الكتاب: تذكرة الفقهاء (ط.ق)
المؤلف: العلامة الحلي
الجزء: ١
الوفاة: ٧٢٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

المجلد الأول
من كتاب
تذكرة الفقهاء
لمؤلفه العلامة الكبير جمال الدين الحسن بن يوسف بن
علي بن مطهر الحلي قده
المتوفى سنة 726 ه‍
من منشور آت المكتبة الرضوية لاحياء الآثار الجعفرية
المؤسس الشيخ عبد الكريم التبريزي
سوق بين الحرمين پاساژ مهتاش
رقم التليفون 57135
1

المجلد
الأول من تذكرة
الفقهاء
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ذي القدرة الأزلية والعزة الباهرة الأبدية والقوة القاهرة القوية والنعم الغامرة السرمدية والآلاء الظاهرة السنية المستغني بوجوب
وجوده عن الاتصاف بالمواد والصور النوعية والمقدس بكمال ذاته عن المشاركة للأجسام والاعراض الفلكية والعنصرية ابتدع أنواع الكاينات بغير فكر وروية
واختر ع أجناس الموجودات بمقتضى حكمته العلية مكمل نوع الانسان بادراك المعاني الكلية ومفضل صنف العلماء على جميع البرية وصلى الله على أشرف النفوس القدسية
وأزكى الذوات المطهرة الملكية محمد المصطفى وعترته المرضية إما بعد فان الفقهاء عليهم السلام هم عمدة الدين ونقلة شرع رسول رب العالمين وحفظة به فتاوى
الأئمة المهديين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهم ورثة الأنبياء والذين يفضل مدادهم على دماء الشهداء وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وآله النظر إليهم عبادة و
المجالسة لهم سعادة واقتفاء اثرهم سيادة والاكرام لهم رضوان الله والإهانة لهم سخط الله فيجب على كل أحد تتبع مسالكهم واقتفاء اثارهم والاقتداء بهم في
ايرادهم واصدارهم واتباعهم في اظهار شرع الله تعالى وإبانة احكامه واحياء مراسم دين الله واعلان اعلامه وقد عزمنا في هذا الكتاب الموسوم بتذكرة
الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء وذكر قواعد الفقهاء على أحق الطرايق واوثقها برهانا واصدق الأقاويل وأوضحها بيانا وهي طريقة الامامية الآخذين دينهم بالوحي
الإلهي والعلم الرباني لا بالرأي والقياس ولا باجتهاد الناس على سبيل الايجاز والاختصار وترك الإطالة والآثار والاكثار وأشرنا في كل مسألة إلى الخلاف واعتمدنا في المحاكمة
بينهم طريق الانصاف إجابة لالتماس أحب الخلق إلي وأعزهم علي ولدي محمد أمده الله تعالى بالسعادات ووفقه لجميع الخيرات وأيده بالتوفيق وسلك به نهج التحقيق ورزقه
كل خير ودفع عنه كل ضير واتاه عمر أمد مدا سعيدا وعشيا هنيئا وعنيدا ووقاه الله كل محذور وجعلني فداه في جميع الأمور ورتبت هذا الكتاب على أربع قواعد
والله الموفق والمعين القاعدة الأولى في العبادة (العبادات) وهي تشتمل على ستة كتب الأول في الطهارة مقدمة الطهارة لغة النظافة وشرعا وضوء وغسل أو تيمم
يستباح به عبادة شرعية والطهور هو المطهر لغيره وهو فعول بمعنى ما يفعل به اي تطهره كغسول وهو الماء الذي يغتسل به لقوله تعالى وأنزل من السماء ماء طهورا
ليطهركم به (ثم قال وينزل عليكم من السماء ماء ص) ولأنهم فرقوا بين ضارب وضروب وجعلوا الثاني للمبالغة فيكون للتعدية لامتناع المبالغة في المعنى ولقوله (ع) عن ماء البحر وقد سئل أيجوز الوضوء به
هو الطهور عامة وقال أبو بكر بن داود وبعض الحنفية الطهور هو الطاهر فالعرب لم يفرق بين الفاعل والمفعول في التعدي واللزوم كقاعد وقعود وضارب وضروب وأقسام
الطهارة ثلثة وضوء وغسل وتيمم وكل منها واجب وندب فالوضوء يجب للصلاة الواجبة والطواف الواجب ومس كتابة القران ان وجب ويستحب لما عداه أو الغسل يجب لاحد
الثلاثة وللاستيطان في المساجد وقرائة العزايم ان وجبا والصوم الواجب إذا بقي للفجر ما يغتسل فيه الجنب ولصوم المستحاضة مع غمس القطنة ويستحب لما عداه و
يجب للصلاة الواجبة ولخروج الجنب من أحد المسجدين ويستحب لما عداه وقد تجب الثلاثة بالنذر واليمين والعهد وهذا الكتاب يشتمل على أبواب
الأول في المياه وفيه فصول الأول المطلق مسألة المطلق هو ما يستحق اطلاق اسم الماء من غير إضافة وهو في الأصل طاهر مطهر اجماعا من
الخبث والحدث الا ما روى عن عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو بن العاص أنهما قالا في ماء البحر التيمم أحب إلينا منه وعن سعد بن المسيب إذا لجئت إليه
فتوض منه ويدفعه الاجماع وقوله صلى الله عليه وآله في حديث أبو هريرة من لم يطهره البحر فلا طهره الله وقول الصادق (ع)
2

في رواية عبد الله بن سنان وقد سئل عن ماء البحر أطهور هو قال نعم ولا فرق بين النازل من السماء والنابع من الأرض وسواء أذيب من ثلج أو برد أو لا وسواء كان
مسخنا أو لا ألا انه يكره المسخن بالنار في غسل الأموات لقول الباقر (عليه السلام) لا يسخن الماء للميت فان خاف الغاسل البرد زالت الكراهة وكره مجاهد المسخن في الطهارة
واحمد المسخن بالنجاسة للخوف من حصول نجاسة فيه ويبطل بان شريكا رحال رسول الله صلى الله عليه وآله أجنب فسخن الماء واغتسل وأخبره ولم ينكر عليه ودخل النبي
(ع) حماما بالحجفة وهو محرم واضطر الصادق (ع) إلى الغسل فاتوه بالماء مسخنا وهو مريض فاغتسل ويكره المشمس في الآنية وبه قال الشافعي لنهيه (ع)
عنه وعلل بأنه يورث البرص وقال أبو حنيفة ومالك واحمد لا يكره كالمسخن بالنار فروع الأول لا كراهة في المشمس في الأنهار والكبار والصغار والمصانع اجماعا
الثاني النهي عن المشمس عام وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم انه مخصص بالبلاد الحارة كالحجاز وبعضهم بالأواني المنطبعة كالحديد والرصاص أو بالصفر
واستثنوا الذهب والفضة لصفاء جوهر هما الثالث لو زال التشميس احتمل بقاء الكراهة لعدم خروجه عن كونه مشمسا الرابع لو توضأ به صح اجماعا لرجوع النهي إلى خوف
ضرره الخامس روى ابن بابويه كراهية التداوي بمياه جبال الحارة السادس إذا تغيرت أحد أوصاف المطلق بالاجسام الطاهرة ولم يسلبه الاطلاق فهو باق على
حكمه باجماعنا لبقاء الاسم وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والزهري وأبو بكر الرازي وقال الشافعي ومالك واحمد واسحق ان تغير بما لم يخالط أجزأه كالخشب والدهن أو كان ترابا
ولا ينفك الماء عنه كالطحلب وورق الشجر الساقط في السواقي وما يجرى عليه الماء من حجارة النورة والكحل وغيره فهو باق على حكمه وإن كان غير ذلك لم يجز الوضوء منه
كالمتغير بالصابون والزعفران والملح الجبلي وإن كان أصله الماء بان يرسل في ارض مالحة فيصير ملحا جازا
السابع لو افتقر في الطهارة إلى مزج المطلق بالمضاف قال الشيخ صحت
الطهارة به ان بقي الاطلاق ولا يجب المزج وفي الجميع اشكال الثامن لو تطهر بالجامد فان جرى على العضو المغسول ما يتحلل صح منه وإلا فلا وأجزأ الشيخ الدهن التاسع
لو مازجه المضاف المساوى في الصفات احتمل اعتبار بقاء الاسم على تقدير المخالفة والاستعمال ما لم تعلم الغلبة العاشر ماء زمزم كغيره وكره احمد في إحدى الروايتين الطهارة به
لقول العباس لا أحله لمغتسل لكن الشارب حل وبل وهو محمول على قلة الماء لكثرة الشارب مسألة كل ماء تغير أحد أوصافه الثلاثة أعني اللون والطعم والرائحة بالنجاسة
كان نجسا اجماعا لقوله خلق الماء طهورا لا ينجسه الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه وعن الصادق (ع) إذا تغير الماء وتغير الطعم فلا تتوضأ ولا تشرب ولا فرق في هذا بين الجاري والراكد والقليل
والكثير لانفعال الجميع فروع الأول لو تغير بمرور الرائحة من غير ملاقاة النجاسة لا ينجس الثاني لو تغير الجاري اختص المتغير منه بالتنجيس وكان غيره طاهر الثالث لو تغير
بعض الواقف الكثير اختص المتغير منه بالتنجيس إن كان الباقي كرا والا عم الحكم وقالت الشافعية ويعم مطلقا لأنه ماء واحد فلا يتبعض حكمه والملازمة ممنوعة الرابع
لو انصبغ ماء الغسل أو الوضوء بصبغ طاهر على العضو فإن لم يسلبه الاطلاق أجزأ والا فلا الخامس لو زال التغير بالنجاسة بغير الماء من الأجسام الطاهرة أو لتصفيق الرياح أو طول
اللبث لم يطهر لأنه حكم شرعي يثبت عليه وعند الشافعي يطهر بزوال التغير من نفسه لا بوقوع ساتر كالمسك وفي التراب قولان مبنيان على أنه مزيل أو ساتر ولو مزج فزال
التغير طهر الباقي إن كان قلتين السادس انما يطهر المتغير الكثير الواقف بالقاء كر عليه دفعة مزيلة لتغيره فإن لم يزل فكر آخر وهكذا والجاري يطهر بتدافعه حتى
يزول التغير لاستهلاك المتغير وعدم قبول الطاري النجاسة السابع يكره الطهارة بالماء الاجن مع وجود غيره وهو المتغير لطول لبثه مع بقاء الاطلاق باجماع العلماء
الا ابن سيرين فإنه منع منه ولو زال الاطلاق لم يكن مطهرا الثامن لو زال التغير من القليل أو الكثير بغير الماء طهر بالقاء الكر وان لم يزل به التغير لو كان وفي طهارة
الكثير لو وقع في أحد جوانبه كر علم عدم شياعه فيه نظر وكذا لو زال التغير بطعم الكر أو لونه العرضيين مسألة الجاري الكثير كالأنهار الكبار والجداول الصغار
لا ينجس بملاقاة النجاسة اجماعا منا لقول الصادق (ع) لا باس ان يبول الرجل في الماء الجاري وماء الحمام كالجاري إذا كانت له مادة وبه قال أبو حنيفة لقول الصادق (ع) هو بمنزلة
الجاري وقول الباقر (عليه السلام) ماء الحمام لا باس به إذا كان له مادة ولعدم الانفكاك من النجاسة فيه فلو لا مساواته الجاري لزم الحرج وماء الغيث حال تقاطره كالجاري لقول
الصادق (ع) في ميزابين سالا أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضر ذلك فروع الأول لا تعتبر الجريات بانفرادها فلو تواردت على النجاسة
الواقعة جريات متعددة لم يتنجس مع اتصالها وقال الشافعي يتنجس كل جرية هي أقل من قلتين وإن كانت منفصلة اعتبر كل جرية بانفرادها وعنى بالجرية ما بين حافتي النهر
عرضا عن يمينها وشمالها الثاني لو كان الجاري أقل من كر نجس بالملاقاة وما تحته وفي أحد قولي الشافعي انه لا ينجس إلا بالتغير الثالث الواقف في جانبي النهر متصلا به كالجاري
وان نقص عن كر الرابع لو كان الجاري متغيرا بالنجاسة دون الواقف المتصل به فان نقص عن كر يتنجس بالملاقاة والا فلا الخامس لابد في مادة الحمام من كر وهل يستحب الحكم في
غير الحمام اشكال السادس لو تنجس الحوض الصغير في الحمام لم يطهر باجراء المادة إليه بل بتكاثرها على مائه السابع لو انقطع تقاطر المطر وفيه نجاسة عينية اعتبرت الكريه
ولا تعتبر حال التقاطر ولو استحالت عينها قبل انقطاعه ثم انقطع كان طاهرا وان قصر عن كر ولو استحالت بعد انقطاعه أو لاقته من خارج بعده اعتبر الكرية مسألة
الواقف الكثير لا ينجس بملاقاة النجاسة اجماعا بل بالتغير بها واختلف في الكثرة فالذي عليه علماؤنا بلوغ كر لقول النبي صلى الله عليه وآله قدر كر لم ينجسه شئ رواه الجمهور وعن
الصادق (ع) إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ وقضية الشرط التنجيس عند عدم البلوغ ولأنه أحوط وقال الشافعي واحمد قلتان لقول النبي (صلى الله عليه وآله) إذا كان الماء
قلتين لم يحمل خبثا ويضعف باحتمال اتساع الكر لأنها من قلال الجر وهي جرة كبيرة تشبه الحب قال ابن دريد تسع خمس قرب وقال أبو حنيفة وأصحابه كلما يتيقن أو يظن وصول
النجاسة إليه لم يجز استعماله وقدره أصحابه ببلوغ الحركة ويضعف بعدم الضبط فلا يناط به ما يعم به البلوى فروع الأول للكر قدر ان الف ومائتا رطل قال الشيخان
بالعراقي وهو مائة وثلثون درهما وقال المرتضى بالمدني وهو مائة وخمس وتسعون ونشأ الخلاف باعتبار السائل وبلد السؤال وما يكون كل بعد من ابعاده الثلاثة
ثلثة أشبار ونصفا بشبر مستوى الخلقة على الأشهر وحذف القميون النصف فعلى الأول يبلغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر وعلى الثاني سبعة وعشرين
وقول الراوندي وابن الجنيد ضعيفان الثاني التقدير تحقيق لا تقريب وللشافعي قولان الثالث لا فرق في هذا التقدير بين مياه الغدران والقلتان والحياض والمصانع
والأواني واطلاق بعض فقهائنا تنجيس ماء الأواني وان كثر يجرى مجرى الغالب الرابع قال داود إذا بال في الراكد ولم يتغير لم ينجس (ولا يجوز ان يتوضأ منه لان النبي
(صلى الله عليه وآله) نهى ان يبول الرجل في الماء الدائم ثم يتوضأ منه ويجوز لغيره وإذا تغوط فيه ولم يتغير لم ينجس ص) وجاز ان يتوضأ منه هو وغيره ولو بال على
الشط فجرى إلى الماء جاز ان يتوضأ منه وهو غلط الخامس لو كانت النجاسة متميزة فيما زاد على الكر ولم تغيره جاز استعماله مطلقا وقال أبو إسحاق من الشافعية لا يجوز ان
يستعمل من موضع يكون بينه وبين النجاسة أقل من قلتين وغلطه الباقون إذ الاعتبار بالمجموع ولو كانت مايعة واستحالت ولم تغير لم تنجس السادس لو كان قدر كر خاصة
والنجاسة متميزة واغترف باناء فالمأخوذ وباطن الاناء طاهران والباقي وظاهر الاناء نجسان ولو حصلت النجاسة فيه انعكس الحال في الماء والاناء فان نقط؟ نجس الباقي إن كان
التقط من باطنه والا فلا السابع لو نبع الماء من تحته لم يطهره وان زال التغير خلافا للشافعي لأنا نشترط في المطهر وقوعه كرا دفعة مسألة الماء القليل ينجس بملاقات
3

النجاسة ذهب إليه أكثر علمائنا وممن فرق بين القليل والكثير وان اختلفوا في حد الكثرة ابن عمر وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي واحمد وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأبو ثور
وأبو عبيد والمزني لقوله (ع) إذا بلغ الماء قلتين لم يحمله خبثا رواه الجمهور وعن الكاظم (ع) الدجاجة تطأ العذرة ثم تدخل في الماء أيتوضأ منه قال لا ولأنه لقلته في مظنة
الانفعال فكان كالمتغير في الكثير وقال ابن ابن أبي
عقيل منا لا فرق بين القليل والكثير في أنهما لا ينجسان إلا بالتغير وهو مروى عن ابن عباس وحذيفة وأبي هريرة والحسن وسعيد بن
المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى وجاز بن زيد وبه قال مالك والأوزاعي والثوري وداود ابن المنذر لقوله (ع) الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ويبطل بتقديم
الخاص مع التعارض فروع الأول ينجس القليل بما لا يدركه الطرف من الدم كرؤس الإبرة لما تقدم وقال الشيخ
لا ينجس لقول الكاظم (ع) وقد سئل عن رجل امتخط فصار الدم قطعا
فأصاب انائه هل يصلح الوضوء منه قال إن لم يكن شئ تستبين في الماء فلا بأس وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه ولا حجة فيه إذ إصابة الاناء لا تستلزم إصابة الماء وللشافعي
قول بعدم التنجيس في الدم وغيره الثاني لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا ان اعتدل الماء وإلا في حق السافل فلو نقص الاعلى عن الكر انفعل بالملاقاة ولو كان أحدهما
نجسا فالأقرب بقاؤه على حكمه مع الاتصال وانفعاله اشتغاله إلى الطهارة مع الممازجة لان النجس لو غلب الطاهر نجسه مع الممازجة فمع التميز يبقى على حاله الثالث لو استهلك القليل
المضاف وبقى الاطلاق جازت الطهارة به أجمع وكذا النجس في الكثير الرابع النجس لا يجوز استعماله في طهارة الحدث والخبث مطلقا ولا في الأكل والشرب الا مع الضرورة
الخامس لا يطهر القليل بالاتمام كرا لانفعاله بالنجاسة فكيف يرفعها عن غيره وقال المرتضى في الرسية يطهر لان البلوغ يستهلك النجاسة ولا فرق بين وقوعها قبل البلوغ
وبعده وهو ممنوع وللشافعي قولان السادس لو جمع بين نصفى كر نجس لم يطهر على الأشهر لان كلا منهما لا يرفع النجاسة عن نفسه فعن غيره أولي وقال بعض علمائنا يطهر
وبه قال الشافعي لقوله (ع) إذا بلغ الماء قلتين أو كرا على الخلاف لم يحمل خبثا ولم يثبت عندنا السابع لو تيقن أحد طرفي الطهارة والنجاسة وشك في الآخر عمل على
المتيقن ولو شك في استناد التغير إلى النجاسة بنى على الأصل والأقرب البناء على الظن فيهما للبناء على الأصل والاحتياط الثامن لو أخبره العدل بنجاسة الماء يجب القبول
قال ابن البراج وكذا العدلان وليس بجيد لوجوب رده تعينا ولو تعارضت البينتان فكالمشتبه ولو أخبره الفاسق بطهارة مائه قبل ولو أخبر بنجاسته فإن كان بعد الطهارة
لم يلتفت فإن كان قبلها فالأقرب القبول التاسع لو شك في وقوع النجاسة قبل الاستعمال فالأصل الصحة ولو علم السبق وشك في بلوغ الكرية ينجس ولو رأى في الكر
نجاسة بنى على الطهارة وان شك في وقوعها قبل الكرية ولو شك في نجاسة الميت فيه فكذلك العاشر الكثير لا ينفعل بالنجاسة ولا شئ منه إلا بالتغير وبه قال الشافعي
للحديث وقال أبو حنيفة انه ينجس ولو كان بحرا لا ينجس جميعه بل القدر الذي يتعدى إليه لون النجاسة مسألة الأقوى ان ماء البئر انما ينجس بالتغير بالنجاسة لقول الرضا (عليه السلام)
ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن ينتن والأشهر عند علمائنا التنجيس لقول الكاظم (ع) يجزئك ان ينزح منها دلاء فان ذلك يطهرها وقسموا النجاسة أقساما الأول
ما يوجب نزح الجميع وهو موت البعير وانصباب الخمر لقول الصادق (ع) فان مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلتنزح وأفتى الصدوق بعشرين دلوا في قطرة الخمر والجميع في الثور و
الحق الشيخ المنى والفقاع ودم الحيض والاستحاضة والنفاس وغير المقدر وألحق أبو الصلاح بول وروث ما لا يؤكل لحمه وابن البراج عرق الإبل الجلالة والجنب من الحرام
وإذا تعذر نزح الجميع تراوح عليها أربعة رجال يوما كل اثنين دفعة الثاني ما يوجب نزح كر وهو موت الحمار والبغل والفرس والبقرة الثالث ما ينزح له سبعون دلوا
وهو موت الانسان لقول الصادق (ع) فأكثره الانسان ينزح منها سبعون دلوا ولا فرق بين الصغير والكبير والمسلم والكافر وقال بعض أصحابنا ينزح للكافر الجميع
لأنه لو كان حيا لوجب الجميع حيث لم يرد فيه نص والموت لا يزيل النجاسة ويضعف بزوال الكفر به الرابع ما ينزح له خمسون دلوا وهو العذرة الذائبة والدم
الكثير غير الثلاثة كذبح الشاة وقال المفيد في الكثير عشر دلاء الخامس ما ينزح له الأربعون وهو موت الكلب والخنزير والشاة والثعلب والأرنب والسنور وما في قدر جسمه
وبول الرجل وقال الصدوق في السنور سبع وفى الشاة تسع أو عشر السادس ما ينزح له ثلثون وهو ماء المطر وفيه خرؤ الكلاب والبول والعذرة السابع ما ينزح له عشر وهو
الدم القليل كذبح الطير والعذرة اليابسة الثامن ما ينزح له سبع وهو الفارة إذا تفسخت أو انتفخت وبول الصبي واغتسال الجنب قال الشيخ ولا يطهر وخروج الكلب حيا
وموت الطير كالحمامة والنعامة التاسع ما ينزح له خمس وهو ذرق الدجاج وقيده الأكثر بالجلال العاشر ما ينزح له ثلث وهو الفارة إذا لم تنفسخ والحية الحادي عشر ما
ينزح له دلو واحد وهو العصفور وما في قدره وعندي ان ذلك كله مستحب وقد بينت الخلاف والحجاج في منتهى المطلب على الاستقصاء إذا عرفت هذا فعند الشافعي
ان ماء البئر كغيره ينجس إن كان دون القلتين وإن كان أزيد فلا ثم إن ينجس وهو قليل لم يطهر بالنزح لان قعر البئر يبقى نجسا بل يترك ليزداد أو يساق إليه الماء الكثير
وإن كان كثيرا نجس بالتغير فيكاثر إلى زوال التغير أو يترك حتى يزول التغير بطول المكث أو ازدياد الماء ولو تفتت الشئ النجس كالفأرة بتمعط شعرها فيه فالماء على
طهارته لعدم التغير ولا ينتفخ به لان ما يستقى يوجد فيه شئ من النجاسة فينبغي ان يستقى إلى أن يغلب خروج اجزائها وقال أبو حنيفة إذا وقعت في البئر نجاسة نزحت
فتكون طهارة لها فان ماتت فيها فارة أو صعوة أو سام أبرص نزح منها عشرون دلوا إلى ثلثين وفى موت الحمامة أو الدجاجة أو السنور ما بين أربعين إلى ستين وفى الكلب
أو الشاة والآدمي جميع الماء فروع الأول لو تغير الماء نجس اجماعا وطهر ينزح ما يزيله على الأقوى لزوال الحكم بزوال علة وقال الشيخان نزح الجميع فان تعذر نزح
حتى يطيب وقال المرتضى وابن بابويه بتراوح الأربعة لانقهاره بالنجاسة فيجب اخراجه الثاني لو تغير بما نجاسته عرضية كالمسك والدبس والنيل لم ينجس وكذا الجاري وكثير
الواقف خلافا للشيخ لان التغير ليس بالنجاسة الثالث الحوالة في الدلو على المعتاد لعدم التقدير الشرعي ولو أخرج باناء عظيم ما يخرج العدد فالأقوى الأجزاء الرابع
يجزى النساء والصبيان في التراوح لصدق القوم عليهم ولابد من اثنين اثنين ولو نهض القويان بعمل الأربعة فالأقرب الأجزاء الخامس لا يفتقر النزح إلى النية ويجزى
المسلم والكافر مع عدم التعدي والعاقل والمجنون السادس ما لم يقدر فيه منزوح قيل يجزى أربعون الجميع ولو تعددت النجاسة فالأقوى التداخل وان اختلفت
السابع لو جفت البئر قبل النزح ثم عاد سقط إذ طهارتها بذهاب مائها الحاصل بالجفاف ولو سبق الجاري إليها طهرت الثامن لا تنجس جوانب البئر ولا يجب
غسل الدلو التاسع لو خرج غير المأكول حيا لم ينجس الماء وقال أبو حنيفة ان خرجت الفارة وقد هربت من الهرة نجس الماء والا فلا وليس بشئ العاشر لو وجدت
النجاسة بعد الاستعمال لم تؤثر وان احتمل سبقها وقال أبو حنيفة إن كانت الجيفة أو منتفخة أعاد صلاة ثلاثة أيام وإلا صلاة يوم وليلة وليس بشئ الحادي عشر
لا ينجس البئر بالبالوعة وان تقاربتا ما لم يتصل عند الأكثر أو يتغير عندنا نعم يستحب التباعد خمسة أذرع إن كانت الأرض صلبة أو كانت البئر فوقها والإصبع
ولو تغير الماء تغير أيصلح استناده إليها اجتنب الاحتراز عنها الثاني عشر لو زال التغير بغير النزح ووقوع الجاري فيها فالأقرب وجوب نزح الجميع لا البعض وان زال به
التغير لو كان الفصل الثاني في المضاف مسألة المضاف ما لا يصدق اطلاق الاسم عليه الا بقرينة ويمكن سلبه عنه كالمعتصر والمصعد والممزوج مزجا يسلبه الاطلاق
4

وهو طاهر اجماعا ولا يرفع الحدث لقوله تعالى فلم تجد وا ماء فتيمموا صعيدا وقول الصادق (ع) وقد سئل عن الوضوء باللبن انما هو الماء والصعيد وقول الصدوق بجواز الوضوء
بماء الورد لقول ابن أبي
الحسن (ع) في الرجل يتوضأ بما الورد ويغتسل به قال لا باس محمول على اللغوي أو على الممتزج بماء الورد بحيث لا يسلبه الاطلاق واجماع الامامية على ذلك وبه
قال الشافعي وأبو بكر الأصم وابن أبي ليلى بجواز الوضوء بالمياه المعتصرة لأنه يسمى ماء وهو غلط وقال أبو حنيفة يجوز الوضوء بنبيذ التمر إذا طبخ واشتد عند عدم الماء في
السفر لرواية ابن مسعود انه كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة الجن فأراد ان يصلى صلاة الفجر فقال أمعك وضوء فقال لا معي أدواة فيها نبيذ فقال تمرة طيبة وماء
طهور وتوضأ به وهو خطأ قال ابن المنذر رواية أبو زيد وهو مجهول وأنكر جماعة صحبته ابن مسعود ليلة الجن ولو سلم فهو محمول على بقاء الاطلاق لانهم شكوا ملوحة
الماء فأمرهم (ع) نبيذ تمر قليل في الشن والحق المنع وانه نجس وبه قال الشافعي ومالك واحمد وأبو عبيد وداود ولقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا مسألة ولا يجوز إزالة الخبث
به عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد واسحق وداود وزفر ومحمد بن الحسن لقصوره عن رفع الوهمية فعن رفع الحقيقة أولي ولأنها طهارة تراد لأجل الصلاة فلا
تحصل بالمايعات كطهارة الحدث ولان الامر ورد بالغسل بالماء فلا يصح بغيره وقال السيد المرتضى يجوز وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف لأنه طاهر مايع بيقين فتزيل النجاسة
كالماء وتبطل بان يحصل به الوضوء بخلاف المايعات مسألة ينجس كله قل أو كثر بكل نجاسة لاقته قلت أو كثرت غيرت أحد أوصافه أو لا قاله علماؤنا أجمع وكذا المايع
غير الماء لان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن فارة وقعت في سمن فقال إن كان مايعا فلا تقربوه ولأنها لا تدفع نجاسة غيرها فكذا عنها لقصور قوتها وقال احمد في إحدى الروايتين
انه كالمطلق سواء كان مضافا أو مايعا كالسمن الكثير لأنه كثير فلا ينجس كالماء والفرق ظاهر وطريق تطهيره القاء كر عليه ان لم يسلبه الاطلاق فان سلبه فكرا آخر وهكذا ولو
لم يسلبه لكن غير أحد أوصافه فالأقوى الطهارة خلافا للشيخ مسألة أقسام المستعمل ثلث الأول المستعمل في الوضوء وهو طاهر مطهر عندنا اجماعا وعليه نص علي (ع)
وبه قال الحسن البصري والنخيعي وعطا والزهري ومكحول وأبو ثور وداود وأهل الظاهر ومالك في إحدى الروايتين والشافعي في أحد القولين لان النبي صلى الله عليه وآله مسح رأسه بفضل ما كان
في يده ولقول الصادق (ع) الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر وقال احمد والأوزاعي ومحمد انه طاهر غير مطهر وهو القول الثاني للشافعي والرواية الأخرى عن مالك والمشهور عن أبي
حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يستعمل الرجل فضل وضوء المراة ولم يرد به ما أبقت في الاناء بل ما استعملته ونمنع النهى ونحمله على الباقي لغير المأمونة وقال أبو يوسف
انه نجس وهو رواية عن أبي حنيفة ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل من جنابة فاقتضى ان الغسل فيه كالبول فيه فينجسه وهو خطأ فان الاقران في اللفظ لا يقتضى الاقران في الحكم وان
النهى عن البول لا للتنجيس وكذا عن الاغتسال فيه بل لافساده باظهار اجزاء الحمئة فيه الثاني المستعمل في الغسل الواجب مع خلوا البدن من النجاسة وهو طاهر مطهر على
الأقوى وبه قال المرتضى لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا وللاستصحاب وقال الشيخان انه طاهر غير مطهر لقول الصادق (ع) الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل الرجل به من الجنابة
لا يجوز ان يتوضأ به ويحمل على نجاسة المحل وخلاف الجمهور كما تقدم فروع الأول لو كان المحل نجسا نجس الماء الثاني لو بلغ المستعمل كرا قال الشيخ في المبسوط زوال المنع وتردد في
الخلاف وللشافعية قولان الثالث يجوز إزالة النجاسة به خلافا للشافعي في أحد القولين لقوله (ع) ثم اغسليه بالماء وهو يصدق عليه الرابع المستعمل في الأغسال
المندوبة طاهر مطهر وكذا في غسل الثوب الطاهر اجماعا منا وهو أحد قول الشافعي لأنه لم يرفع به حدثا والاخر المنع لأنه مستعمل الثالث المستعمل في إزالة النجاسة ان تغير بالنجاسة نجس اجماعا
وان لم تغير فكذالك على الأقوى عدا ماء الاستنجاء سواء كان من الغسلة الأولى أو الثانية وسواء أزالت النجاسة عن المحل أولا وهو أحد قولي الشيخ وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية
لأنه ماء قليل لاقي نجاسة والثاني للشيخ انه نجس في الأولى طاهر في الثانية وبه قال الشافعي لان النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بالقاء الذنوب على بول الأعرابي وهو مع التسليم غير دال فروع الأول
ماء الاستنجاء طاهر لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل يقع ثوبه في الماء الذي استنجى به أينجس ثوبه لا وللمشقة ولا فرق بين القبل والدبر ولو تغير النجاسة أو لاقته نجاسة
من خارج نجس قطعا الثاني قال في الخلاف لا يغسل ما اصابه ما يغسل به اناء الولوغ من الأولى والثانية وتردد في المبسوط في نجاسته الثانية والحق النجاسة الثالث فرق
المرتضى بين ورود الماء على النجاسة وورودها عليه فحكم بطهارة الأول دون الثاني ويحتمل نجاسة الجميع الرابع لو اورد الثوب النجس على ماء قليل نجس الماء ولم يطهر
الثوب ولو ارتمس الجنب في ماء قليل طهر وصار الماء مستعملا الخامس غسالة الحمام لا يجوز استعمالها لعدم انفكاكها عن (من) النجاسة الا ان يعلم خلوها منها السادس
لا باس للرجل ان يستعمل فضل وضوء المرأة وان خلت به ويكره إذا لم تكن مأمونة وكذا فضلة وضوء الرجل لمثله وللمراة وهو قول أكثر العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله اغتسل من جفنه
فضل ماؤها من اغتسال ميمونة من جنابة فقالت انى اغتسلت منه فقال الماء ليس عليه جنابة وقال احمد لا يجوز ان يتوضأ الرجل بفضل وضوء المراة إذا خلت به لان النبي (ع)
نهى ان يتوضأ الرجل بفضل وضوء المراة وحكى منه الكراهة وبه قال الحسن وابن المسيب والنهى يحتمل التنزيه مع التهمة أو الفسخ لان ميمونة قالت انى اغتسلت منه وهو يشعر
بتقديم النهى عنه الفصل الثالث في الأسئار مسألة الأسئار كلها طاهرة الا سؤر نجس العين وهو الكلب والخنزير والكافر على الأشهر لان النبي صلى الله عليه وآله سئل
عن الحياض تنوبها السباع والدواب فقال لها ما حملت في بطونها وما بقى فهو لنا شراب وطهور ولم يفرق بين القليل والكثير وسئل الصادق (ع) عن فضل الشاة والبقرة
والإبل والحمار والبغل والوحش والهرة والسباع قال فلم اترك شيئا الا سألته عنه فقال لا باس حتى انتهيت إلى الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضلته واصب ذلك
الماء وقوله تعالى أو لحم خنزير فإنه رجس والرجاسة النجاسة وقوله تعالى انما المشركون نجس وحكم الشيخ في المبسوط بنجاسة ما لا يؤكل لحمه من الانسية عدا ما لا يمكن التحرز عنه كالفأرة والحية
والهرة لان الصادق (ع) قال كل ما يؤكل لحمه لا باس بسؤره وهو يدل من حيث المفهوم على منع الوضوء والشرب مما لا يؤكل لحمه والسند ودلالة المفهوم ضعيفان مسألة
قسم أبو حنيفة الأسئار أربعة ضرب قسم نجس وهو سؤر الكلب والخنزير والسباع كلها وضرب مكروه وهو حشرات الأرض وجوارح الطير والهر وضرب مشكوك فيه وهو سؤر
الحمار والبغل وضرب طاهر غير مكروه وهو مأكول اللحم لان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن المياه تكون بأرض الفلاة وما ينويها من السباع والدواب فقال إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ
ولا حجة فيه لدخول الكلب والخنزير في السباع والدواب وقال الشافعي سؤر الحيوان كله طاهر الا الكلب
والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما وبه قال عمرو بن العاص وأبو هريرة و
لم يحكم (ولم يقل) بنجاسة المشرك لان النبي (ع) توضأ من مزادة مشركة ولا حجة فيه لان المزادة على أصل الطهارة ما لم مباشرتها لها برطوبة وقال احمد كل حيوان يؤكل لحمه.
فسؤره طاهر وكذا حشرات الأرض والهر واما السباع ففيه روايتان النجاسة والطهارة وأصح الروايتين عنه النجاسة في سؤر البغل والحمار والثانية انه مشكوك فيه وحكم بنجاسة
أواني المشركين لقوله تعالى انما المشركون نجس وقال مالك والأوزاعي وداود سؤر الحيوان كله طاهر حتى الكلب والخنزير وان ولغا في الطعام لم يحرم اكله وقال الزهري يتوضأ
به إذا لم يجد غيره وقال الثوري وابن مسلمة يتوضأ ويتيمم قال مالك وغسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب تعبد لقوله تعالى فكلوا مما أمسكن عليكم ولم يأمر بغسل ما اصابه
فمه ولقوله (ع) ولنا ما غبر والسؤال وقع عما يدخلان فيه وإباحة الاكل لا يستلزم اكل ما مسه بفمه ولا ترك الغسل ونمنع من دخول الكلب والخنزير في السؤال ولو خرج
5

بنص آخر وكان الماء كثيرا فروع الأول يكره سؤر الحلال وليس ينجس لحديث البقباق واستثناه المرتضى والشيخ في المبسوط من المباح لعدم انفكاك رطوبة أفواهها عن غذاء نجس
وهو ممنوع ومنقوض بسؤر شارب الخمر الثاني يكره سؤر آكل الجيف من الطيور إذا خلا موضع الملاقاة من النجاسة لقول الصادق (ع) في مسائل عمار عما يشرب منه صقرا وعقاب كل
شئ من الطيور يتوضأ بما يشرب منه الا أن ترى في منقاره دما وبه قال المرتضى واستثناه في النهاية والمبسوط من المباح ولو كان في منقاره اثر دم كان نجسا وكذا جميع الحيوانات إذا كان في
أفواهها نجاسة والماء قليل وبه قال الشافعي الثالث لو اكل الهرة فارة ثم شربت من الماء لم ينجس الماء سواء غابت عن العين أم لا قال في المبسوط لرواية زرارة عن الصادق (ع) في كتاب
علي (ع) ان الهر سبع ولا باس بسؤره وانى لاستحى من الله ان ادع طعاما لان الهر اكل منه وهو عام وهو أحد أقوال الشافعي لقوله (ع) انها من الطوافين عليكم والطوافات
يريد عدم تمكن الاحتراز عنها وثانيها انه نجس لأصالة بقاء النجاسة في فمها وثالثها الطهارة بعد غيبة محتملة للولوغ في الماء الكثير الرابع سؤر الهر ليس بمكروه لحديث زرارة
وروت عائشة ان النبي صلى الله عليه وآله توضأ بفضلها وقال أبو حنيفة انه مكروه لان لبنها نجس وهو ممنوع الخامس يكره سؤر الحايض المتهمة قاله في النهاية لان الصادق (ع) قال
في سؤر الحايض تتوضأ منه إذا كانت مأمونة وأطلق في المبسوط والمرتضى في المصباح السادس الأقوى طهارة المسوخ ولعابها كالدب والقرد والثعلب والأرنب لحديث البقباق والأصل
وقال الشيخ المسوخ نجسة السابع يكره سؤر الدجاج لعدم انفكاكها عن ملاقاة النجاسة الثامن قال في النهاية الأصل ترك ما خرجت منه الفارة والحية ولا يجوز استعمال ما وقع فيه
الوزغ وان خرج حيا والوجه الكراهة من حيث الطب لقول الكاظم (ع) وقد سأله اخوه عن العضاءة والحية والوزغ يقع في الماء فلا يموت أيتوضأ منه للصلاة قال لا باس
مسألة لا يجوز الطهارة بالماء المغصوب مع العلم بالغصبية وكذا التيمم بالتراب المغصوب بالاجماع لأنه تصرف في ملك الغير بغير اذنه وهو قبيح عقلا ولا فرق في ذلك بين الطهارة عن الحدث أو الخبث لان المقتضى للقبح
وهو التصرف موجود فيهما فروع الأول لو توضأ المحدث أو اغتسل الجنب أو الحايض أو المستحاضة أو النفساء أو من مس ميتا به عالما بالغصب لم يرتفع حدثه لان التعبد بالمنهى عنه
قبيح فيبقى في العهدة الثاني لو أزال النجاسة بالماء المغصوب عن بدنه أو ثوبه أجزأ وان فعل محرما ولا يحتمل بطلان الصلاة مع بقاء الرطوبة لأنه كالاتلاف الثالث لو اشتبه
المغصوب بغيره وجب اجتنابهما معا وان توضأ بكل واحد منهما فالأقرب البطلان للنهي المضاد لإرادة الشارع ويحتمل الصحة لأنه توضأ بماء مملوك الرابع جاهل الحكم غير معذور
بخلاف جاهل الوصف الخامس لو سبق العلم بالغصب كان كالعالم الباب الثاني في النجاسات وفيه فصلان الفصل الأول في أصنافها مسألة
البول والغايط من كل حيوان ذي نفس سائله غير مأكول اللحم نجسان باجماع العلماء كافة وللنصوص الواردة عن الأئمة (على) بغسل البول والغائط عن المحل الذي أصاباه
وهي أكثر من أن يحصى وقول الشيخ في المبسوط بطهارة ذرق ما لا يؤكل لحمه من الطيور لرواية ابن أبي
بصير ضعيف لان أحدا لم يعمل بها وقول الشافعي ان بول رسول الله صلى الله عليه وآله
طاهر لان أم أيمن شربته فلم ينكره شهادة على النفي وقول النخعي ان أبوال جميع البهايم والسباع وأرواثها طاهرة خارق للاجماع مسألة بول ما يؤكل لحمه ورجيعه
طاهر عند علمائنا أجمع وبه قال مالك واحمد وزفر والزهري لقوله (ع) ما اكل لحمه فلا باس ببوله وامر العربيين بشرب البان ابل الصدقة وأبوالها وطاف على
راحلته وهي لا تنفك عن التلطخ بالبول وقول الصادق (ع) كل ما يؤكل لحمه فلا باس ببوله وقال أبو حنيفة والشافعي انها نجسة لقوله (ع) تنزهوا عن البول واتى بحجرين وروثه
للاستنجاء فرمى الروثة وقال رجس ولا دلالة في الحديث لإرادة بول ما لا يؤكل لحمه جمعا بين الأدلة وكذا الروثة على أن الرجس المجتنب عنه وهو كذلك هنا وقال محمد بن
الحسن بول ما يؤكل لحمه طاهر وروثه نجس فروع الأول رجيع ما لا نفس له سائلة كالذباب والخنافس طاهر لان دمه طاهر وكذا ميتته وروث السمك وللشافعي
في الجميع قولان الثاني رجيع الجلال من كل الحيوان وموطؤ الانسان نجس لأنه حيوان غير مأكول ولا خلاف فيه الثالث ذرق الدجاج مختلف فيه عندنا فجماعة حكموا بطهارته
الا ان يكون جلالا وهو الأقوى بالأصل ولعموم طهارة رجيع جميع ما يؤكل لحمه وآخرون حكموا بنجاسة وهو قول ابن أبي
حنيفة أيضا وأضاف إليه البط وليس بشئ الرابع لو
تناولت البهيمة الحب وخرج غير مستحيل كان طاهرا وكذا ما يخرج من الدود والحصئا ولا يجب غسله الا ان يستصحب نجاسته والشافعي أوجب غسله مطلقا ولو خرج غير صلب وصار
بحيث لو زرع لم ينبت فقد استحال عدوة على اشكال الخامس ما يستحيل في العذرة من الديدان طاهر وكذا لو سقى الزرع والشجر ماء نجسا كان الزرع النامي والغصن
الحارث طاهرين السادس الأقرب كراهة أبوال الخيل والبغال والحمير وأرواثها على الأشهر عملا بالأصل لقول الباقر والصادق (ع) لا تغسل ثوبك من بول كل شئ
يؤكل لحمه وللشيخ قول اخر بوجوب الاحتراز عنها لان الصادق (ع) أمر محمد بن مسلم بغسلها ولا دلالة فيه لإرادة التنظيف السابع عرق كل حيوان طاهر طاهرة عملا
بالأصل وأوجب الشيخان إزالة عرق الإبل الجلالة والجنب من الحرام لقول الصادق (ع) لا تأكل لحوم ابل الجلالة وان أصابك من عرقها فاغسله ويحمل على الاستحباب
الثامن ذرق الحمام والعصافر عندنا طاهرة لأنها مأكولة اللحم وبه قال أبو حنيفة واحمد لاجماع الناس على تركه في المساجد وقال الشافعي انه نجس لأنه طعام استحال في
الجوف ونمنع العلية التاسع بول الصبي الذي لم يتغذ باجماع العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله قال ينضح من بول الغلام وقال داود انه طاهر والرش استحباب
مسألة المنى من كل حيوان ذي نفس سائلة آدميا كان أو غيره نجس عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد في إحدى الروايتين لان النبي صلى الله عليه وآله قال
انما يغسل الثوب من المنى والدم والبول وقال الصادق (ع) ان عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك مكانه
فاغسله كله وهو قول الشافعي في القديم وفى الجديد ان منى الآدمي
طاهر لان عايشة قالت كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلى فيه ويبطل بتوهم ما ليس بمنى منيا وله في مني ساير الحيوانات ثلثة أوجه النجاسة
لان طهارة منى الآدمي للكرامة والطهارة الا الكلب والخنزير اعتبارا بالعرف ونجاسة غير المأكول خاصة اعتبار باللبن مسألة المذي والوذي طاهران
عن شهوة كان أو غيرها عند علمائنا أجمع الا ابن الجنيد فإنه نجس المذي الجاري عقيب شهوة وهو إحدى الروايتين عن أحمد للأصل ولقول ابن عباس هو عندي
بمنزلة البصاق وقول الصادق (ع) ان عليا (ع) أمر المقداد ان يسال رسول صلى الله عليه وآله عن المذي فقال ليس بشئ وقول الصادق (ع) ان سال من ذكرك
شئ من وذي أو مذى فلا تغسله ولا تقطع له الصلاة ولا تنقض له الوضوء انما ذلك بمنزلة النخامة وقول الصادق (ع) ليس في المذي من الشهوة ولا من الاتعاظ ولا من
القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد وقال الشافعي وأبو حنيفة في رواية واحمد انهما نجسان لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بغسل الذكر منه
ويحمل على الاستحباب فروع الأول رطوبة فرج المراة والدبر طاهرتان بالأصل وقال أبو حنيفة بالنجاسة وللشافعي قولان اعتبار بالمذي وقد بينا بطلانه الثاني
منى ما لا نفس له سائلة طاهر لطهارة ميتته الثالث القى طاهر على الأشهر عملا بالأصل ونقل الشيخ عن بعض علمائنا النجاسة وبه قال الشافعي لأنه غذاء متغير إلى الفساد و
نمنع صلاحية العلية ولو لم يتغير فهو طاهر اجماعا ولو تغير غايط فهو نجس اجماعا الرابع كلما يخرج من المعدة أو ينزل من الرأس من الرطوبات كالبلغم والمرة
الصفراء فهو طاهر بالأصل وقال الشافعي البلغم طاهر والمرة نجسة وكذا الرطوبة الخارجة من المعدة نجسة وما يخرج منها نجس وهو ممنوع وقال المزني البلغم
6

نجس لتغيره الخامس أنفحة السخلة المذبوحة طاهرة وكذا ان ماتت وقال الشافعي انها مع الموت أو مع اطعام السخلة المذبوحة غير اللبن نجسة مسألة الدم من ذي النفس
السائلة نجس وإن كان مأكولا بلا خلاف لقوله (ع) انما يغسل الثوب من البول والمنى والدم وقول الصادق (ع) في المصلى يرعف يغسل آثار الدم أما ما لا نفس له سائلة كالبق
والبراغيث والسمك فإنه طاهر سواء تفاحش أو لا ذهب إليه علماؤنا وبه قال أبو حنيفة للأصل ولقول الصادق (ع) وقد سئل ما تقول في دم البراغيث ليس به بأس قلت إنه يكثر و
يتفاحش قال وان كثر وقال الباقر ان عليا (ع) كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب يصلى فيه الرجل يعنى دم السمك وللمشقة وقال الشافعي الجميع نجس لعموم الامر بالغسل
وهو محمول على المسفوح جمعا بين الأدلة فروع الأول للشافعي في دم رسول الله صلى الله عليه وآله وجهان أحدهما الطهارة لان أبا ظبية الحجام شربه ولم ينكر ونمنع عدم
الانكار لأنه صلى الله عليه وآله قال له لا تعد الدم كله حرام وكذا في بوله (ع) عنده وجهان أحدهما الطهارة لان أم أيمن شربته ولم ينكر وهو ممنوع وكذا العذرة الثاني القيح طاهر لأنه
ليس دما قال الشيخ وكذا الصديد وفيه نظران جعلناه عبارة عن ماء الجرح المخالط للدم والحق الطهارة ان خلا الثالث العلقة نجسة وإن كانت في بيض الدجاج وشبهه لأنها
دم وقال الشافعي في أحد الوجهين انها طاهرة كالمني والمضغة أيضا والوجه نجاستها ان انفصلت من حي أو ميت الرابع لبن الآدمي طاهر وهو أحد وجهي الشافعي للأصل و
الحاجة وله وجه انه نجس لأنه من المستحلات في الباطن والكبرى ممنوعة ولافرق بين لبن الذكر والأنثى ونجس بعض علمائنا الأنثى لأنه يخرج من مثانة أمها والرواية ضعيفة
إما لبن الحيوانات المأكولة فإنه طاهر اجماعا وكذا لبن النجس نجس اجماعا ولبن غيرهما عندنا طاهر كالعرق وللشافعي وجهان الخامس بيض المأكول طاهر اجماعا وبيض غيره كذلك وللشافعي وجهان
السادس بزر القز ودوده طاهران عملا بالأصل وللشافعي في البزر وجهان السابع المسك طاهر اجماعا لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتطيب به وكذا فأرته عندنا سواء اخذ من
حية أو ميته وللشافعي فيهما وجهان مسألة الميت إن كان آدميا نجس عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أضعف القولين كغيره من الحيوانات وللامر بالغسل والاخر
انه طاهرا كرا ما له وليس بمقتض بمقيس وإن كان غيره فإن كان ذا نفس سائلة أي دم يخرج بقوة فهو نجس اجماعا لان التحريم يستلزم الاجتناب وان لم يكن ذا نفس سائلة فعندنا انه طاهر
ولا ينجس ما يقع فيه ما وقع عليه من الماء وغيره وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي في أحد القولين لان نجاسة الميتة من نتنها وخبثها وانما يحصل ذلك بانحصار الدم واحتباسه في العروق
وهذه لازم لها وهي على هيئة واحدة في موتها وحياتها والرطوبة التي فيها شبه رطوبة النبات ولأنه قال (ع) أيما طعام أو شراب مات فيه دابة ليس لها نفس سائلة فهو الحلال اكله
وشربه والوضوء منه وقال (ع) إذا أوقع الذباب في اناء أحدكم فليمعله وهو قد يحصل به الموت خصوصا مع حرارة الطعام ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن
الخنفساء والذباب كل ما ليس له دم فلا باس والثاني للشافعي انه نجس الا السمك والجراد لأنه حيوان يحرم اكله لا لحرمته فيكون نجسا والملازمة ممنوعة فروع الأول
نجاسة الميت الآدمي عرضية أو ذاتية فيه اشكال ينشأ من طهارته بالغسل ومن نجاسة ما يلاقيه إما نجاسة غيره فذاتية وللشافعي قول ان نجاسة الآدمي ذاتية وقال أبو حنيفة
انها عرضية وانما يطهر بالغسل الميت المسلم إما الكافر فلا الثاني ما لا تحله الحياة من الميت كالصوف والشعر والوبر والريش والعظم طاهر الا من نجس العين فإنه نجس لعموم
الاحتراز عن الكلب خلافا للمرتضى الثالث كل ما أبين من الحي مما تحله الحياة فهو ميت فإن كان من ادمى كان نجسا عندنا خلافا للشافعي الرابع ما يتولد من الدود في الطعام
كدود الخل والقسب وقيل الطعام يحرم اكله وليس بنجس ان مات فيما تولد فيه اجماعا وإذا خرج فكذلك عندنا وللشافعي قولان وكذا في اكله عنده قولان أظهرهما التحريم مع الانفراد
الخامس لو وقع الذباب وشبهه في ماء قليل ومات فيه لم ينجسه عندنا وللشافعي قولان ولو تغير الماء به فكذلك عندنا وللشافعي على تقدير عدم النجاسة بالملاقاة وجهان
ولو سلبه الاطلاق فمضاف طاهر السادس حيوان الماء المحرم مما له نفس سائلة إذا مات في ماء قليل نجسة عندنا لانفعال القليل بالنجاسة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
لا ينجس لأنه يعيش في الماء فلا ينجس بموته فيه كالسمك ويبطل بالفرق وما لا نفس له سائلة كالضفدع لا ينجس به الماء القليل وبه قال أبو حنيفة خلافا للشافعي السابع
الجنين الذي يوجد ميتا عند ذبح الام إذا كان تاها؟ حلال طاهر وان لم تتم خلقته كان حراما نجسا الثامن المتكون من النجاسات كدود العذرة طاهر للعموم وكذا الدود المولد
من الميتة وفى وجه للشافعي انه نجس التاسع يكره ما مات فيه الوزغ والعقرب وقول ابن بابويه إذا ماتت العضاة في اللبن حرم لرواية عمار ضعيف ويحمل على الكراهة أو على التحريم
للتضرر لا للنجاسة العاشر لو وقع الصيد المجروح الحلال في الماء فمات فإن كانت حياته مستقرة فالماء نجس والصيد حرام وإن كانت حياته غير مستقرة فالضد منهما
وان اشتبه حكم بالأصلين فيهما على اشكال ينشأ من تضادهما فالأحوط التحريم فيهما الحادي عشر جلد الميتة نجس باجماع العلماء الا الزهري والشافعي في وجه فإنه طاهر عندهما
الثاني عشر عظم الحيوان وقرنه وظفره وسنه لا تحلها الحياة فهي طاهرة وبه وقال أبو حنيفة وقال الشافعي انها نجسة لنموها الثالث عشر الشعر والصوف والريش من الميتة طاهر الامن نجس
العين على ما تقدم وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين فإنها لا تحلها الحياة وفى الاخر انها نجسة لنمائها ولو جز من حيوان لا يؤكل لحمه حي فطاهر عندنا خلافا له ولو
جز من مأكول فهو طاهر اجماعا ولو نتف منه حيا فكذلك عندنا وللشافعي وجهان النجاسة لأنه ترك طريق اباحته وهو الجز فصار كخنق الشاة والطهارة لكثرة الألم فهو
كالتذكية الرابع عشر ما لا يؤكل لحمه إذا وقعت عليه الذكاة فذكى كان لحمه وجلده طاهر عملا بالأصل وقال الشافعي نجسان لان التذكية لم تبح اللحم فلا تفيده الطهارة
وقال أبو حنيفة الجلد طاهر وفى اللحم روايتان الخامس عشر البيضة في الميتة طاهرة ان اكتست الجلد الفوقاني والا فلا وقال الشافعي انها نجسة ورواه الجمهور عن علي (ع)
والمشيمة نجسة السادس عشر في لبن الشاة الميتة روايتان أقواهما التحريم والنجاسة لملاقاة النجاسة وللشافعي وجهان مسألة الخمر نجسة ذهب إليه علماؤنا أجمع
الا ابن بابويه وابن ابن أبي
عقيل وقول عامة العلماء أيضا الا داود وربيعة واحد قولي الشافعي لقوله تعالى انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس والرجس لغة النجس
ولان ما حرم على الاطلاق كان نجسا كالدم والبول ولقول الصادق (ع) لا تصل في ثوب اصابه خمر أو مسكر حتى يغسله وقولهم (على) ان الله حرم شربها ولم يحرم الصلاة فيها
لا يدل على الطهارة واستصحاب حال كونه عصيرا كما قاله داود ضعيف فروع الأول كل المسكرات كالخمر في التحريم والنجاسة لقول الكاظم (ع) وما عاقبته عاقبة الخمر
فهو خمر وقول الباقر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر خمر وقال أبو حنيفة النبيذ طاهر وهو أحد قولي الشافعي الثاني العصير إذا غلا حرم حتى يذهب
ثلثاه وهل ينجس بالغليان أو يقف على الشدة اشكال الثالث الفقاع كالخمر عندنا في التحريم والنجاسة خلافا للجمهور لقول الرضا (ع) هو خمر مجهول الرابع
الخمر إذا انقلبت خلا طهر اجماعا ولو لاقته نجاسة أو عصره مشرك لم يطهر بالانقلاب الخامس بواطن حبات العنقود إذا استحال ما فيها خمرا كان نجسا وهو أحد
قول الشافعي السادس المسكرات الجامدة ليست نجسة وان حرمت ولو يحتمل الخمر أو مازجه لم يخرج عن نجاسة وكذا لو سال الجامد بغير ممازجة لم يخرج من طهارته مسألة
الكلب والخنزير نجسان عينا ولعابا ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال علي (ع) وابن عباس وأبو هريرة وعروة بن الزبير والشافعي وأبو ثور وأبو عبيدة واحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله
طهور اناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه ان يغسله سبع مرات وقول الصادق (ع) عن الكلب رجس نجس وقال أبو حنيفة الكلب طاهر والخنزير نجس لعدم وجوب غسل ما عضه الكلب من
7

الصيد وهو ممنوع وقال الزهري ومالك وداود الكلب والخنزير طاهران فروع الأول الحيوان المتولد منهما يحتمل نجاسة مطلقا واعتبار اسم أحدهما والمتولد من أحدهما وما
غايرهما يتبع الاسم الثاني كل اجزاء الكلب والخنزير وان لم تحلها الحياة نجسة خلافا للمرتضى الثالث كلب الماء طاهر بالأصل خلافا لابن إدريس ولا يجوز حمل اللفظ على
الحقيقة والمجاز بغير قرينة الرابع الأقرب طهارة الأرنب والثعلب والفأرة والوزغة وهو قول المرتضى واحد قولي الشيخ عملا بالأصل والنص الدال على طهارة سؤر ما
عدا الكلب والخنزير احتج الشيخ بأمر الكاظم (ع) بغسل اثر ما اصابته الفارة الرطبة وامر الصادق (ع) بغسل اليد من الثعلب والأرنب وهو محمول على الاستحباب مسألة الكافر عندنا
نجس لقوله تعالى انما المشركون نجس والحذف على خلاف الأصل والوصف بالمصدر جايز لشدة المعنى وقوله تعالى كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ولقول النبي صلى الله عليه وآله
وقد سئل أنا بأرض قوم أهل كتاب نأكل في آنيتهم لا تأكلوا فيها الا ان لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها وسئل الصادق (ع) عن سؤر اليهودي والنصراني فقال لا
فروع الأول لا فرق بين ان يكون الكافر أصليا أو مرتدا ولا بين أن يتدين بملة أولا ولا بين المسلم إذا أنكر ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة وبينه وكذا لو اعتقد المسلم ما يعلم
نفيه من الدين ضرورة الثاني حكم الشيخ بنجاسة المجبرة والمجسمة وقال ابن إدريس بنجاسة كل من لم يعتقد الحق الا المستضعف لقوله تعالى كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون
والأقرب طهارة غير الناصب لان عليا (ع) لم يجتنب سؤر من رايته من الصحابة الثالث الناصب وهو من يتظاهر ببغضه أحدا من الأئمة (ع) نجس وقد جعله الصادق (ع) شرا من
اليهود النصارى والسر فيه انهما منعا لطف النبوة وهو خاص وهو منع لطف الإمامة وهو عام وكذا الخوارج لانكارهم ما علم ثبوته من الدين ضرورة والغلاة أيضا أنجاس
لخروجهم عن الاسلام وان انتحلوه الرابع أولاد الكافر حكمهم حكم ابائهم وهل يتبع المسبى السابي في الاسلام اشكال الخامس قال ابن بابويه لا يجوز الوضوء بسؤر ولد الزنا
وحكم ابن إدريس بنجاسته لأنه كافر وهو ممنوع والأقرب الطهارة تذنيب؟ ظهر مما قررناه ان النجاسات بالأصالة عشرة البول والغايط والمنى والدم والميتة والخمر و
الفقاع والكلب والخنزير والكافر وما عدا ذلك طاهر تعرض له النجاسة بملاقاة أحدها الفصل الثاني في احكام النجاسات مسألة النجاسات غير الدم يجب إزالة قليلها
وكثيرها عن الثوب والبدن سواء قلت أو كثرت عند علمائنا أجمع إلا ابن الجنيد وبه قال الشافعي لقوله تعالى وثيابك فطهر وقوله (ع) تنزهوا عن البول فان عامة عذاب القبر
منه وقال ابن الجنيد ان قلت عن الدرهم فعفو كالدم وبه قال أبو حنيفة وهو قياس في معارضة النص فيرد وقال مالك لا يجب إزالة النجاسة مطلقا قلت أو كثرت لقول ابن عباس
ليس على الثوب جنابة ولا دلالة فيه وقال أبو حنيفة النجاسة المغلظة يجب إزالة ما زاد على الدرهم والمخففة لا يجب الا ان يتفاحش واختلف أصحابه في التفاحش قال الطحاوي
التفاحش ان يكون ربع الثوب وقال بعضهم ذراع في ذراع وقال أبو بكر الرازي شبر في شبر وكل ذلك تخمين واما الدم منها فإن كان حيضا أو استحاضة أو نفاسا وجب إزالة
قليله وكثيره خلافا لأحمد حيث عفى عن يسره لقول الصادق (ع) حين سئل عن الحايض تغسل ما أصاب ثيابها من الدم ولأنه مقتضى الدليل والحق به القطب الراوندي دم الكلب
والخنزير واستبعده ابن إدريس والحق عندي اختيار القطب ويلحق به أيضا دم الكافر والضابط دم نجس العين لحصول حكم طار للدم وهو ملاقاته لنجس العين وكذا كل دم
اصابه نجاسة غيره وإن كان دم قرح أو جرح سايلا لازما لم تجب ازالته وان كثر مع نجاسته سواء الثوب والبدن في ذلك للمشقة ولقولهم (على) عن دم القروح التي لا تزال
تدمى فصل وإن كانت الدماء تسيل فان انقطع السيلان اعتبر بالدرهم لزوال حرج ازالته وإن كان مغاير لهاذين القسمين من المسفوح كدم الفصاد والبثور والذبيحة كان
نجسا وتجب ازالته ان زاد على الدرهم البغلي اجماعا لقول الباقر (ع) وإن كان أكثر من قدر الدرهم فرآه ولم يغسله وصلى فليعد صلاته وان نقص عنه لم تجب ازالته
قطعا اجماعا لقول الباقر (ع) ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم وفى الدرهم قولان لعلمائنا أحوطهما الوجوب فروع الأول قسم الشافعي النجاسة إلى دم وغيره والأول إن كان من
ذي النفس السائلة ففي قول عنه انه غير معفو عنه مطلقا وفى القديم يعفى عما دون الكف وفى ثالث يعفى عن قليله وهو ما لم يتفاحش وإن كان من غير ذي النفس
فهو نجس يعفى عما قل دون المتفاحش وغير الدم لا يعفى عن قليله لا كثيرة الثاني الدرهم البغلي هو المضروب من درهم وثلث منسوب إلى قرية بالجامعين وابن ابن أبي
عقيل
قدره سبعة الدينار وابن الجنيد بأنملة الابهام الثالث هذا التقدير في المجتمع والأقرب في المتفرق ذلك لو جمع فيجب ازالته لو ما يحصل معه القصور وقال الشيخ ما لم
يتفاحش الرابع لو لاقت نجاسة غير الدم ما عفى عنه منه لم يبق عفو سواء لاقت قبل الاتصال بالمحل أو بعده مسألة نجس العين لا يطهر بحال الا الخمر تتخلل والنطفة و
العلقة والدم في البيضة إذا صارت حيوانا اجماعا أو دخان الأعيان النجسة عندنا وهو أحد وجهي الشافعي وما احالته النار عندنا وبه قال أبو حنيفة فان الاستحالة
أبلغ في الإزالة من الغسل خلافا للشافعي لأنها لم تنجس بالاستحالة فلم تطهر بها والملازمة ممنوعة ولو وقع في القدر وهي تغلى على النار دم قال بعض علمائنا يطهر بالغليان
لان النار تحيل الدم وفيه ضعف ولو كان غير الدم لم تطهر اجماعا ولو استحال الخنزير وغيره من العينيات ملحا في المملحة أو الزبل الممتزج بالتراب حتى طال عهده ترابا قال
أبو حنيفة يطهر وللشافعي وجهان وعندي في ذلك تردد وللشيخ قولان في تراب القبر بعد صيرورة الميت رميما واما النجس بالملاقاة فعلى أقسام الأول الحصر والبواري والأرض
والثابت فيها والأبنية تطهر بتجفيف الشمس خاصة من البول وشبهه كالماء النجس وإن كان خمرا إذا ذهبت الآثار وقال بعض علمائنا لا يطهر وان جازت الصلاة عليها ولو
جف بغير الشمس أو تغيب عينه لم يطهر اجماعا وللشيخ منع في غير البول وما اخترناه قول ابن أبي
حنيفة وصاحبيه والشافعي في القديم لان الأرض والشمس من شأنهما الإحالة وهي أبلغ
من تأثير الماء ولان الشمس تفيد سخونة وهي يقتضى تصاعد اجزاء النجاسة ومفارقتها وقال مالك والشافعي في الجديد واحمد واسحق لا يطهر بتجفيف الشمس لان النبي صلى الله عليه وآله
أمر بصب الذنوب ولو سلم لم نمنع وهل تطهر الأرض من بول الرجل بالقاء ذنوب عليها بحيث يغيرها ويستهلك البول فيه فيذهب رائحته ولونه قال الشيخ نعم وبه
قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بإراقة ذنوب من ماء على بول الأعرابي وقال أبو حنيفة إن كانت رخوة ينزل فيها الماء كفاه الصب وإن كانت صلبة لم يجد فيها الا حفرها ونقل
التراب لأن الماء المزال به النجاسة نجس فإذا لم يزل من الأرض كان على وجهها نجسا والأقرب انها تطهر بتجفيف الشمس أو بالقاء الكر أو الجاري أو المطر عليها ولو سلم
حديث الأعرابي حمل على الجفاف بالهواء فأعيدت الرطوبة لتجف بالشمس مع أن بعضهم روى أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بأخذ التراب الذي اصابه البول فيلقى ويصب على مكانه
ماء ونحن نقول بذلك فروع الأول قال الشيخ يحكم بطهارة الأرض التي يجرى عليها واليها الثاني قال الشيخ لو بال اثنان وجب ان يطرح مثل ذلك وعلى هذا ابدا
الثالث ليس الذنوب تقدير بل ما يقهر البول ويزيل لونه وريحه وقال الشافعي يطرح سبعة اضعاف البول الرابع لو جفت هذه الأشياء بغير الشمس لم تطهر فان رمى
عليها ماء طاهر أو نجس أو بول وجفت بالشمس طهرت باطنا وظاهرا وقال الشافعي في القديم تطهر لو جفت بغير الشمس كالريح وطول الزمان ظاهرها وفى باطنها قولان
الخامس ليس الثوب كالأرض وهو أظهر وجهي الشافعي لان في اجزاء التراب قوة محيلة على صفة نفسها بخلاف الثوب فلا يطهر الا بالغسل بالماء السادس الجسم الصيقل
كالمرآة والسيف قال المرتضى يطهر بالمسح إذا زال العين لان المقتضى النجاسة قد زال فيزول معلوله وقال الشيخ لا يطهر وهو الأقوى لأنها حكم شرعي فيقف على مورده
8

السابع العجين بالماء النجس لا يطهر بالخبز لقول الصادق (ع) يدفن ولا يباع وللشيخ قولان أحدهما الطهارة لقول الصادق (ع) لا باس اكلت النار ما فيه وهو محمول على الإحالة
إذ بدونها لم تأكل واللبن المضروب بماء نجس أو ببول يطهر باحراقه أجزأ قال الشيخ لان النار أحالت الأجزاء الرطبة وقال الشافعي لا يطهر الا ان يكاثره الماء فيطهر ظاهره إما باطنه
فان بعثت ترابا وكاثره الماء طهر ولا يطهر بالاحراق الثامن أسفل القدم والخف وباطن النعل يطهر بالأرض مع زوال النجاسة وبه قال أبو حنيفة لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا جاء
أحدكم إلى المسجد فان رأى في نعله اثرا واذى فليمسحها وليصل فيها وقال (ع) إذا وطى أحدكم الأذى بخفية فان التراب له طهور ولقول الصادق (ع) لا باس وقد سئل عن وطى العذرة
بالخف ثم مسحت حتى لم ير شيئا فلم يشترط جفاف النجاسة ولا ان يكون لها جرم خلافا لأبي حنيفة للعموم والأولوية مسألة ما عدا هذه الأشياء على أقسام الأول
الثوب يغسل من النجاسة العينية حتى تذهب العين والأثر وان بقيت الرائحة واللون لعسر الإزالة وكذا غيره والمستحب منع اثر الحيض صبغ اثر الثوب مع المشقة بالمشق وشبهه ويجب في
الغسل ان يورد الماء على النجاسة ويغلبه عليها فلو ادخل الثوب أو غيره على الاناء لم يطهر ونجس الماء وللشافعي قول بعدم الطهارة مع بقاء الرائحة أو اللون وان عسر زواله
وهو مردود لقول النبي صلى الله عليه وآله لخولة وقد سألته عن دم الحيض يبقى اثره لا باس به يكفيك ولا يضرك اثره ولو كانت النجاسة حكمية وهي التي لا تدرك بالحواس كالبول إذا جف على
الثوب ولم يوجد له اثر يجب أيضا غسلها عن الثوب والبدن وغيرهما ولابد في غسل الثوب من العصر وهو أحد قولي الشافعي لان الغسالة نجسة فلا يطهر مع بقائها فيه ولا يكفي
صب الماء ولابد من الغسل مرتين فروع الأول لو وقع الثوب أو الآنية أو غيرهما في ماء كثير أو جار حتى زالت عين النجاسة طهر سواء عصر أو لا ولا يشترط عدد ولا غيره
وإن كانت في الولوغ خلافا للشيخ. الثاني اشترط أبو حنيفة في إزالة النجاسة الحكمية الثلث واحمد السبع في جميع النجاسات الثالث بول الصبى قبل ان يطعم
يكفي فيه صب الماء عليه ولا يجب غسله لان الحسن بن علي (ع) بال في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت له لبابة بنت الحرث اعطني ازارك لأغسله فقال انما يغسل من بول الأنثى وقال
الصادق (ع) يصب عليه الماء وقال أبو حنيفة ومالك يجب غسله لقوله صلى الله عليه وآله انما يغسل الثوب من البول الحديث والخاص مقدم وقال الشافعي واحمد يكفي الرش وهو قول
لنا فيجب فيه التعميم فلا يكفي إصابة الرش بعض مورد النجاسة وأكثر الشافعية على اشتراط الغلبة ولم يكتفوا بالبل الرابع بول الصبية يجب غسله كالبالغة وللشافعي
قولان لان التخصيص بالصبى الخامس المتساقط بالعصر نجس والمتخلف في الثوب طاهر ولو جف من غير عصر ففي الطهارة اشكال ينشأ من زوال الغسالة بالجفاف و
العدم لأنا نظن انفصال اجزاء النجاسة في صحبته الماء بالعصر لا بالجفاف السادس قد بينا ان المنى نجس ويجب غسله رطبا ويابسا مع استحباب تقديم الفرك في اليابس
وبه قال مالك لقوله صلى الله عليه وآله انما يغسل الثوب من المنى الحديث وقال أبو حنيفة واحمد يفرك يابسا لان عايشة كانت تفرك المنى من ثوب رسول الله (ص) ولا حجة فيه السابع لو غسل
بعض الثوب النجس طهر ما غسله وكان الباقي على نجاسته وان غسله طهر أيضا وهو أحد قولي الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قال عن السمن يموت فيه الفارة وإن كان جامدا فالقوها
وما حولها حكم (ع) بنجاسة المتصل دون الجميع مع وجود الرطوبة ولان الآنية تغسل بإدارة الماء فيها وفى الاخر لا يطهر الا بغسله دفعة لاتصال الرطوبة بالنجس وليس بشئ
الثاني الاناء ويجب غسلها من ولوغ الكلب ثلث مرات أولهن بالتراب ذهب إليه أكثر علمائنا لقول النبي (ص) يغسل ثلثا أو خمسا أو سبعا والتخيير يسقط وجوب الزايد
وقول الصادق (ع) يغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء مرتين وقال المفيد الوسطى بالتراب وقال ابن الجنيد يغسله سبعا وبه قال الشافعي واحمد وهو مروى عن ابن عباس و
أبي هريرة وعروة وطاوس لقوله (ع) طهور اناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه ان يغسله سبعا وقال مالك يستحب الغسل وعن أحمد رواية انها ثمانية وبه قال الحسن البصري لقوله (ع)
والثامنة غيره بالتراب وأصحاب الرأي لم يعتبروا عددا لتخييره (ع) ولا ينافي ما قلناه واما الخنزير فقال الشيخ انه كالكلب لأنه يسمى كلبا لغة وهو ضعيف وبه قال الشافعي وفى
القديم له يغسل مرة واحدة والأجود انه يغسل سبع مرات لقول الكاظم (ع) وقد سئل عن خنزير شرب من اناء قال يغسل سبع مرات واما الخمر فقال الشيخان يغسل منه
سبعا لقول الصادق (ع) في الاناء يشرب فيه النبيذ يغسل سبع مرات وللشيخ قول انه ثلاث لقول الصادق (ع) ويغسل ثلث مرات واما الفارة فللشيخ قول بالغسل سبعا
لقول الصادق (ع) اغسل الاناء الذي يصب فيه الجرد سبعا وقول انه ثلث لعدم زيادته على الخنزير والكلب وما عدا هذه النجاسات قال الشيخ يجب الثلث والوجه عندي
المرة مع حصول الانقاء مطلقا فيما عدا الكلب والخنزير والتقديرات مستحبة وبه قال الشافعي وقال احمد يجب غسل ساير النجاسات سبعا الا الأرض إذا اصابتها النجاسة
لا يجب فيها العدد واختلف أصحابه في اعتبار التراب لأنه (ع) نبه بالكلب على ساير النجاسات وهو قياس في التقديرات مع معارضة النص وهو قوله والغسل من البول مرة
فروع الأول الأقرب ان التراب لا يفتقر إلى الماء خلافا لابن إدريس الثاني يكفي عدد الواحد لأكثر خلافا للشافعية لبعض وكذا يتداخل العدد
لو اختلف أنواع النجاسة الثالث لو فقد التراب أجزء الماء ويجزى الأشنان وشبهه لو فقد التراب وهل يجزى الماء والأشنان وشبهه مع وجود التراب ظاهر
كلام الشيخ المنع لعدم الاتيان بالمأمور ويحتمل الأجزاء لأن الماء أبلغ وكذا الأشنان أبلغ في الانقاء وللشافعي وجهان ولو خيف فساد المحل بالتراب فكالفاقد
الرابع قال الشيخ لو وقع اناء الولوغ في الجاري أو كثير الواقف حصلت غسله للإناء فإذا اخرج وجب الاكمال وليس بجيد وللشافعي وجهان وعلى قوله لو طرح كر في اناء
الولوغ كان الماء طاهرا والاناء نجسا الخامس لو ولغ في اناء فيه طعام جامد ولم يصب الاناء الغى ما اصابه فمه خاصة والا غسل السادس لو ولغ في ماء
قليل فأصاب ذلك الماء ثوبا أو اناء غسل مرة وقال الشافعي يغسل سبع مرات إحديهن بالتراب السابع لو ادخل يده أو رجله وجب غسله مرة كالنجاسات وكذا دمعه وبوله
ودمه وقال الشافعي كالولوغ وبه قال الصدوق وقال مالك وداود لأغسل لان في الولوغ تعبد الثامن أواني المشركين طاهرة ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة
لأنها كذلك في الأصل فلا يخرج عنه الا بموجب فان علمت المباشرة نجست خلافا للشافعي وأبي حنيفة لقول الباقر (ع) لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون
التاسع ان قلنا بمزج الماء والتراب فهل يجزى لو صار مضافا اشكال وعلى تقديره هل يجوز عوض الماء ماء الورد وشبهه اشكال العاشر يشترط في
التراب الطهارة فان النجس لا يطهر غيره وللشافعية وجهان أحدهما الأجزاء لان التراب تعبد لا للتطهير كحصى الجمار لو كان نجسا الحادي عشر أواني الخمر الصلبة
كالصفر والنحاس والحجر والمغضور يطهر بالغسل اجماعا وغيره كالفرع والخشب والخزف غير المغضور كذلك خلافا لابن الجنيد الثالث ما عدا هذين القسمين
يجب غسله بالماء وانما يطهر بالغسل إذا أمكن نزع الماء المغسول به (عنه) دون ما لا يمكن كالمايعات والصابون والكاغذ والطين وان أمكن ايصال الماء إلى اجزائها بالضرب ما لم
يطرح في كر فما زاد أو جار بحيث يسرى الماء إلى جميع اجزائه قبل اخراجه منه فلو طرح الدهن في ماء كثير وحركه حتى تخلل الماء اجزاء الدهن بأسرها طهر وللشافعية قولان
وكذا العجين النجس إذا مزج به حتى صار رقيقا وتخلل الماء جميع اجزائه ويكفى في البدن الصب المزيل للعين ويستحب الدلك وكذا الجامدات وانما يجب الغسل بملاقاة النجاسة
مع رطوبة أحدهما ولو كانا يابسين لم يجب الا لميتة فإنه يجب غسل الملاقى لها وان كانا يابسين على اشكال وهل ذلك تعبد أو للنجاسة ظاهر كلام علمائنا الثاني وفيه
9

نظر ويستحب رش الثوب بالماء إذا مسه الكلب أو الخنزير ولو كان برطوبة وجب الغسل وفى البدن يمسح بالتراب ويغسل مع الرطوبة وجوبا مسألة إذا علم موضع النجاسة
من الثوب والبدن وجب غسله وان اشتبه وجب غسل كل ما يحصل فيه الاشتباه ولا يجوز التحري ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد والنخعي وابن
المنذر لأن النجاسة متقنة فلا تزول بدونه ولقول الصادق (ع) فان خفى مكانه فاغسله كله وقال ابن شبرمة يتحرى كالثوب والحكم في الأصل ممنوع وقال عطا وحماد بنضح الثوب
كله لان كل موضع يشك فيه فينضح والنضح غير كاف لتيقن النجاسة ولو نجس أحد الكمين غسلهما وان قطع أحدهما غسل الباقي وعند الشافعية وجهان والتحري في أحد الكمين وان قطع
أحدهما جاز التحري عندهم قولا واحدا ولو نجس أحد الثوبين واشتبه وجب غسلهما ولم يجز التحري عندنا اجماعا وبه قال احمد وابن الماجشون وأبو ثور والمزني لان أحدهما نجس
بيقين وبالتحري لا يزول يقين البراءة وقال أبو حنيفة والشافعي يتحرى كالأواني والأصل ممنوع ولو نجس أحد الإنائين واشتبه اجتنبا ووجب غسلهما معا ولو لم يجد غير مائهما
تيمم وصلى ولا إعادة عليه ذهب إليه علماؤنا أجمع سواء كان عدد الطاهر أكثر أو أقل أو تساويا وسواء السفر والحضر وسواء اشتبه بالنجس أو النجاسة وبه قال المزني وأبو ثور
واحمد لان استعمال النجس محرم فيجب الاجتناب كالمشتبه بالأجنبية وقال أبو حنيفة إن كان عدد الطاهر أكثر جاز التحري والا فلا لان ظاهر إصابة الطاهر وهو ممنوع
ومنقوض بالثياب وقال الشافعي إن كان أحدهما نجاسة لم يجز التحري والا جاز مطلقا كالتحري في القبلة وحكم الأصل ممنوع وقال الماجشون ومحمد بن مسلم يتوضأ بكل واحد منهما
وهو خطأ فروع الأول ظاهر النجاسة قال بعض علمائنا انه كاليقين وهو جيد ان استند إلى سبب كقول العدل إما ثباب؟ مدمني الخمر والقصابين والصبيان وطين الشوارع
والمقابر المنبوشة فالأقرب الطهارة وللشافعي وجهان الثاني شرط الشافعية للاجتهاد ان يكون للعلامة مجال للمجتهد فيه فيجوز في الثياب والأواني عندهم دون الميتة
وللذكي والمحرم والأجنبية يؤيده الاستصحاب فلا يجوز عند الاشتباه بالبول والعجز عن اليقين فلو وجد طاهرا بيقين لم يسغ الاجتهاد في أحد الوجهين لتمكنه من أداء
الصلاة بيقين دون الآخر كالقليل يجوز استعماله مع وجود الكثير وظهور علامة النجاسة كنقصان الماء في امارة الولوغ الثالث لو أداه اجتهاده إلى اناء وصلى
فيه صبحا ثم اجتهد فأداه إلى غيره وقت الظهر تيمم عند الشافعي لان الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد وعنه قول انه
يتوضأ به بعد ان يغسل ما على بدنه من الماء الذي غلبه على
ظنه انه نجس وذلك ليس بنقض الاجتهاد الأول لأنا لا نبطل طهارته الأولى ولا صلاته بل معناه لغسل ما غلب على ظنه انه نجس الرابع قال الشيخ يجب إراقة الإنائين عند
التيمم وبه قال احمد في إحدى الروايتين لئلا يتيمم ومعه ماء طاهر والأجود عدمه إذ الشرط فقدان ما يتمكن به من استعماله وهو إحدى الروايتين عن أحمد وقال الشافعي
ان أراقهما أو صب أحدهما في الاخر لم يجب القضاء والا وجب في أحد القولين وعلى تقليل الشيخ ينبغي الجواز لو أراق أحدهما الخامس لو كانت أحد الإنائين بولا لم يجز
التحري وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ولو كان الثالث بولا لم يجز عند ابن أبي
حنيفة ولو كان أحدهما مستعملا استعمل أيهما شاء عندنا لان المستعمل في الطهارة
طاهر مطهرا ما عند الشيخ في الكبرى فاللايق استعمال كل منهما منفردا وللشافعي في التحري وجهان ولو كان أحدهما ماء ورد استعمل كل منهما اجماعا إما عندنا فلعدم جواز
التحري مطلقا واما عند الشافعي فلان المضاف ليس له أصل في الطهارة ولو صب المشتبه بالنجس في الاخر فان بلغ كرا لم يطهر عندنا خلافا لبعض علمائنا ويجيئ على قولهم
الوجوب لو علمه ولو أراق أحدهما لم يجب التحري في الباقي على أصلنا وهو أحد وجهي الشافعية وفيما يصنع حينئذ قولان الطهارة به لان الأصل الطهارة وقد زال يقين النجاسة
والتيمم لأنه ممنوع من استعماله الا مع التحري وقد منع منه والاخر التحري كما لو كان الاخر باقيا السادس الأعمى لا يجتهد عندنا في الإنائين وللشافعي قولان فان ادراك
النجاسة قد يحصل بالمس كاضطراب الماء واعوجاج الاناء ولو عجز ومعه بصير اجتهد ففي جوازه تقليده وجهان ولو فقد البصير ففي أحد القولين له ان يخمن انه نجس ويتوضأ وفى
الإعادة وجهان وفى الاخر تيمم السابع لو أخبر أعمى بوقوع بول في الاناء فان قلنا الظن كالعلم وحصل وجب القبول إما لو شهد عدلان أعميان قبل على ما اخترناه ولو شهدا
بنجاسة لم يقبل الا بالسبب لجواز ان يعتقد ان سؤر المسوخ نجس وكذا البصراء الثامن الاشتباه مانع من التعدد إما مع الاتحاد فلا فلو كان معه اناء من الماء الطاهر و
شك في نجاسة عمل على أصل الطهارة إذ لا يرفع بعينها شك النجاسة لقول الصادق (ع) ولا يرفع اليقين ابدا بالشك وكذا لو شك في نجاسة اناء اللبن أو الدهن أو في تخمير العصير
أو في طلاق زوجته أو في حيضها إما لو شك في اللبن هل هو لبن حيوان مأكول أولا أو في اللحم هل هو مذكى أولا أو هل النبات سم قاتل أولا بنى على التحريم للتغليب وعدم
أصالة الإباحة هنا ولو وجد مع كافر اناء فيه ماء ولم يعلم مباشرته ففي جواز الاستعمال نظر التاسع قال الشافعي لو اختلف اجتهاد الاثنين عمل كل باجتهاده ولا
يأتم بصاحبه لاعتقاده وضوء بالنجس وقال أبو ثور يجوز لان كل واحد صح صلاته وحده وهذا لا يتأتى عندنا الا فيما لو عمل أحد المجتهدين بقول ابن البراج والاخر بما
اخترناه فإن كان الطاهر واحدا من ثلثة فذهب كل واحد من الثلاثة إلى طهارة واحد وتوضأ به لم يجز ان يأتم واحد منهما بالآخر وإن كان الطاهر اثنين جاز ان يؤم بهما
أحدهم فإذا صلى بهم الصبح صحت صلاته وصلاتهما لاعتقاد كل منهما انه توضأ بالطاهر ولا يخطى امامه في اجتهاده ولا يقول إنه توضأ بالنجس فصحت صلاته خلفه فان
صلى بهم اخر الظهر صحت صلاة الامام إذ لا يتعلق بغيره وصلاة امام الصبح لأنه لا يخطى امامه واما الاخر فلا تصح صلاته الظهر لأنه إذا لم يخطي امام الصبح خطأ امام الظهر لأنه لا يجوز ان
يكونا جميعا توضئا بالطاهر عنده وقد حكما بصحته صلاة الصبح فلا تصح الظهر فان صلى بهم الثالث العصر صحت صلاته خاصة لان كل واحد منهما قد صلى خلف
الاخر فتعين النجس في حق الثالث في حقهما ولو كان من الأواني والمجتهدين أربعة فصلوة الصبح والظهر صحيحتان للجميع وصلاة العصر صحيحة لامام الصبح والظهر
ولإمامهما ولا تصح للاخر العاشر يستحب إزالة طين الطريق بعد ثلاثة أيام وليس واجبا ما لم يعلم نجاسته الحادي عشر تجب إزالة النجاسة عن البدن للصلاة
الواجبة والطواف ودخول المساجد وعن الثوب لذلك لا وجوبا مستقرا الا مع اتحاده وعن الأواني للاستعمال مستقرا الباب الثاني في الوضوء مقدمة
قال الكاظم (ع) من توضأ للمغرب كان وضوءه ذلك كفارة لماضي من ذنوبه في نهاره ما خلا الكبائر ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوءه ذلك كفارة لما مضى من
ذنوبه في ليلة الا الكباير ويستحب للصلاة والطواف المندوبين ولدخول المساجد وقراءة القرآن وحمل المصحف والنوم وصلاة الجنايز والسعي في حاجة وزيارة المقابر
ونوم الجنب وجماع المحتلم وذكر الحايض والكون على طهارة والتجديد وفى هذا الباب فصول الأول في موجباته مسألة تجب الوضوء
بأمور خمسة خروج البول والغائط والريح من المعتاد والنوم الغلب على الحاستين وما شابهه من كل مزيل للعقل وللاستحاضة القليلة وقد أجمع المسلمون كافة على
النقض بالثلاثة الأول لقوله تعالى أو جاء أحد منكم من الغائط وقول النبي صلى الله عليه وآله لكن من بول أو غايط وقوله (ع) فلا تنصرفن حتى تسمع صوتا أو تجد ريحا وقال الصادق (ع) لا يجب
الوضوء الا من غايط أو بول أو ضرطة أو فسوة تجد ريحا فروع الأول لو خرج البول والغايط من غير المعتاد فالأقوى عندي النقض سواء قل أو كثر وسواء انسد المخرج
أو لا وسواء كانا من فوق المعدة أو تحتها وبه قال أحمد بن حنبل لقوله تعالى أو جاء أحد منكم من الغايط والأحاديث وقال الشيخ ان خرجا من فوق المعدة لم ينقضا لأنه لا يسمى
10

غايطا ولقول الباقر والصادق (ع) وقد سئلا ما ينقض الوضوء فقالا ما يخرج من طرفيك الحديث وما مستوعبة ولقول الصادق (ع) لا ينقض الوضوء الا ما خرج من
طرفيك الأسفلين الحديث ويمنع عدم التسمية والأحاديث محمولة على الأغلب وقال الشافعي ان انسد المعتاد وانفتح من أسفل المعدة نقض الا في قول شاذ وان انفتح
فوقها أو عليها فقولان أصحهما عنده عدم النقض لان ما تحيله الطبيعة تلقيه إلى الأسفل فالخارج فوقها أو محاذيها بالقى أشبه وإن كان السبيل بحاله فان انفتح تحت
المعدة فقولان أحدهما النقض لأنه معتاد وهو بحيث يمكن انصباب الفضلات إليه والثاني وهو الأصح عندهم المنع لان غير الفرج انما يعطى حكمه للضرورة وانما
يحصل مع الانسداد لا مع عدمه وان انفتح فوقها أو عليها لم ينقض إن كان الخارج نادرا كالحصى وإن كانت نجاسة كالعذرة فقولان أقويهما العدم الثاني لو خرج
من أحد السبيلين دود أو غيره من الهوام أو حصى أو دم غير الثلاثة أو شعر أو حقنة أو أشيافا أو دهن قطره في احليله لم ينقض الا ان يستصحب شيئا من النواقض ذهب
إليه علماؤنا أجمع وبه قال مالك وداود لأنه نادر ما شبه الخارج من غير السبيلين وللأصل ولما تقدم من الأحاديث وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي والثوري والأوزاعي
واحمد واسحق وأبو ثور انه ناقض لعدم انفكاكه من الثلاثة وهو ممنوع الثالث الريح ان خرج من قبل المراة نقض لان له منفذا إلى الجوف وكذا الادرار إما غيرهما
فاشكال وبه قال الشافعي لعموم النص بخروج الريح وقال أبو حنيفة لا ينقض بخروج الريح من القبل الرابع لو ظهرت متعدية مقعدته وعليها شئ من العذرة ثم خفيت و
لم ينفصل شئ ففي النقض اشكال ينشأ من صدق الخروج ومن عدم الانفصال الخامس الخنثى المشكل إذا بال فحكمه حكم ما لو كانت الثقبة دون المعدة المقعدة
ولم ينسد المخرج فعند نا ينقض وللشافعي قولان لجواز ان يكون ذلك المخرج ثقبة زائدة مسألة النوم الغالب على السمع والبصر ناقض عند علمائنا أجمع وهو
قول أكثر أهل العلم لقوله (ع) العين وكاء السنة من نام فليتوضأ وقال الصادق (ع) لا ينقض الوضوء الا حدث والنوم حدث وحكى عن أبي موسى الأشعري وأبى مجار وحميد
الأعرج انه لا ينقض وعن سعيد بن المسيب انه كان ينام مضطجعا امرار أو ينتظر الصلاة ثم يصلى ولا يعيد الوضوء لأنه ليس بحدث في نفسه والحدث مشكوك فيه و
نمنع الأولى لما تقدم فروع الأول نوم المضطجع ناقض قل أو كثر عند كل من حكم بالنقض ونوم القاعد ناقض عندنا وان قل للعموم وهو قول المزني والشافعي
في أحد القولين واسحق وأبو عبيد الا ابن بابويه منا فإنه قال الرجل يرقد قاعدا لا وضوء عليه ما لم ينفرج وهو قول الشافعي وان كثر إذا كان ممكنا لمقعدته من
الأرض لان الصحابة كانوا ينامون ثم يقومون فيصلون من غير وضوء وليس بحجة لامكان السنة وقال مالك واحمد والثوري وأصحاب الرأي إن كان كثيرا نقض و
الا فلا واما نوم القايم والراكع والساجد فعندنا انه ناقض وبه قال الشافعي في الجديد واحمد في أحد القولين للعموم والثاني انه لا ينقض وبه قال الشافعي في القديم وقال أبو
حنيفة النوم في كل حال من أحوال الصلاة غير ناقض وان كثر وهو أضعف أقوال الشافعي لقول النبي (ص) إذا نام العبد في سجوده باهى الله به ملائكته يقول عبدي روحه
عندي وجسده ساجد بين يدي ولا حجة فيه الثاني السنة وهي ابتداء النعاس غير ناقضة لأنها لا يسمى نوما ولان نقضه مشروط بزوال العقل الثالث كلما
أزال العقل من اغماء أو جنون أو سكر أو شرب وقد ناقض لمشاركته للنوم في المقتضى ولقول الصادق (ع) إذا خفى الصوت فقد وجب الوضوء وللشافعية في السكر قولان
أضعفهما عدم النقض لأنه كالساهي في الحكم فينفذ طلاقه وعتقه واقراره وتصرفاته وهو ممنوع الرابع لو شك في النوم لم تنتقض طهارته وكذا لو تخايل له شئ ولم يعلم أنه
منام أو حديث النفس ولو تحقق انه رؤيا نقض الخامس دم الاستحاضة إن كان قليلا يجب به الوضوء خاصة ذهب إليه علماؤنا الا ابن ابن أبي
عقيل لقول النبي صلى الله عليه وآله
المستحاضة تتوضأ لكل صلاة وقول الصادق (ع) وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت وصلت كل صلاة بوضوء وقال ابن ابن أبي
عقيل ما لم يظهر على القطنة فلا غسل
ولا وضوء وقال مالك ليس على المستحاضة وضوء مسألة لا يجب الوضوء بشئ سوى ما ذكرناه ذهب إليه علماؤنا أجمع وقد خالف الجمهور في أشياء نحن نذكرها
الأول الوذي والمذي وهو ما يخرج بعد البول ثخين كدرة لا ينقضان الوضوء ذهب إليه علماؤنا أجمع للأصل ولقول الصادق (ع) ان عليا (ع) كان رجلا مذاء
فاستحى ان يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله لمكان فاطمة (عه) فامر المقداد ان يسئله فقال ليس بشئ وقال الجمهور وانهما ناقضان إلا مالكا فإنه قال المذي إذا استدام به لا يوجب الوضوء لان
عليا (ع) قال كنت أكثر الغسل من المذي حتى تشفق ظهري فسالت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انما يكفيك ان تنضح على فرجك وتتوضأ للصلاة وهو بعد التسليم محمول على الاستحباب
الثاني القى لا ينقض الوضوء سواء قل أو كثر وكذا ما يخرج من غير السبيلين كالدم والبصاق والرعاف وغير ذلك ذهب إليه علماؤنا وبه قال في الصحابة علي (ع) و عبد الله
ابن عباس و عبد الله بن عمر و عبد الله بن اوفى ومن التابعين سعيد بن المسيب والقسم بن محمد وعطا وطاوس وسالم بن عبد الله عمر ومكحول وهو مذهب ربيعة ومالك
والشافعي وأبو ثور وداود للأصل ولقولهم (على) لا ينقض الا ما خرج من طرفيك الأسفلين أو النوم وقال أبو حنيفة القى إن كان ملا الفم أوجب الوضوء والا فلا وغيره إن كان نجسا خرج
من البدن وسال أوجب الوضوء وان وقف على رأس المخرج لم يوجب الوضوء وبه قال الأوزاعي والثوري واحمد واسحق الا ان احمد يقول إن كان الدم قطرة أو قطرتين
لم يوجب الوضوء وفيه (عنه) رواية أخرى انه ان خرج قدر ما يعفى عن غسله وهو قدر الشبر لم يوجب الوضوء لان النبي صلى الله عليه وآله قال من قاء أو قلس فلينصرف وليتوضأ وليبن على
صلاته ما لم يتكلم وهو محمول على غسل الفم والاستحباب ولأنه متروك لأنه فعل كثير الثالث مس الذكر والدبر لا يوجب الوضوء سواء مس الباطنين أو الظاهرين و
كذا لو مست المراة قبلها أو دبرها سواء بباطن الكف أو ظاهره وسواء مس بشهوة أو غيرها وسواء كان الفرجان منه أو من غيره ذهب إليه أكثر علمائنا وبه قال علي (ع)
وعمار بن ياسر و عبد الله بن مسعود وابن عباس في إحدى الروايتين وحذيفة وعمران بن الحصين وأبو الدرداء وسعد بن ابن أبي
وقاص في بإحدى الروايتين والحسن البصري
وقتاده والثوري وأبو حنيفة وأصحابه للأصل ولقوله (ع) وقد سئل عن مس الرجل ذكره بعد الوضوء هل هو إلا بضعة منه ولقول الصادق (ع) وقد سئل يعبث بذكره في
الصلاة المكتوبة لا باس وما تقدم وقال الصدوق من مس باطن ذكره بإصبعه أو باطن دبره انتقض وضوءه وقا ل ابن الجنيد من مس ما انضم عليه الثقبان نقض وضوء
ومن مس ظاهر الفرج من غيره بشهوة تطهر إن كان محرما ومن مس باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحلل والمحرم لان عمارا سال الصادق (ع) عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن
دبره قال نقض وضوءه والطريق ضعيف ومحمول على استصحاب نجاسة وقال الشافعي من مس ذكرا ببطن كفه وجب عليه وضوء وحكاه ابن المنذر عن عمرو بن عمر وسعد
ابن ابن أبي
وقاص وعايشة وأبو هريرة وابن عباس ومن التابعين عطاء بن ابن أبي
رياح وسعيد بن المسيب وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وسليمان بن يسار والزهري وأبو العالية و
ومجاهد وبه قال مالك واحمد واسحق وأبو ثور والمزني لان بسترة بنت صفوان روت ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ومع التسليم يحمل على المس للغسل من البول
لأنه الغالب وقال داود ان مس ذكر نفسه انتقض وان مس ذكر غيره لم ينتقض لان الخبر ورد فيمن مس ذكره قال الشافعي ولو مس بغير بطن كفه أو ساعده أو غير ذلك من أعضائه
لم ينتقض الوضوء للأصل وحكى عن عطا والأوزاعي واحمد في إحدى الروايتين النقض بظهر الكف والساعد لأنه من جملة يده وقال الشافعي ولو مسه بحرف يده أو بما بين
11

الأصابع لم ينتقض ولو مس الذكر بعد قطعه فوجهان عنده ولو مسه من ميت انتقضت وقال اسحق لا ينتقض ولا فرق بين الذكر الصغير والكبير وقال الزهري والأوزاعي
ومالك لا يجب بمس الصغير لان النبي صلى الله عليه وآله مس ربيبة الحسن (ع) ولم يتوضأ وقال الشافعي ولو مس الأنثيين أو الالية أو العانة لم ينتقض وعن عروة بن الزبير النقض ولو مس حلقة الدبر
أو دبر غيره قال الشافعي ينقض وفى القديم لا ينقض كما ذهب إليه وبه قال مالك وداود لأنه لا يقصد مسه ولو
مست المراة فرجها انتقض وضوئها عند الشافعي خلافا لمالك و
الخنثى المشكل إذا مس فرج نفسه أو مسه غيره انتقض وضؤه إذا تيقنا ان الذي مسه فرج أو لمس من رجل وامرأة ومتى جوزنا غير ذلك فلا نقض وان مس نفسه فان مس
ذكره أو فرجه فلا نقض وان جمع نقض وان مسه رجل أو لمس فان مس ذكره انتقض لأنه إن كان رجلا فقد مس فرجه وإن كان امرأة فقد مس موضعا من بدنها فان
الزيادة لا تخرجه عن بدنها وان مس الفرج فلا نقض بجواز ان يكون رجلا فقد مس خلقة زايدة من بدنه وان مسه امرأة فان مست ذكره فلا نقض لجواز أن تكون
امرأة فتكون قد مست خلقة زائدة من بدنها وان مست فرجه انتقض لأنها إن كانت امرأة فقد مست فرجها وإن كان رجلا فقد مست بدنه وان مسه خنثى فان مس
ذكره فلا نقض لجواز ان يكونا امرأتين فتكون أحدهما قد مست بدن الأخرى وان مس فرجه لم ينتقض لجواز ان يكونا رجلين فيكون أحدهما مس بدن الاخر وان مس
فرجه وذكره انتقض لأنه لابد وأن يكون أحدهما فرجا وهذا كله ساقط عنا ولو مس فرج البهيمة فللشافعي قولان أحدهما النقض وبه قال الليث بن سعيد الرابع
مس المراة لا يوجب الوضوء بشهوة كان أو بغيرها أي موضع كان من بدنها بأي موضع كان من بدنه سوى الفرجين وبه قال علي (ع) وابن عباس وعطا وداود وطاوس وأبو حنيفة
وأصحابه للأصل وللأحاديث السابقة ولما روت عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله قبل امرأة من نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ وقال الشافعي لمس النساء يوجب الوضوء بشهوة كان
أو بغير شهوة أي عضو كان من بدنه بأي عضو كان من بدنها سوى الشعر وبه قال ابن مسعود وابن عمر والزهري وربيعة ومكحول والأوزاعي لقوله تعالى أو لمستم النساء
وحقيقة اللمس باليد وهو ممنوع وقال مالك واحمد واسحق ان لمسها بشهوة انتقض وضؤه والا فلا وحكاه ابن المنذر عن النخعي والشعبي والحكم وحماد لان اللمس بغير
شهوة لا يحرم في الاحرام والصوم فكان كالشعر وقال داود ان قصد لمسها انتقض والا فلا ولمس الشعر أو من وراء حايل لا ينقض عند الشافعي وقال مالك ينقضان
إن كان بشهوة والا فلا وفى لمس ذات المحارم كالأم والأخت عند الشافعي قولان وفى الكباير والصغاير وجهان وتنتقض طهارة اللامس في صور النقص كلها وفى الملموس
قولان ولو مس يدا مقطوعة أو عضوا فلا نقض ولو مس ميتة فلا صحابه قولان الخامس القهقهة لا تنقض الوضوء وان وقعت في الصلاة ولكن تبطلها ذهب إليه أكثر
علمائنا وبه قال جابر وأبو موسى الأشعري ومن التابعين القسم بن محمد وعروة وعطا والزهري ومكحول ومالك وبه قال الشافعي واحمد واسحق وأبو ثور لان النبي صلى الله عليه وآله
قال الضحك تنتقض الصلاة ولا ينتقض الوضوء وقال الصادق (ع) ليس ينتقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك وقال ابن الجنيد منا من قهقهه في صلاته متعمدا
لنظر أو سماع ما اضحكه قطع صلاته وأعاد وضوءه لرواية سماعة قال سألته عما تنقض الوضوء إلى أن قال والضحك في الصلاة وهي مقطوعة ضعيفة السند وقال أبو
حنفية يجب الوضوء بالقهقهة في الصلاة وهي مروى عن الحسن والنخعي وبه قال الثوري وعن الأوزاعي روايتان لان أبا العالية الرياحي روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى فجاء
ضرير فتردى في بئر فضحك طوائف من القوم فامر النبي صلى الله عليه وآله الذين ضحكوا ان يعيدوا الوضوء والصلاة وهو مرسل قال ابن سيرين لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبى العالية فإنهما لا
يباليان عمن اخذ السادس لا وضوء من اكل ما مسته النار ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال علي (ع) وجماعة من الصحابة وعامة الفقهاء وحكى عن عمر بن عبد العزيز
وأبى قلابه وأبى مجلز والزهري والحسن البصري انهم كانوا يتوضؤون منه لان النبي صلى الله عليه وآله قال توضأ وانما مسته النار وهو منسوخ لان جابر بن عبد الله قال كان آخر أمر الدين
من رسول الله (ص) ترك الوضوء مما مست النار السابع اكل لحم الجزور لا يوجب الوضوء ذهب إليه علمائنا أجمع وهو قول أكثر العلماء للأصل لان النبي صلى الله عليه وآله
قال الوضوء مما يخرج لا مما يدخل وللشافعي قولان القديم النقض وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله سئل أيتوضأ من لحوم الإبل فقال نعم ولو سلم حمل على غسل اليد الثامن
الردة لا تبطل الوضوء للأصل ولقول الصادق (ع) لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك الحديث وقال احمد ينقض لقوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك وهو مقيد بالموافاة
التاسع حكى عن مجاهد والحكم وحماد ان في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط الوضوء بغير حجة وانكره جمهور العلماء تنبيه كلما أوجب الوضوء فهو بالعمد
والسهو سواء لا خلاف. الفصل الثاني في آداب الخلوة يستحب الاستتار عن العيون لان جابرا قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فإذا هو
بشجرتين بينهما أربعة أذرع فقال يا جابر انطلق إلى هذه الشجرة فقل يقول لك رسول الله صلى الله عليه وآله الحقي بصاحبتك حتى اجلس خلفكما ثم رجعتا إلى مكانهما ويجب ستر العورة
لقول النبي صلى الله عليه وآله احفظ عورتك الامن زوجك أو ما ملكت يمينك وقول الصادق (ع) لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه والعورة هي القبل والدبر لقول الكاظم (ع) العورة عورتان
القبل والدبر مسألة المشهور بين علمائنا تحريم استقبال القبلة واستدبارها حالة البول والغايط في الصحارى والبنيان ويجب الانحراف في موضع قد بنى على ذلك وبه
قال الثوري وأبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وقوله (ع) إذا اتى أحدكم الغايط فلا يستقبل
القبلة ولا يولها ظهره شرقوا أو غربوا وعن علي (ع) قال إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولما فيه من الاحترام والتعظيم لشعائر الله تعالى وقال
ابن الجنيد يستحب ترك الاستقبال والاستدبار وبه قال عروة وربيعة وداود لقول جابر نهى النبي صلى الله عليه وآله ان يستقبل القبلة ببول ورايته قبل ان يقبض بعام يستقبلها ويحمل مع التسليم
على الاستقبال حالة التنظيف إذ لا أقل من الكراهة وقال المفيد منا وسلار يجوز في البنيان الاستقبال والاستدبار وبه قال ابن عباس وابن عمرو مالك والشافعي
وابن المنذر وأصح الروايتين عن أحمد لان الكاظم (ع) كان في داره مستراح إلى القبلة ولا حجة فيه لاحتمال شرائها كذلك وكان ينحرف أوله غيره ورواية عايشة ان
النبي (ع) قال استقبلوا بمقعدى القبلة ضعيفة لبرائته (ع) من الامر بالمكروه أو المحرم وعن أحمد رواية انه يجوز استدبار الكعبة في الصحارى والبنيان لان ابن عمر قال رأيت
النبي صلى الله عليه وآله على حاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة ويضعف بما تقدم مسألة يكره له أشياء الأول استقبال الشمس والقمر بفرجيه لقول الباقر (ع) عن آبائه ان النبي نهى
ان يستقبل الرجل الشمس والقمر فرجه وهو يبول الثاني استقبال الريح بالبول لقول الحسن بن علي (ع) ولا تستقبل الريح ولئلا ترده الريح إليه الثالث البول في ارض
الصلبة لئلا يترشش عليه ولقول الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا للبول حتى أنه كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان
يكون فيه التراب الكثير كراهة ان ينضح عليه البول الرابع البول في حجرة الحيوان لئلا يؤذيه الخامس البول في الماء الجاري والراكد لان عليا (ع) نهى ان يبول
الرجل في الماء الجاري الا من ضرورة وقال إن للماء أهلا وقال الصادق (ع) يكره ان يبول الرجل في الراكد السادس الجلوس في المشارع والشوارع وتحت الأشجار المثمرة فيضمن على
اشكال وافية الدور ومواطن النزال ومواضع اللعن وهي أبواب الدور وقال الصادق (ع) قال رجل لعلي بن الحسين (ع) أين يتوضأ الغرباء قال يتقى شطوط الأنهار و
12

الطرق ألنا فذة وتحت الأشجار المثمرة ومواضع اللعن وسأل أبو حنيفة عن الكاظم (ع) أين يضع الغريب ببلدكم قال اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار
وفى النزال ولا تستقبل القبلة ببول ولا غايط وارفع ثوبك وضع حيث شئت السابع الأكل والشرب والسواك على الخلاء الثامن الكلام الا بذكر الله تعالى
أو آية الكرسي أو حاجة تضر فوتها أو حكاية الاذان قال الرضا (ع) نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يجب الرجل آخر وهو على الغايط أو يكلمه حتى يفرغ ولا باس بالمستثنى خلافا للشافعي
لان موسى بن عمران قال يا رب أبعيد أنت منى فأناديك أم قريب فأناجيك فأوحى الله تعالى انا جليس من ذكرني فقال له موسى يا رب انى أكون في أحوال اجلك ان أذكرك
فيها فقال يا موسى اذكرني على كل حال وقول الصادق (ع) انه لم ترخص في الكنيف أكثر من أية الكرسي وحمد الله أو أية الحمد لله رب العالمين التاسع البول قائما لئلا ينضح
عليه لقوله (ع) البول قائما من غير علة من الجفأ العاشر طول الجلوس لقول الباقر (ع) طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور الحادي عشر قال الباقر (ع) إذا بال
الرجل فلا يمس ذكره بيمنه الثاني عشر الدخول إلى الخلاء ومعه خاتم عليه اسم الله تعالى أو مصحف أو شئ عليه اسمه تعالى مسألة يستحب للمتخلي أشياء الأول
ان يبعد المذهب لان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد البراز لا يراه أحد الثاني لا يكشف عورته حتى يدنو من الأرض لما فيه من الاستتار ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يفعله الثالث تغطية
الرأس لان الصادق (ع) فعله الرابع التسمية كان الصادق (ع) إذا دخل الخلاء يقنع رأسه ويقول في نفسه بسم الله وبالله ولا إله إلا الله رب اخرج عنى الأذى سرحا
بغير حساب واجعلني من الشاكرين فيما تصرفه عنى من الأذى والغم الذي لو حبسته عنى هلكت ولك الحمد اعصمني من شرما في هذه البقعة واخرجني منها سالما
وحل بيني وبين طاعة الشيطان الخامس تقديم اليسرى دخولا واليمنى خروجا عكس المسجد السادس الدعاء دخولا وخروجا وعند الاستنجاء والفراغ منه الفصل
الثالث في الاستنجاء مسألة الاستنجاء واجب من البول والغايط ذهب إليه علماؤنا أجمع سواء كان التلويث الحاصل أكثر من قدر درهم أو بقدره أو دونه
وبه قال الشافعي واحمد واسحق وداود لان النبي صلى الله عليه وآله قال انما انا لكم مثل الوالد فإذا ذهب أحدكم الغايط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها وليستنج بثلاثة أحجار و
سئل الصادق (ع) عن الوضوء الذي افترضه الله على العباد ان جاء من الغايط أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغايط وقال أبو حنيفة لا يجب إذا لم يكن التلويث أزيد من
درهم وهو محكى عن الزهري وعن مالك روايتان وقدر أبو حنيفة النجاسة تصيب الثوب أو البدن بموضع الاستنجاء فقال إذا أصاب البدن أو الثوب قدر ذلك لم تجب ازالته
وقدره بالدرهم البغلي لقوله (ع) من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج وليس حجة لعوده إلى الافراد ولا يجب من الريح باجماع العلماء وكذا لا يجب عندنا من
الأجسام الطاهرة كالمذي والوذي والحصا والشعر فان استصحب ناقضا وجب وكذا النجس كالدم وأوجب الشافعي الاستنجاء من النادر كالدم والقيح والصديد و
المذي وغيره وفى اجزاء الحجارة قولان واما الجامد كالحصى والدود فإن كان عليه بلة وجب الاستنجاء عنده فيه وفى اخزاء الحجر قولان وان لم تظهر بلة ففي وجوب الاستنجاء
منه قولان فان وجب ففي اجزاء الحجارة قولان مسألة الحدث إن كان بولا وجب فيه الغسل بالماء سواء حصل التلويث أو لا ولا يجزى غيره ذهب إليه علماؤنا أجمع
للأصل من اختصاص التطهير بالماء وعدم الترخص في غير الغائط ولانتشاره غالبا ولقول الباقر (ع) لا ولا يجزى من البول الا الماء وذهب الجمهور إلى الاكتفاء فيه بالأحجار
مع عدم التعدي لأنه حدث نجس فأشبه الغايط والفرق الانتشار كالمتعدي في الأصل فروع الأول لو تعذر استعمال الماء إما لفقده أو لحرج وشبهه وجب إزالة
العين بالحجر وشبهه فإذا زال المانع وجب الغسل لان المحل لم يطهر أولا الثاني الأغلف إن كان مرتبعا (مرتفعا) كفاه غسل الظاهر وان أمكن كشفها وجب الثالث لو خرج
منى الرجل من فرج المراة لم يجب به وضوء ولا غسل موضع بل وجب غسل موضع الملاقاة الرابع أقل المجرى مثلا ما على المخرج من البول مسألة الغايط ان تعدى المخرج وجب فيه الغسل
بالماء اجماعا ويستحب تقديم الاحجار عليه ولا يجزى الاقتصار عليها وان زالت العين وان لم يتعد المخرج تخير بين الماء والأحجار والماء أفضل والجمع أكمل ويشترط في الاستجمار
أمور (آ) خروج الغايط من المعتاد فلو خرج من حرج وشبهه فإن لم يكن معتادا فان لأقرب وجوب الماء وكذا لو صار معتادا على اشكال وللشافعي فيه وجهان (ب) عدم التعدي
فلو تعدى المخرج وجب الماء وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر لا يشترط فان الخروج لا ينفك عنه غالبا واشترط على أن لا ينتشر على قدر المعتاد وهو ان يتلوث المخرج وما
حواليه وان زاد عليه ولم يتجاوز الغايط صفحتي الأليين فقولان (ج) خروج الغايط فلا يجزى غير الماء في الدم وللشافعي قولان (د) خروج النجاسة فلو خرجت دودة أو
حصاة من غير تلويث فلا شئ وللشافعي قولان أحدهما الوجوب لعدم الانفكاك من الرطوبة (ه‍) ان لا يصيب موضع النجو نجاسة من خارج اقتصارا بالرخصة على
موردها مسألة ويشترط في الاحجار أمور (آ) الطهارة فلا يجزى النجس سواء كانت نجاسة ذاتية أو عرضية وبه قال الشافعي لقصوره عن تطهير نفسه فعن غيره أولي فقال
أبو حنيفة يجوز الاستجمار بساير النجاسات الجامدة وهو غلط فان استنجى به تعين الماء بعده لإصابة النجاسة محل الاستجمار وهو أظهر وجهي الشافعي ولو كانت نجاسته
بما على المخرج احتمل وجوب الماء وعدم الاحتساب به فيجزى غيره (ب) صلاتيه ليقلع النجاسة وينشفها فلا يجزى الرخو كالفحم خلافا للشافعي في أحد القولين والجسم
الخشن ولا التراب خلافا للشافعي في أحد القولين لتخلف بعض اجزائه في المحل ولا الجسم الرطب لأنه لا ينشف المحل خلافا لبعض الشافعية (ج) خشونته فلا يجزى الصقيل
كالبلور والزجاج الأملس والقصب وكل جسم يزاق عن النجاسة ولا يقلعها لملاسته كما قلنا في اللزج وما يتناثر اجزائه كالتراب فلو استعمل ذلك تعين الماء ان نقل
النجاسة من موضع إلى آخر والا أجزء غيره ولو فرض القلع به أجزأ فالأقوى الأجزاء (د) ان لا يكون محترما كالمطعومات لنهى النبي صلى الله عليه وآله عن الاستنجاء بالعظم معللا بأنه
زاد اخوانكم من الجن وكذا تربة الحسين (ع) أو غيرها من ترب الأئمة (على) أو ما كتب عليه القران أو العلوم أو أسماء الأنبياء (على) والأئمة (على) فان فعل عصى واجزاء لحصول الغرض
خلافا للشيخ وللشافعي وجهان لان الرخص لا تناط بالمعاصي وحينئذ ان نقل تعين الماء والا فلا ولا يستنجى بالعظم فإن كان من نجس العين وجب الماء والا اجزاء
وللشافعي قولان وأبو حنيفة اجازة بالعظم وان استنجى بالروث فإن كان نجسا تعين الماء والا اجزاء وان عصا
فيهما ويجوز ان يستنجى بالجلد سواء كان مدبوغا
أو لا وأظهر هما عند الشافعي المنع ولو استنجى بجزء حيوان متصل أجزأه وللشافعي قولان (ه‍) ان لا يكون مستعملا لنجاسة المستعمل سواء كان الأول أو الثاني أو
الثالث نعم لو نفى المحل بالأول فالأقرب جواز استعمال الثاني والثالث وان أوجبناهما وهو أحد وجهي الشافعي إما الملوث فلا يجوز استعماله الا بعد تطهره (و) العدد
ولعلمائنا فيه قولان أحدهما اختيار الشيخين حصول الانقاء فان حصل بدون ثلثة استحب الاكمال وان لم يحصل وجب الزايد بواحد على الزوج وهو قول مالك
وداود ووجه الشافعية لان المأخوذ عليه إزالة النجاسة وقال بعض علمائنا الواجب أغلظ الحالين فان نفى بالأقل وجب اكمال الثلاثة وان لم ينق بالثلاثة وجب
الزايد إلى أن ينقى وبه قال الشافعي واحمد واسحق وأبى ثور لورود الامر بالعدد وأبو حنيفة لم يعتبر العدد لأنه لم يوجب الاستنجاء فروع (آ) الواجب ثلثة مسحات
إما بثلاثة أحجار أو ما في معناها أو بأحرف من واحد وبه قال الشافعي واسحق وأبو ثور لان النبي صلى الله عليه وآله قال فليمسح ثلث مسحات ولأنه المقصود واختلاف الآلة لا اعتبار به
13

ولأنه لا يجوز لغيره ولأنه بعد غسله وتجفيفه يجزى وقال الشيخ لا يجزى ذو الجهات الثلث وبه قال ابن المنذر وعن أحمد روايتان لأنه (ع) أوجب ثلثة أحجار و
الغرض ما قلناه (ب) لا يجب عين الاحجار بل تجزى هي وما يقوم مقامها من الخشب والخرق وغيرهما وبه قال الشافعي لأنه (ع) قال يمسح بثلاثة أحجار أو
ثلثة أعواد أو ثلث خشبات من تراث وقال داود لا يجوز لغير الحجارة وهو محكى عن زفر وعن أحمد روايتان لقوله (ع) استنج بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة ولا
حجة فيه لان تخصيص النهى يدل على أنه أراد الحجارة وما قام مقامها (ج) ينبغي وضع الحجر على موضع طاهر لئلا تنشر النجاسة لو وضعه عليها فإذا انتهى إلى النجاسة أراد
الحجر برفق ليرفع كل جزء منه جزاء من النجاسة ولا يمره لئلا ينتقل النجاسة ولو أمر ولم ينتقل فالوجه الأجزاء وللشافعي وجهان (د) الأحوط ان يمسح بكل حجر جميع
الموضع بان يضع واحد على مقدم الصفحة اليمنى ويمسحها به إلى مؤخر ها ويديره إلى الصفحة اليسرى ويمسحها من مؤخرها إلى مقدمها فيرجع إلى الموضع الذي بدأ منه ويضع الثاني على مقدم الصفحة اليسرى ويفعل به عكس ما ذكرناه ويمسح بالثالث الصفحتين و
والوسط وان شاء وزع العدد على اجزاء المحل (ه‍) الاستنجاء إن كان بالماء وجب إزالة العين والأثر وإن كان بالحجارة كفى إزالة العين دون الأثر (و) يستحب بعد
البول الصبر هنيئة ثم الاستبراء بان يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلث مرات ومنه إلى رأسه ثلث مرات وينتره ثلث مرات ويتنحنح فان وجد بعد ذلك بللا
مشتبها لم يلتفت ولو وجده قبل الاستبراء وجب غسله فان توضأ قبل الاستبراء ثم وجد البلل بعد الصلاة أعاد الوضوء خاصة (ز) البكر كالثيب في وجوب الاستنجاء
من البول بالماء ومن اقتصر على الاحجار من الجمهور أوجب الماء لو نزل البول إلى أسفل وبلغ موضع البكارة (ح) لو استنجى بخرقة من وجهيها حصل بمسحتين إن كانت
ضعيفة والا فلا (ط) إذا لم يتعد المخرج تخير بين الماء والأحجار والماء أفضل وذهب قوم من الزيدية والقاسمية إلى أنه لا يجوز الحجر مع وجود الماء وهو غلط لان النبي صلى الله عليه وآله
نص على ثلثة أحجار وقد قام بإزاء هؤلاء قوم أنكر والاستنجاء بالماء كسعد بن ابن أبي
وقاص والزبير قال وسعيد بن المسيب هل يفعل ذلك الا النساء وكان الحسن البصري
وابن عمر لا يستنجيان بالماء وقال عطا انه محدث وهو خطأ فان الله تعالى اثنى على أهل قبا حيث كانوا يستنجون بالماء بقوله رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المتطهرين
(ى) يكره الاستنجاء باليمين لان رسول الله صلى الله عليه وآله كانت يده اليمنى لطعامه وطهوره واليسرى للاستنجاء ولو اضطر جاز ولو استنجى مختارا جاز ولا يستحب الاستعانة باليمين
بل يأخذ الحجر باليسار نعم لو استنجى بالماء صبه بيمينه وغسل بشماله ويكره باليسار وفيها خاتم عليه اسمه تعالى أو اسم أحد أنبيائه أو أئمته (على) وكذا إن كان فصه من حجر زمزم إليها
فإن كان فليحوله (يا) ليس للاستنجاء من الغايط حد الا لانقاء لقول الكاظم (ع) وقد سأله ابن المغيرة للاستنجاء حد لا ينقى ماثمه قلت ينقى ماثمة ويبقى الريح فان الريح لا ينظر إليها
وتحديد سلار بالصيرر ضعيف (يب) محل الاستجمار بعد الانقاء طاهر لقوله (ع) لا تستنجوا بعظم ولا روث فإنهما لا يطهران وقال الشافعي وأبو حنيفة لا يطهر
لبقاء الأثر وقد بينا عدم اعتباره (يج) خروج أحد الحدثين لا يوجب الاستنجاء في غير محله (يد) الاستنجاء بالعظم والروث محرم أو مكروه قال الشافعي بالأول لان
النبي صلى الله عليه وآله قال لرويقع (لربيع) بن ثابت الأنصاري يا رويقع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس ان من استنجى بعظم أو رجيع فهو يرى من محمد ويحتمل الكراهة للأصل وقال أبو حنيفة
لا باس (يه) المراءة تغسل ما يظهر إذا جلست على القدمين ولا تغسل الثيب باطن فرجها خلافا للشافعي في أحد الوجهين (يو) ينبغي للمستنجي بالحجر ان لا يقوم من موضعه
قبله لئلا يتعدى المخرج خاتمة حكم الحدث المنع من الصلاة والطواف الواجب ومس كتابة القران وهو مذهب الشيخ في بعض كتبه والصدوق وبه قال الشافعي ومالك
واحمد وأصحاب الرأي وهو مروى عن علي (ع) وابن عمر وعطا والحسن وطاوس والشعبي والقسم بن محمد لقوله تعالى لا يمسه الا المطهرون وقال النبي صلى الله عليه وآله في كتاب عمر وبن جرم
ولا تمس القران الا وأنت على طهر ولقول الصادق (ع) ولا تمس الكتابة وللشيخ قول اخر انه مكروه وبه قال داود للأصل ولأنه (ع) كتب إلى المشركين قل يا أهل الكتاب وهم محدثون
والأصل يصار إلى خلافه لدليل والمراد بالكتبة هنا المراسلة دون الخط فروع - آ - انما يحرم مس كالكتابة دون الهامش والأوراق والجلد والتعليق والحمل له بغلاف أو
بغير غلاف وبه قال أبو حنيفة والحكم وحماد وعطا والحسن البصري واحمد لأنه غير ماس وقال الشافعي لا يجوز لان الحمل أكثر من المس فكان أولي بالمنع والهامش منه وهما ممنوعان
وقال الأوزاعي ومالك لا يجوز حمله بعلاقته ولا في غلافه ولو كان المصحف في صندوق أو عدل معكم ففي جواز مسه للحدث وجهان - ب - يمنع الصبى من مس الكتابة ولا يتوجه
النهى إليه - ج - الدراهم إذا كان عليها شئ من القران لم يجز مسه وللشافعي وجهان أحدهما الجواز للمشقة - د - كتب المصحف يجوز للحدث وقال الشافعي إن كان حاملا له
لم يجز وإلا جاز ولا يمنع من القراءة لاجماعا - ه‍ - يكره المسافر بالمصحف إلى ارض العدو لئلا ينال أيدي المشركين ولقوله (ع) لا تسافروا بالقران إلى ارض العدو - و - هل يختص
اللمس باطن الكف أو يعم اجزاء البدن اشكال - ز - لو قلب الأوراق بقضيب جاز وللشافعي وجهان - ح - المنسوخ حكمه خاصة يحرم مسه دون المنسوخ تلاوته وهو أصح وجهي
الشافعي - ط - لا يحرم مس كتابة التفسير وقال الشافعي ان تمس القران بغلط خطه حرم والا فلا - ى - لا يحرم مس كتب الفقه وأحاديث النبي والأئمة (على) ولو تضمن به قرانا
اختص القران بالتحريم - يا - لا يحرم مس التورية والإنجيل - يب - لو كان على بدن المتطهر نجاسة لم يحرم عليه المس وإن كانت على العضو الماس نعم يحرم بموضعها لان الحدث
أمر حكمي لا يتبعض والنجاسة عينيه يختص حكمها بمحلها - يچ - لو بقى المسح لم يرتفع المنع - يد - لا يمنع
المحدث من سجود الشكر والتلاوة ويمنع من سجود السهو والسجدة
المنسية تتمة لو توضأ قبل الاستنجاء صحت طهارته ولو صلى أعاد الصلاة بعد الاستنجاء دون الطهارة لقول الصادق (ع) عليه ان يغسل ذكره ويعيد صلاته
ولا يعيد وضوءه وقال الصدوق يعيد الوضوء لقول الباقر (ع) يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء وهو محمول على الاستحباب أو على تجدد حدث وللشافعي في صحة الوضوء
قبل الاستنجاء قولان إما التيمم قبل الاستنجاء فعندي إن كان لعذر لا يكن زواله صح والا فلا ومن شرط التضيق ابطله ومن لا ولا وللشافعي وجهان لا باعتبار التضيق
بل من حيث إنه تيمم لا يبيح الصلاة فأشبه التيمم قبل الوقت ولو كان على بدنه نجاسة في غير محل الفرض فتوضأ قبل ازالتها صح ولو تيمم فكالاستنجاء الفصل الرابع
في أفعال الوضوء وفيه مطلبان الأول في واجباته وهي سبعة النية وغسل الوجه وغسل اليدين ومسح الرأس ومسح الرجلين والترتيب والموالاة فهنا مباحث
الأول النية مسألة النية واجبة في الطهارات الثلث ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال علي (ع) وربيعة ومالك والليث بن سعيد والشافعي واحمد واسحق وأبو ثور
وداود وأبو عبيد وأبو المنذر لقوله تعالى وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين وقوله (ع) انما الأعمال بالنيات ولكل امرى ما نوى وقول الرضا (ع) لا عمل الا بنية ولا طهارة الا عن
حدث كالتيمم وقال الثوري وأصحاب الرأي تجب النية في التيمم خاصة دون الوضوء والغسل لأنه تعالى أمر بالغسل ولم يأمر بالنية والزيادة قبيح ولأنها طهارة بالماء
كإزالة النجاسة ومفهوم الآية فاغسلوا للصلاة مثل إذا سافرت فتزود والوضوء عبادة مأمور بها وتجنب النجاسة ترك معتادة وقال الحسن بن صالح بن حي يجوز التيمم أيضا
بغير نية وعن الأوزاعي روايتان أحدهما كقول الحسن والثانية كقول ابن أبي
حنيفة مسألة والنية إرادة ايجاد الفعل على الوجه المأمور به شرعا يفعل بالقلب ولا اعتبار
باللفظ نعم ينبغي الجمع فان اللفظ أعون له على خلوص القصد ولو تلفظ بلسانه ولم ينو بقلبه لم يجريه وبالعكس يجزى ولو اختلف القصد واللفظ فالعبرة بالقصد
وكيفيتها ان ينوى الوضوء لوجوبه أو ندبه أو وجههما إذ المأخوذ إليه ايقاع العبادة على وجهها وانما يقع عليه بواسطة القصد ورفع الحدث أو استباحة فعل لا يصح
14

الا بالطهارة متقربا به إلى الله تعالى وذو الحدث الدائم كالمبطون وصاحب السلس والمستحاضة ينوى الاستباحة فان اقتصر على رفع الحدث فالوجه البطلان ووقتها عند ابتداء
غسل الوجه ويجوز ان تتقدم عند غسل اليدين المستحب لا قبله ولا بعد الشروع في الوجه ويجب استدامتها حكما إلى الفراغ يعنى انه لا يأتي بنية لبعض الافعال يخالفها وهل
تكفى نية القربة قال الشيخ نعم للامتثال والأقوى عندي المنع لمفهوم الآية فروع - ا - لا تجب النية في إزالة النجاسات لأنها كالتروك فلا تعتبر فيها النية كترك الزنى وهو أحد
وجهي الشافعي وفى الاخر يشترط قياسا على طهارة الحدث والفرق ظاهر - ب - لا يصح وضوء الكافر ولا غسله لعدم صحة النية منه فإذا أسلم تلزمه الإعادة وهو أحد أقوال الشافعي
وثانيها إعادة الوضوء خاصة لان الغسل يصح من الكافر فان الذمية تغتسل عن الحيض لحق الزوج فتحل له وثالثها عدم اعادتهما كإزالة النجاسة وبه قال أبو حنيفة ولو توضأ
المسلم ثم ارتد لم تبطل وضوءه لارتفاع الحدث أولا وعدم تجدد غيره وهو أحد وجهي الشافعي والثاني يبطل وبه قال احمد لان ابتداء الوضوء لا يصح مع الردة فإذا طرأت
في دوامه أبطلته وليس بجيد لأنه بعد الفراغ مستديم حكمه لا فعله فلا تؤثر فيه الردة كالصلاة بعد فعلها ولو ارتد بعد التيمم فاصح وجهي الشافعي الإعادة لخروجه عن أهليته
الاستباحة فصار كما لو تيمم قبل الوقت - ج - لو أوقع النية عند أول جزء من غسل الوجه صح ولم يثبت على ما تقدم من السنن وان تقدمت عليها فان استصحبها فعلا إليها صح
وأثبت وان غربت قبله ولم تقترن بشئ من أفعال الوضوء بطل وهو أقوى وجهي الشافعي وان اقترنت بسنة أو بعضها صح وهو أضعف وجهي الشافعي لأنها من جملة الوضوء
وقد قارنت وأوضحها (أصحهما) عنده البطلان لان المقصود من العبادات واجبها وسننها توابع - د - انما يستحب غسل اليدين قبل ادخالهما الآنية المنقولة في حدث النوم والبول
والغايط والجنابة فلو اغترف من ساقية وغسل يديه لم يصح ايقاع النية عنده إلا أن يستصحبها فعلا إلى المضمضة أو غسل الوجه وكذا لو غسل من آنية منقولة في حدث
مس الميت - ه‍ - لا يشترط استدامة النية فعلا بل حكما نعم يشترط ان لا يحدث نية أخرى بعد غروب الأولى فلو نوى التبرد أو التنظيف بعد غروب الأولى بطل الوضوء وهو
أصح وجهي الشافعي لأن النية باقية حكما وهذه حاصله حقيقة فتكون أقوى - و - لو نوى قطع الطهارة بعد فراغه لم تنقطع لارتفاع حدثه ولو نوى في الأثناء فالأقرب عدم
التأثير فيما مضى ولا اعتبار بما يفعل الا ان يجدد النية وهو أحد وجهي الشافعي والآخر يبطل وضوءه كالصلاة فإن لم يكن السابق قد جف كفاه البنا والا وجب الاستيناف
- ز - لو ضم الرياء بطلت طهارته لاشتماله على وجه قبيح ويلوح من كلام المرتضى (ره) الصحة ولو ضم التبرد أو التنظيف احتمل الصحة لان التبرد حاصل وان لم ينوه
فتلغو نيته كما لو كبر الامام وقصد اعلام القوم مع التحريم أو نوى الصلاة وقصد دفع خصمه باشتغاله بالصلاة والبطلان لان الاشتراك في العبادة ينافي الاخلاص و
الأول أقوى وجهي الشافعي - ح - لابد من نية رفع الحدث أو الاستباحة عند بعض علمائنا ولو جمع كان أولي ولو نوى طهارة مطلقا قال بعض علمائنا يصح لأنه فعل المأمور
به فيخرج عن العهدة وللشافعي قولان ولا يجب تعيين الصلاة ولا الحدث فلو عينهما لم يتعين وترتفع كل الاحداث سواء كان ما نوى رفعه آخر الاحداث أو أولها وهو
أحد وجهي الشافعي لان الاحداث تتداخل وما يرفع بعضها يرفع جميعها ووجه انه لا يرتفع لأنه لم ينو رفع جميع الاحداث وثالث ارتفاع الجميع إن كان آخر الاحداث لتداخلها
وإن كان أولها لم يرتفع ما بعده ولو نوى استباحة فريضة ارتفع حدثه مطلقا وصلى ما شاء وكذا لو نوى ان يصليها لا غيرها لان المعينة لا تصح الا بعد دفع الحدث وهو
أحد وجهي (وجوه) الشافعي وثان بطلان الطهارة لأنه لم ينو ما يقتضيه الطهارة وثالث استباحة المعينة فان الطهارة قد تصح لمعينة كالمستحاضة - ط - الفعل ان شرط فيه
الطهارة صح ان ينوى استباحته قطعا وان استحب فيه كقراءة القران ودخول المساجد وكتب الحديث والفقه فنوى استباحته قال الشيخ لا يرتفع حدثه ولا يستبيح
الصلاة لأنه لم ينو الاستباحة ولا رفع الحدث ولا ما يتضمنها لأن هذه الأفعال لا يمنع منها الحدث ويحتمل الرفع لان استحبابها مع الطهارة انما يصح مع رفع الحدث فقد نوى
ما يتضمنه وللشافعي قولان والوجه التفصيل وهو الصحة ان نوى ما يستحب له الطهارة لأجل الحدث كقراءة القران لأنه قصد الفضيلة وهي القراءة على طهر وعدمها ان
نوى ما يستحب لا للحدث كتجديد الوضوء وغسل الجمعة وان لم يجب ولم يستحب كالاكل لم يرتفع حدثه قطعا لو نوى استباحته - ى - لا يجوز ان يوضئه غيره الا مع الضرورة
وهو قول داود وقال الشافعي يجوز مطلقا والنية حالة الضرورة عندنا ومطلقا عنده يتولاها المتوضى لا المتوضى - يا - لو فرق النية على الأعضاء بان نوى غسل الوجه لرفع الحدث
عنده ثم غسل اليدين لرفع الحدث عنده وكذا فالأقرب الصحة لأنه إذا صح غسل الوجه بنية مطلقة فالأولى صحته بنية مقصودة وهو أحد وجهي الشافعي وفى الاخر لا يصح لأنها
عبادة واحدة كالصلاة والصوم وهو ممنوع لارتباط أفعال الصلاة بعضها ببعض ولهذا تبطل بالفصل بخلاف الطهارة ولو نوى بغسل الوجه رفع الحدث عنه بطل
وكذا لو ذكر في أصل النية رفع الحدث عن الأعضاء الأربعة - يب - نص أبو الصلاح منا على وجوب النية في غسل الميت لأنها عبادة وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا
يجب وهو يبتني على أن الميت نجس أولا - يج - إذا انقطع دم المجنونة وشرطنا الغسل في إباحة الوطئ عنده وغسلها الزوج ونوى فإذا عقلت لم يستبح الصلاة وللشافعي وجهان
وهل يكفي في إباحة الوطي عنده وجهان ولو نوت المسلمة إباحة الوطي فالوجه الإباحة والدخول في الصلاة لأنها نوت ما يتضمن رفع الحدث وهو أحد وجهي الشافعي
وفى الآخر لا يباح الوطي ولا الصلاة لأن الطهارة لحق الله تعالى وحق الزوج ولا يتبعض الحكم وتكلف طهارة تصلح للحقين بخلاف الذمية لأنها ليست من أهل حق الله
- يد - طهارة الصبى معتبرة لان تجويز فعله ليس للحاجة كالتيمم ووضوء المستحاضة فإنه لا حاجة في حقه إذ لا تكليف عليه ولا للرخصة كالمسح على الجبيرة لان الرخصة
يقتضى المشقة ولا مشقة فهي أصلية ولو توضأ في صغره ثم بلغ وصلى صحت صلاته وكذا لو وطئت قبل البلوغ فاغتسلت ثم بلغت وهو قول بعض الشافعية وقال المزني
يعيد وهو وجه وجيه عندي - يه - لو نوى رفع حدث والواقع غيره عمدا لم يصح وضوءه لأنه نوى رفع ما ليس عليه وما عليه لم ينو رفعه وللشافعي وجهان وفى الغالط
اشكال ينشأ من هذا ومن عدم اشتراط التعرض للحدث فلا تضره الخطا - يو - لو نسى النقض صح له ان يصلى فلو تتطهر للاحتياط ثم ذكر لم يجزئه لأنه لم ينو الوجوب
وهو أحد وجهي الشافعي والثاني يصح كما ذكر لو دفع ما يتوهمه دينا ثم ظهر وجوبه وليس بجيد لعدم اشتراط النية هناك - يز - لو أخل بلمعة جاهلا ثم غسلها في التجديد
لم يرتفع حدثه لأنه أوقع الواجب بنية الندب وللشافعية وجهان وكذا لو جدد الطهارة ثم ظهر له انه كان محدثا - يح - لو نوى الجنب الاستيطان في المسجد أو مس كتابة
القران صح ولو نوى الاجتياز فالأقرب الارتفاع خلافا للشيخ - يط - لو شك في النية فإن كان بعد الاكمال لم يلتفت والا استأنف - ك - كل من عليه طهارة واجبة ينوى
الوجوب وغيره ينوى الندب فان نوى الوجوب وصلى به أعاد فان تعددتا مع تخلل الحدث أعاد الأولى خاصة - كا - لو نوى الندب قبل الوقت فدخل بعد فعل
البعض فالأقوى الاستيناف لبقاء الحدث فيندرج تحت الامر ويحتمل الاتمام لوقوعه مشروعا فيحتمل الاستمرار وعلى النية والعدول إلى الوجوب - يك - لا شئ من
الطهارات الثلث بواجب لنفسه عدا غسل الجنابة على الخلاف وانما يجب بسببين إما النذر وشبهه أو وجوب ما لا يتم الا بها اجماعا إما غسل الجنابة فقيل إنه كذلك
للأصل ولقوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا والعطف يقتضى التشريك ولجواز الترك في غير المضيق وتحريمه فيه والدوران يقضى بالعلية وقيل لنفسه لقوله (ع)
15

إذا التقى الختانان وجب الغسل فعلى الأول ينوى الوجوب في وقته وكذا غيره من الطهارات والندب وغيره وعلى الثاني ينوى الوجوب فيه مطلقا في غيره من الطهارات في وقته فلو نوى الوجوب مع ندب
الطهارة أو بالعكس أو اهملهما على رأى بطلت فروع - آ - قاضى الفرايض ينوى الوجوب دائما وغيره ينوى الندب قبل الوقت إذا لم تجب عليه الطهارة فلو نوى الوجوب
بطلت طهارته فان صلى بها بطلت صلاته فان تعددت الطهارات والصلوات كذلك وتخلل الحدث بطلت الطهارة الأولى وصلاتها خاصة - ب - الشاك في دخول
الوقت ينوى الندب وفى خروجه الوجوب للاستصحاب فان ظهر البطلان فالوجه عدم الإعادة مع عدم التمكن من الظن وكذا الظن مع عدم التمكن من العلم وثبوتها مع التمكن
في البابين - ج - المحبوس بحيث لا يتمكن من العلم ولا الظن يتوخى فان صادف ولو آخر اجزاء أو تأخر فالوجه الصحة والا أعادهما معا - د - لو ردد نيته بين الوجوب والندب
وهما على تقديرين لم يصح - ه‍ - لو ظن وجوب صلاة فتوضأ واجبا ثم ظهر البطلان ففي الصحة اشكال إما لو ظن البراءة فنوى الندب ثم ظهر البطلان فالأقرب الصحة. البحث الثاني
في غسل الوجه وهو واجب بالنص والاجماع وحده طولا من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن اجماعا وعرضا ما دارت عليه الابهام والوسطى وبه قال مالك
لان الوجه ما تحصل به المواجهة ولقول أحدهما (ع) ما دارت عليه السبابة والوسطى والابهام من قصاص الشعر إلى الذقن وما سوى ذلك ليس من الوجه وقال
باقي الفقهاء ما بين العذار والاذن من الوجه فحده عرضا من وتد الاذن إلى وتد الاذن بحصول المواجهة به من الأمرد وهو ممنوع مسألة الأذنان ليسا من الوجه
ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال فقهاء الأمصار الا الزهري فإنه قال إنهما من الوجه يجب غسلهما معه لقوله (ع) سجد وجهي للذي خلقه وشتى سمعه وبصره فأضاف
السمع كما أضاف البصر وهو خطأ لان النبي صلى الله عليه وآله لم يغسلهما وروى أبو امامة الباهلي ان النبي صلى الله عليه وآله قال الأذنان من الرأس والإضافة قد تحصل بالمجاورة ولا يجب أيضا مسحهما عندنا
اجماعا لا ظاهرهما ولا باطنهما فمن فعل فقد أبدع لقول الباقر (ع) ليس عليهما مسح ولا غسل وقال الشافعي يستحب مسح باطنهما وظاهرهما بماء جديد لانفراد حكمهما
عن الرأس والوجه وبه قال ابن عمر وأبو ثور وقال مالك هما من الرأس ويجب مسحهما على الرواية ويستحب ان يأخذ لهما ماء جديدا وقال احمد هما من الرأس يجب مسحهما على
الرواية التي توجب استيعاب الرأس ويجرى مسحهما بماء الرأس وروى عن ابن عباس وعطا والحسن البصري والأوزاعي انهما من الرأس يمسحان بمائه وبه قال أصحاب الرأي واحتج الجميع بقوله (ع)
الأذنان من الرأس ولا حجة فيه عندنا لأنا نخص المسح بمقدمه وقال الشعبي والحسن بن صالح بن حي انه يغسل ما اقبل منهما على الوجه ويمسح ما ادبرا مع الرأس مسألة
لا يجب غسل ما بين الاذنين والعذار من البياض عندنا وبه قال مالك وداود لأنه ليس من الوجه وقال الشافعي يجب على الأمرد والملتحي وقال أبو يوسف يجب على الأمرد
خاصة ولا ما خرج عما دارت عليه الابهام والوسطى من العذار عرضا ولا يستحب لتوقفه على الشرع ويرجع الأنزع والأغم وقصير الأصابع وطويلها إلى مستوى الخلقة فلو قصرت
أصابعه عنه غسل مما يغسله مستويها ولو قل عرض وجهه عنه لم يتجاوز إلى العذار وان نالته الأصابع ولا يعتمر كل واحد بنفسه بجواز ان يكون أغم أو أصلع فيغسل الأغم
ما على جبهته من الشعر ويترك الأصلع ما بين منابت الشعر في الغالب من الرأس إلى حد شعره واما النزعتان فهما ما انحسر عنهما الشعر في جانبي مقدم الرأس ويسمى أيضا الحجة
لا يجب غسلهما وكذا موضع الصلع وبه قال الشافعي والصدغان من الرأس والعذار هو ما كان على العظم الذي يحاذي وتد الاذن ليس من الوجه عندنا خلافا
للشافعي والعارضان ما نزل من العذارين من الشعر على اللحيين والذقن تحته وهو مجمع اللحيين والعنفقة هو الشعر الذي على الشفة السفلى عاليا بين بياضين
وموضع التحذيف وهو الذي ينبت عليه الشعر الخفيف بين ابتداء العذار والنزعة ليس من الوجه لنبات الشعر عليه
فهو من الرأس وللشافعي وجهان أحدهما
من الوجه ولذلك يعتاد النساء إزالة الشعر عنه وبه سمى موضع التحذيف مسألة يجب ان يغسل ما تحت الشعور الخفيفة من محل العرض كالعنفقة الخفيفة
والأهداب والحاجبين والسبال لأنها غير ساترة فلا ينتقل اسم الوجه إليها ولو كانت كثيفة لم يجب غسل ما تحتها بل غسل ظاهرها إما الذقن فإن كان شعره كثيفا لم
يجب تخليله ولا ايصال الماء إلى ما تحته بل غسل ظاهره أيضا ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي لان النبي (ص) توضأ فغرف غرفة غسل وجهه وقال علي (ع) في وصفه صلى الله عليه وآله
كان كبير الهامة عظيم اللحية أبيض مشرب بحمرة ومعلوم ان الغرفة لا تأتى على ما تحت الشعر كله ولأنه صار باطنا كداخل الفم وقال أبو ثور والمزني يجب غسل ما تحت
الكثيف كالجنابة وكالحاجبين وهو غلط لكثرة الوضوء فيشق التخليل بخلاف الجنابة والحاجبان غير ساترين غالبا قال أبو حنيفة في الشعر المحاذي لمحل الفرض يجب مسحه و
في رواية أخرى عنه مسح ربعه وهي عن أبي يوسف أيضا وعنه ثابتة سقوط الفرض عن البشرة ولا يتعلق بالشعر وهي عن أبي حنيفة أيضا واعتبر أبو حنيفة ذلك بشعر الرأس
فقال إن الغرض إذا تعلق بالشعر كان مسحا وهو خطا لقوله (ع) اكشف وجهك فان اللحية من الوجه لرجل غطى لحية في الصلاة بخلاف شعر الرأس فان فرض البشرة
تحته المسح وهنا الفرض تحته الغسل فإذا انتقل الفرض إليه انتقل على صفته واما إن كان الشعر خفيفا لا يستر البشرة فالأقوى عندي غسل ما تحته وايصال الماء
إليه وبه قال ابن عقيل وهو مذهب الشافعي لأنها بشرة ظاهرة من الوجه وقال الشيخ لا يجب تخليلها كالكثيفة والفرق ظاهر فروع - آ - يستحب تخليل الكثيفة
لما فيه من الاستظهار ولأنه (ع) كان يخللها وليس بواجب - ب - لو نبت للمراة لحية فكالرجل وكذا الخنثى المشكل وقال الشافعي يجب تخليلها لأنه نادر - ج - لو غسل شعر وجهه
أو مسح على شعر رأسه ثم سقط لم يؤثر في طهارته لأنه من الخلقة كالجلد وبه قال الشافعي وقال أبو جرير تبطل طهارته كالخفين وهو غلط لأنه ليس من الخلقة بل بدل - د -
لا يجب غسل المسترسل من اللحية عن محل الفرض طولا وعرضا وبه قال أبو حنيفة والمزني لان الفرض إذا تعلق بما يوازى محل الفرض اختص بما يحاذيه كشعر الرأس وقال احمد
ومالك يجب بدخوله في اسم الوجه ولأنه ظاهر نابت على محل الفرض فأشبه ما يحاذيه وللشافعي قولان - ه‍ - لا يستحب ادخال الماء إلى باطن العينين لما فيه من الأذى وللشافعي
قولان هذا أحدهما والاخر الاستحباب لان ابن عمر كان يفعل ذلك حتى عمى وليس بحجة نعم يستحب ان يمسح ما فيه بإصبعه لإزالة الرمص الواصل إليهما وقد روى أنه (ع) كان يفعله
- و - يستحب ان يزيد في ماء الوجه على باقي الأعضاء لما فيه من الغضون والشعور والدواخل والخوارج وقد روى علي (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكثر فيه الماء - ز - لو ادخل
يده وغسل بشرة اللحية لم يجز لأنها إن كانت كثيفة فالغسل للظاهر وإن كانت خفيفة فالغسل لهما فلا يجزى أحدهما مسألة والواجب ان يغسل وجهه من القصاص
إلى المحاذر كذا فان نكس قال الشيخ وأكثر علمائنا يبطل وهو الوجه عندي لأنه (ع) بدا بالقصاص في بيان المجمل فيكون واجبا لاستحالة الابتداء بالضد وقال المرتضى (رض) يكره
والجمهور على الجواز كيف غسل لحصول المأمور به وهو مطلق الغسل ولابد من غسل جزء من الرأس وأسفل الذقن لتوقف الواجب عليه وفى وصفه بالوجوب اشكال ويجب
في الغسل مسماه وهو الجريان على العضو المغسول فالدهن ان صدق عليه الاسم اجزاء والا فلا وكذا في غسل اليدين المبحث الثالث في غسل اليدين وهو واجب بالنص
والاجماع ويجب ادخال المرفقين في غسلهما ذهب إليه علماؤنا أجمع وهو قول أكثر العلماء فمنهم عطا ومالك والشافعي واحمد واسحق وأصحاب الرأي لقوله تعالى إلى المرافق
والغاية تدخل غالبا ولقول الصادق (ع) ان المنزل من المرافق وروى جابر قال كان رسول الله إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه خرج مخرج البنيان ولان إلى تستعمل تارة بمعنى مع
16

ومن طريق الخاصة حكاية الباقر (ع) صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ولأنه أحوط وقال أصحاب مالك وأبو بكر محمد بن داود الطاهري وزفر بن الهذيل لا يجب غسل المرفقين لأنه تعالى
جعلهما غاية وحد الغسل والحد غير داخل لقوله تعالى إلى الليل وقد بينا انها بمعنى مع علي أن الحد المجانس داخل نحو بعت هذا الثوب من هذا الطرف إلى هذا الطرف
مسألة ويجب ان يبتدئ بالمرفقين ولو نكس فقولان كالوجه والحق البطلان ويجب ان يبدأ باليمنى قبل اليسرى ذهب إليه علماؤنا أجمع خلافا للجمهور لان المأتي به
بيانا ان قدم فيه اليسرى وجب الابتداء بها وليس كذلك اجماعا فتعين العكس ولو قطعت من فوق المرفق سقط غسلهما ويستحب غسل مسح موضع القطع بالماء وان قطعت
من دون المرفق وجب غسل الباقي وان قطعت من المرفق فقد بقى من محل الفرض بقية وهو طرف عظم العضد لأنه من جملة المرفق فان المرفق مجمع عظم العضد و
عضد الذراع فروع الأول لو وجد الاقطع من يوضيه لزمه فان تعذر الا بأجرة المثل وجبت ولو تعذر الا بأزيد فالوجه الوجوب مع عدم الضرر فلم يجد أصلا و
عجز عن الطهارة فالوجه عندي سقوط الصلاة أداء وقضاء وقال بعض الشافعية يصلى على حسب حاله ويعيد لأنه بمنزلة من لم يجد ماء ولا ترابا الثاني لو توضأ ثم
قطعت يده لم يجب عليه غسل ما ظهر منها لتعليق الطهارة بما كان ظاهرا وقد غسل غسله فان أحدث بعد ذلك وجب غسل ما ظهر من يده بالقطع لأنه صار ظاهرا وكذا لو
قلم أظفاره بعد الوضوء لم يجب غسل موضع القطع الا بعد الحدث في طهارة أخرى الثالث لو انكشطت جلده من محل الفرض وتدلت منه وجب غسلها ولو تدلت من غيره
لم يجب ولو انكشطت من غير محل الفرض وتدلت من محل الفرض وجب غسلها وان انقطعت من إحدى المحلين فالتحم رأسها في الاخر وبقى وسطها متجافيا فهي كالنابتة
في المحلين يجب غسل ما حاذى محل الفرض من ظاهرها وباطنها وما تحتها من محل الفرض مسألة ولو كان له يد زايدة فإن لم تتميز عن الأصلية وجب غسلهما معا
لعدم الأولوية وللامر بغسل الأيدي وان علمت الزايدة فإن كانت تحت المرفق وجب غسلها أيضا لأنها جزء من اليد فأشبهت اللحم الزايد وإن كان فوق المرفق وإن كانت قصيرة لا يحاذي منها
شئ محل الفرض لم يجب غسلها وإن كان منها شئ يحاذي مرافقه أو ذراعه فالأقرب عدم وجوب غسلها وعدم غسل المحاذي أيضا لان أصلها في غير محل الفرض فهي تابعة له
ويحتمل الوجوب لوقوع اسم اليد عليها وكذا في القصيرة وللشافعية في غير القصيرة وجهان فروع - آ - لو كان له إصبع زايدة في كفه أو كف زايدة في ذراعه أو ذراع زايد وجب
غسله لأنه في محل الفرض فهو تابع له وكذا لو كان له لحم نابت أو عظم - ب - لو طالت أظافره فخرجت عن حد يده يحتمل وجوب غسله لأنه جزء اليد والعدم كالمسترسل من
اللحية وللشافعية وجهان - ج - الوسخ تحت الأظفار إن كان يمنع من ايصال الماء إلى البشرة وجب إزالة الا مع المشقة - د - لو كان في إصبعه خاتم أو في يده سير أو دملج
فإن كان يصل الماء تحته استحب تحريكه وان لم يصل الا بالتحريك وجب - ه‍ - لو كان له رأسان وبدنان على حقو واحد وجب غسل أعضائه كلها وان حكمنا بوحدته
وكذا لو كان له رأسان وجب غسل وجهيه ومسحهما البحث الرابع في مسح الرأس وهو واجب بالنص والاجماع ويجزى أقل ما يصدق عليه الاسم للامتثال فيخرج
عن العهدة ولأنه (ع) مسح بناصيته ويستحب مقدار ثلث أصابع وقال علمائنا يجب وما اخترناه قول الشافعي وابن عمر وداود والثوري حكى عنه أنه قال لو مسح
شعرة واحدة اجزاء وللشافعي قولا آخر ثلث شعرات وعن مالك ثلث روايات احديها الجميع وهي إحدى الروايتين عن أحمد وهو محكى عن المزني لقوله وامسحوا
برؤسكم وهو يقتضى مسح الجميع الثانية حكى محمد بن مسلمة صاحبه أنه قال إن ترك قدر الثلث جاز وهي الرواية لأحمد الثالثة ان ترك يسيرا بغير قصد جاز وعن أبي
حنيفة ثلث روايات الأولى الربع الثانية قدر الناصية لان انسا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله ادخل يده تحت العمامة ومسح على ناصيته وهذا خرج مخرج البنيان الثالثة
ثلث أصابع إلى الربع وعليه يعولون والناصية ما بين النزعتين وهو أقل من نصف الربع فبطل تحديده فرع لو مسح على جميع الرأس فعل الواجب وزيادة لأنه تعالى
أمر بالبعض وانكار ان الباء للتبعيض مدفوع فان اعتقد مشروعيته أبدع ولا يستحب خلافا للشافعي مسألة ويختص المسح بمقدم الرأس عند علمائنا أجمع خلافا للجمهور
لان النبي صلى الله عليه وآله مسح بناصيته في معرض البيان وقول الصادق (ع) مسح الرأس على مقدمته ولأنه مخرج عن العهدة بيقين فلا يجزى المسح على غيره ولو مسح على غيره ولو مسح على المقدم وغيره امتثل
وفعل حراما ان اعتقد وجوبه أو مشروعيته ولا يجوز المسح على غير المقدم عند علمائنا أجمع ومن جوز مسح البعض من الجمهور يختص المقدم والمستحب مقبلا ويجوز مدبرا على كراهة لحصول الامتناع بكل منهما ولقول الصادق (ع) لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا
ومنع بعض علمائنا من الاستقبال كاليدين مسألة ويجب المسح على بشرة المقدم أو شعره المختص به ولا يجزى على حائل كالعمامة والمقنعة ذهب إليه علمائنا أجمع
لأنه مأمور بالمسح على الرأس وهو يصدق في البشرة وشعره وقال بعض الشافعية ان مسح على البشرة يصح إن كان محلوقا والا فلا لان الواجب المسح على الشعر لان الرأس اسم
لما تراس وعلا وهو الشعر وليس بشئ ومنع الشافعي من المسح على الحائل كالعمامة وبه قال مالك وأبو حنيفة وقال الثوري والأوزاعي واحمد وداود يجوز الا ان احمد والأوزاعي
شرطا لبسها على طهارة وقال بعض أصحاب احمد انما يجوز إذا كانت تحت الحنك لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالمسح على المتشاوز والمتساخين والمتشاوز العمائم والمتساخين الخفاف هو بعد التسليم محمول على الموضع ومسح
أبى بكر على العمامة ليس بحجة فروع - آ - لو عقص شعره النازل عن حد الرأس في مقدمه لم يجز المسح عليه لأنه بمنزلة العمامة وكذا لو جمع شعرا من غيره في المقدم ومسح الثاني
- ب - شرط الشعر الممسوح ان لا يخرج عن حد الرأس فلا يجوز ان يمسح على المسترسل ولا الجعد الكائن في حد الرأس ذا كان يخرج بالمد عنه - ج - لو كان على رأسه جمة في موضع
فادخل يده تحتها ومسح على جلدة رأسها أجزأه - د - لو مسح على شعر المقدم ثم حلقه لم يبطل وضوءه - ه‍ - يجوز للمراة ادخال إصبعها تحت المقنعة في الظهر والعصر والعشاء
ويستحب وضعها في الغداة والمغرب - و - لو مسح على الحايل لضرورة أو تقية جاز وفى الإعادة مع الزوال اشكال مسألة ويجب المسح ببقية نداوة الوضوء
وهو شرط في الصحة فلو استأنف ماء جديد أو مسح به بطل وضوء ذهب إليه علماؤنا أجمع الا ابن الجنيد لان عثمان وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله
ولم يذكر الاستيناف ومن طريق الخاصة صفة الباقر والصادق (ع) وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وانه مسح ببقية نداوة يده من غير أن يستأنف ماء جديدا وفعله وقع بيانا
فلا يجزى غيره وقال الحسن البصري وعروة والأوزاعي واحمد في إحدى الروايتين أنه يجوز المسح ببقية البلل لحديث عثمان وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك واحمد في الروايتين
الأخرى لا يجوز إلا بماء جديد ورووا ذلك عن علي (ع) ولأنه مستعمل والرواية ممنوعة فان التواتر عن أهل البيت (على) خلافه والاستعمال لا يخرج الماء عن الطهورية فروع
- آ - لو لم تبق على يديه نداوة اخذ من لحيته وأشفار عينيه وحاجبيه من نداوة الوضوء ومسح به ولا يجوز الاستيناف فإن لم يبق من ذلك نداوة استأنف الطهارة وكذا
لو ذكر انه لم يمسح مسح فإن لم يبق في يده نداوة فعلى ما تقدم - ب - لا فرق بين أن تكون النداوة من الغسلة الأولى والثانية وكذا لو جوزنا الثالثة على اشكال ينشأ من
كون مائها غير ماء الوضوء وان حرمناها لم يجز قطعا وكذا الثانية عند الصدوق - ج - لو جف ماء الوضوء للحر أو الهواء المفرطين استأنف الوضوء ولو تعذر أبقى جزا من يده اليسرى
ثم اخذ كفا غسله به وعجل المسح على الرأس والرجلين - د - لو غسل بدلا عن المسح لم يجز عندنا اجماعا أو لا فلاشتماله على الاستيناف وأما ثانيا فلانه مغاير للمسح المأمور به
فيبقى في العهدة ولقول النبي لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يضع الطهور مواضعه فيغسل وجهه ثم يديه ثم يمسح برأسه وللشافعي وجهان وعن أحمد روايتان لان الغسل
17

مسح وزيادة وعلى تقدير الجواز للشافعي هل يكره وجهان وعلى كل تقدير فإنه لا يستحب عنه - ه‍ - لو وضع يده بالبلة على محل الفرض ولم يمسح لم يجز لأنه لم يأت المسح
المأمور به وأصح وجهي الشافعي الأجزاء لان الغرض وصول الماء دون كيفيته وهو مم ولو قطر على محل المسح قطرة فان جرت أجزأت عنده عنه قطعا والا فوجهان
وعندنا لا يجزى مطلقا للاستيناف - و - لو مسح بخرقة مبلولة أو خشبة لم يجز عندنا للاستيناف وعن أحمد وجهان - ز - لو مسح على حايل غير مانع من ايصال الرطوبة إلى محل الفرض
لم يجز لان الباء كما اقتضت التبعيض اقتضت الالصاق البحث الخامس في مسح الرجلين مسألة ذهب الامامية كافة إلى وجوب المسح على الرجلين وابطال
الوضوء بغسلهما اختيارا وبه قال علي (ع) وابن عباس وأنس بن مالك والشعبي وأبو العالية وعكرمة لقوله تعالى وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين والنصب لا ينافيه
للعطف على الموضع ولا يجوز عطفه على الأيدي لئلا تتناقض القراءتان وللفصل ولاشتماله مع مخالفة الفصاحة بالانتقال من جملة قبل استيفاء الغرض منها إلى
ما لا تعلق لها به والجر بالمجاورة من ردئ الكلام ولم يرد في كتاب الله تعالى ولا مع الواو وروى انس بن ابن أبي
أويس الثقفي انه رأى النبي صلى الله عليه وآله اتى كظامة قوم بالطايف فتوضأ ومسح على
قدميه وعن علي (ع) انه مسح على نعليه وقدميه ثم دخل المسجد فخلع نعليه وصلى وعن ابن عباس أنه قال ما أجد في كتاب الله الا غسلين ومسحين وذكر لأنس بن مالك قول الحجاج
اغسلوا القدمين ظاهرهما وباطنهما وخللوا ما بين الأصابع فقال انس صدق الله وكذب الحجاج قال الله فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم
وأرجلكم إلى الكعبين وقال الشعبي الوضوء مغسولان وممسوحان ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سئل عن المسح على الرجلين فقال هو الذي نزل به جبرئيل (ع) ولما وصف
الباقر والصادق (ع) وضوء رسول الله (ص) قالا ثم مسح رأسه وقدميه وقال بعض أهل الظاهر يجب الجمع
بين الغسل والمسح وقال أبو جرير الطبري بالتخيير بينهما وقال باقي الجمهور
بوجوب الغسل لان عثمان لما وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله قال ثم غسل رجليه وعن عبد الله ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله رأى قوما يتوضؤون وأعقابهم تلوح فقال ويل للأعقاب
من البول ورواية عثمان معارضة بما تقدم من الروايات مع أن أهل البيت (على) اعرف منه لملازمتهم الرسول صلى الله عليه وآله ولاحتمال انه غسلهما للتنظيف فيتوهم الجزئية بخلاف
المسح وتهديد الأعقاب لا يدل على وجوب غسلهما في الوضوء على أنه جزء منه مسألة ومحل المسح ظهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين وهما العظمان النابتان في وسط القدم وهما معقد الشراك وهي مجمع
الساق والقدم ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال محمد بن الحسن الشيباني لانهم مأخوذ من كعب ثدي المراة أي ارتفع ولقول الباقر (ع) وقد سئل فأين الكعبان ههنا يعنى المفصل دون عظم الساق وقال
الجمهور كافة الكعب هو العظم الناتى عن يمين الرجل واشتمالها لان قريشا كانت ترى كعبي رسول الله صلى الله عليه وآله من ورائه ولنص أهل اللغة عليه ولا حجة في الأول على المطلوب
والنص لا يدل على التخصيص مسألة لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل يكفي المسح من رؤوس الأصابع إلى الكعبين ولو
باصبع واحدة عند فقهاء أهل البيت (على) لوجوب تقدير العامل الدال على التبعيض ولقول الباقر (ع) إذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى
أطراف الأصابع فقد أجزاك ويجب استيعاب طول القدم من رؤوس الأصابع إلى الكعبين لأنهما غاية فيجب الانتهاء إليهما فيجب الابتداء من رؤوس الأصابع لعدم الفارق ويجب المسح بباقي نداوة
الوضوء فلو استأنف له بطل والبحث فيه كما في الرأس ويستحب ان يكون بثلث أصابع مضمومة وقال بعض علمائنا يجب فروع - آ - يجوز المسح منكوسا بان يبتدئ
من الكعبين لما تقدم في الرأس ومنعه بعض علمائنا - ب - لا يجب الترتيب بينهما لكن يستحب البداة باليمنى - ج - لو كان على الرجلين أو الرأس رطوبة ففي جواز المسح
عليها قبل تنشيفها اشكال - د - لو قطع بعض موضع المسح وجب المسح على الباقي ولو استوعب سقط - ه‍ - لو كان له رجل ثالثة فان اشتبهت بالأصلية وجب مسحها والا فاشكال
ينشأ من العموم ومن صرف اللفظ إلى الظاهر - و - لو غسل عوض المسح لم يجزئه لما تقدم الا ان يكون للتقية فيصح وهل يجب عليه الإعادة مع زوالها الأقرب لا ولو أراد
غسلهما للتنظيف قدمه على الطهارة اواخره ولو كان محل الفرض في المسح نجسا وجب تقديم غسله على المسح وكذا أعضاء الغسل وفى الاكتفاء به عن غسل الوضوء
نظر أقربه الصحة مع طهارة المفصل كالكثير - ز - يجوز المسح على النعل العربية وان لم يدخل يده تحت الشراك وهل يجزى لو تخلف ما تحته أو بعضه اشكال أقربه ذلك
وهل ينسحب إلى ما يشبهها كالمسير في الخشب اشكال وكذا لو ربط رجله بسير للحاجة وفى العيب اشكال مسألة لا يجوز المسح على الخفين ولا على ساتر الا للضرورة أو التقية ذهب
إليه علمائنا أجمع وبه قال أبو بكر بن داود الخوارج لقوله تعالى وامسحوا برؤسكم وأرجلكم والباء للالصاق ولان أبا مسعود البدري لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله مسح على الخفين قال له علي (ع)
قبل نزول المائدة أو بعده فسكت أبو مسعود وهذا انكار منه (ع) لهذه المقالة واعتقاد وجوب المسح على البشرة ولقول علي (ع) ما أبالي امسح على الخفين أو على ظهر
عير بالفلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) سبق الكتاب الخفين وسئل عن المسح على الخفين فقال (ع) لا تمسحه وذهب الجمهور كافة إلى جوازه لان سعد بن ابن أبي
وقاص روى أن النبي (ص)
فعله ومتابعة الكتاب العزيز أولي من رواية سعد مع معارضتها لروايات أهل البيت (على) وهم اعرف بكيفيات الشريعة لملازمتهم الرسول صلى الله عليه وآله وسماعهم الوحي مع أن عايشة وأبا هريرة
انكرا المسح على الخفين وقال الباقر (ع) جمع عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وفيهم علي (ع) فقال ما تقولون في المسح على الخفين فقال المغيرة بن شعبة رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح على الخفين فقال
علي (ع) قبل المائدة أو بعدها فقال لا أدري فقال علي (ع) سبق الكتاب الخفين انما نزلت المائدة قبل ان يقبض بشهرين أو ثلاثة ومن اغرب الأشياء تسويغ المسح على الخف لو رفع
الحدث عن الرجلين ومنعه عن البشرة فروع - آ - انما يجوز المسح على الخفين عند الضرورة كالبرد وشبهه لو لتقية دفعا للحرج ولقول الباقر (ع) وقد سئل هل فيهما رخصة لا
الا من عدو تتقيه أو ثلج تخاف على رجلك - ب - لو مسح على الحايل للضرورة أو التقية ثم زالتا لو نزع الخف فالأقرب الاستيناف لأنها مشروطة بالضرورة وقد زالت
فيزول لزوال شرطها ولا يعيد في القدم لارتفاع الحدث - ج - الضابط في تسويغ المسح على الخفين وغيرهما حصول الضرورة فلا شرط سواه ولا يتقدر عدة غيرها ولا
فرق بين اللبس على طهارة أو حدث ولا بين ان يكونا خفين أو جوربين أو جرموقين اللذان فوق الخف ولا بين ان يكونا صحيحين أو لا بل المعتبر امكان المسح على البشرة فان
أمكن وجب إلا جاز المسح على ذلك كله مدة الضرورة وان زالت - د - لو دارت التقية بين المسح على الخفين وغسل الرجلين فالغسل أولي وقال الشافعي واحمد والحكم
واسحق المسح على الخفين أولي من الغسل لما فيه من مخالفة الشبهة ولنذكر بعض احكام المسح على الخفين على رأى الخالفين اقتداء بالشيخ مسألة شرط الشافعي
للمسح على الخف أمرين الأول ان يلبس الخف على طهارة تامة قوية فلو غسل إحدى رجليه وادخل الخف لم يصح حتى يغسل الثانية ثم يبتدئ باللبس وبه قال مالك واحمد
واسحق وكذا لو صب الماء في الخف بعد لبسه على الحدث والمستحاضة إذا لبست على وضوء لم يمسح على أحد الوجهين لضعف طهارتهما وقال أبو حنيفة والمزني وأبو ثور و
داود وابن المنذر لا يشترط ان يكون اللبس على طهارة الثاني ان يكون الملبوس ساترا قويا حلالا فان تخرق أو كان دون الكعبين أو لم يكن قويا وهو الذي يرد عليه في
المنازل لا كالجورب اللفافة أو كان مغصوبا لم يجز المسح وفى المغصوب عنده وجه الجواز ولا يجوز ان يمسح على خف يظهر عليه شئ من القدم في الجديد وبه قال الحسن بن
صالح وقال في القديم يمكن المسح عليه إذا أمكن متابعة المشي عليه وبه قال أبو إسحاق وأبو ثور وداود وقال مالك والليث ان كثر الخرق وتفاحش لم يجز وقال أبو حنيفة
ان تخرق أكثر من ثلثة أصابع لم يجز وإن كان أقل جاز ولو كان الخرق فوق الكعبين لم يضر عند الجماعة وعند الشافعي يجوز المسح على الجوربين بشرط ين ان يكون صفيقا
وأن يكون له نعل وليس تجليد قدميه شرطا الا ان يكون الجورب رقيقا فيقوم تجليده مقام صفاقة وقوته وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري لان العادة
عدم امكان متابعة المشي في الجوربين إذا لم ينعل وقال احمد يجوز المسح على الجورب الصفيق وان لم يكن له نعل ورواه الجمهور عن علي (ع) وعمر وبه قال أبو يوسف ومحمد
18

وداود لان المغيرة روى أن النبي صلى الله عليه وآله مس - على الجوربين قال الشافعي ولو كان الخف من خشب رقيق يمكن متابعة المشي فيه جاز المسح عليه والا فلا ولو لبس جرموقا فوق خف
أو خفا فوق خف فإن كان الأسفل مخرقا والأعلى صحيحا جاز المسح على الاعلى وإن كان الاعلى مخرقا أو كانا صحيحين لم يجز المسح عليه في أحد القولين لان الاعلى ليس بدلا عن الأسفل
إذ ليس المبدل في الطهارة بدلا ولا عن الرجل والا كان إذا نزعه لا يبطل المسح لعدم ظهور الرجل وهو إحدى الروايتين عن مالك وفى القديم يجوز وبه قال أبو
حنيفة والثوري واحمد والأوزاعي واسحق لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله مسح على الجرموق وهو الجرموق وقال الشافعي ويجزى في المسح على الخف أقل اسمه كالرأس سواء مسح بكل
اليد أو بعضها أو بخشبة أو خرقة وغير ذلك وقال أبو حنيفة لا يجزئه الا ان يمسح بأصابعه الثلث وقال زفران مسح باصبع واحدة قدر ثلث أصابع اجزاءه وقال
احمد لا يجزيه الا مسح أكثر القدم لان الحسن البصري وقال سنة المسح خطط بالأصابع قال الشافعي ولا بد ان يكون محل المسح موازيا لمحل الغسل من الرجل فيجزى غير
الأخمصين والعقبين وفيما يحاذي الأخمصين وهو أسفل الخف وجهان عدم جواز الاقتصار عليه لان الرخص يجب فيها الاتباع ولم ينقل الاقتصار على الأسفل
والجواز لمحاذاته محل الفرض قال ويستحب مسح أعلى الخف وأسفله وبه قال عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك وابن المبارك واسحق لان المغيرة روى أن
النبي صلى الله عليه وآله مسح أعلى الخف وأسفله وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي واحمد وداود المسح على ظاهر القدم لا مدخل لأسفله فيه لان عليا (ع) قال لو كان الدين
بالرأي لكان المسح على باطن الخف أولي بالمسح من ظاهره قال الشافعي يكره الغسل والتكرار للمسح لما فيه من افساد الخف قال وتباح الصلاة للماسح على الخف بوضوئه
إلى انقضاء مدته أو ينزع الخف ومدته للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي والحسن بن صالح واحمد واسحق لان
مسلم بن الحجاج روى في صحيحة عن علي (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله جعل ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم وقال مالك يمسح المسافر بلا توقيت
وكذا المقيم في إحدى الروايتين وفى الأخرى لا يمسح وعن الشافعي رواية انه يمسح بلا توقيت الا ان يجب عليه غسل الجنابة وقال الليث بن سعد وربيعة يمسح على الخفين
إلى أن ينزعهما ولم يفرقا بين المسافر والحاضر ورواه ابن المنذر عن أبي سلمة والشعبي وقال داود يمسح المسافر بخمس عشرة صلاة والمقيم بخمس لان ابن أبي
بن عمارة كان قد
صلى مع النبي صلى الله عليه وآله إلى القبلتين وقال له يا رسول الله صلى الله عليه وآله امسح على الخفين قال نعم قلت يوما قال أو يومين قلت وثلث قال نعم وما شئت وابتداء المدة عند الشافعي من
حين يحدث اللابس للخفين فإذا تطهر يغسل أو وضوء ثم ادخل رجليه الخفين وهما طاهر ان ثم أحدث فإنه يمسح من وقت ما أحدث يوما وليلة أو ثلاثة أيام لان في حديث صفوان بن عسال من
الحدث إلى الحدث وقال الأوزاعي واحمد وأبو ثور وداود ابتداء المدة من حين يمسح إلى الخفين لما رواه ان النبي صلى الله عليه وآله قال يمسح المسافر ثلاثة أيام وهو يقتضى ان يكون
ابتداء المدة من حين المسح فإذا انقضت المدة قال الشافعي لم يجز له ان يصلى بالمسح وعليه نزع الخفين وغسل الرجلين لان الواجب غسل الرجلين قام مقامه.
مسح الخف في المدة فإذا انقضت لم يجز الا بدليل وقال الحسن البصري لا يبطل المسح ويصلى إلى أن يحدث فإذا أحدث لم يمسح وقال داود يجب نزع الخفين ولا يصلى
فيهما فإذا نزع الخفين صلى بطهارته إلى أن يحدث لأن الطهارة قد صحت فلا تبطل الا بحدث وانقضاء المدة ليس بحدث قال الشافعي لو لبس ثم سافر قبل ان يحدث في السفر ثم أحدث
في السفر ومسح فإنه يمسح مسح مسافر وان سافر بعد ما أحدث وقبل ان يمسح ومسح في السفر فإنه يتم ثم يمسح مسح مسافر أيضا وقال المزني يتم مسح مقيم ثلثة وقد اجتمع الحضر
والسفر في وقت المسح ولو أحدث في وقت الصلاة ولم يمسح حتى خرج وقتها ثم سافر قال أبو إسحاق يمسح مسح مقيم لان خروج وقت الصلاة كالتلبس بها في وجوب اتمامها
فكذا في المسح وقال أبو علي ابن أبي هريرة يمسح مسح مسافر لأنه سافر قبل التلبس بالمسح فكان كما لو سافر في الوقت ولو أحدث و مسح في الحضر ثم سافر فإنه يتم مسح مقيم عند الشافعي
واحمد واسحق لأنها عبادة يتغير بالسفر والحضر فإذا تلبس بها في الحضر ثم سافر كان الاعتبار بحكم الحضر كالصلاة إذا تلبس في الحضر ثم سافرت السفينة فإنه يتم صلاة حاضر
وقال أبو حنيفة والثوري يتم مسح مسافر لقوله يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن وهذا مسافر ولو ابتداء بالمسح في السفر ثم أقام فإنه يتم يمسح مسح مقيم عند الشافعي وأبي حنيفة لأنها
عبادة تتغير في الحضر والسفر فإذا اجتمعتا غلب حكم الحضر كالصلاة وقال المزني إذا مسح يوما وليلة في السفر ثم أقام مسح ثلث يومين وليلتين وهو ثلثا يوم وليلة ولو مسح
يومين وليلتين في السفر فأقام مسح ثلث يوم وليلة لأنه لو مسح في السفر ثم أقام في الحال مسح يوما وليلة وذلك ثلث ما كان له مسحه كذا هنا إذا مضى بعض المدة ينبغي
ان يمسح ثلث ما بقى له وإذا نزع الخفين أو أحدهما وهو على طهارة إما قبل انقضاء المدة أو بعدها فعليه غسل الرجلين عند الشافعي وفى استيناف الوضوء قولان أصحهما عنده
عدم الوجوب وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري والمزني لان مسح الخفين ناب عن غسل الرجلين خاصة فظهورهما يبطل به ما ناب عنهما دون غيرهما والثاني يستأنف
وبه قال الأوزاعي واحمد واسحق لأنه لما بطل الوضوء في الرجلين بنزع الخفين يبطل في جميع الطهارة لأنها ما تتبعض وقال مالك والليث بن سعيد يغسل قدميه مكانه
فان مكانه اخر استأنف الطهارة لوجوب الموالاة وهي معتبرة بين المسح والغسل وقال الزهري إذا نزع أحد الخفين غسل المقدم الذي نزع الخف منه مسح الاخر والباقون على أن
نزع أحدهما كنزعهما ولو اخرج رجله إلى ساق الخف فهو كخلعه وبه قال اسحق واحمد وأصحاب الرأي ومالك والثوري لان استقرار الرجل في الخف شرط جواز المسح فإنه
لو أحدث قبل استقراره لم يكن يجز له المسح وقال الشافعي لم يبطل المسح ما لم يخرج من الساق وهذه الفروع كلها ساقطة عندنا لأنا نحرم المسح على الخفين البحث
السادس في الترتيب والموالاة مسألة الترتيب واجب في الوضوء وشرط في صحته ذهب إليه علماؤنا أجمع وأوجبه أيضا الشافعي واحمد واسحق وأبو ثور وأبو
عبيد الله لقوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق غاية الغسل وكذا الكعبان جعلهما غاية المسح ولان الفراء قال الواو تفيد الترتيب ولقول النبي صلى الله عليه وآله أبدوا بما بدأ الله
به وبالميامن ولأنه توضأ مرة مرة مرتبا ثم قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) تابع كما قال الله تعالى ابداء بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس و
الرجلين ولأنه المخرج عن العهدة بيقين بخلاف غيره فيتعين وقال الأوزاعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابه والمزني وداود لا يجب الترتيب ونقله الجمهور عن علي (ع) وابن مسعود
ومن التابعين عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطا والزهري والنخعي ومكحول لأنه الواو تفيد الجمع من غير ترتيب ولأنه قول علي (ع) والآية لا ينافي الترتيب فصار إليه للدليل
لو سلمنا ان الواو للجمع المطلق والمروى عن علي (ع) خلاف ما نقلوه إما عندنا فظاهرا واما عندهم فلأنهم رووا ان عليا (ع) سئل فقيل أحدنا يستعجل فيغسل شيئا قبل شئ
فقال لا حتى كما يكون أمر الله تعالى فروع - آ - يبدأ بوجهه بلا خلاف بين المشترطين ثم بيديه ثم يمسح رأسه ورجليه واختلفوا في اليدين فعند علمائنا أجمع وبه قال احمد بتقديم اليمنى
على اليسرى واجب لقوله صلى الله عليه وآله انا توضئا ثم فابدأوا بميامنكم والامر للوجوب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين قال يغسل اليمين
ويعيد الشمال والباقي لم يوجبوه - ب - لا يجب الترتيب في الرجلين على الأظهر فيجوز مسحهما دفعة والبدأة باليسار لكن الأفضل البداة باليمين لقوله (ع) ان الله يحب المتيامن
- ج - لو نكس الوضوء صح غسل الوجه فان نكس ثانيا صحت اليمنى فان نكس ثالثا صحت اليسرى ما دامت النية والموالاة - د - لو غسل أعضاؤه دفعة حصل بالوجه وكذا
19

لو غسله أربعة دفعة وللشافعي قول بالجواز لأنه لم يقدم على الوجه شيئا - ه‍ - لو كان في ماء جار وتعاقبت عليه جريان ثلث صحت الأعضاء المغسولة ولو نزل في
الواقف ناويا وانغسلت الأعضاء المغسولة دفعة حصل بالوجه فان اخرج أعضائه مرتبا حصل باليدين أيضا ولو لم يرتب حصل بالوجه نزولا وباليمنى خروجا - و - لو غسل
عضو اقبل الوجه بطل إما الوجه فان غربت النية حال غسله بطل أيضا والا فلا - ز - لو أخل بالترتيب ناسيا بطل وضوءه وللشافعي وجهان ولو كان عامدا عاد مع الجفاف
والا على ما يحصل معه الترتيب مسألة الموالاة واجبة في الوضوء عند علمائنا أجمع وهو القول القديم للشافعي في الوضوء والغسل معا وبه قال قتادة والأوزاعي
وأحمد بن حنبل وافقه في الوضوء خاصة لان الامر للفور خصوصا مع ايجاب التعقيب بالفاء ولأنه تابع في وضوئه وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ورووا ان
عليا (ع) رأى رجلا يصلى وفى ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبه الماء فأمره النبي صلى الله عليه وآله ان يعيد الوضوء والصلاة ولولا اشتراط الموالاة لاجزاء غسل اللمعة
من طريق الخاصة سأل معوية بن عمار الصادق (ع) ربما توضأت وفقد (نفد) الماء فدعوت الجارية فأبطأت على الماء فيجف وضوئي قال أعد وقال مالك والليث بن سعد ان تعمد التفريق
بطلت طهارته وإن كان لعذر جاز في قول مالك ما لم يجف العضو العذر انقطاع الماء وقال الشافعي في الجديد يجوز التفريق وبه قال سعيد بن المسيب والنخعي والحسن البصري و
عطا وطاوس والثوري وأصحاب الرأي لأنه تعالى لم يوجب الموالاة فروع - آ - اختلف علماؤنا في تفسير الموالاة فقال المرتضى والشيخ انها المتابعة فإذا فرغ من عضو
انتقل منه إلى ما بعده وجوبا ولهما قول اخر اعتبار الجفاف فإذا غسل عضوا جاز ان يؤخر التالي له ما لم يجف وعلى كلا القولين لو اخر حتى يجف السابق استأنف الوضوء
ولو لم يجف لم يستأنف بل فعل محرما على الأول خاصة والأقرب عندي الأول لقول الصادق (ع) اتبع وضوءك بعضه بعضا - ب - لو اخر لعذر أو لانقطاع ماء جاز على
القولين فان جف السابق أعاد عليهما - ج - هل يشترط في الموالاة عدم جفاف السابق أو جميع ما تقدم من الأعضاء الأقوى الثاني لقول الصادق (ع) في الرجل ينسى مسح رأسه
حتى يدخل في ا لصلاة قال إن كان في لحيته بلل بقدر ما يمسح رأسه ورجليه فليفعل - د - لو نذر الوضوء وجبت الموالاة فان أخل بها فالأقرب صحة الوضوء ووجوب الكفارة
المطلب الثاني في مندوباته وهي عشرة - آ - السواك وقد أجمع العلماء الا داود على استحبابه لقوله (ع) لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة و
للأصل ولقول الباقر (ع) ان رسول الله (ص) كان يكثر السواك وليس بواجب وهو من العشرة الحنيفية وكذا المضمضة والاستنشاق وقص الشارب والفرق
والاستنجاء والختان وحلق العانة وقص الأظفار ونتف الإبطين واستحبابه متأكد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خشيت
ان أحفى أو أدرد وقال علي (ع) ان أفواهكم طرق القران فطهروها بالسواك وقال الباقر والصادق (على) صلاة ركعتين بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك
وقال الصادق (ع) في السواك اثنتا عشرة خصلة وهو من السنة ومطهرة للفم ومجلاة للبصر ويرضى الرحمن ويبيض الأسنان ويذهب بالحفر ويشد اللثة ويشتهي الطعام
ويذهب بالبلغم ويزيد في الحفظ ويضاعف الحسنات وتفرح به الملائكة وهو مستحب في كل وقت للمفطر والصائم أول النهار وآخره بالرطب واليابس للعموم وبه قال
أبو حنيفة وقال الشافعي يكره بعد الزوال مطلقا وقال مالك إن كان السواك رطبا كره والا فلا وقال احمد يكره في الفرض دون النفل - ب - وضع الاناء على اليمين إن كانت
مما يغترف منها لأنه أمكن - ج - الاغتراف باليمين لأنه (ع) كان يحب التيامن في طهوره وشغله وشأنه كله ولان الصادق (ع) لما وصف وضوء رسول الله ذكره - د - التسمية
ذهب إليه أكثر العلماء لأنه تعالى عقب القيام بالغسل وللأصل ولأنه (ع) قال من توضأ فذكر اسم الله عليه كان طهورا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم الله تعالى
عليه كان طهور الأعضاء وضوئه ومعناه الطهارة من الذنوب فان رفع الحدث لا يتبعض فدل على أن التسمية في موضع الفضيلة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
من ذكر اسم الله على وضوئه فكانما اغتسل ولان العبادة ان لم يكن في آخرها نطق واجب لم كن في أولها كالصوم وقال احمد في إحدى الروايتين انها واجبة فان تركها
عمدا بطلت طهارته وسهوا لا تبطل وبه قال إسحاق بن زرهويه لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا صلاة لمن لا وضوء ولا وضوء ان لم يذكر اسم عليه وهو محمول على السنة أو الفضيلة إذا نفى الحقيقة ممتنع
وصورتها ما قال الصادق (ع) إذا وضعت يدك في الماء فقل بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فإذا فرغت فقل الحمد لله رب العالمين
فرعان الأول لو نسى التسمية في الابتداء فعلها في الأثناء كما لو نسيها في ابتداء الاكل يأتي بها في أثنائه الثاني لو تركها عمدا ففي مشروعيته التدارك في الأثناء احتمال الثالث غسل اليدين قبل ادخالهما الاناء من حدث
النوم والبول مرة ومن الغايط مرتين ومن الجنابة ثلثا وليس واجبا عند علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم لقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ولم يذكر غسلهما
وللأصل وسال محمد بن مسلم أحدهما (ع) عن الرجل يبول ولم تمس يده شيئا أيغمسها في الماء قال نعم وقال داود إذا قام من نوم الليل فلا يجوز له غمس يديه في الاناء حتى
يغسلهما ولا يجب غسلهما لأنه لو صب الماء في يده وتوضأ ولم يغسل يديه اجزاء وقال احمد في إحدى الروايتين إذا قام من نوم الليل وجب عليه ان يغسل يديه
ثلثا فان غمسهما في الماء قبل ان يغسلهما أراق الماء وهو محكى عن الحسن البصري لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلهما ثلثا
فإنه لا يدرى أين باتت يده وهو محمول على الاستحباب وأصحاب ابن مسعود أنكروا على أبي هريرة الراوي فقالوا فما تصنع بالمهراس فروع - آ - لا فرق بين نوم الليل و
النهار في الاستحباب لثبوت المقتضى فيهما وسوى الحسن بين نوم الليل والنهار في الوجوب وقال احمد يجب من نوم الليل دون النهار لان المبيت يكون في الليل - ب - الظاهر أن
اليد من الكرع لأنه المراد في التيمم وفي الدية - ج - غمس بعضها كغمس جميعها لاتحاد هما في المقتضى وهو إحدى الروايتين عن أحمد والاخرى بالجواز بالبعض وبه قال
الحسن البصري لتناول النهى عن غمس الجميع وغمسها بعد المرة في الغايط قبلها - د - لا فرق بين كون اليد مطلقة أو مشدودة وكون النايم مسدولا أو لا - ه‍ - هذا
الخطاب للمكلف المسلم إما الصبى والمجنون فلا لعدم توجه الخطاب إليهما واما الكافر فلان الماء ينجس
بمباشرته وعن أحمد روايتان إحديهما ان هؤلاء كالبالغ العاقل
المسلم لأنه لا يدرى أين باتت يده - و - الحكم معلق على مطلق النوم وقال بعض الحنابلة على الزايد على نصف الليل - ز - في افتقاره إلى النية وجهان من حيث إنها عبادة
أو لتوهم النجاسة - و - المضمضة والاستنشاق وليسا بواجبين في الوضوء والغسل ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي ومالك والزهري وربيعة والأوزاعي لأنه تعالى
عقب غسل الوجه وقال (ع) عشرة من الفطرة وعد المضمضة والاستنشاق والفطرة السنة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ليس عليك مضمضة ولا استنشاق
انهما من الجوف وقوله (ع) المضمضة والاستنشاق مما سن رسول الله وقال احمد وإسحاق بن ابن أبي
ليلى هما واجبان فيهما لان عايشة روت عن قول النبي صلى الله عليه وآله انهما من الوضوء
الذي لابد منه قال الدارقطني انه مرسل من وصله فقد وهم ويحمل على الاستحباب وقال أبو ثور وداود الاستنشاق واجب فيهما والمضمضة غير واجبة لقوله (ع) للقيظ بن
صبرة وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما ولا يدل على الوجوب وقال أبو حنيفة والثوري هما واجبان في الجنابة دون الوضوء لرواية أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال
المضمضة والاستنشاق للجنب ثلثا فريضة ورواية بركة بن محمد الحلبي وهو كذاب والفرض التقدير ومتروكة الظاهر لأنه أوجب ثلثا فروع - آ - يستجب الاتيان
20

بكل واحد منهما ثلثا - ب - ينبغي ان يتمضمض ثلث مرات بثلث اكف ثم يستنشق كذلك ولو قصر الماء تمضمض ثلثا بكف واستنشق ثلثا بكف - ح - ينبغي ان يكون الاستنشاق
بعد اكمال المضمضة وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني انه يتمضمض ثم يستنشق هكذا ثلث مرات - د - ينبغي المبالغة فيهما فيدير ماء المضمضة في جميع فمه ثم يمجه ويجتذب ماء
الاستنشاق إلى خياشيمه الا الصايم - ز - تثنية الغسلات ذهب إليه أكثر علمائنا لان أبا هريرة روى أن النبي صلى الله عليه وآله توضأ مرتين مرتين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
وقد سئل عن الوضوء انه مثنى وليس المراد الوجوب بالاجماع ولقول الصادق (ع) الغرفة الواحدة تجرى وقال الصدوق لا يوجر على الثانية وبه قال مالك لأنه تعالى
أمر بالغسل واما الثالثة فعندنا انها بدعة وهو اختيار الشيخ والصدوق لتحريم اعتقاد مشروعية ما ليس بمشروع وقال المفيد الثالثة تكلف لان الامر بالمطلق لا يمنع الجزئيات
وقال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي المستحب ثلثا ثلثا لان ابن أبي
بن كعب روى أن النبي صلى الله عليه وآله توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ومن توضأ مرتين مرتين أتى
الله اجره مرتين وتوضأ ثلثا ثلثا وقال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي ووضوء خليل الله إبراهيم ويحتمل عدم استيعاب الغسل في الأوليين فتجوز الثالثة بل تجب
أو يكون من خصائصه (ع) وخصائص الأنبياء ولان ابن عباس روى أنه توضأ مرتين ولو كان وضوءه لما أخل به ولان مالكا لم يصححه مع أن الخبر مدني فروع - آ -
هذا البحث على تقدير الاستيعاب في الأولى إما لو تخلف بشئ من غسل محل الفرض فإنه يجب غسله ثانيا ولو لم يعلم موضعه وجب إعادة غسل العضو ثانيا و
هكذا لو لم يأت في الثانية على الجميع وجبت الثالثة فما زاد - ب - لو استعمل الثلاثة بطل الوضوء لان المسح بغير ماء الوضوء - ح - لو خالف في الأعضاء فغسل بعضها مرة
والباقي أزيد جاز - د - لو اعتقد وجوب المرتين أبدع وبطل وضوءه لان المسح بغير ماء الوضوء لعدم مشروعية على اشكال - ه‍ - لو شك في العدد احتمل البناء على
اليقين والأكثر لئلا حصل ثالثة - و - لا تكرار في المسح ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري واحمد وأبو ثور والحسن ومجاهد لان عليا (ع)
وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ومسح رأسه مرة واحدة وكذا من طريق الخاصة عن الباقر والصادق (ع) حيث وصفناه وقال الشافعي يستحب ان يكون ثلثا وبه قال عطا
وقال ابن سيرين يمسح مرتين فريضة ومرة سنة لان النبي صلى الله عليه وآله توضأ مرة مرة إلى أن قال وتوضأ ثلثا إلى أن قال هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي وقد تقدم
جوابه فان تكرر معتقدا وجوبه فعل حراما ولم يبطل وضوئه ولو لم يعتقد وجوبه فلا باس - ج - الدعاء عندكل فعل وعند الفراغ بالمنقول - ظ - الوضوء
بمد وهو قول علمائنا وأكثر أهل العلم والواجب المسمى بحصول الامتثال روى عبد الله بن زيد ان النبي (ع) توضأ بثلثي مد ومن طريق الخاصة قول علي (ع)
بل من الجنابة والوضوء يجزى فيه ما جرى وقال محمد يجب المد وهو محكى عن أبي حنيفة والغسل بصاع والواجب أقل المسمى والخلاف والدليل كما تقدم والاستحباب
لقول الباقر (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال يعنى بالمدني - ى - بدءة الرجل في غسل يديه بظاهر ذراعيه
في الأولى والباطن في الثانية والمراة بالعكس فيهما باجماع علماؤنا لما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الرضا (ع) قال فرض الله على النساء
في الوضوء ان يبدئن بباطن أذرعهن وفى الرجال بظاهر الذراع والمراد بالفرض هنا التقدير لا الوجوب خاتمة تشتمل على مباحث - آ - يكره التمندل
وبه قال جابر وابن عباس كرهه في الوضوء دون الغسل وللشيخ قول بأنه لا بأس به وللشافعي قولان كهذين لان الحسين (ع) كان يأخذ المنديل وله قول
اخر الفرق بين الصيف والشتاء - ب - تكره الاستعانة بصب الماء عليه وبه قال احمد لأنه (ع) قال لا أستعين انا على وضوئي بأحد ومن طريق الخاصة ان عليا (ع)
كان لا يدعهم يصبون الماء عليه وقال لا أحب ان أشرك في صلاتي أحدا وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه غير مكروه لأنه روى أن عليا (ع) قد استعان أحيانا - ج -
يحرم التولية لأنه مأمور بالغسل فلا يخرج عن العهدة بفعل غيره ولو اضطر جاز به وقال الشافعي يجوز - و - يجب الاستقصاء في الغسل بحيث لا يبقى من محل الفرض شئ وان قل فيبطل - د - يستحب تجديد الوضوء لكل صلاة فرضا كانت أو نفلا وللشافعي وجهان في النفل
أحدهما عدم الاستحباب قال ولا يستحب التجديد بسجود التلاوة والشكر قال ولو توضأ ولم يصل كره له التجديد وكذا لو توضأ وقرأ كره له التجديد وليس بجيد لعموم الاستحباب
البحث الخامس في احكامه يجوز ان يصلى بوضوء واحد جميع الصلوات فرايضها وسننها ما لم يحدث سواء كان الوضوء فرضا ونفلا وسواء توضأ الفريضة
أو نافلة قبل الوقت وبعده مع ارتفاع الحدث بلا خلاف إما مع بقاء الحدث كالمستحاضة فقولان سيأتي بحثهما وقال بعض الظاهرية لا يجوز ان يجمع بين صلوات
كثيرة بوضوء واحد نعم يستحب التجديد كما تقدم لقولهم (ع) الوضوء على الوضوء نور على نور ومن جدد وضوء على غير حدث جدد الله توبته من غير استغفار وروى أن
تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو لا والله وبلى والله مسألة قال الشيخ من به سلس البول يجوز ان يصلى بوضوء واحد لصلوات كثيرة لعدم دليل وجوب
التجديد وحمله على المستحاضة قياس لا نقول به ويجب ان يجعله في كيس وخياط لذلك وقال الشافعي لا يجمع بين فريضتين بوضوء ويجوز ان يجمع بين فريضة
ونوافل والوجه عندي انه لا يجوز ان يجمع بين صلوتين بوضوء واحد وهو قول الشيخ أيضا لوجود الحدث فيبقى الامر بالغسل عند القيام ثانيا فلا
يخرج عن العهدة بدونه والتحفظ لقول الصادق (ع) وقد سئل عن تقطير البول قال يجعل خريطة إذا صلى فروع - آ - المبطون وهو الذي به البطن وهو الدرب
كصاحب السلس - ب - لو كان لصاحب السلس والبطن حال انقطاع في وقت الفريضة وجب الصبر إليه وإزالة النجاسة عن ثوبه وبدنه والوضوء بنية رفع الحدث
- ج - لا فرق في الاحداث الثلاثة أعني البول والغايط والريح - د - لو تلبس المبطون أو صاحب السلس أو الريح بالصلاة ثم فجأه الحدث فإن كان مستمرا فالوجه عندي
الاستمرار ولأنها طهارة ضرورية كالمستحاضة وإن كان يمكنه التحفظ استأنف الطهارة والصلاة وقيل في المبطون إن كان الحدث مستمرا ويتطهر يبنى على صلاته لقول
الباقر (ع) صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقى ويحمل على ما بقى من الفرايض لا من الفريضة الواحدة - ه‍ - يجب ان يوقع الصلاة عقيب
الطهارة لئلا يتخلل الحدث مسألة الجباير ان أمكن نزعها نزعت واجبا وغسل ما تحتها ان أمكن أو مسحت وان لم يمكن وامكنه ايصال الماء إلى ما تحتها بان
يكره عليه أو يغمسه في الماء وجب لان غسل موضع الفرض ممكن فلا يجزى المسح على الحايل وان لم يمكنه مسح عليها ذهب إليه علماؤنا أجمع ولا نعرف فيه مخالفا لان
عليا (ع) قال انكسرت إحدى زندي فسالت رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك فأمرني ان امسح على الجباير والزند عظم الذراع ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن كان يتخوف على
نفسه فليمسح على جبايره وليصل ولأنه في محل الضرورة فكان أولي بالجواز من التيمم فروع - آ - إذا كانت الجباير على جميع أعضاء الغسل وتعذر غسلها مسح على الجميع
مستوعبا بالماء ومسح رأسه ورجليه ببقية البلل ولو تضرر بالمسح تيمم - ب - لو كان عليه دواء يتضرر بازالته ويتضرر (ويتعذر) وصول الماء إلى ما تحته أجزأه المسح عليه فان
تضرر مسح على خرقة مشدودة عليه وحكم الخرقة حكم الجبيرة - ج - لو كان على الجرح خرقة مشدودة ونجست بالدم وتعذر نزعها وضع عليها خرقة طاهرة ومسح عليها
- د - المقارب لمحل الكسر مما لا بد من وضع الجبيرة عليه كمحل الكسر إما ما منه بد فكالصحيح فلو وضع على يده وتعذرت الإزالة فالوجه المسح والإعادة لما صلى بذلك الوضوء
21

ان فرط في الوضع والا فلا - ه‍ - الجبيرة ان استوعبت محل الفرض مسح عليها أجمع وغسل باقي الأعضاء والا مسح على الجبيرة وغسل باقي العضو ولو تعذر مسح على الجبيرة
ليتم ولا يجب غسل باقي الأعضاء - و - تجب ان يستوعب الجبيرة بالمسح لصدق المسح عليها إذ الجزء مغاير ولان محل أصلها يجب مسحه فوجب وهو أحد قولي الشافعي والاخر يمسح
ما يقع عليه الاسم لأنه مسح على حايل دون العضو فأجزأ ما يقع عليه الاسم كالمسح على الخفين والأصل مم والفرق بان محل أصل المقيس عليه لا يجب استيعابه بخلاف
الفرع - ز - المسح على الجباير لا يتقدر بمدة بل يجوز ما دام الضرر بنزعها أو المسح عليها باقيا ولا فرق بين ان يكون جنبا أو محدثا ولا بين ان يكون لبس الجباير على طهارة أو لا
فلا يجب عليه إعادة الصلاة ذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال احمد في إحدى الروايتين للعموم وقال الشافعي إن كان لبس الجبيرة محدثا مسح عليها ووجب عليها الإعادة
قولا واحدا وان يلبسها متطهرا فقولان لأنه عذر نادر وبعض الشافعية قال في الأول أيضا قولان - ح - لا يجب على ماسح الجبيرة التيمم لأصالة البراءة ولأنه لا يجب عليه بدلان
عن مبدل واحد وللشافعي قولان أحدهما الوجوب لحديث جابر يكفيه ان حديث الذي اصابته الشبحة ان النبي (ص) قال انما كان تيمم ويعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها
ويغسل ساير جسده ويحمل على جعل الواو بمعنى أو - ط - لو كانت الجباير على موضع التيمم ولم يتمكن من نزعها مسح على الجبيرة وأجزأه وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر
يمسح بالماء ويتيمم ويمسح بالتراب على الجباير قال ويعيد الصلاة قولا واحدا وعندنا لا إعادة عليه لأنه فعل المأمور به فخرج عن العهدة لما ثبت ان من الامر للاجزاء - ى -
لا فرق بين ان يكون ما تحت الجبيرة طاهرا أو نجسا إذا لم يتمكن من غسله - يا - لو زال الحايل ففي وجوب الاستيناف اشكال ينشأ من أن الحائرة يجب ان يصلى بطهارة يقع
فيها الغسل مباشرة مع المكنة وهي حاصله هنا ومن أن الحدث أو تقع أو لا فلا مانع مسألة من تيقن أحد فعلى الطهارة أو الحدث وشك في الاخر عمل على المتيقن والغى
الشك والأصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه وآله ان الشيطان ليأتي أحدكم فينفخ في أليتيه فيقول أحدثت أحدثت فلا ينصرفن عن صلاته حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ومن
طريق الخاصة نحوه وقول الصادق (ع) ولا تنقض اليقين ابدا بالشك ولكن تنقضه بيقين آخر مثله ولأنه حرج لعدم انفكاك الانسان من الشك فيما فعله في الماضي فان شك
في الحدث لم يلتفت وان شك في ا لطهارة تطهر ولا نعرف فيه خلافا الا من مالك فإنه قال إذا شك في الحدث مع يقين الطهارة تطهر وهو أحد وجهي الشافعية وقال الحسن البصري
إن كان في الصلاة بنى على اليقين وإن كان خارجها توضأ لأنها يدخل في الصلاة مع شك الطهارة فلم يجز كما لو شك في طهارته وتيقن الحدث وهو غلط لان النبي صلى الله عليه وآله
سئل عن الرجل يخيل إليه في الصلاة فقال لا ينتقل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحها ويخالف المقيس عليه لان في الأصل بقاء الحدث وفى الفرع بقاء الطهارة مسألة
لو تيقنهما وشك في المتأخر قال أكثر علماؤنا يعيد الطهارة مطلقا لحصول الشك وهو أحد وجوه الشافعية وقيل إن لم يسبق له وقت يعلم حاله فيه أعاد وان سبق بنى
على ضد ذلك الحال فلو عرف بعد الزوال انه تطهر واحدث وعلم أنه قبل الزوال كان متطهرا فهو الان محدث لان تلك الطهارة بطلت بالحدث الموجودة بعد الزوال والطهر
الموجود بعده يحتمل تقدمه على الحدث لامكان التجديد وتأخره فلا يرتفع حكما تحققناه بالشك فلو لم يكن من عادته التجديد فالظاهر أنه متطهر بعد الحدث فتباح له
الصلاة وإن كان قبله محدثا فهو الان متطهر لارتفاعه بالطهر الموجود بعد الزوال والحدث الموجود يحتمل سبقه لامكان توالى الاحداث وتأخره فلا تبطل طهارة
متخففة بحدث موهوم وقيل يراعى الأصل السابق فإن كان قبل الزوال متطهرا أو محدثا فهو كالسابق ويحكم بسقوط حكم الحدث والطهر الموجودين بعده لتساوي الاحتمالين
وللشافعية كالوجوه الثلاثة والأقرب ان نقول إن تيقن الطهارة والحدث متحدين متعاقبين ولم يسبق حاله على علم زمانهما تطهر وان سبق استصحب مسألة لو شك في
شئ من أفعال الوضوء فإن كان له على حاله لم يفرغ منه أعاد على ما شك فيه وعلى ما بعده ولو كان السابق قد جف استأنف من رأس لان الأصل عدم الفعل فلا يدخل في الصلاة
بطهارة غير مظنونة ولو كان الشك بعد الفراغ والانصراف لم يلتفت إلى الشك لقضاء العادة بالانصراف من الفعل بعد استيفائه ولقول الباقر (ع) إذا كنت قاعدا على وضوئك
فلم تدر أغسلت ذراعك أم لا فاعد عليها وعلى جميع ما شككت فيه وإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وصرت في حالة أخرى في الصلاة أو غيرها وشككت في شئ مما سمى الله
عليك وضوءه فلا شئ عليك فيه وهو نص في الحكمين وبعض الشافعية سوى بين الحكمين وأوجب الاتيان
بالمشكوك فيه وبما بعده لئلا يدخل في الصلاة بطهارة مشكوك
فيها ولا شك بعد الحكم لعدم الالتفات. تذنيب لو كان الشك في شئ من أعضاء الغسل فإن كان في المكان أعاد عليه وعلى ما بعده وإن كان بعد الانتقال فكذلك بخلاف
الوضوء لقضاء العادة بالانصراف عن فعل صحيح وانما يصح ذلك لو كمل الافعال للبطلان مع الاخلال بالموالاة بخلاف الغسل وفى المرتمس ومن عادته التوالي اشكال
ينشأ من الالتفات إلى العادة وعدمه والتيمم مع اتساع الوقت ان أوجبنا الموالاة فيه فكالوضوء والا فكالغسل مسألة لو تيقن ترك عضو اتى به وبما بعده مطلقا
بلا خلاف ولو جف السابق استأنف ولقول الصادق (ع) إذا نسى الرجل ان يغسل يمينه فغسل شماله ومسح رأسه ورجليه غسل يمينه وشماله ومسح رأسه ورجليه وإن كان
انما نسى شماله فليعد الشمال ولا يعيد على ما كان توضأ ومن أسقط الترتيب أوجب الاتيان بالمنسى خاصة ومع الجفاف يجب الجميع عند من أوجب الموالاة ولو كان
المتروك مسحا مسح فإن لم يبق على يده نداوة اخذ من لحيته وحاجبيه وأشفار عينيه ومسح برأسه ورجليه لتحريم الاستيناف فإن لم يبق على شئ من ذلك نداوة استأنف
فروع - آ - لو جدد ندبا وصلى ثم ذكر اخلال عضو من أحدهما أعاد الطهارة والصلاة على ما اخترناه من اشتراطه نية الوجوب أو الندب أو الاستباحة أو الرفع إما من
اكتفى بالقربة فلا يعيد شيئا لأنه من أي الطهارتين كان الخلل سلمت الأخرى ولو صلى بكل منهما صلاة أعاد الجميع عندنا وعند الشيخ يعيد الأولى
خاصة لاحتمال ان يكون من طهارتها فتبطل وتصح الثانية بالثانية وأن يكون من الثانية فيصح الجميع والأولى مشكوك فيها دون الثانية ولو جددا واجبا بنذر وشبهه
فان اكتفينا بالوجه فكالشيخ والا فكالمختار الثاني لو توضأ وصلى واحدث ثم توضأ وصلى أخرى ثم ذكر الاخلال المجهول تطهر وأعادهما مع الاختلاف عددا والا
العدد ينوى به ما في ذمته على الأقوى وقيل الجميع مطلقا وكذا لو ذكرانه نقض إحدى الطهارتين وجهل تعيينها الثالث لو صلى الخمس بخمس طهارات من غير حدث
ثم ذكر الحدث عقيب احديها قال الشيخ يعيد الجميع وهو حق عندنا إما عنده فالأقرب إعادة صبح ومغرب وأربع ينوى ما في ذمته وكذا لو تحقق الاخلال المجهول إما لو
تطهر لكل من الخمس عقيب حدث وتيقن الاخلال المجهول أو النقض قال الشيخ يعيد الجميع والمعتمد الثلث الرابع لو توضأ للخمس خمسا عن حدث وتيقن الاخلال للمجهول
من طهارتين أعاد أربعا صبحا ومغربا وأربعا مرتين فله اطلاق النية فيهما والتعيين فيأتي بثالثة ويتخير بين تعيين الظهر أو العصر أو العشاء فيطلق بين الباقيتين
وله الاطلاق الثاني فيكتفى بالمرتين الخامس لو كان الترك من طهارتين من يومين فان ذكر التفريق صلى عن كل يوم ثلث صلوات أربعا وثلثا واثنين وان ذكر جمعهما
في يوم واشتبه صلى أربعا ولو جهل الجمع أو التفريق صلى عن كل يوم ثلث صلوات والبحث فيما لو توضأ خمسا لكل صلاة طهارة عن حدث ثم ذكر النقض المجهول بين
الطهارة والصلاة كذلك السادس لو صلى الخمس بثلث طهارات عن الحدث ثم ذكر الاخلال المجهول فان جمع بين الرباعيتين بطهارة صلى أربعا صبحا ومغربا وأربعا مرتين و
22

والا اكتفى بالثلث الباب الثالث في الغسل وهو قسمان واجب ونفل فالواجب ستة غسل الجنابة والحيض والاستحاضة والنفاس ومس الأموات بعد بردهم
بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل وغسل الموتى فهنا فصول الأول في غسل الجنابة ومطالبه ثلثه الأول في السبب وهو امران الانزال والجماع إما الانزال فهو خروج المنى وله
ثلث خواص أن تكون رايحته كرايحة الكش ما دام رطبا وكرايحة بياض البيض إذا جف وان يندفق بدفعات وانه يتلذذ بخروجه وتنكسر الشهوة عقبيه واما الثخانة والبياض
فلمنى الرجل ويشاركه فيها الوذي والرقة والصفرة في منى المراة ويشاركه فيهما المذي لقوله (ع) الماء من الماء واما الجماع فحده التقاء الختانين لقوله (ع) إذا التقى الختانان فقد وجب
الغسل مسألة انزال الماء الدافق كيف كان يقظة ونوما بشهوة وغيرها بدفق أو لا يوجب الغسل الرجل والمراة في ذلك سواء ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشافعي
للحديث ولأنه منى ادمى خرج من محله من الموضع المعتاد فيجب الغسل كالملتذ والنائم وقال أبو حنيفة ومالك واحمد لا يجب الغسل إلا إذا خرج الماء على وجه الدفق و
الشهوة لأنه بدونهما كالمذي والفرق ظاهر لأنه المذي لا يوجب الغسل بحال فروع إذا اغتسل من الماء ثم خرج منى اخر فإن كان يعلم أنه منى وجب عليه الغسل سواء بال أو لا
وبه قال الشافعي للنص وقال أبو حنيفة ان خرج قبل البول وجب ان يعيد الغسل لأنه بقية ما خرج بالدفق والشهوة وان خرج بعده لم يجب لأنه خرج بغير دفق ولا شهوة وبه قال الأوزاعي
وقال مالك لا غسل عليه سواء خرج بعد البول أو قبله لأنه قد اغتسل منه فلا يجب عليه ان يغتسل منه مرة أخرى وعنه في الوضوء روايتان وهو مذهب ابن أبي
يوسف و
محمد واسحق وهو غلط لما بينا من عدم اعتبار الشهوة ولو تقطر من بوله قطرة أعاد الوضوء واما ان لم يعلم أنه منى فان خرج بعد البول لم يجب الغسل ووجب الوضوء
لأن الظاهر أنه من بقايا البول وإن كان قد استبرأ للبول يجب بعده أو اجتهد قبل البول واستبرأ فلا شئ ولا وضوء ولا غسل - ب - لو شك في أنه انزل أم لا فلا غسل عليه
ولو شك في أن الخارج مني اعتبره بالصفات واللذة وفتور الجسد لأنها من الصفات اللازمة في الغالب فمع الاشتباه يستند إليها لقول الكاظم (ع) وان لم يجد شهوة ولا فترة
به فلا باس - ج - لا يشترط في المريض الدفق وتكفى الشهوة وفتور الجسد لقصور قوته لقول الصادق (ع) ان الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة وقوية وإن كان مريضا لم يجئ الا بعد
- د - لو شك هل انزل أم لا لم يجب عليه الغسل - ه‍ - إذا انتقل الماء إلى الذكر ولم يظهر لم يجب الغسل حتى يظهر وبه قال
الشافعي لقوله (ع) لعلى (ع) إذا نضحت الماء فاغتسل والنضح الظهور ولان ما يتعلق به الطهارة يعتبر طهوره كساير الاحداث وقال احمد يجب قبل الظهور ولان المعتبر الشهوة وقد حصلت
بانتقاله والمقدمتان ممنوعتان فان كمالها بظهوره - و - إذا أنزلت المرأة وجب عليها الغسل لان أم سليم امرأة ابن أبي
طلحة قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله لا يستحي
من الحق هل على المراة من غسل إذا هي احتلمت فقال نعم إذا رأت الماء - ز - لو خرج المنى من ثقبة في الذكر أو الأنثيين أو الصلب وجب الغسل - ح - لو استدخلت المرأة منى الرجل ثم
خرج لم يجب عليها الغسل لقول الصادق (ع) وقد سئل عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة الرجل بعد ذلك هل عليها غسل قال لا ولا يجب أيضا الوضوء عند علمائنا خلافا
للشافعي وكذا لو وطأها فيما دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج بعد ان اغتسلت أو وطأها في الفرج ثم خرج وبه قال قتادة والأوزاعي واسحق والشافعي واحمد وقال
الحسن تغتسل لأنها مني خارج فأشبه ماؤها مسألة لو احتلم انه جامع وامنى ثم استيقظ ولم ير شيئا لم يجب الغسل اجماعا لان الصادق (ع) سئل عنه فقال ليس عليه الغسل ولو
رأى المنى على جسده أو ثوبه وجب الغسل اجماعا لأنه منه وان لم يذكر الاحتلام لان الصادق (ع) سئل عن الرجل يرى في ثوبه المنى بعد ما يصبح ولم يكن رأى في منامه انه قد احتلم قال
فليغتسل ثوبه ويعيد صلاته فروع - آ - لو استيقظ فرأى بللا لا يعلم أنه مني فلا غسل وان احتلم بالجماع على اشكال لأن الطهارة متيقنة والحدث مشكوك - ب - لو رأى في
في ثوبه المختص منيا وجب عليه الغسل وإن كان قد نزعه ما لم يشك في أنه مني من آدمي ويعيده من اخر نومه فيه الا مع ظن السبق وقال الشيخ من اخر غسل رفع به الحدث والوجه
استحبابه من الوقت الذي يتيقن انه لم يكن منه - ج - لو كان مشتركا لم يجب على أحدهما الغسل بل يستحب ولا يحرم على أحدهما ما يحرم على الجنب ولأحدهما ان يأتم بصاحبه لأنها
جنابة سقط اعتبارها في نظر الشرع وقيل تبطل صلاة المؤتم لان الجنابة لا تعدوهما السبب الثاني الجماع ويجب به الغسل بالاجماع بشرط التقاء الختانين إن كان في القبل بمعنى
المحاذاة الا ما روى عن داود أنه قال لا يجب لان أبا سعيد الخدري روى عن النبي صلى الله عليه وآله من جامع ولم يمن فلا غسل عليه وفى بعض الألفاظ من اقحط فلم يكمل فلا غسل
عليه وأقحط معناه لم ينزل الماء مأخوذ من القحط وهو انقطاع القطر وهو محكى عن أبي وزيد ومعاذ بن جبل وابن سعيد الخدري ثم رجعوا والحديث منسوخ فان ابن أبي
بن كعب
قال إن ذلك رخصة رخص فيها رسول الله صلى الله عليه وآله أول الاسلام ثم أمر بالاغتسال بعده وقال عليه إذا قعد بين شعبها الأربع والصق الختان بالختان فقد وجب
الغسل أراد بين شعبتي رجليها وشعبتي شعريها والالتصاق المقاربة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) قال قال علي (ع) أتوجبون الجلد والرجم ولا توجبون صاعا من ماء إذا التقى الختانان
فقد وجب الغسل مسألة ودبر المراة كالقبل وقاله السيد المرتضى وجماعة من علمائنا والجمهور لقوله تعالى أو لمستم النساء ووجوب البدل يستلزم وجوب المبدل ولأنه
فرج ومحل الشهوة ولقول علي (ع) أتوجبون الجلد والرجم ولا توجبون صاعا من ماء ووجود العلة يستلزم وجود المعلول وعن أحدهما (ع) إذا ادخله فقد وجب الغسل
والمهر والرجم وادعى المرتضى الاجماع وقال الشيخ لا يجب ما لم ينزل عملا بالأصل ولان المقتضى التقاء الختانين أو الانزال وهما منفيان والأصل ترك للمعارض وحصر السبب (مم؟) مسألة
وفى دبر الغلام قولان أحدهما الوجوب وهو قول الشافعي واحمد قاله المرتضى لقول علي (ع) أتوجبون عليه الجلد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء والمعلول تابع ولان الدليل قائم في دبر
المراة فكذا الغلام لعدم الفارق والثاني العدم الا مع الانزال والمعتمد الأول إما فرج البهيمة فقال الشيخ لا نص فيه فلا غسل لعدم الدليل وبه قال أبو حنيفة لأنه غير مقصود فأشبه ايلاج
الإصبع وقال الشافعي واحمد يجب الغسل لقوله (ع) إذا قعد بين شعبها الأربع ولأنه مكلف أولج الحشفة منه في الفرج فوجب الغسل كقبل المراة فروع - آ - لا يعتبر في الايلاج الشهوة
ولا الانزال بالاجماع فلو أولج في فرج العجوزة الشوهاء وجب الغسل - ب - لا فرق بين الفاعل والمفعول في وجوب الغسل سواء كان الموطوء ذكرا أو أنثى - ج - لو أولج في فرج الميت وجب الغسل وبه
قال الشافعي واحمد للعموم وقال أبو حنيفة لا يجب لأنه غير مقصود وينتقض بالعجوزة الشوهاء - د - لو أولج بعض الحشفة لم يجب شئ حتى يولج جميعها - ه‍ - كيف حصل الايلاج وجب الغسل
فلو أدخلت فرجه في فرجها وهو نايم لا يعلم وجب عليهما الغسل وبالعكس - و - لو أولج فيما دون القبل والدبر لم يجب الغسل الا مع الانزال كالسرة وشبهها اجماعا - ز - لو أولج رجل
في فرج خنثى مشكل فان أولج في دبره وجب الغسل وان أولج في قبله قال بعض علمائنا لم يجب لجواز ان يكون رجلا ويكون ذلك عضوا زايدا من البدن ولو قيل بالوجوب كان
وجها لقوله (ع) إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ولوجوب الحد به فلو أولجت هذه الخنثى في فرج امرأة قال بعض علمائنا والشافعي يوجب الغسل على الخنثى خاصة لأنه إن كان
رجلا فقد أولج في فرج امرأة وإن كان امرأة فقد أولج الرجل في فرجها ولو أولج الخنثى في فرج امرأة فلا شئ على الخنثى لاحتمال ان يكون زايدا ويحتمل الوجوب للعموم وقال الشافعي يجب على المراة الوضوء لخروج خارج من فرجها ويحتمل عندي الغسل
ولو أولج الخنثى في دبر الغلام فالأقرب عندي الغسل عليهما وقيل لا شئ على الخنثى لاحتمال ان يكون امرأة وقال الشافعي يجب على الغلام الوضوء بخروج شئ من دبره ولو أولج خنثى في فرج خنثى فعلى ما قيل لا شئ عليهما لاحتمال
ان يكونا رجلين - ح - لو أولج الصبى في بالصبية تعلق بهما حكم الجنابة على اشكال فيمنعان من المساجد وقرائة العزايم ومس كتابة القران ويجب عليهما الغسل بعد البلوغ وفى
23

الاكتفاء بالغسل الأول عنه اشكال أقربه ذلك ولو أولج الصبى في البالغة أو البالغ في الصبية تعلق الحكم بالبالغ قطعا وبالصبى على اشكال - ط - لو أولج مقطوع الحشفة
فأقوى الاحتمالات الوجوب لو غيب قدرها وجميع الباقي وبهما قال الشافعي والسقوط - ى - لو لف خرقة على ذكره وأولج وجب الغسل للعموم وهو أحد وجوه الشافعية والعدم
والفرق بين اللينة والخشنة لو استدخلت ذكرا مقطوعا فوجهان كالشافعية وكذا ذكرا الميت والبهيم ولو استدخلت ماء الرجل فلا غسل ولا وضوء وان خرج و
عند الشافعية يجب الوضوء لو خرج المطلب الثالث في الغسل وفيه بحثان الأول في واجباته وهي أربعة الأول النية وقد تقدمت وهي شرط ويستحب ايقاعها عن
غسل الكفين لأنه أفعال الطهارة وتتضيق عند غسل الرأس فلو شرع فيه قبل فعلها وجب الاستيناف بعده ويجب استدامتها حكما دفعا لمشقة الاستحضار دائما ولا بد
من نية غسل الجنابة أو رفع الحدث وان اطلق لان الحدث هو المانع من الصلاة وهو أظهر وجهي الشافعي فان نوى دفع الأصفر متعمدا لم يصح غسله وهو أظهر وجهي
الشافعي وكذا ان يسهى وللشافعي ورفع الحدث عن أعضاء الوضوء وجهان ولو نوت الحايض استباحة الوطي صح الغسل وللشافعي وجهان الثاني غسل البشرة بما
يسمى غسلا بالاجماع والنص فالدهن ان تحقق معه الجريان أجزأ والا فلا لان عليا (ع) كان يقول الغسل من الجنابة وضوء يجزى منه ما جرى مثل الدهن الذي يبل الجسد
بشرط الجريان الثالث اجراء الماء على جميع ظاهر البدن والرأس وأصول الشعر كله خف أو كثر لقول النبي صلى الله عليه وآله تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة ومن
طريق الخاصة قول الصادق (ع) من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار ولو لم يصل الا بالتخليل وجب ومن عليه خاتم ضيق أو دملج أو سير وجب ايصال الماء إلى ما تحته إما بالتحريك
أو النزع ولو كان يصل الماء استحب بتحريكه والتخليل ويغسل ظاهر اذنيه وباطنهما ولا يدخل الماء فيما من بطن صماخه ولا يجب غسل باطن الفم والأنف ولا غيرهما الرابع الترتيب
يبدأ برأسه ثم جانبه الأيمن ثم الأيسر ذهب إليه علماؤنا أجمع الا المرتمس وشبهه لان عايشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخلل شعره فإذا ظن أنه اروى بشرته أفاض عليه الماء
ثلث مرات ثم غسل ساير جسده وعن ميمونة وساقت الحديث حتى أفاض (ع) على رأسه ثم غسل جسده فيجب اتباعه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأله زرارة كيف يغتسل
الجنب إلى أن قال ثم صب على رأسه ثلث اكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين وتقديم الرأس يوجب تقديم الأيمن لعدم الفارق ولأنه المأتي به
بيانا إن كان غير مرتب وجب وليس كذلك بالاجماع فتعين الترتيب وقال الجمهور لا يجب بالأصل فروع الأول يسقط الترتيب عن المرتمس دفعة واحدة لقول الصادق (ع)
إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة اجزاءه ذلك عن غسله وقال بعض علمائنا يرتب حكما الثاني قال المفيد لا ينبغي ان يرتمس في الراكد فإنه إن كان قليلا أفسده وليس
بجيد لما بينا من بقاء الطهورية بعد الاستعمال الثالث لو وقعت (وقف) تحت الغيث حتى بل جسده طهر مع الجريان وان يرتب خلافا لبعض علمائنا لقول الكاظم (ع)
وقد سئل يجزى الجنب ان يقف في القطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأ ذلك وكذا البحث في الميزاب وشبهه
البحث الثاني في مسنوناته وهي الاستبراء بالبول للمنزل الذكر فان تعذر مسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلثا ومنه إلى رأسه ثلثا وينتره ثلثا وعصر رأس
الحشفة وليس واجبا عند أكثر علمائنا للأصل ولقوله فاطهر واعقب به القيام واذن في الدخول بعد الاغتسال وقال الشيخ بالوجوب فروع الأول الاستبراء بالجماع
من غير انزال ولا على المرأة لاختلاف المخرجين الثاني لو أخل بالاستبراء فإن لم يجد بللا صح غسله ولا شئ وان وجد بللا فان علمه منيا أو اشتبه وجب إعادة الغسل
دون الصلاة السابقة على الوجدان وان علمه غير منى فلا شئ الثالث لو استبراء بالبول ولم يستبرأ منه ثم وجد البلل فان علمه منيا أعاد الغسل خاصة وان اشتبه
فالوضوء وكذا ان اشتبه بالبول ولو إستبر منهما ثم وجد المشتبه فلا غسل ولا وضوء لقول الصادق (ع) انه من الحبايل الثاني غسل اليدين ثلثا قبل ادخالهما الاناء الثالث المضمضة
والاستنشاق ثلثا ثلاثا وقد تقدم الرابع امرار اليد على الجسد وليس واجبا ذهب إليه علماؤنا أجمع والشافعي وأكثر العلماء للأصل ولقوله (ع) لأم سلمة وقد سئلته عن غسل
الجنابة إنما يكفيك ان تحثى على رأسك ثلث حثيات من ماء ثم تفيض الماء على ساير جسدك فإذا أنت قد طهرت وقال مالك والمزني امرار اليد إلى حيث ينال واجب لقوله تعالى
حتى تغتسلوا ولا يقال اغتسل الا من دلك جسده ولان التيمم يجب فيه امرار اليد فكذا الغسل ويبطل بقولهم غسل الإناء وان لم يمر اليد وكذا غسل يده والتراب يتعذر
امراره الا باليد ولان المسح يتوقف عليه نعم لو لم يصل إليه الماء إلا بالامرار وجب وكذا تخليل الاذنين ان لم يصبهما الماء الخامس الغسل بصاع وليس واجبا للامتثال
لو حصل بدونه ولقول الباقر (ع) الجنب ما جرى عليه الماء من جسده وقال أبو حنيفة يجب وقد تقدم السادس لا يجب غسل المسترسل من الشعر عملا بالأصل ويجب غسل
أصوله في جميع الرأس والبدن وقال الشافعي يجب غسل المسترسل السابع ينبغي ان يبدأ أولا بغسل النجاسة عن بدنه فلو غسل رأسه قبله صح وهل يكفي غسلها عن
غسل محلها اشكال وللشافعي فيه وجهان المطلب الثالث في الاحكام مسألة يحرم على الجنب قرائة الغرايم وهي أربع سور سجدة لقمن وحم السجدة والنجم
واقرأ باسم ربك دون ما عداها ويكره ما زاد على سبع آيات من غيرها ويتأكد ما زاد على سبعين إما تحريم الغرايم فاجماع أهل البيت (على) عليه ولقول الباقر (ع)
الجنب والحايض يفتحان المصحف من وراء الثياب ويقرآن من القرآن ما شاء الا السجدة واما تسويغ غيرها فلقوله تعالى فاقرؤا ما تيسر منه وللأصل ولقول الصادق (ع) وقد
سئل لتقرأ النفساء والجنب والحايض شيئا من القرآن يقرؤن ما شاؤوا والجمهور لم يفرقوا بين العزايم وغيرها ثم اختلفوا فقال الشافعي الجنب والحايض لا يجوز لهما قراءة
شئ من القران لان عليا (ع) قال إن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن حجبه عن قرائة القرآن شئ الا الجنابة وحكى ابن المنذر عن أبي ثور انه حكى عن الشافعي جواز ان تقرأ الحايض وروى كراهة القران عن علي (ع) وعمرو والحسن البصري والنخعي والزهري و
قتادة لان عبد الله بن رواحة رأته امرأته مع جاريته فذهبت لتأخذ سكينا فقال ما رأيتني أليس نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يقرأ أحدنا وهو جنب فقالت اقرأ
فقال شهدت بان وعد الله حق وان النار مثوى الكافرينا وان العرش فوق الماء طاف وفوق العرش رب العالمينا وتحمله ملائكة شداد ملائكة الاله مسومينا
فقالت صدق الله وكذب بصرى فجاء إلى النبي (ص) فأخبر فضحك حتى بدت نواجذه وهذا يدل على اشتهار النهى بين الرجال والنساء وقال عبد الله بن عباس
يقرأ وردة وهو جنب وقيل لسعيد بن المسيب أيقرأ الجنب فقال نعم أليس هو في جوفه وبه قال داود بن المنذر لان عايشة قالت إن النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يترك على كل أحيانه ولا
دلالة فيه وقال أبو حنيفة واحمد يقرأ دون الآية لعدم اجزائها في الصلاة فصارت كالاذكار وقال مالك الحائض تقرأ القران والجنب يقرا آيات يسيرة لان الحايض يطول
أيامها ويكثر فلو منعاها من القران نسيت وقال الأوزاعي لا يقرا الجنب الا آية الركوب والنزول والقعود سبحان الذي سخر لنا هذا ورب أنزلني منزلا مباركا فروع الأول
لو تيمم لضرورة ففي جواز قراءة العزائم اشكال الثاني ابعاض العزايم كهى في التحريم حتى البسملة إذا نواها منها الثالث إذا لم يجد ماء ولا ترابا صلى مع حدثه وقرا ما لابد من
قرائته عند الشافعي للضرورة الرابع لا تمنع من شئ من الاذكار حتى اسمه تعالى مسألة ويحرم عليه مس كتابة القران وعليه اجماع العلماء الا داود لقوله تعالى لا يمسه الا المطهرون
وقد تقدم ويحرم عليه أيضا مس اسمه تعالى في أي شئ كان لما فيه من التعظيم لشعائر الله وقول الصادق (ع) لا يمس الجنب درهما ولا دينار عليه اسم الله تعالى قال الشيخان ويحرم أيضا مس
اسم أنبياء الله والأئمة (على) تعظيما لهم مسألة الأشهر بين علمائنا تحريم الاستيطان في المساجد وبه قال الشافعي وسعيد بن المسيب والحسن البصري وعطا ومالك وأبو حنيفة
24

لقوله تعالى ولا جنبا الا عابري سبيل وقوله (ع) لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) عن الجنب يجلس في المسجد قال لا ولكن يمر فيها كلها الا
المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله وقال احمد واسحق إذا توضأ جاز له اللبث فيه لان الصحابة إذا كان أحدهم جنبا توضأ ودخل المسجد ويحدث ويحمل على العبور
أو الغسل وقال المزني وداود بن المنذر يجوز اللبث وان لم يتوضأ لان الكافر يجوز له الدخول ولا يخلو من الجنابة فالمسلم أولي ونمنع الأصل فروع الأول لا باس بالاجتياز
من غير لبث وبه قال ابن عباس وابن مسعود وابن جبير وسعيد بن المسيب والحسن بن عطا والشافعي واحمد واسحق وداود والمزني وابن المنذر لقوله تعالى الا عابري سبيل
وقال جابر كان أحدنا يمر في المسجد وهو جنب مجتازا والظاهر أنهم لم يفعلوا ذلك في زمانه (ع) الا باذنه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لكن يمر فيها وقال مالك لا يجوز له
العبور بحال وهو قول أصحاب الرأي لقوله (ع) لا أحل المسجد لجنب ولا حايض ولان من لا يجوز له اللبث لا يجوز له العبور كالغاصب ونحن نقول بالحديث إذا المراد مسجده (ع)
ونمنع القياس لان التصرف في الأصل مم مطلقا الثاني لا يحل للجنب ولا للحايض الاجتياز في مسجد مكة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة ذهب إليه علمائنا ولم يفرق الجمهور
لقوله لا أحل المسجد لجنب ولا حايض ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله الثالث لو أجنب في أحد المسجدين تيمم واجبا وخرج للاغتسال
لتعذره فيه وتحريم الاجتياز بغير طهارة ولقول الباقر (ع) إذا كان الرجل نائما في مسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله فاحتلم وإصابة جنابة فليتيمم ولا يمر في
المسجد الا متيمما ولا باس ان يمر في ساير المساجد ولا يجلس في شئ من المساجد ويجب عليه القصد إلى أقرب الأبواب إليه الرابع لو كان في المسجد ماء كثير فالأقرب عندي جواز
الدخول إليه والاغتسال فيه ما لم يلوث المسجد بالنجاسة الخامس لا يجوز للجنب وضع شئ في المساجد مطلقا على الأشهر خلافا لسلار ويجوز الاخذ منها لقول
الصادق (ع) وقد سئل عن الجنب والحايض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم ولكن لا يضعان في المسجد شيئا مسألة يكره للجنب أشياء الأول حمل المصحف
ومس أوراقه وتحرم الكتابة ومنع منه أكثر الجمهور وقد تقدم وقول الكاظم (ع) المصحف لا يمسه على غير طهر ولا جنبا ولا يعلقه ان الله تعالى يقول لا يمسه الا المطهرون
محمول على الكراهة الثاني النوم الا ان يتوضأ ذهب إليه علماؤنا وبه قال علي (ع) و عبد الله بن عمر واحمد لان ابن عمر سأل النبي (ص) أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم ان توضأ
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل ينبغي له ان ينام وهو جنب يكره ذلك حتى يتوضأ وقال ابن المسيب وأصحاب الرأي ينام من غير وضوء لان عايشة
قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجنب ثم ينام ولا يمس ماء حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل ولأنه حدث يوجب الغسل فلا يستحب به الوضوء مع بقائه كالحيض وتحمل الرواية على
الغسل أو الجواز وحدث الحايض ملازم الثالث الأكل والشرب ما لم يتمضمض ويستنشق ذهب إليه علماؤنا لقول الباقر (ع) الجنب إذا أراد ان يأكل ويشرب غسل يده و
تمضمض وغسل وجهه واكل وقال احمد يغسل فرجه ويتوضأ وهو مروى عن علي و عبد الله بن عمر لرواية عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد ان يأكل أو ينام توضأ يعنى وهو
جنب وبه رواية عن الباقر (ع) وعن أحمد رواية انه يغسل كفيه ويتمضمض وبه قال اسحق وأصحاب الرأي وعليه دلت الرواية الأولى عن الباقر (ع) وقال مجاهد يغسل كفيه وبه قال مالك
إن كان أصابها اذى الرابع الخضاب وهو قول أكثر علمائنا خلافا لابن بابويه لقول الصادق (ع) لا يختضب الرجل وهو جنب قال المفيد ولا حرج لو أجنب بعد الخضاب ولو قيل
بالكراهة كان وجها لأنه علل الكراهة في سبق الجنابة بمنع وصول الماء إلى ظاهر المختضب ولقول الصادق (ع) وقد سئل أيختضب الرجل وهو جنب قال لا قلت فيجنب وهو مختضب
قال لا الخامس الجماع للمحتلم خاصة قبل ان يغتسل ولا باس بتكرار الجماع من غير غسل يتخللها لأنه (ع) كان يطوف على نسائه بغسل واحد مسألة قد بينا وجوب
الاستيعاب فلو أهمل لمعة فإن كان مرتبا غسلها وغسل الجانب المتأخر عما هي فيه ليحصل الترتيب ولا يجب غسل الجانب الذي هي فيه وإن كان أسفل منها لاجزاء النكس هنا
بخلاف الوضوء وإن كان مرتمسا احتمل ذلك لمساواته المراتب فيساويه في الحكم ولإكتفاء بغسلها والإعادة فإذ اجرى الماء تحت قدم الجنب أجزأه والا وجب غسله ولا تنقض المراة
شعرها مع وصول الماء إلى أصله لقول الصادق (ع) لا تنقض المراة شعرها إذا اغتسلت من الجنابة ولو لم يصل الا بالحل وجب وبه قال الشافعي وقال النخعي يجب نقضه بكل حال و
قال مالك لا يجب نقضه بكل حال ولو كان في رأسها حشو فإن كان رقيقا كالدهن لا يمنع من وصول الماء اكتفت بالصب والا وجب ازالته مسألة يجزى غسل الجنابة
عن الوضوء باجماع أهل البيت (ع) سواء جامعه حدث آخر أصغر أو أكبر أو لا وأطبق العلماء على عدم ايجاب الوضوء الا ما حكى عن داود وأبى ثور فإنهما أوجبا هما معا وهو وجه
للشافعية لقوله تعالى حتى تغتسلوا وقالت عايشة كان رسول الله (ع) لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد قال له محمد بن مسلم ان أهل الكوفة
يروون عن علي (ع) انه كان يأتي بالوضوء قبل الغسل من الجنابة كذبوا على علي (ع) ما وجدوا ذلك في كتاب علي (ع) قال الله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا وقول الكاظم (ع) ولا وضوء عليه ولان
العبادتين إذا كانتا من جنس واحد هما صغرى والاخرى كبرى جاز ان يدخل الصغرى في الكبرى كالحج والعمرة عندهم فروع الأول لو توضأ معتقدا ان الغسل لا يجزيه كان
مبدعا وصح غسله الثاني قال بعض الشافعية يجب عليه غسل واحد منهما لكن يترتب فيه أعضاء الوضوء لان الترتيب واجب في الوضوء وهو حق عندنا لان الترتيب واجب في الغسل الا
مع الارتماس الثالث اختلف علماؤنا في غير غسل الجنابة فقال المرتضى انه كان عن الوضوء وإن كان الغسل مندوبا لقول الباقر (ع) الغسل يجزى عن الوضوء وأي وضوء أطهر
من الغسل وقول الصادق (ع) الوضوء بعد الغسل بدعة ويحمل على غسل الجنابة وقال الشيخان لا يكفي وهو الأقوى لعموم فاغسلوا ولقول الصادق (ع) كل غسل قبله وضوء
الا غسل الجنابة وقوله (ع) كل غسل فيه وضوء الا الجنابة ولأنهما معلولا علتين اجتمعتا فيثبتان لعدم التنافي بينهما مسألة إذا أحدث حدثا أصغر في أثناء الغسل
قال الشيخ وابنا بابويه يعيد الغسل وهو الأقوى عندي لان الأصغر يدخل في الأكبر وقد انتقض ما فعل في الأكبر فيجب الغسل من رأس وقال المرتضى تيمم ويتوضأ لأنه أصغر
يوجب الوضوء لا الغسل ولا ينقضه فيسقط وجوب الإعادة ولا يسقط حكم الحدث بما بقى من الغسل وقال ابن البراج يتم ولا شئ عليه لأنه قبل اكمال الغسل جنب و
الأصغر يدخل تحت الأكبر وقال الشافعي لو غسل الجنب جميع بدنه الا رجليه ثم أحدث لم يتعلق حكم الحدث بالرجلين لوجود حدث الجنابة فيهما ويغسلهما عن الجنابة ثم يتوضأ
في أعضاء وضوئه سوى رجليه فهذا وضوء ليس فيه غسل الرجلين أو قيل وضوء يبدأ فيه بغسل الرجلين ولو غسل الجنب أعضاء وضوئه دون بقية بدنه ثم أحدث له
ان يتوضأ لان حدثه صادف أعضاء الوضوء وقد زال حكم الجنابة فيها فلزمه الوضوء مرتبا وان غسل جميع بدنه الا أعضاء الوضوء ثم أحدث لم يلزمه الوضوء لان حكم
الجنابة باق فيها فلا يؤثر فيه الحدث ويغسل أعضاء وضوئه للجنابة من غير ترتيب يحرمه مسألة لو أجنب الكافر وجب عليه الغسل ولم يصح الا بعد الاسلام لاشتراط النية
وهي منفية عنه فلو اغتسل حال كفر لم يصح وبه قال الشافعي وله قول اخر عدم الإعادة كالذمية إذا اغتسلت من الحيض لإباحة وطى المسلم والأصل (مم؟) مع قيام الفرق لان
غسلها لحق الآدمي دون حقه تعالى بخلاف الكافر فروع الأول المرتد كالكافر لا يصح غسله الا بعد رجوعه الثاني لو ارتد المسلم بعد غسله لم يبطل وكذا بعد
الوضوء والتيمم وللشافعي ثلثة أوجه في الوضوء والتيمم أحدها لا يفسدان والثاني يفسدان وبه قال احمد والثالث يفسد التيمم دون الوضوء الثالث لو أسلم ولم يكن
25

جنبا لم يجب عليه الغسل بل يستحب وبه قال الشافعي للأصل ولان العدد الكثير أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يأمرهم بالغسل ولان الاسلام عبادة ليس من شرطها الغسل فليجب
كالجمعة وقال احمد وأبو ثور وابن المنذر يجب لان قيس بن عاصم وثمامة بن أبال أسلما فأمرهما النبي صلى الله عليه وآله بالاغتسال ويحمل على الاستحباب مسألة لا يفسد الماء إذا ادخل
الجنب أو الحايض أيديهما في الاناء مع عدم النجاسة وبه قال الشافعي لان بدنهما طاهر وروى أبو هريرة قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا جنب فاخذ بيدي فمشيت معه حتى قعد
ثم انسللت فاتيت الرجل فاغتسلت ثم جئت وهو قاعد فقال أين كنت يا أبا هريرة فقلت له فقال سبحان الله ان
المؤمن ليس ينجس وقال أبو يوسف ان ادخل يده لم يفسد
الماء وان ادخل رجله فسد لان الجنب نجس وعفى عن يده للحاجة وهو غلط لما تقدم ويكره للجنب ان يغتسل في الماء الراكد وان كثر وبه قال الشافعي لقوله (ع) لا يبولن
أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة ويكره في البئر أيضا وهو قول الشافعي وعند أكثر علمائنا انها تنجس مسألة الموالاة ليست واجبة للأصل وهو
مذهب علمائنا وعند الشافعي انها واجبة وتكره الاستعانة ويحرم التولية وقد تقدم البحث في ذلك كله في الوضوء وهل تستحب التسمية للشافعي وجهان الثبوت لأنها
طهارة عن حدث والعدم لان نظمها نظم القران ولو أخل بالمضمضة والاستنشاق قال الشافعي يستحب إعادة الغسل وليس بمعتمد ومقطوع الانف والشفتين يجب عليه
غسل ما ظهر بالقطع في الجنابة والوضوء لتغير الموضع عما كان وزوال الحايل فصار ظاهرا كما لو تقشر الجلد وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا يجب لأنه باطن بأصل الخلقة
وغير المختون إن كان مرتبعا لم يجب كشف البشرة معا والا وجب ويغسل الباطن والظاهر أيضا وللشافعي وجهان أحدهما الواجب لان الجلدة مستحقة الإزالة شرعا ولهذا لو أزالها
انسان لم يضمن مسألة المراة كالرجل في الغسل وكيفيته نعم ينبغي لها الاستظهار في الايصال إلى أصول الشعر ولا يجب على البكر ايصال الماء إلى باطن فرجها وكذا
الثيب وللشافعي في غسل باطنه في الحيض وجهان وفى الجنابة كذلك ان قال بنجاسة رطوبة الفرج وهل يجب على السيد شراء الماء للوضوء والغسل يحتمل ذلك كالقطرة
والعدم كدم التمتع والمائية لها بدل وهو التيمم فينتقل إليه كما ينتقل إلى الصوم وللشافعي كالوجهين وكذا الوجهان في المراة وقيل لا يلزم شراء ماء غسل الحيض
والنفاس لأنه من جملة مؤنة التمكين الواجب عليها الفصل الثاني في الحيض وفيه مطالب الأول في ماهيته وهو لغة السيل وشرعا الدم الذي به
تعلق بانقضاء العدة إما بظهوره أو بانقطاعه على الخلاف وهو دم يرجئه الرحم إذا بلغت المرأة ثم يعتادها في أوقات معلومة لحكمة تربية الولد فإذا حملت انصرف ذلك
الدم بإذن الله تعالى إلى تغذيته ولهذا قل ان تحيض الحامل فإذا وضعت الولد خلع الله تعالى عنه صورة الدم وكساء صورة اللبن ليغتذي به الطفل فإذا خلت المراة من حمل
ورضاع بقى ذلك الدم لا مصرف له فيستقر في مكان ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام وقد يزيد ويقل على حسب اختلاف الأمزجة وهو في الأغلب اسود
أو احمر غليظ حار له دفع قال الصادق (ع) دم الحيض حار عبيط اسود والعبيط الطري وقال الباقر (ع) إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة والبحراني الأحمر الشديد الحمرة والسواد
فان اشتبه بدم العذرة أدخلت المراة قطنة فان خرجت مطوقة فهو لعذره وان خرجت منغمسة فهو حيض لقول الباقر (ع) والصادق (ع) فان خرجت مطوقة فهو عذرة وان
خرجت منغمسة بالدم فهو من الطمث وان اشتبه بدم القرح أدخلت إصبعها فإن كان خارجا من الأيمن فهو دم قرح وإن كان من الأيسر فهو حيض وهو الأشهر ورواه الشيخ في
التهذيب عن الصادق (ع) واما ابن يعقوب فإنه روى عن الصادق (ع) العكس وبه قال ابن الجنيد مسألة لا حيض مع سن الصغر وهو من لم تكمل تسع سنين فان رأت
قبلها وإن كان بشئ يسير ما هو بصفة الحيض لم يكن حيضا وهذا تحديد تحقيق لا تقريب وللشافعي قولان وله ثلثة أقوال في أول وقت امكانه أول التاسعة وبعد ستة
أشهر منها وأول العاشرة ولا حيض أيضا مع الياس وهو بلوغ خمسين سنة في غير القرشية والنبطية وبلوغ ستين فيهما لقول الصادق (ع) إذا بلغت المراة خمسين سنة
لم تر حمرة الا أن تكون امرأة من قريش ورويت روايتان مطلقتان أحدهما بخمسين والاخرى بستين وهما محمولتان على هذا التفصيل فإذا بلغت المراة هذا السن كان
الدم استحاضة وعن أحمد روايتان أحدهما خمسون والثانية ستون وبالفرق قال أهل المدينة مسألة الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفى أيام الطهر طهر كما أن
ان الأسود العبيط في أيام الطهر دم فساد وروى عن الصادق (ع) إن كان قبل الحيض بيومين وإن كان بعده بيومين فليس منه وللشافعية كالأول واختلفوا
فقال بعضهم الصفرة والكدرة في أيام الحيض وقال آخرون في أيام العادة وقال بعضهم ان تقدمها دم اسود وإن كان بعض يوم وبالأول قال ربيعة ومالك وسفين
والأوزاعي واحمد واسحق وأبو حنيفة ومحمد لقوله تعالى ويسئلونك عن المحيض قل هو اذى وهو يتناول الصفرة والكدرة ولأنه دم في زمان الامكان لم يجاوزه فكان حيضا
كالأسود وقال أبو يوسف الصفرة حيض والكدرة ليست حيضا الا ان يتقدمها دم وقال أبو ثور ان تقدمها دم اسود فهو حيض واختاره ابن المنذر وقال داود ليس بحيض
لان أم عطية وكانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت كنا لا نعتد بالصفرة والكدرة بعد الغسل شيئا مسألة والأقوى اجتماع الحيض والحبل وبه قال مالك
والشافعي والليث والزهري وقتادة واسحق لان عايشة قالت إذا رأت الدم لا تصلى والظاهر أنه توقيف ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن الحبلى ترى الدم أتترك الصلاة
قال نعم ان الحبلى ربما قذفت بالدم وكذا عن الكاظم (ع) وقال شيخنا المفيد وابن الجنيد لا يمكن وبه قال جمهور التابعين كسعيد بن المسيب وعطا والحسن وجابر بن زيد وعكرمة ومحمد بن
المنكدر والشعبي ومكحول وحماد والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وابن المنذر وأبو عبيد وأبو ثور واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرى بحيضة جعل
وجود الحيض علما على براءة الرحم فدل على عدم الاجتماع ومن طريق الخاصة قول زين العابدين (ع) قال النبي صلى الله عليه وآله ما جمع الله بين حيض وحبل (حمل) وللشيخ
قول اخر ان رأته في زمان عادتها فهو حيض وان تأخر بعشرين يوما فليس بحيض لقول الصادق (ع) إذا رأت الحامل بعد ما يمضى عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى الدم
فيه من الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ الحديث قال الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة على أن الحامل المستبين حملها لا تحيض وانما الخلاف
قبل ان يستبين مسألة أقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها بلا خلاف بين فقهاء أهل البيت (على) وبه قال أبو حنيفة والثوري لان النبي صلى الله عليه وآله قال أقل الحيض ثلاثة أيام ومن
طريق الخاصة قول الصادق (ع) أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام ولان الأصل ثبوت العبادة فيستصحب الا مع تعيين المسقط وقال أبو يوسف يومان وأكثر الثالث وقال مالك ليس
لأقله حد يكون ساعة لأنه لو كان أقله يوما لكانت المراة لا تدع الصلاة حتى يمضى يوم كامل وقال احمد وأبو ثور أقله يوم وليلة وهو أحد قولي الشافعي والثاني يوم
وبه قال داود لدلالة الوجود عليه وهو (مم) مسألة وأكثره عشرة أيام بلا خلاف بين علمائنا وبه قال أبو حنيفة والثوري لقول النبي صلى الله عليه وآله وأكثره عشرة أيام ومن طريق
الخاصة قول الرضا (ع) وابعده عشرة أيام وقال الشافعي خمسة عشر يوما وبه قال مالك وأبو ثور وداود ورواه الجمهور عن علي (ع) وعطاء بن ابن أبي
رياح واحمد في إحدى الروايتين
لدلالة الوجود عليه وهو ممنوع وفى رواية عن أحمد سبعة عشر يوما وقال سعيد بن جبير ثلثة عشر يوما فروع
الأول اختلف علماؤنا في الثلاثة فالأكثر اشترط التوالي
فيها وقيل يكفي كونها في جملة العشرة والرواية به مقطوعة وبها افتى في النهاية والمعتمد الأول احتياطا للعبادة الثاني ما تراه بين الثلاثة والعشرة مما يمكن ان يكون حيضا
26

حيض بان لو كان ما لم يعلم غيره الثالث أقل الطهر بين الحيضتين عشرة أيام ذهب إليه علماؤنا أجمع لقوله (ع) عن النساء انهن ناقصات عقل ودين فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله
وما نقصان دينهن فقال تلبث إحديهن في قعر بيتها شطر دهرها لا تصوم ولا تصلى والشطر النصف وقد ثبت ان أكثر الحيض عشرة أيام فأقل الطهر مثله وعن علي (ع) ان امرأة طلقت
فزعمت أنها حاضت في شهر ثلث حيض طهرت عند كل قرء وصلت فقال لشريح قل فيها فقال إن جاءت ببينة من بطانة أهلها والا فهي كاذبة فقال (ع) قالون وهو بالرومية
جيد ولقول الباقر (ع) أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم وقول الصادق (ع) لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام وقال مالك والشافعي والثوري وأبو حنيفة أقل
الطهر خمسة عشر يوما لما تقدم في الحديث وعندهم أكثر الحيض خمسة عشر يوما إلا أبا حنيفة والموجود وهو (مم؟) وقال يحيى بن أكثم أقل الطهر تسعة عشر يوما وقال احمد أقله
ثلثة عشر يوما وعن مالك أنه قال لا اعلم بين الحيضتين وقت يعتمد عليه وعن بعض أصحابه عشرة أيام الرابع لا حد لأكثر الطهر بالاجماع وقول ابن أبي
الصلاح أكثره ثلثة
أشهر بناء على غالب العادات الخامس أغلب مقادير الحيض ست أو سبع وأغلب الطهر باقي الشهر مسألة ذهب علماؤنا أجمع إلى أن العادة انما تثبت بالمرتين ترى الدم
فيهما بالسواء عددا ووقتا فترد في الثالثة إليهما ولا يكتفى المرة الواحدة وبه قال أبو حنيفة وبعض الشافعية واحمد في رواية لأنها مأخوذة من العود ولا تتحقق بالمرة وقال الشافعي
تثبت بالمرة الواحدة وبه رواية عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن من الشهر قبل ان يصيبها الذي أصابها فلتدع الصلاة قد روين
ذلك ولم يعتبر التكرار وهو لنا إذ لفظة كان تدل على الكثرة وعن أحمد رواية انه لا يكفي المرتان بل الثلث إذ العادة انما تقال لما كثر وأقل الكثير ثلثة وليس بجيد لقول الصادق (ع)
فان انقطع الدم لوقته من الشهر الأول حتى توالت عليها حيضتان أو ثلث فقد علم أن ذلك صار لها وقتا وخلقا معروفا فروع - آ - لا يشترط في استقرار العادة
استقرار عادة الطهر فلو رأت في شهر خمسة لا غير ثم في اخر خمسة مرتين استقرت العادة وكذا لا يشترط الوقت فلو رأت خمسة في أول الشهر ثم في أواسط الثاني استقرت
عادتها عددا فان اتفق الوقت مع العدد استقرا عادة - ب - العادة إما متفقة كخمسة في كل شهر أو مختلفة كالمرتبة أدوارا كثلاثة من الأول وأربعة من الثاني وخمسة
من الثالث ثم ثلثة من الرابع وأربعة من الخامس وخمسة من السادس وهكذا وكلاهما معتبر - ح - لا يشترط في العادة تعدد الشهر بل يكفي مرور حيضتين عددا سواء وان
كانتا في شهر واحد - د - قد تحصل العادة من التمييز كمبتدأة استحيضت وتميز لها الدم فتحيضت به ثم مرة ثانية فان أيام التمييز قصير عادتها إذا اتفقت المطلب الثاني
في احكامه وهي عشرة - آ - يحرم عليها ما يفتقر إلى الطهارة كالصلاة فرضا ونفلا والطواف كذلك ومس كتابة القران ويكره لها حمل المصحف ولمس هامشة وقد تقدم البحث
فيه ولو تطهر لم يرتفع حدثها نعم يستحب لها الوضوء عند كل صلاة والجلوس في مصلاها ذاكرة لله تعالى بقدر زمان صلاتها لقول الصادق (ع) ينبغي للحايض ان تتوضأ
عند وقت كل صلاة ثم تستقبل القبلة فتذكر الله سبحانه بقدر ما كانت تصلى ولا يرفع هذا الوضوء حدثا ولا يبيح ما شرطه الطهارة وهل يشترط في الفضيلة عدم
الناقص غير الحيض إلى الفراغ اشكال - ب - يحرم عليها قرائة العزائم وأبعاضها حتى البسملة إذا نوت انها منها دون غيرها بل يكره لها ما عداها لأنها عبادة ذات سجود شرطت
لها الطهارة من الحدث الأكبر كالصلاة وقول الباقر (ع) وقد سئل الحايض والجنب يقرآن شيئا قال نعم ما شاء الا السجدة وقال الشافعي تحرم قرائة القران مطلقا وله قول اخر
انه مكروه وكره علي (ع) لها قرائة القران وبه قال الحسن البصري والنخعي والزهري وقتادة ولم يفرقوا بين العزائم وغيرها وسوغ لها القراءة مطلقا سعيد بن المسيب وداود بن المنذر
ومالك وقد تقدم فروع - آ - لا يكره لها شئ من الاذكار لقول الباقر (ع) وتذكر الله على كل حال - ب - يكره لها قرائة المنسوخ حكمه خاصة دون المنسوخ تلاوته وكذا يحرم المس - ج - لو نذرت قرائة العزائم
في وقت فاتفق حيضها فيه لم يجزها قرائتها وفى وجوب القضاء اشكال ينشأ من أنها عبادة موقتة فلا تجب في غيره كقضاء الصلاة ومن استلزام نذر المعين المطلق - ج - الصوم
فلا يصح منها فرضا ولا نفلا فهو مانع من صحته دون وجوبه والتحقيق المنع منه والقضاء تابع لثبوت سببه دونه وفى الصلاة يمنع منها بلا خلاف بين العلماء لقول النبي صلى الله عليه وآله
أليست إحداكن إذا حاضت لا تصوم ولا تصلى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن امرأة طمثت في شهر رمضان قبل ان تغيب الشمس تفطر - د - الاستيطان في المساجد
ذهب إليه علماؤنا ولا اعرف فيه مخالفا لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إذا كان الرجل نائما في مسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وإصابة
جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد الا متيمما حتى يخرج منه ويغتسل وكذلك الحايض تفعل كذلك ولا باس ان يمرا في ساير المساجد ولا يجلسان فيها فروع - آ - يكره الاجتياز في المساجد مع امن
التلويث وهو أحد وجهي الشافعي والاخر التحريم الا المسجدين فإنه يحرم كما قلناه - ب - لا بأس لها أن تأخذ شيئا من المساجد ويحرم عليها الوضع لان حدثها أعظم من
الجنابة وسال زرارة الباقر (ع) كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا تضع فيه فقال إن الحايض تستطيع ان تضع ما في يدها في غيره ولا تستطيع أن تأخذ ما فيه الا منه
- ج - لو حاضت في أحد المسجدين ففي افتقارها إلى التيمم للخروج منه اشكال وأوجبه ابن الجنيد وبه رواية مرسلة سلفت - ه‍ - الجماع وقد أجمع علماء الاسلام على تحريمه في قبل
المراة الحايض لقوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض وعلى إباحة الاستمتاع بما فوق السرة وتحت الركبة واختلفوا في مواضع - آ - الاستمتاع بين السرة والركبة غير القبل فالمشهور
عندنا الإباحة وتركه أفضل وبه قال الثوري والأوزاعي واحمد واسحق وأبو ثور وداود ومحمد بن الحسن وأبو اسحق المروزي وابن المنذر وروى أيضا عن النخعي والشعبي
عملا بالأصل ولقوله (ع) اصنعوا كل شئ غير النكاح ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عما لصاحب المراة الحايض منها كل شئ عدا القبل بعينه وقال السيد المرتضى
بالتحريم وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأبو يوسف لقول عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يباشر نسائه فوق الازار وهن حيض ولا دلالة فيه - ب - المشهور كراهة الوطي قبلا
بعد انقطاع الدم قبل الغسل وبه قال أبو حنيفة ان انقطع لأكثر الحيض وان انقطع قبله قال لا يحل حتى تغتسل أو يمضى عليها وقت صلاة كامل لقوله تعالى حتى يطهرن
بالتخفيف قوله والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم مقتضاه إباحة الاستمتاع مطلقا ترك العمل به في زمان الحيض لوجود المانع فيبقى ما عداه على الجواز وسئل
الكاظم (ع) عن الحايض ترى الطهر أيقع عليها زوجها قبل ان تغتسل فقال لا باس وبعد الغسل أحب إلى وقال الصدوق لا يجوز حتى تغتسل وبه قال الزهري وربيعة والليث ومالك
والثوري والشافعي واحمد واسحق وأبو ثور لقوله تعالى فإذا تطهرن فاتوهن من حيث امركم الله ولا دلالة فيه الا من حيث المفهوم وقال داود إذا غسلت فرجها حل وطؤها
فان وطئها لم يكن عليه شئ وقال قتادة والأوزاعي عليه نصف دينار وليس بجيد لان الكفارة تتعلق بالوطي للحايض - ج - لو وطئها قبلا جاهلا بالحيض أو الحكم لم يكن عليه
شئ وكذا إن كان ناسيا وهو أحد وجهي الشافعي واحمد وفى الاخر يجب على الجاهل والناسي للعموم ويبطل بقوله (ع) عفى لامتي عن الخطأ والنسيان وإن كان عالما بهما فقولان
أكثر علمائنا على وجوب الكفارة وبه قال الحسن البصري وعطا الخراساني واحمد والشافعي في القديم لقول النبي صلى الله عليه وآله من اتى امرأة حايضا فليتصدق بدينار ومن اتاها وقد أدبر
الدم عنها ولم تغتسل فيتصدق بنصف دينار ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يتصدق إذا كان في أوله بدينار وفى أوسطه بنصف دينار وفى اخره بربع دينار وقال الشيخ
في النهاية بالاستحباب وبه قال الشافعي في الجديد ومالك والثوري وأصحاب الرأي لقول النبي صلى الله عليه وآله من اتى كاهنا فصدقه بما يقوله أو اتى امرأة في دبرها أو حايضا فقد برى مما جاء به محمد صلى الله عليه وآله ولم يذكر
27

الكفارة ومن طريق الخاصة رواية عيص قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل واقع امرأة وهي طامث قال لا يلتمس فعل ذلك قد نهى الله عنه قلت فان فعل فعليه كفارة
قال لا اعلم فيه شيئا يستغفر الله وللأصل وهو الأقوى عندي - د - المشهور عندنا في قدر الكفارة ما روى عن الصادق (ع) دينار في أوله ونصفه في وسطه وربعه في اخره و
قال الصدوق يتصدق على مسكين بقدر شبعة وقال الشافعي في اقبال الدم دينار وفى ادباره نصفه وقال احمد هو مخير بين الدينار ونصفه وقال الحسن البصري وعطاء الخراساني
يجب فيه كفارة الفطر في رمضان فروع - آ - لو غلبة الشهوة بعد الانقطاع قبل الغسل امرها بغسل فرجها ثم وطئها لقول الباقر (ع) ان اصابه شبق فليأمرها بغسل فرجها
ثم يمسها ان شاء - ب - لو وطى الحايض مستحلا كفر ومحرما يفسق ويعزر - ج - إذا أخبرته بالحيض فإن كانت ثقة وجب عليه الامتناع لقوله تعالى ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن
ومنع الكتمان يقتضى وجوب القبول منهن وإن كان تيممها بقصد منع حقه لم يجب الامتناع ما لم يتحقق - د - لو كرر الوطي فأقوى الأقوال تعدد الكفارة وجوبا أو استحبابا
على الخلاف ان اختلف الزمان أو كفر عن الأول فلا عملا بالأصل - ه‍ - الأول والوسط والأخير بحسب عدد أيام عادتها فاليوم الأول وثلث الثاني أول الأربعة و
ثلثا الثاني وثلثا الثالث الأوسط والباقي الأخير - و - لو لم تجد الماء بعد الانقطاع جاز الوطي قبل الغسل ولا يشترط التيمم وقال الشافعي إذا تيممت حل وطيها وقال مكحول
لا يجوز وطؤها حتى تغتسل ولا يكفي التيمم الآية وقال ابن القسم لا توطأ بالتيمم لأنه بالملاقاة ينتقض وقال أبو حنيفة لا يحل وطؤها حتى تصلى به لأنه لا يرفع الحدث فيلحقه الفسخ
ما لم تصل به فلا يستبيح به الوطي فلو تيممت ثم أحدثت حدثا قال الشافعي لا يحرم وطؤها لأنه لا يبطل التيمم القائم مقام الغسل وانما يوجب التيمم عنه وإذا صلت بالتيمم
صلاة الفرض ففي تحريم وطئها عنده وجهان التحريم بناء على أن التيمم انما يستباح به فريضة واحدة وإذا صلت به لم يحل لها فعل الفريضة ولا يلزم الحدث لأنه مانع من الصلاة
وهنا التيمم لم يبح الا فريضة واحدة وعدمه لان التيمم القائم مقام الغسل باق ولهذا يجوز لها صلاة النافلة وهذه الأصول عندنا فاسدة - ز - لو وطى الصبى لم يجب
عليه شئ وقال بعض الحنابلة يجب للعموم وقياسا على الاحرام وهو خطأ لان احكام التكليف ساقطة عنه - ح - لا كفارة على المراة لعدم النص وقال احمد يجب لأنه وطى
يوجب الكفارة - ط - يحرم طلاقها مع الدخول وحضور الزوج وانتفاء الحايل والحمل باجماع العلماء فان طلق لم يقع عندنا خلافا للجمهور وسيأتي - ى - يجب عليها الغسل عند الانقطاع
لتأدية العبادات المشروطة بالطهارة باجماع علماء الأمصار وهو شرط في صحة الصلاة اجماعا وفى الطواف عندنا خلافا لأبي حنيفة وهل هو شرط في صحة الصوم بحيث
لو أخلت به ليلا حتى أصبحت بطل صومها الأقرب ذلك لعدم قصوره عن الجنابة وقول الصادق (ع) طهرت بليل من حيضها ثم توانت ان تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها
قضاء ذلك اليوم وبدن الحايض طاهر عند علمائنا كبدن الجنب وهو قول أكثر الجمهور لقوله (ع) ليست حيضتك في يدك (بدنك) وقال أبو يوسف بدن الحايض والجنب نجس - يا - يجب
عليها قضاء الصوم دون الصلاة بالاجماع وقالت عايشة كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
في الحايض ليس عليها ان تقضى الصلاة وعليها ان تقضى صوم شهر رمضان ولان الصلاة متكررة فيلزم الحرج بقضائها دون الصوم - يب - يحرم عليها سجود التلاوة لو سمعت
العزائم عند الشيخ وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة واحمد وأكثر الجمهور لقوله (ع) لا يقبل الله صلاة بغير طهور فيدخل في عمومه السجود ولأنه سجود فيشترط فيه الطهارة
كسجود السهو وسجود الصلاة ليس كسجود التلاوة سلمنا لكن لا يلزم من الوجوب في الصلاة الوجوب في اجزائها والفرق بينه وبين سجود السهو كون المأتي جزأ من الصلاة ان
سلمنا الحكم فيه وقال بعض علمائنا بجوازه وهو المعتمد لاطلاق الامر بالسجود واشتراط الطهارة ينافيه ولقول الصادق (ع) إذا قرى شئ من الغرائم الأربع وسمعتها فاسجد وان
كنت على غير وضوء وان كنت جنبا وإن كانت المراة لا تصلى وساير القران أنت فيه بالخيار ان شئت سجدت وان شئت لم تسجد إذا ثبت هذا فالسجود هنا واجب إذا تلت
أو أسمعت إذ جوازه يستلزم وجوبه أما السماع ففي الايجاب عليه نظر أقربه العدم لان الصادق (ع) قد سئل عن رجل يسمع السجدة قال لا يسجد الا ان يكون منصتا لقرائته
مستمعا ومراده اسقاط الوجوب لا استحباب السجود بل يستحب سواء كان من العزائم أو لا وهل يمنع منه الحايض والجنب فيه روايتان المنع اختاره في النهاية لان أبا عبد الله (ع)
سئل عن الحايض تقرأ القران وتسجد السجدة إذا سمعت السجدة فقال تقر أو لا تسجد والجواز اختاره في المبسوط لما تقدم في الرواية وقال عثمان بن عفان في الحايض تسمع السجدة
تومى برأسها وبه قال سعيد بن السيب وعن الشعبي يسجد حيث كان وجهه تذنيب لو سمع السجود وهو على غير طهارة لم يلزمه الوضوء ولا التيمم وبه قال احمد لأنا
قد بينا ان الطهارة ليست شرطا واحتج احمد بأنها تتعلق بسبب فإذا فات لم تسجد كما لو قرا سجدة في الصلاة فلم تسجد لم تسجد بعدها وقال النخعي يتيمم ويسجد وعنه يتوضأ
ويسجد وبه قال الثوري واسحق وأصحاب الرأي قال احمد فإذا توضأ لم يسجد لأنه فات سببها ولا يتيمم لها مع وجود الماء لان شرطه فقدان الماء وإن كان عاد ما للماء فيتيمم فله
ان يسجد إذا لم يطل لأنه لم يفت سببها ولم يفت محلها بخلاف الوضوء - يج - يكره لها الخضاب ذهب إليه علماؤنا أجمع لقول الصادق (ع) لا تختضب الحايض ولا الجنب وليس للتحريم
لان أبا إبراهيم (ع) سئل تختضب المراة وهي طامث فقال نعم ولا باس أن تكون مختضبة ثم يجيئها الحيض بان تختضب قبل عادتها مسألة إذا حاضت بعد دخول الوقت
وأهملت الصلاة مع القدرة واتساع الوقت لها وللطهارة وجب عليها القضاء وإن كان قبل ذلك لم يجب وان طهرت في أثناء الوقت فان بقى مقدار الطهارة وادراك ركعة
وجب الأداء فإن لم تفعل وجب القضاء وإن كان أقل لم يجب بل يستحب وسيأتي البحث انشاء الله تعالى مسألة وغسل الحايض كغسل الجنابة تبدأ بالرأس ثم بالجانب
الأيمن ثم الأيسر ويكفى الارتماس نعم لابد فيه من الوضوء سئل الصادق عن الحايض عليها غسل مثل غسل الجنابة قال نعم ويجب فيه النية لأنه عبادة فيفتقر فيه إلى النية
واستدامة حكمها ولا تجب الموالاة بل الترتيب ويجب استيعاب الجسد بما يسمى غسلا لقول الباقر (ع) ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأه ويستحب فيه المضمضة والاستنشاق
فروع - آ - لا تجب نية السبب بل تكفى نية رفع الحدث أو الاستباحة ولا فرق بين ان تقدم الوضوء أو تؤخره خلافا لبعض علمائنا حيث أوجب نية الاستباحة في المتأخر - ب -
لو اجتمع الحيض والجنابة لم يجز لها الغسل الا بعد انقطاع دم الحيض لا للجنابة ولا للحيض فإذا انقطع اغتسلت فإذا نوت رفع حدث الجنابة ارتفعت الحدثان وان نوت
رفع الحدث الحيض فان ضمت الوضوء احتمل رفع حدث الجنابة أيضا لتسويغ الصلاة عند هما وعدمه لقصور غسل عن الحيض رفعه وان نوت رفع الحدث مطلقا فالأقرب الا جزأ
من غير وضوء - ج - عرق الحايض طاهر إذا لم يلاق النجاسة وكذا المايعات التي تباشرها لان الصادق (ع) سئل عن الحايض تناول الرجل الماء فقال كان نساء النبي صلى الله عليه وآله
تسكب عليه الماء وهي حايض وسئل الصادق (ع) عن الحايض تعرق في ثيابها أتصلى فيها قبل ان تغسلها فقال نعم لا باس به مسألة ذات العادة تترك الصلاة والصوم
برؤية الدم في عادتها باجماع العلماء فان المعتاد كالمتيقن وسئل الصادق (ع) عن المراة ترى الصفرة في أيامها قال لا تصلى حتى ينقضى أيامها إما المبتداة والمضطربة ففيهما قولان
قال الشيخ في المبسوط أول ما ترى الدم المراة ينبغي ان تترك الصلاة والصوم فان استمر ثلثة قطعت بأنه حيض وان انقطع قبل الثلاثة فليس بحيض ويقضى ما تركته من الصلاة وصيام
لقول الصادق (ع) أي ساعة رأت الصائم الدم تفطر وبه قال الشافعي وقال المرتضى في المصباح الجارية التي يبدأ بها الحيض ولا عادة لها لا تترك الصلاة حتى تستمر ثلاثة أيام وهو
28

