بقائله في المصادر المتوفرة.
(2) مختصر المزني: 290، وحلية العلماء 7: 254، ومغني المحتاج 4: 323، والمجموع 18: 36، 38،
والوجيز 2: 224، والسراج الوهاج: 573، والميزان الكبرى 2: 129، وفتح الباري 11: 542،
والحاوي الكبير 15: 270 - 271.
(3) حلية العلماء 7: 255، والمجموع 18: 39، والميزان الكبرى 2: 129، والوجيز 2: 224،
والحاوي الكبير 15: 271.
(4) حلية العلماء 7: 255، والميزان الكبرى 2: 129، والمجموع 18: 39.
123

ومنهم من قال: أقبل منه في الإيلاء ولا أقبل منه في غير الإيلاء.
ومنهم من قال: المسألة على قولين (1).
دليلنا: أنه إذا نوى انعقدت يمينه بلا خلاف، وليس على انعقادها بغير
نية دليل.
وأيضا قوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم
بما عقدتم الأيمان " (2) وذلك لا يكون إلا بالنية، فأما المحتمل إذا لم يكن له
ظاهر وكان محتملا كان هو أعرف بمراده، فقبل قوله في ذلك.
مسألة 14: إذا قال: أقسم لا فعلت كذا - ولم ينطق بما حلف به - لا
يكون يمينا، سواء نوى اليمين أو لم ينو. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: يكون يمينا تكفر (4).
وقال مالك: إن أراد يمينا فهو يمين وإلا فليست بيمين (5).
دليلنا: أن انعقاد اليمين أمر شرعي، وليس في الشرع ما يدل على أن

(1) حلية العلماء 7: 255، والوجيز 2: 224، والسراج الوهاج: 573، ومغني المحتاج 4: 323،
والمجموع 18: 39، والميزان الكبرى 2: 129، والحاوي الكبير 15: 271.
(2) المائدة: 89.
(3) الأم 7: 61، وحلية العلماء 7: 255، وبداية المجتهد 1: 398، وأحكام القرآن لابن العربي
2: 638، وفتح الباري 11: 542، والبحر الزخار 5: 236 و 237، ونيل الأوطار 9: 128.
(4) النتف 1: 380، واللباب 3: 133 و 134، والهداية 4: 12، وشرح فتح القدير 4: 12،
والفتاوي الهندية 2: 53، وتبيين الحقائق 3: 109 و 110، وحلية العلماء 7: 255، وبداية
المجتهد 1: 398، أحكام القرآن لابن العربي 2: 638، والبحر الزخار 5: 236 و 237.
(5) بداية المجتهد 1: 398، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 638، وحلية العلماء 7: 256، وفتح
الباري 11: 542.
124

هذا يمين، وعليه إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
مسألة 15: إذا قال: لعمر الله - ونوى بذلك اليمين - كان يمينا.
وقال أبو حنيفة: يكون يمينا إذا أطلق أو أراد يمينا، وبه قال أهل
العراق (2).
واختلف أصحاب الشافعي على وجهين: أحدهما يكون يمينا إذا أراد
يمينا، أو أطلق كما قال أبو حنيفة، والمذهب أنه إذا أطلق، أو لم يرد يمينا لم
يكن يمينا، وهذا مثل ما قلناه (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وأيضا فإنه إذا نوى بها اليمين ثبت
كونه يمينا بلا خلاف، وإذا لم ينو أو أطلق فليس عليه دليل.
مسألة 16: إذا قال: وحق الله لا يكون يمينا، قصد أو لم يقصد. وبه
قال أبو حنيفة ومحمد (5).

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 234 حديث 1102، والتهذيب 8: 301 حديث 1119.
(2) المبسوط 8: 132، وبدائع الصنائع 3: 6، والهداية 4: 14، وشرح فتح القدير 4: 14، وتبيين
الحقائق 3: 109، وفتح الباري 11: 547، والمغني لابن قدامة 11: 188، والشرح الكبير
11: 171، وحلية العلماء 7: 254، والمجموع 18: 38، ونيل الأوطار 9: 128، والبحر الزخار
5: 238.
(3) الأم 7: 61، ومختصر المزني: 290، وحلية العلماء 7: 253، والوجيز 2: 224، والمجموع
18: 38، والمغني لابن قدامة 11: 188، والشرح الكبير 11: 171، وفتح الباري 11: 547،
وعمدة القاري 23: 186، والجامع لأحكام القرآن 6: 270، والبحر الزخار 5: 238.
(4) قرب الإسناد: 121، والكافي 7: 449 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 230 حديث
1085.
(5) النتف 1: 379، واللباب 3: 133، وبدائع الصنائع 3: 7، والهداية 4: 11، وشرح فتح القدير
4: 11، والفتاوي الهندية 2: 52، وعمدة القاري 23: 185، والمغني لابن قدامة 11: 187،
والشرح الكبير 11: 167، والجامع لأحكام القرآن 6: 270، والحاوي الكبير 15: 275.
125

وقال الشافعي: كانت يمينا من وجهين: إذا أطلق، أو أراد يمينا. وبه
قال أبو يوسف (1).
دليلنا: أن اليمين حكم شرعي، ولا دليل في الشرع على أن هذا يمين.
وأيضا الأصل براءة الذمة، فمن أوجب هذا يمينا فعليه الدلالة.
وأيضا فإن حقوق الله هي الأمر والنهي والعبادات كلها، فإذا حلف
بذلك كانت يمينا بالمخلوقات، فلم يكن يمينا.
وجعله أصحاب الشافعي يمينا بالعرف، واستعمال الناس من ذلك،
وهذا غير مسلم.
وقال أبو جعفر الاسترآبادي: حق الله هو القرآن، لقوله: " وإنه لحق
اليقين " (2) يعني القرآن، فكأنه قال: وقرآن الله، ولو قال هذا كان يمينا (3)،
وقد بينا أن هذا لا يكون يمينا ولو صرح به (4).
مسألة 17: إذا قال: بالله، أو تالله، أو والله ونوى بذلك اليمين كان

(1) مختصر المزني: 290، وحلية العلماء 7: 249، والوجيز 2: 224، والسراج الوهاج: 572، ومغني
المحتاج 4: 322، والميزان الكبرى 2: 129، وبدائع الصنائع 3: 7، والهداية المطبوع مع شرح
فتح القدير 4: 11، وشرح فتح القدير 4: 11، وعمدة القاري 23: 185، والنتف 1: 379،
والفتاوى الهندية 2: 52، والمغني لابن قدامة 11: 187، والشرح الكبير 11: 167، والجامع
لأحكام القرآن 6: 270، والبحر الزخار 5: 239.
(2) الحاقة: 51.
(3) لم أقف عليه في المصادر المتوفرة.
(4) تقدم بيان ذلك في المسألة (11) من هذا الكتاب فلاحظ.
126

يمينا، وإن لم ينو لم يكن ذلك يمينا، وإن قال ما أردت يمينا، قبل قوله.
وقال الشافعي في قوله " بالله ": إن أطلق أو أراد يمينا فهو يمين، وإن لم
يرد يمينا فلا يكون يمينا، لأنه يحتمل بالله أستعين (1).
وإذا قال: " تالله أو والله " إن أراد يمينا فهو يمين، وإن لم يرد يمينا فليس
بيمين، وإذا قال: ما أردت يمينا قبل منه (2).
دليلنا: أن ما قلناه مجمع على كونه يمينا، وما ذكروه ليس عليه دليل.
وأيضا قوله عليه السلام " الأعمال بالنيات " (3) فما تجرد عن النية يجب أن
لا يكون يمينا.
مسألة 18: إذا قال: " الله " بكسر الهاء بلا حرف قسم لا يكون يمينا.
وبه قال الشافعي، وجميع أصحابه (4) إلا أبا جعفر الاسترآبادي، فإنه قال:
يكون يمينا (5).
دليلنا: أن القسم لا يكون إلا بحروف القسم، وهي الباء والواو
والتاء، وليس ها هنا واحدة منها، وما قالوه أجازه أهل اللغة على

(1) الأم 7: 61 و 62، والمجموع 18: 30.
(2) الأم 7: 62، ومختصر المزني: 290، وحلية العلماء 7: 252 و 253، والمجموع 18: 30.
(3) صحيح البخاري 1: 2، وصحيح مسلم 3: 1515 حديث 155، وسنن أبي داود 2: 262
حديث 2201، وسنن الترمذي 4: 179 حديث 1647، وسنن ابن ماجة 2: 1413 حديث
4227، ومسند أحمد بن حنبل 1: 25، والسنن الكبرى 7: 349، والتهذيب 4: 186 حديث
519، وأمالي الطوسي 2: 231 وفي الجميع بزيادة " إنما " في أوله فلاحظ.
(4) مختصر المزني: 290، والوجيز 2: 223، والسراج الوهاج: 573، ومغني المحتاج 4: 322 و
323، والمجموع 18: 34 و 35، والشرح الكبير 11: 177، والمغني لابن قدامة 11: 192.
(5) لم أقف على قول الاسترآبادي هذا في المصادر المتوفرة.
127

الشذوذ (1).
مسألة 19: إذا قال: " أشهد بالله " لا يكون يمينا.
واختلف أصحاب الشافعي على وجهين:
منهم من قال: إذا أطلق أو أراد يمينا فهي يمين، وبه قال أبو حنيفة (2).
ومنهم من قال: إذا أطلق لا يكون يمينا (3).
دليلنا: أن هذه لفظة الشهادة، ولفظة الشهادة لا تسمى يمينا في اللغة،
فعلى من جعلها يمينا الدلالة.
مسألة 20: إذا قال: " أعزم بالله " لم يكن يمينا، أطلق ذلك أو أراد
يمينا أو لم يرد يمينا.
وقال الشافعي: إن أطلق ذلك أو لم يرد يمينا مثل ما قلناه، وإن أراد
يمينا فعلى ما أراده (4).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وليس ها هنا دلالة على أن هذا من
ألفاظ القسم، فيجب نفي ذلك.
مسألة 21: إذا قال: " أسألك بالله " أو " أقسم عليك بالله " لم يكن

(1) انظر المغني لابن قدامة 11: 192، والشر ح الكبير 11: 178، والمجموع 18: 35.
(2) الأم 7: 62، وحلية العلماء 7: 256، والمجموع 18: 39، والوجيز 2: 224، والميزان الكبرى
2: 129، والنتف 1: 380، والهداية 4: 12، وشرح فتح القدير 4: 12، وفتح الباري
11: 543، والبحر الزخار 5: 236، وعمدة القاري 23: 183.
(3) حلية العلماء 7: 256، والمجموع 18: 39، والوجيز 2: 224، والميزان الكبرى 2: 129، وفتح
الباري 11: 543، وعمدة القاري 23: 183، والبحر الزخار 5: 236.
(4) الأم 7: 62، ومختصر المزني: 290، والمجموع 18: 37 و 40.
128

يمينا، سواء أطلق أو أراد اليمين أو لم يرد يمينا.
وقال الشافعي: إن أطلق ذلك أو لم يرد يمينا كما قلناه، وإن أراد اليمين
كان كذلك وينعقد على فعل الغير، فإن أقام الغير عليها لم يحنث، وإن
خالف حنث الحالف ولزمته الكفارة (1).
وقال أحمد: الكفارة على المحنث دون الحالف (2).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء من أن الأصل براءة الذمة،
وإيجاب هذا يمينا يحتاج إلى دليل.
مسألة 22: إذا قال: " علي عهد الله " روى أصحابنا أن ذلك يكون
نذرا، فإن خالف لزمه ما يلزمه في كفارة النذر هذا إذا نوى ذلك، فإن لم
ينو ذلك لم يلزمه شئ (3).
وأما إذا قال: " علي ميثاقه وكفالته وأمانته " فلم يرووا فيه شيئا،
ويجب أن نقول أنها ليست من ألفاظ اليمين، لأنه لا دليل على ذلك.
وقال الشافعي: إذا أطلق أو لم يرد يمينا لم يكن يمينا، وإن أراد يمينا
كان كذلك (4).

(1) الأم 7: 62، وحلية العلماء 7: 255، والسراج الوهاج: 573، ومغني المحتاج 4: 324، والمجموع
18: 37، وفتح المعين: 152، والحاوي الكبير 15: 278 - 279.
(2) حلية العلماء 7: 255، والحاوي الكبير 15: 279.
(3) انظر التهذيب 8: 315 حديث 1170.
(4) الأم 7: 62، ومختصر المزني: 290، وحلية العلماء 7: 250، والمجموع 18: 250، والمجموع 18: 23 و 29، والمغني
لابن قدامة 11: 198، والشرح الكبير 11: 167، وعمدة القاري 23: 184، وفتح الباري
11: 545، وشرح فتح القدير 4: 14، والبحر الزخار 5: 237.
129

وقال أبو حنيفة ومالك: يكون إطلاقه يمينا (1).
ثم اختلفوا، فقال الشافعي: إذا حلف بواحدة منها أو بجميعها لزمته
كفارة واحدة (2).
وقال مالك: إذا حنث في الكل - مثلا أن يقول: علي عهد الله وميثاقه
وكفالته وأمانته، ثم خالف - لزمه عن كل واحدة كفارة (3).
دليلنا: إجماع الفرقة على ما قلناه أولا، وأنه لا دليل على ما قالوه أخيرا،
فيجب نفيه، لأن الأصل براءة الذمة.
مسألة 23: إذا قال: " والله " كانت يمينا إذا أطلق أو أراد اليمين، وإن
لم يرد اليمين لم يكن يمينا عند الله، ويحكم عليه في الظاهر، ولا يقبل قوله: ما
أردت اليمين في الحكم. وبه قال الشافعي، إلا أنه زاد: وإن لم ينو فإنه
يكون يمينا (4).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا قوله عليه السلام " الأعمال
بالنيات " (5) وهذا ما نوى. وأيضا ما اعتبرناه مجمع عليه، وما قالوه ليس
.

(1) النتف 1: 380، واللباب 3: 134، وفتح الباري 11: 545، والهداية المطبوع مع شرح فتح
القدير 4: 14، وشرح فتح القدير 4: 14، والمدونة الكبرى 2: 103 و 104، والمغني لابن قدامة
11: 198، والشرح الكبير 11: 167، وحلية العلماء 7: 251، والبحر الزخار 5: 237.
(2) حلية العلماء 7: 251، وعمدة القاري 23: 185.
(3) المدونة الكبرى 2: 103، وبداية المجتهد 1: 407، وأسهل المدارك 2: 302، وحلية العلماء
7: 252، وعمدة القاري 23: 184.
(4) الأم 7: 62، ومختصر المزني: 289، وحلية العلماء 7: 235.
(5) صحيح البخاري 1: 2، وصحيح مسلم 3: 1515 حديث 155، ومسند أحمد بن حنبل
1: 25، وسنن أبي داود 2: 262 حديث 2201، وسنن ابن ماجة 2: 1413 حديث 4227، وسنن النسائي 1: 58، والسنن الكبرى 7: 341، وسنن الترمذي 4: 179 حديث 1647،
والتهذيب 4: 186 حديث 519، وأمالي الشيخ الطوسي 2: 231 وفي بعض ما ذكرناه زيادة
" إنما " في أول الحديث.
130

عليه دليل.
وقوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما
عقدتم الأيمان " (1) يدل على ذلك، لأن العقد لا يكون إلا بالنية.
مسألة 24: إذا حلف لا يتحلى أو لا يتحلى أو لا يلبس الحلي، فلبس الخاتم حنث.
وبه قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: لا يحنث (3).
دليلنا: أن الخاتم من جملة الحلي الذي يختص بالرجال - كالمنطقة
والسوار للنساء - ولو حلف لألبس المنطقة أو لا لبست المرأة السوار حنث.
مسألة 25: إذا حلفت المرأة لا لبست حليا، فلبست الجوهر وحده
حنثت. وبه قال أبو يوسف، ومحمد، والشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: لا تحنث (5).

(1) المائدة 89.
(2) المجموع 18: 79، والمغني لابن قدامة 11: 296، والشرح الكبير 11: 241، وشرح فتح القدير
4: 97، والميزان الكبرى 2: 134، والبحر الزخار 5: 247.
(3) الهداية 4: 97، والمبسوط 9: 29، وشرح فتح القدير 4: 97، وتبيين الحقائق 3: 155، والمغني
لابن قدامة 11: 296، والشرح الكبير 11: 241، والميزان الكبرى 2: 241، والميزان الكبرى 2: 134، والبحر الزخار
5: 247.
(4) المجموع: 18: 79، والمبسوط 9: 30، والمغني لابن قدامة 11: 296، والشرح الكبير 11: 241.
(5) المبسوط 9: 30، وتبيين الحقائق 3: 155، والمغني لابن قدامة 11: 296، والشرح الكبير
11: 241، والمجموع 18: 79.
131

دليلنا: أن اسم الحلي يتناول اللؤلؤ وحده، قال الله تعالى: " وتستخرجوا
منه حلية تلبسونها " (1) وفي موضع آخر: " تستخرجون حلية " (2) ومعلوم أن
الذي يخرج منه هو اللؤلؤ والمرجان.
مسألة 26: لا يدخل الاستثناء بمشية الله إلا في اليمين فحسب. وبه
قال مالك (3).
وقال أبو حنيفة: يدخل في اليمين بالله، وبالطلاق والعتاق، وفي الطلاق
والعتاق، وفي النذر، وفي الإقرار (4).
دليلنا: أن ما ذكرناه مجمع على دخوله فيه، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 27: الاستثناء بمشية الله في اليمين ليس بواجب، بل هو بالخيار.
وبه قال جميع الفقهاء (5).
وحكي عن بعضهم أنه قال: إن الاستثناء واجب، لقوله تعالى: " ولا
تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله " (6) (7).

(1) النحل: 14.
(2) فاطر: 12.
(3) بداية المجتهد 1: 400، والمغني لابن قدامة 11: 232، والمحلى 8: 47، وعمدة القاري
23: 223، وفتح الباري 11: 603 و 604.
(4) عمدة القاري 23: 223، وشرح فتح القدير 4: 29، والمغني لابن قدامة 11: 232، وبداية
المجتهد 1: 401.
(5) المدونة الكبرى 2: 101 و 109، وعمدة القاري 23: 223، وبدائع الصنائع 3: 27، والبحر
الزخار 5: 240.
(6) الكهف: - 23 24.
(7) والبحر الزخار 5: 240، والحاوي الكبير 15: 282.
132

دليلنا: أن الأصل براءة الذمة من وجوب ذلك، وعلى من ادعى وجوبه
الدلالة.
وأيضا فالنبي عليه السلام حلف واستثنى، فقال: " والله لأغزون قريشا
والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا إن شاء الله " (1). وحلف وترك
الاستثناء، فإنه آلى من نسائه شهرا.
مسألة 28: لا حكم للاستثناء إلا إذا كان متصلا بالكلام أو في
حكم المتصل، فأما إذا انفصل منه فلا حكم له، سواء كان في المجلس أو
بعد انصرافه. وبه قال جميع الفقهاء (2).
وقال عطاء والحسن: له أن يستثني ما دام في المجلس، فإن فارقه بطل
حكم الاستثناء (3).
وعن ابن عباس روايتان:
أحداهما: له أن يستثني أبدا، حتى أنه لو حلف وهو صغير ثم استثنى وهو

(1) سنن أبي داود 3: 231 حديث 3285، والمعجم الكبير للطبراني 11: 282 حديث 11742،
والسنن الكبرى 10: 47 و 48، ونصب الراية 3: 302، وتلخيص الحبير 4: 166 حديث
2033، ومجمع الزوائد 4: 182.
(2) الأم 7: 62 ومختصر المزني: 290 والمدونة الكبرى 2: 109، وبداية المجتهد 1: 399، وأسهل
المدارك 2: 27 وأحكام القرآن لابن العربي 2: 641، وفتح الرحيم 2: 20، والموطأ 2: 477،
والجامع لأحكام القرآن 6: 272، والمحلى 8: 45، وعمدة القاري 23: 223، وفتح الباري
11: 602، والمبسوط 8: 143، والهداية 4: 28، وشرح فتح القدير 4: 28، وتبيين الحقائق
3: 115، والمغني لابن قدامة 11: 227، ونيل الأوطار 9: 114.
(3) عمدة القاري 23: 223، وفتح الباري 11: 603، والمحلى 8: 46، والمغني لابن قدامة
11: 229، ونيل الأوطار 9: 114، والبحر الزخار 5: 240.
133

كبير جاز.
والثانية: له أن يستثني إلى حين، والحين سنة (1).
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على صحته، وما ادعوه ليس على صحته
دليل. وأيضا: روي عن النبي عليه السلام أنه قال: " من حلف على يمين
فرأى غيرها خيرا منها فليأت بالذي هو خير وليكفر عن يمينه " (2) ولو كان
الاستثناء يعمل أبدا لأغناه الاستثناء عن الكفارة فإنه أسهل، فلما خلصه
بالكفارة ثبت أنه لا يتخلص بالاستثناء.
مسألة 29: لغو اليمين هو: أن يسبق اليمين إلى لسانه، ولا يعتقدها بقلبه،
كأنه أراد أن يقول " بلى والله " فسبق لسانه فقال " لا والله " ثم استدركه
فقال " بلى والله " فالأولى لغو ولا كفارة فيها. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: فيها الكفارة، والثانية منعقدة (4).

(1) المحلى 8: 46، والمبسوط 8: 143، وعمدة القاري 23: 223، وفتح الباري 11: 603، وتبيين
الحقائق 3: 116، والمغني لابن قدامة 11: 229، وبداية المجتهد 1: 399، وأحكام القرآن لابن
العربي 2: 641، والجامع لأحكام القرآن 6: 273، ونيل الأوطار 9: 114، والحاوي الكبير
15: 282.
(2) الموطأ 2: 478 حديث 11، والسنن الكبرى 10: 31، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 175،
وتلخيص الحبير 4: 170 حديث 2050.
(3) الأم 7: 63، ومسند الشافعي 2: 74، ومختصر المزني 290، وحلية العلماء 7: 243، والسراج
الوهاج: 573، ومغني المحتاج 4: 324، والمجموع 18: 7، وكفاية الأخيار 2: 153، والوجيز
2: 223، والميزان الكبرى 2: 130، والمبسوط 8: 129، وبدائع الصنائع 3: 3، وفتح الباري
11: 547، وعمدة القاري 23: 163، وبداية المجتهد 1: 395، وأحكام القرآن لابن العربي
1: 176، والمحلي 8: 34، والحاوي الكبير 15: 288.
(4) حلية العلماء 7: 243، وبداية المجتهد 1: 395.
134

وقال مالك: لغو اليمين: يمين الغموس، وهو ما ذكرناه: أن يحلف على
ماض قاصدا للكذب فيها (1).
وقال أبو حنيفة: لغو اليمين ما كانت على ماض لكنه حلف، لقد كان
معتقدا أنه على ما حلف، أو حلف ما كان كذا أنه على ما حلف، ثم بان
أن الأمر خلاف ما حلف عليه، فكأنه حلف على مبلغ علمه، فبان ضد ما
حلف عليه، هذه لغو اليمين عنده، ولا كفارة فيها (2).
وعند الشافعي هذه على قولين على ما مضى (3).
دليلنا: قوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " (4) وما
لا يؤاخذ به ما قلناه.
وروى عطاء (5) عن عائشة: أن النبي عليه السلام قال: " لغو اليمين قول
الرجل في بيته كلا والله وبلى والله " (6).
وروى عطاء أنه قال: ذهبت أنا وعبيد بن عمير (7) إلى عائشة وهي

(1) المدونة الكبرى 2: 100، وبداية المجتهد 1: 396، وفتح الرحيم 2: 20، وأسهل المدارك
2: 19، وحلية العلماء 7: 244 و 245، والمجموع 18: 13، والحاوي الكبير 15: 288.
(2) اللباب 3: 131، وبدائع الصنائع 3: 3، وعمدة القاري 23: 163، وفتح الباري 11: 547،
والهداية 4: 5، وشرح فتح القدير 4: 5، والفتاوى الهندية 2: 52، وتبيين الحقائق 3: 107،
والمحلى 8: 34، وبداية المجتهد 1: 395، والمغني لابن قدامة 11: 182، والبحر الزخار
5: 233، والميزان الكبرى 2: 130.
(3) البحر الزخار 5: 233، والحاوي الكبير 15: 267.
(4) البقرة: 225 والمائدة: 89.
(5) هو عطاء بن أبي رباح، تقدمت ترجمته في الجزء الأول: 66 من هذا الكتاب.
(6) سنن أبي داود 3: 223 حديث 3254، والسنن الكبرى 10: 49، والمحلى 8: 34 و 35،
وعمدة القاري 23: 187، وفتح الباري 11: 548، ونيل الأوطار 9: 133.
(7) عبيد بن عمير بن قتادة بن سعيد بن عامر بن جندع بن ليث الليثي ثم الجندعي، أبو عاصم المكي، روى عن أبيه وعمر وعلي وأبي بن كعب وعائشة وجماعة، وعنه ابنه عبد الله وعطاء
ومجاهد وغيرهم، مات سنة 68 هجرية. تهذيب التهذيب 7: 71.
135

معتكفة في بيتها نسألها عن قوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في
أيمانكم " (1) فقالت: " هو لا والله، وبالله لا يقصد ها بقلبه " (2).
وعن ابن عباس نحوه، ولا مخالف لهما (3)، وعلى هذا إجماع الفرقة
وأخبارهم (4).
فأما وجوب الكفارة فالذي يدل على نفيها أن الأصل براءة الذمة،
وشغلها يحتاج إلى دليل.
مسألة 30: إذا حلف على أمر مستقبل أن يفعل أو لا يفعل، ثم خالفه
عامدا، كان عليه الكفارة بلا خلاف، وإن خالفه ناسيا، لم يجب عليه
عندنا الكفارة. وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: عليه الكفارة (5).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل. وأيضا روي عن
النبي عليه السلام أنه قال: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا

(1) البقرة: 225، والمائدة: 89.
(2) السنن الكبرى 10: 49، والمحلى 8: 34.
(3) السنن الكبرى 10: 49، والمحلى 8: 34، وفتح الباري 11: 548، والمجموع 18: 7 وكفاية
الأخيار 2: 154.
(4) الكافي 7: 443 حديث 1، ودعائم الإسلام 2: 95 حديث 300، ومن لا يحضره الفقيه
3: 228 حديث 1076، والتهذيب 8: 28 حديث 1023.
(5) حلية العلماء 7: 245، والمجموع 18: 12، والهداية 4: 6 و 7، والمغني لابن قدامة 11: 242،
وبداية المجتهد 1: 402..
136

عليه " (1) وهذا نسيان.
مسألة 31: لا يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث أصلا، وإن أخرجها لم
تجزه.
وقال الشافعي: تجزيه قبل الحنث إلا الصوم فإنه لا يجزيه، لأنه من
عبادة الأبدان (2). وبه قال عمر، وابن عمر، وابن عباس، وعائشة،
والحسن البصري، وابن سيرين، ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد،
وأحمد، وإسحاق (3). وزاد مالك فقال: يجوز تقديم الصيام على الحنث (4).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: كفارة اليمين تجب بسبب واحد وهو الحنث

(1) طبقات الشافعية الكبرى 3: 25، وسنن الدارقطني 4: 170 حديث 33، والسنن الكبرى
7: 356، ونيل الأوطار 7: 22، وفتح الباري 9: 390، وسنن ابن ماجة 1: 659 حديث
2045، وسبل السلام 3: 1089، وفي بعض المصادر المذكورة تفاوت يسير في اللفظ.
(2) الأم 7: 63، ومختصر المزني: 291، والوجيز 2: 225، وحلية العلماء 7: 305 - 306، والمجموع
18: 113 و 115 و 116، والسراج الوهاج: 573، ومغني المحتاج 4: 326، والميزان الكبرى
2: 130، والمغني لابن قدامة 11: 224، والشرح الكبير 11: 199، والمحلى 8: 65، والمبسوط
8: 147، وعمدة القاري 23: 225، وفتح الباري 11: 609، وبدائع الصنائع 3: 19،
والهداية المطبوع مع شرح القدير 4: 20، وشرح فتح القدير 4: 20، وتبيين الحقائق
3: 113، وبداية المجتهد 1: 406، وأسهل المدارك 2: 31، والجامع لأحكام القرآن 6: 275،
والبحر الزخار 5: 260.
(3) المدونة الكبرى 2: 102 و 103 و 117، وبداية المجتهد 1: 406، وأحكام القرآن لابن العربي
2: 643، والجامع لأحكام القرآن 6: 275، والمغني لابن قدامة 11: 223 و 224، والشرح
الكبير 11: 199، والمحلى 8: 65، وعمدة القاري 23: 225، وفتح الباري 11: 609.
(4) المحلى 8: 65، والمغني لابن قدامة 11: 223، وحلية العلماء 7: 306، والميزان الكبرى
2: 130.
137

وأما عقد اليمين فليس بسبب هذا، فإذا ثبت هذا فلا يجوز تقديمها قبل
وجوبها بحال، بالمال ولا بغير المال، فأجاز أبو حنيفة تقديم الزكاة على وجوبها،
ولم يجوز تقديم الكفارة قبل وجوبها (1).
وأجاز مالك تقديمها قبل الحنث، ولم يجوز تقديم الزكاة قبل وجوبها (2)
وأجاز الشافعي التقديم فيهما (3).
وعندنا لا يجوز فيهما.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4) وأيضا فالكفارة إذا وجبت لا تبرأ
الذمة منها بيقين إلا إذا أخرجها بعد الحنث، فأما إذا أخرجها قبله فلا
دلالة على براءة الذمة.
وروى أبو هريرة أن النبي عليه السلام قال: " من حلف على يمين
فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن اليمين " (5) فأمره

(1) المبسوط 8: 147، وبدائع الصنائع 3: 19، وعمدة القاري 23: 225، واللباب 3: 135،
والهداية 4: 20، وشرح فتح القدير 4: 20، وتبيين الحقائق 3: 113، والمحلى 8: 65، وبداية
المجتهد 1: 406، وأحكام القرآن لابن العربي 2: 643، والجامع لأحكام القرآن 6: 275،
وأسهل المدارك 2: 31، والمغني لابن قدامة 11: 224، والشرح الكبير 11: 199، وحلية
العلماء 7: 305، والوجيز 2: 225، والميزان الكبرى 2: 130، والبحر الزخار 5: 260.
(2) المدونة الكبرى 1: 284 و 2: 117، والمغني لابن قدامة 2: 495، و 11: 223، وبداية المجتهد
1: 266 و 406. وقد تقدم بيان هذه المسألة وآراء الفقهاء فيها في كتاب الزكاة (مسألة 46)
فلاحظ.
(3) حلية العلماء 7: 305، وبداية المجتهد 1: 406.
(4) من لا يحضره الفقيه 3: 234 حديث 1104، والتهذيب 8: 299 حديث 1106، والاستبصار
4: 44 حديث 152.
(5) الموطأ 2: 478 حديث 11، ومسند أحمد بن حنبل 2: 361 و 4: 258 و 259 والسنن الكبرى
9: 232 و 10: 32، وفتح الباري 11: 461، وصحيح مسلم 3: 1271 و 1272 حديث 11
- 13، وسنن الترمذي 4: 107 حديث 1530، وسنن ابن ماجة 1: 681 حديث 2108،
وسنن النسائي 7: 10.
138

بالتأخير عن الحنث.
وفي بعضها " ثم ليكفر عن يمينه " بلفظ ثم، وهذا نص.
مسألة 32: إذا قال لزوجته: إن لم أتزوج عليك فأنت طالق، فإنها لا
تطلق، تزوج عليها أو لم يتزوج، وسواء تزوج عليها بنظيرتها، أو بمن فوقها، أو
دونها.
وقال الشافعي: إذا تزوج بر في يمينه بنفس العقد، دخل بها أو لم
يدخل، وإن لم يتزوج فهي تطلق على كال حال (1).
وقال مالك: إن تزوج بمثلها أو فوقها ودخل بها بر في يمينه، وإن لم
يدخل بها لم يبر في يمينه، وإن تزوج بمن هي دونها في المنزلة أو الوحشة لم يبر
في يمينه، لأنه قصد مغايظتها بذلك وإنما تغتاظ بالنظير، فأما من هو دونها
فهذه شماتة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3) على أن الطلاق بشرط لا يقع، وأن
اليمين بالطلاق باطلة، ولو كان ذلك جائزا لوجب أن يبر في يمينه متى
تزوج، وإن كانت دونها أو وحشة لأن الاسم قد وجد، والشرط قد حصل.
مسألة 33: إذا مات وعليه صيام، صام عنه وليه. وبه قال مالك

(1) حلية العلماء 7: 289، والمجموع 18: 289، والمجموع 18: 94، والحاوي الكبير 15: 297.
(2) حلية العلماء 7: 289، والميزان الكبرى 2: 130، والحاوي الكبير 15: 297.
(3) تفسير العياشي 1: 73 حديث 148، والتهذيب 8: 287 حديث 1058.
139

والشافعي في القديم (1).
وقال في الجديد: لا يصوم عنه وليه. وبه قال أهل العراق (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وروى عروة، عن عائشة: أن النبي
عليه السلام قال: " من مات وعليه صيام صام عنه وليه " (4).
مسألة 34: إذا أعطى مسكينا من كفارته، أو من زكاة ماله، أو فطرته،
فالمستحب أن لا يشتري ذلك ممن أعطاه، وليس بمحظور. وبه قال أبو حنيفة
والشافعي (5).
وقال مالك: لا يجوز شراؤه ولا تملكه (6).
دليلنا: قوله تعالى: " وأحل الله البيع " (7) ولم يفرق.
مسألة 35: أقل ما يجزي من الكسوة ثوبان: قميص وسراويل، أو قميص
ومنديل، أو قميص ومقنعة، وثوب واحد لا يجزي.

(1) حلية العلماء 3: 208، والوجيز 1: 105 و 2: 226، وفتح العزيز 6: 463، والمجموع 6: 367 و
368.
(2) المصادر المتقدمة.
(3) الكافي 4: 123 حديث 3، ومن لا يحضره الفقيه 2: 98 حديث 439.
(4) صحيح البخاري 3: 46، وصحيح مسلم 2: 803 حديث 153، وسنن أبي داود 2: 315
حديث 2400، وسنن الدارقطني 2: 195 حديث 80، ومسند أحمد بن حنبل 6: 69، والسنن
الكبرى 4: 255، و 6: 279، ومجمع الزوائد 3: 179، وفتح الباري 4: 192، ونصب الراية
2: 464.
(5) المجموع 6: 241، والحاوي الكبير 15: 314.
(6) المدونة الكبرى 1: 339، والحاوي الكبير 15: 314.
(7) البقرة: 275.
140

وقال الشافعي: يجزي قميص أو سراويل أو مقنعة أو منديل للرجال
والنساء (1).
وقال مالك: إن أعطي رجلا فكما قال الشافعي، وإن أعطي امرأة
لا يجزي إلا ما يجوز لها الصلاة فيه، وهو ثوبان: قميص ومقنعة (2).
وقال أبو يوسف: السراويل لا يجزي (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وطريقة الاحتياط توجب ذلك، لأنه
تبرأ معه الذمة بيقين بلا خلاف.
مسألة 36: إذا أعطى الفقير قلنسوة أو خفا لم يجزه.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: يجزيه. ذكره أبو
إسحاق (5).

(1) الأم 7: 65، ومختصر المزني: 292، والوجيز 2: 225، وحلية العلماء 7: 308، والمجموع
18: 119 و 121، والسراج الوهاج: 574، ومغني المحتاج 4: 327، وكفاية الأخيار 2: 155،
وبداية المجتهد 1: 405، والجامع لأحكام القرآن 6: 279، وأحكام القرآن لابن العربي
2: 647، والمغني لابن قدامة 11: 262، والمحلى 8: 74، والبحر الزخار 5: 262.
(2) المدونة الكبرى 2: 123، والموطأ 2: 480، وبداية المجتهد 1: 405، والجامع لأحكام القرآن
6: 279، وأسهل المدارك 2: 29، وفتح الرحيم 2: 20 و 22، وأحكام القرآن لابن العربي
2: 647، والمغني لابن قدامة 11: 261، والمحلى 8: 74، والبحر الزخار 5: 262، والشرح
الكبير 11: 197، والمجموع 18: 121.
(3) المبسوط 8: 153، والهداية 4: 19، وشرح فتح القدير 4: 19، والفتاوى الهندية 2: 61، والمغني
لابن قدامة 11: 261، والشرح الكبير 11: 197، وبداية المجتهد 1: 405، والمجموع 18: 121.
(4) الكافي 7: - 451 452، حديث 1 و 3 و 5، والتهذيب 8: 295 حديث 1091 - 1092،
والاستبصار 4: 51 حديث 174 - 175.
(5) حلية العلماء 7: 308، والوجيز 2: 225، وكفاية الأخيار 2: 155، والمجموع 18: 19 و 120.
141

دليلنا: طريقة الاحتياط، وأيضا قوله تعالى: " أو كسوتهم " (1) ومن
أعطى غيره قلنسوة لا يقال كساه.
مسألة 37: صوم الثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابع، لا يجوز التفريق
فيه.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، ذكره في الصوم، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه،
واختاره المزني (2).
والقول الآخر: هو بالخيار إن شاء تابع وإن شاء فرق. وبه قال الحسن
البصري، وعطاء، ومالك (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك،
لأنه إذا تابع فلا خلاف أن الفرض سقط عنه، وإذا فرق فليس على براءة
ذمته دليل.

(1) المائدة: 89.
(2) الأم 7: 66، ومختصر المزني: 293، وحلية العلماء 7: 309، والمجموع 18: 122، والسراج
الوهاج: 574، ومغني المحتاج 4: 328، والمبسوط 8: 155، وتفسير الرازي 12: 77،
والكشاف 1: 673، والجامع لأحكام القرآن 6: 283، المحلى 8: 75، وبداية المجتهد
1: 405، والبحر الزخار 5: 266، والحاوي الكبير 15: 329.
(3) الأم 7: 66، ومختصر المزني: 293، وحلية العلماء 7: 309، والمجموع 18: 122، والسراج
الوهاج: 574، ومغني المحتاج 4: 328، والمدونة الكبرى 2: 122، والمحلى 8: 75، وبداية
المجتهد 1: 405، وتفسير الرازي 12: 77، والجامع لأحكام القرآن 6: 283، والحاوي الكبير
15: 329.
(4) الكافي 7: 452 - 453 حديث 3 و 8، ومن لا يحضره الفقيه 3: 229 حديث 1082،
والتهذيب 8: 295 حديث 1092.
142

وروي في قراءة ابن مسعود: " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام " (1)
متتابعات (2)، وفي قراءة أبي: " ثلاثة أيام " متتابعة (3) وأقل ما في هاتين
القراءتين أن تكونا بمنزلة خبر الواحد، فوجب العمل بها عند المخالف.
مسألة 38: فرض العبد في كفارة الحنث الصيام دون العتق،
والاطعام، والكسوة إجماعا.
وعندنا أن فرضه شهر واحد فيما يجب فيه شهران متتابعان، وفي كفارة
اليمين ثلاثة أيام مثل الحر سواء.
وقال جميع الفقهاء: فرضه فرض الحر في كل موضع (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، ولأن الأصل براءة الذمة، وما
اعتبرناه مجمع عليه، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 39: إذا كان في دار، فحلف لا سكنت هذه الدار، فأقام عقيب

(1) المائدة: 89.
(2) تفسير الرازي 12: 77، والكشاف 1: 673، والجامع لأحكام القرآن 6: 283، والمحلى
8: 75، وبداية المجتهد 1: 405، والهداية 4: 18، وشر ح فتح القدير 4: 18، ونصب الراية
3: 296، وكفاية الأخيار 2: 155.
(3) قال الرازي في تفسيره الكبير 12: 77 ما لفظه: روي في قراءة أبي بن كعب وابن مسعود
فصوم ثلاثة أيام متتابعات وقراءتهما لا تختلف عن روايتهما، وحكاه الزمخشري في الكشاف
1: 673 (فصيام ثلاثة أيام متتابعات).
(4) المغني لابن قدامة 11: 283، والشرح الكبير 11: 204، والمحلى 8: 49، وشرح فتح القدير
4: 18، وحلية العلماء 7: 309، والسراج الوهاج: 574، ومغني المحتاج 4: 328.
(5) الكافي 6: 156 - 157 حديث 13 - 15، ومن لا يحضره الفقيه 3: 346 حديث 1661،
والتهذيب 8: 24 حديث 79.
143

يمينه مدة يمكنه الخروج منها فلم يفعل، حنث. وبه قال الشافعي (1).
وقال مالك: إن أقام يوما وليلة حنث، وإن أقام أقل من ذلك لم
يحنث (2).
دليلنا: أن اليمين إذا علقت بالفعل تعلقت بأقل ما يقع عليه الاسم من
ذلك، كرجل حلف لا دخلت الدار حنث بأقل ما يقع عليه اسم الدخول،
وهو إذا عبر العتبة، ولو حلف لأدخلن الدار بر بأقل ما يقع عليه اسم
الدخول، وإن لم يدخل إلى جوف الدار.
مسألة 40: إذا كان في دار، فحلف لا سكنت هذه الدار، ثم خرج
عقيب اليمين بلا فصل بر في يمينه، ولم يحنث. وبه قال جميع الفقهاء (3).
وقال زفر: يحنث ولا طريق له إلى البر، لأنه يحنث باستدامة السكنى
وخروجه منها عقيب يمينه سكون فيها، فوجب أن يحنث (4).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة ولا دليل على شغلها بشئ بهذه اليمين.
وأيضا إذا لم يتشاغل عقيب يمينه بغير الخروج منها لا يقال أنه ساكن فيها،

(1) الأم 7: 71، ومختصر المزني: 293، والوجيز 2: 226، والمجموع 18: 44، والمغني لابن قدامة
11: 286 و 287، والشرح الكبير 11: 272 و 273.
(2) حلية العلماء 7: 258، والمجموع 18: 44، والمغني لابن قدامة 11: 287، والشرح الكبير
11: 273، والبحر الزخار 5: 246.
(3) المدونة الكبرى 2: 132، ومختصر المزني: 293، وحلية العلماء 7: 257، والسراج الوهاج:
575، ومغني المحتاج 4: 329، والمجموع 18: 44، والمبسوط 8: 162، والهداية 4: 35،
والفتاوى الهندية 2: 74، والمغني لابن قدامة 11: 286، والشرح الكبير 11: 272.
(4) المبسوط 8: 162، والهداية 4: 35، وبدائع الصنائع 3: 72، وحلية العلماء 7: 258، والمجموع
18: 44، والمغني لابن قدامة 11: 287، والشرح الكبير 11: 273، والبحر الزخار 5: 246.
144

وكذلك لو كان في دار مغصوبة، فلما عرف ذلك لم يتشاغل بغير الخروج لم
يأثم، لأنه تارك.
مسألة 41: إذا كان فيها، فحلف لا سكنت هذه الدار، ثم أقام عقيب
يمينه لا للسكنى لكن لنقل الرحل والمال والولد لم يحنث. وبه قال أبو حنيفة (1).
وقال الشافعي:: يحنث (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا
فالاعتبار بالسكنى إلى العادة، ومن كان يجمع رحله وماله وأهله للانتقال
لا يقال أنه ساكن في الدار، فمن قال أنه ساكن بذلك فقد ترك العرف.
مسألة 42: إذا كان فيها، فحلف لا سكنت هذه الدار، وانتقل بنفسه
بر في يمينه وإن لم ينقل العيال والمال. وبه قال الشافعي (3).
وقال مالك: السكنى بنفسه وبالعيال دون المال (4).

(1) بدائع الصنائع 3: 36، والفتاوى الهندية 2: 74، والمجموع 18: 44، والوجيز 2: 226، والمغني
لابن قدامة 11: 287 والشرح الكبير 11: 273.
(2) المجموع 18: 44 ومغني المحتاج 4: 329، والسراج الوهاج: 575، والوجيز 2: 226، والمغني
لابن قدامة 11: 287، والشرح الكبير 11: 273.
(3) الأم 7: 72، ومختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 257، والمجموع 18: 44، والوجيز
2: 226 والمبسوط 8: 162، وبدائع الصنائع 3: 72، والمغني لابن قدامة 11: 287، والشرح
الكبير 11: 274 والبحر الزخار 5: 246.
(4) حلية العلماء 7: 258، والمغني لابن قدامة 11: 287، والشرح الكبير 11: 274، والمجموع
18: 45.
145

وقال أبو حنيفة: بنفسه وبالعيال والمال معا (1).
وقال محمد: إن بقي من ماله ما يمكن سكنى الدار معه فما نقل المال،
وإن بقي ما لا يمكن سكنى الدار معه فقد نقل المال وبر في يمينه (2).
دليلنا: أنه أضاف السكنى إلى نفسه، فلما خرج منها، خرج من أن
يكون ساكنا فيها، ومن ادعى أن عياله أو ماله يكون سكنى فعليه الدلالة،
والأصل براءة الذمة.
وأيضا قوله تعالى: " ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة
فيها متاع لكم " (3) فقد أخبر أن من ترك المتاع وخرج عنها يقال غير
مسكونة وعند أبي حنيفة أن هذه مسكونة (4).
وقال الله تعالى: " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند
بيتك المحرم " (5) ومنه دليلان:
أحدهما: أنه أسكن زوجته وولده في المكان، فقال: أسكنتهم في
المكان وإن لم يكن ساكنا معهم.
والثاني: قال أسكنت ولم يسكن هو معهم، ثبت أنه ساكن في مكان

(1) المبسوط 8: 162، والهداية 4: 36، وشرح فتح القدير 4: 36 و 37، واللباب 3: 150، وبدائع
الصنائع 3: 72، وتبيين الحقائق 3: 119 و 120، والفتاوى الهندية 2: 74، وحلية العلماء
7: 258، والمجموع 18: 44، والبحر الزخار 5: 246.
(2) الهداية 4: 37، وشرح فتح القدير 4: 37، والفتاوى الهندية 2: 74، وتبيين الحقائق 3: 120،
وحلية العلماء 7: 258.
(3) النور: 29،
(4) الفتاوى الهندية 2: 74، والمجموع 18: 44.
(5) إبراهيم: 37.
146

آخر وإن كان ولده وعياله في غير ذلك المكان، والأول أوضح.
مسألة 43: إذا حلف لا يدخل دارا، فصعد سطحا، لم يحنث. به قال
الشافعي (1).
واختلف أصحابه على طريقين: منهم من قال إن لم يكن السطح محجرا
لم يحنث وجها واحدا. وإن كان محجرا فعلى وجهين (2).
وقال أبو حنيفة: يحنث بكل حال (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
وأيضا فالسطح حاجز كالحائط، ولو وقف على نفس الحائط فلا
خلاف أنه لا يحنث فالسطح مثله.
وأيضا فلا خلاف أنه لو حلف لا يدخل بيتا، فدخل غرفة فوقه لا
يحنث فالسطح مثله. وأيضا فإذا وقف على السطح لا يقال دخل الدار، بل يقال وقف على
سطحها ولم يدخلها، فإذا انتفى عنه دخولها لم يحنث.

(1) الأم 7: 73، ومختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 260، والوجيز 2: 226، والمجموع
18: 48، والميزان الكبرى 2: 131، والسراج الوهاج: 576، ومغني المحتاج 4: 332، والشرح
الكبير 11: 245، والبحر الزخار 5: 246.
(2) حلية العلماء 7: 260، والمجموع 18: 48.
(3) النتف 1: 404، والهداية 4: 33، وشرح فتح القدير 4: 33، واللباب 3: 244، والمبسوط
8: 172 والفتاوى الهندية 2: 68 و 69، وبدائع الصنائع 3: 36، وتبيين الحقائق 3: 118،
وحلية العلماء 7: 260، والمجموع 18: 48، والميزان الكبرى 2: 131، والشرح لكبير
11: 245، والبحر الزخار 5: 246.
147

مسألة 44: إذا كان في دار، فحلف لا دخلها لم يحنث باستدامة قعوده
فيها.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، وهو الأقيس عندهم.
والثاني يحنث بالاستدامة كالسكنى والمساكنة والركوب واللباس فإنه يقع
على الاستدامة والابتداء (1).
دليلنا أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
وأيضا فإنه لا يقال دخلتها شهرا، وإنما يقال دخلتها منذ شهر، وفارق
بذلك السكنى والمساكنة والركوب واللباس فإن الاسم يقع على الابتداء
والاستدامة.
مسألة 45: إذا حلف لا دخلت بيتا، فدخل بيتا من شعر أو وبر أو
بيتا من حجر أو مدر فإنه يحنث، وهو ظاهر كلام الشافعي، وإليه ذهب
أبو إسحاق وغيره (2).
وفي أصحابه من قال: إن كان بدويا يحنث، سواء دخل بيت البادية
أو البلدان، وإن كان قرويا نظرت، فإن دخل بيوت البلدان حنث وجها
واحدا، وإن دخل بيوت البادية فعلى وجهين (3).

(1) مختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 259، والوجيز 2: 226، ومغني المحتاج 4: 330 و 331،
والسرج الوهاج: 575، والمجموع 18: 42 و 45 و 46، والشرح الكبير 11: 270 - 272،
والمغني لابن قدامة 11: 296.
(2) الأم 7: 72، ومختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 264، والمجموع 18: 51 و 52 والميزان
الكبرى 2: 131، والوجيز 2: 226، والسراج الوهاج: 577، ومغني المحتاج 4: 334، والنتف
1: 402.
(3) مختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 264، والوجيز 2: 226، والمجموع 18: 51 و 52.
148

دليلنا أن الاسم يتناول هذه الأبيات، قال الله تعالى: " وجعل لكم
من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ضعنكم ويوم إقامتكم " (1) فسماها
بيوتا.
مسألة 46: إذا حلف لا يأكل من طعام اشتراه زيد، فاشترى زيد
وعمر طعاما صفقة واحدة، فأكل منه، لم يحنث عندنا وعند الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: يحنث، لأنهما إذا اشترياه معا فكل واحد منهما قد
اشترى نصفه، بدليل أن على كل واحدا منهما ثمن نصفه، فإذا كان لزيد
نصفه فقد أكل من طعام اشتراه زيد فوجب أن يحنث، كما لو حلف لا
آكل رغيف زيد فأطبق عليه رغيف عمرو فأكلهما حنث، لأنه قد أكل
رغيف زيد وإن كان مع رغيف عمرو، فكذلك هاهنا قد أكل من طعام
اشتراه زيد وإن كان مع غيره (3).
دليلنا: أن قوله طعام اشتراه زيد كناية راجعة إلى طعام انفرد زيد
بشرائه، وليس فيه جزء ولا ذرة يشار إليه أن زيدا انفرد بشرائه، بدليل أنه
لو أشار إلى حبة منه فقال: هذه اشتراها زيد؟ قالوا: لا، وإنما اشتراها زيد
وعمرو، فهو كما لو حلف لا لبست ثوب زيد فلبس ثوبا لزيد وعمرو، أو

(1) النحل: 80.
(2) الأم 7: 72، ومختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 297، والوجيز 2: 228، والمجموع
18: 101 و 105، والسراج الوهاج: 582، ومغني المحتاج 4: 352، والمغني لابن قدامة
11: 297، والبحر الزخار 5: 245.
(3) المبسوط 8: 180، وبدائع الصنائع 3: 57، والفتاوى الهندية 2: 89، والمغني لابن قدامة
11: 297 وحلية العلماء 7: 297، والمجموع 18: 105، والبحر الزخار 5: 245.
149

قال: لا دخلت دار زيد فدخل دار زيد وعمرو، لم يحنث. ويفارق الرغيفين
لأن كل واحد يشار إليه أنه لزيد والآخر لعمرو، ولهذا حنث، وهذا قوي.
مسألة 47: إذا اقتسما هذا الطعام، وأفرد كل واحد منهما نصيبه، فإن
أكل من نصيب زيد أو نصيب عمرو لم يحنث أيضا عند الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: إن أكل من نصيب زيد حنث، وإن أكل من نصيب
عمرو لم يحنث (2).
ودليلهم ما مضى.
مسألة 48: إذا حلف لا يأكل من طعام اشتراه زيد، فاشترى زيد
طعاما وحده، واشترى عمرو طعاما وحده وخلطاهما معا فأكل الحالف
منه، ففيه لأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه.
قال أبو سعيد الإصطخري: إن أكل النصف فما دونه لم يحنث، وإن زاد
على النصف حنث، لأنه لا يقطع على أنه أكل من طعام انفرد زيد بشرائه
حتى يزيد على النصف (3).
وقال ابن أبي هريرة: لا يحنث وإن أكله كله (4).
وقال أبو إسحاق: إن أكل حبة أو حبتين ونحوهما لم يحنث، وإن أكل
كفا منه حنث (5).

(1) الأم 7: 72.
(2) انظر المبسوط 8: 180.
(3) حلية العلماء 7: 297، والبحر الزخار 5: 245، والمجموع 18: 101.
(4) حلية العلماء 7: 297، والمجموع 18: 101، والسراج الوهاج: 582، ومغني المحتاج 4: 352.
(5) حلية العلماء 7: 297، والمجموع 18: 101.
150

والأقوى عندي مذهب الإصطخري.
والدليل على ذلك أن الأصل براءة الذمة، وليس يحصل القطع على أنه
أكل من طعام انفرد بشرائه زيد إلا بعد الزيادة على النصف، فوجب أن
لا تشتغل ذمته بالمجوز.
مسألة 49: إذا حلف لا دخلت دار زيد هذه، أو لا كلمت عبد زيد
هذا، أو لا كلمت زوجة زيد، لم يتعلق اليمين بغير ما علق اليمين به، فإن
دخلها وملكها لزيد حنث بلا خلاف، وإن زال ملكه عنها فدخلها بعد
ذلك لم يحنث عندنا، وبه قال أبو يوسف وأبو حنيفة إلا في الزوجة (1).
وقال الشافعي، ومالك، ومحمد بن الحسن، وزفر: أنه يحنث على كل
الأحوال، ولا تنحل اليمين بزوال المضاف إليه (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل.
وأيضا فإذا دخل هذه الدار بعد خروجها عن ملك زيد لا يقال دخل
دار زيد، فوجب أن لا يحنث، لأن اليمين متعلقة بالاسم فإذا زال الاسم
وجب أن يزول الحنث.

(1) المبسوط 8: 165، والنتف 1: 402 واللباب 3: 140، وبدائع الصنائع 3: 79، وشرح فتح
القدير 4: 69 و 70، والمغني لابن قدامة 11: 313، والشرح الكبير 11: 221 وحلية العلماء
7: 261.
(2) الأم 7: 72، ومختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 261، والوجيز 2: 229، والسراج الوهاج:
576، ومغني المحتاج 4: 333، والمجموع 18: 49 و 50، والمبسوط 8: 165، والنتف 1: 402،
والهداية 4: 69 و 70، وشرح فتح القدير 4: 69، والمدونة الكبرى 2: 132، والمغني لابن قدامة
11: 313 والشرح الكبير 11: 221.
151

مسألة 50: إذا حلف لا دخلت هذه الدار، فانهدمت حتى صارت
طريقا وبراحا، فسلك عرصتها لم يحنث. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة يحنث.
ووافقنا إذا أطلق، فقال: لا دخلت دارا، فسلك براحا، كان دارا في
أنه لا يحنث (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا فالرجوع في الأسماء إلى العادة
والعرف ولا يسمى في العرف ما كان دارا وقتا من الزمان بأنه دار، فإذا لم
يسم بذلك فيجب أن لا يحنث.
وأيضا: فلا خلاف أنه لو حلف لا دخلت بيتا فأطلق، ثم دخل بعد أن
صار طريقا أنه لا يحنث، فالدار مثل البيت.
فإن قالوا: الدار يسمى دار بعد انهدامها، كما قالوا: ديار بكر، وديار
ربيعة وديار عاد وثمود.
قلنا: وكذلك البيت، قال الله تعالى: " فتلك بيوتهم خاوية بما
ظلموا " (3).
فإن قالوا: ذلك مجاز. قلنا مثله في الدار.

(1) الأم 7: 73، ومختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 262، والمجموع 18: 50، والسراج
الوهاج: 576 ومغني المحتاج 4: 332.
(2) النتف 1: 403، واللباب 3: 139، وبدائع الصنائع 3: 37، والهداية 4: 30، وشرح فتح
القدير 4: 30، وتبيين الحقائق 3: 117، والفتاوى الهندية 2: 68، وحلية العلماء 7: 262،
والبحر الزخار 5: 245.
(3) النمل: 52.
152

وأيضا فلا خلاف أنه لو جعلها بستانا أو حماما ثم دخلها أنه لا يحنث،
فكذلك إذا جعلها طريقا.
والدليل على أن اسم الدار بعد انهدامها مجاز، أنه لو حلف لا يدخل
دارا فسلك براحا كان دارا لم يحنث، فلو كان حقيقة لحنث.
مسألة 51: إذا حلف لا ألبس ثوبا من عمل يد فلان، فوهب له فلان
ثوبا، فإن لبسه حنث بلا خلاف، وإن استبدل به فباعه أو بادل به فلبسه
لم يحنث وكذلك لو حلف لا ألبس من غزل امرأته، فإن لبس منه حنث،
وإن باعه واشترى بثمنه ثوبا أو اشترى به ثوبا فلبسه لم يحنث، وكذلك لو
قال له غيره: أحسنت إليك، وأعتقتك بمالي، ووهبت لك كذا، وأعطيتك
كذا، فقال جوابا لهذا: والله لا شربت لك ماء من عطش، تعلق الحكم
بشرب مائه من عطش، فإن انتفع بغير الماء من ماله، فأكل طعامه، ولبس
ثيابه، وركب دوابه لم يحنث. وبه قال الشافعي (1).
وقال مالك: يحنث بكل هذا، فإن لبس بدل ذلك الثوب أو بدل
ذلك الغزل، أو انتفع من ماله بغير الماء، حنث في كل هذا (2).
دليلنا: أنه ثبت عندنا أن الحكم إذا علق باسم لا يلتفت إلى سببه،
فإن كان عاما حمل على عمومه، وإن كان خاصا كذلك، ولا يلتفت إلى
سببه خاصا كان أو عاما.

(1) مختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 278 - 279، والوجيز 2: 229، والمجموع 18: 77،
والمغني لابن قدامة 11: 284، والشرح الكبير 11: 210.
(2) المدونة الكبرى 2: 128، وحلية العلماء 7: 279، وأسهل المدارك 2: 24، والمغني لابن قدامة
11: 284، والشرح الكبير 11: 210، والحاوي الكبير 15: 361.
153

ومالك خالف في هذا الأصل وقال: يجب حمله على سببه.
وهذا بيناه في أصول الفقه (1).
ويقوى في نفسه في قوله: لا شربت لك ماء من عطش أنه يحنث إذا
انتفع بشئ من ماله، لأن ذلك من فحوى الخطاب مثل قوله: " فلا تقل
لهما أف " (2) وقوله " ولا يظلمون فتيلا " (3) فإن المفهوم من ذلك منع كل
أذى ونفي كل ظلم وكذلك هاهنا.
والشافعي إنما عول على إن قال: والله لا شربت لك ماء من عطش،
فمتى ركب الدواب ولبس الثياب لم يحنث، لأن اسم الماء لم يقع على الطعام
والشراب ولبس الثياب حقيقة ولا مجازا، فوجب أن لا يتعلق الأيمان به،
كما لو حلف لا ركبت لك دابة فركب له سفينة لم يحنث لأن اسم الدابة
لا يطلق على السفينة، فكذلك هاهنا (4).
مسألة 52: إذا حلف لا يدخل دار زيد، فإن دخلها وهي ملك لزيد
حنث بلا خلاف، وإن كان ساكنها بأجرة لم يحنث عندنا. وبه قال
الشافعي (5).

(1) عدة الأصول 1: 164 (طبع بمبئ).
(2) الإسراء: 23.
(3) النساء: 49 والاسراء: 71.
(4) أنظر ما أشرنا إليه من المصادر في الهامش الأول من ص 153، والحاوي الكبير 15: 361.
(5) الأم 7: 73، ومختصر المزني: 294، وحلية العلماء 7: 261، والسراج الوهاج: 576، ومغني
المحتاج 4: 333، والمجموع 18: 50، والميزان الكبرى 2: 135، والمبسوط 8: 168، وتبيين
الحقائق 3: 162، والمغني لابن قدامة 11: 292.
154

وقال أبو حنيفة ومالك: يحنث (1).
دليلنا: أن حقيقة هذه الإضافة تفيد الملك، وإنما تستعمل في السكنى
مجازا، وظواهر الأسماء يجب حملها على الحقيقة.
والدليل على أن حقيقة ذلك ما قلناه: أنه لو قال هذه الدار لزيد كان
ذلك اعترافا بالملك، فلو قال: أردت أن أسكنها بأجرة لم يقبل منه، وإنما
يجوز أن يقول: هذه دار زيد، ثم ينفي فيقول: لا ليست لزيد، وإنما يسكنها
بأجرة. ولا يجوز ذلك في الملك، فإذا انتفى الملك عنها وجب أن ينتفي
الحنث.
وأيضا فما قالوه يفضي إلى أن تكون دار واحدة ملكا لكل واحد من
زيد وعمرو، فإذا حلف لا دخلت دار زيد، وحلف الآخر لا دخلت دار
عمرو، فاكترياها فدخلاها حنثا جميعا، وما أدى إلى هذا يجب أن يحكم
بفساده.
مسألة 53: إذا حلف لا دخلت دار زيد، ولا كلمت زيدا، فكلمه
ناسيا، أو جاهلا بأنه هو زيد، أو مكرها، أو دخل الدار ناسيا أو مكرها أو
جاهلا لم يحنث.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه، وهو أصح القولين، وبه قال الزهري (2).

(1) المدونة الكبرى 2: 134، والمبسوط 8: 168، والنتف 1: 403 و 404، وتبيين الحقائق
3: 162، والفتاوى الهندية 2: 70، المغني لابن قدامة 11: 292، وحلية العلماء 7: 262،
والمجموع 18: 50، والميزان الكبرى 2: 135.
(2) النتف 1: 404، وحلية العلماء 7: 298، والمجموع 18: 102.
155

والقول الثاني: إنه يحنث. وبه قال مالك وأبو حنيفة (1).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله عليه
السلام: " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " (2) وذلك
عام.
مسألة 54: إذا دخل مكرها محمولا لا يحنث. وهو نص الشافعي (3).
واختلف أصحابه على طريقين: منهم من قال لا يحنث قولا واحدا،
ومنهم من قال على قولين مثل الأولى (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 55: إذا حلف لا أدخل على زيد بيتا فدخل على عمرو بيتا وفيه
زيد وهو لا يعلم بكون زيد فيه، فإنه لا يحنث.
وللشافعي فيه قولان (5).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.

(1) المصادر المتقدمة.
(2) سننن الدارقطني 4: 170 حديث 33، وسنن ابن ماجة 1: 659 حديث 2045، والسنن
الكبرى 7: 356، وفتح الباري 9: 39، والمحلى 8: 35، والمجموع 18: 9، وتلخيص الحبير
1: 281 حديث 450، ونيل الأوطار 7: 22، وفي بعص ما تقدم اختلاف يسير في اللفظ.
(3) الأم 7: 73، ومختصر المزني 294، والمجموع 18: 102، والوجيز 2: 232، وحلية العلماء
7: 299، والشرح الكبير 11: 287.
(4) الأم 7: 73، وحلية العلماء 7: 299، والمجموع 18: 102، والوجيز 2: 232.
(5) الأم 7: 74، ومختصر المزني: 294، والسراج الوهاج: 577، ومغني المحتاج 4: 334، والوجيز
2: 232.
156

مسألة 56: وإذا دخل على عمرو بيتا وزيد فيه، واستثناه بقلبه - كأنه
قصد الدخول على عمرو دون زيد - لم يصح وإن حلف لا أكلم زيدا فسلم
على جماعة فيهم زيد واستثناه بقلبه، لم يحنث.
وقال الشافعي: مسألة الدخول مبنية على مسألة السلام على طريقين:
منهم من قال يصح قولا واحدا، ومنهم من قال على قولين (1).
ومسألة الدخول اختلفوا على طريقين: منهم من قال على قولين
كالكلام، ومنهم من قال يحنث ها هنا قولا واحدا، ولا يصح الاستثناء،
والكلام على قولين (2).
والفرق بينهما أن مسألة الكلام يصح الاستثناء فيها قولا، ويصح أيضا
بالقلب، ومسألة الدخول لا يصح الاستثناء قولا فلا يصح أيضا بالقلب.
دليلنا: في السلام: أن السلام لفظ عام، ويجوز أن يخصه بالقصد، والفعل
فعل واحد لا يصح تخصيصه بزيد دون عمرو، وإذا لم يصح تخصيصه فقد
حنث بالدخول، ولم يحنث بالسلام.
مسألة 57: إذا دخل عليه زيد بيتا، فاستدام هو القعود معه، لا يحنث.
وللشافعي فيه قولان مبنيان على حكم الاستدامة، هل هو حكم
الابتداء أم لا؟ (3).
دليلنا: إن الأصل براءة الذمة، وأيضا فإنه حلف أن لا يدخل عليه وما

(1) حلية العلماء 7: 286، والوجيز 2: 232، والمجموع 18: 91 و 92، والسراج الوهاج: 577،
ومغني المحتاج 4: 334 - 335.
(2) المصادر المتقدمة.
(3) المجموع 18: 94، والحاوي الكبير 15: 366.
157

دخل عليه، وإنما زيد دخل عليه، فعلى من قال حكمه حكم دخوله، عليه
الدلالة.
مسألة 58: إذا حلف ليأكلن هذا الطعام غدا، فأكله اليوم حنث. وبه
قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يحنث، لأن معناه لا يؤخر أكله غدا وما
تأخر (2).
دليلنا: أن اليمين وقعت على أن يقع الأكل في غد وهذا ما أكل في الغد
فيجب أن يحنث.
مسألة 59: إذا حلف ليأكلنه غدا، فهلك الطعام اليوم أو غدا، فإن
هلك بشئ من جهته لزمته الكفارة، وإن هلك بشئ من غير جهته في
اليوم لم تلزمه، وإن كان في الغد فإن كان بعد القدرة على أكله فلم يأكله
حنث، وإن كان قبل ذلك لم يحنث.
وللشافعي في هلاكه اليوم أو غدا قولان (3).
دليلنا: أن على التفصيل الذي قدمناه يكون قد فرط فيه، فلزمته
الكفارة، وإذا لم يكن مفرطا لم يلزمه شئ، لأن الأصل براءة الذمة.

(1) حلية العلماء 7: 300، والمجموع 18: 107 و 108، والسراج الوهاج: 580، ومغني المحتاج
4: 344، والحاوي الكبير 15: 368.
(2) انظر المدونة الكبرى 2: 136 و 137، وحلية العلماء 7: 300، والمجموع 18: 108، وتبيين
الحقائق 3: 159، والحاوي الكبير 15: 368.
(3) الأم 7: 76، ومختصر المزني 294، وحلية العلماء 7: 299 و 300، والمجموع 18: 107،
والوجيز 2: 23، والسراج الوهاج 580، ومغني المحتاج 4: 344.
158

مسألة 60: إذا حلف ليقضين حقه عند رأس الشهر، أو عند استهلال
الشهر، فإنه يلزمه أن يعطيه عند رؤية الهلال. وبه قال الشافعي (1).
وقال مالك: وقت القضاء ليلة الهلال ويومها من غدها، كذلك لو
حلف ليقضيه يوم الخميس، فوقت القضاء يوم الخميس وليلة بعده (2).
دليلنا: أن لفظة " عند " تفيد المقارنة في اللغة (3)، فمن حملها على غير
ذلك كان عليه الدلالة.
مسألة 61: إذا حلف ليقضين حقه إلى حين، أو إلى زمان، أو إلى دهر
فالذي رواه أصحابنا أن الحين ستة أشهر، والزمان خمسة أشهر، ولم يرووا
في الدهر شيئا (4).
وقال أبو يوسف ومحمد: هذه كلها عبارات عن ستة أشهر (5).
وقال أبو حنيفة: الحين والزمان عبارة عن ستة أشهر. وقال في الدهر: لا
أعرفه (6).

(1) الأم 7: 77، ومختصر المزني: 294 و 295، وحلية العلماء 7: 300، والوجيز 2: 230، ومغني
المحتاج 4: 344، والسراج الوهاج: 580، والمغني لابن قدامة 11: 306، والبحر الزخار
5: 253.
(2) المدونة الكبرى 2: 143، وحلية العلماء 7: 301.
(3) انظر لسان العرب 3: 309 مادة (عند).
(4) الكافي 4: 142 حديث 5 و 6، والتهذيب 8: 314 حديث 1168.
(5) اللباب 3: 148، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 72، وشرح فتح القدير 4: 72،
والمحلى 8: 59.
(6) أحكام القرآن للجصاص 3: 182، والنتف 1: 410، واللباب 3: 147، والهداية 4: 71 و
72، وشرح فتح القدير 4: 71 و 72، والمبسوط 9: 16، وتبيين الحقائق 3: 139 و 140، وأحكام القرآن لابن العربي 3: 1108، والمحلى 8: 59، والمغني لابن قدامة 11: 303، وحلية
العلماء 7: 292، والميزان الكبرى 2: 132.
159

وقال الشافعي: هذه كلها عبارات لا حد لها، فيكون على مدة حياته،
فإن لم يفعل حتى مات حنث بوفاته، فإن قال: لأقضينه الدهر فلا حد له
عندنا (1).
وعن أبي يوسف روايتان: إحداهما مثل قول الشافعي، والثانية ستة
أشهر (2).
وقال مالك: كلها عبارة عن سنة (3).
وقال الأوزاعي: إلى حين بدو الصلاح في الثمرة (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وطريقة الاحتياط، وأيضا قوله
تعالى: " تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " (6) وذلك يكون في كل ستة
أشهر.
وقال مالك: ذلك في كل سنة من حين يطلع إلى حين يطلع (7).

(1) الأم 7: 77، ومختصر المزني 295، وحلية العلماء 7: 292، والوجيز 2: 231، والمغني لابن
قدامة 11: 303.
(2) المحلى 8: 59.
(3) الجامع لأحكام القرآن 9: 361، والمغني لابن قدامة 11: 303، وأحكام القرآن لابن العربي
3: 1107، والمحلى 8: 58، وحلية العلماء 7: 292، والمجموع 18: 104، والميزان الكبرى
2: 132، والبحر الزخار 5: 248.
(4) المحلى 8: 58.
(5) الكافي 4: 142 حديث 5 - 6، والتهذيب 8: 314 حديث 1168.
(6) إبراهيم: 25.
(7) الجامع لأحكام القرآن 9: 361، وأحكام القرآن لابن العربي 3: 1107، والمغني لابن قدامة
11: 303.
160

وقال أبو يوسف ومحمد: من حين يطلع إلى حين يرطب ستة أشهر، وهو
زمان إيتاء أكلها تطلعه وتؤتيه في كل ستة أشهر (1).
مسألة 62: إذا حلف ليقضين حقه قريبا أو بعيدا فليس له حد. وبه
قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: إذا قال قريبا فهو أقل من شهر، وإذا قال بعيدا فهو
شهر (3).
دليلنا: أن تحديد ذلك يحتاج إلى دليل.
وأيضا: قوله قريب وبعيد بالإضافة فقد يكون بعيد قريبا بالإضافة إلى
ما هو أبعد منه، ويكون بعيدا بالإضافة إلى ما هو أقرب منه، فإذا ليس
ذلك بمحدد.
مسألة 63: إذا حلف إلى حقب، فلا حد له. وبه قال الشافعي (4).
وقال مالك: الحقب أربعون سنة (5).
وقال أبو حنيفة: الحقب ثمانون سنة (6).
قالوا: لأنه روي عن ابن عباس في قوله تعالى: " لابثين فيها

(1) انظر المصادر المذكورة في الهامش الثاني لهذه المسألة.
(2) الأم 7: 77، وحلية العلماء 7: 292، والمجموع 18: 104.
(3) النتف 1: 411، واللباب 3: 150، والهداية 4: 102، وشرح فتح القدير 4: 102، وتبيين
الحقائق 3: 158، وحلية العلماء 7: 293.
(4) الأم 7: 77، ومختصر المزني: 295، وحلية العلماء 7: 292، والمجموع 18: 104.
(5) المغني لابن قدامة 11: 304، وحلية العلماء 7: 293، والبحر الزخار 5: 248.
(6) النتف 1: 411، وحلية العلماء 7: 293، والبحر الزخار 5: 248.
161

أحقابا " (1) أنه قال: " الحقب ثمانون عاما " (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، وقد روي في قوله: " أحقابا "
أن الأحقاب الدهور (3).
وروي أقل من ثمانين عاما (4) وقد ذكرنا اختلاف العلماء في ذلك في
كتاب التفسير (5)، فإذا كان كذلك لم يثبت له حد.
مسألة 64: إذا قال الخليفة أو الملك: والله لا ضربت عبدي، ثم أمر
عبده فضربه، لم يحنث.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني أنه يحنث (6).
دليلنا: أن حقيقة هذه الإضافة أن يفعل الفعل بنفسه، وإنما ينسب ما
يفعله غيره بأمره إليه على ضرب من المجاز، ألا ترى أنه يحسن أن يقال: ما
ضربه وإنما ضربه غلامه، أو من أمره به، ولو كان حقيقة لما جاز ذلك.
مسألة 65: إذا قال الخليفة: والله لا تزوجت ولا بعت، فوكل فيهما، لم
يحنث.
وقال الشافعي: لا يحنث في التزويج، ويحنث في البيع على أحد

(1) النبأ: 23.
(2) تفسير الطبري 30: 8، والجامع لأحكام القرآن 19: 178، والمغني لابن قدامة 11: 304،
والمجموع 18: 104.
(3) الجامع لأحكام القرآن 19: 177.
(4) المصدر السابق: 19: 178.
(5) تفسير التبيان 10: 244.
(6) الأم 7: 77 و 78، والوجيز 2: 228، والحاوي الكبير 15: 378، والمجموع 18: 100.
162

القولين (1).
وقال أبو حنيفة: إذا وكل في التزويج حنث، وإن وكل في الشراء لم
يحنث (2). عكس الشافعي.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 66: إذا حلف لا لبست هذين الثوبين، أو لا أكلت هذين
الرغيفين، فأكل أحدهما لم يحنث. وبه قال أبو حنيفة والشافعي (3).
وقال مالك: يحنث إذا لبس أحدهما أو أكل أحدهما (4).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
وأيضا: فاليمين تعلقت بلبس الثوبين وأكل الرغيفين، ولم يوجد ذلك،
فيجب أن لا يحنث، ولأن الحنث يتعلق به البر، بدليل أنه لو
حلف لا دخلت هذه الدار، فإن دخلها حنث، وإن أدخل رجله لم يحنث.
ولو حلف ليدخلها، فإن دخلها بر، وإن أدخل رجله لم يبر، فإذا ثبت ذلك
فإن حلف ليأكلهما لم يبر حتى يأكلهما، كذلك إذا حلف لآكلهما لم يحنث
حتى يأكلهما.
مسألة 67: إذا حلف لا شربت من النهر، لا شربت من دجلة، فمتى

(1) حلية العلماء 7: 293 - 294، وكفاية الأخبار 2: 154، والوجيز 2: 228، والمجموع 18: 100.
(2) اللباب 3: 145 و 146، والهداية المطبوع مع شرح القدير 4: 84: وشرح فتح القدير
4: 84، وحلية العلماء 7: 294.
(3) الأم 7: 74، ومختصر المزني: 295، وحلية العلماء 7: 293، وكفاية الأخيار 2: 154، والسراج
الوهاج 579، ومغني المحتاج 4: 343، والحاوي الكبير 15: 379.
(4) المدونة الكبرى 2: 129، وحلية العلماء 15: 379.
163

شرب من مائها سواء غرف بيده، أو في كوز، أو غيره، أو كرع فيها
كالبهيمة حنث. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا يحنث حتى يكرع فيها كالبهيمة، لأنه إذا شرب غرفا
بيده فما شرب منها، وإنما شرب من يده (2).
دليلنا: معنى هذا الكلام لا شربت من مائها، فبهذا جرت العادة،
لأن دجلة عبارة عن قرارها ومكان جري الماء فيه، والقرار لا يمكن الشرب
منه، فلو لزم ما قالوه للزم إذا شرب بفيه أولا فيصير فيه، ولا يحنث حتى يزدرده،
بدليل أنه لو أخذه بفيه ومجه من فيه لم يحنث، ثبت أن الفم آلة يشرب منه
كالكوز والقدح، ثم ثبت أنه يحنث إذا شرب من فيه، فكذلك إذا شرب
من قدح
مسألة 68: إذا حلف لا فارقتك حتى أستوفي حقي، فإن استوفى نفسه
حقه بر لا خلاف، وإن استوفى بدل حقه - مثل أن كان حقه دنانير فأخذ
دراهم أو ثيابا أو غير ذلك بقيمتها - بر في يمينه. وبه قال مالك (3).
وقال الشافعي: إن أخذ بدل حقه حنث (4).