أقوى احتياطا للعبادة الثابتة في الذمة بيقين ولم يحصل بيقين المسقط والحديث نقول بموجبه فإنه محمول على ذات العادة إذ المراد بالدم هو دم الحيض ولم تعلم أنه حيض الا
في العادة وهو قول اخر للشافعي مسألة ذهب علماؤنا إلى أن المراة تستظهر بعد عادتها وبه قال مالك لقول الباقر (ع) في الحايض إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى
الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين ثم تمسك قطنة فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلوتين بغسل ويصيب منها زوجها ان أحب وحلت لها الصلاة
وعن الرضا (ع) قال الحايض تستظهر بيوم أو يومين أو ثلثة وقال الشافعي إذا مضى زمان حيضها فعليها ان تغتسل في الحال ولا يجوز لها ان تتوقف زمانا تطلب فيه ظهور
حالها ويتحقق ظهرها إذا لو كانت تتوقف لتوقفت إلى أن يتم لها مدة أكثر الحيض كالمبتدأة إذا استمر بها الدم ولما يجز لها ان تنتظر تمام المدة ثبت ان الانتظار غير جايز والملازمة
ممنوعة لغلبة الظن بزيادة الحيض يوما أو يومين على انا نمنع بطلان اللازم على مذهب المرتضى وسيأتي فروع - آ - الاستظهار انما يكون مع وجود الدم فإذا انقطع أدخلت
المراة قطنة فان خرجت ملوثة بالدم فهي بعد حايض وان خرجت نقية فقد طهرت تغتسل ويصلى من غير استظهار - ب - انما يكون الاستظهار لو قلت العادة من العشرة إما
إذا كانت العشرة فلا استظهار إذ لا حيض بعدها - ج - يشترط في الاستظهار ان لا يزيد عن أكثر الحيض فلو كانت عادتها تسعة لم تستظهر بيومين بل بيوم واحد اختلف
علماؤنا في قدر الاستظهار قال الشيخ في النهاية تستظهر بيوم أو يومين وبه قال ابن بابويه والمفيد وفى الجمل يصبر حتى ينقى قال المرتضى تستظهر عند استمرار الدم إلى عشرة
أيام فان استمر عملت ما تعمله المستحاضة والأول أقرب لما تقدم من قول الباقر (ع) فلتقعد عن الصلاة يوما أو يومين وقال الرضا عليه السلام الحايض تستظهر بيوم أو يومين واحتجاج المرتضى بقول الصادق (ع) إن كان قرؤها دون العشرة
انتظرت العشرة ضعيف السند - ه‍ - ظاهر كلام الشيخ والمرتضى ان الاستظهار على سبيل الوجوب إذ المقتضى كونها أيام الحيض فتحرم العبادة ويحتمل الاستحباب والمقتضى احتمال
الحيض ولقول الصادق (ع) المستحاضة إذا مضى أيام أقرائها اغتسلت واحتشت وتوضأت وصلت - و - إذا انقطع الدم لدون عشرة فعليها الاستبراء بالقطنة ولا يجب لو انقطع
للعشرة لأنها مدة الحيض فان خرجت نقية اغتسلت وإن كانت متلطخة فإن كانت مبتدأة صبرت حتى تنقى أو يمضى عشرة أيام وذات العادة تغتسل بعد يوم أو يومين من عادتها كما تقدم
لقول الباقر (عليه السلام) فان خرج الدم لم تطهر وان لم يخرج فقد طهرت فان استمر إلى العاشر وانقطع قضت ما فعلته من الصيام لتحقق انه صادف أيام الحيض وان تجاوز أجزأها ما فعلته
لأنه صادف أيام طهرها - ز - لو رأت الدم ثلاثة أيام ثم انقطع فهو دم حيض لحصول شرايطه فان رأت قبل العاشر وانقطع عليه فالجميع حيض وكذا أيام النقاء المتخللة بين الدمين إذ
لا يكون الطهر أقل من عشرة أيام ولو تجاوز العشرة فهي مستحاضة وسيأتي حكمها ولو تأخر بمقدار عشرة أيام ثم جاء الدم كان الأول حيضا منفرد أو الثاني يمكن ان يكون حيضا
مستأنفا ان استمر ثلثة فما زاد إلى العاشر ثم انقطع فهو حيض وان قصر من ثلثة فليس بحيض الفصل الثالث في المستحاضة وفيه مطلبان الأول في احكامها
مسألة دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق لقول الصادق (ع) ان دم الحيض حار عبيط اسود له دفع ودم الاستحاضة أصفر بارد وقد يتفق الأصفر حيضا كما لو وجد
في أيام الحيض وكذا قد توجد دم الاستحاضة اسود حارا عبيطا إذا كان بعد أيام الحيض وأكثر أيام النفاس وبعد اليأس لما تقدم من أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض
وفى أيام الطهر طهر مسألة دم الاستحاضة إن كان قليلا وهو ان يظهر على القطنة كرؤس الإبر ولا يغمسها وجب عليها تغيير القطنة والوضوء لكل صلاة ذهب
إليه أكثر علماؤنا لقول النبي صلى الله عليه وآله في المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتصوم وتصلى وتتوضأ عند كل صلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) عن المستحاضة
وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء واما القطنة فلانها نجسة يمكن الاحتراز منها فوجب قال الشيخ وتغيير الخرقة وفيه
نظر إذ لا موجب له لعدم وصول الدم إليها وقال ابن ابن أبي
عقيل منا لا يجب في هذه الحالة وضوء ولا غسل وبه قال مالك وقال أبو حنيفة تتوضأ لوقت كل صلاة لان النبي صلى الله عليه وآله قال
المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة وروايتنا أرجح لأنها مفسرة لا اجمال فيها وقال الشافعي في أحد قوليه يجب على المستحاضة الغسل لكل صلاة من غير وضوء ورواه الجمهور عن
علي (ع) وابن عمر وابن عباس وابن الزبير لان أم حبيبة استحيضت فسالت النبي صلى الله عليه وآله فأمرها تغتسل لكل صلاة وهو محمول على الكثرة وتحمل الصلاة على الواحدة وما ماثلها كالظهرين والعشائين وقالت عايشة تغتسل كل يوم غسلا وبه قال سعيد بن المسيب وروى عن ابن عمر فان سعيد بن المسيب روى أنها تغتسل
من ظهر إلى ظهر قال مالك انى احسب ان
حديث ابن المسيب انما هو من ظهر إلى ظهر ولكن الوهم دخل فيه انه بالطاء غير المعجمة فأبدلت بالظاء المعجمة وقال بعضهم تجمع بين كل صلاة جمع بغسل وتغتسل للصبح
لحديث جبلية وسيأتي وبه قال عطا والنخعي وهو مذهبنا في القسم الثالث وهو الدم الكثير وسيأتي مسألة وان كثر الدم حتى غمس القطنة ولم يسل وجب عليها الغسل
لصلاة الغداة خاصة والوضوء لكل صلاة وتغيير القطنة والخرقة عند كل صلاة ذهب إليه أكثر علمائنا لقول الصادق (ع) فإن لم يجز الكرسف فعليها الغسل كل يوم لمرة
والوضوء لكل صلاة قال ابن ابن أبي
عقيل منا عليها ثلثة أغسال لقول الصادق (ع) المستحاضة إذا جازت أيامها ورأت الدم ثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه
وللمغرب والعشاء غسلا وتغتسل للفجر ويحتشى وتستثمر ولا تنحني وتضم فخذيها في المسجد وهو محمول على السيلان مسألة وان سال الدم فعليها ثلثة أغسال
غسل للظهر والعصر تجمع بينهما وتؤخر الظهر وتقدم العصر وغسل للمغرب والعشاء كذلك وغسل لصلاة الغداة وإن كانت منتفلة اغتسلت غسل الغداة لها و
صلاة الليل ذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال عطا والنخعي لما تقدم في حديث الصادق (ع) ورواه الجمهور في حديث حبيبة وسيأتي وأكثر الجمهور كالشافعي واحمد وأصحاب الرأي قالوا
على المستحاضة الوضوء لكل صلاة ولا يجب الغسل وان كثر دمها لقوله (ع) لفاطمة بنت ابن أبي
حبيش انما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت فاغسلي عنك
الدم وصلى وتوضأي لكل صلاة وهو محمول على القسم الأول وقال عكرمة وربيعة ومالك انما عليها الغسل عند انقضاء حيضتها وليس عليها للاستحاضة وضوء لان النبي صلى الله عليه وآله
قال لفاطمة بنت ابن أبي
حبيش فاغتسلي وصلى ولم يذكر الوضوء لكل صلاة وهو حوالة على العموم فروع - ا - يجب على هذه تغيير القطنة والخرقة عند كل صلاة لامكان
الاحتراز عن النجاسة بذلك فيجب - ب - قال المفيد يصلى هذه بوضوئها الظهر والعصر معا على الاجماع ويفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء وكذا في صلاة الليل والغداة
واقتصر الشيخ على الاغتسال وكذا المرتضى وابنا بابويه وابن إدريس أوجب الوضوء لكل صلاة وهو حسن وعبارة علمائنا لا تنافى ذلك وقول بعضهم ان الباقر (عليه السلام) قال فلتغتسل و
لتستوثق من نفسها وتصلى كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ اغتسلت وصلت والتفصيل قاطع للشركة لا حجة فيه إذ قطع الشركة يحصل بايجاب الغسل وعدمه - ج -
قال بعض علمائنا إذا اجتمع الوضوء والغسل توضأت للاستباحة واغتسلت لرفع الحدث تقدم الوضوء أو تأخر إذ الحدث باق مع التقدم ومع التأخر يرتفع الحدث بالغسل
والحق تساويهما في النية لاشتراكهما في علية رفع الحدث مسألة يجب على مستحاضة الاستظهار في منع الدم والتوقي منه لأنه حدث دائم كالسلس لا يمنع الصوم والصلاة
فتغسل فرجها قبل الوضوء أو التيمم إن كانت يتيمم وتحشوه بخرقة أو قطنة فإن كان الدم قليلا يندفع به فلا بحث والا تلجمت مع ذلك بان تشد على وسطها خرقة كالتكة وتأخذ خرقة أخرى
مشقوقة الرأسين تجعل إحديهما قدامها والاخرى ورائها وتشد هما بتلك الخرقة وهذا واجب الا مع التضرر بالشد لقول النبي صلى الله عليه وآله لحمئة بنت بحش أثقب لك الكرسف
29

من ذلك فقالت إنه أكثر من ذلك فقال اتخذي ثوبا وقول الصادق (ع) تحتشى وتستثفر والاستثفار والتلجم واحد وإذا فعلت ذلك في صلاة وجب عليها فعله في الأخرى و
للشافعي وجهان مسألة صاحب السلس ومن به البطن يجب عليهما الاستظهار في منع النجاسة بقدر الامكان لقول الصادق (ع) إذا كان الرجل يقطر منه الدم والبول إذا كان في الصلاة
اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وادخل ذكره فيه ثم صلى يجمع بين صلاتي الظهر والعصر بأذان وإقامتين ويؤخر المغرب ويعجل العشاء باذان وإقامتين ويفعل ذلك
في الصبح قال بعض المتأخرين منا لا يجب على من به السلس أو الجرح الذي لارقى تغيير الشداد عند كل صلاة وان وجب ذلك في المستحاضة لاختصاص المستحاضة بالنقل والتعدي
قياس وليس بجيد إذ الاحتراز واجب مسألة لا تجمع المستحاضة بين صلوتين بوضوء واحد عند علمائنا سواء كانا فرضين أو نفلين لقوله (ع) لحمئة توضأي لكل صلاة
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وصلت كل صلاة بوضوء ولان الدم ناقض وهو متجدد فتنتقض الطهارة به وسقط اعتباره بالنسبة إلى الصلاة الواحدة دفعا للمشقة
وخلاصا عن تكليف ما لا يطاق وقال الشافعي تتوضأ لكل صلاة فريضة لا تجمع بين فريضتين بطهارة واحدة وتصلى مع الفريضة النوافل لقوله (ع) في المستحاضة تدع الصلاة
في أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلى وتتوضأ عند كل صلاة وهو حجة لنا وقال أبو حنيفة واحمد تجمع بين فريضتين في وقت واحد وتبطل طهارتها بخروج وقت الصلاة لأنه (ع)
قال لفاطمة بنت ابن أبي
حبيش توضأي لوقت كل صلاة ولا حجة فيه إذ وقت كل صلاة ما يفعل فيه وقال ربيعة ومالك وداود لا وضوء على المستحاضة لأنه (ع) قال لام حبيبة
بنت جحش ان هذه ليست بالحيضة ولكن هذا عرق فاغتسلي وصلى ولم يأمرها بالوضوء ويعارضه ما تقدم والاهمال للعلم بالحكم وقال الأوزاعي والليث تجمع بطهارتها
بين الظهر والعصر لان لها ان تجمع بين نوافل فجاز ان تجمع بين فرايض كغير المستحاضة والحكم في الأصل ممنوع فروع - آ - صاحب السلس والمبطون يتوضئان لكل صلاة ولا
يجمعان بين صلوتين بوضوء واحد لوجود الحدث - ب المبطون إذا تمكن من تحفظ نفسه في وقت الصلاة وجب ايقاعها فيه وان لم يتمكن توضأ وصلى فان يجئه الحدث قيل يتطهر
ويبنى والأقوى عدم الالتفات كالسلس - ج - قال الشيخ في المبسوط ولو توضأ بعد فرض الصلاة غير متشاغلة بها ثم صلت لم يصح لان المأخوذ عليها ان تتوضأ عند كل صلاة
وهو يعطى المقارنة وقال أصحاب الشافعي ان أخرت لشغلها بأسباب الصلاة كالسرة والخروج إلى المسجد وانتظار الصلاة جاز وإن كان لغير ذلك فوجهان المنع لأنه لا حاجة بها
إلى ذلك والجواز لأنه قد جوز لها تأخير الصلاة إلى اخر الوقت فهذا تأخير ما دون فيه - د - قال الشيخ في البسوط إذا توضأت للفرض جاز أن تصلى معه ما شاء من النوافل وبه قال الشافعي
وفيه نظر فان الدم حدث فيستباح بالوضوء معه ما لا بد منه وهو الصلاة الواحدة وقول الصادق (ع) توضأت وصلت كل صلاة بوضوء - ه‍ - لو توضأت قبل دخول الوقت لم يصح وبه قال
الشافعي إذ لا ضرورة إليه ولو توضأت لفريضة فاخرت الصلاة إلى أن خرج الوقت قال بعض الشافعية لا يصح ان يصلى بذلك الوضوء وهو مذهبنا وجوزه بعضهم لأن الطهارة
عند الشافعي لا تبطل بخروج الوقت - و - ولو توضأت ودخلت في الصلاة وخرج الدم قبل دخولها أو بعده فإن كان لرخاوة الشد وجب إعادة الشد والطهارة وإن كان لغلبة
الدم وقوته لم تجب إعادة الصلاة ولعدم الاحتراز من ذلك وبه قال الشافعي - ز - لو توضأت والدم بحاله ثم انقطع قبل الدخول في الصلاة قال الشيخ تستأنف الوضوء وبه قال
الشافعي لان دمها حدث وقد زال العذر فظهر حكم الحدث فان صلت والحال هذه أعادت لعدم الطهارة سواء عاد
قبل الفراغ أو بعده ولو انقطع في أثناء الصلاة قال في البسوط والخلاف لا يجب
الاستيناف لأنها دخلت دخولا مشروعا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الاستيناف بعد الطهارة وغسل ما بها من الدم لان عليها نجاسة وقد تجدد منها حدث لم يأت عنه
بطهارة فوجب عليها استيناف الطهارة وهو الأصح عندهم - ح - إذا كان دم الاستحاضة يجرى تارة ويمسك أخرى فإن كان زمن الامساك يتسع للطهارة والصلاة وجب
ايقاعهما فيه وانتظرته ما لم يخرج الوقت فان ضاق جاز لها ان تتوضأ وتصلى حال جريانه فان توضأت حال جريانه ثم انقطع ثم دخلت في الصلاة جاز فان اتصل انقطاعه بطلت صلاتها وهو قول
الشافعية لأنا بينا ان هذا الانقطاع قد أبطل طهارتها قبل الشروع في الصلاة ولهم وجه اخر ولو كان دمها متصلا فتوضأت فقبل ان تدخل الصلاة انقطع فدخلت في
الصلاة ولم تعد الطهارة ثم عاد ذلك الدم في الصلاة قبل ان يمضى زمان يتسع للطهارة والصلاة فالوجه عندي عدم البطلان والشيخ ابطلهما وهو قول الشافعية لان ذلك
انقطاع أوجب عليها الطهارة فلم تفعل وإن كان لو علمت بعوده لم تلزمها الإعادة فقد لزمها بظاهره أعاد الطهارة فإذا لم تفعل وصلت لم تصح صلاتها - ط - قال أبو حنيفة
المستحاضة ومن به السلس والرعاف الدايم والجرح الذي لا يرقى يتوضئون لوقت كل صلاة فيصلون به ما شاؤوا من الفرايض والنوافل فان خرج الوقت بطل وضوئهم
وكان عليهم استيناف الوضوء لصلاة أخرى عند ابن أبي
حنيفة ومحمد وقال زفر ينتقض بدخول الوقت لا غير وقال أبو يوسف ينتقض بأيهما كان وفايدة الخلاف تظهر فيما إذا توضأت
بعد طلوع الشمس ثم دخل وقت الظهر فان الوضوء لا يبطل عند ابن أبي
حنيفة ومحمد وتبطل عند زفر وأبى يوسف ولو توضأت قبل طلوع الشمس ثم طلعت فإنها تنتقض وقياس
قول زفر انها لا تنتقض وعندنا ان الطهارة تتعدد بتعدد الصلاة مسألة إذا فعلت المستحاضة ما يجب عليها من الأغسال أو الوضوء أو التغيير للقطنة أو الخرقة صارت بحكم
الطاهر ذهب إليه علماؤنا أجمع ويجوز لها استباحة كل شئ تستبيحه المطهر كالصلاة والطواف ودخول المساجد وحل الوطي ولو لم تفعل كان حدثها باقيا ولم يجز ان تستبيح
شيئا مما يشترط فيه الطهارة إما الصلاة فظاهر واما الصوم فان أخلت بالاغسال مع وجوبها بطل ووجب عليها الإعادة ولا كفارة إلا مع فعل المفطر ولو لم يجب الأغسال فأخلت
بالوضوء لم يبطل صومها لعدم اشتراطه بالوضوء واما الوطي فالظاهر من عبارة علمائنا اشتراط الطهارة في اباحته قالوا يجوز لزوجها وطؤها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة
وقال المفيد لا يجوز لزوجها وطؤها إلا بعد فعل ما ذكرناه من نزع الخرق وغسل الفرج بالماء والأقرب الكراهية لقوله تعالى فإذا تطهرن فاتوهن يريد من الحيض ولان حمئة كانت
مستحاضة وكان زوجها يجامعها وقال الصادق (عليه السلام) المستحاضة لا باس ان يأتيها بعلها الا أيام قرئها إما الجمهور فاختلفوا فقال الشافعي يجوز وطى المستحاضة ولم يشترط غسلا ولا
وضوءا وبه قال أكثر أهل العلم لحديث حمئة وقال الحكم وابن سيرين وإبراهيم النخعي وأحمد بن حنبل لا يحل وطؤها مطلقا إلا أن يخاف على نفسه العنت لأنه اذى فأشبه الحيض وهو
غلط فإنه لا يتعلق به شئ من احكام الحيض بل يشبه دم البواسير فروع - ا - لو كان الدم كثيرا فاغتسلت أول النهار وصامت ثم انقطع قبل الزوال لم يجب غسل اخر عند الزوال الا
الصوم ولا للصلاة إن كان المبرء ولو كان لا له وجب ولو كانت تعلم عوده ليلا أو قبل الفجر وجب الأغسال الثلاثة - ب - لو كان الدم قليلا فأخلت بالوضوء أو فعلته وصامت ثم كثر في
أثناء النهار فإن كان قبل الزوال وجب الغسل عنده للصلاة والصوم فان أخلت به احتمل بطلان الصوم إذ لم تفعل ما هو شرطه والصحة لانعقاده أو لا فلا تؤثر فيه عدم الطهارة
كالجنابة المتجددة وإن كان بعد ان صلت لم يجب للصلاة إذ قد فعلتها وفى وجوبه الصوم نظر - ج - لو أخلت ذات الدم الكثير بالغسل لصلاة العشائين بطلت الصلاة والوجه
صحة الصوم لوقوعه قبل تجدد وجوب الغسل المطلب الثالث في أقسام المستحاضات مقدمة قد بينا ان أكثر الحيض عشرة أيام فان زاد الدم على ذلك فقد استحيضت
المرأة وامتزج حيضها بطهرها ولعسر التمييز بينهما وضع الشارع قوانين لذلك ومداره على سنن ثلث وضعها رسول الله صلى الله عليه وآله فان جماعة سألوا الصادق (ع) عن الحيض
فقال إن رسول الله سن في الحيض ثلث سنن بين فيها كل مشكل لمن سمعها وفهمها حتى أنه لم يدع لاحد مقالا فيه بالرأي أما إحدى السنن الحايض التي لها أيام معلومة قد أحصتها
30

بلا اختلاط عليها ثم استحاضت فاستمر لها الدم وهي في ذلك تعرف أيامها ومبلغ عددها فان امرأة يقال لها فاطمة بنت ابن أبي
حبيش استحاضت فاتت أم سلمة فسالت رسول الله
فقال تدع الصلاة قدر أقرائها وقدر حيضها وقال انما هو عرق فأمرها ان تغتسل وتستثفر بثوب وتصلى قال الصادق (ع) لهذه سنة التي تعرف أيام أقرائها لم تختلط عليها
ثم قال واما سنة التي كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها من طول الدم وزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من الشهر فان سنتها غير ذلك وذلك أن فاطمة
بنت ابن أبي
حبيش أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت انى استحيض فلا أطهر فقال النبي صلى الله عليه وآله ليس بحيض انما هو عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك
الدم وصلى فكانت تغتسل في كل صلاة وقال الصادق (ع) كان ابن أبي
يقول إنها استحيضت سبع سنين فلهذا احتاجت إلى أن تميز اقبال الدم من ادباره وتغير لونه من
السواد إلى غيره ثم قال واما السنة الثالثة فهي التي ليس لها أيام متقدمة ولم تر الدم قط ورأت أول ما أدركت واستمر بها فان سنة هذه غير سنة الأولى والثانية وذلك أن
امرأة تسمى حمئة بنت جحش أتت رسول الله (ص) فقالت انى استحضت حيضة شديدة فقال احتشى كرسفا فقالت إنه أشد من ذلك انى أثجه ثجا فقال لها تلجمي وتحيضي في
كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة ثم اغتسلي غسلا وصومي ثلثا وعشرين أو أربعا وعشرين واغتسلي للفجر غسلا واخرى الظهر وعجلى العصر واغتسلي غسلا واخرى لمغرب وعجلى العشاء واغتسلي غسلا مسألة
إذا انقطع الدم لعشرة وهو مما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض اجماعا فان تجاوز فلا تخلو المراة إما أن تكون مبتدأة أو ذات عادة فهنا بحثان الأول المبتداة فإن كان
لها تمييز عملت به ويشترط فيه اختلاف لون الدم وان ما هو بصفة دم الحيض لا ينقص عن ثلثة ولا يزيد على عشرة وان يتجاوز المجموع العشرة ذهب إليه علماؤنا
أجمع وبه قال مالك والشافعي واحمد لقوله (ع) إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وفى رواية فإذا كان دم الحيض فإنه اسود يعرف
فامسكي عن الصلاة وإذا كان الاخر توضأي انما هو عرق وقول الصادق (ع) ان دم الحيض ليس به خفاء وهو دم حار أحمر محتدم له حرقة ودم الاستحاضة فاسد بارد
فقال أصحاب الرأي لا اعتبار بالتمييز واختلفوا فقال أبو حنيفة حيضها عشرة أيام من كل شهر لان الشرع أقام الشهر مقام حيضة وطهر فيجعل عشرة من ذلك
حيضا لوجود الدم في ميقاته وقال زفر يؤخذ بالأقل لأنه اليقين وقال أبو يوسف تأخذ في حكم انقطاع الرجعة بالأقل وفى الحل للأزواج والصوم والصلاة
بالأكثر احتياطا فان فقدت التمييز قال علماؤنا ترجع إلى عادة نسائها كالأخت والعمة وبنتيهما فان فقدن أو اختلفن قال الشيخ في الخلاف ترجع إلى الروايات وقال المرتضى
تترك الصلاة ثلاثة أيام في كل شهر إلى عشرة وقال الصدوق فأكثر جلوسها عشرة أيام وقال الشيخ ترجع إلى اقرانها من بلدها فان فقدن أو اختلفن فإلى الروايات
وبالرجوع إلى النساء قال عطا والثوري والأوزاعي واحمد في رواية للتناسب القاضي بظن المساواة وسأله سماعة عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلثة
أشهر قال أقرائها مثل اقراء نسائها فان كن مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقلها ثلاثة أيام وقال الباقر (ع) المستحاضة تنظر بعض نسائها فتقتدى باقرائها ثم
تستظهر على ذلك بيوم وللشافعي قولان أحدها يرد إلى أقل الحيض يوم وليلة وتقتضي صلاة أربعة عشر يوما فإنها تترك الصلاة إلى أكثره وبه قال احمد في إحدى
الروايات وأبو ثور وزفر لأنه المتيقن وما زاد عليه فمشكوك فيه فلا تثبته بالشك والثاني ترد إلى غالب النساء ست أو سبع وبه قال عطا والثوري والأوزاعي واسحق و
احمد في إحدى الروايات لان حمئة بنت جحش قالت كن استحاض حيضة كثيرة فجئت إلى النبي (ص) استفتيه فوجدته في بيت أختي زينب فقلت يا رسول
الله صلى الله عليه وآله ان لي إليك حاجة وانه لحديث ما منه بد واني لاستحى منه فقال ما هو يا بنتاه قالت انى امرأة استحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها فقال أثقب لك
الكرسف فقلت هو أشد من ذلك فقال تلجمي فقلت هو أشد من ذلك فذكرت الخبر إلى أن قال إنها ركضة من ركضات الشيطان تحيضي في علم الله ستا أو سبعا
ثم اغتسلي حتى إذا رأيت انك قد طهرت واستيقنت فصلى أربعة وعشرين ليلة وأيامها أو ثلثة وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإنه يجزيك وظاهره انها كانت
مبتدأة لأنه لم ينقل انه سألها عن حالها قبل ذلك ولو كان معتادة لوجب ردها إلى عادتها وقال مالك تقعد عادة لذاتها وتستظهر بثلاثة أيام وقال أبو حنيفة
تحيض أكثر الحيض وعن مالك تقعد خمسة عشر يوما وهو رواية عن أحمد لأنه لا يجوز لها ترك الصلاة إلى الأكثر فلا يلزمها القضاء بالشك وقال أبو يوسف تأخذ
في الصوم والصلاة بالأقل وفى وطى الزوج بالأكثر فروع - آ - لا يشترط في التمييز التكرار فلو رأت في شهر ثلثة اسود وفى آخر خمسة وفى آخر سبعة كان ما تراه
بصفة الحيض في كل شهر حيضا - ب - لو رأت الأصفر والأحمر وتجاوز فالأسود حيض والأحمر طهر ولو رأت الأحمر والأصفر فالأحمر حيض والأصفر طهر سواء
كان ما شابه الحيض أول أو أوسط أو اخر وهو أحد قولي الشافعية والاخر اعتبار التقديم ولو رأت ثلثا ثم انقطع يوم العاشر أو ما دونه كان الدمان وما بينهما من
النقاء حيضا كالجاري لقول الصادق (ع) إذا رأته قبل عشرة فهو من الحيضة الأولى وإذا رأته بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة - ج - لو رأت ثلثة اسود وثلاثة احمر ثم
أصفر وتجاوز فالحيض الأسود ولو رأت ثلثة أصفر وتركت الصلاة والصوم إلى العاشر فان رأت بعد ذلك اسود تركت الصلاة أيضا حتى تأخذ في الأسود عشرا فان
انقطع فالأسود حيض وما تقدمه طهر فان تجاوز فلا تمييز لها - د - العادة قد تحصل من التمييز فلو مر بها شهران ورأت فيهما ثم اختلف الدم في باقي الأشهر رجعت إلى عادتها
في الشهرين ولا تنظر إلى اختلاف الدم لان الأول صار عادة - ه‍ - قال في المبسوط لو رأت المبتداة أولا دم الاستحاضة خمسا ثم أطبق الأسود بقية الشهر حكم بحيضها من بداية الأسود
إلى تمام العشرة والباقي استحاضة وهو مشكل فان شرط التمييز عدم تجاوز العشرة والأقرب انه لا تمييز لها كما تقدم ثم قال لو رأت ثلثة عشر بصفة الاستحاضة والباقي
بصفة الحيض واستمر فثلثه من أوله حيض وعشرة طهر وما رأته بعد ذلك من الحيضة الثانية وفيه اشكال إذ لا تمييز هنا الا ان تقصد اعتبار الأقل لأنه المتيقن قال
ولو رأت ثلثة دم الحيض وثلاثة دم الاستحاضة ثم رأت بصفة الحيض تمام العشرة فالكل حيض وان تجاوز الأسود إلى تمام ستة عشر كانت العشرة حيضا والستة السابقة استحاضة
يقضى صلاتها وصومها والأقرب انه لا تمييز لها - و - إذا لم يكن للمبتدأة تمييز ولا أقارب ولا اقران تحيضت في كل شهر بستة أو سبعة على الأشهر لقول الصادق (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله قال لحمئة تحيضي
في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة وقد تقدم خلاف الجمهور وفى قولنا تترك الصلاة والصوم في الأول أكثر أيام الحيض وفى الثاني أقله لقول الصادق (ع) المراة إذا رأت الدم في أول
حيضها واستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما وان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما وهما متقاربتان ولنا
قولان آخران أحدهما انها تترك الصلاة أقل أيام الحيض والثاني أكثره والأقرب الأول - ز - هل المراد بقوله (ع) ستة أيام أو سبعة التخيير أو العمل بما يؤدى اجتهادها إليه ويتغلب انه
حيضها قيل بالأول عملا بمقتضى الظاهر وقيل بالثاني لامتناع التخيير بين الواجب وتركه - ح - للشافعية وجهان في الرجوع إلى النساء أحدها نساء زمانها في الدنيا كلها وأصحهما
اعتبار نساء عشيرتها وقومها لان الحيض يعود إلى الجبلة والطبع فتكون هي كعشيرتها فإن لم يكن لها عشيرة فنساء بلدها لأنها إليهن أقرب وقد بينا مذهبنا - ط - الأيام التي تجلسها
من لا تمييز لها الأقرب انها من أقرب الدم لقول الصادق (ع) تترك الصلاة عشر أيام ثم تصلى عشرين يوما مع احتمال التخيير على ضعف - ى - إذا رددناها إلى الأقل فالثلثة حيض بيقين وما
31

زاد على العشرة طهر بيقين وما بينهما هل هو طهر بيقين أو مشكوك فيه يستعمل فيه الاحتياط للشافعية قولان الأول قياسا على طهر المعتادة والثاني كطهر الناسية فحينئذ تحتاط فتتجنبها
زوجها وتصلى وتصوم وتقضيه وان رددناه إلى الست والسبع فالأقل حيض بيقين والزايد على الكثر طهر بيقين وما زاد على الأقل إلى الست أو السبع هل هو حيض بيقين أو
مشكوك فيه للشافعي قولان الأول قياسا على زمان عادة المعتادة والثاني تستعمل الاحتياط بان تقتضي صلاة تلك الأيام لاحتمال انها طهر ولم تصل وفيما زاد على الست أو السبع
إلى العشر قولان وكلا القولين في التقادير عندي محتمل - يا - شرط الشافعي للتمييز ان لا يزيد القرء القوى على خمسة عشر يوما ولا ينقص من يوم وليلة وان لا ينقص الضعيف من خمسة عشر
يوما على الاتصال ليمكن جعله استحاضة والقوى الذي يليه حيض اخر فلو رأت يوما وليلة دما قويا وأربعة عشر ضعيفا ثم عاد القوى فقد فقد الشرط الثالث ولم يعتبر
القوة والضعف وجهان اللون فالأسود قوى بالنسبة إلى الأحمر والأحمر قوى بالنسبة إلى الأشقر والرائحة والثخانة فذوا الرائحة الكريهة قوى والثخين قوى ولو حصل في
دم خصلة وفى آخر اثنتان فهو أقوى ولو كان في واحد خصلة وفى اخر أخرى فالمتقدم أقوى وشرط في قول له رابعا وهو ان لا يزيد القوى والضعيف على ثلثين يوما فان زاد
سقط حكم التمييز لان الثلثين لا تخلو عن حيض وطهر في الغالب - يب - لو رأت بعد الأسود حمرة ثم صفرة فان انقطع على العشرة فالجميع حيض وان تجاوز فالصفرة استحاضة ثم الأولان
ان زاد على العشرة فالحمرة استحاضة وهو أحد وجهي الشافعي والثاني الحاقها بالسواد فتكون فاقدة التمييز وان
لم يتجاوز ففي الحاق الحمرة بالسواد والصفرة احتمال أقربه الثاني
احتياطا للعبادة وللقوة والأولوية وأقوى الوجهين للشافعي الأول لأنهما قويان بالنسبة إلى ما يعدهما - يج - قد بينا ان الاعتبار عندنا باللون لا بالتقدم فلو رأت خمسة حمرة
وخمسة ثم استمرت الحمرة فالأسود حيض والطرفان استحاضة وهو أظهر وجوه الشافعي والثاني الجمع بين الحمرة والسواد فالعشرة حيض للقوة بالأولوية والثالث سقوط
التمييز البحث الثاني في المعتادة وهي قسمان الأول الذاكرة لعادتها عددا ووقتا فإذا تجاوزت العادة فإن لم يتجاوز الأكثر فالجميع حيض سواء تقدمت العادة أو توسطت
أو تأخرت اجماعا وان تجاوز العشرة ولا تمييز لها رجعت إلى عادتها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد لقوله (ع) دعى الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضهن
ثم اغتسلي وصلى وقول الصادق (ع) المستحاضة تنظر أيامها أولا فلا تصلى فيها وقال الباقر (عليه السلام) المستحاضة تقعد أيام قرئها ثم تحتاط بيوم أو يومين وقال مالك تستظهر بعد
أيامها بثلاثة ان لم يتجاوز خمسة عشر ثم هي بعد ذلك مستحاضة وهو يناسب ما ذكرناه الا في زيادة يوم الاستظهار وفي عدد الأكثر وإن كانت مميزة فان اتفق زمان التمييز
والعادة فلا بحث وان اختلف إما بالزمان كما لو كانت عادتها الخمسة الأولى فرأت في شهر الاستحاضة صفة الحيض في الخمسة الثانية أو بالعدد كما لو رأت الستة الأولى بصفة
دم الحيض أو أربعة فللشيخ قولان الرجوع إلى العادة وهو الأشهر وبه قال أبو حنيفة والثوري واحمد وبعض الشافعية لما تقدم في الأحاديث وقال مالك الاعتبار وبالتمييز
وهو القول الثاني للشيخ وظاهر مذهب الشافعي لقوله (ع) لفاطمة بنت ابن أبي
جيش ان دم الحيض اسود يعرف فإذا أقبلت فاتركي الصلاة وهو محمول على المبتداة ولان العادة
أقوى فإنها لا تبطل دلالتها والتمييز لو زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته فروع - آ - لو رأت العادة وقبلها وبعدها أو أحدهما فإن لم يتجاوز العشرة فالجميع حيض وإلا فالعادة
- ب - العادة قد تتقدم وقد تتأخر فالضابط العدد مع النقاء - ج - العادة قد تتفق بان يتساوى عددها في كل شهر وقد تختلف إما على نهج واحد كثلاثة في الأول و
أربعة في الثاني وخمسة في الثالث وثلاثة في الرابع وأربعة في الخامس وخمسة في السادس وهكذا فإذا استحيضت في شهر فان عرفت نوبته عملت عليه ثم على الذي بعده ثم
على الذي بعده على العادة فان نسيت نوبته فان جهلت بالكلية تحيضت بالأقل ثم تعمل إلى الأقصى ما تعمله المستحاضة وتغتسل في كل وقت يحتمل انقطاع دم الحيض
فيه ثم تعمل باقي الشهر ما تعمله المستحاضة وان عرفت انه أكثر حيضناها بالأقل المحتمل كالأربعة ثم تعمل ما تقدم أولا على نهج واحد كان تحيض من شهر ثلثة ومن الثاني خمسة و
من الثالث أربعة وأشباه ذلك فان أمكن ضبطه ويعتاد على وجه فكالأول وإن كان غير مضبوط جلست الأقل من كل شهر - د - قد بينا ان العادة قد تحصل بالتمييز
فلو رأت المبتداة خمسة اسود في الشهر والباقي احمر أو أصفر ثم في أول الثاني كذلك ثم استحيضت في الثالث ردت إلى الخمسة سواء رأت الخمسة بصفة دم الحيض أو لا وللشافعي وجه اخر عدم المنظر إلى
التمييز السابق بعد بطلانه - ه‍ - لو قصرت العادة عن العشرة فرأت العشرة صفرة أو كدرة ثم انقطع فالجميع حيض عندنا وهو أظهر وجوه الشافعية وبه قال مالك وربيعة وسفين
والأوزاعي وأبو حنيفة ومحمد واحمد واسحق ولقوله تعالى ويسئلونك عن المحيض قل هو اذى والصفرة والكدرة اذى ولقول الصادق (ع) الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض
وفى أيام الطهر طهر وله اخر وبه قال احمد في رواية انه ليس لهما حكم الحيض لأنهما ليسا على لون الدماء وانما الصفرة شئ كالصديد يعلوه صفرة والكدرة شئ كدر والصفرة
ولما روى عن أم عطية وكانت قد تابعت النبي صلى الله عليه وآله قالت كنا لا نعد الصفرة والكدرة حيضا والأول أصح نقلا وله ثالث ان سبق دم قوى من سواد أو حمرة فهما بعده حيض
والا فلا لان الدم يظهر قويا ثم يرق ويضعف وله رابع ان تقدمه وتأخره دم قوى فالوسط حيض والا فلا وله قولان في المتقدم والمتأخر أحدهما قدر يوم وليلة والثاني
لحظة واحدة وقال أبو يوسف الصفرة حيض والكدرة ليست حيضا الا ان يتقدمها دم وقال أبو ثور ان تقدمها دم اسود فهما حيض واختاره ابن المنذر وقال داود ذلك
ليس بحيض إما المبتداة فلو رأت صفرة أو كدرة في أيام ردها إلى عادة أهلها فلا وجه انه حيض وهو أحد قولي الشافعي والآخر ان فيه أقوال الأربعة القسم الثاني
الناسية وأقسامها ثلثة الأول نسيت العدد والوقت معا ويسمى المتحيرة فللشيخ قولان أحدهما انها تترك الصلاة والصوم في كل شهر سبعة أيام وتفعل في الباقي ما
تفعله المستحاضة وتغتسل ولا قضاء عليها في صلاة ولا صوم واستدل باجماع الفرقة الثاني قال في المبسوط تفعل ما تفعله المستحاضة ثلاثة أيام من أول الشهر وتغتسل فيما بعد
لكل صلاة يحتمل الانقطاع عندها إلى اخر الشهر وتصوم الشهر وتصوم الشهر كله ولا تطلق هذه وقال بعض علمائنا تجلس عشرة أيام وهو أكثر الحيض لأنه زمان يمكن ان يكون حيضا
وللشافعي قولان أصحهما انه لا حيض لها في زمان يعينه إذ جميع زمانها مشكوك فيه فتغتسل لكل صلاة وتصوم ولا يأتيها زوجها ما دامت مستحاضة وهو القول الثاني
للشيخ لأنه ما من زمان إلا ويحتمل الحيض والطهر وليس هنا أصل يرد إليه ولا يمكن اثبات احكام الحيض بالشك فأمرناها بالاحتياط الثاني انها ترد إلى يوم وليلة كالمبتدأة
التي لا عادة لها وهو رواية عن أحمد وله قول ثالث انه ترد إلى ستة أو سبعة وبه قال احمد كالمبتدأة وهو الأشهر عندنا لقوله (ع) لحمئة تحيضي في علم الله ستة أو سبعة أيام
ثم اغتسلي الحديث فروع - آ - إذا قلنا بالقول الأول للشيخ فالوجه انها تتخير في الستة أو السبعة أيهما شاءت بالاجتهاد جعلتها الحيض لعدم التنصيص فلو لا التخيير لوجب البيان
ويحتمل ان يكون أول الشهر حيضا لان الحيض جبلة والاستحاضة عارضة - ب - كما انها تجتهد في الزمان فكذا تجتهد في العدد بين ستة وسبعة لقوله ستا أو سبعا ويحتمل التخيير
وعلى قول بعض علمائنا تتعين السبعة ولها ان تتحيض في الشهر الأول بثلاثة وفى الثانية بعشرة كالمبتدأة - ج - الناسية إن كانت جاهلة بشهرها رددناها إلى الشهر الهلالي
فحيضناها في كل شهر حيضة لحديث حمئة ولأنه الغالب وإن كانت عالمة بشهرها حيضناها في كل شهر من شهور ها حيضة لأنها عادتها فترد إليها كما ترد المعتادة إلى عادتها في عدد
الأيام وزمانها - د - لو جلست أيام ثم ذكرت ان عادتها غيرها رجعت إلى عادتها وقضت ما تركت أيام جلوسها فلو كانت عادتها ثلثة من اخر الشهر فجلست السبعة السابقة ثم ذكرت
32

قضت ما تركت من الصلاة والصيام في السبعة وقضت ما صامت من الفرض في الثلاثة - ه‍ - الناسية إن كانت ذات تمييز عملت عليه لتعذر العمل بالعادة وهو أظهر قولي الشافعي
وفى الاخر حكم للتمييز لان العادة مقدمة - و - قال النبال إذا كانت مجنونة فأفاقت فابتداء حيضها من وقت الإفاقة لتوجه التكليف - ح - مسألة المتحيرة ان قلنا بالقول الثاني
للشيخ فطريق معرفة حكمها أن تنظر في أوقاتها فإن كانت تذكر شيئا من أمر حيضها وطهرها فكل زمان لا يحتمل ان يكون حيضا فهو طهر بيقين وكل زمان لا يحتمل ان يكون طهرا فهو حيض بيقين وكل زمان يحتملهما ولم يحتمل الانقطاع تعمل ما تعمله المستحاضة وكل زمان يحتملها ويحتمل الانقطاع
أضافت إلى فعل المستحاضة الغسل عند كل صلاة لاحتماله ينبغي اعتماد الاحتياط في أمور ثمانية - آ -
الاستمتاع فيحرم على الزوج وطئها قبلا طول الشهر وفى وجه للشافعي جواز
الوطي خوفا من الوقوع في الفساد - ب - الطلاق قال الشيخ لا يصح طلاق هذه ولو قيل إن الطلاق يحصل بايقاعه في أول يوم وأول الحادي عشر أمكن وعدتها تنقضي بثلاثة أشهر
- ج - تؤدى كل صلاة بغسل ووضوء ولا تقضى الصلاة المؤدات في أوقاتها وهو أحد وجهي الشافعي لأنها إن كانت طاهر صح الأداء والا سقط القضاء ولان فيه حرجا عظيما
ويحتمل والوجوب لاحتمال انقطاع الحيض في خلال الصلاة اوفى اخر الوقت وربما ينقطع قبل غروب الشمس فيلزمها الظهر والعصر وقبل نصف الليل فيلزمها المغرب والعشاء
فتغتسل في أول وقت الصبح وتصليها ثم تغتسل بعد طلوع الشمس وتعيدها لاحتمال انه انقطع بعد ما صلت المرة الأولى ولزمها الصبح فتخرج عن العهدة بالثانية لأنها إن كانت
طاهرة في الأول فان انقطع في الوقت صحت الثانية وأجزأت فإن لم ينقطع فلا شئ عليها ولا يشترط المبادرة إلى المرة وحتى اغتسلت وصلت الصبح قبل انقضاء
أكثر الحيض من أول وقت الصبح خرجت عن العهدة لان الدم لو انقطع في الوقت لم يعد الا بعد انقظاء الأكثر ويصلى العصر والعشاء مرتين لذلك ولا تكتفى بان تعيد الظهر
للمرة الثانية في أول وقت العصر ولان تعيد المغرب في أول وقت العشاء بل تعيد الظهر في الوقت الذي يجوز إعادة العشاء فيه وهو ما بعد نصف الليل يجوز انقطاعه في اخر وقت
العصر بقدر ما يلزم به الظهر وكذا المغرب ثم إن عادت الظهر والعصر بعد الغروب قبل ان تؤدى المغرب كفاها للظهر والعصر غسل واحد ثم تغتسل للمغرب والعشاء لأنه ان انقطع
الدم قبل الغروب فقد اغتسلت والانقطاع لا يتكرر وان لم ينقطع قبل الغروب فليس عليها ظهر ولا عصر وانما اغتسلت للمغرب لاحتمال الانقطاع في خلال الظهر والعصر و
عقيبهما وان أخرتهما عن المغرب كفاها غسل المغرب لهما لعدم تكرر الانقطاع وتتوضأ لما لا تغتسل لها من هذه الصلوات كالمستحاضة وهو الثاني للشافعي - د - إذا وجب عليها
قضاء فأيته قضتها ثلث مرات كل مرة بغسل ووضوء وأقل زمان يتصور فيه سقوط الفرض بيقين عشرة أيام ولحظتان فيقدر كأنها تغتسل وتصلى في زمان يبقى بينه وبين
طلوع الشمس غسل وصلاة ثم يحتسب من وقت طلوع الشمس عشرة أيام فتغتسل وتقضى الصلاة في العشرة بأي وقت شاءت ثم إذا كملت العشرة اغتسلت وقضت الثالثة لأنها إن كانت
طاهرا في جميع المدة فالأول صحيح وما بعده زيادة وان قدر ابتداء حيضها كان في صلاتها الأولى فقد تمت لها عشرة أيام قبل الفعل الأخير فصح غسلها وصلاتها في الانتهاء وان
قدر انها كانت في ابتداء الأولى في اخر حيض فانقطع في أثنائها وفى الثالثة عاودها الحيض صحت الثانية - ه‍ - إذا كان عليها طواف كان طريق أدائه كطريق الفايتة وتصلى بعد كل طواف
ركعتين وليس عليها لأجل الركعتين غسل لأنه مع الطواف كالعصر مع الظهر ويجب الوضوء خلافا للشافعي لتعدد الوضوء بتعدد الصلاة وكذا عنده الا هنا لان الركعتين من
توابع الطواف فجعلهما تبعا في الطهارة - و - إذا كان عليها قضاء صوم يوم صامت يوما متى شاءت وتفطر الثاني ثم تصوم آخر قبل العاشر ثم الثاني عشر لأنها إما طاهر في الأول فصح القضاء
فيه أو غير طاهر فاما أن تكون فيه حايضا في جميعه فيقطع حيضها قبل الثاني عشر فيجزئها الثاني عشر أو ما قبل العاشر أو في بعضه فإن كان في أوله وانقطع في أثنائه كانت طاهرا في
العشرة فصح الثاني وإن كانت حايضا في الثاني آخره وابتدأ به فغايته إلى الحادي عشر وتكون طاهرا في الثاني عشر ولو كان عليها قضاء يومين فصاعدا ضعفت ما عليها وتزيد عليه يومين
وتصوم نصف المجموع متى شاءت والنصف الآخر من أول الحادي عشر فلو كان عليها يومان تضعف وتزيد يومين يكون المجموع ستة تصوم منها ثلثة متى شاءت وثلاثة من
الحادي عشر من صومها الأول فإن كانت الثلاثة الأولى في الطهر فذاك وإن كانت في الحيض فغايته الانتهاء إلى الحادي عشر بتقدير ان يكون الابتداء في اليوم الأول فيقع اليومان
الآخران في الطهر وإن كان بعضها في الحيض دون بعض فان وقع الأول في الطهر صح مع الثالث عشر وان وقع اليومان الأولان في الطهر أجزأه وان وقع اليوم الأخير في الطهر أجزأه مع الحادي
عشر ولو صامت ما عليها ولاء بلا زيادة واعادته من الثاني عشر وصامت بينهما يومين متواليين أو غير متواليين متصلين بأحد النصفين أو غير متصلين أجزأ - ز - يجب
عليها صوم جميع شهر رمضان لاحتمال دوام الطهر ثم تقضى عشرين يوما عندنا لاحتمال أن تكون العشر الأولى حيضا والثانية طهرا والثالثة حيضا ولو عملت اتحاد الحيض قال
علماؤنا تقتضي صوم عشرة احتياطا والوجه قضاء أحد عشر لاحتمال ابتداء الحيض من نصف يوم وانقطاعه في نصف الحادي عشر ومن جعل أكثر الحيض خمسة عشر يوما كالشافعي أوجب قضاء ستة عشر
يوما فتصوم شهر اخر بالأيام فيحصل لها أربعة عشر يوما وتبقى عليها يومان فتصوم ستة أيام في مدة ثمانية عشر فيحصل لها صوم رمضان بان تصوم ستة وستين يوما في
مدة ثمانية وسبعين يوما قالت الشافعية لو وجب عليها صوم شهرين متتابعين صامت مائة وأربعين يوما لأنها تصوم أربعة أشهر بالأيام تحصل لها من كل شهر أربعة عشر يوما
وتبقى عليها أربعة أيام فتصوم عشرين يوما فيحصل لها أربعة أيام فقد خرجت عن الفرض بيقين - ح - منعها عن المساجد وقرائة العزائم والغسل عند كل صلاة القسم
الثاني ناسية الوقت دون العدد فإن كان العدد نصف الزمان الذي وقع الشك فيه أو قصر عنه لم يكن لها حيض بيقين مثل ان تعلم أن حيضها خمسة أيام من كل شهر ولا تعرف
عينها قال الشيخ تعمل في جميع الوقت ما تعمله المستحاضة وتغتسل بعد انتهاء العدد في كل وقت يحتمل انقطاع دم الحيض فيه فتغتسل هذه اخر الخامس ثم عند كل صلاة
إلى اخر الشهر الا ان تعلم أن الانقطاع في وقت بعينه فتكرر غسل الانقطاع عنده وبه قال الشافعي أخذا بالاحتياط وتقتضي صوم العدد ويحتمل أن يتخير في تخصيص الحيض كالمتحيرة فتجعله حيضا والباقي طهرا وللحنابلة وجهان أحدهما التحري بالاجتهاد والثاني جعله في الأول الشهر وان زاد العدد على نصف الزمان مثل ان تعلم أن حيضها ستة
أيام من العشر الأول فالزايد وضعفه حيض بيقين وهو الخامس والسادس لدخولهما فيه على كل تقدير ثم إما ان تتخير في الأربعة الأولى أو الثانية أو تجتهد وتجعل المقدمة
حيضا أو تحتاط فتعمل ما تعمله المستحاضة فيهما ولو كان الحيض بسبعة منها فالرابع والسابع وما بينهما حيض بيقين ولو كان خمسة وعلمت طهر الأول فالزيادة بنصف
يوم فالسادس حيض بيقين ولو علمت طهر العاشر فالخامس حيض بيقين وقد فرع الشيخ هنا فروعا كثيرة تدخل تحت هذا الضابط - آ - لو قالت كنت أحيض أحد
العشرات وجهلت التعيين فليس لها حيض بيقين لنقص العدد عن نصف الزمان فتعمل ما تعمله المستحاضة جميع الشهر وتغتسل آخر كل عشرة لاحتمال الانقطاع فان
قالت كنت أحيض عشرة في كل شهر وجهلت التعيين فكالأول الا انها بعد العشرة الأولى تغتسل عند كل صلاة إلى اخر الشهر لاحتمال الانقطاع وفى الأول تغتسل في
اخر كل عشرة - ب - لو قالت حيضي عشرة وكنت العشر الأوسط طاهر بيقين وقع الشك في الأول والاخر ولا حيض بيقين لمساواة نصف الزمان العدد فتعمل فيهما ما تعمله المستحاضة
وتغتسل في اخر كل وقت منهما لاحتمال الانقطاع إما لو قالت كنت العشر الأول طاهرا فان الشك يقع في الأوسط والأخير فتعمل فيهما ما تعمله المستحاضة ثم تغتسل اخر العشر الأول
وعند كل صلاة إلى آخر الشهر لاحتمال الانقطاع وكذا لو علمت الطهر في العشر الأخير - ج - لو قالت كان حيضي خمسة أيام وكنت يوم الثاني طاهرا فلها يومان الأول والثاني طهر
33

بيقين والسادس والسابع حيض بيقين وان قالت كنت في الثالث طاهرا فالثلاثة الأولى طهر بيقين والسادس والسابع والثامن حيض بيقين ولو قالت كنت يوم الخامس
طاهرا فالحيض الخمسة الثانية - د - لو قالت كان حيضي عشرة من كل شهر وكنت يوم السادس طاهرا فالستة الأولى طهر بيقين ومن السابع إلى اخر السادس عشر طهر مشكوك فيه
لا يمكن الانقطاع فيه تتوضأ فيه لكل صلاة وبعد السادس عشر إلى اخر الشهر طهر مشكوك فيه تغتسل لكل صلاة لاحتمال الانقطاع فان قالت كنت يوم الحادي عشر طاهرا فهو
الطهر بيقين والعشر الأولى مشكوك فيها تغتسل في آخر ها لاحتمال الانقطاع ومن الثاني عشر إلى اخر الحادي والعشرين مشكوك فيه تتوضأ لكل صلاة ثم تغتسل عند انقضائه
إلى اخر الشهر لاحتمال الانقطاع - ه‍ - لو قالت كان لي في كل شهر حيضتان بينهما طهر صحيح ولا اعلم موضعهما ولا عددهما فليس لها حيض ولا طهر بيقين عندنا واما الشافعي
ومن وافقه في أقل الحيض وأكثره وأقل الطهر فان أقل ما يحتمل ان يكون حيضها يوما من أوله ويوما من اخره وما بينهما طهر وأكثر ما يحتمل ان يكون حيضها يوما من أوله
وأربعة عشر من اخره وبينهما خمسة عشر يوما أو بالعكس ويحتمل ما بين ذلك تتوضأ لليوم الأول لأنه طهر مشكوك فيه وتغتسل في اخره وتغتسل لكل صلاة إلى انقضاء
الرابع عشر واما الخامس عشر والسادس عشر فطهر بيقين ثم تغتسل في انقضاء السابع عشر إلى آخر الشهر لامكان انقطاع الدم في كل وقت - و - لو قالت حيضي خمسة في
كل شهر وكنت في الخمسة الأخيرة طاهرا ولى طهر صحيح غيرها احتمل ان يكون حيضها الخمسة الأولى والباقي يكون طهرا وكذا الخمسة الثانية والثالثة عندنا وقال الشافعي لا
يحتمل الثالثة لأنه لا يمكن قبلها طهر كامل ولا بعدها سوى الخمسة الأخيرة ويحتمل الرابعة والخامسة والخمسة الأولى طهر مشكوك فيه تتوضأ لكل صلاة وتغتسل عند انقضائها
إلى اخر العاشر لأنه طهر مشكوك فيه وكذا من الحادي عشر إلى الخامس عشر عنده انه طهر بيقين ومن السادس عشر إلى آخر العشرين طهر مشكوك فيه تتوضأ لكل صلاة وتغتسل
عند انقضائه إلى اخر الخامس والعشرين - ز - لو قالت حيضي عشرة أيام وكنت اليوم العاشر حايضا فقد تجاوز العدد نصف الزمان بنصف يوم لوقوع الشك في تسعة عشر فتعمل من
أول الشهر ما تعمله المستحاضة ثم تغتسل اخر العاشر لاحتمال انه اخره وتفعل ما تفعله المستحاضة إلى اخر التاسع عشر وتغتسل عند كل صلاة لاحتمال الانقطاع عندها والباقي
طهر بيقين فان قالت الحيض يوم الثاني عشر فالأولان طهر بيقين وكذا من الثاني والعشرين الخ والباقي مشكوك فيه لكن لا تغتسل الانقطاع الا في اخر الثاني عشر وعند كل صلاة منه
إلى اخر الحادي والعشرون فلها يومان من أول الشهر طهر بيقين وكذا تسعة من آخره والشك وقع من أول الثالث إلى اخر الحادي والعشرين فقد قصر نصف الزمان عن العدد بنصف
يوم فالثاني عشر حيض بيقين وغلط قلم الشيخ هنا فجعل لها مع اليومين ثمانية أيام من آخره طهرا والحق انه تسعة - ح - ولو قالت حيضي حيضة من الشهر لا أعرفها الا انى ان كنت
يوم السادس طاهرا كنت السادس والعشرين حايضا وان كنت في السادس حايضا كنت في السادس والعشرين طاهرا وتحقيقه أنها تحيض أحد هذين فالأول طهر بيقين وكذا من
الحادي عشر إلى اخر الحادي والعشرين والثاني مشكوك فيه وتغتسل لاحتمال الانقطاع اخر السادس إلى اخر العاشر وكذا اخر السادس والعشرين إلى اخر الشهر وتفعل في جميع الأيام ما
تفعله المستحاضة فروع في الامتزاج - آ - إذا قالت حيضي عشرة في كل شهر وكنت امزج إحدى العشرات بالأخرى بيوم فالأول والثلاثون طهر بيقين والشك وقع بينهما فلا حيض
لها بيقين تعمل ما تعمله المستحاضة جميع الشهر وتغتسل اخر الحادي عشر واخر التاسع عشر والحادي والعشرين والتاسع والعشرين لاحتمال الانقطاع قال الشيخ ويسقط
قضاء صوم الأول والثلثين لأنهما طهر بيقين وتقضى ما عداهما لأنها صامت مع الشك في الطهارة فوجب القضاء ثم قال ولو قلنا إنه لا يجب الا قضاء عشرة أيام كان صحيحا لأنه
من المعلوم ان الحيض لا يزيد عليها وصوم المستحاضة صحيح ولا حاجة إلى تجديد النية عند كل ليلة وهذا هو المعول عليه دون الأول والأول مذهب الشافعي والحكم صحيح لكن لا مدخل
للتجديد هنا والشافعي وافقنا على قضاء أكثر الحيض وهو خمسة عشر في أحد القولين وفى آخر ستة عشر - ب - لو قالت كانت حيضي عشرة وامزج العشرة بالأخرى بيومين فيومان
من أول الشهر ويومان من آخره طهر بيقين والشك في الباقي تعمل في الجميع ما تعمله المستحاضة ولا حيض بيقين لقصور العدد عن نصف الزمان وتغتسل اخر الثاني عشر و
الثامن عشر والثاني والعشرين والثامن والعشرين لاحتمال الانقطاع ولو كان المزج بخمسة فلا حيض بيقين لمساواة العدد نصف الزمان فخمسة من أول الشهر وخمسة من اخره
طهر بيقين لكن غسل الانقطاع في اخر الخامس عشر والخامس والعشرين خاصة وفرع الشيخ المزج بستة إلى المزج بالتسعة عقيب تفريعه المزج بيوم إلى المزج بستة وهما
واحد - ج - لو قالت حيضي عشرة وامزج النصف بالنصف بيوم فيومان حيض بيقين واثنا عشر طهر بيقين لزيادة العدد على نصف الزمان بيوم هما الخامس عشر والسادس
عشر ومن السابع إلى رابع عشر مشكوك فيه وكذا من السادس عشر إلى اخر الرابع والعشرين تعمل ما تعمله المستحاضة وتغتسل لاحتمال الانقطاع آخر السادس عشر
والرابع والعشرين - د - لو قالت حيضي تسعة ونصف وكنت امزج أحد النصفين بالآخر بيوم والكسر من أوله واليوم الكامل في النصف الثاني فستة ونصف من أول
الشهر طهر بيقين وتمام السابع إلى اخر السادس عشر حيض بيقين ولو كان الكسر من الثاني فبالعكس من أول الشهر إلى اخر الرابع عشر طهر بيقين ومن الخامس عشر إلى
النصف الأول من الرابع والعشرين حيض بيقين ولو قالت امزج العشر بالعشر بيوم والكسر من الأول فالأول ونصف الثاني طهر بيقين ثم إلى اخر الحادي عشر مشكوك فيه
فتغتسل في اخره لاحتمال الانقطاع ونصف الثاني عشر طهر بيقين ومن النصف الثاني إلى اخر الحادي والعشرين مشكوك فيه تغتسل في اخره لاحتمال الانقطاع
ولو كان الكسر في العشر الثاني فإلى اخر التاسع طهر بيقين ثم يحتمل ابتداء الحيض من أول العاشر فاخره النصف الأول من التاسع عشر ومن أول التاسع عشر فاخره النصف
الأول من التاسع والعشرين ولا يحتمل ان يكون المزج بين العشرين بيوم والكسر فيهما لان العشرين لا تختلط بيوم القسم الثالث ناسية العدد دون الوقت فان
ذكرت أول الحيض أكمله ثلاثة بيقين ثم تغتسل في اخر الثالث احتمال الانقطاع وتعمل إلى العاشر ما تعمله المستحاضة وتغتسل في كل وقت يحتمل الانقطاع وان
ذكرت في اخره جعلته نهاية الثلاثة واغتسلت عنده لاحتمال الانقطاع وتعمل فيما بعده عمل المستحاضة لأنها طاهرة فيه قطعا وما قبله ثلاثة أيام حيض بيقين
وما زاده إلى تمام العشرة طهر مشكوك فيه تعمل ما تعمله المستحاضة وتقضيان صوم عشرة أيام احتياطا وان لم تذكر الأول والاخر فذلك الوقت الذي عرفت حيضها فيه ان لم يزد
عن أقل الحيض فحيضها معلوم كما لو قالت اعلم انى كنت ثاني الشهر حايضا ورابعه طاهرا وان زاد من غير
تداخل كما لو قالت كنت حايضا يوم الخامس وطاهرا يوم العاشر
فالزمان مشكوك فيه تعمل ما تعمله المستحاضة وان تداخل كما لو قالت كنت حايضا يوم الثالث وطاهرا يوم السادس فالتداخل حيض بيقين وهو الثالث وما
عداه مشكوك فيه فيحتمل جعل الثالث اخر الحيض تغليبا للسبق وأوله ان أدي اجتهادها إليه وعملنا بالاجتهاد والتخيير وأوسطه فيكون العشرة حيضا ولو قالت إن
حيضي كان في النصف الأول من الشهر ولا اعرف قدره ولا وقته فالنصف الثاني طهر بيقين ومن أول الشهر ثلاثة أيام يحتمل الحيض والطهر ولا يحتمل الانقطاع
فتعمل ما تعمله المستحاضة وبعد ذلك إلى تمام النصف يحتمل الحيض والطهر والانقطاع فتعمل عمل المستحاضة وتغتسل لكل صلاة مسألة قد بينا ان أقل الحيض
ثلاثة أيام واختلف علماؤنا في اشتراط التوالي فالأكثر عليه وقال آخرون بعدمه فإذا رأت ثلاثة أيام متوالية فهو حيض قطعا فإذا انقطع وعاد قبل العاشر وانقطع
34

فالدمان وما بينهما حيض ذهب إليه علماؤنا وبه قال أبو حنيفة لان أقل الطهر عشرة أيام ودم الحيض يسيل تارة وينقطع أخرى وانما ثبت للنقاء حكم الطهر إذا انقطع بالكلية
وقال مالك واحمد تلفق بأيام الدم حيض وأيام النقاء طهر لان النقاء موجود في بعض الأوقات حقيقة كما أن الدم موجود في بعضها حقيقة وكما لا يجوز جعل الدم الموجود طهرا كذا لا يجوز جعل الطهر الموجود
حيضا بل يوفى كل منهما حكمه والملازمة ممنوعة وللشافعي قولان أظهرهما الأول فان جاز ذلك الدم عشرة أيام فإن كانت مبتداء قال الشيخ تدع الصلاة والصوم كلما
رأت الدم وإذا رأت الطهر صلت وصامت إلى أن تستقر لها عادة لقولهم (ع) كلما رأت الطهر صامت وكلما رأت الدم تركت الصلاة إلى أن تستقر لها عادة والظاهر أن
مراده من ذلك ترك العبادة في الدم المحتمل لان يكون حيضا لا مطلقا ويحتمل عندي هنا أمور ثلثة جعل الثلاثة حيضا أخذنا بالمتيقن وقضاء صوم أحد عشر يوما وجعل السبعة
أو العشرة فلو كان السابع أو العاشر يوم النقاء فالوجه الحاقه بالطهر وإن كانت ذات عادة ردت إليها سواء رأت فيها دما اسود أو احمر أو نقاء قاله الشيخ والوجه الحاق النقاء بما
بعده وان نسيتها عملت بالتمييز وتراعى بين الحيض عشرة أيام طهر أو لو رأت ثلاثة أيام دما ثم انقطع ثم عاودها قبل العشرة فالجمع حيض وقضت صوم النقاء وجاز لزوجها الوطي فيه
فإذا ظهر أنه حيض لم يكن عليه شئ وان رأت أقل من ثلثة ثم انقطع ورأته قبل العاشر وبلغ المجموع ثلثة فلعلمائنا قولان أحدهما انه ليس بحيض لاشتراط التوالي في
عدد أقل الحيض والثاني انه حيض ان كمل ثلثة في جملة العشرة وللشافعية كالقولين ومنهم من اشترط في التلفيق أن يكون أوله حيضا كاملا واخره حيضا كاملا ومنهم من لم يشترط
بلوغ أقل الحيض فلو رأت ساعة ثم انقطع ثم رأت قبل خمسة عشر ساعة أخرى كانت الساعتان مع الطهر المتخلل بينهما حيضا وهو أضعف الوجوه عندهم ولو كمل أقل الحيض في
أكثر من عشرة لم يكن حيضا وموضع الخلاف ما إذا كانت أزمنة النقاء زائدة على الفترات المعتادة بين دفعات الدم فإن لم يزد عليها فالجميع حيض اجماعا فروع - آ - إذا رأت أقل
الحيض ثم انقطع وجب عليها العبادة اجماعا لان الموجود حيض تام وربما لا يعود الدم فلا يبيح لها ترك العبادة بالشك وان رأت أقل وقلنا أيام النقاء طهر اغتسلت لان
الدم ربما عادة فالدم الموجود حيض وظهر ان للنقاء حكم الطهر وان قلنا إنها كالحيض فلا غسل لان الدم لم يعد فليس له حكم الحيض حتى يجب غسله وان عاد ظهر ان الزمان
حيض وليس للغسل في زمان الحيض حكم - ب - لو كانت عادتها خمسة أيام ورأت دما يوما ويوما نقاء وتجاوز الدم والنقاء الأكثر ولا تمييز فان قلنا إنها لا تلفق فأيام العادة
حيض الدم والنقاء الذي يليه قال الشافعي وان قلنا تلفق فمن أين تلفق للشافعي قولان أحدهما من أيام العادة حسب لان النقاء من أيام العادة وانما انقطع دمها فيه
فتنقص من عادتها والثاني تلفق من أكثر الحيض لان عادتها تفرقت فيها فعلى الأول يحصل لها ثلاثة أيام حيض وعلى الثاني تلفق خمسة أيام من تسعة ولو كانت عادتها ستة أيام فان قلنا لا تلفق فالحيض خمسة أيام والسادس نقاء وليس بعده حيض فلا يكون حيضا وتنقص عادتها
وان قلنا تلفق من زمان العادة حصل لها ثلاثة أيام وان قلنا من خمسة عشر لفقنا لها ستة أيام من أحد عشر - ج - يشترط في جعل النقاء حيضا امران أحدهما ان
يكون النقاء محبوسا بدمين في الأكثر فلو رأت يوما وليلة دما وأربعة عشر نقاء ورأت في السادس عشر فالنقاء مع ما بعده من الدم طهر قاله الشافعي وعندنا الأكثر
عشرة والثاني ان يكون قدر الحيض في مدة الخمسة عشر تمام أقل الحيض وان تفرق بالساعات وهو أظهر أقوال الشافعي - د - لو رأت أقل الحيض وانقطع ثم عاد قبل
انقضاء الطهر بعد مجاوزة أكثر الحيض فالأول حيض والثاني دم فساد - ه‍ - لو كانت عادتها خمسة من أول الشهر فرات الأول طهرا ثم الثاني دما ثم الثالث طهرا وهكذا
احتمل جعل الثاني والرابع والسادس حيضا خاصة وخمسة أيام دما خاصة وعند الشافعي ان وقف على خمسة عشر من الدم فان قيل بعدم التلفيق فالأربعة عشر حيض
وان قيل به لفقت خمسة أيام من تسعة وان زاد الدم على الخامس عشر فقد استحيضت فان قيل بالتلفيق على الوجهين أحدهما من زمان العادة فلها يومان حيض من زمان العادة وهو الثاني
والرابع والثاني من زمان الامكان فيلفق لها خمسة أيام أولها الثاني واخرها العاشر وان قيل بعدم التلفيق فهل الاعتبار بزمان العادة أو بعدها وجهان العادة لأنه إذا
اعتبر عددها اعتبر زمانها فحيضها الثاني والثالث والرابع لان الأول طهر قبله طهر والخامس طهر بعده استحاضة والثاني الاعتبار بعدد العادة دون زمانها لانتقال
حيضها فحيضها خمسة أولها الثاني واخرها السادس الفصل الرابع في النفاس والنفاس هو الدم الخارج عقيب الولادة بالاجماع لأنه خارج عقيب نفس أو
مأخوذ من تنفس الرحم بالدم فالخارج قبل الولادة ليس بنفاس اجماعا لقول الصادق (ع) في المراة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين فترى الصفرة أو دما قال تصلى ما لم تلد فان
غلبها الوجع ففاتها صلاة لم تقدر ان تصليها فعليها قضاء تلك الصلاة بعد ما تطهر واما الخارج مع الولادة فالشيخ نص على أنه نفاس وهو أصح وجهي الشافعية لأنه
دم خرج لخروج الولد فأشبه الخارج بعده وقال المرتضى (رض) النفاس هو الذي تراه عقيب الولادة وهو يشعر بان الخارج معها ليس بنفاس وبه قال بعض الشافعية وأبو حنيفة
لأنه انفصل قبل انفصال الولد فأشبه ما خرج قبله مسألة ولو ولدت ولم تر دما فلا نفاس اجماعا ولا يجب عليها الغسل عند علماء أهل البيت (على) وبه قال
أبو حنيفة عملا بالأصل السالم عن معارضة الحدث وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان أحدهما الوجوب لأنه مخلوق من مائها فهو بمنزلة خروج الماء ويعارضه انه جامد
فأشبه الحضار والسدود مسألة لا يشترط في الولد الحياة بل ولا التمامية فلو ولدت مضغة أو علقة بعد ان شهد القوابل انه لحمة ولد ويتخلق منه الولد كان الدم نفاسا بالاجماع
لأنه دم جاء عقيب حمل إما النطفة والعلقة المشبهة فلا اعتبار بهما لعدم تيقن الحمل بهما فيكون حكمه حكم دم الحامل مسألة وليس لأقل النفاس حد فجاز ان يكون لحظة
واحدة ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال أكثر العلماء كالشافعي ومالك وأبي حنيفة واحمد لأنه دم وجد عقيب سببه
وهو الولادة فكان نفاسا وولدت امرأة على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله فلم تر نفاسا فسميت ذات الجفوف وحكى عن الثوري ان أقله ثلاثة أيام لأنه أقل الحيض ولا ملازمة بينهما وحكى عن أبي يوسف أنه قال أقله أحد عشر يوما
ليزيد أقله على أكثر الحيض وقال محمد بن الحسن وأبو ثور والشافعي في أحد قوليه أقله ساعة وقال المزني أقله أربعة أيام لان أكثر النفاس أربعة اضعاف أكثر الحيض فكان أقل
النفاس أربعة اضعاف أقل الحيض وهو يوم وليلة فأقل النفاس أربعة وقال أبو عبيدة أقله خمسة وعشرون يوما والكل خطا لان الشرع لم يرد بتحديده فيرجع إلى الوجود
وقد وجد أقل من ذلك إذا ثبت هذا فإذا انقطع الدم عقيب لحظة كانت بحكم الطاهر بقية اليوم إذا لم يعاود الدم وقال احمد في رواية لو رأت النقاء لدون يوم لم
يثبت لها حكم الطاهرات وهو خطا لقول علي (ع) لا يحل للنفساء إذا رأت الطهر الا ان تصلى مسألة اختلف علماؤنا في أكثره فالمشهور أنه لا يزيد على أكثر أيام
الحيض قاله الشيخ وعلي بن بابويه والمفيد في أحد قوليه لقول أحدهما (ع) النفساء تكف عن الصلاة أيام أقرائها ولأنه دم حيض حبسه احتياج الولد إلى الغذاء وانطلاقه
باستغنائه عنه وأكثر الحيض عشرة ولأنه أحوط للعبادة وفى الثاني ثمانية يوما وبه قال المرتضى وابن الجنيد والصدوق لقول الصادق (ع) وقد سئل عن النفساء
كم تقعد فقال إن أسماء بنت عميس امرها ورسول الله صلى الله عليه وآله ان تغتسل لثماني عشرة ليلة ولا حجة فيه لاحتمال وقوع السؤال عند الانتهاء وقال ابن ابن أبي
عقيل أيامها كأيام
حيضها وأكثره أحد وعشرون يوما فان انقطع دمها في تمام حيضها صلت وصامت وان لم ينقطع صبرت ثمانية عشر يوما ثم استظهرت بيوم أو يومين فإن كانت كثيرة
الدم صبرت ثلاثة أيام ثم اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت لما رواه البزنطي في الصحيح عن الباقر (عليه السلام) وقال الشافعي أكثره ستون يوما وهو رواية لنا وبه قال عطا
35

والشعبي ومالك وأبو ثور وحكى عن عبيد الله بن الحسن العنبري والحجاج بن أرطاة لأنه قد وجد ذلك ولا دليل فيه لان الزايد استحاضة وقال أبو حنيفة والثوري واحمد واسحق
وأبو عبيد أكثره أربعون يوما وهو رواية لنا أيضا لان أم سلمة قالت كانت النفساء تقعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله أربعين ليلة وأربعين يوما والراوي مجهول فلا عبرة
به وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري أنه قال خمسون يوما وهو رواية لنا وحكى الطحاوي عن الليث أنه قال من الناس من يقول سبعون يوما مسألة إذا زاد الدم على
الأكثر وهو عشرة عندنا وستون عند الشافعي وأربعون عند ابن أبي
حنيفة فالأقوى عندي انها إن كانت ذات عادة في الحيض جعلت نفاسها عدد أيام حيضها والباقي
استحاضة وان لم تك ذات عادة كان نفاسها عشرة أيام لما تقدم من الرد إلى أيامها في الحيض وقال بعض أصحاب الشافعي إذا استحيضت النفساء وتجاوز الدم ستين كانت
الستون نفاسا وهو قول المزني والزايد استحاضة لثبوت النفاس باليقين فلا يزول الا بمثله بخلاف الحيض لأنه لم يثبت أولا باليقين وقال بعضهم الزايد على الستين
حيض لعدم التنافي وقال الباقون منهم بالتفصيل فإن كانت ذات عادة فيه بان تلد مرتين مثلا وترى الدم أربعين ردت إلى عادتها من الأربعين ثم إن كانت
معتادة في الحيض فترد إلى عادتها في الطهر ثم تحيض قدر عادتها في الحيض فإن كانت مبتدأة في الحيض جعلت القدر الذي ترد إليه المبتداة في الطهر استحاضة والقدر
الذي ترد إليه في الحيض حيضا ولو ولدت مرارا وهي ذات جفاف ثم ولدت واستحيضت فلا تجعل عدم النفاس عادة بل هي مبتدأة في النفاس
وإن كانت مبتدأة في النفاس فله قولان أحدهما الرد إلى لحظة والثاني إلى أربعين لأنه الغالب وإن كانت محيرة فحكمها حكم الحايض في شرط التمييز وترد إليه كما في الحيض
الا ان الستين هنا بمنزلة خمسة عشر هناك فلا يزيد التمييز على الستين وان نسيت عادتها في النفاس ففي قول ترد إلى الاحتياط وعلى اخر انها ترد إلى ما ترد إليه المبتداة
فروع الأول لو رأت عقيب الولادة لحظة ثم انقطع ورأته قبل العاشر لحظة فالدمان وما بينهما نفاس لان الطهر لا يكون أقل من عشرة ولو رأت اللحظة
الأخيرة خاصة فهي النفاس خاصة إما الشافعي فعنده إذا انقطع دم النفاس فإن لم يبلغ النقائين الدمين أقل الطهر كيوم ويومين فأزمنة الدم نفاس
وفى أزمنة النقاء قولان كالحيض الثاني لو رأت يوم الولادة ثم انقطع عشرة أيام ثم رأت الدم ثلاثة أيام فالأول نفاس والنقاء طهر والثاني حيض لمضى طهر كامل
بعد انقطاع النفاس ولو قصر الثاني عن ثلثة لم يكن حيضا بل دم فساد وعند الشافعي انه إذا تخلل بين الدمين أقل الطهر كما لو رأت عقيب الولادة ثم طهرت خمسة عشر
يوما ثم عاد الدم قبل الستين فاصح الوجهين انه حيض لأنه وما قبله دمان تخللهما طهر صحيح فلا يضم أحدهما إلى الاخر كدمي الحيض وبه قال أبو يوسف ومحمد والثاني
وبه قال أبو حنيفة انه دم نفاس لوقوعه في زمان امكان النفاس وقال احمد العايد مشكوك فيه تصوم وتصلى وتقضى الصوم والطواف ولا يأتيها زوجها لاحتمال انه
نفاس ودم فساد فلو ولدت ولم تر الدم خمسة عشر يوما فصاعدا ثم رأته فإنه قيل العايد نفاس ففي أيام النقاء وجهان الثالث إذا كانت عادتها عشرة أيام حيضا
وعشرين طهرا فرأت عشرة أيام نفاسا وشهرا طهرا ثم رأت الدم واتصل بها لم تبطل بذلك عادتها بل ترجع إلى العادة التي كانت قبل الولادة من اعتبار الحيض و
الطهر وقالت الشافعية إذا كانت تحيض عشرة وتطهر عشرين فرات عشرين يوما نفاسا ثم طهرت شهرين ثم عاودها الدم واتصل وعبر أكثر الحيض فإنها مستحاضة ترد إلى عادتها في
الحيض وهي عشرة أيام ويكون طهر ها شهرين لان طهرها تغير والطهر في الحيض والنفاس واحد وهو يجئ على قول من لا يعتبر تكرر العادة الرابع لو رأت خمسة أيام
ثم ولدت بعد ذلك قبل ان يمضى زمان الطهر فالدم ليس بنفاس لتقدمه قال الشيخ وليس بحيض لان الحامل المستبين حملها لا تحيض فيكون دم فساد وهو أحد
قولي الشافعية والثاني انه حيض لان الحامل قد ترى الدم ولا يعتبر بينه وبين النفاس طهر صحيح والولادة تفصل بينهما بخلاف الحيض لأنه لو يوجد للطهر بين الحيضتين
أقل من خمسة عشر يوما مسألة حكم النفاس حكم الحيض في جميع المحرمات والمكروهات والخلاف في كفارة وطيها ولا نعلم في ذلك خلافا لان دم النفاس هو دم
الحيض وانما احتبس مدة الحمل لانصرافه إلى غذاء الولد فإذا وضع الولد وانقطع العرق الذي كان مجرى الدم خرج من الفرج كما يخرج من الحايض فإذا رأت بعد الولادة
ساعة دما ثم انقطع كان عليها ان تغتسل ولزوجها ان يأتيها فان خافت العود استحب التلبث احتياطا مسألة لو ولدت توامين فابتداء النفاس من الأول
وعدد الأيام من الثاني ذهب إليه علماؤنا وهو أحد أقوال الشافعي واحدى روايات احمد لان كل واحد منهما سبب في اثبات حكم النفاس بدليل خالة الانفراد فإذا
اجتمعا ثبت لكل منهما نفاس وتداخلا فيما اجتمعا فيه والثاني ان النفاس من أوله كله أوله واخره وبه قال مالك
وأبو حنيفة وأبو يوسف واحمد في أصح الروايات
لأنه دم تعقب الولادة فكان نفاسا كالولد الواحد فإذا انقضت مدة النفاس من حين وضعت الأول لم يكن ما بعده نفاسا وإن كان يوما واحدا لان ما بعد الأول
نفاس لأنه عقيب الولادة فإذا كان أوله منه فآخره منه كالمنفرد والثالث ان النفاس من الثاني وبه قال محمد وزفر واحمد لان الخارج قبل الثاني دم خرج قبل
انقضاء الحمل فأشبه ما إذا خرج قبل الولادة والاعتبار بجميع الحمل فان الرجعة انما تنقطع بذلك وعلى هذا لو أسقطت عضوا من ولد وبقى الولد في البطن فهل يجعل
الدم نفاسا على الخلاف إذا عرفت هذا قالت الشافعية إذا لم يجعل الدم نفاسا فهل يكون حيضا قولان بناء على أن الحامل هل تحيض أم لا وقد تقدم مسألة يعتبر
حالها عند الانقطاع قبل العشرة فان خرجت القطنة نقية اغتسلت والا توقعت النقاء وانقضاء العشرة لقول الصادق (عليه السلام) وقد سئل عن امرأة ولدت فرات الدم أكثر
مما كانت ترى وقال فلتقعد أيام قرئها ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت دما صبيا فلتغتسل عند وقت كل صلاة وان رأت صفرة فلتتوضأ ثم لتصل وليس مراده الاستظهار
بعشرة بل إلى عشرة بان تكون عادتها تسعة فتستظهر بيومين أو ثمانية فتستظهر بيومين فلا ينافي ما ورد من الاستظهار بيوم أو يومين ولو انقطع قبل العاشر ثم
عاد قضت الصوم ولو لم ترد ما حتى انقضى العاشر فلا نفاس ثم إن استمر ثلثة فهو حيض وإن كان أقل فهو استحاضة فان عاد قبل العشرة الثانية ما يتم به ثلثا فان
قلنا برواية يونس كان الدم حيضا وما بينهما أيضا وان اشترطنا التوالي فهو استحاضة لفوات الشرط وكذا لو رأت بعد العاشر ساعة دما وساعة طهرا واجتمع ثلاثة أيام في
عشرة كان الدم حيضا على الرواية وما تخلله وعلى القول الآخر استحاضة مسألة وغسلها واجب باجماع العلماء لما تقدم ولا بد معه من الوضوء على الأشهر وتقديمه
أفضل وقد يأتي في بعض عبارة علمائنا وجوب التقديم لقول ابن أبي
عبد الله (ع) في كل غسل وضوء الا غسل الجنابة والفيئية غير مراده بل المجاز وهو السبق والتأخر مع
المتابعة وقول الصادق (ع) كل غسله قبله وضوء الا غسل الجنابة للاستحباب الفصل الخامس في غسل الأموات وفيه ستة مطالب مقدمة ينبغي للمريض ترك الشكاية
مثل أن يقول ابتليت بما لم يبتل به أحد وشبهه ويستحب عيادته الا في وجع العين قال أمير المؤمنين (ع) ضمنت لستة الجنة رجل خرج بصدقة فمات فله الجنة رجل
خرج يعود مريضا فمات فله الجنة ورجل خرج مجاهدا في سبيل الله فمات فله الجنة ورجل خرج حاجا فمات فله الجنة ورجل خرج إلى الجمعة فمات فله الجنة ورجل
خرج في جنازة رجل مسلم فمات فله الجنة وان يأذن لهم في الدخول عليه فإذا أطالت علته مدته ترك وعياله وينبغي تخفيف العيادة الا ان يطلب المريض الإطالة وتجب
36

الوصية على كل من عليه حق ويستحب لغيره وينبغي الاستعداد بذكر الموت كل وقت قال رسول الله صلى الله عليه وآله أكثروا من ذكر هادم اللذات فما ذكر في كثير الا قلله ولا في قليل الا
كثرة وقال (ع) استحيوا من الله حق الحياء فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وكيف نستحيي من الله حق الحياء قال من حفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وترك زينة الحياة الدنيا و
ذكر الموت والبلى فقد استحيى من الله حق الحياء وقال الصادق (ع) من عد غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت وينبغي أن يحسن ظنه بربه فإنه قد روى أن الله تعالى
يقول انا عند ظن عبدي بي ولا ينبغي ان يتمنى الموت وان اشتد مرضه لقوله (ع) لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ولكن ليقولن اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي و
توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي وينبغي التوبة لأنها مسقط للعقاب قال رسول الله صلى الله عليه وآله في اخر خطبة خطبها من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه ثم قال وان السنة لكثير ومن
تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه ثم قال وان الشهر لكثير ومن تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه ثم قال وان اليوم لكثير ومن تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ثم قال وان الساعة
لكثير من تاب وقد بلغت نفسه هذه واومى بيده إلى حلقه تاب الله عليه المطلب الأول الاحتضار مسألة اختلف علماؤنا في وجوب توجهه إلى القبلة عند الموت
فقال المفيد وسلار به لان عليا (ع) قال دخل رسول الله (ص) على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق وقد وجهه وجهه إلى غير القبلة فقال وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم ذلك
أقبلت عليه الملائكة وقال الباقون بالاستحباب وبه قال عطا والنخعي والشافعي ومالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام واسحق وأصحاب الرأي لان حذيفة قال
وجهوني إلى القبلة ولقول النبي صلى الله عليه وآله خير المجالس ما استقبل به القبلة والأصل عدم الوجوب وانكره سعيد بن المسيب فإنهم لما أرادوا ان يحولوه إلى القبلة قال مالكم
قالوا نحولك إلى القبلة قال ألم أكن إلى القبلة إلى يومى هذا وفعلهم به دليل على اشتهاره عندهم تذنيب وكيفية ان يلقى على ظهره ويجعل باطن قدميه إلى القبلة بحيث
لو جلس لكان مستقبلا ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشافعي لقول الصادق (ع) يستقبل بوجهه إلى القبلة ويجعل باطن وقدميه مما يلي القبلة وقال أبو حنيفة يضجع
على شقه الأيمن ووجهه إلى القبلة كما يفعل به في المدفن مسألة ويستحب نقله إلى مصلاه إذا تعسر عليه خروج الروح لقول الصادق (ع) إذ عسرت على الميت موته ونزعه
قرب إلى المصلى الذي كان يصلى فيه وان يلقن الشهادتين وأسماء الأئمة (على) قال الباقر (ع) لو أدركت عكرمة عند الموت لعلمته كلمات ينتفع بها قلت جعلت فداك
وما تلك الكلمات قال هو ما أنتم عليه فلقنوا أمواتكم عند الموت شهادة ان لا إله إلا الله والولاية وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لقنو امواتاكم لا إله إلا الله فان من كان اخر كلامه
لا إله إلا الله دخل الجنة وقال الصادق (ع) اعتقل لسان رجل من أهل المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي مات فيه فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له قل لا إله إلا الله
فلم يقدر عليه فأعاد رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقدر عليه وعند رأس الرجل امرأة فقال لها هل لهذا الرجل أم فقالت نعم يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا امه فقال لها أفراضية أنت عنه أم لا فقالت بل ساخطة فقال
صلى الله عليه وآله فانى أحب ان ترضى عنه فقالت قد رضيت عنه لمرضاتك يا رسول الله (ص) فقال له قل لا إله إلا الله فقال لا إله إلا الله فقال قل يا من يقبل اليسير ويعفوا عن
الكثير اقبل منى اليسير واعف عنى الكثير انك أنت العفو الغفور فقالها فقال له ما ذا ترى فقال أرى أسودين قد دخلا على فقال أعدها فأعادها فقال ما ترى قال
قد تباعدا عنى ودخل الأبيضان وخرج الأسودان فما أراهما ودنا الأبيضان منى يأخذ ان بنفسي فمات من ساعته وينبغي أن يلقن كلمات الفرج قال الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله
دخل على رجل من بني هاشم وهو في النزع فقال قل لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن
وما بينهن وما فوقهن وما تحتهن ورب العرش العظيم وسلام على المرسلين والحمد الله رب العالمين فقالها فقال رسول الله الحمد لله الذي استنقذه من النار مسألة
ويستحب أن يقرأ عنده القرآن قال الكاظم (ع) لابنه القاسم قم يا بنى واقرأ عند رأس أخيك والصافات صفا
حتى تستتمها فلما بلغ أهم أشد خلقا امن خلقنا قضى الفتى
فلما سجى وخرجوا اقبل وادخل عليه يعقوب بن جعفر فقال له كنا نعهد الميت إذا نزل به يقرأ عنده يس فصرت تأمر بالصافات فقال يا بنى لم تقرأ عند مكروب من موت قط الا عجل الله
راحته وقال الشافعي واحمد يقرأ يس وقال بعض التابعين يقرأ سورة الرعد وكل ذلك حسن وكما يستحب قراءة القرآن قبل خروج الروح فكذا يستحب بعده استدفاعا
عنه ويكره أن يقبض على شئ من أعضائه ان حركها ولا يمنع منه ولا يظهر الجزع عليه لئلا تضعف نفسه فتكون اعانة على موته ويكره ان يحضره جنب أو حايض لقول
الصادق (ع) لا تحضر الحايض الميت ولا الجنب عند التلقين ولا بأس ان يليا غسله وقال علي بن ابن أبي
حمزة للكاظم (ع) المراة تقعد عند رأس المريض وهي حايض في حد الموت فقال
لا باس ان تمرضه وإذا خافوا عليه وقرب ذلك فلتنح عنه وعن قربه فان الملائكة تتأذى بذلك مسألة ويستحب ان يفعل بالميت بعد وفاته سبعة أشياء الأول
اغماض عينيه قالت زينب بنت أم سلمة ولى رسول الله صلى الله عليه وآله ابن أبي
حين مات وولى اغماض عينيه وقال إن الروح إذا خرجت تبعها البصر ولما مات إسماعيل والصادق أبوه (ع)
عنده شد لحييه وغمضه وغطى عليه الملحفة ولان فتح عينيه يقبح منظره ويحذر معه دخول الهوام إليها ولأنه يكون مشبها بالنائم بعد الإغماض الثاني شد لحييه
بعصابة عريضة لئلا تسترخى لحياه وينفتح فوه وتدخل الهوام إلى جوفه ويقبح بذلك منظره ولحديث الصادق (ع) الثالث تليين مفاصله فان ذلك ابقاء للينها فرد
ذراعيه إلى عضديه ويمدها ويرد فخذيه إلى بطنه يمدهما ورجليه إلى فخذيه ويمدهما فان ذلك يعين الغاسل على تمديده وتكفينه الرابع تجريد ثيابه فإنه لا يؤمن معها الفساد فإنها تحية
الخامس وضعه على لوح أو سرير لأنه إذا كان على الأرض سارع إليه الفساد وناولته الهوام السادس تغطيته بثوب لأنه استر له وسجى رسول الله (ص) بثوب حبرة و
غطى الصادق (ع) ابنه بملحفة السابع مد يديه إلى جنبيه وساقيه ان كانتا منقبضتين لأنه أطوع للغاسل مسألة ويسرج عنده ان مات ليلا مصباح إلى الصباح
لان الباقر (ع) لما قبض أمر الصادق (ع) بالسراج في البيت الذي يسكنه حتى قبض أبو عبد الله (ع) ثم أمر الكاظم (ع) بمثل ذلك في بيت ابن أبي
عبد الله (ع) وينبغي ان يكون عنده من يذكر الله سبحانه
ولا يترك وحده لقول الصادق (ع) ليس من ميت يموت ويترك وحده الا لعب الشيطان في جوفه مسألة المشهور عند علمائنا كراهة ترك حديد أو غيره على بطن
الميت قال الشيخ سمعناه مذاكرة ولأنه أمر شرعي يقف على النقل ولم يوجد وقال أبو علي ابن الجنيد يضع على بطنه شيئا يمنع من ربوها وذهب الجمهور إلى وضع سيف أو
مرات أو حديد على بطنه لئلا يعلو فإن لم يكن فطين مبلول مسألة ويستحب تعجيل امره مع تحقق موته باجماع العلماء لقوله (ع) لا ينبغي لجيفة المسلم ان تحبس بين ظهراني
أهله ومن طريق الخاصة قول رسول الله صلى الله عليه وآله كرامة الميت تعجيله وقال (ع) لا الفين رجلا منكم مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح ولا رجلا مات له ميت فانتظر به الليل لا تنتظروا
بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها عجلوا بهم إلى مضاجعهم رحمكم الله فقال الناس وأنت يا رسول الله يرحمك الله إما مع الاشتباه فلا يجوز التعجيل به حتى تظهر علامات الموت
ويتحقق العلم بالاجماع قال الصادق (ع) خمسة ينتظر بهم الا ان يتغير والغريق والمبطون والمصعوق والمهدوم والمدخن وسئل (ع) كيف يستبرئ الغريق قال يترك ثلاثة أيام
قبل ان يدفن الا ان يتغير فيغسل ويدفن تذنيب المصلوب لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ثم ينزل بعد ذلك ويدفن لقول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقروا المصلوب
بعد ثلاثة أيام حتى ينزل ويدفن والميت فجاءة كالمصعوق والخايف من الحرب والسبع أو المتردي من جبل ينتظر به علامات الموت كاسترخاء رجليه وانفصال كفيه وميل انفه
37

وامتداد جلدة وجهه وانخساف صدغيه مسألة يستحب اعلام المؤمنين بموته ليتوفروا على تشييعه وبه قال احمد ولان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يموت منكم أحد الا آذنوني به وقال
الصادق (ع) ينبغي لأولياء الميت أن يؤذنوا اخوان الميت بموته فيشهدون جنازته ويصلون عليه ويستغفرون له فيكتب لهم الاجر وللميت الاستغفار ويكتسب هو الاجر
بما اكتسب لهم قال الشيخ في الخلاف فاما النداء فلا اعرف فيه نصا وكره الشافعي النداء وقال أبو حنيفة لا بأس وهو الوجه عندي المطلب الثاني في الغسل وفيه مباحث
الأول في الكيفية مسألة غسل الميت المسلم وتكفينه والصلاة عليه ودفنه من فروض الكفايات باجماع العلماء فان أعرابيا سقط عن بعيره فوقص فمات فقال النبي صلى الله عليه وآله
اغسلوه بماء وسدر فيحرم أخذ الأجرة على الواجب في هذه الأحوال لا على المستحب ولا يجب على المسلمين بذل ماء التغسيل وثياب التكفين وفى غسله ثواب عظيم
قال الصادق (ع) من غسل ميتا فستر وكتم خرج من الذنوب كما ولدته امه مسألة إذا أراد غسله ينبغي ان يفضى به إلى مغتسله ويكون ما يلي برجليه منحدرا وما يلي
رأسه مرتفعا لئلا يجتمع الماء تحته ثم يوضع على لوح أو سرير لأنه احفظ لجسده من التلطخ مستقبل القبلة على هيئة الاحتضار لقول الصادق (ع) وقد سئل عن غسل الميت
قال يستقبل بباطن قدميه القبلة حتى يكون وجهه مستقبل القبلة وهل الاستقبال واجب فيه خلاف كالاحتضار ويحفر لصب الماء حفيرة يدخل فيها الماء فان تعذر جاز
ان يصب الماء إلى البالوعة ويكره صبه إلى الكنيف قال محمد بن الحسن الصفار وكتبت إلى ابن أبي
محمد العسكري (ع) هل يغسل الميت وماؤه الذي يصب عليه يدخل إلى بئر كنيف
فوقع يكون ذلك في بلاليع مسألة يستحب أن يغسل في بيت وبه قال الشافعي واحمد لأنه استر للميت وان لم يكن البيت ستر عليه بثوب كراهة للنظر إلى الميت لامكان ان يكون
فيه عيب كان يطلب كتمانه ولهذا نقول إن الغاسل ينبغي له ان يكون ثقة صالحا ويستحب ان يكون تحت سقف ولا يكون تحت السماء قاله علماؤنا وبه قال احمد قالت عايشة
آتانا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن نغسل ابنته فجعلنا بينها وبين السقف سترا وعن الصادق (ع) ان أباه كان يستحب ان يجعل بين الميت وبين السماء ستر يعنى إذا غسل
ولعل الحكمة كراهة مقابلة السماء بعورته مسألة يستحب تجريد الميت من قميصه بان يفتق جيبه وينزع من تحته لئلا يكون فيه نجاسة تلطخ أعالي بدنه فان هذه الحال
مظنة للنجاسة إذا المريض من شانه ذلك خصوصا عند الموت ويستر عورته بمئزر واستحب تجريده ابن سيرين ومالك وأبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لان تجريده
أمكن لتغسيله وأبلغ في تطهيره ولان الحي إذا اغتسل تجرد فالميت أولي ولأنه إذا غسل في ثوبه ينجس الثوب بما يخرج وقد لا يطهر بصب الماء عليه فينجس الميت به وقال
الشافعي يستحب ان يغسل في قميص خلق رقيق ينزل الماء فيه ولا يمنع الوصول إلى بدنه ويدخل يده في الكمين فيدلك ظاهر بدنه ويصب الماء من فوق القميص وإن كان
ضيق الكم خرق رأس التخاريص حتى يتمكن من الغسل والدلك وإن كان القميص ضيقا جرده وطرح على عورته ما يسترها وهو رواية عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله
غسل في قميصه وقد أرادوا خلعه فنودوا ان لا تخلعوه واستروا بينكم ويحتمل ان يكون من خواصه للأمن في
طرفه من تلويث الثوب وتعذر ذلك في غيره على أنه قد روى من
طرقنا الغسل في القميص قال الصادق (ع) ان استطعت ان يكون عليه قميص يغسل من تحت القميص وعن العبد الصالح (ع) لا يغسل الا في قميص يدخل رجل يده
ويصب عليه من فوقه والجمع الامن وعدمه فروع - آ - قال الشيخ في الخلاف يستحب غسله عريانا مستور العورة إما بقميصه أو ينزع عنه القميص ويترك على عورته خرقة و
استدل على التخيير باجماع الفرقة عملهم ومعنى قوله بقميصه ان يخرج يديه من القميص ويجذبه منحدرا إلى سرته ويجمعه على عورته ويجرد ساقيه فيصير كالعاري لرواية
يونس عنهم (ع) - ب - الأقرب عدم وجوب ستر عورة الصبى الذي يجوز للنساء تغسيله مجردا وبه قال احمد لأن جواز نظر المراة يدل على جواز نظر الرجل - ج - العورة التي يحرم النظر
إليها هي القبل والدبر ويكره ما بين السرة والركبة والجمهور على الثاني لقول النبي (ص) لعلى (ع) لا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت - د - لو كان الغاسل أعمى أو وثق
من نفسه بكف البصر عن العورة ولو غلطا لم يجب الستر لان فايدته منع الابصار فإذا انتفت غايته انتفى لكن يستحب تحفظا من الغير والغلط مسألة ويستحب ان
يلين أصابعه برفق لان انقباض كفه يمنع من الاستظهار على تطهيرها وان تعسرت تركها لأنه لا يؤمن انكسار أعضائه وتحصل المثلة وفى بعض رواياتنا يستحب تلبين
مفاصله وبه قال احمد لان ذلك يحصل به اللين فيكون أمكن للغاسل في تكفينه وتمديده وتغسيله قال يستحب ذلك في موضعين عند الموت قبل قسوتها وإذا اخذ
في غسله واستحب المزني معاودة التليين قالت الشافعية هذا لا يعرفه الشافعي لعدم الفايدة فان الغالب انه لا يبقى لينه إلى هذا الوقت إما بعد الغسل فلا تلين أصابعه
ولا مفاصله لعدم الفايدة وحكى الشيخ عن الشافعي استجابة مسألة ويستحب للغاسل أن يلف على يده خرقة ينجيه بها وباقي جسده يغسله بلا خرقة عملا بالأصل و
أوجب الشافعي واحمد الخرقة التنجية لان النظر إلى العورة حرام فاللمس أولي فان النظر أخف ولهذا يتعلق تحريم المصاهرة والظهار باللمس دون النظر ويمنع التحريم مع الحاجة
قال الشافعي يعد خرقتين نظيفتين إحديهما على يده يغسل بها أسفله وينجيه ثم يرى بها ويأخذ الأخرى فيغسل بها بقية بدنه قال ولو غسل كل عضو منه بخرقة كان أولي ولو غسل الخرقة التي نجاه بها ثم غسل بها
بدنه جاز مسألة ويبدأ بغسل فرجه بماء السدر والحرض لقول الصادق (ع) ثم ابدا بفرجه بماء السدر والحرض فاغسله ثلث غسلات وهذا على جهة الاستحباب ويجب ان يبدأ
بإزالة النجاسة عن بدنه اجماعا لان المراد تطهره وإذا وجب إزالة الحكمية عنه فالعينية أولي وليكون ماء الغسل طاهرا وفى رواية يونس عنهم (ع) امسح بطنه مسحا رقيقا فان
خرج منه شئ فاتقه مسألة ويجب فيه النية على الغاسل قاله الشيخ (ره) وهو أحد قولي الشافعي ومذهب احمد لأنه عبادة فتجب فيه النية والثاني لا بحث عملا بالأصل لأنه تطهير
من نجاسة الموت فهو إزالة نجاسة كغسل الثوب النجس مسألة ويستحب ان يؤخذ من السدر شئ فيطرح في إجانة ويضرب ضربا جيدا حتى يرغو فتؤخذ رغوته فتطرح في موضع نظيف ثم يغسل به
رأسه وجسده روى معوية بن عمار قال امرني الصادق (ع) ان أوضيه ثم اغسله بالأشنان واغسل رأسه بالسدر ولحية ثم انفذ على جسده منه ثم أدلك به جسده فان
تعذر السدر فالخطمي أو ما يقوم مقامه في تنظيف الرأس مسألة فإذا فرغ شرع في غسله الواجب والمشهور عند علمائنا انه ثلث مرات مرة بماء السدر والثانية
بماء فيه الكافور والثالثة بماء القراح لان أم عطية روت ان النبي صلى الله عليه وآله قال في ابنته ثم اغسليها ثلثا أو خمسا أو أكثر من ذلك بماء سدر واجعلي في الأخيرة كافورا أو شيئا
من الكافور ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يغسل الميت ثلث غسلات مرة بالسدر ومرة بالماء يطرح فيه الكافور ومرة أخرى بالماء القراح والامر للوجوب وقال بعض
علمائنا الواجب مرة واحدة بماء القراح والباقيتان مستحبتان وهو مذهب الجمهور لأنه كغسل الجنابة وللأصل والأول أشهر وأحوط فتعين العمل به فروع - آ - السدر
والكافور لا يبلغ بهما إلى سلب الاطلاق لصيرورة الماء مضافا فلا يفيد التطهير بل ينبغي ان يكون في الماء قدر سبع ورقات من سدر - ب - يجب في كل غسله الترتيب
فيبدأ برأسه ثم بشقه الأيمن ثم بشقه الأيسر ذهب إليه علماؤنا لقول النبي صلى الله عليه وآله لما توفيت ابنته للنساء ابدأن بميامنها وقول الصادق (ع) إذا أردت غسل الميت
إلى أن قال وتغسل رأسه ثلث مرات بالسدر ثم ساير جسده وابدا بشقه الأيمن إلى أن قال فإذا فرغت من غسله فاغسله مرة أخرى بماء كافور وشئ من حنوط ثم اغسله بماء غسلة أخرى ولقول الباقر (ع) غسل الميت مثل غسل الجنب
وفى سقوط الترتيب لو غمس في الكثير اشكال - ج - يستحب ان يبدأ بغسل يديه قبل رأسه ثم يغسل رأسه ثم يبدأ بشقه الأيمن ثم الأيسر ويغسل كل عضو منه في كل غسلة
ثلث مرات قاله علماؤنا لقول الصادق (ع) ثم تحول إلى رأسه فابدأ بشقه الأيمن من رأسه ولحيته ثم تثنى بشقه الأيسر وروى التكرار يونس عن رجاله - د - إذا فرغ من غسل
38

رأسه وضعه على جنبه الأيسر ليبدو له الأيمن فيغسل في كل غسلة من قرنه إلى قدمه ثم يضعه على جانبه الأيمن ليبدو له الأيسر فيغسل من قرنه إلى قدمه - ه‍ - لا ينبغي وضع السدر
صحيحا بل مطحونا لان المراد به التنظيف والمعد للتنظيف انما هو المطحون - و - لا يغسل أكثر من ثلث مرات لأنه أمر شرعي فيقف على النقل وقال الشافعي واحمد الأفضل
ان يغسل ثلث مرات فإن لم يحصل الانقاء غسل خمس مرات أو سبعا وترا لا شفعا لحديث أم عطية ولم يقدره مالك - ز - لو تعذر السدر والكافور أو هما ففي سقوط
الغسلة بفقدهما نظر أقربه العدم لان وجوب الغسل الخالص يستلزم المطلق - ح - لو غير الترتيب فغسله أولا بالقراح وثانيا بالسدر أو الكافور وثالثا بالآخر فعلى قول
سلار ولا بحث وعلى قولنا يمكن الطهارة لحصول الانقاء المقصود من الغسلات والعدم لمخالفة الامر - ط - الواجب عند أكثر علمائنا جعل السدر في الغسلة الأولى
خاصة والكافور في الثانية خاصة وقال الشافعي يجعل السدر في الأول استحبابا وهل يحصل بها التطهير عنده وجهان المنع لتغيير الماء بالسدر والطهارة لان المراد
الانقاء والتنظيف وهي أبلغ فيه فعلى الأول لا تحسب من الثلث بل يستحب صب الماء القراح عليه بعدها ثلاثا وفى وجه تحتسب
وعلى تقدير عدم الاحتساب ففي احتساب الثانية بماء القراح من الثلاث وجهان العدم عند الأكثر لامتزاج الماء بما على المحل من السدر
الذي في الغسلة الأولى والمحسوب الغسلات بعد زوال السدر وعندنا اطلاق الماء باق وقال احمد يجعل السدر في الثلث إما الكافور فعندنا انه في الثانية وجوبا
وعند الشافعي واحمد يستحب جعله في الثالثة لقول النبي صلى الله عليه وآله لام عطية واجعلي في الأخيرة كافورا ولأنه يبرد ويطيب ريحه - ى - لو لم يجد السدر ففي تغسيله بما يقوم مقامه من
الخطمي ونحوه اشكال قال به احمد لحصول المقصود منه ولعدم التنصيص ولو غسله بذلك مع وجود السدر لم يجز وقال احمد يجوز لان المعنى وهو التنظيف موجود
والحكم يتعدى في كل ما وجد فيه المعنى ولو غسله بالقراح من غير سدر وكافور لم يجز أيضا وهل يحصل
اشكال التطهير والغريق يغسل عندنا واجبا ويلزم سلار
العدم وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر لا يجوز لعدم النية - يا - لا فرق بين الرجل والمراة والحر والعبد والصغير والكبير في الغسل مسألة يستحب مسح بطنه في الغسلتين
الأولتين قبلها مسحا رقيقا لخروج ما لعله بقى مع الميت لاسترخاء الأعضاء وعدم القوة الماسكة وبقاؤه يؤدى إلى خروجه بعد الغسل فيؤدى إلى خراب الكفن إما الحامل فلا
يمسح بطنها خوفا من الاجهاض ولا يمسح في الثالثة باجماع علمائنا لان المطلوب يحصل بالمرتين ورواية يونس عنهم (ع) فإنها تضمنت المسح في الثانية وقال الشافعي
واحمد يمسح في الثالثة أيضا قال الشافعي ولا يمسح بعد الثالثة لجواز ان يخرج منه شئ فيحتاج إلى غسله مرة ثانية مسألة إذا خرج من الميت شئ بعد غسله ثلثا
فإن لم يكن ناقضا غسل وإن كان أحد النواقض فلعلمائنا قولان قال ابن ابن أبي
عقيل يعاد الغسل وبه قال ابن سيرين واسحق والشافعي في أحد أقواله إذا القصد في غسل
الميت ان يكون خاتمة امره الطهارة الكاملة وظاهر كلام باقي علمائنا غسل النجاسة حسب وهو أحد أقوال الشافعي والثوري ومالك وأبي حنيفة لان خروج النجاسة من
الحي بعد غسله لا يبطل كذلك الميت ولقول الصادق (ع) ان بدا منه شئ بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تعيد الغسل وقال أبو إسحاق من الشافعية الواجب ان يوضيه
للصلاة ولا يعيد غسله كالحي البحث الثاني في الغاسل مسألة الأصل ان يغسل الرجال الرجال والنساء النساء وليس للرجل غسل المراة الا بأحد أسباب
أحدها الزوجة فللزوج غسل زوجته اختيارا عند أكثر علمائنا وبه قال عطا وجابر بن زيد وسليمان بن بشار وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعلقمة وقتادة وأبو الشعثاء وحماد ومالك و
الشافعي واسحق وداود وزفر واحمد في أصح الروايات عنه لان فاطمة (عه) أوصت ان تغسلها أسماء بنت عميس وعلي (ع) فكان علي (ع) يصب الماء عليها واشتهر ذلك
في الصحابة ولم ينكره أحد فكان اجماعا وسئل الصادق (ع) عن الرجل يخرج إلى السفر ومعه امرأته يغسلها قال نعم وأخته ونحو هذا ويلقى على عورتها خرقة وللشيخ قول اخر
بالمنع الا مع عدم النساء من وراء الثياب وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد واحمد في رواية لان الموت فرقة تبيح الأخت والرابعة سواها فحرمت اللمس و
النظر كما لو طلقها قبل الدخول وقياسهم باطل لأنه يمنع الزوجة من النظر إلى الزوج وهنا بخلافه فروع - آ - لو طلقها ثم ماتت فإن كان رجعيا حل له تغسيلها لبقاء حكم
الزوجية ولهذا تعتد للوفاة ويتوارثان وروى المزني عن الشافعي التحريم وإن كان باينا لم يجز - ب - لا فرق بين الزوجة الحرة والأمة والمكاتبة والمستولدة - ج - لو ماتت زوجة
غير مدخول بها جاز له غسلها كالمدخول بها فان المقتضى وهو الزوجية مشترك وقال بعض الجمهور لا يجوز للفرقة وليس بينهما من الاستمتاع ما تصير به في معنى الزوجية وهو
غلط - د - لو كانت ذمية لم يجز له غسلها لان المسلم لا يغسل الكافر السبب الثاني الملك فيجوز للسيد غسل أمته ومدبرته وأم ولده وبه قال الشافعي لأنهن في
معنى الزوجة في اللمس والنظر والاستمتاع فكذلك في الغسل ويلزمها النفقة عليها بحكم الملك فكان له تغسيلها كالحرة وقال أبو حنيفة لا يجوز لان له أن يطأ أختها في هذه
الحال فأشبهت الأجنبية فروع - آ - الأقوى ان المكاتبة كالأجنبية لتحريمها على المولى بعقد الكتابة سواء كانت مطلقة أو مشروطة - ب - لو كانت الأمة مزوجه
أو معتدة لم يكن للسيد تغسيلها - ج - لو انعتق بعضها فكالحرة إما المولى منها من الزوجات أو المظاهر منها فإنهن كالزوجات والمرتدة كالزوجة يغسلها
الزوج السبب الثالث المحرمية وللرجل ان يغسل من ذوي أرحامه محارمه من وراء الثياب عند عدم الزوج والنساء يعنى بالمحارم من لا يجوز للرجل نكاح واحدة منهن
نسبا أو رضاعا كالبنت والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت ذهب إليه علماؤنا لتسويغ النظر إليهن في الحياة ومنع الجمهور ذلك وكلام الشافعية يعطى الجواز وبه قال
مالك واحمد عند الضرورة واما من ليس من المحارم من ذوي الأرحام كبنت العم وبنت الخال فإنهن كالأجنبيات مسألة لو ماتت امرأة وليس هناك الا الأجنبي قال
علماؤنا تدفن بثيابها ولا يغسلها الأجنبي ولا يؤممها لتحريم النظر واللمس في حال الحياة فكذلك الموت ولقول الصادق (ع) في الرجل يموت في السفر في ارض ليس معه الا النساء
قال يدفن ولا يغسل والمراة تكون مع الرجال في تلك المنزلة تدفن ولا تغسل وللشافعي وجهان انهم أحدهما يغسلونها في ثيابها ويلف الغاسل خرقة على يده ويغض
الطرف إلا لضرورة وأظهر هما انها لا تغسل ولكن تيمم وفقد الغاسل كفقد الماء وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وعن أحمد روايتان كالوجهين وقد روى أصحابنا انهم
يغسلون منها محاسنها يديها ووجهها لأنها مواضع التيمم قال الشيخ والمنع أحوط وروى عن الباقر (ع) يصبون عليها الماء صبا من وراء الثياب واستحسنه الشيخ في كتابي الاخبار
جمعا بينهما وروى أنهم يغسلون مواضع الوضوء مسألة لو كان مع الرجال الأجانب نساء كافرات قال علماؤنا يأمر الرجال المسلمون امرأة من الكفار بالاغتسال (ان يغتسل)
إما تعبدا أو لزوال النجاسة الطارية ثم يعلمها غسل المسلمات فتغسلها لقول الصادق (ع) عن المراة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ومعها
نصرانية ورجال مسلمون قال تغتسل النصرانية ثم تغسلها وبه قال مكحول مع ذوي أرحامها أيضا وغسلت امرأة علقمة امرأة نصرانية ومنع أكثر الجمهور من ذلك لأنه عبادة
فلا تصح من الكافر بل يؤممها الرجال مسألة ولا يغسل الرجل الا رجل أو زوجته ذهب إليه العلماء كافة الا رواية عن أحمد قالت عايشة لو استقبلنا من امرنا ما استند برفأة
ما غسل رسول الله صلى الله عليه وآله غير نسائه ووصى أبو بكر ان تغسله زوجته أسماء بنت عميس ولقول الصادق (ع) عن الرجل يصلح ان ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها
39

ان لم يكن عندها من يغسلها وعن المرأة هل لها مثل ذلك من زوجها حين يموت لا بأس انما يفعل ذلك أهل المرأة كراهة أن ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه فروع - آ - قال في
النهاية تغسله هي وغيرها من محارمه مع عدم الرجال من وراء الثياب ولا يجردنه وأطلق في غيرها وهو الوجه والروايات المانعة محمولة على الاستحباب وكذا ما روى من اشترط
تغسيلها إياه من وراء الثياب - ب - لو اطلق رجعيا ثم مات جاز لها ان تغسله وروى المزني عن الشافعي المنع ولو كان باينا لم يخرج يجوز لام ولده ان تغسله وهو أحد وجهي الشافعي
لأنها لو ماتت غسلها فأشبهت الزوجين وأوصى زين العابدين (ع) أن تغسله أم ولد له إذا مات فغسلته وقال أبو حنيفة لا يجوز وهو الوجه الاخر للشافعي لأنها عتقت
بموته فصارت كالأجنبية والعتق بالموت لا يمنع الغسل كالفرقة به وقد ناقض أبو حنيفة بأنها معتدة منه كما أن الزوجة معتدة منه - د - لو لم تكن الأمة أم ولد احتمل انها كأم
الولد والمنع لانتقال الملك إلى غيره ولم يكن بينهما من الاستمتاع ما يصير به في معنى الزوجات وكذا لو طلقها قبل الدخول - ه‍ - لو كانت الزوجة كافرة لم يكن لها غسل زوجها
الا مع عدم المحارم ومنع بعض الجمهور مطلقا لوجوب النية وليس الكافر من أهلها - و - لو تعذر المسلم والزوجة جاز ان يغسله بعض محارمه من وراء الثياب لقول الصادق (ع)
إذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته فإن لم تكن امرأته غسلته أولاهن به وتلف على يدها خرقة وقال (ع) في الرجل يموت وليس عنده من يغسله الا النساء هل تغسله النساء قال تغسله امرأته أو ذات
محرمة ويصب عليه الماء صبا من فوق الثياب - ز - لو مات ولا مسلم هناك ولا ذات رحم فإن كان هناك كافر أمر بعض النساء المسلمات رجلا كافرا بالاغتسال وعلمته غسل أهل الاسلام
ثم يغسل كذلك لقول الصادق (ع) في مسلم مات وليس معه رجل مسلم ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابة ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات قال يغتسل النصارى
ثم يغسلونه فقد اضطر ومنع الجمهور من ذلك وان لم يكن معه أحد من الكفار قال علماؤنا يدفن من غير غسل ولا تيمم لان النظر إليه حرام وبه قال الأوزاعي وللشافعي وجهان
أحدهما يؤمم ولا يغسل وبه قال مالك وأبو حنيفة لان في غسله النظر إلى من ليس له بمحرم والثاني يغسل من فوق الثوب ويصب الماء من تحته ويمر الغاسل يده عليه وعلى يده
خرقة وبه قال النخعي وعن أحمد روايتان كالوجهين - ح - لو غسله الكافر لتعذر المسلم وذات الرحم أو غسلت الكافرة المسلمة ثم وجد مسلم أو مسلمة فالوجه إعادة الغسل
ما لم يدفن لأنه ساغ للضرورة وقد زالت ولم تحصل الطهارة - ط - لو كانت الميت خنثى مشكلا فإن كان صغيرا فللرجال والنساء غسله وإن كان كبيرا فإن كان له ذو رحم محرم
من الرجال والنساء غسله وان لم يكن فالوجه دفنه من غير غسل وللشافعي وجهان أحدهما يؤمم وبه قال أبو حنيفة والثاني يغسل ومن يغسل للشافعية وجوه - آ -
يشترى من تركته جارية تغسله فإن لم يخلف تركة فمن بيت المال وهو خطا لانتفاء الملك عنه إذا الميت لا يملك شيئا ولا استصحاب هنا - ب - هو في حق الرجال كالمراة وفى حق
النساء كالرجل - ج - الاظهر انه يجوز للرجال والنساء غسله استصحابا لما كان في الصغر وهو خطأ الانتفاء المقتضى في الصغر وهو انتفاء الشهوة مسألة إذا ازدحم جماعة
يصلحون للغسل فإن كان الميت رجلا فأوليهم به أوليهم بالميراث ولو كان هنا رجال أباعد ومحارم من النساء جاز ان يولى غسله قال في المبسوط فإن لم يكن محارم فكالأجنبيات
وقال الشافعي يترتبون في الغسل كالصلاة الأب ثم الجد ثم الابن ثم الأخ ثم ابنه ثم العم ثم ابنه وهل تقدم زوجته على هؤلاء له وجهان التقدم لان لها النظر إلى عورته بخلاف القرابات
فكانت أولي وإن كان الميت امرأة فالزوج عندنا أولي من كل أحد في جميع احكامها من الغسل وغيره سواء كان الغير رجلا أو امرأة قريبا أو بعيدا وللشافعي في أولوية الزوج على النساء والقرابات من الرجال وجهان
التقديم لأنه ينظر إلى ما لا ينظرون إليه وأظهرهما تقديمهن عليه لان الأنثى أليق بالأنثى وتقديمه على الرجال الأقارب لانهم جميعا ذكور وهو ينظر إلى ما لا ينظرون إليه
ووجه تقديمهم ان النكاح ينتهى بالموت وسبب المحرمية باق وان لم يكن هناك زوجة ولا رجل فإن كان لها فيهن رحم محرم بمعنى انه لو كان رجلا لم يحل له نكاحها كامها
وجدتها وابنتها فهي أولي من كل أحد ويترتبن ترتب الإرث فإن كان فيهن ذات رحم لا محرم كبنت العمة فهي أولي من الأجنبيات وإن كان هناك رجال بلا نساء فإن كان
لها فيهم محرم فهو أولي وان لم يكن محرم فكالأجنبي فان اجتمع رجال ونساء من القرابات فالنساء أولي لأنهن اعرف وأوسع في باب النظر إليهن وجميع ما ذكرناه من التقديم
مشروط بالاسلام فالكافر كالمعدوم حتى يقدم المسلم الأجنبي على القريب المشرك ولو سلم من له التقدمة في الغسل لغيره فله القيام به بشرط اتحاد الجنس مسألة
لا يغسل الرجل الأجنبية ولا المراة أجنبيا وهو قول أكثر العلماء وبه قال سعيد بن المسيب والنخعي وحماد ومالك وأصحاب الرأي وابن المنذر والشافعي في أحد الوجهين و
احمد في إحدى الروايتين لتحريم النظر وفى الأخرى يغسل من فوق القميص وهو قول الحسن ومكحول والشافعي في الاخر وقد تقدم مسألة أجمع العلماء على أن للنساء غسل الطفل
مجردا من ثيابه وإن كان أجنبيا اختيارا واضطرارا لان المراة تربيه ولا تنفك عن الاطلاع على عورته لكن اختلفوا في تقديره فلعلمائنا قولان قال الشيخ يغسل ابن ثلث
سنين وهو أولي لقول ابن أبي
عبد الله (ع) وقد قيل له حدثني عن الصبى إلى كم تغسله النساء فقال إلى ثلاث سنين ولأنه وفاق وقال المفيد وسلار يغسل ابن خمس
سنين مجردا وإن كان أكبر صب الماء عليه صبا وقال الحسن إذا كان فطيما أو فوقه وقال الأوزاعي ابن أربع أو خمس وقال أصحاب الرأي الذي لم يتكلم وقال احمد دون سبع
سنين لأنه لا عورة له مسألة وكذا للرجل غسل الصبية اجماعا منا لكن اختلف علماؤنا فالشيخان جوزا بنت ثلاث سنين مجردة فإن كانت أكبر غسلوها في ثيابها وقال
الصدوق إن كانت بنت خمس سنين تدفن ولا تغسل وإن كانت أقل غسلت لرواية محمد بن يحيى وهي مرسلة والأول أقرب كالصبي وقال الثوري تغسل المراة الصبى والرجل
الصبية وغسل أبو قلابة بنتا له وسوغه الحسن وكرهه احمد والزهري مسألة الصبى إذا غسل الميت فإن كان مميزا فالوجه الجواز لأنه تصح طهارته فصح ان يطهر
غيره كالكبير ويحتمل المنع لأنه ليس من أهل التكليف ويصح ان يغسل المحرم الحلال وبالعكس لان كل واحد منهما تصح طهارته وغسله فكان له ان يطهر غيره البحث الثالث
المحل مسألة يجب غسل كل مسلم للامر به ولا يجب تغسيل الكافر ذميا كان أو حربيا مرتدا كان أو أصليا قريبا كان أو بعيدا ولا يجوز ذلك ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه
قال مالك واحمد في رواية لانتفاء التطهير عنه ولأنه لا يصلى عليه ولا يدعى له فلم يكن له غسله وقال الشافعي يجوز له غسل قريبه الكافر وهو رواية عن أحمد لان النبي
صلى الله عليه وآله أمر عليا (ع) بمواراة ابنه ولان غسله من المعروف فيدخل تحت قوله وصاحبهما في الدنيا معروف والجواب ان أبا طالب مات مسلما وقد اشتهر النقل بذلك
والغسل من الأمور الآخرة فروع - آ - لو ماتت الذمية تحت المسلم لم يغسلها وقال الشافعي له ان يغسلها لان النكاح كالقرابة - ب - أولاد المشركين يجرون مجرى ابائهم
في عدم التغسيل كما أن أولاد المسلمين كآبائهم في وجوبه - ج - قال المفيد لا يجوز لاحد من أهل الايمان ان يغسل مخالفا في الولاية ولا يصلى عليه الا ان تدعوه ضرورة
فيغسله غسل أهل الخلاف - د - ولد الزنا يغسل وبه قال الشيخ ومن قال من أصحابنا بكفره منع من غسله مسألة ويجب تغسيل أموات المسلمين من الكبار والصغار حتى السقط
إذا استكمل أربعة أشهر وبه قال سعيد بن السيب وابن سيرين واسحق واحمد لأنه مات بعد حياته فيجب غسله لما روى الجمهور ان الملائكة غسلت ادم (ع) وقالوا لولده
هذه سنة موتاكم ومن طريق الخاصة ما رواه أحمد بن محمد عمن ذكره قال قال إذا أتم السقط أربعة أشهر غسل وقال أبو حنيفة ومالك يدرج في خرقة ويدفن الا ان يستهل لأنه
لم يثبت له حكم الحياة ولا يرث ولا يورث والإرث منتف لعدم العلم بحيوته حال موت مورثه وللشافعي كالمذهبين فروع - آ - لو كان السقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن
40

ولم يصل عليه ولف في خرقة ودفن وهو مذهب العلماء كافة الا ابن سيرين فإنه قال يصلى عليه - ب - لو وجد ميت لا يعلم أمسلم هو أم كافر نظر إلى العلامات كالختان
فإن لم تكن عليه علامة وكان في دار الاسلام غسل وصلى عليه والا فلا - ج - صدر الميت كالميت في احكامه كلها وفى وجوب تحنيطه اشكال ينشأ من اختصاصه بالمساجد
ومن الحكم بالمساواة وغير الصدر إن كان فيه عظم غسل ولف في خرقة ودفن قال سلار ويحنط وهو حسن إن كانت أحد المساجد وجوبا والا فلا والا لف من غير غسل ودفن
- د - لو أبينت قطعة من حي وفيها عظم قيل تدفن من غير غسل لأنها من جملة لا تغسل ونمنع التعليل لان القطعة ميتة وكل ميت يغسل والجملة تغسل لو ماتت
مسألة الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل ولا يكفن ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال أهل العلم الا الحسن وسعيد بن السيب فإنهما أوجبا غسله لأنه ما مات
ميت إلا جنب وفعل النبي صلى الله عليه وآله أحق بالاتباع وقد أمر بدفن شهداء أحد وقال زملوهن بدمائهم فإنهم يحشرون يوم القيمة وأوداجهم تشخب دما اللون لون الدم و
الريح ريح المسك وقال الصادق (ع) الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل الا ان يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد فإنه يغسل ويكفن ويحنط ان
رسول الله صلى الله عليه وآله كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلى عليه فروع - آ - لو كان الشهيد جنبا قال الشيخ لم يغسل وبه قال مالك لعموم الخبر في الشهداء
وقال ابن الجنيد والمرتضى يغسل وبه قال أبو حنيفة واحمد وللشافعي كالمذهبين لان حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد فقال النبي صلى الله عليه وآله ما شأن حنظلة فانى
رأيت الملائكة تغسله فقالوا انه جامع ثم سمع الهيعة فخرج إلى القتال - ب - لو طهرت المراة من حيض أو نفاس ثم استشهدت لم تغسل للعموم وقال احمد تغسل كالجنب ولو قتلت
في الحيض أو النفاس سقط الغسل عنده لان الطهر منهما شرط فيه - ج - المراة كالرجل والعبد كالحر والصبي كالبالغ وإن كان رضيعا وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد
واحمد وأبو ثور وابن المنذر لأنه مسلم قتل في معركة المشركين فكان كالبالغ ولأنه كان في قتلى أحد وبدر أطفال كحارثة بن النعمان وعمر بن ابن أبي
وقاص ولم ينقل ان النبي صلى الله عليه وآله
غسلهم وفى يوم الطف قتل ولد رضيع للحسين (ع) ولم يغسله وقال أبو حنيفة لا يثبت حكم الشهادة لغير البالغ لأنه ليس من أهل القتال ويبطل بالمراة - د - شرط الشيخان في سقوط
غسل الشهيد ان يقتل بين يدي امام عادل في نصرته أو من نصبه ويحتمل اشتراط تسويغ القتال فقد يجب القتال وان لم يكن الامام موجودا لقولهم (ع) اغسل كل الموتى الا
من قتل بين الصفين - ه‍ كل مقتول في غير المعركة يغسل ويكفن ويحنط ويصلى عليه وان قتل ظلما أو دون ماله أو نفسه أو أهله ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الحسن و
مالك والشافعي واحمد في رواية لقول الصادق (ع) اغسل كل الموتى إلا من قتل بين الصفين وقال الشعبي والأوزاعي واسحق واحمد في رواية لا يغسل لقول النبي صلى الله عليه وآله
من قتل دون ماله فهو شهيد - و - النفساء تغسل وتكفن ويصلى عليها وهو مذهب العماء كافة إلا الحسن قال لا يصلى عليها لأنها شهيدة وفعل النبي صلى الله عليه وآله بخلافه فإنه
صلى على امرأة ماتت في نفاسها وتسميتها شهيدة للمبالغة في عظم ثوابها - ز - المطعون والمبطون والغريق والمهدوم عليه يغسلون بالاجماع وتسميتهم شهداء باعتبار
الفضيلة - ح - لا فرق في الشهيد بين من قتل بالحديد والخشب والصدم واللطم باليد أو الرجل عملا باطلاق اللفظ - ط - لو عاد عليه سلاحه فقتله فهو كالمقتول بأيدي العدو
لأنه قتل بين الصفين وقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجلا منهم فضربه فأخطأ فأصاب نفسه بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اخوكم
يا معشر المسلمين فابتدر الناس فوجدوه قد مات فلفه رسول الله صلى الله عليه وآله بثيابه ودمائه وصلى عليه فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله أشهيد هو قال نعم وانا له شهيد - ى - لو وجد غريقا
أو محترقا في حال القتال أو ميتا لا أثر فيه قال الشيخ لا يغسل وبه قال الشافعي لاحتمال أنه مات بسبب من أسباب القتال وقال ابن الجنيد يغسل وبه قال أبو حنيفة لوجوب
الغسل في الأصل وقول الشيخ جيد - يا - قال الشافعي القتال الذي يثبت به حكم الشهادة هو أن يقتل المسلم في معترك المشركين بسبب من أسباب قتالهم مثل ان يقتله المشركون
أو يحمل على قوم منهم فيتردى في بئر أو يقع من جبل أو يسقط من فرسه أو يرفسه فرس أو غيره ويرجع سهم نفسه عليه فيقتله وهو جيد فان انكشف الصف عن مقتول من المسلمين لم
يغسل وان لم يكن به اثر وقال أبو حنيفة وأحمد ان لم يكن اثر غسل قال أبو حنيفة فإن كان دمه يخرج من عينه أو اذنه لم يغسل وإن كان يخرج من انفه أو ذكره أو دبره غسل - يب - لو
نقل من المعركة وبه رمق أو انقضى الحرب وبه رمق غسل وبه قال الشافعي واحمد سواء اكل أو لا وصى أو لم يوص للأصل الدال على وجوب الغسل وقال الصادق (ع) الشهيد إذا
كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلى عليه وان لم يكن به رمق دفن في أثوابه وقال مالك لا اعتبار بتقضي الحرب بل بان يأكل أو يشرب أو يبقى يومين أو ثلثة فيغسل - ح - وقال أصحاب أبي
حنيفة إذا خرج عن صفه القتل وصار إلى حال الدنيا نقض بذلك حكم الشهادة مثل أن يأكل أو يشرب أو يوصا فاما غير ذلك فلم يخرج بذلك عن صفة القتلى لان القتيل
قد بقى فيه النفس ومعنى الشهادة حاصل في حقه وليس بجيد لأنه مات بعد تقضى الحرب فلم يثبت له حكم الشهادة كما لو اوصى مسألة إذا قتل أهل البغى أحدا من أهل
العدل فهو شهيد ذهب إليه علماؤنا وبه قال أبو حنيفة لان عليا (ع) لم يغسل من قتل معه واوصى عمار أن لا يغسل وقال ادفنوني في ثيابي فانى مخاصم واوصى
أصحاب الجمل انا مستشهدون غدا فلا تنزعوا عنا ثوبا ولا تغسلوا عنا دما وقال مالك يغسل وللشافعي كالقولين وعن أحمد روايتان لان أسماء بنت ابن أبي
بكر غسلت ابنها
عبد الله بن الزبير وليس بجيد لأنه أخذ وصلب فهو كالمقتول ظلما وليس بشهيد في المعركة إما الباغ فللشيخ قولان في المبسوط والخلاف لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه سواء مات
في المعركة أولا واستدل بأنه كافر وبه قال أبو حنيفة لانهم جماعة ليس لهم منعة وقوة باينوا أهل الحق بدار وقتال فلا يغسلون ولا يصلى عليهم كاهل دار الحرب قال في سير
الخلاف يغسل ويصلى عليه وبه قال الشافعي ومالك واحمد لقوله (ع) صلوا على من قال لا إله إلا الله ولأنه مسلم قتل بحق فأشبه الزاني مسألة أهل القافلة إذا قتلهم
اللصوص غسلوا وكفنوا وصلى عليهم ودفنوا وبه قال مالك واحمد وللشافعي قولان للعموم وقال أبو حنيفة من قتل ظلما بحديد فإنه لا يغسل كالشهيد ومن قتل بمثقل غسل
وهو خطا لان عليا (عليه السلام) قتل بحديد وكذا عمر وغسلا ولو قتل اللص وقاطع الطريق غسل وكفن وصلى عليه ودفن لان الفسق لا يمنع هذه الأحكام مسألة قال الشيخان
من وجب عليه القود أو الرجم أمر بالاغتسال والتحنيط ثم يقام عليه الحد ويدفن ووافقهما الصدوق وزاد تقديم الكفن أيضا لان الصادق (ع) قال المرجوم والمرجومة يغسلان و
يحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ولا يصلى عليهما والمقتص منه بمنزلة ذلك يغتسل ويتحنط ويلبس الكفن ويصلى عليه وقال الشافعي المقتول قصاصا أو رجما يغسل
ويصلى عليه والظاهر أن مراده بعد موته فروع - آ - لا يجب غسله ثانيا ولكن يصلى عليه إذا كان مسلما - ب - لو مسه بعد القتل لم يجب عليه الغسل لأنه مغتسل وقد
طهر به والا انتفت فايدته وتقديم الغسل يمنع من تجدد النجاسة بالموت لتحقق الطهارة به - ج - الشهيد لا يجب
بمسه الغسل لطهارته - د - لو اغتسل المقتول قودا فمات
قبل القتل وجب الغسل عليه وعلى لامسه مسألة المحرم كالمحل الا أنه لا يقرب الكافور والطيب في غسل ولا حنوط ولا يمنع من المخيط ولا من تغطية الرأس والرجلين قاله
الشيخان وأكثر علمائنا لقوله (ع) لا تقربوه طيبا فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم عن الباقر والصادق (ع) قال سألتهما عن
المحرم كيف يصنع به إذا مات قال يغطى وجهه ويصنع به كما يصنع بالحلال غير أنه لا يقرب طيبا وقال المرتضى وابن ابن أبي
عقيل منا إن احرامه باق فلا يقرب طيبا ولا يخمر رأسه
41

وبه قال عطا والثوري والشافعي واحمد واسحق ورواه الجمهور عن علي (ع) وعثمان وابن عباس لقوله (ع) في الذي وقص به بعيره غداة عرفة فمات اغسلوه بماء وسدر وكفنوه
في ثوبين ولا تمسوه طيبا ولا يخمر رأسه فان الله يبعثه يوم القيمة ملبيا وقال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة يبطل احرامه بموته ويصنع به كما يصنع بالحلال وهو
مروى عن عايشة وابن عمر وطاوس ولأنها عبادة شرعية تبطل بالموت كالصلاة والفرق ان الصلاة تبطل بالجنون وهذه عبادة محضة لا تبطل به فكذا الموت كالايمان فروع - آ - قد بينا انه يغسل كالحلال وقال احمد يصب عليه الماء صبا ولا يغسل كالحلال ولا يعرك رأسه ولا مواضع الشعر لئلا ينقطع شعره - ب - تغطي رجلاه
للحديث وعن أحمد المنع وهو خطا لان احرام الرجل في رأسه ولا يمنع من تغطية رجليه - ج - يغطى وجهه للخبر وعن أحمد المنع وهو خطأ لأنه لا يمنع من تغطية وجهه حيا فكذا
ميتا - د - يجوز ان يلبس المخيط للحديث وعن أحمد المنع لأنه لا يمنع في حياته فكذا بعدها ولو كان الميت امرأة البست القميص وخمر رأسها اجماعا ولا تقرب طيبا ويغطى وجهها عندنا
خلافا لأحمد - ه‍ - لا تلحق المعتدة للوفاة بالمحرم لان وجوب الحداد للتفجع على الزوج وقد زال بالموت وهو أحد وجهي الشافعي والاخر انها تصان عنه صيانة لها
عما كان حراما عليها كالمحرم ولا يلحق المعتكف بالمحرم وان حرم عليه الطيب حيا البحث الرابع في اللواحق مسألة اختلف علمائنا في استحباب وضوء
الميت قال في المبسوط قيل إنه يوضأ الميت فمن عمل به كان جايزا غير أن عمل الطائفة على ترك العمل به لان غسل الميت كغسل الجنابة ولا وضوء في غسل الجنابة للنقل
المستفيض عن أهل البيت (على) انه كغسل الجنابة والانتقال من تليين أصابعه وغسل يديه إلى غسل رأسه وجسده من غير ذكر الوضوء وكذا في الخلاف وفى الاستبصار
يستحب وقال المفيد ثم يوضأ الميت فيغسل وجهه وذراعيه ويمسح برأسه وظاهر قدميه وأطبق الجمهور على استحبابه لقول النبي (ص) فإذا فرغت من غسل
سفلتها غسلا نقيا بماء وسدر فوضئها وضوء الصلاة ثم اغسلها وقال الصادق (ع) في كل غسل وضوء الا غسل الجنابة تذنيب ان قلنا بمشروعية الوضوء
منعنا المضمضة والاستنشاق وبه قال أكثر العلماء كسعيد بن جبير والنخعي والثوري وأبي حنيفة واحمد لان ادخال الماء فاه وانفه لا يؤمن معه وصوله إلى جوفه
فيفضى إلى البلة به ولا يؤمن خروجه في أكفانه وقال الشافعي باستحبابهما كالحي لقوله (ع) لام عطية حين غسلت بنته ابدأ بميامنها ومواضع الوضوء مسألة
يستحب امرار يد الغاسل على جسد الميت فان خيف من ذلك لكونه مجدورا أو محترقا اكتفى بصب الماء عليه لان الامرار مستحب وتقطيع الجلد حرام فيعدل إلى
تركه لقول الباقر (ع) للمجدور والكسر والذي به القروح يصب عليه الماء صبا فان خيف من الصب تيمم بالتراب وهو اجماع العلماء لتعذر الطهارة المائية وخلاف الأوزاعي
لا اعتبار به لانقطاعه لان عليا (ع) قال إن قوما اتوا النبي صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله مات صاحب لنا وهو مجدور فان غسلناه انسلخ فقال تيمموه تذنيب
وكذا يؤمم الميت لو فقد الماء أو تعذر الوصول إليه أو وجد المضاف والنجس أو اضطر الحي إلى شربه مسألة إذا مات الجنب أو الحايض أو النفساء كفى غسل الموت وهو
قول من يحفظ عنه العلم من علماء الأمصار قال الحسن البصري وسعيد بن المسيب ما مات ميت إلا جنب وقال الباقر (ع) في الجنب إذا مات ليس عليه الا غسل واحد عن الصادق (ع)
في النفساء إذا ماتت كيف تغسل قال مثل الطاهر وكذلك الحايض والجنب انما يغسل غسلا واحدا ونقل عن الحسن البصري انه يغسل مرتين للجنابة أو الحيض ثم للموت وهو
غلط لأنهما خرجا عن التكليف مسألة لا تجب التسمية في تغسيل الميت ذهب إليه علماؤنا أجمع وأكثر أهل العلم وعن أحمد رواية بالوجوب كالحي والأصل ممنوع
ولو كان واجبا لنقل والأصل عدمه ويستحب ان يغسل كل غسلة بتسعة أرطال من ماء كالجنب والواجب الانقاء لقول العسكري (ع) حده يغسل حتى يطهر انشاء الله
ويستحب ان يبدأ في كل غسلة بيديه وفرجه مبالغة في الانقاء ويستحب للغاسل ان يذكر الله تعالى عند غسله ويتأكد بالمأثور وقال الباقر (ع) أيما مؤمن غسل مؤمنا
فقال إذا قلبه اللهم ان هذا بدن عبدك المؤمن وقد أخرجت روحه وفرقت بينهما فعفوك عفوك الا غفر الله له ذنوب سنة الا الكباير مسألة يستحب وقوف الغاسل
على جانبه الأيمن ويكره جعله بين رجليه لقول الصادق (ع) ولا يجعله بين رجليه في غسله بل يقف من جانبه وروى عنه (ع) انه لا بأس أن تجعل الميت بين رجليك وان تقوم فوقه
فتغسله إذا قلبته يمينا وشمالا ان تضبطه بين رجليك لئلا يسقط لوجهه قال في التهذيب انه يدل على الجواز وإن كان الأفضل ما تقدم مسألة قال علماؤنا يكره اقعاد
الميت وعصره قاعدا لان في الجلوس أذية له واستدل الشيخ باجماع الفرقة وبرواية حمران بن أعين قال إذا أغسلت الميت فارفق به ولا تعصره وفى أخرى ولا تعصروا له مفصلا
وروى عن الصادق (ع) قال اقعده واغمز بطنه غمزا رقيقا قال الشيخ انه للتقية لموافقته لمذهب العامة مسألة يكره قص أظفار الميت وترجيل شعره ذهب إليه علماؤنا
أجمع حتى أن الشيخ في الخلاف قال لا يجوز تسريح اللحية وكذا حلق العانة ونتف الإبط وحف الشارب مكروه عند علماؤنا أجمع وهو أحد قولي الشافعي وبه قال مالك و
الثوري وأبو حنيفة لان ما يسقط منه يطرح في كفنه فلا معنى لقص ذلك مع القول بوضعها في الكفن ولقول الصادق (ع) لا يمس من الميت شعر ولا ظفر وان سقط منه
شئ فاجعله في كفنه وقال احمد بالجواز وهو قول الحسن والشافعي في الجديد لقوله (ع) اصنعوا بموتاكم ما تفعلون بعرايسكم وحلق سعد بن ابن أبي
وقاص عانة ميت وينتقض
بالطيب للعروس وتحريمه للميت وكذا ليس الحلى والتزيين وفعل سعد لا عبرة به فروع - آ - لا يحلق رأس الميت عند علمائنا وقال الشيخ انه بدعة وهو قول العلماء الا
الشافعي في أضعف القول فإنه قال إن لم يكن على رأسه جمة حلق كحلق العانة وإن كان ممن يربى الشعر لم يحلق لان الشعر زينة وليس حلقه بتنظيف بخلاف العانة على أن
الأصل ممنوع - ب - يكره تسريح اللحية وإن كانت ملبدة وبه قال أبو حنيفة لأدائه إلى نتف شعره وقال الشافعي يستحب برفق بمشط منفرج الأسنان - ج - لو لم يكن الميت
مختتنا لم يختن بعد موته وبه قال الشافعي وكذا لو وصل عظمه بعظم ميت لم يقطع لأنه صار جزءا منه وصار كله ميتا - د - ينبغي اخراج الوسخ بين أظافيره بعود لين وان
شد عليه قطنا ويتبعها به كان أولي وهو قول الشافعي أيضا - ه‍ - إذا فرغ الغاسل من غسله نشفه بثوب وهو اجماع لئلا يسرع الفساد إلى الكفن مع البلل و
لقول الباقر (ع) والصادق (ع) إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور فمسحت به اثار السجود ومفاصله - و - ليس من السنة ضفر شعر الميتة وبه قال أبو حنيفة و
والأوزاعي قالا لكن يرسل مع خديها بين يديها من الجانبين ثم يرسل عليها الخمار ولان ضفره يحتاج إلى التسريح فيسقط شعرها وهو مكروه ولان هيئات الافعال بالميت
شرعية ولم يثبت عن الشرع ذلك وقال الشافعي واحمد واسحق وابن المنذر يستحب ضفرة ثلثة قرون قرينها وناصيتها ويلقى من خلفها لان أم عطية قالت ضفرنا شعرها
ثلثة قرون وألقيناه خلفها يعنى بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وفعل أم عطية ليس حجة ولم يثبت التوقيف مسألة يكره تسخين الماء الا لضرورة كالبرد المانع للغاسل عنه و
به قال الشافعي واحمد لقول الباقر (ع) لا يسخن الماء للميت ولان البارد يمسكه والمسخن يرخيه ولهذا يطرح الكافور في الماء ليشده ويبرده وقال أبو حنيفة التسخين أولي
لأنه ينقي ما لا ينقيه البارد ولو احتيج إلى التسخين لإزالة الوسخ زالت الكراهة ولو تعذر الاسخان ولم يتمكن للغاسل للبرد يممه لتعذر استعمال الماء تذنيب إذا
تعذر استعمال الماء وجب التيمم وهل يؤمم ثلاثا أو مرة الأقرب الأول لأنه بدل عن ثلاثة أغسال ويحتمل الثاني لاتحاد غسل الميت مسألة لا يستحب الدخنة بالعود ولا بغيره
42

ولا التجمير عند التغسيل لان الاستحباب عبادة شرعية فيقف ثبوتها على دلالة الشرع ولم يثبت واستحبه الجمهور لدفع الرايحة الكريهة وليست ثابتة مع كل ميت وقد
تندفع بغيره وقال الصادق (ع) قال أمير المؤمنين (ع) لا تجمروا الأكفان ولا تمسوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم وقال الباقر (ع) لا تقربوا موتاكم النار يعنى
الدخنة مسألة يشترط في الماء الطهارة اجماعا إذا النجس لا يطهر غيره والاطلاق فان المضاف غير مطهر عندنا وعلى قول المرتضى الأقوى انه كذلك لأنها عبادة
فأشبهت الوضوء ولو جعلناه إزالة النجاسة انسحب على قوله الجواز والملك أو الإباحة فلو كان مغصوبا مع علم الغاسل لم يطهر لامتناع التعبد بالقبيح وان
جعلناه إزالة نجاسة أمكن الجواز كغيره من النجاسات ولو كان الغاسل جاهلا اجزاء كالوضوء وكذا يجب كون الكافور والسدر مملوكين ولو غسله في مكان
مغصوبا فالأقوى الأجزاء المطلب الثالث التكفين وفيه بحثان الأول في جنسه وقدره مسألة يحرم التكفين بالحرير المحض ذهب إليه علماؤنا أجمع سواء
كان الميت رجلا أو امرأة وبه قال الشافعي في الرجل لما فيه من اتلاف المال ولان أحدا من الصحابة والتابعين لم يفعله ولو كان سايغا لفعلوه لانهم كانوا يفتخرون بجودة
الأكفان وقد استحب الشارع تجويدها وروى الحسين بن راشد قال سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل يصلح ان يكفن فيها الموتى
قال إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس دل بمفهومه على ثبوت البأس مع صرافة القز والعصب ضرب من برود اليمن سمى بذلك لأنه يصبغ بالعصب وهو نبت باليمن
وكره أكثر الجمهور ذلك الا المراة فان بعضهم سوغه من غير كراهة لأنها تلبسه في حال حيوتها والموت أخرجها عن لبسه لعدم الزينة حينئذ والشافعي كرهه مسألة يستحب ان يكون الكفن قطنا
محضا أبيض وهو قول العلماء كافة لان النبي (ص) كفن في القطن الأبيض وقال (ع) البسوا من ثيابكم البياض فإنه أطهر وأطيب وكفنوا فيه موتاكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
الكتان كان لبنى إسرائيل يكفنون به والقطن لامة محمد صلى الله عليه وآله مسألة ويكره الكتان ذهب إليه علماؤنا خلافا للجمهور لقول الصادق (ع) لا يكفن الميت في كتان وكذا يكره الممتزج بالحرير و
يشترط ان يكون مما تجوز الصلاة فيه ولا يجوز التكفين في الجلود لأنها تنزع عن الشهيد مع أنه يدفن بجميع ما عليه فلا يناسب تكفين غيره بها وهل يجوز التكفين بالصوف
والوبر والشعر الأقرب ذلك لجواز الصلاة فيها وبه قال الشافعي وقال ابن الجنيد لا يكفن في الوبر ولعله استند في ذلك إلى عدم النقل مع أن التكفين أمر شرعي يقف على
مورده ويشترط فيه الطهارة بالاجماع ولأنه لو لحقته نجاسة بعد التكفين وجبت ازالتها فقبله أولي وكذا الملك فلا يجوز التكفين بالمغصوب باجماع العلماء لأنه تصرف في
مال الغير بغير اذنه فيكون قبيحا مسألة يكره أن يكفن في الثياب السود باجماع العلماء لان وصف البياض بالطيب والطهور في كلام النبي (ص) يدل بمفهومه على كراهة
ضده ولأنها ثياب مثله وقال الصادق (ع) لا يكفن الميت في السواد وكذا يكره تكفين الرجل والمرأة بالمعصفر وغيره وبه قال الأوزاعي الا ما كان من المعصب وهو ما صبغ بالعصب وهو نبت باليمن
مسألة والواجب في كفن الرجل والمراة ثلاثة أثواب ميزر وقميص وهو البقيرة وازار عند أكثر علمائنا لان النبي صلى الله عليه وآله كفن في ثلاثة أثواب سحولية وسحول بفتح السين
قرية مدنية بناحية اليمن يعمل فيها ثياب يقال لها السحولية والسحول بضم السين الثياب البيض وقال الصادق (ع) كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثوبين سحوليين وثوب حبرة يمنية عبرى
وقال الباقر (ع) الكفن المفروض ثلاثة أثواب تام لا أقل منه يوارى به جسده كله فما زاد فهو سنة حتى يبلغ خمسة فما زاد فمبتدع وقال سلار الواجب لفافة تستر
الميت وتعم البدن وما زاد مستحب للأصل وبه قال الأوزاعي والشافعي في أحد الوجهين تكريما له وسترا لما عساه يعرض من التغيير الا ان المحرم عند الشافعي لا يستر
رأسه ولا المراة وجهها والثاني ان الواجب قدر ما يستر العورة كالحي وهو أوفق لنص الشافعي فيختلف الحال بالذكورة والأنوثة لاختلافهما في قدر العورة استحب
الشافعي ثلاثة ازر يدرج فيها ادراجا ليس فيها قميص ولا عمامة وبه قال احمد واستحب أبو حنيفة ان يكفن في ازار ورداء وقميص لان النبي صلى الله عليه وآله كفن في قميصه والبس قميص عبد الله
ابن ابن أبي
سلول كفنه به وقال لا يعذب ما بقى عليه منه سلك وقال ابن الجنيد ولا باس ان يكون الكفن ثلاثة أثواب يدرج فيها إدراجا أو ثوبين وقميصا
والمشهور ايجاب القميص إما مع الضرورة فان الواحد مجزيا بالاجماع ولو قصر الثوب عن جميعه ستر رأسه وجعل على رجليه حشيشا ولو لم يكف الا العورة وجب الستر
بها لأنها أهم من غيرها تذنيب لا فرق بين الصبى والرجل والجمهور اكتفوا بثوب واحد وان كفن في ثلاثة فلا باس لنا انه كالرجل لأنه ذكر مسألة ذهب علماؤنا
إلى استحباب زيادة حبرة يمنيه وهي المنسوبة إلى اليمن عبرية منسوبة إلى العبر وهو جانب الوادي غير مطرزة بالذهب لان الباقر (ع) قال كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب
برد حبرة احمر وثوبين أبيضين صحاريين وقال إن الحسن بن علي (ع) كفن أسامة بن زيد في برد احمر حبرة وان عليا (ع) كفن ابن حنيف في برد احمر حبرة وأنكر الجمهور ذلك لان عايشة ذكر لها ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن في
برد فقالت قد اتى بالبرد ولكن لم يكفنوه فيه وروايتنا أولي لأنها مثبتة وكره احمد الزيادة على ثلاثة أثواب لما فيه
من إضاعة المال وينتقض بالثلاثة مسألة
ويستحب ان يزاد الرجل خرقة تشد فخذيه طولها ثلثة أذرع ونصف في عرض شبر إلى شبر ونصف وتسمى الخامسة يلف بها فخذاه لفا شديدا بعد ان يحشو الدبر بالقطن
وعلى المذاكير ثم يخرج طرفيها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ويغمزه في الموضع الذي شدها فيه واستحبه احمد في خاصة دون الرجل والمقتضى فيهما واحد ولقول
الصادق (ع) يلف الميت في خمسة أثواب قميص لا يزر عليه وازار وخرقة يعصب بها وسطه وعنه (ع) يجعل طول الخرقة ثلاثة أذرع ونصفا وعرضها شبر ونصف مسألة
ويستحب العمامة للرجل تثنى عليه محنكا ويخرج طرفاها من الحنك ويلقيان على صدره ذهب إليه علماؤنا لان المطلوب ستر الميت والعمامة ساترة وقول الصادق (ع)
وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي وقال خذ العمامة من وسطها واثنها على رأسه ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفها على صدره وقال الباقر (ع) أمر النبي صلى الله عليه وآله بالعمامة وعمم النبي صلى الله عليه وآله
ومات أبو عبيدة الحذاء فبعث الصادق (ع) معنا بدنانير وأمرنا ان نشترى به حنوطا وعمامة ففعلناه وقال العمامة سنة ولم يستحبها الجمهور لان النبي صلى الله عليه وآله كفن في ثلاثة
أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة وهو غير مناف لان المراد ان العمامة ليست أحد الثلاثة تذنيب العمامة ليست من الكفن فلو سرقها النباش لم يقطع وان بلغت
النصاب لان القبر حرز الكفن دون غيره مسألة ويستحب ان تزاد المرأة على الخمسة لفافتين أو لفافة ونمطا فيكون المستحب لها سبعة قال الباقر (ع) يكفن الرجل
في ثلاثة أثواب والمراة إذا كانت عظيمة في خمسة درع ومنطق وخمار ولفافتين وسأل بعض أصحابنا كيف تكفن المراة فقال كما يكفن الرجل غير أنه يشد على
ثدييها (فخذيها) خرقة تضم الثديين إلى الصدر وتشد إلى ظهرها والمراد بالنمط ثوب فيه خطط مأخوذ من الأنماط وهي الطرايق ويعوض عن العمامة بقناع لقول الصادق (ع)
تكفن المراة في خمسة أثواب أحدها الخمار والخمار هو القناع لأنه يخمر به الرأس تذنيب ظهر مما قلناه أن الكفن الواجب في الذكر والأنثى ثلاثة أثواب والمستحب في الرجل
خمسة وفى الأنثى سبعة ولا يجوز الزيادة على ذلك لما فيه من إضاعة المال وقال الشافعي الواجب في الكفن ستر العورة والمستحب ثلاثة والجايز خمسة والمكروه ما زاد واستحب
أكثر الجمهور كفن المرأة في خمسة أثواب واختلفوا وللشافعي قولان أحدهما قميص وميزر ولفافة ومقنعة وخامسة يشد بها فخذاها لزيادتها في حال الحياة في الستر على
الرجل لزيادة عورتها على عورته فكذا بعد الموت ولم يكره لها المخيط كما لم يكره حال احرامها وكرهوه في الرجل والثاني ان الخمسة ازار ودرع وخمار ولفافتان وقال احمد لا خمار في
43

كفن الجارية لأنه غير واجب في صلاتها وعنى بها في رواية ما لم تبلغ وفى أخرى ما لم تبلغ تسع سنين مسألة الكفن الواجب يخرج من صلب المال باجماع العلماء الا
من شذ من الجمهور فإنهم جعلوه من الثلث وقال طاوس إن كان ماله كثيرا فمن الأصل وإن كان قليلا فمن الثلث لان ما زاد على ستر العورة ليس بواجب فيجب من
الثلث كتبرعه وهو خطا لان النبي (ص) قال في الذي وقص به راحلته كفنوه في ثوبيه ولم يسئل عن ثلثه ولان جماعة من الصحابة لم تكن لهم تركة الا قدر الكفن فكفنوا
به كحمزة ومصعب بن عمرو لان الميراث بعد الدين والمؤنة مقدمة على الدين ولقول الصادق (ع) ثمن الكفن من جميع المال ونمنع اعتبار الواجب في الساتر ولا فرق
بين أن يوصى به أو لا أما ما عدا الواجب فان اتفقت الورثة عليه ولا دين أو كان ووافق أربابه أو أوصى به وهو يخرج من الثلث فإنه ماض ولو تشاح الورثة
اقتصر على الواجب وللشافعية وجهان في مضايقة الورثة في الثوبين الزايدين على الواجب ولو أوصى باسقاط الزايد على الواجب نفذت وصيته ولو اوصى
بالمستحب نفذت وصيته من الثلث ولو ضايق أصحاب الديون المستغرقة في الزايد على الواجب لم يخرج وللشافعي وجهان أحدهما انهم لا يجابون ويكفن في ثلاثة
كالمفلس تترك عليه ثياب تجمله وأظهرهما الإجابة لحصول الستر وزيادة حاجته إلى براءة ذمته من التجمل ولو ضايقوا في الواجب اخرج مسألة محل كفن
الرجل التركة لأنها من جملة المؤنة وهو اجماع ولو لم يخلف شيئا لم يجب على أحد بذل الكفن عنه قريبا كان عنه أو بعيدا الا المملوك للبرائة الأصلية وقال الشافعي
يجب على من تجب عليه النفقة كالقريب والسيد واما المراة فان كفنها على زوجها عند علمائنا سواء كانت موسره أو معسره وهو أصح وجهي الشافعية لقول
علي (ع) على الزوج كفن امرأته إذا ماتت ولثبوت الزوجية إلى حين الوفاة فيجب الكفن ولان من وجبت نفقة وكسوته في الحياة وجب تكفينه عند المخالف
كمملوكه فكذا زوجته والثاني عدم الوجوب على الزوج وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لان النفقة تتبع التمكين من الاستمتاع وقد انقطع بالموت واما
المملوك فيجب كفنه على مولاه بالاجماع لاستمرار حكم رقيته إلى الوفاة تذنيب لو لم يخلف الميت شيئا دفن عاريا ولا يجب على المسلمين بذل الكفن
بل يستحب نعم يكفن من بيت المال إن كان وكذا الماء والكافور والسدر وغيره مسألة ويستحب أن تجعل معه في الكفن جريدتان ذهب إليه علماؤنا
أجمع ولم يستحبه غيرهم لقول النبي صلى الله عليه وآله خضروا صاحبكم أي اجعلوا معه جريدة خضراء ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يوضع للميت جريدة في اليمين والاخرى
في اليسار فان الجريدة تنفع المؤمن والكافر فروع - آ - يستحب أن يكونا رطبتين لان القصد استدفاع العذاب ما دامت الرطوبة فيما قيل للصادق (ع) لأي شئ
تكون مع الميت جريدة قال تجافى عنه ما دامت رطبة - ب - أن تكون من النخل فان تعذر فمن السدر وان تعذر فمن الخلاف فان تعذر فمن شجر رطب ولو حصلت بعد دفنه وضعت الجريدتان
في القبر فان تعذر فلا بأس بتركهما - ج - يستحب جعل إحديهما مع ترقوته من جانبه الأيمن يلصقها بجلده والاخرى من الجانب الأيسر بين القميص والإزار قاله الشيخان وقال ابن أبي
عقيل إحديهما تحت إبط الأيمن وقال علي بن بابويه يجعل اليمنى مع ترقوته واليسرى عند وركه بين القميص والإزار والوجه الأول لرواية جميل - د - يستحب ان تكفن
قدر كل واحدة قدر عظم الذراع وفى رواية قدر شبر مسألة كره علماؤنا أجمع تجمير الأكفان وهو تبخيرها بالبخور لعدم الامر الشرعي به ولما فيه من تضييع
المال ولقول الصادق (ع) لا تجمروا الكفن وقال (ع) قال أمير المؤمنين (ع) لا تجمروا الأكفان ولا تمسوا موتاكم بالطيب الا بالكافور فان الميت بمنزلة المحرم واستحب الجمهور التجمير بان يترك العود على النار في
مجمرة ثم يبخر به الكفن حتى تعبق رائحته بعد أن يرش عليه ماء الورد ويكون العود ساذجا لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا جمرتم الميت فاجمروه ثلاثا وهو يدل على الجواز
ونحن لا نمنع منه البحث الثاني في الكيفية مسألة يجب الحنوط وهو أن يمسح مساجده السبعة بالكافور بأقل اسمه وهو أحد قولي الشافعي لأنها مواضع
شريفة واجماع علماؤنا عليه قال المفيد أقل ما يحنط به الميت درهم وأفضل منه أربعة مثاقيل والأكمل ثلاثة عشر درهما وثلث لان جبرئيل نزل بأربعين درهما من كافور
الجنة فقسمه النبي صلى الله عليه وآله بينه وبين علي (ع) وفاطمة (عه) أثلاثا وروى علي بن إبراهيم رفعه في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث فروع - آ - لا يقوم غير الكافور مقامه عندنا وسوغ الجمهور
المسك وقد بينا انه كالمحرم - ب - لو تعذر الكافور سقط الحنوط لعدم تسويغ غيره - ج - لا يجب استيعاب المساجد بالمسح د لعلمائنا قولان في أن كافور الغسل
من هذا المقدر الشرعي مسألة يستحب ان يغتسل الغاسل قبل تكفينه فإن لم يفعل استحب له أن يتوضأ وضوء الصلاة لان الغسل من المس واجب فاستحب
الفورية فإن لم يتفق غسل يديه إلى ذراعيه لأنه استطهار في التطهير ولقول العبد الصالح (ع) يغسل الذي غسله يديه قبل ان يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرات ثم إذا كفنه اغتسل تذنيب الأقرب عدم الاكتفاء بهذا الوضوء في الصلاة إذا لم ينو رفع
الحدث مسألة ويستحب ان يطيب الكفن بالذريرة وهي الطيب المسحوق قال بعض علمائنا انها نبت يعرف بالقسحان وعلى الاستحباب اجماع أهل العلم
وقال الصادق (ع) وتبسط اللفافة طولا ويذر عليها من الذريرة ويستحب ان يكتب على الحبرة والقميص واللفافة والجريدتين ان يشهد الشهادتين ويسمى الأئمة (على)
واحدا بعد واحد لان الصادق (ع) كتب في حاشية كفن ولده إسماعيل إسماعيل يشهد ان لا إله إلا الله ويكون ذلك بتربة الحسين (ع) فان تعذر فبالأصبع ويكره ان
يكتب بالسواد مسألة يستحب ان يجعل بين أليتيه شئ من القطن المنزوع الحب لئلا يخرج منه شئ واختلف في كيفيته فقال الشيخ تحشو القطن في دبره
وقال ابن إدريس يوضع على حلقة الدبر من غير حشو وقال الشافعي ثم يدخل بين أليتيه ادخالا بليغا يكثر ذلك وقال أصحابه ليس المراد القطن في دبره بل بين أليتيه
والمبالغة يريد الايصال إلى الحلقة وهو الأحوط عندي احتراما للميت لما في الحشو من تناول حرمته نعم ان خاف خروج شئ منه حشاه في دبره مسألة ثم يشد
فخذيه بالخامسة ويضم فخذيه ضما شديدا بعد ان يحشو الدبر قطنا وعلى المذاكير ويلفها على فخذيه ثم يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ويغمزها في المواضع
الذي لف فيه الخرقة ويلف فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفا شديدا وبه قال الشافعي واستحبه احمد في المراة خاصة وقد تقدم وهذا مستحب وليس بواجب اجماعا
مسألة ثم يأخذ الازار فيوزره به ويكون عرضا يبلغ من صدره إلى الرجلين فان نقص عنه لم يكن به بأس ويحنط مساجده أبا لكافور كما تقدم فان فضل شئ من الكافور
مسح به صدره ثم يرد القميص عليه ويأخذ الجريدتين ويجعل إحديهما من جانبه الأيمن مع ترقوته يلصقها بجلده والاخرى من الأيسر ما بين القميص والإزار ويعممه
فيأخذ وسط العمامة فيلفها على رأسه بالدور ويحنكه بها ويطرح طرفيها جميعا على صدره ولا يعممه عمة الأعرابي بغير حنك ثم يلفه في اللفافة فيطوى جانبه الأيسر
على جانبه الأيمن وجانبها الأيمن على جانبها الأيسر ثم يضع بالحبرة أيضا مثل ذلك فإن لم توجد حبرة استحب التعويض بلفافة أخرى ويعقد طرفها مما يلي رأسه
ورجليه والواجب من ذلك ان يؤزره ثم يلبسه القميص ثم يلفه بالإزار وقال الشافعي واحمد يبسط أحسن اللفائف وأوسعها ويذر عليها حنوطا ثم الثانية ويذر عليها
الحنوط ثم الثالثة ويذر عليها الحنوط في أحد الوجهين وفى الثاني لا يذر على الثالثة فإذا فرغ من بسط الثياب نقله من مغتسله إلى أكفانه مستورا بثوب ويترك على الكفن مستلقيا على ظهره ويحشو
القطن بين أليتيه ويأخذ القطن ويضع عليه الحنوط والكافور ثم يلف الكفن عليه ويشد عليه بشداد وينزع الشداد عند الدفن ولم يعرف أصحابنا الشداد وهل
44

يعقدون أطراف اللفافة وفى طي اللفافة قولان أحدهما مثل ما قلناه والثاني يثنى شق الثوب الأيمن على شقه الأيمن وما قلناه أولي مسألة ويستحب سحق الكافور باليد
قاله الشيخان ولا يوضع شئ من الكافور ولا من المسلك ولا من القطن في سمع الميت ولا في بصره ولا في فيه ولا في جراحه النافذ الا أن يخاف خروج شئ من أحدها فيوضع فيه
القطن قال علمائنا لان ذلك يفسدها فيجتنب لقوله (ع) جنبوا موتاكم ما تجنبون أحياكم وقال الصادق (ع) لا تجعل في مسامع الميت حنوطا واستحبه الجمهور لئلا يدخل
الهوام إليها قال الشيخ يكره أن يكون في الكافور شئ من المسك والغير لقول الصادق (ع) لا تمسوا موتاكم بالطيب الا بالكافور مسألة ويكره ان يقطع الكفن بالحديد
قال الشيخ في التهذيب سمعناه مذاكرة من الشيوخ وعليه كان عملهم ولا بد له من أصل فيعتمد عليه قال الشيخ ويكره بل الخيوط التي يخاط بها الكفن بالريق و
يكره أيضا ان يعمل لما يبتدأ من الأكفان اكمام ولو كفن في قميص كان لابسا له لم يقطع كمه قاله علماؤنا وسئل الصادق (ع) قلت الرجل يكون له القميص يكفن فيه فقال قطع
ازراره وكمه قال لا انما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له اكماما فاما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا ازراره مسألة وان سقط من الميت شئ غسل
وجعل معه في أكفانه باجماع العلماء لان جميع أجزاء الميت في موضع واحد أولي المطلب الرابع في الصلاة عليه ومباحثه خمسة الأول الميت مسألة انما
يجب الصلاة على المسلم بالاجماع فلا يجوز على الكافر وإن كان ذميا أو مرتدا قال الله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات ابدا ولا يجب على المسلمين غسله وأما التكفن
والدفن فلا يجبان أيضا وإن كان ذميا وهو أحد وجهي الشافعي لان الذمة قد انتهت بالموت وأظهرهما الوجوب كما يجب أن يطعم ويكسى في حياته وأظهر الوجهين
عنده في الحربي عدم وجوب تكفينه ودفنه لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالقاء قتلى بدر في القليب على هيئتهم وفى وجوب مواراته عنده وجهان فروع - آ - لو اختلط قتلى
المسلمين بقتلى المشركين قال علماؤنا يصلى عليهم جميعا بنية الصلاة على المسلمين خاصة ويجوز أن يصلى على كل واحد واحد بنية الصلاة عليه إن كان مسلما وبه قال
مالك والشافعي واحمد لامكان الصلاة على المسلم من غير ضرورة فوجب وقال أبو حنيفة إن كان المسلمون أكثر صلى عليهم والا فلا لأن الاعتبار بالأكثر بدليل ان دار المسلمين
الظاهر منها الاسلام لكثرة المسلمين وعكسها دار الحرب ويبطل بما إذا اختلطت أخته بالأجنبيات فان الحكم يثبت للأقل إما المواراة فقال الشيخ يوارى من كان
صغير الذكر لقول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر لا تواروا الا كميشا وقال لا يكون الا في كرام الناس وقيل بالقرعة والوجه عندي دفن الجميع تغليبا لحرمة
المسلم وبه قال الشافعي - ب - لو وجد ميت لم يعلم كفره واسلامه فإن كان في دار الاسلام الحق بالمسلمين والا فبالكفار - ج - يصلى على كل مظهر للشهادتين من ساير
فرق الاسلام وقال احمد لا اشهد الجهمية ولا الرافضة ولا على الواقفي وبه قال مالك لان ابن عمر روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن لكل أمة مجوسا وان مجوس أمتي الذين
يقولون لا قدر وقال ابن عبد البر ساير العلماء يصلون على أهل البدع والخوارج وغيرهم لعموم قوله صلى الله عليه وآله صلوا على من قال لا إله إلا الله واستضعفوا الرواية وعنوا
تشبيه القدرية بالمجوس - د - لا يصلى على أطفال المشركين لالحاقهم بابائهم الا ان يسلم أحد أبويه أو يسبى منفردا عن أبويه عند الشيخ ولو سبى مع أحد أبويه لم يلحق بالسابي
في الاسلام وبه قال أبو ثور وقال احمد يصلى عليه كما لو سبى منفردا - ه‍ - لا تجب الصلاة على كل من اعتقد ما يعلم بطلانه من الدين ضرورة كالخوارج والغلاة لقدحهم
في علي (ع) وكذا من قدح في أحد الأئمة (على) كالسبابية والخطابية ويجب على من عداهم لقوله (ع) صلوا على كل بر وفاجر مسألة تجب الصلاة على الصبى من
أولاد المسلمين إذا كان لهم ست سنين فصاعدا ولا تجب لو كان له دون ذلك لأنه الحد الذي يؤمر معه بالصلاة والصلاة على الميت استغفار وشفاعة فلا معنى للشفاعة
فيمن لا يؤمر بالصلاة وجوبا ولا ندبا وسئل الصادق (ع) متى يصلى على الصبى قال إذا عقل الصلاة قلت متى تجب عليه قال إذا كان له ست سنين وقال الحسن البصري و
إبراهيم والحكم وحماد ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي لا يصلى عليه حتى يستهل لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل وقال احمد يصلى عليه
وان ولد سقطا إذا استكمل أربعة أشهر وبه قال سعيد بن المسيب وابن سيرين واسحق وللشافعي كالمذهبين لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله السقط يصلى عليه وعن سعيد بن المسيب
أيضا تجب حين تجب الصلاة عليه فروع - آ - يستحب الصلاة على من نقص سنه عن ست إذا ولد حيا لقول الكاظم (ع) يصلى على الصبى على كل حال الا أن يسقط لغير تمام
وقال الصادق (ع) لا تصلى على المنفوس وهو المولود الذي لم يستهل وإذا استهل فصل عليه - ب - لو خرج بعضه واستهل ثم مات استحب الصلاة عليه ولو خرج أقله
لحصول الشرط وهو الاستهلال وقال أبو حنيفة لا يصلى عليه حتى يكون الخارج أكثره اعتبار بالأكثر - ج - لا يستحب الصلاة على السقط ميتا عند علمائنا وصلاة
ابن عمر على ابن لابنه ولد ميتا ليس حجة مسألة ويشترط حضور الميت عند علمائنا أجمع فلا تجوز الصلاة على الغايب عن البلد وبه قال أبو حنيفة ومالك
والا لصلى على النبي صلى الله عليه وآله في الأمصار وكذا الأعيان من الصلحاء ولو فعل ذلك لأشتهر وتواترت مشروعية ولان استقبال القبلة بالميت شرط ولم يحصل ولان حضور
الجنازة شرط كما لو كانت في البلدة وقال الشافعي يجوز فيتوجه المصلى إلى القبلة فيصلى عليه سواء كانت الميت في جهة المصلى أو لم يكن وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله نعى النجاشي
اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى وصف بهم وكبر أربعا ويحتمل أن تكون الأرض قد زويت له فأرى الجنازة أو الدعاء لما روى زرارة ومحمد بن مسلم قلت له
فالنجاشي لم يصل عليه النبي صلى الله عليه وآله فقال انما دعا له فروع - آ - شرط الشافعي الغيبة عن البلد فإن كان الميت في طرف البلد لم تجوز الصلاة عليه حتى يحضره - ب - لافرق بين
أن تكون الجنازة في بلد أخرى أو قرية أخرى بينهما مسافة سواء كانت مما تقصر فيها الصلاة أولا في العدم عندنا والجواز عند الشافعي - ج - حضوره وإن كان شرطا
لكن ظهوره ليس بشرط فلو دفن قبل الصلاة عليه صلى على القبر ولم ينبش اجماعا وكذا العاري يترك في القبر وتستر عورته بالتراب ثم يصلى عليه ويدفن مسألة لو دفن
الميت قبل الصلاة عليه صلى على قبره وبه قال علي (ع) وأبو موسى الأشعري وابن عمر وعايشة وهو مذهب الأوزاعي والشافعي واحمد لان النبي (ص) صلى على قبر سكينة دفنت
ليلا وصلى على قبر رجل كان يقيم بالمسجد دفن ليلا وقال النخعي ومالك وأبو حنيفة لا يصلى على القبور والا لصلى على قبر النبي صلى الله عليه وآله وهو مدفوع إذا الصلاة على القبر مقدرة
بما يأتي مسألة واختلف في تقدير الصلاة على القبر في حق المدفون بغير صلاة فقال بعض علمائنا يصلى عليه يوما وليلة لا أزيد قال المفيد وقال الشيخ ثلاثة أيام و
لا تجوز الصلاة بعدها لأنه بدفنه خرج عن أهل الدنيا فساوى من قبر في قبره خرج المقدر بالاجماع فيبقى الباقي على الأصل ولقول الكاظم (ع) لا تصل على المدفون خرج ما
قدرناه بالاجماع فيبقى الباقي وللشافعية أربعة أوجه أحدها انه يجوز إلى شهر وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله صلى على براء بن معروف بعد شهر ولم ينقل أكثر من ذلك ومنهم من قال ما
لم يبلى جسده ويذهب لأنه حالة بقائه كهو حالة موته ومنهم من قال يجوز أبدا لان النبي (ص) صلى على شهداء أحد بعد ثماني سنين وقال أبو حنيفة يصلى عليه الولي
إلى ثلاث ولا يصلى غيره عليه بحال والتخصص لاوجه له وقال اسحق يصلى عليه الغايب إلى شهر والحاضر إلى ثلاث وكل ذلك محمول على الدعاء تذنيب
هذا التقدير عندنا انما هو على من لم يصل عليه وبه قال أبو حنيفة خلافا للشافعي فإنه لم يشترط ذلك ولو قلع من لم يصل عليه صلى عليه مطلقا مسألة الشهيد
45

يصلى عليه عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري وسعيد بن المسيب والثوري وأبو حنيفة والمزني واحمد في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله خرج يوما صلى على أهل أحد صلاته على الميت
ثم انصرف إلى المنبر وقال ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله صلى على قتلى أحد وكان يقدمهم تسعة تسعة وحمزة عاشرهم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن حمزة في ثيابه
ولم يغسله ولكنه صلى عليه ولان مرتبته عالية فشرعت الصلاة عليه كالأنبياء والأوصياء وقال الشافعي ومالك واسحق واحمد في رواية لا يصلى عليه لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بدفن شهداء
أحد في دمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم ولأنه لم يغسل مع امكان غسله فلم يصل عليه كساير من لم يغسل ورواية الاثبات مقدمة وسقوط غسله لقوله (ع) زملوهم
بكلومهم فإنهم يحشرون يوم القيمة وأوداجهم تشخب دما مسألة ويصلى على المقتول ظلما أو دون ماله أو نفسه أو أهله ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال
الحسن ومالك والشافعي واحمد في رواية لان مرتبته دون رتبة الشهيد في المعركة وقال النبي صلى الله عليه وآله صلوا على من قال لا إله إلا الله وفى رواية عن أحمد لا يصلى عليه لأنه
قتل شهيدا والمقدمتان ممنوعتان واما من عداهم ممن اطلق عليه اسم الشهيد كما روى عن النبي صلى الله عليه وآله الشهداء خمس المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد
في سبيل الله وروى زيادة صاحب الحريق وصاحب ذات الجنب والمراة تموت بجمع شهيدة فإنهم يصلى عليهم اجماعا وكذا النفساء خلافا للحسن البصري لان النبي صلى الله عليه وآله صلى على امرأة ماتت في
نفاسها فقام وسطها مسألة وليس التمام شرطا فيصلى على البعض الذي فيه الصدر والقلب أو الصدر نفسه عند علمائنا لان الصلاة ثبتت لحرمة النفس
والقلب محل العلم ومنه تنبت الشرائين السارية في البدن فكأنه الانسان حقيقة ولقول الكاظم (ع) في الرجل يأكله السبع فتبقى عظامه بغير لحم قال يغسل ويكفن ويصلى
عليه ويدفن فإذا كان الميت نصفين صلى على نصف الذي فيه القلب وعن محمد بن عيسى عن بعض أصحابنا يرفعه قال المقتول إذا قطع أعضاؤه صلى على العضو الذي
فيه القلب وعن الصادق (ع) قال إذا وجد الرجل قتيلا فان وجد له عضو من أعضائه تام صلى على ذلك العضو ودفن فإن لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن
وذكر ابن بابويه ويحمل العضو التام على الصدر لاشتماله على ما لم يشتمل عليه غيره من الأعضاء وقال أبو حنيفة ومالك ان وجد الأكبر صلى عليه والا فلا لأنه بعض
لا يزيد على النصف فلم يصل عليه كالذي بان في حياة صاحبه والشعر والظفر والفرق انه من جملة لا يصلى عليها والشعر والظفر لا حياة فيهما ولو قطع نصفين عرضا
صلى على ما فيه الرأس وان قطع طولا لم يصل عليه وقال الشافعي واحمد ان وجد بعضه مطلقا صلى عليه أي
عضو كان قال الشافعي القى طاير يدا بمكة من وقعة
الجمل عرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فصلى عليها أهل مكة بمحضر من الصحابة ولأنه بعض من جملة تجب الصلاة عليها فيصلى عليه كالأكبر و
أنكر البلاذري وقوع اليد بمكة وقال وقعت باليمامة ولو سلم فنمنع كون الفاعل ممن يحتج بفعله والفرق بين الصدر والعضو ما بيناه فروع - آ - لو وجد منه قطعة
فيها عظم من الشهيد لم تغسل وكفنت ودفنت من غير صلاة ولو لم يكن شهيدا غسلت أيضا - ب - لا فرق بين الرأس وغيره من الأعضاء - ج - لو أبينت قطعة من
حي في المعركة دفنت من غير غسل ولا صلاة وإن كان فيها عظم لأنها من جملة لا تغسل ولا يصلى عليها اشكال ينشأ من اختصاص الشهادة بالجملة - د - لو وجد
الصدر بعد دفن الميت غسل وصلى عليه ودفن إلى جانب القبر أو نبش بعض القبر ودفن ولا حاجة إلى كشف الميت ولو كان غير الصدر دفنت ان لم يكن ذات عظم والا غسلت
ودفنت مسألة المرجوم يصلى عليه بعد ان يؤمر بالاغتسال ثم يقام عليه الحد ثم يصلى عليه الامام وغيره وكذا المرجوم ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي
الا في تقديم الغسل لان النبي صلى الله عليه وآله رجم العامرية وصلى علها فقال عمر ترجمها وتصلى عليها فقال لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ورجم علي (ع)
شراحه الهمدانية وجاء أهلها إليه فقالوا ما نصنع بها فقال اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) عن المرجوم والمرجومة ويصلى
عليهما والمقتص منه بمنزلة ذلك ولأنه مسلم قتل بحق فأشبه المقتول قصاصا وقال الزهري المرجوم لا يصلى عليه وقال مالك لا يصلى الامام ويصلى غيره
واحتجا بان ماعزا رجمه النبي صلى الله عليه وآله ولم يصل عليه قال الزهري ولم ينقل انه أمر بالصلاة عليه وليس بجيد لان ما لم يكن لغير الامام لم يكن للامام كساير الموتى وعدم
النقل لا يدل على العدم مع وروده عاما في قوله صلى الله عليه وآله صلوا على من قال لا إله إلا الله مسألة ولد الزنا يصلى عليه وبه قال جميع الفقهاء وقال قتادة لا يصلى عليه
وهو غلط لأنه مخالف للاجماع انعقد قبله أو بعده ولعموم الاخبار ولأنه مسلم غير مقتول في المعركة فأشبه ولد الحلال ويجئ على قول من يذهب إلى كفره من علمائنا
تحريم الصلاة عليه ويصلى أيضا على النفساء وبه قال جميع الفقهاء لما تقدم وقال الحسن البصري لا يصلى عليها ويصلى على ساير المسلمين من أهل الكباير وكذا من لا يعطى
زكاة ماله وتارك الصلاة لان النبي صلى الله عليه وآله خرج إلى قبا فاستقبله رهط من الأنصار يحملون جنازة على باب فقال النبي صلى الله عليه وآله ما هذا قالوا مملوك من فلان قال أكان يشهد
ان لا إله إلا الله قالوا نعم ولكنه كان وكان فقال النبي صلى الله عليه وآله أكان يصلى فقالوا قد كان يصلى ويدع فقال لهم ارجعوا به فغسلوه وكفنوه وصلوا عليه وادفنوه والذي نفسي
بيده لقد كادت الملائكة تحول بيني وبينه مسألة ويصلى على الغال وهو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذه لنفسه ويختص به الامام وغيره وكذا قاتل
نفسه متعمدا وبه قال عطا والنخعي ومالك والشافعي لقوله (ع) صلوا على من قال لا إله إلا الله ومن طريق الخاصة قول النبي صلى الله عليه وآله صلوا على المرجوم من أمتي وعلى
القاتل نفسه من أمتي لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة وقال احمد لا يصلى الامام عليهما ويصلى غيره لان النبي صلى الله عليه وآله جاؤه برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصلى عليه و
توفى رجل من جهينة يوم خيبر فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوه القوم فلما رأى ما بهم قال إن صاحبكم غل من الغنيمة وليس
حجة لسقوط الغرض بغيره ويعارض بالمديون فإنه (ع) كان يقول إذا اتى بالميت هل على صاحبكم دين فان قالوا نعم قال صلوا على صاحبكم مع أن الصلاة
عليه مشروعة بالاجماع ولعله فعل ذلك ليحصل الانتهاء فان في صلاته سكنا وكان ذلك لطفا للمكلفين مسألة وتجب الصلاة على كل مسلم ومن
بحكمه ممن له ست سنين سواء الذكر والأنثى والحر والعبد بلا خلاف وعلى الفاسق لان هشام بن سالم سأل الصادق (ع) عن شارب الخمر والزاني والسارق يصلى
عليهم إذا ماتوا فقالوا نعم ويستحب على من نقص سنه عن ست ان ولد حيا ولا صلاة لو سقط وان ولجته الروح ولا على الابعاض غير الصدر وان علم الموت البحث
الثاني المصلى مسألة الولي وهو القريب أحق ممن اوصى إليه الميت وبه قال الثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي لقوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم
أولي ببعض ولأنها ولاية تترتب ترتب العصبات فالولي أولي كولاية النكاح ولقول الصادق (ع) يصلى على الجنازة أولي الناس بها أو يأمر من يجب وقال احمد الموصى إليه
أولي وبه قال انس وزيد بن أرقم وأم سلمة وابن سيرين واسحق لان أبا بكر اوصى ان يصلى عليه عمر وعمر اوصى ان يصلى عليه صهيب وأوصت عايشة ان يصلى عليها
أبو هريرة وابن مسعود اوصى ان يصلى عليه الزبير ويونس بن حبير اوصى ان يصلي عليه انس بن مالك وأبو سريحة اوصى ان يصلى عليه زيد بن أرقم فجاءه عمرو بن حريث وهو
أمير الكوفة ليتقدم فيصلى عليه فقال ابنه أيها الأمير ان ابن أبي
اوصى ان يصلى عليه زيد بن أرقم فقدم زيدا وهذا منتشر فكان اجماعا وهو ممنوع ولو كان الوصي فاسقا لم
46

تقبل الوصية اجماعا مسألة الولي أولي من الوالي عند علمائنا وهو قول الشافعي في الجديد لقوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله ولقول الصادق (ع)
يصلى على الجنازة أولي الناس بها ولأنها ولاية يعتبر فيها ترتيب العصبات فيتقدم فيها الولي على الوالي كولاية النكاح وقال الشافعي في القديم وبه قال مالك وأبو حنيفة و
احمد واسحق الوالي أولي ونقل الجمهور عن علي (ع) وجماعة من التابعين لقول النبي صلى الله عليه وآله لا يؤم الرجل في سلطانه وحكى أبو جازم قال شهدت حسينا حين مات الحسن (ع) و
هو يدفع في قفاء سعيد بن العاص ويقول تقدم تقدم فلو لا السنة ما قدمتك وسعيد أمير المدينة والخبر محمول على غير صلاة الجماعة وحديث الحسين (ع) كما
قالت الشافعية أراد بذلك اطفاء الفتنة ومن السنة اطفاء الفتنة قالوا صلاة شرعت فيها الجماعة وكان الامام أحق بالإمامة كساير الصلوات قلنا الفرق ان الغرض من هذه الصلاة الدعاء
للميت والحنو عليه فيه فالولي أحق بذلك تذنيب امام الأصل أولي من كل أحد ويجب على الولي تقديمه لان عليا (ع) قال الامام من صلى على الجنازة ولان
الامام منزلة النبي صلى الله عليه وآله في الولاية وقال تعالى النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم ومن طريق الخاصة ما رواه الصادق (ع) عن أبيه عن ابائه (على) قال قال أمير المؤمنين (ع)
إذا حضر سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها ان قدمه ولى الميت والا فهو غاصب مسألة والولي هو الأحق بميراثه لثبوت الأولوية في طرفه بحكم الآية
إذا عرفت هذا فالأب أولي من الجد ومن غيره من الأقارب كالولد وولد الولد والاخوة ذهب إليه علماؤنا وبه قال احمد والشافعي وقال مالك الابن أولي من الأب
لأنه أقوى تعصيبا منه كالإرث وليس بجيد لان كل واحد منهما يدلى بنفسه لكن الأب ارق وأشفق على الميت ودعائه لابنه أقرب إلى الإجابة مسألة الجد للأب أولي من
الأخ وإن كان للأبوين وبه قال الشافعي واحمد لما تقدم من أن الأب أشفق وأكثر حنوا وأقرب إجابة للدعاء وقال مالك الأخ أولي لأنه يدلى ببنوة
أبيه والبنوة عنده أولي من أن الأب أشفق وأكثر حنوا وأقرب إجابة للدعاء وقال مالك الأخ أولي لأنه يدلى بأبوة ابنه والبنوة عنده أولي من الأبوة وتقدم بطلانه
فروع - آ - الابن أولي من الجد عندنا لأنه أولي بالميراث وبه قال مالك وقال الشافعي واحمد الجد أولي لما تقدم - ب - ابن الابن أولي من الجد وإن كان للأب لأنه أولي
بالميراث خلافا للشافعي واحمد - ج - قال الشيخ في المبسوط الأب أولي ثم الولد ثم ولد الولد ثم الجد لأب ثم الأخ للأبوين ثم الأخ للأب ثم الأخ للام ثم العم ثم الخال ثم ابن العم
ثم ابن الخال وبالجملة الأولى بالميراث أولي بالصلاة فعلى قوله الأكثر نصيبا يكون أولي لأنه قدم العم على الخال مع تساويهما في الدرجة وكذا الأخ للأب مع الأخ
للام وللحنابلة وجهان في تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب أو التسوية قياسا على النكاح وكذا الوجهان عندهم في الأعمام وأولادهم وقال الشافعي في أكثر كتبه الأخ
من الأبوين أولي من الأخ للأب وفيه قول اخر له بالتسوية إذ الام لا مدخل لها في الترجيح وكذا القولان للشافعي في تقديم العم للأبوين على العم من الأب وعندنا ان
المتقرب بالأبوين أولي لأنه الوارث خاصة ولو كانا ابنا عم أحدهما أخ لام ففي تقديمه عنده قولان وعندنا يقدم لاختصاصه بالميراث - د - لو عدم العصبات
قال الشافعي يقدم المعتق لقوله (ع) الولاء لحمة كلحمة النسب وليس به باس مسألة الزوج أولي من كل أحد وروى عن ابن عباس انه أولي من العصبات وبه قال الشعبي
وعطا وعمر بن عبد العزيز واسحق واحمد في رواية لأنه أحق بالغسل فكان أحق بالصلاة ولاطلاعه على عورة المراة وليس كذلك المحارم وسئل الصادق (ع) المراة تموت
من أحق بالصلاة عليها قال زوجها قلت الزوج أحق من الأب والولد والأخ قال نعم وقال سعيد بن المسيب والزهري وأبو حنيفة ومالك والشافعي واحمد في
رواية العصبات أولي من الزوج لان عمر قال لأهل امرأته أنتم أحق بها ولا حجة فيه تذنيب وافقنا أبو حنيفة في أولوية الزوج من الابن منها وقال الشافعي
الابن أولي لان الزوج لا ولاية له فكان الولي أولي مسألة إذا ازدحم الأولياء قدم الأقراء فالأفقه فالأسن وبالجملة يقدم الأولى في المكتوبة وهو أحد قولي
الشافعي لقوله (ع) يؤمكم أقرأكم وقال علي (ع) يؤم القوم أقرئهم لكتاب الله وهو على اطلاقه والقول الاخر يقدم الاسن لان ساير الصلوات تتعلق بحق الله تعالى خاصة فقدم
من هو أعلم بشرائطها وهنا الاسن أقرب إلى إجابة الدعاء وأعظم عند الله قدرا ونمنع كون الاسن الجاهل أعظم قدرا من العالم وأقرب إجابة مسألة وانما يتقدم
الولي إذا كان بشرايط الإمامة وسيأتي بيانها في صلاة الجماعة انشاء الله فإن لم يستكملها استناب وعليه علماؤنا أجمع ومن قدمه الولي فهو بمنزلة الولي وليس له
أن يستنيب لاختصاصه باعتقاد إجابة دعائه ويستحب للولي ان يقدم الهاشمي مع اجتماع الشرائط لقوله (ع) قدموا قرشيا ولا تقدموها وليس له التقدم بدون اذن
الولي بالاجماع الا امام الأصل والحر البعيد أولي من العبد القريب والفقيه العبد أولي من غيره الحر فان اجتمع صبى ومملوك ونساء فالمملوك أولي لأنه تصح إمامته
فإن كان نساء وصبيان قال الشافعي يقدم الصبيان لان صلاتهن خلفه جايزة دون العكس وعند الحنابلة لا يؤم أحد النوعين الاخر بل يصلى كل نوع بامام منه
ولو تساوى الأولياء وتشاحوا أقرع وبه قال الشافعي لتساوي حقوقهم مسألة لو لم يكن معه الا نساء صلين عليه جماعة تقف إمامتهن وسطهن ولا تبرز وبه قال
احمد وأبو حنيفة لأنهن من أهل الجماعة فيصلين جماعة كالرجال وقد صلى أزواج النبي صلى الله عليه وآله على سعد بن ابن أبي
وقاص ومن طريق الخاصة سئل الباقر (ع) المرأة تؤم النساء قال لا الا
على الميت إذا لم يكن أحد أولي منها تقوم وسطهن وتكبر ويكبرن وقال الشافعي في وجه يصلين منفردات لا يسبق بعضهن بعضا وان صلين جماعة جاز ان تقف الإمامة
وسطهن لأن النساء لم تسن لهن الصلاة على الجنايز فلم تشرع لهن الجماعة والأولى ممنوعة وفى الوجه الاخر لا يكفي جنس النساء لان الرجال أكمل وتوقع الإجابة في
دعائهم أكثر ولان فيه استهانة بالميت ولو تعذر حبس الرجال أجزأت صلاتهن اجماعا فروع - آ - يجوز للشابة ان تخرج إلى الجنازة لقول الصادق (ع) توفيت
زينب فخرجت أختها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله في نسائها فصلت عليها لكن يكره لما فيه من الافتتان قال الصادق (ع) ليس ينبغي للشابة ان تخرج إلى الجنازة تصلى عليها
إلا أن تكون امرأة دخلت في السن - ب - لو صلت المراة على الميت سقط الفرض عن الرجال وإن كانت حال اختيار لأنه فرض على الكفاية قام به من يصح ايقاعه منه فيسقط
عن الباقين إما الصبى فلا يسقط الفرض بصلاته وإن كان مميزا مراهقا - ج - العراة كالنساء يصلون جماعة يقف امامهم وسطهن ولا يتقدم لئلا تبدو عورته ولا يقعد
مسألة لا يجوز لجامع الشرايط التقدم بغير اذن الولي المكلف وان لم يستجمع الشرائط لأنه حق له فليس لأحد مزاحمته فيه ولو لم يكن هناك ولى تقدم بعض المؤمنين
ولو اجتمع جنايز فتشاح أوليائهم فيمن يقدم للصلاة عليهم قدم أولاهم بالإمامة في الفرايض لقوله (ع) يؤم القوم أقراؤهم لكتاب الله ويحتمل تقديم من سبق سنه ولو أراد
ولى كل ميت افراد ميته بصلاة جاز اجماعا البحث الثالث في مقدماتها مسألة يستحب تربيع الجنازة وهو حملها من جوانبها الأربع ذهب
إليه علماؤنا أجمع وبه قال أبو حنيفة والثوري واحمد لقول ابن مسعود إذا تبع أحدكم جنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة ثم ليتطوع بعدا وليدر فإنه من السنة ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) يبدأ في الحمل من الجانب الأيمن ثم يمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر حتى يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحا قال الشافعي حملها بين العمودين أولي من حملها من الجوانب
الأربعة لان عثمان حمل سرير امه بين العمودين وحمل أبو هريرة سرير سعد بن ابن أبي
وقاص كذلك وحمل الزبير سرير سعيد بن المسور بن مخزمة كذلك وليس حجة وكرهه النخعي وأبو حنيفة واسحق وقال
مالك ليس في حمل الميت ترتيب يحمل من حيث شاء ونحوه قال الأوزاعي فروع - آ - قال الشيخ في الخلاف صفة التربيع أن يبدأ بيسرة الجنازة يأخذها بيمنه ويتركها على عاتقه و
47

يربع الجنازة ويمشى إلى رجليها ويدور دور الرحاء إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره وبه قال سعيد بن جبير والثوري واسحق وقال الشافعي و
أبو حنيفة يبدأ بمياسر مقدم السرير فيضعها على عاتقه الأيمن ثم يتأخر فيأخذ بمياسره فيضعها على عاتقه الأيسر ثم يعود إلى مقدمه فيأخذ بميامن مقدمه فيضعها
على عاتقه الأيسر ثم يتأخر فيأخذ بمياسره فيأخذ ميسرة مؤخر فيضعها على عاتقه الأيسر واستدل على قوله باجماع الفرقة مع أنه قال في النهاية والمبسوط يبدأ بمقدم السرير الأيمن
ثم يمر عليه بمؤخر السرير الأيسر ويمر عليه إلى مقدمه دور الرحا وعليه دلت الرواية وهو أولي - ب - صفه
الحمل بين العمودين ان يدخل رأسه بين العمودين
المقدمين ويتركهما على عاتقيه ولا يمكن مثل ذلك في المؤخر لأنه يكون وجهه إلى الميت لا يبصر طريقه فيحمل العمودين رجلان يجعل كل واحد منهما أحد العمودين على عاتقه كما
يفعل في التربيع - ج - لو ثقل حمله من جوانب السرير زيد من يخففه على الحاملين وعند الشافعي لو ادخلوا عمودا آخر يكون بين ستة أو ثمانية جاز على قدر الحاجة - د -
يحمل على سرير أو لوح أو محمل أو شئ حمل عليه أجزاء أو لا باس بالتابوت وأول من وضعه فاطمة (عه) لأنه استر خصوصا للنساء ولو خيف عليه الانفجار والتغيير قبل ان
يهيا له ما يحمل عليه جاز حمله على الأيدي والرقاب وان فعل لا مع الحاجة جاز وقول الشيخ يكره التابوت اجماعا يعنى بذلك دفن الميت به لان النبي (ع) لم يفعله ولا أحد
من الصحابة مسألة قال الشيخ يكره الاسراع بالجنازة واستدل باجماع الفرقة ولأنه قد ورد من مشى خلف جنازة كتب له بكل خطوة قيراط من الاجر ولقوله صلى الله عليه وآله عليكم بالقصد
في جنايزكم وأطبق الجمهور على استحبابه لان النبي صلى الله عليه وآله قال أسرعوا بالجنازة فإن لم تكن صالحة فخيرا تقدموها إليه وان تكن شرا فشرا تضعونه عن رقابكم واختلفوا فقال الشافعي
المستحب اسراع لا يخرج عن المشي المعتاد بل فوق العادة ودون الجنب لقول ابن مسعود سئلنا نبينا عن المشي بالجنازة فقال ما دون الجنب وقال أصحاب الرأي يخب ويرمل لقول عبد الرحمن كنا في جنازة عثمان بن بي ابن أبي
العاص وكنا نمشي مشيا خفيفا
فلحقنا أبو بكر فرفع سوطه فقال لقد رايتنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نرمل رملا والجواب لعله حصل خوف على الميت وحينئذ يجوز الاسراع اجماعا مسألة ويستحب اتباع الجنايز
بالاجماع لان النبي صلى الله عليه وآله أمر به وقال الصادق (ع) من تبع جنازة امرء مسلم اعطى يوم القيمة أربع شفاعات ولم يقل شيئا الا قال الملك ولك مثل ذلك فإذا صلى وانصرف قال
زيد بن ثابت فقد قضيت الذي عليك وأفضل منها ان يتبعها إلى القبر لقوله من شهد الجنازة حتى يصلى فله قيراط ومن شهد حتى يدفن كان له قيراطان قيل يا
رسول الله وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين ونحوه عن الباقر (ع) وأفضل من ذلك الوقوف بعد المدفن وتعزية أهله قال أمير المؤمنين (ع) من تبع جنازة كتب
له أربعة قراريط قيراط لاتباعه إياها وقيراط للصلاة عليها وقيراط للانتظار حتى يفرغ من دفنها وقيراط للتعزية مسألة المشي خلف الجنازة أو إلى أحد جانبيها
أفضل من التقدم عليها ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال سعيد بن جبير والأوزاعي واسحق وأصحاب الرأي لان عليا (ع) سأله أبو سعيد الخدري فقال اخبرني يا أبا الحسن عن
المشي مع الجنازة فقال فضل الماشي خلفها على الماشي قدامها كفضل المكتوبة على التطوع فقلت أتقول هذا برأيك أم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا بل سمعته من
رسول الله صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ان المشي خلف الجنازة أفضل من بين يديها ولأنها متبوعة فكانت متقدمة ولان المستحب التشييع والمشيع متأخر وقال
الشافعي ومالك واحمد المشي امامها أفضل ورواه الجمهور عن الحسن بن علي (ع) وعن أبي بكر وعمر وعثمان وابن عمر وأبي هريرة وابن الزبير وأبى قتادة والقاسم بن محمد وشريح وسالم والزهري
وابن ابن أبي
ليلى لان النبي صلى الله عليه وآله مشى امام الجنازة ولأنهم شفعاء الميت فينبغي ان يتقدموا المشفوع له والحديث حكاية حال فلا يعارض القول مع احتمال انه (ع) مشى مع أحد جانبيها فتوهم المشاهد بسبق ثم إن الباقر (ع)
روى عن علي (ع) قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم خالفوا أهل الكتاب ولا تقدم للشفاعة هنا إذا المشفوع إليه سبحانه وتعالى غير مختص بحيز ولا مكان
وقال الثوري الراكب خلفها والماشي حيث شاء فروع - آ - يكره الركوب قال ثوبان خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله في جنازة فرأى ناسا ركبانا فقال لا تستحيون ان ملائكة الله
يمشون على اقدامهم وأنتم على ظهور الدواب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) خرج رسول الله صلى الله عليه وآله في جنازة يمشى فقال له بعض أصحابه الا تركب فقال اني أكره ان اركب
والملائكة يمشون - ب - لو احتاج إلى الركوب زالت الكراهية اجماعا - ج - الكراهية في الركوب في التشييع فلا باس به في عوده لان الباقر (ع) روى عن علي (ع) انه كره ان يركب الرجل
مع الجنازة في بدءة الا من عذر وقال يركب إذا رجع - د - يستحب للراكب المضي خلف الجنازة ويكره امامها كالماشي لما تقدم وعن أحمد يتحتم المضي خلفها لقول النبي صلى الله عليه وآله
الراكب يسير خلف الجنازة مسألة يستحب للمشيع التفكر في ماله وللاتعاظ بالموت والتخشع ولا يضحك وقال علي بن بابويه في الرسالة إياك ان تقول ارفقوا به أو ترحموا
عليه أو تضرب يدك على فخذك فيحبط اجرك ويكره رفع الصوت عند الجنازة لنهى النبي صلى الله عليه وآله ان تتبع الجنازة بصوت وكره سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن بن البصري والنخعي
واحمد واسحق قول القائل خلف الجنازة استغفروا له وقال الأوزاعي بدعة وقال احمد لا تقول خلف الجنازة سلم رحمك الله فإنه بدعة ولكن تقول بسم الله و
على ملة رسول الله ويذكر الله ويكره مس الجنازة بالأيدي والاكمام لأنه لا يؤمن معه فساد الميت مسألة يكره اتباع الميت بنار وهو قول كل من يحفظ عنه العلم لان
ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد وعايشة وسعيد بن المسيب أوصوا ان لا يتبعوا بنار واوصى أبو موسى حين حضره الموت الا يتبع بمجمر قالوا وسمعت فيه شيئا قال نعم
من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يتبع الجنازة بمجمرة تذنيب لو دفن ليلا واحتاج إلى ضوء لم يكن به باس اجماعا وانما كره المجامر فيها
البخور لان النبي صلى الله عليه وآله دخل قبرا ليلا فاسرج له سراج وسئل (ع) عن الجنازة يخرج معها بالنار فقال إن ابنة رسول الله اخرج بها ليلا ومعها مصابيح مسألة ولو كان مع
الجنازة منكر أنكره ان تمكن فإن لم يقدر على ازالته لم يمنع لأجله من الصلاة عليه لان الانكار سقط عنه بالعجز فلا يسقط الواجب ولا يترك حقا لباطل وروى
زرارة قال حضرت في جنازة فصرخت صارخة فقال عطا لتسكتن أو لنرجع فلم تسكت فرجع فقلت ذلك لأبي جعفر (ع) فقال امض بنا فلو انا إذا رأينا شيئا من الباطل
مع الحق تركنا الحق لم نقض حق مسلم مسألة يكره اتباع النساء الجنايز لقول أم عطية نهينا عن اتباع الجنايز ولأنه مناف للتحذير الذي امرن به وكرهه ابن مسعود
وابن عمر ومسروق وعايشة والحسن البصري والنخعي والأوزاعي واحمد واسحق لان النبي صلى الله عليه وآله خرج فإذا نسوة جلوس فقال ما يجلسكن قلن ننتظر الجنازة قال هل تغسلن
قلن لا قال هل تحملن قلن لا قال أهل تدلين فيمن يدلى قلن لا قال فارجعن مأزورات غير مأجورات مسألة قال الشيخ في الخلاف يجوز ان يجلس الانسان إذا تبع الجنازة
قبل ان توضع به في اللحد وبه قال الشافعي ومالك عملا بالأصل الدال على الإباحة ونفى الكراهة ولان عليا (ع) قال قام رسول الله وامر بالقيام ثم جلس وامر بالجلوس وروى
عبادة بن الصامت قال كان رسول الله (ص) إذا كان في جنازة لم يجلس حتى يوضع في اللحد فاعترض بعض اليهود وقال انا لنفعل ذلك فجلس وقال خالفوهم وقال أبو حنيفة واحمد يكره له ذلك
وبه قال الشعبي والنخعي وممن يرى ذلك الحسن بن علي (ع) وابن عمر وأبو هريرة وابن الزبير والأوزاعي واسحق لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا ومن تبعها فلا
يقعد حتى توضع وروايتنا تدل على النسخ فتقدم وقال ابن ابن أبي
عقيل منا بالكراهة أيضا لقول الصادق (ع) ينبغي لمن شيع جنازة ان لا يجلس حتى توضع في لحده ولا باس
بالجلوس تذنيب أظهر الروايتين عن أحمد انه أريد بالوضع عن أعناق الرجال وهو قول من ذكرناه قبل وروى الثوري الحديث إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا
48

حتى توضع بالأرض ورواه أبو معوية حتى توضع في اللحد فاما متى تقدم الجنازة فلا باس ان يجلس قبل ان ينتهى إليه مسألة لا يستحب لمن مرت به الجنازة القيام
لها لذمي كان أو مسلم وبه قال الشافعي واحمد لقول علي (ع) قام رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قعد يعنى ثم ترك ومن طريق الخاصة رواية زرارة مرت جنازة فقام الأنصاري ولم يقم
الباقر (ع) فقاله ما أقامك قال رأيت الحسين بن علي يفعل ذلك فقال أبو جعفر (ع) والله ما فعل ذلك الحسين (ع) ولا قالها أحد منا أهل البيت قط فقال الأنصاري شككتني
أصلحك الله وقد كنت أظن انى رأيت وعن أحمد استحباب القيام وحكى عن أبي مسعود البدري وغيره من الصحابة وجوب القيام لها إذا مرت لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا رأيتم الجنازة
فقوموا وهو منسوخ ولو سلم فللعلة التي رواها الصادق (ع) قال كان الحسين بن علي (ع) جالسا فمرت عليه جنازة فقام الناس حين طلعت الجنازة فقال الحسين (ع)
مرت جنازة يهودي وكان رسول الله جالسا على طريقها فكره ان يعلوا رأسه جنازة يهودي ومع السبب يقصر عليه تذنيب يستحب لمن رأى جنازة
أن يقول الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم مسألة يجب تقديم الغسل والتكفين على الصلاة لان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل وقال الصادق (ع) لا يصلى على الميت بعد
ما يدفن ولا يصلى عليه وهو عريان فإن لم يكن كفن طرح في القبر ثم صلى عليه بعد تغسيله وستر عورته ودفن لان الصادق (ع) قال في العريان يحفر له ويوضع في لحده ويوضع
على عورته فيستر باللبن والحجارة وفى رواية والتراب ثم يصلى عليه ويدفن الا الشهيد فإنه يصلى عليه من غير تغسيل ولا يكفن الا ان تجرد فإنه يكفن ولا يغسل ويصلى
عليه البحث الرابع في الكيفية مسألة القيام شرط في الصلاة مع القدرة فلا تجوز الصلاة قاعدا ولا راكبا اختيارا عند علماءنا وبه قال الشافعي
واحمد وأبو ثور وأبو حنيفة ولا اعلم فيه خلافا الا في قول الشافعي انه يجوز ان يصلى قاعدا لأنها ليست من فرايض الأعيان فألحقت بالنوافل وانما قال أصحاب أبي
حنيفة ان القياس جوازه لأنه ركن مفرد فأشبه سجود التلاوة ولكنهم لم يجوزوه لان الأصل بعد شغل الذمة عدم البراءة الا بما قلناه فيتعين ولان النبي صلى الله عليه وآله
وكذا الأئمة (على) وجماعة من الصحابة صلوا قياما وقال (ع) صلوا كما رأيتموني اصلى ولأنها صلاة فريضة فلم تجز قاعدا ولا راكبا مع القدرة على القيام كغيرها من الفرايض
وسجود التلاوة لا تسمى صلاة مسألة وليست الطهارة شرطا بل يجوز للمحدث والحايض والجنب ان يصلوا على الجنايز مع وجود الماء والتراب والتمكن منهما
ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشعبي ومحمد بن جرير الطبري لان القصد منها الدعاء للميت والدعاء لا يفتقر إلى الطهارة ولقول الصادق (ع) وقد سأله يونس بن
يعقوب عن الجنازة اصلى عليها على غير وضوء نعم انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء وسأله محمد بن مسلم عن الحايض يصلى
على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم وتقف منفردة وقال الشافعي الطهارة شرط وبه قال أبو حنيفة واحمد لقوله (ع) لا صلاة الا بطهور وهو محمول على الفرايض لأنها
حقيقة فيها فروع - ا - الطهارة وان لم تكن واجبة الا انها مستحبة عند علمائنا لان عبد الحميد سأل الكاظم (ع) أيجزيني ان اصلى على الجنازة وانا على غير وضوء
فقال تكون على طهر أحب إلى - ب - يجوز التيمم مع وجود الماء هنا عند علمائنا وهو أقل فضلا من الطهارة به وبه قال أبو حنيفة لقول سماعة سألته عن
رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر قال يضرب يديه على حايط لبن فيتيمم ولأن الطهارة ليست شرطا عندنا فساغ ما هو بدل منها ومنعه الشافعي ولا يجوز ان يدخل
بهذا التيمم من شئ من الصلوات فرضها ونفلها فقد الماء أولا - ج - لو صلى بغير طهارة جاز عندنا وقال الشافعي لا تصح صلاته وكذلك من علم به من المأمومين وان لم يعلموا
صحت صلاتهم مسألة ولا يشترط الكثرة على المصلى الواحد وإن كان امرأة ذهب إليه علمائنا وهو أحد قولي الشافعي لأنها فرض كفاية فلا يشترط الزايد على الفاعل
لها بالتمام ولأنها صلاة لا تفتقر إلى الجماعة فلم يكن من شرطها العدد كساير الصلوات وفى الأخير يشترط ثلاثة لقوله (ع) صلوا على من قال لا إله إلا الله وهو خطاب للجمع وأقله
ثلاثة وهو غلط لان الخطاب وان توجه عليهم أجمع الا ان المراد كل واحد إذ لا ليس المراد ثلاثة لا غير بل الجميع فإن كان المقصود الاتيان به جماعة وجب الجميع والا فلا وله قول
ثالث وجوب أربع كما لا بد من أربعة يحملونه ولا تلازم ثم إن الحمل بين العمودين أفضل عنده وهو يحصل ثلاثة وله رابع وجوب اثنين لأنه أقل الجمع مسألة يستحب
الجماعة وليست شرطا اجماعا لان المعمول عليه بعد زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى اليوم ان يصلى على الميت جماعة بامام فان صلوا عليها افرادا جاز وبه قال الشافعي لان الصحابة صلت
على رسول الله صلى الله عليه وآله افرادا ولان الأصل عدم الوجوب وكذا النساء يستحب ان يجمعن لو صلين منفردات ولو كن مع الرجال تأخرن مؤتمات بهم ولو كان فيهن حايض انفردت وحدها
بصف مسألة ويجب ان يقف المصلى وراء الجنازة مستقبل القبلة ورأس الميت على يمينه غير متباعد عنها كثيرا وإذا صلوا جماعة ينبغي ان يتقدم الامام والمؤتمون
خلفه صفوفا وإن كان فيهم نساء وقفن آخر الصفوف وإن كان فيهن حايض انفردت بارزة عنهم وعنهن ولو كانا نفسين وقف الاخر خلفه بخلاف صلاة الجماعة ولا يقف
على يمينه لان القاسم بن عبد الله القمي سال الصادق (ع) عن رجل يصلى على جنازة وحده قال نعم قلت فاثنان قال يقوم الامام وحده والاخر خلفه ولا يقوم إلى جنبه فروع - آ -
أفضل الصفوف هنا آخرها لقول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله خير الصفوف في الصلاة المتقدم وفى الجنايز المؤخر قيل ولم قال صار سترة للنساء - ب - ينبغي ان يقف
المأمومين صفوفا وأقل الفضل ثلاثة صفوف لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب ان يستجب له - ج - يستحب تسوية الصفوف في الموقف هنا
كالصلاة المكتوبة خلافا لعطا - د - ينبغي ان لا يتباعد الامام عن الجنازة بل يكون بينهما شئ يسير - ه‍ - يستحب ان يتحفى عند الصلاة إن كان عليه نعلان وإن كان عليه
خف لم ينزعه لما فيه من الاتعاظ والخشوع وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار مسألة ويستحب ان يقف الامام عند
وسط الرجل وصدر المراة وبه قال الشيخ في المبسوط وهو قول مالك لان سمرة بن جندب قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وآله يوم صلى على أم كعب وكانت نفساء فوقف عند
صدرها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال أمير المؤمنين (ع) من صلى على امرأة فلا يقم في
وسطها ويكون مما يلي صدرها وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه
ولأنه ابعد عن محارمها فكان أولي وقال الشيخ في الخلاف السنة ان يقف الامام عند رأس الرجل وصدر المراة لقول الكاظم (ع) يقوم من المراة عند رأسها وقال احمد وبعض
الشافعية يقف عند رأس الرجل ووسط المراة وبعضهم قل عند رأس الرجل وبه قال أبو يوسف ومحمد لان النبي صلى الله عليه وآله صلى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها وصلى انس بن
مالك على جنازة عبد الله بن عمر فقام عند رأسه وفعل انس ليس حجة وقال أبو حنيفة يقوم عند صدر الرجل والمراة معا لتساويهما في سنن الصلاة وهو
ممنوع لمخالفتهما في المواقف فكذا هنا وقال مالك يقف عند وسط الرجل ومنكبي المراة فروع - آ - لو اجتمعت جنايز الرجال جعل رأس الميت الابعد عند ورك الأقرب
وهكذا صفا مدرجا ثم يقف الامام وسط الصف للرواية وقال الجمهور يصفهم صفا مستويا - ب - لو اجتمع الرجال والنساء قال أصحابنا يجعل رأس المراة عند وسط
الرجل ليقف الامام موضع الفضيلة فيهما وكذا لو اجتمع رجال ونساء صف الرجال صفا والنساء خلفهم صفا رأس أول امرأة عند وسط اخر الرجال ثم يقوم وسط
الرجال وبه قال مالك وسعيد بن جبير واحمد في رواية وفى الأخرى يستوى بين رؤوسهم كلهم لان أم كلثوم بنت علي (ع) وزيد ابنها توفيا معا فأخرجت جنازتهما فصلى
49

عليهما أمير المدينة فسوى بين رؤوسهما وأرجلهما ولا حجة في فعل غير النبي صلى الله عليه وآله والإمام (ع) - ج - لا فرق بين العبيد والأحرار ولا بين البالغين وغيرهم في هذا
الحكم مسألة ويستحب جعل المراة مما يلي القبلة والرجل مما يلي الامام لو اجتمعا وبه قال جميع الفقهاء لان أم كلثوم وابنها وضعا كذلك ومن طريق الخاصة سؤال محمد بن
مسلم أحدهما (ع) كيف يصلى على الرجال والنساء قال الرجل مما يلي الامام ولان الرجل يكون إماما في ساير الصلوات فكذا هنا وحكى عن القاسم بن محمد وسالم بن
عبد الله والحسن البصري انهم عكسوا لان أشرف المواضع مما يلي القبلة ولهذا يكونون في الدفن هكذا والفرق انه ليس في اللحد امام فاعتبرت القبلة وهنا امام فاعتبر
القرب منه فروع - آ - لو كانوا كلهم رجالا اجتبيت تقديم الأفضل إلى الامام وبه قال الشافعي - ب - لو تشاح أولياؤهم فقال ولى الرجل انا اصلى عليهم وقال ولى المراة انا اصلى
قال الشافعي يقدم السابق منهما فلو استووا أقرع ولو أراد كل منهما الانفراد كان له - ج - الأفضل ان يصلى على كل واحد من الجنايز المتعددة صلاة واحدة لان القصد
بالتخصيص أولي منه بالتعميم فإن كان بهم عجلة أو خيف على الأموات صلى على الجميع صلاة واحدة - د - لو كانوا مختلفين في الحكم بان يجب على أحدهم الصلاة ويستحب
على الاخر لم يجز جمعهم بنيه متحدة الوجه ولو قيل باجزاء النية الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقيسط أمكن - ه‍ - الترتيب بين الرجال والنساء مستحب لقول الصادق (ع) ولا باس
ان يقدم الرجل وتؤخر المراة ويؤخر الرجل وتقدم المراة يعنى في الصلاة على الميت - و - لو اجتمع رجل وصبى وعبد وخنثى وامرأة فإن كان للصبي أقل من ست ستين
جعل الرجل مما يلي الامام ثم العبد ثم الخنثى ثم المراة ثم الصبى ذهب إليه علماؤنا أجمع إذ لا تجب الصلاة على الصبى بخلاف المراة والخنثى فتقديمهما إلى الامام أولي وكان
الشافعي يجعل الصبى بين الرجل والخنثى مطلقا لحديث أم كلثوم ولو كان الصبى ابن ست سنين فصاعدا جعل بعد الرجل لقول الصادق (ع) في جنايز الرجال والصبيان
والنساء توضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهن والرجال دون ذلك مسألة إذا نوى المصلى كبر خمسا واجبا بينها أربعة أدعية ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه
قال زيد ابن أرقم وحذيفة بن اليمان لان زيد بن أرقم كبر على جنازة خمسا وقال كان النبي صلى الله عليه وآله يكبرها وعن حذيفة ان النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك وكبر علي (ع) على سهل بن
حنيف خمسا وكان أصحاب معاذ يكبرون على الجنازة خمسا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) كبر رسول الله صلى الله عليه وآله خمسا وسئل الصادق (ع) عن التكبير على الميت فقال خمس وروى الصدوق ان العلة في ذلك
ان الله عز وجل فرض على الناس خمس صلوات فجعل للميت من كل صلاة تكبيرة وفى أخرى ان الله تعالى فرض على الناس خمس فرايض الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية
فجعل للميت من كل فريضة تكبيرة وقال الفقهاء الأربعة والثوري والأوزاعي وداود وأبو ثور التكبير أربع ورووه عن الحسن بن علي (ع) وأخيه محمد بن الحنفية وعمرو بن
عمر وزيد وجابر وأبي هريرة والبراء بن عازب وعتبة بن عامر وعطاء بن ابن أبي
رباح لان رسول الله صلى الله عليه وآله نعى النجاشي للناس وكبر بهم أربعا والجواب قد بينا انه صلى
له بمعنى الدعاء ولو سلمنا انه فعل ذلك ببعض الأموات لكن ذلك لانحراف الميت عن الحق فإنهم قد روى عن أهل البيت (على) ان الصلاة بالأربع للمتهم في دينه قال
الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا وعلى آخرين أربعا فإذا كبر أربعا اتهم يعنى الميت وحكى عن محمد بن سيرين وأبى الشعثاء وجابر بن زيد انهما قالا
يكبر ثلاثا وروى عن ابن عباس وعن علي (ع) انه كان يكبر على أهل بدر خمسا وصلى على ساير الناس أربعا وهو يناسب ما قلناه من تخصيص الأربع بغير المرضى فروع - آ - لا ينبغي
الزيادة على الخمس لأنه منوط بقانون الشرع ولم تنقل الزيادة وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من أنه كبر على حمزة سبعين تكبيرة وعن علي (ع) انه كبر على سهل بن حنيف خمسا وعشرين
تكبيرة انما كان في صلوات متعددة قال الباقر (ع) كان إذا أدركه الناس قالوا يا أمير المؤمنين لم تدرك الصلاة على سهل بن حنيف خمسا فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى
قبره خمس مرات - ب - لو كبر الامام أكثر من خمس لم يتابعه المأموم لأنها زيادة غير مسنونة للامام فلا يتابعه المأموم فيها وقال الثوري ومالك وأبو حنيفة والشافعي واحمد
في رواية لا يتابعه في الزايد على الأربع لما تقدم وعنه رواية انه يتابعه إلى سبع لان النبي صلى الله عليه وآله كبر على حمزة سبعا وكبر علي (ع) على ابن أبي
قتادة سبعا وعلى سهل بن حنيف ستا وقال إنه
50

بدري قال فان زاد على سبع لم يتابعه وقال عبد الله بن مسعود ان زاد الامام على سبع تابعه فإنه لا وقت ولا عدد - ج - لو زاد الامام على المقدر فقد قلنا إنه لا يتابعه و
ينصرف وبه قال الثوري وأبو حنيفة وقال الشافعي واحمد لا ينصرف بل يقف حتى يسلم الامام فيسلم معه مسألة الأقرب عندي وجوب الدعاء بين التكبيرات لان
القصد الدعاء فلا تجب الصلاة لو لم يجب ولان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل قال الكاظم (ع) قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله على جنازة خمسا وصلى على أخرى فكبر أربعا فالتي كبر عليها خمسا حمد
الله ومجده وفى الأولى ودعا في الثانية للنبي وفى الثالثة للمؤمنين والمؤمنات وفى الرابعة للميت وانصرف في الخامسة والتي كبر أربعا حمد الله ومجده ودعا في الثانية لنفسه و
أهله ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة وانصرف في الرابعة ولم يدع له لأنه كان منافقا مسألة الأقوى انه لا يتعين دعاء معين بل المعاني المدلول عليها تلك
الأدعية وأفضله ان يكبر ويتشهد الشهادتين ثم يكبر ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم يكبر ويدعو للمؤمنين ثم يكبر ويدعو للميت ثم يكبر الخامسة وينصرف مستغفرا ذهب إليه علماؤنا أجمع لان ابن مسعود
قال ما وقت رسول الله صلى الله عليه وآله قولا ولا قراءة فكبر كما كبر الامام واختر من طيب القول ما شئت ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء
موقت الا ان تدعوا بما بدا لك وقال الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الأنبياء ودعا ثم كبر ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة ودعا
للميت ثم كبر وانصرف مسألة وليس قراءة فيها عند علمائنا أجمع وبه قال الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة لان ابن مسعود قال إن النبي صلى الله عليه وآله لم يوقت فيه
قولا ولا قراءة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد تقدم ولان ما لا ركوع فيه ليس فيه قرائة كسجود التلاوة وقال الشافعي واحمد واسحق وداود تجب فاتحة الكتاب
ورووه عن ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير والحسن البصري لان النبي صلى الله عليه وآله قرأ بعد التكبيرة الأولى بام الكتاب (القرآن) ولأنها صلاة يجب فيها القيام فوجب فيها القراءة كغيرها و
الجواب قد بينا عدم التوقيت فكما جاز الدعاء جازت القراءة بنية الدعاء والفرق بين الصلاتين اشتراط الطهارة في غيرها دون هذه لان القصد فيها الدعاء
فناسب سقوط القراءة فروع - آ - قال الشيخ في الخلاف تكره القراءة في صلاة الجنازة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري ومالك والأوزاعي لما تقدم من مشروعية
الدعاء والتحميد وهو مروى عن أبي هريرة وابن عمر وقال الشافعي قراءة الحمد شرط في صحتها - ب - يستحب بالاسرار بالدعاء في صلاة الجنازة لان السر أقرب إلى القبول لبعده
عن الرياء وكذا من أوجب القراءة الا بعض الشافعية فإنه قال يسر فيها نهارا لا ليلا - ج - لا تستحب الزيادة على الفاتحة عند الموجبين لها - د - لا يستحب دعاء الاستفتاح عند
علمائنا وهو قول أكثر العلماء لاستحباب التخفيف في هذه الصلاة واستحبه الثوري وهو قول بعض الشافعية ورواية عن أحمد لأنه مستحب في غيرها والفرق التخفيف هنا - ه‍ - لا يستحب التعوذ عندنا
وهو قول أكثر أهل العلم لأنها مخففة وبعض الشافعية استحبه وهو قول احمد لأنه سنة للقرائة لقوله تعالى فاستعذ ونحن نمنع
القراءة مسألة ولا تسليم فيها بل يكبر الخامسة وينصرف وهو يقول عفوك عفوك ذهب إليه علماؤنا أجمع لقول ابن مسعود
لم يوقت لنا رسول الله صلى الله عليه وآله في صلاة الميت قولا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) والصادق (ع) ليس في الصلاة على الميت تسليم ولأنها ليس لها حرمة الصلاة لايقاعها
من غير طهارة ولا قراءة فلا يشرع التسليم وقال الشافعي واحمد يكبر ويقرء فاتحة الكتاب إما من غير استفتاح ولا تعوذ أو بعدهما على ما تقدم ثم يكبر الثانية
ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويدعوا للمؤمنين ويكبر الثالثة ويدعوا للميت وحده لان القصد هو الدعاء له ثم يكبر الرابعة ويسلم وكذا قال أبو حنيفة في التسليم
ورواه الجمهور عن علي (ع) وابن عمر وابن عباس وجابر وأبي هريرة وأنس وسعيد بن جبير والحسن البصري وابن سيرين والحارث وإبراهيم النخعي والثوري واحمد وإسحاق
قياسا على سائر الصلوات والجواب ما تقدم من الفرق فروع الأول اختلف القائلون بالتسليم بعد اتفاقهم على وجوبه فقال الشافعي وأصحاب الرأي يستحب تسليمتان
وتجزي الواحدة كغيرها من الصلوات وأنكر الباقون استحباب الثانية الا النخعي لانهم نقلوا عن النبي صلى الله عليه وآله انه سلم على الجنازة مرة واحدة الثاني قال الموجبون
للتسليم يستحب ان يسلم عن يمينه وان سلم تلقاء وجهه قال لا باس لانهم رووا عن علي (ع) انه سلم على زيد بن الملقف واحدة عن يمينه السلام عليكم الثالث إذا فرغ من
الصلاة يستحب ان لا يبرح من مكانه حتى ترفع الجنازة مسألة الميت إن كان مؤمنا
دعا له في الرابعة عليه إن كان منافقا ويقرأ ربنا اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم إن كان مستضعفا وان جهله يسئل الله ان يحشره مع من يتولاه
والطفل يسئل الله ان يجعله له ولأبويه فرطا لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا صليت
على المؤمن فادع له وإن كان مستضعفا فكبر وقل ربنا اغفر للذين تابوا الآية وصلى الباقر (ع)
فقال اللهم ان هذا عبدك وما اعلم منه شرا فإن كان مستوجبا فشفعنا فيه واحشره مع من كان يتولاه وحضر النبي صلى الله عليه وآله جنازة عبد الله بن ابن أبي
سلول فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله
50

ألم ينهك الله ان تقوم على قبره فقال ويلك وما يدريك ما قلت انى قلت اللهم احش جوفه نارا واملاء قبره واصله نارك وصلى الحسين (ع) على منافق فقال اللهم العن عبدك
فلانا واخزه في عبادك واصله حر نارك وأذقه شد عذابك فإنه يوالي أعدائك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيك وعن علي (ع) قال في الصلاة على الطفل اللهم اجعله لنا
ولأبويه فرطا واجرا وأوجب الشافعي القراءة والصلاة على النبي والدعاء للميت ولم يقدره واستحب الدعاء للمؤمنين مسألة أجمع أهل العلم كافة على استحباب رفع اليدين
في أول التكبيرة واختلفوا في البواقي فلعلمائنا قولان أحدهما الاستحباب وبه قال ابن عمر وسالم وعمر بن عبد العزيز والزهري وعطا واسحق والأوزاعي والشافعي واحمد لان ابن عمر
قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرفع يديه في كل تكبيرة وقبله (فعله) ابن عمر والثوري ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الرحمن الغرومي قال صليت خلف الصادق (ع) على جنازة فكبر خمسا يرفع يديه مع
كل تكبيرة ولأنها لكبيرة حالة مع الاستقرار فأشبهت الأولى والثاني عدم الاستحباب وبه قال مالك والثوري وأبو حنيفة لان كل تكبيرة مقام ركعة ولا ترفع الأيدي في جميع
الركعات بل في الأولى ولقول الصادق (ع) كان علي (ع) يرفع يديه في أول التكبير ثم لا يعود حتى ينصرف وحديثنا أولي لان الصادق (ع) فعله فلا يروى عن جده ما ينافي فعله وانه مندوب
فجاز تركه أحيانا ونمنع الأصل في القياس البحث الخامس في الاحكام مسألة قال الشيخ في الخلاف يكره لمن صلى على جنازة ان يصلى عليها ثانيا وبه قال أبو حنيفة
وهو أحد وجهي الشافعي لان المراد المبادرة وفى الوجه الاخر يجوز وبه قال احمد لان عليا (ع) كرر الصلاة على سهل بن حنيف وليس حجة لأنه (ع) كررها إما لتعظيمه واظهار شرفه أو ليصل عليه
من لم يصل إما من لم يصل على الميت فهل يكره له الصلاة عليه بعد ان صلى عليه غيره الأقرب ذلك وبه قال النخعي ومالك وأبو حنيفة لمنافاته المبادرة المطلوبة ولسقوط الفرض
بالصلاة الأولى فالثانية تطوع والصلاة على الميت لا يتطوع بها ولهذا ان من صلى لا يكررها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان رسول الله (ع) صلى على جنازة فجاءه قوم فقالوا
فاتت الصلاة فقال إن الجنازة لا يصلى عليها مرتين ادعوا له وقولوا خيرا وقال بعض علمائنا من فاتته الصلاة على الجنازة فله ان يصلى عليها ما لم تدفن فان دفنت فله ان
يصلى على القبر يوما وليلة أو ثلاثة أيام على ما تقدم من الخلاف وهو مروى عن أبي موسى وابن عمر وعايشة وبه قال الأوزاعي والشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله صلى على قبر المسكينة والظاهر أنها
دفنت بعد الصلاة وصلى علي (ع) على سهل بن حنيف خمسا وعشرين تكبيرة لتلاحق على من لم يصل والوجه عندي التفصيل فان خيف على الميت ظهور حادثة به كره تكرار الصلاة
والا فلا إذا عرفت هذا فإذا صلى على الميت مرة لم توضع لاحد يصلى عليها ولا يحبس بعد الصلاة ويبادر بدفنه قال أبو حنيفة إذا صلى غير الولي والسلطان أعاد الولي
والسلطان لخبر المسكينة مسألة ويصلى على الجنايز في الأوقات الخمسة المكروهة ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه
قال الشافعي لان أبا هريرة صلى على عقيل حين اصفرت
الشمس ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) يصلى على الجنازة في كل ساعة لأنها ليست صلاة ركوع وسجود وانما يكره عند طلوع الشمس وغروبها التي فيها الركوع والسجود ولأنها
عبادة واجبة فلا يكره كاليومية ولأنها أدعية محضة فلا يكره كغيرها من الأدعية ولأنها ذات سبب فجاز فعلها في الوقت المنهى عنه كما يجوز بعد العصر وقال الأوزاعي
تكره في الأوقات الخمسة وقال مالك والنخعي والثوري واحمد واسحق وابن عمر وعطا وأصحاب الرأي لا يجوز عند طلوع الشمس واصفرارها واستوائها لان عتيبة بن عامر قال ثلاث
ساعات كان رسول صلى الله عليه وآله ينهانا ان نصلى فيهن وان نقبر فيهن موتانا وذكر هذه الساعات وهو محمول على النافلة أو على قصد ذلك الوقت بصلاة
الجنازة مسألة ولو حضرت جنازة وقت الفريضة فخير في تقديم أيهما شاء ما لم يخف فوت إحديهما فتعين لقول الباقر (ع) عجل الميت إلى قبره الا ان يخاف فوت
الفريضة وقال الصادق (ع) ابدؤا بالمكتوبة قبل الصلاة على الميت الا ان يكون الميت مبطونا أو نفساء وإذا تعارض الخبران تخير المجتهد ولو قيل الأولى ان يبدأ بالمكتوبة ما لم يخف على الجنازة
كان وجها وبه قال مجاهد والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة لشدة اهتمام الشارع بالمكتوبة وقال احمد يبدأ بالمكتوبة الا الفجر والعصر وبه قال ابن سيرين لان ما بعدهما وقت
نهى عن الصلاة فيه مسألة ويستحب الصلاة في الأمكنة المعتادة وان صلى عليها في المساجد جاز والأولى تجنبه الا بمكة إذ لا يؤمن من تلطخ المسجد بانفجاره وروى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ له ومن طريق الخاصة ما رواه أبو بكر بن عيسى بن أحمد العلوي قال كنت في المسجد فجئ بجنازة أوردت
ان اصلى عليها فجاء أبو الحسن الأول (ع) فوضع مرفقه في صدري وجعل يدفعني حتى أخرجني من المسجد ثم قال يا أبا بكر ان الجنايز لا يصلى عليها في المسجد وليس للتحريم لقول الصادق (ع)
نعم وقد سئل أيصلى على الميت في المسجد وقال الشافعي يجوز مطلقا وبه قال احمد لان عايشة روت ان النبي صلى الله عليه وآله صلى على ابني بيضاء وسهيل وأخيه في المسجد ولان كل صلاة جازت خارج
المسجد ولم تكره فيه كساير الصلوات وقال أبو حنيفة ومالك يكره في المسجد لما تقدم مسألة لو فاته بعض الصلاة مع الامام وادركه بين تكبيرتين كبر ودخل معه
ولا ينتظر الامام حتى يكبر معه وبه قال الشافعي لأنه أدرك الامام وقد فاته بعض صلاته فيدخل ولا ينتظر كساير الصلوات وقال أبو حنيفة واحمد والثوري واسحق لا
يكبر وينتظر تكبيرة وعن مالك روايتان لان التكبيرات تجرى مجرى الركعات لأنها تقضى بعد فراغ الامام فإذا فاته بعضها لم يشتغل بقضائها كما إذا فاته ركعة مع الامام
وينتقض بتكبير العيدين فإنه يقضيه عنده في حال الركوع ولا يجرى مجرى الركعات والا لكان إذا حضر وكبر الامام قبل ان يكبر المأموم لا يكبر حتى يكبر أخرى فروع - آ -
من أوجب القراءة لو دخل والامام في القراءة فكبر الامام الثانية كبر معه عنده إن كان قد فرغ من القراءة والا ففي القطع أو الاتمام وجهان للشافعي يبنيان على المسبوق
إذا ركع الامام قبل اتمام القراءة وأصحهما عنده انه يتبعه ويقطع كذا هنا قال الا ان بعد الثانية محل القراءة باق لأنه إذا أدركه في الثانية قرأ المأموم بخلاف الركوع ومقتضاه
ان يأتي بالقرائة بعد الثانية ويمكن ان يقال لا يأتي لأنه لما أدرك قراءة الإمام صار محل القراءة ما قبل الثانية في حقه فلا يأتي بها بعد الثانية وان أدركه بعد الثانية
كبر واشتغل بالقرائة والامام مشغول بالصلاة على النبي وعندنا عوض القراءة الشهادتان فإذا كبر الثالثة كبر معه واشتغل بالصلاة والامام مشغول بالدعاء للمؤمنين
فإذا كبر الرابعة كبر معه اشتغل بدعاء المؤمنين والامام مشغول بدعاء الميت فان أدركه في الرابعة كبر فإذا كبر الخامسة عندنا وسلم عند الشافعي دعا للميت وتمم - ب - لو
أدرك بعض التكبيرات أتم الصلاة عندنا وقضى ما فات مع الامام وبه قال سعيد بن المسيب وعطا والنخعي والزهري وابن سيرين وقتادة ومالك والثوري واحمد واسحق وأصحاب
الرأي لقوله ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأله عيص عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة قال يتم ما بقى ولأنه دخل في
فرض فوجب اكماله وقال ابن عمر والحسن البصري وأيوب السجستاني والأوزاعي لا يقضى وهو رواية عن أحمد لان عايشة قالت يا رسول الله (ص) انى اصلى على الجنازة ويخفى على بعض
التكبير قال ما سمعت فكبري وما فاتك فلا قضاء عليك ولأنها تكبيرات متواليه فإذا فاتت لم تقض كتكبيرات يوم العيد ويحمل الحديث على الشك في البعض فأمرها بالتعويل
على تكبير الامام ويخالف تكبيرات العيد لأنها تجرى مجرى أفعال الصلاة إذ لا يجوز الاخلال بها بخلاف تكبيرات العيد عنده - ج - ان تمكن في القضاء من الأدعية فعل وان خافت
مسارعة رفعها تابع بالتكبير ولاء لقول الصادق (ع) إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين في الصلاة على الميت فليقض ما بقى متتابعا - د - لو رفعت الجنازة ولا يتم أتم وهي على أيدي
الرجال ولو دفنت أتم على القبر لقول الباقر (ع) يتم التكبير وهو يمشى معها وإذا لم يدرك التكبير كبر على القبر وان ادركهم وقد دفن كبر على القبر - ه‍ - لو سبق المأموم الامام بتكبيرة
51

فصاعدا استحب اعادتها مع الامام ليدرك فضيلة الجماعة مسألة لو حضرت جنازة في أثناء التكبير يتخير في الاتمام ثم يستأنف أخرى على الثانية وفى الاستيناف
عليهما بعد ابطال ما كبر لان في كل واحدة منهما الصلاة عليهما وسأل علي بن جعفر أخاه الكاظم (ع) عن قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين ووضعت معها
أخرى قال إن شاءوا تركوا الأولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة وان شاؤوا رفعوا الأولى وأتموا التكبير على الأخيرة كل ذلك لا باس به فروع - آ - الأفضل الافراد كل جنازة
بصلاة - ب - يجوز ان يصلى على كل طائفة صلاة واحدة - ج - لو اختلف الوجه بان جاء بعض من يستحب الصلاة عليه وقد دخل في الواجبة وجب الاكمال واستحب الثانية
ولو انعكس الحال جاز الاتمام والاستيناف - د - لو خيف على الجنازة استحب الاستيناف كما يستحب الجمع ابتداء معه مسألة ذهب علماؤنا أجمع إلى أن الامام يقف
خلف الجنازة وجوبا ولا يجوز ان يتقدمها ويصلى والجنازة خلف ظهره وهو أصح وجهي الشافعية لان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل فيجب اتباعه احتجوا على الاخر بجواز الصلاة على الغايب
وإن كان خلف ظهر المصلى ونمنع حكم الأصل ولو سلم فللضرورة بخلاف صورة النزاع مسألة قد بينا ان وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في الثانية و
للشافعي في الأول قولان لان الأول تجب الصلاة عليهم في التشهد فكذا هنا ويجب في النية التعرض للفرض وهو أحد قولي الشافعية لان الفعل انما يقع على الوجه المأمور به
شرعا باعتبار القصد ولا يجب التعرض لكونه فرض كفاية وهو أصح وجهي الشافعية ولا تعيين الميت باسم أو صفة غير الإشارة ومعرفته فلو عين فأخطأ احتمل بطلان الصلاة
وهو قول الشافعية إذ لم يقصد الصلاة على هذا فلا يجزى ما فعله والصحة إذا التعيين ليس شرطا ولو زاد تكبيرة عمدا على العدد الواجب لم تبطل الصلاة لان التسليم
ليس واجبا ولا مستحبا هنا والشافعي حيث أوجب التسليم في البطلان عنده وجهان لان الزيادة قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله عنده ولأنها كالركعات ولو كبر مع الامام
ثم تخلف في التكبير اللاحق عمدا حتى كبر الامام باقي الفايت فالوجه عدم البطلان ويأتي بها المأموم من بعد الفراغ وعند الشافعي تبطل لان الاقتداء في هذه الصلاة
لا يظهر الا في التكبيرات وهذا تخلف فاحش المطلب الخامس في الدفن مسألة أجمع علماء الاسلام على وجوب دفن المسلم على الكفاية لان النبي صلى الله عليه وآله أمر به وفعله
بكل ميت ويجب دفنه في حفيرة تحرسه عن السباع وتكتم رايحته عن الناس ويجب عندنا اضجاعه على جانبه الأيمن موجها إلى القبلة لان النبي صلى الله عليه وآله دفن كذلك و
هو عمل الصحابة والتابعين وأوجب الشافعي الاستقبال دون الاضجاع على الأيمن بل جعله مستحبا وفعل النبي صلى الله عليه وآله يجب اتباعه وقال (ع) إذا نام أحدكم فليتوسد يمينه
مسألة ويستحب تعميق القبر قدر قامة أو إلى الترقوة عند علمائنا أجمع إذ قصد الدفن يحصل به فالزيادة تكلف ولقول الصادق (ع) حد القبر إلى الترقوة
وقال الشافعي يعمق قدر قامة وبسطة قدر ذلك أربعة أذرع ونصف وهو رواية عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال احفروا واوسعوا وعمقوا وقال عمر عمقوا قبري قامة
وبسطة والحديث لا دلالة فيه على دعواه وقول عمر لا حجة فيه وقال مالك لاحد فيه بل يحفر حتى يغيب عن الناس وقال عمر بن عبد العزيز يحفر إلى السرة ولا يعمق لان ما على وجه
الأرض أفضل مما سفل منها وعن أحمد إلى الصدر وبه قال الحسن البصري وابن سيرين والوجه ما قدمناه لان الصادق (ع) قال إن النبي (ص) نهى ان يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع
ولا خلاف في أن ذلك كله مستحب مسألة ويستحب ان يجعل له لحد ومعناه انه إذا بلغ الحافر قعر القبر حفر في حايطه مما يلي القبلة مكانا يوضع فيه الميت وهو
أفضل من الشق ومعناه ان يحفر في قعر القبر شقا شبه النهر يضع الميت فيه ويسقف عليه شئ ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشافعي وأكثر أهل العلم لقول ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله
قال اللحد لنا والشق لغيرنا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله لحد له أبو طلحة الأنصاري وقال أبو حنيفة الشق أفضل بكل حال
فروع - آ - لو كانت الأرض رخوة يخاف من اللحد فالشق أولي وبه قال الشافعي وقال بعض علمائنا يعمل شبه اللحد من بناء تحصيلا للفضيلة - ب - يستحب ان يكون
اللحد واسعا قدر ما يتمكن فيه الجالس من الجلوس لقوله (ع) واوسعوا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) واما اللحد فقدر ما يتمكن فيه من الجلوس - ج - يستحب ان
يكون (يضع) تحت رأس الميت لبنة أو شيئا مرتفعا كما يصنع بالحي ويدنا من الحائط لئلا ينكب ويسنده من ورائه بتراب لئلا ينقلب قال الصادق (ع) يجعل للميت وسادة
من تراب ويجعل خلف ظهره مدرة لئلا يستلقى - د - لا ينبغي جعل مضربة ولا مخدة في القبر لما فيه من اتلاف المال وعدم ورود النص به وقد نقل انه جعل في قبر
النبي صلى الله عليه وآله قطيفة حمراء مسألة ويستحب وضع الجنازة على الأرض عند الوصول إلى القبر وانزاله إليه في ثلث دفعات ولا يقدح بالقبر دفعة واحدة لأنه أبلغ
في التذلل والخشوع ولقول الصادق (ع) ينبغي ان يوضع الميت دون القبر هنيئة ثم وأره ويجعل الميت عند رجل القبر إن كان رجلا وقيل من قبل رأسه
ويبدأ برأسه كما خرج إلى الدنيا وقدامه مما يلي القبلة إن كان امرأة وتؤخذ عرضا عند علمائنا وبه قال الشافعي مطلقا واحمد والنخعي والشعبي لان النبي صلى الله عليه وآله
سل من قبل رأسه سلا ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن عطية مرسلا قال إذا أتيت بأخيك إلى القبر فلا تقدحه ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ
في هبة ثم وضعه في لحده وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ان لكل بيت بابا وباب القبر من قبل الرجلين وقال أبو حنيفة توضع الجنازة على جانب القبر مما
يلي القبلة ثم يدخل القبر معترضا لأنه روى علي (ع) وهو ممنوع إذ أهل البيت (على) اعرف بمذهب أبيهم وقد قال الصادق (ع) إذا دخل الميت القبر إن كان رجلا يسل سلا
والمراة تؤخذ عرضا مسألة وينبغي ان ينزل إلى القبر الولي أو من يأمره الولي به في الرجل لطلب الخط للميت والرفق به ولقول علي (ع) انما يلي الرجل أهله والنبي صلى الله عليه وآله
لحده علي (ع) والعباس وأسامة ولا باس ان يكون شفعا أو وترا والأصل فيه حاجتهم والأسهل في امره لان زرارة سأل الصادق (ع) عن القبر كم يدخله قال
ذلك إلى الولي ان شاء ادخل وترا وان شاء شفعا وقال الشافعي يستحب الوتر ثلاثا أو خمسا لان النبي صلى الله عليه وآله ادخله العباس وعلي (ع) واختلف في الثالث
فقيل الفضل بن عباس وقيل أسامة بن زيد وهو اتفاقي ويكره ان ينزل ذو الرحم لأنه يقسى القلب بل يوليه غيره إما المراة فالاجماع على أولوية ادخال ذي الرحم قبرها
لأنها عورة قال الصادق (ع) قال أمير المؤمنين (ع) مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله المراة لا يدخل قبرها الا من كان يراها في حياتها والزوج أولي من كل أحد خلافا
لأحمد فإن لم يكن أحد من ذوي الرحم ولا زوجا فالنساء فان تعذر فالأجانب الصلحاء وان كانوا مشايخ فهم أولي وجعلهم احمد ولى من النساء مسألة
يستحب لمن ينزل إلى القبر حل ازاره والتحفي وكشف رأسه قال الصادق (ع) لا تنزل إلى القبر وعليك عمامة ولا قلنسوة ولا رداء ولا حذاء وحل ازرارك قلت فالخف
قال لا باس قال الشيخ ويجوز ان ينزل بالخفين عند الضرورة والتقية ويستحب ان يكون متطهرا قال الصادق (ع) توضأ إذا أدخلت الميت القبر ويستحب الدعاء عنه معاينة
القبر فيقول اللهم اجعله روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفرة من حفر النار فإذا تناوله قال بسم الله وبالله وفى سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم ايمانا بك و
تصديقا بكتابك هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله اللهم زدنا ايمانا وتسليما وروى محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال إذا وضعته في لحده فقل بسم الله وفى
سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم ان عبدك نزل بك وأنت خير منزول به اللهم افسح له في قبره والحقه بنبيه اللهم انا لا نعلم منه الا خيرا وأنت أعلم به.
52

كلها سواء كما في ثمن الرقبة وكذا لو احتاج إلى الثمن لقوته أو لأمر ضروري يتضرر بدفعه إما في الحال أو فيما بعد لم يجب عليه الشراء لأنا سوغنا ترك استعمال عين الماء لحاجة
في الشرب فترك بدله أولي وكذا لو وجد بعض الماء وجب شراء الباقي فروع - آ - اختلف علماؤنا في اشتراط عدم الزيادة على ثمن المثل فالمشهور العدم فيجب الشراء بأي ثمن كان
ما لم يحجف به وبه قال مالك لأنه متمكن لانتفاء الضرر ولان صفوان سأل أبا الحسن (ع) عن رجل احتاج إلى وضوء الصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد قدر ما يتوضأ
به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لما يشترى به أيتوضأ أو يتيمم قال بل يشترى قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت وما شرى بذلك مال كثير وقال أصحاب
الرأي إذا كانت الزيادة يتغابن الناس بمثلها وجب شراؤه كالوكيل بالشراء له ان يشترى بزيادة يسيرة وقال ابن الجنيد منا والشافعي لا يجب الشراء وإن كان يسيرا
لأنه يجوز له التيمم لحفظ المال فلا يناسب وجوب الشراء بأكثر من ثمن المثل لأنه تضييع له والقليل والكثير واحد ولهذا يكفر مستحله ويفسق غاصبه ويجوز الدفع عنه
ونمنع التساوي بين الأصل والفرع لتفويت الثواب الكثير في الفروع والعوض المساوى في الأصل - ب - ان
اعتبرنا ثمن المثل احتمل التقويم في ذلك الوقت والمكان لاختلاف
القيمة باختلافهما وهو أحد وجهي الشافعية والاخر اعتبار وأجرة الاستقاء والنقل إلى ذلك المكان إذ لا ثمن للماء - ج - لو بذل له بثمن غير مجحف إلى أجل وكان قادرا عليه وجب
الشراء لتمكنه وبه قال الشافعي وقال بعض الجمهور لا يجب لان عليه ضررا في بقاء الدين في ذمته وربما تلف ماله قبل أدائه ونمنع التضرر ولو لم يكن قادرا لم يجب الشراء قطعا - د -
لو امتنع صاحبه من بذله مطلقا لم تجز مكابرته عليه لانتفاء الضرورة فان بدله يقوم بخلاف الطعام في المجاعة - ه‍ - لو كان عادما للثمن وبذل له بيعه في ذمته لم يلزمه
شراؤه لما فيه من الضرر باشتغال الذمة - و - لو بذل له الماء بغير عوض لزمه القبول لأنه لا منة له في ذلك ولو وهب له الثمن لم يجب القبول لما فيه من المنة وبه قال الشافعي
خلافا للشيخ - ز - لو عرف أن مع قوم ماء فعليه أن يطلبه منهم لانهم إذا بذلوا أوجب قبوله وقد يبذلوه عند طلبه فيجب وهو أظهر وجهي الشافعية والاخر لا يجب - ح - لو امتنع
من قبول الهبة لم تصح صلاته ما دام الماء والبذل لتمكنه من الوضوء وهو أحد وجهي الشافعية - ط - لو عدم الثمن وتمكن من تحصيله بالكسب فالوجه وجوبه لتمكنه من الماء
خلافا للشافعي - ى - لو افتقر إلى آلة وتمكن من شرائها وجب وان زاد على ثمن المثل خلافا للشافعي ولو ذهبت منه لم يجب القبول بخلاف الماء وكذا لو وهب ثمنها ولو اعاره المالك وجب القبول لانتفاء المنة لقضاء
العادة بالاستعارة ولو افتقر إلى دلو وحبل فوجد أحدهما لم يجب شراؤه ولا استعارته الا ان يظن تحصيل الاخر - يا - لا فرق بين راكب البحر والبر في جواز التيمم عند تعذر
الآلة - يب - لو تمكن من استيجار الآلة بعوض موجود أو في الذمة وله قدرة وجب - يج - لو تمكن من انزال ثوب واستخراج الماء بعصره وجب وان نقصت قيمته نقصانا قليلا أو
كثيرا ما لم يتضرر به في الحال أو فيما بعد خلافا للشافعي فيما لو زاد النقص عن ثمن الدلو والحبل وكذا لو كانت العمامة تصل لو شقها بنصفين مسألة لو أراق الماء
قبل الوقت أو نجسه لغرض أو لغيره تيمم وصلى ولا إعادة عليه وبه قال الشافعي واحمد لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة وقال الأوزاعي ان ظن أنه يدرك الماء في الوقت
فكقولنا والا تيمم وأعاد لأنه مفرط ولو فعل ذلك بعد الوقت لغرض فكذلك وإن كان لغير غرض وجب ان يتيمم ويصلى لأنه فاقد وهل يعيد الوجه المنع لأنه غير واجد
فصار كما لو قتل العبد أو أعتقه فإنه يجزيه الصوم ويحتمل الإعادة لأنه مفرط بإراقة الماء وتمكن من الصلاة بالوضوء وللشافعي وجهان فحينئذ يعيد واحدة لا ما بعدها
كما لو أراق قبل الوقت ويحتمل قضاء كل صلاة يؤديها بوضوء واحد في عادته ولا تصح الإعادة في الوقت لأنه لو صح القضاء فيه لصح الأداء بل يؤخر إلى أن يجد الماء أو ينتهى
إلى حالة تصح صلاته بالتيمم وكلاهما للشافعي واخر قضاء كل ما صلى بتيممه فروع - آ - لو مر بنهر في الوقت ولم يتوضأ وبعد عنه وتيمم وصلى فالأقرب عدم القضاء
وهو أقرب وجهي الشافعية لأنه لم يضيع شيئا وانما امتنع من التحصيل والتقصير في التضييع أشد ومنهم من طرد الوجهين - ب - لو كان هناك من يحتاج إلى الماء فوهبه المالك
منه فإن كان للشرب صح وتيمم وإن كان للطهارة لم يصح في الوقت لأنه تعلق به حق العبادة وحاجته أهم من حاجة غيره وقبله يجوز - ج - لو سلم ما منع من هبة لم تجز ولم يزل
ملكه عنه ولا تصح صلاة الواهب بالتيمم ما دام الماء في يد الموهوب وإذا استعمله كان حكمه حكم ما لو أراق الماء عمدا والأقرب صحة صلاة المتهب به مسألة لو كان معه من
الماء ما لا يكفيه لطهارته من الجنابة تيمم وهو قول أكثر العلماء لأنه غير واجد للماء ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل يجنب ومعه من الماء ما يكفيه لوضوء الصلاة أيتوضأ
بالماء أو يتيمم قال يتيمم الا ترى انه جعل عليه نصف الطهور وقال الحسن البصري إذا كان معه من الماء ما يغسل به وجهه ويديه وغسلهما ولا يتيمم وبه قال عطا وزاد عليه وقال لو
وجد من الماء ما يغسل به وجهه غسله ومسح كفيه بالتراب لأن الماء هو الأصل وهو أولي من التراب فإذا اجزاه التراب في الوجه واليدين فالماء أولي وهو غلط لان التيمم طهارة
كاملة ولهذا لا يلزمه مسح سواهما بالتراب مع قدرته عليه بخلاف غسل الوجه واليدين فإنه بعضها ولا ينوب مناب جميعها فروع - آ - قال أصحابنا لا يجب استعمال الماء وبه
قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وداود والمزني واحمد والشافعي في أحد القولين لان هذا الماء لا يطهره فلا يلزمه استعماله كالنجس وللخبر عن الصادق (ع) والاخر يجب وبه قال
عطا والحسن بن صالح واحمد لأنه قدر على البعض فيجب إذ الامر بالجميع يستلزم البعض كالستر وإزالة النجاسة ولأنه تعالى شرط عدم ما يسمى ماء والقليل يسمى به وليس هذا القول عندي بعيدا من الصواب
لامكان حصول ما يكمل الطهارة مع أن الموالاة غير واجبة - ب - المحدث إذا وجد من الماء ما يكفيه لبعض الأعضاء لم يجب استعماله فيه عندنا قطعا وبه قال أبو حنيفة ومالك
والأوزاعي وداود والمزني واحمد بل يجب التيمم لانتفاء الغرض وهو الطهارة باستعماله وقوله فلم تجدوا ماء يريد المطهر وقال عطا والحسن بن صالح يجب استعمال الماء والتيمم
معا وللشافعي قولان أصحهما الثاني لما تقدم في الجنب والموجبون في البابين أوجبوا تقديم الماء ليصير فاقدا وراعوا الترتيب في الوضوء إلى أن ينفد وفي الغسل يغسل ما شاء من
بدنه لعدم الترتيب عندهم فيه - ج - لو وجدت الحايض من الماء ما يكفي الوضوء خاصة وجب استعماله فيه والتيمم للغسل لتعددهما ويتخير في التقديم لاستعمالهما - د -
لو وجد ما يصلح لبعض الأعضاء وفقد التراب فحكمه حكم فاقد المطهر وللشافعي قولان أحدهما وجوب استعماله إذ لا بدل للغسل يعدل إليه - ه‍ - لو تيمم الفاقد ثم وجد
من الماء ما لا يكفيه لم ينتقض تيممه مطلقا عند أصحابنا وفى الوضوء عندنا واما الغسل فيحتمل ذلك ان لم نوجب استعمال القاصر والا انتقض فيستعمله ثم يتيمم والوجهان
للشافعي مطلقا - و - لو تيمم من الجنابة وصلى فريضة واحدة ثم أحدث لم يجز له ان يصلى فريضة ولا نافلة لوجود الحدث فان وجد من الماء ما يكفيه لوضوئه خاصة احتمل
وجوب استعماله في غسل الرأس وتيمم لما يستقبل من الصلوات وبعض الشافعية قال إن توضأ به ارتفع حدثه وصلى به النافلة خاصة لان التيمم الذي ناب عن غسل الجنابة
أباح له فريضة واحدة وما شاء من النوافل فإذا توضأ ارتفع تحريم النوافل ولم يستبح فريضة لأنه وضوء لا ينوب عن الجنابة وهو نادر لأنه وضوء يبيح النافلة دون الفريضة - ز - لو تضرر بعض أعضائه بالماء لمرض تيمم
ولم يغسل الصحيح وقال في الخلاف والمبسوط لو غسله وتيمم كان أحوط وكذا لو كان بعض أعضائه نجسا ولا يقدر على طهارته بالماء تيمم وصلى ولا إعادة في شئ من ذلك لأنه فعل المأمور
به فيخرج عن العهدة - ح - لو وجد من التراب ما يكفيه لوجهه خاصة كان كفاقد المطهر وهي أحد وجهي الشافعية والثاني يجب استعماله فيه لان التراب ليس له بدل فصار كما لو قدر ستر
بعض عورته - ط - لو قصر الماء عن إزالة النجاسة عن بدنه والوضوء وكفى أحدها صرف في إزالة النجاسة اجماعا إذ لا بدل لها وكذا الغسل وكذا لو كانت النجاسة على الثوب وليس غيره
53

وعن أحمد لا يغسل الثوب لان رفع الحدث اكد وهو باطل لوجود البدل هنا بخلاف نجاسة الثوب - ى - لو صرف الماء في الوضوء وعليه أو على ثوبه نجاسة ففي الأجزاء
اشكال أقربه ذلك ان جوز وجود المزيل في الوقت والا فلا الفصل الثاني فيما يتيمم به مسألة لا يجوز التيمم الا
بما يقع عليه اسم الأرض بالاطلاق
سواء كان ترابا أو حجرا أو حصا عند أكثر علمائنا وجوز مالك وأبو حنيفة التيمم بالحجر وان لم يكن عليه غبار كما ذهب إليه لقوله (ع) جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
ولقول الباقر (ع) في التيمم تضرب كفيك على الأرض ولأنه ارض اكتسب حرارة فتحجر والتغاير في الأوصاف فلا تخرج الماهية عن حقيقتها ومنع الشافعي واحمد وداود
وأبو يوسف من التيمم بالحجر لقوله تعالى صعيدا طيبا قال ابن عباس الصعيد التراب وقال (ع) جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ولولا اختصاص التراب لقال وطهورا
والصعيد وجه الأرض نقله الخليل وتغلب عن ابن الأعرابي لقوله تعالى فتصبح صعيدا زلقا أي أرضا ملساء مزلقة ونمنع الاختصاص وروى الحذف مسألة ولا
يجوز التيمم بما خرج بالاستحالة عن اسم الأرض كالزرنيخ والكحل وساير المعادن عند أكثر علمائنا لقوله تعالى صعيدا وهو إما التراب أو الأرض ولقوله (ع) عليكم بالأرض
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن الوضوء باللبن لا انما هو الماء والصعيد وقال ابن ابن أبي
عقيل منا يجوز التيمم بما كان من جنس الأرض كالكحل والزرنيخ
وبه قال أبو حنيفة ومالك لقوله (ع) جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ونقول بالموجب والمتنازع ليس أرضا وقال مالك يجوز التيمم بما يكون متصلا بالأرض كالشجر والزرع وليس بجيد لأن الطهارة
عبادة شرعية فتتوقف على مورد النص مسألة وكل ما يطلق عليه اسم التراب يصح التيمم به سواء الأعفر وهو الذي لا يخلص بياضه والأسود والأصفر والأحمر
ومنه الأرمني الذي يتداوى به والأبيض يؤكل سفها والمدر وهو الذي لا ينبت على كراهة والبطحاء وهو التراب اللين في مسيل الماء باجماع العلماء لصدق المسمى
عليهم وحكى عن بعضهم المنع من التيمم بالسبخ وبه قال ابن الجنيد لقوله تعالى صعيدا طيبا وليس بجيد لأنه المدينة مالحة وتيمم النبي صلى الله عليه وآله منها والمراد بالطيب
الطاهر كالماء واما الرمل فيجوز التيمم به على كراهة عندنا وبه قال أبو حنيفة والأوزاعي والشافعي في أحد القولين لصدق اسم الأرض عليه ولما رواه أبو هريرة ان رجلا
اتى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا نكون بأرض الرمل فتصيبنا الجنابة والحيض والنفاس فلا نجد الماء أربعة أشهر وخمسة أشهر فقال النبي صلى الله عليه وآله عليكم بالأرض
وفى الاخر لا يجوز لعدم صدق التراب عليه وهو ممنوع فروع - آ - قال الشيخان يجوز التيمم بأرض الجص والنورة وقال المرتضى يجوز التيمم بالجص والنورة ولا باس به لصدق اسم الأرض عليه ولا يخرج باللون والخاصية
عن اسم الأرض كما لا يخرج باللون ولقول علي (ع) وقد سئل عن التيمم بالجص نعم فقيل بالنورة فقال نعم وهو أحد قولي الشافعي - ب - الحجر الصلد كالرخام إذا لم يكن عليه غبار
يجوز التيمم به عندنا وبه قال الشيخ والمرتضى لقوله تعالى صعيدا وقال المفيد يجوز مع عدم التراب ومنع الشافعي مطلقا - ج - منع ابن الجنيد من التيمم بالخزف وبه قال الشافعي
لأنه خرج بالطبخ عن اسم الأرض وهو ممنوع ولهذا جاز السجود عليه ولو دق حتى صار ترابا فكذلك - د - لو احترق التراب حتى صار رمادا فان خرج عن اسم الأرض لم يصح التيمم به
ولو احترق الشجر حتى صار رمادا لم يتيمم مسألة ويشترط في التراب امران الطهارة والملك فلا يجوز التيمم بالتراب النجس ولا المغصوب ذهب إليه علماؤنا أجمع وهو
قول الجمهور لقوله تعالى طيبا وهو الطاهر ولا فرق بين ان تغير النجاسة ريحه أو لا وقال داود ان غيرت رايحته لم يجز التيمم به والا جاز اعتبارا بالماء وهو خطا لان الجامد لا
يعتبر فيه التغيير كالثوب يصيبه الماء النجس ولان في الماء قوة بخلاف التراب فروع - آ - الممتزج بالنجس كالنجس لامكان كون الواصل نجسا سواء كان المزج بالنجس أو بالنجاسة
وسواء قلت النجاسة أو كثرت - ب - لو أصاب الأرض بول أو ماء نجس ثم جرى الماء الكثير عليها أو المطر طهرت وان جفت بالشمس فكذلك وجاز التيمم منها وللشافعي قولان ولو جفت
بغيرها لم تطهر ولم يجز التيمم منها وللشافعي قولان - ج - يجوز التيمم بتراب القبر ما لم يعلم حصول نجاسة فيه سواء تكرر نبشه أو لا لأنه طاهر وقال الشافعي لا يجوز إذا تكرر نبشه
لاختلاطه بصديد الموتى ولحومهم وان لم يتكرر جاز لعدم المزج وان جهل فوجهان لأصالة الطهارة وظهور النبش - د - لو امتزج بالطاهر كالدقيق والأشنان قال الشيخ
لم يجز التيمم به الا ان يستهلكه التراب وهو أحد وجهي الشافعية والاخر المنع مطلقا لجواز ان يصل المخالط إلى العضو فيمنع وصول التراب إليه والأولى عندي اعتبار الاسم - ه‍ -
لو لم يجد التراب الا بالثمن وجب الشراء وان كثر كالماء مسألة يجوز التيمم بالتراب المستعمل عند علمائنا أجمع وبه قال أصحاب ابن أبي
حنيفة لبقاء اسم الصعيد الطيب عليه و
لان المستعمل عندنا طاهر يرفع به الحدث وان رفع به الحدث أو لا فالتراب الذي لا يرفع حدثا أولي وللشافعي قولان أصحهما المنع كالماء المستعمل لاشتراكهما في أداء فرض الصلاة
بهما والجواز لأنه لم يرفع حدثا فلم يتأثر بالاستعمال إذا عرفت هذا فنقول ليس المستعمل الموضع الذي يضرب اليد عليه اجماعا لأنه بمنزلة الاناء الذي يغترف منه فيجوز
ان يتيمم جماعة من موضع واحد بان يضرب واحد يده بعد اخر واما التراب الملتصق بأعضاء التيمم فإنه مستعمل اجماعا واما المتساقط من الأعضاء فوجهان أصحهما عنده
انه مستعمل كالمتقاطر من الماء مسألة ويستحب التيمم من ربى الأرض ويكره من المهابط عند علمائنا أجمع ولم يفرق الجمهور لبعد العوالي عن النجاسات وزوالها بالسيول لو حصلت
ولقول أمير المؤمنين (ع) لا وضوء من موطوء مسألة إذا فقد الصعيد فله أحوال الأول ان يجد ثوبا أو لبد سرج أو عرف دابة أو غير ذلك فإنه يتيمم بغبار ذلك عند علمائنا وبه
قال أبو حنيفة وللشافعي واحمد ومالك لان الغبار من الصعيد وقد استعمله فأجزأه ولقول الباقر (ع) وقد سئل كيف اصنع وعلى وضوء ولا أقدر على النزول يتيمم من لبد سرجه
أو عرف دابته فان فيهما غبار أو قول الصادق (ع) لينظر لبد سرجه فيتيمم من غباره أو شئ مغبر ومنعه أبو يوسف لأنه ليس بأرض وهو ممنوع والظاهر من كلام الشافعي واحمد
وأبي حنيفة الجواز مع وجود التراب وعلماؤنا جعلوه مرتبة بعده الثاني ان يجد الوحل ويفقد الغبار فإنه يتيمم به عند علمائنا وبه قال ابن عباس لأنه لا يخرج بممازجة الماء عن
حقيقة الأرض ولما رواه زرارة عن أحدهما (ع) قلت رجل في الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين ما يصنع قال يتيمم به فإنه الصعيد وقال الصادق (ع) ان كنت في حال لا تجد الا الطين فلا باس ان تيمم
منه ولأنه مركب من العنصرين المطهرين فيبقى لوازمهما بعد التركيب لبقاء حقيقتهما وقال الشافعي لا يتيمم ويكون كفاقد المطهر لأنه لا يسمى صعيدا وهو ممنوع فروع - آ - في كيفية
التيمم بالوحل قولان قال الشيخ يضع يديه على الوحل ثم يفركهما ويتيمم به وقال آخرون يضعهما على الوحل ويصبر حتى يجف ويتيمم به وهو مروى عن ابن عباس وهو الوجه عندي أو لم
يجف فوت الوقت فان خاف عمل بقول الشيخ - ب - لا يجوز التيمم بالوحل مع القدرة على الغبار ولا بالغبار مع القدرة على التراب والحجر - ج - ليس من شرط التراب اليبوسة ولو كان نديا
لا يعلق (يتعلق) باليد منه غبار جاز التيمم به عند علمائنا وبه قال مالك وأبو حنيفة لقوله (ع) انما يكفيك ان تضع هكذا وضرب بيده الأرض ثم نفخها ولقول الصادق (ع) إذا كانت
الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه فان ذلك توسيع من الله عز وجل وعند الشافعي لا يجوز لقوله تعالى منه وهي التبعيض فيجب المسح بجزء منه
والمسح منه لا يوجب المسح به إذا ثبت هذا انه فيجوز التيمم اختيارا ومنع منه الشافعي اضطرارا أيضا وجعل حكمه حكم الفاقد - د - لو لم يجد الا الثلج قال المرتضى تيمم بنداوته وأوجب الشيخان
الوضوء به مسحا به كالدهن والتحقيق انه ان سمى غسلا وجب الوضوء أو الغسل به قطعا والا فالأقوى الدهن به لأنه أشبه بالوضوء وتجب الملاقاة والجريان فتعذر الثاني لا يسقط
الأول - ه‍ - لو وجده مع التراب فان قدر على الغسل وجب والا فالتراب لأنه بدل عن الغسل ولقول الكاظم (ع) وقد سأله اخوه عن الرجل الجنب أو على غير وضوء ولا يكون معه ماء
54