(1) الأم: 7: 74، ومختصر المزني: 295، وحلية العلماء 7: 296، والمغني لابن قدامة 11: 307.
(2) بدائع الصنائع 3: 66، والهداية 4: 58، وشرح فتح القدير 4: 58، والفتاوى الهندية 2: 95،
وتبيين الحقائق 3: 134، وحلية العلماء 7: 296، والمغني لابن قدامة 11: 307، والبحر الزخار
5: 250.
(3) المدونة الكبرى 2: 142، وحلية العلماء 7: 303، والحاوي الكبير 15 387.
(4) حلية العلماء 7: 302، والمجموع 18: 110، والحاوي الكبير 15: 386.
164

دليلنا أن الأصل براءة الذمة، وتحنيثه بهذا يحتاج إلى دليل.
وأيضا: بدل حقه حقه، ولم يقل في يمينه أنه يستوفي نفس حقه، فإذا لم
يكن كذلك فيجب أن لا يحنث.
وأيضا: فإن العرف ما قلناه، فإن من استوفى من غيره بدل حقه يقال
استوفى حقه.
مسألة 69: إذا قال لزوجته: إن خرجت من الدار لا بإذني فأنت
طالق، لم تطلق وإن خرجت بغير إذنه، لأن هذا طلاق بشرط.
وقال الشافعي وأبو حنيفة: إن خرجت من داره بغير إذنه طلقت
وانحلت اليمين، فإن خرجت مرة أخرى لم تطلق مرة أخرى وإن أذن لها
فخرجت من داره لم تطلق بلا خلاف بينهما (1).
إلا عند الشافعي تنحل اليمين، فإن خرجت بعد ذلك مرة أخرى
بغير إذنه لم تطلق (2).
وعند أبي حنيفة لا تنحل، فإن خرجت بعد ذلك بغير إذنه طلقت (3).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن الطلاق بشرط لا يقع، فهذا الفرع يسقط
عنا.

(1) الأم 7: 78، ومختصر المزني: 295، وحلية العلماء 7: 97، والميزان الكبرى 2: 132، والمبسوط
8: 173، واللباب 3: 149، وشرح فتح القدير 4: 40 و 41.
(2) الأم 7: 78، ومختصر المزني: 295، وحلية العلماء 7: 97، والميزان الكبرى 2: 132.
(3) المبسوط 8: 173، والهداية 4: 40 و 41، وشرح فتح القدير 4: 40 و 41، وحلية العلماء
7: 97، والميزان الكبرى 2: 132.
165

وأيضا: فإن الأصل بقاء العقد والبينونة بما قالوه يحتاج إلى دليل.
مسألة 70: إذا حلف بالطلاق: لا خرجت إلا بإذني، فأذن لها،
فخرجت بعد الإذن وقبل العلم به، لم تطلق. وبه قال الشافعي وأبو
يوسف (1).
وقال أبو حنيفة، ومالك، ومحمد: يحنث (2).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن اليمين بالطلاق فاسدة، وأيضا الأصل بقاء
العقد، وإيقاع الطلاق بهذا يحتاج إلى دليل.
مسألة 71: إذا قال لعبده: متى بعتك فأنت حر، ثم باعه لم ينعتق،
سواء كان له خيار المجلس أو خيار الثلاث، وعلى كل حال.
وقال الشافعي: يعتق على كل حال، لأن له خيار المجلس إذا لم
يشرطا، وإن شرطا فله خيار الثلاث (3).
وقال أبو حنيفة ومالك: إن مطلقا لم ينعتق، وإن باعه بشرط خيار
الثلاث انعتق (4).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن العتق بشرط لا يقع، وهذا عتق بشرط، ولو
كنا نجيز ذلك لكان مذهب الشافعي صحيحا، لأن عندنا أن خيار المجلس

(1) الأم 7: 78، وحلية العلماء 7: 97 و 98، والحاوي الكبير 15: 396.
(2) المدونة الكبرى 2: 136، وحلية العلماء 7: 98، والحاوي الكبير 15: 396.
(3) مختصر المزني: 296، والحاوي الكبير 15: 405.
(4) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 87، وشرح فتح القدير 4: 87، وشرح فتح القدير 4: 87، والحاوي الكبير
15: 405.
166

ثابت كما يقوله، وخيار الشرط مجمع عليه.
مسألة 72: إذا حلف: لا يأكل الرؤوس، حنث بأكل رؤوس البقر
والغنم والإبل، ولا يحنث بأكل رؤوس العصافير والطيور والحيتان والجراد.
وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يحنث برؤوس البقر والغنم، ولا يحنث برؤوس الإبل،
لأن العادة فيهما (2).
وقال أبو يوسف ومحمد: يحنث برؤوس الغنم لا غير، لأن العرف
يصرف إليها (3).
دليلنا: أن اسم الرؤوس يقع على جميع ما ذكرناه، فوجب أن يحنث
بجميعها، لأن تخصيصها يحتاج إلى دليل، ولا يلزمنا مثل ذلك فيما
خصصناه، لأنا أخرجنا ذلك بدليل، وهو الإجماع على أن ما لم نعتبره ليس
بمعتبر أصلا ولا دليل أصلا ولا دليل على تخصيص ما قالوه.
مسألة 73: إذا حلف: لا يأكل لحما، فأكل لحم النعم والصيد

(1) مختصر المزني 296، والوجيز 2: 227، والسراج الوهاج: 577، ومغني المحتاج 4: 335،
والمجموع 18: 62، وحلية العلماء 7: 269، والنتف 1: 398، والحاوي الكبير 15: 411.
(2) النتف 1: 398، وبدائع الصنائع 3: 59، واللباب 3: 145، والهداية المطبوع مع شرح فتح
القدير 4: 52، والهداية 4: 52، وتبيين الحقائق 3: 130، والفتاوي الهندية 2: 87 و 116،
وحلية العلماء 7: 269، والمجموع 18: 62، والحاوي الكبير 15: 412.
(3) النتف 1: 398، واللباب 3: 145، والهداية 4: 52، وبدائع الصنائع 3: 59، وشرح فتح
القدير 4: 52، وتبيين الحقائق 3: 130، والفتاوي الهندية 2: 87 و 116، وحلية العلماء
7: 270، والمجموع 18: 62، والحاوي الكبير 15: 412.
167

والطيور حنث بلا خلاف، وإن أكل لحم السمك حنث. وبه قال أبو
يوسف ومالك (1).
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يحنث (2).
دليلنا: أن اسم اللحم يطلق عليه، قال الله تعالى: " ومن كل تأكلون
لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها " (3).
وقال: " وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا " (4) وإذا كان
اسم اللحم يطلق عليه، وجب أن يقع الأيمان عليه.
مسألة 74: إذا حلف: لا ذقت شيئا، فأخذه بفيه ومضغه، ورمى به،
ولم يزدرد منه شيئا، حنث.
وللشافعي فيه وجهان: أحدهما مثل ما قلناه، وهو الصحيح عندهم.
والآخر أنه لا يحنث حتى يزدرد منه شيئا (5).
دليلنا: أن الذوق عبارة عن معرفة طعم الشئ، وهذا قد عرف طعمه
قبل أن يزدرده.

(1) المدونة الكبرى 2: 129، والمبسوط 8: 176، وشرح فتح القدير 4: 47، والمغني لابن قدامة
11: 321، والنتف 1: 398، وتبيين الحقائق 3: 127، والبحر الزخار 5: 244.
(2) المبسوط 8: 175، والنتف 1: 398، والهداية 4: 47، وبدائع الصنائع 3: 58، وشرح فتح
القدير 4: 47، وتبيين الحقائق 3: 127، وحلية العلماء 7: 267، والمجموع 18: 58، والسراج
الوهاج: 577، ومغني المحتاج 4: 336، والوجيز 2: 227، والمغني لابن قدامة 11: 321،
والبحر الزخار 5: 244، ومختصر المزني: 296.
(3) فاطر: 12.
(4) النحل: 14.
(5) الأم 7: 80، وحلية العلماء 7: 266، والوجيز 2: 227، والمجموع 18: 57.
168

مسألة 75: إذا حلف: لا أكلت سمنا، فأكله مع الخبز حنث. وبه
قال أكثر أصحاب الشافعي (1).
وقال أبو سعيد الإصطخري: لا يحنث، لأنه ما أكله على جهته (2).
دليلنا: أنه قد أكل السمن، بدليل أنه لا يصح أن ينفي أكله لو قيل:
أكلت السمن؟ لم يصح أن يقول لا، فثبت أنه قد أكله.
مسألة 76: إذا حلف: لا أكلت هذه الحنطة، أو من هذه الحنطة وأشار
إلى حنطة بعينها، ثم طحنها دقيقا أو سويقا فأكلها، لم يحنث. وبه قال
أبو حنيفة والشافعي (3).
وقال أبو يوسف ومحمد: يحنث (4).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا، فإن اسم الحنطة لا يقع على
السويق والدقيق، فيجب أن لا يحنث.
مسألة 77: إذا حلف: لا أكلت هذا الدقيق، فخبزه وأكله لم يحنث،
وبه قال الشافعي (5).

(1) مختصر المزني 296، وحلية العلماء 7: 272، والسراج الوهاج: 578، ومغني المحتاج 4: 340،
والمجموع 18: 64 و 65، والحاوي الكبير 15: 419.
(2) حلية العلماء 7: 272، والحاوي الكبير 15: 419، والمجموع 18: 64.
(3) الأم 7: 79، ومختصر المزني 296، وحلية العلماء 7: 264، والمجموع 18: 55 و 56، والسراج
الوهاج: 578، ومغني المحتاج 4: 338، والمبسوط 8: 181، واللباب 3: 142، والهداية المطبوع
مع شرح فتح القدير 4: 50، وشرح فتح القدير 4: 50.
(4) المبسوط 8: 181، واللباب 3: 142، والهداية 4: 50، وشرح فتح القدير 4: 50، وحلية العلماء
7: 265، والمجموع 18: 56.
(5) الأم 7: 79، وحلية العلماء 7: 264، والمجموع 18: 54 و 55، والحاوي الكبير 15: 422.
169

وقال أبو حنيفة: يحنث (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 78: إذا حلف لا آكل شحما، فأكل شحم الظهر، لم يحنث.
وبه قال أبو حنيفة والشافعي (2).
وقال أبو يوسف: يحنث (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وتحنيثه بهذا يحتاج إلى دليل.
وأيضا: فإن اسم الشحم يختص بما يكون في الجوف، بدلالة أنه إن قيل
لمن أكل شحم الظهر أكلت شحما؟ حسن أن يقول لا، بل أكلت لحما،
فلو كان ذلك شحما لم يحسن ذلك.
مسألة 79: إذا حلف لا يأكل لحما، فأكل قلبا لم يحنث بلا خلاف،
وإن أكل من شحم الجوف لم يحنث عندنا. وبه قال أبو حنيفة
والشافعي (4).

(1) المبسوط 8: 180، وبدائع الصنائع 3: 62، وتبيين الحقائق 3: 129، وحلية العلماء 7: 265،
والحاوي الكبير 15: 422.
(2) النتف 1: 398، وبدائع الصنائع 3: 58، والهداية 4: 48، وشرح فتح القدير 4: 48، وتبيين
الحقائق 3: 128، ومغني المحتاج 4: 337، وحلية العلماء 7: 268، والسراج الوهاج: 578،
والبحر الزخار 5: 244.
(3) النتف 1: 398، وبدائع الصنائع 3: 58، والهداية 4: 58، والهداية 4: 48، وشرح فتح القدير 4: 48، وتبيين
الحقائق 3: 128، وحلية العلماء 7: 268، والبحر الزخار 5: 244.
(4) المبسوط 8: 176، وبدائع الصنائع 3: 58، ومغني المحتاج 4: 336، والسراج الوهاج: 577،
والمغني لابن قدامة 11: 319.
170

وقال مالك وأبو يوسف: يحنث (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 80: إذا حلف لا يأكل لحما، فأكل كبدا أو طحالا لا يحنث.
وبه قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: يحنث لأنهما يباعان مع اللحم (3).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 81: إذا حلف لا يأكل لحما، فأكل ألية لا يحنث. وبه قال أبو
حنيفة والشافعي في أحد الوجهين (4).
وفي الوجه الثاني: أنه يحنث (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 82: إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل المنصف وهو الذي نصفه

(1) المدونة الكبرى 2: 130، والمغني لابن قدامة 11: 319، والبحر الزخار 5: 244.
(2) حلية العلماء 7: 267، والوجيز 2: 227، ومغني المحتاج 4: 336، والسراج الوهاج: 577،
والمجموع 18: 59، والمغني لابن قدامة 11: 319.
(3) بدائع الصنائع 3: 58، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 48، وشرح فتح القدير 4: 48،
وتبيين الحقائق 3: 127، والمغني لابن قدامة 11: 319، وحلية العلماء 7: 267، والمجموع
18: 59.
(4) حلية العلماء 7: 268، والوجيز 2: 227، ومغني المحتاج 4: 337، والسراج الوهاج: 578،
والمجموع 18: 59، والمبسوط 8: 176، وبدائع الصنائع 3: 58 و 61، والهداية 4: 49، وشرح
فتح القدير 4: 49، وتبيين الحقائق 3: 129، والمغني لابن قدامة 11: 320.
(5) حلية العلماء 7: 268، والوجيز 2: 227، والمجموع 18: 59 و 61، والمغني لابن قدامة
11: 320.
171

رطب ونصفه بسر، أو حلف لا يأكل بسرا، فأكل المنصف حنث. وبه قال
الشافعي وأصحابه (1).
وقال أبو سعيد الإصطخري: لا يحنث (2).
دليلنا: أنه قد أكل الرطب، وإنما أكل معه شيئا آخر.
مسألة 83: إذا حلف لا يأكل لبنا، فأكل سمنا أو زبدا خالصا، أو
جبنا أو غير ذلك لم يحنث. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو علي ابن أبي هريرة: يحنث بأكل كلما عمل منه (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 84: إذا حلف لا كلمت زيدا، فسلم عليه حنث بلا خلاف،
وإن سلم على جماعة فيهم زيد وأراده حنث أيضا بلا خلاف، وإن لم يرده،
أو لم ينو شيئا وأطلقه، أو لم يعلم أن زيدا فيهم، لم يحنث عندنا.
وقال الشافعي: إن عزله بالنية فعلى طريقين: منهم من قال يصح قولا
واحدا، كما قلناه. ومنهم من قال على قولين وإن أطلق السلام من غير نية
فعلى قولين، وإن كان جاهلا بأن زيدا فيهم فعلى قولين كيمين الساهي (5).

(1) حلية العلماء 7: 266، والمجموع 18: 56 و 70، والمغني لابن قدامة 11: 315، والبحر
الزخار 5: 249، والحاوي الكبير 15: 428.
(2) حلية العلماء 7: 266، والمجموع 18: 56 و 70، والمغني لابن قدامة 11: 315، والبحر
الزخار 5: 249، والحاوي الكبير 15: 428.
(3) الأم 7: 79، ومختصر المزني: 296، وحلية العلماء 7: 270 و 271، والمجموع 18: 64،
والحاوي الكبير 15: 429.
(4) حلية العلماء 7: 271، والمجموع 18: 64، والحاوي الكبير 5: 429.
(5) الأم 7: 80، وحلية العلماء 7: 286، والوجيز 2: 232، والمجموع 18: 91 و 92، والسراج
الوهاج: 577، ومغني المحتاج 4: 334 و 335.
172

دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأولة سواء.
مسألة 85: إذا حلف لا كلمت فلانا فكتب إليه كتابا أو أرسل إليه
رسولا أو أوما إليه برأسه أو غمز بعينه أو أشار بعينه لم يحنث، وبه قال أهل
العراق (1).
وللشافعي في جميع ذلك قولان: أحدهما يحنث وبه قال مالك (2) قاله في
القديم وقال في الجديد: لا يحنث (3) كما قلناه.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل وأيضا فلا يسمى
شئ مما عددناه كلاما على الحقيقة فيجب أن لا يحنث به.
وقال تعالى: " فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم
إنسيا " (4) ثم قال: " فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد
صبيا " (5).
فوجه الدلالة أنها نذرت أن لا تكلم أحدا، ثم أشارت إليه، ثبت أن
الإشارة ليست بكلام.
مسألة 86: إذا حلف لا رأى منكرا إلا رفعه إلى القاضي أبي فلان،

(1) بدائع الصنائع 3: 55، وتبيين الحقائق 3: 136، وحلية العلماء 7: 284، والميزان الكبرى
2: 132، والبحر الزخار 5: 248.
(2) الأم 7: 80، ومختصر المزني: 296، وحلية العلماء 7: 284، والسراج الوهاج: 580، ومغني
المحتاج 4: 345، والمجموع 18: 85 و 86، والميزان الكبرى 2: 132، والمدونة الكبرى 2: 130
و 131، والمغني لابن قدامة 11: 327، والبحر الزخار 5: 248.
(3) الأم 7: 80، ومختصر المزني: 296، وحلية العلماء 7: 284، والوجيز 2: 230، والسراج الوهاج:
580، ومغني المحتاج 4: 345، والمجموع 18: 85 و 86، والميزان الكبرى 2: 132.
(4) مريم: 26.
(5) مريم: 29.
173

ففاته من غير تفريط، مثل أن مات أحدهما، أو حجب عنه، أو أكره على
المنع، لا يحنث.
وللشافعي فيه قولان (1).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا فإن هذا لم يفرط فيه، فلا يلزمه
حكم اليمين، وإنما يلزم ذلك في التفريط.
مسألة 87: إذا عزل هذا القاضي، فقد فاته الرفع إليه. وبه قال
أبو حنيفة (2).
وهو ظاهر مذهب الشافعي، وله فيه وجه آخر أنه لم يفته، لأنه علق
الرفع إليه بعينه دون صفته (3).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 88: إذا حلف وقال: إن شفى الله مريضي، فلله أن أتصدق
بمالي، انصرف ذلك إلى جميع ما يتمول في العادة، زكاتيا كان أو غير
زكاتي. وبه قال الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: القياس يقتضي مثل هذا، ولكن استحسانا يصرف

(1) الأم 7: 80، ومختصر المزني: 296، والسراج الوهاج: 581، ومغني المحتاج 4: 349، والوجيز
2: 231، والحاوي الكبير 15: 448.
(2) تبيين الحقائق 3: 161، والمغني لابن قدامة 11: 286.
(3) الأم 7: 80، ومختصر المزني: 296، وحلية العلماء 7: 291، والمجموع 18: 97، والوجيز
2: 231، والسراج الوهاج: 581، ومغني المحتاج 4: 349، والمغني لابن قدامة 11: 286.
(4) حلية العلماء 7: 291، والوجيز 2: 228، والمجموع 18: 99، والمغني لابن قدامة 11: 340،
والشرح الكبير 11: 341، والبحر الزخار 5: 257.
174

ذلك إلى الأموال الزكاتية (1).
دليلنا: أن اسم المال يقع على جميع ذلك في اللغة، فيجب حمله على
عمومه. وأيضا قال الله تعالى: " وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا
بأموالكم " (2) ولا خلاف أن ذلك لا يختص الزكاتية.
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: " خير المال سكة مأبورة ومهرة
مأمورة " (3) وأراد بالسكة المأبورة النخلة المصطفة، ولهذا يسمى الدرب
الممتد سكة، والمهرة المأمورة التي يكثر نتاجها، فالنبي عليه السلام جعل
النخل خير المال (4).
مسألة 89: إذا حلف ليضربن عبده مائة، أو قال مائة سوط، فأخذ
ضغثا فيه مائة شمراخ، أو شد مائة سوط فضربه بها دفعة واحدة، وعلم أن
جميعها وقعت على جسده بر في يمينه ولم يحنث سواء آلمه أو لم يؤلمه. وبه
قال الشافعي (5)، وهو ظاهر قول أبي حنيفة (6).

(1) المصادر المتقدمة.
(2) سورة النساء 24.
(3) مسند أحمد بن حنبل 3: 468، ومجمع الزوائد 5: 258 وفتح الباري 8: 395، والسنن
الكبرى 10: 64، وفي بعض ما ذكرناه تقديم وتأخير في لفظ الحديث فلاحظ.
(4) قال ابن الأثير في النهاية 1: 13 (مادة أبر): فيه " خير المال مهرة مأمورة، وسكة مأبورة "
السكة: الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة الملقحة، يقال: أبرت النخلة... وقيل: السكة
سكة الحرث، والمأبورة المصلحة له، أراد خير المال نتاج أو زرع.
(5) الأم 7: 80، ومختصر المزني: 296، وحلية العلماء 7: 280 و 281، والوجيز 2: 231 والسراج
الوهاج: 580، ومغني المحتاج 4: 347، والمغني لابن قدامة 11: 326، والجامع لأحكام القرآن
15: 213.
(6) أحكام القرآن للجصاص 3: 382، والمبسوط 9: 18، وشرح فتح القدير 4: 99.
175

وقال مالك: لا يعتد له إلا بواحدة، كما لو حلف ليضربنه مائة مرة، أو
مائة ضربة، لم يبر كذلك هاهنا إذا قال مائة أو مائة سوط، ولا يعتد إلا بما
يؤلم (1).
دليلنا: الفرقة وأخبارهم (2) وأيضا قوله تعالى: " وخذ بيدك ضغثا
فاضرب به ولا تحنث " (3) وهذه قصة أيوب كان عليه السلام حلف
ليضربن زوجته مائة، فعلمه الله تعالى كيف البر فيه، فقال: اضربها
بالضغث، وهذا نص.
مسألة 90: إذا ضربه بضغث فيه مائة، ولم يعلم أن الجميع وصل إلى
جلده، بل غلب على ظنه ذلك، بر في يمينه. وبه قال الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة والمزني: لا يبر حتى يقطع على أن المائة وصلت إلى
جلده (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، وغلبه الظن تقوم مقام العلم في
هذا الباب.

(1) المدونة الكبرى 2: 140، والجامع لأحكام القرآن 15: 213، وأحكام القرآن للجصاص
3: 382، وحلية العلماء 7: 281، والمغني لابن قدامة 11: 326، وأحكام القرآن لابن العربي
4: 1640.
(2) أنظر فقه الرضا عليه السلام: 78، والكافي 7: 215 حديث 6، والتهذيب 10: 90 حديث 347.
(3) ص: 44.
(4) الأم 7: 80، ومختصر المزني: 296، وحلية العلماء 7: 280 و 281، وأحكام القرآن للجصاص 3: 382، والمبسوط
9: 18، وشرح فتح القدير 4: 99، والحاوي الكبير 15: 453.
176

مسألة 91: إذا حلف لا وهبت له، فإن الهبة عبارة عن كل عين يملكه
إياها، متبرعا بها بغير عوض، فإن وهب له، أو أهدى، أو نحله، أو أعمره،
أو تصدق عليه بصدقة تطوع حنث. وقد سمى رسول الله صلى الله عليه
وآله العمرى هبة، فقال: " العمرى هبة لمن وهبت له " (1). وبه قال
الشافعي (2).
ووافق أبو حنيفة في كل هذا، وخالف في صدقة التطوع، فقال: لا
يحنث بها، لأنها ليست هدية، بل هي غير الهبة والهدية، بدليل أن النبي
عليه السلام كان يحرم عليه الصدقة، وتحل له الهدية، وإذا كان مختلفين لم
يدخلا مدخلا واحدا في باب اليمين (3).
دليلنا: أن معنى الهبة هو تمليك العين بغير عوض على وجه التبرع، وهذا
قائم هنا، فيجب أن تكون هبة، وتدخل تحت الاسم.
مسألة 92: إذا حلف لا يركب دابة العبد، وللعبد دابة قد جعلها له
سيده في رسمه، فركبها لم يحنث. وبه قال الشافعي (4).

(1) صحيح مسلم 3: 1246 حديث 25، وسنن أبي داود 3: 294 حديث 3550، وسنن النسائي
6: 277، ومسند أحمد بن حنبل 3: 304، وشرح معاني الآثار 4: 92، والسنن الكبرى
6: 173، ونصب الراية 4: 127 وفي الجميع لفظه: (العمرى لمن وهبت له).
(2) الأم 7: 80، ومختصر المزني: 296، وحلية العلماء 7: 288، والسراج الوهاج: 583، والوجيز
2: 228، والمجموع 18: 84 و 95، ومغني المحتاج 4: 351، والشرح الكبير 11: 228، والبحر
الزخار 5: 253.
(3) المبسوط 9: 10، وحلية العلماء 7: 288، والشرح الكبير 11: 228، والحاوي الكبير 15: 454.
(4) الأم 7: 81، ومختصر المزني: 297، وحلية العلماء 7: 287، والوجيز 2: 229، والمغني لابن
قدامة 11: 292، والبحر الزخار 5: 252، والحاوي الكبير 15: 455 - 456.
177

وقال أبو حنيفة: يحنث، لأنها تضاف إليه (1).
دليلنا: أن العبد لا يملك شيئا أصلا، وهذه الإضافة تقتضي الملك،
وإذا انتفى عنه الملك فما ركب دابته، فلا يحنث، وإنما تضاف إليه مجازا.
مسألة 93: إذا قال: إن دخلت الدار فمالي صدقة، أو فعلي صوم
شعبان، أو قال: إن لم أدخل الدار أو إن لم أكلم فلانا فما لي صدقة، أو فعلي
صوم سنة، فإذا وجد شرطه لم يكن ذلك نذرا، وهو بالخيار بين الوفاء به
وبين أن لا يفي به، وليس بواجب عليه، وإن قال بلفظ لله علي ذلك كان
نذرا يجب عليه الوفاء به.
وقال جميع الفقهاء: إن ذلك نذر يجب عليه الوفاء به في اللجاج
والغضب (2) وما الذي يجب به اختلفوا على ستة مذاهب.
فذهب الشافعي إلى: أنه بالخيار بين الوفاء بنذره وبين أن يكفر كفارة
يمين (3).

(1) المبسوط 9: 13، وحلية العلماء 7: 287، وشرح فتح القدير 4: 43، والبحر الزخار 5: 252،
والحاوي الكبير 15: 456.
(2) المغني لابن قدامة 11: 333 - 335، والشرح الكبير 11: 334 - 335، وبداية المجتهد 1: 408
و 413، والمحلى 8: 12، المدونة الكبرى 2: 94، وحلية العلماء 3: 387 و 388، والمجموع
8: 458 و 459، وكفاية الأخيار 2: 153، والنتف 1: 194، واللباب 1: 194 و 3: 137،
والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 27، وشرح فتح القدير 4: 27 و 28، وعمدة القاري
23: 204، وفتح الباري 11: 573.
(3) مختصر المزني: 297، وحلية العلماء 3: 387 و 388، والوجيز 2: 224، وكفاية الأخيار
2: 153، وبداية المجتهد 1: 414، والمغني لابن قدامة 11: 340، والشرح الكبير 11: 341
والنتف 1: 195، وعمدة القاري 23: 204، والحاوي الكبير 15: 458.
178

وقال بعض أصحابه: الواجب فيه كفارة يمين، إلا أنه إذا أراد أن يفعل
الأكمل تصدق بماله هذا إذا علقه بعبادة غير الحج، فإن علقه بحج فعلى
قولين: أحدهما مثل العبادات، والثاني عليه الحج لا غير (1).
وبه قال في الصحابة: عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة،
وزينب، وأم كلثوم، وأم سلمة (2).
وفي التابعين: عطاء والحسن البصري (3).
وفي الفقهاء: أحمد، وإسحاق، وأبو عبيدة، وأبو ثور (4).
وذهب النخعي والحكم وحماد إلى أنه لا يلزمه به شئ لا الوفاء ولا
الكفارة، مثل ما قلناه (5).
وقال ربيعة: يلزمه قدر زكاة ما فيه الزكاة، فإن كان له مال يجب فيه
الزكاة، أخرج قدر زكاته (6).

(1) مختصر المزني: 297، والمحلى 8: 10، وحلية العلماء 3: 388، والمغني لابن قدامة 11: 333 -
335، والشرح الكبير 11: 334 - 335.
(2) المحلى 8: 10، ومختصر المزني: 297، والمغني لابن قدامة 11: 335، والشرح الكبير 11: 334،
والحاوي الكبير 15: 458 وكفاية الأخيار 2: 153.
(3) مختصر المزني: 297، والمحلى 8: 10، والمغني لابن قدامة 11: 335، والشرح الكبير 11: 334،
والحاوي الكبير 15: 458.
(4) المغني لابن قدامة 11: 340 - 341، والشرح الكبير 11: 341 - 342، والحاوي الكبير
15: 458.
(5) حلية العلماء 3: 389، والحاوي الكبير 15: 457.
(6) حلية العلماء 3: 388، وعمدة القاري 23: 204، والمغني لابن قدامة 11: 340، والشرح
الكبير 11: 341، ونيل الأوطار 9: 151، والحاوي الكبير 15: 457.
179

وقال مالك: عليه أن يتصدق بثلث ماله (1).
وقال أبو حنيفة: عليه أن يتصدق بماله الذي يجب فيه الزكاة، حتى لو
كان جميع ماله ما يجب فيه الزكاة، فعليه أن يتصدق به (2).
وقال عثمان البتي: عليه الوفاء به، فيتصدق بجميع ماله (3). فأضيقهم
قولا البتي، ويليه أبو حنيفة، ثم مالك، ثم ربيعة، ثم الشافعي، ثم النخعي.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، وعليه إجماع
الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 94: إذا حلف لا أستخدم عبدا، فخدمه عبد من قبل نفسه، لم
يحنث سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره. وبه قال الشافعي (5).
وقال أبو حنيفة: إن كان عبد نفسه حنث، وإن كان عبد غيره لا
يحنث، لأنه إذا كان عبد نفسه كان إقراره على ذلك وتمكينه منه استخداما (6).

(1) بداية المجتهد 1: 414، والمدونة الكبرى 2: 94، وعمدة القاري 23: 204، وفتح الباري
11: 573، والمحلى 8: 11، وحلية العلماء 3: 388، والمغني لابن قدامة 11: 340، ونيل
الأوطار 9: 150، والحاوي الكبير 15: 457.
(2) بدائع الصنائع 5: 86، وفتح الباري 11: 574، وعمدة القاري 23: 204، وحلية العلماء
3: 388، والمحلى 8: 11، والمغني لابن قدامة 11: 340، وبداية المجتهد 1: 414، ونيل الأوطار
9: 151، والحاوي الكبير 15: 458.
(3) حلية العلماء 3: 388، والمغني لابن قدامة 11: 340، والمحلى 8: 10، والحاوي الكبير
15: 457.
(4) انظر الكافي 7: 454 حديث 1 وص 458 حديث 18، والتهذيب 8: 303 حديث 1124.
(5) حلية العلماء 7: 280، والمجموع 18: 100، والشرح الكبير 11: 291، والبحر الزخار 5: 254.
(6) المبسوط 9: 11 و 12، وبدائع الصنائع 3: 75، وحلية العلماء 7: 280، والشرح الكبير
11: 290، والبحر الزخار 5: 254.
180

دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا أن لفظ الاستفعال أن يطلب منه
الخدمة، هذا موضوعها في اللغة، فإذا لم يطلب منه ذلك لم يكن مستخدما،
وإذا لم يكن كذلك لم يلزمه كفارة.
مسألة 95: إذ حلف لا يأكل فاكهة، فأكل عنبا، أو رطبا، أو رمانا
حنث. وبه قال أبو يوسف، ومحمد، والشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا يحنث (2).
دليلنا: أن أهل اللغة يسمون ذلك فاكهة، وقد روي " أن النبي عليه
السلام نهى عن بيع الثمار حتى تزهي، قيل: يا رسول الله وما تزهي؟ فقال:
تصفر أو تحمر " (3) فسمي الرطب ثمرة، والثمرة فاكهة.
وأيضا: الفاكهة عبارة عما يتفكه الإنسان به مما لا يكون المقصود من
قوته، فلهذا قيل: فلان يتفكه في كلامه إذا تكلم بغير المقصود منه، وليس

(1) حلية العلماء 7: 276، ومغني المحتاج 4: 340، والسراج الوهاج: 579، والوجيز 2: 228،
والمجموع 18: 66 و 69، والمبسوط 8: 178 و 179، والنتف 1: 399، وبدائع الصنائع
3: 60، والهداية 4: 53، وشرح فتح القدير 4: 53، وتبيين الحقائق 3: 131، والفتاوي
الهندية 2: 88، والمغني لابن قدامة 11: 316، والشرح الكبير 11: 235، والبحر الزخار
5: 249.
(2) المبسوط 8: 178 و 179، والنتف 1: 399، وبدائع الصنائع 3: 60، والهداية 4: 53، وتبيين
الحقائق 3: 130، وشرح فتح القدير 4: 53، وحلية العلماء 7: 276، والوجيز 2: 228، والشرح
الكبير 11: 235، والبحر الزخار 5: 249.
(3) صحيح البخاري 3: 95، وسنن النسائي 7: 264، وترتيب مسند الشافعي 2: 149، وشرح
معاني الآثار 4: 24، والموطأ 2: 618 حديث 11، والسنن الكبرى 5: 300، والسنن المأثورة:
252 حديث 201 - 202.
181

عطف هذه الأشياء في القرآن على الفاكهة بدليل على أنها ليست بفاكهة،
كما أنه عطف صلاة الوسطى على الصلوات، وإن كان لفظ الصلوات
يشملها، وكما قال: " وملائكته ورسله وجبريل وميكال " (1) وإن كانا من
جملة الملائكة، وإنما أفرد ذلك تعظيما وتفخيما.
مسألة 96: إذا حلف لا يشم الورد، فشم دهنه، لا يحنث بلا خلاف،
وإن حلف لا يشم بنفسجا، فشم دهنه لم يحنث أيضا عندنا. وبه قال
الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: يحنث لأنه يقال لدهنه بنفسج (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا فالبنفسج عبارة عن الورد، وإنما
سمي دهنه بذلك مجازا.
مسألة 97: إن حلف لا يضرب زوجته، فعضها، أو حنقها (4) أو نتف
شعرها، لم يحنث، وبه قال الشافعي (5).
وقال أبو حنيفة: يحنث بكل هذا، لأنه قد ضرب وزيادة (6).

(1) البقرة: 98.
(2) حلية العلماء 7: 276، والمجموع 18: 76، والمبسوط 9: 27 و 28، والحاوي الكبير 15: 423.
(3) المبسوط 9: 27 و 28، وبدائع الصنائع 3: 82، وشرح فتح القدير 4: 108، وتبيين الحقائق
3: 162، وحلية العلماء 7: 276، والمجموع 18: 76، والحاوي الكبير 15: 423.
(4) الحنق: الإحناق، لحوق البطن والتصاقه. النهاية 1: 451 مادة (حنق).
(5) حلية العلماء 7: 280، والسراج الوهاج: 580، ومغني المحتاج 4: 347، والمجموع 18: 80،
والميزان الكبرى 2: 135، والحاوي الكبير 15: 404 - 405.
(6) النتف 1: 413، والمبسوط 9: 18، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 4: 101، وشرح فتح
القدير 4: 101، وتبيين الحقائق 3: 157، والميزان الكبرى 2: 135، والحاوي الكبير
15: 404 - 504.
182

دليلنا: ما قلناه من أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل،
ولأن هذه الأفعال لا تسمى في اللغة ضربا على الحقيقة، فيجب أن لا
يتعلق بها الحنث.
مسألة 98: إذا حلف لا يأكل أدما، فأكل الخبز بالملح حنث بلا
خلاف. وإن أكل لحما مشويا أو مطبوخا، أو أكل الجبن حنث. وبه قال
الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا يحنث (2).
وقال أبو يوسف: الأدم ما يصطبغ به (3).
دليلنا: ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: " سيد الإدام اللحم " (4)
ولأن الأدم عبارة عما يؤتدم به، وهو ما يؤكل بالخبز في العادة، وهذه
الأشياء هذه سبيلها.

(1) حلية العلماء 7: 274 و 275، والمجموع 18: 66 و 69، وفتح الباري 11: 571، وعمدة
القاري 23: 202، والشرح الكبير 11: 238، والبحر الزخار 5: 252، ونيل الأوطار 9: 117.
(2) المبسوط 8: 177 وعمدة القاري 23: 202، والنتف 1: 398 و 399، والهداية 4: 54،
وشرح فتح القدير 4: 54، والفتاوى الهندية 2: 88، وفتح الباري 11: 571، والمحلى 8: 56،
وحلية العلماء 7: 275، والشرح الكبير 11: 238، والبحر الزخار 5: 252، ونيل الأوطار
9: 117.
(3) المبسوط 8: 177، والنتف 1: 399، والهداية 4: 54، وعمدة القاري 23: 202، وفتح الباري
11: 571، وشرح فتح القدير 4: 54، والفتاوى الهندية 2: 88، والمغني لابن قدامة 11: 317،
والشرح الكبير 11: 238.
(4) المجموع 18: 66 و 69، والمغني لابن قدامة 11: 317، وفي موسوعة أطراف الحديث النبوي عن
إتحاف السادة المتقين 5: 254. وروي في بعض المصادر الحديثية بألفاظ أخرى قريبة منه.
183

مسألة 99: إذا حلف لا دخل بيتا، فدخل صفة في الدار، لم يحنث. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يحنث (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا فالصفة لا تسمى بيتا في اللغة،
فلا يجب أن يحنث، لأنه لم يتناوله الاسم.
مسألة 100: إذا حلف لا أصلي، ثم صلى، لا يحنث عندنا أصلا،
وإن فرغ منها.
وقال أبو حنيفة: لا يحنث حتى يسجد (3).
وقال أبو العباس بن سريج: لا يحنث حتى يكبر ويقرأ ويركع (4).
وقال أبو حامد: الذي يجئ على المذهب إنه إذا أحرم بها حنث، قرأ أو
لم يقرأ، ركع أو لم يركع (5).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا إجماع الفرقة على أن من حلف لا
يفعل شيئا وكان فعله أولى من تركه فليفعله، ولا شي عليه، وفعل الصلاة
أولى من تركها، فيجب أن لا يحنث، وقد مضت فيما تقدم.
مسألة 101: إذا قال لعبده: إن لم أحج السنة فأنت حر، فمضى وقت

(1) حلية العلماء 7: 287، والمجموع 18: 54.
(2) الهداية 4: 30، وشرح فتح القدير 4: 30، والنتف 1: 403، وتبيين الحقائق 3: 117، والمجموع
18: 54.
(3) المبسوط 9: 31، وحلية العلماء 7: 287، والمجموع 18: 96.
(4) حلية العلماء 7: 287، والوجيز 2: 230.
(5) الوجيز 2: 230.
184

الحج، ثم اختلفا، فقال السيد: قد حججت العام، وقال العبد: ما
حججت، وأقام العبد البينة أن موليه نحر يوم الأضحى بالكوفة.
فقال أبو العباس بن سريج: يعتق العبد (1).
وقال أبو حنيفة: لا يعتق (2).
وقال أبو حامد: هذا غلط، لأنه إذا ثبت أنه كان يوم النحر بالكوفة،
بطل أن يكون يوم عرفة بمكة (3).
وهذا على أصلنا لا يلزم، لأن عندنا أن العتق بشرط لا يصح، وهذا
عتق بشرط، فيجب أن يكون باطلا.
مسألة 102: إذا حلف لا يتكلم، فقرأ القرآن لم يحنث، سواء كان في
الصلاة أو في غير الصلاة. وبه قال الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: إن قرأ في الصلاة لم يحنث، وإن قرأ في غيرها
حنث (5).

(1) لم أظفر على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(2) الفتاوى الهندية 2: 120، وتبيين الحقائق 3: 153، والهداية 4: 92، وشرح فتح القدير
4: 92.
(3) لم أظفر به أيضا في المصادر المتوفرة.
(4) حلية العلماء 7: 282، ومغني المحتاج 4: 345، والسراج الوهاج: 580، والوجيز 2: 230،
والمجموع 18: 92، والمبسوط 9: 22، وفتح الباري 11: 567، وعمدة القاري 23: 198،
والمغني لابن قدامة 11: 330، والبحر الزخار 5: 247، والحاوي الكبير 15: 438.
(5) المبسوط 9: 22، والهداية 4: 65، وشرح فتح القدير 4: 65، وتبيين الحقائق 3: 137،
والفتاوى الهندية 2: 97، والمغني لابن قدامة 11: 330، وحلية العلماء 7: 283، والمجموع
18: 92، والبحر الزخار 5: 247، والحاوي الكبير 15: 438.
185

دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وأيضا فلا يطلق على من قرأ القرآن أنه
تكلم، ولو كان كلاما خارج الصلاة لكان كلاما داخل الصلاة، فكان
يجب أن يقطع الصلاة، وأجمعنا على خلافه.
مسألة 103: إذا حلف لا وهب عبده، فوهبه من رجل، حنث بوجود
الإيجاب، قبل الموهوب له أو لم يقبل. وبه قال أبو حنيفة، وأبو العباس بن
سريج (1).
وقال أبو حامد الأسفرائيني: لا يحنث، لأن الهبة عبارة عن الإيجاب
والقبول كالبيع، وهو قوي (2).
دليلنا: على الأول: أنه إذا قال: وهبت، فقد فعل ما حلف أنه لا يفعله،
وإنما حلف أن لا يفعل هذه الصيغة بعينها وقد فعلها، فيجب أن يحنث،
وليس كذلك البيع، لأنه لا يقال باع بلفظ قوله بعت حتى يحصل القبول.
مسألة 104: إذا قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أمضي، أو
أذهب، أو أمشي إلى بيت الله الحرام. وجب عليه الوفاء به، ولا يجوز أن
يمضي إلا حاجا أو معتمرا، وكان نذرا صحيحا. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: في المشي مثل ما قلناه (4)، وقال في الذهاب والمضي:

(1) المغني لابن قدامة 11: 236، والمجموع 18: 94، والحاوي الكبير 15: 406.
(2) حكي في المجموع 18: 94 من دون نسبة.
(3) الأم 7: 67، ومختصر المزني: 297، وحلية العلماء 3: 398، والسراج الوهاج: 585، ومغني
المحتاج 4: 362، والمجموع 8 إ: 488، و 489، والمغني لابن قدامة 11: 346، والشرح الكبير
11: 360 و 361، والبحر الزخار 5: 274.
(4) انظر البحر الزخار 5: 274، والحاوي الكبير 5: 468.
186

لا ينعقد نذره (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 105: إذا نذر المشي، وجب عليه ذلك، ولا يجوز له أن يركب،
فإن ركب وجب عليه إعادة المشي، فإن عجز عن ذلك لزمه دم.
وقال الشافعي: إن قدر على المشي فركب لزمه دم، ولا إعادة عليه (3).
وإن عجز فركب فعلى قولين:
أحدهما: لا شئ عليه، وهو القياس.
والثاني: يلزمه دم، ولا إعادة عليه (4). وأما الذهاب والمضي فهو بالخيار
بلا خلاف
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 106: إذا حلف لا أتسرى، فمتى تسرى حنث، وما هو التسري؟
الأولى أن يقال: إنه عبارة عن الوطء والتخدير، وبه قال أبو حنيفة ومحمد (6).

(1) انظر بدائع الصنائع 5: 83 و 84، وحلية العلماء 3: 400، والحاوي الكبير 15: 468.
(2) الكافي 7: 458 حديث 19، والتهذيب 8: 304 حديث 1130، والاستبصار 4: 50 حديث
172.
(3) الوجيز 2: 235، والسراج الوهاج: 585، ومغني المحتاج 4: 264، والمجموع 8: 490، والمغني
لابن قدامة 11: 347، والشرح الكبير 11: 361، وفتح الباري 11: 589.
(4) الأم 7: 67، ومختصر المزني: 297، وحلية العلماء 3: 398، والسراج الوهاج 585، ومغني
المحتاج 4: 363، والمجموع 8: 490، و 492، والوجيز 2: 235، وفتح الباري 11: 589.
(5) التهذيب 8: 315 حديث 1171، والاستبصار 4: 49 حديث 169.
(6) اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 116، والمغني لابن قدامة 11: 238، والشرح الكبير
11: 226، وحلية العلماء 7: 290، والمجموع 18: 98، والحاوي الكبير 15: 409.
187

وهو أحد أقوال الشافعي، وقوله الثاني: إنه عبارة عن الوطء فحسب،
وقوله الثالث: إنه عبارة عن الإنزال مع الوطء، وبه قال أبو يوسف، وهو
المذهب عندهم (1).
دليلنا أن الجارية ضربا ن، سرية وخادمة، فإذا أخدرها ووطئ فقد
تسرى وترك الاستخدام.
مسألة 107: إذا كان له عبدان، فقال: إذا جاء غد فأحدكما حر، ثم
باع أحدهما قبل مجئ الغد، وجاء غد، لم يعتق الآخر. وبه قال
الشافعي (2).
وقال محمد: يعتق (3).
دليلنا: الأصل بقاء الرق، وأيضا فإن هذا عتق بشرط، وذلك عندنا
باطل.
مسألة 108: إذا جاء غد وهما جميعا في ملكه، لم يعتق أحدهما.
وقال الشافعي: يعتق أحدهما لا بعينه (4) وقيل له: عين، فمن عين
عتق، ورق الآخر.
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.

(1) اختلاف الفقهاء للطحاوي 1: 116، وحلية العلماء 7: 289، و 290، والمجموع 18: 98،
والمغني لابن قدامة 11: 238، والحاوي الكبير 15: 409.
(3) الحاوي الكبير 15: 409، وحلية العلماء 7: 303 مع نسبة القول لأبي حنيفة.
(4) الحاوي الكبير 15: 409..
188

كتاب النذور
189

كتاب النذور
مسألة 1: إذا قال ابتداء: لله علي أن أصوم، أو أتصدق، أو أحج. ولم
يجعله جزاء على غيره، لزمه الوفاء به، وكان نذرا صحيحا، وهو الظاهر من
مذهب الشافعي، وقول أبي العباس، وأبي سعيد الإصطخري (1). وبه قال
أهل العراق (2).
وقال أبو بكر الصيرفي وأبو إسحاق المروزي: لا يلزمه الوفاء به، ولا
يتعلق به حكم (3).
قال الصيرفي: قال أبو عمر غلام ثعلب (4)، وقال ثعلب: النذر عند

(1) حلية العلماء 3: 387، والوجيز 2: 232، ومغني المحتاج 4: 365، والسراج الوهاج: 583،
وكفاية الأخيار 2: 156، والمغني لابن قدامة 11: 333 - 334، والشرح الكبير 11: 344،
وعمدة القاري 23: 204، والحاوي الكبير 15: 467.
(2) المغني لابن قدامة 11: 333 - 334، والشرح الكبير 11: 344.
(3) حلية العلماء 3: 387، والمغني لابن قدامة 11: 334، والشرح الكبير 11: 344، والبحر الزخار
5: 269، والحاوي الكبير 15: 467.
(4) أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم اللغوي المعروف بغلام ثعلب، ولد سنة إحدى وستين
ومائتين، وسمع الحديث من موسى بن سهل الوشاء، ومحمد بن يونس الكريمي وأحمد بن
عبيد الله النرسي وغيرهم، وروى عنه جماعة. مات ببغداد في ثالث عشر ذي القعدة سنة 345
هجرية. طبقات الشافعية الكبرى 2: 171 - 172..
191

العرب وعد بشرط (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وطريقة الاحتياط تقتضيه.
وأيضا قوله تعالى: " يوفون بالنذر ويخافون " (3) وقال: " وأوفوا بعهد
الله إذا عاهدتم " (4) وقال عز وجل: " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم " (5)
وقال تعالى: " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد
الله مسؤولا " (6).
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: من نذر أن يطيع الله
فليطعه (7).
فأما قول ثعلب: " النذر عند العرب وعد بشرط " فإنه يقال له: النذر
هو وعد بشرط، ووعد بغير شرط، ومنه قول جميل بن معمر (8).

(1) حكاه أيضا ابن قدامة في المغني 11: 334، والشرح الكبير 11: 344، والحاوي الكبير
15: 467.
(2) الكافي 7: 455 حديث 2 - 3، والتهذيب 8: 303 حديث 1125 - 1126.
(3) الإنسان: 7.
(4) النحل: 91.
(5) البقرة: 40.
(6) الأحزاب: 15.
(7) صحيح البخاري 8: 177، وسنن أبي داود 3: 232 حديث 3289، وسنن الترمذي 4: 104
حديث 1526، وسنن النسائي 7: 17، وسنن ابن ماجة 1: 687 حديث 2126، ومسند أحمد
بن حنبل 6: 36 و 41 و 224، وسنن الدارمي 2: 184، والموطأ 2: 476 حديث 8، والسنن
الكبرى 9: 231 و 10: 68 و 75، وشرح معاني الآثار 3: 133، وتلخيص الحبير 4: 175
حديث 2057.
(8) جميل بن عبد الله بن معمر العذري، أبو عمرو، شاعر إسلامي، وهو أحد عشاق العرب
المشهورين، عشق بثينة وهو غلام صغير، فلما كبر خطبها فرد عنها، فقال فيها شعرا. مات 82
هجرية انظر خزانة الأدب 1: 397، والأغاني 8: 90 - 154.
192

فليت رجالا فيك قد نذروا دمي * وهموا بقتلي يا بثين لقوني (1).
ومنه قول عنترة العبسي (2).
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما * والناذرين إذا لقيتما دمي
فسقط قول ثعلب بذلك.
مسألة 2: إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله، وجب عليه الوفاء به بلا
خلاف، فإن خالفه فركب، فإن كان مع القدرة على المشي وجب عليه
الإعادة، يمشي ما ركب، وإن كان ركب مع العجز لم يلزمه شئ. وقد
روي أن عليه دما (3). وإن نذر أن يحج راكبا، فإن خالفه ومشى لم يلزمه
شئ.
وقال الشافعي: إن ركب وقد نذر المشي مع القدرة عليه لزمه دم، ولا
إعادة عليه. وإن ركب مع العجز فعليه قولين: أحدهما - وهو القياس - ولا
شئ عليه، والآخر عليه دم. وإن نذر الركوب فمشى لزمه دم (4).

(1) بيت شعر من ثلاث ذكرها أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني 8: 99 أولها.
حلفت برب الراقصات إلى منى * * هوي القطا يجتزن بطن دفين
لقد ظن هذا القلب أن ليس لاقيا * * سليمى ولا أم الجسير لحين
واستشهد به ابن قدامة في المغني أيضا 11: 334 فلاحظ.
(2) عنترة بن شداد، وقيل ابن عمرو بن شداد، وقيل عنترة بن عمرو بن معاوية بن
قراد بن مخزوم بن ربيعة العبسي، وقيل في نسبه الكثير. أشهر فرسان العرب في الجاهلية، ومن
شعراء الطبقة الأولى، من أهل نجد. أنظر الأغاني 8: 237 - 246.
(3) التهذيب 8: 315 حديث 1171، والاستبصار 4: 49 حديث 169.
(4) الأم 7: 67، ومختصر المزني: 297، وحلية العلماء 3: 398، والسراج الوهاج: 585، ومغني
المحتاج 4: 364، والمجموع 8: 490، والوجيز 2: 235، والمغني لابن قدامة 11: 347، والشرح
الكبير 11: 361، وفتح الباري 11: 589، ونيل الأوطار 9: 148.
193

دليلنا على المسألة الأولى: ما قدمناه في الأيمان من إجماع الفرقة وطريقة
الاحتياط.
وعلى الثانية: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب الدم يحتاج إلى دليل.
مسألة 3: إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله تعالى ولم يقل الحرام، فإن
كانت نيته بيت الله الحرام، لزمه الوفاء به، وإن لم ينو شيئا لم
يلزمه شئ.
وقال الشافعي: إن نوى مثل ما قلناه، وإن أطلق من غير نية فعلى
قولين (1).
دليلنا: أن ما قلناه مجمع عليه، وما ذكروه ليس عليه دليل، وأيضا
الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله: " الأعمال
بالنيات " (2) وهذا لا نية فيه، فيجب أن لا يلزمه شئ.
مسألة 4: إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام لا لحج ولا لعمرة، لا
يلزمه شئ.
وللشافعي فيه قولان، وقيل: وجهان، أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني:

(1) الأم 7: 69، وحلية العلماء 3: 402، والوجيز 2: 236، والحاوي الكبير
15: 468.
(2) صحيح البخاري 1: 2، وصحيح مسلم 3: 1515 حديث 155، وسنن الترمذي 4: 179،
حديث 2147، وسنن أبي داود 2: 262 حديث 2201، والمحلى 8: 27، وسنن ابن ماجة
2: 1413 حديث 4227، وسنن النسائي 1: 58، وسند أحمد ابن حنبل 1: 25، وسنن الكبرى
7: 241، والتهذيب 4: 186 حديث 519، وأمالي الشيخ الطوسي 2: 231، وفتح الباري
5: 160، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1640.
194

يلزمه المشي إما لحج أو لعمرة (1).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
مسألة 5: إذا نذر أن يمشي إلى مسجد النبي عليه السلام، أو المسجد
الأقصى، أو بعض المشاهد التي فيها قبور الأئمة عليهم السلام، وجب عليه
الوفاء به.
وللشافعي في مسجد النبي عليه السلام والمسجد الأقصى قولان،
أحدهما: مثل ما قلناه. وبه قال مالك (2). والآخر: لا يلزمه شئ، وما
عداهما فلا يلزمه شئ. وبه قال أبو حنيفة، وهو أصح القولين عندهم (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، وطريقة الاحتياط، وجميع ما قدمناه من الآيات (4)
والأخبار (5) تدل على ذلك أيضا، لأنها على عمومها.

(1) حلية العلماء 3: 399، والمجموع 8: 476، والمغني لابن قدامة 11: 350، والحاوي الكبير
15: 469.
(2) حلية العلماء 3: 400، ومغني المحتاج 4: 367، والسراج الوهاج: 586، والوجيز 2: 236،
والميزان الكبرى 2: 56، والمجموع 8: 474، والمدونة الكبرى 2: 86، وبداية المجتهد 1: 412،
والمحلى 8: 21، والمغني لابن قدامة 11: 351، والشرح الكبير 11: 365، ونيل الأوطار
9: 154 و 155.
(3) الأم 7: 69، ومختصر المزني: 297، وحلية العلماء 3: 400، والوجيز 2: 236، والمجموع
8: 474، والميزان الكبرى 2: 56، والمحلى 8: 21، والمبسوط 8: 138، وبدائع الصنائع
5: 83 و 84، وبداية المجتهد 1: 412، والمغني لابن قدامة 11: 351، والشرح الكبير 11:
365، ونيل الأوطار 9: 155، والبحر الزخار: 272.
(4) البقرة: 40، والنحل: 91، والأحزاب: 15، والإنسان: 7.
(5) الكافي 7: 455 حديث 2 - 3، والتهذيب 8: 303 حديث 1125 - 1126.
195

مسألة 6: إذا نذر أن يأتي بقعة من الحرم - كأبي قبيس (1)، والأبطح (2)،
والمروة (3) - لم ينعقد نذره. وبه قال أبو حنيفة (4).
وقال الشافعي: ينعقد نذره (5).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب النذر بهذا يحتاج إلى دليل.
مسألة 7: إدا نذر أن ينحر بدنة، أو يذبح بقرة، ولم يعين المكان، لزمه
أن ينحر بمكة. وإن نذر نحره بالبصرة أو الكوفة لزمه الوفاء به، وتفرقة
اللحم في الموضع الذي نذره.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: لا ينعقد
النذر (6).
(1) أبو قبيس: وهو اسم الجبل المشرف على مكة ووجهه إلى قعيقعان ومكة بينهما، أبو قبيس من
شرقيها وقعيقعان من غربيها، وقيل في سبب تسميته عدة أقوال، أنظر معجم البلدان 1: 80،
(2) الأبطح: بالفتح ثم السكون وفتح الطاء والحاء مهملة، وكل مسيل فيه دقائق الحصى فهو
أبطح. والأبطح يضاف إلى مكة وإلى منى لأن المسافة بينه وبينهما واحدة، وربما كان إلى منى
أقرب، وهو المحصب، وهو خيف بني كنانة. معجم البلدان 1: 74.
(3) المروة: جبل بمكة يعطف على الصفا، مائل إلى الحمرة، وأنها أكمة لطيفة في وسط مكة تحيط
بها وعليها دور أهل مكة ومنازلهم. معجم البلدان 5: 116.
(4) بدائع الصنائع 5: 84، والمغني لابن قدامة 11: 350، والشرح الكبير 11: 364، وحلية العلماء
3: 400، والمجموع 8: 477، والحاوي الكبير 15: 482.
(5) الأم 7: 69، ومختصر المزني: 297، وحلية العلماء 3: 400، والمجموع 8: 477، والمغني لابن
قدامة 11: 350، والشرح الكبير 11: 364، والبحر الزخار 5: 274، والحاوي الكبير
15: 482.
(6) الأم 7: 69، ومختصر المزني 297 وحلية العلماء 3: 393، والمجموع 8: 470، والوجيز
2: 236.
196

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وأيضا طريقة الاحتياط تقتضيه.
مسألة 8: إذا قال لله علي أن أهدي، أو قال: أهدي هديا، لزمه ما
يجزي في الأضحية، الثني من الإبل والبقر المعز، والجذع من الضان،
وكذلك إذا قال: أهدي الهدي - بالألف واللام -.
ووافقنا الشافعي فيه إذا كان بالألف واللام (2)، فإذا نكر، له فيه
قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: يلزمه ما يقع عليه الاسم، من تمرة،
وبيضة فما فوقهما (3).
دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، فإنهم رووا أن الهدي لا يقع إلا على
النعم (5) فأما التمر وغيره فلا يسمى هديا، وطريقة الاحتياط تقتضي ما
قلناه.
مسألة 9: إذا نذرت المرأة تصوم أياما بعينها، فحاضت فيها، أفطرت
وكان عليها القضاء، سواء شرطت فيه التتابع أم لم تشرط، ولم يقع ذلك
تتابعها.
وللشافعي في وجوب القضاء قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني:

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 234 حديث 1103، والتهذيب 8: 314 حديث 1167.
(2) الأم 7: 70، والمجموع 8: 469، والوجيز 2: 236.
(3) الأم 7: 70، ومختصر المزني 297، وحلية العلماء 3: 389، والمجموع 8: 472، والمغني لابن
قدامة 11: 354، والبحر الزخار 5: 274.
(4) الكافي 7: 442 حديث 12، ومن لا يحضره الفقيه 3: 231 حديث 1092، والتهذيب 8: 303
حديث 1126.
(5) أنظر التهذيب 5: 204 (باب الذبح) حديث 679 - 692 وغيرها من أحاديث الباب.
197

لا قضاء عليها لأنها أيام لو عينت أن تصوم وهي حائض لم ينعقد نذرها،
سواء شرطت التفريق أو لم تشرط (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 10: إذا نذر الرجل أو المرأة صيام أيام بعينها، ثم مرض فيها
فأفطر، قضى ما أفطره، ولا يجب عليه الاستيناف، سواء شرط فيه التتابع أو لم يشرط.
وقال الشافعي: إن أطلق ولم يشرط التتابع، هل عليه أن يقضي ما
ترك في مرضه؟ على وجهين (3)، وإن كان شرط التتابع، فهل ينقطع
التتابع؟ على قولين، أحدهما: ينقطع وعليه الاستيناف كالحائض،
والثاني: لا ينقطع (4). وهل عليه قضاء ما أفطره أو لا؟ على وجهين (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 11: إذا نذر أن يصوم أياما بعينها متتابعا، فأفطرها في سفر،
انقطع التتابع، وعليه الاستيناف.
والشافعي يبني على القولين، فإذا قال: المرض ينقطع التتابع، فالسفر

(1) الأم 7: 71، ومختصر المزني: 298، وحلية العلماء 3: 394 و 395، والمجموع 8: 477، والسراج
الوهاج: 584، ومغني المحتاج 4: 359.
(2) الكافي 7: 456 حديث 12، والتهذيب 4: 327 حديث 1016 و 8: 305 حديث 1135.
(3) الأم 7: 70 وحلية العلماء 3: 395، والمجموع 8: 478
(4) حلية العلماء 3: 395، والمجموع 8: 478، والحاوي الكبير 15: 492.
(5) حلية العلماء 3: 395، والمجموع 8: 478، والحاوي الكبير 15: 492.
(6) التهذيب 4: 286 حديث 867 و 868 و 8: 315 حديث 1172 والاستبصار 2: 124 حديث
401 - 404.
198

أولى، وإذا قال: المرض لا يقطع: فالسفر على قولين (1).
دليلنا أن الذمة مرتهنة بصيام هذه الأيام، وليس هاهنا دليل على أن
ذمته مرتهنة بصيام هذه الأيام، وليس هاهنا دليل على أن
ذمته تبرأ إذا أفطر في السفر ثم قضى.
وأيضا دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم ()، وأيضا إذا أفطر ثم قضى، لم
يكن صام متتابعا، وهذا بخلاف ما نذر.
مسألة 12: إذا نذر أن يصوم يوم الفطر، لم ينعقد نذره. وبه قال
الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: ينعقد نذره، يصوم يوما غير يوم الفطر، ولا يحل له أن
يصومه عن نذره، فإن صامه عن نذره صح وأجزأ عن نذره (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل براءة الذمة، وقوله عليه السلام: لا
نذر في معصية (5). لأن الصوم في هذا اليوم معصية بلا خلاف.

(1) حلية العلماء 3: 394 و 395، والمجموع 8: 480، والمغني لابن قدامة 11: 366، والشرح الكبير
11: 351.
(2) انظر الكافي 4: 142 حديث 7، والتهذيب 4: 329 - 330 حديث 1028.
(3) الأم 7: 71، ومختصر المزني: 298، وحلية العلماء 3: 386، والمجموع 8: 457 و 482، والوجيز
2: 234، والميزان الكبرى 2: 54 وبدائع الصنائع 5: 83، وعمدة القاري 23: 213، وفتح
الباري 11: 591، والحاوي الكبير 15: 493.
(4) عمدة القاري 23: 213، وبدائع الصنائع 5: 83، وفتح الباري 4: 239، وحلية العلماء
3: 386، والمجموع 8: 457 و 482، والميزان الكبرى 2: 54، والحاوي الكبير 15: 493.
(5) سنن أبي داود 3: 232 حديث 3292، وسنن ابن ماجة 1: 686 حديث 2124 و
2125، وسنن النسائي 7: 29 و 30، ومعجم الطبراني الكبير 18: 174 حديث 397، والسنن
الكبرى 10: 69، والمستدرك على الصحيحين 4: 305، وتلخيص الحبير 4: 175 حديث
2058 و 2060.
199

مسألة 13: إذا قال: لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان،
فقدم ليلا، لا يلزمه الصوم أصلا، لأنه ما وجد شرطه بلا خلاف، وإن قدم
في بعض نهار، فلا نص لأصحابنا فيه، والذي يقتضي المذهب أنه لا ينعقد
نذره، ولا يلزم صومه، ولا صوم يوم بدله.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، وهو اختيار أبي حامد (1).
والثاني: ينعقد نذره، وعليه صوم يوم آخر، وهو اختيار الشافعي والمزني (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب صوم يوم بدل هذا يحتاج إلى
دليل، ويدل على أن نذره لا ينعقد أنه نذر صوما لا يمكنه الوفاء به، لأن
بعض يوم لا يكون صوما، وجرى ذلك مجرى أن يقول: يوم يقدم أصوم
أمسه، فإنه لا يكون نذرا صحيحا لاستحالته.
مسألة 14: إذا قال: لله علي أن أصوم كل خميس، فوافق ذلك شهر
رمضان فصامه أجزأه عن رمضان، ولم يقع عن النذر سواء نوى به صوم
شهر رمضان أو صوم النذر، ولم يقع على النذر بحال.
وقال الشافعي: إن نوى صوم شهر رمضان أجزأه عنه، وإن نوى صوم
النذر لم يجزه عن واحد منهما (3).

(1) الأم 7: 70، وحلية العلماء 3: 396، والسراج الوهاج: 585، والمجموع 8: 484، و 485،
والوجيز 2: 234، ومغني المحتاج 4: 361، والمغني لابن قدامة 11: 359، والشرح الكبير
11: 346 و 347.
(2) الأم 7: 70، ومختصر المزني: 297 و 298، وحلية العلماء 3: 369، والسراج الوهاج: 585،
ومغني المحتاج 4: 361، والوجيز 2: 234، والمجموع 8: 484 و 485، والمغني لابن قدامة
11: 359، والشرح الكبير 11: 346 و 347.
(3) المجموع 6: 263، والحاوي الكبير 3: 403، و 15: 498.
200

دليلنا: على أنه يجزيه عن رمضان: هو أنه زمان لا يمكن أن يقع فيه
صوم غير رمضان، فلا يحتاج إلى نية التعيين، وقد مضت في كتاب
الصيام (1)، وإيجاب صوم يوم بدله يحتاج إلى دليل.
مسألة 15: إذا نذر أن يصوم يوما بعينه، فأفطر من غير عذر، وجب عليه
قضاؤه، وعليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا من الكفارة.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وطريقة الاحتياط.
مسألة 16: إذا نذر في معصية أن يصوم يوما بعينه، كان نذره باطلا،
ولا يلزمه قضاء ولا كفارة إذا أفطر. وبه قال الشافعي وأصحابه (4).
وقال الربيع: فيها قول آخر، أن عليه كفارة يمين لكل نذر معصية (5).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وعلى من شغلها الدلالة.
مسألة 17: إذا نذر أن يصوم ولم يذكر مقداره، لزمه صوم يوم بلا
خلاف، لأنه أقل ما يقع عليه الاسم، وإن نذر أن يصلي لزمه صلاة
ركعتين.

(1) انظر كتاب الصوم 2: 164 مسألة (4).
(2) انظر المغني لابن قدامة 11: 368 - 369، والشرح الكبير 11: 350.
(3) الكافي 7: 456 حديث 12، والتهذيب 8: 305 حديث 1135.
(4) مختصر المزني: 298، وحلية العلماء 3: 386، والوجيز 2: 234، وبداية المجتهد 1: 409، والمغني
لابن قدامة 11: 335، وسنن الترمذي 4: 104 ذيل حديث 1525، والحاوي الكبير 15: 500 و 501.
(5) حلية العلماء 3: 386، والحاوي الكبير 15: 501.
201

وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: وهو المذهب مثل ما قلناه.
والثاني: أنه يلزمه صلاة ركعة واحدة، لأنها أقل صلاة في الشرع، وهي
الوتر (1).
دليلنا: طريقة الاحتياط، فإن ما ذكرناه تبرأ به ذمته بلا خلاف،
وليس تبرأ ذمته بصلاة ركعة واحدة بيقين.
مسألة 18: إذا نذر أن يعتق رقبة مطلقة، أجزأه أي رقبة أعتقها، مؤمنة
كانت أو كافرة، سليمة كانت أو معيبة، والأفضل أن تكون مؤمنة سليمة.
وللشافعي فيه قولان، أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني: أنه لا يجزيه إلا
ما يجزيه في الكفارة، من كونها مؤمنة سليمة من العيوب (2).
دليلنا: أن ظاهر اسم الرقبة يتناوله، فيجب أن يجزيه، وما زاد عليه
يحتاج إلى دليل.
مسألة 19: إذا قال: أيمان البيعة لازمة لي، أو حلف بأيمان البيعة لا
دخلت الدار، لم يلزمه شئ، ولا يكون يمينا، سواء عني بذلك حقيقة البيعة
التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله من المصافحة وبعده إلى
أيام الحجاج، أو ما حدث في أيام الحجاج من اليمين بالطلاق والعتق وغير

(1) حلية العلماء 3: 394، والمجموع 8: 472 و 477، والمغني لابن قدامة 11: 345 و 346،
والشرح الكبير 11: 359 و 360، والبحر الزخار 5: 272، والحاوي الكبير 15: 502
(2) حلية العلماء 3: 389، والمجموع 8: 462، والشرح الكبير 11: 367، والحاوي الكبير
15: 503 - 504.
202

ذلك، سواء صرح بذلك أو نواه على كل حال.
وقال الشافعي: إن لم ينو بذلك شيئا كان لاغيا، وإن نوى أيمان
الحجاج ونطق، فقال أيمان البيعة لازمة لي بطلاقها وعتاقها، انعقدت يمينه،
لأنه حلف بالطلاق، وإن لم ينطق بذلك ونوى الطلاق والعتق انعقدت
يمينه أيضا، لأنها كناية عن الطلاق والعتق (1).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وانعقاد ذلك يحتاج إلى دليل، وعليه
أيضا إجماع الفرقة، فإنهم مجمعون على أن اليمين بالطلاق والعتاق باطلة،
وهذا لو كان صريحا بهما لبطل بما قلناه.
مسألة 20: إذا نذر ذبح آدمي، كان نذره باطلا، لا يتعلق به حكم،
وكان كلامه لغوا. وبه قال أبو يوسف والشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: إن نذر ذبح ولده فعليه شاة (3).
وروي ذلك عن ابن عباس (4). وروي عنه أيضا أنه قال: من نذر ذبح
ولده فعليه دم (5)، وإن نذر ذبح غيره من أقارب آبائه وأجداده وأمهاته فلا

(1) المجموع 8: 462، والمغني لابن قدامة 11: 331، والحاوي الكبير 15: 505 - 506.
(2) حلية العلماء 3: 387، والميزان الكبرى 2: 54 و 55، والمحلى 8: 18، وبداية المجتهد 1: 413،
وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1607، والشرح الكبير 11: 338، والمبسوط 8: 139، وبدائع
الصنائع 5: 85، والحاوي الكبير 15: 489.
(3) المبسوط 8: 139 و 142، وبدائع الصنائع 5: 85، والمحلى 8: 16 و 17، وحلية العلماء
3: 387، وبداية المجتهد 1: 413، والشرح الكبير 11: 337، وأحكام القرآن لابن العربي
4: 1607، والميزان الكبرى 2: 55، والحاوي الكبير: 15: 489.
(4) السنن الكبرى 10: 72 و 73، والمحلى 8: 16 و 17، وأحكام القرآن لابن العربي 4: 1607،
والحاوي الكبير 15: 489.
(5) مجمع الزوائد 4: 190، معجم الطبراني 11: 353 - 354 حديث 11995. والمصنف
لعبد الرزاق 8: 460 حديث 15905.
203

شئ عليه (1).
وقال محمد: إن نذر ذبح ولده أو غلامه فعليه شاة، لأن تصرفه فيهما
سواء، وإن نذر ذبح غيرهما فلا شئ عليه (2).
وقال سعيد بن المسيب: عليه كفارة اليمين، لأنه نذر في معصية. قال:
وهكذا كل نذر في معصية، فعلى الناذر كفارة يمين، لأنه نذر في معصية (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وشغلها يحتاج إلى دليل.
وروى عمران بن حصين أن النبي عليه السلام قال: " لا نذر في
معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم " (4)، وهذا معصية، ولا يملكه ابن آدم
أبدا.

(1) المبسوط 8: 139 و 142، وبدائع الصنائع 5: 85، والمحلى 8: 17، والحاوي الكبير 15: 489.
(2) المبسوط 8: 142، وبدائع الصنائع 5: 85، والمحلى 8: 17، وحلية العلماء 3: 387، والحاوي
الكبير 15: 489.
(3) حلية العلماء 3: 387، والحاوي الكبير 15: 489.
(4) كنز العمال 16: 711 حديث 46468، وسنن ابن ماجة 1: 686 حديث 2124، وسنن
النسائي 7: 29 و 30، وسنن الدارقطني 4: 183، حديث 37، وترتيب مسند الشافعي 2: 75
حديث 249، والسنن الكبرى 10: 69، وفتح الباري 11: 587، وتلخيص الحبير 4: 175
حديث 2058 وفي بعضها باختلاف يسير في اللفظ.
204

كتاب آداب القضاء
205

كتاب آداب القضاء
مسألة 1: لا يجوز أن يتولى القضاء إلا من كان عالما بجميع ما ولي، ولا
يجوز أن يشذ عنه شئ من ذلك، ولا يجوز أن يقلد غيره ثم يقضي به.
وقال الشافعي: ينبغي أن يكون من أهل الاجتهاد، ولا يكون عاميا،
ولا يجب أن يكون عالما بجميع ما وليه (1).
وقال في القديم مثل ما قلناه (2).
وقال أبو حنيفة: يجوز أن يكون جاهلا بجميع ما وليه إذا كان ثقة،
ويستفتي الفقهاء ويحكم به (3).

(1) الأم 7: 93، وحلية العلماء 8: 114، والوجيز 2: 237، والسراج الوهاج: 588، ومغني المحتاج
4: 375، والمجموع 20: 150، والميزان الكبرى 2: 188، وكفاية الأخيار 2: 158، وبداية
المجتهد 2: 449، والمغني لابن قدامة 11: 383، والشرح الكبير 11: 389، والأحكام السلطانية
للماوردي: 67، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 5: 456، وشرح فتح القدير 5: 456، وشرح فتح القدير 5: 456،
وتبيين الحقائق 4: 176، والبحر الزخار 6: 119.
(2) الأحكام السلطانية للماوردي: 67.
(3) بدائع الصنائع 7: 5، وشرح فتح القدير 5: 456، والهداية 5: 456، وتبيين الحقائق 4: 176،
والفتاوى الهندية 3: 307، والمغني لابن قدامة 11: 383، وحلية العلماء 8: 115، والشرح
الكبير 11: 389، والبحر الزخار 6: 120.
207

ووافقنا في العامي أنه لا يجوز أن يفتي.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وأيضا تولية الولاية لمن لا يحسنها
قبيحة في العقول، بأدلة ليس هذا موضع ذكرها، بيناها في غير موضع،
وأيضا ما اعتبرناه مجمع على جواز توليته، وليس على ما قالوه دليل.
وأيضا قوله تعالى: " فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله وإلى
الرسول " (2) وقال: " وما اختلفتم به من شئ فحكمه إلى الله " (3) ثبت
أن الرجوع إلى الحجة لا غير، وأيضا قوله: " وأن احكم بينهم بما أنزل
الله " (4) ومن حكم بالتقليد فما حكم بما أنزل الله.
وأيضا: روي عن النبي عليه السلام أنه قال: " القضاة ثلاثة: واحد في
الجنة واثنان في النار، والذي في الجنة رجل عرف الحق فاجتهد، فحكم
فعدل، ورجل عرف فحكم فجار فذاك في النار، ورجل قضى بين الناس
على جهل فذاك في النار " (5). ومن قضى بالفتيا فقد قضى على جهل.
وروى الشافعي في حديث رفعه إلى ابن عمر، قال في رجل قضى بغير
علم: فذاك في النار (6) ومن قضى بالفتيا فقد قضى بغير علم، لأن الفتيا لا

(1) المحاسن للبرقي: 205 حديث 60، والكافي 7: 409 حديث 2.
(2) النساء: 59.
(3) الشورى: 10.
(4) المائدة: 49.
(5) سنن أبي داود 3: 299 حديث 3573، وسنن ابن ماجة 2: 776 حديث 2315، وتلخيص
الحبير 4: 185 حديث 2082 وكنز العمال 6: 91 حديث 14980 - 14982 وفي الجميع
باختلاف يسير في اللفظ.
(6) لم أقف على هذا الحديث في مظانه من المصادر المتوفرة.
208

تفضي إلى علم.
وروي أن النبي عليه السلام لما بعث معاذا إلى اليمين قال: بم تقضي
بينهم يا معاذ؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول
الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: اجتهد رأيي - وفي بعضها استأذن جلسائي -
فقال النبي: الحمد لله الذي وفق رسوله صلى الله عليه وآله (1)، ولم يقل أقلد
العلماء.
ولأنه إجماع الصحابة فإن الكل اجتهدوا وتركوا التقليد في مسألة الحرام
والمشتركة، وميراث الجد، والعول، ولم يرجع بعضهم إلى بعض في تقليد،
فثبت بذلك أنهم أجمعوا على ترك التقليد، وعند أبي حنيفة يقلد العالم
ويقضي بقوله (2).
وروي عنه عليه السلام أنه قال: " من قضي بين الناس على جهل فهو
في النار " (3).
مسألة 2: إذا كان هناك جماعة يعلمون القضاء على حد واحد، فعين
الإمام واحدا منهم، فولاه، لم يكن له الامتناع من قبوله.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والآخر يجوز له الامتناع،

(1) سنن أبي داود 3: 303 حديث 3592، وسنن الترمذي 3: 616 حديث 1327، وسنن الدارمي
1: 60، ومسند أحمد بن حنبل 5: 230 و 236، ونصب الراية 4: 63، وتلخيص الحبير
4: 182 حديث 2076 باختلاف في اللفظ.
(2) أنظر حلية العلماء 8: 115، وبداية المجتهد 2: 449، والمغني لابن قدامة 11: 383، والشرح
الكبير 11: 389، وبدائع الصنائع 7: 5، والأحكام السلطانية للماوردي: 65 و 66،
والفتاوى الهندية 3: 307.
(3) قطعة من الحديث المتقدم قبل قليل فلاحظ.
209

لأنه من فروض الكفايات (1).
دليلنا: أن الإمام معصوم عندنا، فإذا أمر بأمر لا يجوز خلافه، لأن ذلك
معصية وإثم، يستحق الإثم والعقاب.
مسألة 3: لا يكره الجلوس في المساجد للقضاء بين الناس، وبه قال
الشعبي ومالك، وأحمد، وإسحاق (2).
وقال عمر بن عبد العزيز: يكره ذلك أن يقصده (3).
وروى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب كتب إلى القضاة أن لا
تقضوا في المساجد (4).
وقال الشافعي: ذلك مكروه (5).
وعن أبي حنيفة روايتان: إحداهما مثل ما قلناه، والأخرى مثل قول

(1) حلية العلماء 8: 113، والمجموع 20: 126، والوجيز 2: 237، والسراج الوهاج: 587، ومغني
المحتاج 4: 373 7 والميزان الكبرى 2: 189.
(2) المدونة الكبرى 5: 144، وأسهل المدارك 3: 199، والمغني لابن قدامة 11: 389، والشرح
الكبير 11: 398، وحلية العلماء 8: 125، ورحمة الأمة 2: 190، والميزان الكبرى 2: 189،
وفتح الباري 13: 155 و 156، ونصب الراية 4: 72، والحاوي الكبير 16: 31.
(3) السنن الكبرى 10: 103، وفتح الباري 13: 156.
(4) والحاوي الكبير 16: 31، والمغني لابن قدامة: 389 وفيه: روي أن عمر كتب إلى
القاسم بن عبد الرحمان أن لا تقضي في المسجد.
(5) الأم 6: 198، ورحمة الأمة 2: 190، والوجيز 2: 240، والسراج الوهاج: 592، ومغني المحتاج
4: 390، والميزان الكبرى 2: 189، وحلية العلماء 8: 125، وكفاية الأخيار 2: 159 و 160،
والمغني لابن قدامة 11: 389، والشرح الكبير 11: 398، والهداية 5: 465، وشرح فتح القدير
5: 465، وفتح الباري 13: 156، وتبيين الحقائق 4: 178، والبحر الزخار 6: 125، والسنن
الكبرى 1: 102، والحاوي الكبير 16: 31.
210

الشافعي (1).
دليلنا أن الأصل جواز ذلك، والمنع يحتاج إلى دليل، ولأن النبي عليه
السلام لا خلاف أنه كان يقضي في المسجد، فلو كان مكروها ما فعله،
وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام يقضي بالكوفة في الجامع، ودكة
القضاء معروفة إلى يومنا هذا، وهو إجماع الصحابة (2).
وروي أن عمر بن الخطاب وعثمان كانا يقضيان في المسجد بين
الناس، ولا مخالف لهما (3).
مسألة 4: يكره إقامة الحدود في المساجد، وبه قال جميع الفقهاء (4).
وحكي عن أبي حنيفة جوازه (5)، وقال: يفرش نطع (6)، فإن كان منه
حدث يكون عليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (7)، وأيضا فإن في إقامة الحدود القتل

(1) المبسوط 16: 107، وبدائع الصنائع 7: 13، واللباب 3: 207، والهداية 5: 465، وشرح فتح
القدير 5: 465، وتبيين الحقائق 4: 178، والفتاوى الهندية 3: 319، وحلية العلماء 8: 125،
ورحمة الأمة 2: 190، والبحر الزخار 6: 126، والحاوي الكبير 16: 31.
(2) صحيح البخاري 9: 85 و 86، وبدائع الصنائع 7: 13، ونصب الراية 4: 71.
(3) المغني لابن قدامة 11: 398، وبدائع الصنائع 7: 13، ونصب الراية
4: 72، والحاوي الكبير 16: 31.
(4) الأم 6: 198، والمدونة الكبرى 5: 144، والمبسوط 16: 107، وبدائع الصنائع 7: 60، وفتح
الباري 13: 157، والسنن الكبرى 10: 103، والحاوي الكبير 16: 32.
(5) الحاوي الكبير 16: 32.
(6) النطع: قطعة من الأدم. انظر لسان العرب 8: 357، مادة (نطع).
(7) من لا يحضره الفقيه 1: 154 حديث 716، والخصال 2: 410 حديث 13، وعلل الشرائع
2: 319 حديث 2، والتهذيب 3: 249 حديث 682.
211

على وجه القصاص، ولا ينفك ذلك من نجاسة، والمسجد ينزه عن ذلك،
والنطع غير مانع من النجاسة، لأن النطع إذا كان في المسجد فالنجاسة
تحصل فيه، وذلك لا يجوز.
وروي عن ابن عباس أن النبي عليه السلام قال: " لا تقام الحدود في
المساجد " (1).
وروى حكيم بن حزام، أن النبي عليه السلام " نهى أن تقام الحدود في
المساجد، وأن يستقاد فيها " (2).
مسألة 5: من شرط القاضي أن يكون عدلا، ولا يجوز أن يكون فاسقا،
وبه قال جميع الفقهاء (3).
وقال الأصم: يجوز أن يكون فاسقا (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، بل إجماع الأمة، لأن خلاف الأصم قد انقرض،
وأيضا من جوزناه مجمع على جواز توليته، وما ذكره ليس عليه دليل.