منا فإذا وضعت اللبن فقل اللهم صل وحدته وآنس وحشته واسكن إليه من رحمتك رحمة تعينه بها عن رحمة من سواك فإذا خرجت من قبره فقل انا لله وانا إليه والحمد لله
رب العالمين اللهم ارفع درجته في أعلا عليين واخلف على عقبه في الغابرين وعندك نحتسبه يا رب العالمين مسألة ويحل عقد كفنه من قبل رأسه ورجليه لان
عقدها كان لخوف انتشارها وقد امن من ذلك ولما ادخل النبي صلى الله عليه وآله نعيم بن مسعود الأشجعي القبر نزع الأخلة بفيه ولا يشق الكفن لأنه اتلاف يستغنى عنه
وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله ان يحسن الكفن وتخريقه يسلب حسنه ثم يضع خده على التراب ويستحب أن يضع معه شيئا من تربة الحسين (ع) للأمن والستر فقد روى أن مراة
كانت تزني وتحرق أولادها خوفا من أهلها فلما ماتت دفنت فقذفتها الأرض ودفنت ثانيا وثالثا فجرى مثل ذلك فسالت أمها الصادق (ع) عن ذلك وأخبرته بحالها فقال إنها كانت
تعذب خلق الله بعذاب الله اجعلوا معها شيئا من تربة الحسين (ع) ففعل فاستقرت مسألة إذا طرحه في اللحد لقنه الولي أو من يأمره وهو التلقين الثاني
قال الصادق (ع) إذا وضعته في اللحد فضع فمك على اذنه وقل الله ربك والاسلام دينك ومحمد نبيك والقرآن كتابك وعلى امامك وقال الصادق (ع) تضع يدك اليسرى على عضده الأيسر وتحركه تحريكا
شديدا ثم تقول يا فلان بن فلان إذا سئلت فقل الله ربى ومحمد نبي والاسلام ديني والقرآن كتابي وعلى امامى حتى تستوفى الأئمة ثم تعيد القول ثم تشرح اللحد باللبن
والطين قال الصادق (ع) وتضع الطين واللبن ثم تخرج من قبل الرجلين لما تقدم من أنه باب القبر وقال الباقر (ع) من دخل القبر فلا يخرج منه الا من قبل الرجلين مسألة ثم يهيل
التراب عليه وكذا الحاضرون بظهور الأكف مسترجعين لان الكاظم (ع) حثا التراب على القبر بظهر كفه وقال الصادق (ع) إذا حثوت التراب على الميت فقل اللهم ايمانا بك وتصديقا
بكتابك هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله وقال أمير المؤمنين (ع) سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من حثا على الميت وقال هذا القول أعطاه الله
بكل ذرة حسنة ويكره ان يهيل ذو الرحم على رحمه لان بعض أصحاب الصادق (ع) مات له ولده فحضره الصادق (ع) فلما الحد تقدم أبوه فطرح عليه التراب فاخذ
الصادق (ع) بكفيه وقال لا تطرح عليه التراب ومن كان منه ذا رحم فلا تطرح عليه التراب فقلنا يا ابن رسول الله أتنهانا عن هذا وحده فقال أنهاكم ان يطرح التراب على ذي
الأرحام فان ذلك يورث القسوة في القلب ومن قسا قلبه بعد عن ربه مسألة ثم يطم القبر ولا يطرح فيه من غير ترابه اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يزاد في القبر
على حفرته وقال لا يجعل في القبر من التراب أكثر مما خرج منه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يزاد على القبر تراب لم يخرج منه وقال الصادق (ع) ولا تطينوا
القبر من غير طينه ويستحب ان يرفع مقدار أربع أصابع لا أزيد ليعلم انه قبر فيتوقى ويترحم عليه ورفع قبر النبي صلى الله عليه وآله قدر شبر وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلى (ع)
لا تدع تمثالا الا طمسته ولا قبرا مشرفا الا سويته ومن طريق الخاصة رواية محمد بن المسلم عن أحدهما (ع) قال ويلزق الأرض بالقبر الا قدر أربع أصابع مفرجات مسألة
ثم يربع القبر مسطحا ويكره التسنيم ذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان رسول الله (ص) سطح قبر ابنه إبراهيم وقال القاسم بن محمد رأيت قبر النبي صلى الله عليه وآله وقبر
أبى بكر وعمر مسطحة ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم عن أحدهما وربع قبره ولان قبور المهاجرين والأنصار بالمدينة مسطحة وهو يدل على أنه السنة وانه أمر متعارف
وقال أبو حنيفة ومالك والثوري واحمد السنة التسنيم لان إبراهيم النخعي قال اخبرني من رأى قبر النبي صلى الله عليه وآله وصاحبيه مسنمة وهو مرسل فلا عبرة به مسألة
ثم يصب الماء عليه من أربع جوانبه مبتدئا بالرأس دورا فان فضل عن الماء شئ صبه على وسط القبر قال الصادق (ع) السنة في رش الماء على القبر ان تستقبل القبلة وتبدأ من
عند الرأس إلى عند الرجل يدور من القبر من الجانب الآخر ثم يرش على وسط القبر ويستحب ان يضع الحاضرون الأيدي عليه مترحمين قال الباقر (ع) إذا حثى عليه التراب وسوى قبره فضع
كفك على قبره عند رأسه وفرج أصابعك واغمز كفك عليه بعد ما ينضح بالماء وقال الباقر (ع) بعد ان وضع كفه على القبر اللهم جاف الأرض عن جنبيه واصعد إليك
روحه ولقه منك رضوانا واسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمته من سواك ثم مضى مسألة ثم يلقنه بعد انصراف الناس عنه وليه مستقبلا للقبر
والقبلة وهو التلقين الثالث ذهب إليه علماؤنا أجمع خلافا للجمهور لما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم عند رأس قبره
ثم ليقل يا فلان بن فلان فإنه يسمع ولا يجب ثم ليقل يا فلان بن فلان الثانية فيستوى قاعدا ثم ليقل يا فلان بن فلان فإنه يقول ارشدنا يرحمك الله ولكن لا تسمعون
فيقول أذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة ان لا إله إلا الله وحده وأن محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبينا وبالقرآن كتابا فان
منكرا ونكيرا يتأخر كل واحد منهما فيقول انطلق فما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ويكون الله حجته دونهما فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله فإن لم يعرف اسم امه قال فلينسبه إلى
حوا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ما على أهل الميت منكم ان يدرؤا عن ميتهم لقاء منكر ونكير قلت كيف يصنع قال إذا أفرد الميت فليتخلف عنده أولي الناس به فليضع
فمه عند رأسه ثم ينادى بأعلى صوته يا فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه شهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله وان عليا أمير المؤمنين وان ما جاء به محمد حق وان الموت والبعث حق وان الله يبعث من في القبور قال فيقول منكر ونكيرا انصرف بنا عن هذا فقد لقن
حجته قال الشيخ ويسمى الأئمة واحدا واحدا لأنه موضع الحاجة مسألة ينبغي تعليم القبر بحجر أو خشبته ليعرف أهله فيترحمون عليه لان النبي صلى الله عليه وآله لما مات عثمان بن
مظعون واخرج بجنازته فدفن أمر (ع) رجلا ان يأتيه بحجر فلم يستطيع حمله فقام رسول الله (ص) فحسر عن ذراعيه ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال اعلم بها قبر أخي وادفن إليه
من مات من أهله ومن طريق الخاصة رواية يونس بن يعقوب قال لما رجع الكاظم (ع) من بغداد ومضى إلى المدينة ماتت بنت له بفيد فدفنها وامر بعض مواليه ان
يجصص قبرها ويكتب على لوح اسمها ويجعله في القبر المطلب السادس في اللواحق مسألة الدفن في مقبرة
المسلمين أفضل من الدفن في البيوت
لأنه أقل ضررا على الاحياء من ورثته وأشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه ولم تزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى واختاره النبي صلى الله عليه وآله
وأصحابه وكان يدفنهم بالبقيع ودفن النبي صلى الله عليه وآله في بيته لأنه فعل أصحابه وفعله أولي من فعل غيره أو لأنه قيل قبض في أشرف البقاع فيدفن فيه أو لما يقال من أن الأنبياء
يدفنون حيث يموتون أو ليتميز عن غيرهم فروع - آ - يستحب ان يدفن في أشرف البقاع فإن كان بمكة ففي مقبرتها وكذا بالمدينة ومشاهد الأئمة (ع) وفى المقبرة
التي يكثر فيها الصالحون والشهداء لتناله بركتهم وكذا في البقاع الشريفة لان موسى (ع) لما حضرته الوفاة سال الله عزو جل ان يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية
بحجر قال النبي صلى الله عليه وآله لو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر - ب - لو جمع الأقارب في الدفن حسن لان النبي صلى الله عليه وآله لما دفن عثمان بن مظعون قال ادفن إليه من مات من أهله ولأنه أسهل لزيارتهم
وأكثر للترحم عليه وينبغي تقديم الأب ثم من يليه في السن والفضيلة إذا أمكن - ج - ينبغي دفن الشهيد حيث قتل لان النبي (ص) قال ادفنوا القتلى في مصارعهم - د - لو طلب
بعض الورثة الدفن في المسيلة والبعض في الملك دفن في المسيلة لأنه أقل ضررا فان تشاحا في الكفن قدم قول من يكفنه من ملكه لان فيه منة يتضرر بها الوارث - ه‍ -
لو اوصى بان يدفن في داره وكان من الثلث وقال احمد يدفن في المسيلة لئلا يضر بالورثة - و - قال الشيخ يستحب ان يكون للانسان مقبرة ملك يدفن أهله وأقاربه
55

- ز - لو تشاح اثنان في الدفن في المسيلة قدم اسبقهما لو تنازعا في مقاعد الأسواق ورحاب المساجد فان تساويا أقرع مسألة يكره نقل الميت من بلد موته
باجماع العلماء لقوله (ع) عجلوا بهم إلى مضاجعهم ويستحب نقله إلى أحد مشاهد الأئمة (على) لان عمل الامامية عليه من زمن الأئمة (على) إلى زماننا فكان اجماعا ولأنه موضع شريف
فينبغي قصده إما لو دفن في غيره لم يجز نقله وإن كان إلى المشاهد لاطلاق تحريم النبش وسوغه بعض علمائنا قال الشيخ سمعناه مذاكرة مسألة يحرم
نبش القبر بالاجماع لأنه مثلة وهتك لحرمة الميت الا في مواضع - آ - إذا أوقع في القبر ما له قيمة جاز نبشه لاخذه حفظا للمال عن الضياع وقيل إن المغيرة بن شعبة طرح خاتمة في
قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال خاتمي ففتح موضع منه فاخذ المغيرة خاتمة فان دفع أهل الميت القيمة إليه ففي وجوب اخذه وتحريم النبش اشكال ولا فرق بين أن تكون القيمة قليلة أو
كثيرة نعم يكره في القليلة - ب - لو دفن في ارض مغصوبة أو مشتركة بينه وبين غيره ولم يأذن الشريك فلمالكها قلعه لأنه عدوان فتجب ازالته ولو استعار للدفن جاز الرجوع
قبله ويحرم بعده لان نبش الميت محرم ولان الدفن مؤبد إلى أن يبلى الميت ثم تعود إلى مالكها وقال في المبسوط إذا دفن الميت ثم بيعت الأرض جاز للمشترى نقل الميت عنها
والأفضل ان يتركه لأنه لا دليل يمنع من ذلك فان قصد في الأرض المغصوبة صح والا منع - ج - لو كفن في ثياب مغصوبة ودفن نبش ان طلب مالكها عين ماله لأنها ملك
الغير فلا تنتقل عنه وقال الشافعي لا ينبش ويرجع إلى القيمة بخلاف غصب الأرض المتعذر تقديم المدفن وامكان تقويم الثوب - د - لو دفن ولم يغسل قال
الشيخ لا ينبش وبه قال أبو حنيفة وهو الوجه لأنه مثلة وقال الشافعي ينبش ويغسل ويصلى عليه إذا لم يخف فساده في نفسه وبه قال مالك واحمد وأبو ثور
لأنه واجب فلا يسقط بذلك وهو وجه عندي وكذا لو دفن إلى غير القبلة - ه‍ - لو دفن ولم يكفن فلوجه انه لا ينبش لان التكفين اغنى عنه الدفن إذا الستر قد حصل
ولو دفن قبل الصلاة فالوجه انه لا ينبش أيضا لاستدراكها بفعلها على القبر وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد في رواية وفى أخرى ينبش لأنه دفن قيل واجب
ونمنع العلية - و - كل موضع منعنا فيه من النبش فإنما هو مع بقاء الميت إما لو بلى وصار رميما فإنه يجوز نبشه لدفن غيره فيه أو لمصلحة المالك المعير ولو شك رجع إلى أهل الخبرة
ويختلف باختلاف الأهوية والترب فان نبش فوجد فيه عظما ما دفنها وحفر في غيره مسألة يكره أشياء - آ - دفن ميتين في قبر واحد إذا دفنا ابتداء
إما لو دفن أحدهما ثم أريد نبشه ودفن الاخر فيه قال في المبسوط يكره والوجه المنع لأنه صار حقا للأول فلم تجز من احتمه بالثاني نعم لو كان في أزج يتسع بجماعة جاز على كراهية
- ب - حمل ميتين على جنازة واحدة في موضع الحاجة وقلة الناس لان الصفار كتب إلى العسكري (ع) أيجوز ان يجعل الميتين على جنازة واحدة في موضع الحاجة و
قلة الناس وإن كان الميت رجلا وامرأة يحملان على سرير واحد ويصلى عليهما فوقع (ع) لا يحمل الرجل والمراة على سرير واحد - ج - يكره فرش القبر بالساج الا مع الحاجة
كنداوة الأرض لما فيه من اتلاف المال لغير غرض إما مع الضرورة فلثبوت الغرض ولما رواه محمد بن مسلم قال كتب علي بن بلال انه ربما مات عندنا الميت فتكون الأرض
نديه فيفرش القبر بالساج أو يطبق عليه فهل يجوز فكتب ذلك ممايز - د - يكره تجصيص القبر اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يجصص القبر ومن طريق الخاصة قول
الكاظم (ع) لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه. - ه‍ - يكره تطيينه بعد اندراسه ولا باس به ابتداء قال الشيخ لان الكاظم (ع) لما رجع إلى
المدينة ماتت انبته بفيد فدفنها وامر بعض مواليه ان يجصص قبرها لهذه الرواية ورخص فيه الشافعي والحسن البصري واحمد لان ابن عمر كان يتعاهد قبر عاصم
ابن عمر والكراهة أولي لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يزال الميت يسمع الاذان ما لم يطين قبره - و - يكره البناء على القبر اجماعا لما تقدم من رواية الكاظم (ع) ونهى
النبي صلى الله عليه وآله ان يجصص القبر وان يبنى عليه وان يقعد عليه وان يكتب عليه ولأنه من زينة الدنيا فلا حاجة للميت إليه - ز - يكره تجديد القبور لقول علي (ع) من جدد قبرا
أو مثل مثالا فقد خرج من الاسلام واختلف علماؤنا فقال محمد بن الحسن الصفار بالجيم إلى يجدد بناها أو تطيينها وحكى انه لم يكره رمها وقال البرقي من جدث بالجيم
والثاء أي يجعل القبر جدثا دفعة أخرى وقال سعيد بن عبد الله انها بالحاء وعنى التسنيم وقال المفيد انها بالخاء المعجمة وعنى شقها من خددت الأرض أي شققتها - ح -
يكره ان يجلس على القبر أو يتكى عليه أو يمشى عليه ذهب إليه علماؤنا وهو قول أكثر أهل العلم لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الجلوس على القبر وقال (ع)
لان أطأ على جمرة أو سيف أحب إلى من أن أطأ على قبر مسلم ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) ولا الجلوس ولان فيه نوع استهانة وقال مالك ان جلس للغايط كره و
الا فلا - ط - التغوط بين القبور لما فيه من تأذى المترحمين ولقول النبي صلى الله عليه وآله لا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق - ى - يكره المقام عندها لما
فيه من ترك الرضا بقضائه تعالى وللاشتغال عن المصالح الأخروية والدنيوية أو لعدم الاتعاظ - يا - يكره ان تتخذ مساجد لان النبي صلى الله عليه وآله قال لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم
مساجد ولمشابهة تعظيم الأصنام ومنع احمد من الاسراج عندها مسألة يجوز الدفن ليلا وهو قول عامة أهل العلم
لان ابن مسعود روى أن النبي صلى الله عليه وآله في غزاة
تبوك وهو في قبر ذي النجادين قال لأبي بكر وعمر ادنيا منى أخا كما حتى أسنده في لحده ثم قال لما فرغ من دفنه وقام على قبره مستقبل اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض
عنه وكان ذلك ليلا ودفن علي (ع) فاطمة (عه) وأبى بكر وعمر وعثمان وعايشة ليلا ولأنه أحد الزمانين فجاز الدفن فيه كالنهار وقال الحسن البصري انه مكروه و
هو رواية عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله زجر ان يقر الرجل بالليل الا ان يضطر انسان إلى ذلك وهو يعطى المرجوحية لان النهار أسهل على مشيعي الجنازة وأكثر للمصلين
وأمكن لاتباع السنة في دفنه والحاده مسألة إذا دفن جماعة في قبر فالأفضل تقديم الأفضل إلى القبلة ولو كان رجلا وصبيا فالرجل إلى القبلة لأفضلية
تلك الجهة وينبغي ان يجعل بين كل اثنين حاجزا ليكون كالمنفرد ولو خدد لهم أخدود وجعل رأس كل واحد عند رجل الاخر جاز وإن كان اللحد أفضل مسألة
لا يجوز ان يدفن في مقبرة المسلمين غيرهم وأطفالهم من مرتد وكافر وحربي وذمي باجماع العلماء لئلا يتأذى المسلمون بعذابهم ولو ماتت ذمية وهي حامل من
مسلم قال علماؤنا تدفن في مقبرة المسلمين لحرمة ولدها لان له حرمة أجنة المسلمين لأنه لو سقط لم تدفن الا في مقابرهم فلا تسقط حرمته في جوف أمة ولقول
الرضا (ع) يدفن معها وبه قال عمر بن الخطاب وقال الشافعي واحمد يدفن بين مقبرة المسلمين وأهل الذمة إذا عرفت هذا فإنه يستدبرها القبلة على جانبه الأيسر ليكون
وجه الجنين إلى القبلة إلى جانبه الأيمن وهو وفاق مسألة لو مات في سفينة في البحر ولم يقدر على الشط غسل وكفن وصلى عليه وثقل ليرسب في الماء أو جعل في خابية
وشد رأسها وألقى في البحر لان المقصود من دفنه ستره وهو يحصل بذلك وقال الصادق (ع) يغسل ويكفن ويصلى عليه ويثقل ويرمى في البحر وفى رواية عنه (ع) يوضع في خابية
ويوكأ رأسها ويطرح في الماء وقال الشافعي يجعل بين لوحين ويربطان عليه ويلقى في البحر ليلقيه البحر بالساحل فربما وقع إلى قوم فدفنوه خير من أن تأكله الحيتان قال
المزني قصد بذلك إذا كان حول البحر مسلمون فان كانوا مشركين فإنه يثقل حتى يصل إلى قرار الماء وقال عطا واحمد يثقل ويطرح في البحر بكل حال وعن أحمد انه يتربص به توقعا
للمكنة في دفنه مسألة لو مات في بئر فان أمكن اخراجه وجب تحصيلا للتغسيل وغيره ولو تعذر الا بالتمثيل به لم يجز وطمت وكانت قبره لقول الكاظم (ع) وتجعل قبرا ولو
56

اضطر أهل البئر إلى استعمالها وخافوا التلف جاز اخراجه بالكلاليب وان تقطع إذا لم يمكن الا بذلك وكذا لو كان طمها يضر بالمارة سواء اقضي إلى المثلة أولا
لما فيه من الجمع بين الحقوق من نفع المارة وغسل الميت وحفظه من المثلة ببقائه لأنه ربما تقطع ونتن مسألة ويدفن الشهيد بثيابه أصابها الدم أو لا
وعليه اجماع العلماء لان النبي (ص) قال ادفنوهم بثيابهم وفى السروال عندنا قولان أقويهما وجوب دفنه لأنه من الثياب ولا يجب تكفينه الا ان يجرد من ثيابه ولو لم يجرد وجب
دفنه عند علمائنا أجمع ولا يجوز نزع شئ من ثيابه عنه وبه قال أبو حنيفة للخبر وخير الشافعي واحمد بين نزع ثيابه فيكفن وبين دفنه بها لان صفية أرسلت إلى النبي (ص) بثوبين
ليكفن فيهما حمزة فكفنه في أحدهما وكفن في الاخر رجلا آخر فدل على أن الخيار للولي ويحمل على أنه زاده على ثيابه ونحن نجوزه ونمنع النزع ويؤيده قول الباقر (ع) دفن النبي صلى الله عليه وآله حمزة في ثيابه
التي أصيب فيها وزاده بردا فقصر عن رجليه فدعا بأذخر فطرحه عليه وصلى عليه سبعين تكبيرة أو انه قد جرده المشركون فكفن لذلك لقول الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله
كفن حمزة لأنه كان جرد مسألة ولا يدفن معه الفرو والقلنسوة قاله المفيد وقال في المبسوط يدفن معه جميع ما عليه الا الخفين وفى الخلاف تنزع عنه الجلود والأقرب
نزع الجلود والحديد عنه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله أمر في قتلى أحد بان ينزع عنهم الجلود والحديد وان يدفنوا بدمائهم وثيابهم وقال مالك
لا ينزع منه فرو ولا خف ولا محشو لعموم قوله (ع) ادفنوهم بثيابهم وهو ممنوع فان العرف (الغرض) ظاهر في اطلاق الثوب على المنسوج تذنيب الخف لا يدفن معه ولا الفرو فان أصابهما الدم
دفنا معه عند بعض علمائنا وبه رواية ضعيفة السند ومنع منه آخرون مسألة إذا مات ولد الحامل أدخلت القابلة أو من يقوم مقامها أو الزوج أو غيره عند التعذر
يده في فرجها وقطع الصبى وأخرجه قطعة قطعة لان حفظ حياة الام أولي من حفظ بينة الولد الميت ولقول الصادق (ع) قال أمير المؤمنين (ع) في المراة يموت في بطنها الولد فيتخوف
عليها قال لا باس ان يدخل الرجل يده فيقطعه ويخرجه إذا لم يتفق له النساء ولو ماتت الام دونه قال علماؤنا يشق بطنها من الجانب الأيسر واخرج الولد وخيط الموضع وبه قال الشافعي
لأنه اتلاف جزء من الميت لابقاء حي فجاز كما لو خرج بعضه حيا ولم يمكن خروج باقيه الا بشق ولقول الكاظم (ع) يشق عن الولد والخياطة لحرمة الميتة وبه رواية موقوفة عن ابن أذينة و
قال احمد يدخل القوابل أيديهن في فرجها فيخرجن الولد من مخرجه ولا يشق بطنها مسلمة كانت أو ذمية ولو لم توجد نساء تركت امه حتى يتيقن موته ثم يدفن ونحوه قال مالك
واسحق لأنه لا يعيش عادة فلا تهتك حرمة الميتة لأجله وهو ضعيف لاشتماله على اتلاف الحي فروع - آ - لو شك في حياته فالأولى الصبر حتى يتيقن الحياة أو الموت ويرجع
في ذلك إلى قول العارف - ب - لو بلع الحي جوهرة أو مالا لغيره ومات قال الشيخ في الخلاف ليس لنا نص فيه والأولى انه لا يشق جوفه لقوله (ع) حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا ولا
يشق جوف الحي فكذا الميت وقال الشافعي يشق ويرد إلى صاحبه لما فيه من دفع الضرر عن المالك برد ماله إليه وعن الميت بابراء ذمته وعن الورثة بحفظ التركة لهم و
هو الوجه عندي ولأحمد وجهان - ج - لو كان المال له لم يشق عند الشيخ وهو أحد وجهي الشافعي لأنه ماله استهلكه في حياته فلم يثبت للورثة فيه حق والاخر يشق لأنها صارت ملكهم
بموته فهي كالمغصوبة - د - لو اذن المالك له في الابتلاع صار كماله - ه‍ - تؤخذ قيمة ذلك من تركة الميت عند الشيخ لأنه حال بينه وبين صاحبه ولو لم يأخذ عوضا له أو لم
يترك الميت مالا وتطاولت المدة ويلي الميت جاز نبشه واخراج ذلك المال لعدم التمثيل حينئذ فينتفى المانع من حفظ المال وكذا لو كان له فالأقرب جواز ذلك للوارث
- و - لو كان في اذن الميت حلقة أو في يده خاتم اخذ فإن كان يصعب توصل إلى اخراجه ببرده أو كسره للنهي عن تضييع المال - ز - لو اخذ السيل الميت أو اكله سبع
كان الكفن ملكا للورثة لأنه مال متروك فيرثه الوارث فإن كان قد تطوع به غيره عاد إليه ان شاء وان تركه للورثة كان عطية مستأنفة لان التطوع مشروطه ببقائه
كفنا فيزول بزوال شرطه مسألة إذا خرج من الميت نجاسة بعد التكفين لاقت كفنه غسلت ما لم يطرح في القبر فان طرح قرضت قاله ابن بابويه في الرسالة وأوجب الشيخ
القرض وأطلق لقول الصادق (ع) إذا خرج من منخر الميت الدم أو الشئ بعد الغسل فأصاب العمامة أو الكفن قرض بالمقراض وتفضيل ابن بابويه جيد لان في القرض اتلاف مال
لغير غرض وعدم تحسين الكفن لغير حاجة فيقتصر على محل الوفاق وهو القرض بعد الوضع (الطرح) مسألة قال الشيخ إذا انزل الميت القبر استحب ان يغطى القبر بثوب وبه قال الشافعي
سواء كان الميت رجلا أو امرأة لان النبي صلى الله عليه وآله لما دفن سعد بن معاذ ستر قبره بثوب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد مد على قبر سعد بن معاذ ثوب والنبي صلى الله عليه وآله شاهد فلم
ينكر ذلك ولأنه يحتاج إلى حل عقد كفنه وتسوية فربما حصل ما ينبغي ستره وقال المفيد في احكام النساء وابن الجنيد لا يغطى قبر الرجل ويغطى قبر المراة به وقال احمد لان
عليا (عليه السلام) مر بقوم دفنوا ميتا وبسطوا على قبره الثوب فجذبه وقال انما يصنع هذا بالنساء وهو حكاية حال وقيل يكره ستر قبر الرجل قال احمد نعم ومنعه أصحاب الرأي وأبو
ثور مسألة لا يمنع أهل الميت من رويته وتقبيله بعد تكفينه لان جابرا لما قتل ابن أبي
جعل يكشف الثوب عن وجهه ويبكى والنبي صلى الله عليه وآله لا ينهاه وقالت عايشة رأيت رسول
الله (ص) يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت حتى رأيت الدموع تسيل ومن طريق الخاصة ما روى عن الصادق (ع) انه كشف عن وجه إسماعيل بعد ان كفن فقبل جبهته
مسألة المقتول الذي يجب تغسيله يجب ان يغسل الدم عنه ويبدأ بيديه ودبره وتربط جراحاته بالقطن والخيوط وإذا وضع عليه القطن عصبه وكذا
موضع الرأس والرقبة ويجعل لهن من القطن شيئا كثيرا ويذر عليه الحنوط وان استطاع ان يعصبه فعل وإن كان الرأس قد بان من الجسد غسل الرأس إذا غسل
اليدين وسفله ثم الجسد ويوضع القطن فوق الرقبة ويضم إليه الرأس ويجعل في الكفن وإذا دفن تناول الرأس والجسد وادخله اللحد ووجهه القبلة روى ذلك
العلا بن سيابة عن الصادق (عليه السلام) مسألة إذا اجتمع أموات بدء بمن يخشى فساده فإن لم يكن قال في المبسوط الأولى تقديم الأب ثم الابن وابن الابن ثم الجد ولو كان اخوان
في درجة قدم الأكبر فان تساويا أقرع وتقدم أسن الزوجتين ويقرع لو تساويا ويجوز ان يجيزه الولي في التقديم مسألة يستحب للمصاب الاستعانة بالله
والصبر واستجاز ما وعده الله تعالى في قوله وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم
المهتدون وقال الباقر (ع) مامن مؤمن يصاب بمصيبته في الدنيا فيسترجع عند مصيبته ويصبر حتى تفجأه المصيبة الا غفر الله له ما مضى من ذنوبه الا الكباير التي
أوجب الله عز وجل عليها النار وكلما ذكر مصيبته فيما يستقبل من عمره فاسترجع عندها وحمد الله عز وجل غفر الله له كل ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأول
إلى الاسترجاع الأخير الا الكباير من الذنوب وليستحفظ من التكلم بشئ يحبط اجره ويسخط ربه مما يشبه التظلم والاستغاثة لان الله عدل لا يجوز ولا يدعو على نفسه
لنهى النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك وقال (ع) لفاطمة (عه) حين قتل جعفر بن أبي طالب لا تدعين بذل ولا ثكل ولا حرب وما قلت فيه فقد صدقت ويحتسب ثواب الله ويحمده لقول
رسول الله إذا قبض ولد المؤمن والله أعلم بما قال العبد فيسأل الملائكة قبضتم ولد فلان المؤمن فيقولون نعم ربنا فيقول فما ذا قال عبدي فيقولون حمدك ربنا واسترجع
فيقول عز وجل ابنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد مسألة والبكاء جايز اجماعا وليس بمكروه لا قبل خروج الروح ولا بعدها عندنا وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله
قبل عثمان بن مظعون وهو ميت ورفع رأسه وعيناه تهراقان ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله حين جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة
57

كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جدا ويقول كانا يحدثاني ويؤنساني فذهبا جميعا وقال الشافعي انه مباح إلى أن تخرج الروح فإذا خرجت كره لان النبي صلى الله عليه وآله
جاء إلى عبد الله بن ثابت يعوده فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وآله وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين فجعل ابن
عتيك يسكتهن فقال له النبي صلى الله عليه وآله دعهن فإذ أوجب فلا تبكين باكية يعنى إذا مات وهو محمول على رفع الصوت لان النبي صلى الله عليه وآله اخذ ابنه فوضعه إلى حجره فبكى فقال
عبد الرحمن بن عوف أتبكي أولم تكن نهيت عن البكاء فقال لا ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند مصيبة وخمش وجوه وشق جيوب وزمة الشيطان
وهو يدل على أن النهى ليس عن مطلق البكاء بل موصوفا بهذه الصفات فروع - آ - نقل عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه وحمله
قوم على ظاهره لان النبي صلى الله عليه وآله قال ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول وا جيلاه وا سيداه وغير ذلك الا وكل الله به ملكين يلهزانه أهكذا كنت وأنكر ابن عباس
وعايشة ذلك وقالت عايشة والله ما قال النبي صلى الله عليه وآله قال إن الله ليزيد على الكافر عذابا ببكاء أهله عليه وحسبكم القران ولا تزر وازرة
وزر أخرى وقال ما كان النوح سنة ولم ينه أهله عنه لقوله تعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارا وأحسن ما بلغنا فيه أن الجاهلية كانوا ينوحون ويعدون أفعالهم
التي هي قتل النفس والغارة على الأموال فأراد انهم يعذبون بما كانوا يبكون به عليهم ولا بد من حمل هذا الحديث على البكاء الذي ليس بمشروع كالذي معه اللطم
والخدوش والقول السئ لما بينا من جوازه وقال الصادق (ع) ان إبراهيم خليل الرحمن سال ربه أن يرزقه ابنة تبكية بعد موته - ب - لا بأس بالنوح والندب بتعداد فضائله
واعتماد الصدق وهو قول احمد لان فاطمة (ع) كانت تنوح على النبي صلى الله عليه وآله كقولها يا أبتاه من ربه ما أدناه يا أبتاه إلى جبرئيل انعاه يا أبتاه أجاب ربا دعاه وجماعة
من أصحاب الحديث من الجمهور حرموه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنه ويحمل على اقترانه بكذب والدعاء بالويل والثبور فقد روى أن أهل الميت إذا دعوا بالويل والثبور وقف
ملك الموت في عتبة الباب وقال إن كان صيحتكم على فانى مأمور وإن كان على ميتكم فإنه مقبور وإن كان على ربكم فالويل لكم والثبور وان لي فيكم عودات ثم عودات ولما انصرف
النبي صلى الله عليه وآله من وقعة أحد إلى المدينة سمع من كل دار قتل من أهلها قتيل نوحا وبكاء ولم يسمع من دار عمه حمزة فقال (ع) لكن حمزة لا بواكي له فإلى أهل المدينة
ان لا ينوحوا على ميت ولا يبكوه حتى يبدءوا بحمزة فينوحوا عليه ويبكوه فهم إلى اليوم على ذلك - ج - يجوز الوقف على النايحة لأنه فعل سايغ فلا مانع من
الوقف عليه وقال الصادق (ع) قال لي الباقر (ع) أوقف لي من مالي كذا وكذا النوادب يندبنني عشر سنين بمنى أيام منى وقصد (ع) بذلك عدم انقطاع ذكره والتسليم
عليه - د - كره الشافعي المأتم وهو الاجتماع لما فيه من تجديد الحزن وكذلك قال يكره المبيت في المقبرة لما فيه من الوحشة - ه‍ - يجوز شق الثوب في موت الأب والأخ لان
الهادي (ع) لما قبض شق العسكري قميصه من خلف وقدام - و - كلما يفعل من القرب ويجعل ثوابه للميت فإنه يصله نفعه إما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء
الواجبات التي تدخلها النيابة فاجماع قال الله تعالى يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا واستغفر لذنبك وللمؤمنين وقال رجل للنبي صلى الله عليه وآله ان أمي ماتت أفينفعها ان
تصدقت عنها قال نعم وقال الصادق (ع) يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء ويكتب اجره للذي يفعله وللميت واما ما عداها
فإنه عندنا كذلك وبه قال احمد لان النبي (ص) قال من دخل المقابر فقراء سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له
بعدد من فيها حسنات وقال لعمرو بن العاص لو كان
أبوك مسلما فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق (عليه السلام) من عمل من المسلمين عن ميت عملا صالحا أضعف له اجره ونفع الله
به الميت ولأنه عمل بر وطاعة فوصل نفعه وثوابه إليه كالواجبات وقال الشافعي ما عدا الواجبات والصدقة والدعاء والاستغفار لا يفعل عن الميت ولا يصل ثوابه إليه
لقوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى وقوله (ع) إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له والآية مخصوصة
بما وافقنا عليه والمختلف في معناه فيحمل عليه ولا حجة في الخبر لدلالته على انقطاع عمله وهذا ليس من عمله ومخصوص بمحل الوفاق فيحمل عليه محل الخلاف للمشاركة في المعنى
مسألة يستحب تعزية أهل الميت باجماع العلماء لقوله (ع) من عزى مصابا فله مثل اجره ومن طريق قول رسول الله صلى الله عليه وآله من عزى حزينا كسى في الموقف حلة يجبر بها
وقال (ع) التعزية تورث الجنة والمراد منها تسلية أهل المصيبة وقضاء حقوقهم والتقرب إليهم واطفاء نار الحزن عنهم وتسليتهم بمن سبق من الأنبياء والأئمة (على)
وتذكيرهم الثواب على الصبر واللحاق بالميت فروع - آ - لا خلاف في استحباب التعزية قبل الدفن واما بعده فهو قول أكثر العلماء لقوله (ع) ما من مؤمن يعزى أخاه بمصيبة
الا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيمة وهو عام قبل الدفن وبعده ومن طريق الخاصة قول هشام بن الحكم رأيت الكاظم (ع) يعزى قبل الدفن وبعده وعزى الصادق (عليه السلام) رجلا
بابن له فقال الله خير لابنك منك وثواب الله خير لك منه فبلغه جزعه بعد ذلك فعاد إليه فقال له قد مات رسول الله صلى الله عليه وآله فمالك به أسوة فقال إنه كان مرهقا
فقال إن امامه ثلاث خصال شهادة ان لا إله إلا الله ورحمة الله وشفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ولن يفوته واحدة منهن انشاء الله ولان القصد التسلية والحزن يحصل
بعد الدفن كما حصل قبله وقال الثوري لا تستحب التعزية بعد الدفن لأنه خاتمة امره ولقول الصادق (عليه السلام) ليس التعزية الا عند القبر ثم ينصرفون وهو غير مناف لبقاء الحزن
عند الاحياء بعد خاتمة أمر الميت وقول الصادق (ع) يشمل قبل وبعد - ب - قال الشيخ التعزية بعد الدفن أفضل وهو جيد لقوله (ع) التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن ولاشتغالهم
بميتهم ولأنه بعد الدفن يكثر الجزع حيث هو وقت المفارقة لشخصه والانقلاب عنه - ج - قال الشيخ يجوز أن يتميز صاحب المصيبة عن غيره بارسال طرف العمامة أو اخذ
مئزر فوقها على الأب والأخ فاما غيرهما فلا يجوز على حال والوجه عندي استحباب الامتياز في الأب والأخ وغيرهما لان رسول الله وضع رداءه في جنازة سعد بن معاذ
وقال رأيت الملائكة قد وضعت (أرديتها) أجنحتها فوضعت ردائي ولما مات إسماعيل تقدم الصادق (ع) السرير بغير رداء ولا حذاء وقال (ع) ينبغي لصاحب المصيبة أن يضع رداءه حتى يعلم
الناس انه صاحب المصيبة - د - قد منع وضع الرداء في مصيبة غيره - ه‍ - يستحب تعزية جميع أهل المصيبة كبارهم وصغارهم لئلا يتشبه بصاحبها وقال (ع) ملعون ملعون من
وضع رداءه في مصيبة غيره يستحب تعزية جميع أهل المصيبة كبارهم وصغارهم ويختص من ضعف منهم عن تحمل المصيبة لحاجة إليها ولا فرق بين الرجل والمراة لقوله (ع) من عزى ثكلى كسى بردا في الجنة نعم يكره تعزية
الرجل المراة الشابة الأجنبية حذرا الفتنة - و - الأقرب جواز تعزية أهل الذمة وبه قال الشافعي واحمد في رواية لأنه كالعبادة وقد عاد النبي صلى الله عليه وآله غلاما من اليهود مرض فقعد
عند رأسه فقال له أسلم فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه فقال اطع أبا القاسم فأسلم فقام النبي صلى الله عليه وآله وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه من النار وفى أخرى المنع لقوله (ع) لابتدأوهم
بالسلام وهذا في معناه - ز - يقول في تعزية الكافر اخلف الله عليك ولا نقص عددك ويقصد كثرة العدد لزيادة الجزية وفى تعزية المسلم بالكافر أعظم الله اجرك واخلف عليك وفى تعزية الكافر بالمسلم أعظم الله اجرك
أحسن عزاءك وغفر لميتك - ح - ليس في التعزية شئ موظف واستحب بعض الجمهور ما رواه الصادق (ع) عن الباقر (ع) عن زين العابدين (ع) قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وجاءت التعزية
سمعوا قايلا يقول إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فان المصاب من حرم الثواب وعزى الصادق (ع)
58

قوما قد أصيبوا بمصيبة فقال جبر الله وهنكم وأحسن عزاكم ورحم متوفاكم ثم انصرف - ط - يكفي في التعزية أن يراه صاحب المصيبة قال الصادق (ع) كفاك من التعزية أن يراك
صاحب المصيبة - ى - قال في المبسوط يكره الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة اجماعا وانكره ابن إدريس لأنه تزاور فيستحب - يا - الأقرب أنه لاحد للتعزية لعدم التوقيت وهو
أحد وجهي الشافعي وفى الاخر حدها ثلاثة أيام الا ان يكون المعزى أو المعزى غائبا مسألة يستحب اصلاح طعام لأهل الميت يبعث به إليهم اجماعا اعانة لهم وجبرا
لقلوبهم فإنهم ربما اشتغلوا بمصابهم وبالواردين عليهم عن اصلاح طعام لأنفسهم ولما جاء نعى جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وآله اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد
اتاهم أمر شغلهم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لما قتل جعفر بن أبي طالب أمر رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة (عه) أن تأتى أسماء بنت عميس ونسائها وأن تصنع لهم طعاما ثلاثة
أيام فجرت بذلك السنة وكره احمد أن يصنع أهل البيت طعاما للناس لأنه فعل الجاهلية ولقول الصادق (ع) الاكل عند أهل المصيبة من عمل أهل الجاهلية والسنة
البعث إليهم بالطعام مسألة يستحب للرجال زيارة مقابر المسلمين المؤمنين اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله قال كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فإنها تذكركم الموت ومن طريق
الخاصة قول الرضا (ع) من اتى قبر أخيه المؤمن من أي ناحية يضع يده وقرأ انا أنزلناه سبع مرات امن الفزع الأكبر ووقف الباقر (ع) على قبر رجل من الشيعة ثم قال
اللهم ارحم غربته وصل وحدته وأنس وحشته واسكن إليه من رحمتك رحمة يستغنى بها عن رحمة من سواك والحقه بمن كان يتولاه ثم قراء انا أنزلناه سبع مرات وسئل
جراح الصادق (ع) كيف التسليم على أهل القبور قال يقول السلام على أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين رحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين وانا
انشاء الله بكم لاحقون فروع - آ - لا يكره للنساء ذلك لان الصادق (ع) قال إن فاطمة (عه) كانت تأتى قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة وتترحم عليه وتستغفر
له - ب - لا يستحب خلع النعال لانتفاء الكراهة بالأصل ولان الحسن وابن سيرين كانا يمشيان بين القبور وفى نعالهما وكرهه أحمد لأمر النبي صلى الله عليه وآله بالقائهما ويحمل على من فعل ذلك
للخيلاء - ج - لو احتيج إلى النعلين لم يكره المشي فيهما اجماعا - د - نزع الخفين ليس بمستحب اجماعا لان في نزعهما مشقة وهل يتعدى إلى الشمشك اشكال الفصل السادس
في غسل مس الأموات مسألة الميت نجس وإن كان آدميا عند علمائنا أجمع ويطهر بالغسل وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد الوجهين لقوله تعالى حرمت
عليكم الميتة وتحريم الأعيان يستلزم تحريم الانتفاع من جميع الوجوه ولأنه حيوان لا يحل اكله ذو نفس سائله فينجس بالموت كساير الحيوانات ولأنه لو بان منه عضو
كان نجسا وروى أن زنجيا مات في زمزم فامر عبد الله بن عباس أن ينزح جميع مائها وكان في خلافة ابن
الزبير ولم ينكر ذلك أحد ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
وقد سئل عن رجل يصيب ثوبه جسد الميت يغسل ما أصاب الثوب وللشافعي قول انه لا ينجس الآدمي لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تنجسوا موتاكم فان المؤمن ليس بنجس حيا ولا
ميتا ولأنه يطهر بالغسل فلا يكون نجس العين والحديث محمول على أنه ليس ينجس بنجاسة لا تقبل التطهير ونمنع الملازمة فان النجاسات المعينة تختلف فالكافر يطهر أبا
لاسلام والخمر يطهره الانقلاب فروع - آ - نجاسة الميت نجاسة عينية لأنها لا تتعدى إلى ما يلاقيها على ما تضمنه حديث الصادق (ع) وتطهر بالغسل باجماع علماء
الاسلام - ب - لو وقع الثوب على الميت بعد غسل لم يجب غسله لطهارته حينئذ ولقول الصادق (ع) إن كان الميت غسل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه فإن كان لم يغسل
فاغسل ما أصاب ثوبك منه - ج - لو وقعت يد الميت بعد برده وقبل غسله في مايع نجس ذلك المايع فان وقع ذلك المايع في آخر نجس الاخر خلافا لابن إدريس فإنه
قال الثاني لم يلاق الميت وحمله على ملاقاة قياس ولان لمغسل الميت دخول المسجد واستيطانه ولان المستعمل في الكبرى طاهر وليس بجيد إذ لا قياس هنا بل لان
ملاقي يد الميت نجس والمايع إذا لاقاه تأثر به ونمنع جواز الاستيطان وطهارة المستعمل في الكبرى مع حصول نجاسة في المحل ولا مس الميت بيده تنجس يده نجاسة
عينية فان اغتسل قبل غسل يده نجس الماء بملاقاة يده التي لاقي بها الميت ولو غسل يده ثم اغتسل لم ينجس الماء لان اغتساله هنا طهارة حكمية وانما الاشكال
لو لاقاه يابسين أو لاقي ميتا من غير الناس - د - الميت انما يطهر بالغسل إذا وقع على الوجه المشروع إما لو رماه في ماء كثير ولم يكتف بالقراح لم يطهر وكذا لا يطهر
غير الآدمي بالغسل إما الكافر فالأقرب الحاقه بغير الآدمي في عدم الطهارة بالغسل للنهي عن تغسيله والنهى في العبادة يقتضى الفساد مسألة
يجب الغسل على من غسل ميتا عند أكثر علمائنا وهو القول القديم للشافعي وهو منقول عن علي (ع) وأبي هريرة لان النبي صلى الله عليه وآله قال من غسل ميتا فليغتسل ومن
مسه فليتوضأ ولما مات أبو طالب أمر رسول الله صلى الله عليه وآله عليا (ع) بغسله فلما غسله ودفنه رجع إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال اذهب واغتسل ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من غسل ميتا
فليغتسل وحكى عن أبي حنيفة والمزني انه ليس بمشروع وقال السيد المرتضى وابن عمر وابن عباس وعايشة والفقهاء ومالك وأصحاب الرأي واحمد واسحق والشافعي في القول الثاني انه مستحب
للأصل والاحتياط يعارضه مسألة لو مس ميتا من الناس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل وجب عليه الغسل عند أكثر علمائنا خلافا للسيد
المرتضى والجمهور وكافة لما تقدم ولقول الصادق (ع) وقد سئل قلت فان مسه قال فليغتسل وقال المرتضى انه مستحب للأصل وقال احمد يجب الوضوء لقوله (ع) من غسل
ميتا فليغتسل ومن مسه فليتوضأ فروع - آ - يجب الوضوء أيضا بالمس عملا بعموم قوله تعالى فاغسلوا ولقولهم (على) كل غسل لا بد معه من الوضوء الا الجنابة فلو اغتسل
ولم يتوضأ وصلى بطلت - ب - لو مسه قبل برده لم يجب عليه غسل لقول الصادق (ع) قال إذا مسه وهو سخن فلا غسل عليه فإذا برد فعليه الغسل والأقرب وجوب غسل
يده لأنه لاقي نجاسة إذا الميت نجس عندنا - ج - لو مس ميتا من غير الناس وجب عليه غسل ما مسه به وحكم الثوب حكم البدن والأقوى عندي هنا اشتراط الرطوبة - د -
لو كمل غسل الرأس فمسه قبل اكمال الغسل لم يجب الغسل - ه‍ - لا فرق بين كون الميت مسلما أو كافرا لامتناع التطهير في حقه ولا يمنع ذلك صدق القبلية مسألة
ويجب الغسل بمس قطعة فيها عظم أبينت من ادمى حي أو ميت خلافا للجمهور لأنه ميت وقال الصادق (ع) إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة فإذا مسه انسان فكلما فيه
عظم فقد وجب على من يمسه الغسل فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه ولو كانت القطعة خالية من عظم أو كانت من غير الناس وجب غسل اليد خاصة ولا يجب الغسل والأقرب
عدم وجوب الغسل بمس نفس العظم مسألة كيفية هذا الغسل مثل كيفية غسل الحيض بمعنى افتقاره إلى الوضوء إما قبله أو بعده للصلاة أو غيرها مما يشترط فيه
الطهارة لا وجوبا في نفسه لقول الصادق (ع) كل غسل لا بد فيه من الوضوء الا غسل الجنابة خلافا للمرتضى لقوله (ع) وأي وضوء أكبر من الغسل والأحوط ما قلناه
تذنيب لو اغتسل ثم أحدث حدثا أصغر توضأ وضوءا واحدا ولا يعيد الغسل ولو قدم الوضوء اعاده واغتسل ولو أحدث في أثناء الغسل أتمه وتوضأ
سواء تقدم الغسل أو تأخر الفصل السابع في الأغسال المسنونة وهي على الأشهر ثمانية وعشرون غسلا ستة عشر للوقت وسبعة للفعل وخمسة
للمكان مسألة ذهب أكثر علمائنا إلى أن غسل الجمعة مستحب ليس بواجب وهو قول جمهور أهل العلم لان النبي صلى الله عليه وآله قال من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن
اغتسل فالغسل أفضل وقوله (ع) فبها معناه بالفريضة اخذ وقوله ونعمت يعنى الخلة الفريضة ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة قال سالت الصادق (ع) عن غسل يوم
59

الجمعة قال سنة في الحضر والسفر الا أن يخاف المسافر على نفسه القر (الضرر) وقال الصدوق انه واجب وبه قال الحسن البصري وداود ومالك وأهل الظاهر لان النبي صلى الله عليه وآله
قال غسل الجمعة واجب على كل محتلم وقال الرضا (ع) وقد سئل عن غسل الجمعة واجب على كل ذكر وأنثى من حر وعبد وهو محمول على شدة الاستحباب عملا بالجمع بين
الأحاديث وباصالة البراءة. فروع - ا - استحباب غسل الجمعة مؤكد للرجال والنساء سفرا وحضرا وغسل مس الميت آكد إما ان قلنا بوجوبه على ما اخترناه فظاهر
وان قلنا إنه سنة فكذلك لان سببه وجد منه فهو بغسل الجنابة أشبه ولان الخلاف في وجوبه أكثر من خلاف غسل الجمعة وهو أحد قولي الشافعي والثاني غسل الجمعة
لورود الاخبار بوجوبه والفايدة تظهر فيما لو اجتمع اثنان على ماء مباح أحدهما من أهل الجمعة والاخر ليس من أهلها وقد مس ميتا - ب - وهو مستحب لاقي الجمعة
وغيره كالنساء والعبيد والمسافرين عند علمائنا وبه قال أبو ثور وللشافعي في أحد القولين لقوله (ع) غسل الجمعة واجب على كل محتلم ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع)
انه واجب على كل ذكر وأنثى من حر وعبد والثاني للشافعي يستحب لاقي الجمعة خاصة لقوله (ع) من جاء إلى الجمعة فليغتسل وهو يدل من حيث المفهوم فلا يعارض المنطوق
- ج - لو حضرت المراة المسجد استحب لها إما عندنا فظاهر واما عند الشافعي فللخبر وقال احمد لا يستحب لأنها غير مخاطبة بالجمعة وينتقض بالعبد - د - وقته من طلوع
الفجر الثاني إلى الزوال وكلما قرب من الزوال كان أفضل قال علماؤنا وبه قال الشافعي لان النبي (ص) قال من اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن طريق الخاصة
قول أحدهما (على) إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك للجنابة والجمعة ولان القصد التنظيف للصلاة وإزالة الرايحة الكريهة من البدن للاجتماع فيستحب عنده
وليس شرطا وقال مالك لا يعتد بالغسل الا ان يتصل به الرواح لقوله (ع) من جاء إلى الجمعة فليغتسل وليس فيه دلالة - ه‍ - لا يجوز ايقاعه قبل الفجر اختيارا فان قدمه
لم يجزئه الا إذا يئس من الماء وبه قال الشافعي للاجماع ولان النبي صلى الله عليه وآله أضاف الغسل إلى اليوم وقال الأوزاعي يجوز قبل الفجر لأنه يوم عيد فجاز قبل الفجر كالعيدين ونمنع حكم الأصل والفرق ان وقت العيد
طلوع الشمس فيضيق على الناس وقت الغسل من الفجر فيجوز قبله بخلاف الجمعة لأنها بعد الزوال - و - لو فاته الغسل أول النهار قضاه بعد الزوال لأنها عبادة موقتة
فاستحب قضاؤها كالنوافل المرتبة ولقول الصادق (ع) في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة أول النهار قال يقضيه من اخر النهار - ز - لو فاته يوم الجمعة أول النهار واخره
استحب قضاؤه يوم السبت لقول الصادق (ع) فإن لم يجد فليقضيه يوم السبت - ح - لو وجد الماء يوم الخميس وخاف عدمه يوم الجمعة أو عدم التمكن من استعماله جاز ان
يقدمه يوم الخميس تحصيلا للتنظيف المأمور به ولقول الكاظم (ع) بالبادية وهو يريد بغداد لام الحسين ولده وأم احمد ولده يوم الخميس اغتسلا اليوم لغد فان الماء غدا
قليل - ط - لو اغتسل يوم الخميس لعذر ثم زال قبل الزوال استحب اعادته لسقوط حكم البدل مع امكان المبدل مسألة ويستحب في شهر رمضان ستة أغسال غسل
أول ليلة منه وليلة النصف وليلة سبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين وثلاث وعشرين لاختصاصهما بالشرف ولقول الصادق (ع) غسل أول ليلة من شهر رمضان مستحب
وعن أحدهما (على) الغسل في سبعة عشر موطنا ليلة سبع عشرة وهي ليلة التقى الجمعان وتسع عشرة وفيها يكتب وفد السنة وليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي أصيب فيها أوصياء
الأنبياء وفيها رفع عيسى بن مريم وفيها قبض موسى (ع) وثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر مسألة ويستحب الغسل يوم العيدين ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال
الجمهور لقول الصادق (ع) اغتسل يوم الأضحى ويوم الفطر والامر للاستحباب هنا عملا بالأصل ولقول الكاظم (ع) الغسل في الجمعة والفطر والأضحى سنة وليس
بفريضة وعن أهل الظاهر الوجوب وهو منفى بالأصل وبما تقدم مسألة ويستحب الغسل الليلة الفطر وليلة نصف رجب ويوم المبعث وليلة نصف شعبان
ويوم الغدير ويم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة لشرف هذه الأوقات روى الحسن بن راشد قال إذا غربت الشمس ليلة العيد فاغتسل وقال الصادق (ع)
صوموا شعبان واغتسلوا ليلة النصف منه وقال من صلى فيه ركعتين يعنى يوم الغدير يغتسل عند زوال الشمس من قبل ان تزول بنصف ساعة وساق الحديث
وقال (ع) غسل يوم المباهلة واجب ويريد تأكيد الاستحباب مسألة ويستحب غسل الاحرام عند أكثر علمائنا لقول أحدهما (على) الغسل إذا دخلت الحرم
ويوم تحرم وعن الصادق (ع) غسل الميت وغسل الجنب والجمعة والعيدين ويوم عرفة والاحرام وقال بعض علمائنا بالوجوب لقول الصادق (ع) الغسل في سبعة عشر
موطنا الفرض ثلاثة غسل الجنابة ومن غسل ميتا والغسل للاحرام والرواية مرسلة والأصل عدم الوجوب مسألة يستحب الغسل لدخول الحرم والمسجد الحرام
والكعبة والمدينة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله وزيارة الأئمة (على) لشرف هذه الأمكنة لقول أحدهما (ع) الغسل إذا دخلت الحرم ويوم تحرم ويوم الزيارة ويوم تدخل
البيت ويوم التروية ويوم عرفة وعن الصادق (ع) ودخول الكعبة ودخول المدينة
ودخول الحرم وفى الزيارة وعن الصادق عليه السلام الغسل عند دخول مكة والمدينة ودخول الكعبة وعن الباقر (ع) الغسل إذا أردت دخول البيت وإذا أردت دخول مسجد النبي صلى الله عليه وآله مسألة اختلف علماؤنا في وجوب غسل قاضى الكسوف مع استيعاب الاحتراق والترك عمدا والأقوى
استحباب لأصالة البراءة وقال سلار بوجوبه لقول أحدهما (ع) وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله وقول الصادق (ع) إذا انكسف القمر فاستيقظ
الرجل ولم يغتسل فليغتسل من الغد وليقض وان لم يعلم فليس عليه الا القضاء بغير غسل وهما قاصران عن إفادة الوجوب مسألة واختلفوا في
غسل المولود فالأشهر استحبابه تمسكا بالأصل وقال بعض علمائنا بوجوبه لقول الصادق (ع) غسل النفساء وغسل المولود واجب والرواية ضعيفة السند و
يحمل الثاني ويحمل الثاني على شدة الاستحباب واختلفوا أيضا في غسل من قصد إلى روية مصلوب بعد ثلاثة أيام فالأقوى الاستحباب للأصل وقال بعض علمائنا بالوجوب فان ابن بابويه روى ذلك مسألة وغسل التوبة مستحب وليس
بواجب سواء كان عن كفر أو فسق عند علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان العدد الكثير من الصحابة أسلموا فلو وجب الغسل لنقل نقلا متواترا أو مشهورا
ولأنه (ع) قال لمعاذ لما بعثه إلى اليمن ادعهم إلى شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فان هم أطاعوا لك بذلك فاعلمهم ان عليهم صدقة تؤخذ
من أغنيائهم فترد في فقرائهم ولو كان الغسل واجبا لبينه ولان الاسلام عبادة ليس من شروطها الغسل فلا يجب لها كالجمعة وقال احمد ومالك وأبو ثور بن
المنذر إذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل سواء كان أصليا أو مرتدا اغتسل قبل اسلامه أو لم يغتسل وجد معه في حال كفره ما يوجب الغسل أولا لان قيس بن عاصم
وثمامة بن أثال أسلما فأمرهما النبي صلى الله عليه وآله بالاغتسال ويحمل على الاستحباب أوانه وجد منهما ما يوجب الغسل وهو الجنابة إذ هو الغالب وعلى هذا لو أجنب الكافر أو حاضت
الكافرة ثم أسلما وجب عليهما الغسل لحصول الحدث ولو كانا قد اغتسلا لم يجزئهما وقال أبو حنيفة لا يجب لعدم أمر الصحابة به حال اسلامهم وهو ضعيف للامر به
في الآية مسألة يستحب غسل صلاة الاستسقاء وبه قال الشافعي لان حكمها حكم صلاة العيد فسن لها الغسل كالعيد ولقول الصادق (ع) وغسل الاستسقاء
واجب والمراد تأكيد الاستحباب لانتفاء القائل بالوجوب قال الصدوق روى أن من قتل وزغة فعليه الغسل وقال وعلله بعض ما شيخنا بأنه يخرج من ذنوبه فيغتسل
مسألة ويستحب غسل صلاة الحاجة والاستخارة عند علمائنا لأنه وقت التوجه إلى الله تعالى فيستحب التنظيف ولقول الصادق (ع) إذا نزل بك أمر فافرغ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
60

قلت كيف أصنع قال تغتسل الحديث وعن الرضاء (ع) إذا كان لك حاجة مهمة فاغتسل الحديث وعن الصادق (ع) في صلاة الاستخارة وتغتسل في ثلث الليل الثاني فروع - آ -
لا بد في الأغسال المندوبة من نية السبب فلا يجزيه لو اهمله إذ المميزة في الافعال القصود والدواعي إما الغسل الواجب فلا تجب نية السبب بل يكفي رفع الحدث
أو استباحة الصلاة إذ المراد للشرع رفع المانع عما يشترط فيه الطهارة نعم لو كان الوجه كذلك بل النذر وشبهه وجبت نية السبب ولو اجتمعت أسباب توجب الطهارة
متساوية كفى نية رفع الحدث أو الاستباحة ولا يشترط نية السبب كما في الاحداث الأصاغر - ب - لو اختلف أسباب الغسل كالجنابة والحيض فلا تجب على رأى المرتضى إما على
المختار فان نوت الجنابة أجزأ عنهما وان نوت الحيض فاشكال ينشأ من عدم ارتفاعه مع بقاء الجنابة لعدم نيتها ومن انها طهارة نوت بها الاستباحة فان صحت فالأقرب وجوب الوضوء وحينئذ
فالأقرب رفع حدث الجنابة لوجود المساوي في الرفع ج - لو اجتمع غسل الجنابة والمندوب كالجمعة فان نوى
الجميع أو الجنابة أجزا عنهما قاله الشيخ وقال ولو نوى
الجمعة لم ترتفع الجنابة ولم تجزء غسل الجمعة إذ المراد به التنظيف ولا يصح مع وجود الحدث والأقرب انه لو نواهما معا بطل غسله وان نوى الجنابة ارتفع حدثه ولم
يثب على غسل الجمعة وان نوى الجمعة صح عنها وبقى حكم الجنابة إذ لا يراد به رفع الحدث ولهذا صح للحايض غسل الاحرام ولو اغتسل ولم ينو شيئا بطل - د - لو اجتمعت أغسال
مندوبة فان نوى الجميع اجزاءه غسل واحد لقول أحدهما (ع) إذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد قال وكذلك المراة تجزئها غسل واحد لجنابتها
واحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيد ها ولو نوى البعض اختص بما نواه - ه‍ - لو حاضت المجنب لم تغتسل فان اغتسلت لم يرتفع حدث الجنابة وبه قال الشافعي
إذ لا طهارة مع الحيض ولقول الصادق (ع) عن المراة يجامعها الرجل فتحيض تغتسل أم لا قد جاء ها ما يفسد صلاتها فلا تغتسل وقال احمد يرتفع قال ولا
اعلم أحدا قال لا تغتسل الا عطا الباب السادس في التيمم وفصوله أربعة الأول في مسوغاته وينضمها شئ واحد هو العجز عن استعمال الماء وأسباب
العجز ثلاثة الأول عدم الماء وعليه اجماع العلماء لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا وقوله (ع) التراب كافيك ما لم تجد الماء ويجب معه الطلب عند علمائنا أجمع فلا يصح بدونه
وبه قال الشافعي لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا ولا يثبت عدم الوجدان الا بعد الطلب وعدمه لجواز ان يكون بقربه ماء لا يعلمه ولقول أحدهما (ع) فليطلب ما دام
في الوقت فإذا خشى ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في اخر الوقت وقال أبو حنيفة لا يجب الطلب وعن أحمد روايتان لأنه غير عالم بوجود الماء فجاز التيمم كما لو طلب فلم
يجد وبينهما فرق إذا ثبت هذا فاعواز الماء بعد الطلب شرط بالاجماع مسألة وكيفية الطلب ان يبتدأ برحله فيعتبره لأنه أقرب الأشياء إليه ثم إن رأى خضرة أو شيئا
يدل على الماء قصد واستبرأه ولو كان دونه حايل صعد عليه وطلب وان وجد من له خبرة بالماء سأله وان دل على ماء لزمه قصده ما لم يخف على نفسه أو ماله أو فوت الوقت
وإن كان له رفقة طلب منهم فان تعذر ذلك كله فليطلب عن جوانبه الأربعة غلوة سهم إن كانت خزنه وغلوة سهمين إن كانت سهلة عند علمائنا ولا يعد فاقدا
بدونه خلافا للشافعي واحمد لامكان وجود الماء في هذا الحد فلزمه قصده دون الازيد للمشقة ولقول علي (ع) يطلب الماء في السفر إن كان خزونة فغلوة وإن كانت سهولة
فغلوتين لا يطلب أكثر من ذلك فروع آ - الطلب انما يجب مع تجويز وجود الماء انتفى لم يجب - ب - لو دل على ماء وجب قصده مع المكنة وان زاد عن الغلوة والغلوتين
فلو خاف فوت الوقت أو التخلف عن الرفقة مع الحاجة أو على نفسه أو ماله سقط الوجوب - ج - لو أخل بالطلب لم يصح تيممه قاله الشيخ وتلزمه الإعادة ويشكل بان مع
التضيق يسقط الطلب ويجب التيمم وان أخل بالطلب مع وقت السعة لأنه يكون مؤديا فرضه نعم قد روى أنه لو أخل بالطلب ثم وجد الماء في رحله أو مع أصحابه أعاد
الصلاة وكذا يجئ لو وجد الماء قريبا منه مسألة انما يجب الطلب بعد دخول الوقت فلو طلب قبله لم يجزيه ووجب عليه إعادة الطلب بعده وبه قال الشافعي
لامكان تجدد الماء الا ان يكون ناظرا إلى مواضع الطلب ولم يتجدد فيها شئ فيسقط لكن هذا نوع طلب فيجزئه لأنه بعد دخول الوقت لا يقال يجوز التجدد بعد الطلب
في الوقت بعد التيمم ومع ذلك يجوز التيمم اجماعا ولا يعيد الطلب لأنا نقول إذا طلب في وقت الطلب لم تجب اعادته الا ان يعلم تجدد أمر لحصول المشقة وإذا طلب قبل
وقته لزمته الإعادة لتفريطه فروع - آ - لو طلب في وقت صلاة ثم دخل وقت أخرى وجب إعادة الطلب ما لم يعلم عدم تجدد شئ - ب - إذا كان يطلب الماء فظهر ركب
وجب ان يسئلهم عن الماء ما لم يخف الفوت ويطلب من كل واحد إلى أن يبقى مقدار التيمم والصلاة وهو أحد وجهي الشافعي والاخر إلى أن يبقى مقدار ركعة إذ بادراكها
يحصل الغرض من كونها أداء ولا يأثم بالتأخير إلى ذلك الوقت لأنه مشغول بمصلحتها وليس بجيد - ج - لو كان في برية لا تعهد بالماء وجب الطلب لامكانه وتحقيقا
لقوله تعالى فلم تجدوا ماء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني السقوط للعلم بالعدم وهو ممنوع - د - لو أمر غيره بالطلب لم يبح له التيمم على اشكال ينشأ من الاعتماد على
الظن وقد حصل باخبار الثقة مسألة لا يشترط في عدم الماء السفر طويله وقصيره عند أكثر علمائنا فلو عدم الماء في السفر القصير أو الحضر وكان صحيحا كما
لو انفتح شق فانقطع الماء أو كان محبوسا وجب التيمم ولا إعادة عليه وبه قال الثوري ومالك والأوزاعي والمزني والطحاوي لقوله (ع) الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد
الماء عشر حجج ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل فإذا وجد الماء فليغتسل وقد اجزائه صلاته التي صلاها ولأنه لا يمكنه
استعمال الماء فأشبه المريض ولأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة وقال الشافعي إن كان السفر طويلا وهو الذي يقصر فيه الصلاة جاز التيمم قولا واحدا لأنه رخصة
تتعلق بالسفر فتعلقت بالطويل كالقصير وإن كان قصيرا فقولان أحدهما انه كالطويل لأن عدم الماء فيه غالب فإذا تيمم وصلى سقط الفرض كالطويل والثاني انه يختص
سقوط الفرض بالسفر الطويل لأنه رخصة فتتعلق بالطويل خاصة كالقصير والفرق ان القصير يراعى فيه المشقة وهي تحصل في الطويل خاصة وقال أبو حنيفة إذا عدم الماء
في الحضر لا يصلى وبه قال زفر لأنه تعالى شرط في جواز التيمم السفر وهو يدل من حيث المفهوم وليس حجة أو لأنه خرج مخرج الأغلب إذ فقده في الحضر نادر وقال الشافعي يتيمم
ويصلى ويعيد وروى عن أبي حنيفة أيضا وصاحبه وبه قال المرتضى في شرح الرسالة لأنه عذر نادر إذا وقع لا يتصل فلا يسقط القضاء كالحيض في رمضان وليس بجيد لأنه
امتثل فيخرج عن العهدة السبب الثاني الخوف مسألة لو كان بقربه ماء وخاف ان سعى إليه على نفسه من سبع أو عدو أو على ماله من غاصب أو سارق جاز له التيمم اجماعا لأنه
كالعادم ولقول الصادق (ع) لا آمره ان يعزر بنفسه فيعرض له لص أو سبع ولا إعادة عليه فيخرج عن العهدة للامتثال ولو خافت المراة المكابرة على نفسها لو سعت إلى الماء
أو الغلام سقطا لسعى ووجب التيمم ولا إعادة وهو أصح وجهي احمد لما فيه من التعرض للزنا وهتك نفسها وعرضها والاخر تعيد ولو كان خوفه لا عن سبب يخاف فالوجه
التيمم ولا إعادة لأنه كالخائف بسبب وهو أحد قولي احمد لكن يعيد عنده وأصحهما عنده الوضوء ولو خاف بسبب ظنه كمن رأى سوادا ثم تبين انه ليس بعدو بعد تيممه و
صلاته لم تلزمه الإعادة عليه وهو أحد وجهي احمد لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة وفى الاخر يعيد كناسي الماء في رحله مسألة خائف العطش يحفظ ماؤه ويتيمم قال ابن
المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على ذلك منهم علي (ع) وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد وطاوس وقتادة والضحاك والثوري ومالك واحمد والشافعي وأصحاب الرأي
61

لأنه خائف على نفسه فأبيح له التيمم كالمريض ولقول الصادق (ع) في الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو تيمم قال بل يتيمم وكذا إذا أراد الوضوء فروع - آ - لا فرق بين ان يخاف
العطش في الحال أو فيما بعد لوجود المقتضى ولو كان يرجو وجوده في غده ولا يتحققه فالوجه جواز التيمم لان الأصل عدمه وقد لا يجده فحاجته مقدمة على العبادة - ب -
لو خاف على رفيقه أو دابته فهو كما لو خاف على نفسه لان حرمة المسلم اكد من حرمة الصلاة والخوف على الدابة كالخوف على المال من اللص - ج - لو وجد عطشانا يخاف
تلفه وجب بذل الماء له مع استغنائه عن شربه وتيمم حراسة للنفس وقال بعض الجمهور لا يجب لأنه محتاج إليه وحفظ النفس أولي من الصلاة ولهذا أمر واجد الغريق
بقطعها وانقاذه وان فاتت - د - لو كان مع خائف العطش ماء ان أحدهما نجس حبس الطاهر لشربه وأراق النجس ان استغنى عن شربه ويتيمم وصلى لأنه قادر على الطاهر
فلم يجز له شرب النجس ولو احتاج إلى أكثر احتفظ النجس أيضا ولو وجدهما وهو عطشان شرب الطاهر وأراق النجس ان استغنى به والا استبقاه سواء كان في الوقت أو قبله
وقال بعض الشافعية إن كان في الوقت شرب النجس لان الطاهر مستحق للطهارة فأشبه المعدوم وليس بجيد لان شرب النجس حرام وانما يصير الطاهر مستحقا للطهارة لو استغنى عنه - د - لو تمكن من استعماله وجمع المتساقط من وضوئه أو غسله وكفاه
وجب عليه ذلك وبعض الشافعية لم يوجبه لاستقذاره وهو ممنوع - و - لا يجوز له حفظ الماء لبقاء مرتد أو حربي أو كلب عقور أو خنزير لعدم احترامهم ويجب لبقاء المسلم
والذمي والمعاهد والحيوان المحترم - ز - لو كان معه ما يفضل عن شربه الا انه يحتاج إلى بيع الفاضل لنفقة ثمنه في الطريق تيمم لان ما استغرقته حاجة الانسان يجعل
كالمعدوم شرعا - ح - يكفي في وجوب البذل اخبار الآدمي بعطشه ويجوز بعوض وغيره - ط - لو مات صاحب الماء ورفقاؤه عطشى يمموه وغرموا القيمة لورثته يوم الاتلاف
لئلا يضيع حق الورثة وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني المثل لأنه مثلي وليس بجيد إذ لا قيمة للمثل هنا غالبا مسألة وخائف البرد يتيمم ويصلى ان
لم يتمكن من اسخانه وهو قول أكثر العلماء لقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم ولان عمرو بن العاص احتلم في ليلة باردة في غزاة ذات السلاسل فتيمم وصلى بأصحابه الصبح
ولم ينكر النبي صلى الله عليه وآله ذلك لما سمع ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الرجل تصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد ولا يغتسل ويتيمم وقال عطا
والحسن يغتسل وان مات لم يجعل الله له عذرا ونحوه قول ابن مسعود فروع - آ - لو تمكن من اسخان الماء واستعماله وجب ولو احتاج إلى الثمن وتمكن وجب - ب - لو تيمم
وصلى لم يعد وبه قال الثوري ومالك وأبو حنيفة لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة وقال أبو يوسف ومحمد يعيد لأنه نادر غير متصل فتجب الإعادة كنسيان الطهارة
وعن أحمد كالقولين والفرق انه في النسيان لم يأت بالمأمور به وقال الشافعي يعيد إن كان حاضرا لان هذا العذر لا يمتد في دار الإقامة ولا يدوم فلا يؤثر في سقوط
الإعادة وإن كان مسافرا فقولان - ج - لو تعمد الجنابة قال الشيخان لم يجز له التيمم وان خاف التلف أو الزيادة في المرض لقول الصادق (ع) في الرجل يصيبه الجنابة في ليلة باردة
قال اغتسل على ما كان فإنه لا بد من الغسل وللشيخ قول في المبسوط بجواز التيمم وهو أجود دفعا للمشقة والجرح لقول الصادق (ع) تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يخاف
على نفسه من البرد فقال لا يغتسل ويتيمم ويحمل الأول على المشقة التي لا يخاف معها التلف والشين - د - قال الشيخ في المبسوط يصلى ويعيد لقول الصادق (ع) في رجل اصابته
جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف ان يغتسل قال يتيمم فإذا أمن البرد اغتسل وأعاد الصلاة والوجه عندي عدم الإعادة لأنه فعل المأمور به والرواية عن جعفر بن
بشير عمن رواه وهي مرسله مسألة المريض إذا خاف التلف باستعماله الماء وجب التيمم باجماع العلماء وكذا ان خاف سقوط عضو أو بطلان منفعة عضو لقوله
تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر ولو خاف زيادة المرض أو بطوء البرء جاز التيمم عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في أصح الوجهين لقوله تعالى وان كنتم
مرضى وهو عام ولقول الصادق (ع) يؤمم المجدور والكسير إذا اصابتهما الجنابة وقال الشافعي في الاخر تجب الطهارة الا مع خوف التلف وبه قال أحمد بن حنبل وهو مروى عن
عطا والحسن البصري لقول ابن عباس في قوله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر إذا كانت بالرجل جراحة في سبيل الله أو قروح أو جدري فيجنب فيخاف ان يغتسل
فيموت يتيمم بالصعيد وهو يدل من حيث المفهوم فروع - آ -. لو تمكن من استعمال الماء الحار وجب اسخانه ولا يتيمم لأن عدم الماء شرط وهو قول الفقهاء وقال
داود يتيمم ظاهر الآية - ب - لو خاف الشين وجب التيمم وقال أبو حنيفة لقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج خلافا للشافعي - ج - لا يستباح التيمم مع خوف المرض
اليسير كوجع الرأس مع زواله وكذا الضرس وبه قال الشافعي وقال داود يجوز التيمم للآية والمراد التضرر - د - لو زال المرض في أثناء الصلاة لم تبطل لأنه دخل
مشروعا - ه‍ - لو لم يجد المريض من يناوله الماء مع حاجته تيمم ولو ظن حصوله وخشي فوت الصلاة تيمم ويرجع المريض في معرفة التضرر إلى ظنه أو اخبار ثقة عارف
والأقرب قبول قول الصبى والفاسق مع الظن لأنه يجرى مجرى العلامات كما يقبل قول القصاب الفاسق انه مذكى وللشافعية قولان وكذا العبد والمراة يقبل منهما
واما الذمي فان اتهمه في أمر الدين لم يقبل وان ظن صدقة قبل وليس العدد شرطا لان طريقه طريق الخبر السبب الثالث تعذر الاستعمال مسألة
لو وجد الماء في بئر وشبهها وقدر على التوصل إلى الماء إما بالنزول من غير ضرر أو الاعتراف بدلو ولو ثوب يبلله ثم يعصره إما بنفسه أو بغيره وجب عليه ذلك لتمكنه
من الاستعمال وكذا لو كان في سفينة في البحر وان لم يمكنه الا بمشقة أو تغرير بالنفس فهو كالعادم ولو تمكن وخاف فوت الوقت بعصر الثوب مثلا تيمم لتعذر استعمال
الماء إذا قصد الطهارة لأداء الصلاة وقال احمد يجب عليه الاشتغال بالتحصيل وان خاف الفوت لان الاشتغال كالاشتغال بالوضوء وليس بمعتمد مسألة لو كان الماء
قريبا منه وأمكنه الا أنه يفوت الوقت بتحصيله قال بعض علمائنا يسعى إليه ولا يجوز له التيمم وكذا لو كان عنده ويفوته الوقت باستعماله لأنه واجد للماء فلا
يباح له التيمم لقوله تعالى فلم تجدوا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز التيمم لصلاة الجنازة والعيدين إذا خاف فوت الوقت لأنهما لا يقتضيان والوجه عندي
وجوب التيمم لتعذر استعماله في هذه الصلاة نعم لو تمكن من استعماله وادراك ركعة من الصلاة لم يجز التيمم ولو كان التفريط منه فالأقرب وجوب الصلاة بتيمم والإعادة
ويحتمل الاشتغال بالطهارة والقضاء ولو خاف غير الواجد فوت الوقت بالطلب سقط وتيمم ولا إعادة مسألة لو انتهى المسافرون إلى بئر وافتقروا إلى التناوب
لضيق موقف النازح أو لاتحاد الآلة أو لغير ذلك فمن توقع انتهاء النوبة إليه قبل خروج الوقت وجب عليه الصبر ومن علم أن النوبة لا تصل إليه الا بعد الفوت أو ظن
ذلك وجب عليه التيمم ولا إعادة عليه لعدم تمكنه من الاستعمال وقال الشافعي يصبر ويتوضأ بعد الوقت لقدرته على الوضوء ولو كان لجماعة ثوب واحد يتناوبونه
وبينهم ترتيب أما من المالك أو بالقرعة وعلم بعضهم أن النوبة لا تصل إليه في الوقت صلى عاريا وقال الشافعي يجب الصبر وان فات الوقت وليس بجيد إذ لو وجب على
من تعذر عليه بعض فروض الصلاة في وقته وقدر عليه بعده الصبر لم يبح للعادم التيمم لوصوله إلى الماء بعد الفوات ولو كان قوم في سفينة ولا يتمكن من القيام فيها
أكثر من واحد وعلم أن النوبة لا تنتهى إليه في الوقت صلى قاعدا وبه قال الشافعي لان حكم الستر اكد من حكم القيام مسألة لو لم يجد الماء الا بالثمن وجب عليه
شراؤه بشرطين وجود الثمن والاستغناء عنه ولا خلاف في اشتراطهما فلو تعذر الثمن سقط الشراء وتيمم اجماعا ولا يختص بالدراهم والدنانير بل الأموال
62

ويصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل يتيمم أو يتمسح بالثلج قال الشيخ إذا بل رأسه وجسده فإن لم يقدر ان يغتسل به تيمم إذا عرفت هذا فالدهن ان صدق معه الغسل بان يجرى جزء من الماء
على جزئين من البدن أجزأ في حال الاختيار والا فلا لقول الباقر (ع) انما الوضوء حد من حدود الله ليعلم من يطيعه ومن يعصيه ان المؤمن لا ينجسه شئ انما يكفيه مثل الدهن
مسألة اختلف علماؤنا في فاقد المطهرين فقال بعضهم يصلى ويعيد اختاره الشيخ في المبسوط وبه قال الليث بن سعد والشافعي في أحد القولين واحمد في إحدى
الروايتين وأبو يوسف ومحمد لان النبي صلى الله عليه وآله بعث سعيد بن حصين (أسيد بن خضير) وانا سامعه لطلب قلادة أضلتها عايشة فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء فاتوا
النبي صلى الله عليه وآله فذكروا له ذلك فنزلت أية التيمم ولم ينكر النبي صلى الله عليه وآله فعلهم فكان صحيحا وانما لم يأمرهم بالإعادة لأنها على التراخي أو لانهم عالمين بها ولان الصلاة لا تسقط بتعذر
شرط من شرائطها كالستر وإزالة النجاسة وقال آخرون لا يصلى ويقضى إذا قدر على الطهارة وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لان المحدث لا يجوز له الصلاة وان تعذرت عليه الطهارة كالحايض وقال آخرون تسقط أداء وقضاء وبه قال مالك وداود وهو المعتمد لنا أن الأداء ساقط فكذا القضاء والملازمة
للتبعية وصدق المقدم قوله (ع) لا صلاة إلا بطهور ولأنها صلاة غير مأمور بها مع الحدث في وقتها فيسقط قضاؤه كالحايض وللشافعي قول اخر باستحباب الأداء و
وجوب القضاء وعن أحمد رواية بعكس هذا فروع - آ - الممنوع من الركوع والسجود برباط في الموضع النجس يصلى بالايماء ولا إعادة - ب - لو جامع المسافر ومعه ماء
يغسل به الفرج غسله وتيمم ولا إعادة اجماعا ولو فقد تيمم وصلى وفى الإعادة قولان - ج - لو كان على بدنه نجاسة يعجز عن ازالتها تيمم وصلى ولا إعادة على رأى الفصل الثالث
في كيفيته مسألة ويجب فيه النية باجماع علماء أهل الاسلام الا الأوزاعي والحسن بن صالح بن حي فإنهما قالا يجوز بغير نية وهو خطأ لانعقاد الاجماع من دونهما وقد سبق
وكيفيتها القصد بالقلب إلى التيمم لاستباحة الصلاة أو ما شرطه الطهارة لوجوبه أو ندبه قربة إلى الله ويجب استدامتها حكما حتى يفرغ والمقارنة فلا يجوز أن يتقدم
على الضرب ويجوز ان يقارن ابتداء المسح والضرب ولا يجوز ان ينوى رفع الحدث لامتناعه به فلو نواه احتمل الأجزاء لاستلزام الاستباحة فيدخل تحت النية وعدمه
وهو أصح وجهي الشافعية لأنه لا يرفعه والا لما بطل الا به فروع - آ - لا يشترط تعيين الفريضة وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أصح القولين كما لا يشترط في الوضوء تعيين الحدث
ولو عينها لم تتعين عندنا وجاز ان يصلى غيرها وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد الوجهين - ب - لو نوى استباحة الصلاة مطلقا استباح الصلاة الفريضة وبه قال
أبو حنيفة لان كل طهارة صحت للنفل صحت للفرض كالطهارة بالماء وقال الشافعي ومالك واحمد لا يستبيح الفرض لقوله (ص) انما الأعمال بالنيات ولم
ينو الفرض ويندفع بأنه نوى الاستباحة فيعم كرفع الحدث - ج - لو نوى استباحة الفرض والنفل معا أبيحا له وفى وجه للشافعي ليس له النفل بعد خروج وقت الفريضة إن كان
قد عينها ولو نوى استباحة الفرض جاز ان يتنفل به وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد الوجهين لان النوافل اتباع الفرايض وفى الاخر لا يصح وبه قال مالك لأنها طهارة
ضرورة فلا يؤدى بها ما لا ضرورة إليه ولم يقصده ولو نوى النفل ولم يخطر له الفرض جاز ان يصلى به الفرض عندنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي في وجه ولأنه نوى ما يحتاج
إلى الطهارة وقال بمالك واحمد وأصح وجهي الشافعية بالمنع لان الفرض أصل ولا يجعل تابعا وهو ممنوع كالوضوء وبعض الشافعية منع من النقل وان نواه لأنه جعل
التابع أصلا - د - لو تيمم لفرضين أو فائتتين أو مندوبين (منذورين) صح عندنا وبه قال أبو حنيفة وللشافعي وجهان - ه‍ - إذا نوى الفريضة استباح النافلة اجماعا وكذا يستبيح مس
المصحف وقرائة القرآن ووطى الحايض ولو نوى استباحة أحد هذه الأشياء استباح الباقي والفريضة عندنا خلافا للشافعي في الفريضة وفى النافلة وجهان - و -
لو نوى إباحة فرض التيمم صح وهو أحد وجهي الشافعي كما لو توضأ بهذه النية والاخر يبطل لأنه عن ضرورة فلا يجعل مقصدا ولهذا لا يستحب تجديده بخلاف الوضوء - ز -
ليست التسمية شرطا في التيمم خلافا للظاهرية - ح - لو تيمم الصبى للنافلة أو للفريضة ثم بلغ جاز ان يستبيح الفريضة لان طهارته شرعية والنافلة لا تصح الا مع رفع
المنع بالطهارة وعندي فيه نظر مسألة ثم يمسح وجهه بكفيه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الاعلى بعد الضرب بالكفين ولا يجب استيعاب الوجه عند أكثر
علمائنا لقوله تعالى فامسحوا بوجوهكم والباء للتبعيض إذ دخولها على المتعدى بنفسه يفيده والا كانت زايدة والأصل عدمها وانكار ورودها له غير مسموع بشهادة
البعض به وتنصيص الباقر (ع) ولان زرارة سال الصادق (ع) عن التيمم فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ومسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة وقال سليمان بن داود ويجزيه ان
يصيب بالمسح بعض وجهه وبعض كفيه وقال أبو حنيفة يجوز ان يترك من ظاهر الوجه دون الربع وفى رواية عنه إذا مسح أكثر الوجه أجزاه وقال ابنا بابويه من علمائنا يجب
استيعاب الوجه بالمسح وهو قول الجمهور لأنه تعالى أحال فيه على الوضوء والا لبينه ونمنع بطلان التالي والباقر (ع) قد بينه مسألة ثم يمسح ظهر كفيه من الزند إلى أطراف الأصابع بباطنهما على
الأشهر وبه قال احمد ومالك والشافعي في القديم والأوزاعي وإسحاق وداود وابن جرير الطبري لأنه المتعارف من اليد ولان النبي صلى الله عليه وآله قال انما يكفيك إلى قوله وظاهر كفيه وروى عمار
ابن ياسر ان النبي صلى الله عليه وآله قال التيمم ضربة للوجه والكفين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ومسح بها جبهته وكفيه ولأنه أحد عضوي الوضوء فيجب مسح بعضه كالوجه
وقال علي بن بابويه (ره) يمسح من المرفقين إلى أطراف الأصابع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ورووه عن علي (ع) وابن عمر وجابر وبه قال الشعبي والحسن البصري والثوري
ومالك والليث للحوالة في الوضوء وهو ممنوع ولقوله (ع) التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين وهي ضعيفة السند طعن فيه أحمد بن حنبل وقال الزهري يمسح
إلى المنكبين والإباط لان عمار بن ياسر مسح إلى المناكب فروع - ا - يجب ان يبدأ في مسح الوجه من أعلاه إلى أن ينتهى إلى محل الفرض فلو نكس فالوجه البطلان كالوضوء ويجب ان
يبدأ في مسح اليدين من الزند إلى أطراف الأصابع وقال مالك واحمد يمسح إلى الكوعين وقال الشافعي يضع أصابع اليسرى سوى الابهام بحيث لا تخرج أنامل اليمنى عن مسحة
اليسرى ويمرها على ظهر كفه اليمنى فإذا بلغت الكوع ضم أطراف أصابعه وأمرها على طرف الذراع إلى المرفق ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمرها عليه وابهامه منصوبة فإذا بلغ
الكوع مسح ببطنها ظهر ابهامه اليمنى وكذا اليسرى - ب - لو أخل بجزء من محل الفرض لم يجزء ووجب مسحه وبه قال الشافعي إذ لا مشقة في استيعاب الكل بالمسح وأكثر العضو
لا يقوم مقامه وقال أبو حنيفة يجزى الأكثر - ج - لو أهمل جزءا من الجبهة ومسح يديه لم يجزئه مسحهما فيمسح الجزء ويعيد الكفين لوجوب الترتيب وبه قال الشافعي - د - لا
يجب المسح على المسترسل من اللحية إما عندنا فظاهر واما من أوجب الاستيعاب فكذلك لأنه ليس محل الفرض وللشافعي وجهان - ه‍ - لو كان عليه خاتم وشبهه نزعه ليباشر
المسح جميع محل الفرض - و - يستحب تفريج الأصابع في الضرب للوجه والكفين وللشافعي قولان هذا أحدهما واستحبابه في الثانية خاصة وله ثالث منعه في الأولى - ز - لا يستحب
تخليل الأصابع لان المسح على الظاهر وقال الشافعي يستحب ان فرج أصابعه في الضربة الثانية والا وجب - ح - الاظهر من عبارة الأصحاب وجوب مسح الوجه بالكفين معا فلو مسح بأحد هما
لم يجز ويحتمل الجواز - ط - لو قطع بعض محل الفرض وجب مسح الباقي ولو استوعب سقط ذلك العضو - ى - لو خلقت له إصبع زائدة أو كف أو يد فكالوضوء مسألة
اختلف علماؤنا في عدد الضربات وأجودها قول الشيخين ضربة واحدة للأعضاء الثلاثة في الوضوء وضربتان أحدهما للوجه في الغسل لقول الباقر (ع) وقد سئل كيف
التيمم ضربة واحدة للوضوء وللغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما مرة للوجه ومرة لليدين وقال المرتضى ضربة واحدة فيهما وبه قال الأوزاعي واحمد و
إسحاق وداود وابن جرير الطبري والشافعي في القديم للامتثال وقال علي بن بابويه ضربتان في الجميع وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة والليث بن سعد والثوري ورووه عن علي (ع)
63

لقول النبي صلى الله عليه وآله التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين والتفصيل قول فيهما على تقديرين فيصار إليه وقال ابن سيرين يضرب ثلاث ضربات ضربة للوجه واخرى بالكفين
والثالثة للذراعين فروع - آ - وضع اليدين على الأرض شرط فلو تعرض لمهب العواصف حتى لصق صعيدها بوجهه أو كفيه أو ورد الغبار على وجهه منه لم يجز لقوله فتيمموا أي
اقصدوا وقال بعض الشافعية إذا صمد للريح ونوى التيمم اجزاه كالوضوء إذ اجلس تحت الميزاب ونواه - ب - لو يممه غيره بغير اذنه كما لو نسفت الريح بالتراب عليه وإن كان باذنه فإن كان
عاجزا عن المباشرة صح والا فلا وهو أحد وجهي الشافعية لأنه لم يقصد التراب وأظهرهما الجواز اقامه لفعل نايبه مقام فعله - ج - يستحب بعد الضرب نفض اليدين من التراب لان النبي صلى الله عليه وآله فعله وليس
بواجب اجماعا - د - لا يشترط ان يعلق على يده شئ من الغبار لان النبي صلى الله عليه وآله نفض يديه وفى رواية عمار بن ياسر انه نفخ فيهما ولو كان شرطا لما عرضه للزوال ولان الصعيد هو وجه
الأرض لا التراب مسألة الترتيب واجب في التيمم يبدأ بمسح الوجه ثم بالكف اليمنى ثم اليسرى فلو غيره وجب ان يعيد على ما يحصل معه الترتيب ذهب إليه علماء أهل البيت (على)
لقوله تعالى فامسحوا بوجوهكم والواو للترتيب عند الفراء ولان تقديم لفظا يستدعى سببا لاستحالة الترجيح من غير مرجح ولا سبب الا التقديم وجوبا ولأنه (ع) رتب في
مقابلة الامتثال فيكون واجبا وأوجب الشافعي واحمد تقديم الوجه ولم يرتبا في الكفين وأبو حنيفة أسقط الترتيب مطلقا عملا بالأصل ويعارضه البيان مسألة الموالاة
واجبة هنا إما على تقدير وجوب التأخير فظاهر واما على العدم فلان النبي صلى الله عليه وآله تابع ولأنه تعالى عقب بمسح الوجه اليدين وهو يستلزم المتابعة لامتناع الجمع وللشافعية وجوه
أحدها القطع باشتراطها كالوضوء والثاني المنع والثالث تجويز الامرين مسألة نقل التراب إلى الأعضاء الممسوحة ليس بواجب وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى صعيدا طيبا
وهو وجه الأرض ولم يشترط النقل ولأنه (ع) نفض التراب بعد الضرب فلو كان النقل شرطا لما أزاله وقال الشافعي انه شرط لقوله تعالى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه أي
من الصعيد ولأنه ممسوح في الطهارة فافتقر إلى ممسوح به كمسح الرأس في الوضوء والآية تقول بموجبها والصعيد وجه الأرض والقياس ضعيف كان المائية تزيل الحدث
بخلاف التيمم فروع - آ - لو نوى عند النقل وغربت قبل المسح احتمل الأجزاء لان الضرب من اعمال التيمم وعدمه لأنه ليس مقصودا في نفسه وهو أصح وجهي الشافعي - ب - لو
أحدث بعد الضرب واخذ التراب بطل اخذه وعليه الإعادة على اشكال ينشأ من عدم وجوب اخذ الماء ثانيا فكذا هنا ومن الفرق بان القصد إلى الماء ونقله لا يجب و
للشافعي الوجهان - ج - لو كان على العضو الممسوح تراب ونوى التيمم ورده من طرف إلى اخر لم يجزء لأنه لم ينقل عند الشافعي ولا ضرب عندنا ولو اخذه منه وردده إليه جاز عند الشافعي
على أظهر الوجهين ولو نقله من عضو غير ممسوح اجزاء عنده ولو كان من ممسوح كما لو نقله من الوجه إلى الكفين أو بالعكس فوجهان والكل عندنا باطل - د - لو تمعك في التراب
حتى وصل إلى وجهه ويديه لم يجزء لأنه لم يمسح الا مع العذر وللشافعي في الاختيار وجهان - ه‍ - لو مسح بأنه كخشبة لم يصح تبعا للكيفية المنقولة وقال الشافعي يجوز - و - لا يجب
ايصال الغبار إلى باطن الشعر خفيفا كان أو كثيفا اجماعا - ز - لا يستحب التكرار ولا التثليث في التيمم اجماعا لافضائه إلى تشوية الخلقة وتقبيح الصورة وكذا لا يستحب تجديده
مسألة دخول الوقت شرط في صحة التيمم فلا يصح قبله اجماعا من علماء أهل البيت (ع) وبه قال الزهري والشافعي و مالك واحمد وداود لأنها طهارة اضطرارية لا يصح الا عند
العجز ولا يتحقق قبل الوقت ولأنها طهارة ضرورية قدمت على وقت الفريضة فلا يجوز كالمستحاضة وقال أبو حنيفة يجوز قبل دخول الوقت لأنها طهارة تستباح بها الصلاة فجاز
تقديمها كالوضوء والفرق انه ليس للضرورة فروع - آ - ذهب الصدوق إلى صحته حال السعة وهو قول الجمهور لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا ولقوله (ع) أينما أدركتني الصلاة
فتيممت وصليت وقال أكثر علمائنا بوجوب التأخير إلى اخر الوقت وبه قال الزهري ولما رووه عن علي (ع) في الجنب يتلزم ما بينه وبين اخر الوقت فان وجد الماء والا تيمم والتلزم
الانتظار ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف ان يفوته الوقت فليتمم وليصل في اخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه
ولأنها طهارة ضرورية بدل من الماء عند العجز ولا يتحقق العجز الا عند خوف الفوت فان توقع الوجدان مع السعة يرفع العجز وقال ابن الجنيد منا إن كان التيمم لعذر لا يمكن
زواله في الوقت كالمرض والجرح جاز حال السعة وإن كان لعذر يمكن زواله كعوز الماء وفقد الآلة والثمن وجب التأخير إلى اخره وهو المعتمد - ب - إذا تيمم في اخر وقت الحاضرة وصلى
ثم دخلت الثانية احتمل وجوب التأخير لوجود المقتضى وهو تجويز وجود الماء والعدم لأنه متيمم فصح ان يصلى - ج - يتيمم للفائتة وان لم يكن وقت فريضة وللنافلة بعد
دخول وقتها دون الأوقات المنهى عنها إذا لم يكن لها سبب ويدخل به في الفرايض عندنا وسيأتي خلاف الجمهور لقوله (ع) الصعيد طهور المسلم إذا لم يجد الماء عشر سنين والأقرب
جواز ان يتيمم لنافلة مبتدأة لعدم التوقيت وتعجيل الثواب مطلوب لامكان فواته بالعجز - د - ان سوغناه في أول الوقت فتيمم بعد الطلب واخر الصلاة إلى اخر الوقت اجزاه
لأنه يتيمم في وقت يمكنه فعل الصلاة فيه فان سار بعد تيممه إلى موضع اخر أو حدث ركب يجوز ان يكون
معهم ماء احتاج إلى تجديد طلب وفى إعادة التيمم اشكال وأوجبه
الشافعي - ه‍ - إذا شرطنا الضيق فالتعويل فيه على الامارة لتعذر العلم فان ظنه لامارة فتيمم وصلى ثم بان غلطه ظاهر كلام الشيخ الإعادة لوقوعها قبل وقتها ويحتمل الصحة
لأنها مأمور بها ونمنع كون الضيق شرطا بل ظنه وقد حصل ويؤيده قول الباقر (ع) والصادق (ع) في رجل تيمم وصلى ثم بلغ الماء قبل خروج الوقت ليس عليه إعادة ان رب الماء
ورب التراب واحد - و - يتيمم لصلاة الخسوف بالخسوف ولصلاة الاستسقاء باجتماع الناس في الصحراء ولصلاة الميت بحضوره لها وللفائتة بذكرها والنوافل الرواتب لا
يتأقت تيممها وفيه للشافعي وجهان - ز - لو تيمم لفائتة ضحوة ولم يؤدها حتى زالت الشمس فله ان يصلى الظهر وللشافعي وجهان وكذا لو تيمم لنافلة ضحوة جاز ان يؤدى بها
الظهر عند الزوال وللشافعي وجهان الفصل الرابع في الاحكام مسألة يستباح بالتيمم الواحد ما زاد على الصلاة الواحدة من الفرايض والنوافل أداء وقضاء
ذهب إليه علماء أهل البيت (على) وبه قال الحسن البصري وسعيد بن المسيب والثوري وأبو حنيفة وداود والمزني وابن المنذر لقوله (ع) يا أبا ذر الصعيد كافيك إلى عشر سنين ومن
طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سئل يصلى الرجل بتيمم واحد صلاة الليل والنهار كلها نعم ما لم يحدث أو يصب ماء ولان الاستباحة ان بقيت جاز ان يصلى أخرى و
ان لم تبق لم تصح النافلة ولأنها طهارة يجوز ان يجمع بها بين نوافل فجاز ان يجمع بها بين فرايض كالوضوء والمسح على الخفين وقال الشافعي لا يجوز ان يجمع بين صلوتين
فريضتين ورواه عن علي (ع) و عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر وعمرو بن العاص ومن التابعين النخعي وقتادة وربيعة وبه قال مالك والأوزاعي والليث بن سعيد وإسحاق
لان ابن عباس قال من السنة ان لا يصلى بالتيمم الا صلاة واحدة ثم يتيمم للأخرى ولأنها طهارة ضرورية فلا يجمع بها بين فريضتين من فرايض الأعيان كطهارة المستحاضة ولفظ
السنة مشتركة ولا حجة فيه والمستحاضة حدثها متجدد والتيمم لم يتعقبه وحدث وقال احمد يجمع بين فوايت ولا يجمع بين صلوتين راتبتين فكأنه تيمم لوقت الفريضة وبه قال
أبو ثور فروع - ا - يجوز ان يجمع بين الفريضتين ومنذورتين وطوافين وبين فريضة وطواف عندنا خلافا للشافعي - ب - يجوز ان يجمع بين صلاتي الجمع بتيمم واحد وللشافعية وجهان
المنع لأنه يحتاج ان يطلب للثانية وتجدد التيمم وذلك يقطع الجمع كما إذا تنفل بينهما والجواز لأنهما فريضتان صلاهما بتيممين والتفريق ليس بصحيح لأنه من مصلحة الصلاة فلا يزيد على
قدر القامة في العادة - ج - لو نسى تعيين الفايتة كفاه تيمم واحد للثلاث أو الخمس عندنا وهو ظاهر وعند أكثر الشافعية لان الفريضة واحدة والزايد وان وجب فإنه تابع وعند بعضهم
64

يفتقر إلى خمس تيممات لوجوب الجميع ولو ترك فريضتين من خمس أجزاه تيمم واحد عندنا ولا يكفي عند الشافعي تيممان لأنه لابد أن يجمع بين صلوتين بتيمم واحد فربما كانت المتروكتان
بل إما ان يصلى الخمس بخمس تيممات أو يصلى ثماني صلوات بتيممين فيصلى الفجر والظهرين والمغرب بتيمم ثم الظهرين والعشائين بتيمم فإن كانت الصبح والعشاء فقد صلا هما
بتيممين وإن كانت غيرهما فقد صلاها في دفعتين بتيممين ولو ترك صلوتين من يومين فان كانتا مختلفتين فهي كما لو تركهما من يوم واحد وان كانتا متفقتين كصبحين
أو ظهرين لم يودهما الا بأن يؤدى عشر صلوات بتيممين خمسة بتيمم وخمسة بتيمم أو بعشر تيممات وعندنا يجزى تيمم واحد للجميع - د - يجوز ان يجمع بين فريضة وما شاء من النوافل بتيمم واحد
وهو أصح قولي الشافعي لان النفل تتبع الفرض واستباحة المتبوع تستلزم استباحة التابع وفى قول له لا تصلى النافلة بتيمم أصلا لأنه أبيح للضرورة ولا ضرورة في النافلة وعلى الأول
ان شاء قدم النوافل وان شاء اخرها وله قول اخر عدم تقديم النافلة لان التابع لا يتقدم على المتبوع - ه‍ - إذا صلى الفريضة بتيمم جاز ان يطوف فرضا وعند الشافعي لا بد من
تيمم جديد وجوز ان يصلى ركعتي الطواف بتيمم الطواف لأنها إما سنة أو تابعة للطواف إذ ليستا مقصودة بذاتها - و - يجوز ان يصلى بتيمم واحد منذورتين ومكتوبة ومنذورة
وهو أحد وجهي الشافعي لان المنذور يسلك به مسلك أقل ما يتقرب به إلى الله تعالى فصار كالنافلة وفى الاخر لا يصح لان المنذور يسلك مسلك واجبات الشرع - ز - ليس من شرط الصلاة
على الجنايز الطهارة عندنا خلافا للجمهور وقد سبق نعم يستحب ويجوز التيمم لها مع وجود الماء ولو فقد الماء فاستحباب التيمم أولي فلو صلى بتيمم مكتوبة جاز ان يصلى على
جنازة به وهو أحد قولي الشافعي لأنها ليست من فرائض الأعيان فألحقت بالنوافل في الحكم وفى الاخر لا بد من تيمم لها مقصود لوجوبها ويجوز ان يصلى على جنازتين على التوالي بغير تيمم وبتيمم واحد وللشافعي وجهان أحدهما المنع لأنهما فرضان فحينئذ لا يجوزان يصلى على جنازتين دفعة لان فعله
يتضمن اسقاط فرضين - ح - لو تيمم لصلاة النفل استباح به الفرض وبه قال أبو حنيفة وأصح وجهي الشافعي المنع ولا خلاف انه إذا تيمم للنفل استباح مس المصحف و
قرائة القرآن إن كان تيممه عن جنابة ولو تيمم المحدث لمس المصحف أو الجنب لقرائة القرآن استباح ما قصده وفى استباحة صلاة النفل والفرض للشافعي وجهان
مسألة ينقض التيمم كلما ينقض الطهارة المائية ويزيد وجود الماء مع التمكن من استعماله فلو تيمم ثم وجد الماء انتقض تيممه فإذا عدمه وجب عليه استينافه
وإن كان باقيا وجب عليه الغسل أو الوضوء ولا يصلى بذلك التيمم وهو قول العلماء الا ما نقل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والشعبي أنهما قالا لا يلزمه استعمال الماء لأنه
وجد المبدل بعد الفراغ من البدل فكان بمنزلة من وجد العتق بعد الصوم وهو خطا لقوله (ع) لأبي ذر الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج فإذا وجده
فليتممه بشرته والامر للوجوب ولان المقصود بالطهارة الصلاة ولم يشرع في المقصود فأشبه إذا وجد الأصل قبل ان يشرع في البدل بخلاف الكفارة فروع - آ -
وجود الماء لا يبطل التيمم وكذا شكه عملا بالاستصحاب وقال الشافعي يبطل لأنه يجب عليه الطلب حينئذ فيبطل تيممه لان التيمم انما يكون بعد الطلب واعواز الماء وهو يمنع الابتداء
دون الاستدامة فلو رأى سرابا ولا يدرى هل هو ماء أم لا أو رأى انسانا من بعيد وتوهم ان معه ماء لم يبطل تيممه عندنا خلافا للشافعي ولو سمع انسانا يقول مع ماء وكان
كاذبا أو قال معي ماء أودعينه فلان والمالك غايب لم يبطل تيممه عندنا خلافا له لوجوب فرض الطلب عنده عقيب معي ماء قبل أن يذكر الوديعة ولو قال اودعني
فلان ناجزة ماء لم يبطل تيممه لعدم وجوب الطلب ح - ب - لو طلع عليه راكب بماء فامتنع ان يعطيه أو وجد ماء فجعل بينه وبينه لم تجب الإعادة خلافا له ولو طلع
عليه راكب ولم يعلم أن معه ماء فسأله فلم يكن معه شئ أعاد التيمم عنده - ج - لو قارن ظن وجود الماء مانع من استعماله كعطش أو مرض أو عدم آلة لم ينتقض تيممه اجماعا
لجواز التيمم ابتداء مع هذا المانع ولا يرفع دوامه - د - لا ينقض التيمم بخروج الوقت وهو قول العلماء لقوله (ع) الصعيد كافيك إلى عشر سنين وقال احمد ينتقض بخروج
الوقت لأنها طهارة ضرورية فتتقيد بالوقت كالمستحاضة والفرق تجدد حدث المستحاضة - ه‍ - نقل عن أحمد ان التيمم يبطل بنزع عمامة أو خف يجوز له المسح عليه لأنه
مبطل للوضوء وخالف فيه باقي الجمهور والأصل ممنوع ولان التيمم طهارة لم يمسح فيها عليه ولا يبطل نزعه
كطهارة الماء والوضوء يبطل بنزع ما هو ممسوح
عليه فيه - و - الردة لا يبطل التيمم كالمائية وقد سلف البحث عنها مسألة لو وجد الماء في أثناء الصلاة فلعلمائنا أربعة أقوال أحدها يمضى مطلقا ولو تلبس بتكبيرة
الاحرام اختاره الشيخان والمرتضى وعليه اعمل وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور وداود واحمد في رواية لقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم ولقوله (ع) ولا ينصرف أحدكم
من الصلاة حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وقول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل
في الصلاة يمضى في الصلاة ولأنه بدل من الماء وقد تحقق متصلا بالمقصود فيسقط اعتبار المبدل كما لا عبرة بوجود الطول بعد نكاح الأمة ولأنه وجد المبدل بعد التلبس
بالمقصود فلم يلزم الخروج كما لو وجد الرقبة بعد التلبس بالصوم الثاني يرجع ما لم يركع وهو قول الشيخ والمرتضى لقول الباقر (ع) وقد سئل فان أصاب الماء وقد دخل في
الصلاة فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين وهو محمول على الشروع في الصلاة وأطلق عليها اسم الركوع اطلاقا
لاسم الجزء على الكل وأراد أولا بالدخول في الصلاة الشروع في مقدماتها من الاذان وغيره الثالث قال سلار ما لم يقرأ لأنه قد اتى بأكثر الأركان وهو النية والتكبير
والقراءة عند من يجعلها ركنا الرابع قال ابن الجنيد ما لم يركع في الثانية لأنه فعل معظم الصلاة وقال أبو حنيفة والثوري واحمد في رواية تبطل صلاته مطلقا الا ان أبا حنيفة
فيقول لا تبطل بذلك صلاة الجنايز والعيدين ولا برؤية سؤر الحمار والبغل لان زوال العذر في أثناء الصلاة يبطلها كانقطاع دم الاستحاضة وهو ممنوع والفرق انه
جوز لها الصلاة مع حدث لم تأت عنه بطهارة للضرورة وقال الأوزاعي يصير نفلا بحجة ابن أبي
حنيفة وقد أبطلناها فروع - آ - الأقرب عندي استحباب العدول إلى النفل
مع سعة الوقت وهو أحد قولي الشافعي لأنه سوغنا له العدول إلى النافلة لتدارك فضيلة الاذان والجماعة وهذا أولي ويحتمل المنع لأنها فريضة صحيحة فلا ينصرف
عنها وهو الثاني لهم - ب - لو رأى الماء في الصلاة ثم فقده قبل فراغه قال الشيخ ينتقض التيمم في حق الصلوات المستأنفة وبه قال الشافعي في حق النوافل لأن الماء لم يمنع من
فعل صلاة هو فيها بالتيمم ومنع من افتتاح صلاة أخرى كما يمنع من الافتتاح لو وجده قبلها ويحتمل عدم النقض لعدم الشرط وهو التمكن من الاستعمال إذ الشرع
منع منه ويمكن الجواب بان المنع الشرعي لا يرفع القدرة لأنها صفة حقيقة والحكم معلق عليها - ج - لو رعف في أثناء صلاته ثم وجد الماء لزمه ان ينصرف ويغسل الدم
ويتوضأ وان لم يجد من الماء الا ما يغسل الدم عنه غسله ولا يستأنف التيمم وقال الشافعي يستأنف لأنه بالطلب بطل تيممه. - د - لو رأى في أثناء النافلة احتمل
النقض في المستأنفة والعدم كالفريضة للامر بالاتمام مسألة لو وجد الماء بعد فراغه من الصلاة لم يعد وهو قول عامة العلماء سواء كان في الوقت ان سوغناه
مع السعة أو لا لأنه امتثل فيخرج عن العهدة ولان رجلين خرجا في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما وصليا ثم وجد الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء و
الصلاة ولم يعد الاخر ثم آتيا رسول الله صلى الله عليه وآله فذكرا له ذلك فقال صلى الله عليه وآله للذي لم يعد أصبت السنة وأجزأتك صلاتك وقال صلى الله عليه وآله للذي أعاد لك الاجر مرتين ومن طريق الخاصة
قول الباقر (ع) وقد سئل فان أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت تمت صلاته ولا إعادة عليه وقال طاوس يعيد ما صلى بالتيمم فإنه بدل فإذا وجد الأصل انتقض حكم
65

البدل كالحاكم إذا حكم بالقياس ثم وجد النص بخلافه وهو خطأ لان النص موجود وقت حكمه بالقياس وأخطأ في طلبه فكان بمنزلة نأسى الماء في رحله فروع - آ - لو وجد
الماء في الوقت بعد الصلاة ان سوغناه مع السعة لم يعد على ما تقدم وبه قال الفقهاء الأربعة لما تقدم من الأحاديث وقال عطاء والزهري وربيعة يعيد تحصيلا للمصلحة
الصلاة بالطهارة وقد بينا حصولها بفعل البدل - ب - لو أحدث في الجامع يوم الجمعة ومنعه الزحام عن الخروج للطهارة تيمم وصلى لعدم تمكنه من استعمال الماء وخوف فوت
الجمعة ولا يعيد للامتثال وقال الشيخ وابن الجنيد يعيد لقول علي (ع) وقد سئل عن رجل يكون في الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفه ولا يستطيع الخروج من المسجد لكثرة الناس
يتيمم ويصلى معهم ويعيد إذا انصرف والراوي السكوني قال الصدوق لا اعمل بما ينفرد به - ج - قد بينا أنه إذا وجد الماء في الصلاة لم ينصرف وقال احمد ينصرف وهل يستأنف
وجهان أصحهما الاستيناف لفوات الشرط والثاني البناء كالذي سبقه الحدث مسألة التيمم لا يرفع الحدث بالاجماع ولأنه لو وجد الماء وجب عليه الطهور بحسب الحدث السابق
فلو لا بقاؤه لكان الموجب وجود الماء لانتفاء وجود غيره ووجود الماء ليس حدثا والا لتساوي المحدث والمجنب وهو باطل فان المحدث لا يغتسل والمجنب
لا يتوضأ وقيل ترفع الحدث واختلف في النسبة فاسنده قوم إلى ابن أبي
حنيفة وآخرون إلى مالك تذنيب لو تيمم المجنب ثم أحدث ووجد ماء للوضوء تيمم بدلا من الغسل وبه
قال مالك والثوري لان التيمم لا يرفع الحدث به فالجنابة باقية وقد زالت الاستباحة بالحدث فيجب التيمم للجنابة السابقة وقال السيد المرتضى في شرح الرسالة يتوضأ بالماء
وبه قال أبو حنيفة لأنه متمكن من الماء فلا يجوز التيمم ونمنع الأولى وكذا لو تيمم الجنب ثم أحدث أعاد التيمم بدلا من الغسل لا من الحدث لبقاء الجنابة مسألة الجنب لو
نسى الجنابة فتيمم معتقدا انه محدث ثم ذكر فالوجه الأجزاء ان سويناهما والا فلا على اشكال وقال في الخلاف مقتضى المذهب المنع لاشتراط نية بدلية الوضوء أو الغسل
وبه قال مالك واحمد لأنهما عبادتان مختلفتان في النية فلا تسقط إحديهما بنية الأخرى وقال الشافعي بالاجزاء وبه رواية عن مالك لتساويهما وكل حدثين تساوت
طهارتهما سقط فرض أحدهما بنية الأخرى كالبول والغايط ولأنه لو ذكر الجنابة لم يكن عليه أكثر مما فعل إذ لا يلزمه ان ينوى بتيممه الا استباحة الصلاة وقد فعل مسألة
الجنب كالمحدث إذا لم يجد الماء يتيمم وهو قول عامة العلماء لان عمار أجنب فتمعك في التراب فقال النبي صلى الله عليه وآله انما يكفيك هكذا وضرب يديه على الأرض ومسح وجهه و
كفيه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) عن ابائه عن أبي ذر انه اتى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله هلكت جامعت على غير ماء قال فامر النبي صلى الله عليه وآله بمحمل فاستترت به وبماء فاغتسلت انا
وهي ثم قال يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين وقال عمر وابن مسعود لا يجوز له التيمم وقيل رجعا عن ذلك ورواه ابن المنذر عن النخعي لأنه تعالى ذكر التيمم في الاحداث
دون الجنابة وهو غلط لان قوله صلى الله عليه وآله فلم تجدوا ماء راجع إلى لجميع مسألة الطهارة عندنا لا تتبعض فلو كان بعض بدنه صحيحا وبعضه جريحا يتيمم وكفاه عن غسل الصحيح
وهو أحد قولي الشافعي لأنه مريض غير قادر على الماء فوجب البدل وفى الاخر يغسل الصحيح ويتيمم للجريح لقول جابر خرجتا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في
رأسه ثم احتلم فسال أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء
فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وآله أخبر بذلك فقال قتلوه
قتلهم الله الا سألوا إذا لم يعلموا فان شفاء الغى السؤال انما كان يكفيه ان يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليه ويغسل ساير جسده وهو ممنوع لان فيه الجمع بين المسح على
الجباير والتيمم والشافعي لا يقول به وقال أبو حنيفة إن كان أكثر بدنه صحيحا غسل الصحيح ولا يتيمم وإن كان أكثره جريحا تيمم ولا يغسل الصحيح لعدم وجوب الجمع بين البدل والمبدل
كالصيام والاطعام فروع - آ - لو تمكن من المسح بالماء على العضو الجريح أو على جبيرة وغسل الباقي وجب ولا يتيمم خلافا للشافعي لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل تكون
به القرحة في ذراعه أو غير ذلك من أعضاء الوضوء فيعصبها بالخرقة إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة - ب - لو كان بعض بدنه صحيحا وبعضه جريحا فاجنب تيمم وعند الشافعي
يجمع بين غسل الصحيح والتيمم ويتخير ان شاء قدم التيمم ثم غسل الصحيح وان شاء غسل الصحيح ثم تيمم للجريح إذ الترتيب في الجنابة عنده ساقط وإن كان محدثا وكان
القرح في الوجه فان شاء بدأ بالتيمم ثم غسل الصحيح من وجهه وان شاء غسل الصحيح من وجهه ثم تيمم لان العضو الواحد لا ترتيب فيه نعم يجب تقديم التيمم على غسل اليدين وإن كان في عضو اخر غسل ما قبله
وإن كان على وجهه قرح وعلى يديه اخر غسل الصحيح من وجهه ثم تيمم لموضع القرح ثم غسل الصحيح من يده ثم تيمم - ج - لو غسل الصحيح وتيمم للجريح ثم برأ الجرح بطل حكم التيمم
فيه ووجب غسله عنده - د - لو كان على قرحه دم يخاف من غسله تيمم للحدث وصلى ولا يعيد وبه قال أبو حنيفة والمزني لأنه امتثل المأمور فخرج عن العهدة وقال الشافعي يعيد
لأنه صلى بالنجاسة فإذا ترك الطهارة لعذر نادر غير متصل أعاد كالمحبوس في المصر ونمنع الأصل ويعارض بان النجاسة إذا لم تمنع من فعل الصلاة لم تمنع من الاعتداد بها كنجاسة
المستحاضة - ه‍ - لو كان على موضع التيمم خرقة لقرح لا يخاف من نزعها وجب عليه نزعها ولو خاف من نزعها مسح بالتراب عليها وصلى ولا إعادة عليه للامتثال وقال الشافعي
يعيد لان التيمم لا يجزى على حايل دون العضو وهو ممنوع - و - إذا تيمم جاز ان يصلى ما شاء عندنا على ما تقدم ولو كان بعض أعضائه جريحا وقال الشافعي إذا غسل السليم وتيمم
للجراحة استباح فريضة واحدة وما شاء من النوافل فان أراد ان يصلى فريضة أخرى أعاد التيمم لأجل الجراحة ويعيد الغسل في كل عضو يترتب على الغضو المجروح وفى القدر الصحيح
من المجروح وما قبله وجهان - ز - إذا رفع الجبيرة بعد الاندمال أو قبله ليعيد الجبيرة عليه فإن كان محدثا تطهر وإن كان متطهرا فهو على طهارته عندنا وقال الشافعي بطل
طهره فيما تحت الجبيرة وفى المرتب عليه من الأعضاء وهل يلزمه استيناف الوضوء قولان له ولو كانت الجبيرة على عضوين فرفع إحديهما لا يلزم رفع الأخرى عنده بخلاف
الماسح على الخف إذا نزع أحد الخفين فإنه يلزمه نزع الاخر لان شرطه لبس الخفين دفعة - ح - لو رفع الجبيرة عن موضع الكسر فوجده مندملا فان قلنا برفع الحدث فلا إعادة
لما بعد الاندمال والا فالوجه الإعادة لكل ما صلاه بعد الاندمال دون المشكوك فيه واضطرب قول الشافعي والمشهور قولان عدم الإعادة لأنه (ع) لم يأمر به عليا (ع) ووجوبها
لأنه عارض نادر - ط - لو كان به جرح ولا جبيرة غسل جسده وترك الجرح لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الجرح كيف يصنع صاحبه قال يغسل ما حوله وقال الباقر (ع) لا يغسله
ان خشى على نفسه ولان الضرورة أسقطت غسله وسقط التيمم لئلا يجمع بين البدل والمبدل وقال الشافعي يغسل الصحيح وتيمم للجرح وعن أحمد يمسح الجرح ويغسل ما
فوقه وهو جيد ان أمن الضرر مع المسح مسألة لو نسى الماء في رحله فتيمم وصلى أعاد وهو أظهر وجهي الشافعي وبه قال احمد وأبو يوسف لقول الصادق (ع) يتوضأ و
يعيد ولأنه فرط في الطلب وانه اجتهد حسب ما يلزمه لوجده ولأنها طهارة تجب مع الذكر فإذا نسيها لم تسقط عنه كما لو شك في الطهارة ثم صلى ثم تيقن الحدث وحكى
أبو ثور عن الشافعي عدم الإعادة وبه قال أبو حنيفة وبه قال السيد المرتضى وعن مالك روايتان لأنه مع النسيان غير قادر على استعمال الماء لان النسيان حال بينه وبين الماء
فكان فرضه التيمم كما لو حال السبع والفرق التفريط في صورة النزاع وقال الشيخ ان اجتهد وطلب لم يعد والا أعاد لأنه صلى بتيمم مشروع ولا طريق إلى إزالة النسيان فصار كعدم
الوصلة فروع - آ - لو كان في رحله ماء فحال العدو بينه وبين رحله تيمم وصلى ولا إعادة عليه اجماعا - ب - لو كان الماء في رحله فضل عنه فحضرت الصلاة فطلب الماء فلم يجد تيمم
وصلى ولا إعادة عليه لأنه غير مفرط وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يعيد كالناسي - ج - لو كان بقربه بئر فخفيت عنه فإن كان قد طلب فلا إعادة والا أعاد لتفريطه مسألة لو صلى
66

بتيمم ثم أحدث في الأثناء ووجد الماء قال الشيخان ان تعمد الحدث أعاد والصلاة بعد الوضوء وإن كان سهوا توضأ وبنى على ما مضى من صلاته لرواية محمد بن مسلم عن أحدهما (ع)
انه يخرج ثم يتوضأ ويبنى على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم وانما نزلها الشيخان على السهو لان تعمد الحدث مبطل للصلاة اجماعا فلا يجوز حمل الرواية عليه إذ الخبر
لا يعارض الاجماع وحملت الرواية على السهو ولان الواقع في الصلاة وقع مشروعا مع بقاء الحدث فلا يبطل بزوال الاستباحة كالمبطون إذا فجئه الحدث والمستحاضة ولا
ينتقض بالطهارة المائية لارتفاع الحدث فيها فالحدث المتجدد مبطل لذلك الرفع والأقرب عندي وجوب الاستيناف مسألة إذا اجتمع محدث وميت وجنب و
معهم من الماء ما يكفي أحدهم فإن كان ملكا لأحدهم اختص به وان لم يكن ملكا لاحد أو لباذل أو اوصى لاحقهم به قال الشيخ في الخلاف يتخيروا في التخصيص لأنها فروض
اجتمعت وليس البعض أولي فتعين التخيير ولاختلاف الروايات ففي رواية عن الكاظم (ع) اختصاص الجنب وفى أخرى مرسلة اختصاص الميت فتعين التخيير وله قول اخر
اختصاص الجنب لاتصال الرواية به ولأنه متعبد بالغسل مع وجود الماء والميت قد سقط الفرض عنه بالموت وهو أحد الروايتين عن أحمد والاخرى اختصاص
الميت وبه قال الشافعي لأنه خاتمة عمله فيستحب أن تكون طهارته كاملة والحي يرجع إلى الماء فيغتسل ولان القصد بغسل الميت تنظيفه ولا يحصل بالتيمم والقصد بغسل
الحي إباحة الصلاة وهي تحصل بالتيمم فروع - آ - لا يجوز للمالك بذله لغيره مع وجوب الصلاة عليه لأنه متمكن من الماء فلا يجوز العدول إلى التيمم ولقول الصادق (ع)
وقد سئل عن قوم كانوا في سفر أصاب أحدهم جنابة وليس معهم الا ما يكفي الجنب يتوضأون أم يعطونه الجنب قال يتوضئون هم ويتيمم الجنب - ب - لو أمكن ان يستعمله
أحدهم ويجمع فيستعمله الاخر فالأولى تقديم المحدث لان رافع الجنابة إما غير مطهر أو مكروه - ج - لو كان مباحا فالسابق أولي فان توافوا دفعة فهم شركاء ولو تمانعوا فالمانع
آثم ويملكه القاهر لأنه سابق - د - لو اجتمع جنب أو حايض فالأقوى تقديم الحايض لأنها تقضى حق الله وحق زوجها في إباحة الوطي ويحتمل الجنب الرجل لأنه أحق بالكمال
من المراة - ه‍ - لو اجتمع جنب ومحدث فالجنب أولي لأنه يستفيد به ما لا يستفيده المحدث وإن كان وفق (وقت) حاجة المحدث فهو أولي لأنه يستفيد به طهارة كاملة وان لم يكف
أحدهما فالجنب أولي لأنه يطهر به بعض أعضائه ولو كفى كل واحد منهما ويفضل منه فضله لا تكفى الاخر فالمحدث أولي لان فضلته يمكن للجنب استعمالها ويحتمل الجنب لاستفادته
ما لا يستفيده المحدث - و - لو تقلب المرجوح أساء وأجزأ لان الاخر لا يملكه - ز - لو اجتمع ميت ومن على بدنه نجاسة احتمل تقديم الميت لأنه اخر عهده بالماء وغسل
النجاسة إذ لا بدل لها وللشافعي كالوجهين ولو اجتمع من على بدنه نجاسة مع محدث أو حايض أو جنب فإزالة النجاسة أولي لعدم البدل الباب السابع في اللواحق
وفيه فصول الأول في الأواني والجلود مسألة أقسام الأواني أربعة ما يتخذ من الذهب أو الفضة أو من العظام أو من الجلود أو ما عدا ذلك ويحرم استعمال المتخذ من
الذهب والفضة في اكل وشرب وغيرهما عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد وعامة العلماء والشافعي في الجديد لقول النبي صلى الله عليه وآله الذي يشرب في آنية الفضة
انما يجرجر في جوفه نار جهنم معناه يلقى في جوفه وهذا وعيد يقتضى التحريم وقول الصادق (ع) لا تأكل في آنية الذهب والفضة والنهى للتحريم ولاشتماله على الفخر والخيلاء
وكسر قلوب الفقراء وقال الشافعي في القديم انه مكروه غير محرم والنهى فيه نهى تنزيه لان الغرض ترك التشبه بالأعاجم والخيلاء وإغاظة الفقراء وذلك لا يقتضى التحريم
وليس بجيد لاشتمال الحديث عليه وقال داود انه يحرم الشرب فقط لان النبي صلى الله عليه وآله حض الشرب بذلك وهو غلط لما رواه حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا تلبسوا
الحرير والديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة ونهى الصادق (ع) عن الاكل فروع - آ - لا فرق في تحريم الاستعمال
بين الأكل والشرب وغيرها كالبخور والاكتحال منه والطهارة وشبهه وجميع وجوه الاستعمال لان في تحريم الأكل والشرب تنبيها على منع غيرهما ولان الباقر (ع) نهى عن
آنية الذهب والفضة ولا يمكن تعلق النهى بالعين فيصرف إلى المنافع وهي وجوه الاستعمالات - ب - لا يحرم المأكول والمشروب منهما وإن كان الاستعمال محرما لتعلق النهى به لا
بالمستعمل - ج - قال بعض الشافعية انما يكون مستعملا للمجمرة إذا بسط ثوبه عليها فاما إذا كانت بعيدة منه فلا يكون استعمالا وليس بجيد بل لو وضع البخور في الاناء كان
استعمالا لها مع الاستنشاق - د - لا فرق في التحريم بين الرجال والنساء اجماعا لوجود المقتضى فيهما وانما أبيح التحلي في حق المراة لحاجتها إلى التزين للرجل والتجمل عنده
وهو مختص بالحلى فتختص الإباحة به مسألة يحرم اتخاذ أواني الذهب والفضة من غير استعمال وهو أحد قولي الشافعي لان ما حرم استعماله مطلقا حرم اتخاذه
على هيئة الاستعمال كالآلات الملاهي ولان فيه تعطيلا للمال وسرفا وخيلاء ولنهى الباقر (ع) وهو يتناول الاتخاذ ولقول الكاظم ان انية الذهب والفضة متاع الذين
لا يؤمنون وللشافعي قول بالجواز لان الخمر ورد بتحريم الاستعمال فلا يحرم الاتخاذ كما لو اتخذ الرجل ثياب الحرير والفرق عدم تحريم الثياب مطلقا فإنها تباح للنساء
وللتجارة مسألة لو توضأ أو اغتسل من انية الذهب والفضة فعل محرما وصحت طهارته وبه قال الشافعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي لأن الطهارة تحصل باجراء
الماء على العضو وذلك يحصل بعد انفصاله عن الاناء وقال بعض الحنابلة لا تصح لأنه استعمل المحرم في العبادة فلا تصح كالصلاة في الدار المغصوبة وهو خطأ لان
انتزاع الماء من الاناء ليس جزاء من الوضوء والطهارة انما تقع بعد انقضاء ذلك الاستعمال فيكون كما لو قهر غيره على تسليم ثوب نفسه ليستتر به في الصلاة والتصرف
جزء من الصلاة في الدار المغصوبة وهو منهى عنه فلهذا بطلت تذنيب لو جعل انية الذهب والفضة مصبا لماء الوضوء ينفصل الماء إليه عن أعضائه لم يبطل
وضوئه لأنه قد رفع الحدث قبل وقوعه في الاناء وبعض الحنابلة ابطله لما فيه من الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء وهو غلط لان فعل الطهارة حصل قبل وصول الماء إلى
الاناء مسألة اختلف علماؤنا في المفضض فجوزه في المبسوط وبه قال أبو حنيفة وإن كان كثيرا لغير حاجة لأنه صار تابعا للمباح ولقول الصادق (ع) لا باس بان يشرب الرجل
في القدح المفضض واعزل فمك عن موضع الفضة ومنعه في الخلاف لما فيه من الخيلاء والبطر وتعطيل المال ولما رواه بريد عن الصادق (ع) انه كره الشرب في الفضة وفى
القداح المفضضة وكذلك ان يدهن في مدهن مفضض والمشط كذلك وقال الشافعي إن كان المضبب على شفة الاناء لم يجز الشرب منه لئلا يكون شاربا على
فضة وإن كان في غيرها جاز وقال بعض الشافعية لا فرق بين ان يكون في شفة أو غيرها في التحريم وبه قال مالك ومن الشافعية من قسم المضبب أربعة أقسام يسير لحاجة
كحلقة القصعة وضبتها وهو مباح لان النبي صلى الله عليه وآله كان حلقة قصعته وقبيعة سيفه من فضة واذن لعرفجة ابن أسعد لما قطع انفه يوم الكلاب ان يتخذ انفا من فضة
فأنتن عليه فاذن له ان يتخذ انفا من ذهب وكثير لحاجة فيكره لكثرته ولا يحرم للحاجة إليه وقليل لغير حاجة فلا يحرم لقلته ويكره لعدم الحاجة إليه وكثير لغير حاجة
ويحرم خلافا لأبي حنيفة والتفصيل في المضبب بالفضة إما المضبب بالذهب فهو حرام عندهم على الاطلاق فروع - آ - إذا سوغنا الشرب من المفضض قال الشيخ (ره) يجب
عزل الفم عن موضع الفضة لقول الصادق (ع) واعزل فمك عن موضع الفضة والامر للوجوب وقيل بالاستحباب عملا بالأصل وبما رواه معوية بن وهب عن الصادق (ع) سئل عن القدح فيه ضبة فضة فقال لا باس الا ان
يكره الفضة فينزعها عنه - ب - لا باس باتخاذ اليسير من الفضة كالحلقة للقصعة والضبة والسلسلة والقبيعة للسيف لان الكاظم (ع) كان له مراة كذلك - ج - لا باس باتخاذ
67

ما ليس باناء كالصفايح في قايم السيف والميل وقد روى أن العياشي عذر فعمل له قضيب ملبس بفضة نحو ما يعمل للصبيان من عشرة دراهم فامر به أبو الحسن (ع) فكسر
وهو يعطى المنع - د - لو استأجر صايغا ليعمل له اناء فان قلنا بتحريم الاتخاذ مطلقا لم يستحق اجرة لبطلان العقد كما لو استأجره لعمل صنم والا استحق ه‍ لو كان له اناء فكسره اخر ضمن النقصان ان سوغنا الاتخاذ والا فلا - و - لو شرب وفى فيه دنانير أو دراهم أو طرحهما في الكوز وشرب لم يكن
به باس اجماعا لعدم اتخاذ ذلك من الزنية والتجمل - ز - لو اتخذ اناء من ذهب أو من فضة وموهها بنحاس أو رصاص حرم وهو أحد وجهي الشافعي لان الاسراف موجود هنا و
الثاني الإباحة لان السرف لا يظهر للناس فلا يخشى فتنة الفقراء ولو عكس جاز وللشافعي وجهان - ح - لو اتخذ انفا من ذهب أو فضة أو سنا أو أنملة لم يحرم بحديث عرفجة
ابن أسعد ولو اتخذ إصبعا أو يدا فللشافعية قولان الجواز قياسا على الانف والسن والتحريم لأنه زينة محصنة إذ لا منفعة به - ط -. - ط - لا يجوز اتخاذ أواني الذهب و
الفضة لتزيين المجالس لان الخيلاء فيه أكثر وللشافعي وجهان ي المموه إن كان يحصل منه شئ بالعرض على النار حرم والا فاشكال وللشافعية وجهان يا في
المكحلة الصغيرة وظرف الغالية للشافعية وجهان التحريم وهو المعتمد لأنه يسمى اناء والإباحة لان قدره يحتمل ضبة للشئ فكذلك وحده مسألة نجس العين كالكلب
والخنزير لا يقع عليه الذكاة فلا يجوز استعمال جلده سواء دبغ أو لا ذهب إليه علماؤنا أجمع لأنها أعيان نجسة في حال الحياة وغاية الدباغ بنزع الفضلات والاستحالات
والحياة أبلغ في دبغهما فإذا لم تفد الحياة الطهارة فالدباغ أولي وكذا فروعهما وما يتولد منهما أو من أحدهما مع
بقاء الاسم والآدمي لا تقع عليه الذكاة فجلده
نجس ولو غسل أو سلخ بعد الغسل فاشكال ينشأ من ورود التطهير بالغسل وكذا جلد الشهيد مسألة جلد الميتة لا يطهر بالدباغ سواء كان من نجس العين أو
طاهرها وسواء كان من مأكول اللحم أو لا عند علمائنا أجمع الا ابن الجنيد وبه قال عمر وابن عمر وعائشة وهو إحدى الروايتين عن مالك واحمد لقوله تعالى حرمت عليكم
الميتة وتحريم الأعيان ينصرف إلى تحريم جميع المنافع منها و من اجزائها ولما رواه عبد الله بن عكيم قال قرء علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن بأرض جهينة ان لا تستنفعوا من الميتة باهاب
ولا عصب ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلم وقد سئل عن الميتة ينتفع بشئ منها قال لا و كتب الكاظم عليه السلام لا ينتفع من الميتة باهاب ولا عصب ولان الموت سبب للتنجيس
ولم يثبت المزيل وقال الشافعي تطهر كل الجلود بالدباغ الا الكلب و الخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما ورواه عن علي عليه السلام وابن مسعود وفى آدمي عنده وجهان لقوله عليه السلام
أيما اهاب دبغ فقد طهر وحديث ابن عكيم متأخر لأنه قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وآله بشهرين ولأنه روى فيه كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا اتاكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من
الميتة باهاب ولا عصب وهو يدل على التأخر فيتعين العمل به وروى عن مالك انه يطهر ظاهره دون باطنه فيصلى عليه ولا يصلى فيه ويستعمل في الأشياء اليابسة
دون الرطبة وهو قول الشافعي وقال الأوزاعي وأبو ثور وإسحاق يطهر جلد ما يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل لحمه لقوله عليه السلام دباغ الأديم ذكاته فشبه الدباغ بالذكاة و
الذكاة لا تعمل فيما لا يؤكل لحمه وقال أصحاب الرأي الجلود كلها تطهر بالدباغ الا جلد الخنزير والانسان فجلد الكلب يطهر بالدباغ للعموم وهو غلط لأنه نجس العين
في حياته فلا يطهر جلده بالدباغ كالخنزير وقال داود تطهر كلها حتى الخنزير وهو مروى عن أبي يوسف لعموم أيما اهاب دبغ فقد طهر وهو محمول على المذكى لقوله عليه السلام
لا تنتفعوا من الميتة باهاب وقال الزهري ينتفع بجلود الميتة بكل حال وان لم يدبغ لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر بشاة ميتة فقال ما على أهل هذه لو أخذوا اهابها
فانتفعوا به ولم يذكر الدباغ ومن شرط الدباغ روى فيه زيادة فدبغوه فانتفعوا به وعندنا ان الحديث ممنوع لما تواتر من النقل عن أهل البيت (ع) من منع ذلك وروايتهم عن علي
عليه السلام خلاف ذلك مدفوعة لان أولاده عليه السلام اعرف بمذهبه وقد سئل الصادق عليه السلام الميتة ينتفع بشئ منها فقال لا فقلت قوله إن النبي صلى الله عليه وآله قال ما كان على أهل هذه الشاة ان
ينتفعوا باهابها قال كانت لسودة بنت زمعة وكانت مهزولة فتركوها حتى ماتت فقال ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها أي بالذكوة وسال
عبد الرحمن بن الحجاج الصادق عليه السلام اشترى الفرا من سوق المسلمين فيقول صاحبها هي ذكية هل يصلح ان أبيعها على انها ذكية فقال لا قلت وما أفسد ذلك قال استحلال أهل العراق
الميتة وزعموا أن دباغ جلد الميتة ذكاته ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الا على رسول الله صلى الله عليه وآله تذنيب وفى جواز الانتفاع بها في اليابس اشكال الأقرب عدمه لعموم النهى وعن أحمد
الجواز قياسا على الانتفاع بالكلب وهو ممنوع لبطلان القياس مسألة ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الطاهر في الحياة كالسباع وغيرها يقع عليه الذكاة الا الآدمي وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد و
نعنى بوقوع الذكاة بقاؤه على طهارته لان الذكاة أقوى من الدباغ لأنها تطهر اللحم والجلد ولقوله تعالى الا ما ذكيتم والتذكية الذباحة فتكون مطهرة لوجود صورتها
إذا كان المذبوح طاهرا ولأنها تخلى الحيوان من العفن المقتضى للتحريم ولقول الصادق عليه السلام لا يصلى فيما لا يؤكل لحمه ذكاة الذابح أو لم يذكه وهو يدل على أن الذبح مطهر وقال الشافعي
والأوزاعي وأبو ثور لا تقع الذكاة الا على ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل لحمه إذا ذبحه نجس وكان ذلك موته لأنها ذكاة لا تبيح اللحم فلا تطهر الجلد والملازمة ممنوعة إما ما يؤكل
لحمه فإذا زكى حل اكله وكان طاهرا وجاز استعمال جلده قبل الدباغ وبعده ما لم يصبه دم فان اصابه دم غسله اجماعا مسألة إذا ذكى ما لا يحل اكله جاز استعمال
جلده بعد الدبغ في غير الصلاة عند علمائنا أجمع وهل يجوز قبله قال الشيخ والمرتضى لا يجوز لأنها تزيل العفن والدسومة وقيل بالجواز لان الذكاة تقع عليه فيستغنى
بها عن الدباغ لأنها لو لم تقع عليه لكان ميتة والميتة لا تطهر بالدباغ مسألة إذا شرطنا الدباغ فإنه يكون بما كانت العرب تدبغ به كالقرظ وهو ورق السلم
ينبت بنواحي تهامة أو الشب بالباء المنقطة تحتها نقطة وهو يشبه الزاج وقيل بالشاء المنقطة فوقها ثلاث نقاط وهو شجر مر الطعم لا يعلم هل يدبغ به أم لا وكذا بالعفص
وقشر الرمان وما أشبه ذلك من الأجسام الطاهرة التي تنشف الرطوبة وتنفى الخبث ولو دبغ بالأشياء النجسة قال ابن الجنيد لا يطهر والأقرب انه يطهر بالغسل وبه
قال الشافعي وقال احمد لا يطهر لان النجس لا يطهر النجس وهو قول الشافعي وما روى عن الرضا عليه السلام انه سئل عن جلود الذارش فقال لا تصل فيها فإنها تدبغ بخروء الكلب
محمول على الصلاة قبل الغسل فروع آ الرماد ان أصلح الجلد جاز الدباغ به - ب - التراب والتشميس لا تحصل بهما الدبغ عند الشافعي لأنه لا يا من الفساد ومتى يلحقه
الماء عاد إلى حاله وقال أبو حنيفة انه يحصل بهما الدباغ ج - إذا دبغ جلد الميتة لم يطهر عندنا على ما تقدم واختلف الشافعية فقال بعضهم لا بد من الغسل بالماء القراح ومنعه
آخرون مسألة القائلون بطهارة جلد الميتة بالدباغ اختلفوا فقال الأوزاعي وإسحاق وأبو ثور بالمنع في جلود السباع قبل الدباغ وبعده وكره سعيد بن جبير والحكم
ومكحول وإسحاق الصلاة في جلود الثعالب ورووه عن علي عليه السلام وعمر وكره عطا وطاوس ومجاهد الانتفاع بجلود السنانير ورخص ابن سيرين وعروة والزهري في الركوب على
جلود النمور وأباح الحسن والشعبي وأصحاب الرأي الصلاة في جلود الثعالب لأنها تفدى في الاحرام فكانت مباحة ولقيام الدليل على طهارة جلد الميتة بالدباغ
فروع - آ - جلد الميتة كما لا يحل استعماله بعد الدباغ كذا لا يحل اكله لقوله تعالى حرمت عليكم الميتة ولأنه جزء من الميتة فحرم اكله كساير اجزائه وأباح بعض الشافعية
وبعض الحنابلة اكله وللشافعي قولان لقوله عليه السلام دباغ الأديم ذكاته ولا يلزم من الطهارة ان قلنا بها إباحة الاكل وأجاز القفال من الشافعية اكل جلد الميتة غير
المأكول لأنه طاهر يمكن تناوله ولا مضرة فيه - ب - لا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدباغ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه نجس كالكلب واما بعد الدباغ فكذلك عندنا لان الدباغ لا يطهره وبه قال مالك والشافعي في القديم وقال في الجديد يجوز بيعه وبه قال أبو حنيفة لأنه طاهر وهو ممنوع - ج - الإجارة
68

وساير وجوه الانتفاع كالبيع مسألة ما يتناثر من جلد الميت من اجزاء الدواء نجس لملاقاة النجس وللشافعي وجهان بناء على وجوب غسله بعد الدباغ فان أوجبه فهو نجس والا
فلا ولان نجاستها كنجاسة الجلد فإذا زالت نجاسته حكم بطهارتها كما أن نجاسة الدن لما فيه من الخمر فإذا انقلبت خلا طهر الدن فإذا دبغ الجلد وبقى عليه الشعر
بعد الدباغ لم يحكم بطهارته عندنا وهو ظاهر وهو أحد قولي الشافعي لان الدباغ لا تأثير له في الشعر فإنه قبل الدباغ وبعده على صفة واحدة بخلاف الجلد فان
الدباغ يصلحه والثاني الطهارة فان حكم الشعر حكم ميتة مسألة ما يتناثر من الجلد الشعر والوبر والصوف
والريش من طاهر العين طاهر ما دام متصلا به اجماعا وفى نجس العين كالكلب
والخنزير قولان عندنا الأقوى النجاسة وبه قال الشافعي وقد تقدم ذلك ولو ذبح مأكول اللحم فشعره وصوفه وريشه طاهر وكذا إذا جز منه حيا اجماعا ولو ماتت لم ينجس
بالموت بل يجوز جزه ويكون طاهرا وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري واحمد وإسحاق والمزني لأنه لا روح فيه فلا ينجس بالموت وقال الشافعي ان فيه روحا وينجس
بالموت وبه قال عطا والحسن البصري والأوزاعي والليث بن سعد لأنه جزء من الحيوان ينمى بحيوته وقال حماد بن ابن أبي
سليمان انه ينجس بموت الحيوان أو يطهر بالغسل واما
غير المأكول فكذلك عندنا وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري واحمد واسحق والمزني وقال الشافعي انه نجس في حال اتصاله بالحي فان جز في حياته أو ذكى الحيوان أو مات فهو
نجس واما الآدمي ففيه قولان بناء على أنه هل ينجس بالموت أم لا فان قال بعدم النجاسة فشعره طاهر بكل حال وان قال بالنجاسة فإنه طاهر مع الاتصال نجس بعد الانفصال
ويعفى عن قليله لعدم الاحتراز منه ونقل المزني ان الشافعي رجع عن تنجيس شعر بنى ادم لأنه تعالى أكرمهم وعلى تقدير نجاسة شعرهم ففي شعر رسول الله صلى الله عليه وآله وجهان الطهارة لأنه لما
حلق شعره فرقه على أصحابه والنجاسة لان ما كان من الآدمي نجسا كان منه كذلك كالدم وعندنا انه طاهر على ما تقدم مسألة العظم والقرآن والظفر من الحيوان الطاهر العين
طاهر وإن كان ميتا لأنه لا تحله الحياة وكان للكاظم عليه السلام مشط من عاج وبه قال أبو حنيفة والثوري وقال الشافعي انه ينجس بالموت وبه قال مالك واحمد وإسحاق والمزني لقوله تعالى قل
يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو محمول على احياء صاحبها مسألة الأقوى في مذهبها نجاسة اللبن في ضرع الميتة وبه قال مالك والشافعي واحمد لأنه مايع في وعاء نجس
فانفعل بالملاقاة وقال أبو حنيفة يحل شربه وبه قال داود وهو رواية لنا لان الصحابة لما فتحوا المداين اكلوا الجبن وهو يعمل بالإنفحة وهو تؤخذ من صغار المعز فهي بمنزلة
اللبن وذبح المجوس كموت الحيوان والبيضة في الدجاجة الميتة طاهرة وان اكتست الجلد الفوقاني وبه قال الشافعي مسألة الأواني المتخذة من غير جنس الأثمان يجوز
استعمالها غلت أثمانها كالبلور والياقوت والفيروزج أو لا كالخزف والزجاج والخشب ذهب إليه علماؤنا أجمع وهو أحد قولي الشافعي عملا بالأصل السالم عن معارضة النص لاختصاصه
بالذهب والفضة والثاني تحريم النفيس لما فيه من السرف فأشبه أواني الفضة وينتقض بالثياب النفيسة ولأن هذه الأشياء لا تعرفها الا الخواص فلا افتتان للعامة فيها بخلاف الفضة
مسألة أواني المشركين طاهرة ما لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة فيجب غسلها وبه قال احمد وإسحاق لقوله تعالى انما المشركون نجس وقال الشافعي لا يجب وقد تقدم الفصل
الثاني في الحمام وآدابه مسألة يجوز اتخاذ الحمام وبيعه وشراؤه من غير كراهة وكذا اجارته عملا بالأصل ولما فيه من المنافع من التنظيف وغيره ودخل علي عليه السلام الحمام
وعمر فقال عمر بئس البيت الحمام يكثر فيه العنا ويقل فيه الحياء فقال علي عليه السلام نعم البيت الحمام يذهب الأذى ويذكر بالنار وكره احمد بناءه وبيعه وشراؤه واجارته لحديث عمر
واتباع علي عليه السلام أولي مسألة ولا باس بدخوله اجماعا مع الاستتار وتترك النظر إلى عورة غيره لان النبي صلى الله عليه وآله دخل حماما بالجحفة وكذا ابن عباس وخالد بن الوليد والحسن وابن
سيرين ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه السلام وقد سئل عن الحمام ادخله بميزر وغض بصرك ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام فإنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد
الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم ودخل الصادق عليه السلام الحام فقال له صاحب الحمام نخليه لك فقال لا ان المؤمن خفيف المؤنة ودخل الكاظم عليه السلام وغيرهما من الأئمة عليهم السلام
واما الاستتار فلترك التعرض للحرام وهو النظر إلى العورة قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا تعرى أحدكم نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا ونهى أمير المؤمنين عليه السلام ان لا يدخل الرجل
الا بميزر وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بميزر وروى حنان بن سدير عن أبيه قال دخلت انا وأبى وجدى وعمى حماما في المدينة فإذا
رجل في بيت المسلخ فقال لنا ممن القوم فقلنا من أهل العراق فقال وأي العراق فقلنا كوفيون فقال مرحبا بكم يا أهل الكوفة واهلا أنتم الشعار دون الدثار ثم قال ما يمنعكم
من الازار فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال عورة المؤمن على المؤمن حرام قال فبعث عمى إلى كرباسة فشقها بأربعة ثم اخذ كل واحد منا واحدا ثم دخلنا فيها فلما كنا في البيت
الحار صمد لجدي فقال يا كهل ما يمنعك من الخضاب فقال له جدي أدركت من هو خير منى ومنك لا يخضب فقال ومن ذلك الذي هو خير منى قال أدركت علي بن أبي
طالب عليه السلام ولا يخضب فنكس رأسه فتصاب عرقا فقال صدقت وبررت ثم قال يا كهل ان تخضب فان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد خضب وهو خير من على وان تترك فلك بعلى أسوة قال
فلما خرجنا من الحمام سألنا عن الرجل في المسلخ فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام ومعه ابنه محمد بن علي عليهما السلام مسألة ويجوز للنساء دخوله مع الستر لعذر من حيض أو نفاس أو غيرهما
أو لغير عذر لما فيه من التنظيف والتحسين ولقول علي عليه السلام وقد قيل له ان سعيد بن عبد الملك يدخل جواريه الحمام وما باس إذا كان عليهن الازار لا تكن عراة كالحمير ينظر بعضهم
إلى سواة بعض وقال احمد لا يجوز الا لعذر لقول عايشه سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول إن المراة إذا خلعت ثيابها في غير بيت زوجها هتكت سترها بينها وبين الله
عز وجل وهو محمول على الكراهة بمعنى ترك الأولى أو على غير الحمام وقد روى كراهة بعثهن إلى الحمام قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبعث بحليلته إلى
الحمام مسألة لو اغتسل عريانا بين الناس فعل محرما والأقرب اجزاء الغسل وإن كان خاليا جاز لان موسى وأيوب عليهما السلام اغتسلا عريانين وان استتر كان أولي لان
النبي صلى الله عليه وآله كان يستتر يثوب ويغتسل وقال فالله أحق ان يستحى من الناس ونهى صلى الله عليه وآله عن الغسل تحت السماء الا بميزر وعن دخول الأنهار الا بميزر وقال إن للماء أهلا وسكانا وروى
الجمهور عن الحسن والحسين عليهما السلام انهما دخلا الماء وعليهما بردان فقيل لهما في ذلك فقالا ان للماء سكانا مسألة ويجوز ذكر الله تعالى في الحمام لان النبي صلى الله عليه وآله كان يذكر الله على كل
احيائه ولا يكره فيه قرائة القرآن وبه قال النخعي ومالك لان الكاظم عليه السلام سئل عن الرجل يقرأ في الحمام وينكح فيه فقال لا باس وقال أبو بصير سألته عن القراءة في الحمام فقال
إذا كان عليك ازار فاقرأ القرآن ان شئت كله وكرهه أبو وابل والشعبي والحسن ومكحول واحمد لأنه محل التكشف ويفعل فيه ما لا يستحسن في غيره فاستحب صيانة القرآن
عنه واما السلام فالأقرب تسويغه لعموم قوله عليه السلام افشوا السلام ودخل الكاظم عليه السلام الحمام وعليه ازار فوق النورة فقال السلام عليكم قال الصدوق وفى هذا اطلاق في التسليم في
الحمام لمن عليه ميزر والنهى الوارد عن التسليم فيه هو ان لا ميزر عليه مسألة ويستحب للداخل أشياء آ - أن يقول ما روى عن الصادق عليه السلام وقت نزع ثيابه اللهم انزع عنى
ربقة النفاق وثبتني على الايمان فإذا دخل البيت الأول قال اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي واستعيذ بك من اذاه فإذا دخل البيت الثاني قال اللهم اذهب عنى الرجس
النجس وطهر جسدي وقلبي وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك وصب منه على رجليك وان أمكن ان تبلع
منه جرعة فافعل فإنه ينقى المثانة والبث في البيت الثاني ساعة
فإذا دخلت البيت الثالث فقل نعوذ بالله من النار ونسأله الجنة وترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار فإذا لبست ثيابك فقل اللهم البسني التقوى وجنبني الردى - ب -
69

الأطلاء لان الصادق عليه السلام كان يطلى في الحمام وقال الكاظم عليه السلام ألقوا الشعر عنكم فإنه نجس وقال أمير المؤمنين عليه السلام النورة طهور - ج - قال الصادق عليه السلم من أراد أن يتنور
فليأخذ من النورة ويجعله على طرف انفه ويقول اللهم ارحم سليمان بن داود كما أمرنا بالنورة فإنه لا تحرقه النورة انشاء الله - د - قال أمير المؤمنين عليه السلام أحب للمؤمنين
ان يطلوا في كل خمسة عشر يوما وقال الصادق عليه السلام السنة من النورة في كل خمسة عشر يوما مرت عليك عشرين يوما وليس عندك فاستقرض على الله عز وجل وقال
أمير المؤمنين عليه السلم ينبغي للرجل ان يتوقا النورة يوم الأربعاء فإنه يوم نحس مستمر وقال الكاظم عليه السلام من تنور يوم الجمعة فأصابه البرص فلا يلومن الا نفسه - ه‍ - طلي الإبط
كان الصادق عليه السلام يطلي إبطيه في الحمام ويقول نتف الإبط يضعف المنكبين ويوهى ويضعف البصر وقال عليه السلام حلقه أفضل من نتفه وطليه أفضل من حلقه - و - التدلك
بالحناء عقيب الأطلاء قال الصادق عليه السلام الحناء على اثر النورة أمان من الجذام والبرص مسألة يكره له أشياء قال الصادق عليه السلام إياك وشرب الماء البارد والفقاع في الحمام فإنه
يفسد المعدة ولا تفيضن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت منه فإنه يسل الداء من جسدك وقال الصادق عليه السلام لا تتك في
الحمام فإنه يذيب شحم الكليتين ولا تسرح في الحمام فإنه يرفق الشعر ولا تغسل رأسك بالطين فإنه يسمج الوجه ولا تدلك بالخزف فإنه يورث البرص ولا تمسح وجهك بالإزار
فإنه يذهب بماء الوجه وروى أن ذلك طين مصر وخزف الشام والسواك في الحمام يورث وباء الأسنان وقال الكاظم عليه السلام لا تدخلوا الحمام على الريق ولا تدخلوه حتى تطعموا
شيئا وقال الرضا عليه السلام لسليمان الجعفري وقد مرض حتى ذهب لحمه يسرك ان يعود إليك لحمك فقال نعم فقال الزم الحمام غبا فإنه يعود إليك لحمك وإياك ان تدمنه فان ادامته
تورث السل الفصل الثالث في أمور تتعلق بالظفرة قال الصادق عليه السلام قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء واستحموا يوم الأربعاء وأصيبوا من الحجامة حاجتكم يوم الخميس
وتطيبوا بأطيب طيبكم يوم الجمعة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من اتخذ شعرا فليحسن ولايته أو ليجزه وقال عليه السلام خفوا الشوارب واعفوا اللحى ولا تشبهوا باليهود
ونظر إلى رجل طويل اللحية فقال ما كان على هذا لو هيأ من لحيته فبلغ الرجل ذلك فهيأ لحيته بين لحيتين عن الجنبين ثم دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما رآه قال هكذا فافعلوا وقال عليه السلام
ان المجوس جزوا لحاهم ووفروا شواربهم واما نحن نجز الشوارب ونعفى اللحى وهي الفطرة وقال (عليه السلام) الشيب نور فلا تنتفوه ويستحب الخضب
فان رجلا دخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد صفر لحيته فقال ما أحسن هذا ثم دخل عليه بعد هذا وقد اقنى بالحناء فتبسم عليه السلام وقال هذا أحسن
من ذلك ثم دخل عليه وقد خضب بالسواد فضحك وقال هذا أحسن من ذلك وذاك وقال لعلى عليه السلام يا علي درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل الله وقال
الباقر عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخضب وهذا شعره عندنا وروى أنه كان في رأسه ولحيته عليه السلام سبع عشرة شيبة وكان النبي صلى الله عليه وآله والحسين والباقر عليهما السلام
يخضبون بالكتم وكان زين العابدين يخضب بالحنا والكتم وقال الصادق عليه السلام غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون وقال الكاظم عليه السلام غسل الرأس بالسدر
يجلب الرزق جلبا وقال الصادق عليه السلام تقليم الأظفار يوم الجمعة يؤمن من الجذام والجنون والبرص والعمى فإن لم تحتج فحكها حكا وقال عليه السلام اخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام وسئل الرضا عليه السلام عن قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد قال من ذلك التمشط عند كل
صلاة وقال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه استأصل شعرك يقل درنه ودوابه ووسخه وتغلظ رقبتك ويجلو بصرك ويستريح بدنك وهي يعطى نفى كراهة الحلق قال ابن عبد البر أجمع
العلماء في جميع الأمصار على إباحة الحلق وفى رواية عن أحمد انه مكروه والاجماع بخلافه وقال عليه السلام من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرقه الله بمنشار من نار وقال عليه السلام من سرح لحيته
سبعين مرة وعدها مرة مرة لم يقربه الشيطان أربعين يوما وقال عليه السلام ما زاد من اللحية على القبضة فهو في النار ولعن رسول الله صلى الله عليه وآله الواصلة والمستوصلة والواشمة
والمستوشمة والواشرة والمستوشرة فالواصلة التي تصل الشعر بشعر اخر والمستوصلة التي تسئل ان يوصل شعرها والواشمة التي تغرز الكف أو الجبهة بالإبرة
وتتبعه بالخضاب حتى يخضر والمستوشمة التي تسأله والواشرة التي تشر الأسنان حتى تظهر في طرقها رقة وتجدد أطراف الأسنان والمستوشرة التي يفعل بها ذلك وعلل الشافعي
تحريم الوصل إما بنجاسة الشعر أو بكونه شعر أجنبي لا يحل النظر إليه وإن كان مجزوزا على أحد الوجهين وإن كان شعر بهيمة ولم تكن المراة ذات زوج فهي متعرضة للتهمة وإن كانت
ذات زوج فهي ملبسة وإن كان بإذن الزوج لم يحرم على أقيس الوجهين وعندنا العلة في شعر الآدمي ما ذكره في شعر الدابة تم الجزء الأول من كتاب تذكرة الفقهاء ويتلوه في
الثاني كتاب الصلاة فرغت من تسويده في أربع وعشرين صفر سنة ثلاث وسبعمائة وكتب مصنف الكتاب حسن بن يوسف بن المطهر الحلي غفر الله له وللمؤمنين والمؤمنات
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصلاة وفيه مقاصد الأول المقدمات وفيه فصول الأول في اعدادها
مسألة الصلاة لغة الدعاء وشرعا ذات الركوع والسجود وهي من أهم العبادات قال علي عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان عمود الدين الصلاة وهي أول ما ينظر
فيه من أعمال ابن ادم فان صحت نظر في عمله وان لم تصح لم ينظر في بقية عمله وهي واجبة بالنص والاجماع مسألة الصلاة إما واجبة أو مندوبة فالواجبات تسع الأولى
اليومية والثانية صلاة الجمعة والثالثة العيدين والرابعة الكسوف والخامسة الزلزلة والسادسة الآيات والسابعة الطواف والثامنة ما يلتزمه بنذر والتاسعة
شبهة والمندوب ما عداه وهو إما النوافل اليومية أو غيرها وسيأتي بيان ذلك مفصلا انشاء الله تعالى واليومية خمس الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح
بالاجماع ولا يجب ما عداها عند العلماء الا أبا حنيفة فإنه أوجب الوتر لقوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وايجاب الوتر يسقط هذا الوصف وقول
النبي صلى الله عليه وآله ثلاث على فريضة ولكم تطوع الوتر والنحر وركعتا الفجر وجاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فسأله عن الاسلام فقال خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل على غيرها فقال
لا الا أن تطوع ثم سأله عن الصوم فقال شهر رمضان فقال هل على غيره فقال لا الا ان تطوع ثم سأله عن الصدقة فقال هل على غيرها فقال لا الا ان تطوع فادبر الرجل وهو
يقول والله لا أزيد على هذا ولا انقص منه فقال النبي صلى الله عليه وآله أفلح ان صدق ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام انما كتب الله الخمس وليس الوتر مكتوبة ولأنها تصلى على
الراحلة اختيارا ولا شئ من الواجب كذلك وقال أبو حنيفة الوتر فرض قال ابن المبارك ما علمت أحدا قال الوتر واجب الا أبا حنيفة قال حماد بن يزيد (زيد) قلت لأبي
حنيفة كم الصلوات قال خمس قلت فالوتر قال فرض قلت لا أدرى يغلط في الجملة أو في التفصيل واحتج بقوله ان الله
زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها وهو محمول على الندب مسألة الظهر أربع ركعات في الحضر بتشهدين وتسليم وركعتان في السفر بتشهد وتسليم وكذا
العصر والعشاء والمغرب ثلاث ركعات فيهما بتشهدين وتسليم والصبح ركعتان فيهما معا بتشهد وتسليم ولا خلاف في ذلك بين علماء الاسلام وانما الخلاف في
القصر هل هو واجب أو لا وسيأتي مسألة والنوافل إما راتبة أو غير راتبة إما ان تتبع الفرايض أو لا فالتابعة للفرايض عندنا ثلاث وعشرون ركعة قبل
الصبح وقبل الظهر ثمان وكذا قبل العصر وبعد المغرب أربع وبعد العشاء ركعتان من جلوس يعدان بركعة لقول الصادق عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى من التطوع مثلي
الفرض ويصوم من التطوع مثلي الفرض وقال عليه السلام كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلى ثمان ركعات للزوال وأربعا الأولى وثماني بعد ها وأربعا العصر وثلاثا المغرب وأربعا بعدها والعشاء
أربعا وثماني في صلاة الليل وثلاثا الوتر وركعتي الفجر وصلاة الغداة وركعتين وفى خبر آخر وركعتين بعد العشاء كان ابن أبي
يصليهما وهو قاعد وانا اصليهما وانا
70

قائم وسال البزنطي أبا الحسن عليه السلام عن النوافل فقال انا اصلى واحدة وخمسين ثم عد بأصابعه حتى قال وركعتين من قعود يعدان بركعة من قيام وقال أبو حنيفة ركعتان قبل الفجر
وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها وأربع قبل العصر وان شاء ركعتين وركعتان بعد المغرب وأربع قبل العشاء وأربع بعدها وان شاء ركعتين للحديث وقال احمد عشر
ركعتان ركعتان قبل الصبح وركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وللشافعي قولان أحدهما ثماني ركعات
ركعتان قبل الصبح وركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب والثاني هذا مع زيادة ركعتين بعد العشاء وله ثالث ثمان عشرة ركعتان قبل
الصبح وأربع قبل الظهر وأربع بعدها و أربع قبل العصر وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء ورواياتنا أولي إما أولا فلان أهل البيت عليه السلام اعرف بمواقع الشرع
الهابط في بيوتهم واما ثانيا فلان فيه زيادة على ما ذكروه والعمل بالزيادة أولي مسألة وغير التابعة للفرايض منها صلاة الليل وفيها فضل كثير نزل جبرائيل
على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له يا جبرئيل عظني قال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه شرف المؤمن صلاته
بالليل وعزه كف الأذى عن الناس وقال الصادق عليه السلام ان البيوت التي يصلى فيها بالليل بتلاوة القرآن تضئ لأهل السماء كما تضئ نجوم السماء لأهل الأرض ومدح
الله تعالى أمير المؤمنين عليه السلام بقيام صلاة الليل بقوله عز وجل امن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه واناء الليل ساعاته وقال النبي صلى الله عليه وآله
لأبي ذر يا أبا ذر احفظ وصية تنفعك من ختم له بقيام الليل ثم مات فله الجنة مسألة المشهور عندنا ان صلاة الليل إحدى عشرة ركعة ثمان صلاة الليل و
اثنتان للشفع ويوتر بواحدة وبه قال احمد وزيد بن ثابت وابن عباس وعايشة وأبو حنيفة لكنه يجمع بين الثلاثة الأخيرة بتسليمة يجعلها الوتر لما روت عايشة ان رسول
الله صلى الله عليه وآله كان يصلى ما بين ان يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم بين كل ركعتين ويوتر منها بواحدة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وثمان من اخر الليل ثم
الوتر ثلاث ركعات يفصل بينها بتسليم ثم ركعتي الفجر إذا عرفت هذا فالوتر عندنا واحدة لا يزاد عليها وما يصلى قبله ليس من الوتر وهي رواية عن أحمد وفى أخرى يوتر بثلاث
ونقلوه عن علي عليه السلام وعمر وأبى وأنس وابن عباس وابن مسعود وأبى امامه وعمر بن عبد العزيز وبه قال أصحاب الرأي وقال الثوري وإسحاق الوتر ثلاث وخمس وسبع وتسع
واحدى عشرة وقال ابن عباس انما هي واحدة أو خمس أو سبع أو أكثر من ذلك توتر بما شاء وما تقدم من الحديث يبطل هذه الأقاويل وفعل معاذ القارئ ذلك وتبعه
رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكره أحد وقال الوتر ركعة كان ذلك وتر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبهذا قال سعيد بن المسيب وعطا ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو ثور
قالوا يصلى ركعتين ثم يسلم ثم يوتر بركعة وروى ابن عباس وابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله قال الوتر ركعة من اخر الليل مسألة ويستحب فيه القنوت والدعاء بالمرسوم في
جميع السنة وبه قال ابن مسعود وإبراهيم والنخعي وأصحاب الرأي والحسن واحمد في رواية لان عليا عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في اخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من
سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا احصى ثناءك أنت كما أثنيت على نفسك وكان الدوام والاخبار من طريق أئمتنا عليهم السلام متواتره بالقنوت
والدعاء فيه وقال الشافعي ومالك لا تقنت الا في النصف الأخير من رمضان وروى عن علي عليه السلام وأبى وابن سيرين والزهري وهو رواية عن أحمد لان عمر جمع الناس على ابن أبي
ابن
كعب فكان يصلى بهم عشرين ليلة ولا يقنت الا في النصف الباقي وقال قتادة يقنت في السنة كلها الا في النصف الأول من رمضان وعن ابن عمر لا يقنت في صلاة بحال والكل
ضعيف لما تقدم ولأنه ذكر الشرع في الوتر فيشرع في جميع السنة فروع آ - القنوت قبل الركوع عند علمائنا وبه قال مالك وأبو حنيفة وروى عن أبي وابن مسعود
وأبى موسى والبراء وابن عباس وأنس وعمر بن عبد العزيز وعبيدة و عبد الرحمن بن ابن أبي
ليلى لقول ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت قبل الركوع وعن أبي ان النبي صلى الله عليه وآله كان يوتر فيقنت قبل
الركوع ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سأله معوية بن عمار عن القنوت في الوتر قال قبل الركوع قلت فان نسيت أقنت إذا رفعت رأسي فقال لا قال الصدوق انما منع عليه السلام
من ذلك في الوتر والغداة خلافا للعامة لانهم يقنتون بعد الركوع وأطلق في ساير الصلوات لانهم لا يرون القنوت فيها وهذا تنزيل جيد ويدل على الاطلاق قول
الصادق عليه السلام إذا نسى القنوت فذكره وقد اهوى للركوع فليرجع قائما فليقنت ثم يركع وإن كان وضع يديه على ركبتيه مضى على صلاته وقال الشافعي يقنت بعد الركوع
ورووه عن علي عليه السلام وأبى بكر وعمر وعثمان وأبى قلابه وأيوب السجستاني واحمد في رواية لان أبا هريرة روى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت بعد الركوع وما ذكرناه أولي لموافقة نقل أهل البيت عليهم السلام
على أنه محمول على الدعاء بعد الركوع فإنه مستحب - ب - ليس في الوتر دعاء موظف لانهم عليهم السلام قنتوا بأدعية مختلفة ولان إسماعيل بن الفضل سال الصادق عليه السلام ما أقول في الوتر قال ما
قضى الله على لسانك وبه قال الشافعي واحمد أحسن ما يقال ما رواه الحسن بن علي عليه السلام قال علمني رسول الله صلى الله عليه وآله كلمات أقولهن في الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت
وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقنى شر ما قضيت انك تقضى ولا يقضى عليك انه لا يذل من واليت
ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت إذ لا حجة فيه
إذ لم تمنع من غيره - ج - يستحب الاستغفار في الوتر سبعين مرة قال الصادق عليه السلام في قوله تعالى وبالأسحار هم يستغفرون قال في الوتر في اخر الليل سبعين مرة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله
يستغفر الله سبعين مرة ويقول هذا مقام العايذ بك من النار سبع مرات - د - يستحب الدعاء بعد الرفع من الركوع لان الكاظم عليه السلام كان إذا رفع رأسه من اخر ركعة الوتر قال
هذا مقام من حسناته نعمة منك إلى اخر الدعاء - ه‍ - يجوز ان يدعو على عدوه في قنوته وأن يسال الله تعالى ما شاء لقول الصادق عليه السلام تدعوا في الوتر على العدو وان شئت
سميتهم وتستغفر وترفع يديك حبال وجهك وان شئت تحت ثوبك وكان زين العابدين عليه السلام يقول العفو العفو ثلاثمائة مرة في الوتر وكان الباقر والصادق عليهما السلام يدعوان
بدعاء الفرج ويزيد ان اللهم أنت نور السماوات والأرض إلى اخر الدعاء مسألة يستحب ان يقرأ في الأوليين من صلاة الليل الحمد مرة والاخلاص ثلاثين مرة
فقد روى أن من قراها انفتل (انتقل) وليس بينه وبين الله ذنب وروى في الأول بالاخلاص وفى الثانية بالجحد ويستحب الإطالة مع سعة الوقت بقراءة السور الطوال فان ضاق
الوقت خفف ولو بقرائة الحمد وحدها فان ضاق الوقت عن الصلاة صلى ركعتين وأوتر بعدها ثم صلى ركعتي الفجر والغداة وقضى ما فاته فإن كان قد طلع
الفجر اقتصر على ركعتيه وصلاة الغداة ولو كان قد تلبس من نافلة الليل بأربع زاحم بها الفريضة لرواية محمد بن النعمان عن الصادق عليه السلام ولو نسى ركعتين من صلاة
الليل ثم ذكرهما بعد الوتر قضا هما وأعاد الوتر وأفضل ما يقرأ في ركعتي الفجر الحمد والجحد في الأولى وفى الثانية الحمد والاخلاص ورواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق
الخاصة هشام بن سالم عن الصادق عليه السلام ويستحب ان يضطجع بعد ركعتي الفجر على جانب الأيمن ويقرأ خمس آيات من اخر آل عمران ويدعو بالمنقول ولو سجد عوض الضجعة
جاز لقول رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سأله سليمان بن خالد عما أقول إذا اضطجعت بعد ركعتي الفجر اقراء
خمس الآيات التي في اخر آل عمران وقل الدعاء وروى إبراهيم بن ابن أبي
البلاد قال صليت خلف الصادق عليه السلام صلاة الليل فلما فرغ جعل مكان الضجعة سجدة وأنكر احمد كون
الضجعة سنة قال الشيخ يجوز بدلا من الاضطجاع السجدة والمشي والكلام الا ان الاضطجاع أفضل وروى أن من صلى على محمد واله مائة مرة بين ركعتي الفجر وركعتي
الغداة وقى الله وجهه حر النار ومن قال مائة مرة سبحان ربى العظيم وبحمده استغفر الله ربى وأتوب إليه بنى الله له بيتا في الجنة ومن قرأ إحدى وعشرين قل هو الله أحد بنى الله
71

له بيتا في الجنة فان قراها أربعين مرة غفر الله له ويستحب السواك امام صلاة الليل لان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا استيقظ تسوك وتوضأ مسألة يستحب زيادة على الرواتب التنفل
بين المغرب والعشاء بأربع اثنتان ساعة الغفلة واثنتان بعدها لقول انس في تأويل قوله تعالى تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال كان يتنفلون ما بين المغرب والعشاء يصلون و
من طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من يصلى ركعتين يقرأ في الأولى الحمد ومن قوله وذا النون إلى قوله ينجى المؤمنين وفى الثانية الحمد وعنده مفاتح الغيب إلى اخر الآية ثم يدعوا
بدعائها ما سال الله حاجة الا أعطاه ما شاء وعن الباقر عن ابائه عليهم السلام عن علي عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال أوصيكم بركعتين بين العشائين يقرأ في الأولى الحمد
وإذا زلزلت ثلاث عشر مرة وفى الثانية الحمد مرة وقل هو الله أحد خمس عشر مرة ومن فعل ذلك في كل شهر كان من المؤمنين (موقنين) فان فعل في كل سنة كان من المحسنين فان فعل
في كل جمعه كان من المصلحين فان فعل في كل ليلة زاحمني في الجنة ولم يحص ثوابه الا الله مسألة ويسقط في السفر نوافل الظهرين ونافلة العشاء
وذلك سبع عشرة ركعة لأن هذه الفرايض يجب قصرها وهو يشعر بكراهة النفل لها ولقول الصادق عليه السلام يا بنى لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة وقال عليه السلام انما فرض الله
على المسافر ركعتين ليس قبلهما ولا بعد هما شئ الا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك وقال عليه السلام أربع ركعات بعد المغرب لا تدعهن في سفر ولا حضر وقال الرضا عليه السلام صل ركعتي الفجر
في المحمل وقال الصادق عليه السلام كان ابن أبي
لا يدع ثلاث عشر ركعة بالليل في سفر ولا حضر واما الركعتان من جلوس فالمشهور سقوطهما وروى جواز هما عن الرضا عليه السلام قال انما صارت العشاء مقصورة وليس يترك ركعتيها لأنهما زيادة في الخمسين تطوعا
ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتان من التطوع مسألة قال الصدوق قال ابن أبي
(رض) في رسالته إلي اعلم يا بنى ان أفضل النوافل ركعتا الفجر وبعدها ركعة
الوتر وبعد هما ركعتا الزوال وبعد هما نوافل المغرب وبعدها تمام صلاة الليل وبعدها تمام نوافل النهار وذهب الشافعي إلى أن الوتر وركعتي الفجر أفضل من غير هما وله في أن أيهما أفضل قولان ففي القديم ركعتا الفجر أفضل
وبه قال احمد وعليه علماؤنا لان عايشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن على شئ من النوافل أشد معاهده منه على ركعتين قبل الصبح ومن طريق الخاصة قول علي عليه السلام
في قوله تعالى ان قران الفجر كان مشهودا قال ركعتا الفجر يشهد هما ملائكة الليل والنهار ولأنها محصورة بعدد واختلف في عدد الوتر وقال في الجديد الوتر أفضل وبه قال مالك
لان النبي صلى الله عليه وآله قال من لم يوتر فليس منا ولأنه اختلف في وجوبها والحديث يراد به من لم يعتقد مشروعيته إذ لا يمكن حمله على ظاهره واما القول بالوجوب لا يثبت
الا حجية للاجماع على أنه خطا واختلف أصحابه فالمشهور ان المرجوحية تابعة للراجحة هنا وقال بعضهم الوتر أفضل ثم صلاة الليل ثم ركعتا الفجر مسألة يكره الكلام
بين المغرب ونوافلها لان أبا الفوارس نهاه الصادق عليه السلام ان يتكلم بين الأربع التي بعد المغرب ويستحب ان يسجد للشكر بعد الرابعة لئلا يفصل بين الفريضة ونافلتها لقول
أبى الحسن الهادي عليه السلام ما كان أحد من آبائي يسجد الا بعد الرابعة ولو سجد بعد الفريضة جاز لان الكاظم عليه السلام سجد عقيب الثالثة من المغرب وقال لا تدعها فان الدعاء فيها
مستجاب مسألة الأفضل في النوافل كلها ان يصلى ركعتين ركعتين كالرواتب الا الوتر وصلاة الأعرابي سواء في ذلك نوافل الليل والنهار وبه قال الحسن و
سعيد بن جبير ومالك والشافعي واحمد في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله كان يتطوع مثنى مثنى وقال (ع) صلاة الليل مثنى مثنى وقال عليه السلام مفتاح الصلاة الطهور وبين كل ركعتين
تسليمة ولأنها ابعد من السهو ومنع أكثر العلماء من الزيادة على الركعتين في تطوع الليل وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة ان شاء صلى ركعتين أو أربعا
أو ستا أو ثماني في صلاة الليل واما صلاة النهار فإنه قال يجوز ان يصلى ركعتين أو أربعا لا أزيد وهو رواية عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال أربع قبل الظهر
لا تسليم فيهن يفتح لهن أبواب السماء ولان الأربع مشروعية في الفرايض فاستحب في النوافل والحديث طعن فيه الشافعية وعورض بقول ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله قال صلاة
الليل والنهار مثنى مثنى ولأنه تطوع فكان ركعتين كركعتي الفجر وجميع الرواتب وينتقض قياسهم بالمغرب فإنها
مشروعة في الفرض ولا يستحب التنفل بالثلاث فروع
- آ - لا يجوز الزيادة على الركعتين في التنفل ليلا ونهارا قاله الشيخ وابن إدريس وبه قال مالك واحمد في رواية لأنها عبادة شرعية فيقف على مورد النص وقد ثبت ان
تطوعات النبي صلى الله عليه وآله مثنى مثنى وقال أبو حنيفة لا يزيد على الثماني في نوافل الليل ولا على الأربع في نوافل النهار وقال الشافعي لا يكره أي عدد أراد لكن الأفضل إذا جمع ان
يتشهد في كل ركعتين ثم يسلم في الأخير ولو صلى الجميع بتشهد واحد جاز وكذا يجوز لو تشهد عقيب كل ركعة ويجوز ان يصلى شفعا أو وترا وان يصلى بغير عدد و
في وجه لا يزيد على ثلاث عشرة ركعة والمشهور عندهم الأول قالوا له ان يزيد في عدد الركعات ما أراد ولكن لا يزيد في التشهد على تشهدين ويكون بين التشهدين ركعتان
حتى لو أراد ان يصلى ثماني ركعات ويتشهد بعد الرابعة والثامنة لا يجوز - ب - قال الشيخ في الخلاف لا يجوز الاقتصار في التنفل على الواحدة الا في الوتر وقال أبو حنيفة الراكعة الواحدة فإنها ليست صلاة لان
النبي صلى الله عليه وآله نهى عن البتيراء يعنى الركعة الواحدة ولأنه مخالف للتقدير الشرعي فيكون منفيا وقال الشافعي واحمد في رواية يجوز لان عمر تطوع في المسجد وصلى ركعة ثم خرج
فتبعه رجل فقال انما صليت ركعة قال هو تطوع فمن شاء زاد ومن شاء نقص ولا حجة في فعله مع مخالفة فعل النبي صلى الله عليه وآله - ج - لو نوى التنفل مطلقا صلى ركعتين لأنه
الكيفية المشروعة وقال الشافعي يصلى ما شاء والأولى عنده ان يسلم عن ركعتين وفى كراهة التسليم عن ركعة عنده وجهان مبنيان على أنه لو نذر الصلاة مطلقا هل يبرء بالواحدة
أم لا - د - لو شرع في النفل بأربع سلم عن ركعتين وقال الشافعي ان لم يقصد الاقتصار على ركعتين فان سلم ناسيا عاد وبنى على صلاته وان تعمد بطلت صلاته ولو شرع
بنية ركعتين ثم قام إلى الثالثة فإن كان ساهيا عاد وان تعمد بطلت وقال الشافعي ان قصد ان يصلى أربع ركعات أو ست ركعات جاز قياسا على المسافر إذا نوى الاتمام
في أثناء الصلاة وان لم يقصد بطلت كما لو زاد في الفرض عامدا. - ه‍ - قال الشافعي لو تحرم بركعة فله ان يجعلها عشرا فصاعدا وان تحرم بعشر فله ان يقتصر على واحدة
لكن يشرطان يغير النية قبل الزيادة والنقصان فلو زاد أو نقص قبل تغير النية بطلت صلاته كما لو نوى ركعتين ثم قام إلى الثالثة قبل نية الزيادة عمدا بطلت صلاته
ولو قام سهوا عاد وسجد للسهو وسلم عن ركعتين فلو بدا له بعدا القيام ان يزيد فيجب القعود ثم القيام في أصح الوجهين ولو نوى أربعا ثم سلم عن ركعتين قبل تغيير النية
بطلت صلاته إن كان عامدا وإن كان ساهيا أتم الأربع وسجد للسهو وان أراد الاقتصار فذلك السلام غير محسوب فيسجد السهو ويسلم مسألة صلاة الضحى عندنا
بدعة لقول عايشة ما رأيت النبي صلى الله عليه وآله يصلى الضحى قط سألها عبد الله بن شفيق أكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى الضحى قالت لا الا ان يجئ من مغيبة وقال عبد الرحمن ابن أبي
ليلى ما حدثني
أحد انه رأى النبي صلى الله عليه وآله يصلى الضحى الا أم هاني فإنها حدثت ان النبي صلى الله عليه وآله دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثمان ركعات ما رأيت قط صلى صلاة أخف منها غير أنه كان يتم الركوع
والسجود ومن طريق الخاصة انكار علي (ع) لها وسال زرارة وابن مسلم والفضيل الباقر والصادق (ع) عن الصلاة في رمضان نافلة بالليل جماعة فقال لا ان النبي صلى الله عليه وآله صعد على منبره
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ان الصلاة بالليل في شهر رمضان في النافلة جماعة بدعة وصلاة الضحى بدعة فلا تجمعوا في رمضان
الصلاة الليل ولا تصلوا الضحى فان ذلك بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار ولو كانت مشروعة لما خفى عن نساء النبي صلى الله عليه وآله ولا عن أولاده وأهل بيته و
72

وأطبق الجمهور على استحبابها لما روى أبو هريرة قال أوصاني خليلي بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وان اوتر قبل ان ارقد ويبعد ان يوصى بما لا يهتم به ولو اهتم
به لعرفته عايشة ولا دلالة في حديث أم هاني لجواز ان يكون فعله شكرا لفتح مكة لا يقال قد ورد ان الصلاة خير موضوع لأنا نقول لا امتناع بها في الاتيان باعتبار
كونها نافلة مبتدأة إما فعلها مع اعتقاد مشروعيتها في هذا الوقت بالخصوصية فإنه قد يكون بدعة ووقتها عند هم من حين ترتفع الشمس قليلا إلى أن تزول وأقلها ركعتان وأكثرها
ثمان مسألة يستحب نافلة رمضان عند علمائنا وبه قال الجمهور ولان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن طريق الخاصة
قول الصادق (عليه السلام) كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وانا أزيد فزيدوا ولأنه أفضل من غيره من الشهور واختص بليلة القدر التي هي خير من الف شهر ويضاعف
الحسنات فيه فناسب مشروعية زيادة أهم العبادات عند الشارع مسألة وقدرها الف ركعة عند علمائنا لقول الصادق (ع) يصلى في شهر رمضان الف ركعة وقال الشافعي
وأبو حنيفة واحمد يصلى في كل ليلة عشرين ركعة خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات بتسليمين لان عمر لما جمع الناس على ابن أبي
صلى بهم عشرين ركعة ونحن نقول بموجبه إذ
في العشر الأواخر يزاد في عدد الركعات لان ليلة القدر ترحى فيها فناسب الزيادة وقد كان ابن أبي
يصلى العشرين في كل ليلة الا العشر الأواخر فيختلف في بيته وكانوا يقولون
ابق ابن أبي
وقال مالك ست وثلثون لان أهل المدينة صلوا ذلك والراوي ضعيف ولأنهم قصدوا ما رواه أهل مكة حيث كانوا يطوفون سبعا بين كل ترويحين
فجعل أهل المدينة مكان كل سبع أربع ركعات إذا عرفت هذا فقد روى زيادة على الألف مائة ركعة ليلة النصف يقرأ في كل ركعة الحمد والاخلاص مائة مرة
مسألة وفى كيفية توزيعها روايتان إحديهما في كل ليلة عشرون ركعة ثم في الليالي الافراد وهي ليلة تسع وعشرة واحدى وعشرين وثلاث وعشرين في كل ليلة زيادة
ست ثم زيادة عشر في العشر الأواخر فذلك الف ركعة لرواية مسعدة بن صدقه وسماعة والاخرى كذلك الا انه يقتصر في ليالي الافراد على مائة وتبقى ثمانون فيصلى في كل
جمعة عشر ركعات بصلاة علي (ع) وفاطمة (عه) وجعفر وفى ليلة اخر جمعة من الشهر عشرين بصلاة علي (ع) وفى عشية تلك الجمعة ليلة السبت عشرين بصلاة فاطمة (عه) لرواية المفضل بن عمر
عن الصادق (عليه السلام) وإسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) إذا عرفت هذا فينبغي ان يقرا في المئات في كل ركعة الحمد والاخلاص مائة مرة مسألة المشهور انه يصلى بعد المغرب ثماني
ركعات والباقي بعد العشاء لرواية مسعدة وفى رواية سماعة يصلى بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة والباقي بعد العشاء وكلاهما لا بأس به وروى أن عليا (عليه السلام) كان يصلى في اخر
عمره في كل يوم وليلة من رمضان الف ركعة مسألة ولا تجوز الجماعة في هذه الصلاة عند علمائنا أجمع لقول زيد بن ثابت ان الناس اجتمعوا فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وآله
إليهم فرفعوا أصواتهم وحصنوا الباب فخرج مغضبا وقال ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت انها ستكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم فان خير صلاة المرء في بيته الا المكتوبة
ولو كانت الجماعة مستحبة لم يزهد فيها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) والصادق (عليه السلام) ان
النبي صلى الله عليه وآله خرج أول ليلة من شهر رمضان ليصلى فاصطفت الناس خلفه فهرب إلى بيته وتركهم
ففعل ذلك ثلاث ليال وقام في اليوم الرابع على منبره وقال أيها الناس ان الصلاة بالليل في رمضان نافلة في جماعة بدعة فلا تجمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل فان
ذلك معصية وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار ثم نزل وهو يقول قليل في سنة خير من كثير في بدعة وأطبق الجمهور على تسويغ الجماعة فيها لان عمر جمع الناس
على ابن أبي
ولا حجة فيه لانقضاء زمان النبي (صلى الله عليه وآله) وأبى بكر على عدم الاجتماع ولهذا قال عمر نعمت البدعة ونسبت الجماعة في التراويح إليه ولو كانت سنة لما كانت بدعة واختلفوا في الأفضلية
فقال مالك قيام رمضان في البيت لمن قرأ أحب إلى وكان ربيعة وجماعة من العلماء ينصرفون ولا يقومون مع الناس وقال أبو يوسف من قدر على أن يصلى في بيته كما يصلى مع
الامام في رمضان فأحب إلى أن يصلى في بيته وهو أحد قولي الشافعي لقول النبي (صلى الله عليه وآله) صلاة الرجل في بيته أفضل الا المكتوبة وهذا يدل على انتفاء المشروعية إذ لو كانت الجماعة
مشروعة لكانت أفضل كغيرها من الصلوات والقول الثاني للشافعي الاجتماع أفضل وبه قال احمد في رواية وهو مروى عن الليث بن سعد لان احمد روى أن عليا (ع) وجابرا و عبد الله
صلوها في جماعة وقد بينا ان عليا (ع) أنكر ذلك وأهل بيته وقد أنكر جماعه قيام علي (ع) مع الصحابة مسألة ينبغي ان يفصل بين كل ركعتين بالأدعية المأثورة من أهل البيت (على)
ولا يستحب قيام ليلة الشك لأنها لم تثبت من رمضان فصلوة رمضان فيها بدعة كما أن صومه بنية رمضان بدعة ولان الصحابة والتابعين لم يصلوها ونقل عن أحمد انه صلاها لقوله (ع)
ان الله فرض عليكم صيامه وسيثبت لكم قيامه فجعل القيام مع الصيام ونحن نقول بموجبه فان الصيام يوم الشك بنية رمضان حرام عندنا ويستحب ان يقرا في ليلة ثلاث و
عشرين سورة العنكبوت والروم قال الصادق (ع) من قرأ سورة العنكبوت والروم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين فهو والله يا أبا محمد من أهل الجنة لا استثنى فيها أحد أو
لا أخاف ان يكتب على في يميني اثما وان لهاتين السورتين من الله مكانا ويستحب ان يقرأ فيها الف مرة سورة القدر مسألة ويستحب من النوافل الموقتة غير ما تقدم صلوات - آ - صلاة
ليلة الفطر وهي ركعتان يقرا في الأولى الحمد مرة والاخلاص الف مرة وفى الثانية الحمد مرة والاخلاص مرة واحدة ويدعو بعدهما بالمنقول - ب - يستحب ان يصلى أول يوم من ذي الحجة صلاة فاطمة (عه) وفيه زوجها رسول
الله صلى الله عليه وآله من علي (ع) وروى أنه يوم السادس ثم يدعو بالمنقول - ج - صلاة يوم الغدير مستحبة بعد الغسل قبل الزوال بنصف ساعة وهي ركعتان يقرأ في كل واحدة الحمد مرة وكل واحدة من
الاخلاص وآية الكرسي وسورة القدر عشر مرات ثم تدعو بالمنقول وقد روى أبو الصلاح هنا استحباب الجماعة والخطبة والتصافح والتهاني لبركة هذا اليوم وشرفه بتكميل الدين
بنصب أمير المؤمنين (ع) - د - يستحب ان يصلى قبل الزوال بنصف ساعة يوم الصدقة بالخاتم وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة شكرا لله ركعتين يقرء في كل ركعة
الحمد مرة والاخلاص عشر مرات وآية الكرسي إلى قوله فيها خالدون عشر مرات والقدر عشر مرات قال الشيخ وهذه الصلاة بعينها رويناها في يوم الغدير وهي تعطى ان
أية الكرسي في يوم الغدير إلى قوله هم فيها خالدون - ه‍ - يستحب ان يصلى يوم المباهلة وهو الخامس والعشرون من ذي لحجة ما أراد من الصلاة ويستغفر الله عقيب كل ركعتين
سبعين مرة ويدعو بالمنقول - و - يستحب ان يصلى صلاة عاشورا قال الصادق (عليه السلام) لعبد الله بن سنان وقد رآه باكيا لمصاب جده (ع) ان أفضل ما يأتي به في هذا اليوم ان تعمد إلى
ثياب طاهرة فتلبسها وتتسلب قلت وما التسلب قال تحل ازارك ثم تحسر عن ذراعيك كهيئة أصحاب المصاب ثم تخرج إلى ارض مقفرة أو مكان لا يراك به أحد وتعمد إلى
منزل لك خال أو في خلوة منذ حين يرتفع النهار فتصلى أربع ركعات تحسن ركوعها وسجودها وتسلم بين كل ركعتين تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد وقل يا أيها الكافرون
وفى الثانية الحمد وقل هو الله أحد ثم تصلى ركعتين اخريين ثم تقرأ في الأولى الحمد وسورة الأحزاب وفى الثانية الحمد وإذا جاءك المنافقون أو ما تيسر من القرآن ثم تسلم وتحول
وجهك نحو قبر الحسين صلوات الله وسلامه عليه ومضجعه الحديث - ز - يستحب ان يصلى ليلة النصف من رجب اثنتي عشرة ركعة يقرا في كل ركعة الحمد وسورة فإذا فرغ قراء
الحمد والمعوذتين وسورة الاخلاص وآية الكرسي أربع مرات ويدعوا بالمنقول - ح - يستحب ان يصلى ليلة المبعث وهي ليلة السابع والعشرين من رجب أي وقت كان من الليل
اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد والمعوذتين والاخلاص أربع مرات ثم يدعو بالمنقول - ط - يستحب ان يصلى يوم المبعث اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد ويس فإذا
فرغ قراء الحمد أربع مرات وكذا الاخلاص والمعوذتين ودعا بالمنقول - ى - يستحب ان يصلى في أيام رجب ثلثين ركعة في كل ركعة الحمد مرة والاخلاص ثلث مرات والجحد ثلث مرات يصلى
73

عشرا في العشر الأول وعشرا في الأوسط وعشرا في الأخير ويدعوا بالمنقول رواه سلمان عن النبي (صلى الله عليه وآله) - يا - يستحب أن يصلى ليلة نصف شعبان أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد
والاخلاص مائة مرة ويدعو بالمنقول عن الباقر والصادق (عليهما السلام) وفى رواية عن الصادق (ع) استحباب ركعتين يقرأ في الأولى الحمد والجحد مرة وفى الثانية الحمد والاخلاص مرة
ويدعو بالمنقول وقال الباقر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى ليلة النصف من شعبان مائة ركعة يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد عشر مرات لم يمت حتى يرى منزله
من الجنة أو يرى له وروى الكاظم (ع) عن الصادق (ع) صلاة أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والاخلاص مأتين وخمسين مرة ثم يدعو بالمنقول وعن الرضا (ع) استحباب
صلاة جعفر (ع) وفى هذه الليلة ولد مولانا القائم (ع) وروى فيها صلوات غير ذلك - يب - يستحب ان يصلى في ليلة كل سبت أربع ركعات يقرا في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي
ثلث مرات وقل هو الله أحد فإذا سلم قراء أية الكرسي ثلث مرات ويصلى يوم السبت أربع ركعات يقرء في كل ركعة الحمد مرة وثلاث مرات الجحد فإذا فرغ قرء أية الكرسي ثلاث مرات ويصلى ليلة الأحد أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي والأعلى والاخلاص ويصلى يوم الأحد
أربع ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد وآمن الرسول إلى اخرها وليلة الاثنين اثنتي عشرة ركعة كل ركعة بفاتحة الكتاب وآية الكرسي فإذا فرغ قراء الاخلاص اثنتي
عشرة مرة واستغفر الله اثنتي عشرة مرة وصلى على النبي وآله عليهم السلام اثنتي عشرة مرة ويوم الاثنين عند ارتفاع النهار ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وآية الكرسي
والاخلاص والمعوذتين مرة مرة فإذا فرغ استغفر الله عشر مرات وصلى على النبي وآله (ع) عشر مرات ويصلى ليلة الثلاثاء ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد وآية الكرسي
والاخلاص وشهد الله مرة مرة وفى يوم الثلاثاء عشرين ركعة بعد انتصاف النهار في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة والاخلاص ثلث مرات ويصلى ليلة الأربعاء ركعتين
في كل ركعة الحمد وآية الكرسي والاخلاص والقدر مرة مرة وفى يوم الأربعاء اثنتي عشرة ركعة في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة والاخلاص ثلاث مرات والفلق ثلاث مرات والناس كذلك ويصلى ليلة
الخميس بين العشائين ركعتين يقرأ في كل واحدة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي خمس مرات والجحد والتوحيد
والمعوذتين كل واحدة خمس مرات فإذا فرغ استغفر الله
تعالى خمس عشرة مرة ويصلى يوم الخميس بين الظهرين ركعتين يقرأ في الأولى الحمد وآية الكرسي مائة مرة وفى الثانية الحمد والاخلاص مائة مرة ثم يستغفر الله مائة مرة بعد
فراغه ويدعو بالمنقول ويصلى ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة بين العشائين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب والاخلاص إحدى وأربعين مرة وروى عشرون ركعة في كل
ركعة الحمد والاخلاص إحدى عشرة مرة وروى ركعتان في كل واحدة الحمد والزلزلة خمس عشر مرات ورويت صلوات كثيرة ليلة الجمعة ويصلى يوم الجمعة صلاة
النبي صلى الله عليه وآله وهي ركعتان يقرأ في كل ركعة الحمد وانا أنزلناه خمس عشرة مرة فإذا ركع قراها خمس عشرة مرة فإذا انتصب قراها خمس عشرة مرة فإذا سجد قراها خمس عشرة مرة فإذا رفع رأسه من السجود قراها
خمس عشرة مرة فإذا سجد ثانيا قراها خمس عشرة مرة ثم يرفع رأسه من السجود إلى الثانية ويصلى كذلك فإذ أسلم دعا بالمنقول وصلاة علي (ع) أربع ركعات يقرأ
في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة الاخلاص ثم يدعو بالمنقول وفى رواية أربع ركعات الحمد مرة والتوحيد وألم تنزيل وفى الثانية يس وفى الثالثة الدخان وفى الرابعة
تبارك ويقول خمس عشرة مرة في الأحوال كلها ويدعوا بالمنقول وصلاة فاطمة (عه) ركعتان يقرأ الحمد والقدر مائة مرة وفى الثانية الحمد والاخلاص مأة مرة ثم يدعوا
بالمنقول وصلاة جعفر بن أبي طالب (ع) وتسمى صلاة التسبيح وصلاة الحبوة وهي أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في الأولى الحمد والزلزلة وفى الثانية الحمد والعاديات وفى
الثالثة الحمد والنصر وفى الرابعة الحمد والتوحيد فإذا فرغ من القراءة في كل ركعة قال خمس عشر مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثم يركع ويقولها عشرا
ثم ترفع رأسه ويقولها عشرا ثم يسجد ويقولها عشرا ثم يرفع ويقولها عشرا ثم يسجد ثانيا ويقولها عشرا ثم يجلس ويقولها عشرا ثم يقوم ثانيا فكذا باقي الركعات ثم يدعوا
بالمنقول والصلاة الكاملة وهي أربع ركعات قبل الزوال يقرأ في كل ركعة الحمد عشر مرات وكذا المعوذتين والتوحيد والجحد وآية الكرسي والقدر وشهد الله عشر مرات
فإذا فرغ استغفر الله مائة مره ودعا بالمنقول وصلاة الأعرابي وهي عشر ركعات يصلى ركعتين ثم يسلم ويصلى أربعا ثم يسلم ويصلى أربعا أخرى عند ارتفاع نهار الجمعة يقرا في الأولى الحمد
مرة والفلق سبع مرات وفى الثانية الحمد مرة والناس سبع مرات فإذا سلم قرأ أية الكرسي سبعا ثم يصلى ثماني ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والنصر مرة والاخلاص خمسا وعشرين
مرة ثم يدعو بالمنقول وروى صلاة فاطمة (عه) أربع ركعات وهي بعد الغسل يقرأ في الأولى الحمد والاخلاص خمسين مرة وفى الثانية الحمد والعاديات خمسين مرة وفى الثالثة
الحمد والزلزلة خمسين مرة وفى الرابعة الحمد والنصر خمسين مرة ثم يدعو بالمنقول وصلاة الهدية يصلى يوم الجمعة ثمان ركعات يهدى أربعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأربعا إلى فاطمة (عه)
وفى يوم السبت أربع ركعات يهدى إلى أمير المؤمنين (ع) ثم كذلك في كل واحد من الأئمة (ع) إلى يوم الخميس يصلى أربع ركعات يهدى إلى جعفر بن محمد (ع) ثم يوم الجمعة يصلى ثمان ركعات
يهدى أربعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأربعا إلى فاطمة (ع) ثم يوم السبت أربع ركعات يهدى إلى الكاظم (ع) ثم كذلك إلى يوم الخميس أربع ركعات يهدى إلى صاحب الزمان (ع) وصلاة
الحسين عليه السلام يوم الجمعة أربع ركعات بثمانمائة مرة الحمد والاخلاص يقرأ في الأولى بعد التوجه الحمد خمسين مرة وكذا الاخلاص فإذا ركع قرا الحمد عشرا والاخلاص عشرا وكذا في الأحوال في
كل ركعة مائتي مرة ثم يدعو بالمنقول ويستحب ان يختم القرآن يوم الجمعة ثم يدعوا بدعاء زين العابدين عليه السلم - يج - يستحب صلاة الحاجة يوم الجمعة روى عن الباقر (ع) ركعتين
يدعو بعد هما بالمنقول وعن الصادق (ع) صوم الأربعاء والخميس والجمعة ثم يغتسل يوم الجمعة ويلبس ثوبا نظيفا ثم يصعد إلى أعلا موضع في داره ويصلى ركعتين ويدعو بالمنقول
وفى أخرى صلاة جعفر (ع) بعد صوم الثلاثة والصدقة عشية الخميس بعشرة امداد على عشرة مساكين وعن الرضا (ع) صوم الأربعاء والخميس والجمعة ثم يغسل رأسه بالخطمي يوم
الجمعة ويلبس أنظف ثيابه ويتطيب ويتصدق على امرء مسلم بما تيسر ثم ليبرز إلى افاق السماء ويستقبل القبلة ويصلى الركعتين في الأولى الحمد وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة
ثم يركع ويقراها خمس عشرة مرة ثم يرفع رأسه ويقراها خمس عشرة مرة ثم يرفع رأسه فيقراها خمس عشرة مرة ثم يسجد ثانيا فيقراها خمس عشرة
مرة ثم يرفع رأسه فيقراها خمس عشرة مرة ثم ينهض ويفعل مثل ذلك ويقولها قبل التشهد خمس عشرة مرة ثم يسلم بعد التشهد ويقراها بعد التسليم خمس عشرة مرة
ثم يسجد فيقراها خمس عشرة مرة ثم يضع خده الأيمن فيقراها خمس عشرة مرة ثم الأيسر ويقراها خمس عشرة مرة ثم يعود إلى السجود فيقراها خمس عشرة مرة ثم يقول وهو ساجد
يبكى يا جواد يا ماجد يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد يا من هو هكذا لا هكذا غيره اشهد ان كل معبود من لدن عرشك إلى قرار أرضك
باطل الا وجهك جل جلالك يا معز كل ذليل ويا مذل كل عزيز تعلم كربتي فصل على محمد وآل محمد وفرج عنى ثم يقلب خدك الأيمن ويقول ذلك ثلاثا ثم الأيسر كذلك
ويتوجه في حاجته إلى الله بمحمد واله عليه وعليهم السلام ويسميهم عن اخرهم نقل غير ذلك من الصلوات - يد - يستحب ان يزاد في نوافل الجمعة أربع ركعات زيادة على ساير الأيام
روى عن الصادق (ع) ان فيه ساعتين يستجاب فيهما الدعاء إحديهما ما بين فراغ الامام من الخطبة إلى أن تستوى الصفوف بالناس والاخرى من آخر النهار إلى غروب الشمس - يه -
يستحب ان يصلى في أول كل شهر ما كان الباقر (ع) يصليه وهو في أول كل يوم منه ركعتان يقرأ في الأولى الحمد مرة وقل هو الله أحد لكل يوم إلى آخره وفى الثانية الحمد والقدر كذلك
ويتصدق بما يتسهل يشترى به سلامة ذلك الشهر كله - يو - صلاة الشكر مستحبة عند تجدد النعم ودفع النقم قال الصادق (ع) تصلى ركعتين تقرأ في الأولى الحمد والتوحيد وفى
74

الثانية الحمد والجحد وتدعو بالمنقول - يز - صلاة الاستخارة مستحبة كان زين العابدين (ع) إذا هم بأمر حج أو عمرة بيع أو شراء أو عتق يطهر ثم يصلى ركعتين للاستخارة ويقرأ فيهما الحمد والحشر و
الرحمن والمعوذتين ثم يدعو بالمنقول ورويت صلوات كثيرة للاستخارة - يج - يستحب صلاة الاستسقاء على ما يأتي وكذا تحية المسجد وصلاة الاحرام وهذه الأسباب مسألة
والتطوع قائما أفضل ويجوز جالسا باجماع العلماء قال النبي صلى الله عليه وآله من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف اجر القائم ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ما اصلى
النوافل الا قاعدا منذ حملت هذا اللحم ولان كثيرا من الناس يشق عليه طول القيام فلو لم يشرع الجلوس لزم الحرج أو ترك النوافل التي هي في مظنة الرخصة ولهذا صليت على الراحلة
فروغ - ا - ينبغي ان يحتسب كل ركعتين من جلوس بركعة من قيام لان اجره نصف القائم فاستدراك فائت اجر القيام بتضعيف العدد ولقول الصادق (ع) تضعف ركعتين بركعة ولو احتسب
بركعتين جاز لقول الباقر (ع) وقد سأله أبو بصير عمن صلى وهو جالس من غير عذر كانت صلاته ركعتين بركعة فقال ليس هو هكذا هي لكم تامة ولا باس بالجميع باحتساب ركعة بركعة
مع التعذر وركعتين بركعة لا معه - ب - يستحب له ان يتربع حال قرائته ويثنى رجليه راكعا وساجدا وبه قال
ابن عمر وأنس وابن سيرين ومجاهد وسعيد بن جبير ومالك
والثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأبو حنيفة في رواية لان القيام يخالف القعود فينبغي مخالفة هيئة البدل له وقال أبو حنيفة يجلس كيف شاء لان القيام سقط فسقطت
هيئته ولا يلزم من سقوط القيام بالمشقة سقوط ما لا مشقة فيه وروى عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز وعطا الخراساني انهم كانوا يحتبون
في التطوع واختلف فيه عن عطا والنخعي - ج - ثنى الرجلين في الركوع والسجود مستحب وهو رواية عن أحمد وبه قال الثوري لان انسا صلى متربعا فلما ركع ثنى رجليه وحكى
ابن المنذر عن أحمد وإسحاق انه لا يثنى الا حال السجود ويكون في الركوع كهيئة القيام وهو قول ابن أبي
يوسف ومحمد لان هيئة الراكع في رجليه هيئة القيام - د - لو قام للركوع
بعد فراغ القراءة كان أفضل لان النبي (ص) كان يصلى الليل قائما فلما أسن كان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد ان يركع قام فقرا نحوا من ثلثين أية أو أربعين ثم ركع
ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) ما ذا أردت ان تصلى وأنت جالس فأقراء وأنت جالس فإذا كنت في اخر السورة فقم وأتمها واركع تحسب لك بصلاة قائم مسألة النوافل التي لا سبب لها هي
ما يتطوع بها الانسان ابتداء وهي أفضل من نفل العبادات لان فرض الصلاة أفضل من جميع الفرايض والتنفل بالليل أفضل لقوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك
ولأنه وقت غفلة الناس فكانت العبادة فيه أفضل ولا يستحب استيعاب الليل بالصلاة لان رسول الله صلى الله عليه وآله بلغه عن بعض أصحابه انه يصوم فلا يفطر ويقوم فلا ينام فقال له
رسول الله صلى الله عليه وآله لا تفعل ان لعينك ونفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا واخر الليل أفضل من أوله قال تعالى وبالأسحار هم يستغفرون والمستغفرين بالاسحار وينبغي
ان ينام نصف الليل ويصلى ثلثه وينام سدسه لأنه روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه الفصل الثاني في الأوقات وفيه مباحث الأول في وقت الرفاهية للفرايض اليومية مقدمة لا خلاف
في جواز تطابق الوقت والفعل كالصوم ومع القصور عند العدلية الا مع قصد القضاء واختلف في توسيع الوقت فمنعه جماعة منهم أبو حنيفة وجعل الوجوب مختصا بآخر
الوقت وآخرون بأوله وآخرون قالوا إن بقى على صفة المكلفين إلى اخر الوقت فما فعله واجب والا كان نفلا والكل خطأ نشاء بسبب الجهل بمعنى الواجب الموسع و
التحقيق انه كالواجب المخير فان الله تعالى أوجب على المكلف الاتيان به في هذا الوقت لا بمعنى شغل جميع الوقت بالفعل ولا اختصاص بجزء معين لانتفاء المرجح بل بمعنى
وجوب الاتيان بهذا الفعل في أي جزء كان من الوقت ولا يجوز اخلاؤه عنه واختلف مثبتوه فالسيد المرتضى على وجوب العزم ليقع الفصل بينه وبين الندب والتحقيق ان وجوب
العزم من احكام الايمان لا باعتبار التوسعة والفرق بينه وبين الندب ظاهر مسألة لكل صلاة وقتان أول واخر فالأول وقت الفضيلة والاخر وقت الأجزاء وبه
قال المرتضى وابن الجنيد لقول الباقر (ع) أحب الوقت إلى الله حين يدخل وقت الصلاة فإن لم يفعل فإنك في وقت منها حتى تغيب الشمس وقال الشيخان الأول وقت من لا عذر له
والثاني لمن له عذر وبه قال الشافعي لقول الصادق (ع) لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وليس لاحد ان يجعل اخر الوقتين وقتا الا من عذر وهو محمول على الفضيلة
لدلالة قوله أول الوقت أفضله وافعل يقتضى التشريك في الجواز مسألة أول وقت الظهر زوال الشمس باجماع علماء الاسلام لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وقت
الظهر زوال الشمس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر ومعنى زوالها ميلها عن كبد السماء فان الشمس إذا طلعت وقع لكل شاخص
ظل طويل في جانب المغرب وكلما ارتفعت الشمس انتقص الظل فإذا استوت انتهى نقصانه وقد لا يبقى منه شئ في بعض البلاد في أطول أيام السنة فان الظل ينتفى بمكة قبل
ان ينتهى طول السنة بستة وعشرين يوما وكذا بعد ما انتهى بستة وعشرين يوما وقد يبقى ويختلف باختلاف البلاد والفصول فإذا مالت الشمس إلى المغرب زاد الظل الباقي
وتحول إلى المشرق ويحدث شئ من الظل مايلا إلى المشرق حيث لم يبق شئ عند الاستواء وذلك هو الزوال وألفي عند الزوال يقل في الصيف ويكثر في الشتاء لقرب الشمس من سمت الرأس
وبعدها عنه وكل يوم يزيد الظل أو ينقص وقد روى عن الصادق (ع) تقدير ذلك وفى أوساط الشهور فقال تزول الشمس في نصف حزيران على نصف قدم وفى النصف من
تموز وآيار على قدم ونصف وفى النصف من أب ونيسان على قدمين ونصف وفى النصف من أيلول وآزار على ثلاثة ونصف وفى النصف من تشرين الأول وشباط على خمسة
ونصف وفى النصف من تشرين الثاني وكانون الاخر على سبعة ونصف وفى النصف من كانون الأول على تسعة ونصف قال بعض الفضلاء الشمس تزول في حزيران على قدم
و ثلث وهو أقل ما يزول عليه الشمس وفى نصف تموز ونصف آيار على قدم ونصف وثلث وفى نصف أب ونيسان على ثلاثة اقدام وفى نصف آذار وأيلول على أربعة اقدام ونصف
وهو وقت استواء الليل والنهار وفى نصف تشرين الأول وشباط على ستة اقدام ونصف وفى نصف تشرين الثاني وكانون الثاني على تسعة اقدام وفى نصف كانون الأول على
عشرة اقدام وسدس وبهذا انتهى ما تزول عليه الشمس في إقليم العراق والشام وما سامتهما من البلدان ولا تنافى بينهما لاحتمال ان يكون قصد الصادق (ع) بلد المدينة
مسألة الدلوك في الآية هو الزوال ويطلق على الغروب والمراد الأول في قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس وهو قول أكثر العلماء لان ابن عمر قال دلوك الشمس ميلها
وكذا عن ابن عباس وأبي هريرة ولأنه لنظم جميع الصلوات ولان الدلوك الانتقال والتحويل وقال عبد الله بن مسعود الدلوك الغروب ونقله الجمهور عن علي (ع) لاقتضاء الآية
إقامة الصلاة من الدلوك إلى غسق الليل فيحمل على الغروب لان إقامة الصلاة لا يمكن من الزوال إلى الغسق لوجود النهى عن الصلاة عند اصفرار الشمس والنهى انما يتناول
الندب مسألة اخر وقت الفضيلة للظهر إذا صار ظل كل شئ مثله واخر وقت الأجزاء إذا بقى للغروب قدر العصر وهو اختيار المرتضى وابن الجنيد وبه قال مالك و
طاوس لقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل والغسق الظلمة فجعل الزمان ظرفا للصلاة ولان النبي صلى الله عليه وآله جمع بين الظهرين في الحضر ومن طريق الخاصة
قول الباقر (ع) أحب الوقت إلى الله عز وجل أوله حين يدخل وقت الصلاة فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس وقال الشيخ اخر وقت المختار إذا صار ظل كل شئ
مثله وتحقيقه ان الفئ إذا زاد على ما زالت عليه الشمس من الظل بقدر الشخص فذلك اخر وقت الظهر ومعرفته بان يضبط ما زالت عليه الشمس وهو الظل الذي بقى بعد
تناهى النقصان ثم ينظر قدر الزيادة عليه فقد انتهى وقت الظهر وقد قيل إن مثل الانسان ستة اقدام ونصف بقدمه فإذا أردت ان تعتبر المثل فقدر الزيادة من الفئ
75

بقدمك بأن تقف في موضع مستو من الأرض وتعلم على الموضع الذي انتهى إليه الفئ وتعرف قدر ما زالت عليه الشمس ويقدر فيه بالاقدام فيضع قدمه اليمنى بين يدي قدمه
اليسرى ويلصق عقبه بابهامه فإذا مسحه بالاقدام أسقط منه القدر الذي زالت عليه الشمس فإذا بلغ الباقي ستة
اقدام ونصف فقد بلغ المثل فإذا بلغ ذلك فقد
خرج وقت الظهر وما زاد عليه فهو من وقت العصر وبه قال الشافعي والأوزاعي والليث بن سعد والثوري واحمد وأبو يوسف لان ابن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وآله
قال امني جبرئيل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر الأول منهما حين كان الفئ مثل الشراك ثم صلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله ثم صلى المغرب حين
وجبت الشمس وأفطر الصيام ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصايم وصلى في المرة الثانية الظهر حين صار ظل كل شئ مثله كوقت العصر.
بالأمس ثم صلى العصر حين صار ظل كل شئ مثليه ثم صلى المغرب لوقته الأول ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين اصفرت الشمس ثم التفت جبرئيل
فقال يا محمد صلى الله عليه وآله هذا وقت الأنبياء (ع) من قبلك والوقت فيما بين هذين ومعنى قوله حين كان الفئ مثل الشراك انه إذا حدث الظل أو زاد وإن كان قليلا مثل الشراك فقد
زالت الشمس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) اتى جبرئيل بالمواقيت فامر النبي صلى الله عليه وآله ان يصلى الظهر حين زالت الشمس والعصر حين زاد الظل قامة والمغرب حين غربت الشمس والعشاء
حين سقط الشفق ثم اتاه من الغد حين زاد الظل قامة فأمره فصلى الظهر ثم لما زاد قامتين امره فصلى العصر ثم لما غربت الشمس امره فصلى المغرب والعشاء حين ذهب ثلث الليل وقال
بينهما وقت ولا دليل فيه إذ وصف ذلك بكونه وقتا وكذا ما بينهما لا يدل على نفى ما زاد الا بدليل الخطاب أو يحمل على الفضيلة وقال أبو حنيفة يبقى وقت الظهر إلى أن يصير
الظل مثليه لان النبي صلى الله عليه وآله قال انما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى أن يغرب الشمس في النهار وانما مثلكم ومثل أهل الكتابين من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيرا
فقال من يعمل لي من الغداة إلى نصف النهار بقيراط فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من الظهر إلى صلاة العصر بقيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي إلى اخر النهار بقيراطين
فعملتم أنتم فغضب اليهود والنصارى وقالوا نحن أكثر عملا وأقل اجرا فقال هل نقصكم من حقكم شيئا ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قالوا وهذا يدل على أن من الظهر إلى
العصر أكثر من العصر إلى المغرب ونحمله على وقت الفضيلة وقال عطا لا يفرط بتأخيرها حتى تدخل في الشمس صفرة وقال المزني وأبو ثور وإسحاق وابن جرير إذا صار ظل كل شئ
مثله دخل وقت العصر ولم يخرج وقت الظهر حتى يمضى قدر أربع ركعات يشترك فيها الوقتان لان النبي صلى الله عليه وآله قال صلى بي جبريل الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شئ مثله قدر
العصر بالأمس فدل على اشتراك الوقتين وهو محمول على أنه فرغ منها مسألة الأكثر على أن المعتبر بزيادة الظل قدر الشخص المنصوب لان يزيد ابن خليفة قال للصادق (ع)
ان عمر بن حنظلة نبأنا عنك بوقت فقال اذن لا يكذب علينا قلت ذكر انك قلت إذا زالت الشمس لا يسعك الا سبحتك ثم لا تزال في وقت الظهر إلى أن يصير الظل قامة وهو آخر الوقت
ثم لا تزال في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وذلك المساء قال صدق وعن الصادق (ع) قال إذا صار ظلك بمثلك فصل الظهر وإذا صار مثليك فصل العصر وقال الشيخ المعتبر
قدر الظل الأول لا قدر الشخص لان يونس روى عن بعض رجاله عن الصادق (ع) قال سألته عما جاء في الحديث ان صلى الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين وذراعا وذراعين و
قدما وقدمين كيف هذا وقد يكون الظل في بعض الأوقات نصف قدم قال انما قال ظل القامة ولم يقل قامة الظل وإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا كان الوقت ذراعان من ظل القامة
وإذا كان ظل القامة أقل وأكثر كان الوقت محصورا بالذراع والذراعين فهذا تفسير القامة والقامتين والذراع والذراعين والرواية مرسلة وفى طريقها صالح بن سعيد وهو مجهول
مسألة أول وقت العصر عند الفراغ من فريضة الظهر والتحقيق انه إذا زالت الشمس اختص الوقت بالظهر إلى أن يمضى مقدار أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر
وهو قدر أدائها ثم يشترك الوقتان إلى أن يبقى للغروب مقدار العصر إما أربع ركعات أو ركعتان فيختص بها إليه ذهب أكثر علمائنا وبه قال مالك في رواية لان أبا امامة قال صلينا
مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم دخلنا على انس وهو يصلى العصر فقلنا يا أبا عمرة ما هذه الصلاة قال العصر وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله التي كنا نصلى معه
ولا يحتمل وقوعها الا بعد الظل لانتفاء الموجب للتعجب حينئذ ولان النبي صلى الله عليه وآله جمع بين صلوتين في الحضر من غير عذر ولأنه يجوز الجمع بينهما في السفر ولو لم يكن وقتا لهما لما جاز كما
لا يجوز الجمع بين العصر والمغرب في وقت إحديهما وقال ابن عباس الا أخبركم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر كان إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في
الزوال وإذا سافر قبل الزوال اخر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) صلى رسول الله (ص) بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير
علة وقال بعض علمائنا إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين الا ان الظهر قبل العصر وبه قال ربيعة لقول العبد الصالح (ع) إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وقال الشافعي
أول وقت العصر من حين الزيادة على المثل متصلا بوقت الظهر فلا يدخل الوقت الا بعد ان يصير ظل كل شئ مثله لحديث جبرئيل (ع) وهو يدل على الأفضلية وقال أبو حنيفة
يدخل وقت العصر إذا صار ظل كل شئ مثليه وزاد عليه أقل زيادة لقوله تعالى أقم الصلاة طرفي النهار ولو كان وقتها إذا صار ظل كل شئ مثله كان وسط النهار ويضعف بان
الطرف ان قصد الحقيقي فهو اخر النهار كما يذهب إليه وإن كان ما تراخى عن الوسط لم يبطل به قول الشافعي مسألة اخر وقت الفضيلة للعصر إذا صار ظل كل شئ مثليه وللاجزاء إلى
الغروب عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقوله تعالى أقم الصلاة طرفي النهار وقوله عليه السلام من أدرك ركعة من العصر
قبل ان تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقت العصر إلى غروب الشمس وقال الشيخ في الخلاف إذا صار ظل كل شئ مثليه للمختار والمعذور إلى الغروب
وهو وجه الشافعي وقال أبو سعيد الإصطخري إذا جاوز المثلين فقد خرج وقت العصر وبه قال مالك والثوري واحمد في رواية لحديث جبرئيل (ع) انه صلى العصر في اليوم الثاني
حين صار ظل كل شئ مثليه ثم قال الوقت فيما بين هذين الوقتين ومن طريق الخاصة قول ابن أبي
الحسن (ع) كما أن رجلا لو اخر العصر إلى قرب ان تغيب الشمس لم تقبل منه وهما محمولان
على الأفضلية قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن من صلى العصر والشمس بيضاء نقية فقد صلاها في وقتها وقال احمد في رواية اخر وقتها اصفرار الشمس وبه قال أبو ثور
وأبو يوسف ومحمد والأوزاعي لقول النبي صلى الله عليه وآله وقت العصر ما لم تصفر الشمس ويحمل على الفضيلة لأنه مجهول فلا يناط به الفعل مسألة أول وقت المغرب غروب الشمس باجماع العلماء
واختلف علماؤنا في علامته فالمشهور وعليه العمل إذا ذهب الشفق المشرقي لقول النبي (ص) إذا اقبل الليل من هنا وادبر النهار من هنا وغربت الشمس أفطر الصايم وقول الصادق (ع) وقت
المغرب إذا تغرب الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقيل تشتبك النجوم وعنه (ع) وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق وقال بعضهم سقوط القرص وهو ظاهر في الصحارى واما في
العمران والجبال فيستدل عليه بان لا يبقى شئ من الشعاع على رؤوس الجدران وقلل الجبال وعليه الجمهور كافة مسألة واخر الفضيلة إلى ذهاب الشفق وللاجزاء إلى أن يبقى
لانتصاف الليل قدر العشاء لان عبد الله بن عباس قال الحايض تطهر قبل طلوع الفجر فيصلى المغرب والعشاء ولو لم يكن الوقت ممتدا لما وجب لان عذرها قد عم الوقت ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) ان الله افترض أربع صلوات صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروبها الا ان هذه قبل هذه وثنتان وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا
ان هذه قبل هذه ولان وقت العشاء ممتدا إلى الانتصاف فتكون المغرب مساويه (مساوقة) لها لأنها صلوات جمع يشترك وقتاهما كالظهر والعصر وقال الشيخ والمرتضى وابن ابن أبي
عقيل اخره للمختار
76

إلى ذهاب الشفق وللمضطر إلى الانتصاف بقدر العشاء وفى قول اخر للشيخ اخره ثلث الليل وفى رواية إلى ربع الليل وبه قال ابن الجنيد وهو قول المرتضى وللمضطر إلى أن يبقى لطلوع الفجر
قدر العشاء وقال الثوري وأبو حنيفة واحمد واسحق وداود وأبو ثور وابن المنذر والزهري اخره غيبوبة الشفق المغربي وحكاه أبو ثور عن الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قال وقت المغرب
ما لم يسقط نور الشفق ونور الشفق هو انتشار الشفق وقال الشافعي في الجديد والقديم ان لها وقتا واحدا وهو قول مالك وهو يدخل بسقوط جميع القرص واختلف الشافعية في قدره
فقدره بعضهم بقدر الطهارة ولبس الثياب والاذان والإقامة وفعل ثلاث ركعات بسور قصار والسنة ركعتين خفيفتين فإذا جاز ذلك فقد خرج وقت المغرب وصارت قضاء
وقال آخرون مقدار الأذان والإقامة وخمس ركعات قصار فاما الطهارة ولبس الثياب فيمكن تقديمها على الوقت فلا يكون قدر امكانها من الوقت لان جبرئيل (ع) صلى المغرب
في اليومين في وقت واحد وقال مالك يمتد وقتها إلى طلوع الفجر وبه قال عطاء وطاوس كما يقول في الظهر والعصر مسألة أول وقت العشاء عند الفراغ من فريضة المغرب
لكن الأفضل تأخيرها إلى سقوط الشفق وهو اختيار المرتضى في الجمل وابن الجنيد لما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ان النبي (ص) جمع بين المغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر
وفى رواية أخرى من غير خوف ولا مطر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل الا ان هذه قبل هذه وعن الصادق (ع)
صلى رسول الله صلى الله عليه وآله المغرب والعشاء قبل الشفق من غير علة في جماعة وللشيخ قول اخر ان أول وقتها سقوط الشفق وهو قول اخر للمرتضى وقول الجمهور كافة لان جبرئيل أمر النبي صلى الله عليه وآله
ان يصلى العشاء حين غاب الشفق وفى اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل وهو محمول على الاستحباب مسألة واختلفوا في الشفق فذهب أصحابنا إلى أنه الحمرة لا البياض
وبه قال ابن عمر وابن عباس وعطا ومجاهد وسعيد بن جبير والزهري ومالك والشافعي والثوري وابن ابن أبي
ليلى واحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأبو يوسف ومحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله الشفق
الحمرة فإذا غاب الشفق وجبت الصلاة وقال أبو حنيفة وزفر والأوزاعي والمزني انه البياض لان أبا مسعود الأنصاري قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله يصلى هذه الصلاة حين يسود
الأفق ولا حجة فيه لأنه غابت الحمرة اسود الأفق لان البياض ينزل ويخفى على أنه يجوز تأخيرها إلى ذلك وحكى عن أحمد ان الشفق البياض في الحضر لان في الحضر قد تنزل الحمرة
فتواريها الجدران فإذا غاب البياض علم الدخول مسألة واخر وقت العشاء للفضيلة إلى ثلث الليل وللاجزاء إلى نصفه وهو قول المرتضى وابن الجنيد وهو أحد قولي
الشافعي وبه قال ابن المبارك والثوري وأبو ثور واحمد في رواية لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص ووقت العشاء إلى نصف الليل وعن انس قال اخر النبي صلى الله عليه وآله
العشاء إلى نصف الليل ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أول وقت العشاء ذهاب الحمرة واخر وقتها غسق الليل وهو نصف الليل وللشيخ قول اخر انه ثلث
الليل وهو القول الثاني للشافعي وبه قال أبو هريرة وعمر بن عبد العزيز ومالك واحمد في رواية لان جبرئيل (ع) صلى العشاء في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل ولان
الثلث متفق عليه والزايد عليه مشكوك فيه فلا يصار إليه وقال أبو حنيفة اخره طلوع الفجر وهو رواية لنا لقوله (ع) لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت أخرى ونحن
نقول بموجبه إذ بعد نصف الليل يدخل وقت صلاة الليل ولم يتعرض في الحديث للوجوب واختلف الشافعية فقال بعضهم إذا خرج النصف والثلث فقد خرج وقت
الاختيار ووقت الأداء باق إلى طلوع الفجر وعلى قياس قول ابن أبي
سعيد يخرج الوقت وقال أبو حامد إذا خرج ثلث الليل فات الوقت مسألة أول وقت الغداة طلوع
الفجر الثاني وهو البياض المعترض في أفق السماء ويسمى الصبح الصادق لأنه صدقك عن الصبح وسمى صبحا لأنه جمع بين حمرة وبياض ولا عبرة بالأول الكاذب الخارج مستدقا
صاعدا كذنب السرحان ويسمى الخيط الأسود وهو قول العلماء كافة ولا يتعلق بالفجر الأول حكم بحال قال الباقر (ع) الفجر هو الخيط الأبيض وليس هو الأبيض صعدا
ولا تصل في حضر ولا سفر حتى تبينه مسألة واخر وقتها للفضيلة حين يصفر الصبح وللاجزاء إلى طلوع الشمس وبه قال أبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله قال إن وقت الفجر ما
لم تطلع الشمس ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقت الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وقال الشيخ وقت المختار إلى أن يسفر الصبح وللمضطر إلى طلوع الشمس
وبه قال الشافعي واحمد لان جبرئيل عليه السلام صلى الصبح في اليوم الثاني حين أسفر وهو يدل على الا فضلية البحث الثاني في وقت النوافل اليومية مسألة
وقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شئ مثله ونافلة العصر حتى يصير الظل مثليه قال الشيخ في الخلاف والمبسوط وفى النهاية نافلة الظهر حتى يبلغ زيادة الظل
قدمين والعصر أربعة اقدام لقول الصادق (ع) كان حايط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قامة فإذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى ذراعان صلى العصر ثم قال
أتدري لم جعل الذراع والذراعان لمكان الفريضة لك إن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضى ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة
وإذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة وهو يدل على بلوغ المثل والمثلين لان التقدير ان الحايط ذراع فحينئذ ما روى من القامة والقامتين
جاز هذا المجرى لقول الصادق (ع) في كتاب علي (ع) القامة ذراع وقال الشافعي في أحد الوجهين وقت نافلة الظهر ما لم تصل الفرض وفى الاخر ما لم يخرج وقت الفرض وقال
احمد كل سنة قبل الصلاة فوقتها من دخول وقتها إلى فعل الصلاة وكل سنة بعدها فوقتها من فعل الصلاة إلى خروج وقتها مسألة وقت نافلة المغرب
بعدها إلى أن تذهب الحمرة المغربية وبه قال الشافعية في وجه لأنه وقت يستحب فيه تأخير العشاء فينبغي اشتغاله بالنافلة ولقول الصادق (ع) كان النبي صلى الله عليه وآله يصلى ثلثا
المغرب وأربعا بعدها وفى وجه للشافعي تمتد سنة المغرب إلى أن يصلى صلاة العشاء فإذا ذهب الشفق خرج وقتها لان ابتداء وقت فريضة أخرى فلا يسوغ التطوع
لقول الباقر (ع) إذا دخل وقت الفريضة فلا تطوع واما وقت الوتيرة فيمتد بامتداد وقت العشاء لأنها نافلة تتبعها فيمتد وقتها بامتداد وقت متبوعها وللشافعي وجهان
أحدهما امتداد وقت النافلة العشاء إلى طلوع الفجر لأنه وقت العشاء عنده والثاني إلى أن يصلي الصبح مسألة ووقت صلاة الليل بعد انتصافه وكلما قرب من الفجر
كان أفضل وعليه علمائنا وقال الشافعي الأفضل ان يوقعها بعد نصف الليل قبل الفجر بسدس الليل لان النبي صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك وهو معارض بقول عايشة
كان رسول الله صلى الله عليه وآله ينام أول الليل ويحيى اخره ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) أفضل ساعات الليل الثلث الباقي وسئل الصادق (ع) متى اصلى صلاة الليل قال صلها اخر
الليل وقوله تعالى وبالاسحار هم يستغفرون يدل عليه ولأنه يكره النوم بعدها لقول ابن أبي
الحسن (ع) الهادي إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ولك ضجعة بغير نوم فان
صاحبه لا يحمل على ما قدم من صلاته مسألة في ركعتا الفجر لعلمائنا قولان أحدهما انهما يدخلان بطلوع الفجر الأول قاله المرتضى لقول الصادق (ع) صلها بعد
ما يطلع الفجر والثاني بعد صلاة الليل وان لم يكن قد طلع الفجر اختاره الشيخان لقول الباقر (ع) وقد سئل الركعتان قبل الغداة أين موضعهما فقال قبل طلوع الفجر وعنه (ع)
انهما من صلاة الليل والأقوى جواز فعلهما بعد صلاة الليل واستحباب تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأول جمعا بين الأدلة وقال الشافعي يدخل وقتهما بطلوع الفجر واخر وقتهما
طلوع الحمرة فيقدم على الفريضة إلى أن تطلع الحمرة لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا اذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين وقال الصادق (ع) وقد سئل عن ركعتي الفجر صلهما قبل
77

الفجر ومع الفجر وبعد الفجر وقال الشافعي ما لم يصل الصبح لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وآله تأخير هما عن الفرض وله قول إلى طلوع الشمس لأنهما تابعان للفريضة
وكان وقتهما وقت الفريضة وبعض الشافعية قال يمتد وقتهما إلى زوال الشمس كالوتر فان ظهرت الحمرة ولم يصلهما بدا بالفرض وقضاهما بعد الغداة لقول الرضا (ع)
وقد سئل عن الرجل لا يصلى الغداة حتى يسفر ويظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما قال يؤخرهما وروى استحباب اعادتهما بعد الفجر لو صليهما قبله قال الباقر (ع)
انى لاصلى صلاة الليل فافرغ وأصلي الركعتين وأنام ما شاء الله قبل ان يطلع الفجر فان استيقظت بعد (عند) الفجر أعدتهما البحث الثالث في وقت المعذورين ونعني
بالغدر ما أسقط القضاء وبوقت المعذورين الوقت الذي يصير فيه الشخص من أهل وجوب الصلاة عليه بزوال الأسباب المانعة من الوجوب وهي أربعة الجنون وفى معناه
الاغماء والصبي والكفر والحيض وفى معناه النفاس وكل واحد من هذه إما ان يوجد أول الوقت أو اخره أو يعم الجميع مسألة إذا وجد العذر في أول الوقت وزال
في اخره فان بقى من الوقت مقدار الطهارة وأداء الصلاة وجب فعلها فن أهمل وجب القضاء بلا خلاف ولو قصر الوقت فان وسع الطهارة وأداء ركعة من الصلاة
فكالأول بلا خلاف لقول رسول الله صلى الله عليه وآله من أدرك ركعة من العصر قبل ان تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الصبح قبل ان تطلع الشمس فقد
أدرك الصبح ولو قصر عن ركعة لم تجب عندنا وبه قال مالك والمزني والشافعي في قول لان الحديث دل على اعتبار الركعة في ادراك الصلاة وللاجماع على أن المسبوق
يدرك الجمعة بادراك ركعة لا ما دونها فكذا هنا ولأنه أدرك ما لا يقع فيه ما لا يكون صلاة بانفراده فلا يكون مدركا لها كما لو قصر عن ادراك التكبيرة وللشافعي
قول اخر ادراك الصلاة بادراك تكبيرة الافتتاح وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه أدرك جزاء من الوقت وتمكن من الفعل فصار كما لو أدرك ركعة من الصلاة ولان الادراك
إذا تعلق به الايجاب استوى فيه الركعة وغيرها كالمسافر إذا اقتدى بالمقيم في الركعة الأخيرة فانا نلزمه بالاتمام وان أدركه بعد الركوع ونمنع التمكن من الفعل وينتقض
بما لو أدرك بعض التكبيرة ونمنع الأصل في الثاني وسيأتي فروع - آ - إذا أدرك من الصلاة ركعة وجبت تلك ولا يجب ما قبلها إما إذا كانت مما لا يجمع إليها فبالاجماع كالظهر مع
الصبح واما إذا كانت مما يجمع إليها كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء فكذا عندنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد أقواله لان الظهر والمغرب خرج وقتهما في حال العذر فلا يجبان عليه كما لو خرج وقت العصر والعشاء
معذورا ولان التكليف يستدعى وقتا يتسع له والا لزم التكليف بما لا يطاق ومع سقوط الوجوب أداء يسقط قضاء ولقول الصادق (ع) إذا رأت المراة الطهر في وقت الصلاة
ثم أخرت الغسل حتى يدخل وقت صلاة أخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها وسئل الباقر (ع) عن الحايض تطهر عند العصر تصلى الأولى قال لا انما تصلى
الصلاة التي تطهر عندها وقال الصادق (ع) إذا طهرت قبل العصر صلت الظهر والعصر وان طهرت في اخر وقت العصر صلت العصر وللشافعي أربعة أقوال أخر - آ - انها تدرك
الفريضتين بادراك ركعة واحدة فيدرك الظهر والعصر بادراك ركعة من العصر لان عبد الرحمن بن عوف و عبد الله بن عباس أوجبا على الحايض التي تطهر قبل طلوع
الفجر بركعة المغرب والعشاء ولا نعرف لهما مخالفا ولان وقت الثانية وقت الأولى في حال العذر فإنه من أدرك عصر يوم فقد أدرك ظهره ولهذا لو أفاق المجنون فيه لزمه الفرضان
والأصل فيه ان اخر وقت العصر هل يصلح وقتا للظهر قولان عنده فإن كان وقتا صلح لهما فوجبا معا والا فلا ويحتمل قول ابن عباس على الاستحباب وقد روى من طريق
الخاصة نحوه قال الصادق (ع) إذا طهرت المراة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء وان طهرت قبل ان تغيب الشمس صلت الظهر والعصر وهو محمول على ادراك ما
زاد على أربع ونمنع اتحاد الوقت والحكم في الأصل - ب - بادراك أربع وتكبيرة أو ثلث وتكبيرة ج - انها تدرك الفرضين بادراك تكبيرة خاصة - د - بادراك ركعة
وتكبيرة - ب - لا بد من اعتبار ادراك الطهارة مع الركعة وهو أحد قولي الشافعي لأنه لا صلاة الا بطهور فلا يدرك الصلاة بدون ادراك الطهور وأصح وجهي
الشافعي المنع لأن الطهارة لا تشترط في الالزام بل في الصحة إما الصبى فان قلنا إن طهارته شرعية فتطهر ثم بلغ بغير المبطل لم يشترط سوى ادراك الركعة خاصة
- ج - المشترط ادراك ركعة تامة الأفعال الواجبة خاصة دون المندوبة وقد تحصل بادراك النية وتكبيرة الافتتاح وقراءة الفاتحة واخف السور ان قلنا بوجوبها
والركوع ذاكرا فيه أقل الواجب والسجدتين ذاكرا فيهما أقل الواجب والطمأنينة في ذلك كله أقل الواجب وفى الرفع من الركوع السجدتين - د - شرط اللزوم ان
يبقى سليما عن الموانع مدة امكان الوضوء والصلاة فلو عاد المانع قبل ذلك سقط كما لو طهرت الحايض ثم جنت أو أفاقت مجنونة ثم حاضت - ه‍ - لو أدرك مقدار
خمس ركعات فالأشهر وجوب الصلاتين وللشيخ قول باستحبابهما وليس بجيد وهل الأربع في مقابلة العصر والزايد في مقابلة الظهر أو بالعكس الظاهر عندنا الأول
لورود النص عن الأئمة (على) انه لو بقى لانتصاف الليل قدر أربع ركعات وجب العشاء خاصة وهو أحد قولي الشافعية لان الظهر تابعة للعصر في الوقت واللزوم
فليكن الأكثر في مقابلة المتبوع والثاني الأولى انها للسابقة وتظهر الفائدة فيما لو أدرك في اخر وقت العشاء مقدار أربع فان قلنا في الصورة الأولى الأربع للظهر وجبت
هنا الصلوتان ثلاث للمغرب وركعة للعشاء وان قلنا الأربع للعصر وجبت العشاء خاصة ولا تجب المغرب الا بادراك خمس - و - قال الشيخ في التهذيب الذي أعول عليه ان المراة
إذا طهرت بعد زوال الشمس قبل ان تمضى منه أربعة اقدام فإنه يجب عليها قضاء الظهر والعصر وان طهرت بعد ان يمضى أربعة اقدام يجب عليها قضاء العصر لا
غير ويستحب لها قضاء الظهر إذا كان طهرها قبل مغيب الشمس وهو بناء على الاقدام والراوي الفضل بن يونس وهو واقفي - ز - قد بينا ان ادراك الركعة سبب لادراك
الفريضة اجماعا لكن الخلاف في أنه يكون مؤديا للجميع أو قاضيا لما يقع خارج الوقت وعندي فيه اشكال ينشأ من قوله من أدرك ركعة من الصبح فقد أدرك الصبح ومن انها عبادة
موقتة فعلت بعد خروج وقتها ولا معنى للقضاء سواء ذلك إذا ثبت هذا فان قلنا إن الواقع خارجا قضاء فهل ينوى القضاء أم لا الأقرب العدول بالنية إليه إذ الافعال
انما تقع على الوجوه والاعتبارات المقصودة وللشافعي ثلاثة أوجه المذكوران وكون الجميع قضاء نظرا إلى اخر الصلاة وهو اختيار المرتضى وله قول رابع ان أدرك ركعة
في الوقت فالكل أداء والا فالجميع قضاء وبه قال احمد لقوله (ع) من أدرك ركعة من الصبح قبل ان تطلع الشمس فقد أدرك الصبح وعند ابن أبي
حنيفة لو طلعت الشمس في أثناء
صلاة الصبح بطلت ولم يكن أداء ولا قضاء مسألة لو وجد العذر في اخر الوقت بان يطرأ بعد دخول الوقت وانما يتحقق في الحيض والنفاس والجنون والاغماء دون
الصبى والكفر الأصلي فإن كان الماضي من الوقت قدر ما يتسع للطهارة والصلاة الكاملة استقرت في الذمة وعليه القضاء مع الاهمال بعد زوال العذر عند
علمائنا وهو أصح قولي الشافعي لأنه تمكن من الأداء وقد خوطب به واهمل فلزمه القضاء كما لو تجدد العذر بعد الوقت وقال أبو حنيفة ومالك لا تلزمه تلك الصلاة
ما لم يدرك آخر الوقت وهو قول الشافعي لان المسافر لو دخل عليه الوقت في بلده ثم سافر في أثناء الوقت قبل الصلاة قصر ولو كان قد استقر الفرض في ذمته لما
جاز القصر وهو ممنوع فروع - آ - المعتبر أخف ما يمكن من الصلاة فلو طولت الصلاة بالقراءة فحاضت في خلالها والماضي بقدر الخفيفة وجب القضاء ولا بد من ادراك
الطهارة إن كان محدثا في أول الوقت ولو كان متطهرا لم يشترط قدر زمانها وعند الشافعي يشترط إن كان ممن لا يصح طهره قبل الوقت كالمتيمم والمستحاضة وان
78

كان ممن يصح طهره قبل الوقت فوجهان الاعتبار لان الصلاة لا تصح بدونها وعدمه لأن الطهارة لا تختص بوقت - ب - لو أدرك من أول الوقت مقدار ركعة أو ركعتين
ثم طرأ العذر لم يلزمه قضاء الصلاة عندنا بعد العذر وبه قال الشافعي لعدم تمكنه من الفعل وقال بعض الشافعية يجب القضاء كما لو أدرك هذا الوقت من اخره والفرق
تمكنه من اتمام الفعل لو أدرك قدر الركعة اخر الوقت بخلاف صورة النزاع فإنه لا يتمكن من اتمامه - ج - لو أدرك من أول الوقت مقدار خمس ركعات لم يلزمه العصر وهو ظاهر مذهب
الشافعية لما تقدم وقال بعضهم تلزمه العصر كما لو أدرك هذا الوقت من اخر وقت العصر يلزمه قضاء الظهر والفرق ان وقت الظهر جعل وقتا للعصر على سبيل التبع للظهر ولهذا لو بدا بالعصر
قبل الظهر لم يصح ولم يلزمه العصر بادراكه واما وقت العصر فقد جعل وقتا للظهر لا على سبيل التبع للعصر بل إنه لو ابتداء بالظهر قبل العصر صحت صلاته إما لو مضى مقدار
الطهارة وأداء ثمان ركعات فان الصلاتين تجب عليه عندنا إذ وقت العصر بعد الفراغ من الظهر وقال الشافعي تجب الظهر خاصة - د - لو خلا الوسط عن العذر وحصل
في الطرفين كان حكمه حكم هذا القسم لا حكم الخالي اخره فلو بلغ صبى في أول الوقت ثم جن أو أفاقت المجنونة في أثناء الوقت ثم حاضت أو تجدد الجنون فإن كان وقت زوال
العذر يتسع للطهارة وتمام الصلاة وجب القضاء والا فلا مسألة لو عم العذر الوقت سقط القضاء فلو أسلم الكافر بعد خروج الوقت لم يكن (يجب) عليه قضاء أيام كفره
لقوله تعالى ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف إما المرتد فإنه يقضى أيام ردته بعد العود إلى الاسلام لأنه التزم الصلوات بالاسلام فلا تسقط بالردة كحقوق الآدميين
وبه قال الشافعي واحمد في رواية وفى الثانية لا يجب القضاء كالكافر الأصلي وبه قال أبو حنيفة ومالك والفرق ظاهر والحايض والنفساء إذا استغرق عذرهما الوقت
سقط القضاء والصبي والمجنون لا يلزمهما الصلاة ولا قضاؤها اجماعا لقول النبي صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ وعن النايم حتى يستيقظ
وعن المجنون حتى يفيق وانما وجب القضاء على النايم لقوله (ع) إذا نسى أحدكم صلاته أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها واما الاغماء فان عم الوقت سقطت أداء وقضاء
كالجنون لأنه مسقط للتكليف وبه قال الشافعي ومالك لان النبي صلى الله عليه وآله قال وقد سئل عن المغمى عليه ليس من ذلك قضاء الا ان يغمى عليه فيضيق في وقتها
فيصليها ومن طرق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن المريض هل يقضى الصلاة إذا أغمي عليه لا الا الصلاة التي افاق في وقتها وقال أبو حنيفة ان أغمي عليه في خمس
صلوات فما دون وجب عليه قضاؤها وان زادت على ذلك سقط عنه فرض القضاء في الكل وقال احمد يجب القضاء في الجميع بكل حال واحتجا بان عمار بن ياسر أغمي عليه
يوما وليلة فقضى وهو محمول على الاستحباب وقد روى ذلك من طرقنا عن الصادق (ع) سئل عن المغمى عليه شهرا ما يقضى من الصلاة قال يقضيها كلها ان أمر الصلاة شديد
فروع - آ - المرتد إذا ترك شيئا حال اسلامه قبل الردة وجب قضاؤه عندنا وبه قال الشافعي واحمد في رواية لان الردة غير مسقط على ما تقدم ولأنه قد كان واجبا عليه ومخاطبا
به قبل الردة فبقى الوجوب بحاله لأنه لم يأت به وقال أبو حنيفة لا يجب لما تقدم - ب - لو شرب مسكرا أو دواء مرقدا أو مزيلا للعقل فان علم حاله وجب عليه القضاء والا فلا ولو شرب دواء
فذهب عقله فان شربه للتداوي وليس الغالب فيه ذهاب العقل سقط القضاء وان شربه لزوال عقله لم يسقط ولو شرب مسكرا لم تصح صلاته ان لم يحصل ما يفعله ولا يسقط
عنه فرض الصلاة بذلك لاجماع العلماء على تكليف السكران لقول علي (ع) انه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فاجلدوه جلدا لمفترى فالزمه الصحابة بذلك حكم
الافترار في حال سكره - ج - لو ارتد ثم جن فالوجه عدم قضاء أيام الجنون وكذا لو سكر ثم جن لسقوط التكليف وقال الشافعي يقضى المرتد أيام الجنون وفى قضاء السكران وجهان القضاء لان السكران يغلظ عليه أمر
الصلاة كالمرتد والمنع لان المرتد في أيام جنونه مرتد حكما والسكران في دوام الجنون ليس بسكران قطعا ولو ارتدت المراة وسكرت ثم حاضت لم يكن عليها قضاء أيام الحيض
ولافرق بين ان يطرء الحيض على الردة أو السكر. - د - لو عم النوم الوقت ثم انتبه بعد خروج الوقت فعليه القضاء اجماعا لقوله (ع) من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فان ذلك
وقتها - ه‍ - لو شربت دواء فأسقطت ونفست لم تصل أيام النفاس ولا قضاء بعد الطهر وان قصدته لان النفاس ليس مقصود جنايتها وللشافعية وجه في وجوبه لأنها عاصية به وكان
حكمها حكم السكران والفرق ان السكران قصد بجنايته زوال عقله فأبقينا حكم الخطاب عليه مسألة الصبي لا تجب عليه الصلاة ما لم يبلغ لكن يستحب تمرينها بفعلها و
يستحب مطالبته بها إذا بلغ سبع سنين وضربه عليها إذا بلغ عشرا لقوله (ع) مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وانما ضرب بعد العشر لاحتمال البلوغ
بالاحتلام وهذا وان لم يكن تكليفا لهم الا انه سايغ لاشتماله على اللطف لهم بالتعويد على ملازمة الصلاة عند البلوغ وهل صلاته شرعية معتد بها المشهور ذلك و
به قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة ولا قضاء عليه لو أخل بها اجماعا لان الامر لم يكن أمر ايجاب بل انما ثبت للتخلف ومراعاة حق الوقت وحرمته فإذا فات سقط فروع - آ - لو صلى
حالة الصغر ثم بلغ والوقت باق فلا خلاف في استحباب الإعادة وهل تجب الأقوى عندي ذلك وبه قال أبو حنيفة والمزني وحكاه القفال عن الشافعي لأنه الان تعلق به الخطاب والفعل الأول لم يكن واجبا فلا يسقط ما تجدد وجوبه وظاهر مذهب الشافعي عدم الوجوب واصل اختلاف
قوليه انه إذا نوى الظهر ولم تعيد النية بالفريضة هل تصح صلاته سيأتي فان قيل بالصحة هناك فلا إعادة هنا لان الصبى قد نوى الظهر وان قلنا بالعدم وجب هنا الإعادة لأنه ليس
من أهل نية الفريضة - ب - لو بلغ في أثناء الصلاة بغير المبطل استحب له ان يتم ويعيد بعد ذلك وفى وجوب الإعادة ما تقدم من الاختلاف ولو ضاق الوقت الا عن ركعة استأنف
ونوى الفريضة ولو قصر عن ركعة لم يجب الاستيناف ولا الإعادة واستحب الاتمام - ج - الصبى إذا صلى الظهر يوم الجمعة ثم بلغ قبل فواتها وجب عليه استيناف الجمعة وهو
قول بعض الشافعية لأنه مأمور بالجمعة لا الظهر وقال أكثر الشافعية لا إعادة كالعبد إذا صلى الظهر ثم عتق وهو غلط لان العبد مأمور بالظهر فإذا صلاها خرج عن العهدة
فلم تلزمه الإعادة بخلاف الصبى - د - لو بلغ في أثناء الوقت قبل الصلاة فان بقى من الوقت مقدار ركعة والطهارة ان لم يكن متطهرا أو قدر ركعتان كان وجب عليه الفعل
فان أهمل وحب القضاء وان قصر عن ذلك لم يجب بل استحب البحث الرابع في الأوقات المكروهة مسألة الأوقات المكروهة لابتداء النوافل فيها خمسة
- آ - عند طلوع الشمس إلى ارتفاعها - ب - عند غروبها - ج - عند قيامها وسط النهار إلى أن تزول الا يوم الجمعة - د - بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس - ه‍ - بعد العصر حتى تغرب الشمس
اثنان من هذه متعلقة بالنفل وهما ما بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وما بعد العصر حتى تغرب وثلاث للوقت لان النبي صلى الله عليه وآله قال لان الشمس تطلع ومعها قرن
الشيطان فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها ثم إذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها ونهى النبي صلى الله عليه وآله عن الصلاة في تلك الأوقات وبه قال الشافعي
واحمد وقال ابن المنذر لا يكره بعد العصر حتى تصفر الشمس انما المنهى عنه ما رواه عقبة بن عامر قال ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وآله نهانا ان يصلى فيهن وان نقبر فيهن موتانا
حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قايم الظهيرة حتى تميل وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب ومعنى تتضيف أي تميل ومنه سمى الضيف والتخصيص يدل على
نفى ما عداه وعن علي (ع) انه دخل فسطاطه فصلى ركعتين بعد العصر وقال داود يجوز فعل النافلة بعد العصر حتى تغرب الشمس مسألة النهى عن الصلاة بعد العصر متعلق
بفعل الصلاة فمن لم يصل لم يكره له التنفل وان صلى غيره ولو صلى العصر كره له التنفل وان لم يصل غيره ولا نعلم فيه خلافا بين المانعين واما النهى بعد الصبح فإنه كذلك
وبه قال الحسن والشافعي لان النبي (ع) قال لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ولقول الصادق (ع) لا صلاة بعد
79

العصر حتى تصل المغرب ولا بعد الفجر حتى تطلع الشمس وقال أصحاب الرأي النهى متعلق بطلوع الفجر وبه قال ابن المسيب والنخعي وعن أحمد روايتان لان النبي صلى الله عليه وآله قال ليبلغ شاهدكم
غائبكم لا تصلوا بعد الفجر الا سجدتين وفى حديث اخر إذا طلع الفجر لا صلاة الا ركعة الفجر مسألة انما تكره في هذه الأوقات نافلة لا سبب لها متقدم على هذه الأوقات ولا مقارن لها
فالنوافل الفايتة وذات السبب لا تكره في هذه الأوقات وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله رأى قيس بن فهد يصلى بعد الصبح ركعتين فقال صلى الله عليه وآله ما هاتان الركعتان يا قيس فقال لم أكن صليت
ركعتي الفجر فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله ودخل على أم سلمة بعد العصر فصلى ركعتين فقالت أم سلمته ما هاتان الركعتان فقال صلى الله عليه وآله ركعتان كنت اصليهما بعد الظهر فشغلني عنهما الوفد ومن
طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن قضاء النوافل فقال ما بين طلوع الشمس إلى غروبها وسئل الكاظم (ع) عن قضاء صلاة الليل قال نعم بعد طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس وبعد العصر إلى الليل وقال المفيد (ره) يكره النوافل أداء وقضاء عند طلوع الشمس وغروبها وأجاز قضاءها بعد الصبح والعصر ومنع أبو حنيفة ومالك من قضائها
بعد الصبح والعصر ومنع أبو حنيفة ومالك من قضاء النوافل في أوقات النهى وابتدائها وإن كان لها سبب وعن أحمد روايتان لعموم النهى والجواب الخاص مقدم مسألة
النهى انما هو كراهة عند علمائنا لا نهى تحريم لتعارض الأحاديث في المنع والتسويغ وورود لفظ الكراهة وقال أبو حنيفة لا يجوز لان النهى يدل على التحريم وهو ممنوع
خصوصا مع قيام المعارض إذا عرفت هذا فان النهى عن التنفل لا عن الفرايض فلا يكره عندنا قضاء الفرايض ولا ابتداؤها في هذه الأوقات وبه قال علي (ع) والنخعي و
الشعبي والحكم وحماد ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وإسحاق وابن المنذر وأحمد بن حنبل لقوله (ع) من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ومن طريق
الخاصة قول النبي صلى الله عليه وآله وقد سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسى صلوات لم يصلها أو نام عنها يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها وقال أصحاب الرأي
لا يقضى الفرض ولا النفل في الأوقات الثلاث الا عصر يومه عند اصفرار الشمس واما الوقتان الآخران المتعلقان بالفعل فلا يجوز فيهما فعل شئ من النوافل سواء كان لها
سبب ولم يكن لعموم النهى المتناول للفرايض والنوافل ولأنها صلاة فلم تجز في هذه الأوقات كالنوافل والنهى مخصوص بعصر يومه وبالقضاء في الوقتين الآخرين فليس
محل النزاع على المخصوص وقياسهم ينقض بذلك فروع - آ - لو طلعت الشمس وهو في صلاة الصبح أتمها وبه قال الشافعي واحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا أدرك أحد كم سجدة
من صلاة العصر قبل ان تغيب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل ان تطلع الشمس فليتم صلاته وقال أصحاب الرأي تفسد صلاته لأنها
صارت في وقت النهى والخاص مقدم - ب - في انعقاد النوافل في هذه الأوقات اشكال ينشأ من النهى فأشبهت صوم يوم العيد ومن الترغيب في الصلاة مطلقا وهذه الأوقات
قابلة للصلاة في الجملة لصحة الفرايض فيها فصارت كالصلاة في الحمام وللشافعية وجهان إذا ثبت هذا فلو نذر ان يصلى في هذه الأوقات انعقد نذره ان قلنا بانعقاد الصلاة
فيها والا فلا - ج - يجوز فعل الصلاة المنذورة في وقت النهى سواء كان النذر مطلقا أو موقتا وبه قال الشافعي لاختصاص النهى بالنافلة والنذر واجب وقال أبو حنيفة لا يجوز
لان وجوبها تعلق بفعله وهو النذر تشابه النافلة للواجبة بالدخول فيها ويبطل بسجود التلاوة فإنه متعلق بفعله وهو التلاوة ولا تشبه المنذورة ما وجب بالدخول
فيه لان الدخول مكروه والنذر غير مكروه في الجملة مسألة لو صلى الصبح أو العصر أو المغرب منفردة ثم أدرك جماعة استحب له اعادتها عندنا وبه قال الشافعي والحسن البصري
وأبو ثور لان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الصبح في مسجد خيف فلما انصرف رأى رجلين في زاوية المسجد فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله لما ذا لم تصليا معنا فقالا كنا قد صلينا في رحالنا فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله
إذا جئتما فصليا معنا وان كنتما قد صليتما في رحالكما تكن لكما بسبحة وقال أبو حنيفة لا يجوز الإعادة لأنها نافلة فلا يجوز فعلها في وقت النهى لعموم الحديث وما ذكرناه أخص فتقدم
وقال مالك والثوري والأوزاعي يعاد الجميع الا المغرب لئلا يتطوع بوتر وقال ابن عمر والنخعي تعاد الصلوات كلها الا الصبح والمغرب وقال الحكم الا الصبح وحدها فروع - آ -
لا فرق في استحباب الإعادة بين ان تقام الصلاة وهو في المسجد أو لا ولا بين ان يدخل وهم يصلون أو لا وشرط أحدهما احمد - ب - لا فرق في جواز الإعادة في وقت النهى بين
ان يكون مع امام الحي وغيره للعموم خلافا لبعض أصحاب احمد ولا بين ان يكون قد صلى وحدة أو مع جماعة قال انس صلى بنا أبو موسى الغداة في المزيد فانتهينا إلى المسجد الجامع
فأقيمت الصلاة فصلينا مع المغيرة بن شعبة - ج - إذا أعاد المغرب صلاها ثلاثا لان القصد المتابعة للامام والمفارقة مكروهة سواء كانت بالزيادة أو النقصان وقال
الشافعي والزهري واحمد يصلى أربعا وهو مروى عن سعيد بن المسيب لأنها نافلة ولا يشرع التنفل بوتر غير الوتر فكانت زيادة ركعة أولي من نقصانها لئلا يفارق امامه
قبل اتمام صلاته وعن حذيفة يصلى ركعتين - د - إذا قيمت الصلاة وهو خارج المسجد استحب له الدخول وإن كان وقت نهى عملا بالعموم خلافا لأحمد - ه‍ - إذا أعاد الصلاة
فالأولى فرضه وبه قال علي (ع) والثوري وأبو حنيفة وإسحاق والشافعي في الجديد لقوله (ع) تكن لكما نافلة ولان الأولى وقعت فريضة فأسقطت الفرض لأنها لا تجب ثانيا وإذا
برئت الذمة بالأولى استحال كون الثانية فريضة وجعل الأولى نافلة وعن سعيد بن المسيب وعطا والشعبي التي صلى معهم المكتوبة لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا جئت إلى الصلاة فوجدت
الناس فصل معهم وان تك قد صليت تكن لك نافلة وهذه مكتوبة ولا تصريح فيه فيحب ان يحمل معناه على ما في الأحاديث الباقية سواء إذا عرفت هذا فإنه ينوى بالثانية النفل
لا الفرض ويجوز ان ينويها ظهرا معادة ولا تجب الإعادة بلا خلاف لأنها نافلة وقال (ع) لا تصلى صلاة في يوم مرتين معناه واجبتان وعن أحمد رواية انها تجب مع امام
الحي لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بها والامر للاستحباب فعلى هذا ان قصده الإعادة فلم يدرك الا ركعتين جاز ان يسلم معهم لأنها نافلة ويستحب ان يتمها لأنه قصد أربعا وقال احمد يجب
لقوله صلى الله عليه وآله وما فاتكم فأتموا وهو للاستحباب أو في غير الإعادة مسألة ركعتا الطواف الواجب واجبتان وركعتا المستحب مستحبتان ولهما سبب فيجوز ان يصليهما في أوقات
النهى وممن طاف بعد الصبح والعصر وصلى الركعتين الحسن والحسين (ع) وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وعطا وطاوس ومجاهد والقاسم بن محمد وعروة وبه
قال عطا والشافعي واحمد وأبو ثور لان النبي صلى الله عليه وآله قال يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار ومنع من
ذلك أبو حنيفة ومالك واحتجا بعموم أحاديث النهى وهو مخصوص بما لا سبب له ولان ركعتي الطواف تابعة له فإذا أبيح المتبوع أبيح المتبع مسألة ويصلى على
الجنايز في جميع الأوقات قال ابن المنذر أجمع المسلمون على الصلاة على الجنازة بعد العصر والصبح واما باقي الأوقات الثلاثة فعندنا يجوز وبه قال الشافعي ومالك
لأنها صلاة فرض ذات سبب ولأنها تباح بعد الصبح والعصر فأبيحت في الباقي كالفرايض وقال أبو حنيفة لا يجوز وعن أحمد روايتان للنهي ولأنها صلاة من غير الخمس
فلم يجيز فعلها كالنوافل المطلقة والنهى مخصوص بالنوافل المطلقة والفرق ظاهر لأنها ذات سبب مسألة قضاء السنن في ساير أوقات النهى جايز على ما تقدم وكذا
فعل غيرها من الصلوات التي لها سبب كتحية المسجد وإعادة صلاة الكسوف وسجود التلاوة وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا دخل أحدكم للمسجد فلا يجلس حتى (يصلى) يركع
ركعتين وقال في الكسوف فإذا رأيتموها فصلوا وهذا خاص فيقدم على العام ولأنها صلاة ذات سبب فأشبهت ما ثبت جوازه ولأنها عندنا واجبة فأشبهت الفرايض وقال
أصحاب الرأي واحمد لا يجوز لان النهى للتحريم والامر للندب وترك المحرم أولي من فعل المندوب والأولى ممنوعة وليس بعام وثبت تخصيصه فروع الأول
لو نذر صلاة تحية المسجد في أحد الأوقات فإن كان له غرض في الدخول سوى الصلاة صح ولزم وان لم يكن له غرض سواها فهو كما لو نذر النافلة في هذه الأوقات
80

وللشافعي وجهان المنع لأنه قصد التنفل والجواز لوجود السبب وهو الدخول - ب - إذا فاته شئ من النوافل فقضاه بعد العصر هل يكون ذلك سببا في فعل مثلها في
هذا الوقت الوجه المنع عملا بعموم النهى وللشافعي وجهان هذا أحدهما والثاني الجواز لان النبي صلى الله عليه وآله قضى بعد العصر ركعتين ثم داوم عليهما والفرق ظاهر لأنه كان ملتزما
للمداومة على أفعاله - ج - يجوز قضاء سنة الفجر بعد الفجر وبه قال عطا والشافعي وأبو حنيفة واحمد وهو مروى عن ابن عمر و عبد الله بن عمرو وسعيد بن المسيب و
النخعي لان قيس بن فهد صلاها بعد صلاة الفجر فقال له النبي صلى الله عليه وآله ما هاتان الركعتان قلت لم أكن صليت ركعتي الفجر وسكوته (ع) يدل على الجواز وقال مالك لا يجوز
لعموم النهى - د - ركعتا الاحرام يجوز فعلهما في هذه الأوقات وكذا الاستخارة لان لهما أسبابا وقال الشافعي بالمنع لان سببها يتأخر عنهما فأشبهت ما لا سبب له - ه‍ -
سجود الشكر في هذه الأوقات ليس بمكروه لان كعب بن مالك لما بشر بان الله تاب عليه وعلى صاحبه سجد للشكر بعد صلاة الصبح ولم ينكره (ع) - و - الصلوات التي لها أسباب
إذا قصد تأخيرها في هذه الأوقات كانت كالمبدأة لقوله (ع) لا يتخير أحدكم فيصلى عند طلوع الشمس ولا عند غروبها - ز - يكره التنفل بعد الفجر قبل الفريضة لما روى عنه لا صلاة
بعد طلوع الفجر الا ركعتا الفجر - ح - سجود التلاوة يجوز في كل الأوقات لأنه ليس صلاة ولان له سببا وبه قال الشافعي ومنعه مالك وأبو حنيفة لأنه أشبه جزء الصلاة
- ط - لا باس بصلاة الاستسقاء في هذه الأوقات لوجود الحاجة الداعية إليها في الوقت وهو أحد وجهي الشافعي والثاني الكراهة لان غرضها الدعاء والسؤال وهو لا يفوت
بالتأخير مسألة لا يكره التنفل يوم الجمعة بركعتين نصف النهار وبه قال الشافعي والحسن وطاوس والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة
نصف النهار الا يوم الجمعة ولان الناس في هذ الوقت ينتظرون الجمعة ويشق عليهم مراعاة الشمس وفى ذلك قطع للنوافل ويحتاجون إلى الاشتغال بالصلاة عن اليوم
أيضا وقال مالك أكرهه إذا علمت انتصاف النهار وإذا كنت في موضع لا اعلم أستطيع ان انظر فانى أراه واسعا واباحه عطا في الشتاء دون الصيف لان شدة الحر
من قيح جهنم وذلك الوقت حين تسجر جهنم ومنع منه مطلقا في يوم الجمعة أبو حنيفة واحمد لعموم النهى فروع - آ - جواز الصلاة هل يختص بهذا الوقت للشافعية قولان هذا
أحدهما لعموم النهى الا فيما ورد فيه الاستثناء والثاني ان يستثنى جميع يوم الجمعة لأنه روى أنه يستجر في الأوقات الثلاثة في ساير الأيام الا يوم الجمعة - ب - الأقرب عموم
الاستثناء لكل أحد لاطلاق الخبر وهو أحد وجهي الشافعية والثاني عدم العموم لان الاستثناء لاحد معنيين الأول ان عند اجتماع الناس تشق مراقبة الشمس والتمييز
بين حالة الاستواء وغيره والثاني ان الناس يبكرون إليها فيغلبهم النوم فيحتاجون إلى طرده فلا يستثنى لقاعد في بيته وعلى المعنى الأول يستثنى جميع الحاضرين وعلى الثاني
من يبكر ويغلبه النعاس - ج - ان عللنا بغلبة النعاس أو مشقة المراقبة وعدم العلم بدخول الوقت جاز ان يتنفل بأكثر من ركعتين والا اقتصرنا على المنقول مسألة ولا
فرق بين مكة وغيرها من البلاد في المنع من التطوع في أوقات المنهى وبه قال أبو حنيفة واحمد لعموم النهى ولأنه يمنع من التنفل فاستوت فيه مكة وغيرها كالحيض وقال الشافعي
لا يكره التنفل بمكة في شئ من الأوقات الخمسة لقوله (ع) لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة شاء من ليل أو نهار وهو مختص بركعتي الطواف وفى اختصاص
المسجد بجواز التنفل عند الشافعي وجهان أحدهما ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله قال يا بنى عبد مناف من ولى منكم من أمر هذا البيت شيئا فلا يمنعن أحدا طاف بهذا
البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار والثاني جواز التنفل في جميع بيوت مكة لعموم قوله (ع) الا بمكة البحث الخامس في القضاء وسبب فوات الصلاة الواجبة
أو النافلة على المكلف مسألة إذا فاتت الصلاة الواجبة اليومية وجب قضاؤها باجماع العلماء لقول رسول الله صلى الله عليه وآله من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فان
ذلك وقتها لا وقت لها غيره ولان الصوم يجب قضاؤه بنص القرآن والصلاة اكد من الصوم فهي أولي بوجوب القضاء وانما يجب القضاء تبعا لوجوب الأداء فلا يجب على
الصبى والمجنون القضاء اجماعا وكذا الكافر لقوله (ع) الاسلام يجب ما قبله وإن كان الأداء واجبا عليه الا انه سقط عنه القضاء دفعا للمشقة والحرج وترغيبا له في
الاسلام ويجب على النايم والسكران والمرتد ويستحب للمغمى عليه وفى الوجوب على فاقد المطهر لعلمائنا قولان الوجوب قاله الشيخ والمرتضى وبه قال الليث بن سعيد و
أبو يوسف ومحمد واحمد والشافعي وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي لان الصلاة لا تسقط بفوات شرط كالسترة والعدم قاله المفيد وبه قال مالك وداود وهو المعتمد
لأنها صلاة لا تجب في وقتها فلا تجب بعد خروجه ولان القضاء انما يجب بأمر مجدد ولم يوجد مسألة ووقت الفائتة حين الذكر لقوله صلى الله عليه وآله من فاته صلاة
فريضة فوقتها حين يذكرها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسى صلوات لم يصلها أو نام عنها يصليها إذا ذكرها في أي ساعة
ذكرها ليلا أو نهارا فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما فاته فليقض ما يتخوف ان يذهب وقت هذه فهذه أحق بوقتها مسألة والأقوى عندي ان هذا الوجوب
موسع لا مضيق فله مع الذكر التأخير إلى أن يغلب على الظن الموت فيتضيق الفعل كالواجبات التي مدتها العمر لان وقت الأداء فات ولا اختصاص لوقت بالقضاء دون
غيره والا لزم ان يكون قاضيا للقضاء لفوات ذلك الوقت وهو خلاف الاجماع نعم يستحب المبادرة إليه للامر بالمسارعة إلى فعل الخير وللخلاص من الخلاف وليس واجبا
لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله نزل في بعض أسفاره بالليل في واد فغلبهم النوم وما انتبهوا الا بعد طلوع الشمس فارتحلوا ولم يقضوا الصلاة في ذلك
الموضع بل في اخر ولا فرق بين ان يتعمد تفويت الصلاة وان لا يتعمد وقال الشافعي ان تعمد لزمه القضاء على الفور ولا يجوز له التأخير لأنه عاص بتأخير الصلاة و
لو وسعنا الامر عليه في القضاء صارت المعصية سببا للتخفيف وهو غير جايز ونمنع ذلك مسألة الحواضر تترتب بلا خلاف بين العلماء فيجب ان
يصلى الظهر سابقة على العصر والمغرب على العشاء لقول الصادق (ع) إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين الا ان هذه قبل هذه وقول الباقر (ع) والصادق (ع)
من نسى الظهر حتى دخل وقت العصر بدأ بالظهر ثم بالعصر ولو دخل في العصر ثم ذكر الظهر عدل بنيته وكذا الفوايت يترتب بعضها على بعض فلو فاته صلاة
يوم وجب ان يبدأ في القضاء بصبحه قبل ظهره ثم بظهره قبل عصره وهكذا لو فاته ظهر يوم وعصر سابق وجب ان يقدم في القضاء العصر على الظهر عند علمائنا أجمع
وبه قال إن عمر والزهري والنخعي وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك واحمد والليث وأبو حنيفة وإسحاق لقوله (ع) من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما
فاتته ولان القضاء انما هو الاتيان بعين الفايت في غير الوقت المضروب له ولان النبي صلى الله عليه وآله فاتته صلوات يوم الخندق فقضاهن مرتبا فيجب اتباعه للتأسي ولقوله (ع)
صلوا كما رأيتموني اصلى ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إذا كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولهن فاذن لها وأقم ثم صل ما بعد ها بإقامة إقامة وقال الشافعي
الأولى الترتيب فان قضاها بغير ترتيب اجزائه وسقط عنه الفرض لان كل صلاة مستقلة بنفسها منفردة بحكمها أو انما ترتبها لترتب أوقاتها فإذا فاتت الأوقات
صارت دينا في ذمته ولا ترتيب فيما يقضى من الذمة وكقضاء رمضان والاستقلال لا يخرج الحقيقة عن لوازمها ومن جملة أوصافها اللازمة الترتيب ولهذه
لو قدم المتأخرة في الوقت المشترك لم يصح فكذا بعد الفوات وترتب الفوايت لمعنى فيها وترتيب أيام رمضان لتحصيل أيام الشهر لمعنى يختص بترتب الأيام مسألة
81

ولا فرق بين كثرة الصلوات وقلتها عند علمائنا في وجوب الترتيب فلو فاتته صلوات سنة فما زاد وجب فيها الترتيب وبه قال احمد لأنها صلوات واجبة تفعل في وقت
يتسع لها فوجب فيها الترتيب كالخمس ولقوله (ع) فليقضها كما فاتته وقال أبو حنيفة ومالك لا يجب الترتيب في أكثر من صلاة يوم وليلة للمشقة وهو ممنوع تذنيب
هذا الترتيب شرط عندنا فلو أخل به عمدا بطلت صلاته وبه قال احمد لأنه ترتيب واجب فكان شرطا كالركوع والسجود مسألة تترتب الفايتة على الحاضرة
استحبابا ما لم تتضيق الحاضرة فيتعين فعلها سواء تعددت الفوايت أو اتحدت على الأقوى وبه قال الشافعي لقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل و
هو عام وقول الصادق (ع) ان نام رجل أو نسى ان يصلى المغرب والعشاء فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما فليصلهما وان خاف ان تفوت إحديهما فليبدأ بالعشاء
وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس ولان الأصل عدم الترتيب ولأنه يفضى إلى فوات مصلحة مطلوبة للشارع لا يمكن
استدراكها فلا يكون مشروعا لأنه يفضى إلى المنع من الصلاة في أول وقتها وهو أمر مطلوب للشارع ولان الترتيب يفضي إلى عدمه أو المنع من أداء الحاضرة في وقتها المضيق والقسمان
باطلان بيان الملازمة انه إما ان يقضي الفوايت عند تضيق الحاضرة فيلزم الأمر الثاني لو يشتغل بالحاضرة فلا يثبت الترتيب وأكثر علمائنا والجمهور على وجوب
الترتيب الا فيما زاد عن يوم الا عند ابن أبي
حنيفة لقوله (ع) من فاتته صلاة فوقتها حين يذكرها ولا يقتضى التخصيص واعلم أن جماعة من علمائنا ضيقوا الامر في ذلك و
شددوا على المكلف غاية التشديد حتى حرم السيد المرتضى وآخرون الاشتغال بغير الصلاة الفايتة الا قدر الامر الضروري في النوم والأكل والشرب والمعاش
ومنعوا من الشبع واكتساب أكثر من قوت يومه له ولمن تجب نفقته وان يتحقق الانسان اخر الوقت بحيث لا يتسع أكثر من الواجب في الحاضرة وذلك كله مكابرة لمنافاته
قوله (ع) بعثت بالحنيفية السمحة السهلة فروع - آ - لو ضاق وقت الحاضرة تعينت ولا يجوز الاشتغال بالفايتة لئلا تفوت الحاضرة عند علمائنا أجمع وبه قال سعيد بن
المسيب والحسن والأوزاعي والشافعي والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي واحمد في رواية وفى أخرى انه يجب عليه الفايتة وان خرج وقت الحاضرة وبه قال عطا والزهري
والليث ومالك ولا فرق بين كون الحاضرة جمعة أو غيرها لان الترتيب واجب وهو ممنوع - ب - الترتيب انما يجب مع الذكر فلو صلى الحاضرة ناسيا ثم ذكر بعد الفراغ
الفايتة لم يعد ما عندنا فظاهر لأنا لا نوجب الترتيب واما عند القائلين بوجوبه فلانه مشروط بالذكر عند علمائنا ولقوله صلى الله عليه وآله عفى عن أمتي الخطاء
والنسيان وقال مالك وزفر يجب الترتيب مع النسيان أيضا للحديث وهو ممنوع ويلزم منه الحرج فإنه لا ينفك من نسيان صلاة فإذا ذكرها بعد مدة طويلة
وجب قضاء الجميع - ج - لو تلبس بالحاضرة ناسيا في الوقت المتسع ثم ذكر ان عليه سابقة عليها عدل بنيته إلى السابقة كما لو دخل في العصر فذكر انه لم يصل الظهر
فإنه يعدل بنيته ولو قبل التسليم وكذا لو كان في العشاء فذكر ان عليه المغرب لو لم يمكن العدول بان ركع في الرابعة أتم صلاته ثم صلى السابقة إن كان في الوقت
المشترك أو دخل قبل الفراغ من الأولى ولو فرغ مما شرع فيه قبل دخول المشترك أعاد ما صلاه بعد فعل السابقة وكذا لو أكمل العصر ثم ذكر ان عليه الظهر أو أكمل العشاء ثم ذكر
ان عليه المغر ب فإن كان ما فعله في الوقت المشترك أو دخل وهو فيه صحت واتى بالسابق فان الترتيب انما يجب مع الذكر وإن كان في الوقت المختص بالسابقة أعاد بعد
فعل السابقة مسألة لو دخل في الحاضرة وعليه فايتة نسيها ثم ذكر في الأثناء فإن كان الوقت ضيقا لا يفضل عن الحاضرة أتمها اجماعا منا وإن كان الوقت متسعا فان أمكن
العدول بالنية إلى الفايتة عدل استحبابا عندنا ووجوبا عند أكثر علمائنا وقال احمد يتمها ويقضى الفايتة ثم يعيد الصلاة التي كان فيها سواء كان إماما أو مأموما
أو منفردا وبه قال ابن عمر ومالك والليث وإسحاق في المأموم وعن أحمد رواية أخرى ان هذا في المأموم واما المنفرد فإنه يقطع الصلاة ويقضى الفايتة وبه قال النخعي
والزهري وربيعة ويحيى الأنصاري في السفر دون غيره وقال طاوس والحسن والشافعي وأبو ثور يتم صلاته ويقضى الفايتة لا غير كما قلناه نحن لقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم
الا ان الشافعي قال يستحب له إذا تمم صلاته وأعاد الفائتة ان يعيد صلاة الوقت بعد صلاة (القضاء) الفايتة ولا تجب الإعادة وقال أبو حنيفة يجعل صلاته نفلا ركعتين و
يقضى الفايتة ثم يصلى صلاة الوقت فلو تمم صلاته لم تحتسب له فروع - آ - لو تلبس بنافلة فذكر ان عليه فريضة أبطلها واستأنف الفريضة ولا يجزيه العدول لفوات الشرط
وهو نية الفرض - ب - لو ذكر فايتة وهناك قوم يصلون فرض الوقت جماعة فالأولى ان يصلى معهم بنية القضاء لأنا لا نشترط توافق الصلاتين مع اتحاد النظم وقال
الشافعي الاشتغال بقضاء الفايتة منفردا أولي من الفرض لان الترتيب في قضاء الصلوات تختلف فيه وفرض الوقت منفردا صحيح فلو أراد ان يصلى الفايتة مع الجماعة
كان فعلها منفردا أولي لان القضاء خلف الأداء مختلف فيه أيضا والخروج من الفرض على وجه مقطوع به أولي من فعله على وجه يكون مختلفا فيه بين العلماء - ج - لو
شرع في الفايتة على ظن السعة فظهر الضيق فالوجه العدول بالنية إلى الحاضرة ما دام العدول ممكنا فان تعذر قطعها وصلى الحاضرة ثم اشتغل بالفايتة وقال الشافعي
يقطع الفائتة ويصلى صلاة الوقت ثم يعيد الفايتة وله وجه انه يتمها ولا يقطعها - د - لو فاته ظهر وعصر من يومين وجهل (السابق) الترتيب فالأقرب ثبوت الترتيب فيصلى الظهر
مرتين بينهما العصر أو بالعكس لأنه متمكن من أداء ما وجب عليه على هيئة فيتعين عليه ولا يمنع منه زيادة على الواجب كما لو نسى فريضة وجهل تعيينها ويحتمل سقوطه
إذ التكليف به مع عدم العلم تكليف بما لا يطاق والأصل براءة الذمة من الزايد فيتخير حينئذ في الاتيان بأيهما شاء أولا ولأحمد ثلاثة أوجه الترتيب كما قلناه وعدمه ويتحرى كالقبلة عنده وتقديم
الظهر مطلقا لان التحري فيما فيه امارة ولا امارة هنا فيرجع فيه إلى ترتيب الشرع وليس بجيد فان الشارع لم يقدم أي ظهر كان على أي عصر كان ولو كان معهما
معهما مغرب ثالث قضى الظهر ثم العصر ثم الظهر ثم المغرب ثم الظهر ثم العصر ثم الظهر وكذا الزايد ولو فاته مغربان من يومين نوى تقديم السابق منهما وكذا لو فاته أيام
متعددة صلى بنية تقديم السابق - ه‍ - لو فاته صلوات سفر وحضر وجهل السابق فالوجه الاحتياط عدد الأيام فيصلى مع كل رباعية صلاة قصر فلو فاته شهر صلى
شهرا لكن الرباعية يصليها مرتين تماما وتقصيرا وان اتحدت إحديهما - و - لا ترتيب بين الفوايت اليومية وغيرها من الواجبات ولا بين الواجبات أنفسها فلو فاته كسوف و
خسوف بداء بأيهما شاء مع احتمال تقديم السابق - ز - لو تعددت المجبورات يترتب الاحتياط بترتبها وكذا الأجزاء المنسية كالسجدة والتشهد سواء اتحدت الصلاة أو تعددت
- ح - لا تنعقد النافلة لمن عليه فريضة فايتة لعموم قوله (ع) لا صلاة لمن عليه صلاة - ط - لا يعذر الجاهل بالترتيب في تركه كالركوع وقال زفر تعذر لأنه يسقط بالنسيان فيسقط
بالجهل كالطيب في الاحرام مسألة من فاتته فريضة من يوم ونسى تعيينها لعلمائنا قولان أحدهما وجوب خمس وعليه أكثر الجمهور لان التعيين شرط في صحة الصلاة
الواجبة ولا يمكن الا بإعادة الجميع والثاني وجوب صبح ومغرب وأربع ينوي بها ما في ذمته ظهرا فظهرا وان عصرا فعصرا وان عشاء فعشاء وهو الأشهر عندنا لان
الثابت في الذمة فريضة واحدة ولا يجب سواها لكن لما اختلفت الصلوات وكانت الزيادة مبطلة وكذا النقصان أوجبنا المختلفة إما المتحدة فلا يجب تكثيرها
عملا بأصالة البراءة والتعيين في النية يسقط لعدم العلم به ولقول الصادق (ع) من نسى صلاة من صلاة يومه ولم يدر أي صلاة هي صلى ركعتين وثلاثا وأربعا فروع - آ -
82

لو كانت الصلاة المنسية من يوم سفر وجب عند الأكثر ثلاث وركعتان خاصة وعند الباقين تجب الخمس وبه قال ابن إدريس مع أنه أوجب الثلاث في الحضر وليس بمعتمد
- ب - يسقط الجهر والاخفات في الرباعية دون الثنائية والثلاثية وفى صلاة السفر تسقط في الثنائية دون الثلاثية - ج - لو كان عليه منذورة ويومية ونسى فعل.
أحدهما فان اتفقتا عدد اصلى ذلك العدد بنية مشتركة والا صلاهما معا - د - لو ذكر في الأثناء التعيين عدل بنيته الاطلاق إليه في الرباعية وبنية المعين إلى الفايتة ان خالفت ما دام العدول ممكنا - ه‍ - لو فاتته معينة
فاشتغل بقضائها فذكر سابقه عليها عدل بنيته ما دام العدول ممكنا واجبا ولو لم يتمكن العدول أتم ما نواه أولا ثم قضى السابقة مسألة لو فاتته صلوات معلومة التعيين
غير معلومة العدد صلى من تلك الصلوات إلى أن ينقلب في ظنه الوفاء لاشتغال الذمة بالفايت فلا تحصل البراءة قطعا الا بذلك ولو كانت واحدة ولا يعرف العدد
صلى الصلاة مكررا لها حتى يظن الوفاء ويحتمل هنا امران الزامه بقضاء المشكوك فيه فإذا قال اعلم انى تركت
ظهرا في بعض أيام شهر وصليتها في البعض الاخر قيل له كم
المعلوم من صلاتك فإذا قال عشرة أيام كلف بقضاء الظهر عشرين لعلمنا باشتغال ذمته بالفرض فلا يسقط الا بيقين فالزامه بقضاء المعلوم تركه فيقال كم المعلوم من ترك
الصلاة قال فإذا عشرة أيام واشك في الزايد كلف قضاء العشرة خاصة لأن الظاهر أن المسلم لا تفوت الصلاة والأول أحوط وكلا الوجهين للشافعية ولو علم ترك صلاة واحدة
من كل يوم ولا يعلم عددها ولا عينها صلى اثنين وثلاثا وأربعا مكررا حتى يظن الوفاء ولو علم أن الفايت الصلوات الخمس صلى صلوات أيام حتى يظن الوفاء ولو فاتته صلوات
سفر وحضر وجهل التعيين صلى مع كل رباعية صلاة قصر ولو اتحدت إحديهما مسألة يستحب قضاء النوافل الموقتة عند علمائنا أجمع لقول الصادق (ع)
وقد سئل عن رجل عليه من صلواته النوافل ما لا يدرى ما هو من كثرته فكيف يصنع يصلى حتى لا يدرى كم صلى من كثرته فيكون قد صلى بقدر ما عليه ولأنها عبادة
موقتة فاستحب قضاؤها كالفرايض وهو أحد أقوال الشافعية والثاني لا يقضى وبه قال أبو حنيفة قياسا على الخسوف والأصل ممنوع لأنه عندنا واجب يجب قضاؤه على
تفصيل يأتي والثالث يقضى نوافل النهار نهار ونوافل الليل ليلا ولو تعذر القضاء استحب له ان يتصدق عن كل صلاة ركعتين بمد فان تعذر فعن كل يوم لقول
الصادق (ع) وقد سئل انه لا يقدر على القضاء يتصدق بصدقة مد لكل مسكين مكان كل صلاة قلت وكم الصلاة قال مد لكل ركعتين من صلاة الليل وكل ركعتين
من صلاة النهار قلت لا يقدر قال مد لكل أربع قلت لا يقدر قال مد لصلاة الليل ومد لصلاة النهار والصلاة أفضل إما لو فاتت بمرض فإنه لا يتأكد القضاء وإن كان مستحبا
لقول الصادق (ع) وقد سأله مرازم عن نوافل كثيرة كيف اصنع قال اقضها قلت إنها كثيرة قال اقضها قلت لا أحصيها قال توخ قلت كنت مريضا لم أصل نافلة فقال ليس عليك
قضاء ان المريض ليس كالصحيح كلما غلب الله عليه فهو أولي بالعذر فيه مسألة والقضاء كالفوائت في الهيئة والعدد عند علمائنا أجمع فلو فاتته صلاة حضر قضاها
تاما في السفر والحضر بغير خلاف بين العلماء الا ما حكى عن المزني أنه قال يقضى قصرا اعتبارا بحالة الفعل وقياسا على المريض فإنه يقضى من قعود وان فاتته حال الصحة وكذا فاقد
الماء يقضى متيمما وهو غلط فان الأربع قد استقرت بذمته فلا تسقط بركعتين والمرض عاجز والقصر رخصة فاعتبر سبب الرخصة عند وجوبها ولو فاتته صلاة سفر قضاها قصرا
اجماعا وحضرا عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والثوري والشافعي في الجديد وأصحاب الرأي لأنه انما يقضى ما فاته ولم يفته الا ركعتان وقال الأوزاعي وداود والشافعي في الأخير
والمزني واحمد يقضيها في الحضر تماما لان القصر رخصة من رخص السفر فتبطل بزواله ولأنها وجبت عليه في الحضر لقوله (ع) فليصلها إذا ذكرها والرخصة انما تبطل فيما وجب
في الحضر والحديث لا دلالة فيه لقوله (ع) كما فاتته فروع - آ - لو نسيها في سفر فذكرها فيه قضاها مقصورة اجماعا وكذا ان ذكرها في سفر اخر إذا لم يذكرها في الحضر ولو ذكرها
في الحضر فكذلك عندنا وعند الأكثر وقال الشافعي يلزمه لأنه ذكرها تامة فثبت في ذمته والأصل ممنوع - ب - يجب الاتيان بالجهر والاخفات كالأصل لقوله (ع) فليقضها كما فاتته
وكذا يستحب لها الأذان والإقامة كما يستحبان للأصل فان كثر اذن لأول ورده وأقام للبواقي ولو لم يستحب لها الاذان لم يستحب في القضاء كعصر الجمعة وعرفه - ج - لا يستحب الاتيان
بالنافلة التابعة لها إذ التنفل مشروط ببرائة الذمة من الصلاة الواجبة فإنه لا يجوز لمن عليه صلاة فريضة ان يأتي بالنافلة قضاء ولا أداء نعم يستحب بعد الفراغ من قضاء
الفرايض الاشتغال بقضاء النافلة الفايتة - د - لا تجوز المساواة في كيفية قضاء صلاة الخوف بل في الكمية وإن كانت في الحضر ان استوعب الخوف الوقت والا فتمام
البحث السادس في الجمع مسألة قد بينا فيما سلف ان لكل من الظهر والعصر وقتين مختص ومشترك فالمختص بالظهر من زوال الشمس إلى قدر أدائها
وبالعصر قدر أدائها في اخر الوقت والمشترك ما بينهما وللمغرب والعشاء وقتين فالمختص بالمغرب قدر أدائها بعد الغروب وبالعشاء قدر أدائها عند الانتصاف والمشترك ما
بينهما فلا يتحقق معنى الجمع عندنا إما القائلون باختصاص كل من الظهر والعصر بوقت وكذا المغرب والعشاء فإنه يتحقق هذا المعنى عندهم وقد ذهب إلى الجمع بين
الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في السفر ابن عباس وابن عمر ومعاذ بن جبل وسعد بن ابن أبي
وقاص وسعيد بن زيد وأبى موسى الأشعري ومالك والثوري والشافعي واحمد
وإسحاق وأبو ثور لان ابن عباس روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال وإذا سافر قبل الزوال اخر الظهر حتى
يجمع بينهما وبين العصر في وقت العصر وكذا في المغرب والعشاء وقال الحسن البصري وابن سيرين والنخعي ومكحول وأصحاب الرأي لا يجوز الجمع لان المواقيت قد ثبت
بالتواتر فلا يجوز تركها بخبر الواحد مسألة ويتخير في الجمع بين تقديم الثانية إلى الأولى وبين تأخير الأولى إلى الثانية لان الأولى فعل ما هو ارفق به فإن كان وقت
الزوال في المنزل ويريد ان يرتحل قدم العصر إلى الظهر حتى لا يحتاج إلى أن ينزل في الطريق وإن كان وقت الزوال في الطريق ويريد ان ينزل اخر النهار اخر الظهر لحديث ابن
عباس فإن لم يكن في أحد الامرين غرض فالأولى التقديم فإذا أراد تقديم الثانية إلى الأولى جاز مطلقا عندنا واشترط الشافعي أمورا أربعة - آ - وجود السفر من أول الصلاتين إلى اخر هما
حتى لو أقام في أثناء الظهر أو بعد الفراغ عنها قبل الشروع في العصر لم يجز ان يصلى العصر وان نوى الإقامة بعد التلبس بالعصر لم يجب له عن الفرض وهل تبطل أو تنقلب نقلا
قولان لان الجمع أبيح له بعلة السفر فيعتبر بقاء العلة إلى وقت الفراغ من موجبها ولو نوى الإقامة بعد الفراغ من الصلاتين قبل دخول وقت العصر أو وصل إلى مقصده احتسب
العصر له عندنا وللشافعي وجهان هذا أحدهما لان الفعل وقع صحيحا فلا يبطل حكمه والثاني العدم لان التقديم سوغ رخصة فإذا زالت الشرايط قبل الوجوب لم يقع فرضا كما
لو عجل زكاة ماله ثم هلك المال - ب - نية الجمع وليست شرطا عندنا وبه قال المزني وقال الشافعي انها معتبرة للاحتساب بالعصر فلو صلى الظهر وأراد أن يصلى العصر عقيب الظهر
من غير أن يكون قد نوى الجمع لم يجز وله قولان في وقت النية أحدهما عند افتتاح أول الصلاة والثاني في أثناء الأولى قبل السلام فلو شرع في الظهر فسارت السفينة في
الأثناء فنوى الجمع صحت على الثاني لوجود علة الجمع وهي السفر والنية في وقتها وعلى الأول لا يجوز لأن علة الجمع ونيته لم تكن في الابتداء - ج - الترتيب بان يصلى الظهر أولا
وهو وفاق لان وقت العصر لم يدخل بعد وانما جوز فعلها تبعا فلا يتقدم المتبوع - د - الموالاة بينهما ليست شرطا عندنا فلو تنفل بينهما جاز وبه قال أبو سعيد من الشافعية
لان كل واحدة منهما منفردة عن الأخرى ولهذا جاز ان يأتم في الثانية بغير امام الأولى وقال الشافعي الموالاة شرط لأن هذه رخصة جمع وانما سمى جمعا بالمقارنة أو المتابعة
83

والمقارنة ممتنعة فتتعين المتابعة وشرط عدم الفصل الطويل فيجوز ان يتكلم بكلمة وكلمتين وان يقيم الثانية فان أطال الفصل بأكثر من الإقامة لم يجز له فعل
الثانية الا في وقتها ولو جمع بين الظهر والعصر فلما فرغ ذكر انه ترك سجدتين من الظهر بطلت إما الظهر لعدم السجود واما العصر فلانه لم يقدم عليه الظهر ولو أراد
ان يجمع بينهما جاز وان علم أنهما من العصر صحت الظهر وليس له الجمع عنده لحصول الفصل بين الصلاتين وان جهل من أيهما هما اخذ بأسوأ الأحوال ففي الصلاة
يجعل تركها من الظهر حتى يلزمه إعادة الصلاتين وفى الجمع من العصر حتى لا يجوز الجمع واما إذا أراد تأخير الظهر إلى وقت العصر فإنه يجوز عندنا مطلقا
وشرط الشافعي أمرين - آ - نية الجمع فلو اخر ولم ينو الجمع عصى عنده وصارت الصلاة فايتة - ب - بقاء السفر إلى وقت الجمع والفراغ منهما فلو اخر الظهر ثم نوى الإقامة
قبل ان يصليهما صارت فايتة ولا يكون لها حكم الأداء ويعتبر عندنا تقديم الظهر على العصر وهو أحد وجهي الشافعي لقوله (ع) الا أن هذه قبل هذه و
أصح الوجهين عنده جواز تقديم العصر على الظهر لان وقت الظهر قد دخل وفات وهذا الزمان صالح للظهر لأنه لو فوت الظهر بغير نية الجمع عصى ويجوز له فعلها
في وقت العصر قبل العصر وبعد ها ويجمع ويفرق فإذا اخرها بوجه هو معذور فيه كان أولي ونحن عندنا ان الوقت مشترك إلى أن يبقى للغروب قدر أداء العصر
مسألة يجوز للحاج الجمع بين الظهرين بعرفة وبين العشائين بالمزدلفة لان النبي صلى الله عليه وآله خطب يوم عرفه حين زالت الشمس ثم صلى الظهر والعصر معا وصلى المغرب
والعشاء جمعا بالمزدلفة واجمع الناس عليه واختلفوا في علة الجمع فعندنا اشتراك الوقتين واما الجمهور فقال الأكثر علة الجمع السفر وقال آخرون النسك حتى يتصل
وقوفه بعرفة فلا تقطعه الصلاة عن الاشتغال بالدعاء وفى المغرب والعشاء يتعجل حصوله بمزدلفة فان المبيت بها من المناسك وجوز الشافعي الجمع بين الظهرين
للجماعة وللمنفرد وبين العشائين لهما ومنع أبو حنيفة من الجمع بين الظهرين للمنفرد بعرفة وجوز الجمع بين العشائين له بمزدلفة والمقيم بعرفة ومزدلفة يباح له
الجمع لمن علل بالنسك وان علل بالسفر فلا ولو أراد المسافر الجمع بين الظهرين في وقت العصر وبين العشائين في وقت المغرب جاز ان علل بالسفر وان علل بالنسك لم يجز
لأنه يفوت الغرض المطلوب وهو اتصال الدعاء في الموقف وتعجيل الحصول بمزدلفة مسألة يجوز الجمع بين الظهرين وكذا بين العشائين في السفر الطويل والقصير وهو
ظاهر عندنا وللشافعي في السفر القصير قولان ففي القديم الجواز وبه قال مالك لان أهل مكة يجمعون وهو سفر قصير والثاني المنع وبه قال احمد لأنها رخصة ثبتت لرفع
المشقة فاختصت بما يجب فيه القصر ونمنع الأولى ومنع أبو حنيفة من الجمع في السفر مطلقا ولا يجوز الجمع بين العصر والمغرب ولا بين العشاء والصبح اجماعا لعدم التشريك
في الوقت وهو يعطى ما ذهبنا نحن إليه والصلاة في أول الوقت أفضل من الجمع لان في الجمع خلاء وقت العبادة عنها مسألة يجوز الجمع بين الظهرين في المطر وكذا بين
العشائين وهو قول فقهاء المدينة السبعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة
ابن مسعود وسليمان بن يسار (بشار) وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور لان عبد الله بن عمر قال إن النبي صلى الله عليه وآله جمع في المدينة بين الظهر والعصر في المطر وقال أصحاب
الرأي والمزني لا يجوز لان المواقيت ثبتت بالتواتر وقال مالك واحمد انما يجوز بين العشائين لمشقة الظلمة ولا يجوز بين الظهرين وينتقض بالليلة المقمرة فروع - آ -
يجوز تقديم العصر إلى الظهر لأجل المطر وكذا تأخير الظهر إلى العصر عندنا وهو القديم للشافعي وبه قال احمد لأنه كل عذر أباح تقديم العصر إلى الظهر أباح تأخير الظهر إلى
العصر كالسفر وفى الجديد لا يجوز لأدائه إلى أن يجمع مع زوال العذر ويمنع بطلان اللازم عندنا - ب - يجوز الجمع للمنفرد في بيته أو في المسجد أو من كان بينه وبين المسجد ظل
يمنع وصول المطر إليه وهو أحد قولي الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله جمع في المطر وليس بين حجرته وبين مسجده شئ ولان العذر إذا تعلقت به الرخصة استوى فيه وجود المشقة وعدمها
كالسفر وفى الاخر لا يجوز لان الرخصة للمشقة وقد انتفت - ج - الوحل بغير مطر يبيح الجمع وبه قال مالك واحد للمشقة فجرى مجرى المطر ولهذا جاز معه ترك الجمعة وقال
الشافعي لا يجوز لان اذى المطر أكثر من اذى الوحل فان الزلق والبلل يحصلان بالمطر دون الوحل - د - لو نزل ثلج جاز الجمع وشرط الشافعي نزوله ذايبا كالمطر ولو لم يذب لم يجز الا ان
يكون كبارا - ه‍ - لو افتتح الظهر ولا مطر ثم مطرت لم يجز الجمع عند الشافعي لأنه يحتاج إلى وجود العذر المبيح في جمع الصلاتين كالسفر ونحن لما لم نشترط العذر سقط هذا عنا
قال ولو افتتح الصلاة مع المطر ثم انقطع قبل الشروع في الثانية فإنه لا يجمع الا ان ينقطع في الأولى ثم يعود فيها فإنه يجوز - و - يجوز الجمع للريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة
وبه قال عمر بن عبد العزيز لأنه يجوز عندنا الجمع مطلقا وللحنابلة وجهان - ز - يجوز الجمع حالة المرض والخوف وشبه ذلك وبه قال عطا ومالك وإسحاق واحمد لان الجمع عندنا
مطلقا جايز ولان ابن عباس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر وفى رواية من غير خوف ولا سفر ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر
سهلة بنت سهل وحمنة بنت جحش لما كانتا مستحاضتين بتأخير الظهر وتعجيل العصر وقال الشافعي وأصحاب الرأي لا يجوز لان اخبار التوقيت ثابتة فلما تزول بأمر محتمل وقد بينا نحن
اشتراك الوقت مسألة ويجوز الجمع عندنا من غير عذر سفر أو مطر أو خوف أو مرض أو غير ذلك وبه قال ابن المنذر وابن سيرين لان ابن عباس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بين الظهر والعصر بالمدينة
من غير خوف ولا سفر قال سعيد بن جبير قلت لابن عباس ولم تراه فعل ذلك قال أراد ان لا يخرج أحد من أمته وعن ابن عباس ان النبي (ص) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء
من غير خوف ولا مطر ومنع باقي الجمهور من ذلك لان اخبار التأقيت معلومة ونحن نقول به فان الاشتراك بين الوقتين معلوم البحث السابع في الاحكام مسألة
الصلاة عندنا تجب بأول جزء من الوقت وجوبا موسعا وتستقر بامكان الأداء فلا يجب القضاء لو قصر عن ذلك وبه قال الشافعي وإسحاق وقال احمد يستقر الوجوب
بادراك جزء فإذا دخل عليه وقت الصلاة وجب عليه عندنا بأول الوقت للمختار وللمعذور بأول جزء أدركه بعد زوال عذره فإذا زال المانع من التكليف كالحيض والجنون
في أثناء الوقت أو في اخره وجبت الصلاة عليه وبه قال الشافعي لقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فالتقديم والتأخير تحكم ومن فعلها في أول الوقت
فعلها بالامر فكانت واجبة كما لو فعلها في اخره وقال أصحاب الرأي يجب اخر الوقت الا أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمد يقولون يجب إذا بقى من الوقت مقدار تكبيرة وزفر يقول
يجب إذا بقى من الوقت مقدار الصلاة وقال الكرخي انما يعتبر قدر التكبيرة في حق المعذورين واما غير المعذورين فيجب مقدار أربع ركعات كقول زفر عندهم أجمعين فإذا فعلها في أول
الوقت فمنهم من يقول تقع مراعاة ان بقى على صفة التكليف إلى اخره تبينا الوجوب والا كانت نفلا ومنهم من يقول تقع نفلا ونمنع وجوب الفرض وقال الكرخي إذا فعلها وقعت
واجبة لان الصلاة تجب اخر الوقت أو بالدخول فيها احتجوا بأنها لو كانت واجبة لما جاز تركها ونمنع الملازمة
فان المخير يجوز تركه بشرط الاتيان ببدله تذنيب قال شيخنا
المفيد ان اخرها ثم اخترم في الوقت قبل أدائها كان مضيعا لها وان بقى حتى تؤديها في اخر الوقت وفيما بين الأول والاخر عفى عن ذنبه وقال في موضع اخر ان اخرها لا لعذر كان
عاصيا ويسقط عقابه لو فعلها في بقية الوقت وللشافعي وجهان فيما لو اخرها لغير عذر ومات في أثناء الوقت العصيان لأنه ترك ما وجب عليه وأصحهما عنده المنع لأنه أبيح له
التأخير مسألة تقديم الصلاة أفضل الا في مواضع - آ - المغرب للمفيض من عرفه يستحب له تأخيرها إلى مزدلفة وان صار إلى ربع الليل - ب - يستحب تأخير العشاء حتى يسقط الشفق
84

- ج - المتنفل يؤخر الفرض ليصلى سبحته - د - القاضي للفرائض يستحب له تأخير الأداء إلى اخر الوقت عندنا وعند الأكثر يجب - ه‍ - الظهر في الحر لمن يصلى جماعة يستحب الابراد بها لقوله (ع) إذا اشتد الحر
فابردوا بالصلاة ولو صلاها في منزله أو في المواضع الباردة كان التعجيل أفضل وهو أحد وجهي الشافعي لزوال المقتضى للتأخير وفى الاخر الابراد أفضل للعموم وهو ممنوع
والمستحاضة ينبغي ان تؤخر الظهر لتجمع بينها وبين العصر في أوله بغسل واحد - ز - أصحاب الاعذار يستحب لهم التأخير لرجاء زوال عذرهم وعند بعض علمائنا يجب واما ما عدا هذه
المواضع فان المستحب التقديم وبه قال الشافعي لقوله (ع) الوقت الأول رضوان الله والاخر عفو الله وقال أبو حنيفة التأخير لصلاة الصبح أفضل الا غداة مزدلفة والتأخير بالظهر
أفضل في غير الشتاء والتأخير بالعصر أفضل الا في يوم الغيم فروع - آ - الابراد أفضل من التعجيل لان النبي صلى الله عليه وآله أمر به وهو أحد وجهي الشافعي والثاني التعجيل لكثرة الثواب
بزيادة المشقة - ب - الأقرب استحباب الابراد بصلاة الجمعة لوجود المقتضى وهو أحد وجهي الشافعية والثاني العدم لاستحباب المباكرة فيكون في التأخير تطويل الامر على الناس
وربما تأذوا في الانتظار بحر المسجد - ج - الأفضل في العشاء تعجيلها بعد غيبوبة الشفق وهو أحد قولي الشافعية للعموم والاخر يستحب التأخير وبه قال أبو حنيفة لقوله صلى الله عليه وآله
لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بتأخير العشاء إلى ثلث الليل وفى رواية إلى نصف الليل وما تمناه لامته كان أفضل من غيره - د - الأفضل في المغرب التعجيل بلا خلاف في غير
حال العذر لان جبرئيل (ع) صلاها في اليومين في وقت واحد وهو يعطى ما قلناه - ه‍ - المشهور استحباب تعجيل العصر بكل حال ذهب إليه علماؤنا وبه قال ابن مسعود وعمر وعايشة وأنس
وابن المبارك وأهل المدينة والأوزاعي والشافعي واحمد وإسحاق لان رافع بن خديج قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة العصر ثم ننحر الجزور فنقس عشرة اجزاء ثم نطبخ فنأكل لحما نضيجا
قبل مغيب الشمس وقال أصحاب الرأي وأبو قلابة وابن شبرمة الأفضل فعلها في اخر وقتها المختار لان رافع بن خديج قال كان النبي صلى الله عليه وآله يأمر بتأخير العصر ومنعه الترمذي
إذا ثبت هذا فالتعجيل المستحب هو ان تفعل بعد مضى أربعة اقدام بلا تأخير ولو قدمت على هذا جاز - و - التغليس بالصبح أفضل لما فيه من المبادرة إلى فعل الواجب وبه
قال مالك والشافعي واحمد وإسحاق وعن أحمد رواية أخرى الاعتبار بالمأمومين فان أسفروا فالأفضل الاسفار وقال أصحاب الرأي الأفضل الاسفار مطلقا لقوله (ع) أسفروا
بالفجر فإنه أعظم للاجر والمراد به التأخير إلى أن يتبين الفجر - ز - ينبغي تأخير الظهر والمغرب في الغيم لتيقن دخول الوقت ويستحب تعجيل العصر والعشاء حذرا من العوارض
وبه قال أبو حنيفة والأوزاعي واحمد وعن ابن مسعود بتعجيل الظهر والعصر تؤخر المغرب وقال الحسن تؤخر الظهر وقال الشافعي يستحب تعجيل الظهر في غير الحر وللمغرب في
كل حال وقال متى غلب على ظنه دخول الوقت باجتهاده استحب له التعجيل وما قلناه أحوط - ح - لو اخر ما يستحب تقديمه أو عكس لم يأثم إذا اقترن التأخير بالعزم فإن لم
يعزم اثم ولو اخرها بحيث لا يتسع الوقت لجميعها اثم وان اقترن بالعزم لان الركعة الأخيرة من جملة الصلاة فلا يجوز تأخيرها عن الوقت مسألة لو صلى قبل الوقت
لم تجزئه صلاته عمدا أو جهلا أو سهوا كل الصلاة وبعضها عند علمائنا أجمع وهو قول الزهري والأوزاعي والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لان الخطاب بالصلاة توجه إلى المكلف
عند دخول وقتها فلا تبرء الذمة بدونه ولقول الصادق (ع) من صلى في غير وقت فلا صلاة له وروى عن ابن عباس في مسافر صلى الظهر قبل الزوال يجزئه ونحوه قال الحسن
البصري والشعبي وعن مالك فيمن صلى العشاء قبل مغيب الشفق جاهلا أو ناسيا يعيد ما كان في الوقت فإذا ذهب الوقت قبل علمه أو ذكره فلا شئ عليه مسألة
لا يجوز التعويل في دخول الوقت على الظن مع القدرة على العلم لقضاء العقل بقبح سلوك طريق لا يؤمن معه الضرر مع التمكن من سلوك ما يتيقن معه الامن فان تعذر العلم
اكتفى بالظن المبتنى على الاجتهاد لوجود التكليف بالفعل وتعذر العلم بوقته فان ظن دخول الوقت صلى فان استمر على ظنه أو ظهر صحته أجزأ فان انكشف فساده
قبل دخول الوقت استأنف بعد الوقت وان دخل الوقت وهو متلبس قبل التسليم اجزاء على الأقوى واختاره الشيخ في المبسوط لأنه فعل المأمور به فخرج عن العهدة ولقول
الصادق (ع) إذا صليت وأنت ترى انك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك وقال المرتضى وابن الجنيد يعيد على كل حال لأنه أدي غير المأمور به
فلا يجزى عن المأمور به ولقوله الصادق (ع) من صلى في غير وقت فلا صلاة له والجواب المنع من كون المأتي به غير مأمور به ومن دخول صورة النزاع تحت العموم لأنا نقول إنه
وقت الصلاة وللشيخ قول اخر في النهاية ضعيف وهوان من دخل قبل الوقت في الصلاة عامدا أو ناسيا فان دخل الوقت ولم يفرغ منها فقد أجزأته فروع - آ - لو شك في
الوقت لم تجز الصلاة حتى يتيقن أو يظن دخوله ان لم يتمكن من العلم لأصالة البقاء فيكون الدخول مرجوحا - ب - لو فقد العلم بالدخول والظن كالأعمى والمحبوس في موضع
مظلم يجوز له التقليد لتعذر علم الوقت وظنه وهو أحد وجهي الشافعية وحكى أبو حامد عنه المنع لان من كان من أهل الاجتهاد في شئ لا يجوز له التقليد فيه كالعالم
لا يقلد في الحوادث ولو تمكن من الاجتهاد بعمل راتب له أو درس مثلا عمل عليه ولم يجز له التقليد - ج - لو اخبره العدل بدخول الوقت عن علم ولا طريق سواه بنى عليه ولو
كان له طريق لم يعول على قوله لان الظن بدل عن العلم فيشترط عدم الطريق إليه كالمبدل - د - لو سمع الاذان من ثقة عارف جاز ان يقلده في موضع جوازه لقوله (ع)
المؤذن مؤتمن ولا يجوز التعويل على أصوات الديكة وقال الشافعية بجواز إذا عرف ان عادتها الصياح بعد الوقت - ه‍ - التعويل على المؤذن الثقة انما هو للأعمى غير
المتمكن من الاجتهاد أو البصير كذلك وقال بعض الشافعية يجوز تقليد المؤذن مطلقا لان الاذان بمنزلة الاخبار بالوقت فيجب قبوله وقال بعضهم يجوز في الصحو دون الغيم
لأنه في الصحو انما هو يؤذن عن مشاهدة وعلم وفى الغيم عن اجتهاد فيقلد في الأول دون الثاني - و - لو صلى المحبوس أو الأعمى من غير اجتهاد ولا تقليد أعاد الصلاة وان وافقا الوقت
وبه قال الشافعي - ز - لو صلى قبل الوقت فقد بينا عدم صحتها وهل يقع نفلا الوجه المنع لأنه لم يقصده وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر تقع نفلا لئلا يضيع عمله
وليس بجيد - ح - معرفة الوقت واجبة لان الامتثال انما يحصل معها مسألة لا فرق في المنع من التقديم على الوقت بين الفرايض والنوافل الا في موضعين أحدهما نوافل
الظهرين يوم الجمعة فإنه يجوز تقديمهما على الزوال للحاجة الداعية وهي الشروع في الخطبة والاستماع لها ولأنه زمان شريف فتساوت اجزاؤه في ايقاع النوافل على ما يأتي
والثاني صلاة الليل لشاب يمنعه من القيام بالليل رطوبة رأسه أو مسافر يصده سيره عن التنفل ليلا فإنه يجوز لهما تقديم نافلة الليل بعد العشاء اختاره الشيخ (ره)
لأنهما معذوران فجاز لهما التقديم محافظة على السنن ومنعه آخرون وهو الوجه عندي لأنها عبادة موقتة فلا تفعل قبل وقتها كغيرها من العبادات ولان معوية بن
وهب قال للصادق (ع) رجل من مواليك يريد القيام لصلاة الليل فيغلبه النوم فربما قضى الشهر والشهرين قال قرت عين له ولم يرخص له في أول الليل وقال القضاء بالنهار أفضل
فروع - آ - قضاء صلاة الليل بالنهار أفضل من تقديمها في أوله - ب - لو طلع الفجر وقد صلى أربعا من صلاة الليل أتمها وزاحم بها الفريضة لرواية محمد بن النعمان عن الصادق (ع)
قال إذا صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع إما نوافل الظهرين فان خرج الوقت وقد صلى ركعة أتمها وزاحم بها الفرضين لقول الصادق (ع)
فان مضى قدمان قبل ان يصلى ركعة بدأ بالأولى ونوافل المغرب ان خرج وقتها ولم يكملها صلى العشاء وقضاها بعدها - ج - لو نسى ركعتين من صلاة الليل وأوتر
ثم ذكرهما قضاهما وأعاد الوتر مسألة وقت الوتر بعد صلاة الليل عند علمائنا لقوله (ع) الوتر ركعة من اخر الليل وكان النبي صلى الله عليه وآله يوتر اخر الليل وقال الجمهور وقته
85

ما بين العشاء وطلوع الفجر الثاني لقول النبي صلى الله عليه وآله الوتر جعله الله لكم ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ونحن نقول بموجبه فان اخر وقت العشاء
نصف الليل فروع - آ - يجوز تقديمه على الانتصاف إذا قدم صلاة الليل للسفر أو تعذر الانتباه وقضاؤه من الغد أفضل - ب - لا خلاف في أن تأخيره عن صلاة الليل أفضل
الا ان الشافعي قال إن لم تكن له عادة بالتهجد فإنه يصلى الوتر عقيب العشاء وإن كان له عادة بذلك فالأولى ان يؤخر الوتر حتى يصلى التهجد فان اوتر في أول الليل ثم قام للتهجد
صلى مثنى مثنى ولا يعيد الوتر وعنه قول اخر ان التعجيل مطلقا أفضل وما ذهبنا نحن إليه أولي - ج - لو اعتقد انه صلى العشاء فاوتر ثم ذكر لم يعتد بالوتر عندنا وبه قال الشافعي
وأبو يوسف ومحمد لأنه فعل قبل وقته وإن كان مخطئا كما لو ظن دخول الوقت فصلى قبله وقال أبو حنيفة يعتد به لان الوقت لهما وانما بينهما ترتيب فإذا نسيه سقط بالنسيان
كترتيب الفوايت - د - اخر وقت الوتر طلوع الفجر لأنه اخر صلاة الليل وهو أحد قولي الشافعي والاخر يمتد وقته إلى أن يشتغل بفريضة الصبح مسألة صلاة الصبح من
صلوات النهار لان أول النهار طلوع الفجر الثاني عند عامة أهل العلم لان الاجماع على أن الصوم انما يجب بالنهار والنص دل على تحريم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر
وحكى عن الأعمش انها من صلاة الليل وان ما قبل طلوع الشمس من الليل يحل فيه الطعام والشراب لقوله تعالى فمحونا أية الليل وجعلنا أية النهار مبصرة وآية النهار
الشمس وقول النبي صلى الله عليه وآله صلاة النهار عجماء وقول أمية بن ابن أبي
الصلت والشمس تطلع كل اخر ليلة حمراء يبصر لونها يتوقد ولا دلالة في الآية لان الآية قد تتأخر إذ لا دلالة فيها
على حصر الآية فيها ويقال الفجر صاحب الشمس والحديث نسبه الدارقطني إلى الفقهاء ويحتمل إرادة الأكثر واما الشعر فحكى الخليل ان النهار هو الضياء الذي
بين طلوع الفجر وغروب الشمس وسمى طلوع الشمس في اخر كل ليلة لمقارنتها لذلك مسألة قال الشيخ في الخلاف الصلاة الوسطى هي الظهر وبه قالت عايشة وزيد بن ثابت
وحكى عن أبي حنيفة وأصحابه لأنها وسط صلوات النهار وهي مشقة لكونها في شدة الحر ووقت القيلولة وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى الظهر بالهاجرة فاشتد ذلك على
أصحابه فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وعن عايشة ان رسول الله (ع) قرا حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر ومن طريق الخاصة
قول الباقر (ع) حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي صلاة الظهر وهي أول صلاة صلى رسول الله (ص) وهي وسط صلوتين بالنهار صلاة الغداة والعصر وقال السيد
المرتضى انها العصر وحكاه ابن المنذر عن علي (ع) وأبي هريرة وأبى أيوب وأبى سعيد وقول ابن أبي
حنيفة وابن المنذر لان عليا (ع) قال لما كان يوم الأحزاب صلينا العصر
بين المغرب والعشاء فقال النبي صلى الله عليه وآله شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملا الله قلوبهم وأجوافهم نارا وقال قبيصة بن ذويب انها المغرب لأنها أوسط اعداد
الصلوات ووقتها مضيق فنهى عن تأخيرها. وقال الشافعي صلاة الصبح وبه قال مالك وحكاه الشافعي في الغويطي عن علي (ع) و عبد الله بن عباس وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر
أيضا لقوله تعالى وقوموا لله قانتين عقيب الوسطى والقنوت مسنون في الصبح وهو ممنوع ولان الفجر لا تجمع إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها فهي منفردة قبلها صلاة الليل و
بعدها صلاة النهار مسألة قال الشيخ يكره تسمية العشاء بالعتمة ولعله استند في ذلك إلى ما روى أن النبي (ص) قال لا يغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم فإنها العشاء فإنهم
يعتمون بالإبل فإنهم كانوا يؤخرون الحلب إلى أن يعتم الليل ويسمون الحلبة العتمة وبه قال الشافعي قال الشيخ وكذا يكره تسمية الصبح بالفجر بل يسمى مما سماه رسول الله (ص) في قوله
سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وقال الشافعي يستحب أن يسمى بأحد اسمين إما الفجر أو صبح لان الله تعالى سماها فجرا وسماها النبي صلى الله عليه وآله صبحا ولا يستحب
ان يسمى الغداة والأشبه انتفاء الكراهة وروى البخاري ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم انها المغرب والعر ب يسمونها العشاء مسألة الصلاة يجب
بأول الوقت وجوبا موسعا وتستقر بامكان الأداء وهو اختيار أكثر علمائنا كالشيخ وابن ابن أبي
عقيل وبه قال الشافعي لقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل لقول
محمد بن مسلم قال ربما دخلت على الباقر (ع) وقد صليت الظهر والعصر فيقول صليت الظهر فأقول نعم والعصر فيقول ما صليت الظهر فيقوم مسترسلا غير مستعجل فيغتسل
أو يتوضأ ثم يصلى الظهر ثم يصلى العصر ومن علمائنا من قال تجب بأول الوقت وجوبا مضيقا الا انه متى لم يفعلها لم يؤاخذ به عفوا من الله تعالى وقال أبو حنيفة وأصحابه
يجب باخر الوقت وقد مضى تفصيل مذاهبهم فروع - آ - لو اخر حتى مضى امكان الوقت أو مات لم يكن عاصيا ويقضى الولي لان التقدير انه موسع يجوز له تركه فلا يعاقب
على فعل الجايز وهو أحد وجهي الشافعية والاخر يعصى كالحج والفرق تضييق الحج عندنا وعنده ان اخر وقت الصلاة معلوم فلم يكن في التأخير عذر واخر زمان يؤدى
فيه الحج غير معلوم فكان جواز التأخير بشرط السلامة - ب - لو ظن التضييق عصى لو اخر ان استمر الظن وان انكشف بطلانه فالوجه عدم العصيان - ج - لو ظن الخروج صارت
قضاء فان كذب الظن فالاداء باق - د - لو صلى عند الاشتباه من غير اجتهاد لم يعتد بصلاته وان وقعت في الوقت - ه‍ - لو كان يقدر على درك اليقين بالصبر احتمل جواز
المبادرة بالاجتهاد لأنه لا يقدر على اليقين حالة الاشتباه وعدمه وللشافعي كالوجهين خاتمة تارك الصلاة الواجبة مستحلا يقتل اجماعا إن كان مسلما ولد
على الفطرة من غير استتابة لأنه جحد ما هو معلوم من دين الاسلام ضرورة فيكون مرتدا ولو تاب لم يسقط عنه القتل وان لم يكن مسلما لم يقتل إن كان من أهل الذمة
ولو كان مسلما عن كفر فهو مرتد لا عن فطرة يستتاب فان تاب وقبلت توبته والا قتل وإن كان قريب العهد بالاسلام أو نشأ في بادية وزعم أنه لا يعرف وجوبها
عليه قبل منه ومنع من العود وعرف الوجوب ولو كان غير مستحل لم يكن مرتدا بل يعزر على تركها فان امتنع عزر ثانيا فان امتنع عزر ثالثا فان امتنع قتل في الرابعة وقال بعض علمائنا قتل
في الثالثة فروع - آ - إذا ترك محرما طولب بها إلى أن يخرج الوقت فإذا خرج أنكر عليه وامر بقضائها فإن لم يفعل عزر فان انتهى وصلى برئت ذمته وان أقام على ذلك حتى
ترك ثلاث صلوات وعزر فيها ثلاث مرات قتل في الرابعة ولا يقتل حتى يستتاب ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين وميراثه لورثته المسلمين - ب - لو اعتذر
عن الترك بالمرض أو الكسل لم يقبل عذره وطولب المريض بالصلاة على حسب حاله ومكنته قائما أو جالسا أو مضطجعا أو مستلقيا فان الصلاة لا تسقط عنه بحال
وإن كان لكسل الزم بها ولم يقبل منه فان صلى والا عزر ثلاثا ويقتل في الرابعة على ما قلناه لقولهم (ع) أصحاب الكباير يقتلون في الرابعة وقال مالك لا يقتل حتى يحبس ثلاثا
ويضيق عليه فيه ويدعى في وقت كل صلاة إلى فعلها ويخوف بالقتل فان صلى والا قتل بالسيف وبه قال حماد بن زيد ووكيع والشافعي لقوله تعالى اقتلوا المشركين إلى قوله فان
تابوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فحلوا سبيلهم شرط في التخلية إقامة الصلاة فإذا لم يقم الصلاة بقى على وجوب القتل وقال (ع) من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه
الذمة وقال الزهري يضرب ويسجن ولا يقتل وبه قال أبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدى ثلاث كفر بعد ايمان أو زنا بعد احصان أو قتل نفس بغير حق ولا حجة
فيه لان ترك العموم لدليل مخصص واجب وحكى عن بعضهم ترك التعرض له لان الصلاة أمانة بينه وبين الله تعالى وهو مدفوع بالاجماع - ج - لا يسوغ قتله مع اعتقاده
التحريم بالمرة الواحدة ولا بما زاد ما لم يتخلل التعزير ثلاثا لان الأصل حفظ النفس وظاهر كلام الشافعي انه يقتل بصلاة واحدة وهو رواية عن أحمد لأنه تارك للصلاة
فيقتل كتارك الثلاث والفرق ظاهر د الظاهر من قول علمائنا انه بعد التعزير ثلاثا عند ترك الفرايض الثلث يقتل بالسيف إذا ترك الرابعة وهو ظاهر مذهب الشافعي لشبهه
86

بالمرتد وقال بعض الشافعية يضرب حتى يصلى أو يموت - ه‍ - يقتل حدا ولا يكفر بذلك وبه قال الشافعي ومالك لقوله (ع) خمس كتبهن الله على عباده في اليوم والليلة فمن جاء بهن ولم يضيع منهن
شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهدا ان يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهدا ان شاء عذبه وان شاء ادخله الجنة وقال احمد ويكفر بتركها و
اسلامه ان يصلى ولو اتى بالشهادتين لم يحكم باسلامه الا بالصلاة وبه قال الحسن والشعبي والنخعي وأبو أيوب السجستاني والأوزاعي وابن المبارك وحماد بن زيد وإسحاق ومحمد بن الحسن
لقوله (ع) بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة وهو محمول على التارك مستحلا - و - صلاة الكافر ليست اسلاما عندنا مطلقا لأنها عبارة عن الشهادتين وقال أبو حنيفة انها الاسلام
في دار الحرب ودار الاسلام معا وقال الشافعي انها الاسلام في دار الحرب خاصة وسيأتي - ز - قال في المبسوط إذا امتنع من الصلاة حتى خرج وقتها وهو قادر أنكر عليه وامر بان يصليها قضاء فإن لم يفعل
عزر فان انتهى وصلى برئت ذمته وان أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزر فيها ثلاث مرات قتل في الرابعة لما روى عنهم (ع) ان أصحاب الكباير يقتلون في الرابعة وهو يقتضى
انه لا يقتل حتى أن يترك أربع صلوات ويعزر ثلاثا وظاهر مذهب الشافعي انه يستحق القتل بترك الواحدة فإذا ضاق وقتها يقال له ان صليت قبل خروج الوقت والا
قتلناك بعد خروج الوقت واختلف أصحابه فقال بعضهم إذا خرج وقتها المختص وجب القتل وقال القفال لا يقتل حتى يخرج الوقت فتارك الظهر لا يقتل حتى تغرب الشمس
وهل يقتل في الحال قولان أحدهما يمهل ثلاثة أيام رجاء لتوبته والثاني يقتل معجلا - ج - إذا اعتذر عن ترك الصلاة بالنسيان أو بعدم المطهر قبل عذره اجماعا ويؤمر
بالقضاء فان صلى فلا بحث وان امتنع لم يقتل لان القضاء ليس على الفور وهو ظاهر مذهب الشافعي وله وجه انه يقتل لامتناعه عن الاتيان بها مع التمكن منها - ط -
لا فرق بين تارك الصلاة وتارك الشرط مجمع عليه كالطهارة أو جزء منها كذلك كالركوع إما المختلف فيه كإزالة النجاسة وقراءة الفاتحة والطمأنينة فلا شئ
عليه ولو تركه معتقدا تحريمه لزمه إعادة الصلاة ولا يقتل بذلك لأنه مختلف فيه الفصل الثالث في المكان ومباحثه ثلاثة الأول فيما يصلى فيه
مسألة تصح الصلاة في كل مكان مملوك أو في حكمه خال من نجاسة بغير خلاف بين العلماء واختلف في المغصوب فذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيه اختيارا
مع العلم بالغصبية وهو قول الجبائين والشافعي في أحد القولين واحمد في إحدى الروايتين لأنه فعل منهى عنه إذا القيام والقعود والركوع والسجود التي هي اجزاء
الصلاة تصرف في مال الغير بغير اذنه فيكون قبيحا والنهى يدل على الفساد في العبادات وقال أبو حنيفة ومالك تصح وهو القول الثاني للشافعي والرواية الثانية عن أحمد
لان النهى لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها كما لو صلى وهو يرى غريقا يمكن انقاذه فلم ينقذه وليس بجيد إذا النهى وقع عن هذه التصرفات التي هي اجزاء من حقيقة الصلاة
فبطلت والصلاة حال الغرق مأمور بها وانقاذ الغريق مأمور به لكنه اكد فافترقا على انا نمنع الأصل فروع - آ - لا فرق بين غصب رقبة الأرض باخذها أو دعواه
ملكيتها وبين غصب المنافع بادعاء الإجارة ظلما أو يضع يده عليها مدة أو يخرج روشنا أو ساباطا في موضع لا يحل له أو يغصب راحلة فيصلى عليها أو سفينة
أو لوحا فيجعله في سفينة ويصلى عليه - ب - لا فرق بين الجمعة وغيرها عند علمائنا لما تقدم وقال احمد يصلى الجمعة في الموضع الغصب وكذا العيد والجنازة ولان
الامام إذا صلى في موضع مغصوب فامتنع الناس فاتتهم الجمعة ولهذا أبيحت الجمعة خلف الخوارج والمبتدعة وهو غلط لان صلاة الامام مع علمه باطلة فلا تفوت
الجمعة بفعلها في غير الموضع ونمنع من جواز الصلاة خلف الخوارج والمبتدعة على ما يأتي - ج - لا فرق بين الغاصب وغيره في بطلان الصلاة سواء اذن له الغاصب أو لا وتصح
للمالك الصلاة فيه ولا اعلم فيها خلافا الا من الزيدية فإنهم ابطلوا صلاته للعموم وهو خطا - د - لو اذن المالك اختص المأذون وإن كان الغاصب ولو اطلق الاذن
انصرف الاطلاق عرفا إلى غير الغاصب - ه‍ - لو أذن له في الدخول إلى داره والتصرف جاز له ان يصلى لأنه من جملة التصرف وكذا لو علم بشاهد الحال - و - تجوز
الصلاة في البساتين والصحاري وان لم يحصل الاذن ما لم يكره المالك لان الاذن معلوم بالعادة ولو كانت مغصوبة لم تصح الا مع صريح الاذن - ز - جاهل
الحكم غير معذور وفى الناسي اشكال ينشأ من التفريط ومن سقوط القلم عنه - ح - لو امره بعد الاذن بالخروج تشاغل به فان ضاق الوقت خرج مصليا ولو صلى من غير
خروج لم يصح وكذا الغاصب - ط - لو امره بالكون فتلبس بالصلاة فأمره بالخروج مع الاتساع احتمل الاتمام
لمشروعية الدخول والقطع لأنه غير مأذون له في الصلاة صريحا وقد وجد المنع صريحا والخروج مصليا كما في حالة التضييق للمنع من قطع عبادة مشروعة فأشبهت المضيق ولو اذن في
الصلاة فالاتمام - ى - لا فرق بين النوافل والفرايض في ذلك كله بخلاف الصوم الواجب في المكان المغصوب فإنه سايغ إما لو نذر قرائة القرآن فالوجه عدم الأجزاء
في المكان المغصوب وكذا أداء الزكاة ويجزى أداء الدين والطهارة كالصلاة في المنع والمشتبه بالمغصوب في الحكم مسألة يشترط طهارة المكان من النجاسات المتعدية
إليه مما لم يعف عنها اجماعا منا وبه قال أكثر العلماء لقوله تعالى وثيابك فطهر ولقوله (ع) أكثر عذاب القبر من البول وروى عن ابن عباس وابن مسعود وسعيد بن جبير
وابن مجاز عدم اشتراط الطهارة عملا بالأصل وهو غلط إما ما لا يتعدى كالنجاسات اليابسة فلا يشترط طهارة المكان عنها الا في موضع جبهة السجود خاصة
عند أكثر علمائنا وقد أجمع كل من اشترط الطهارة على اعتبار طهارة موضع الجبهة وهو حجة واما عدم اشتراط غيرها فهو الأشهر عندنا للأصل ولأنه فعل المأمور به
فيخرج عن العهدة ولقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن الشاذ كونه يصلى عليها وقد اصابتها الجنابة لا باس
وقال أبو الصلاح منا يشترط طهارة مساقط أعضاء السجود كالجبهة ونمنع القياس وقال السيد المرتضى يشترط طهارة المكان وبه قال الشافعي لأنه (ع) نهى عن الصلاة
في المزبلة والمجزرة ولا علة سوى النجاسة ونقول بموجبه لأنها نجاسات متعدية أو نمنع نهى التحريم وقال الشافعي يشترط الطهارة في جهة الصلاة والجوانب أيضا
بحيث يكون ما يلاقى بدن المصلى وثيابه طاهرا حتى لو وقف تحت سقف يحتك به أو بجدار نجس لم تصح صلاته وبه قال احمد وقال أبو حنيفة لا يشترط الا طهارة
موضع القدمين وفى رواية موضع القدمين والجبهة ولا تضر نجاسة ما سواه الا ان يتحرك بحركته والكل ممنوع فروع - آ - لو كان على رأسه عمامة وطرفها يسقط على نجاسة صحت صلاته عندنا
خلافا للشافعي واحمد في رواية وفى أخرى انه لا يشترط طهارة ما تقع عليه ثيابه ولو كان ثوبه يمس شيئا نجسا كثوب من يصلى إلى جانبه أو حايط لا يستند إليه
صحت صلاته عندنا خلافا للشافعي واحمد - ب - قال أبو حنيفة إن كان تحت قدميه أكثر من قدر درهم من النجاسة لم يصح صلاته فان وقعت ركبته أو يده على
أكثر من قدر درهم صحت صلاته ولو وضع جبهته على نجاسة تزيد على قدر الدرهم فروايتان وعند الشافعي لا تصح في الجميع وعندنا يصح في الجميع الا موضع
الجبهة فان النجاسة ان استوعبته لم تصح صلاته وان قلت عن الدرهم ولو وقع ما يجزى من الجبهة على موضع طاهر والباقي على نجاسة فالأقوى عندي الجواز
- ج - لو كان ما يلاقى بدنه وثوبه ظاهرا وما يحاذي بطنه أو صدره في السجود نجسا صحت صلاته عندنا وبه قال احمد والشافعي في أحد الوجهين لأنه لم يباشر النجاسة
فصار كما لو صلى على سرير وتحته نجاسة وفى الاخر لا تصح لان ذلك الموضع منسوب إليه فإنه مكان صلاته ويبطل بما لو صلى على خمرة طرفها نجس فان صلاته تصح وان نسبت
إليه بأنها مصلاه - د - يجوز ان يصلى على بساط تحته نجاسة أو سرير قوائمه على النجاسة وان تحرك بحركته وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان تحرك بحركته بطلت ولا
87

يصح ذلك في المغصوب سواء كان الساتر أو ما تحته - ه‍ - لو اشتبه موضع النجاسة لم يضع جبهته على شئ منه إن كان محصورا كالبيت والبيتين بخلاف المواضع المتسعة كالصحارى
ولا يجوز التحري عندنا وقال الشافعي يتحرى ان وقع الاشتباه في بيتين ولو اشتبه الموضع النجس من بيت أو بساط لم يتحر على أصح الوجهين - و - لو اضطر إلى الصلاة في
المشتبه وجب تكرير الصلاة كالثوبين مسألة تكره الصلاة في أماكن - آ - معاطن الإبل وهي مباركها سواء خلت من أبوالها أو لا عندنا لان أبوالها طاهرة على ما
تقدم لقوله (ع) إذا أدركت الصلاة وأنت في مراح الغنم فصل فيه فإنها سكينة وبركة وإذا أدركت الصلاة وأنت في معاطن الإبل فاخرج منها وصل فإنها جن من جن خلقت والفرق
ظاهر فان الغنم لا يمنعه السكون في مراحها من الخشوع والإبل يخاف نفورها فتمنعه من الخشوع والسكون وقيل إن عطنها مواطن الجن ومنع الشافعي من الصلاة فيها
مع وجود أبوالها فيها لأنها نجسة عنده وقد تقدم وسوغ الصلاة مع الخلو وبه قال مالك وأبو حنيفة للحديث وقال احمد لا تصح الصلاة فيها وان خلت وبه قال ابن
عمر وجابر بن سمرة والحسن وإسحاق وأبو ثور لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة فيها والنهى يدل على الفساد وهو ممنوع لان النهى للكراهة ولا باس بالصلاة في مرابض الغنم عملا
بالأصل ولقول الصادق (ع) لا باس بالصلاة في مرابض الغنم - ب - المقابر وبه قال علي (ع) وابن عباس وابن عمر وعطا والنخعي وابن المنذر فان صلى صحت سواء استقبلها
أو صلى بينها في الكراهة والصحة وبه قال الشافعي ومالك لأنها بقعة طاهرة فصحت الصلاة فيها كغيرها وقال احمد لا يجوز وان تحقق طهارتها لو استقبلها وفى صحة الصلاة
عنه روايتان للنهي ونحن نحمله على الكراهة ولو جعل بينه وبين القبر حايلا ولو عنزة أو بعد عشرة أذرع عن يمينه ويساره وقدامه زالت الكراهة وقد روى جواز الصلاة
إلى قبور الأئمة (على) في النوافل خاصة قال الشيخ والأحوط الكراهة ولو صلى على قبر كره سواء تكرر الدفن فيه ونبش أولا الا ان تمازجه نجاسة متعدية فيحرم وقال الشافعي
ان تكرر الدفن فيه ونبش بطلت صلاته لأنه صلى على النجاسة لمخالطة صديد الموتى ولحومهم وإن كان جديدا لم ينبش كره للنهي وان لم يعلم التكرار ولا عدمه فقولان لأصالة
الطهارة وقضاء العادة بتكرر الدفن وكره الاستقبال إلى القبر الا إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه منعه لقوله (ع) لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وانما قاله تحذيرا
لامته ان يفعلوا - ج - الحمام ان علمت طهارته أو جهلت وبه قال الشافعي لقول الصادق (ع) عشرة مواضع لا تصل فيها الطين والماء والحمام والقبور ومسان الطرق وقرى
النمل ومعاطن الإبل ومجرى الماء والسبخ والثلج وقال احمد لا تجوز الصلاة فيه للنهي ولو علمت نجاسته فإن لم تتعد إليه كرهت الصلاة فيه أيضا خلافا للشافعي والا بطلت
وهل تكره في المسلخ فيه احتمال ينشأ من علة النهى ان قلنا النجاسة لم تكره وان قلنا كشف العورة فيكون مأوى الشيطان تكره د - بيوت الغايط لعدم انفكاكها عن
النجاسة ولو صلى صحت ما لم تتعد نجاستها إليه وبه قال الشافعي لقول الصادق (ع) وقد سئل أقوم في الصلاة فارى بين يدي العذرة تنح عنه ما استطعت ولأنها لا
تناسب العبادة المأمور بالتنظيف حال ايقاعها وقال احمد لا تصح ولا على سطحها وليس بجيد - ه‍ - بيوت النيران لئلا يتشبه بعبادها - و - بيوت المجوس لعدم انفكاكها من
النجاسة فان رشت الأرض زالت الكراهة لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الصلاة في بيوت المجوس رش وصل ولا باس بالبيع والكنايس مع النظافة وبه قال الحسن البصري
وعمر بن عبد العزيز والشعبي والأوزاعي لقوله (ع) أينما أدركتني الصلاة صليت وسأل عيص الصادق (ع) عن البيع والكنايس يصلى فيها قال لا باس وقال الصادق (ع) صل فيها
قد رايتها ما أنظفها وكره ابن عباس ومالك الكنايس من أجل الصورة ونحن نقول بموجبه إن كان فيها صور - ز
- بيوت الخمور والمسكر لعدم انفكاكها من النجاسة و
لقول الصادق (ع) لا تصل في بيت فيه خمر أو مسكر - ح - جواد الطرق وبه قال الشافعي لأنه صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة في محجة الطريق ومعناه الجادة المسلوكة وفى حديث عن قارعة
الطريق يعنى التي تقرعها الاقدام ففاعلة هنا بمعنى مفعولة ولقول الصادق (ع) واما على الجواد فلا ولأنها لا تنفك غالبا عن النجاسة ويمنع السابلة من الاستطراق وقال
احمد لا تصح للنهي وهو عندنا للكراهة ولا باس بالصلاة على الظواهر التي بين الجواد للأصل ولقول الصادق (ع) لا باس بالصلاة في الظواهر التي بين الجواد ولا فرق
بين ان يكون في الطريق سالك ولم يكن للعموم - ط - مساكن النمل لما تقدم في الحديث ولعدم انفكاكه من ضرر بها أو قتل بعضها - ى - مرابط الخيل والبغال والحمير لكراهة
أرواثها وأبوالها فلا تنفك أمكنتها منها ولقول الصادق (ع) فاما مرابط الخيل والبغال فلا - يا - بطون الأودية لجواز هجوم السيل ولأنها مجرى المياه وكذا يكره في مجرى الماء
لذلك وللحديث وقد سبق - يب - الأرض السبخة لعدم تمكن الجبهة من الأرض قال أبو بصير سالت الصادق (ع) عن الصلاة في السبخة لم تكرهه قال لان الجبهة لم تقع
مستوية فقلت إن كان فيها ارض مستوية قال لا باس - يح - ارض الثلج كذلك قال داود الصيرفي سألت أبا الحسن (ع) عن الثلج فقال إن أمكنك ان لا تسجد عليه فلا تسجد
وان لم يمكنك فسوه واسجد عليه - يد - ارض الخسف كالبيداء وذات الصلاصل وضجنان وكذا كل موضع خسف به وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال لأصحابه يوم مر بالحجر لا تدخلوا
على هؤلاء المعذبين الا ان تكونوا باكين ان يصيبكم مثل ما أصابهم وعبر علي (ع) من ارض بابل إلى موضع ردت له الشمس فيه وصلى وقال الصادق (ع) تكره الصلاة
في ثلثة مواطن بالطريق البيداء وهي ذات الجيش وذات الصلاصل وضجنان - يه - وادى الشقرة واختلف علماؤنا فقال بعضهم انه موضع مخصوص خسف به وقيل ما
فيه شقايق النعمان لئلا يشتغل النظر لقول الصادق (ع) لا تصل في وادى الشقرة - يو - المزابل ومذابح الانعام لعدم انفكاكهما من النجاسة ولان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة في سبعة مواطن ظهر بيت الله و
المقبرة والمزبلة والمجزرة والحمام وعطن الإبل و محجة الطريق - يز - ان يصلى وفى قبلته نار مضرمة وبه قال احمد لئلا يتشبه بعباد النار ولقول الكاظم (ع) لا يصلح ان يستقبل
المصلى النار وقال عمار للصادق (ع) اله ان يصلى وفى قبلته مجمرة شبه قال نعم فإن كان فيها نار فلا يصلى فيها حتى ينحيها عن قبلته وفى القنديل المعلق قال لا يصلى بحياله
وفى رواية يجوز ان يصلى والنار والسراج والصورة بين يديه ان الذي يصلى له أقرب من الذي بين يديه وجعلها الشيخ (ره) شاذة - يح - ان يصلى إلى التماثيل والصور
وبه قال احمد لقول محمد بن مسلم قلت اصلى والتماثيل قدامي وانا انظر إليها فقال لا اطرح عليها ثوبا ولا باس إذا كانت على يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك
أو فوق رأسك فإن كانت في القبلة فالق عليها ثوبا - يط - قال أبو الصلاح تكره إلى باب مفتوح أو انسان مواجه وبه قال احمد وهو جيد لاستحباب السترة بينه وبين ممر الطريق
على ما يأتي - ك - ان يصلى وفى قبلته مصحف مفتوح لئلا يشتغل عن الاقبال على العبادة وعن عمار عن الصادق (ع) في الرجل يصلى وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته قال لا قلت
فإن كان في غلاف قال نعم وهل يتعدى الحكم إلى كل ما يشغل النظر من كتاب ونقش والأقرب ذلك ويحتمل المنع لعدم القطع بالعلة - كا - ان يكون قبلته حايط ينز من بالوعة
يبال فيها لأنه ينبغي تعظيم القبلة فلا تناسب النجاسة ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن مسجد ينز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال إن كان نزه من بالوعة فلا تصل فيه وإن كان من غير
ذلك فلا باس وهل يتعدى الحكم إلى الماء النجس عموم اللفظ يقضى بالمنع لقوله (ع) فإن كان من غير ذلك فلا باس والعلة يقضى بالمساواة لكن العلية ليست قطعية
مسألة ويكره الفريضة جوف الكعبة وتستحب النافلة عند علمائنا لأنه بالصلاة في الكعبة ربما تتعذر عليه الجماعة والجماعة أفضل من الانفراد ولأنه باستقبال
أي جهة شاء يستدبر قبلة أخرى ولقول أحدهما (ع) لا تصل المكتوبة في الكعبة وهذا النهى ليس للتحريم فإنه يجوز فعل الفريضة فيها وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لقوله وطهر بيتي
88

للطائفين والقائمين والعاكفين والركع السجود ولا يمنع تحريم الصلاة لان الطواف به لا يحصل بطوافه فيه والصلاة لا تجب إلى جميعه ولان كل بقعة جاز ان يتنقل فيها جاز ان يفترض
كالمسجد وقال مالك واحمد وإسحاق تجوز النافلة ولا تجوز الفريضة وبه قال الشيخ في الخلاف لقوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره أي نحوه وإذا كان فيه لم يول
وجهة نحوه ولأنه مستدبر لبعضه فأشبه ما إذا استدبر وهو خارجه وقد بينا ان الصلاة لا تجب إلى جميعه بل انما يتوجه إلى جهة منه فيتوجه إليها والى ما يحاذيها دون
باقي الجهات وإذا استدبر وهو خارج لم يستقبل شيئا منه بخلاف ما لو كان فيه وحكى عن ابن جرير الطبري أنه قال لا يجوز فعل الفريضة والنافلة لان النبي صلى الله عليه وآله
دخل البيت ولم يصل ولان الطواف لا يجوز فيه فكذا الصلاة ونمنع عدم صلاته فيه فإنه صلى فيه ركعتين قال بلال ترك عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره وثلاثة
أعمدة من ورائه فان البيت إذ ذاك على ستة أعمدة والمثبت أولي من النافي إذا عرفت هذا فاعلم أن الشافعي قال الصلاة إن كانت فريضة فرادى أو نافلة فهي في الكعبة
أفضل لأنها أطهر موضع وإن كانت جماعة فان أمكنت في الكعبة فهو أفضل والا فالخارج أفضل وقد بينا ضعفه مسألة وتكره الفريضة على ظهر الكعبة إن كان
بين يديه قطعة من السطح وبه قال أبو حنيفة لان بين يديه بعض الكعبة فصح الاستقبال إليه كما لو كان خارجا عنها وقال الشافعي يجوز إن كان بين يديه سترة والا فلا لان
النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الصلاة على ظهر بيت الله العتيق ولا علة للنهي الا ما ذكرناه ولأنه يصلى عليها لا إليها كالراحلة يقال صلى عليها لا إليها وينتقض بما
لو كان قدامه سترة وقال احمد لا تجوز الفريضة مطلقا لأنه لم يستقبلها وهو ممنوع فروع - آ - لا يشترط السترة على ما تقدم وشرط الشافعي ستره مبينة بجص واجر أو طين أو اجر أو بخشبه
مستمرة لأنها كالجزء ولهذا تدخل في المبيع ولو غرز عصى (غصنا) أو خشبة فلأصحابه قولان وكذا لو كان بين يديه اجرا معينا - ب - روى علماؤنا انه إذا صلى على ظهر الكعبة الفريضة
استلقى على قفاه وصلى بالايماء متوجها إلى البيت المعمور والوجه انه يصلى قائما كما لو صلى أسفل - ج - لو صلى على موضع أعلى كجبل ابن أبي
قبيس صحت صلاته اجماعا و
يتوجه إلى الكعبة - د - لو صلى داخل الكعبة استقبل أي جدرانها شاء وإن كان إلى الباب وكان مفتوحا وليس له عتبة مرتفعة وأوجب الشافعي صلاته إلى حايط أو باب
معلق أو عتبة مرتفعة وان قلت وليس بمعتمد مسألة وفى جواز الصلاة إلى جانب الرجل المصلى امرأة تصلى أو قدامه لعلمائنا قولان أحدهما المنع ذهب إليه
الشيخان وابطلا صلاتهما معا لان النبي صلى الله عليه وآله قال أخروهن من حيث أخرهن الله فامر بتأخير هن فمن خالف وجب ان تبطل صلاته وسئل الصادق (ع)
عن الرجل والمراة يصليان جميعا في بيت والمراة عن يمين الرجل بحذاه قال لا حتى يكون بينهما شبرا وذراع أو نحوه ولا دلالة في الخبرين لحملهما على الاستحباب عملا
بالأصل مع منع دلالة الأول على صورة النزاع وقال المرتضى (رض) بالكراهة ولا تبطل به صلاة أحدهما وبه قال الشافعي واحمد وهو الأقوى للأصل فان
الامر بالصلاة مطلق فلا يتقيد الا بدليل ولأنها لو وقفت في غير الصلاة أو نامت مستورة أو غير مستورة لم تبطل صلاته وكذا لو كانت مصلية وقال أبو حنيفة
ان وقفت إلى جنبه أو امامه ولم تكن المراة في الصلاة أو كانا في الصلاة من غير اشتراك لم تبطل صلاة واحد منهما والشركة عنده ان ينوى الامام امامتها
وان اشتركا فان وقفت بين رجلين بطلت صلاة من إلى جانبيها ولم تبطل صلاة من إلى جانب من إلى جانبيها لأنهما حجزا بينهما وبينه فان وقفت إلى جانب الامام بطلت
صلاة الامام فتبطل صلاتهما وصلاة كل الجماعة لبطلان صلاة الجماعة ببطلان صلاة الامام فان صلت امام الرجال بطلت صلاة من يحاذيها ومن ورائها ولم تبطل
صلاة من يحاذي من يحاذيها وتسمى هذه مسألة المحاذاة اللهم الا ان يكون الصف الأول نساء كله فتبطل صلاة أهل الصف الأول والقياس ان لا تبطل صلاة أهل الصف الثاني
والثالث لكن صلاة أهل الصفوف كلها تبطل استحسانا وتحقيق الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة ان سنة الموقف إذا خالفها لم تبطل الصلاة عند الشافعي وتبطل عند أبي
حنيفة وعند الشافعي المخالفة منها وعند ابن أبي
حنيفة من الرجل دونها فلهذا بطلت صلاته دونها فروع - آ - لا فرق عند علمائنا بين أن تكون المرأة محرما أو زوجة
أو أجنبية ولا بين أن تكون مصلية بصلاته أو منفردة في التحريم والكراهة - ب - قال في المبسوط لو صلت خلفه في صف بطلت صلاة من على يمينها وشمالها ومن يحاذيها من
خلفها ولا تبطل صلاة غيرهم وان صليت بجنب الامام بطلت صلاتها وصلاة الامام ولا تبطل صلاة المأمومين الذين هم وراء الصف الأول - ج - لو كانت بين يديه أو إلى
أحد جانبيه قاعدة لا تصلى أو من خلفه وإن كانت تصلى لم تبطل صلاة أحد منهما - د - لو اجتمعا في محل صلى الرجل أولا أو المراة ولا يصليان معا دفعة واحدة - ه‍ - لو
كان بينهما ساتر أو بعد عشرة أذرع صحت صلاتهما وإن كانت متقدمة وفى الحديث شبرا وذراع - و - الأقرب اشتراط صحة صلاة المراة لولاه في بطلان الصلاتين فلو صلت
الحايض أو غير المتطهرة وإن كانت نسيانا لم تبطل صلاته وفى الرجوع إليها حينئذ نظر - ز - ليس المقتضى للتحريم النظر بجواز الصلاة وإن كانت قدامه عارية فيمنع الأعمى
ومن غمض عينيه - ح - لو صلت المراة خلف الرجل صحت صلاتها معه وبه قال الشافعي وغيره من الفقهاء الا أبا حنيفة وصاحبيه مسألة يستحب ان يصلى إلى سترة فإن كان في
مسجد أو بيت صلى إلى حايطه أو ساريته وان صلى إلى فضاء أو طريق صلى إلى شئ شاخص بين يديه أو ينصب بين يديه عصى أو عنزة أو رحلا أو بعيرا معقولا بلا خلاف
بين العلماء ولان في ذلك النبي صلى الله عليه وآله كان تركز له الحرية فيصلى إليها ويعرض البعير فيصلى إليه وركزت له العنزة فتقدم وصلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار والكلب
لا يمنع ولا يقدر بقدر بل الأولى بلوغها ذراعا فما زاد وقال الثوري وأصحاب الرأي قدرها ذراع وقال مالك والشافعي قدر عظم الذراع وعن أحمد روايتان ولا حد لها
في الغلظ والدقة اجماعا فإنه يجوز الاستتار بالسهم والخشبة والحايط نعم ما كان أعرض فهو أولي. فروع آ - يستحب ان يدنو من سترته لقوله (ع) إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن
منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ولأنه أصون لصلوته وابعد من حيلولة المار به وقدره الشافعي بثلاثة أذرع - ب - يجوز ان يستتر بالبعير والحيوان وبه قال احمد لان
النبي صلى الله عليه وآله كان يعرض راحلة ويصلى إليها ومنع الشافعي من الاستتار بالدابة - ج - لو لم يجد ستره خط خطا وصلى إليه وبه قال سعيد بن جبير والأوزاعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله
قال فإن لم تكن معه عصى فليخط خطا ثم لا يضره من مر امامه وأنكر مالك والليث بن سعد وأبو حنيفة الخطة وقال الشافعي بالخطة بالعراق وقال بمصر لا يخط المصلى
خطا الا أن تكون فيه سنة تتبع والظاهر أنه بالعرض وهو رواية عن أحمد وعنه انه كالهلال وعنه انه بالتدوير - د - لو كان معه عصى لا يمكنه نصبها ألقاها
بين يديه عرضا وبه قال الأوزاعي وسعيد بن جبير واحمد لأنه يقوم مقام الخط بل هو أولي لارتفاع حجبه وكرهه النخعي - ه‍ - قال احمد يستحب إذا صلى إلى عمود أو عود ان ينحرف
عنه ويجعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يجعله وسطا وهو ممنوع - و - يكره ان يصلى إلى من يتحدث قدامه لئلا يشتغل بحديثهم وكره ابن مسعود وسعيد بن جبير الصلاة إلى النايم
في الفريضة والنافلة وكره احمد في الفريضة خاصة - ز - ولا باس بان يصلى الرجل في مكة إلى غير سترة لان النبي صلى الله عليه وآله صلى هناك وليس بينه وبين الطواف سترة
ولان الناس يكثرون هناك لأجل قضاء نسكهم وسميت بكة لان الناس يتباكون فيها أي يزدحمون ويدفع بعضهم بعضا فلو منع المصلى من يجتاز بين يديه ضاق على الناس
وحكم الحرم كله كذلك لان ابن عباس قال أقبلت راكبا على حمار اتان والنبي صلى الله عليه وآله صلى بالناس بمنى إلى غير جدار ولأنه محل المشاعر والمناسك ح وليست
89

السترة شرطا ولا واجبة بالاجماع لان النبي صلى الله عليه وآله اتى نادى العباس فصلى إلى غير سترة وللأصل - ط - سترة الامام سترة لمن خلفه اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله صلى
إلى سترة ولم يأمر أصحابه بنصب سترة أخرى - ى - لو كانت السترة مغصوبة لم يأت بالمأمور به شرعا مسألة الفريضة في المسجد أفضل اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله واظب على
ذلك وحث عليه وقال (ع) صلاة في البيت المقدس بألف صلاة وصلاة في المسجد الأعظم بمائة صلاة وصلاة في مسجد القبيلة بخمس وعشرين صلاة وصلاة في
مسجد السوق اثنتا عشرة صلاة وصلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة ولأنه موضع العبادة وموضع لها فكان فعلها أولي فيه واما النافلة فإنها في المنزل أفضل خصوصا
نافلة الليل لان العبادة في السر أبلغ في الاخلاص وقال (ع) أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته الا المكتوبة وجاء رجال يصلون في بيته بصلاته (ص) فخرج مغضبا وأمرهم ان
يصلوا النوافل في بيوتهم البحث الثاني في المساجد مسألة يستحب اتخاذ المساجد لقولة تعالى انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر الآية وقال
الصادق (ع) من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة ولا يجوز اتخاذها في المواضع المغصوبة ولا في الطرق المسلوكة المضرة بالمارة ولا باس بوضعه على بئر
الغائط إذا طم وانقطعت رائحته لزوال المانع ولقول الباقر (ع) وقد سئل عن المكان يكون حشا ثم ينظف ويجعل مسجدا قال يطرح عليه من التراب حتى يواريه فهو
أطهر ومنع احمد من الصلاة على سطح الحش ولو كانت الأرض نجسة فطينها بطين طاهر أو بسط عليها شيئا طاهرا صحت الصلاة وبه قال طاوس ومالك والأوزاعي
والشافعي وإسحاق وعن أحمد روايتان للعموم واحتج احمد بأنها مدفن النجاسة اشبهت المقبرة وهو ممنوع ولا يجوز تطيين المسجد بطين نجس ولا تطبيقه بطوابيق نجسة
ولا بناؤه بلبن نجس أو آجر نجس للمنع من ادخال النجاسة إليها مسألة يستحب اتخاذها جماء ويكره أن تكون مشرفة لان عليا (ع) رأى مسجدا قد شرفت فقال كأنه بيعة وقال إن
المساجد تبنى جماء ويكره أن تكون مظللة قال الحلبي سألته عن المساجد المظللة يكره القيام فيها قال نعم ولكن لا يضركم الصلاة فيها اليوم ولو كان العدل لرأيتم
كيف يصنع في ذلك ويكره اتخاذ المحاريب فيها لان عليا (ع) كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد ويقول كأنها مذابح اليهود وينبغي وضع الميضاة على أبوابها
لا داخلها لقول رسول الله صلى الله عليه وآله جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشرائكم وبيعكم واجعلوا مطاهر كم على أبواب مساجدكم وينبغي وضع المنارة مع حائطها
لا في وسطها ولا ترفع عليه لان عليا (ع) مر على منارة طويلة فامر بهدمها ثم قال لا ترفع المنارة الا مع سطح المسجد ولئلا يتشرف المؤذن على الجيران مسألة
والاتيان إلى المساجد مستحب مندوب إليه فرغب فيه إذ القصد بالعمارة ايقاع العبادة فيها واجتماع الناس في الصلوات قال أمير المؤمنين (ع) من اختلف إلى المسجد أصاب
إحدى الثمان أخا مستفادا في الله أو علما مستطرفا أو أية محكمة أو يسمع كلمة تدله على الهدى أو رحمة منتظرة أو كلمة ترده عن ردئ أو يترك ذنبا خشية أو حياء وقال
الصادق (ع) من مشى إلى المسجد لم يضع رجله على رطب ولا يابس الا سبحت له الأرض إلى الأرضين السابعة ويشتد الاستحباب في المساجد المعظمة كمسجد الكوفة وقال الصادق
(ع) يا هارون بن خارجة كم بينك وبين مسجد الكوفة يكون ميلا قلت لا قال أفتصلي فيه الصلوات كلها قلت لا فقال إما انا لو كنت حاضرا بحضرته لرجوت ان لا تفوتني
فيه صلاة لو تدرى ما فضل ذلك الموضع ما من عبد صالح ولا نبي الا وقد صلى في مسجد كم حتى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسرى الله به قال له جبرئيل (ع) أتدري أين أنت يا رسول
الله صلى الله عليه وآله الساعة أنت مقابل مسجد كوفان قال فاستأذن لي ربي عز وجل حتى آتيه فاصلي فيه ركعتين فاستأذن له وان ميمنته لروضة من رياض الجنة وان وسطه لروضة
من رياض الجنة وان مؤخره لروضة من رياض الجنة وان الصلاة المكتوبة فيه لتعدل بألف صلاة وان النافلة فيه لتعدل بخمسمائة صلاة وان الجلوس فيه بغير تلاوة ولا ذكر لعبادة
ولو علم الناس ما فيه لأتوه ولو حبوا وجاء علي بن الحسين (ع) إلى مسجد الكوفة عمدا من المدينة فصلى فيه ركعتين ثم عاد حتى ركب راحلته واخذ الطريق وقال الصادق (ع) جاء رجل
إلى أمير المؤمنين (ع) وهو في مسجد الكوفة فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين (ع) ورحمة الله وبركاته فرد عليه السلام فقال جعلت فداك فانى أردت المسجد الأقصى فأردت ان أسلم
عليك وأودعك فقال له فأي شئ أردت بذلك فقال الفضل جعلت فداك قال فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة
والنافلة عمرة مبرورة والبركة فيه منه على اثنى عشر ميلا يمينه يمن ويساره مسك وفى وسطه عين من دهن وعين من لبن وعين من ماء شراب للمؤمنين وعين من ماء
طهور للمؤمنين منه سارت سفينة نوح (ع) وكان فيه نسر ويغوث ويعوق صلى فيه سبعون نبيا وسبعون وصيا وانا أحدهم ومال بيده على صدره ما دعى فيه
مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج الا اجابه الله وفرج عنه كربته وكذا يستحب قصد مسجد السهلة قال الصادق (ع) وذكر مسجد السهلة فقال إما انه منزل صاحبنا إذا
قام باهله وقال الصادق (ع) بالكوفة مسجد يقال له مسجد السهلة لو أن عمى زيدا اتاه فيصلى فيه واستجار به جاره عشرين سنة فيه مناخ الراكب بيت إدريس النبي (ع) وما
اتاه مكروب قط فصلى ما بين العشائين فدعا الله عز وجل الا فرج الله كربته وقال الباقر (ع) بالكوفة مساجد ملعونة ومساجد مباركة فاما المباركة فمسجد غنى والله
ان قبلته لقاسطة وان طينته لطيبة ولقد وضعه رجل مؤمن ولا تذهب الدنيا حتى تنفجر عنده عينان وتكون عنده جنتان وأهله ملعونون وهو مسلوب عنهم
ومسجد بنى ظفر وهو مسجد السهلة ومسجد الحمراء ومسجد جعفي وليس هو مسجد هم اليوم قال درس واما المساجد الملعونة فمسجد ثقيف ومسجد الأشعث ومسجد
جرير ومسجد سمال ومسجد الحمراء بنى على قبر فرعون من الفراعنة وقال الباقر (ع) جددت أربعة مساجد بالكوفة فرحا بقتل الحسين (ع) مسجد الأشعث ومسجد
جرير ومسجد سمال ومسجد شبث بن ربعي ويكره للنساء الاتيان إلى المساجد لما فيه من التبرج المنهى عنه قال الصادق (ع) خير مساجد نسائكم البيوت ويكره تمكين الصبيان و
المجانين من الدخول إليها لعدم انفكاكهم عن النجاسة ولما تقدم في الحديث مسألة ويستحب للداخل ان يقدم رجله اليمنى دخولا واليسرى خروجا لان اليمنى أشرف
ويتعاهد نعله عند الدخول تنزيها له عن الاقذار قال رسول الله صلى الله عليه وآله تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم ونهى ان ينتعل الرجل وهو قائم وخلع
نعله يوما فخلع الصحابة فقال إن اخى جبرئيل اخبرني انها قذرة ويستحب الطهارة والدعاء دخولا وخروجا قال الباقر (ع) إذا دخلت المسجد وأنت تريد ان تجلس فلا تدخله الا طاهرا
وإذا دخلته فاستقبل القبلة ثم ادع الله واسئله وسم حين تدخله واحمد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وآله قال سماعة إذا دخلت المسجد فقل بسم الله والسلام
على رسول الله صلى الله عليه وآله وصلاة ملائكته على محمد وال محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك وإذا خرجت فقل مثل ذلك و
يستحب تلاوة القرآن في المساجد والمداومة عليه قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان القرآن حديثه والمسجد بيته بنى الله له بيتا في الجنة وينبغي لمن اكل شياء
من المؤذيات كالثوم والبصل تجنب المساجد لئلا يؤذى غيره برائحته قال علي (ع) من اكل شياء من المؤذيات فلا يقربن المسجد مسألة يستحب كنس المساجد
لما فيه من التنظيف وتعظيم مشاعر العبادات قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كنس المسجد يوم الخميس ليلة الجمعة فاخرج من التراب ما يذر به في العين غفر الله له ويستحب الاسراج فيها
قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفر ان له ما دام في المسجد ضوء من ذلك ويكره انشاد شعر
90

فيها وتعريف الضوال وإقامة الحدود ورفع الصوت والبيع والشراء قال رسول الله صلى الله عليه وآله من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا فض الله فاك انما نصبت المساجد
للقرآن وقال الصادق (ع) جنبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان والاحكام والضالة والحدود ورفع الصوت ويكره اخراج الحصى عنها فان اخرج أعيد
قال الباقر (ع) إذا اخرج أحدكم الحصى من المسجد فليردها في مكانها أو في مسجد اخر فإنها تسبح ويكره البصاق فان فعل غطاه بالتراب قال علي (ع) البصاق
في المسجد خطأ فكفارته دفنه ويكره قتل القمل فان فعل غطاه بالتراب ويكره الطهارة فيها من البول والغائط لان الصادق (ع) كرهه منهما ويكره النوم
فيها لان الشحام سال أبا عبد الله (ع) عن قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال سكر النوم وتشتد الكراهة في المسجدين لان زرارة سال الباقر (ع) ما تقول في النوم
في المساجد فقال لا باس الا في المسجدين مسجد لنبي صلى الله عليه وآله والمسجد الحرام وليس بمحرم لان
معوية بن وهب سال الصادق (ع) عن النوم في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله
قال نعم أين ينام الناس ويكره ساير الصناعات في المساجد لان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن سل السيف وعن برى النبل في المسجد وانما قال بنى لغير ذلك وتحريم تصوير
المساجد لان الصادق (ع) سئل عن الصلاة في المساجد المصورة فقال أكره ذلك ولكن لا يضركم ذلك اليوم ولو قد قام العدل رأيتم كيف يصنع ذلك وكذا يحرم زخرفتها
ونقشها بالذهب لان ذلك لم يفعل في زمن النبي صلى الله عليه وآله ولا في زمن الصحابة فيكون احداثه بدعة مسألة ويحرم نقضها لقوله تعالى وسعى في خرابها أولئك
ما كان لهم ان يدخلوها الا خائفين وكذا استعمال آلتها واتخاذها في ملك أو طريق ويجوز هدم ما استهدم لإعادته لما فيه من العمارة وللامن على الداخل ولو تعذرت
اعادته جاز استعمال الته في غيره من المساجد لاشتراكها في كونها موضعا للعبادة وكذا لو فضل من أحد المساجد عن قدر الحاجة ومن اخذ شياء من آلة المسجد وجب ان
يرده إليه أو إلى غيره من المساجد ولو نذر شياء لعمارة مسجد اختص به ما لم يفضل عنه إذا كان بحيث تنتابه الناس ولو فضل منه شئ جاز صرفه إلى عمارة غيره من
المساجد وإذا انهدم المسجد وخرب ما حوله لم يعد ملكا لخروجه عن الملك إلى الله تعالى فلا يعود إلى الملك ويجوز نقض البيع والكنايس واستعمال آلتها في المساجد إذا
اندرس أصلها أو كانت في دار حرب لان عيصا سال الصادق (ع) عن البيع والكنايس هل يصلح نقضها لبناء المساجد قال نعم وان تبنى مساجد ولا يجوز اتخاذها في ملك ولا استعمال
آلتها في الاملاك ولو كان أهلها لها أهل ذمة تؤدون الجزية ويلتزمون بشرائط الذمة لم يجز التعرض لها على حال مسألة من كان له في داره مسجد قد جعله للصلاة
جاز تغييره وتبديله وتوسيعه وتضييقه حسبما يكون أصلح له لأنه لم يجعله عاما وانما قصد اختصاصه بنفسه وأهله ولان أبا الجارود سال الباقر (ع) عن المسجد يكون في البيت فيريد
أهل البيت ان يتوسعوا بطائفة منه أو يحولونه إلى غير مكانه قال لا باس بذلك وهل تلحقه احكام المساجد من تحريم ادخال النجاسة إليه ومنع الجنب من استيطانه وغير ذلك
الأقرب المنع لنقص المعنى فيه ولا يخرج عن ملكه فيجوز له بيعه وشراؤه ما لم يجعله وقفا فلا يختص به حينئذ ولو بناه خارج داره في ملكه لم يزل ملكه عنه أيضا ولو نوى به ان يكون
مسجدا يصلى فيه كل من اراده زال ملكه عنه بالعقد والقبض أو بصلاة واحد فيه مسألة لا يجوز دفن الميت في المساجد لأنه مناف لما وضعت له ويكره كشف العورة فيها
لما فيه من الاستخفاف بالمساجد وكذا كشف السرة والركبة والفخذ وروى الباقر (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله قال كشف السرة والركبة والفخذ في المسجد من العورة ويكره رمى
الحصى فيه خذفا لما لا يؤمن معه من الأذى للغير فمروى الباقر (ع) عن ابائه (على) ان النبي صلى الله عليه وآله ابصر رجلا يخذف بحصاة في المسجد فقال ما زالت تلعن حتى وقفت
(وقعت) ثم قال الخذف في النادي من أخلاق قوم لوط ثم تلا (ع) وتأتون في ناديكم المنكر قال هو الخذف ونهى النبي صلى الله عليه وآله عن بطانة الأعاجم في المساجد وقال (ع) الاتكاء في المسجد رهبانية
العرب المؤمن مجلسه مسجده وصومعته بيته وقال بعض أصحابنا للصادق (ع) انى لأكره الصلاة في مساجدهم فقال لا تكره فما من مسجد بنى الا على قبر نبي أو وصى نبي قتل
فأصاب تلك البقعة رشة من دمه فأحب الله ان يذكر فيها فاد فيها الفريضة والنوافل واقض ما فاتك وفى كتاب ابن بابويه عن الصادق (ع) انه سئل عن الوقوف على المساجد فقال
لا يجوز لان المجوس وقفوا على بيت النار وهذه الرواية مرسلة وتحمل على الوقف على تزويقها وتصويرها مسئلة لا يجوز لاحد من المشركين دخول المساجد مطلقا
سواء اذن له المسلم أو لا ولا يجوز للمسلم الاذن فيه وبه قال مالك لقوله تعالى فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وغيره من المساجد مشاركة له في كونه مسجدا ولقوله (ع)
جنبوا مساجدكم النجاسة وقال تعالى انما المشركون نجس وقال الشافعي لا يجوز له دخول المسجد الحرام بكل حال ويجوز له دخول غيره بإذن المسلمين لان النبي صلى الله عليه وآله انزل المشركين في
المسجد وربط تمامة بن أثال الحنفي في سارية المسجد وهو كافر ونمنع ذلك بعد التحريم وقال احمد لا يجوز له دخول الحرمين وفى ساير المساجد روايتان المنع والجواز بالاذن وقال أبو حنيفة
يجوز له دخول ساير المساجد والمسجد الحرام أيضا لقوله (ع) يوم الفتح من دخل المسجد فهو امن وهو خطاب للمشركين وانه مسجد كساير المساجد والآية ناسخة لقول ابن أبي
حنيفة البحث
الثالث فيما يسجد عليه مسألة لا يجوز السجود على ما ليس بأرض ولا من نباتها كالجلود والصوف عند علمائنا أجمع لان السجود عبادة شرعية فتقف كيفيتها
على نص الشرع وقد وقع الاجماع على السجود على الأرض والنابت منها فيقتصر عليه ولقوله (ع) لا تتم صلاة أحدكم حتى يتوضأ كما امره الله تعالى ثم يسجد ممكنا جبهته من الأرض و
قال خباب شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حر الرمضاء في جباهنا وأنفنا فلم يشكنا ولو كان السجود على الفرش سايغا لما شكوا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
وقد سئل عن الرجل يصلى على البساط من الشعر والطنافس لا يسجد عليه وان قمت عليه وسجدت على الأرض فلا باس وان بسطت عليه الحصر وسجدت على الحصر فلا باس وقال
هشام بن الحكم للصادق (ع) اخبرني عما يجوز عليه السجود وعما لا يجوز قال السجود لا يجوز الا على الأرض ما أنبتت الأرض وأطبق الجمهور على الجواز لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
انه صلى في نمرة وقال الشافعي والنمرة تعمل من الصوف ولأنه بساط طاهر يجوز له الصلاة فيه فجازت عليه كالقطن والرواية ممنوعة ومحمولة على أنه (ع) كان يضع جبهته على
ما يصح السجود عليه والأصل ممنوع فروع - آ - لا باس بالسجود على الفرش من الصوف وغيره حالة التقية للضرورة وسال علي بن يقطين الكاظم (ع) عن السجود على المسح والبساط
فقال لا باس بالصوف في حال التقية ولا يعيد للامتثال - ب - لا يشترط ذلك الا في الجبهة خاصة - ج - لا يشترط وقوع الجبهة بأجمعها بل ما تتمكن من الجبهة على الأرض و
بعضهم قدره بالدرهم مسألة لا يجوز السجود على ما خرج باستحالته عن الأرض كالمعادن كالعقيق والذهب والفضة والملح والقير اختيارا لان النبي صلى الله عليه وآله
لم يفعله وداوم على غيره وقال صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني اصلى ولقول الصادق (ع) السجود لا يجوز الا على الأرض أو ما أنبتت الأرض وهذا ليس أحدهما ولم يخرج
بالاستحاله عن اسم الأرض جاز كالسبخة والرمل وارض الجص والنورة على كراهية مسألة انما يجوز السجود على الأرض أو ما انبته الأرض بشرط ان لا يكون
ماكولا في العادة ولا ملبوسا فلو كان أحدهما لم يصح لان النبي صلى الله عليه وآله سجد على الخمرة وهي معموله من سعف النخل ولقول الصادق (ع) لا يجوز السجود
الا على الأرض أو ما انبته الأرض الا ما اكل أو لبس فروع - آ - لا فرق بين القطن والكتان وبين غيرهما عند أكثر علمائنا لقول الباقر (ع) لا يسجد على الثوب
الكرسف ولا الصوف ولا على شئ من الحيوان ولا على طعام ولا على شئ من الثمار ولا شئ من الرياش وقال المرتضى في المسائل الموصلية انه مكروه لا محظور لان ياسر الخادم قال
مر بي أبو الحسن (ع) وانا اصلى على الطبري وقد ألقيت شيئا فقال مالك لا تسجد عليه أليس هو من نبات
الأرض وسال داود الصيرفي أبا الحسن الثالث (ع) هل يجوز السجود
91

على القطن والكتان من غير تقية قال جايز ويحملان على أن التقية أو على غير الجبهة جمعا بين الأدلة - ب - لو كان ماكولا لا بالعادة جاز السجود عليه ولو كان معتادا
عند قوم دون آخرين عم التحريم - ج - الحنطة والشعير يجوز السجود عليهما قبل الطحن لان القشر حاجز بين المأكول والجبهة وكذا البحث في الملبوس ويجوز السجود
على ما لم تجر العادة بلبسه كالورق والليف وإن كان ملبوسا نادرا - د - الكتان قبل غزله ونسجه الأقرب عدم جواز السجود عليه وعلى الغزل على اشكال ينشأ
من أنه عين الملبوس والزيادة في الصفة ومن كونه حينئذ غير ملبوس إما الخرق الصغيرة فإنه لا يجوز السجود عليها وان صغرت جدا - ه‍ - القنب لا يجوز السجود عليه ان
ليس عادة - و - لو اتخذ ثوب من الملبوس عادة ومن غيره كغزل الكتان والليف ففي السجود عليه اشكال - ز - يجوز السجود على القرطاس إن كان متخذا من النبات وإن كان
من الإبريسم فالوجه المنع لأنه ليس بأرض ولا من نباتها واطلاق علمائنا يحمل على الأول ولو كان مكتوبا كره لقول الصادق (ع) يكره السجود على قرطاس
فيه كتابة ولئلا يشغل نظره وفى زوال الكراهة عن الأعمى وشبهه اشكال ينشأ من الاطلاق من غير ذكر علة ولو سلمت لكن الاعتبار بالضابط وان خلا عن الحكمة
نادرا مسئلة يشترط فيما يسجد عليه بعد ما تقدم أمورا تمكن الجبهة منه فلا يجوز على الوحل لعدم تمكنه من الطمأنينة حالة السجود وهي واجبة - ب - الطهارة
فلا يجوز على النجس وان لم تتعد نجاسة إليه وانما يشترط طهارة موضع الجبهة لا باقي المساقط ان لم تتعد إليه وقد تقدم - ج - ان لا يكون مشتبها بالنجس لوجوب الاحتراز
عنه كوجوب الاحتراز عن النجس هذا إن كان الاشتباه في موضع محصور كالبيت ولو لم ينحصر جاز السجود كالصحارى - د - الملك أو حكمه كالمباح والمأذون فيه - ه‍ - ان لا يكون جزء منه
فلو سجد على كفه أو غيرها من بدنه لم يجزء لأنا شرطنا كون المسجد أرضا أو ما ينبت منها ولو خاف الحر جاز للضرورة ولقول الباقر (ع) لما سئل أخاف الرمضاء قال اسجد
على بعض ثوبك قلت ليس على ثوب يمكنني ان اسجد على طرفه ولا ذيله قال اسجد على ظهر كفك فإنها أحد المساجد مسألة ويحرم السجود على أشياء - آ -
الزجاج قال في المبسوط لما فيه من الاستحالة وكذا منع من الرماد - ب - الخمرة إن كانت معمولة بالسيور بحيث يعم موضع الجبهة لم يجز السجود عليها وإن كانت معمولة بالخيوط
أو كان المجزى من الجبهة يقع على ما يصح السجود عليه جاز وفى رواية كراهة السجود على شئ ليس عليه ساير الجسد وفى طريقها غياث بن إبراهيم وأكثر الروايات على الجواز
لان النبي صلى الله عليه وآله كان يسجد على الخمرة وعن أحدهما (ع) كان ابن أبي
يصلى على الخمرة فإن لم تكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد - ح - الطير
والصفروج وفى رواية المعلى بن خنيس عن الصادق (ع) الجواز وهي محمولة على الضرورة - د - ان لا يكون حاملا له مثل كور العمامة وطرف الرداء قاله الشيخ في الخلاف وبه قال الشافعي
وقال أبو حنيفة ومالك واحمد يجوز السجود على كور العمامة وطرف الرداء وكان شريح يسجد على برنسه لان النبي صلى الله عليه وآله كان يسجد على كور العمامة ولان الجبهة عضو من أعضاء
السجود فلا يجب كشفه كسائرها والتحقيق ان نقول إن كان ما هو حاصل له كالعمامة مما لا يجوز السجود عليه كالقطن والكتان والصوف والشعر فالحق قول الشيخ لا من
حيث إنه حامل كما قاله الشافعي بل لأنه لم يسجد على ما يصح السجود عليه لان النبي صلى الله عليه وآله رأى رجلا يسجد وقد اعتم على جبهته فحسر عنها وقال إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل يسجد وعليه العمامة لا تصيب جبهته الأرض قال لا يجزيه ذلك حتى تصل جبهته الأرض والحديث الذي رووه عن
سجود النبي صلى الله عليه وآله على العمامة لم يثبته أكثرهم ويحمل على ما إذا أصاب بعض جبهته الأرض والمشقة ثابتة في كشف غيرها دونها وإن كانت العمامة مما يصح السجود عليه صح كما لو كانت
من خوص أو شئ من النباتات الفصل الرابع في اللباس ومباحثه ثلاثة الأول ستر العورة مسألة ستر العورة عن العيون بما لا يصف البشرة واجب في
الصلاة وغيرها لقوله (ع) لعن الله الناظر والمنظور إليه وقال (ع) لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ولا يجب في غير الصلاة في الخلوة اجماعا منا وبه قال أبو حنيفة
واحمد لأنه ليس معه من يستتر عنه وهو أحد وجهي الشافعي وأصحهما عنده الوجوب لعموم الخبر والتستر عن الجن والملائكة والخبر ممنوع إرادة التحريم منه لان الفخذ عند جماعة
ليس من العورة والتستر عن الجن والملائكة غير ممكن مسألة وستر العورة شرط في الصلاة اجماعا منا فلو صلى مكشوف العورة في خلوة وغيرها بطلت صلاته
وهو قول أكثر العماء كالشافعي وأبي حنيفة واحمد قال ابن عبد البر اجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا لقول النبي صلى الله عليه وآله
لا يقبل الله صلاة حايض الا بخمار ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سئل ما ترى للرجل ان يصلى في قميص واحد قال إذا كان كثيفا فلا باس يدل على ثبوت البأس
مع عدم الكثافة وقال مالك ليس بشرط وإن كان واجبا في الصلاة وغيرها لان وجوبه لا يختص بالصلاة فليس من فروضها فإذا عدم فيها لم يبطلها كالصلاة في الدار
المغصوبة وينتقض بالايمان والطهارة فإنها تجب لمس المصحف ونمنع الأصل أيضا وقال بعض أصحابه انه شرط مع الذكر دون النسيان مسألة وعورة الرجل عند أكثر
علمائنا قبله ودبره لا غير وبه قال عطا وداود وابن ابن أبي
ذئب وهو وجه للشافعي ورواية عن أحمد لان أنسا قال إن النبي صلى الله عليه وآله يوم خيبر حسر الازار عن فخذه حتى لانى انظر
إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الفخذ ليس من العورة ولأنه ليس بمخرج للحدث فلم يكن عورة كالساق وقال جماعة منا العورة
ما بين السرة والركبة وبه قال الشافعي ومالك واحمد وأصحاب الرأي لقوله (ع) لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت وهو محمول على الكراهة جمعا بين الأدلة
فروع - آ - السرة ليست من العورة على الرأيين عندنا وكذا الركبة لقوله (ع) أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة وكان النبي (ص) يقبل سرة الحسن وقبلها أبو هريرة و
هو ظاهر مذهب الشافعي وعند ابن أبي
حنيفة الركبة من العورة دون السرة وهو وجه للشافعي وله وجه ثالث ان السرة والركبة جميعا من العورة وعن مالك الفخذ ليس من العورة - ب - لا فرق
بين الحر والعبد اجماعا ولا بين البالغ والصبي - چ - الواجب الستر بما يستر كون البشرة فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه فيعلم بياضه أو حمرته لم تجز الصلاة فيه
لعدم الستر به وان ستر اللون ووصف الخلقة والحجم جازت الصلاة لعدم التحرز عنه مسألة وعورة المراة جميع بدنها الا الوجه باجماع علماء الأمصار عدا
أبا بكر بن عبد الرحمن بن هشام فإنه قال كل شئ من المراة عورة حتى ظفرها وهو مدفوع بالاجماع واما الكفان فكالوجه عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي و
الأوزاعي وأبو ثور لان ابن عباس قال في قوله تعالى ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها قال الوجه والكفين وسال محمد بن مسلم الباقر (ع) قلت ما ترى للرجل ان يصلى في
قميص واحد قال إذا كان كثيفا فلا باس والمراة تصلى في الدرع والمقنعة إذا كان الدرع كثيفا يعنى إذا كان ستيرا فاجتزأ عليه السلام بالدرع وهو القميص والمقنعة وهي
للرأس فيستحب ما عدا ذلك وقال احمد وداود الكفان من العورة لقوله تعالى الا ما ظهر منها والظاهر منها الوجه ويبطل بقول ابن عباس إما القدمان فالظاهر عدم
وجوب سترهما وبه قال أبو حنيفة والثوري والمزني لان القدمين يظهر منها في العادة فلم يكن عورة كالكفين وقال الشافعي ومالك والأوزاعي وأبو ثور انهما عورة لحديث
ابن عباس ولا يعطى نفى الزايد مسألة الأمة الكبيرة يجوز ان تصلى مكشوفة الرأس باجماع العلماء الا ما نقل عن الحسن البصري من ايجاب الخمار عليها إذا تزوجت
أو اتخذها الرجل لنفسه واستحب لها عطا ان تقنع إذا صلت ولم يوجبه لان عمر كان ينهى الإماء عن القنع وضرب جارية لان انس رآها مقنعة فقال اكشفي رأسك ولا تشبهي
92

بالحرائر ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سأله محمد بن مسلم الأمة تغطي رأسها إذا صلت فقال ليس على الأمة قناع فروع - آ - القناع وان لم يجب لكنه مستحب لأنه انسب
بالحصر وهو أمر مطلوب من الحرائر والإماء وأنكر الجمهور الا عطا استحبابه لفعل عمر وليس بجيد لما فيه من ترك الستر وجاز ان يكون فعله عن رأى رآه - ب - عورة الأمة
كالحرة الا في الرأس عند علمائنا أجمع وبه قال بعض الشافعية لان الأنوثة تناسب الستر فكانت علة وانما سوغنا لها كشف الرأس لما فيه من النص ولأنه ظاهر في أكثر
الأوقات فأشبه وجه الحرة وقال بعض الشافعية ان عورتها كالرجل ما بين السترة إلى الركبة وهو رواية عن أحمد لان من لم يكن رأسه عورة لم يكن بدنه عورة كالرجل
والفرق ان للمراة محاسن بخلاف الرجل وقال بعضهم جميعها عورة الا ما يحتاج إلى تغليبه وكشفه للخدمة كالرأس والذراع والساق للحاجة إلى ذلك وهو رواية عن أحمد
أيضا والمعتمد ما تقدم - ج - أم الولد والمدبرة والمكاتبة المشروطة وغير المؤدية كالقنة وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لبقاء الملك فيها ولأنها تضمن
بالقيمة فأشبهت القنة وقال محمد بن سيرين أم الولد تصلى مقنعة وهو رواية عن أحمد لثبوت سبب الحرية لها وهو ممنوع د - لو انعتق بعضها كانت كالحرة أخذا بالاحتياط
وتغليبا للحرية ولحصول يقين البراءة وقال الشافعي انها كالأمة لان وجوب ستر الرأس من امارات الحرية وعلامات الكمال وهو ممنوع ان قصد في الجميع والا لم يتم - ه‍ - لو أعتقت في
أثناء الصلاة وهي مكشوفة الرأس فكالعاري يجد السترة في الأثناء ان أمكنها سترة من غير فعل كثير وجب وبنت وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وان لم يتمكن الا
بفعل كثير فان خافت فوق الصلاة وأتمت وان لم تخف استأنفت والمرجع في كثرة الفعل إلى العرف لعدم التوقيف فيه. - و - لو وجدت السترة واحتاجت إلى الانتظار
الطويل بحيث لا يفوت الوقت احتمل وجوبه لأنه انتظار واحد والبطلان لأنها صلت في زمان طويل عارية مع امكان الستر فلم تصح - ز - لو أعتقت في الأثناء ولم تعلم
حتى فرغت أو كانت عتقت قبل الطهارة ولم تعلم ففي وجوب الإعادة نظر ينشأ من اشتراط العلم في التكليف من كونها صلت جاهلة بوجوب السترة فلا يصح كما لو علمت
العتق وجهلت وجوب الستر للشافعي قولان - ح - لو أعتقت ولم تقدر على سترة مضت في صلاتها ولم تلزمها الإعادة لعدم وجوب الستر عليها لعجزها عنه - ط - الصبية الحرة
كالأمة في تسويغ كشف الرأس لها ونعني بها من لم تبلغ ولو بلغت في الأثناء بغير المبطل فكالأمة إذا أعتقت فيه الا انها متى تمكنت من الاستيناف وجب لان ما فعلته أولا
لم يكن واجبا مسألة يستحب للرجل ستر جميع بدنه بقميص وازار وسراويل لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فان الله تعالى أحق ان يتزين له ولما
فيه من المبالغة في الستر وتعظيم حال الصلاة وأشد منه استحبابا ستر ما بين الركبة والسرة لوقوع الخلاف في وجوبه ويجزى الثوب الواحد لان الباقر (ع) صلى فيه و
يستحب التحنك لقول الصادق (ع) من تعمم ولم يتحنك فأصابه داء لا دواء له فلا يلو من الا نفسه وعنه (ع) من اعتم فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن
الا نفسه ويجوز ان يصلى في ثوب واحد يأتزر ببعضه ويرتدى بالآخر لان الصادق (ع) سئل عن الرجل يصلى في ثوب واحد قال يأتزر به إذا رفعه إلى الثديين ويستحب للمراة
ثلاثة أثواب درع وخمار وازار لاشتماله على المبالغة في الستر لقول الصادق (ع) تصلى المراة في ثلاثة أثواب درع وخمار وازار ولا يضرها بان تقنع بالخمار فإن لم تجد فثوبين تأتزر بأحدهما وتقنع بالآخر قلت وإن كان درعا وملحفة ليس لها مقنعة فقال لا بأس إذا
تقنعت بالملحفة فإن لم تكفها فلتلبسها طولا والدرع يريد به القميص السابغ الذي يغطى ظهور قدميها والخمار هو الجلباب وهو ما يغطى رأسها وعنقها ويستحب
ان يكون الازار غليظا وتجافيه عن جسمها لئلا يصفها في حال الركوع والسجود مسألة ويجوز ان يصلى عاريا ساتر لعورته خاصة لكن يستحب ان يجعل على
عنقه شياء ولو كالخيط وليس بواجب وبه قال الشافعي لان العنق ليس بعورة فلا يجب ستره كساير البدن وقال احمد انه واجب لقول النبي (ص) لا يصلى لرجل
في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شئ وهو محمول على الاستحباب وقال الصادق (ع) ولكن إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شياء ولو حبلا ويجوز ان تصلى في ثوب
واحد وإن كان واسع الجيب إذا لم تبد منه العورة حالة الركوع وغيرها لحصول الستر وان لم يزره على نفسه لقول الباقر (ع) لا باس ان يصلى أحدكم في الثوب الواحد
وازراره محلولة ان دين محمد صلى الله عليه وآله حنيف مسألة لو انكشف بعض العورة في الصلاة بطلت قل أو كثر عند علمائنا سواء الرجل والمراة وبه قال الشافعي
لأنه حكم يتعلق بالعورة فاستوى فيه قليلها وكثيرها كالنظر وقال أبو حنيفة ان انكشف من العورة المغلظة وهي القبل والدبر قدر الدرهم لم تبطل وان انكشف
أكثر بطلت وان انكشف من المخففة وهي ما عدا ذلك أقل من الربع واما المراة فان انكشف ربع شعرها أو ربع فخذها أو ربع بطنها بطلت صلاتها وإن كان أقل
من ذلك لم تبطل وقال أبو يوسف ان انكشف أقل من النصف لم تبطل لان ستر العورة حكم يسقط حال العذر فيختلف قليله وكثيره في غير حالة العذر كإزالة
النجاسة ولا دليل على هذا التقدير وينتقض قولهم بالوضوء فروع - آ - قال الشيخ في المبسوط لو انكشفت العورتان في الصلاة ستر هما ولم تبطل صلاته سواء كان ما انكشف
عنه قليلا أو كثيرا بعضه أو كله وفيه نظر من حيث إن ستر العورة شرط وقد فات فتبطل إما لو يعلم به فالوجه الصحة للعذر ولقول الكاظم (ع) وقد سأله اخوه عن الرجل صلى
وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه إعادة أو ما حاله لا إعادة عليه وقد تمت صلاته ب - لو وجد من الثوب ما يستر به بعض العورة لزمه الستر بخلاف ما لو وجد من الماء
ما يكفي بعض الأعضاء ولو كان الموجود يكفي إحديهما خاصة فالقبل أولي وبه قال الشافعي لظهوره واستقبال القبلة به ولا يجوز صرفه في غير ستر العورة خلافا
لبعض الشافعية - ج - لو كان في ثوبه خرق فجمعه وامسكه بيده فصلوته صحيحة ولو وضع يده على موضع الخرق وستره بيده فوجهان لصحته لحصول الستر والمنع لأن اطلاق السترة على
ما يغطي العورة من غير البدن مسألة لو لم يجد ساترا لم تسقط عنه الصلاة اجماعا فان وجد ورق الشجر وتمكن من الستر به وجب وكذا لو وجد طينا وجب عليه ان يطين عورته لأنه يستر
العورة قال الصادق (ع) النورة سترة وهو أحد وجهي الشافعي وفي الاخر المنع لأنه يلوث نفسه ويجف ويتناثر ولا يستر العورة ولا حجة فيه لان التناثر بعد الاستظهار لا يضر
ولو وجد وحلا أو ماء كدرا يستر عورته لو نزله فإن لم يكن فيه مضرة وجب والا فلا ولو وجد حفرة دخلها وجوبا وصلى قائما مع امن المطلع وهل يركع ويسجد قال
بعض فقهائنا نعم لان الستر قد حصل وليس التصاقه بالبدن شرطا ولقول الصادق (ع) العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها فسجد فيها وركع مسألة
لو لم يجد العاري سترة قال علماؤنا يصلى جالسا ان لم يا من المطلع ويكون ركوعه وسجوده بالايماء وان آمن المطلع صلى قايما ويركع ويسجد بالايماء ولان القيام قد يسقط
أحيانا فيسقط مع خوف المطلع لئلا تبدو عورته وفيه فحش ولو امنه صلى قائما لعدم الموجب بسقوط القيام ولا يركع ولا يسجد الا بالايماء لما فيه من الفحش و
لقول الصادق (ع) في الرجل يخرج عريانا فتدرك الصلاة قال يصلى عريانا قائما ان لم يره أحد فان رآه أحد صلى جالسا وقال الباقر (ع) فيمن خرج من سفينة عريانا قال إن كان
امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلا وضع يده على سوءته ثم يجلسان فيؤميان ايماء ولا يركعان ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما وقال مالك والشافعي يصلى قائما
بركوع وسجود وأطلق لأنه مستطيع للقيام من غير ضرر فلم يجز له تركه كما لو لم يجد الستر ونمنع من انتفاء الضرر فان اطلاع الغير ضرر وقال الأوزاعي واحمد والمزني
يصلون قعودا واطلقوا لأنه قادر على ستر العورة فلم يجز له كشفها والستر ممنوع بل الأرض تستر بعضه عندهم وقال أبو حنيفة يتخير بين القيام والقعود والقعود أفضل لأنه
93

لا بد من ترك فرض في كل من الفعلين فيتخير فيهما فروع - آ - للشافعي قول بالصلاة قاعدا مطلقا فتجب الإعادة لأنه أخل بالقيام وهو واجب مقدور عليه ونمنع وجوبه والصلاة
صحيحة لأنه فعل المأمور به على وجهه فأجزأه - ب - لو وجد بايع الثوب بثمن المثل وجب مع المكنة وكذا لو اجره ولو لم يكن معه ثمن أو احتاج إليه لم يجب ولو كثر الثمن
عن المثل وتمكن وجب كالماء - ج - لو وجد المعير وجب القبول لتمكنه حينئذ مع انتفاء الضرر ولو وهب منه أو يجب القبول لما فيه من المنة وبه قال الشافعي في أحد الوجهين وقال الشيخ يجب القبول وفيه اشكال - د -
لو وجد السترة في أثناء صلاته فان تمكن من الستر بها من غير فعل كثير وجب ولو احتاج إلى مشى خطوة أو خطوتين إما لو احتاج إلى فعل كثير أولي استدبار القبلة بطلت صلاته
وإن كان الوقت متسعا ولو لركعة والا استمر وفى قول للشافعي انه لو احتاج إلى فعل كثير مشى ولبس وبنى على صلاته كمن سبقه الحدث والأصل ممنوع ولو وقف موضعه
حتى حمل إليه فالوجه الصحة وللشافعي وجهان وقال أبو حنيفة لو وجد السترة في الأثناء بطلت صلاته كالمستحاضة إذا انقطع دمها وينتقض بالأمة إذا أعتقت في
الأثناء فان صلاتها لا تبطل عنده إذا كانت مكشوفة الرأس - ه‍ - لو لم يجد الا ثوب حرير صلى عاريا لفقدان الشرط وهو وجد أن الساتر للنهي عن هذه السترة وبه قال
احمد وقال الشافعي يصلى فيه وجوبا لان ثوب الحرير صالح للستر وهو ممنوع وتخصيص النبي صلى الله عليه وآله عبد الرحمن بن عوف والزبير لمعنى الحكمة لا يقاس عليه ولو خاف
البرد من نزعه صلى فيه واجزاء مسألة لو لم يجد الا الثوب النجس صلى عاريا ان تمكن من نزعه لقول الصادق (ع) في رجل اصابته جنابة وهو في الفلاة وليس عليه الا ثوب واحد
وإصابة منى قال يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا ويصلى ويؤمى ايماء وان لم يتمكن من نزعه صلى فيه ولا إعادة عليه للضرورة في الموضعين لقول الصادق (ع) في الرجل يجنب في
الثوب أو يصيبه بول وليس معه غيره قال يصلى إذا اضطر إليه وعلى هذا التفصيل يحمل قول الكاظم (ع) في رجل أصاب ثوبه دم نصفه أو كله وحضرت الصلاة يصلى فيه أو
يصلى عريانا قال إن وجد ماء غسله وان لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا وللشيخ (ره) قول بالإعادة لو صلى فيه للضرورة لقول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل ليس معه
الا ثوب لا تحل الصلاة فيه ولا يجد ماء يغسله كيف يصنع قال يتيمم ويصلى فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة وهي ضعيفة السند ومدفوعة بان الامر للاجزاء
وبالصلاة عاريا فلا إعادة وبه قال الشافعي في المذهب المشهور والليث بن سعد وقال أبو حنيفة يتخير انشاء صلى فيه وان شاء صلى عاريا ولم يفرق بين مقادير النجاسة وفى رواية
أبى يوسف وفى رواية محمد إن كان الدم أكثر من قدر درهم لم يجز ان يصلى عريانا وإن كان مملوا دما يتخير لان ترك السترة اخلال بواجب والصلاة بالنجاسة كذلك ولا يمكن الجمع بينهما
فيتخير وينتقض بجلد الميتة وقال مالك والأوزاعي يصلى فيه ولا إعادة عليه لأن النجاسة لا تجب ازالتها عن المصلى عنده وقد سبق مسألة لو كان جماعة عراة يستحب
لهم الجماعة ذهب إليه علماؤنا سواء كانوا رجالا أو نساء يصلون صفا واحدا جلوسا يتقدمهم الامام بركبتيه لعموم الامر بالجماعة وقول الصادق (ع) يتقدمهم امامهم فيجلس
ويجلسون خلفه يؤمى الامام بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم وقال الشافعي يصلون جماعة وفرادى قياما ويقف الامام وسطهم وله قول
اخر ان الأفضل الانفراد لعدم تمكنهم من الاتيان بسنة الجماعة وهي الموقف واستدراك فضيلة الجماعة أولي من استدراك سنة الموقف وقال أبو حنيفة يصلون فرادى وان كانوا في ظلمة صلوا جماعة فروع - آ -
لو كان مع العراة مكتسي وجب عليه ان يصلى في ثوبه وليس له اعارته والصلاة عريانا لوجود السترة نعم يستحب له اعارته بعد صلاته لقوله تعالى وتعاونوا على البر و
التقوى ولا تجب عليه الإعادة ويجب القبول لتمكنه من الساتر حينئذ - ب - لو بذل لهم الثوب لم يجز لهم الجماعة مع سعة الوقت وصلى كل واحد بعد اخر لامكان ستر العورة
مع الانفراد وهو واجب فلا يترك للندب فان خافوا فوت الوقت بالانتظار لم يجز وصلوا عراة عند علمائنا محافظة على تحصيل المشروط ولأنه موضع ضرورة فصار كالفاقد
وقال الشافعي تجب الانتظار وان فات الوقت تحصيلا للسترة وليس بجيد - ج - لو لم يعرهم الثوب وأراد ان يصلى بهم قدم إن كان قاريا والا صلوا فرادى وليس له أن يأتم بعار لان
قيام الامام شرط في امامة القايم وقال الشافعي يصح لعدم سقوط القيام وليس بجيد - د - لو اجتمع النساء والرجال فان قلنا بتحريم المحاذاة لم تجتمع النساء معهم الا مع حايل و
ان قلنا بالكراهة جاز أن يقف الجميع صفا ولو كان معهم مكتسي استحب له إعارة النساء بعد صلاته - ه‍ - يجوز مع الحاجة ان يصلى الرجال في أكثر من صف واحد لان القيام
يسقط حينئذ وكذا الركوع والسجود الا بالايماء فيغضوا ابصارهم - و - يجوز للنساء العراة ان يصلين جماعة فتجلس إمامتهن وسطهن - ز - جوز الشيخ للعاري الصلاة في أول
الوقت لعموم الامر وتحصيلا لفضيلة أول الوقت وحذرا من تجويز المسقط وأوجب المرتضى وسلار التأخير إلى اخر الوقت رجاء لحصول السترة كالمتيمم - ح - إذا صلوا جماعة
جلسوا وتقدم امامهم بركبتيه قال المرتضى ويصلون كلهم بالايماء لأنه استر وقال الشيخ يؤمى الامام ويركع من
خلفه ويسجد للرواية السابقة - ط - ليس الستر شرطا في
صلاة الجنازة لأنها دعاء خلافا للشافعي - ى - لو كان على سطح ترى عورته من أسفل لم تصح صلاته لعدم السترة وقال الشافعي تصح لان الستر انما تلزم من الجهة التي يعتاد النظر
إليه منها والنظر من الأسفل لا يعتاد والمقدمتان ممنوعتان - يا - لو صلى في قميص واسع الجيب ترى عورته حال الركوع منه أو السجود بطلت صلاته حالة الركوع لا قبلها وتظهر
الفائدة في المأموم إذا نوى الانفراد حينئذ - يب - لا يكفي في الستر احاطه الفسطاط الضيق به لأنه ليس بلبس البحث الثاني في جنسه مسألة يجوز الصلاة
في كل ثوب متخذ من النباتات كالقطن والكتان والقنب وساير أنواع الحشيش بالاجماع وكذا في جلد ما يؤكل لحمه مع التذكية لا بدونها وان دبغ عند علمائنا أجمع
وبه قال عمر وابن عمر وعايشة وعن مالك روايتان وكذا عن أحمد لقوله صلى الله عليه وآله لا تستنفعوا من الميتة باهاب ولا عصب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا تصل في شئ منه ولا شسع
وقال الباقر (ع) وقد سئل عن جلد المية أيلبس في الصلاة فقال لا ولو دبغ سبعين مرة ولان الميتة نجسة والدباغ غير مطهر وقد سبق وقال الشافعي يطهر بالدباغ الا
جلد الكلب والخنزير ونقله عن علي (ع) وابن مسعود وقد تقدم وقال مالك يطهر ظاهره دون باطنه فيصلى عليه لا فيه وقال أبو حنيفة تطهر الجلود كلها الا الخنزير والانسان وقد سبق فجوزا الصلاة فيه تذنيب يكفي في الحكم بالتذكية انتفاء العلم
بموته ووجوده في يد مسلم لا يستبيح جلد الميتة أو في سوق المسلمين أو في بلد الغالب فيه المسلمون لقول العبد الصالح (ع) لا باس بالصلاة في الفرو اليماني وفيما صنع في ارض
الاسلام قلت فإن كان فيها غير أهل الاسلام قال إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا باس وانما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته ليحصل الظن بالتذكية إذ لا فرق في انتفاء
الظن بين المستبيح من المسلم والكافر إذ الأصل الموت ولا معارض له حينئذ إما من لا يستبيح الميتة فان اسلامه يمنعه من الاقدام على المحرم غالبا ولو جهل حال المسلم فاشكال
ينشأ من كون المسلم مظنة للتصرفات الصحيحة ومن أصالة الموت ولو جهل اسلامه لم يجز استباحته مسألة وجلد ما لا يؤكل لحمه لا تجوز الصلاة فيه
وان زكى ودبغ سواء كان هو الساتر أم لا عند علمائنا أجمع لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن جلود السباع والركوب عليها ترك العمل به في غير الصلاة فيبقى في الصلاة ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) وقد سئله عن الصلاة في جلود السباع فقال لا تصل
فيها وقال أبو حنيفة ومالك يطهر بالزكاة فيصلى فيه وقال الشافعي يطهر بالدباغ وكذا المسوخ إذا ذكيت يجوز استعمال جلودها في غير الصلاة وهي ما رواه محمد بن الحسن
الأشعري عن الرضا (ع) قال الفيل مسخ كان ملكا زنا والدب (الذئب) أعرابيا ديوثا والأرنب كان امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها والوطواط كان يسترق تمور الناس والقردة
والخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريم (ع) لم يؤمنوا فتاهوا فوقعت فرقة في البر وفرقة في البحر والفأرة
94

وهي الغويسقه كان العقرب نماما والدب والوزغة والزنبور كان لحاما يسترق في الميزان وأطلق الشيخان والمرتضى النجاسة والوجه الطهارة لرواية ابن أبي
الفضل الدالة على طهارة أسئار
هذه الحيوانات مسألة الصوف والشعر والوبر والريش تابعة فإن كانت أصولها مما لا يؤكل لحمه لم تصح الصلاة فيه وإن كانت مما لا يؤكل لحمه صحت عند علمائنا أجمع
الا ما يستثنى من الأول لان الصادق (ع) كان يكره الصلاة في وبر كل شئ لا يؤكل لحمه واما الجمهور فالقائلون بطهارته سوغوا الصلاة فيه والقائلون بنجاسته منعوا و
وقد سبق تفصيل مذاهبهم فروع - آ - لا باس بالصلاة في الثوب الذي يلي وبر الأرانب فوقه أو تحته خلافا للشيخ لأنه طاهر - ب - لو مزج صوف ما لا يؤكل لحمه مع صوف
ما يؤكل لحمه ونسج منهما ثوب لم تصح الصلاة فيه تغليب الحرمة على اشكال ينشأ من إباحة المنسوج من الكتان والحرير ومن كونه غير متخذ من مأكول اللحم وكذا لو اخذ قطعا
وخيطت ولم يبلغ كل واحد منهما ما يستر العورة - ج - لا يشترط في صوف ما يؤكل لحمه وريشه وشعره ووبره التذكية بل لو اخذ من الميتة جزا كان طاهرا وصحت الصلاة
فيه اجماعا منا وبه قال أبو حنيفة واحمد خلافا للشافعي لأنه طاهر قبل موت الحيوان فكذا بعده عملا بالاستصحاب السالم عن معارضة كونه ميتا ولقول الصادق (ع)
لا باس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه روح واحتجاج الشافعي بنموه فيكون حيا ممنوع الملازمة فيه - د - لا يشترط الجز بل لو قلع وغسل موضع
الاتصال بالميتة أو قطع موضع الاتصال كان طاهرا مسألة لا تصح الصلاة في جلود الثعالب والأرانب لان الرضا (ع) سئل عن جلود الثعالب الذكية فنهى عن
الصلاة فيها ولأنه غير مأكول اللحم فيدخل تحت العموم وفى رواية جميل عن الصادق (ع) وقد سأله عن الصلاة في جلود الثعالب فقال إذا كانت ذكية فلا باس والأحوط
للعبادة الأول ويحمل الثاني على الضرورة أو التقية مسألة لو عمل من جلد ما لا يؤكل لحمه قلنسوة أو تكة فالأحوط المنع لعموم النهى عن الصلاة في جلد ما لا
يؤكل لحمه ولان إبراهيم بن عقبة قال كتبت إليه عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرنب فهل يجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية فكتب لا تجوز الصلاة
فيها وهو أحد قولي الشيخ وله قول بالكراهة لما رواه محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى ابن أبي
محمد (ع) أسئله هل اصلى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة
من وبر الأرانب فكتب لا تحل الصلاة في الحرير المحض وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه والقول أرجح من الكتابة مسألة تجوز الصلاة في الخز الخالص لا
المغشوش بوبر الأرانب والثعالب عند علمائنا أجمع لان الرضا (ع) سئل عن الصلاة في الخز فقال صل فيه وبه قال احمد لان الحسن بن علي (ع) ومحمد بن الحنفية لبسا الخز
وكسى رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا عمامة خز والخز دابة بحرية ذات أربع تصاد من الماء فإذا فقدته ماتت ولا فرق بين كونه مذكى أو ميتا عند علمائنا لأنه طاهر في حال الحياة
ولا ينجس بالموت فيبقى على الطهارة وروى عن الصادق (ع) ان الله أحله وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها وهو محمول على طهارتها وإباحة الصلاة فيها
لا على جواز اكلها للاجماع على المنع من اكل ما ليس بسمك ومن السمك ما لا فلس له فروع - آ - الأقرب جواز الصلاة في جلده لان سعد بن سعد سال الرضا (ع) عن جلود الخز
قال هو ذا تلبس فقلت ذاك الوبر جعلت فداك قال إذا حل وبره حل جلده ومنع ابن إدريس من ذلك - ب - لا تجوز الصلاة في المغشوش بوبر الأرانب والثعالب لقول الصادق (ع)
الصلاة في الخز الخالص لا باس به إما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه - ج - لو مزج بالحرير المحض صحت الصلاة كما في القطن الممتزج به لان
الباقر (ع) نهنئ عن لباس الحرير للرجال والنساء الا ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن مسألة وفى السنجاب قولان المنع اختاره الشيخ في
موضع من النهاية لقول الصادق (ع) ان كل شئ حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل
شئ منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة والجواز اختاره في النهاية
أيضا والمبسوط لقول ابن أبي
الحسن (ع) وقد سئل عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب لاخير في ذلك كله ما خلا السنجاب فإنه دابة لا تأكل اللحم وفى رواية عن أبي جعفر الثاني (ع)
قال صل في الفنك والسنجاب فاما السمور فلا تصل فيه والأحوط الأول عملا بالمتيقن إما الفنك والسمور فالأشهر فيها التحريم مسألة ويحرم لبس الحرير المحض
للرجال باجماع علماء الاسلام ولا تصح الصلاة فيه عند علمائنا أجمع وهو رواية عن أحمد لان النهى يدل على الفساد في العبادات وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله حرم لباس
الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لاناثهم ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى ابن أبي
محمد (ع) هل يصلى في قلنسوة حرير أو ديباج فكتب لا تحل
الصلاة في حرير محض وقال الشافعي تصح الصلاة وكذا لو كان معه ثوب هو وديعة عنده لا يجوز له لبسه فان لبسه وصلى فيه ضمن وصحت صلاته ولان النهى ليس لأجل
الصلاة فان لبسه في غير الصلاة محرم وإذا لم يكن التحريم لأجل الصلاة لم يمنع صحتها والملازمة ممنوعة فروع - آ - الثوب المموه بالذهب لا تجوز الصلاة فيه للرجال
وكذا الخاتم المموه للنهي عن لبسه - ب - لا فرق في التحريم بين كونه ساترا للعورة أو لا لان الصلاة فيه محرمة على التقدير الثاني وفاقدة للشرط على الأول - ج - لا باس بالحرير
والذهب للنساء اجماعا والصلاة لهن فيهما الا الصدوق فإنه منع من صلاتهن في الحرير لاطلاق النهى وهو ممنوع في حقهن وفى الخنثى المشكل الأولى التحريم تغليبا للحرمة - د -
يجوز لبس الحرير للضرورة كالبرد الشديد وهو اجماع لسقوط التكليف معها وكذا يجوز حالة الحرب لأنه يعطى قوة القلب وبه قال احمد وعروة وعطا لان عروة كان
له يلمق من ديباج بطانة من سندس محشو قزا وكان يلبسه في الحرب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن لباس الحرير والديباج فقال إما في الحرب فلا باس
به وإن كان فيه تماثيل ولان لبسه منع للخيلاء وهو سايغ في الحرب لان النبي صلى الله عليه وآله رأى بعض أصحابه يمشى بين الصفين يختال في مشيه فقال (ع) انها لمشية يبغضها الله ورسوله
الا في هذا الموطن وعن أحمد رواية بالمنع للعموم ولو احتاج إليه بان يكون بطانة لدرع جاز عنده قطعا وكذا درع مموه من ذهب لا يستغنى عن لبسه - ه‍ - يجوز لبس الحرير
للقمل وصاحب الحكة والمرض إذا كان ينفعه لان النبي صلى الله عليه وآله رخص للزبير و عبد الرحمن بن عوف في قميص الحرير لما شكوا إليه القمل وبه قال احمد في رواية وفى أخرى بالمنع وبه
قال مالك للعموم والرخصة مختصة بهما وهو خطا لان ما ثبت رخصة في حق أصحابي ثبت في غيره لقوله صلى الله عليه وآله حكمي على الواحد حكمي على الجماعة ولا يشترط السفر للعموم وفى وجه للشافعية يشترط
لان السفر يشغل عن التفقد - و - الأقوى جواز مثل التكة والقلنسوة من الحرير المحض لقول الصادق (ع) كل ما لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا باس بالصلاة فيه مثل
التكة الإبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلى فيه وفى رواية محمد بن عبد الجبار وقد كتب إلى ابن أبي
محمد (ع) هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة
ديباج فكتب لا تحل الصلاة في حرير محض وتحمل على الكراهة - ز - الأقرب جواز افتراش الحرير المحض والوقوف عليه والنوم للرجال لوجود المقتضى وهو أصالة الإباحة السالم
عن معارضته النهى المختص باللبس لانتفاء اللبس هنا ولقول الكاظم (ع) وقد سأله اخوه عن فراش حرير ومثله من الديباج يصلح للرجل
النوم عليه والاتكاء والصلاة قال يفرشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه وقال الشافعي واحمد بالمنع لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الجلوس عليه وهو محمول على اللبس ولا تحرم على
النساء افتراشه لجواز لبسه وهو أحد وجهي الشافعي وفى الثاني المنع وان جاز اللبس للخيلاء وهو ممنوع ح لو كان الحرير ممتزجا بغيره مما تصح الصلاة فيه كالقطن والكتان صحت الصلاة
فيه عند علمائنا سواء تساويا أو كثر أحدهما ما لم يخرج إلى اسم الحرير فيحرم وبه قال ابن عباس وجماعة من العلماء لقول ابن عباس انما نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الثوب المصمت من الحرير واما المعلم
95

وسد الثوب فليس به بأس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا بأس بالثوب ان يكون سداه وعلمه وزره حرير انما كره الحرير المبهم للرجال وللشافعية قولان اعتبار الأكثر
فان تساويا فوجهان واعتبار الظهور ويحرم مع ظهور الإبريسم لا بدونه - ط - لا باس بالمكفوف بالإبريسم المحض بان يجعل الإبريسم في رؤوس الأكمام والذيل وحول الزيغ لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الحرير
الا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع ومن طريق الخاصة قول الجراح المدايني ان الصادق (ع) كان يكره ان يلبس القميص المكفوف بالديباج - ى - ما يخاط من الحرير بالكتان أو القطن
لا يزول التحريم عنه وكذا لو بطن به الثوب أو ظهر به لعموم النهى - يا - المحشو بالإبريسم تبطل الصلاة فيه لتناول النهى له ولما فيه من السرف وتضييع المال وقال الشافعي
يجوز لأنه لا خيلاء فيه ونمنع التعليل - يب - لا يحرم على الولي تمكين الصغير من لبس الحرير لارتفاع التكليف عنه وقال احمد يحرم وللشافعي وجهان لقوله (ع) حرام على ذكور
أمتي وقال جابر كنا تنزعه عن الصبيان والمراد البالغون وفعل جابر للتمرين وزيادة الورع - يج - لو كان في يده خاتم من ذهب أو مموه به بطلت صلاته للنهي عن الكون فيه
ولقول الصادق (ع) جعل الله الذهب حلية أهل الجنة فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه مسألة يشترط في الثوب الملك أو الإباحة صريحا أو فحوى فلا تصح
الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغضب عند علمائنا أجمع وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنها عبادة قد اشتملت على وجه قبح فلا تقع مجزية لأنها غير مأمور
بها فيبقى في العهدة ولان الكون فيه محرم لان النهى عن المغصوب منع وجوه الانتفاع به والكون فيه انتفاع فيكون محرما وهو جزء من الصلاة والثانية عن أحمد الصحة وبه قال
الشافعي وأبو حنيفة وان ألفقوا على التحريم لان النهى لا يعود إلى الصلاة ولا يمنع الصحة كما لو غسل ثوبه بالماء النجس وليس بجيد لان الحركة التي هي القيام والقعود
والركوع والسجود في هذا الثوب منهى عنها وعصيان فلا يكون متقربا بما هو عاص به ولا مأمورا بما هو منهى عنه فروع - آ - لو جهل الغصب لم تبطل الصلاة
لارتفاع النهى ولو علمه وجهل الحكم لم يعذر - ب - لا فرق بين ان يكون الثوب هو الساتر أو غيره بل لو كان معه خاتم أو درهم أو غير ذلك مغصوب وصلى فيه لم يصح وكذا لو كان
غاصبا لشئ غير مصاحب له الا انه هنا لو صلى اخر الوقت صحت بخلاف المصاحب - ج - لا فرق بين ان يكون لابسا له أو قائما عليه أو ساجدا - د - لو نسى الغصب فالأشبه
الإعادة لتفريطه بالنسيان - ه‍ - لو اذن المالك للغاصب أو لغيره صحت صلاته لزوال المانع ولو اذن مطلقا جاز لغير الغاصب عملا بظاهر الحال - و - الأقوى صحة
الصلاة في المبيع فاسدا مع الجهل بالفساد أو الحكم إما العالم فالوجه البطلان ان لم يعلم البايع الفساد ويحتمل الصحة للاذن وكذا البحث في الإجارة مسألة
يشترط في الثوب والبدن الطهارة الا ما يستثنى عند علمائنا أجمع فلو صلى في النجس مع العلم بالنجاسة بطلت صلاته سواء كان هو الساتر أم لا وبه قال أكثر العلماء منهم
ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لقوله تعالى وثيابك فطهر قال ابن سيرين هو الغسل بالماء فقال (ع) انهما يعذبان وما يعذبان
في كبيرة إما إحديهما فكان لا يتنزه من بوله ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان أصاب ثوب الرجل الدم وعلم قبل ان يصلى فيه ونسى وصلى فيه فعليه الإعادة ولأنها إحدى
الطهارتين فكانت شرطا للصلاة كالطهارة من الحدث وروى عن ابن عباس ليس على الثوب جنابة ونحوه عن ابن مجاز وسعيد بن جبير والنخعي وقال ابن ابن أبي
ليلى ليس في
ثوب إعادة وهو مدفوع بالاجماع وكذا طهارة الجسد شرط بالاجماع وقوله (ع) للمستحاضة اغسلي عنك الدم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن الكلب يصيبه جسد الرجل قال يغسل الموضع
الذي اصابه فروع - آ - لو سقطت عليه نجاسة ثم زالت عنه أو أزالها في الحال من غير فعل كثير صحت صلاته وبه قال الشافعي لأن النجاسة عفى عن يسيرها فعفى عن يسير
زمنها - ب - لو كان طرف ثوبه نجسا لم تجز الصلاة إذا كان حاملا له أو كان ينتقل بقيامه وينقلها من الأرض ولو كان الطرف موضوعا على الأرض والاخر حامل له صحت
صلاته إذا لم يقله بالحركة وقال الشافعي تبطل صلاته - ج - لو كان طرف ثوبه متصلا بالنجاسة لم يمنع ذلك من الصلاة الا ان يكون لو قام أقله من الأرض ولا عبرة بحركتها وهي
على الأرض وبه قال أبو حنيفة عملا بأصالة الصحة السالم عن معارضة لبس النجاسة وقال الشافعي تبطل وان لم يتحرك بحركته ولو كان أحد طرفي الحبل نجسا وقبض الطاهر
صحت صلاته وان تحرك النجس بحركته خلافا للشافعي فبما إذا تحرك بحركته وله فيما إذا لم يتحرك وجهان بخلاف العامة لأنها ملبوسة - د - لو شد وسطه بحبل وطرفه الاخر
مشدود بكلب صحت صلاته إذا لم يقل الكلب بحركته خلافا للشافعي ولو كان طرفه الاخر مشدودا في ساجور كلب صحت صلاته أيضا وان انتقل الساجور
خاصة بقيامه خلافا للشافعي في أحد الوجهين ولا فرق بين كون الكلب صغيرا أو كبيرا حيا أو ميتا وأوجب الشافعي الإعادة فيما إذا كان الكلب صغيرا أو ميتا قطعا
بخلاف الكبير حيا لان له قوة الامتناع ولو كان الطرف تحت رجله لم يكن به باس اجماعا لان ما تحت قدمه طاهر وليس هو بحامل للنجاسة ولا لما هو متصل بها. - ه‍ -
لو كان طرف مصلاه نجسا خارجا عن مسقط جسده جاز وكان كما لو اتصلت الأرض بموضع نجس - و - لو وضع على النجس بساط أو شبهه طاهر صحت الصلاة لقول الصادق
(ع) وقد سئل عن المنازل التي ينزلها الناس فيها أبوال الدواب والسرجين ويدخلها اليهود والنصارى كيف يصنع بالصلاة فيها صل على ثوبك - ز - لو
كان الحبل مشدودا في زورق فيه نجاسة والاخر في وسطه فإن كان الشد في موضع نجس صحت صلاته عندنا على ما تقدم خلافا للشافعي وإن كان في ظاهر فله قولان - ح -
لو صلى وفى كمه قارورة مضمومة فيها نجاسة لم تصح صلاته لأنه حامل للنجاسة وقال ابن أبي هريرة من الشافعية تصح إذا كانت مضمومة بالرصاص لأنه يجرى مجرى باطن الحيوان
وهو غلط لان تلك نجاسة في معدنها وهذه في غير معدنها - ط - لو صلى وفى كمه حيوان طاهر غير مأكول اللحم صحت صلاته لان باطن الحيوان معفو عنه فان المصلى في باطنه
نجاسة وبه قال الشافعي لان الحسن والحسين (ع) ركبا النبي صلى الله عليه وآله وهو ساجد ولو كان نجسا كالكلب والخنزير لم تصح صلاته ولو حمل حيوانا مذبوحا
وقد غسل موضع الدم منه فإن كان مأكول اللحم صحت صلاته خلافا للشافعي وإن كان غير مأكول لم تصح لان باطن الحيوان لا حكم له إذا كان حيا فإذا زالت الحياة صارت
حكم الطاهر والباطن سواء وجرى مجرى القارورة مسألة كل ما لا تتم الصلاة فيه منفردا كالتكة والجورب والقلنسوة والخف والنعل تجوز الصلاة فيه وإن كان
نجسا ذهب إليه علماؤنا عملا بالأصل ولقول الصادق (ع) كل ما كان على الانسان أو معه مما لا تجوز الصلاة فيه فلا بأس ان يصلى فيه وإن كان فيه قذر مثل القلنسوة
والتكة والخف وما أشبه ذلك وخالف الجمهور في ذلك لأنه حامل نجاسة والجواب المنع من الفساد مطلقا فان الحاجة قد تدعوا إلى هذه الأشياء فوجب العفو عنها
فروع - آ - خص بعض علمائنا هذه الأشياء الخمسة بالرخصة والوجه العموم فيها وفيما شابهها كالسور أو الخاتم وشبهه - ب - لو كان الخاتم أو أحد هذه وشبهها نجسا وصلى في المسجد
لم تصح صلاته للنهي عن الكون في المسجد بنجاسة وكذا لو كانت النجاسة معفوا عنها في الثوب كالدم اليسير ولو كانت النجاسة خارجة عن ثوبه وبدنه بل في نفس المسجد
أمكن بطلان الصلاة في أول وقتها مع تمكنه من ازالتها - ج - الأقرب ان العفو عن هذه الأشياء انما هو إذا كانت في محالها فلو كانت القلنسوة في يده فالوجه المنع - د -
الحق ابن بابويه العمامة بها ويحمل على عمامة صغيرة ليست ساترة للعورة بانفرادها مسألة لو نجس أحد الثوبين واشتبه طرحهما وصلى في غيرهما لان المشتبه بالنجس
كالنجس في وجوب الامتناع منه لعدم العلم بالشرط الذي هو الطهارة فيه ولو لم يجد غيرهما لعلمائنا قولان النزع وان يصلى عريانا وبه قال أبو ثور والمزني كالأواني النجسة
96

وقال ابن إدريس لا يجوز له ان يشرع في صلاة يشك في صحتها والعلم بأنه قد صلى في ثوب طاهر بعد صلاته فيهما غير نافع لان الواجب يقارنه الوجه المقتضى وجوبه
فلا يكون متأخرا عنه وليس بجيد فان الفرق واقع بين الثياب والأواني لعدم تمكنه من استعمالها وينجس به في الحال وفيما بعد والثوب النجس قد تباح الصلاة فيه إذا لم
يجد غيره بخلاف الماء النجس والشك ممنوع فان ستر العورة شرط وهو متمكن منه بفعل صلوتين فتجبان معا وليس اليقين بالطهارة شرطا بل عدم العلم بالنجاسة وهو
حاصل في الثوبين والوجه لو سلم مقارنته فإنه مقارن هنا لان المقتضى لوجوبهما تحصيل ستر العورة كما أن المأمور بالصلاة يجب عليه الوضوء لتوقفها عليه وإن كانت الصلاة متأخرة لأنه
ليس وجه وجوب الوضوء الصلاة بل التمكن منها وكونها لا تتم الا به الثاني ان يصلى في كل ثوب بعدد النجس ويزيد واحدة وهو الأقوى عندي وبه قال احمد وابن
الماجشون لأنه تمكن من أداء الصلاة في ثوب طاهر بيقين فيجب كما لو اشتبه الطهور بالطاهر وكما لو نسى صلاة من يوم ولما رواه صفوان بن يحيى قال كتبت إلى ابن أبي
الحسن (ع) في رجل
معه ثوبان أصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع قال يصلى فيهما جميعا وقال أبو حنيفة والشافعي يتحرى فيهما كالقبلة والفرق مشقة
اعتبار اليقين في القبلة لكثرة الاشتباه فيها ولان الاشتباه في الثوبين حصل بالتفريط لأنه كان يمكنه تعليم النجس أو غسله ولا يمكنه ذلك في القبلة ولان القبلة عليها
أدلة من النجوم والشمس والقمر وغيرها فيصح الاجتهاد في طلبها ويقوى دليل الإصابة لها بحيث لا يبقى احتمال الخطا الا وهما ضعيفا بخلاف الثياب فروع - آ -
لو وجد المتيقن طهارته مع الثوبين المشتبهين صلى في المتيقن لان وجه الوجوب وهو التمكن من الصلاة في
ثوب طاهر موجود في الثوب فتعين - ب - لو لم يعلم عدد النجس صلى فيما تيقن انه صلى في ثوب طاهر
فان كثر ذلك وشق فالوجه التحري دفعا للمشقة - ج لو ضاق الوقت عن الصلاة في الجميع صلى فيما يحتمله الوقت وإن كانت واحدة ويتخير في الساقطة والمأتي بها إذا لم تغلب
عنده النجس - د - لو أداه اجتهاده إلى نجاسة أحدهما فإن كان لامارة فالوجه لزوم الصلاة فيه مع ضيق الوقت ويحتمل مع اتساعه تعدد الصلاة والشافعي جوز التحري فأوجب الصلاة
فيه مطلقا ولا إعادة عليه فلو غسل الثوب الاخر فصلى فيه صحت صلاته ولو جمع بين المغسول والطاهر بالتحري والاجتهاد ثم صلى فيهما لم تصح عندنا لان المشتبه بالنجس
كالمتيقن نجاسة في المنع واختلف الشافعية فقال بعضهم لا تصح لأنه تيقن حصول النجاسة ولم يتيقن زوالها لان الذي غسله يحتمل ان يكون هو الطاهر وقال آخرون
تصح لان المغسول طاهر قطعا والاخر طاهر اجتهادا فيجرى مجرى اليقين ولهذا يصح ان يصلى فيه وهو ممنوع - ه‍ - لو لم يغلب على ظنه طهارة أحد الثوبين صلى في
كل منهما منفردا على ما اخترناه وعريانا على قول بعض علمائنا وبه قال الشافعي لكنه أوجب الإعادة خلافا لنا لان معه ثوبا طاهرا بيقين قال ولا يجوز ان يصلى في كل
منهما لأنه يؤدى إلى أن يصلى بنجاسة متيقنة وهو حرام ونحن لا نوجب الإعادة لو قلنا بنزعهما لأنه فعل المأمور به شرعا فيخرج عن العهدة وتحريم الصلاة في الثوب
النجس لا يستلزم تحريمها في المشتبه لاستدراك مصلحة الصلاة في الثوب الطاهر - و - لو اشتبه الثوبان ولا ظن ومعه من الماء ما يغسل أحدهما لزمه عندنا تحصيل اليقين
الطهارة وهو أظهر مذهبي الشافعي وفى الاخر لا يجب لان الثوب الذي يريد غسله لا يعلم نجاسته ولا يمكن ان يؤمر بغسل ما لا يعلم نجاسته والثانية ممنوعة - ز - لو اشتبه الثوبان ومعه ثالث طاهر بيقين
لم يجز له الاجتهاد عندنا ويصلى في الطاهر وهو ظاهر وللشافعي وجهان وكذا لو قدر على غسل أحدهما منع من الاجتهاد وللشافعي وجهان - ح - لو تلف أحد الثوبين لم يجتهد
عندنا وهو طاهر على مذهبنا وللشافعي وجهان هذا أحدهما إذا المقصود من الاجتهاد معرفة الطاهر من النجس بالتمييز بينهما وقد تعذر ثبوته لتمكنه من التوصل
إلى معرفة صفة الباقي من طهارة أو نجاسة بامارات تدل عليه إذا ثبت المنع من الاجتهاد فما ذا يصنع يحتمل وجهان الصلاة فيه واعادتها عريانا لأنه إن كان طاهرا حصل
بالصلاة فيه الصلاة في ثوب طاهر وهو المأمور به فيخرج عن العهدة وإن كان نجسا أجزأته الصلاة عاريا والصلاة عاريا خاصة لأصالة البراءة السالم عن معارضة
اليقين بالصلاة في ثوب طاهر مع التعذر بخلاف الثوبين وكذا لو انصب أحد المشتبهين بالمضاف احتمل استعمال الاخر مع التيمم والاكتفاء بالتيمم - ط - لو غسل أحدهما
من غير اجتهاد تعين عليه الصلاة فيه وهو أحد وجهي الشافعي والثاني له ان يصلى في الاخر - ى - لو خفى موضع النجاسة من الثوب الواحد غسل الثوب كله ولم يجز التحري
وهو مذهب الشافعي خلافا له في الثوبين مسألة يجوز ان يصلى في ثوب عمله المشرك إذا لم يعلم مباشرته له برطوبة لأصالة الطهارة ولان المعلى بن خنيس سمع
الصادق (ع) يقول لا باس بالصلاة في الثياب التي تعملها المجوس والنصارى واليهود وقال معاوية بن عمار سئلت الصادق (ع) عن الثياب السابرية تعملها المجوس وهم أنجاس وهم
يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا اغسلها وأصلي فيها قال نعم وسأله (ع) عبد الله الحلبي عن الصلاة في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء ووجه الجميع
حمل الثاني على الاستحباب أو على علم المباشرة بالرطوبة أو الظن والشيخ منع في المبسوط من ذلك وهو حسن لغلبته الظن بالمباشرة بالرطوبة فروع - ا - يستحب غسل هذه الثياب
إذا لم يعلم مباشرتهم لها برطوبة فان علم أو ظن وجب ب - تجوز الصلاة في ثياب الصبيان لان النبي (ص) كان يصلى وهو حامل لامامة بنت ابن أبي
العاص - ج - يجوز ان يصلى في ثوب
الحايض لأصالة الطهارة وقال (ع) لعايشة ناوليني الخمرة فقالت انى حايض فقال صلى الله عليه وآله ليس حيضتك في يدك - د - يجوز ان يصلى في الثوب الذي يجامع فيه إذا لم يعلم فيه نجاسة لطهارته ولو اصابه منى لم يجز الصلاة فيه عندنا لأنه نجس خلافا للشافعي ولو اصابه
مذى صحت الصلاة فيه عندنا لأنه طاهر خلافا للشافعي ولو اصابه من رطوبة فرج المراة فهو طاهر ان لم يكن منيا وللشافعي وجهان النجاسة كالمذي والطهارة لأنه عرق
الفرج - ه‍ - لو أعار ثوبه من لا يتقى النجاسة استحب له غسله ولا يجب عملا بالأصل لان عبد الله بن سنان سال الصادق (ع) عن الذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه يأكل الجري ويشرب الخمر فيرده
أيصلى فيه قبل ان يغسله قال لا يصلى فيه حتى يغسله - و - المسك طاهر يجوز ان يصلى فيه عملا بالأصل ولما رواه علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن فارة المسك
تكون مع الرجل يصلى وهو في جيبه أو ثيابه فقال لا باس بذلك وكتب عبد الله بن جعفر إلى ابن أبي
محمد العسكري يجوز للرجل ان يصلى ومعه فارة مسك فكتب لا باس
به إذا كان ذكيا مسألة لو صلى في ثوب نجس عالما بذلك اعاده بالاجماع عند من شرط الطهارة ومع الخروج القضاء لأنه لم يفعل المأمور به على وجهه فيبقى في
العهدة ولو علم النجاسة ثم نسيها وصلى فقولان أحدهما انه يعيد مطلقا في الوقت وخارجه اختاره الشيخان والمرتضى وهو المعتمد وبه قال الشافعي لأنه أخل بالشرط بتفريطه
بالنسيان فلزمه القضاء ولقول الصادق (ع) ان أصاب ثوب الرجل الدم فصلى فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه وان علم قبل ان يصلى فنسى وصلى فيه فعليه الإعادة وقال
الشيخ في موضع لا يعيد مطلقا وبه قال احمد لان العلا سال الصادق (ع) عن الرجل يصيب ثوبه الشئ فينجسه فينسى ان يغسله ويصلى فيه ثم يذكر انه لم يكن غسله أيعيد الصلاة فقال
لا يعيد قد مضت صلاته وكتبت له ولان ما عذر فيه بالجهل عذر فيه بالنسيان بل النسيان أولي لورود النص بالعفو فيه لقوله (ع) عفى عن أمتي الخطاء والنسيان قال الشيخ في التهذيب
هذا الخبر شاذ وأشار إلى رواية العلا ونحن نحمله على ما إذا لم يعلم والنسيان حقيقة في الترك فيحمل على الترك لعدم العلم وهذا وإن كان بعيدا لكن فيه جمع بين الأدلة فيكون أولي و
العفو عن النسيان لا يوجب ترك القضاء بل مفهومه هنا عدم الاثم ونحن نقول به وههنا قول ثالث لعلمائنا انه يعيد في الوقت دون خارجه لأنه ما دام في الوقت يكون في عهدة التكليف لعدم فعل ما أمر به
وبعد الخروج يكون قضاء والأصل عدمه الا بأمر مجدد ولو لم يعلم بالنجاسة حتى فرغ من صلاته وتيقن حصولها في ثوبه أو بدنه حال الصلاة فقولان لعلمائنا أحدهما
97

الأجزاء اختاره الشيخ والمرتضى وبه قال ابن عمر وعطا وسعيد بن المسيب وسالم ومجاهد والشعبي والنخعي والزهري ويحيى الأنصاري وإسحاق وابن المنذر والأوزاعي والشافعي في أحد
القولين واحمد في أحد الروايتين لما رواه أبو سعيد قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فخلع الناس نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله
صلاته قال ما حملكم على القائكم نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا قال صلى الله عليه وآله ان جبرئيل اتانى فأخبرني ان فيهما قذرا ولو كانت الطهارة شرطا مع عدم العلم
لوجب استيناف الصلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأله أبو بصير عن رجل يصلى وفى ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلاته ثم علم قال قد مضت صلاته
ولا شئ عليه ولأنه مأمور بالصلاة في ثوب لا يعلم فيه نجاسة فيخرج عن العهدة بالامتثال الثاني وجوب الإعادة في الوقت لا خارجه اختاره الشيخ في موضع من النهاية
وبه قال (ع) ربيعه ومالك لأنه لم يفعل ما أمر به وهو الصلاة في ثوب طاهر فوجبت الإعادة ولا يجب القضاء لأنه بأمر مجدد ولم يثبت وقال الشافعي يعيد مطلقا وهو رواية
عن أحمد وقول ابن أبي
قلابة لأنها طهارة مشترطة للصلاة فلا تسقط بالجهل كطهارة الحدث والفرق ان طهارة الحدث اكد لأنه لا يعفى عن يسيرها فروع - آ - لو صلى ثم رأى
النجاسة على ثوبه أو بدنه لم تجب الإعادة لاحتمال تجددها والأصل عدمها في الصلاة ولا نعلم فيه مخالفا الا ما روى عن أبي حنيفة ان النجاسة إن كانت رطبة أعاد صلاة واحدة
وإن كانت يابسة وكان في الصيف فكذلك وإن كان في الشتاء أعاد صلوات يوم وليلة - ب - لو رآها على ثوبه أو بدنه في أثناء الصلاة رماها عنه وأتم صلاته لعدم العلم بالسبق
ولو لم يتمكن من رميها ولا رمى الثوب عنه استأنف الصلاة في ثوب طاهر تحصيلا للشرط ولما رواه محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال إن رأيت المنى قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة
فعليك إعادة الصلاة وان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رايته بعد فلا إعادة عليك وكذلك البول - ج - لو وقعت عليه نجاسة وهو في الصلاة ثم زالت و
هو لا يعلم ثم علم استمر على حاله على أحد قولي الشيخ ويستأنف على الاخر مسألة المربية للصبي إذا لم يكن لها الا ثوب واحد أجزأها غسله في اليوم مرة واحدة وتصلى باقي الصلوات
وإن كان فيه نجاسة دفعا للمشقة الحاصلة بالتكليف بغسله عند كل صلاة وربما تعذر يبسه ولبسه رطبا ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن امرأة ليس لها الا قميص ولها مولود
يبول كيف تصنع قال تغسل القميص في اليوم مرة ولان تكرار بول الصبى يجرى مجرى دم القروح أو السلس الذي لا يمنع استصحاب الثوب في الصلاة فروع - آ - المراد باليوم
هنا الليل والنهار لدخولهما تحته وفى حديث عن الكاظم (ع) وقد سأله عبد الرحيم القصير عن خصى يبول فيلقى من ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل فقال يتوضأ وينضح ثوبه
في النهار مرة واحدة والراوي ضعيف والوجه وجوب تكرار الغسل فان تعسر فلا باس بالرواية دفعا للمشقة - ب - في المربية الصبية اشكال ينشأ من عدم التنصيص على
العلة فيقتصر على مورد النص خصوصا مع غلظ نجاسة بولها ومن الاشتراك في المشقة - ج - الظاهر مشاركة المربى للصبي المربية إذ لا مدخل للأنوثة هنا ولو نجس
بعذرته فاشكال منشاؤه ما تقدم ولو نجس بغير البول والعذرة كدمه فالوجه عدم الالحاق - ه‍ - يتخير في وقت غسله والأفضل ان تؤخره إلى أن تجتمع الصلوات الأربع
عدد الصحيح فيه وفى وجوبه اشكال ينشأ من الاطلاق ومن أولوية طهارة أربع على طهارة واحدة - و - لو كان لها ثوب طاهر لم يجز لها الصلاة في النجس وان غسلته مرة ولو
كان لها ثوبان لم تكتف بالمرة أيضا لزوال المشقة مع التعدد مسألة النجاسات المغلظة يعفى عنها في مواضع أربعة الأول ما لا تتم الصلاة فيه منفردا خلافا
للجمهور الثاني محل الاستنجاء من الغايط خاصة بعد الاستجمار لأنه طاهر عندنا وبه قال احمد لقوله صلى الله عليه وآله في الروث والرمية انهما لا يطهر ان مفهومه ان غيرهما يطهر الثالث
أسفل الخف والحذاء والقدم إذا اصابته نجاسة فدلكها بالأرض حتى زالت عينها طهرت عندنا وبه قال الأوزاعي وإسحاق واحمد في أحد الروايات وقال الشافعي لا يطهرها
الا الماء كساير النجاسات وهو رواية عن أحمد وفى ثالثه يجب غسل البول والغايط خاصة ولا فرق بين الدلك حال يبوسة النجاسة أو رطوبتها مع زوال الرطوبة إذا جبر عظمه
بعظم نجس كعظم الكلب والخنزير والكافر فان تمكن من نزعه من غير ضرر وجب لئلا يصلى مع النجاسة وان تعذر لخوف ضرر لم تجب قلعه وبه قال الشافعي واحمد لأنه حرج فيكون منفيا
ولأنها نجاسة متصلة كاتصال دمه فيكون معفوا عنها وقال بعض الشافعية يجب قلعه وان أدي إلى التلف لجواز قتل الممتنع من صلاته فكذا هذا لأنه منع صحة صلاته بالعظم
النجس وهو خطا لأن النجاسة يعفى عنها مطلقا في مواضع وللضرورة مطلقا ولا يعفى عن الصلاة مطلقا وقال أبو حنيفة لا يجب قلعه مطلقا وان لم يلحقه ضرر ولا ألم لأنه صار
باطنا كما لو شرب خمرا أو اكل ميتة والفرق مع تسليم الأصل انه أوصل نجاسة إلى معدنها ويتعذر في العادة اخراجها وفى صورة النزاع اوصلها إلى غير معدنها فأشبه ما إذا
وصل شعره بشعر غيره فروع - آ - لو جبر عظمه بعظم طاهر العين في الحياة جاز لان الموت لا ينجس عظمه ولا شعره ولو جبره بعظم ادمى فاشكال ينشأ من وجوب دفنه ومن طهارته
ورواية الحسين بن زرارة عن الصادق (ع) عن الرجل يسقط سنه فيأخذ سن ميت مكانه قال لا باس - ب - لو مات المجبور عظمه بالعظم النجس لم ينزع لسقوط التكليف عنه وبه قال الشافعي
وقال أبو إسحاق من أصحابه نزعه أولي لئلا يلقى الله تعالى بغضبه وهو خطا لعدم زوالها بنزعه - ج - التدليس بوصل شعر المراة بشعر غيرها حرام عندنا ولو وصلت بشعر
غير الآدمي جاز وكرهه الشافعي للخالية من زوج ومولى للغش وكرهه احمد مطلقا ولا بأس بالقرامل وبه قال احمد وسعيد بن جبير وهي ما تواصل بالذوائب - د - لو سقطت
سنه جاز ان يردها وبه قال احمد لأنها طاهرة ولما تقدم من الحديث على اشكال سبق ومنعه الشافعي لقوله (ع) ما أبين من حي فهو ميت والمراد ما تحله الحياة ولو لم تسقط جاز
ربطها اجماعا ولو بالذهب لأنه موضع حاجة وجوز رسول الله صلى الله عليه وآله لعرفجة بن أسعد لما أصيب انفه يوم الكلاب ان يتخذ انفا من فضة فأنتن عليه فأمره ان يتخذ انفا من ذهب
- ه‍ - لو شرب خمرا أو اكل ميتة لغير ضرورة فالأقرب وجوب قيئه لحرمة الاغتذاء به وهو ظاهر قول الشافعي وقال بعض أصحابه لا يجب لان المعدة معدن النجاسات - و -
لو ادخل دما نجسا تحت جلده وجب عليه اخراج ذلك الدم مع عدم الضرر وإعادة كل صلاة صلاها بذلك الدم - ز - لو خاط جرحه بخيط نجس فكالعظم النجس ولو كان مغصوبا
فان تعذر النزع لضرر أو خوف تلف الخيط وجب القيمة مسألة لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم كالنعل السندي والشمشك قاله الشيخان ومستند
ذلك فعل النبي صلى الله عليه وآله والصحابة والتابعين وقال في المبسوط يكره الصلاة في الشمشك والنعف السندي إما ما له ساق كالخف والجرموق فلا بأس بالصلاة فيه اجماعا والجرموق
خف واسع قصير يلبس فوق الخف لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الخفاف التي تبلغ في السوق فقال اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميت بعينه وقال إبراهيم بن مهزيار
وسألته عن الصلاة في جرموق وأتيته بجرموق بعثت به إليه فقال يصلى فيه وتستحب الصلاة في النعل العربية عند علمائنا اقتداء برسول الله (ص) وأهل بيته (على) قال محمد بن
إسماعيل رايته يصلى في نعليه لم يخلعهما وأظنه قال ركعتي الطواف وقال معاوية بن عمار رأيت الصادق (ع) صلى في نعليه غير مرة ولم أره ينزعها قط وقال الصادق (ع) إذا صليت
فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإنه يقال ذلك من السنة مسألة لا يجوز ان يصلى الرجل وعليه لثام يمنعه من القراءة أو سماعها وكذا النقاب للمراة ان منعها شيئا
من ذلك لما فيه من ترك واجب ولو لم يمنع شيئا من الواجبات كره ولم يحرم لقول الصادق (ع) وقد سأله محمد بن مسلم يصلى الرجل وهو متلثم إما على الأرض فلا واما على الدابة
فلا باس وسال سماعة الصادق (ع) عن الرجل يصلى ويقرء بام القرآن وهو متلثم فقال لا باس وهو محمول على ما إذا لم يمنع شياء من الواجبات وكذا قول أحدهما (ع) لا باس بان
98

يقرأ الرجل في الصلاة وثوبه على فيه لما رواه الحلبي قال سالت الصادق (ع) هل يقرأ الرجل في صلاته وثوبه على فيه فقال لا باس بذلك إذا سمع الهمهمة وأساله سماعة
عن الرجل يصلى فيتلوا القرآن وهو متلثم فقال لا باس به وان كشف عن فيه فهو أفضل قال وسألته عن المراة يصلى متنقبة قال إذا كشفت عن موضع السجود فلا باس به وان
أسفرت فهو أفضل البحث الثالث فيما يكره فيه الصلاة وهو أشياء - آ - يكره في الثياب السود ما عدا العمامة والخف لقول النبي صلى الله عليه وآله البسوا ثيابكم البيض
فإنها من خير ثيابكم وأمره صلى الله عليه وآله بهذا اللون يدل على اختصاصه بالفضيلة فيكون أشد الألوان معاندة له وهو السواد مكروها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يكره
السواد الا في ثلاث العمامة والخف والكساء - ب - يكره للرجل المعصفر والمزعفر لان ابن عمر قال رأى النبي صلى الله عليه وآله على ثوبين معصفرين فقال هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ونهى
النبي صلى الله عليه وآله الرجال عن المزعفر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يكره الصلاة في المشبع بالمعصفر والمضوج بالزعفران - ج - الثوب الأحمر إذا كان مشبعا بالصبغ لقول الصادق (ع)
يكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المقدم والمفدم بسكون الفاء المصبوغ المشبع بالحمرة واختلفت الرواية عن أحمد وروى عنه الكراهة وبه قال ابن عمر لان النبي صلى الله عليه وآله
مر عليه رجل عليه بردان أحمران فسلم فلم يرد النبي صلى الله عليه وآله عليه والجواز لقول البراء ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وآله وكان (ع) يخطب إذا رأى الحسن والحسين (ع)
عليهما قميصان أحمران يمشيان و يعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينكر لباسهما ذلك والوجه الجواز مع عدم الشبع ولا يكره شئ من الألوان سوى ما
تقدم عملا بالأصل وروى الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته بالصفرة ولبس (ع) بردين أخضرين ودخل مكة وعليه عمامة سوداء - د - يكره
اشتمال الصماء اجماعا واختلفوا في تفسيره فقال الشيخ هو ان يلتحف بالإزار ويدخل طرفيه من تحت يده ويجمعهما على منكب واحد كفعل اليهود لقول الباقر (ع) لزرارة إياك
والتحاف الصماء قلت وما التحاف الصماء قال إن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد وروى أبو سعيد ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن اشتمال الصماء وهو يجعل
وسط الرداء تحت منكبه الأيمن ويرد طرفه على الأيسر وروى ابن مسعود قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يلبس الرجل ثوبا واحدا يأخذ جوانبه عن منكبيه فتدعا
تلك الصماء وقال بعض الشافعية هو ان يلتحف بالثوب ثم يخرج يديه من قبل صدره فتبدو عورته وقال أبو عبيد اشتمال الصماء عند العرب ان يشتمل الرجل بثوب فيحلل به
جسده كله ولا يرفع منه جانبا يخرج منه يده كأنه يذهب به إلى أنه لعله يصيبه شئ يريد الاحتراز منه فلا يقدر عليه وتفسير الفقهاء ان يشتمل بثوب واحد ليس عليه
غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فربما أبدى منه فرجه والفقهاء اعرف بالتأويل لما ورد عن الأئمة (على) وهل يكره اشتمال الصماء لمن عليه ثوب يحتمل
ذلك لعموم النهى وبه قال احمد - ه‍ - قيل يكره السدل وهو ان يلقى طرف الرداء من الجانبين ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى ولا يضم طرفيه بيده وبه قال ابن مسعود
ومجاهد وعطا والنخعي والثوري والشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن السدل في الصلاة ورخص فيه جابر وابن عمر وفعله الحسن وابن سيرين ومكحول والزهري و
عبد الله بن الحسن قال ابن المنذر لا اعلم فيه حديثا يثبت - و - يكره ان يأتزر فوق القميص لما فيه من التشبه باهل الكتاب وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن التشبه بهم لقول
الصادق (ع) لا ينبغي ان تتوشح بازار فوق القميص إذا صليت فيه فإنه من زي الجاهلية وليس بمحرم لان موسى بن عمر بن بزيع قال للرضا (ع) أشد الازار والمنديل
فوق قميصي في الصلاة فقال لا باس به واستحبه احمد لقول النبي صلى الله عليه وآله لا يصلى أحدكم الا وهو محتزم وهو كناية عن شد الوسط ولا باس ان يكون تحت القميص اجماعا - ز - يكره
ان يؤم بغير رداء وهو الثوب الذي يجعل على المنكبين لان سليمان بن خالد سال الصادق (ع) عن رجل أم قوما في قميص ليس عليه رداء فقال لا ينبغي الا ان يكون عليه رداء
أو عمامة يرتدى بها - ح - يكره استصحاب الحديد ظاهرا ولو كان مستورا جاز من غير كراهة روى موسى بن أكيل عن الصادق (ع) قلت الرجل في السفر تكون معه السكين في خفه لا
يستغنى عنه أو في سراويله مشدود المفتاح يخشى الضياع قال لا باس بالسكين والمنطقة للمسافر في وقت ضرورة ولا باس بالسيف وكل آلة السلاح في الحرب وفى
غير ذلك لا يجوز في شئ من الحديد فإنه نجس مسخ والرواية ضعيفة ومحمولة على الكراهة في موضع الاتفاق وهو البروز وعن الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلى الرجل
وفى يده خاتم حديد - ط - يكره الصلاة في ثوب يتهم صاحبه فيه إما بعدم التوقي من النجاسة أو بالغصب وشبهه وليس بمحرم عملا بالأصل - ى - تكره في ثوب فيه تماثيل أو صور
وللشيخ قول انه لا يجوز وللحنابلة قولان التحريم أحدهما لقول النبي صلى الله عليه وآله لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله
ان جبرئيل اتانى فقال انا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسد ونفور الملائكة يدل على الكراهة إما التحريم فلا وفى رواية عمار عن الصادق (ع) في الثوب يكون
في علمه مثال الطير أو غير ذلك أيصلي فيه قال لا والأصل الإباحة فيحمل ما تقدم على الكراهة ولأنه مباح افتراشه والاتكاء عليه فكذا إذا كان ملبوسا - يا - يكره
التصليب في الثوب لان عايشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يترك في بيته شياء فيه صليب الا قضبه يعنى قطعة ولما فيه من التشبه بالنصارى - يب - يكره الصلاة في خاتم
فيه صورة لقول الصادق (ع) في الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك قال لا تجوز الصلاة فيه - يج - يكره للمراة الصلاة في خلخال له صوت لاشتغالها به - يد -
يكره في عمامة لا حنك لها لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الاقتعاط وامر بالتلحي والاقتعاط هو ان لا يدير العمامة تحت حنكه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من اعتم فلم يدر العمامة تحت حنكه
فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن الا نفسه - يه - يكره الصلاة في القباء المشدود في غير الحرب قال الشيخ ذكره علي بن الحسين بن بابويه وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم أجد
به خبرا مسندا - يو - منع الشيخ من أن يصلى الرجل وهو معقوص الشعر وهو جمعه في وسط الرأس وشده ولم يعتبر أحد من فقهاء الجمهور ذلك والوجه الكراهة وبه قال
أبو حنيفة عملا بالأصل الدال على نفى التحريم واحتجاج الشيخ برواية مصادف عن الصادق (ع) في رجل صلى صلاة فريضة وهو معقص الشعر قال يعيد صلاته ضعيف
لضعف مصادف ولا باس به للنساء اجماعا ولو منع السجود بان وضع على الجبهة لم يجز للرجل ولا للمراة خاتمة تشتمل على فوايد - آ - لو كان بين يديه وسادة وعليها
تمثال طرح عليها ثوبا وصلى لقول الصادق (ع) ربما قمت فاصلي وبين يدي الوسادة فيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا وسال محمد بن مسلم الباقر (ع) اصلى والتماثيل قدامي وانا
انظر إليها قال لا اطرح عليها ثوبا ولا باس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك وإن كانت في القبلة فالق عليها ثوبا وصل وظاهر
هذه الرواية يشعر تعليل المنع بالاشتغال بالنظر إليها - ب - يجوز ان يصلى الرجل والمراة وهما مختضبان أو عليهما خرقة الخضاب مع الطهارة للأصل ولان رفاعة سال أبا الحسن (ع)
عن المختضب إذا تمكن من السجود والقراءة أيضا أيصلي في حنائه قال نعم إذا كانت خرقة طاهرة وكان متوضأ والأفضل نزع ذلك ولان أبا بكر الخضرمي سال الصادق (ع)
عن الرجل يصلى وعليه خضابه فقال لا يصلى وهو عليه ولكن ينزعه إذا أراد ان يصلى قلت إن حناه وخرقته نظيفة فقال لا يصلى وهو عليه والمراة لا تصلى وعليها خضابها
- ج - لا باس ان يصلى الانسان ويده تحت ثيابه وان أخرجها كان أفضل لان محمد بن مسلم سال الباقر (ع) عن الرجل يصلى ولا يخرج يديه من ثوبه فقال إن اخرج يديه فحسن وان
لم يخرج فلا باس - د - لا ينبغي ان يصلى الرجل محلول الأزرار إذا لم يكن عليه ازار لئلا تبدو عورته لقول الباقر (ع) لا يصلى الرجل محلول الأزرار إذا لم يكن عليه ازار
- ه‍ - لو استعار ثوبا وصلى فيه ثم اخبره المالك بنجاسته لم تجب عليه الإعادة خصوصا إذا خرج الوقت عملا بالأصل ولان قول الغير لا يقبل في حقه ولقول الصادق (ع)
99

وقد سأله (ع) العيص محمد بن مسلم في الصحيح عن رجل صلى في ثوب رجل أياما ثم إن صاحب الثوب اخبره انه لا يصلى فيه قال لا يعيد شيئا من صلاته. - و - روى محمد بن مسلم في الصحيح عن
أحدهما (ع) قال سألته عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما وهو يصلى قال لا يؤذيه حتى ينصرف - ز - روى عبد الله بن سنان في الصحيح قال سال أبا عبد الله (ع) وانا حاضر انى أعير الذمي
ثوبي وانا اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ويرده على فاغسله قبل ان اصلى فقال الصادق (ع) صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم يستيقن انه
نجسه فلا باس ان تصلى فيه حتى تستيقن انه نجسه - ح - روى يونس بن يعقوب قال سالت الصادق (ع) عن الرجل يصلى وعليه البرطلة فقال لا يضره - ط - روى محمد بن مسلم
في الصحيح عن الباقر (ع) قال لا باس ان يكون التماثيل في الثوب إذا غيرت الصورة منه وعن محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في الصحيح قال لا باس ان تصلى على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك - ى -
يجوز ان يصلى الرجل في ثوب المراة إذا كانت مأمونة لعدم المانع ولرواية العيص الصحيحة عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يصلى في ثوب المرأة في ازارها ويعتم بخمارها
قال نعم إذا كانت مأمونة - يا - روى الحلبي قال سألته عن لبس الخز فقال لا باس به ان علي بن الحسين (ع) كان يلبس الكساء الخز في الشتاء فإذا جاء الصيف باعه وتصدق بثمنه
وكان يقول انى لاستحيى من ربى ان اكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه - يب - روى عن علي (ع) قال لا تصلى المراة عطلاء - يج - سأل علي بن جعفر أخاه الكاظم (ع) عن الرجل هل
يصلح له ان يصلى على الرف المعلق بين نخلتين قال إن كان مستويا يقدر على الصلاة عليه فلا باس وعن فراش حرير ومثله من الديباج ومصلى حرير ومثله من الديباج هل
يصلح للرجل النوم والتكاءة والصلاة قال يفرشه ويقوم عليه ولا يسجد عليه الفصل الخامس في الاستقبال ومباحثه ثلثة الأول الماهية
مسألة القبلة كانت أولا بيت المقدس وكان النبي صلى الله عليه وآله يحب التوجه إلى الكعبة لأنها كانت قبلة أبيه إبراهيم (ع) وكان بمكة يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس
ويتوجه إليهما فلما انتقل إلى المدينة تعذر عليه ذلك فبقى سبعة عشر شهرا يصلى إلى بيت المقدس خاصة فدعا الله ان يحول قبلته إلى الكعبة وكان يقلب وجهه إلى
السماء وينتظر الوحي فأنزل الله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها الآية وكان الناس بقبا في صلاة الصبح فأتاهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله
قد نزل عليه الليلة قرآن وقد أمر ان يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة مسألة القبلة هي الكعبة مع المشاهدة اجماعا
لقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام ولاجماع العلماء عليه وروى أسامة ان النبي صلى الله عليه وآله صلى قبل الكعبة وقال هذه القبلة ومن كان في حكم المشاهد يجرى مجراه
كالكائن بمكة وبينه وبين الكعبة حايل لتمكنه من العلم وكذا الأعمى بمكة وكذا المصلى بالمدينة يجعل محراب رسول الله صلى الله عليه وآله قبلته من غير اجتهاد لعدم الخطاء في
حقه (ع) واما من بعد فالواجب عليه الاستقبال إلى جهتها قاله المرتضى وأبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين لقوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره للاجماع
على الاستقبال إلى الكعبة ولحديث أسامة ومن طريق الخاصة ما روى عن أحدهم (ع) ان بنى عبد الأشهل أتوهم وهم في الصلاة قد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس فقيل لهم ان
نبيكم قد صرف إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء وجعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة فصلوا صلاة واحدة إلى القبلتين فلذلك سمى مسجدهم مسجد
القبلتين وليقين البراءة بالتوجه نحوه إذا ثبت هذا فالجهة يريد بها هيهنا ما يظن أنه الكعبة حتى لو ظن خروجه عنها لم تصح وقال أبو حنيفة المشرق قبلة لأهل المغرب و
بالعكس والمغرب قبلة لأهل الشام وبالعكس وهو غلط وقال الشافعي في الاخر الواجب التوجه إلى عين الكعبة للقريب والبعيد وبه قال الجرجاني من الحنفية لقوله تعالى
وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره يعنى نحوه وهو غلط لاستلزامه التكليف بالمحال إذ مع البعد يمتنع التوجه إلى عين الكعبة مع صغر حجهما وظهور التفاوت الكثير مع
يسير الانحراف وقد اجمعنا على صحة صلاة الصف الطويل على خط مستوى مع العلم بان المتوجه إلى الكعبة من كان بقدرها وقال الشيخ (ره) وبه قال مالك الكعبة قبلة
لمن كان في المسجد الحرام والمسجد قبلة لمن كان في الحرم والحرم قبلة لمن نأى عنه من أهل الدنيا لما روى مكحول عن عبد الله بن عبد الرحمن قال قال رسول الله (ص) الكعبة قبلة لأهل المسجد
والمسجد قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الآفاق ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم و
جعل الحرم قبلة لأهل الدنيا ولان التبعد يستلزم خروج المصلين عن التوجه لصغر الكعبة بخلاف الحرم المتطاول والروايات ممنوعة لعدم الوثوق بالرواة والخروج آت في
الحرم فان أجاب بطلب الجهة فهو جوابنا مسألة ولا فرق بين المصلى فوق الكعبة وغيره في وجوب التوجه إليها عند أكثر العلماء لعموم الامر وللشيخ (ره) قول بأنه يستلقى
على قفاه ويصلى إلى بيت المعمور وهو في الشمال الرابعة بحذاء الكعبة يسمى بالضراح بالايماء لما رواه عبد السلام عن الرضا (ع) قال في الذي تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة
فقال إن قام لم يكن له قبلة ولكن يستلقى على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ويعقد بقلبه القبلة التي في السماء البيت المعمور يقرأ فإذا أراد ان يركع غمض عينيه وإذا أراد ان
يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه والسجود على نحو ذلك ولم يثبت صحة السند فلا يعول عليه مع منافاته للأصل وهو ترك القيام الذي هو ركن والاستقبال إذا ثبت
هذا فإنه يجب عليه ان يبرز بين يديه شياء منها وان قل وبه قال أبو حنيفة مسألة قال الشيخ يستحب لأهل العراق ومن والاهم التياسر قليلا إلى يسار المصلى وهو
بناء على مذهبه من أن التوجه إلى الحرم لقول الصادق (ع) وقد سئل لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى
اليسار فقال لان للكعبة ستة حدود أربعة منها على يسارك و
اثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف على اليسار وسأله المفضل بن عمر الصادق (ع) عن التحريف لأصحاب ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه فقال إن الحجر
الأسود لما نزل به من الجنة ووضع في موضعه جعل انصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال وعن يسارها ثمانية أميال كله اثنا عشر ميلا
فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة انصاب الحرم وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا من حد القبلة والروايتان مرسلتان مع ضعف المفضل
مسألة المصلى جوف الكعبة يستقبل أي جدرانها شاء وصلاته صحيحة فريضة كانت أو نافلة عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة خلافا للشيخ في بعض
أقواله ولمالك واحمد وقد سلف تحقيقه وكل من قال بصحة الصلاة سوغ استقبال أي الجدران شاء ولا فرق بين ان يصلى إلى الباب أو غيره وسواء كان مفتوحا أو لا وسواء كانت له عتبة مرتفعة أو لا وسواء نصب بين يديه
شيئا أولا عند علمائنا خلافا للشافعي وقد سبق فروع - آ - المصلى خارج الكعبة وهو مشاهد لها يستقبل أي جدرانها شاء وكذا لو كان في حكم المشاهد ولو
تعددوا وأرادوا الاجتماع ففي صلاتهم مستديرين حولها اشكال ولا اشكال لو كانوا منفردين - ب - لو انهدمت الكعبة والعياذ بالله صحت صلاته خارج العرصة متوجها
إليها للامتثال ولو وقف فيها وجب ان يبرز بين يديه بعضها ولا يجب نصب شئ يصلى إليه خلافا للشافعي - ج - المصلى على جبل ابن أبي
قبيس يستقبل هواء البيت وكذا كل
موضع ارفع من الكعبة - د - يجب ان يستقبل الكعبة بجميع بدنه فلو وقف على طرف من أطراف البيت وبعض بدنه خارج عن المحاذاة لم تصح صلاته وهو أظهر وجهي الشافعية
لصحة نفى الاستقبال وانما استقبل بعض الكعبة والاخر يصح لحصول والتوجه بالوجه - ه‍ - الاجتزاء بالجهة في حق البعيد إما القريب فلا بد له من التوجه إلى عين الكعبة وبه قال الشافعي
لقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وقال أبو حنيفة الجهة كافية في القريب والبعيد فلو استطال صف المأمومين حتى خرج بعضهم عن المحاذاة بطلت صلاة الخارج
عندنا خلافا لأبي حنيفة ولو تراخى الصف الطويل ووقفوا اخر المسجد صحت صلاة المتوجه دون الخارج وجوزه هنا الشافعي لانهم مع البعد يعدون مستقبلين المصلى بمكة
100

خارج المسجد إن كان يعاين الكعبة توجه إليها فلو سوى محرابه بناء على المعاينة صلى إليه ابدا وإن كان يصلى حيث لا يمكنه المعاينة وجب ان يصعد على سطح داره إن كان بحيث
يشاهد الكعبة ويستدل على القبلة ان لم يتمكن مسألة كل إقليم يتوجهون إلى سمت الركن الذي يحاذيهم ويقابلهم وقد وضع الشارع لهم علامات يستدل بها
على القبلة فالعراقي وهو الذي فيه الحجر لأهل العراق ومن والاهم وأهل الشام يتوجهون إلى الركن الشامي وأهل المغرب إلى الغربي وأهل اليمن إلى اليماني وعلامة أهل العراق
جعل الجدي خلف منكبه الأيمن والفجر موازيا لمنكبه الأيسر والشفق لمنكبه الأيمن وعين الشمس عند الزوال على طرف حاجبه الأيمن مما يلي الانف وعلامة الشام جعل بنات
نعش حال غيبوبتها خلف الاذن اليمنى والجدى خلف الكتف اليسرى إذا طلع ومغيب سهيل على العين اليمنى وطلوعه بين العينين والصبا على الخد الأيسر والشمال على
الكتف الأيسر وعلامة المغرب جعل الثريا على اليمين والعيوق على اليسار والجدى على صفحة الخد الأيسر وعلامة اليمن جعل الجدي وقت طلوعه بين العينين وسهيل وقت
غيبوبته بين الكتفين والجنوب على مرجع الكتف الأيمن وأوثق أدلتها النجوم قال الله وبالنجم هم يهتدون ولامكان ضبطه بخلاف غيره وأكدها القطب الشمالي وهو نجم
خفى حوله أنجم دايرة في أحد طرفها الفرقدان وفى الاخر الجدي وبين ذلك أنجم صغار ثلاثة من فوق وثلاثة من أسفل يدور حول القطب في كل يوم وليلة دورة واحدة
فيكون الجدي عند طلوع الشمس مكان الفرقدين عند غروبها ويمكن الاستدلال بها على ساعات الليل والأزمنة لمن عرفها وعرف كيفية دورانها وحولها مما يلي
الفرقدين بنات نعش تدور حولها والقطب لا يتغير عن مكانه الا يسيرا لا يبين عند الحس وهو نجم خفى يراه حديد النظر إذا استدبر في الأرض الشامية كان مستقبلا
للقبلة وينحرف في دمشق وما قاربها إلى المشرق قليلا وكلما قرب إلى المغرب كان انحرافه أكثر وإن كان بحران وما يقاربها اعتدل وجعل القطب خلف ظهره معتدلا من غير
انحراف وفى العراق يجعله بحذاء ظهر أذنه اليمنى على علوها فيكون مستقبلا باب الكعبة إلى المقام والشمس تطلع في المشرق وتغرب في المغرب وتختلف مطالعها ومغاربها على
حسب اختلاف منازلها وتكون في الشتاء حال توسطها في قبلة المصلى وفى الصيف محاذية القبلة والقمر يبدو أول ليلة من الشهر هلالا في المغرب عن يمين المصلى ثم
يتأخر كل ليلة نحو المشرق منزلا حتى يكون ليلة السابع وقت المغرب في قبلة المصلى أو مائلا عنها يسيرا ثم يطلع ليلة الرابع عشر من المشرق قبل غروب الشمس بدرا تاما وليلة
إحدى وعشرين يكون في قبلة المصلى أو قريبا منها وقت الفجر ومنازل الشمس والقمر ثمانية وعشرون وهي الشرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعه والذراع و
النثره والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعوا والسماك والغفر والزبانا والإكليل والقلب والشوله والنعايم والبلدة وسعد الذابح وسعد بلع وسعد
السعود وسعد الغر والفرع المقدم والفرع المؤخر وبطن الحوت منها أربعة عشر دائما فوق الأرض ومثلها تحتها فأربعة عشر شامية تطلع من وسط المشرق أو
مائلة عنه إلى الشمال قليلا أولها الشرطين واخرها السماك وأربعة عشر يمانية تطلع إلى المشرق مائلة التيامن أولها الغفر واخرها بطن الحوت ولكل نجم من الشامية
رقيب من اليمانية وإذا اطلع أحدها غاب رقيبه فالقمر ينزل كل ليلة بمنزل منها قريبا منه ثم ينتقل في الليلة الثانية إلى المنزل الذي يليه والشمس تنزل بكل منزل
منها ثلاثة عشر يوما فيكون عودها إلى المنزل الذي نزلت به عند تمام حول كامل من أحوال السنة الشمسية وهذه المنازل يكون منها فيما بين غروب الشمس وطلوعها أربعة
عشر منزلا ومن طلوعها إلى غروبها مثل ذلك ووقت الفجر منها منزلان ووقت المغرب منزل وسواد الليل اثنا عشر منزلا وكلها تطلع من المشرق وتغرب في المغرب الا
ان أول الشامية واخر اليمانية تطلع من وسط المشرق بحيث إذا جعل الطالع منها محاذيا لكتفه الأيسر كان مستقبلا للكعبة واما الرياح فكثيرة يستدل منها بأربع
تهب من زوايا السماء فالجنوب تهب من الزاوية التي بين القبلة والمشرق مستقبلة بطن كتف المصلى الأيسر مما يلي وجهه إلى يمينه والشمال مقابلها تهب من الزاوية التي
بين المغرب والشمال مارة إلى مهب الجنوب والدبور تهب من الزاوية التي بين المغرب واليمين مستقبلة شطر وجه المصلى الأيمن مارة إلى الزاوية المقابلة لها و
الصبا مقابلها تهب من ظهر المصلى وسال محمد بن مسلم أحدهما (ع) عن القبلة قال ضع الجدي على قفاك وصل البحث الثاني فيما يستقبل له مسألة يجب والاستقبال
في فرايض الصلوات اجماعا مع التمكن فلو صلى فريضة غير مستقبل مع قدرته بطلت صلاته إما النافلة في
الحضر والقدرة فالأقرب وجوب الاستقبال فيها أيضا
وبه قال الشافعي لمداومة البني وأهل بيته (على) على ذلك وقال أبو سعيد من الشافعية يجوز ترك الاستقبال بالنافلة حضرا لأنه يجوز في السفر لمصلى
النافلة وهذا موجود في الحضر وهو خطأ لمداومة النبي صلى الله عليه وآله على الاستقبال والفرق ظاهر بين الحضر والسفر فان الحضر الغالب فيه الكف والغالب
في السفر السير ولا فرق بين جميع الفرايض كقضاء الواجب وصلاة النذر والطواف والكسوف الجنايز واما سجود التلاوة وسجود الشكر فلا يجب فيه
الاستقبال عملا بالأصل وأوجبه الشافعي ويجب عندنا الاستقبال بالذبيحة عند الذبح وبالميت عند احتضاره وتغسيله والصلاة عليه ودفنه على ما تقدم البحث
فيه خلافا للشافعي ويستحب الجلوس للقضاء والدعاء مسألة لا تجوز الصلاة الفريضة على الراحلة اختيارا لاختلال أمر الاستقبال بلا خلاف وسال
عبد الله بن سنان الصادق (ع) يصلى الرجل شياء من الفرايض راكبا من غير ضرورة فقال لا وان تمكن من استيفاء الافعال على اشكال ينشأ من الاتيان بالمأمور
به فيخرج عن العهدة والمنع للاختلال منتف لانتفاء سببه ومن عموم النهى على الراحلة وكذا لا تجوز صلاة الجنايز على الراحلة لان الركن الأعظم فيها القيام والأقرب صحة
الصلاة على بعير معقول وأرجوحة معلقة بالحبال وقد سبق ولا تصلى المنذورة على الراحلة لأنها فرض عندنا وللشافعي وجهان مبنيان على أن المنذور
يسلك بها مسلك الواجبات أو يحمل على أقل ما يتقرب به وعن أبي حنيفة ان الصلاة التي نذرها على وجه الأرض لا تؤدى على الراحلة والتي نذرها وهو راكب
تؤدى عليها وليس بشئ ولا باس بالصلاة في السفينة واقفة كانت أو سايرة مسألة يسقط فرض الاستقبال حالة الخوف في الفرايض والنوافل اجماعا
لعدم التمكن ولقوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله وقال (ع) إن كان الخوف أشد فصلوا مستقبلها ومستدبرها وسيأتى ولا يختص الخوف بالقتال بل ولو انكسرت السفينة
وبقى على لوح منها وخاف بالغرق لو ثبت متوجها إلى القبلة يجوز له ترك الاستقبال ولا يرخص مطلق القتال بل السائغ وكذا يسقط في النوافل سفرا للراكب والماشي
وحضرا يجوز التنفل على الراحلة في السفر الطويل اجماعا حيث توجهت به لان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى على راحلته في السفر حيث توجهت به ولتمكن
صاحب الأوراد من اوراده مع كفاية مصالح السفر فروع - آ - لا يجب حالة القتال الاستقبال في الفريضة سفرا وحضرا راكبا كان أو راجلا وبه قال الشافعي
لقوله تعالى فان خفتم فرجالا أو ركبانا قال ابن عمر مستقبل القبلة وغير مستقبلها وقال أبو حنيفة يجوز للراكب ترك الاستقبال حالة القتال إما الراجل فلا
- ب - يجوز للمريض الصلاة على راحلة للضرورة الدال عليها فحوى قوله تعالى فان خفتم وقول الصادق (ع) لا يصلى على الدابة الا مريض وقال الصادق (ع) صلى رسول الله صلى الله عليه وآله
الفريضة في المحمل يوم في وحل ومطر ولا تجب عليه الإعادة عندنا لأنه فعل المأمور به وكذا لو صلى على لوح ولم يتمكن من الاستقبال وقال الشافعي
101

يعيد لأنه ترك القبلة لعذر نادر لا يدوم وليس بجيد للامتثال فيخرج عن العهدة وكذا المريض العاجز عن الحركة إذا لم يجد من يصرف وجهه إلى القبلة يصلى على حسب
حاله ولا إعادة عليه عندنا خلافا للشافعي - ج - يجوز التنفل ماشيا لاشتماله على المصلحة الناشية من مداومة الطاعة واستيفاء وجوه الانتفاع وبه قال الشافعي لأنه
أحد اليسيرين فأشبه الراكب ولقوله تعالى فأينما تولوا فثم وجه الله قال الصادق (ع) انها نزلت في النافلة وقال أبو حنيفة لا تجوز ماشيا لأنه عمل كثير والضرورة سوغته
- د - الراكب في النافلة يتوجه إلى حيث توجهت دابته لان عليا (ع) كان يوتر على راحلته وكذا النبي صلى الله عليه وآله ولا يجب عليه الاستقبال إلى القبلة دفعا للحرج ولا في أول الصلاة إما
الفريضة إذا اضطر إلى الصلاة على الراحلة وجب عليه ان يستقبل ما أمكن فان تعذر وقدر على الاستقبال في تكبيرة الاحرام وجب والا فلا - ه‍ - يجوز التنفل على
الراحلة في السفر طويلة وقصيرة وهو أظهر قولي الشافعي للمقتضى في الطويل وله قول انه لا يتنفل على الراحلة في السفر القصير وهو الذي لا تقصر في مثله الصلاة وبه قال
مالك لأنها رخصة تتعلق بالسفر فتعلقت بالطويل كالقصير والمسح واما الحضر فالأقرب جواز الصلاة نفلا فيه وبه قال أبو سعيد من الشافعية خلافا للباقين
- و - المتنفل في السفر ماشيا لا يجب عليه الاستقبال كالراكب وقال الشافعي يجب في ثلاثة مواضع حالة تكبيرة الافتتاح وركوعه وسجوده وإن كان راكبا في كنيسة واسعة جاز
ان يصلى إلى غير القبلة للعذر خلافا للشافعي وإن كانت ضيقة أو على قتب أو سرج أو ظهر فإن كانت واقفة مقطرة صلى إلى حيث ما توجهت لتعذر ادارتها إلى
القبلة وإن كانت منفردة فكذلك خلافا للشافعي وإن كانت سايرة مقطرة افتتح إلى جهة سيره وإن كانت مفردة صعبه لم يلزمه ادارتها للمشقة وكذا إن كانت سهلة وللشافعية
وجهان وان دخل بلد اقامته جاز ان يتنفل على الراحلة خلافا للشافعي وكذا إن كان مجتازا - ز - لو صرف وجه الدابة عن الطريق عامدا فالأقرب عدم البطلان وقال الشافعي
يبطل وان أخطاء فصرفه إلى غير الطريق ظنا انه الطريق وغلطت الدابة فالصلاة صحيحة وان لم يكن وجهه إلى القبلة وقال الشافعي ان كثر بطلت ولو كان ظهره في طريقة إلى القبلة فركب
مقلوبا وجعل وجهه إلى القبلة صحت صلاته لأنه إذا صحت إلى غير القبلة فإليها أولي وقال بعض الشافعية لا يصح لان قبلة المتنفل على الدابة طريقه وهو خطا لأنه جعل
رخصة وراكب التعاسيف وهو الهايم الذي لا مقصد له بل يستقبل تارة ويستدبر أخرى له ان يتنفل في مسيره كغيره خلافا للشافعي - ح - لو اضطر إلى الفريضة على الراحلة و
والدابة إلى القبلة فحرفها عمدا لا لحاجة بطلت صلاته لأنه ترك الاستقبال اختيارا وإن كان لجماح الدابة لم تبطل وان طال الانحراف إذا لم يتمكن من الاستقبال و
قال الشافعي تبطل مع الطول ومع القصر وجهان ولو كان مبطلة يقتضى الاستدبار لم تبطل صلاته - ط - يجب على المفترض الاستقبال بتكبيرة الافتتاح ان أمكن وكذا
باقي الافعال ويسقط مع العذر كالمطارد والدابة الصابلة والمتردية - ى - المصلى على الراحلة يؤمى للركوع والسجود ويجعل السجود اخفض وكذا الماشي البحث
الثالث في المستقبل مسألة القادر على معرفة القبلة لا يجوز له الاجتهاد عند علمائنا كما أن القادر على العمل بالنص في الاحكام لا يجوز له الاجتهاد
لامكان الخطاء في الثاني دون الأول ويحصل اليقين لمن كان معاينا للقبلة أو كان بمكة من أهلها أو ماشيا بها من وراء حايل محدث كالحيطان وكذا إن كان
بمسجد النبي صلى الله عليه وآله لليقين بصحة قبلته ولو كان الحايل أصليا كالجبل ولا يمكنه ان يعرف القبلة حتى يصعد الجبل وتمكن منه وجب ان يصعد طلبا لليقين وقال الشافعي
يجوز ان يجتهد ويصلى بغلبة الظن وفى الحادث عنده قولان وهل له ان يستقبل الحجر مع تمكنه من استقبال الكعبة والوجه ذلك لأنه عندنا من الكعبة ومنعه بعض
الشافعية حيث إن كونه من البيت مجتهد فيه غير مقطوع به مسألة فاقد العلم يجتهد بالأدلة التي وضعها الشارع علامة فان غلب على ظنه الجهة للامارة
بنى عليه باجماع العلماء لأنه فعل المأمور به فخرج عن العهدة ولقول الباقر (ع) يجزى التحري ابدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة فلا يجوز للعارف بأدلة القبلة المتمكن من
الاستدلال عليها بمطالع النجوم وهبوب الرياح وغيرها التقليد وكذا الذي لا يعرف أدلة القبلة لكنه إذا عرف لتمكنه من العلم بخلاف العامي حيث لأنه يلزمه تعلم الفقه لان
ذلك يطول زمانه ويشق تعلمه بخلاف دلايل القبلة وبه قال الشافعي إما الذي لا يحسن فإذا عرف لم يعرف فإنه والأعمى على حد سواء وللشيخ فيه قولان أحدهما الرجوع إلى العارف
والتقليد للثقة وبه قال الشافعي كالعامي في احكام الشرع وله قول اخر وهو ان يصلى إلى أربع جهات كالفاقد للاجتهاد والتقليد معا والأول أقرب لتعذر العلم و
الأصل براءة الذمة من التكليف الزايد وقول الثقة يثمر الظن فيصار إليه كالاجتهاد وقال داود انه يسقط عنه فرض القبلة ويصلى حيث شاء لقوله تعالى فأينما تولوا
فثم وجه الله وهو غلط لقوله تعالى وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره والآية نزلت في النافلة فروع - آ - تعلم دلائل القبلة واجب وهل هو على الأعيان أو على
الكفاية اشكال ينشأ من أنه من واجبات الصلاة فيعم كالأركان ومن كونه من دقايق مسائل الفقه وكلاهما للشافعي - ب - إذا اجتهد في صلاة قال الشيخ يجب التجديد
في أخرى وهكذا ما لم يعلم بقاء الامارات وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر لا يجب لان اجتهاده قائم لم يتغير - ج - لو اجتهد فادى اجتهاده إلى جهة فصلى إلى غيرها لم تصح صلاته
وان ظهر انها القبلة وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لأنه لم يفعل المأمور به وهو التوجه إلى ما أدي إليه اجتهاده فيبقى في عهدة التكليف وقال الشيخ في المبسوط والنهاية وبه
قال أبو يوسف يجزيه لان المأمور به هو التوجه إلى القبلة وقد فعل كمن شك في إنائين فتوضأ بأحدهما من غير اجتهاد ثم بان له انه الطاهر أجزأه وهو غلط فإنه ان بان له ذلك
بعد دخوله في الصلاة لم تصح صلاته وإن كان قبله جاز والفرق ظاهر بين الطهارة والصلاة فان الطهارة تقع قبل وجوبها وانما الواجب منها ما صحت به الصلاة فإذا
علمها في حال وجوبها اجزاه ولم يضره الشك قبل ذلك - و - الأعمى العاجز يقلد شخصا مكلفا عدلا عارفا بأدلة القبلة وفى المبسوط يقلد الصبى والمراة لحصول الظن
وظاهر قوله في الخلاف وجوب أربع صلوات وما قلناه أولي - ه‍ - يجوز التعويل على المحاريب المنصوبة في بلاد المسلمين ولا يجب عليه الاجتهاد في طلب القبلة وهو اجماع ولو عرف
انها وضعت على الغلط وجب الاجتهاد - و - لا يجوز التعويل على قول الكافر والفاسق لقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ولا يقبل قول الكافر في شئ الا في الاذن في دخول
الدار وفى قبول الهدية ولو وجد قبلة للنصارى احتمل الاستدلال بها لغلبة الظن بانتفاء الكذب وعدمه للعموم - ز - لو دخل بلدا خرابا فوجد فيه مساجد ومحاريب
ولم يعلم الواضع لم يكن له الصلاة إليها بل يجتهد لجواز ان يكون بناه المشركون فان علم أنه من بناء المسلمين لم يلزمه الاجتهاد مسألة إذا تعدد المجتهدون
فان اتحدت الجهة جاز ان يصلوا جماعة وفرادى وان اختلفوا صلوا منفردين وليس لهم الجماعة عندنا وبه قال الشافعي لان العالم بالقبلة ليس له ان يجتهد والمجتهد ليس
له ان يقلد فلو قلد بعضهم بعضا بطلت صلاة المأموم قطعا لان امامه إن كان على الحق فلا صلاة له والا فصلوة الامام فاسدة ولا يجوز الاقتداء بمن صلاته فاسدة
وقال أبو ثور تصح صلاة المأمومين وشبهه بالواقفين في الكعبة ويستقبل كل واحد منهم بعض الحيطان فان صلاتهم صحيحة وان اختلفت الجهة ولأنه لا تقطع
بخطا امامه وصواب نفسه ويفارق الواقفين حول الكعبة لان كل واحد منهم مستقبل قطعا وهذا المأموم يعتقد خطأ امامه والخطأ وان لم يقطع به لكنه
يقطع بحكمه وقول أبي ثور ليس بعيدا كالمصلين في حال شدة الخوف فروع - آ - لو كانوا في بيت مسلم فاجتهدوا وجمعوا فلما أصبحوا علموا ان كل واحد صلى إلى جهة
102

أخرى ولم يعلموا إلى أي جهة صلى الامام فالوجه صحة صلاتهم لأنه لم يعلم الخطاء في فعل امامه وحكاه أبو ثور عن الشافعي - ب - لو أدي اجتهاد الجماعة إلى جهة ثم تغير اجتهاد
بعض المأمومين انحرف وبنى على صلاته ونوى الانفراد ولو تغير اجتهاد الامام خاصة انحرف واستمر المأمومون منفردين وللشافعي قول في الأولى بفساد صلاة المأموم
بناء على أن المأموم إذا اخرج نفسه عن صلاة امام يستأنف ويتم قولان إما الثانية فلا لان المأموم لم تخير مخالفة امامه بل الامام هو الذي خالفه ولو قطع الامام
صلاته عمدا لم تبطل صلاة المأموم - ج - لو اختلف الإمام والمأموم في التيامن والتياسر لم يكن له الايتمام لاختلافهما في جهة القبلة وهو أحد وجهي الشافعي وفى الثاني
له ذلك لقلة الانحراف وهما مبنيان على أن الواجب إصابة العين أو الجهة - د - لو ضاق الوقت الا عن صلاة وأدى اجتهاد أحدهم إلى جهة جاز للاخر ان يقلده ويأتم
به عندنا لان فرضه التخيير وهل يجب عليه التقليد حينئذ اشكال ينشأ من عدم جواز التقليد للمجتهد مع اتساع الوقت وتخييره مع ضيقه ومن حصول ظن بالجهة
راجح على التخيير فتعين اتباعه - ه‍ - من فرضه التقليد كالأعمى والجاهل بأدلة القبلة ان لو نوجب عليه الأربع يقلد الأوثق الأعلم بالأدلة لو تعدد المجتهدون فان قلد المفضول
فالأقرب المنع لأنه ترك ما يغلب عليه ظنه ان الثواب فيه وقال الشافعي تصح لأنه اخذ بدليل له الاخذ به لو انفرد فكذا لو كان مع غيره وليس بجيد لحصول المعارض الراجح حاله
الاجتماع دون الانفراد فصار كما لو تضاد الدليلان ولو تساويا قلد من شاء مسألة العارف بأدلة القبلة إذا لم يتمكن من الاجتهاد لضيق الوقت يتخير اجماعا ان لم يتمكن
من التقليد ولو تمكن فاشكال تقدم ولا إعادة عليه ان استمر الجهل وكذا لو كان ممنوعا برمد أو مرض أو غيرهما ولو كان الوقت متسعا ولم يحصل له الظن بعد الاجتهاد
فإن كان يرجو حصوله بانكشاف الغيم مثلا احتمل وجوب التأخير إلى اخر الوقت ثم يتخير وجواز التقديم فيصلى إلى أربع جهات كل فريضة ذهب إليه علماؤنا لان الاستقبال
واجب وقد أمكن حصوله بتعدد الفرايض فيجب كما لو اشتبه الثوبان ولقول الصادق (ع) وقد سئل ان هؤلاء المخالفين يقولون إذا أطبقت علينا السماء واظلمت
ولم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا كان كذلك فليصل لأربع وجوه وقال أبو حنيفة واحمد يصلى ما بين المشرق والمغرب ويتحرى الوسط
ثم لا يعيد لقوله (ص) ما بين المشرق والمغرب قبلة ونحن نقول بموجبه على تقدير معرفته المشرق والمغرب وقد روى معاوية بن عمار عن الصادق (ع) قلت الرجل يقوم في الصلاة ثم
ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا قال قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة ولو ضاق الوقت صلى ثلاثا ويتخير في الساقط فان ضاق صلى
اثنتين فان ضاق صلى واحدة ويتخير في المأتي بها مسألة لو صلى بالاجتهاد أو مع ضيق الوقت ثم تبين الخطاء في الصلاة استدار إن كان الانحراف يسيرا لان ذلك لا يقع عن
يقين وانما هو ظن لان الجهة الواحدة لا تبين فيها الكعبة يقينا وهو قول الشافعي وله قول اخر انه يستأنف لان
صلاة واحدة لا تقع إلى جهتين كالحادثة لا يحكم فيها
بحكمين وإن كان كثيرا استأنف ولو ظهر بعد الفراغ فإن كان قد استدبر أعاد الصلاة سواء كان الوقت باقيا أو لا اختاره الشيخان لما رواه عمار بن موسى عن الصادق (ع)
في رجل صلى إلى غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل ان يفرغ من صلاته قال إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فيحول وجهه إلى القبلة حتى يعلم وإن كان
متوجها إلى دبر القبلة فليقطع ثم يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة والراوي ضعيف. وقال المرتضى يعيد في الوقت لا خارجه لأنه في الوقت لم يأت بالمأمور به فيبقى في
العهدة وبعد الوقت يكون قاضيا والأصل عدمه الا بأمر مجدد ولقول الصادق (ع) إذا صليت وأنت على غير القبلة واستبان لك انك صليت وأنت على غير القبلة
وأنت في الوقت فاعد وان فاتك فلا تعد والاطلاق يتناول الاستدبار وهو الأقوى عندي وقال مالك واحمد وأبو حنيفة والمزني والشافعي في أحد الوجهين إذا
تبين الخطاء بعد الصلاة لم يعد واطلقوا فلم يفصلوا إلى الاستدبار وغيره والى الوقت وخروجه لان عامر بن ربيعة قال كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في ليلة سوداء
مظلمة فلم نعرف القبلة فجعل كل واحد منا يصلى وبين يديه أحجار فلما أصبحنا إذا نحن إلى غير القبلة فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فأنزل الله تعالى
ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ولأنه صلى إليه للعذر فإذا زال العذر لم تجب الإعادة كالخائف وفى الاخر للشافعي يعيد وأطلق لأنه تعين له يقين الخطاء
فيما يأمر مثله في القضاء فلزمه الإعادة كالحاكم إذا تيقن له الخطاء والمصلى بمكة فروع - آ - إذا صلى إلى ما أداه اجتهاده ثم أعاد الاجتهاد فأداه إلى أخرى صلى الثانية إلى الجهة
الأخرى ولا يعيد الأولى وبه قال الشافعي ولا نعلم فيه خلافا لان الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد - ب - لو تغير اجتهاده في أثناء الصلاة استدار إن كان الانحراف يسيرا وبنى وهو إحدى الروايتين
عن أحمد وفى الأخرى لا ينتقل ويمضى على اجتهاده الأول لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد وهو غلط لأنه مجتهد أداه اجتهاده إلى جهة فلا يجوز العدول عنها وليس نقضا للاجتهاد بل
يعمل في المستقبل كما يعمل في الصلاة الثانية ولو كان الانحراف كثيرا استأنف - ج - لو تغير اجتهاده في الأثناء ولم يؤده اجتهاده إلى جهة أخرى بنى على ما مضى من صلاته
لأنه لم يظهر له جهة أخرى يتوجه إليها وان بان له يقين الخطاء في الصلاة ولم يعلم غيرها فإن كان الوقت متسعا استأنف الاجتهاد والا استمر على حاله وان شك في
اجتهاده لم يزل عن جهة لان الاجتهاد ظاهر فلا يزول عنه بالشك - د - لو صلى باجتهاده فعمى في الأثناء استمر لان اجتهاده أولي من اجتهاد غيره فان استدار استدرك
ان تمكن والا أبطلها وبحث أو قلد وان شرع فيها وهو أعمى فابصر في أثنائها فان ظهر له الصحة أو خفى الامر ان استمر لأنه دخل دخولا مشروعا وقال بعض الجمهور تبطل
مع الخفاء لان فرضه الاجتهاد ولو ظهر البطلان استدار إن كان يسيرا والا استأنف - ه‍ - لا فرق بين المسافر والحاضر وقال احمد لو ظهر للحاضر الخطاء في اجتهاده استأنف سواء صلى بدليل
أو غيره لان الحضر ليس محل الاجتهاد وقال في الأعمى إذا كان في حضر فكالبصير لأنه يقدر على الاستدلال بالخبر والمحاريب فإنه إذا لمس المحراب وعلم أنه محراب وانه متوجه إليه فهو كالبصير - و - لو صلى الأعمى بقول البصير فقال له
اخر قد أخطأ بك فإن كان الثاني اعدل انحرف وان انعكس أو تساويا استمر ولو اخبره بالخطا فتيقن استدار إن كان بين المشرق والمغرب والا استأنف مسألة
الأعمى يجب عليه الاستقبال اجماعا الا داود فإنه قال يصلى إلى أي جهة شاء لأنه عاجز وهو خطأ لعموم الامر والعجز ينتفى بالسؤال كالعامي أو بالصلاة إلى أربع جهات
ولا يجوز له تقليد الفاسق وظاهر مذهب الشافعي الجواز لانتفاء التهمة في مثل هذا والحق خلافه وله في تقليد الصبى قولان والوجه المنع لأنه ليس من أهل التكليف
ويعلم انتفاء الحرج عنه مسألة من ترك الاستقبال عمدا بطلت صلاته وأعاد في الوقت وخارجه باجماع العلماء ولانتفاء شرط الصلاة ولو صلى ظانا
ثم ظهر الخطاء فإن كان بين المشرق والمغرب وهو في الصلاة استدار ولو تبين بعد فراغه لم يعد اجماعا لقوله (ص) ما بين المشرق والمغرب قبلة ولو بان انه صلى إلى
المشرق والمغرب أعاد في الوقت لأنه أخل بشرط الصلاة مع بقاء وقته ولو خرج الوقت احتمل مساواته للاستدبار فيعيد وعدم القضاء لأنه تكليف ثاني و
الأصل عدمه ولما رواه سليمان بن خالد عن الصادق (ع) في الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلى إلى غير القبلة ويضحى فيعلم انه صلى إلى غير القبلة كيف يصنع قال
إن كان في وقت فليعد صلاته وان مضى الوقت فحسبه اجتهاده وقال أبو حنيفة ومالك واحمد لا يعيد مطلقا وللشافعي قولان وقد سبق قال الشيخ إذا صلى إلى غير القبلة
ناسيا أو لشبهة أعاد إن كان الوقت باقيا ولو كان قد خرج لم يعد فالحقه بالظان وفيه اشكال مسألة قد بينا ان المجتهد ليس له ان يقلد بل يجتهد فان
103

ضاق الوقت فالأقرب ان له التقليد ولو فقد من يقلده صلى إلى أي جهة شاء ولا إعادة عليه لأنه امتثل المأمور به وهو أحد وجوه الشافعي وله ثاني انه يصلى كيف اتفق
ثم يجتهد ويقضى وثالث انه لا يصلى إلى أن يتم الاجتهاد وان خرج الوقت ولو كان محبوسا أو في ظلمة صلى إلى أربع جهات مع السعة ومع الضيق إلى أي جهة شاء وللشافعي
قولان أحدهما انه يقلد وفى القضاء وجهان والثاني انه لا يتقلد ويصلى كيف اتفق ويقضى ولو صلى أربع صلوات إلى جهات بأربع اجتهادات ولم يتبين الخطاء فلا
قضاء عليه ولو قال الأعمى الشمس وراءك وهو عدل وجب قبول قوله لأنه اخبار عن محسوس لا اجتهاد مسألة يجوز الصلاة في السفينة فرضا ونفلا والأفضل الشط
مع التمكن فان صلى فيها وجب القيام والاستقبال مع المكنة فان تعذر القيام والشط صلى جالسا مستقبلا فان دارت السفينة فليدر معها ويستقبل القبلة فان تعذر
استقبل بتكبيرة الافتتاح ثم يصلى كيف ما دارت ويجوز ان يصلى النوافل على رأس السفينة إذا تعذر الاستقبال سئل الصادق (ع) عن الصلاة في السفينة فقال إن
استطعتم ان تخرجوا إلى الجدد فاخرجوا وان لم تقدروا فصلوا قياما فإن لم تستطيعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة وقال سليمان بن خالد سألته عن الصلاة في السفينة
فقال يصلى قائما فإن لم يستطع القيام فليجلس ويصلى وهو مستقبل القبلة فان دارت السفينة فليدر مع القبلة ان قدر على ذلك وان لم يقدر على ذلك فليثبت
على مقامه وليتحر القبلة بجهده وقال يصلى النافلة مستقبل صدر السفينة وهو مستقبل القبلة إذا كبر ثم لا يضره حيث دارت وقال أبو حنيفة يجوز ان يصلى مختارا في
السفينة قائما أو قاعدا والحق ما ذكرناه وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد الفصل السادس في الأذان والإقامة ومباحثه أربعة الأول في الماهية مسألة
الاذان لغة الاعلام وشرعا الاعلام بأوقات الصلوات بألفاظ مخصوصة وهو عند أهل البيت (على) مستفاد من الوحي على لسان جبرئيل (ع) تلقينا لقول الصادق (ع) لما هبط
جبرئيل (ع) بالاذان على رسول الله صلى الله عليه وآله كان رأسه في حجر علي (ع) فاذن جبرئيل (ع)
وأقام فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه وآله قال يا علي سمعت قال نعم قال حفظت قال نعم قال ادع بلالا فعلمه
فدعا علي (ع) بلالا وعلمه ولأنه أمر مشروع مأمور به من النبي صلى الله عليه وآله وقد قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى ولان الأمور الشرعية منوطة بالمصالح والفطرة البشرية
تعجز عن ادراكها ولا يعلمها مفصله الا الله تعالى فلا خبرة فيها للنبي صلى الله عليه وآله ولان ما هو أقل منها ذكر مستفاد من الوحي فكيف هذا المهم وأطبق الجمهور على أن محمد بن عبد الله بن يزيد بن
عبد ربه قال حدثني أبي عبد الله بن زيد قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالناقوس يعمل ليضرب به ليجتمع الناس للصلاة طاف بي وانا نايم رجل يحمل ناقوسا في يده قلت يا عبد
الله أتبيع الناقوس قال وما تصنع به قلت ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت له بلى فقال تقول الله أكبر إلى آخر الاذان ثم استأخر عنى
غير بعيد ثم قال تقول إذا قمت إلى الصلاة الله أكبر إلى اخر الإقامة فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته بما رأيت فقال إنها رؤيا حق انشاء الله تعالى فقم مع بلال فألق
عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه اندى منك صوتا فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به وهذا الحديث مدفوع من وجوه - آ - اختلاف الرواية فيه فان بعضهم روى أن
عبد الله بن زيد لما امره النبي صلى الله عليه وآله بتعليم بلال قال يؤذن لي حتى أؤذن مرة فأكون أول من اذن في الاسلام فاذن له فاذن - ب - شهادة المرء لنفسه غير مسموعة وهذا منصب
جليل فلا يسمع قوله عن نفسه فيه - ج - كيف يصح ان يأمر النبي صلى الله عليه وآله بالناقوس مع أنه صلى الله عليه وآله نسخ شريعة عيسى - د - كيف أمر بالناقوس ثم رجع عنه إن كان الامر به مصلحة استحال نسخ
قبل فعله والاستحان أمره به - ه‍ - إذا كان الامر بالناقوس بالوحي لم يكن له تغييره الا بوحي مثله فإن كان الاذان بوحي فهو المطلوب والا لزم الخطاء وان لم يكن الامر بالناقوس
بالوحي كان منافيا لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى - و - كيف يصح اسناد هذه العبادة الشريفة العامة البلوى المؤبدة الموضوعة علامة على أشرف العبادات وأهمها
إلى منام من يجوز عليه الغلط والنبي صلى الله عليه وآله لم يلق عليه ولا على أجلاء الصحابة - ز - أهل البيت (على) اعرف بمواقع الوحي والتنزيل وقد نصوا على أنه بوحي وقال الباقر (ع)
لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله فبلغ البيت المعمور حضرت الصلاة فاذن جبرئيل (ع) وأقام فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله فصف الملائكة والنبيون خلف رسول الله صلى الله عليه وآله
ومثل هذا الذي تعبد به الملائكة وغيرهم يستحيل استناده إلى الاجتهاد الذي تجوزونه على النبي صلى الله عليه وآله مسألة والاذان من وكيد السنن اجماعا قال رسول
الله صلى الله عليه وآله ثلاثة على كثبان المسك يوم القيمة يغبطهم الأولون والآخرون رجل ينادى بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة ورجل يؤم قوما وهم به راضون ورجل أدي حق الله و
حق مواليه وقال (ع) من اذن اثنى عشر سنة وجبت له الجنة وكتب له بكل اذان ستون حسنة وبكل إقامة ثلاثون حسنة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اذن
في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة وقال الصادق (ع) ثلاثة في الجنة على المسك الأذفر مؤذن اذن احتسابا وامام أم قوما وهم به راضون ومملوك يطيع
الله ويطيع مواليه وقال الباقر (ع) من اذن سبع سنين احتسابا جاء يوم القيمة ولا ذنب له مسألة الإمامة أفضل من الاذان وهو أحد
قولي الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله فعل الإمامة ولم يشتغل بالاذان والإقامة بل قام بهما غيره ولا يجوز ان يترك الأفضل لغيره ولان الامام يحتاج إلى معرفة أحوال الصلاة
والقيام بما تحتاج إليه الإمامة وتحصيل الفضيلة ولهذا نقل انه ضامن والمؤذن امين والضامن أكثر عملا من الأمين فثوابه أكثر وفى الاخر الاذان أفضل لقوله (ع)
الأئمة (على) ضمناء والمؤذنون امناء فارشد الله الأئمة وغفر الله للمؤذنين قال الشيخ والإقامة أفضل من الاذان ويؤيده شدة تأكيد الطهارة والاستقبال والقيام
وترك الكلام وغير ذلك في الإقامة على الاذان مسألة وعدد فصول الاذان ثمانية عشر فصلا عند علمائنا التكبير أربع مرات وكل من الشهادتين والدعاء إلى الصلاة والى
الفلاح والى خير العمل والتكبير والتهليل مرتان مرتان لان الصادق (ع) حكى الاذان فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله
اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح وحى على خير العمل حي على خير العمل الله أكبر الله
أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله وقال الباقر (ع) الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرفا الاذان ثمانية عشر حرفا والإقامة سبعة عشر حرفا وخالف الجمهور في مواضع - آ - قال مالك و
أبو يوسف التكبير في أوله مرتان ووافقنا الشافعي وأبو حنيفة واحمد والثوري لان عبد الله بن زيد قال له الرجل في المنام الله أكبر مرتين وهو غلط لما بينا من أن الاذان بوحي وقد روى
محمد بن عبد الملك بن ابن أبي
مخدورة عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله علمني سنة الاذان فمسح مقدم رأسه فقال تقول الله أكبر فذكر أربع مرات - ب - منع الجمهور
من قول حي على خير العمل وأطبقت الامامية على استحبابه لتواتر النقل به عن الأئمة (على) والحجة في قولهم - ج - أطبقت الامامية على استحباب التهليل مرتين في اخر الاذان وخالف فيه
الجمهور كافة واقتصروا على المرة وهو مدفوع بأمر النبي صلى الله عليه وآله بلالا ان يشفع الاذان ويوتر الإقامة لما رواه انس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لما وصف
الاذان لا إله إلا الله لا إله إلا الله وكذا في حديث الباقر (ع) لما وصف اذان جبرئيل لما اسرى بالنبي صلى الله عليه وآله مسألة الإقامة عندنا سبعة عشر فصلا كالاذان الا انه ينقص التكبير من أولها مرتين والتهليل من اخرها مرة ويزيد قد قامت الصلاة
بعد حي على خير العمل مرتين وبه قال أبو حنيفة لما رواه أبو مخدورة ان رسول الله صلى الله عليه وآله علمه الإقامة سبع عشر كلمة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) والإقامة مثنى مثنى و
قال الشافعي الإقامة أحد عشر كلمة التكبير مرتان والشهادة مرتان والدعاء إلى الصلاة مرة والدعاء إلى الفلاح مرة والإقامة مرتان والتكبير مرتان والتهليل مرة وبه قال الأوزاعي
104

واحمد وإسحاق وأبو ثور قال ابن المنذر وهو مذهب عروة بن الزبير والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري لان انسا روى أن النبي صلى الله عليه وآله أمر ان يوتر
الإقامة وهو استناد إلى المنام الذي ضعفناه وللشافعية في القديم انها عشر كلمات فجعلوا الإقامة مرة وبه قال مالك وداود للحديث وقد بينا ضعفه مسألة قد ورد
عندنا استحباب التكبير في اخر الاذان أربع مرات كأوله والباقي كما تقدم وروى أيضا استحباب التكبير في أول الإقامة أربعا وفى اخرها أربعا والتهليل في اخرها مرتين وقال للشيخ
ولو عمل عامل بذلك لم يكن مأثوما فاما ما روى في شواذ الاخبار من قول ان عليا ولى الله وال محمد خير البرية فمما لا يعمل عليه في الاذان فمن عمل به كان مخطئا ويجوز في حال
الاستعجال في السفر افراد الفصول جمعا بين فضيلة الاذان وإزالة المشقة عن المسافر والمستعجل لما رواه أبو عبيدة الحذاء في الصحيح قال رأيت الباقر (ع) يكبر واحدة واحدة
في الاذان فقلت له لم تكبر واحدة فقال لا باس به إذا كنت مستعجلا وقال الباقر (ع) الاذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة الاذان واحدا واحدا والإقامة واحد تذنيب
تثنية الإقامة أفضل من افراد الأذان والإقامة لقول الصادق (ع) لان أقيم مثنى مثنى أحب إلى من أن أؤذن وأقيم واحدا واحدا مسألة يكره الترجيع عند علمائنا و
هو تكرار الشهادتين مرتين في الاذان وبه قال الثوري واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وربما قال أبو حنيفة انه بدعة وهو جيد عندي لان النبي صلى الله عليه وآله قال الاذان مثنى
ولم يذكر الترجيع عبد الله بن زيد الذي أسندوا الاذان إليه ومن طريق الخاصة حديث الباقر والصادق (ع) صفة الاذان ولم يذكر الترجيع وقال الشافعي ومالك
باستحبابه وروى ابن المنذر عن أحمد أنه قال إن يرجع فلا باس وان ترك فلا بأس حتى أن للشافعي قولين في الاعتداد بالاذان مع تركه لان أبا مخدورة قال علمني رسول الله صلى الله عليه وآله
سنة الاذان ثم يقول اشهد ان لا إله إلا الله فذكر مرتين اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر مرتين تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة اشهد ان لا إله إلا الله
فذكر مرتين اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فذكر مرتين وليس حجة لان النبي صلى الله عليه وآله فعل به ذلك ليقر بالشهادتين لأنه كان يحكى اذان
مؤذن النبي صلى الله عليه وآله مستهزئا فسمع النبي صلى الله عليه وآله صوته فدعاه فأمره بالاذان قال ولا شئ عندي ولا انقص من النبي صلى الله عليه وآله ولا مما يأمرني به
فقصد النبي صلى الله عليه وآله نطقه بالشهادتين سرا ليسلم بذلك ولم يوجد هذا في أمر بلال ولا غيره ممن كان ثابت الاسلام تذنيب قال الشيخ لو أراد المؤذن تنبيه غيره جاز له
تكرار الشهادتين مرتين لقول الصادق (ع) لو أن مؤذنا عاد في الشهادة أو في حي على الصلاة أو حي على الفلاح المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إماما يريد القوم ليجمعهم
لم يكن به باس مسألة التثويب عندنا بدعة وهو قول الصلاة خير من النوم في شئ من الصلوات وبه قال الشافعي في الجديد لان عبد الله بن زيد لم يحكه
في اذانه وأهل البيت (على) لما حكوا اذان الملك لم يذكروه وقال الشافعي في القديم باستحباب التثويب بعد الحيعلتين في الصبح خاصة وبه قال مالك والأوزاعي
والثوري واحمد واسحق وأبو ثور لان أبا مخدورة قال علمني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال بعد قوله حي على الفلاح فإن كانت صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم وهو معارض
بانكار الشافعي في كتاب استقبال القبلة للتثويب وقال إن أبا مخدورة لم يحكه قال أبو بكر بن المنذر هذا القول سهو من الشافعي ونسيان حين سطر هذه المسألة فإنه حكى
ذلك في الكتاب العراقي عن أبي مخدورة وعن أبي حنيفة روايات احديها كقول الشافعي في القديم والثانية أنه يقول بين الأذان والإقامة حي على الصلاة حي على الفلاح و
الثالثة ان الأولى في نفس الاذان والثانية بعده والرابعة يقول الصلاة خير من النوم بين الأذان والإقامة لان بلالا كان إذا اذن اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فسلم
عليه ثم قال حي على الصلاة حي على الفلاح يرحمك الله واذن بلال يوما فتأخر خروج رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء إلى باب الحجرة فقيل إنه نايم فنادى بلال الصلاة خير من النوم
مرتين فخرج رسول الله (ص) وأقره عليه وهذا كله باطل عندنا لأنه ليس للنبي صلى الله عليه وآله ان يجتهد في الاحكام بل يأخذها بالوحي لا بالاستحسان فروع - آ - كما أنه لا
تثويب في الصبح عندنا فكذا في غيره وبنفي غيره ذهب إليه أكثر العلماء لان ابن عمر دخل مسجدا فصلى فسمع رجلا يثوب في اذان الظهر فخرج عنه فقيل له إلى أين تخرج فقال أخرجتني
البدعة وحكى عن الحسن بن صالح بن حي استحبابه في العشاء لأنه وقت ينام فيه الناس فصار كالغداة وقال النخعي انه مستحب في جميع الصلوات لأنه ما يسن في الاذان بصلاة
يسن بجميع الصلوات كساير الألفاظ والأصل في الأول والعلة في الثاني ممنوعان - ب - لا يستحب أن يقول بين الأذان والإقامة حي على الصلاة حي على الفلاح وبه قال
الشافعي لان عمر قدم مكة فاتاه أبو مخدورة وقد اذن فقال الصلاة يا أمير المؤمنين حي على الصلاة حي على الفلاح فقال ويحك أمجنون أنت ما كان في دعائك
الذي دعوت ما نأتيك حتى تأتينا وحكى ابن المنذر عن الأوزاعي انه سئل عن التسليم عن الامراء فقال أول من أحدثه معوية وأقره عمر بن عبد العزيز وقال النخعي
ان الناس أحدثوا حي على الصلاة حي على الفلاح وليس بسنة وقال (ع) كل محدث بدعة - ج - التثويب الرجوع فالمؤذن يقول حي على الصلاة ثم عاد بقوله الصلاة خير من
النوم إلى الدعاء إلى الصلاة وحى معناه هلم ويقرن بعلى والى معا والفلاح البقاء والدوام وهو ثواب الصلاة مسألة الترتيب شرط في الأذان والإقامة لأنهما
امران شرعيان فيقفان على مورده ولقول الصادق (ع) من سهى في الاذان فقدم أو اخر أعاد على الأول الذي اخره حتى يمضى انتهى ولان الاذان يتميز بترتيبه عن جميع الاذكار فإذا لم
يرتبه لم يعلم أنه اذان ولم تحصل الفائدة وبه قال الشافعي مسألة يكره الكلام خلال الأذان والإقامة لئلا ينقطع توالى الفاظه فان تكلم في الاذان لم يعده عامدا كان
أو ساهيا وبه قال الشافعي لان الكلام لا يقطع الخطبة وهي آكد من الاذان وحكى عن سليمان بن صرد انه كان يأمر بحاجته في اذانه وكان له صحبة وللشافعي قول باستحباب
إعادة الاذان فروع - آ - لو طال الكلام حتى خرج عن نظام الموالاة أعاد - ب - لو كان الكلام لمصلحة الصلاة لم يكره اجماعا لأنه سايغ في الإقامة ففي الاذان أولي
- ج - لو سكت طويلا يخرج به في العادة عن الاذان اعاده والا فلا لعدم الانفكاك عن القليل كالتنفس والاستراحة وبه قال الشافعي - د - لو أغمي عليه أو جن أو نام في خلاله
استحب له الاستيناف لخروجه عن التكليف ولو تمم غيره ثم افاق جاز البناء عليه قاله الشيخ - ه‍ - لو ارتد في أثنائه ثم رجع إلى الاسلام استأنف وهل يبنى عليه للشافعي
عليه وجهان المنع وهو الأقوى عندي لبطلانه بالردة والجواز لان الردة لا تحبط العمل الا إذا اتصل بها الموت فصار كاعتراض الجنون والاغماء فلو بنى عليه جاز ولو ارتد
بعد فراغه من الاذان قال الشيخ جاز ان يعتد به ويقيم غيره لأنه اذن اذانا مشروعا محكوما بصحته فلا يؤثر فيه الارتداد المتعقب وقال الشافعي لا يعتد باذانه - و - لو تكلم خلال
الإقامة أعادها وبه قال الزهري لوقوع الصلاة عقيبها بلا فصل فكان لها حكمها ولقول الصادق (ع) لا تكلم إذا أقيمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة و
قال الشافعي لا يعيد لأنها دعا إلى الصلاة فلم يقطعها الكلام كالاذان والفرق ما تقدم - ز - الكلام وان كره في الاذان فإنه في الإقامة آكد وقال الشيخان والمرتضى إذا قال المؤذن
قد قامت الصلاة حرم الكلام على الحاضرين الا بما يتعلق بالصلاة من تقديم امام أو تسوية صف لقوله الصادق (ع) إذا أقام المؤذن الصلاة فقد حرم الكلام الا ان يكون القوم
ليس يعرف لهم امام وهو محمول على شدة الكراهة وفى الطريق ضعف مسألة يستحب ترك الاعراب في أواخر فصول الأذان والإقامة عند علمائنا أجمع وبه قال
احمد وحكاه ابن الأنباري عن أهل اللغة لان إبراهيم النخعي قال شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما الأذان والإقامة وهذا إشارة إلى جماعتهم ومن طريق الخاصة قول
الباقر (ع) الاذان جزم بافصاح الألف والهاء والإقامة حدر ونحوه عن الصادق (ع) وقال الآخرون يستحب الاعراب فيها مسألة يستحب ان يترسل في اذانه بان يتمهل فيه مأخوذ
105

قولهم جاء فلان على رسله أي على هنيئة من غير عجلة ولا متعب نفسه وان يحدر الإقامة ويدرجها ادراجا مبنيا
لألفاظها مع الادراج ولا نعلم فيه خلافا لقول النبي صلى الله عليه وآله لبلال إذا
أذنت فرتل وإذا أقمت فحدر ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) الاذان جزم بافصاح الألف والها والإقامة حدر ولان القصد من الاذان اعلام الغائبين والتثبت فيه أبلغ للاعلام والإقامة
لاعلام الحاضرين وافتتاح الصلاة فلا فائدة للتطويل فيها ولو أخل بهذه الهيئة اجزاه لأنها مستحبة فيه لا يخل تركها به مسألة يستحب رفع الصوت بالاذان وعليه اجماع العلماء قال
رسول الله صلى الله عليه وآله يغفر للمؤذن مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس وقال أبو سعيد الخدري لرجل إذا كنت في غنمك أو باديتك فاذنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا
يسمع صوتك جن ولا انس الا شهد لك يوم القيمة سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا أذنت فلا تخفين صوتك فان الله يأجرك
مد صوتك فيه ولان القصد فيه الاعلام وهو يكثر برفع الصوت فيكون النفع به أتم وقد روى أن رفع الصوت بالاذان في المنزل يزيل العلل والأسقام و
يكثر النسل فان هشام بن إبراهيم شكى إلى الرضا (ع) سقمه وانه لا يولد له فأمره ان يرفع صوته بالاذان في منزله قال ففعلت فاذهب الله عنى سقمى وكثر ولدى قال محمد بن راشد
وكنت دايم العلة ما انفك منها في نفسي وجماعة خدمي فلما سمعت كلام هشام عملت به فاذهب الله عنى وعن عيالي العلل ولا يجهد نفسه في رفع صوته زيادة على طاقته لئلا يضر
بنفسه وينقطع صوته فان اذن العامة الناس جهر بجميع الاذان ولا يجهر ببعض ويخافت ببعض لئلا يفوت مقصود الاذان وهو الاعلام وان اذن لنفسه أو لجماعة من الحاضرين
جاز ان يخافت ويجهر ويخافت ببعض ويجهر ببعض مسألة يستحب الفصل بين الأذان والإقامة بجلسة أو سجدة أو سكتة أو خطوة أو صلاة ركعتين في الظهرين الا
المغرب فإنه لا يفصل بينهما الا بخطوة أو بسكتة أو بتسبيحة عند علمائنا وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال لبلال اجعل بين اذانك واقامتك قدر ما يفرغ الاكل من أكله والشارب
من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ومن طريق الخاصة ما رواه سليمان بن جعفر قال سمعت يقول أفرق بين الأذان والإقامة بجلوس أو ركعتين وقال الصادق (ع) بين
كل أذانين قعدة الا المغرب فان بينهما نفسا وكان الصادق والكاظم (ع) يؤذن للظهر على ست ركعات ويؤذن للعصر على ست ركعات بعد الظهر وروى عن الصادق
(ع) من جلس بين اذان المغرب والإقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله ولان الاذان للاعلام فيسن الانتظار ليدرك الناس الصلاة إذا عرفت هذا فقد قال احمد
باستحباب الفصل في المغرب بجلسة خفيفة وحكى عن أبي حنيفة والشافعي انه لا يسن في المغرب وسئل الصادق (ع) ما الذي يجزى من التسبيح بين الأذان والإقامة قال يقول الحمد لله
وقد روى أنه يقول إذا جلس بعد الاذان اللهم اجعل قلبي بارا ورزقي دارا واجعل لي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله قرارا ومستقرا البحث الثاني المحل
مسألة لا يسن الاذان لشئ من النوافل ولا لشئ من الفرايض عدا الخمس اليومية كالعيدين والكسوف والأموات بل يقول للمؤذن في الكسوف والعيد الصلاة
ثلاثا وكذا في الاستسقاء وفى الجنازة اشكال ينشأ من العموم ومن انتفاء الحاجة لحضور المشيعين وللشافعي قولان وعليه اجماع علماء الأمصار وفعل النبي صلى الله عليه وآله هذه
الصلوات من غير اذان ويستحب في الفرائض الخمس اليومية ويتأكد الاستحباب فيما يجهر فيه بالقرائة وأكده الغداة والمغرب لان في الجهر دلالة على طلب الاعلام فيها والتنبيه
في الاذان زيادة في المطلوب شرعا وشدة تأكيده في الصبح والمغرب لعدم التقصير فيهما فلا يقصر مندوباتهما وليكون افتتاح النهار والليل بذكر الله تعالى وقال الصادق (ع)
لا تدع الاذان في الصلوات كلها فان تركته فلا تتركه في المغرب والفجر فإنه ليس فيهما تقصير وقال الباقر (ع) ان أدنى ما يجزى من الاذان ان يفتح الليل باذان وإقامة ويجزيك
في ساير الصلوات إقامة بغير اذان مسألة يستحب الأذان والإقامة للفوايت من الخمس كما يستحب للحاضرة عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لقوله (ع) من فاتته صلاة
فريضة فليقضها كما فاتته ولان ما يسن الصلاة في أدائها يسن في قضائها كسائر الاذكار وقال الشافعي يقيم لكل صلاة وفى الاذان له ثلاثة أقوال أحدها لا يستحب الاذان وبه قال
مالك والأوزاعي وإسحاق لرواية ابن أبي
سعيد الخدري قال جلسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب يهوى من الليل فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بلالا فأمره فأقام الظهر
فصلاها ثم أقام العصر فصلاها ولان الاذان وضع للاعلام بدخول الوقت وهو منتف هنا ويحمل على العذر بالسفر والخوف وضيق وقت المغرب حينئذ مع أنه روى أنه
أمر بلالا فاذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ونفى المظنة لا يوجب نفى السبب كالمشقة وينتقض بالإقامة وتمنع العلية الثاني يؤذن للأولى خاصة وبه قال احمد وأبو ثور وابن المنذر
لان عمران بن حصين قال سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزاة أو سرية فلما كان اخر السحر عرسنا فما أيقظنا الا حر الشمس فأمرنا فارتحلنا ثم سرنا حتى ارتفعت الشمس ونزلنا
فقضى القوم حوائجهم وامر بلالا فاذن فصلينا ركعتين ثم امره فأقام فصلى الغداة ولا حجة فيه الثالث إن كان يرجو اجتماع الناس اذن لان النبي صلى الله عليه وآله لم يؤذن بعرفات
للعصر ولا بمزدلفة للعشاء لاجتماع الناس ولا حجة فيه لسقوطه هناك للاشتغال بالعبادة فروع - آ - الاذان وان استحب لكنه في الأداء أفضل اجماعا - ب - يجزيه مع التعدد الاذان
لأول الوقت (لأول ورده) ثم الإقامة للبواقي وان اقتصر على الإقامة في الجميع أجزأه - ج - إذا جمع بين صلوتين اذن للأولى منهما وأقام ويقيم للثانية خاصة سواء كان في وقت
الأولى أو الثانية وفى أي موضع كان لان الصادق (ع) روى عن أبيه عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة باذان واحد وإقامتين وقال أبو حنيفة لا يقيم ولا
يؤذن للعشاء بمزدلفة لان ابن عمر صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بمزدلفة بإقامة واحدة وقال صليتها مع رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك وعمله ليس حجة ونقل ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله انه جمع بينهما
بمزدلفة كل واحدة بإقامة وقال الشافعي ان جمع في وقت الأولى فكقولنا وان جمع في وقت الثانية فالأقاويل الثلاثة السابقة له - د - يسقط الاذان الثاني يوم الجمعة لان الجمعة يجمع
صلاتاها ويسقط ما بينهما من النوافل ولقول الباقر (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهرين باذان وإقامتين وكذا يسقط لو جمع بين الظهرين بعرفة والعشائين
بمزدلفة لقول الصادق (ع) السنة في الأذان والإقامة يوم عرفة ان يؤذن ويقيم للظهر ثم يصلى ثم يقوم فيقيم للعصر بغير اذان ولان الاذان للاعلام بدخول الوقت فإذا صلى وقت الأولى اذن
لوقتها ثم أقام للأخرى لأنه لم يدخل وقت يحتاج إلى الاعلام به وان جمع في وقت الثانية اذن لوقت الثانية وصلى الأولى لترتيب الثانية عليها ثم لا يعاد الاذان للثانية.
مسألة ويستحب الاذان لصلاة المنفرد كالجامع وان تأكد فيه سواء كان مسافرا أو حاضرا وبه قال الشافعي في المسافر وله في الحاضر قولان أحدهما الاكتفاء باذان العصر
لقوله (ع) إذا كان أحدكم في ارض فلاة ودخل عيه وقت الصلاة فان صلى بغير اذان وإقامة صلى وحده وان صلى بإقامة صلى معه ملكاه وان صلى باذان وإقامة صلى خلفه صف من الملائكة من الصلاة
أو لهم بالمشرق واخرهم بالمغرب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لمحمد بن مسلم انك إذا أذنت وأقمت صلى خلفك صفان من الملائكة وان أقمت بغير اذان صلى خلفك صف واحد ويدل
على الرجحان في الجماعة قول الصادق (ع) وقد سأله الحلبي عن الرجل هل يجزيه في السفر والحضر إقامة ليس معهما اذان قال نعم لا باس به وقال (ع) لعبد الله بن سنان يجزيك إذا
خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير اذان فروع - آ - المنفرد يقيم وهو أحد قولي الشيخ لان الإقامة للحاضرين والاخر لا يقيم كما لا يؤذن - ب - يستحب رفع الصوت به للمنفرد وهو أصح
وجهي الشافعي لقوله لا تسمع صوتك شجر ولا مدر الا شهد لك يوم القيمة - ج - لا فرق بين السفر والحضر لقول الصادق (ع) إذا أذنت في ارض فلاة وأقمت صلى خلفك صفان
من الملائكة وان أقمت قبل ان تؤذن صلى خلفك صف واحد مسألة يسقط الأذان والإقامة في الجماعة الثانية إذا لم تتفرق الجماعة الأولى عن المسجد وهو أحد قولي
106

الشافعي لانهم مدعوون بالاذان الأول فإذا أجابوا كانوا كالحاضرين في المرة الأولى ومع التفرق يصير كالمستأنفة ولقول الصادق (ع) وقد سئل قلت الرجل يدخل
المسجد وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم قال إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى باذانهم وإقامتهم فإن كان الصف تفرق اذن وأقام وفى الاخر يستحب مطلقا وبه قال
أبو حنيفة كما في الأولى لكن لا يرفع الصوت دفعا للالتباس وقال الحسن البصري والنخعي والشعبي الأفضل لهم الإقامة واطلقوا وقال احمد ان شاؤوا أذنوا وأقاموا وان
شاؤوا صلوا من غير اذان ولا إقامة وأطلق مسألة ويستحب في صلاة جماعة النساء ان تؤذن إحديهن وتقيم لكن لا تسمع الرجال عند علمائنا وهو أحد أقوال الشافعي
لان عايشة كانت تؤذن وتقيم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن المراة تؤذن حسن ان فعلت ولأنه ذكر في جماعة فاستحب كما في الرجال والثاني لا يستحبان
لان الاذان للاعلام وانما يحصل برفع الصوت والثالث وهو الأصح عندهم استحباب الإقامة خاصة لأنها لاستفتاح الصلاة وانتهاض الحاضرين وبه قال جابر وعطاء ومجاهد
والأوزاعي وقال احمد ان اذن فلا باس فروع - آ - الاستحباب في حق الرجال آكد - ب - يجزيها التكبير والشهادتان لقول الصادق (ع) وقد سئل عن المراة تؤذن للصلاة حسن ان فعلت
وان لم تفعل أجزأها ان تكبر وان تشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وسئل جميل بن دراج الصادق (ع) عن المراة أعليها اذان وإقامة فقال لا - ج - لو أذنت للرجال لم
يعتدوا به لأنه عورة فالجهر منهى عنه والنهى يدل على الفساد وبه قال الشافعي لان المراة كما لم يجز أن تكون إماما لم يجز ان تؤذن للرجال وقال الشيخ في المبسوط يعتدون به ويقيمون
وليس بجيد نعم لو كانوا أقارب يجوز بهم سماع صوتهن فالوجه ما قاله الشيخ ونمنع الملازمة بين الأذان والإقامة - د - الخنثى المشكل لا يؤذن للرجال لاحتمال ان يكون امرأة
مسألة إذا سمع الامام اذان منفرد جاز ان يستغنى به عن اذان الجماعة لان أبا مريم الأنصاري قال صلى بنا أبو جعفر الباقر (ع) في قميص بغير ازار ولا رداء ولا اذان ولا
إقامة فلما انصرف قلت له صليت بنا في قميص بلا اذان ولا رداء ولا اذان ولا إقامة فقال قميص كثيف فهو يجزى ان لا يكون على ازار ولا رداء وانى مررت بجعفر وهو
يؤذن ويقيم فأجزأني ذلك إما لو اذن بنية الانفراد ثم أراد ان يصلى جماعة استحب له الاستيناف لان الصادق (ع) سئل عن رجل يؤذن ويقيم ليصلى وحده فيجئ رجل اخر
فيقول له نصلى جماعة هل يجوز ان يصليا بذلك الأذان والإقامة قال لا ولكن يؤذن ويقيم البحث الثالث في المؤذن مسألة يشترط في المؤذن العقل باجماع العلماء
لعدم الاعتداد بعبادة المجنون والاسلام بالاجماع ولقوله (ع) الامام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم ارشد الأئمة واغفر للمؤذنين والكافر لا يصح الاستغفار له ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) لا يجوز ان يؤذن الا رجل مسلم عارف والذكورة أيضا شرط في حق الرجال وقد سلف إما البلوغ فلا يشترط مع التمييز عند علمائنا أجمع وبه قال عطا والشعبي
وابن ابن أبي
ليلى والشافعي وأبو حنيفة واحمد في رواية لان عبد الله بن ابن أبي
بكر بن انس قال كان عمومتي يأمرونني ان أؤذن لهم وانا غلام ولم احتلم وأنس بن مالك شاهد ولم ينكر
ومن طريق الخاصة قول علي (ع) لا باس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ولأنه ذكر تصح صلاته فاعتد باذانه كالبالغ وقال احمد في الأخرى لا يعتد به لأنه وضع للاعلام فلا يصح
منه لأنه لا يقبل خبره ولا روايته والاذان أخف من الرواية والخبر وقال داود لا يعتبر إذا اذن للرجال إما غير المميز فلا عبرة به باذانه اجماعا مسألة ويعتد باذان العبد
اجماعا لان الألفاظ الدالة على الحث على الاذان عامة تتناول العبد كما تتناول الحر ولأنه يصح ان يكون إماما فجاز ان يؤذن و الأقرب اشتراط اذن مولاه إذ له منعه من العبادات
المندوبة والاذان مندوب و المدبر وأم الولد كالقن إما المكاتب فيحتمل مشاركته إذ ليس له التصرف في نفسه الا بالاكتساب والجواز لانقطاع ولاية المولى عنه مسألة ويستحب ان يكون عدلا بالاجماع قال رسول الله صلى الله عليه وآله يؤذن لكم خياركم ولأنه مخبر
عن الوقت فيكون عدلا ليقبل اخباره ولأنه لا يؤمن من اطلاعه على العوذات ويعتد باذان مستور الخال اجماعا لعدم العلم بفسقه وهل يعتد باذان الفاسق قاله علماؤنا والشافعي
وعطا والشعبي وابن ابن أبي
ليلى واحمد في رواية لأنه ذكر بالغ فاعتد باذانه كالعدل وفى الأحرى لا يعتد به لأنه شرع للاعلام ولا يحصل لقوله وشرع الاعلام لا يقتضيه بل يقتضى النظر
في الدخول وعدمه وهل يصح اذان السكران الأقرب نعم إن كان محصلا وبه قال الشافعي إما لو كان مخبطا فالوجه عدم صحته كالمجنون وللشافعي وجهان واما الملحن فلا
يصح اذانه لأنه معصية فلا يكون مأمورا به فلا يكون مجزيا عن المشروع وكان لرسول الله صلى الله عليه وآله مؤذن يطرب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الاذان سهل سمح فإن كان
اذانك سهلا سمحا والا فلا تؤذن وعن أحمد روايتان إحديهما الجواز لحصول المقصود منه فكان كغير الملحن والفرق ظاهر للنهي عن الأول مسألة يستحب ان
يكون بصيرا اجماعا فان الأعمى لا يعرف الوقت فإذا اذن صح لان ابن أم مكتوم كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وكان يؤذن بعد بلال فتزول الكراهة ان تقدمه اذان بصير أو كان
معه بصير عارف بالوقت وينبغي ان يكون المؤذن بصيرا بالأوقات لئلا يغلط فيقدم الاذان على وقته أو يؤخره فان اذن الجاهل صح كالأعمى إذا سدده غيره ويستحب
ان يكون صيتا لعموم النفع به فان النبي صلى الله عليه وآله قال لعبد الله بن يزيد القه على بلال فإنه اندى منك صوتا أي ارفع ويستحب ان يكون حسن الصوت لأنه ارق
لسماعه مسألة يستحب ان يكون متطهرا اجماعا قال رسول الله صلى الله عليه وآله حق وسنة ان لا يؤذن واحد الا وهو متطهر ولأنه يستحب ان يصلى عقيب
الاذان ركعتين فان اذن جنبا أو محدثا أجزأ وبه قال أكثر العلماء لان قوله (ع) حق وسنة يعطى الندب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا باس ان تؤذن وأنت على غير طهور
ولا تقيم الا وأنت على وضوء وعن علي (ع) ولا باس ان يؤذن المؤذن وهو جنب ولا يقيم حتى يغتسل وقال احمد وإسحاق بن راهويه لا يعتد باذان غير المتطهر لأنه ذكر يتقدم
الصلاة فافتقر إلى الطهارة كالخطبة ونمنع الأصل ويفرق بوجوبها وإقامتها مقام الركعتين إذا ثبت هذا فإذا اذن الجنب لم يقف في المسجد فإذا اذن فيه مقيم فالوجه عدم الاعتداد
به للنهي واستحباب الطهارة من الجنابة اكد من الحدث فروع - آ - لو أحدث في حال الاذان تطهر وبنى - ب - الطهارة في الإقامة أشد لأنها أقرب إلى الصلاة والإقامة مع الجنابة أشد
كراهة من الحدث وليس شرطا فيها وبه قال الشافعي لان الأصل الجواز وقال المرتضى الطهارة شرط في الإقامة لقول الصادق (ع) ولا تقيم الا وأنت على وضوء - ج - لو أحدث في خلال الإقامة
استحب له استينافها مسألة يستحب ان يكون مستقبل القبلة حال الاذان باجماع العلماء لان مؤذني رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا يستقبلون القبلة وقال (ع) خير المجالس ما استقبل
به القبلة فان اذن غير مستقبل جاز اجماع لحصول المقصود فروع - آ - الاستقبال في الإقامة أشد وأوجبه المرتضى وهو ممنوع للأصل - ب - يكره الالتفات به يمينا وشمالا
سواء كان في المأذنة أو على الأرض عند علمائنا أو في شئ من فصوله وبه قال ابن سيرين لأنه ذكر مشروع يتقدم الصلاة فلا يستحب فيه الالتفات كالخطبة ولمنافاته الاستقبال
وقال الشافعي يستحب للمؤذن ان يلتوى في قوله حي على الصلاة حي على الفلاح برأسه وعنقه ولا يدير بدنه سواء كان في المأذنة أو لا لان بلالا اذن ولوى عنقه يمينا و
شمالا عند الحيعلتين وفعله ليس حجة وقال احمد إن كان على المنارة فعل ذلك والا فلا وقال أبو حنيفة إن كان فوق المنارة استدار بجميع بدنه وإن كان على الأرض لوى
عنقه لان بلالا داره في المأذنة وفعله ليس حجة - ج - يستحب ان يضع إصبعيه في اذنيه حال الاذان وبه قال الشافعي لان بلالا وضع يديه في اذنيه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
السنة ان تصنع إصبعيك في اذنيك في الاذان وقال احمد يستحب ان يجعل أصابعه مضمومة على اذنيه مسألة ويستحب ان يكون قائما اجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله
قال يا بلال قم فناد بالصلاة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) لا يؤذن جالسا الا راكبا ومريض ولأنه أبلغ لصوته وأن يكون على مرتفع اجماعا لأنه أبلغ لصوته ولقول الصادق (ع)
107

كان طول حايط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قامة وكان (ع) يقول لبلال إذا دخل الوقت يا بلال أعل فوق الجدار وارفع صوتك بالاذان فان الله تعالى قد وكل
بالاذان ريحا ترفعه إلى السماء فان الملائكة إذا سمعوا الاذان من أهل الأرض قالوا هذه أصوات أمة محمد صلى الله عليه وآله بتوحيد الله عز وجل ويستغفرون لامة محمد صلى الله عليه وآله حتى
يفرغوا من تلك الصلاة قال الشيخ يكره الاذان في الصومعة وسال علي بن جعفر أخاه موسى (ع) عن الاذان في المنارة أسنة هو فقال انما كان يؤذن النبي صلى الله عليه وآله في الأرض ولم
يكن يومئذ منارة فروع - آ - يجوز ان يؤذن جالسا اجماعا لان الاذان غير واجب فلا تجب هيئاته ولقول محمد بن مسلم قلت يؤذن الرجل وهو قاعد قال نعم - ب -
القيام في الإقامة أشد استحبابا لقول العبد الصالح (ع) ولا يقيم الا وهو قائم - ج - يجوز ان يؤذن راكبا وماشيا وتركه أفضل ويتأكد في الإقامة لقول الصادق (ع) ولا باس ان يؤذن
راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء ولا تقيم وأنت راكب أو جالس الا من علة أو تكون في ارض ملصة - د - يستحب له ان يستقبل القبلة حال تشهده لقول أحدهما (ع) وقد
سئل عن الرجل يؤذن وهو يمشى وعلى ظهر دابته وعلى غير طهور وقال نعم إذا كان للتشهد مستقبل القبلة فلا باس - ه‍ - لا باس ان يقيم وهو ماش إلى الصلاة لان الصادق (ع)
سئل أؤذن وانا راكب فقال نعم قلت فأقيم وانا راكب فقال لا فقلت فأقيم وانا ماش فقال نعم ماش إلى الصلاة قال ثم قال لي إذا أقمت فاقم مرسلا فإنك في الصلاة فقلت
له قد سألتك أقيم وانا ماش فقلت لي نعم أفيجوز ان امشي في الصلاة قال نعم إذا دخلت من باب المسجد فكبرت وأنت مع امام عادل ثم مشيت إلى الصلاة أجزأك ذلك مسألة
لا يختص الاذان بقبيل بل يستحب لمن جمع الصفات عند علمائنا لتواتر الاخبار على الحث عليه مطلقا فلا يتقيد الا بدليل وقال الشافعي أحب ان يجعل الاذان إلى أولاد المؤذنين
في عهد النبي صلى الله عليه وآله كأولاد ابن أبي
مخدورة وسعد القرظ فان انقرضوا ففي أولاد أحد الصحابة فان تشاح نفسان في الاذان قال الشيخ يقرع لقول النبي صلى الله عليه وآله
لو يعلم الناس ما في الاذان والصف الأول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لفعلوا فدل على جواز الاستهام فيه وهذا القول جيد مع فرض التساوي في الصفات المعتبرة في التأذين
وان لم يتساو وأقدم من كان أعلا صوتا وأبلغ في معرفة الوقت وأشد محافظة عليه ومن يرتضيه الجيران واعف عن النظر فروع - آ - يجوز ان يؤذن جماعة في وقت واحد
كل واحد في زاوية عملا باستحباب عموم الاذان وانتفاء المانع فظاهر كلام الشافعي ذلك وفى قول بعض أصحابه لا يتجاوز أربعة لان عثمان اتخذ أربعة مؤذنين ولا مانع فيه من الزيادة
- ب - قال الشيخ في المبسوط إذا كانوا اثنين جاز ان يؤذنوا في موضع واحد فإنه اذان واحد فاما إذا اذن واحد بعد الاخر فليس ذلك بمسنون وهو جيد لما فيه من تأخير الصلاة عن وقتها نعم لو
احتيج إلى ذلك لانتظار الامام أو كثرة المأمومين فالوجه الجواز - ج - يكره التراسل وهو ان يبنى أحدهما على فصول الاخر - د - لا ينبغي ان يسبق المؤذن الراتب بل يؤذن
بعده لان أبا مخدورة وبلالا لم يسبقهما أحد فيه - ه‍ - يجوز ان يؤذن واحد ويقيم غيره وبه قال أبو حنيفة ومالك لان بلالا اذن وأقام عبد الله بن زيد ومن طريق
الخاصة ما روى أن الصادق (ع) كان يقيم بعد اذان غيره ويؤذن ويقيم غيره وقال الشافعي واحمد والثوري والليث وأبو حنيفة في رواية يستحب ان يتولاهما الواحد كالخطبتين
والفرق ظاهر - و - يجوز ان يفارق موضع اذانه ثم يقيم عملا بالأصل ولان الاذان يستحب في المواضع المرتفعة والإقامة في موضع الصلاة وقال احمد يستحب ان يقيم موضع اذانه
ولم يبلغني فيه شئ وإذا لم يبلغني فيه شئ كيف يصير إلى ما ذهب إليه - ز - لا يقيم حتى يأذن له الامام لان عليا (ع) قال المؤذن أملك بالإقامة والامام أملك بالإقامة - ح - قال
الشيخ إذا اذن في مسجد جماعة دفعة لصلاة بعينها كان ذلك كافيا لكل من يصلى تلك الصلاة في ذلك المسجد ويجوز ان يؤذن ويقيم فيما بينه وبين نفسه - ط - يكره اذان
اللاحن لأنه ربما غير المعنى فإذا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله أخرجه عن الخبرية ولا يمد أكبر لأنه يصير جمع كبر وهو الطبل ولا يسقط الهاء من اسمه تعالى واسم الصلاة ولا الحاء من الفلاح قال
الصادق (ع) لا يؤذن لكم من يدغم الهاء قلنا وكيف يقول قال اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وإن كان الثغ
غير متفاحش جاز ان يؤذن فان بلالا كان يجعل الشين سينا البحث الرابع في الاحكام مسألة الأذان والإقامة مستحبان في جميع الفرايض اليومية للمنفرد والجامع
على أقوى الأقوال وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان عبد الله بن عمر صلى بغير اذان ولا إقامة ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث الباقر (ع) حيث صلى لما سمع مجتازا اذان
الصادق (ع) ولان الأصل عدم الوجوب ولان النبي صلى الله عليه وآله قال للاعرابي المسئ في صلاته إذا أردت صلاة فاحسن الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ولم يأمره بالاذان
وقال السيد المرتضى وابن ابن أبي
عقيل بوجوب الأذان والإقامة في الغداة والمغرب لقول الصادق (ع) لا تصل الغداة والمغرب الا باذان وإقامة
وهو محمول على الاستحباب ومعارض
بقول الصادق (ع) وقد سئل عن الإقامة بغير اذان في المغرب فقال ليس به بأس وما أحب يعتاد وقال السيد يجبان فيهما سفرا وحضرا وهو ممنوع لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل
هل يجزئه في السفر والحضر إقامة ليس معها اذان فقال نعم لا باس به وقال السيد المرتضى وابن ابن أبي
عقيل تجب الإقامة على الرجل في جميع الصلوات لقول الصادق (ع) يجزيك إذا خلوت
في بيتك إقامة واحدة بغير اذان ومفهوم الأجزاء الوجوب وهو ممنوع فان الأجزاء كما يأتي في الصحة يأتي في الفضيلة وقال الشيخان والمرتضى يجبان في صلاة الجماعة لقول أحدهما (ع)
ان صليت جماعة لم يجز الا باذان وإقامة وهو محمول على شدة الاستحباب وللشيخ قول في الخلاف انهما مستحبان في الجماعة أيضا واستدل بأصالة براءة الذمة وبه قال الشافعي وهو الحق عندي
وقال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية بان الاذان فرض من فروض الكفاية فان وقع في قرية كفى الواحد وفى البلد يجب في كل محلة وان اتفق أهل بلد على تركه قاتلهم الامام
وقال داود بوجوب الأذان والإقامة على الأعيان الا انهما ليسا بشرط في الصلاة لان النبي صلى الله عليه وآله قال لمالك بن الحويرث وأصاحبه إذا سافرتما فاذنا وأقيما
وليؤمكما أكبركما والامر للوجوب وهو ممنوع وقال احمد انه فرض على الكفاية وقال الأوزاعي من نسى الاذان أعاد في الوقت وقال عطا من نسى الإقامة أعاد الصلاة مسألة
لا يجوز الاذان قبل دخول الوقت غير الصبح باجماع علماء الاسلام لأنه وضع للاعلام بدخول الوقت فلا يقع قبله إما في صلاة الصبح فيجوز تقديمه رخصة لكن
يعاد بعد طلوعه وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وأبو يوسف لان النبي صلى الله عليه وآله قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا و
اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ومن طريق الخاصة مثل ذلك رواه الصدوق (ره) الا أنه قال إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال قال وكان
ابن مكتوم يؤذن قبل الفجر وبلال بعده فغيرت العامة النقل وقول الصادق (ع) وقد قال له ابن سنان ان لنا مؤذنا يؤذن بليل ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة
واما السنة فإنه ينادى من طلوع الفجر ولان فيه تنبيها للنائمين ومنعا للصائمين عن التناول واحتياطهم في الوقت وقال أبو حنيفة والثوري لا يجوز الا بعد طلوع الفجر
لان النبي صلى الله عليه وآله قال لبلال لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر ولأنها صلاة فلا يقدم اذانها كغيرها من الصلوات ويحتمل انه (ع) أراد الاذان الثاني وهذه الصلاة تخالف سائر
الصلوات لدخول وقتها والناس نيام واستحب علماؤنا اعادته بعد الفجر لقول الصادق (ع) واما السنة فإنه ينادى من طلوع الفجر فلان الأول يعلم به قرب الوقت والثاني
دخوله لئلا يتوهم بذلك طلوع الفجر فروع - آ - لا ينبغي تقديمه بزمان طويل لئلا يفوت المقصود منه وهو الاستعداد للصلاة طلبا لفضيلة أول الوقت وقد روى أن
بين اذان بلال وابن أم مكتوم ان ينزل هذا ويصعد هذا وقال الشافعي يجوز بعد نصف الليل وبه قال احمد - ب - لا يشترط ان يكون معه مؤذن اخر بل لو كان المؤذن
108