(1) سنن الترمذي 4: 19 حديث 1401، وسنن ابن ماجة 2: 867 حديث 2599، وسنن
الدارقطني 3: 141 - 142 حديث 180 و 184، وسنن الدارمي 2: 190، والمعجم الكبير
11: 6 حديث 10846، ونصب الراية 4: 340، وتلخيص الحبير 4: 77 حديث 1800.
(2) سنن الدارقطني 3: 86 حديث 13 و 14، ومسند أحمد بن حنبل 3: 434، والسنن الكبرى
8: 328 و 10: 103.
(3) المغني لابن قدامة 11: 382، وبداية المجتهد 2: 451، وحلية العلماء 8: 113، وكفاية الأخيار
2: 158، والمجموع 20: 126، والوجيز 2: 237، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 5: 455،
والأحكام السلطانية للماوردي: 66، وأسهل المدارك 3: 196، والبحر الزخار 6: 119،
والشرح الكبير 11: 387.
(4) حلية العلماء 8: 113، والمغني لابن قدامة 11: 382، والبحر الزخار 6: 119.
212

مسألة 6: لا يجوز أن تكون المرأة قاضية في شئ من الأحكام، وبه قال
الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: يجوز أن تكون قاضية فيما يجوز أن تكون شاهدة فيه،
وهو جميع الأحكام إلا الحدود والقصاص (2).
وقال ابن جرير: يجوز أن تكون قاضية في كل ما يجوز أن يكون الرجل
قاضيا فيه، لأنها تعد من أهل الاجتهاد (3).
دليلنا: أن جواز ذلك يحتاج إلى دليل، لأن القضاء حكم شرعي، فمن
يصلح له يحتاج إلى دليل شرعي.
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: " لا يفلح قوم وليتهم امرأة " (4).

(1) حلية العلماء 8: 114، وكفاية الأخيار 2: 158، والوجيز 2: 237، والسراج الوهاج: 588،
ومغني المحتاج 4: 375، والمجموع 20: 150، والميزان الكبرى 2: 189، وتبيين الحقائق
4: 187، والحاوي الكبير 16: 156.
(2) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 5: 485، وشرح فتح القدير 5: 485، واللباب 3: 211،
وتبيين الحقائق 4: 187، والمحلى 9: 429، والمغني لابن قدامة 11: 381، والشرح الكبير
11: 387، وبداية المجتهد 2: 449، وحلية العلماء 8: 114، والمجموع 20: 150 والميزان
الكبرى 2: 189، ونيل الأوطار 9: 168، والأحكام السلطانية للماوردي 65، والحاوي
الكبير 16: 156.
(3) المغني لابن قدامة 11: 381، والشرح الكبير 11: 387، وحلية العلماء 8: 114، والمجموع
20: 151 والميزان الكبرى 2: 189، وبداية المجتهد 2: 449، والحاوي الكبير 16: 156.
(4) روي الحديث بألفاظ مختلفة منها: " ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " و " لا يفلح قوم ولوا أمرهم
امرأة " وفي بعضها لن يفلح قوم... أيضا. انظر المغني لابن قدامة 11: 381، والشرح الكبير
11: 387، وكنز العمال 6: 79 حديث 14922، وتلخيص الحبير 4: 184 حديث 2081،
والبحر الزخار 6: 118.
213

وقال عليه السلام: " أخروهن من حيث أخرهن الله " (1) فمن أجاز لها
أن تلي القضاء فقد قدمها وأخر الرجل عنها.
وقال: من فاته شئ في صلاته فليسبح، فإن التسبيح للرجال
والتصفيق للنساء (2)، فإن النبي عليه السلام منعها من النطق لئلا يسمع
كلامها، مخافة الافتتان بها، فبأن تمنع القضاء الذي يشتمل على الكلام
وغيره أولى.
مسألة 7: إذا قضى الحاكم بحكم فأخطأ فيه، ثم بان أنه أخطأ، أو بان
أن حاكما كان قبله قد أخطأ فيما حكم به وجب نقضه، ولا يجوز الإقرار
عليه بحال.
وقال الشافعي: إن أخطأ فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد، بأن خالف نص
كتاب، أو سنة، أو إجماعا، أو دليلا لا يحتمل إلا معنى واحدا - وهو القياس
الجلي على قول بعضهم، والقياس الجلي والواضح على قول الباقين منهم - فإنه
ينقض حكمه، وإن أخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد، لم ينقض حكمه (3).
وقال مالك وأبو حنيفة: إن خالف كتاب الله أو سنة لم ينقض حكمه،

(1) عمدة القاري 5: 261، والمصنف لعبد الرزاق 3: 149، وشرح فتح القدير 1: 253 و 255،
ونيل الأوطار 3: 220، ونصب الراية 2: 36، والبحر الزخار 6: 118.
(2) سنن الدارمي 1: 317، وموطأ مالك 1: 163 حديث 61، وسنن النسائي 2: 83، وفيه:
" وليصفح " وهو ذيل حديث طويل، وهكذا 3: 3 ومسند أحمد بن حنبل 5: 333 باختلاف
يسير في اللفظ.
(3) الأم 6: 204 و 212، ومختصر المزني: 299، ومغني المحتاج 4: 396، والسراج الوهاج: 593،
والمجموع 20: 138، والوجيز 2: 241، والمغني لابن قدامة 11: 404 و 405، والشرح الكبير
11: 413، والبحر الزخار 6: 136، والحاوي الكبير 16: 172 - 173.
214

وإن خالف الإجماع نقض حكمه (1).
وناقض كل واحد أصله، فقال مالك: إن حكم بالشفعة للجار نقض
حكمه (2). وهذه مسألة خلاف.
وقال محمد بن الحسن: إن حكم بالشاهد واليمين نقض حكمه (3).
وقال أبو حنيفة: إن حكم بالقرعة بين العبيد، أو بجواز بيع ما تركت
التسمية على ذبحه عامدا نقض حكمه، لأنه حكم بجواز بيع الميتة (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وأيضا فقد ثبت عندنا أن الحق في
واحد، وأن القول بالقياس والاجتهاد باطل، فإذا ثبت ذلك فكل من قال
بهذا قال بما قلناه، وإنما خالف في ذلك من جوز الاجتهاد.
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال " من أدخل في ديننا ما ليس
منه فهو رد " (6).

(1) الحاوي الكبير 16: 173، وقد أشارت المصادر المالكية والحنفية المتوفرة إلى نقض الحكم
بمخالفته إلى نص من كتاب أو سنة أو إجماع، ولم تشر إلى التفصيل المذكور، فلاحظ على
سبيل المثال: أسهل المدارك 3: 203 و 204، وبدائع الصنائع 7: 14، والهداية 5: 487،
واللباب 3: 214، وتبيين الحقائق 4: 188، نعم أشار إلى القول المذكور ابن قدامة في المغني
11: 405، والشرح الكبير 11: 413 فلا حظ.
(2) المغني لابن قدامة 11: 405، والشرح الكبير 11: 413، والحاوي الكبير 16: 174.
(3) المصادر السابقة.
(4) المصادر السابقة.
(5) الكافي 7: 407 - 408 حديث 1 - 4، ومن لا يحضره الفقيه 3: 5 حديث 14 و 15، ودعائم
الإسلام 2: 537، والتهذيب 6: 221 حديث 522 - 524.
(6) الحاوي الكبير 16: 174، ورواه ابن أبي جمهور الأحسائي في عوالي اللآلي 1: 240 حديث
160 مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله.
215

وقال عليه السلام: " ردوا الجهالات إلى السنن " (1) وهذه جهالة.
وروي عن عمر: أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري كتابا يقول فيه:
ولا يمنعك قضاء قضيت به اليوم، ثم راجعت رأيك، فهديت لرشدك، أن
تراجع، فإن الحق قديم ولا يبطله شئ وإن الرجوع إلى الحق أولى من
التمادي في الباطل (2).
مسألة 8: إذا عزل حاكم، فادعى عليه إنسان أنه حكم على شهادة
فاسقين، وأخذ منه مالا ودفعه إلى من ادعاه، سئل عن ذلك، فإن اعترف
به لزمه الضمان بلا خلاف، وإن أنكر كان على المدعي البينة، وإن لم
يكن معه بينة كان القول قوله مع يمينه ولم يكن عليه بينة على صفة الشهود.
وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: عليه إقامة البينة على ذلك، لأنه قد اعترف بالحكم،
ونقل المال عنه إلى غيره، وهو يدعي ما يزيل ضمانه عنه فلا يقبل منه (4).
دليلنا: أن الظاهر من الحاكم أنه أمين كالمودع، فلا يطالب بالبينة،
ويكون القول قوله مع يمينه.
مسألة 9: الترجمة لا تثبت إلا بشهادة شاهدين، لأنها شهادة، وبه قال

(1) الحاوي الكبير 16: 174، وروي في المجموع 20: 155 بلفظ " ردوا الجهالات إلى السنة "
وروي في عوالي اللآلي 1: 240 بلفظ " ردوا الجهالات ".
(2) سنن الدارقطني 4: 206 حديث 15 و 16، والسنن الكبرى 10: 119.
(3) السراج الوهاج: 590، ومغني المحتاج 4: 384.
(4) الهداية 5: 531، وشرح فتح القدير 5: 531، وتبيين الحقائق 4: 205.
216

الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لا يفتقر إلى عدد، بل يقبل فيه شهادة
واحد، لأنه خبر، بدليل أنه لا يفتقر إلى لفظ الشهادة (2).
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على قبوله، وما ادعوه ليس عليه دليل، وقد
اعتبر الشافعي لفظ الشهادة في ذلك.
مسألة 10: إذا شهد عند الحاكم شاهدان يعرف إسلامهما، ولا يعرف
فيهما جرح، حكم بشهادتهما، ولا يقف على البحث إلا أن يجرح المحكوم
عليه فيهما، بأن يقول: هما فاسقان، فحينئذ يجب عليه البحث.
وقال أبو حنيفة: إن كانت شهادتهما في الأموال، والنكاح، والطلاق،
والنسب كما قلناه. وإن كانت في قصاص، أو حد لا يحكم حتى يبحث
عن عدالتهما (3).
وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: لا يجوز له أن يحكم حتى يبحث

(1) الأم 6: 204، ومختصر المزني: 299، وحلية العلماء 8: 146، والوجيز 2: 240، والمجموع
20: 162 و 170، والميزان الكبرى 2: 190، ورحمة الأمة 2: 191، والمغني لابن قدامة
11: 475 و 476، والشرح الكبير 11: 454، وعمدة القاري 24: 266 و 267، وفتح الباري
13: 186، والحاوي الكبير 16: 176.
(2) المبسوط 16: 89، وعمدة القاري 24: 267، وفتح الباري 13: 186، وبدائع الصنائع
7: 11، وحلية العلماء 8: 146، والميزان الكبرى 2: 190، ورحمة الأمة 2: 191، والمغني لابن
قدامة 11: 476، والشرح الكبير 11: 454، وتبيين الحقائق 4: 212، والبحر الزخار 6: 128،
والحاوي الكبير 16: 176.
(3) النتف 2: 776، واللباب 3: 184، والهداية 6: 12، وشرح فتح القدير 6: 12، والمغني لابن
قدامة 11: 416، والشرح الكبير 11: 441، وحلية العلماء 8: 128، وبداية المجتهد 2: 451،
والجامع لأحكام القرآن 3: 396، والحاوي الكبير 16: 179.
217

عنهما، فإذا عرفهما عدلين حكم، وإلا توقف في جميع الأشياء، ولم يخصوا به
شيئا دون شئ (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وأيضا الأصل في الإسلام العدالة، والفسق طار عليه يحتاج إلى دليل.
وأيضا نحن نعلم أنه ما كان البحث في أيام النبي عليه السلام، ولا أيام
الصحابة، ولا أيام التابعين، وإنما هو شئ أحدثه شريك بن عبد الله
القاضي (3)، فلو كان شرطا ما أجمع أهل الأعصار على تركه.
مسألة 11: الجرح والتعديل لا يقبل إلا عن اثنين يشهدان بذلك، فإذا
شهدا بذلك عمل عليه، وبه قال مالك ومحمد والشافعي (4).

(1) مختصر المزني: 300، وحلية العلماء 8: 128، وكفاية الأخيار 2: 162، والوجيز 2: 242،
والسراج الوهاج: 594، ومغني المحتاج 4: 403، والمغني لابن قدامة 11: 416، والشرح الكبير
11: 441، والنتف 2: 776، واللباب 3: 185 والهداية 6: 12، وشرح فتح القدير 6: 12،
والحاوي الكبير 16: 179.
(2) انظر الكافي 7: 395 باب ما يرد من الشهود، ومن لا يحضره الفقيه 3: 25 باب ما يجب رد
شهادته ويجب قبوله، والتهذيب 6: 242 حديث 598، ودعائم الإسلام 2: 509 حديث
1820.
(3) شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي، أبو عبد الله الكوفي، القاضي، روى عن زياد بن
علاقة وأبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وغيرهم. وعنه ابن مهدي ووكيع ويحيى بن
آدم وجماعة. ولد سنة (90) ومات سنة سبع وسبعين ومائة، كذا أرخه غير واحد. تهذيب
التهذيب 4: 333 - 337.
(4) الأم 6: 205، ومختصر المزني: 300، والمدونة الكبرى 5: 202، والنتف 2: 775 و 776،
وبدائع الصنائع 7: 11، والهداية 6: 15، وشرح فتح القدير 6: 15، والمغني لابن قدامة
11: 422، ورحمة الأمة 2: 191، والميزان الكبرى 2: 190، والوجيز 2: 242، وكفاية الأخيار
2: 162، والمجموع 20: 135، وحلية العلماء 8: 129، والحاوي الكبير 16: 187.
218

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: يجوز أن يقتصر على واحد، لأنه إخبار (1).
وذكر الداركي (2)، عن أبي إسحاق (3)، أنه قال: العدد معتبر فيمن
يزكي الشاهدين، ولا يعتبر في أصحاب مسائله، فإذا عاد إليه صاحب
مسألة فإن جرح توقف في الشهادة، وإن زكاه بعث الحاكم إلى المسؤول
عنه، وإذا زكاه اثنان عمل على ذلك (4).
دليلنا: أن الجرح والتعديل حكم من الأحكام، ولا يثبت الأحكام إلا
بشهادة شاهدين، ولأن ما قلناه مجمع على وقوع الجرح به، وما ذكروه ليس
عليه دليل.
مسألة 12: إذا شهد اثنان بالجرح، وشهد آخران بالتعديل، وجب على
الحاكم أن يتوقف.
وقال الشافعي: يعمل على الجرح دون التعديل (5).

(1) النتف 2: 776، وبدائع الصنائع 7: 11، والهداية 6: 15، وشرح فتح القدير 6: 15، والمغني
لابن قدامة 11: 422، ورحمة الأمة 2: 191، والميزان الكبرى 2: 190، وحلية العلماء
8: 129، والحاوي الكبير 16: 187.
(2) أبو القاسم، عبد العزيز بن عبد الله بن محمد الداركي، درس بنيسابور ثم رحل إلى بغداد وانتهت
إليه رئاسة العلم بها، وكان أبوه محدث أصفهان في وقته، توفي هو ببغداد يوم الجمعة لثلاث
عشر ليلة خلت من شوال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، طبقات الشافعية: 31، وطبقات
الشافعية الكبرى 2: 240.
(3) هو أبو إسحاق المروزي إبراهيم بن أحمد تقدمت ترجمته في المسألة 37 من كتاب الطلاق.
(4) حلية العلماء 8: 129.
(5) الأم 6: 205، ومختصر المزني: 300، والوجيز 2: 243، والمجموع 20: 136، والسراج الوهاج:
595، ومغني المحتاج 4: 405، والشرح الكبير 11: 452، والمغني لابن قدامة 11: 421.
219

وقال أبو حنيفة: يقبل الأمران، فيقاس الجرح على التزكية (1).
دليلنا: أنه إذا تقابل الشهادتان، ولا ترجيح لأحد الشاهدين، وجب
التوقف.
مسألة 13: لا يقبل الجرح إلا مفسرا، وتقبل التزكية من غير تفسير، وبه
قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: يقبل الأمران مطلقا (3)، فيقاس الجرح على التزكية.
دليلنا: أن الناس يختلفون فيما هو جرح وما ليس بجرح، فيجب أن
يفسر، فإنه ربما اعتقد فيما ليس بجرح أنه جرح، فإذا فسره عمل القاضي بما
يقتضي الشرع فيه من تعديل أو جرح.
مسألة 14: شارب النبيذ يفسق عندنا، وبه قال مالك (4).
وقال الشافعي: لا يفسق (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا النبيذ والخمر عندنا سواء، وقد
دللنا عليه فيما مضى، ومن أحكام الخمر فسق من شربه بلا خلاف،

(1) بدائع الصنائع 7: 11.
(2) حلية العلماء 8: 129، ومغني المحتاج 4: 404، والسراج الوهاج: 595، والمجموع 20: 136،
والمغني لابن قدامة 11: 424، والشرح الكبير 11: 448، والحاوي الكبير 16: 192.
(3) بدائع الصنائع 7: 11، وحلية العلماء 8: 129، والمغني لابن قدامة 11: 424، والشرح الكبير
11: 448، والحاوي الكبير 16: 192.
(4) حلية العلماء 8: 252، والحاوي الكبير 16: 193.
(5) الأم 6: 206 و 207، ومختصر المزني 311، وحلية العلماء 8: 251، والوجيز 2: 250،
والمجموع 20: 229، والحاوي الكبير 16: 193.
220

فكذلك حكم النبيذ (1).
مسألة 15: إذا حضر الغرباء في بلد عند الحاكم، فشهد عنده اثنان،
فإن عرفا بعدالة حكم، وإن عرفا بالفسق وقف، وإن لم يعرف عدالة ولا
فسقا بحث عنهما، وسواء كان لهما السيماء الحسنة والمنظر الجميل وظاهر
الصدق، وبه قال الشافعي (2).
وقال مالك: إن كان المنظر الحسن توسم فيهما العدالة، حكم
بشهادتهما (3).
دليلنا: قوله تعالى: " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون
من الشهداء " (4) وهذا ما رضي بهما.
مسألة 16: إذا حضر خصمان عند القاضي، فادعى أحدهما على
الآخر مالا، فأقر له بذلك، فسأل المقر له القاضي أن يكتب له بذلك
محضرا، والقاضي لا يعرفهما، ذكر بعض أصحابنا أنه لا يجوز له أن يكتب،
لأنهما يجوز أن يكونا استعارا نسبا باطلا وتواطئا على ذلك.
وبه قال ابن
جرير الطبري (5).
وقال جميع الفقهاء أنه يكتب، ويحليهما بحلاهما التامة، ويضبط

(1) تقدم في كتاب الأشربة (مسألة 3) فلاحظ.
(2) حلية العلماء 8: 144، والمغني لابن قدامة 11: 416، والحاوي الكبير 16: 179.
(3) أسهل المدارك 3: 207، وحلية العلماء 8: 144، والحاوي الكبير 16: 179.
(4) البقرة: 282.
(5) لم أظفر على قول الطبري في مظانه في المصادر المتوفرة، بل ذكر القول من دون نسبة ابن قدامة
في مغنيه 11: 432 فلاحظ.
221

ذلك (1).
والذي عندي أنه لا يمتنع ما قاله الفقهاء، فإن الضبط بالحلية يمنع من
استعارة النسب، فإنه لا يكاد يتفق ذلك، والذي قاله بعض أصحابنا
يحمل على أنه لا يجوز أن يكتب، ويقتصر على ذكر نسبهما، فإن ذلك يمكن
استعارته، وليس في ذلك نص مسند عن أصحابنا نرجع إليه.
مسألة 17: إذا ارتفع إليه خصمان، فذكر المدعي أن حجته في ديوان
الحكم، فأخرجها الحاكم من ديوان الحكم مختومة بختمه، مكتوبة بخطه،
فإن ذكر أنه حكم بذلك حكم له، وإن لم يذكر ذلك لم يحكم له به، وبه
قال أبو حنيفة ومحمد والشافعي (2).
وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: يعمل عليه، ويحكم به، وإن لم
يذكره، لأنه إذا كان بخطه مختوما بختمه، فلا يكون إلا حكمه (3).
دليلنا: قوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم " (4) فإذا لم يذكره
لم يعلم، ولأن الحكم أعلى من الشهادة بدلالة أن الحاكم يلزم والشاهد
يشهد.
ثم ثبت أن الشاهد لو وجد شهادته تحت ختمه مكتوبة بخطه لم يشهد

(1) الأم 6: 204، ومختصر المزني 299 و 300، والمغني لابن قدامة 11: 431.
(2) الأم 6: 211، ومختصر المزني: 300، وحلية العلماء 8: 141، ومغني المحتاج 4: 399، والسراج
الوهاج: 593، والمجموع 20: 166، والمغني لابن قدامة 11: 435 و 436، والفتاوى الهندية
3: 340، والحاوي الكبير 16: 206.
(3) حلية العلماء 8: 141، والمغني لابن قدامة 11: 435 و 436، والفتاوي الهندية 3: 340،
والحاوي الكبير 16: 206.
(4) الإسراء: 36.
222

بها ما لم يذكر، فبان لا يحكم بها إذا لم يذكر أولى وأحرى.
ولأن الخط يشبه الخط، ومعناه أنه قد يكتب مثل خطه، ويحتال عليه
ويتركه في ديوانه، فلا يجوز قبول ذلك إلا مع العلم.
مسألة 18: إذا ادعى مدع حقا على غيره، فأنكر المدعى عليه، فقال
المدعي للحاكم أنت حكمت به لي عليه، فإن ذكر الحاكم ذلك أمضاه بلا
خلاف، وإن لم يذكره فقامت البينة عنده أنه قد حكم به لم يقبل الشهادة
على فعل نفسه، وبه قال أبو يوسف والشافعي (1).
وقال ابن أبي ليلى وأبو حنيفة ومحمد: يسمع الشهادة على فعل نفسه
ويمضيه (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة للمدعى عليه، وشغلها يحتاج إلى دليل.
واستدل، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أحقا يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم،
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله، فصلى ركعتين، وسجد للسهو (3). فإذا
جاز أن يقبل قول غيره في فعل نفسه في الصلاة، فكذلك في مسألتنا.

(1) الأم 6: 211، وحلية العلماء 8: 124، والوجيز 2: 241، والسراج الوهاج: 593، ومغني
المحتاج 4: 399، والمجموع 20: 167، والمغني لابن قدامة 11: 437، والشرح الكبير 11: 462
و 463، والفتاوى الهندية 3: 340، والحاوي الكبير 16: 208.
(2) المغني لابن قدامة 11: 437، والشرح الكبير 11: 462، وحلية العلماء 8: 124، والحاوي
الكبير 16: 208.
(3) انظر مصادر الحديث وما علق عليه في المسألة (154) من كتاب الصلاة.
223

وهذا عندنا خبر باطل، ولو كان صحيحا لم يجز أن نقيس عليه غيره،
لأنا لا نقول بالقياس.
مسألة 19: إذا شهد شاهدان على الحاكم بأنه حكم بما ادعاه المدعي
فأنفذه، وعلم الحاكم أنهما شهدا بالزور، نقض ذلك الحكم وأبطله، فإن
مات بعد ذلك أو عزل فشهدا بإنفاذه عند حكم آخر، لم يكن له أن يمضيه
عند الشافعي (1).
وقال مالك: بل يقبله ويعمل عليه (2).
وهو الذي يقوى في نفسي، لأن الشرع قد جوز قبول شهادة الشاهدين
إذا كان ظاهرهما العدالة، وعلم الحاكم أنهما شهدا بالزور لا يوجب على
الحاكم الآخر رد شهادتهما، فيجب عليه أن يقبلهما ويمضي شهادتهما.
وقاس الشافعي ذلك على شهادة الأصل والفرع فإنه متى أنكر الأصل
شهادة الفرع سقط شهادة الفرع، والحاكم كالأصل وهؤلاء كالفرع،
ويجب أن يسقطا.
وعندنا أن شهادة الفرع لا تسقط، بل تقبل شهادة أعدلهما.
وفي أصحابنا من قال: بل تقبل شهادة الفرع دون الأصل، لأن الأصل
منكر (3).
مسألة 20: لا يجوز الحكم بكتاب قاض إلى قاض.

(1) المجموع 20: 167، والحاوي الكبير 16: 210.
(2) الحاوي الكبير 16: 210.
(3) وهو قول علي بن بابويه في رسالته، كما حكاه العلامة الحلي في مختلف الشيعة ج 2: 171
(كتاب الشهادات) عنه، فلاحظ.
224

وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وأجازوه إذا ثبت أنه كتابه (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وقوله تعالى " ولا تقف ما ليس
لك به علم " (3) والعمل بذلك اقتضاء بغير علم.
مسألة 21: قد بينا أنه لا يحكم بكتاب قاض إلى قاض، سواء كان
على صحته بينة أو كان مختوما، فإنه لا يجوز العمل به.
وقال أهل العراق والشافعي: إن قامت البينة على ثبوته عمل به، ولا
يعمل به إذا لم تقم البينة وإن كان مختوما (4).
وقال قضاة البصرة الحسن، وسوار، وعبيد الله بن الحسن العنبري، أنه
إذا وصل مختوما حكم به وأمضاه (5)، وهو إحدى الروايتين عن مالك (6).

(1) المدونة الكبرى 5: 146، ومختصر المزني: 301، والأم 6: 211، وحلية العلماء 8: 149،
والمجموع 20: 163، وكفاية الأخبار 2: 163، والوجيز 2: 243، والمغني لابن قدامة 11: 467،
والشرح الكبير 11: 468، والمبسوط 16: 95، واللباب 3: 211، والنتف 2: 782 و 784،
وفتح الباري 13: 143، وشرح فتح القدير 5: 477، وتبيين الحقائق 4: 182، والهداية
5: 477.
(2) التهذيب 6: 300 حديث 840 و 841.
(3) الإسراء: 36.
(4) الأم 6: 211 و 212، ومختصر المزني: 301، والوجيز 2: 243 و 244، وحلية العلماء 8: 151،
والمجموع 20: 164، وكفاية الأخبار 2: 163، والمبسوط 16: 95، والنتف 2: 783، واللباب
3: 211 و 212، وبدائع الصنائع 7: 7، والهداية 5: 481، وشرح فتح القدير 5: 481 وتبيين
الحقائق 4: 185، والمغني لابن قدامة 11: 470، والشرح الكبير 11: 473 و 474، والحاوي
الكبير 16: 213.
(5) حلية العلماء 8: 151، والمغني لابن قدامة 11: 470، والشرح الكبير 11: 473، وفتح الباري
13: 143 والبحر الزخار 6: 127، والحاوي الكبير 16: 213.
(6) حلية العلماء 8: 151، والحاوي الكبير 16: 213.
225

دليلنا ما قدمناه في المسألة الأولى سواء، لأن هذه فرع عليها.
مسألة 22: من أجاز كتاب قاض إلى قاض إذا قامت به البينة، ففي
كيفية تحمل الشهادة اختلفوا.
فقال أبو حنيفة والشافعي: لا يصح إلا بعد أن يقرأ الحاكم الكتاب
على الشهود، ويشهدهما على نفسه بما فيه، ولا يصح أن يدرجه ثم يقول لهما
اشهدا علي بما فيه، ولا يصح هذا التحمل ولا يعمل به (2).
وقال أبو يوسف: إذا ختمه بختمه، وعنونه، جاز أن يتحملا الشهادة
عليه مدرجا، يشهدهما أنه كتابه إلى فلان، فإذا وصل الكتاب إليه شهدا
عنده بأنه كتاب فلان إليه، فيقرأ ويعمل بما فيه (2).
وهذا يسقط عنا، لأنا لا نجيز كتاب قاض إلى قاض على وجه.
مسألة 23: قال الشافعي: إذا كتب قاض إلى قاض كتابا، وأشهد
على نفسه بذلك، فتغيرت حال الكاتب، لم يخل من أحد أمرين إما أن
يغير حاله بموت أو عزل لا بفسق، فإن كان تغير حاله بموت أو بعزل لم
يقدح ذلك في كتابه، سواء تغير ذلك قبل خروج الكتاب من يده أو

(1) الأم 6: 211 و 215، ومختصر المزني: 301، وحلية العلماء 8: 152، والمجموع 20: 164،
والمبسوط 16: 95، واللباب 3: 212، والنتف 2: 783، وفتح الباري 13: 145، وبدائع
الصنائع 7: 7، والهداية 5: 482، وشرح فتح القدير 5: 482، وتبيين الحقائق 4: 184، وبداية
المجتهد 2: 458، والشرح الكبير 11: 475، والبحر الزخار 6: 127.
(2) المبسوط 16: 95، والنتف 2: 783، وبدائع الصنائع 7: 7، والهداية 5: 482، وشرح فتح
القدير 5: 481، و 482، وحلية العلماء 8: 153، والشرح الكبير 11: 475، والبحر الزخار
6: 128.
226

بعده (1)
وقال أبو حنيفة: إذا تغيرت حاله سقط حكم الكتابة إلى المكتوب
إليه (2).
وقال أبو يوسف: إن تغيرت حاله قبل خروجه من يده سقط حكمه،
وإن كان بعد خروجه من يده لم يسقط حكم كتابه (3).
وهذا الفرع يسقط عنا، لأنا قد بينا أنه لا يجوز العمل بكتاب قاض إلى
قاض، فما يبني عليه لا يصح.
مسألة 24: إذا تغيرت حال المكتوب إليه بموت أو بفسق أو بعزل، ثم
قام غيره مقامه، فوصل الكتاب إلى من قد قام مقامه.
قال الشافعي: يقبله ويعمل به (4).
وقال الحسن البصري مثل ذلك (5).

(1) الأم 6: 211 و 212، ومختصر المزني 301، وحلية العلماء 8: 153، والمجموع 20: 164،
والمغني لابن قدامة 11: 473، والشرح الكبير 11: 478، وشرح فتح القدير 5: 484، وتبيين
الحقائق 4: 186.
(2) النتف 2: 784، وبدائع الصنائع 7: 8، وتبيين الحقائق 4: 186، والهداية 5: 484، وشرح فتح
القدير 5: 485، والمغني لابن قدامة 11: 473، والشرح الكبير 11: 478، وحلية العلماء 8: 154.
(3) المغني لابن قدامة 11: 473، والشرح الكبير 11: 478، وحلية العلماء 8: 154، وتبيين الحقائق
4: 186.
(4) حلية العلماء 8: 157، والمجموع 20: 164، والمغني لابن قدامة 11: 474، والشرح الكبير
11: 479، والنتف 2: 784، والبحر الزخار 6: 128.
(5) المغني لابن قدامة 11: 474، والشرح الكبير 11: 479، وحلية العلماء 8: 157، والبحر الزخار
6: 128.
227

وقال أبو حنيفة: لا يعمل به غير الذي كتب إليه (1).
وهذا أيضا يسقط عنا، لأنه فرع على ما بينا فساده، فلا وجه لإعادته.
مسألة 25: الحاكم إذا كتب وأشهد على نفسه بما كتب فهو أصل عند
الشافعي، والذي يحمل الشهادة على كتابه فرع له، فهو كالأصل، وإن لم
يكن أصلا على الحقيقة (2).
وقال أبو حنيفة: الحاكم كالفرع، والأصل من يشهد عنده (3).
وهذا غلط، لأنه لو كان الحاكم فرعا لما ثبت الحق بقوله وحده، لأن
شاهد الفرع إذا كان واحدا لا يثبت بشهادته شهادة شاهد الأصل، فيبطل
أن يكون الكاتب شاهد الفرع.
وهذا يسقط عنا لما قدمناه من الأصل في هذا الكتاب.
مسألة 26: أجرة القاسم على قدر الانصباء (4) دون الرؤوس، وبه قال
أبو يوسف، ومحمد، قالاه استحسانا (5). وبه قال الشافعي (6).

(1) النتف 2: 784، وبدائع الصنائع 7: 8، والهداية 5: 484، وحلية العلماء
8: 157، والمغني لابن قدامة 11: 474، والشرح الكبير 11: 479، والبحر الزخار 6: 128.
(2) المجموع 20: 164، والمغني لابن قدامة 11: 474، والحاوي الكبير 16: 231 و 232.
(3) المغني لابن قدامة 11: 474، والحاوي الكبير 16: 231 و 232.
(4) الإنصباء: جمع النصيب، وهي الحصة. انظر المصباح المنير 2: 313، مادة " نصب ".
(5) المبسوط 15: 5، وبدائع الصنائع 7: 19، واللباب 3: 219 و 220، والهداية 8: 6، وحلية العلماء
8: 166.
(6) الأم 6: 212، ومختصر المزني 301، وحلية العلماء 8: 166، والمجموع 20: 172، والوجيز
2: 247، والسراج الوهاج: 600، ومغني المحتاج 4: 419، والميزان الكبرى 2: 194، والمبسوط
15: 5، والمغني لابن قدامة 11: 508، والشرح الكبير 11: 512.
228

وقال أبو حنيفة: هي على عدد الرؤوس (1).
دليلنا: أن لو راعيناها على قدر الرؤوس ربما أفضى إلى ذهاب المال،
لأن القرية يمكن أن يكون بينهما، لأحدهما عشر العشر سهم من مائة سهم،
والباقي للآخر، ويحتاج إلى أجرة عشرة دنانير على قسمتها، فيلزم من له الأقل
نصف العشرة. وربما لا يساوي سهمه دينارا، فيذهب جميع الملك، وهذا
ضرر، والقسمة وضعت لإزالة الضرر، فلا يزال بضرر أعظم منه.
مسألة 27: كل قسمة كان فيها ضرر على الكل، مثل: الدور
والعقارات والدكاكين الضيقة، لم يجبر الممتنع على القسمة والضرر، لأن
هذا لا يمكنه الانتفاع بما يفرد له، وبه قال أبو حنيفة والشافعي (2).
وقال أبو حامد: الضرر يكون بذلك وبنقصان القيمة، فإذا قسم
ينقص من قيمته، لم يجبر على القسمة (3).
وقال مالك: يجبر على ذلك (4).
دليلنا: قوله عليه السلام: " لا ضرر ولا إضرار " (5) وذلك عام، وهذا

(1) المبسوط 15: 5، وبدائع الصنائع 7: 19، واللباب 3: 219، والهداية 8: 6، وتبيين الحقائق
5: 265، وحلية العلماء 8: 166، والمغني لابن قدامة 11: 508، والشرح الكبير 11: 512،
والميزان الكبرى 2: 194.
(2) الأم 6: 213، والوجيز 2: 247 و 248، ومغني المحتاج 4: 420، والسراج الوهاج: 601، وكفاية
الأخيار 2: 166 و 167، والمجموع 20: 173، والمبسوط 15: 51 و 52، واللباب 3: 222، وبدائع
الصنائع 7: 19، وشرح فتح القدير 8: 11، وتبيين الحقائق 5: 268، والحاوي الكبير 16: 251.
(3) نسب ابنا قدامة في المغني 11: 495، وفي الشرح الكبير 11: 492 القول الشافعي أيضا.
(4) المدونة الكبرى 5: 516، وبداية المجتهد 2: 262، والمغني لابن قدامة 11: 495، والشرح الكبير
11: 492، والحاوي الكبير 16: 251.
(5) للحديث طرق وأسانيد وألفاظ مختلفة أشير لبعضها في الكافي 5: 169 حديث 4، وصحيح البخاري
3: 92 و 95، وسنن الترمذي 3: 524 حديث 1221، وسنن ابن ماجة 2: 784 حديث 2340 و
2341، ومسند أحمد بن حنبل 1: 313، والسنن الكبرى 6: 69 و 70 وسنن الدارقطني 3: 77
حديث 288 و 4: 227 حديث 83، ومجمع الزوائد 4: 110، ومعجم الطبراني الكبير 2: 86 حديث
1387.
229

إضرار، لأنه لا يمكنه الانتفاع، وبهذا الخبر استدل من راعى نقصان القيمة
ولي فيه نظر.
مسألة 28: إن كانت القسمة يستضر بها بعضهم دون بعض، مثل أن
كانت الدار لاثنين، لواحد العشر، وللآخر الباقي، فاستضر بها صاحب
القليل دون الكثير، لم يخل الطالب من أحد أمرين إما أن يكون المنتفع به،
أو المستضر، فإن كان المنتفع به لم يجبر الممتنع على القسمة، لأن في ذلك
ضررا عليه، وإن كان الطالب مستضرا أجبر الممتنع لأنه لا ضرر عليه.
وقال الشافعي: إن كان الطالب هو المنتفع به أجبر الممتنع عليها، وبه
قال أهل العراق (1).
وقال ابن أبي ليلى: يباع لهما ويعطى كل واحد منهما بحصة نصيبه من
الثمن (2).
وقال أبو ثور: لا يقسم كالجوهرة، وهذا مثل ما قلناه (3).

(1) الأم 6: 213، وحلية العلماء 8: 169، والمجموع 20: 174، وكفاية الأخيار 2: 167، ومغني
المحتاج 4: 421، والسراج الوهاج: 601، والمغني لابن قدامة 11: 496، والشرح الكبير
11: 492، والحاوي الكبير 16: 251.
(2) المغني لابن قدامة 11: 495، والشرح الكبير 11: 492، وحلية العلماء 8: 169، والحاوي الكبير
16: 251.
(3) حلية العلماء 8: 169، والمجموع 20: 174، والحاوي الكبير 6: 251.
230

وقال الشافعي: إن كان الطالب يستضر بها، فهل يجبر الممتنع أم لا؟
على وجهين، أحدهما يجبر، والآخر لا يجبر، وهو المذهب عندهم (1)، لأنها
قسمة يستضر بها طالبها، فأشبه إذا استضر بها الاثنان.
دليلنا: قوله عليه السلام: " لا ضرر ولا إضرار " (2) وفي ذلك ضرر، إما
على الطالب أو الممتنع، فلا يجوز ذلك لعموم الخبر، وإنما أجبرنا إذا كان
الممتنع غير مستضر، لأنه لا ضرر عليه، والطالب قد رضي بدخول الضرر
عليه، فيجب أن يجبر عليه.
مسألة 29: متى كان لهما ملك أقرحه (3)، كل قراح مفرد عن صاحبه،
ولكل واحد منهما طريق منفرد به، فطلب أحدهما قسمة كل قراح على
حدته، وقال الآخر بل بعضها في بعض كالقراح الواحد، قسمناها كل
قراح على حدته، ولم يقسم بعضها في بعض، سواء كان الجنس واحدا مثل
أن كان الكل نخلا أو كان الكل كرما أو أجناسا أخر، الباب واحد،
وسواء تجاورت الأقرحة أو تفرقت، وكذلك الدور والمنازل، وبه قال
الشافعي (4).
وقال مالك: إن كانت متجاورة قسم بعضها في بعض كالقراح

(1) المغني لابن قدامة 11: 497، حلية العلماء 8: 170، وكفاية الأخيار 2: 167، ومغني المحتاج
4: 421، والسراج الوهاج: 601، والمجموع 20: 174، والميزان الكبرى 2: 194، والحاوي
الكبير 16: 251.
(2) تقدمت الإشارة إلى مصادر الحديث في هامش المسألة المتقدمة فلا حظ.
(3) أقرحة، جمع القراح: المزرعة التي ليس فيها بناء ولا شجر. انظر المصباح المنير 2: 176 مادة
(قرح).
(4) حلية العلماء 8: 180، والمجموع 20: 174، والحاوي الكبير 16: 265.
231

الواحد، وإن كانت متفرقة كقولنا (1).
وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان الجنس واحدا قسم بعضه في بعض،
وإن كان أجناسا كقولنا (2).
دليلنا: أن هذه قسمة نقل ملك من غير إلى غير، فوجب أن لا يجبر
الممتنع عليها، كما لو كانت متفرقة مع مالك وأجناسا مع أبي يوسف
ومحمد، ولا يلزم هذا قسمة القرية الكبيرة، لأن الكل عين واحدة، وأيضا
أن الأصل أن له في كل شئ من الملك جزء، وإجباره على أن يأخذ من
غير ملكه عوضا عنه يحتاج إلى دليل.
مسألة 30: إذا كانت يد رجلين على ملك، فقالا للحاكم: أقسم
بيننا. فإن كان لهما بينة أنه ملكهما قسمه بينهما بلا خلاف، وإن لم يكن لهما
بينة غير اليد ولا منازع هناك قسمه أيضا بينهما عندنا. وبه قال يوسف
ومحمد (3) وسواء كان ذلك مما ينقل ويحول أو لا يحول ولا ينقل، وسواء قالا
هو ملكهما إرثا أو غير إرث.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه، وهو أصحهما عنده.
والثاني: لا يقسمه بينهما (4).

(1) حلية العلماء 8: 179، والحاوي الكبير 16: 265.
(2) اللباب 3: 225 و 226، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 8: 13، وتبيين الحقائق 5: 269 و
270، والحاوي الكبير 16: 265.
(3) اللباب 3: 220، والهداية 8: 7، وتبيين الحقائق 5: 266، وحلية العلماء 8: 181، والمغني لابن
قدامة 11: 489، والشرح الكبير 11: 490.
(4) مختصر المزني: 301 و 302، وحلية العلماء 8: 181، والمغني لابن قدامة 11: 489، والشرح
الكبير 11: 490.
232

وقال أبو حنيفة: إن كان مما ينقل ويحول قسمه بينهما، وإن كان مما لا
ينقل نظرت، فإن قالا هو ميراث بيننا لم يقسم، وإن قالا غير ميراث قسمه
بينهما (1).
دليلنا: أن ظاهر اليد عندنا يدل على ذلك، فجاز أن يقسم بذلك
كالبينة.
وقولهم: قسمة الحاكم حكم بالملك.
فالجواب عنه: أنا نحترز من هذا، وهو أن القاسم يقسم ويكتب
بالصورة وقصته، وأنه قسمه بينهما بقولهما، فإذا كان هذا احترز من أن يكون
حكما منه بالملك لهما.
مسألة 31: لا يجوز للحاكم أن يأخذ الأجرة على الحكم من
الخصمين، أو من أحدهما، سواء كان له رزق من بيت المال أو لم يكن.
وقال الشافعي: إن كان له رزق من بيت المال لم يجز - كما قلناه - وإن
لم يكن له رزق من بيت المال جاز له أخذ الأجرة على ذلك (2).
دليلنا: عموم الأخبار الواردة في أنه يحرم على القاضي أخذ الرشا
والهدايا (3)، وهذا داخل في ذلك، وأيضا طريقة الاحتياط تقتضي ذلك،

(1) اللباب 3: 220، وتبيين الحقائق 5: 267، وحلية العلماء 8: 181، والمغني لابن قدامة 11: 489،
والشرح الكبير 11: 490.
(2) المجموع 20: 126، والمغني لابن قدامة 11: 378، والشرح الكبير 11: 381 - 382، والحاوي
الكبير 16: 293.
(3) انظر الكافي 7: 409 (باب أخذ الأجرة والرشا) من كتاب القضاء والأحكام، والتهذيب 6: 222
حديث 525 - 527، ودعائم الإسلام 2: 538 حديث 1912، وسنن أبي داود 3: 300 حديث
3580، وسنن ابن ماجة 2: 775 حديث 2313، والسنن الكبرى 10: 139.
233

وأيضا إجماع الفرقة على ذلك، فإنهم لا يختلفون في أن ذلك حرام.
مسألة 32: إذا حضر اثنان عند الحاكم معا في حالة واحدة، وادعيا
معا في حالة واحدة كل واحد منهما على صاحبه، من غير أن يسبق أحدهما
بها. روى أصحابنا أنه يقدم من هو على يمين صاحبه (1).
منهم من قال: يقرع بينهما، وهو الذي اختاره أصحاب الشافعي (2)،
وقالوا: لا نص فيها عن الشافعي.
ومنهم من قال: يقدم الحاكم منهما من شاء.
ومنهم من قال يستحلف كل واحد منهما لصاحبه (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4). ولو قلنا بالقرعة كما ذهب إليه
أصحاب الشافعي كان قويا، لأنه مذهبنا في كل أمر مجهول.
مسألة 33: إذا استعدي رجل عند الحاكم على رجل، وكان المستعدى
عليه حاضرا أعدى عليه واحضره، سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم. وبه
قال الشافعي وأهل العراق (5).

(1) الكافي 7: 419 حديث 2، والتهذيب 6: 233 حديث 570، والاستبصار 3: 38 حديث 130.
(2) المجموع 20: 151، والوجيز 2: 242، والمغني لابن قدامة 11: 447، والحاوي الكبير 16: 289.
(3) لم أظفر بهذه الأقوال في المصادر المتوفرة.
(4) أنظر الكافي 7: 419 حديث 2، والتهذيب 6: حديث 570 - 574، والاستبصار 3: 38 - 39
حديث 130.
(5) حلية العلماء 8: 147، والمغني لابن قدامة 11: 411، والشرح الكبير 11: 416، والحاوي الكبير
16: 301.
234

وقال مالك: إذا لم يعلم بينهما معاملة لم يحضره، لما روي عن علي عليه
السلام أنه قال: " لا يعدي الحاكم على خصم إلا أن يعلم بينهما معاملة " (1)
ولا مخالف له (2).
دليلنا: ما رواه ابن عباس، أن النبي عليه السلام قال: " البينة على
المدعي واليمين على المدعى عليه " (3) ولم يفصل، ولأنه لو لم يحضره إلا بعد
أن يعلم بينهما معاملة أفضى إلى إسقاط أكثر الحقوق، فإن أكثرها يجب بغير
بينة كالمغصوب، والجنايات، والسرقة، والودائع. وإذا أفضى إلى هذا سقط في نفسه.
وما روي عن علي عليه السلام غير ثابت ولا مقطوع به.
مسألة 34: إذا ادعى رجل على غيره شيئا، وكان المستعدى عليه غائبا
في ولاية الحاكم، في موضع ليس فيه خليفة، ولا فيه من يصلح للحكم
أن يجعل الحكم إليه فيه، فإنه يحضره إذا تحرر دعوى خصمه، قريبا كان أو
بعيدا. وبه قال الشافعي (4).

(1) المغني لابن قدامة 11: 411، والشرح الكبير 11: 416، والشرح الكبير 11: 416،
وحلية العلماء 8: 148، والحاوي الكبير 16: 301.
(2) المغني لابن قدامة 11: 411، والشرح الكبير 11: 416، وحلية العلماء 8: 148 والحاوي الكبير
16: 301.
(3) الكافي 7: 415 حديث 2 ومن لا يحضره الفقيه 3: 20 حديث 52، والتهذيب 6: 229 حديث 553،
وصحيح البخاري 3: 187، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8 وصفحة 218 حديث 53، وصحيح
مسلم 3: 187، وسنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، والسنن الكبرى 10: 252، وترتيب مسند
الشافعي 2: 181، وتلخيص الحبير 4: 208 حديث 2135.
(4) المغني لابن قدامة 11: 413 و 414، والشرح الكبير 11: 421، وحلية العلماء 8: 148، والحاوي
الكبير 16: 304.
235

وقال أبو يوسف: إن كان في مسافة منها إلى وطنه ليلة أحضره وإلا لم
يحضره (1).
وقال قوم: إن كان على مسافة يوم وليلة أحضره، وإلا تركه (2).
وقال قوم: إن كان غائبا في مسافة لا تقصر فيها الصلاة أحضره وإلا
لم يحضره (3).
دليلنا: أن الحاكم منصوب لاستيفاء الحقوق، وحفظها، وترك
تضييعها. ولو قلنا لا يحضره ضاع الحق وبطل، لأنه لا يشاء أحد أن يأخذ
مال أحد إلا أخذه، وجلس في موضع لا حاكم فيه، وما أفضى إلى هذا
بطل في نفسه.
مسألة 35: إذا ادعى حقا على كامل عاقل، حاضر غير غائب، حي
غير ميت، وأقام بذلك شاهدين عدلين، حكم له بذلك، ولا يجب عليه
اليمين، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي (4).
وقال ابن أبي ليلى: لا يحكم له به بالبينة حتى يستحلفه معها،
كالصبي، والمجنون، والميت، والغائب (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، وأيضا ما رواه ابن عباس أن النبي

(1) أنظر المصادر المتقدمة.
(2) السراج الوهاج: 599، ومغني المحتاج 4: 414.
(3) المغني لابن قدامة 11: 414، والشرح الكبير 11: 422 وحلية العلماء 8: 149، والسراج الوهاج:
599، ومغني المحتاج 4: 4143.
(4) حلية العلماء 8: 145، والمجموع 20: 259، وبداية المجتهد 2: 453، والحاوي الكبير 16: 312.
(5) المصادر المتقدمة.
(6) التهذيب 6: 229 - 232 حديث 553 - 567.
236

عليه السلام قال: " البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " (1) فمن
جعل اليمين على المدعي فقد أسقط الخبر.
مسألة 36: إذا ادعى على غيره حقا، فأنكر المدعى عليه، فقال
المدعي: لي بينة غير أنها غائبة، لم يجب له ملازمة المدعى عليه، ولا مطالبته
له بكفيل إلى أن تحضر البينة، وبه قال الشافعي (2).
وقال أبو حنيفة: له المطالبة بذلك وملازمته (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ومن أوجب ذلك فعليه الدلالة.
وروى سماك (4)، عن علقمة بن وائل بن حجر (5)، عن أبيه، أن رجلا
من كنده ورجلا من حضرموت أتيا النبي عليه السلام، فقال الحضرمي:
هذا غلبني على أرضي وورثتها من أبي، فقال الكندي: في يدي أزرعها لا
حق له فيها. فقال النبي عليه السلام للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا، قال:

(1) الكافي 7: 415 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 20 حديث 52، والتهذيب 6: 229 حديث 553،
وصحيح البخاري 3: 187، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وسنن الترمذي 3: 626 حديث
1341، والسنن الكبرى 8: 279 و 10: 252، وترتيب مسند الشافعي 2: 181، وتلخيص الحبير
4: 208 حديث 2135.
(2) المجموع 20: 161، والحاوي الكبير 16: 313.
(3) الحاوي الكبير 16: 313.
(4) سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري، أبو المغيرة الكوفي، روى عن جابر بن سمرة
والنعمان بن بشير وأنس بن مالك وغيرهم، وعنه جماعة منهم الثوري وشريك والحسن بن صالح،
مات سنة 123. تهذيب التهذيب 4: 232.
(5) علقمة بن وائل بن حجر الحضرمي الكندي الكوفي روى عن أبيه والمغيرة بن شعبة، وعنه أخوه
عبد الجبار، وسماك بن حرب وإسماعيل بن سالم وغيرهم، ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من أهل
الكوفة، وعن ابن معين أنه قال: علقمة بن وائل عن أبيه مرسل. تهذيب التهذيب 7: 280.
237

لك يمينه، قال: إنه فاجر لا يبالي على ما حلف، أنه لا يتورع من شئ،
فقال النبي عليه السلام: ليس لك منه إلا ذاك (1).
فمن قال له الملازمة والمطالبة بالكفيل فقد ترك الخبر.
مسألة 37: إذا ادعى على غيره دعوى، فسكت المدعى عليه، أو قال لا
أقر ولا أنكر، فإن الإمام يحبسه حتى يجيبه بإقرار أو بإنكار، ولا يجعله
ناكلا. وبه قال أبو حنيفة (2).
وقال الشافعي: يقول له الحاكم ثلاثا: إما أجبت عن الدعوى وإما
جعلناك ناكلا ورددنا اليمين على خصمك (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ورد اليمين في هذا الموضع وجعله ناكلا
يحتاج إلى دليل، وليس في الشرع ما يدل عليه.
مسألة 38: القضاء على الغائب في الجملة جائز. وبه قال الشافعي،
ومالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، وابن شبرمة (4).

(1) صحيح مسلم 1: 133 حديث 223، وسنن أبي داود 3: 221 حديث 3245 و 3: 312 حديث
3623، وسنن الدارقطني 4: 211 حديث 26، وشرح معاني الآثار 4: 148، والسنن الكبرى
10: 137 و 144 و 179 و 254 باختلاف يسير في اللفظ.
(2) انظر بدائع الصنائع 6: 231، والحاوي الكبير 16: 311.
(3) المجموع 20: 162، والحاوي الكبير 16: 310.
(4) مختصر المزني: 314، وحلية العلماء 8: 146، والوجيز 2: 243، ومغني المحتاج 4: 406 و 415،
والسراج الوهاج: 595 و 599، والمدونة الكبرى 5: 146، وأسهل المدارك 3: 210، وبداية
المجتهد 2: 460، والمحلى 9: 366، والمغني لابن قدامة 11: 486، وبدائع الصنائع 6: 222، و
7: 8، وعمدة القاري 24: 255، وفتح الباري 13: 171، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير
5: 493، وشرح فتح القدير 5: 493، وتبيين الحقائق 4: 191، والبحر الزخار 6: 129، والميزان
الكبرى 2: 191، والحاوي الكبير 16: 296.
238

وقال ابن شبرمة: أحكم عليه ولو كان خلف حائط. وبه قال أحمد
وإسحاق (1).
وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز القضاء على الغائب حتى
يتعلق الحكم بخصم حاضر شريك أو وكيل له، والحاكم عندهم يقول:
حكمت عليه بعد أن ادعى على خصم ساغ له الدعوى عليه (2).
وتحقيق هذا، أن القضاء على الغائب جائز بلا خلاف، ولكن هل
يصح مطلقا من غير أن يتعلق بخصم حاضر أم لا؟.
عندنا يجوز مطلقا.
وعندهم لا يجوز، حتى قال أبو حنيفة من ادعى على عشرة، واحد حاضر
وتسعة غيب، وأقام البينة، قضى على الحاضر وعلى غيره من الغائبين (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، ذكرناها في الكتابين المتقدم
ذكرهما (4).
وروى أبو موسى الأشعري قال: كان إذا حضر عند رسول الله

(1) المغني لابن قدامة 11: 486، وعمدة القاري 24: 255، وفتح الباري 13: 171، والحاوي الكبير
16: 297.
(2) بدائع الصنائع 6: 222 و 7: 8، والهداية 5: 495، وشرح فتح القدير 5: 493، واللباب 3: 215،
وتبيين الحقائق 4: 191، وحلية العلماء 8: 146، وبداية المجتهد 2: 460، والمحلى 9: 366،
والمغني لابن قدامة 11: 486، والبحر الزخار 5: 129، والميزان الكبرى 2: 191، والحاوي
الكبير 16: 296 و 297 و 299.
(3) انظر بدائع الصنائع 7: 223، والفتاوى الهندية 3: 406.
(4) الكافي 5: 102 حديث 2، والتهذيب 6: 296 حديث 827 وص 299 حديث 836، والاستبصار
3: 47 حديث 154.
239

خصمان، فتواعد الموعد، فوفى أحدهما ولم يف الآخر، قضى للذي وفي علي
الذي لم يف، ومعلوم أنه ما قضى عليه بدعواه ثبت أنه قضى عليه
بالبينة (1).
وروي أن عمر صعد المنبر، فقال: ألا إن أسيفع جهينة رضي من دينه
وأمانته بأن يقال سابق الحاج، فأدان معرضا، فأصبح وقد رين (2) به، فمن
كان له عليه دين فليأت غدا فلنقسم ماله بينهم بالحصص (3)، ولا مخالف له.
مسألة 39: شاهد الزور يعزر ويشهر بلا خلاف، وكيفية الشهر أن
ينادى عليه في قبيلته أو مسجده أو سوقه وما أشبه ذلك: بأن هذا شاهد
زور فاعرفوه، ولا يحلق رأسه، ولا يركب، ولا يطوف به، ولا ينادي هو على
نفسه. وبه قال الشافعي (4).
وقال شريح: يركب وينادي هو على نفسه: هذا جزاء من شهد
بالزور (5).

(1) الحاوي الكبير 16: 298 وأشار إليها المهدي لدين الله في البحر الزخار 6: 129، ونقلها محقق
الكتاب في ذيل الصفحة عن الشفاء.
(2) في أكثر النسخ المعتمدة " دين به " والرين: تقدم بيان معناه: إنه وقع فيما لا يستطيع الخروج منه.
(3) تقدمت الإشارة إلى بعض معاني الحديث ومصادره في ج 3: 269 مسألة (10) من كتاب التفليس،
وانظر ذلك في السنن الكبرى 10: 141 وتلخيص الحبير 3: 40 - 41 ذيل الحديث 1239 و
4: 197، وفتح العزيز 10: 217، والحاوي الكبير 16: 298.
(4) حلية العلماء 8: 253، والمغني لابن قدامة 12: 154، والشرح الكبير 12: 132، والحاوي الكبير
16: 320.
(5) الحاوي الكبير 16: 320، والبحر الزخار 6: 33، وانظر المبسوط 16: 145، والمغني لابن قدامة
12: 155، والشرح الكبير 12: 133، ونصب الراية 4: 88. وفيها إشارة إلى القول دون التفصيل
المذكور.
240

ومن الناس من قال: يحلق نصف رأسه، فإذا فرغ من شهرته حلق
النصف الآخر إن شاء، ويقال: يحلق نصف الرأس رمى (1).
وقال عمر بن الخطاب: يجلد أربعين سوطا، ويسخم (2) وجهه،
ويطاف به، ويطال حبسه (3).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وما ذكرناه مجمع عليه، والزيادة تحتاج
إلى دليل.
وروي عن النبي عليه السلام أنه نهى عن المثلة (4) وهذا مثلة.
مسألة 40: إذا تراضى نفسان برجل من الرعية يحكم بينهما، وسألاه
الحكم بينهما، كان جائزا بلا خلاف، فإذا حكم بينهما لزم الحكم وليس
لهما بعد ذلك خيار.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: أنه يلزم بنفس الحكم. كما قلناه،
والثاني: يقف بعد إنفاذ حكمه على تراضيهما، فإذا تراضيا بعد الحكم لزم (5).

(1) في المغني لابن قدامة 12: 155، والشرح الكبير 12: 133، إشارة إلى القول بحلق الرأس من دون
تفصيل فلاحظ.
(2) السخام: سواد القدر، وسخم الرجل وجهه، سوده بالسخام. المصباح المنير 1: 326 مادة (سخم).
(3) المدونة الكبرى 5: 203، والسنن الكبرى 10: 142، والمبسوط 16: 145، والمغني لابن قدامة
12: 155، والشرح الكبير 12: 133، ونصب الراية 4: 88.
(4) مسند أحمد بن حنبل 4: 246 و 440 و 5: 12، وشرح معاني الآثار 3: 183، والمعجم الكبير
للطبراني 12: 403، حديث 13485 و 18: 157 - 158 حديث 343 و 345، والسنن الكبرى
9: 69.
(5) الأم 6: 213، وبداية المجتهد 2: 450، والمغني لابن قدامة 11: 484، والشرح الكبير 11: 392،
والحاوي الكبير 16: 326.
241

دليلنا: إجماع الفرقة على أخبار رووها: إذا كان بين أحدكم وبين غيره
خصومة فلينظر إلى من روى أحاديثنا، وعلم أحكامنا، فليتحاكما إليه،
ولأن الواحد منا إذا دعا غيره إلى ذلك فامتنع منه كان مأثوما (1) فعلى هذا إجماعهم.
وأيضا ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: من حكم بين اثنين
تراضيا به، فلم يعدل بينهما، فعليه لعنة الله (2). فلولا أن حكمه بينهما جائز
لازم لما تواعده باللعن.
وأيضا لو كان الحكم لا يلزم بنفس الالتزام والانقياد، لما كان للترافع
إليه معنى، فإن اعتبر التراضي كان ذلك موجودا قبل الترافع إليه.
مسألة 41: للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الأحكام من الأموال،
والحدود، والقصاص وغير ذلك، سواء كان من حقوق الله تعالى أو من
حقوق الآدميين، فالحكم فيه سواء، ولا فرق بين أن يعلم ذلك بعد التولية
في موضع ولايته أو قبل التولية، أو بعدها قبل عزله وفي غير موضع ولايته،
الباب واحد.
وللشافعي فيه قولان في حقوق الآدميين.
أحدهما: مثل ما قلناه. وبه قال أبو يوسف، واختاره المزني، وعليه نص
في الأم (3)، وفي الرسالة (4) واختاره.

(1) انظر الكافي 7: 412 حديث 4 و 5، والتهذيب 6: 301 حديث 845 باختلاف في اللفظ.
(2) تلخيص الحبير 4: 185 ذيل الحديث 2084، والحاوي الكبير 16: 326.
(3) الأم 6: 216، ومختصر المزني: 302، وحلية العلماء 8: 142، والوجيز 2: 241، ومغني المحتاج
4: 398، والسراج الوهاج: 593، وبداية المجتهد 2: 458، والمبسوط 16: 105، والمغني لابن
قدامة 11: 401، والشرح الكبير 11: 425، وعمدة القاري 24: 235، والحاوي الكبير 16: 322.
(4) مختصر المزني: 302 حكاه عن الرسالة، والحاوي الكبير 16: 321 و 322.
242

وقال الربيع مذهب الشافعي: إن القاضي يقضي بعلمه، وإنما توقف
فيه لفساد القضاء (1).
والقول الثاني: لا يقضي بعلمه بحال. وبه قال في التابعين شريح،
والشعبي (2)، وفي الفقهاء مالك، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق (3).
حكي عن شريح: إنه ترافع إليه خصمان، فادعى أحدهما على صاحبه
حقا، فأنكر، فقال شريح للمدعي: ألك بينة؟ قال: نعم، أنت شاهدي،
فقال: ائت الأمير حتى أحضر وأشهد لك - يعني لا أقضي لك بعلمي - (4).
وعن مالك وابن أبي ليلى قالا: لو اعترف المدعى عليه بالحق، لم يقض
القاضي عليه به حتى يشهد عنده به شاهدان (5).
فأما حقوق الله تعالى فإنها تبنى على القولين، فإذا قال: لا يقضي بعلمه
في حقوق الآدميين، فبان لا يقضي به في حقوق الله أولى، وإذا قال: يقضي
بعلمه في حقوق الآدميين ففي حقوق الله على قولين، ولا فصل على القولين
معا بين أن يعلم ذلك بعد التولية في موضع ولايته، أو قبل التولية، أو بعدها
في غير موضع ولايته (6).

(1) الحاوي الكبير: 16: 322.
(2) حلية العلماء 8: 142، والوجيز 2: 241، والوجيز 2: 241، والمغني لابن قدامة 11: 402، والشرح الكبير 11: 425،
وعمدة القاري 24: 235، وبداية المجتهد 2: 458، والحاوي الكبير 16: 322.
(3) المغني لابن قدامة 11: 401، والشرح الكبير 11: 425، وعمدة القاري 24: 235، والحاوي
الكبير 16: 322.
(4) الأم 6: 216، والمبسوط 16: 105، والحاوي الكبير 16: 323.
(5) المدونة الكبرى 5: 148، والحاوي الكبير 16: 324.
(6) انظر الأم 6: 216، والحاوي الكبير 16: 322.
243

وقال أبو حنيفة ومحمد: إن علم بذلك بعد التولية في موضع ولايته
حكم، وإن علم به قبل التولية أو بعد التولية في غير موضع ولايته لم يقض
به عليه هذا في حقوق الآدميين، فأما في حقوق الله تعالى فلا يقضى عندهم
بعلمه بحال (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وأيضا قوله تعالى: " يا داود إنا
جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق " (3) وقال تعالى لنبيه
محمد صلى الله عليه وآله: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط " (4). ومن
حكم بعلمه، فقد حكم بالعدل والحق.
وأيضا فإن الشاهدين إذا شهدا عند الحاكم حكم بقولهما بغالب ظنه لا
بالقطع واليقين، وإذا حكم بعلمه حكم بالقطع واليقين، والقطع واليقين
أولى من غالب الظن، ألا ترى أن العمل بالخبر المتواتر أولى من العمل بخبر
الواحد مثل ما قلناه.
وأيضا لو لم يقض بعلمه أفضى إلى إيقاف الأحكام أو فسق الحكام،
لأنه إذا طلق الرجل زوجته بحضرته ثلاثا، ثم جحد الطلاق، كان القول
قوله مع يمينه، فإن حكم بغير علمه وهو استحلاف الزوج وسلمها إليه
فسق، وإن لم يحكم له وقف الحكم، وهكذا إذا أعتق الرجل عبده بحضرته

(1) المبسوط 16: 105، وعمدة القاري 24: 235، وفتح الباري 13: 139، والمغني لابن قدامة
11: 402، والشرح الكبير 11: 426، وحلية العلماء 8: 143، والميزان الكبرى 2: 190 وبداية
المجتهد 2: 459، والبحر الزخار 6: 131، والحاوي الكبير 16: 304 حديث 848 - 849.
(2) الكافي 7: 422 - 423 حديث 4 و 6، والتهذيب 6: 304 حديث 848 - 849.
(3) ص 26.
(4) المائدة: 42.
244

ثم جحد، وإذا غصب من رجل مالا ثم جحد يفضي إلى ما قلناه، فإذا
أفضى إلى ما قلناه سقط.
مسألة 42: إذا قال الحاكم لحاكم آخر: قد حكمت بكذا، أو أمضيت
كذا، أو أنفذت كذا، لا يقبل منه ذلك إلا أن تقوم بينة يشهدان على
حكمه، وبما حكم به، ولا يحكم بقوله. وبه قال محمد بن الحسن ومالك (1)
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي: يقبل قوله فيما قال أو أخبر به (2).
دليلنا: أن إيجاب قوله يحتاج إلى دليل، وليس عليه دليل، ويدل
عليه قوله تعالى: " ولا تقف ما ليس لك به علم " (3) وقوله لا يوجب
العلم، فيجب أن لا يقتفيه ولا يحكم به.
مسألة 43: يصح أن يحكم الحاكم لوالديه وإن عليا، ولولده وولد ولده
وإن سفلوا، وبه قال أبو ثور (4).
وقال باقي الفقهاء: لا يصح حكمه لهم، كما لا تصح شهادته لهم (5).

(1) المدونة الكبرى 5: 145، والمغني لابن قدامة 11: 478، والشرح الكبير 11: 419، والحاوي
الكبير 16: 337.
(2) المغني لابن قدامة 11: 478، والشرح الكبير 11: 419، والحاوي الكبير 16: 337.
(3) الإسراء: 36.
(4) حلية العلماء 8: 121، والمغني لابن قدامة 12: 66، والشرح الكبير 11: 408 و 12: 73،
والمجموع 20: 129، والحاوي الكبير 16: 339.
(5) الأم 6: 216، ومختصر المزني: 310، وحلية العلماء 8: 121، والوجيز 2: 240، وكفاية الأخيار
2: 163، والمجموع 20: 129، والمبسوط 16: 107 و 121، والنتف 2: 800، واللباب 3: 187 و
217، والهداية 5: 502، وشرح فتح القدير 5: 502، والمغني لابن قدامة 12: 65، والشرح الكبير
11: 408 و 12: 72، وأسهل المدارك 3: 214، والحاوي الكبير 16: 339.
245

دليلنا: أنه لا مانع من ذلك، وحملهم ذلك على الشهادة غير مسلم،
ونحن نخالفهم في ذلك ونجوز شهادة الوالد لولده، والولد لوالده، وسنذكر
ذلك في كتاب الشهادات.
246

كتاب الشهادات
247

كتاب الشهادات
مسألة 1: الشهادة ليست شرطا في انعقاد شئ من العقود أصلا. وبه
قال جميع الفقهاء إلا في النكاح (1)، فإن أبا حنيفة والشافعي قالا: من
شرط انعقاده الشهادة (2).
وقال داود وأهل الظاهر: الشهادة على البيع واجبة (3). وبه قال سعيد
ابن المسيب (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وأيضا إيجاب ذلك يحتاج إلى دليل.

(1) أحكام القرآن للجصاص 1: 521، ومختصر المزني 2: 302، وحلية العلماء 6: 365 و 8: 245،
والميزان الكبرى 2: 197، والمحلى 8: 346، والمغني لابن قدامة 4: 337، والجامع لأحكام
القرآن 3: 403، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 259، والحاوي الكبير 17: 3.
(2) الأم 5: 22، ومختصر المزني: 164، وحلية العلماء 6: 365، و 8: 245، والوجيز 2: 4، وكفاية
الأخيار 2: 32، والسراج الوهاج: 363، والمجموع 16: 198، واللباب 2: 184، والمغني لابن
قدامة 7: 339، والشرح الكبير 7: 457، وبداية المجتهد 2: 17، وأحكام القرآن لابن العربي
3: 1468 والحاوي الكبير 17: 3.
(3) المحلى 8: 344 وحلية العلماء 8: 245، والميزان الكبرى 2: 197، والجامع لأحكام القرآن
3: 402، والحاوي الكبير 17: 4.
(4) الجامع لأحكام القرآن 3: 402، والحاوي الكبير 17: 4.
(5) يستفاد ذلك من الحديث الذي رواه القمي في تفسيره 1: 94 - 95، وما ذكره المصنف قدس سره في
التبيان أيضا 2: 378 فلاحظ.
249

وقوله تعالى: " وأشهدوا إذا تبايعتم " (1) محمول على الاستحباب دون
الوجوب، بدليل ما قدمناه. ولأنه تعالى قال: " وإن كنتم على سفر ولم
تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة " (2) فالبيع الذي أمرنا بالإشهاد عليه هو البيع
الذي أمرنا بأخذ الرهن به عند عدم الشهادة، فلو كانت واجبة ما تركها
بالوثيقة.
وأيضا قال: " فإن آمن بعضكم بعضا فليؤد الذي ائتمن أمانته " (3)
فثبت أنه غير واجب، إذا لو كان واجبا لما جاز تركه بالأمانة.
وأيضا روي عن النبي عليه السلام: أنه ابتاع من أعرابي فرسا،
فاستتبعه ليقبضه الثمن، فلما رآه المشركون صفقوا وطلبوه بأكثر، فصاح
الأعرابي ابتعه إن كنت تريد أن تبتاعه، فقال النبي عليه السلام: قد
ابتعته، فقال: لا، من يشهد لك بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت (4): أنا
أشهد، فقال النبي: بم تشهد ولم تحضر، فقال: بتصديقك. وفي بعضها:
" نصدقك على أخبار السماء ولا نصدقك على أخبار الأرض " (5) فلو كان
واجبا ما تركه رسول الله صلى الله عليه وآله على البيع.
وأيضا: الآية متروكة الظاهر، لأنه أمر بالإشهاد بعد وجود البيع،

(1) البقرة: 282.
(2) البقرة: 283.
(3) البقرة: 283.
(4) خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري، ذو الشهادتين، لقبه النبي صلى الله
عليه وآله بهذا اللقب على ما روي في هذه الحادثة، شهد بدرا وما بعدها، قتل بصفين سنة سبع
وثلاثين للهجرة. أسد الغابة 2: 414.
(5) رواه النسائي في سننه 7: 301 و 302، وأحمد بن حنبل في مسنده 5: 215 و 216،
والطحاوي في شرح معاني الآثار 4: 146، والمتقي الهندي في كنز العمال 13: 379 - 380
حديث 37036 - 37039 باختلاف في اللفظ فلاحظ.
250

فقال: " وأشهدوا إذا تبايعتم " وحقيقته بعد وقوع فعل التبايع.
مسألة 2: حقوق الله تعالى كلها لا تثبت بشهادة النساء إلا الشهادة
بالزنا، فإنه روى أصحابنا: أنه يجب الرجم بشهادة رجلين وأربع نسوة،
وثلاث رجال وامرأتين، ويجب الحد دون الرجم بشهادة رجل واحد وست
نسوة (1).
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: لا يثبت شئ منها بشهادة
النساء لا على الانفراد ولا على الجمع (2).
مسألة 3: يثبت الإقرار بالزنا بشهادة رجلين.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: مثل ما قلناه. والثاني: لا يثبت إلا
بأربعة شهود، كما أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة شهود (4).

(1) الكافي 7: 390 - 391 حديث 3 و 5 و 9 و 11، والتهذيب 6: 264 - 265 حديث 107 -
112، والاستبصار 3: 24 و 27 حديث 74 و 75 و 82 و 84.
(2) الأم 6: 242 و 7: 44، ومختصر المزني: 303، وحلية العلماء 8: 270، والمجموع 20: 252 و
259، والسراج الوهاج: 607، وفتح المعين: 147، والمحلى 9: 395 - 396، والمغني لابن
قدامة 12: 6، والشرح الكبير 12: 84، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 6،
وشرح فتح القدير 6: 6، والمبسوط 16: 114، واللباب 3: 182، وتبيين الحقائق 4: 208،
وبداية المجتهد 2: 453، والبحر الزخار 6: 20.
(3) أوردها في التهذيب 6: 264 - 265 حديث 107 - 112، والاستبصار 3: 24 و 27 حديث
74 و 75 و 82 و 84.
(4) حلية العلماء 8: 272، والمجموع 20: 253، والوجيز 2: 252، وفتح المعين: 147، والشرح
الكبير 12: 85، والحاوي الكبير 17: 8.
251

دليلنا أن سائر الإقرارات يثبت بشهادة اثنين بلا خلاف، فمن اعتبر في
هذا وحده أربعة شهود يحتاج إلى دلالة.
مسألة 4: لا يثبت النكاح، والخلع، والطلاق، والرجعة، والقذف،
والقتل الموجب للقود، والوكالة، والوصية إليه، والوديعة عنده، والعتق،
والنسب، والكفالة ونحو ذلك ما لم يكن مالا، ولا المقصود منه المال،
ويطلع عليه الرجال إلا بشهادة رجلين، ولا يثبت بشهادة رجل وامرأتين.
وبه قال الشافعي (1).
وزاد الشافعي أنه لا ينعقد النكاح إلا بشهادة رجلين (2).
وقلنا لا يقع الطلاق إلا بشهادة رجلين، ولا مدخل للنساء في هذه
الأشياء الذي ذكرناها، وبه قال مالك، والشافعي، والأوزاعي،
والنخعي (3).
وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: يثبت كل هذا بشاهد وامرأتين إلا
القصاص فإنه لا خلاف فيه (4).