واحدا استحب له اعادته بعد الفجر وان أراد الاقتصار على المرة اذن بعده وقال احمد يشترط كبلال وابن مكتوم وهو اتفاقي - ج - ينبغي ان يجعل المقدم اذانه في وقت واحد
ليعلم الناس عادته فيعرفوا الوقت باذانه - د - لا يكره قبل الفجر في رمضان لان بلالا كان يفعل ذلك وقال (ع) لا يمنعكم من سحوركم اذان بلال وهو يعطى تسويغه وقال احمد يكره
في رمضان لئلا يمتنعوا من السحور - ه‍ - يستحب ان يؤذن في أول الوقت ليعلم الناس فتأهبوا للصلاة في أول وقتها بلا خلاف مسألة لو ترك الأذان والإقامة متعمدا
وصلى استمر على حاله ولا يعيد صلاته وإن كان ناسا تداركهما ما لم يركع ويستقبل صلاته استحبابا لا وجوبا وبه قال المرتضى لان النسيان عذر فجاز ان يستدركه قبل الركوع
لان الركوع يحصل منه أكثر أركان الصلاة فلا تبطل بعده ولقول الصادق (ع) إذا افتتحت الصلاة فنسيت ان تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل ان تركع فانصرف فاذن وأقم
واستفتح الصلاة وان كنت ركعت فأتم صلاتك وليس هذا واجب اجماعا ولما رواه زرارة عن الصادق (ع) قلت الرجل ينسى الأذان والإقامة حتى يكبر قال يمضى في صلاته ولا
يعيد وقال الشيخ ان تركهما متعمدا استأنف ما لم يركع وإن كان ناسيا استمر وقال ابن ابن أبي
عقيل ان تركه متعمدا واستخفافا فعليه الإعادة والأصل صحة الصلاة والمنع من
ابطالها خولف في النسيان لمصلحة الاستدراك فيبقى في العهد على أصله مسألة يحرم اخذ الأجرة على الاذان وبه قال أبو حنيفة واحمد والأوزاعي لان النبي صلى الله عليه وآله
قال لعثمان بن ابن أبي
العاص اتخذ مؤذنا لا يأخذ على الاذان أجرا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) عن أبيه عن علي (ع) قال اخر ما فارقت عليه حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله
أن قال يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على اذانه اجرا ولأنها قربة لنفسه فيحرم فيها الأجرة كالصلاة وقال المرتضى يكره عملا
بالأصل وقال الشافعي ومالك بالجواز لأنه عمل معلوم يجوز اخذ الرزق عليه فجاز اخذ الأجرة والملازمة ممنوعة فروع - آ - يجوز اخذ الرزق عليه اجماعا لحاجة المسلمين إليه وقد لا
يوجد متطوع به - ب - يرزقه الامام من بيت المال مع عدم المتطوع ومن خاص الإمام قال الشيخ ولا يعطيه من الصدقات ولا من الأخماس لان لها أقواما مخصوصين وقال
الشافعي يعطيه من خمس خمس الغنيمة والفئ لأنه معد للمصالح واما أربعة أخماس الفئ فله قولان أحدهما انه معد للمجاهدين والثاني للمصالح وسيأتي - ج - إذا وجد المتطوع
الأمين لم يرزق أحدا ولو وجد الفاسق جاز ان يرزق العدل ولا باس به ولو احتاج البلد إلى أكثر من مؤذن واحد رزق ما تندفع به الحاجة مسألة تستحب الحكاية
لسامع الاذان اجماعا لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال ولو سمعت
لمنادى ينادى بالاذان وأنت على الخلا فاذكر الله عز وجل وقل كما يقول قال ابن بابويه وروى أن من سمع الاذان فقال كما يقول المؤذن زيد في رزقه فروع - آ - لو كان يقرأ القرآن
قطعه وحكى الاذان للعموم ولان القراءة لا تفوت والقول مع المؤذن يفوت وبه قال الشافعي - ب - لو كان مصليا فرضا أو نفلا لم يحل الاذان واشتغل بصلاته وبه قال
الشافعي لأنه يقطعه عن الاقبال على الصلاة وقال مالك والليث يعيد في النافلة خاصة الا في الحيعلتين فإنه يقول فيهما لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم - ج - لو حكى في
الصلاة قال الشيخ لا تبطل صلاته لجواز الدعاء فيها الا انه لا يقول حي على الصلاة لأنه ليس بتحميد ولا تكبير بل هو كلام الآدميين فان قال بدلا من ذلك لا حول ولا قوة الا
بالله لم تبطل وبه قال الشافعي - د - لو فرغ من صلاته ولم يحكيه فيها كان مخيرا بين الحكاية وعدمها قال الشيخ لا مزية لأحدهما من حيث كونه اذانا بل من حيث كونه تسبيحا وتكبيرا و
قال الشافعي يستحب دون استحباب ما يسمعه في غير الصلاة - ه‍ - روي أنه يستحب إذا سمع المؤذن يقول أشهد أن لا إله إلا الله أن يقول وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا وبالأئمة الطاهرين أئمة ويصلى على
النبي وآله عليهم السلام ويقول اللهم رب هذه الدعوة التامة
والصلاة الدائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته وارزقني شفاعته يوم القيمة - و - قال الصادق (ع) من قال حين يسمع أذان الصبح اللهم إني
أسئلك بإقبال نهارك وإدبار نهارك وإدبار ليلك وحضور صلواتك وأصوات دعاتك أن تتوب على إنك أنت التواب الرحيم وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب ثم مات من
يومه أو ليلته مات تائبا - ز - لو نقص المؤذن استحب له إتمام ما نقصه تحصيلا لكمال السنة ولقول الصادق (ع) إذا نقص المؤذن الاذان وأنت تريد أن تصلى باذانه فأتم ما نقص
هو من اذانه - ح - ليس من السنة أن يلتفت الامام بعد الفراغ من الإقامة يمينا وشمالا ولا يقول استووا رحمكم الله لعدم دليله مسألة لو أحدث في الصلاة أعادها ولم يعد الإقامة
لأن الطهارة ليست شرطا فيها فلا تؤثر في اعادتها إما لو تكلم أعاد الإقامة والصلاة لقول الصادق (ع) لا تكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة مسألة لو صلى
خلف من لا يقتدى به اذن لنفسه وأقام ولو خاف فوت الصلاة اقتصر على تكبيرتين وقد قامت الصلاة لان ذلك أهم فصول الإقامة ولقول الصادق (ع) إذا دخل الرجل المسجد
وهو لا يأتم بصاحبه فخشى ان هو اذن وأقام ان يركع الامام فليقل قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وليدخل في الصلاة قال الشيخ وقد روى
إنه يقول ما يتركه من قول حي على خير العمل مسألة إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة قام المصلون وبه قال مالك واحمد لأنه وقت المبالغة في الاستدعاء إلى القيام كما
في ايجاب البيع ولان حفص بن سالم سأل الصادق (ع) إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة أيقوم القوم على أرجلهم أو يجلسون حتى يجئ امامهم قال بل يقومون على أرجلهم فان جاء
امامهم والا يؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم وقال الشافعي إذا فرغ المؤذن من الإقامة وقال أبو حنيفة إذا قال حي على الصلاة فإذا قال قد قامت الصلاة كبر
المقصد الثاني في أفعالها وتروكها وكل منهما إما واجب أو ندب ويجب معرفة ذلك كله إما بالدليل أو التقليد للمجتهد فلو قلد غير مجتهد في الاحكام لم تصح صلاته ويجب
ايقاع كل من الواجب والندب على وجهه فلو أوقع الواجب على جهة الندب بطلت صلاته لعدم الامتثال ولو أوقع الندب على جهة الوجوب فإن كان ذكرا فيها بطلت صلاته
إذ المأتي به غير مشروع فيدخل تحت من يتكلم في الصلاة عامدا وليس الجهل عذرا خلافا للشافعي لأنه لم يوقعه على وجهه فلا يكون من الصلاة واحتجاجه وان السنة تودي
بنية الفرض ممنوع وإن كان فعلا فإن كان كثيرا أبطل الصلاة والا فلا وانا أسوق إليك إن شاء الله تعالى الأفعال الواجبة وهي القيام والنية وتكبيرة الاحرام والقراءة
والركوع والسجود وأذكارهما والتشهد وفي التسليم قولان ثم اعقب بالمندوبة ثم أتلو ذلك كله بالتروك في فصول الفصل الأول الأفعال الواجبة وفيه مباحث الأول في
القيام مسألة القيام واجب في الصلاة الواجبة اجماعا وركن فيها لقوله تعالى وقوموا لله قانتين أي مطيعين لقوله (ع) لرافع بن خديج صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا
فإن لم تستطع فعلى جنب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في المريض يصلى قائما فإن لم يقدر على ذلك صلى جالسا ولا فرق في وجوبه بين ان يعجز عن الركوع والسجود مع القدرة على
القيام وبين أن لا يعجز عند علمائنا وبه قال الشافعي فيقوم ويؤمى للركوع والسجود دون القيام سقط عنه القيام لان كل صلاة لا يجب فيها الركوع والسجود ولا يجب فيها القيام
كالنافلة على الراحلة والنافلة لا يجب فيها شئ من ذلك بخلاف الفريضة مسألة وحد القيام الاقلال منتصبا مع القدرة فلا يجوز له الاتكاء والاستناد من غير
حاجة بحيث لو سل السناد لسقط وفى الاخر يكره الاستناد فان عجز عن الاقلال جاز ان يستند إلى جدار وغيره وأن يتكى عليه منتصبا على أي جانبيه شاء وهو
أحد وجهي الشافعي لوجود المقتضى للقيام وهو الامر فلا يسقط بالعجز عن هيئته ولقول الصادق (ع) لا تستند إلى جدار وأنت تصلى الا أن تكون مريضا وللشافعي قول بسقوط القيام
109

في هذه الحالة ولو عجز عن الانتصاب قام منحنيا والمعتبر نصب القفار فلا يضر أطراف الرأس ولا يجوز له مع القدرة أن ينحنى قليلا ولا كثيرا وهو أظهر وجهي الشافعي وفى الاخر
يجوز في اليسير تذنيب يستحب حال قيامه ان يفصل بين رجليه من أربع أصابع إلى شبر وان يستقبل بأصابعهما إلى القبلة وقال بعض علمائنا يجب وليس بمعتمد للأصل مسألة
القيام ركن مع القدرة لو أخل به عمدا أو سهوا بطلت صلاته لعدم الامتثال ويجب مدة القراءة فلو ركع قبل إكمالها مع القدرة بطلت صلاته ولو عجز عنه مدة القراءة
وجب أن يقوم مدة قدرته لان القيام يجب في جميع القراءة فالعجز عن البعض لا يسقط الاخر ولو عجز عن القيام وكان كالراكع خلفة لكبر وغيره وجب ان يقوم بغير مكنة وهو الاظهر
من مذهبي الشافعي وفى الآخر يقعد لئلا يتأدى القيام بهيئة الركوع والوقوف على هيئة الراكع أقرب إلى القيام فيجب فإذا ركع وجب أن ينحنى يسيرا ليفرق بين ركوعه وقيامه
ويحتمل السقوط لان ذلك واجب الركوع مسألة ولو عجز عن القيام أصلا صلى قاعدا باجماع العلماء وفى اخذ العجز روايتان إحديهما المصير إلى ظنه بانتفاء قدرته
على الاقلال والاتكاء لان جميلا سأل الصادق (ع) ما حد المريض الذي يصلى قاعدا قال إن الرجل ليوعك ويخرج ولكنه أعلم بنفسه إذا قوى فليقم وقال الباقر (ع) بل
الانسان على نفسه بصيرة ذاك إليه هو أعلم بنفسه الثانية العجز عن المشي قدر الصلاة لان سليمان بن حفص قال قال الفقيه (ع) المريض انما يصلى قاعدا إذا صار الحال التي لا يقدر
فيها على المشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائما والأولى أولي ولو عجز عن القيام وقدر على المشي وجب المشي ولا يصلى حينئذ قاعدا فروع - آ - لو صلى قاعدا لعجزه وتمكن
من القيام للركوع وجب لأنها حالة يجب فيها القيام فلا يسقط مع القدرة - ب - لو صلى قاعدا وعجز عن الركوع والسجود أومأ لهما كما يؤمى القيام للضرورة ويدنى جبهته من الأرض
إلى اقصى ما يقدر عليه ولو قدر ان يسجد على صدغيه وجب لقرب جبهته من الأرض. - ج - لو افتقر إلى نصب مخدة وشبهها جاز ولم يجز الايماء لأنه أتم من الايماء و جوزه
الشافعي وأبو حنيفة ولا فرق بين ان يكون على فخذيه أو على يديه أو على الأرض وقال الشافعي ان وضعهما على يديه لم يجز لأنه سجد على ما هو عامل له ومنع بطلان اللازم
مسألة يستحب للقاعد ان يتربع قاريا ويثنى رجليه راكعا ويتورك متشهدا لقول أحدهما (ع) كان ابن أبي
إذا صلى جالسا يتربع فإذا ركع ثنى رجليه وللشافعي قولان أحدهما
يتربع حالة القيام ويفترش متشهدا كالقايم وبه قال مالك والثوري وأبو يوسف واحمد وإسحاق والليث لان عايشة قالت رأيت النبي صلى الله عليه وآله يصلى النفل
متربعا ولان هذا الجلوس بدل عن القيام فينبغي ان يخالف هيئته هيئة غيره كمخالفة القيام لغيره الثاني انه يجلس كما يجلس في التشهد وعن أبي حنيفة روايتان إحديهما
كقولنا والثانية يجلس كيف شاء لان القيام سقط تخفيفا فتسقط هيئته وهو غلط لأنه سقط عنه ما عجز عنه فلا يسقط غيره وقال زفر يجلس مفترشا لان ابن مسعود
كره التربيع وحديث النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (على) أولي من ابن مسعود مسألة لو عجز عن القعود صلى مضطجعا على جانبه الأيمن مؤميا مستقبل القبلة بمقاديم بدنه كالموضوع
في اللحد وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم تلاها النبي صلى الله عليه وآله لعمر ابن حصين قال له صل قائما فإن لم
تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبيك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) المريض إذا لم يقدر أن يصلى قاعدا يوجه كما يوجه الرجل في لحده وينام على جانبه الأيمن
يؤمى بالصلاة فإن لم يقدر على جانبه الأيمن فكيف ما قدر فإنه جايز ويستقبل بوجهه القبلة ثم يؤمى بالصلاة إيماء وللشافعي قول آخر انه يستلقى على ظهره ويجعل رجليه
إلى القبلة وبه قال أبو حنيفة لأنه أمكن للتوجه إلى القبلة وهو ممنوع لأنه حينئذ يستقبل السماء إذا عرفت هذا فإنه يكون معترضا بين يدي القبلة ولو اضطجع على شقه الأيسر
مستقبلا فالوجه الجواز ولبعض الشافعية تكون رجلاه في القبلة حتى إذا ما أومى يكون ايماؤه إلى ناحية القبلة مسألة لو عجز عن الاضطجاع صلى مستلقيا
على قفاه مؤميا برأسه فان عجز عن الايماء بالرأس اومى بعينيه وبه قال الشافعي لان عليا (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى المريض قائما فإن لم يستطع صلى
جالسا فإن لم يستطع صلى على جنب مستقبل القبلة فإن لم يستطع صلى مستلقيا على قفاه ورجلاه في القبلة واومى بطرفه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) المريض إذا لم يقدر على الصلاة
جالسا صلى مستلقيا يكبر ثم يقرأ فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم يسبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع فإذا أراد أن يسجد غمض عينيه ثم يسبح
فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من السجود ثم يتشهد وينصرف وقال أبو حنيفة تسقط الصلاة ويقضى لأنه عجز عن القيام وعما يقوم مقامه وهو ممنوع
وقال مالك تسقط ولا يقضى إذا عرفت هذا فإنه يصلى بالايماء فان عجز جعل الايماء بطرف العين فإن لم يقدر أجري أفعال الصلاة على قلبه وحرك بالقرائة والذكر
لسانه فإن لم يقدر أخطرها بالبال وكذا الأعمى أو وجع العين يكتفى بالاذكار مسألة لو كان به رمد وهو قادر على القيام فقال العالم بالطب إذا صلى مستلقيا
يرجى له البرء جاز ذلك وبه قال أبو حنيفة والثوري للمشقة فيسقط موجبها ولان الصوم يترك للرمد وقال مالك والأوزاعي لا يجوز لان ابن عباس لم ترخص له
الصحابة في الصلاة مستلقيا فروع - آ - لا يجوز ان يأتم القائم بالقاعد وقال الشافعي يلزمه القيام وقال احمد يصلى جالسا كامامه وسيأتي - ب - لو كان يقدر على القيام لم يسقط
لجهله بالقرائة والذكر بل يجب عليه القيام وبه قال الشافعي وقال مالك لا يلزمه القيام - ج - لو كان لا يتمكن من القيام الا بمعاون وجب فإن لم يجد المتبرع استأجر وان زاد
على أجرة المثل وجوبا فان عجز صلى جالسا - د - لو صلى في السفينة وخاف دوران رأسه مع القيام ولم يقدر على الشط صلى جالسا للضرورة وقال الشافعي يجب القيام - ه‍ -
لو خاف من القيام ان يراه العدو صلى جالسا وأجزأه للضرورة وهو أصح وجهي الشافعي وفى الاخر يقضى - و - الكمين إذا صلوا في وهذه قعودا صحت صلاتهم لان لهم غرضا التوصل
إلى قهر العدو وللشافعية وجهان - ز - لو تمكن من القيام منفردا وعجز في الجماعة لتطويل الامام لم تجز له الجماعة وقال الشافعي يجوز فيجلس إذا عجز - ح - كل ذي عذر يمنعه عن القيام
والقعود يصلى مستلقيا دفعا للحرج لان الصادق (ع) جوزه وقال ليس شئ حرم الله الا وقد أباحه لمن اضطر إليه وقال مالك لا يجوز وليس بجيد مسألة ينتقل
كل من القادر والعاجز عن حالة إلى أخرى عند حصول سببها فلو قدر القاعد على القيام وجب ويبنى وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف لان زوال العذر إذا لم يورثه عملا
طويلا لم يبطل الصلاة وقال محمد تبطل ولا يبنى إحديهما على الأخرى فإن لم يفعل بطلت صلاته وهو أحد قولي الشافعي لأنه قادر على الامتثال ولم يفعل وإن قام فإن كان
الخف قبل القراءة قام ثم قرأ ولا يجوز ان يقرأ وهو اخذ في القيام لان فرض القراءة توجه عليه في حالة الانتصاب وهو قادر فان فعل استأنف وإن كان في الأثناء
سكت إلى أن ينتصب وليس له القراءة في حالة أخذه للقيام كما تقدم فإذا انتصب تخير بين الاستيناف ليقع جميع القراءة منتصبا وبين الاتمام للاجزاء فيما
فعل وان قدر بعد القراءة وجب ان يقوم للركوع ولا يجب عليه الطمأنينة في هذا القيام وهل يستحب له إعادة القراءة قال الشافعي نعم وليس بجيد
لان القراءة لا تكرر في الركعة الواحدة وقد فعل المأمور به ولو خف في ركوعه قبل الطمأنينة وجب أن يرتفع منحنيا إلى حد الراكعين ولا يجوز له أن ينتصب ثم يركع
لئلا يزيد ركوعا ولو خف بعد الطمأنينة فقد تم ركوعه وان خف في الاعتدال من الركوع قبل الطمأنينة فعليه ان يقوم بالاعتدال ويطمئن فيه وان اطمأن فهل
عليه ان يقوم ليسجد عن قيام إشكال وللشافعي وجهان ولو عجز حالة القيام عنه قعد فان اتفق حال القراءة قعد قاريا لان الهوى أكمل من القعود ولو صلى بالايماء
فقدر على القعود وجب وكذا لو قدر على القيام ولا تبطل صلاته بل يتم وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وصاحباه تبطل الصلاة مع أن أبا حنيفة قال القاعد
110

إذا قدر على القيام قام وبنى والقائم إذا عجز عنه يقعد فاما المضطجع إذا قدر على القيام أو على القعود بطلت صلاته ولا يبنى عليها وكذا القاعد إذا عجز عن القعود ولا
يضطجع بل يستأنف وحاصل مذهبه ان الاضطجاع لا يبنى على القيام ولا على القعود ولا بالعكس مسألة لا يجب القيام في النافلة اجماعا وإن كان قادرا لان عبد الله بن
عمرو بن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وآله بلغني انك قلت إن صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة وأنت تصلى قاعدا فقال أجل ولكني لست كأحد منكم ومن طريق الخاصة قول الصادق
(ع) إذا أردت ان تدرك صلاة القائم فاقرأ وأنت جالس فإذا بقى من السورة آيتان فقم فأتم ما بقى واركع واسجد ولان النوافل تكثر فلو لا تسويغ الجلوس لزم المشقة
وهل يجوز مضطجعا مع القدرة على القعود والقيام إشكال ينشأ من عدم وجوبها فلا يجب كيفيتها ومن انه يمحو صورة الصلاة وللشافعية قولان ولو قلنا بجواز
الاضطجاع فالأقرب جواز الايماء بالركوع والسجود وإذا صلى جالسا استحب احتساب كل ركعتين بركعة من قيام وهو يحتسب في الاضطجاع كذلك أو أربعا نظر لعدم
التنصيص البحث الثاني النية مسألة النية ركن بمعنى إن الصلاة تبطل مع الاخلال بها عمدا وسهوا باجماع العلماء لقوله تعالى وما أمر والا ليعبدوا
الله مخلصين له الدين ولا يتحقق الاخلاص من دونها ولقوله صلى الله عليه وآله إنما الأعمال بالنيات ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) لا عمل إلا بالنية ولان الافعال يمكن ان تقع على وجوه
غير مرادة فلا يختص بمراد الشارع الا بالنية وهي عبارة عن القصد فمحلها القلب ولا اعتبار فيها باللسان عند الافتقار تخصيص بالافعال بالوجوه والاعتبارات إلى
الإرادة وهي من أفعال القلوب ولا اثر للفظ في الاختصاص فيسقط اعتباره وقال بعض الشافعية يستحب التلفظ بها مع القصد وقال بعضهم يجب وكلا هما ممنوع وهل هي شرط
أو جزء من الصلاة لأنها يتعلق بالصلاة فتكون خارجة وإلا لتعلقت بنفسها إشكال مسألة وكيفيتها أن يقصد ايقاع صلاة معينة لوجوبها أو ندبها أداء أو
قضاء متقربا إلى الله تعالى إما قصد الصلاة فهو واجب إجماعا فلا يكفي فعلها من غير قصدها واما التعيين
فواجب عند علمائنا أجمع فيأتي بظهر أو عصر أو جمعة ولا يكفي نية
فريضة الوقت عن نية الظهر أو العصر مثلا وهو أصح وجهي الشافعية وفى وجه الاكتفاء ولا يصح الظهر بنية الجمعة وللشافعية وجه ضعيف ولا تصح الجمعة بنية مطلق الظهر
وهل تصح بنية ظهر مقصورة الأقرب المنع خلافا للشافعي واما الفرضية أو الندبية فلا بد من التعرض لهما عندنا وهو أحد وجهي الشافعي لان الظهر مثلا تقع على وجهي
الفرض والنفل كصلاة الصبى ومن أعادها للجماعة فلا يتخصص بأحدهما الا بالقصد وقال أبو حنيفة تكفى صلاة الظهر عن نية الفرض وبه قال ابن أبي هريرة من الشافعية لان
الظهر لا تكون الا واجبة وتقدم بطلانه وأما الأداء والقضاء فهو شرط عندنا وهو أحد وجهي الشافعي لان الفعل مشترك بينهما فلا يتخصص بأحدهما الا بالنية إذ القصد
بها تميز بعض الأفعال عن بعض والاخر لا يشترط لأنه لو صلى في يوم غيم ثم بان انه صلى بعد الوقت أجزأه وإن لم ينو الفائتة وكذا لو اعتقد فوات الوقت فنوى القضاء ثم بان
الخلاف والفرق ظاهر فإنه نوى صلاة وقت بعينه وهو ظهر هذا اليوم فكيف وقعت أجزأه سواء وقت أداء أو قضاء لأنه عين وقت وجوبها ويجرى مجرى من نوى صلاة
أمس فإنه تجزئه عن القضاء وانما يتصور الخلاف فيمن عليه فايتة الظهر إذا صلى وقت الظهر ينوى صلاة الظهر الفريضة فان هذه الصلاة لا تقع بحكم الوقت عندنا وتقع
عند المجوزين وإذا كان نسى انه صلى فصلى ثانيا ينوى صلاة الفريضة فإنه لا تجزئه عن القضاء عندنا وهل يقع نافلة للشافعي وجهان وتجزى عن القضاء عند الآخرين ويلزمهم
انه من اعتقد دخول الوقت ولم يكن دخل فصلى ظهره انها تجزئه عن الفايتة واما التقرب إلى الله تعالى فلابد منه عندنا لان الاخلاص إنما يتحقق به وللشافعية وجه اخر عدم
الوجوب لان العبادة لا تكون الا لله فروع - آ - لو نوى أداء فرض الظهر أجزأه على الأقوى لان الظهر عرفا اسم للصلاة وللشافعية وجهان أحدهما المنع لأنه اسم للوقت
دون العبادة فلا بد وأن يقول فريضة صلاة الظهر والا لم يقصد أداء العبادة - ب - لو نوى القضاء لم يصح به الأداء وبالعكس وللشافعي وجهان لان قصد الأداء مع العلم بخروج
الوقت والقضاء مع العلم ببقائه عبث وملاعبة بالصلاة - ج - النوافل المقيدة كصلاة الاستسقاء والعيد المندوب ولابد فيه من نية الفعل والتقييد إما غير المقيد
كصلاة الليل وساير النوافل فتكفى نية الفعل عن القيد وقال الشافعي لا بد في الرواتب من تعيين اضافتها إلى الفرايض في وجه وفى اخر يشترط في ركعتي الفجر خاصة
وفى الوتر لا يضيفها إلى العشاء وفى التعرض للنفلية اشكال ينشأ من أصالتها والشركة - د - لو نوى الفرض قاعدا وهو قادر على القيام لم تنعقد صلاته فرضا قطعا ولا
نفلا وهو أصح وجهي الشافعي لأنه متلاعب بصلاته ولأنه نوى الفرض ولم يحصل له فأولى ان لا يحصل ما لم ينوه وكذا في التحريم بالظهر قبل الزوال وبالجملة كل حال
ينافي الفرضية دون النفلية - ه‍ - لو نسى (نوى) في النفل عددا جاز له الزيادة عليه والنقصان منه - و - لا بد من نية الايتمام فلو صلى خلفه من غير أن يقتدى به لم تكن صلاة جماعة
اجماعا ولا يقع منفردا وهو أحد وجهي الشافعي - ز - لا يجب اشتراط نية الامام للامامة فإذا تقدم وصلى بقوم ولم ينو الإمامة صحت صلاته اجماعا وتكون جماعة أيضا وهو
أحد قولي الشافعي لان سبب الفضيلة اجتماع القوم على العبادة ولهذا تزداد الفضيلة بكثرة العدد وان لم يقصده الامام وفى الاخر لا تنعقد جماعة لأنه لم ينوه وتظهر
الفائدة فيما لو نوى صلاة الجمعة ووقف القوم خلفه ودخلوا معه ولم ينو الإمامة فان قلنا تصح جماعته صحت جمعته والا فلا - ح - يشترط في صلاة الجمعة نية
الامام لأنها لا تصح منفردا مسألة لا يشترط نية عدد الركعات لانحصاره شرعا فلو ذكره على وجهه لم يضر ولو أخطأ بأن نوى الظهر ثلاثا لم تصح صلاته
ولا يشترط نية القصر والتمام لان الفرض متعين ومع التخيير كما لو كان في أحد الأماكن الأربعة لا يتعين أحدهما بالنية بل يجوز أن يقصر وان يتمم وان نوى الضد ولا
يشترط نية الاستقبال بل الشرط ان يعلم كونه مستقبلا كما لا يشترط أن يقول وانا على طهر وقال الشافعية تجب وليس بشئ ولا يشترط تعيين اليوم فلو نوى ظهر الجمعة
صحت صلاته وان أخطأ لان الوقت معين شرعا وقد نوى فرضه الا انه سمى الوقت بغير اسمه فلا يضر الخطأ في التسمية إما في القضاء فيجب ان ينوى اليوم
السابق على اللاحق ولا يجب عليه تعيين اليوم الذي فاتت فيه الصلاة فان عين وأخطأ لم يسقط فرضه لان وقت الفعل غير متعين له بالشرع وإنما يقضى عن ذمته
فالواجبة لم ينوها والمنوية ليست واجبة وقال الشافعي يكفيه ان ينوى قضاء فايته الظهر إلى أن يقضى جميع ظهر عليه ولا يشترط التقييد بأول فايتة ظهر أو آخرها
مسألة لو فاتته صلاة نسى تعيينها قال أكثر علمائنا يصلى أربعا وينوى أحد الثلاث وصبحا ومغربا وقال بعضهم يصلى خمس صلوات وهو قول أكثر الشافعية وقال
المزني يصلى أربع ركعات ويتشهد عقيب الثانية والثالثة والرابعة ويجهر في الأوليين وأجزأه لان الفائتة إن كانت صبحا فقد صلى ركعتين الا انه صلى ركعتين على ظن أن عليه ركعتين فيصير
كما لو غلط وقام صلى ركعتين بعد ما تشهد ساهيا وإن كانت الفائتة المغرب فقد تشهد عقيب الثالثة وإن كانت رباعية فقد صلى أربعا وتشهده بعد الثالثة كأنه
سهو مسألة لو فاتته رباعية لم يدر أ ظهر أم عصر أجزأه مردده بينهما عند أكثر علمائنا وقال الشافعي لا بد من الرباعية مرتين وهو قول بعض علمائنا وقد سلف
ولو نواهما جميعا في صلاة واحدة لم تجزئه لان تشريكه بينهما يمنع من وقوعها باحديهما ولو دخل بنية إحديهما ثم شك فلم يدر أيتهما نوى لم يجزئه عن إحديهما ولو
شك هل دخلها بنية ثم ذكرها قبل ان يحدث عملا أجزأته أما لو عمل بعد الشك فقد عرى عن النية ولو صلى الظهر والعصر وذكر نسيان النية في إحديهما أو تعين النية
111

وجب عليه إعادة رباعية ينوى بها عما في ذمته إن ظهرا فظهرا وإن عصرا فعصرا وعند الشافعي وبعض علمائنا يعيدهما معا مسألة وقت النية عند التكبير
فلو تقدمت عليه بزمان يسير لم تصح صلاته وبه قال الشافعي لان تكبيرة الاحرام أول أفعال العبادة فيجب ان تقارنها النية وقال أبو حنيفة واحمد لو تقدمت
بزمان يسير ولم يعرض بشاغل أجزأه لأنها عبادة من شرطها النية فجاز تقديم النية على وقت الدخول فيها كالصوم والفرق جواز تقدم النية بالزمان الكثير إذا عرفت
هذا فالواجب اقتران النية بالتكبير بان يأتي بكمال النية قبله ثم يبتدئ بالتكبير بلا فصل وهذا تصح صلاته اجماعا ولو ابتداء بالنية بالقلب حال ابتداء التكبير
باللسان ثم فرغ منهما دفعة فالوجه الصحة وهو أحد وجهي الشافعية لأنه قرن بالنية صلاته والاخر لا تصح لان التكبير من الصلاة فلا يقدم منه شئ على تمام النية و
به قال داود فروع - آ - لو قدم النية على التكبير فان استصحبها فعلا حالة التكبير صحت صلاته والا فلا ولو غربت قبل التكبير لم تنعقد وان لم يطل الفصل خلافا
لأبي حنيفة - ب - هل يجب استصحاب النية إلى تمام التكبير الأقرب ذلك لان الشرط مقارنة النية عند الصلاة والعقد لا يحصل الا بتمام التكبير ولهذا لو رأى المتيمم الماء
قبل انتهاء التكبير بطل تيممه - ج - لا يجب استصحاب النية إلى اخر الصلاة فعلا اجماعا لما فيه من العسر لكن يجب حكما إلا في مواضع تأتى فيتمنع عن المقصود المنافية
للنية الجازمة - د - تحصل المقارنة بأن يحضر في العلم صفات الصلاة التي يجب التعرض لها ويقصد فعل هذا الذي احضره في الذهن ويقرن قصده بأول التكبير وتستديمه
إلى اخره - ه‍ - لو فصل بين لفظتي الجلالة في اخر النية وابتدأ التكبير بقوله تعالى فان استصحب النية فعلا صحت والا بطلت لعدم الاقتران مسألة يجب استدامة
النية حكما حتى يفرغ من صلاته اجماعا فلو قصد ببعض الافعال كالقيام أو الركوع أو السجود غير الصلاة بطلت صلاته ولو نوى الخروج من الصلاة في الحال أو تردد
أو انه سيخرج قال الشيخ في الخلاف ولا تبطل صلاته وبه قال أبو حنيفة لأنها عبادة صح دخوله فيها فلا تفسد إذا نوى الخروج منها كالحج والصوم ثم قوى الشيخ البطلان
وبه قال الشافعي لأنه قطع حكم النية قبل إتمام الصلاة فأشبه إذا سلم ونوى الخروج ونمنع في الصوم والحج لا يخرج عنه بمحظوراته فهذا آكد فروع - آ - لو نوى
الخروج في الركعة الثانية أو علقه بما يوجد في الصلاة لا محالة احتمل البطلان لأنه قطع موجب النية الجازمة وعدمه في الحال فلو رفض هذا القصد قبل البلوغ
إلى تلك الغاية صحت الصلاة إما لو علق الخروج بما لا يتيقن حصوله في الصلاة كدخول زيد احتمل البطلان في الحال كما لو قصد ترك الاسلام ان دخل فإنه يكفر في
الحال وعدمه لأنه ربما لا يدخل فيستمر على مقتضى النية فان فعل احتمل البطلان قضية للتعليق وعدمه ولأنها إذا لم تبطل حالة التعليق لم يكن للتردد اثر - ب - لو عرض
على فعل ما ينافي الصلاة من حدث أو كلام ثم لم يفعل لم تبطل صلاته لأنه ليس رافعا للنية الأولى ويحتمل البطلان للتنافي بين إرادتي الضدين - ج - لو شك هل اتى
بالنية المعتبرة فإن كان في محله استأنفها وان تجاوزه لم يلتفت وبنى على ما هو عليه وقال الشافعي ان مضى مع الشك ركن فعلى كالركوع والسجود بطلت صلاته وان مضى
ركن قولي كالقرائة والتشهد ولم يطل الزمان فوجهان - د - لو شك هل نوى ظهرا أو عصرا أو فرضا أو نفلا فإن كان في موضعه استأنف وان تجاوز محل النية فإن كان
يعلم ما عليه فعله واستمر عملا بالأصل والا استأنف ما يريد مسألة لا يجوز نقل النية من صلاة إلى غيرها الا في مواضع مستثناة فلو نقل بنية من صلاة
إلى أخرى لم تصح ما نقل عنه حيث قطع حكمه ولا ما عدل إليه لأنه لم ينوه في أول صلاته إما لو صلى بنية الظهر ثم نقل إلى عصر فايت ذكره كان جايزا للحاجة إلى
استدراك فعل الفايت قبل الحاضر ولو نقل إلى عصر متأخر بطلت الصلوتان ولو نقل من فرض إلى تطوع جاز في مواضع الاذن كطالب الجماعة وناسي الاذان
وسورة الجمعة ولا يجوز في غير مواضع الاذن لأنه دخل مشروعا ومنع الشافعي لان النفل لم ينوه في أول الصلاة وهو ممنوع لان عنده النفل يدخل في الفرض ولهذا
قال لو صلى قبل الوقت انعقدت نافلة وسأل عبد الله بن ابن أبي
يعفور الصادق (ع) عن رجل قام في صلاة فريضة فصلى ركعة وهو يرى أنها نافلة فقال إذا قمت في فريضة فدخلك
الشك بعد فأت في الفريضة وانما تحسب للعبد من صلاته التي ابتداء في أول صلاته مسألة لو نوى الرياء بصلاته أو ببعضها بطلت صلاته لأنه لم تقصد
القربة وهو شرط ولو كان ذكرا مندوبا إما زيادة على الواجب من الهيئات كالطمأنينة فالوجه البطلان مع الكثرة وكذا الحكم لو نوى ببعض الصلاة غيرها و
لو نوى المحبوس الأداء مع ظنه بالبقاء فبأن الخروج اجزاء ولو بان عدم الدخول أعاد لمشروعية القضاء دون السبق ولو ظن بالخروج فنوى القضاء ثم ظهر
البقاء فالأقرب الأجزاء مع خروج الوقت أما مع بقاءه فالأقرب الإعادة ولا يجوز نقل النية من النفل إلى الفرض فان فعله بطلت لان الفرض أقوى فلا يبنى على
الضعيف وقال بعض الشافعية تصح نفلا لأنه لم يترك مما قصده شيئا بل طلب زيادة لم تحصل فيبقى ما شرع فيه وهو غلط لاختلاف الوجهين ولو فرغ من الصلاة
ثم شك هل أدى الظهر أو العصر احتمل أن يصلى صلاة واحدة ينوى بها ما في ذمته ان كانتا عليه والصرف إلى ما يجب عليه أولا منهما البحث الثالث التكبير
مسألة تكبيرة الاحرام ركن في الصلاة تبطل بتركها عمدا وسهوا ولا تنعقد بمجرد النية وهو قول عامة العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله كان يفتتح
بالتكبير إلى أن فارق الدنيا وقال صلوا كما رأيتموني اصلى وقال صلى الله عليه وآله لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه ثم يستقبل القبلة فيقول الله أكبر ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأله زرارة وغيره عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح يعيد وقال الزهري تنعقد بالنية خاصة من غير لفظ قياسا على الصوم والحج و
الفرق ان الصلاة يعتبر الذكر في أوسطها واخرها فاعتبر في أولها بخلاف الصوم مسألة يشترط عين التكبير فلا يجزى ما عداه وإن تضمن الثناء على الله تعالى
وبه قال الشافعي والثوري وأبو ثور وداود وإسحاق ومالك واحمد وأبو يوسف لمداومة النبي صلى الله عليه وآله عليه وقال أبو حنيفة ومحمد تنعقد بكل اسم لله تعالى على وجه التعظيم
كقوله الله عظيم أو جليل أو الحمد لله أو سبحان الله أو لا إله إلا الله ولو قال الله من غير وصف أو الرحمن ففيه عنه روايتان فان أتى باسم الله تعالى على وجه النداء
قال بالله لم تنعقد عنده وكذا استغفر الله وبه قال النخعي والحكم بن عيينة لان هذا اللفظ ذكر الله تعالى على وجه التعظيم فأشبه التكبير كالخطبة فإنه لا يعتبر لها لفظ
معين وكالاسلام وينتقض بقول يا الله اغفر لي ولان في قوله أكبر معنى العظمة والقدم قبل كل شئ ولا يحصل بغيره وحذف قولنا من غيره أو من كل شئ لعادة العرب
بحذف ما يبقى من الكلام ما يدل عليه مسألة ولا يجزى من التكبير الا قولنا الله أكبر وبه قال مالك واحمد لمداومته صلى الله عليه وآله إلى أن فارق الدنيا
وهو يدل على منع العدول عنه وقال الشافعي ينعقد بقوله الله أكبر وبقوله الله الأكبر معرفا وبه قال الثوري وأبو ثور وداود وإسحاق وابن الجنيد منا لكن كرهه
لأنه لم يغيره عن لغة ومعناه وهو ممنوع لأنه مع التنكير يكون فيه اضمار أو تقدير من بخلاف المعرف فروع - آ - لو غير الترتيب فقال أكبر الله لم تنعقد وهو أحد قولي
الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله داوم على قول الله أكبر ولان التقديم لاسم الله تعالى أولي والثاني الجواز لأنه خبر فجاز تقديمه ولو أضاف أكبر إلى أي شئ كان أو قرنه بمن كذلك وإن
عم وإن كان هو المقصود بطلت ولا يجوز الاخلال بحرف منه فلو حذف الراء أو التشديد لم يصح وكذا لا يجوز الزيادة فلو قال أكبار لم تصح لأنه جمع كبر وهو الطبل فيبطل
112

لو قصده والا فلا وكذا لا يجوز مد الهمزة في لفظة الجلالة ولا في لفظة أكبر وإلا كان استفهاما - ج - يشترط أن يأتي بهيئة التركيب فلو قاله على حد تعديد أسماء العدد
بطل وكذا لو فصل بين لفظتي الله وأكبر بسكون أو بوصف مثل الله تعالى أكبر لان ذلك يغير نظم الكلام ولا بأس بالفصل للتنفس وللشافعي في قوله الله الجليل أكبر وجهان
- د - يجب الاتيان به قائما كما له فلو شرع فيه وفى القيام أو ركع قبل انتهائه بطل وهل يشترط القيام في النية الأقرب ذلك ه‍ يجب ان يقصد بالتكبير الافتتاح فالمسبوق لو نوى به
الهوى إلى الركوع لم يجز لقول الصادق (ع) في الرجل يصلى ولم يفتتح بالتكبير هل يجزئه تكبيرة الركوع قال لا بل يعيد صلاته ولو نواهما لم يصح لاختلاف وجههما ولو نذر تكبيرة
الركوع ونواهما فكذلك لاستقلال كل من الافتتاح والركوع بالتعليل فيغاير المعلول وبه قال الشافعي خلافا لمن اغتسل بنية الجنابة والجمعة عنده وعند كثير من علمائنا لأنه لو
اقتصر على الجنابة حصل له غسل الجمعة ولا تنعقد صلاته نفلا لأنه لم ينوه وللشافعي قولان - و - يجب النطق بحيث يسمع نفسه فلو حرك لسانه ولم يسمع نفسه لم تصح لان
النطق شرط وغير مسموع يكون خاطرا لا لفظا وبه قال الشافعي ويستحب للامام إسماع من خلفه بها ما لم يبلغ صوته حد العلو وبه قال الشافعي - ز - التكبير جزء من الصلاة وبه قال الشافعي لقوله (ع) انما هي التكبير والتسبيح وقراءة القرآن
ولان العبادة إذا افتتحت بالتكبير كان منها كالاذان وقال الكرخي الذي يقتضيه مذهب ابن أبي
حنيفة إنه ليس منها لأنه ذكر لم يتقدمه جزء من الصلاة فلا يكون منها كالخطبة
والفرق عدم افتقار الخطبة إلى النية مسألة لا تجزى الترجمة ولا غير العربية للعارف عند علمائنا وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله
لم يعدل عن قول الله أكبر وقال أبو حنيفة يجوز لقوله تعالى وذكر اسم ربه فصلى ولم يفصل وما ذكرناه مخصص ولا ينتقض بالتشهد بالفارسية للمنع عندنا وعند
الإصطخري من الشافعية وبالفرق فان المقصود الاخبار عما في نفسه من الايمان وهنا لفظ وضع لعقد الصلاة فروع - آ - لو لم يحسن العربية وجب عليه التعلم إلى أن
يضيق الوقت فان صلى قبله مع التمكن لم تصح وبه قال الشافعي وإن ضاق كبر بأي لغة كانت ثم يجب عليه التعلم بخلاف التيمم في الوقت إن جوزناه لأنا لو جوزنا له التكبير بالعجمية
في أول الوقت سقط فرض التكبير بالعربية أصلا لأنه بعد ان صلى لا يلزمه التعلم في هذا الوقت وفى الوقت الثاني مثله بخلاف الماء فان وجوده لا يتعلق بفعله والبدوي
إذا لم يجد في موضعه المعلم وجب قصد بلدة أو قرية للتعلم ولا تجزيه الترجمة وهو أحد وجهي الشافعي - ب - باقي الاذكار كالقرائة والتشهد والتسبيح كالتكبير في اعتبار لفظ العربية وبه قال الشافعي
- ج - لو لم يكن له نطق كالأخرس وجب ان يحرك لسانه اقصى ما يقدر عليه ويشير بإصبعه لان التحريك جزء من النطق فلا يسقط بسقوط المركب وبه قال الشافعي ولو كان مقطوع
اللسان من أصله وجب استحضاره على الترتيب وقال بعض الجمهور يسقط فرض التكبير لان الإشارة وحركة اللسان تتبع اللفظ وهو ممنوع - د - يستحب للأب تعليم ولده الصغير
ولا يحرم تركه إما المولى فيحرم عليه المنع من التعليم - ه‍ - الألثغ يجب عليه التعلم بقدر الامكان مسألة يستحب التوجه بسبع تكبيرات بينها ثلاثة أدعية واحدة منها واجبة
وهي تكبيرة الاحرام يكبر ثلاث ويدعوا ثم يكبر اثنتين ويدعو ثم يكبر اثنتين ويتوجه ويتخير أيها شاء جعلها تكبيرة الاحرام فيوقع النية عندها قال في المبسوط والأفضل الأخيرة فان جعلها
أولاهن جاز الدعاء بعد تكبيرة الافتتاح مع باقي التكبيرات وكذا وسطاهن لقول الصادق (ع) إذا افتتحت الصلاة فارفع يديك ثم أبسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل اللهم أنت
الملك الحق الخ ثم كبر تكبيرتين ثم قل لبيك الخ ثم كبر تكبيرتين ثم تقول وجهت وجهي الخ فروع - آ - لو كبر للافتتاح ثم كبر ثانيا له ثم كبر ثالثا له انعقدت صلاته بالأولى و
بطلت بالثانية لأنه فعل منهى عنه فيكون باطلا أو مبطلا للصلاة فتنعقد بالثالثة هذا إذا لم ينو الخروج من الصلاة قبل الثانية فان نواه بطلت الأولى وصحت الثانية و
صار حكم الثالثة مع الثانية كحكم الثانية مع الأولى - ب - منع كثير من الجمهور استحباب الدعاء قبل تكبيرة الاحرام لقوله تعالى فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب وليس فيه حجة لان الرغبة إليه بالدعاء أعم
من التكبير والقراءة - ج - قال الصادق (ع) إذا افتتحت الصلاة فكبر إن شئت واحدة وإن شئت ثلاثا وإن شئت خمسا وإن شئت سبعا كل ذلك مجزء عنك غير انك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة
واحدة وسأله الحلبي عن أحب ما يكون من التكبير قال فكبر تكبيرتان ومنع الجمهور من استحباب الزايدة على تكبيرة الاحرام على انها مخصوصة بهذا للوضع بل هو مستحب في هذه الموضع
كغيره - د - يستحب التوجه بالسبع في سبعة مواضع في أول كل فريضة وأول صلاة الليل والوتر وأول نافلة الزوال وأول نوافل المغرب وأول ركعتي الاحرام والوتيرة وعمم بعض علمائنا الاستحباب
مسألة يستحب رفع اليدين بالتكبير في كل صلاة فرض ونفل لان النبي صلى الله عليه وآله فعله وكذا الأئمة (على) وقال بعض علمائنا وبعض الجمهور بالوجوب وهو ممنوع
للأصل وكذا يستحب عندنا الرفع في كل تكبيرات الصلاة واستحبه الشافعي عند الافتتاح والركوع والرفع منه وبه قال الأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور ومالك في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله
رفع في هذه المواضع ومنع الشافعي من الرفع في السجدتين وليس بجيد لان الحسن قال رأيت الصحابة يرفعون أيديهم إذا كبروا وإذا ركعوا وإذا رفعوا رؤوسهم من الركوع كأنها
المراوح وانما يكون حال الرفع من الركوع السجود وقال أبو حنيفة والثوري وابن ابن أبي
ليلى ترفع في تكبيرة الاحرام خاصة وهو رواية عن مالك لان البراء قال كان النبي صلى الله عليه وآله
إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من اذنيه ثم لا يعود وهو محمول على أنه لا يعود إلى رفعهما في ابتداء الركعة الثانية والثالثة وضعف الجمهور الحديث. مسألة ويبسط كفيه حال الرفع
اجماعا وقال الصادق (ع) إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم أبسطهما بسطا ويستحب أن يستقبل بباطن كفيه القبلة لان الصادق (ع) فعله ولان الاستقبال مأمور به ويستحب
ضم الأصابع لقول الصادق (ع) أرسل يديه على فخذيه قد ضم أصابعه وقال المرتضى وابن الجنيد يجمع بين الأربع وينفرد الابهام وقال الشافعي يفرق أصابعه
لان النبي صلى الله عليه وآله كان ينشر أصابعه وهو يحصل ببسط الكف وإن كانت أصابعه مضمومة كما يقال نشرت الثوب ولو كان يداه تحت ثيابه رفعهما لان الصحابة كانوا يرفعون
أيديهم في الشتاء في ثيابهم ويستحب للمرأة كالرجل للعموم ولا فرق بين الإمام والمأموم وكذا القاعد للمرض أو في النافلة يرفع يديه مسألة ويستحب رفعهما إلى حذاء
اذنيه وبه قال أبو حنيفة والثوري لان وايل بن الحجر الحضرمي قال إن النبي صلى الله عليه وآله كان يرفع يديه حيال اذنيه ومن طريق الخاصة قال معاوية بن عمار رأيت الصادق (ع) يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح وقال الشافعي يرفع يديه حذو منكبيه وبه قال مالك واحمد وإسحاق لان عليا (ع)
قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وهو مستحب فجاز أن يفعل أقل مراتبه تارة والأعلى أخرى وللشافعي قول ثان الرفع إلى أن تحاذى روس
أصابعه شحمة اذنيه وثالث إلى أن تحاذى أطراف أصابعه أعلا أذنيه وكفاه منكبيه فروع - آ - لو كان بيده عذر لا يتمكن من استيقاء الرفع استحب الاتيان بالمقدور ولو قدر
على الرفع فوق المنكبين ودون الاذنين فالأول أولي لاشتماله على المسنون - ب - مقطوع الكفين يرفع ساعديه ومقطوع الذراعين يرفع العضدين ومقطوع إحديهما يرفع
الأخرى - ج - قال ابن سنان رأيت الصادق (ع) يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح وظاهره يقتضى ابتداء التكبير مع ابتداء الرفع وانتهائه عند انتهائه وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني يرفع ثم يكبر عند الارسال وهو عبارة بعض علمائنا وظاهر كلام الشافعي إنه يكبر بين الرفع والارسال -
د - يكره ان يتجاوز بهما رأسه لقول الصادق (ع) ولا تتجاوز
أذنيك وعن علي (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله مر برجل يصلى وقد رفع يديه فوق رأسه فقال مالي أرى قوما يرفعون أيديهم فوق رؤوسهم كأنها اذان خيل شمس مسألة المأموم
يكبر بعد تكبير الامام وان كبر معه جاز وبه قال أبو حنيفة والثوري ومحمد لان له ان يركع مع ركوعه فكذا التكبير وقال الشافعي لا يجوز ان يكبر إلا بعد الامام وبه قال مالك
وأبو يوسف لقوله (ع) فإذا كبر فكبروا وهو يعطى ما قلناه أيضا ولو كبر المأموم أولا قال الشيخ يجب أن يقطعها بتسليمة ثم يكبر معه أو بعده لأنه أئتم بمن ليس في الصلاة وكذا قال
113

الشافعي وقال مالك والثوري وأصحاب الرأي يعيد تكبيرته البحث الرابع القراءة مقدمة يستحب التوجه بعد تكبيرة الافتتاح فيقول وجهت وجهي للذي فطر
السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا من المسلمين وبه قال الشافعي
لان عليا (ع) روى عن النبي صلى الله عليه وآله ذلك ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) يجزيك ان تقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم حنيفا إلى
اخره قال الشيخ وان قال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة إبراهيم ودين محمد (ص) ومنهاج علي (ع) حنيفا مسلما إلى اخر الكلام كان أفضل وقال مالك
لا يدعو بشئ بعد الافتتاح لان النبي صلى الله عليه وآله كان يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين والمراد استفتاح القراءة وقال أبو حنيفة يقول سبحانك اللهم وبحمدك تبارك
اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك وبه قال الثوري واحمد وروى عن أبي يوسف أنه يقول معه وجهت وجهي أيضا لان أبا سعيد الخدري رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وما قلناه أولي
لأنه من الفاظ القرآن والتسبيح يعود في الركوع والسجود ولو قاله عندي لم يكن به بأس قال الشافعي وإذا فرغ من التوجه قال اللهم أنت الملك الحق إلى اخره ثم يقول
لبيك وسعديك انتهى ونحن نستحبه متقدما على التوجه مقدمة أخرى يستحب التعوذ قبل القراءة في أول كل صلاة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري
والأوزاعي واحمد وإسحاق لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول قبل القراءة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم إقرأ
فاتحة الكتاب وقال مالك وأبو حنيفة لا يتعوذ في المكتوبة بل في قيام رمضان لان أنسا روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يفتتح الصلاة بالحمد لله رب العالمين وتقدم جوابه وقال النخعي
ومحمد بن سيرين يتعوذ بعد القراءة لقوله فإذا قرأت القرآن فاستعذ والمراد إذا أردت القراءة فروع - آ - صورة التعوذ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبه قال
أبو حنيفة والشافعي لأنه لفظ القرآن وقال الثوري وابن سيرين يزيد على ذلك إن الله هو السميع العليم من الشيطان الرجيم وقال احمد أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان
الرجيم وقال الحسن بن صالح بن جنى أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم واحتجوا لقوله تعالى واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع
العليم والأخير ليس بداخل في الامر بالاستعاذة بل خبر بعده والامر قبله - ب - يستحب الاسرار بها ولو في الجهرية وهو أحد قولي الشافعي لان ابن عمر كان يتعوذ في نفسه والاخر
يجهر به في الجهرية لان أبا هريرة جهر به وعمل الأئمة (على) أولى - ج - إنما يستحب التعوذ في الركعة الأولى خاصة وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين لان الصلاة كالفعل الواحد
فيكفي استعاذة واحدة كالتوجه وفى الاخر في كل ركعة لقوله فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله وليس المراد كل أية بل قراءة واحدة والصلاة كلها واحدة - د - لو
نسيه في الأولى لم يأت به في الثانية لفوات محله وقال الشافعي على القول الثاني باستحباب اعادته مسألة القراءة واجبة في الصلاة وشرط فيها عند علمائنا أجمع
إلا ما نقل عن الحسن بن صالح بن حي وابن عليه والأصم فإنهم قالوا باستحبابها لنا قوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القرآن وليس واجبا في غير الصلاة فيجب فيها اجماعا ولقوله (ع)
لا صلاة إلا بقراءة القرآن المذكورين منقرض واحتجاجهم بقول عمر عمن نسى القراءة لا بأس به وليس حجة ويحمل على النسيان خاصة لوروده فيه مسألة
وتتعين الفاتحة في كل فريضة ثنائية وفى الأوليين من غيرها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي والثوري واحمد وأبو ثور ومالك وإسحاق وداود لقوله (ع)
لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بأم القرآن ومن طريق الخاصة قول محمد بن مسلم سألته عن الذي لا يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له إلا أن يقرأها في جهر أو إخفات و
لان القراءة جزء من الصلاة فكانت متعينة كالركوع والسجود وقال أبو حنيفة أي شئ قرأ أجزأه لان النبي صلى الله عليه وآله قال للاعرابي ثم اقرأ ما تيسر معك من
القرآن ولان الفاتحة كغيرها في جميع الأحكام فكذا الصلاة والرواية ثم اقرأ بأم القرآن وما شاء الله ان يقرأ التساوي ممنوع للاجماع على إساءة من ترك الفاتحة
دون غيرها وقال محمد وأبو يوسف ثلاث آيات أو آية كبيرة كآية الدين وهو تحكم وعن أحمد رواية يجزى مقدار آية وهل تجب الفاتحة في النافلة الأقوى عندي عدم
الوجوب خلافا للشافعي عملا بالأصل مسألة وفى وجوب سورة بعد الحمد في الثنائية وأولتي غيرها قولان الأشهر الوجوب وبه قال بعض أصحاب الشافعي
لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في الأوليين من الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين يطول في الأولى ويقصر في الثانية وكذا في العصر وقال لمعاذ اقرأ بالشمس وضحيها وسبح اسم ربك
الاعلى والليل إذا يغشى وروى الجمهور عنه (ع) أنه قال لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ومعها غيرها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سئل ما تقول فيمن
قرأ أم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العياشي ليس بذلك بأس فكتب بخطه يعيدها مرتين على رغم أنفه وقال الشيخ في موضع انه مستحب
لا واجب وهو مذهب الجمهور كافة إلا عثمان بن ابن أبي
العاص فإنه أوجب بعد الفاتحة قدر ثلاث آيات لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا صلاة إلا بقراءة ولو بفاتحة الكتاب وهو يعطى
حال الضرورة مسألة يجوز في حال الضرورة والاستعجال الاقتصار على الحمد اجماعا ولقول الصادق (ع) يجوز للمريض أن يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب
وحدها يجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار وسئل (ع) أيجزى عنى ان أقول في الفريضة بفاتحة وحدها إذا كنت مستعجلا أو أعجلني شئ فقال لا بأس
ولأنها حالة مشقة فيسقط التكليف بها وقال الصادق (ع) لا بأس ان يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الأوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو يخاف شيئا وكذا يجوز ان يقرأ
بعض السورة حالة الضرورة لان الصادق (ع) سئل عن السورة تصلى في الركعتين من الفريضة فقال نعم إذا كانت ست آيات نصفها في الركعة الأولى والنصف الآخر في
الركعة الثانية وحملناه على الضرورة جمعا بين الأدلة وسئل الباقر (ع) عن رجل قراء سورة فغلط أيدع المكان الذي غلط فيه ويمضى في قرائته أو يدع تلك السورة
ويتحول منها إلى غيرها كل ذلك لا بأس به وإن قراء آية واحدة فشاء أن يركع بها ركع مسألة ولا يقرأ في الثانية
والرابعة في الثلاثية والرباعية بعد الحمد شيئا
عند علمائنا وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين ولان عليا (ع) كتب إلى شريح ان اقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة وفى الأخيرتين بأم
القرآن والاخر للشافعي قرء غيرها معها لان أبا سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم في الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية
وفى الأخريين نصف ذلك ولأنهما يساويان الأوليين في الواجب من القراءة وكذا في المستحب ويحمل الحديث مع ثبوته على نافلة الظهر ونمنع التساوي مسألة
البسملة آية من الحمد ومن كل سورة عدا براءة وفى النمل آية وبعض آية وبه قال الشافعي والزهري وعطا قال ابن المبارك من ترك بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ الحمد ثم
قال والذي نفسي بيده إني لأشبهكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله ولان النبي صلى الله عليه وآله قرأ في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين وقال (ع)
إذا قرأتم الحمد فاقرؤا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها من أم الكتاب وانها السبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأله معاوية بن
عمار إذا قمت إلى الصلاة اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب قال نعم قلت فإذا قرأت فاتحة الكتاب اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة قال نعم وقد أثبتها الصحابة في
أوائل السور بخط المصحف مع تشددهم في كتبة ما ليس من القرآن فيه ومنعهم من النقط والتعشير ولا يكفر جاحدها للشبهة وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي
وداود انها ليست من القران الا في سورة النمل وقال أبو الحسن الكرخي انها آية في مكانها ليست من السورة وهو مروى عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال يقول الله تبارك و
114

تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي فإذا قال العبد الرحمن الرحيم يقول الله أثنى على عبدي فإذا قال
مالك يوم الدين يقول الله تعالى مجدني عبدي فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله هذه بيني وبين عبدي فإذا قال العبد اهدنا الصراط المستقيم إلى اخر
السورة يقول الله تعالى هذه لعبدي ولعبدي ما سأل ولم يذكر البسملة وقال علي (ع) سورة ثلاثون آية شفعت لقاريها الا وهي تبارك الذي بيده الملك وهي
ثلاثون آية سوى البسملة وأجمعوا على أن الكوثر ثلاث آيات والحديث رواه أبو هريرة فإذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله تعالى ذكرني عبدي وسورة الملك والكوثر
يحتمل أن تكون البسملة بعض آية مضمومة إلى أولها أو قال قبل نزول البسملة أو أراد ما يختص به السورة من آياتها وان البسملة آية منها ومن غيرها مسألة يجب أن
تقرأ بالعربية ولا يجزى مرادفها سواء أحسن قرائتها بالعربية أو لا وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى بلسان عربي مبين قرآنا عربيا ولان النبي صلى الله عليه وآله داوم عليه وقال
صلوا كما رأيتموني أصلى ولأنه معجز بلفظه ونظمه فلو كان معنا قرآنا لم يتحقق الاعجاز وقال أبو حنيفة هو مخير إن شاء قرأ بالفارسية أو تلفظ بالعربية ما يكون تفسيره لفظ القرآن
وقال أبو يوسف ومحمد إن كان يحسن القراءة فلا يجوز ان يقرأ بلسان غيرها وإن كان لا يحسنها جاز ان يقرأ بلسان غيرها يفسرها لقوله تعالى لأنذركم به ومن بلغ ولا يمكن
ان ينذر الفرس الا بلسانهم ولان كل ذكر وجب في الصلاة فإنما يعتبر معناه خاصة كالخطبة والقرآن حجة على العجم لقصور العرب عنه ولأنه إذا فسر لهم كان الانذار به دون
التفسير ويخالف الخطبة لان غيرها مثلها ولا مثل للقرآن وألفاظها لا اعجاز فيها بخلاف القرآن مسألة لو لم يحسن القراءة وجب عليه التعلم وكذا لو لم يحسن العربية
لاجماع العلماء على القراءة ولان وجوب القراءة يستدعى وجوب التعلم لتوقف أداء الواجب عليه فإن لم يفعل مع المكنة لم تصح صلاته ولو خشى ضيق الوقت قبل التعليم فان أمكنه القراءة من المصحف وجب و
هل تكفى مع امكان التعليم الأقرب ذلك للامتثال فان عجز أو لم يحسن تخير في الحفظ وتعلم الكتابة ان جوزناه فان أحسن غير الفاتحة من القرآن فعليه أن يقرأ سبع آيات ولا يعدل إلى الذكر لان القرآن أقرب إلى القرآن ولا يجوز ان ينقص عن سبع آيات
مع المعرفة فلو قرأ آية طويلة بقدر الفاتحة فالأقرب الأجزاء وهو أحد قولي الشافعي والأقرب اشتراط عدم قصور الآيات السبع عن آيات الفاتحة وللشافعي قولان و
يجوز ان يجعل آيتين بدلا من آية وهو أحد وجهي الشافعي وفى الاخر يجب تعديل حروف كل آية من البدل بآية من الفاتحة ولو لم يحسن الفاتحة ولا غيرها من القرآن سبح لله
وهلله وكبره بقدر القراءة ولا يقرأ بغير العربية ولا معنى القرآن وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قال له رجل إني لا أستطيع ان اخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزئني
في الصلاة فقال صلى الله عليه وآله قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فقال الرجل هذا لله فما لي فقال رسول الله (ص)
قل اللهم ارحمنى وعافني وارزقني فروع - آ - هل يجب أن يذكر بقدر الفاتحة إشكال ينشأ من وجوب سبع آيات عن الحمد فكذا الذكر ومن أنه بدل من الجنس فاعتبر العدد بخلاف
الذكر فإنه من غير الجنس فيجوز ان يكون دون أصله كالتيمم وهو أولي ولان النبي صلى الله عليه وآله اقتصر في التعليم على ما ذكره وبه قال احمد وقال الشافعي بالأول - ب - هذا الذكر واجب و
به قال الشافعي لأنه بدل عن الواجب وقال أبو حنيفة لا شئ عليه إذا لم يحسن القرآن بل يقوم ساكنا وقال مالك لا يلزمه الذكر ولا القيام ولا يجب هذا الترتيب على إشكال
ينشأ من أنه بدل عن الحمد في الأخريين على ما يأتي وكذا في الأوليين مع العجز - ج - لو لم يحسن هذه الكلمات كرر ما يحسن منها بقدرها والأقرب استحباب ذلك لا وجوبه - د - لو
أحسن منها آية اقتصر عليها لأنها أقرب إليها من الذكر والأقرب وجوب تكررها سبعا حينئذ وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين ولو كان يحسن غيرها قراء ما يحسنه منها
ثم قرأ من غيرها بقدر باقيها لأن هذه الآية سقط فرضها بقرائتها وقال احمد يكرر ما يحسنه منها دون غيرها لان الآية منها أقرب إليها من غير ها وللشافعية وجهان - ه‍ - لو
عرف بعض آية فالأولى عدم لزوم تكرارها ويعدل إلى غيرها لأنه (ع) أمر الذي لا يحسن القرآن أن يقول الحمد لله وغيرها وهي بعض أية ولم يأمره بتكرارها هذا إذا لم يسم
ذلك البعض قرآنا فان سمى فالوجه تكرره كآية الدين لو نقصت كلمة - و - لو لم يحسن القرآن ولا الذكر فالوجه وجوب الوقوف بقدر القراءة ولو كان يحسن الذكر المنقول و
غيره فالوجه وجوب ما نص عليه النبي (ص لأنه بدل من القراءة في الأخيرتين دون غيره من الاذكار خلافا للشافعي في أحد الوجهين ولو لم يحسن بالعربية لم تجزئه ترجمتها
بخلاف التكبير بل يأتي بسبع آيات فإن لم يحسن فالذكر ولو لم يحسن الذكر بالعربية أجزأت الترجمة وهل هو أولي من ترجمة القرآن فالأقرب العكس - ز - لو أحسن سبع آيات متوالية
لم يجز له التفرقة على إشكال ولو لم يحسن المتوالية أجزأه المتفرقة قطعا ولو كان يحسن بعض الحمد وغيرها كان الغير أولي من الذكر - ح - لو أحسن النصف الأول من الحمد قراءة
وقرأ عوض الباقي من غيرها فإن لم يحسنه ذكر بقدره ولو كان يحسن النصف الثاني أتى به وبالذكر وهل تترتب القراءة على الذكر الأقرب عدم الوجوب عملا بالأصل و
للشافعي وجهان فعلى الترتيب لو أحسن آية من وسط الحمد وسطها بين ذكرين - ط - لو افتتح يصلى بالاذكار
لعجزه فحصل من يحسن الفاتحة فيلقن منه في الأثناء أو حضره مصحف
يمكنه القراءة منه فإن لم يكن قد شرع في البدل قراء الفاتحة وان قرأ بعض البدل فعليه قرائة ما لم يأت ببدله وقرائة ما أتى ببدله وهو أصح وجهي الشافعي وكذا لو تعلم
بعده قبل الركوع لكن أصح وجهي الشافعي هنا الاكتفاء لان الغرض تأدى بالبدل وهو منقوض بالتيمم قبل الصلاة إما لو لم تعلم الا بعد الركوع فقد مضت الركعة
على الصحة ويحتمل عندي استحباب العدول إلى النفل لثبوته في استدراك سورة الجمعة مع استحبابه فاستدراك الواجب أولي - ى - هذا الذكر بدل من الفاتحة لا
عن السورة إذا لم يعلم غير الفاتحة بل يكفي بالفاتحة ولو أحسن بعض السورة وجب عليه قرائته بعد الحمد والتعلم مع سعة الوقت - يا - الأخرس يحرك لسانه بالقرائة ويعقد بها
قلبه لأنهما واجبان على القادر مسألة ويجب أن يأتي بحروف الفاتحة أجمع حتى التشديد وهي أربع عشرة شدة في الفاتحة اجماعا فلو أخل بحرف منها عمدا قادرا
بطلت صلاته وبه قال الشافعي لأنه مع اخلال حرف لم يأت بالفاتحة وكذا التشديد لان المشدد أقيم مقام حرفين فان شدة راء الرحمن ودال الدين أقيمت
مقام اللام فإذا أخل بها أخل بالحرف وما يقوم مقامه وقال بعض الجمهور ولا تبطل بترك الشدة لعدم ثبوتها في المصحف وهو صفة الحرف ويسمى تاركها قارئا
وليس بجيد ولو فك الادغام فهو لحن لا يغير المعنى ولا تستحب المبالغة في التشديد بحيث يزيد على قدر حرف ساكن لأنها في كل موضع أقيمت مقام حرف ساكن تذنيب
يجب اخراج الحروف ومن مواضعها مع القدرة فان أخل بها وأمكنه التعلم أعاد الصلاة والا فلا ولا يعذر بالجهل ولو اخرج الضاد من مخرج الظاء أو بالعكس
أعاد مع امكان التعلم وهو أحد وجهي الشافعي وفى الاخر لا يعيد لعسر التمييز بينهما مسألة الاعراب شرط في القراءة على أقوى القولين فلو لحن عمدا فالأقرب
الإعادة سواء كان عالما أو جاهلا وسواء غير المعنى مثل أن يكسر كاف إياك أو يضم تاء أنعمت أو لا مثل أن نصب الله أو رفعه وسواء كان خفيا أو لا وللشافعي
فيما إذا لم يتغير المعنى وجهان لقوله بلسان عربي ولأنه (ع) عرب وقال صلوا كما رأيتموني اصلى مسألة يجب أن يقرأ بالمتواتر من القراءات وهي السبعة ولا يجوز
أن يقرأ بالشواذ ولا بالعشرة وجوز احمد قراءة العشرة وكره قراءة حمزة والكسائي من السبعة لما فيها من التكثر (تكسر) والادغام ويجب أن يقرأ بالمتواتر من الآيات وهي ما تضمنه
مصحف علي (ع) لان أكثر الصحابة اتفقوا عليه وحرق عثمان ما عداه ولا يجوز أن يقرأ مصحف ابن مسعود ولا ابن أبي
ولا غيرهما وعن أحمد رواية بالجواز إذا اتصلت
115

به الرواية وهو غلط لان غير المتواتر ليس بقرآن والمعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما ولا اعتبار بإنكار ابن مسعود للشبهة الداخلة عليه بأن النبي صلى الله عليه وآله كان يعوذ بهما
الحسن والحسين (ع) إذ لا منافاة بل القرآن صالح للتعوذ به لشرفه وبركته وقال الصادق (ع) إقرأ المعوذتين في المكتوبة وصلى المغرب فقرأهما فيها مسألة
يجب أن يقرأ الفاتحة والسورة على ترتيبهما المخصوص فلو قدم آية على المتأخرة أعاد وبه قال الشافعي وكذا يجب أن يقدم الحمد على السورة فان خالف أعاد الصلاة إن فعله
عمدا والا القراءة لان الامر ورد بالتلاوة على الترتيب فلا يكون المخل به آتيا بالمأمور به ويجب ان يأتي بالجزء الصوري لان الاعجاز فيه فلو قراءه مقطعا كأسماء
العدد لم يجز ولو سكن في أثناء القراءة بالخارج عن المعتاد إما بان ارتج عليه فطلب التذكر أو قرأ من غيرها سهوا لم تقطع القراءة وقراء الباقي وإن سكت طويلا عمدا
لا لغرض حتى خرج عن كونه قاريا استأنف القراءة وكذا لو قراء في أثناءها ما ليس منها ولا تبطل صلاته ولو سكت بنية القطع بطلت قرائته ولو سكت لا بنية القطع
أو نواه ولم يسكت صحت لأن الاعتبار بالفعل لا بالنية بخلاف ما لو نوى قطع الصلاة فإنها تبطل وإن لم يقطع الافعال لان الصلاة تحتاج إلى نية فتبطل بتركها بخلاف
القراءة ولو كرر آية من الفاتحة لم تبطل قراءته سواء أوصلها بما انتهى إليه أو ابتداء من المنتهى خلافا لبعض الشافعية في الأول ولو كرر الحمد عمدا ففي إبطال الصلاة به إشكال
ينشأ من مخالفة المأمور به ومن تسويغ تكرار الآية فكذا السورة ولو سأل الرحمة عند آيتها أو تعوذ من النقمة عند آيتها كان مستحبا ولا تبطل بها الموالاة لأنه ندب إليها
قال حذيفة صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات ليلة فقرأ سورة البقرة وكان إذا مر على آية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ وهو أحد
وجهي الشافعي وفى الاخر يبطل وكذا لو عطس فحمد الله ولو ترك الموالاة سهوا لم تبطل وبنى وهو قول أكثر الشافعية وقال امام الحرمين
تبطل كما لو ترك الترتيب سهوا مسألة قرائة الفاتحة متعينة في الأوليين من كل صلاة ولا تجب عينا في ثالثة المغرب والاخريين من الرباعيات بل يتخير بينها وبين
التسبيح عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والنخعي والثوري واحمد في رواية لان عليا (ع) قال اقرأ في الأوليين وسبح في الأخريين ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
وقد سأله زرارة ما يجزى من القول في الركعتين الأخيرتين أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويكبر ويركع ولأنه لو وجبت في باقي الركعات لسن الجهر بها
في بعض الصلوات كالأوليين وقال الشافعي والأوزاعي واحمد في رواية تجب الفاتحة في كل ركعة من الأوايل والأواخر لان النبي صلى الله عليه وآله قراء في الأخريين من الظهر
بأم الكتاب ونحن نقول بموجبه إذ هو واجب مخير فروع - آ - تجب الفاتحة في الأوليين خاصة وقال الحسن تجب في كل واحدة ركعة أيها شاء لقوله تعالى فاقرؤا ما تيسر منه وعن
مالك انه يجب أن يقرأ في معظم الصلاة ففي الثلاثية يقرأ الفاتحة في ركعتين وفى الرباعية تجب في ثلاثة إقامة للأكثر مقام الجميع - ب - وقال أبو حنيفة لا يجب التسبيح ولا القراءة في
الأخيرتين بل يجزيه السكوت ولو لم يقرأ في الأوليين قرأ في الأخيرتين - ج - روى أن التسبيح أفضل من القراءة وروى العكس وروى استحباب القراءة للامام والتسبيح للمأموم وهو حسن
وروى التساوي وقال سفيان يكره القراءة في الأخيرتين - د - لو نسى القراءة في الأولين قيل تجب في الأخيرتين لئلا تخلو الصلاة من قراءة وقيل لا يسقط التخيير وهو أقوى - ه‍ - لا يجب فيه ما يجب في
الفاتحة من الاخفات مسألة واختلف في كيفية التسبيح فالأقوى الاكتفاء بقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر مرة واحدة بحديث الباقر (ع)
وللشيخ قولان أحدهما أن يكرر ذلك ثلاث مرات عدا التكبير فإنه يقول في آخره فيكون عشر مرات وبه قال ابن أبي عقيل والمرتضى وقال حريز بن عبد الله السجستاني تسع تسبيحات فأسقط التكبير
من الثالث لقول الباقر (ع) وإن كنت إماما فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم تكبر وتركع وبه قال الصدوق والثاني للشيخ اثنتا عشرة مرة فيضيف
الله أكبر في الثلاث والأصل براءة الذمة من الوجوب فتحمل هذه الروايات على الاستحباب جمعا بين الأدلة تذنيب الأقرب وجوب هذا الترتيب عملا بالمنقول وقد روى
عن الصادق (ع) فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر والأولى الأول لحصول يقين البراءة به مسألة لا يجوز
أن يقرأ في الفرايض شيئا من العزايم الأربع عند علمائنا
أجمع خلافا للجمهور كافة لقول الباقر (ع) لا يقرأ في المكتوبة لشئ من العزائم فان السجود زيادة في المكتوبة ولان سجود التلاوة واجب وزيادة السجود
في الصلاة مبطل وأطبق الجمهور على جوازه للأصل وإنما يكون حجة لو لم يطرء المعارض فروع - آ - لو قرأ عزيمة في فريضة عمدا بطلت صلاته ويجئ على قول الشيخ
انه يسقط آية السجود ويجزئه - ب - يجوز أن يقرأ في النافلة فيسجد واجبا وكذا ان إستمع ثم يقوم فيتم القراءة وإن كانت السجدة آخر السورة استحب له بعد القيام قراءة الحمد ليركع عن قراءة ولقول الصادق (ع) وقد سئل الرجل يقرأ السجدة في آخر السورة يسجد ثم يقوم ويقرأ فاتحة الكتاب ثم
يركع ويسجد وقال الشيخ يقرأ الحمد وسورة أو آية منها - ج - لو سهى في الفريضة فقرأ عزيمة رجع عنها ما لم يتجاوز النصف وجوبا على إشكال فإن تجاوزه ففي جواز الرجوع
عنها إشكال فان منعناها قرأها كملا ثم أومى أو يقضيها بعد الفراغ بالسجدة لقول الصادق (ع) وقد سأله عمار عن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال
إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها وان أحب أن يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة رجع إلى غيرها - د - لو سمع في الفريضة فان أوجبناه بالسماع أو استمع أومى أو قضا
- ه‍ - لو نسى السجدة حتى ركع سجدها إذا ذكر لان محمد بن مسلم سأل أحدهما (ع) عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزايم - و -
لو كان مع امام ولم تجسد الامام ولم يتمكن من السجود فليؤم ايماء لقول الصادق (ع) إن صليت مع قوم فقرأ الامام اقرأ باسم ربك الذي خلق وشيئا من العزايم وفرغ من قرائته
لم يسجد فأوم لها مسألة لا يجوز أن يقرأ ما يفوت الوقت بقرائته لاستلزامه الاخلال بالواجب وهل يجوز أن يقرن بين سورتين مع الحمد في ركعة منعه الشيخ لقول أحدهما (ع)
وقد سأله محمد بن مسلم أيقرأ الرجل السورتين في ركعة قال لا لكل سورة ركعة ولأنه (ص) كذا صلى وقال المرتضى (ض) يكره لقول الباقر (ع) إنما يكره الجمع بين السورتين في الفريضة ويحمل
على التحريم لوروده فيه وجوزه الشافعي لان ابن عمر فعله وليس حجة فروع - آ - قال في المبسوط لو قرن ما بين السورتين بعد الحمد لم يحكم بالبطلان - ب - لو قرأ السورة الواحدة
مرتين فهو قارن وكذا لو كرر الحمد ولا يجزئها تكريرها عن السورة الأخرى لان الفاتحة في الركعة مضيقه والشئ الواحد لا يؤدى به المضيق والمخير في محل - ج - يجوز أن يكرر
السورة الواحدة في الركعتين وأن يقرأ فيهما بسورتين متساويتين أو متفاوتتين وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله سوى بينهما وقال أبو حنيفة يستحب في الفجر قراءة أطول
السورتين في الأولى وأقصرهما في الثانية وبه قال الثوري وهو مذهبنا على ما يأتي الفايدة تلاحق الناس - د - يجوز أن يقرأ في الثانية السورة الثالثة لما قرأه في الأولى
من غير استحباب خلافا للشافعي للأصل ولو قرأ الناس في الأولى قال يقرأ في الثانية من البقرة مسألة الضحى وألم نشرح سورة واحدة لا تفرد أحدهما
عن الأخرى في الركعة الواحدة وكذا الفيل ولايلاف عند علمائنا لقول زيد الشحام في الصحيح صلى بنا الصادق (ع) الفجر فقراء الضحى وألم نشرح في ركعة واحدة وقد بينا التحريم
أو الكراهة فلا يقع من الإمام (ع) إلا وهو واجب وسمع المفضل الصادق (ع) يقول لا يجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلا الضحى وألم نشرح وسورة الفيل ولايلاف وهل تعاد البسملة بينهما
الأقرب ذلك لأنها ثابتة في المصحف وللاجماع على أنها آية من كل سورة والاستثناء في رواية المفضل يدل على الاثنينية وقال الشيخ (ره) في التبيان لا تعاد لأنها سورة واحدة والاجماع على أنها ليست آيتين من سورة
واحدة والأولى ممنوعة وإن وجبت قرائتهما مسألة يجوز العدول من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز نصفها الا في سورة الجحد والاخلاص فإنه لا ينتقل عنهما الا
إلى سورة المنافقين والجمعة في الجمعة وظهريها لقول الصادق (ع) يرجع من كل سورة إلا قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون فروع - آ - قال المرتضى يحرم الرجوع عن
116

سورة التوحيد والجحد ويحتمل الكراهة - ب - لو وقفت عليه آية من السورة وجب العدول عنها إلى سورة أخرى وان تجاوز النصف تحصيلا لسورة كاملة - ج - إذا رجع عن السورة
إلى أخرى وجب أن يعيد البسملة لأنها آية من كل سورة والمتلوة آية من المرجوع عنها فلو لم يأت بها ثانيا لم تكمل السورة وكذا من سمى بعد الحمد من غير قصد سورة
معينة يعيدها مع القصد ولو نسى آية ثم ذكرها بعد الانتقال إلى أخرى قرأها وأعاد ما بعدها وان قرأ إلى اخر السورة مسألة قد بينا جواز القراءة من
المصحف وبه قال الشافعي ومالك وأبو يوسف ومحمد لان من جاز له القراءة ظاهرا جاز باطنا كالآية القصيرة من المصحف وقال أبو حنيفة تبطل صلاته إلا أن يقرأ
آية قصيرة لأنه عمل طويل وهو ضعيف لان الفكر والنظر لا يبطل الصلاة كما لو فكر في إشغاله ونظر إلى المارة ولا فرق بين الحافظ وغيره مسألة يجب الجهر بالقرائة خاصة
دون غيرها من الاذكار في صلاة الصبح وأولتي المغرب وأولتي العشاء والاخفات في الظهرين وثالثة المغرب واخرتي العشاء عند أكثر علمائنا وبه قال ابن أبي ليلى لان
النبي صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ولقول الباقر (ع) في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الاخفات فيه فقال إن فعل
ذلك متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة وان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا ولا يدرى فلا شئ عليه وقد تمت صلاته وقال المرتضى وباقي الجمهور كافة بالاستحباب
عملا بالأصل وهو غلط للاجماع على مداومة النبي صلى الله عليه وآله وجميع الصحابة والأئمة (على) فلو كان مسنونا لأخلوا به في بعض الأحيان مسألة يجب الجهر
بالبسملة في مواضع الجهر ويستحب في مواضع الاخفات في أول الحمد وأول السورة عند علمائنا لأنها آية من السورة تتبعها في وجوب الجهر وأما استحبابه في مواضع الاخفات
فلان أم سلمة قالت إن النبي صلى الله عليه وآله صلى فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وهو إخبار عن السماع ولا نغنى بالجهر الاسماع الغير ومن طريق الخاصة قول صفوان صليت
خلف الصادق (ع) أياما وكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم فإذا كانت الصلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر بسم الله الرحمن الرحيم وأخفى ما سوى ذلك وقال الشافعي يستحب الجهر بها قبل الحمد والسورة في الجهرية والاخفاتية وبه
قال عمرو بن الزبير وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة وهو مذهب عطا وطاوس وسعيد بن جبير ومجاهد وهو موافق لقولنا في الاخفاتية وقد بينا وجوب الجهر في الجهرية
وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة واحمد وأبو عبيد لا يجهر بها بحال ونقله الجمهور عن علي (ع) وابن مسعود وعمار لان أنسا قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وآله فلم أسمعه
أجهر بها ولا حجة فيه لصغره أو بعده وقال النخعي جهر الامام بها بدعة وقال مالك المستحب أن لا يقرأها وقال ابن ابن أبي
ليلى والحكم وإسحاق إن جهرت فحسن وإن أخفت فحسن
فروع - آ - أقل الجهر ان يسمع غيره القريب وتحقيقا أو تقديرا وحد الاخفات ان يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سمعيا باجماع العلماء ولان ما لا يسمع لا يعد كلاما ولا قراءة
لقول الباقر (ع) لا يكتب من القراءة والدعاء إلا ما أسمع نفسه - ب - لا جهر على المرأة بإجماع العلماء
ولان صوتها عورة ولا تخافت دون أسماع نفسها - ج - قال ابن إدريس
ما لا يتعين فيه القراءة لا يجهر فيه بالبسملة لو قرأ وهو تخصيص لعموم الروايات وتنصيص علمائنا - د - كل صلاة تختص بالنهار ولا نظير لها ليلا فالسنة فيها
الجهر كالصبح وكل صلاة تختص بالليل ولا نظير لها نهارا فالسنة فيها الجهر كالمغرب وكل صلاة تفعل نهارا ولها نظير بالليل فما تفعل نهارا فالسنة فيه الاخفات كالظهرين
وما يفعل ليلا فالسنة الجهر كالعشاء فصلوة الجمعة والعيد سنتهما الجهر لأنهما يفعلان نهارا ولا نظير لهما ليلا واصله قوله (ع) صلاة النهار عجماء وكسوف الشمس
يستحب فيها الاسرار ولأنها تفعل نهارا ولها نظير بالليل هي صلاة خسوف القمر ويجهر في الخسوف وأما صلاة الاستسقاء فعندنا كصلاة العيد وقال الشافعي ان فعلت
نهارا أسر بها وإن فعلت ليلا جهر ونوافل النهار يسر فيها ونوافل الليل تجهر ولا قرائة في صلاة الجنائز عندنا أما الشافعي فاستحب الجهر ليلا لا نهارا - ه‍ - القضاء كالفوايت
فإن كان الفايت صلاة جهر جهر في قضائها وجوبا وإن فعلت نهارا وإن كانت صلاة إخفات أسر فيها وان فعلت ليلا وبه قال بعض الشافعية وقال الباقون الاعتبار
بوقت القضاء وليس بجيد لقوله (ع) فليقضها كما فاتته - و - لا فرق بين الامام والمنفرد عندنا وبه قال الشافعي لان المنفرد ليس تابعا لغيره فهو كالامام وقال أبو حنيفة
لا يسن الجهر للمنفرد - ز - ليس للمأموم الجهر وإن سوغنا له القراءة لان صحابيا جهر خلف النبي صلى الله عليه وآله فلما فرغ من الصلاة قال مالي أنازع القرآن ولما فيه من تشويش الامام
- ج - يستحب الجهر في صلاة الجمعة وظهرها خلافا لابن إدريس وفى صلاة الليل مسألة القراءة ليست ركنا عند أكثر علمائنا فلو أخل بها سهوا لم تبطل صلاته
وبه قال الشافعي في القديم لان عمر صلى المغرب فلم يقرأ فيها فقيل له في ذلك فقال كيف كان الركوع والسجود فقالوا كان حسنا قال فلا بأس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
وقد سأله منصور بن حازم إني صليت المكتوبة فنسيت أن اقرأ في صلاتي كلها فقال ليس قد أتممت الركوع والسجود فقلت بلى فقال قد تمت صلاتك وعند بعض علمائنا
انها ركن لو أخل بها سهوا بطلت صلاته وهو قول الشافعي في الجديد لقوله (ع) لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ولا حجة فيه لافتقاره إلى إضمار مسألة يستحب له
ترتيل القراءة والتسبيح والتشهد ليلحقه من خلفه ممن يثقل لسانه قال الله تعالى ورتل القرآن ترتيلا وقال الصادق (ع) ينبغي للعبد إذا صلى أن يرتل قرائته وإذا مر بآية فيها ذكر
الجنة أو النار سأل الله الجنة وتعوذ بالله من النار وإذا مر بيا أيها الناس ويا أيها الذين آمنوا قال لبيك ربنا ولو أطال الدعاء في خلال القراءة كره وربما أبطل إن خرج
عن نظم القراءة المعتادة فيبين الحروف ولا يمده مدة يشبه الغناء ولو أدرج ولم يرتل وأتى بالحروف بكمالها صحت صلاته ويستحب تعمد الاعراب والوقوف في مواضعه ولا
يستحب له التطويل كثيرا فيشق على من خلفه لقوله صلى الله عليه وآله من أم الناس فليخفف وللمنفرد الإطالة ولو عرض عارض لبعض المأمومين يقتضى خروجه استحب للامام التخفيف قال
(ع) إني لاقوم في صلاة وأنا أريد ان أطول فيها فاسمع بكاء الصبى فأتجوز فيها كراهة أن يشق على أبيه مسألة يستحب أن يسكت قليلا بعد الحمد وبعد السورة
وبه قال عروة بن الزبير لقول الباقر (ع) ان رجلين اختلفا في صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله كم كان له من سكتة فكتب إلى ابن أبي
بن كعب فقال كان له سكتتان إذا فرغ (من أم القرآن وإذا فرغ صح)
من السورة ولان المقتضى للسكوت عقيب الحمد مقتض له عقيب السورة وقال الشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق ليسكت بعد تكبيرة الافتتاح وبعد الفاتحة لان سمرة
ابن جندب حدث انه حفظ عن رسول الله (ص) سكتتين سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قرائة الفاتحة فأنكر عليه عمر فكتبا في ذلك إلى ابن أبي
بن كعب فكان
في كتابه إليهما ان سمرة قد حفظ وحديثنا أولي لان أهل البيت (على) أعرف وكره ذلك كله مالك وأصحاب الرأي مسألة يستحب أن يقرأ في الظهرين والمغرب بقصار
المفصل كالقدر والنصر وفى العشاء بمتوسطاته كالطارق والأعلى وفي الصبح بمطولاته كالمدثر والمزمل قاله الشيخ في المبسوط وروى محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قلت القراءة في الصلاة
فيها شئ موقت قال لا الا الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين قلت له فأي السور اقرأ في الصلاة قال أما الظهر والعشاء فتقرأ فيها سواء والعصر والمغرب سواء واما الغداة
فأطول ففي الظهر والعشاء سبح اسم ربك الاعلى والشمس وضحيها ونحوها والعصر والمغرب إذا جاء نصر الله وألهيكم التكاثر ونحوها والغداة بعم يتسائلون وهل أتيك ولا
أقسم بيوم القيمة وهل أتى وقال الشافعي يقرأ في الصبح كما قلناه لان النبي صلى الله عليه وآله قرأ في الصبح ويقرأ في الظهر نصف ما يقرأ في الصبح ويقرأ في العصر بنحو ما يقرأ في العشاء سورة للجمعة
وإذا جاءك المنافقون ويقرأ في المغرب بالعاديات وشبهها لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في المغرب بقصار المفصل وقال أبو حنيفة يقرأ في الأولى من الصبح من ثلاثين آية إلى
117

ستين آية وفى الثانية من عشرين إلى ثلاثين وفى الظهر نصف ما قرأ في الصبح وفى العصر وفى العشاء عشرين آية في كل ركعة غير الفاتحة في الأوليين وقال احمد يقرأ في العشاء خمس
عشرة آية ولو خالف ذلك كله جاز باجماع العلماء فان النبي صلى الله عليه وآله قرأ في المغرب بالأعراف وتارة بالمرسلات وتارة بالطور مسألة يستحب أن يقرأ
في ظهري يوم الجمعة بالجمعة والمنافقين وكذا في الجمعة سواء الجامع والمنفرد والمسافر والحاضر لان الباقر (ع) قال إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول الله صلى الله عليه وآله
بشارة لهم والمنافقين توبيخا للمنافقين فلا ينبغي تركهما ومن تركهما متعمدا فلا صلاة له وليستا واجبتين في الجمعة أيضا خلافا لبعض علمائنا والمراد نفى الكمال
لقول الكاظم (ع) في الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا فقال لا بأس ويستحب ان يقرأ في غداة يوم الجمعة الجمعة والتوحيد وروى المنافقين وفى مغرب
ليلة الجمعة وعشائها بالجمعة والأعلى وفى رواية عن الصادق (ع) قرأ بالجمعة والتوحيد في المغرب وفى العشاء الجمعة وسبح اسم ويستحب لمن قرأ غير الجمعة والمنافقين في الجمعة والظهرين الرجوع
إليهما إن كان ناسيا ولم يتجاوز النصف فان تجاوز فليتمها بركعتين نافلة ويصلى الفريضة بهما وقال المرتضى إذا أدخل الامام في صلاة الجمعة وجب أن يقرأ في الأولى
بالجمعة وفى الثانية بالمنافقين يجهر بهما لا يجزئه غير هما لقول الصادق (ع) من صلى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة والمراد الاستحباب لقول الرضا (ع) وقد سأله
علي بن يقطين عن الجمعة ما ترا فيها قال اقرأها بقل هو الله أحد مسألة يستحب ان يقرأ في غداة الاثنين والخميس هل أتى وان يقرأ الجحد في سبعة مواضع في أول
ركعة من ركعتي الزوال وأول ركعة من النوافل المغرب وأول ركعة من صلاة الليل وأول ركعة من ركعتي الاحرام وركعتي الفجر والغداة إذا أصبح بها وركعتي الطواف لقول
الصادق (ع) لا تدع ان تقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون في سبعة مواطن في الركعتين قبل الفجر وركعتي الزوال وركعتين بعد المغرب وركعتين في أول صلاة الليل
وركعتي الاحرام والفجر إذا أصبحت بهما وركعتي الطواف قال الشيخ وفى رواية أخرى انه يقرأ في هذا كله بقل هو الله أحد وفى الثانية قل يا أيها الكافرون ويستحب
أن يقرأ في الركعتين الأولتين من صلاة الليل ثلاثين مرة قل هو الله أحد في كل ركعة وفى باقي صلاة الليل بالسور الطوال كالانعام والكهف مع السعة وان تضيق الوقت
خفف القراءة مسألة لو أراد المصلى التقدم خطوة أو خطوتين أو التأخر كذلك سكت عن القراءة حالة التخطي لأنها ليست حالة القيام بل حالة المشي و
هل ذلك على سبيل الوجوب يحتمل ذلك إن سلبنا القيام عنه وإلا مستحبا مسألة يحرم قول آمين آخر الحمد عند الإمامية وتبطل الصلاة بقولها سواء كان
منفردا أو إماما أو مأموما لقوله (ع) ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين والتأمين من كلامهم وقال (ع) إنما هي التسبيح والتكبير وقرائة القرآن وإنما
للحصر ولان جماعة من الصحابة نقلوا صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله منهم أبو حميد الساعدي قال أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا أعرض
علينا ثم وصف إلى أن قال ثم يقرأ ثم يكبر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لجميل في الصحيح إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قرائتها فقل أنت الحمد لله رب العالمين
ولا تقل آمين وسأل الحلبي الصادق (ع) أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب آمين قال لا ولان معناه اللهم استجب ولو نطق به أبطل صلاته فكذا ما قام مقامه ولأنه يستدعى
سبق دعاء ولا يتحقق إلا مع قصده فعلى تقدير عدمه يخرج التأمين عن حقيقته فيلغوا ولان التأمين لا يجوز إلا مع قصد الدعاء وليس ذلك شرطا اجماعا أما
عندنا فللمنع مطلقا وأما عند الجمهور فللاستحباب مطلقا وأطبق الجمهور على الاستحباب لقول أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال إذا قال الامام غير
المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين ونمنع صحة الرواية لان عمر شهد عليه بأنه عدو الله وعدو المسلمين وحكم عليه بالخيانة وأوجب عليه عشرة آلاف دينار
ألزمه بها بعد ولاية البحرين ومثل هذا لا يسكن إلى روايته ولان ذلك من القضايا المشهورة التي يعم بها البلوى فيستحيل انفراد أبي هريرة بنقلها فروع - آ - قال الشيخ (ره)
آمين تبطل الصلاة سواء وقعت بعد الحمد أو بعد السورة أو في أثنائهما وهو جيد للنهي عن قولها مطلقا - ب - لو كانت حال تقية جاز له أن يقولها ولهذا عدل
الصادق (ع) عن الجواب وقد سأله معاوية بن وهب أقول آمين إذا قال الامام غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال هم اليهود والنصارى ولم يجب فيه بشئ كراهة لهذه
اللفظة ولم يمكنه (ع) التصريح بها وعليه يحمل قوله (ع) وقد سأله جميل عنها ما أحسنها وأخفض الصوت بها - ج - اختلف الجمهور فقال الشافعي واحمد وإسحاق وداود
يجهر الامام بها لأنه تابع للفاتحة وقال أبو حنيفة والثوري لا يجهر بها لأنه دعاء مشروع في الصلاة فاستحب إخفاؤه كالدعاء في التشهد وعن مالك روايتان هذا إحديهما
والثانية لا يقولها الامام لأنه (ع) قال إذا قال الامام ولا الضالين فقولوا آمين فدل على أن الامام لا يقولها أما المأموم فللشافعي قولان الجديد الاخفاء وبه
قال الثوري وأبو حنيفة والقديم الجهر وبه قال احمد وأبو ثور وإسحاق وعطا من التابعين وإذا أسر بالقرائة أسر به اتفاقا منهم واستحب الشافعية التأمين
عقيب قرائة الحمد مطلقا للمصلى وغيره وفيه لغتان المد مع التخفيف والقصر ولو شدد عمدا بطلت صلاته إجماعا البحث الخامس في الركوع مسألة
الركوع واجب في الصلاة في كل ركعة مرة بإجماع علماء الاسلام إلا في الكسوف والآيات على ما يأتي قال الله تعالى واركعوا وعلمه الأعرابي لما علمه الصلاة وهو ركن في الصلاة إجماعا
ولو أخل به سهوا مع القدرة عليه أو عمدا بطلت صلاته لأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف ولقول الصادق (ع) في الرجل ينسى الركوع
حتى يسجد ويقوم قال يستقبل وسئل الكاظم (ع) عن الرجل ينسى ان يركع قال يستقبل حتى يضع كل شئ من ذلك في موضعه ولم يجعله الشيخ ركنا في أواخر
الرباعيات في بعض أقواله وسيأتى تحقيقه انشاء الله مسألة ويجب فيه الانحناء إلى أن تبلغ راحتاه إلى ركبتيه إجماعا الا من ابن أبي
حنيفة فإنه اكتفى بأصل
الانحناء لأنه لا يخرج عن حد القيام إلا بذلك ولقوله (ع) إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك وهو يستلزم الانحناء المذكور ومن طريق الخاصة قول
الباقر (ع) وتمكن راحتيك من ركبتيك وسنبين ان الوضع غير واجب فتعين الانحناء بقدره والعاجز يأتي بالممكن لان الزيادة تكليف بما لا يطاق ولو تعذر
أومأ لأنه القدر الممكن فيقتصر عليه ولان إبراهيم الكرخي سأل الصادق (ع) عن رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه الركوع والسجود فقال ليؤم برأسه
ايماء وإن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد فإن لم يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة والراكع خلفة يزيد يسير انحناء ليفرق بين القيام والركوع وان لم يفعل لم يلزمه
لأنه حد الركوع فلا يلزمه الزيادة عليه ولو انحنى وأخرج ركبتيه وصار بحيث لو مد يديه نالتا ركبتيه لم يكن ركوعا لان هذا التمكن لم يحصل بالانحناء وطويل
اليدين ينحنى كالمستوى وكذا قصيرهما مسألة ويجب فيه بعد الانحناء الطمأنينة ومعناها السكون بحيث تستقر أعضاؤه في هيئة الركوع ويفصل
هويه عن ارتفاعه منه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله قال للمسئ في صلاته ثم اركع حتى تطمئن راكعا ومن طريق الخاصة رواية حماد الطويلة
قال ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه مفرجات ولأنه فعل مفروض في الصلاة فوجبت فيه الطمأنينة كالقيام وقال أبو حنيفة لا تجب الطمأنينة لقوله تعالى واركعوا
وقد حصل مع عدمها فيخرج عن العهدة والآية يبينها النبي صلى الله عليه وآله بفعله فروع - آ - الطمأنينة ليست ركنا لأنا سنبين ان الصلاة لا تبطل بالاخلال بها سهوا
118

وان بطلت عمدا وقال الشيخ في الخلاف أنها ركن وبه قال الشافعي - ب - حد زمانها قدر الذكر الواجب لوجوب الذكر فيه على ما يأتي فلا بد من السكون بقدر أداء الواجب - ج -
لو زاد في الهوى ثم ارتفع والحركات متواصلة لم تقم زيادة الهوى مقام الطمأنينة - د - يجب ان لا يقصد بهويه غير الركوع فلو قرأ آية سجدة فهوى ليسجد ثم لما بلغ حد
الراكعين أراد ان يجعله ركوعا لم يجز بل يعود إلى القيام ثم يركع لان الركوع الانحناء ولم يقصده - ه‍ - لو عجز عن الركوع إلا بما يعتمد عليه وجب ولو عجز وتمكن من الانحناء على
أحد جانبيه وجب ولو عجز عن الطمأنينة سقط وكذا الرفع - و - لو لم يضع راحتيه فشك بعد القيام هل بلغ بالركوع قدر الأجزاء احتمل العود عملا بالأصل وبه قال
الشافعي وعدمه لأنه شك بعد انتقاله مسألة ويجب فيه الذكر عند علمائنا أجمع وبه قال احمد وإسحاق وداود إلا أنه قال إذا تركه عمدا لم تبطل صلاته
لقوله صلى الله عليه وآله لما نزل فسبح باسم ربك العظيم قال ضعوها في ركوعكم والامر للوجوب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأله هشام بن سالم عن التسبيح في الركوع و
السجود فقال تقول في الركوع سبحان ربى العظيم وفى السجود سبحان ربي الأعلى الفريضة من ذلك تسبيحة والسنة ثلاث والفضل سبع ولأنه هيئة في كون فيجب فيه
الذكر كالقيام وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك بعدم الوجوب لان النبي صلى الله عليه وآله لم يعلمه الأعرابي وهو ممنوع لقوله (ع) إذا ركع أحدكم وقال سبحان ربى العظيم وبحمده فقد
تم ركوعه وذلك أدناه وهو يدل على عدم تمام الركوع لو لم يذكر فروع - آ - الأقوى ان مطلق الذكر واجب ولا يتعين التسبيح لان هشام ابن الحكم وهشام بن سالم
سألا الصادق (ع) يجزى ان أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والله أكبر فقال نعم كل هذا ذكر علل بالذكر وقال بعض علمائنا يتعين
التسبيح وهو سبحان ربى العظيم وبحمده ثلاثا وبعضهم مرة أو ثلاث مرات سبحان الله واحمد أوجب التسبيح أيضا لما تقدم في حديث الصادق (ع) يقول في الركوع سبحان ربى
العظيم وسأل معوية بن عمار الصادق (ع) أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة قال ثلاث تسبيحات مترسلا (مرسلات) يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله ولا حجة فيهما لان السؤال
وقع أولا عن التسبيح وثانيا عن أخفه - ب - إذا قال سبحان ربى العظيم أو سبحان ربي الأعلى استحب أن يقول وبحمده وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول في ركوعه سبحان
ربى العظيم وبحمده ثلاثا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) يقول سبحان ربى العظيم وبحمده ثلاثا وقال ابن المنذر قيل لا حمد تقول سبحان ربى العظيم وبحمده إما انا فلا أقول
وبحمده - ج - يجب ان يأتي بالذكر حال الطمأنينة فلو شرع فيه قبل انتهائه في الهوى الواجب أو شرع في الرفع قبل إكماله بطلت صلاته - د - يستحب أن يقول ثلاث مرات
سبحان ربى العظيم وبحمده إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا ركع قال سبحان ربى العظيم وبحمده ثلاث مرات وأفضل منه خمسا والأكمل سبعا وان زاد فهو
أفضل قال أبان بن تغلب دخلت على الصادق (ع) وهو يصلى فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة وحكى الطحاوي عن الثوري انه كان يقول ينبغي للامام أن يقول
سبحان ربى العظيم خمسا حتى يدرك الذي خلفه ثلاثا وانكره الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قاله ثلاثا ولان المأموم يركع مع الامام فما أمكن الامام أمكن المأموم - ه‍ - ينبغي للامام
التخفيف قال سماعة سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن قال نعم قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا فقلت كيف حد الركوع والسجود
فقال إما ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات تقول سبحان الله سبحان الله ثلاثا ومن كان يقوى على أن يطول الركوع والسجود فليطول ما استطاع يكون ذلك في
تسبيح الله وتحميد والتمجيد والدعاء والتضرع فان أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد فاما الامام فإنه إذا قام بالناس فلا ينبغي ان يطول بهم فان في الناس الضعيف
ومن له الحاجة فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا صلى بالناس خف بهم مسألة ويجب بعد انتهاء الذكر الرفع من الركوع والاعتدال والطمأنينة قائما
حتى يرجع كل عضو إلى موضعه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لقول النبي (ص) للمشي في صلاته ثم ارفع حتى تعتدل قائما ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فإنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه ولأنه ركن هو خفض فالرفع منه فرض كالسجود وقال أبو حنيفة لا يجب الرفع
ولا الاعتدال ولا الطمأنينة بل ينحط من ركوعه ساجدا واختلف أصحاب مالك في مذهبه على القولين لان القيام لو وجب لتضمن ذكرا واجبا كالقيام الأول فلما
لم يتضمن ذكرا واجبا لم يجب كقيام القنوت وينتقض بالركوع والسجود والرفع من السجود فان الذكر عنده ليس بواجب في شئ منهما مسألة والسنة في الركوع ان يكبر قائما ثم
يركع والمشهور بين العلماء مشروعية التكبير لان النبي صلى الله عليه وآله كان يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود ومن طريق الخاصة قول حماد في صفة صلاة الصادق (ع)
ثم رفع يديه حيال وجهه وقال الله أكبر وهو قائم ثم ركع ولأنه شروع في ركن فشرع فيه التكبير كحالة ابتداء الصلاة وقال سعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وسالم و
القاسم لا يكبر إلا عند افتتاح الصلاة لقوله (ع) مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير فدلت على أنه لا يكون في غير التكبير ولا حجة فيه فإنه لا يدل على أن التكبير لا
يكون في غير التحريم فروع - آ - هذا التكبير ليس بواجب عند أكثر علمائنا وأكثر أهل العلم عملا بالأصل ولقوله (ع) للمسئ ثم اقرأ ما تيسر من القرآن ثم اركع ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) وقد سأله أبو بصير عن أدنى ما يجزى عن التكبير في الصلاة قال تكبيرة واحدة وقال بعض علمائنا بالوجوب وبه قال إسحاق وداود وعن أحمد روايتان
لقوله (ع) لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يكبر ثم يركع حتى يطمئن ونفى التمام لا يدل على نفى الصحة - ب - يستحب أن يكبر قائما ثم يركع وبه قال أبو حنيفة لان أبا
حميد الساعدي وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله قال يقرأ ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه ثم يركع ومن طريق الخاصة رواية حماد في صفة صلاة الصادق (ع)
ثم يرفع يديه حيال وجهه وقال الله أكبر وهو قائم ثم ركع وقال الشافعي يهوى بالتكبير - ج - لا ينبغي المد في التكبير بل يوقعه جزما وبه قال أبو حنيفة والشافعي في القديم لقوله التكبير
جزم أي لا يمد ولأنه ربما غير المعنى وفى الجديد للشافعي يمد إلى تمام الهوى لئلا يخلو جزء من صلاته عن الذكر - د - يستحب رفع اليدين بالتكبير في كل مواضعه عند أكثر علمائنا
لان الجمهور رووا ان المشروع أولا رفع اليدين ثم ادعوا التسبيح ولم يثبت وروى سالم عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع
رأسه عن الركوع ولا يرفع بين السجدتين ومن طريق الخاصة رواية حماد وقد سلفت قال بعض علمائنا بوجوب الرفع في التكبير كله للامر وقد بينا ان التكبير مستحب وكيفيته
أولي وقال الشافعي يرفع في تكبير الركوع والرفع منه ولا يرفع بين السجدتين لحديث سالم ونفي الرؤية لا يدل على نفيه لامكان غفلته وبه قال الأوزاعي واحمد و
إسحاق وأبو ثور وروى عن مالك وقال أبو حنيفة والثوري وابن ابن أبي
ليلى لا يرفع الا في تكبير الافتتاح والصحيح ما قلناه لان الأئمة (ع) أعرف قال الباقر (ع) إذا أردت
أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخر ساجدا ولأنه تكبير فاستجب فيه الرفع كالافتتاح - ه‍ - لو صلى قاعدا أو مضطجعا رفع يديه وبه قال الشافعي لان القعود ناب مناب القيام - و
لو نسى الرفع لم يعد التكبير لأنه هيئة له فسقط بفوات محله ز - يرفع يديه حذاء وجهه وفى رواية إلى أذنيه وقال الشافعي إلى منكبيه والأشهر رواية حماد ثم يرفع يديه
حيال وجهه - ح - ينبغي أن يبتدئ برفع يديه عند ابتداء التكبير وينتهى الرفع عند انتهاء التكبير ويرسلهما بعد ذلك لأنه لا يتحقق رفعهما بالتكبير إلا كذلك مسألة
يستحب أن يضع يديه على عيني ركبتيه مفرجات الأصابع باجماع العلماء إلا عبد الله بن مسعود وصاحبيه الأسود بن زيد و عبد الرحمن بن الأسود فإنهم قالوا إذا
119

ركع طبق يديه وجعلهما بين ركبتيه لان ابن مسعود رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وهو مدفوع بالنقل عنه (ع) إنه كان إذا ركع وضع راحتيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه
ومن طريق الخاصة رواية حماد عن الصادق (ع) ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه مفرجات وبأنه منسوخ قال
مصعب بن سعد بن ابن أبي
وقاص صليت إلى جنب ابن أبي
فطبقت يدي
وجعلتهما بين ركبتي فضرب في يدي فقال يا بنى إنا كنا نفعل ذلك فأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب ولو كانتا عليلتين أو إحديهما انحنى كمال الركوع أو رسلهما مسألة
ويستحب ان يسوى ظهره ولا يتبازخ به بان يخرج صدره ويطأ من ظهره فيكون كالسرج ولا يحدودب فيعلى وسط ظهره ويجعل رأسه وعنقه حيال ظهره ويمد عنقه محاذيا ظهره لان النبي (ع) كان إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوبه ولكن بين
ذلك ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وأقم صلبك ومد عنقك ويستحب أيضا رد ركبتيه إلى خلفه عند علمائنا أجمع لقول حماد عن الصادق (ع) ورد ركبتيه
إلى خلفه وقال الشافعي بنصب ركبتيه وان يجافى الرجل مرفقيه عن جنبيه ولا يجاوزني الانحناء استواء الظهر والرقبة مسألة يستحب الدعاء أمام التسبيح لقول
النبي صلى الله عليه وآله أما الركوع فعظموا الرب فيه وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن ان يستجاب لكم ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) فاركع وقل رب لك ركعت ولك
أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت فأنت ربى خشع لك سمعي وبصرى وشعري وبشرى ولحمي ودمى ومخي؟ وعصبي وما أقلت قدماي غير مستنكف ولا مستكبر
ولا مستحسر سبحان ربى العظيم وبحمده ثلاثا وبنحوه قال الشافعي إلا أنه قدم التسبيح ولا يستحب أن يقرأ في ركوعه وسجوده وتشهده بل يكره قال الشيخ في المبسوط وبه قال الشافعي
واحمد لان عليا (ع) قال إن النبي (ص) قال ألا إني نهيت أن اقرأ راكعا أو ساجدا أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فإنه قمن
ان يستجاب لكم ويكره أن تكون يداه تحت ثيابه حالة الركوع بل يستحب أن تكون بارزة أو في كمه ولو خالف لم تبطل صلاته مسألة يستحب إذا انتصب أن يقول
سمع الله لمن حمده سواء الإمام والمأموم وبه قال عطا ومحمد بن سيرين وإسحاق بن راهويه والشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقوله ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
ثم قل سمع الله لمن حمده وأنت منتصب ولان ما سن للامام في الانتقال من ركن إلى ركن سن للمأموم كساير الاذكار وقال أبو حنيفة ومالك يقولها الامام دون المأموم و
به قال ابن المنذر والثوري وأبو يوسف ومحمد واحمد لقوله إذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وهذا يدل على أن المأموم لا يقولها فروع - آ - هذا القول عندنا مستحب لا واجب
للأصل ولأنه (ع) لم يعلمه المسئ في صلاته وهو وقت الحاجة وأكثر العلماء على ذلك وقال إسحاق بوجوبه وعن أحمد روايتان لقوله صلى الله عليه وآله لا يتم صلاة أحدكم وساق الحديث
حتى قال ثم يقول سمع الله لمن حمده والتمام يطلق على جملة الأفعال الواجبة والمندوبة - ب - يستحب الدعاء بعده فيقول الحمد لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة
إماما كان أو مأموما أو منفردا لقول حذيفة صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ثم قال الحمد لله ذي الملكوت
والجبروت والكبرياء والعظمة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) قل سمع الله لمن حمده أهل الجود والكبرياء والعظمة ولان قول سمع الله لمن حمده اذكار بالحمد وحث عليه
فيستحب وقال الشافعي يقول بعده ربنا لك الحمد ملا السماوات وملا الأرض وملاء ما شئت من شئ بعد أهل الثناء والمجد حق ما قال العبد كلنا لك عبيد لا مانع لما
أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ورووه عن علي (ع) إماما أو مأموما أو منفردا وبه قال عطا وابن سيرين وإسحاق وقال أبو حنيفة ومالك يقول
الامام سمع الله لمن حمده والمأموم يقول ربنا لك الحمد واختاره ابن المنذر وقال الثوري وأبو يوسف ومحمد واحمد يقول الامام سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ويقول المأموم ربنا لك الحمد ولا يزيد عليه قال الشيخ ولو قال ربنا لك الحمد لم تفسد صلاته وهو جيد لأنه نوع تحميد
ولكن المنقول من أهل البيت (على) أولي وقال الطحاوي خالف الشافعي الاجماع فيما قاله. - ج - من الجمهور من أسقط الواو ومنهم من أثبتها لأنها قد تزاد لغة - د -
لو عكس فقال من حمد الله سمع له لم يأت بالمستحب لأنه خلاف المنقول - د - لو عطس فقال الحمد لله رب العالمين ونوى المستحب بعد الرفع جاز لان انضمام هذه النية لم تغير
شيئا من المقصود - و - لو منعه عارض عن الرفع من الركوع سجد وسقط الذكر ولو ركع ثم اطمأن ثم سقط على الأرض فإنه يقوم منتصبا ولا يعيد الركوع لان الركوع سقط
بفعله فالانتصاب منه يحصل بقيامه ويحتمل ان يسجد من غير قيام لفوات محله لعذر - ز - لو سجد ثم شك هل رفع رأسه من الركوع لم يلتفت عندنا وقال الشافعي يجب
ان ينتصب فإذا انتصب سجد - ح - لو ركع ولم يطمئن فسقط احتمل إعادة الركوع لعدم الاتيان على وجهه وعدمها لان الركوع حصل فلو أعاد زاد ركوعا - ط - لو منعة
العلة من الانتصاب سجد فان زالت العلة قبل بلوغ جبهته الأرض فإنه يرفع وينتصب ويسجد لزوال العلة قبل الشروع في الركن وفى المبسوط يمضى في صلاته وليس بجيد
لان الانتصاب والطمأنينة واجبان وإن زالت بعد الوضع سقط لأنه شرع في السجود - ى - هذا الذكر وهو سمع الله لمن حمده يقوله عند الانتصاب لحديث الباقر (ع)
وقال الشافعي يبتدئ عند ابتداء الرفع وله قول اخر إنه يقول سمع الله لمن حمده وهو راكع فإذا انتصب قال ربنا لك الحمد - تا - إذا قام من الركوع لا يستحب رفع اليدين بل إذا كبر
للسجود قائما رفعهما واستحبه الشافعي خلافا لأبي حنيفة - يب - لو ترك الاعتدال عن الركوع والسجود في صلاة النفل صحت صلاته ويكون ترك الأفضل وللشافعية
وجهان - يج - يستحب للامام رفع صوته بالذكر في الركوع والرفع البحث السادس السجود مسألة السجود واجب بالنص والاجماع وهو في كل ركعة سجدتان
هما معا ركن في الصلاة ولو أخل بهما عمدا أو سهوا بطلت صلاته باجماع العلماء ويجب على الأعضاء السبعة في كل سجدة الجبهة والكفان والركبتان و
إبهاما الرجلين عند علمائنا أجمع الا المرتضى فإنه قال عوض الكفين مفصل الكفين عند الزندين وما قلناه ذهب إليه احمد وإسحاق والشافعي في أحد القولين
لان ابن عباس قال أمر النبي صلى الله عليه وآله أن يسجد على سبع يديه وركبتيه وأطراف أصابعه وجبهته ومن طريق الخاصة قول حماد في صفة صلاة الصادق (ع) و
يسجد على ثمانية أعظم الكفين وركبتين وأنامل ابهامي الرجلين والجبهة والأنف وقال سبع منها فرض ووضع الانف على الأرض سنة والقول الاخر للشافعي لا يجب إلا على الجبهة
دون باقي السبعة وبه قال أبو حنيفة ومالك وأكثر الفقهاء لقوله (ع) سجد وجهي وهو يدل على أن السجود للوجه ولأنه لا يجب كشفها في السجود والحديث لا
دلالة فيه والتخصيص بالذكر لأنه أبلغ في الخضوع وقد قال سجد لحمي وعظمي وما أقلته قدماي ولا يلزم من عدم الكشف انتفاء وجوب السجود عليها كما لا يلزم انتفاء
استحبابه عنده فروع - آ - لو أخل بالسبعة أو بأحدها عمدا بطلت صلاته وناسيا لا يعيد لعدم وجوبه حينئذ - ب - يجب وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه مما
لا يؤكل ولا يلبس وقد سلف دون باقي الأعضاء لكن يستحب في اليدين ويسقط مع الضرورة وللشافعي على تقدير وجوب السجود عليها قولان في وجوب كشف اليدين
أشهرهما ذلك لان خباب بن الأرت قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا والثاني العدم كقولنا لأنه عضو يغطى عادة فأشبه الركبتين و
الحديث محمول على أنه لم يشكهم في السؤال لأجل الجبهة - ج - لا يجب استيعاب الجبهة بالوضع بل يكفي المسمى مع التمكين لان النبي صلى الله عليه وآله سجد بأعلى جبهته ولقول الصادق (ع)
ما بين قصاص شعر الرأس إلى موضع الحاجب ما وضعت منه أجزأك وشرط بعض علمائنا قدر الدرهم وكذا لا يجب استيعاب كل مسجد بل يكفي الملاقاة ببعضه والأفضل
الاستيعاب - د - لا يجزى أحد جانبي الجبهة عنها وبه قال الشافعي مسألة يتعين وضع الجبهة مع القدرة فلا يجزى الانف منها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي
120

واحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا سجدت فمكن جبهتك من الأرض والامر للوجوب ولقول الصادق (ع) سبعة منها فرض وعد الجبهة وقال أبو حنيفة إذا سجد على أنفه
أجزأه عن جبهته لان الانف والجبهة عضو واحد فإذا سجد على الانف أجزأ كما لو سجد على بعض الجبهة ويبطل بعظم الرأس فإنه متصل بعظم الجبهة فروع - آ - لو سجد على خده
أو رأسه أيجزئه وبه قال الشافعي - ب - لا يجب السجود على الانف بل يستحب استحبابا مؤكدا فلو اقتصر على الجبهة اجزاء عند علمائنا وبه قال عطا وطاوس وعكرمة والحسن وابن
سيرين والشافعي وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد واحمد في رواية وأبو حنيفة والثوري ومالك لان النبي صلى الله عليه وآله قال امرت أن أسجد على سبعة أعظاء ولم يذكر الانف ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) ووضع الانف على الأرض سنة وقال الأوزاعي واحمد في الرواية الأخرى وإسحاق يجب السجود على الانف أيضا لقوله (ع) لا صلاة لمن لا يصيب أنفه
من الأرض ما يصيب الجبين وهو محمول على نفى الفضيلة - ج - يستحب الارغام بطرف الانف الاعلى قاله المرتضى مسألة لا يجوز أن يكون موضع السجود أعلى من
موقف المصلى بالمعتد اختيارا عند علمائنا لقول الصادق (ع) وقد سأله ابن سنان عن موضع جبهة الساجد يكون أرفع من مقامه فقال لا ولكن يكون مستويا ولأنه
يخرج عن الهيئة المشروعة ويجوز العلو بمقدار لبنة لأنه لا يعد علوا ولعدم التمكن من الاحتراز عنه إذ علو ذلك غالب ولقول الصادق (ع) وقد سأله ابن سنان عن السجود
على الأرض المرتفعة فقال إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس ولو كان مساويا أو أخفض جاز إجماعا مسألة ويجب فيه الذكر و
الخلاف فيه كالركوع لقوله (ع) لما نزل سبح اسم ربك الاعلى اجعلوها في سجودكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يقول في السجود سبحان ربي الأعلى الفريضة
من ذلك تسبيحة والسنة ثلاث والفضل في سبع وأما اجزاء الذكر فلقول الصادق (ع) وقد سئل أيجزى أن يقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والله
أكبر فقال نعم كل هذا ذكر وقد تقدم مسألة ويجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر في كل واحدة منهما وايقاع الذكر مطمئنا فلو شرع فيه قبل وصول الجبهة الأرض
أو رفع قبل انتهائه بطل سجوده عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لقوله (ع) للاعرابي ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ومن طريق الخاصة حديث حماد الطويل لما وصف
صلاة الصادق (ع) ثم سجد وبسط كفيه مضمومتي الأصابع بين يدي ركبتيه حيال وجهه فقال سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاث مرات وقال أبو حنيفة لا تجب الطمأنينة لأنه أمر
بالسجود وقد امتثل وتمنع الامتثال لان النبي صلى الله عليه وآله بين الهيئة وقال الشيخ في الخلاف انه ركن مسألة فإذا أكمل الذكر وجب عليه رفع رأسه من السجود والطمأنينة
في الجلوس بين السجدتين عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لقوله (ع) للاعرابي ثم ارفع رأسك حتى تطمئن ومن طريق الخاصة في حديث حماد فلما استوى جالسا
قال الله أكبر ثم قعد على فخذه الأيسر ولأنه رفع واجب فكان إلى الاعتدال واجبا كالرفع من السجدة الأخيرة من الصلاة وقال أبو حنيفة لا يجب ذلك واكتفى أبو حنيفة
بان يرفع رأسه مثل حد السيف ومعه تتحقق السجدتان لأنها جلسة فصل بين متشاكلين فلم تكن واجبة كالتشهد الأول ونمنع الحكم في الأصل على ما يأتي ثم يفرق على مذهبه بان هذه مقصودة في نفسها بخلاف جلسة التشهد فإنها تقصد لذكر غير واجب عنده وقال الشيخ في الخلاف
ان ذلك ركن فان قصد به الفرض فهو مسلم وان قصد إبطال الصلاة بالاخلال به سهوا فهو ممنوع مسألة والسجود الثاني واجب كالأول باجماع العلماء وهيئة
كهيئته في السجود على الأعضاء السبعة ووجوب الذكر فيه والطمأنينة بقدره ووضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ووجوب الرفع منه إما للقيام أو الجلوس لا خلاف بينهما
اجماعا مسألة يستحب إذا أراد السجود الأول ان يكبر له عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله كان يكبر حين يسجد ورووا أيضا انه كان يكبر عند
كل رفع وخفض ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخر ساجدا ولأنه انتقال إلى ركن فشرع فيه الذكر وقال بعض علمائنا
بوجوبه وبه قال احمد وقد تقدم في تكبير الركوع فروع - آ - يستحب رفع اليدين به عند علمائنا وقال المرتضى بوجوبه وقال الشافعي لا يستحب لأنه يصل طرفه
بسجود فهو كالتكبير بين السجدتين ونمنع الحكم في الأصل وقول الباقر (ع) إذا أردت ان تسجد فارفع يديك بالتكبير - ب - يستحب التكبير قائما فإذا فرغ منه أهوى
إلى السجود عند علمائنا وقال الشافعي واحمد يهوى بالتكبير يكون انتهاء التكبير مع انتهاء الانحطاط وابتداؤه مع ابتدائه لأنه هيئة من هيئات الانحطاط وحديث
حماد عن الصادق (ع) يبطل ذلك ويمنع انه هيئة من هيئات الانحطاط بل هو ابتداء ذكر الركن فشرع قبله كالتحريم - ج - الأجود الاتيان به جزما مؤخرا وللشافعية
وجهان أحدهما انه يستحب ان يمده مدا لينتهى معه انتهاء الهوى مسألة يستحب إذا هوى إلى السجود ان يبتدئ بوضع يديه على الأرض يتلقها بهما عند علمائنا
أجمع وبه قال الأوزاعي ومالك واحمد في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه وعن ابن عمر قبل
اليدين أولا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وابدأ بيديك تضعهما قبل ركبتيك وقال أبو حنيفة الثوري والشافعي واحمد في رواية وإسحاق وعمر بن الخطاب و
النخعي أول ما يقع على الأرض ركبتاه لان وابل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ولان
اليدين لما تقدم رفعهما تأخر وضعهما كالجبهة والقول مقدم خصوصا مع ندبية الفعل فجاز ان يتركه عليه السلام أحيانا لبيان الندبية ونمنع سبق رفع اليدين
ولو غير إحدى الهيئتين بالأخرى جاز اجماعا ويكون قد ترك الأفضل قال الصادق (ع) لا بأس إذا صلى الرجل ان يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه مسألة
يستحب أن يكون موضع جبهته مساويا لموقفه لأنه أنسب بالاعتدال المطلوب في السجود وأمكن للساجد وقال الصادق (ع) وقد سأله أبو بصير عن الرجل يرفع جبهته في
المسجد انى أحب ان أضع وجهي في موضع قدمي وكرهه فان وقعت على المرتفع فإن كان بمقدار لبنة فما دون جاز وإن كان أزيد رفع رأسه ثم وضعه على المعتدل ولا تكون
هنا زيادة سجود لان الوضع الأول ليس بسجود أما لو وقعت على لبنة فإنه يستحب جر الجبهة إلى المعتدل ولا يجوز رفعها حينئذ لئلا تزيد سجدة ولو بقى على حاله جاز
وكذا التفصيل لو سجد على ما يكره السجود عليه أو يحرم مسألة يستحب الدعاء أمام التسبيح باجماع العلماء لقوله (ع) وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن ان
يستجاب لكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا سجدت فكبر وقل اللهم لك سجدت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربى سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه و
بصره والحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ثم قل سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات وسأل عبد الله بن سنان الصادق (ع) ادعوا الله وانا ساجد فقال نعم ادعوا
الله للدنيا والآخرة مسألة ويستحب التخوية في السجود بأن يفرق بين فخذيه وساقيه وبين بطنه وفخذيه وبين جنبيه وعضديه وبين عضديه وساعديه وبين ركبتيه ومرفقيه ويفرق
بين رجليه وسمى تخوية لأنه إلقاء الخوا بين الأعضاء وهذا للرجل خاصة دون المراة بل تضم بعضها إلى بعض لان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا سجد فرج يديه عن
جنبيه وخجى والخج الخاوي وفرج بين رجليه وقال (ع) إذا سجد أحدكم فلا يفترش ذراعيه افتراش الكلب ومعناه ان يضعهما بالأرض ولا يتجافى بهما ومن طريق الخاصة رواية
حماد عن صفة صلاة الصادق (ع) ولم يضع شيئا من جسده على شئ منه لما سجد وقول الباقر (ع) لا تفترش ذراعيك افتراش السبع ويستحب الاعتدال في السجود اجماعا
لقوله (ع) اعتدلوا في السجود قال الجمهور لا ينبغي أن يجمع ثيابه وشعره في سجوده لان النبي صلى الله عليه وآله رأى رجلا يجمع ثيابه في الصلاة فقال (ع) دعها فإنها تركع بركوعك وتسجد
121

بسجودك ونهى أن يكفت منه الشعر والثياب أي يجمعها قال عطا وكانوا يكرهون أن يسجد وهو عاقص شعره ولعل النهى لما فيه من الفعل الذي ليس من الصلاة مسألة
يستحب التورك في الجلوس بين السجدتين عند علمائنا أجمع ومعناه أن يجلس على وركه الأيسر ويخرج رجليه جمعا ويجعل رجله اليسرى على الأرض وظاهر قدمه
اليمنى على باطن قدمه اليسرى ويفضى بمقعده إلى الأرض لان ابن مسعود روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يجلس في وسط الصلاة واخرها متوركا ومن طريق الخاصة رواية
حماد في صفة صلاة الصادق (ع) ثم قعد على جانبه الأيسر ووضع ظاهر قدمه اليمنى على طرف قدمه اليسرى وقال الصادق (ع) إذا جلست في الصلاة فلا تجلس على يمينك و
اجلس على يسارك وقال الشافعي وأبو حنيفة واحمد المستحب الافتراش وهو أن يثنى عليها وينصب رجله اليسرى فيبسطها ويجلس رجله اليمنى ويخرجها من تحته ويجعل بطون أصابعه على
الأرض معتمدا عليها ليكون أطراف أصابعها إلى القبلة لان أبا حميد الساعدي لما وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ولا حجة
فيه لاحتمال جلوسه على فخذه وللشافعي قول باستحباب الاقعاء وسيأتى مسألة يستحب التكبير إذا استوى جالسا عقيب الأولى ثم يكبر للشافعية قاعدا ثم يسجد ثم يكبر بعد
جلوسه لرواية حماد في صفة صلاة الصادق (ع) فلما استوى جالسا قال الله أكبر ثم قعد على فخذه الأيسر ووضع قدمه الأيمن على بطن قدمه الأيسر وقال استغفر الله
ربى وأتوب إليه ثم كبر وهو جالس وسجد ثانية وقال كما قال في الأولى وقال المرتضى قد روى إذا كبر للدخول في فعل من الصلاة ابتداء بالتكبير في حال ابتدائه وللخروج
بعد الانفصال عنه وما تقدم يدل على إكمال التكبير قبل الدخول والابتداء به بعد الخروج وكلاهما جايز لكن الأول أولي وقال الشافعي واحمد يكبر عند شروعه في
الرفع وقد سبق مسألة يستحب الدعاء بين السجدتين عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني
واجبرني وارزقني واهدني السبيل الأقوم وعافني ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا رفعت رأسك بين السجدتين فقل اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وعافني
انى لما أنزلت إلى من خير فقير تبارك الله رب العالمين وأنكر ذلك أبو حنيفة وقال احمد تكرر رب اغفر لي رب اغفر لي الواجب منه مرة وأدنى الكمال ثلاث والأصل عدم الوجوب
والنبي صلى الله عليه وآله لم يعلمه الأعرابي مسألة جلسة الاستراحة مستحبة عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي في أحد القولين واحمد في أحد الروايتين لان أبا حميد
الساعدي وصف صلاة النبي صلى الله عليه وآله إلى أن قال ثم ثنى رجليه فقعد عليها ثم هوى ساجدا فقال الله أكبر ثم ثنى رجليه وقعد واعتدل ثم نهض ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) إذا رفعت رأسك من السجدة الثانية حين تريد أن تقوم فاستو جالسا ثم قم وعن علي (ع) كان إذا رفع رأسه من السجود قعد حتى يطمئن ثم يقوم فقيل له
كان أبو بكر وعمر إذا رفعا من السجود نهضا على صدور أقدامهما كما تنهض الإبل فقال إنما يفعل ذلك أهل الجفاء من الناس ان هذا من توقير الصلاة وقال المرتضى بالوجوب
لأنه مأمور به والامر للوجوب ونمنع الكبرى لان زرارة قال رأيت الباقر (ع) والصادق (ع) إذا رفعا رؤسهما من الثانية نهضا ولم يجلسا وقال مالك والثوري وإسحاق و
أصحاب الرأي والشافعي في القول الآخر واحمد في الرواية الأخرى يقوم ولا يجلس ورووه عن علي (ع) وعمرو بن مسعود وابن عمر وابن عباس لان وابل بن حجر روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا رفع رأسه من السجود
استوى قائما ولا حجة فيه لأنه مندوب فجاز له تركه ليعلم ندبيته وللشافعية قول باستحبابها للضعيف لا القوى فروع - آ - يستحب الدعاء لقول الصادق (ع)
إذا قمت من السجود قلت اللهم رب بحولك وقوتك أقوم وأقعد وإن شئت قلت واركع واسجد - ب - يستحب الجلوس متوركا كما تقدم وقال الشافعي يجلس مفترشا كما بين السجدتين
لان النبي صلى الله عليه وآله ثنى رجليه وقعد واعتدل حتى رجع كل عضو إلى موضعه واحمد وافقنا ليفرق بينه وبين الجلوس بين السجدتين فيأمن الشك هل جلس عن
الأولى والثانية - ج - قالت الشافعية ان قلنا بالجلوس أنهى التكبير حالة الجلوس ويقوم بغير تكبير وان قلنا لا يجلس أنهاه مع انتهاء الرفع وذلك
عند ابتداء القيام وقال بعضهم يتم التكبير عند انتهاء القيام قبله وقد بينا لمن يكبر عند انتهاء الجلوس مسألة يستحب الاعتماد على يديه سابقا برفع ركبتيه عند القيام من السجدة الثانية أو من جلسة
الاستراحة عند علمائنا أجمع وبه قال ابن عمر وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي واحمد وإسحاق لان مالك بن الحويرث لما وصف صلاة النبي صلى الله عليه وآله قال فلما رفع
رأسه من السجدة الأخيرة في الركعة الأولى واستوى قاعدا قام واعتمد على الأرض بيديه ومن طريق الخاصة قول محمد بن مسلم رأيت الصادق (ع) إذا سجد وأراد القيام رفع ركبتيه
قبل يديه ولأنه أشبه بالتواضع وأعون للمصلى وقال أبو حنيفة والثوري لا يعتمد على يديه بل يرفعهما أولا ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه وهو رواية عن أحمد ورواه
الجمهور عن علي (ع) وابن مسعود لقول أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وآله ينهض من الصلاة معتمدا على صدور قدميه وخبرنا زايد والزايد أولي مسألة يكره
الاقعاء بين السجدتين وهو ان يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه وقال بعض أهل اللغة هو أن يجلس على ألييه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب وتفسير الفقهاء
أولي لان البحث على تقديره وبالكراهة قال علي (ع) وأبو هريرة ومالك وقتاده والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وعليه العمل عند أكثر أهل العلم وفعله ابن عمر وقال لا
تقتدوا بي فإني قد كبرت لان عليا (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا تقع بين السجدتين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا تقع بين السجدتين والنهى
للكراهة لا التحريم لقول الصادق (ع) لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وللشافعي قول آخر باستحبابه لان طاوسا قال لابن عباس في الاقعاء على القدمين فقال هي من السنة قال
طاوس رأيت العبادلة بن عمر وابن الزبير وابن العباس يقعون بين السجدتين والأصح الأول لان أبا حميد الساعدي لما وصف جلوسه (ع) في غيره من الصحابة قال ثم ثنى رجله
اليسرى فقعد عليها ثم هوى ساجدا فصدقه كلهم مسألة يستحب له رفع اليدين بالتكبير عند القيام من السجود وبالجملة عند كل تكبيرة وبه قال ابن المنذر وقال هذا باب
أغلقه كثير من أصحابنا قد ثبت فيه حديث ابن أبي
حميد الساعدي وروى في حديث علي (ع) أيضا ولأنه ابتداء ركعة فكان بمنزلة تكبيرة الافتتاح وقال الشافعي لا يستحب الرفع
لان ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما رفع ولا يرفع بين السجدتين ولأنها تكبيرة يتصل
طرفها بسجود أو قعود فلا يرفع يديه فيها كتكبيرة السجود من القيام ولا تقبل رواية النفي مع الاثبات والحكم في الأصل ممنوع مسألة قد بينا وجوب وضع
الجبهة على الأرض فإن كان عليها دمل حفر حفيره ليقع الدمل فيها والصحيح على الأرض لان مصادفا قال خرج بي دمل فكنت أسجد على جانب فرآني الصادق (ع) فقال ما
هذا فقلت لا أستطيع ان اسجد لمكان الدمل فقال احفر حفيرة واجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك على الأرض فإن كانت مستوعبة سجد على أحد الجبينين
لأنه أشبه بالسجود على الجبهة من الايماء والايماء سجود مع تعذر الجبهة فالجبين أولي فان تعذر سجد على ذقنه وهو مجتمع اللحيين لقوله تعالى ويخرون للأذقان
سجدا وإذا صدق عليه اسم السجود وجب ان يكون مجزئا وقد سئل الصادق (ع) عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها فقال يضع ذقنه على الأرض ان الله سبحانه
يقول ويخرون للأذقان فان تعذر أومى مسألة لو عجز عن التنكس وهو الانحناء إلى أن تستعلي الاسافل لمرض وجب وضع وسادة ليضع الجبهة عليها أو رفع ما
يسجد عليه عند علمائنا وبه قال احمد لان السجود فرض فيجب ان يؤدى على القدر الممكن ولأنه أشبه بالسجود من الايماء وقول الصادق (ع) وإن كان له من يرفع الخمرة
122

إليه فليسجد ولان على المساجد هيئة التنكس ووضع الجبهة فلا يسقط الثاني بتعذر الأول وقال أبو حنيفة لا يجب وللشافعي قولان أحدهما وجوبه والاخر وجوب الهوى
بقدر الامكان لان هيئة السجود فاتته وان وضع الجبهة فيكتفى بالانحناء المقدور عليه ولو تعذر رفع شئ أجزأه الايماء إجماعا ولو عجز عن الطمأنينة سقطت مسألة
يجب أن لا يقصد بهويه غير السجود فلو سقط إلى السجود لم يجزئه والأقرب بطلان الصلاة لو جود ما ينافيها ولأنه تغيير لهيئة الصلاة ولو أراد السجود فسقط من غير قصد
أجزأته ارادته السابقة إذ لا يجب في كل فعل تجديد قصد مقارن على التفصيل ولو لم تسبق منه نية السجود ففي الأجزاء إشكال أقربه ذلك لأنه لم يخرج بذلك عن هيئة الصلاة
ونيتها ولو هوى ليسجد فسقط على بعض جسده ثم انقلب على وجهه فماست جبهته الأرض قال الشافعي لا يعتد بهذا السجود لأنه لم يرده بانقلابه وإنما أراد انقلابه فقطع بذلك
نية الوجوب كما لو نوى الطهارة ثم نوى بغسل بعض الأعضاء التبرد وقطع بذلك نية الطهارة ولو انقلب يريده اجزائه فلو سجد فعرض له ألم ألقاه على جنبه ثم عاد للسجود
فان تطاول انقلابه لم يجزئه والا أجزأه لبقائه على النية مسألة ويجب الاعتماد على موضع السجود فلا يتحامل عنه بنقل رأسه وعنقه ولو كان يسجد على قطن
أو حشيش ثقل عليه حتى ينكبس وتمكن جبهته عليه ويجب ان يجافى بطنه عن الأرض فلو أكب على وجهه ومد يديه ورجليه ووضع جبهته على الأرض منبطحا لم يجزئه لان
ذلك لا يسمى سجودا ولو كان به مرض ولا يتمكن من السجود الا على هذا الوجه أجزأه وهل يجب ان يلقى الأرض ببطون راحتيه أو يجزئه القاء زنديه ظاهر كلام الأصحاب الأول
وكلام المرتضى الثاني ولو ضم أصابعه إلى كفه وسجد عليها ففي الأجزاء اشكال أقربه المنع لأنه (ع) جعل يديه مبسوطتين حالة السجود ولو قلب يديه وسجد على ظهر راحتيه
لم يجزئه وبه قال الشافعي لأنه مناف لفعله (ع) ويستحب ان يفرج بين رجليه في السجود لأنه (ع) صلى كذلك وبه قال الشافعي وهل يجزئه وضع الأصابع دون الكف و
بالعكس الأقرب ذلك وبه قال الشافعي مسألة المريض الذي يصلى مضطجعا يؤمى برأسه بالركوع والسجود ويجعل إشارته بالسجود أخفض من إشارته بالركوع
فان عجز عن الإشارة بالرأس أومى بطرفه فان عجز عن ذلك تفكر بقلبه ولا يسقط فرض الصلاة ما دام عقله تاما وبه قال الشافعي للعموم ولما رواه عن علي (ع) فإن لم
يستطع صلى مستلقيا على قفاه ورجلاه إلى القبلة وأومى بطرفه وقال أبو حنيفة إذا عجز عن الإشارة بالرأس سقط عنه فرض الصلاة وقد تقدم خاتمة السجدات خارجة
عن الصلاة ثلاث الأولى سجدة التلاوة وهي في خمسة عشر موضعا في الأعراف والرعد والنحل وبنى إسرائيل ومريم والحج في موضعين والفرقان والنمل وألم تنزيل وهي سجدة
لقمن وص وحم السجدة والنجم والانشقاق واقرأ باسم ربك ثلاث منها في المفصل وهي النجم والانشقاق وأقراء عند علمائنا لان عبد الله بن عمرو بن العاص قال أقرأني
رسول الله صلى الله عليه وآله خمس عشرة سجدة ثلاث في المفصل وسجدتان في الحج والخلاف مع الجمهور في المفصل والثانية في الحج وص فأما المفصل فقال الشافعي في القديم ليس فيه سجود و
به قال مالك في المشهور عنه لان ابن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وآله لم يسجد في شئ من المفصل مذ تحول إلى المدينة وقال في الجديد فيه سجود وبه قال أبو حنيفة واحمد وإسحاق كما
قلناه نحن لان أبا رافع صلى خلف أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت وسجد فقلت ما هذه السجدة فقال سجدت فيها خلف ابن أبي
القاسم صلى الله عليه وآله ولا أزال أسجدها
حتى ألقاها وأبو هريرة متأخر أسلم بالمدينة وهو مثبت فيقدم على النافي وقال أبو ثور ليس في النجم خاصة سجدة وبدفعه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأما الحج
فقال الشافعي كقولنا بالسجدتين فيها وبه قال احمد وإسحاق وأبو ثور لان عقبة بن عامر قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله في سورة الحج سجدتان فقال نعم من لم يسجد هما
فلا يقرأهما وسجد هما علي (ع) وعمر وابن عباس وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري وابن عمر قال أبو إسحاق أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين
وهذا إجماع وقال أبو حنيفة ومالك الثانية ليست سجدة لأنه جمع فيها بين الركوع والسجود فقال اركعوا واسجدوا
كقوله لمريم واسجدي واركعي ولا حجة فيه واما ص فعند
الشافعي انه سجدة شكر ليس من سجود التلاوة وبه قال احمد في إحدى الروايتين لان النبي صلى الله عليه وآله قرأ على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما
كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجود تشرف الناس للسجود فقال إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشرفتم للسجود فنزلت وسجدت فبين انها توبة وليست سجدة وقال أبو حنيفة ومالك و
أبو ثور وإسحاق واحمد في الرواية الأخرى انها من عزائم السجود لحديث عبد الله بن عمرو بن العاس وعن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله سجدها وروى غيره انه سجدها وقرأ أولئك
الذين هدى الله فبهديهم اقتده مسألة موضع السجود في حم عند قوله واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم إياه تعبدون وبه قال ابن عمر والحسن البصري ومالك وحكاه
مسروق عن أصحاب ابن مسعود لان الامر بالسجود فيها فيجب عندها وقال الشافعي الآية الثانية عند قوله وهم لا يسئمون وبه قال سعيد بن المسيت والنخعي والثوري وأبو حنيفة
واحمد وهو مروى عن ابن عباس لان تمام الكلام في الثانية وكان السجود عقيبها وأولوية السجود عند الذكر راجحة عليه عند التتمة إما الأعراف فآخرها وله يسجدون والرعد و
ظلالهم بالغدو والآصال والنحل ويفعلون ما يؤمرون وبنى إسرائيل ويزيدهم خشوعا ومريم خروا سجدا وبكيا والحج يفعل ماشيا وافعلوا الخير والفرقان وزادهم نفورا والنمل
ورب العرش العظيم وألم تنزيل وهم لا يستكبرون والنجم فاسجدوا لله والانشقاق وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون والقلم واسجد واقترب مسألة سجود
التلاوة واجب في العزائم الأربع سجدة لقمن وحم والنجم والقلم ومستحب في البواقي عند علمائنا أجمع لان عليا (ع) قال عزائم السجود أربع وقال الصادق (ع) إذا قرئ شئ من
العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وان كنت على غير وضوء وان كنت جنبا وإن كانت المرأة لا تصلى وساير القرآن أنت فيه بالخيار ولأنها تتضمن الامر بالسجود فتكون واجبة
لان الامر للوجوب وغير الأربع ليس بصريح في الامر فيكون ندبا وقال أبو حنيفة وأصحابه السجود واجب في الجميع ولم يفصل لقوله تعالى وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون
وهذا ذم ولأنه سجود يفعل في الصلاة فكان واجبا كسجودها والذم على ترك السجود الواجب وهي العزائم الأربع أو غير معتقد فضله ولا مشروعيته ونمنع المشترك وينتقض بسجود
السهو فإنه ليس بواجب عندهم وقال مالك والأوزاعي والليث والشافعي واحمد الكل مستحب لان عمر خطب يوم الجمعة ولم يسجد في النحل ونقول بموجبه فإنه ليس بواجب
عندنا مسألة وتجب الأربع على القارئ والمستمع بلا خلاف عندنا وعند الموجبين ومستحب في الباقي عندنا وعند الباقين لان ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يقرأ علينا السورة في غير الصلاة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانا لموضع جبهته إما السامع غير القاصد للسماع فيستحب في حقه في الجميع عندنا عملا بالأصل
ولقول الصادق (ع) وقد سأله عبد الله بن سنان عن رجل يسمع السجدة يقرأ فقال لا يسجد الا ان يكون منصتا مستمعا لها أو يصلى بصلاته فإما أن يكون يصلى في
ناحية وأنت في ناحية فلا تسجد لما سمعت وقال أبو حنيفة يجب على السامع أيضا ونحوه عن ابن عمر والنخعي وسعيد بن جبير ونافع وإسحاق لأنه سامع المسجدة فأشبه المستمع و
قال الشافعي لا أؤكد عليه السجود وان سجد فهو محسن وقال مالك واحمد لا يستحب للسامع وهو مروى عن عثمان وابن عباس وعمران بن الحصين لان عثمان مر بقاض (بعاص) فقرأ
القاضي سجدة ليسجد عثمان معه فلم يسجد فقال إنما السجود على من استمع مسألة هذا السجود ليس بصلاة ولا بجزء منها فلا يشترط في الصلاة عند علمائنا وبه قال عثمان
وسعيد ابن المسيب والشعبي عملا بالأصل وقول الصادق (ع) فاسجد وان كنت على غير وضوء وان كنت جنبا وإن كانت المراة لا تصلى وقال الشافعي واحمد وأبو حنيفة ومالك.
123

تشترط الطهارة من الحدث والخبث وستر العورة والاستقبال لقوله صلى الله عليه وآله لا يقبل الله صلاة بغير طهور فيدخل في عمومه السجود ولان ما نافى الصلاة نافى السجود كالكفر
ولا دلالة في الخبر لأنها ليست صلاة والكفر مناف للعبادات الواجبة والمندوبة المشروطة فيها الطهارة وغير المشروطة بها أما النية فلا بد منها لأنها فعل مشترك فيقتصر التخصيص
إلى نيته فروع - آ - لو سمع السجود وهو على غير طهارة لم يلزمه الوضوء ولا التيمم وبه قال احمد لأنها تتعلق بسبب فإذا فات لم يسجد كما لو قرأ سجدة في الصلاة ولم يسجد
بعدها ونحن نوجب السجود أو نستحبه وان لم يتطهر لعدم اشتراط الطهارة كما تقدم وقال النخعي يتيمم ويسجد وعنه يتوضأ ويسجد وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي - ب - لو
توضأ سجد وقال احمد لا يسجد لفوات سببها ولا يتيمم لها مع وجود الماء - ج - لو عدم الماء فتيمم سجد عندنا وبه قال احمد إذا لم يطل لعدم بعد سببها بخلاف الوضوء عنده
مسألة ولا تكبير فيها للسجود عندنا وبه قال أبو حنيفة في رواية وابن أبي هريرة عملا بالأصل قال الشيخ ويكبر للرفع منه لقول الصادق (ع) إذا قرأت السجدة فاسجد ولا
تكبر حتى ترفع رأسك وقال (ع) فيمن يقرأ السجدة من القرآن من العزائم فلا يكبر حين يسجد ولكن يكبر حين يرفع رأسه وقال الشافعي إن كان في غير صلاة نوى الساجد و
وكبر للافتتاح ورفع يديه حذو منكبيه كما في افتتاح الصلاة خلافا لأبي حنيفة في الرفع ثم يكبر تكبيرة أخرى للهوى من غير رفع فإذا رفع رأسه كبر وفى وجه لا
يكبر للافتتاح ثم هو مستحب أو شرط وجهان وإن كان في الصلاة فلا يكبر للافتتاح ويكبر للهوى من غير رفع اليدين ثم يكبر عند رفع الرأس وقال ابن أبي هريرة
لا يكبر للسجود ولا للرفع في غير الصلاة وقال النخعي واحمد وأصحاب الرأي كقول الشافعي باستحباب التكبير للسجود والرفع منه لأنها صلاة ذات سجود فوجب ان تغتفر إلى تكبيرة الاحرام كساير
الصلوات والصغرى ممنوعة فروع - آ - منع احمد من تثنية التكبير في الابتداء وإن كان خارجا من الصلاة ة وقال الشافعي إذا سجد خارجا من الصلاة كبر واحدة للافتتاح واخرى
للسجود لأنها صلاة فتكبير الافتتاح غير تكبيرة السجود والصغرى ممنوعة - ب - قال الشافعي واحمد يرفع يديه عند تكبيرة الابتداء إن كان في غير الصلاة لأنها تكبيرة
احرام وان سجد في الصلاة قال احمد يرفع خلافا للشافعي - ج - ليس فيها ذكر موظف لأصالة براءة الذمة فان الامر تعلق بالسجود خاصة وقال احمد يقول ما يقول في سجود
صلب صلاته وهو ممنوع نعم يستحب الذكر مسألة وليس في سجود التلاوة تشهد ولا تسليم عند علمائنا أجمع وهو قول ابن أبي
حنيفة واحد قولي الشافعي لان
الامر بالسجود لا يتناول غيره فيكون منفيا بالأصل ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله ولا عن أحد من الأئمة (على) تشهد ولا تسليم ولان التشهد في
مقابلة القيام ولا قيام ولأنه كما لا تشهد عند احمد فلا يستحب التسليم كغير الصلاة وبه قال النخعي والحسن بن سعيد بن جبير وقال بعض الشافعية يتشهد لأنه سجود يحتاج إلى الاحرام و
السلام فيكون كسجود الصلاة والصغرى ممنوعة وهو خلاف بعض نص الشافعي والقول الثاني للشافعي انه يسلم من غير تشهد وبه قال احمد لقوله صلى الله عليه وآله تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ولأنها
ذات تكبير احرام فافتقرت إلى التسليم والصغرى ممنوعة وضمير الحديث راجع إلى الصلاة إذا ثبت هذا فاختلف
الرواية عن أحمد وروى ايجاب تسليمتين وروى
واحدة مسألة لا يقوم الركوع مقام السجود عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لأنه سجود مشروع فلا يقوم الركوع مقامه كسجود الصلاة ولان
الامر ورد بالسجود والركوع مغاير وقال أبو حنيفة يقوم مقامه استحبابا لقوله تعالى وخر راكعا وأناب وانما يقال خر ساجدا لا راكعا فعبر بالركوع عن السجود
مجازا ولان المروى عن داود السجود مسألة يجوز السجود في الأوقات المكروهة عند علمائنا وبه قال إسحاق والحسن والشعبي وسالم وعطا وعكرمة والشافعي واحمد في
رواية لاطلاق الامر بالسجود فيتناول بإطلاقه جميع الأوقات ولأنها ذات سبب وقال أبو ثور وابن عمر وسعيد بن المسيب واحمد في رواية وإسحاق انه لا يسجد لقوله (ع)
لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس ونحن نقول بموجبه فإنها ليست صلاة وكره مالك قرائة السجدة في وقت النهى مسألة
لا يشترط في السجود للمستمع سواء الاستماع لعموم الامر وقال مالك والشافعي واحمد وإسحاق وقتادة يشترط كون التالي ممن يصلح ان يكون إماما للمستمع فإن كان التالي امرأة
أو خنثى مشكلا لم يسجد الرجل باستماعه منهما ولو كان التالي أميا سجد القارئ المستمع لسجوده لان القراءة ليست بركن في الصلاة وإن كان صبيا ففي سجود الرجل بسجوده
عند احمد وجهان بناء على صحة إمامته والكل عندنا باطل لما تقدم ولو لم يسجد التالي سجد المستمع عند علمائنا وبه قال الشافعي لان السبب وهو الاستماع موجود وقال احمد
لا يسجد لأنه تابع له فان الاستماع انما يحصل بالقراءة ولا يسجد بدون سجوده وهو ممنوع ولا فرق بين ان يكون التالي إماما أو لا وقال الشافعي إن كان التالي إماما ولم
يسجد تبعه في تركها كما يتبعه في ترك ساير المسنونات وتحقيق مذهبنا ان الامام إن كان ممن يقتدى به وقرأ العزيمة في فرض ناسيا أومأ بالسجود عند آيته وكذا المأموم وإن كان
في نافلة فلا تسوغ فيها الجماعة فان سجد الإمام سجد المأموم وكذا ان لم يسجد إن كانت السجدة عزيمة والا فلا وإن كان ممن لا يقتدى به وقرأ في فرض لم يتابعه المأموم في سجوده بل يؤمى
وان لم يسجد الامام تابعه في الترك وأومى ولو كان التالي في غير الصلاة والمستمع في الصلاة حرم عليه الاستماع فان فعله احتمل السجود إذا فرغ وبه قال أبو حنيفة لوجود سبب السجود و
امتنع منه لعارض فإذا زال سجدوا لايماء وقال الشافعي واحمد لا يسجد لان سببها لم يوجد في صلاته ولا يسجد إذا فرغ فإن كان التالي في صلاة والمستمع في غير صلاة سجد مسألة
لو قرأ السجدة ماشيا سجد فإن لم يتمكن أومى وبه قال أبو العالية وأبو زرعة واحمد وأصحاب الرأي وقال عطا ومجاهد يؤمى وإن كان راكبا سجد على راحلته ان تمكن وإلا نزل وفعله علي (ع)
وابن عمر وابن الزبير والنخعي وعطا وبه قال مالك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لان رسول الله صلى الله عليه وآله قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم منهم
الراكب والساجد في الأرض حتى أن الراكب يسجد على يده قيل يكره اختصار السجود وهو ان ينزع الآيات التي فيها السجود فيقرأها ويسجد فيها وبه قال الشعبي والنخعي والحسن وإسحاق
ورخص فيه أبو حنيفة ومحمد وأبو ثور وقيل اختصار السجود ان يقرأ القرآن ويحذف آيات السجود والأخير عندي أولي مسألة لو فاتت قال في المبسوط يجب قضاء العزائم
وفى الندب هو بالخيار وقال في الخلاف تعلقت ذمته بفرض أو سنة ولا تبرأ إلا بقضائه ويحتمل ان يقال بالأداء لعدم التوقيت وقال الشافعي إذا لم يسجد في موضع السجود لم يسجد
بعد ذلك لأنها تتعلق بسبب فإذا فات سقطت ولأنه لا يتقرب إلى الله تعالى بسجدة ابتدءا كصلاة الاستسقاء والكبرى ممنوعة في الأول والصغرى في الثاني لأنها عندهم
صلاة وتارك الصلاة يجب عليه قضاؤها وله قول بالقضاء ولو كرر آية السجدة في مجلس واحد ولم يسجد للمرة الأولى احتمل الاكتفاء بسجدة واحدة وبه قال الشافعي ووجوبهما
معا ولو سجد للأولى سجد للثانية أيضا لوجود السبب وقال أبو حنيفة تكفيه الأولى وللشافعي قولان أظهرهما الأول إما لو طال الفصل فإنه يسجد مرة أخرى والركعة الواحدة
في الصلاة كالمجلس الواحد عند الشافعي والركعتان كالمجلسين الثانية سجدة الشكر وهي مستحبة عقيب الفرايض وعند تجدد النعم ودفع النقم عند علمائنا أجمع
وبه قال الشافعي واحمد لان رسول الله (ص) كان إذا جاءه شئ يسره خر ساجدا وقال عبد الرحمن بن عوف سجد رسول الله (ص) فأطال فسألناه فقال أتاني جبرئيل فقال
من صلى عليك مرة صلى الله تعالى عليه عشرا فخررت شكرا لله وسجد علي (ع) شكرا يوم النهروان لما وجدوا ذا الثدية وسجد أبو بكر لما بلغه فتح اليمامة وقتل مسيلمة ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) سجدة الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها صلاتك وترضى بها ربك وتعجب الملائكة منك وان العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين الملائكة وبين
العبد وقال مالك إنه مكروه وقال الطحاوي وأبو حنيفة لا نرى سجود الشكر شيئا وروى محمد عن أبي حنيفة الكراهة ومحمد لا يكرهه واحتجوا بان النبي صلى الله عليه وآله قد كانت في أيامه الفتوح و
124

استسقى على المنبر وسقى ولم ينقل انه سجد وتركه أحيانا لا ينفى الاستحباب فروع - آ - تستحب عقيب الصلوات على ما بينا خلافا للجمهور لأنها مظنة التعبد وموضع الخضوع
والشكر على التوفيق لأداء العبادة وحديث الصادق (ع) يدل عليه - ب - يستحب فيه التعفير عند علمائنا ولم يعتبره الجمهور لأنها وضعت للتذلل والخضوع بين يدي الرب والتعفير
أبلغ الخضوع والذل وقال إسحاق بن عمار سمعت الصادق (ع) يقول كان موسى بن عمران (ع) إذا صلى لم ينفتل من صلاته حتى يلصق خده الأيمن بالأرض وخده الأيسر
بالأرض وقال إسحاق رأيت من يصنع ذلك قال محمد بن سنان يعنى موسى بن جعفر (ع) في الحجر في جوف الليل - ج - يستحب الدعاء بما روى أو بما يتخيره الانسان الأدعية ويستحب أن يقول
شكرا شكرا مائة مرة وإن قال عفوا عفوا جاز - د - روى هارون بن خارجة عن الصادق (ع) قال إذا أنعم الله عليك بنعمة فصل ركعتين فيها تقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقل هو الله
أحد وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وتقول في الركعة الأولى في ركوعك وسجودك الحمد لله شكرا شكرا وحمدا وتقول في الركعة الثانية في ركوعك
وسجودك الحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسئلتي - ه‍ - الأقرب استحباب السجدة عند تذكر النعمة وإن لم تكن متحددة خلافا للجمهور لان دوام النعمة نعمة وعن
إسحاق بن عمار قال إذا ذكرت نعمة الله عليك وكنت في موضع لا يراك أحد فألصق خدك بالأرض وإذا كنت في ملا من الناس فضع يدك على أسفل بطنك واخر ظهرك وليكن
تواضعا لله فان ذلك أحب - و - يستحب السجود إذا رأى مبتلى ببلية أو فاسقا شكرا لله وستره عن المبتلى لئلا يتأذى به ويظهره للفاسق ليرجع عن فسقه - ز - ليس في سجود الشكر
تكبيرة الافتتاح ولا تكبير السجود ولا تشهد ولا تسليم وقال في المبسوط يستحب التكبير لرفع رأسه من السجود وقال الشافعي انه كسجود التلاوة والمعتمد ما قلناه للامتثال بايقاعه كيف
كان - ح - هل يجب وضع الأعضاء السبعة في السجود الواجب في التلاوة ويستحب في مندوبها وللشكر اشكال ينشأ من أصالة البراءة وصرف السجود إلى وضع الجبهة ومن صرف
السجود في الصلاة إلى ما وضع فيه الأعضاء - ط - يجوز ان يؤدى هذا السجود وسجود التلاوة أيضا على الراحلة عندنا خلافا للشافعي لحصول المسمى - ى - لو تجددت عليه نعمة
وهو في الصلاة فإنه لا يسجد فيها لان سبب السجدة ليس منها وبه قال الشافعي لكن لو قرأ ص فان سجد بها عنده للشكر فهل يسجد وجهان السجود لان سببه وجد في الصلاة و
العدم لأنها سجدة شكر وليست متعلقة بالتلاوة الثالثة سجدة السهو وسيأتى البحث فيها انشاء الله تعالى البحث السابع في التشهد مسألة التشهد
واجب في كل ثنائية مرة في اخرها ومرتين في الثلاثية بعد الثانية والثالثة وفى الرباعية بعد الثانية والرابعة عند علمائنا أجمع وبه قال الليث بن سعد وإسحاق وأبو ثور وداود واحمد في
رواية لان النبي (ص) فعل ذلك وداوم عليه وكذا الصحابة والأئمة (على) وامر به النبي صلى الله عليه وآله في حديث ابن عباس والامر للوجوب وسجد ابن عباس لما نسيه وعن ابن مسعود
علمني رسول الله صلى الله عليه وآله التشهد في وسط الصلاة وآخرها ومن طريق الخاصة ما رواه البزنطي التشهد تشهدان في الثانية والرابعة وقال الشافعي الأول سنة وكذا الجلوس فيه
وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد في رواية لأنه يسقط بالسهو فأشبه السنن وهو ممنوع لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل ينسى التشهد قال يرجع فيتشهد وأوجب الشافعي
التشهد الأخير وهو الذي يتعقبه السلام سواء كانت الصلاة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية وبه قال عمر وابنه وأبو مسعود البدوي والحسن البصري واحمد كما قلناه لان ابن مسعود قال كنا
نقول قبل ان يفرض علينا التشهد السلام على الله قبل عباده السلام على جبرائيل وميكائيل السلام على فلان فقال النبي صلى الله عليه وآله لا تقولوا السلام على الله فان الله هو
السلام ولكن قولوا التحيات لله انتهى ولأنه ذكر قدر به ركن من أركان الصلاة وكان واجبا كالقرائة وقال مالك وأبو حنيفة والثوري إنه غير واجب كالأول الا ان أبا حنيفة يقول
الجلوس في الثاني قدر التشهد واجب لان النبي (ص) لم يعلمه للاعرابي ولأنه أحد التشهدين فلم يكن واجبا كالأول ونمنع عدم تعليم التشهد أو انه كان يعرفه أو كان قبل فرضه ونمنع عدم
وجوب الأول وقد سبق وأيضا الفرق ان محله غير واجب عندهم والثاني قدر به ركن مسألة يجب فيه الجلوس بقدره مطمئنا في الأول والثاني فلو شرع فيه قبل انتهاء رفعه
من السجدة أو شرع في النهوض قبل إكماله متعمدا بطلت صلاته عند علمائنا وبه قال في الثاني أبو حنيفة والشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله داوم عليه وكذا الصحابة
والتابعون وهو يعطى الوجوب ولأنه (ع) فعله بيانا إذا ثبت هذا فعلى أي هيئة جلس أجزأه للامتثال بأي نوع الا ان الأفضل التورك فيهما وبه قال مالك لقول ابن مسعود
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجلس وسط الصلاة وآخرها متوركا ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) إذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك بالأرض
وفرج بينهما وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وألياك على الأرض واطراف ابهام اليمنى على الأرض وإياك والقعود على قدميك فلا تصبر للتشهد والدعاء وقال الشافعي الجلسات في الصلاة
أربع الجلسة بين السجدتين والتشهد الأخير وهما واجبان وجلسة التشهد الأول وجلسة الاستراحة وهما مستحبان ويستحب في جميع الجلسات الافتراش بان يفترش رجله اليسرى
ويجلس عليها وينصب اليمنى الا التشهد الأخير الذي يتعقبه التسليم وإن كان واحدا فإنه يستحب فيه التورك لحديث ابن أبي
حميد الساعدي فلما جلس بين السجدتين ثنى رجله
اليسرى فجلس عليها ونصب قدمه اليمنى وإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته على الأرض ونصب وركه اليمنى وقد ضعفه الطحاوي ولا حجة فيه وقال أبو حنيفة
يجلس في جميعها مفترشا لقوله إذا جلست فاجعل عقبك تحت أليتيك قال الشافعي لو أدرك من الصبح ركعة مع الامام قعد معه مفترشا ويتورك في الثاني ولو أدرك
الثانية من المغرب جلس أربع مرات ويفترش في ثلاثة ويتورك في الأخير مسألة ويجب فيه الشهادتان بالتوحيد والرسالة في الأول والثاني عند علمائنا أجمع
وبه قال كل من أوجبه قال محمد بن مسلم للصادق (ع) التشهد في الصلاة قال مرتان قلت وكيف مرتان قال إذا استويت جالسا فقل أشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له و
أشهد ان محمدا عبده ورسوله وأقل الواجب فيه الشهادتان لقول سورة بن كليب قلت أدنى ما يجزى من التشهد قال الشهادتان وقول الباقر (ع) وقد سأله زرارة ما يجزى من
التشهد في الأخريين قال الشهادتان وقال الشافعي يجب خمس كلمات أن يقول التحيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد
ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لاختلاف ورود الاخبار وسقوطهما سواه هذا في بعضها ونحن لا نوجب التحيات للأصل وقول محمد بن مسلم للصادق (ع) قلت قول
العبد التحيات لله والصلوات الطيبات قال ذلك اللطف يلطف العبد ربه وأيضا لو وجب لتواتر لأنه مما يعم به البلوى ولان الواجب التشهد وهو مأخوذ من الشهادة ولفظ
التحيات ليس منها ونمنع من تقديم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وتبطل به الصلاة لان التسليم مخرج عن الصلاة لقوله (ص) تخليلها التسليم لا يقال المخرج قوله السلام عليكم لأنا نقول إنه
تحكم لتناول اطلاق التسليم ذلك ولان قوله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يتناول الحاضرين والغائبين من الصلحاء وقوله السلام عليكم يختص بالحاضرين فإذا
كان السلام على الحاضرين مخرجا والغياب أولي ولقول الصادق (ع) كلما ذكرت الله والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة فإذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت وسأله
أبو كهمش عن الركعتين الأوليين إذا جلست فيهما فقلت وانا جالس السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
فهو الانصراف مسألة ويجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في التشهدين عند علمائنا أجمع لقوله تعالى صلوا عليه والامر للوجوب ولا يجب في غير الصلاة اجماعا فيجب فيها ولان
عايشة قالت سمعت رسول الله (ص) يقول لا يقبل صلاة إلا بطهور وبالصلاة على ولقول الصادق (ع) من صلى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وآله وتركه عامدا
125

فلا صلاة له وقال الشافعي انها واجبه في التشهد الأخير خاصة وبه قال احمد في إحدى الروايتين وإسحاق وأبو مسعود الأنصاري وفي مشروعيتها في الأول للشافعي قولان
لان العبادة إذا شرط فيها ذكر الله تعالى بالشهادة شرط فيها ذكر النبي صلى الله عليه وآله كالاذان ولحديث عايشة وقال أبو حنيفة ومالك والثوري والأوزاعي لا يجب لان
ابن مسعود علمه النبي صلى الله عليه وآله التشهد ثم قال إذا قلت هذا تمت صلاتك ويحمل على قرب التمام وعلى سبق المشروعية بالصلاة مسألة وتجب الصلاة على
آله عليهم السلام عند علمائنا أجمع واحمد في الروايتين وبعض الشافعية وللشافعية وجهان وقيل قولان لان كعب بن عجزه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في
صلاته اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد فتجب متابعته لقوله (ع) صلوا كما رأيتموني اصلى وعن أبي مسعود الأنصاري قال قال
رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى صلاة ولم يصل فيها على وعلى أهل بيتي لم تقبل منه وقال الشافعي بالاستحباب للأصل وهو ممنوع لثبوت المخرج منه
فروع - آ - قال بعض الناس آل محمد هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب لانهم أهل النبي (ص) وآل منقلب عن
الأهل فلو قال وعلى أهل محمد أجزأه عند بعض الجمهور وكذا لو صغر
فقال أهيل والحق عدم الأجزاء لأنه أمر مشروع فيتبع فيه النقل وقيل آل محمد من كان على دينه لأنه سئل (ع) من آل محمد فقال كل تقى ولقوله تعالى ادخلوا آل فرعون أشد
العذاب والوجه ان الآل هنا المعصومون من أهل بيته إذ لا تجب الصلاة على غيرهم - ب - من لا يحسن التشهد والصلاة وجب عليه التعلم فإن ضاق الوقت أو عجز أتى بالممكن
ولو عجز سقط - ج - لا يجزى بغير العربية ولو لم يقدر وجب التعلم فان ضاق الوقت أو عجز أجزأت الترجمة وكذا الأذكار الواجبة إما الدعاء بغير العربية فإنه جايز - د - يجب الترتيب فيبدأ بالشهادة بالتوحيد
ثم بالنبوة ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ثم على اله ولو عكس لم يجزءه وقوفا على المأخوذ من صاحب الشرع وقال الشافعي يجزئه لحصول المعنى فيكفي وهو ممنوع - ه‍ -
يجب فيه التتابع فلو تركه لم يجزئه وبه قال الشافعي ويجب في الصلاة ذكر اسم الرسول صلى الله عليه وآله فلو قال اللهم صل على الرسول لم يجزئه لأنه صلى الله عليه وآله سئل كيف يصلى عليك فقال
قولوا اللهم صلى على محمد وآل محمد مسألة قد بينا ان الواجب الشهادتان والصلاتان وأقله اشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله اللهم صل على
محمد وال محمد وفى وجوب وحده لا شريك له عقيب الشهادة بالتوحيد إشكال ينشأ من حديث محمد بن مسلم عن الصادق (ع) وقد سلف ومن أصالة البراءة ولو أسقط
الواو في الثاني أو اكتفى به أو أضاف الآل إلى الضمير فالوجه الأجزاء للامتثال إما لو حذف لفظة الشهادة ثانيا والواو فإنه لا يجزئه قطعا ولا بد من الاتيان بصيغة الشهادة فلو قال
اعلم أو أخبر عن علم لم يجز وكذا لو قال أشهد ان الله واحد ولو أتى عوض حرف الاستثناء بغيره مما يدل عليه كغير وسوى فالوجه عدم الأجزاء لأنه خلاف المنقول مسألة
ويستحب الزيادة في التشهد بالاذكار المنقولة عن أهل البيت (على) لانهم أعرف بمواقع الشرع وكيفيته لانهم مهبط الوحي قال الصادق (ع) إذا جلست في الثانية فقل بسم الله
وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة واشهد ان ربى نعم
الرب وأن محمدا نعم الرسول اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته ثم تحمد الله مرتين أو ثلاثا ثم تقوم فإذا جلست في الرابعة قلت بسم الله وبالله والحمد لله
وخير الأسماء لله اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة أشهد انك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول
التحيات لله الصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات العاديات الرايحات السابغات الناعمات لله ما طاب وزكى وطهر وخلص وصفى لله وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة اشهد ان ربى نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول واشهد ان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث
من في القبور والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله الحمد لله رب العالمين اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد وترحم على محمد وآل محمد كما صليت و
باركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم صل على محمد وال محمد وامنن على بالجنة وعافني من النار وقد روى زيادة على ذلك إما الجمهور فالمشهور عندهم
ثلاث روايات احديها ما رواه ابن عباس التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد ان
لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وثانيها عن ابن مسعود التحيات لله والصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وهي مذكورة في الصحيحين وثالثها عن عمر الخطاب التحيات لله الزاكيات لله الطيبات لله الصلوات لله السلام عليك
أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله واختار الشافعي الأول وأبو حنيفة الثاني و
به قال الثوري واحمد وإسحاق وابن المنذر واختار مالك الثالث والكل عندنا باطل لان التسليم مخرج عن الصلاة إذا ثبت هذا فإنه يستحب عندنا تقديم التسمية لما
تقدم في الأحاديث عن أهل البيت (على) ورواه الجمهور عن جابر وانكره الشافعي وابن المنذر لان ابن عباس سمع رجلا يقول بسم الله فانتهره تنبيه قال ابن عباس
التحيات لله يعنى العظمة لله الصلوات يريد الصلوات الخمس الطيبات الأعمال الصالحة وقال أبو عمر والتحيات لله معناه الملك لله وقيل الطيبات هو الثناء على الله وفى السلام
قولان أحدهما ان معناه اسم السلام والسلام هو الله كما يقال اسم الله عليك والثاني سلام الله عليك تسليما وسلاما مسألة يستحب للامام ان يسمع من خلفه
الشهادتين وليس على المأموم ذلك قال أبو بصير صليت خلف الصادق (ع) فلما كان في آخر تشهده رفع صوته حتى سمعنا فلما انصرف قلت كذا ينبغي للامام ان يسمع تشهده من
خلفه قال نعم وقال الصادق (ع) ينبغي للامام أن يسمع من خلفه التشهد ولا يسمعونه شيئا وليس على الوجوب إجماعا ولان علي بن يقطين سأل أبا الحسن الماضي (ع)
هل يصلح ان اجهر بالتشهد وبالقول في الركوع والسجود والقنوت قال إن شاء جهر وان شاء لم يجهر وقال احمد يستحب اخفاء التشهد لان النبي صلى الله عليه وآله لم يكن
يجهر به وهو ممنوع لأن عدم السماع لا يدل على العدم ولأنه مندوب فجاز تركه أحيانا مسألة يجوز الدعاء في التشهد وفى جميع أحوال الصلاة كالقنوت والركوع
والسجود والقيام قبل القراءة وبعدها بالمباح من أمر الدين والدنيا عند علمائنا أجمع سواء كان مما ورد به الشرع أو لا وبه قال الشافعي لان أبا هريرة روى أن النبي
صلى الله عليه وآله قال إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع من عذاب النار وعذاب القبر وفتنة المحيى وفتنة الممات وفتنة المسيح الدجال ثم يدعو لنفسه ما بدأ له وقال (ع)
لابن مسعود ثم يتخير من الدعاء ما أعجبه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سأله بكر بن حبيب أي شئ أقول في التشهد والقنوت قال قل بأحسن ما علمت فإنه لو كان
موقتا هلك الناس ولأنه دعاء لله تعالى يجوز خارج الصلاة فجاز فيها كالدعاء المأثور وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يدعوا الايماء فيه يشبه الفاظ القرآن والأدعية المأثورة
ولا يدعو بما يشبه كلام الناس ومن أصحابه من قال ما لا يطلب الا من الله يجوز وما يجوز ان يطلب من المخلوقين إذا سأله الله تعالى في الصلوات أفسدها لأنه ذكر لو أتى به
غير وجه الدعاء أفسدها كالدعاء المحظور وينتقض بالدعاء المأثور فإنه لو ذكر الفتنة والمسيح الدجال على غير وجه الدعاء أبطل الصلاة فروع - آ - يجوز الدعاء بغير العربية على قول أكثر علمائنا للأصل وعند بعضهم لا يجوز لان المنقول عن النبي صلى الله عليه وآله الدعاء بالعربية وقال صلوا
كما رأيتموني أصلى وللشافعية كالقولين - ب - الدعاء أفضل من تطويل القراءة سأل معاوية بن عمار الصادق (ع) رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن
126

وكانت تلاوته أكثر من دعائه ودعا هذا وكان دعاؤه أكثر من تلاوته أيهما أفضل قال كل فيه فضل قلت قد علمت أن كلا حسن فقال الدعاء أفضل إما سمعت قول الله عز وجل
أدعوني أستجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين هي والله العبادة هي والله أفضل - ج
- لا ينبغي للامام التطويل في الدعاء إرفاقا بمن خلفه وللشافعي قولان
أحدهما يدعو أقل من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والثاني بقدرهما أما المنفرد فيجوز له ان يطول ما لم يخرجه ذلك إلى السهو - د - يكره قراءة القرآن في التشهد لان كل ركن لا تشرع
فيه القراءة كرهت فيه كالركوع والسجود - ه‍ - الدعاء مستحب في التشهد الأول أيضا كالثاني عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وقال الشافعي لا يستحب - و - يجوز الدعاء لمن شاء
من أهله وإخوانه وغيرهم من المؤمنين من الرجال والنساء والصبيان وبه قال الشافعي لعموم قوله تعالى قل أدعوا الله أو ادعو الرحمن ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وقال
أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله لما رفع رأسه من الركعة الأخيرة من الفجر قال اللهم انج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعباس بن ابن أبي
ربيعة والمستضعفين من المؤمنين
واشدد وطأتك على مضر ورعل وذكوان واجعل عليهم سنين كسنين يوسف وقنت علي (ع) فدعا فيه على قوم بأعيانهم وأسمائهم البحث الثامن
التسليم مسألة اختلف علماؤنا في وجوبه فقال المرتضى وجماعة من علمائنا وبه قال الشافعي والثوري لقوله (ع) مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها
التكبير وتحليلها التسليم ولأنه ذكر في أحد طرفي الصلاة على النبي (ص) فكان واجبا كالتكبير وقال الشيخان ومن تبعهما بالاستحباب وبه قال أبو حنيفة وهو الأقوى عندي عملا
بالأصل ولان الحدث المتخلل بين الصلاة على النبي وآله (على) وبينه غير مبطل للصلاة لقول الباقر (ع) وقد سئل عن رجل يصلى ثم يجلس فيحدث قبل أن
يسلم قال تمت صلاته ولان النبي صلى الله عليه وآله لم يعلمه المسئ في صلاته ولان التسليمة الثانية ليست واجبة فكذا الأولى ونمنع الحديث والحصر ونمنع كونه طرفا
بل الصلاة على النبي وآله (على) إذا ثبت هذا فقال أبو حنيفة الخروج من الصلاة واجب وإذا خرج بما ينافي الصلاة من عمل أو حدث أو غير ذلك كطلوع الشمس أو وجدان
المتيمم الماء أجزأه مسألة وتجزئ التسليمة الواحدة عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع) وعمار وابن مسعود والشافعي وأبو حنيفة والثوري وإسحاق و
مالك والأوزاعي لان النبي صلى الله عليه وآله كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه وقال الحسن بن صالح بن حي تجب التسليمتان وهو أصح الروايتين عن أحمد لان النبي (ص)
كان يسلم عن يمينه وشماله وهو محمول على الاستحباب وللشافعي قول في القديم أنه إن اتسع المسجد وكثر الناس واللفظ من حول المسجد وجب ان يسلم اثنتين
وان قلوا وسكتوا فواحدة إذا عرفت هذا فالمنفرد يسلم تسليمة واحدة إلى القبلة ويؤمى إلى يمينه بمؤخر عينيه والامام يؤمى بصفحة وجهه والمأموم كالامام إن لم يكن على
يساره أحد ولو كان على يساره غيره سلم تسليمتين بوجهه يمينا وشمالا لقول الصادق (ع). إن كنت إماما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك وإن كنت مع الامام فتسليمتين
وإن لم يكن على يسارك أحد فسلم واحدة وقال (ع) إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة عن يمينك مسألة وله عبارتان السلام علينا وعلى عباده
الله الصالحين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته لقوله (ع) وتحليلها التسليم وهو يقع على كل واحدة منهما ولقولهم (ع) وتقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
فإذا قلت ذلك انقطعت الصلاة وسئل الصادق (ع) عن السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين فهو انصراف وقال الصادق (ع) فان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت واما العبارة الثانية فعليها علماء الاسلام كافة ومنع الجمهور
من الخروج بالأولى وهو مدفوع بما تقدم إذا عرفت هذا فبأيها بدأ كان الثاني مستحبا وكذا الأول عندنا واما الموجبون منا فإنهم أوجبوا الأول واستحبوا الثاني
فروع آ على القول بالوجوب لا يخرج بقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته عند هم ب إذا اقتصر على الأولى وجب أن يأتي بالصورة فلو نكس أو قرأ الترجمة لم يجزئه
وتبطل صلاته لو فعله عمدا لأنه كلام في الصلاة غير مشروع ج لو اقتصر على الثانية أجزأه السلام عليكم عند ابن بابويه وابن ابن أبي
عقيل وابن الجنيد وبه قال الشافعي لان
عليا عليه السلام كان يسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم السلام عليكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يقول السلام عليكم وقال أبو الصلاح الفرض أن يقول السلام عليكم ورحمة
الله د - لو نكس فقال عليكم السلام أو ترك حرفا بان قال السلام عليك أو سلام عليكم بضم الميم من غير تنوين لم يجزئه وبه قال الشافعي إلا في النكس فله قول بالجواز ولو قال
سلام عليكم منونا فالأقرب الأجزاء لان عليا عليه السلام كان يقول سلام عليكم عن يمينه وشماله وظاهر مذهب الشافعي العدم لأنه نقص الألف واللام و
ليس بجيد لأنه نون وهو يقوم مقامهما - ه‍ يستحب ان يضيف ورحمة الله بركاته مسألة قال في المبسوط من قال إن التسليم فرض فتسليمة واحدة نخرج من الصلاة فينبغي
ان ينوى بها ذلك والثانية ينوى بها السلام على الملائكة أو على من في يساره إذا عرفت هذا فهل تجب نية الخروج عن الصلاة بالسلام الأقرب العدم لأنه فعل من أفعال الصلاة
فصار كساير الافعال وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يجب لأنه أحد طرفي الصلاة فصار كالتكبير في وجوب مقارنة النية له ولا يجب تعيين النية للخروج لان الصلاة
تعينت بالشروع فيها فيكون الخروج عما هو متلبس به يخالف حالة الافتتاح قال الشافعي يستحب ان ينوى الامام بالتسليمة الأولى ثلاثة أشياء الخروج من الصلاة والسلام
على الحفظة وعلى من على يمينه من المأمومين وبالثانية شيئين السلام على الحفظة وعلى المأمومين الذين على يساره والمأموم إن كان الامام عن يمينه ينوى أربعة أشياء الخروج من الصلاة
والسلام على الحفظة والسلام على الامام والسلم على من على يمينه وان سلم عن يساره ينوى الحفظة والمأمومين وإن كان الامام عن يساره نوى بالسلام عن يمينه ثلاثة أشياء وعن يساره ثلاثة أشياء
وإن كان بجانبه فان شاء نويه بالسلم عن يمينه وان شاء بالسلم عن يساره والمنفرد ينوى عن يمينه الخروج والسلام على الحفظة إذا عرفت هذا فالتسليمة الأولى من الصلاة وبه
قال الشافعي لأنه ذكر مشروع في محل الصلاة يجوز ان يرد عليه ما يفسد الصلاة وكان منها كالتشهد وقال أبو حنيفة ليست من الصلاة لقوله عليه السلام ان صلاتنا هذه
لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقرائة القرآن ولان السلام ينافيها فلم يكن منها كالكلام والخبر محمول على ما لم يشرع لها وبهذا فارق الكلام أيضا
مسألة إذا فرغ من التسليم كبر الله تعالى ثلاث مرات يرفع بها يديه إلى شحمتي اذنيه ثم إن كان له حاجة انصرف في جهتها وإن لم تكن له حاجة في جهة أو غرض كان الأولى
ان ينصرف في جهة اليمين وبه قال الشافعي لقول الصادق (ع) إذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن يمينك وقال أبو حنيفة ينصرف عن يساره وليس بجيد لأنه ربما كان معه
مأموم واحد فإذا دار إلى اليسار حصل جعل ظهره إليه بخلاف اليمين ويستحب للامام ان لا ينصرف من مكانه حتى يتم المسبوق صلاته ولو لم يكن فيهم مسبوق ذهب حيث شاء
لقول الصادق (ع) أيما رجلا أم قوما فعليه ان يقعد التسليم ولا يخرج من ذلك الموضع حتى يتم الذين سبقوا صلاتهم ذلك على الامام واجب إذا علم أن فيهم مسبوقا
فإن علم أن ليس فيهم مسبوق بالصلاة فليذهب حيث شاء ولو كان في الجماعة نساء استحب له اللبس حتى يخرجن لئلا تميزهن بالرجال الفصل الثاني في مندوبات
الصلاة وقد سلف بعضها وبقى أمور الأول وضع اليدين حالة القيام على فخذيه مضمومتي الأصابع محاذيا بهما عيني ركبتيه عند علمائنا لأنه أبلغ في الخضوع
ولقول الباقر (ع) أرسل يديك وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك وقول الصادق (ع) أرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه ولا يجوز التكفير وهو وضع اليمين
على الشمال وهو مبطل عندنا على ما يأتي وأطبق الجهور على جواز الارسال واختلفوا في الأفضل فقال الشافعي التكفير سنة فان أرسلهما ولم يعبث فلا بأس وبه قال
127

أبو حنيفة والثوري واحمد وإسحاق وأبو ثور وداود لان عليا عليه السلام قرأ هذه الآية فصل لربك وانحر فوضع يده اليمنى على ساعده اليسرى ثم وضعهما على صدره وعن
مالك روايتان إحديهما ان ذلك مستحب والثاني انه مباح وروى ابن المنذر عن ابن الزبير انه كان يرسل يديه وهو مروى عن الحسن وابن سيرين والنخعي وقال الليث يرسل يديه
إلا لمن يطيل القيام فيعي وقال الأوزاعي من شاء فعل ومن شاء ترك مسألة ويستحب وضعهما حالة الركوع على عيني الركبتين مفرجات الأصابع عند علمائنا وبه قال
الشافعي لان أبا حميد الساعدي وصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في عشرة من الصحابة أحدهم أبو قتادة فوصف ركوعه كما قلناه ومن طريق الخاصة وصف حماد صلاة
الصادق (ع) قال ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه مفرجات وقال الباقر (ع) ومكن راحتيك من ركبتيك تدع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى وتلقم بأطراف أصابعك
عين الركبة وفرج بين أصابعك وروى عن عبد الله بن مسعود إنه كان إذا ركع طبق يديه وجعلهما بين ركبتيه ويرويه عن النبي صلى الله عليه وآله وهو منسوخ ومنع بعض
علمائنا من جواز التطبيق مسألة ويستحب وضعهما حالة الركوع والسجود حيال منكبيه مضمومتي الأصابع مبسوطتين موجهتين إلى القبلة وهو مذهب العلماء لان وايل بن حجر قال
إن النبي (ص) كان إذا سجد ضم أصابعه وجعل يديه حذو منكبيه وعن البراء إن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا سجدت فضم كفيك وارفع مرفقيك ومن الخاصة ما رواه
زرارة قال ولا تلزق كفيك بركبتيك ولا تدنهما من وجهك بين ذلك وحيال منكبيك ولا تفرجن أصابعك ولكن ضمهن جميعا مسألة ويستحب وضعهما حالة
الجلوس للتشهد وغيره على فخذيه مبسوطتين مضمومتي الأصابع بحذاء عيني ركبتيه عند علمائنا لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا قعد يدعو يضع يده اليميني
على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى ويشير بإصبعه ونحوه ومن طريق الخاصة ووافقنا الشافعي واحمد في اليسرى وفى اليمنى ثلاثة أقوال للشافعي ان يقبض
أصابعهما الا المسبحة وهو مروى عن ابن عمر وعن ابن الزبير ففي وضع الابهام وجهان على طرف راحته أسفل من المسبحة كأنه قابض ثلاثة وخمسين وعلى طرف إصبعه الوسطى و
ان يقبض الخنصر والبنصر والوسطى ويبسط المسبحة والابهام وان يقبض الخنصر والبنصر ويجعل الوسطى مع الابهام خلفه ويشير بالمسبحة متشهدا مسألة ويستحب جعلهما حالة القنوت حيال وجهه مبسوطتين لقول
الصادق (ع) وترفع يديك في الوتر حيال وجهك وإن شئت تحت ثوبك وهو يعطى عدم الوجوب الثاني شغل النظر بما يمنعه عن الاشتغال بالصلاة فينظر
حالة قيامه إلى موضع سجوده وحالة ركوعه إلى بين رجليه وفى سجوده إلى طرف أنفه أو يغمضهما وفى جلوسه إلى حجره وحالة القنوت إلى باطن كفيه وبه قال شريك بن
عبد الله لقول الصادق لا تتجاوز بطرفك في الصلاة موضع سجودك وقول الباقر (ع) وليكن نظرك إلى ما بين قدميك يعنى حالة الركوع وروى جواز التغميض أيضا في
رواية حماد عن صفة الصادق (ع) ثم ركع وسوى ظهره ومد عنقه وغمض عينيه ويكره النظر إلى السماء لقول الباقر (ع) أجمع بصرك ولا ترفعه إلى السماء وقال الشافعي
ينظر المصلى في صلاته إلى موضع سجوده وان رمى بصره امامه كان حقيقا وبه قال أبو حنيفة والثوري وقال مالك يكون بصره أمام قبلته الثالث القنوت وهو
مستحب في كل صلاة مرة واحدة فرضا كانت أو نفلا أداء أو قضاء عند علمائنا أجمع وأكده ما يجهر فيه بالقرائة لقوله تعالى قوموا لله قانتين ولما رواه أحمد بن حنبل
إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال الصلاة مثنى مثنى وتشهد في كل ركعتين وتضرع وتخشع ثم تضع يديك ثم ترفعهما إلى ربك مستقبلا ببطونهما وجهك فتقول
يا رب يا رب وعن البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها وروى عن علي عليه السلام انه قنت في صلاة المغرب على أناس وأشياعهم
ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع وقوله (ع) القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة وسأل محمد بن مسلم عن
الصادق (ع) القنوت في كل الصلوات فقال أما ما لا شك فيه فما يجهر فيه بالقراءة ولأنه دعا فيكون مأمورا به لقوله تعالى أدعوني استجب لكم ولان الدعاء أفضل العبادات فلا
يكون منافيا للصلاة وقال الثوري وأبو حنيفة انه غير مسنون ورواه الجمهور عن ابن عباس وابن عمر وابن مسعود وأبى الدرداء لان أم سلمة روت ان النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن القنوت في الفجر وروى ابن مسعود وأنس ان النبي صلى الله عليه وآله قنت شهرا وترك وضعفه الشافعي ويحمل على أن المراد الدعاء على الكفار وكذا حديث أنس وقال
الشافعي انه مستحب في الصبح خاصة دون باقي الصلوات الا ان ينزل نازلة فيقنت في الصلوات كلها ان شاء الامام وبه قال مالك وابن ابن أبي
ليلى والحسن بن صالح بن حي
ورواه الشافعي عن الخلفاء الأربعة وأنس وهو مذهب الحسن البصري لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا ولا يدل على نفى غيره ولأنها
صلاة فشرع فيها القنوت كالصبح وقال أبو يوسف إذا قنت الامام فاقنت معه وقال احمد القنوت للأئمة يدعون للجيوش وان ذهب إليه ذاهب فلا بأس وقال إسحاق
هو سنة عند الحوادث لا يدعه الأئمة وقال أبو حنيفة القنوت مكروه إلا في الوتر وقال مالك والشافعي انما يستحب في الوتر في النصف الأخير من رمضان مسألة ومحله
قبل الركوع في الثانية عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وابن ابن أبي
ليلى لان عمر قال كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يقنت قبل الركوع
وروى ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله قنت قبل الركوع وروى ذلك عن أبي وابن عباس وأنس ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) القنوت في كل صلاة في الثانية قبل الركوع
وقال الشافعي انه بعد الركوع لان أبا العوام ابن حمزة قال لأبي عثمان النهدي القنوت قبل الركوع أو بعده فقال بعده فقلت عمن أخذت هذا فقال عن أبي بكر
وعمر وعثمان وفعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلم أولى مع أن عمر قال قبل الركوع مسألة وتقنت في الجمعة مرتين في الأولى قبل الركوع وفى الثانية
بعده قاله الشيخان وقال المرتضى اختلف الرواية فروى أن الامام يقنت في الأولى انه إذا صلاها جمعة مقصورة قنت قنوتين في الأولى قبل الركوع وفى الثانية بعده
وأنكر ابن بابويه القنوتين واقتصه على الواحد في الصلوات وكذا من خلفه ومن صلاها منفردا وفى جماعة ظهرا قنت في الثانية قبل الركوع وروى
قبل الركوع كلها وذكر ان زرارة تفرد به وأطبق الجمهور على خلاف ذلك والأقرب ان الامام إن صلاها جمعة قنت قنوتين وغيره يقنت
مرة وإن كان في جماعة لقول الصادق (ع) كل القنوت قبل الركوع إلا الجمعة فإن القنوت في الأولى قبل الركوع وفى الأخيرة بعد الركوع تذنيب ويستحب في المفردة
من الوتر القنوت قبل الركوع وبعده لان الكاظم (ع) كان إذا رفع رأسه من اخر ركعة الوتر قال هذا مقام من حسناته نعمة منك إلى اخر الدعاء مسألة
ويستحب الدعاء فيه بالمأثور مثل كلمات الفرج وأدناه رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم أو يسبح ثلاث تسبيحات وليس فيه شئ معلوم لا يجوز
التجاوز عنه إجماعا لان إسماعيل بن الفضل سأل الصادق (ع) عن القنوت وما يقال فيه فقال (ع) قضى الله على لسانك ولا أعلم فيه شيئا موقتا وسئل عليه السلام عن أدنى القنوت
فقال خمس تسبيحات ويجوز الدعاء بالعربية وغيرها وبه قال الصدوق لقول ابن أبي
جعفر الثاني (ع) لا بأس ان يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شئ يناجى به ربه
عز وجل ولقول الصادق (ع) مطلق حتى يرد فيه النهى قال محمد بن الحسن بن الوليد كان سعد بن عبد الله لا يجيز الدعاء في القنوت بالفارسية واستحب الشافعي الكلمات
الثماني التي رواها عن الحسن بن علي (ع) قال علمني رسول الله صلى الله عليه وآله كلمات في القنوت أقولهن اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت
وبارك لي فيما أعطيت وقنى شر ما قضيت انك تقضى ولا يقضى عليك انه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت مسألة القنوت سنة وليس بفرض عند
128

علمائنا وقد يجرى في بعض عبارة والقصد شدة الاستحباب عملا بالأصل ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يقنت تارة ويترك أخرى وقال الباقر (ع) في القنوت إن شئت فاقنت و
إن شئت لا تقنت وقول الصادق (ع) فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له محمول على نفى الفضيلة أو لأنه مشروع فتركه رغبة عنه يعطى كون التارك مستخفا بالعبادات
وهذا لا صلاة له حينئذ ولو تركه ناسيا لم يعد إجماعا لقول الصادق (ع) إن نسى الرجل قنوتا في شئ من الصلاة حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شئ وليس له
ان يدعه معتمدا مسألة ويستحب فيه الجهر لقول الباقر (ع) القنوت كله جهار وقال المرتضى إنه تابع للقرائة بجهر فيما يجهر فيه ويخافت فيما يخافت لأنه ذكر فيتبع القراءة وقال
الشافعي يخافت به مطلقا لأنه مسنون فأشبه التشهد الأول والأصل ممنوع مسألة لو نسيه في الثانية قبل الركوع قضاء بعده لقول الصادق (ع) في الرجل ينسى القنوت
حتى يركع قال يقنت بعد الركوع فإن لم يذكر حتى ينصرف فلا شئ عليه ولو لم يذكر حتى ركع في الثالثة قضاه بعد فراغه عن الصلاة لفوات محله وهو الثانية ولقول الصادق (ع)
إذا سهى الرجل في القنوت قنت بعد ما ينصرف وهو جالس مسألة إذا قنت الامام تبعه المأموم فيه وللشافعية قولان أحدهما ذلك والثاني التأمين لدعاء
الامام وقال بعضهم إن كان ثناء على الله تعالى تابعه وإن كان دعاء امن عليه وقولنا أولي وقد بينا استحباب رفع اليدين بالقنوت وبه قال الشافعي لان أنسا قال رأيت
النبي (ص) كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو على الذين قتلوا الفراء ببئر معوية فإذا فرغ من القنوت استحب الشافعي مسح وجهه بيديه لان ابن
عباس روى قول النبي صلى الله عليه وآله إذا دعوت الله فادع الله ببطون كفيك ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح راحتيك على وجهك ولا يستحب مسح
غير الوجه ومنع القفال من رفع اليدين في القنوت قياسا على الدعاء في التشهد وكره الشافعي تخصيص الامام نفسه بالدعاء لقوله (ص) إذا خص الامام نفسه بالدعاء فقد خان وروى واحد من الصحابة صورتين
أحدهما اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونستهديك ونستنصرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله ونشكرك ولا نكفرك ونخلع من
يفجرك والثانية اللهم إياك نعبد ولك نصلى ونسجد واليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك وإن عذابك بالكفار ملحق فقال عثمان اجعلوها في القنوت
ولم يثبتهما في المصحف لانفراد الواحد وكان عمر يقنت بذلك ولم ينقل ذلك من طريق أهل البيت عليهم السلام فلو قنت بذلك جاز لاشتماله على الدعاء الرابع
التكبيرات الزائدة على تكبيرة الاحرام منها ما هو خارج عن الصلاة وهي ست متقدمة وثلاث بعد التسليم ومنها ما هو في الصلاة وقد
اتفق علماؤنا على ثبوت أربع وتسعين تكبيرة مستحبة في كل الصلوات الخمس تكبيرة الركوع والسجود والرفع منهما واختلف الشيخان في اثبات تكبيرة أخرى والأصل فيه ان
شيخنا المفيد يقوم إلى الثالثة بالتكبير ويسقط تكبير القنوت والشيخ الطوسي يقوم إلى الثالثة كما يقوم إلى الثانية بحول الله وقوته أقوم وأقعد وتكبيرة القنوت يسقط باعتبار
قول المفيد وتكبيرة القيام إلى الثانية في الصبح وقول الشيخ أجود لقول الصادق (ع) التكبير في صلاة الفرض في الصلوات الخمس خمس وتسعون تكبيرة منها القنوت خمس و
عند عبد الله بن المغيرة وفسرهن الظهر إحدى وعشرون تكبيرة وفى العصر إحدى وعشرون تكبيرة وفى المغرب ست عشرة تكبيرة وفى العشاء الأخيرة إحدى وعشرون
تكبيرة وفى الفجر إحدى وعشرة تكبيرة وخمس تكبيرات في القنوت لخمس صلوات وقال علي (ع) خمس وتسعون تكبيرة في اليوم والليلة للصلوات منها تكبيرة القنوت
وقال الصادق (ع) إذا جلست في الركعتين الأوليين فتشهدت ثم قمت فقل بحول الله وقوته أقوم وأقعد وقال (ع) إذا قمت من الركعتين فاعتمد على كفيك وقل بحول الله
وقوته أقوم وأقعد فان عليا (ع) كان يفعل ذلك الخامس التعقيب وقد أجمع العلماء على استحبابه عقيب الصلوات لقول أبي هريرة جاء الفقراء إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى والنعم المقيم يصلون كما نصلى ويقومون كما نقوم ولهم فضول أموال يحجون بها
ويعتمرون ويتصدقون فقال الا أحدثكم بحديث إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل مثله تسبحون الله
وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد قال الراوي يعنى بالتعقيب
الدعاء عقيب الصلوات وهو أفضل من التنفل بعد الفريضة لقول الباقر (ع) الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة نفلا مسألة ويستحب الدعاء بالمنقول
عن أهل البيت (ع) وأفضله تسبيح الزهراء (عه) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله معقبات لا يخيب قائلهن دبر كل صلاة مكتوبة ثلاث وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة وأربع
وثلاثون تكبيرة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ما عبد الله بشئ أفضل من تسبيح الزهراء (عه) ولو كان
شئ أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة
(ع) وكان يقول تسبيح فاطمة (ع) في كل يوم دبر كل صلاة أحب إلى من صلاة الف ركعة في كل يوم وانما نسب التسبيح إليها (ع) لأنها السبب في تشريعه روى
الصدوق ان أمير المؤمنين (ع) قال لرجل من بنى سعد ألا أحدثكم عنى وعن فاطمة انها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى اثر في صدرها وطحنت بالرحا حتى
مجلت يداها وكنست البيت حتى أغبرت ثيابها وأوقدت تخت القدر حتى دكنت ثيابها فأصابها من ذلك ضرر شديد فقلت لها لو أتيت أباك فسألتيه خادما
يكفيك حرما أنت فيه من هذا العمل فأتت النبي صلى الله عليه وآله فوجدت عنده حداثا فاستحيت وانصرفت فعلم (ع) انها جاء لحاجة فغدا علينا ونحن في لفاعنا
فقال السلام عليكم فسكتنا واستحيينا لمكاننا ثم قال السلام عليكم فسكتها ثم قال السلام عليكم فخشينا ان لم نرد عليه ان ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فإن اذن له وإلا انصرف فقلت وعليك السلام يا رسول الله أدخل فدخل وجلس عند رؤسنا
فقال يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد صلى الله عليه وآله فخشيت ان لم تجبه ان يقوم فأخرجت رأسي فقلت له أنا والله أخبرك يا رسول الله صلى الله عليه وآله انها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها
وجرت بالرحا حتى مجلت يداها وكسحت (كنست) البيت حتى أغبرت ثيابها وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها فقلت لها لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك حرما أنت
فيه من هذا العمل قال أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم إذا أخذتما منا فكبرا أربعا وثلاثين تكبيرة وسبحا ثلاثا وثلاثين وحمدا ثلاثا وثلاثين فأخرجت فاطمة رأسها فقالت رضيت
عن الله وعن رسوله رضيت عن الله وعن رسوله مسألة المشهور إنه يبدأ بالتكبير ثم بالتحميد ثم بالتسبيح قال محمد بن عذافر دخلت على الصادق (ع) فسألته
عن تسبيح فاطمة فقال الله أكبر أربعا وثلاثين مرة ثم قال الحمد لله حتى بلغ سبعا وستين ثم قال سبحان الله حتى بلغ مائة يحصيها بيده جملة واحدة وعن الصادق (ع) قال من سبح
تسبيح الزهراء (ع) قبل أن يثنى رجليه من صلاة الفريضة غفر الله لله ويبدأ بالتكبير وفى رواية تقديم التسبيح على التحميد ويستحب قول سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثين مرة قال الصادق (ع) ان رسول الله (ص) قال لأصحابه أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية ثم وضعتم بعضها
على بعض ترونه يبلغ السماء قالوا لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثين مرة وهن يدفعن
الهدم والغرق والحرق والتردي في البئر وأكل السبع وميتة السوء والبلية التي نزلت على العبد في ذلك اليوم مسألة قال الصادق (ع) أدنى ما يجزى من الدعاء بعد
المكتوبة ان تقول اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم انا نسئلك من كل خير أحاط به علمك ونعوذ بك من كل شر أحاط به علمك اللهم انا نسئلك عافيتك
129

في أمورنا كلها ونعوذ بك من خزى الدنيا وعذاب الآخرة وقال أمير المؤمنين (ع) من أحب ان يخرج من الدنيا وقد خلص من الذنوب كما يتخلص الذهب الذي لا كدر فيه ولا
يطلبه أحد بمظلمة فليقل في دبر الصلوات الخمس نسبة الرب تبارك وتعالى اثنتي عشرة مرة ثم يبسط يده فيقول اللهم إني أسئلك باسمك المكنون المخزون الطاهر الطهر
المبارك وأسئلك باسمك العظيم وسلطانك القديم ان تصلى على محمد وال محمد يا واهب العطايا يا مطلق الأسارى يا فكاك الرقاب من النار أسئلك ان تصلى على محمد وال محمد وان تعتق رقبتي من النار وتخرجني من هذه
الدنيا آمنا وتدخلني الجنة سالما وان تجعل دعائي أوله فلاحا وأوسطه نجاحا واخره صلاحا إنك أنت علام الغيوب ثم قال أمير المؤمنين (ع) هذا من المنجيات
مما علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرني ان اعلمه الحسن والحسين (ع) وقال الباقر (ع) تقول في كل صلاة اللهم اهدني من عندك وافض على من فضلك و
انشر على من رحمتك وانزل على من بركاتك وقال الجواد (ع) إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبالقرآن كتابا وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا
وبعلى والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن ابن علي والحجة بن الحسن بن علي أئمة
اللهم كن لوليك الحجة فاحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته وامدد في عمره واجعله القائم بامرك المنتصر لدينك وأره
ما يحب وتقربه عينه في نفسه وفي ذريته وأهله وماله وفى شيعته وفى عدوه وأرهم منه ما يحذرون وأره فيهم ما يحب وتقربه عينه واشف صدور نا و
صدور قوم مؤمنين وقال النبي (ص) قال الله جل جلاله يا بن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة أكفيك ما أهمك وقال الباقر (ع)
ما بسط عبد يده إلى الله عز وجل الا استحق الله ان يردها صفراء حتى يجعل فيها من فضله ورحمته ما يشاء فإذا دعا أحدكم فلا يرد يديه حتى يمسح بهما على رأسه ووجهه
وفى خبر اخر على وجهه وصدره والأدعية في لك كثيرة فلتطلب من مظانها الفصل الثالث في التروك وفيه بحثان الأول في التروك الواجبة
مسألة يجب ترك الحدث فان فعله عمدا أو سهوا في الصلاة بطلت إجماعا لأنه مخل بالطهارة وهي شرط وفساد الشرط يقتضى فساد المشروط فان وجد بعد
الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله قبل التسليم فمن جعل التسليم واجبا أبطل الصلاة وبه قال الشافعي ومن جعله ندبا لم تبطل صلاته وبه قال أبو حنيفة وقد تقدم
إما لو سبقه الحدث فللشيخ والمرتضى قول باستيناف الوضوء والبناء وبه قال الشافعي في القديم وأبو حنيفة وابن ابن أبي
ليلى وداود لقوله عليه السلام من قاء أو رعف أو
أمذى فلينصرف وليتوضأ وليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم ومن طريق الخاصة ما رواه فضيل بن يسار قال قلت للباقر عليه السلم أكون في الصلاة فأجد غمزا في
بطني وأزا واضطرابا فقال انصرف ثم توض وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة متعمدا وان تكلمت ناسيا فلا بأس عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة
ناسيا قلت وان قلب وجهه عن القبلة قال المرتضى لو لم يكن الأز والغمز ناقضا للطهارة لم يأمره بالانصراف وقد بينا ان الرعاف وألقى والمذي ليست ناقضة للطهارة فيحمل
الوضوء على غسل ما أصابه للتحسين لأنه الحقيقة الأصلية وكذا الأز والغمز والأذى ليست ناقضة وقال أكثر علمائنا ببطلان الصلاة وبه قال الشافعي في الجديد و
مالك وابن شبرمة وقال الثوري إن كان حدثه من رعاف أو في توضأ وبنى وإن كان من بول أو ريح أو ضحك أعاد الوضوء والصلاة لقوله عليه السلام إذا قاء أحدكم
في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليعد صلاته وهو الرأي وقوله (ع) إذا قاء أحدكم وهو في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد الصلاة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) والصادق (ع) لا يقطع الصلاة إلا أربع الخلا والبول والريح والصوت
ولأن الطهارة شرط وقد بطلت فيبطل المشروط ولأنه حدث يمنع من المضي في الصلاة فمنع من البناء عليها كما لو رمى بحجر فشج فان أبا حنيفة سلم ذلك وكذا إذا
رمى به الطاير لسقوطه عليه إذا ثبت هذا فان قلنا بالبطلان فلا بحث وان لم نقل به فلو انصرف من الصلاة واخرج باقي الحدث وتوضأ لم يكن له البناء لأنه حدث اختياري
فأبطل الصلاة كما أبطل الطهارة وقالت الشافعية بناء على القديم ان له البناء واختلفوا في التعليل فمنهم من قال إنما لم تبطل لان الحدث لا يؤثر بعد نقض الطهارة فيها و
منهم من قال لأنه محتاج إلى إخراج بقيته وهو حدث واحد فكان حكم باقية حكم أوله ويلزم الأول انه أحدث حدثا اخر لا تبطل صلاته قال الشيخ تفريعا على البناء
لو سبقه الحدث فأحدث ناسيا استأنف وبه قال أبو حنيفة للتمسك بإطلاق الأحاديث وقال الشافعي في القديم يبنى لأنه حدث طرأ على حدث فلم يكن له حكم
مسألة يجب ترك الكلام بحرفين فصاعدا مما ليس بقرآن ولا دعاء فلو تكلم عامدا بحرفين وإن لم يكن مفهما بطلت صلاته سواء كان لمصلحة الصلاة أو لا
عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وسعيد بن المسيب والنخعي وحماد بن ابن أبي
سليمان وهو محكى عن عبد الله بن مسعود و عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عباس وأنس بن مالك والحسن البصري
وعطا وعروة بن الزبير وقتادة وابن أبي ليلى لقوله (ع) إنما صلاتنا هذه تكبير وتسبيح وقرآن ليس فيها شئ من كلام الناس وهو خبر يراد به النهى فيكون منافيا للصلاة و
قال مالك والأوزاعي إن كان لمصلحة الصلاة لم يبطلها كتنبيه الامام ودفع المار بين يديه لان ذا اليدين تكلم عامدا ولم يأمره النبي صلى الله عليه وآله بالإعادة وقال الأوزاعي أيضا
ان تكلم لمصلحة لا يتعلق بالصلاة كأن يقول للأعمى البئر أمامك أو يرى من يحترق ماله فيعرفه ذلك لم تبطل صلاته وهو غلط لأنه خطاب أوقعه على وجه العمد فأبطل
الصلاة كما لم يكن لمصلحة وخبر ذي اليدين عندنا باطل لان النبي صلى الله عليه وآله لا يجوز عليه السهو مع أن جماعة من أصحاب الحديث طعنوا فيه لان راويه أبو هريرة
وكان إسلامه بعد موت ذي اليدين بسنتين فان ذا اليدين قتل يوم بدر وذلك بعد الهجرة بسنتين وأسلم أبو هريرة بعد الهجرة بسبع سنين قال المحتجون به ان المقتول يوم بدر وهو ذوا الشمالين
واسمه عبد الله بن عمرو بن فضيلة الخزاعي وذو اليدين عاش بعد النبي صلى الله عليه وآله ومات في أيام معوية وقبره بذى خشب واسمه الخرباق لان عمران بن الحسين روى هذا
الحديث فقال فيه فقام الخرباق فقال أقصرت الصلاة وأجيب بان الأوزاعي قال فقام ذو الشمالين فقال أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال كل ذلك لم يكن وروى أنه قال انما أسهو لابين لكم وروى أنه قال لم أنس ولم تقصر الصلاة وروى من طريق الخاصة ان ذا اليدين كان يقال
له ذا الشمالين عن الصادق (ع) فروع - آ - الكلام الواجب يبطل الصلاة أيضا كإجابة النبي صلى الله عليه وآله لما تقدم وقال الشافعي لا تبطل الصلاة لان أبا
هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله على ابن أبي
بن كعب وهو يصلى في المسجد فقال السلام عليك يا ابن أبي
فالتفت إليه ابن أبي
فلم يجبه ثم إن أبيا خفف الصلاة ثم انصرف إلى النبي
صلى الله عليه وآله فقال السلام عليك يا نبي الله فقال وعليك السلام ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك فقال يا رسول الله كنت اصلى قال فلم تجد فيما أوحى إلى أن
استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال بلى يا رسول الله صلى الله عليه وآله لا أعود ولا حجة فيه لان رد السلام عندنا واجب في الصلاة وغيره. - ب - للشافعية في تنبيه الأعمى على بئر يخاف
من التردي فيها والصبي على نار يخاف أن يقع فيها قولان أحدهما البطلان كما قلناه نحن لجواز ان لا يقع بخلاف إجابة النبي صلى الله عليه وآله والثاني عدمه لأنه واجب كإجابة النبي
صلى الله عليه وآله والأصل ممنوع واما رد الوديعة وتفرقة الزكاة فإنهما وان وجبا لكنهما مبطلان إن كان عملا كثيرا لأنه لا يتعين في الصلاة لامكان حصوله قبلها وبعدها
بخلاف إجابة النبي صلى الله عليه وآله وانقاذ الأعمى - ج - الجاهل وهو الذي يقصد الكلام ويعتقد انه جايز في الصلاة كالعالم عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لقوله (ع)
130

ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين ولان علمه مبطل فكذا جهله كالحدث وقال الشافعي لا تبطل به الصلاة وبه قال مالك والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو
ثور لان النبي صلى الله عليه وآله لما انصرف من اثنتين قال ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أصدق ذو اليدين فقال الناس نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وآله
فصلى اثنتين اخريين ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع وقد بينا بطلان الحديث ولأنه (ع) يمتنع عليه جهل تحريم الكلام في الصلاة ولا فرق بين أن يكون قريب العهد
بالاسلام أو لا خلافا للشافعي في قول له ولو علم تحريم الكلام ولم يعلم أنه مبطل لم يعذر وبه قال الشافعي لأنه لما عرف التحريم كان حقه الامتناع منه - د - لو تكلم ناسيا لم تبطل
صلاته ويسجد للسهو عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور لقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطا والنسيان وما استكرهوا
عليه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الرجل يسهوا في الركعتين ويتكلم قال يتم ما بقى من صلاته وسئل الصادق (ع) عن الرجل يتكلم في الصلاة ناسيا
يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين وقال أبو حنيفة تبطل إلا أن يسلم من اثنتين ساهيا لان عمده يبطل الصلاة فكذا سهوه كالحدث والفرق ان الحدث
يبطل الطهارة ويوجبها - ه‍ - لا فرق بين أن يطول كلام الناسي أو يقصر لان خطاب الآدمي على وجه السهو وللشافعي قول بالفرق فابطلها مع الكثرة كالفعل ونمنع الأصل
ويفرق بان الفعل اكد فان عتق المجنون لا ينفذ وينفذ احباله - و - لا خلاف في أن الحرف الواحد ليس مبطلا لأنه لا يعد كلاما ولعدم انفكاك الصوت منه غالبا نعم
في الحرف الواحد المفهم كق وس وع إشكال ينشأ من حصول الافهام به فأشبه الكلام ومن دلالة مفهوم النطق بحرفين على عدم الأبطال به واما الحرف بعد مده
ففيه نظرا ان ينشأ من تولد المد من إشباع الحركة ولا يعد حرفا ومن أنه إما الف أو واو أو ياء - ز - لو تكلم مكرها عليه فالأقوى الأبطال به لأنه مناف للصلاة فاستوى
الاختيار فيه وعدمه كالحدث ويحتمل عدمه لرفع ما استكرهوا عليه وللشافعي قولان - ح - لا يجوز ان يأن بحرفين ولا يتأوه بهما لأنه يعدان كلاما - ط - السكوت الطويل
ان خرج به عن كونه مصليا أبطل وإلا فلا مسألة يجوز التنبيه على الحاجة إما بالتصفيق أو بتلاوة القرآن كما لو أراد الاذن لقوم فقال ادخلوها بسلام آمنين
أو قال لمن أراد التخطي على البساط بنعله إخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى أو أراد اعطاء كتاب لمن اسمه يحيى يا يحيى خذ الكتاب بقوة أو يوسف أعرض عن هذا أو أتى
بتسبيح أو تهليل وقصد القرآن والتنبيه وبه قال الشافعي لان عليا (ع) قال كانت لي ساعة أدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله فإن كان في الصلاة يسبح
وذلك إذنه وإن كان في غير الصلاة أذن ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) نعم لما قال له ناجية بن حبيب اضرب الحايط لأوقظ الغلام وقال أبو حنيفة تبطل
صلاته إلا أن ينبه إمامة والمار بين يديه لأنه قصد به خطاب الآدمي لاصلاح الصلاة فأشبه رد السلام والأصل ممنوع والفرق بأنه خطاب الآدمي بالوضع فروع - آ - لو لم يقصد
إلا التفهيم بطلت صلاته لأنه لم يقصد القرآن فلم يكن قرآنا وفيه اشكال ينشأ من أن القرآن لا يخرج عن كونه قرآنا بعدم قصده - ب - لا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك
وبه قال مالك لعموم قوله صلى الله عليه وآله من نابه في صلاته شئ فليسبح وقال الشافعي يسبح الرجل وتصفق المرأة لقوله (ع) إذا نابكم شئ في الصلاة فالتسبيح للرجال والتصفيق
للنساء ولو خالفا فسبحت المرأة وصفق الرجل لم تبطل الصلاة عنده بل خالفا السنة - ج - لو صفقت المرأة أو الرجل على وجه اللعب لا الاعلام بطلت صلاتهما لان اللعب
ينافي الصلاة ويحتمل ذلك مع الكثرة خاصة مسألة إذا سلم عليه وهو في الصلاة وجب عليه الرد لفظا عند علمائنا وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وقتادة
لقول الباقر (ع) ان عمارا سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فرد عليه السلام وقال محمد بن مسلم دخلت على الباقر (ع) وهو في الصلاة فقلت السلام عليك فقال السلام
عليك قلت كيف أصبحت فسكت فلما انصرف قلت له أيرد الرجل السلام وهو في الصلاة قال نعم مثل ما قيل له ولان الامر بالرد مطلق فيتناول حال الصلاة كغيرها ولأنه
واجب فلا تبطل الصلاة به كالكلام الواجب عند الشافعي وقال الشافعي يرد السلام بالإشارة لان أبا مسعود لما قدم من الحبشة سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في
الصلاة فلم يرد عليه قال أبو مسعود فأخذني ما قرب وما بعد فلما فرغ قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنزل في شئ قال لا ولكن الله يحدث من امره ما يشاء وان مما أحدث ان
لا تتكلموا في الصلاة وليس حجة لجواز ان يكون قبل الامر بالرد أو انه حياه بغير السلام وسماه سلاما مجازا وقال أبو حنيفة لا يرد عليه وتبطل فان رسول الله صلى الله عليه وآله
دخل مسجد بنى عمرو بن عوف يصلى ودخل معه صهيب فدخل معه رجال من الأنصار يسلمون عليه فسألت صهيبا كيف كان يصنع إذا سلم عليه فقال يشير بيده
وقال عطا والنخعي والثوري يرد بعد فراغه ونقله الجمهور عن أبي ذر فروع - آ - لا يكره السلام على المصلى وبه قال ابن عمر واحمد للأصل ولقوله تعالى إذا دخلتم بيوتا فسلموا
على أنفسكم وهو عام وحكى ابن المنذر عن عطا وأبى مجاز والشعبي وإسحاق بن راهويه وجابر الكراهة وعن أحمد روايتان وظاهر كلام الشافعي الكراهة لأنه كره السلم على الامام
حال الخطبة فحال الصلاة أولي - ب - إذا أسلم بقوله سلام عليكم رد مثله ولا يقول وعليكم السلام لأنه عكس القرآن ولقول الصادق (ع) وقد سأله عثمان بن عيسى عن الرجل يسلم
عليه وهو في الصلاة يقول سلام عليكم ولا يقول عليكم السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قائما يصلى فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه فرد عليه النبي (ع)
هكذا - ج - لو سلم عليه بغير اللفظ المذكور فان سمى تحيته فالوجه جواز الرد به وبقوله سلام عليكم لعموم قوله تعالى فحيوا بأحسن
منها أو ردوها ولو لم يسم تحيته جاز إجابته بالدعاء له إذا كان مستحقا له وقصد الدعاء لا رد السلام ولو سلم عليه بقوله عليك السلام ففي جواز اجابته بالصورة اشكال
ينشأ من النهى ومن جواز الرد مثل التحية - د - لو اتقى رد فيما بينه وبين نفسه تحصيلا لثواب الرد وتخليصا من الضرر ولقول الصادق (ع) إذا سلم عليك رجل من المسلمين وأنت
في الصلاة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك وفى رواية أخرى ترد عليه خفيا مسألة يجوز تسميت العاطس بان يقول المصلى له يرحمك الله لأنه دعاء
وقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله لقوم ودعا على آخرين وهو محكى عن الشافعي وظاهر مذهبه البطلان لان معوية بن الحكم السلمي قال صليت مع رسول الله
صلى الله عليه وآله فعطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بابصارهم فقلت واثكل أماه وما شأنكم تنظرون إلى فقال فجعلوا يضربون بأيديهم على
أفخاذهم فعرفت انهم يصمتونى فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هي تكبير وقراءة القرآن ولا حجة فيه لان
إنكاره (ع) وقع على كلامه لا على تسميته إذا عرفت هذا فإنه يجوز ان يحمد الله تعالى إن عطس هو أو غيره لأنه شكر لله تعالى على نعمه ولقول الصادق (ع) إذا عطس الرجل فليقل
الحمد لله وقال له أبو بصير اسمع العطسة فأحمد الله وأصلي على النبي صلى الله عليه وآله وأنا في الصلاة قال نعم ولو كان بينك وبين صاحبك البحر مسألة التنحنح جايز لأنه لا يعد
كلاما وأظهر وجوه الشافعية البطلان به ان ظهر منه حرفان وان لم يبين كما إذا استرسل سعال لا يبين منه حرف لم يبطل والثاني عدم البطلان وان بان منه حرفان
لأنه ليس من جنس الكلام والثالث إن كان مطبقا شفتيه لم يضر كقرقرة البطن وإن كان فاتحا فمه فإن بان عنه حرفان بطلت وإلا فلا ولو تعذرت القراءة إلا به فهو معذور
وان أمكنه القراءة وتعذر الجهر فوجهان عندهم أحدهما انه كالقرائة لإقامة شعار الجهر والثاني المنع لان الجهر سنة فلا ضرورة إلى التنحنح له ولو تنحنح الامام وبان منه
131

حرفان وللشافعية وجهان في مداومة المأموم أظهرهما ذلك لان الأصل بقاء عبادته والظاهر من حاله الاحتراز عن المبطلات وانه غير مختار فيه والثاني المنع لان العاقل لا
يفعل الا عن قصد فالظاهر أن الامام قاصد فبطلت صلاته فلا يجوز له المتابعة مسألة الدعاء المحرم مبطل للصلاة إجماعا لأنه ليس بقرآن ولا دعاء مأمور به
بل هو منهى عنه والنهى يدل على الفساد أما الدعاء بالمباح فقد بينا جوازه في جميع أحوال الصلاة ولو جهل تحريم المطلوب ففي بطلان الصلاة إشكال ينشأ من
عدم التحريم لجهله ومن تفريط بترك التعلم إما لو جهل تحريم الدعاء فالوجه البطلان مسألة القهقهة عمدا تبطل الصلاة إجماعا منا وعليه أكثر العلماء سواء غلب عليه
أو لا لقوله صلى الله عليه وآله من قهقه فليعد صلاته ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) القهقهة لا تنقض الوضوء وتنقض الصلاة وقالت الشافعية وان
غلب عليه لم تبطل صلاته لعدم الاختيار فأشبه الناسي وإن كان مختارا فإن لم يظهر في صوته حرفان لم تبطل صلاته وان ظهر فقولان البطلان لان التفوه بما يتهجى
حرفين وقد وجد على وجه يسمع من قصده وهو الظاهر من مذهبه والعدم لعدم تسميته كلاما ونحن لا نبطل من حيث الكلام بل للنص والحكمة هتك الحرمة فروع - آ -
القهقهة لا يبطل بها الوضوء خلافا لبعض علمائنا لحديث الباقر (ع) وقد سبق - ب - لو قهقه ناسيا لم تبطل صلاته إجماعا - ج - لو تبسم وهو ما إذا لم يكن
له صوت لم تبطل صلاته إجماعا مسألة البكاء خوفا من الله تعالى وخشيته من عقابه غير مبطل للصلاة وان نطق فيه بحرفين وإن كانت لأمور الدنيا بطلت صلاته
وإن لم ينطق بحرفين عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا ولان أبا مطرف قال أتيت النبي صلى الله عليه وآله وهو يصلى
ولصدره أزيز كأزيز الرجل والأزيز غليان صدره وحركته بالبكاء وسأل أبو حنيفة الصادق (ع) عن البكاء في
الصلاة أيقطع الصلاة فقال إن كان لذكر جنة أو نار
فذلك أفضل الأعمال في الصلاة وإن كان لذكر ميت له فصلوته فاسدة وقال الشافعي إن كان مغلوبا لم تبطل صلاته وإن كان مختارا فإن لم يظهر فيه حرفان لم يبطل سواء
كان لمصاب الدنيا أو الآخرة لعدم الاعتبار بما في القلب وانما يعتبر الظاهر وهو في الحالتين واحد وهو ممنوع لأنه مأمور به في أمور الآخرة لأنه من الخشوع المأمور به بخلاف
أمر الدنيا وان ظهر فيه حرفان فوجهان الظاهر عدم البطلان لان الشمس كسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان في السجدة الأخيرة جعل ينفخ في الأرض ويبكى
ولأنه لا يسمى كلاما من غير تفصيل مسألة النفخ بحرفين يوجب الإعادة وكذا الأنين والتأوه ولو كان بحرف واحد لم يبطل وهو أحد قولي الشافعي لان تعمد الكلام
مناف للصلاة ولقول علي (ع) من أن في صلاته فقد تكلم وللشافعي قول اخر انه لا يبطلها وإن كان بحرفين لأنه لا يعد كلاما وهو ممنوع وقال أبو حنيفة النفخ
يبطلها وإن كان بحرف واحد والتأوه للحرف من الله تعالى عند ذكر المخوفات لا يبطلها ولو كان بحرفين ويبطلها لو كان بغير ذلك كالألم يجده ولا دليل على هذا التفصيل
مسألة الفعل الذي ليس من أفعال الصلاة وإن كان قليلا لم تبطل به الصلاة كالإشارة بالرأس والخطوة والضربة وإن كان كثيرا أبطلها بلا خلاف في الحكمين
لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بقتل الأسودين في الصلاة الحية والعقرب ودفع (ع) المار بين يديه وحمل امامة بنت ابن أبي
العاص وكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها
وقتل عقربا وهو يصلى وأخذ بإذن ابن عباس وأداره عن يساره إلى يمينه واختلف الفقهاء في حد الكثرة فالذي عول عليه علماؤنا البناء على العادة فما يسمى في
العادة كثيرا فهو كثير وإلا فلا لان عادة الشرع رد الناس فيما لم ينص عليه إلى عرفهم وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم القليل ما لا يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة
والكثير ما يسع وقال بعضهم ما لا يحتاج إلى فعل اليدين معا كرفع العمامة وحل الازار فهو قليل وما يحتاج إليهما معا كتكوير العمامة وعقل السراويل فهو كثير وقال بعضهم
القليل ما لا يظن الناظر إلى فاعله انه ليس في الصلاة والكثير ما يظن به الناظر إلى فاعله الاعراض عن الصلاة إذا عرفت هذا فالخطوة الواحدة والضربة قليل والثلاث كثير
وفى الفعلين للشافعية وجهان أحدهما انه كثير لتكرره والأصح خلافه لان النبي صلى الله عليه وآله خلع نعليه في الصلاة وهما فعلان فروع - آ - الكثير إذا توالى أبطل إما مع
التفرق فاشكال ينشأ من صدق الكثرة عليه وعدمه للتفرق فان النبي صلى الله عليه وآله كان يضع امامة ويرفعها فلو خطا خطوة ثم بعد زمان خطوة أخرى لم تبطل
صلاته وقال بعض الشافعية ينبغي ان يقع بين الأولى والثانية قدر ركعة - ب - الفعلية الواحدة لا تبطل فإن تفاحشت فاشكال كالوثبة الفاحشة فإنها لافراطها وبعدها
عن حال المصلى توجب البطلان - ج - الثلاثة المبطلة يراد بها الخطوات المتباعد إما الحركات الخفيفة كتحريك الأصابع في مسبحة أو حكمه فالأقرب منع الأبطال بها لأنها
لا تخل بهيئة الخشوع والاستكانة فهي مع الكثرة بمثابة الفعل القليل ويحتمل الأبطال للكثرة وللشافعية وجهان - د - لا يكره قتل الحية والعقرب في الصلاة وبه قال الشافعي لان
النبي صلى الله عليه وآله أمر به وقال النخعي يكره - ه‍ - الفعل الكثير انما يبطل مع العمد إما مع النسيان فلا خلاف عند علمائنا لقول (ع) رفع عن أمتي الخطاء
والنسيان وما استكرهوا عليه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه مبطل لان النسيان بالفعل الكثير قل ما يقع ويمكن الاحتراز عنه في العادة وينتقض عندهم بقصة ذي
اليدين فإنهم رووا ان النبي (ص) عن اثنتين ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يديه عليها وخرج سرعان القوم من المسجد وقالوا أقصرت الصلاة
ثم لما عرف رسول الله صلى الله عليه وآله انه ساه عاد فبنى على صلاته والذين خرجوا من المسجد بنوا على الصلاة والرسول صلى الله عليه وآله ما امرهم بالإعادة وهو الزام
لامتناع السهو على النبي صلى الله عليه وآله عندنا - و - لو قرأ كتابا بين يديه في نفسه من غير نطق لم تبطل صلاته لقوله صلى الله عليه وآله تجاوز الله لامتي عما حدثت به نفوسها ما لم يتكلموا
ولان الانسان لا ينفك عن التصورات وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة تبطل صلاته وان قرأ القرآن من المصحف فقد سبق لان النظر عمل دائم وقد سبق - ز - ما ليس من
أفعال الصلاة إذا كان من جنس أفعالها وزاده المصلى ناسيا لم تبطل صلاته كما لو صلى خمسا ناسيا إن كان قد قعد في الرابعة بقدر التشهد وأطلق الشافعي وأبو حنيفة
الصحة أما لو زاد عامدا فان الصلاة تبطل كما لو زاد ركوعا أو سجدة وبه قال الشافعي لان الزيادة كالنقصان والثاني مبطل مع العمد فكذا الأول وقال أبو حنيفة لا
تبطل ما لم تبلغ الزيادة ركعة - ح - يجوز عد الركعات والتسبيحات بأصابعه أو بشئ يكون معه من الحصى والنوى إذا لم يتلفظ به ولا كراهة فيه وبه قال مالك والثوري
وإسحاق وأبو ثور وابن ابن أبي
ليلى والنخعي لان النبي صلى الله عليه وآله كان يسبح ثلاث تسبيحات وذلك انما يكون بالعدد وقال أبو الدرداء اني لادعوا في صلاتي لسبعين رجلا من
اخواني وعلم النبي (ص) جعفر صلاة التسبيح وأمره في كل ركن بتسبيحات مقدرة وليس ذلك بعقد القلب لاشتغاله به عن الخشوع فلا بد وأن يكون بعقد
الأصابع وقال أبو حنيفة يكره وبه قال محمد لأنه ليس من الصلاة وقال أبو يوسف لا بأس به في التطوع وقال الشافعي تركه أحب إلى - ط - الأكل والشرب مبطلان لأنهما فعل
كثير إذ تناول المأكول ومضغه وابتلاعه أفعال متعددة وكذا المشروب وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وحكى عن سعيد بن جبير انه (ع) شرب الماء في صلاته النفل وعن طاوس
أنه قال لا بأس بشرب الماء في صلاته النافلة وبه قال الشيخ في الخلاف لان الأصل الإباحة ومنع الشافعي من ذلك في النافلة والفريضة واستدل الشيخ بقول الصادق (ع)
انى أريد الصوم وأكون في الوتر فأعطش فأكره ان اقطع الدعاء وأشرب وأكره ان أصبح وأنا عطشان وأمامي قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاثة قال تسعى إليها وتشرب
132

منها حاجتك وتعود في الدعاء ويحتمل الاقتصار على ذلك للحاجة فيختص الترخص بالوتر مع إرادة الصوم وخوف العطش وكونه في دعاء الوتر وقال الشافعي قليله
مبطل لأنه اعتراض وله وجه انه غير مبطل ولو كان في فيه شئ من الطعام أو بين أسنانه فازدرده لم تقطع صلاته إذا كان يمر مع الريق من حيث لا يملكه بلا مضغ ولا علك
وللشافعية في امتصاص سكرة من غير مضغ وجهان وأقواهما البطلان لان الامساك شرط في الصلاة كما هو في الصوم بل الصلاة آكد فان الكلام يبطلها بخلاف الصوم
ولو اكل ناسيا لم تبطل صلاته وان كثر وابطلها الشافعي مع الكثرة في أصح الوجهين ولو كان مغلوبا بان ترك النخامة لم يقدر على امساكها لم تبطل صلاته إجماعا
وكذا لو كان في فمه شئ لا يذوب صحت صلاته إن لم يمنعه القراءة مسألة الالتفات إلى ما ورائه مبطل للصلاة لان الاستقبال شرط والالتفات بكله مفوت
بشرطها ولقول الباقر (ع) إذا استقبلت القبلة بوجهك فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك ان الله تعالى يقول لنبيه في الفريضة فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم
فولوا وجوهكم شطره وقال الباقر (ع) الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله ويكره الالتفات بوجهه يمينا وشمالا وليس بمحرم لدلالة مفهوم قول الباقر (ع) إذا كان
الالتفات بكله ومفهوم قول الصادق (ع) إذا التفت في الصلاة المكتوبة من غير فراق فاعد إذا كان الالتفات فاحشا وان كنت قد تشهدت فلا تعد وقال بعض الحنفية
تبطل لرواية عبد الله بن سلام عن النبي صلى الله عليه وآله لا تلتفتوا في صلاتكم فإنه لا صلاة للملتفت و عبد الله ضعيف ونقول بموجبه فان الالتفات هنا يراد به الالتفات
بالجميع ولان نفى الصلاة لا يستلزم نفى جميع الأحكام فيحمل على نفى الفضيلة مسألة التكفير مبطل في الصلاة وهو وضع اليمين على الشمال في القراءة عند علمائنا لاجماع الفرقة
عليه قال الشيخ والمرتضى ولأنه فعل كثير فيكون مبطلا ولأنه أحوط لوقوع الخلاف فيه دون الارسال ولقول الباقر (ع) النحر الاعتدال في القيام ان يقيم صلبه ولا
يكفر إنما يصنع ذلك المجوس وسأل محمد بن مسلم أحدهما (ع) عن الرجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى فقال ذلك التكفير لا تفعله وقال الشافعي وأبو حنيفة وسفيان
واحمد وإسحاق وأبو ثور وداود ان وضع اليمين على الشمال مسنون مستحب الا ان الشافعي قال وضع اليمنى على الشمال فوق السرة وقال أبو حنيفة تحت السرة وهو مذهب أبي هريرة وعن مالك روايتان إحديهما
مثل قول الشافعي والثانية الارسال وروى عنه أيضا انه يفعل ذلك في النافلة إذا طالت فإن لم تطل لم يفعله فيها ولا في الفرض وقال الليث بن سعد ان أعيا فعل وان لم يعى لم يفعل
وروى ابن المنذر عن ابن الزبير إنه كان يرسل يديه وهو مروى عن الحسن وابن سيرين والنخعي وقال الأوزاعي من شاء فعل ومن شاء ترك واحتجوا برواية وابل بن حجر قال رأيت
رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل في الصلاة يأخذ شماله بيمينه ولا حجة فيه لعدم الدلالة ولوقوع الخلاف في مضمونها بينهم فدل على ضعفها فروع - آ - يجوز فعل ذلك
للتقية - ب - قال الشيخ لا فرق بين وضع اليمين على الشمال وبالعكس ولا فوق السرة ولا تحتها - ج - لا فرق في المنع بين ان يكون بينهما حايل أو لا وفى تحريم وضع الكف على الساعد
إشكال ينشأ من اطلاق اسم التكفير عليه ومن أصالة الإباحة - د - قال الشيخ في الخلاف لا يجوز التطبيق في الصلاة وهو ان يطبق إحدى يديه إلى الأخرى ويضعهما بين ركبتيه
وبه قال جميع الفقهاء وأوجبه ابن مسعود واحتج الشيخ بالاجماع وخلاف ابن مسعود منقرض البحث الثاني في التروك المندوبة وقد تقدم بعضها وبقى أمور - آ - نفخ موضع
السجود لما فيه من الاشتغال عن الصلاة وتأذى المجاور ولقوله (ع) أربع من الجفا ان ينفخ في الصلاة وان يمسح وجهه قبل ان ينصرف من الصلاة وان يبول قائما
وان يسمع المنادى فلا يجيبه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل الرجل ينفخ في الصلاة لا وليس للتحريم لقول الصادق (ع) لا بأس بالنفخ في الصلاة موضع
السجود ما لم يؤذى أحدا - ب - فرقعة الأصابع لقوله (ع) لعلى (ع) لا تفرقع أصابعك وأنت تصلى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا أقمت إلى الصلاة فاعلم انك بين يدي
الله فان كنت لا تراه فاعلم أنه يراك فاقبل إلى صلاتك ولا تتمخط ولا تبصق ولا تنقض أصابعك ولا تورك فان قوما عذبوا بنقض الأصابع والتورك في الصلاة - ج -
العبث لما فيه من الاشتغال عن الصلاة وترك الخشوع - د - التثاوب - ه‍ - التمطى لما فيهما من الاستراحة وتغيير هيئة الصلاة المشروعة - و - التنخم - ز - البصاق لأنه (ع)
كان يأخذ النخامة في ثوبه وهو يصلى - ح - مدافعة الأخبثين والريح لما فيه من الاشتغال عن الصلاة ولقول الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال
لا تصل وأنت تجد شيئا من الأخبثين وقال (ع) لا صلاة لحاقن ولا لحاقنة - ط - لبس الخف الضيق لما يحصل من الشغل الصلاة - ى - التورك وهو ان يعتمد بيديه
على وركيه وهو التخصر لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن التخصر في الصلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ولا تتورك - يا - السدل وبه قال أبو حنيفة والشافعي
لما فيه من الخيلاء ولم يكرهه مالك ومعناه وضع الثوب على الرأس أو الكتف وإرسال طرفيه مسألة يحرم قطع الصلاة لغير حاجة لقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم
ويجوز للحاجة كما لو رأى دابة له انفلتت أو غريما يخاف فوته أو مالا يخاف ضياعه أو غريقا يخاف هلاكه أو طفلا يخاف سقوطه لئلا يلحقه الضرر وهو منفى ولقول
الصادق (ع) إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أو حية تخافها على نفسك فاقطع الصلاة واتبع الغلام أو الغريم واقتل الحية
وسأله سماعة عن الرجل يكون قائما في صلاة الفريضة فينسى كيسته أو متاعا يتخوف ضيعته أو هلاكه قال يقطع صلاته ويحرز متاعه ثم يستقبل القبلة قلت يكون
في الصلاة فتفلت دابته ويخاف ان تذهب أو يصيب منها عنتا قال لا بأس ان يقطع صلاته مسألة لا يقطع الصلاة ما يمر بين يدي المصلى حيوانا كان أو إنسانا
ذكرا كان أو أنثى ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال عروة والشعبي والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي لقول رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقطع الصلاة شئ
وقال الفضل بن عباس أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن في بادية فصلى في صحراء وليس بين يديه سترة وحمارة لنا وكلبة تعبثان بين يديه فما بالا ذلك وقالت عايشة كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى صلاته من الليل كلها وأنا معرضة بينه وبين القبلة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا يقطع الصلاة شئ كلب ولا حمار ولا امرأة
ولكن استتروا بشئ وسأل ابن ابن أبي
يعفور الصادق (ع) عن الرجل هل يقطع صلاته شئ مما يمر به قال لا يقطع صلاة المسلم شئ ولكن ادرؤا ما استطعتم وقال احمد يقطعها
الكلب الأسود والمرأة والحمار لان أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب وهو منسوب بما تقدم من الأحاديث للاجماع
على نسخ حكم المرأة فروع - آ - لو جعل بينه وبين ما يمر به حاجزا زالت الكراهة قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة اخر الرجل فليصل
ولا يبالي ما وراء ذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) كان رحل رسول الله صلى الله عليه وآله ذراعا وكان إذا صلى وضعه بين يديه يستتر به ممن يمر بين يديه - ب -
لو لم يتفق له ستره استحب له دفع المار بين يديه لقوله (ع) لا يقطع الصلاة شئ فادرؤا ما استطعتم وكذا قول الصادق (ع) - ج - لا فرق بين فرض الصلاة ونفلها
إجماعا - د - لو كان الكلب واقفا بين يديه لم تبطل صلاته على قولنا وعن أحمد روايتان إحديهما البطلان لشبهه بالمار مسألة لا يقطع الصلاة رعاف ولا قئ
ولو عرض الرعاف في الصلاة أزاله وأتم الصلاة ما لم يحتج إلى فعل كثير أو كلام أو استدبار لان ذلك ليس بناقض للطهارة وهو إجماع منا والأصل يعطيه مسألة حكم
المرأة حكم الرجل في جميع الأحكام لكن لا جهر عليها ولا أذان ولا إقامة فان أذنت وأقامت خافت فيهما ويستحب لها ما رواه زرارة قال إذا أقامت امرأة في الصلاة جمعت
133

بين قدميها ولا تفرج بينهما وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتها على فخذيها لئلا تتطأطأ كثيرا فإذا جلست فعلى أليتيها كما
يقعد الرجل فإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطية بالأرض وإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها فإذا نهضت
انسلت إنسلالا ولا ترفع عجيزتها أولا وفى رواية ابن ابن أبي
يعفور عن الصادق (ع) قال إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها وبهذا قال الشافعي أيضا وقال أبو حنيفة تجلس كما تيسر ما
يكون وقال الشافعي تجلس كما تيسر عليها وكان ابن عمر يأمر نساءه ان يجلسن متربعات مسألة في أحكام السهو وفيه مباحث الأول فيما يوجب الإعادة مسألة من أخل
بشئ من واجبات الصلاة عمدا بطلت صلاته سواء كان شرطا كالطهارة والاستقبال وستر العورة أو جزءا منها سواء كان ركنا كالركوع أو غيره كالتسبيح فيه أو كيفية كالطمأنينة
وسواء كان عالما أو جاهلا لان الاخلال بالشرط يلزمه الاخلال بالمشروط ولو صحت بدونه لم يكن ما فرضناه شرطا هذا خلف والاخلال بجزء من الهيئة
يستلزم الاخلال بها لتوقف وجود المركب على وجود اجزائه فلا يكون المخل ببعض الأجزاء آتيا بالصلاة المأمور بها شرطا فيبقى في عهدة التكليف عدا الجهر والاخفات
فقد عذر الجاهل فيهما بالاخلال بهما باتفاق الموجبين له لقول الباقر (ع) في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو أخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال إن فعل ذلك
متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة فان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا ولا يدرى فلا شئ عليه وكذا لو فعل شيئا لا يجوز فعله في الصلاة عمدا بطلت صلاته كالكلام
وشبهه كما تقدم ولو جهل غصبية الثوب الذي يصلى فيه أو المكان أو نجاسة الثوب أو البدن أو موضع السجود فلا إعادة ولو توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبية
وصلى أعاد الطهارة والصلاة ولو جهل الغصبية لم يعد إحديهما ولا يعذر جاهل الحكم ولا الناسي على إشكال ينشأ من إلحاقه بالعامد وبالنجس ان قلنا بالعذر فيه
ولو لم يعلم أن الجلد ميتة وصلى فيه ثم علم لم يعد إذا كان في يد مسلم غير مستحل أو شراء من سوق المسلمين فان أخذ من غير مسلم أو منه وكان مستحلا أو وجده مطروحا
أعاد لأصالة الموت ولو لم يعلم أنه من جنس ما يصلى فيه أعاد لتفريطه مسألة تبطل الصلاة لو أخل بركن سهوا أو عمدا وقد عرفت ان الركن هو ما تبطل بتركه
الصلاة عمدا وسهوا اختلف علماؤنا في عدد الأركان فالمشهور انها خمسة النية والقيام وتكبيرة الافتتاح والركوع ومجموع السجدتين في ركعة وأسقط بعضهم القيام
وأثبت آخرون مع الخمسة القراءة وفى كون النية من الأركان أو الشروط احتمال من حيث إنها يتعلق بالصلاة فتكون خارجة عنها وإلا لتعلقت بنفسها ومن امكان تعلقها
بساير الأركان وهي من الصلاة هذا إذا تجاوز المحل كما لو سهى عن القيام حتى نوى أو عن النية حتى يكبر للاحرام أو عن تكبيرة الاحرام حتى قرء أو عن القراءة حتى ركع أو عن
الركوع حتى سجد أو عن السجدتين حتى ركع لقول الكاظم (ع) يعيد الصلاة لما سئل عن الرجل ينسى التكبيرة حتى قرأ واما لو كان في محله فإنه يأتي به لامكانه على
وجه لا يحل بهيئة الصلاة ولقول الصادق (ع) لما سئله أبو بصير عن رجل يشك وهو قائم فلا يدرى ركع أم لم يركع قال يركع ويسجد وعند الشافعي ان الصلاة تشتمل على
أركان وأبعاض وهيئات فالركن ما إذا تركه عمدا بطلت صلاته وان تركه سهوا لزمه العود إليه ولا يجبر بالسجود وهي خمسة عشر النية والتكبير والقيام والقراءة والركوع
والاعتدال عنه والرفع والاعتدال عنه والسجود والاعتدال عنه والجلسة بين السجدتين والقعود للتشهد الأخير والصلاة على الرسول صلى الله عليه وآله
والتشهد الأخيرة والتسليم الأول ومراعاة الترتيب بين الأركان والموالات بين الافعال حتى لو فرقها لم تصح صلاته وزاد بعضهم الطمأنينة في الركوع والسجود والصلاة على
الآل (على) ونيه الخروج من الصلاة. وأما الابعاض فهي التي لا تبطل الصلاة بتركها ولكنها تقتضي السجود وهي القنوت في صلاة الصبح والقعود في التشهد الأول
وقراءة التشهد الأول والصلاة على النبي (ص) في التشهد الأول على قول والصلاة على آله في الأخير في وجه واما الهيئات فما عدا ذلك ولا يقتضى تركها بطلان الصلاة
ولا سجود السهو مسألة ولا فرق بين الأوليين والأخيرتين في الأبطال بترك الركن سهوا عند أكثر علمائنا فلو نسى ركوع الأول أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة بطلت
صلاته وكذا لو ترك سجدتين من ركعة واحدة أيها كانت لأنه أخل بركن من الصلاة حتى دخل في اخر فسقط الثاني فلو أعاد الأول لزاد ركنا ولو لم يأت به نقص ركنا و
كلاهما مبطل ولان الزايد لا يكون من الصلاة وهو فعل كثير فيكون مبطلا ولقول الصادق (ع) إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع
استأنف الصلاة وسئل الصادق (ع) عن الرجل ينسى الرجل حتى يسجد ويقوم قال يستقبل وقال الشيخ إن كان في الأولتين أبطل الصلاة وإن كان في الأخيرتين حذف
الزايد وأتى بالفايت قبلهن فلو ترك الركوع في الثالثة حتى سجد سجدتيها أسقطهما وركع وأعاد السجدتين وكذا لو ترك سجدتيها حتى ركع في الرابعة أسقط الركوع وسجد
للثالثة ثم أتى بالرابعة لقول الباقر (ع) في رجل شك بعد ما سجد انه لم يركع قال إذا استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة فيهما ويبنى على صلاته وان لم يستيقن الا بعد
ما فرغ وانصرف فليصل ركعة ويسجد سجدتين ولا شئ عليه وهو متعارض بالأحاديث الكثيرة ويحمل على النافلة جمعا بين الأدلة وبعض علمائنا يلفق مطلقا لا يعتد
بالزيادة تذنيب لو ترك ركوعا من رباعية ولم يدر من أي الركعات أعاد على ما اخترناه وعلى مذهب الشيخ أيضا لاحتمال ان يكون في الأوليين ولو تيقن سلامتهما
أضاف إليهما ركعة وعلى مذهب من يلفق مطلقا يضيف إليها ركعة ولو ترك سجدتين ولم يدر من أي الأربع أعاد على ما اخترناه مطلقا وكذا على قول الشيخ إلا أن يتحقق سلامة
الأولتين فتصير الرابعة ثالثة ويتمم بركعة ويسقط حكم الركوع المتخلل لأنه وقع سهوا وعلى المذهب الاخر يتم له ثلاث ركعات ويضيف إليها ركعة ولو لم يعلم هل هما من
ركعة أو ركعتين أعاد مراعاة للاحتياط مسألة زيادة الركن عمدا أو سهوا مبطلة كنقصانه لما فيه من تغيير هيئة الصلاة إلا زيادة القيام سهوا فلو زاد ركوعا أو
سجدتين دفعة أعاد ولأنه فعل كثير فتبطل الصلاة ولقول الصادق (ع) في رجل صلى وذكر انه زاد سجدة لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة وقال الشافعي واحمد
وأبو حنيفة لا يعيد لو زاد سهوا بل يسجد للسهو لان النبي صلى الله عليه وآله صلى الظهر خمسا فلما قيل له سجد للسهو ونمنع تطرق السهو للنبي صلى الله عليه وآله
سلمنا لكن جاز ان يكون قعد بعد الرابعة سلمنا لكن يحتمل انه لم يظن قولهم بل حدث عنده شك والشك في الزيادة لا يبطل بل يسجد للسهو مسألة لو زاد على
الرباعية خامسة سهوا فإن لم يكن قد جلس عقيب الرابعة وجب عليه إعادة الصلاة عند علمائنا أجمع وإن كان قد جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد صحت صلاته وتشهد وسلم
وسجد للسهو عند بعض علمائنا وبه قال أبو حنيفة لان أبا سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا شك أحدكم في صلاته فليلغ الشك وليبن على اليقين وإذا استيقن
التمام سجد سجدتين فإن كانت الصلاة تامة كانت الركعة نافلة له والسجدتان وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلوته وكان السجدتان مرغمتي الشيطان ومن طريق الخاصة
قول الباقر (ع) في رجل استيقن انه صلى الظهر خمسا فقال إن كان علم أنه جلس في الرابعة فصلوته الظهر تامة ويضيف إلى الخامسة ركعة ويسجد سجدتين فيكونان نافلة
ولا شئ عليه والآن نسيان التشهد غير مبطل فإذا جلس قدر التشهد يكون قد فصل بين الفرض والزيادة أما إذا لم يجلس عقيب الرابعة فان النافلة قد اختلطت بالفرض
فصار جميعه نفلا ومع الجلوس يكون قد خرج من الصلاة لان التشهد ليس بركن والتسليم ليس بواجب ولقول الصادق (ع) من زاد في صلاته فعليه الإعادة ولأنها زيادة مغيرة لهيئة
134

الصلاة فيكون مبطلة وقال الشافعي يسجد للسهو وتصح صلاته مطلقا وبه قال الحسن البصري وعطا والزهري ومالك والليث بن سعد والأوزاعي واحمد وإسحاق
وأبو ثور لان عبد الله بن مسعود قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله خمسا فلما انفتل تشوش القوم بينهم فقال ما شأنكم فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله هل يزيد في الصلاة
قال لا قالوا فإنك قد صليت خمسا فانفتل فسجد سجدتين فقال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وهذا لا يصح على ما بيناه في علم الكلام من عصمة النبي صلى الله عليه وآله عن السهو فروع - آ -
لو ذكر الزيادة قبل الركوع جلس وتشهد وسلم وسجد للسهو وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك واحمد لأنه لم يأت بركن يغير هيئة الصلاة - ب - لو ذكر الزيادة بعد
السجود فإن كان قد جلس بعد الرابعة احتمل ان يضيف إلى الخامسة ركعة ويسجد سجدتين وتكونان نافلة لقوله الباقر (ع) ويضيف إلى الخامسة ركعة ويسجد سجدتين فتكونان نافلة وبه قال أبو حنيفة ويحتمل التسليم ويسجد السهو ويلقى الركعة
إذا لم يقصد التنفل - ج - لو ذكر الزيادة بعد الركوع قبل السجود احتمل الجلوس والتشهد والتسليم ويسجد للسهو ولأنه لو أكمل الركعة فعل ذلك ففي بعضها أولي
والبطلان لأنا إن امرناه بالسجود زاد ركنا آخر وان لم نأمره بالسجود زاد ركوعا غير معتد به بخلاف الركعة لصلاحيتها للنفل ويحتمل اتمامها وإضافة أخرى ويسجد للسهو
كما لو كان بعد السجدة إما الشافعي فقال إن ذكر في الخامسة فإن كان بعد ما جلس وتشهد فإنه يسجد للسهو ويسلم وان ذكر بعد ما سلم فكذلك وان ذكر قبل ان يجلس بان يذكر في القيام
إليها أو الركوع أو السجود فإن كان لم يتشهد في الرابعة جلس وتشهد ويسجد للسهو وسلم وإن كان تشهد في الرابعة جلس وسجد للسهو وسلم وفى إعادة التشهد قولان
- د - لو ذكر الزيادة بعد السجود فقد بينا انها تبطل إذا لم يكن جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد وبه قال أبو حنيفة إلا أن أبا حنيفة قال تبطل فرضا وتكون نافلة فيضيف
إليها سادسة وهو ممنوع إذا لم يقصد النفل مسألة لو نقص من عدد صلاته ناسيا وسلم ثم ذكر بعد فعل المبطل عمدا وسهوا كالحدث إجماعا والاستدبار
خلافا للشافعي بطلت صلاته كما لو سلم في الأوليين من الرباعية أو الثلاثية أو تشهد في الأولى من الثنائية وسلم ناسيا ثم أحدث أو استدبر لان ذلك يبطل صلاة
المصلى حقيقة فكيف من هو في حكمه ولأنه لا يمكن الاتيان بالفايت من غير خلل في هيئة الصلاة ولأنه قد فعل المنافى للصلاة فلا يصح معه الاتمام ولقول أحدهما (ع) إذا
حول وجهه عن القبلة استقبل الصلاة استقبالا ولقول الصادق (ع) ان كنت انصرفت فعليك الإعادة وإن كان بعد فعل المبطل عمدا كالكلام فللشيخ قولان
أحدهما الاتمام ويسجد للسهو وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور لحديث ذي اليدين ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الرجل يتكلم
ثم يذكر انه لم يتم صلاته قال يتم ما بقى من صلاته ولا شئ عليه وقال أبو حنيفة يعيد مع الكلام وهو الثاني للشيخ لقوله (ع) ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين
ونحن نقول بموجبه إذ الظاهر حمله على العمد فروع - آ - لو فعل المبطل عمدا على وجه السهو وتطاول الفصل كالكلام والتفات دبرا ظاهر كلام علمائنا عدم البطلان وبه قال الأوزاعي و
الليث ويحيى الأنصاري لان النبي صلى الله عليه وآله سلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج مغضبا فصلى
الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم وهو عندنا ممنوع وقال الشافعي إن أطال الفصل استأنف الصلاة وبه قال مالك واحمد لأنها صلاة واحدة
فلم يجز بناء بعضها على بعض في طول الفصل كما لو انتقض الوضوء ولا بأس عندي بهذا القول لخروجه عن كونه مصليا - ب - إن قلنا بالأخير رجع في حد التطاول إلى
العرف وهو ظاهر كلام الشافعي في الام واختلفت الشافعية فقال بعضهم حده ما زاد على فعل رسول الله (ص) فإنه بعد ما سلم قام ومشى إلى مقدم المسجد
وجلس وراجعه ذو اليدين فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله الصحابة عن الحال فأخبروه فعاد إلى الصلاة وقال آخرون ان يمضى مقدار ركعة تامة وهو قول الشافعي
في الغويطي وقال آخرون مقدار الصلاة التي هو فيها وهو غلط لأدائه إلى اختلاف التطاول باختلاف عدد الصلاة - ج - لو ذكر بعد ان شرع في صلاة أخرى فان
طال الفصل بطلت الأولى وصحت الثانية وإن لم يطل الفصل عاد إلى الأولى فأتمها وبه قال الشافعي ويحتمل البطلان لأنه زاد ركنا هو النية والتكبير وهو مبطل
وإن كان سهوا ويمكن الجواب بأنه ليس ركنا في تلك الصلاة فلا يبطلها وهل تبنى الثانية على الأولى يحتمل ذلك فيجعل ما شرع فيه من الصلاة الثانية تمام الأولى
فيكون وجود السلام كعدمه لأنه سهو معذور فيه ويحتمل بطلان الثانية لأنها لم يقع بنية الأولى فلا يصير بعد عدمه منها فحينئذ لا فرق بين ان يكون ما شرع فيه ثانيا فرضا أو نفلا
إما على احتمال البناء فقال بعض الشافعية إن كان فرضا صح له البناء بخلاف النافلة لأنه لا يتأدى الفرض بنية النفل ولو نوى المسافر القصر فصلى أربعا ناسيا ثم نوى الإقامة
لم يحتسب له بالركعتين وعليه أن يصلى ركعتين بعد نية الاتمام لان وجوب الركعتين بعد الفراغ من الزايدتين فلم يعتد بهما وعلى ما اخترناه نحن إن كان جلس عقيب
الركعتين صحت صلاته والا فلا - د - إذا أراد أن يبنى على ركعتين صلى صلاته لم يحتج إلى النية ولا إلى التكبير لان التحريمة الأولى باقية فلو كبر ونوى الافتتاح بطلت - ه‍ - لو كان
قد قام عن موضعه لم يعد إليه بل يبنى على الصلاة في الموضع الذي ذكر فيه لان عوده إلى مكان الصلاة ليس من مصلحتها - و - لو شك بعد ان سلم هل ترك بعض
الركعات أم لا لم يلتفت إليه لأنه قد شك في شئ بعد انتقاله عنه فلا يؤثر فيه والا لزم الحرج لتطرق الشك دائما في الصلاة الماضية والأصل صحة الصلاة
وهو قول الشافعي في القديم وفى الجديد يلزمه إتمام الصلاة لأنها في الذمة بيقين فلا يبرأ بدونه فإن كان الفصل قريبا بنى وان طال استأنف - ز - لو سلم عن
ركعتين فقال له انسان سلمت عن ركعتين فإن تداخله شك احتمل عدم الالتفات عملا بالأصل والاتمام لان اخبار المسلم على أصل الصحة ولو اشتغل بجوابه فلم يذكر فأراد العود إلى صلاته جاز
لان الكلام وقع ناسيا ومنعت الشافعية منه إما لو لم يتداخله شك فأجابه وقال بل أتممت ثم ذكر النقصان فإنه يبنى عندهم أيضا لخبر ذي اليدين مسألة
لو شك في عدد الركعات فإن كان في الثنائية كالصبح وصلاة المسافر والجمعة والعيدين والكسوف أو في الثلاثية كذا كالمغرب أو في الأوليين من الرباعية أعاد عند
علمائنا وإن كان في الأخيرتين من الرباعية احتاط بما يأتي ولم يفرق أحد من الجمهور بين الصلوات بل سووا بينهما في الحكم وهو قول الصدوق منا والحق ما قلناه
لان الصلاة في الذمة بيقين فلا يخرج عن العهدة بدونه ولأنه ان أمر بالانفصال احتمل النقصان وهو مبطل قطعا وان أمر بالاتمام احتملت الزيادة وهي مبطلة
قطعا فيكون المأتي به مترددا بين الصحة والبطلان فلا يبرأ عن عهدة التكليف ولا ينتقض بالأخيرتين لان عناية الشارع بالأولتين أتم ولهذا سقطت الأخيرتان في السفر ولقول
الصادق (ع) وقد سأله العلا عن الشك في الغداة إذا لم يدر واحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة من أولها وسأل محمد بن مسلم أحدهما (ع) عن السهو في المغرب قال
يعيد حتى يحفظ انه ليست مثل الشفع وقال الصادق (ع) إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك وسأله
العلا عن الرجل يشك في الفجر فقال (ع) يعيد قلت والمغرب قال نعم وفى الوتر والجمعة من غير أن أساله واحتجاج الصدوق بقول الكاظم (ع) في الرجل لا يدرى صلى ركعة أو ركعتين
يبنى على الركعة محمول على النوافل لأنها مطلقة وما قلناه مقيد فروع - آ - لو شك في جزء منها لا في عدد كالركوع أو السجود أو الذكر فيها أو الطمأنينة أو القراءة كان حكمه حكم الشك
وغيرهما وسيأتى عند أكثر علمائنا لأصالة البراءة وقال الشيخان يعيد لقول الصادق (ع) إذا لم تحفظ الأولتين فأعد صلاتك والمشهور الأول وتحمل الرواية على العدد - ب -
135

لا فرق عند علمائنا بين الركن وغيره من الواجبات بل أوجب الشيخان الإعادة بالشك في الجزء من الأوليين مطلقا والباقون على الصحة وليس بعيدا من الصواب الفرق بين الركن وغيره لان ترك
الركن سهوا مبطل كعمده والشك فيه وفى الحقيقة شك في الركعة إذ لا فرق بين الشك في فعلها وعدمه وبين الشك في فعلها على وجه الصحة والبطلان - ج - هل الشك في
اجزاء ثالثة المغرب وكيفيتها الواجبة كالشك في الأولتين أو في الأخيرتين لم ينص علماؤنا على شئ منهما وكلاهما يحتمل لاجراء الثالثة مجرى الثانية في الشك عددا فكذا كيفيته
للمساواة في طلب المحافظة عليها وعدم التنصيص الثابت في الأوليين - د - لو شك في ركعات الكسوف أعاد على قول الشيخ وعلى ما اخترناه من الفرق بين الركن وغيره إما
على قول الباقين فإنه يأتي به لأنه لم يتجاوز محله ان شك في العدد مطلقا أو في الأخير إما لو شك في سابق كما لو شك هل ركع عقيب قراءة التوحيد مثلا وقد كان قرأها أو لا
فإنه لا يلتفت لانتقاله عن محله - ه‍ - لو شك في عدد الثنائية ثم ذكر قبل فعل المبطل أتم صلاته على ما ذكره والا بطلت مسألة لو شك فلا يدرى كم صلى أعاد
إذ لا طريق له إلى براءة ذمته الا ذلك ولقول الصادق (ع) إذا لم تدر في ثلاث أنت أم في ثنتين أم في واحدة أو أربع فاعد ولا تمض على الشك وقول الكاظم (ع) إذا لم تدر
كم صليت ولم يقع وهمك على شئ فأعد الصلاة مسألة لو شك في الاتيان بركن أو غيره من الواجبات فإن كان قد تجاوز المحل لم يلتفت مثل ان يشك في النية
وقد كبر أو في تكبيرة الافتتاح وقد قراء أو في القراءة وقد ركع أو في الركوع وقد سجد أو في السجود أو التشهد وقد قام وإن كان في محله لم يتجاوز عنه فإنه يأتي به لان
الأصل بعد التجاوز الفعل إذ العادة قاضية بان الانسان لا ينتقل عن فعل إلا بعد إكماله ولان اعتبار الشك بعد الانتقال حرج لعروضه غالبا ولقول الصادق (ع)
إذا خرجت من شئ ودخلت في غيره فشكك ليس بشئ أما في المحل فإن الأصل عدم الفعل والاتيان به ممكن من غير خلل ولا تغيير لهيئة الصلاة ولقول الصادق (ع) يركع ويسجد لما
سأله أبو بصير عن رجل شك وهو قائم فلا يدرى ركع أو لم يركع وقال الشافعي لو شك الراكع في ترك القراءة أو الساجد في ترك الركوع فعليه ان يعود في الوقت إلى ما شك في
فعله لان الفرض قد توجه عليه فلا يسقط إلا بيقين ونمنع التوجه مطلقا إذا ثبت هذا فان ذكر انه كان قد فعله قبل أعاد الصلاة إن كان ركنا كالركوع والسجدتين لان زيادته
مطلقا مبطلة وان لم يكن ركنا كالسجدة الواحدة والتشهد والقراءة لم يعد لعدم الأبطال بسهوه ولقول الصادق (ع) لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة فروع - آ -
لو شك في الركوع وهو قائم فأتى به ثم ذكر إنه كان قد ركع قبل ان ينتصب أعاد وبه قال ابن ابن أبي
عقيل منا لان الركوع الانحناء وقد وجد فيكون قد زاد ركنا وصار كما لو
ذكر بعد الانتصاب وقال الشيخ والمرتضى يهوى للسجود ولا يرفع رأسه لان ركوعه مع هويه لازم فلا يعد زيادة وهو ممنوع لان سمى الركوع وهو الانحناء قد حصل والرفع ليس جزءا
منه بل انفصال عنه وقد قصد الراكع - ب - لو شك في قرائة الفاتحة وهو في السورة قرأ الفاتحة وأعاد السورة لان محل القرائتين واحد - ج - لو شك في السجود وهو قائم
أو في التشهد قال الشيخ يرجع ويسجد أو يتشهد ثم يقوم لان القيام والقراءة ليسا بركنين فيكون في حكم ركن السجود ولقول الصادق (ع) في رجل يسجد نهض من سجوده فشك
قبل ان يستوي قائما فلم يدر سجد أم لم يسجد وقد بينا ان القيام ركن وقبل الاستواء مغاير للاستواء والنزاع في الثاني والوجه عدم الالتفات لقول الصادق (ع) ان شك في
الركوع بعد ما سجد فليمض وان شك في السجود بعد ما قام فليمض كل شئ شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه لو سهى عن ركن ولم يذكر إلا بعد انتقاله أعاد الصلاة لان ترك الركن مبطل سواء كان عن عمد أو سهو البحث الثاني فيما لا حكم له مسألة
لو نسى القراءة حتى ركع مضى في صلاته ولم يجب عليه تدارك القراءة وكذا لو نسى الحمد أو السورة لأنه عذر فيسقط معه الوجوب ولان الأصل براءة الذمة ولقول
الصادق (ع) وقد قال له منصور بن حازم صليت المكتوبة ونسيت ان اقراء في صلاتي كلها أليس قد أتممت الركوع والسجود قلت بلى قال تمت صلاتك وقال
الشافعي يتدارك القراءة ثم يأتي بما بعدها وهل تجب سجدتا السهو لعلمائنا قولان أحدهما الوجوب وهو أقوى لما يأتي والثاني المنع عملا بالبراءة مسألة
لو نسى الجهر والاخفات حتى فرغ من القراءة مضى في صلاته ولا يستأنف القراءة وإن كان لم يركع لأنه فعل المأمور به وهو القراءة والكيفية لا تجب مع النسيان لأنه
عذر ولقول الباقر (ع) وقد سأله زرارة عن رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي الجهر وأخفى فيما لا ينبغي الاخفات فيه وقراء فيما لا ينبغي القراءة فيه وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه فقال
إن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا فلا شئ عليه ولأنه لو ترك أصل القراءة ناسيا صحت صلاته فالكيفية أولي وهل يسجد له لعلمائنا قولان أحدهما الوجوب بناء
على أن كل سهو يلحق الانسان يجب فيه السجدتان على ما يأتي والثاني المنع لان قول الباقر (ع) لا شئ عليه يقتضى نفى السجود وبالأول قال مالك لقوله (ع)
لكل سهو سجدتان وبالثاني قال الشافعي والأوزاعي لان أنسا جهر في العصر فلم يسجد له ولأنها هيئة مسنونة فلم يسجد لتركها كرفع اليدين ولا حجة في فعل أنس مع أنها
شهادة نفى ونمنع الجامع لأنه عندنا واجب وعن أحمد روايتان كهذين وقال أبو حنيفة إن كان إماما سجد ونقل عنه
إن أسر المصلى بما يجهر فلا سجود عليه وان جهر بما يسر فعليه سجود
السهو ثم اختلفوا في قدره فمنهم من اعتبر أن يجهر بقدر ثلاث آيات ومنهم من اعتبر الجهر باية ونقل أبو إسحاق عن الشافعي انه يسجد لكل مسنون تركه في الصلاة سواء
كان ذكرا أو عملا مسألة لو سهى عن الذكر في الركوع والسجود فإن كان بعد لم يرفع رأسه سبح وإن كان قد رفع مضى في صلاته لما تقدم ولقول علي (ع)
وقد سئل عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا قال تمت صلاته وسئل الكاظم (ع) عن رجل نسى تسبيحة في ركوعه وسجوده قال لا بأس بذلك وهل يسجد للسهو لعلمائنا
قولان وقال الشافعي لا يسجد فيها للسهو ولأنها ليست اركانا مقصودة بل هيئات لها وبه قال أبو حنيفة أيضا مسألة لو ترك الطمأنينة في الركوع أو الرفع منه أو في
إحدى السجدتين أو في الرفع من الأولى أو في إكماله أو في الرفع من الركوع أو في الجلوس للتشهد أو ترك عضوا من السبعة لم يسجد عليه فما زاد سهوا فإن كان في محله أتى به وان
انتقل لم يلتفت لأنه عذر في الافعال فكذا في كيفياتها مسألة لا حكم للسهو في السهو لأنه لو تداركه أمكن ان يسهو ثانيا فلا ينفك عن التدارك وهو حرج فيكون منفيا
ولأنه شرع لإزالة حكم السهو فلا يكون سببا لزيادته ولقوله الصادق (ع) ليس على السهو سهو ولا على الإعادة إذا عرفت هذا فاعلم أن الشافعي قال إن الساهي إذا استيقن انه سهى و
شك انه هل سجد للسهو أم لا يسجد لان الأصل انه لم يسجد وكذا إذا سجد وشك هل سجد واحدة أو اثنتين فإنه يأتي بسجدة أخرى والنفل أولي أما لو شك هل
سهى أم لا فإنه لا يلتفت ولا شئ عليه لان الأصل عدم السهو سواء كان في الزيادة أو النقصان وقال الشافعي إن كان في الزيادة
مثل ان شك هل زاد في الصلاة سهوا أم لا أو هل جرى في صلاته ما يقتضى سجود أم لا فإنه لا سهو فيه ولا سجود عليه وإن كان في النقصان فإن كان
قد شك في نقصان فعل واجب كسجود وغيره أتى به وسجد للسهو وإن كان في مسنون يسجد له كالتشهد الأول أو القنوت فإنه يسجد له لان الأصل عدمه مسألة
ولا سهو على من كثر سهوه وتواتر بل يبنى على وقوع ما شك فيه ولا يسجد للسهو فيه لما في وجوب تداركه من الحرج ولقول الصادق (ع) إذا كثر عليك السهو فامض
في صلاتك وقول الباقر (ع) إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك فإنه يوشك ان يدعك فإنما هو الشيطان إذا عرفت هذا فالمرجع إلى العرف في حد الكثرة إذ عادة الشرع رد
الناس إلى عرفهم فيما لم ينص عليه وقال بعض علمائنا حده ان يسهو في شئ واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات أو يسهو في أكثر الصلوات الخمس كالثلث فيسقط بعده
136

ذلك حكم السهو في الرابعة قال الشيخ في المبسوط قيل إن حد ذلك ان يسهو ثلاث مرات متواليات مسألة ولا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الامام وبالعكس
عملا بأصالة البراءة ولقوله (ع) ليس على من خلف الامام سهو ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) الامام يحمل اوهام من خلفه الا تكبيرة الافتتاح و
قول الصادق (ع) ليس على من خلف الامام سهو ولو اختص المأموم بالسهو فإن كان بالزيادة مثل ان يتكلم ناسيا أو يقوم في موضع قعود الامام ناسيا أو بالعكس
كان وجوده سهوه كعدمه ولا شئ عليه عملا بالأحاديث السابقة وهو قول الجمهور كافة لان معاوية بن الحكم تكلم خلف النبي صلى الله عليه وآله فلم يأمره بالسجود الا ما نقل عن
مكحول إنه قام مع قعود إمامة فسجد للسهو ولا عبرة بخلافه مع انقراضه وإن كان بالنقصان فإن كان في محله أتى به لأنه مخاطب بفعله ولم يحصل فيبقى في العهدة و
ان تجاوز المحل فإن كان ركنا بطلت صلاته كما لو سهى عن الركوع وذكر بعد سجوده مع الامام وان لم يكن ركنا كالسجدة قضاها بعد التسليم ولو كان مما لا يقضى كالذكر
في السجود أو الركوع فلا سجود للسهو فيه عملا بما تقدم من الاخبار ولو قيل بوجوب السجود في كل موضع يسجد للسهو فيه كان وجها لقول أحدهما (ع) ليس
على الامام ضمان مسألة لو انفرد الامام بالسهو لم يجب على المأموم متابعة لان المقتضى للسجود وهو السهو منتف عنه فينتفى معلوله وقال الشيخ يجب على
المأموم وهو قول الجمهور كافة لقوله (ع) ليس على من خلف الامام سهو فان سهى الامام فعليه وعلى من خلفه ولان صلاة المأموم تابعة لصلاة الامام وانما يتم صلاة
الامام بالسجود للسهو ونمنع الحديث ونمنع التبعية كما لو انفرد بما يوجب الإعادة إما لو اشترك السهو بين الإمام والمأموم فإنهما يشتركان في موجبه قطعا لوجود المقتضى
في حق كل منهما فروع - آ - لو اختص الامام بالسهو فلم يسجد له لم يسجد له المأموم وبه قال أبو حنيفة وإبراهيم النخعي وحماد والمزني واحمد في رواية لأنه لم يسبه ولم يسجد امامه
فيتابعه وقال الشافعي يسجد المأموم وبه قال مالك والأوزاعي والليث بن سعيد وأبو ثور واحمد في رواية لان صلاة المأموم تنقص بنقصان صلاة الامام كما تكمل بكمالها
فإذا لم يجبرها الامام جبرها المأموم ونمنع المقدمة الأولى - ب - لو اشترك السهو بينهما فان سجد الإمام تبعه المأموم بينة الايتمام أو الانفراد إن شاء ولو لم يسجد الامام سجد
المأموم وبالعكس - ج - لو سهى الامام لم يجب على المسبوق بعده متابعة في سجود السهو لعدم الموجب في حقه سواء قلنا إن السجود قبل التسليم أو بعده بل ينوى المأموم قبل
الانفراد ويسلم وان شاء انتظر إمامة ليسلم معه وبه قال ابن سيرين لان هذا ليس موضع سجود السهو في حق المأموم وقال الجمهور كافة يتابعه المأموم لقوله (ع)
انما جعل الامام إماما ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا ويحمل على سجود الصلاة فان سلم الامام ثم سجد لم يتابعه المأموم بل قام فأتم صلاته وبه قال الشافعي خلافا لأبي
حنيفة لان عنده الامام يسجد بعد السلام ويعود إلى حكم صلاته فيتابعه فيه إذا عرفت هذا فإذا قضى المسبوق عليه لم يسجد للسهو هو عندنا لاختصاص الامام بموجبه
وهو القديم للشافعي لان سجود الامام قد كملت به الصلاة في حق الإمام والمأموم فلا حاجة إلى السجود كما لو سهى المأموم فإنه لا يسجد لان كمال صلاة الامام أغناه عن تكميل
صلاته بالسجود وفى الجديد انه يسجد في اخر صلاته لأنه قد لزمه حكم سهو الامام فيسجد له موضع السجود وما فعله مع الامام كان متابعا له إذا ثبت هذا فلو سهى هذا
المسبوق فيما انفرد به سجد له وقال الشافعي إن كان قد سجد مع امامه وقلنا لا يلزمه إعادة السجود سجد لسهوه الذي انفرد به سجدتين وان قلنا يعيد أو لم يسجد
مع امامه سجد سجدتين وكفاه عن سهو الامام وسهو نفسه ومن الشافعية من قال يسجد أربع سجدات لاختلاف السهوين - د - لو سهى الامام فيما سبق به المأموم لم يلزمه
حكم سهو الامام لأنه لا يلزمه فيما يتابعه فغيره أولي وهو قول لبعض الشافعية لأنه كان منفردا عنه وقال الشافعي ومالك يلزمه حكم سهو الامام لدخول النقص
فيها فيسجد لو سجد امامه وعلى القول الأول لو سجد امامه قال الشافعي يتبعه وإذا أتم صلاته لا يعيد وكذلك ان لم يسجد امامه لا يلزمه ان يسجد وقال الشافعي يسجد وان لم يسجد الامام لم يسجدا لمأموم إذا تمم صلاته - ه‍ - لو قام الامام إلى الخامسة ساهيا
فسبح به المأموم فلم يرجع جاز ان ينوى الانفراد والبقاء على الايتمام فلا يجوز له متابعة الامام في الافعال لأنها
زيادة في الصلاة الا ان صلاة الامام لا تبطل بها لسهوه بل ينتظر
قاعدا حتى يفرغ من الركعة ويعود إلى التشهد فيتشهد معه فان سجد الإمام للسهو لم يسجد المأموم أيضا وقال الشافعي يسجد فلو كان المأموم مسبوقا بركعة وقام الامام
إلى الخامسة فان علم المأموم انها خامسة لم يكن له المتابعة وان لم يعلم وتابعه احتسب له الركعة - و - لو صلى ركعة فأحرم امام بالصلاة فنوى الاقتداء به احتمل البطلان و
الصحة والقولان للشافعي وسيأتى فان سوغناه وكان قد سهى المأموم فيما انفرد به ثم سهى امامه فيما يتبعه فيه فلما فارق الامام وأراد السلام وجب عليه أربع سجدات ان قلنا
بالمتابعة والا فسجدتان عما اختص به - ز - لو ترك الامام سجدة وقام سبح به المأموم فان رجع والا فالمأموم متابعته بعد ان يسجد لان صلاة الامام صحيحة وقال الشافعي لا يجوز
له متابعة لان فعل الامام بعد ذلك غير معتد به وهو ممنوع فان اخرج نفسه عن متابعة الامام جاز سواء كان قبل ان يبلغ الامام حد الراكعين أو زاد عليه ولا
يسجد المأموم وقال الشافعي اخرج قبل ان يبلغ الامام حد الراكعين أو زاد عليه لزمه ان يسجد للسهو لأنه فارق إمامة بعد استقرار حكم السهو في صلاته فان أراد
ان ينتظره فإن كان المأموم قد رفع رأسه من السجدة الأولى فان أراد ان ينتظره في الجلسة لم يجز لان الجلسة ركن قصير فلا يجوز تطويلها فلو أراد أن يسجد السجدة
الثانية وينتظره فيها كره له ذلك لأنه يكره للمأموم ان يسجد قبل إمامة الا انه لو فعل ذلك لم يبطل صلاته ثم إذا سجد الإمام فيصير المأموم ساجدا إلى أن
يرفع الامام رأسه من السجدتين جميعا إن أراد وان أراد أن يرفع رأسه من السجود بعد ما رفع الامام رأسه من السجدة الأولى جاز لان المحسوب للامام السجدة الأولى
على ظاهر المذهب ولو رفع رأسه من السجود قبل ان يسجد الامام بطلت صلاته لان الامام ما شرع في السجدة الثانية وهو قد فرغ منها والمأموم إذا سبق الامام
بركن كامل بطلت صلاته ثم إذا رفع الامام رأسه وكان قد ترك السجود من الركعة الأولى فأراد الامام ان يجلس للتشهد الأول فالمأموم لا يتابعه في التشهد ولكن ينتظره قائما
فإذا صلى ركعة أخرى فقد تمت للمأموم ركعتان وهو موضع التشهد الا ان الامام يعتقد ذلك ثالثة فلا يقعد للتشهد ويترك المأموم التشهد أيضا متابعة له فإذا
صلى ركعة أخرى فاعتقاد الامام ان صلاته قد تمت فيقعد للتشهد والمأموم لا يتابعه بعد ذلك فان تابعه بطلت صلاته فان أحس بقيامه وبعد لم يرفع رأسه
من السجدة الأولى فأراد ان ينتظره فيها جاز لان السجود ركن ممتد ثم إذا أراد الامام ان يسجد فعلى المأموم ان يرفع رأسه ثم يسجد معه لان الامام قد فرغ من سجدة فالمحسوب له السجدة الأولى فلو لم يرفع رأسه حتى زاد الامام ولكن سجد معه السجدة الثانية
لم يجز لان الثانية زايدة ولو فعل بطلت صلاته وهذا كله ساقط عندنا - ح - لو ظن المأموم ان الامام قد سلم فسلم ثم بان له انه لم يسلم بعد احتمل خروجه عن الصلاة باستيفاء
أفعاله وسلامه وخطؤه ليس بمفسد لشئ ء من أفعاله وان يسلم مع الامام فيسجد ان قلنا به فيما ينفرد به وإلا فلا. لأنه سهو في حالة الاقتداء وبه قال الشافعي ولو ذكر في التشهد
انه ترك الفاتحة لم يلتفت عندنا وقال الشافعي إذا سلم الامام قام إلى ركعة أخرى ولا يسجد للسهو لان سهوه كان خلف الامام وكذا لو ذكر انه ترك ركوعا وعندنا تبطل
صلاته لأنه ركن ولو سلم الامام فسلم المسبوق ناسيا ثم تذكر بنى على صلاته وسجد للسهو وبه قال الشافعي لان سلامه وقع بعد انفراده ولو ظن المسبوق ان
الامام سلم لصوت سمع فقام لتدارك ما عليه وفعله وجلس ثم علم أن الامام لم يسلم احتسب ما فعله لأنه بقيامه نوى الانفراد وله ذلك وقال الشافعي لا يحسب ما
137

فعله لان وقت انقطاع القدوة إما بخروج الامام عن الصلاة أو بقطع القدوة حيث يجوز ذلك ولم يوجد واحد منهما فلا يسجد للسهو بما أتى به لبقاء حكم الاقتداء و
لو تبين له في القيام ان الامام لم يسلم فان أراد ان يستمر على التدارك وقصد الانفراد فهو مبنى على أن المقتدى هل له قطع القدوة فان منعناه رجع وان جوزناه فوجهان أحدهما
ذلك لان نهوضه غير معتد به ثم ليقطع القدوة إن شاء والثاني لا يجب لان الانتهاض ليس متعينا بعينه وانما المقصود القيام وما بعده فصار كما لو قصد القطع في
ابتداء النهوض وان لم يقطع القدوة تخير بين أن يرجع أو ينتظر قائما سلام الامام فإذا سلم اشتغل بتدارك ما عليه - ط - ان قلنا بالتحمل كما هو قول الشيخ والشافعي فإنما
يكون لو كانت صلاة الامام صحيحة فلو تيقن كون الامام جنبا لم يسجد لسهوه ولا يتحمل هو عن المأموم فلو عرف ان الامام مخطئ فيما ظنه من السهو فلا يوافقه إذا سجد
- ى - كل موضع يلحقه سهو الامام فإنه يوافقه فان ترك عمدا ففي ابطال الصلاة نظر وجزم به الشافعي ولو رأى الامام يسجد في اخر صلاته سجدتين فعلى المأموم ان يتابعه
حملا على أنه قد سهى وان لم يعرف سهوه - يا - لو اعتقد الامام سبق التسليم على سجدتي السهو فسلم وأعتقد المأموم خلافه لم يسلم بل يسجد ولا ينتظر سجود
الامام لأنه فارقه بالسلام وهو وجه للشافعي وله اثنان ان يسلم معه ويسجد معه وانه لا يسلم فإذا سجد سجد معه ثم يجلس معه فإذا فرغ من تشهده سلم معه - يب -
لو سجد الإمام اخر صلاته عن سهو اختص به بعد اقتداء المسبوق لم يتبعه على الأقوى وعلى الاخر يتبعه وبه قال الشافعي لان عليه متابعته وفيه وجه اخر انه لا
يسجد معه لان موضعه اخر الصلاة وإذا سجد معه فهل يعيد في اخر صلاته قولان أصحهما الإعادة لان المأتي به كان للمتابعة وقد تعدى الحال إلى صلاته بسهو
الامام ومحل الجبر بالسجود اخر الصلاة والعدم لأنه لم يسه والمأتي به سببه المتابعة وقد ارتفعت بتسليم الامام - يج - لو اشترك الإمام والمأموم في نسيان التشهد
أو سجدة رجعوا ما لم يركعوا فان رجع الامام بعد ركوعه لم يتبعه المأموم لأنه خطأ فلا يتبعه فيه وينوى الانفراد ولو ركع المأموم أولا قبل الذكر رجع الامام
وتبعه المأموم ان نسى سبق ركوعه وان تعمد استمر على ركوعه وقضى السجدة وسجد للسهو - يد - المسبوق إذا قضى ما فاته مع الامام لا يسجد للسهو إذا المقتضى و
هو السهو منفى هنا وبه قال الشافعي لقوله صلى الله عليه وآله ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ولم يأمر بالسجود وحكى عن ابن عمر وابن الزبير وأبى سعيد الخدري إنهم قالوا يسجد
للسهو ثم يسلم لأنه زاد في الصلاة ما ليس من صلاته مع امامه وهو غلط لان الزيادة انما تفتقر إلى الجبران لو نقصت صلاته وهذه الزيادة واجبة فلا
يجبرها إذا فعلها مسألة لا حكم للسهو في النافلة فلو شك في عددها بنى على الأقل استحبابا وان بنى على الأكثر جاز ولا يجبر سهوه بركعة ولا سجود عند علمائنا
أجمع لان النافلة لا تجب بالشروع فيقتصر على ما أراد وبه قال ابن سيرين وقال الشافعي يسجد للنافلة كالفريضة لان السجود لترك ما اقتضاه الاحرام أو لفعل شئ
يمنع منه الاحرام وهو موجود في النفل كالفرض ونمنع اقتضاء مطلق الاحرام بل الواجب البحث الثالث فيما يوجب التلافي كل ساه أو شاك في شئ وإن كان ركنا
وهو في محله فإنه يأتي به على ما تقدم وان تجاوز المحل فمنه ما يجب معه سجدتا السهو إجماعا منا وهو نسيان
السجدة أو السجدتين وتذكر قبل الركوع ونسيان التشهد
وكذلك ومنه ما لا يجب على خلاف ونحن نذكر ذلك كله انشاء الله تعالى مسألة لو ترك سجدة في الأولى ساهيا ثم ذكر قبل الركوع في الثانية رجع فسجد ثم قام فاستقبل
الثانية وبالرجوع قال العلماء لان القيام ليس ركنا يمنع عن العود ولان العود إلى السجود ولقول الصادق (ع) في رجل نسى ان يسجد السجدة الثانية حتى قام قال
فليسجد ما لم يركع وكذا لو ترك سجدة في الثانية فذكر قبل ان يركع في الثالثة أو في الثالثة فذكر قبل ان يركع في الرابعة ويجب عليه بعد ذلك سجدتا السهو لقول
الكاظم (ع) في الرجل ينسى السجدة من صلاته قال إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه وهل تجب عليه نية الفصل قبل
السجود ان لم يكن قد جلس إذا كان بنية جلسة الاستراحة إشكال ينشأ من عدم النص وقيام (قام) القيام مقامه في الفصل وأصالة البراءة ومن انها واجبة فيأتي بها
وكذا لو نسى السجدتين معا وذكر قبل الركوع فإنه يرجع ويسجدهما ثم يقوم لان محل السجود قبل الركوع باق وإلا لما صح الرجوع إلى السجدة الواحدة ويسجد أيضا
سجدتي السهو إما لو ذكر بعد الركوع انه نسى سجدة واحدة من السابقة فإنه يتم الصلاة ويقضيها بعد التسليم ويسجد سجدتي السهو ولا يرجع إلى السجود لما فيه
من تغيير هيئة الصلاة وزيادة الركن ولقول الصادق (ع) إذا ذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض في صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء ولو ذكر بعد الركوع
ترك سجدتين من السابقة بطلت لأنه أخل بركن وقال الشافعي إذا ذكر وهو قائم في الثانية أو بعد ركوعها قبل ان يسجد الثانية نسيان سجدة من الأولى
أتى بها كما يذكر ثم إن لم يجلس عقيب السجدة المأتي بها فيكفيه ان يسجد عن قيام أو يجلس مطمئنا ثم يسجد وجهان أحدهما القيام كالجلسة لان الفرض الفصل
بين السجدتين وأصحهما عنده انه يجلس مطمئنا ثم يسجد لان مقصود الجلسة وإن كان هو الفصل فالواجب الفصل بهيئة الجلوس وإن كان قد جلس فان جلس على
قصد الجلسة بين السجدتين فان اكتفيا في الصورة السابقة بان يسجد عن قيام فهنا أولي وان قلنا يجلس ثم يسجد فقد قيل بمثله هنا لينتقل من الجلوس والأصح
ان يكفيه ان يسجد عن قيامه فإنه الذي تركه وإن قصد بتلك الجلسة الاستراحة فوجهان من حيث إن السنة لا تقوم مقام الفرض وان ظن الاستراحة بتلك الجلسة
لا يقدح وان ذكر بعد ان سجد للثانية فان السجدة التي سجدها تقع عن الأولى ويبطل عمله في الثانية وتحصل له ركعة ملفقة وان ذكر بعد فراغه من الثانية
فإن لم يقيد سجوده في الثانية بنية تمت الأولى ولغت أعماله في الثانية وان نوى انها للثانية فأكثرهم على تمام الأولى بسجوده لان نية الصلاة تشتمل على
جميع أفعالها وقد فعل السجود حال توجه الخطاب عليه بفعله وقال ابن شريح لا يتم الأولى بهذه السجدة لان نية الصلاة يجب استدامتها حكما وقد وجدت نية
حقيقة فخالفها فكانت الحقيقة أغلب وقال أبو حنيفة ان ذكر نسيان سجدة الأولى قبل ركوعه في الثانية عاد إليها كما قلناه نحن وإن كان بعد ركوعه أو سجوده في
الثانية سجد ثلاث سجدات متواليات فتلحق سجدة بالأولى واثنتان عن الركعة الثانية وتتم له الركعتان وان ذكر بعد اشتغاله بالتشهد سجد سجدة كما يذكر ويلتحق
بالركعة الأولى وقال مالك ان لم يكن قد ركع عاد إلى السجود كما قلناه وإن كان قد ركع لغت الأولى وصارت الحكم للثانية فيتمها بسجدتين فروع - آ - إذا ذكر نسيان سجدة
بعد سجدتي الثانية فقد بينا انه يستمر ويقضى المنسية وعند الشافعي يلفق فيجعل سجدة منهما للأولى ويبطل المتخلل بينهما وأي السجدتين تحتسب له بها أكثر الأصحاب
على انها تتم بالأولى وتلغو السجدة الثانية سواء كان قد جلس أولا للفصل أو لا وعلى قول ابن أبي
إسحاق يتم ركعة بالسجدة الثانية لان عليه ان ينتقل إليهما من القعود - ب - لو ترك أربع
سجدات من أربع ركعات فان ذكر قبل التسليم سجد واحدة عن الركعة الأخيرة لان المحل باق ثم يعيد التشهد ويسلم ويقضى السجدات الثلاث لفوات محلها ويسجد سجدتي السهو
لكل سهو وان ذكر بعد التسليم قضى السجدات الأربع ولاء وسجد السهو أربع مرات لفوات المحل وقال الشافعي يتم الأولى بما في الثانية والثانية بما في الثالثة والثالثة بما في الرابعة فتصح له
ركعتان لان السجود الأول من الثانية يحسب عن الأولى ويبطل المتخلل بينهما والثالثة تحسب ثانية وسجود الرابعة تكمل الثالثة ثانية هذا إن كان قد جلس للفصل
138

وان ترك الجلسة أيضا فإن كان جلس للتشهد الأول صحت له ركعتان الا سجدة لان التشهد الأول قام مقام جلسة الفصل للركعة الأولى ووقعت السجدة الأولى في الركعة
الثالثة تمامها فصحت له ركعة بالثالثة وصحت له الرابعة بسجدة واحدة فيبنى على ذلك وان لم يجلس للتشهد الأول صحت له ركعة إلا سجدة إن كان جلس في الرابعة فيسجد
أخرى ويتم له ركعة ويبنى عليها ومن اجتزأ بالقيام في الفصل حصل له ركعتان وان ذكر بعد التسليم ولم يطل الفصل فكما لو ذكر قبله وان طال وجب الاستيناف
وقال مالك تصح الرابعة الا سجدة ويبطل ما قبلها وعن أحمد روايتان إحديهما كقول مالك والأقوى بطلان الصلاة وقال أبو حنيفة يأتي في آخر صلاته بأربع سجدات
ويتم صلاته وبه قال الثوري والأوزاعي وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وحكاه الطحاوي عن الحسن بن صالح بن حي انه لو نسى ثمان سجدات أتى بهن متواليات لان
الركعة إذا سجد فيها فقد أتى بأكثرها والحكم يتعلق بالأكثر في صحة البناء كما إذا أدرك الركوع مع الامام والسجود متكرر فلا يعتبر فيه الترتيب كأيام رمضان - ج - لو صلى
الظهر فنسى سجدة وذكر انها من الأولى أتم صلاته وقضاها بعد التسليم ويسجد للسهو وقال الشافعي تمت الأولى بالثانية وتصير الثالثة ثانية والرابعة الثالثة وتبقى
عليه ركعة وكذا لو كانت من الثانية أو الثالثة ولو لم يعلم من أي ركعة هي حمل على أحسن الاحتمالات عنده وهو انه تركها من ركعة قبل الرابعة فلا تصح الركعة التي بعدها فيأتي
بركعة لتتم الصلاة بيقين ولو نسى سجدتين من الرباعة ولا يدرى كيف تركهما اخذ بأسوء الأحوال ويجعل كأنه ترك من الأولى سجدة ومن الثالثة سجدة فيتم الأولى بالثانية
والثالثة بالرابعة وتحصل له ركعتان ولو نسى ثلاث سجدات جعل كأنه ترك من الأولى سجدة ولم يترك من الثالثة شيئا فتمت الأولى بالثانية وترك من الثالثة سجدة ومن الرابعة سجدة فيحصل من مجموعها ركعتان
ولو نسى أربع سجدات قدر كأنه ترك من الأولى سجدة ومن الثانية لم يترك شياء ومن الثالثة ترك سجدة وما سجد شيئا من الرابعة فيحصل له ركعتان الا سجدة ولو ترك خمس
سجدات جعل كأنه ترك من الأولى سجدة ومن الثانية سجدتين ومن الثالثة سجدتين ولم يترك من الرابعة شيئا فتمت الأولى بالرابعة وحصل له ركعة وعلى مذهبنا
انه إذا ترك سجدتين من ركعة واحدة بطلت صلاته على ما تقدم وان لم يعلم أهما من ركعة أو ركعتين رجحنا الاحتياط وأبطلت الصلاة لاحتمال ان يكونا من ركعة فتبطل
الصلاة لفوات ركن فيها وكذا لو علم أنهما من ركعة ولم يعلم أهما من الرابعة أو مما سبق - د - لو نسى جميع السجود بطلت صلاته عندنا وقال الشافعي صح له القيام والقراءة و
الركوع الأول وقال بعض أصحابه بل الركوع الأخير مسألة لو نسى التشهد الأول ثم ذكر قبل الركوع رجع إليه وتشهد ثم قام فاستقبل الثالثة وفى سجود السهو
قولان ولو لم يذكر حتى ركع مضى في صلاته وقضاه بعد التسليم وسجد للسهو وبه قال الحسن البصري لقول الصادق (ع) وقد سأله سليمان بن خالد عن رجل نسى
ان يجلس في الركعتين الأوليين فقال إن ذكر قبل ان يركع فليجلس وان لم يذكر حتى يركع فليتم صلاته حتى إذا فرغ فليسلم ويسجد سجدتي السهو ولأنه قبل الركوع
في محل التشهد كالسجدة وقال الشافعي إن ذكر قبل انتصابه عاد إليه وإن ذكر بعد انتصابه لم يعد لقوله (ع) إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستقم قائما فليجلس وإذا
استتم قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو وقال مالك ان فارقت ألياه الأرض مضى ولا يرجع وقال النخعي يرجع ما لم يستفتح القراءة وقال احمد ان ذكر قبل ان
يستوي قائما وجب ان يرجع وان ذكر بعد ان يستوي قائما وقبل القراءة تخير والأولى ان لا يرجع فروع - آ - إذا ذكر قبل انتصابه رجع إلى التشهد عندنا وعند الشافعي
وكذا يرجع عندنا قبل الركوع وان انتهى القراءة وهل يسجد للسهو قولان أحدهما الوجوب لما تقدم من وجوبهما لكل زيادة ونقصان وبه قال احمد والشافعي في
أحد القولين لأنه زاد في الصلاة من جنسها على وجه السهو فأشبه زيادة سجود والثاني عدمه وبه قال الشافعي أيضا والأوزاعي وعلقمة والأسود لقول الصادق (ع)
وقد سئل عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهد يرجع ويتشهد فقلت أيسجد سجدتي السهو فقال ليس في هذا سجدتا السهو - ب - لو ذكر قبل الركوع بعد الانتصاب فقد
قلنا إنه يجب عليه الرجوع خلافا للشافعي فإنه يمنع فيه لان القيام فرض والتشهد سنة عنده والفرض لا يقطع بالسنة وقد بينا وجوبه فلو خالف وعاد عامدا عالما بأنه لا
يجوز على مذهبه بطلت صلاته عنده وإن كان ناسيا لم تبطل ويقوم كما يذكر وان عاد جاهلا بأنه لا يجوز فوجهان البطلان لتقصيره بترك العلم وأصحهما الصحة
لأنه قد يخفى فيعذر هذا في المنفرد وكذا الامام لا يرجع بعد الانتصاب عنده والمأموم يوافقه فان نوى مفارقته ليتشهد جاز وإن نهض المأموم ناسيا فاصح
الوجهين عنده العود لوجوب متابعة الامام والاخر الصبر إلى أن يلحقه الامام لأنه ليس فيما فعله الا التقدم على الامام بركن وهو غير مبطل وإن كان عمدا فلا حاجة
إلى الرجوع وهذا كله عندنا باطل لوجوب الرجوع قبل الركوع - ج - المراد بالانتصاب الاعتدال قائما وهو أحد وجهي الشافعية والاخر أن يصير ارفع من حد أقل الركوع وعند
أبي حنيفة ومالك ان صار أقرب إلى القيام لم يعد - د - إذا دعا قبل الانتصاب فالأقرب وجوب سجدتي السهو لزيادة بعض القيام وهو أحد قولي الشافعي وقال بعض علمائنا لا يجب وهو ثاني الشافعي وقال بعض
الشافعية إن عاد قبل أن ينتهى إلى حد الراكعين لم يسجد وان عاد بعد الانتهاء إليه سجد لأنه زاد ركوعا سهوا - ه‍ - لا فرق بين نسيان التشهد ونسيان بعض الواجب
فيه وكذا لو نسى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ولو لم يذكر الا بعد الركوع قضى الصلاة عليهم دون التشهد لقول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل ينسى من
صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها ثم يذكر بعد ذلك فقال يقضى ذلك بعينه فقلت يعيد الصلاة قال لا - و - لو أخل بالتشهد الأخير حتى سلم قضاه وسجد للسهو
ولو أحدث قبل قضائه قال بعض أصحابنا يعيد الصلاة لأنه أحدث فيها ووقع التسليم في غير موضعه وليس بجيد لان التسليم وقع موقعه مع السهو فحينئذ
يتطهر ويقضى التشهد ويسجد للسهو وان لم يبطل الحدث المتخلل بين الصلاة والجزء المنسى الصلاة مسألة لو ذكر وهو في السورة نسيان قرائة الحمد
استأنف الحمد وأعاد السورة أو غيرها لان محل القراءة باق وكذا لو نسى الركوع ثم ذكر قبل السجود قام وركع ثم سجد وكذا لو نسى سجدة أو سجدتين وذكر قبل
الركوع قعد وفعل ما نسيه ثم قام فقرأ وهل تجب السجدتان للسهو في هذه الأماكن قولان وقد سلف البحث في ذلك كله البحث الرابع فيما يوجب الاحتياط
مسألة قد بينا ان الشك في عدد الثنائية أو الثلاثية أو الأوليين من الرباعية مبطل خلافا للجمهور إما لو شك في الزايد على الاثنتين في الرباعية مثل
ان يشك بين الاثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع أو بين الاثنتين والأربع أو بين الاثنتين والثلاث والأربع فإنه يبنى على الأكثر ويسلم بعد إكمال الصلاة ويأتي بالفايت أو مساويه
احتياطا فيبنى في الأول على الثلاث ثم يتم صلاته ويسلم ثم يصلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس وفى الثانية يبنى على الأربع ويفعل ما تقدم كذلك وفى الثالثة يبنى على الأربع ويسلم ثم يصلى
ركعتين من قيام وركعتين من جلوس فإن كان قد صلى اثنتين كانت الركعتان من قيام تمام الصلاة والركعتان من جلوس نافلة وإن كان قد صلى ثلاثا فبالعكس وإن كان
قد صلى أربعا فالجميع نفل لان البناء على الأقل يحتمل زيادة الركعة وهي مبطلة عمدا وسهوا والقول بإعادة الصلاة باطل هنا اجماعا فتعين العمل بما قلناه ولان
التسليم في غير موضعه لا يبطل الصلاة سهوا فكذا هنا لأنه يجرى مجرى السهو ولقول الصادق (ع) إذا سهوت فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلمت فقم فصل ما
ظننت إنك نقصت فان كنت أتممت لم يكن عليك في هذا شئ وان ذكرت انك نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت هذا عند أكثر علمائنا وقال الصدوق (ره) يتخير
139

بين ذلك وبين البناء على الأقل لقول الرضا (ع) يبنى على يقينه ويجسد سجدتي السهو والمشهور الأول فيتعين المصير إليه وتحمل الرواية على الظن وقال الشافعي يبنى
على الأقل ويأتي بالتمام وبه قال مالك وإسحاق وأبو ثور لقوله (ع) إذا شك أحدكم في صلاته فليلغ الشك وليبن على اليقين وإذا استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت
صلاته تامة كانت الركعة نافلة له والسجدتان وإن كانت ناقصة كانت الركعة تامة لصلوته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان وفيما قلناه القاء للشك وأخذ باليقين أيضا
وقال أبو حنيفة إن كان أول ما اصابه أعاد الصلاة لقوله (ع) لا غرار في الصلاة وان تكرر تحرى وعمل على ما يؤديه تحرية إليه لقوله صلى الله عليه وآله إذا شك أحدكم في صلاته
فليتحر الثواب وليبن عليه ويسلم ويسجد سجدتين ونحن نقول بموجبه فان تحرى الصواب هو ما قلناه لما تقدم وعن أحمد في المنفرد كالشافعي وفى الامام روايتان أحدهما ذلك
والثانية يبنى على غالب ظنه وعن الثوري روايتان إحديهما التحري والثانية يبنى على اليقين وقال الحسن البصري يسجد سجدتي السهو ويجزيه لقوله (ع) يأتي
الشيطان أحدكم فيلبس عليه صلاته فلا يدرى إذا دام نقص فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس وحديثنا أولي لأنه مبين فروع - آ -
لو غلب على ظنه أحد طرفي ما شك فيه بنى على ظنه ولا شئ عليه لقوله الصادق (ع) إذا لم تدر ثلاثا صليت أم أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث وان وقع رأيك على الأربع
فسلم وانصرف واعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس ويدل على التخيير بين الركعة من قيام والركعتين من جلوس قول الصادق (ع) إذا اعتدل الوهم
في الثلاث والأربع فهو بالخيار ان شاء صلى ركعة وهو قائم وان شاء صلى ركعتين وأربع سجدات - ب -
يتخير الشاك بين الاثنتين والثلاث والأربع بين صلاة ركعتين
من قيام وركعتين من جلوس وبين ركعتين من قيام ويسلم وركعة أخرى من قيام إذ الركعة قائما يعدل الركعتين جالسا وهي إلى الفايت المعوض عنه أقرب فكان أولي و
كذا يتخير بين ان يفعل الركعتين من قيام أولا أو الركعتين من جلوس أو الركعة من قيام وقول الصادق (ع) يقوم فيصلى ركعتين ويسلم ثم يصلى ركعتين من جلوس ويسلم
فإن كان قد صلى أربعا كانت الركعات نافلة والا تمت الأربع الظاهر أنه لا يراد فيه الترتيب وهذه الصورة لا تنفك عن وجوب نافلة وليس له ان يصلى ركعتين قائما
ينفصل بينهما بالسلام ولا ست ركعات من جلوس ولا ركعة من قيام وأربعا من جلوس - ج - لو شك بين الأربع والخمس بنى على الأربع وتشهد وسلم وسجد سجدتي السهو
وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد لقوله (ع) إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرى صلى خمسا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على اليقين ثم يسجد سجدتين
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا كنت لا تدرى أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما ولان الشك هنا لا يوجب تلافيا
فلا إعادة فيجبر بسجدتي السهو مسألة المراد بقولنا بين كذا وكذا الشك في الزايد على العدد الأول بعد إكماله فلو قال لا أدرى قيامي الثانية أو الثالثة بطلت
صلاته لأنه في الحقيقة شك بين الأولى والثانية ولو قال الثالثة أو رابعة فهو شك في الاثنتين والثلاث فيكمل الرابعة ويتشهد ويسلم ويصلى ركعة من قيام
أو ركعتين من جلوس ولو قال الرابعة أو خامسة فهو شك بين الثلاث والأربع فيقعد ويتشهد ويسلم ثم يصلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس لاحتمال ان يكون
القيام إلى رابعة ويسجد للسهو إن قلنا بوجوبه على من قام في حال قعود ولو قال الثالثة أو خامسه قعد وسلم وصلى ركعتين من قيام وسجد للسهو ولو قام من الركوع
فقال قبل السجود لا أدرى قيامي لثانية أو ثالثة فالأقرب البطلان لأنه لم يحرز الأوليين ويحتمل الصحة تنزيلا للأكثر منزلة الجميع وبركوعه حصل أكثر الثانية
ولو قال لرابعة أو خامسة بطلت صلاته إذ مع الامر بالاتمام يحتمل الزيادة المبطلة وبعدمه يحتمل النقصان المبطل وانما تصح الصلاة لو صحت قطعا على أحد التقديرين
وكذا يبطل لو قال لثالثة أو خامسة إما لو قال لثالثه أو رابعه فإنه يتم الركعة ويتشهد ويسلم ويصلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس لاحتمال ان يكون
ثالثة فيجبرها الاحتياط ورابعة فتكون الركعة نفلا مسألة لا بد في الاحتياط من النية وتكبيرة الافتتاح لأنها صلاة فعلت بعد تسليم فيجب فيها ذلك
كغيرها فهل تجب الفاتحة عينا أم يتخير بينها وبين التسبيح قال بعض علمائنا بالأول لأنها صلاة منفردة فتجب الفاتحة لقوله (ع) لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وقال آخرون
بالثاني لأنها بدل عن الثالثة أو الرابعة فيثبت فيها ما يثبت في حكم المبدل ونمنع المقدمتين ولا خلاف في اجزاء الفاتحة وعدم الزيادة عليها مسألة
لو أحدث قبل الاحتياط قال بعض علمائنا تبطل الصلاة ويسقط الاحتياط لأنه في معرض التمامية بالصلاة وكما تبطل الصلاة بتخلل الحدث بين اجزائها
كذلك تبطل بتخلله بين ما يقوم مقام الأجزاء ويحتمل ان يكون جزءا وقال بعضهم لا تبطل لأنها صلاة منفردة ولا يلزم من كونها بدلا مساواتها للمبدل في كل حكم
والأول أحوط إما السجدة المنسية أو التشهد المنسى أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله واله (على) فالوجه اشتراط عدم تخلل الحدث بين الصلاة وبينها وكذا الركعة
المنسية ويشترط في السجدة المنسية الطهارة لأنها جزء من الصلاة التي تجب الطهارة في جميع أجزائها وكذا الاستقبال والأداء في الوقت فان خرج الوقت قبل فعلها
عمدا بطلت صلاته وان خرج سهوا قضاها ويتأخر حينئذ عن الفائتة السابقة البحث الخامس في سجدتي السهو وباقي مسائله مسألة قال الشيخ في
الخلاف لا تجب سجدة السهو إلا في أربعة مواضع من تكلم في الصلاة ناسيا أو سلم في غير موضعه ناسيا أو نسى سجدة ولم يذكر حتى يركع أو التشهد ولا يذكر حتى يركع في
الثالثة ولا يجب في غير ذلك فعلا كان أو قولا وزيادة كان أو نقصانا متحققة كانت أو متوهمة على كل حال وفى أصحابنا من قال تجب سجدتا السهو في كل زيادة
ونقصان وزاد في المبسوط من شك بين الأربع والخمس وقال المرتضى من قعد في حال قيام فتلافاه وبالعكس سجد للسهو والوجه وجوبهما في كل زيادة ونقصان لقول الصادق (ع) يسجد للسهو في كل زيادة ونقصان وقال الشافعي يجب سجود السهو لامرين إما لزيادة أو نقصان فالزيادة
إما قول أو فعل فالقول مثل ان يسلم ساهيا في غير موضعه أو يتكلم ساهيا أو يقرأ في غير موضع القراءة كالركوع والسجود والفعل إما زيادة متحققة كان
يقعد في موضع قيامه عقيب الأولى والثالثة أكثر من جلسة الاستراحة أو يقوم في موضع قعوده وهو ان يقوم عن الثانية ثم يعود للقعود أو يقوم بعد
الرابعة إلى الخامسة يعتقدها الرابعة واما زيادة متوهمة وهو البناء على اليقين في الشك مثل ان يشك هل صلى ثلاثا أو أربعا فإنه يضيف إليها أخرى و
ضابط ذلك ان كل ما إذا فعله عامدا بطلت صلاته لو فعله ساهيا جبره بسجود السهو واما النقصان فان يترك التشهد الأول أو الجلوس له وكذلك
القنوت في الفجر وفى النصف الأخير من شهر رمضان من صلاة الوتر واما الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله في التشهد الأول ففي الجديد على قولين أحدهما انه سنة فجبره بالسجود
والثاني انه ليس بسنة فلا يجبره واما ما لا يجبره فأركان الصلاة وهيئاتها فان ترك ركنا لم يجبر بسهو لكن ان ذكره قريبا أتى به وسجد للسهو ولأجل ما زاد من الفعل
بتركه وان ذكره بعيدا بطلت صلاته واما الهيئات فان ترك دعاء الافتتاح والتعوذ والجهر فيما يسر به وبالعكس وترك القراءة بعد الفاتحة والتكبيرات بعد الاحرام
والتسبيحات في الركوع والسجود واما الافعال فترك رفع اليدين مع الافتتاح وعند الركوع والرفع منه ووضع اليمين على الشمال حال القيام وترك وضعهما على الركبتين
حال الركوع وعلى الفخذين حال الجلوس وترك جلسة الاستراحة عقيب الأولى والثالثة وترك هيئة ركن من الافعال كالافتراش في موضع التورك والتورك في
140

موضع الافتراش وكذلك إذا خطا خطوة أو خطوتين أو التفت أو لف عمامته أو لفتين كل هذا ترك هيئات الأركان فلا يجبره بسجود السهو والحاصل ان الصلاة تشتمل على
أركان فلا تجبر بسجدتي السهو وعلى هيئات فكذلك وعلى مسنونات تجبر بسجدتي السهو ووافقه أبو حنيفة على ذلك وزاد عليه في خمس مسائل فقال إن جهر فيما يسر أو سر
فيما يجهر به يعنى الامام فان المأموم عنده لا يجهر أو ترك فاتحة الكتاب أو قرأ سورة قبل الفاتحة أو أخر القراءة من الأوليين إلى الآخرين أو ترك التكبيرات المتوالية في
العيدين أو تورك في موضع الافتراش سجد الجميع وقال مالك متى ترك الهيئات سجد ودعاء الافتتاح والقعود عنده في الصلاة
لكن تكبيرات الصلاة غير الافتتاح وترك التسبيح في الركوع والسجود وترك الاسرار والجهر فمذهبه انه يجبر
كل سهو يقع في الصلاة قال ابن ابن أبي
ليلى ان أسر فيما يجهر فيه
أو جهر فيما يسر فيه بطلت صلاته كقولنا وقد ذكرنا أكثر هذه المسائل على سبيل التفصيل مسألة لو جلس في الأولى أو الثالثة للتشهد وتشهد ثم ذكر قام وصلى وتشهد وسجد
سجدتي السهو عند بعض علمائنا على ما تقدم وبه قال الشافعي لما تقدم وحكى عن علقمة والأسود انهما قالا لا يسجد لان الجبران إنما يكون للنقصان لا للزيادة
وهو ممنوع ولان الزيادة تؤثر نقصانا ولهذا إذا كانت عمدا أبطلها فان ذكر قبل ان يتشهد فإن كان قد جلس قدر جلسة الاستراحة لم يسجد وان زاد سجد وبه قال الشافعي
مسألة لا سجود لترك المندوب لجواز تركه مطلقا فلا يستعقب تركه نسيانا تكليفا فلو ترك القنوت في صلاة الصبح اعاده بعد الركوع استحبابا ولا
يسجد للسهو وقال الشافعي يسجد ولو ذكر بعد الانحطاط إلى السجود لم يعد لفوات محله وقال الشافعي ان سجد لم يجز ان يرجع لأنه تلبس بالفرض فلا يعود إلى
السنة وان لم يكن وضع جبهته على الأرض عاد إليه ويسجد للسهو إن كان قد بلغ حد الراكعين أو زاد والا فلا ولو ترك الامام القنوت لاعتقاده لم يسجد
المأموم لأجله وبه قال القفال إذ لا خلل في صلاة الامام وقال بعض الشافعية يسجد المأموم لأنه اعتقد ان امامه ترك مأمورا فاختلت صلاته فعليه جبرها بالسجود
فروع - آ - لو ترك التكبيرات المستحبة لا يقتضى سجود السهو وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة إذا ترك تكبيرات العيدين خاصة سجد لها لأنه ذكر في محل واحد فإذا
تركه سجد له كالتشهد والقنوت وينتقض بدعاء الاستفتاح - ب - لو زاد فعلا مندوبا أو واجبا في غير موضعه سجد للسهو فلو قنت في الركعة الأولى ساهيا سجد للسهو
وبه قال الشافعي لما تقدم واختلف أصحابه في العلة فقيل إنه نقل ذكرا مقصودا من محله إلى غير محله فيجعل كتركه في محله وقيل إن قيام الاعتدال ركن قصير وقد
طوله بالقنوت وتظهر الفائدة فيما لو قنت في الأولى من الصبح عامدا هل تبطل صلاته أم لا إما عندنا فإنها تبطل لأنه زاد ذكرا غير مشروع فيكون حكمه حكم ما
لو تكلم في الصلاة بما ليس منها عامدا واما الشافعية فمن علل بالأول لم يبطل لان الصلاة محل الذكر وفى سجود السهو قولان ومن علل بالثاني أبطلها لان تطويل
الركن القصير كزيادة ركن في الصلاة. ولو قنت قبل الركوع لم يسجد عندنا لأنه المأمور به والشافعية قالوا إنه بعده فهل يسجدان علل بالأول سجد وإلا فلا لان
القيام ركن ممتد ولو تشهد قائما متعمدا بطلت صلاته لان التشهد عندنا فرض في محله وقد أخل به عمدا وعند الشافعية انه مستحب فلا يبطل لان الذكر في الصلاة
لا يبطلها نقله والقيام والقعود ركن ممتد ولو فعله ساهيا سجد عندنا وتداركه ومن علل من الشافعية بالأول سجد لأنه نقل الذكر ومن علل بالثاني لم يسجد
لان الركن طويل في نفسه - ج - لو عزم ان يفعل فعلا مخالفا للصلاة أو ان يتكلم عامدا ولم يفعله لم يلزمه سجود السهو لان حديث النفس مرفوع عن هذه الأمة ولا
سجود الا في عمل البدن - د - لو سهى في صلاة النفل بنى على الأقل استحبابا ويجوز البناء على الأكثر وبه قال ابن سيرين وهو قول الشافعي وعنه السجود لترك ما اقتضت
التحريمة فعله - ه‍ - لو سهى في سجود السهو بان ظن ترك سجدة و قلنا بفعله في الصلاة فسجد ثم ذكر انه لم يتركها وان سجوده للسهو كان سهوا في الصلاة لم يسجد له لما
تقدم من أنه لا سهو في سهو وعند الشافعي يسجد لوجود السبب وهو السهو - و - لو سهى بعد سجود إذا جعلناه في الصلاة بأن فرغ من السجود وقبل ان يسلم تكلم ناسيا
أو قام على ظن أنه رفع رأسه من سجدات الصلوات سجد ثانيا لوجود السبب وسجود السهو يجبر ما قبله لا ما بعده وبه قال بعض الشافعية وظاهر مذهبهم انه لا يسجد
ثانيا لأنه ربما تشهد لسهو فيحتاج إلى سجود اخر فيؤدى إلى ما لا يتناهى - ز - المسبوق إذا أدرك الامام بعد السجود تابعه ولا سجود عليه ولو أدركه بعد الرفع من الركوع فان سوغنا الدخول
معه والاعتداد بهذه النية والتكبير لم يسجد للسهو وبه قال الشافعي وقال عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير يسجد لوجود زيادة في صلاته لا يعتد بها ويبطله
قوله (ع) ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ولم يأمر بسجود مسألة سجدتا السهو بعد التسليم مطلقا عند أكثر علمائنا وبه قال علي (ع)
وابن مسعود وعمار وسعد بن ابن أبي
وقاص والنخعي وابن ابن أبي
ليلى والثوري وأصحاب الرأي وهو قول للشافعي لقوله (ع) إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب
وليبن عليه ويسلم ويسجد سجدتين وقوله (ع) لكل سهو سجدتان بعد ان يسلم ومن طريق الخاصة قول علي (ع) سجدتا السهو بعد السلام وقبل الكلام
ولأنه زيادة في الصلاة وفعل كثير ليس منها فيكون مبطلا ولان فيه تغييرا لهيئة الصلاة إذ السجود لا يتبع التشهد في شئ من صور الصلاة وقال بعض علمائنا انهما
قبل التسليم سواء زاد في الصلاة أو نقص وهو قول أبي هريرة وأبى سعيد الخدري والزهري وسعيد ابن المسيب وربيعة والأوزاعي والليث بن سعد لما رووه عن
النبي صلى الله عليه وآله إنه صلى صلاة العشاء فقام في ركعتين فقام الناس معه فلما انتظروا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) انهما قبل التسليم فإذا سلمت ذهبت حرمة صلاتك والحديث الأول ممنوع لمنافاته الأصول الدالة على عصمة النبي صلى الله عليه وآله
عن السهو والثاني ضعيف السند وقال بعض علمائنا بالتفصيل فإن كان للنقصان ففي الصلاة وإن كان للزيادة فبعد التسليم وبه قال مالك والمزني
وإسحاق وأبو ثور والشافعي في القديم لان خبر ذي اليدين ذكر السجود بعد التسليم لان السهو في الزيادة والخبر السابق ذكر السجود في الصلاة لأنه للنقصان
ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زادت فبعد والأولان بينا ضعفهما والثالث معارض بالاخبار الكثيرة فتكون أرجح
وقال احمد السجود قبل السلام إلا في موضع ورد فيه الأثر خاصة واختاره ابن المنذر فروع - آ - لو تعدد الموجب وقلنا بالاتحاد وقبل التسليم إن كان للنقصان وبعده إن كان للزيادة واختلفت
قالت الشافعية يسجد قبله لان القايل بان السجود بعده يسوغه قبله ولأنها حالة متقدمه فاعتبارها أولي - ب - إذا قلنا بأنه قبل التسليم فإذا فرغ من التشهد
سجدهما سلم بعد الرفع ولا يحتاج إلى إعادة التشهد عند الشافعي والوجه عندنا وجوبه وبه قال أبو حنيفة لأنهما مستقلان بوجوبه فالتشهد لهما
- ج - لو نسى السجود فسلم ثم ذكر سجد لوجود المقتضى وقال الشافعي إن كان الفصل قصيرا سجد وإن كان طويلا فقولان مسألة لا سجود فيما
يترك عمدا لأنه إن كان واجبا بطل الصلاة وإن كان مندوبا لم يشرع له السجود كما تقدم وبه قال أبو حنيفة لأنه سجود يضاف إلى السهو فيختص به كسجود
التلاوة وقال الشافعي يسجد لو ترك التشهد والقنوت عمدا لأنه يسجد لهما للسهو فالعمد أولي والمقدمتان ممنوعتان مسألة سجود السهو واجب قال الشيخ
141

في الخلاف وشرط في صحة الصلاة وبه قال مالك لان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (على) أمروا به والامر للوجوب ولأنه جبران يفعل في العبادة فكان واجبا
كجبران الحج وقال احمد إنه واجب وحكى أبو الحسن الكرخي عن أبي حنيفة انه واجب وليس بشرط في الصلاة وحكى أصحاب مالك عنه انه واجب في النقصان وقال الشافعي
انه ليس بواجب مطلقا لقوله (ع) في حديث ابن أبي
سعيد الخدري فإن كانت الصلاة تامة كانت الركعة والسجدتان نافلة ولأنها يفعل تكملة للصلاة وليس
بشرط فيها فلم يكن واجبا كساير المسنونات ولا حجة في الحديث إذ كونها نافلة على تقدير لا تقتضي كونهما نافلة مطلقا ونمنع القياس على المسنونات فان العلة موجودة في الواجبات فروع - آ -
قول الشيخ انهما شرط في صحة الصلاة ان قصد بذلك بطلان الصلاة بتركهما مع الذكر منعناه عملا بأصالة البراءة والصحة وان قصد وجوبها فهو مسلم فعلى هذا لو
لم يسجد لم تبطل صلاته بل يجب عليه السجود دائما إلى أن يفعله - ب - لو نسى السجدتين أتى بهما إذا ذكر سواء تطاولت المدة أم لا وبه قال الأوزاعي لقول الصادق (ع)
في الرجل ينسى سجدتي السهو يسجدهما متى ذكر ولأنه مأمور بهما فيأتي بهما عند الذكر لتحقق الامتثال وقال أبو حنيفة ان تكلم بعد الصلاة أو خرج من المسجد
سقط عنه السجود وقال الشافعي ان لم يطل الفصل سجد وان طال ففي القديم يأتي به لأنه جبران يفعل لنقص في العبادة فلا يسقط بتطاول الفصل لجبران
الحج والثاني يسقط لأنه يبنى على الصلاة فإذا طال الفصل منع من البناء عليها كما لو ترك من الأخيرة سجدة وتطاول الفصل فان الصلاة تبطل والفرق ان المنسى
هنا جزء بخلاف سجدتي السهو وقال مالك إن كان لزيادة أتى بهما ولو بعد شهر وإن كان لنقصان فان ذكرهما قريبا سجدهما وان تطاول أعاد الصلاة وقال
ابن شبرمة إذا خرج من المسجد أعاد الصلاة وقال الحسن وابن سيرين إذا صرف وجهه عن القبلة لم يسجد وقال احمد ما كان منه في الصلاة إذا تركه عامدا بطلت وان
تركه ناسيا حتى يسلم فإن لم يطل الفصل أتى به وان طال لم يأت به - ح - لو تحقق السهو وشك هل سجد أم لا سجد لان الأصل العدم
إما لو شك انه سجد واحدة أو اثنتين احتمل البناء على اليقين فيسجد ثانية ولا يسجد للسهو وبه قال الشافعي وإلا لزم عدم التناهى لو سهى ثانيا ويحتمل البناء على الأكثر لعموم
قولهم (على) لا سهو في سهو - د - عند القائلين بان السجود في الصلاة فإنه يقع اخرها قبل التسليم فلو سجد على أن المحل اخر صلاته فتبين البقية أمر بإعادة السجود
وبه قال الشافعي ويحتمل إعادة الصلاة لزيادة ركن فلو سهى الامام في صلاة الجمعة فتشهد وسجد فأطال رفع رأسه فظهر خروج وقت الجمعة يتم صلاته جمعة
عندنا لأنها تدرك بادراك ركعة وقال الشافعي يتم صلاته ظهرا ويؤمر بإعادة السجود اخر الصلاة إما المسافر إذا فرغ من التشهد فسجد فاتصلت السفينة
بدار إقامته أو نوى المقام فإنه يلزمه إتمام الصلاة وإعادة السجود اخر الصلاة مسألة يجب في سجدتي السهو النية لأنه عبادة والسجود على الأعضاء السبعة
والطمأنينة فيهما وفى الرفع لأنه المتبادر في عرف الشرع والجلوس بينهما مطمئنا لان التعدد في صلب الصلاة لا يحصل بدونه فكذا هنا إما التشهد فأوجبه علماؤنا
لقول الصادق (ع) إذا لم تدر أربعا صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة بتشهد فيهما تشهدا خفيفا وتسلم عقيبه
ولقول الصادق (ع) فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم تسلم بعدهما وبوجوب التشهد والتسليم عقيبهما قال أبو حنيفة وقال الشافعي ان قلنا السجود للزيادة
بعد السلام فإنه يتشهد ويسلم عقيبهما واليه ذهب أكثر من يقول إنه بعد السلام وان قلنا إنه قبل السلام فإنه يكفيه ان يسلم فان نسى السجود حتى سلم وقلنا إن
موضعه قبل السلام لو كان لنقصان اختلف أصحابه فبعض قال يتشهد ويسلم وبعض قال يسلم لأنه سجود ترك من الصلاة فلا يلزمه ان يعيد ما قبله مسألة
قال الشيخ إذا أراد السجود افتتح بالتكبير وسجد عقيبه فان أراد بذلك الوجوب كما هو قول ابن أبي
حنيفة والشافعي منعنا ذلك للأصل ولقول الصادق (ع)
لما سأله عمار عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح فقال لا إنما هما سجدتان فقط وهل تجب فيهما الطهارة والاستقبال ان قلنا بوقوعها في الصلاة وجب وإلا فإشكال
ينشأ من أصالة البراءة ومن انه سجود واجب فاشترطا له كسجود الصلاة وقال الشافعي يشترط فيهما ما يشترط في سجود الصلاة مسألة وهل يجب فيهما الذكر
أكثر علمائنا عليه لما رواه الحلبي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في سجدتي السهو بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد قال وسمعته مرة أخرى يقول بسم الله
وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فيجب أحدهما ويتخير فيهما وقال بعض علمائنا بعدم الوجوب لمنافاة الرواية المذهب لامتناع تطرق السهو على
الإمام (ع) ولقول الصادق (ع) لما سأله عمار عن سجدتي السهو هل فيهما تكبير أو تسبيح لا إنما هما سجدتان فقط ولا منافاة بين الرواية والمذهب إذ سماعه يقول في سجدتي السهو
لا يدل على أنه (ع) قاله في سجوده له بل المراد سماعه هذا الحكم في هذا الفرض كما يقال سمعته يقول في النفس المؤمنة مائة من الإبل وعمار ضعيف ولا حجة فيه
لان نفى وجوب التكبير والتسبيح لا يدل على نفى ما ذكره وقال الشافعي وأبو حنيفة يسبح فيهما كما يسبح في سجدات الصلاة ولا جامع بينهما مع الفرق بان ذاك جزء من الصلاة
وهذا جبران فلا تجب التساوي مسألة إذا تعدد السهو في الصلاة الواحدة تعدد جبرانه سواء اختلف أو تجانس لان كل واحد سبب تام في وجوب السجدتين
فكذا حالة الاجتماع لان الاجتماع لا يخرج الحقيقة عن حقيقتها ولما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله لكل سهو سجدتان وقال الأوزاعي يتداخل المتجانس دون المختلف
قياسا على جبران الحج فإنه لو كرر اللبس اتحد الجبران ولو لبس وتطيب تعدد ونمنع الأول مع تكثر المجلس وقال الشافعي وباقي الجمهور بالتداخل تجانس أو اختلف لان في خبر ذي اليدين انه (ع)
سلم من اثنتين وتكلم وسجد سجدتين وقد بينا امتناع ذلك على أصولنا فروع - آ - لو تعدد السهو في صلوات تعدد الجبران إجماعا إما عند القائلين
بسبقه على التسليم فظاهر واما عند الآخرين فلان الصلاة لا تبنى على غيرها - ب - لا يكفي الاحتياط عن سجود الجبران لو حصلا وان قلنا بتداخل السجود
لاختلاف الفرضين - ج - لو نسى أربع سجدات من أربع ركعات قضاهن أولا ورتب في القضا ثم يسجد بعد قضاء الجميع ثمان سجدات للسهو وهل له التفريق
بينها بالجبران إشكال - د - لو كان السهو لزيادة ونقصان كالكلام ونسيان سجدة فإنه يبدأ بقضاء السجدة وهل يجب تقديم جبرانها على جبران الزيادة
وان تأخرت عن الزيادة إشكال ينشأ من أنها كالتتمة للسجدة المنسية التي هي من صلب الصلاة ومن أصالة
البراءة وعدم الترتيب مسألة لو صلى
المغرب أربعا سهوا قال الشيخ أعاد وأطلق والوجه التفصيل وهو انه إن كان قد جلس عقيب الثالثة بقدر التشهد أجزأه وقعد وتشهد وسلم وسجد سجدتي السهو
وإلا أعاد وقال الأوزاعي وقتادة يضيف إليها أخرى ويسجد السهو المسهو لأنه إذا لم يضف صارت شفعا وقال باقي الجمهور يسجد للسهو واطلقوا لأنه (ع)
صلى الظهر خمسا فلما قيل له سجد للسهو ولم يضف أخرى لتصير شفعا وقد بينا امتناع السهو على النبي صلى الله عليه وآله مسألة لو ذكر بعد الاحتياط
النقصان لم يلتفت مطلقا سواء كان في الوقت أو بعده لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة ولو ذكر قبله أكمل الصلاة وسجد للسهو ما لم يحدث لأنه ساه في فعله فلا
تبطل صلاته إلا مع الحدث ولو ذكره في أثنائه استأنف الصلاة لأنه ذكر النقصان بعد فعل كثير قبل خروجه عن العهدة ويحتمل الصحة لأنه مأمور به وهو من
142

الصلاة ولو شك بين الاثنتين والثلاث والأربع فذكر بين الركعتين من جلوس انها ثلاث صحت صلاته وسقط الباقي لظهور بطلان شكه فيما يوجبه ولو ذكر انها اثنتان
بطلت لأنه ذكر النقصان قبل فعل الجبران ولو بدأ بالركعتين من قيام انعكس الحكم فتبطل صلاته لو ذكر الثلاث وتصح لو ذكر الاثنتين ولو ذكر الثلاث بعد ان رفع رأسه
من السجدة الثانية احتمل ان يتشهد ويسلم لان الاحتياط المساوى قد فعله وهو الركعة والتشهد ليس من الأصل بل وجب لكونه جزءا من كل صلاة والبطلان لان
التشهد جزء من الجبران ولم يأت به تم الجزء الثاني من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله ويتلوه المقصد الثالث في باقي الصلوات والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
المقصد الثالث في باقي الصلاة وفيه فصول الأول في الجمعة وفيه مطالب الأول الشرائط مسألة الجمعة واجبة بالنص والاجماع
قال الله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع والامر للوجوب والنهى للتحريم وانما يجب السعي ويحرم البيع لأجل الواجب وتوبيخهم بتركه قائما انما يكون لو وجب وليس
المراد من السعي الاسراع بل الذهاب إليها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبته اعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في يومى هذا في شهري هذا
من عامي هذا فمن تركها في حياتي أو بعد موتى وله إمام عادل استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله له شمله ولا بارك له في امره ألا ولا صلاة له ألا ولا زكاة له ألا ولا حج له ألا ولا صوم له ألا ولا بركة له
حتى يتوب فإن تاب تاب الله عليه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله عز وجل
في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة الحديث واجمع المسلمون كافة على وجوب الجمعة مسألة ووجوبها على الأعيان بالاجماع الا ما حكى عن الشافعي انها
فرض كفاية ونسبت الحاكية إلى الغلط لان الامر عام وقال رسول الله صلى صلى الله عليه وآله الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبى أو مريض إذا
عرفت هذا فيشترط للجمعة أمور ستة زايدة على الشرائط اليومية - آ - الوقت - ب - السلطان - ج - العدد - د - الخطبتان - ه‍ - الجماعة - و - الوحدة فهنا مباحث الأول
الوقت مسألة أول وقت الجمعة زوال الشمس يوم الجمعة عند علمائنا الا المرتضى فإنه قال يجوز ان يصلى الفرض عند قيام الشمس يوم الجمعة خاصة وبما
اخترناه قال الشافعي ومالك وأصحاب الرأي لان أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى الجمعة إذا زالت الشمس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأول الحديث ولأنها بدل من عبادة فلا تجب قبل وقتها كالتيمم ولان اخر
وقتهما واحد فكذا الأول وقال أحمد بن حنبل يجوز فعل الجمعة قبل زوال الشمس فمن أصحابه من قال أول وقتها وقت صلاة العيد ومنهم من قال تجوز في الساعة السادسة
لان وكيعا الأسلمي قال شهدت الجمعة مع ابن أبي
بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار ولا حجة فيه مع مخالفته لفعل الرسول صلى الله عليه وآله مسألة
آخر وقت الجمعة هو آخر وقت الظهر للاجزاء عند الأكثر الا ان عندنا اخر وقت الظهر الأجزاء الغروب واخر وقت الفضيلة إذا صار ظل كل شئ مثله والمراد هنا الأخير فلا يجوز الجمعة بعده وكذا بقول الشافعي وأبو حنيفة
جعل اخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شئ مثله فتجوز الجمعة عنده إلى ذلك والوجه الأول لان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى دائما بعد الزوال بلا فصل فلو جاز
التأخير عما حددناه لآخرها في بعض الأوقات إذا عرفت هذا فاعلم أن أبا الصلاح منا قال إذا مضى مقدار الاذان والخطبة وركعتي الجمعة فقد فاتت ولزم
اداؤها ظهر أو يدفعه قول الباقر (ع) وقت الجمعة إذا زالت الشمس وبعده بساعة واحتجاجه بقول الباقر (ع) إن من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة وان صلاة
الجمعة من الامر المضيق إنما لها وقت واحد حين تزول الشمس ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في ساير الأيام متأول بالمبالغة في استحباب التقديم مسألة
بقاء الوقت ليس شرطا فلو انعقدت الجمعة وتلبس بالصلاة ولو بالتكبير فخرج الوقت قبل إكمالها أتمها جمعة إماما كان أو مأموما وبه قال احمد ومالك لأنه
دخل فيها في وقتها فوجب إتمامها كساير الصلوات ولان الوجوب يتحقق باستكمال الشرائط فلا يسقط مع التلبس بفوات البعض كالجماعة وقال الشافعي تفوت الجمعة
حتى لو وقعت تسليمة الامام في وقت العصر فاتت الجمعة لكنه يتمها ظهرا لان ما كان شرطا في ابتداء الجمعة كان شرطا
في جميعها كساير الشرايط وينتقض بالجماعة وقال أبو حنيفة لا يبنى عليها ويستأنف الظهر لأنهما صلاتان مختلفتان فلا تبنى إحديهما على الأخرى ويرد على الشافعي لا
علينا وقال بعض الجمهور ان أدرك ركعة في الوقت أدرك الجمعة وإلا فلا ولا بأس به فروع - آ - لو شك في خروج الوقت أتمها جمعة إجماعا لان الأصل بقاء الوقت - ب - لو أدرك المسبوق
ركعة مع الامام صحت له الجمعة إن كانت المدركة في الوقت ثم يقوم لتدارك الثانية فلو خرج الوقت قبل إكمالها صحت عندنا لما تقدم وللشافعية وجهان الفوات
كغيره والإدراك لان جمعتهم صحيحة فيتبعهم فيها كما يتبعهم في الوقت والقدوة - ج - لو تشاغلوا عن الصلاة حتى ضاق الوقت فإن علم الإمام ان الوقت يتسع لخطبتين
خفيفتين وركعتين كذلك وجبت الجمعة وإلا جاز أن يصلوها ظهرا قبل خروج وقت الجمعة وبه قال الشافعي ولا تكفى الركعة الواحدة هنا خلافا لأحمد - د -
يستحب تعجيل الجمعة كغيرها من الصلوات مسألة الفرض في الوقت هو الجمعة وهي صلاة قائمة بنفسها ليست ظهرا مقصورة وهو أحد قولي الشافعي
فليس له اسقاط الجمعة بالظهر لأنه مأمور بالجمعة فيكون منهيا عن الظهر فلا يكون المنهى عنه فرضا وقال (ع) كتب عليكم الجمعة فريضة واجبة إلى يوم
القيمة وهو يدل على الوجوب على التعيين وقال أبو حنيفة فرض الوقت الظهر ويسقط بالجمعة فهي ظهر مقصور لقوله (ع) أول وقت الظهر حين تزول الشمس
وهو عام فيتناول يوم الجمعة كغيره ونحن نقول بموجبه ولا دلالة فيه على أن الفرض الظهر وقال محمد بن الحسن الشيباني الفرض الجمعة وله اسقاطه بالظهر وهو
قول للشافعي إذا عرفت هذا فإذا فاتت الجمعة صلى أربعا ظهرا بنية الأداء إن كان وقت الظهر باقيا وإن خرج الوقت صلى أربعا بنية قضاء الظهر لا الجمعة لان
مع الفوات تسقط الجمعة وتجب الظهر أداء لسعة وقت الظهر وامكان فوات الجمعة مع بقاءه فيكون الفايت بعد الجمعة هو الظهر لانتقال الوجوب إليه ولو فاتته الجمعة
بعد انعقادها بأن زوحم وخرج الوقت قبل ادراك ركعة مع الامام استأنف الظهر لتغاير الفرضين ومن جعلها ظهرا مقصورة جوز نقل النية إلى الظهر كالمسافر إذا نوى
الإقامة في الأثناء فإنه يتم أربعا مسألة لو صلى المكلف بها الظهر قبل ان يصلي الامام الجمعة لم تصح صلاته ويلزمه السعي إلى الجمعة فان صلاها سقط عنه
الفرض وإن لم يصلها حتى فاتت وجب عليه إعادة الظهر لما تقدم من أنهما فرضان متغايران فلا يجزى أحدهما عن الاخر عند علمائنا أجمع وبه قال مالك واحمد و
الثوري والشافعي في الجديد وإسحاق وقال أبو حنيفة تصح ظهره قبل فوات الجمعة ويلزمه السعي إلى الجمعة فإذا سعى بطلت وان لم يسع أجزأته وقال أبو يوسف ومحمد
يصح وقال الشافعي في القديم يصح الظهر ويجب عليه السعي فان صلى الجمعة احتسب الله تعالى له بأيتهما شاء أو اجز كليتهما وان فاتته الجمعة أجزأته الظهر التي صلاها
وليس بجيد لان الظهر الواقعة إن كانت صحيحة أسقطت الفرض إذ لا يجبان عليه في وقت واحد اجماعا والا أعادها ولأنه يأثم بترك الجمعة وان صلى الظهر ولا يأثم
143

بفعل الجمعة وترك الظهر اجماعا والواجب هو الذي يأثم بتركه دون ما لا يأثم به فروع - آ - فوات الجمعة برفع الامام رأسه من ركوع الثانية وسيأتى في الجماعة - ب -
لو صلى الظهر ثم شك هل صلى قبل صلاة الامام أو بعدها لزمه الإعادة لان الأصل البقاء - ج - لو صلى الظهر مع صلاة الامام الجمعة لم تصح إن كان يمكنه ادراكها
ظهره لأنه يمكنه الجمعة إما لو صلاها قبل فراغ الامام من الجمعة إذا فاته ادركها فإنه يجوز وبه قال بعض الشافعية لان الجمعة فاتت فتجب الظهر إذ لا يمكن سقوط
الصلاتين وظاهر كلام الشافعي انه لا يجوز أن يصليها إلا بعد فراغ الامام مسألة من لا تجب عليه الجمعة كالمسافر والعبد له ان يصلى الظهر قبل صلاة
الامام ومعه وبعده وإن جاز أن يصلى جمعة في قول أكثر العلماء لأنه لم يخاطب بالجمعة فتصح منه الظهر كالبعيد عن موضع الجمعة وقال بعض الجمهور لا تصح صلاته
قبل الامام لأنه لا يتيقن بقاء العذر فلم تصح صلاته كغير المعذور والظاهر البقاء والاستمرار كالمريض يصلى جالسا فروع - آ - لا يستحب للمعذور تأخير
الظهر حتى يفرغ الامام لان فرضه الظهر فيستحب تقديمها - ب - أصحاب الاعذار المكلفون إذا حضروا الجامع وجبت عليهم الجمعة وسقط عنهم فرض
الوقت لأنها سقطت عنهم لعذر تخفيفا عنهم ووجبت على أهل الكمال لانتفاء المشقة في حقهم فإذا حضر والجامع سقطت المشقة المبيحة للترك - ج - لو صلوا
الظهر في منازلهم ثم سعوا إلى الجمعة لم تبطل ظهرهم سواء زال عذرهم أو لا وبه قال احمد والشافعي لأنها صلاة صحيحة أسقطت الفرض فلا تبطل بعده وقال أبو حنيفة
تبطل ظهرهم بالسعي إلى الجمعة كغير المعذور والفرق ظاهر وقال أبو يوسف ومحمد تبطل إذا احرموا بالجمعة - د - يكره لمن فاتته الجمعة أو لم يكن من أهلها ان
يصلى الظهر جماعة وبه قال احمد والأعمش والشافعي وإسحاق لعموم قوله (ع) صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة وصلى ابن مسعود بعلقمة والأسود لما فاتته
الجمعة وقال أبو حنيفة ومالك يكره وهو قول الحسن وأبى قلابة لأنه لم ينقل في زمن النبي صلى الله عليه وآله من صلى جماعة من المعذورين وهو ممنوع لما تقدم إذا ثبت
هذا فالأقرب استحباب اعادتها جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وغيره من المساجد لعموم استحباب طلب الجماعة ولا تكره أيضا في المسجد الذي أقيمت الجمعة فيه
وكره احمد ذلك كله وليس بجيد نعم لو نسبت إلى الرغبة عن الجمعة وانه لا يرى الصلاة خلف الامام أو خيف فتنة ولحوق ضرر به وبغيره كره ذلك - ه‍ - الأقرب لمن صلى
الظهر من أصحاب الاعذار السعي إلى الجمعة استحبابا طلبا لفضيلة الجماعة لأنها تنوب مناب الظهر فأشبهت المنوب والأول هو الفرض وقال أبو إسحاق قال الشافعي في
القديم يحتسب الله تعالى له بأيتها شاء لأنه كان في الابتداء مخيرا بين الظهر والجمعة فإذا فعلها لم يتعين واحد منهما وهو غلط لسقوط فرضه بما فعله أولا فإذا فعل
الجمعة كان متطوعا بها وما ذكره إنما يتحقق قبل الفعل مسألة لا يجوز انشاء السفر لمن وجبت عليه الجمعة واستكمال الشرايط بعد الزوال قبل ان
يصليها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله من سافر من دار إقامة يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على
حاجته والوعيد لا يلحق المباح ولان ذمته مشتغلة فلا يجوز له الاشتغال بما يمنع عنها كاللهو والتجارة وقال أبو حنيفة والأوزاعي يجوز لقول عمر الجمعة لا يحتبس
الجمعة عن سفر ولان الصلاة تجب بآخر الوقت ولان كل صلاة يجوز السفر بعدها يجوز قبلها كساير الصلوات والفرق ان السفر يسقط الجمعة دون غيرها
وقول عمر ليس حجة خصوصا مع مخالفة القرآن وقد بينا وجوب الصلاة بأول الوقت فروع - آ - لا يجوز السفر بعد الزوال لأجل الجهاد إلا مع الضرورة ونقل عن أحمد
الجواز لأنه (ع) لما وجه زيد بن حارثه وجعفر بن أبي طالب و عبد الله رواحة في جيش موته فتخلف عبد الله فرآه النبي صلى الله عليه وآله فقال ما خلفك فقال
الجمعة فقال النبي صلى الله عليه وآله لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها فراح منطلقا والذي نقله أصحابه ان ذلك كان قبل الزوال - ب - يجوز السفر بعد الزوال لأصحاب
الاعذار المتجددة بعد الوجوب كمريد الصحبة إذا خاف فوتها مع ضرورته إليها لأنها تسقط الوجوب وبالجملة كل ما يخاف معه على نفسه أو ماله فهو عذر وكذا لو ضل له
ولد أو رقيق أو حيوان - ج - يجوز السفر قبل الزوال بعد الفجر لكنه مكروه عند علمائنا وبه قال مالك واحمد والحسن وابن سيرين في رواية والشافعي في القديم وأصحاب
الرأي لحديث عبد الله بن رواحة ولان ذمته خالية من الوجوب ولا يمنعه امكان وجوبها وقال الشافعي الجديد لا يجوز وبه قال ابن عمر واحمد إلا في الجهاد لأنه وقت الرواح
إلى الجمعة وقد يجب فيه السعي على من بعد طرقه فلا يجوز له ترك الجمعة بالسفر فيه كما بعد الزوال والفرق شغل الذمة في الأول دون الثاني والسعي يجب فيه على من تجب عليه
وهو بسفره خرج عن ذلك واستثناء الشافعي الجهاد لحديث ابن رواحة - د - لا يكره السفر ليلة الجمعة إجماعا البحث الثاني السلطان مسألة يشترط في وجوب
الجمعة السلطان أو نايبه عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة للاجماع على أن النبي صلى الله عليه وآله كان لا
يعين لامامة الجماعة وكذا الخلفاء بعده كما يعين
للقضاء وكما لا يصح ان ينصب الانسان نفسه قاضيا من دون اذن الامام كذا إمامة الجمعة ولرواية محمد بن مسلم قال لا تجب الجمعة على أقل من سبعة الامام وقاضيه ومدع حقا ومدعى عليه وشاهدان ومن يضرب الحدود
بين يدي الامام ولأنه أجمع أهل الاعصار فإنه لا يقيم الجمعة في كل عصر الا الأئمة وقال الشافعي ومالك واحمد ليس السلطان شرطا ولا إذنه لان عليا (ع) صلى بالناس
الجمعة وعثمان محصور ولم ينكر أحد ولأنها عبادة بدنية فلا تفتقر اقامتها إلى السلطان كالحج وفعل علي (ع) حجة لنا لأنه (ع) الامام عندنا ولان عثمان يمنع
المسلمين له عن التصرف خرج عن الإمامة لان الإمامة عندهم تثبت بالاختيار من أهل الحل والعقد فتزول لزوال سببها والفرق في الحج عدم احتياجه إلى رئيس يتقدم عليهم
فيها بخلاف الجمعة المفتقرة إلى إمام يتقدمهم مسألة أجمع علماؤنا كافة على اشتراط عدالة السلطان وهو الامام المعصوم أو من يأمره بذلك خلافا للجمهور
كافة لان الاجتماع مظنة التنازع والحكمة تقتضي انتفاء ذلك ولا يحصل الا بالسلطان ومع فسقه لا يزول لأنه تابع في أفعاله لقوته الشهوية لا مقتضى الشرع ومواقع
المصلحة وليس محلا للأمانة فلا يكون أهلا للاستنابة احتجوا بقوله (ع) فمن تركها في حياتي أو بعد موتى وله إمام عادل أو جاير فلا جمع الله شمله ولان السلطان
يسوى بين الناس في ايقاعها فلا يفوت بعضا ونمنع الحديث أولا ودلالته على المطلوب لأنه وعيد على من تركها مستحقا ولا شك في أنه مستحق للوعيد سواء كان
الامام عادلا أو جايرا بل يستحب الاجتماع فيها وعقدها وإن كان السلطان جايرا ونمنع من تسوية السلطان الفاسق لجواز أن يغلب هواه على تقديم أو تأخير مسألة
يشترط امام السلطان المعصوم أو استنابته لمن يرتضيه ويشترط في النائب أمور الأول البلوغ فلا تصح إمامة الصبي وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لعدم
التكليف في حقه فإن لم يكن مميزا لم يعتد بفعله والأعرف ترك المؤاخذة على فعله فلا يؤمن ترك واجب أو فعل محرم في صلاته ولان العدالة شرط وهو منوطه بالتكليف
وهو أحد قولي الشافعي والثاني تصح كغيرها من الفرايض ونمنع الأصل ونفرق باختصاص الجمعة بشرايط زايدة الثاني العقل فان المجنون لا اعتبار بفعله ومن
يعتوره لا يكون إماما ولا في وقت افاقته لجواز عروضه له حينئذ ولأنه لا يؤمن احتلامه في نوبته وهو لا يعلم ولنقصه عن المراتب الجلية الثالث الذكورة
فان المرأة لا تؤم الرجال ولا الخناثى وكذا الخنثى الرابع الحرية وفى اشتراطها للشيخ قولان أحدهما ذلك وبه قال احمد ومالك لان الجمعة لا تجب عليه فلا يكون
144

إماما كالصبي والمرأة والثاني العدم وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لقوله (ع) اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي أجذع ما أقام فيكم الصلاة ومن طريق الخاصة
قول أحدهما (ع) وقد سئل عن العبد يؤم القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قراءة لا بأس به ولأنه ذكر يؤدى فرض الجمعة فجاز ان يكون إماما فيها كالحر وهو عندي أقوى.
مسألة العدالة شرط عند علمائنا كافة فلو أم الفاسق لم تنعقد وأعيدت ظهرا خلافا للجمهور كافة لان الايتمام ركون إلى الفاسق وهو ظالم فيكون منهيا عنه لقوله
تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا وقول جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا تؤمن امرأة رجلا ولا فاجر مؤمنا إلا أن يقهره سلطان أو يخاف سيفه أو سوطه
ومن طريق الخاصة ما رواه سعد بن إسماعيل عن أبيه قال قلت للرضا (ع) رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الامر اصلى خلفه قال فقال لا وقال أبو عبد
الله البرقي كتبت إلى ابن أبي
جعفر (ع) تجوز الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك صلوات الله وسلامه عليهما فأجاب لا تصل ورائه ولانتفاء الزاجر عن ترك
شرط أو فعل مناف فلا تصح كالصبي والكافر احتجوا بعموم قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله وبقوله (ع) صلوا خلف من قال لا إله إلا الله وبأن الحسن والحسين (ع)
صليا مع مروان والآية تدل على السعي لا على حال الامام والعام قد يخصص وأخبارنا أخص فتقدم وفعل الامامين (ع) لقهرهما كما تضمنه حديث
جابر ولأنه حكاية حال فيمكن ان صلاتهما بعد فعلهما في منازلهما كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي ذر كيف أنت إذا كان عليك امراء يؤخرون الصلاة عن
وقتها قلت كما تأمرني قال صل صلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة فروع - آ - عن أحمد رواية انه يصلى خلف الفاسق جمعة ثم يعيدها وهو غلط لأنها إن كانت مأمورا بها
خرج عن العهدة بفعلها فلا إعادة وإلا فلا صح تصح الصلاة خلفه - ب - لو كان السلطان جايرا ثم نصب عدلا استحب الاجتماع وانعقدت الجمعة على الأقوى وسيأتى
ولا تجب لفوات الشرط وهو الامام أو من نصبه وأطبق الجمهور على الوجوب - ج - لو خفى فسقه ثم ظهر بعد الصلاة أجزأ لأنها مأمور بها فتقع مجزية - د - لا تصح
الصلاة خلف الكافر بالاجماع فلو ظهر كفره صحت الصلاة إجماعا للامتثال سواء كان الكفر مما لا يخفى كالتهود والتنصر أو تخفى كالزندقة وبه قال المزني وعند
الشافعي في الأول لتفريطه - ه‍ - لو شك في إسلامه لم تنعقد الجمعة لان ظهور العدالة شرط وهو منتف مع الشك وقال بعض الجمهور يصح عملا بالظاهر من أنه
لا يتقدم للامامة إلا مسلم - و - الاختلاف في فروع الفقه مع اعتقاد الحق لا يمنع الإمامة للاجماع على تعديل بعضهم بعضا وان اختلفوا في المسائل الاجتهادية - ز - إذ إعتقد
المجتهد شيئا من الفروع وفعل ضده مع بقاء اعتقاده قدح في عدالته وكذا المقلد إذا أفتاه العالم أما لو عدل من عالم إلى أعلم أو مساو لم يقدح في العدالة
مسألة الايمان شرط في الامام في الجمعة وغيرها إجماعا عندنا لان غيره فاسق وقد بينا اشتراط العدالة وقال احمد تجب سواء كان من يقيمها سنيا أو مبتدعا و
عدلا أو فاسقا وسئل عن الصلاة خلف المعتزلة يوم الجمعة فقال إما الجمعة فينبغي شهودها وإن كان الذي يصلى منهم أعاد وإلا فلا وقال الشافعي إذا صلى خلف
مبتدع وهو كل من زاد في الدين ما ليس منه سواء كان قربة أو معصية فإن كانت بدعة بزيادة طاعة تخالف المشروع كما لو صلى العبد في غير وقته صحت خلفه وإن كانت
معصية كالطعن في الصحابة أو خلل في معتقده فان أوجبت تكفيرا لم تصح خلفه وإلا صحت وعندنا انه لا تجوز خلف المبتدع سواء أوجبت كفرا أو لا لأنها
توجب فسقا لقوله (ع) كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار مسألة يشترط في الامام طهارة المولد عند علمائنا فلا تصح امامة ولد الزنا لأنها من المناصب
الجليلة فلا تليق بحاله لنقصه ولعدم انقياد القلوب إلى متابعته ولأنها رياسة دينية فلا ينالها مثله لتكونه من المعصية الكبيرة وبعض علمائنا حكم بكفره و
ليس بمعتمد ولان رجلا لا يعرف أبوه أم قوما بالعقيق فنهاه عمر بن عبد العزيز ولم ينكر عليه أحد وقال الشافعي تكره إمامته بحديث عمر بن عبد العزيز وقال احمد
لا تكره مسألة اشترط أكثر علمائنا كون الامام سليما من الجذام والبرص والعمى لقول الصادق (ع) خمسة لا يؤمون الناس على كل حال المجذوم والأبرص والمجنون
وولد الزنا والأعرابي والأعمى لا يتمكن من الاحتراز عن النجاسات غالبا ولأنه ناقص فلا يصلح لهذا المنصب الجليل وقال بعض أصحابنا المتأخرين يجوز واختلف الشافعية
في أن البصير أولي أو يتساويان على قولين مسألة إذا حضر إمام الأصل لم يؤم غيره إلا مع العذر إجماعا لان الإمامة متوقفة على اذنه فليس لغيره
التقدم عليه وكذا نايب الامام لان الرسول صلى الله عليه وآله لم يحضر موضعا إلا أم بالناس وكذا خلفاؤه والسرايا الذين بعثهم كان يصلي بهم الأمير
عليهم ولقول الباقر (ع) قال علي (ع) إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار جمع بالناس ليس ذلك لاحد غيره ومع العذر يجوز أن يصلى غيره ويشترط
إذنه لما تقدم مسألة وهل للفقهاء المؤمنين حال الغيبة والتمكن من الاجتماع والخطبتين صلاة الجمعة أطبق علماؤنا على عدم الوجوب لانتفاء الشرط
وهو ظهور الاذن من الإمام (ع) واختلفوا في استحباب إقامة الجمعة فالمشهور ذلك لقول زرارة حثنا الصادق (ع) على صلاة الجمعة حتى
ظننت انه يريد أن يأتيه فقلت نفدوا عليك فقال لا إنما عنيت عندكم وقال الباقر (ع) لعبد الملك مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله قلت كيف
اصنع قال صلوا جماعة يعنى صلاة الجمعة وقال الفضل بن عبد الملك سمعت الصادق (ع) يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان
لهم من يخطب جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وقال سلار وابن إدريس لا يجوز لأصالة الأربع فلا يسقط إلا بدليل والأخبار السابقة
متأولة لان قول الصادق (ع) لزرارة وقول الباقر (ع) لعبد الملك إذن لهما فيها فيكون الشرط قد حصل وقول الصادق (ع) فإن كان من لهم
يخطب محمول على الامام أو نايبه ولان شرطا الوجوب الامام أو نايبه إجماعا فكذا هو شرط في الجواز مسألة يجوز أن يكون الامام مسافرا وبه قال أبو حنيفة
ومالك والشافعي لأنه رجل يصح منه الجمعة فجاز أن يكون إماما كالحاضر وقال أحمد بن حنبل لا يجوز لأنه ليس من أهل فرض الجمعة فلا يجوز أن يكون إماما
كالمرأة والفرق ظاهر فان المرأة لا تصح ان يكون إماما للرجل في حال من الأحوال والمسافر لو نوى الإقامة صح أن يكون إماما اجماعا مسألة لو
أحدث الامام في صلاة الجمعة أو غيرها أو خرج بسبب آخر جاز أن يستخلف غيره ليتم بهم الصلاة عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والثوري والشافعي في
الجديد واحمد وإسحاق وأبو ثور لان أبا بكر كان يصلى بالناس في مرض النبي صلى الله عليه وآله فسأل النبي صلى الله عليه وآله من يصلى بالناس فقيل أبو بكر فخرج يتهادى بين اثنين
فدخل المسجد وأبو بكر يصلى بالناس فمنعه من إتمام الإمامة بهم وتقدم فصلى بهم وتأخر أبو بكر فصارت الصلاة بإمامين على التعاقب ومن طريق الخاصة
قول علي (ع) من وجد اذى في بطنه فليأخذ بيد رجل فليقدمه يعنى إذا كان إماما ولان صلاة المأموم لا تبطل ببطلان صلاة الامام فإذا قدم من يصلح
للامامة كان كما لو أتمها ولا ينفك المأموم من الجماعة والعمل بالفضيلة فيها وقال الشافعي في القديم لا يجوز الاستخلاف لما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله انه
صلى بأصحابه فلما أحرم بالصلاة ذكر انه جنب فقال لأصحابه كما أنتم ومضى ورجع ورأسه يقطر ماء ولم يستخلف فلو كان سايغا لفعله
145

وهذا عندنا ممتنع لما بينا غير مرة من استحالة السهو على النبي صلى الله عليه وآله وللشافعي قول آخر بجوازه في غير الجمعة لا فيها فروع - آ - لا فرق في جواز الاستخلاف بين
ما إذا أحدث الامام بعد الخطبتين قبل التحريم وبعدها فإذا استخلف صلى بهم من غير خطبة لخروج العهدة عنها بفعلها أولا وقال الشافعي على تقدير جوازه
يجوز على تقدير عدمه لا يجوز ان يصلى غيره بهم الجمعة لان الخطبتين تقوم مقام ركعتين فيخطب بهم غيره ويصلى فإن لم يتسع الوقت صلى بهم الظهر أربعا
- ب - لو أحدث بعد التحريم استخلف عندنا وأتموها جمعة قطعا وبه قال الشافعي على تقدير الجواز وعلى تقدير العدم لا يجوز فيصلى المأمومين فرادى ركعتين و
إن كان أقل من ركعة صلوا ظهرا أربعا - ج - يجب ان يستخلف من هو بشرايط الإمامة فلو استخلف امرأة لامامة الرجال فهو لغو فلا تبطل صلاتهم إذا لم يقتدوا
بها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ولا تبطل بالاستخلاف صلاتهم وصلاتها - د - لا يشترط في المستخلف كونه قد سمع الخطبة أو أحرم مع الامام سواء أحدث الامام في الركعة الأولى
أو الثانية قبل الركوع للأصل ولقول معاوية بن عمار سألت الصادق (ع) عن رجل يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فينفتل الامام فيأخذ
بيده ويكون أدنى القوم إليه فيقدمه فقال يتم القوم الصلاة ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد أومى بيده إليهم عن اليمين وعن الشمال وكان للذي أومى إليهم بيده
التسليم وانقضاء صلاتهم وأتم هو ما كان فاته ان بقى عليه وقال الشافعي ان استخلف بعد الخطبة قبل ان يحرم بالصلاة جاز ان يستخلف من حضرها وسمعها
لأنه ثبت له حكمها بسماعه إياها ولهذا لو بدر أربعون ممن سمع الخطبة فعقدوها صحت ولو صلى أربعون ممن لم يسمعها لم تنعقد بهم ولا يجوز ان يستخلف من لا
يسمعها وان أحدث بعد التحريم فإن كان في الركعة الأولى جاز ان يستخلف من أحرم معه قبل حدثه سواء كان دخل معه قبل الركوع أو بعده وان لم يكن سمع الخطبة
لأنه بدخوله معه في الصلاة ثبت له حكمها ولا يجوز أن يستخلف معه من لم يدخل معه لأنه يكون مبتديا للجمعة ولا يجوز عقد جمعة بعد جمعة بخلاف المسبوق
لأنه متبع لا مبتدى وان أحدث في الثانية جاز أن يستخلف من دخل معه قبل الركوع أو فيه ويتمون معه الجمعة وهل يتم هو الجمعة والظهر قال أكثر أصحابه بالأول
وهو جيد عندنا لأنه أدرك الجمعة بادراكه راكعا وان استخلف من دخل معه بعد الركوع قال أكثر أصحابه لا يجوز لان فرضه الظهر فلا يجوز ان يكون إماما في
الجمعة وقال بعضهم يجوز كالمسبوق والمسافر يأتم بالمقيم وعندي في ذلك تردد وكذا التردد لو استناب من يبتدئ بالظهر - ه‍ - لو أحدث في الأولى فاستخلف
من قد أحرم معه صح ثم صلى المستخلف لهم الثانية فلما قام أحدث واستخلف من أدرك الركعة الثانية صلى المستخلف الثاني ركعة وأشار إليهم ان يسلم بهم أحدهم
وقام هو فأتمها جمعة لأنه أدرك ركعة من جمعة صحيحه وقال الشافعي يتمها ظهرا لان للمأمومين اتباعه فلا يمكن بناء حكمه على حكمهم ولا يمكن ان يبنى حكمه على ما حكم الامام الأول لأنه ما تمت الجمعة
فلا وجه لاتيان حكم الجمعة في حقه وهو ممنوع ثم قال لو جاء مسبوق آخر واقتدى بهذا المسبوق وقلنا إن المحسوب له ركعة من الظهر فيحسب للمقتدى به ركعة من الجمعة
لأنه في حق المأمومين ينزل منزلة الإمامة - و - لو لم يستنب الامام أو مات أو أغمي عليه فإن كان بعد ركعة
استناب المأمومون وقدموا من يأتم بهم الصلاة وللواحد
منهم ان يتقدم بل هو أولي لان الامام قد خرج والمأمومون في الصلاة وبه قال الشافعي وفيه إشكال ينشأ من اشتراط الامام أو إذنه عندنا ومن كونها جمعة
انعقدت صحيحة فيجب إكمالها والاذن شرط في الابتداء لا في الاكمال فان قلنا بالأول احتمل ان يتموها جمعة وفرادى كما لو ماتوا الا واحدا وان يتموها ظهرا لعدم
الشرط وهو الجماعة مع التعدد وإن كان في الأولى قبل الركوع احتمل إتمامها ظهرا إذا لم يدرك أحد منهم ركعة فلم يدركوا الصلاة وجمعة لانعقادها صحيحة
فتكمل كما لو بقى الامام وكلا الوجهين للشافعي - ز - لا فرق في جواز الاستخلاف بين ان يحدث الامام عمدا أو سهوا وبه قال الشافعي لما بيناه من أن بطلان
صلاة الامام لا يقتضى بطلان صلاة المأموم وقال أبو حنيفة ان تعمد بطلت صلاتهم كلهم - ح - الأقرب وجوب اتحاد الامام والخطيب إلا لعذر كالحدث
وشبهه لان العادة قاضية بأن المتولي لهما واحد من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى الآن ويحتمل عدمه لجواز تعدد الأئمة في صلب الصلاة في
الحدث فجاز في غيره - ط - لو استناب لم يجب على المأمومين استيناف نية القدوة لأنه خليفة الأول والغرض من الاستخلاف تنزيل الخليفة منزلة
الأول وإدامة الجماعة وهو أحد وجهي الشافعية وفيه اشكال ينشأ من وجوب تعين الامام فيجب استيناف نية القدوة وفى الاخر يشترط لانهم انفردوا بخروج
الامام من الصلاة وكذا لو لم يستنب الامام وقدم المأمومون إماما - ى - لو مات الامام فاستناب المأمومون لم تبطل صلاة المتلبس وأتم جمعة إما غيره فيصلى
الظهر ويحتمل الدخول معهم لأنها جمعة مشروعة البحث الثالث العدد مسألة العدد شرط باجماع العلماء كافة لان تسميتها
جمعة من الاجتماع المستلزم للتكثير ولان الامام شرط ولا يتحقق مسماه إلا بالمأموم واختلفوا في أقل عدد تجب معه الجمعة فقال
بعض علمائنا أقله خمسة نفر الامام أحدهم لان الخطاب متوجه بصيغة الجمع وأقل عدد يحتمله حقيقة الثلاثة وإنما أوجب عند النداء الحاصل من
الغير فيثبت رابع وانما يجب السعي عند النداء مع حصول الشرايط التي من جملتها الامام فيجب الخامس ولأنها إنما تجب على القسمين والاستيطان مع الاجتماع
مظنة التنازع فلا بد من حاكم يفصل بين المنازعين فوجب الثلاث ثم لما كانت الحوادث والعوايق تعتور الانسان وجب ان يكون للحاكم نايب يقوم مقامه
لو عرض له حادث يمنعه عن فصل المتنازعين فوجب الرابع ثم لما كان الاجتماع مظنة التنازع المفضى إلى الافتراء احتيج إلى من يستوفى الحدود بإذن الحاكم مباشرة
فوجب الخامس فثبت ان الأمور الضرورية لا بد فيها من حصول خمسة نفر ولقول الباقر (ع) لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الامام
وأربع وقال الصادق (ع) يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد وإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة وقال الشيخ سبعة نفر أحدهم الامام لافتقار الاستيطان إلى متنازعين
وشاهدين وحاكم ونائبه ومستوفى الحدود ولقول الباقر (ع) تجب الجمعة على سبعة ولا تجب على أقل منهم وحمل ما تقدم من الروايتين على استحبابها للخمس ولا
ضرورة إلى الشاهدين والرواية ليست خاصة على المطلوب لان أقل من السبعة قد يكون أقل من الخمسة فيحمل عليه جمعا بين الأدلة ولان روايتنا أكثر رواة
وأقرب إلى مطابقة القرآن ولان الخيار مع الخمسة يستلزم الوجوب لقوله تعالى فاسعوا وقال الشافعي لا تنعقد بأقل من أربعين رجلا على الشرائط الآتية وهل
الامام أحدهم وجهان وبه قال عمر بن عبد العزيز ومالك واحمد لقول جابر بن عبد الله مضت السنة ان في كل أربعين فما فوقها جمعة وقال الصحابي مضت السنة كقوله
قال النبي صلى الله عليه وآله وتعليق الحكم على العدد ولا يقتضى نفيه عما هو أقل أو أكثر ونمنع مساواته مضت السنة لقوله قال النبي صلى الله عليه وآله وقال احمد في رواية لا تنعقد إلا بخمسين لقوله
(ع) تجب الجمعة على خمسين رجلا ودلالة المفهوم ضعيفة وقال أبو حنيفة والثوري ومحمد تنعقد بأربعة أحدهم الامام لان الأربعة عدد يزيد
على أقل الجمع المطلق فجاز عقد الجمعة به كالأربعين ونمنع العلية وقال الأوزاعي وأبو يوسف تنعقد بثلاثة لعموم الامر وقد بينا خصوصه وقال ربيعة
146

تنعقد باثني عشر رجلا لان النبي صلى الله عليه وآله كتب إلى مصعب بن عمير قبل الهجرة وكان مصعب بالمدينة فأمره ان يصلى الجمعة بعد الزوال ركعتين وان يخطب
قبلها فجمع مصعب في بيت سعد بن خثيمة باثني عشر رجلا وهو حجة على الشافعي لا علينا وقال الحسن بن صالح بن حي تنعقد بإثنين لان كل عدد انعقدت به الجماعة انعقدت به الجمعة كالأربعين
وهو غلط لان الامر بصيغة الجمع فلا يتناول الاثنان مسألة يشترط في العدد أمور الأول ان يكونوا ذكورا اجماعا فلا تنعقد بالنساء ولا بالرجل إذا
تكمل العدد بامرأة ولا خنثى مشكل وتنعقد بالخنثى الملحق بالرجال الثاني يشترط ان يكونوا مكلفين فلا تنعقد بالصبى وإن كان مميزا ولا بالمجنون وإن كان
يعتوره إلا أن يكون حال الإقامة مضيقا الثالث هل يشترط الحرية للشيخ قولان الاشتراط فلا تنعقد بالعبد قنا أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد وهو
قول الشافعي واحمد لان الجمعة انما تصح منه تبعا لغيره فلو انعقدت به صار التبع متبوعا ولأنه لو انعقدت به لانعقدت بجماعتهم منفردين كالأحرار والثاني عدمه وبه قال
أبو حنيفة لأنه رجل تصح منه الجمعة فانعقدت به كالحر الرابع وهل يشترط الحضر قولان للشيخ الاشتراط وبه قال الشافعي فلا تنعقد بالمسافر لما تقدم في
العبد وعدمه وبه قال أبو حنيفة لما تقدم الخامس لا يشترط الصحة ولا زوال الموانع من المطر والخوف فلو حضر المريض أو المحبوس بعذر المطر أو الخوف وجبت عليهم
وانعقدت به اجماعا إلا في قول بعيد للشافعي انها لا تنعقد بالمريض كالمسافر لان سقوطها عنهم لمشقة السعي فإذا تكلفوه زالت المشقة فزال مانع الوجوب و
الانعقاد به فيثبتان السادس لا يشترط مغايرة الامام للعدد وقد تقدم وللشافعي قولان السابع يشترط الاسلام لعدم انعقادها بالكافر اجماعا ولا يشترط العدالة
فتنعقد بالفاسق إجماعا الثامن يشترط عدم العلم بحدث أحدهم ولو أحدث أحدهم مع العلم به والعدد يتم به لم تنعقد به ما لم يتطهر ولو لم يعلم صحت الجمعة
للمتطهرين وكذا لو ظهر حدث أحدهم وكان جاهلا به كما لو وجد به بعد الجمعة جنابة على ثوبه المختص به فان الجمعة قد صحت بغيره ويقضى هو الظهر مسألة قال الشيخ
أقسام الناس في الجمعة خمسة من تجب عليه وتنعقد به وهو الذكر الحر البالغ العاقل الصحيح السليم من العمى والعرج والشيخوخة التي لا حراك معها الحاضر أو من هو بحكمه
ومن لا تجب عليه ولا تنعقد به وهو الصبى والمجنون والعبد والمسافر والمرأة لكن يجوز لهم فعلها إلا المجنون ومن تنعقد به ولا تجب عليه وهو المريض والأعمى والأعرج ومن
كان على رأس أكثر من فرسخين ومن تجب عليه ولا تنعقد به وهو الكافر لأنه مخاطب بالفروع عندنا مسألة لا يشترط بقاء العدد مدة الصلاة فلو انعقدت
بهم ثم انفضوا أو ماتوا الا الامام بعد الاحرام لم تبطل الجمعة بل يتمها جمعة ركعتين وحكى المزني عن الشافعي خمسة أقوال أحدها هذا وبه قال أبو يوسف ومحمد
لأنها انعقدت فوجب الاتمام لتحقق شرط الوجوب واشتراط الاستدامة ينتفى بالأصل ولا يلزم من اشتراط الابتداء بشئ اشتراط استدامته به كعدم الماء في حق المتيمم
ثانيها وهو الأصح عندهم ان العدد شرط في الاستدامة كما في الابتداء فلو نقص واحد قبل التسليم بطلت جمعة ويتمها ظهرا وبه قال احمد لأنه شرط في الجمعة يختص
بها يعتبر في ابتدائها فيعتبر استدامتها كالوقت والأصل ممنوع على ما تقدم ثالثها ان بقى معه اثنان أتمها جمعة لأنه بقى عدد تنعقد به الجماعة واختلف في انعقاد الجمعة به فلم يبطلها بعد
انعقادها رابعها إن بقى معه واحد أتمها جمعة لذلك أيضا خامسها إن انفضوا بعد ما صلوا ركعة بسجدتيها أتمها جمعة واختاره المزني وهو قول مالك لقوله (ع)
من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى ولا بأس بهذا القول عندي وقال أبو حنيفة ان انفضوا بعد ما اصلى ركعة بسجدة واحدة أتمها جمعة والا فلا لأنه أدرك
معظم الركعة من الجمعة فاحتسبت له الجمعة كالمسبوق يدرك الركوع وينتقض بمن أدرك القيام والقراءة والركوع فإنه يدرك معظمها ولا يتمها جمعة فروع - آ -
لا اعتبار بانفضاض الزايد على العدد مع بقاء العدد إجماعا - ب - لو انعقدت بالعدد فحضر مساو به وادركوا ركوع الثانية ثم انفض الأولون صحت الجمعة
وان فاتهم أول الصلاة لأن العقد والعدد موجود فكان له الاتمام - ج - الأقرب ان الامام كغيره - د - لو انفضوا قبل الاتيان بأركان الخطبة وسكت ثم عادوا
أتم الخبطة سواء طال الفصل أو لا لحصول مسمى الخطبة وليس لها حرمة الصلاة ولأنه لا يؤمن الانفضاض بعد اعادتها وهو قول ابن أبي
إسحاق ونمنع اشتراط الموالاة
وقال الشافعي إن طال استأنف الخطبة والا فلا وعنه انه مع طول الفصل يصلى أربعا إن لم يعد الخطبة لبطلانها ولا يأمن الانفضاض في الإعادة والصلاة فيصلى
ظهرا - ه‍ - لو انفضوا بعد الخطبة وهناك غيرهم فالوجه إعادة الخطبة ويصلى جمعة وهو أحد قولي الشافعي لأنه يتمكن من الجمعة بشرايطها وله قوله إنه يصلى ظهرا
- و - لو اشترطنا الركعة فانفضوا قبل إكمالها احتمل العدول إلى الظهر لأنها صلاة انعقدت صحيحة فيجوز العدول كذاكر الفايتة والذي قد زوحم والاستيناف
لبطلان ما عقدها له - ز - لو انفض العدد قبل التلبس ولو بعد الخطبتين سقطت إن لم يعودوا في الوقت ولو انفضوا في أثناء الخطبة أعادها بعد عودتهم
ان لم يستمعوا الواجب منها أولا وان سمعوا الواجب أجزأ البحث الرابع الجماعة مسألة الجماعة شرط في الجمعة فلا تصح فرادى وعليه إجماع العلماء
كافة لان النبي صلى الله عليه وآله صلاها كذلك وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ولان تسميتها جمعة من الاجتماع فلا تتحقق من دونه ولما رواه زرارة قال فرض الله
من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة وهي شرط في الابتداء لا في الاستدامة فلو ابتداء منفردة ثم أيتم به في الأثناء
لم تنعقد ولو ابتدأ إماما ثم انفض العدد بعد التحريم لم تبطل على ما تقدم مسألة إذا انعقدت الجمعة ودخل المسبوق لحق الركعة إن كان الامام راكعا ويدرك الجمعة
لو أدركه راكعا في الثانية ثم يتم بعد فراغ الامام وبه قال الشافعي والثوري واحمد وإسحاق وأبو ثور وزفر ومحمد وهو مروى عن ابن مسعود وابن عمر وأنس ومن التابعين سعيد بن
المسيب والحسن والشعبي والنخعي والزهري لقوله (ع) من أدرك من الجمعة ركعة فليقف إليها أخرى ومن أدرك دونها صلاها أربعا ومن طريق الخاصة رواية الفضل بن عبد
الملك عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة وان فاتته فليصل أربعا وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والحكم وحماد أي قد أدرك من صلاة الامام أدرك به الجمعة
ولو سجد السهو بعد التسليم لان سجود السهو يعيده إلى حكم الصلاة لقوله (ع) ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا ولان من لزمه ان يبنى على صلاة الامام إذا أدرك
منها ركعة لزمه وإن أدرك دون ذلك كالمسافر إذا أدرك المقيم وللرواية نقول بموجبها ونمنع الادراك بعد فوات الركوع والفرق مع المسافر ظاهر فإن ادراكه
ادراك ايجاب والتزام لتمام العدد وهنا ادراكه يسقط به فرض العدد فاختلفا فروع - آ - لا يشترط ادراك الخطبة لان ادراك الأولى ليس بشرط فالخطبة أولي و
لقول الصادق (ع) فيمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة فقال يصلى ركعتين فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا وهو قول جمهور العلماء وقال عطاء وطاوس
ومجاهد ومكحول يدرك الجمعة بادراك الخطبتين فمن فاتته الخطبتان فاتته الجمعة وان أدرك الصلاة - ب - المشهور انه يدرك الركعة بادراك الامام راكعا وان لم يدرك تكبيرة
مع الامام في جزء منه وبه قال الشافعي لقول الصادق (ع) إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت وركعت قبل ان يرفع رأسه فقد أدركت
الركعة وإن رفع الامام رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك وقال الشيخ ان أدرك تكبيرة الركوع أدرك الركعة وإلا فلا لقول الباقر (ع) لمحمد بن مسلم ان لم تدرك القوم
147

قبل ان يكبر الامام فلا تدخل معهم في تلك الركعة وهو محمول على ما إذا خاف فوت الركوع إذ الغالب ان من لم يدرك تكبيرة الركوع إذا دخل المسجد فاتته الركعة
لافتقاره إلى قطع المسافة بينه وبين القوم والنية وتكبيرة الاحرام وتكبير الركوع ليس واجبا فلا يفوت الاقتداء بفواته وقول الشيخ ليس بعيدا من الصواب
لفوات واجب الركوع فيكون الباقي مستحبا فلا تحصيل الركعة بالمتابعة فيه لفوات الركوع الواجب - ج - لو ذكر ترك سجدة ناسيا ولم يعلم أهي من التي ادركها مع
الامام أو الثانية فإنه يقضى السجدة ويسجد سجدتي السهو إن كان بعد التسليم وإن كان قبله فالأقرب فعلها قبل التسليم وإعادة التشهد لأنه شاك في الأولى
بعد فواتها فلا يلتفت ولأنه مأموم فلا عبرة بشكه فتعين الأخرى وتحتمل المساواة للأولى فيسلم ثم يقضى السجدة ويسجد سجدتي السهو وعلى كلا التقديرين
يدرك الجمعة وقال الشافعي يأخذ بأسوء الحالين وهو نسيانها من الأولى فيتم الثانية ويحصل له من الركعتين ركعة فلا يدرك الجمعة لاحتمال أن تكون من الأولى
فلم يدرك مع الامام ركعة كاملة فيتمها ظهرا وقد سبق البحث فيه - د - ولو كبر للاحرام والامام راكع ثم رفع الامام قبل ركوعه أو بعده قبل الذكر فقد فاتته تلك
الركعة ولو شك هل كان الامام راكعا أو رافعا رجحنا الاحتياط على الاستصحاب ه‍ لو أدرك مع الامام ركعة فلما جلس مع الامام ذكر انه ترك فيها سجدة فإنه
يسجد وقد أدرك الركعة عندنا وهو أصح وجهي الشافعي لأنه أتى بالركعة مع الامام إلا أنه أتى بالسجدة في حكم متابعته فلم يمنع ذلك من ادراكها وكذا لو ذكرها بعد
تسليم الامام عندنا وقال الشافعي يتمها ظهرا والأصل في ذلك ان فوات السجدة مع الامام هل يقتضى فوات الركعة معه أم لا ولو قام الامام مع (إلى) الثالثة سهوا
فأدركه في الثالثة فصلاها معه لم يكن مدركا الجمعة إجماعا لأنها ليست من صلاة الجمعة بل خطأ ولو ذكر الامام سجدة لا يعلم موضعها فكذلك عندنا وقال
الشافعي تمت صلاته لأنها إن كانت من الأولى فقد تمت بالثانية وكانت الثالثة ثانية وإن تركها من الثانية تمت بالثالثة ولا تتم جمعة المأموم بجواز أن يكون من
الثانية فتتم بالثالثة من أصل الجمعة لان المحسوب منها للامام سجدة واحدة ويجئ قول الشافعي على من يختار من علمائنا التلفيق لو كان الترك
لسجدتين من ركعة ولو ذكر الامام انها من الأدلة أدرك المأموم الجمعة لان الأولى تمت بالثانية وكانت الثالثة ثانية وقد ادركها المأموم ز لو ترك الامام
سجدة من الأولى سهوا وقام إلى الثانية فاقتدى به وصلى معه ركعة فان جلس الامام للتشهد وسلم صحت صلاته وصلاة المأموم ويسجد الامام المنسية
ويسجد لها سجدتي السهو وقال الشافعي تبطل صلاة الامام لتركه ركعة فإنه لا يحتسب له من الركعة الا سجدة ويحتسب للمسبوق ركعة من الظهر ولا يجعل
بها مدركا للجمعة لان المحسوب للامام منها سجدة فان قام الامام إلى الثالثة سهوا قبل جلوسه فهي ثانية لان المحسوب له من الركعتين ركعة فقد أدرك
مع الامام من الجمعة وقد صلى قبل ذلك ركعة صحيحة فيتم له بهما صلاة الجمعة وهذه المسألة عكس مسائل الجمعة لأنه رتب الجمعة على ركعة وقعت
محسوبة من الظهر وجعلها من الجمعة والظهر ابدا تبنى على الجمعة إذا عرض ما يمنع تمامها وقد بينا مذهبنا فيما تقدم مسألة لو كان الامام متنفلا
بان يكون مسافرا قد صلى الظهر أولا فالوجه انه لا جمعة إن تم العدد به إذ ليس من أهل التكليف بالجمعة فلا يتعلق وجوب غيره به وان تم بغيره ففي جواز
الاقتداء به وجهان لنقص صلاته وجواز اقتداء المفترض بالمتنفل وكلاهما للشافعي ولو بان محدثا أوجبنا صحة جمعة المأمومين سواء تم العدد
به أو لا وقال الشافعي ان تم به فلا جمعة وان تم دونه فقولان أصحهما عنده ما قلناه كساير الصلوات والثاني انه لا جمعة لان الجماعة شرط فيها والجماعة
تقوم بالامام مسألة إذا ركع المأموم مع الامام في الأولى ثم زوحم عن السجود لم يجز له السجود على ظهر غيره أو رأسه أو رجليه عند علمائنا أجمع وبه قال
مالك وعطا والزهري بل ينتظر حتى يقدر على السجود على الأرض لقوله (ع) ومكن جبهتك من الأرض وقال مجاهد وأبو حنيفة والشافعي
والثوري واحمد وإسحاق وأبو ثور يسجد على ظهر غيره أو رأسه أو رجليه ويجزيه ذلك ان تمكن وإلا صبر لان عمر بن الخطاب قال إذا إشتد الزحام فليسجد
أحدكم على ظهر أخيه ولكن أكثر ما فيه انه سجد على نشز من الأرض وفعل عمر ليس حجة والسجود إنما يصح على الأرض أو ما أنبتته ولما فيه من ترك حرمة
المسلم وقال الحسن البصري هو مخير بين ان يسجد وبين أن ينتظر زوال الزحمة فبسجوده يخل بكمال السجود ويتابع الامام وبتأخيره يأتي بكمال السجود ويخل
بالمتابعة فاستوت الحالان وينتقض بصلاة المريض حيث لا يؤمر بالتأخير للتكميل مسألة إذا رفع الامام رأسه من السجود وزال الزحام قبل
ان يركع الامام في الثانية فان المأموم يشتغل بقضاء السجدتين وإن كان الامام قائما للحاجة والضرورة ولان مثله وقع في صلاة عسفان حيث صلى النبي
(ع) وكان العدو تجاه القبلة فسجد وبقى صف لم يسجد معه فلما قام إلى الثانية سجد والمشترك الحاجة وليس له ان يركع مع الامام قبل قضاء السجدتين
لئلا يزيد ركنا إذا عرفت هذا فإنه يستحب للامام تطويل القراءة ليلتحق به فان فرغ والامام قائم ركع معه وإن كان الامام راكعا انتصب ثم لحقه
في الركوع ولا يجوز له المتابعة في الركوع قبل الانتصاب لما فيه من الاخلال بواجب ولا يشتغل بالقرائة عندنا لسقوطها
عن المأموم وللشافعي وجهان هذا أصحهما لان القراءة سقطت عنه حيث لم يدركها مع الامام لان فرضه الاشتغال بقضاء السجود ولم يتابعه في.
محلها فهو كالمسبوق والاخر يقضى القراءة لأنه أدرك محلها مع الامام بخلاف المسبوق والأول ممنوعة وعلى الأول يلحق الجمعة وعلى الثاني يقرأ ما لم يخف
فوت الركوع فان خاف فهل يتم أو يركع قولان وان زال الزحام والامام قد رفع رأسه من ركوع الثانية ولا فرق حينئذ بين أن يكون الامام قائما أو ساجدا
فإنه يتبعه ويسجد السجدتين وينوى بهما الأولى فتحصل له ركعة ملفقة ولا يشتغل بقضاء ما عليه ويدرك بها الجمعة وبه قال الشافعي في أصح الوجهين
لقول الصادق (ع) وقد سأله حفص بن غياث عن رجل أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس فدخل مع الامام وركع ولم يقدر على السجود ثم قام وركع الامام ولم يقدر
على الركوع في الثانية وقدر على السجود كيف يصنع قال الصادق (ع) إما الركعة الأولى فهي إلى الركوع تامة فلما سجد في الثانية فان نوى الركعة الأولى فقد
تمت الأولى فإذا سلم الامام قام فصلى ركعة يسجد فيها ثم يتشهد ويسلم وان لم ينو تلك السجدة للركعة الأولى لم يجز عنه الأولى وعليه ان يسجد سجدتين وينوى
انهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة تامة وقال أبو حنيفة لا يتبعه ويشتغل بقضاء ما عليه بناء على أن المأموم لا يخالف الامام في صفة الفعل فما
كان أول صلاة الامام كان أول صلاة المأموم وما كان اخر صلاة الامام كان اخر صلاة المأموم وسيأتى إذا عرفت هذا فقد بينا انه يلحق الجمعة لأنه أدرك ركعة منها وللشافعي وجهان
أصحهما هذا لقوله (ع) من أدرك ركعة من الجمعة فليضف إليها أخرى والثاني لا يلحقها لان ادراكها بركعة تامة وهذه ملفقة وليس بجيد فان المسبوق
يدرك الثانية للامام وهي أولي له فاحتساب بعض الثانية عن الأولى أولى إذا عرفت هذا فإنه لابد وان ينوى بهاتين السجدتين انهما للأولى
148

ولا يكفيه استصحاب النية كما هو ظاهر قول ابن إدريس لان صلاته تابعة لصلاة الامام وقد نوى الامام بهاتين انهما للثانية فلابد وان ينفرد بنية أخرى انهما
للأولى لئلا يلحقه حكم الامام ولو نوى بهما بطلت صلاته قاله الشيخ في النهاية لان الأولى لم تكمل وقد شرع في الثانية بسجدتين قبل قراءة وركوع والزيادة والنقصان
للاركان مبطلان وقال في المبسوط يحذفهما ويأتي بسجدتين اخريين ينوى بهما الأولى ويكمل له ركعة ويتمها بأخرى لحديث حفص بن غياث وهو ضعيف وان زال الزحام و
الامام راكع في الثانية فإن المأموم يشتغل بالقضاء ثم إن لحقه في الركوع انتصب وركع معه وان لم يلحقه إلا بعد رفعه منه فقد فاتته تلك الركعة فيأتي بأخرى بعد
فراغ الامام ولا يتابعه في السجدتين لئلا يزيد ركنا وللشافعي قولان في الاشتغال بالقضاء لو أدركه راكعا أحدهما
القضاء ولا يتابعه وبه قال أبو حنيفة لأنه قد شارك الامام في
الركوع الأول فيشتغل بعده بالسجود كما لو زال الزحام والامام قايم والثاني المتابعة وبه قال مالك لقوله صلى الله عليه وآله إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وهذا امام راكع
ليس بجيد لما فيه من الزيادة المبطلة وتمام الحديث فإذا سجد فاسجدوا وكما أمر بالركوع أمر بالسجود والامام قد سجد قبل الركوع للأولى فيتابعه المأموم في ذلك
وللشافعي قولان على تقدير وجوب المتابعة في الركوع لو تابعه احتساب الركوع الثاني لأنه أدرك إمامة فيه فهو كالمسبوق فيدرك الجمعة لادراك ركعة تامة والأول
لصحته ولا تبطل بترك ما بعده كما لو نسى سجدة من الأولى فإنها تتم بالثانية عنده ففي ادراك الجمعة من حيث إنها ملفقة وجهان ولو لم يتابعه واشتغل
بالسجود على تقدير وجوب المتابعة فان اعتقد ان فرضه السجود لم تبطل صلاته بالسجود لأنه بمنزلة الناسي ولم يعتد به لأنه أتى به في غير موضعه ثم إن فرغ والامام
راكع تبعه كما لو تبعه في الركوع ابتداء وان فرغ والامام رافع أو ساجد فإنه يتبعه ويعتد بما فعله من السجود ويحصل له ركعة ملفقة وفى ادراك الجمعة حينئذ
وجهان وان فرغ من سجوده والامام جالس في التشهد تبعه فإذا سلم قضى السجود ولا يكون مدركا لركعة مع الامام وانما أدرك القيام والقراءة والركوع وهل يبنى
الظهر على ذلك أو يبتدئها قولان وان اعتقد ان فرضه الاتباع فخالف عامدا فإن لم ينو مفارقة الامام بطلت صلاته لأنه زاد عمدا عملا كثيرا ثم إن
كان الامام في الركوع أحرم بالصلاة وتبعه ويدرك الركعة ويدرك بها الجمعة وان وجده رافعا من الركوع أحرم وتبعه وبنى على ذلك الظهر وجها واحدا
لأنه أحرم بعد فوات الجمعة وان نوى مفارقة الامام فان قلنا المفارقة لغير عذر مبطلة فكما تقدم فإن لم يبطل فما أدرك ركعة بل بعضها وهل يستأنف ان قلنا
في غير المعذور ببطلان صلاته لو صلى الظهر قبل فوات الجمعة استأنف والا أتم ظهرا وعلى تقدير وجوب الاشتغال بالقضاء فان اشتغل تمت
له الأولى مع الامام ثم إن كان الامام راكعا تبعه وحصلت له الجمعة كاملة وان أدركه ساجدا أو جالسا فهل يتبعه أو يشتغل بقضاء ما فاته من القراءة و
الركوع من أصحابه من قال يشتغل بالقضاء لان بهذا القول ألزمناه الاشتغال بالقضاء ومنهم من قال يتبع الامام لأن هذه الركعة لم يدرك منها شيئا بخلاف
الأولى فإنه أدرك أكثرها والأخير عندهم أصح فقد أدرك ركعة بعضها فعله مع الامام وبعضها فعله في حكم إمامته وهو السجود ففي ادراك الجمعة بذلك وجهان
وعلى تقدير عدم الادراك ففي البناء للظهر على ذلك أو الاستيناف قولان فان فرغ من السجود بعد تسليم الامام لم يدرك ركعة مع الامام لان المفعول بعد التسليم لا
يكون في حكم صلاة فلا يكون مدركا للجمعة وجها واحدا وهل يبنى عليها الظهر أو يستأنف قولان وان خالف واتبع الامام في الركوع على تقدير وجوب الاشتغال أبا
لقضاء فان اعتقد ان فرضه المتابعة لم تبطل صلاته لأنه كالناسي ولم يعتد بالركوع لأنه أتى به في غير موضعه فإذا سجد تمت الأولى وكانت ملفقة وان اعتقد ان
فرضه القضاء بطلت صلاته فيبتدئ الاحرام مع الامام إن كان راكعا ويدرك ركعة تامة يدرك بها الجمعة وان أدركه رافعا من الركوع أحرم معه وكانت ظهرا
وقد بينا مذهبنا في ذلك فروع - آ - لو زوحم عن سجود الأولى فقضاه قبل ركوع الامام في الثانية ثم ركع مع الامام فزوحم عن السجود فقضاه بعد جلوس الامام للتشهد تبع
الامام في التشهد وتمت جمعته خلافا لبعض الشافعية لأنه أدرك جميع الصلاة بعضها فعلا وبعضها حكما فثبت له حكم الجماعة - ب - لو أدرك الامام راكعا في الثانية فأحرم
وركع معه ثم زوحم عن السجدتين ثم قضاه حال تشهد الامام فالأقرب ادراك الجمعة وللشافعية وجهان فيتابع الامام في التشهد ويسلم ولو لم يزل الزحام حتى سلم الامام
فاتت الجمعة - ج - لو أحرم مع الامام فزوحم عن الركوع فزال الزحام والامام راكع في الثانية فإنه يركع معه وتحصل له ركعة ويكون مدركا للجمعة لأنه لو أدرك
الركوع في الثانية كان مدركا للجمعة فما زاد على ذلك من الركعة الأولى لا يمنعه من ادراك الجمعة وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون يحتمل أن تكون ملفقة
ففي الادراك وجهان - د - لو زوحم عن الركوع والسجود في الأولى صبر حتى يتمكن منهما ثم يلتحق وهي رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق (ع) فان لحق الامام راكعا
في الثانية تابعه وأدرك الجمعة ولو لحقه رافعا من ركوع الثانية ففي ادراك الجمعة اشكال ينشأ من أنه لم يلتحق ركوعا مع الامام ومن ادراك ركعة تامة في صلاة
الامام حكما ولو لم يتمكن من القضاء حتى ركع الامام في الثانية فزوحم عن المتابعة حتى سجد الإمام أتمها ظهرا - ه‍ - لو قضى سجدتي الأولى ثم نهض فوجد الامام
رافعا من الركوع فالأقرب جلوسه حتى يسجد الامام ويسلم ولا يتابعه فيهما ثم ينهض إلى الثانية وله العدول إلى الانفراد فيستمر على قيامه قاضيا للثانية البحث
الخامس الوحدة مسألة لا تنعقد جمعتان بينهما أقل من فرسخ سواء كانتا في مصر واحد أو مصرين فصل بينهما نهر عظيم كدجلة أو لا عند علمائنا أجمع لقول الباقر (ع)
لا يكون بين الجمعتين أقل من ثلثة أميال فلو كان بين الجماعتين من الجمعة ثلثة أميال فلا بأس ان يجمع بهؤلاء وهؤلاء ولأنها لو صحت مع التقارب لصحت في كل مسجد مع أن النبي صلى الله عليه وآله لم يجمع الا في مسجد واحد وكذا
الخلفاء بعده ولم يعطلوا المساجد بل كان اقامتها في موضعين أولي من موضع واحد ومع بعد المسافة يشق الاتيان فلابد من تقدير يرفع المشقة والقدر الذي
يمكن لا يكلفه لأكثر الناس فرسخ فكان الاعتبار به ولا اعتبار باتحاد البلد فقد يكثر عن فرسخ فتحصل المشقة بالحضور وقال الشافعي لا تقام الجمعة في المصر الواحد
إلا في موضع واحد وان تباعدت أقطاره وبه قال مالك لان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل ونحن نقول بموجبه لان المدينة لم تبلغ أقطارها فرسخا فلهذا اتحدت الجمعة
وقال أبو يوسف إذا كان للبلد جانبان ليس بينهما جسر كانا كالبلدين فجاز ان يقام في كل جانب جمعة وإلا فلا وعنه جواز ذلك في بغداد خاصة
لان الحدود تقام فيها في موضعين والجمعة حيث تقام الحدود فلو وجد بلدا تقام فيه الحدود في موضعين جاز إقامة الجمعة فيهما بمقتضى قوله وهو قول
ابن المبارك واليه ذهب أبو الطيب بن مسلم وقال محمد تقام فيه جمعتان سواء كانا جانبا واحدا أو أكثر لان عليا (ع) كان يخرج يصلي العيد في الجبانة ويستخلف أبا
مسعود البدري ويصلي بضعفة الناس وحكم الجبانة بحكم البلد والجمعة عنده كالعيد ويحمل على بعده (ع) فرسخا وليس عن أبي حنيفة فيه شئ وقال احمد إذا كبر
وعظم كبغداد والبصرة جاز أن تقام فيه الجمعتان وأكثر مع الحاجة ولا يجوز مع عدمها فان حصل الغناء باثنتين لم تجز الثالثة وكذا ما زاد دفعا للمشقة وهي مشقة يسيرة فلا يكون
عذرا وقال داود وعطا يجوز ان يصلوا الجمعة في مساجدهم كما يصلون ساير الصلوات لان عمر كتب إلى أبي
هريرة بالبحرين ان جمعوا حيث كنتم وليس حجة ويحتمل في
149

أي بلد كنتم واعتذر أصحاب الشافعي له لما دخل بغداد وفيها جامع المنصور وجامع المهدى بكبره فحصلت المشقة وهو مصير إلى قول احمد وبأنها كانت قرى متفرقة فاتصلت
العمارة أو بأنها ذات جانبين فصارت كالبلدين وهو قول أبى يوسف أو لأنها اجتهادية ولا يجوز التقليد مسألة لو صلت جمعتان بينهما أقل من فرسخ فالأقسام
خمسة - آ - ان تسبق إحديهما الأخرى وتعلم السابقة فهي الصحيحة إن كان الراتب فيها إجماعا وإن كانت في الثانية فكذلك عندنا لان السابقة انعقدت صحيحة لحصول
الشرايط وانتفاء الموانع فلم يتقدمها ما يفسدها ولا تفسد بعد صحتها بما بعدها فلا تفسد بعقد الثانية وهو أشهر قولي الشافعي والثاني ان الصحيحة التي فيها
الامام لان الحكم ببطلان جمعة الامام تتضمن افتتانا عليه وتفويتا له الجمعة ولمن يصلى معه ويفضى إلى أنه متى شاء أربعون ان يفسدوا صلاة أهل البلد أمكنهم
ذلك بان يجتمعوا في موضع ويسبقوا أهل البلد بفعلها ولا يرد علينا لان امام الأصل لا يتقدم عليه أحد غيره وإن كان نائبه اشترط فيه العدالة
فلا يتأتى فيه طلب إبطال جمعة غيره ولو كانت المسبوقة في الجامع والاخرى في مكان صغير لا يسع المصلين أو لا تمكنهم الصلاة فيه لاختصاص السلطان وجنده به أو غير ذلك
أو كان أحدهما في قصبة البلد والاخرى في أقصاه بطلت المسبوقة خاصة عند علمائنا وبه قال الشافعي لما تقدم وقال مالك واحمد المسبوقة صحيحة خاصة لانهم أهل
القصبة ولهذه المعاني مزية تقتضي التقدم فقدم بها كجمعة الامام ونمنع الأصل - ب - ان تقرنا فإنهما تبطلان معا سواء كان الامام الراتب في أحدهما أو لا وهو أحد
قولي الشافعي لامتناع صحتهما معا واختصاص إحديهما بالفساد إذ المقتضى للفساد المقارنة وهي ثابتة فيهما معا ولعدم الأولوية كما في الوليين إذا زوجا من كفوين
دفعة ثم إن كان الوقت باقيا وجب عليهم إقامة الجمعة لانهم لم يؤدوا فرضها وإلا صلوا الظهر - ج - لو لم يعلم السبق وعدمه حكم ببطلانهما معا ولهم إقامة جمعة واحدة
كالأول لتردد كل واحدة منهما بين الصحة والبطلان ولو لم يتسع الزمان أعادوا ظهرا وبه قال الشافعي واليه مال الشيخ ويحتمل إعادة الظهر وان اتسع الزمان فان الظاهر صحة إحديهما لان
الاقتران نادر جدا فيجرى مجرى المعدوم ولانا شككنا في شرط إقامة الجمعة وهو عدم سبق أخرى فلم يجز اقامتها مع الشك في شرطها وبه قال بعض الجمهور والوجه
عندي انهم يعيدون جمعة وظهرا لاحتمال الاقتران فتجب الجمعة والسبق فتجب الظهر ويتولى إمامة الجمعة من غير القبلتين أو يفترقان بفرسخ - د - علم سبق إحديهما
ولم يعلم عينها الخامس علم السابق عيانا ثم أشكل وحكمها واحد وهو وجوب الإعادة عليهما معا لحصول الشك في كل واحدة والتردد بين الصحة والبطلان ولا
تصح كل واحدة حتى يعلم أنها السابقة ويسقط بها الفرض فإذا عقدوها ولم يعلموا ان غيرها ما سبقها فقد أخلوا بالشرط وهو علم ذلك وهو قول الشافعية الا المزني
فإنه قال لا تجب عليهم الإعادة وتكونان صحيحتين لان كل واحدة منهما عقدت على الصحة فلا يفسدها الشك وهو غلط لأن الشك في الشرط شك في المشروط إذا عرفت
هذا فإنهم في الصورتين يقضون ظهرا لأنه بلد صلى فيه جمعة صحيحة فلا تتعقبها أخرى وانما أوجبنا الإعادة عليهما للجهل بالتعيين وبه قال بعض الشافعية وقال الشيخ يصلون
جمعة مع اتساع الوقت وهو قول بعض الشافعية لأنا حكمنا بوجوب الإعادة عليهما فكان المصر ما صليت فيه جمعة صحيحة وهو غلط لان السابقة صحيحة قطعا ولم
تفسد ولم يتبين لها حكم الصحة للجهل بعينها مسألة ويحصل السبق بتقدم إحديهما تكبيرة الاحرام وبه قال بعض الشافعية لأنه متى أحرم إحديهما حرم إحرام
الأخرى وقال بعضهم يعتبر بالفراغ فأيتهما سبقت بالسلام صحت دون الأخرى لأنا قبل التمام لا نعلم صحتها واتمامها وهو خطا لأدائه إلى المضي في جمعتين صحيحتين
فإنه قبل الفراغ لا يعلم السبق ويلزم انعقاد جمعة بعد جمعة وقال آخرون منهم بالشروع في الخطبة لقيامها مقام ركعتين وليس بجيد إذ الحرمة بالتحريمة تحصل تذنيب
لو صلى فأخبر انه قد سبق استأنف الظهر ولا يعتد بذلك الاحرام لأنه قد ظهر فساده وقال بعض الجمهور يتم ظهرا كالمسبوق إذا أدرك أقل من ركعة والفرق صحة
الاحرام هنا دون الأول البحث السادس الخطبتان مسألة الخطبة شرط في الجمعة وهو قول عامة العلماء لقوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله والذكر هو الخطبة ولان
النبي صلى الله عليه وآله خطب دائما ووقع فعله بيانا للواجب فكان واجبا وقال (ع) صلوا كما رأيتموني اصلى ولم يزل المسلمون يخطبون قبل الصلاة
ولو لم تكن شرطا لجاز تركها في بعض الأوقات ولقول الصادق (ع) لا جمعة إلا بخطبة وقول الباقر والصادق (ع) يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب
وقال الحسن البصري لا تجب لأنها خطبة مشروعة للصلاة فلم تكن واجبة كساير الخطب وهو خطأ لان الخطبتين هنا أقيما مقام الركعتين فلم يجز تركهما بخلاف ساير الخطب قال عمر قصرت الصلاة لأجل الخطبة وقال سعيد بن جبير جعلت الخطبة مكان الركعتين ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) إنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وخلافه منقرض وقوله متروك بالاجماع وفعل النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته (على) أولي مسألة ويشترط للجمعة خطبتان
عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله كان يخطب خطبتين ولأنهما أقيما مقام ركعتين فالاخلال باحديهما اخلال
بركعة وقال مالك والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر واحمد في رواية وأصحاب الرأي يجزيه خطبة واحدة لان النبي صلى الله عليه وآله كتب إلى مصعب بن عمران
أجمع من قبلك وذكرهم بالله وازدلف إليه بركعتين وخطب عثمان في أول جمعة فقال الحمد لله ثم ارتج عليه فقال إنكم إلى امام فعال أحوج منكم إلى امام قوال وان
أبا بكر وعمر كانا يرتادان لهذا المقام مقالا وستأتيكم الخطب من بعد واستغفر الله العظيم لي ولكم ونزل فصلى وتذكير الله يحتمل بالخطبتين كما يحتمل بالخطبة
فيبقى دليلنا سالما وفعل عثمان ليس حجة ولحصول العذر يتعذر الخطبة فلا يلزم الترخص مع زواله مسألة ويجب في كل خطبة منهما حمد الله تعالى ويتعين
الحمد لله عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله داوم على ذلك ولقول الصادق (ع) ينبغي للامام الذي يخطب الناس ان يخطب
وهو قائم يحمد الله ويثنى عليه ولحصول البراءة قطعا معه بخلاف غيره وقال أبو حنيفة لا تجب الحمد ولا ذكر معين ولا وعظ بل يجوز ان يخطب بتسبيحة واحدة أو
تهليلة أو تحميدة أو تكبيرة فلو صعد المنبر وقال سبحان الله أجزأه ونزل وصلى بالناس لقوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله ولم يفرق ولان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله
فقال له علمني عملا ادخل به الجنة فقال لئن قصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة فسمى كلامه خطبة والذكر مجمل بينه بفعله (ع) فتجب متابعته والسؤال ليس بخطبته إجماعا
فسماه مجازا وقال مالك لا يجزيه إلا ما تسميه العرب خطبة وبه قال أبو يوسف ومحمد أي كلام كان وعنه ان
هلل أو سبح أعاد ما لم يصل إذا عرفت هذا
فهل يجزيه لو قال الحمد للرحمن أو لرب العالمين إشكال ينشأ من التنصيص على لفظة الله تعالى ومن المساواة في الاختصاص به تعالى مسألة وتجب فيهما الصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله وآله عند علمائنا لقول الصادق وتصلى على محمد وآله وعلى أئمة المسلمين وأوجب الشافعي الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وآله لقوله تعالى ورفعنا لك ذكرك لا أذكر الا
وتذكر معي ولقوله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وأنكر الباقون ذلك للأصل ويجب فيهما الوصية
بتقوى الله تعالى والوعظ وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله وآله قال ألا إن الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر ألا وان الآخرة وعد صادق يحكم فيه
ملك قادر وقال الصادق (ع) ثم يوصى بتقوى الله ولم يوجب ذلك أبو حنيفة وأصحابه ويجب أن يقرأ في كل منهما سورة خفيفة من القرآن قاله الشيخ لقول الصادق
150

(ع) ثم يقرأ سورة قصيرة من القرآن ولأنهما بدل فتجب فيهما القراءة كالمبدل وللشافعي في ايجاب مطلق القراءة في كل منهما قولان الوجوب كالمبدل
وفى أيتهما كان وله ثالث عدم الوجوب وبه قال أبو حنيفة للأصل والمشهور الأول لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ فيهما القرآن وقال صفوان بن يعلى سمعت رسول الله
صلى الله عليه وآله يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك وقالت أم هاشم تلقفت سورة من فم رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خطب يوم الجمعة على المنبر إذا عرفت هذا
فقال الشيخ يجب في كل خطبة حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي (ع) والوعظ وقرائة سورة خفيفة من القرآن وقال المرتضى (رض) يحمد الله ويمجده ويبتنى عليه
ويشهد لمحمد بالرسالة ويوشح الخطبة بالقرآن ثم يفتتح الثانية بالحمد والاستغفار والصلاة والدعاء لأئمة المسلمين وفى حديث سماعة عن الصادق (ع)
ينبغي للامام الذي يخطب الناس ان يخطب وهو قائم يحمد الله ويثنى عليه ثم يوصى بتقوى الله ثم يقرأ سورة قصيرة من القرآن ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثنى
عليه ويصلى على محمد وآله وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات فإذا فرغ أقام المؤذن وصلى بالناس ركعتين إما الشافعي فأوجب في كل منهما
الحمد لله والصلاة على رسوله (ع) والوعظ بأي لفظ اتفق ويكفيه أطيعوا الله وفى الثانية الدعاء للمؤمنين فلو أتى به في الأولى لم يحتسب عن الثانية وقرائته تتم
بها الفائدة لا غيرها كقوله تعالى ثم نظر في إحديهما لا بعينها على أقوى الوجوه عنده فروع - آ - كلام المرتضى يقتضى الاكتفاء بمسمى القرآن في الخطبة الأولى وهو أحد
وجهي الشافعي - ب - لا يكفي آية فيها وعظ عنهما - ج - كلام الشيخ يقتضى عدم وجوب الدعاء للمؤمنين وهو أحد وجهي الشافعي وكلام المرتضى يقتضى الاستغفار
للمؤمنين وأوجب الشافعي في قول الدعاء لهم في الثانية وقال بعض أصحابه يجب تخصيصه بالحاضرين فيما يتعلق بأمور الآخرة وكلام المرتضى يقتضى وجوب الشهادة
بالرسالة في الأولى والصلاة عليه في الثانية وفى وجه للشافعي وجوب الصلاة عليه في إحديهما - د - لا يكفيه أن يأتي بآيات تشتمل على الاذكار فإنه لا يسمى خطبة في العادة ه‍
لا تصح الخطبة إلا بالعربية لان النبي صلى الله عليه وآله داوم على ذلك وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ويحتمل غيرها لمن يفهم أو لم يفهم العربية على الأقوى إذا القصد الوعظ والتخويف
وانما يحصل لو فهموا كلامه مسألة يشترط في الخطبتين أمور الأول الوقت وهو ما بعد الزوال على الأشهر فلا يجوز تقديمهما ولا شئ منهما عليه عند
أكثر علمائنا وبه قال الشافعي لان ايجاب السعي مشروط بالنداء الثابت بعد الزوال ولأنهما بدل عن الركعتين فلهما حكم مبدليهما وللشيخ قول بجواز ايقاعهما قبل
الزوال عند وقوف الشمس بمقدار ما إذا فرغ زالت وبه قال مالك حيث جوز تقديم الخطبة دون الصلاة واحمد حيث جوز تقديم
الصلاة أيضا عليه لان أنسا قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله الجمعة إذا مالت الشمس وهو دليل جواز ايقاع الخطبة قبل ميلها ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) كان رسول الله (ص) يخطب في الظل الأول ويحتمل إرادة الابتداء بالتأهب للخطبة والصعود على المنبر وغيرها من مقدمات الخطبة الثاني
تقديمها على الصلاة لأنهما شرط فيها والشرط مقدم ولان النبي صلى الله عليه وآله داوم على ذلك وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ولقول الباقر (ع) وقد سئل عن
خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الصلاة أو بعد قال قبل الصلاة ثم يصلى الثالث قيام الخطيب حال خطبتيه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله
خطب قائما فتجب متابعته ولقول الصادق (ع) أول من خطب وهو جالس معاوية استأذن الناس في ذلك من وجع كان بركبتيه ثم قال (ع) الخطبة وهو قائم خطبتان
يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها قدر ما يكون فصلا بين الخطبتين ولأنه ذكر مفروض في قيام مشروع فكان واجبا كالتكبير والقراءة وقال أبو حنيفة واحمد يجوز الجلوس مع
الاختيار وهو رواية عن مالك ووجه للشافعية لأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال فلا يجب له القيام كالاذان ولا يعتبر القيام بالاستقبال لسقوطه في صلاة الخوف
دون القيام فافترقا فروع - آ - لو كان له عذر يمنعه عن القيام جاز أن يخطب جالسا وهل تجب الاستنابة اشكال - ب - لو عجز عن القعود اضطجع وفى وجوب الاستنابة
اشكال - ج - لو خطب جالسا مع القدرة بطلت صلاته لفوات شرط الخطبة وبه قال الشافعي واختاره الشيخ أيضا إما صلاة المأمومين فان علموا بقدرته وجلوسه
بطلت صلاتهم أيضا وإن اعتقدوا عجزه أو لم يعلموا بقعوده أو بصحته صحت صلاتهم مطلقا وقال الشافعي إن كان الامام من جملة العدد لم تصح الجمعة
وإن كان زايدا على العدد صحت صلاتهم كما لو كان جنبا ولا يعلمون والأصل ممنوع ولو علم البعض خاصة صحت صلاة الجاهل دونه - د - يجب في القيام
الطمأنينة كما تجب في المبدل - ه‍ - الجلوس بين الخطبتين مطمئنا ليفصل بينهما به وهو شرط في الخطبتين قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله
فصل بينهما بجلسة وفعله واجب وقول الصادق (ع) يخطب وهو قائم ثم يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها وقال أبو حنيفة ومالك واحمد لا تجب الجلسة بل يستحب
عملا بالأصل وهو مدفوع بالطارئ ولو عجز عن القعود فصل بالسكتة فان قدر على الاضطجاع فاشكال أقربه الفصل بالسكتة أيضا ولو خطب جالسا لعجزه
فصل بالسكتة أيضا مع احتمال الفصل بالضجعة - و - الطهارة من الحدث والخبث شرط في الخطبتين قاله الشيخ (ره) وهو قول الشافعي في الجديد لأنه (ع) كان يخطب
متطهرا وكان يصلى عقيب الخطبة وقال صلوا كما رأيتموني اصلى ولأنه ذكر هو شرط في الصلاة فشرطت فيه الطهارة كالتكبير وقال في القديم لا يشترط وبه قال مالك
وأبو حنيفة واحمد لأنه ذكر يتقدم الصلاة فلا يشترط فيه الطهارة كالاذان والفرق إنه ليس شرطا في الصلاة بخلاف الخطبة إذا عرفت هذا فان خطب في المسجد
شرطت الطهارة من الخبث والحدث الأكبر إجماعا - ح - العدد قال الشيخ (ره) شرط الخطبتين العدد المشترط في الجمعة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة في إحدى
الروايتين لأنه ذكر شرط في الجمعة فكان من شرطه حضور العدد كالتكبير ولان وجوب الخطبة تابع لوجوب الجمعة التابع لحضور العدد وعن أبي حنيفة انه ليس بشرط
فيجوز ان يخطب وحده لأنه ذكر متقدم فلا يشترط فيه العدد كالاذان والفرق اشتراط الخطبة دون الاذان ولأنه موضوع لاعلام الغياب فلا يشترط فيه الحضور والخطبة
مشتقة من الخطاب وإنما يكون للحاضرين إذا ثبت هذا فإذا خطب والعدد حاضر ثم نفضوا في الأثناء فالمأتي به حال غيبتهم غير محسوب لان القصد بها
الاسماع فان عادوا قبل طول الفصل جاز البناء على ما مضى حال سماعهم كما لو سلم ثم ذكر قبل طول الفصل وان طال فالأقرب البناء أيضا وهو أحد قولي الشافعي لان
غرض الوعظ يحصل مع تفرق الكلمات وأصحهما عنده الاستيناف لان النبي (ع) كان يوالي وقد ظهر مما اخترناه عدم اشتراط الموالاة في الخطبة وللشافعي قولان
أما لو اجتمع بدل الأولين العدد فلابد من استيناف الخطبة مطلقا وان انفضوا بعد تمام الخطبة وعادوا قبل طول الفصل بنيت الصلاة على الخطبة ولو عادوا
بعد الطول فكذلك وللشافعي قولان فان أوجبنا الموالاة لم تجز الصلاة بتلك الخطبة بل تجب اعادتها والصلاة جمعة مع سعة الوقت وللشافعي عدمه في وجه
ضعيف بل يصلى الظهر والعدد إنما هو شرط في واجبات الخطبة دون مستحباتها إجماعا ح ارتفاع الصوت بهما بحيث يسمعه العدد وهو أظهر وجهي الشافعي
لان مقصود الوعظ لا يحصل إلا بالاسماع فلا يكفي ان يخطب سرا لمنافاة الغرض ولان النبي (ع) كان إذا خطب رفع صوته كأنه منذر جيش وعن أبي حنيفة عدم الوجوب
وهو وجه للشافعي أيضا ولو رفع الصوت بقدر ما يبلغ ولكن كانوا أو بعضهم صما فالأقرب الأجزاء ولا يجهد نفسه في رفع الصوت لما فيه من المشقة ولا تسقط الجمعة
151

ولا الخطبة وان كانوا كلهم صما - ط - الترتيب بين اجزاء الخطبة الواجبة فلو قدم الصلاة أو غيرها على الحمد أو قدم الوعظ على الصلاة استأنف المتأسي مسألة
وفى تحريم الكلام على العدد ووجوب الانصات للخطيب قولان للشيخ أحدهما تحريم الكلام ووجوب الانصات واختاره المرتضى والبزنطي منا وبه قال أبو حنيفة و
مالك والأوزاعي واحمد والشافعي في القديم وابن المنذر لان أبا هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وآله إذا قلت لصاحبك انصت والامام يخطب فقد لغوت واللغو الاثم
لقوله تعالى والذين هم عن اللغو معرضون وقال الصادق (ع) إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد أن يتكلم حتى يفرغ من خطبته فإذا فرغ تكلم ما بينه
وبين ان تقام الصلاة والاخر عدم تحريم الكلام وعدم وجوب الانصات بل يستحب وبه قال الشافعي في الجديد وبه قال عروة بن الزبير والشعبي والنخعي وسعيد بن
جبير والثوري لان رجلا سأل النبي (ص) السقيا وهو يخطب وفى الجمعة الآتية سئله رفعها وقام إليه رجل وهو يخطب يوم الجمعة فقال يا رسول الله متى الساعة فأعرض النبي صلى الله عليه وآله وأومى الناس
إليه بالسكوت فلم يقبل وأعاد الكلام فلما كان الثالثة قال له النبي صلى الله عليه وآله ويحك ماذا أعددت لها فقال حب الله ورسوله فقال إنك مع من أجبت ولو
كان الكلام محرما عليه وللأصل ونمنع كون اللغو الاثم لقوله تعالى لا يؤاخذ كم الله باللغو في أيمانكم بل المراد جعله لاغيا لكلامه في موضع الأدب فيه السكوت
وقول الصادق (ع) يعطى الكراهة عرفا فيحمل عليه والأقرب الأول ان لم يسمع العدد وإلا الثاني فروع آ قال المرتضى (ره) يحرم من الافعال ما لا يجوز
مثله في الصلاة وفيه اشكال ينشأ من قوة حرمة الصلاة وكونها بدلا من الركعتين لا يقتضى المساواة لو سلم ب قال المرتضى (ره) لا بأس أن يتكلم بعد فراغ الامام
من الخطبة إلى أن تقام الصلاة - ج - لو سلم عليه وجب عليه الرد لأنه واجب والانصات مستحب فلا يترك لأجله ولأنه ليس أبلغ من الصلاة وقد أوجبنا الرد فيها
وبه قال الشافعي على تقدير استحباب الانصات وعلى تقدير الوجوب ليس له الرد لأنه سلم في غير موضعه وفرض الانصات سابق وهل له تسميت العاطس الوجه ذلك
ان قلنا باستحباب الانصات وإلا فالأقرب ذلك كالصلاة وهو قول الشافعي بخلاف السلام لأنه سلم في غير موضعه والعاطس لم يختر العطسة وله لما تقدم في
السلم د الخلاف إنما هو في القريب السامع لخطبة الامام إما البعيد أو الأصم فان شاء سكت وان شاء قرأ أو سبح وللشافعية وجهان وكذا الخلاف فيما إذا لم يتعلق
بحق أحد من المسلمين أما لو رأى جدارا ينقض فإنه يحذر منه وكذا العقرب والأعمى يتردى في بئر إجماعا ه‍ - هل يحرم الكلام في الجلسة بين الخطبتين الأقرب
المنع لعدم المقتضى للتحريم وهو السماع وللأصل وللشافعي قولان ولا بأس بالكلام بين الخطبة والإقامة لم يكره بعدها لقول الصادق (ع) فإذا فرغ يعنى من خطبته
تكلم ما بينه وبين ان يقام الصلاة وقال أبو حنيفة يكره ما بين الخطبة والصلاة وقال الشافعي لا يكره بعد الخطبة إلى الصلاة ز لا بأس بشرب الماء حال الخطبة
وبه قال الشافعي عملا بالأصل وكلام المرتضى يعطى التحريم لأنها كالركعتين وقال الأوزاعي تبطل جمعته ح هل يحرم الكلام على الخطيب في الأثناء الأقرب العدم
للأصل ولان النبي صلى الله عليه وآله كلم قتلة ابن أبي الحقيق في الخطبة ولان المستمع إنما حرم عليه الكلام لئلا يشغله عن الاستماع وهو أحد قولي الشافعي.
وفى الاخر يحرم وبه قال أبو حنيفة وسالك كالركعتين وهو ممنوع ط التحريم ان قلنا به على السامعين متعلق بالعدد إما الزايد فلا وللشافعي قولان والأقرب
عموم تحريم ان قيل به إذ لو حضر فوق العدد بصفة الكمال لم يمكن القول بانعقادها بعدد معين منهم حتى يحرم الكلام عليهم خاصة ى لا يحرم الكلام
قبل الشروع في الخطبة وبه قال الشافعي واحمد للأصل ولان عمر كان إذا جلس على المنبر وأذن المؤذنون جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر
سكتوا فلم يتكلم أحد وهذا يدل على اشتهاره بينهم وقال أبو حنيفة إذا خرج الامام حرم الكلام في الوقت الذي نهى عن الصلاة فيه لقول النبي صلى الله عليه وآله
من اغتسل يوم الجمعة واستاك ومس من طيب إن كان عنده ولبس أحسن ثيابه ثم جاء إلى المسجد ولم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله ان يركع ثم
انصت إذا خرج الامام حتى يصلى كان كفارة لما بينها وبين الجمعة التي قبلها وهو يدل على أن خروج الامام يوجب الانصات ولأنه إذا نهى عن الركوع كان
الكلام أولي والخبر قد روى فيه وانصت إذا خطب إليه مسألة لا ينبغي التنفل والامام يخطب سواء كان التحية للداخل حال الخطبة أو غيرها بان ينبغي
ان ينصت لها وبه قال الثوري والليث بن سعد وأبو حنيفة ومالك لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا قال المفسرون المراد بالقرآن هنا
الخطبة لان رجلا جاء يتخطى رقاب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله اجلس فقد أذيت وأنيت ومن
طريق الخاصة قول أحدهما (ع)
إذا صعد الامام المنبر فخطب فلا يصلى الناس ما دام الامام على المنبر ولأنه مناف لمشروعية الخطبة وقال الشافعي يستحب ان يصلى تحية المسجد ركعتين وبه
قال الحسن ومكحول واحمد وإسحاق وابن المنذر لان سليكا العطفاني جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وآله يخطب فجلس فقال له يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز
فيهما ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما وتمام الرواية أنه قال لسليك لا تعودن لمثل هذا إذا عرفت هذا فالكراهة تتعلق بالشروع
في الخطبة لا بالجلوس على المنبر لقوله (ع) فخطب فلا يصلى الناس ولأنه المقتضي للمنع ولا خلاف انه لو دخل والامام في اخر الخطبة وخاف فوت تكبيرة
الاحرام لم يصل التحية لان ادراك الفريضة من أولها أولي مسألة يستحب حال التكبير أمور آ ان يصعد الامام حال الخطبة على المنبر لان النبي صلى الله عليه وآله لما دخل
المدينة خطب مستندا إلى جذع فلما بني المنبر صعد عليه ولان فيه ابلاغا للبعيد ب ينبغي وضع المنبر على يمين القبلة وهو الموضع الذي على يمين الامام إذا
توجه إلى القبلة اقتداء بالنبي (ع) ج ان يعتمد على شئ حال الخطبة من سيف أو عكاز أو قضيب أو عنزة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله فإنه كان يعتمد
على عنزته اعتمادا وقول الصادق (ع) ويتوكأ على قوس أو عصى د ان يكون متعمما شتاء وصيفا مرتديا ببرد يمنية لان النبي (ع) كان يعتم ويرتدى
ويخرج في الجمعة والعيدين على أحسن هيئة لأنه ادخل في الوقار ه‍ ان يسلم من عند المنبر إذا انتهى إليه لعموم استحباب التسليم فإذا صعد المنبر وبلغ دون الدرجة
دون درجة المستراح واستقبل الناس بوجهه ثم سلم وجلس واختاره السيد المرتضى (ض) وبه قال الشافعي لأنه رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا دنى من
منبره يوم الجمعة سلم على من عند منبره من الجلوس ثم صعد وإذا استقبل للناس بوجهه سلم ثم جلس ومن طريق الخاصة رواية عمرو بن جميع رفعه عن علي (ع)
قال من السنة إذا صعد المنبر ان يسلم إذا استقبل الناس وقال أبو حنيفة ومالك يكره السلام لأنه إذا خرج سلم فلا يعيد كالمؤذن إذا قام إلى الاذان لان الامام
استدبرهم لما صعد ثم أقبل عليهم وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يحول بين بعضهم وبعض شجرة فيسلم بعضهم على بعض وبالاذان لا يغيب عنهم نعم
لو صعد المنارة ثم نزل سلم إذا عرفت هذا فإذا سلم وجب على السامعين الرد على الكفاية وان يجلس بعد السلم على المستراح حتى يفرغ المؤذن فيستريح بقعوده
عن تعب صعوده ولأنه لا فايدة بقيامه حالة الاذان وقد كان النبي صلى الله عليه وآله يخطب خطبتين ويجلس جلستين ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
152

كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون مسألة يستحب ان يكون الخطيب بليغا ليأتي بالألفاظ الناصة على
التخويف والانذار مواظبا على الصلوات ليكون وعظه أبلغ في القلب حافظا لمواقيت الفرايض واستقبال الناس بوجهه فلا يلتفت يمينا ولا شمالا وبه قال الشافعي
لان النبي (ع) كان يفعل ذلك ولئلا يخص قوما دون آخرين بل يخطب تلقاء وجهه وقال أبو حنيفة يلتفت يمينا وشمالا كالمؤذن والأصل ممنوع ولأنه
خطاب مع الغياب والخطبة مع الحاضرين فلا يختص بها البعض دون غيرهم قال الشيخ (ره) ولا يضع يميه على شماله وهو جيد كالصلاة بل يشتغل بما يعتمد عليه يسراه
ويقبض باليمنى حرف المنبر وينبغي ان يكون صادق اللهجة لا يلحن في الخطبة ولا يأتي بألفاظ غريبة أو وحشية لبعدها عن الافهام ولا يقول في خطبته ما
يستنكره عقول الحاضرين لقول علي (ع) كلموا الناس على قدر عقولهم أتحبون ان يكذبوا الله ورسوله وان يأتي بالكلمات على تأن وترسل وسكون
ولا يمدها مدا يشبه الغناء ولا يدرجها بحيث لا يفهم ولا يطول الخطبة بل يقصرها لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بذلك بل يطول الصلاة وقال (ع)
إنه من فقه الرجل مسألة يستحب ان يكون السورة التي يقرأها في الخطبة خفيفة واجتزأ بعض علمائنا بالآية ونقل الجمهور ان النبي صلى الله عليه وآله
كان يقرأ سورة (ق) في الخطبة ولو قرأ إحدى العزايم جاز إذ السجود ليس بمبطل لها قال الشيخ ثم ينزل ويسجد المأمومون معه والوجه انه إن كان في المنبر
سعة يمكنه السجود عليها سجد قبل نزوله وإلا نزل وسجد ولو كانت السجدة من غير العزايم جاز تركها وله ان يسجد والاشتغال بالخطبة أولي فان نزل
وسجد عاد إلى الخطبة ان لم يطل الفصل وكذا ان طال على الأقوى وللشافعي في الطول وجهان المطلب الثاني فيمن تجب عليه مسألة شرائط الوجوب عشرة
البلوغ والعقل والذكورة والحرية والسلامة من المرض والعمى والعرج والشيخوخة المانعة من الحركة والسفر والزيادة على فرسخين وليس الاسلام
شرطا للوجوب لان الكفار عندنا مخاطبون بالفروع وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة والعقل شرط في الوجوب والجواز معا وباقي الشروط شرط
في الوجوب لا الجواز والصبي وان لم تجب عليه ولا المجنون لانتفاء التكليف عنهما إلا أنه يستحب احضار الصبى الجمعة للتمرين كما يمرن بالعبادات خصوصا
المراهق مسألة الذكورة شرط في الوجوب فلا يجب على المرأة إجماعا لقوله (ع) من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة الا على
امرأة أو مسافر أو عبد أو صبى أو مريض ومن الخاصة قول الصادق (ع) إن الله فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واحدة
واجبة على كل مسلم ان يشهدها إلا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي ولان شرطها الاجتماع وفى وجوبه على النساء مشقة وافتتان أما
العجايز فإنهن كالشواب لعموم الامر بالستر لهن وقال الشافعي يستحب لهن الحضور مع إذن أزواجهن لانتفاء الفتنة فيهن مسألة الحرية شرط في
الوجوب فلا تجب على العبد عند علمائنا أجمع وبه قال عامة العلماء لما تقدم في الحديثين ولأنه محبوس على السيد فأشبه المحبوس في الدين وقال داود
تجب وعن أحد روايتان وقال الحسن البصري وقتادة يجب على العبد المخارج وهو الذي يؤدى الضريبة لعموم الآية والخاص مقدم ولو أذن له السيد
استحب له الحضور ولا يجب عليه لان الحقوق الشرعية تتعين بخطاب الشرع لا بإذن السيد ولا فرق بين القن والمدبر والمكاتب المطلق والمشروط و
أم الولد لبقاء الرق فيهم وقال الحسن البصري وقتادة يجب على المكاتب لان منفعته له فأشبه الحر وهو ممنوع فروع آ من بعضه حر وبعضه رق
لا تجب عليه الجمعة سواء تساويا أو كانت الحرية أكثر لأنه رق البعض يمنع من الكمال والاستقلال كرق الجميع ب لو هاياه مولاه واتفقت الجمعة بنصيب الحرية
لم تجب عليه أيضا لقيام المانع وهو الظاهر من قولي الشافعية ولهم وجه انها يجب لانقطاع سلطنة السيد عن استخدامه واختاره الشيخ في المبسوط ج لو ألزمه
مولاه الحضور احتمل وجوبه لوجوب طاعته فيما ليس له عبادة ففيها أولي والعدم لما تقدم مسألة لا تجب على المريض الجمعة لما تقدم من الأحاديث
والمشقة سواء خاف زيادة المرض أو المشقة الغير المحتملة أو لا وقال الشافعي المرض المسقط هو ما يخاف فيه أحدهما وليس شرطا للعموم ولو كان المريض قريبه
أو ضيفه أو زوجته أو مملوكه جاز له ترك الجمعة لأجل تمريضه وكذا تترك لصلاة الميت وتجهيزه لان ابن عمر كان يستجمر للجمعة فاستصرخ على سعيد بن زيد فترك
الجمعة ومضى إليه بالعقيق ولو كان المريض لا قرابة له به ولا صحبة فإن كان له من يمرضه لم تترك الجمعة له وان لم يكن له من يقوم جاز له تركها للقيام بأمره وكذا لو
اشتغل فيه بأخذ الكفن وحفر القبر أو غير هما سواء كان مشرفا أو لا خلافا للشافعي وسواء اندفع بحضوره ضرر عن غير المشرف أو لا خلافا له وكذا لو كان
عليه حق قصاص يرجو بالاستتار الصلح فيه ولو كان عليه حد قذف لم يجز له الاستتار عن الامام لأجله وترك الجمعة لأنه حق واجب ولا بدل ولا يجوز
له القصد إلى اسقاطه وكذا غيره من الحدود لله تعالى بعد ثبوتها بالبينة والمديون المعسر يجوز له الاختفاء وكذا الخايف من ظالم على مال أو نفس أو ضرب أو شتم
مسألة الأعمى لا تجب عليه الجمعة عند علمائنا سواء كان قريبا من الجامع يتمكن من الحضور إليه من غير قايد أو بعيدا يحتاج إلى القايد أو لا وبه قال
أبو حنيفة للمشقة بالحضور ولقول الباقر (ع) فرض الله الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى
ومن كان على رأس أزيد من فرسخين وقال الشافعي واحمد تجب عليه مع المكنة لان عتبان بن مالك قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله انى رجل محجوب
البصر وان السيول تحول بيني وبين المسجد فهل لي من عذر فقال النبي صلى الله عليه وآله أتسمع النداء قال نعم قال ما أجد لك عذرا إذا سمعت النداء و
المراد نفى العذر في الحضور مطلقا الشامل للاستحباب والوجوب لا الحضور والواجب فلو لم يجد قايدا سقطت عنه إجماعا فان وجد لكن بأجرة يمكن منها لم يجب بذلها
عندنا للشافعي مسألة الأعرج والشيخ الذي لا حراك به لا جمعة عليهما عند علمائنا أجمع ان بلغ العرج للاقعاد للمشقة ولقول الباقر (ع)
والكبير ولان المشقة هنا أعظم من المشقة في المريض فتثبت الرخصة هناك إما لو لم يكن العرج بالغا حد الاقعاد فالوجه السقوط مع مشقة الحضور
وعدمه مع عدمها والشيخ أطلق الاسقاط ولم يذكره المفيد في المسقطات ولا الجمهور إما الحر الشديد فان خاف معه الضرر سقط عنه وكذا البرد الشديد والمطر للمانع من السعي لقول الصادق (ع) لا بأس ان
تدع الجمعة في المطر ولا خلاف فيه والوحل كذلك للمشاركة في العجز مسألة الإقامة أو حكمها شرط في الجمعة فلا تجب على المسافر عند عامة العلماء لقول
النبي صلى الله عليه وآله الجمعة واجبة إلا على خمسة امرأة أو صبى أو مريض أو مسافر أو عبد ومن طريق الخاصة قول الباقر (الصادق) (ع) ووضعها عن تسعة وعد منهم المسافر
ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله ولا أحد من الأئمة (ع) انهم صلوها في أسفارهم ولان الجمعة ظهر مقصورة بشرايط والمسافر يباح له القصر دون تلك الشرايط فلم يكن لاعتبار
تلك الشرائط في حقه وايجاب الجمعة عليه معنى ولأنه خفف عنه العبادات الراتبة فغيرها أولي وقال الزهري والنخعي تجب عليه الجمعة ان سمع النداء للآية ولقوله (ع)
153

الجمعة تجب على من سمع النداء والخاص مقدم فروع - آ - انما تسقط الجمعة في السفر المباح إما المحرم فلا لمنافاته الترخص ب انما تسقط في السفر المبيح للقصر
فلو لم يوجبه كمن كان سفره أكثر من حضره فان الجمعة لا تسقط عنه وكذا لو لم يكن القصر واجبا بل جايزا كالمواضع التي يستحب الاتمام فيها ج لو نوى المسافر
إقامة عشرة أيام صار بحكم المقيم ووجب عليه الجمعة وعند الشافعي أربعة وهل تنعقد به عندنا انها تنعقد وان لم ينو المقام على أحد القولين إما لو نواه
فإنها تنعقد به عندنا قولا واحدا وهو أحد وجهي الشافعية لأنه من أهل وجوب الجمعة فانعقدت به كالمستوطن والاخر لا تنعقد به لان الاستيطان شرط فمن أقام في بلد للتفقه والتجارة مدة طويلة لا تنعقد به الجمعة عنده وان وجبت
عليه لان له عزم الرجوع مسألة وتسقط عمن كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخين إلا إذا جمع الشرائط عنده وتجب على من بينه وبين الجامع فرسخان
فما دون عند أكثر علمائنا وبه قال الزهري لقول الصادق (ع) الجمعة تجب على من كان منها على فرسخين فان زاد فليس عليه شئ وقول الباقر (ع) تجب
الجمعة على من كان منها على فرسخين وقال ابن أبي عقيل منا تجب على من إذا صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة ونحوه قال عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وأبو هريرة
والأوزاعي وأبو ثور فإنهم قالوا تجب على من كان نوى الليل وهو قريب مما قال لعموم الامر ولقول الباقر (ع) الجمعة واجبة على من إذا صلى الغداة في أهله
أدرك الجمعة والمشهور عندنا الأول للمشقة ولان شغل النهار بالسعي إليها والرجوع إلى أهله يوجب القصر ويلحقه بالمسافرين فيكون مسقطا للجمعة وقال
الشافعي كل من كان من أهل المصر وجبت عليه الجمعة فيه سواء سمع النداء أو لا وسواء اتسعت اقطاره وتعددت محاله أو لا وأما الخارج عن المصر من أهل
القرى فإن لم يسمعوا النداء وكانوا أقل من أربعين لم تجب عليهم الجمعة وان بلغوا أربعين وكانوا مستوطنين في القرية وجبت عليهم الجمعة سواء سمعوا
النداء أو لا وهم بالخيار بين الصلاة في قريتهم والحضور إلى المصر لإقامة الجمعة معهم وان كانوا أقل من أربعين وسمعوا النداء وجب عليهم الحضور وبه قال
عبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب وإسحاق لقوله (ع) الجمعة على من سمع النداء وهو بدل من حيث المفهوم والمنطوق أو لا مع انتشار النداء و
عدم ضبطه فلا يجوز ان يجعله الشارع مناطا للأحكام وقال أبو حنيفة وأصحابه لا تجب الجمعة على من هو خارج المصر وان سمع النداء وقال محمد قلت
لأبي حنيفة تجب الجمعة على أهل زيارا باهل الكوفة فقال لا وبين زيارا وأهل الكوفة الخندق وهي قرية بقرب الكوفة لان عثمان لما وافق الجمعة العيد
قال لأهل العوالي من أراد منكم ان ينصرف فلينصرف ومن أراد ان يقيم حتى يصلى الجمعة فليقم ولأنهم خارجون عن المصر فلا جمعة عليهم كأصحاب الحلل و
الحديث قول بموجبه للتخيير عندنا إما من يوجب الحضور كالشافعي فإنه أنكر الحديث قال ولم يذكره أحد من أصحاب الحديث وأهل الحلل ان كانوا مستوطنين
وجبت الجمعة وإلا فلا وقال مالك واحمد والليث بن سعد تجب على أهل المصر مطلقا واما الخارج فإن كان بينه وبين الجامع فرسخ وجب عليه الحضور
وإلا فلا لغلبة السماع منه وقد بينا بطلان هذا المناط وقال عطا ان كانوا على عشرة أميال وجب عليهم الحضور وإلا فلا وقال ربيعة ان كانوا على أربعة
أميال حضروا وإلا فلا فروع - آ - من كان بينه وبين الجمعة أزيد من فرسخ يتخير بين الحضور وبين إقامة الجمعة عنده ان حصلت الشرائط وان فقد
أحدها وجب عليه الحضور ولا يسوغ له ترك الجمعة ومن كان بينه وبينها أزيد من فرسخين فان حصلت الشرايط فيه تخير بين اقامتها عنده وبين الحضور
ولا يسوغ له تركها وان فقدت الشرايط سقطت عنه ولم يجب عليه الحضور - ب - تشترط الزيادة على الفرسخين بين منزله والجامع الذي تقام فيه الجمعة لا بين البلدين
فلو كان بين البلدين أقل من فرسخين وبين منزله والجامع أزيد من فرسخين فالأقرب السقوط لأنه المفهوم من كلام الباقر والصادق (ع) - ج - قد بينا
عدم اعتبار النداء وقال الشافعي النداء الذي تجب به الجمعة ان يكون المنادى صيتا وتكون الرياح ساكنة والأصوات هادية وكان من ليس بأصم مصغيا
مستمعا غير لاه ولا ساه وأن لا تكون البلدة بين آجام وأشجار تمنع من بلوغ الصوت فإن كان اعتبر ان يصعد على شئ يعلوا به على الأشجار كسور
البلد والمنارة ولا يعتبر في غيره وأن تكون الأرض مستوية فلو كانت قرية في وادى لا يسمع أهلها لهبوطها ولو كانت في استواء الأرض سمعت وجبت ولو
كانت على قلة جبل يسمع لعلوها لم يجب عند بعضهم ولا اعتبار بأذان الجمعة واختلفت الشافعية في الموضع الذي يعتبر فيه سماع النداء فقال بعضهم
من الموضع الذي يصلى فيه الجمعة إذ الغرض الحضور في ذلك الموضع وقال بعضهم ممن وسط البلد لاستواء الجوانب وعدم أولوية بقعة على أخرى وقال
آخرون يعتبر من اخر موضع تجوز إقامة الجمعة فيه من الجانب الذي يلي تلك القرية فإنه ربما يكون البلد كبيرا وإذا نودي من الجانب الآخر ربما لا يسمع أهل هذا
الجانب من البلد ولو كان طرف القرية يستمعون النداء وباقي القرية لا يستمعون قال يجب على الجميع الحضور لان حكم القرية لا يختلف في الجمعة ولو
سمعوا النداء من قريتين فأيتهما حضروا جاز والأولى أن يحضروا الموضع الذي تكثر فيه الجماعة ولو كانت قريتان على جبلين يصلى في إحديهما الجمعة والاخرى
يستمعون النداء وبينهما قرية لا يستمعون وجب على المستمعين الحضور للسماع وفى الأخرى وجهان العدم لانتفاء موجبه والوجوب لان ايجاب الحضور على الابعد يستلزم
أولوية ايجابه على الأقرب وهذا عندنا كله ساقط فان من الناس الأصم وثقيل السمع وقد يكون بين يدي المنبر فلا يستمعه إلا من في الجامع وقد يكون المؤذن خفى الصوت
أو في يوم ذي ريح وقد يكون المستمع نائما أو مشغولا بما يمنع السماع ويسمع من هو أبعد فيفضى ذلك إلى ايجابها على البعيد دون القريب وهو باطل بالاجماع مسألة
قد بينا وجوب الجمعة على من سقطت عنه للعذر لو حضر لانتفاء المشقة ولقول حفص بن غياث عن بعض مواليه ان الله فرض الجمعة على المؤمنين والمؤمنات
ورخص للمرأة والمسافر والعبد إلا أن يأتوها فإذا حضروها سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأول فقلت عمن هذا فقال عن مولانا الصادق (ع) وفى المرأة نظر و
اطلاق الشيخ يقتضيه تذنيب إذا صلى من سقط عنه الظهر ثم زال المانع قبل أداء الجمعة لم تجب عليه كالعبد يصلى تم يعتق والوقت باق وكذا المسافر
إذا صلى ثم نوى الإقامة إما الصبى إذا صلى ثم بلغ فالوجه عندي وجوب الحضور عليه لان مبدأ التكليف الآن وما فعله أولا لم يكن واجبا فلم يسقط به فرضا عنه و
قال الشافعي لا يجب عليه لان الصبى إذا صلى في الوقت ثم بلغ لم تجب عليه الإعادة فكذا هنا والأصل ممنوع المطلب الثالث في ماهيتها وآدابها ولواحقها مسألة
الجمعة ركعتان كساير الصلوات وتتميز بما تقدم من الشرايط والآداب الآتية فيسقط معها الظهر بالاجماع ويستحب ان يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الجمعة وفى الثانية بعد
الحمد سورة المنافقين عند علمائنا وبه قال الشافعي لان عبد الله بن أبي رافع وكان كاتبا لعلى (ع) قال كان مروان يستخلف أبا هريرة على المدينة فاستخلفه مرة
فصلى الجمعة فقرأ في الأولى الجمعة وفى الثانية المنافقين فلما انصرف مضيت إلى جنبه فقلت يا أبا هريرة لقد قرأت بسورتين قرأهما علي (ع) فقال إن رسول الله
صلى الله عليه وآله كان يقرأ بهما ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وإذا كان صلاة الجمعة فأقراء بسورة الجمعة والمنافقين وقال الشافعي في القديم يقرأ في الأولى سبح اسم
154

وفى الثانية الغاشية وينسب إلى رواية النعمان بن بشير وقال أبو حنيفة يكره تعيين سورة في الصلاة وقال مالك يقرأ في الأولى الجمعة وفى الثانية الغاشية فروع - آ - لو قرأ غير هاتين
السورتين عمدا لم تبطل جمعته عملا بالأصل ولقول الكاظم (ع) وقد سأله علي بن يقطين عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة عمدا فقال لا بأس بذلك ب
لو نسى فقراء في الأولى غير الجمعة احتمل قرائتها في الثانية لتدارك فضلها وقرائة المنافقين لأنه محلها وقال الشافعي يقرأهما معا في الثانية وقد بينا بطلان القران و
لو قرأ المنافقين في الأولى قرأ في الثانية الجمعة تحصيلا لفضيلة السورتين ج يستحب الجهر بالجمعة إجماعا وفى الظهر يوم الجمعة قولان فالشيخ على استحبابه جماعة وفرادى
لقول الصادق (ع) نعم وقد سأله الحلبي عن القراءة يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا اجهر بالقرائة والمرتضى على استحبابه جماعة لا فرادى لقول الصادق (ع) صلوا في السفر
صلاة جمة بغير خطبة واجهروا بالقرائة وقال بعض علمائنا لا يجهر في الظهر جماعة أيضا لان جميلا سأل الصادق (ع) عن الجماعة يوم الجمعة في السفر قال يصنعون كما
يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ولا يجهر الامام إنما يجهر إذا كانت خطبة والعمل بهذه أحوط مسألة تستحب الزينة يوم الجمعة بحلق الرأس إذا كانت من عادته
وإلا غسله بالخطمي وقص الأظفار وأخذ الشارب والتطيب ولبس أفضل الثياب والسعي على سكينة ووقار والغسل مقدما على الصلاة قال الصادق (ع) في قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد
قال في العيدين والجمعة وقال (ع) ليتزين أحدكم يوم الجمعة ويتطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه وليتهيأ للجمعة ويكون عليه في ذلك اليوم السكينة والوقار
ويستحب له ترك الركوب مع القدرة لان النبي (ع) ما ركب في عيد ولا جنازة قط والجمعة أولي إلا أنه لم ينقل فيها قول عنه (ع) لان باب حجرته في المسجد ويستحب السواك
وقطع الروايح الكريهة لئلا يؤذى من يقاربه وأفضل الثياب البيض لقوله (ع) أحب الثياب إلى الله تعالى تلبسها أحياؤكم ويكفن فيها موتاكم وينبغي للامام الزيادة
في التجمل لأنه المنظور إليه وكان النبي صلى الله عليه وآله يعتم ويرتدى ويخرج في الجمعة والعيدين على أحسن هيئة مسألة يستحب المباكرة إلى الجامع خلافا لمالك فإنه أنكر
استحباب السعي قبل النداء لقوله (ع) من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة
فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما
قرب بيضة فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان الجنان لتزخرف وتزين يوم الجمعة لمن أتاها وانكم تتسابقون إلى الجنة على قد سبقكم إلى الجمعة وان أبواب الجنة لتفتح لصعود اعمال العباد
ولما فيه من المسارعة إلى الطاعات والتفرغ للعبادة في المسجد الأعظم فروع - آ - المراد بالساعة الأولى هنا بعد الفجر لما فيه من المبادرة إلى الجامع المرغب فيه وايقاع صلاة الصبح
فيه ولأنه أول النهار وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم بعد طلوع الشمس لان أهل الحساب يعدون أول النهار طلوع الشمس - ب - يستحب الدعاء امام التوجه لقول
الباقر (ع) لأبي حمزة الثمالي ادع في العيدين ويوم الجمعة إذا تهيأت للخروج بهذا الدعاء اللهم من تهيأ وتعبأ إلى اخره - ج - قال الشيخ في الخلاف الوقت الذي يرجى استجابة الدعاء
فيه ما بين فراغ الامام من الخطبة إلى أن يستوى الناس في الصفوف لقول الصادق (ع) الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الامام من الخطبة إلى أن
يستوى في الصفوف وقال الشافعي هو آخر النهار عند غروب الشمس وفى رواية لنا استجابة الدعاء في الساعتين معا عن الصادق (ع) في الساعة التي يستجاب فيها الدعاء
يوم الجمعة ما بين فراغ الامام من الخطبة إلى أن يستوى الناس في الصفوف وساعة أخرى من آخر النهار إلى غروب الشمس - د - يستحب الاكثار من الصلاة على النبي وآله (على)
لقوله (ص) أقربكم منى في الجنة أكثركم على صلاة فأكثروا الصلاة على في الليلة الغراء واليوم الأزهر قال الصادق (ع) عنى (عن) يوم الجمعة وليلتها ليلتها ليلة غراء و
يومها يوم أزهر وقال (ع) إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذر في أيديهم أقلام الذهب وقراطيس الفضة لا يكتبون إلى ليلة السبت إلا الصلاة
على محمد وعلى آل محمد فأكثروا منها ثم قال إن من السنة ان تصلى على محمد وعلى أهل بيته في كل جمعة الف مرة وفى ساير الأيام مائة مرة - ه‍ - يكره لغير الامام ان يتخطا
رقاب الناس قبل ظهور الإمام وبعده سواء كانت له عادة بالصلاة في موضع أو لم تكن وبه قال عطا وسعيد بن المسيب والشافعي واحمد لان رجلا جاء يتخطا رقاب
الناس والنبي صلى الله عليه وآله يخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله اجلس فقد أذيت ولما فيه من أذى الغير وقال مالك إذا لم يكن الامام ظهر لم يكره وكذا ان ظهر وكان له عادة بالصلاة
في موضع معين وإلا كره - و - لا يجوز له ان يقيم أحدا من مجلسه الذي سبق إليه لقوله (ع) لا يقيم الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن يقول تفسحوا وتوسعوا ولا يكره
اقامته في مواضع إما بان يجلس في مصلى الامام أو في طريق الناس أو في مستقبل المصلين والموضع ضيق عليهم ولو كان متسعا تنحوا عنه يمينا وشمالا لئلا يستقبلوه
بالصلاة نعم إذا اعتاد انسان القعود في موضع كره لغيره مزاحمته له كما في السوق ولو قام لحاجة عرضت له بنية العود فجاء غيره وقعد استحب للقاعد ان
يقوم من موضعه حتى يعود إليه من غير وجوب ولو فرش له منديل أو مصلى لم يكن موجبا للاختصاص لو رفعه غيره وإن كان مخطئا ولو ازدحم الناس في
اخر المسجد وبين أيديهم فرجة لم يكره التخطي - ز - قصد الجامع لمن اختلت شرائط الجمعة في حقه مستحب لان الباقر (ع) كان يبكر إلى المسجد الجامع يوم
الجمعة حين تكون الشمس قدر رمح فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك - ح - لو لم يكن الامام مرضيا قدم المصلى ظهره على صلاة الامام ويجوز ان يصلى معه ركعتين
ثم يتم الظهر بعد فراغ الامام لقول الصادق (ع) في كتاب علي (ع) إذا صلوا الجمعة في وقت فصلوا معهم ولا تقومن من مقعدك حتى تصلى ركعتين اخريين
ولو صلى في منزله أولا جاز لان أبا بكر الخضرمي قال للباقر (ع) انى اصلى في منزلي ثم اخرج فاصلي معهم قال كذا اصنع مسألة يستحب التنفل يوم
الجمعة زيادة على نوافل الظهرين بأربع ركعات قال الشيخ ويستحب تقديم نوافل الظهر قبل الزوال ولم أجد لاحد من الفقهاء وفاقا في ذلك ويستحب بالاجماع
منا لان منا من يستحب تقديمها ومنا من يستحب تقديم أكثرها ولما رواه علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن النافلة التي تصلى يوم الجمعة قبل الجمعة أفضل
أو بعدها قال قبل الصلاة وعليها عمل الشيخ في أكثر كتبه إذا عرفت هذا فقد روى عن الصادق (ع) أنه قال أما أنا إذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق مقدارها
من المغرب في وقت العصر صليت ست ركعات فإذا انبلج (انفتح) النهار صليت ست ركعات فإذا زاغت الشمس صليت ركعتين ثم صليت الظهر ثم صليت بعدها ستا
ومثله عن الرضا (ع) ولو أخرها جاز إجماعا منا واستحب احمد ركعتين بعد الجمعة وان شاء أربعا وان شاء ستا واستحب أبو حنيفة أربعا مسألة الاذان
الثاني بدعة عند علمائنا لقول الباقر (ع) الاذان الثالث يوم الجمعة بدعة وسماه بالثالث كما هو في عبارة بعض علمائنا بالنسبة إلى الإقامة ولان النبي صلى الله عليه وآله
لم يفعله اتفاقا وشرع للصلاة أذانا واحدا وإقامة فالزيادة الثالثة بدعة وكان الاذان يوم الجمعة حين يجلس الامام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله
وعلى عهد أبى بكر وعمر فلما كان زمن عثمان كثر الناس فأمر بالاذان الثالث في الزوراء ولا اعتبار بما فعله عثمان مخالفة للنبي صلى الله عليه وآله وقال
عطا أول من فعله معاوية قال الشافعي ما فعله النبي صلى الله عليه وآله وأبو بكر وعمر أحب إلى إذا عرفت هذا فإنه يستحب ان يؤذن بعد جلوس الامام على المنبر قاله الشافعي
155

قال وأن يكون المؤذن واحدا لان النبي صلى الله عليه وآله كان له مؤذن واحد وعندي فيهما إشكال إذا ثبت هذا فان الاذان لصلاة العصر يوم الجمعة مكروه بل إذا فرغ من الظهر صلى العصر بغير أذان للمشقة بالحضور
إلى الجامع والاعلام قد حصل إذا ثبت هذا فالأقرب انه لا يستحب حكاية هذا الاذان لو وقع إذ الامر بالحكاية ينصرف إلى المشروع وكذا أذان المرأة والاذان المكروه كأذان العصر
يوم الجمعة ويوم عرفة ومزدلفة والوجه استحباب حكاية أذان الفجر لو وقع قبله وان استحب اعادته بعده وأذان من اخذ عليه اجرة وان حرمت دون أذان المجنون والكافر.
مسألة البيع بعد النداء يوم الجمعة حرام بالنص والاجماع قال الله تعالى وذروا البيع والامر للوجوب والنهى للتحريم ولا خلاف بين العلماء في تحريمه والنداء الذي يتعلق
به التحريم هو النداء الذي يقع بعد الزوال والخطيب جالس على المنبر قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي وعمر بن عبد العزيز وعطا والزهري لأنه تعالى علق التحريم بالنداء وانما
ينصرف إلى الاذان الذي فعله النبي صلى الله عليه وآله دون الوقت فيبتغي التحريم قبل النداء وقال مالك واحمد إذا زالت الشمس حرم البيع جلس الامام أو لم يجلس و
ليس بجيد لما تقدم فروع - آ - لو جوزنا الخطبة قبل الزوال كما ذهب إليه بعض علمائنا لم يسغ الاذان قبله مع احتماله ومتى يحرم البيع حينئذ ان قلنا بتقديم الاذان حرم
البيع معه وبه قال احمد لان المقتضى وهو سماع الذكر موجود وإلا فاشكال ينشأ من تعليق التحريم بالنداء ومن حصول الغاية - ب - البيع بعد الزوال قبل النداء مكروه
عندنا لما فيه من التشاغل عن التأهب للجمعة وبه قال الشافعي وعند احمد ومالك انه محرم وقد تقدم - ج - لو كان بعيدا من الجمعة يفتقر إلى قطع المسافة قبل الزوال
وجب السعي وحرم البيع ان منع وإلا فلا - د - لو تبايعا بعد السعي حال الاذان فاشكال وبالجملة لو لم يمنع البيع من سماع الخطبة أو منع وقلنا بعدم الوجوب ومنع تحريم
الكلام فالوجه التحريم للعموم - ه‍ - التحريم مختص بمن يجب عليه السعي دون غيرهم كالنساء والصبيان والمسافرين وغيرهم عند علمائنا وبه قال الشافعي وعن أحمد رواية أبا
لتحريم وقال مالك يمنع العبيد كالأحرار أيضا وليس بمعتمد لان النهى عن البيع متوجه إلى من أمر بالسعي ولو كانوا في قرية لا جمعة على أهلها لم يحرم البيع ولا كره أيضا إجماعا
- و - لو كان أحد المتبايعين مخاطبا دون الاخر حرم بالنسبة إلى المخاطب إجماعا وهل يحرم على الاخر قال الشيخ انه يكره لان فيه اعانة على فعل محرم وهو يقتضى التحريم لقوله
تعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان والوجه عندي التحريم في حقه أيضا للآية وبه قال الشافعي - ز - لو تبايعا فعلا حراما وهل ينعقد البيع لعلمائنا قولان
المنع وبه قال احمد ومالك وداود لان النهى يقتضى الفساد والصحة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان النهى في المعاملات لا يقتضى الفساد بل في العبادات ولان
البيع غير مقصود بالنهي فإنه لو ترك الصلاة والمبايعة كان عاصيا فإذا لم يكن مقصودا فالتحريم لا يمنع انعقاده كما لو ترك الصلاة المفروضة بعد ضيق الوقت
واشتغل بالبيع فإنه يصح إجماعا - ح - هل يحرم غير البيع من الإجارة والنكاح والصلح وغيرها إشكال ينشأ من اختصاص النهى بالبيع فلا يتعداه ومن المشاركة في العلة
مسألة المصر ليس شرطا في الجمعة فيجب على أهل القرى مع الاستيطان عند علمائنا أجمع وبه قال عمر بن عبد العزيز ومالك واحمد والشافعي لعموم الامر
ولان ابن عباس قال إن أول جمعة جمعت بعد جمعة بالمدينة لجمعة جمعت بجواثا من البحرين من قرى عبد القيس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا كان قوم في قرية
صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين ولأنه بناء استوطنه العدد فيجب عليهم الجمعة
كأهل المصر وقال أبو حنيفة والثوري لا تصح إقامة الجمعة إلا في مصر جامع فلا تجب على أهل القرى والسواد لقول علي (ع) لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع ونحن
نقول بموجبه لأن الاعتبار بكونه جامعا للعدد والشرايط الباقية لا بكونه مصرا قال أبو يوسف المصر ما كان فيه سوق وقاضي يستوفى الحقوق ووالى يستوفى
الحدود فان سافر الامام فدخل قرية فإن كان أهلها يقيمون الجمعة صلى الجمعة وإلا لم يصلها مسألة وليس البنيان شرطا عندنا بل الاستيطان فتجب
على أهل الخيم والبادية إذا كانوا مستوطنين وهو أحد قولي الشافعي وقول أبي ثور للعموم ولقوله (ع) جمعوا حيث كنتم والاخر لا يجب إلا على أهل مصر أو قرية مبينة
بالحجارة أو الآجر أو اللبن أو السعف والجريد والشجر متصلة البناء فلو كانت متفرقة فان تقاربت فكالواحدة وان تباعدت لم تجب الجمعة واختلف أصحابه في القرب فقيل
إذا كان بين منزلين دون ثلثمائة ذراع فقريب كما هو قريب في الايتمام وقيل بتجويز القصر عند إرادة السفر فإذا كان البعد بين المنزلين قدرا إذا خرج من منزله بقصد السفر
يشترط ان يتجاوزه في استباحة القصر فقريب وإلا فلا فان انهدمت أو احترقت فان بقى العدد ملازمين ليصلحوها جمعوا وان لم يكونوا تحت ظلال لانهم لم يخرجوا بذلك
عن الاستيطان في ذلك المكان مسألة ولا يشترط استيطانهم شتاء وصيفا في منزل واحد لا يظعنون عنه ان قحطوا ولا يرغبون عنه بخصب غيره وبه قال
أبو ثور للعموم ولان عبد الله بن عمر كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعتب عليهم وقال الشافعي يجب ذلك ان أوجبنا الجمعة عليهم لان قبايل العرب
كانت حول المدينة فلم ينقل عنه (ع) انه امرهم بإقامة الجمعة ولا أقاموها ولو كان ذلك لنقل فدل على انها لا تقام في بادية بل إن سمعوا النداء من بلد أو
قرية لزمهم قصدها وإلا فلا وهو ممنوع إذا عرفت هذا فان استوطنوا منزلا ثم سافروا عنه إلى مسافة بعد عشرة أيام فصاعدا لم تجب عليهم الجمعة في سيرهم
بل في مقصدهم ان عزموا إقامة المدة فيه وكذا لو سافروا إلى ما دون المسافة فإنه تجب الجمعة في المسافة والمقصد معا ولو أقاموا دون عشرة ثم سافروا إلى المسافة
فالوجه وجوبها عليهم في المسافة والمقصد لوجوب الاتمام عليهم وإن كان فيه اشكال ينشأ من مفهوم الاستيطان هل المراد منه المقام أو ما يجب فيه التمام مسألة
تجوز إقامة الجمعة خارج المصر وبه قال أبو حنيفة واحمد للامتثال بالاتيان بالجمعة ولأنها صلاة شرط لها الاجتماع والخطبة فجاز فعلها خارج البلد كالعيد وقال
الشافعي لا يجوز ان يصلى الامام الجمعة بأهل المصر خارج المصر لأنه موضع يجوز لأهل المصر قصر الصلاة فيه فلم يجز لهم إقامة الجمعة فيه كالبعيد بخلاف العيد لأنها ليست مردودة من فرض إلى فرض وهذه مردودة
فجاز ان يختص فعلها بمكان وتجويز الاختصاص لا يستلزم ونمنع في البعيد أيضا إذا لم يبلغ المسافة خلافا لأبي حنيفة والقصر باعتبار السفر لا باعتبار خروجه عن
المصر لان الأصل عدم الاشتراط ولا نص في اشتراطه ولا معنى نص مسألة يسقط وجوب الجمعة عمن صلى العيد لو اتفقا في يوم واحد عدا الامام فإنه يجب عليه
الحضور وغيره يتخير ويستحب له اعلامهم ذلك ذهب إليه علماؤنا عدا أبا الصلاح وبه قال علي (ع) وعمر وعثمان وسعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير والشعبي والنخعي والأوزاعي
وعطا واحمد لأنه اجتمع على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله عيدان فصلى العيد وخطب فقال أيها الناس قد اجتمع عيدان في يوم فمن أراد ان يشهد الجمعة فليشهد
ومن أراد ان ينصرف فلينصرف ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) اجتمع على عهد أمير المؤمنين (ع) عيدان فقال هذا يوم قد اجتمع فيه عيدان
فمن أحب معنا فليفعل ومن لم يفعل فان له رخصته ولان الجمعة انما زادت على الظهر بالخطبة وقد حصل سماعها في العيد فأجزأ عن سماعها ثانيا ولان وقتهما
متقارب فتسقط أحدهما بالأخرى كالجمعة مع الظهر ولأنه يوم عيد جعل للراحة واللذة فان أقام المصلى إلى الزوال لحقته المشقة أيضا وقال أبو الصلاح منا
وباقي الفقهاء من الجمهور لا تسقط للعموم ولأنها ليست من فرايض الأعيان فلا يسقط بها ما هو من فرايض الأعيان والعموم مخصوص بالأدلة وكونها ليست من فرايض الأعيان ممنوع على ما يأتي فلا يجوز له التخلف إجماعا طلبا
لاقامتها مع من يحضر وجوبا أو استحبابا خاتمة قال الرضا (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الجمعة سيد الأيام تضاعف فيه الحسنات وتمحى فيه السيئات
156

وترفع فيه الدرجات وتستجاب فيه الدعوات وتكشف فيه الكربات وتقضى فيه الحاجات العظام وهو يوم المزيد لله فيه عتقاء وطلقاء من النار ما دعا الله فيه أحد من
الناس وعرف حقه وحرمته الا كان حقا على الله ان يجعله من عتقائه وطلقائه من النار فان مات في يومه وليلته مات شهيدا وبعث آمنا وما استخف أحد بحرمته وضيع حقه
على الله عز وجل ان يصليه نار جهنم الا ان يتوب وقال الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يستحب إذا دخل وخرج في الشتاء ان يكون في ليلة الجمعة وقال الباقر (ع)
ان الله تعالى لينادي كل ليلة جمعة من فوق عرشه من أول الليل إلى اخره ألا عبد مؤمن يدعوني لاخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه ألا عبد مؤمن يتوب إلى من ذنوبه
قبل طلوع الفجر فأتوب عليه ألا عبد مؤمن قد قترت عليه رزقه فيسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيده وأوسع عليه ألا عبد مؤمن سقيم يسألني ان اشفيه
قبل طلوع فأعافيه ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني ان اطلقه من حبسه واخلي سربه ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني ان آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فانتصر له
وآخذ له بظلامته قال فلا يزال ينادى بهذا حتى يطلع الفجر وقال الباقر (ع) إذا صليت العصر يوم الجمعة فقل اللهم صل على محمد وآل محمد الأوصياء
المرضيين بأفضل صلواتك وبارك بأفضل بركاتك والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته قال من قالها في دبر صلاة العصر كتب الله له مائة الف
حسنة ومحى عنه مائة الف سيئة وقضى له مأة الف حاجة ورفع له بها مأة الف درجة وقال زين العابدين (ع) جاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله يقال له قليب فقال يا رسول
الله صلى الله عليه وآله انى تهيأت إلى الحج كذا وكذا مرة فما قدر لي فقال يا قليب عليك بالجمعة فإنها حج المساكين ويستحب الصلاة على محمد وآل محمد عليهم السلم بأن يقول اللهم صل
على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك عدوهم من الجن والإنس من الأولين والآخرين مائة مرة أو ما قدر عليه ويستحب ان يقرأ ليلة الجمعة بني إسرائيل والكهف و
الطواسين الثلاث وسجدة لقمن وحم السجدة وحم الدخان والواقعة الفصل الثاني في صلاة العيدين وفيه مطلبان الأول المهية مسألة
صلاة العيدين واجبة على الأعيان عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة الا انه لم يسمها فرضا وهي منازعة لفظية لقوله تعالى فصل لربك وانحر والمشهور في
التفسير ان المراد صلاة العيد ولان النبي صلى الله عليه وآله داوم عليها ولم يخل بها في وقت من الأوقات ولو كانت تطوعا لأهملها (لأخل بها) في بعض الأوقات ليدل بذلك على
نفى وجوبها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) صلاة العيد فريضة ولأنها لو لم تجب لم يجز قتال تاركيها كساير السنن لان القتال عقوبة فلا يتوجه إلى
تارك المندوب ولأنها من شعاير الدين الظاهر واعلامه (وأركانه) فيكون واجبة على الأعيان كالجمعة وقال أحمد بن حنبل انها واجبة على الكفاية لا على الأعيان وهو قول الشافعي
لأنها صلاة سن فيها تكبير متكرر متوال فكانت واجبة على الكفاية كصلاة الجنازة والملازمة ممنوعة ولان الأصل في الوجوب عدم السقوط بفعل البعض و
قال مالك وأكثر الشافعية انها مندوبة لا واجبة لان النبي صلى الله عليه وآله ذكر للاعرابي خمس صلوات فقال هل على غيرها فقال لا الا ان تطوع ولأنها صلاة
ذات ركوع لم يسن لها الإقامة فلم تكن واجبة بالشرع ابتداء كصلاة الاستسقاء والسقوط عن الأعرابي لا يستلزمه في حق غيره لعدم الاستيطان فيه ولأنه سأل
عن نفسه ويمكن اختصاصه بحال تسقط عنه صلاة العيد فلا تسقط في حق الغير والجامع الذي قد ذكروه مع الاستسقاء ينتقض بالجنازة والمنذورة مع أنه وصف
سلبى والاشتراك في المسلوب لا يقتضى الاشتراك في الاحكام مسألة شرايط الجمعة هي شرائط العيدين إلا الخطبتين وتجبان على كل من تجب عليه الجمعة
عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة واحمد في رواية والشافعي في القديم لان النبي صلى الله عليه وآله صلاها مع شرايط الجمعة وقال (ع) صلوا كما رأيتموني أصلى ولان كل
من أوجبها على الأعيان اشترط ذلك وقد ثبت الوجوب فيجب الاشتراط لعدم الفارق ولقول الباقر (ع) لا صلاة يوم الفطر ولا الأضحى الا مع امام ولأنها
صلاة عيد فشبهت الجمعة لأنها أحد العيدين وقال الحسن والشافعي في الجديد واحمد في رواية ليس لها شرط فيصليها المنفرد والعبد والمسافر والنساء لان الاستيطان
ليس شرطا فيها فلم تكن من شرطها الجماعة والصغرى ممنوعة فان النبي (ص) لم يصلها في سفر ولا خلفاؤه إذا عرفت هذا قال الشيخ في المبسوط صلاة العيدين
فريضة عند حصول شرائطها وشرايطها شرائط الجمعة سواء في العدد والخطبة وغير ذلك وفى هذه العبارة نظر إذا ثبت هذا فلو امتنع من اقامتها من الشرائط قهر عليه و
لو امتنع قوم من أدائها قوتلوا لاقامتها لأنها واجبة مسألة لو فقدت الشرائط أو بعضها سقط وجوبها دون استحبابها بل يستحب الاتيان بها جماعة
وفرادى سفرا وحضرا وبه قال الشافعي لأنها عبادة فات شرط وجوبها فاستحب الاتيان بها كالحج ولقول الصادق (ع) من لم يشهد الجماعة في العيدين
فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصلى وحده كما يصلى في الجماعة ومنع أبو حنيفة من فعلها الا مع الجماعة وعن أحمد روايتان كالجمعة والفرق انها بدل عن الظهر فمع
فوات الشرايط ينتقل إلى المبدل بخلاف العيد إذا عرفت هذا فإنه يصليها كما يصليها لو كانت واجبة ولو صلاها في جماعة استحب الخطبة لما تجب في الواجبة ولو صلاها
مفردا فالأقرب انه لا يخطب قاله الشيخ في المبسوط وقد روى فإنه ان أراد ان يصليها أربع ركعات جاز مسألة هل يشترط بين فرضى العيدين بعد فرسخ كما قلنا في الجمعة
إشكال ينشأ من اتحاد هما في الشرايط ومن كونه شرطا فان علمائنا عدوا الشروط ولم يذكروه شرطا بالنصوصية وإن حكموا بالبطلان مع الاقتران وصحة السابق منهما
مسألة وقت صلاة العيدين من طلوع الشمس إلى الزوال عند علمائنا وبه قال الشافعي لان عبد الله بن بشير صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في يوم
عيد فطر أو اضحى فأنكر ابطاء الامام فقال انا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين صلاة التسبيح ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ليس في الفطر ولا الأضحى أذان ولا
إقامة أذانهما طلوع الشمس فإذا طلعت خرجوا وقال احمد حين ترتفع قدر رمح لان النافلة تكره قبل ذلك وقد بينا وجوبها إذا عرفت هذا فإنه يستحب تأخيرها إلى أن
تنبسط الشمس ليتوفر الناس على الحضور وسأل سماعة الصادق (ع) عن الغدو إلى المصلى في الفطر والأضحى فقال بعد طلوع الشمس قال الشيخ في المبسوط وقت صلاة
العيد إذا طلعت الشمس وارتفعت وانبسطت فإن كان يوم الفطر أصبح بها أكثر لان من المسنون يوم الفطر ان يفطر أولا على شئ من الحلاوة ثم يصلى وفى يوم
الأضحى لا يذوق شيئا حتى يصلى ويضحى ويكون افطاره على شئ مما يضحى به ولان الأفضل اخراج الفطرة قبل الصلاة فيؤخرها ليتسع الوقت لذلك والأضحى
يقدمها ليضحى بعدها فان وقتها بعد الصلاة مسألة وهي ركعتان كالصبح إلا أنها يزيد فيها خمس تكبيرات في الأولى وأربعا في الثانية غير تكبيرة الاحرام وتكبير في
الركوع فيكون الزايد تسعا عند أكثر علمائنا لان البراء بن عازب قال كبر رسول الله صلى الله عليه وآله في العيد تسعا خمسا في الأولى وأربعا في الثانية ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) التكبير في الفطر والأضحى اثنتا عشرة ثم يكبر في الأولى ثم يقرأ تكبيرة بعد الفاتحة خمس تكبيرات والسابعة يركع بها ثم يقرأ في الثانية ويكبر أربعا
والخامسة يركع بها ومثله عن الكاظم (ع) وقال المفيد والمرتضى يكبر في الأولى خمسا زايدة على تكبيرة الاحرام وتكبيرة الركوع ويقوم إلى الثانية مكبرا ثم يقرأ ويكبر ثلث
مرات ويركع بالرابعة وقال الشافعي والأوزاعي وإسحاق الزايد على تكبيرة الاحرام وتكبيرتي الركوعين اثنتا عشرة تكبيرة سبع في الأولى وخمس في الثانية لقول
157

عايشة كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر في العيدين اثنتا عشرة تكبيرة سوا تكبيرة الافتتاح ولعله وهم من عايشة في العدد بواحد وقال احمد يكبر في الأولى
ستا غير تكبيرة الاحرام والركوع وفى الثانية خمسا غير تكبيرة النهوض والركوع وهو مروى عن فقهاء المدينة السبعة وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك
والمزني وقال أبو حنيفة والثوري في كل من الأولى والثانية ثلاث ثلاث لان أبا موسى روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يكبر في الأضحى والفطر أربعا تكبيره
على الجنازة وضعفها الخطابي ولا يعتد بها وقال ابن عباس وأنس والمغيرة بن شعبة وسعيد ابن المسيب والنخعي يكبر سبعا سبعا مسألة موضع التكبيرات
الزائدة بعد القراءة قبل الركوع في الركعتين معا عند أكثر علمائنا لأنها قنوت في صلاة فرض فيكون بعد القراءة كالفرائض اليومية ولقول الصادق (ع) وقد سأله
معاوية بن عمار عن صلاة العيدين فقال ركعتان يفتتح ثم يقرء ثم يكبر خمس تكبيرات ثم يكبر ويركع بالسابعة ثم يقوم فيقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات قال وكذا صنع رسول
الله صلى الله عليه وآله وقال بعض علمائنا انه في الأولى قبل القراءة وفى الثانية بعدها وبه قال أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد وعن ابن مسعود وحذيفة وأبى موسى
والحسن وابن سيرين والثوري لما روى أن النبي (ص) كان يوالي بين القرائتين ومن طريق الخاصة رواية هشام بن الحكم عن الصادق (ع) في صلاة
العيدين قال يصل القراءة وقال الشافعي ومالك يكبر قبل القراءة في الركعتين معا وعن أحمد روايتان لرواية عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي (ص)
انه كبر قبل القراءة فيهما وما ذكرناه أولي لموافقتها لباقي الصلوات إذا عرفت هذا فان القائلين بالتقديم اختلفوا فقال الشافعي يكبر للاحرام ثم
يدعو بعدها بدعاء الاستفتاح ثم تكبيرات العيد ثم يتعوذ ثم يقرأ وبه قال احمد ومحمد بن الحسن ولا نعرف لأبي حنيفة في ذلك شيئا لان أبا سعيد الخدري قال إن
النبي (ص) كان يتعوذ قبل القراءة ولان التعوذ تابع للقراءة فلا يفصل بينهما وعن أحمد رواية ان الاستفتاح بعد التكبيرات وهو قول الأوزاعي وقال أبو
يوسف يتعوذ قبل التكبيرات لأنه عقيب دعاء الاستفتاح في جميع الصلوات مسألة ويقنت عقيب كل تكبيرة ويدعوا بما شاء والأفضل ما نقل
عن أهل البيت (ع) وباستحباب الدعاء قال الشافعي واحمد لان ابن مسعود قال للوليد بن عقبة وقد سأله عن كيفية الصلاة يكبر ويحمد الله ويثنى عليه و
يصلى على النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول محمد بن مسلم قال سألت أحدهما (ع) عن الكلام الذي يتكلم به بين التكبيرتين في العيدين فقال ما شئت من
الكلام الحسن ولأنها تكبيرات متكررة في حال القيام فاستحب ان يتخللها الذكر كتكبيرات الجنازة ونقل عن مالك أنه قال يقف بين كل تكبيرتين ولا يذكر شيئا وقال
أبو حنيفة يوالي بين التكبيرات لان الدعاء لو كان مسنونا لنقل عن النبي صلى الله عليه وآله كما نقل عنه التكبير ولأنه ذكر مسنون في محل واحد متكرر فكان متواليا
كالتسبيح في الركوع والسجود والنقل موجود والتسبيح ذكر يخفى ولا يظهر بخلاف التكبيرات مسألة وأفضل ما يقال ما نقل عن أهل البيت (ع) لانهم
اعرف بكيفيات العبادات وما يناجى به الرب لاستفادة علومهم من الوحي قال الباقر (ع) كان أمير المؤمنين (ع) إذا كبر في العيدين قال بين كل تكبيرتين أشهد ان
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (ص) اللهم أهل الكبرياء والعظمة وأهل الجود والجبروت وأهل العفو والرحمة
وأهل التقوى وأهل المغفرة أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى الله عليه وآله كرامة وذخرا ومزيدا أن تصلى على محمد وال محمد كأفضل
ما صليت على عبد من عبادك وصل على ملائكتك ورسلك واغفر للمؤمنين والمؤمنات اللهم إني أسئلك خير ما سئلك به عبادك المرسلين وأعوذ
بك مما استعاذ منه عبادك المرسلون ومثله عن الصادق (ع) لكن لم يذكر الشهادتين وقال الشافعي يقول الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى
الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما مسألة اختلف علماؤنا في التكبيرات الزايدة والقنوت بينهما هل هو واجب أو مستحب قال الشيخ في التهذيب من أخل
بالتكبيرات لم يكن مأثوما لكن يكون تاركا فضلا وقال في الخلاف يستحب ان يدعو بين التكبيرات بما يسنح له ويدل عليه قول أحدهما (ع) وقد سئل عن
الكلام الذي يتكلم به بين التكبيرتين في العيدين قال ما شئت من الكلام الحسن وبه قال الشافعي وقال بعض علمائنا بالوجوب اتباعا لما فعله النبي (ع) وتنزيلا
لفعله (ع) على الواجب وللفرق بين هذه الصلاة وبين الفرايض اليومية إذا عرفت هذا فإنه لا يأتي بالدعاء بين تكبيرة الافتتاح والتكبير للعيدان قلنا
بالتقديم وبه قال الشافعي لان الذكر منه سنة وتكبيرة الافتتاح لا يختص بالعيد تذنيب لو نسى التكبير وقلنا بالتقديم حتى شرع في القراءة
فان قلنا بوجوبه قطع القراءة وكبر ثم استأنف القراءة وان ذكر بعد الفراغ من القراءة فبل الركوع كبر وهل يعيد القراءة إشكال ينشأ من أنها وقعت موقعها
ومن تقديم التكبير وللشافعي قولان ففي القديم لا يسقط التكبير لو نسيه ويقطع القراءة ويكبر ثم يستأنف القراءة ولا يبنى لأنه قطع القراءة بغيرها متعمدا وان
ذكر بعد الركوع كبر ولا تجب إعادة القراءة لكن يستحب ليكون القراءة التكبيرات وفى الجديد يسقط التكبير إذا عرفت هذا فعلى ما اخترناه من تأخير التكبير لو نسيه أو بعضه
ثم ذكر قبل الركوع أتى به لأنه محله وان ذكر بعد الركوع لم يلتفت لفوات محله ولا يقضيه سواء قلنا بوجوبه أو استحبابه عملا بالأصل وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
يأتي بها راكعا وقال الشيخ يقضيها والوجه ما تقدم مسألة ويستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة عند علمائنا وبه قال عطا وأبو حنيفة والشافعي واحمد لان النبي (ع)
قال لا ترفع الأيدي الا في سبعة مواطن وذكر من جملتها تكبيرات العيد ومن طريق الخاصة قول يونس سألته (ع) عن تكبير العيدين فقال يرفع يديه مع كل تكبيرة و
لأنه تكبير في الصلاة فاستحب رفع اليدين به مع كل تكبيرة كاليومية وقال مالك والثوري لا يرفعهما في غير تكبيرة الاحرام لأنها تكبيرات في أثناء الصلاة فأشبهت تكبيرات
السجود والحكم في الأصل ممنوع كما تقدم فروع آ لو شك في عدد التكبير وهو قائم بنى على اليقين ب لو قدمها على القراءة ناسيا أعاد على الرواية الأخرى لان موضعها
باق ج لو أدرك المأموم بعض التكبيرات مع الامام أتم مع نفسه قبل ان يركع ثم يدرك الامام فان خاف فوت
ركوع الامام كبر بغير قنوت فان خاف فوت تركها وقضى بعد
التسليم عند الشيخ وعلى ما اخترناه فلا قضاء وقال الشافعي إذا أدرك مع الامام البعض كبر ما فاته على القديم من أنه لا يسقط التكبير لو نسيه حتى قرأ وبه قال أبو حنيفة
وكذا لو أدركه وهو يقرأ فإنه يكبر وعلى الجديد لا يكبر ما فاته د لو أدرك الامام وهو راكع كبر وركع معه ولا يقضى التكبير وبه قال الشافعي واحمد وأبو يوسف
لأنه ذكر فات محله فيفوت بفواته كذكر الركوع وعلى قول الشيخ يقضى وبه قال أبو حنيفة ومحمد لكن الشيخ يقول يقضى بعد الصلاة التكبير وأبو حنيفة ومحمد يقولان يقضيه في الركوع لان الركوع بمنزله القيام لأنه يدرك
به الركعة وهو ممنوع لتغاير الفعلين ه‍ لو كبر تكبيرات العيد قبل القراءة عند من قال بالتقديم ثم شك هل نوى مع التكبير الأول نية الافتتاح أم لا فالوجه
انه لا يلتفت لأنه شك في شئ بعد انتقاله عنه وقال الشافعي لم يكن داخلا في الصلاة فيكبر وينوى الافتتاح فان شك هل نوى مع الأولى أو مع الأخيرة بنى
على أنه نوى مع الأولى لما تقدم وعند الشافعي يبنى على أنه نوى مع الأخيرة مسألة وتتعين الفاتحة في كل ركعة إجماعا ممن يوجبها في الصلوات وتجب
158

سورة أخرى في كل ركعة ولا يجب تعيينها إجماعا كغيرها من الصلوات لكن اختلفوا في الأفضل فلعلمائنا قولان أحدهما ان يقرأ في الأولى بعد الحمد الاعلى وفى
الثانية بعدها الشمس لقول الباقر (ع) يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الاعلى وفى الثانية والشمس وضحيها والثاني في الأولى بالشمس وفى الثاني بالغاشية لرواية
معاوية بن عمار قال سألته إلى أن قال ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثم يقرأ والشمس وضحها ثم قال ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل أتيك حديث الغاشية وللشيخ كالقولين و
قال الشافعي في الأولى بقاف وفى الثانية بالقمر لقول أبى واقد لما سأله عمر عن قرائة رسول الله صلى الله عليه وآله في العيدين كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأ بق
والقرآن المجيد واقتربت الساعة وقال مالك واحمد يقرأ في الأولى بسبح اسم وفى الثانية بالغاشية لرواية نعمان بن بشير ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ بذلك في العيدين
والجمعة وقال أبو حنيفة ليس بعض السور أولي من بعض لقوله تعالى فاقرؤا ما تيسر وفعل النبي صلى الله عليه وآله غير ما ذكرناه لا ينافي ما قلناه من الاستحباب والمراد
من الآية صلوا ما تيسر من الصلاة مسألة ويستحب الجهر بالقرائة في العيد إجماعا لان النبي (ع) فعل ذلك ونقل الجمهور عن علي (ع) انه كان إذا قراء
في العيد اسمع من يليه ولم يجهر ذلك الجهر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يجهر الامام بالقرائة ولأنها صلاة عيد فأشبهت الجمعة ويستحب ان يدعو
بدعاء الاستفتاح عقيب تكبيرة الاحرام وهو وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض كغيرها من الفرايض فإذا قرأ تعوذ ثم قرأ مسألة يجب الخطيبان
بعد الصلاة وقد أجمع المسلمون كافة على أنهما بعد الصلاة الا بنى أمية فان عثمان ومروان وابن الزبير خطبوا قبل الصلاة وهو خلاف الاجماع ومخالفة لسنة النبي (ع) وسنة
خلفائه وروى طارق بن شهاب قال قدم مروان الخطبة قبل الصلاة فقام رجل فقال خالفت السنة كانت الخطبة بعد الصلاة فقال ترك ذلك يا أبا فلان وقال أبو سعيد
الخدري إما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من رأى منكم منكرا فلينكره بيده فمن لم يستطع فلينكره بلسانه فمن لم يستطع فلينكره بقلبه
وذلك أضعف الايمان ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الخطبة بعد الصلاة وانما أحدثها قبل الصلاة عثمان فروع - آ - الخطبتان هنا كما هي في الجمعة باجماع
العلماء إلا أنه ينبغي ان يذكر في خطبة ما يتعلق بالفطرة ووجوبها وشرايطه وقدر المخرج وجنسه ومستحقه ووقته وفى الأضحى حال الأضحية وما يتعلق بها واستحبابها
وما يجزى فيها ووقت ذبحها وكيفية تفريقها وغير ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله قال في خطبته من ذبح قبل ان يصلى فإنما هو شاة لحم عجله لأهله ليس من النسك في شئ
ومن ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وقد أصاب سنة المسلمين ب ينبغي ان يخطب قائما لان جابرا قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله
يوم فطر أو اضحى فخطب قائما ثم قعد ثم قام ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) الصلاة قبل الخطبتين يخطب قائما ويجلس بينهما لأنها صلاة عيد
فأشبهت خطبة الجمعة ج يجلس بينهما لما تقدم من الحديثين وهل القيام والجلوس بينهما واجبان إشكال ينشأ من أصالة البراءة ومن الامر بالقيام وهو ظاهر للوجوب وقد
روى الجمهور عن علي (ع) انه صلى يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب على دابته د ينبغي للامام إذا صعد المنبر ان يبدأ بالسلام كما قلنا في الجمعة فإذا
سلم فهل يجلس جلسة خفيفة قبل الخطبة احتمال ينشأ من المساواة لخطبة الجمعة فيجلس للاستراحة عن بعث الصعود وللتأهب للخطبة وتأهب الناس لاستماعها ومن أن
الجلوس في الجمعة لانتظار الاذان وهو منفى هنا ه‍ قال أصحابنا الخطبة هنا كالخطبة في الجمعة وظاهره عدم استحباب التكبير وان التكبير في نفسه حسنا الا
ان المنع من اعتقاد مشروعيته هنا بالخصوصية وقال الشافعي أول ما يبدأ في الخطبة الأولى بالتكبير تسع وفى الثانية سبع مرات نسقا قال أصحابه وليس
التكبير من الخطبة والخطبتان واجبتان كما قلنا للامر وهو للوجوب وقال الجمهور بالاستحباب - ز - لا يجب حضورهما ولا استماعهما إجماعا ولهذا اخرنا من الصلاة
ليتمكن المصلى من تركهما بل يستحب روى عبد الله بن السياب ان النبي صلى الله عليه وآله قال بعد صلاته انا نخطب فمن أحب ان يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب
ان يذهب فليذهب ح يستحب للنساء استماع الخطبتين كالرجال لان النبي (ع) لما صلى العيد قام متوكيا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته
ووعظ الناس فذكر هم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن ومن طريق الخاصة ما روت أم عطية قالت كنا نؤمر ان نخرج يوم العيد حتى تخرج
البكر والحيض يرجون بركة ذلك اليوم إذا عرفت هذا فالأولى للثواب لا يخرجن من بيوتهن لقول الصادق (ع) لا يخرجن و
ليس على النساء خروج أقلوا لهن الهيئة حتى لا يسألكن الخروج وقد وردت رخصة بذلك للتعرض للرزق وروى عبد الله بن سنان قال انما رخص رسول
الله صلى الله عليه وآله للعواتق في الخروج في العيدين للتعرض للرزق المطلب الثاني في سننها ولواحقها مسألة يستحب الغسل يوم الفطر.
والأضحى وقد تقدم بلا خلاف لان عليا (ع) كان يغتسل في الفطر والأضحى ووقته بعد طلوع الفجر لأنه مضاف إلى اليوم وهو أحد قولي الشافعي واحمد
والثاني لهما يجوز قبل الفجر لان الصلاة تفعل بعد طلوع الشمس فيضيق وقته بخلاف الجمعة ونمنع التضييق وللشافعي قولان فيضيق وقته بخلاف الجمعة
ونمنع التضييق وللشافعي قولان على التقديم هل يجوز من أول الليل أو بعد نصفه ونحن عندنا يستحب غسلان أحدهما ليلا والثاني نهار يستحب لمن يريد
حضور العيد ومن لا يريده إجماعا لأنه يوم زينة بخلاف الجمعة عند من خصصه بالحضور لأنه للاجتماع خاصة مسألة ويستحب ان يتطيب و
يلبس أحسن ثيابه ويتعمم شتاء وصيفا بالاجماع قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما على أحدكم ان يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعته وعيده ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) في قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد قال العيدان والجمعة وقال الصادق (ع) يجحر الامام بالقرائة ويعتم شاتيا وقايظا
وقال إن النبي صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك مسألة يستحب الاصحار بالصلاة الا بمكة عند علمائنا وبه قال علي (ع) والأوزاعي واحمد و
ابن المنذور وأصحاب الرأي لان النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده ولا يترك النبي (ع) الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع
بعده ولم ينقل انه (ع) صلى العيد بمسجده الا لعذر ولأنه اجماع المسلمين فان الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى فيصلون العيد مع سعة
المساجد وضيقها وكان النبي صلى الله عليه وآله يصلى في المصلى مع شرف مسجده وقيل لعلى (ع) قد اجتمع في المسجد ضعفاء الناس فلو صليت بهم في
المسجد فقال أخالف السنة إذا ولكن يخرج إلى المصلى واستخلف من يصلى بهم في المسجد أربعا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يخرج الامام البر
حيث ينظر إلى افاق السماء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج إلى البقيع فيصلى بالناس واما استثناء مكة فلقول الصادق (ع) السنة على
أهل الأمصار ان يبرزوا من أمصارهم في العيدين الا أهل مكة فإنهم يصلون في المسجد ولتميزه عن غيره من المساجد بوجوب التوجه إليه من جميع الآفاق فلا يناسب
الخروج عنه وقال الشافعي إن كان مسجد البلد واسعا كانت الصلاة فيه أولي لان أهل مكة يصلون في المسجد الحرام خير البقاع وأطهرها وان
159

كان ضيقا لا يسع الناس خرج إلى المصلى ونحن قد بينا استحباب الصلاة بمكة في مسجدها دون غيرها ولو كان هناك مطر استحب ان يصلى في المسجد لان النبي صلى الله عليه وآله
صلى في مسجده يوم مطر إذا ثبت هذا فإنه لا ينبغي للامام ان يخلف أحدا يصلى العيدين في المساجد لضعفة الناس لان العاجز يسقط عنه فيصليها مستحبا ولقول
الباقر (ع) قال الناس لأمير المؤمنين (ع) ألا تخلف رجلا فيصلى العيدين بالناس فقال لا أخالف السنة وقال الشافعي يستحب ذلك لان عليا (ع) استخلف أبا مسعود يصلى بهم في المسجد وهو ممنوع لان عليا (ع) قيل له لو امرت
من يصلى بضعفة الناس هو نافى المسجد الأكبر قال انى ان امرت رجلا يصلى امرته ان يصلى بهم أربعا رواه الجمهور مسألة ويستحب الخروج ماشيا على سكينة و
وقار ذاكرا باجماع العلماء لان النبي (ص) لم يركب في يوم عيد ولا جنازة وقال علي (ع) من السنة ان تأتى العيد ماشيا وترجع ماشيا وأن تكون حافيا
لأنه أبلغ في الخضوع لان بعض الصحابة كان يمشى إلى الجمعة حافيا وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار
ومشى الرضا (ع) إلى المصلى حافيا ولو كان هناك عذر يمنع المشي جاز الركوب اجماعا وفى العود يستحب المشي أيضا الا من عذر لان النبي (ع) كان يخرج
إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا ولما تقدم في حديث علي (ع) مسألة وقت الخروج إلى العيد بعد طلوع الشمس لان النبي صلى الله عليه وآله كان
يخرج في يوم الفطر والأضحى فأول شئ يبدأ به الصلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فإذا طلعت خرجوا وقال سماعة سألته عن الغدو إلى المصلى
في الفطر والأضحى فقال بعد طلوع الشمس وقال الشافعي يستحب لغير الامام التكبير ليأخذ الموضع ويستحب ان يسجد على الأرض لان الصادق (ع) أتى بخمرة يوم الفطر فأمر
بردها وقال هذا يوم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب ان ينظر إلى آفاق السماء ويضع جبهته على الأرض مسألة يستحب ان يطعم في الفطر قبل خروجه فيأكل
شيئا من الحلوة وبعد عوده في الأضحى مما يضحى به وهو قول أكثر العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الأضحى حتى
يرجع وقال ابن المسيب كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة ولا يفعلون ذلك يوم النحر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أطعم يوم الفطر قبل ان تصلى ولا
تطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الامام ولان الصدقة قبل الصلاة فاستحب الاكل يتشارك المساكين فيه بخلاف الأضحى لان الصدقة فيه بالأضحية بعدها ولان الفطر
واجب فاستحب تعجيله لاظهار المبادرة إلى طاعة الله تعالى وليتميز عما قبله من وجوب الصوم وتحريم الاكل بخلاف يوم النحر حيث لم يتقدم صوم واجب وتحريم الاكل
فاستحب تأخير الاكل منه ليتميز عن الفطر وقال احمد إن كان له ذبح اخر والا فلا يبالي ان يطعم قبل خروجه وليس بشئ نعم لو لم يقدر على الصبر جاز ان يطعم قبل الخروج
للعذر قال الباقر (ع) لا تأكل يوم الأضحى الا من أضحيتك ان قويت وان لم تقو فمعذور إذا ثبت هذا فإنه يستحب ان يأكل في الفطر شيئا من الحلوة لان النبي (ع)
قل ما كان يخرج يوم الفطر حتى يأكل تميرات (تمرات) ثلاثا أو خمسا أو سبعا وأقل من ذلك أو أكثر مسألة الأذان والإقامة في صلاة العيدين بدعة عند علمائنا أجمع
وهو قول علماء الأمصار لان جابر بن سمرة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وآله غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة ومن طريق الخاصة قول إسماعيل بن جابر سألت الصادق (ع)
صلاة العيدين فيهما أذان وإقامة قال لا ولكن ينادى الصلاة ثلاث مرات وروى أن ابن الزبير أذن وأقام لصلاة العيدين قال ابن المسيب أول من أذن لصلاة العيد
معاوية لأنها صلاة يسن لها الاجتماع فسن ولها الاذان كالجمعة وهو غلط لأنه قياس مناف للاجماع فرعان الأول ينبغي أن يقول المؤذن عوض الاذان الصلاة
ثلاثا لما تقدم في حديث الصادق (ع) وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء وقال احمد لا يستحب شئ من الألفاظ لقول جابر لا أذان ولا إقامة يوم الفطر ولا نداء
ولا شئ ولا نداء يومئذ ولا إقامة وهو غير مصروف إلى النداء المعهود للصلاة وهو الاذان وهو قول جابر ليس حجة بل ضده أولي لان التنبية على الصلاة مطلوب
للشارع إذ قد يخفى اشتغال الامام بالصلاة الثاني لو قال الصلاة جامعة أو هلموا إلى الصلاة جاز لكن الأفضل ان يتوقى الفاظ الاذان مثل حي على
الصلاة مسألة لا ينقل المنبر من موضعه بل يعمل منبر من طين لان النبي صلى الله عليه وآله لم ينقله وقال الصادق (ع) لا يحرك المنبر من موضعه ولكن يصنع شبه المنبر من طين يقوم عليه فيخطب الناس وعليه اجماع العلماء مسألة يستحب التكبير في عيد الفطر
عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد وأبو حنيفة في رواية لقوله تعالى وتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم قال المفسرون لتكملوا عدة
شهر رمضان ولتكبروا الله عند اكماله ولان عبد الله بن عمر روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يخرج يوم
الفطر والأضحى رافعا صوته بالتكبير ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) إما ان في الفطر تكبيرا ولكنه مستحب وكان علي (ع) يكبر وكذا باقي الصحابة وقال بعض علمائنا بوجوبه وبه قال داود الظاهري للآية
وليست أمرا بل هي اخبار عن ارادته تعالى في قوله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم ولأنه تكبير شرع يوم عيد فلا
يكون واجبا كالتكبير في الأضحى وقال أبو حنيفة لا يكبر في الفطر وقال النخعي انما يفعل ذلك الحواكون لان ابن عباس سمع التكبير يوم الفطر فقال ما شأن الناس
فقلت يكبرون فقال أمجانين الناس ولا حجة فيه لمعارضته فعل النبي صلى الله عليه وآله وفعل علي عليه السلام وباقي الصحابة على أن ابن عباس كان يقول يكبرون مع
الامام ولا يكبرون منفردين وهو خلاف ما قالوه مسألة وهو عقيب أربع صلوات أولاهن مغرب ليلة الفطر وآخرهن صلاة العيد وقال الشافعي أوله
إذا غربت الشمس من آخر يوم من شهر رمضان وبه قال سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام هؤلاء من الفقهاء السبعة وهو
قول أبى سلمة بن عبد الرحمن وزيد بن أسلم فيندرج فيه ما تقدم من الصلوات الأربع لان التكبير في الأضحى عقيب الصلوات فيكون الفطر كذلك ولان التكبير
عقيب الفرائض يحصل معه الامتثال فيكون الزايد منفيا بالأصل ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن التكبير أين هو في ليلة الفطر في المغرب والعشاء
والفجر وصلاة العيد ولان الغروب سبب لصلاة المغرب فينبغي تقديمها ولان الغروب زمان بين إكمال العدة وبين صلاة العيد بالنهار وقال مالك
والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه واحمد التكبير يوم الفطر دون ليلته لما روى عن علي (ع) وهو ممنوع وقال أبو ثور وأبو إسحاق من الشافعية يكبر إذا غدا إلى
المصلى واما آخره فصلوة العيد كما تقدم فإنه يكبر عقيبها كما قلناه على الأشهر وزاد ابن بابويه عقيب ظهر العيد وعصره أيضا وللشافعي أربعة أقوال أحدها
اخر خروج الامام إلى الصلاة نقله المزني ثانيها رواية البرنطي آخره افتتاح الامام الصلاة وثالثها قال في القديم حتى ينصرف الامام من الصلاة الرابع رواية أبى
حامد حتى ينصرف الامام من الصلاة والخطبتين ثم قسم الشافعي التكبير إلى مطلق في جميع الأحوال وهو مستحب والى مقيد يختص بادبار الصلوات وفى استحبابه
وجهان الاستحباب لان كل زمان استحب فيه التكبير المرسل استحب فيه التكبير المختص بادبار الصلوات كالأضحى وعدمه لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله انه فعله و
قد بينا انه مستحب وعلى تقدير الاستحباب قال إنه يستحب في صلوات خاصة المغرب والعشاء ليلة الفطر وصبح الفطر إذا عرفت هذا فإنه رفع الصوت به
لان فيه اظهارا لشعاير الاسلام وتذكيرا للغير مسألة يكبر في الأضحى بمنى عقيب خمس عشرة صلاة أولها ظهر النحر وآخرها صبح الثالث من أيام التشريق عند علمائنا أجمع
160

وهو أحد أقوال الشافعي وبه قال زيد وعثمان بن ثابت وابن عمر وأبو سعيد الخدري وابن عباس ومالك لقوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات وهي أيام التشريق
وليس فيها ذكر مأمور به سواء التكبير وعرفه ليس منها ولان عليا (ع) بدأ بالتكبير كما قلناه ولان الناس تبع الحاج والحاج يقطعون التلبية مع أول حصاه
ويكبرون مع الرمي وإنما يرمون يوم النحر فأول صلاة بعد ذلك الظهر واخر صلاة يصلون بمنى فجر الثالث من أيام التشريق وقول الصادق (ع) التكبير في أيام التشريق
عقيب صلاة الظهر يوم النحر ثم يكبر عقيب كل فريضة إلى صبح الثالث من أيام التشريق والقول الثاني للشافعي عقيب المغرب ليلة النحر إلى صبح الثاني من أيام التشريق
وذلك ثماني عشرة صلاة لان التكبير في الفطر عقيب المغرب فكذا الأضحى والثالث بعد الصبح يوم عرفة إلى العصر من اخر أيام التشريق ثلاث وعشرون صلاة ورواه الجمهور
عن علي عليه السلم وعن عمر وبه قال الثوري واحمد وإسحاق وأبو إسحاق وأبو ثور ومحمد وابن المنذر ولان جابر بن عبد الله قال صلى النبي صلى الله عليه وآله الصبح يوم عرفة ثم أقبل
علينا فقال الله أكبر الله أكبر ومد التكبير إلى العصر من اخر أيام التشريق وقال الأوزاعي يكبر من يوم النحر إلى الظهر من اليوم الثالث وبه قال المزني ويحيى بن سعيد الأنصاري
وقال داود يكبر من الظهر من يوم النحر إلى العصر من اخر أيام التشريق وقال أبو حنيفة يكبر عقيب الصبح من يوم عرفة إلى العصر من يوم النحر ثمان صلوات وهو مروى
عن ابن مسعود لقوله تعالى ويذكروا اسم الله في أيام معلومات قالوا والمعلومات هي العشر وأجمعتا على أن فيما قبل عرفة لا يكبر فيجب ان يكبر يوم عرفة ويوم النحر وهو
ممنوع فان المراد بذلك التكبير على الهدى في أيام العشر أو الذكر على الأضحية مسألة ويكبر في الأضحى من كان بغير منى عقيب عشر صلوات أولها ظهر النحر وآخرها صبح الثاني
من أيام التشريق ولم يفرق أحد من الجمهور بين من كان بمنى وغيرها لقول الصادق (ع) التكبير في الأمصار عقيب عشر صلوات فإذا نفر الحاج النفر الأول أمسك أهل الأمصار
ومن أقام بمنى فصلى الظهر والعصر فليكبر ولان الناس في التكبير تبع الحاج ومع النفر الأول يسقط التكبير فيسقط عمن ليس بمنى في وجوب هذا التكبير ولعلمائنا قولان أقويهما
الاستحباب لأصالة البراءة مسألة اختلف علماؤنا في كيفيته فقال الشيخ في المبسوط يكبر مرتين ثم يقول لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدانا ولله الحمد والحمد
لله على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا ويزيد في الأضحى ورزقنا من بهيمة الأنعام وفى الخلاف يكبر مرتين ثم يقول لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد وهو إحدى
الروايتين عن علي عليه السلام وبه قال ابن مسعود والثوري وأبو حنيفة واحمد لان التكبير إذا توالى كان شفعا كالاذان وتكبير الجنازة ولان جابرا قال لما صلى رسول
الله صلى الله عليه وآله صبح عرفة أقبل على أصحابه فقال على مكانكم ثم قال الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وقال ابن بابويه كان علي (ع) يبدأ
بالتكبير في الأضحى إذا صلى الظهر يوم النحر ويقطع عند الغداة من أيام التشريق يقول في دبر كل صلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وقال
البزنطي يكبر في الأضحى ثلاثا وبه قال الشافعي ومالك لان جابرا صلى في أيام التشريق فقال الله أكبر الله أكبر ثلاثا ولا يقوله إلا توفيقا ولان التكبير إذا كان بشعار العيد كان
وترا لتكبير الصلاة والقول عن الرسول صلى الله عليه وآله أولي من الفعل قال الشافعي وما زاد فحسن فان زاد زيادة فليقل بعد التكبيرات الثلاث الله أكبر كبيرا والحمد لله
كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا ولا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم
الأحزاب وحده لا إله إلا الله والله أكبر لان النبي صلى الله عليه وآله قاله على الصفا في حجة الوداع وما قلناه أولي للنقل عن أهل البيت (ع) وهم اعرف قال
الباقر (ع) يقول في أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدانا والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام تذنيب
وأدرك المأموم في بعض الصلاة أتم بعد تسليم الامام ولا يتابعه في التكبير لان الامام يكبر بعد خروجه فإذا تم المأموم صلاته كبر عقيبها مسألة يكبر خلف الفرايض
المذكورة كلها عند علمائنا دون النوافل إلا على رواية وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي في أحد القولين لان الباقر والصادق (ع) قالا التكبير بمنى
في دبر خمس عشرة صلاة وفى ساير الأمصار عقيب عشر صلوات وجعلا آخرها صبح الثالث أو الثاني ولأنها نوافل فلا يكبر عقيبها كنوافل يوم عرفة وقال الشافعي
يكبر عقيب النوافل أيضا لأنها صلاة مفعولة يوم النحر وكان التكبير مستحبا عقيبها كالفرايض وبه رواية عندنا عن علي (ع) أنه قال على الرجال والنساء
ان يكبروا أيام التشريق في دبر الصلوات وعلى من صلى وحده ومن صلى تطوعا مسألة والتكبير مستحب للمنفرد كالجامع ولمن صلى في سفر أو حضر في بلد كان أو في
قرية صغيرا كان المصلى أو كبيرا رجلا كان أو امرأة عند علمائنا وبه قال مالك والأوزاعي وقتادة والشعبي والشافعي لعموم الاخبار وقول علي (ع) وعلى من صلى وحده ولان
كل ذكر يستحب للمسبوق يستحب للمنفرد كالتسليمة الثانية ولان المنفرد يؤذن ويقيم كالجماعة وقال أبو حنيفة المنفرد لا يكبر لان عمر لم يكبر لما صلى وحده أيام
التشريق ولقول ابن مسعود ليس على الواحد والاثنين أيام التشريق تكبير وقولهما ليس حجة فروع - آ - إذا فاته صلاة من هذه الصلوات فقضاها كبر بها وإن
فاتت أيام التشريق لقولهم (على) من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته وقد فاتته صلاة يكبر عقيبها فقضاؤها كذلك وقال الشافعي لا يكبر لان التكبير
من سنة الوقت وقد فات - ب - لو صلى خلف إمام تابعه في التكبير فان ترك الامام التكبير كبر هو - ج - لو نسى التكبير كبر حيث ذكر وبه قال الشافعي لأنه من هيئات أيام التشريق
ولهذا لا يأتي به عقيب غيرها وقال أبو حنيفة إذا سلم ونسى التكبير فان تحدث قبل التكبير أو خرج من المسجد أو أحدث عامدا لم يكبر وان ذكر قبل ان يحدث كبر ولو
ذكر قبل ان يخرج من المسجد عاد إلى مكانه وجلس فيه كما يجلس للتشهد وكبر فيه وان لم يكبر حتى سبقه الحدث لم يكبر لأنه تابع للصلاة فسقط بتركه كسجود السهو
الرابع لا يستحب التكبير في غير أدبار الصلوات المعينة للتنصيص عليها وقال الشافعي يستحب ان يفعل في المنازل والمساجد والطرق من غير قيد
بوقت أو حال الخامس يستحب احياء ليلتي العيدين بفعل الطاعات لقوله (ع) من أحيا ليلتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب وما يضاف إلى القلب
فإنه أعظم وقعا لقوله فإنه آثم قلبه وموت القلب الكفر في الدنيا والفزع في الآخرة مسألة يكره التنفل في العيدين قبل صلاة العيد وبعدها للامام و
المأموم وبه قال علي (ع) والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة لان ابن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وآله خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يتنفل قبلهما ولا بعدهما
ورأى علي (ع) قوما يصلون قبل العيد فقال ما كان يفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في صلاة العيدين ليس قبلهما ولا
بعدهما شئ وقال الشافعي يكره للامام قبل الصلاة وبعدها لئلا يتشاغل بغير الخطبة والصلاة وأما المأموم فيجوز أن يصلى قبلها وبعدها لعدم المضي
فيه وبه قال الحسن البصري وهو مروى عن أنس وأبي هريرة وسهل بن سعد الساعدي ورافع بن خديج وعن مالك إذا صلى العيد في المسجد روايتان أحدهما يجوز التنفل
ورواه الجمهور عن علي (ع) وابن عمر وان صلى في غير المسجد لم يتنفل قبلها ولا بعدها وقال احمد إنما يكره التنفل في موضع الصلاة فأما في غيره فلا بأس به وكذا
لو خرج منه ثم عاد إليه بعد الصلاة فلا بأس بالتطوع فيه والعموم ينافيه إذا عرفت هذا فاعلم أن أصحابنا استحبوا صلاة ركعتين في مسجد النبي صلى الله عليه وآله
161

لمن كان بالمدينة قبل خروجه إلى العيد لقول الصادق (ع) ركعتان من السنة ليس يصليان في موضع إلا بالمدنية تصلى في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله في العيد
قبل ان يخرج إلى المصلى ليس ذلك إلا بالمدينة لان رسول الله صلى الله عليه وآله فعله ولو أقيمت صلاة العيد في المسجد بعذر استحب صلاة التحية فيه أيضا وإن كان
الامام يخطب ولا يصلى العيد لأنه إنما ليس له الاشتغال مع الامام بما أدرك لا قضاء ما فاته وإنما يصلى تحية المسجد لأنه موضع ذلك وليس بموضع صلاة العيد وبه
قال بعض الشافعية وقال بعضهم يصلى العيد لأنها أولي من تحية المسجد ويغنى عنها كما لو دخل المسجد وصلى الفريضة أغنى ذلك عن تحية المسجد ولو أقيمت في المصلى
اشتغل بسماع الخطبة لا بالصلاة لان المصلى لا تحية له حيث لم يكن مسجدا ولا يشتغل بقضاء العيد لقول الصادق (ع) يجلس حتى يفرغ من خطبته ثم يقوم
فيصلى ولان الخطبة من تمامها فينبغي ان يشتغل بما أدرك مسألة لو فاتت لم تقض سواء كانت فرضا أو نفلا عمدا كان الفوات أو نسيانا عند أكثر علمائنا وبه قال مالك و
أبو ثور وداود والمزني لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة فلا تقضى بعد فوات وقتها كالجمعة ولقول الباقر (ع) من لم يصل مع الامام في جماعة فلا صلاة له
ولا قضاء عليه ولان القضاء منفى بالأصل ولم يوجد المعارض وقال احمد انها تقضى ركعتان وللشافعي كالقولين وكذا عن أبي حنيفة روايتان لان ركبا جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله
فشهدوا انهم رأو الهلال بالأمس فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله ان يفطروا وإذا أصبحوا ان يغدوا إلى مصلاهم ولأنها صلاة أصل موقته فلا تسقط بفوات
الوقت كالفرايض ولا حجة في الحديث لاحتمال عدم الوثوق بهم فلزمهم الافطار تديينا لهم بما عرفوه ولم يثبت بشهادتهم الهلال والمضى إلى العيد تبعا لعمل الناس
والقضاء في الفرايض والنص واختلف الشافعية فقال بعضهم لا يقضى أبدا وقال بعضهم يقضى وقال بعضهم لا يقضى إلا في الحادي والثلاثين وقال بعضهم يقضى في شهر العيد كله فروع - آ - قال الشيخ إن شاء صلى
أربعا وإن شاء اثنتين من غير أن يقصد القضاء لقول الصادق (ع) من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا والسند ضعيف وبقول الشيخ قال احمد والثوري - ب - لو أدرك
الامام في التشهد جلس معه فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين إن قلنا بالقضاء يأتي فيهما بالتكبير - ج - لو أدركه في ركوع الثانية وجبت له لأنه مدرك للفرض حينئذ فيركع فإذا
سلم الامام قام فأتم الصلاة وقد فاته تكبير الأولى وفى قضائه ما تقدم ولو أدركه رافعا من ركوعها فاتته الصلاة ولو أدركه في أثناء التكبير تابعه في الباقي فان تمكن بعد ذلك من التكبير ولا
قضاهما فان فعل وإلا يسقط - د - يحرم السفر بعد طلوع الشمس على المكلف بها حتى يصلى العيد لتوجه الامر إليه حينئذ فيحرم عليه الاخلال ويكره بعد الفجر قبل طلوع الشمس
لقرب وقت العبادة فلا ينبغي الاخلال بها ولقول الصادق (ع) إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا مخرج حتى تشهد ذلك العيد ولا بأس به قبل
الفجر إجماعا مسألة إذا أصبح صائما يوم الثلاثين فشهد شاهدان ان الهلال كان بالأمس وان اليوم يوم عيد فعدلا قبل الزوال أو شهدا ليلة الثلاثين وعدلا
يوم الثلاثين قبل الزوال خرج الامام وصلى بالناس العيد صغيرا كان البلد أو كبيرا إجماعا لان الوقت باق إلى
زوال الشمس ولو شهدا يوم الحادي والثلاثين ان
الهلال كان ليلة الثلاثين أو شهدا بعد غروب الشمس ليلة الحادي والثلثين ان الهلال كان ليلة الثلاثين وعدلا فقد فات العيد وفات وقت صلاته ولا قضاء عندنا وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يصلى بالناس يوم الحادي والثلاثين قبل
الزوال وتكون الصلاة أداء لا قضاء وبه قال الأوزاعي والثوري واحمد وإسحاق لقوله (ع) فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وعرفتكم يوم تعرفون وهو
محمول على ما إذا لم يثبت وإن شهدا قبل الزوال يوم الثلاثين ان الهلال كان البارحة وعدلا بعد الزوال أو شهدا بعد الزوال وعدلا بعده فلا قضاء في ذلك
لفوات وقت الصلاة وهو أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أبي حنيفة وبه قال مالك والمزني وأبو ثور وداود لأنها لو قضيت في غد يومها لقضيت في يومها
بل كان أولي والقول الثاني للشافعي انها تقضى وبه قال احمد لما تقدم في حديث الركب ثم قال على تقدير القضاء إن كان البلد صغيرا يمكن اجتماع الناس في بقية
اليوم يجمع الناس وان لم يمكن ذلك لكبر البلد قضى من الغد وعند أصحاب أبي حنيفة واحمد انها يقضى من الغد مطلقا وقد تقدم فان شهدا يوم الثلاثين قبل الزوال وعدلا يوم الحادي والثلاثين أو ليلته فلا
قضاء عندنا وهو أحد قولي الشافعي لما تقدم وفى الثاني يقضى لأن الاعتبار بالشهادة إذا عدلا بحال إقامتها لا بحال التعديل فإذا عدلا يوم الحادي والثلاثين أو شهدا بعد الزوال وعدلا يوم الحادي والثلاثين أو ليلته وكانت
الشهادة يوم الثلاثين حكمنا بأن الفطر كان حين الشهادة فيكون فطرهم بالأمس ويكون فعلها قضاء مسألة ويستحب إذا مشى في طريق أن يرجع في غيرها وبه
قال مالك والشافعي واحمد لان رسول الله صلى الله عليه وآله فعله إما قصد السلوك الابعد في الذهاب ليكثر ثوابه بكثرة خطواته إلى الصلاة ويعود في الأقرب لأنه
أسهل وهو راجع إلى منزله أو ليشهد له الطريقان أو ليساوي بين أهل الطريقين في التبرك بمروره وسرورهم برؤيته وينتفعون بمسألته أو ليتصدق على أهل
الطريقين من الضعفاء أو ليتبرك الطريقان بوطئه (ع) عليهما فينبغي الاقتداء به لاحتمال بقاء المعنى الذي فعله من أجله ولأنه قد يفعل الشئ لمعنى ويبقى في
حق غيره سنة مع زوال المعنى كالرمل والاضطجاع في طواف القدوم فعله هو وأصحابه لاظهار الجلد للكفار وبقى سنة بعد زوالهم ولهذا قال عمر قيم الرمل الان
ولم نقل منا مناكبنا وقد نفى الله المشركين مسألة يكره الخروج بالسلاح إلى صلاة العيدين لمنافاته الخشوع والاستكانة إلا أن يخاف العدو فيجوز ولقول
الباقر (ع) نهى النبي صلى الله عليه وآله ان يخرج السلاح في العيدين إلا أن يكون عدو ظاهر مسألة يستحب التعريف عشية عرفه بالامصار في المساجد لما فيه من
الاجتماع لذكر الله تعالى وفعله ابن عباس بالبصرة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب وليصل وبعده
كما يصلى في الجماعة وفى يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الأمصار يدعون الله عز وجل مسألة يحرم على الرجال التزين يوم العيد وغيره بلبس الحرير المحض وقد
تقدم والقز من الحرير وفيه وجه للشافعية لأنه ليس من ثياب الزينة والمركب من الإبريسم وغيره سايغ إن تساويا أو كان الإبريسم أكثر ما لم يخرج بالاسم إليه وللشافعي قولان أحدهما إن كان الإبريسم
أكثر كالخز سداه إبريسم ولحمه صوف لم يحرم وإن انعكس حرم وإن تساويا فوجهان أصحهما انه لا يحرم والثاني انه لا ينظر إلى القلة والكثرة بل إلى الظهور فان ظهر
حرم وإن كان أقل وإلا حل وإن كان أكثر ولا بأس بافتراشه خلافا للشافعي للرجال والنساء وعنده في النساء وجهان ويجوز للمسافر لخوف القمل والحكة وكذا للحكة
في الحضر وللشافعية فيه وجهان الفصل الثالث صلاة الكسوف وفيه مطلبان الأول الماهية مسألة هذه الصلاة فرض على الأعيان عند علمائنا
لقوله تعالى لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ذكر الله تعالى جميع الآيات وخص هاتين بالسجود عند ذكرهما فاختصا بتلك العبادة وقال ابن عباس خسفت الشمس على عهد
رسول الله (ص) فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى والناس معه ثم قال أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله سبحانه لا يخسفان لموت أحد
ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) هي فريضة وقول الكاظم (ع) إنه لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله
جرت ثلاث سنن إما واحدة فإنه لما مات انكسف الشمس لفقد ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال أيها الناس ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ثم نزل
162

فصلى بالناس صلاة الكسوف والامر للوجوب وقد حصل من النبي صلى الله عليه وآله قولا وفعلا وقال الجمهور كافة بالاستحباب للأصل وما ذكرناه يقتضى العدول
عنه مسألة وهي ركعتان تشتمل كل ركعة على خمس ركوعات وسجدتين عند علمائنا أجمع لقول أبى بن كعب ان النبي صلى الله عليه وآله ركع خمس ركوعات ثم سجد سجدتين
وفعل في الثانية مثل ذلك ومثله روى جابر عن النبي (ص) وصلى علي (ع) بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مثل ذلك ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) هي عشر
ركعات بأربع سجدات وقال أبو حنيفة وإبراهيم النخعي والثوري انها ركعتان كالفجر فان زاد ركوعا بطلت صلاته لان قبيضة روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا رأيتموها
فصلوا كأحدى صلاة صليتموها من المكتوبة ولا حجة فيه لأنه مرسل ولاحتمال انه صلى ركعتين في كل ركعة خمس ركوعات ولان اخبارنا أولي لاشتمالها على الزيادة
مع عدم لفظ يدل على المنافات وقال الشافعي يصلى ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجدتان وقيامان وقرائتان وبه قال مالك واحمد وإسحاق وروى عن ابن عباس و
عثمان لان ابن عباس وعايشة وصفا صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ركعة ركوعان وسجدتان وقيامان وأحاديثنا أولي لاشتمالها على الزيادة ولان أبيا أسن من ابن عباس
وعايشة أعرف بأحوال النبي صلى الله عليه وآله لعدم مخالطة عايشة بالرجال وصغر ابن عباس خصوصا مع فعل علي (ع) وأهل بيته كما قلناه وقال إسحاق وابن المنذر
انه يصلى ست ركعات وأربع سجدات وهو مروى عن ابن عباس وعايشة ورواه الجمهور عن علي (ع) وجوزه احمد مسألة وكيفيتها عند علمائنا ان يكبر
للافتتاح أولا ثم يقرأ الحمد وسورة أيها شاء أو بعضها ثم يركع فيذكر الله تعالى ثم ينتصب فإن كان قد قرأ السورة أولا كملا قرأ الحمد ثانيا وسورة أو بعضها ثم يركع فيذكر
الله تعالى ثم ينتصب فإن كان قد أتم السورة قرأ الحمد وسورة أو بعضها وهكذا خمس مرات ثم يسجد سجدتين إذا انتصب من الركوع الخامس بغير قرائة ثم يقوم فيفعل
ما فعله أولا خمس مرات ثم يسجد مرتين ثم يتشهد ويسلم وكل قيام لم يكمل فيه السورة إذا انتصب من الركوع بعده تمم السورة أو بعضها من غير أن يقرأ الحمد
لقول أحدهما (ع) يبدأ فيكبر لافتتاح الصلاة ثم تقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ
أم الكتاب وسورة ثم تركع الثالثة. ثم ترفع رأسك
من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الرابعة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الخامسة فإذا رفعت رأسك قلت سمع الله لمن حمده ثم تخر ساجدا فتسجد سجدتين ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في
الأولى قال قلت وإن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرقها قال أجزأه أم الكتاب في أول مرة وإن قرأ خمس سور فمع كل سورة أم القرآن فروع - آ - لو قرأ في
القيام الأول الحمد وبعض السورة هل يتعين عليه في الثاني الابتداء من الموضع الذي انتهى إليه أم يجوز له أن يقرأ من أي موضع اتفق الأحوط الأول - ب - لو قراء بعض
السورة في الأول هل يجوز له العدول إلى سورة أخرى ظاهر كلامه في المبسوط ذلك فيتعين ان يقرأ الحمد أولا على إشكال - ج - لو قرء بعض السورة في الأول وسوغنا العدول أو الابتداء بأي موضع شاء جاز له ان يبتدئ من أول السورة التي قطعها وهل يتعين حينئذ الفاتحة إشكال ينشأ من اجزاء بعضها
بغير الحمد فالكل أولي ومن وجوب قرائة الحمد مع الابتداء بأول سورة - د - الأقرب وجوب كمال السورة في الخمس لصيرورتها حينئذ بمنزلة ركعة فيجب فيها الحمد وسورة
وهل يجوز تفريق سورتين أو ثلاث إشكال ينشأ من تجويز قراءة خمس سورة فجاز الوسط ومن كونها بمنزلة ركعة فلا تجوز الزيادة أو خمس فيجب الخمس والأقرب الجواز
ه‍ الأقرب جواز ان يقرأ في الخمس سورة وبعض أخرى فإذا قام إلى الثانية ابتدأ بالحمد وجوبا لأنه قيام عن سجود فوجب فيه الفاتحة ثم يبتدئ بسورة من أولها
ثم إما أن يكملها أو يقرأ بعضها ويحتمل ان يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه أولا من غير أن يقرأ الحمد لكن يجب ان يقرأ الحمد في الركعة الثانية بحيث لا يجوز له الاكتفاء
بالحمد مرة في الركعتين معا - و - الأقرب انه ليس له إذا قراء في قيام بعض السورة ان يقرأ في القيام الذي بعده بعضا من سورة أخرى بل إما ان يكملها أو يقرأ من الموضع
الذي انتهى إليه بعضها - ز - يستحب له بعد تكبير الافتتاح أن يدعو بالتوجه كغيرها من الفرايض مسألة يستحب أن يقرأ السور الطوال مع السعة مثل الكهف والأنبياء
لقول زرارة ومحمد بن مسلم كان يقول الباقر (ع) يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحجر إلا أن يكون إماما يشق على من خلفه وفى رواية أبي بصير مثل يس والنور وقال الشافعي
يقرأ في الأولى بسورة البقرة أو بقدر آيها وكذا في القيام الثاني ثم يسجد ثم يقوم فيقرأ بعد الحمد مئة وخمسين آية من البقرة وفى القيام الثاني بقدر مائة آية من
البقرة ولو ضاق الوقت لم تجز الإطالة مسألة يستحب الإطالة بقدر الكسوف وبه قال الفقهاء خلافا لأبي حنيفة لان عايشة قالت خسفت الشمس في حياة
رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد بالناس وقرأ قراءة طويلة وركع ركوعا طويلا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) كسفت الشمس في
زمن رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بالناس ركعتين وطول حتى غشى على بعض القوم ممن كان وراءه من طول القيام ولان الغاية استدفاع الخوف وطلب
رد النور فينبغي الاستمرار باستمراره مسألة ويستحب إطالة الركوع والسجود أما إطالة الركوع فقال علماؤنا يستحب أن يكون بقدر قرائة لان عبد الله بن عمر قال في صفة صلاة
رسول الله صلى الله عليه وآله قام قياما طويلا وركع ركوعا طويلا وظاهره المساواة في نظره ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ويطيل القنوت على قدر
القراءة والركوع والسجود فان انجلا قبل أن يفرغ أتم ما بقى وهو أحد قولي الشافعي وبه قال مالك واحمد وإسحاق وأبو ثور وفى الاخر فركع فسبح في الأول بقدر
مائة آية من سورة البقرة وفى الركوع الثاني بقدر ثلثي الركوع الأول وفى الركوع الثالث الذي هو أول ركوع الثانية بقدر سبعين آية من سورة البقرة وفى الرابع وهو ثاني
الثانية بقدر خمسين آية من سورة البقرة لرواية ابن عباس وقال أبو حنيفة يركع مثل ركوع الفجر وأما إطالة السجود فاستحبه علماؤنا وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين
لقول ابن عمر في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله في الكسوف ثم سجد فلم يكد يرفع ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) يطيل الركوع والسجود وقال
الشافعي في الاخر لا يستحب إطالة السجود لأنه لم ينقل وهو ممنوع مسألة يستحب له أن يكبر كلما انتصب من الركوع إلا في الخامس والعاشر فإنه يقول فيهما سمع الله
لمن حمده عند علمائنا لان التكبير أعظم وأتم في الاجلال وكان أولي وكان الركوعات وان تكررت فهي تجرى مجرى ركعة واحدة فيكون سمع الله في آخرها كغيرها
من الفرايض وقول الصادق (ع) تركع وتكبر وترفع رأسك بالتكبير إلا في الخامسة والعاشرة تقول سمع الله لمن حمده وقال الجمهور تقول في كل رفع سمع الله
لمن حمده ربنا ولك الحمد لأنه قيام عن ركوع فاستحب هذا القول كغيرها من الفرايض والفرق ما تقدم مسألة يستحب ان يقنت خمس مرات في القيام الثاني
من الركوعات والرابع والسادس والثامن والعاشر خلافا للجمهور فإنهم أنكروا القنوت لقول الباقر والصادق (ع) والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع ثم في
الرابعة والسادسة والثامنة والعاشرة ولان القنوت مظنة إجابة الدعاء فشرع للحاجة كما قنت النبي صلى الله عليه وآله على المشركين مسألة يستحب ايقاعها تحت
السماء لأنه في موضع سؤال وطلب حاجة رد النور فاستحب تحت السماء كغيرها من صلوات الحوايج ولأنه مقام خضوع واستكانة واستعطاف فشرع فيها البروز
تحت السماء كالاستسقاء وقول الباقر (ع) وان استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنك بيت فافعل وقال الشافعي يكون في المساجد وأطلق وكذا احمد لان
النبي صلى الله عليه وآله صلاها في المسجد ولان وقته ضيق فلو خرج إلى المصلى احتمل الانجلاء قبل فعلها ولا يلزم من صلاته (ع) في المسجد منافاة ما قلناه
163

لان مسجده (ع) كان بارزا ولا تقول بالخروج إلى المصلى مع ضيق الوقت بل أين صليت تصلى تحت السماء مسألة يستحب الجهر بالقراءة في الكسوفين عند علمائنا
وبه قال احمد وأبو يوسف ومحمد وإسحاق لان عايشة قالت خسف الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى وجهر في صلاته بالقراءة ومن طريق الخاصة قول الشيخ في
الخلاف روى عن علي (ع) انه صلى لكسوف الشمس فجهر فيها بالقراءة وقال الشيخ وعليه إجماع الفرقة وقال الشافعي يسر في خسوف الشمس ويجهر في خسوف
القمر وبه قال أبو حنيفة ومالك لان سمرة بن جندب قال خسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقام أطول قيامه في صلاة قط ولم أسمع له حسا ولأنها صلاة نهار فلم يجهر فيها
كالظهر وهذا القول عندي لا بأس به لقول الباقر (ع) في حديث صحيح ولا تجهر بالقراءة وهو أصح حديث بلغنا في هذا الباب وعلى كل تقدير فإن الخلاف في الاستحباب لا الوجوب
فلو جهر في الكسوف وخافت في خسوف القمر جاز إجماعا المطلب الثاني في الموجب واللواحق مسألة كسوف الشمس سبب لهذه الصلاة إجماعا وجوبا
عينيا واستحبابا عند الجمهور وكذا خسوف القمر عند علمائنا أجمع وبه قال عطا والحسن والنخعي والشافعي واحمد وإسحاق لقوله (ع) إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله
لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا فأمر بالصلاة لهما أمرا واحدا من طريق الخاصة قول الكاظم (ع) فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا انكسفا أو واحدة منهما فصلوا ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف
ولأنه أحد الكسوفين وهو من الأمور المخوفة ويطلب فيه رد النور فشرعت الصلاة له كالشمس وقال مالك ليس لكسوف القمر صلاة مسألة وتجب هذه الصلاة عند الزلزلة
عند علمائنا أجمع وبه قال أبو ثور وإسحاق وأبو حنيفة لا وجوبا بل استحبابا كالكسوفين لقول النبي صلى الله عليه وآله إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك
فصلوا ولأنه (ع) علل الكسوف بأنه آية من آيات الله يخوف بها عباده وصلى ابن عباس للزلزلة بالبصرة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) والصادق (ع) ان صلاة كسوف
الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات ولان المقتضى وهو الخوف موجود هنا فثبت معلوله وقال مالك والشافعي لا يصلى لغير الكسوفين لان النبي صلى الله عليه وآله لم يفعله
وهو ممنوع بما تقدم مسألة وتجب هذه الصلاة لأخاويف السماء كالظلمة العارضة والحمرة الشديدة والرياح العظيمة والصيحة وبه قال أبو حنيفة استحبابا لعموم قوله (ع) إن هذه
الآيات ولأنه علل الكسوف بأنه آية ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن ولأنه أمر مخوف فشرع فيه الصلاة
كالكسوف وقال باقي الجمهور لا يصلى لها شئ لعدم النقل وقد بيناه مسألة وقت صلاة الكسوفين من حين الابتداء في الكسف إلى الابتداء في الانجلاء عند علمائنا
لزوال الحذر ولقول الصادق (ع) إذا انجلى منه شئ فقد انجلى وقال أبو حنيفة والشافعي واحمد إلى أن ينجلى بكماله لقوله (ع) فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى
والصلاة حتى ينجلى ولان المطلوب رد النور بكماله ولأنه لو انكسف بعضها في الابتداء صلى لها وكذلك إذا بقى بعضها ونحن نقول بموجب الحديث لأنه إذا انجلى البعض فقد انجلى
والحذر قد زال بسبب الشروع في رد النور والفرق بين ابتداء الكسوف وابتداء الانجلاء ظاهر مسألة وقت الرياح المظلمة الشديدة والحمرة الشديدة مدتها أما الزلزلة فإن وقتها مدة
العمر فتصلى أداء وان سكنت لأنها سبب في الوجوب وكذا الصيحة وبالجملة كل آية يضيق وقتها عن العبادة يكون وقتها دائما أما ما نقص عن فعلها وقتا دون اخر فان وقتها مدة
الفعل فإن قصر لم تصل مسألة إذا علم بالكسوف أو الخسوف واهمل الصلاة عمدا أو نسيانا أعاد سواء احترق القرص كله أو بعضه لقوله (ع) من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته
إذا ذكرها وقوله (ع) من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) من نسى صلاة أو نام عنها فليقضها
إذا ذكرها وقول الصادق (ع) في صلاة الكسوف إن أعلمك أحد وأنت نائم فعلت ثم غلبتك عينيك فلم تصل فعليك قضاؤها وقال الشيخ إن احترق البعض و
تركها نسيانا لم يقض وليس بجيد وقال الجمهور كافة لا قضاء مطلقا لقوله (ع) فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى والصلاة حتى ينجلى فجعل الانجلاء غاية
للصلاة فلم يصل بعده ولأنها شرعت لرد النور وقد حصل والحديث المراد به الأداء ونمنع العلية بل يجوز أن يكون علامة لوجوب الصلاة سلمنا لكن لا نسلم ان الرغبة
إلى رده يستلزم عدم السكر على الابتداء برده سلمنا لكن ينتقض عندهم بالاستسقاء فإنهم يصلون بعد السقى وإن كانت صلاتهم رغبة في ذلك مسألة لو لم يعلم
بالكسوف حتى إنجلى فإن كان قد احترق القرص كله وجب القضاء وإلا فلا عند علمائنا إلا في قول للمفيد انه يقضى لو احترق البعض فرادى لا جماعة لقول الصادق (ع)
إذا انكسف القمر ولم يعلم حتى أصبحت ثم بلغك فان احترق كله فعليك القضاء فإن لم تحترق كله فلا قضاء عليك وقوله (ع) إذا انكسفت الشمس كلها ولم تعلم
وعلمت فعليك القضاء وان لم تحترق كلها فلا قضاء عليك وقال الجمهور لا قضاء لما تقدم في المسألة السابقة والجواب قد تقدم أما جاهل غير الكسوف
مثل الزلزلة والرياح والظلمة الشديدة فالوجه سقوطها عن الجاهل عملا بالأصل السالم عن المعارض مسألة لا تسقط هذه الصلاة بغيبوبة الشمس
منخسفة لقوله (ع) فإذا رأيتم ذلك فصلوا والأصل البقاء وقال الجمهور لا تصلى لأنها إذا غابت فقد ذهب سلطانها وفات وقتها ولم يصل لردها
وهو ممنوع ونمنع ان مع ذهاب سلطانها سقط ما ثبت وجوبه مع أنه اجتهاد فلا يعارض النص وينتقض بالقمر عندهم ولا يسقط صلاة الخسوف بغيبوبة القمر
منخسفا إجماعا لأنه وقته باق وهو الليل والحاجة داعية إليه ولا تسقط صلاة الخسوف والكسوف بستر السحاب إجماعا لان الأصل بقاؤهما ولو طلعت الشمس و
القمر منخسفا لم تسقط صلاته عملا بالموجب وقال الجمهور يسقط لفوات وقته وذهاب سلطانه ولو طلع الفجر فكذلك عندنا لا يسقط وهو الجديد للشافعي
لبقاء سلطانه قبل طلوع الشمس لقوله تعالى فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة فما لم تطلع الشمس فالسلطان باق والقديم لا تصلى لذهاب سلطانه
بطلوع الفجر لأنه من النهار والفجر حاجب الشمس ولو ابتداء الخسوف بعد طلوع الفجر صلاها عندنا خلافا للشافعي وفى القديم ولو كان قد شرع في الصلاة فطلعت
الشمس لم تبطلها إجماعا لأنها صلاة موقته فلا تبطل بخروج وقتها وعندنا ان وقتها باق مسألة وهذه الصلاة مشروعة مع الامام وعدمه عند
علمائنا أجمع وهو قول أكثر العلماء لعموم الاخبار ولان صفوان بن عبد الله بن صفوان قال رأيت ابن عباس على ظهر زمزم يصلى الخسوف للشمس والقمر والظاهر أنه
صلى منفردا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في صلاة الكسوف تصلى جماعة وفرادى ولأنها صلاة ليس من شرطها البنيان والاستيطان فلم يكن من شرطها الجماعة كغيرها من النوافل وقال الثوري ومحمد إن صلى الامام صلوها معه ولا يصلون منفردين لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة
فلا يصليها المنفرد كالجمعة ونمنع العلية فان الخطبة عندنا ليست مشروعة مسألة ويستحب الجماعة في هذه الصلاة إجماعا منا وبه قال
الشافعي ومالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله صلاها في الجماعة وصلى ابن عباس خسوف القمر في جماعة في عهد علي (ع) ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
164

إذا انكسفت الشمس والقمر فإنه ينبغي للناس أن يفزعوا إلى الامام يصلى بهم وأيهما كسفت بعضه فإنه يجزى الرجل ان يصلى وحده ولان خسوف القمر أحد الكسوفين فاستحب فيه
الجماعة كالآخر وقال أبو حنيفة يصلون للقمر فرادى وفى بيوتهم لان في خروجهم ليلا مشقة وينتقض بالتراويح تذنيب لو أدرك المأموم الامام راكعا في الأول فقد أدرك
الركعة ولو أدركه في الركوع الثاني أو الثالث فالوجه انه فاتته تلك الركعة وبه قال الشافعي لان الركوع ركن فيها ولا يتحمل الامام شيا سوى القراءة لا
فعل الركوع فحينئذ ينبغي المتابعة حتى يقوم في الثانية فيستأنف الصلاة معه فإذا قضى صلاته أتم هو الثانية ويجوز الصبر حتى يبتدئ بالثانية وتحتمل المتابعة بنية
صحيحة فإذا سجد الإمام لم يسجد هو بل ينتظر الامام إلى أن يقوم فإذا ركع الامام أول الثانية ركع معه عن ركعات الأولى فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ثم لحق الامام
ويتم الركعات قبل سجود الثانية والوجه الأول مسألة لا خطبة لهذه الصلاة عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك عملا بالأصل السالم عن المعارض ولأنه لو
كان النبي صلى الله عليه وآله وقد خطب لنقل كما نقلت خطبة في العيد والجمعة وغيرهما وقال الشافعي تستحب الخطبة بعد الصلاة على المنبر ولم يذكر احمد الخطبة لان النبي
صلى الله عليه وآله لما خسفت الشمس صلى فوصفت عايشه صلاته إلى أن قالت فلما فرغ وقد تجلت انصرف وذكر الله تعالى فاثنى عليه وقال يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات
الله تعالى لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله تعالى وكبروا وانصرفوا ثم قال يا أمة محمد ما أحدا من غير الله تعالى ان يزنى عبده أو أمته والله لو تعلمون ما
أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولا حجة فيه لتضمنه الدعاء والتكبير والاعلام بحكم الكسوف وليس ذلك من الخطبة في شئ مسألة وتجب هذه الصلاة على
النساء والرجال والخناثى إجماعا منا وللعموم وعند الجمهور بالأسباب لان أسماء بنت أبي بكر قالت فرغ رسول الله (ص) يوم كسفت الشمس فقام قياما فرأيت
المرأة التي أكبر منى والمرأة التي أصغر منى قائمة فقلت أنا أحرى بالصبر على طول القيام إذا عرفت هذا فإنه يستحب للعجايز ومن لا هيئة لها الصلاة جماعة مع الرجال ويكره
ذلك للثواب ويستحب لهن الجماعة تصلى بهن إحديهن واستحبه الشافعي مطلقا لكنه لم تستحب الخطبة لو صلين جماعة لان الخطبة ليست من سنن النساء فان قامت إحداهن
وذكرتهن ووعظتهن كان حسنا عند ه ولو حصل رجل في قرية مع النساء ولا رجل سواه تقدم وصلى بهن وإن كن أجانب خلافا للشافعي إلا أن يخاف الافتتان
فيصلين فرادى إذا ثبت هذا فان هذه الصلاة تجب على المسافر كما تجب على الحاضر وليس الاستيطان ولا البنيان شرطا فيها إجماعا ولا المصر ولا الامام للعموم
مسألة اختلف علماؤنا في الإعادة بعد الفراغ من الصلاة قبل الانجلاء فالأشهر استحباب إعادة الصلاة لان المقتضى للمشروعية باق ولقول الصادق (ع)
إذا فرغت قبل ان ينجلى فأعد وقال آخرون منا بالوجوب لثبوت المقتضى له وهو بقاء الكسوف ولهذا الحديث والحق خلافه لأصالة البراءة ولقول الباقر (ع)
فإذا فرغت قبل ان ينجلى فاقعد وادع الله حتى ينجلى ونمنع كون الكسوف سببا بل علامة ووقتا والخبر محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة وقال آخرون منا لا
تعاد الصلاة وجوبا ولا استحبابا وهو قول الجمهور كافة لأنه لم ينقل عنه (ع) التكرر ولا حجة فيه لأنه (ع) كان يطيل الصلاة بقدر زمانه إذا عرفت
هذا فان الشافعي استحب الخطبة بعدها وقد بطلناه واستحب الدعاء والذكر والاستغفار والتكبير والتضرع إلى الله تعالى لقوله (ع) فافزعوا إلى ذكر الله تعالى
ودعائه واستغفاره وقالت أسماء كنا نؤمر بالعتق في الكسوف ولأنه تخويف من الله تعالى فينبغي ان يبادر إلى طاعة الله ليكشفه عن عباده مسألة يصلى هذه
الصلاة في أي وقت حصل السبب وإن كان أحد الأوقات الخمسة المكروهة لابتداء النوافل عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لأنها صلاة فرض موقته فلا يتناولها
النهى ولقوله صلى الله عليه وآله فإذا رأيتم ذلك فصلوا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقت صلاة الكسوف الساعة التي تنكسف عند طلوع الشمس وعند غروبها
ولأنها ذات سبب فجاز فعلها في الأوقات الخمسة وقال مالك وأبو حنيفة بالمنع وعن أحمد روايتان المنع أشهرهما لان عقبة بن عامر قال ثلاث ساعات كان النبي (ع)
ينهانا أن نصلى فيها وان نقبر موتانا وهو مختص بالنوافل وقد بينا وجوب هذه الصلاة مسألة لو اتفق في وقت فريضة حاضرة فإن اتسع الوقتان قدم
الحاضرة استحبابا لشدة اغشاء الشارع بها ولهذا سوغ قطع الكسوف والاشتغال بالحاضرة فتقديمها أولي ولو تضيق الوقتان قدمت الحاضرة وجوبا لما
تقدم ثم إن فرط في صلاة الكسوف بالتأخير مع الامكان قضا وإلا فلا ولو تضيقت إحديهما تعينت للفعل ثم يصلى الأخرى بعد إكمالها ولا تجب مع إتساع الوقتين
الاشتغال بالحاضرة لقول الصادق (ع) خمس صلوات لا تترك على حال إذا طفت بالبيت وإذا أردت أن تحرم وإذا نسيت فصل إذا ذكرت وصلاة الكسوف
والجنازة ولا خلاف فيه فروع - آ - لو تلبس بصلاة الكسوف وتضيق وقت الحاضرة وخاف فوتها لو أتم الكسوف قطع إجماعا وصلى الحاضرة تحصيلا للفرض و
لقول الصادق (ع) في صلاة الكسوف يخشى فوت الفريضة قال اقطعوها وصلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم وسأله محمد بن مسلم ربما ابتلينا بعد المغرب قبل
العشاء فان صلينا الكسوف خشينا ان تفوت الفريضة قال إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها إذا ثبت هذا فإذا قطع الكسوف وصلى الفريضة
هل يعود إلى الكسوف من حيث قطع أو يستأنف الصلاة قال الشيخان والمرتضى بالأول للروايتين وفيه إشكال ينشأ من أن صلاة الفرض يبطلها العمل الكثير ودلالة
الحديثين ليست قطعية لاحتمال العود إلى ابتداء الصلاة - ب - لو اشتغل بالكسوف وخشي فوت الحاضرة احتمل تقديم الحاضرة لأولويتها فيقطع الكسوف ويستأنف إتمام
الكسوف لأولويته بالشروع فيه والنهى عن إتمام العمل ومساواته بالحاضرة في الوجوب ويحتمل إتمامها ان أدرك من الحاضرة بعدها ركعة وإلا استأنف - ج - لو اتسع
وقت الحاضرة وشرع القرص في الكسوف أو حدثت الرياح المظلمة فالوجه تقديم الكسوف والرياح وبه قال الشافعي لجواز عدم طول اللبث فيفوت بالاشتغال بالحاضرة
- د - الزلزلة متأخرة عن الحاضرة مطلقا إن قلنا وقتها العمر وإن قلنا وقتها حدوثها فيجب وإن سكنت كما قاله بعض علمائنا وكالكسوف - ه‍ - لو اتفقت مع صلاة
منذورة موقتة بدئ بما تخشى فواته ولو أمن فواتهما تخير فيهما - و - الكسوف أولي من النافلة الموقتة كصلاة الليل وغيرها وإن خرج وقتها ثم يقضى ندبا - ز -
لو اجتمع الكسوف والعيد وصلاة الجنازة والاستسقاء قدم من الفرايض ما يخشى فواته أو التغير وإن تساويا تخير أما الاستسقاء فتؤخر لان المندوب لا يزاحم الواجب
وقال الشافعي تقدم الجنازة لأنها فرض وللخوف من التغير ثم الخسوف لتعلقها بسبب يخاف فواته إلا أن تتضيق العيد فتقدم لان فواته محقق وفوات الخسوف
غير محقق ثم الاستسقاء لأنها تصلى في أي وقت كان لا يقال لا يمكن إجتماع العيد والكسوف لان الشمس لا تنكسف في العادة إلا في التاسع والعشرين من الشهر فلا
يتصور كونه في الفطر ولا الأضحى لأنا نقول نمنع عدم الامكان فالعادة لا يخرج نقيضها عن حد الامكان والله على كل شئ قدير والفقهاء يفرضون
الممكن وان لم يقع عادة ليبينوا الاحكام المنوطة بها كما يفرضون مائة جدة وما أشبه ذلك ثم هذا لا يرد علينا لأن هذه الصلاة لا تختص بكسوف الشمس بل
هي واجبة كباقي الآيات الخارجة عن الضابط الزماني - ح - لو خاف خروج وقت العيد قدمت صلاته ولم
يخطب لها حتى يصلى الخسوف فإذا صلى الخسوف خطب للعيد خاصة
عندنا وعند الشافعي يخطب لهم أو ذكر ما يحتاج إلى ذكره لهما - ط - لو اجتمع الخسوف والجمعة فان اتسع وقت الجمعة بدأ بالخسوف ويقصر في قرائته فيقرأ السور القصار فإذا
165