(1) الأم 7: 48، وحلية العلماء 8: 276، والمجموع 20: 255، والوجيز 2: 252، وفتح المعين:
147، والميزان الكبرى 2: 197، وتبيين الحقائق 4: 209، والنتف 2: 787، والشرح الكبير
12: 92، والمغني لابن قدامة 12: 8 و 16 - 18، والحاوي الكبير 17: 8.
(2) الأم 5: 22، ومختصر المزني 164، وحلية العلماء 8: 245، وكفاية الأخيار 2: 32، والمجموع
16: 198، والميزان الكبرى 2: 197، والسراج الوهاج: 363، والمغني لابن قدامة 7: 339
و ج 12: 8، والشرح الكبير 7: 457 و ج 12: 92، والحاوي الكبير 17: 8 و 9.
(3) المدونة الكبرى 5: 161، وأسهل المدارك 3: 221، والميزان الكبرى 2: 197، والحاوي الكبير
17: 8.
(4) النتف 2: 787، واللباب 3: 183، وتبيين الحقائق 4: 209، والهداية 6: 7، والمغني لابن
قدامة 12: 8، والشرح الكبير 12: 92، وبداية المجتهد 2: 454، والحاوي الكبير 17: 8.
252

دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على ثبوت هذه الأحكام به، وما ادعوه
ليس عليه دليل، وقياس ذلك على المداينة لا يصح، لأنا لا نقول
بالقياس.
مسألة 5: إذا قال لعبده: إن قتلت فأنت حر، ثم هلك، فاختلف العبد
والوارث، فقال العبد هلك بالقتل، وقال الوارث مات حتف أنفه، وأقام
كل واحد منهما شاهدين على ما ادعاه. للشافعي فيه قولان:
أحدهما: تعارضتا وسقطتا، ورق العبد.
والقول الثاني: بينة العبد أولى، لأنها أثبتت زيادة، فيعتق العبد (1).
وهذا يسقط عنا، لأن هذا عتق بشرط، والعتق بالشرط لا يصح عندنا،
ونحن ندل على ذلك في كتاب العتق، ومتى قلنا أن التدبير وصية وليس هو
عتقا بصفة، قلنا يستعمل القرعة، فمن خرج اسمه عمل على بينته.
مسألة 6: إذا قال: إن مت في رمضان فأنت حر. وقال لآخر: إن مت
في شوال فأنت حر، ثم مات، واختلف العبدان، فادعى كل واحد منهما
صحة ما جعل له، وأقام بذلك بينة فللشافعي في ذلك قولان:
أحدهما: يتعارضان ويرق العبدان.
والثاني: بينة رمضان أولى، لأنه قد يموت في رمضان فيخفي على بينة
شوال ذلك (2).

(1) الأم 7: 60، وحلية العلماء 8: 201، والمجموع 20: 196.
(2) الأم 7: 60، وحلية العلماء 8: 201 و 202، والمجموع 20: 196.
253

وهذا أيضا يسقط عنا بما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 7: يحكم بالشاهد واليمين في الأموال عندنا، وعند الشافعي
ومالك (1) على ما سنبينه، ويحكم عندنا بشهادة امرأتين مع يمين المدعي،
وبه قال مالك (2).
وقال أبو حنيفة والشافعي وغيرهما: لا يحكم بشهادة المرأتين مع
اليمين (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، ولأن المرأتين كالشاهد الواحد في
الأموال، ألا ترى لو أقام في المال شاهدين حكم له، ولو أقام شاهدا
وامرأتين حكم له، ثبت أنهما كالرجل الواحد، ثم ثبت أنه لو أقام شاهدا
واحدا حلف معه، فكذلك إذا أقام امرأتين.

(1) الأم 6: 256، ومختصر المزني: 306، وحلية العلماء 8: 280، والمجموع 20: 257، وفتح المعين:
147، والميزان الكبرى 2: 200، وأحكام القرآن للجصاص 1: 514، والنتف 2: 786،
والمغني لابن قدامة 12: 11 و 14، والشرح الكبير 12: 97، وسنن الترمذي 3: 628 ذيل
الحديث 1345، والمدونة الكبرى 5: 183.
(2) المدونة الكبرى 5: 139، وبداية المجتهد 2: 457، والمحلى 9: 399، والمغني لابن قدامة
12: 14، والشرح الكبير 12: 97، وحلية العلماء 8: 284، والميزان الكبرى 2: 201،
والحاوي الكبير 17: 10.
(3) النتف 2: 876، وحلية العلماء 8: 284، والمغني لابن قدامة 12: 14، والشرح الكبير 12: 97،
والميزان الكبرى 2: 201، وبداية المجتهد 2: 457، والحاوي الكبير 17: 10.
(4) الكافي 7: 385 (باب شهادة الواحد ويمين المدعي)، ومن لا يحضره الفقيه 3: 33 حديث 105
و 106، والتهذيب 6: 272 حديث 738 و 740 وص 275 حديث 748 - 749، والاستبصار
3: 32 باب ما تجوز فيه شهادة الواحد مع يمين المدعي.
254

مسألة 8: إذا ادعى على رجل عند الحاكم حقا، فأنكر، فأقام المدعي
شاهدين بما يدعيه، فحكم الحاكم له بشهادتهما، كان حكمه تبعا لشهادتهما،
فإن كانا صادقين كان حكمه صحيحا في الظاهر والباطن، وإن كانا
كاذبين كان حكمه صحيحا في الظاهر باطلا في الباطن، سواء كان في
عقد، أو رفع عقد، أو فسخ عقد، أو كان مالا. وبه قال شريح ومالك وأبو
يوسف ومحمد والشافعي (1).
وحكي عن شريح (2): أنه كان إذا قضى لرجل بشاهدين، قال له: يا
هذا أن حكمي لا يبيح لك ما هو حرام عليك (3).
وقال أبو حنيفة: إن حكم بعقد، أو رفعه، أو فسخه، وقع حكمه
صحيحا في الظاهر والباطن معا (4).
وأصحابه يعبرون عن هذا: كل عقد صح أن يبتدياه أو يفسخاه صح
حكم الحاكم فيه ظاهرا وباطنا (5).
فمن ذلك إذا ادعى أن هذه زوجتي، فأنكرت، فأقام شاهدين شهدا

(1) حلية العلماء 8: 163، والمبسوط 6: 180، والمغني لابن قدامة 11: 408 و 409، والشرح
الكبير 11: 466، والحاوي الكبير 17: 11.
(2) شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر الكندي الكوفي القاضي، ويقال:
شريح بن شرحبيل، استقضاه عمر بن الخطاب على الكوفة، روى عن علي عليه السلام وعمر
ابن الخطاب وابن مسعود وغيرهم. مات سنة 97، ويقال 99، وقيل غير ذلك. تهذيب
التهذيب 4: 326.
(3) الحاوي الكبير 17: 14.
(4) المبسوط 16: 180، وحلية العلماء 8: 163، والمغني لابن قدامة 11: 409، والشرح الكبير
11: 466.
(5) لم أعثر على هذا التعبير في المصادر المتوفرة، ولكن قريب منه في الحاوي الكبير 17: 11.
255

عنده بذلك حكم بها له، وحلت له في الباطن، فإن كان لها زوج بانت منه
بذلك، وحرمت عليه، وحلت للمحكوم له بها.
وأما رفع العقد، فالطلاق إذا ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا، أقامت
به شاهدين، فحكم بذلك، بانت منه ظاهرا وباطنا، وأحلت لكل أحد،
وحل لكل واحد من الشاهدين أن يتزوج بها وإن كان يعلمان أنهما شهدا
بالزور.
وأما الفسخ فكالإقالة.
وقالوا في النسب: لو ادعى رجل أن هذه بنته، فشهد بذلك شاهدا زور
فحكم الحاكم بذلك حكمنا بثبوت النسب ظاهرا وباطنا، وصار محرما
لها، ويتوارثان (1).
وحكى الشافعي في الأقضية - في القديم - فقال: لو أن رجلا طلق
زوجته ثلاثا، فادعت ذلك عليه عند الحاكم، فأنكر، فقضى له بها بيمين
أو بغير يمين، كانت زوجته، وعليها أن تهرب منه ولا تمكنه من نفسها (2).
فإن كان هذا على ما حكاه عنهم فهو نقض، لأنه لم ينعقد حكمه في
الباطن.
ووافقنا في الأموال إن كان القضاء له بملك غيره، فإن حكمه لا يبيح له
في الباطن.
دليلنا: قوله تعالى: " حرمت عليكم أمهاتكم - إلى قوله - والمحصنات من
النساء إلا ما ملكت أيمانكم " (3) وأراد بالمحصنات زوجات الغير، فحرمهن

(1) الحاوي الكبير 17: 11.
(2) الحاوي الكبير 17: 15، وانظر مختصر المزني: 303.
(3) النساء: 23 و 24.
256

علينا إلا بملك اليمين سببا أو استرقاقا.
وأبو حنيفة أباحهن لنا بحكم باطل.
وقال تعالى: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا
غيره) (1) ومنه دليلان.
أحدهما: قضى بأنه إذا طلقها لا تحل له إلا من بعد زوج، وعنده إذا
جحد الطلاق فقضى له بها حلت له. وقوله تعالى: (فلا تحل له من بعد
حتى تنكح زوجا غيره) دل على أنها حلال له ما لم يطلقها.
وعند أبي حنيفة إذا قضى له بزوجة غيره حرمت الزوجة على زوجها بغير
طلاق منه، أو ادعت عليه أنه طلقها فأقامت بذلك شاهدي زور حرمت
عليه وما طلقها (2).
وروت أم سلمة زوجة النبي عليه السلام أنه قال: (إنما أنا بشر مثلكم
وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض
فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا
يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار) (3).
فمنعه عليه السلام من أخذه وإن كان قد قضى له، وأخبر أنه قطعة من
النار.
مسألة 9: تقبل شهادة النساء على الانفراد في الولادة، والاستهلال،

(1) البقرة: 230.
(2) المبسوط 16: 184، والحاوي الكبير 17: 11
(3) سنن الدارقطني 4: 239 حديث 126 و 127، ومسند أحمد بن حنبل 6: 307، السنن
الكبرى 10: 143 و 149.
257

والعيوب تحت الثياب - كالرتق والقرن والبرص - بلا خلاف، وتقبل عندنا
شهادتهن في الاستهلال، ولا تقبل في الرضاع أصلا.
وقال الشافعي: تقبل شهادتهن في الرضاع أيضا والاستهلال (1).
وقال أبو حنيفة: لا تقبل شهادتهن على الانفراد فيهما، بل تقبل شهادة
رجل وامرأتين (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وأيضا ما اعتبرناه مجمع على قبول
شهادتهن فيه، وما قال الشافعي ليس عليه دليل.
وأيضا: الأصل أن الإرضاع وإثبات ذلك يحتاج إلى دليل، وليس في
الشرع ما يدل على أن بشهادتهن يثبت ذلك.
مسألة 10: كل موضع تقبل فيه شهادة النساء على الانفراد، لا يثبت
الحكم فيه إلا بشهادة أربع منهن، فإن كانت شهادتهن في الاستهلال أو في
الوصية لبعض الناس، قبل شهادة امرأة في ربع الميراث، وربع الوصية،
وشهادة امرأتين في نصف الوصية ونصف الميراث، وشهادة ثلاث في ثلاثة
أرباع الوصية، وثلاثة أرباع الميراث، وشهادة أربع في جميع الوصية، وجميع
ميراث المستهل.
وقال الشافعي: لا يقبل في جميع ذلك إ لا شهادة أربع منهن، ولا يثبت

(1) حلية العلماء 8: 278، والجموع 20: 256 260، والميزان الكبرى 2: 198، والنتف
2: 801، وعمدة القاري 13: 222، والحاوي الكبير 17: 8 و 19.
(2) انظر المبسوط 16: 144، وحلية العلماء 8: 278، والميزان الكبرى 2: 198، والمجموع
20: 260، والشرح الكبير 12: 98.
(3) الكافي 7: 391 حديث 5 و 7، والتهذيب 6: 286 حديث 721.
258

الحكم با لأقل من أربع على حال. وبه قال عطاء (1).
وقال عثمان البتي: يثبت بثلاث نسوة (2).
وقال مالك والثوري: تثبت بعدد، وهو اثنتان منهن (3).
وقال الحسن البصري وأحمد: يثبت الرضاع بالرضعة وحدها. وبه قال
ابن عباس (4). وقال أبو حنيفة: تثبت ولادة الزوجات با مرأة واحدة، القابلة أو
غيرها، ولا تثبت بها ولادة المطلقات (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، وقد روى أصحابنا (أن شهادة
القابلة وحدها تقبل في الولادة) وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه
وآله، وعن علي عليه السلام (7).

(1) الأم 6: 249 و 7: 48، مختصر المزني: 303 و 304، وحلية العلماء 8: 279، والوجيز
2: 252، ومغني المحتاج 4: 442، والسراج الوهاج: 607، والجموع 20: 256، والميزان
الكبرى 2: 198، وفتح المعين: 148، والبحر الزخار 6: 21، والمحلى 9: 399، وعمدة
القاري 13: 202 و 222، والشرح الكبير 12: 99، والحاوي الكبير 17: 21.
(2) المحلى 9: 399، وحلية العلماء 8: 279، والشرح الكبير 12: 99، والبحر الزخار 6: 21،
والحاوي الكبير 17: 21.
(3) المدونة الكبرى 5: 157 و 158، والمحلى 9: 399، وحلية العلماء 8: 279، وعمدة القاري
13: 202 و 222، والشرح الكبير 12: 99، والبحر الزخار 6: 21، والحاوي الكبير 17: 21.
(4) حلية العلماء 8: 279، وعمدة القاري 13: 202.
(5) المبسوط 16: 143، واللباب 3: 183، وحلية العلماء 8: 279، والشرح الكبير 12: 99، والحاوي الكبير 17: 21.
(6) الكافي 7: 392 حديث 12، ومن لا يحضره الفقيه 3: 31 حديث 95 و 96، والتهذيب
6: 267 و 268 حديث 717 و 720، والاستبصار 3: 28 و 29 حديث 88 و 89 و 92.
(7) الكافي 7: 390 - 391 حديث 2 و)، والتهذيب 6: 269 - 270 حديث 728 و 730،
والاستبصار 3: 29 حديث 95، والمحلى 9: 399، والحاوي الكبير 17: 21.
259

مسألة 11: القاذف إذا تاب وصلح قبلت توبته، وزال فسقه بلا
خلاف، وتقبل عندنا شهادته فيما بعد. وبه قال عمر بن الخطاب.
وروي عنه (أنه جلد أبا بكرة حين شهد على المغيرة بالزنا ثم قال له:
تب تقبل شهادتك) (1).
وعن ابن عباس أنه قال: (إذا تاب القاذف قبلت شهادته) (2). ولا
مخالف هما، وبه قال في التابعين عطاء وطاووس والشعبي (3).
قال الشعبي: يقبل الله توبته ولا نقبل نحن شهادته (4). وبه قال في
الفقهاء الزهري، وربيعة، ومالك، والشافعي، والأوزاعي، وعثمان البتي،
وأحمد، وإسحاق (5).

(1) السنن الكبرى 10: 152، والمحلى 9: 431، والأم 7: 89، والمبسوط 16: 125، والغني لابن
قدامة 12: 78، وتلخيص الحبير 4: 204 و 207، والجامع لأحكام القرآن 12: 179، وفتح
الباري 5: 256، وعمدة القاري 13: 208، والحاوي الكبير 17: 27.
(2) الأم 7: 45 و 89، والسنن الكبرى 10: 153، وفتح الباري 5: 255، والمغني لابن قدامة
12: 75، والشرح الكبير 12: 62.
(3) الأم 7: 89، والسنن الكبرى 10: 153، والحاوي الكبير 17: 25.
(4) الحاوي الكبير 17: 27 والسنن الكبرى 10: 153، ومختصر المزني: 304، وفتح الباري
5: 257 بلفظ قريب منه فلاحظ.
(5) الأم 6: 209 و 7: 45، ومختصر المزني: 304، والوجيز 2: 251، والمجموع 20: 252، والميزان
الكبرى 2: 198، وحلية العلماء 8: 254، والمغني لابن قدامة 12: 75، والشرح الكبير
12: 62، والمبسوط 16: 125، وعمدة القاري 13: 207، و 209، والهداية المطبوع مع شرح
فتح القدير 6: 29، وشرح فتح القدير 6: 29، وتبيين الحقائق 4: 218، والمدونة الكبرى
5: 158 وأحكام القرآن لابن العربي 3: 1324، وبداية المجتهد 2: 452، والمحلى 9: 431 و
432 والبحر الزخار 6: 37، والحاوي الكبير 17: 25.
260

وذهبت طائفة إلى أنها تسقط فلا تقبل أبدا، ذهب إليه في التابعين
شريح، والحسن البصري، والنخعي، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (1).
والكلام مع أبي حنيفة في فصلين:
عندنا وعند الشافعي ترد شهادته بمجرد القذف، وعنده لا ترد بمجرد
القذف حتى يجلد، فإذا جلد ردت شهادته با لجلد لا با لقذف.
والثاني: عندنا تقبل شهادته إذا تاب، وعنده لا تقبل ولو تاب ألف
مرة.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
والدليل على أن رد الشهادة يتعلق بمجرد القذف ولا يعتبر الجلد، قوله
تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم
ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) (3) فذكر القذف وعلق وجوب
الجلد برد الشهادة، فثبت أنهما يتعلقان به.
والذي يدل على أن شهادتهم لا تسقط أبدا، قوله تعالى في سياق الآية:
(وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله

(1) المحلى 9: 431، والمبسوط 16: 125، والنتف 2: 801، واللباب 3: 187، والهداية 6: 29،
وفتح البار 5: 256 و 257، وعمدة القاري 1 ظ: 207 و 209 و 210، تبيين الحقائق
4: 218، وحلية العلماء 8: 254، والمجموع 20: 252، والميزان الكبرى 2: 198، وشرح
فتح القدير 6: 29، والمغني لابن قدامة 12: 75 و 76، والجامع لأحكام القرآن 12: 179، وبداية
المجتهد 2: 451، والبحر الزخار 6: 37، والحاوي الكبير 17: 25.
(2) الكافي 7: 397 حديث 1 - 6، ومن لا يحضره الفقيه 3: 31 حديث 93، والتهذيب 6: 245 -
246 حديث 615 - 621، والاستبصار 3: 36 - 37 حديث 120 - 125.
(3) النور: 4.
261

غفور رحيم) (1).
ووجه الدلالة أن الخطاب إذا اشتمل على جمل معطوفة بعضها على
بعض بالواو، ثم تعقبها استثناء، رجع الاستثناء على جميعها إذا كانت كل
واحدة منها مما لو انفردت رجع الاستثناء إليها، كقوله: امرأتي طالق، وأمتي
حرة وعبدي حر إن شاء الله، رجع الاستثناء إلى كل المذكور وكذلك في
الآية.
فإن قالوا: الاستثناء يرجع إلى أقرب المذكورين.
فقد دللنا على فساد ذل: في كتاب أصور الفقه (2).
والثاني: أن في الآية ما يدل على أنه لا يرجع إلى أقرب المذكورين،
فإن أقربه الفسق - والفسق يزول بمجرد التوبة - وقبول الشهادة لا يثبت
بمجرد التوبة، بل تقبل بالتوبة وإصلاح العمل.
قيل: ستة أشهر (3).
وقيل: سنة (4).
فلما شرط في التوبة إصلاح العمل، ثبت أنه رجع إلى الشهادة لا إلى
الفسق.
والثالث: ما رواه الزهري (5)، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، أن

(1) النور: 4 - 5.
(2) عدة الأصول 1: 124.
(3) حلية العلماء 8: 265، والحاوي الكبير 17: 31.
(4) المصدران السابقان.
(5) في النسخ المعتمدة: ربيعة، وما أثبته مطابق لما جاء في المصادر الحديثية والتاريخية والفقهية
فلاحظ، حيث أن ربيعة مات سنة (33) أو (42)، ومات سعيد سنة (100) للهجرة.
262

النبي عليه السلام قال، في قوله: (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا
فإن الله غفور رحيم) توبته إكذابه نفسه، فإذا تاب قبلت شهادته (1).
مسألة 12: من شرط التوبة من القذف، أن يكذب نفسه حتى يصح
قبول شهادته فيما بعد، بلا خلاف بيننا وبين أصحاب الشافعي (2).
إلا أنهم اختلفوا فقال أبو إسحاق، وهو الصحيح عندهم: أن يقول
القذف باطل، ولا أعود إلى ما قلت (3).
وقال الإصطخري: التوبة إكذابه نفسه. هكذا قال الشافعي: وحقيقة
ذلك أن يقول: كذبت فيما قلت، قال أبو حامد: وليس بشئ (4).
وهذا هو الذي يقتضيه مذهبنا، لأنه لا خلاف بين الفرقة أن من شرط
ذلك أن يكذب نفسه، وحقيقة الإكذاب أن يقول: كذبت فيما قلت.
كيف وهم رووا أيضا أنه يحتج إلى أن يكذب نفسه في الملأ الذين قذف
بينهم، وفي موضعه (5)، فيثبت ما قلناه.

(1) كنز العمال 2: 474 حديث 4536، وتلخيص الحبير 4: 204، والمغني لابن قدامة 12: 78 و
79، والبحر الزخار 6: 23 مع اختلاف يسير واختصار في المتن في بعضها.
(2) الأم 6: 209، ومختصر المزني: 304، وحلية العلماء 8: 265، والمجموع 20: 237، والمغني لابن
قدامة 12: 78، والشرح الكبير 12 ك 65، وفتح الباري 5: 257، الحاوي الكبير 17: 32.
(3) حلية العلماء 8: 266، ومغني المحتاج 4: 439، والسراج الوهاج: 606، والمجموع 20: 237،
والمغني لابن قدامة 12: 79، والشرح الكبير 12: 65، وعمدة القاري 13: 207، والحاوي
الكبير 17: 32.
(4) حلية العلماء 8: 265، والمجموع 20: 237، والمغني لابن قدامة 12: 78، والشرح الكبير
12: 65، وعمدة القاري 13: 207، والبحر الزخار 6: 23، والحاوي الكبير 17: 32.
(5) انظر مختصر المزني: 302.
263

والذي قاله المروزي قوي، لأنه إذا أكذب نفسه ربما كان صادقا في
الأولى فيما بينه وبين الله فيكون هذا الإكذاب كذبا وذلك قبيح.
مسألة 13: إذا أكذب نفسه وتاب، لا تقبل شهادته حتى يظهر منه
العمل الصالح، وهو أحد قولي الشافعي، إلا أنه اعتبر ذلك سنة، ونحن لم
نعتبره، لأنه لا دليل عليه.
والقول الآخر أنه يكفي مجرد الإكذاب (1).
دليلنا: قوله تعالى: (إ لا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) (2) فاعتبر
التسوية وصلاح العمل.
مسألة 14: من كان في يده شئ يتصرف فيه بلا دافع ولا منازع بسائر
أنواع التصرف، جاز أن يشهد له بالملك، طالت المدة أم قصرت، وبه قال
أبو حنيفة (3).
وقال الشافعي: جاز أن يشهد له باليد، قولا واحدا، فأما الملك فينظر
فيه، فإن طالت مدته فعلى وجهين (4).

(1) مختصر المزني: 304، والوجيز 2: 251 و 252، وحلية العلماء، والمجموع 20: 236 و
237، والسراج الوهاج: 606، ومغني المحتاج 4: 438، والمغني لابن قدامة 12: 81 - 82،
والشرح الكبير 12: 61، ونسبت بعض المصادر المشار إليها اعتبار المدة سنة لأصحاب
الشافعي فلاحظ.
(2) النور: 5.
(3) النتف 2: 796، والهداية 6: 23، وشرح فتح القدير 6: 23، وتبيين الحقائق 4: 216، والمغني
لابن قدامة 12: 26، والشرح الكبير 12: 14، والبحر الزخار 6: 20.
(4) حلية العلماء 8: 288، والمجموع 20: 262، والسراج الوهاج: 610، ومغني المحتاج 4: 449،
والوجيز 2: 254، وتبين الحقائق 4: 216، والبحر الزخار 6: 38.
264

قال الإصطخري: جاز أن يشهد له بالملك (1).
وقال غيره: لا يجوز وإن قصرت المدة مثل الشهر والشهرين، فلا يجوز
قولا واحدا (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا لا خلاف أنه يجوز أن يشتري منه، فإذا حصل في يده يدعي أنه
ملك، فلولا أن ظاهر تصرفه يدل على ملكه، لم يجز له إذا انتقل إليه بالبيع
أن يدعي أنه ملكه.
مسألة 15: يجوز الشهادة على الوقف، والولاء، والعتق، والنكاح
بالاستفاضة، كالملك المطلق والنسب.
وللشافعي فيه قولان:
فقال الإصطخري مثل ما قلناه (4).
وقال غيره: لا يثبت شئ من ذلك بالاستفاضة، ولا يشهد عليها
بذلك (5).

(1) حلية العلماء 8: 288، والمجموع 20: 262، والمغني لابن قدامة 12: 26، والشرح الكبير
12: 14، والبحر الزخار 6: 38
(2) حلية العلماء 8: 288، والمجموع 20: 262، والمغني لابن قدامة 12: 26، والشرح الكبير
12: 14، والبحر الزخار 6:: 38.
(3) الكافي 7: 387 حديث 1 و 2 و 4، والتهذيب 6: 261 - 262 حديث 695 و 696 و 698.
(4) حلية العلماء 8: 260، والوجيز 2: 253، والمجموع 20: 263، وفتح الباري 5: 254، والحاوي
الكبير 17: 38.
(5) حلية العلماء 8: 290، والمجموع 20: 263، والوجيز 2: 253، والحاوي الكبير 17: 38.
265

دليلنا: أنه لا خلاف أنه يجوز لنا الشهادة على أزواج النبي عليه
السلام، ولم يثبت ذلك إلا بالاستفاضة، لأنا ما شهدناهم.
وأما الوقف فمبني على التأبيد، فإن لم تجز الشهادة بالاستفاضة أدى إلى
بطلان الوقوف، لأن شهود الوقف لا يبقون أبدا.
فإن قيل: يجوز تجديد شهادة على شهادة أبدا.
قلنا: الشهادة على الشهادة لا تجوز عندنا إلا دفعة واحدة، فأما البطن
الثالث فلا يجوز على حال، وعلى هذا يؤدي إلى ما قلناه.
مسألة 16: ما يفتقر في العلم به إلى المشاهدة لا تقبل فيه شهادة
الأعمى بلا خلاف، وذلك مثل القطع، والقتل، والرضاع، والزنا،
والولادة، واللواط، وشرب الخمر. وما يفتقر إلى سماع ومشاهدة من العقود
كلها كالبيوع، والصرف، والسلم، والإجارة، والهبة، والنكاح ونحو
ذلك.
والشهادة على الإقرار لا تصح بشهادة الأعمى عليه. وبه قال في
الصحابة علي عليه السلام (1)، وفي التابعين الحسن البصري، وسعيد بن
جبير، والنخعي (2)، وفي الفقهاء الثوري، وأبو حنيفة وأصحابه، وعثمان
البتي، وسوار القاضي، وعليه أهل البصرة وأكثر الكوفيين (3).

(1) السنن الكبرى 10: 158، والمبسوط 16: 129، وشرح فتح القدير 6: 128، والحاوي الكبير
17: 41.
(2) المغني لابن قدامة 12: 62، وشرح فتح القدير 6: 27، والشرح الكبير 12: 68، والحاوي الكبير
17: 41.
(3) المبسوط 16: 129، والنتف 2: 797، واللباب 3: 187، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير
6: 27، وشرح فتح القدير 6: 27، وتبيين الحقائق 4: 217، والمغني لابن قدامة 12: 62،
والشرح الكبير 12: 68، والمحلى 9: 433، والميزان الكبرى 2: 199، والحاوي الكبير
17: 41.
266

وذهبت طائفة إلى أن شهادته على العقود تصح، ذهب إليه في الصحابة
عبد الله بن عباس (1)، وفي التابعين شريح، وعطاء، والزهري (2)، وفي الفقهاء
ربيعة، ومالك، والليث بن سعد، والثوري، وابن أبي ليلى (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
مسألة 17: يصح أن يكون الأعمى شاهدا في الجملة في الأداء دون
التحمل، وفي التحمل والأداء فيما لا يحتاج إلى المشاهدة مثل: النسب،
والموت، والملك المطلق. وبه قال مالك، وأبو يوسف، والشافعي (5).
وقال أبو حنيفة ومحمد: لا يصح منه التحمل ولا الأداء فيما لا يحتاج

(1) المغني لابن قدامة 12: 62، والشرح الكبير 12: 68، حلية العلماء 8: 291، والحاوي الكبير
17: 41.
(2) المغني لابن قدامة 12: 62، والشرح الكبير 12: 68، وحلية العلماء 8: 291، والحاوي الكبير
17: 41.
(3) المحلى 9: 433، والمبسوط 16: 129، والمغني لابن قدامة 12: 62، والشرح الكبير 12: 68،
وتبيين الحقائق 4: 218، وحلية العلماء 8: 291، والحاوي الكبير 17: 41.
(4) الكافي 7: 400 حديث 1 و 2، والتهذيب 6: 254 حديث 662 و 663، ودعائم الإسلام
2: 509 حديث 1823.
(5) الأم 7: 90 و 91، وحلية العلماء 8: 292، ومغني المحتاج 4: 447، والسراج الوهاج: 609،
والوجيز 2: 253، والمجموع 20: 263، وأسهل المدارك 3: 216، والمبسوط 16: 129، والهداية
6: 27، وعمدة القاري 13: 221، وبدائع الصنائع 6: 266، وشرح فتح القدير 6: 27
وتبيين الحقائق 4: 218، والفتاوى الهندية 3: 465، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 252.
267

إلى المشاهدة فجعلا العمى كالجنون (1).
وقالا أشد من هذا، قالا: لو شهد بصيران عند الحاكم فسمع شهادتهما
ثم عميا أو خرسا قبل الحكم بها، لم يحكم كما لو فسقا قبل الحكم بشهادتهما
فيتصور الخلاف معه في ثلاثة فصول: فيما علمه وهو بصير.
والثاني: الشهادة بالنسب، والموت، والملك المطلق.
والثالث: إذا عميا بعد الإقامة وقبل الحكم (2).
دليلنا: إجماع الفقه وأخبارهم (3).
وأيضا قولة تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (4)، وقوله:
(وأشهدوا إذا تبايعتم) (5) وقال عز وجل: (فإن لم يكونا رجلين فرجل
وامرأتان) (6) وكل ذلك على عمومه إلا ما أخرجه الدليل.
مسألة 18: يصح من الأخرس تحمل الشهادة بلا خلاف، وعندنا
يصح منه الأداء. وبه قال مالك، وأبو العباس بن سريج (7).

(1) المبسوط 16: 129، والهداية 6: 28، وبدائع الصنائع 6: 266، وعمدة القاري 13: 221،
والفتاوى الهندية 3: 464، ومختصر المزني: 304 و 305، والمحلى 9: 433، وحلية العلماء
8: 292.
(2) الهداية 6: 27، وشرح فتح القدير 6: 28، وتبيين الحقائق 4: 218، وحلية العلماء 8: 293.
(3) الكافي 7: 400 حديث 1 و 2، ودعائم الإسلام 2: 509 حديث 1823، والتهذيب 6: 254
حديث 662 و 663.
(4) الطلاق: 2.
(5) البقرة: 282.
(6) البقرة: 282.
(7) حلية العلماء 8: 246، والمجموع 20: 226، والبحر الزخار 6: 38، والنتف 2: 798، والمغني
لابن قدامة 12: 64، والشرح الكبير 12: 34، وأسهل المدارك 3: 216، والحاوي الكبير
17: 43
268

وقال أبو حنيفة وباقي أصحاب الشافعي: لا يصح منه الأداء (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 19: العبد إذا كان مسلما، بالغا، عدلا، قبلت شهادته على كل
أحد من الأحرار والعبيد، إلا على مولاه، فأما غيره فإنه تقبل شهادته لهم
وعليهم.
وروي عن علي عليه السلام: (أنه تقبل شهادة بعضهم على بعض، ولا تقبل شهادتهم على الأحرار) (2).
وقال ع نس بن مالك: أقبلها مطلقا كالحر. وبه قال عثمان البتي،
وداود، وأحمد، وإسحاق (3).
وقال البتي: كم من عبد خير من مولاه (4).
وقال النخعي، والشعبي: أقبلها في القليل دون الكثير (5).

(1) النتف 2 ك 798، والمبسوط 16: 130، والفتاوى الهندية 3: 464، وحلية العلماء 8: 246،
والمجموع 20: 226، والمغني لابن قدامة 12: 64، والشرح الكبير 12: 34، والبحر الزخار
6: 38، والحاوي الكبير 17: 43.
(2) حلية العلماء 8: 247، والبحر الزخار 6: 36، والحاوي كبير 17: 58.
(3) السنن الكبرى 10: 161، والمحلى 9: 412 و 413، وحلية العلماء 8: 247، والمغني لابن
قدامة 12: 71، وعمدة القاري 13: 192 و 223، والميزان الكبرى 2: 199، والحاوي الكبير
17: 58.
(4) لم أقف على هذا النص للبتي في المصادر المتوفرة ولكن نسبه الماوردي في الحاوي الكبير
17: 58 إلى بعض السلف.
(5) السنن الكبرى 10: 161، والمحلى 9: 413، والمغني لابن قدامة 12: 71، وحلية العلماء
8: 247، وعمدة القاري 13: 222 و 223، والبحر الزخار 6: 36، والحاوي الكبير 17: 58.
269

وذهب قوم إلى أنها لا تقبل بحال، لا على حر ولا على عبد، لا في قليل
ولا في كثير. ذهب إليه في الصحابة عمر، وابن عباس، وابن عمر (1) وفي
التابعين خلق: شريح، والحسن البصري، وعطاء ومجاهد (2)، وفي الفقهاء
أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، والأوزاعي، والثوري (3).
دليلنا: قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) (4) وذلك عام
في الميع، وقال: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (5) وهذا عدل، وعليه
إجماع الفرقة وأخبارهم (6).
مسألة 20: تقبل شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الجراح ما لم
يتفرقوا، إذا اجتمعوا على أمر مباح كالرمي وغيره. وبه قال ابن الزبير
ومالك (7).

(1) المحلى 9: 412، والمبسوط 16: 124، وعمدة القاري 13: 223، والحاوي الكبير 17: 58.
(2) السنن الكبرى 10: 161، والمبسوط 16: 124، والمحلى 9: 412، والمغني لابن قدامة 12: 71،
والحاوي الكبير 17: 58.
(3) الأم 7: 47، ومختصر المزني: 305، وحلية العلماء 8: 246، وكفاية الأخبار 2: 169، والمجموع
20: 226 و 237، والميزان الكبرى 2: 199، والمحلى 9: 412 و 413، والمبسوط 16: 124،
والنتف 2: 798، واللباب 3: 187، وعمدة القاري 13: 223، وبدائع الصنائع 6: 267 و
268، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 28، وشرح فتح القدير 6: 28، وتبيين الحقائق
4: 218، والمغني لابن قدامة 12: 71 والسنن الكبيرى 10: 161.
(4) البقرة: 282.
(5) الطلاق: 2.
(6) الكافي 7: 389 باب شهادة المماليك، ومن لا يحضره الفقيه 3: 26 حديث 69، والتهذيب
6: 248 حديث 634 و 635 و 636، والاستبصار 3: 15 باب شهادة المملوك، ودعائم
الإسلام 2: 510 حديث 1825.
(7) المدونة الكبرى 5: 163، والموطأ 2: 726 حديث 9، وأسهل المدارك 3: 219، وحلية العلماء
8: 247 والميزان الكبرى 2: 198 والمجموع 20: 251، والمحلى 9: 421، والشرح الكبير
12: 32، والبحر الزخار 6: 21، وعمدة القاري 13: 239، والحاوي الكبير 17: 59.
270

وقال قوم: إنها لا تقبل بحال، لا في الجراح ولا في غيرها، تفرقوا أو لم
يتفرقوا. ذهب إليه ابن عباس، وشريح، والحسن البصري، وعطاء،
والشعبي (. وفي الفقهاء الأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة
وأصحابه، والشافعي (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وعليه إجماع الصحابة.
روى ابن أبي مليكة (4)، عن ابن عباس أنه قال: لا تقبل شهادة
الصبيان في الجراح (5).
فخالفه ابن الزبير، فصار الناس إلى قول ابن الزبير (6).

(1) الشرح الكبير 12: 32، والبحر الزخار 6: 21، وعمدة القاري 13: 239.
(2) الأم 7: 47 و 88، ومختصر المزني: 305، وكفاية الأخيار 2: 168، وحلية العلماء 8: 247،
والمجموع 20: 226 و 227، والميزان الكبرى 2: 198، والمحلى 9: 421، والمبسوط 16: 124،
والنتف 2: 797، وبدائع الصنائع 6: 226، وتبيين الحقائق 4: 218، والشرح الكبير
12: 32 والبحر الزخار 6: 21، وعمدة القاري 13: 239.
(3) الكافي 7: 389 حديث 2 و 3 و 6، من لا يحضره الفقيه 3: 27 حديث 79، والتهذيب
6: 251 - 252 حديث 645 و 646 و 649.
(4) عبد الله بن عبيد الله بي أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان، أبو بكر، ويقال: أبو محمد
التيمي المكي كان قاضيا لابن الزبير روى عن العبادلة وعبد الله بن جعفر بن أبي
طالب وأسماء وعائشة وغيرهم وعنه جماعة. مات سنة 17 ويقال: 18 للهجرة. تذهيب
التذهيب 5: 306 - 307.
(5) السنن الكبرى 10: 161 و 162، والأم 7: 88 و 89، والمجموع 20: 251 باختلاف في اللفظ.
(6) الأم 7: 88، ومختصر المزني: 305، والمحلى 9: 420، وحلية العلماء 8: 247، والسنن الكبرى
10: 162، والمجموع 20: 251، والبحر الزخار 6: 21، والحاوي الكبير 17: 59.
271

فثبت أنهم أجمعوا على قولة، وتركوا قول ابن عباس.
مسألة 21: شهادة أهل الذمة لا تقبل على المسلمين بلا خلاف
أصحابنا، إلا أنهم أجازوا شهادة أهل الذمة في الوصية خاصة إذا كان
بحيث لا يحضره مسلم بحال.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك، وقالوا: لا تقبل بحال (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وأيضا قوله تعالى: (إذا حضر
أحد كم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم - يعني من المسلمين - أو
آخران من غير كم) (3) يعني من أهل الذمة، فإن ادعوا أن هذا منسوخ،
طولبوا با لدلالة عليه، وليس معهم دليل يقطع العذر.
مسألة 22: قال قوم: لا يجوز قول شهادة أهل الذمة بعضهم على
بعض، سواء اتفقت ملتهم أو اختلفت، مثل شهادة اليهود على اليهود، أو
على النصارى، وكذلك النصارى. وبه قال مالك، والشافعي،
والأوزاعي، وابن أبي ليلى، أحمد (4).

(1) الأم 6: 233 و 7 16، وحلية العلماء 8: 248، والمجموع 20: 251، والمحلى 9 409، والمدونة
الكبرى 5: 156، والجامع لأحكام القرآن 6: 350، والمغني لابن قدامة 12: 52 و 54،
والشرح الكبير 12: 36، والهداية 6: 41، وشرح فتح القدير 6: 41، والبحر الزخار 6: 23 و
24.
(2) الكافي 7: 398 - 399 حديث 2 و 6 - 8، ودعائم الإسلام 2: 513 حديث 1840، والتهذيب
6: 252 و 253 حديث 652 - 655.
(3) المائدة: 106.
(4) الأم 7: 16، وحلية العلماء 8: 248، والمدونة الكبرى 5: 157، والجامع لأحكام القرآن
6: 351، والمبسوط 16: 134، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 41، وشرح فتح القدير
6: 41، وتبيين الحقائق 4: 223، والمغني لابن قدامة 12: 54، والبحر الزخار 6: 23،
والحاوي الكبير 17: 61.
272

وقال آخرون: تقبل شهادة بعضهم على بعض، سواء اتفقت ملتهم أو
اختلفت. ذهب إليه قضاة البصرة: الحسن، وسوار، وعثمان البتي (1). وبه
قال في الفقهاء حماد بن أبي سليمان، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه (2).
وذهب الشعبي، والزهري، وقتادة: إلى أنه إن كانت الملة واحدة
- كاليهود على اليهود - قبلت وإن اختلفت ملتهم لم تقبل، كاليهود على
النصارى (3).
وهذا هو الذي ذهب إليه أصحابنا ورووه (4).
دليلنا: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا
أن تصيبوا قوما بجهالة) (5) فأمر الله تعالى بالتثبت والتبين في نبأ الفاسق،
والكافر فاسق.
وروى ابن غنم (6) قال: سألت معاذ بن جبل عن شهادة اليهود على

(1) المغني لابن قدامة 12: 55، والبحر الزخار 6: 23، والحاوي الكبير 17: 61.
(2) المبسوط 16: 133، والنتف 2: 797، و الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 41، وشرح فتح
القدير 6: 41، وتبيين الحقائق 4: 223 و 224، والفتاوى الهندية 3: 517، وحلية العلماء
8: 248، والمجموع 20: 251، والمحلى 9: 409 و 410، والمغني لابن قدامة 12: 55، والجامع
لأحكام القرآن 5: 350 - 351، والبحر الزخار 6: 23، والحاوي الكبير 17: 61.
(3) السنن الكبرى 10: 166، والمحلى 9: 410، والمغني لابن قدامة 12: 55، والبحر الزخار
6: 24، والحاوي الكبير 17: 61.
(4) الكافي 7: 398 حديث 2، والتهذيب 6: 254 حديث 652.
(5) الحجرات: 6.
(6) عبد الرحمان بن غنم الأشعري، روى عن النبي صلى الله عليه وآله وعن عمر وعثمان وعلي
عليه السلام وغيرهم، وعنه ابنه محمد وعطية بن قيس وأبو سلام الأسود وجماعة، مات سنة 78
للهجرة النبوية. تهذيب التهذيب 6: 250.
273

النصارى، فقال: سمعت النبي عليه السلام يقول: (لا تقبل شهادة أهل
دين على غير أهل دينهم إلا المسلمين، فإنهم عدول على أنفسهم وعلى
غيرهم) (1).
وهذا الذي اخترناه، والوجه فيه إذا اختاروا الترافع إلينا، فأما إن لم
يختاروا، فلا يلزمهم ذلك.
مسألة 23: يقضى بالشاهد الواحد مع يمين المدعي في الأموال، وبه
قال في الصحابة علي عليه السلام (2)، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وأبي بن
كعب (3)، وفي التابعين الفقهاء السبعة، وعمر بن عبد العزيز، وشريح،
والحسن البصري، وأبو سلمة بن عبد الرحمان (4)، وربيعة بن
أبي عبد الرحمان (5)، وفي الفقهاء مالك، والشافعي، وابن أبي ليلى، وأحمد بن
حنبل (6).

(1) تلخيص الحبير 4: 198 حديث 2108، والحاوي الكبير 17: 62،
(2) سنن الدارقطني 4: 212، السنن الكبرى 10: 170 و 173، والكافي 7: 385 حديث 1، من
لا يحضره الفقيه 3: 33 حديث 103، والتهذيب 6: 275 حديث 749، والاستبصار 3: 33
حديث 111، والمغني لابن قدامة 12: 11، والحاوي الكبير 17: 68.
(3) مختصر المزني 306، والسنن الكبرى 10: 173، والمغني لابن قدامة 12: 11، والحاوي الكبير
17: 68.
(4) هو عبد الله بن عبد الرحمان الزهري، تقدمت ترجمته.
(5) السنن الكبرى 10: 174، ومختصر المزني: 306، والمغني لابن قدامة 12: 11، والبحر الزخار
5: 403، والحاوي الكبير 17: 68.
(6) الأم 6: 256 و 7: 7، مختصر المزني: 305 و 306، وحلية العلماء 8: 280، والميزان الكبرى
2: 200، والمجموع 20: 257، وفتح المعين: 147، والمدونة الكبرى 5: 182 و 183، وأحكام
القرآن للجصاص 1: 514، والنتف 2: 876، والمغني لابن قدامة 12: 11 و 14، والشرح
الكبير 12: 93 و 97، والبحر الزخار 5: 403، والحاوي الكبير 17: 68 و 73.
274

وذهب قوم إلى: أنه لا يقضى بالشاهد الواحد مع اليمين: ذهب إليه
الزهري، والنخعي (1)، وفي الفقهاء الأوزاعي، وابن شبرمة، والثوري،
وأبو حنيفة وأصحابه (2).
قال محمد بن الحسن: إن قضى بالشاهد مع اليمين نقضت حكمه (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وروى عمر وبن دينار، عن ابن عباس: أن النبي عليه السلام قضى
باليمين مع الشاهد (5).
وفي رواية مسلم بن خالد الزنجي (6)، عن عمر وبن دينار، عن

(1) المغني لابن قدامة 12: 11، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 517، الحاوي الكبير 17: 68.
(2) أحكام القرآن للجصاص 1: 514، والنتف 2: 876، وحلية العلماء 8: 280، والمغني لابن
قدامة 12: 11، والميزان الكبرى 2: 200، والبحر الزخار 5 403، الحاوي الكبير 17: 68.
(3) المغني لابن قدامة 12: 11، والحاوي الكبير 17: 68.
(4) الكافي 7: 385 حديث - 1 5، ومن لا يحضره الفقيه 3: 33 حديث 103 - 104 والتهذيب
6: 272 حديث 740 - 742، والاستبصار 3: 32 (باب ما يجوز فيه شهادة الواحد مع يمين
المدعي).
(5) صحيح مسلم 3: 1337 حديث 3، وسنن الدارقطني 4: 214 حديث 38، وسنن أبي داود
3: 308 حديث 3608، وسنن ابن ماجة 2: 793 حديث 2370، وترتيب مسند الشافعي
2: 178، والسنن الكبرى 10: 167 و 168، وتلخيص الحبير 4: 205 حديث 2132.
(6) مسلم بن خالد بن فروة المخزومي، مولاهم، أبو خالد الزنجي المكي الفقيه، روى عن زيد بن
أسلم وأبي طوالة والعلاء بن عبد الرحمان وغيرهم، وعنه ابن وهب والشافعي وعبد الملك بن
الماجشون وجماعة غيرهم، مات في خلافة هارون سنة ثمانين ومائة. تهذيب التهذيب
10: 128.
275

طاووس، عن ابن عباس، عن النبي عليه السلام مثله (1).
وروى عبد العزيز بن محمد الدراوردي (2)، عن ربيعة (3)، عن سهيل بن
أبي صالح (4)، عن أبيه (5)، عن أبي هريرة: أن النبي عليه السلام قضى
باليمين مع الشاهد وفي غيره قضى بيمين وشاهد (6).
وقيل: إن سهيلا نسي هذا الحديث فذكره ربيعة أنه سمعه منه، وكان
يقول: حدثني ربيعة عني، عن أبي هريرة (7). وروى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر: أن النبي عليه السلام

(1) سنن الدارقطني 4: 214 حديث 38، والحاوي الكبير 17: 70.
(2) عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي، أبو محمد المدني، مولى جهينة قال ابن
سعد: دراورد قرية بخراسان، وقال أبو حاتم: إنها من قرى فارس، روى عن جعفر بن محمد
الصادق عليه السلام، وربيعة، وسعد بن سعيد الأنصاري وغيرهم وعنه جماعة كثيرة، مات
سنة 187 وقيل غير ذلك. تهذيب التهذيب 6: 353.
(3) ربيعة بن أبي عبد الرحمان، تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
(4) سهيل بن أبي صالح واسمه ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، روى عن أبيه وسعيد بن المسيب
والحارث بن مخلد الأنصاري وغيرهم، وعنه ربيعة والأعمش ويحيى بن سعيد وجماعة، مات
سنة 38 هجرية. تهذيب التهذيب 4: 263.
(5) ذكوان، أبو صالح السمان الزيات المدني، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني، روى عن
سعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري وغيرهم، وعنه أولاده سهيل وصالح
وعبد الله وعطاء بن أبي رباح وجماعة. مات سنة (101) هجرية. تهذيب التهذيب 3: 219.
(6) سنن الترمذي 3: 627 حديث 1343، وسنن الدارقطني 4: 213 حديث 33، وسنن ابن ماجة
2: 793 حديث 2368، وسنن أبي داود 3: 309 حديث 3610، وأحكام القرآن للجصاص
1: 516، وترتيب مسند الشافعي 2: 179.
(7) سنن أبي داود 3: 309 ذيل الحديث 3610 و 3611، وترتيب مسند الشافعي 2: 179، والأم
6: 255 والسنن الكبرى 10 168، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 517. (.
276

قال: (أتاني جبرئيل وأمرني أن أقضي باليمين مع الشاهد) (1).
وروى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب
عليهم السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله قضى بالشاهد الواحد مع يمين
من له الحق (2).
قال جعفر بن محمد: رأيت الحكم بن عتيبة يسأل أبي وقد وضع يده
على جدار القبر ليقوم قال: أقضى النبي عليه السلام باليمين مع الشاهد؟
قال: نعم، وقضى بها علي بين أظهركم (3).
ورواه عبد العزيز بن أبي سلمة (4)، ويحيى بن سليم (5)، عن جعفر
ابن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام: أن النبي
صلى الله عليه وآله قضى بالشاهد الواحد مع يمين الحق (6).

(1) سنن الترمذي 3: 628 حديث 1344، وسنن ابن ماجة 2: 793 حديث 2369، وترتيب
مسند الشافعي 2: 180، ومجمع الزوائد 4: 202، والسنن الكبرى 10: 170، تلخيص الحبير
4: 206 ذيل الحديث 2133.
(2) السنن الكبرى 10: 170.
(3) سنن الترمذي 3: 628 ذيل الحديث 1345، والأم 6: 255، وترتيب مسند الشافعي
2: 179، والسنن الكبرى 10: 173.
(4) عبد العزيز بن أبي سلمة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمان المدني،
نزيل بغداد، روى عن أبي أويس وإبراهيم بن سعد ومحمد بن عون، وعنه الصاغاني وأبو زرعة
وإبراهيم بن الحارث وغيرهم. تهذيب التهذيب 6: 339.
(5) يحيى بن سليم القرشي، الطائفي، أبو محمد، ويقال: أبو زكريا المكي، الحذاء، الخراز، روى
عن موسى بن عقبة وابن جريج وإسماعيل بن أمية وغيرهم. وروى عنه وكيع والشافعي
وابن المبارك وجماعة مات سنة ثلاث أو أربع أو خمس وتسعين ومائة، تهذيب التهذيب
11: 226.
(6) سنن الترمذي 3: 628 ذيل الحديث 1345.
277

وقد روى هذا الخبر ثمانية، أربعة ذكرناهم، وهم: علي عليه السلام،
وابن عباس، وأبو هريرة، وجابر. وأربعة أخر: زيد بن ثابت، وسعد بن
عبادة، ومسروق، وعبد الله بن عمر، ومسلم بن الحجاج (1) قد خرج هذا في
الصحيح من طريق عمر وبن دينار، عن ابن عباس (2)، وعلى المسألة إجماع
الصحابة.
روى جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام
قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله، وأبو بكر، وعمر وعثمان يقضون بالشاهد الواحد مع يمين المدعي) (3).
فثبت بهذا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيه أخبار عن دوام
حكمه بذلك، فلا يمكن حمله على قضية واحدة.
وروى أبو الزناد (4)، عن عبد الله بن عباس، قال: شهدت النبي عليه

(1) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، أبو الحسين النيسابوري الحافظ، روى عن القعنبي وأحمد
ابن يونس وداود بن عمر والضبي وجماعة كثيرة، وعنه الترمذي وأحمد بن سلمة وإبراهيم بن أبي
طالب وغيرهم، ولد سنة أربع ومائتين، ومات لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين
ومائتين. تهذيب التهذيب 10: 126.
(2) صحيح مسلم 3: 1337 حديث 1712، وروي أيضا في سنن أبي داود 3: 308 حديث
3608، وسنن الدارقطني 4: 214 حديث 38، وسنن ابن ماجة 2: 793 حديث 2370،
والسنن الكبرى 10: 167 و 168، وتلخيص الحبير 4: 205 حديث 2132.
(3) سنن الدارقطني 4: 215 حديث 39، والسنن الكبرى 10: 173.
(4) عبد الله بن ذكوان القرشي، أبو عبد الرحمان المدني المعروف بأبي الزناد، مولى رملة، وقيل غير
ذلك. روى عن أنس وسعيد بن المسيب وعائشة بنت سعد وغيرهم، عنه جماعة كثيرة،
قيل: مات سنة ثلاثين ومائة وهو ابن (66) سنة وقيل غير ذلك. تهذيب التهذيب 5: 203.
278

السلام وأبا بكر، وعمر، وعثمان يقضون بالشاهد مع اليمين (1).
وروى جعفر بن محمد، عن أبيه قال: (قضى بها علي عليه السلام بين
أظهركم) (2).
وفي رواية أخرى (قضى بها علي بالعراق) (3).
وروى داود بن الحصين (4)، عن أبي جعفر محمد بن علي: أن أبي بن
كعب قضى باليمين مع الشاهد (5). فهؤلاء الخمسة قالوا به، ولا مخالف لهم بحال.
مسألة 24: إذا كان مع المدعي شاهد واحد، واختيار يمين المدعى عليه،
كان له، فإن حلف المدعى عليه، أسقط دعواه، وإن نكل لم يحكم عليه،
ويكون له الشاهد مع اليمين. وبه قال الشافعي (6).
وقال مالك: يحكم عليه بالنكول، مع موافقته لنا أن القضاء بالنكول

(1) رواه الدارقطني في سننه 4: 215 حديث 40، والبيهقي في سننه الكبرى أيضا 10: 173 عن
عبد الله بن عامر فلاحظ.
(2) سنن الدارقطني 4: 212 ذيل الحديث 29، والسنن الكبرى 10: 173، وترتيب مسند
الشافعي 2: 279 حديث 634.
(3) سنن الدارقطني 4: 212 ذيل الحديث 31، والسنن الكبرى 10: 169 و 170.
(4) داود بن الحصين الأموي، مولاهم، أبو سليمان المدني، روى عن أبيه وعكرمة ونافع وغيرهم
وعنه مالك وابن إسحاق ومحمد بن عبيد الله بن أبي رافع وجماعة غيرهم. مات سنة (135)
للهجرة. تهذيب التهذيب 3: 181.
(5) السنن الكبرى 10: 173.
(6) الأم 7: 39، وحلية العلماء 8: 283 و 284، والوجيز 2: 255 و 256، والسراج الوهاج: 607
و 608، ومغني المحتاج 4: 444، وبداية المجتهد 2: 457.
279

إذا لم يكن مع المدعي شاهد (1).
دليلنا: أن الحكم عليه بذلك يحتاج إلى دليل، ولا دلالة على ذلك.
وأيضا: فمذهب مالك يؤدي إلى القضاء بمجرد النكول، لأن المدعي إذا
لم يحلف مع شاهده، فقد أطرح شاهده ورفضه، كأن لم يكن، فصارت
اليمين في جنبة المدعى عليه ابتداء.
فلو قلنا: متى نكل عنها، قضينا عليه بالنكول، كان حكما بمجرد
النكول، وهذا لا سبيل إليه.
ولأن مذهبه يفضي إلى القضاء بالشاهد الواحد، لأن اليمين على المدعي
عليه، فمتى نكل لم يكن نكوله حجة للمدعي، كما لو كان مع المدعي
شاهدان فتركها وعدل إلى إحلاف المدعى عليه، لم يكن في عدوله إليه عن
شاهده حجة للمدعى عليه، فإذا ثبت أن نكوله ليس بحجة للمدعى عليه،
لم يبق مع المدعي إلا شاهد واحد، فوجب أن لا يقضى له به.
مسألة 25: لا يثبت الوقف بشهادة واحد مع يمين المدعي.
وللشافعي فيه قولان، بناء على الوقف إلى من ينتقل، فإذا قال: ينتقل
إلى الله تعالى فلا يثبت إلا بشاهدين، وإذا قال ينتقل إلى الموقوف إليه
فيثبت بشاهد ويمين (2).
وقال أبو العباس: يثبت بشاهد ويمين قولا واحدا (3).
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على ثبوت الوقف به، وما قالوه ليس عليه

(1) بداية المجتهد 2: 457، وحلية العلماء 8: 284، والحاوي الكبير 17: 75.
(2) حلية العلماء 8: 281، والوجيز 2: 256، والمجموع 20: 257، والحاوي الكبير 17: 88.
(3) حلية العلماء 8: 281، والمجموع 20: 257، والحاوي الكبير 17: 88.
280

دليل، والأخبار التي أوردناها في القضاء بالشاهد مع اليمين مختصه
بالأموال، والوقف ليس بمال للموقوف عليه، بل له الانتفاع به فقط دون
رقبته.
مسألة 26: إذا كان معه شاهد، وأراد أن يحلف المدعى عليه، فنكل
عن اليمين، فإنها ترد على المدعي، فإن حلف حكم له بها، وإن نكل ولم
يحلف انصرف.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما مثل ما قلناه، والثاني: لا يرد عليه، بل يحبس المدعى عليه حتى
يحلف أو يعترف (1).
دليلنا: عموم الأخبار التي وردت في أن المدعى عليه إذا رد اليمين، فعلى
المدعي اليمين، وهي عامة (2).
مسألة 27: إذا مات إنسان، وخلف دينا له على غيره، وعليه دين،
ولهم شاهد واحد، وامتنعوا من أن يحلفوا مع الشاهد، لم يجز للغريم أن
يحلف.
وللشافعي فيه قولان:
الأول: وهو الأصح مثل ما قلناه. الثاني، أنه له أن يحلف، لأنه إذا

(1) الأم 6: 227 و 7: 95، ومختصر المزني: 309 و 310، وحلية العلماء 8: 137، والمجموع
20: 160، والحاوي الكبير 17: 75 و 76.
(2) الكافي 7: 415 حديث 1 و 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 20 حديث 52، وعيون أخبار الرضا
عليه السلام 2: 96، والتهذيب 6: 229 حديث 553 و 554.
281

ثبت صار إليه كان له أن يحلف كالوارث (1).
دليلنا: هو أنه لو ثبت هذا الحق كان بثبوته للميت، يرثه ورثته عنه،
بدليل أنه لو كانت التركة عبدا وأهل شوال كانت فطرته على ورثته، وكان
لهم أن يقضوا الدين من عين التركة ومن غيرها، وإنما يتعلق حق الغرماء
بالتركة كما يتعلق حق المرتهن بالرهن، فإذا كان ثبوته لغيرهم لم يجز أن
يحلف يمينا يثبت بها حقا للغير، فإن الإنسان لا يثبت بيمينه مالا لغيره.
وأيضا قوله تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) (2) وقوله: (ولا
تقف ما ليس لك به علم) (2) وهذا غير عالم.
مسألة 28: إذا مات وخلف تركة، وعليه دين، فإن كان الدين يحيط
بالتركة لم ينتقل التركة إلى وارثه، وكانت مبقاة على حكم ملك الميت، فإن
قضى الدين من غيرها ملكها الوارث الآن، وإن كان الدين محيطا ببعض
التركة لم ينتقل قدر ما أحاط الدين به منها إلى ورثته، وانتقل إليهم ما عداه.
وبه قال الإصطخري من أصحاب الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: إن كان الدين محيطا بالتركة لم ينتقل إلى الورثة كما
قلناه، وإن لم يكن محيطا بها انتقلت كلها إلى الورثة (5).

(1) الحاوي الكبير 17: 83، والمغني لابن قدامة 12: 104.
(2) البقرة: 169.
(3) الإسراء: 36.
(4) حلية العلماء 6: 260، والمجموع 16: 49 و 52، والمغني لابن قدامة 12: 106، والحاوي الكبير
17: 81.
(5) المبسوط 29: 137، والمغني لابن قدامة 12: 106، والمجموع 16: 53، والحاوي الكبير
17: 81.
282

وقال الشافعي وأصحابه إلا الإصطخري: إن التركة ينتقل كلها إلى
الورثة، سواء كانت وفق الدين أو أكثر، والدين باق في ذمة الميت، وتعلق
حق الغرماء بها كالرهن، ولهم أن يقضوا الدين من عين التركة ومن
غيرها (1).
دليلنا: قوله تعالى: (ولكم نصف ما تزك أزواجكم - إلى قوله - من بعد
وصية يوصي بها أو دين) (2) فأخبر أن ذلك لهم بعد الدين، وكذلك في
قوله: (يوصيكم الله في أولادكم) (3) الآية.
ولأن التركة لو انتقلت إلى الوارث لوجب إذا كان في تركته من يعتق
على وارثه أن يعتق عليه، مثل أن ورث الرجل أباه أو ابنه، بيانه كان له أخ
مملوك وابن المملوك حر، فمات الرجل وخلف أخاه مملوكا، فورثه ابن
المملوك، فإنه لا يعتق عليه إذا كان على الميت دين بلا خلاف، دل على
أن التركة ما انتقلت إليه.
وكذلك لو كان أبوه أو ابنه مملوكا لابن عمه، فمات السيد، فورثه عن
ابن عمه، كان يجب أن ينعتق ويبطل حق الغرماء، وقد أجمعنا على خلافه.
مسألة 29: إذا ادعى رجل جارية وولدها بأنها أم ولده، وولدها منه
استولدها في ملكه، وأقام شاهدا واحدا، وحلف، يحكم له بالجارية،
وسلمت إليه وكانت أم ولده باعترافه بلا خلاف بيننا وبين الشافعي، إلا

(1) حلية العلماء 6: 259، والمجموع 16: 49، والمغني لابن قدامة 12: 106، والحاوي الكبير
17: 81.
(2) النساء: 12.
(3) النساء 11.
283

أنه يقول: تنعتق بوفاته، وأما الولد فإنه لا يحكم له به أصلا، ويبقى في يد
من هو في يده على ما كان.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: وهو الأصح مثل ما قلناه. والثاني: يحكم له بالولد ويلحق
به (1).
دليلنا: أن القضاء بالشاهد واليمين خاص في الأموال على ما مضى
القول فيه، وها هنا يدعي النسب والحرية، وذلك لا يحكم له بشاهد ويمين.
مسألة 30: إذا كان في يد رجل عبد، فادعى آخر عليه أن هذا غصبه
على نفسه، وأنه كان عبدي، وأنا أعتقته، وأقام شاهدا واحدا، لم يقبل
ذلك، ولا يحكم به.
وقال الشافعي: أقضي له به، وأحكم بالعتق فيه (2).
واختلف أصحابه منهم من قال يحكم بذلك قولا واحدا (3). ومنهم من
قال هذه على قولين كالمسألة التي قلبها (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة التي قلبها، وأيضا فإن البينة تشهد له بملك
كان، والبينة إنما تقبل إذا شهدت بما يدعيه من كون الملك له في الحال،
فأما بملك كان فلا، كما لو قال: هذا الذي في يد زيد عبدي، وشهد

(1) الأم 7: 7، ومختصر المزني: 306، وحلية العلماء 8: 277 و 278، والوجيز 2: 255، والمجموع
20: 256، والحاوي الكبير 17: 86.
(2) انظر الأم 7: 7، والحاوي الكبير 17: 87.
(3) حلية العلماء 8: 278، والمجموع 20: 256، والحاوي الكبير 17: 87.
(4) حلية العلماء 8: 278، والمجموع 20: 256، والوجيز 2: 255.
284

شاهدان أنه كان عبده، لم يثبت الملك بشهادتهما، لأنه يدعي ملكا في
الحال، والبينة تشهد بملك كان.
مسألة 31: الأيمان تغلظ عندنا بالمكان والزمان، وهو مشروع. وبه قال
الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا تغلظ بالمكان بحال، وهو بدعة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، فإنهم رووا: أنه لا يحلف عند قبر النبي
عليه السلام أحد على أقل مما يحبب فيه القطع (3).
فدل ذلك على أنه إذا كان كذلك أو زاد عليه تغلظ، وأنه ليس
ببدعة، ولست أجد خلافا بينهم في ذلك.
وروى جابر أن النبي عليه السلام قال. (من حلف على منبري
هذا، كان اليمين إثما، فليتبوأ مقعده من النار)) (4).
وفيه إجماع الصحابة. روي ذلك عن علي عليه السلام وأبي بكر،

(1) الأم 6: 259، ومختصر المزني: 308، وحلية العلماء 8: 240، ومغني المحتاج 4: 472، والسراج
الوهاج: 618، وبداية المجتهد 2: 455، والمغني لابن قدامة 12: 116، والشرح الكبير
12: 146، والمجموع 20: 217، والجامع لأحكام القرآن 6: 353، وتبيين الحقائق 4: 302،
والحاوي الكبير 17: 110.
(2) المبسوط 16: 119، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 177،
واللباب 3: 168، وتبيين الحقائق 4: 302، والجامع لأحكام القرآن 6: 353، وحلية العلماء
8: 240، وبداية المجتهد 2: 455، والمغني لابن قدامة 12: 116، والشرح الكبير 12: 146،
والحاوي الكبير 17: 110.
(3) التهذيب 6: 310 حديث 855.
(4) الموطأ 2: 727 حديث 10، ومسند الشافعي 2: 73، والسنن الكبرى 10: 176، والمستدرك
على الصحيحين 4: 296، وتلخيص الحبير 3: 229 حديث 1634.
285

وعمر، وعثمان، وعبد الرحمان بن عوف، ولكل واحد منهم قصة معروفة (1)
تركنا ذكرها تخفيفا، ولا مخالف لهم.
وأما الزمان، فلقوله تعالى: (تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان
بالله) (2) قال أهل التفسير: يريد بعد العصر (3).
وقال عليه السلام: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم
عذاب أليم: رجل بائع أمامه، فإن أعطاه وفي له، وإن لم يعطه خانه، ورجل
حلف بعد العصر يمينا فاجرة ليقتطع بها مال امرئ مسلم (4).
مسألة 32: لا تغلظ اليمين بأقل مما يجب فيه القطع، ولا يراعى بلوغ
النصاب الذي يجب فيه الزكاة. وبه قال مالك (5).
وقال الشافعي: لا تغلظ بأقل مما تجب فيه الزكاة إذا كانت يمينا في
المال أو المقصود منه المال، وإن كان يمينا في غير ذلك غلظ على كل حال (6).

(1) انظر السنن الكبرى 10: 177.
(2) المائدة: 106.
(3) الجامع لأحكام القرآن 6: 353، والأم 7: 37، والسنن الكبرى 10: 177، والمغني لابن قدامة
12: 117، وتلخيص الحبير 3: 228 ذيل الحديث 1628.
(4) روي بتفاوت في اللفظ في صحيح البخاري 3: 148 و 9: 99، وصحيح مسلم 1: 103
حديث 173، ومسند أحمد بن حنبل 2: 480، والسنن الكبرى 10: 177، وفتح الباري
5: 43.
(5) الموطأ 2: 728 ذيل الحديث 12، والمدونة الكبرى 5: 135، وبداية المجتهد 2: 457، والجامع
لأحكام القرآن 6: 355، والسنن الكبرى 10: 176، والأم 7: 34، وحلية العلماء 8: 240،
والشرح الكبير 12: 116 و 151، والحاوي الكبير 17: 110.
(6) الأم 6: 259 و 7: 34 و 35، ومختصر المزني: 308، وحلية العلماء 8: 240، والوجيز
2: 264، والسراج الوهاج: 618، ومغني المحتاج 4: 472، وفتح المعين: 152، والجامع
لأحكام القرآن 6: 355، وبداية المجتهد 2: 455، وتبيين الحقائق 4: 302، والحاوي الكبير
17: 110.
286

وقال ابن جرير: يغلظ في الكثير والقليل (1).
دليلنا: إجماع الفرقة على ما بيناه في المسألة التي ذكرناها.
مسألة 33: التغليظ بالمكان والزمان استحباب دون أن يكون ذلك
شرطا في صحة الأيمان.
ووافقنا في الأزمان والألفاظ الشافعي (2).
والمكان على قولين.
أحدهما: مثل ما قلناه. والثاني: أنه شرط (3).
دليلنا: أن كون ذلك شرطا يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله عليه السلام
(اليمين على المدعى عليه والبينة على المدعي) (4) ولم يذكر الزمان ولا
المكان، وما ذكرناه من الأدلة محمول على الاستحباب.
مسألة 34: الحالف إذا حلف على فعل نفسه، حلف على القطع
والبتات نفيا كان أو إثباتا. وإن كان على فعل غيره، فإن كانت على

(1) حلية العلماء 8: 240، والمغني لابن قدامة 12: 117، والحاوي الكبير 17: 110.
(2) المجموع 20: 217، وفتح المعين: 152، والحاوي الكبير 17: 114.
(3) حلية العلماء 8: 240، والمجموع 20: 217، والحاوي الكبير 17: 114.
(4) سنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وترتيب مسند
الشافعي 2: 181، والسنن الكبرى 8: 279، و 10: 252 و 253، والكافي 7: 415 حديث
2، والتهذيب 6: 229 حديث 554، ونصب الراية 4: 390، وتلخيص الحبير 4: 208 بتقديم
وتأخير في اللفظ.
287

الإثبات كانت على القطع، وإن كانت على النفي كانت على نفي العلم.
وبه قال الشافعي (1).
وقال الشعبي، والنخعي: كلها على العلم (2).
وقال ابن أبي ليلى: كلها على البت (3).
دليلنا: أن النبي عليه السلام حلف رجلا، فقال: (قل والله ما له عليك
حق) (4) فلما كان على فعل نفسه استحلفه على البت، ولأنها إذا كانت على
فعل نفسه أحاط علمه بما يحلف عليه، فكلف ما يقدر عليه، وهكذا إذا
كانت على الإثبات على فعل الغير، لأنه لا يثبت شيئا حتى يقطع به، فإذا
كانت على النفي لفعل الغير لم يحط علمه بأن الغير ما فعل كذا، لأنه قد
يفعله، ولا يعلم.
مسألة 35: إذا شهد عنده شاهدان، ظاهرهما العدالة، فحكم
بشهادتهما، ثم تبين أنهما كانا فاسقين قبل الحكم،، نقض حكمه.

(1) الأم 7: 35، ومختصر المزني: 309، وحلية العلماء 8: 241، والوجيز 2: 264، والسراج الوهاج:
618، ومغني المحتاج 4: 473 و 474، وكفاية الأخيار 2: 168، والمجموع 20: 218، والمغني
لابن قدامة 12: 119، والشرح الكبير 12: 141، والبحر الزخار 5: 405، والحاوي الكبير
17: 118.
(2) المغني لابن قدامة 12: 119، والشرح الكبير 12: 141، وحلية العلماء 8: 241، والبحر الزخار
5: 405، والحاوي الكبير 17: 118.
(3) حلية العلماء 8: 241، والمغني لابن قدامة 12: 119، والشرح الكبير 12: 141، والبحر الزخار
5: 405، والحاوي الكبير 17: 118.
(4) سنن أبي داود 3: 311 حديث 3620، والسنن الكبرى 10: 180، والمغني لابن قدامة
12: 120، والشرح الكبير 12: 141 وفي بعضها اختلاف يسير باللفظ فلا حظ.
288

وللشافعي فيه قولان:
قال أبو العباس، والمزني: أحدهما: ينقضه كما قلناه (1).
والآخر: لا
ينقضه. وبه قال أبو حنيفة (2).
وقال أبو إسحاق: ينقضه قولا واحدا (3)، كما قلناه
دليلنا: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا
أن تصيبوا قوما بجهالة) (4).
فأمر بالتثبت والتبين، فإذا علمه فاسقا، وجب رد شهادته ونقض ما
حكم به.
وأيضا: فإن الشرع إنما قرر الحكم بشهادة من ظاهره العدالة، فإذا علم
أنه حكم بمن ظاهره الفسق فقد حكم بغير الشرع، فوجب نقضه.
وأيضا: رد شهادة الفاسق مجمع عليه، منصوص، فيجب أن ينقض
حكمه بذلك.
مسألة 36: إذا حكم بشهادة نفسين في قتل، وقتل المشهود عليه، ثم
بأن أن الشهود كانوا فساقا قبل الحكم بالقتل، سقط القود، وكان دية
المقتول المشهود عليه من بيت المال.

(1) الأم 7: 54، ومختصر المزني: 313، وحلية العلماء 8: 323، والوجيز 2: 252، ومغني المحتاج
4: 438، والسراج الوهاج: 606.
(2) انظر الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 11، وشرح فتح القدير 6: 11، مختصر المزني:
313، وحلية العلماء 8: 323، والوجيز 2: 252.
(3) حلية العلماء 8: 322.
(4) الحجرات: 6.
289

وقال أبو حنيفة: الدية على المزكين (1).
وقال الشافعي: الدية على الحاكم. وأين تجب؟ على قولين.
أحدهما: على عاقلته. والآخر: في بيت المال (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، فإنهم رووا: أن ما أخطأت القضاة من
الأحكم فعلى بيت المال (3).
مسألة 37: إذا شهد أجنبيان أنه أعتق سالما في حال موته، وهو الثلث،
وشهد وارثان أنه أعتق غانما في هذه الحالة، وهو الثلث، ولم يعلم السابق
منهما، أقرع بينهما، فأيهما خرج اسمه أعتق ورق الآخر.
وللشافعي فيه قولان:
أحدهما: مثل ما قلناه. والثاني: يعتق من كل واحد منهما نصفه (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، لأنهم أجمعوا على أن كل أمر مجهول فيه
القرعة (5). وهذا من ذلك.
مسألة 38: إذا ادعى رجل على رجل حقا، ولا بينة له، فعرض اليمين

(1) المغني لابن قدامة 12: 150 - 151، والشرح الكبير 12: 129 - 130.
(2) المغني لابن قدامة 12: 150، والشرح الكبير 12: 129، وحلية العلماء 7: 593، والمجموع
19: 145.
(3) الكافي 7: 354 حديث 3، ومن لا يحضره الفقيه 3: 5 حديث 16، والتهذيب 10: 203
حديث 801.
(4) الأم 7: 58 و 59، وحلية العلماء 8: 310، والمجموع 20: 274، والمغني لابن قدامة 12: 196،
والشرح الكبير 12: 214.
(5) من لا يحضره الفقيه 3: 52 حديث 174، والتهذيب 6: 240 حديث 593.
290

على المدعى عليه فلم يحلف ونكل، ردت اليمين على المدعي فيحلف ويحكم
له، ولا يجوز الحكم على المدعى عليه بنكوله. وبه قال الشعبي، والنخعي،
ومالك، والشافعي (1).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا ترد اليمين على المدعي بحال، فإن كان
التداعي في مال كرر الحكام اليمين على المدعى عليه ثلاثا، فإن حلف وإلا
قضى عليه بالحق بنكوله (2)، وإن كان في قصاص قال أبو حنيفة: يحبس
المدعى عليه أبدا حتى يقر بالحق أو يحلف على نفيه (3).
وقال أبو يوسف ومحمد: يكرر عليه اليمين ثلاثا، ويقضى عليه بالدية.
وأما إذا كانت الدعوى في طلاق أو نكاح فإن اليمين لا تثبت في هذه
الأشياء في جنبة المدعى عليه، فلا يتصور فيهما نكول، ونحن نفرد هذا القول
بالكلام (4)،
وقال ابن أبي ليلى: يحبس المدعى عليه في جميع المواضع حتى يحلف أو
يقر (5).

(1) المدونة الكبرى 5: 137 و 174، وبداية المجتهد 2: 457، والأم 6: 226 و 227، ومختصر
المزني 309 و 310، والمبسوط 17: 34، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 158، وشرح
فتح القدير 6: 158، وتبيين الحقائق 4: 294، وكفاية الأخيار 2: 167، ومغني المحتاج
4: 477، والسراج الوهاج: 619، والمجموع 20: 208.
(2) المبسوط 17: 34، واللباب 3: 156 و 157، وبدائع الصنائع 6: 225، والهداية 6 155 و
158 و 160، وشرح فتح القدير 6: 155 و 158 و 160، وتبيين الحقائق 4: 294 - 296، والأم 6: 227، وبداية المجتهد 2: 457.
(3) اللباب 3: 164، والهداية 6: 170، شرح فتح القدير 6: 170، وتبيين الحقائق 4: 299.
(4) الهداية 6: 170، وشرح فتح القدير 6: 170، وتبيين الحقائق 4: 299، والحاوي الكبير 17: 140.
(5) المغني لابن قدامة 12: 125.
291

فالخلاف مع أبي حنيفة في فصلين: أحدهما في الحكم بالنكول، والثاني
في رد اليمين
دليلنا: على أن اليمين ترد: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا قوله تعالى: (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا
أن ترد أيمان بعد أيمانهم) (2) فأثبت الله يمينا مردودة بعد يمين، فاقتضى
ذلك أن اليمين ترد في بعض المواضع بعد يمين أخرى.
فإن قيل: الآية تقتضي رد اليمين بعد اليمين، والاجماع أن المدعى عليه
إذا حلف لم ترد اليمين بعد ذلك على المدعي.
قيل: لما أجمعوا على أنه لا يجوز رد اليمين بعد اليمين عدل بالظاهر عن
هذه وعلم أن المراد به أن ترد أيمان بعد وجوب أيمان.
ويدل عليه أيضا: قوله عليه السلام: المطلوب أولى باليمين من
الطالب (3). ولفظة أولى من وزن أفعل، وحقيقتها الاشتراك في الحقيقة،
وتفضيل أحدهما على الآخر، فاقتضى الخبر أن الطالب والمطلوب يشتركان
في اليمين، لكن للمطلوب مزية عليه بالتقدم.
وأما الدليل على أن المدعى عليه لا يحكم عليه بمجرد النكول أن
الأصل براءة الذمة، وإيجاب الحكم عليه بالنكول يحتاج إلى دليل.

(1) الكافي 7: 416 - 417 حديث 1 - 5، ومن لا يحضره الفقيه 3: 37 حديث 127، والتهذيب
6: 230 - 231 حديث 556 - 563، وسنن الدارقطني 4: 214 حديث 35.
(2) المائدة: 108.
(3) رواه في تلخيص الحبير 4: 210 في ذيل الحديث 2143 لفظه: من كانت له طلبة عند أحد
فعليه البينة، والمطلوب أولى باليمين، فإن نكل حلف الطالب وأخذ.
292

مسألة 39: إذا نكل المدعى عليه ردت اليمين على المدعي في سائر
الحقوق. وبه قال الشعبي والنخعي والشافعي (1).
وقال مالك: إنما ترد اليمين فيما يحكم به بشاهد وامرأتين دون غيره من
النكاح والطلاق ونحوه (2).
دليلنا: عموم الأخبار التي وردت في رد اليمين (3).
وأيضا: الأنصار لما ادعوا على اليهود أنهم قتلوا عبد الله بخيبر، قال لهم
النبي عليه السلام: تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم، فقالوا: من
لم نشاهده كيف نحلف عليه؟ فقال: يحلف لكم اليهود خمسين يمينا، فقالوا:
إنهم كفار (4).
فنقل النبي عليه السلام اليمين من جنبة المدعي إلى جنبة المدعى عليهم،
وهذا حكم برد اليمين عند النكول، وكانت الدعوى في قتل العمد، والدماء
لا يحكم فيها بشاهد وامرأتين.
مسألة 40: إذا حلف المدعى عليه، ثم أقام المدعي البينة بالحق، لم

(1) الأم 6: 226، ومختصر المزني: 309 و 310، وحلية العلماء 8: 226، وكفاية الأخيار 2: 167،
والسراج الوهاج: 619، ومغني المحتاج 4: 477، والمجموع 20: 208، وبداية المجتهد 2: 457.
(2) بداية المجتهد 2: 457، والحاوي الكبير 17: 140.
(3) الكافي 7: 416 - 417 حديث 1 - 5، ومن لا يحضره الفقيه 3: 37 حديث 127، والتهذيب
6: 230 - 231 حديث 556 - 563.
(4) صحيح البخاري 4: 123، وصحيح مسلم 3: 1293 حديث 3، وسنن النسائي 8: 8، وسنن
ابن ماجة 2: 892 حديث 2677، وسنن الدارقطني 3: 110 حديث 94، والسنن الكبرى
8: 118 - 119.
293

يحكم له بها. وبه قال ابن أبي ليلى وداود (1).
وقال باقي الفقهاء: إنه يحكم بها (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا قوله عليه السلام: من حلف فليصدق، ومن حلف له فليرض،
ومن لم يفعل فليس من الله في شئ (4).
مسألة 41: إذا ادعى على رجل حقا، وقال: ليس لي بينة، وكل بينة
لي فهي كاذبة، فحلف المدعى عليه، ثم أقام البينة. قال محمد: لا يحكم له
بذلك، لأنه جرح بينته (5).
وقال الشافعي وأبو يوسف: يحكم له بها (6)، لأنه يجوز أن يكون نسي
بينته، فكذب على اعتقاده، وهذا الفرع يسقط عنا، لأن أصل المسألة عندنا
باطل، وقد دللنا عليه.
مسألة 42: إذا ادعى رجل على امرأة نكاحا، أو المرأة على زوجها

(1) حلية العلماء 8: 145، وعمدة القاري 13: 256، وفتح الباري 5: 288 والشرح الكبير
11: 431، والحاوي الكبير 17: 134.
(2) عمدة القاري 13: 256، وفتح الباري 5: 288، وحلية العلماء 8: 145، والسراج الوهاج:
619، ومغني المحتاج 4: 477، وكفاية الأخيار 2: 167، والشرح الكبير 11: 431، وأسهل
المدارك 3: 242، والحاوي الكبير 17: 134.
(3) الكافي 7: 417 حديث 1، والتهذيب 6: 231 حديث 565.
(4) سنن ابن ماجة 1: 679 حديث 2101، والسنن الكبرى 10: 181، وفتح الباري 11: 536،
والجامع لأحكام القرآن 8: 194، وفي بعضها بتفاوت في اللفظ فلا حظ.
(5) المغني لابن قدامة 12: 160، والحاوي الكبير 17: 135.
(6) المغني لابن قدامة 12: 160، والحاوي الكبير 17: 135.
294

طلاقا، أو العبد على سيده عتقا، ولا بينة مع المدعي، لزم المدعى عليه
اليمين، فإن حلف وإلا ردت اليمين على المدعي فحلف وحكم له به، وبه
قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا تلزم اليمين في هذه الدعاوى بحال (2).
وقال مالك: إذا كان مع المدعي شاهد واحد، لزم المدعى عليه اليمين،
وإن لم يكن معه شاهد لم يلزم المدعى عليه اليمين (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وقوله عليه السلام: (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) (5) ولم
يفصل.
وروي (عن ركانة أتى النبي عليه السلام، فقال: إني طلقت امرأتي
البتة. فقال: ما أردت بالبتة، فقال: واحدة فقال: ما أردت والله بها إلا
واحدة) (6)، فاستحلفه النبي عليه السلام في الطلاق.

(1) الأم 6: 228، والهداية 8: 136، والحاوي الكبير 17: 146.
(2) الهداية 6: 162، وشرح فتح القدير 6: 162، وتبيين الحقائق 4: 296، وحلية العلماء 8: 136.
(3) المدونة الكبرى 5: 178.
(4) انظر الكافي 7: 416، والتهذيب 6: 230 حديث 556 و 557 و 561 و 562.
(5) سنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وترتيب مسند
الشافعي 2: 181، والسنن الكبرى 8: 279، وتلخيص الحبير 4: 208 حديث 2135،
وكنز العمال 6: 187 حديث 15283، والكافي 7: 415 حديث 1 - 2، والتهذيب 6: 229
حديث 553 و 554.
(6) سنن أبي داود 2: 263 حديث 2206، سنن الترمذي 3: 480 حديث 1177، وسنن ابن
ماجة 1: 661 حديث 2051، وسنن الدارقطني 4: 34 حديث 91 و 92، والمعجم الكبير
للطبراني 5: 70 حديث 4613.
295

مسألة 43: إذا كان بين رجلين عداوة ظاهرة، مثل أن يقذف أحدهما
صاحبه، أو قذف الرجل امرأته فإنه لا يقبل شهادة أحدهما على الآخر. وبه
قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: تقبل ولا تأثير للعداوة في در الشهادة بحال (2).
دليلنا: ما روى طلحة بن عبيد الله قال: أمر رسول الله صلى الله عليه
وآله مناديا فنادى: لا تقبل شهادة خصم، ولا ظنين، والعدو منهم (3) وقال
عليه السلام: (لا يقبل شهادة الخائن، ولا الخائنة، ولا الزاني ولا الزانية،
ولا ذي غمر على أخيه) (4).
وذو الغمر: من كان في قلبه حقد أو بغض.
مسألة 44: تقبل شهادة الوالد لولده، والولد لوالده، وتقبل شهادة الوالد
على ولده، ولا تقبل شهادة الولد على والده، وبه قال عمر، وعمر بن
عبد العزيز (5)، والمزني، وأبو ثور، وإحدى الروايتين عن شريح، واختاره

(1) مختصر المزني: 130، وحلية العماء 8: 262، والوجيز 2: 251، والسراج الوهاج: 605، ومغني
المحتاج 4: 435، وفتح المعين: 149، والمجموع 20: 235، والمغني لابن قدامة: 56 و 57،
والشرح الكبير 12: 80، والمبسوط 16: 133، وبداية المجتهد 2: 453، والبحر الزخار 6: 34.
(2) المبسوط 16: 133، وحلية العلماء 8: 262، وبداية المجتهد 2: 453، والمغني لابن قدامة
12: 57، والشرح الكبير 12: 81، والبحر الزخار 6: 34، والحاوي الكبير 17: 161.
(3) تلخيص الحبير 4: 203، والسنن الكبرى 10: 202 بتفاوت في اللفظ.
(4) سنن أبي داود 3: 306 حديث 3601، وسنن ابن ماجة 2: 792 حديث 2366، وسنن
الدارقطني 4: 244 حديث 147، والسنن الكبرى 10: 201، وتلخيص الحبير 4: 204 حديث
2129 وفي الجميع تفاوت يسير في اللفظ.
(5) حلية العلماء 8: 259، والمحلى 9: 415، والمغني لابن قدامة 12: 66، والشرح الكبير 12: 73،
والحاوي الكبير 17: 163.
296

المزني (1).
وقال باقي الفقهاء: إنها لا تقبل (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) (4) وقال
تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (5) وذلك عام.
مسألة 45: شهادة الولد على والده لا تقبل بحال.
وقال الشافعي: إن تعلق بالمال أو بما يجري مجرى المال - كالدين
والنكاح والطلاق - قبلت، وإن شهد عليه بما يعتلق بالبدن - كالقصاص
وحد الفرية - فيه وجهان، أحدهما: لا تقبل، والثاني - وهو الأصح -
تقبل (6).

(1) حلية العلماء 8: 258، والمجموع 20: 234، والمغني لابن قدامة
12: 66 - 67، والشرح الكبير 12: 73 - 74، وبداية المجتهد 2: 453،
والنتف 2: 800، والبحر الزخار 6: 35، والحاوي الكبير 17: 163.
(2) المدونة الكبرى 5: 155، وأسهل المدارك 3: 214، وبداية المجتهد 2: 452، والأم 6: 216 و
7: 46، وكفاية الأخيار 2: 163، والوجيز 2: 250، والمجموع 20: 234 والمبسوط 16: 121،
والنتف 2: 800، واللباب 3: 187، وبدائع الصنائع 6: 272، وتبيين الحقائق 4: 219،
والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 5: 502 و 6: 31، وشرح فتح القدير 5: 502 و 6: 31،
والمغني لابن قدامة 12: 65 و 66. والشرح الكبير 12: 72 و 73، ومختصر المزني: 310،
والفتاوى الهندية 3: 469، والبحر الزخار 6: 35، والحاوي الكبير 17: 163.
(3) الكافي 7: 393 حديث 1 - 4، ودعائم الإسلام 2: 509 حديث 1821، والتهذيب 6: 247 -
248 حديث 629 - 632.
(4) البقرة: 282.
(5) الطلاق: 2.
(6) حلية العلماء 8: 260، والوجيز 2: 251، والمجموع 20: 234، والميزان الكبرى 2: 201، والمغني
لابن قدامة 12: 67، والشرح الكبير 12: 74، والبحر الزخار 6: 36، والحاوي الكبير
17: 165.
297

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، فإنهم لا يختلفون فيه.
مسألة 46: إذا أعتق الرجل عبدا، ثم شهد المعتق لمولاه، قبلت
شهادته. وبه قال جميع الفقهاء (2).
وحكي عن شريح أنه قال: لا تقبل (3).
دليلنا: إجماع الفرقة.
مسألة 47: تقبل شهادة الأخ لأخيه. وبه قال جميع الفقهاء (4).
وقال الأوزاعي: لا تقبل (5).
وقال مالك: إن شهد له في غير النسب قبلت، وإن شهد له في النسب
فإن كان أخوين من أم فادعى أحدهما أخا من أب، وشهد له آخر، لم

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 26 حديث 71.
(2) الشرح الكبير 12: 75 - 76، وتبيين الحقائق 4: 227، والفتاوى الهندية 3: 465، والمجموع
20: 237، وشرح فتح القدير 6: 28، والنيل وشفاء العليل 13: 145، والحاوي الكبير
17: 166.
(3) الحاوي الكبير 17: 166.
(4) الأم 7: 46، ومختصر المزني: 310، والوجيز 2: 251، والسراج الوهاج: 605، والميزان
الكبرى 2: 201، ومغني المحتاج 4: 435، والمجموع 20: 235، والمبسوط 16: 121، واللباب
3: 188، وشرح فتح القدير 6: 34، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 34، وتبيين
الحقائق 4: 223، والمدونة الكبرى 5: 156، وبداية المجتهد 2: 453، والفتاوى الهندية
3: 470، والمغني لابن قدامة 12: 70، والشرح الكبير 12: 75 والحاوي الكبير 17: 165.
(5) بداية المجتهد 2: 453، والبحر الزخار 6: 36، والحاوي الكبير 17: 165.
298

تقبل ذلك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وما قدمناه في المسألة أيضا يدل
عليه.
وروي عن عمر وابن عمر وابن الزبير أنهم قبلوا شهادة الأخ لأخيه،
ولا مخالف لهم (3).
مسألة 48: تقبل شهادة الصديق لصديقه وإن كان بينهما مهاداة
وملاطفة. وبه قال جميع الفقهاء (4).
إلا مالكا، فإنه قال: إذا كان بينهما مهاداة وملاطفة لا تقبل شهادته،
وإن لم تكن قبلت (5).
دليلنا: ما قناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 49: تقبل شهادة أحد الزوجين للآخر. وبه قال الشافعي (6).

(1) المدونة الكبرى 5: 156، وبداية المجتهد 2: 453، والمغني لابن قدامة 12: 70، والشرح الكبير
12: 76، والميزان الكبرى 2: 201، والبحر الزخار 6: 36 وفيها نقل قول مالك هذا باختصار
فلاحظ.
(2) الكافي 7: 393 حديث 1 - 4، ومن لا يحضره الفقيه 3: 26 حديث 7، والتهذيب 6: 247 -
248 حديث 629 - 632.
(3) الحاوي الكبير 17: 165، وروي في المحلى 9: 415 قول عمر بن الخطاب فقط فلاحظ.
(4) حلية العلماء 8: 260، والوجيز 2: 251، والميزان الكبرى 2: 201، والبحر الزخار 6: 36،
والمغني لابن قدامة 12: 71، والشرح الكبير 12: 75، والحاوي الكبير 17: 162.
(5) المدونة الكبرى 5: 156، وحلية العلماء 8: 261، والمغني لابن قدامة 12: 71، والبحر الزخار
6: 36، والميزان الكبرى 2: 201، والحاوي الكبير 17: 163.
(6) الأم 7: 46، وحلية العلماء 8: 261، والوجيز 2: 250، والسراج الوهاج: 605، ومغني المحتاج
: 434، والمجموع 20: 235 و 251، والميزان الكبرى 2: 201، والمبسوط 16: 122 الهداية
المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 32، وشرح فتح القدير 6: 32، والمحلى 9: 415، والمغني لابن
قدامة 12: 69، والشرح الكبير 12: 74، وبداية المجتهد 2: 453، والبحر الزخار 6: 36، والحاوي الكبير 17: 166.
299

وقال أهل العراق: لا تقبل (1).
وقال النخعي وابن أبي ليلى: تقبل شهادة الزوج لزوجته، ولا تقبل
شهادة الزوجة لزوجها (2).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 50: لا يجوز قبول شهادة من لا يعتقد إمامة الأئمة الاثني عشر،
ولا منهم إلا من كان عدلا يعتقد العدل والتوحيد، ونفي القبائح عن الله
تعالى، ونفي التشبيه. ومن خالف في شئ من ذلك كان فاسقا، لا تقبل
شهادته.
وقال الشافعي: أهل الآراء على ثلاثة أضرب:
منهم: من نخطئه ولا نفسقه - كالمخالف في الفروع - فلا ترد شهادته إذا
كان عدلا (3).
ومنهم: من نفسقه ولا نكفره - كالخوارج والروافض - نفسقهم ولا

(1) المبسوط 16: 122، واللباب 3: 187، والهداية 6: 32، وشرح فتح القدير 6: 32، وتبيين
الحقائق 4: 219، وحلية العلماء 8: 261، والمجموع 20: 251، والميزان الكبرى 2: 201،
والمغني لابن قدامة 12: 69، والشرح الكبير 12: 74، وبداية المجتهد 2: 453، وأحكام القرآن
لابن العربي 1: 510، والبحر الزخار 6: 36.
(2) المحلى 9: 415، والمغني لابن قدامة 12: 69، والشرح الكبير 12: 74، وحلية العلماء 8: 261،
وبداية المجتهد 2: 453، والبحر الزخار 6: 36، والحاوي الكبير 17: 166.
(3) حلية العلماء 8: 268، والمغني لابن قدامة 12: 30، والشرح الكبير 12: 40.
300

نكفرهم (1).
ومنهم: من نكفره - وهم القدرية الذين قالوا: بخلق القرآن، ونفي
الرؤية، وإضافة المشيئة إلى نفسه، وقالوا: إنا نفعل الخير والشر معا - فهؤلاء
كفار، ولا تقبل شهادتهم، وحكمهم حكم الكفار (2)، وبه قال مالك،
وشريك، وأحمد بن حنبل (3).
وقال ابن أبي ليلى وأبو حنيفة: لا أرد شهادته أحد من هؤلاء والفسق
الذي ترد به الشهادة ما لم يكن على وجه التدين - كالفسق بالزنا، والسرقة،
وشرب الخمر فأما من تدين به واعتقده مذهبا ودينا يدين الله به لم أرد
شهادته - كأهل الذمة عنده فسقوا على سبيل التدين، وكذلك أهل البغي
فسقوا عنده - فوجب أن لا ترد شهادتهم (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، ولأنه قد دلت الأدلة القاطعة على
صحة هذه الأصول التي أشرنا إليها ليس هاهنا موضع ذكرها، والمخالف

(1) حلية العلماء 8: 268، وكفاية الأخيار 2: 170 و 171، والسراج الوهاج: 605، ومغني المحتاج
4: 435، والمبسوط 16: 132، والمغني لابن قدامة 12: 31، والشرح الكبير 12: 40.
(2) حلية العلماء 8: 268، والميزان الكبرى 2: 199، والمغني لابن قدامة 12: 30، والشرح الكبير
12: 40.
(3) المغني لابن قدامة 12: 30، والشرح الكبير 12: 40، وحلية العلماء 8: 268، والميزان الكبرى
2: 199.
(4) المبسوط 16: 132، واللباب 3: 190، وحلية العلماء 8: 269، والميزان الكبرى 2: 199،
والمغني لابن قدامة 12: 31، والشرح الكبير 12: 41، والحاوي الكبير 17: 177.
(5) الكافي 7: 398 حديث 1، والتهذيب 6: 252 حديث 56، وهو يتعلق بعدم جواز قبول شهادة
الكافر وأهل الملل على المسلمين فلاحظ حيث يستفاد منه ومن عموم أخبار الفسق في نفس
الباب والأبواب الأخرى عدم الجواز.
301

فيها كافر وإذا كان كافرا لا تقبل شهادته.
مسألة 51: اللعب بالشطرنج حرام على أي وجه كان، ويفسق فاعله
به، ولا تقبل شهادته.
وقال مالك وأبو حنيفة: مكروه (1). إلا أن أبا حنيفة قال: هو يلحق
بالحرام. وقالا جميعا: ترد شهادته (2).
وقال الشافعي: هو مكروه وليس بمحظور، ولا ترد شهادة اللاعب به
إلا ما كان فيه قمارا، وترك الصلاة حته يخرج وقتها متعمدا، أو يتكرر
ذلك منه وإن لم يتعمد ترك الصلاة حتى يذهب وقتها (3).
وقال سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير: هو مباح (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).

(1) الموطأ 2: 958 حديث 7، والمدونة الكبرى 5: 153، والهداية 6: 38 و 8: 132، وتبيين
الحقائق 6: 31، والوجيز 2: 249، والحاوي الكبير 17: 177.
(2) اللباب 3: 189، والهداية 6: 38، وتبيين الحقائق 4: 222، والفتاوى الهندية 3: 467،
والمدونة الكبرى 5: 153، والمغني لابن قدامة 12: 37، والشرح الكبير 12: 45، والبحر
الزخار 6: 25، والحاوي الكبير 17: 179.
(3) الأم 6: 208، ومختصر المزني: 310، والوجيز 2: 249، وحلية العلماء 8: 250، والمجموع
20: 228، والسراج الوهاج: 603، ومغني المحتاج 4: 428، والسنن الكبرى 10: 212،
والبحر الزخار 6: 25 و 26، الشرح الكبير 12: 46، والحاوي الكبير 17: 178 و 179.
(4) مختصر المزني: 311، والمجموع 20: 228، والمغني لابن قدامة 12: 37، والسنن الكبرى
10: 211، والبحر الزخار 6: 26، وتلخيص الحبير 4: 206، والشرح الكبير 12: 46،
والحاوي الكبير 17: 179.
(5) الكافي 7: 396 حديث 9، ومن لا يحضره الفقيه 3: 27 حديث 76، والتهذيب 6: 243
حديث 604.
302

وأيضا: روى الحسن البصري، عن رجال من أصحاب النبي عليه
السلام، عن النبي عليه السلام: (أنه نهى عن اللعب بالشطرنج) (1).
وروي عن علي عليه السلام: أنه مر بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: ما
هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ (2) فشبهها بالأصنام المعبودة.
وروي عنه أنه قال: اللاعب بالشطرنج من أكذب خلق الله، يقول:
مات وما مات (3)، يعني قولهم شاه مات.
مسألة 52: من شرب نبيذا حتى يسكر، لم تقبل شهادته، وكان فاسقا
بلا خلاف، وإن شرب منه قليلا لا يسكر مثله، فعندنا لا تقبل شهادته،
ويحد، ويحكم بفسقه. وبه قال مالك (4).
وقال الشافعي: أحده ولا أفسقه، ولا أرد شهادته (5).
وقال أبو حنيفة: لا أحده ولا أفسقه، ولا أرد شهادته إذا شرب
مطبوخا. فإن شرب نقيعا فهو حرام، لكنه لا يفسق بشربه (6).

(1) الحاوي الكبير 17: 178، أقول: وروى النهي عن ذلك الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما
السلام أيضا. انظر الكافي 6: 437 حديث 17.
(2) السنن الكبرى 10: 212، وتلخيص الحبير 4: 206 ذيل الحديث 2134، الحاوي الكبير
17: 178.
(3) السنن الكبرى 10: 212.
(4) حلية العلماء 8: 252 والميزان الكبرى 2: 199، والحاوي الكبير 17: 185.
(5) الأم 6: 206، وحلية العلماء 8: 252، والوجيز 2: 250، والمجموع 20: 229، والميزان الكبرى
2: 199، والحاوي الكبير 17: 185.
(6) بدائع الصنائع 6: 268، وحلية العلماء 8: 252، والميزان الكبرى 2: 199 والحاوي الكبير
17: 184.
303

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، ولأنا قد دللنا في كتاب الأشربة على
أن النبيذ حكمه حكم الخمر سواء (2)، ومن أحكام الخمر تفسيق شاربه،
ورد شهادته بلا خلاف.
مسألة 53: اللاعب بالنرد يفسق، وترد شهادته. وبه قال أبو حنيفة
ومالك (3).
وقال الشافعي - على ما نص عليه أبو إسحاق في الشرح - (4): أنه
مكروه، وليس بمحظور، ولا يفسق فاعله، ولا ترد شهادته، وهو أشد كراهة
من الشطرنج (5).
وقال قوم من أصحابه: أنه حرام، ترد شهادة اللاعب به (6).

(1) انظر الكافي 7: 214 حديث 4 وص 214 حديث 8 و 9، والتهذيب 10: 90 - 91 حديث
348 و 353 - 354، والاستبصار 4: 235 حديث 884 - 886.
(2) انظر الجزء الخامس من هذا الكتاب، كتاب الأشربة، المسألة الثالثة.
(3) المدونة الكبرى 5: 153، واللباب 3: 189، والهداية 6: 38، والفتاوى الهندية 3: 467،
والمغني لابن قدامة 12: 36 و 37، والشرح الكبير 12: 45، والحاوي الكبير
17: 187.
(4) هو شرح المختصر شرح لأبي إسحاق المروزي كما أشار إليه ابن هداية في طبقات الشافعية: 94:
(باب في ذكر كتب المذهب).
(5) الأم 6: 208، ومختصر المزني: 311، وحلية العلماء 8: 251، والمجموع 20: 228، والسراج
الوهاج: 603، ومغني المحتاج 4: 428، والمغني لابن قدامة 12: 36، والشرح الكبير 12: 45،
والبحر الزخار 6: 26، والحاوي الكبير 17: 187.
(6) حلية العلماء 8: 251، والمجموع 20: 228، والشرح الكبير 12: 45، والمغني لابن قدامة
12: 36، والحاوي الكبير 17: 187.
304

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وروى أبو موسى الأشعري، قال: سمعت النبي عليه السلام قال: من
لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله (2).
وروى سليمان بن بريدة (3)، عن أبيه أن النبي عليه السلام قال: (من لعب بالنردشير، فكأنما غمر يده في لحم الخنزير ودمه) (4).
مسألة 54: الغناء محرم، يفسق فاعله، وترد شهادته.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: هو مكروه (5).
وحكي عن مالك أنه قال: هو مباح. والأول هو الأظهر، لأنه سئل

(1) الكافي 7: 396 حديث 9، ومن لا يحضره الفقيه 3: 27 حديث 76، والتهذيب 6: 243
حديث 604.
(2) سنن أبي داود 4: 285 حديث 4938، وسنن ابن ماجة 2: 1237 حديث 3762، والموطأ
2: 958 حديث 6، مسند أحمد بن حنبل 4: 394، والمستدرك على الصحيحين 1: 50،
وتلخيص الحبير 4: 199 حديث 2111، والحاوي الكبير 17: 187.
(3) سليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي، أخو عبد الله، ولدا في بطن واحد، روى
عن أبيه وعمران بن حصين وعائشة ويحيى بن يعمر، وعنه علقمة بن مرثد وعبد الله بن عطاء
وغيلان بن جامع وغيرهم، مات سنة خمس ومائة من الهجرة النبوية. تهذيب التهذيب
4: 174.
(4) سنن أبي داود 4: 285 حديث 4939، وسنن ابن ماجة 2: 1238 حديث 3763، ونصف
الراية 4: 274 و 275، والحاوي الكبير 17: 187.
(5) المدونة الكبرى 5: 153، والمغني لابن قدامة 12: 43، والشرح الكبير 12: 52 والجامع
لأحكام القرآن 14: 55، وشرح فتح القدير 6: 36، والمجموع 20: 229، والأم 6: 209،
ومختصر المزني: 311، والوجيز 2: 249 و 250، والبحر الزخار 6: 28 والحاوي الكبير
17: 188.
305

عن الغناء، فقال: هو فعل الفساق عندنا (1).
وقال أبو يوسف: قلت لا بي حنيفة في شهادة المغني والنائح والنائحة؟
فقال: لا أقبل شهادتهم (2).
وقال إبراهيم بن سعد الزهري (3): هو مباح غير مكروه. وبه قال
عبيد الله بن الحسن العنبري (4).
وقال أبو حامد: ولا أعرف أحدا من المسلمين حرم ذلك، ولم أعرف
مذهبنا (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، وأيضا قوله تعالى: (فاجتنبوا
الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (7)، قال محمد بن الحنفية: قول
الزور هو الغناء (8). وقال تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث
ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا) (9) وقال ابن مسعود: لهو

(1) الجامع لأحكام القرآن 14: 55.
(2) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 34 وشرح فتح القدير 6: 34، وتبيين الحقائق 4: 221
من دون نسبة لأبي يوسف.
(3) في النسخ المعتمدة الخطية والمطبوعة والمغني لابن قدامة سعد بن إبراهيم وهو من سهو النساخ.
والصحيح كما أثبته، وهو إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني. قال يعقوب بن شيبة:
معدود في الطبقة الثانية من فقهاء أهل المدينة بعد الصحابة. تهذيب التهذيب 1: 123.
(4) المغني لابن قدامة 12: 42، والشرح الكبير 12: 51، والجامع لأحكام القرآن 14: 55 و 56
والبحر الزخار 6: 27.
(5) لم أظفر على هذا القول في المصادر المتوفرة.
(6) انظر في الكافي 6: 431 أحاديث الباب.
(7) الحج: 30.
(8) رواه ابن قدامة في المغني 12: 43، والمهدي لدين الله في البحر الزخار 6: 28.
(9) لقمان: 6.
306

الحديث الغناء (1)، وقال ابن عباس: هو الغناء، وشري المغنيات (2).
وأيضا: ما رواه أبو أمامة الباهلي:، أن النبي عليه السلام نهى عن بيع
المغنيات وشرائهن والتجارة فيهن وأكل أثمانهن وثمنهن حرام (3).
وروى ابن مسعود أن النبي عليه السلام قال: إن الغناء ينبت النفاق
في القلب كما ينبت الماء البقل (4).
مسألة 55: الغناء محرم، سواء كان صوت المغني، أو بالقصب، أو
بالأوتار - مثل: العيدان والطنابير والنايات والمعازف وغير ذلك - وأما
الضرب بالدف في الأعراس والختان فإنه مكروه.
وقال الشافعي: صوت المغني والقصب مكروه، وليس بمحظور، وضرب
الأوتار محرم كله، وضرب الدف في الختان والأعراس مباح (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، والأخبار التي قدمنا ها تدل على

(1) السنن الكبرى 10: 223، والجامع لأحكام القرآن 14: 51 و 52، وتلخيص الحبير 4: 200
حديث 2114، والحاوي الكبير 17: 190.
(2) الحاوي الكبير 17: 190، والسنن الكبرى 10: 223، والجامع لأحكام القرآن 14: 51،
وتلخيص الحبير 4: 200 ذيل الحديث 2114 باختلاف يسير في اللفظ.
(3) أحكام القرآن لابن العربي 3: 1481، والمغني لابن قدامة 12: 43، والشرح الكبير 12: 52،
والجامع لأ حكام القرآن 14: 51 بتفاوت يسير في اللفظ.
(4) السنن الكبرى 10: 223، وتلخيص الحبير 4: 199 حديث 2113، والمغني لابن قدامة
12: 43، والشرح الكبير 12: 52، والحاوي الكبير 17: 191.
(5) الأم 6: 209، والوجيز 2: 250، والمجموع 20: 299، والسراج الوهاج: 603 و 604، ومغني
المحتاج 4: 428 و 429، والحاوي الكبير 17: 191 و 192.
(6) الكافي 6: 432 حديث 7 وص 434 حديث 20.
307

ذلك، فإنها عامة في سائر أنواع الغناء.
مسألة 56: إنشاد الشعر مكروه.
وقال الشافعي: إذا لم يكن كذبا ولا هجوا ولا تشبيبا بالنساء كان
مباحا (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لأن يمتلئ جوف أحدكم
قيحا حتى يريه خير له من أن يمتلئ شعرا (3).
فإن قالوا: المعنى فيه ما كان فيه فحش وهجو.
وقال أبو عبيد: معناه الاستكثار منه بحيث يكون الذي يتعلم من الشعر
ويحفظ منه أكثر من القرآن والفقه (4).
قلنا: نحن نحمله على عمومه، ولا نخصه إلا بدليل، وقوله تعالى:

(1) الأم 6: 207، ومختصر المزني: 311، والسراج الوهاج: 604، ومغني المحتاج 4: 430، والمجموع
20: 231، وعمدة القاري 22: 189، والحاوي الكبير 17: 209 و 210.
(2) انظر الكافي 4: 88 حديث 6، ومن لا يحضره الفقيه 2: 68 حديث 282، والتهذيب 4: 195
حديث 556 و 558.
(3) صحيح البخاري 8: 45، سنن أبي داود 4: 302 حديث 5009، وسنن الترمذي 5: 140
حديث 2851، وسنن ابن ماجة 2: 1236 حديث 3759 و 3760، ومسند أحمد بن حنبل
1: 175 و 177، وشرح معاني الآثار 4: 295، واختيار معرفة الرجال: 211 برقم 375،
والسنن الكبرى 10: 244، وفتح الباري 10: 548، والمعجم الكبير للطبراني 12: 318 ذيل
الحديث 13229، والجامع لأحكام القرآن 13: 150، وعمدة القاري 22: 188 - 189.
(4) حكاه عنه العسقلاني في فتح الباري 10: 549 وابن قدامة في المغني 12: 46 باختلاف يسير
في اللفظ.
308

(والشعراء يتبعهم الغاوون) (1) يدل على ذلك أيضا.
مسألة 57: شهادة ولد الزنا لا تقبل وإن كان عدلا. وبه قال مالك،
إلا أنه قال: إنها لا ترد بالزنا (2).
وقال الشافعي وباقي الفقهاء: تقبل (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وروي عنه عليه السلام أنه قال: (ولد الزنا شر الثلاثة) (5) يعني من
الزاني والزانية.
مسألة 58: من أقيم عليه حد في معصية من قذف، أو شرب خمر، أو
زنا، أو لواط أو غير ذلك ثم تاب وصار عدلا، قبلت شهادته. وبه قال أكثر

(1) الشعراء: 224.
(2) أسهل المدارك 3: 214، والمغني لابن قدامة 12: 74، والشرح الكبير 12: 70، وحلية العلماء
8: 253، والهداية 6: 45، وشرح فتح القدير 6: 45، والبحر الزخار 6: 31، والحاوي الكبير
17: 210.
(3) مختصر المزني: 311، وحلية العلماء 8: 253، والمغني لابن قدامة 12: 74، والشرح الكبير
12: 70، والمحلى 9: 430، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 45، وشرح فتح القدير
6: 45، والبحر الزخار 6: 31، والحاوي الكبير 17: 210.
(4) قرب الإسناد 122، وتفسير العياشي 2: 248 حديث 28، وبصائر الدرجات: 9 حديث 3،
والكافي 7: 395 حديث 4 و 6 و 8، والتهذيب 6: 244 حديث 610 و 612 -
613.
(5) سنن أبي داود 4: 29 حديث 3963، والمستدرك على الصحيحين 2: 215، والسنن الكبرى
3: 91 و 10: 57 و 58 و 59، ومجمع الزوائد 6: 275، والمحلى 9: 430، والحاوي الكبير
17: 210.
309

الفقهاء (1) إلا خلاف أبي حنيفة في القاذف وقد مضى (2).
وقال مالك: كل من حد في معصية لا أقبل شهادته بها (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وأيضا قوله تعالى: (والذين يرمون
المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم) (5) ولم يفصل. وقال تعالى:
(واستشهدوا شهيدين من رجالكم) (6) ولم يفرق.
مسألة 59: البلدي، والبدوي، والقروي تقبل شهادة بعضهم على
بعض. وبه قال أهل العراق والشافعي (7).

(1) الأم 6: 209 و 7 و 45 و 89، ومختصر المزني: 304، وحلية العلماء 8: 254 و 263، والمجموع
20: 235 و 252، والميزان الكبرى 2: 198، والمدونة الكبرى 5: 158 و 159، وبداية المجتهد
2: 452، وبدائع الصنائع 6: 272، وتبيين الحقائق 4: 218، وعمدة القاري 13: 207،
والمبسوط 16: 125، والمحلى 9: 431 و 432، والمغني لابن قدامة 12: 75، والبحر الزخار،
6: 37.
(2) المبسوط 16: 125، واللباب 3: 187، والنتف 2: 801، وبدائع الصنائع 6: 272، وعمدة
القاري 13: 207، وفتح الباري 5: 256 و 257، والهداية 6: 29، وشرح فتح القدير 6: 29،
وتبيين الحقائق 4: 218، وحلية العلماء 8: 254، والمجموع 20: 252، والميزان الكبرى
2: 198، وبداية المجتهد 2: 451، والجامع لأحكام القرآن 12: 179، والمغني لابن قدامة
12: 75 و 76، والشرح الكبير 12: 62، والمحلى 9: 431، والبحر الزخار 6: 37.
(3) المحلى 9: 432، والحاوي الكبير 17: 211.
(4) الكافي 7: 397، ومن لا يحضره الفقيه 3: 31 حديث 93، والتهذيب 6: 245 - 246 حديث
615 - 621، والاستبصار 3: 36 - 37 حديث 120 - 125.
(5) النور: 4.
(6) البقرة: 282.
(7) أحكام القرآن للجصاص 1: 500، والأم 6: 209، ومختصر المزني 311، وحلية العلماء
8: 253، والوجيز 2: 251، والحاوي الكبير 17: 212.
310

وقال مالك: لا أقبل شهادة البدوي على الحضري إلا في الجراح (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 60: إذا شهد صبي أو عبد أو كافر عند الحاكم، فرد شهادتهم،
ثم بلغ الصبي، وأعتق العبد، وأسلم الكافر، فأعادوها، قبلت، وكذلك إن
شهد بالغ مسلم حر بشهادة، فبحث عن حاله، فبان فاسقا، ثم عدل،
فأقامها بعينها، قبلت منه، وحكم بها. وبه قال داود وأبو ثور والمزني (2).
وقال مالك: أرد الكل (3).
وقال أهل العراق والشافعي: أقبل الكل إلا الفاسق الحر البالغ، فإنه
إذا ردت شهادته لفسقه، ثم أعادها وهو عدل، لا تقبل شهادته (4).
دليلنا: كل ظاهر ورد بقبول شهادة العدل فإنها محمولة على عمومها (5).
مسألة 61: شهادة المختبي مقبولة - وهو إذا كان على رجل دين يعترف
به سرا ويجحده جهرا - فخبى له صاحب الدين شاهدين يريانه ولا يراهما، ثم
حاوره الحديث، فاعترف به، فسمعاه وشاهداه، صحت الشهادة. وبه قال

(1) أسهل المدارك 3: 214، وأحكام القرآن لابن العربي 1: 252، وأحكام القرآن للجصاص
1: 500، والحاوي الكبير 17: 212.
(2) مختصر المزني: 311، وحلية العلماء 8: 267، والمجموع 20: 237، والحاوي الكبير 17: 213.
(3) المدونة الكبرى 5: 154، وأسهل المدارك 3: 215، وحلية العلماء 8: 267، والوجيز 2: 251،
والحاوي الكبير 17: 213.
(4) مختصر المزني: 311، وحلية العلماء 8: 266، والسراج الوهاج: 606، ومغني المحتاج 4: 438،
والمجموع 20: 237، والحاوي الكبير 17: 213.
(5) الكافي 7: 389 حديث 1 و 2، والتهذيب 6: 248 حديث 633 و 634، والاستبصار 3: 15
حديث 41 و 42.
311

ابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، وعمر وبن حريث القاضي (1)، والشافعي (2).
وذهب شريح إلى: أنها غير مقبولة. وبه قال النخعي والشعبي (3).
وقال مالك: إن كان المشهود عليه جلدا قبلت، وإن كان مغفلا يخدع
مثله لم أقبلها عليه (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، وأيضا قوله تعالى: (إلا من
شهد بالحق وهم يعلمون) (5) وهذا شهد بالحق لأنه علمه.
مسألة 62: إذا مات، وخلف ابنين وتركه، فادعى أجنبي دينا على
الميت، فإن اعترف الابنان استوفي من حقهما، وإن اعترف به أحدهما، فإن
كان عدلا، فهو شاهد المدعي، وإن كان معه شاهد آخر يشهد له بالحق،
استوفي الدين من حقهما، وإن لم يكن معه شاهد آخر، فإن حلف مع شاهده
ثبت الدين أيضا واستوفاه من حقهما، وإن لم يحلف، أو لم يكن المعترف
عدلا، كان له نصف الدين في حصة المعترف. وبه قال الشافعي (6).

(1) عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله القرشي، المخزومي، أبو سعيد الكوفي، له
صحبة، روى عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أخيه سعيد بن حريث وأبي بكر وعمر وعلي
عليه السلام وغيرهم، وعنه ابنه جعفر وعبد الملك بن عمير والوليد بن سريع وجماعة. مات سنة
خمس وثمانين وقيل ثمان وتسعين، وقيل غير ذلك. تهذيب التهذيب 8: 17.
(2) فتح الباري 5: 250، وعمدة القاري 13: 194 - 195، والمغني لابن قدامة 12: 102.
(3) المصادر السابقة.
(4) البحر الزخار 6: 38، وعمدة القاري 13: 194 - 195، وفتح الباري 5: 250، والمغني لابن
قدامة 12: 102.
(5) الزخرف: 86.
(6) الأم 7: 50، ومختصر المزني: 311، والحاوي الكبير 17: 215 و 216.
312

وقال أبو حنيفة: يأخذ من نصيب المقر جميع الدين (1).
وقال أبو عبيدة بن خربوذ، وأبو جعفر الاسترآبادي من أصحاب
الشافعي: فيها قول آخر كقول أبي حنيفة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3). وأيضا فإن المدعي وأحد الابنين قد
اعترف بالدين على الميت، وإن الدين متعلق بالتركة في حقه وحق أخيه
بدليل أن البينة لو قامت به استوفي منهما، فإذا كان كذلك كان تحقيق
الكلام: لك علي وعلى أخي، ولو قال هذا لم يجب عليه في حقه، إلا
نصف الدين.
مسألة 63: يثبت القصاص بالشهادة على الشهادة. وبه قال
الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة: لا يثبت (5).
دليلنا: قوله تعالى: (واستشهدوا شهيدين نم رجالكم) (6) وقال:
(وأشهدوا ذوي عدل منكم) (7) ولم يفرق.

(1) الفتاوى الهندية 3: 402، والحاوي الكبير 17: 216.
(2) الحاوي الكبير 17: 216.
(3) التهذيب 6: 310 حديث 845، والاستبصار 3: 7 حديث 17 و 18.
(4) الأم 6: 232، ومختصر المزني: 311، وحلية العلماء 8: 295، والوجيز 2: 257، والمجموع
20: 267، وفتح المعين: 150، والنتف 2: 802، والمغني لابن قدامة 12: 87، والشرح الكبير
12: 102، الحاوي الكبير 17: 221.
(5) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 74، وشرح فتح القدير 6: 75، وتبيين الحقائق
4: 238، وحلية العلماء 8: 295، والمغني لابن قدامة 12: 93، والحاوي الكبير 17: 221.
(6) البقرة: 282.
(7) الطلاق: 2.
313

وأيضا عموم الأخبار التي وردت في جواز قبول الشهادة على الشهادة
يدل على ذلك (1).
مسألة 64: حقوق الله تعالى - مثل حد الزنا، وشرب الخمر، وما أشبهه -
لا يثبت بالشهادة. على الشهادة وبه قال أبو حنيفة (2).
وللشافعي فيه قولان، أحدهما: مثل ما قلناه (3). والثاني: - وهو
الأقيس - أنها تثبت. وبه قال مالك (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، فإنهم لا يختلفون في ذلك أنه لا يثبت
بالشهادة على الشهادة
مسألة 65: الظاهر من المذهب أنه لا يقبل شهادة الفرع مع تمكن

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 41 حديث 135: 136، والتهذيب 6: 256 حديث 672،
والاستبصار 3: 20 حديث 59.
(2) المبسوط 16: 115 والنتف 2: 802، واللباب 3: 195، وبدائع الصنائع 6: 281، والهداية
المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 74، وشرح فتح القدير 6: 74 و 75، والفتاوى الهندية
3: 523، وتبيين الحقائق 4: 238، والمحلى 9: 439، وحلية العلماء 8: 295، والمغني لابن
قدامة 12: 88، والشرح الكبير 12: 103، والبحر الزخار 6: 39، والحاوي الكبير 17: 221.
(3) مختصر المزني: 311، وحلية العلماء 8: 295 و 296، والوجيز 2: 257، والمجموع 20: 267،
والسراج الوهاج: 611، والمحلى 9: 439، والمغني لابن قدامة 12: 88، والبحر الزخار 6: 39،
والحاوي الكبير 17: 221.
(4) المدونة الكبرى 5: 159، وأسهل المدارك 3: 224، والأم 7: 51، ومختصر المزني: 311،
والوجيز 2: 257، والسراج الوهاج: 611، وفتح المعين: 151، والمغني لابن قدامة 12: 88،
والشرح الكبير 12: 103، والمبسوط 16: 115، والمحلى 9: 439، والبحر الزخار 6: 39،
والحاوي الكبير 17: 221.
(5) من لا يحضره الفقيه 3: 41 حديث 140، والتهذيب 6: 255 - 256 حديث 667 و 671.
314

حضور شاهد الأصل، وإنما يجوز ذلك مع تعذره، إما بالموت أو بالمرض المانع
من الحضور أو الغيبة. وبه قال الفقهاء (1) إلا أنهم اختلفوا في حد الغيبة.
فقال أبو حنيفة: ما يقصر فيه الصلاة، وهو ثلاثة أيام (2).
وقال أبو يوسف: هو ما لا يمكنه أن يحضر معه، ويقيم الشهادة، ويعود فيبيت في منزله (3).
وقال الشافعي: الاعتبار بالمشقة، فإن كان عليه مشقة في الحضور
حكم بشهادة الفرع، وإن لم تكن مشقة لم يحكم، والمشقة قريب مما قال أبو
يوسف (4).
وفي أصحابنا من قال: يجوز أن يحكم بذلك مع الإمكان (5).
دليلنا على الأول: أنه إجماع، والثاني: فيه خلاف.
والدليل على جوازه، أن الأصل جواز قبول الشهادة على الشهادة،
وتخصيصها بوقت دون وقت أو على وجه دون وجه يحتاج إلى دليل.
وأيضا روى أصحابنا أنه إذا اجتمع شاهد الأصل وشاهد الفرع

(1) اللباب 3: 196 و 197، وتبيين الحقائق 4: 240، والمغني قدامة 12: 89، وحلية العلماء
8: 296، والسراج الوهاج: 611 و 612، والمجموع 20: 271، والبحر الزخار 6: 39.
(2) النتف 2: 803، واللباب 3: 196، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 78، وشرح فتح
القدير 6: 78، والمحلى 9: 439، والمغني لابن قدامة 12: 91، والبحر الزخار 6: 39، الحاوي
الكبير 17: 225.
(3) الهداية 6: 79، وشرح فتح القدير 6: 79، والمغني لابن قدامة 12: 90، الحاوي الكبير
17: 225.
(4) حلية العلماء 8: 297، والوجيز 2: 258، والمجموع 20: 268، والسراج الوهاج: 612، ومغني
المحتاج 4: 455، وفتح المعين: 151، والبحر الزخار 6: 39 و 40، الحاوي الكبير 17: 225.
(5) من لا يحضره الفقيه 3: 42 حديث 141، والمختلف 3: 171 كتاب الشهادات.
315

واختلفا فإنه تقبل شهادة أعدلهما (1).
حتى أن في أصحابنا من قال: تقبل شهادة الفرع وتسقط شهادة
الأصل، لأنه يصير الأصل مدعى عليه، والفرع بينة المدعي للشهادة على الأصل (2).
مسألة 66: لا تقبل شهادة النساء على الشهادة إلا في الديون،
والأملاك، والعقود. فأما الحدود فلا يجوز أن تقبل فيها شهادة على شهادة.
وقال قوم: لا تقبل شهادة النساء على الشهادة بحال في جميع الأشياء.
وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: إن كان الحق مما يثبت بشهادة النساء، أو لهن مدخل
فيه قبل شهادتهن على الشهادة، وإن كان مما لا مدخل لهن فيه لم تقبل (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
مسألة 67: إذا عدل شاهدا الفرع شاهدي الأصل، ولم يسمياه، لم
يقبل ذلك. وبه قال جميع الفقهاء (6).

(1) من لا يحضره الفقيه 3: 41 حديث 137، والتهذيب 6: 256 حديث 669 و 670.
(2) انظر مختلف الشيعة، كتاب القضاء وتوابعه، ص 176 - 177.
(3) الأم 7: 48، وحلية العلماء 8: 298، والمجموع 20: 268، والسراج الوهاج: 611، ومغني
المحتاج 4: 454، والمغني لابن قدامة 12: 94 و 95، والشرح الكبير 12: 111، وفتح المعين:
151، والبحر الزخار 6: 41، والحاوي الكبير 17: 226.
(4) المبسوط 16: 115، وبدائع الصنائع 6: 282، والفتاوى الهندية 3: 523، وحلية العلماء
8: 298، والحاوي الكبير 17: 226.
(5) التهذيب 6: 281 حديث 773، والاستبصار 3: 25 حديث 80.
(6) حلية العلماء 8: 301، والسراج الوهاج: 612، ومغني المحتاج 4: 456، والمجموع 20: 269،
وفتح المعين: 151، والحاوي الكبير 17: 230.
316

وقال أبو حنيفة: يحكم بذلك (1).
دليلنا: أنه إذا لم يسمهما لا يعرف عدالة الأصل، وقد يعدلان من
عندهما أنه عدل وإن لم يكن عدلا.
مسألة 68: إذا سميا شاهد الأصل ولم يعدلا، سمعهما الحاكم وبحث
عن عدالة الأصل، فإن وجده عدلا حكم به، وإلا توقف فيه. وبه قال
الشافعي (2).
وقال أبو يوسف والثوري: لا تسمع هذه الشاهدة، لأنهما لم يتركا تزكية
الأصل إلا لريبة (3).
دليلنا: أنهما إنما يشهدان بما يعلمان، وقد يعلمان شهادة الأصل، فإن لم
يعلما كونهما عدلين فلا يجوز لهما أن يشهدا بذلك، وعلى الحاكم أن يبحث
عن عدالة الأصل، وليس لا يتركان ذلك إلا لريبة، بل لما قلناه.
مسألة 69: ما يثبت بشهادة اثنين في الأصل إذا شهد شاهدان على
شهادة أحدهما وشاهدان على شهادة الآخر، ثبت بلا خلاف شهادة شاهد
الأصل. وإن شهد شاهد على شهادة أحدهما وشاهد آخر على شهادة الآخر
لم يثبت بهذه الشهادة ما شهدا به. وبه قال علي عليه السلام (4)، وفي

(1) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 79، وشرح فتح القدير 6: 79.
(2) مختصر المزني: 312، وحلية العلماء 8: 301، والمجموع 20: 269، والمغني لابن قدامة 12: 91،
والشرح الكبير 12: 113، والبحر الزخار 6: 46، والحاوي الكبير 17: 230.
(3) حلية العلماء 8: 301، والمغني لابن قدامة 12: 91، والشرح الكبير 12: 113، والبحر الزخار
6: 41، والحاوي الكبير 17: 230.
(4) لم أقف على هذا القول في مصادرنا المتوفرة.
317

التابعين شريح والنخعي والشعبي وربيعة (1)، وفي الفقهاء أبو حنيفة
وأصحابه والثوري والشافعي ومالك (2).
وذهب قوم إلى: أنه يثبت بذلك، ويحكم الحكام به. ذهب إليه ابن
شبرمة وابن أبي ليلى وعثمان البتي وعبيد الله بن الحسن العنبري وأحمد
وإسحاق (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4).
وأيضا ما اعتبرناه مجمع على ثبوت الحكم به وما قالوه ليس عليه دليل
وأيضا الأصل أن لا يثبت شهادة الفرع إلا بدلالة شرعية، وما اعتبرناه
مجمع عليه، وما قالوه ليس عليه دليل.
مسألة 70: إذا شهد شاهدان على شهادة رجل، ثم شهداهما على
شهادة الآخر، فإنه تثبت شهادة الأول بلا خلاف، وعندنا يثبت شهادة
الثاني أيضا. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري ومالك وربيعة وأحد
قولي الشافعي الصحيح عندهم (5).

(1) المحلى 9: 439، والمغني لابن قدامة 12: 96، والشرح الكبير 12: 109.
(2) المغني لابن قدامة 12: 96، والشرح الكبير 12: 109، وحلية العلماء 8: 298، والمحلى
9: 439، وبدائع الصنائع 6: 282، والوجيز 2: 258، والحاوي الكبير 17: 231.
(3) حلية العلماء 8: 298، والمحلى 9: 439، والمغني لابن قدامة 12: 95 و 96، والشرح الكبير
12: 109، والحاوي الكبير 17: 231.
(4) من لا يحضره الفقيه 3: 41 حديث 136، والتهذيب 6: 255 حديث 668، والاستبصار 3: 21
حديث 61.
(5) مختصر المزني: 312، وحلية العلماء 8: 299، والسراج الوهاج: 612، والمجموع 20: 268،
والمدونة الكبرى 5: 160، والحاوي الكبير 17: 232.
318

والقول الثاني: أنه لا يثبت حتى يشهد آخران على شهادة الآخر، وهو
اختيار المزني (1).
دليلنا: الأخبار التي وردت بأن شهادة الأصل لا تثبت إلا بشاهدين،
والشاهدان قد ثبتا في كل واحد من الشاهدين (2).
مسألة 71: تثبت بالشهادة على الشهادة شهادة الأصل، ولا يقومون
مقام الأصل في إثبات الحق.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه. والآخر أنهم يقومون مقام
الأصل في إثبات الحقوق (3).
دليلنا: أن شاهد الفرع لو كان يقوم مقام الأصل في إثبات الحق لما
جازت الشهادة على الشهادة، لأنه إن كان الحق إثبات فعل كالقتل
والاتلاف لم يثبت بشهادة الفرع، لأنه يحتاج إلى مشاهدة، والفرع ما شاهد
الفعل. وإن كان الحق عقدا افتقر إلى سماع ومشاهدة، والفرع ما سمع وما
شاهد، فلما أجمعنا على جواز الكل ثبت أن الفرع يثبت بشهادة الأصل بلا
شبهة.
مسألة 72: إذا شهد اثنان بأن سرق ثوبا قيمته ثمن دينار، وشهد
آخران أنه سرق ذلك الثوب بعينه وقيمته ربع دينار، يثبت عليه ربع دينار،

(1) مختصر المزني: 312، وحلية العلماء 8: 299، والمجموع 20: 268، والحاوي الكبير 17: 232.
(2) انظر من لا يحضره الفقيه 3: 41 حديث 136، والتهذيب 6: 255 حديث 668، والاستبصار
3: 21 حديث 61.
(3) بدائع الصنائع 6: 281، والحاوي الكبير 17: 232.
319

وبه قال أبو حنيفة (1).
وقال الشافعي: يثبت ثمن دينار، لأنهما شهدا على أن قيمته ثمن
دينار، وأن ما زاد عليه ليس بقيمة له، فثبت الثمن بشهادة الأربعة، وما زاد
تعارضت البينتان (2).
دليلنا: أنه لا تعارض بين الشهادتين، فينبغي أن يثبت البينتين معا،
فيثبت ربع دينار، ويجري مجرى روايتين للخبر الواحد، أحدهما روى زيادة
فائدة، فالزائد أولى في الأخذ به من الناقص.
مسألة 73: إذا شهد عدلان عند الحكام بحق، ثم فسقا قبل أن يحكم
بشهادتهما، حكم بشهادتهما ولم يرده. وبه قال أبو ثور والمزني (3).
وقال باقي الفقهاء: لا يحكم بشهادتهما
دليلنا: أن الاعتبار بالعدالة حين الشهادة لا حين الحكم، فإذا كانا
عدلين حين الشهادة وجب الحكم بشهادتهما.
وأيضا إذا شهدا وهما عدلان وجب الحكم بشهادتهما، فمن قال إذا فسقا
بطل هذا الوجوب فعليه الدلالة.
مسألة 74: إذا شهد شاهدان بحق، وعرف عدالتهما، ثم رجعا عن

(1) حلية العلماء 8: 307، والحاوي الكبير 17: 249.
(2) الأم 7: 52 و 53، ومختصر المزني 312، وحلية العلماء 8: 307، والحاوي الكبير 17: 248 و
249.
(3) مختصر المزني: 312، وحلية العلماء 8: 308، والمغني لابن قدامة 12: 85، والحاوي الكبير
17: 250.
(4) الأم 7: 54، وحلية العلماء 8: 308، والمغني لابن قدامة 12: 85، والحاوي الكبير 17: 250.
320

الشهادة قبل الحكم بها، لم يحكم. وبه قال الجماعة (1) إلا أبا ثور فإنه قال:
يحكم بالشهادة (2).
دليلنا: أنهما إذا رجعا لم يكن هناك شهادة، فلا يجوز الحكم، كما لو
اجتهد الحاكم ثم تغير اجتهاده قبل الحكم، فإنه لا يحكم.
مسألة 75: إذا شهد شاهدان بحق، وعرف عدالتهما، وحكم الحاكم،
فاستوفي الحق ثم رجعا عن الشهادة، لم ينقض حكمه. وبه قال جميع
الفقهاء (3).
وقال سعيد بن المسيب والأوزاعي: ينقضه (4).
دليلنا: أن الذي حكم به مقطوع به بالشرع، ورجوعهم يحتمل الصدق
والكذب، فلا ينقض به ما قد قطع عليه.
مسألة 76: إذا شهد شاهدان على رجل بما يوجب قتله أو قطعه، فقتل

(1) المبسوط 16: 178، واللباب 3: 198، وشرح فتح القدير 6: 85، والهداية المطبوع مع شرح فتح
القدير 6: 85، وتبيين الحقائق 4: 243، والمغني لابن قدامة 12: 137، والشرح الكبير
12: 117، وحلية العلماء 8: 312، والوجيز 2: 258، والمجموع 20: 278، والسراج الوهاج:
612، ومغني المحتاج 4: 456، والحاوي الكبير 17: 253.
(2) حلية العلماء 8: 312، والمغني لابن قدامة 12: 137، والشرح الكبير 12: 117، والمجموع
20: 278، والحاوي الكبير 17: 253.
(3) الأم 7: 54، والسراج الوهاج: 612، ومغني المحتاج 4: 457، والمجموع 20: 278، والمبسوط
16: 178، وشرح فتح القدير 6: 86، والهداية 6: 86، واللباب 3: 198، وتبيين الحقائق
4: 244، وبدائع الصنائع 6: 283، والمدونة الكبرى 5: 143، والمغني لابن قدامة 12: 138،
والحاوي الكبير 17: 255.
(4) المغني لابن قدامة 12: 138، وحلية العلماء 8: 313، والحاوي الكبير 17: 255.
321

أو قطع، ثم رجعا وقالا: عمدنا كلنا وقصدنا أن يقتل أو يقطع فعليهم القود.
وبه قال ابن شبرمة والشافعي وأحمد وإسحاق (1).
وقال ربيعة والثوري وأبو حنيفة: لا قود عليهم (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وعليه إجماع الصحابة.
روي: أن شاهدين شهدا عند أبي بكر على رجل بسرقة، فقطعه، ثم
قالا: أخطأنا عليه والسارق غيره. فقال: لو علمت أنكما تعمدتما
لقطعتكما (4).
وروى سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، قال: شهد شاهدان عند علي
عليه السلام على رجل بالسرقة فقطعه، ثم أتياه بآخر، فقالا: هذا الذي
سرق وأخطأنا على الأول. فقال: لو علمت أنكما تعمدتما لقطعتكما (5) وهما
قضيتان مشهورتان، ولا يعرف لهما منكر، ثبت أنهم أجمعوا عليه.
مسألة 77: إذا شهد شاهدان على طلاق امرأة بعد الدخول بها، وحكم

(1) الأم 7: 54، ومختصر المزني: 312، وحلية العلماء 8: 314، والمجموع 20: 278، والسراج
الوهاج: 612، ومغني المحتاج 4: 457، والنتف 2: 804، والشرح الكبير 12: 119، والحاوي
الكبير 17: 256.
(2) المبسوط 16: 180، والهداية 6: 95، وشرح فتح القدير 6: 95، والنتف 2: 804، واللباب
3: 202، وبدائع الصنائع 6: 288، وتبيين الحقائق 4: 250، وحلية العلماء 8: 314، والشرح
الكبير 12: 119، والحاوي الكبير 17: 256.
(3) الكافي 7: 384 حديث 4 و 5، والتهذيب 6: 260 حديث 690 - 691.
(4) الحاوي الكبير 17: 256.
(5) الحاوي الكبير 17: 256، وسنن الدارقطني 3: 182 حديث 294، والسنن الكبرى 10: 251
باختلاف يسير.
322

الحاكم بذلك، ثم رجعا عن الشهادة لم يلزمهما مهر مثلها ولا شئ منه.
وبه قال أبو حنيفة ومالك (1).
وقال عبيد الله بن الحسن العنبري: عليهما مهر مثلها. وبه قال
الشافعي (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، فمن أوجب عليها شيئا فعليه الدلالة.
وأيضا ليس خروج البضع عن ملك الزوج له قيمة، بدلالة أنه لو طلق
زوجته في مرضه لم يلزم مهر مثلها من الثلث، كما لو أعتق عبده أو وهبه،
فلما بطل ذلك ثبت أنه لا قيمة له، وكان يجب أيضا لو كان عليه دين يحيط
بالتركة وطلق زوجته في مرضه أن لا ينفذ الطلاق، كما لا ينفذ العتق
والعطاء، فلما نفذ طلاقها ثبت أنه لا قيمة له لخروجه عن ملكه، فإذا ثبت
أنه لا قيمة له لم يلزمه ضمان، كما لو أتلفا عليه ما لا قيمة له.
مسألة 78: إذا شهدا عليه بالطلاق قبل الدخول بها، ففرق الحاكم
بينهما، ثم رجعا، غرما نصف المهر. وبه قال أبو حنيفة (3).
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، وهو اختيار المزني، وهو
أضعف القولين عندهم، إلا أنه يقول: يلزم نصف مهر مثلها. وعندنا

(1) النتف 2: 807، وبدائع الصنائع 6: 283، وتبيين الحقائق 4: 249، والمغني لابن قدامة
12: 143، والشرح الكبير 12: 117، وحلية العلماء 8: 319، والبحر الزخار 6: 47، والحاوي
الكبير 17: 261.
(2) الأم 7: 55، وحلية العلماء 8: 319، والمجموع 20: 281، والمغني لابن قدامة 12: 144،
والشرح الكبير 12: 117، والبحر الزخار 6: 47، والحاوي الكبير 17: 261.
(3) النتف 2: 807، وبدائع الصنائع 6: 283، وتبيين الحقائق 4: 248، والمغني لابن قدامة
12: 143، والشرح الكبير 12: 116، والبحر الزخار 6: 47، والحاوي الكبير 17: 263.
323

نصف المهر المسمى (1).
والقول الآخر: إنهما يضمنان كمال مهر مثلها، وهو أصح القولين عندهم (2).
دليلنا: أنه إذا حصل بينهما قبل الدخول لزمه نصف المهر، فوجب أن لا
يرجع عليهما إلا بقدر ما غرم. وأيضا الأصل براءة الذمة، وما ألزمنا هما مجمع
عليه، وما زاد عليه ليس عليه دليل.
وأيضا فإنه إذا طلقها قبل الدخول عاد إليه نصف الصداق، فلو قلنا
يرجع عليهما بكل المهر حصل له مهر ونصف، وذلك باطل.
مسألة 79: إذا شهدا بدين أو بعتق، وحكم بذلك عليه، ثم رجعا،
كان عليهما الضمان.
واختلف أصحاب الشافعي في ذلك على طريقين.
فقال أبو العباس وشيوخ أصحابه: المسألة على قولين، مثل مسألة
الغصب، وهي أنه لو كان في يده عبد فأعتقه أو وهبه وأقبضه ثم ذكر أنه
كان لزيد فهل عليه قيمته؟ على قولين كذلك ها هنا. ومنهم من قال لا
غرم عليهما ها هنا قولا واحدا، ومسألة الغصب على قولين (3).

(1) الأم 7: 55، ومختصر المزني: 312، وحلية العلماء 8: 319، والمجموع 20: 281، والسراج
الوهاج: 613، ومغني المحتاج 4: 458، والمغني لابن قدامة 12: 143، والشرح الكبير
12: 116، والحاوي الكبير 17: 263.
(2) حلية العلماء 8: 319، والمجموع 20: 281، والسراج الوهاج: 613، ومغني المحتاج 4: 458،
والمغني لابن قدامة 12: 143، والشرح الكبير 12: 116، والبحر الزخار 6: 47، والحاوي
الكبير 17: 264.
(3) حلية العلماء 8: 320 و 321، والمجموع 20: 281، والسراج الوهاج: 613، والبحر الزخار
6: 48، والحاوي الكبير 17: 267.
324

وقال أبو حامد والمذهب أنها على قولين كما قال أبو العباس، أحدهما:
لا ضمان، هو الضعيف. والثاني: عليهما الضمان، وهو أصحهما. وبه قال
أبو حنيفة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2) على أن شاهد الزور يضمن ما يتلف
بشهادته، وهذا من ذلك.
مسألة 80: إذا شهد رجل وعشر نسوة بمال على رجل، وحكم بقولهم،
ثم رجع الكل عن الشهادة، كان على الرجل سدس المال والباقي على
النسوة. وبه قال أبو حنيفة والشافعي (3).
وقال أبو يوسف ومحمد: على الرجل النصف وعليهن النصف، لأن
الرجل نصف البينة فضمن نصف المال (4).
دليلنا: أن المال يثبت بشهادة الجميع، فضمن الجميع غرامته، والرجل
سدس البينة، فيجب أن لا يلزمه أكثر من ذلك، ولأن كل امرأتين في
مقابلة رجل، فكانت العشر نسوة بإزاء خمسة رجال، فصار الشاهد بالحق
كأنهم ستة رجال، وإذا كانوا ستة رجال فرجعوا لم يلزمه أكثر من السدس،
كذلك هاهنا على الرجل السدس وعلى كل امرأتين السدس.

(1) حلية العلماء 8: 321، والمجموع 20: 281، والحاوي الكبير 17: 265 و 267.
(2) الكافي 7: 383 حديث 1، ومن لا يحضره الفقيه 3: 37 حديث 124، التهذيب 6: 259
حديث 685.
(3) حلية العلماء 8: 322، والمجموع 20: 282، وبدائع الصنائع 6: 288، والهداية 6: 91، وشرح
فتح القدير 6: 91، وتبيين الحقائق 4: 246، والبحر الزخار 6: 48، والحاوي الكبير 17: 268.
(4) الهداية 6: 91، وشرح فتح القدير 6: 91، وبدائع الصنائع 6: 288، وتبيين الحقائق 4: 246،
وحلية العلماء 8: 322، والبحر الزخار 6: 48، والحاوي الكبير 17: 268.
325

كتاب الدعاوى والبينات
327

كتاب الدعاوى والبينات
مسألة 1: إذا ادعى نفسان دارا هما فيها، أو الثوب ويد هما عليه، ولا
بينة لواحد منهما، كان العين بينهما نصفين. وبه قال الشافعي، إلا أنه قال:
يحلف كل واحد منهما لصاحبه (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وأيضا روى أبو موسى الأشعري
(إن رجلين تنازعا دابة، ليس لأحد هما بينة فجعلها النبي بينهما) (3).
مسألة 2: إذا ادعيا ملكا مطلقا، ويد أحدهما على العين، كانت بينة
أولى، وكذلك إذا أضافاه إلى سبب، فإن ادعى صاحب اليد الملك مطلقا
والخارج إضافة إلى سببه، كانت بينة الخارج أولى. وبه قال الشافعي (4).
وقال أصحاب الشافعي: إذا تنازعا عينا يد أحدهما عليها، وأقام كل

(1) الأم 6: 227 و 230، والمجموع 20: 189.
(2) الكافي 7: 419 حديث 6، والتهذيب 6: 234 حديث 573، والاستبصار 3: 39 حديث
133.
(3) سنن أبي داود 3: 310 حديث 3613، والسنن الكبرى 10: 254 باختلاف يسير في اللفظ.
(4) مختصر المزني: 314، وحلية العلماء 8: 187، ومغني المحتاج 4: 480، والسراج الوهاج: 620،
والوجيز 2: 268، والميزان الكبرى 2: 195، وبدائع الصنائع 6: 232، وتبيين الحقائق
4: 295، والبحر الزخار 5: 399، والحاوي الكبير 17: 302.
329

واحد منهما بينة، سمعنا بينة كل واحد منهما، وقضينا لصاحب اليد، سواء
تنازعا ملكا مطلقا أو ما يتكرر.
فالمطلق كل ملك إذا لم يذكر أحدهما سببه، وما يتكرر كآنية الذهب
والفضة والصفر والحديد، يقول كل واحد منهما: صيغ في ملكي، وهذا
يمكن أن يصاغ في ملك كل واحد منهما، وكذلك ما يمكن نسجه مرتين
كالصوف والخز.
وما لا يتكرر سببه كثوب قطن وإبريسم فإنه لا يمكن أن ينسج
دفعتين، وكذلك النتاج لا يمكن أن تولد الدابة مرتين، وكل واحد منهما
يقول ملكي، نسج في ملكي. وبه قال شريح، والنخعي، والحكم،
ومالك، والشافعي. وهل يحلف مع البينة؟ على قولين (1).
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن كان المدعى ملكا مطلقا أو ما يتكرر
سببه، لم تسمع بينة المدعى عليه، وهو صاحب اليد. وإن كان ملكا لا
يتكرر سببه، سمعنا بينة الداخل (2). وهو الذي يقتضيه مذهبنا، وقد
ذكر ناه في النهاية، والمبسوط، والكتابين في الأخبار (3).

(1) حلية العلماء 8: 188، والمجموع 20: 189، والمغني لابن قدامة 12: 168، والشرح الكبير
12: 183، والبحر الزخار 5: 399، والحاوي الكبير 17: 303.
(2) المبسوط 17: 32، واللباب 3: 156، والهداية 6: 156، وشرح فتح القدير 6: 156، وبدائع
الصنائع 6: 232، وتبيين الحقائق 4: 294، والمغني لابن قدامة 12: 168 وحلية العلماء
8: 188، والميزان الكبرى 2: 195، والبحر الزخار 5: 399، والحاوي الكبير 17: 303.
(3) النهاية: 344، والمبسوط 8: 258، والتهذيب 6: 233 حديث 570 و 573 وغيرهما من
أحاديث الباب، وكذلك الاستبصار 3: 38 - 39 حديث 130 وغيره من أحاديث الباب
أيضا، فلا حظ.
330

وقال أحمد بن حنبل: لا أسمع بينة صاحب اليد بحال، في أي مكان
كان (1). وقد روى ذلك أصحاب بنا (2) أيضا.
وتحقيق الخلاف مع أبي حنيفة: هل تسمع بينة الداخل أم لا؟ عند
الشافعي تسمع (3)، وعنده لا تسمع (4).
والفقهاء يقولون: بينة الداخل أولى (5). وهذه عبارة فاسدة، لأنه إذا
كان الخلاف في سماعها سقط أن يقال أولى.
وهذه المسألة ملقبة ببينة الداخل والخارج، فإن الداخل من كانت يده
على الملك، والخارج من لا يد له عليه.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، والخبر المشهور عن النبي عليه السلام
أنه قال: (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) (7).

(1) المغني لابن قدامة 12: 168، والشرح الكبير 12: 182.
(2) التهذيب 6: 240 حديث 594، والاستبصار 3: 43 حديث 143.
(3) الهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 157، وشرح فتح القدير 6: 157، وتبيين الحقائق
4: 295، والمغني لابن قدامة 12: 168، والشرح الكبير 12: 182 - 183، والحاوي الكبير
17: 302 و 303.
(4) بدائع الصنائع 6: 232، والهداية 6: 157، وشرح فتح القدير 6: 157، وتبيين الحقائق
4: 294 و 295، والمغني لابن قدامة 12: 168، والشرح الكبير 12: 182 - 183، والحاوي
الكبير 17: 303.
(5) انظر المغني لابن قدامة 12: 169، والشرح الكبير 12: 183، ومختلف الشيعة، كتاب القضاء
وتوابعه، ص: 140 - 141.
(6) انظر الكافي 7: 419 حديث 6، والتهذيب 6: 234 حديث 573، والاستبصار 3: 39 حديث
133.
(7) سنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وترتيب مسند
الشافعي 2: 181، والسنن الكبرى 10: 252، وتلخيص الحبير 4: 208 حديث 2135.
331

ويدل على الأول: ما رواه جابر: أن رجلين اختصما إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله في دابة أو بعير، فأقام كل واحد منهما البينة أنها له
نتجها، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وآله للذي هي في يده (1).
وروى غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام:
(أن علي بن أبي طالب عليه السلام اختصم إليه رجلان في دابة، وكلاهما
أقام البينة أنه نتجها، فقضى بها للذي هي في يده. وقال لو لم تكن في يده
جعلتها بينهما نصفين) (2).
مسألة 3: إذا شهدت البينة للداخل مضافا، قبلناها، بلا خلاف بيننا
وبين الشافعي، وقد حكيناه (3). وإن كانت بالملك المطلق، فإنا لا نقبلها (4).
وللشافعي فيه قولان: أحدهما قاله في القديم مثل ما قلناه. وقال في
الجديد مسموعة (5).
دليلنا: أخبار أصحابنا (6)، وأيضا إذا شهدت بالملك المطلق يجوز أن

(1) سنن الدارقطني 4: 209 حديث 21، والسنن الكبرى 10: 256، وتلخيص الحبير 4: 210
حديث 2141، والحاوي الكبير 17: 303.
(2) الكافي 7: 419 حديث 6، والتهذيب 6: 234 حديث 573، والاستبصار 3: 39 حديث 133.
(3) في المسألة السابقة.
(4) قال سماحة آية الله العظمى السيد البروجردي قدس سره: (هذا مخالف لما ذكره في المسألة
الثانية) فلاحظ.
(5) حلية العلماء 8: 188، وفتح المعين: 147، والوجيز 2: 269 و 270، والحاوي الكبير
17: 306.
(6) لم أقف على الأخبار التي تمنع من قبول سماع البينة، بل ما ذكر في كتب الأخبار تؤيد
سماعها، لاحظ ما أشرت إليه من الأخبار في المسألة المتقدمة وغيرها في مواضعها.
332

تكون شهدت بالملك لأجل اليد، واليد قد زالت ببينة المدعي، فلو حكمنا
بشهادتهما، حكمنا بما زال وبطل، فلهذا لا تسمع.
مسألة 4: إذا تنازعا عينا لا يد لواحد منهما عليها، فأقام أحدهما
شاهدين، والآخر أربعة شهود، فالظاهر من مذهب أصحابنا أنه يرجع
بكثرة الشهود، ويحلف، ويحكم له بالحق. وهكذا لو تساويا في العدد
وتفاضلا في العدالة، رجح بالعدالة، وهو إذا كانت أحدهما أقوى عدالة.
وبه قال مالك (1)، وأومأ الشافعي إليه في القديم (2)، والذي اعتمده أصحابه
وجعلوه مذهبا أنه لا يرجح بشئ منهما. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه (3).
وقال الأوزاعي: أقسط المشهود به على عدد الشهود، فأجعل لصاحب
الشاهدين الثلث، ولصاحب الأربعة الثلثين (4). وقد روى ذلك أيضا
أصحابنا (5).

(1) المدونة الكبرى 5: 187، والمغني لابن قدامة 12: 177، والشرح الكبير 12: 192، والنتف
2: 788، وتبيين الحقائق 4: 316، والميزان الكبرى 2: 187 و 195، والبحر الزخار
5: 398، والحاوي الكبير 17: 306.
(2) المجموع 20: 190 والوجيز 2: 268، والحاوي الكبير 17: 306 - 307.
(3) الوجيز 2: 268، ومغني المحتاج 4: 428، والسراج الوهاج: 621، والمجموع 20: 190، والميزان
الكبرى 2: 195، والنتف 2: 788، واللباب 3: 164، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير
6: 243، وشرح فتح القدير 6: 243، وتبيين الحقائق 4: 315 و 322، والمغني لابن قدامة
12: 177، والشرح الكبير 12: 192، والبحر الزخار 5: 398، والحاوي الكبير 17: 306.
(4) المغني لابن قدامة 12: 177، والشرح الكبير 12: 192، وتبيين الحقائق 4: 316، والبحر
الزخار 5: 398، والحاوي الكبير 17: 307.
(5) الكافي 7: 433 حديث 23، والتهذيب 6: 237 حديث 583، والاستبصار 3: 42 حديث
142.
333

دليلنا إجماع الفرقة ورواياتهم، فإنه روى أبو بصير، عن أبي عبد الله
جعفر بن محمد عليهما السلام (أن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في
بغلة، فقامت لهؤلاء البينة أنهم أنتجوها على مذودهم، ولم يبيعوا ولم يهبوا.
وقامت لهؤلاء البينة بمثل ذلك، فقضى بها لأكثرهم شهودا
واستحلفهم) (1).
وأما الرواية الأخرى، فرواها السكوني، عن جعفر بن محمد عليهما
السلام، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليه السلام (أنه قضى في رجلين
ادعيا بغلة، فأقام أحدهما شاهدين، والآخر خمسة، فقال: لصاحب الخمسة
خمسة أسهم، ولصاحب الشاهدين سهمان) (2).
والمعول على الأول، لأن هذا من طريق العامة، أو يحمل على وجه
الصلح بينهم بذلك.
مسألة 5: إذا كان مع أحدهما شاهدان، ومع الآخر شاهد وامرأتان،
تقابلتا بلا خلاف بيننا وبين الشافعي.
فأما إن كان مع أحدهما شاهدان، ومع الآخر شاهد واحد، وقال:
أحلف مع شاهدي، فإنهما لا يتقابلان.
وللشافعي في كل واحد منهما قولان، أحدهما: مثل ما قلناه، والثاني:
أنهما يتقابلان (3).