فرغ اشتغل بخطبة خاصة وقال الشافعي يخطب للخسوف والجمعة ثم يصلى الجمعة ولو تضيق الوقت بدأ بالخطبة للجمعة مخففة ثم بالجمعة ثم بالخسوف ى لو كان
في الموقف حالة الكسوف قدمت صلاته على الدعاء ولا خطبة وقال الشافعي يخطب راكبا ويدعو وان كسفت وهو في الموضع الذي فيه الظهر قدمت صلاته
على الدفع إلى عرفة لئلا تفوته - يا - لو خسف القمر بعد الفجر من ليلة المزدلفة وهو بها صلى صلاة الخسوف وإن كان يؤدى إلى أن يفوته الدفع منها إلى منى قبل طلوع
الشمس ويستحب التخفيف ليدفع قبله - يب - لو خسف الشمس يوم الثامن بمكة وخاف ان اشتغل بصلاة الخسوف ان يفوته فعل الظهر بمنى قدم صلاة الخسوف لأنها
واجبة بخلاف فعل الظهر بمنى - يج - لو اتفق الكسوف مع نافلة قدم الكسوف ولو فاتت النافلة راتبة كانت أو لم تكن عند علمائنا لأنها واجبة ولقول الصادق
(ع) وقد سئل عن صلاة الكسوف وصلاة الليل بأيتهما يبدأ صل صلاة الكسوف واقض صلاة الليل حين تصبح وقال احمد تقدم أكدهما وهو بناء
على أن صلاة الكسوف مندوبة وقد بينا بطلانه مسألة قال الشيخ صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر سواء وهو صحيح ان قصد المساواة في الهيئة أما في
الإطالة ففيه نظر لقول الباقر (ع) صلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر وهما سواء في القراءة والركوع والسجود مسألة لو ضاق
وقت الكسوف عن إدراك ركعة لم تجب بخلاف الزلزلة فإنها سبب في الوجوب لا وقت له ولو اتسع لركعة وقصر عن أخف صلاة ففي الوجوب إشكال ينشأ من قوله (ع) من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ومن استحالة فرض وقت لعبادة
يقصر عنها عقلا إلا أن يكون القصد القضاء ولم يثبت القصد هنا فلو اشتغل أحد المكلفين بها في الابتداء وخرج الوقت وقد أكمل ركعة فعلى الأول يجب عليه الاكمال لأنه مكلف بالظن
فصح ما فعل فيدخل تحت ولا تبطلوا أعمالكم والأقوى انه لا يجب وعلى الثاني لا يجب إما الاخر فلا يجب عليه القضاء على التقديرين إذا ثبت هذا فلو ضاق الوقت عن العدد لم يجز
الاقتصار على الأقل ولو اتسع للأكثر لم تجز الزيادة لأنها فريضة معينة وللشافعي في كل من التقديرين وجهان مسألة لا يجوز ان تصلى هذه الصلاة
على الراحلة اختيارا ولا مشيا إلا على الضرورة عند علمائنا خلافا للجمهور لأنها فريضة فلا يجوز على الراحلة ومشيا اختيارا كغيرها من الفرايض وعن
عبد الله بن سنان سأل الصادق (ع) أيصلي الرجل شيئا من الفروض على الراحلة فقال لا أما مع الضرورة فيجوز دفعا للمشقة كغيرها من الفرايض
وكتب علي بن فضل الواسطي إلى الرضا (ع) إذا كسفت الشمس والقمر وانه راكب لا أقدر على النزول فكتب صل على مركبك الذي أنت عليه مسألة
هل تجب هذه الصلاة في كسف بعض الكواكب بعضا أو في كسف أحد النيرين بأحد الكواكب كما قال بعضهم انه شاهد الزهرة في جرم الشمس كاسفة لها إشكال
ينشأ من عدم التنصيص وخفائه إذا الحس لا يدل عليه وانما يستفاد من المنجمين الذين لا يوثق بهم ومن كونه آية مخوفة فيشارك النيرين في الحكم والأول أقوى
الفصل الرابع في صلاة النذر مسألة صلاة النذر واجبة بحسب ما نذره إجماعا ولقوله تعالى يوفون بالنذر وقوله تعالى أو فوا بالعقود وأوفوا بالعهد
ان العهد كان مسؤولا ولقوله تعالى وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ويشترط فيه ما يشترط في الفرايض اليومية من الطهارة والاستقبال وغيرهما إلا الوقت
وتزيد الصفات التي عينها في نذره ولا يجب لو وقع في معصية لقبحه إلا على وجه الزجر وسيأتى ولو عين الزمان تعين سواء كان فيه مزية كيوم الجمعة وغيره من الأوقات
الشريفة أو لا لان البقاء غير معلوم والتقديم فعل للواجب قبل وجوبه فلا يقع مجزيا كما لو صلى الفرض قبل وقته فتعين ولو قيده بوقت مكروه للنوافل فالأقرب الانعقاد
لاختصاص الكراهة بالنوافل وهذه بالنذر خرجت من كونها نافلة وصارت واجبة ذات سبب مسألة لو قيد نذر الصلاة بزمان فأوقعها في غيره فقد بينا عدم الأجزاء ثم إن كان
الفعل متقدما على الزمان وجب عليه الإعادة عند حضور الزمان فان أهمل وجب القضاء وكفارة خلف النذر وان تأخر الفعل فإن كان لعذر اجزاء ولا كفارة و
إن كان لغير عذر فان أوقعه بنيه القضاء أجزأ وكفر وإلا وجب عليه الفعل ثانيا والكفارة ولو نذر ايقاعه في زمان يتكرر مثله كيوم الجمعة لم يجب في الجمعة الأولى إلا
مع النذر بل يجزيه فعلها في أي جمعة شاء وإن أوقعها في خميس مثلا يجزئه ووجب ايقاعها في الجمعة الآخرة أداء لا قضاء مسألة لو قيد نذر الصلاة بمكان فإن كان
له مزية تعين كالمسجد وإن لم يكن له مزية ففي وجوب القيد نظر ينشأ من أنه نذر طاعة في موضع مباح فيجب ومن أن القيد لا مزية فيه فلا تجب كما لو نذر المشي ولم يعين
مقصدا وهو الأقرب فيجوز ايقاعها حينئذ في أي موضع شاء إما لو كان له مزية فصلاها في مكان مزيته أعلا فالأقرب الجواز إذ زيادة المزية بالنسبة إلى الاخر كذى المزية بالنسبة
إلى غير ذي المزية ويحتمل العدم لأنه نذر انعقد فلا يجوز غيره فان قلنا بالجواز فلا بحث وإلا وجب القضاء بالوقت ولو قيده بزمان ومكان فأوقعها في ذلك الزمان في غير
ذلك المكان مما ليغاويه أو يزيد عليه في المزيد عليه في المزية أجزأ على إشكال وإلا وجب القضاء في ذلك المكان بعينه والكفارة لفوات الوقت مسألة لو اطلق العدد
أجزأه ركعتان إجماعا وهل تجزيه الواحدة لعلمائنا قولان أحدهما ذلك للتعبد بمثلها في الوتر والاخر المنع صرفا للاطلاق إلى المتعارف وهو الركعتان ولو صلاها
ثلاثا أو أربعا أجزأ إجماعا وفى وجوب التشهدين إشكال ولو صلاها خمسا فإشكال ولو قيد نذره بعدد تعين ان تعبد بمثله ثم إن اطلق احتمل وجوب التسليم عقيب
كل ركعتين ووجوبه عقيب أربع أو ما زاد على إشكال وان لم يتعبد بمثله كالخمس والست قال ابن إدريس لا تنعقد ويحتمل انعقاده لأنها عبادة وعدم التعبد بمثلها
لا يخرجها عن كونها عبادة مسألة لو قيد النذر بقرائة سورة معينة أو آيات مخصوصة أو تسبيح معلوم تعين فيعيد مع المخالفة فإن كان مقيدا
بوقت وخرج أعاد وكفر ولو نذر أن يقرأ آيات معينة عوض السورة ففي الأجزاء نظر ينشأ من أنها واجبة فتجب السورة مع الحمد كغيرها من الفرايض ومن أن
وجوبها على هذا الحد فلا يجب غيره فعلى الأول يحتمل عدم انعقاد النذر مطلقا كما لو نذر صلاة بغير طهارة وانعقاده فتجب سورة كاملة ولو نذر آيات
من سورة معينة عوض السورة وقلنا بوجوب السورة في الأول وجب هنا عين تلك السورة ليدخل ما نذره ضمنا ويحتمل اجزاء غيرها لعدم انعقاد النذر في التبعيض مسألة لو نذر
النافلة في وقتها صارت واجبة فلو نذر صلاة العيد المندوبة أو الاستسقاء في وقتهما لزم ولو نذرهما في غير
وقتهما فالأقرب عدم الانعقاد لعدم التعبد.
بمثله في هذا الوقت ويحتمل الانعقاد لأنها طاعة تعبد بمثلها في وقت فكذا في غيرها ولو نذر إحدى المرغبات وجب فإن كانت مقيدة تقيد النذر به وان
أطلقه كما لو نذر نافلة الظهر وإلا فلا ولو كان الوقت مستحبا لها كصلاة التسبيح المستحب ايقاعها يوم الجمعة لم ينعقد إلا مع تقيد النذر به ولو نذر صلاة الليل
وجب ثمان ركعات ولا يجب الدعاء وكذا لو نذر نافلة رمضان لم يجب الدعاء المتخلل بينها إلا مع التقيد ولو نذر الفريضة اليومية فالوجه الانعقاد لأنها طاعة
بل أقوى الطاعات فوجوبها والفائدة وجوب الكفارة مع المخالفة مسألة لو نذر النافلة على الراحلة انعقد المطلق لا المقيد ولأولوية غيره وكذا لو نذر صلاة
النافلة في أحد الأماكن المكروهة ولو فعل ما قيد النذر به أجزأه إذ غيره لم يجب لعدم نذره ولو نذر التنفل جالسا أو مستدبرا فان أوجبنا القيام أو الاستقبال
احتمل بطلان النذر كما لو نذر الصلاة بغير طهارة والانعقاد للمطلق فيجب القيد وان جوزنا ايقاعها جالسا أو مستدبرا أجزاء لو فعلها عليهما أو قائما أو مستقبلا
166

واليمين والعهد في ذلك كله كالنذر الفصل الخامس في صلاة الاستسقاء قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا غضب الله تعالى على أمة ثم لم ينزل عليها العذاب
غلت أسعارها وقصرت اعمارها ولم تربح تجارها ولم تزك ثمارها ولم تعذب أنهارها وحبس عنها أمطارها وسلط عليها أشرارها وعن الصادق (ع) إذا فشت
أربعة ظهرت أربعة إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على
المسلمين مسألة الاستسقاء مشروع بالكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر وقال تعالى فقلت استغفروا
ربكم انه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا وقال ابن عباس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله في الاستسقاء مبتذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى وروى أنس
قال أصاب أهل المدينة قحط فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب إذ قام رجل فقال هلك الكراع والنساء فادع الله ان يسقينا فمد رسول الله صلى الله عليه وآله
يديه ودعا قال أنس والسماء مثل الزجاجة فهاجت ريح ثم أنشأت سحابا ثم اجتمع ثم أرسلت السما غراليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا قبل منازلنا فلم تزل نمطر
إلى الجمعة الأخرى فقام إليه الرجل أو غيره فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله تهدمت البيوت واحتبس الركبان فادع الله ان يحبسه فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله
ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا فنظرت إلى السماء تتصدع حول المدينة كأنه إكليل ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الاستسقاء
ركعتين الحديث وصلى أمير المؤمنين (ع) صلاة الاستسقاء وخطب طويلا ثم بكى وقال سيدي صاخت جبالنا واغبرت ارضنا وهامت دوابنا وقنط ناس منا
وتاهت البهايم وتحيرت؟ في مراتعها وعجت عجيج الثكلى على أولادها وملت الدوران في مراتعها حين حبست عنها قطر السماء فرق لذلك عظمها ودق لحمها وذاب شحمها و
انقطع درها اللهم ارحم انين الانة وحنين الحانة وارحم تحيرها في مراتعها وأنينها في مرابضها وقال الصادق (ع) ان سليمان بن داود (ع) خرج ذات يوم مع أصحابه
ليستسقى فوجد نملة قد رفعت قائمة من قوائمها إلى السماء وهي تقول اللهم إنا خلق من خلقك لأغننا بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني آدم فقال سليمان (ع)
لأصحابه إرجعوا فقد سقيتم بغيركم وأجمع المسلمون كافة على مشروعية الاستسقاء وان اختلفوا في كيفيته على ما يأتي مسألة ويستحب فيه الصلاة عند قلة
الأمطار وغور (عوز) الأنهار والآبار والجدب عند علمائنا كافة وبه قال عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب ومكحول والشافعي واحمد ومحمد وأبو يوسف لما تقدم من
الأحاديث ولما رواه الجمهور عن الصادق (ع) عن الباقر (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله وأبا بكر وعمر كانوا يصلون صلاة الاستسقاء ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في
الاستسقاء يصلى ركعتين وقال أبو حنيفة لا صلاة للاستسقاء وإنما هو دعاء واستغفار والصلاة بدعة لان النبي صلى الله عليه وآله استسقى على المنبر ولم
يصل لها وكذلك عمر استسقى بالعباس عام الرمادة فأخذ بضبعي العباس وأشخصه قائما واومى به نحو السماء فقال اللهم إنا جئناك نستسقيك ونستشفع
إليك بعم نبيك فما انقضى قوله والناس ينظرون إليهما والى السماء حتى نشأت؟ سحابة فلم يلبث ان طبقت الأفق ثم أرسلت عزاليها فارجعوا إلى رجائهم حتى
يلهم الغيث ولا حجة فيه لأنها ليست واجبة والفرض بها ارسال الغيث فإذا حصل سقط سبب الاستحباب مع أنه (ع) لم يصل يوم الجمعة لاشتغاله بالجمعة و
هذه الصلاة ليست واجبة بالاجماع مسألة وهي ركعتان يقرأ في كل واحدة الحمد وسورة ويكبر فيهما مثل تكبير العيد عند علمائنا أجمع وبه قال
عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب ومكحول والشافعي وأبو يوسف ومحمد واحمد في أشهر الروايتين لان الصادق (ع) روى عن الباقر (ع) ان النبي
صلى الله عليه وآله وأبا بكر وعمر كانوا يصلون صلاة الاستسقاء يكبرون فيها سبعا وخمسا وقال ابن عباس خرج رسول الله صلى الله عليه وآله للاستسقاء
ركعتين وبدأ بهما قبل الخطبة وكبر سبعا وخمسا وجهر بالقرائة وقال مالك تصلى ركعتين بلا تكبير زايد وهي الرواية الأخرى عن أحمد وقال الأوزاعي و
أبو ثور وإسحاق لان أبا هريرة قال إن النبي صلى الله عليه وآله استسقا فصلى ركعتين وليس حجة إذ لم يبين الكيفية فالاطلاق لا ينافي التفصيل مسألة
قال الشيخ ويقرأ فيهما أي سورة شاء لعدم التنصيص ويحتمل ان يقرأ كما يقرأ في العيد لقول الصادق (ع) وقد سئل عن كيفية صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيدين وقال الشافعي
يقرأ في الأولى بسورة قاف وفى الثانية اقتربت لان النبي صلى الله عليه وآله صنع في الاستسقاء ما صنع في الفطرة والأضحى وقال بعض أصحابه يقرأ في الثانية
بسورة نوح لان فيها ذكر الاستسقاء وروى الجمهور عن أنس ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقرأ في العيدين والاستسقاء في الأولى بفاتحة الكتاب وسبح اسم
ربك الاعلى وفى الثانية بفاتحة الكتاب وهل أتيك حديث الغاشية مسألة ويقنت عقيب كل تكبيرة زايدة كما في العيد إلا أنه يدعوا هنا بالاستعطاف الله
وسؤال الرحمة وانزال الغيث وتوفير المياه وأفضل ما يقال الأدعية المأثورة عن أهل البيت (ع) لانهم أعرف بكيفيات العبادات مسألة
يستحب الصوم لهذه الصلاة ثلاثة أيام فيخطب الامام يوم الجمعة ويشعر الناس بفعلها ويأمرهم بصوم ثلاثة أيام السبت والاحد ويخرج بهم يوم الاثنين وهم
صيام وان شاء خرج بهم يوم الجمعة فيصوموا الأربعاء والخميس والجمعة عند علمائنا لان دعاء الصائم في مظنة الإجابة قال رسول الله صلى الله عليه وآله
دعوة الصائم لا ترد وقال حماد السراج أرسلني محمد بن خالد إلى الصادق (ع) يقول له ان الناس قد كثروا على في الاستسقاء فما رأيك في الخروج غدا فقلت ذلك
للصادق (ع) فقال لي قل له ليس الاستسقاء هكذا وقل له يخرج فيخطب الناس ويأمرهم بالصيام اليوم وغدا ويخرجهم يوم الثالث وهم صيام قال فأتيت
محمدا فأخبرته بمقالة الصادق (ع) فجاء فخطب بالناس وأمرهم بالصيام كما قال الصادق (ع) فلما كان في اليوم الثالث أرسل إليه ما رأيك في الخروج وفى رواية أخرى
انه أمره ان يخرج يوم الاثنين فيستسقى وقال الشافعي يصوم ثلاثة أيام ثم يخرج يوم الرابع صايما لقوله (ع) دعوة الصايم لا ترد ولا حجة فيه والأصل سقوط
التكليف وأهل البيت (ع) أعرف بالأحكام مسألة ويستحب الاصحار بها إجماعا إلا من أبي حنيفة قال لا يسن الخروج لان النبي صلى الله عليه وآله إستسقى
على المنبر يوم الجمعة ولا يعتد بخلافه إلا بمكة فإنه يصلى في المسجد الحرام لان عبد الله بن عمر قال إن رسوله الله صلى الله عليه وآله خرج بالناس إلى المصلى يستسقى
ومن طريق الخاصة قول علي (ع) مضت السنة انه لا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء ولا يستسقى في المساجد إلا بمكة ولأنه يستحب إخراج النساء
والأطفال والبهايم ولا يحمل ذلك إلى المصلى ولأنهم في المصلى في الصحراء يعلمون ما ينشأ من السحاب أو يجئ من المطر وهل يخرج المنبر معه قال المرتضى نعم وبه
قال الشافعي لرواية عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله أخرج المنبر ولم يخرجه في العيد بل خطب على بعير ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لمحمد بن خالد يخرج
المنبر ثم يخرج كما يوم العيدين بين يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم حتى إذا انتهى إلى المصلى صلى بالناس ركعتين بغير أذان ولا إقامة وقال بعض علمائنا لا يخرج بل يعمل
شبه المنبر من طين مسألة يستحب ان يخرج الناس حفاة على سكينة ووقار لأنه أبلغ في التذلل والخضوع ولقول الصادق (ع) يخرج كما يخرج في العيدين و
167

ويستحب ان يتنظف الخارج بالماء وما يقطع الرايحة من سواك وغيره لئلا يتأذى غيره برايحته ولا يتطيب لان التطيب للزينة وليس يوم زينة ويخرج في ثياب
بذلته وتواضعه ولا يجدد ولان النبي (ع) خرج مبتذلا متواضعا متضرعا ويكون مشيه وجلوسه وكلامه بتواضع واستكانه مسألة يستحب
الخروج لكافة الناس لان إجتماع القلوب على الدعاء مظنة الإجابة ويخرج الامام من كان ذا دين وشرف وعفاف وعلم وزهد لان دعاءهم أقرب إلى الإجابة
ويخرج الشيوخ والعجايز والأطفال لانهم أقرب إلى الرحمة وأسرع للإجابة لقوله (ع) لولا أطفال رضع وشيوخ ركع وبهايم رتع لصب عليكم العذاب صبا
وقال (ع) إذا بلغ الرجل ثمانين سنة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولا تخرج الثواب من النساء ليؤمن الافتتان بهن ويمنع الكفار من الخروج معهم
وان كانوا أهل ذمة لانهم مغضوب عليهم وليسوا أهلا للإجابة ولقوله تعالى وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولأنه لا يؤمن ان يصيبهم عذاب فيعم من
حضرهم فان قوم عاد استسقوا فأرسل الله تعالى عليهم ريحا صرصرا فأهلكهم وقال إسحاق لا بأس باخراج أهل الذمة مع المسلمين وبه قال مكحول والأوزاعي والشافعي في قول
لان الله تعالى ضمن أرزاقهم كما ضمن ارزاق المؤمنين فجاز ان يخرجوا ليطلبوا رزقهم وقال الشافعي واحمد يكره للامام إخراجهم فان خرجوا لم يمنعوا لكن لا يختلطون
بنا قال الشافعي ولا إكراه من اختلاط صبيانهم بنا ما أكره من اختلاط رجالهم لان كفرهم تبع لآبائهم لا عن عناد واعتقاد والحق ما قلناه أولا وكذا يكره اخراج المظاهر
بالفسق والخلاعة والمتكبر من أهل الاسلام ويخرج معهم البهايم لانهم في مظنة الرحمة وطلب الرزق مع انتفاء الذنب ولقوله (ع) وبهايم رتع فجعلها سببا لدفع
العذاب وقال الشافعي لا آمر باخراجها لان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يخرجها فان أخرجت فلا بأس ولا حجة في الترك للاكتفاء به عن كل أحد وقال بعض
الشافعية يخرجهم لعل الله ان يرحمها ولان سليمان (ع) خرج ليستسقى فرأى نملة قد استلقت على ظهرها وهي تقول اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن
رزقك فقال سليمان (ع) إرجعوا فقد سقيتم بغيركم ويأمر السادة بإخراج عبيدهم وعجايزهم وامائهم ليكثر الناس والتضرع والاستغفار ويأمرهم الامام بالخروج عن المظالم والاستغفار من المعاصي و
الصدقة وترك التشاجر ليكون أقرب لإجابتهم فان المعاصي سبب الجذب والطاعة سبب البركة قال الله تعالى ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات
من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكذبون ويفرق بين الأطفال وأمهاتهم ليكثروا البكاء والخشوع بين يدي الله تعالى فيكون أقرب للإجابة
ويخرج هو والقوم يقدمونه ذاكرين إلى أن ينتهوا إلى المصلى مسألة ولا أذان لها ولا إقامة بإجماع العلماء لان رسول الله صلى الله عليه وآله
صلاها ركعتين بغير أذان ولا إقامة بل يقول المؤذن الصلاة ثلاثا وقال الشافعي واحمد يقول الصلاة جامعة ولا بأس بهما وفى أي وقت خرج جاز وصلاها
في أي زمان إذ لا وقت لها بلا خلاف والأقرب عندي ايقاعها بعد الزوال لان ما بعد العصر أشرف قال ابن عبد البر الخروج إليها عند زوال الشمس
عند جماعة العلماء وهذا على سبيل الاختيار إلا انها تتعين فعلها فيه فيجوز فعلها في الأوقات المكروهة خلافا للجمهور لأنها ذات سبب وقد تقدم مسألة ويصلى
جماعة وفرادى إجماعا لقوله صلى الله عليه وآله من صلى جماعة ثم سأل الله حاجته قضيت له وصلاها (ع) جماعة وأنكر أبو حنيفة الجماعة لو صليت
لأنها نافلة وينتقض بالعيد وتصح من المسافر والحاضر وأهل البوادي وغيرهم لان الاستسقاء إنما شرع للحاجة إلى المطر والكل متشاركون فيه وإذا صليت
جماعة لم يشترط إذن الإمام وبه قال الشافعي واحمد في رواية لأن علة تسويغها حاصلة فلا يشترط فيها الاذان كغيرها من النوافل وفى رواية يشترط لان النبي صلى الله عليه وآله
لم يأمر بها وإنما فعلها على صفة فلا تتعدى ونمنع انتفاء الامر مسألة إذا فرغ من الصلاة خطب عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك
ومحمد بن الحسن واحمد في أشهر الروايتين وبه قال ابن عبد البر وعليه جماعة من الفقهاء ولقول أبي هريرة صلى ركعتين ثم خطبنا وقول ابن عباس صنع في الاستسقاء
كما صنع في العيدين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان رسول الله (ع) صلى الاستسقاء ركعتين وبدا بالصلاة قبل الخطبة وسأل هشام
ابن عبد الملك الصادق (ع) عن صلاة الاستسقاء قال مثل صلاة العيدين يقرأ فيهما ويكبر فيهما يخرج الامام فيبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع
ومسألة ويبرز معه الناس فيحمد الله ويثنى عليه ويمجده ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ويصلى صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد
فإذا سلم الامام قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر والذي على الأيسر على
الأيمن فان النبي صلى الله عليه وآله كذلك صنع والتشبيه بالعيد
يستلزم التساوي في تأخير الخطبة ولأنها صلاة ذات تكبير فأشبهت صلاة العيد في تأخير الخطبة عنها وقال الليث بن سعد وابن المنذر انها قبل الصلاة وهو مروى
عن عمر وابن الزبير وأبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز لان أنسا وعايشة قالا إن النبي صلى الله عليه وآله خطب وصلى وفى رواية إسحاق بن عمار عن الصادق (ع)
الخطبة في الاستسقاء قبل الصلاة وفى إسحاق قول وفى طريقها أبان أيضا فالمعتمد الأول وعن أحمد رواية ثالثة التخيير بين ايقاعها قبل الصلاة وبعدها لورود
الاخبار بهما ولا بأس به وعنه رابعة انه لا يخطب أصلا إنما يدعو ويتضرع لقول ابن عباس لم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع ونحن نقول به
بموجبه إذ الخطبة هنا بسؤال إنزال الغيث وليس فيه نفى الخطبة بل نفى الصفة مسألة إذا صعد المنبر جلس بعد التسليم كما في باقي الخطب ويخطب بالخطبة
المروية عن علي (ع) وهل يخطب خطبتين الأقرب ذلك للنص على مساواة صلاة العيد وبه قال الشافعي ومالك وعن أحمد رواية انه يخطب واحدة إذ الغرض
الدعاء بإرسال الغيث ولا أثر لكونها خطبتين وهو ممنوع لزيادة المشقة إذا ثبت هذا فان الخطب عندنا ثمانية يوم الفطر والأضحى والاستسقاء والجمعة
وأربع في الحج يوم السابع من ذي الحجة الحرام بمكة ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأول وهو ثاني أيام التشريق وزاد بعض علمائنا خطبة العيدين وقال الشافعي عشرة وأسقط العيدين وزاد الكسوف والخسوف مسألة ويستحب للامام ان يستقبل القبلة بعد
فراغه من الصلاة ويكبر الله تعالى مائة مرة ثم يلتفت عن يمينه ويسبح الله مائة مرة ثم يلتفت عن يساره ويهلل الله تعالى مائة مرة ثم يستدبر القبلة ويستقبل الناس
ويحمد الله تعالى مائة مرة ويرفع بذلك صوته والناس يتابعونه في ذلك كله لقول الصادق (ع) ثم يصعد المنبر فيقلب رداؤه فيجعل الذي على يمينه على يساره
والذي على يساره على يمينه ثم يستقبل القبلة فيكبر الله مائة تكبيرة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ثم يلتفت
إلى الناس عن يساره فيهلل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته ثم يستقبل الناس فيحمد الله مائة تحميدة رافعا بها صوته ولان فيه ايفاء الجهات حق الاستغفار لأنه لا يعلم ادراك الرحمة
من أي جهة هو مسألة واختلف علماؤنا في استيجاب تقديم الخطبة على هذه الاذكار وتأخيرها فقال المرتضى بالأول وتبعه ابن إدريس وقال الشيخ بالثاني وكلاهما
عندي جايز انها تحويل الرداء فإنه قبل هذه الاذكار لقول الصادق (ع) ثم يصعد المنبر فيقلب رداؤه فيجعل الذي على يمينه على يساره والذي على يساره على يمينه
ثم يستقبل القبلة فيكبر الله مائة مرة وفى حديث اخر عنه (ع) فإذا سلم الامام قلب ثوبه مسألة ويستحب للامام والمأموم بعد الفراغ من الخطبة تحويل الرداء قاله
168

الشيخ في المبسوط وفى الخلاف يستحب للامام خاصة وبالأول قال الشافعي وأكثر أهل العلم للامر بالامتثال والتأسي بفعله (ع) وللمشاركة في المعنى وهو التفاؤل بقلب
الرداء ليقلب الله تعالى ما بهم من الجدب إلى الخصب سئل الصادق (ع) عن تحويل النبي صلى الله عليه وآله ردائه إذا استسقى قال علامة بينه وبين أصحابه تحول الجدب خصبا
وبالثاني قال الليث بن سعد وأبو يوسف ومحمد وهو المروى عن سعيد بن المسيب وعروة والثوري لأنه نقل ان النبي (ص) حول رداءه دون أصحابه
وقال أبو حنيفة لا يسن التحويل لا للامام ولا للمأموم لأنه دعاء فلم يستحب فيه تغيير الثياب كساير الأدعية والقياس لا يعارض النص خصوصا مع منع العلية
مسألة وصفة التقليب أن يجعل ما على اليمين على اليسار وبالعكس سواء كان مربعا أو مقورا عند علمائنا أجمع وبه قال أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز و
احمد ومالك والشافعي أولا لان عبد الله بن زيد قال إن النبي صلى الله عليه وآله حول ردائه وجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فإذا سلم الامام قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على الأيسر والذي على الأيسر على الأيمن فان النبي صلى الله عليه وآله
كذلك صنع وقال الشافعي إن كان مقورا فكذلك وإن كان مربعا فقولان أحدهما ذلك والثاني انه بجعل طرفه الأسفل على شقه الأيسر على عاتقه
الأيمن وطرفه الأسفل الذي على شقه الأيمن على عاتقه الأيسر لان النبي صلى الله عليه وآله كان عليه خميصه سوداء فأراد ان يجعل أسفلها أعلاها فلما ثقلت عليه
جعل العطاف الذي على الأيسر على عاتقه الأيمن والذي على الأيمن على عاتقه الأيسر والزيادة ظن الراوي وقد نقل تحويل جماعة لم ينقل أحد منهم النكس
ويبعد ان يترك النبي صلى الله عليه وآله ذلك في جميع الأوقات لنقل الرداء وقال امام الحرمين يقلب أسفل الرداء إلى الاعلى وما على اليمين على اليسار وما كان باطنا
يلي الثياب ظاهرا وجمع الثلاثة غير ممكن بل الممكن اثنان لا غير مسألة ويكثر من الاستغفار والتضرع إلى الله تعالى والاعتراف بالذنب وطلب المغفرة والرحمة و
الصدقة قال الله تعالى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى وقال حكاية عن آدم ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين وعن نوح وإلا تغفر لي
وترحمني أكن من الخاسرين وعن يونس (ع) فنادى في الظلمات أن لا اله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين وعن موسى (ع) انى ظلمت نفسي فاغفر لي
فغفر له انه هو الغفور الرحيم ولان المعاصي سبب انقطاع الغيث والاستغفار يمحو المعاصي المانعة من الغيث فيأتي الله تعالى به ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله
لقول علي (ع) إذا سألتم الله تعالى فصلوا على النبي وآله فإن الله سبحانه وتعالى إذا سئل حاجتين يستحيى ان يقضى إحديهما دون الأخرى مسألة إذا تأخرت
الإجابة استحب الخروج ثانيا وثالثا وهكذا عند علمائنا أجمع وبه قال مالك واحمد والشافعي لقوله (ع) ان الله يحب الملحين في الدعاء ولان سبب ابتداء الصلاة
باق فيبقى الاستحباب ولأنه أبلغ في الدعاء والتضرع وأنكر إسحاق الخروج ثانيا لان النبي صلى الله عليه وآله لم يخرج إلا مرة ولكن يجتمعون في مساجدهم فإذا فرغوا من
الصلاة ذكروا الله ودعوا ويدعوا الامام يوم الجمعة على المنبر ويؤمن الناس على دعائه وليس حجة لاستغناء النبي صلى الله عليه وآله عن المعاودة بإجابته أول مرة إذا
ثبت هذا فان الخروج ثانيا كالخروج أولا وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني يعودون من الغد للصلاة ويوالي الصلاة يوما بعد يوم ولو فعل ذلك جاز
مسألة لو تأهبوا للخروج فسقوا قبل خروجهم لم يخرجوا وكذلك لو سقوا قبل الصلاة لم يصلوا لحصول الغرض بالصلاة نعم يستحب صلاة الشكر
ويسئلون زيادته وعموم خلقه بالغيث وكذا لو سقوا عقيب الصلاة وهو أصح وجهي الشافعي ويستحب الدعاء عند نزول الغيث لقوله (ع) اطلبوا استجابة الدعاء
عند ثلث التقاء الجيوش وإقامة الصلاة ونزول الغيث وإذا كثر الغيث وخافوا ضرره دعوا الله تعالى ان يخفف
ويصرف مضرته عنهم لان النبي صلى الله عليه وآله
دعاء كذلك ولأنه أحد الضررين فاستحب الدعاء لإزالته كانقطاعه ويستحب رفع الأيدي في دعاء الاستسقاء لان النبي صلى الله عليه وآله رفعهما فيه حتى روئ
بياض إبطيه ويجوز ان يستسقى الامام بغير صلاة بأن يستسقى في خطبة الجمعة والعيدين وهو دون الأول في الفضل وكذا يجوز ان يخرج فيدعوا دعاء مجددا وهو دون
الثاني ويستحب لأهل الخصب ان يستسقوا لأهل الجدب لان الله تعالى اثنى على الذين دعوا لاخوانهم بقوله والذين يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا
بالايمان ويدعون لأنفسهم بزيادة الخصب مسألة لو نذر الامام ان يستسقى انعقد نذره لأنه طاعة فان سقى الناس وجب عليه ان يخرج فيوفى نذره
وليس له اخراج غيره ولا الزامه بالخروج لأنه لا يملكهم وليس له ان يكرههم عليه في غير جدب ولو لم يسقوا وجب عليه الخروج بنفسه وليس له الزام غيره بذلك
بل يأمرهم أمر ترغيب لا أمر الزام ولو نذر ان يخرج بالناس انعقد نذره في نفسه خاصة ووجب عليه اشعار غيره وترغيبه في الخروج فان فعل وإلا لم يجز جبره
عليه ولو نذر غير الامام ذلك فكذلك ويستحب له ان يخرج في من يطيعه من أهله وأقاربه وأصحابه فان اطلق النذر لم تجب الخطبة وان نذرها خطب
ولا يجب القيام لها وان نذر ان يخطب على المنبر قال الشيخ انعقد نذره ولم يجز ان يخطب على حايط وشبهه وقال الشافعي لا يجب لأنه لا طاعة فيه إلا ليسمع
الناس فإن كان إماما لزمه ذلك ويجزيه ان يخطب على جدار أو قائما وليس بجيد وإذا نذر ان يستسقى جاز ان يصلى ان شاء ويجزيه في منزله وقال الشيخ
يصلى في الصحراء وان قيد صلاته بالمسجد وجب فان صلاها في الصحراء حينئذ قال الشيخ لا يجزيه وعندي فيه إشكال ينشأ من أولوية ايقاعها في الصحراء
ولو نذر ان يصلى في المسجد لم يجز ان يصلى في بيته خلافا للشافعي وكما تجوز صلاة الاستسقاء عند قلة الأمطار كذا تجوز عند نصب ماء العيون أو مياه
الآبار للحاجة قال الشيخ فلا يجوز أن يقول مطرنا بنؤ كذا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك روى زيد بن خالد الجهني قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة
الصبح بالحديبية في اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن بي
وكافر بالكوكب وكافر بي ومؤمن بالكوكب فمن قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنو كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن
بالكوكب والظاهر أن قصده (ع) ان من قصد ان النؤ هو الممطر والمنزل للغيث كما يقول المشركون فهو كافر واما من قصد الوقت
الذي اجر الله تعالى عادته بمجئ المطر فيه فليس بكافر كما اجرى العادة بمجئ الحر والبرد والكسوف والخسوف في أوقات معينة والنؤ سقوط كوكب وطلوع رقيبه وينبغي
ان يجلس بحيث يصيبه أول المطر لان ابن عباس كان إذا مطرت السماء قال لغلامه اخرج فراشي ورحلي يصيبه المطر فقال له أبوا الجوزا لم تفعل هذا يرحمك الله
قال لقول الله تعالى وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأحب ان تصيب البركة فراشي ورحلي وروى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يتمطر في أول المطر وكان عليه السلام إذا برقت السماء
أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا مطرت سرى عنه ولا ينبغي لاحد ان يسب الريح لأنه روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الريح من روح الله تعالى تأتى بالرحمة وتأتى بالعذاب
فلا تسبوها وسألوا الله خيرها وتعوذوا من شرها المقصد الرابع في التوابع وفيه فصول الأول في الجماعة وفيه مطالب الأول في فضل الجماعة الجماعة مشروعة في الصلاة
169

المفروضة اليومية بغير خلاف بين العلماء كافة وهي من جملة شعاير الاسلام وعلاماته والأصل فيه قوله تعالى وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك
ودوام النبي صلى الله عليه وآله على إقامتها حضرا وسفرا وكذا الأئمة وخلفاؤه ولم يزل المسلمون يواظبون عليها مسألة وفى الجماعة فضل كثير قال رسول الله صلى الله عليه وآله
صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وفى رواية بخمس وعشرين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الصلاة في جماعة تفضل على صلاة
الفذ بأربع وعشرين درجة تكون خمسا وعشرين صلاة وقال (ع) ان أناسا كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ابطأوا عن الصلاة في المسجد فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد ان يؤمن بحطب فيوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم مسألة الجماعة ليستمر فرض عين
في شئ من الصلوات الخمس بل في الجمعة والعيدين خاصة مع حصول الشرايط عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك والثوري لقوله (ع)
تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة وهو يدل على جواز صلاة الفذ ومن طريق الخاصة قول زرارة والفضيل قلنا له الصلاة في الجماعة هي
فريضة فقال الصلوات وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنها سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له ولان
الجماعة لو وجبت لكانت شرطا في الصلاة كالجمعة وقال الأوزاعي وأبو ثور وداود وابن المنذر الجماعة فرض على الأعيان وليست شرطا فيها لان ابن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وآله
قال من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر وهو محمول على الجمعة أو على نفى الكمال لا الأجزاء مسألة وليست الجماعة فرض كفاية في شئ
من الصلوات عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة وأكثر الشافعية لما تقدم وللأصل ولأنها فضيلة في الصلاة ولا تفسد بعدمها فلا تكون واجبة كالتكبيرات
وقال الشافعي انها فرض كفاية لقوله (ع) ما من ثلاثة في قرية أو بلد لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإن الذئب يأخذ القاصية
وهو يدل على شدة الاستحباب لا الوجوب ولان الاستحواذ على عدم إقامة الصلاة لا على الجماعة ولان المفهوم ترك ذلك دائما إذا ثبت هذا فان أهل البلد لو تركوها لم يأثموا
ولم يقاتلوا وهو أحد قولي الشافعية لأنها مستحبة مسألة وفى أي موضع جمع جاز لكن يستحب المساجد لأنها مواطن العبادات وليس واجبا فيجوز ان يصلي في
بيته لقوله (ع) الاثنان فما فوقهما جماعة ولم يفضل في موضع دون اخر وهو أحد قولي الشافعي وعلى الاخر لا يكفيه ان يصلى في بيته جماعة إلا إذا ظهرت الجماعة
في الأسواق لان فرضها يسقط بذلك ويستحب ان توقع في المسجد الذي تكثر فيه الجماعة وهو الجامع قريبا كان منه أو بعيدا إلا أن يكون في جواره مسجد تكثر فيه الجماعات فالأقرب
أولي وكذا لو كانت جماعة المسجد القريب تختل ببعده عنه أو كان امام المسجد الأعظم مبدعا أو فاسقا أو يعتقد ترك شئ من واجبات الصلاة ولا ينبغي لاحد ترك الجماعة
وان صلاها بنسائه أو عبيده أو إمائه أو أولاده إذا لم يحضر المسجد مسألة لو رأى رجلا يصلى وحده استحب ان يصلى معه لان رسول الله صلى الله عليه وآله
رأى رجلا يصلى وحده فقال الا رجلا يتصدق على هذا فيصلى معه فجعل الصلاة معه بمنزلة الصدقة عليه مسألة يستحب ان يمشى على عادته إلى الجماعة ولا يسرع و
ان خاف فوتها فالأقرب عندي الاسراع وبه قال إسحاق لما فيه من المحافظة على الجماعة وعن ابن مسعود انه اشتد إلى الصلاة وقال بادرت حد الصلاة يعنى التكبيرة
الأولى وكان الأسود بن يزيد يهرول إذا ذهب إلى الصلاة وقال الشافعي لا يسرع وان خاف الفوت لقوله (ع) إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ولكن
أتموها وأنتم تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فامضوا ونمنع الحديث أو نحمله على الامن من الفوات فتستحب السكينة فان أدرك صلى وإلا قضى ما
فاته لا على حال الخوف مسألة يجوز ترك الجماعة للعذر وان لم تكن واجبة ويكره لغير عذر والعذر عام كالمطر والوحل والريح الشديدة في الليلة المظلمة وشدة
الحر لأنه (ع) كان يأمر مناديه في الليلة المظلمة والليلة ذات الريح ألا صلوا في رحالكم وقال (ع) إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال وقال (ع).
إذا اشتدت الحر فابردوا بالظهر وخاص كالاكل لشدة شهوته إلى الطعام لقوله (ع) إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء ولأنه يمنعه من السكون في
الصلاة والخشوع وكونه حاقنا لقوله (ع) إذا وجد أحدكم الغايط فليبدأ به قبل الصلاة أو مريضا أو خائفا من ظالم أو فوت رفعة أو ضياع مال أو غلبة نوم إذا انتظر
الجماعة أو احتاج إلى تمريض غيره أو أكل شئ من المؤذيات كالبصل والكراث لقوله من أكل من هذه الشجرة فلا يؤذينا في مسجدنا فان تمكن من ازالته لم يكن عذرا
مسألة وتصح الجماعة في كل مكان على ما تقدم سواء كان قريبا من المسجد أو لا لكن الأفضل قصد المسجد مع انتفاء المشقة وليس واجبا وهو قول العلماء
لقوله (ع) أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي جعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ومن طريق الخاصة قوله (ع)
صلاة الرجل في بيته وحده صلاة واحدة وفى رواية عن أحمد ان حضور المسجد القريب منه واجب لقوله (ع) لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد وهو محمول على نفى الكمال
مسألة الجماعة في المسجد الحرام أفضل من غيره ثم بعده مسجد النبي صلى الله عليه وآله ثم المسجد الأقصى ثم المسجد الأعظم من كل بلد ثم كل مسجد تكثر فيه الجماعة
والتفضيل في الأول بسبب تفاوت الأمكنة في الشرف وفى الأخير بسبب الفعل وقد تقدم ولو كان في جواره أو غير جواره مسجد لا تفقد الجماعة فيه إلا بحضور ففعلها
فيه أولي لأنه يعمره بإقامة الجماعة فيه ويحصلها لمن يصلى فيه وإن كانت تقام فيه وفى قصده غيره لكسر قلب امامه أو جماعته فجبر قلوبهم أولي وهذا لا يتأتى عندنا
لان شرط الامام العدالة والعدل لا ينكسر قلبه بمثل هذا وان لم يكن كذلك ففي أولوية قصد الابعد أو الأقرب احتمال ينشأ من كثرة الخطا في طلب الثواب ومن الجواز
وفيه عن أحمد روايتان مسألة يكره تكرر الجماعة في المسجد الواحد فإذا صلى الامام الحي في مسجد وحضر قوم آخرون صلوا فرادى قاله الشيخ وبه قال الليث والنخعي
والثوري ومالك وأبو حنيفة والأوزاعي والشافعي إلا أن الشيخ أطلق وهؤلاء قالوا يكره فيما له امام راتب في غير ممر الناس لا في غيره وكذا لا يكره لو كان على قارعة الطريق
أو في محلة لا يمكن ان يجمع أهله رفعة واحدة احتج الشيخ (ره) بالاخبار ولان فيه اختلاف القلوب والعداوة والتهاون بالصلاة مع إمامته والذي روى أبو علي الجبائي
عن الصادق (ع) كراهة ان يؤذن الجماعة الثانية إذا تخلف أحد من الأولى وروى زيد عن أبيه (ع) عن آبائه (ع) قال دخل رجلان المسجد وقد صلى علي (ع) بالناس
فقال لهما إن شئتما فليؤم أحدكما صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم وقال ابن مسعود والحسن والنخعي وقتادة واحمد وإسحاق لا تكره الجماعة الثانية لعموم قوله (ع)
صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة وجاء رجل وقد صلى النبي (ص) فقال أيكم يتجر على هذا فقام
رجل فصلى معه وفى حديث اخر ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه وفى رواية زيادة فلما صليا قال وهذان جماعة ولا بأس بهذا القول عندي وكره احمد
إعادة الجماعة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله لئلا يتوانى الناس في حضور جماعة الامام الراتب والوجه التسوية مسألة ومحل الجماعة الفرض
دون النفل إلا في الاستسقاء والعيدين مع اختلاف بعض الشرايط عند علمائنا خلافا للجمهور لان زيد بن ثابت قال جاء رجال يصلون صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله
170

فخرج مغضبا وأمرهم ان يصلون النوافل في بيوتهم وقال صلى الله عليه وآله أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ومن طريق الخاصة قول الصادق
والرضا (ع) لما دخل رمضان اصطف الناس خلف رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أيها الناس هذه نافلة فليصل كل منكم وحده وليعمل ما علمه الله في كتابه
واعلموا انه لا جماعة في نافلة فتفرق الناس احتجوا بالجواز الأصلي وقد يخرج بالنص عن العمل به المطلب الثاني في الشرائط وهي سبعة الأول العدد وأقله اثنان
أحدهما الامام في كل ما يجمع فيه إلا الجمعة والعيدين مع الشرايط بالاجماع ولقوله (ع) الاثنان فما فوقها جماعة ولأنها مأخوذة من الاجتماع وهو موجود هنا لا يقال أقل
الجمع ثلاثة عند كم فكيف تذهبون إلى ذلك لأنا نقول ليس بينهما تناف لتغايرهما لان المراد هنا ان فضيلة الجماعة تحصل من الاثنين والمراد هناك صيغة الجمع
كرجال لا يطلق حقيقة على أقل من الثلاثة ولا فرق في الجواز بين ان يكونوا ذكورا أو إناثا أو بالتفريق أو ذكورا وخناثى أو إناثا وخنثى ولا يجوز ان يكونوا إناثا
وخناثى مشكل أمرهم ولا خناثى منفردات لامتناع أن تكون الأمانة خنثى لمثله لاحتمال أن تكون الإمامة أنثى والمأموم رجلا مسألة يستحب للنساء ان يصلين
جماعة وان لم يكن معهن رجل في الفرض والنفل كالرجال عند علمائنا أجمع وبه قال عطا والأوزاعي والثوري وأبو ثور والشافعي واحمد وإسحاق لان النبي (ع)
أمر أم ورقة بنت عبد الله بن الحرث بن نوفل وكان يزورها ويسميها الشهدة بأن تأم أهل دارها وجعل لها مؤذنا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
لا بأس وقد سئل هل تؤم المرأة النساء ولأن النساء من أهل الفرض فسنت لهن الجماعات كالرجال وقال أبو حنيفة ومالك انه مكروه وحكى عن نافع وعمر بن عبد العزيز
لان الاذان يكره لهن وهو دعاء إلى الجماعة وكرهت لهن وكراهة الاذان رفع الصوت المنهى عنه بخلاف الجماعة ولان من الصلوات لا يؤذن لها ومن سننها الجماعة
ولأنه يستحب لها الإقامة فدل ذلك على ثبوت الجماعة في حقها مسألة إذا أمت المرأة النساء استحى ان تقف وسطهن في صفهن ولا نعلم فيه خلافا لان صفوان بن مسلم قال من السنة ان تصلى المرأة بنساء تقف وسطهن ومن طريق الخاصة ما رواه بعض أصحابنا
عن المرأة تؤم النساء قال نعم تقف وسطهن ولان ذلك استر لها كالعراة فان تقدمت وصلت كره وصحت صلاتهن كالرجل لو صلى وسط الرجال مسألة
الحرة أولي من الأمة بالإمامة لأنها موضع فضيلة والحرة أكمل ولان الحرة تستر في الصلاة والأمة يجوز ان تكشف رأسها فالمسترة أولي فان تقدمت الأمة جاز وإن كانت
مكشوفة الرأس بعدم وجوب ستره في حقها فإن كانت قد عتقت ولم تعلم فصلت بغير خمار جاز للعالمة به الائتمام بها لأنها صلاة شرعية والأقرب انسحاب ذلك على (ارالم؟)
بنجاسة ثوب الامام إذا لم توجب الإعادة مع تجدد العلم في الوقت إذا ثبت هذا فان صلاة المرأة بيتها أفضل من صلاتها في المسجد لقوله صلى الله عليه وآله المرأة عورة
وانها إذا خرجت من بيتها استقرها الشيطان فاقرب ما يكون من وجه الله تعالى وهي في قعر بيتها وقال (ع) صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاة في حجرتها يعنى
صحن دارها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها والمخدع البيت في جوف البيت ومن طريق الخاصة قولهم (ع) خير مساجد نسائكم البيوت مسألة
يصح ان يؤم الرجل النساء الأجنبيات لان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأنس وبأمه أو خالته وللأصل وكذا يصلى بالصبى في الفرض والنفل عند علمائنا لان
النبي صلى الله عليه وآله أم بابن عباس وهو صبى وقال احمد لا تنعقد الجماعة بالصبى وإن كان مأموما لنقص حاله فأشبه من لا تصح صلاته وهو ممنوع لأنه متنفل فصح ان
يكون مأموما لمفترض كالبالغ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله من يتصدق على هذا فيصلى معه الشرط الثاني عدم تقدم المأموم في الموقف على الامام فان
صلى قدامه بطلت صلاته سواء كان متقدما عند التحريم أو تقدم في خلالها عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في الجديد لقوله (ع) انما
جعل الامام إماما ليؤتم به ولان النبي صلى الله عليه وآله فعل ما قلناه وكذا الصحابة والتابعون ولأنه أخطأ موقفه إلى موقف ليس بموقف لاحد من المأمومين بحال
فلم تصح صلاته كما لو صلى في بيته بصلاة الامام في المسجد ولأنه محتاج في الاقتداء والمتابعة إلى الالتفات إلى ورائه وقال مالك وإسحاق وأبو ثور والشافعي في القديم
لا يصح لان مخالفة الموقف لا تبطل الصلاة كما لو وقف على يسار الامام والفرق انه موقف لبعض المأمومين كالعراة والنساء فروع - آ - الأفضل تأخر المأموم عن
الامام في الموقف وليس شرطا لتحصيل صوته التقدم فان ساواه صح اجماعا - ب - الاعتبار في التقدم والمساواة بالعقب فلو تقدم عقب المأموم بطل عندنا خلافا
لمالك والشافعي في أحد القولين على ما تقدم وان ساواه صح - ج - لو كانت رجل الامام أكبر فوقف المأموم بحيث حاذت أطراف أصابعه أصابع الامام ولكن تقدم
عقبه على عقب الامام فالوجه البطلان وتحتمل الصحة لأنه حاذى الامام ببعض بدنه واعتبارا بالأصابع وكلاهما للشافعي ولو كانت رجل المأموم أطول فوقف
بحيث يكون عقبه محاذيا لعقب امامه وتقدمت أطراف أصابعه فالوجه الصحة وبه قال الشافعي على تقدير المنع لان ابن مسعود صلى بالأسود وعلقمة فأقام أحدهما
عن يمينه والاخر عن يساره وكانا أطول قامة فالظاهر أنهما أكبر رجلا ولم يأمرهما بالتأخر ويحتمل المنع للتقدم ببعض البدن فصار كما لو خرج بعضه عن سمت الكعبة
فحينئذ يكون الشرط في المساواة والتأخر بالعقب والأصابع معا مسألة يستحب للمصلين في المسجد الحرام بالجماعة ان يقف الامام خلف المقام ويقف الناس خلفه
وقال الشافعي يستحب ان يقفوا مستدبرين بالبيت وقد بينا التردد في جواز ذلك فان قلنا به وصلوا كذلك فإن كان بعضهم أقرب إلى البيت فإن كان
متوجها إلى الجهة التي توجه إليها الامام بطلت صلاته لأنه قد تقدم امامه وفيه للشافعي القولان وإن كان متوجها إلى غيرها احتمل ذلك لئلا يكون
متقدما حكما والجواز وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لأنه لا يظهر به مخالفة منكره ولان قربة من الجهة لا يكاد يضبط ويشق مراعاة ذلك وفى جهته لا
يتعذر ان يكونوا خلفه ولان المأموم إذا كان في غير جهة الامام لم يكن بين يديه وإن كان أقرب إلى الكعبة منه وكلا الوجهين للشافعي أما لو صلوا وسط
الكعبة فالأقرب وجوب اتحاد الجهة ويتحمل جواز المخالفة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة فإن كان المأموم أقرب واتحدت الجهة لم تصح صلاته وللشافعي
قولان وان اختلفت فوجهان وكلاهما للشافعي مسألة المأموم إن كان واحدا ذكرا استحب أن يقف عن يمين الامام عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك
وأبو حنيفة واحمد لان ابن عباس قال بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وآله يصلى فقمت عن يساره فأخذني بيمينه فحولني عن يساره إلى يمينه ومن
طريق الخاصة قول أحدهما (ع) الرجلان يؤم أحدهما الاخر يقوم عن يمينه فان كانوا أكثر قاموا خلفه وحكى ابن المنذر عن سعيد بن المسيب أنه قال
يقيمه عن يساره وقال النخعي يقيمه وراءه ما بين ان يركع فان جاء اخر وإلا قام عن يمينه وفى حديث ابن عباس عدة فوايد آ وقوف الواحد عن يمين الامام ب صحة صلاته
لو وقف عن يساره ج لا يلزمه سجود السهو د استحباب التحول إلى اليمين لو وقف على اليسار ه‍ إذا لم يتحول لم يقرء الامام وحوله وان يؤخره بيمينه دون يساره ز
ان يدبره من خلفه ح صلاة النفل يحرم فيها الكلام لأنه لم يكلمه ونحن نمنع من الجماعة في النفل فان صحت رواية ابن عباس فيها حملناها على التمرين لأنه صبى لا انها
صلاة شرعية وتكون الفائدة تعليمه موقف المأموم في الفرض ط عدم البطلان بالفعل اليسير ى ان الصبى له موقف في الصف كالبالغ لان ابن عباس كان
171

صبيا إذا ثبت هذا فان وقف على يساره ولم يكن على يمينه أحد لم يفعل السنة وصحت صلاته إجماعا إلا احمد فإنه أبطل صلاته ان صلى ركعة كاملة لان النبي صلى الله عليه وآله
لم يأمر ابن عباس باستيناف الصلاة ولأنه موقف فيما إذا كان عن الجانب الآخر وكان موقفا وإن لم يكن اخر كاليمين ولأنه أحد جانبي الامام فأشبه اليمين
احتج احمد بأن النبي (ع) أدار ابن عباس ولا يدل على الزجر وكذا إن وقف متأخرا مسألة لو كان المأموم رجلين وقفا خلفه عندنا وعند أكثر العلماء
لان جابرا قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى فوقفت عن يمينه فدخل جبار ابن صخر فوقف عن يساره فدفعنا رسول الله صلى الله عليه وآله حتى جعلنا خلفه ولم
ينكر (ع) احرامه عن يساره وقال انس صليت خلف رسول الله (ص) انا ويتيم لنا فصففت أنا واليتيم صفا وأم سليم خلفنا ومن طريق الخاصة
قول أحدهما (ع) فان كانوا أكثر يعنى من واحد قاموا خلفه وحكى ابن مسعود انهما يقفان عن جانبيه فان كانوا ثلاثة تقدم عليهم لأنه صلى بين علقمة والأسود
فلما فرغ قال هكذا رأيت رسول الله عليه وآله فعل فان صح كان منسوخا لتأخر من ذكرنا وابن مسعود من المتقدمين مسألة إذا كان المأموم جماعة
وقفوا خلف الامام صفا أو صفوفا استحبابا بلا خلاف وان وقف بعضهم في صفه عن يمينه ويساره أو عن أحدهما والباقون خلفه جاز وينبغي تخصيص
الصف الأول بأهل الفضل ثم الثاني بالأدون منهم ثم الثالث بالأدون منهما وهكذا لقوله (ع) ليلي منكم أولوا
الأحلام ثم الذين يلونهم ثم الصبيان
ثم النساء وقال (ع) خير صفوف الرجال أولها وشرها اخرها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ليكن الذين يلون الامام أولوا الأحلام وأفضل الصفوف
أولها ما دنى من الامام ولأنه أفضل لقربه من الامام الأفضل فخصص به أفضل المأمومين وللحاجة إليهم في التنبيه لو سهى الامام أو غلطا وارتج عليه أو احتاج
إلى الاستخلاف إذا ثبت هذا فان تم الصف الأول بالرجال وقف الصبيان صفا اخر خلفه ووقف النساء صفا اخر خلف الصبيان وقال بعض الشافعية
يقف بين كل رجلين صبى ليتعلم منه الصلاة وهو غلط لقوله (ع) ليلين منكم أولوا الأحلام والنهى للتعلم ثابت إذا صلوا خلفهم مسألة الجماعة
مشروعة للعراة عند علمائنا وبه قال قتادة واحمد ولعموم الامر بالجماعة وقال مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي يصلون فرادى وقال مالك يتباعد بعضهم عن بعض
وان كانوا في ظلمة صلوا جماعة ويقدمهم امامهم والشافعي في القديم وافقهم وقال في موضع اخر الجماعة والانفراد سواء لان في الجماعة الاخلال بسنة الموقف وفى الافراد
الاخلال بفضيلة الجماعة إذا ثبت هذا فان امامهم يجلس وسطهم ويتقدمهم بركبتيه وهو قول من سوغ الجماعة من الجمهور إلا انهم قالوا يصلون قياما إلا احمد فإنه
وافقنا في الجلوس وبه قال الأوزاعي وقول المخالف ليس بجيد لمنافاته الستر المطلوب شرعا وسأل عبد الله بن سنان الصادق (ع) عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال
يتقدمهم امامهم بركبتيه ويصلى بهم جلوسا وهو جالس وكذا لو كان العراة نساء صلين جماعة جلوسا وتجلس إمامتهن وسطهن
وقال الشافعي يصلين قياما ولو اجتمع الجنسان صلوا صفوفا جلوسا يتقدمهم الامام بركبتيه ويتأخر النساء وقال الشافعي
ينفرد النساء بجماعة ويقفن كالرجال وتقف إمامتهن وسطهن فان ضاق الموضع ولى النساء وجوههن عن الرجال حتى إذا صلوا قياما ولى الرجال وجوههم عنهن
حتى يصلين إذا عرفت هذا فإنهم يؤمون للركوع والسجود ويكون السجود أخفض من الركوع وعن أحمد روايتان هذه أحدهما والاخرى يسجدون على الأرض وبه
قال الشافعي ومالك وقد سبق مسألة إذا كان المأموم امرأة أو نساء أو خناثى مشكل امرهم والامام رجل وقفت أو فقمن خلفه وجوبا على القول بتحريم المحاذاة وإلا ندبا لقوله (ع) أخروهن من حيث أخرهن الله فإن كان المأموم خنثى واحدة وقفت خلفه وقال احمد لا يجوز لجواز ان يكون رجلا
بل يقف عن يمينه ولا تبطل صلاة الامام لوقوف المرأة على جانبه والوجه منع ائتمام أكثر من خنثى واحدة على القول بتحريم المحاذاة فان اجتمعت امرأة وخنثى وقف الخنثى خلف
الامام والمرأة خلفها لجواز أن تكون رجلا ولو كان الامام خنثى والمأموم امرأة وقفت خلفه وجوبا على القول بتحريم محاذاتها للرجل وإلا ندبا لجواز ان يكون
رجلا ولو كان المأموم رجلا وامرأة والامام رجلا وقف الرجل على يمينه والمرأة خلفه وان حضر رجلان وامرأة قام الرجلان خلفه والمرأة خلفهما فان حضر رجلا وامرأة
وخنثى وقف الرجل عن يمينه والخنثى خلفهما والمراة خلف الخنثى قال الشيخ (ره) فان اجتمع رجال ونساء وخناثى وصبيان وقف الرجال وراء الامام ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء
واما جنايزهم فإنها تترك جنايز الرجال بين يدي الامام ثم جنايز الصبيان ثم جنايز النساء وأما دفنهم فالأولى ان يفرد لكل واحد منهم قبر لما روى
عنهم (ع) انه لا يدفن في قبر واحد اثنان فان دعت ضرورة إلى ذلك جاز ان يجمع اثنان وثلاثة في قبر واحد كما فعل (ع) يوم أحد فإذا اجتمع هؤلاء
جعل الرجال مما يلي القبلة والصبيان بعدهم ثم الخناثى ثم النساء مسألة إذا قام المأموم عن يمين الامام فدخل مأموم اخر فإن لم يكن الأول قد أحرم تأخر
ووقفا خلف الامام وإن كان قد أحرم فكذلك وقال الشافعي يقف الاخر إلى يسار الامام ويحرم ثم يتقدم الامام أو يتأخر المأمومان ويصطفان خلفه وأيهما
أولي الأصح عندنا وعنده الثاني لأنهما تابعان ولأنه (ع) رفع جابرا وجبار بن صخر إلى خلفه ولو كان الموضع يحتمل التقديم دون التأخر تقدم الامام
حتى يحصل خلفه ولا يقف المأموم الواحد خلفه ابتداء واحتج بأنه إن تأخر المأموم قبل ان يحرم الثاني فقد صار منفردا خلفه وان أحرم الداخل خلفه
أو لا فهو أيضا منفرد خلفه وما قلناه أولي محافظة للصلاة من الفعل الزايد ولو دخل المأموم والامام جالسان للتشهد كبر وجلس عن يساره ولا يؤمر
الامام بالتقدم ولا المأموم بالتأخر لأنه يشق حال الجلوس مسألة يكره لغير المرأة وخايف الزحام الانفراد بصف بل إذا دخل ووجد في صف المأمومين فرجة
دخل فيه وأحرم وان انفرد صحت صلاته عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري والشافعي وأبو حنيفة والثوري ومالك والأوزاعي وابن المبارك وهو مروى
عن زيد بن ثابت لان أبا بكرة جاء والنبي صلى الله عليه وآله راكع فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف فلما قضى رسول الله (ص) قال أيكم ركع دون الصف ثم مشى
إلى الصف فقال أبو بكرة أنا فقال زادك الله حرصا ولا تعد ولم يأمره بالإعادة والنهى عن العود محمول على الكراهة أو لا تعد إلى التأخر ولأنه أخطأ موقفا
سن له إلى موقف المأموم بحال فأشبه ما إذا وقف على يسار الامام وقال احمد وإسحاق تبطل صلاته واختاره ابن المنذر لان وابضة بن معبد قال صلى رسول
الله صلى الله عليه وآله فابصر رجلا خلف الصفوف وحده فأمره ان يعيد الصلاة وهو محمول على الاستحباب فروع - آ - لو لم يجد في الصف الأخير فرجة ووجدها
في الصفوف المقدمة فله ان يخرق الصفوف حتى يصل إلى موضع الفرجة لان التقصير منهم حيث تركوا الفرجة - ب - لو لم يجد في الصفوف فرجة فوجد عن يسار
الامام صحت صلاته وعن أحمد روايتان - ج - لو لم يجد في الصف مدخلا صلى خلف الصف وهل يجذب من الصف واحدا يصلى معه الأقرب الكراهة وهو أحد قولي الشافعي
لما فيه من احداث خلل في الصف وحرمان المجذوب فضيلة الصف الأول والاخر يجذب ويستحب للرجل اجابته - د - لو تقدمت سفينة المأموم فان استصحب
نية الايتمام بطلت صلاته لفوات الشرط وهو عدم التقدم وقال في الخلاف لا تبطل لعدم الدليل وان عدل إلى نية الانفراد صحت الشرط الثالث الاجتماع في
172

في الموقف فلا يجوز تباعد المأموم عن الامام بما لم تجر العادة به ويسمى كثيرا إلا مع اتصال الصفوف به عند علمائنا وهو قول أكثر العلماء سواء علم بصلاة الامام أو لا
لقوله عليه السلام لو صليتم في بيوتكم لضللتم وهو يدل على أن من علم بصلاة الامام وهو في داره فلا يجوز ان يصلى بصلاته ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
إذا صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك لهم بإمام وأي صف كان أهله يصلون وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك بصلاة
وقال (ع) يكون قدر ذلك مسقط الجسد لكن اشتراط ذلك مستعبد فيحمل ذلك على الاستحباب وقال عطا إذا كان
عالما بصلاته صح وإن كان على بعد من المسجد ولم
يراع قربا لأنه عالم بصلاة الامام فصحت صلاته كما لو كان في المسجد وهو غلط لاستلزامه ترك السعي الواجب في قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله في حق العالم وكان
يقتصر الناس على الصلاة في بيوتهم مسألة ولا فرق في المنع من التباعد بين ان يجمعها مسجدا أو لا للعموم وفرق الشافعي بينهما فسوغ التباعد في المسجد و
إن كان متسعا بأزيد من ثلاثمائة ذراع وظاهر قول الشيخ في المبسوط يعطيه لأنه بنى للجماعة الواحدة فكان موجبا للاتصال بينهما قال الشافعي وكذا المساجد الصغار المتصلة
بالمسجد الكبير حكمها حكمه لأنها بنيت للاتصال به ونمنع ايجاب البنا الاتحاد مطلقا ولا فرق عند الشافعية بين ان يكون الفضاء كله ملكا أو كله مواتا أو وقفا أو بالتفريق المتصلة
ولا بين ان يكون محوطا أو غير محوط ولا بين ان يكون الملك لواحد أو لجماعة وفى وجه يشترط في الساحة المملوكة اتصال الصف كالأبنية بخلاف الموات فإنه
يشبه المسجد وفى وجه لهم إذا وقف أحدهما في ملك والاخر يشترط اتصال الصف وقد بينا مذهبنا في ذلك مسألة القرب والبعد المرجع بهما
إلى العادة عندنا وبه قال احمد لعدم التنصيص شرعا فينصرف إلى العرف كالاحراز وغيره وقدر الشافعي البعد بما يزيد على ثلاثمائة ذراع والقرب بها وبما دونها
اعتبارا بصلاة النبي صلى الله عليه وآله في الخوف فإنه صلى بطايفة ومضت إلى وجه العدو وهو في الصلاة يحرسهم وانما يحرس من وقع السهام لأنها أبعد وقعا
من جميع السلاح وأكثر ما يبلغ السهم ثلاثمائة ذراع وهذا ليس بشئ ء اختلف أصحابه هل هو تقريب أو تحديد على قولين ولا خلاف في أنه لو اتصلت الصفوف إلى أي
بعد كان صحت الصلاة فعندنا الاتصال بمجرى العادة وعند الشافعي ان يكون بين كل صفين ثلاثمائة ذراع فما دون ولو كانت الصفوف في المسجد جاز ان يصلى
المأموم خارجه مع المشاهدة وعدم البعد الكثير وحد الشافعي على تقريره بما يزيد على ثلاثمائة ذراع بينه وبين اخر المسجد وان لم تكن الصفوف في المسجد متصلة
بآخره لأنه المسجد لا يحسب فصلا والوجه عندنا اعتبار الاسم بينه وبين اخر صف فيه وقال المرتضى ينبغي ان يكون بين الصفين قدر مسقط الجسد فان تجاوز
ذلك إلى القدر الذي لا يتخطى لم يجز للرواية والظاهر الكراهة ولو وقف صف خلف الامام على حد ثلاثمائة ذراع عند الشافعي وعلى أبعد مراتب تقديرات القرب
عندنا وصف اخر خلفهم على النسبة وهكذا صحت صلاتهم إجماعا ويجعل كل صف مع الذي خلفه كالامام مع المأموم ولو وقف على يمين الصف قوم بينهما حد
القرب أو على يسارهم واقتدوا بالامام جاز ويكون ذلك حد القرب بين المأمومين كما هو حد القرب بين الصفين مسألة يستحب قرب الصف من الامام
وقد قدره الباقر (ع) بمسقط الجسد استحبابا وروى مربض (غمز؟) ليندرجوا تحت قوله تعالى كأنهم بنيان مرصوص وكذا بين كل صفين ويستحب تسوية الصف لما رواه
الجمهور عن النبي (ع) لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم والوقوف عن يمين الامام أفضل لقول البراء بن عازب كان يعجبنا الوقوف يمين
رسول الله صلى الله عليه وآله ولان الامام يبدأ بالسلام عليهم وينبغي ان يقف الامام في مقابلة وسط الصف لما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وآله
وسطوا الامام وسدوا الخلل مسألة حيلولة النهر والطريق بين الإمام والمأموم لا تمنع الجماعة مع انتفاء البعد عند أكثر علمائنا سواء كان النهر مما يتخطى أو لا وبه قال
الشافعي ومالك لان أنسا كان يصلى في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف بصلاة الامام وبينه وبين المسجد طريق ولم ينكر ذلك منكر ولان ما بينهما يجوز الصلاة
فيه فلا يمنعها وقال أبو حنيفة لا يجوز لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من كان بينه وبين الامام طريق فليس مع الامام وهو محمول على البعد أو الكراهة
إذا عرفت هذا فان الجماعة في السفن المتعددة جايزة سواء اتصلت أو انفصلت ما لم يخرج إلى حد البعد وبه قال الشافعي لان المقتضى وهو العموم موجود والمانع
وهو عدم المشاهدة منفى لوجودها ولان الاستطراق ممكن والماء مانع من ذلك كما لو كان بينهما نار وقال أبو سعيد من الشافعية بالمنع مع الانفصال مطلقا لان بينهما
ما يمنع الاستطراق وهو ممنوع فان الماء لو نصب أمكن الاستطراق فالحاصل ان الماء ليس بمانع عندنا خلافا لأبي حنيفة الشرط الرابع عدم الحيلولة بين الإمام والمأموم
الذكر مما يمنع المشاهدة للامام أو المأموم سواء كان من جدران المسجد أو لا عند علمائنا لتعذر الاقتداء ولان المانع من المشاهدة
مانع من اتصال الصفوف بل هو في ذلك أبلغ من البعد ولقول الباقر (ع) وأي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر
ما لا يتخطى فليس تلك لهم الصلاة فإن كان بينهم سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان من حيال الباب وقال أبو حنيفة يجوز مطلقا لأنه يمكنه الاقتداء
بالامام فصح اقتداؤه به من غير مشاهدة كالأعمى ويمنع الامكان للخفاء بخلاف الأعمى القريب لعلمه بحال الامام وقال الشافعي ان صليا في المسجد صحت صلاة
المأموم إذا علم بصلاة الامام سواء كان بينهما جدار حايل من مشاهدة الامام ومشاهدة من يشاهده أو لا لان المسجد كله متصل حكما وان الفصل إلى بيوت ومساكن ونمنع
الاتحاد للحايل فلم يجز كالخارج وان صلى المأموم خارج المسجد وحال بينهم حايط فقولان أصحهما عنده المنع من الايتمام لأنه بنى الفصل بينه وبين غيره وإن كان الحايل حايط
بينه منع من الايتمام وأي فرق بين كون الحايط للمسجد أو لغيره فروع - آ - الصلاة في المقاصير التي في الجوامع غير المحرمة باطلة لقول الباقر (ع) هذه المقاصير لم يكن في زمن
أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون ليس صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة وسوغه الشافعي وأبو حنيفة - ب - لو كان الحايل يمنع من الاستطراق دون
المشاهدة كالشبابيك والحيطان المحرمة التي لا يمنع من مشاهدة الصفوف للشيخ قولان أحدهما المنع لقول الباقر (ع) ان صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس
ذلك الامام لهم بإمام والثاني الجواز لان القصد من التخطي وهو العلم بحال الامام حاصل كالنهر وهو حسن وللشافعي قولان - ج - لو كان الحايل قصيرا يمنع حال الجلوس خاصة
عن المشاهدة فالأقرب الجواز - د - لو وقف الامام في بيت وبابه مفتوح فوقف مأموم خارجا بحذاء الباب بحيث يرى الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته وكذا ان صلى قوم عن
يمينه أو شماله أو من ورائه صحت صلاتهم وان لم يشاهدوا من في البيت لانهم يرون هذا وهو يرى الامام أو المأمومين في البيت فان وقف بين يدي هذا الصف صف اخر
عن يمين الباب أو شمالها لا يشاهدون من في المسجد لم تصح صلاتهم إذا لم يكونوا أعلى سمت المحاذي للباب - ه‍ - لو صلى في داره وبابها مفتوح يرى منه الامام أو بعض المأمومين
صحت صلاته ولا يشترط اتصال الصفوف به وللشافعي قولان ولو صلى بين الأساطين فان اتصلت الصفوف به أو شاهد الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته لقول الصادق (ع) لا ارى بالصفوف بين
الأساطين بأسا - ز - لو وقف الامام في المحراب الداخل في الحايط فان صلاة من خلفه صحيحة لانهم يشاهدونه وكذا باقي الصفوف التي من وراء الصف الأول أما من على يمين الامام و
173

يساره فان حال بينهم وبين الامام حايل لم تصح صلاتهم والا صحت لقول الصادق (ع) لا بأس بوقوف الامام في المحراب - ط - يجوز ان تصلى المرأة من وراء الجدار مقتدية
بالامام وان لم تشاهده ولا من يشاهده عند علمائنا لان عمارا سأل الصادق (ع) عن الرجل يصلى بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يصلين خلفه قال نعم قلت إن بينه
وبينهن حايطا أو طريقا قال لا بأس ولأن المرأة عورة والجماعة مطلوبة للشارع فتجمع بين الصيانة وطلب الفضيلة ولا فرق بين الحسناء الشابة والشوهاء العجوز و
لم يفرق الجمهور بين الرجال والنساء في المنع والجواز الماء ليس حائلا على ما بيناه مع المشاهدة وعدم البعد خلافا لأبي الصلاح منا وأبي حنيفة - ي - لو وقف المأموم
في دار والامام في اخر فإن كان عن يمينه أو يساره واتصلت الصفوف به بتواصل المناكب أو بقيت فرجة لا تتسع للواقف صحت إذا كان الباب على سمت الامام أو صفه وإن كان
خلفه والباب مفتوح شاهدا منه الامام أو بعض المأمومين صح أيضا والا فلا الشرط الخامس عدم علو الامام على موضع المأموم بالمعتد به فلو صلى
الامام على موضع أرفع من موضع المأموم بما يعتد به بطلت صلاة المأموم عند علمائنا سواء أراد تعليمهم أو لا لما رواه الجمهور ان عمار بن ياسر كان بالمداين فأقيمت
الصلاة فتقدم عمار فقام على وكان الناس أسفل منه فتقدم حذيفة فأخذ بيده حتى أنزله فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول
إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم قال عمار فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي وأم حذيفة بالمداين على وكان فأخذ عبد الله بن مسعود بقميصه فجذبه فلما
فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك قال بلى ذكرت حين جذبتني ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن كان الامام على شبه دكان أو على موضع
أرفع من موضعهم لم تجز صلاتهم ولو كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع بقدر شبر وكان أرضا مبسوطة وكان في موضع منها ارتفاع فقام
الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطة إلا انهم في موضع منحدر قال لا بأس ولأنه يحتاج إلى معرفة حال امامه في ركوعه وسجوده فيحتاج
ان يرفع بصره إليه ليشاهده وهو منهى عنه في الصلاة وقال مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي انه مكروه وهو قول الشيخ في الخلاف لحديث عمار وحذيفة وهو يدل على المنع و
النهى وظاهرهما التحريم وقال الشافعي اختار للامام الذي يعلم من خلفه ان يصلى على الشئ ء المرتفع فيراه من خلفه فيقتدون بركوعه لان سهل بن سعد الساعدي
قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على المنبر لما صنع له فصعد عليه فاستقبل القبلة فكبر ثم قرأ ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد ثم صعد فقرأ ثم ركع
ثم نزل القهقرى فسجد فلما فرغ من صلاته قال إنما فعلت ذلك لتأتموا بي وتعلموا صلاتي ونمنع الحديث سلمنا لكن الظاهر أنه كان على الدرجة السفلى لئلا يحتاج
إلى عمل كثير في الصعود والنزول فيكون ارتفاعا يسيرا أو لأنه من خصايصه لأنه فعل شيئا ونهى عنه فيكون فعله له ونهيه لغيره ولهذا لا يستحب مثله لغير النبي (ع)
ولان النبي صلى الله عليه وآله يتم الصلاة على المنبر فان سجوده وجلوسه إنما كان على الأرض بخلاف ما وقع فيه الخلاف أو انه (ع) علم الصلاة ولم يقتدوا به وحكى
الطحاوي عن أبي حنيفة كراهته إذا كان ارتفاعه يجاوز القامة فروع - آ - لو صلى الامام على سطح والمأموم على اخر وبينهما طريق صح مع عدم التباعد وعلو سطح الامام
- ب - لو صلى المأموم على الموضع المنخفض بالمعتد به بطلت صلاته وبه قال الأوزاعي لان النهى يقتضى الفساد ولقول الصادق (ع) لم تجز صلاتهم وقال
أصحاب الرأي لا تبطل لان عمار أتم صلاته ولو كانت فاسدة استأنفها ويحمل على الجذب قبل التحريم - ج - لو كان مع الامام من هو مساو أو أعلى وأسفل اختص
التحريم بالأسفل لوجود المعنى فيه دون غيره - د - لا تبطل صلاة الامام لو صلى على المرتفع بل يختص البطلان بالأسفل لاختصاص النهى بالأسفل وقال بعض الجمهور
تبطل صلاة الامام لأنه منهى عن القيام في مكان أعلى من مقامهم ونمنع توجه النهى إلى الامام بل إلى المأموم خاصة - ه‍ - لو كان العلو يسيرا جاز اجماعا وهل يقتدوا
بشبر أو بما لا يتخطى الأقرب الثاني - و - لو كان المأموم أعلى من الامام صحت صلاته وإن كان على شاهق وإن كان خارج المسجد أو كانت الصلاة جمعة عند علمائنا
أجمع وبه قال احمد وأصحاب الرأي لقول الصادق (ع) إن كان الامام أسفل من موضع المأموم فلا بأس وقال (ع) لو كان رجل فوق بيت أو غير ذلك
والامام على الأرض جاز ان يصلى خلفه ويقتدى به وللأصل مع عدم النهى وما في معناه وقال الشافعي إذا صلى في سطح داره بصلاة الامام في المسجد لم تصح لأنها باينة
من المسجد وليس بينهما قرار يمكن اتصال الصفوف فيه وإن كان السطح في المسجد وصلى بإمام في صحته صحت صلاته وقال مالك إذا صلى الجمعة فوق سطح المسجد
أعاد وليس بجيد لعدم دليل التخصيص الشرط السادس نية الاقتداء باجماع العلماء إذ ليس للمؤمن عمله إلا ما نواه ولا تكفى نية الجماعة لاشتراكها بين الإمام والمأموم
فليس في نية الجماعة المطلقة نية الاقتداء وربط الفعل بفعل الغير ولان المأموم تسقط عنه القراءة الواجبة على المنفرد فلابد من نية الايتمام ليسقط عنه وجوب
القراءة فإن لم ينو الاقتداء انعقدت صلاته منفردا فان ترك القراءة بطلت صلاته وإن قرأ معتقدا عدم الوجوب فكذلك وإلا صحت سواء تابعه في أفعاله أو لا
لأنه ليس فيه انه قرن فعله بفعل غيره وهو أحد وجهي الشافعية وأصحهما البطلان لأنه وقف صلاته على صلاة الغير لا لاكتساب فضيلة الجماعة وفيه ما يبطل
الخشوع ويشغل القلب ونمنع اقتضاء ذلك البطلان نعم لو أطال الانتظار من غير علة فالوجه البطلان ولو اتفق انقضاء أفعاله مع أفعال الغير فليس متابعة ولا تبطل
به الصلاة إجماعا ولو شك في نية الاقتداء خلال الصلاة فهو كما لو شك في أصل النية وقد بينا البطلان إن كان المحل باقيا وعدم الالتفات إن كان قد انتقل
مسألة يجب تعيين الامام في نيته إما باسمه أو بوصفه ولو بكونه الامام الحاضر ليمكن متابعته ولو عين بغير وصف كونه الامام الحاضر فأخطأ بطلت صلاته لأنه لم ينو
الاقتداء بهذا المصلى وما نواه لم يقع له لعدم امكانه فبطلت صلاته وكذا البحث لو عين الميت في صلاة الجنازة وأخطأ فإنه يجب عليه إعادة الصلاة عليه ولو كان بين
يديه اثنان يصليان فنوى الايتمام بأحدهما لا بعينه لم تصح لعدم امكان متابعتهما على تقدير الاختلاف وعدم أولوية أحدهما ولو نوى الايتمام بهما معا لم تصح للاختلاف
فلا يمكن متابعتهما ولو نوى الاقتداء بالمأموم لم تصح صلاته إجماعا لأنه لا يجوز ان يكون إماما وهو مأموم ولا فرق بين ان يكون عالما أو جاهلا للحكم أو للوصف فلو
خالف المأموم سنة الموقف فوقف على يسار الامام فنوى الداخل الاقتداء بالمأموم ظنا انه الامام لم تصح صلاته
وبه قال الشافعي لأنه لا يجوز أن يكون إماما وهو مأموم بحال
فلم يعف عن الخطاء في ذلك مسألة لا تشترط نية الإمامة فلو صلى منفردا فدخل قوم وصلوا بنية الاقتداء به صحت صلاتهم وان لم يجدد نية الإمامة وكذا لو صلى
بنية الانفراد مع علمه بأن من خلفه يأتم به عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي واختاره ابن المنذر وبه قال أبو حنيفة أيضا إلا إذا أم النساء فإنه شرط
نية الإمامة لهن لرواية انس ان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى في رمضان قال فجئت فقمت إلى جنبه وجاء رجل فقام إلى جنبي حتى كنا رهطا فلما أحس رسول صلى الله عليه وآله
انا خلفه جعل يتجوز في الصلاة فقلنا له حين فرغ اقتطفت بنا الليلة فقال نعم ذاك الذي حملني على الذي صنعت ولان أفعال الامام مساوية لأفعال المنفرد
فلا تعتبر نية الإمامة لعدم الاختلاف في الهيئات والاحكام وقال الثوري واحمد وإسحاق تشترط نية الإمامة فإن لم ينو الامام الإمامة بطلت صلاة المأمومين بقوله
174

صلى الله عليه وآله الأئمة ضمناء ولا يضمن إلا بعد العلم ونمنع اشتراط العلم في الضمان ولم لا تكفى في ثبوت هذا الضمان نية المأموم إذ الامام إنما يتحمل القراءة والسهو فهو ضامن
لذلك فروع آ لو صلى اثنان ونوى كل منهما انه إمام لصاحبه صحت صلاتهما وله قال الشافعي لان كلا منهما احتاط لصلوته ما يجب على المنفرد فلم تلزمه الإعادة ونية
الإمامة ليست منافية لصلاة المنفرد فلم تقدح في الصلاة ولقول علي (ع) صلاتهما تامة وقال احمد لا تصح لأنه نوى الإمامة ونمنع اقتضاءه البطلان ب لو نوى كل منهما انه مأموم
لصاحبه بطلت صلاتهما إجماعا ولأنهما قد أخلا بشرط الصلاة وهو وجوب القراءة ولقول علي (ع) وقد سئل في رجلين اختلفا إلى أن قال فان قال كل واحد منهما كنت أئتم بك فان
صلاتهما فاسدة ليستأنفا ج لو قال كل منهما لم أدر نويت الإمامة أو الايتمام بعد الفراغ من الصلاة احتمل ان يعيدا لأنه لم يحصل الاحتياط في أفعال الصلاة بيقين والصحة
لأنه شك في شئ بعد الفراغ منه أما لو شكى في أثناء الصلاة أيهما الامام بطلت صلاتهما لأنهما لا يمكنهما المضي في الصلاة وان يقتدى أحدهما بالآخر د لو صلى بصلاة
من سبقه منفردا بركعة فما زاد صح ايتمامه في الفرض والنفل وبه قال الشافعي لان نية الامام ليست شرطا ولان جابرا وجبارا دخلا المسجد وقد أحرم (ع) فاحرما معه في الفرض و
لم ينكره عليهما وقال احمد تصح في النفل وفى الفرض روايتان ه‍ لو عين الامام امامة معين فأخطأ لم يضر لان أصل النية غير واجب عليه والخطأ لا يزيد على الترك من الأصل
ولو لم ينو الامام الإمامة صحت صلاته كما قلنا وبه قال الشافعي وهل ينال فضيلة الجماعة الأقرب ذلك لحصولها من دون نية وأصح وجهي الشافعية العدم ز لو لم ينو الإمامة
في الجمعة احتمل بطلان صلاته لأنها لا تقع إلا جماعة ولا يكفي نية الجمعة المستلزمة لنية مطلق الجماعة لاشتراكها بين الإمام والمأموم والصحة إذ لا يجب التعرض للشرائط في النية
مسألة لو أحرم منفردا ثم نوى الايتمام قال الشيخ يجوز ذلك وهو أحد قولي الشافعي والمزني واحمد في رواية واستدل الشيخ عليه باجماع الفرقة والاخبار المروية عن
الأئمة (ع) وبانتفاء المانع من الصحة فيبقى الأصل سالما ولأنه يصح النقل من الانفراد إلى الإمامة للحاجة فجاز الايتمام طلبا للثواب وقال مالك وأبو حنيفة لا يجوز
وهو قول الشافعي لقوله (ع) إذا كبر الامام فكبروا ولان هذا كان جايزا في ابتداء الاسلام ان يصلى المسبوق ما فاته ثم يدخل مع الامام فنسخ فلا يجوز فعله والحديث
متوجه إلى المأموم ونحن نقول بموجبه بعد الايتمام والفرق بين قضاء المسبوق ودخول المنفرد ظاهر وليس هذا القول عندي بعيدا من الصواب لورود نقل النية
إلى النفل وابطال الفرض مع امام الأصل والنفل أولي منهما وللشافعي قول ثالث المنع ان خالف الترتيب بأن يدخل معه بعد صلاة ركعة
والجواز ان دخل مع الامام قبل ان يركع في الأولى ولا دليل على التفصيل مع أصالة الجواز ووروده في المسبوق إذا عرفت هذا فإن كان قد سبقه
بركعة فإذا قام الامام إلى الرابعة لم يتابعه ولكن يجلس ويتشهد ثم إن شاء سلم بنية المفارقة وإن شاء طول في الدعاء حتى يجلس الامام ويسلم معه إذا ثبت هذا فإنه
يجوز ان يحرم مأموما ثم يصير إماما في موضع الاستخلاف أو إذا نوى مفارقة الامام ثم أئتم به غيره وكذا لو نقل بنية إلى الايتمام بإمام اخر ولو أدرك نفسان بعض
الصلاة أو أئتم بالمسافر مقيمان فسلم الامام جاز ان يأتم أحدهما بصاحبه ولأحمد وجهان ولو نوى الامام الايتمام بغيره لم تصح وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفى الثانية
الجواز لقصة أبى بكر وهي عندنا باطلة مسألة يجوز للمأموم ان ينقل نية من الائتمام إلى الانفراد لعذر كان أو لغيره عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعي
لان النبي صلى الله عليه وآله صلى بطايفة يوم ذات الرقاع ركعة ثم خرجت من صلاته وأتمت منفردة وروى عن جابر قال كان معاذ يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله
العشاء ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم فأخر النبي صلى الله عليه وآله صلاة العشاء فصلى معه ثم رجع إلى قومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى معه وحده فقيل له نافقت يا فلان فقال
ما نافقت ولكن لاتين رسول الله (ص) فأخبره فأتى النبي صلى الله عليه وآله فذكر ذلك له فقال له افتان أنت يا معاذ افتان أنت يا معاذ مرتين اقراء
سورة وكذا وكذا قال وسورة ذات البروج والليل إذا يغشى والسماء والطارق وهل أتيك حديث الغاشية ولم ينكر النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول الصادق
(ع) في الرجل صلى خلف امام فسلم قبل الإمام قال ليس بذلك بأس وعن الرضا (ع) قال في الرجل يكون خلف الامام فيطيل التشهد فتأخذه المرة أو يخاف على شئ
أو مرض كيف يصنع قال يسلم وينصرف ويدع الامام ولان الجماعة ليست واجبة ابتداء فكذا استدامة ولأنه استفاد بصلاة الامام فضيلة صلاته فيترك بالخروج
الفضيلة دون الصحة وقال الشافعي في الاخر ان ترك لعذر جاز وإن كان لغيره لم يجز وبه قال احمد في رواية والعذر المشقة بتطويل الامام أو المرض أو خوف غلبة
النعاس أو شئ يفسد صلاته أو خوف فوت مال أو تلفه أو فوت رفيقه وقال أبو حنيفة ومالك تبطل صلاته سواء كان لعذر أو لا لقوله (ع) إنما جعل الامام
ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ونحن نقول بموجبة ما دام في المتابعة فروع آ لو نوى الانفراد قبل شروع الامام في القراءة قرأ هو ولو كان الامام قد قرأ وفرغ ركع ولم
يقرأ ولو كان قد فرغ من قرائة الفاتحة فالوجه الاجتزاء بها عنها فيقرأ السورة ولو كان في أثناء الحمد فالوجه الابتداء بها مع احتمال القراءة من موضع المفارقة و
البطلان وكذا لو كان في أثناء السورة ب لو كان يصلى مع جماعة فحضرت طائفة أخرى يصلون جماعة فاخرج نفسه عن متابعة امامه وصل صلاته بصلاة الامام
الاخر فالوجه الجواز لما تقدم والخلاف فيه كما سبق ج لو أراد ان يصلى صلاته بصلاة الجماعة وجب نية الاقتداء ولو أحدث الامام فاستخلف غيره لم يحتج المأموم إلى نية
الاقتداء بالخليفة لوجود نية الاقتداء في الابتداء والخليفة نائبه فيمضى على نظم صلاته ويكتفى بالنية السابقة على إشكال الشرط السابع توافق نظم
الصلاتين في الأركان والافعال فلا تصح مع الاختلاف كاليومية مع صلاة الجنازة أو الخسوف أو العيد وبه قال احمد والشافعي في أحد القولين للنهي عن المخالفة
ولا تجوز المتابعة لخروج صلاة المأموم عن هيئتها والثاني للشافعي الجواز لان القصد اكتساب فضيلة الجماعة ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله ذلك وقال
صلوا كما رأيتموني اصلى وعلى قوله يراعى كل واحد واجبات صلاته فإذا اقتدى في الفريضة بصلاة الجنازة لا يتابعه في الاذكار بين التكبيرات ولا فيها بل إذا كبر الامام الثانية
اخرج نفسه عن المتابعة أو انتظر سلامه وإذا اقتدى بمن يصلى الكسوف تابعة في الركوع الأول ثم إن شاء رفع رأسه وفارقه وإن شاء انتظره في الركوع إلى أن يعود الامام إليه و
الوجه المنع من ذلك كله مسألة لا يشترط اتحاد الصلاتين نوعا ولا صنفا فالمفترض ان يصلى خلف المتنفل وبالعكس ومن يصلى الظهر خلف من يصلى البواقي وبالعكس
سواء اختلف العدد أو اتفق عند علمائنا وبه قال عطا وطاوس والأوزاعي والشافعي وأبو ثور واحمد في إحدى الروايتين واختاره ابن المنذر والحميدي لان معاذا كان يصلى مع النبي
صلى الله عليه وآله العشاء ثم يرجع فيصليها بقومه في بنى سلمة هي له تطوع ولهم مكتوبة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أجزأت عنه وأجزأت عنهم في رجل أم قوما فصلى
العصر وهي لهم ظهر وكتب محمد بن إسماعيل بن بزيع إلى الرضا (ع) انى أحضر المساجد مع جيرتي فيأمروني بهم وقد صليت قبل ان اتيهم وربما صلى خلفي من يقتدى بصلاتي و
المستضعف والجاهل وأكره ان أتقدم وقد صليت لحال من يصلى بصلاتي ممن سميت لك فأمرني في ذلك بأمرك انتهى إليه واعمل به انشاء الله فكتب صل لهم ولأنهما صلاتان
متفقان في الافعال الظاهرة يصحان جماعة وفرادى فجاز ان يكون الامام في إحديهما والمأموم في الأخرى كالمتنفل خلف المفترض وقال أبو حنيفة ومالك واحمد في الرواية
175

الأخرى لا يصلى مفترض خلف متنفل ولا مفترض في غير فرض الامام ويصلى المتنفل خلف المفترض وبه قال الزهري وربيعة لقوله (ع) إنما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه
وان صلاة المأمومين لا تتأدى بنية الامام فأشبه الجمعة خلف من يصلى الظهر والمراد بالخبر الافعال الظاهرة ويدل عليه قوله فإذا كبر فكبروا له والقياس منقوض بمن يصلى
ركعتي الفجر خلف المفترض والجمعة لا تصح خلف من صلى الظهر لان الامام شرط في صحتها بخلاف ساير الجماعات ان منعنا في الجمعة على أن الفرق ان الجمعة من حضرها وجبت
عليه فلا يجزئه الظهر مع وجوب الجمعة وينتقض بمن صلى خلف الامام وقد رفع رأسه من الركعة الأخيرة فإنه ينوى الظهر ويأتم به لا الجمعة فروع آ هل يصح ان يصلى
خلف المتنفل بها كالمعذور إذا قدم أو خلف مفترض بغيرها مثل ان يصلى صبحا قضاء أو ركعتين منذورة الأقرب المنع ب الأقرب عندي منع اقتداء المفترض بالمتنفل إلا في
سورة النصر وهو ما إذا قدم فرضه - ج - هل يصح ان يصلى المتنفل خلف مثله الوجه المنع إلا في مواضع الاستثناء كالعيدين المندوبين والاستسقاء - د - لو كانت صلاة
المأموم ناقصة العدد تخير مع فراغها بين التسليم وينوى مفارقة الامام وبين الصبر إلى أن يفرغ الامام فيسلم معه ولا يجوز له المتابعة في أفعاله لئلا يزيد في عدد صلاته ولو
انعكس الحال صلى مع الامام وتخير عند قعود الامام للتشهد بين المفارقة فيتم قبل سلامه وبين الصبر إلى أن يسلم الامام فيقوم ويأتي بما بقى عليه - ه‍ - لو قام الامام إلى
الخامسة سهوا لم يكن للمسبوق الايتمام بها - و - يستحب للمنفرد إعادة صلاته مع جماعة إماما أو مأموما وهل يجوز فيهما معا الأقرب ذلك في صورة واحدة وهي ما إذا صلى
امام متنفل بصلاته بقوم مفترضين وجاء من صلى فرضه فدخل معهم متنفلا أما لو خلت الصلاة عن مفترض فاشكال مسألة استحباب إعادة الصلاة
للمنفرد عام في جميع الصلوات اليومية في أي وقت اتفق عند علمائنا لقوله (ع) لبعض أصحابه إذا جئت فصل مع الناس وان كنت قد صليت ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
في الرجل يصلى الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة يجوز ان يعيد الصلاة معهم قال نعم وهو أفضل قلت فإن لم يفعل قال ليس به بأس وقال الشافعي يشترط ان يقام وهو في المسجد
أو يدخل وهم يصلون وقال يعيد ان صلى وحده صلى إلا المغرب وهو تقييد لا وجه له وقال أبو حنيفة لا تعاد الفجر ولا العصر لأنها نافلة فلا تفعل في وقت النهى ولا تعاد
المغرب لان التطوع لا يكون بوتر والنهى عام وما ذكرناه خاص فتقدم ولأنها ذات سبب هو الاجتماع والتنفل بالوتر ثبت في الوتر تتمة الأذان والإقامة ليسا شرطا في
الجماعة خلافا للشيخين وقد سلف المطلب الثالث في صفات الامام مسألة العقل شرط في الامام باجماع العلماء فلا تصح الصلاة خلف المجنون المطبق ولا
من يعتوره حال جنونه لان صلاته لنفسه باطلة ولو كان الجنون يعتوره أدوارا صحت الصلاة خلفه حال افاقته لحصول الشرايط فيه لكن يكره لامكان ان يكون قد
احتلم حال جنونه ولا يعلم ولئلا يعرض الجنون في الأثناء وكذا لا تصح إمامة الصبي غير المميز إجماعا لعدم تفطنه بما ينبغي فعله مسألة وهل يشترط البلوغ لعلمائنا
قولان أحدهما انه شرط فلا تصح إمامة الصبي وإن كان مميزا مراهقا في الفريضة وبه قال ابن مسعود وابن عباس وعطا ومجاهد والشعبي ومالك والثوري والأوزاعي و
أبو حنيفة واحمد لقول علي (ع) لا بأس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ولا يؤم حتى يحتلم فان أم جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه ولان الإمامة من
المناصب الجليلة وهي حالة كمال والصبي ليس من أهل الكمال فلا يؤم الرجال كالمرأة ولأنها فريضة فلا يكون الصبى إماما فيها كالجمعة ولأنه عارف بعدم المؤاخذة له
فلا يؤمن ان يكون شرطا والثاني لعلمائنا عدم الاشتراط فيصح امامة المميز المراهق وبه قال الشافعي وإسحاق والحسن البصري وابن المنذر لان عمرو بن أبي سلمة قال كنت
غلاما حافظا وقد حفظت قرآنا كثيرا فانطلق أبى وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في نفر من قومه فقال النبي صلى الله عليه وآله يؤمكم أقرئكم لكتاب الله فقدموني
فكنت أصلى بهم وانا ابن سبع سنين أو ثمان ومن طريق الخاصة قول علي (ع) لا بأس ان يؤذن الغلام الذي لم يحتلم وان يؤم ولان من جاز ان يكون إماما في النقل جاز ان يكون إماما في الفرض
والنبي صلى الله عليه وآله لم يوجه الخطاب إلى عمرو بل إلى المكلفين وتقديمهم ليس بحجة وفى طريق الرواية الثانية ضعف والفرق بين الفرض والنفل ظاهر فان النفل
مبنى على التخفيف على انا نمنع الحكم في الأصل وهل يصح ان يكون إماما في النفل إن قلنا إن فعله شرعي صح وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري وإلا فلا وبه قال ابن عباس
وعن أحمد روايتان وأما الجمعة فالوجه انه لا يصح ان يكون إماما فيها وللشافعي قولان مسألة الاسلام شرط في الامام باجماع العلماء فلا تصح الصلاة خلف
الكافر وإن كان عدلا في دينه بالاجماع ولقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ولان الأئمة ضمناء والكافر ليس أهلا لضمان الصلاة ولا يصح خلف من
يشك في اسلامه لأن الشك في الشرط شك في المشروط وقال احمد تصح صلاته لأن الظاهر أنه لا يتقدم للامامة إلا مسلم وليس بمعتمد مسألة الايمان شرط في
الامام فلا تجوز الصلاة خلف أهل البدع والأهواء ومن خالف الحق سواء أظهر البدع أو لا وهو إحدى الروايتين
عن أحمد وبه قال مالك لقول جابر سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره يقول لا تؤمن امرأة رجلا ولا فاجر مؤمنا إلا أن يقهره بسلطان أو يخاف سوطه أو سيفه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) والصادق (ع)
عدو الله فاسق لا ينبغي لنا ان نقتدى به وكتب البرقي إلى أبى جعفر (ع) تجوز الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك (صلوا) فأجاب لا تصل وراءه
وسئل إسماعيل الجعفي الباقر (ع) رجل يحب أمير المؤمنين (ع) ولا يبرأ من عدوه وقال هذا مخلط فهو عدو ولا تصل خلفه إلا أن تتقيه ولأنه ظالم
فيدخل تحت قوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا وقال الشافعي وأبو حنيفة والحسن انه مكروه ليس بمحرم لقوله (ع) صلوا خلف من قال لا إله إلا الله ولان
صلاته صحيحة فصحت إمامته كالعدل والخاص مقدم والقياس باطل لقيام الفرق بين العدل المقبول اخباره والفاسق المردود قوله وقالت الشافعية المختلفون
في المذاهب ثلاثة أقسام قسم لا نكفرهم ولا نفسقهم وهم المختلفون في الفروع كالحنفية والمالكية ولا يكره الايتمام بهم وقسم نكفرهم وهم المعتزلة فلا يجوز الايتمام بهم وقسم نفسقهم ولا نكفرهم وهم الذين يسبون السلف و
الخطابية وحكم هؤلاء حكم من يفسق بالزنا وشرب الخمر وغيرهما ويكره الايتمام بهم إذا عرفت هذا فلا فرق بين ان يكون إماما لمحق أو لمخالف مثله ولا بين ان يستند في
مذهبه إلى شبهة أو تقليد مسألة العدالة شرط في الامام فلا تصح خلف الفاسق وإن كان معتقدا للحق عند علمائنا أجمع وبه قال مالك لقوله (ع) لا
تؤمن امرأة رجلا ولا فاجر مؤمنا وقوله (ع) لأبي ذر كيف أنت إذا كان عليك امراء يؤخرون الصلاة عن وقتها قال قلت فما تأمرني قال صل الصلاة لوقتها فان أدركتها
معهم فصل فإنها لك نافلة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا تصل خلف الغالي وإن كان يقول بقولك والمجهول والمجاهر بالفسق وإن كان مقتصدا وعن الباقر (ع)
لا تصل إلا خلف من تثق بدينه وأمانته وسأل إسماعيل الرضا (ع) رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الامر اصلى خلفه قال لا وحكى المرتضى عن أبي عبد الله (ع)
البصري انه موافق لنا ويحتج على ذلك بإجماع أهل البيت (على) وكان يقول إن اجماعهم حجة وقال الشافعي وأبو حنيفة يجوز على كراهة وعن أحمد روايتان لقوله (ع)
لا تكفروا أحدا من أهل ملتكم بالكباير الصلاة خلف كل إمام والجهاد مع كل أمير والصلاة على كل ميت ولان الحسن والحسين (ع) صليا خلف مروان وصلى ابن عمر
مع الحجاج واخبارنا أخص فتقدم مع أن حديثهم متروك الظاهر فان أمير البغاة أمير ولا يجاهد معه والميت منهم لا تصلى عليه والصلاة خلف المعتزلة ينكرها أصحاب
176

الشافعي وتجوز للتقية كما فعل الإمامان (ع) مع مروان فروع - آ - لو كان فسقه خفيا وهو عدل في الظاهر فالوجه انه لا يجوز لمن علم فسقه الايتمام به لأنه ظالم
عنده مندرج تحت قوله ولا تركنوا إلى الذين ظلموا - ب - لا فرق بين الفرايض اليومية وغيرها من الجمع والأعياد عند علمائنا في اشتراط العدالة وقال احمد لا يشترط العدالة بل
يصلى خلفهم لان الله تعالى أوجب الجمعة وهو يعلم أن بنى العباس سيلونها والوجوب منوط بالإمام العادل وهل تعاد عنده لو صلاها خلف الفاسق روايتان
ولو كان المباشر لها عدلا والمولى له غير مرضى الحال لبدعته أو فسقه صحت الجمعة ولا تعاد قولا واحدا - ج - المخالف في الفروع الاجتهادية باجتهاد يصح ان يكون
إماما ولو علم أنه يترك واجبا أو شرطا يعتقده المأموم دون الامام فالأقوى عندي عدم جواز الاقتداء به لأنه يرتكب ما يعتقده المأموم مفسدا للصلاة فلم يصح
الايتمام به كما لو خالفه في القبلة حالة الاجتهاد فيها فلا يصح لمن يعتقد وجوب السورة بعد الحمد الصلاة خلف من لا يعتقد وجوبها وإن قرأها لأنه يوقعها على وجه التقرب فلا
تجزى عن الواجب وكذا لا يصح ان يصلى من يعتقد تحريم لبس السنجاب مثلا خلف من يعتقد تسويغه مع لبسه لا مطلقا - د - لو فعل الامام شيئا يعتقد تحريمه
من المختلف فيه فإن كان ترك ما يعتقده شرطا للصلاة أو واجبا فيها فصلوته فاسدة لأنه مأمور بالعمل باجتهاده وصلاة من يأتم به كذلك وان اعتقد تسويغ
الترك لأنه صلى خلف من يعتقد بطلان صلاته ومن شرط الاقتداء اسقاط صلاة الامام القضاء وإن كان يفعل ما يعتقد تحريمه في غير الصلاة كنكاح بنته
المخلوقة من الزنا فان داوم عليه فهو فاسق لا تجوز الصلاة خلفه وإلا فلا وإن كان الفاعل عاميا وقلد من يعتقد جوازه لم يكن عليه شئ لان فرضه التقليد و
إن كان يفعل ما يعتقد تحريمه في الصلاة كالقران بين السورتين بطلت صلاته وصلاة المأموم أيضا وان اعتقد تسويغها لما تقدم مسألة طهارة المولد
شرط في الامام فلا تصح امامة ولد الزنا عند علمائنا لقوله (ع) ولد الزنى شر الثلاثة وإذا كان شره أعظم من شر أبويه ولا تصح إمامتهما فكذا ومن طريق
الخاصة قول الباقر (ع) لا يقبل شهادة ولد الزنى ولا يؤم الناس ولأنه غير مقبول الشهادة فلا تصح الإمامة لأنها تتضمن معنى الشهادة بأداء ما وجب عليه من الافعال
وكرهه الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه ومالك وسوغه الثوري واحمد وإسحاق من غير كراهية لقول عايشة ما عليه من وزر أبويه شئ ولا دلالة فيه أما من لا يعرف أبوه
ولا علم كونه ولد زنا فالوجه صحة إمامته لظهور العدالة وعدم علم المنافى نعم انه مكروه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه ومالك لان رجلا كان يؤم الناس
بالعقيق لا يعرف أبوه فنهاه عمر بن عبد العزيز ولم ينكر عليه أحد ولان الإمامة موضع فضيلة فلا ينبغي ان يقدم من لا يعرف أبوه لنقصانه وقال الثوري واحمد وإسحاق
لا يكره واختاره ابن المنذر ورواه عن مالك لان عايشة قالت ما عليه من وزر أبويه شئ ونحن نقول بموجبه إذ ليس عليه إثم الزنا لكن الأبوان شران باعتبار فعل الزنا وهو
عارض لهما وهو شر باعتبار تولده عنه وكذا لا تصح امامة ولد الشبهة مسألة يشترط في امام الرجال والخناثى الذكورة فلا تصح إمامة المرأة ولا الخنثى المشكل للرجل ولا
للخنثى عند علمائنا أجمع وبه قال عامة الفقهاء لقوله (ع) في خطبته ألا لا تؤمن امرأة رجلا وقال (ع) أخروهن من حيث أخرهن الله ولأن المرأة لا تؤذن للرجل
فلا تكون امامة لهم كالكافر ولأنهن مأمورات بالستر والامام بالاشتهار وهما ضدين وقال أبو ثور والمزني ومحمد بن جرير الطبري تجوز في صلاة التراويح إذا لم يكن قارئ غيرها
وتقف خلف الرجال لان النبي (ص) كان تندر (يزور) أم ورقة بنت نوفل في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها ان تؤم أهل دارها وهذا عام في الرجال والنساء والدار قطني
روى أنه أمرها ان تؤم بنساء أهل دارها ولأنه محمول عليه إذا لم يمكن جريانه على عمومه في الفرايض فكذا في النوافل فتختص بالنساء فروع - آ - يصلى الرجل بالنساء من ذوات
محارمه وان كن أجنبيات ولا رجل معهن فكذلك وكرهه الشافعي لأنه (ع) نهى عن أن يخلوا الرجل بالمرأة الأجنبية - ب - لا يجوز أن تكون الخنثى المشكل إماما
للرجل لجواز أن تكون امرأة ولا يؤم خنثى مثله ولا ان يأتم بامرأة - ج - لو صلى رجل أو خنثى خلف خنثى
فبأن الامام رجلا لم تجزئه صلاته لأنه دخل دخولا منهيا عنه و
النهى يقتضى الفساد ولو كان حالة الدخول شاكا في صلاته وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر لا تجب لأنه ظهر انه ممن تجوز الصلاة خلفه - د - إذا وقف للصلاة جاز للرجال
والنساء الاقتداء به سواء نوى استتباع الرجال والنساء أو استتباع الرجال خاصة أو استتباع النساء خاصة أو لم ينو استتباع أحد وبه قال الشافعي لان كل طائفة تصح صلاتها خلف
الامام إذا نوى استتباعها جاز وان لم ينوها قياسا على الرجال وقال أبو حنيفة ان نوى استتباع الفرقتين جازت صلاتهما معا خلفه وكذا ان نوى استتباع
النساء خاصة وان نوى استتباع الرجال خاصة لم يجز للنساء الصلاة خلفه مسألة لا يؤم القاعد القائم عند علمائنا أجمع فلو أم قاعد قائما بطلت صلاة
المأموم وهو قول محمد بن الحسن ومالك في إحدى الروايتين لقوله (ع) لا يؤمن أحد بعدي جالسا ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنين (ع) لا يؤم
المقيد المطلقين ولا صاحب الفالج الأصحاء ولان القيام ركن فلا يصح ايتمام القادر عليه بالعاجز عنه كساير الأركان وقال أبو حنيفة والشافعي والثوري وأبو ثور ومالك
في الرواية الأخرى يصلون خلفه قياما وهو قاعد لان النبي صلى الله عليه وآله صلى في مرض موته جالسا وأصحابه قيام ولا يجوز حمل غير النبي صلى الله عليه وآله عليه لشرفه وعظم منزلته
ولأنه أراد منع امامة غيره في تلك الصلاة وقال الأوزاعي واحمد وإسحاق وابن المنذر يصلون خلفه جلوسا لان أبا هريرة روى عنه (ع) إنما جعل الامام ليؤتم به
فلا يختلفوا عليه وإذا صلى جالسا فصلى جلوسا أجمعون ولو سلم حمل على عموم العذر فروع - آ - إذا كان الامام الراتب مريضا لا يقدر على القيام لم يجز ان يؤم أبا لقيام
لكن يستحب ان يستخلف غيره إجماعا ليخرج عن الخلاف - ب - لو صلوا خلف القاعد قياما بطلت صلاتهم عندنا وكذا ان صلوا جلوسا لاخلالهم بالركن وأبطل
احمد صلاتهم قياما خلفه في رواية وهي من أغرب الأشياء. - ج - شرط احمد في امامة القاعد للقادر على القيام أمرين ان يكون القاعد امام الحي وأن يكون مرضه يرجى
زواله ولا وجه للشرطين بل الحق البطلان في الجميع على ما تقدم - د - لو صلى قائما فاعتل فجلس أتموا الصلاة قياما منفردين عنه فان استخلف أو استخلفوا صلوا
جماعة وإلا انفردوا ولا يجوز لهم الايتمام به خلافا للجمهور وسوغ احمد هنا قيامهم لان القيام هو الأصل فمن بدء به في الصلاة لزمه في جميعها إذا قدر عليه كالشارع في
صلاة المقيم يلزمه تمامها - ه‍ - لو استخلف بعض الأئمة في وقتنا ثم زال عذره فحضر فهل يجوز ان يفعل كفعل النبي صلى الله عليه وآله مع أبي بكر ان صلى قاعدا لم يجز عندنا وقد سبق
وعن أحمد روايتان المنع لاختصاصه (ع) به لأنه مخالف للقياس فان انتقال الامام مأموما وانتقال المأمومين من امام إلى اخر إنما يجوز مع العذر والجواز - و -
يجوز للعاجز عن القيام ان يؤم مثله إجماعا ولا يشترط كونه إماما راتبا ولا ممن يرجى زوال عذره إجماعا - ز - لا يجوز ان يكون المؤمى إماما للقائم والقاعد وبه قال مالك
واحمد وأصحاب الرأي لأنه أخل بركن لا يسقط في النافلة فلم يجز للقادر عليه الايتمام به كالقاري بالأمي ولأنه يصلى بغير ركوع وسجود فلا يجوز ان يكون إماما لمن يصلى بركوع
وسجود كما لو صلى صلاة الجنايز وقال الشافعي يجوز لأنه فعل اباحه المرض فلم يغير حكم الايتمام كالقاعد إذا أم القائم - ح - لا يجوز لتارك ركن من الافعال امامة القادر
عليه كالمضطجع ومن لا يتمكن من ركوع أو سجود وبه قال مالك واحمد وأصحاب الرأي خلافا للشافعي والتقريب ما تقدم - ط - لا يجوز ان يؤم المقيد المطلقين لعجزه
177

عن القيام ولا صاحب الفالج الأصحاء كذلك للحديث ويجوز ان يؤم الأعرج - ى - تجوز امامة أقطع اليدين أو الرجل أو الثلاثة وهو إحدى الروايتين عن أحمد للعموم وفى الأخرى
لا تصح لأنه يخل بالسجود على بعض أعضاء السجود فأشبه العاجز عن السجود والفرق ظاهر ولا تجوز امامة أقطع الرجلين وتجوز امامة الخصي والجندي مسألة لا يجوز ان يأتم القارئ بالأمي
في الجهرية والاخفاتية عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي في أحد أقواله ونعني بالأمي من لا يحسن قرائة الحمد أو ان لا يحسن القراءة وقال الشافعي
إلا من لا يحسن الفاتحة أو بعضها ولو كلمة واحدة وقالت الحنفية الأمي من لا يحسن من القران ما يصلى به لان القراءة واجبة مع القدرة ومع الايتمام بالأمي فخلوا الصلاة
عن القراءة وقال (ع) ولا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ولان الامام يتحمل القراءة عن المأموم ومع عجزه لا يتحقق التحمل وقال أبو ثور والمزني وابن المنذر والشافعي في القديم يجوز
مطلقا وهو مروى عن عطا وقتادة لان القراءة ركن في الصلاة فجاز أن يكون العاجز عنه إماما للقادر كالقاعد يؤم القائم والأصل ممنوع والفرق ان القيام لا مدخل له
في التحمل بخلاف القراءة وللشافعي قول ثالث الجواز في صلاة الاخفات دون الجهر والفرق ان المأموم عنده لا يجب عليه القراءة في الجهرية ويجب في الاخفاتية فروع - آ - لو صلى القارئ
خلف الأمي بطلت صلاة المأموم خاصة وبه قال الشافعي في الجديد وأبو يوسف ومحمد واحمد لأنه أم من لا يجوز له ان يأتم به فتبطل صلاة المؤتم خاصة كالمرأة تؤم
الرجل وقال أبو حنيفة تبطل صلاتهما معا وعلل أبو حازم بأنه أفسد صلاة الأمي لأنه يمكنه ان يقتدى بالقارى فيؤدى صلاته بقرائه وهذا يدل على أنه لا يصلى
وحده ونحن نقول بموجبه إن كان القارئ مرضيا عنده وعلل الكرخي بأن الأمي لما أحرم معه صح احرامه معه فلما دخل معه لزم القراءة فيه فإذا عجز عنها بطلت صلاته
وليس بجيد لان هذا الأمي باحرامه لا تجب عليه القراءة لنفسه فكيف يجب ان يتحمل عن غيره - ب - يجوزان يؤم الأمي مثله بشرط عجز الامام عن التعلم أو ضيق الوقت لاستوائهما
في الافعال - ج - الأمي يجب عليه الايتمام بالقارى المرضى مع القدرة وعدم التعلم وليس له ان يصلى منفردا هذا هو الأقوى عندي لأنه يتمكن من الصلاة بقرائه صحيحة
فتجب عليه وقال الشافعي لا يجب لان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال انى لا أستطيع ان اخذ شيئا من القرآن فقال قل سبحان الله والحمد لله ولم يأمره بالايتمام
بالقارى ونحن نقول بموجبه إذ الواجب عليه حالة الانفراد ذلك ودليل الجماعة مستفادة مما قلناه - د - لو أم الأمي قاريا وأميا أعاد القارئ خاصة والامى
ان وجد قاريا مرضيا وإلا فلا ولو أم قاريا واحدا بطلت صلاة المؤتم على ما قلناه وقال احمد تبطل صلاة الامام أيضا لأنه نوى الإمامة وقد صار فذا وليس بجيد
لان نية الإمامة لا تخرجه عن الاتيان بصلاة المنفرد ولأنه ينتقض بما لو مات المأموم أو أبطل صلاته - ه‍ - لو كان أحدهما يحسن الفاتحة والاخر السورة فالأقرب ايتمام
الاخر بمن يحسن الفاتحة للاجماع على وجوبها وأولويتها لو عجز عنهما ولو جوزنا انقلاب المأموم إماما لامامه أئتم الثاني بالأول فإذا قرأ الفاتحة نوى الأول الايتمام
بالثاني ولو كان معهما ثالث لا يحسن شيئا اقتدى بمن يحسن يعرف الفاتحة فإن لم يكن مرضيا اقتدى بمن يعرف السورة وجوبا على إشكال ولو كان أحدهما يعرف بعض
الفاتحة والاخر سورة كملا احتمل تخير ايتمام أحدهما بالآخر وأولوية امامة من يحسن بعض الفاتحة - و - لو أتم القارئ بالأمي ولم يعلم حاله في الاخفاتية صحت صلاته
لأن الظاهر أنه لا يتقدم إلا وهو بشرائط الإمامة وكذا في الجهرية لو خفيت عليه القراءة وهو يشكل باشتراط العدالة وعلم المأموم بها - ز - لو أم الأخرس مثله
جاز لتساويهما في الافعال فصار كالأمي بمثله وقال احمد لا تجوز لأنه ترك ركنا وهو القراءة لعذر مأيوس من زواله فلا يصح كالعاجز عن الركوع والسجود ونمنع
الحكم في الأصل ان تساويا نعم لا يجوز ان يؤم الصحيح - ح - تصح امامة الأصم لأنه لا يخل بشئ من واجبات الصلاة ولا شروطها وقال بعض الجمهور لا يجوز لأنه لا يمكن
تنبيهه إذا سهى بتسبيح ولا إشارة واحتمال العارض لا يمنع صحة الصلاة كالمجنون حال افاقته - ط - هل يجوز ان يؤم الأخرس الأمي يحتمل الجواز لان التكبير لا يتحمله
الامام وهما سواء في القراءة والمنع لان الأمي قادر على النطق بالتكبير بخلاف الأخرس - ى - لو كان كل منهما يحسن بعض الفاتحة فان اتحد صح ايتمام أحدهما بالآخر
وإلا فلا لان كل واحد منهما أمي في حق صاحبه مسألة اللحن إن فعله القارئ عمدا بطلت صلاته سواء أحال المعنى كمن يكسر كاف إياك أو لا كمن يفتح همزة
إياك لأنه ليس بقرآن فان القرآن هو العربي واللحن ليس بعربي فحينئذ لا يصح أن يكون إماما للمتقن وان فعل ذلك سهوا لم تبطل صلاته ولا صلاة من خلفه و
ان لم يتمكن أو ضاق الوقت صح أن يكون إماما لمثله وهل يصح ان يكون إماما للمتقن الأقرب المنع لأنه يتمكن من الصلاة بقرائة صحيحة فلا يجوز العدول إلى الفاسد و
الجواز لأنها صلاة صحيحة فيصح الايتمام فيها والشيخ (ره) قال تكره امامة من يلحن في قرائة سواء كان في الحمد أو غيرها أحالت المعنى أو لم تحل إذا لم يحسن اصلاح لسانه فإن كان
يحسن وتعمد اللحن فإنه تبطل صلاته وصلاة من خلفه إن علموا بذلك وقال الشافعي إن امكنه الصواب لم تصح صلاته ولا صلاة من خلفه وإن لم تمكنه صحت صلاته وقال احمد تكره امامة
اللحان الذي لا يحيل المعنى وتصح صلاته بمن لا يلحن لأنه أتى بفرض القراءة مسألة لا يصح ان يؤم موف اللسان صحيحه لأن الصحيح تلزمه القراءة لتمكنه ومع
عجز الامام لا يصح التحمل وان يؤم مثله إذا تساويا في النطق لأنهما تساويا في الافعال فصحت الإمامة كالقارئين والتحقيق انه إن تمكن من اصلاح لسانه وجب فان أهمل
لم يصح صلاته مع سعة الوقت ولا صلاة من خلفه وإلا فلا فروع - آ - لو ابدل الأعجمي حرفا مع تمكنه من التعلم لم يصح كمن يبدل الحاء في الحمد بالخاء أو بالهاء أو يبدل
الميم في المستقيم بالنون ولا تصح إمامته وكذا العربي - ب - من لا يفصح ببعض الحروف كالصاد والقاف لا تصح إمامته لأنه أمي بالنسبة إلى المفصح ويجوز ان يؤم مثله - ج -
لو ابدل الضاد من المغضوب والضالين وغيرهما بالظاء لم تصح صلاته مع امكان التعلم وقال بعض الشافعية تجوز لتقارب المخرج وليس بمعتمد - د - تكره امامة
التمتام وهو الذي يردد التاء ثم يأتي بها والفا فاء وهو الذي يردد الفاء ثم يأتي بها لأنهما يأتيان بالحروف على الكمال والزيادة لا تضرهما لأنهما مغلوبان
عليها ولكن يكره تقديمهما لمكان هذه الزيادة - د - لا يجوز أن يؤم الأرت ولا الالثع ولا الاليع ونعني بالارت الذي يبدل حرفا بحرف والألثغ الذي يعدل حرفا
بحرف وقال الفراء اللثغة بطرف اللسان هو الذي يجعل الراء على طرف لسانه لاما ويجعل الصاد ثاء والارت هو الذي يجعل اللام تاء وقال الأزهري الاليغ
بالياء المنقطة تحتها نقطتين هو الذي لا يبين الكلام وإنما لم تصح امامة هؤلاء لان من لا يحسن حرفا أمي بالنسبة إلى عارفه ولو كانت له لثغة خفيفة تمنع من تخليص
الحرف ولكن لا يبدله بغيره جاز ان يكون إماما للقاري مسألة وفى امامة الأجذم والأبرص الصحيح قولان لعلمائنا المنع اختاره الشيخ والمرتضى لعدم انقياد النفس إلى
طاعتهما وقول الصادق (ع) خمسة لا يؤمون الناس على كل حال المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابي وقال بعض علمائنا بالجواز لان عبد الله بن يزيد سأل
الصادق (ع) عن المجذوم والأبرص يؤمان المسلمين قال نعم قلت هل يبتلى الله بهما المؤمن قال نعم وهل كتب الله البلاء إلا على المؤمن وحمله الشيخ في التهذيب على الضرورة
بان لا يوجد غيرهما أو أن يكونا امامين لأمثالهم مسألة لا يؤم الأعرابي بالمهاجرين وبه قال مالك وأبو مجاز لأنه لا يعرف محاسن الاسلام وتفاصيل احكامه ولقوله تعالى
الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله وكذا غيره من العوام إذا لم يعرف شرايط الصلاة على التفصيل ولم يكرهه عطا والثوري وإسحاق
178

والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لقوله (ع) يؤم القوم أقرأهم ولا نزاع فيه لكن وجود هذا الوصية بعيد أما الأعرابي إذا كان قد وصل إليه ما يكفيه اعتماده في
التكليف وتدين به ولم يكن ممن تلزمه المهاجرة وجوبا جاز ان يكون إماما بوجود الشرايط في حقه مسألة يجوز ان يكون الأعمى إماما لمثله وللبصراء بلا خلاف بين العلماء
لان النبي صلى الله عليه وآله استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وكان عمياء قال الشعبي عن النبي صلى الله عليه وآله ثلاث عشرة غزوة كل ذلك تقدم ابن أم مكتوم يصلى بالناس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا بأس بان يصلى الأعمى بالقوم وان كانوا هم الذين يوجهونه وعن علي
(ع) لا يؤم الأعمى في الصحراء إلا أن يوجه إلى القبلة ولان الأعمى فقد حاسة لا يختل به شئ من شرايط الصلاة فأشبه الأطروش وهل البصير أولي يحتمل ذلك
لأنه يتوقى النجاسات والأعمى لا يتمكن من ذلك ويحتمل العكس لأنه أخشع في صلاته من البصير لأنه لا يشغله بصره عن الصلاة وكلاهما للشافعية ونص الشافعي على التساوي
وهو أولي لان النبي صلى الله عليه وآله قدم الأعمى كما قدم البصير مسألة قال أصحابنا الأغلف لا يصح ان يكون إماما واطلقوا القول في ذلك لما رواه زيد عن امامه
عن علي (ع) قال الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم لأنه ضيع من السنة أعظمها ولا تقبل له شهادة ولا يصلى عليه إلا أن يكون ترك ذلك خوفا على نفسه والوجه
التفصيل وهو انه إن كان متمكنا من الاختتان واهمل فهو فاسق لا يصلح للامامة وإلا ليس بفاسق وصح ان يكون إماما والرواية تدل على هذا التفصيل والظاهر أن
مراد الأصحاب التفصيل أيضا مسألة تكره امامة المحدود بعد توبته لان فسقه وإن زال بالتوبة إلا أن نقص منزلته وسقوط محله من القلوب لم يزل فكره
لذلك وان لم يكن محرما أما السفيه فإن كان فاسقا لم تصح إمامته لما روى عن أبي ذر قال إن امامك شفيعك إلى الله فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا إما لو لم يكن
فاسقا ففي إمامته إشكال ينشأ من نقصه وعلو منصب الإمامة وعاق أبويه لا يصح ان يكون إماما لأنه مرتكب الكبيرة ولو صدر منه كلام سايغ يؤثر الغضب اليسير
لم يؤثر في الفسوق لان عمر بن يزيد سأل الصادق (ع) عن امام لا بأس به في جميع أمره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغضبهما اقرأ خلفه قال لا تقرأ
خلفه إلا أن يكون عاقا قاطعا مسألة تجوز امامة العبد مع الشرايط لمواليه وغيرهم عند أكثر العلماء لقوله (ع) اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي
أجدع ما أقام فيكم الصلاة ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) لا بأس وقد سئل عن العبد يؤم القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرانا ولأنه يؤذن للرجال فكان
من أهل الإمامة كالحر ولان الرق حق يثبت عليه فلم تمنع صحة إمامته كالدين وكره أبو مجاز امامة العبد ونقله الشيخ عن أبي حنيفة وقال مالك لا يؤم في جمعة
ولا عيد وحكى عن الأوزاعي أربعة لا يؤمون الناس فذكر العبد إلا أن يؤم أهله وللشيخ قول في بيان الأحوط ان لا يؤم العبد إلا أهله لقول علي (ع) لا يؤم العبد إلا أهله وفى السند ضعف فالمعتمد
الأول نعم الحر أولي منه لأنه أكمل وحكم المعتق بعضه والمكاتب والمدبر وأم الولد حكم الرق مسألة يكره ان يأتم الحاضر بالمسافر وبالعكس ولا تفسد به الصلاة وبه قال
أبو حنيفة لان الأصل يقتضى الجواز واشتمال الايتمام لكل منهما بصاحبه على المفارقة يقتضى الكراهة ولقول الصادق (ع) لا يؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فان
ابتلى بشئ من ذلك فأم قوما حاضرين فإذا أتم الركعتين سلم ثم أخذ بيد بعضهم فقدمه فأمهم وإذا صلى المسافر خلف المقيم فليتم صلاته ركعتين ويسلم فإن سلم صلى
معهم الظهر فليجعل الأولتين الظهر والأخيرتين العصر وقال الشافعي يجوز للمسافر ان يقتدى بالمقيم لأنه يلزمه التمام إذا صلى خلفه ويكره ان يصلى المقيم خلف المسافر
فيمنع جواز التمام لان القصر عندنا عزيمة على ما يأتي ولو أتم المسافر الامام الصلاة لم يجز عندنا خلافا للجمهور وقال احمد في رواية لو أتم الامام لم تجز صلاة
المأموم لان الزيادة نفل أم بها مفترضين والأصل عندنا باطل نعم لو كان المسافر في إحدى الأماكن التي يستحب فيها التمام فأتم صحت صلاته وصلاة المأمومين
خلفه لان المأتي بها فرض بكمالها على ما يأتي إذا عرفت هذا فإنما يكره ايتمام أحدهما بصاحبه لمكان المفارقة فلو لم تحصل زالت الكراهة كما في المغرب والغداة مسألة
يكره ان يأتم المتوضى بالمتيمم فإن فعل صح بلا خلاف نعلمه إلا من محمد بن الحسن فإنه منعه استحبابا لان عمرو بن العاص صلى بأصحابه متيمما وبلغ النبي صلى الله عليه وآله فلم
ينكره وأم ابن عباس أصحابه متيمما وفيهم عمار بن ياسر في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم ينكروه ولأنه متطهر طهارة صحيحة فأشبه المتوضى واما الكراهة
فلنقص طهارته ولقول علي (ع) لا يؤم المقيد المطلقين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء ولا صاحب التيمم المتوضين وانما قلنا بالكراهة لضعف السند فروع - آ -
يجوز للطاهر ان يأتم بالمستحاضة لأنها متطهرة فأشبهت المتيمم وللشافعي وجهان ومنع أبو حنيفة واحمد لأنها يصلى مع خروج الحدث من غير طهارة وهو
ممنوع وأجمعوا على أنه يجوز للغاسل رجليه ان يأتم بمن مسح على خفيه - ب - يصح ائتمام الصحيح بصاحب السلس لأنه متطهر والحدث الموجود غير مانع كالمتيمم خلافا
لأحمد - ج - يجوز ايتمام الطاهر بمن على بدنه أو ثوبه نجاسة لأنه كالمتيمم خلافا لبعض الجمهور وللشافعي في ايتمام الطاهر بالمجروح وجهان - د - لا يجوز للمتوضأ ولا
للمتيمم الايتمام بعادم الماء والتراب سواء أوجبنا عليه الصلاة أو لا لأنه غير متطهر مطلقا - ه‍ - قال الشيخ يجوز للمكتسى ان يأتم بالعريان وبه قال الشافعي خلافا لأبي
حنيفة وعندي فيه إشكال لان العاري إما ان يصلي قاعدا فلا يجوز الايتمام به أو قائما مؤميا فلا يصح الايتمام به لاخلاله بالركوع والسجود لو كان المكتسي يصلي بالايماء
لمرض جاز ان يأتم بالعريان حينئذ وكذا لا يجوز للقادر على الاستقبال الايتمام بالعاجز عنه ويصح لكل من هؤلاء الايتمام بمثله - و - لو صلت الحرة خلف أمة مكشوفة
الرأس صحت صلاتها لعدم وجوب ستره عليها فإذا أعتقت في الأثناء فإن كانت السترة قريبا منها اخذتها وأتمت الصلاة ان لم يحصل عمل كثير وان حصل لو احتاجت
إلى الاستدبار استأنفت وتنوى المأمومة المفارقة وكذا العريان يجد السترة في الأثناء وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة العريان إذا وجد السترة بطلت صلاته واستأنفها
مسألة يكره ان يؤم قوما وهم له كارهون لقوله (ع) ثلاثة لا تجاوز صلاتهم أذانهم العبد الآبق حتى يرجع وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وامام
أم قوما وهم له كارهون وقال علي (ع) الرجل أم قوما وهم له كارهون انك لخروط والأقرب انه إن كان ذا دين فكرهه القوم لذلك فلا تكره إمامته و
الاثم على من كرهه وإلا كرهت المطلب الرابع في ترجيح الأئمة مسألة إذا حضر امام الأصل لم يجز لاحد التقدم عليه وتعين هو للامامة لان له الرياسة العامة
وقال تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم وقال تعالى لا تقدموا بين يدي الله ورسوله وهو خليفته فتكون له هذه المرتبة أما مع العذر
فإنه يجوز ان يستنيب من شاء أو يختار المأمومون من هو بالشرايط إذا ثبت هذا فغير امام الأصل تحصل فيه الأولوية بأمور - آ - الطهارة - ب - الفقه - ج - السن
- د - الأقدم هجرة - ه‍ - الأصبح وجها وعند الشافعي عوضه الأشرف نسبا - و - صاحب المنزل والمسجد وسيأتى تفصيل ذلك انشاء الله مسألة إذا تعددت الأئمة قدم
من يختاره المأمومون لما تقدم إذا كان بصفات الامام ولو اختلف المأمومون قدم اختيار الأكثر فان تساووا فلعلمائنا قولان أحدهما انه يقدم الأقراء وبه قال
ابن سيرين والثوري واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر لقوله (ع) يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فان كانوا في السنة
سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله يتقدم القوم اقرؤهم للقران
179

ولان القراءة ركن في الصلاة فكان القادر عليها أولي كالقادر على القيام مع العاجز عنه وقال بعض علمائنا يقدم الأفقه على الأقرأ وبه قال عطا ومالك والأوزاعي والشافعي
وأبو ثور إذا كان يقرأ ما يحتاج إليه في الصلاة صحيحا لان القراءة التي يحتاج إليها في الصلاة محصورة وهو يحفظها وما يحتاج إليه من الفقه غير محصور فإنه قد ينويه؟
من الصلاة أمر يحتاج إلى الفقه في معرفته فكان أولي كالإمامة الكبرى والحكم ثم تأولوا الخبر وان الصحابة كانوا إذا تعلموا القرآن تعلموا معه أحكامه قال ابن مسعود
كنا لا نجاوز عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها وأحكامها وكان أقرؤهم لكتاب الله أفقههم والاعتراض اللفظ عام فالعبرة به لا بخصوص السبب وتتمة الحديث تنافيه و
هو قوله (ع) فان استووا فأعلمهم بالسنة إذا ثبت هذا فان أحد القارئين يترجح على الآخر بكثرة القرآن تساويا في قدر ما يحفظ كل منهما وكان أحدهما
أجود قرائة وإعرابا فهو أولي لأنه اقرأ وإن كان أحدهما أكثر حفظا والآخر أجود قراءة فهو أولي والوجه المراد من قوله (ع) اقرأهم أجودهم قراءة مسألة
إذا تساووا في القراءة قدم الأفقه عند أكثر علمائنا وهو قول الجمهور لقوله (ع) فان كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ولان الفقه يحتاج إليه في الصلاة
جميع أفعالها للاتيان بواجباتها وسننها وجبرها ان عرض ما يحوج إليه والعلم بالسنة أهم من السن للاحتياج إليه في تدبير الصلاة بخلاف السن وقال المرتضى يقدم
الاسن ثم الأعلم بالسنة لما رواه مالك بن الحويرث وصاحبه قال يؤمكما أكبركما ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال يؤم
القوم أقرؤهم للقرآن فان تساووا فأقدمهم هجرة فان تساووا فأسنهم فان كانوا سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة ولا
حجة في الأول لامكان علمه (ع) بتساويهما
لا في السن والثاني يدل على الجواز ونحن نقول بموجبة والخلاف في الأولوية ذا ثبت هذا فان اجتمع فقيهان قاريان واحدهما اقرأ والآخر أفقه قدم الأقرأ
على الأول للحديث والأفقه على الثاني لتميزه بما لا يستغنى عنه في الصلاة فان اجتمع فقيهان أحدهما أعلم بأحكام الصلاة والآخر أعرف بما سواها فالأعلم بأحكام
الصلاة أولي لان علمه يؤثر في تكميل الصلاة بخلاف الآخر مسألة إذا تساووا في الفقه قدم أقدمهم هجرة والمراد به سبق الاسلام أو من كان أسبق هجرة
من دار الحرب إلى دار الاسلام أو تكون من أولاد من تقدمت هجرته فيقدم بذلك سواء كانت الهجرة قبل الفتح أو بعده وقوله (ع) لا هجرة بعد الفتح أراد
انه لا تجب لقوة الاسلام والتمكن من اظهار شعايره في بلد الشرك لان الهجرة قربة وطاعة فقدم السابق إليها لسبقه إلى الطاعة ولقول الصادق (ع) إن رسول
الله صلى الله عليه وآله قال يؤم القوم أقرؤهم فان كانوا في القراءة سواء فأكبرهم سنا وللشيخ قول إنه تقدم بعد التساوي في الفقه
الأشرف فان تساووا في الشرف قدم الأقدم هجرة وبه قال الشافعي في القديم لقوله (ع) الأئمة من قريش والمراد الأمانة الكبرى فلا تعتبر في الصغرى كالشجاعة
مسألة فان تساووا في الهجرة إما لهجرتهما معا أو لعدمهما فيهما قدم الاسن لحديث الصادق (ع) ولان الاسن أحق بالتوقير والاعظام والتقدم فكان له مزية
في استحقاق التقدم في الإمامة وهذا قول أكثر العلماء وهو قول الشافعي في القديم لقوله (ع) فان استووا في الهجرة فأقدمهم سنا وقال في الجديد إذا
تساووا في الفقه والشرف قدم الاسن فان تساووا قدم الأقدم هجرة لقوله (ع) لمالك بن الحويرث إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبر كم وقد بينا انه حكاية حال مسألة إذا
تساووا في ذلك قال الشيخان يقدم الأصبح وجها ورواه المرتضى رواية ونقله بعض الشافعية عن بعض المتقدمين ثم اختلف الشافعية في تفسيره فقال بعضهم
أراد أحسنهم صورة لان ذلك فضيلة كالنسب وقال آخرون إنما أراد بذلك أحسنهم ذكرا بين الناس والأخير أحسن إذا ثبت هذا فان تساووا في ذلك كله
أشرفهم أي أعلاهم نسبا وأفضلهم في نفسه وأعلاهم قدرا فان استووا في هذه الخصال قدم أتقاهم وأورعهم لأنه أشرف في الدين وأفضل إلى الإجابة لقول
النبي (ص) من أم قوما وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى السفال إلى يوم القيمة والأقوى عندي تقديم هذا على الأشرف لان شرف الدين
خير من شرف الدنيا فان استووا في ذلك كله فالأقرب القرعة وبه قال مالك لان سعد بن أبي وقاص أقرع بينهم في الاذان فالامامة أولي ولأنهم تساووا في الاستحقاق
وتعذر الجمع فأقرع بينهم كساير الحقوق وهذا كله تقديم استحباب لا تقديم اشتراط ولا ايجاب فلو قدم المفضول جاز ولا نعلم فيه خلافا مسألة صاحب المنزل
أولي بالإمامة فيه من غيره وإن كان فيهم من هو اقرأ منه وأفقه إذا كان ممن يمكنه إمامتهم وتصح صلاتهم وراءه ولا نعلم فيه خلافا بين العلماء لقوله (ع)
لا يؤمن الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه والمراد بالتكرمة الفراش وقيل المائدة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا يتقدمن
أحدكم الرجل في منزله ولا في سلطانه ولو كان في البيت سلطان الحق أو نايبه فهو أولي لأنه حاكم على صاحب البيت وغيره وأم النبي صلى الله عليه وآله غسان
ابن مالك وأنسا في بيوتهما مسألة امام المسجد الراتب أولي من غيره لأنه في معنى صاحب البيت والسلطان ولقوله (ع) من زار قوما فلا يؤمهم وهو عام في
المسجد كالمنزل ولان تقديم غيره يورث وحشة والوالي من قبل العادل أحق لأنه أولي من صاحب البيت مع أنه مالك له فمن امام المسجد أولي والولي وإن كان
أحق من الوالي في الصلاة على الميت فليس أولي هنا لان الصلاة على الميت تستحق بالقرابة والسلطان لا يشارك في ذلك وهنا يستحق بضرب من الولاية على
الدار والمسجد والسلطان أقوى ولاية وأعم ولان الصلاة على الميت يقصد بها الدعاء والشفقة والحنو وهو مختص بالقرابة فروع آ لو أذن السلطان
لغيره جاز وكان أولي من غيره وكذا صاحب المنزل لو أذن لبعض الحاضرين ب لو دخل السلطان بلدا له فيه خليفة فهو أولي من خليفته لعموم ولايته
ج لو اجتمع العبد وسيده في بيت العبد فالسيد أولي لأنه صاحب البيت ولو اجتمع العبد وغير سيده فالعبد أولي د لو اجتمع المالك والمستأجر في الدار المؤجرة
فالمستأجر أولي لأنه أحق بالمنفعة والاستيلاء ه‍ لو كان المستحق ممن لا تصح الصلاة خلفه فقدم غيره ممن تصح الصلاة خلفه فالأقرب انه أولي و
كل موضع حضره الامام الأعظم أو النايب من جهته فهو أولي بالصلاة من غيره لان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة ما حضروا موضعا إلا وأموا بالناس ز لو
اجتمع المكاتب والسيد في دار المكاتب فالمكاتب أولي لان يد السيد قاصرة عن املاك المكاتب ح لو اجتمع المستعير والمالك فالأقرب تقديم المالك لان تملك
المستعير ليس بتام من حيث إن للمالك أن يعزله متى شاء ط لو حضر جماعة المسجد استحب ان يراسل امامه الراتب حتى يحضر أو يستنيب ولو كان الموضع بعيدا
وخافوا فوات أول الوقت وامنوا الفتنة (واتفق الفقيه) صلوا جماعة ى الخصال المكتسبة كالعلم والقراءة والورع أولي من غير المكتسبة كالسن وحسن الوجه والأورع أولي من الأعلم
لان الإمامة سفارة بين الله تعالى وبين خلقه وإنما يقدم للسفارة من له منزلة عند من ترفع الحاجة إليه والمنزلة عند الله تعالى للاتقياء قال الله تعالى
إن أكرمكم عند الله أتقيكم المطلب الخامس في الاحكام مسألة لو كان الامام ممن لا يقتدى به لم يجز الايتمام به فان احتاج إلى الصلاة خلفه جاز ان يتابعه
في الافعال لكن لا ينوى الاقتداء به ويقرأ مع نفسه وإن كانت الصلاة جهرية للضرورة وتجزيه صلاته وهو قول احمد في إحدى الروايتين وفى الأخرى يعيد
180

وهو غلط لأنه أتى بأفعال الصلاة وشروطها على الكمال فلا تفسد بموافقة غيره في الافعال كما لو يقصد الموافقة مسألة لو كان الامام كافرا فان علم المأموم بكفره
قبل الصلاة أعاد إجماعا لأنه أيتم بمن لا يصح الايتمام به وان علمه في الأثناء عدل إلى الانفراد واجبا فإن لم يفعل واستمر وجب الإعادة وان علم بعد الفراغ صحت صلاته
عند أكثر علمائنا وبه قال أبو ثور والمزني لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة والثانية ظاهرة واما الأولى فلانه مأمور بالصلاة خلف من يظن اسلامه لا من يعلمه كذلك
لامتناع الاطلاع على الباطن فيكتفى باصلاح الظاهر ولان الصادق (ع) سئل عن قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وكان يؤمهم رجل فلما صاروا إلى الكوفة
علموا انه يهودي قال لا يعيدون وقال المرتضى تجب الإعادة وبه قال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي لأنه أئتم بمن ليس من أهل الصلاة فلا تصح صلاته كما لو أئتم بمجنون
وينتقض بالمحدث فإنه لو أئتم به صحت صلاته إجماعا إذا ثبت هذا فلا فرق بين أن يكون الكفر مما يستتر به عادة كالزندقة أو لا وهو أحد وجهي الشافعي وفى الاخر الفرق
فأوجب الإعادة فيما لا يخفى كالتهود والتنصر دون ما يخفى لمشقة الوقوف عليه ومسألة صلاة الكافر لا يكون اسلاما منه ما لم تسمع منه الشهادتان سواء كان في دار
الحرب أو في دار الاسلام وسواء صلى جماعة أو فرادى وسواء صلى في المسجد أو لا وبه قال الشافعي لان الصلاة من فروع الاسلام فلا يصير مسلما بفعلها كالحج والصوم و
الاعتكاف ولقوله (ع) امرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دمائهم وأموالهم إلا بحقها وقال بعض الشافعية إن صلى في دار الاسلام فليس
بمسلم لأنه قد يقصد إلى الاستتار بالصلاة وإخفاء دينه وإن صلى في دار الحرب فهو مسلم لأنه لا تهمة في حقه وهو قول الشافعي أيضا أما إذا أظهر التشهد فالوجه انه اسلام لان
الشهادة صريح في الاسلام وبه قال الشافعي وله وجه اخر إنه لا يحكم بإسلامه لاحتمال ان يكون ذلك على سبيل الحكاية وليس بصحيح وقال أبو حنيفة إن صلى إماما أو مأموما
في أي موضع كان فهو اسلام بحيث لو رجع بعد الصلاة وقال لم أسلم كان مرتدا سواء سمع منه التشهد أو لا وكذا إن صلى منفردا في المسجد وان أذن حيث يؤذن المسلمون
كان اسلاما منه وان حج وطاف كان اسلاما منه وان صلى منفردا في غير المسجد لم يكن اسلاما وقال مالك واحمد يحكم بإسلامه بالصلاة بكل حال فإن أقام بعد ذلك على
الاسلام وإلا فهو مرتد وإن مات قبل ظهور ما ينافي الاسلام فهو مسلم يرثه ورثته المسلمون دون الكفار لأنها عبادة تختص بها المسلمون فإذا فعلها الكافر كان اسلاما
منه كالشهادتين والفرق ان الشهادتين صريح في الاسلام قال محمد بن الحسن إذا صلى في المسجد منفردا أو في جماعة حكم باسلامه وإذا صلى منفردا في بيته لم يحكم بإسلامه والبحث في ظهور فسق الامام
كالبحث في ظهور كفره فقال المرتضى يعيد وبه قال احمد وقال الشيخ لا يعيد إذا كان ظاهر العدالة لأنها صلاة مشروعة في ظاهر الحكم فتكون مجزية ولو علم بعض المأمومين
فسقه دون بعض صحت صلاة الجاهل خاصة وإن كان مستور الحال مقبول الشهادة عند الحاكم فروع - أ الكافر إذا أم المسلمين عزر لأنه غشهم - ب - لو صلى خلف.
من أسلم من الكفار فلما فرغ من صلاته قال لم أكن أسلمت وإنما تظاهرت بالاسلام لم يلزمه قبول قوله لكفره ولا إعادة عليه - ج - إذا كان يعرف للرجل اسلام وارتداد
فصلى رجل خلفه ولم يعلم في أي الحالين صلى خلفه لم يعد لأن الشك بعد عمل الصلاة لا يؤثر فيها - د - لو كان الامام جنبا أو محدثا لم تصح صلاته سواء علم
بحدثه أو لا وتصح من خلفه إذا لم يعلم بحدثه وبه قال علي (ع) وعمر وعثمان و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس ومن التابعين الحسن البصري والنخعي
وسعيد بن جبير وبه قال الشافعي والأوزاعي والثوري واحمد وأبو ثور لان أبا بكرة قال دخل رسول الله (ص) في صلاة الفجر فأومى إليهم أي مكانكم
ثم ذهب وجاء ورأسه يقطر فصلى بهم وهو يدل على إنهم أحرموا معه لأنه أومى إليهم ولم يكلمهم لان كلام المصلى مكروه وهذا وإن كان باطلا عندنا لكنه ذكر للالزام
ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سأله محمد بن مسلم عن الرجل يؤم القوم وهو على غير طهر فلا يعلم حتى تنقضي صلاته قال يعيد ولا يعيد من
خلفه وان اعلمهم انه على غير طهر ولان المأموم لم يفرط بالايتمام به فلم تبطل صلاته كما لو سبق الامام الحدث وقال الشعبي وابن سيرين وحماد وأصحاب
الرأي تبطل صلاة المأمومين وقال مالك إن كان الامام غير عالم بحدث نفسه صحت صلاة المأمومين وإن كان عالما لم تصح وقال عطا إن كان حدثه جنابة
بطلت وإن كان غير ذلك أعادوا في الوقت واحتجوا بأن المأموم اقتدى بمن لا صلاة له فتبطل صلاته كما لو كان الامام كافرا أو امرأة وقال مالك إذا علم الإمام
بحدثه فصلى فسق ولا تصح الصلاة خلف الفاسق والأصل ممنوع فإنا نحكم بصحة الصلاة مع الجهل والفرق مع تسليم الأصل لأنه منسوب إلى التفريط بالايتمام بالمرأة
والكافر إذ لا يجوز أن يكونا إمامين له بحال والجنب والمحدث يجوز ان يكونا إمامين بالتيمم مسألة لو أحدث الامام فعلم المأمومون بحدثه وجب عليهم مفارقته
فينوون الانفراد فإن تابعوه بطلت صلاتهم فإن كان حدثه قبل إكمال ركعة قبل القراءة أو بعدها فإن كان موضع طهارته قريبا أومأ إليهم ومضى وتوضأ
وعاد إلى الصلاة وهل ينوون الاقتداء إشكال ينشأ من جواز نقل نية الانفراد إلى الايتمام وقال الشافعي ينوون الاقتداء فانعقدت الصلاة في الابتداء جماعة بغير إمام
ثم صارت جماعة بامام وإن كان بعيدا قال الشافعي في القديم يصلون لأنفسهم فمن أصحابه من علل انه قاله قبل ان يجوز الاستخلاف لأنه في القديم لم يجوز
الاستخلاف ومنهم من علل بأنهم يصلون فرادى ليخرجوا من الخلاف فان الناس اختلفوا في الصلاة بإمامين وإن كان قد صلى ركعة أو أكثر فإنهم لا ينتظرونه
عنده لأنه إذا عاد وصلى فإنهم يفارقوه إذ أتموا صلاتهم وإذا لم يكن قد قرأ لم ينتظروه وكانوا على فراقه تذنيب لو أدرك الامام راكعا فدخل معه في الصلاة
فلما فرغ أخبره إنه كان على غير وضوء فالوجه عدم القبول في بطلان صلاة المأموم وقال الشافعي لا يعتد بتلك الركعة لأنها لم تصح من الامام فلا ينوب عنه في القراءة
فيها يأتي بركعة أخرى وليس بجيد مسألة لو أحدث الامام أو أغمي عليه أو مات أو مرض قدم هو أو المأمومون من يتم بهم الصلاة استحبابا لا وجوبا عند علمائنا
أجمع وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري واحمد وإسحاق وأبو ثور والشافعي في الجديد لان النبي صلى الله عليه وآله لم يمكن أبا بكر من إتمام الإمامة في الصلاة وخرج و
هو مريض فأتم هو الصلاة بالناس وقال الشافعي في القديم لا تجوز وقد تقدم البحث في ذلك في باب الجمعة فروع آ يكره ان يستنيب المسبوق لقول الصادق (ع) إذا أحدث
الامام وهو في الصلاة فلا ينبغي له أن يقدم إلا من قد شهد الإقامة ويجوز ان يستنيب المنفرد والسابق فان استنابه جاز ان يستنيب ثانيا ب لا فرق في جواز الاستخلاف
بين أن يكون الامام قد سبقه الحدث أو أحدث عمدا وقال أبو حنيفة إن سبقه جاز أن يستخلف وإن تعمد لم يجز وأتموا منفردين بناء على أصله من إن سبق الحدث
لا يبطل الصلاة فإذا بقى حكمها بقى حكمها على الجماعة في جواز الاستخلاف ج استخلاف الامام ليس بشرط فلو تقدم بعض المأمومين بنفسه وأتم الصلاة جاز وبه قال
الشافعي وقال أبو حنيفة لا بد من الاستخلاف فان تقدم بنفسه لم يجز أن يصلوا معه د لو استخلف اثنين حتى يصلى مع كل واحد منهما بعض الناس جاز في غير
الجمعة مسألة ما يدركه المسبوق مع الامام يكون أول صلاته وإن كان اخر صلاة الامام عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع) وعمر وأبو الدرداء
والشافعي والأوزاعي وإسحاق واختاره ابن المنذر لقول علي (ع) يجعل ما أدرك مع الامام من الصلاة أولها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إذا أدرك الرجل
181

بعض الصلاة جعل أول ما أدرك أول صلاته إذا أدرك من الظهر أو العصر ركعتين قرأ فيما أدرك مع الامام مع
نفسه أم الكتاب وسورة فإن لم يدرك السورة تامة
أجزأته أم الكتاب فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة إنما يقرأ فيها في الأولتين لأنها ركعة مفتتحة بالاحرام فكانت أول صلاته كالمنفرد وللاجماع
على أنه إذا أدرك ركعة في المغرب صلى أخرى وجلس للتشهد فدل على انها أول صلاته وقال الثوري يكون اخر صلاته وبه قال احمد وأصحاب الرأي وهو المشهور عن مالك لقوله (ع) ما
أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا والمروى فأتموا على أن معناه وما أدركتموه فتابعوه فيه وما فاتكم فافعلوه وحقيقة القضاء ما فعل بعد خروج وقته وإنما عبر به عن
الفعل فروع آ إذا أدرك الأخيرتين من الرباعية استحب له ان يقرأ لما يأتي لا واجبا لان القراءة تسقط عن المأموم ويقرأ الفاتحة في أخيرتيه لا غير لأنهما اخريان
والشافعي وان وافقنا على أنهما اخريان إلا أنه قال يقرأ فيهما بالفاتحة وسورة واختلف أصحابه في علته ذلك فقال بعضهم إن السورة لم يقرأهما في الأولتين ولا أدرك قراءة الإمام بها فاستحب له ان يأتي بها لتحصل له
فضيلتها وقال بعضهم إنما قال ذلك بناء على القول باستحباب السورة في جميع الركعات ر يجب الاسرار في المأتي بها بعد مفارقة الامام لأنهما اخريان وهو أحد قولي
الشافعي لكن لا وجوبا وفى الاخر يجهر ليدرك ما فاته من الجهر ج الأجود انه يتخير في الأخيرتين بين القراءة والتسبيح وإن كان الامام قد سبح في أخيرتيه لأنهما اخريان
فلا يسقط حكمهما من التخيير ويحتمل وجوب القراءة ان سبح الامام لئلا تفوت الصلاة من قرائة د الرابع إذا أحدث الامام في الأولى فسواء استخلف من شرع معه في
الصلاة أم لا فإنه جايز لأنه لا يختلف نظم الصلاة وإن كان في الثانية أو الثالثة فان استخلف مأموما موافقا جاز اجماعا وان استخلف مسبوقا جاز أيضا ويتم صلاته
على نظم صلاة نفسه وقال الشافعي على نظم صلاة الامام مثاله إذا استخلفه في الثانية فإذا صلى ركعة قام إلى الثانية ويتشهد المأمومون تشهدا خفيفا ولحقوا
به وقال الشافعي يقعد للتشهد وان لم يكن موضع قعوده فإذا صلى الثانية قعد عندنا وتشهد وتبعه المأمومون في القعود لا التشهد وقال الشافعي لا يقعد
لأنها الثالثة من صلاة الامام وإن كان الموضع موضع قعوده وإذا صلى ثالثة فقد تمت صلاة القوم فينهض إلى الرابعة ثم إن شاء المأمومون المفارقة نووا
الانفراد وتشهدوا وسلموا وان شاؤوا انتظروا الامام حتى يتشهد ويسلم بهم وقال الشافعي يتشهد في ثالثة وإذا علم أن القوم قد فرغوا من التشهد أشار
عليهم بالسلام ويتم لنفسه ولو استخلف من لم يشرع معه في الصلاة جاز عندنا خلافا للشافعي مسألة يدرك المأموم الركعة بادراكها من أولها اجماعا وبادراك
تكبيرة الركوع أيضا لأنه أدرك معظم الركعة والقراءة ليس ركنا وهل يدركها بادراك الامام راكعا الوجه ذلك خلافا للشيخ وقد مضى البحث في ذلك في باب الجمعة
إذا ثبت هذا فإنه إذا أدركه راكعا كبر للافتتاح واجبا وكبر ثانيا للركوع مستحبا لأنه ركوع معتد به ومن انتقل إلى ركوع معتد به فمن سننه التكبير كالامام
والمنفرد لو خاف رفع الامام كبر للافتتاح خاصة ونوى الوجوب وليس له ان ينوى الافتتاح والركوع لتضاد الوجهين ولو كبر ولم ينو التحريم ولا الركوع احتمل
قويا البطلان لعدم نية الافتتاح والصحة لان قرينة الافتتاح تصرفها إليه ومعارض بان قرينة الهوى تصرفها فروع - آ - إذا اجتمع مع الامام في الركوع أدرك
الركعة فان رفع الامام رأسه مع ركوع المأموم فان اجتمعا في قدر الأجزاء من الركوع وهو ان يكون رفع ولم يجاوز حد الركوع الجايز وهو بلوغ يديه إلى ركبتيه
فأدركه المأموم في ذلك وذكر بقدر الواجب اجزاء وان أدرك دون ذلك لم يجزئه - ب - لو رفع الامام رأسه من الركوع ثم ذكر انه نسى التسبيح لم يكن له الرجوع إلى
الركوع فان رجع جاهلا بالحكم فدخل مأموم معه لم يكن مدركا للركعة لأنه ركوع باطل وقال بعض الشافعية يجوز وليس بمعتمد - ج - لو أدركه بعد رفعه من الركوع
استحب له ان يكبر للهوى إلى السجود ويسجد معه السجدتين ولا يعتد بهما بل إذا قام الامام إلى اللاحقة قام ونوى وكبر للافتتاح وان شاء أن يتربص حتى يقوم الامام
ويستفتح معه وجاز وإنما لم يعتد بالسجدتين لان زيادتهما زيادة ركن فتبطل الصلاة بها ولقول الصادق (ع) إذا سبقك الامام بركعة فأدركت وقد رفع رأسه فاسجد
معه ولا تعتد بها ولو كان السجود للركعة الأخيرة فعل ما قلناه فإذا سلم الامام قام فاستقبل صلاته بنية وتكبير متجدد ولو أدركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة
جاز ان يكبر ويجلس معه في تشهده بتشهد وإن شاء سكت فإذا سلم الامام قام وبنى على تلك التكبيرة إن كان قد نوى في الافتتاح وليس ذلك فعلا كثيرا مبطلا لأنه من
أفعال الصلاة لتحصيل فضيلة الجماعة - د - إذا لحقه بعد الركوع قبل السجود فقد قلنا إنه يكبر للافتتاح ثم يكبر للهوى إلى السجود وهو أحد وجهي الشافعي لأنه مأمور بالسجود
متابعة للامام فسن له التكبير كما لو كان السجود من صلب الصلاة والثاني لا يكبر للسجود لعدم الاعتداد به فليس متابعا للامام والتكبير كلا تكبير بخلاف الركوع
المعتد به والأول أصح عندهم إما لو أدركه في التشهد فإنه يكبر للافتتاح خاصة لان الجلوس عن القيام لم يشرع في الصلاة فلا تكبير له فإذا قام الامام إلى الثالثة لم
يتابعه المأموم في التكبير خلافا للشافعي لأنه قيام أول بالنسبة إليه وقال الشافعي يكبر متابعة لامامه فإذا صلى ركعتين مع الامام ثم سلم الامام قام إلى ثالثة مكبرا
ان قلنا باستحبابه في قيام الثالثة لأنه يقوم إلى ابتداء ركعة وبه قال الشافعي ولو أدرك الامام في التشهد الأخير كبر وجلس بغير تكبير فإذا سلم الامام قام بغير
تكبير لأنه قد كبر في ابتداء هذه الركعة وهل يتشهد مع الامام يتحمل ذلك لأنه إذا جاز ان يقعد في غير موضع قعوده متابعة للامام جاز أن يتبعه في التشهد وليس واجبا عليه
لان المتابعة تجب في الافعال لا في الاذكار ويتحمل العدم لأنه ليس بموضع للتشهد وكلاهما لشافعي ه‍ لو أدركه في التشهد الأول فقعد معه ثم قام الامام تابعه المأموم ولا
يقرأ دعاء الاستفتاح ولو كبر المأموم وقصد ان يقعد فقام
الامام قبل ان يقعد المأموم دعاء للاستفتاح والفرق انه وجد منه في الأول الاشتغال بعد الافتتاح بفعل وجب عليه الاتيان به فلم يبق حكم الاستفتاح وهنا لم يشتغل بفعل فيؤمر بدعائه والأقرب انه لا تحصل فضيلة الجماعة فيما إذا أدركه بعد رفعه من الركوع الأخير ويحتمل
الادراك لقول محمد بن مسلم قلت له متى يكون تدرك الصلاة مع الإمام قال إذا أدرك الامام وهو في سجدة الأخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصلاة مع الامام وهي مرسلة
مسألة إذا افتتح الصلاة ثم أحس بداخل في المسجد لم تستحب له الزيادة في التلاوة ليلتحق به الداخل لأنه غرضه يحصل من ادراك الركوع معه فلو زاد في القراءة لم
يكره لان رسول الله صلى الله عليه وآله روى عنه أنه قال أفى أحيانا أكون في الصلاة فافتتح السورة أريد ان أتمها فاسمع بكاء صبى فأتجوز في صلاتي مخافة ان تفتتن
امه فإذا جاز الاختصار رعاية لحق الطفل جازت الزيادة لحق اللاحق ولو ظن أنه يفوته الركوع فالوجه استحباب زيادة القراءة ولو أحس بداخل وقد فرغ من القراءة
وهو يريد الركوع ولا يطول قيامه لحصول غرضه بادراك الركوع أحس به وقد رفع من الركوع أو كان في السجود أو التشهد الأول لم ينتظر اجماعا إذ لا غرض فيه لان
الذي أدرك من الافعال لا اعتداد به وان أحسن بداخل وهو في الركوع استحب له ان يطيل ركوعه ليلتحق به وبه قال الشعبي والنخعي واحمد وإسحاق وأبو ثور والشافعي في
أحد القولين لان النبي صلى الله عليه وآله صلى بطايفة صلاة الخوف ركعة وانتظرها حتى أتمت ومضت وجاءت الأخرى ومن طريق الخاصة رواية جابر عن
الباقر (ع) وقد سأله انى أؤم قوما فاركع ويدخل الناس وأنا راكع فلم انتظر فقال الباقر (ع) ما أعجب ما تسأل عنه يا جابر انتظر مثلي ركوعك فان انقطعوا
182

وإلا فارفع رأسك ولأنه فعل يقصد به التقرب إلى الله تعالى بتحصيل قربة لمسلم وقال الشافعي في الاخر يكره الانتظار وبه قال مالك وداود وأصحاب الرأي واختاره ابن المنذر
والمزني لأنه يفعل جزءا من الصلاة لأجل ادمى وقد أمر الله تعالى بان يصلى خالصا له تعالى ونمنع عدم الاخلاص لأنه تقرب إليه تعالى بتحصيل القربة للداخل وان قصد به لحوق
آدمي للصلاة فان الله تعالى أمر بمنافع الآدميين وقال بعض الشافعية إن كان يعرف الداخل لا ينتظره لأنه لا يخلو من نوع مراياة وإن كان لا يعرف لم يكره فروع آ
إنما ينتظر إذا كان قريبا وكان لا يطول الامر على المأمومين فأما إذا كان بعيدا وكان في الانتظار تطويل لم ينتظر ب لو أحس بداخل وهو في التشهد الأخير فالوجه الانتظار
لان في ادراك التشهد غرضا صحيحا ج لو انتظر لم تبطل صلاته عندنا لأنه مستحب وكذا عند الشافعي على أحد القولين وعلى الاخر وجهان مسألة لو دخل المسجد
فركع الامام فخاف فوت الركوع جاز ان يكبر ويركع ويمشى راكعا حتى يلتحق بالصف قبل رفع رأس الامام أو يأتي اخر فيقف معه تحصيلا لفضيلة الجماعة والمشي
في الركوع لادراك الصف غير مبطل وفعل ذلك ابن مسعود وزيد بن وهب وعروة وأبو بكر بن عبد الرحمن وسعيد بن جبير وجوزه الزهري والأوزاعي ومالك
والشافعي واحمد ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) في الرجل يدخل المسجد فيخاف ان يفوته الركوع قال يركع قبل أن يبلغ القوم ويمشى وهو راكع
حتى يبلغهم فروع آ لو كان بعيدا من الصف فإن كان يصح أن يأتم وهو في مكانه وقف وحده لئلا يفعل فعلا كثيرا فان مشى احتمل الجواز لأنه من أفعال الصلاة
والمنع لكثرته ولا تبطل صلاته ولو وقف وحده لما بينا من جوازه وإن كان لا يصح ان يأتم فيه لبعده فالوجه انه لا يعتد بذلك الركوع ويصبر حتى يلتحق
بالامام في الثانية وإن كان لا يصح للحايل لم يجز له ان يشرع حتى يخرج عن الحايل ب لو ركع دون الصف ومشى فسجد الامام قبل التحاقه سجد على حاله
وقام والتحق بالصف فان ركع الامام ثانيا ركع ومشى في ركوعه وصحت صلاته وكرهه الشافعي وأبو حنيفة ومالك لما فيه من الانفراد بصف في ركعة تامة
وقال احمد تبطل صلاته وليس بشئ لقول الصادق (ع) إذا خفت أن يركع قبل ان تصل إليه فكبر واركع فان رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق
بالصف وان جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف ج لو رفع رأسه من الركوع ثم دخل الصف أو جاء اخر فوقف معه قبل إتمام الركعة صحت صلاته عندنا وكرهه مالك والشافعي وأصحاب الرأي
ولا تبطل صلاته لان أبا بكرة جاء ورسول الله صلى الله عليه وآله راكع فركع دون الصف ثم مشى إلى الصف فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله الصلاة قال
أيكم الذي ركع دون الصف ومشى إلى الصف فقال أبو بكره أنا فقال النبي صلى الله عليه وآله زادك الله حرصا ولا تعد ولم يأمره بالإعادة وقال احمد إن كان
جاهلا بتحريم ذلك صحت صلاته وان علم لم تصح لان قوله (ع) لأبي بكرة لا تعد يدل على الفساد وهو بناء على تحريم الانفراد بصف وقد بينا جوازه
وقوله (ع) لا تعد المراد به إلى التأخر مسألة قد بينا إنه يستحب لمن صلى منفردا إعادة تلك الصلاة مع الجماعة تحصيلا لفضيلة الجماعة أية صلاة
كانت وبه قال علي (ع) وأنس وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والزهري والشافعي لان يزيد بن الأسود العامري قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله
حجته فصليت معه صلاة الفجر في مسجد الخيف وأنا غلام شاب فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في اخر القوم لم يصليا معه فقال على بهما
فأتى بهما ترعد فرايصهما فقال ما منعكما ان تصليا معنا فقالا يا رسول الله صلى الله عليه وآله كنا قد صلينا في رحالنا فقال لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما
ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة وأطلق ولم يفرق وقال احمد كذلك إلا أنه قال لا يصلى العصر والصبح إلا مع امام الحي دون غيره وقال مالك
إن كان قد صلى وحده أعادهما جماعة إلا المغرب وان صلاهما جماعة لم يعدها وقال الأوزاعي يصلى ما عدا المغرب والصبح وقال أبو حنيفة لا يعيد إلا صلوتين الظهر والعشاء واحتجوا بقوله
عليه السلام لا تصلى صلاة في اليوم مرتين وقال لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس والمغرب وتر لا يتنفل بها والخبر لا حجة
فيه لأنه لا يصليهما على أنهما واجبتان والنهى بعد العصر محمول على ما لا سبب له ونمنع انتفاء التنفل بالوتر وقال بعض الشافعية يضيف إليها رابعة ورووه عن
حذيفة بن اليمان وليس بشئ فروع - آ - هل يستحب لمن صلى جماعة إعادة صلاته في جماعة أخرى قال الشافعي نعم وعموم قول الصادق (ع) في الرجل يصلى
الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز أن يعيد الصلاة معهم قال نعم وهو أفضل ويحتمل العدم لان المطلوب حصل أولا وهو ادراك فضيلة الجماعة وإنما
سوغنا الإعادة استدراكا لمصلحة الجماعة وهو انما يتحقق في المنفرد - ب - لو صلى جماعة ثم حضر واحد فأراد الصلاة استحب له ان يصلى معه جماعة إماما أو مأموما
تحصيلا لفضيلة الجماعة للحاضر - ج - هل يستحب التكرار ثلاثا فما زاد اشكال أقربه المنع - د - الوجه ان الفرض هو الأولى والثانية سنة وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي
في الجديد لقوله (ع) فتكون لكم نافلة وقول الصادق (ع) لما حكم باستحباب الإعادة قلت فإن لم يفعل قال ليس به بأس ولان الأولى قد سقط بها الفرض ولهذا
لم يجب ان يصلى ثانيا ولأنه صلى المأمور به على وجهه فيخرج عن العهدة وقال في القديم يحتسب الله له بأيهما شاء لأنه استحب إعادة الفريضة ليكملها بالجماعة فلو كانت
الثانية نافلة لم تستحب لها الجماعة وليس بجيد فان الجماعة استحب لان الجماعة سببها وفى رواية عن الصادق (ع) في الرجل يصلى الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلى معهم ويجعلها
الفريضة وهي محموله على ما إذا دخل في الصلاة ثم حضرت الجماعة فإنه يعدل بنيته إلى النفل ثم يجعل الثانية هي الفريضة ه‍ إذا جعلنا الثانية نفلا فالأقرب
انه ينوى النفل لان الفعل يقع نفلا فكيف يأمره بنية الفرض وهو أحد قولي الشافعية وأصحهما عندهم انه ينوى الفرض لان القصد ادراك فضيلة الجماعة ولا تشرع
الجماعة في النوافل وليس بجيد لانهم سلموا انها نفل مسألة إذا بلغ الطفل سبع سنين كان على أبيه ان يعلمه
الطهارة والصلاة ويعلمه الجماعة وحضورها
ليعتادها لان هذا السن يحصل فيه التمييز من الصبى في العبادة وإذا بلغ عشر سنين ضرب عليها وإن كانت غير واجبة لاشتماله على اللطف وهو الاعتياد والتمرن
قال صلى الله عليه وآله مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع وكذا يفعل ولى الصبى ووصيه وقال الصادق (ع)
مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر فإنا نأمر أولادنا بالصلاة وهم أبناء خمس ونضربهم عليها وهم أبناء سبع وعن النبي صلى الله عليه وآله
إذا بلغ الصبى سبع سنين أمر بالصلاة فإذا بلغ عشر اضرب عليها فإذا بلغ ثلث عشرة سنة فرقوا بينهم في المضاجع فإذا بلغ ثمانية عشر علم القرآن فإذا بلغ إحدى وعشرين
انتهى طوله فإذا بلغ ثمانية وعشرين كمل عقله فإذا بلغ ثلثين بلغ أشده فإذا بلغ أربعين عوفي من البلوى الثلث الجذام والجنون والبرص فإذا بلغ الخمسين
حببت إليه الإنابة فإذا بلغ الستين غفرت ذنوبه فإذا بلغ السبعين عرفه أهل السماء فإذا بلغ الثمانين كتبت الحسنات ولم تكتب السيئات فإذا بلغ التسعين كتب
أسيرا لله في ارضه فإذا بلغ المائة شفع في سبعين من أهل بيته وجيرانه ومعارفه إذا ثبت هذا فان الصلاة لا تجب الا مع البلوغ وبه قال الشافعي واحمد في رواية
لقوله (ع) رفع القلم عن ثلثه عن الصبى حتى يبلغ الحلم وفى رواية عن أحمد إذا بلغ عشر سنين وجبت عليه الصلاة لأنه أمر بضربهم عليها والامر بالضرب
183

لمصلحه الاعتياد كما يضرب للتأديب مسألة إذا شرع في نافلة فأحرم الامام قطعها ان خشى الفوات تحصيلا لفضيلة الجماعة سواء خاف فوت النافلة أو لا
ولو لم يخف الفوات أتم النافلة ثم دخل في الفريضة ولو كان في فريضته استحب له ان ينقل النية إلى النفل ويتمها اثنين استحبابا ثم يدخل معه في الصلاة عند علمائنا وهو
أحد قولي الشافعي للحاجة إلى فضل الجماعة ولما رواه سماعة قال سألته عن رجل كان يصلى فيحرم الامام وقد صلى ركعة من فريضة قال إن كان إماما عدلا فليصل أخرى
ولينصرف وليجعلهما تطوعا ويدخل مع الامام في الصلاة وفى الاخر للشافعي إذا نقل نيته من الفرض إلى النفل بطل الفرض ولم يحصل له النفل لأنه لم ينوه
في جميع الصلاة وليس بجيد لان نية النفل دخلت في نية الفرض فقد وجدت في جميع الصلاة فروع آ لو كان الامام ممن لا يقتدى به استمر على حاله لأنه ليس
بمؤتم في الحقيقة ولقول الصادق (ع) وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلى ركعة أخرى معه يجلس قدر ما يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم يتم الصلاة معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس شئ من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله تعالى ب
لو كان في فريضة وأحرم إمام الأصل قطعها واستأنف الصلاة معه لما فيه من المزية المقتضية للاهتمام بمتابعته ج لو تجاوز في الفريضة الاثنتين ثم أحرم الامام
فإن كان امام الأصل قطعها لما تقدم وإلا فالأقرب الاتمام ثم الدخول معه معيدا لها نافلة إذ مفهوم الأحاديث يدل على أن العدول إلى النفل في الركعتين د لو
ابتدأ بالنافلة فأحرم الامام بالفرض قال الشيخ (ره) ان علم أنه لا يفوته الفرض معه تمم نافلة وان علم فوات الجماعة قطعها ودخل في الفريضة وهذا يحتمل وجهين
أحدهما وهو الاظهر في اللفظ انه لو علم فوات الجماعة حتى في ركعة الأخيرة قطعها وان علم عدم الفوات بأن يلحق ركوع الأخيرة مثلا أتم النافلة والثاني انه إذا
خاف فوات ركعة ما قطع النافلة محافظة للجماعة فيها ولئلا يصير مسبوقا فيخالف الامام في بعض أفعاله قال الشيخ فان أحرم الامام بالفريضة قبل ان يحرم المأموم بالنافلة
فإنه يتبعه بكل حال ويصلى النافلة بعد الفريضة سواء كان مع الامام في المسجد أو خارجا منه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة فإن كان في المسجد فكقولنا وإن كان
خارجا منه فان خاف فوت الثانية دخل معه كما قلناه وان لم يخف فواتها تمم ركعتين نافلة ثم دخل المسجد فصلى معه ه‍ لو ابتداء بقضاء الظهر وشرع الامام
في صلاة الصبح وخاف ان تمم ركعتين نافلة فاتته الصلاة مع الامام فإن كان امام الأصل أبطل صلاته وإلا فالوجه اتمام القضاء وتفويت الجماعة لان استدراكها بنقل
النية من الفرض إلى النفل ولا يحصل الاستدراك بذلك هنا فيبقى وجوب الاتمام سالما عن المعارض مسألة يستحب للامام ان يخفف صلاته بتخفيف الاذكار
ويكمل أفعالها مثل ركوعها وسجودها وقيامها لان أنسا قال ما صليت خلف أحد قط أخف ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وآله وقال (ع) من صلى بالناس
فليخفف فان فيهم السقيم والضعيف فإذا صلى لنفسه فليطل ما شاء ولو أحب المأمومون خلفه التطويل جاز وكان أولي لقوله (ع) أفضل الصلاة ما طال قنوتها
مسألة لا تجب على المأموم القراءة سواء كانت الصلاة جهرية أو إخفاتية وسواء سمع قرائة الامام أو لا ولا تستحب في الجهرية مع السماع عند علمائنا وبه
قال علي (ع) وسعيد بن المسيب وعروة وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب الزهري والنخعي والثوري وابن عيينة ومالك وابن المبارك وإسحاق
واحمد وأصحاب الرأي وكثير من السلف لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون نزلت في شأن الصلاة قال زيد بن أسلم وأبوا العالية
كانوا يقرءون خلف الامام فنزلت وإذا قرى القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون وقال (ع) إنما جعل الامام إماما ليؤتم به فإذا كبر فكبر وإذا قرئ فانصتوا ومن
طريق الخاصة لقول الصادق (ع) إذا كنت خلف امام تولاه وتثق به فإنه تجزيك قرائة وإن أحببت أن تقرأ فأقراء فيما نخافت فيها فإذا جهر فانصت قال الله تعالى
وانصتوا لعلكم ترحمون قال احمد ما سمعنا أحدا من أهل الاسلام يقول إن الامام إذا جهر بالقرائة لا تجزى صلاة من خلفه إذا يقرأ هل النبي صلى الله عليه وآله والصحابة
والتابعون وهذا مالك في أهل الحجاز وهذا الثوري في أهل العراق وهذا الأوزاعي في أهل الشام وهذا الليث في أهل مصر ما قالوا لرجل صلى خلف امام قرء امامه ولم يقرأ
هو ان صلاته باطلة ولأنها قراءة لا تجب على المسبوق فلا تجب على غيره وللشافعي قولان أحدهما ان المأموم كالمنفرد فيما يسر به ولا يقرأ فيما يجهر به وأصحهما عنده
إن المأموم يقرأ فيما أسر وجهر وبه قال الليث والأوزاعي وأبو ثور واختاره ابن المنذر لان عبادة ابن الصامت قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله الصبح فثقلت
عليه القراءة فلما انصرفت قال إني لأراكم تقرأون وراء امامكم قلنا أجل قال لا تفعلوا إلا بأم الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ولأنه يلزمه قيام القراءة فلزمته القراءة كالمنفرد
والحديث محمول على غير المأموم فان المأموم في حكم القارئ ويبطل القياس بالمسبوق فروع آ قال الشيخان لا يجوز ان يقرأ المأموم في الجهرية إذا سمع قرائة الامام ولو همهمته
لقول الصادق (ع) من رضيت به فلا تقرأ خلفه وقال (ع) وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ والنهى للتحريم ويحتمل الكراهة ب لو لم يسمع القراءة في الجهرية ولا
همهمة فالأفضل القراءة لا واجبا لقول الصادق (ع) إذا كنت خلف من ترتضي به في صلاة يجهر بها فلم تسمع قرائته فاقرأ فان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ وعن
الكاظم (ع) في الرجل يصلى خلف من يقتدى به يجهر بالقرائة فلا يسمع القراءة قال لا بأس ان صمت وان قرأ وهو يدل على نفى وجوب القراءة وقال أبو حنيفة والثوري وسفيان
ابن عينيه لا يقرأ المأموم بحال وقال مالك واحمد وإسحاق وداود لا يقرأ فيما جهر فيه ويقرأ فيما أسر فيه استحبابا لقوله (ع) من كان له امام فقراءة
الامام له قرائة ونحن نقول بموجبه ج الأصم إذا كان بعيدا قرأ استحبابا في الجهرية لعدم السماع في حقه وإن كان قريبا قراء مع نفسه لئلا يشتغل غيره عن السماع
د كما أن المأموم لا يقرأ كذا لا يستفتح ولا يستعيد لان الاستعاذة شرعت لأجل القراءة فإذا سقط الأصل سقط التبع وإذا سقطت القراءة المؤكدة لئلا يشغل عن
الاستماع فالاستفتاح أولي ولو سكت الامام قدرا يتسع الاستفتاح أو استفتح فالوجه انه يستفتح ولا يستعيد لامكان الاستفتاح مع زوال المانع ه‍ لو كانت
الصلاة سرا قال الشيخ (ره) يستحب قرائة الحمد خاصة وبه قال عبد الله بن عمر وابن مسعود ومجاهد والحسن والشعبي وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعروة وأبو سلمة بن
عبد الرحمن والحكم واحمد وقال علي (ع) وابن عباس وابن مسعود وأبو سعيد زيد بن ثابت وعقبة بن عامر وجابر وابن عمر وحذيفة هؤلاء التسعة من الصحابة
لا يقرأ في الجهر ولا في الاسرار وبه قال ابن سير ين والثوري وابن عينيه وأصحاب الرأي لعموم قوله (ع) من كان له امام فقراءة الامام له قرائة ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) إذا كان مأمونا على القراءة فلا تقرأ خلفه في الأخريين احتج الشيخ بقول الصادق (ع) أما الذي يجهر فيها فإنما امرنا بالجهر لينصت
من خلفه فان سمعت فانصت وان لم تسمع فاقرأ وهو يعطى استحباب القراءة في الاخفاتية ولا تستحب القراء في سكتات الامام لقول الصادق (ع) لا ينبغي
له أن يقرأ يكله إلى الامام وقد سئل أيقرأ الرجل في الأولى والعصر خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرأ وقال أكثر الجمهور الا الثوري وأصحاب الرأي للامام سكتتان يستحب
ان يقرأ فيهما والنهى عام إذا ثبت هذا فلو قراء بعض الفاتحة فقراء الامام سكت هو ثم قرأ بقية الفاتحة في السكتة الأخرى وهو لا يجئ على قولنا ز لو لم يقرأ مطلقا
صحت صلاته عند علمائنا وهو قول أكثر أهل العلم وبه قال الزهري والنخعي والثوري ومالك واحمد وأصحاب الرأي لقوله (ع) من كان له امام فقرائته له
184

قرائة وقال الشافعي وداود تجب القراءة لعموم الاخبار واخبارنا أخص. ح لا يشرع للمأموم الاجهار في شئ من الصلوات اجماعا فان قضى الصلاة في جماعة فإن كانت صلاة
الظهرين أسر سواء قضاها ليلا أو نهارا اجماعا وإن كانت صلاة ليل فقضاها ليلا جهرا وان قضاها نهارا فكذلك وهو قول أبي حنيفة وأبى ثور وابن المنذر لان
القضاء كالأداء وهي رواية عن أحمد وعنه أخرى جواز الاسرار وهو مذهب الأوزاعي والشافعي لأنها صلاة نهار وهو ممنوع ط لو كان الامام ممن لا يقتدى به وجب وان
يقرأ المأموم ولو سرا مع نفسه في الجهرية للضرورة وقال الصادق (ع) تجزيك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس فإن لم يتمكن من قرائة السورة فالأقوى
الاجتزاء بالفاتحة ولو عجز عن اكمال الفاتحة فالوجه إعادة الصلاة مسألة يجب ان يتابع امامه في أفعال الصلاة لقوله (ع) إنما جعل الامام إماما ليؤتم به وروى عنه (ع) إما
يخشى الله الذي يرفع رأسه والامام ساجد أن يحول الله رأسه رأس حمار ولأنه تابع له فلا يسبقه وبه قال الشافعي إذا ثبت هذا فلو رفع رأسه من ركوع أو سجود
قبل الامام ناسيا عاد معه وإن كان عامدا أو خلف من لا يقتدى به استمر لان النسيان يسقط معه اعتبار الزايدة ولان أبا الحسن (ع) سئل عمن ركع مع امام يقتدى
به ثم رفع رأسه قبل الإمام قال يعيد ركوعه وعن الصادق (ع) في الرجل يرفع رأسه من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال فليسجد ولا يعد هذه زيادة في الحقيقة لان فعل المأموم تابع لفعل الامام وهو
واحد فكذا فعل المأموم وهل السجود واجب الأقرب المنع إما مع العمد فإنه يجب عليه الصبر ولا يجوز له الرجوع وإلا زاد ركنا ولا عذر هنا ولقول الصادق
(ع) في الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام أيعود يركع إذا ابطأ الإمام قال لا وكذا لو كان الامام ممن لا يقتدى به لأنه كالمنفرد فيقع ركوعه وسجوده في
محله فلا يسوغ له العود في العمد والنسيان وقال الشافعي ان ركع قبل إمامة رجع إلى القيام حتى يركع مع امامه فان ثبت حتى يركع الامام أجزأه فان رفع قبل امامه
عاد إلى الركوع معه فان ثبت قائما حتى رفع امامه واعتدل جاز لأنه خالفه في ركن واحد وان سجد قبل ان يرفع امامه فقد خالفه بركنين فإن كان عالما
بطلت صلاته وإن كان جاهلا بان هذا لا يجوز لم تبطل ولم يعتد بهذه الركعة تذنيب اطلق الأصحاب الاستمرار مع العمد والوجه التفصيل وهو ان
المأموم ان سبق إلى ركوع بعد فراغ الامام من القراءة استمر وإن كان قبل فراغه ولم يقرأ المأموم أو قرأ ومنعناه منها أو قلنا إن المندوب لا يجزى عن الواجب بطلت
صلاته وإلا فلا وإن كان إلى رفع أو سجود أو قيام عن تشهد فإن كان بعد فعل ما يجب عليه من الذكر استمر وان لم يفرغ إمامة منه وإن كان قبله بطلت وإن كان
قد فرغ إمامة مسألة لو فرغ المأموم من القراءة قبل الامام استحب له ان يسبح تحصيلا لفضيلة الذكر ولئلا يقف صامتا ولقول الصادق (ع)
لما سأله زرارة أكون مع الامام فأفرغ من القراءة قبله قال أمسك آية ومجد الله تعالى وأثن عليه فإذا فرغ فاقرأ الآية واركع إذا عرفت هذا فإنه يستحب ان يمسك
عن قراءة الآية الأخيرة من السورة إلى أن يفرغ الامام ثم يتم القراءة ليركع عن قرائة ولدلالة الحديث عليه والظاهر أن هذا فيما يخافت الامام فيه يجهر فيه بالقرائة
لان الانصات هناك أفضل من القراءة أو ان يكون الامام ممن لا يقتدى مسألة يستحب للامام ان يسمع من خلفه القراءة والتشهد وذكر الركوع والسجود
لقول الصادق (ع) ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لمن خلفه ان يسمعه شيئا مما يقول ويستحب للامام ان لا يبرح من مكانه حتى يتم
المسبوق ما فاته لان إسماعيل بن عبد الخالق سمعه يقول لا ينبغي للامام ان يقوم إذا صلى حتى يقضى كل من خلفه ما فاته من الصلاة ويكره التنفل بعد الإقامة لأنه
وقت القيام إلى الفريضة فلا يشغله بغيرها مسألة يصح أن يكبر المأموم بعد تكبير الامام وهل يصح معه اشكال ينشأ من تحقق المتابعة معه أو لا إما لو كبر قبله فإنه
لا يصح قطعا ولا بأس بالمساومة في غير التكبير من الافعال ولو ركع الامام ولم يركع المأموم حتى رفع الامام رأسه لم تبطل صلاته وان تأخر عنه بركن كامل بخلاف
التقديم للنهي عن التقدم ولو تأخر عنه بركنين ففي الأبطال نظر إذا عرفت هذا فان المأموم يكون مدركا لتكبيرة الاحرام بشهود تكبيرة الامام والاشتغال بمضيها (عقيبها)
بعقد الصلاة وهو أحد وجوه الشافعية ولهم ثاني بادراك الركوع مدركا لها وان اشتغل بطهارة وشبهها ادركها
بادراك الركوع الفصل الثاني في صلاة
السفر وفيه مطالب الأول في القصر ومحله مسألة أجمع المسلمون كافة على جواز القصر في السفر في الرباعية لقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم
جناح ان تقصروا من الصلاة وقصر النبي صلى الله عليه وآله في أسفاره حاجا وغازيا ولا خلاف بين المسلمين فيه حتى لو جحد جاحد جواز القصر في السفر كفر
مسألة محل القصر في الصلاة والصوم إما الصلاة ففي الفرائض الصلوات الرباعيات التي هي الظهر والعصر والعشاء خاصة وفى النوافل نوافل الظهرين
والوتيرة مع الأداء في السفر ولا قصر في غير ذلك إجماعا والقصر في الرباعية بحذف الشطر الأخير فيقتص على الأولين منها ولا يجوز النقصان عن ذلك إجماعا و
حكى عن عبد الله بن عباس أنه قال في سفر الامن يقصر إلى ركعتين وفى سفر الخوف يقصر إلى ركعة وليس بجيد لان غالب أسفار رسول الله (ص) كان
مع الخوف ولم ينقص عن الركعتين ولا مدخل للمغرب والصبح في القصر اجماعا ولأنه لم ينقل عن رسول الله القصر فيهما ولان الصبح شفع في
الأصل فلو قصر صار وترا والمغرب وتر في الأصل ولا يمكن تنصيفه ولا رده إلى ركعتين لئلا يخرج عن أصالته وهي كونه وترا ولا إلى ركعة لأدائه إلى ترك الأكثر
مسألة محل التقصير الأداء إما القضاء فعلى حسب ما فات وتحقيقه انه إذا ترك رباعية في الحضر ثم ذكرها في الحضر قضاها تماما إجماعا سواء تخلل السفر بين الوقتين أو لا لانتفاء
العذر وقت استقرارها وان ذكرها في السفر فكذلك بغير خلاف نعلمه إلا شياء اختلف فيه عن الحسن البصري فروى الأشعث عنه اعتبار حال الفعل وروى
يونس عنه اعتبار حال الترك وعن المزني انه يقصر لأنه لو ترك صلاة وهو صحيح ثم قضاها مريضا فإنه يأتي على حسب حاله وهو خطأ فان الافعال تترك بالعجز
والعدد يترك للترخص ولأنه لو أخر أدى إلى التعزير بالفريضة والاتمام ممكن في الحال وهذه قد تعين فعلها عليه أربعا فلا يجوز النقصان كما لو لم يسافر أو كانت
نذرا ولان التقصير فيه فلا يناسب الرخصة فان تركها في السفر ثم ذكرها في السفر فإنه يصليها قصرا إجماعا منا وهو أحد قولي الشافعي لوجود العذر حال
الوجوب والفعل فأشبه ما لو فعلها في الوقت وسواء تخلل بين هذين السفرين حضر أو لا وفى الاخر للشافعي التمام لان صلاة السفر مقصورة من أربع إلى
ركعتين فكان من شرطها الوقت كالجمعة والفرق ان الجمعة لا تقضى ويشترط لها الخطبتان والعدد والاستيطان فجاز اشتراط الوقت بخلاف صورة النزاع
وان ذكرها في الحضر وجب ان يقضها قصرا فيه عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري والحسن البصري وحماد لان القضاء معتبر بالأداء وانما
يقضى ما فاته ولم يفته إلا الركعتان وقال (ع) من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته وقال الشافعي في القديم يجوز القصر وفى الجديد يجب التمام وبه قال
الأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور والمزني وداود لان القصر رخصة من رخص السفر فيسقط بزواله كما لو قدم قبل ان يفطر وسيأتى ان القصر عزيمة مسألة
لو خرج إلى السفر بعد دخول الوقت ومضى قدر الطهارة والصلاة أربعا قبل ان يصلي فالأقرب عندي وجوب الاتمام وهو في القديم للشافعي ورواية عن
185

احمد قال المزني وهو أولي بأصل الشافعي لقول الصادق (ع) لبشير النبال وقد خرج معه حتى آتينا السحر يا نبال قلت لبيك قال إنه لم يجب على أحد من أهل
هذا العسكر ان يصلى أربعا غيري وغيرك وذلك أنه دخل وقت الصلاة قبل ان يخرج ولان الأربع وجبت عليه واستقرت في ذمته لما بينا من أن الفعل واجب
في جميع اجزاء الوقت ولهذا لو أدركت هذا الوقت ثم حاضت لم يسقط عنها الفرض وكذا المغمى عليه وقال الشيخ (ره) يجوز له القصر ويستحب له الاتمام لقوله تعالى
وإذا ضربتم في الأرض وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم ان له قصرها لأنه مسافر قبل خروج وقتها
أشبه ما لو سافر قبل وجوبها ولأنه مؤد للصلاة فوجب ان يؤديها بحكم وقت فعلها كما لو كان في أول الوقت ولقول الصادق (ع) وقد سئله إسماعيل بن جابر قلت
يدخل وقت الصلاة وأنا في أهلي أريد السفر فلا اصلى حتى اخرج قال صل وقصر فإن لم تفعل فقد والله خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله قال الشيخ وإذا اختلفت
الاخبار حملنا هذه على الاستحباب والأولى على الأجزاء والجواب الفرق ظاهر فان المسافر قبل الوقت لم يجب عليه شئ والأداء لما ثبت في الذمة وقد ثبت الأربع بمضي
وقتها فلا اعتبار بالمتجدد من العذر المسقط للبعض كالمسقط للجميع والرواية محمولة على ما لو خرج قبل مضى الوقت وجمع الشيخ ليس بجيد لدلالة الأولى على
وجوب الاتمام وهذه على وجوب القصر فليس وجه الجمع إلا ما قلناه وللشافعية وجه اخر الفرق بين ان يسافر وقد بقى في الوقت سعة وبين ان يبقى قدر أربع لأنه إذا تضيق
الوقت تعين عليه صلاة الحضر فروع آ لو دخل الوقت وهو مسافر ثم حضر قبل ان يصلى والوقت باق وجب عليه الاتمام وهو قول واحد للشافعي لانتفاء سبب الرخصة
ولقول الصادق (ع) لإسماعيل بن جابر وقد سأله يدخل على وقت الصلاة وأنا في السفر فلا اصلى حتى ادخل أهلي صل وأتم وقال الشيخ ان بقى مقدار ما يصلى على التمام
أتم وإلا قصر وكذا قال في الأولى أيضا في المبسوط والنهاية ب لو سافر وقد بقى من الوقت مقدار ركعة أو ركعتين قال الشيخ فيه خلاف بين أصحابنا فمن قال إن الصلاة
تكون أداء بادراك ركعة وهو الاظهر أوجب القصر لادراك الوقت مسافرا ومنهم من يقول بعضها أداء والباقي قضاء فلا يجوز له القصر لأنه غير مؤد معه لجميع
الصلاة في الوقت وللشافعية كالقولين وعلى ما اخترناه نحن يجب الاتمام ج لو سافر وقد بقى من الوقت أقل من ركعة وجب عليه القضاء تماما اجماعا لفواتها
حاضرا مسألة لو سافر أو حضر قبل الصلاة بعد دخول وقتها ثم فاتته قضاها تاما على ما اخترناه من وجوب الاتمام في الموضعين لان القضاء تابع للأداء
ومن قال الاعتبار بحال الوجوب فكذا في الأولى ويوجب القصر في الثانية وهو قول المرتضى وابن الجنيد وقال بعض علمائنا الاعتبار في القضاء بحال الفوات لا الوجوب
احتج المرتضى بقول الباقر (ع) وقد سأله زرارة في رجل دخل على وقت السفر فأخر الصلاة حتى قدم فنسى حين قدم أهله ان يصليها حتى ذهب وقتها
يصليها ركعتين صلاة المسافر لان الوقت دخل وهو مسافر كما ينبغي ان يصليها عند ذلك احتج الآخرون بقوله (ع) من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته وقول
الباقر (ع) يقضى ما فاته كما فاته إن كان صلاة السفر أداها في الحضر مثلها وإن كانت صلاة الحضر فليقضها صلاة الحضر ولا حجة فيه لان الفوات تمام فيجب عليه
الأربع مسألة القصر عزيمة في السفر واجب لا رخصة ولا يجوز تركها عند علمائنا أجمع فلو أتم عامدا بطلت صلاته وبه قال علي (ع) وعمر وعن حماد بن أبي سليمان و
الثوري وأصحاب الرأي إلا أن حمادا أوجب الإعادة وأبو حنيفة قال إن كان قد جلس بعد الركعتين قدر التشهد صحت صلاته وإلا بطلت وقال عمر بن عبد العزيز الصلاة
في السفر ركعتان حتم لا يصلح غيرهما وعن ابن عباس قال من صلى في السفر أربعا فهو كمن صلى في الحضر ركعتين لقوله تعالى فعدة من أيام أخر أوجب القصر بنفس القصر
وكل من أوجب القصر أوجب قصر الصلاة ولان عمران بن الحصين قال حججت مع النبي صلى الله عليه وآله فكان يصلى ركعتين حتى ذهب وكذا مع أبي بكر وعمر حتى ذهبا ولو
كان القصر رخصة لم يعدل النبي (ع) عن الأصل وعن عايشة فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ الا المغرب ثلاث وقول الباقر (ع) والصادق (ع) الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا
بعدهما شئ وسأل الحلبي الصادق (ع) صليت الظهر أربع ركعات وانا في السفر قال أعد ولان الأخريين يجوز تركهما إلى غير بدل فلم تجز زيادتهما على الركعتين
المفروضتين كما لو زاد هما على صلاة الفجر وقال الأوزاعي والشافعي وأبو ثور واحمد والمشهور عن مالك ان القصر رخصة وليس عزيمة وهو مخير ان شاء قصر وان
شاء أتم وهو مروى عن عثمان وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وعايشة لان عايشه قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في عمرة رمضان فأفطر وصمت وقصر و
أتمت فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وآله أفطرت وصمت وقصرت وأتمت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أحسنت ولأنه لو صلى خلف مقيم صلى
أربعا فالركعتان لا يزيد بالاتمام ولا حجة في فعل عايشة لجواز جهلها بالقصر ولأنها لو أحسنت بالتمام لم يكن النبي صلى الله عليه وآله محسنا بالقصر وهو باطل بالاجماع أو النقض
لا يرد علينا إذا عرفت هذا فاختلف القائلون بالتخيير أيهما أفضل فللشافعي قولان أحدهما ان القصر أفضل وبه قال مالك واحمد لقول رسول الله صلى الله عليه وآله
خير عباد الله الذين إذا سافروا قصروا ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يداوم على القصر ولا يداوم إلا على الأفضل ولأنه إذا قصر ادعى الصلاة بالاجماع
وفى اجزاء التمام خلاف والثاني الاتمام أفضل وهو اختيار المزني لأنه الأصل والقصر رخصة والأصل الأولى ولأنه أكثر عملا مسألة لا يتغير فرض المسافر بالايتمام بالمقيم عند علمائنا أجمع فلو أيتم بمقيم صلى فرضه ركعتين
وسلم وحرم عليه الاتمام سواء قد أدرك أول الصلاة أو آخرها وقال طاوس وكان الشعبي وإسحاق بن راهويه يجوز له ان يقصر ولا يجب عليه الاتمام لان فرضه
القصر فلا تجوز الزيادة كما لو صلى الصبح خلف من يصلى الظهر ولأنه مأموم فلا يتغير عدد فرضه بمجرد الإمامة كما لو أيتم المقيم بالمسافر ولقول الصادق (ع) في
المسافر يصلى خلف المقيم ركعتين ويمضى حيث شاء وسئل (ع) عن المسافر إذا دخل في الصلاة مع المقيمين قال فليصل صلاته ثم يسلم وليجعل الأخيرتين تسبيحة و
قال الثوري والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي يجب على المأموم الايتمام متابعة لامامه وهو مروى عن عمر وابن عباس لان ابن عباس سئل ما بال المسافر يصلى
ركعتين في حال الانفراد وأربعا إذا أيتم بمقيم فقال تلك السنة ولأنها صلاة مردودة من الأربع فلا يصليها خلف من يصلى الأربع كالجمعة وقول ابن عباس وعمر
ليس حجة ونمنع المشترك بان صلاة السفر فرض بانفرادها وبالفرق فان الامام شرط في الجمعة فيجب ان يكون من أهلها وقال الحسن والنخعي والزهري
وقتادة ومالك ان أدرك ركعة أتم وان أدرك دونها قصر لقوله (ع) من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة ولان من أدرك من الجمعة ركعة أتمها جمعة ومن أدرك
أقل من ذلك لم يلزمه فرضها وليس حجة علينا فروع آ لو أحدث المسافر واستخلف مسافرا آخر فللمأموم المسافر القصر لانهم لم يأتموا بمقيم وان استخلف مقيما فكذلك عندنا
وعند المخالف يجب الاتمام لانهم ائتموا بمقيم وللامام الذي أحدث ان يصلى صلاة المسافر لأنه لم يأتم بمقيم ولو صلى المسافر خلف مقيم فأحدث واستخلف مسافرا أو مقيما لزمه القصر عندنا وقال المخالف يجب التمام لأنه لم أئتم بمقيم فان استخلف مسافرا لم يكن
معهم في الصلاة فله ان يصلى صلاة السفر عندنا وعند المخالف أيضا لأنه لم يأتم بمقيم ب لو أحرم المسافر خلف مقيم أو من يغلب على ظنه انه مقيم أو من يشك هل هو مقيم أو
186

مسافر لزمه القصر عندنا وعند الجمهور ويلزمه الاتمام وان قصر امامه لان الأصل وجوب الصلاة ثانية فليس له نية قصرها مع الشك في وجوب إتمامها ويلزمه إتمامها
اعتبارا بالنية وبه قال الشافعي وهو باطل عندنا على ما يأتي وان غلب على ظنه ان الامام مسافر لرؤية حلية المسافرين عليه فله ان ينوى القصر عندنا وعند المخالف أيضا وان قصر
امامه قصر هو معه وان أتم قصر هو وقال الجمهور تلزمه متابعته وإذا نوى الاتمام لزمه الاتمام عند الجمهور وسيأتى البحث فيه سواء قصر امامه أو أتم اعتبارا بالنية وان نوى القصر فأحدث
امامه قبل علمه بحاله فله القصر لأن الظاهر أن امامه مسافر ج لو صلى المسافر صلاة الخوف بمسافرين ففرقهم فرقتين فأحدث قبل مفارقته الطايفة
الأولى أو استخلف مقيما لزم الطائفتين القصر عندنا وعند الجمهور الاتمام لوجود الايتمام بمقيم وإن كان بعد مفارقة الأولى أتمت الثانية عندهم لاختصاصها بالاتمام بالمقيم وإن كان الامام مقيما فاستخلف مسافرا ممن كان معه في الصلاة فعلى الجميع القصر عندنا وعند الجمهور
يتم الجميع لان المستخلف قد لزمه الاتمام باقتدائه بالمقيم وان لم يكن دخل معه في الصلاة وكان استخلافه قبل مفارقة الأولى فعليها الاتمام عندهم لاتماهما بمقيم و
ويقصر الامام والطايفة الثانية وان استخلف بعد دخول الثانية معه فعلى الجميع التقصير عندنا وعند الجمهور التمام وللمستخلف القصر وحده لأنه لم يأتم
بمقيم د لو أيتم المقيم بالمسافر وسلم المسافر في ركعتين أتم المقيم صلاته إجماعا ويستحب للامام أن يقول بعد تسليمه أتموا فأنا مسافر كما قال (ع) بمكة عام الفتح
لئلا يشتبه على الجاهل عدد الركعات ه‍ لو أم المسافر على المقيمين فأتم بهم الصلاة عمدا بطلت صلاته للزيادة وصلاة المأمومين للمتابعة في صلاة باطلة
وقال الشافعي وإسحاق واحمد تصح صلاة الجميع لان المسافر يلزمه الاتمام بنيته وهو ممنوع وقال أبو حنيفة والثوري تفسد صلاة المقيمين وتصح صلاة الامام
والمسافرين معه لان الركعتين الأخريين نفل من الامام فلا يؤم بها مفترضين والمقدمتان ممنوعتان ولو أم المسافر مسافرين فنسى فصلاها تامة فإن كان الوقت
باقيا أعاد عندنا وإلا صحت صلاتهم وقال الجمهور تصح مطلقا ولا يجب لها سجود سهو لأنها زيادة لا تبطل الصلاة عمدها فلا يجب السجود لسهوها كزيادات
القراءة في الركوع والسجود ولو ذكر الامام بعد قيامه إلى الثالثة جلس واجبا وحرم عليه الاتمام وعند الجمهور لا يلزمه الاتمام لان الموجب له نيته أو الايتمام بمقيم ولم يوجد واحد منهما ولو علم المأموم
ان قيامه لسهو لم تلزمه متابعته وسبح به وله مفارقته ان لم يرجع فان تابعه بطلت صلاته عندنا وعندهم لا تبطل لأنها زيادة لا تبطل صلاة الامام فلا
تبطل صلاة المأموم ولأنه لو فارق وأتم صحت فمع موافقته أولي وهو ممنوع ولو لم يعلم هل قام سهوا أو عمدا لم يجز له متابعته لأنها نافلة
عندنا وقال الجمهور تجب لان حكم وجوب المتابعة ثابت فلا يزول بالشك ز لو دخل مسافر بلد وأدرك الجمعة فاحرم خلف الامام فنوى قصر الظهر
لم تجز عندنا لوجوب الجمعة عليه بالحضور وقال الشافعي يجب عليه الاتمام لأنه مؤتم بمقيم ح لو صلى المسافر بأهل البلد الجمعة فدخل مسافر
معه فنوى القصر لم يجز ووجب عليه الجمعة عندنا لما تقدم وقال الشافعي يجب عليه الاتمام لان الامام وإن كان مسافرا إلا أنه يصلى صلاة المقيم وعنه
وجه اخر انه يقصر ط لو اقتدى بمقيم ثم أفسد صلاته لم يجز له التمام لأنها زيادة في الفريضة وعند أبي حنيفة لا يلزمه الاتمام لان وجوبه لسبب الاقتداء
وقال الشافعي لا يجوز القصر لأنه التزم الأربع باقتدائه فلا يسقط الفرض بدونها وكذا لو أفسد الامام صلاته ولو اقتدى بمقيم ثم تبين ان الامام كان محدثا
أو جنبا لم يلزمه الاتمام وعند الشافعية إن كانت الصلاة خلف الجنب صلاة انفراد لم يلزمه الاتمام وإن كانت صلاة جماعة لزمه هذا إذا نوى القصر وان لم
ينو لزمه الاتمام عندهم ى لو اقتدى المسافر بمثله فان نوى الاتمام لم يجز ووجب عليه القصر عندنا وعند الشافعية يجب الاتمام بنية قصر الامام أو لا وان
نوى القصر فان قصر الامام قصر وان أتم أتم للمتابعة عندهم يا لو قال نويت ما نوى امامى من القصر والاتمام لم يكن له حكم ووجب عليه القصر عندنا
وللشافعية وجهان وجوب الاتمام لأن النية لا تقع موقعه في الصلاة كما لو كان عليه ظهر أو عصر فنوى ما عليه لم تصح إلا أن هناك لم تتعقد لمخالفة إحدى
الفريضتين للأخرى وههنا كلتاهما فرض الوقت والقصر رخصة والاجزاء لان صلاته لا تقع على حسب نيته إذا نوى القصر وانما تقع على حسب صلاة الامام
ولا طريق إلى معرفتها فجاز التعليق يب لو أحدث الامام المسافر فأخبر بما نواه قبل خبره في القصر والاتمام وان لم يخبرهم قال الشافعي يجب الايتمام لجواز نيته فلا
يسقط الفرض الا بيقين وقال ابن شريح لا يجب لأن الظاهر أنه قصد القصر لوجوبه عند قوم وأفضليته عند آخرين ولا تترك الفضيلة وهذا عندنا ساقط
لما تقدم من عدم تغيير الفرض يج لو اقتدى بإمام لا يدرى أمقيم أو مسافر لم يتغير فرضه عندنا وقال الشافعي يجب الاتمام لان الأصل في الناس الإقامة
والسفر عارض فيحمل على الأصل يد لو اقتدى بمقيم يقضى صلاة الصبح فنوى القصر لزمه ولم يجز له الاتمام وان نوا عندنا وقال الشافعي يجب الاتمام وان نوى
لأنه وصل صلاته بصلاة المقيمين فلزمه حكمهم فإن كان قاضى الصبح مسافرا لم يلزمه الاتمام مسألة القصر إنما هو في عدد الركعات لا في غيره وهو واجب
على ما بيناه إلا في أربع مواطن مسجد مكة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة وجامع الكوفة والحاير على ساكنه السلام عند أكثر علمائنا فإنهم قالوا الاتمام
في هذه المواضع أفضل وان جاز القصر لقول الصادق (ع) يتم الصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الكوفة وحرم الحسين (ع) وقال
الصدوق يجب القصر ما لم ينو المقام عشرة أيام عملا بالأصل وحمل الروايات على أفضلية نية المقام عشرة أيام والمقام للتمام لان معوية بن وهب سأل الصادق (ع)
عن التقصير في الحرمين والتمام فقال لا يتم يجمع على مقام عشرة أيام وقد روى عن الصادق (ع) الاتمام في أربعة مواطن حرم الله تعالى وحرم رسوله صلى الله عليه وآله
وحرم أمير المؤمنين وحرم الحسين (ع) قال الشيخ فعلى هذه الرواية يجوز الاتمام بالكوفة خارج المسجد بالنجف وقال بعض علمائنا يحمل حرم
أمير المؤمنين (ع) على مسجد الكوفة أخذا بالمتيقن فروع آ قال ابن إدريس انما يجوز الاتمام في نفس المسجد الحرام وفى نفس مسجد المدينة عملا بالمتيقن وقال الشيخ يستحب
الاتمام في مكة وفى المدينة جميعها لدلالة الرواية عليه ب قال المرتضى يستحب الاتمام في السفر عند قبر كل امام من أئمة الهدى (ع) ومنعه ابن إدريس للأصل و
هو الأقرب ج قال ابن إدريس (ره) المراد بالحاير ما دار سور المشهد عليه دون سور البلد لان الحاير هو الموضع المطمئن الذي يحار الماء فيه وقد ذكر المفيد في الارشاد
في مقتل الحسين (ع) لما ذكر من قتل معه ومن أهله فقال والحاير محيط بهم إلا العباس (ره) فإنه قتل على المسناة ر لو فاتت هذه الصلاة احتمل وجوب القصر مطلقا
سواء صلاها فيها أو في غيرها لفوات محل الفضيلة وهو الأداء ووجوب القصر ان قضاها في غيرها لفوات المكان الذي هو محل المزية والتخيير ان قضاها فيها
لان القضاء تابع للأداء والتخيير مطلقا بين الاتمام والقصر لان الأداء كذلك مسألة يستحب أن يقول المسافر عقيب كل صلاة سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله
أكبر ثلاثين مرة فان ذلك جبران لصلوته على ما روى ولأن هذه تقع بدلا عن الركعات في شدة الخوف ويحتمل تقييد ذلك عقيب الصلاة المقصورة لأنها محل النقص كما
قيدناه نحن في القواعد لقول العسكري (ع) يجب على المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثين مرة لاتمام
187

الصلاة ويحمل الوجوب على شدة الاستحباب مسألة لو سافر بعد الزوال قبل التنفل استحب له قضاء النافلة ولو في السفر لحصول السبب وهو الوقت وعموم الامر
بقضاء الفايت وإن كان ندبا المطلب الثاني في شرايط القصر وهي خمسة آ قصد المسافة ب الضرب على الأرض ج استمرار القصد د عدم زيادة السفر على
الحضر ه‍ اباحته فهنا مسائل ينظمها خمسة مباحث الأول قصد المسافة مسألة المسافة شرط فلا يجوز القصر في قليل السفر عند عامة العلماء لاجماع الصحابة
على التقدير وان اختلفوا في القدر لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) التقصير في الصلاة بريد في بريد أربعة وعشرون ميلا ولأنه رخصة للمشقة ولا مشقة مع القلة وقال داود يقصر في قليل السفر
وكثيره لقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض ولم يفصل والاجماع والأحاديث أخص مسألة وانما يجب التقصير في ثمانية فراسخ فلو قصد أقل لم يجز التقصير اجماعا
إلا في رواية لنا انه يثبت في أربعة فراسخ والمعتمد الأول ولا خلاف عندنا في وجوب التقصير في الثمانية لان سماعة سأل عن المسافر في كم يقصر الصلاة فقال في مسيرة
يوم وذلك بريدان ثمانية فراسخ وسأل أبو أيوب الصادق (ع) عن التقصير قال في بريدين أو بياض يوم وسأل علي بن يقطين الكاظم (ع) عن الرجل يخرج
في سفر وهو مسيرة يوم قال يجب عليه التقصير إذا كان مسيرة يوم وإن كان يدور في عمله وفى رواية عن الباقر (ع) قال التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ وهي محمولة على إرادة الرجوع
ليومه لأنه حينئذ قد شغل يومه بالسفر فحصلت المشقة المبيحة للقصر وكذا غيرها من الروايات وللشافعي أقوال
أحدها إباحة التقصير في ستة وأربعين ميلا بالهاشمي
وهو مسيرة ليلتين قاصدا بين سير النفل ودبيب الاقدام ثانيها ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمي وبه قال عبد الله بن عباس وابن عمر ومالك والليث واحمد وإسحاق
والليث وأبو ثور لقوله (ع) يا أهل مكة لا تقصروا في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان وهو معارض بما روى عنه (ع) من التقصير في مسير يوم
لما ثبت مع ما زاد لزوال مشقة براحة الليل وقد روى عن الرضا (ع) إنما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر لان ثمانية فراسخ
مسير يوم للقاصد والقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسير لما وجب في مسير سنة لان كل يوم بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم ثالثها مسير
يوم وليلة رابعها في القديم يقصر ما جاوز أربعين ميلا وقال أبو حنيفة والثوري والحسن صالح بن حي لا يقصر إلا في ثلاث مراحل أربعة وعشرين فرسخا وبه قال
النخعي وسعيد بن جبير و عبد الله بن مسعود وسويد بن علقمة لان النبي صلى الله عليه وآله قال يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن وهو يقتضى ان يكون كل مسافر له ذلك ولا
حجة فيه عندنا للمنع من المسح على الخفين مطلقا ولأنه يمكنه قطع سفره في ثلاثة أيام إذا كان مرحلتين ويمسح فيها فالخبر لبيان مدة المسح لا حد السفر وقال الأوزاعي
يقصر في مسيرة يوم وهو مروى عن انس وحكى عن الزهري أنه قال مسيرة يوم تام ثلاثين ميلا مسألة
الفرسخ ثلاثة أميال اتفاقا والميل أربعة آلاف ذراع لان المسافة بمسير اليوم للإبل السير العام وهو يناسب ما قلناه وكذا الوضع اللغوي وهو قدر مد الصبر من
الأرض وفى بعض الروايات ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة وقال بعض الشافعية اثنا عشر الف قدم أو أربعة آلاف خطوة واما الذراع فأربعة وعشرون إصبعا فروع آ
لو لم يعلم المسافة وشهد اثنان عدلان وجب القصر ولو شك ولا بنيته وجب الاتمام لأنه الأصل فلا يعدل عنه الا مع اليقين وكذا لو اختلف المخبرون بحيث لا ترجيح
ولو تعارضت البينتان وجب القصر عملا ببنية الاثبات ب التقدير تحديد لا تقريب وبه قال الشافعي حتى لو نقصت شيئا قليلا لم يجز القصر لأنه ثبت بالنص
لا بالاجتهاد الزمان ليس بتقدير فلو قطع الثمانية في أيام فله القصر فيها وكذا لو قطعها في يوم فله القصر د البحر كالبر فلو سافر فيه وبلغت المسافة فله القصر وإن كان
ربما قطع المسافة في ساعة لأن الاعتبار بالمسافة لا بالمدة ه‍ اعتبار المسافة من حد الجدران دون البساتين والمزارع وغيبوبة الجدران وخفاء الاذان وان
شرطا في جواز القصر مسألة لو قصد نصف المسافة والرجوع ليومه وجب القصر لوجود المشقة وشغل اليوم ولقول الباقر (ع) وقد سأله محمد بن
مسلم عن التقصير في بريد قلت في بريد قال إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه وقال الشافعي لا يجوز له القصر لان الذهاب سفر والرجوع سفر اخر وكل منهما.
أقل من المسافة ونمنع التعدد ولو لم يرد الرجوع من يومه وجب التمام وهو قول المرتضى لعدم الشرط وهو قصد المسافة وقال الشيخ يتخير في قصر الصلاة
دون الصوم وقال الصدوق (ره) ويتخير مطلقا والوجه ما تقدم تذنيب لو كانت المسافة ثلاثة فراسخ فقصد التردد ثلاثا لم يقصر لأنه بالرجوع انقطع سفره
وإن كان في رجوعه لم ينته إلى سماع الاذان ومشاهدة الجدران وإلا لزم القصر لو تردد في فرسخ واحد ثماني مرات وأزيد ولو كانت المسافة خمسا وقصد الرجوع ليومه وجب
القصر وإلا فلا مسألة لو كان لبلد طريقان أحدهما مسافة دون الاخر فسلك الأقصر لم يجز القصر سواء علم أنه القصير أو لا لانتفاء المسافة فيه وان سلك الابعد
فإن كان الغرض كخوف في القريب أو حزونة أو قضاء حاجة في البعيد أو زيارة صديق أو لقاء غريم ليطالبه فله القصر إجماعا لوجود المقتضى وهو سلوك المسافة
وان لم يكن له غرض سوى الترخص وجب القصر أيضا عندنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين والمزني لأنه سفر مباح فيرخص فيه كما لو كان له فيه غرض و
الاخر للشافعي المنع واختاره أبو إسحاق لأنه طول الطريق على نفسه لا لغرض سوى الترخص فأشبه ما إذا مشى في المسافة القصيرة يمينا وشمالا حتى طال سفره ومنعوا
الإباحة لقوله (ع) ان الله تعالى يبغض المشائين من غير أدب والفرق ظاهر فان قاصد الابعد قصد مسافة بخلاف الماشي يمينا وشمالا والأقرب موجود
وهو الترخص المباح تذنيب إذا سلك الابعد قصر فيه وفى البلد وفى الرجوع وإن كان بالأقرب لأنه مسافر وانما يخرج عن السفر بالعود إلى وطنه أو حكمه ولو سلك الأقصر أتم في طريقه والبلد وان قصد الرجوع بالأبعد لأنه لم يقتصد
أولا مسافة والقصد الثاني لا حكم له قبل الشروع فيه نعم يقتصر في الرجوع بالأبعد لوجود المقتضى وهو المسافة مسألة لا قصر مع انتفاء القصد فالهايم لا يترخص
وكذا طالب الآبق وشبهه لان الشرط عزم قطع المسافة في الابتداء وطالب الآبق والغريم لم يقصد المسافة بل متى ظفر رجع وهو لا يعرف موضعهما وان تمادى
سفره وزاد عن المسافة فإذا وجده وعزم على الرجوع وقد قطع المسافة فهو منشئ للسفر من حينه وإنما اشترط قصد قطع المسافة لان للسفر تأثيرا في العبادة فاعتبرت
النية فيه كما تعتبر في العبادات فروع - آ - لو بلغه خبر عبده في بلد فقصده بنيته ان وجده في الطريق رجع فليس له الترخص لعدم يقين القصد - ب - لو قصد البلدة
ثم عزم من الطريق على الرجوع ان وجده قصر إلى وقت تغير نيته وبعده إن كان قد قطع مسافة بقى على التقصير وإلا أتم وللشافعي في الاخر وجهان كما لو أنشأ سفرا مباحا ثم
أحدث نيته المعصية - ج - الأسير في أيدي المشركين ان عرف مقصدهم وقصده ترخص وان عزم على الهرب متى قدر على التخلص لم يترخص ولو لم يعرف المقصد لم يترخص في الحال لعدم علمه
بالمسافة وان ساروا به المسافة لم يقصر إلا في الرجوع وحكى عن الشافعي القصر لأنه بتيقن طول سفره - د - لو سافر بعبده أو ولده أو زوجته فان علموا المقصد
وقصدوا السفر ترخصوا وان عزم العبد على الرجوع متى أعتقه مولاه والزوجة عليه متى تخلصت وكذا الولد فلا رخصة لهم وان لم يعلموا القصد لم
188

يترخصوا لانتفاء اختيارهم وانما سفرهم بسفر غيرهم - ه‍ منتظر الرفقة إذا غاب عنه الجدار والاذان قصر ان جزم على السفر سواء حصلت الرفقة أو لا إلى شهر وان تردد في
السفر لو لم يحصلوا لم يقصر إلا أن يكون قد قطع المسافة فيقصر إلى شهر واشتراط الشيخ أربعة فراسخ ممنوع - و - لو قصد ما دون المسافة فقطعه ثم قصد ما دون المسافة
فقطعه وهكذا دائما فلا قصر وان تجاوز مسافة التقصير وكذا لو خرج غير نأوى مسافة لم يقصر وان قطع مسافات كثيرة نعم يجب عليهما التقصير في العود مع بلوغ المسافة
لأنه ينوى المسافة وعليه فتوى العلماء ولقول الرضا (ع) وقد سأله صفوان في الرجل يريد ان يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان قال لا
يقصر ولا يفطر لأنه لم يرد السفر ثمانية فراسخ وانما خرج ليلتحق بأخيه فتمادى به السير ولو قصد ما دون المسافة أولا ثم قصد ثانيا المسافة قصر حينئذ لا قبله المطلب
الثاني الضرب في الأرض مسألة الضرب في الأرض شرط في القصر ولا يكفي قصد المسافة من دونه إجماعا لان شرط القصر الضرب في الأرض لقوله تعالى و
إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ولان اسم السفر انما يتحقق به لا بالقصد ويخالف ما لو دخل إلى بعض البلاد ونوى الإقامة ففي
الوقت يصير مقيما لموافقة النية الحالة لأنه نوى الإقامة وهو مقيم وهنا النية لا توافق الحالة لان السفر والضرب والسير عليها وهو مقيم فلم يكن للنية حكم
مسألة ولا يشترط انتهاء المسافة اجماعا لتعلق القصر بالضرب وهو يصدق في أوله ولا يشترط أيضا اختلاف الوقت باجماع العلماء إلا من مجاهد
فإنه قال إذا خرج نهارا فلا يقصر إلى الليل وان خرج ليلا فلا يقصر إلى النهار ولا وجه له لوجود الشرط بدونه مسألة إنما يباح القصر في الصلاة والصوم
إذا توارى عنه جدران البلد أو خفى عنه اذانه لان السفر شرط القصر ولا يتحقق في بلده ومع مشاهدة الجدران فلا بد من تباعد يطلق على من بلغه انه
مسافر ولا حد بعد مفارقة منازله إلا ذلك ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يقصر على فرسخ من المدينة وفرسخين فيكون بيانا ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الاذان فقصر وروى عن الحرث بن أبي ربيعه انه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد
وغير واحد وهو غلط لعدم الشرط ولان هذا الخلاف انقرض فيبقى اجماعا وقال عطا إذا خرج من بيته قصر وان لم يخرج من بيوت القرية وهو قول بعض أصحاب
الحديث من القول الصادق (ع) إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن نعود إليه ويحمل على بلوغ الموضع الذي لا يشاهد فيه جدران البلد ولا يسمع اذانه
جمعا بين الأدلة وقال الشافعي لا يجوز القصر حتى يفارق البلد الذي هو فيه ومنازله ولم يشترط خفاء الجدران ولا الاذان وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد
وإسحاق لان بنيان بلده يقطع استدامة سفره فكذا يمنع الابتداء ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يبتدئ القصر إذا خرج من المدينة وهو محمول على الخروج إلى
حيث يخفى الاذان والجدران وحكى ابن المنذر عن قتادة أنه قال إذا جاوز الجسر أو الخندق قصر وقد تقدم بطلانه مسألة وكما أن خفاء الاذان والجدران
مبدءا السفر كذا هو منتهاه فلا يزال مقصرا حتى يظهر الجدار أو يسمع الاذان عند أكثر علمائنا لقول الصادق (ع) إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الاذان فقصر
وإذا قدمت من سفرك فمثل ذلك وقال المرتضى لا يزال مقصرا حتى يدخل منزله لقول الصادق (ع) لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل أهله أو منزله والمشهور الأولى وتحمل الثانية
على وصول سماع الاذان أو مشاهدة الجدران جمعا بين الأدلة مسألة لا اعتبار باعلام البلدان كالمناير والقباب المرتفعة عن اعتدال البنيان لان
الحوالة في الألفاظ المطلقة إلى المتعارف المعهود ولان المشقة ربما حصلت عند مشاهدة الجدار من فراسخ بعيدة والاعتبار بمشاهدة صحيح الحاسة وسماع
صحيح السمع دون بالغ النهاية فيهما وفاقد كمال إحديهما ولا عبرة بالبساتين والمزارع فيجوز القصر قبل مفارقتهما مع خفاء الجدار والاذان لأنها ليست مبنية
للسكنى سواء كانت محوطة أو لا إلا إذا كان فيها دور وقصور للسكنى وللشافعية وجه اخر وهو مجاوزة المزارع والبساتين مطلقا والمشهور عندهم الأول فروع - آ - لا فرق بين البلد والقرية في ذلك وشرط بعض الشافعية مجاوزة البساتين والمزارع المحوطة على ساكن القرية دون البلد
وليس بمعتمد وبعضهم شرط مجاوزه البساتين في القرى دون المزارع - ب - لو جمع سور قرى متفاصلة لم يشترط في المسافر من أحدهما مجاوزة ذلك السور بل
خفاء جدار قريته وأذانها - ج - لو كان خارج البلد على طرفه خراب لا عمارة ورائه لا تشترط مجاوزته لأنه ليس موضع إقامة وبه قال الشافعي وله اخر اشتراط المجاوزة
إذا كان بقايا الحيطان قائمة ولم يتخذ مزارع - د - لو سكن واديا وسار في عرضه أو طوله اشترط خفاء الاذان وكذا لو سكن في الصحراء وقال الشافعي لابد من مجاوزة
عرض الوادي وقيد بعض أصحابه بما إذا لم تفرط السعة فلو أفرطت شرط مجاوزة الموضع الذي ينسب إليه ويعد حلة قومه - ه‍ - لو كان نازلا على ربوة فالشرط
ما ذكرناه من خفاء الجدران والاذان ويحتمل خفاء الاذان خاصة وان ظهرت الجدران وقال الشافعي لابد من أن يهبط عنها ولو كان في وهدة فكذلك يعتبر
بنسبة الظاهرة وعنده لابد ان يصعد عنها - و - لو كان من أهل الخيام اشترط خفاء الاذان ويحتمل خفاء الجدران المقدرة والحلمتان كالقريتين وبه قال
الشافعي ولأصحابه وجه آخر ان يفارق خيمته ولا يعتبر مفارقة الخيام وإن كانت الحلة واحدة - ز - لو كان في وسط البلدة نهر كبير فأراد مر على أحد الجانبين
السفر من الاخر فعبر النهر لم يجز القصر حتى يفارق عمارة الجانب الآخر ويخفى عليه أذانه وجدرانه لان الجميع بلد واحد - ح - لو كانت قريتان متقاربتان
فأراد ان يسافر من إحديهما على طريقة الأخرى فان اتصل البناء اشترط مفارقة الأخرى لأنهما صارتا كالقرية الواحدة فإن كان بينهما فصل قصر قبل مفارقة
الأخرى ان خفيت جدران قرية وأذانها وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال ابن شريح لا يباح له القصر حتى يفارق أبنية الأخرى لان أهل إحديهما
يترددون إلى الأخرى من غير تغيير هيئة وزي فلا يحصل متشبها بالمسافرين ما دام فيها مسألة لو قصد المسافة وخرج فمنع عن السفر بعد
خفاء الاذان والجدران فإن كان على نية السفر قصر إلى شهر وان غير النية أو تردد أتم لبقاء القصد في الأول الذي هو الشرط وانتفائه في الثاني و
لو سافر في المركب فردته الريح بعد خفائهما إلى أن ظهر أحدهما أتم لدخوله في حد الحضر ولو أحرم في السفينة قبل ان يستر وهو في الحضر ثم سارت حتى خفى الاذان والجدران لم يجز له القصد لأنه دخل في الصلاة على التمام ولو خرج
من البلد إلى حيث يجوز له الترخص فرجع إليه لحاجة عرضت له لم يترخص حال رجوعه وخروجه ثانيا من البلد لخروجه عن اسم المسافر بعوده إلى بلده و
لو كان غريبا فله استدامة الترخص إما لو كان رجوعه بعد قطع المسافة فإنه يقصر في رجوعه البحث الثالث استمرار القصد مسألة استمرار قصد السفر شرط
في القصر فلو قطع نية السفر في أثناء المسافة أتم ولو قطع المسافة ثم غير نية السفر وعزم على الرجوع قصر وان عزم على المقام عشرة أيام أتم وان تردد قصر ما بينه وبين ثلاثين يوما
ثم يتم بعد ذلك إذا ثبت هذا فان نهاية السفر يحصل بأمور ثلاثة الأول العود إلى الوطن بأن يرجع إلى الموضع الذي يشترط مجاوزته في ابتداء السفر لان
الموضع الذي يبتدئ الترخص فيه إذا كان مسافرا يقطع الترخص إذا كان راجعا وفى معناه الوصول إلى المقصد الذي عزم على الإقامة فيه إقامة تقطع
الرخصة أو إلى موضع له فيه ملك استوطنه ستة أشهر الثاني نية الإقامة عشرة أيام على ما يأتي في أي موضع
نواه وإن كان في مفازة ونحوها وهو أصح قولي
الشافعي وفى الاخر نشترط الإقامة في موضع يصلح لها الثالث إقامة شهر مع التردد على ما يأتي مسألة يجب القصر ما دام مسافرا وان أقام في أثناء المسافة أو
189

وصل إلى مقصده إذا لم يكن بعزم الإقامة فيه إلى شهر فان نوى الإقامة فيه أو في أثناء المسافة عشرة أيام وجب الاتمام عند علمائنا أجمع وان نوى إقامة أقل من عشرة قصر وبه قال علي (ع) والصادق
والباقر (ع) والحسن بن صالح بن حي لقول علي (ع) يتم الصلاة الذي يقيم عشرا ويقصر الصلاة الذي يقول اخرج اليوم اخرج غدا شهرا وعلي (ع) كان
لا يرى الاجتهاد فيكون قوله توقيفا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في المسافر إذا قدم بلدة قال إن دخلت أرضا وأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام
فأتم الصلاة وان لم تدر مقامك بها تقول غدا اخرج أو بعد غد فقصر ما بينك وبين شهر وقال الشافعي إذا نوى مقام أربعة أيام غير يوم دخوله ويوم
خروجه وجب عليه الاتمام لان يوم الدخول في الحط ويوم الخروج في الترحال وهما من اشغال السفر وعنه وجه انهما يحسبان وبه قال عثمان بن عفان وسعيد بن
المسيب ومالك وأبو ثور لان الثلاث اخر حد القلة لقول النبي صلى الله عليه وآله يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا وكذلك عمر لما أجلي أهل الذمة من الحجاز ضرب لمن
قدم منهم تاجر إلى الحجاز ان يقيم ثلاثة أيام فدل على أن الثلاث في حكم السفر وما زاد في حكم الإقامة ولا حجة فيه لان المقام يصدق في اليوم واليومين لكن لا تكون ذلك
إقامة تنافى السفر وقال أبو حنيفة إن نوى مقام خمسة عشر يوما مع اليوم الذي يدخل فيه واليوم الذي يخرج فيه بطل حكم سفره وبه قال الثوري والمزني وابن
عمر في إحدى الروايات لان ابن عباس وابن عمر قالا إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفى نفسك ان يقيم بها خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة ولم يعرف لهما مخالف و
نمنع عدم المخالف وقد روى البخاري عن ابن عباس إنه أقام بموضع تسع عشر ليلة يقصر الصلاة وقال نحن إذا أقمنا تسع عشرة ليلة قصرنا الصلاة وإن زدنا على ذلك أتممنا وعن عايشة إذا
وضعت الزاد والمزاد فأتم ولا اجماع مع هذا الخلاف وقولها ليس بحجة وعن ابن عباس ان نوى مقام تسعة عشر يوما وجب الاتمام وإن كان أقل لم يجب وبه قال إسحاق بن
راهويه لان ابن عباس قال إن النبي صلى الله عليه وآله أقام في بعض أسفاره تسع عشرة يصلى ركعتين قال ابن عباس فنحن إذا أقمنا تسع عشرة نصلى ركعتين وان زدنا على
ذلك أتمنا وليس بحجة لان فعل النبي صلى الله عليه وآله لا يقتضى العموم فلعله لم ينو المقام عشرة أيام وقال الليث بن سعد ان نوى مقام أكثر من خمسة عشر يوما
أتم وهو محكى عن سعيد بن جبير وقال الأوزاعي ان نوى اثنى عشر يوما أتم وهو مروى عن ابن عمر أيضا وقال احمد ان نوى مقام مدة يفعل فيها أكثر من عشرين صلاة
أتم وهو قريب من مذهب الشافعي واختاره ابن المنذر وهو مروى عن عايشة لان النبي صلى الله عليه وآله دخل مكة صبيحة يوم الأحد الرابع من ذي الحجة و
كان قد صلى الصبح قبل دخوله فأقام بها تمام الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح بها في اليوم الثامن ثم دخل إلى منى وكان النبي صلى الله عليه وآله
يقصر في هذه الأيام وكانت صلاته في هذه المدة عشرين صلاة ولا حجة فيه لأنه لا يقصر إلى تمام العشرة عندنا وحكى عن أنس بن مالك انه أقام بنيشابور
سنتين وكان يقصر فيهما وروى النخعي ان علقمة أقام بخوارزم سنتين وكان يقصر فيهما وفعلهما ليس حجة مسألة ولو ردد نيته فيقول اليوم أخرج
غدا اخرج قصر إلى ثلاثين يوما ثم يتم بعد ذلك ولو صلاة واحدة سواء أقام عشرة أيام أو لا وبه قال بعض الحنابلة لقول علي (ع) ويقصر الصلاة الذي
يقول اخرج اليوم اخرج غدا شهرا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وان لم تدر مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصر ما بينك
وبين شهر وقال الشافعي ان لم يتم مقامه أربعا فله القصر قولا واحدا وان أقام أربعة فصاعدا فأقوال أحدها الاتمام لان الإقامة أكثر من قصدها ولو نوى
الإقامة أربعا أتم فالإقامة أولي الثاني انه يقصر إلى ثمانية عشر يوما تخريجا عن مسألة الحرب وهو ان المحارب إذا لم ينو المقام قصر إلى ثمانية عشر يوما لان النبي
صلى الله عليه وآله قام عام الفتح الحرب هوازن سبعة عشر يوما أو ثمانية عشر يوما وهو يقصر فإن زاد أتم لقول ابن عباس فمن أقام أكثر من ذلك فليتم ولان
الأصل الاتمام الثالث يقصر أبدا ما لم ينو مقام أربعة وبه قال أبو حنيفة لان المسور بن مخزمة قال كنا مع سعد بن أبي وقاص في قرية من قرى الشام أربعين
ليلة وكنا نصلى أربعا وكان يصلى ركعتين وفعله ليس حجة فروع - آ - لا فرق بين المحارب وغيره عندنا في وجوب الاتمام بعد شهر لعموم الحديث وفى وجوب
الاتمام لو نوى العشرة وللشافعي في المحارب قولان أحدهما انه يقصر الصلاة وان قصد الأربع وبه قال أبو حنيفة لعدم تحقق عزمه لأنه ربما هزم أو هزم والثاني وهو الجديد انه يترك القصر لان مسافر
عزم على مقام أربع الثاني لو لم يقصد المحارب المقام وقصر إلى شهر كما قلنا وللشافعي قولان أحدهما انه يقصر مطلقا دائما إلى أن ينقضى القتال وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لرواية جابر ان النبي
صلى الله عليه وآله أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ولا حجة فيه علينا والثاني يقصر إلى ثمانية عشر يوما كغيره لقول ابن عباس أقام النبي صلى الله عليه وآله
لحرب هوازن ثمانية عشر يوما يقصر الصلاة فمن أقام أكثر من ذلك فليتم وهو معارض برواية جابر - ج - في بعض الروايات يقصر يعنى المتردد ما بينه وبين مضى
شهر وفى بعضها ثلاثون يوما قال الباقر (ع) فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم فلو كان الشهر هلاليا تسعة وعشرين يوما
وأقام من أوله إلى اخره أتم على الأول دون الثاني والوجه التقصير إما أولا فللاستصحاب واما ثانيا فلان الشهر كالمجمل والثلاثين كالمبين - د - لو دخل بلدا في
طريقه فقال إن لقيت فلانا فيه أقمت عشره أيام قصر إلى أن يلقاه أو يمضى ثلاثون يوما فان لقيه حكم بإقامته ما لم يغير النية قبل ان يصلى تماما ولو فريضة واحدة
- ه‍ - لو دخل بلدا لحاجة وعزم انه متى قضيت خرج فإن كانت تلك الحاجة لا تقتضي في عشرة أيام صار حكمه حكم المقيم وان جاز ان تقضى في أقل قصر إلى أن يمضى
ثلاثون يوما - و - لو نوى مقام عشرة أيام في بعض المسافة انقطع سفره فإذا خرج إلى نهاية السفر فإن كان بين موضع الإقامة والنهاية ثمانية فراسخ قصر وإلا
فلا ولو عزم في ابتداء السفر على الإقامة في أثناء المسافة فإن كان بين الابتداء وموضع الإقامة ثمانية فراسخ قصر وإلا فلا - ز - نية الإقامة عشرة أيام تقطع السفر
سواء كان موضع إقامة كالبلدان والقرى والحلل أو لا كالجبال والبراري وللشافعي في الثاني قولان أحدهما كما قلناه لوجود نية الإقامة والثاني
القصر لان الإقامة في هذا الموضع لا يتحقق فلا ينقطع الترخص بأمر لا حقيقة له وهو ممنوع - ح - قطع السفر إنما يحصل بنية مقام عشرة أيام كوامل وفى
اعتبار يوم الدخول والخروج إشكال ينشأ من أنه تتمة السفر ومن حصول المقام فلو دخل ظهر الأول وخرج ظهر العاشر قصر على الأول وأتم على الثاني
ولو عزم على أنه يخرج ظهر الحادي عشر أتم ولو خرج ضحوة الحادي عشر فكالعاشر - ط - لو نوى الإقامة في أثناء المسافة عشرة أيام أتم وان بقى العزم على
السفر مسألة لو كان في أثناء المسافة له ملك قد استوطنه ستة أشهر انقطع سفره بوصوله إليه ووجب عليه الاتمام فيه عند علمائنا سواء
عزم على الإقامة فيه أو لا وهو أحد قولي الشافعي لأنه حالة فيه يشبه حال المقيمين ولقول الرضا (ع) وقد سأله محمد بن بزيع عن الرجل يقصر في صنيعته
لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه فقلت ما الاستيطان فقال أين يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر فإذا كان كذلك يتم فيها
متى يدخلها ولأنه بلد إقامته فلا يعد فيه مسافرا والثاني للشافعي القصر لان المهاجرين قدموا مكة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولاكثر هم بمكة وطن وما تركوا
القصر ولأنه لم يعزم على الإقامة فكانت تلك البلدة وساير البلاد سواء ونمنع ان لهم املاكا وإن كان لهم قرابات فلا اعتبار بها فروع - آ - لا يشترط في الأشهر
190

التوالي بل لو استوطنه ستة أشهر متفرقة سقط الترخص إذا بلغ التلفيق الحد - ب - لا يشترط استيطان الملك بل البلد الذي فيه الملك ولا كون الملك صالحا
للسكنى بل لو كان له مزرعة أو نخل واستوطن ذلك البلد ستة أشهر أتم فيه لرواية عمار عن الصادق (ع) في الرجل يخرج في سفر فيمر بقرية له أو دار فينزل فيها
قال يتم الصلاة ولو لم يكن له إلا نخلة واحدة ولا يقصر وليصم إذا حضره الصوم وهو فيها - ج - لو خرج الملك عنه ساوى غيره من البلاد بخلاف ما لو آجره أو
أعاره - د - يشترط ملك الرقبة فلو استأجر أو استعار أو ارتهن لم يلحقه حكم المقيم وان تجاوزت مدة الإجارة عمره - ه‍ - لو غصب ملكه وكان استوطنه ستة أشهر لم
يخرج عن حكم المقيم - و - لو كان بين الابتداء والملك لو ما نوى الإقامة فيه مسافة قصر في طريقه خاصة دون بلد الملك والإقامة ولو قصر عن المسافة لم
يقصر لان عبد الرحمن بن الحجاج قال للصادق (ع) الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيطوف فيها أيتم أم يقصر قال يتم - ز - كما تعتبر المسافة بين ابتداء
السفر وموضع إقامته أو بلد استيطانه كذا يعتبر بينهما وبين مقصده فإن كان دون المسافة أتم في طريقه ومقصده وإن كان مسافة قصر فيهما ولو كان مبتدأ
السفر إلى موضع الوطن أو ما نوى الإقامة فيه عشرة أيام مسافة ومنهما إلى مقصده دونها قصر في المسير إليها دونهما ودون المسافة بينهما وبين مقصده أيضا
ولو انعكس الفرض أتم في مبدأ السفر وفيهما وقصر في السفر منهما إلى مقصده وفى مقصده ولو قصرا معا فلا قصر وان زاد المجموع على المسافة - ح - لو تعددت
المواطن أو ما نوى الإقامة فيه عشرة قصر بين كل موطنين بينهما مسافة خاصة دون المواطن ودون
ما قصر عن المسافة - ط - لو اتخذ بلدا دار إقامة كان حكمه حكم الملك وان لم يكن له فيه ملك بحيث لو اجتاز عليه وجب عليه الاتمام فيه ما لم تغير نية الإقامة
ولو اتخذ بلدين فما زاد موضع اقامته كانا بحكم ملكه وان لم يكن له فيهما ملك - ى - لو نوى الإقامة في بلد قبل وصوله إليه عشرة أيام وبينه وبين المبدأ
مسافة قصر في الطريق إلى أن ينتهى إلى ذلك البلد ويحتمل إلى أن ينتهى إلى مشاهدة الجدران أو سماع الاذان لصيرورته بحكم بلده وكذا يتم إذا خرج منه
إلى أن يخفى عليه الجدران والاذان على إشكال البحث الرابع عدم زيادة السفر على الحضر مسألة يشترط في القصر عدم زيادة
السفر على الحضر كالمكاري والملاح والراعي والبدوي والذي يدور في امارته والذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والبريد على معنى ان أحد هؤلاء
إذا حضر إلى بلده ثم سافر منه قبل أن يقيم عشرة أيام في بلده خرج متمما فان أقام عشرة أيام قصر في خروجه لقول الباقر (ع) سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي
الذي يدور في جباية والأمير الذي يدور في امارته والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والراعي والبدوي الذي يطلب موضع القطر ومنبت
الشجر والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل وعن أحدهما (ع) ليس على الملاحين في سفينتهم تقصير ولا على المكارين ولا على
الجمالين وعن الباقر (ع) أربعة قد يجب عليهم الاتمام في سفر كانوا أو حضر المكارى والكرى والراعي والاشتقان لأنه عملهم والاشتقان هو امين البيدر
وقيل امين البذر وانما شرطنا العشرة لان السفر ينقطع بها ولقول الصادق (ع) المكارى ان لم يستقر في منزله إلا خمسة أيام قصر في سفره بالنهار وأتم
بالليل وعليه صوم شهر رمضان وإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر فروع - آ - لو أقام أحدهم في بلده خمسة أيام
قال الشيخ قصر صلاة النهار خاصة دون الصوم وصلاة الليل للرواية السابقة والمشهور وجوب الاتمام ما لم يقم عشرة أيام - ب - لو أقام أحدهم في غير بلده
عشرة أيام فان نوى اقامتها خرج مقصرا وإلا فلا ولم يشترط النية في اقامته في بلده بل الإقامة - ج - الذي أهله معه وسفينته منزله لا يقصر وبه قال احمد لأنه مقيم
في مسكنه وماله فأشبه ما إذا كان في بيته وقال الشافعي يقصر لقوله صلى الله عليه وآله ان الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة - د - المعتبر صدق اسم المكارى
ومشاركيه في الحكم سواء كان بأول مرة أو بأزيد - ه‍ - هل يعتبر هذا الحكم في غيرهم حتى لو كان غير هؤلاء يردد في السفر اعتبر فيه ضابطة الإقامة عشرة أو لا إشكال
ينشأ من الوقوف على مورد النص ومن المشاركة في المعنى البحث الخامس إباحة السفر مسألة يشترط في جواز القصر إباحة السفر باجماع علمائنا
فلا يترخص العاصي بسفره كتابع الجاير والمتصيد لهوا وبطرا وقاطع الطريق وقاصد مال غيره أو نفسه والخارج على إمام عادل والآبق من سيده و
الناشزة من زوجها والغريم إذا هرب من غريمة مع تمكنه والخارج إلى بلد ليفعل فيه المعاصي وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإسحاق لقوله تعالى فمن اضطر غير
باغ ولا عاد قال ابن عباس غير باغ على المسلمين مفارق لجماعتهم مخيف للسبل ولا عاد عليهم بسيفه ولقوله الصادق (ع) في قول الله عز وجل فمن اضطر
غير باغ ولا عاد قال الباغي باغى الصيد والعادي السارق ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطرا إليها هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين وليس لهما ان
يقصرا في الصلاة ولان السفر سبب لتخفيف الصلاة إذا كان مباحا فلا يكون سببا وهو معصية كالتحام الحرب وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي و
المزني يجوز القصر وجميع الترخص في ذلك لأنه لو غصب خفا كان له المسح عليه وإن كان عاصيا يلبسه كذا هنا والمسح على الخف عندنا باطل ولان سبب
الرخصة السفر ولبس الخف شرط وليس بسبب ولان المعصية لا تختص بلبسه ولأنه غاصب وان نزعه إذا عرفت هذا الوجه ان العاصي لا يترخص بأكل الميتة
وبه قال الشافعي واحمد خلافا لأبي حنيفة احتج بان منعه يودى إلى تلف نفسه وهو حرام ويبطل بان يتوب ويرجع عن سفره فيحل له أكل الميتة فلا يودى
إلى تلفه ولا رخصة عندنا غير القصر في الصلاة والصوم وأكل الميتة إما الشافعي وأبو حنيفة وغيرهما فإنهم أضافوا المسح ثلاثة أيام ولا يترخص العاصي فيه أيضا
عند الشافعي خلا فان لأبي حنيفة وكذا لا يترخص بالتنفل على الراحلة والجمع بين الصلاتين فروع آ لا يشترط انتقاء المعصية في سفره فلو كان يشرب الخمر في طريقة ويزنى يرخص إذ لا تعلق لمعصيته بما هو سبب الرخصة ب لو كانت المعصية جزءا من داعى السفر لم يترخص
كما لو كانت هي الداعي بأجمعه ج لو قصد سفرا مباحا ثم أحدث نية المعصية انقطع ترخصه لأنها لو قارنت الابتداء لم تفد الرخصة فإذا طرأت قطعت كنية
الإقامة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا ينقطع لان السفر انعقد مباحا مرخصا والشروط تعتبر في الابتداء ولو انعكس الفرض لم يترخص في الابتداء بل من حيث
العود إلى الطاعة إن كان الباقي مسافة وإلا فلا وللشافعية كالوجهين السابقين ولو ابتدأ بسفر الطاعة ثم عدل إلى قصد المعصية انقطع سفره حينئذ
فان عاد إلى سفر الطاعة عاد إلى الرخصة كان الباقي مسافة وان لم يكن لكن بلغ المجموع من السابق والمتأخر مسافة احتمل القصر لوجود المقتضى وهو قصد المسافة
مع انتفاء المانع وهو قصد المعصية والمنع اعتبارا بالمنافى كما لو قصد الإقامة في أثناء المسافة د قد بينا ان المسح على الخف حرام إما من جوزه
فإنه يجوز في السفر ثلاثة أيام واشترط الشافعي إباحة السفر ولو كان معصية احتمل عنده ان يمسح يوما وليلة لان للمقيم ذلك وغاية الامر فرض السفر
كالمعدوم وعدمه لان المسح رخصة فلا يثبت للعاصي وكذا لو لبس خفا مغصوبا ففي المسح عليه عنده وجهان ه‍ لو عدم الماء في سفر المعصية وجب
191

التيمم ولم يجز له ترك الصلاة وهل تجب الإعادة الأقرب المنع لاقتضاء الامر الأجزاء ولان المعصية تأثيرها في منع الرخصة والصلاة بالتيمم عند عدم الماء واجبة
فلا تؤثر فيها المعصية وهو أحد وجهي الشافعي والثاني الإعادة لان الصلاة بالتيمم من رخص السفر فان المقيم إذا تيمم لعدم الماء أعاد فلا يثبت في حق العاصي
بسفره والأولى ممنوعة ر لو وثب من بناء عال أو جبل متلاعبا فانكسرت رجله صلى قاعدا ولا إعادة لان ابتداء الفعل باختياره دون دوام العجز وهو
أحد وجهي الشافعي والثاني يعيد لأنه عاص بما هو سبب العجز عن القيام فلا يترخص ز لو سافر لزيارة القبور والمشاهد قصر لأنه مباح وكان النبي صلى الله عليه وآله
يأتي قبا راكبا ماشيا وكان يزور القبور قال زوروها تذكركم الآخرة وعند بعض الجمهور لا يجوز القصر للنهي عن السفر إلى القبور وهو ممنوع ح لو سافر
للنزهة والتفرج فالأقرب جواز القصر لأنه مباح وهو إحدى الروايتين عن أحمد والاخرى المنع لانتفاء المصلحة فيه وهو ممنوع مسألة اللاهي بسفره كالمتنزه
بصيده بطرا ولهوا لا يقصر عند علمائنا خلافا لباقي الفقهاء لقول الباقر (ع) وقد سأله زرارة عمن يخرج من أهله بالصقورة والكلاب يتنزه الليلة
والليلتين والثلاث هل يقصر من صلاته أم لا فقال لا يقصر إنما خرج في لهو ولان اللهو حرام فالسفر له معصية ولان الرخصة لتسهيل الوصول إلى
المصلحة ولا مصلحة في اللهو ولو كان الصيد لقوته وقوت عياله وجب القصر في الصلاة والصوم إجماعا لأنه فعل مباح ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل
يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين يقصر أو يتم فقال إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر وليقصر إن خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة ولو كان الصيد
للتجارة قال الشيخ في النهاية والمبسوط يقصر في صلاته دون صومه والوجه القصر فيهما لأنه مباح وإلا لم يجز القصر في الصلاة قال الصادق (ع) إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت.
تذنيب قال الصدوق (ره) لو قصد مسافة ثم مر في أثنائها إلى الصيد أتم حال ميله وقصر عند عوده وهو جيد اخر سالك الطريق المخوف مع انتفاء التحرز
عاص فلا يجوز له الترخص المطلب الثالث في أمور ظن أنها شروط وليست كذلك مسألة لا يشترط في القصر وجوب السفر عند علمائنا أجمع وبه قال أكثر
علمائنا لأنه تعالى علق على الضرب في الأرض ولقول ابن عباس فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعا وفى السفر ركعتين ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أو يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق وحكى عن عبد الله بن مسعود أنه قال لا يجوز القصر إلا في السفر الواجب
لان الواجب لا يجوز تركه إلا بواجب ولو سلمنا المقدمتين قلنا بموجبه فان القصر عندنا واجب وينتقض بمن لا يجب عليه الجهاد إذا خرج إليه مسألة
ولا يشترط في القصر كون السفر طاعة بل يثبت في السفر إذا كان مباحا عند علماء الأمصار لما تقدم في المسألة الأولى ولان الرخصة إذا تعلقت بالسفر
المباح كصلاة النافلة على الراحلة وقال عطا لا يجوز القصر إلا في سفر الطاعة لان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقصر إلا في سبل الخير فلا يقصر إلا في مثلها
وهو خطأ لان وقوع ذلك اتفاقي ولأنه (ع) كان يترخص في عوده وهو مباح ولأنه لو اختص بفعله صلى الله عليه وآله لا اختص بالسفر إلى الموضع الذي
سافر إليه مسألة لا يشترط في القصر الخوف بل يثبت القصر في سفر الامن والخوف معا عند عامة العلماء لان يعلى ابن أمية قال لعمر ما بالنا نقصر وقد
أمنا فقال عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته وقال ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله
سافر بين مكة والمدينة أمنا لا يخاف إلا الله تعالى فصلى ركعتين وقال داود لا يجوز القصر إلا في سفر الخوف لظاهر قوله تعالى ان خفتم والحديث مبين
مسألة نية القصر ليست شرطا فيه فلو صلى ولم ينو القصر وجب وكذا لو نوى الاتمام وجب القصر عند علمائنا أجمع خلافا للجمهور لان المقتضى لوجوب الاتمام والقصر ليس هو القصد التابع لحكم الله تعالى بل حكمه تعالى فلا يتغير الفرض
بتغير النية بل لو نوى المخالف لم يجز ووجب عليه ما حكم الله تعالى به وقد بينا ان الواجب القصر إما الجمهور فان القصر عند أكثرهم ليس واجبا بل المسافر مخير بين القصر والاتمام وإنما يجوز القصر عند الشافعي واحمد بل لو نواه فان
أحرم بنية القصر جاز وان أحرم بنية الاتمام وجب الاتمام عندهما لان المصلى في أول الوقت يلزمه الاتمام وان جاز التأخير قبل الشروع وكذا هنا إذا نوى الاتمام لزمه
وإن كان مخيرا في الابتداء ونحن نمنع التخيير فان القصر عندنا واجب وبه قال أبو حنيفة فإذا نوى الاتمام لم يتغير فرضه وان اطلق النية وجب القصر عندنا لأنه يجب
لو نوى الاتمام ففي الاطلاق أولي واختلفت الشافعية فعند المزني يجوز القصر لأنه أحرم بصلاة يجوز له قصرها ولم ينو إتمامها فكان له قصرها كما لو نوى القصر
وقال آخرون يجب الاتمام لأنه الأصل وقد أجمعتا على جواز القصر مع نية فإذا لم ينو وجب الاتمام ولأن اطلاق النية ينصرف إلى الأصل والكل ممنوع بما تقدم
فروع - آ - لو نوى القصر ثم أراد الاتمام لم يجز وبه قال مالك إما عندنا فلوجوب القصر واما عنده فلان الزيادة لم تشتمل عليها نيته وقال الشافعي له
ذلك - ب - المواطن الأربعة التي يجوز فيها الاتمام لو نواه فيها لم يجب وكذا لو نوى القصر لم يجب عملا بالأصل وهو الاستحباب - ج - لو نوى الاتمام ثم أفسد الصلاة
أعادها قصرا عندنا لأنه الواجب وعند الشافعي لا يجوز لأنه التزم انعقاده على صفة إما لو نوى الاتمام ثم بان انه كان محدثا لم يلزمه الاتمام قولا واحدا لعدم
انعقادها وكذا لو فقد المطهرين فشرع مصليا بنية الاتمام ثم قدر على الطهارة لم يلزمه الاتمام أما عندنا فلان فرضه القصر وأما عند الشافعي فلان ما شرع
فيه ليس بحقيقة صلاة - د - لو شك هل نوى القصر أم لا لم يلزمه الاتمام لما بينا من وجوب القصر وعند الشافعي يجب الاتمام لأنه الأصل والقصر رخصة فإذا
شك في سببها عاد إلى الأصل ولو شك في نية القصر ثم تذكر في الحال لزمه القصر وعند الشافعي يجب الاتمام لان فعله في زمان الشك احتسب به عن الاتمام ومن احتسب جزء من صلاته عن الاتمام لأنه
وجب عليه - ه‍ - لو كان في الصلاة فشك هل نوى الإقامة أم لا لزمه القصر عملا بالاستصحاب وعند الشافعي يجب الاتمام لان القصر رخصة فإذا شك في الشرط
عاد إلى الأصل - و - لو وصل إلى بلده في السفينة فشك هل هي بلدة اقامته لزمه الاتمام لوقوع الشك في سبب الرخصة والأقرب وجوب القصر للاستصحاب - ز - لو نوى
القصر فصلى ركعتين وقعد للتشهد ثم قام فان قصد الاتمام لم يجز عندنا وقال الشافعي يجوز وان قام ساهيا عاد إلى قعوده وان تعمده ولم يقصد الاتمام
فسدت صلاته كما لو قام إلى الخامسة عمدا وبه قال الشافعي قال ولو نوى القصر ثم صلى أربعا ساهيا فلما قعد للتشهد نوى الاتمام لم يحتسب له ما قد فعله
وعليه ان يقوم فيصلى ركعتين غيرها لأنه ساه في فعلها والسهو لا يحتسب به عن الفرض وعندنا ليس له الاتمام إلا مع تجديد نية الإقامة فلو صلى أربعا سهوا
ثم عزم على المقام عشرة قبل التسليم احتمل قول الشافعي هذا إذا لم يقصد التمام فان قصده ساهيا أعاد في الوقت خاصة مسألة ولا يشترط في
القصر عدم الايتمام بالمقيم عند علمائنا أجمع فلو أيتم مسافر بمقيم قصر المسافر ولا يتابع المقيم عندنا وبه قال إسحاق بن راهويه وقال الشافعي وأبو حنيفة و
الأوزاعي واحمد وداود يجب عليه الاتمام وكذا قال مالك ان أدرك ركعة وإلا قصر وقد تقدم البحث في ذلك في باب الجماعة المطلب الرابع في الاحكام
مسألة قد بينا ان الواجب على المسافر هو القصر عند علمائنا فلو أتم فأقسامه ثلاثة الأول ان يعتمد ذلك فتجب عليه الإعادة في الوقت وخارجه
192

سواء قعد قدر التشهد أو لا عند علمائنا أجمع لأنه زاد في الفريضة عمدا فأبطل صلاته كما لو زاد في غيرها من الفرايض ولما رواه ابن عباس قال من صلى في السفر أربعا كمن
صلى في الحضر ركعتين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) صليت الظهر أربع ركعات وأنا في السفر أعد وقال أبو حنيفة يعيد إلا أن يقعد قدر التشهد
وليس بجيد لأنه جلوس لم ينو به الصلاة فكانت الزيادة بعده كما لو كان قبله ولأنه فعل كثير ليس من الصلاة فيكون مبطلا بعد الجلوس كما هو قبله وباقي
الجمهور على صحة الصلاة لعدم تعيين القصر الثاني ان يفعل ذلك جاهلا بوجوب القصر فلا يعيد مطلقا عند أكثر علمائنا لقوله (ع) الناس في
سعة ما لم يعلموا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سأله زرارة ومحمد بن مسلم عن رجل صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا إن كان قد قرئت عليه آية
القصر وفسرت له أعاده وان لم تكن قرئت عليه ولم يعلمها لم يعد ولان الأصل الاتمام فمع الجهل ورجوعه إلى الأصل يكون معذورا ولاشتمال القضاء على عقوبة
والجهل شبهه فلا تترتب عليها العقوبة وقال أبو الصلاح يعيد في الوقت الثالث ان يفعله ساهيا قال علماؤنا يعيد في الوقت لا خارجه لأنه لم يفعل
المأمور به على وجهه فيبقى في عهدة الامر بخلاف الجهل بالقصر لان التكليف منوط بالعلم وبخلاف ما لو خرج الوقت فإنه لا يعيد لأنه يكون قضاء وإنما
يجب بأمر جديد إذ استدراك مصلحة الواجب في وقته غير ممكن ولقول الصادق (ع) وقد سأله العيص عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة إن كان في
الوقت فليعد وإن كان الوقت مضى فلا وقال (ع) في الرجل ينسى فيصلى في السفر أربع ركعات ان ذكر في ذلك اليوم فليعده وان لم يذكر حتى مضى ذلك
اليوم فلا إعادة مسألة لو قصر المسافر اتفاقا من غير أن يعلم وجوبه أو جهل المسافة فاتفق إن كان الغرض ذلك لم تجزئه الصلاة لان القصر إنما يجوز مع علم
السبب أو ظنه فدخوله في هذه الصلاة منهى عنه في ظنه فلا تقع مجزية عنه ولو ظن المسافة فأتم ثم علم القصور احتمل الأجزاء للموافقة ولرجوعه إلى الأصل ولان القصر
طار وعدمه لاقدامه على عبادة تظن فسادها فلا تقع مجزية عنه مسألة الشرايط في قصر الصلاة وقصر الصوم واحدة اجماعا وكذا الحكم مطلقا على مذهب
أكثر علمائنا لقول الصادق (ع) إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت وعند الشيخ يجب على من زاد سفره على حضره إذا أقام خمسة أيام قصر صلاة النهار دون
الصوم وكذا قال (ره) في الصايد للتجارة يقصر في الصلاة خاصة والوجه ما قلناه للرواية ولأنه سبب في الترخص في الصلاة فكذا في الصوم لأنه أحد الرخصتين
مسألة إذا نوى المسافر الإقامة في بلد عشرة أيام أتم على ما تقدم فان رجع عن نيته قصر ما لم يصل تماما ولو صلاة واحدة فلو صلى صلاة واحدة على
التمام أتم لأن النية بمجردها لا يصيرها مقيما فإذا فعل صلاة واحدة على التمام فقد ظهر حكم الإقامة فعلا فلزم الاتمام لانقطاع السفر بالنية والفعل ولو لم يصل صلاة
واحدة على التمام كان حكم سفره باقيا لان المسافر لا يصير مقيما بمجرد نية الإقامة كما لو نوى الإقامة ثم رجع لقول الصادق (ع) وقد سأله أبو ولاد كنت نويت الإقامة
بالمدينة عشرة أيام ثم بدا لي بعد فما ترى قال إن كنت صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر حتى تخرج منها وان كنت دخلتها وعلى نيتك
التمام فلم تصل فيها فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك فأنت في تلك الحال بالخيار فان شئت فانو المقام عشرا وأتم وان لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر فإذا
مضى شهر فأتم الصلاة مسألة لو رجع عن نية الإقامة في أثناء الصلاة قال الشيخ يتم لأنه دخل في الصلاة بنية الاتمام والوجه عندي التفصيل وهو انه إن كان قد
تجاوز في صلاته فرض القصر بأن صلى ثلاث ركعات تعين الاتمام وإلا جاز له القصر لان المناط في وجوب
الاتمام صلاة تامة ولم توجد في الأثناء فروع - آ - لو رجع
عن نية الإقامة بعد خروج وقت الصلاة ولم يصل فإن كان الترك لعذر مسقط صح الرجوع ووجب القصر وان لم يكن لعذر مسقط لم يصح ووجب الاتمام إلى أن يخرج
- ب - لو نوى الإقامة فشرع في الصوم فالوجه انه كصلاة الاتمام ولأنه أحد العبادتين المشروطتين بالإقامة قد وجدت النية واثرها فأشبه العبادة الأخرى ويحتمل
صحة الرجوع لان المناط الصلاة تماما - ج - ان جعلنا الصوم ملزما للإقامة فإنما هو الصوم الواجب المشروط بالحضر أو النافلة ان شرطنا في صحتها الإقامة إما
ما لا يشترط بالحضر كالمنذور سفرا وحضرا أو النافلة ان سوغناها في السفر فلا مسألة لو أحرم بنية القصر ثم نوى في الأثناء المقام عشرة أتم الصلاة تماما
عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لانتفاء سبب القصر وهو السفر لوجود نية الإقامة المضادة للسفر ولا يجتمع الضدان وقال مالك إذا رجع عن نية القصر
لم يبن على صلاته فإن كان قد صلى ركعة بسجدتيها أتمها ركعتين نافلة لأنها صلاة ابتدأت بنيته فرض فلا يجوز نقله إلى غيره كما لا تنقل صلاة الظهر إلى العصر
والجواب منع حكم الأصل عندنا سلمنا لكنها صلاة واحدة لا تختلف نيتها إلا من جهة العدد فإذا نواها ركعتين جاز ان يجعلها أربعا كالنافلة بخلاف الظهر
والعصر لان نية الصلاة مختلفة فروع - آ - لو دخل بنية القصر ثم نوى الاتمام لم يجز له الاتمام عندنا إلا أن ينوى المقام عشرا لان فرضه القصر فلا يتغير بتغير
النية على ما سبق وقال الشافعي يجب الاتمام لان نية الزيادة في العدد لا يتغير به النية وهو بناء على أن القصر سايغ وقال مالك لا يجب الاتمام لأنه نوى
عددا فإذا زاد عليه حصلت الزيادة بغير نية فلم يجز - ب - لو أحرم ونوى القصر فصلى أربعا ناسيا فقد بينا الأجزاء مع خروج الوقت والإعادة مع
بقائه وقال الشافعي تجزيه مطلقا ويسجد للسهو ولو تعمد ذلك لم يجز عندنا على ما بيناه وقال الشافعي تجزيه ولا يسجد قالت الشافعية وهو غريب
لان الزيادة التي توجب سجود السهو إذا تعمدها أفسدت وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري كقول الشافعي وقال بعض أصحاب مالك لا تجزيه لان هذا السهو عمدا كثير
وليس بجيد لأنه من جنس الصلاة - ج - لو أراد السفر إلى بلد ثم إلى اخر بعده فإن كان الأدنى مما يقصر في مثله قصر وإلا لم يقصر ان نوى الإقامة في الأقرب
عشرة وإلا قصر ان بلغ المجموع المسافة ولو دخل الأقرب فأراد الخروج إلى الاخر اعتبرت المسافة إليه ولو قصد بلدا ثم قصد ان يدخل في طريقه إلى بلد
اخر يقيم فيه أقل من عشرة أيام لم يقطع ذلك سفره واعتبرت المسافة من البلد الذي انشاء منه السفر إلى البلد الذي قصده - د - لو خرج إلى الابعد
فخاف في طريقه فأقام لطلب الرفقة أو ليرتاد الخبر ثم طلب غير الابعد الذي قصده أو لا جعل مبتديا للسفر من موضع اقامته لارتياد الخبر لأنه
قطع النية الأولى وان لم يبدله لكن أقام أقل من عشرة قصر - ه‍ - لو فارق البلد إلى حيث غاب الاذان أو الجدران ثم عاد إلى البلد لحاجة عرضت لم يترخص في
رجوعه وخروجه ثانيا إلى أن يغيب عنه الاذان والجدران إلا أن يكون غريبا عن البلد أو يبلغ مسيره مسافة فله استدامة الترخص وإن كان قد أقام
أكثر من عشرة في بلد الغربة وهو أظهر وجهي الشافعي - و - لو عزم العشرة في غير بلدة ثم خرج إلى ما دون المسافة عازما على العود والإقامة أتم ذاهبا و
عايدا وفى البلد وان لم يعزم قصر - ز - لو قصر في ابتداء السفر ثم رجع عن نية السفر لم تجب عليه الإعادة لأنها وقعت مشروعة وإن كان الوقت باقيا
- ح - لا يحتاج القصر إلى نية على ما بيناه بل يكفي نية فرض الوقت وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي إنما يجوز القصر بشروط ثلاثة ان يكون سفرا يقصر فيه
193