(1) التهذيب 6: 234 حديث 575.
(2) الكافي 7: 433 حديث 23، والتهذيب 6: 237 حديث 583، والاستبصار 3: 42 حديث
142.
(3) حلية العلماء 8: 189، والوجيز 2: 267 و 268، والمجموع 20: 190، والسراج الوهاج: 621،
ومغني المحتاج 4: 482، وفتح المعين: 146، والحاوي الكبير 17: 307.
334

دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على تقابلهما، وليس على ما قالوه دليل.
وأيضا فإن الشاهدين يشهدان فلا تلحقهما التهمة، والحالف يلحف في حق
نفسه فيلحقه التهمة.
مسألة 6: إذا شهد شاهدان بما يدعيه المدعي، فقال المشهود عليه
احلفوه لي مع شاهديه، لم يحلف. وبه قال الزهري، أبو حنيفة وأصحابه،
ومالك، والشافعي (1).
وقال شريح، والشعبي، والنخعي، وابن أبي ليلى: يستحلفه مع
البينة (2).
دليلنا: أن إيجاب اليمين عليه يحتاج إلى دليل شرعي، والأصل براءة
الذمة.
وأيضا روى ابن عباس: أن النبي عليه السلام قال: (البينة على
المدعي واليمين على المدعى عليه) (3). فمن جعلهما في جانب واحد، فقد ترك
الخبر.
وروى جابر (أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في
فرس أو بعير، فأقام كل واحد منهما بينة أنه له، نتجها، فقضى بها رسول الله

(1) حلية العلماء 8: 145، والوجيز 2: 261، والمغني لابن قدامة 12: 169 و 170، والشرح الكبير
12: 181، والحاوي الكبير 17: 308.
(2) المغني لابن قدامة 12: 170، والشرح الكبير 12: 181، وحلية العلماء 8: 145، والحاوي
الكبير 17: 308.
(3) سنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وترتيب مسند
الشافعي 2: 181، والسنن الكبرى 10: 252، وتلخيص الحبير 4: 208 حديث 2135.
335

صلى الله عليه وآله للذي هي في يده) (1).
مسألة 7: إذا ادعى على امرأة، فقال: هذه زوجتي، أو تزوجت بها. لم
يلزم الكشف حتى يقول: تزوجت بها بولي وشاهدي عدل. وبه قال أبو
حنيفة (2).
وللشافعي فيه ثلاثة أوجه: أحدها مثل ما قلناه.
والثاني: وهو ظاهر المذهب أنه لا بد من الكشف.
والثالث: ينظر، فإن ادعى عقد النكاح، فقال: تزوجت بها، كان
ذلك شرطا، وإن كانت الدعوى الزوجية، لم يفتقر إلى الكشف (3).
دليلنا: قوله عليه السلام: البينة على المدعي، واليمين على المدعى
عليه (4)، ولم يشترط أمرا آخر غير هذا، فمن زاد عليه فعليه الدلالة، ولا دلالة
عليه.
مسألة 8: إذا ادعى على المرأة الزوجية، فأنكرت، كان عليه البينة

(1) سنن الدارقطني 4: 209 حديث 21، والسنن الكبرى 10: 256، وتلخيص الحبير 4: 210
حديث 2141.
(2) المغني لابن قدامة 12: 165، والبحر الزخار 5: 387، والميزان الكبرى 2: 196، والحاوي
الكبير 17: 311.
(3) الأم 6: 228، ومختصر المزني: 314، وحلية العلماء 8: 185 و 186، والوجيز 2: 261،
والسراج الوهاج: 615، والمغني المحتاج 4: 465، والمجموع 20: 187، والميزان الكبرى
2: 196، والمغني لابن قدامة 12: 165، والبحر الزخار 5: 387، والحاوي الكبير 17: 309 و
310.
(4) سنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وترتيب مسند
الشافعي 2: 181، والسنن الكبرى 10: 252، وتلخيص الحبير 4: 208 حديث 2135.
336

وإن لم يكن له بينة كان عليها اليمين. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: لا يمين عليها (2).
دليلنا: قوله عليه السلام: البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه (3)
ولم يفصل.
مسألة 9: إذا ادعى بيعا أو صلحا أو إجارة أو نحو ذلك من العقود التي
هي سوى النكاح، لا يلزمه الكشف أيضا.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني يلزمه كشفه (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى (5) سواء.
مسألة 10: إذا تعارضت البينتان على وجه لا ترجيح لإحداهما على
الأخرى، أقرع بينهما، فمن خرج اسمه حلف وأعطي الحق، هذا هو
المعول عليه عند أصحابنا، وقد روي أنه يقسم بينهما نصفين (6).

(1) الأم 6: 228، ومختصر المزني: 314، والوجيز 2: 265، والمغني لابن قدامة 12: 163،
والحاوي الكبير 17: 312.
(2) اللباب 3: 158، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 162، وشرح فتح القدير 6: 162،
وتبيين الحقائق: 4: 296، والمغني لابن قدامة 12: 163، والوجيز 2: 265، والحاوي الكبير
17: 312.
(3) سنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وترتيب مسند
الشافعي 2: 181، والسنن الكبرى 10: 252، وتلخيص الحبير 4: 208 حديث 2135.
(4) حلية العلماء 8: 186 و 187، والمجموع 20: 188، والوجيز 2: 261، وفتح المعين: 144
والمغني لابن قدامة 12: 166 و 167، والحاوي الكبير 17: 313.
(5) أي المسألة المتقدمة برقم (8) فلاحظ.
(6) التهذيب 6: 234 حديث 573 و 574، والاستبصار 3: 39 حديث 133 و 134.
337

وللشافعي فيه أربعة أقوال:
أحدها: تسقطان، وهو أصحها. وبه قال مالك (1).
والثاني: يقرع بينهما، مثل ما قلناه، وهل يحلف أم لا؟ على قولين (2).
وبه قال علي عليه السلام، وابن الزبير (3). ولابن الزبير فيها قصة.
الثالث: يوقف أبدا (4).
والرابع: يقسم بينهما نصفين. وبه قال ابن عباس، والثوري، وأبو
حنيفة وأصحابه (5).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن القرعة تستعمل في كل أمر مجهول مشتبه،
وهذا داخل فيه، والأخبار في عين المسألة كثيرة، أوردناها في كتب
الأخبار (6).
وروى سعيد بن المسيب: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله
عليه وآله في أمر، وجاء كل واحد منهما بشهود عدول على عدة واحدة،
فأسهم النبي عليه السلام بينهما، وقال: اللهم أنت تقضي بينهما (7). هذا نص.

(1) حلية العلماء 8: 188، والسراج الوهاج: 620، ومغني المحتاج 4: 480، والمجموع 20: 189،
والحاوي الكبير 17: 319.
(2) حلية العلماء 8: 189، والسراج الوهاج: 620، ومغني المحتاج 4: 480، والمجموع 20: 190،
والشرح الكبير 12: 196، والبحر الزخار 5: 397، والحاوي الكبير 17: 319.
(3) تهذيب الأحكام 6: 233 حديث 571، والشرح الكبير 12: 196، والحاوي الكبير 17: 319.
(4) حلية العلماء 8: 189، ومغني المحتاج 4: 480، والسراج الوهاج: 620، والمجموع 20: 189،
والشرح الكبير 12: 197، والبحر الزخار 5: 397، والحاوي الكبير 17: 319 و 320.
(5) المصادر السابقة.
(6) التهذيب 6: 233 حديث 571 و 572، والاستبصار 3: 39 حديث 131 و 132.
(7) السنن الكبرى 10: 259، وتلخيص الحبير 4: 210 حديث 2142، والحاوي الكبير
17: 319)، وروي في مجمع الزوائد 4: 203 عن أبي هريرة فلاحظ.
338

وقد روي أنه قسم بينهما نصفين (1).
وروى أبو موسى الأشعري، قال: رجلان ادعيا بعيرا على عهد رسول
الله صلى الله عليه وآله، وبعث كل واحد منهما شاهدين، فقسمه النبي
عليه السلام بينهما نصفين (2).
وتأول أصحاب الشافعي هذا، فقالوا: هذه قضية في عين، ويحتمل أن
يكون إنما فعل ذلك لأنه كانت يدهما على المتنازع فيه، وقد روي في هذا
الخبر: ولا بينة مع واحد منهما (3) وعلى هذا لا معارضة فيه.
مسألة 11: إذا ادعى دارا في يد رجل، فقال: هذه الدار التي هي في
يديك لي وملكي، فأنكر المدعى عليه، فأقام المدعي البينة أنها كانت في
يده أمس أو منذ سنة، لم تسمع هذه البينة.
وللشافعي فيها قولان: أحدهما مثل ما قلناه، وهو ما نقله المزني
والربيع (4).
ونقل البويطي: أنها تسمع (5).
واختلف أصحابه على طريقين.

(1) السنن الكبرى 10: 258، وتلخيص الحبير 4: 210 حديث 2140.
(2) سنن أبي داود 3: 310 حديث 3613، والسنن الكبرى 10: 257، وتلخيص الحبير 4: 209
حديث 2140.
(3) السنن الكبرى 10: 254.
(4) الأم 6: 230، ومختصر المزني: 314، وحلية العلماء 8: 192، والمجموع 20: 191، والحاوي
الكبير 17: 325.
(5) الأم 6: 230، وحلية العلماء 8: 192، والمجموع 20: 191، والحاوي الكبير 17: 325.
339

فقال أبو العباس: المسألة على قولين (1).
وقال أبو إسحاق: المسألة على قول واحد، وهو أنها لا تسمع كما قلناه،
وهو اختيار أبي حامد الأسفرايني، وهو المذهب عندهم (2).
دليلنا: أن المدعي يدعي الملك في الحال، والبينة تشهد له بالأمس،
فقد شهدت له بغير ما يدعيه، فلا تقبل.
فإن قالوا: أنها شهدت له بالملك أمس والملك يستدام إلى أن يعلم
زواله.
قلنا: لا نسلم أن الملك ثبت بها حتى يكون مستداما، على أن زوال
الأول موجود، فلا يزال الثابت بأمر محتمل.
مسألة 12: إذا ادعى دارا في يد رجل، فقال: هذه الدار كانت لأبي،
وقد ورثتها أنا وأخي الغائب منه، وأقام بذلك بينة من أهل الخبرة الباطنة
والمعروفة أنهما ورثاه، ولا نعرف له وارثا سواهما، انتزعت ممن هي في يده
ويسلم إلى الحاضر نصفها، والباقي يجعل في يد أمين حتى يعود الغائب. وبه
قال أبو يوسف ومحمد (3).
وقال أبو حنيفة: يؤخذ من المدعى عليه نصيب الحاضر، ويقر الباقي في
يد من هي في يده حتى يحضر الغائب (4).
دليلنا: أن الدعوى للميت، والبينة بالحق له، بدليل أنه إذا حكم

(1) حلية العلماء 8: 192، والمجموع 20: 191، والحاوي الكبير 17: 325.
(2) حلية العلماء 8: 192، والمجموع 20: 191، والحاوي الكبير 17: 326.
(3) المبسوط 17: 47، والبحر الزخار 5: 390.
(4) المبسوط 17: 47، والمغني لابن قدامة 12: 206، والبحر الزخار 5: 390.
340

بالدار يقضي منها ديونه وينفذ وصاياه، فإذا كانت الدعوى للميت والبينة
له، حكم له الحاكم، لأنه لا يعبر عن نفسه، فحكم له بالبينة التي يقيمها،
كالصبي والمجنون، وإذا ثبت الدار للميت، ثبت ميراثا عنه بين ولديه.
مسألة 13: إذا تنازعا عينا من الأعيان عبدا، أو دارا، أو دابة، فادعى
أحدهما أنها له منذ سنتين، والآخر ادعى أنها له منذ شهر، وأقام كل واحد
منهما بما يدعيه بينة، أو ادعى أحدهما أنه له منذ سنتين، وقال الآخر: هي
الآن ملكي، وأقام كل واحد منهما بما يدعيه البينة، الباب واحد، والعين
المتنازع فيها في يد ثالث، كانت البينة المتقدمة أولى. وبه قال أبو حنيفة،
واختيار المزني (1) وأصح قولي الشافعي.
وله قول آخر: أنهما سواء (2).
دليلنا: أن البينة إذا شهدت بالملك في الحال، مضافا إلى مدة سابقة،
حكم بأنه للمشهود له بعد تلك المدة، بدليل أن ما كان من فائدة من نتاج
أو ثمرة أو سبب حادث في المدة، كان للمشهود له بالملك، فإذا ثبت هذا
فقد شهدت به إحداهما منذ سنتين والأخرى منذ شهر، فتعارضتا فيهما
تساوتا فيه، وهو مدة شهر، وسقطتا، وبقي ما قبل الشهر ملك وبينة لا
منازع له فيه، فيحكم له به قبل الشهر، فلا يزال عنه بعد ثبوته إلا بدليل.

(1) مختصر المزني: 315، وحلية العلماء 8: 190، والمجموع 20: 190، والمغني لابن قدامة
12: 176، والشرح الكبير 12: 191، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 223، وشرح
فتح القدير 6: 223، والحاوي الكبير 17: 347.
(2) حلية العلماء 8: 190، والمجموع 20: 190، والمغني لابن قدامة 12: 176، والشرح الكبير
12: 191، والحاوي الكبير 17: 346 و 347.
341

وأيضا التي قد شهدت بالملك منذ سنتين قد أضافته إلى ملكه هذه
المدة، والتي شهدت به لغيره منذ شهر لا يصح له الملك إلا بأن يكون قد
ملكه عن الذي هو له منذ سنتين، ولا خلاف أنا لا نحكم بأنه ملك عنه،
لأنه لو كان عنه ملك، لوجب أن يكون له الرجوع عليه بالدرك، فإذا لم
يحكم بأنه عنه ملك، بقي الملك على صاحبه حتى يعلم زواله عنه.
مسألة 14: إذا تنازعا دابة، فقال أحدهما: ملكي، وأطلق، وأقام بها
بينة. وقال الآخر: ملكي، نتجتها، وأقام بذلك بينة، فبينة النتاج أولى،
وهكذا كل ملك تنازعاه فادعاه أحدهما مطلقا وادعاه الآخر مضافا إلى
سببه، مثل أن قال: هذه الدار لي، وقال الآخر: اشتريتها، أو قال: هذا
الثوب لي، وقال الآخر: لي، نسجته في ملكي، أو قال: هذا العبد لي، وقال
الآخر: بل غنمته أو ورثته، الكل واحد إذا لم تكن العين المدعاة في يد أحدهما.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والآخر: هما سواء (1).
وفي أصحابه من قال: بينة النتاج أولى قولا واحدا (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 15: إذا تداعيا دارا وهي في يد أحدهما، وأقام أحدهما البينة
بقديم الملك، والآخر بحديثه، فإن كانت الدار في يد من شهدت له بقديم

(1) حلية العلماء 8: 191، والمجموع 20: 190 و 191، والشرح الكبير 12: 183، والحاوي الكبير
17: 347 و 348.
(2) حلية العلماء 8: 191، والمجموع 20: 190 و 191، والحاوي الكبير 17: 347.
(3) الكافي 7: 419 حديث 6، ومن لا يحضره الفقيه 3: 38 حديث 129 و 130، والتهذيب
6: 234 حديث 573 - 575، والاستبصار 3: 41 حديث 141.
342

الملك فهي له بلا خلاف، لأن معه حجتين بينة قديمة ويد، وإن كانت في
يد حديث الملك، فصاحب اليد أولى. وبه قال أبو حنيفة، نص عليه،
فقضى ببينة الداخل هاهنا، لأنه يقول: لا أقضي ببينة الداخل إذا لم تفد
إلا ما تفيده يد، وهذه أفادت أكثر مما يفيده يد، وهو إثبات الملك منذ
شهر، واليد لا تفيد ذلك (1).
وقال أبو يوسف ومحمد: البينة بينة الخارج (2).
وقال الشافعي: هي لصاحب اليد كما قلناه (3).
واختلف أصحابه على وجهين، فقال أبو إسحاق على القولين، ولا أنظر
إلى اليد، فإذا قلنا سواء كانت اليد أولى، وإذا قلنا قديم الملك أولى، كان
قديم الملك أولى من اليد (4).
ومن أصحابه من قال صاحب اليد أولى بالبينة، وهو ظاهر المذهب
على القولين معا (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، وخبر جابر عن النبي عليه السلام (7)،

(1) المغني لابن قدامة 12: 173، والشرح الكبير 12: 186 - 187، والفتاوى الهندية 4:
73، والحاوي الكبير 17: 348.
(2) المغني لابن قدامة 12: 173، والشرح الكبير 12: 186 - 187، والفتاوى الهندية 4:
73، والحاوي الكبير 17: 348.
(3) حلية العلماء 8: 190، والسراج الوهاج: 621، ومغني المحتاج 4: 483، والحاوي الكبير
17: 348.
(4) الحاوي الكبير 17: 348، وانظر حلية العلماء 8: 190.
(5) حلية العلماء 8: 191، والحاوي الكبير 17: 348.
(6) الكافي 7: 419 حديث 2 و 6 التهذيب 6: 233 حديث 570 وص: 234 حديث 573،
والاستبصار 3: 38 - 39 حديث 130 و 133.
(7) سنن الدارقطني 4: 209 حديث 21، والسنن الكبرى 10: 256، وتلخيص الحبير 4: 210
حديث 2141.
343

وخبر غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام المتقدم ذكر هما (1) يدلان
عليه أيضا.
مسألة 16: إذا قال لفلان علي ألف قضيتها، فقد اعترف بألف،
وادعى قضاءها، فلا يقبل منه إلا ببينة.
وللشافعي في قبول ذلك منه قولان، أحدهما: وهو الصحيح مثل ما
قلناه. والثاني: يقبل قوله، كما يقبل إذا قال: علي ألف إلا تسعين (2).
دليلنا: أن إقراره بالألف مجمع عليه، ووجوب قبول قوله في القضاء
يحتاج إلى دليل.
مسألة 17: إذا غصب رجل من رجل دجاجة، فباضت بيضتين،
فاحتضنتهما هي أم غيرها، بنفسها أو بفعل الغاصب، فخرج منهما فرخان،
فالكل للمغصوب منه. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: إن باضت عنده بيضتين، فاحتضنت الدجاجة واحدة
منهما، فلم يتعرض الغاصب لها، كان للمغصوب منه ما يخرج منها. وإن
أخذ الأخرى فوضعها هو تحتها أو تحت غيرها فخرج منها الفروخ، كان
الفروخ للغاصب، وعليه قيمته (4).
دليلنا: أن ما يحدث عند الغاصب عن العين المغصوبة فهو للمغصوب

(1) تقدم ذكر هما في المسألة الثانية من كتاب الدعاوى هذا، فلاحظ.
(2) مختصر المزني: 113 - 114، وحلية العلماء 8: 343 و 353، والمجموع 20: 326.
(3) المجموع 14: 251، والحاوي الكبير 7: 193 و 17: 370.
(4) المجموع 14: 251، والفتاوى الهندية 4: 86، والحاوي الكبير 17: 370.
344

منه، لأن الغاصب لا يملك بفعله شيئا، ومن ادعى أنه إذا تعدى ملكه
فعليه الدلالة، لأن الأصل بقاء ملك المغصوب منه.
مسألة 18: إذا كان في يد رجلين، كبير بالغ مجهول النسب، فادعياه
مملوكا، فالقول قوله بلا خلاف، فإن اعتراف لهما، فإنه مملوك لهما بلا
خلاف، وإن اعتراف لأحدهما بأنه مملوكه، كان له دون الآخر. وبه قال
الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: إذا اعترف أنه مملوك لأحد هما، كان مملوكا لهما، لأنه
ثبت أنه مملوك باعترافه، ويد هما عليه، فكان بينهما (2).
دليلنا: أن الأصل الحرية، وإنما صار مملوكا باعترافه، فوجب أن يكون
مملوكا لمن اعترف له.
مسألة 19: رجل ادعى دارا في يد رجل، فأنكر، فأقام المدعي بينة أنها
ملكه منذ سنة، فجاء آخر فادعى أنه اشتراها من المدعي منذ خمس سنين،
حكمنا بزوال ملك المدعى عليه ببينة المدعي بلا خلاف، ثم ينظر في بينة
المدعي الثاني - وهو المشتري من المدعي الأول - فإن شهدت بأنه اشتراها
من الأول وهي ملكه أو كان متصرفا فيها تصرف الملاك، فإنه يحكم بها
للمشتري بلا خلاف - وهو المدعي الثاني - وإن شهدت بينة المشتري بالشراء
فقط ولم تشهد بملك ولا بيد، قال الشافعي: حكمنا بها للمشتري وإليه

(1) الوجيز 2: 273، والحاوي الكبير 17: 371.
(2) المبسوط 7: 172، والفتاوى الهندية 4: 94، وبدائع الصنائع 6: 256، والحاوي الكبير
17: 371.
345

أذهب (1).
وقال أبو حنيفة: أقرها في يد المدعي، ولا أقضي بها للمشتري، لأن
البينة إذا لم تشهد بغير البيع المطلق لم يدل على أنه باع ملكه، ولا أنها كانت
في يديه حين باع، لأنه قد يبيع ملكه وغير ملكه (2).
دليلنا: أن بينة المدعي أسقطت يد المدعى عليه، وأثبتها ملكا للمدعي
منذ سنة، ولم تنف أن يكون قبل السنة ملكا للمدعي، فإذا قامت البينة أن
هذا المدعي باعها قبل هذه السنة بأربع سنين، فالظاهر أنها ملكه حين
البيع حتى يعلم غيره، فهو كالبينة المطلقة وبينة المدعي لو كانت مطلقة،
فإنا نقضي بها للمشتري بلا خلاف، كذلك هاهنا.
مسألة 20: إذا ادعى زيد شاة في يد عمرو، فأنكر عمرو، فأقام زيد
البينة أنها ملكه، وأقام عمرو البينة أن حاكما من الحكام حكم له بها على
زيد وسلمها إليه، ولا يعلم على أي وجه حكم الأول بها لعمرو، فإنه لا
ينقض حكم الحاكم الأول.
وللشافعي فيه وجهان: أحدهما: مثل ما قلناه، وهو اختيار المزني، وأبي
حامد (3).
والوجه الثاني: ينقض حكمه لأنه محتمل. وبه قال محمد بن الحسن (4).

(1) المجموع 20: 193، والحاوي الكبير 17: 347.
(2) الحاوي الكبير 17: 375.
(3) حلية العلماء 8: 209، والحاوي الكبير 17: 379.
(4) الحاوي الكبير 17: 379، وحلية العلماء 8: 208 - 209، ونسب القول إلى أبي العباس
فلاحظ.
346

دليلنا: أنه إذا ثبت عند الثاني أن الأول حكم بها لعمر وعلى زيد،
فالظاهر أنه على الصحة حتى يعلم غيره، ولا ينقض الحكم بأمر محتمل.
مسألة 21: إذا ادعى زيد عبدا في يد عمرو، فأنكر، فأقام زيد البينة
به، وقضى الحكام له به ثم قدم خالد وأقام البينة أن العبد له، فقد حصل
لزيد بينة فيهما سلف، وبينة لخالد في الحال، فهما متعارضتان، ولا يحتاج زيد
إلى إعادة البينة. وبه قال أبو حنيفة (1)، وأحد قولي الشافعي.
والقول الآخر: أنهما لا تتعارضان إلا بأن يعيد البينة، فإذا أعادها
تعارضتا (2).
دليلنا: أن هاهنا بينتين، إحداهما لزيد، والأخرى لعمرو وبينة زيد
معها زيادة لأنها تثبت الملك له فيها مضى أيضا، وأيضا فقد بينا أن بينة
قديم الملك أولى، وإذا قلنا بذلك ثبت أنهما متعارضتان، لأنها تثبت الملك
له في الحال وإن أثبته له فيها مضى.
مسألة 22: إذا ادعى زيد عبدا في يد رجل، فأنكر المدعي عليه، فأقام
زيد البينة أن هذا العبد كان في يديه بالأمس، أو كان ملكا له بالأمس،
حكمنا بهذه البينة.
ولأصحاب الشافعي فيه طريقان: أحدهما قال أبو إسحاق: لا يقضى
بها قولا واحدا، ونقل ذلك الربيع والمزني (3).
وقال أبو العباس على قولين، أحدهما يقضى له بها، وهو الذي نقله

(1) لم أظفر به في المصادر المتوفرة.
(2) لم أظفر به أيضا.
(3) حلية العلماء 8: 192، والمجموع 20: 191.
347

البويطي، واختاره لنفسه أبو العباس، فإن قال وبه أقول.
والقول الثاني: لا يقضى بها، كما نقله الربيع والمزني (1).
دليلنا: أنا قد بينا أن البينة بقديم الملك أولى من البينة بحديث الملك،
فإذا ثبت ذلك فهذه بينة بقديم الملك، سواء شهدت باليد أو الملك، لأن
اليد تدل على الملك، ومن خالف يحتاج إلى دليل.
مسألة 23: إذا اشترك اثنان في وطء امرأة في طهر واحد، وكان وطئا
يصح أن يلحق به النسب، وأتت به لمدة يمكن أن يكون من كل واحد
منهما، أقرعنا بينهما، فمن خرجت قرعته ألحقناه به. وبه قال علي عليه السلام (2).
وقال الشافعي: نريه القافة، فمن ألحقته به ألحقناه به، فإن لم يكن
قافة، أو اشتبه الأمر عليها، أو نفته عنهما، ترك حتى يبلغ فينسب إلى من
شاء منهما ممن يميل طبعه إليه (3). وبه قال أنس بن مالك، وهو إحدى
الروايتين عن عمر (4)، وبه قال في التابعين عطاء وفي الفقهاء مالك،
والأوزاعي، وأحمد بن حنبل (5).

(1) حلية العلماء 8: 192، والمجموع 20: 191.
(2) التهذيب 6: 238 حديث 585 و 8: 169 حديث 591، والمغني لابن قدامة 7: 235.
(3) الأم 6: 247، والوجيز 2: 273، والسراج الوهاج: 624، ومغني المحتاج 4: 489، والمبسوط
17: 69، وبدائع الصنائع 6: 253، والمغني لابن قدامة 7: 234، و 235، والشرح الكبير
6: 440، والحاوي الكبير 17: 380.
(4) السنن الكبرى 10: 263 و ر 264، والمغني لابن قدامة 6: 430، والشرح الكبير 6: 435،
وتلخيص الحبير 4: 211 ذيل الحديث 2144، والحاوي الكبير 17: 380 - 381.
(5) المغني لابن قدامة 6: 430 و 432، والشرح الكبير 6: 435 و 438، والمدونة الكبرى 3: 146،
ونيل الأوطار 7: 79، والحاوي الكبير 17: 381.
348

وقال أبو حنيفة: ألحقه بهما معا، ولا أريه القافة (1).
وحكى الطحاوي في المختصر، قال: إن اشترك في وطء امرأة،
فتداعياه، فقال كل واحد منهما هذا ابني، ألحقته بهما معا، فألحقه باثنين ولا
ألحقه بثلاثة (2).
وقال أبو يوسف ألحقه بثلاثة، واختار الطحاوي طريقة أبي يوسف هذا
قول المتقدمين (3).
وقال المتأخرون منهم: الكرخي (4)، والرازي (5): يجوز أن يلحق الولد
بمائة أب على قول أبي حنيفة (6)، والمناظرة على هذا يقع.
قال أبو حنيفة: فإن كان لرجل أمتان، فحدث ولد، فقالت كل
واحدة منهما: هو ابني من سيدي. قال: ألحقه بهما، فجعلته ابنا لكل واحدة
منهما، وللأب أيضا (7).
قال أبو يوسف ومحمد: لا يلحق بأمين، لأنا نقطع أن كل واحدة منهما

(1) بدائع الصنائع 6: 252 و 253، والمغني لابن قدامة 6: 430 و 7: 235، والشرح الكبير
6: 435، ونيل الأوطار 7: 81، والحاوي الكبير 17: 381.
(2) لم أقف على كتاب الطحاوي هذا.
(3) شرح فتح القدير 4: 419، والهداية 4: 419، والأم 6: 248، والمغني لابن قدامة 7: 235،
والشرح الكبير 6: 438، والحاوي الكبير 17: 381.
(4) أبو الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي، الفقيه الحنفي، المتوفى سنة 340 هجرية.
(5) أبو بكر، أحمد بن علي الجصاص الرازي، تقدمت ترجمته في الجزء الأول فلاحظ.
(6) ذكر الماوردي في الحاوي الكبير 17: 381 القول من دون ذكر النسبة للكرخي والرازي، أما
ابن قدامة في المغني 7: 235 فقد أشار إلى القول من دون تفصيل فلاحظ.
(7) انظر الحاوي الكبير 17: 381، والمغني لابن قدامة 7: 237.
349

ما ولدته، وأن الوالدة إحداهما (1)، وأبو حنيفة ألحق الولد الواحد بآباء عدة،
وبأمهات عدة (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، فإنهم لا يختلفون في ذلك.
فأما الدليل على أن القيافة لا حكم لها في الشرع، ما روي (أن
العجلاني قذف زوجته بشريك بن السحماء وكانت حاملا، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: إن أتت به على نعت كذا وكذا فما أراه إلا أنه قد
كذب عليها، وإن أتت به على نعت كذا وكذا فهو من شريك بن السحماء،
فأتت به على النعت المكروه، فقال عليه السلام: لولا الأيمان لكان لي ولها
شأن) (4).
فوجه الدلالة: أنه عليه السلام عرف الشبه ولم يعلق الحكم به، فلو
كان له حكم لكان يعلق الحكم به فيقيم الحد على الزاني، فلما لم يفعل هذا
ثبت أن الشبه لا يتعلق به حكم.
والدليل على أن الولد لا يلحق برجلين: قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر وأنثى) (5) فلا يخلو أن يكون كل الناس من ذكر وأنثى،

(1) بدائع الصنائع 6: 244 و 253، والفتاوى الهندية 4: 139، وشرح فتح القدير 4: 419.
(2) بدائع الصنائع 6: 244 و 253، والفتاوى الهندية 4: 139، والمغني لابن قدامة 7: 237،
وشرح فتح القدير 4: 419.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 52 حديث 176، والتهذيب 6: 238 حديث 585 و 8: 169 - 170
حديث 590 و 592، والاستبصار 3: 368 - 369 حديث 1318 - 1320.
(4) سنن أبي داود 2: 276 حديث 2254، والجامع لأحكام القرآن 12: 187، وتلخيص الحبير
3: 227 حديث 1624.
(5) الحجرات: 13.
350

أو كل واحد منهم من ذكر وأنثى، فبطل أن يريد كل الناس من ذكر
وأنثى، لأن كل الناس من ذكر واحد وهو آدم عليه السلام، خلق وحده،
ثم خلق حواء من ضلعه الأيسر، ثم خلق الناس منهما، فإذا بطل هذا ثبت
أنه أراد خلق كل واحد من ذكر وأنثى، فمن قال من أنثى وذكرين فقد
ترك الآية.
مسألة 24: إذا كان وطء أحدهما في نكاح صحيح، والآخر في نكاح
فاسد، قال مالك: فإن صحيح النكاح أولى، وحكي ذلك عن
أبي حنيفة (1).
وقال الشافعي: لا فرق بين ذلك وبين ما تقدم (2).
والذي يقتضيه مذهبنا: أنه لا فرق بينهما، وأنه يجب أن يقرع بينهما.
دليلنا: ما قدمناه في المسائل الأولى سواء.
مسألة 25: إذا وطأ الرجل أمة، ثم باعها قبل أن يستبرأها فوطأها
المشتري قبل أن يستبرأها، ثم أتت بولد يمكن أن يكون منهما، فإنه يلحق
بالأخير.
وقال مالك: يلحق بالأول، لأن نكاحه صحيح، ونكاح الثاني فاسد.
وحكي ذلك عن أبي حنيفة (3).

(1) الفتاوى الهندية 2: 45، والمغني لابن قدامة 7: 234، والحاوي الكبير 17: 386.
(2) الحاوي الكبير 17: 386، والأم 6: 249.
(3) المدونة الكبرى 3: 164، وأسهل المدارك 2: 197، والخرشي على مختصر سيدي خليل
8: 157 - 158.
351

وقال الشافعي: نريه القافة (1)، مثل ما تقدم.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 26: إذا وطأ اثنان على ما قدرناه، وكانا مسلمين، أو أحدهما
مسلما والآخر كافرا، أو كان أحدهما حرا، أو أجنبيين، أو أحدهما ابنا
والآخر أبا، لا يختلف الحكم فيه في أنه يقرع بينهما. وبه قال الشافعي:
إلا أنه قال بالقافة أو الانتساب (3).
وقال أبو حنيفة: الحر أولى من العبد، والمسلم أولى من الكافر (4).
دليلنا: إجماع الفرقة، وعموم الأخبار التي قدمناها (5)، فمن ادعى
التخصيص فعليه الدلالة، فأما الأب والابن فلا يتقدر فيهما إلا وطء
الشبهة، أو عقد الشبهة.
مسألة 27: إذا اختلف الزوجان في متاع البيت، فقال كل واحد منهما
كله لي، ولم يكن مع أحدهما بينة، نظر فيه، فما يصلح للرجال القول قوله مع
يمينه، وما يصلح للنساء فالقول قولها مع يمينها، وما يصلح لهما كان بينهما.

(1) الأم 6: 248 والمجموع 18: 204 - 205، والحاوي الكبير 17: 386.
(2) الكافي 5: 491 حديث 2 و 3، والتهذيب 8: 169 حديث 588 و 589، والاستبصار 3: 368
حديث 1316 و 1317.
(3) الأم 6: 247، ومختصر المزني: 317، والمجموع 17: 410، والحاوي الكبير 17: 395 و 396.
(4) بدائع الصنائع 6: 245، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 273، وشرح فتح القدير
6: 273، وتبيين الحقائق 4: 334، والفتاوى الهندية 4: 124، والمغني لابن قدامة 6: 423،
والحاوي الكبير 17: 395.
(5) الكافي 5: 490 - 491 حديث 1 - 2، والتهذيب 6: 240 حديث 595 و 8: 169 حديث
590 و 591، والاستبصار 3: 386 حديث 1318 - 1320.
352

وقد روي أيضا أن القول في جميع ذلك قول المرأة مع يمينها (1)، والأول
أحوط.
وقال الشافعي: يد كل واحد منهما على نصفه، يحلف كل واحد منهما
لصاحبه، ويكون بينهما نصفين، سواء كانت يدهما من جهة المشاهدة أو من
حيث الحكم، وسواء كان مما يصلح للرجال دون النساء، أو للنساء دون
الرجال، أو يصلح لهما، وسواء كانت الدار لهما، أو لأحدهما أو لغيرهما،
وسواء كانت الزوجية قائمة بينهما أو بعد زوال الزوجية، وسواء كان التنازع
بينهما أو بين ورثتهما، أو بين أحدهما وورثة الآخر (2). وبه قال عبد الله بن
مسعود، عثمان البتي، وزفر (3).
وقال الثوري وابن أبي ليلى: إن كان التنازع فيما يصلح للرجال دون
النساء فالقول قول الرجل، وإن كان مما يصلح للنساء دون الرجال فالقول
قول المرأة (4).
وقال أبو حنيفة ومحمد: إن كانت يدهما عليه مشاهدة فهو بينهما - كما لو
تنازعا عمامة يدهما عليها، أو خلخالا يدهما عليه، فهو بينهما - وإن كانت

(1) انظر الاستبصار 3: 45 حديث 149.
(2) مختصر المزني: 318، وحلية العلماء 8: 213، والمجموع 20: 203، والميزان الكبرى 2: 196،
والبحر الزخار 5: 400، وفتح المعين: 146، والمغني لابن قدامة 12: 226، والشرح الكبير
12: 180، الحاوي الكبير 17: 408.
(3) المغني لابن قدامة 12: 226، والشرح الكبير 12: 180، وحلية العلماء 8: 213، والحاوي
الكبير 17: 409.
(4) حلية العلماء 8: 213 والمغني لابن قدامة 12: 225، والشرح الكبير 12: 179، والبحر الزخار
5: 401، والحاوي الكبير 17: 409.
353

يدهما عليه حكما، فإن كان يصلح للرجال دون النساء فالقول قول الرجل،
وإن كان يصلح للنساء دون الرجال فالقول قول المرأة، وإن كان يصلح
لكل واحد منهما فالقول قول الرجل (1).
وخالف الشافعي في ثلاثة فصول: إذا كان مما يصلح للنساء، وإذا
كان مما يصلح لكل واحد منهما (2).
قال أبو حنيفة وإن كان الاختلاف بين أحدهما وورثة الآخر فالقول
قول الباقي منهما (3).
وقال أبو يوسف: القول قول المرأة فيما جرى العرف والعادة أنه قدر
جهاز مثلها، وهذا متعارف بين الناس (4)، وهذا مثل ما حكيناه في بعض
روايات أصحابنا (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد أوردناها في الكتابين المقدم
ذكرهما (6).

(1) المغني لابن قدامة 12: 225، والشرح الكبير 12: 179، وحلية العلماء 8: 213، والميزان
الكبرى 2: 196، وبدائع الصنائع 6: 253، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 6: 209،
وشرح فتح القدير 6: 209، وتبيين الحقائق 4: 312، والحاوي الكبير 17: 409.
(2) الحاوي الكبير 17: 409، وحلية العلماء 8: 213، وفيه (مما يصلح لأحدهما) بدلا من (مما
يصلح للنساء).
(3) الهداية 6: 210، وشرح فتح القدير 6: 210، وتبيين الحقائق 4: 312، والمغني لابن قدامة
12: 225، والحاوي الكبير 17: 409.
(4) المغني لابن قدامة 12: 225، وحلية العلماء 8: 214، والميزان الكبرى 2: 196، والهداية
6: 210 وتبيين الحقائق 4: 312، وشرح فتح القدير 6: 210، والبحر الزخار 5: 401،
والحاوي الكبير 17: 409.
(5) الاستبصار 3: 45 حديث 149.
(6) الكافي 7: 130 حديث 1 والتهذيب 6: 294 حديث 818 وص 297 حديث 829 - 831،
والاستبصار 3: 44 - 46 حديث 149 و 151 و 153.
354

مسألة 28: إذا كان لرجل على رجل حق، فوجد من له الحق مالا لمن
عليه الحق، فإن كان من عليه الحق باذلا، فليس له أخذه منه بلا خلاف،
وإن كان مانعا إما بأن يجحد ظاهرا وباطنا، أو يعترف باطنا ويجحده
ظاهرا، أو يعترف به ظاهرا وباطنا ويمنعه لقوته، فإنه لا يمكن استيفاء الحق
منه. فإذا كان بهذه الصفة كان له أن يأخذ من ماله بقدر حقه من غير
زيادة، سواء كان من جنس ماله أو من غير جنسه، إلا إذا كان وديعة
عنده، فإنه لا يجوز له أخذه منها، وسواء كان له بحقه بينة يقدر على إثباتها
عند الحاكم أو لم يكن.
وبه قال الشافعي، ولم يستثن الوديعة إذا لم يكن له حجة، فإن كان له
حجة يثبت عند الحاكم فعلى قولين (1).
وقال أبو حنيفة: ليس له ذلك إلا في الدراهم والدنانير التي هي
الأثمان، فأما غيرهما فلا يجوز (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
وأيضا روي: أن هند امرأة أبي سفيان جاءت إلى النبي عليه السلام
فقالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني
وولدي إلا ما آخذه منه سرا، فقال: خذي ما يكفيك وولدك

(1) مختصر المزني: 318، وحلية العلماء 8: 214 و 215، والمجموع 20: 203 و 204، والميزان
الكبرى 2: 197، والحاوي الكبير 17: 412 و 413.
(2) الحاوي الكبير 17: 413، وانظر حلية العلماء 8: 215، والميزان الكبرى 2: 196.
(3) الكافي 5: 98، حديث 3، ومن لا يحضره الفقيه 3: 114 حديث 485، والتهذيب 6: 197
حديث 439، والاستبصار 3: 51 حديث 167 و 168.
355

بالمعروف (1). فالنبي أمرها بالأخذ عند امتناع أبي سفيان منه، والظاهر أنها
تأخذ من غير جنس حقها، فإن أبا سفيان ما كان يمنعها الخبر والأدم، وأنما
كان يمنعها الكسوة، فالظاهر أن الأخذ من غير جنس الحق.
وأما اختصاص الوديعة فلما رواه أصحابنا (2).
وأيضا فقد روي عن النبي عليه السلام أنه قال: (أد الأمانة إلى من
ائتمنك، ولا تخن من خانك) (3) فمن أجاز أخذ الوديعة بحق له، فقد ترك
الخبر.

(1) صحيح البخاري 7: 86، وسنن أبي داود 3: 289 حديث 3532، السنن الكبرى 10: 142،
وعمدة القاري 21: 25، وفتح الباري 9: 514 وفي البعض منها باختلاف يسير في اللفظ.
(2) الكافي 5: 98 حديث 1 - 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 114 حديث 483، والتهذيب 6: 197
حديث 438.
(3) سنن أبي داود 3: 290 حديث 3534 و 3535، وسنن الترمذي 3: 564 حديث 1264،
وسنن الدارقطني 3: 35 حديث 142، والسنن الكبرى 10: 271، ومسند أحمد بن حنبل
3: 414، والمعجم الكبير للطبراني 1: 261 حديث 760 و 8: 150 حديث 7580، ومجمع
الزوائد 4: 145، ونصب الراية 4: 119، وتلخيص الحبير 3: 97 حديث 1381.
356

كتاب العتق
357

كتاب العتق
مسألة 1: إذا أعتق شركا له من عبد، لم يخل من أحد أمرين: إما أن
يكون موسرا أو معسرا، فإن كان معسرا لم يخل من أحد أمرين: إما أن
يقصد به مضارة شريكه أو لا يقصد بل يقصد به وجه الله، فإن قصد مضارة
شريكه كان العتق باطلا، وإن قصد به وجه الله مضى العتق في نصيبه،
وكان شريكه بالخيار بين أن يعتق نصيبه الآخر أو يستسعي العبد في قيمته.
وإن كان موسرا ألزم قيمته، فإذا أدى انعتق عليه ولشريكه أن يعتق نصيبه
ولا يأخذ القيمة، فإن فعل كان عتقه ماضيا.
وقال أبو حنيفة: إذا أعتق وكان موسرا فشريكه بالخيار بين ثلاثة
أشياء:
بين أن يعتق نصيبه منه.
وبين أن يستسعي العبد فيما بقي من الرق، فإذا أدى قيمة ذلك عتق.
وبين أن يقومه على المعتق، فإذا صار إلى المعتق كان له أن يستسعيه فيما
بقي فيه من الرق، فإذا أدى قدر قيمة ذلك عتق.
وإن كان معسرا فشريكه بالخيار.
بين أن يعتق نصيبه منه.
359

وبين أن يستسعي العبد في قدر نصيبه، فإذا أدى ذلك عتق. وليس له
أن يقوم على شريكه، لأنه معسر.
فوافقنا في المعسر وفي بعض أحكام الموسر (1).
وقال أبو يوسف ومحمد: يعتق نصيب شريكه في الحال، موسرا كان أو
معسرا، فإن كان معسرا فلشريكه أن يستسعي العبد وهو حر بقيمة نصيبه
منه، وإن كان موسرا كان له قيمة نصيبه على المعتق، وهذا مثل مذهبنا سواء (2).
وقال الأوزاعي: إن كان معسرا عتق نصيبه وكان نصيب شريكه على
الرق، ولشريكه أن يستسعيه بقيمة ما بقي ليؤدي فيعتق، وإن كان موسرا لم
يعتق نصيب شريكه إلا بدفع القيمة إليه (3).
وقال عثمان البتي: عتق نصيبه منه، واستقر الرق في نصيب شريكه
موسرا كان أو معسرا، ولا يقوم عليه شئ كما لو باع (4).
وقال ربيعة: لا يعتق نصيب نفسه بعتقه، فإن أعتق نصيب نفسه لم
يعتق، فأيهما أعتق لم ينفذ عتقه في نصيب نفسه، وإن كان عتقه قد صادف
ملكه فإن أرادا العتق، اتفقا عليه وأعتقاه، ومضى (5).

(1) المبسوط 7: 72، والنتف 1: 418، والهداية 3: 3: 380، وشرح فتح القدير 3: 380، وتبيين
الحقائق 3: 74، واللباب 3: 7، وبداية المجتهد 2: 360، والمغني لابن قدامة 12: 242،
والشرح الكبير 12: 250، والميزان الكبرى 2: 202، والحاوي الكبير 18: 5.
(2) المبسوط 7: 72، والنتف 1: 418، واللباب 3: 8، وتبيين الحقائق 3: 74، وشرح فتح القدير
3: 382، والهداية 3: 382، والمغني لابن قدامة 12: 242، والشرح الكبير 12: 249، وبداية
المجتهد 2: 360، والحاوي الكبير 18: 5.
(3) بداية المجتهد 2: 360.
(4) حلية العلماء 6: 164، والمغني لابن قدامة 12: 242، والشرح الكبير 12: 249.
(5) حلية العلماء 6: 164، وبداية المجتهد 2: 362، والحاوي الكبير 18: 5.
360

وقال الشافعي: إن كان معسرا عتق نصيبه واستقر الرق في نصيب
شريكه، فإن اختار شريكه أن يعتق نصيبه منه فعل، وإلا أقره على ملكه،
وإن كان موسرا، قوم عليه نصيب شريكه، قولا واحدا. ومتى يعتق نصيب
شريكه؟ فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: وهو الصحيح عندهم، أنه يعتق كله باللفظ، وكانت القيمة في
ذمته، وعليه تسليمها إلى شريكه، وبه قال ابن أبي ليلى، والثوري، وأحمد،
وإسحاق، وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز (1).
وقال في القديم: يعتق نصيب شريكه باللفظ وبدفع القيمة، فإن دفع
القيمة إلى شريكه عتق نصيب شريكه، وإن لم يدفع إليه القيمة لم يعتق،
وبه قال مالك (2).
وقال البويطي وحرملة: يكون نصيب شريكه مراعى، فإن دفع القيمة
إليه تبينا أنه عتق يوم العتق، وإن لم يدفع تبينا أن العتق لم يتعلق بنصيب
شريكه، وعلى الأحوال كلها متى أعتق الشريك نصيبه لم ينفذ عتقه فيه،
لأنه قد استحق في حق شريكه العتق (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وقد ذكرناها.

(1) الأم 7: 197، ومختصر المزني: 318 و 319، وحلية العلماء 6: 163 و 164، والمجموع 16: 5،
والسراج الوهاج: 626، والمحلى 9: 193، والمغني لابن قدامة 12: 242، والشرح الكبير
12: 249، وكفاية الأخبار 2: 176، والنتف 1: 418، وبداية المجتهد 2: 360، والحاوي الكبير 18: 8.
(2) المدونة الكبرى 3: 185، وحلية العلماء 6: 161، والحاوي الكبير 18: 8.
(3) الحاوي الكبير 18: 8، وذكر القول في حلية العلماء 6: 161، والمجموع 16: 6 من دون نسبة.
(4) الكافي 6: 182 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 3: 67 حديث 226، والتهذيب 8: 220
حديث 788، والاستبصار 4: 4 حديث 10.
361

وروى أبو هريرة أن النبي عليه السلام قال: (من أعتق شركا له في
عبد فعليه خلاصه إن كان له مال، وإن كان له مال، وإن لم يكن له مال قوم العبد قيمة عدل
واستسعى العبد في قيمته، غير مشقوق عليه) (1) وهذا نص.
وروى نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (من أعتق
شركا له من عبد وكان له مال يبلغ ثمنه فهو عتيق) (2).
وروى ابن عمر أن النبي عليه السلام قال: إذا كان العبد بين رجلين
فأعتق أحدهما نصيبه، وكان له مال فقد عتق كله) (3).
وهذان الخبران يدلان على أنه إذا أعتق نصيبه وكان له مال، فإنه
ينعتق في الحال، غير أن مذهبنا ما قلناه أنه إذا أدى ما عليه انعتق.
ويؤيد ذلك ما رواه سالم
عن أبيه عن النبي عليه السلام أنه قال: (إذا
كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه، فإن كان موسرا يقوم عليه قيمة
عدل، لا وكس ولا شطط، ثم يعتق) (4) وهذا نص.
والوجه في الخبرين أن قوله: (عتيق) (وعتيق كله) معناه سينعتق،

(1) صحيح البخاري 3: 190، وصحيح مسلم 2: 1140 حديث 3، وسنن أبي داود 4: 23
حديث 3937 و 3938، وسنن الدارقطني 4: 128 حديث 12، وشرح معاني الآثار 3: 107،
والسنن الكبرى 10: 281، ونصب الراية 3: 282، وفتح الباري 5: 156.
(2) صحيح البخاري 3: 189، الموطأ 2: 772 حديث 1، وصحيح مسلم 2: 1139 حديث 1،
وسنن أبي داود 4: 25 حديث 3946، والسنن الكبرى 10: 274، وشرح معاني الآثار
3: 106، ونصب الراية 3: 283.
(3) تلخيص الحبير 4: 212 حديث 2148، والسنن الكبرى 10: 277 بتفاوت يسير في اللفظ.
(4) سنن أبي داود 4: 25 حديث 3947، ومسند أحمد بن حنبل 2: 11، وشرح معاني الآثار
3: 106، والسنن الكبرى 10: 275، وكنز العمال 10: 320 حديث 29601، الحاوي الكبير
18: 9.
362

لأن العرب تعبر عن الشئ بما يؤول إليه، قال الله تعالى: (إني أراني أعصر
خمرا) (1) وإنها أراد ما يرجع إليه.
مسألة 2: إذا أعتق عبيده عند موته، ولا مال له غيرهم، استخرج
ثلثهم بالقرعة وأعتقوا، واسترق الباقون، وإن دبر عبده عند موته، ولا مال
له غيره، انعتق ثلثه، واستسعى فيها بقي للورثة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: يستسعى في جميع ذلك (2).
وقال الشافعي ومالك في العتق مثل ما قلناه (3).
وقالا في المدبر: ينعتق ثلثه، ويستقر الرق فيها بقي للورثة (4).
وبالقرعة قال أبان بن عثمان (5)، وخارجة بن زيد بن ثابت (6) (7).

(1) يوسف: 36.
(2) المبسوط 7: 75، وبدائع الصنائع 4: 99، والميزان الكبرى 2: 203، والحاوي الكبير 18: 34.
(3) مختصر المزني: 320، والوجيز 2: 276 - 277، والسراج الوهاج: 628 و 629 والمجموع
16: 12، ومغني المحتاج 4: 502، والميزان الكبرى 2: 203 والمبسوط 7: 75، وبداية المجتهد
2: 365، والحاوي الكبير 18: 34.
(4) المغني لابن قدامة 12: 273، والحاوي الكبير 18: 105.
(5) أبان بن عثمان بن عفان الأموي، أبو سعيد، ويقال أبو عبد الله، روى عن أبيه وزيد بن ثابت
وأسامة بن زيد، وعنه ابنه عبد الرحمان وعمر بن عبد العزيز والزهري وغيرهم. عده يحيى
القطان من فقهاء المدينة، ومن التابعين، مات سنة (105) أو قلبها بقليل. تهذيب التهذيب 1: 97.
(6) خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري النجاري، أبو زيد المدني، أدرك عثمان وروى عن أبيه
وعمه يزيد وأسامة بن زيد وغيرهم. وعنه ابنه سليمان وقيس بن سعد بن زيد وسعيد بن
سليمان بن زيد وجماعة. كان أحد الفقهاء السبعة. مات سنة (99) للهجرة النبوية وقيل غير
ذلك. تهذيب التهذيب 3: 74.
(7) الأم 8: 4، والسنن الكبرى 10: 286، والمغني لابن قدامة 12: 273، والحاوي الكبير
18: 38.
363

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وروى عمران بن حصين: أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد عند
موته، لم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله،
فقال قولا سديدا، ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء، وأقرع بينهم، فأعتق
اثنين وأرق أربعة (2).
وروى عقبة بن خالد (3)، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: سألته عن
رجل حضره الموت، فأعتق مملوكا له ليس له غيره، فأبى الورثة أن يجيزوا
ذلك، كيف القضاء فيه؟ قال: ما يعتق منه إلا ثلثه (4).
مسألة 3: إذا أعتق عبده عند موته وله مال غيره، كان عتقه من
الثلث. وبه قال جميع الفقهاء (5).
وقال مسروق: يكون من صلب المال (6).

(1) الكافي 7: 18 حديث 11، ومن لا يحضره الفقيه 4: 159 حديث 555، والتهذيب 8: 229
حديث 828 و 9: 220 حديث 864، والاستبصار 4: 7 حديث 22.
(2) السنن الكبرى 10: 285 و 286، وتلخيص الحبير 4: 212 و 213، والحاوي الكبير 18: 36.
(3) عقبة بن خالد، عده الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الأم الصادق عليه السلام
مرتين، قال في إحداهما: عقبة بن خالد الأسدي كوفي. وقال في الأخرى عقبة بن خالد
الأشعري القماط، كوفي. وقال الشيخ المامقاني: ولا يبعد اتحاد هما. انظر ترجمته في تنقيح
المقال 2: 254 تحت رقم 7966 و 7967.
(4) التهذيب 9: 219 حديث 826.
(5) الأم 4: 95، والوجيز 2: 274، وبدائع الصنائع 4: 99، وتبيين الحقائق 6: 196، والمغني لابن
قدامة 12: 273، وبداية المجتهد 2: 360، والبحر الزخار 5: 207، والحاوي الكبير 18: 31.
(6) البحر الزخار 5: 207، والحاوي الكبير 18: 31.
364

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا خبر عمران بن حصين الذي قدمناه (2) يدل عليه.
وروى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (إن الله
أعطا كم عند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في أعمالكم) (3) فمن قال ينفذ
عتقه في كل ماله فقد أعطاه كل ماله.
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن أعتق رجل عند
موته خادما له، ثم أوصى بوصية أخرى، ألقيت الوصية، واعتق الخادم
من ثلثه إلا أن يفضل من الثلث ما يبلغ الوصية) (4).
مسألة 4: الذين ينعتقون على من يملكهم العمودان الوالدان الآباء وإن
علوا، والأمهات وإن علون، والمولودون البنون وأولا دهم وإن نزلوا والبنات
وأولا دهن وإن نزلن، وكل من يحرم عليه العقد عليهن من المحارم من الأخت
وبنتها وإن نزلت، وبنت الأخ والعمة والخالة، ولا ينعتق الأخ وابن الأخ
ولا العم ولا الخال ولا أولاد العلم والعمة والخال والخالة ولا واحد من
ذوي الأرحام سوى من ذكرناهم.

(1) الكافي 7: 17 حديث 2، ومن لا يحضره الفقيه 4: 157 حديث 546، والتهذيب 9: 194
حديث 780، والاستبصار 4: 120 حديث 454.
(2) تقدم في المسألة السابقة فلاحظ.
(3) روي الحديث بأسانيد أخرى وبألفاظ قريبة من اللفظ المذكور في المعجم الكبير للطبراني
4: 198 حديث 4129، ومجموع الزوائد 4: 212 والسنن الكبرى 10: 285 و 286، وتاريخ
بغداد 1: 349، وتلخيص الحبير 3: 91 حديث 1363، ومسند أحمد بن حنبل 6: 441.
(الكافي 7: 17 حديث 2، والتهذيب 9: 197 حديث 786.
365

وقال أبو حنيفة: يتعلق ذلك بكل ذي رحم محرم بالنسب، فقال في
العمودين كما قلنا، وكذلك في الأخوات والعمات والخالات، وزاد علينا
في الأخوال والأعمام والأخوة (1).
وقال مالك: يتعلق ذلك بالعمودين، والأخوة، والأخوات (2).
وقال الشافعي: يتعلق ذلك بالعمودين فقط، على ما فسرناه في
العمودين، ولا يتعدى منهما إلى غيرهما (3).
وقال داود: لا يعتق أحد على أحد بالملك (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5). وأيضا قوله تعالى: (وقالوا اتخذ
الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون) (6) فوجه الدلالة أنهم لما أضافوا إليه
ولدا نفى أن يكون له ولد لكونه عبدا، فقال سبحانه تنزيها له: (بل عباد
مكرمون) ثبت أن الولد لا يكون عبدا.

(1) المبسوط 7: 69 و 70، واللباب 3: 29، وبدائع الصنائع 4: 47، وحلية العلماء 6: 173،
وبداية المجتهد 4: 363، والمغني لابن قدامة 7: 248، والجامع لأحكام القرآن 5: 6، والبحر
الزخار 5: 194، والحاوي الكبير 18: 72.
(2) المدونة الكبرى 3: 198، وبداية المجتهد 3: 363 و 364 وأسهل المدارك 3: 250، والمحلى
9: 201 وحلية العلماء 6: 172، والبحر الزخار 5: 194، الحاوي الكبير 18: 72.
(3) مختصر المزني: 321، وحلية العلماء 6: 171، وكفاية الأخيار 2: 177، والوجيز 2: 275 و
276، والمجموع 16: 8 و 9، والمحلى 9: 201، والمبسوط 7: 70، والمغني لابن قدامة 7: 248،
والبحر الزخار 5: 194، والجامع لأحكام القرآن 5: 6، والحاوي الكبير 18: 71 و 72.
(4) حلية العلماء 6: 172، وبداية المجتهد 2: 363، والميزان الكبرى 2: 204، والمجموع 16: 8 - 9،
والحاوي الكبير 18: 71.
(5) الكافي 6: 178 حديث 6 و 7، والتهذيب 8: 240 و 243 حديث 866 - 869 و 879،
والاستبصار 4: 14 حديث 42 - 45.
(6) الأنبياء: 26.
366

وروى قتادة، عن الحسن وغيره، أن النبي عليه السلام قال: (من
ملك ذا رحم محرم فهو حر) (1). وفي بعضها (عتق عليه) (2) وهذا نص.
مسألة 5: إذا ملك أمه أو أباه أو أخته أو بنته أو عمته أو خالته من
الرضاع عتقن كلهن.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (3)، وذهب إليه بعض أصحابنا (4)،
والمنصوص الأول.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وأيضا قوله عليه السلام: (يحرم من
الرضاع ما يحرم من النسب) (6)، وهو على عمومه.

(1) سنن الترمذي 3: 646 حديث 1365، وسنن أبي داود 4: 26 حديث 3949 و 3951، وسنن
ابن ماجة 2: 843 حديث 2524 و 2525، ومسند أحمد بن حنبل 5: 20، والجامع لأحكام
القرآن 5: 6، وشرح معاني الآثار 3: 109 و 110، والسنن الكبرى 10: 289، والمستدرك
على الصحيحين 2: 214، وتلخيص الحبير 4: 212.
(2) المبسوط 7: 69 والمحلى 9: 202، والحاوي الكبير 18: 71.
(3) حكى ابن قدامة هذه المخالفة عن مالك في إحدى الروايتين عنه، أما روايته الأخرى هو جواز
العتق. أشار في كتابه الموسوم المغني 6: 247 - 248، أيضا إلى موافقة جل الفقهاء من
الصحابة والتابعين للقول المنصوص عليه وهو مختار الشيخ المصنف قدس سره فلاحظ.
(4) ذهب إليه أبو الصلاح الحلبي كما حكاه عنه العلامة الحلي في المختلف، كتاب العتق وتوابعه
ص 74 من الطبعة الحجرية.
(5) الكافي 6: 178 حديث 7، والتهذيب 8: 240 حديث 867 - 871، والاستبصار 4: 17
حديث 53 - 55.
(6) مسند أحمد بن حنبل 1: 339، وسنن النسائي 6: 100، والمعجم الكبير للطبراني 2: 98 حديث
1432 و 8: 196 حديث 7702، والتهذيب للطوسي 8: 244 حديث 880، والمحلى
9: 204، والجامع لأحكام القرآن 5: 108 و 111، ونصب الراية 3: 168.
367

مسألة 6: إذا عمى العبد، أو اقعد، أو نكل به صاحبه، انعتق عليه.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
مسألة 7: إذا ورث شقصا من أبيه أو أمه، قوم عليه ما بقي إذا كان
موسرا.
وقال الشافعي: لا يقوم عليه، لأنه بغير اختياره (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 8: إذا أسلم الرجل على يد غيره، فلا ولاء له عليه، وأيهما مات لم
يرثه صاحبه. وبه قال جميع الفقهاء (4) إلا إسحاق فإنه قال: يثبت به عليه
الولاء ويرثه به (5).
دليلنا: أن الأصل عدم الولاء، وإثباته يحتاج إلى دليل.
وأيضا: قوله عليه السلام: (الولاء لمن أعتق) (6)، فذكر الألف واللام

(1) الكافي 6: 189 حديث 2 - 4 و 7: 172 حديث 9، ومن لا يحضره الفقيه 3: 84 حديث 304
- 305، والتهذيب 8: 222 حديث 798 - 800.
(2) الأم 4: 117، ومختصر المزني: 321، والمغني لابن قدامة 12: 269، والحاوي الكبير 18: 76.
(3) الكافي 6: 193 حديث 6، والتهذيب 8: 239 حديث 863، والاستبصار 4: 13 حديث 39.
(4) الأم 6: 187 - 188، ومختصر المزني: 321، والمجموع 16: 43 و 44، والمغني لابن قدامة
7: 278، والمبسوط 8: 91، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 7: 283، وبداية المجتهد
2: 355، والسنن الكبرى 10: 294، والبحر الزخار 5: 228، الحاوي الكبير 18: 84.
(5) المغني لابن قدامة 7: 278.
(6) صحيح البخاري 3: 200 و 250 و 7: 11 و 61، وسنن ابن ماجة 1: 671 حديث 2076،
وسنن النسائي 6: 164، ومسند أحمد بن حنبل 1: 281 و 2: 28 و 153 و 156، وسنن
الدارقطني 3: 23 حديث 78، والكافي للكليني 6: 197 حديث 1 و 3 و 4، الموطأ 2: 562
حديث 25، والمعجم الكبير للطبراني 11: 257 حديث 11666 والسنن الكبرى 10: 338 -
339، والتهذيب للطوسي 8: 250 حديث 906، وتلخيص الحبير 4: 213 حديث 2150.
368

وهما يدخلان لعهد أو جنس، فلما لم يكن لهما عهد، ثبت أنه أراد الجنس،
فكأنه قال: جنس الولاء لمن أعتق، فلم يبق من الجنس شئ لغيره.
وأيضا دليله: أنه لا ولاء لغير المعتق، هذا على قول من يقول بدليل
الخطاب.
مسألة 9: إذا تعاقد رجلان، فقال: عاقدتك على أن تنصرني وأنصرك،
وتدفع عني وأدفع عنك، وتعقل عني وأعقل عنك، وترثني وأرثك، كان
ذلك صحيحا، ويتوارثان إذا لم يكن لهما ذو رحم ولا نسب. وبه قال
النخعي. وقال: إذا وقع العقد بينهما لزم، ولا سبيل إلى فسخه، يتوارثان به
كما يتوارثان بالنسب (1).
وقال أبو حنيفة: إذا كانا أو واحد منهما معروف النسب، لم تنعقد
الموالاة بينهما، وإن كانا مجهولي النسب انعقدت الموالاة بينهما، وكان العقد
جائزا، لكل واحد منهما فسخه ما لم يعقل أحدهما عن صاحبه، فإذا عقل له
لزمت ولا سبيل إلى فسخها بوجه، ويتوارثان به (2). وهذا مذهبنا، لأن بهذا
التفصيل نقول.
وقال الشافعي: لا حكم لهذا القول بوجه من الوجوه. وبه قال في

(1) حلية العلماء 6: 261، وبدائع الصنائع 4: 170، والحاوي الكبير 18: 82.
(2) النتف 1: 432، وبدائع الصنائع 4: 170، وحلية العلماء 6: 261، والمغني لابن قدامة
7: 278، والحاوي الكبير 18: 82.
369

التابعين: الحسن البصري، والشعبي، وفي الفقهاء: مالك والأوزاعي (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2) وأيضا قوله تعالى: (والذين عقدت
أيمانكم فأتوهم نصيبهم) (3) وهذا قد عاقدته يمينه، فوجب أن يؤتى نصيبه.
مسألة 10: من التقط لقيطا لم يثبت له عليه الولاء بالالتقاط، وبه
قالت الجماعة (4).
وقال عمر بن الخطاب: يثبت له عليه الولاء (5).
دليلنا: أن الأصل عدم الولاء، وإثبات ذلك يحتاج إلى دليل. وقوله
عليه السلام: (الولاء لمن أعتق) (6) يدل على ما قلناه من الوجهين اللذين
قدمناهما.
مسألة 11: إذا أعتق مسلم عبدا كافرا عتق، وثبت له عليه الولاء بلا

(1) حلية العلماء 6: 260، والمغني لابن قدامة 7: 278، النتف 1: 432، والجامع لأحكام القرآن
5: 166، بدائع الصنائع 4: 170، والبحر الزخار 5: 227.
(2) الكافي 7: 171 - 172 حديث 3 و 4 و 7 و 8، ومن لا يحضره الفقيه 3: 81 حديث 293،
والتهذيب 8: 254 حديث 925، والاستبصار 4: 23 - 24 حديث 76.
(3) النساء: 33.
(4) المدونة الكبرى 3: 222، والأم 4: 70 والمغني لابن قدامة 7: 279، والمبسوط 8: 113،
والمجموع 16: 33 و 44، وأسهل المدارك 3: 254، والحاوي الكبير 18: 83.
(5) الأم 4: 78، والمغني لابن قدامة 7: 279، والحاوي الكبير 18: 83.
(6) صحيح البخاري 3: 200 و 250 و 7: 11 و 61، وسنن ابن ماجة 1: 671 حديث 2076،
وسنن النسائي 6: 164، ومسند أحمد بن حنبل 1: 281، وسنن الدارقطني 3: 23 حديث 78،
والكافي للكليني 6: 197 حديث 1 و 3 و 4، والموطأ 2: 562 حديث 25، والمعجم الكبير
للطبراني 11: 257 حديث 11666، والسنن الكبرى 10: 338 - 339، والتهذيب للطوسي
8: 250 حديث 906، والحاوي الكبير 18: 82 و 83 و 84.
370

خلاف بين الطائفة، ويرثه إذا لم يكن له وارث وإن مات كافرا. وبه قال
سفيان الثوري (1).
وقال جميع الفقهاء: لا يرثه إن مات كافرا، وإن أسلم ومات يرثه (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وأيضا قوله عليه السلام: (الولاء
لمن أعتق) (4).
مسألة 12: إذا أعتق كافر مسلما، ثبت له عليه الولاء إلا أنه لا يرثه
ما دام كافرا، فإن أسلم ورثه. وبه قال جميع الفقهاء (5).
وقال مالك: لا يثبت له عليه الولاء، وقال: لا يثبت لكافر على مسلم
ولاء (6).
دليلنا: قوله عليه السلام: (الولاء لمن أعتق) (7)، ولم يفصل، وأما قوله:

(1) الحاوي الكبير 18: 86.
(2) الأم 6: 186، ومختصر المزني: 321، وحلية العلماء 6: 263، والمبسوط 7: 77، والمغني لابن
قدامة 7: 241، والحاوي الكبير 18: 86.
(3) الكافي 7: 143 حديث 3 - 6، والتهذيب 9: 366 - 367 حديث 1302 - 1313.
(4) صحيح البخاري 3: 20 و 250، وسنن ابن ماجة 1: 671 حديث 2076، وسنن النسائي
6: 164، ومسند أحمد بن حنبل 1: 28، وسنن الدارقطني 3: 23 حديث 78، والموطأ 2: 562
حديث 25، والمعجم الكبير للطبراني 11: 257 حديث 11666، والسنن الكبرى 10: 338 - 339، والحاوي الكبير 18: 82 و 83.
(5) الأم 4: 79، و 6: 186، ومختصر المزني: 321، وحلية العلماء 6: 258، والمغني لابن قدامة
7: 241، والشرح الكبير 7: 254، وبداية المجتهد 2: 356، والحاوي الكبير 18: 86.
(6) الموطأ 2: 785 حديث 25، والمدونة الكبرى 3: 350، وبداية المجتهد 2: 356، وأسهل
المدارك 3: 255، وحلية العلماء 6: 258، والحاوي الكبير 18: 86.
(7) تقدمت الإشارة إلى مصادر الحديث في المسألة السابقة فلاحظ.
371

(المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) (1) لا يدل على أن الكافر لا
يكون وليا لمؤمن إلا من حيث دليل الخطاب، وليس بصحيح عند الأكثر،
على أن المراد به النصرة والولاية الدينية، وذلك لا يثبت هاهنا.
مسألة 13: إذا أعتق عبده سائبة، وهو أن يقول: أنت حر سائبة لا
ولاء لي عليك، كان صحيحا، ولا يكون له عليه الولاء، ويكون ولاؤه
للمسلمين.
وقال أبو حنيفة والشافعي: يسقط قوله سائبة، ويكون الولاء له (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وأيضا الأصل عدم الولاء وإثباته
يحتاج إلى دليل، وقوله: (الولاء لمن أعتق) (4)، مخصوص بما قدمناه.
مسألة 14: العتق لا يقع إلا بقوله: أنت حر مع القصد إلى ذلك
والنية، ولا يقع العتق بشئ من الكنايات كقوله: أنت سائبة، أو لا سبيل
لي عليك، نوى العتق أو لم ينو.
وقال الفقهاء: إذا قال: أنت حر وقع العتق وإن لم ينو، وإذا قال أنت
سائبة، أو لا سبيل لي عليك، وكل ما كان صريحا في الطلاق فهو كناية في

(1) التوبة: 71.
(2) الأم 6: 186، ومختصر المزني: 321، وحلية العلماء 6: 249، والمغني لابن قدامة 7: 245،
والشرح الكبير 12: 249، وبداية المجتهد 2: 356، والهداية 7: 283، والبحر الزخار 5: 229،
والحاوي الكبير 18: 87.
(3) الكافي 7: 172 حديث 8 - 9، ومن لا يحضره الفقيه 3: 80 حديث 289 - 290، والتهذيب
8: 256 حديث 928 - 930، والاستبصار 4: 26 حديث 83 - 85.
(4) تكررت الإشارة إلى مصادر الحديث في المسائل المتقدمة فلاحظ.
372

العتق، فإن نوى العتق عتق، وإن لم ينو لم ينعتق (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، وأيضا الأصل بقاء الرق وإيجاب
العتق بما قالوه يحتاج إلى دليل، وما ذكرناه مجمع على وقوع العتق به.
مسألة 15: إذا أعتق المكاتب بالأداء، أو اشترى العبد نفسه من
مولاه، عتق، ولم يثبت للمولى عليه الولاء إلا بأن يشرط ذلك عليه.
وقال جميع الفقهاء: يثبت له عليه الولاء وإن لم يشرط (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وأيضا قوله عليه السلام: (الولاء لمن
أعتق) (5) وهذا لم يعتقه، وإنما بايعه، والعبد إنما انعتق بالأداء، أو ابتياع
نفسه.
مسألة 16: إذا أعتق عن غيره عبدا بإذنه، وقع العتق عن الآذن دون
المعتق، سواء كان بعوض أو بغير عوض. وبه قال الشافعي (6).

(1) النتف في الفتاوى 1: 415، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 3: 359، وشرح فتح القدير
3: 359، وبدائع الصنائع 4: 46 و 54، وتبيين الحقائق 3: 67، والمغني لابن قدامة
12: 234، والشرح الكبير 12: 235، ومغني المحتاج 4: 492 و 493، والسرج الوهاج:
625، والمجموع 16: 4، والوجيز 2: 273 و 274، وبداية المجتهد 2: 366، وأسهل المدارك
3: 244.
(2) انظر من لا يحضره الفقيه 1: 18 حديث 49.
(3) بداية المجتهد 2: 377، والحاوي الكبير 18: 89.
(4) من لا يحضره الفقيه 3: 77 حديث 275، والتهذيب 8: 270 حديث 985.
(5) صحيح البخاري 3: 200، وسنن ابن ماجة 1: 671 حديث 2076، وسنن النسائي 6: 164،
ومسند أحمد بن حنبل 1: 28، وسنن الدارقطني 3: 23، والموطأ 2: 562 حديث 25. وغيرها
من المصادر التي أشرنا إليها في المسائل السابقة.
(6) المغني لابن قدامة 7: 251، والشرح الكبير 7: 251، والحاوي الكبير 18: 90.
373

وقال أبو حنيفة: إن كان بجعل كما قلناه، وإن كان بغير جعل كان
العتق عن الذي باشر العتق دون الآذن (1).
دليلنا: أن الآذن في الحقيقة هو المعتق، لأنه لو لم يأمره بذلك لم يعتقه،
فهو كما لو أمره ببيع شئ منه أو بشرائه.
مسألة 17: إذا أعتق عن غيره بغير إذنه، وقع العتق عن المعتق دون
المعتق عنه. وبه قال الشافعي (2).
وقال مالك: يكون عن المعتق عنه، ويكون ولأوه للمسلمين (3).
دليلنا: قوله (الولاء لمن أعتق) (4) وهذا هو الذي باشر العتق.
مسألة 18: لا يقع العتق بشرط، ولا بصفة، ولا بيمين.
وخالف جميع الفقهاء في ذلك (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (6)، وأيضا الأصل بقاء الرق، وإزالته
يحتاج إلى دليل.

(1) المغني لابن قدامة 7: 251، والشرح الكبير 7: 251، والحاوي الكبير 18: 90.
(2) حلية العلماء 6: 256، والمجموع 16: 256، والمجموع 16: 42، وبداية المجتهد 2: 355، والحاوي الكبير 18: 90.
(3) المدونة الكبرى 3: 347 و 348، وبداية المجتهد 2: 355، وحلية العلماء 6: 256.
(4) تقدمت الإشارة إلى مصادر الحديث في المسائل السابقة فلا حظ.
(5) المدونة الكبرى 3: 151، وبداية المجتهد 2: 396 و 397، والمجموع 16: 18، والسراج الوهاج:
625، والبحر الزخار 5: 198 و 205، وأسهل المدارك 3: 247، والمغني لابن قدامة
12: 300 - 302، والحاوي الكبير 18: 91.
(6) انظر ما رواه المجلسي في بحار الأنوار 10: 267 في الخبر حيث قال: رواية عن علي بن جعفر، عن
موسى بن جعفر من غير طريق قرب الإسناد... وذكر الحديث.
374

مسألة 19: إذا قال: كل عبد أملكه فهو حر، أو قال: إن ملكت هذا
فهو حر ثم ملك لم ينعق. وكذلك إن قال: كل عبد تلد أمتي فهو حر،
ثم حلمت أمته، فلا ينعتق. ووافقنا الشافعي في الأولى (1).
وقال في الثانية على وجهين (2).
وقال أبو حنيفة: ينعتق إذا ملك (3).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (4)، وأيضا الأصل بقاء الملك، ولا ينتقل
منه إلا بدليل.

(1) الشرح الكبير 12: 275.
(2) انظر المغني لابن قدامة 12: 302 والسراج الوهاج: 625، ومغني المحتاج 4: 492 و 495.
(3) بدائع الصنائع 4: 70، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 3: 418، والشرح الكبير
12: 276.
(4) قريب الإسناد: 42 و 50، والكافي 6: 179 حديث 1 - 2 ومن لا يحضره الفقيه 3: 227
حديث 1070، والتهذيب 8: 217 حديث 773 و 774، والاستبصار 4: 5 حديث 14 - 15،
وانظر ما رواه العاملي في الوسائل 16: 8 حديث 7 عن علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى
ابن جعفر عليه السلام، وما رواه المجلسي في البحار 10: 267.
375

كتاب المكاتب
377

كتاب المكاتب
مسألة 1: إذا دعا العبد سيده إلى مكاتبته، فالمستحب له أن يجيبه إلى
ذلك، وليس بواجب عليه، سواء دعاه إلى ذلك بقيمته، أو أقل، أو أكثر.
وبه قال في التابعين: الحسن البصري، والشعبي (1)، وفي الفقهاء: مالك،
والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، والشافعي (2).
وذهب قوم إلى أنه دعاه إلى ذلك بقيمته أو أكثر، وجب على سيده
الإجابة، وإن كان بأقل من ذلك لم يجب عليه. ذهب إليه عطاء، وعمر و
ابن دينار، وإليه ذهب داود من أهل الظاهر (3).

(1) المغني لابن قدامة 12: 339، والشرح الكبير 12: 339، والحاوي الكبير 18: 142.
(2) الأم 8: 31، ومختصر المزني: 323، وحلية العلماء 6: 159، والسراج الوهاج: 635، والوجيز
2: 283، والمجموع 16: 21، ومغني المحتاج 4: 516، وفتح المعين: 153، والمحلى 9: 224،
والمغني لابن قدامة 12: 339، والشرح الكبير 12: 339، وبداية المجتهد 2: 367، وأسهل
المدارك 3: 257، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 7: 228 - 229، وشرح فتح القدير
7: 228، والحاوي الكبير 18: 141 - 142.
(3) الأم 8: 31، وحلية العلماء 6: 195 و 196، وبداية المجتهد 2: 367، والمغني لابن قدامة
12: 339، والشرح الكبير 12: 339، والمحلى 9: 222، وأحكام القرآن للجصاص 3: 329،
والمبسوط 8: 3، وشرح فتح القدير 7: 228، وفتح الباري 5: 186، والحاوي الكبير
18: 141.
379

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، وأيضا قوله تعالى: (فكاتبوهم إن
علمتم فيهم خيرا) (2) فأمر بعد الحظر، فاقتضى الإباحة، وإنما قلنا ذلك
لأن عقد الكتابة على صفة لم تذكر فكان محظورا، لأنه يشتمل على خيار
ممتد مجهول، وهو خيار العبد متى شاء عجز نفسه.
وأيضا فإن مكاتبة على مال في الذمة، والعبد لا مال له بحال.
وأيضا: فإن من أكل المال بالباطل، لأن المكاتب ملكه وكسبه ملكه،
فهو بيع ملكه بملكه، وبيع ملكه بملكه من أكل المال بالباطل، فدل ذلك
كله على أنه أمر بالشئ بعد الحظر، فاقتضى الإباحة، هذه طرق الفقهاء،
والمعتمد عندنا هو الأول.
مسألة 2: لا تصح مكاتبة الصبي حتى يبلغ. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن مميزا لا يصح، وإن كان مميزا عاقلا
صح (4).
دليلنا: أنه كان بالغا صحت مكاتبته بلا خلاف، ولا دليل على

(1) الكافي 6: 187 حديث 11، ومن لا يحضره الفقيه 3: 76 حديث 268، والتهذيب 8: 272
حديث 995.
(2) النور: 33.
(3) الأم 8: 34، ومختصر المزني: 323، وحلية العلماء 6: 227، والوجيز 2: 285، والمغني لابن
قدامة 12: 341 والشرح الكبير 12: 341، وبداية المجتهد 2: 369، والبحر الزخار 5: 215،
والحاوي الكبير 18: 143.
(4) المبسوط 8: 52، وبدائع الصنائع 4: 137، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 7: 232،
وتبيين الحقائق 5: 149، والمغني لابن قدامة 12: 341، والشرح الكبير 12: 341، وحلية
العلماء 6: 227، وبداية المجتهد 2: 369، والبحر الزخار 5: 215، والحاوي الكبير 18: 143.
380

صحتها قبل البلوغ.
وأيضا قوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) (1) والصبي لا
يوصف بذلك، لقوله عليه السلام: (رفع القلم عن ثلاث، عن الصبي حتى
يبلغ) (2).
مسألة 3: قوله عز وجل: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) (3) فالخير
المراد به الأمانة والاكتساب. وبه قال الشافعي، ومالك، وعمر وبن
دينار (4).
وقال ابن عباس وصاحباه مجاهد وعطاء: هو الثقة والأمانة فقط (5).
وقال الحسن البصري والثوري: الخير الإكتساب فقط (6).
دليلنا: أن ما اعتبرناه مجمع على أنه يتناوله الاسم، وما ذكروه ليس

(1) النور: 33.
(2) سنن أبي داود 4: 141 حديث 4402، وتلخيص الحبير 1: 183 حديث 263.
(3) النور: 33.
(4) الأم 8: 31، ومختصر المزني: 323، وحلية العلماء 6: 196 والمجموع 16: 21، والجامع
لأحكام القرآن 12: 245، والمغني لابن قدامة 12: 340، والشرح الكبير 12: 340، والبحر
الزخار 5: 213، والحاوي الكبير 18: 140.
(5) اختلف النقل عنهم في معنى (الخير) ففي بعض المصادر (المال والصلاح) وفي بعضها (المال
والأولاد) وفي البعض الآخر (المال والأداء) وفي بعضها (غنى وإعطاء للمال). انظر الأم
8: 31، وأحكام القرآن للجصاص 3: 322، والجامع لأحكام القرآن 2: 245، والمغني لابن
قدامة 12: 340.
(6) اختلف النقل عنها أيضا، ومنهم من نسب القول المذكور إلى بعض أهل العلم ولم يذكر
القائل، وذكر الجصاص في أحكام القرآن قول الحسن في معنى الخير هو (صلاح في الدين)
أحكام القرآن 3: 322.
381

عليه دليل.
وأيضا: فإن اسم الخير يقع على المال، والعمل الصالح، والثواب.
أما المال فقوله تعالى: (إن ترك خيرا الوصية للوالدين) (1) يعني إن
ترك مالا، وقال: (وإنه لحب الخير لشديد) (2) يعني المال.
وأما الثواب فقوله: (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها
خير) (3) يعني ثوابا.
وأما العمل الصالح، فقوله: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) (4) يعني
عملا صالحا. وإذا كان محتملا لذلك كله، وجب حمل الآية على عمومها
إلا ما خصه الدليل.
مسألة 4: إذا عدم العبد الأمرين: الثقة، والكسب، كانت كتابته
مباحة غير مستحبة. وإذا وجد الأمران كانت مستحبة. وبه قال
الشافعي (5).
ومن أصحابه من قال: إن كان أمينا ولم يكن مكتسبا، استحب
مكاتبته (6).
وقال أحمد بن حنبل وإسحاق: إذا عدم فيه الأمران كره مكاتبته (7).

(1) البقرة: 180.
(2) العاديات: 8.
(3) الحج: 36.
(4) الزلزلة: 7.
(5) الأم 8: 32، وحلية العلماء 6: 197، والوجيز 2: 283 و 284، والسراج الوهاج: 635،
والمجموع 16: 21، والميزان الكبرى 2: 205، وفتح المعين: 153، الحاوي الكبير 18: 144.
(6) حلية العلماء 6: 196، والجامع لأحكام القرآن 12: 246، الحاوي الكبير 18: 144.
(7) المغني لابن قدامة 12: 340، والشرح الكبير 12: 340، وحلية العلماء 6: 197، والجامع
لأحكام القرآن 12: 246 والميزان الكبرى 2: 205، والحاوي الكبير 18: 144. (.
382

دليلنا: أن الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل.
مسألة 5: تصح الكتابة حالة ومؤجلة، وليس الأجل شرطا في صحتها.
وبه قال أبو حنيفة، ومالك (1).
وقال الشافعي: من شرط صحتها الأجل، فإن لم يذكر الأجل كانت
باطلة (2).
دليلنا: قوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) (3) ولم يفصل بين
الحالة والمؤجلة.
مسألة 6: إذا كانت الكتابة مؤجلة صحت بأجل واحد وبأجلين،
وبأن يقول: كاتبتك إلى عشر سنين يؤدي ذلك في هذه المدة، كان ذلك
جائزا.
وقال الشافعي: كل ذلك باطل (4).

(1) المبسوط 8: 3، وبدائع الصنائع 4: 140، وأحكام القرآن للجصاص 3: 324، وفتح الباري
5: 185، واللباب 3: 19، وتبيين الحقائق 5: 149، والهداية 7: 231، وحلية العلماء
6: 197، والميزان الكبرى 2: 205، وبداية المجتهد 2: 368، والجامع لأحكام القرآن
12: 247، والمغني لابن قدامة 12: 346، والشرح الكبير 12: 348، والحاوي الكبير
18: 146.
(2) حلية العلماء 6: 197، والمجموع 16: 21، والوجيز 2: 284، والميزان الكبرى 2: 205،
والمبسوط 8: 3، وعمدة القاري 13: 117، وفتح الباري 5: 185، والمغني لابن قدامة
12: 346، والشرح الكبير 12: 348، والجامع لأحكام القرآن 12: 247، والبحر الزخار
5: 213، والحاوي الكبير 18: 146.
(3) النور 33.
(4) مختصر المزني 324، وحلية العلماء 6: 197، والوجيز 2: 284، والمجموع 16: 21، وأحكام
القرآن للجصاص 3: 325، والمغني لابن قدامة 12: 348 - 349، والحاوي الكبير 18: 149.
383

دليلنا: أن الأصل جوازه، وبطلانه يحتاج إلى دليل، وقولهم: إن وقت
الأداء مجهول، ليس كذلك، لأنه إذا جعل هذه المدة مدة الأداء كانت
معلومة فأي وقت أدى فيه، كان هذه المدة فهو وقت الأداء.
مسألة 7: إذا كاتبه على مال معلوم، وآجال معلومة، ونجوم معلومة،
وقال: إذا أديت إلي هذا المال فأنت حر، ونوى بذلك العتق انعتق. وإن
عدما، أو أحدهما لم ينعتق. وبه قال الشافعي (1).
وقال أبو حنيفة: هو صريح فيه، لا يفتقر إلى نية ولا قول (2).
دليلنا أن ما اعتبرناه مجمع على وقوع العتق عنده، وما قاله ليس عليه
دليل.
وأيضا قوله: كاتبتك، اسم مشترك يصلح للمكاتبة التي هي المراسلة،
والمكاتبة التي المخارجة، أعني مخارجة العبد، ويصلح للكتابة الشرعية،
وإذا كان مشتركا لم يكن بد من نطق أو نية يزول به هذا الاشتراك.
مسألة 8: إذا كاتب ثلاثة أعبد له، صفقة واحدة على نجمين إلى
أجلين، وقال: إذا أديتم إلي ذلك فأنتم أحرار، فقبلوا، صحت هذه
المكاتبة. وبه قال أبو حنيفة ومالك (3).

(1) الأم 8: 47، ومختصر المزني: 324، وحلية العلماء 6: 181، والوجيز 2: 284، وأحكام القرآن
للجصاص 3: 325، وعمدة القاري 13: 123، والمغني لابن قدامة 12: 349، والحاوي الكبير
18: 150 و 152.
(2) المغني لابن قدامة 12: 349، وبداية المجتهد 2: 369، والحاوي الكبير 18: 153.
(3) حلية العلماء 6: 229، والمغني لابن قدامة 12: 476، وبداية المجتهد 2: 370.
384

وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، وهو المذهب (1). قال أبو
العباس ولا يعرف القول الآخر، وإنما هو مخرج من المهر في النكاح،
والعوض في الخلع، والثاني فاسد (2).
دليلنا: قوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) (3) ولم يفصل.
وأيضا: فلا خلاف لو باع ثلاثة أعبد له صفقة واحدة، بثمن معلوم أنه
يصح البيع، وإن كان ما يقابل كل واحد من الثمن غير معلوم، وكذلك
الكتابة، لأنها نوع من البيع.
مسألة 9: إذا ثبت أن الكتابة صحيحة، فإن كل واحد منهم مكاتب
بحصة قيمته من المسمى، كأنه كاتبه بذلك منفردا من غيره، ولا يتعلق به
حكم غيره، فإن أدى ما عليه من مال الكتابة عتق، سواء أدى صاحباه
وعتقا، أو عجزا ورقا. وبه قال عطاء، وعمر وبن دينار (4).
والشافعي على قوله أن الكتابة صحيحة، وهو المذهب عندهم (5).
وقال أبو حنيفة، ومالك: العقد صحيح، ولزم مال الكتابة كلهم،

(1) الأم 8: 46، ومختصر المزني: 324، وحلية العلماء 6: 229، والمغني لابن قدامة 12: 476،
والوجيز 2: 284، وبداية المجتهد 2: 370، والحاوي الكبير 18: 153.
(2) حلية العلماء 6: 229، والمغني لابن قدامة 12: 476، وبداية المجتهد 2: 370.
(3) النور: 33.
(4) المغني لابن قدامة 12: 476 - 477، والشرح الكبير 12: 445 - 446.
(5) الأم 8: 46، ومختصر المزني: 324، وحلية العلماء 6: 229 و 234، والوجيز 2: 284، والمجموع
16: 35، والمغني لابن قدامة 12: 476 والشرح الكبير 12: 446 والحاوي الكبير 18: 160.
385

وكل واحد منهم كفيل ضامن عن صاحبه ما لزمه، فهم كالكاتب الواحد،
فإن أدى واحد ما يخصه من حقه لم ينعتق حتى يقع الأداء فيها بقي، فإن أداه
هوه عنها عتق وعتقا، وكان له الرجوع عليهما بما أداه عنهما، وإن أديا معه عتق
الكل (1).
وانفرد مالك بأن قال: فإن ألقى واحد منهم يده - يعني: جلس عن
العمل والاكتساب - نظرت فإن كان جلوسه مع القدرة على العمل
والاكتساب أجبره الآخران على العمل، وإن كان عاجزا عن الكسب،
اكتسبا وأديا ما على الكل، وعتقوا (2).
قال مالك فإن أعتق السيد واحدا منهم نظرت فإن كان مكتسبا لم
ينفذ عتقه فيه، لأنه يضر برفيقيه، وإن لم يكن مكتسبا نفذ عتقه فيه، لأنه
أنفع على صاحبيه (3).
دليلنا: ما قلناه من أن ما يخص كل واحد منهم من قيمته مجمع عليه،
وإلزامه مال غيره يحتاج إلى دليل، والأصل براءة الذمة.
وأيضا فلا خلاف أن ثلاثة إذا اشتروا عبدا بألف لم يلزم كل واحد
منهم إلا ما يخصه في حقه، فهذا مثله. فإن قال: هذا عتق معلق بشرط.

(1) المدونة الكبرى 3: 240 - 241، المبسوط 7: 210، والمغني لابن قدامة 12: 477 - 478،
وحلية العلماء 6: 235، وبداية المجتهد 2: 370 والحاوي الكبير 18: 160.
(2) المغني لابن قدامة 12: 477، والشرح الكبير 12: 446 - 447، وحلية العلماء 6: 235 من غير
تفصيل.
(3) المدونة الكبرى 3: 243، والمغني لابن قدامة 12: 478.
386

قلناه: لا نسلم ذلك، بل عندنا أن العتق المعلق بصفة باطل، فلو كان
هذا عتقا معلقا بصفة لوجب لو أبرأهم السيد من المال أن لا يعتقوا، لأنه ما
وجدت الصفة التي هي أداء المال، وقد أجمعنا على خلافه.
وأيضا لو كان عتقا معلقا بصفة، لم يكن لهم أن يعجزوا نفوسهم،
فيردوا في الرق، لأن العتق المعلق بصفة لا يمكن رده عندهم جميعا، وأجمعنا
على خلافه.
مسألة 10: قد بينا أنه إذا كاتب الثلاثة مطلقا، فلا يكون كل واحد
منهم كفيلا عن صاحبه، فأما إن وقع بشرط أن وقع بشرط أن كل واحد منهم كفيل
وضامن عن صاحبه، فالشرط صحيح. وبه قال أبو حنيفة ومالك (1).
وقال الشافعي: الشرط باطل (2).
دليلنا: أن الأصل جوازه، والمنع يحتاج إلى دليل، وأيضا قوله عليه
السلام المؤمنون عند شروطهم (3)، ولم يفصل.
مسألة 11: إذا كاتب عبده كتابة فاسدة، كانت الكتابة فاسدة، سواء
مات المكاتب أو عاش.
وقال الشافعي: تكون جائزة من قبل المكاتب ما دام حيا، فإن مات

(1) المدونة الكبرى 3: 241، وبداية المجتهد 2: 370، والحاوي الكبير 18: 166.
(2) الأم 8: 46، ومختصر المزني: 324، والوجيز 2: 291، وبداية المجتهد 2: 370، والحاوي الكبير
18: 166.
(3) الجامع لأحكام القرآن 6: 33، وفتح الباري 4: 452، وتلخيص الحبير 3: 23 و 44، والمغني
لابن قدامة 4: 384، والشرح الكبير 4: 386، والتهذيب 7: 371 حديث 1503، والاستبصار
3: 232 حديث 835.
387

انفسخت الكتابة (1).
وقال أن حنيفة: الكتابة لازمة، ولا تبطل بموت السيد (2).
دليلنا: أن الأصل عدم الكتابة، فمن صحح هذه الكتابة فعليه الدلالة.
مسألة 12: إذا كان نفسان، لكل واحد منهما على صاحبه حق، فإن
كان الحقان من جنسين مختلفين من الأثمان أو غير الأثمان مما لا مثل له،
فإنه لا يقع القصاص بينهما بلا خلاف من غير تراض، وإن كان الحقان من
جنس واحد من الأثمان أو مما له مثل من غيرها، فإنه يقع القصاص بينهما
من غير تراض بينهما.
وللشافعي فيه أربعة أقوال:
أحدها: مثل ما قلناه.
والثاني: متى رضي أحدهما بذلك برئا معا.
والثالث: لا يقع القصاص إلا بتراضيهما معا.
والرابع: لا يقع القصاص بينهما وإن تراضيا، لنهي النبي عليه السلام
عن بيع الدين بالدين (3).

(1) الأم 8: 49، ومختصر المزني: 324، وحلية العلماء 6: 229، والسراج الوهاج: 641، ومغني
المحتاج 4: 533، والمغني لابن قدامة 12: 487، والشرح الكبير 12: 483، والحاوي الكبير
18: 167 و 169.
(2) المبسوط 7: 208، واللباب 3: 25، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 7: 279، وتبيين
الحقائق 5: 174، والمغني لابن قدامة 12: 487، وحلية العلماء 6: 230، والشرح الكبير
12: 483، والحاوي الكبير 18: 169.
(3) مغني المحتاج 4: 534، والسراج الوهاج: 642، والمجموع 16: 33 و 34، وأحكام القرآن
للجصاص 1: 466، والمغني لابن قدامة 12: 387.
388

دليلنا: أنه لا فائدة في ذلك، وما لا فائدة فيه يكون عبثا، وأنهما قلنا لا
فائدة فيه، لأنه يقتص منه ماله، ثم يرده عليه بعينه، ولا غرض في مثل
ذلك.
وأيضا: فلا خلاف أنه لو كان دين على والده، فمات والده والدين
في ذمته، بري الوالد منه، لأن الدين يتعلق بتركته، وتركته لولده، فلا معنى
في بيع التركة في حقه، والحق كله له.
وأما الخبر فإنما يتناول بيع الدين بالدين، وهذا خارج عن ذلك.
مسألة 13: إذا كاتب السيد عبده والعبد مجنون، كانت الكتابة
فاسدة، فإن أدى مال الكتابة لم ينعتق به.
وللشافعي في صحة المكاتبة قولان:
أحدهما: صحيحة، والآخر: فاسدة.
فإن أدى مال الكتابة فلا يختلفون أنه ينعتق، وهل لهما التراجع؟ على
ثلاثة طرق: فإن عتق بالأداء عن الصحيحة فلا تراجع، وإن عتق بالأداء
عن الفاسدة تراجعا، وإن عتق بالأداء عن كتابة كوتب عليها والعبد
مجنون، فعلى طريقين (1).
دليلنا: أن الأصل عدم الكتابة، وإثباتها يحتاج إلى دليل، والأصل بقاء
الرق، فمن أوجب العتق فعليه الدلالة.
وأيضا قوله عليه السلام: (رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق) (2)،

(1) مختصر المزني: 324، والوجيز 2: 287، والمجموع 16: 34، والسراج الوهاج: 640، م مغني
المحتاج 4: 529، والحاوي الكبير 18: 173 و 174.
(2) اختلف ألفاظ حديث الرفع وبأسانيد مختلفة منها ما ذكره المصنف قدس سره، وقد أشرنا إلى هذا الاختلاف في عدة مواضع من هذا الكتاب وإلى مصادره، منها: شرح معاني الآثار
2: 74، والسنن الكبرى 4: 269، ومجمع الزوائد 6: 251، وتلخيص الحبير 1: 183 حديث
263.
389

يتناول هذا الموضع.
مسألة 14: إذا ثبت في عبد أن نصفه مكاتب ونصفه قن (1)، كان
للعبد يوم وللسيد يوم. ومتى طلب أحدهما المهايأة (2) في ذلك، أجبر الآخر
عليه. وبه قال أبو حنيفة (3).
وقال الشافعي: لا يجبر على ذلك، بل يكون كسبه بينهما يوما فيوما (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5).
مسألة 15: إذا كاتب عبده ثم مات، وخلف ابنين، ثم أبرأ أحد
الابنين المكاتب عن نصيبه أو أعتقه، صح ذلك، ولا يلزم الباقي، ولا يقوم
عليه نصيب أخيه، فإذا فعل ذلك انعتق نصفه.
وقال أبو حنيفة: لا يصح الإبراء ولا العتق من أحدهما (6).

(1) العبد القن: الذي ملك هو وأبواه. النهاية 4: 116 مادة (قنن).
(2) المهايأة: اصطلاح عند الفقهاء يطلق على شريكين في شئ يريد كل منهما أن يستفيد من
ذلك الشئ بقدر سهمه في الشركة. يقال: هاياه في دار كذا، أي: سكنها هذا مدة وذاك
مدة. وقيل انتفع كل منهما بقدر سهمه. انظر المنجد مادة (هيئ).
(3) المغني لابن قدامة 12: 373.
(4) مختصر المزني 324، والمغني لابن قدامة 12: 373، والحاوي الكبير 18: 176.
(5) انظر الكافي 6: 188 حديث 14، والتهذيب 8: 269 حديث 980.
(6) اللباب 3: 25، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 7: 280، وتبيين الحقائق 5: 174،
والحاوي الكبير 18: 178.
390

وقال الشافعي: يصحان معا، وينعتق النصف على ما قلناه (1). وهل
يقوم عليه الباقي؟ على قولين، أحدهما لا يقوم عليه. والثاني يقوم عليه (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، ومن أوجب عليه عتق النصف الآخر
فعليه الدلالة، فأما على قول أبي حنيفة فهو أنه أبرأه عن جميع ما يستحقه،
فوجب أن يصح كما لو كان كله له فأبرأه عن ذلك.
وأيضا: فالذي يدل على أنه لا يقوم عليه الباقي، أنه إنما ينفذ ما كان
فعل أبوه، ولم يباشر العتق.
ألا ترى أن الولاء للأب عندهم دون هذا المعتق.
مسألة 16: المكاتبة على ضربين: مشروطة، ومطلقة.
فالمشروطة: أن يقول: كاتبتك على كذا وكذا، فمتى أديت مال الكتابة
فأنت حر، وإن عجزت عن الأداء فأنت رد في الرق. فهذا الضرب متى
أدى بعض مال الكتابة لا ينعتق به إلى أن يؤدي جميع ما عليه، ولو بقي
درهم، فإذا وفاه انعتق، وإن عجز دون الوفاء فهو رد في الرق.
والمطلقة: هو أن يقول: كاتبتك على كذا وكذا، فإذا أديت فأنت حر،
ولم يقل فإن عجزت فأنت رد في الرق، فإذا كان كذلك، فمتى أدى منه
شيئا انعتق منه بحساب ما يؤديه، ويبقى رقا بمقدار ما يبقى عليه.
وقال الشافعي: إن أدى جميع ما عليه عتق، وإن أدى البعض لم ينعتق
منه شئ حتى يؤدي جميع ما عليه (3) ولم يفصل. وبه قال في الصحابة عمر،

(1) مختصر المزني: 325 - 326، والحاوي الكبير 18: 178.
(2) مختصر المزني: 324، وحلية العلماء 6: 219، والمجموع 16: 29، والحاوي الكبير 18: 178.
(3) الأم 8: 53، ومختصر المزني: 324، وحلية العلماء 6: 217، والمجموع 16: 29، والوجيز
2: 286، أحكام القرآن للجصاص 3: 323، والمغني لابن قدامة 12: 350، والجامع لأحكام
القرآن 12: 248 والبحر الزخار 5: 220، والحاوي الكبير 18: 179.
391

وابن عمر، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأم سلمة (1)، وفي التابعين: سعيد بن
المسيب، وسليمان بن يسار، والحسن البصري، والزهري (2)، وفي الفقهاء:
مالك، وأبو حنيفة وأصحابه (3).
وقال ابن مسعود: إن أدى منه قدر قيمته عتق، ويؤدي الباقي بعد
العتق، ويتقدر الخلاف معه إذا كان كاتبه بأكثر من قيمته (4).
وعن علي عليه السلام روايتان: إحداهما: إذا أدى نصف ما عليه عتق
كله وطولب لا لباقي بعد عتقه (5).
والثانية: يعتق منه بقدر ما أدى بالحصة (6) وهذا هو الذي يرويه أصحابنا (7).

(1) الموطأ 2: 787 حديث 1، وبداية المجتهد 2: 373، والجامع لأحكام القرآن 12: 248، والمغني
لابن قدامة 12: 350، والحاوي الكبير 18: 179.
(2) المغني لابن قدامة 12: 350، والحاوي الكبير 18: 179.
(3) الموطأ 2: 787 حديث 2، والجامع لأحكام القرآن 12: 248، وبداية المجتهد 2: 372، وأسهل
المدارك 3: 257، والمبسوط 7: 206، والهداية 7: 272، والمغني لابن قدامة 12: 350، وحلية
العلماء 6: 217، وتبيين الحقائق 5: 170، والبحر الزخار 5: 220، والحاوي الكبير
18: 179.
(4) حلية العلماء 6: 217، والمغني لابن قدامة 12: 350، والمبسوط 7: 206، والجامع لأحكام
القرآن 12: 248، والحاوي الكبير 18: 179.
(5) حلية العلماء 6: 217، والبحر الزخار 5: 220، والحاوي الكبير 18: 180.
(6) المبسوط 7: 206، وترتيب مسند الشافعي 2: 70 حديث 227، وحلية العلماء 6: 218،
والمغني لابن قدامة 12: 350، وعمدة القاري 13: 123، وبداية المجتهد 2: 372، والجامع
لأحكام القرآن 12: 248، والبحر الزخار 5: 220.
(7) الكافي 6: 185 حديث 1، والاستبصار 4: 33 حديث 113، والتهذيب 8: 265 حديث
968.
392

وقال شريح: إذا أدى ثلث ما عليه عتق كله ويؤدي الباقي بعد
ذلك (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
وروى أيضا عكرمة، عن ابن عباس أن النبي عليه السلام قال: (يؤدي
المكاتب بقدر ما عتق منه من دية الحر، وبقدر ما رق منه دية العبد) (3) ثبت
أن المكاتبة يعتق منه بقدر ما أدى ويرق الباقي، وكل خبر يروونه من أن
المكاتب رق ما بقي عليه شئ، نحمله على أنه إذا كان مشروطا عليه، وهم
لا يمنكم تأويل خبرنا أصلا.
مسألة 17: الكاتبة لازمة من جهة السيد، جائزة من جهة العبد،
ومعناه: أن له الامتناع من أداء ما عليه وتعجيزه، فإذا امتنع منه كان سيده
بالخيار بين البقاء على العقد وبين الفسخ. وبه قال الشافعي (4).
وقال أبو حنيفة ومالك: لازم من الطرفين معا، فإن كان معه مال
أجبرناه على الأداء ليعتق، وإن لم يكن معه مال قال أبو حنيفة: أجبره على

(1) حلية العلماء 6: 218، والجامع لأحكام القرآن 12: 248، والحاوي الكبير: 18: 180.
(2) الكافي 6: 186 - 187 حديث 2 و 9، و التهذيب 8: 266 و 268 حديث 970 و 975،
والاستبصار 4: 35 حديث 118.
(3) مسند أحمد بن حنبل 1: 260، وشرح معاني الآثار 3: 110 والسنن الكبرى 10: 325،
والحاوي الكبير 18: 180.
(4) مختصر المزني: 331، والوجيز 2: 289، وحلية العلماء 6: 201، ومغني المحتاج 4: 528،
والسراج الوهاج: 639، وفتح المعين: 153، والمجموع 16: 23، وبداية المجتهد 2: 373،
والحاوي الكبير 18: 181.
393

الكسب، وقال مالك: لا أجبره عليه (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، فإنهم لا يختلفون في أن المكاتب متى
عجز كان لمولاه رده في الرق إذا كانت الكتابة مشروطة.
مسألة 18: إذا مات المكاتب المشروط عليه، وخلف تركة، فإن كان
فيها وفاء لما عليه، وفي منها ما عليه، وكان الباقي لورثته، وإن لم يكن فيها
وفاء كان ما خلفه لمولاه، لأن ذلك عجز عن الأداء، وإن كان له أولاد
من مملوكة له، كان حكمهم. حكمه. فإن وفي ما عليه انعتقوا، وإن عجز عن
ذلك كانوا مماليك لسيد أبيهم، وإن كانت مطلقة ورث بحساب ما أدى
منه ورثته، وبحساب ما بقي للسيد.
وقال الشافعي: إذا مات المكاتب بذلت الكتابة، وكان ما خلفه
لسيده، سواء خلف ما فيه وفاء أو لم يخلف وفاء (3).
وقال مالك وأبو حنيفة: لا تنفسخ بوفاته (4)، ثم قال أبو حنيفة: إن لم

(1) بداية المجتهد 2: 373، من دون تفصيل، وحلية العلماء 6: 202، وخالف الماوردي في الحاوي
الكبير 18: 181 نسبة القول لهما فجعل الجبران عن مالك وعدمه عن أبي حنيفة حيث قال:
(قال أبو حنيفة: لا يجبر عليه) وفيه أيضا عن مالك: (يجبر عليه).
(2) الكافي 6: 186 حديث 6، والتهذيب 8: 266 حديث 970، وص 268 حديث 975،
والاستبصار 4: 35 حديث 118.
(3) مختصر المزني 325، وحلية العلماء 6: 202، والمجموع 16: 33، والوجيز 2: 290، والمغني لابن
قدامة 12: 364، والشرح الكبير 12: 356 و 357، وأحكام القرآن للجصاص 3: 326،
وعمدة القاري 13: 123، وشرح فتح القدير 7: 272 والهداية المطبوع مع رح فتح القدير
7: 272، وتبيين الحقائق 5: 170، وبداية المجتهد 2: 375، والجامع لأحكام القرآن
12: 254، والحاوي الكبير 18: 181.
(4) أحكام القرآن للجصاص 3: 326، والمبسوط 7: 208، والهداية 7: 272، وتبيين الحقائق
5: 170، والمغني لابن قدامة 12: 364، وحلية العلماء 6: 202، والشرح الكبير 12: 357.
394

يخلف وفاء، لم ينفسخ ما لم الحكام بفسخه، وإن خلف وفاء عتق إذا
وجد الأداء بآخر جزء من أجزاء حياته، ويؤدي عنه بعد وفاته، فإن فضل
عنه فضل كان لوارثه المناسب، فإن لم يكن مناسب كان لسيده بالولاء (1).
وقال مالك: إن خلف ولدا حرا مثل قول الشافعي، وإن خلف ولدا
مملوكا ولد له حال كتابته من أمته أجر على الأداء إن كان له تركة، وإن لم
يكن له تركة أجبر على الإكتساب ليؤدي ويعتق أبوه، ويعتق هو بعتق
أبيه (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 19: إذا كاتبه على مال بعينه يؤديه إليه في نجوم معلومة، فجاء
بالمال في نجم واحد، لم يلزم المكاتب أخذه، وكان بالخيار بين أخذه في
الحال وبين أخذه في النجوم المقررة بينهما.
وقال الشافعي: إن لم يأخذه ولا يبرأه، أخذه الحاكم وأعتق العبد، ثم
ساق إليه المال في النجوم المقررة بينهما (4).

(1) الهداية 7: 272، وتبيين الحقائق 5: 170، وحلية العلماء 6: 202 والجامع لأحكام القرآن
12: 254، وبداية المجتهد 2: 374 و 375، والحاوي الكبير 18: 181 - 182.
(2) بداية المجتهد 2: 374، والجامع لأحكام القرآن 12: 253، والمغني لابن قدامة 12: 365،
والشرح الكبير 12: 375، والنتف 1: 422، والحاوي الكبير 18: 182.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 76 حديث 272، والتهذيب 8: 271 حديث 988 و 989،
والاستبصار 4: 39 حديث 129.
(4) مغني المحتاج 4: 526، والسراج الوهاج: 639، والحاوي الكبير 18: 183.
395

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1).
وأيضا قوله عليه السلام: (المؤمنون عند شروطهم) (2). ومن ادعى أن
الحكام له أخذه، وأن يعتق عليه، فعليه الدلالة.
مسألة 20: إذا اشترى المكاتب جارية، صح شراؤه بلا خلاف، وله
وطؤها إذا أذن سيده في ذلك فأما بغير إذنه فلا يجوز.
وللشافعي مع الإذن قولان: أحدهما لا يحل. والآخر مثل ما قلناه (3).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأن عندنا أنه يجوز أن يحلل الرجل جاريته
لأخيه.
وأيضا: فإذا أحل لمملوكه التصرف ملك التصرف، وإن لم يملك
الرقبة، وهذا من التصرف.
مسألة 21: إذا كاتب عبده، وكان السيد تحبب عليه الزكاة، وجب
عليه أن يعطيه شيئا من زكاته، يحتسب به من مال مكاتبته، وإن لم يكن
ممن وجب عليه الزكاة، كان ذلك مستحبا غير واجب.
وقال الشافعي: الإيتاء واجب عليه، ولم يفصل (4).

(1) الكافي 7: 173 حديث 2، والتهذيب 8: 273 حديث 998، والاستبصار 4: 35 حديث
119.
(2) فتح الباري 4: 452، وتلخيص الحبير 3: 24، والجامع لأحكام القرآن 6: 33، والمصنف لابن
أبي شيبة 6: 568 حديث 2064، والمغني لابن قدامة 4: 384، والشرح الكبير 4: 386،
والتهذيب للمؤلف 7: 371 حديث 1503، والاستبصار له أيضا 3: 232 حديث 835.
(3) الوجيز 2: 293، والحاوي الكبير 18: 185، وانظر حلية العلماء 6: 212 - 213.
(4) مختصر المزني: 324، وحلية العلماء 6: 213، والوجيز 2: 288، والسراج الوهاج: 637، ومغني
المحتاج 4: 521، والميزان الكبرى 2: 205، والمجموع 16: 28، وأحكام القرآن للجصاص
3: 322، والجامع لأحكام القرآن 12: 252، والشرح الكبير 12: 440، والبحر الزخار
5: 218، الحاوي الكبير 18: 186 و 187.
396

وقال أبو حنيفة، والثوري، ومالك: هو مستحب غير واجب، ولم
يفصلوا (1).
دليلنا: قوله تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) (2) وقوله في
آية الزكاة: (وفي الرقاب) (3) وهم المكاتبون، وهذا منهم، فأما إذا لم تحب
عليه الزكاة فالأصل براءة الذمة، وإيجاب شئ عليه يحتاج إلى دليل، وقوله
تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) نحمله على من تجب عليه
الزكاة، أو على وجه الاستحباب.
وأيضا قوله عليه السلام: (المكاتب رق ما بقي عليه درهم) (4) فلو كان
الإيتاء واجبا لعتق إذا بقي عليه من مكاتبته درهم، لأنه يستحق على سيده
هذا القدر، فلما لم يعتق دل على أنه ليس بواجب.
ويجوز أن يكون قوله: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) متوجها إلى
غير سيد المكاتب ممن يجب عليه الزكاة ألا ترى إلى قوله: (من مال الله
الذي آتاكم) تنبيها على ما يجب فيه الزكاة، وعلى المسألة إجماع الفرقة

(1) أحكام القرآن للجصاص 3: 322، والهداية 7: 231، وشرح فتح القدير 7: 231، وحلية
العلماء 6: 214، والميزان الكبرى 2: 205، والجامع لأحكام القرآن 12: 252، والشرح الكبير
12: 440، والبحر الزخار 5: 218، والحاوي الكبير 18: 186.
(2) النور: 33.
(3) البقرة: 177.
(4) شرح معاني الآثار 3: 111، والسنن الكبرى 10: 324، ونصب الراية 3: 247 و 4: 143،
وفتح الباري 5: 195، والجامع لأحكام القرآن 12: 248 وتلخيص الحبير 4: 216.
397

وأخبارهم (1).
مسألة 22: لولي المولى عليه من يتيم وغيره أن يكاتب عبد المولى عليه إذا
كان في ذلك حظ المولى عليه.
وقال أبو حنيفة: له ذلك، ولم يقيد (2).
وقال الشافعي: ليس له ذلك، سواء كان الولي أبا أو جدا أو وصيا أو
حاكما، أو ولي الحاكم (3).
دليلنا: أنه لا خلاف أن لولي المولى عليه أن يبيع مال المولى عليه، وهذا
بيع إلا أنه من نفسه.
مسألة 23: إذا اختلف السيد والمكاتب في مال الكتابة، أو في المدة،
أو في النجوم، كان القول قول السيد مع يمينه.
وقال الشافعي: يتحالفان، وينفسخ الكتابة إذا كان الحلف قبل
العتق، وإن كان بعد العتق تحالفا وكان على المكاتب قيمة نفسه، لأن رده
في الرق لا يمكن كما يقوله في خلاف المتبايعين إذا تلف المبيع أنهما
يتحالفان ويلزم المشتري قيمة السلعة (4).
دليلنا: أن الأصل أن لا كتابة، ولا أجل، ولا ثمن، ولا وقت،

(1) الكافي 6: 186 حديث 7، ونم لا يحضره الفقيه 3: 74 حديث 258 و 3: 78 حديث 280،
والتهذيب 8: 271 و 275 حديث 986 و 1002.
(2) حلية العلماء 6: 216، والحاوي الكبير 18: 192.
(3) مختصر المزني: 324 - 325، وحلية العلماء 6: 215، والحاوي الكبير 18: 191 و 192.
(4) مختصر المزني: 325، وحلية العلماء 6: 231، ومغني المحتاج 4: 536، والمجموع 16: 35،
والسراج الوهاج: 642، والمغني لابن قدامة 12: 464، والشرح الكبير 12: 473، وبداية المجتهد 2: 380، والبحر الزخار 5: 223، والحاوي الكبير 18: 192.
398

وإيجاب ذلك يحتاج إلى دليل، والمكاتب يدعي على سيده أجلا أو قدرا من
الثمن أو نجوما مخصوصة فعليه البينة، وإلا فالقول قول السيد، لقوله عليه
السلام: (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) (1).
مسألة 24: إذا كان له مكاتبان كاتبهما بقيمة واحدة، فأدى أحدهما
علفا ثم أشكل عليه عين المؤدي منهما أقرع بينهما، فنم خرجت قرعته حكم له
بالأداء وعتق، بقي الآخر مكاتبا، فإن مات أقرع بينهما.
وقال الشافعي: لا يجوز أن يقرع بينهما ما دام حيا، بل يلزم التذكر
أبدا، فإن مات فهل يقرع بينهما؟ على قولين: أحدهما يقرع كما قلناه،
والثاني لا يقرع، لأن أحدهما حر، وربما خرجت قرعة الرق عليه (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، على أن كل مشكل فيه قرعة، وهذا
من جملة ذلك.
مسألة 25: إذا عدى أحدهما مال الكتابة، وأشكل الأمر عليه، وادعيا
عليه جميعا العلم عنه يعلم عين من أدى، فالقول قوله مع يمينه فإذا حلف
أقرع بين المكاتبين، فمن خرجت له قرعة الأداء حكم له بالحرية ورق
الآخر، ويلزمه ما يخصه من مال الكتابة.

(1) سنن الترمذي 3: 626 حديث 1341، وسنن الدارقطني 4: 157 حديث 8، وتلخيص الحبير
4: 208 حديث 2135، والسنن الكبرى 8: 279.
(2) حلية العلماء 6: 232 - 233، والمجموع 16: 36 - 37، والحاوي الكبير 18: 194.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 52 حديث 174 - 175، والتهذيب 6: 240 حديث 593،
والاستبصار 3: 41 حديث 139.
399

وقال الشافعي: إذا حلف لهما كانا معا على الكتابة، فيؤدي كل واحد
منهما ألفا، كما لو كان له على رجلين ألفان، على كل واحد منهما ألف،
فقبض من أحدهما وأشكل عين الدافع، وادعيا علمه بعين الدافع، فإنه
يحلف ويستحق الألفين (1).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، والأصل الذي ردوه إليه نقول
فيه، مثل الذي قلناه في الفرع، وكيف يجوز أن يستحق الألفين وهو يقطع
على أن أحدهما حرام، ولا يعرف عينه، فكيف يحل له التصرف فيهما، أو في
واحد منهما إلا على ما قلناه.
مسألة 26: يجوز أن يكاتب عبده على العروض من الثياب والحيوان بلا
خلاف، ويجوز عندنا أن يكاتبه على ثوب واحد إلى أجل واحد.
وقال الشافعي: لا يجوز إلا بثوبين أو عرضين إلى أجلين (2).
دليلنا: قوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) (3) ولم يفصل،
وهو بنى هذا على أنه لا بد في مال الكتابة من أجلين ونجمين، وقد بينا
فساده.
مسألة 27: إذا كان عبد بين شريكين، فكاتب أحدهما على نصيبه
بأكثر من شريكه، صح ذلك، وبه قال مالك وأبو حنيفة (4).

(1) حلية العلماء 6: 232، والمجموع 16: 36، والحاوي الكبير 18: 194.
(2) مغني المحتاج 4: 518، والحاوي الكبير 18: 195.
(3) النور: 33.
(4) النتف 1: 425، وجواهر الإكليل 2: 308، والخرشي على مختصر الخليل 8: 144، والحاوي
الكبير 18: 200.
400

وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني أنه لا يصح، وهو
اختيار المزني (1).
دليلنا: قوله تعالى: (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) (2) ولم يفصل
والأخبار (3) أيضا عامة، ولم يفصل فيها.
مسألة 28: إذا كاتب على نصيبه بغير إذن شريكه صح أيضا. وبه قال
الحكم، وابن أبي ليلى، ومال إليه أبو العباس بن سريج (4).
وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: الكتابة فاسدة (5).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء، ولأنه إذا كان مالكا لنصفه فله
أن يتصرف فيه كيف يشاء، إلا أن يمنع مانع، ولا مانع هاهنا.
مسألة 29: إذا كان عبد بين شريكين، لأحدهما ثلثه، وللآخر ثلثاه
فكاتب صاحب الثلثين على مائتين، وصاحب الثلث على مائتين، صحت
الكتابتان، وبه قال أبو حنيفة (6).

(1) الأم 8: 41 و 42، والوجيز 2: 285، ومختصر المزني: 325، والحاوي الكبير 18: 200.
(2) النور: 33.
(3) انظرها في الكافي 6: 187 حديث 10 وص: 189 حديث 17، والتهذيب 8: 270 حديث
982 - 984.
(4) المبسوط 8: 34، وبداية المجتهد 2: 370 - 371، والشرح الكبير 12: 452، والبحر الزخار
5: 215، والحاوي الكبير 18: 199.
(5) الأم 8: 41، ومختصر المزني: 325، وحلية العلماء 6: 194، والوجيز 2: 285، والمجموع 16: 20
و 22، والمبسوط 8: 34، وبداية المجتهد 2: 370 - 371، والشرح الكبير 12: 453، والبحر
الزخار 5: 215، والحاوي الكبير 18: 199.
(6) المغني لابن قدامة 12: 409، والشرح الكبير 12: 458.
401

وقال الشافعي: لا تصح حتى يتساويا في الثمن على حسب الملك، فإن
تفاضلا في البدل بطلت الكتابة (1).
دليلنا: ما قدمناه في المسألة الأولى سواء من الآية (2) والأخبار، وهي
على عمومها (3)، والمنع يحتاج إلى دليل، ولأنه لا خلاف أنه يجوز لهما أن
يبيعاه متفاضلا، والكتابة عندنا بيع.
مسألة 30: إذا كاتب اثنان عبدا، صحت الكتابة، ولم يجز له أن يخص
أحدهما بمال الكتابة بلا خلاف إذا كان بغير إذنه، فإن أذن أحد
الشريكين له أن يعطي الآخر نصيبه، كان إذنه صحيحا، ومتى أعطاه
وقبضه، كان القبض صحيحا.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والآخر لا يصح، وهو
اختيار المزني (4).
دليلنا: أن الأصل جوازه، والمنع يحتاج إلى دليل.
مسألة 31: ولد المكاتبة من زوج أو زنا، للشافعي فيه قولان: أحدهما
عبد قن لصاحبه (5) والثاني موقوف، يعتق إذا عتقت، ويسترق إذا

(1) الأم 8: 42، ومختصر المزني: 325، والمغني لابن قدامة 12: 409، والشرح الكبير 12: 458،
والحاوي الكبير 18: 203.
(2) النور: 33.
(3) الكافي 6: 187 حديث 10 وص: 189 حديث 17، والتهذيب 8: 270 حديث 982 - 984.
(4) الحاوي الكبير 18: 206، ومختصر المزني: 325.
(5) في بعض النسخ (لسيدها).
402

استرقت (1).
والذي يقتضيه مذهبنا، عن أولادها كهيئتها، سواء كانت مشروطا
عليها أو مطلقة، فإذا أدت ما عليها عتقوا كهيئتها، تلا أن يكونوا من زوج
حر فيكونوا أحرارا.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2).
مسألة 32: لا يجوز للرجل وطء أمته التي كاتبها، سواء كانت مشروطا
عليها أو مطلقة، بلا خلاف فإن خالف ووطأها، فإن كانت مشروطا
عليها فلا حد عليه، لأن هناك شبهة، وإن كانت مطلقة أدت من كاتبتها
شيئا كان عليه الحد بمقدار ما تحرر منها، ويدرأ عنه بمقدار ما بقي.
وقال أبو حنيفة، والثوري، ومالك، والشافعي: لا حد عليه بحال (3).
وقال الحسن البصري: عليه الحد، لأنه حرام، فوجب أن يحد كالزنا
الصريح (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (5)، وأيضا قوله عليه السلام: (إدرأوا
.

(1) حلية العلماء 6: 206، والأم 8: 58، والوجيز 2: 293، والمجموع 16: 25، والسراج الوهاج:
637، ومغني المحتاج 4: 523، والحاوي الكبير 18: 211.
(2) من لا يحضره الفقيه 3: 75 حديث 265، والتهذيب 8: 271 حديث 987.
(3) الأم 8: 59، ومختصر المزني: 326، وحلية العلماء 6: 211، والوجيز 2: 294، والمدونة الكبرى
3: 255، وأسهل المدارك 3: 259، والمغني لابن قدامة 12: 389، والشرح الكبير 12: 391،
والبحر الزخار 5: 215، والحاوي الكبير 18: 215.
(4) المغني لابن قدامة 12: 389، والشرح الكبير 12: 391، وحلية العلماء 6: 211، والبحر الزخار
5: 215.
(5) الكافي 6: 186 حديث 4، والتهذيب 8: 268 حديث 977.
403

الحدود بالشبهات) (1)، وها هنا شبهة.
مسألة 33: يجوز بيع المال الذي على المكاتب، فإن أدى المكاتب مال
الكتابة انعتق على سيده، وإن عجز رجع رقا على سيده، وكان للمشتري
الدرك بما اشتراه. وبه قال مالك، إلا أنه قال: إذا عجز رجع رقا
للمشتري (2).
وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز بيع ذلك (3).
دليلنا: أن الأصل جواز ذلك، والمنع يحتاج إلى دليل.
وأيضا قوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) (4) يدل عليه.
فإن قيل: نهى النبي عليه السلام عن بيع ما لم يقبض.
قلنا: نحمله على أنه إذا لم يكن مضمونا، وأما إذا ضمنه بلا بأس به.
مسألة 34: إذا أرد بيع رقبة المكاتب، لم يجز ذلك إلا بعد عجز العبد
أن الأداء إذا كان مشروطا عليه، وإن كان مطلقا وقد أدى بعضه فلا
طريق إلى بيع رقبته بحال.
وقال أبو حنيفة والشافعي في الجديد: لا يجوز بيع رقبته بحال (5). وقال.

(1) نصب الراية 3: 333، وكنز العمال 5: 305 حديث 12957، وتاريخ بغداد 9: 303،
وتلخيص الحبير 4: 56، وفيض القدير للمناوي 1: 227، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق
4: 53 حديث 190.
(2) الحاوي الكبير 18: 244، وانظر المدونة الكبرى 3: 258، وبداية المجتهد 2: 378.
(3) الأم 8: 65، وبداية المجتهد 2: 378، والحاوي الكبير 18: 244.
(4) البقرة: 275.
(5) الأم 8: 66، ومختصر المزني: 328، والوجيز 2: 292، والميزان الكبرى 2: 205، والمغني لابن
قدامة 12: 444، والشرح الكبير 12: 407، والبحر الزخار 5: 216، والحاوي الكبير
18: 248.
404

في القديم: يجوز. وهو قول عطاء والنخعي وأحمد (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا فهو غير مالك لرقبته، فكيف يصح منه
بيعه، وإنما يرجع ملكه إذا عجز عن الأداء، فأما إذا تحرر منه جزء فلا
طريق إلى رجوعه ملكا أصلا.
فإن استدلوا بخبر بريرة، وإنها استعانت على كتابتها عائشة، فأمرها
النبي عليه السلام أن تشتريها (2).
قلناه: بريرة كانت قد عجزت، فرجعت رقا.
مسألة 35: إذا زوج الرجل بنته من مكاتبه، ثم مات، فورثته بنته،
انفسخ عقد النكاح بينهما. وبه قال الشافعي (3).
وقال أبو حنيفة: لا ينفسخ (4).
دليلنا: أن المكاتب يرث، فينتقل إلى الزوجة ملكه، فينفسخ العقد
بذلك. وعنه أبي حنيفة أنه لا يورث، فيكون النكاح على حاله (5).
والدليل على أنه يورث هو: أنه لا خلاف أن الرجل إذا مات وله

(1) الوجيز 2: 292، والميزان الكبرى 2: 205، والمغني لابن قدامة 12: 444، والشرح الكبير
12: 407، والبحر الزخار 5: 216، والحاوي الكبير 18: 248.
(2) صحيح مسلم 2: 1141 حديث 6 و 7، وشرح معاني الآثار 4: 43، والسنن الكبرى 7: 305.
(3) مختصر المزني: 331، والمغني لابن قدامة 12: 457، والشرح الكبير 12: 439، وبداية المجتهد
2: 379.
(4) المغني لابن قدامة 12: 457، والشرح الكبير 12: 439، وبداية المجتهد 2: 379.
(5) المغني لابن قدامة 12: 457، والشرح الكبير 12: 439، وبداية المجتهد 2: 380.
405

مكاتب فورثته ابنته وغيرها، ثم أراد المكاتب أن يتزوج الابنة لم يكن له،
ولولا أن ملكه قد انتقل إلى ورثته والبنت من جملتهم لما امتنع تزويجه بها. ألا
ترى أن في حال الحياة لما يكن لها فيه ملك بوجه جاز له الت، ويج بها، فلما
امتنع في هذه الحالة علم أنه حديث لها عليه ملك، فامتنع التزويج لأجله.
406

كتاب المدبر
407

كتاب المدبر
مسألة 1: إذا قال لعبده إذا مت فأنت حر، أو محرر، أو عتيق، أو
معتق كان صريحا، غير أنه لا بد فيه من النبية، كما نقوله في صريح الطلاق،
والعتاق. فإن عرى عن النية، لم يكن له حكم.
وقال الفقهاء: ذلك صريح، لا يحتاج إلى نية (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، وأيضا الأصل بقاء الرق، ومع حصول النية انعقد
التدبير بلا خلاف، وإذا تجرد فقيه الخلاف.
مسألة 2: إذا قال: أنت مدبر، أو مكاتب، لا ينعقد به كتابه، ولا
تدبير، وإن نوى ذلك، بل لا بد أن يقول في التدبير: إذا مت فأنت حر، أو
أنت حر إذا مت. وفي الكتابة: إذا أديت إلي مالي فأنت حر، فمتى لم يقل
ذلك لم يكن شيئا.
وقال الشافعي في الكتابة: إنها كناية، فإن نوى بها الكتابة صحت،

(1) الأم 8: 16، والوجيز 2: 281، ومغني المحتاج 4: 509، والمجموع 16: 13، والسراج الوهاج
632، وتبيين الحقائق 3: 97، واللباب 3: 12، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 3: 432،
وشرح فتح القدير 3: 432، وبدائع الصنائع 4: 112، والمغني لابن قدامة 12: 307، وأسهل
المدارك 3: 264.
409

وإن لم ينو لم تصح، وفي التدبير أنه صريح (1).
وأصحابه على طريقين: منهم من قال هما على قولين، أحدهما صريح،
والآخر كناية (2).
ومنهم من قال التدبير صريح، والكتابة كناية (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 3: التدبير بشرط لا يقع، وكذلك العتق والطلاق.
وقال جميع الفقهاء: إنه يصح وينعقد (4).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 4: التدبير بصفة الوصية يجوز له الرجوع فيه بالقول، بأن يقول:
قد رجعت في هذا التدبير ونقضته.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، وهو الضعيف عندهم،
واختاره المزني (5).
والقول الآخر: إنه عتق بصفة، لا يصح الرجوع فيه. وبه قال

(1) حلية العلماء 6: 181، والوجيز 2: 281، والمجموع 16: 13، والحاوي الكبير 18: 104.
(2) حلية العلماء 6: 182، والمجموع 16: 13، والحاوي الكبير 18: 104.
(3) حلية العلماء 6: 182، والمجموع 16: 13، والحاوي الكبير 18: 104.
(4) مختصر المزني: 322، ومغني المحتاج 4: 510، والوجيز 2: 281، والمجموع 16: 13 و 16،
والسراج الوهاج: 632، والمغني لابن قدامة 12: 309، والشرح الكبير 12: 310، والبحر
الزخار 5: 208.
(5) الأم 8: 18، ومختصر المزني: 322، وحلية العلماء 6: 187 و 188، والمجموع 16: 16، وبداية
المجتهد 2: 382، والحاوي الكبير 18: 112.
410

أبو حنيفة (1).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (2)، فأما بيعه وهبته ووقفه فلا خلاف في
ذلك أنه ينتقض بذلك التدبير، كما ينتقض به العتق بشرط.
مسألة 5: إذا دبر عبدا، ثم أراد بيعه والتصرف فيه، كان له ذلك،
سواء كان التدبير مطلقا، بأن يقول: إذا مت فأنت حر، أو مقيدا، بأن
يقول: إن مت في يومي هذا فأنت حر، أو في شهري هذا، أو سنتي هذه إذا
نقض تدبيره، فإن لم ينقض تدبيره لم يجز بيع رقيته، وإنما يجوز له بيع خدمته
مدة حياته.
وقال الشافعي: يجوز بيعه على كل حال (3).
وقال أبو حنيفة: إن كان التدبير مقيدا ملك التصرف فيه، وإن كان
مطلقا لزم، ولم يجز له التصرف فيه بحال (4).

(1) الأم 8: 18، ومختصر المزني: 322، وحلية العلماء 6: 187 و 188، والمجموع 16: 16، وبداية
المجتهد 2: 381، والهداية 3: 438، وشرح فتح القدير 3: 438، والحاوي الكبير 18: 112.
(2) الكافي 6: 184 حديث 3 و 7، والتهذيب 9: 225 حديث 883 - 884 و 886، والاستبصار
4: 30 حديث 104.
(3) الأم 8: 16، وحلية العلماء 6: 185، والمجموع 16: 15، ومغني المحتاج 4: 512، والسراج
الوهاج: 633، والميزان الكبرى 2: 204، والمغني لابن قدامة 12: 316، والشرح الكبير
12: 317، وبداية المجتهد 2: 283، وتبيين الحقائق 3: 98، والبحر الزخار 5: 210، والحاوي
الكبير 18: 102.
(4) المبسوط 7: 179، وبدائع الصنائع 4: 120، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 3: 433،
وشرح فتح القدير 3: 433، وتبيين الحقائق 3: 12 و 13 و 98 و 99، وفتح الباري 5: 166،
وحلية العلماء 6: 185، والميزان الكبرى 2: 204، وبداية المجتهد 2: 383، والبحر الزخار
5: 21، والحاوي الكبير 18: 102.
411

وقال مالك: لا يجوز بيع المدبر في حال حياة المدبر، فإذا مات، فإن
كان عليه دين جاز بيعه، وإن لم يكن عليه دين وكان يخرج من ثلثه عتق
جميعه، وإن لم يحتمله الثلث عتق ما يحتمله (1).
دليلنا: إجماع الفرقة، ولأنا قد بينا أنه بمنزلة الوصية، فإذا ثبت ذلك
كان له الرجوع في وصيته، وبيع ما أوصى به لغيره.
وروى جابر (أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر، فسمع النبي عليه
السلام فدعاه فباعه) (2).
مسألة 6: إذا دبره، ثم وهبه، كان هبته رجوعا في التدبير، سواء أقبضه،
أو لم يقبضه.
وقال الشافعي: إن أقبضه مثل ما قلناه، وإن لم يقبضه فعلى طريقين.
منهم من قال: يكون رجوعا، قولا واحدا.
ومنهم من قال على قولين (3). دليلنا: أن الهبة إزالة ملك، فإذا زال ملكه عنه فقد نقض التدبير، كما
لو باعه.
مسألة 7: إذا دبره، ثم أوصى به لرجل، كان ذلك رجوعا.

(1) المدونة الكبرى 3: 305، وبداية المجتهد 2: 383، وحلية العلماء 6: 185، والمغني لابن قدامة
12: 316، وعمدة القاري 13: 95، والميزان الكبرى 2: 204.
(2) سنن ابن ماجة 2: 840 حديث 2512، والسنن الكبرى 10: 308، وتلخيص الحبير 4: 215
حديث 2154، وفتح الباري 5: 165، والحاوي الكبير 18: 102.
(3) الأم 8: 18، وحلية العلماء 6: 187، والحاوي الكبير 18: 113.
412

وللشافعي فيه قولان: إذا قال هو وصية، قال يكون رجوعا. وإذا قال
يكون عتقا بصفة، لم يكن رجوعا (1).
دليلنا: أنا قد دللنا على أنه وصية، وليس بعتق بصفة، فإذا ثبت ذلك
زال الخلاف.
مسألة 8: إذا ارتد المدبر ارتدادا يستتاب، لم يبطل تدبيره، فإن رجع
إلى الإسلام كان تدبيره باقيا بلا خلاف، وإن لحق بدار الحرب بطل
تدبيره.
وقال الشافعي: لا يبطل تدبيره بلحوقه بدار الحرب (2).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن المدبر متى أبق بطل تدبيره، و هذا قد أبق
زيادة على ارتداده.
مسألة 9: إذا أبق المدبر بطل تدبيره.
و قال جميع الفقهاء: لا يبطل.
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3).
مسألة 10: إذا ارتد المسلم، ثم دبر مملوكا، فإن كان ممن يستتاب لم يزل
ملكه عن ماله، وصح تدبيره، وإن كان ممن لا يستتاب، زال ملكه، ويجب
عليه القتل على كل حال.

(1) حلية العلماء 6: 188.
(2) الأم 8: 19، ومختصر المزني: 322، والشرح الكبير 12: 315، والحاوي الكبير 18: 117.
(3) الكافي 6: 200 حديث 4، ومن لا يحضره الفقيه 3: 87 حديث 324، والتهذيب 8: 264
حديث 964، والاستبصار 4: 32 حديث 110.
413

وللشافعي في زوال ملكه، والتصرف بعده ثلاثة أقوال:
أحدها: زال ملكه.
والثاني: لم يزل ملكه.
والثالث: مراعى (1).
وفي التصرف ثلاثة أقوال: أحدها باطل، والثاني صحيح، والثالث
مراعى (2).
دليلنا: إجماع الفرقة على الثاني، وأما الأول فإن زوال ملكه يحتاج إلى
دليل، فلو كان ملكه زال لما رجع عليه إذا عاد إلى الإسلام، وكان لا تجب
عليه الزكاة في هذه المدة. وعندنا وعند الشافعي يجب عليه فيه الزكاة (3).
مسألة 11: إذا ادعى المدبر على سيده التدبير، فأنكر ذلك السيد، لم
يكن إنكاره رجوعا في التدبير.
وقال الشافعي: إذا قلنا أنه عتق معلق بصفة لا يكون رجوعا، قولا
واحدا (4) وإن قلناه أنه وصية، فعلى قولين: أحدهما يكون رجوعا، والمذهب
أنه لا يكون رجوعا، ويقال: إن شئت ارجع وأسقط الدعوى عن نفسك
واليمين (5).

(1) مختصر المزني: 322، والمغني لابن قدامة 10: 81، والحاوي الكبير 18: 119.
(2) انظر حلية العلماء 3: 8 و 9، والغني لابن قدامة 10: 81، والحاوي الكبير 18: 120.
(3) انظر مختصر المزني 322، وحلية العلماء 3: 8 و 9، والمجموع 5: 327، و 328.
(4) حلية العلماء 6: 190، والمجموع 16: 18.
(5) حلية العلماء 6: 191، ومغني المحتاج 4: 515، والمجموع 16: 18، والسراج الوهاج: 634،
والوجيز 2: 282، والحاوي الكبير 18: 124.
414

دليلنا: أنا قد دللنا على أن التدبير وصية، فإذا ثبت ذلك، ثبت ما قلناه
بالاتفاق، وأما قولهم الضعيف فإن يفسد بأن الإنكار ليس برجوع، لأن
الرجوع إنما يكون بإزالة ملك من بيع أو هبة أو إقباض أو وقف، أو بأن
يقول: قد فسخت، وليس هاهنا شئ من ذلك. وأيضا فقد ثبت التدبير،
فمن ادعى أن إنكاره رجوع، فعليه الدلالة.
مسألة 12: إذا دبر مملوكه، ثم كاتبه، كان ذلك إبطالا لتدبيره.
وللشافعي فيه قولان: إذا قال إنه وصية، قال مثل ما قلناه، وإذا قال
عتق بصفة لم يبطل (1).
دليلنا: أنا قد دللنا على أنه وصية، فإذا ثبت ذلك، ثبت ما قلناه، لأن
أحدا لا يخالف فيه مع ثبوته.
مسألة 13: للسيد وطء أمته المدبرة بلا خلاف، فإن حبلت لم يبطل
تدبيرها، فإذا مات سيدها عتقت من ثلثه، فإن خلف غيره قومت على
ولدها وانعتقت عليه، وإن لم يخلف غيرها انعتق ثلثها بالتدبير ونصيب
ولدها منها عليه وتستسعي فيها بقي للورثة.
وقال الشافعي: يبطل تدبيرها، لأن سبب عتقها أقوى من التدبير،
فإذا مات سيدها انعتقت من صلب ماله (2).
دليلنا: إجماع الفرقة على أن أم الولد يجوز بيعها، وأن الملك على ما

(1) الأم 8: 19 و 21، وحلية العلماء 6: 188، والحاوي الكبير 18: 123.
(2) الأم 8: 19، والسراج الوهاج: 633، ومغني المحتاج 4: 513، والمجموع 16: 14، والشرح الكبير
12: 323، والحاوي الكبير 18: 126.
415

كان، فإذا ثبت ذلك فيجب أن يكون التدبير باقيا، والشافعي إنما بنى
هذه المسألة على أنها تنعتق بموت سيدها، ونحن لا نسلم ذلك، بل نخالف
فيه.
مسألة 14: إذا دبر أمته، ثم حملت بملوك من غيره بعد التدبير، كان
الولد مدبرا مثل أمه، ينعتقان بموت سيدها، وليس له نقض تدبيره وإنما له
نقض تدبير الأم فحسب.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما: يكون مدبرا معها، ويجري عليه ما يجري
عليها، وله فسخ التدبير فيه، كما أن له ذلك فيها. وبه قال أبو حنيفة،
ومالك، والثوري، وأحمد فإنهم قالوا: الولد يتبعها يكون مدبرا (1)، والقول
الثاني: عبد قن، وهو أضعف القولين، واختاره المزني (2). دليلنا: إجماع الفرقة أخبارهم (3)، وقد أوردناها في كتبنا.
مسألة 15: إذا دبرها وهي حامل بمملوك، لم يدخل الولد في التدبير.
وقال الشافعي: يدخل فيه، قولا واحدا (4).

(1) المغني لابن قدامة 12: 323، والشرح الكبير 12: 320، والمدونة الكبرى 3: 298، وبداية
المجتهد 2: 384، والوجيز 2: 283، والبحر الزخار 5: 210، وحلية العلماء 6: 186، والسراج
الوهاج: 634، ومغني المحتاج 4: 513، والحاوي الكبير 18: 127.
(2) مختصر المزني: 323، والسراج الوهاج: 634، ومغني المحتاج 4: 513، والوجيز 2: 283، والمغني
لابن قدامة 12: 323، والشرح الكبير 12: 320، والبحر الزخار 5: 210، والحاوي الكبير
18: 127.
(3) الكافي 6: 184 حديث 5 - 6، والتهذيب 8: 259 حديث 941، والاستبصار 4: 29 حديث 101.
(4) السراج الوهاج: 634، ومغني المحتاج 4: 513، والوجيز 2: 283، وفتح المعين: 153،
والحاوي الكبير 18: 129.
416

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (1)، ولأن الأصل الرق، فمن قال يدخل
في التدبير بتدبير أمه، فعليه الدليل.
مسألة 16: إذا كان عبد بين شريكين، فدبر أحدهما نصيبه، لم يقوم
عليه نصيب شريكه.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والآخر يقوم عليه (2).
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وتقويم ذلك عليه يحتاج إلى دليل.
مسألة 17: إذا كان بينهما، فدبر أحدهما نصيبه، وأعتق الآخر نصيبه،
لم يقوم عليه هذا النصف المدبر.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني يقوم عليه (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء.
مسألة 18: إذا كان للإنسان مملوك، فدبر نصفه، كان صحيحا، ولا
يسري إلى النصف الآخر، وهو منصوص للشافعي (4).
وقال أصحابه: فيه قول آخر: إنه يسري إلى النصف (5).

(1) الكافي 6: 184 حديث 4، والتهذيب 8: 260 حديث 946، والاستبصار 4: 31 حديث 108 و 109.
(2) حلية العلماء 6: 182، والمجموع 16: 14، والوجيز 2: 282، وبداية المجتهد 2: 382، والشرح
الكبير 12: 326، والحاوي الكبير 18: 109 - 110.
(3) الأم 8: 22 و 23، وحلية العلماء 6: 182 و 183، والمجموع 16: 14، والمغني لابن قدامة
12: 313، والحاوي الكبير 18: 109.
(4) حلية العلماء 6: 183 و 184، والجيز 2: 28، والمجموع 16: 14، والبحر الزخار 5: 210،
والحاوي الكبير 18: 109.
(5) حلية العلماء 6: 183 و 184، والمجموع 16: 14، والبحر الزخار 5: 210، والحاوي الكبير 18: 109.
417

دليلنا: أن الأصل عدم التدبير، وإيجاب السراية فيها لم يدبره يحتاج إلى
دليل.
مسألة 19: إذا دبر مماليك جماعة، واحدا بعد الآخر، بعضهم في مرضه،
وبعضهم في صحته، وأوصى بعتق عبد آخر، فإن خرجوا من الثلث أعتقوا
كلهم، وإن لم يخرجوا بدى بالأول فالأول، ويسقط الأخير إذا استوفى
الثلث، فإن اشتبه الحال فيه، ولا يدري بمن بدى، أقرع بينهم إلى تمام الثلث.
وقال الشافعي: إن خرجوا من الثلث عتقوا كلهم كما قلناه، وإن لم
يخرجوا أقرع بينهم، ولا يقدم واحد منهم على صاحبه، وإن كان بدى به
أولا، كالوصيتين عنده (1).
دليلنا: أنا قد بينا أن التدبير كالوصية، وعندنا أن الوصية يقدم الأول
فالأول حتى يستوفي الثلث، فإذا استوفى الثلث سقط ما بعده، وقد بينا في
الوصايا.
مسألة 20: إذا دبر الكافر عبده، فأسلم العبد، فإن رجع في تدبيره بيع
عليه بلا خلاف، وإن يرجع في تدبيره بيع عليه.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه (2)، والثاني لا يباع عليه،
وهو اختيار المزني (3).

(1) لم أظفر به في المصادر المتوفرة.
(2) حلية العلماء 6: 190، والمجموع 16: 17، وبداية المجتهد 2: 385، والمغني لابن قدامة
12: 335، والشرح الكبير 12: 327، و 328، والحاوي الكبير 18: 135.
(3) حلية العلماء 6: 190، والمجموع 16: 17، والمغني لابن قدامة 12: 335، والحاوي الكبير
18: 135 وفيه اختيار المزني للبيع كالقول الأول.
418

دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم على أن العبد إذا أسلم في يد الكافر
أعطي ثمنه (1)، وأيضا قوله عليه السلام: (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) (2)
ولو لم يبع عليه، وكان لمولاه عليه طاعة، لكان قد علاه وهو كافر، وذلك
ينافي الخبر.
مسألة 21: تدبير الصبي ووصيته إذا لم يكن مميزا عاقلا باطلان بلا
خلاف، وإذا كان مميزا عاقلا مراهقا كانا صحيحين، وقيده أصحابنا بما
إذا بلغ عشر سنين فصاعدا إذا كان عاقلا (3).
وللشافعي فيه قولان: إذا كان مميزا عاقلا، أحدهما صحيح مثل ما
قلناه، غيره أنه لم يحد سنه (4).
والثاني: لا يصح. وهو اختيار المزني، وبه قال أبو حنيفة ومالك (5).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم على أن الصبي إذا بلغ عشر سنين صحت
وصيته (6)، والتدبير وصية.

(1) الكافي 7: 432 حديث 19، والتهذيب 6: 287 حديث 795.
(2) صحيح البخاري 2: 117، وسنن الدارقطني 3: 252 حديث 30، والسنن الكبرى 6: 205،
ونصب الراية 3: 213، وكنز العمال 1: 66 حديث 346، وتلخيص الحبير 4: 126 حديث 1921.
(3) انظر ما روي في الأحاديث المشار إليها في آخر هامش من هذه المسألة.
(4) الأم 8: 24، وحلية العلماء 6: 181، والمجموع 16: 13، ومغني المحتاج 4: 511، والسراج
الوهاج: 633، والمغني لابن قدامة 12: 334، والحاوي الكبير 18: 137.
(5) الأم 8: 24، ومختصر المزني: 323، وحلية العلماء 6: 181، والمجموع 16: 13، والوجيز
2: 282، ومغني المحتاج 4: 511، والسراج الوهاج: 633، والمغني لابن قدامة 12: 334،
والبحر الزخار 5: 209، الحاوي الكبير 18: 137.
(6) الكافي 7: 28 - 29 حديث 3 - 4، ومن لا يحضره الفقيه 4: 145 حديث 501 - 503،
والتهذيب 9: 181 - 182 حديث 726 - 730.
419

مسألة 22: المدبر يعتبر من الثلث. وبه قال جميع الفقهاء (1).
وقال سعيد بن جبير، ومسروق: يعتبر من رأس المال، وهو قول داود (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وأيضا فقد بينا أنه بمنزلة الوصية، ولا
خلاف عن الوصية تعتبر من الثلث.
وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (المدبر من
الثلث) (4). وروي ذلك عن علي عليه السلام، وابن عمر (5)، ولا مخالف
لهما.

(1) الأم 8: 18، ومختصر المزني: 322، وحلية العلماء 6: 183، والسراج الوهاج: 634، والمبسوط
7: 179، والنتف 1: 417، وعمدة القاري 3: 95، واللباب 3: 12، وتبيين الحقائق 3: 99،
والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير 3: 437، وشرح فتح القدير 3: 437، وبداية المجتهد
2: 383، وأسهل المدارك 3: 264، ومغني المحتاج 4: 514، والبحر الزخار 5: 208، والحاوي
الكبير 18: 105.
(2) بداية المجتهد 2: 383، وحلية العلماء 6: 183، وعمدة القاري 13: 95، والبحر الزخار
5: 208، والحاوي الكبير 18: 105.
(3) من لا يحضره الفقيه 3: 73 حديث 255، والتهذيب 8: 258 - 259 حديث 940 و 943 و
944 و 9: 224 - 225 حديث 879 - 880 و 885، والاستبصار 4: 31 حديث 107.
(4) سنن ابن ماجة 2: 840 حديث 2514، والسنن الكبرى 10: 314، والمعجم الكبير للطبراني
12: 367 حديث 1336، ونصب الراية 3: 285، وكنز العمال 10: 330 حديث 29670.
(5) السنن الكبرى 10: 314، والحاوي الكبير 18: 105.
420

كتاب أمهات الأولاد
421

كتاب أمهات الأولاد
مسألة 1: إذا استولد الرجل أمة في ملكه، ثبت لها حرمة الاستيلاد،
ولا يجوز بيعها ما دامت حاملا، فإذا لدت لم يزل الملك عنها، ولم يجز بيعها
ما دام ولدها باقيا، إلا في ثمن رقبتها، فإن مات ولدها، جاز بيعها على كل
حال، فإن مات سيدها جعلت في نصيب ولدها، وعتقت عليه، فإن لم
يخلف غيرها، عتق منها نصيب ولدها واستسعت لباقي الورثة. وبه قال علي
عليه السلام، وابن الزبير، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وابن مسعود،
والوليد بن عقبة (1)، وسويد بن غفلة، وعمر بن عبد العزيز، وابن سيرين،
وعبد الملك بن يعلى (2) من أهل الظاهر (3).

(1) الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو القرشي، أخو عثمان لأمه، روى عن النبي صلى
الله عليه وآله، وعنه أبو موسى عبد الله الهمداني وعامر الشعبي وحارثة بن مضرب. أسلم يوم
الفتح. مات أيام معاوية بن أبي سفيان. تهذيب التهذيب 11: 142.
(2) اضطربت النسخ الخطية والمطبوعة وغيرها من مختصرات الخلاف في نقل هذا الاسم، ولم
أقف على ترجمة لعبد الملك بن يعلى من أهل الظاهر، ولعله سهود من النساخ، ولعل العبارة
هي: (عبد الملك بن يعلى وأهل الظاهر) فيكون عبد الملك هذا هو عبد الملك بن يعلى الليثي
البصري، قاضي البصرة، مات سنة مائة، وانظر ترجمته في تهذيب التهذيب 6: 429. والله أعلم بالصواب.
(3) المبسوط 7: 149، وعمدة القاري 3: 92، وفتح الباري 5: 164، والمحلى 9: 220، والمغني
لابن قدامة 12: 429، وأسهل المدارك 3: 270، والحاوي الكبير 18: 308.
423

وقال داود: يجوز التصرف فيها على كل حال، ولم يفصل (1).
وقال أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي، ومالك: لا يجوز بيعها، ولا
التصرف في رقبتها بوجه، وتعتق عليه بوفاته (2).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم (3)، وأيضا فلا خلاف أنه يجوز وطؤها
بالملك، فلو كان الملك قد زال لما جاز ذلك.
وأيضا فلا خلاف أنه يجوز عتقها، فلو كان زال الملك عنها لما كان
ذلك.
وأيضا الأصل كونها رقا، فمن ادعى زوال ذلك وثبوت عتقها بعد
وفاته، فعليها الدلالة.
وما رواه ابن عباس عن النبي عليه السلام أنه قال: (أيما أمة ولدت
من سيدها فهي حرة عن دبر منه) (4) فمحمول على أنه إذا مات سيدها

(1) المغني لابن قدامة 12: 492، والشرح الكبير 12: 501، وعمدة القاري 13: 92.
(2) الأم 6: 101، وحلية العلماء 6: 243، والوجيز 2: 294، والسراج الوهاج: 644، ومغني
المحتاج 4: 538 و 542، والمدونة الكبرى 3: 315 - 316، وأسهل المدارك 3: 276 - 268 و
270، والمبسوط 7: 149، وعمدة القاري 13: 92، وفتح الباري 5: 165، والهداية المطبوع مع
شرح فتح القدير 3: 441، وشرح فتح القدير 3: 441، والمجموع 16: 39، والمغني لابن قدامة
12: 492، والشرح الكبير 12: 500، والحاوي الكبير 18: 308.
(3) الكافي 6: 191 - 193 حديث 1 - 6، ومن لا يحضره الفقيه 3: 82 - 83 حديث 294 - 300،
والتهذيب 8: 237 حديث 858 - 865، والاستبصار 4: 11 - 14 حديث 34 - 41.
(4) سنن ابن ماجة 2: 841 حديث 2515، والمغني لابن قدامة 12: 493، والشرح الكبير
12: 502، ومغني المحتاج 4: 538، وروي بألفاظ قريبة منه وبطرق مختلفة في المعجم الكبير
للطبراني 11: 209 حديث 11519، والمستدرك للحاكم 2: 19، وكنز العمال 10: 328،
ومسند أحمد بن حنبل 1: 317.
424

فحصلت لولدها فإنها تنعتق عليه.
وما رواه عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (أم الولد
لا تباع، ولا توهب، ولا تورث، يستمتع بها مدة حياته، فإذا مات عتقت
بموته) (1) فالمعنى فيه عنه لا يجوز بيعها ما دام ولدها حيا، فإذا مات سيدها
انعتقت على ما قلنا في الخبر الأول.
على أنه روى جابر قال: (كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله
صلى الله عليه وآله وأبي بكر، فلما كان أيام عمر نهى عنه، فانتهينا) (2)
فأخبر عنهم كانوا يتبايعون ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله،
وإنما نهى عن ذلك عمر.
مسألة 2: إذا استولد الذمي أمة، ثم أسلمت، لم تقر في يده ولا يمكن
من وطئها واستخدامها، وتكون عند امرأة مسلمة، تتولى القيام بحالها،
ويؤمر بالإنفاق عليها ما دام ولدها باقيا، فإذا مات الولد قومت عليه،
وأعطى ثمنها، وإن مات هو قومت على ولدها على ما قلناه.
وقال الشافعي: يؤمر بالإنفاق عليها، فإذا مات عتقت بموته (3).

(1) رواه الدارقطني في سننه 4: 134 بلفظ قريب منه عن ابن عمر أيضا، وروي في تلخيص الحبير
4: 218 ذيل الحديث 2160 بلفظ: (أم الولد لا تباع).
(2) الحاوي الكبير 18: 308 - 309، ورواه أبو داود كما حكاه عنه ابنا قدامة في المغني
الحديث بألفاظ وطرق وأسانيد مختلفة قريبة منه، كما رواه الحاكم في مستدركه 2: 19 عن أبي
سعيد الخدري بحذف ذيل الحديث فلاحظ.
(3) الأم 6: 102، والمجموع 16: 41. والمبسوط 7: 169، والحاوي الكبير 18: 317.
425

وقال مالك: تعتق عليه بإسلامها (1).
وقال الثوري وأبو حنيفة: تقوم قيمة عدل، وتستسعى في قيمتها، فإذا
أدتها عتقت (2).
وقال أبو يوسف ومحمد: تعتق، ثم تستسعى في قيمتها (3).
وقال الأوزاعي: تعتق ويسقط عنها نصف القيمة وتستسعى في
النصف الآخر (4).
دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم على أن المملوك إذا أسلم في يد كافر قوم
عليه (5)، وهذه قد ولدت منه، فلا يمكن تقويمها ما دام ولدها باقيا، فأخرنا
تقويمها إلى بعد موت واحد منهما.
مسألة 3: إذا نكح الرجل أمة غيره، فأولدها، فولدها حر تابع له، وإن
شرط الرق كان مملوكا، فإن ملكها وملك ولدها بعد ذلك عتق الولد عليه
بحق النسب، وتكون هي أم ولده.
وقال الشافعي: الولد يكون رقا على كل حال، فإذا ملكه انعتق عليه،

(1) المدونة الكبرى 3: 324، وأسهل المدارك 3: 269، والمغني لابن قدامة 12: 508، والحاوي
الكبير 18: 318.
(2) شرح فتح القدير 3: 449 - 450 والهداية 3: 449 - 450، وبدائع الصنائع 4: 132، وتبيين
الحقائق 3: 103، والمغني لابن قدامة 12: 508، والمبسوط 7 168، والحاوي الكبير
18: 318.
(3) الحاوي الكبير 18: 318 وانظر المبسوط 7: 168.
(4) الحاوي الكبير 18: 318.
(5) الكافي 7: 432 حديث 19، والتهذيب 6: 287 حديث 795.
426

ولا تصير أم ولده، سواء كان ذلك قبل انفصال الولد أو بعده (1).
وقال مالك: إن ملكها قبل انفصال الولد عتق الولد عليه، ويسري
حكم الحرية إلى الأم فتصير أم ولد له، ولا يجوز التصرف فيها بوجه، وإن
ملكها بعد انفصال الولد لم يثبت لها حرمة الاستيلاد (2).
وقال أبو حنيفة: يثبت لها حرمة الاستيلاد بكل حال، ولا يجوز له
التصرف فيها بوجه (3).
دليلنا: ما قلناه في المسألة الأولى سواء وأما كونها أم ولد فإن طريقه
الاشتقاق، وهذه قد ولدت منه، فينبغي أن تسمى بذلك.

(1) الأم 6: 102، وحلية العلماء 6: 243، والوجيز 2: 295، والسراج الوهاج: 644، ومغني
المحتاج 4: 540 - 541، والمغني لابن قدامة 12: 496، والهداية المطبوع مع شرح فتح القدير
3: 450، وشرح فتح القدير 3: 450، والحاوي الكبير 18: 313 - 314.
(2) المدونة الكبرى 3: 322، والمغني لابن قدامة 12: 496، والحاوي الكبير 18: 314.
(3) الهداية 3: 450 3: 450، وشرح فتح القدير 3: 450، والمغني لابن قدامة 12: 496، والحاوي الكبير
18: 314.
427

الفهارس
1 - فهرس الآيات
2 - فهرس الأحاديث والآثار النبوية
3 - فهرس أحاديث الأئمة عليهم السلام
4 - فهرس الأعلام المترجمين في الأجزاء الستة
5 - المفردات التي تم تعريفها في الأجزاء الستة
6 - دليل الكتب الفقهية في الأجزاء الستة
7 - فهرس موضوعات الجزء السادس
429

فهرس الآيات القرآنية
رقم الآية الصفحة
(2) البقرة
40 أو فوا بعهدي أوف بعهدكم 192
65 فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين 83
98 وملائكته ورسله وجبريل وميكال 182
169 وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون 282
177 وفي الرقاب 397
180 إن ترك خيرا الوصية للوالدين 382
224 ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا 109 و 110
225 لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم 115 و 135 و 136
230 فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره 257
275 وأحل الله البيع وحرم الربا 140 و 404
282 واستشهدوا شهيدين من رجالكم 270 و 297 و 310 و 313
282 فإن لم يكونا رجلي فرجل وامرأتان ممن ترضون... 221 و 268
282 وأشهدوا إذا تبايعتم 250 و 251 و 268
430

283 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 250
283 فإن آمن بعضكم بعضا فليؤد الذي ائتمن أمانته 250
(4) النساء
11 يوصيكم الله في أولادكم 283
12 ولكم نصف ما ترك أزواجكم... 283
23 حرمت عليكم أمهاتكم 256
24 والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم 256
24 وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم 175
33 والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم 370
49 ولا يظلمون فتيلا 154
59 فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول 208
(5) المائدة
1 أو فوا بالعقود 105
3 حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير 31
4 أحل لكم الطيبات 83
4 وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمون نهن 6
4 فكلوا مما أمسكن عليكم 8 و 10 و 12 و 15 و 17 و 19 و 27
5 أحل لكم الطيبات 83
42 وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط 244
49 وأن احكم بينهم بما أنزل الله 208
87 يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله 111
88 وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله 111
432

89 لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم 115 و 124 و 131 و 135 و 136
89 ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان 115
89 أو كسوتهم 142
89 فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام 143
89 واحفظوا أيمانكم 115
106 إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية 272
106 تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله 286
108 ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها... 292
(6) الأنعام
118 فكلوا مما ذكر اسم الله عليه 53 و 54 و 61
121 ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه 11 و 24
145 قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما 77 و 80 و 81 و 84
(7) الأعراف
32 قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده... 111
157 ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث 83
(9) التوبة
71 المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض 372
(12) يوسف
36 إني أراني أعصر خمرا 363
(14) إبراهيم
25 تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها 160
433

37 ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع... 146
(15) الحجر
9 إنا نحن نزلنا الذكر 122
(16) النحل
14 وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا 168
14 وتستخرجوا منه حلية تلبسونها 132
44 وأنزلنا إليك الذكر 122
80 وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم... 149
91 واو فوا بعهد الله إذا عاهدتم 192
(17) الإسراء
23 فلا تقبل لهما أف 154
36 ولا تقف ما ليس لك به علم 222 و 225 و 245 و 282
71 ولا يظلمون فتيلا 154
(18) الكهف
23 ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا 132
24 إلا أن يشاء الله 132
(19) مريم
26 فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا 173
29 فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهدي صبيا 173
434

(21) الأنبياء
2 ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه 122
26 وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون 366
(22) الحج
30 فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور 306
32 ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب 58
33 لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها... 58
36 والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير 62 و 382
36 فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر 63
(24) النور
4 والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء... 261 و 310
4 وأولئك هم الفاسقون 261
5 إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله... 261 و 263 و 264
29 ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة... 146
33 فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا 380 و 381 و 383 و 385 و 400 و 401
33 وآتوهم من مال الله الذي آتاكم 397
(26) الشعراء
195 بلسان عربي مبين 122
224 والشعراء يتبعهم الغاوون 309
(27) النمل
52 فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا 152
435

(31) لقمان
6 ومن الناس من يشتري لهو الحديث... 306
(33) الأحزاب
15 ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار... 192
56 يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما 51
(35) فاطر
12 ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها 132 و 168
(38) ص
26 يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض... 244
44 وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث 176
(42) الشورى
10 وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله 208
(43) الزخرف
3 إنا جعلناه قرآنا عربيا 122
86 إلا من شهد بالحق وهم يعلمون 312
(49) الحجرات
6 يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا... 273 و 289
13 يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى 350
(54) القمر
1 اقتربت الساعة 45
436

(65) الطلاق
2 وأشهدوا ذوي عدل منكم 268 و 270 و 297 و 313
(66) الترحيم
1 يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي... 111
2 قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم 111
(69) الحاقة
51 وإنه لحق اليقين 126
(76) الإنسان
7 يوفون بالنذر ويخافون 192
(78) النبأ
23 لا بثين فيها أحقابا 161
(94) الشرح
4 ورفعنا لك ذكرك 51
(99) الزلزلة
7 فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره 382
(100) العاديات
8 وإنه لحب الخير لشديد 382
(108) الكو
2 فصل لربك وانحر 40
437

فهرس الأحاديث والآثار النبوية
أتاني جبرئيل وأمرني أن أقضي باليمين مع الشاهد 277
احتجم رسول الله فأعطى الحجام أجره 87
أحقا يقول ذو اليدين 223
أحلت لنا ميتتان ودمان فالميتتان... 31 و 33
أخر وهن من حيث أخر هن الله 214
أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك 356
إدرؤا الحدود بالشبهات 403
إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل 11 و 15 و 17
إذا تاب القاذف قبلت شهادته 260
إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمسن من شعره... 38
إذا رميت الصيد وذكرت اسم الله تعالى فقتل فكل... 26
إذا قتله ولم يأكل منه شيئا فإنما أمسك عليك 8
إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه... 362
إذا كان العبد بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه... 362
إذا مر أحد كم بحائط غيره فليدخل وليأكل... 98
إذا وجدت فيه أثر سهمك ولم يكن فيه أثر سبع... 14
438

اركبها ويلك. (أنه رأى رجلا يسوق بدنة...) 58
استصبحوا به ولا تأكلوه 92
الإسلام يجب ما قبله 117
الإسلام يعلو ولا يعلى عليه 419
أطعم أهلك من سمين حمرك... 82
أطعمه رقيقك واعلفه نواضحك 87
الأعمال بالنيات 55 و 127 و 130 و 194
أقروا الطير على مكناتها 68
ألك بينة. (إن رجلا من كندة ورجلا من حضر موت أتيا النبي صلى الله عليه وآله...) 237
اللهم أنت تقضي بينهما 338
أم الولد لا تباع ولا توهب ولا تورث... 425
أمرت بالنحر وهو سنة لكم 39
إن أتت به على نعت كذا وكذا فما أراه إلا أنه قد كذب عليها... 350
إن الله أعطاكم عند وفاتكم ثلث أموالكم... 365
إن الله تعالى إذا حرم أكل شئ حرم ثمنه 92
إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض... 79
إن رجلا أعتق غلاما له عن دبر فسمع النبي صلى الله عليه وآله... 312
إن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد عند موته... 364
إن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في أمر وجاء كل واحد... 338
إن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في دابة أو بعير... 332
إن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في فرس أو بعير... 335
إن شهادة القابلة وحدها تقبل في الولادة 259
إن الغناء ينبت النفاق في القلب... 307
إن كان جامدا فاطرحوها وما حولها... 92
439

إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش... 21
إن النبي صلى الله عليه وآله عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا 68 و 69
إن النبي نهى أكل الجلالة وألبانها 86
إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الجلالة في الإبل أن تركب... 87
أنا مع الحزب الذي فيه ابن الأدرع 103
انحرها ولا تبعها ولو طلبت بمائة بعير 56
إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلي... 257
أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبره منه 424
بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد 52
بم تشهد ولم تحضر 250
بم تقضي بينهم يا معاذ... 209
البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه 235 و 237 و 295 و 331 و 335 و 336 و 337 و 399
تب تقبل شهادتك 260
تحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم... 293
تصفر أو تحمر. (إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الثمار...) 181
توبته إكذابه نفسه، فإذا تاب قبلت شهادته 263
ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم...
ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم... 286
ثم ليكفر عن يمينه 139
الحمد لله الذي وفق رسوله صلى الله عليه وآله 209
خبيثة من الخبائث 77 و 78
خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف 335
خمس لا جناح على من قتلهن في حل أو حرم... 83
440

خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة 175
ذكاة الجنين ذكاة أمه 90
ردوا الجهالات إلى السنن 216
رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه 114 و 136 و 156
رفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ 381
رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق 389
سيد الأدام اللحم 183
الضحايا إلى هلال المحرم 67
ضح به (قسم رسول الله صلى الله عليه وآله في أصحابه ضحايا...) 42
ضح بها. (يا رسول الله صلى الله عليه وآله أوجبت أضحية...) 59
عرفة كلها موقف وارتفعوا عن عرفة... 67
العمرى هبة لمن وهبت له 177
عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة... 68
فإن لم تجد (إن النبي صلى الله عليه وآله لما بعث معاذا إلى اليمين...) 209
فليناد ثلاثا، فإن أجابوه وإلا فليدخل وليأكل... 98
قد ابتعته. (إنه ابتاع من أعرابي فرسا...) 250
القرآن كلام الله غير مخلوق ونور من نور الله 122
القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار... 208
قضى بها علي بالعراق 279
قل والله ماله عليك حق 288
كل ذي ناب محرم 76
كل ذي ناب من السباع حرام 75
كلوه إن شئتم، فإن ذكاة الجنين ذكاة أمه 90
كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله... 425
441

لا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك 11
لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تسعر عليكم... 43
لا تقام الحدود في المساجد 212
لا تقبل شهادة أهل دين علي غير أهل دينهم... 274 لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر 101 و 103
لا ضرر ولا إضرار 229 و 231
لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم 199 و 204
لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه... 308
لا والذي نفس أبي القاسم بيده 110
لا ومقلب القلوب 109
لا يحلف عند قبر النبي صلى الله عليه وآله أحد على أقل مما يجب... 285
لا يذبح ضحاياكم إلا طاهر 49
لا يفلح قوم وليتهم امرأة 213
لا يقبل شهادة الخائن ولا الخائنة ولا الزاني... 296
لغو اليمين قول الرجل في بيته كلا والله... 135
لك يمينه. (أن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت أتيا النبي صلى الله عليه وآله...) 238
لو طعنت في فخذها لأجزأك 22
لولا الأيمان لكان لي ولها شأن 350
لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها... 6
ليس لك منه إلا ذلك 238
ما أبين من حي فهو ميت 18
ما أردت بالبته (أن ركانة أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال إني طلقت...) 295
ما انحسر الماء عنه فكل، وما مات فيه فلا تأكل 32
ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا... 23 و 27 و 54 و 61
442

ما علمت من كلب ثم أرسلته وذكرت اسم الله عليه... 8
ما فرى الأوداج فكلوا ما لم يكن قرض ناب... 48
المدبر من الثلث 420
المطلوب أولى باليمين من الطالب 292
المكاتب رق ما بقي عليه درهم 397
من أدخل فرسا بين فرسين وقد آمن أن يسبق... 104
من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد 215
من أعتق شركا له في عبد فعليه خلاصه إن كان له مال... 362
من أعتق شركا له من عبد وكان له مال يبلغ ثمنه... 362
من أكل من هاتين البقلتين فلا يقربن مصلانا 113
من حكم بين اثنين تراضيا به فلم يعدل بينهما... 242
من حلف على منبري هذا كان اليمين إثما... 285
من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها... 111 و 134 و 138
من حلف فليصدق ومن حلف له فليرض... 294
من حلف يمينا وهو فيها فاجر ليقطع بها مال... 115
من راح في الساعة الأولى فكأنما أهدى بدنة... 44
من غشنا فليس منا 113
من قال أنا برئ من الإسلام كاذبا فهو كما قال... 112
من قضى بين الناس على جهل فهو في النار 209
من لعب بالنرد شير فكأنما غمر يده في لحم الخنزير... 305
من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله 305
من مات وعليه صيام صام عنه وليه 140
من ملك ذا رحم محرم فهو حر 367
من نذر أن يطيع الله فليطعه 192
443

من نذر ذبح ولده فعليه دم 203
المؤمنون عند شروطهم 387 و 396
نحن نعطيه من عندنا 65
نعم، وقضى بها علي بين أظهركم 277
نهى صلى الله عليه وآله عن أكل السنور وعن أكل ثمنها 77
وأبيك لو طعنت في فخذها لأجزأك 22
والله لأغزون قريشا 109 و 133
وجهت وجهي (ضحى رسول الله صلى الله عليه وآله بكبشين...) 51 و 52
الولاء لمن أعتق 368 و 370 و 371 و 372 و 373 و 374
ولد الزنا شر الثلاثة 309
يا عبد الرحمن لقيني أخي جبرئيل عليه السلام وأخبرني عن الله... 52
يحرم الرضاع ما يحرم من النسب 367
يحلف لكم اليهود خمسين يمينا 293
يجب الرجم بشهادة رجلين وأربع نسوة... 251
يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدمه 70
اليمين على المدعى عليه والبينة على المدعي 287
اليمين الغموس تدع الديار بلاقع من أهلها 116
يؤدي المكاتب بقدر ما عتق منه من دية الحر... 393
444

فهرس أحاديث الأئمة عليهم السلام
إذا أدى نصف ما عليه عتق كله وطولب بالباقي... 392
اللاعب بالشطرنج من أكذب خلق الله... 303
أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أقوم على بدنة فأقسم جلودها... 64
إن أبي بن كعب قضى باليمين مع الشاهد 279
إن أعتق رجل عند موته خادما له، ثم أوصى بوصية أخرى... 365
إن شهادة القابلة وحدها تقبل في الولادة 259
إن عليا عليه السلام أتاه قوم يختصمون في بغلة... 334
إن علي بن أبي طالب عليه السلام اختصم إليه رجلان في دابة... 332
إن النبي صلى الله عليه وآله احتجم وأمرني أن أعطي الحجام أجره 88
إن النبي صلى الله عليه وآله قضى بالشاهد الواحد مع يمين الحق 277
إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع... 75
إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن كل ذي ناب من السباع... 84
إنه تقبل شهادة بعضهم على بعض ولا تقبل شهادتهم... 269
إنه قضى في رجلين ادعيا بغلة فأقام أحدهما شاهدين... 334
ذكاة الجنين ذكاة أمه 90
رأيت الحكم بن عتيبة يسأل أبي وقد وضع يده على جدار... 277
445

قضى بها علي عليه السلام بين أظهركم 279
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأبو بكر وعمر وعثمان يقضون بالشاهد الواحد... 278
لا تأكلوه وانتفعوا به في السراج والأدم 92
لا خالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله تعالى... 121
لا يعدي الحاكم على خصم إلا أن يعلم بينهما معاملة 235
لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين 332
من عين على أضحية فلا يستبدل بها 56
ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون 303
ما يعتق منه إلا ثلثه 364
والله ما حكمت مخلوقا ولكني حكمت كتاب الله 120
يعتق منه بقدر ما أدى بالحصة 392
يؤكل. (سئل عن بعير ضربت عنقه بالسيف...) 53
يؤكل. (في رجل ذبح بطة فأبان رأسها...) 53
446

فهرس الأعلام المترجمين
في هامش الأجزاء الستة
أبان بن عثمان بن عفان الأموي 6 36
إبراهيم 2: 10
إبراهيم بن أبي يحيى الهجري 2: 132
إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق المروزي 1 136
إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبو ثور 1 61
إبراهيم بن سعد الزهري 6 306
إبراهيم بن عبد الرحمن أبو إسماعيل السكسكي 1 467
إبراهيم بن محمد بن الحنفية 2 333
إبراهيم بن مسلم 2 10
إبراهيم بن المنذر بن المغيرة الأسدي 1 244
إبراهيم بن مهزم الأسدي 1 68
إبراهيم بن ميمون الكوفي 4 256
إبراهيم بن هاشم القمي 1 105
إبراهيم بن يزيد النخعي 1 102
إبراهيم الكرخي 1 298
ابن أبي ذويب = إسماعيل بن عبد الرحمان الأسدي 1 204
ابن أبي عمير = محمد بن زياد بن عيسى 1 68
447

ابن أبي الفوارس = محمد بن أحمد بن فارس 4 9
ابن أبي ليلى = محمد بن عبد الرحمن 1 74
ابن أبي مريم = سعيد بن الحكام بن محمد الجمحي 5 489
ابن أبي مليكة = عيد الله بن عبيد الله التيمي المكي 6 271
ابن أبي نجران = عبد الرحمن بن أبي نجران التميمي 1 298
ابن أذينة = عمر بن محمد بن عبد الرحمن 1 120
ابن أم مكتوم 1 270
ابن بكير = عبد الله بن بكير بن أعين بن سنسن الشيباني 1 87
ابن جريج = عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج 4 340
ابن حبوية 6 82
ابن الحداد = محمد بن أحمد الكتاني 2 99
ابن خيران = الحسين بن صالح البغدادي 1 155
ابن داود = سليمان بن داود بن علي 1 528
ابن دريد = محمد بن الحسن الأزدي القحطاني 1 135
ابن رباط = علي بن الحسن بن رباط البجلي 1 89
ابن سماعة = محمد بن سماعة أبو عبد الله التميمي 4 211
ابن سيرين = محمد بن سيرين الأنصاري 1 79
ابن شبرمة = عبد الله بن شبرمة الضبي 4 167
ابن صخر = جابر بن صخر 1 555
ابن طاوس = عبد الله بن طاووس اليماني 4 64
ابن عبد الحكم = محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري 1 113
ابن عبد الله محمد بن سالم الجمحي 4 14
ابن عقدة = أحمد بن محمد بن سعيد السبيعي 1 296
448

ابن علية = إسماعيل بن إبراهيم بن علية 3 537
ابن عون = عبد الله بن عون المزني 3 538
ابن فضال = الحسن بن علي بن فضال الكوفي 4 256
ابن القاص = أحمد بن أحمد الطبري 1 185
ابن القصار = علي بن أحمد البغدادي 1 324
ابن القفال = القاسم بن محمد بن علي أبو الحسن 3 165
ابن اللبان الفرضي = محمد بن عبد الله بن الحسن الشافعي 4 109
ابن المرزبان (أبو الحسن) = علي بن أحمد البغدادي 1 500
ابن مسعود = عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي 1 96
ابن مسكان = عبد الله بن مسكان 1 129
ابن مسلمة = حبيب بن مسلم أبو عبد الرحمن 4 188
ابن الوكيل = عمر بن عبد الله أبو جعفر 4 459
أبو إسحاق = إبراهيم بن أحمد المروزي 4 475
أبو إسحاق السبيعي = عمر وبن عبد الله 3 143
أبو إسحاق = عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي 2 82
أبو إسحاق النحوي = ثعلبة بن ميمون 1 184
أبو أمامة الباهلي = صدى بن عجلان 2 350
أبو أيوب = خالد بن زيد الأنصاري 1 101
أبو أيوب الفرضي 4 100
أبو بردة بن نيار (دينار) = هانئ بن نيار بن عمرو 1 350
أبو برزة الأسلمي = نصلة بن عبيد 3 7
أبو بصير = ليث المرادي 1 107
أبو بصير = يحيى بن القاسم الأسدي 1 55
449

أبو بكر بن أبي داود عبد الله بن أبي داود سليمان السجستاني 1 325
أبو بكر بن الحداد = محمد بن أحمد بن محمد 3 152
أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث المخزمي 1 394
أبو بكر بن المنذر = محمد بن إبراهيم النيسابوري 1 261
أبو بكر الحضرمي = عبد الله بن محمد الكوفي 1 52
أبو بكر الرازي = أحمد بن علي الجصاص 1 287
أبو بكر = عبد الله بن أبي قحافة 1 319
أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة 1 333
أبو بكرة = نفيع بن الحارث الثقفي 1 435
أبو ثعلبة الخشني 6 11
أبو ثور = إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان 1 61
أبو جعفر الاسترآبادي = أحمد بن محمد 5 327
أبو الجهم بن حذيفة بن غانم العدوي 4 275
أبو حام = أحمد بن بشر المروذي 1 272
أبو حامد الأسفرائيني 1 333
أبو حامد = عبد الله بن حام الإصبهاني 4 428
أبو الحرث 1 505
أبو الحسن الأول عليه السلام 1 299
أبو الحسن = علي بن مسلم السلمي 3 157
أبو الحسن = محمد بن علي الماسرجسي 1 338
أبو حفص بن الوكيل = عمر بن عبد الله 1 464
أبو حميد الساعدي 1 367
أبو حنيفة = النعمان بن ثابت بن زوطي 1 49
450

أبو خازم = عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي 3 546
أبو داود = سليمان بن الأشعث الأزدي 4 9
أبو داود المنشد = سليمان بن سفيان المسترق 1 58
أبو الدحداح الأنصاري 3 538
أبو الدرداء = عويمر الخزرجي 1 380
أبو الربيع الشامي = خالد بن أو في الشامي العنزي 2 70
أبو رزين العقيلي = لقيط بن عامر 1 473
أبو الزبير = محمد بن مسلم الأسدي المكي 2 59
أبو الزناد = عبد الله بن ذكوان القرشي 6 278
أبو زيد = لعون بن عبد الله بن عتبة 4 36
أبو ساسان = حضين بن المنذر الرقاشي 5 496
أبو سعيد الخدري = سعد بن مالك بن سنان 1 124
أبو سفيان = صخر بن حرب الأموي 4 327
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري 1 140
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري 1 140
أبو سلمة = عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري 1 374
أبو سليمان الجوزجاني = موسى بن سليمان 4 19
أبو سنان
4 379
أبو شريح الكعبي 5 157
أبو الصباح الكناني 1 659
أبو طالب الأنباري = عبيد الله بن أحمد 4 66
أبو طلحة = زيد بن سهل بن الأسود المدني 1 122
أبو الطيب بن سلمة = محمد بن الفضل بن سلمة البغدادي 2 26
أبو الطيب الطبري = طاهر بن عبد الله بن طاهر 1 247
451

أبو طيبة الحجام 6 88
أبو الظبيان 1 206
أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى 4 194
أبو العالية = رفيع بن مهران البصري 1 91
أبو عامر = عبد الله بن لحي الحميري 4 10
أبو العباس بن سريج = أحمد بن عمر بن سريج 1 175
أبو عبد الله البصري = الحسين بن علي 6 119
أبو عبد الله الجرجاني = محمد بن يحيى الجرجاني 3 360
أبو عبد الله المفيد = محمد بن محمد بن النعمان 1 190
أبو عبيد بن حربويه = الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي 2 44
أبو عبيد بن حربويه = علي بن الحسين بن حرب البغدادي 3 532
أبو عبيد القاسم بن سلام 1 95
أبو عبيدة بن الجراح = عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي 1 609
أبو عبيدة الحذاء = زياد بن عيسى 1 81
أبو عبيدة = معمر بن المثنى اللغوي البصري 1 135
أبو عزة الجمحي = عمرو بن عبد الله بن عمير 4 193
أبو العشراء = يسار الدارمي بن بكر بن مسعود 6 22
أبو علي بن أبي هريرة = الحسن بن الحسين بن أبي هريرة 1 306
أبو علي الجبائي = محمد بن عبد الوهاب بن سلام 1 90
أبو علي الحراني 1 543
أبو علي الطبري = الحسين بن القاسم 1 247
أبو عمر (غلام ثعلب) = محمد بن عبد الواحد 6 191
أبو عمرو بن العلاء بن عمار البصري 1 430
452

أبو قتادة بن ربعي بن بلدهة الأنصاري 1 413
أبو قلابة = عبد الله بن زيد بن عمر البصري الجرمي 1 362
أبو كريب = محمد بن العلاء الهمداني 4 66
أبو ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن 5 482
أبو مجلز = لا حق بن حميد الدوسي 1 108
أبو محذورة القرشي الجمحي 1 289
أبو محمد ابن بنت الشافعي 5 59
أبو مخلد البصري 1 108
أبو مريم = عبد الغفار بن القاسم 1 111
أبو مسعود البدري = عقبة بن عمرو بن ثعلبة 1 348
أبو مصعب = أحمد بن أبي بكر الزهري المدني 4 337
أبو المغرا = حميد بن المثنى العجلي 4 256
أبو موسى الأشعري = عبد الله بن قيس بن سليم 1 108
أبو المهلب الجرمي البصري 4 193
أبو الوداك = جبر بن نوف الهمداني 1 438
أبو الورد 1 206
أبو ولاد = حفص بن سالم الحناط 3 264
أبو الوليد الجعفي 1 296
أبو الوليد = ذريح بن محمد المحاربي 1 391
أبو هاشم = عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي 1 509
أبو هريرة 1 112
أبو هند الحجام البياضي 4 275
أبو الهياج الأسدي = حيان بن حصين 1 707
453

أبو يحيى البلخي = زكريا بن يحيى 1 274
أبو يوسف = يعقوب بن إبراهيم 1 56
الأبهري = محمد بن عبد الله بن محمد 2 75
أبي بن كعب بن قيس بن عبيد الأنصاري 1 124
أحمد بن أبي بكر أبو مصعب الزهري المدني 4 337
أحمد بن أحمد بن القاص الطبري 1 185
أحمد بن بشر أبو حامد المزودي 4 370
أحمد بن سليمان أبو عبد الله الزبيري 3 549
أحمد بن علي الجصاص أبو بكر الزاري 1 278
أحمد بن عمر بن أبي العباس بن سريج 1 175
أحمد بن عمر الخليل الفراهيدي 2 239
أحمد بن محمد أبو جعفر الاسترآبادي 5 327
أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي 1 152
أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال 1 60
أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة السبيعي 1 296
أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي 1 158
أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري 1 125
أحمد بن يزيد بن عيسى الإصطخري 1 235
الأحول = محمد بن علي بن النعمان البجلي 1 180
أديم بن الحر الجعفي 1 122
أسامة بن زيد بن حارث الكلبي 1 439
إسحاق بن جرير البجلي 1 231
إسحاق بن راهويه إبراهيم بن مخلد الحنظلي 1 70
454

إسحاق بن عبد الله الأشعري 1 110
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري 5 478
إسحاق بن عمار 1 227 إسحاق بن عمار بن موسى الساباطي 3 263
إسحاق بن محمد بن أحمد النخعي 1 441
أسد بن عمر وبن عامر القشيري 2 20
إسماعيل بن إبراهيم بن علية الأسدي 3 537
إسماعيل بن أبي أويس 6 121
إسماعيل بن أبي زياد السكوني 1 144
إسماعيل بن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق 1 100
إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة 6 120
إسماعيل بن سعد بن الأحوص 1 512
إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذويب الأسدي 1 204
إسماعيل بن يحيى بن عمر والمزني 1 75
إسماعيل الجعفي 1 445
أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة 1 59
أسماء بنت النعمان الغفارية 4 348
الأسود بن يزيد بن قيس النخعي 2 440
الأسيفع الجهني 3 269
الأشعري = علي بن إسماعيل بن أبي بشر 6 121
أشيم الضبابي 4 115
الأصبغ بن نباتة 1 522
الإصطخري = أحمد بن يزيد بن عيسى 1 235
455

الأصم = أبو بكر عقبة بن عبد الله 1 49
الأعشى = ميمون بن قيس بن جندل 1 345
الأعمش = سليمان بن مهران الأسدي 1 266
الأقرع بن حابس بن عقال التميمي 2 435
أكيدر بن حسان الكندي 5 541
أكيدر بن عبد الملك بن عبد الحي الكندي 5 541
أم حبيبة = رملة بنت أبي سفيان 2 287
أم حكيم بنت الحارث بن هشام القرشية 4 329
امرؤ القيس حجر بن الحارث الكندي 1 345
أم سلمة = هند بنت أبي أمية 1 231
أم عطية = نسيبة الأنصارية 1 694
أم كرز الكعبية 6 68
أم كلثوم بنت أبي سلمة المخزومية 3 556
أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب 1 722
أم محبة 3 142
أم معقل الأسدية ويقال: (الأشجعية) 3 541
أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم 4 263
أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم 1 90
الأنماطي = عثمان بن سعيد بن بشار 1 175
الأوزاعي = أبو عمر وعبد الرحمن 1 53
أياس بن عبد الله بن أبي ذباب الدوسي 4 31
أياس بن معاوية بن قرة المزني 4 141
أيوب بن نوح بن دراج النخعي 1 513
456

بديل بن ميسرة العقيلي البصري 4 10
البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري 1 381
البرقي = أحمد بن محمد بن خالد 2 50
برع بنت واشق الأشجعية 4 379
بريد بن معاوية العجلي 1 104
بريدة بن الحصيب أبو عبد الله الأسلمي 1 656
بشر بن هارون 4 67
بشير بن يسار الحارثي الأنصاري 5 307
بشير النبال 1 578
البصري = زكريا بن يحيى الساجي 1 599
بكير بن أعين بن سنسن 1 79
بلال 6 40
بلال بن رياح أبو عبد الله 1 269
البندنيجي = الحسن بن عبد الله 3 136
البويطي = يوسف بن يحيى 1 150
تغلب بن وائل بن قاسط 6 49
تماظر بنت أصبغ الكلبية 4 486
تنوخ بن مالك بن تيم 6 49
ثابت بن الدحداح بن نعيم 4 9
ثابت بن وديعة بن جذام الأنصاري 6 79
ثعلبة بن ميمون أبو إسحاق النحوي 1 184
ثمامة بن أثال بن النعمان الحنفي 4 192
ثوبان بن يجدد أبو عيد الله 1 450
457

الثوري = بن سعيد بن مسروق 1 74
جابر بن زيد اليحمدي الأزدي 2 168
جابر بن سمرة بن جنادة السوائي 1 657
جابر بن صخر 1 555
جابر بن عبد الله بن عمر والأنصاري الخزرجي 1 121
جابر بن يزيد الجعفي 1 373
جارية بن اليمامي الحنفي 3 295
جبر بن نوف أبو الوداك الهمداني 1 438
جبير بن مطعم بن عدي النوفلي 1 521
جحش بن رياب بن يعمر الأسدي 4 263
جراح المدائني 1 655
الجرجاني (أبو عبد الله) = محمد بن يحيى بن مهدي 2 214
الجرجاني (أبو الحسن) = علي بن عبد العزيز 1 600
جعفر بن محمد 1 58
جعفر بن محمد بن أبي زيد 1 512
جعفر بن محمد بن الحسن أبو بكر الفريابي 4 66
الجعفي = أبو الوليد 1 296
جميل بن دراج 1 145
جميل بن عبد الله بن معمر العذري 6 192
الحارث بن أبو الحسن التميمي العكلي 3 433
الحارث العكلي = الحارث بن يزيد أبو الحسن التميمي 3 433
حارثة بن مضرب العبدي الكوفي 3 322
الحكام = محمد بن عبد الله الضبي النيسابوري 2 213
458

حبيب بن مسلم أبو عبد الرحمن بن مسلمة 4 188
حبيب بن نجيح 2 82
حجاج بن أرطاة بن ثور النخعي 1 244
حجاج بن عمر والأنصاري 2 429
الحجاج بن يوسف الثقفي 1 657
حذيفة بن اليمان 1 498
حرام بن سعد بن محيصة بن مسعود الأنصاري 6 87
حرقوص بن ذو الثدية السعدي 1 438
حرملة بن يحيى بن عبد الله المصري 1 214
الحرمي 1 362
حريز بن عبد الله السجستاني 1 53
حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام 1 437
الحسن بن أبي الحسن يسار البصري 1 66
الحسن بن الجهم بن بكير الشيباني 1 410
الحسن بن الحسين بن أبي هريرة أبو علي 1 306
الحسن بن الحسين اللؤلؤي 1 58
الحسن بن زياد الصيقل 1 442
الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي 1 258
الحسن بن سعيد بن حماد بن مهران الأهوازي 1 65
الحسن بن صالح بن حي الهمداني 1 162
الحسن بن عاصم 1 68
الحسن بن عبد الله البندنيجي 3 136
الحسن بن علي بن فضال التيملي الكوفي 1 401
459

الحسن بن عمار 1 282
الحسن بن محبوب السراد 1 63
الحسن بن محمد علي بن أبي طالب عليه السلام 3 200
الحسين بن أبي العلاء الخفاف 1 162
الحسين بن حرب بن عيسى أبو عبيد البغدادي 2 44
الحسين بن الحسن بن عاصم 1 68
الحسين بن حماد بن ميمون العبدي 1 343
الحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي 1 62
الحسين صالح بن خيران البغدادي 1 155
الحسين بن علي أبو عبد الله البصري 6 119
الحسين بن علي البغدادي الكرابيسي 2 102
الحسين بن القاسم أبو علي الطبري 1 247
الحسين المختار القلانسي 1 86
الحسين بن يزيد بن محمد النوفلي 1 147
حسين الرزاز 4 63
الحسين الكرابيسي = الحسين بن علي البغدادي 2 102
حضين بن المنذر أبو ساسان الرقاشي 5 496
حفص بن أبي عيسى 1 480
حفص بن البختري البغدادي 1 230
حفص بن سالم أبو ولاد الحناط 3 264
حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة الأزدي 4 10
حفص بن غياث بن طلق بن معاوية 1 189
حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر 4 288
460

أسم المترجم الجزء الصفحة
حفصة بنت عمر بن الخطاب 4 160
الحكم بن عتيبة الكندي 2 18
الحكم بن عيينة 1 99
حكم بن مسكين 1 92
حكيم بن جابر بن طارق بن عوف الأحمسي 4 64
حكيم بن حزام بن خويلد القرشي 3 169
الحلبي = عبيد الله بن علي بن أبي شعبة 1 69
حماد بن أبي سليمان الأشعري 1 402
حماد بن زيد بن درهم الأزدي 1 297
حماد بن سلمة بن دينار البصري 6 22
حماد بن عبد الرحمن الأنصاري 2 333
حماد بن عثمان بن عمر وبن خالد الغزاري 1 74
حماد بن عيسى، أبو محمد الجهني 1 58
حماد السراج الكوفي 1 686
حمران بن أبان مولى عثمان 5 492
حمزة بن حمران بن أعين الشيباني 1 469
حميد الأعرج = حميد قيس المروزي 1 108
حميد بن قيس المروزي 1 108
حميد بن المثني أبو المغرا العجلي 4 256
الحميري = عبد الله بن الزبير القرشي أبو بكر 4 67
حويصة بن مسعود بن كعب بن عامر المدني 5 305
حيان بن حصين أبو الهياج الأسدي 1 707
خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري 6 363
461

خالد بن أفي أبو الربيع الشامي العنزي 2 70
خالد بن زيد أبو أيوب الأنصاري 1 101
خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي 4 327
خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد التميمي 3 515
خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأنصاري ذو الشهادتين 6 250
خلف بن حماد بن ياسر 1 653
الخليل = أحمد بن عمر الفراهيدي 2 239
خولة بنت يسار 1 483
الدارقطني = علي بن عمر بن أحمد أبو الحسن 4 31
الداركي = عبد العزيز بن عبد الله 6 219
داود بن الحصين الأموي 6 279
داود بن سرحان العطار 1 152
داود بن علي بن داود بن خلف الإصفهاني 1 60
داود بن فرقد 1 226
داود العجلي 1 73
ديلم بن فيروز الحميري 5 482
ديلم الحميري = ديلم بن فيروز الحميري 5 482
ذريح بن محمد أبو الوليد المحاربي 1 391
ذكوان أبو صالح السمان الزيات 6 276
ذو الثدية = حرقوص بن زهير السعدي 1 438
ذو الشهادتين = خزيمة بن ثابت الأنصاري 6 250
ذو اليدين 1 404
راشد بن سعد المقرائي الحبراني 4 10
462

رافع بن أبي رافع الطائي السنبسي 1 358
رافع بن خديج 3 487
الربيع بن سبرة بن معبد 4 342
الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي 1 98
ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ 1 94
رشيد الثقفي 5 76
الرشيد = هارون بن محمد العباسي 2 287
رفيع بن مهران البصري أبو العالية 1 91
ركانة بن عبد يزيد بن هشام بن المطلب 4 453
رملة بنت أبي سفيان أم حبيبة 2 287
روح بن عبد الرحيم بن روح الكوفي 1 683
الزبير بن العوام بن خويلد ابن أسد الأسدي 1 609
الزبيري = أحمد بن سليمان أبو عبد الله 3 549
زرارة = عبد ربه بن أعين بن سنسن 1 67
زرعة بن محمد، أبو محمد الحضرمي 1 65
زفر بن أوس النصري المدني 4 74
زفر بن قيس بن مسلم العنبري 1 78
زكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري 1 115
زكريا بن يحيى البلخي 1 274
زكريا بن يحيى الساجي البصري 1 599
الزهري = محمد بن مسلم بن عبيد الله 1 61
زهير بن أبي سلمى 1 345
زياد بن أبي زياد الجصاص 5 412
463

زياد بن سوقة الجريري البجلي 1 401
زياد بن عبد الرحمن القيسي 6 39
زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذاء 1 81
زياد بن مروان أبو الفضل زياد القندي 1 577
زياد القندي = زياد بن مروان أبو الفضل 1 577
، يد بن أرقم بن زيد بن قيس الأنصاري 1 675
زيد بن أسلم 1 514
زيد بن ثابت بن الضحاك 1 122
زيد بن سهل بن الأسود أبو طلحة المدني
زيد بن صوحان العبدي 2 267
زيد بن كعب 4 347
زيد بن يونس الأزدي الشحام 1 118
زيد الشحام = زيد بن يونس الأزدي 1 118
زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله 4 194
الساجي = زكريا بن يحيى البصري 1 599
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب 1 99
سراء بنت نبها الغنوية 2 355
سعد بن إبراهيم الزهري 6 306
سعد بن أبي وقاص 1 112
سعد بن الربيع بن عمر وبن أبي زهير 4 65
سعد بن عائذ القرظ المؤذن 1 290
سعد بن مالك بن سنان أبو سعيد الخدري 1 124
سعد بن محيصة 6 87
464

سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري 3 281
سعد القرظ = سعد بن عائذ المؤذن 1 290
سعيد بن أبي عروبة العدوي 5 147
سعيد بن جبير بن هشام الأسدي 1 191
سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم الجمحي 5 489
سعيد بن سالم القداح 6 120
سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية 1 637
سعيد بن الرحمن الأعرج 1 406
سعيد بن المسبب بن حزن المخزومي 1 51
سعيد النقاش 1 653
سفيان بن عيينة بن أبي عمران الهلالي 3 149
السكوني = إسماعيل بن أبي زياد 1 144
سلمان بن ربيعة بن يزيد الباهلي 2 267
سلمان الفارسي 1 107
سلمة بن الأكوع سنان بن عبد الله الأسلمي 1 377
سلمة بن هشام بن المغيرة المخزومي 1 375
سليمان بن الأشعث أبو داود الأزدي 4 9
سليمان بن بريدة بن الحصيب الأسلمي 6 305
سليمان بن حرب بن بجيل الأزدي 4 10
سليمان بن خالد بن دهقان بن نافلة 1 157
سليمان بن داود بن علي 1 528
سليمان بن عبد الملك بن مروان أبو أيوب 4 68
سليمان بن منصور البخلي 4 492
465

سليمان بن مهران الأسدي الأعمش 1 266
سليمان بن يسار الهلالي 1 113
سماعة بن مهران بن عبد الرحمن الحضرمي 1 56
سماك بن حرب أوس الذهلي 6 237
سمرة بن جندب بن هلال الفزاري 2 95
سوار بن عبد الله بن قدامة العنبري 3 224
سورة بن كليب بن معاوية الأسدي 1 327
سويد بن حنظلة الجعفي 4 490
سويد بن غفلة بن عوسجة 6 80
سهل بن أبي حثمة الأنصاري 1 640
سهل بن سعد بن مالك الساعدي 1 392
سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان 6 276
سهيل بن عمر وبن عبد شمس القرشي 2 424
الشافعي = محمد بن إدريس بن العباس 1 49
شبرمة 2 385
شداد بن أوس بن ثابت الخزرجي 1 263
شريح بن الحارث بن قيس الكندي 6 255
شريك بن سحماء 5 6
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي 2 85
شعبة بن الحجاج بن الورد الأزدي 1 641
الشعبي = عامر بن شراحيل الحميري 1 87
شعيب بن محمد بن عبد الله السهمي 2 53
شقيق بن سلمة الأسدي 6 82
466

الصاغاني = محمد بن إسحاق بن جعفر أبو بكر 4 66
صالح بن خوات بن جبير 1 635
صخر بن حرب أبو سفيان الأموي 4 327
صدى بن عجلان أبو أمامة الباهلي 2 350
صفوان بن أمية بن خلف الجمحي 4 329
صفوان بن مهران الجمال الأسدي 1 321
صفوان بن يحيى البجلي 1 237
صفوان بن يعلى بن أمية التيمي 2 288
صفية بنت حي بن أخطب 5 479
صفية بنت عبد المطلب بن هاشم 4 151
الصيرفي = محمد بن عبد الله البغدادي 1 491
ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب 2 430
الضحاك بن سفيان بن عوف الكلابي 4 115
الضحاك بن مزاحم الهلالي 2 247
طارق بن شهاب بن عبد شمس البجلي 1 663
طاووس بن كيسان اليماني 1 142
طاهر بن عبد الله بن طاهر أبو الطيب الطبري 1 247
الطحاوي = أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي 1 157
طلحة بن زيد النهدي 1 408
طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي 2 63
طلق بن علي بن المنذر أبو علي الحنفي 1 114
طليحة بنت عبد الله (عبيد الله) الأسدية 5 76
عائشة بنت أبي بكر 1
467

عاصم بن حميد الحناط الحنفي 1 63
عالية بنت أيفع بن شراحيل 3 142
عامر بن شراحيل الحميري الشعبي 1 87
عامر بن عبد الله بن الجراح أبو عبيدة القرشي 1 609
عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري 1 263
عبادة بن نسي الكندي الشامي 2 82
العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي 1 102
العباسي = هشام بن إبراهيم 1 331
عبد الأعلى مولى آل سام 1 159
عبد بن عمر وبن فضلة الخزاعي 1 405
عبد الجبار بن وائل بن حجر الحضرمي 5 393
عبد الحميد بن عبد العزيز أبو خازم القاضي 3 546
عبد الحميد بن عواض الطائي 1 363
عبد ربه بن أعين بن سنسن زرارة 1 67
عبد الرحمن أبو عمرو الأوزاعي 1 53
عبد الرحمن الأصم 3 485
عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري 1 195
عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري 4 215
عبد الرحمن بن أبي نجران التميمي 1 298
عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة 4 446
عبد الرحمن بن الحجاج البجلي 1 159
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي 2 23
عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد القرشي 1 716
468

عبد الرحمن بن عوف بن عوف الزهري 3 539
عبد الرحمن بن عوف بن عبيد بن الحارث 3 487
عبد الرحمن بن غنم الأشعري 6 273
عبد الحمن بن القاسم بن محمد التيمي 1 641
عبد الرحمن بن القاسم العتقي 1 320
عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري 6 91
عبد الرحمن بن مهدي بن حسان العنبري 1 468
عبد السلام بن صالح الهروي 1 441
عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب أبو هاشم الجبائي 1 509
عبد العزيز بن أبان بن محمد الكوفي 5 487
عبد العزيز بن أبي سلمة ب ن عبيد الله بن عبد الله بن عمر 6 277
عبد العزيز بن عبد الله الداركي 6 219
عبد العزيز بن محمد الدراوردي 6 276
عبد الغفار بن القاسم أبو مريم 1 111
عبد الكريم بن عتبة الهاشمي 1 181
عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي 1 119
عبد الله بن أبي قحافة أبو بكر 1 319
عبد الله بن أبي يعفور 1 183
عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي 1 656
عبد الله بن بسر المازني 1 614
عبد الله بن بكير بن أعين بن سنسن الشيباني 1 87
عبد الله بن جعفر الحميري 1 301
عبد الله بن حامد أبو حامد الإصبهاني 4 428
469

عبد الله بن ذكوان أبو الزناد القرشي 6 278
عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن أمري القيس الخزرجي 2 61
عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب أبو بكر القرشي الحميري 1 319
عبد الله بن زيد الأنصاري 1 688
عبد الله بن زيد بن عمر أبو قلابة البصري الجرمي 1 362
عبد الله بن سنان بن ظريف 1 52
عبد الله بن سهل بن زيد الأنصاري 5 304
عبد الله بن سهل = عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري 4 425
عبيد الله بن شبرمة الضبي 4 167
عبد الله بن الصلت القمي مولى بني تميم 4 267
عبد الله بن طاوس اليماني 4 64
عبد الله بن عاصم 1 142
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم 1 90
عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري 4 425
عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف أبو سلمة الزهري 1 374
عبد الله بن عبيد الله التيمي ابن أبي مليكة المكي 6 271
عبيد الله بن عمر بن الخطاب 1 51
عبد الله بن عمر وبن العاص 1 51
عبد الله بن عون المزني 3 538
عبد الله بن قيس بن سليم أبو موسى الأشعري 1 108
عبد الله بن لحي أبو عامر الحميري 4 10
عبد الله بن المبارك المروزي 1 329
عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب 3 559
470

عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 1 103
عبد الله بن محمد الكوفي أبو بكر الحضرمي 1 52
عبد الله بن مسعود بن غافل الهذلي 1 96
عبد الله بن مسكان 1 129
عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد الدينوري القتيبي 4 34
عبد الله بن معقل 1 519
عبد الله بن المغيرة البجلي 1 105
عبد الله بن ميمون القداح 1 450
عبد الله بن وهب الفهري 1 319
عبد الله بن هارون الرشيد العباسي المأمون 6 120
عبد الله بن يزيد 5 119
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج 4 340
عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون 1 196
عبد الملك بن عمر والأحول الكوفي 1 227
عبد الملك بن مروان بن الحكم 4 96
عبد الملك بن يعلى الليثي البصري 6 423
عبد الوارث بن سعيد العنبري 3 29
عبيد بن عمير بن قتادة الليثي 6 135
عبيد الله بن أبي رافع 1 324
عبيد الله بن أحمد أبو طالب الأنباري 4 66
عبيد الله بن الحسن العنبري 1 244
عبيد الله بن الحسين الكرخي 6 349
عبيد الله بن الحسين الكرخي 1 277
471

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود 1 598
عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم 1 640
عبيدة 4 6
عبيدة بن عمر والمرادي السلماني 4 417
عبيدة السلماني = عبيدة بن عمر والمرادي 4 417
عتاب بن أسيد الأموي 2 61
عثمان البتي = عثمان بن مسلم بن جرموز 3 224
عثمان بن أبي العاص الثقفي 1 291
عثمان بن سعيد بن بشار الأنماطي 1 175
عثمان بن عفان بن أبي العاص 1 679
عثمان بن عيسى أبو عمر الرواسي العامري 1 388
عثمان بن جرموز البتي 3 224
عدي بن حاتم الطائي 6 8
عروة بن الزبير بن العوام 1 102
عطاء بن أبي رباح 1 66
عطاء بن يسار الهلالي 5 489
عطية بن سعد بن جنادة العوفي 4 498
عطية العوفي = عطية العوفي = عطية بن سعد بن جنادة 4 498
عقبة بن خالد الأسدي 6 364
عقبة بن عامر بن عبس بن عمر الجهني 1 349
عقبة بن عبد الله أبو بكر الأصم 1 49
عقبة بن عمر وبن ثعلبة أبو مسعود البدري 1 348
عكرمة بن أبي جهل 4 329
472

عكرمة مولى ابن عباس 1 90
العلاء بن رزين القلا 1 69
علقمة بن قيس بن عبد الله النخعي 1 450
علقمة بن نضلة الكندي 3 189
علقمة بن وائل بن حجر الحضر مي 6 237
علي بن إبراهيم بن هاشم القمي 1 105
علي بن أبي حمزة البطائني 1 64
علي بن أبي طلحة سالم بن المخارق الهاشمي 4 10
علي بن أحمد بن القصار البغدادي 1 324
علي بن أحمد بن المرزبان (أبو الحسن) البغدادي 1 500
علي بن أسباط بن سالم الكندي 1 310
علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري 6 121
علي بن إسماعيل الميثمي 1 395
علي بن أشيم 1 661
علي بن بجيل بن عقيل 1 392
علي بن جعفر الصادق عليه السلام 1 301
علي بن الحسن بن رباط البجلي 1 89
علي بن الحسن بن العبد الأنصاري أبو الحسن 4 9
علي بن الحسين بن حرب أبو عبيد البغدادي 3 532
علي بن الحسين موسى المرتضى 1 59
علي بن الحكم بن الزبير النخعي 1 73
علي بن حنظلة العجلي الكوفي 1 342
علي بن رئاب (رباب) أبو الحسن 1 156
473

علي بن سعيد الكندي 4 66
علي بن طلق بن المنذر بن قيس الحنفي 1 411
علي بن عابس 4 67
علي بن عاصم بن صهيب التميمي 4 492
علي عبد العزيز أبو الحسن الجرجاني 1 600
علي بن عبد العزيز البغوي الجوهري 5 94
علي بن العبد = علي بن الحسن بن العبد الأنصاري أبو الحسن 4 9
علي بن محمد 1 441
علي بن مسلم أبو الحسن السلمي 3 157
علي بن المغيرة الزبيدي الأزرق 1 63
علي بن مهزيار الأهوازي 1 331
علي بن النعمان الرازي 1 406
علي بن يقطين بن موسى الكوفي البغدادي 1 220
عمار بن الساباطي 1 182
عمار بن ياسر أبو اليقظان 1 112
عمارة بن ربيعة الجرمي 5 138
عمارة الجرمي = عمارة بن ربيعة الجرمي 5 138
عمران بن الحصين الخزاعي 1 405 عمر بن أذينة بن سلمة 1 79
عمر بن حنظلة العجلي أبو صخر 1 631
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى 1 60 عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي 1 264
عمر بن عبد الله بن الوكيل أبو جعفر 4 459
474

عمر بن عبد الله أبو حفص بن الوكيل 1 464
عمر بن يزيد أبو الأسود بياع السابري 3 263
عمرو بن جميع الأزدي 3 78
عمرو بن حريث القاضي 6 312
عمرو بن دينار الجمحي 1 108
عمرو بن سلمة الجرمي 1 361
عمرو بن سليم بن خلدة الأنصاري 2 276
عمرو بن شعيب بن محمد القرشي السهمي 2 53
عمرو بن عاص بن وائل بن هاشم 1 144
عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي الكوفي 2 82
عمرو بن عبد الله بن عمير أبو عزة الجمحي 4 193
عمرو بن عمران أبو السوداء النهدي 1 498
عمرو بن عوف بن يزيد المزني 1 660
عمرو بن محمد بن حسومة 4 9
عمرة بنت رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس 3 564
عمرة بنت عبد الرحمن 5 413
عنبسة بن مصعب العجلي الكوفي 1 126
عنترة بن شداد العبسي 6 193
عوف بن مالك الأشجعي الغطفاني 5 284
عون بن عبد الله بن عتبة الهذلي 3 149
عويمر أبو الدرداء الخزرجي 1 380
عويمر بن الحارث العجلاني 5 9
عياش بن أبي ربيعة ذو الرمحين 1 375
475

عيسى بن أبان أبو موسى 3 537
عيسى بن أبان بن صدقه 1 172
عيسى بن عبد الله الهاشمي 1 103
عسى بن نملية الفزاري 6 77
العيص بن القاسم بن ثابت البجلي 1 170
غالب بن أبجر المزني 6 81
غورك بن الخضرم السعدي 2 55
غورك السعدي = غورك بن الخضرم السعدي 2 55
غياث بن إبراهيم التميمي الأسدي 1 163
غياث بن كلوب بن فهيس البجلي 1 674
غيلان بن سلمة بن معتب الثقفي 2 294
فاختة بنت الوليد بن المغيرة المخزومية 4 329
فاطمة بنت أبي حبيش القرشية 1 232
فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية 2 5
الفراء = يحيى بن زياد الديلمي 1 96
الفرزدق = همام بن غالب السعدي 4 36
الفريابي = جعفر بن محمد بن الحسن أبو بكر 4 66
فريعة بنت أبي أمامة الأنصاري 2 89
فضالة بن عبيد بن فاقد بن صهيب 1 374
الفضل بن شاذان النيشابوري 4 66
الفضل بن العباس بن عبد المطلب القرشي 1 438
الفضل بن عبد الملك أبو العباس البقباق 1 176
الفضيل بن يسار النهدي 1 180
476

الفقهاء السبعة = أبو محمد سعيد المخزومي، وعروة بن الزبير
ابن العوام، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأبو بكر بن
عبد الرحمن المخزمي، وأبو عبيد الله بن عبد الله الهذلي،
وخارجة بن زيد بن ثابت، وأبو سليمان بن يسار 4 385
القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل 4 293
القاسم بن محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة 1 120
القاسم بن محمد بن علي أبو الحسن ابن القفال 3 165
القاسم بن الوليد القرشي 1 69
قبيصة بن ذويب بن حلحلة الخزاعي 5 474
قبيصة بن مخارق بن عبد الله العامري 3 275
قتادة بن دعامة بن قتادة البصري 1 95
القتيبي = عبد الله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد الدينوري 4 34
قيس بن طلق بن علي بن المنذر الحنفي 1 114
قيس بن عباد القيسي الضبعي 5 147
الكرخي = عبيد الله بن الحسين 1 277
كعب الأخبار = كعب بن ماتع الحميري 1 219
كعب بن عجرة بن أمية البلوي 1 370
كعب بن ماتع الحميري 1 219
كعب بن مالك بن أبي كعب 3 269
الكلبي = هشام بن محمد بن السائب 1 56
لاحق بن حميد أبو مجلز الدوسي 1 108
لعون بن عبد الله بن عتبة أبو زيد 4 36
لقيط بن عامر أبو رزين العقيلي 1 473
477

الليث بن سعد بن عبد الرحمن النهمي 1 66
ليث المرادي = أبو بصير 1 107
الماجشون = عبد الملك بن عبد العزيز 1 196
مالك بن أنس الأصبحي أبو عبد الله 1 61
مالك بن أوس بن الحدثان النصري 4 182
مالك بن الحويرث بن أشيم الليثي 1 361
المأمون = عبد الله بن هارون الرشيد العباسي 6 120
مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام 6 89
مجاهد بن جبر المكي 1 54
مجمع بن جبر المكي 1 54
مجمع بن جارية 4 200
محارب بن دثار بن كردوس الدوسي 3 30
محجن بن الأدرع الأسلمي 6 104
محمد بن إبراهيم بن المنذر أبو بكر النيسابوري 1 261
محمد بن أحمد البربري 4 67
محمد بن أحمد بن الحداد الكتاني 2 99
محمد بن أحمد بن فارس بن أبي الفوارس 4 9
محمد بن أحمد بن محمد أبو بكر ابن الحداد 3 152
محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري 1 58
محمد بن إدريس بن العباس الشافعي 1 49
محمد بن إسحاق 2 82
محمد بن إسحاق بن جعفر أبو بكر الصاغاني 4 66
محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي 1 686
محمد بن إسماعيل بن بزيع 1 125
478

محمد بن بجيل بن عقيل 1 392
محمد بن الجبار أبي الصهبان القمي 1 504
محمد بن جبير بن مطعم النوفلي 4 191
محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري 1 90
محمد بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري 5 489
محمد بن الحسن بن دريد الأزدي القحطاني 1 135
محمد بن الحسن بن فرقد الدمشقي 1 56
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات 1 92
محمد بن الحصين 1 305
محمد بن حكيم الخثعمي 1 395
محمد بن حمران النهدي 1 145
محمد بن الحنفية 2 333
محمد بن خالد بن عبد الله البجلي 1 686
محمد بن داود بن علي الاصفهاني 2 265
محمد بن زياد بن عيسى بن أبي عمير 1 68
محمد بن سالم = بن عبيد الله الجمحي 4 14
محمد بن سعيد بن غزوان بن محمد الأسدي 1 144
محمد بن سعيد الطائفي 4 31
محمد بن سلمة بن محمد بن هاشم المخزومي 1 197
محمد بن سليمان الذهلي 3 29
محمد بن سماعة أبو عبد الله التميمي 4 211
محمد بن سيرين الأنصاري 1 79
محمد بن شجاع البلخي 1 277
479

محمد بن عبد الله البغدادي الصيرفي 1 491
محمد بن عبد الله بن الحسن بن اللبان الفرضي الشافعي 4 109
محمد بن عبد الله بن زرارة 1 103
محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري 1 288
محمد بن عب الله بن عبد الحكم أبو عبد الله المصري 1 113
محمد بن عبد الله بن محمد الأبهري 2 75
محمد بن عبد الله الضبي الحاكم النيسابوري 2 213
محمد بن عبد الواحد أبو عمر (غلام ثعلب) 6 191
محمد بن عبد الوهاب أبو علي الجبائي 1 509
محمد بن عبد الوهاب بن سلام أبو علي الجبائي 1 90
محمد بن عجلان المدني القرشي 3 149
محمد بن العلاء أبو كريب الهمداني 4 66
محمد بن علي 1 167
محمد بن علي أبو الحسن الماسرجسي 1 338
محمد بن علي بن أبي شعبة الحلبي 1 334
محمد بن علي بن محبوب الأشعري 3 264
محمد بن علي بن النعمان البجلي الأحول 1 180
محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 1 103
محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب 1 103
محمد بن عمر بن واقد أبو عبد الله الواقدي 3 593
محمد بن الفضل بن سلمة أبو الطيب البغدادي 2 26
محمد بن كثير العبدي البصري 5 95
محمد بن محمد بن النعمان أبو عبد الله المفيد 1 190
محمد بن مروان 1 633
480

محمد بن مروان الكلبي 1 92
محمد بن مسكين 1 151
محمد بن مسلم بن تدرس أبو الزبير الأسدي المكي 2 59
محمد بن مسلم بن رباح 1 53
محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري 1 61
محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير 5 474
محمد بن يحيى أبو عبد الله الجرجاني 3 360
محمد بن يحيى بن مهدي أبو عبد الله الجرجاني 2 214
محمد بن يحيى الساباطي 1 683
محمد بن يعقوب الكليني 1 655
محيصة بن مسعود الحارثي الأنصاري 5 304
المرتضى = علي بن الحسين بن موسى 1 59
مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي 1 663
المروزي = إبراهيم بن أحمد 1 136
المزني = المزني = إسماعيل بن يحيى بن عمرو 1 75
مسدد بن مسرهد بن مسربل البصري 5 147
مسروق بن الأجدع الهمداني الكوفي 1 537
مسعر بن كدام بن ظهير الهلالي 3 30
مسلم 2 10
مسلم بن الحجاج القشيري 6 278
مسلم بن خالد بن فروة المخزومي 5 303
المسور بن مخرمة الزهري 1 409
مصادف 1 510
481

مطعم بن عدي بن نوفل النوفلي 4 192
المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب 4 232
مظاهر بن أسلم المخزومي 4 498
معاذ بن جبل بن عمر بن أوس الخزرجي القاري 1 546
معاذ = معاذ بن جبل 3 555
معاوية بن أبي سفيان 1 656
معاوية بن شريح القاضي بن الحارث الكندي 1 54
معاوية بن عمار بن أبي معاوية الدهني 1 94
معاوية بن يسرة بن شريح الكندي 1 126
معمر بن عبد الله بن نضلة العدوي 3 47
معمر بن المثنى اللغوي أبو عبيدة البصري 1 135
المغربي الشافعي 5 327
المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي 1 206
المفضل بن صالح الأسدي 1 107
المفضل بن عمر الجعفي 1 297
المقداد بن عمرو بن ثعلبة الهراوي 4 200
مقدام بن معديكرب الكندي 4 8
مقسم بن بجرة 3 474
مكحول الشامي 1 296
مندل بن علي العتري 1 300
المنذر بن الزبير بن العوام 4 288
منصور بن حازم أبو أيوب البجلي 1 335
المنهال بن الجراح أبو العطوف الجزري 2 82
482

موسى بن عكبل النميري 1 508
موسى بن سليمان أبو سليمان الجوزجاني 4 19
موسى بن عقبة 3 556
ميمون بن قيس بن جندل الأعشى 1 345
ميمون بن مهران الرقي أبو أيوب 1 630
ميمونة بنت الحارث بن خزن الهلالية 4 125
ميمونة بنت الحارث العامرية 1 554
النجاشي 1 732
نجدة بن عامر اليمامي الخارجي الحروري 4 197
نجدة الحروري = نجدة بن عامر اليمامي الخارجي 4 197
النخعي = إبراهيم بن يزيد 1 102
نسيبة الأنصارية أم عطية 1 694
النضر بن شميل بن خرشة التميمي 4 492
نضلة بن عبيد أبو برزة الأسلمي 3 7
النعمان بن بشير بن ثعلبة الخزرجي 3 126
النعمان بن ثابت بن زوطي أبو حنيفة 1 49
نعم بن حماد الخزاعي الفرضي 4 15
نعم بن حاد الفارض الأعور 4 124
نفيع بن الحارث أبو بكرة الثقفي 1 435
النفاش = سعيد 1 653
نمران بن جارية اليمامي الحنفي 3 295
نوفل بن معاوية بن عروة 4 294
النوفلي = الحسين بن يزيد بن محمد 1 147
483

أسم المترجم الجزء الصفحة وائل بن حجر الضر مي الكندي 4 490
واثلة بن الأسقع بن كعب الليثي 4 13
واسع بن حبان بن منقد بن عمر و 4 9
الواقدي = محمد بن عمر بن واقد أبو عبد الله 3 593
الوليد بن أبي معيط القرشي 6 423
الوليد بن الوليد بن المغيرة المخزومي 1 375
وهب بن كيسان القرشي 1 674
وهيب بن خالد عجلان الباهلي 4 64
هارون بن محمد الرشيد العباسي 2 278
هاشم بن عتبة بن مالك المرقال 1 715
هاشم المرقال = هاشم بن عتبة بن مالك 1 715
هاني بن (دينار) بن عمر وأبو بريدة 1 350
الهرماس بن زياد الباهلي 2 350
هشام بن إبراهيم العباسي 1 331
هشام بن زيد بن أنس بن مالك الأنصاري 5 161
هشام بن سالم الجواليقي الجعفي 1 228
هشام بن عروة بن الزبير بن العوام 3 30
هشام بن محمد بن السائب الكلبي 1 56
هشيم بن بشير بن القاسم السلمي 6 89
هلال بن أمية بن عامر بن قيس الأنصاري 5 6
هلال بن مرة الأشجعي 4 379
همام بن غالب السعدي (الفرزدق) 4 36
هند بنت أبي سلمة أم أمية 1 231
484

هند بنت عتبة بن ربيعة القرشية 4 160
يحيى بن آدم بن زكريا الكوفي 4 20
يحيى بن أبي عمران الهمداني 1 331
يحيى بن زياد الديلمي الفراء 1 96
يحيى بن سعيد بن فروخ القطان 3 473
يحيى بن سعيد فروخ القطان التميمي 5 147
يحيى بن سعيد بن قيس بن عمرو 5 307
يحيى بن سليم القرشي 6 277
يحيى بن القاسم أبو بصير الأسدي 1 55
يزيد بن الأسود السوائي العامري 1 416
يزيد بن رومان الأسدي المدني 1 640
يزيد بن عبد المزني حجازي 6 70
يزيد بن هارون بن وادي 4 66
يزيد بن هرمز المدني 4 216
يسار الدارمي بن بكر بن مسعود أبو العشراء 6 22
يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف 1 56
يعقوب بن إسحاق بن السكيت 3 329
يعقوب بن يقطين 1 237
يعلى بن أمية التميمي 2 288
يوسف بن إبراهيم 505
يوسف بن يحيى البويطي 1 150
يونس 1 58
يونس بن أبي إسحاق السبيعي 3 142
485

يونس بن بكر 2 150
يونس بن جبير أبو غلاب الباهلي البصري 4 447
يونس بن عبد الرحمن 1 86
يونس بن عمار بن الفيض الصير في 1 89
يونس بن يعقوب بن قيس 1 161
486

المفردات التي تم تعريفها
في الأجزاء الستة
أبر 6 / 175 البرام 2 / 409
الأتان 3 / 106 البرز 6 / 91
أثكل 5 / 380 بزر الأشنان 2 / 66
اجتووا 1 / 487 البط 4 / 29
الأرحية 3 / 441 بطن عرنة 2 / 336
أرقعة 3 / 282 البغي 5 / 394
استوخموا 1 / 487 البلاقع 6 / 116
الأعطان 1 / 519 البنج 4 / 480
اغتلم 5 / 486 بنو العلات 4 / 55
أقرحه 6 / 231 البواسير 1 / 119
الإقعاء 1 / 360 البهارج 2 / 78
الانصباء 3 / 435 التخلص 1 / 603
أودى 5 / 390 تفلات 2 / 432
أوطاس 4 / 209 التمعط 5 / 198
الباضعة 3 / 399 الثني 6 / 41
البراذين 6 / 79 الجذاذ 3 / 80
487

الجذع 6 / 41 الذود 2 / 36
الجرموق 1 / 213 رب المال 2 / 15
البحرين 5 / 415 الردء 5 / 174
الجعرانة 2 / 288 الرضخ 4 / 197
الجلحاء 6 / 44 الرطل 1 / 130
جمع 1 / 81 الركاز 2 / 12
جمل 3 / 186 الروشن 3 / 294
الجمه 1 / 84 الزئبر 1 / 500
جوال 6 / 82 الزبازب 6 / 102
حار 5 / 496 الزمن 5 / 124
الحارصة 3 / 399 الزمير 6 / 29
الحبائل 1 / 119 الزوان 3 / 58
الحدأة 6 / 83 السبع 1 / 64
الحزن 1 / 147 السمور 1 / 63
الحمم 2 / 261 السنجاب 1 / 63
الحنق 6 / 193 السنور 6 / 76
خشب 1 / 405 السه 1 / 109
الخص 3 / 295 الشاذكونه 1 / 501
الخمرة 1 / 517 الشبق 1 / 229
الخوارج 1 / 204 الشبه 1 / 507
خيبر 5 / 304 الشمشك 2 / 296
الدمق 1 / 54 الشه 1 / 57
دومة الجندل 5 / 541 الشيح 1 / 199
دهن البذر 3 / 56 الشيرج 6 / 91
488

الشيم 3 / 58 العفاص 3 / 581
الشين 1 / 153 العقص 1 / 510
الصاع 1 / 130 العكر 1 / 57
الصدغ 1 / 77 العنت 1 / 157
الصرام 3 / 201 العنفقة 1 / 77
الصرف 5 / 227 العي 1 / 152
الصعيد 1 / 135 الغرر 3 / 55
الصمد 3 / 407 الغرة 5 / 291
صيدوج 2 / 422 غسان 5 / 541
طبرستان 1 / 637 الفتاش 5 / 434
الطرار 5 / 434 الفذ 1 / 542
الطهور 1 / 50 الفرط 1 / 71
الظهران 4 / 329 الفصد 1 / 476
العتاق 6 / 42 الفنك 1 / 63
العجاف 6 / 58 القار 5 / 496
العجان 1 / 106 قباء محشو 1 / 395
العجوة 3 / 70 القر 1 / 611
العدة 4 / 182 القرامل 1 / 493
العذار 1 / 76 القرم 5 / 173
العراب 6 / 79 القرن 1 / 419
العرنين 1 / 487 قسامة 2 / 172
العرينين 5 / 457 قلائص 2 / 7
عسفان 1 / 636 القوارير 1 / 479
العضائد 3 / 441 الكثر 5 / 416
489

الكراع 4 / 182 الموت 6 / 32
الكرسف 1 / 357 المهاياة 6 / 390
الكلب 1 / 187 الميط 1 / 364
الكند 6 / 104 الناسور 1 / 115
كور العمامة 1 / 357 النباش 5 / 434
الكوع 5 / 327 النتن 4 / 192
اللحمة 1 / 505 نجران 5 / 541
اللية 6 / 25 النخامة 1 / 119
ماخورا 3 / 508 النخس 5 / 175
المارماهي 6 / 29 النض 3 / 464
المحصب 2 / 359 النضال 6 / 103
المختفي 5 / 434 النفاس 1 / 245
المد 1 / 130 النقب 5 / 434
المذي 1 / 118 النهروان 1 / 435
المرس 5 / 487 الوخش 3 / 133
المروة 6 / 196 الوخشة 5 / 84
المصبور 5 / 174 الودي 1 / 118
المفدم 2 / 305 الوذي 1 / 118
المقاريف 6 / 79 الوكاء 1 / 109
المقاصير 1 / 556 الهازبي 6 / 33
المقور 1 / 688
يشاط الدم 5 / 306
المنبرية 4 / 44 اليمين المغموس 6 / 116
490

دليل الكتب الفقهية
في الأجزاء الستة
الكتاب الجزء الصفحة عدد مسألة
1 - كتاب الطهارة، والحيض والاستحاضة والنفاس 1 49 225
2 - كتاب الصلاة (الجماعة، المسافر، الجمعة، الخوف،
العيدين الكسوف، الاستسقاء، الجنائز). 1 225 563
3 - كتاب الزكاة والخمس وزكاة الفطرة 2 5 200
4 - كتاب الصوم والاعتكاف 2 166 121
5 - كتاب الحج 2 245 359
6 - كتاب البيوع 3 5 321
7 - كتاب السلم 3 193 38
8 - كتاب الرهن 3 219 68
9 - كتاب التفليس 3 259 27
10 - كتاب الحجر 3 279 9
11 - كتاب الصلح 3 293 12
12 - كتاب الحوالة 3 305 11
13 - كتاب الضمان 3 313 19
14 - كتاب الشركة 3 327 15
15 - كتاب الوكالة 3 341 23
16 كتاب الإقرار 3 359 35
17 - كتاب العارية 3 387 9
18 - كتاب الغصب 3 395 40
491

19 - كتاب الشفعة 3 425 43
20 - كتاب القراض 3 459 18
21 كتاب المساقاة 3 473 13
22 - كتاب الإجارة 3 485 46
23 - كتاب المزراعة 3 515 11
24 - كتاب إحياء الموات 3 525 13
25 - كتاب الوقف 3 537 24
26 - كتاب الهبة 3 555 21
27 - كتاب اللقطة 3 577 26
28 - كتاب الفرائض 4 5 152
29 - كتاب الوصايا 4 135 52
30 - كتاب الوديعة 4 171 15
31 - كتاب الفئ وقسمة الغنائم 4 181 45
32 - كتاب قسمة الصدقات 4 223 30
33 - كتاب النكاح 4 245 145
34 - كتاب الصداق 4 364 49
35 - كتاب الوليمة 4 - 405 5
36 - كتاب القسم بين الزوجات 4 411 10
37 - كتاب الخلع 4 421 29
38 - كتاب الطلاق 4 445 61
39 - كتاب الرجعة 4 497 12
40 - كتاب الإيلاء 4 509 21
41 - كتاب الظهار 4 525 72
42 - كتاب اللعان 5 5 70
43 - كتاب العدة 5 53 52
44 - كتاب الرضاع 5 93 22
45 - كتاب النفقات 5 111 59
492

46 - كتاب الجنايات 5 145 96
47 - كتاب الديات 5 217 137
48 - كتاب القسامة 5 303 16
49 - كتاب كفارة القتل 5 319 17
50 - كتاب الباغي 5 335 18
51 - كتاب المرتد 5 351 13
52 - كتاب الحدود 5 365 55
53 - كتاب السرقة 5 411 56
54 - كتاب قطاع الطريق 5 457 15
55 - كتاب الأشربة 5 473 15
56 - كتاب قتال أهل الردة 5 501 6
57 - كتاب صولة البهية 5 509 7
58 - كتاب السير 5 517 25
59 - كتاب الجزية 5 538 22
60 - كتاب الصيد والذبائح 6 5 36
61 - كتاب الضحايا 6 37 31
62 - كتاب الأطعمة 6 73 28
63 - كتاب السبق 6 101 10
64 - كتاب الأيمان 6 109 108
65 - كتاب النذور 6 191 20
66 - كتاب آداب القضاء 6 207 43
67 - كتاب الشهادات 6 249 80
68 - كتاب الدعاوى والبينات 6 329 28
69 - كتاب العتق 6 359 19
70 - كتاب المكاتب 6 379 35
71 - كتاب المدبر 6 409 22
72 - كتاب أمهات الأولاد 6 423 3
493