الصلاة وان ينوى القصر مع الاحرام وأن تكون الصلاة أداء لا قضاء وقال المزني ان نوى القصر قبل السلم جاز له القصر مسألة قال الشيخ (ره) صلاة
السفر لا يسمى قصر المغايرة فرض السفر فرض الحضر وبه قال أبو حنيفة وكل من وافقنا في وجوب القصر وقال الشافعي انه يسمى قصرا وهو نزاع لفظي
مسألة الصوم في سفر القصر باطل وعليه الإعادة عند علمائنا أجمع وبه قال علي (ع) وعمر وأبو هريرة وثلاثة أخرى من الصحابة لقوله تعالى فمن كان
منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أوجب عدة الأيام وقال داود يصح صومه وعليه القضاء وقال باقي الفقهاء ان شاء صام وان شاء أفطر فان
صام جزاه وسيأتى مسألة نوافل النهار تسقط في السفر دون نوافل الليل عند علمائنا لان النبي صلى الله عليه وآله كان يوتر على الراحلة في السفر وكان
يتنفل على الراحلة في السفر حيث ما توجهت به راحلته وأقام النبي صلى الله عليه وآله على حرب هوازن ثمانية عشر يوما وكان يتنفل وأما قصر نوافل النهار فلانها
تابعة لفرايض مقصورة فاقتضت الحكمة اسقاطها وقال الشافعي يجوز ان يتنفل بالنهار والليل ومنع بعض التابعين من التنفل مطلقا لأنه إذا سقط
بعض الفرض فلا يأتي بالنافلة الفصل الثالث في صلاة الخوف وفيه مطلبان الأول الكيفية مسألة قيل إن قبل نزول آية صلاة الخوف كان
النبي صلى الله عليه وآله يؤخر الصلاة إلى أن يحصل الامن ثم يقضيها لان الشرع كان كذلك ثم نسخ إلى صلاة الخوف ولهذا اخر النبي (ص) أربع
صلوات يوم الخندق والأصل في صلاة الخوف الكتاب والسنة والاجماع قال الله تعالى وإذا كنت فيهم وقد ثبت ان النبي صلى الله عليه وآله صلى ذات يوم
الرقاع صلاة الخوف وسميت ذات الرقاع لان فيه جبلا ألوانه مختلفة بعضه أحمر وبعضه أسود وبعضه أصفر وقال أبو موسى الأشعري موضع مر به
ثمانية نفر حفاء فشقت أرجلهم وتساقطت اظفارهم وكانوا يلفون عليها الخرق فسميت لذلك ذات الرقاع وصلى يوم عسفان ببطن النخل صلاة
الخوف مسألة صلاة الخوف ثابتة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وبه قال عامة أهل العلم لأنه (ع) صلاها وورد الكتاب بها وقال تعالى فاتبعوه
واتقوا وسئل عن القبلة للصائم فأجاب بأنني افعل ذلك فقال للسائل لست مثلنا فغضب وقال انى لأرجو ا ان أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما اتقى ولو اختص بفعله
لما كان الاخبار بعلمه جوابا ولا غضب من قول السائل لست مثلنا ولان الصحابة أجمعوا على صلاة الخوف وصلى علي (ع) في حرب معوية ليلة الهرير صلاة الخوف
وصلى أبو موسى الأشعري صلاة الخوف بأصحابه وكان أبو سعد بن العاص أميرا على الجيش بطبرستان فقال أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الخوف فقال
حذيفة أنا فقدمه فصلى بهم وقال أبو يوسف انها كانتا تختص برسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة وشرط كونه فيهم وقال المزني الآية
منسوخة وقد اخر النبي (ص) يوم الخندق أربع صلوات اشتغالا بالقتال ولم يصل صلاة الخوف وخطابه لا يوجب اختصاصه لو جوب التأسي علينا
ولهذا أنكرت الصحابة على مانعي الزكاة حيث قالوا إن الله تعالى قال لنبيه خذ فخصه بذلك ويوم الخندق كان قبل نزول صلاة الخوف مسألة وصلاة الخوف جايزة
في السفر بالاجماع وكذا في الحضر عند علمائنا أجمع وبه قال الأوزاعي والشافعي واحمد لقوله تعالى وإذا كنت فيهم وهو عام كل حال ولأنها حالة فجاز
فيها صلاة الخوف كالسفر وقال مالك لا تجوز في الحضر لان الآية دلت على صلاة ركعتين وصلاة الحضر أربع النبي صلى الله عليه وآله لم يفعلها في الحضر و
نمنع عدم القصر في الحضر على ما سيأتي سلمنا لكن قد يكون في الحضر ركعتان كالفجر وصلاة الجمعة والمغرب ثلاث يجوز فعلها في الخوف في السفر اجماعا وترك
النبي صلى الله عليه وآله فعلها في الحضر لغناه عن فعلها فيه مسألة وهي مقصورة في السفر اجماعا في عدد الرباعية إلى ركعتين خاصة عند علمائنا أجمع
وهو قول الشافعي وأبي حنيفة ومالك واحمد وأكثر علمائنا لان النبي صلى الله عليه وآله صلى ذات الرقاع بكل طائفة ركعتين والمراد انها صلت ركعتين
في كل صلاة ولان المأموم على صفة واحدة فيجب ان يستوى حكمها وحكى عن ابن عباس أنه قال صلاة الخوف لكل طائفة ركعة وللامام ركعتان وبه قال الحسن البصري وطاووس ومجاهد لقوله (ع) وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم
فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم يعنى تجاه القبلة أخبر إنهم يصلون قياما وسجودا فقد ثبت أنهم انما يصلون ركعة واحدة ثم قال ولتأت طائفة أخرى
لم يصلوا فليصلوا معك يعنى يصلون صلاتهم معك والذي بقى عليه ركعة وهي محمولة على أن المراد بقوله فإذا سجدوا فعلوا الركعة الأخرى وعبر عنها
بالسجود مسألة المشهور عند علمائنا ان صلاة الخوف مقصورة في الحضر كالسفر سواء صليت جماعة أو فرادى وشرط بعضهم في القصر الجماعة للآية فإنها دلت
على أنه يصلى بكل طائفة ركعة ولقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم وليس المراد بالضرب سفر القصر
وإلا لكان اشتراط الخوف لغوا ولان النبي صلى الله عليه وآله صلى صلاة الخوف في المواضع التي صلاها ركعتين ولم يرو عنه انه صلى أربعا في موضع من
المواضع ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وقد سأله زرارة عن صلاة الخوف وصلاة السفر يقصران قال نعم وصلاة الخوف أحق ان تقصر من
صلاة السفر الذي لا خوف فيه ولم يشترط الجماعة ولان المشقة بالاتمام أكثر من المشقة في السفر فكان الترخص فيه أولي وقال بعض علمائنا إنما يقصر في
العدد في السفر لا في الحضر بل يصلى أربعا إجماعا فرادى وعليه الجمهور كافة لثبوت الأربع في الذمة ولم يحصل الشرط الذي هو السفر وغيره لم يثبت له حكم
الاسقاط وقد دللنا على ثبوت المسقط مسألة واما صلاة الخوف فعلى أربع صور الأول صلاة ذات الرقاع وهي ان يلتحم القتال ويحتمل الحال
اشتغال بعضهم بالصلاة فيفرقهم الامام فرقتين فينحاز بطائفة إلى حيث لا تبلغهم سهام العدو فيصلى بهم ركعة فإذا قام إلى الثانية انفردوا واجبا
وأتموا والاخرى تحرسهم ثم تأخذ الأولى مكان الثانية وينحاز الثانية إلى الامام وهو ينتظرهم فيقتدون به في الثانية فإذا جلس للتشهد في الثانية قاموا فأتموا
ولحقوا به وسلم بهم فيحصل للطايفة الأولى تكبيرة الافتتاح والثانية التسليم وبه قال مالك وداود واحمد والشافعي لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله
انه صلى يوم ذات الرقاع صلاة الخوف فصلت طائفة معه وطائفة تجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا
تجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
وقد سأله الحلبي عن صلاة الخوف يقوم الامام وتجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلى بهم الامام ركعة ثم يقوم و
يقومون معهم فيمثل قائما ويصلون هم الركعة الثانية يسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في مقام أصحابهم يجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلى بهم الركعة الثانية ثم يجلس
الامام ويقومون هم فيصلون ركعة الأخرى يسلم عليهم فينصرفون بتسليمة وقال ابن أبي ليلى كقولنا إلا أنه قال يحرم بالطائفتين معا ثم يصلى باحديهما على
ما قلناه وقال أبو حنيفة يصلى بإحدى الطائفتين ركعة ثم تنصرف إلى وجه العدو وهي في الصلاة ثم تأتى الطائفة الأخرى إلى الامام فيصلى بها الركعة
194

الأخرى ثم يسلم ثم ترجع هذه الطائفة إلى وجه العدو وهي في الصلاة ثم تأتى الطائفة الأولى إلى موضع الصلاة مع الامام فتصلى ركعة الثانية منفردة ونهى في الصلاة ولا تقرأ فيها لأنها في حكم الايتمام ثم تنصرف إلى وجه
العدو ثم تأتى الطائفة الأخرى إلى موضع الامام فتصلى الركعة الثانية منفردة وتقرأ فيها لأنها فارقت الامام بعد فراغه من الصلاة فحكمها حكم المنفرد لان
عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عمر رويا ذلك قال وهو أولي مما ذهبتم إليه لأنكم تجوزون للمأمومين مفارقة الامام قبل فراغه من الصلاة وهم الطائفة
الأولى وتجوزون للثانية المخالفة في الافعال فيكون جالسا وهم قيام يأتونن بركعة وهم في إمامته وما قلناه أشبه بالكتاب وأحوط للصلاة واولى للحرب لان قوله
فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم تقتضي ان يسجدوا بعد صلاتهم معه وذلك هو الركعة الأخرى وقوله ولتأت طائفة
أخرى لم يصلوا فليصلوا معك يقتضى ان جميع صلاتها معه وعنده يصلى معه ركعة وعندنا جميع صلاتها معه إحدى الركعتين توافقه في أفعاله وقيامه والثاني يأتي بها قبل سلامه
ثم يسلم معه ومن مفهوم قوله لم يصلوا ان الطائفة الأولى قد صلت جميع صلاتها وعلى قولهم لم تصل إلا بعضها واما الاحتياط للصلاة فان كل طائفة تأتى
بصلاتها متوالية بعضها يوافق الامام فيها فعلا وبعضها يفارقه وتأتى به وحدها كالمسبوق وعنده ينصرف في الصلاة فاما ان يمشى واما ان يركب وهذا
عمل كثير ويستدبر القبلة وهو ينافي الصلاة ويفرق بين الركعتين تفريقا كثيرا بما ينافيها ثم جعلوا الطائفة الأولى مؤتمة بالامام بعد سلامه ولا يجوز ان يكون
المأموم مأموما في ركعة يأتي بها بعد سلام إمامة واما الأولوية للمحرب فإنه متمكن من الضرب والطعن واعلام غيره بما يراه مما خفى عليه من أمر العد ولا تحذيره و
اعلام الذين مع الامام بما يحدث ولا يمكن على قولهم ذلك ولان مبنى صلاة الخوف على التخفيف لانهم في موضع الحاجة إليه وعلى قولهم تطول الصلاة اضعاف
حال الامن لان كل طائفة تحتاج إلى المضي إلى مكان الصلاة والرجوع إلى لقاء العدو وانتظار مضى الطائفة الأخرى ورجوعها فإن كان بين المكانين نصف ميل احتاجت كل طائفة إلى مشى ميل وانتظار
الأخرى قدر مشى ميل وهو في الصلاة ثم يحتاج إلى تكليف الرجوع إلى موضع الصلاة لاتمام الصلاة من غير حاجة إليه ولا مصلحة تتعلق به فلو احتاج الامر
إلى هذه الكلفة في الجماعة سقطت فكيف يكلف الخائف وهو في مظنة التخفيف والحاجة الرفق ومفارقة الامام لعذر جايزة ولابد منها على القولين
فإنهم جوزوا للطائفة الأولى مفارقة الامام والذهاب إلى وجه العدو وهذا أعظم مما ذكرناه فإنه لا نظير له في الشرع ولا يوجد مثله في موضع اخر إذا
عرفت هذا فان صلى بهم كمذهب أبي حنيفة لم تجز لما فيه من الفعل الكثير وقال احمد وابن جرير وبعض الشافعية يجوز لكن يكون قد ترك الأولى مسألة يشترط
في صلاة ذات الرقاع أمور أربعة الأول كون الخصم في غير جهة القبلة بحيث لا يتمكن من الصلاة حيث يستدبر القبلة أو تكون عن يمينه أو شماله أو الحيلولة
بينهم وبين المسلمين بما يمنع من رؤيتهم لو هجموا وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله فعلها على هذه الصورة فتجب متابعته وقال احمد لا يشترط لان
العدو قد يكون في جهة القبلة على وجه لا يمكن ان يصلى بهم صلاة عسفان لانتشارهم أو استتارهم أو الخوف من كمين والجواب ليست الصلاة منحصرة
في هذه وصلاة عسفان فجاز ان يصلوا منفردين ولو قيل بالجواز كان وجها لعدم المانع منه وفعل النبي صلى الله عليه وآله وقع اتفاقا لا إنه كان شرطا
الثاني كون الخصم قويا بحيث يخاف هجومه على المسلمين متى اشتغلوا بالصلاة وإلا لا تنفى الخوف الذي هو مناط هذه الصلاة الثالث ان يكون في المسلمين
كثرة يمكنهم ان يفترقوا فرقتين تقاوم كل فرقة العدو وإلا لم تتحقق هذه الصلاة الرابع عدم الاحتياج إلى زيادة التفريق على فرقتين وإلا لحصل لكل
فرقة أقل من ركعة فلا يتحقق الايتمام وهذه الصلاة تخالف غيرها في انفراد المؤتم واجبا وانتظار الامام إتمام المأموم وايتمام القائم بالقاعد مسألة
يستحب للامام ان يخفف القراءة في الأولى للحاجة إليه لما هم به من حمل السلاح وكذا يخفف في كل فعل لا يفتقر فيه إلى الانتظار وكذا الطائفة التي تفارقه
وتصلى لنفسها تخفف في قرائتها وإذا أقام الامام إلى الثانية تابعته الطائفة الأولى فإذا انتصبوا نووا مفارقته لانهم لا فائدة لهم في مفارقته قبل ذلك كاشتراكهم
في النهوض ولان الرفع من السجدة الثانية من الركعة الأولى ولو فارقوه بعد الرفع من السجود الثاني جاز وإذا انفردوا بقى الامام قائما ينتظرهم حتى يسلموا وحتى
تأتى الطائفة الثانية تدخل معه وهل يقرأ الإمام في الانتظار الأقرب ذلك لأنه قيام للقرائة فيجب ان يأتي بها فيه فيطول حينئذ في القراءة حتى يفرغ
الطائفة الأولى وتلتحق به الثانية وهو أحد قولي الشافعي واحمد وفى الثاني لا يقرأ بل يسكت أو يأتي بأي ذكر شاء لأنه قد قرأ بالطائفة الأولى فينبغي ان
يؤخر القراءة في الثانية ليقرأ بالطائفة الثانية لتحصل التسوية بينهما في القراءة وهو ينافي التخفيف فإذا جاءت الطائفة الثانية فإن كان قد فرغ من قرائته
ركع بهم ولا يحتاج إلى أن يقرأ شيئا لان قرائة المأموم عند أكثر علمائنا منهى عنها إما نهى تحريم أو كراهة وقال الشافعي على الأول يقرأ بقدر الفاتحة ليقرؤها خلفه
ولو قرأ قبل مجيئهم ثم ركع عند مجيئهم أو قبله فأدركوه راكعا ركعوا معه وصحت لهم الركعة مع تركه السنة ولو ادركوه بعد رفعه فاتتهم الصلاة مسألة إذا
صلى الثانية بالفرقة الثانية جلس للتشهد ويقومونهم إلى الثانية لهم ويطول الامام في تشهده بالدعاء حتى يدركوه ويتشهدوا معه ثم يسلم بهم وهذا هو
المشهور من مذهب الشافعي واحمد لأنها تعود إليه لتسلم معه فلا فايدة في تطويله عليها بالجلوس معه مع أن هذه الصلاة مبنية على التخفيف والقول
الاخر للشافعي انها تتشهد معه ثم تقوم إلى الثانية فإذا صلوها سلم بهم لان المسبوق لا يفارق الامام إلا بعد سلامه ونقول بموجبه لكن التشهد وقع في غير موقعه
فلا يجوز وقال مالك تتشهد معه فإذا سلم الامام قامت الطائفة الثانية فقضوا ما فاتهم كالمسبوق وتبطله رواية سهيل بن أبي خيثمة ان النبي صلى الله عليه وآله
سلم بالطائفة الثانية على أن لنا رواية عن الصادق (ع) في طريقها ضعف كقول مالك قال وجاء أصحابهم فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله
فصلى بهم ركعة ثم تشهد وتسلم عليهم فقاموا فصلوا لأنفسهم ركعة وسلم بعضهم على بعض ولو فعلوه جاز لكن لا يتشهدون بل إذا سلم الامام قاموا فأتموا
ركعة أخرى وتشهدوا وسلموا إذا ثبت هذا فإنها لا تنوى الانفراد حال قيامها إلى الثانية فان نوته ففي جواز نية الاقتداء بعد التسليم وجهان مسألة
للامام انتظار الطائفة الأولى في الركعة الثانية حتى تفرغ وانتظار اخر فيها للطائفة الثانية حتى تأتى وتحرم معه وكلاهما في حكم انتظار واحد لاتصاله
وله انتظار اخر للطائفة الثانية حال تشهده حتى يتم الصلاة وقد قلنا إنه يطول تشهده ولا يقعد ساكتا وللشافعية وجهان أحدهما ان في ذلك قولين
كما تقدم في انتظار القراءة والثاني انه يتشهد قولا واحدا لان الطائفة الأولى قرأ بها فينبغي ان ينتظر الثانية ليقرأ بها بخلاف التشهد فإنه لم يتشهد
بالأولى فلا ينتظر للثانية بالتشهد إذا ثبت انه يتشهد فإنه ينتظر الثانية بتطويل الدعاء حتى يتم الصلاة ويتشهد خفيفا ثم يسلم بهم مسألة
لو انتظر الامام الطائفة الثانية بعد رفعه من السجود الأخير من الركعة الأولى جالسا فإن كان لعذر كمرض أو ضعف جاز وإن كان قادرا على القيام
195

. إلى الثانية وتركه عمدا إلى مجئ الثانية قال الشيخ بطلت صلاته ولم تبطل صلاة الأولى لأنها فارقته حين رفع الرأس وأما الثانية فان علمت أن ذلك يبطل صلاته
وتابعته بطلت صلاتها أيضا وان اعتقدت عذرا وجوزت ذلك لم تبطل صلاتها لأن الظاهر من حاله العذر وان فعل ذلك سهوا لحقه حكم سهوه
دون الطائفة الأولى لأنها برفع الرأس قد فارقته وعندي في بطلان الصلاة بذلك نظر مسألة وإن كانت صلاة المغرب تخير الامام ان شاء صلى
بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين وان شاء بالعكس لان عليا (ع) صلى ليلة الهرير بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) وفى المغرب مثل ذلك يقوم الامام ويجئ طائفة فيقومون خلفه ويصلى بهم ركعة يقوم ويقومون فيمثل الامام
قائما ويصلون الركعتين ويتشهدون ويسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون موقف أصحابهم فيجئ الآخرون فيقومون في موقف أصحابهم خلف الامام فيصلى بهم ركعة يقرأ
فيها ثم يجلس ويتشهد ويقوم ويقومون معه فيصلى بهم ركعة أخرى ثم يجلس ويقومون هم فيصلون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم واختلف في الأولوية فقال
مالك واحمد والأوزاعي وسفيان والشافعي في أصح القولين الأولى ان يصلى بالأولى ركعتين لئلا يكلف الثانية
زيادة جلوس وهي مبنية
على التخفيف والثاني للشافعي الأولى العكس لان عليا (ع) فعلها ولان الأولى أدركت معه فضيلة الاحرام والتقدم فينبغي ان يزيد الثانية
في الركعات ليجبر نقصهم وتساوى الأولى مسألة إذا صلى بالأولى ركعتين جاز ان ينتظر الثانية في التشهد الأول وفى القيام الثالث فقيل
الأول أولي ليدركوا معه ركعة من أولها وقيل الثاني لان القيام مبنى على التطويل والجلسة الأولى على التخفيف فان انتظرهم في القيام فالأولى ان تفارقه
الأولى عند الانتصاب وإذا صلى بالثانية الثالثة وجلس يتشهد قامت الطائفة ولا يتشهد لأنه ليس بموضع تشهدها إذا عرفت هذا فان صلى بالأولى ركعتين
تشهد طويلا ثم أتمت الأولى صلاتها وسلمت وقامت وجائت الثانية فنهض الامام وصلى بهم الثالثة وهي أولاهم وان شاء تشهد خفيفا وقام
إلى الثالثة وقامت الأولى وطول في القراءة حتى تتم الأولى وتأتى الثانية وعلى التقديرين إذا صلى الثالثة وجلس للتشهد فلا تجلس الطائفة بل تقوم
فتصلى ركعة ثم تتشهد خفيفا ثم تقوم إلى الثانية ثم يتشهد خفيفا ويسلم بهم الامام فان صلى الأولى ركعة قام إلى الثانية وطول إلى قرائتها ونوت الأولى
مفارقته حال انتصابها وخففت وصلت الثانية وتشهد تخفيفا ودامت إلى الثالثة وتشهدت خفيفا وسلمت ثم جاءت الطائفة الثانية فدخلت معه في ثانية فإذا جلس للتشهد الأول
وجلسوا معه يذكرون الله تعالى من غير تشهد فإذا قام إلى الثالثة قاموا معه فإذا جلس للتشهد الثاني جلسوا وتشهدوا خفيفا وطول إلى أن يتموا
ثم يتشهدون خفيفا ثم يسلم بهم الصورة الثانية صلاة عسفان وعسفان قرية جامعة على اثنى عشر فرسخا من مكة بأن يقوم الامام ويصف المسلمين
صفين ورائه ويحرم بهم جميعا ويركع بهم ويسجد بالأولى خاصة وتقوم الثانية للحراسة فإذا قام الامام بالأولى سجد الصف الثاني ثم ينتقل كل من
الصفين مكان صاحبه فركع الامام بهما ثم يسجد بالذي يليه ويقوم ثاني الذي كان أولا بحراستهم فإذا جلس بهم سجدوا وسلم بهم جميعا لان
أبا عياش الرزقي (عباس الورقي) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله بعسفان فصلى بنا الظهر فقال المشركون لقد أصبناه غرة لقد أصبناه غفلة لو كنا حملنا
عليهم وهم في الصلاة فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر فقال بعضهم ان بين أيديهم صلاة هي أحب إليهم من أولادهم فنزل جبرئيل (ع)
فأخبره بذلك فلما حضر العصر قام رسول الله صلى الله عليه وآله مستقبل القبلة والمشركون أمامه فصف خلف رسول الله صلى الله عليه وآله
صف وصف بعد ذلك صف اخر فركع رسول الله صلى الله عليه وآله وركعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه وقام آخرون يحرسونهم فلما
صلى هؤلاء السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يليه وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الاخر ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وآله
وركعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام آخرون يحرسونهم فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وآله والصف الذي يليه سجد الآخرون
ثم جلسوا جميعا فسلم عليهم جميعا مسألة ولهذه الصلاة ثلاث شرائط الأول ان يكون العدو في جهة القبلة لأنه لا يمكن حراستهم في الصلاة إلا كذلك ليشاهدونهم فيحرسونهم الثاني
ان يكون في المسلمين كثرة يمكنهم معها حراسة بعضهم بعضا وان يفترقوا فرقتين تصلى معه أحدهما وتحرس الثانية معه الثالث ان يكونوا على قلة جبل
أو مستو من الأرض لا يحول بينهم وبين ابصار المسلمين حايل من جبل وغيره ليتوقوا كبساتهم والحملات عليهم ولا يخاف كمين لهم إذا عرفت هذا فهذه الصلاة
لم يثبت نقلها عندي من طريق صحيح عن أهل البيت (على) فعندي من العمل بها نظر والشافعي عكس ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله
فاختار الحراسة للصف الأول لانهم أقرب إلى العدو فيكونون جنة لمن خلفهم ويمنعون المشركين من الاطلاع على عدد المسلمين وعدتهم فروع - آ -
المشهور ان الطائفتين يصلون معه إلى الاعتدال عن ركوع الركعة الأولى فإذا سجد سجد معه أحد الصفين وكذا في الثانية فالكل يركعون
معه في الركعتين وإنما الحراسة في السجود وفى وجه للشافعية من يحرس في السجود يحرس في الركوع - ب - لو رتب الامام القوم صفوفا وحرس صفان
أو صف أو ثلاثة جاز ولو حرست فرقتان من صف واحد في الركعتين على التناوب جاز أيضا ولو حرس في الركعتين طائفة واحدة ثم سجدت ولحقت جاز وللشافعي قولان أحدهما المنع
لان المتخلف يتضاعف ويزيد على ما ورد به الخبر وليس بجيد لان القدر المحتمل في ركعة للعذر لا يضر انضمام مثله إليه في ركعة أخرى كالقدر
المحتمل من المتخلف بلا عذر - ج - لو لم يتقدم الصف الثاني إلى موقف الأول ولا تأخر الأول عن مكانه إلى الثاني جاز وهذه الفروع مبنية على
جواز هذه الصلاة ولا بأس بها ان لزم كل طائفة مكانهم أو كان التقدم والتأخر من الافعال القليلة الصورة الثالثة صلاة النبي صلى الله عليه وآله
ببطن النخل فإنه صلى الظهر فصف بعض أصحابه خلفه وبعضهم جعلهم بإزاء العدو للحراسة فصلى ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا
فوقفوا موقف أصحابهم للحراسة ثم جاء أولئك فصلى بهم الظهر مرة ثانية ركعتين وهذه لا تحتاج إلى مفارقة الامام ولا إلى تعريف كيفية الصلاة و
ليس فيها أكثر من أن الامام في الثانية متنفل يأم مفترضين وهو مختار الحسن وأكثر الفقهاء ونختار هذه الصلاة إذا كان العدو في غير جهة
جهة القبلة وان يكثر المسلمون ويقل العدو وان لا يأمنوا من هجوم العدو عليهم في الصلاة الصورة الرابعة صلاة شدة الخوف وذلك عند التحام
القتال وعدم التمكن من تركه لاحد أو اشتد الخوف وان لم يلتحم القتال فلم يأمنوا ان يهجموا عليهم لو ولوا عنهم أو اقتسموا فيصلون رجالا ومشاة
على الاقدام وركبانا مستقبلوا القبلة واجبا مع التمكن وغير مستقبلها مع عدمه على حسب الامكان فان تمكنوا من استيفاء الركوع والسجود وجب وإلا
196

أومأوا لركوعهم وسجودهم وليكن السجود اخفض من الركوع ولو تمكنوا من أحدهما وجب ويتقدمون ويتأخرون لقوله تعالى فان خفتم فرجالا أو ركبانا
وعن النبي صلى الله عليه وآله قال مستقبلي القبلة وغير مستقبليها ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة و
تلاحم القتال يصلى كل انسان منهم بالايماء حيث كان وجهه إذا عرفت هذا فان هذه الصلاة صحيحة لا يجب قضاؤها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي
لان الامر للاجزاء ولأنه يجوز ذلك في النافلة اختيارا فجاز في الفريضة اضطرارا مسألة ولا يجوز تأخير الصلاة إذا لم يتمكن من ايقاعها إلا ماشيا
وبه قال الشافعي لعموم قوله فإن خفتم فرجالا أو ركبانا بل يصليها ولا يقضى ولأنه مكلف يصح طهارته فلا يجوز له اخلاء الوقت من الصلاة من غير خوف
القتل كما إذا لم يكثر العمل وقال أبو حنيفة لا تجوز الصلاة على المشي بل يؤخرها لان النبي صلى الله عليه وآله لم يصل يوم الخندق وأخرها لهذه العلة
ولان ما منع صحة الصلاة في غير حال الخوف منع منها في الخوف كالصياح ويوم الخندق منسوخ نقل أبو سعيد الخدري انه كان قبل نزول فإن خفتم فرجالا أو ركبانا والصياح لا
حاجة به إليه بخلاف المشي مسألة لو انتهت الحال إلى المسايفة وتمكن من الصلاة مع الأعمال الكثيرة كالضرب المتواتر والطعن المتوالى وجب على حسب حاله أبا
لايماء في الركوع والسجود مستقبل القبلة ان تمكن وإلا فلا ولا إعادة عليه عند علمائنا لأنها صلاة مأمور بها فلا يستعقب القضاء ولقول الباقر (ع)
فإذا كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فان أمير المؤمنين (ع) وهي الليلة الهرير (في ليلة صفين) ولم تكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كل صلاة
إلا بالتكبير والتسبيح والتهليل والتبجيل (التحميد) والدعاء فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة وللشافعي ثلاثة أقوال أحدها ان الأعمال الكثيرة مبطلة وان دعت
الحاجة إليها وهو محكى عن أبي حنيفة كغير الحاجة والثاني ما قلناه نحن وهو أظهرها عنده للحاجة كالمشي وترك الاستقبال والثالث المنع في شخص واحد لأنه لا تحتاج
إلى تكرار الضرب والجواز في الاشخاص الكثيرة للحاجة إلى توالى ضربهم إذا عرفت هذا فان الإعادة لا تجب لما قلناه وقال أبو حامد انها تبطل ويمضون فيها ويعيدون
وليس بجيد وقال أبو حنيفة لا يصلى حال المسايفة ويؤخر الصلاة والبحث قد تقدم في المسايفه مسألة ويجب عليه الاستقبال مع المكنة فان تعذر استقبل
بتكبيرة الافتتاح ان تمكن لقول الباقر (ع) غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه فإن لم يتمكن سقط لقوله (ع) في حال المطاردة يصلى كل
انسان منهم بالايماء حيث كان وجهه ويسجد الراكب على قربوس سرجه ان لم يمكن النزول فان عجز عنه اومى لقول الباقر (ع) ويجعل السجود اخفض من الركوع
فروع - آ - لو تمكن من الاستقبال حالة التكبير وجب وهل يجب لو تمكن في الأثناء إشكال ينشأ من المشقة ومن قول الباقر (ع) ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت دابته و
من تمكنه من الاستقبال في الفرض - ب - لو لم يتمكن من الاستقبال في الابتداء وتمكن في الأثناء فالوجه الوجوب - ج - لو تمكن من النزول والسجود على الأرض في الأثناء وجب
وان احتاج إلى الركوب ركب ولا تبطل صلاته وإن كان فعلا كثيرا للحاجة ولو علم حالة تمكنه من النزول احتياجه إلى الركوع في الأثناء احتمل الوجوب وعدمه مسألة لو اشتد
الحال من ذلك وعجز عن الايماء سقطت عنه أفعال الصلاة من القراءة والركوع والسجود وأجزأ عوض كل ركعة تسبيحة واحدة صورتها سبحان الله والحمد
لله ولا اله إلا الله والله أكبر ولابد من النية لقوله (ع) انما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ولأنه فعل يجامع القتال فلا تسقط وتجب تكبيرة الاحرام لقول (ع) تحريمها التكبير ويمكن مجامعتها للقتال فلا يثبت وفى وجوب التشهد اشكال
ينشأ من أنه ذكر يمكن ان يجامع القتال ومن اختصاصه بحال الجلوس وحالة براءة الذمة فروع - آ - الأقرب وجوب هذه الصيغة على هذا الترتيب للاجماع
على اجزائه وفى غيره اشكال ينشأ من عموم قوله (ع) لم تكن صلاتهم إلا بالتكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء - ب - هذه الاذكار تجزى عن اذكار
الركوع والسجود لأنها تجزى عنهما فعن ذكرهما أولي ولأنه ذكر مختص بهيئة وقد سقطت فيسقط - ج - يجب في الثنائية تسبيحتان وفى الثلاثية ثلاث لأنها على
عدد الركعات ولقول الصادق (ع) أقل ما يجزى في حد المسايفة من التكبير تكبيرتان لكل صلاة إلا صلاة المغرب فان لها ثلاثا - د - لو أمن أو تمكن
من الصلاة على الأرض أو على الدابة بالايماء بعد التكبيرتين سقطت عنه للاجزاء بفعل المأمور به ولو تمكن تكبيرة واحدة فالوجه سقوط ركعة عنه ووجوب
الاتيان بالأخرى ولو أمن في أثناء التكبيرة استأنفت صلاة أمن وكذا لو صلى ركعة واشتد الخوف كبر للأخرى تكبيرة مسألة نقل احمد وجهين آخرين
لصلاة الخوف وسوغها بخلاف باقي المحققين أحدهما ان يصلى بالأولى ركعتين وبالثانية ركعتين وتسلم كل طائفة وتنصرف ولا يقضى شيئا والامام
يسلم في أربع فيكون للامام أربع ركعات تماما وللمصلين ركعتان قصرا وليس بجيد لعدم المخالفة بين فعل الإمام والمأموم في عدد الركعات في شئ من الصلوات الثاني ان يصلى
بكل طائفة ركعة ولا يقضى شيئا فيكون للامام ركعتان ولكل طائفة ركعة وهو مذهب ابن عباس وجابر وبه قال طاووس ومجاهد والحسن وقتادة والحكم قال إسحاق
يجزيك عند الشدة ركعة والحق ما تقدم المطلب الثاني في الاحكام مسألة قد بينا وجوب القصر في الحضر وقال بعض علمائنا بوجوب
الاتمام وعليه الجمهور فحينئذ يصلى بالأولى ركعتين ويتشهد بهم ثم يقوم إلى الثالثة بهم فيطول القراءة ويخففون فيتمون أربعا ثم ينصرفون إلى موقف
أصحابهم ويجئ أصحابهم ويركع بهم الثالثة وهي الأولى لهم ثم يصلى بهم الثانية ويطول في تشهده حتى تتمم صلاتها أربعا ثم يسلم بهم فيكون انتظار الثانية
في الثالثة والتشهد الثاني ويجوز انتظارهم في التشهد الأول وبه قال الشافعي مسألة قسمتهم فرقتين أولي من تفريقهم أربع فرق لعلة المخالفة
وقلة الانتظار فان فرقهم أربعا فالوجه الجواز وصحة صلاة الامام والمأمومين للأصل وجواز المفارقة فيه مع النية يصلى بالأولى ركعة ثم يقوم إلى الثانية
فيطول القراءة إلى أن تصلى الطائفة ثلاث ركعات ثم تذهب فتجئ الثانية فيصلى بهم الثانية له ويطول في تشهده أو قيامه حتى تتمم صلاتها أربعا ثم تأتى الثالثة فيصلى
بهم ركعة ويقوم إلى الرابعة فيطول حتى يتم من خلفه أربعا ثم تأتى الرابعة فيصلى بهم تمام الرابعة ويطول تشهده حتى تتم أربعا ثم يسلم بهم وهو أحد أقوال
الشافعي وقال الشيخ في الخلاف تبطل صلاة الجميع الامام والمأمومين لان صلاة الخوف مقصورة فلا يجزيه التمام قال وإذا قلنا بالشاذ من قول أصحابنا ينبغي
أن يقول أيضا ببطلان صلاتهم لأنه لم يثبت لنا في الشرع هذا الترتيب وإذا لم يكن مشروعا كان باطلا وهو قول الشافعي أيضا لان للامام الانتظارين وقد انتظر أربعا
فتبطل كما إذا عمل في الصلاة عملا كثيرا ونمنع عدم النقل فان الانتظار ومفارقة المأموم ثابتان والزيادة في اعمال الصلاة لمصلحة غير مبطلة كما لو طول القيام قارئا
ولان الحاجة قد تدعوا إليه بان يكون العدو من أربع جهات ويكون المسلمون أربعمائة فيكون في التفريق صلاح للحرب والصلاة وللشافعي قول ثالث صحة صلاة
الامام والطائفة الرابعة خاصة دون الثلث الأول لانهم فارقوا الامام لغير عذر لان وقت الخروج عن المتابعة نصف الصلاة والطائفة الرابعة أتمت في
حكم إمامته وقد بينا ان المفارقة جايزة والعذر ظاهر وهو طلب كل طائفة فضيلة الجماعة وله رابع بطلان صلاته وصلاة الثالثة والرابعة وخامس بطلان صلاته
197

وصلاة الرابعة خاصة واصل هذين الخلف في وقت بطلان صلاة الامام فعلى أحد القولين انها تبطل بانتظاره الثالثة فإذا أحرم من معه مع العلم ببطلان
صلاته بطلت صلاتهما واختاره أبو إسحاق وعلى الثاني وهو اختيار أبى العباس بطلانها بانتظار فراغ الثالثة لأنه (ع) انتظر مرتين الأولى حتى فرغت من الأولى
وجائت الثانية حتى فرغت فتبطل بالانتظار الثالث وهو انتظار فراغ الثالثة ففسدت صلاته بذلك بعد مفارقتها له ولم تبطل صلاتها فروع - آ - لا سجود للسهو على الامام
والمأمومين إن سوغنا التفريق أربعا لانتفاء موجبه وهو السهو وعند الشافعي وجوبه على تقدير الصحة - ب - لو صلى بطائفة ثلاث ركعات وبطائفة ركعة
فالوجه الجواز ولا تبطل صلاته وكرهه الشافعي لزيادة الانتظار وأوجب على الامام والاخرى سجدتي السهو لأنه انتظار في غير موضعه وعدم السبب يقتضى
عدم سببه - ج - الأقرب جواز ان يفرقهم في السفر والحضر في المغرب ثلاث فرق وكذا في الرباعية فيصلى بطائفة ركعتين وبكل طائفة ركعة ولا يجوز على قول
الشيخ مسألة لا يجب التسوية بين الطائفتين لعدم دليله نعم يجب كون الطائفة الحارسة ممن تحصل الثقة بحراستهم ولو خاف اختلال حالهم و
احتيج إلى اعانتهم بالطائفة الأخرى فللامام ان يكب (يكبت) بمن معه على العدو ويبنوا على ما مضى من صلاتهم ويجوز أن تكون الطائفة واحدا للأصل وشرط احمد ثلاثة
فما زاد لأنه جمع لقوله فإذا سجدوا فليكونوا وأقله ثلاثة وهو من باب توزيع الجمع على الجمع وكره الشافعي كون الطائفة أقل من ثلاثة فان كانوا خمسة
صلى باثنين ركعتين ومضوا إلى وجه العدو وصلى الآخران أحدهما بالآخر ركعتين والحق ما قلناه قال ابن داود قول الشافعي أقل الطائفة ثلاث خطأ لان الواحد يسمى طائفة مسألة
لو عرض الخوف الموجب للايماء أو الركوب في أثناء الصلاة أتم مؤميا أو راكبا وكذا بالعكس لو صلى بالايماء للخوف أو راكبا فأمن إما لانهزام العدو أو
للحوق النجدة لم يجز ان يتم الصلاة بالايماء ولا راكبا لزوال العذر فينزل لا تمامها بركوع وسجود عند علمائنا وبه قال احمد لان ما مضى كان صحيحا قبل
الامن فجاز البناء عليه وان أخل بشئ من واجباتها كالاستقبال وغيره كما لو لم يخل وقال الشافعي لو صلى ركعة أمنا ثم صار إلى شدة الخوف فركب استأنف الصلاة
ولو صلى راكبا ثم أمن نزل وأتم لان النزول عمل قليل والصعود كثير وليس بجيد لان الركوب قد يكون أخف من أن يكون فارسا فإنه أخف من نزول غيره سلمنا
لكنه عمل أبيح للحاجة فلا يمنع صحة الصلاة كالهرب قول اخر كقولنا تذنيب لو ترك الاستقبال حال نزوله استأنف الصلاة
لأنه أخل بالشرط حالة الامن ولو فعله حال ركوبه فالوجه الصحة خلافا للشيخ والشافعي لأنه لو صلى مستدبرا للحاجة ابتداء صح فكذا في الأثناء وكذا لو أخل بشئ من الواجبات حال نزوله أو ركوبه مسألة إذا صلى راكبا في شدة الخوف جاز ان يصليها فرادى والجماعة أفضل وبه قال الشافعي
لعموم الآية والاخبار المرغبة في الجماعة ولان كل ركوب لا يمنع من فعل الصلاة منفردا لا يمنع من الجماعة كركوب السفينة وقال أبو حنيفة لا تجوز الجماعة لانهم
إذا كانوا ركبانا كان بينهم وبين الامام طريق وهو مانع من صحة الجماعة ونمنع من المانعية سلمنا لكن يجوز ان يقوموا صفا مع الامام تذنيب لو صلوا في
حال الشدة غير مستقبلي القبلة جاز إجماعا وهل يجوز ان يأتم بعضهم ببعض ان جوزنا صلاة المستدبرين حول الكعبة جماعة جاز هنا وبه قال الشافعي
لان كل واحد يجوز له ان يصلى إلى جهته مع العلم بها بخلاف من اختلف اجتهادهم مسألة يجوز ان يضرب في الصلاة الضربة ويطعن الطعنة وان لم
يحتج إليها لأنها فعل قليل وبه قال الشافعي وكذا تجوز الاثنتان وله قولان أحدهما انه تبطل لأنه كثير لأنه تابع بين العملين والثاني انه قليل لان الثلاث أول حد الكثرة
واما الثلاث فإنها في حد الكثرة فان فعلها لا لضرورة بطلت صلاته وإن كان لضرورة لم تبطل عندنا وبه قال أبو العباس لأنه موضع ضرورة فأشبه المشي
وقال الشافعي لا تجزيه ويمضى فيها ويعيد لأنه فعل كثير وليس بجيد إذ الأبطال ينافي المضي فيها والكثير عفو كالمشي ولقول الباقر (ع) في صلاة
الخوف عند المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال بالتكبير ولم يأمرهم علي (ع) بالإعادة تذنيب يجوز ان يصلى ممسكا لعنان فرسه لأنه عمل يسير
فان نازعه فجذبه إليه جذبة أو اثنتين أو ثلاثا جاز وان استدبر القبلة للحاجة أو كثرت مجاذبته وقال الشافعي تبطل بكثرة المحاربة لا بالثلاث بخلاف
الطعنات لان الجذبات أخف فاعتبر كثرة العمل دون العدد والكل غير مبطل عندنا للحاجة مسألة لو رأوا سوادا أو إبلا واشخاصا فظنوهم
عدوا فصلوا صلاة شدة الخوف ثم ظهر لهم كذب ظنهم لم تجب عليهم الإعادة لأنها وقعت مشروعة وهو أحد قولي الشافعي وأبي إسحاق من أصحابه
والاخر ان عليهم الإعادة وبه قال أبو حنيفة والمزني لانهم صلوا صلاة شدة الخوف مع عدم العدو فأشبه إذا لم يظنوا كما لو ظن طهارة الماء ثم بان
نجسا والفرق ظاهر بين الظن وعدمه وبين الطهارة لأنها شرط وللشافعي قول ثالث ان صلوا بخبر ثقة فلا إعادة وإلا أعادوا تذنيب لو رأوا عدوا
فصلوا صلاة الشدة ثم بان بينهما حائل أو نهر أو خندق يمنع العدو من الوصول لم يعيدوا لأنها مأمور بها فأجزأت وهو أحد قولي الشافعي والاخر يعيدون
لانهم فرطوا بعدم الاطلاع على ما بينهم وبين العدو وليس بجيد ولو كان بينهم وبين العدو خندق أو حايط فخافوا ان تشاغلوا بالصلاة ان يطموا الخندق
أو ينقضوا الحايط جاز ان يصلوا صلاة الخوف ايماء إذا ظنوا انهم يطمون قبل ان يصلوا وان ظنوا انهم لا يطمون إلا بعد فراغهم لم يصلوا صلاة الشدة
مسألة يجب أخذ السلاح في الصلاة وبه قال مالك وداود والشافعي في أحد القولين لقوله تعالى وليأخذوا أسلحتهم والامر للوجوب والثاني للشافعي عدمه وبه قال أبو حنيفة
واحمد لأنه لو وجب لكان شرطا كالسترة والملازمة ممنوعة فروع - آ - لا تبطل الصلاة بتركه إجماعا لأنه ليس جزءا من الصلاة ولا شرطا - ب - لو فرق بين
الطاهر والنجس في وجوب اخذه عند بعض علمائنا إما أولا فللحاجة واما ثانيا فلانه مما لا تتم الصلاة فيه منفردا وشرط الشافعي وبعض علمائنا الطهارة
وهو ممنوع - ج - إنما يجوز اخذ السلاح إذا لم يمنع شيئا من واجبات الصلاة كالركوع والسجود فان منع لم يجز اخذه إلا مع الضرورة فيؤمى بهما - د - لو لم يمنع الفرض
لكن اكماله كره الا مع الضرورة ولو كان مما يتأذى غيره به كالرمح في وسط الناس لم يجز ولو كان في حاشية الصفوف جاز مسألة يجوز ان يصلى الجمعة
في الخوف على صفة ذات الرقاع بأن يفرقهم فرقتين إحديهما تقف معه في الصلاة فيخطب بهم ويصلى بهم ركعة ثم تقف في الثانية فتتم صلاتها ثم يجئ الثانية
فتصلى معه ركعة جمعة ولا خطبة لهم كالمسبوق فإذا تشهد طول فأتموا وسلم بهم وهو أحد قولي الشافعية لعموم الامر بها والثاني لا تصح لان بقاء العدد شرط
عنده من أول الصلاة إلى اخرها والامام يبقى منفردا حتى تتم الأولى وقد بينا بطلانه ويجوز ان يخطب بالفرقتين معا ثم يفرقهم فرقتين لا يقال لا يجوز انعقاد
جمعة بعد أخرى وقد عقدتم للطائفة الثانية جمعة بعد فراق الأولى لأنا نقول الامام لم يتم جمعة وانما أدركت الأولى معه ركعة واصل الجمعة التي عقدها الامام
لم تتم فلهذا عقدتها الثانية وأشبهت المسبوق إذا ثبت هذا فان هذه الصلاة انما يجب بشروط الحضر دون السفر خلافا للشافعي وكون الفرقة الأولى كمال العدد وبه قال
الشافعي فلو تم العدد بالفرقة الثانية لم تصح هذه الصلاة والخطبة للفرقة الأولى فلو لم يخطب لم تصح ولو خطب لها ثم مضت عنه إلى العدو وجاءت
198

الطائفة الأخرى وجب إعادة الخطبة فان بقى من الفرقة الأولى كمال العدد ومضى الباقون وجاءت الأخرى جاز ان تنعقد الجمعة لبقاء العدد الذي سمع الخطبة
معه فروع - آ - لو كملت الأولى العدد ونقصت الثانية صحت الجمعة لهما وللشافعية في الثانية قولان ولو نقصت الأولى كملت الثانية فلا جمعة لأنه لا يصلى
بالأولى إلا الظهر فلا يصلى بعدها جمعة نعم يجوز ان يستنيب من الثانية من يصلى بهم الجمعة فيخرج عن هذه الصلاة - ب - لا تجوز ان تصلى الجمعة
على صفة صلاة بطن النحل لأنه لا جمعتان في بلد واحد ويجوز ان يصلى على صفة بطن النحل صلاة عسفان بل هو أولي ان سوغناه مطلقا أو لم يتقدم أحد الصفين
ويتأخر الاخر كثيرا - ج - يجوز ان يصلى صلاة الاستسقاء على صفة صلاة الخوف فيصلى بالأولى ركعة ثم ينتظر حتى تتم ويصلى بالثانية أخرى وينتظر حتى تتم ولو كان في شدة دعا ويجوز
ان يصلى بالايماء وقال الشافعي لا يصلى لعدم خوف فوتها - د - يصلى العيدين والخسوف والكسوف في الخوف جماعة على صفة المكتوبة فيصلى بالأولى ركعة
مشتملة على خمس ركوعات ثم ينتظر حتى تتم ويصلى بالثانية أخرى وينتظر حتى تتم ولو كان في شدة ويجوز ان تصلى الكسوف فرادى بخلاف العيد مسألة قد بينا ان حكم السهو مختص
بمن يختص به السهو من الامام أو المأموم وللشيخ قول بوجوب تعدى حكمه إلى المأموم لو سهى الامام وبه قال الشافعي فعلى قول الشيخ لو سهى الامام في
الأولى لزمه حكمه الطائفة الأولى فيشير إليهم بالسجود بعد فراقهم وان سهى بعد ما فارقوه لم يلحقهم حكمه لانهم صاروا منفردين فان سهوا بعد سهوه في ثانيتهم انفردوا بسجوده
وفى الاكتفاء بالسجدتين لعلمائنا قولان وكلاهما للشافعي واما الطائفة الثانية فيلحقها سهو الامام فيما تابعته فيه عنده دون الركعة الأولى وقال (ره) وان تابعه فيه كان أفضل واما سهوه حال انتظاره فلم يتعرض
له وأوجب الشافعي المتابعة لأنها في حكم ايتمامه وهو ممنوع فان سهت هي في حال الايتمام لم يلتفت ولو سهت حالة الانفراد سجدت فروع - آ - لا حكم لسهو المأمومين
على ما قلناه حال المتابعة بل حالة الانفراد ومبدؤه رفع الامام من سجود الأولى ويحتمل اعتداله في قيام الثانية والأقرب عندي ايقاع نية الانفراد - ب - الطائفة
الثانية ان سهت في الركعة الثانية فان نوت الانفراد سجدت وإلا احتمل ذلك لانهم منفردون بها حقيقة وعدمه لانهم مقتدون وإلا لاحتاجوا إلى إعادة نية
الاقتداء وكلاهما للشافعي - ج - لا يرتفع حكم السهو بالقدوة الطارية ان جوزنا نية الاقتداء في أثناء الصلاة للمنفرد وفى المرحوم إذا سهى في وقت تخلفه إشكال
مسألة لو كانوا في صلاة الخوف فحملوا على العدو مواجهين القبلة فإن كان للضرورة جاز وان لم يكن فإن كان قليلا لم تبطل به الصلاة كغيره من الأعمال
القليلة وإن كان كثيرا بطلت وكذا لو توجهوا فيه إلى غير القبلة تبطل مع الكثير والقليل لغير الحاجة ولا تبطل لها معهما وقال الشافعي إذا حملوا مواجهين القبلة
بطلت صلاتهم وان حملوا قدر خطوة لانهم قصدوا عملا كثيرا لغير ضرورة وعملوا شيئا منه والمبطل إنما هو الفعل الكثير لا نيته ولا بعضه قال ولو نووا
القتال في الحال وعملوا شيئا منه وان قل بطلت صلاتهم وليس بشئ ولو نووا ان العدو إذا أظلهم قاتلوه لم تبطل اجماعا لم يغير والنية في الحال مسألة
يجوز ان يصلى صلاة الخوف بصفة ذات الرقاع أو بطن النخل في الامن وتصح صلاة الامام والمأمومين قال الشيخ وصلاة عسفان وعندي فيه اشكال لما فيه من تقدم
الصف وتأخره فان قصد مع القلة أو عدم الانتقال جاز وإلا فلا تجوز صلاة المأمومين وتصح صلاة الامام أما صلاة شدة الخوف فلا تجوز حالة الامن بحال
وللشافعي في صحة صلاة الامام على صفة ذات الرقاع وجهان هذا أحدهما والثاني البطلان لأنه انتظر في غير موضعه وأما الطائفة الأخرى فقد خرجت من الصلاة
لغير عذر وفى ذلك عنده قولان وأبطل صلاة الثانية لأنها خالفت الامام في ركعة مع كونها في إمامته واما صلاة عسفان فان صلاة الامام ومن تبعه صحيحة
واما من خالفه في السجود فقد سبقه الامام بسجدتين وجلسته بينهما فبعض أصحابه أبطل صلاتهم لانهم خالفوا الامام بركنين وبعضهم منع لان السجدتين
كالركن الواحد والجلسة للفصل فروع - آ - قال الشيخ لا تجوز صلاة الخوف في طلب العدو لانتفاء الخوف وهو حق ان قصد صلاة الشدة - ب - قال كل
قتال واجب كالجهاد أو مباح كالدفع عن النفس والمال جاز ان يصلى فيه صلاة الخوف والشدة واما المحرم فلا تجوز صلاة الخوف فان صلوا صحت صلاتهم لانهم
لم يخلوا بركن فان صلوا صلاة الشدة بطلت والوجه الجواز في الصورة الأولى والا لوجبت الإعادة وجعل الدفع عن النفس قسيما للواجب ليس بجيد - ج - لو انهزم
العدو فلم يأمن المسلمون كرتهم عليهم ورجوعهم إليهم جاز ان يصلوا صلاة الخوف للمقتضى مسألة كل أسباب الخوف يجوز معها القصر والصلاة بالايماء
مع الحاجة إليه ولو عجز عنه صلى بالتسبيح ان خشى من الايماء سواء كان الخوف من لص أو سبع أو غرق أو حرق ولا قضاء عليه عند علمائنا لقوله
تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا علق الحكم على الوصف فكان مشعرا بالعلية والتعليق بالذين
كفروا للأغلبية فلا يقتضى عدمه عدم الحكم ولقول الصادق (ع) يكبر ويؤمى برأسه وقد سئل عن الرجل يخاف من لص أو عدو أو سبع كيف
يصنع وقال الباقر (ع) الذي يخاف اللص والسبع يصلى صلاة الموافقة ايماء على دابته قلت أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء ولا يقدر على النزول
قال يتيمم من لبد سرجه أو من معرفة دابته فان فيها غبار أو يصلى ويجعل السجود اخفض من الركوع ولا يدور
إلى القبلة ولكن أينما دارت دابته ويستقبل
القبلة بأول تكبيرة وحين يتوجه وقال الكاظم (ع) يستقبل الأسد ويصلى ويؤمى برأسه ايماء وهو قائم وإن كان الأسد على غير القبلة ولان في التأخير تعزيرا بالصلاة و
تكليفه بالاستيفاء تكليف بما لا يطاق فيكلف على حسب حاله فلا إعادة للامتثال وقال المزني الهرب من الحية من الاعذار النادرة والعذر النادر لا يسقط
القضاء عند الشافعي ونمنع الكبرى والصغرى أيضا لان الخوف ليس بنادر وان اختلفت أسبابه في الندور كما أن خوف المرض عذر غير نادر وإن كان فيها
مرض نادر فروع - آ - لا فرق بين خوف اللص والسبع وغيرهما في السفر والحضر لان المناط الخوف - ب - لو كان في واد وغشيه السيل فخاف الغرق ان ثبت مكانه
فعدا في طول الوادي وصلى في حال عدوه صلاة الشدة فإن كان فيه موضع مرتفع يمكنه ان يصلى فيه من غير أن يلحقه ضرر بصعوده مثل ان يعجز
هو أو ركابه عن الترقي أو يخاف دوران الماء حوله فلا يمكنه المخلص لم تصح صلاته وان خاف صحت - ج - لو كان محرما فخاف فوت الوقوف فقصر أو اومى
احتمل الأجزاء لخوف لحوق الضرر بفوات الحج ويحتمل ان يصلى على سبيل التمكن والاستقرار فلو فعل خلافه استأنف لأنه لا يخاف فوات حاصل هنا فهو
كما إذا خاف فوات العدو وقد انهزموا وللشافعية كالوجهين أو ثالث تأخير الصلاة وقضاؤها لان أمر الحج خطير وقضاؤه عسر والأقوى عندي الأول - د - المديون
المعسر إذا عجز عن بينة الاعسار وخاف الحبس جاز ان يصلى صلاة الشدة في الهرب عن مستحق الدين وهو أحد وجهي الشافعية - ه‍ - لو كان عليه قصاص وتوقع
العفو مع سكون الغليل فهرب فالأقوى عدم جواز صلاة الشدة خلافا لبعض الشافعية لعصيانه بهربه - و - يجوز ان يصلى صلاة الشدة حالة المدافعة عن ماله
وان لم يكن حيوانا وهو أصح قولي الشافعي لأنه مباح والاخر يجوز لضعف حرمة المال وهو ممنوع مسألة المرتحل والغريق يصليان بحسب الامكان
199

فان تمكنا من الركوع والسجود وجب وان عجزا عن أحدهما أو عنهما معا أومأ عما عجزا عنه ولا يقصر أحدهما عدد صلاته إلا في سفر أو خوف لوجود المقتضى
وهو أصالة الاتمام وعدم مانعية السفر والخوف مسألة يجوز لبس الحرير للرجال حالة الحرب على ما تقدم وكذا لبس الديباج الصفيق الذي
لا يقوم غيره مقامه في القتال ولا يجوز لبس الأعيان النجسة لقوله تعالى والرجز فاهجر ولو اضطر فالأقرب الجواز كالثوب النجس حال الضرورة وللشافعي قولان
ويجوز ان يلبس فرسه أو دابته (أو جلد كتابه) جلد الميتة والكلب والخنزير مع الحاجة لا بدونها ولو جلل كلبه بجلد كلب فالأقرب المنع لقوله تعالى حرمت عليكم الميتة وهو
يقتضى تحريم وجوه الانتفاع لعدم أولوية التخصيص وأظهر وجهي الشافعي الجواز لاستوائهما في التغليظ ويجوز تسميد الأرض بالزيل ويجوز الاستصباح بالدهن
النجس تحت السماء لا تحت الظلال بخلاف ما نجاسته ذاتية كشحم الميتة وللشافعي قولان اطلاق المنع واطلاق الجواز في الظلال وعدمه وذاتي النجاسة وعرضيها
تم الجزء الثالث من كتاب الصلاة من كتاب تذكرة الفقهاء والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين واله المعصومين بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
كتاب الزكاة وفيه أبواب الباب الأول في زكاة المال وفيه مقاصد المقصد الأول في الشرايط مقدمة الزكاة لغة النمو والطهارة و
شرعا الحق الواجب في المال الذي يعتبر فيه النصاب وسمى زكاة لازدياد الثواب واثمار المال وطهارته من حق المساكين ووجوبها معلوم من الكتاب والسنة
والاجماع قال الله تعالى وآتوا الزكاة ولما بعث النبي صلى الله عليه وآله معاذا إلى اليمن فقال اعلمهم ان الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في
فقرائهم واجمع المسلمون كافة على وجوبها في جميع الأعصار وهي أحد أركان الاسلام الخمسة إذا عرفت هذا فمن أنكر وجوبها ممن ولد على الفطرة ونشاء بين المسلمين
فهو مرتد فيقتل من غير أن يستتاب وان لم يكن عن فطرة بل أسلم عقيب كفر استتيب مع وجوبها ثلاثا فان تاب وإلا فهو مرتد وجب قتله وإن كان ممن يخفى وجوبها
عليه لأنه نشأ بالبادية أو كان قريب العهد بالاسلام عرف وجوبها ولم يحكم بكفره مسألة ولو اعتقد وجوبها ومنعها فهو فاسق يضيق الامام عليه ويقاتله
حتى يدفعها لأنه حق واجب عليه فان اخفى ماله حبسه حتى يظهره فإذا ظهر عليه اخذ منه قدر الزكاة لا أزيد عند علمائنا أجمع بل يعزره وبه قال أبو حنيفة
ومالك والشافعي في الجديد لقوله (ع) ليس في المال حق سوى الزكاة ولان منع العبادة لا يوجب عليه مالا كساير العبادات والكفارات وقال الشافعي
وإسحاق بن راهويه وأبو بكر بن عبد العزيز يأخذ مع الزكاة شطر ماله لقوله (ع) ومن منعها فإنا آخذها وشطر ماله غرمة من غرمات ربنا ليس لآل محمد
فيها شئ ولو سلم فإنه منسوخ فان العقوبات في ابتداء الاسلام كانت في المال ثم نسخ مسألة ولا يحكم بكفر المانع مع اعتقاد وجوبها عند علمائنا وبه
قال عامة أهل العلم وقال احمد في رواية انه يكفر لقتاله عليها وهو لا يدل على الكفر بل ارتكاب المحرم ولان الزكاة من فروع الدين فلا يكفر تاركها كالحج وقال عبد الله
ابن مسعود ما تارك الزكاة مسلم وهو محمول على الترك مستحلا وعليه يحمل قول الصادق (ع) من منع قيراطا من الزكاة فليس بمؤمن ولا مسلم وهو
قوله عز وجل قال رب ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت وفى رواية أخرى لا تقبل له صلاة مسألة ومنعها مع المكنة واعتقاد التحريم يشتمل على إثم
كبير ولا تقبل صلاته في أول الوقت قال الباقر (ع) بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد إذ قال قم يا فلان قم يا فلان حتى اخرج خمسة نفر فقال اخرجوا
من مسجدنا لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون وقال الصادق (ع) ما من رجل منع درهما في حقه إلا أنفق اثنين في غير حقه وما من رجل يمنع حقا في ماله إلا طوقه
الله عز وجل حية من نار يوم القيمة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما حبس عبد زكاة فزادت في ماله وقال الصادق (ع) صلاة مكتوبة خير من عشرين
حجة وحجة خير من بيت مملوء ذهبا ينفقه في بر حتى ينفد ثم قال ولا أفلح من ضيع عشرين بيتا من ذهب بخمسة وعشرين درهما فقيل له وما معنى خمسة وعشرين قال
من منع الزكاة وقفت صلاته حتى يزكى وقال (ع) ما ضاع مال في بر أو بحر إلا بتضييع الزكاة ولا يصاد من الطير إلا ما ضيع تسبيحه وقال الباقر (ع)
ما من عبد منع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيمة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب وهو قول الله عز وجل سيطوقون
ما بخلوا به يوم القيمة يعنى ما بخلوا به من الزكاة وقال الصادق (ع) ما من ذي مال ذهب أو فضة تمنع زكاة ماله إلا حبسه الله في القيمة بقاع قرقر و
سلط عليه شجاعا أقرع يريده وهو يحيد عنه فإذا رأى أنه لا يتخلص منه امسكه من يده فقضمها كما يقضم الفجل ثم يصير طوقا في عنقه وذلك قول الله عز وجل
سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة وما من ذي المال ابل أو بقر أو غنم يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيمة بقاع قرقر تطأه كل ذات ظلف بظلفها وتنهشه كل ذات ناب بنابها وما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاة ماله
إلا طوقه الله عز وجل ريع أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيمة مسألة ليس في المال حق واجب له سوى الزكاة والخمس وهو قول أكثر العلماء لقوله
(ع) ليس في المال حق سوى الزكاة وقال الشعبي ومجاهد يجب عليه يوم يحصد السنبل ان يلقى لهم شيئا منه وكذا إذا صرم النخل طرح لهم شيئا من
الشماريخ ويخرج الزكاة عند الكمال لقوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده والزكاة لا تخرج يوم الحصاد وهي متأولة بالزكاة والمراد ايجاب الحق يوم الحصاد أو انه
محمول على الاستحباب فقد ورد عن أهل البيت (على) استحباب اعطاء الجفنة والجفنتين والعذق والعذقين يوم الحصاد والجذاذ لهذه الآية والشيخ (ره) أوجب ذلك أيضا
في الخلاف واستدل بالاجماع من الفرقة والآية ونمنع الاجماع ونقله الشيخ عن الشافعي أيضا وإذ قد تمهدت هذه المقدمة فنقول الشروط إما عامة وإما خاصة
أما العامة فأربعة البلوغ والعقل والحرية والملك التام مسألة البلوغ شرط في وجوب الزكاة ولا تجب في مال الطفل مطلقا وبه قال ابن شبرمة والحسن
البصري وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وأبو وائل والنخعي وأصحاب الرأي لقوله (ع) رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق
ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) وقد سأله محمد بن مسلم عن مال اليتيم ليس فيه زكاة وعن الباقر (ع) ليس في مال اليتيم زكاة وعن الصادق
كان أبى يخالف الناس في مال اليتيم ليس عليه زكاة ولان شرط التكليف البلوغ وهو منفى فينتفى المشروط ولأنها عبادة محضة فلا تجب عليه كالصوم والحج
وقال الشافعي ومالك واحمد تجب في مال الطفل واطلقوا ورووه عن علي (ع) وعن الحسن بن علي (ع) وعن عمر وابن عمر وعايشة وجابر بن
عبد الله وجابر بن زيد وابن سيرين وعطا ومجاهد وربيعة والحسن بن صالح بن حي وابن أبي ليلى وابن عيينة وإسحاق وأبى عبيد وأبى ثور وحكى
عن ابن مسعود والثوري والأوزاعي انها تجب ولا تخرج حتى يبلغ وقال ابن مسعود احصر ما يجب في مال اليتيم من الزكاة فإذا بلغ اعلمه فإذا شاء زكى وان شاء
لم يزك احتجوا بقول النبي صلى الله عليه وآله من ولى يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى يأكله الصدقة وإنما تأكله الصدقة باخراجها وانما يجوز إخراجها لو
كانت واجبة ولان عليا (ع) كان عنده مال لأيتام بنى أبى رافع فلما بلغو أسلمه إليهم وكان قدر عشرة آلاف دينار فوزنوه فنقص فعادوا إلى علي (ع) وقالوا
200

انه ناقص قال فحسبتم الزكاة قالوا لا قال فاحسبوها فخرج المال مستويا فقال (ع) أيكون عندي مال لا أؤدي زكاته ولان من يجب العشر في زرعه
يجب ربع العشر في ورقه كالبالغ والحديثان محمولان على الاستحباب ونمنع وجوب العشر تذنيب لا زكاة في المال المنسوب إلى الجنين لعدم التكليف وعدم الوثوق
بحياته ووجوده وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يجب كمل (كمال) الصبى والأصل ممنوع مسألة لو أتجر في مال الطفل من له ولاية في ماله نظرا للطفل
وشفقة عليه استحب له اخراج الزكاة لقول الصادق (ع) ليس في مال اليتيم زكاة إلا أن يتجر به ولو ضمن الولي المال وأتجر به لنفسه وكان مليا بالمال كان الربح
له والزكاة عليه استحبابا لان الولاية تسيغ التصرفات وتضمين الملي سايغ ولان منصور الصيقل سأل الصادق (ع) عن مال اليتيم يعمل به قال فقال إذا كان عندك
مال وضمنته فلك الربح وأنت ضامن للمال وإن كان لا مال لك وعملت به فالربح للغلام وأنت ضامن للمال إذا ثبت هذا فإذا لم يكن مليا وإن كان وليا وضمن المال واتجر به لنفسه كان الربح لليتيم وعليه ضمان المال ولا
زكاة لأنه تصرف غير سايغ فلا يملك ربحه بل لصاحب المال ولقوله (ع) وإن كان المال لك وعملت به فالربح للغلام وأنت ضامن للمال وكذا إذا كان مليا ولم يكن وليا
لانتقاء ولايته عن المال ولان سماعة سأل الصادق (ع) عن الرجل يكون عنده مال اليتيم فيتجر به أيضمنه قال نعم قلت افعليه الزكاة قال لعمري لا أجمع
عليه خصلتين فلا تجب الضمان والزكاة مسألة ويستحب في غلات الطفل ومواشيه من غير وجوب لعدم التكليف في حقه ولأنها عبادة يفتقر أداؤها
إلى النية فلا تجب على من يتعذر عليه ولان أبا بصير سمع الصادق (ع) يقول ليس في مال اليتيم زكاة وليس عليه صلاة وليس على جميع غلاته من
نخل أو زرع أو غلة زكاة وان بلغ فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه لما يستقبل حتى يدرك فإذا أدرك كانت عليه واحدة وكان عليه مثل ما على غيره
من الناس واما الاستحباب فلقول الباقر (ع) والصادق (ع) ليس عليه في العين والصامت شئ فأما الغلات فان عليها الصدقة واجبة والمراد تأكيد
الاستحباب جمعا بين الأدلة وقال الشيخ تجب في غلاته ومواشيه لهذا الحديث وقد بينا جوابه وقال أبو حنيفة تجب الزكاة في غلات الأطفال مسألة
العقل شرط في وجوب الزكاة فلا زكاة على المجنون المطبق والخلاف فيه كالخلاف في الطفل سواء وكذا حكمه حكم الطفل في استحباب الزكاة لو أتجر له الولي بما له
لأجله ولو أتجر لنفسه وضمن المال وكان مليا ضمن والربح له وزكاة التجارة عليه ولو انتفى أحدهما ضمن والربح للمجنون ولا زكاة كما تقدم في الطفل سأل موسى بن بكر أبا الحسن (ع)
عن امرأة مصابة ولها مال في يد أخيها هل عليه زكاة فقال إن كان اخوها يتجر به فعليه زكاة وسأل عبد الرحمن بن الحجاج الصادق (ع) عن امرأة
مختلطة عليها زكاة فقال إن كان عمل به فعليها زكاة وان لم يعمل به فلا زكاة تذنيب لو كان المجنون يعتوره اشتراط الكمال طول الحول فلو جن في أثنائه
سقط واستأنف من حين عوده وتجب الزكاة على النايم والساهي والمغفل دون المغمى عليه لأنه تكليف وليس من أهله وهل تجب على السفيه والوجه ذلك لوجود
الشرط وحجر الحاكم لمصلحته لا ينافي تمكنه لأنه كالنائب عنه مسألة الحرية شرط في الزكاة فلا تجب على العبد باجماع العلماء ولا نعلم فيه خلافا إلا عن عطا و
أبو ثور فإنهما قالا على العبد زكاة ماله وهو خطا لأنه مالك ولا متمكن ولو ملكه مولاه ففي تملكه قولان المنع وهو الأقوى لقوله تعالى ضرب الله مثلا عبدا
مملوكا لا يقدر على شئ وقوله تعالى ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم ولأنه مال فلا يملك المال كالبهايم فعلى هذا الزكاة
على السيد لعدم خروجه عن ملكه فأشبه المال في يد المضارب والوكيل وهو أحد قولي الشافعي وبه قال سفيان وإسحاق واحمد في رواية وأصحاب الرأي والثبوت
وهو القول الثاني للشافعي فلا تجب الزكاة على السيد لأنه لا يملك ولا على العبد لنقص ملكه وضعفه وهو إحدى الروايتين عن أحمد وبه قال ابن عمر وجابر
والزهري وقتادة ومالك وأبى عبيد تذنيب المدبر وأم الولد كالقن لأنه لا حرية فيهما واما من انعتق بعضه فان بلغ نصيب الحرية نصابا وجب عليه فيه الزكاة
وإلا فلا وبه قال أحد لتمامية الملك فيه وقال الشافعي لا زكاة فيه لان الرق الذي فيه يمنع من تمام ملكه وهو ممنوع ولهذا أوجبنا عليه الفطرة في نصفه الحر
مسألة المكاتب لا زكاة عليه إذا لم ينعتق بعضه سواء كان مشروطا أو مطلقا لم يؤد لا في المال الذي كسبه ولا عشر ارضه عند علمائنا وبه قال مالك و
الشافعي واحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله لا زكاة في مال الكاتب ولان الزكاة تجب على طريق المواساة فلا تجب في مال المكاتب كنفقة الأقارب وقال أبو ثور
يجب ذلك كله لان الحجر من السيد لا يمنع وجوب الزكاة كالحجر على الصبى والمجنون ونحن نمنع الأصل وحكى عن أبي حنيفة انه يجب العشر في الخارج من أرضه بناء
على أصله من أن العشر مؤنة الأرض وليس بزكوة إذا عرفت هذا فلا زكاة على السيد أيضا لانقطاع تصرفاته عن ماله فان عجز واسترقه مولاه صار ما في يده لمولاه يستأنف
الحول وان عتق ملك الكاتب ما في يده استأنف الحول من حين العتق مسألة يشترط في وجوب الزكاة تمامية الملك وأسباب النقص ثلاثة منع التصرف وتسلط
الغير وعدم قرار الملك ولا تجب الزكاة في المغصوب ولا الضال ولا المجحود بغير بينه ولا المسروق ولا المدفون مع جهل موضعه عند علمائنا أجمع فإذا عاد صار
كالمستفاد يستقبل به حولا من حين عوده وبه قال أبو حنيفة والشافعي في القديم واحمد في إحدى الروايتين لأنه خرج عن يده ولتصرفه فصار ممنوعا منه فلا زكاة
عليه فيه كمال المكاتب ولقول الصادق (ع) لا صدقة على الدين ولا على المال الغايب عنك حتى يقع في يديك وقال الشافعي في الجديد تجب فيها الزكاة فإذا وجدها زكاها
لما مضى وهو رواية عن أحمد لان الحيلولة بينه وبين المال لا تسقط الزكاة كما لو اسرا وحبس وحيل بينه وبين ماله ونمنع حكم الأصل إذا لم يكن في حكم وكيله
وإن كان ظهر الفرق وعلى كلا القولين لا زكاة قبل قبضة وللشافعي قول ثالث ان عاد المغصوب يجمع نماؤه زكاه لما مضى وقال مالك إذا قبضه زكاه لحول واحد و
هو على الاستحباب عندنا لقول الصادق (ع) وقد سأله رفاعة عن الرجل يغيب عنه ماله خمس سنين ثم يأتيه ولا يدر على كم يزكيه قال سنة واحدة فروع آ
لو ضلت واحدة من النصاب إذا كثر أو سرقت أو غصبت فنقص النصاب فالحكم كما لو ضلت جميعه ومن أوجب الاخراج هناك أوجب الاخراج عن الموجود وإذا رجع
الضال اخرج عنه ب لو أسر المالك لم تسقط الزكاة عنه إذا لم يمنع من التصرف في ماله وان منع سقطت والغايب لا زكاة فيه إذا لم يكن في يد وكيله ولم يتمكن منه ج لو
مضى على المفقود سنون ثم عاد زكاه لسنة استحبابا د لو غصبت الماشية فلا زكاة على ما قلناه والموجبون قالوا إن كانت سائمة في يد المالك والغاصب وجبت
الزكاة وإن كانت معلوفة عندهما فلا زكاة قولا واحدا وإن كانت معلوفة عند المالك سائمة عند الغاصب فوجهان الوجوب لان السوم من المالك يوجب الزكاة
فكذا من الغاصب كما لو غصب بذرا فزرعه وجب العشر في الخارج والعدم لعدم رضا المالك باسامتها فلا تجب عليه الزكاة بفعل الغاصب ولو سامها المالك وعلفها
الغاصب فوجهان الزكاة لان علف الغاصب محرم فلا يمنع من ايجاب الزكاة والسقوط لان الشرط وهو السوم لم يوجد والحق ما قلناه مسألة المرتد إن كان
عن فطرة خرجت أمواله عنه في الحال إلى ورثته ولا تقبل توبته بل يقتل في الحال فيستأنف ورثته الحول من حين انتقال الملك إليهم وتمكنهم منه ثم إن كان عن غير فطرة
201

انتظر به العود فان عاد إلى الاسلام بعد حلول الحول وجب عليه الزكاة بحول الحول وان لم يعد فقتل بعد حلول الحول أو لحق بدار الحرب وجب ان تخرج عنه
الزكاة لبقاء ملكه إلى حين القتل ومنعه عن التصرف فيه مستند إلى اختياره لتمكنه من الرجوع إلى الاسلام وللشافعي في مال المرتد مطلقا ثلاثة أقوال بقاء
الملك وزواله وكونه موقوفا فان أسلم ظهر البقاء وان قتل على الردة ظهر الزوال فحكم الزكاة مبنى عليه ان زال سقطت وإلا وجب وقال احمد إذا ارتد
قبل الحول وحال الحول مرتدا فلا زكاة عليه لان الاسلام شرط في الوجوب وهو غلط لما بينا من أن الكفار مخاطبون بالفروع قال ولو رجع استأنف حولا ولو ارتد بعد الحول
لم تسقط الزكاة سواء كان عن فطرة أو لا وبه قال الشافعي واحمد لأنه حق وجب فلا يسقط كالدين وقال أبو حنيفة يسقط لان من شرطها النية فسقطت بالردة كالصلاة
والأصل ممنوع نعم لا يطالب بفعلها ولا تدخلها النيابة فإذا عاد وجبت عليه والزكاة تدخلها النيابة ويأخذها الامام من الممتنع فإذا سلم بعد اخذها لم
تلزمه اعادتها لأنها سقطت عنه بأخذها ولو أخذها غير الامام ونايبه لم تسقط فإنه لا ولاية لاخذها عليه فلا يقوم مقامه بخلاف نايب الامام ولو أداها
في حال ردته لم يجز لأنه كافر ولا يصح منه كالصلاة مسألة الدين إن كان على ملى باذل فلعلمائنا قولان وجوب الزكاة فيه على صاحبه ورواه
الجمهور عن علي (ع) وبه قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي واحمد إلا انهم قالوا لا يلزمه اخراجها حتى يقبضه فيؤدى لما مضى وقال عثمان وابن عمر و
جابر وطاووس والنخعي وجابر بن زيد والحسن وميمون والزهري وقتادة وحماد بن أبي سليمان وإسحاق وأبى عبيدة والشافعي عليه اخراج الزكاة في الحال وان لم يقبضه لأنه
مالك قادر على اخذه والتصرف فيه فيلزمه اخراج الزكاة عنه كالوديعة لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل يكون له الدين أيزكيه قال كل دين يدعه هو إذا أراد اخذه
فعليه زكاته وما كان لا يقدر على اخذه فليس عليه زكاة وعدم الوجوب وبه قال عكرمة وعايشة وابن عمر لأنه غير تام فلا تجب زكاته كعرض القنية ولقول الصادق (ع)
وقد سأله الحلبي ليس في الدين زكاة قال لا وسأل صفوان وإسحاق أبا إبراهيم (ع) الدين عليه زكاة فقال لا حتى تقبضه قلت فإذا قبضته أزكيه قال لا حتى يحول عليه الحول
في يده وقال سعيد بن المسيب وعطا بن أبي رياح وعطاء الخراساني يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة فأما إن كان على معسر أو جاحد أو باطل فلا زكاة عليه عندنا لعدم
تمكنه منه فأشبه المغصوب وبه قال قتادة وإسحاق وأبو ثور وأهل العراق واحمد في رواية وفى الثانية يزكيه إذا قبضه وبه قال الثوري وأبو عبيد لقول علي (ع)
في الدين المظنون إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى ولأنه مملوك يجوز التصرف فيه فوجب زكاته لما مضى كالدين على الملي والرواية على الاستحباب والأصل ممنوع
والفرق التمكن فروع آ - لا فرق بين الحال والمؤجل في عدم الوجوب وفيه عند قائله لان البراءة تصح من المؤجل فيكون ملكا نعم هو في حكم الدين على المعسر
لعدم تمكن قبضه في الحال - ب - لو منع البايع المشترى من المبيع فحال الحول لم تجب الزكاة لعدم التمكن ولو
مكنه منه فلم يقبضه وحال الحول فإن كان معينا فالزكاة على المشترى
وإن كان مطلقا فكالدين وكذا المال المسلم فيه وللشافعي ثلاثة أقوال القطع بمنع الوجوب لضعف الملك إذ لا ينفذ بيعه قبل القبض والقطع بالوجوب لتمكنه من القبض
والوجهان - ج - إذا قبض المشترى الثمن عن المسلم أو عن غير المقبوض وحال عليه الحول فالزكاة على البايع لثبوت ملكه فيه فان انفسخ العقد لتلف المبيع أو تعذر المسلم
فيه وجب رد الثمن والزكاة على البايع - د - الدين المؤجل لا زكاة فيه عندنا وللشافعي قولان أحدهما انه كالمغصوب ان تعذر استيفاؤه ولاعسار أو جحود فيجزى فيه
القولان والثاني انه كالغايب الذي يسهل احضاره فتجب فيه الزكاة لحصول النماء في المدة فان الشئ إذا بيع مؤجلا زيد في ثمنه وله ثالث القطع بالمنع لأنه لا
ملك قبل الحول وعلى تقدير الوجوب ففي وجوب الاخراج في الحال قولان الثبوت كالغايب الذي يسهل احضاره والمنع ان يقبض لان خمسة نقدا تساوى ستة
فيؤدى إلى الاجحاف - ه‍ - الدين ان لم يكن لازما كمال الكتابة عند الشيخ لا زكاة فيه - و - لو كان الدين نعما فلا زكاة فيه ومن أوجبه في الدين توقف هنا لان السوم شرط وما
في الذمة لا يوصف بكونه سائما ويشكل بأنهم ذكروا في السلم في الحيوان التعرض لكونه لحم راعية أو معلوفة فإذا جاز ان يثبت في الذمة لحم راعية جاز ان يثبت راعية مسألة
أوجب الشيخ في المبسوط الزكاة في الرهن سواء تمكن الراهن من فكه أو لا وبه قال الشافعي واحمد لوجود المقتضى وهو الملك قال فإن كان للراهن مال سواه كلف اخراج
الزكاة منه لان الزكاة من مؤنة الرهن فيلزم الراهن كنفقة المضارب ولا يخرج من النصاب لتعلق حق المرتهن والزكاة لا يتعين اخراجها منه وإن كان معسرا أخذت
الزكاة من الرهن لتعلق حق المساكين بالعين وحق المرتهن في الذمة فإنه لو هلك رجع على الراهن بماله وقال في الخلاف لو كان له الف واستقرض ألفا ورهن
هذه لزمه زكاة القرض دون الرهن وهو يعطى عدم وجوب الزكاة في الرهن وهو الوجه عندي لعدم تمكنه منه سواء كان في يده أو يد المرتهن أو غيرهما
مسألة لا زكاة في المال الموقوف لعدم تمكنه من التصرف بأنواعه ولعدم اختصاص أحد به وكذا مال الحبس والمعمر لان الملك وإن كان باقيا
إلا أنه ممنوع من التصرف فيه بأنواعه مسألة تسلط الغير مانع من وجوب الزكاة فلو نذر الصدقة بالنصاب فمضى الحول قبل الصدقة لم تجب الزكاة لتعلق
النذر بعين المال وكونه واجب الصرف إلى النذر قبل ان تجب فيه الزكاة وهو أصح وجهي الشافعي وله اخر وجوب الزكاة لان المال لا يتعين بتعين الناذر والدين
لا يمنع الزكاة ولأنه لم يخرج عن ملكه قبل الصدقة ونمنع القاعدتين والملك وإن كان باقيا إلا أنه ناقص لوجوب الصدقة به فروع - آ - لو جعل هذه الأغنام
ضحايا أو هذا المال صدقة بنذر وشبهه كان سقوط الزكاة فيه أقوى لانتقال المال عنه إلى ما نذره ولم يبق فيه حقيقة ملك - ب - لو نذر الصدقة بعشرين
دينار أو لم يعين لم تسقط الزكاة عندنا سواء كان له أزيد أو لا لان الدين لا يمنع الزكاة على ما يأتي وهو أحد وجهي الشافعي بناء على عدم منع الدين لضعف حق
الله تعالى إذ لا مطالب له فهو أضعف من دين الآدمي - ج - لو كان النذر مشروطا فاشكال ينشأ من استصحاب الملك السالم عن معارضته تعلق النذر لعدم الشرط
الآن ومن تعلق النذر به - ز - لو استطاع بالنصاب ووجب الحج ثم مضى الحول على النصاب فالأقرب عدم منع الحج من الزكاة لتعلق الزكاة بالعين بخلاف الحج مسألة الدين
لا يمنع الزكاة عند علمائنا أجمع فلو كان عليه دين بقدر النصاب أو أزيد وحال الحول وجبت الزكاة سواء كان النصاب من الأموال الظاهرة وهي الانعام والغلاة
أو الباطنة وهي النقدان وبه قال ربيعه وحماد بن أبي سليمان والشافعي في الجديد وابن أبي ليلى لأنه حر مسلم ملك نصابا حولا فوجبت الزكاة عليه كمن لا دين عليه وللعمومات
ولأنه لو لم تجب لم تجب في القرض لشغل الذمة بمثله والتالي باطل لقول الباقر (ع) وقد سئل عن زكاة القرض فقال على المقترض لأنه في يده وقال مالك
والثوري والأوزاعي وعطا وسليمان بن يسار وميمون بن مهران والحسن والنخعي والليث وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي واحمد ان الدين يمنع من الزكاة في
الباطنة واما الظاهرة فقال مالك والأوزاعي والشافعي انه لا يمنع وعن أحمد روايتان واحتجوا برواية ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال إذا كان
لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه ويحمل مع صحته على اختلال شرط الوجوب فروع - آ - قال أبو حنيفة الدين يمنع في الأموال كلها مع توجه المطالبة
202

إلا في الغلات لان الواجب فيها عنده ليس صدقة - ب - القائلون بان الدين مانع شرطوا استغراق النصاب أو نقصه ولا وجه لقضائه سوى النصاب أو ما
لا يستغنى عنه فلو كان له عشرون دينارا وعليه دينار ولا وجه سوى العشرين فلا زكاة عندهم ولو كان له أحد وعشرون فعليه زكاة عشرين ولو
كان له مائة من الغنم وعليه ما يقابل ستين فعليه زكاة أربعين ولو كان عليه ما يقابل أحد أو ستين فلا زكاة وعندنا تجب الزكاة - ج - لو كان عليه دين
وله مالان من جنسين فعندنا تجب الزكاة فلا بحث والمانعون اختلفوا فقال بعضهم يجعل الدين في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته فلو كان
عليه خمس من الإبل وله خمس من الإبل ومائتا درهم فإن كانت عليه سلما أو دية ونحوها مما يقضى بالإبل جعل الدين في مقابلتها ووجبت زكاة الدراهم وإن كان قد أتلفها أو غصبها فتلفت جعلت قيمتها في مقابلة الدراهم وإن كانت قرضا فإن كانت إذا
جعلت في أحدهما فضلت فضلة ينقص النصاب الاخر دون العكس جعلت على العكس لان له ما يقضى به الدين فلو كان له خمس من الإبل ومأتا درهم وعليه ست من الإبل قيمتها مائتان جعل
الدين في مقابلة الدرهم ولو كان عليه مائتان وخمسون درهما وله خمس من الإبل تساوى الدين وجعلت الدين في مقابلة الإبل ولو كان عليه مائة درهم وله مائتان وتسع من الإبل تساوى الأربعة الزايدة المائة وجبت الزكاة فيها - د - لو كان أحد المالين لا زكاة فيه
كمن عليه مائتان وله مائتان وعروض للقنية يساوى الدين جعل الدين في مقابلة العروض وبه قال مالك وأبو عبيد وقال أصحاب الشافعي انه مقتضى قوله لأنه مالك للنصاب زيادة عن دينه فوجب عليه زكاتها كما
لو كان جميع ماله جنسا واحدا وقال أبو حنيفة يجعل الدين في مقابلة ما يقضى منه فلا زكاة هنا لان الدين يقضى من جنسه وهو قول الليث بن أحمد - ه‍ - لو كان
الدين لله تعالى كالكفارة والنذر لم يمنع الزكاة عندنا واما المانعون في الآدمي ففيه وجهان المنع كدين الآدمي لأنه دين يجب قضاؤه وقال (ع) دين الله
أحق ان يقضى وعدمه لان الزكاة آكد لتعلقها بالعين ولو نذر ان يتصدق بخمسة دراهم فحال الحول على مائتي درهم لم يتداخلا لاختلاف سببهما وعند بعض
الجمهور يتداخلان ان نوى الزكاة لأنها صدقة - و - لو حجر الحاكم عليه قبل الحول ثم حال الحول على الحجر فلا زكاة لعدم تمكنه من التصرف ولو حجر بعد الحول ووجوب
الزكاة لم يمنع من اخراجها لأنه واجب عليه متعلق بالعين وقال بعض الجمهور يمنع لانقطاع تصرفه في ماله وقيل بالسقوط إذا حجر قبل امكان الأداء كالتلف
وليس بجيد ولو أقر بها بعد الحجر لم يقبل في حق الغرماء فتصير في ذمته لا في المال فيحتمل القبول ولو صدقه الغرماء أو ثبت بالبينة أو بالاقرار قبل الحجر وجب
اخراجها من المال ولو أقر الغرماء بها أخرجوها ولم يقبل في حق المديون إلا مع تصديقه. - ز - لو جنى عبد التجارة تعلق أرشها برقبته ومنع وجوب الزكاة
فيه ان نقص عن النصاب عند المانعين لأنه دين - ح - لو مات بعد الحول وتعلق الزكاة وعليه دين مستوعب قدمت الزكاة لتعلقها بالعين قبل تعلق
الدين بها فإنه إنما يتعلق بعد الموت وهو أحد أقوال الشافعي والثاني تقديم حق الآدمي لاحتياجه كما يقدم قطع القصاص على السرقة والثالث التوزيع لتساويهما و
الحق ما تقدم نعم لو كان عوضها كفارة أو غيرها من الحقوق التي لا تعلق بالعين فان الحق التقسيط مسألة لو استقرض الفقير النصاب وتركه حولا وجبت الزكاة عليه لأنه
مالك للنصاب متمكن منه فوجب عليه زكاته ومن خالف في المديون خالف هنا ولو شرط الزكاة على المقرض قال الشيخ كانت زكاته على مالكه عملا بالشرط ولقول الصادق
(ع) وقد سئل عن رجل استقرض مالا وحال عليه الحول وهو عنده إن كان الذي اقرضه يؤدى زكاته فلا زكاة عليه وإن كان لا يؤدى أدى المقرض وفيه
اشكال لأنه حق عليه يفتقر إلى النية فلا يتعلق بغيره بالشرط والحديث لا يدل على مطلوبه إذا ثبت هذا فان قلنا الدين لا زكاة فيه فلا بحث وان أوجبنا فيه الزكاة
فلا زكاة هنا على المالك لان زكاته على المقترض فلا يجب فيه أخرى على غيره ولقول الباقر (ع) زكاتها إن كانت موضوعة عنده حولا على المقترض قلت
فليس على المقرض زكاتها قال لا لا يزكى المال من وجهين في عام واحد وليس على الدافع شئ لأنه ليس في يده لان المال في يد الآخر فمن كان المال في يده زكاه قال قلت أفيزكى
مال غيره من ماله فقال إنه من ماله ما دام في يده ليس لأحد غيره ثم قال يا زرارة أرأيت وضيعة ذلك المال وربحه لمن هو وعلى من هو قلت للمقترض قال فله الفضل وعليه
النقصان وله ان يلبس وينكح ويأكل منه ولا ينبغي ان يزكيه بل يزكيه فإنه عليه إذا عرفت هذا فان القرض يجرى في الحول بالقبض إذ قبضه شرط في الملك مسألة
من ترك لأهله نفقة بلغت النصاب فصاعدا وحال عليه الحول فإن كان حاضرا وجبت عليه الزكاة لأنه مالك متمكن لم يخرج عن ملكه وإن كان غائبا فلا
زكاة فيه إما على أهله فلعدم الملك في حقهم واما عليه فلانها في معرض الاتلاف مسألة عدم قرار الملك مقتضى لنقصه فلو وهب نصابا لم يجز في الحول
إلا بعد القبول والقبض لان الملك إنما يتم بهما فان حال الحول على ملكه وجبت الزكاة وان رجع الواهب قبل امكان الأداء فلا زكاة على المتهب ولا على
الواهب وإن كان الرجوع بعد الحول فلو رجع الواهب قبل الأداء مع التمكن منه قدم حق الفقراء لتعلقه بالعين حين الحول ولا يضمنه المتهب كما لو تلف قبل
رجوعه مسألة الموصى له إنما يملك بأمرين موت الموصى والقبول فلو اوصى له بنصاب لم ينتقل إليه إلا بهما فإذا مات الموصى وقبل ابتداء الحول حينئذ
لأنه حين الملك وينبغي اشتراط القبض أو التمكن منه وان قلنا القبول كاشف والملك يحصل بالوصية والموت فكذلك لقصور الملك قبله وأما الوارث
فإنما يملك بموت المورث لا بصيرورة حياته غير مستقرة وإنما يجرى الحول من حين القبض أو تمكنه منه فلو مات المورث ولم تصل التركة إليه لم يعتد من
الحول مسألة لا تجرى الغنيمة في الحول إلا بعد القسمة ولا يكفي عزل الامام بغير قبض الغانم فلو تأخرت قسمة الغنيمة حولا فلا زكاة لعدم استقرار الملك
فان للامام ان يقسم بينهم قسمة تحكم فيعطى كل واحد من أي الأصناف ما شاء فلو يتم ملكه على شئ معين بخلاف ما لو ورثوا ما تجب فيه الزكاة هذا إذا كانت من أجناس
مختلفة ولو كانت الغنيمة من جنس واحد فالوجه ذلك أيضا لان ملكهم في غاية الضعف ولهذا يسقط بالاعراض وهو أحد وجهي الشافعي وعن أحمد الوجوب للملك
إما لو اختاروا التملك ومضى حول من وقت التملك فإن كانت من جنس واحد وجبت الزكاة ان بلغ نصيب كل واحد منهم النصاب وإن كانت من أجناس مختلفة
فلا زكاة سواء كان جميعها مما تجب فيه الزكاة أو لا مسألة لو اجر داره أربع سنين بمئة معجلة فقبضها وجب عند كل حول زكاة الجميع وإن كان في معرض
التشطير وبه قال مالك والشافعي في أحد القولين واحمد لان ملكه ملكا تاما بالعقد ويجوز التصرف فيه بجميع أنواعه ولو كان جارية جاز له وطئها وقال أبو
حنيفة والشافعي في الثاني لا يلزمه ان يخرج منه عند تمام كل سنة إلا زكاة القدر الذي استقر ملكه عليه لأنها قبل الاستقرار في معرض السقوط بالانهدام أو
هو يورث ضعف الملك وينتقض بالصداق قالوا فيخرج في السنة الأولى زكاة ربع المال وهي خمسة أثمان دينار لاستقرار الملك على الربع وعند تمام الثانية
يستقر ملكه في خمسين وقد ملكها منذ سنين فعليه زكاة خمسين لسنتين ديناران ونصف لكنه يحط عنه ما أدي في الأولى يبقى دينار وسبعة أثمان دينار وعند تمام الثالثة يستقر ملكه على خمسة وسبعين وقد ملكها عند ثلاث سنين فعليه زكاتها لثلاث سنين خمسة دنانير وخمسة أثمان دينار
يحط ما أدي في السنتين يبقى ثلاثة دنانير وثمن وعند تمام الرابعة يستقر على ملكه الجميع وقد ملكه من أربع سنين فعليه زكاته لأربع سنين عشرة دنانير يحط عنه ما أدي و
203

يخرج الباقي أربعة دنانير وثلاثة أثمان دينار تذنيب لو كانت الأجرة دينا فهي كالدين ان أوجبنا الزكاة فيه وجبت هنا وإلا فلا وبه قال احمد وقال مالك و
أبو حنيفة لا يزكيها حتى يقبضها ويحول عليها الحول لان الأجرة إنما تستحق بانقضاء مدة الإجارة لا بالعقد مسألة لو اشترى نصابا جرى في الحول
حين العقد لأنه حين الملك ولهذا يملك المشترى النماء المنفصل وبه قال احمد وعند الشيخ بانقضاء الخيار وبه قال مالك واحمد في رواية وإلا لم يعد بالفسخ
والملازمة ممنوعة وكذا لو شرطا خيارا زايدا جرى في الحول من حين العقد أيضا وعند الشيخ من حين انقضاء الخيار وقال أبو حنيفة إن كان الخيار للبايع
لم ينتقل وإن كان للمشترى خرج عن البايع ولم يدخل في ملك المشتري وليس بجيد لاستحالة ملك بغير مالك وللشافعي ثلاثة أقوال قولان كقولنا وقول الشيخ والثالث
انه مراعى فان فسخناه ظهر عدم الانتقال وان أمضياه ظهر الانتقال فروع - آ - لو كان الخيار أزيد من حول ففسخ البايع العقد بعد الحول فالزكاة على المشترى لتعلقها
بالعين فيسقط من الثمن ما قابل الفريضة سواء فسخ قبل تمكنه من الأداء أو بعده - ب - الحول ينقطع عن البايع بمجرد العقد وإن كان الخيار له ولا فرق بين ان
يقبض المشترى أو لا فلو تم الحول في مدة الخيار المشروط أو تم وهما في المجلس فلا زكاة على البايع لانتقال ملكه عنه وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني الزكاة على البايع
بناء على عدم الانتقال - ج - لو رجع المبيع إلى المالك لو رد عليه استأنف حولا لأنه ملك متجدد حدث بعد زواله وكذا لو فسخ البيع في مدة المجلس بخياره لأنه لا يمنع نقل الملك
- د - لو حال الحول في مدة الخيار فالزكاة على المشترى لأنه مالكه وعلى قول الشيخ الزكاة على البايع فان أخرجها من غيره فالبيع بحاله وان أخرجها منه بطل البيع في المخرج دون
الباقي لان تفريق الصفقة لا يقتضى الفسخ وهل ثبت الخيار للمشترى اشكال ينشأ من التفريق ومن تقدير وجوده عند العقد لعلم المشترى به وان لم يخرجها حتى
سلمه إلى المشترى فانقضت مدة الخيار لزم البيع فيه وكان عليه الاخراج من غيره كما لو باع ما وجبت فيه الزكاة مسألة لو أصدقها نصابا فإن كان في الذمة
كان دينا حكمه حكم الديون ولا فرق بين ما قبل الدخول وبعده لأنه دين في الذمة ولان بين ان يكون حيوانا أو غيره وقال الشافعي لا زكاة في الحيوان لان من شرط
وجوب الزكاة السوم للنماء وهو غير حاصل في الدين فان طلقها قبل الدخول واخذت نصفه فان أوجبنا الزكاة في الدين وجب فيما قبضته دون ما لم يقبضه لأنه
دين لم يتعوض عنه ولم يقبضه فأشبه ما تعذر قبضه لفلس أو جحود وكذا لو فسخت النكاح قبل الدخول فسقط المهر كله فلا زكاة وكذا كل دين سقط قبل قبضه
من غير اسقاط صاحبه أو يأس صاحبه من استيفائه لان الزكاة مواساة فلا تلزم فيما لم يحصل فروع - آ - لو كان الصداق عينا ملكته بالعقد فتجب عليها
الزكاة إذا حال عليه الحول سواء كان في يد الزوج الباذل أو في يدها وإن كان كله في معرض السقوط بالردة والفسخ أو بعضه بالطلاق - ب - لو كان الصداق
نصابا فحال عليه الحول ثم سقط نصفه وقبضت النصف فعليها زكاة المقبوض لان الزكاة وجبت فيه ثم سقطت من نصفه لمعنى اختص به فاختص السقوط
به ولو مضى عليه حول ثم قبضته كله زكته لذلك الحول ولو مضت عليه أحوال قبل قبضه ثم قبضته زكته لما مضى كله ما لم ينقص عن النصاب لأنه مال تستحق قبضه ويجبر المديون على أدائه فوجبت فيه الزكاة كثمن المبيع
وبه قال احمد والشافعي وقال أبو حنيفة لا تجب عليها الزكاة ما لم تقبضه لأنه بدل عما ليس بمال فلا تجب الزكاة فيه قبل قبضه كمال الكتابة ونمنع الأصل و
يفرق بعدم استحقاق قبضه فان للمكاتب ان يمتنع من أدائه - ج - لو قبضت صداقها قبل الدخول ومضى عليه حول فزكته من العين ثم طلقها الزوج رجع
عليها بنصفه وكانت الزكاة من النصف الباقي فيرجع في عشرين جزأ من الغنم من تسعة وثلاثين جزأ وهو قول للشافعي واحمد لقوله تعالى فنصف ما فرضتم و
لأنه يمكنه الرجوع في العين فلم يكن له العدول إلى القيمة وقال الشافعي في بعض أقواله يرجع الزوج بنصف الموجود نصف قيمة المخرج لأنه لو تلف الكل
رجع عليها بنصف قيمته فكذلك إذا تلف البعض والجواب الفرق بأنه مع تلف الكل لا يمكنه الرجوع في العين وله قول ثالث التخيير بين نصف الموجود ونصف قيمة المفقود وبين نصف
قيمة الكل لأنه قد تبعض عليه حقه فلم يمكنه الرجوع إلى نصف العين فكان له العدول إلى القيمة والوجه عندي الرجوع في نصف الموجود والمطالبة بعوض الزكاة
إما مثلا أو قيمة على التفصيل ولو زكته من غير العين كان الرجوع في نصف العين - د - لو طلقها بعد الحول وقبل الاخراج قال الشيخ فان أخرجتها من عين المال اخذ الزوج نصف الباقي وان
أخرجتها من غيره فكذلك وان لم تكن أخرجت لكن اقتسمت هي والزوج الصداق كان ما اخذه الزوج صحيحا وعليها فيما أخذته حق الصدقة فان هلك نصيبها
وبقى نصيب الزوج كان للساعي ان يأخذ حقه من نصيب الزوج ويرجع الزوج عليها بقيمته لان الزكاة تجب في العين دون الذمة وهذا القول من الشيخ يشعر بأن لها ان تخرج
من العين وبه قال الشافعي ومنع احمد من ذلك لان حق الزوج تعلق به على وجه الشركة والزكاة لم تتعلق به على وجه الشركة - ه‍ - للشافعي في جواز القسمة قبل أداء
الزكاة على تقدير تعلقها بالعين وجهان المنع لان المساكين شركاء معهما فلا تجوز القسمة دونهم والجواز لان للمالك الدفع من أي الأموال شاء فحينئذ للساعي
الاخذ من نصيب الزوجة كل الزكاة لأنها وجبت عليها قبل ثبوت حق الزوج فإذا لم يجد لها مالا اخذ من نصيب الزوج لان الزكاة وجبت بسببه فإذا
اخذ الزكاة ففي بطلان القسمة وجهان البطلان لتعين حق الفقراء في المال المقسوم وعدمه لان تعيينه حصل بعد صحة القسمة ويرجع الزوج عليها
بقيمة الزكاة - و - لو كان الصداق دينا فأبرأته منه بعد الحول فالزكاة فيها على تقدير وجوب الزكاة في الدين وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنها تصرفت
فيه فأشبه ما لو قبضته والثانية الزكاة على الزوج لأنه ملك ما ملك عليه فكأنه لم يزل ملكه عنه وهو غلط فان الزوج لم يملك شيئا بل سقط الدين
عنه ويحتمل عدم الوجوب فان المرأة لم تقبض فلم تلزمها زكاته كما لو سقط بغير اسقاطها وكذا البحث في كل دين أبرأه صاحبه منه بعد الحول - ز - لو طلقها
بعد الحول قبل الدخول والتمكن من الأداء وجبت الزكاة وان استحق الزوج النصف قبل التمكن من الأداء بخلاف التالف لأن العين هنا باقية وقد أخذت
عوضها وهو البضع بخلاف التالف إذ لا عوض له - ح - لو تلف النصف بتفريطها تعلق حق الساعي بالعين وضمنت للزوج مسألة اللقطة إنما
تملك بالتعريف حولا ونية التملك على الأقوى فلا تجرى في حول الزكاة حتى تمضى حول التعريف ثم ينوى التملك فحينئذ يستقبل الحول وبه قال الشافعي وعند الشيخ تملك
بمضي التعريف حولا وان لم ينو التملك وهو ظاهر مذهب احمد وإذا ملكها وجب عليه مثلها أو قيمتها ان لم تكن مثلية وبه قال الشافعي وسيأتى فحينئذ تجب الزكاة
عند الحول ومقتضى قول المانعين من الوجوب على المديون المنع هنا لأنه دين وقيل لا تجب بمعنى اخر وهو عدم استقرار الملك إذ لصاحبها اخذها متى وجدها
مسألة امكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب فلو لم يتمكن المسلم من اخراجها بعد الحول حتى تلفت لم يضمن ولو تلف بعض النصاب سقط من الفريضة
لقدره وسيأتى البحث في ذلك انشاء الله تعالى أما الكافر فان الزكاة وان وجبت عليه عندنا لأنه مخاطب بالفروع وبه قال الشافعي خلافا لأحمد وأبي حنيفة
إلا أنه لا يصح منه اداؤها حال كفره فإذا أسلم سقطت عنه وإن كان النصاب موجودا لأنها عبادة فسقطت باسلامه لقوله (ع) يجب ما قبله ويستأنف
204

الحول حين الاسلام ولو هلكت بتفريطه حال كفره فلا ضمان وان أسلم وأما المرتد فلا يسقط عنه ما وجب عليه حال الاسلام ثم إن كان عن فطرة انتقلت
أمواله إلى ورثته في الحال وإلا بقيت عليه فإذا حال الحول وجبت عليه وإذا خرج في حال الردة جاز وبه قال الشافعي كما لو أطعم عن الكفارة وفيه له وجه اخر واما
الشرائط الخاصة فسيأتي عند كل صنف انشاء الله تعالى المقصد الثاني في المحل وقد أجمع المسلمون كافة على ايجاب الزكاة في تسعة أشياء الإبل والبقر والغنم
والذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب واختلفوا فيما زاد على ذلك وسيأتى فيها مطالب الأول في زكاة الأنعام وفيه فصول الفصل الأول في زكاة
الإبل مسألة يشترط فيها أربعة الملك والنصاب والسوم والحول أما الملك فلما تقدم ان غير المالك لا زكاة عليه وأما النصاب فبإجماع المسلمين
لقول رسول الله صلى الله عليه وآله ليس فيما دون خمس ذود؟ صدقة وقال الصادق (ع) ليس فيما دون الخمس من الإبل شئ إذا عرفت هذا فالنصب في الإبل
ثلاثة عشر نصابا خمس عشر خمس عشرة عشرون خمس وعشرون ست وعشرون ست وثلاثون ست وأربعون إحدى وستون ست وسبعون إحدى وتسعون
مائة واحدى وعشرون ثم بعد ذلك أربعون أو خمسون بالغا ما بلغت عند علمائنا أجمع وسيأتى البحث في ذلك مسألة يشترط فيها وفى غيرها من
الانعام السوم وهي الراعية المعدة للدر والنسل واحترزنا بذلك عن المعلوفة وإن كانت للدر والنسل والعوامل وان لم تكن معلوفة فإنه لا زكاة فيهما عند علمائنا أجمع وبه قال
علي (ع) ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله ومن التابعين سعيد بن جبير وعطا ومجاهد والحسن البصري والنخعي ومن الفقهاء الشافعي وأبو حنيفة والثوري
والليث بن سعد واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد لقوله (ع) في أربعين من الغنم السائمة شاة دل بمفهومه على انتفاء الزكاة عن المعلوفة وإلا كان
ذكر الوصف ضايعا بل موهما للتخصيص ولو لم يكن مرادا كان قبيحا وقال (ع) ليس في البقر العوامل صدقة ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق
(ع) وليس على العوامل شئ إنما ذلك على السائمة الراعية ولان وصف الماء معتبر في الزكاة والمعلوفة يستغرق علفها نماؤها وقال مالك تجب في
العوامل والمعلوفة وبه قال ربيعة ومكحول وقتادة وقال داود تجب في عوامل البقر والإبل ومعلوفها دون الغنم لقوله (ع) في أربعين شاة شاة و
في ثلاثين من البقر تبيع ولأنه تجوز الأضحية به فأشبه السائمة والحديث يخصه مفهوم الخطاب والفرق بين السائمة والمعلوفة لزوم المؤنة في المعلوفة والعوامل معدة
لاستعمال مباح فأشبهت الثياب مسألة لو سامت بعض الحول وعلفها البعض الاخر قال الشيخ (ره) يحكم للأغلب وبه قال أبو حنيفة واحمد وبعض
الشافعية لان اسم السوم لا يزول مع القلة وخفة المؤنة موجودة فكانت زكاة السوم واجبة كالزرع إذا سقى سيحا وناضحا وقال بعض الشافعية ان علفها يوما
أو يومين لم يبطل حكم السوم وان علفها ثلاثة أيام زال حكم السوم لان ثلاثة أيام لا تصبر عن العلف وما دون ذلك تصبر عن العلف ولا يتلف بتركه وقال
بعضهم إنما يثبت حكم العلف بأن ينوى علفها ويفعله وإن كان مرة كما لو كان له ذهب فنوى صياغته وصاغه انقطع حوله ولان السوم موجب والعلف
مسقط وإذا اجتمعا غلب الاسقاط كما لو كان معه أربعون منها واحدة معلوفة لم تجب تغليبا للمسقط والزرع اعتبر فيه الأكثر لأنه غير مسقط بخلاف مسئلتنا والأقرب
عندي اعتبار الاسم فإن بقى عليها اسم السوم وجبت والا سقطت فروع - آ - إذا أخرجت عن اسم السوم بالعلف ثم عادت إليه استونف الحول من حين العود و
لا فرق بين ان يعلفها مالكها أو غيره باذنه أو بغير اذنه من مال المالك ولو علفها من ماله فالأقرب الحاقها بالسائمة لعدم المؤنة حينئذ ولا فرق بين ان يكون العلف
لعذر كالثلج أو لا - ب - لو علفها بقصد قطع الحول وخرجت عن اسم السائمة انقطع الحول وقال الشافعي لا ينقطع وسيأتى بحثه في قاصد الفرار بالسبك - ج - لو تساوى
زمان العلف والسوم فعندنا لا زكاة وعلى قول الشيخ من اعتبار الأغلب ينبغي السقوط أيضا - د - لو اعتلفت من نفسها حتى خرجت عن اسم السائمة سقطت الزكاة
ومن اعتبر القصد من الشافعية لم يسقطها واسقطها بعضهم لخروجها عن اسم السوم - ه‍ - لو غصب سائمته غاصب فلا زكاة عندنا ومن أوجبها في المغصوب فعنده
وجهان الوجوب لان فعل الغاصب عدم الأثر وكذا لو غصب ذهبا واتخذ منه حليا لا تسقط وهو ممنوع والعدم لفوات شرط السوم كما لو ذبح بعض الماشية ولو غصب
معلوفة وأسامها فوجهان الوجوب لحصول الرفق كما لو غصب حنطة فبذرها يجب العشر في النابت والمنع لما تقدم فان وجبت قيل تجب على الغاصب لأنه من فعله و
قيل على المالك ففي رجوعه على الغاصب وجهان المنع لان السبب في الوجوب ملك المالك والرجوع لأنه لولا الاسامة لم تجب وهل يرجع قبل الاخراج أو بعده وجهان
وهذا كله ساقط عنا مسألة المال الذي تجب فيه الزكاة ضربان ما هو نماء في نفسه وما يرصد للنماء فالأول الحبوب والثمار فإذا تكامل نماؤه وجبت فيه الزكاة ولا
يعتبر فيه حول ولا يرصد للنماء كالمواشي يرصد للدر والنسل والذهب والفضة للتجارة فإنه لا تجب فيه الزكاة حتى يمضى فيه حول من حين تم نصابه في ملكه وبه قال جميع
الفقهاء لقوله صلى الله عليه وآله لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) ليس على العوامل من الإبل والبقر
شئ إنما الصدقات على السائمة الراعية وكل ما لم يحل عليه الحول عند ربه فلا شئ عليه فيه فإذا حال الحول وجب عليه وقول الباقر (ع) الزكاة على المال
الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحركه وحكى عن ابن عباس وابن
مسعود انهما قالا إذا استفاد المال زكاه في الحال ثم يتكرر الزكاة بتكرار الحول لأنه مال تجب فيه الزكاة فوجبت حال استفادته كالحبوب والثمار والفرق
ان الغلات يتكامل نماؤها دفعة ولهذا لا تتكرر الزكاة فيها بخلاف هذه مسألة يشترط بقاء النصاب طول الحول فلو نقص في وسطه أو أحد طرفيه وكمل
اعتبر ابتداء الحول من حين الكمال وسقط حكم الأول عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد لقوله عليه السلام لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وهو
يقتضى مرور الحول على جميعه ولان ما اعتبر في طرفي الحول اعتبر في وسطه كالملك والاسلام وحكى عن أبي حنيفة ان النصاب إذا أكمل في الحول لم يضر نقصه في وسطه و
ليس بجيد مسألة وحولان الحول هو مضى أحد عشر شهرا كاملة على المال فإذا دخل الثاني عشر وجبت الزكاة وان لم تكمل أيامه بل تجب بدخول الثاني عشر
عند علمائنا أجمع لقول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل كانت له مائتا درهم فوهبها بعض اخوانه أو ولده أو أهله فرارا من الزكاة إذا دخل الثاني عشر
فقد حال عليه الحول ووجبت عليه الزكاة فروع - آ - في احتساب الثاني عشر من الحول الأول أو الثاني إشكال ينشأ من أنه عن تمام الأول حقيقة ومن صدق الحولان
باستهلال الثاني عشر - ب - لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة وبعده يجب الجميع ان فرط وإلا فبالنسبة - ج - لو ارتد في أثناء الحول عن فطرة استأنف
ورثته الحول ولو كان عن غيرها أتم مسألة لا تجب الزكاة في السخال وهي أولاد الغنم أول ما تلدها حتى يحول عليها الحول من حين سومها ولا يبنى على حول
الأمهات فلو كان عنده أربع ثم نتجت وجبت الشاة إذا استغنت بالرعي حولا ولو كانت عنده خمس ستة أشهر ثم نتجت خمسا وتم الحول وجبت الزكاة في الخمس لا
205

غير عند علمائنا وبه قال الحسن البصري والنخعي لقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول والأصالة البراءة وقال الشافعي السخال تضم إلى الأمهات في حولها
بثلاث شرائط أن تكون متولدة منها وأن تكون الأمهات نصابا وان توجد معها في بعض الحول فلو لم تكن متولدة منها بل كان الأصل نصابا واستفاد مالا
من غيرها وكانت الفايدة من غير عينها لم تضم إليها ولو كان حول الفائدة معتبرا بنفسها سواء كانت الفايدة من جنسها بأن يحول على خمسة من الإبل ستة
أشهر ثم يملك خمسا منها أو من غير جنسها مثل ان حال على خمسة من الإبل ستة أشهر ثم ملك ثلاثين بقرة ولو ملك عشرين شاة ستة أشهر فزادت حتى
بلغت أربعين كان ابتداء الحول من حين كملت نصابا سواء كانت الفائدة من عينها أو من غيرها لقصور الأمهات عن النصاب
ولو وجدت بعد انقضاء الحول لم تضم إليها واحتج على التبعية لقول علي (ع) اعتد عليهم بالكبار والصغار وقال عمر لساعيه اعتد عليهم بالسخلة
ولا مخالف لهما فكان اجماعا ولان النماء إذا تبع الأصل في الملك تبعه في الزكاة كأموال التجارة والجواب نقول بموجب الحديث فان السخال والصغار تجب فيهما
الزكاة مع حصول السوم ونمنع حكم الأصل ونازع أبو حنيفة الشافعي في الشرط الأول فقال إذا استفاد سخلا من غير غنمه في أثناء الحول ضم إلى ماله إذا كان
من جنسه وكان حول الأمهات حول السخال وان لم تكن من جنسه كسخال الإبل مع الغنم لم تضم فلو كان عنده خمس من الإبل حولا إلا يوما فملك خمسا من الإبل ثم
مضى اليوم زكى المالين معا وبه قال مالك لكن انفرد أبو حنيفة بأنه ان زكى بدلها لم تضم مثل إن كان عنده خمس من الإبل ومائتا درهم اخرج زكاة
المالين المأتين ثم اشترى بها خمسا من الإبل لم تضم إلى التي كانت عنده في الحول وان لم يزك المبدل ضمها معا ولو كان عنده عبد واخرج زكاة الفطرة عنه ثم
اشترى به خمسا من الإبل ضمها إلى ما عنده واحتج أبو حنيفة على الضم وان لم يكن من أصله بان الحول أحد شرطي الزكاة فوجب ان يضم المستفاد إلى النصاب
فيه كالنصاب وينتقض بالمزكى بدله ولان الضم في النصاب إنما هو في المستقبل وكذا في الحول وينتقض بقوله (ع) ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول
عليه الحول ولأنها فايدة لم تتولد مما عنده فلم تضم إليه في حوله كالتي زكى بدلها أو كانت من غير جنسه ونازع مالك الشافعي في الشرط الثاني فقال لو كان
الغنم أقل من أربعين ومضى عليها بعض الحول ثم توالدت وتمت الأربعين اعتبر الحول من حين ملك الأصول وهو إحدى الروايتين عن أحمد لان السخال
إنما تضم في الزكاة فتجب ان تضم إلى ما دون النصاب كأرباح التجارات ونمنع الحكم في الأصل وللفرق بأن مراعاة القيمة في كل حال يشق فاعتبر اخر الحول
بخلاف السخال لان الزكاة تجب في عينها فلا يشق ذلك فيه فاعتبر في جميع الأصل الحول كما لو تمت بغير سخالها فروع - آ - لو نتجت بعد الحول وقبل امكان الأداء
لم تضم عندنا وهو ظاهر وللشافعي قولان مبنيان على وجوب الزكاة هل تتعلق بامكان الأداء أم لا فإن قيل بأنه شرط الوجوب ضمته وان قيل إنه شرط
الضمان لم تضم - ب - لا تؤخذ السخلة في الزكاة إجماعا إما عندنا فلعدم الوجوب واما المخالف فلقول عمر اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه
ولا تأخذها منهم ولو كان النصاب كله صغارا جاز اخذ الصغيرة وإنما يتصور عندهم لو بدل كبارا بصغار في أثناء الحول أو كان عنده نصاب من الكبار
فتوالدت نصابا من الصغار ثم ماتت الأمهات وحال الحول على الصغار وهو ظاهر قول احمد وقال مالك لا يؤخذ إلا كبيرة تجرى في الأضحية لقوله (ع)
إنما حقنا في الجذعة أو الثنية وهو محمول على ما فيه كبار - ج - لو ملك نصابا من الصغار انعقد عليه حول الزكاة من حين ملكه إذا صدق عليه اسم السوم
وإلا فلا وقال أبو حنيفة واحمد في رواية لا تنعقد عليه الحول حتى يبلغ سنا يجزى مثله في الزكاة وهو محكى عن الشعبي لقوله (ع) ليس في السخال زكاة
ولان السن معنى يتغير به الفرض فكان لنقصانه تأثير في الزكاة كالعدد وفى رواية عن أحمد انها تنعقد عليها الحول من حين الملك وان لم تكن سائمة لأنها تعد
مع غيرها فتعد منفردة كالأمهات والعلة ممنوعة - د - وقد بينا انه لا زكاة في السخال ولا تضم مع الأمهات وعند الشافعي تضم بالشروط الثلاثة فلو اختلف الساعي
ورب المال في شرط منها فقال المالك هذه السخال من غيرها أو كانت أقل من نصاب أو نتجتها بعد تمام الحول وخالف الساعي قدم قول المالك لأنه امين فيما
في يده لأنها تجب على طريق المواساة والرفق فقبل قوله فيه من غير يمين - ه‍ - إذا ضمت السخال إلى الأمهات على رأى الشافعي ثم تلف بعض الأمهات أو جميعها وبقى نصاب
لم ينقطع الحول وبه قال مالك لان السخال قد ثبت لها حكم الحول تبعا للأمهات فصارت كما لو كانت موجودة في جميع الحول فموت الأمهات أو نقصانها لا
يبطل ما ثبت لها كما أن ولد أم الولد ثبت له حكم الاستيلاد على وجه التبع لامه فإذا ماتت الام لم يبطل حكم الاستيلاد للولد وقال بعض الشافعية إذا نقصت
الأمهات عن النصاب بطل حكم الحول فيها وفى السخال لان السخال انما ضمت إليها على وجه التبع فإذا نقصت الأمهات لم تتبعها السخال كما لا تتبعها في الابتداء
لو كانت ناقصة ولو تلفت جميع الأمهات قال الشافعي لا ينقطع الحول إذا كانت نصابا لان كل نوع يعد في الزكاة مع غيره يعد وحده كالثنايا والجذاع وقال أبو حنيفة ينقطع الحول وإن كانت نصابا ولو بقى واحدة لم ينقطع ولو ملك أربعين صغيرة انعقد الحول
عند الشافعي خلافا له لقوله (ع) ليس في السخال زكاة - و - لو كانت في الإبل فصلان وفى البقر عجاجيل فان سامت حولا اعتبرت وإلا فلا والمخالفون في
السخال خالفوا هنا إذا عرفت هذا فلو كانت الإبل كلها فصلانا والبقر عجاجيل اخذ واحد منها وقال بعض الشافعية لا يؤخذ إلا السن المنصوص عليه
لأنا لو أخذنا واحدا منها لسوينا بين خمس وعشرين واحدى وستين واخذنا فصيلا من كل واحد من العددين وهو غير جايز فأخذ كبيرة بالقيمة بأن
نقول كم قيمة خمس وعشرين كبارا فإذا قيل مائة قيل كم قيمة بنت مخاض فإذا قيل عشرة فيقال كم قيمتها فصلانا فيقال خمسون اخذ بنت مخاض قيمتها خمسة وقال
بعض الشافعية إنما يفعل ذلك ما دام الفرض يتغير بالكبر فإذا تغير بالعدد كست وسبعين اخذ من الصغار وليس بجيد لأدائه إلى التسوية بين الأربعين و
الخمسين وبين الثلاثين والأربعين في البقر والنبي صلى الله عليه وآله فرق بينهما مسألة أول نصب الإبل خمس وفيها شاة فلا يجب فيما دونها شئ ثم عشر وفيه شاتان
ثم خمس عشرة وفيه ثلاث شياة ثم عشرون وفيه أربع شياة وهذا كله باجماع علماء الاسلام فإذا بلغت خمسا وعشرين فأكثر علمائنا على أن فيها خمس شياة إلى ست
وعشرين ففيها حينئذ بنت مخاض لقول علي (ع) في خمس وعشرين خمس شياة ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) في خمس وعشرين خمس من الغنم
ولان الخمس الزائدة على العشرين كالخمس السابقة ولا مالا ينتقل من الشاة إلى الجنس بزيادة خمس في شئ من نصب الزكاة المنصوصة وقال ابن أبي عقيل منا
في خمس وعشرين بنت مخاض وهو قول الجمهور كافة لان أبا بكر كتب لأنس لما وجهه إلى البحرين كتاب الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا بلغت
خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض. ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) في كل خمس شاة حتى تبلغ خمسا وعشرين فإذا بلغت ذلك ففيها
بنت مخاض ونمنع الاحتجاج برواية أبى بكر لجواز أن يكون رأيا له أو يضمن فيها زيادة واحدة وهو جواب الثانية وقال ابن الجنيد يجب بنت مخاض أو ابن لبون فان
206

تعذر فخمس شياة مسألة إذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين فإذا زادت واحدة وبلغت إحدى
وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإذا صارت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين فإذا صارت إحدى وتسعين ففيها حقتان إلى مائة وعشرين وهذا كله لا
خلاف فيه بين العلماء لأنه في كتاب أبى بكر لأنس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فإذا كانت خمسا وعشرين ففيها خمس من الغنم فإذا زادت واحدة ففيها ابنة
مخاض إلى خمس وثلاثين فإذا لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر فان زادت واحدة على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون أنثى إلى خمس وأربعين فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى
ستين فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى سبعين فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة فإذا كثرت الإبل
ففي كل خمسين حقة مسألة إذا زادت على مائة وعشرين ولو واحدة وجب في كل خمسين حقة وفى كل أربعين بنت لبون فتجب هنا ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين
ففيها حقة وبنتا لبون إلى مائة وأربعين ففيها حقتان وبنتا لبون إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق وعلى هذا الحساب بالغا ما بلغ عند علمائنا وبه قال ابن
عمر وأبو ثور والأوزاعي والشافعي وإسحاق واحمد في إحدى الروايتين ومالك في إحدى الروايتين لقوله صلى الله عليه وآله فإذا زادت على عشرين ومائة ففي
كل أربعين بنت لبون والواحدة زيادة وفى لفظ إلى عشرين ومائة فإذا زادت واحدة ففي كل أربعين بنت لبون وفى كل خمسين حقة ومن طريق الخاصة
قول الباقر والصادق (ع) فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفى كل أربعين بنت لبون ولان ساير ما جعله النبي صلى الله عليه وآله
غاية للفرض إذا زاد عليه واحدة تغير المفرض وقال احمد في الرواية الأخرى وأبو عبيد لا يتغير الفرض حتى يبلغ مائة وثلاثين فيكون فيها حقة وبنتا لبون
لان الفرض لا يتغير بزيادة الواحدة كساير الفروض ولو سلم فكذا هنا لان الواحدة إنما يعتد بها مع ما قبلها فأشبهت الواحدة الزايدة على الستين والسبعين وقال
مالك في الرواية الأخرى إذا زادت واحدة تغير الفرض إلى تغيير الساعي بين الحقين وثلاث بنات لبون وقال ابن مسعود والنخعي والثوري وأبو حنيفة إذا زادت
الإبل على عشرين ومائة استونفت الفريضة في كل خمس شاة إلى مائة وأربعين ففيها حقتان وأربع شياة إلى خمس وأربعين ومائة فيكون فيها حقتان وبنت
مخاض إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق ثم يستأنف الفريضة أيضا بالغنم ثم بنت مخاض ثم بنت لبون ثم حقة فيكون في كل خمس شاة إلى مائة وسبعين فيكون
فيها ثلاث حقاق وأربع شياة فإذا بلغت خمسا وسبعين ففيها ثلاث حقاق وبنت مخاض إلى مائة وخمس وثمانين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث حقاق وبنت
لبون إلى مائة وخمس وتسعين فإذا زادت واحدة ففيها أربع حقاق إلى مائتين ثم يعمل في كل خمسين ما عمل في الخمسين التي بعد مائة وخمسين إلى أن ينتهى إلى الحقاق
فإذا انتهى إليها انتقل إلى الغنم ثم بنت مخاض ثم بنت لبون ثم حقة على هذا ابدا لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله كتب لعمر بن حزم كتابا ذكر فيه الصدقات و
الديات وغيرها فذكر فيه ان الإبل إذا زادت على مائة وعشرين استونفت الفريضة في كل خمس شاة وفى كل عشر شاتان وقد روى عن عمر بن حزم مثل قولنا
وإذا اختلفت روايته سقطت أو يزاد إذا زادت في أثناء الحول فان الزيادة لها حكم نفسها أو يقول استونف بمعنى استقرت على هذين الشيئين وفى قوله في كل
خمس شاة يحتمل ان يكون تفسير الراوي على ظنه ولان ما قلناه موافق للقياس فان الجنس إذا وجب فيه من جنسه لا يجب فيه من غير جنسه وإنما جاز ذلك في الابتداء
لأنه لم يحتمل ان يجب فيه من جنسه وقد زال هذا المعنى وروى الجمهور عن علي (ع) و عبد الله مثل قول أبي حنيفة ولم يثبت عنهما وقال ابن جرير وهو مخير
بين مذهب الشافعي وأبي حنيفة مسألة لو كانت الزيادة على عشرين ومائة يجزء من بعير لم يتغير الفرض إجماعا لان الأحاديث تضمنت اعتبار الواحدة
ولان الأوقاص كلها لا يتغير فرضها بالجزء كذا هنا وقال أبو سعيد الإصطخري يتغير الفرض لان الزيادة مطلقة عامة وما ذكرناه أخص مسألة إذا اجتمع
في نصاب الفريضتان كمائتين وكأربعمائة يتخير المالك بين اخراج حقاق وبنات اللبون عند علمائنا وبه قال احمد في إحدى الروايتين لقوله صلى الله عليه وآله في كتاب
الصدقات فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون أي للسنين وجدت أخذت ولأنه قد اجتمع عددان كل واحد منهما سبب في ايجاب ما تعلق به الفرض
والجمع باطل وتخصيص أحدهما ترجيح من غير مرجح فوجب التخيير وقال الشافعي في القديم تجب الحقاق لا غير وبه قال أبو حنيفة واحمد في رواية لان الفرض يتغير بالسن
في فرايض الإبل أكثر من تغييره بالعدد فان في مائة وستين أربع بنات لبون ثم كل ما زاد عشرا زاد سنا فيكون في مائة وتسعين ثلاثة حقاق وليس بشئ
لان كل عدد تغير الفرض فيه بالسن وإنما تغير لقصوره عن ايجاب عدد الفرض فروع - آ - الخيار إلى الملك عندنا وبه قال احمد في رواية لقوله صلى الله عليه وآله
لمعاذ إياك وكرايم أموالهم ولأنها زكاة ثبت فيها الخيار فكان ذلك لرب المال كالخيار في الجيران بين شاتين أو عشرين درهما وبين النزول والصعود وتعيين المخرج
وقال الشافعي في الجديد يتخير الساعي فيأخذ أحظهما للفقراء فان اخرج المالك لزمه أعلى الفرضين لقوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولأنه وجد
سبب الفرضين فكانت الخيرة إلى مستحقه أو نائبه كقتل العمد الموجب للقصاص أو الدية ولا دلالة في الآية لأنه انما يأخذ الفرض بصفة المال فيأخذ من
الكرايم مثلها والأدنى ليس بخبيث ولهذا لو لم توجد الا سنة وجب اخراجه ونمنع الأصل ويبطل بشاة الجبران
وقياس الزكاة على الزكاة أولي من قياسها
على الدية - ب - التخيير إذا وجد الفرضان عنده فان وجد أحدهما احتمل تعيين الفرض فيه لعدم الاخر وهو قول الشافعي بناء على التخيير وتخيير المالك في
اخراجه وشراء الاخر لان الزكاة لا تجب في العين وهو قول بعض الجمهور وهو أقوى ولو عدمهما تخير في شراء أيهما كان لاستقلال كله منهما بالابراء و
لأنه إذا اشتهر أحدهما تعين الفرض فيه لعدم الاخر وبه قال الشافعي - ج - لو أراد اخراج الفرض من النوعين فإن لم يحتج إلى تشقيص جاز مثل ان يخرج عن
أربع مئة أربع حقاق وخمس بنات لبون وبه قال أكثر الشافعية وقال أبو سعيد الإصطخري لا يجوز لما فيه من تفريق الفريضة وهو غلط لان كل واحدة
من المأتين منفردة بفرضها وان احتاج بان يخرج عن المأتين حقتين وبنتي لبون ونصف جاز بالقيمة لا بدونها لعدم ورود الشرع بالتشقيص إلا
من حاجة ولهذا جعل لها أو قاصا دفعا للتشقيص عن الواجب فيها وعدل فيما نقص عن ست وعشرين من الإبل عن ايجاب الإبل إلى ايجاب الغنم فلا يصار إليه مع
امكان المعدول عنه إلى ايجاب فريضة كاملة إما بالقيمة فيجوز لتسويغ اخراجها - د - لو أخذ الساعي الأدنى جاز ولا يخرج رب المال الفضل وجوبا لما
بينا من تخيير المالك وقال الشافعي يخرج الفضل وجوبا في أحد الوجهين لأنه اخرج دون الواجب فكان عليه الإكمال في الاخر مستحب كما بيناه فعلى
الأول لو كان يسيرا لا يمكن شراء جزء حيوان به أخرجه دراهم وان أمكن فوجهان الشراء لعدم جواز اخراج القيمة عنده واخراج الدراهم لمشقة شراء الجزء
واخراجه وعدم النص فيه بخلاف الكل وقال بعض الشافعية إن كان المأخوذ باقيا رده الساعي واخذ الاعلى وإلا رد قيمته واخذ الاعلى وقال بعضهم يخرج الفضل
207

مع التلف مسألة لو وجد أحد الفرضين ناقصا والاخر كاملا أخذ الكامل مثل ان يجد في المأتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق تغير أخذ الفريضة الكاملة
لان الجبران بدل يشترط له عدم المبدل نعم لو ساوت قيمته جاز ولو كانا ناقصين بأن كان فيه ثلاث حقاق وأربع بنات لبون تخير ان شاء اخرج بنات اللبون
وحقة وأخذ الجبران وان شاء اخرج الحقاق وبنت اللبون مع الجبران ولو قال خذ منى حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لكل واحدة لم يجز إلا على
القيمة وللشافعي وجهان المنع لأنه يعدل عن الفرض مع وجوده إلى الجبران والجواز لأنه لابد من الجبران فكما جاز مع واحدة جاز مع أكثر ولو لم يجد إلا حقة
وأربع بنات لبون أداها وأخذ الجبران وهل له دفع الحقة وثلاث مع الجبران اشكال مسألة من وجب عليه سن وليست عنده وعنده أعلى بمرتبة كان
له دفعها واستعادة الجبر بينهما وهو شاتان أو عشرون درهما وإن كان عنده أدون بمرتبة دفعها ودفع معها شاتين أو عشرين درهما كمن وجب عليه بنت مخاض وعنده بنت لبون دفعها واستعاد وبالعكس يدفع بنت المخاض
والجبران وكذا لو وجب عليه بنت لبون وعنده حقه أو بالعكس أو وجب عليه حقة وعنده جذعة أو بالعكس عند علمائنا أجمع وبه قال النخعي والشافعي وابن المنذر
واحمد لقوله (ع) ومن بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين ان استيسرتا
له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده الجذعة فإنها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين و
ساق الحديث إلى باقي المراتب ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنين (ع) في كتابه الذي كتب بخطه لعامله على الصدقة من بلغت عنده من المال الصدقة الجذعة
وليست عنده وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده جذعة قبلت منه ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقة الحقة وليست عنده وعنده ابنة لبون قبلت منه
ويعطى معها شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده حقة قبلت منه ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما ومن
بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده وعنده بنت لبون قبلت منه ويعطيه المصدق شاتين أو عشرين درهما وحكى عن الثوري وأبى عبيد وإسحاق
في إحدى الروايتين انهم قالوا الجبران شاتان أو عشرة دراهم لان عليا (ع) قال إذا أخذ الساعي في الإبل سنا فوق سن اعطى شاتين أو عشرة دراهم
ولان الشاة مقومة في الشرع بخمسة دراهم لان نصابها أربعون ونصاب الدراهم مائتان والحديث ضعيف السند عندهم ولا اعتبار بما ذكروه في النصب
فان نصاب الإبل خمسة والذهب عشرون وليس البعير مقوما بأربعة وقال أصحاب الرأي يدفع قيمة ما وجب عليه أو دون السن الواجبة وفضل ما بينهما دراهم
احترازا من ضرر المالك أو الفقراء وليس بمعتمد فان التخريج لا يصار إليه مع وجود النص إذا ثبت هذا فان ابن اللبون يجزى عن بنت المخاض وإن كان قادرا
على شراء بنت المخاض ولا جبران إجماعا لقوله (ع) فإن لم تكن فيها بنت مخاض فابن لبون ومن طريق الخاصة قوله (ع) ومن لم تكن عنده ابنة
مخاض على وجهها وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شئ ولان علوا السن جبر نقص الزكاة ولو وجدهما لم يجز ابن اللبون وإن كانت بنت المخاض
أعلى من صفة الواجب أو بل يخرجها أو يبتاع بنت مخاض مجزية ولو كانت بنت المخاض مريضة أجزأه ابن اللبون لان المريضة غير مقبولة عن الصحاح فكانت
كالمعدومة ولو عدمهما جاز ان يشترى مهما شاء وبه قال الشافعي لأنه مع ابتياعه يكون له ابن لبون فيجزيه وقال مالك يجب شراء بنت مخاض لأنهما استويا
في العدم فلا يجزى ابن اللبون كما لو استويا في الوجود والفرق وجود بنت المخاض هنا بخلاف العدم فروع - آ - لو عدم السن الواجبة والتي يليها كمن وجبت
عليه جذعة فعدمها وعدم الحقة ووجد بنت لبون أو وجب عليه بنت مخاض فعدمها وعدم بنت اللبون ووجد الحقة فالأقرب جواز الانتقال إلى الثالث مع
الجبران فيخرج بنت اللبون عن الجذعة ويدفع معها أربع شياة أو أربعين درهما ويخرج الحقة عن بنت المخاض ويسترد أربع شياة أو أربعين درهما وهو اختيار الشيخ
والشافعي لأنه قد جوز الانتقال إلى السن الذي يليه مع الجبران وجوز العدول عن ذلك أيضا إذا عدم مع الجبران إذا كان هو الفرض وهنا لو كان موجودا أجزأ
فإذا عدم جاز العدول إلى ما يليه مع الجبران ولان الأوسط يجزى بدله لتساويهما في المصالح المطلوبة شرعا وإلا
لقبح قيامه مقامه ومساوى المساوى مساو وقال ابن المنذر لا يجوز الانتقال إلا بالقيمة لان النص ورد بالعدول إلى السن واحدة فيجب الاقتصار عليه وهو ممنوع
- ب - يجوز العدول عن الجذعة إلى بنت المخاض وبالعكس مع عدم الأسنان المتوسطة بينهما فيؤدى مع دفع
الناقصة ست شياة أو ستين درهما ويسترد
مع دفع الأسنان الكاملة ست شياة أو ستين درهما - ج - إذا وجد السن الذي يلي الواجب لم يجز العدول إلى سن لا يليه لان الانتقال عن السن التي تليه إلى
السن الأخرى يدل فلا يجوز مع امكان الأصل فلو عدم الحقة وبنت اللبون ووجد الجذعة وبنت المخاض وكان الواجب الحقه لم يجز العدول إلى بنت المخاض
وإن كان الواجب بنت اللبون لم يجز اخراج الجذعة - د - لو أراد في الجبران يعطى شاة وعشرة دراهم فالأقرب عندي الجواز لتساوي كل من الشاتين و
العشرين ومنعه الشافعي لأنه تبعيض للجبران فلا يجوز كما لا يجوز تبعيض الكفارة والفرق جواز اخراج قيمة المنصوص هنا بخلاف ثم ويجوز ان يخرج عن أربع
شياة جبرانا شاتين وعشرين درهما لأنهما جبرانان فيهما كالكفارتين - ه‍ - لو أراد في فرض المأتين أن يخرج عن خمس بنات لبون خمس بنات مخاض أو عن أربع حقاق
أربع جذعات جاز أن يخرج بعض الجبران دراهم وبعضه شياة - و - لو عدم الفريضة ووجد ما يليه من الطرفين تخير في اخراج أيهما شاء ويدفع مع الناقصة و
يستعيد مع الزايد فلو وجب عليه بنت لبون وعنده بنت مخاض وحقة تخير والأقرب اخراج ما فيه الغبطة للمساكين - ز - لا اعتبار بالقيمة السوقية هنا
فلو زاد الجبران الشرعي أو نقص عن التفاوت السوقي لم يعتد به لأنه ساقط في نظر الشرع والأقرب عندي ان ذلك مع التقارب أو الاشتباه إما مع علم التفاوت
الكثير فاشكال لأدائه إلى عدم الاخراج بأن تكون بنت اللبون التي يدفعها عوضا عن بنت المخاض تساوى شاتين أو عشرين درهما - ح - الأقرب اجزاء بنت
مخاض عن خمس شياة مع قصور القيمة عنها لأنها تجزى عن ست وعشرين ففي خمس وعشرين أولي ويحتمل عدمه لان الواجب الفريضة أو قيمتها وليست أحدهما
وكذا الاشكال في اجزائها عن شاة في الخمس مع قصور القيمة لأنها تجزى عن ست وعشرين ففي خمس أولي - ط - لا جبران بين ما نقص عن سن بنت المخاض وبنتها
ولا بين ما زاد عن سن الجذعة وبنتها لان الأولى أقل أسنان الإبل في الزكاة والثانية أعلاها نعم يجبر بالقيمة - ى - الجبران مختص بالزكاة دون غيرها من
المقادير فلا جبران في الديات ولا في المنذورات - يا - لا مدخل للجبران في غير الإبل اقتصارا على مورد النص وليس غيرها في معناها ولا نعلم فيه خلافا فمن
عدم فريضة البقر أو الغنم ووجد الأدون أو الاعلى اخراجها مع التفاوت أو استرده بالتقويم السوقي ومن منع من القيمة أوجب في الأدون شراؤها فان
تطوع بالأعلى جاز وان وجب الاعلى كلف شراؤه - يب - لو كان النصاب كله مراضا وفريضته معدومة جاز له العدول إلى السفلى مع دفع الجبران المنصوص عليه
208

وليس له الصعود مع أخذ الجبران لان الجبران أكثر من الفضل الذي بين الفرضين وقد يكون الجبران جزأ من الأصل فان قيمة الصحيحين أكثر من قيمة المريضين
فكذلك قيمة ما بينهما - يچ - لو كان المخرج ولى اليتيم وقلنا بالوجوب فالأولى اخراج القيمة إن كان فيه الحظ وإلا أخرج الناقص مع الجبران أو دفع الزايد وأخذ
الجبران ولو كان اخراج القيمة أولي لم يجز للولي دفع الناقص مع الجبران إما لو كان اخراج القيمة أولي من العين فإنه يجوز اخراج العين - يد - لو اخرج بدل الجذعة
ثنية فالأقرب عدم إجابة أخذ الجبران لو طلبه لان المؤدى ليس من أسنان الزكاة فلا يؤخذ له الجبران كما لو اخرج فصيلا مع الجبران وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني الجواز لزيادة السن مسألة شرط سلار هنا في زكاة الإبل والبقر والغنم الأنوثة في النصاب فلا زكاة في الذكران وإن بلغت النصاب لدلالة
الأحاديث على أن في خمس من الإبل شاة وإنما يتناول الإناث إذ مدلول اسقاط التاء من العدد ذلك ولان الشرط اتخاذها للدر والنسل وإنما يتحقق في
الإناث وللبراءة الأصلية وباقي الأصحاب لم يشترطوا ذلك لعموم قول الصادق (ع) ليس فيما دون الأربعين من الغنم شئ فإذا كانت أربعين ففيها شاة
ولا دلالة في الحديث إذ ليس فيه منع من الوجوب في الذكورة فيبقى ما قلناه سالما عن المعارض ونمنع الشرط بل السوم وأن لا تكون عوامل والبرائة معارضة
بالاحتياط خصوصا مع ورود العمومات الفصل الثاني في زكاة البقر مسألة زكاة البقر واجبة بالسنة والاجماع قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من
صاحب ابل ولا بقر ولا غنم لا يؤدى زكاتها إلا جاءت يوم القيمة أعظم ما كانت وأسمن تنطحه بقرنها وتطؤه بأخفافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها
حتى يقضى بين الناس وقد أجمع المسلمون كافة على وجوب الزكاة فيها ولأنها أحد أصناف بهيمة الأنعام فوجبت الزكاة في سائمتها كالإبل مسألة وشروطها
أربعة كالإبل الملك والنصاب والسوم والحول وهما متساويان فيها إلا النصاب فان في البقر نصابين الأول ثلاثون فلا زكاة فيما نقص عن ثلاثين من
البقر باجماع علمائنا وهو قول عامة أهل العلم لان رسول صلى الله عليه وآله بعث معاذا إلى اليمن وأمره أن يأخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة
ومن كل أربعين مسنة ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) في البقر في كل ثلاثين بقرة تبيع حولي وليس في أقل من ذلك شئ وفى أربعين بقرة
بقرة مسنة وحكى عن سعيد بن المسيب والزهري انهما قالا في كل خمس من البقر شاة إلى أن تبلغ ثلاثين فإذا بلغت ففيها تبيع لان النبي صلى الله عليه وآله سوى
بين البقرة والبدنة في الهدى وجعل كل واحدة منهما بسبع شياة فينبغي ان يقاس البقر عليها في ايجاب الشاة وهو غلط لان خمسا من الإبل تقوم
مقامها خمس وثلاثون من الغنم ولا تجب فيها الشاة الواجبة في الإبل النصاب الثاني أربعون وعليه الاجماع فإنا لا نعلم فيه مخالفا مسألة والسوم شرط هنا كما
تقدم في الإبل عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر الجمهور لقول علي (ع) ليس في العوامل شئ وقول النبي صلى الله عليه وآله ليس في البقر العوامل صدقة و
من طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) وليس على النيف شئ ولا على الكسور شئ ولا على العوامل شئ إنما الصدقة على السايبة الراعية ولان صفة
النماء معتبرة في الزكاة ولا توجد إلا في السائمة وقال مالك ان في العوامل والمعلوفة صدقة كقوله في الإبل وقد تقدم مسألة والفريضة في الثلاثين
تبيع أو تبيعة يتخير المالك في اخراج أيهما شاء وفى الأربعين مسنة ثم ليس في الزايد شئ حتى تبلغ ستين فإذا بلغت ذلك ففيها تبيعان أو تبيعتان إلى
سبعين ففيها تبيع أو تبيعة ومسنة فإذا زادت ففي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة وفى كل أربعين مسنة عند علمائنا أجمع وهو قول الشعبي والنخعي والحسن
ومالك والليث والثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأبى عبيد وأبى يوسف ومحمد وأبى ثور لان معاذا قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله أصدق
أهل اليمن فعرضوا على أن آخذ ما بين الأربعين والخمسين وبين الستين والسبعين وما بين الثمانين والتسعين فأبيت ذلك وقلت لهم حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله
فقدمت وأخبرته فأمرني ان آخذ من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين
ومن التسعين ثلاثة أتباع ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسناة أربعة أتباع وأمرني أن لا آخذ فيما بين
ذلك شيئا إلا أن تبلغ مسنة أو جذعا يعنى تبيعا ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) وليس فيما بين الأربعين إلى الستين شئ فإذا بلغت الستين ففيها
تبيعان وعن أبي حنيفة ثلاث روايات احديها هذا والثانية ان فيما زاد على الأربعين بحسابه في كل بقرة ربع عشر مسنة لأنه لا يمكن ان يجعل الوقص تسعة عشر فان
جمع أو قاصها تسعة تسعة لأنه يكون اثباتا للوقص بالقياس فيجب في الزيادة بحصتها والثالثة إنه لا شئ فيها حتى تبلغ خمسين فيكون فيها مسنة
وربع لان ساير الأوقاص لا يزيد على تسعة كذا هنا وكلاهما في مقابلة النص ولا يسمع على أن الزيادة لا يتم بها أحد العددين فلا يجب بها شئ كما لو زاد على الثلاثين
ولم يبلغ الأربعين مسألة لا تخرج الذكر في الزكاة إلا في البقر فان ابن اللبون ليس بأصل إنما هو بدل على بنت مخاض ولهذا لا يجزى مع وجودها وإنما
يجزى الذكر في البقر عن الثلاثين وما تكرر منها كالستين والتسعين وما تركب من الثلاثين وغيرها كالسبعين فيها تبيع أو تبيعه ومسنة والمائة فيها مسنة و
تبيعان أو تبيعتان ولا يجزى في الأربعين وما تكرر منها كالثمانين إلا الإناث وكذا في الإبل غير ابن اللبون فلوا خرج عن الحقة حقا أو عن الجذعة جذعا أو
عن بنت المخاض ابن مخاض لم يجز ويجوز أن يخرج عن الذكر أنثى أعلى أو مساويا فيجوز اخراج المسنة عن التبيع ويجوز ان يخرج تبيعين ذكرين عن المسنة لأنهما
يجزيان عن الستين فعن الأربعين أولي ولو اخرج أكبر من المسنة جاز ولا مدخل للجبران هنا فلو وجب عليه مسنة ولم تكن عنده فأراد النزول إلى التبيع واعطاء
الجبران لم يجز إلا بالقيمة السوقية لان الزكاة لا يعدل فيها عن النصوص إلى غيره بقياس ولا نص هنا ولو اخرج مسنا عن المسنة لم تجز إلا مع ضم قيمة التفاوت
لان الأنثى خير من الذكر لفضيلتها بالدر والنسل مسألة لو اجتمع الفرضان تخير المالك كمأة وعشرين انشاء اخرج ثلاث مسنات أو أربعة أتبعة لان الواجب
أحدهما فيتخير والخيرة إلى رب المال كما قلنا في الزكاة الإبل وهذا إنما يكون لو كانت إناثا فإن كانت كلها ذكورا أجزأ الذكر بكل حال لان الزكاة مواساة
فلا يكلف المواساة من غير ماله وقال بعض الجمهور لا يجزيه في الأربعينيات إلا الإناث لأنه (ع) نص على المسناة وليس بجيد لأنا أجزنا الذكر في الغنم مع أنه
لا مدخل له في زكاتها مع وجود الإناث فالبقر أولي لان الذكر فيها مدخلا مسألة الجواميس كالبقر باجماع العلماء لأنها من نوعها كما أن البخاتي من نوع الإبل
فان اتفق النصاب كله جواميس وجبت فيه الزكاة وان اتفق الصنفان اخرج الفرض من أحدهما على قدر المالين فلو كان عنده عشرون بقرة عرابا وعشرون
جواميس وقيمة المسنة من أحدهما اثنا عشر ومن الاخر خمسة عشر اخرج من أحدهما قيمته ثلاثة عشر ونصف ولو كان ثلاث بقرة سوسيا وثلاثة نبطيا وثلاثة
جواميس وقيمة التبيع السوسي أربعة وعشرون والنبطي ثلاثون والجاموس اثنا عشر اخرج تبيعا قيمته اثنان وعشرون ثلث قيمة كل واحد اختاره الشيخ (ره) وبه قال
209

احمد لأنها أنواع جنس من الماشية فجاز الاخراج من أيها شاء وقال الشافعي القياس أن يؤخذ من كل نوع بالحصة واختاره ابن المنذر لأنها أنواع تجب فيها
الزكاة فتجب زكاة كل نوع منه كأنواع الثمرة والحبوب ويشكل بأدائه إلى تشقيص الفرض وقد عدل إلى غير الجنس فيما دون ست وعشرين لأجل التشقيص
فالعدول إلى النوع أولي وقال عكرمة ومالك وإسحاق والشافعي قول يخرج من أكثر العددين فإن استويا اخرج من أيهما شاء كالغلات وكذا البحث في
الضأن والمعز والإبل والبخات والعراب والسمان والمهازيل والكرام والليام واما الصحاح مع المراض والذكور مع الإناث والكبار مع الصغار فيتعين صحيحه
كبيرة أنثى على قدر قيمة المالين إلا أن يتطوع بالفضل ولو اخرج عن النصاب من غير نوعه مما ليس في ماله منه شئ أجزأ ان ساوى القيمة لأنه اخرج من
جنسه فجاز كما لو كان المال له نوعين فاخرج من أحدهما وكذا من منعه من اخراج القيمة ويحتمل عنده العدم لأنه اخرج من غير نوع ماله فأشبه ما لو
اخرج من غير الجنس مسألة ولا زكاة في بقر الوحش ولا يجبر بها النصاب وهو قول أكثر العلماء لان اسم البقر يطلق عليه مجازا ولا يفهم منه عند
الاطلاق ولا يحمل عليه إلا مع القيد فيقال بقر الوحش ولعدم تحقق نصاب منها سائما حولا ولأنه حيوان لا يجزى نوعه في الأضحية والهدى فلا تجب فيه
الزكاة كالظبي ولأنها ليست من بهيم الانعام فلا تجب فيها الزكاة كساير الوحوش والأصل ان وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام لكثرة النماء فيها من الدر والنسل
وكثرة الانتفاع بها لكثرتها وخفة مؤنتها وعن أحمد رواية بوجوب الزكاة في بقر الوحش لتناول اسم البقر لها فيدخل في مطلق الخبر وقد بينا انه مجاز ولا
خلاف في أنه لا زكاة في الظباء مسألة المتولد من الوحشي والانسي تجب فيه الزكاة ان اطلق عليه اسم الانسى من غير حاجة إلى قيده اعتبر وإلا فلا كالمتولد من بقر الوحش
والانس وكذا المتولد من الظباء والغنم وقال احمد تجب فيه الزكاة سواء كانت الوحشية الفحول أو الأمهات لأنها متولدة مما تجب فيه الزكاة وما لا تجب فوجبت فيها الزكاة
كالمتولد من السائمة والمعلوفة ولان غنم مكة يقال إنها متولدة من الظباء والغنم وفيها الزكاة إجماعا والضابط ما ذكرناه من اعتبار الاسم كالمقيس عليه وعلف
الأمهات لا يسرى إلى الأولاد ويبعد ما قيل في غنم مكة لأنها لو كانت متولدة من جنسين لم يكن لها نسل كالسمع المتولد من الذئب والضبع وكالبغال وقال الشافعي لا تجب
سواء كانت الأمهات من الظباء أو الغنم لأنه متولد من وحشى فأشبه المتولد من وحشيين ولان الوجوب إنما يثبت بنص أو اجماع أو قياس والكل منفى هنا
لاختصاص النص والاجماع بالايجاب في بهيمة الأنعام من الأزواج الثمانية وليست هذه داخلة في اسمها ولا حكمها ولا حقيقتها ولا معناها فان المتولد بين شيئين ينفرد
باسمه وجنسه وحكمه عنهما كالبغل فلا يتناوله النص ولا يمكن القياس لتباعد ما بينهما واختلاف حكمهما فإنه لا يجزى في هدى ولا أضحية ولا دية ولا نزاع معنا
إذا لم يبق الاسم وقال أبو حنيفة ومالك إن كانت الأمهات اهليه وجبت الزكاة وإلا فلا لان ولد البهيمة يتبع أمه في الاسم والملك فيتبعها في الزكاة كما لو كانت
الفحول معلوفة ونمنع التبعية في الاسم الفصل الثالث في زكاة الغنم الزكاة واجبة في الغنم باجماع علماء الاسلام
قال (ع) كل صاحب غنم لا يؤدى زكاتها نطح بها
يوم القيمة بقاع قرقر تمشى عليه فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كل ما انقضى اخرها عاد أولها حتى يقضى الله بين الخلق في يوم كان مقداره خمسين الف
سنة إذا ثبت هذا فان من شرائط الزكاة هنا كما هي في الإبل والبقر بالاجماع نعم قد يختلف في مقادير النصب والضأن والمعز جنس واحد باجماع العلماء والظباء مخالف للغنم
إجماعا مسألة أول نصاب الغنم أربعون فلا زكاة فيما دونها فإذا بلغت أربعين ففيها شاة - ب - مائة واحدى وعشرون فلا شئ في الزائد على الأربعين حتى تبلغ مائة و
إحدى وعشرين ففيه شاتان - ج - مائتان وواحدة فلا زكاة في الزائد حتى يبلغ مأتين وواحدة ففيه ثلاث شياة والكل بالاجماع وحكى عن معاذ ان الفرض
لا يتغير بعد المائة واحدى وعشرين حتى يبلغ مأتين واثنتين وأربعين ليكون مثلي مائة واحدى وعشرين فيكون فيها ثلاث شياة والاجماع على خلافه
على أن الراوي لها الشعبي وهو لم يلق معاذا - د - ثلاثمائة وواحدة وفيه روايتان إحديهما انه كالثالث ثلاث شياة فلا يتغير الفرض بعد مأتين وواحدة حتى تبلغ
أربعمائة فتجب في كل مائة شاة وبه قال المفيد والسيد المرتضى وهو قول أكثر الفقهاء والشافعي ومالك وأبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لقول النبي صلى الله عليه وآله
في كتابه للسعاة ان في الغنم السائمة إذا بلغت أربعين شاة إلى مائة وعشرين فإذا زادت ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين فإذا زادت ففيها ثلاث شياة إلى
ثلاثمائة فإذا زادت ففي كل مائة شاة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ليس فيما دون الأربعين شئ فإذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا
زادت واحدة ففيها شاتان إلى المأتين فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث من الغنم إلى ثلاثمائة فإذا كثرت الغنم في كل مائة شاة الثانية انها إذا زادت على ثلاثمائة وواحدة ففيها أربع شياة. ثم لا يتغير الفرض
حتى تبلغ خمسمائة وهو اختيار الشيخ (ره) واحمد في الرواية الأخرى وبه قال النخعي والحسن بن صالح بن حي لقول الباقر (ع) في الشاة في كل أربعين شاة شاة
وليس فيما دون الأربعين شاة شئ حتى تبلغ عشرين ومائة فإذا بلغت عشرين ومائة ففيها مثل ذلك شاة واحدة فإذا زاد على عشرين ومأة ففيها شاتان وليس فيها أكثر
من شاتين حتى تبلغ مأتين فإذا بلغت المأتين ففيها مثل ذلك فإذا زادت على المأتين شاة واحدة ففيها ثلاث شياة ثم ليس فيها أكثر من ذلك حتى تبلغ ثلاثمأة
فإذا بلغت ثلاثمأة ففيها مثل ذلك ثلاث شياة فإذا زادت واحدة ففيها أربع شياة حتى تبلغ أربعمائة فان تمت أربعمأة كان على كل مائة شاة
ولان النبي صلى الله عليه وآله جعل ثلاثمائة حدا للوقص وغاية له فتجب ان يتعقبه النصاب كالمأتين إذا ثبت هذا فلا خلاف في أن في أربعمائة أربع شياة
وفى خمسمائة خمس وهكذا بالغا ما بلغت الفصل الرابع في الاشناق الشنق بفتح النون ما بين الفرضين والوقص وقال الفقهاء بسكون القاف وقال بعض
أهل اللغة بفتحة لأنه يجمع على أو قاص وافعال جمع فعل لا جمع فعل لان فعلا يجمع على افعل وقد جاء كما قال الفقهاء هول وأهوال وحول وأحوال وكبر و
اكبار وبالجملة فهو ما بين النصابين أيضا قال الأصمعي الشنق يختص بأوقاص الإبل والوقص بالبقر والغنم وبعض الفقهاء يخص الوقص بالبقر أيضا ويجعل ناقص
الغنم والنقدين والغلاة عفوا وكل ذلك لفظي وقيل الوقص ما بين الفرضين كما بين الثلاثين إلى الأربعين في البقر والشنق ما دون الفريضة كالاربع من
الإبل مسألة ما نقص عن النصاب الأول لا شئ فيه إجماعا وكذا ما بين النصابين عند علمائنا وإنما تتعلق الزكاة بالنصاب خاصة وبه قال الشافعي في كتبه
القديمة والجديدة وأبو حنيفة والمزني لأنه عدد ناقص عن نصاب إذا بلغه وجبت فيه الزكاة فلا تتعلق به كالاربع ولقول الباقر والصادق (ع) وليس فيما
بين الثلاثين إلى الأربعين شئ حتى يبلغ أربعين إلى أن قالا (ع) وليس على النيف شئ ولا على الكسور شئ وقال الشافعي في الاملاء تتعلق الزكاة بالنصاب وبما زاد
عليه من الوقص وبه قال محمد بن الحسن لقوله (ع) فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض ولأنه حتى يتعلق بنصاب فوجب ان يتعلق به وبما
زاد عليه إذا أوجد معه ولم ينفرد بحكم كالقطع في السرقة والنص أقوى من المفهوم والقياس فعلى قولنا لو ملك خمسين من الغنم وتلفت العشرة الزائدة قبل
التمكن من الأداء بعد الحول لم يسقط هنا شئ لان التالف لم تتعلق الزكاة به ولو تلف عشرون سقط ربع الشاة لأن الاعتبار بتلف جزء من النصاب وإنما تلف
210

من النصاب ربعه فروع - آ - لو تلف بعض النصاب قبل الزكاة فلا زكاة وبعده وبعد امكان الأداء يجب جميع الفرض لأنه تلف بعد تفريطه في التأخير فضمن وان تلف بعد الحول
وقبل امكان الأداء سقط عندنا من الزكاة بقدر التالف وللشافعي قولان بناء على أن امكان الأداء شرط في الوجوب أو الضمان فعلى الأول لا شئ لنقصه قبل الوجوب
- ب - لو كان معه تسع من الإبل فتلف أربع قبل الحول أو بعده وبعد الامكان وجبت الشاة وبه قال الشافعي وإن كان بعد الحول وقبل الامكان فكذلك عندنا وعند
الشافعي كذلك على تقدير ان يكون الامكان شرطا في الوجوب لان التالف قبل الوجوب إذا لم ينقص به النصاب لا حكم له وعلى تقدير ان يكون من شرايط الضمان
فكذلك إن لم يتعلق بمجموع النصاب والوقص وإن تعلقت بهما سقط قدر الحصة أربعة اتساع الشاة وقال بعضهم على هذا التقدير لا يسقط شئ لان
الزيادة لما لم تكن شرطا في وجوب الشاة لم يسقط شئ بتلفها وان تعلقت بهما كما لو شهد ثمانية بالزنا ورجع أربعة بعد قتله لم يجب عليهم شئ ولو رجع خمسة وجب عليهم الضمان لنقص ما بقى من العدد المشترط - ج - لو ذهب خمس من التسع قبل الحول فلا زكاة وإن كان بعده وقبل امكان الأداء سقط
خمس الشاة وبه قال الشافعي على تقدير ان الامكان من شرايط الضمان وتعلق الزكاة بالنصاب وعلى تقدير كونه شرطا في الوجوب فكقبل الحول
لنقصان النصاب قبل الوجوب وعلى تقدير كونه شرطا في الضمان وتعلق الزكاة بالمجموع يسقط خمسة اتساع الشاة - د - لو كان معه خمس وعشرون و
أوجبنا بنت المخاض فيه فتلف منها خمسة قبل امكان الأداء وجب أربعة أخماس بنت مخاض وبه قال الشافعي على تقدير كونه شرطا في الضمان وأبو يوسف
ومحمد لان الواجب بحول الحول بنت مخاض فإذا تلف البعض لم يتغير الفرض بل كان التالف منه ومن المساكين وقال أبو حنيفة تجب أربع شياة فجعل التالف
كأنه لم يكن قال الشيخ لو كان معه ست وعشرون فهلك خمس قبل الامكان فقد هلك خمس المال إلا خمس الخمس فيكون عليه أربعة أخماس بنت مخاض إلا
أربعة أخماس خمسها (وعلى المساكين خمس بنت مخاض إلا أربعة أخماس خمسها صح) - ه‍ - حكم غير الإبل حكمها في جميع ذلك فلو تلف من نصاب الغنم شئ سقط من الفريضة بنسبته وهل الشاتان في مجموع النصاب الثاني أو في كل واحد شاة
احتمالان فعلى الأول لو تلف شئ بعد الحول بغير تفريط نقص من الواجب في النصب بقدر التلف وعلى الثاني يوزع على ما بقى من النصاب الذي وجب فيه التالف مسألة
لا تأثير للخلطة عندنا في الزكاة سواء كانت خلطة أعيان أو أوصاف بل يزكى كل منهما زكاة الانفراد فإن كان نصيب كل منهما نصابا وجب عليه زكاة بانفراده وإن كان
المال مشتركا كما لو كانا مشتركين في ثمانين من الغنم بإرث أو شراء أو هبة فإنه يجب على كل واحد منهما شاة بانفراده ولو كانا مشتركين في أربعين فلا زكاة هنا وبه قال
أبو حنيفة والثوري لقوله (ع) إذا لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فلا شئ فيها وقال ليس على المرء في ما دون خمس زود من الإبل صدقة ولم يفصل وقال (ع) في أربعين شاة شاة فإذا ملكا ثمانين وجب شاتان ولان ملك كل واحد منهما ناقص عن النصاب فلا تجب
عليه الزكاة كما لو كان منفردا وقال الشافعي الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة سواء كانت خلطته أعيان أو أوصاف بأن يكون
ملك كل منهما متميزا عن الاخر وإنما اجتمعت ماشيتهما في الرعى والمسرح على ما يأتي سواء تساويا في الشركة أو اختلفا بأن يكون لرجل شاة ولآخر تسعة وثلاثون
أو يكون لأربعين رجلا أربعون شاة لكل منهم شاة وبه قال عطا والأوزاعي والليث واحمد وإسحاق لقوله (ع) لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع
أراد إذا كان لجماعة لا يجمع بين متفرق فإنه إذا كان للواحد يجمع للزكوة وان تفرقت أماكنه ولا يفرق بين مجتمع يقتضى إذا كان لجماعة لا
يفرق ونحن نحمله على أنه لا يجمع بين متفرق في الملك ليؤخذ منه الزكاة زكاة رجل واحد ولا يفرق بين مجتمع في الملك فان الزكاة تجب على الواحد وان تفرقت
أمواله وقال مالك تصح الخلطة إذا كان مال كل واحد منهما نصابا وحكى بعض الشافعية عن الشافعي وجها آخر ان العبرة إنما هي بخلطة الأعيان دون خلطه
الأوصاف مسألة قد بينا انه لا اعتبار بالخلطة بنوعيها خلافا للشافعي ومن تقدم فلا شرط عندنا وعند أبي حنيفة لعدم الحكم أما الشافعي فقد شرط
فيها أمور الأول ان يكون مجموع المالين نصابا الثاني أن يكون الخليطان معا من أهل فرض الزكاة فلو كان أحدهما ذميا أو مكاتبا لم تؤثر الخلطة وزكى
المسلم والحر كما في حالة الانفراد وهذان شرطان عامان وفى اشتراط دوام الخلطة السنة ما يأتي وتختص خلطة الجوار بأمور الأول اتحاد المسرح والمراد
به المرعى الثاني اتحاد المراح وهو مأواها ليلا الثالث اتحاد المشرع وهو أن يرد غنهما ماء واحدا من نهر أو عين أو بئر أو حوض وإنما شرطوا اجتماع المالين في
هذه الأمور ليكون سبيلها سبيل مال المالك وليس المقصود أن لا يكون لها إلا مسرح أو مرعى أو مراح واحد بالذات بل يجوز تعددها لكن ينبغي ان
لا يختص ماشية هذا بمسرح ومراح وماشية الاخر بمسرح ومراح الرابع اشتراك المالين في المراعى أو الرعاة على أظهر الوجهين عنده كالمراح الخامس
اشتراكهما في الفحل فلو تميزت ماشية أحدهما بفحوله وماشية الاخر بأخرى فلا خلطة على أظهر الوجهين عنده السادس اشتراكهما في موضع الحلب فلو
حلب هذا ماشيته في أهله والاخر في أهله فلا خلطة وهل يشرط الاشتراك في الحالب والمحلب أظهر الوجهين عنده عدمه كما لا يشرط الاشتراك في الجاز وآلات الجز وان شرط الاشتراك في المحلب فهل يشترط خلط الكبر وجهان
أصحهما عنده المنع لا أدائه إلى الربا عند القسمة إذ قد يكثر لبن أحدهما وقيل لا ربا كالمسافرين يستحب خلط أزوادهم وان اختلف اكلهم وربما يفرق بأن
كل واحد يدعوا غيره إلى طعامه وكان إباحة بخلافه وهنا وهل يشترط نية الخلطة وجهان عندهم الاشتراط لأنه معنى يتغير به حكم الزكاة تحقيقا كالشاة
في الثمانين ولولا الخلطة لوجب شاتان وتغليظا كالشاة في الأربعين ولولا هما لم يجب شئ فافتقر إلى النية ولا ينبغي ان يغلظ عليه من غير رضاه ولا ان ينقص
حق الفقراء إذا لم يقصده والمنع لان تأثير الخلطة لخفة المؤنة باتحاد المرافق وذلك لا يختلف بالقصد وعدمه وهل يشترط وجود الاختلاف في أول السنة
واتفاق أوائل الأحوال قولان وفى تأثير الخلطة في الثمار والزروع ثلاثة أقوال له القديم عدم التأثير وبه قال مالك واحمد في رواية لقوله صلى الله عليه وآله
والخليطان ما اجتمعا في الحوض والفحل والمرعى وإنما يتحقق في المواشي والجديد عدمه وتأثير خلطه الشيوع دون الجوار فعلى الجديد تؤثر
لحصول الاتفاق باتحاد العامل والناطور والنهر الذي تسقى منه وقال بعض أصحاب مالك لا يشترط من هذه الشروط شئ سوى الخلطة في المرعى
وأضاف بعض أصحابه إليه الاشتراك في الراعي أيضا والكل عندنا باطل - فروع - على القول بشركة الخلط الأول إذا اختلطا خلطة جوار ولم يكن أخذ مال كل منهما
من ماله كأربعين لكل عشرون أخذ الساعي شاة من أيهما كان فإن لم يجد الواجب إلا في مال أحدهما أخذ منه وان أمكن اخذ ما يخص كل منهما لو انفرد
فوجهان ان يأخذ من كل منهما حصة ماله ليغنيهما عن التراجع وان يأخذ من عرض المال ما يتفق لأنهما مع الخلطة كمال واحد والمأخوذ زكاة
جميع المال وعلى هذا لو أخذ من كل منهما حصة ماله بقى التراجع بينهما فإذا أخذ من هذا شاة ومن هذا أخرى رجع كل منهما على صاحبه بنصف
قيمة ما أخذ منه ولو كان بينهما سبعون من البقر أربعون لأحدهما وثلاثون للاخر فالتبيع والمسنة واجبان على الشيوع على صاحب الأربعون أربعة أسباعها
وعلى صاحب الثلاثين ثلاثة أسباعهما فان اخذهما من صاحب الأربعين رجع على صاحب الثلاثين بثلاثة أسباعهما وبالعكس ولو أخذ التبيع من صاحب الأربعين والمسنة
211

من الاخر رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع التبيع على الاخر والاخر بقيمة أربعة أسباع المسنة على الأول فان اخذ المسنة من صاحب الأربعين والتبيع من الاخر
رجع صاحب الأربعين بقيمة ثلاثة أسباع المسنة على الاخر والاخر عليه بقيمة أربعة أسباع التبيع هذا كله في خلطة الجوار إما خلطة الأعيان فالأخذ منه
يقع على حسب ملكهما فلو كان لهما ثلاثمائة من الإبل فعليهما ست حقاق ولا تراجع ولو كان لأحدهما ثلاثمائة وللآخر مائتان فله عشر حقاق بالنسبة وهذا يأتي
على مذهبنا - ب - لو ورثا أو ابتاعا شايعا واداما الخلطة زكيا عندهم زكاة الخلط وكذا لو ملك كل منهما دون النصاب ثم خلطا وبلغ النصاب ولو انعقد الحول
على مال كل منهما منفردا ثم طرأت الخلطة فان اتفق الحولان بأن ملكا غرة المحرم و
خلطا غرة صفر ففي الجديد لا يثبت حكم الخلطة في السنة الأولى وبه قال احمد لان الأصل الانفراد والخلط عارض فيغلب حكم الحول المنعقد على الانفراد
وتجب على كل منهما شاة إذا جاء المحرم وفى القديم وبه قال مالك ثبوت حكم الخلطة نظر إلى اخر الحول فان الاعتبار في قدر الزكاة بآخر الحول فيجب على
كل منهما نصف شاة إذا جاء المحرم ولو اختلف الحولان فملك أحدهما غرة المحرم والاخر غرة صفر وخلطا غرة ربيع فعلى الجديد إذا جاء المحرم فعلى الأول
شاة وإذا جاء صفر فعلى الثاني شاة وعلى القديم إذا جاء المحرم فعلى الأول نصف شاة وإذا جاء صفر فعلى الثاني نصف شاة ثم في ساير الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين فعلى الأول عند غرة كل محرم نصف شاة وعلى الثاني عند غرة كل صفر كذلك وبه قال مالك واحمد
وقال ابن شريح ان حكم الخلطة لا يثبت في ساير الأحوال بل يزكيان زكاة الانفراد أبدا ولو انعقد الحول على الانفراد في حق أحد الخليطين دون
الاخر كما إذا ملك أحدهما غرة المحرم والاخر غرة صفر وكما ملك خلطا فإذا جاء المحرم فعلى الأول شاة في الجديد ونصف شاة في القديم وأما الثاني فإذا جاء صفر
فعليه نصف شاة في القديم وفى الجديد وجهان شاة لان الأول لم يرتفق بخلطته فلا يرتفق هو بخلطة الأول وأظهرهما نصف شاة لأنه كان خليط
في جميع الحول وفى ساير الأحوال يثبت حكم الخلطة على القولين إلا عند ابن شريح ولو طرأت خلطة الشيوع على الانفراد كما لو ملك أربعين شاة ثم باع بعد ستة
أشهر نصفها مشاعا فالظاهر أن الحول لا ينقطع لاستمرار النصاب بصفة الاشتراك فإذا مضت ستة أشهر من وقت البيع فعلى البايع نصف شاة ولا شئ
على المشترى ان اخرج البايع واجبه من المشترك النقصان النصاب وان اخرج من غيره وقلنا الزكاة في الذمة فعليه أيضا نصف شاة عند تمام حوله وان قلنا
يتعلق بالعين ففي انقطاع حول المشترى قولان أرجحهما الانقطاع لان اخراج الواجب من غير النصاب يفيد عود الملك بعد الزوال لأنه يمنع الزوال - ج -
إذا اجتمع في ملك الواحد ماشية مختلطة واخرى من جنسها منفردة كما لو خلط عشرين شاة بمثلها لغيره وله أربعون ينفرد ففيما يخرجان الزكاة قولان مبنيان
على أن الخلطة خلطة ملك أي يثبت حكم الخلطة في كل ما في ملكه لان الخلطة تجعل مال الاثنين كمال الواحد ومال الواحد يضم بعضه إلى بعض وان تفرقت
أماكنه فعلى هذا كان صاحب الستين خلط جميع ماله بعشرين فعليه ثلاثة أرباع شاة وهي على الاخر ربعها أو انها خلطة عين أي يقتصر حكمها على عين المخلوط
لان خفة المؤنة إنما تحصل في القدر المخلوط وهو السبب في تأثير الخلطة فعلى صاحب العشرين نصف شاة لان جميع ماله خليط عشرين وفى أربعين شاة
فحصة العشرين نصفها وفى صاحب الستين وجوه أصحها عنده انه يلزمه شاة لأنه اجتمع في ماله الاختلاط والانفراد فغلب حكم الانفراد كما لو انفرد بالمال في
بعض الحول فكأنه منفرد بجميع الستين وفيها شاة والثاني يلزمه ثلاثة أرباع شاة لان جميع ماله ستون وبعضه مختلط حقيقة وملك الواحد لا يتبعض
حكمه فيلزم اثبات حكم الخلطة للباقي فكأنه خلط جميع الستين بالعشرين وواجبها شاة حصة الستين ثلاثة أرباعها الثالث يلزمه خمسة أسداس شاة ونصف
سدس جمعا بين اعتبار الخلطة والانفراد ففي الأربعين حصتها من الواجب لو انفرد بالكل وهو شاة حصة الأربعين ثلثا شاة وفى العشرين حصتها من
الواجب لو خلط الكل وهي ربع شاة لان الكل ثمانون وواجبها شاة الرابع ان عليه شاة وسدس شاة من ذلك نصف شاة في العشرين المختلطة كما أنه واجب
خليطة في ماله وثلثا شاة في الأربعين المنفردة وذلك حصة الأربعين لو انفرد بجميع ماله الخامس ان عليه شاة في الأربعين ونصف شاة في العشرين كما
لو كانا لمالكين ولو خلط عشرين بعشرين لغيره ولكل منهما أربعون منفردة ان قلنا بخلطة الملك فعليهما شاة لان الكل مائة وعشرون وان قلنا بخلطة العين
فوجوه أصحها ان على كل منهما شاة الثاني ثلاثة أرباع لان كلا منهما يملك ستين بعضها خليط عشرين فيغلب حكم الخلطة في الكل والكل ثمانون حصة ستين ما قلنا
الثالث على كل منهما خمسة أسداس شاة ونصف سدس جمعا بين الاعتبارين فيقدر كل واحد منهما كأنه منفرد بالستين وفيها شاة فحصة الأربعين منها ثلثا شاة
ثم يقدر انه خلط جميع الستين بالعشرين والمبلغ ثمانون وفيها شاة فحصة العشرين منها ربع شاة وقيل على كل واحد خمسة أسداس شاة بلا زيادة تجب في العشرين بحساب
ما لو كان جميع المالين مختلطا وهو مائة وعشرون وواجبها شاة فحصة العشرين سدس شاة وفى الأربعين ثلثا شاة الرابع على كل منهما شاة وسدس شاة نصف
شاة في العشرين المختلطة قصر الحكم الخلطة على الأربعين وثلثا شاة في الأربعين المنفردة الخامس على كل واحد شاة ونصف شاة شاة للأربعين المنفردة
ونصف للعشرين المختلطة - د - لو خالط الشخص ببعض ماله واحدا وببعضه اخر ولم يتشارك الآخران بأن يكون له أربعون فخلط منها عشرين بعشرين لرجل لا
يملك غيرها وعشرين بعشرين لاخر كذلك فان قلنا بخلطة الملك فعلى صاحب الأربعين نصف شاة لأنه خليطهما ومبلغ الأموال ثمانون وحصة الأربعين
منها النصف وعلى كل واحد من خليطيه يضم ماله إلى جميع مال صاحب الأربعين وهل يضمه إلى مال الاخر وجهان الضم لينضم الكل في حقهما كما انضم في
حق صاحب الأربعين فعلى كل واحد منهما ربع شاة والعدم لان كلا منهما لم يخالط الاخر بماله بخلاف صاحب الأربعين فإنه خالط لكل واحد منهما فعلى
كل واحد ثلث شاة فان قلنا بخلطة العين فعلى كل من الآخرين نصف شاة لان مبلغ ماله وما خالط ماله أربعون وفى صاحب الأربعين وجوه أحدها تلزمه
شاة تغليبا للانفراد وان لم يكن منفردا حقيقة لكن ما لم يخالط به أحدهما فهو منفرد عنه فيعطى حكم الانفراد ويغلب حق يصير كالمنفرد بالباقي أيضا
وكذا بالإضافة إلى الخليط الثاني فكأنه لم يخالط أحد الثاني يلزمه نصف شاة تغليبا للخلطة فإنه لابد من اثبات حكم الخلطة حيث وجدت حقيقة
واتحاد المال يقتضى ضم أحد ماليه إلى الاخر فكل المال ثمانون فكأنه خلط أربعين بأربعين الثالث يلزمه ثلثا شاة جمعا بين اعتبار الخلطة والانفراد
بأن يقال لو كان جميع ماله مع زيد لكان المبلغ ستين وواجبها شاة حصة العشرين الثلث وكذا يفرض في حق الثاني فيجتمع عليه ثلثان مسألة قد يدل
انه إذا ملك أربعين وجب عليه الشاة وان تعددت أماكنها وسواء كان بينهما مسافة القصر أو لا عند علمائنا أجمع وبه قال عامة العلماء ولقوله صلى الله عليه وآله
في أربعين شاة شاة ولأنه ملك واحد فأشبه ما لو تقاربت البلدان وعن أحمد رواية انه إن كان بينهما مسافة القصر فلكل مال حكم نفسه
212

يعتبر على حدته إن كان نصابا ففيه الزكاة وإلا فلا ولا يضم إلى المال الذي في البلد الاخر قال ابن المنذر لا أعلم هذا القول عن غير احمد لقوله (ع) لا يجمع بين مفترق وهذا مفترق
فلا يجمع ولأنه لما اثر اجتماع مالين لرجلين في كونهما كالمال الواحد يجب ان يؤثر افتراق مال الرجل الواحد حتى يجعله كالمالين وقد بينا ان المراد لا يجمع بين متفرق في
الملك والمقيس عليه ممنوع فروع - آ - إذا كان له ثمانون شاة مضى عليها ستة أشهر فباع منها النصف مشاعا أو أربعين معينة انقطاع الحول في المبيع دون الباقي
إجماعا لأنه نصاب فإذا تم الحول فزكاته على البايع وإذا حال حول المبيع كانت زكاته على المشترى وقال الشافعي تكون زكاة المشترى زكاة الخلطة - ب - إذا ملك أربعين في المحرم
وأربعين في صفر وأربعين في شهر ربيع وحال الحول على الجميع فعليه في الأول شاة عندنا ولا شئ عليه في الزايد لقصوره من النصاب والجميع لمالك واحد وبه قال احمد
في رواية وقال الشافعي في القديم عليه في كل أربعين ثلث شياة وعلى الجديد في الأولى شاة وفى الثانية نصف شاة لأنها مختلطة بالأربعين الأولى في جميع الحول وفى الثانية
ثلاث شياة لاختلاطها بالثمانين في جميع الحول وله وجه اخر وجوب شاة في كل واحدة - ج - لو ملك ثلاثين من البقر واشترى بعد ستة أشهر عشرا فعليه عند
تمام حول الثلاثين تبيع وعند تمام حول العشر ربع مسنة وإذا تم حول اخر على الثلاثين فعليه ثلاثة أرباع مسنة وإذا حال حول اخر على العشر فعليه ربع مسنة وهكذا
وبه قال بعض الشافعية وقال ابن شريح لا ينعقد حول العشر حتى يتم حول الثلاثين ثم يستأنف حول الكل ولا بأس به ويحتمل وجوب التبيع عند تمام كل حول الثلاثين وربع
المسنة عند تمام كل حول العشر وكذا لو ملك أربعين من الغنم ستة أشهر ثم ملك إحدى وثمانين فالأقرب ان عليه عند كمال حول الأولى شاة وعند كمال حول الثانية
شاة أخرى وهكذا ولو ملك أربعين شاة في المحرم ومائة في صفر ومائة في ربيع فعليه عند تمام حول الأولى شاة وكذا عند تمام حول الثانية والثالثة لأنا
نجعل ملكه في الايجاب كملكه لذلك في حال واحدة فصار كأنه ملك مأتين وأربعين فتجب ثلاث شياة عند تمام حول كل مال شاة وقال بعض الجمهور ويجب
عليه في الشهر الثاني حصة من فرض الثالث معا وهي شاة وثلاثة أسباع شاة لأنه ملك المالين دفعة كان عليه فيهما شاتان حصة المائة منهما خمسة أسباعهما
وهو شاة وثلاثة أسباع شاة وعليه في الثالث شاة وربع لأنه لو ملك الجميع دفعة وهو مائتان وأربعون كان عليه ثلاث شياة حصة الثالث ربعهن وسدسهن
وهو شاة وربع - د - لو ملك عشرين من الإبل في المحرم وستا في صفر فعليه في العشرين عند تمام حول أربع شياة وفى الست عند تمام حولها ستة اجزاء من ستة و
عشرين جزءا من بنت مخاض ولو ملك في المحرم ستا وعشرين وفى صفر خمسا فعليه في الأول عند تمام حوله بنت مخاض ولا شئ عليه في الخمس الزايدة وقال بعض الجمهور
عليه فيها شاة لأنه نصاب كامل وجبت الزكاة فيه بنفسه وهو ممنوع وقال آخرون عليه سدس بنت مخاض بناء على أن بنت المخاض يجب في خمس وعشرين وعلى الخلطة
فان ملك مع ذلك في ربيع ستا أخرى فعليه في الأول عند تمام حوله بنت مخاض ولا شئ في الخمس حتى يتم حول الست فيجب فيها ربع بنت لبون وربع تسعها و
قال بعض الجمهور عليه في الخمس سدس شاة إذا تم حولها في الستة سدس بنت لبون عند تمام حولها وقيل عليه في الخمس الثانية شاة عند تمام حولها وفى ست
شاة عند تمام حولها الفصل الخامس في صفة الفريضة مسألة أسنان الإبل المأخوذة في الزكاة أربع بنات مخاض وهي التي كملت لها سنة ودخلت
في الثانية وسميت بذلك لان أمها ماخض أي حامل والمخاض اسم جنس لا واحد له من لفظه والواحدة خلفة وبنت لبون وهي التي كمل لها سنتان ودخلت
في الثالثة سميت بذلك لان أمها قد ولدت وصار بها لبن وحقة وهي التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة سميت بذلك لاستحقاقها ان يطرقها الفحل
أو لان يحمل عليها وجذع بفتح الذال وهي التي لها أربع سنين ودخلت في الخامسة وهي أكبر سن يؤخذ في الزكاة ولا نوجب حقيقة بنت المخاض أو بنت
اللبون بل ما كمل لها ما قدر لها وان لم يكن لها أم ولا يجب ما زاد على الجذعة في الزكاة ويسمى ما دخل في السادسة ثنى وما دخل في السابعة رباع ورباعية
وما دخل في الثامنة سديس وسدس وما دخل في التاسعة باذل لأنه طلع نابه ثم يقال بازل عام وبازل عامين وهكذا والبازل والمخلف واحد وما دون بنت
المخاض يقال له فصيل وحوار أول ما ينفصل الولد ثم بنت مخاض وأسنان البقر أولها الجذع والجذعة وهي التي لها حول ويسمى شرعا تبيعا وتبيعه لقوله
صلى الله عليه وآله تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة وكذا قال الباقر والصادق (ع) حيث فسراهما بالحول فإذا كمل سنتين ودخل في الثلاثة فهو ثنى وثنية وهي
المسنة شرعا فإذا دخل في الرابعة فهو رباع ورباعية فإذا دخل في الخامسة فهو سديس وسدس فإذا دخل في السادسة فهو صالغ بالصاد غير المعجمة والغين المعجمة ثم الاسم
له بل يقال صالغ عام وعامين وثلاثة وهكذا وأما الغنم فأول ما تلد الشاة يقال لولدها سخلة ذكرا كان أو أنثى في الضأن والمعز ثم قال بعد ذلك بهيمة ذكرا
كان أو أنثى فيهما فإذا بلغت أربعة أشهر ففي الغنم جفر للذكر وجفرة للأنثى وجمعهما جفار فإذا جازت أربعة أشهر فهي العتود وجمعها عتدان وعريض وجمعها عراض ويقال لها
من حين الولادة إلى هذه الغاية عناق للأنثى وللذكر جدي فإذا كملت سنة فالأنثى عنز والذكر تيس فإذا دخلت في الثانية فهي جذعة وللذكر جذع فإذا
دخلت في الثالثة فهي الثنية والذكر ثنى فإذا دخلت في الرابعة فرباع ورباعية فإذا دخلت في الخامسة فهي سديس وسدس فإذا دخلت في السادسة فهي صالغ ثم صالغ عام أو عامين دائما و
أما الضأن فالسخلة والبهيمة مثل ما في المعز سواء ثم هو حمل للذكر ودخل للأنثى إلى سبعة أشهر فإذا بلغتها قال ابن الأعرابي إن كان من شابين فهو جذع و
إن كان من هرمين فلا يقال جذع حتى يستكمل ثمانية أشهر وهو جذع ابدا حتى يستكمل سنة فإذا دخل في الثانية فهو ثنى وثنية على ما ذكرناه في المعز سواء
إلى اخرها وانما قيل في الضأن جذع إذا بلغ سبعة أشهر وأجزأ في الأضحية لأنه ينزو حينئذ ويضرب والمعز لا ينزو حتى يدخل في الثانية مسألة الشاة
المأخوذة في نصب الإبل والجبران والغنم الجذعة من الضأن والثنية من المعز لقول سويد بن غفلة أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وقال نهانا رسول
الله صلى الله عليه وآله ان نأخذ من المراضع وأمرنا بالجذعة والثنية وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يؤخذ إلا الثنية منهما وقال مالك الجذعة فيهما
فروع - آ - يجزى الذكر والأنثى لأنه صلى الله عليه وآله اطلق لفظ الشاة وهو يتناول الذكر والأنثى وهو أحد وجهي الشافعية وفى الثاني تجب الأنثى لان
الغنم الواجبة في نصبها إناث - ب - يجوز ان يخرج من غنم البلد وغيره ومن غنمه وغيرها عملا بالاطلاق وقال الشافعي يؤخذ من غالب غنم البلد سواء كانت شامية
أو مكية أو عربية أو نبطية واختاره الشيخ فان قصد بذلك الوجوب منعناه عملا بالاطلاق ولا فرق بين ان يكون ما يخرجه من الغنم من جنس غالب غنم
البلد أو لا خلافا للشافعي ولو عدل من جنس بلده إلى جنس بلد اخر أجزأ وإن كان دون من غنم بلده خلافا
للشافعي - ج - يجوز ان يخرج من الضأن أو المعز
سواء كان الغلب أحدهما أو لا سواء كان عنده أحدهما أو لا لقول سويد بن غفلة أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فقال امرنا ان نأخذ الجذع من الضأن والشئ
من المعز ولان اسم الشاة يتناولهما وبه قال الشافعي وقال مالك ينظر إلى الغالب فيؤخذ منه فان تساويا اخرج من أيهما شاء وبه قال عكرمة وإسحاق وما
213

قلناه أولي فيخرج من أحد النوعين ما قيمته كقيمة المخرج من النوعين فإذا تساويا عددا وكانت قيمة المخرج من أحدهما اثنى عشر ومن الاخر خمسة عشر اخرج من أحدهما ما قيمته ثلاثة عشر ونصف ولو
كان الثلث ضانا والثلثان ماعزا اخرج ما قيمته ثلاثة عشر ولو انعكس اخرج ما قيمته أربعة عشر - د - يجزى اخراج البعير عن الشاة وإن كانت قيمته أقل من قيمة الشاة
على اشكال وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي لأنه يجزى عن ست وعشرين فعن الأقل أولي وقال مالك وداود واحمد لا يجزيه لأنه اخرج غير الواجب فلا يجزيه إلا بالقيمة
ولا بأس به وكذا يجزى اخراج المسنة عن التبيع - ه‍ - لو كانت الإبل كراما سمانا ففي وجوب كون الشاة كذلك اشكال ينشأ من الاطلاق ومن وجوب ذلك في
المأخوذ من الإبل وأوجب الشافعي المساواة إما لو كانت الإبل مراضا فللشافعية في الشاة قولان صحيحة تجزى في الأضحية وشاة بقيمة المراض فيقال كم قيمة الإبل صحاحا فإذا قيل مائة قيل وكم قيمتها مراضا فإذا قيل خمسون قيل كم قيمة الشاة
الصحيحة المجزية فإذا قيل عشرة أخذ شاة صحيحة قيمتها خمسة فان أمكن ان تشترى بحيث تجزى في الأضحية بهذه الصفة وإلا فرق الدراهم - ز - يخرج من الماشية من
جنسها على صفتها فيخرج عن البخاتي بختية وعن العراب عربية وعن الكرام كريمة وعن السمان سمينة فان اخرج عن البخاتي عربية بقيمة البختية أو عن السمان هزيلة
بقيمة السمينة جاز لان القصد التساوي في القيمة مع اتحاد الجنس ومنع بعض الجمهور منه لما فيه من تفويت صفة مقصودة فلم تجز كما لو اخرج من غير
الجنس والحكم في الأصل ممنوع ولو قصرت القيمة فالوجه عدم الأجزاء ولو اخرج عن اللئيمة كريمة وعن الهزيلة سمينة أجزأ بلا خلاف قال أبى بن كعب بعثني
رسول الله صلى الله عليه وآله مصدقا فمررت برجل فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا بنت مخاض فقلت له أد بنت مخاض فإنها صدقتك فقال ذلك
ما لا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذها فقلت ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به وهذا رسول الله (ص) قريب منك فإذا أحببت ان
تأتيه فتعرض عليه ما عرضت على فافعل فان قبله منك قبلته وان رده عليك رددته قال فإني فاعل فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض على حتى قد منا على رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال له يا نبي الله اتانى رسولك ليأخذ منى صدقة مالي وأيم الله ما قام في مالي رسول الله صلى الله عليه وآله ولا رسوله قط قبله. فجمعت له مالي فزعم أن ما فيه على
بنت مخاض وذلك ما لا لبن فيه ولا ظهر وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينه عظيمة ليأخذها فأبى وها هي ذه قد جئتك بها يا رسول الله صلى الله عليه وآله خذها
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله ذاك الذي وجب عليك فان تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك قال فها هي ذه يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد
جئتك بها قال فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقبضها ودعا له في ماله بالبركة ويحتمل اجزاء إلى الصنفين شاء في جميع ذلك إذا كان بالصفة الواجبة مسألة
ولا تؤخذ مريضة من الصحاح ولا هرمة ولا ذات عواد أي ذات عيب لقوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون وقال النبي صلى الله عليه وآله لا تخرج في الصدقة هرمه ولا ذات
عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق أي العامل فقيل التيس لا يؤخذ لنقصه وفساد لحمه وكونه ذكرا وقيل لفضيلته لأنه فحلها ومن طريق الخاصة قول الصادق
(ع) ولا تؤخذ هرمة ولا ذات عوار إلا أن يشاء المصدق ان يعد صغيرها وكبيرها فروع - آ - لو كانت الإبل كلها مراضا جاز أن تؤخذ مريضته ولا تجب
صحيحة وبه قال الشافعي واحمد لان المال إذا وجب فيه من جنسه لم يجب الخيار من الردى كالحبوب وقال مالك تجب عليه صحيحة من غير المال لقوله (ع) ولا ذات
عوار وهو محمول على ما إذا كان النصاب صحاحا ولو كانت كلها مراضا لا مقدار الفرض تخير بين اخراجه وشراء مريضه ولو كان النصف صحيحا والنصف مريضا
اخرج صحيحة بقيمة المريضة - ب - لو كان كلها مراضا والفرض صحيح لم يجز ان يعطى مريضا لان في الفرض صحيحا بل يكلف شراء صحيح بقيمة الصحيح والمريض فإذا كانت بنت
لبون صحيحة في ست وثلاثين مراض كلف بنت لبون صحيحة بقيمة جزء من ستة وثلاثين جزءا من صحيحة وخمسه وثلاثين جزءا من مريضة - ج - لو كان المال كله صحاحا
والفرض مريض لم يجز أخذه وكان له الصعود والنزول مع الجبران أو يشترى فرضا بقيمة الصحيح والمريض - د - لو كانت كلها مراضا وليس فيها الفرض فأراد أن
يصعد ويطلب الجبران لم يكن له ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله جعل الجبران بين الفرضين الصحيحين فلا يدفعه بين المريضين لان قيمتها أقل من قيمة
الصحيحين وكذلك قيمة ما بينهما ولو أراد النزول ودفع الجبران جاز والمعيب كالمريض في ذلك كله - ه‍ - لو كان عليه حقتان ونصف ماله مريض ونصفه
صحيح كان له اخراج حقه صحيحة وحقه صحيحة وحقه مريضة لان النصف الذي يجب فيه أحد الحقتين مريض كله وقال احمد لا تجرى لان في ماله صحيحا ومريضا فلا يملك
اخراج مريضه كما لو كان نصابا واحدا - و - لو كانت كلها صغارا اخرج منها وبه قال الشافعي وقال مالك تجب كبيرة - ز - لو كان الصحيح دون قدر الواجب
كمائتي شاة ليس فيها إلا صحيحة أجزأ اخراج صحيحة ومريضة وهو أصح وجهي الشافعي والثاني لهم الزامه بصحيحتين لان المخرجتين كما تزكيان الباقي تزكى كل
واحدة منهما الأخرى فيلزم ان تزكى المريضة الصحيحة وهو ممتنع ونمنع كون كل منهما تزكى الأخرى - ح - لو كان له أربعون بعضها صحيح وبعضها مريض اخرج
صحيحة قيمتها ربع عشر الأربعين التي يملكها لان الواحد ربع عشر الأربعين ولو كان عنده مائة واحدى وعشرون منقسمة اخرج صحيحتين قيمتها قدر
جزئين من مائة واحدى وعشرين جزاء من قيمة الجملة وهو يغنى عن النظر في قيمة آحاد الماشية ويحتمل التقسيط بالنسبة فلو كان نصف الأربعين صحاحا
ونصفها مراضا وقيمة كل مريضة دينار وقيمة كل صحيحة ديناران اخرج صحيحة بقيمة نصف صحيحة ونصف مريضة وهي دينار ونصف - ط - لو كان المال كله
معيبا أخذت معيبة ولو كان فيها سليم طولب بسليمة تقرب قيمتها من ربع عشر ماله وإن كان الكل معيبا وبعضها اردى اخرج الوسط مما عنده ولو ملك ستا و
عشرين معيبه وفيها بنتا مخاض إحديهما أجود ما عنده لم يلزمه اخراجها وفى وجه للشافعي وجوبه والعيب المعتبر في هذا الباب ما يثبت الرد في البيع أو ما يمنع التضحية
والوجهان للشافعية والأقرب الأول - ى - لو كانت ماشية ذكرانا كلها اجزاء ان يخرج منها ذكر أو هو أحد
وجهي الشافعية كالمريضة وفى الاخر لا يجوز وبه قال
مالك لورود النص بالإناث وقال بعضهم ان أدي أخذ الذكر في الإبل إلى التسوية بين نصابين لم يأخذ وإلا أخذ فلا يؤخذ ابن لبون من ست وثلاثين لأنه مأخوذ
من ست وعشرين فيؤدى إلى التسوية ويؤخذ حق من ست وأربعين وجذع من إحدى وستين وابن مخاض من ست وعشرين والوجه عندي في ذلك اتباع
النص فلا يجزى في ست وعشرين ابن مخاض ولا في ست وأربعين حق ولا جذع في إحدى وستين لورود النص بالأنثى ويجزى في غير ذلك كالغنم - يا - لا يجزى
الصغار عن الكبار لورود النص بالسن نعم لو كانت كلها صغارا أجزأ الواحد منها وهو متعذر في أكثر المواشي عند أكثر الجمهور لاشتراط حولان فيخرج إلى
حد الأجزاء وسيأتى على مذهبنا ومذهب أبي حنيفة لان الحول إنما يبدي من وقت زوال الصغر وهو أحد وجهي الشافعي ويتصور على مذهبه بأن يحدث
من الماشية نتاج في الحول ثم تموت الأمهات ويبقى من النتاج النصاب فتجب الزكاة في النتاج إذا تم حول الأصل وبه قال مالك أو يمضى على صغار المعز حول فيجب
فيها الزكاة وان لم تبلغ من الأجزاء عنده على الأظهر لان سن اجزاء المعز سنتان وفى الثاني لا يجوز أخذ الصغيرة عن الصغار ومنهم من سوغ في الغنم وفى الإبل
214

والبقر ثلاثة أوجه المنع لما فيه من التسوية بين ست وعشرين من الإبل واحدى وستين وما بينهما من النصابين في اخذ فصيل وبين ثلاثين من البقر وأربعين في اخذ
عجل الثاني المنع من اخذ صغيرة من إحدى وستين فما دونها لان الواجب واحد وفيما جاوز ذلك يعتبر العدد كالغنم وألزم على هذا ان الواجب في إحدى وتسعين حقتان
وفى ست وسبعين بنتا لبون فالأولى على هذا ان يقال إن أدي اخذ الصغيرة إلى التسوية لم تؤخذ وإلا أخذت الثلاث وهو الاظهر عدم جواز اخذها كما يؤخذ
من الغنم - يب - الأقرب جواز اخراج ثنية من المعز عن الأربعين من الضأن وجذعة من الضأن عن أربعين من المعز وهو أحد وجهي الشافعي لاتحاد الجنس والثاني المنع فيؤخذ
الضأن من المعز دون العكس لان الضأن فوق المعز ولو اختلف النوع جاز اخراج مهما شاء المالك وهو أحد وجهي الشافعي وأظهرهما التقسيط وله اخر التخيير إذا لم يمكن اخراج
الصنفين فإن أمكن كهاتين من الإبل نصفها مهرية ونصفها عربية تؤخذ حقتان من هذه وحقتان من هذه وله رابع الاخذ من الأجود وخامس ان يؤخذ أوسط مسألة لا يؤخذ
الربا وهي الوالد إلى خمسة عشر يوما وقيل إلى خمسين لاشتغالها بتربية ولدها ولا الماخض وهي الحامل ولا الأكولة وهي السمينة المعدة للاكل و
لا فحل الضراب لقوله (ع) إياك وكرايم أموالهم ونهى (ع) ان يأخذ شافعا أي حاملا سميت بذلك لان ولدها قد شفعها فان تطوع المالك
بذلك أجزأ ولو اتصفت الكل بالماخض وجب اخراج ماخض وكذا الأكولة مع السوم وأما الربا ففي أخذها اشكال للخوف على الولد فالأقرب الزامه
بالقيمة فروع - آ - إذا وجب عليه جذعة وكانت حاملا لم يكن للساعي أخذها إلا أن يتطوع المالك وكذا إذا وجب عليه سن فأعطى المالك أعلا جاز وكان
متطوعا بالفضل ولا نعلم فيه خلافا إلا من داود فإنه قال لا يجوز أخذ الحامل والأعلى من السن الواجب لأنه عدل عن المنصوص فلم يجزه ولقوله (ع) لمعاذ
إياك وكرايم أموالهم والتنصيص على الأخف ارفاقا بالمالك فلا يمنع من الأعلى - ب - لو تعدد الفرض في ماشية كان الخيار إلى المالك أي واحدة مجزية اخراجها جاز
وقال بعض علمائنا يفرع حتى تبقى الواجبة وهو عندي على الاستحباب - ج - إذا لم يظهر بالبهيمة الحمل ولكن طرقها الفحل لم يكن للساعي أخذها إلا برضى المالك
وكانت كالحامل ينتقل إلى ما فوقها ودونها المطلب الثاني في زكاة الذهب والفضة مسألة الذهب والفضة تجب فيهما الزكاة بالنص والاجماع قال
الله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم ولا يتوعد بهذه العقوبة إلا على ترك الواجب وقال رسول الله (ص)
ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيمة صفحت له صفايح من نار واحمى عليها في نار جهنم فتكوى جنبه وجبينه وظهره كلما بردت
أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد وأجمع المسلمون كافة على الوجوب مع الشرائط مسألة يشترط في وجوب الزكاة في هذين
أمور أربعة الملك اجماعا والحول كذلك والنصاب أيضا وكونهما مضروبين منقوشين دراهم ودنانير عند علمائنا خاصة فلا زكاة في السبايك والنقار والتبر
والحلى لقوله (ع) ليس في الحلى زكاة ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) ليس في سبايك الذهب ونقار الفضة زكاة وقول الصادق والكاظم (ع)
ليس على التبر زكاة وقال الكاظم (ع) كل مال لم يكن ركازا فلا زكاة فيه قلت وما الركاز قال الصامت المنقوش ولأنه يجرى مجرى الأمتعة وأوجب الجمهور
كافة الزكاة في غير المنقوش كالتبر والنقار وان اختلفوا في الحلى على ما يأتي للعموم والخاص مقدم مسألة ولكل منهما نصابان وعفوان عندنا على ما يأتي
فأول نصاب الذهب عشرون مثقالا وعليه اجماع العلماء إلا ما حكى عن الحسن البصري وشيخنا علي بن بابويه فإنهما قالا لا شئ في الذهب حتى يبلغ أربعين مثقالا لقول
النبي صلى الله عليه وآله ليس في أقل من عشرين مثقالا من الذهب ولا في أقل من مائتي درهم صدقة وهو يدل بمفهومه على وجوبه في العشرين خصوصا مع اقترانه
بالمأتين وقول علي (ع) على كل أربعين دينارا دينار وفى كل عشرين نصف دينار ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) ليس فيما دون
العشرين مثقالا من الذهب شئ فإذا أكملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة وعشرين فإذا أكملت أربعة وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية و
عشرين فعلى هذا الحساب كلما زاد أربعة احتج ابن بابويه بقول الباقر والصادق (ع) في الذهب في كل أربعين مثقالا مثقال وفى الورق في كل أربعين مثقالا
مثقال وفي الورق في كل مأتين خمسة دراهم وليس في أقل من أربعين مثقالا شئ ولا في أقل من مأتى درهم شئ والجواب يحتمل ان يكون أراد بالشئ المنفى فيما دون الأربعين هو الدينار
الواجب في الأربعين لأنه مجمل فيجوز بيانه بما قلنا جمعا بين الأدلة مسألة أول نصاب الفضة مائتا درهم باجماع العلماء لقوله (ع) ولا في أقل من مائتي
درهم صدقة وقال الصادق (ع) في الرقة ربع العشر فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها والرقة الدرهم المضروبة ومن طريق
الخاصة قول أحدهما (ع) ليس في الفضة زكاة حتى يبلغ مائتي درهم فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم واعلم أن المثاقيل لم تختلف في جاهلية
ولا اسلام واما الدراهم فإنها مختلفة الأوزان فكانت في صدر الاسلام صنفين سودا وطبرية وكانت السود كل درهم ثمانية دوانيق والطبرية أربعة دوانيق
فجمعا في الاسلام وجعلا درهمين متساويين كل درهم ستة دوانيق فالدراهم التي يعتبر فيها النصاب هي الدراهم التي كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل بمثقال
الذهب فكل درهم نصف مثقال وخمسه وهي الدراهم الاسلامية التي يقدر بها نصب الزكاة ومقدار الجزية والديات ونصاب القطع في السرقة وغير ذلك
والدانق ثمان حبات من أوسط حبات الشعير مسألة نصاب الذهب عشرون مثقالا ولا يعتبر قسمته بالفضة عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر العلماء لقول علي (ع)
في كل عشرين دينارا نصف دينار ولأنه نصاب تجب الزكاة في عينه فلا يعتبر بغيره كساير الأموال الزكوية وقال طاوس والزهري وسليمان بن حرب وأيوب السجستاني انه معتبر
بالفضة فما كان قيمة مائتي درهم ففيه الزكاة وإلا فلا لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله تقدير في نصابه فنحمل على الفضة وقد بينا النقل عنه وعن أهل بيته (على)
مسألة لو نقص نصاب الذهب أو الفضة شيئا يسيرا كالحبة سقطت الزكاة عند علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وإسحاق وابن المنذر لقوله (ع) ليس
فيما دون خمسة أواق صدقة والأوقية أربعون درهما اجماعا ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) ليس في الفضة زكاة حتى تبلغ مائتي درهم وليس في الذهب
زكاة حتى يبلغ عشرين مثقالا وقول الصادق (ع) في كل مأتين خمسة دراهم من الفضة وان نقص فليس عليك زكاة ومن الذهب في كل عشرين دينار نصف دينار وان نقص فليس
عليك شئ وهو رواية عن أحمد وفى أخرى إن كان النقص يسيرا كالحبة والحبتين من الفضة وجبت الزكاة لأنه لا يضبط غالبا فهو كنقص الحول ساعة وساعتين
وإن كان نقصا بينا كالدانق والدانقين فلا زكاة وعن أحمد ان الذهب ان نقص ثلث مثقال زكاة وبه قال عمر بن عبد العزيز وسفيان وان نقص نصفا فلا زكاة
وعن أحمد أيضا ان نقص ثمنا فلا زكاة وعن مالك روايتان إحديهما ان نقص النصاب نقصا يسيرا يجوز جواز الموازنة وجبت الزكاة لأنها بجواز الموازنة اشبهت
الموازنة الثانية ان نقص بالحبة والحبتين في جميع الموازين وجبت الزكاة وهي المعروفة من مذهبه وقال الأبهري ليس هذا مذهب مالك وإنما مذهبه أنها إن نقصت
215

في بعض الموازين وهي كاملة في بعضها ففيها الزكاة والأحاديث تدل على اعتبار النصاب تحقيقا تذنيب المعتبر في نصاب الفضة الوزن وهو ان يكون كل عشرة دراهم
سبعة مثاقيل وكل درهم ستة دوانيق ولا اعتبار بالعدد ولا بالسود الثعلبية التي في كل درهم درهم ودانقان ولا بالطبرية الخفيفة التي في كل درهم أربعة دوانيق و
به عامة فقهاء الاسلام وقال المغربي وأهل الظاهر الاعتبار بالعدد دون الوزن فإذا بلغت المأتين عددا ففيها الزكاة سواء كانت وافية أو من الخفيفة وإن كانت
أقل من المائتين عددا فلا زكاة فيها سواء كانت خفيفة أو وافية وهو مدفوع بالاجماع وخلاف المغربي قد انقرض وانعقد الاجماع على خلافه فعلى هذا لو زاد
العدد عن مائتين ولم تبلغ مائة وأربعين مثقالا فلا زكاة ولو نقص عن مائتين وبلغ مائة وأربعين مثقالا وجبت مسألة إذا بلغ أحدهما النصاب وجب فيه
ربع العشر فيجب في العشرين مثقالا نصف دينار وفى المأتين من الفضة خمسة دراهم باجماع علماء الاسلام قال (ع) هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهما
وليس في تسعين ومئة شئ ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الذهب إذا بلغ عشرين دينارا فعليه نصف دينار وليس فيما دون العشرين شئ وفى الفضة إذا بلغت
مائتي درهم خمسة دراهم وليس فيما دون المأتين شئ مسألة النصاب الثاني للذهب أربعة دنانير وفيه قيراطان وللفضة أربعون درهما وفيهما درهم واحد
ولا شئ في الزايد على النصاب الأول منهما ما لم يبلغ ما قلناه عند علمائنا كافة وبه قال سعيد بن المسيب وعطا وطاوس والحسن والشعبي ومكحول والزهري وعمر
ابن دينار وأبو حنيفة لقوله (ع) من كل أربعين درهما درهما وقال (ع) إذا بلغ الورق مأتين ففيه خمسة دراهم ثم لا شئ فيه حتى يبلغ إلى أربعين درهما وهذا نص ومن طريق
الخاصة قول الباقر والصادق (ع) فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال إلى أربعة وعشرين فإذا كمل أربعة وعشرين ففيها ثلاثة أخماس دينار إلى ثمانية و
عشرين فعلى هذا الحساب كلما زاد أربعة وعن الباقر (ع) ليس فيما دون المأتين شئ فإذا زادت تسعة وثلاثون على المأتين فليس فيها شئ حتى تبلغ الأربعين وكذلك
الدنانير على هذا الحساب ولان له عفوا في الابتداء فكان له عفو بعد النصاب كالماشية وقال مالك والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأبو
ثور وأبو عبيد وابن المنذر واحمد لا يعتبر نصاب أحدهما بل تجب الزكاة في زيادتهما وان قلت ورواه الجمهور عن علي (ع) وابن عمر وعمر بن عبد العزيز والنخعي
لما روى عن علي (ع) عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال هاتوا ربع العشور عن كل أربعين درهما درهما وليس عليكم شئ حتى تتم مأتين وإذا كانت مائتي درهم
ففيها خمسة دراهم فما زاد 0000 فبحساب ذلك ولأنه مال يتجر (يتجزى) فلم يكن له عفو بعد النصاب كالحبوب ولا دلالة في الحديث لان ما زاد على المأتين بحساب المأتين
وفى كل أربعين درهم وليس في الناقص عنها شئ إذ لا يسمى أربعين فهو حجة لنا والقياس مدفوع بما تقدم إذا ثبت هذا فكل ما زاد الذهب أربعة أربعة كان فيها قيراطان في كل
أربعة وإذا زادت الفضة أربعين ففيها درهم في كل أربعين بلا خلاف عندنا ولا زكاة فيما نقص عن ذلك وإن خرج بالتام تذنيب لا فرق في النصاب الأول والثاني في
أنه لو نقص منه شئ يسير كالحبة تسقط الزكاة سواء اتفقت الموازين في النقص واختلفت فيه كما قلناه في الأول ولو اختلفت بما جرت العادة به فالأقرب عدم الوجوب
مسألة لا تجب الزكاة في المغشوشة حتى يبلغ الصافي نصابا وكذا المختلط بغيره عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد لقوله (ع) ليس فيما دون خمس أوراق من الورق
صدقة ولان المناط كونه ذهبا وفضه والغش ليس أحدهما وقال أبو حنيفة إن كان الغش النصف أو أكثر كانت كالعروض تعتبر بالقيمة وإن كان الغش دون النصف سقط
حكم الغش وكانت كالفضة الخالصة التي لا غش فيها لان الفضة لا تنطبع إلا بالغش وليس حجة فروع - آ - لا يجوز أن يخرج عن مائتي درهم خالصة خمسة مغشوشة وبه
قال الشافعي لأنه من ردئ المال فلا يجزى عن الجيد وقال أبو حنيفة يجوز - ب - لو ملك النصاب ولم يعلم هل فيه غش أم لا وجبت الزكاة لأصالة الصحة والسلامة ولو علم
أن فيه غشا وشك هل بلغ الصافي نصابا أو لا لم يؤمر بالسبك ولا الاخراج منها ولا من غيرها لان بلوغ النصاب شرط ولم يعلم حصوله أصالة البراءة لم يعارضها شئ
وقال احمد يلزمه أحدهما - ج - لو عرف أن فيه نصابا خالصا وجهل الزيادة عليه قال الشيخ يؤمر بسبكها إن لم يتبرع بالاحتياط في الاخراج وبه قال الشافعي واحمد لان الذمة
مشغولة ولا يحصل يقين البراءة إلا بالسبك أو الاحتياط في الاخراج والوجه أخذ ما تيقن وجوبه ويطرح المشكوك فيه عملا بأصالة البراءة
ولان الزيادة كالأصل فكما لو شك هل بلغ الصافي نصابا يسقط كذا لو شك هل بلغت الزيادة نصابا اخر - د -
لو أخرج عن المغشوشة منها فإن اتفق مثل
أن يكون في كل دينار سدسه وعلم ذلك أجزأ لأنه يكون مخرجا لربع العشر وإن اختلف أو لم يعلم لم يجزئه إلا الاستظهار بأن يتيقن أن ما أخرجه من الذهب
محيط بقدر الزكاة ولو اخرج ذهبا لا غش فيه فهو أفضل - ه‍ - لو أراد اسقاط الغش واخراج الزكاة عن قدر ما فيه من الذهب كمن معه أربعة وعشرون دينارا
سدسها غش فأسقطه واخرج نصف دينار عن عشرين جاز لأنه لو سبكها لم يلزمه إلا ذلك ولان غشها لا زكاة فيه - ز - لو كان الغش مما تجب الزكاة فيه وجبت الزكاة
فيه أيضا إن بلغ نصابا أو كمل ما معه من جنسه نصابا - ز - كره الشافعي ضرب الدراهم المغشوشة والوجه التحريم إلا مع الاعتياد بإخراجها ثم إن كانت مضبوطة
صحت المعاملة بها وإن كانت مجهولة النقرة احتمل جواز المعاملة كما يجوز بيع المعجونات وان جهلت مقادير بسائطها والمنع لأنها تطلب لما فيها من النقرة
وهي مجهولة القدر - ح - لو علم النصاب وقدر الغش اخرج عن الخالصة مثلها وعن المغشوشة منها - ط - لو كان الغش مما تجب فيه الزكاة وجبت عنهما على ما تقدم فان أشكل
الأكثر منهما ولم يكن التمييز اخرج ما يجب في الأكثر من جنس الأكثر قيمة فلو كان أحد النقدين ستمائة والآخر أربعمائة اخرج زكاة ستمائة ذهبا وأربعمائة فضة إن كان الذهب
أكثر قيمة وإلا فالعكس - ى - لو تساوا العيار واختلف القيمة كالرضوية والراضية استحب الأفضل والوجه عدم جزاء إلا نقص قيمة وإن ساوى قدرا بل يجب التقسيط و
لو اخرج من أوسطها بقى بقدر الواجب وقيمته أجزأ ولو نقص قدرا مثل ان يخرج عن نصف دينار ثلث دينار جيد احتمل الأجزاء اعتبار بالقيمة وعدمه لان النبي
صلى الله عليه وآله نص على نصف دينار فلم يجزأ النقص منه ولو اخرج من الأردى وزاد في القدر بقدر ما بقى بقيمة الواجب جاز - يا - ويكمل جيد النقرة برديها كالناعم والخشن وكذا
الذهب العالي والدون ثم يخرج من كل جنس بقدره وكذا الدراهم والدنانير الصحاح والمكسورة يضم بعضها إلى بعض ما لم يخرج بالكسر عن اسم المضروبة كما لو
سحقت اجزاء صغارا لا يظهر الضرب والنقش فيها ثم يخرج عن كل جنس بقدره ولو اخرج عن المكسرة بقدر الواجب قيمة اخر وكذا من الصحيحة وإن قصر الوزن على اشكال - يب - لو اخرج
بهرجا عن الجيد وزاد بقدر ما يساوى قيمة الجيد جاز لأنه اخرج القيمة وقال الشافعي لا يجوز وهل يرجع فيما أخرجه من المعيب وجهان عند أصحابه وقال أبو حنيفة يجوز
اخراج الردية عن الجيدة من غير جبران لان الجودة إذا لاقت جنسها فيما فيه الربا لا قيمة لها مسألة لا زكاة في الحلى المباح استعماله كالسوار للمرأة والمنطقة للرجل
عند علمائنا أجمع وبه قال في الصحابة ابن عمر وجابر وأنس وعايشة وأسماء وفى التابعين سعيد بن المسيب والحسن البصري والشعبي والقاسم وقتادة ومحمد بن علي الباقر (ع)
وأبو عبيد وقال زكاته اعارته كما يقوله علماؤنا وفى الفقهاء مالك واحمد وإسحاق وأبو ثور والشافعي في القديم والبويطي واحد قوليه في الام وعليه أصحابه وبه يفتون
216

لقوله صلى الله عليه وآله لا زكاة في الحلى قالت فريعة بنت أبي أمامة حلاني رسول الله صلى الله عليه وآله رعاثا وحلا أختي وكنا في حجره فما أخذ منا زكاة حلى قط والرعاث
الحلق لا يقال ترك الزكاة لأنه لم يبلغ نصابا لأنا نقول إنما يقال ما أخذ زكاة إلا والمال مما تجب فيه الزكاة ومن طريق الخالصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن الحلى فيه
الزكاة فقال لا وإن بلغ مائة الف وقال (ع) زكاة الحلى أن يعار ولأنه مرصد لاستعمال مباح فلم تجب فيه الزكاة كالعوامل وثياب القنية وقال الشافعي في الجديد
تجب فيه الزكاة وبه قال عمر وابن مسعود وابن عباس و عبد الله بن عمرو ابن العاص وسعيد ابن المسيب وسعيد بن جبير وعطا ومجاهد وجابر بن يزيد وابن سيرين والزهري والثوري
واحمد في رواية وأصحاب الرأي لقوله في الرقة ربع العشر وليس فيما دون خمس أواق صدقة دل بمفهومه على وجوب الزكاة إذا بلغت خمسا ولان امرأة من اليمن أتت رسول الله
(ص) ومعها ابنة لها في يديها مسكتان من ذهب فقال هل تعطين زكاة هذا فقالت لا فقال أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار ولأنه من جنس الأثمان
فأشبه التبر والرقة هي الدراهم المنقوشة قال أبو عبيد لا نعلم هذا الاسم في الكلام المنقول عن العرب إلا على الدراهم المنقوشة ذات السكة السايرة في الناس وكذا الأواقي معناها الدراهم كل أوقية أربعون درهما والمسكتان طعن في حدثيهما قال الترمذي ليس
يصح في هذا الباب شئ ويحتمل إرادة العارية والأصل ممنوع وقال مالك يزكى عاما واحدا إذا ثبت هذا فقولنا زكاته اعارته محمول على الاستحباب لا الوجوب عملا
بالأصل مسألة الحلى المحرم استعماله كالمنطقة وحلية السيف للمرأة إذا قصدت لبسها والسوار والدملج والخلخال للرجل إذا قصد التحلي به لا زكاة فيه عند
علمائنا لعموم قوله (ع) لا زكاة في الحلى وأطبق الجمهور كافة على ايجاب الزكاة فيه لان المحظور شرعا كالمعدوم حسا ولا حجة فيه لأن عدم الصنعة غير مقتض لايجاب
الزكاة لان المناط كونهما مضروبين بسكة المعاملة - فروع - آ لا فرق في سقوط الزكاة في المباح بين أن يعد الملبس أو الإجارة والقنية وقال احمد لا تجب في الأول على
إحدى الروايتين وتجب في الثاني لان الزكاة سقطت عما أعد الاستعمال لصرفه عن جهة النماء فتجب فيما عداه على الأصل وتمنع الايجاب في الأصل وكذا لا فرق
بين كون الحلى المباح مملوكا لامرأة تلبسه أو تعيره أو لرجل يحلى به أهله أو لغيره أو يعده لذلك - ب قليل الحلى وكثيره سواء في الإباحة والزكاة وقال بعض
الجمهور يباح ما لم يبلغ مائة الف فان بلغها حرم وفيه الزكاة لأنه يخرج إلى السرف والخيلاء ولا يحتاج إليه في الاستعمال وليس بجيد لان الشرع أباح التحلي مطلقا
من غير تقييد وقال تعالى قل من حرم زينة الله - ج - يباح للمراة من حلى الذهب والفضة كلما جرت عادتهن بلبسه كالسوار والخلخال والقرط والخاتم وما تلبسه
على وجهها وعنقها ويدها ورجلها وأذنها وغيرها فأما ما لم تجر عادتها بلبسه كالمنطقة وشبهها من حلى الرجال فهو محرم وأما الرجل فيحرم عليه التحلي بالذهب
اجماعا ويحرم التمويه به وان لم يحصل منه ذهب وللشافي وجهان إما اتخاذ أنف لمن جدع أنفه فالأقرب الجواز ويجوز ان يتحلى بمثل المنطقة والسيف والسكين
وغيرها من آلات الحرب بالفضة خاصة قال الشيخ ولا يجوز ذلك في حلى الدواة والفرس لأنه من الآلات وآلات الفضة يحرم استعمالها ثم قال وان قلنا بالإباحة كان
قويا قال ولا يجوز ان يحلى المصحف بالفضة والمرآة والمشط والميل والمكحلة وغيرها لأنه من الأواني والآلات واما تضبيب الأواني فإنه مكروه للحاجة وغيرها فيجتنب
موضع الفضة في الاستعمال وقال الشافعي لا يحل للرجل التحلي بالفضة إلا التختم به وتحلية الآلات للحرب وفى السرج واللجام وجهان ويحرم على المرأة آلات الحرب لما
فيه من التشبه بالرجال وأما في غير التحلي فقد حرم الشرع اتخاذ الأواني من الذهب والفضة على الرجال والنساء وللشافعية في تحلية المصحف بالفضة وجهان و
في تحليته بالذهب ثلاثة أوجه يفرق في الثالث بين الرجال والنساء وأما تحلية غير المصحف من الكتب فإنه حرام
وفى تحلية الكعبة والمساجد بالقناديل من
الذهب والفضة اشكال ينشأ من كون تجويزه اكراما وما يجرى على السقوف والحيطان من الذهب قال الشيخ لا نص في تحريمها ولا في تحلية المصاحف وربط
الأسنان بالذهب والأصل الإباحة ولا زكاة في الجميع وقال الشافعي وباقي الفقهاء إن كان لو جمع وسبك بلغ نصابا وجبت الزكاة - د - لا زكاة في نفايس الأموال
إلا في النقدين - ه‍ - لو كان معه خلخال وزنة مائتا درهم وقيمته لأجل الصنعة ثلاثمائة لم تجب الزكاة عندنا وقال أبو حنيفة تجزية خمسة دراهم ولا عبرة بالصنعة
وقال الشافعي ولا تجزيه لان القيمة تضم إلى وزنه - و - لو فر بالسبك من الزكاة فإن كان بعد الحول لم يسقط لسبق الوجوب وإن كان قبله فروايتان أقربهما السقوط
لفوات الشرط ولقول الصادق (ع) وقد سأله هارون بن خارجة إن أخي يوسف ولى لهؤلاء أعمالا وأصاب فيها أموالا كثيرة وانه جعل ذلك المال حليا أراد أن يفر
به من الزكاة أعليه الزكاة قال ليس على الحلى زكاة وما ادخل على نفسه من النقصان في وضعه ومنعه نفسه فضله أكثر مما يخاف من الزكاة والاخرى وجوب الزكاة عن الصادق
(ع) وقد سئل عن الحلى فيه زكاة قال لا إلا ما فر به من الزكاة ويحمل على الاستحباب أو على ما إذا جعله بعد الحول - ز - لا تضم النقار إلى الدراهم ولا
السبايك إلى الذهب لفوات الشرط وأطبق الجمهور على الضم لأنه جنس واحد وهو ممنوع لأنه أحدهما لا يجب فيه مسألة يشترط ملك النصاب في النقدين بتمامه
في جميع الحول كما قلنا في المواشي عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
فإن كانت مائة وخمسين فأصابت خمسين بعد إن مضى شهر فلا زكاة عليه حتى يحول على المأتين الحول وقال أبو حنيفة يشترط النصاب في أول الحول وآخره فلا
يضر نقصانه في خلال الحول وقد سلف في المواشي مسألة لو كان في يده أقل من النصاب وكان له دين يتم به فان أوجبنا الزكاة في الدين ضممناه هنا إن كان على
ملى باذل لأنه قادر على أخذه فوجب اخراج زكاة كالوديعة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة واحمد لا يجب الاخراج حتى يقبضه لأنه دين فلا يجب الاخراج عنه حتى
يقبضه كما لو كان على جاحد والفرق ظاهر فإنه لا يقدر على أخذه من الجاحد فلو كان جاحدا في الظاهر دون الباطن لم يلزمه اخراجها حتى يقبضه وهل تجب فيه قال الشافعي
نعم لأنه ملى مقر به فأشبه ما إذا أقر عند الحاكم وقال أبو يوسف لا زكاة فيه لأنه لا يقدر على قبضه فهو كالجمهور وهو أوجه عندي وإن كان جاحدا في الظاهر و
الباطن أو كان معسرا فلا زكاة وللشافعي قولان ولو كان له بينة بالمال أو علمه الحاكم فالأقرب الوجوب وبه قال الشافعي لتمكنه وقال محمد بن الحسن ان علمه الحاكم وجبت وإن كان له بينة لم يجب لان الحاكم قد لا يقبلها. ويشكل بأنه إذا
ترك إقامة البينة حولا فقد ترك الاخذ مع امكانه وأما المؤجل فلا زكاة فيه لعدم تمكنه منه وللشافعي قولان وان قلنا بعدم الوجوب في الدين وهو القديم
للشافعي فلا زكاة هنا مسألة لو نقص أحدهما عن النصاب لم يكمل بعروض التجارة عند علمائنا لنقص النصاب ومال التجارة لا تجب فيه الزكاة وإن وجبت إلا أنه
لا يضم جنس إلى غيره على ما سيأتي وأطبق الجمهور على الضم هنا لان الزكاة إنما تجب في القيمة ويقوم بكل واحد منهما فيضم ولو كان له ذهب وفضة وعروض وجب
ضم الجميع عندهم في تكميل النصاب لان العرض مضموم إلى كل واحد منهما فيجب ضمهما إليه وجميع الثلاثة مسألة ولا يضم أحد النقدين إلى الآخر ولو كمل النصاب
بهما عند علمائنا أجمع فلو كان له من كل من الذهب والفضة ما لا يبلغ نصابا بمفرده أو كان له نصاب من أحدهما وأقل من نصاب من الآخر كما لو كان له مائتا درهم وأربعة دنانير أو عشرون دينارا وأربعون درهما لم
يضم أحدهما إلى الآخر وبه قال ابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وشريك والشافعي وأبو ثور وأبو عبيد واحمد في رواية لقوله (ع) ليس فيما دون خمس أواق صدقة
217

ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وليس في الكسور شئ ولأنهما مالان يختلف نصابهما فلا يضم أحدهما إلى الآخر كأجناس الماشية وقال مالك والأوزاعي
والثوري واحمد في رواية والحسن وقتادة وأصحاب الرأي يضم أحدهما إلى الآخر لان أحدهما يضم إلى ما يضم إليه الاخر وهو مال التجارة فيضم إلى الآخر كأنواع الجنس
ولان نفعهما واحد والمقصود منهما متحد فإنهما قيم المتلفات وأروش الجنايات وأثمان المباعات إذا عرفت هذا فالقائلون بالضم اختلفوا فقال مالك وأبو
يوسف ومحمد والأوزاعي واحمد في رواية يضم إلى الأجزاء بالاجزاء يعنى انه يحسب كل واحد منهما من نصابه فإذا كملت اجزاؤهما نصابا وجبت الزكاة مثل ان
يكون عنده نصف نصاب من أحدهما ونصف نصاب أو أكثر من الآخر أو ثلث من أحدهما وثلثان أو أكثر من الآخر فلو ملك مائة درهم وعشرة دنانير أو مائة وخمسين
درهما وخمسة دنانير أو مائة وعشرين درهما وثمانية دنانير وجبت الزكاة فيهما وان نقصت اجزاؤهما عن نصاب فلا زكاة فيهما بأن يكون عنده ثمانية دنانير ومأة درهم
لان كل واحد منهما لا تعتبر قيمته في ايجاب الزكاة إذا كان منفردا فلا يعتبر إذا كان مضموما كالحبوب وقال أبو حنيفة يضم بالأحوط من الأجزاء والقيمة معا
ومعناه انه يقوم الغالي منهما بقيمة الرخيص فإذا بلغت قيمتها بالرخيص منهما نصابا وجبت الزكاة فيهما فلو ملك مائة درهم وتسعة دنانير قيمتها مائة درهم أو
عشرة دنانير وتسعين درهما قيمتها عشرة دنانير وجبت الزكاة فيهما وهو رواية عن أحمد لان كل نصاب وجب فيه ضم الذهب إلى الفضة ضم بالقيمة كنصاب القطع في
السرقة والكل باطل عندنا لما تقدم مسألة يجوز اخراج أحد النقدين عن الاخر بالقيمة وهو أصح الروايتين عن أحمد لان المقصود من أحدهما حاصل باخراج
الاخر فأجزأ فان المقصود منهما جميعا الثمنية والتوسل بهما إلى المقاصد وهما يشتركان فيه على السواء فأشبه اخراج الجنس وإذا كان المقصود حاصلا وجب الأجزاء
إذ لا فائدة في اختصاص الأجزاء بعين مع مساواة غيرها لها في الحكمة ولأنه قد يكون ارفق بالمعطى والفقير وأنفع لهما ويندفع به الضرر عنهما فإن اخراج العين
قد يشق على من تملك عشرين مثقالا باخراج جزء من دينار ويحتاج إلى التشقيص ومشاركة الفقير له في دينار من ماله أو بيع أحدهما نصيبه فتضرر
المالك والفقير فإذا اخرج الدراهم عنها اندفعت حاجة الفقير وسهل ذلك عليه وانتفع من غير كلفة ولا ضرر ولأنه لو دفع إليه من قطعة ذهب في موضع لا
يتعامل بها فيه لم يقدر على قضاء حاجته ولو أراد بيعها بجنس ما يتعامل بهما احتاج إلى كلفة البيع وربما لا يقدر عليه فلا يفيده شيئا وربما نقص عوضها
عن قيمتها والرواية الثانية لأحمد المنع من الجواز لان أنواع الجنس لا يجوز اخراج أحدهما عن الاخر إذا كان أقل في المقدار فمع اختلاف الجنس أولي والأولى
ممنوعة على ما يأتي انشاء الله تعالى وعلى ما قلناه لا يجوز الابدال في موضع يلحق الفقير ضرر مثل ان يدفع
إليه ما لا ينفق عوضا عما ينفق لأنه كالمعيب و
لو اختار المالك الدفع من الجنس واختار الفقير الاخذ من غيره بضرر يلحقه في أحد الجنسين لم يلزم المالك اجابته لأنه أدى فرض الله عليه فلا يكلف غيره المطلب
الثالث في زكاة الغلات والثمار وفيه بحثان الأول فيما تجب الزكاة فيه منها مسألة الزكاة في الغلات والثمار واجبة بالنص والاجماع وقال الله تعالى
يا أيها الذين امنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض والزكاة يسمى نفقة لقوله تعالى ولا ينفقونها في سبيل الله وقال تعالى وآتوا حقه يوم
حصاده قال ابن عباس حقه الزكاة المفروضة واجمع علماء الاسلام على وجوب الصدقة وفى الحنطة والشعير والتمر والزبيب مسألة ويشترط في الزكاة في هذه الأنواع
أمور ثلاثة النصاب وبدو الصلاح وتملك الغلة بالزراعة لا بغيرها كالابتياع والاتهاب والنصاب في الأربعة واحد وهو خمسة أوساق فلا يجب فيما دونها شئ باجماع علمائنا
وهو قول أكثر أهل العلم منهم ابن عمر وجابر وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد والحسن البصري وعطا ومكحول والنخعي ومالك وأهل المدينة والثوري والأوزاعي
وابن أبي ليلى والشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد لقوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) ليس فيما دون خمسة
أوساق زكاة وقال الصادق (ع) ليس في النخل صدقة حتى يبلغ خمسة أوساق والعنب مثل ذلك ولأنه مال يجب فيه الصدقة فلا يجب في يسيره كساير الأموال الزكوية وقال أبو حنيفة ومجاهد تجب الزكاة في قليل ذلك وكثيره لعموم قوله (ع) فيما سقت السماء العشر ولأنه لا يعتبر له حول فلا يعتبر له نصاب
والخاص مقدم ولم يعتبر الحول لان نماه يكمل باستحصاده لأنه ببقائه واعتبر الحول في غيره لأنه مظنة لكمال النماء في ساير الأموال والنصاب اعتبر ليبلغ حدا
يحتمل المواساة مسألة الوسق ستون صاعا بالاجماع والنص قال رسول الله صلى الله عليه وآله الوسق ستون صاعا ومن طريق الخاصة قول أحدهما
(ع) الوسق ستون صاعا فذلك ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله واما الصاع فإنه أربعة امداد وعند علمائنا والمد رطلان وربع
بالعراقي يكون قدر النصاب الفين وسبعمائة رطل ولتعارض رواياتهم فسقط الاحتجاج بها لعدم الأولوية ويصار إلى هو الأصل وهو البراءة وصيانة مال
المسلم عن التسلط ولان النصاب شرط لما بينا ولا نعلم حصوله إلا مع التقدير الأعلى فيقف الوجوب عليه ولقول الصادق (ع) الصاع أربعة امداد و
قول أبى الحسن (ع) الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال بالعراقي وقول الباقر (ع) والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال بأرطال المدينة
يكون تسعة أرطال بالعراقي وقال الشافعي واحمد وزن المد رطل وثلث والصاع خمسة أرطال وثلث لان مالكا أحضر لأبي يوسف أولاد المهاجرين والأنصار
فشهدوا إن آبائهم أخبروهم انهم كانوا يؤدون الصدقة إلى النبي (ع) بهذا الصاع وهو ممنوع فإنه لو كان مشتهرا في المدينة لم يخف من أهلها مع أن
الباقر (ع) سيدهم وقد أخبر بخلاف ذلك وهو اعرف من عوامهم ولما أخبر مالك ان عبد الملك تحرى صاع عمر فان صاع النبي صلى الله عليه وآله أولي بالتحري
وقال أبو حنيفة المد رطلان والصاع ثمانية أرطال لان أنسا روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يتوضأ بمد ويغتسل بصاع ثمانية أرطال وهي معارضة
برواية الشافعي فتساقطا مسألة هذا التحديد تحقيق لا تقريب وهو أحد قولي الشافعية لقوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة
ولأنه نصاب يتعلق به وجوب الفرض فكان محددا كساير الأوقاص ولان نقصان القليل مجهول لا يمكن تعليق الحكم به فلم يكن بد من حد فاصل وقال بعضهم
انه تقريب فان قليلا وجبت الزكاة لان الوسق في اللغة الحمل وهو يزيد وينقص ونحن إنما اعتبرنا التقدير الشرعي لا اللغوي فروع آ لو تساوت
الموازين في النقص اليسير فلا زكاة لقوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وهو قول بعض الشافعية وقال آخرون لا اعتبار باليسر منه ب
لو اختلف الموازين والصحيحة لم يعلم على النقصان اليسير الذي اختلف به كالأوقية لان العادة أسقطت اعتباره ج النصاب يعتبر بالكيل لان الأوساق مكيلة و
إنما نقلت إلى الوزن لتضبط وتحفظ د لا وقص في نصاب الحبوب والثمار بل مهما زاد على النصاب اخرج منه بالحساب لانتفاء الضرر في تبعيضه بخلاف الماشية
ولعموم قوله (ع) فيما سقت السماء العشر مسألة إذا وجب العشر مرة لم يجب عليه عشر اخر وان بقيت عنده أحوالا اجماعا الا من الحسن البصري
لأن هذه الأموال غير مرصدة للنماء في المستقبل بل هي إلى النقص أقرب ولقول الصادق (ع) أيما رجل كان له حرث أو ثمرة فصدقها فليس عليه شئ ولو بقيت
218

الف عام إذا كان بعينه وإنما عليه صدقة العشر فإذا أداها مرة فلا شئ عليه ولأنها غير معدة للنماء فأشبهت أمتعة القنية فان اشترى من ذلك شيئا للتجارة
صار عرضا تتعلق به زكاة التجارة استحبابا أو وجوبا على الخلاف وكذا لو باعها بنصاب زكاة غير الغلة والثمار وحال عليه الحول وجبت وإلا فلا مسألة
وقت وجوب الزكاة في الحب إذا اشتد وفى الثمرة إذا بدا صلاحها على الأقوى لعموم قوله فيما سقطت السماء العشر ولان أهل اللغة نصوا على أن البسر نوع من
التمر ومن أوجب في التمرة أوجبها في الحب وقال بعض علمائنا انما تتعلق الزكاة به إذا صار تمرا أو زبيبا أو حنطة أو شعيرا لتعلق الحكم على الاسم وقد بينا ان الاسم
يتعلق بما قلناه وعلى كلا القولين إنما يجب الاخراج ويستقر الوجوب حتى يصير التمر في الجزين والزرع في البيدر بعد التصفية من التبن والقشر فلو تلف قبل
ذلك بغير تفريط فلا زكاة عليه وإنما فايدة الخلاف انه لو تصرف في الثمرة بعد بدو الصلاح إما بأكل أو بيع لم تسقط عنه الزكاة لأنه تصرف بعد تعلق الوجوب فلا يسقط وعلى القول الآخر لا شئ عليه لأنه تصرف فيها قبل الوجوب
فأشبه ما لو أكل السائمة أو باعها قبل الحول ولو تلف البعض بغير تفريط بعد البدو وقبل الكمال سقط من الزكاة بقدر التالف ووجب في الباقي بقدره وان
نقص عن النصاب إذا كان المجموع نصابا مسألة والنصاب المعتبر وهي خمسة أوسق إنما يعتبر وقت جفاف الثمرة ويبس العنب والغلة فلو كان الرطب خمسة أوسق أو العنب أو الغلة وجفت تمرا أو زبيبا
أو حنطة أو شعيرا نقص فلا زكاة إجماعا وإن كان وقت تعلق الوجوب نصابا أما ما لا يجف مثله وإنما يؤكل رطبا كالهلتاة والبرني وشبههما من الدفل
الرقيق الثمرة فإنه تجب فيه الزكاة أيضا لقوله (ع) فيما سقط السماء العشر وإنما يجب فيه إذا بلغ خمسة أوسق تمرا وهل يعتبر بنفسه أو بغيره من جنسه الأقرب الأول وإن كان تمرة يقل كغيره وللشافعي وجهان هذا
أحدهما والثاني يعتبر بغيره فإذا كان مما يجف يبلغ خمسة أوسق تمرا وكان هذا مثله رطبا وجبت فيه بأقرب الارطاب إليه مما يجف مسألة لو اشترى
الثمرة قبل بدو صلاحها فتركها حتى بدا صلاحها وجبت الزكاة على المشترى لحصول السبب في ملكه ولو كان بعد بدو الصلاح فالزكاة على البايع ومن أبطل بيع الثمرة قبل
البدو لو فعله منفردا لا بشرط القطع كان الملك باقيا على البايع
فالزكاة عليه عند بدو الصلاح مسألة لو مات وعليه دين مستوعب فإن كان بعد بدو الصلاح وجب الزكاة لتعلقها بالعين ومحل الدين الذمة فكان
حق الزكاة مقدما وان ضاع على صاحب الدين دينه ولو مات قبل بدو الصلاح فلا زكاة على الوارث ولا على الميت أما على الميت فلانتقاله عنه قبل بدو الصلاح وأما على الوارث فلعدم الانتقال إليه إلا بعد قضاء الدين عند قوم ولاشتغاله بتعلق الدين به
كالرهن ان قلنا بالانتقال إليه وقد بينا ان التمكن من التصرف شرط في الوجوب إما لو لم يكن الدين مستوعبا فإن فضل قدر النصاب وجبت الزكاة فيه خاصة وإلا فلا مسألة
قد بينا إنه لا تجب الزكاة في الغلات والثمار إلا إذا نمت في الملك لا ما يباع تمرا ولا ما يستوهب اجماعا واما عامل المساقاة والمزارعة فإنه تجب عليه في نصيبه الزكاة
ان بلغ النصاب وإلا فلا عند أكثر علمائنا لأنه ملك الحصة قبل النماء قال بعض علمائنا لا زكاة عليه لان ملكه اجرة وليس بمعتمد وأما حصة المالك فإنها تجب الزكاة
فيها أيضا ان بلغت النصاب اجماعا مسألة الواجب في هذه الغلات والثمار العشر إن لم يفتقر سقيه إلى مؤنة كالذي يشرب من السماء بمطر أو ثلج أو تسقيه الأنهار بغير
آلة وإنما تفيض إليها في زيادتها أو بحبس الماء عليه أو يشرب بعلا وهو ما يشرب بعروقه في الأرض التي يقرب ماؤها من وجهها فتصل إليه عروق الشجر فيستغنى
عن سقى أو كانت عروقه تصل إلى نهر أو ساقية وأما ما يفتقر إلى مؤنة كالذي يشرب بالدوالي والدواليب وما أشبه ذلك فإنما يجب فيه نصف العشر ولا خلاف في
ذلك بين العلماء لقوله (ع) فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر وفيما يسقى بالسواقي والنضح نصف العشر والسواقي النواضح وهي الإبل يستقى
بها الماء لشرب الأرض وقال (ع) فيما سقت العيون أو كان عشريا العشر وما سقى بالنضح نصف العشر والعشري ما تسقيه السماء وهو العذى ومن طريق الخاصة
قول الباقر (ع) وما كان منه سقى بالرشا والدوالي والنواضح ففيه نصف العشر وما سقت السماء والسيح أو كان بعلا ففيه العشر تاما ولان للكلفة تأثيرا في
اسقاط الزكاة جملة كالمعلوفة فبأن تؤثر في التخفيف أولي فروع آ لا يؤثر حفر الأنهار والسواقي في نقصان الزكاة لان المؤنة تقل ولأنه من جملة احياء الأرض
ولا يتكرر ولأنه يجرى مجرى الكراب ب لو كان الماء يجرى من النهر في ساقية إلى الأرض ويستقر في مكان قريب من وجهها لا يصعد إلا بدولاب وشبهه فهو من
الكلفة المسقطة لنصف الزكاة لان مقدار الكلفة وقرب الماء وبعده لا يعتبر والضابط لذلك هو احتياج ترقية الماء على الأرض إلى آلة من دولاب أو دالية
أو ناضح أو نحو ذلك ج الزكاة في القسمين إنما تجب بعد اخراج المؤن والفرق بينهما باق إذ تقديم المؤنة من الكلفة فلهذا وجب نصف العشر مسألة لو سقى بعض
المدة بالسيح وبعضها بالآلة فان تساويا أخذت الزكاة بحساب ذلك فاخذ للسيح نصف العشر وللدوالي ربع العشر فتجب ثلاثة أرباع العشر وبه قال مالك و
الشافعي واحمد وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لقول الصادق (ع) وقد سئل الأرض تكون عندنا تسقى بالدوالي ثم يزيد الماء وتسمى سيحا النصف والنصف
نصف بنصف العشر ونصف بالعشر ولان كل واحد منهما لو وجد في جميع السنة لأوجب مقتضاه فإذا وجد في نصفها أوجب نصفه وإن تفاوتا كان
الحكم للأغلب عند علمائنا وبه قال عطا والثوري وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين واحمد في إحدى الروايتين لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الأرض
تسقى بالدوالي فتسقى السقية والسقيتان سيحا فقال وكم تسقى السقية والسقيتان سيحا قلت في ثلاثين ليلة أربعين ليلة وقد مكث ذلك في الأرض ستة أشهر سبعة
أشهر قال نصف العشر ولان اعتبار مقدار السقى وعدد مراته وقدر ما يشرب في كل سقية مما يشق ويتعذر فجعل الحكم للغالب كالطاعة إذا كانت أغلب على الانسان
كان عدلا وان ندرت منه المعصية وقال الشافعي في الثاني يعتبر قدرهما وتقسم الزكاة عليهما بالحصة فإن كان في السيح الثلثان اخذ ثلثا العشر وكذا ان زاد
لأنهما لو كانا نصفين وجب الحصة فيها فكذا إذا زاد أحدهما كزكاة الفطرة في العبد المشترك والفرق عدم مشقة اعتبار الملك هنا فروع آ إذا سقى بهما ولم يعلم
الغالب رجح أصالة التساوي واخرج عن كل واحد بالحصة ب لو شرب أحد القراحين سيحا والاخر ناضحا ضم أحدهما إلى الاخر في النصاب واخرج من السيحي
العشر ومن النضحي نصف العشر ج هل الاعتبار في الأغلبية بالأكثر عددا أو نفعا ونموا الأقرب الثاني لاقتضاء ظاهر النص ان النظر إلى مدة عيش
الزرع ونمائه أهو بأحدهما أكثر أو لا ويحتمل الأول لان المؤنة تقل وتكثر بهما فلو كانت المدة من يوم الزرع إلى الادراك ثمانية أشهر واحتاج في ستة أشهر زمان الشتاء
والربيع إلى سقيتين وفى شهرين في الصيف إلى ثلاث سقيات فسقى السقيتين بماء السماء والثلاث بالنضح فان اعتبر العدد وجب نصف العشر وعلى أحد قولي الشافعي
بالتقسيط يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر وان اعتبر مدة العيش وجب العشر لان مدة السقى بماء السماء أطول وعلى التقسيط يجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصفه العشر ولو اعتبر
الأنفع لا المدة فان علم الأغلب فيه حكم له وإلا فبالتساوي د لو انشاء الزرع على إحدى السقيتين ثم اتفق خلافه تغير الحكم فيه وهو أحد وجهي الشافعي والثاني
الاستصحاب وعلى التقديرين يضم ما سقى بهذا إلى ما سقى بذلك في حق النصاب وان اختلف قدر الواجب مسألة الزكاة في الغلات والثمار انما تجب
219

بعد المؤنة كأجرة السقى والعمارة والحافظ والحاصد ومصفى القلة وقاطع الثمرة وغير ذلك من المؤن وقال عطا ان المؤنة سبب زيادة المال فيكون على الجميع
كالخرج على غيره في الأموال المشتركة ولان الزام المالك خاصة حيف عليه واضرار به منفيا وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط انها على المالك خاصة وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة ومالك واحمد لقوله (ع) فيما سقت السماء العشر فلو لزم الفقراء فيها نصيب قصر نصيبهم عن الفرض ولا يتناول محل النزاع لان العشر فيما يكون
نماء وفايدة فروع آ الأقرب ان المؤنة لا تؤثر في نقصان النصاب وان اثرت في نقصان الفرض فلو بلغ الزرع خمسة أوسق مع المؤنة وإذا سقطت المؤنة منه قصر عن
النصاب وجبت الزكاة لكن في المؤنة بل في الباقي ب الأقوى ان البذر من المؤنة فلا يجب فيه زكاة ولأنه لو وجب لادى إلى تثبيت الزكاة وتكررها في الغلات - ج -
ثمن الثمرة من المؤنة إما ثمن أصل النخل أو الدولاب (أو الدواب) فلا د إنما تجب الزكاة بعد اخراج حصة السلطان مسألة تجب الزكاة في ذرع ارض الصلح ومن أسلم أهلها
عليها باجماع العلماء فأما ما فتح عنوة فإنها للمسلمين ويقبلها الامام فمن شاء فإذا زرعها وادى مال القبالة وجب
في الباقي الزكاة فان بلغ النصاب ولا تسقط الزكاة بالخراج
عند علمائنا اجماع وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري ويحيى الأنصاري وربيعة والأوزاعي ومالك والثوري والمغيرة والليث والحسن بن صالح بن حي وابن أبي
ليلى وابن المبارك والشافعي وإسحاق وابن عبيد واحمد لقوله تعالى ومما أخرجنا لكم من الأرض وقوله (ع) فيما سقت السماء العشر ومن طريق الخاصة
قول الباقر (ع) كل ارض دفعها إليك السلطان فعليك فيما اخرج الله منها ما قاطعك عليه وليس على جميع ما اخرج الله منها العشر وانما العشر عليك فيما
يحصل في يدك بعد مقاسمته لك ولأنهما حقان يجبان لمستحقين يجوز وجوب كل منهما على المسلم ولا تنافى بينهما فجاز اجتماعهما كالكفارة والقيمة في
صيد الحرم المملوك وقال أصحاب الرأي لا عشر في الأرض الخراجية لقوله (ع) لا يجتمع العشر والخراج في ارض مسلم ولأنهما حقان سببا هما متنافيان ولا يجتمعان
كزكاة السايمة والتجارة والحديث يرويه يحيى بن عتبة وهو ضعيف عند أبي حنيفة وأيضا الخراج إذا كان جزية لا يجامع العشر والقياس ضعيف لان التجارة
وزكاة السوم زكاتان فلا يجتمعان في المال الواحد بخلاف الخراج والزكاة لان الخراج يجب في الأرض والزكاة في الزرع والمستحقان متغايران قال ابن المبارك يقول الله
تعالى ومما أخرجنا لكم من الأرض فلا يتركه لقول أبي حنيفة تذنيب لو ضرب الامام على الأرض الخراج من غير حصة فالأقرب وجوب الزكاة في الجميع لأنه
كالدين فلو جعله مما يخرج من الأرض فزرع ما لا عشر فيه وما فيه العشر قسط الخراج عليها بالنسبة وقال بعض الجمهور يجعل الخراج فيما لا زكاة فيه إن كان وافيا
بالخراج وبه قال عمر بن عبد العزيز مسألة لو استأجر أرضا فزرعها فالعشر على الأجير دون مالك الأرض عند علمائنا وبه قال مالك والثوري وشريك
وابن المبارك والشافعي واحمد وابن المنذر لأنه واجب في المزروع فكان على مالكه وقال أبو حنيفة انه على مالك الأرض لأنه من مؤنتها فأشبهت الخراج وليس بجيد
لأنه لو كان من مؤنة الأرض لو وجب فيها وان لم تزرع كالخراج ولتقدر بقدر الأرض لا بقدر الزرع ولو وجب صرفه إلى مصارف الفئ دون مصرف الزكاة
إذا ثبت هذا فان مال الإجارة من المؤنة يندر كثمن الثمرة فروع - آ - لو استعار أرضا فزرعها فالزكاة على صاحب الزرع لأنه مالكه - ب - لو غصبها فزرعها
وأخذ الزرع فالعشر عليه أيضا لأنه المالك وعليه اجرة الأرض وتحسب من المؤنة - ج - لو زرع مزارعة فاسدة فالعشر على من يجب الزرع له فان وجب لصاحب الأرض
أندر اجرة العامل من المؤنة وان وجب للعامل أندر اجرة مثل الأرض مسألة يكره للمسلم بيع ارضه من ذمي واجارتها منه لأدائه إلى اسقاط عشر الخارج
منها فان باعها من ذمي أو اجره وكانت من ارض الصلح أو من ارض أسلم أهلها طوعا صح البيع والإجارة وبه قال الثوري والشافعي واحمد وقال مالك يمنعون
من شرائها فان اشتروها ضوعف عليهم العشر فأخذ منهم الخمس وهو رواية عن أحمد لان في اسقاط العشر من غلة هذه الأرض اضرار بالفقراء
وتقليلا لحقهم فإذا تعرضوا لذلك ضوعف عليهم العشر وهذا قول أهل البصرة وأبى يوسف والحسن وعبيد الله بن الحسن العنبري وعند علمائنا قريب
منه فإنهم أوجبوا على الذمي الخمس إذا اشترى أرضا من مسلم سواء وجب فيه الخمس كالمفتوحة عنوة أو لا كأرض من أسلم أهلها طوعا وارض الصلح وقال
محمد بن الحسن العشر بحاله وقال أبو حنيفة تصير أرض الخراج وإنما أوجب أصحابنا الخمس لاجماعهم ولقول الباقر (ع) أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس
إذا ثبت هذا فان مستحق هذا الخمس على مقتضى قول علمائنا مستحق خمس الغنايم ويحتمل أن يكون لمستحقي الزكاة وعليه قول من أوجبه من الجمهور لأنها
زكاة تضاعف عليه فلا تخرج بالزيادة عن مستحقها ونمنع العلة وقال الشافعي لا عشر عليه ولا خراج فروع - آ - إذا كان لمسلم زرع فقبل ان يبدو صلاحه
باعه من ذمي بشرط القطع فتركه حتى اشتد فإنه لا عشر عليه لكفره لا بمعنى سقوطها عنه بل بمعنى تعذيبه عليها ولا على البايع لانتقالها عنه فان
رده الكافر عليه بعيب بعد بدو الصلاح لم تجب الزكاة عليه - ب - لا يجب العشر في زرع المكاتب خلافا لأبي حنيفة وبه قال الشافعي هذا إن كان مشروطا
أو مطلقا لم يؤد ولو أدى تحرر بقدره فان بلغ نصيبه نصابا وجبت وان لم يعتبر الجمهور هذا التقييد - ج - إذا باع تغلبي وهم نصارى العرب أرضا من
مسلم وجب على المسلم فيها العشر أو نصف العشر ولا خراج عليه لأنه ملك قد حصل لمسلم فلا يجب عليه أكثر من العشر وقال الشافعي عليه العشر وقال أبو حنيفة يؤخذ
منه عشران فان اشترى تغلبي من ذمي أرضا لزمته الجزية كما تلزم الذمي لأنه ملك قد حصل لذمي فوجبت فيه الجزية كاملة كما في ساير أهل الذمة وقال
أبو حنيفة وأصحابه عليه عشران وهما خراج يؤخذ باسم الصدقة وقال الشافعي لا عشر عليه ولا خراج مسألة لو مات ومعه نخل وعليه دين مستوعب تعلق
الدين بالنخل فإذا أثمر بعد وفاته فالوجه ان الثمرة للورثة لان الدين على ما اخترناه نحن لا نمنع انتقال الملك إلى الورثة والثمرة حدثت في ملكهم فلا يتعلق
الدين بها فإذا بدا صلاحها وجب العشر أو نصفه وبه قال الشافعي ومن منع الانتقال جعل الدين متعلقا بالثمرة والأصل معا فان مات بعد ان اطلع النخل
تعلق الدين بالأصل والثمرة معا وانتقل الملك في الأصول والثمرة إلى الورثة فإذا بدا صلاحها وجبت الزكاة على الورثة فإن كان لهم مال أخرجوه من مالهم لان الوجوب
حصل في ملكهم وتعلق حق الغرماء بذلك لا يمنع من وجوب الزكاة كالمرهون وما حصل من الزيادة في ملك الورثة فإنها زيادة غير متميزة فتبعت أصلها كزيادة
الرهن فإن لم يكن للورثة ما يؤدون الزكاة احتمل سقوطها لتعلق الدين بالعين هنا فمنع من تعلق الزكاة ووجوبها لان الزكاة تتعلق بالعين وهي استحقاق
جزء من المال فتقدم على حقوق الغرماء مسألة تضم الزروع المتباعدة والثمار المتفرقة في الحكم سواء اتفقت في الايناع أو اختلفت وسواء اتفقت في الاطلاع أو اختلفت إذا كانت لعام واحد فلو
كان له نخل بتهامة يسرع ادراكه لحرارتها واخر بنجد يبطى لبرودتها وبلغا معا خمسة أوسق وجبت الزكاة وإن كان بينهما شهرا وشهران أو أكثر ولو كان له نخل في بعضها
رطب وفى بعضها بسر وفى بعضها طلع فجذ الرطب ثم بلغ البسر فجذ ثم بلغ الطلع فجذ فإنه يضم بعضها إلى بعض لتعذر ادراك الثمرة في وقت واحد وإن كان في نخلة واحدة فلو اعتبر
220

اتحاد وقت الادراك لم تجب الزكاة غالبا وقد أجمع المسلمون على ضم ما يدرك إلى ما تأخر ولو كان له نخل بتهامة واخر بنجد فأثمرت التهامية وجذت ثم بلغت النجدية فإنها
تضم إلى التهامية ولو كان له نخل يطلع في السنة مرتين قال الشيخ لا يضم الثاني إلى الأول لأنه في حكم ثمرة سنتين وبه قال الشافعي وقيل تضم لأنها ثمرة عام واحد وهو
الأقوى ولو كان بعضه يحمل مرة والباقي مرتين ضمنا الجميع وعلى قول الشيخ يضم الأول منهما إلى الحمل الواحد ويكون للثاني حكم نفسه مسألة الثمرة إن كانت كلها
جنسا واحدا اخذ منه سواء كان جيدا كالبردي وهو أجود نخل بالحجاز أو رديا كالجعرور ومصران الفارة وعذق ابن جيق ولا يطالب بغيره ولو تعددت الأنواع اخذ من كل
نوع بحصة لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيد وعن الفقراء بأخذ الردى وهو قول عامة أهل العلم وقال مالك والشافعي إذا تعدد الأنواع اخذ من الوسط والأولى
أخذ عشر كل واحد لان الفقراء بمنزلة الشركاء ولا يجوز اخراج الردى لقوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يؤخذ الجعرور
وعذق ابن جيق لهذه الآية وهما ضربان من التمر أحدهما يصير قشرا على نوى والاخر إذا أثمر صار حشفا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يترك معا فارة وأم جعرور
لا يزكيان ولا يجوز اخذ الجيد عن الردى لقوله (ع) إياك وكرايم أموالهم فان تطوع المالك جاز وله ثواب عليه والعذق بفتح العين وقيل بكسرها تذنيب لا يجزى
أخذ الرطب عن التمر ولا العنب عن الزبيب فان اخذه الساعي رجع بما نقص عند الجفاف وهل يجوز على سبيل القيمة الأقرب ذلك ويجوز أن يأخذ كلا من
الرطب والعنب عن مثله مسألة يجوز الخرص على أرباب الغلات والثمار بأن يبعث الامام ساعيا إذا بدا صلاح الثمرة أو اشتد الحب ليخرصها ويعرف قدر
الزكاة ويعرف المالك ذلك وبه قال الحسن وعطا والزهري ومالك والشافعي واحمد وأبو عبيد وأبو ثور وأكثر العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث
إلى الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم وقال الشعبي الخرص بدعة وقال أصحاب الرأي انه ظن وتخمين لا يلزم به حكم وانما كان الخرص تخويفا للإكراه لئلا
يخونوا فاما ان يلزم به حكم فلا ونمنع عدم تعلق الحكم به فإنه اجتهاد في معرفة قدر الثمرة وادراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير فهو كتقويم المتلفات
فروع - آ - وقت الخرص حين بدو الصلاح لأنه (ع) كان يبعث حين تطيب قبل ان يؤكل منه ولان فايدته معرفة الزكاة واطلاق أرباب الثمار في التصرف
فيها والحاجة إنما تدعوا إلى ذلك حين بدو الصلاح وتجب الزكاة فيه - ب - محل الخرص النخل والكرم أما الغلاة فقول الشيخ يعطى جوازه فإنه قال يجوز الخرص في
الغلات لوجود المقتضى وهو الاحتياج إلى الاكل منه كالفريك وغيره ومنع عطا والزهري ومالك واحمد لان الشرع لم يرد بالخرص فيه - ج - صفة الخرص إن كان
نوعا واحد أو يدور بكل نخلة أو شجرة وينظركم في الجميع رطبا أو عنبا ثم يقدر ما يجئ منه تمرا وإن كان أنواعا خرص كل نوع على حدة لان الأنواع تختلف فمنها ما
يكثر رطبه ويقل تمره ومنها بالعكس وكذا العنب يختلف ولأنه يحتاج إلى معرفة كل نوع حتى يخرج عشره. مسألة إذا خرص الخارص خير المالك بين أن يضمن الحصة للفقراء
ويسلم إليه الثمرة ليتصرف فيها بأكل أو بيع وغير ذلك وبين ابقائه أمانة إلا أنه لا يجوز له التصرف في شئ منه بأكل أو بيع وبين ان يضمن الخارص حصة المالك لان عبد
الله بن رواحة خرص على أهل خيبر وقال إن شئتم فلكم وإن شئتم فلى فكانوا يأخذونه فان اختيار الحفظ ثم أتلفها أو فرط فتلفت ضمن نصيب الفقراء بالخرص و
إن أتلفها أجنبي ضمن قيمة ما أتلف والفرق ان رب المال يجب عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي ولهذا لو أتلف أضحيته المعينة ضمن أضحيته مكانها و
ان أتلفها أجنبي ضمن القيمة ولو تلفت بجايحة من السماء أو أتلفها ظالم سقط الخرص والضمان عن المتعهد اجماعا لأنها تلفت قبل استقرار الزكاة ويقبل قول
المالك لو ادعى التلف بغير تفريط مسألة لو لم يضمن المالك ولا الخارص بل اختار المالك ابقائها أمانة جاز فإذا حفظها إلى وقت الاخراج كان عليه زكاة
الموجود خاصة سواء اختار الضمان أو حفظها على سبيل الأمانة وسواء كانت أكثر مما خرصه الخارص أو أقل وبه قال الشافعي واحمد لان الزكاة أمانة فلا تضر مضمونه
بالشرط كالوديعة وقال مالك يلزمه ما قال الخارص زاد أو نقص إذا كانت الزكاة متقاربة لان الحكم انتقل إلى ما قال الساعي لوجوب ما قال عند تلف المال
ونمنع الانتقال وإنما يعمل بقوله إذا تصرف في الثمرة ولم يعلم قدرها لأن الظاهر اصابته مسألة يجزى الخارص الواحد وبه قال مالك واحمد لان النبي
صلى الله عليه وآله كان يبعث عبد الله ابن رواحه فيخرص وحده ولان الخارص يفعل ما يؤديه اجتهاد إليه فهو كالحاكم وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني
لا بد من اثنين لان النبي صلى الله عليه وآله بعث مع عبد الله ابن رواحة غيره ولان الخارص يقدر الواجب فهو بمنزلة المقومين وانفاذ غيره معه لا يدل على أنه
خارص ويحتمل ان يكون معينا وكاتبا ولأنه جايز عندنا والكلام في الوجوب ويخالف الخارص المقومين لانهم ينقلون ذلك
إلى الحاكم فافتقر إلى العدد كالشهادة بخلاف الخرص فإنه حكم يجزى فيه الواحد وله قول ثالث إن كان الخرص على صبى أو مجنون أو غايب فلا بد من اثنين
إذا ثبت هذا فيشترط في الخارص الأمانة والمعرفة اجماعا لان الخرص إنما يتم بها مسألة وعلى الخارص ان يترك في خرصه ما يحتاج المالك إليه من أكل أضيافه
وإطعام جيرانه وأصدقائه وسؤاله المستحقين للزكوة ويحسبه منها وما يتناثر من الثمرة ويتساقط ينتابه الطير ويأكل منها المارة فلو استوفى الكل اضربا لمالك
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال خفضوا على الناس فان في المال العرية والواطية والآكلة فالعرية النخلة والنخلات تهب انسانا ثمرتها و
قد قال (ع) ليس في العرايا صدقة والواطية السابلة سموا به لوطيهم بلاد الثمار مجتازين والاكلة أرباب الثمار مختارين وأهلهم وقال (ع)
إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع وتأول الشافعي ذلك بأمرين أحدهما إذا خرصتم فدعوا لهم الثلث أو الربع ليفرقوه بأنفسهم على جيرانهم ومن يسئلهم ويتبعهم والثاني إذا لم يرض بما خرصة الساعي
منعه من التصرف فيه فأمرهم ان يدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقه بقدر ما يجئ من الباقي مسألة يخرص الخارص الجميع لاطلاق
النصوص المقتضية لوجوب العشر وهو الجديد للشافعي وفى القديم يترك للمالك نخلة أو نخلات يأكل منها هو وأهله ويختلف ذلك بقلة العيال
وكثرتهم والوجه المنع لتعلق حق الفقراء وقال احمد لا يحتسب على المالك ما يأكله بالمعروف وليس بجيد لان الفقراء شركاؤهم نعم لو قل جزء لم يحتسب
لعسر الاحتراز منه مسألة لو ادعى المالك غلط الخارص بالمحتمل قبل من غير يمين وبه قال احمد وقال الشافعي لا بد من اليمين وسيأتى وان ادعى
غير المحتمل لم تسمع دعواه في حط ذلك القدر وهل يحط القدر المحتمل اشكال ينشأ من ظهور كذبه ومن ادعاء القليل ضمنا وللشافعية وجهان ولو ادعى
تعمد الاجحاف لم يلتفت إلى قوله كما لو ادعى الكذب على الشاهد والجور على الحاكم ولو قال أخذت كذا وبقى كذا ولا أعلم غير ذلك قبل قوله وإن كان مما لا يقع غلطا
في الخرص لأنه يضف ذلك إلى غلط الخارص مسألة لو لم يخرج الامام خارصا فاحتاج رب المال إلى التصرف في الثمرة فاخرج خارصا جاز ان يأخذ بقدر
ذلك ولو خرص هو وأخذ بقدر ذلك جاز أيضا ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر مما أخذه ولو لم يخرص لم يجز أن يتناول من الثمرة شيئا وإن قل خلافا لأحمد وإن كان
221

بعد بد والصلاح ويجوز قبله مسألة لو ادعى المالك التلف أو تلف البعض قبل قوله بغير يمين لأنه حق لله تعالى فلا يمين فيه كالصلاة والحد خلافا للشافعي
سواء كان بسبب ظاهر كوقوع الجراد أو نزول الأكراد أو خفى كالسرقة إلا أن يعلم كذبه لان الشارع جعل الامر إليه لقوله (ع) للساعي قل لهم هل لله
في مالكم حق وقال الشافعي ان ادعى سببا ظاهرا افتقر إلى البينة لأنه مدعى وتجب الزكاة في الباقي إن كان التلف بعد بدو الصلاح أو قبله وكان الباقي
نصابا ولو كان بعد بدو الصلاح وقصر الباقي عن النصاب وجبت أيضا لو بلغ مع التالف خلافا لبعض الجمهور حيث قال إن الزكاة إنما تجب يوم الحصاد ولو
ادعى انها سرقت بعد نقلها إلى البيدر ضمن إن كان بعد امكان الأداء وإلا فلا مسألة لو تلفت الثمرة قبل بدو الصلاح أو الزرع قبل اشتداد الحب لم تجب الزكاة
اجماعا وكذا ان أتلفه المالك سواء قصد الفرار من الزكاة أو لا عندنا لعدم المقتضى وأصالة البراءة وبه قال الشافعي وقال احمد ومالك ان فعله فرارا وجبت الزكاة وليس بجيد
وكذا الخلاف لو أتلف النصاب أو بعضه قبل الحول فرارا لو سبك الذهب أو الفضة أو صاغهما حليا وغيره مسألة لو احتاج إلى قطع الثمرة أجمع بعد بدو
الصلاح لئلا تتضرر النخلة بمص الثمرة جاز القطع اجماعا لان الزكاة تجب على طريق المواسات فلا يكلف ما يتضرر به ويهلك أصل ماله ولان في حفظ الأصول
حظا للفقراء لتكرر حقهم ولا يضمن المالك خرصها بل يقاسم الساعي بالكيل أو الوزن بسرا أو رطبا وله بيع الجميع ويأخذ الساعي حصة الفقراء من الثمن و
لو كفى تجفيف الثمرة جففها واخرج الزكاة مما قطعه بعد بدو الصلاح وهل للمالك قطعها لمصلحة من غير ضرورة الوجه ذلك لان الزكاة وجبت مواساة
فلا يجوز تفويت مصلحته بسببها فيقاسم وفى قطعها لغير مصلحة اشكان ينشأ من تضرر الفقراء بقطعها لغير فايدة ومن عدم منع المالك من التصرف
في ماله كيف شاء ومنع الشافعي من قطعها مطلقا بدون إذن الساعي ولو أراد قطع الثمرة لتحسين الباقي منها جاز وقال بعض الجمهور إذا قطع البعض لمصلحة
كان عليه فيه الزكاة يابسا وهو رواية عن أحمد وليس بمعتمد مسألة يجوز للساعي أن يقاسم الثمرة مع المالك قبل الجذاذ وبعده وهو أحد قولي
الشافعي لأنهما شريكان فيما يصح قسمته فجازت وفى الثاني لا يجوز على رؤوس النخل بناء على أن القسمة بيع وهو ممنوع فإذا اختار المالك ان يسلم عشرها
مشاعا إلى الساعي تعين حق الفقراء فيه فان الفقراء ان ملكوا جزأ من المال فان ملكهم لا يستقر لجواز ان يدفع إليهم من غيره فإذا تسلم ذلك تعين حقهم فيه و
يجوز للساعي ان يبيع نصيب الفقراء من صاحب الثمرة أو غيره أو يبيعا جميعا ويقتسما الثمن وإذا قسمها قبل الجذاذ قسمها بالخرص ويأخذ نصيبهم نخلات منفردة
ويأخذ ثمرها ولو قطعها المالك جاز قسمتها كيلا أو وزنا وللشافعي قولان أحدهما المنع لاشتماله على الربا بل يأخذ الساعي العشر مشاعا ويبيعه وهو ممنوع
للتعديل ولان للمالك ان يدفع إلى الفقراء أكثر مما يستحقون مسألة إذا خرص الخارص وضمن المالك الحصة تصرف في الثمرة كيف شاء من الكل وبيع وغير
ذلك لأنها فايدة التضمين فإذا قطعها بعد الخرص قبل التضمين للحاجة أخذ الساعي عشرها بسرا وإن كان لا لحاجة فكذلك وقال الشافعي يأخذها
عشرها تمرا لان الثمرة يجب تبقيتها إلى ادراكها فإذا قطعها ضمن خرصها بخلاف القطع للعطش واختاره الشيخ في المبسوط واما طلع الفجال فلا شئ فيه
اجماعا لأنه لا يجئ منه شئ تجب فيه الزكاة فهو بمنزلة ثمرة لا زكاة فيها وإذا ضمن المالك الحصة فأكلها رطبا ضمن الزكاة بحكم الخرص تمرا وإن كان قبل
التضمين بعد الخرص أو قبله كان القول قوله فيما وصل إليه ولا يمين عندنا خلافا للشافعي ويضمن الحصة رطبا لأنه الواجب عليه والمالك يضمن الزكاة بالمثل
وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر يضمن قيمة الرطب لان الرطب لا مثل له وهو منوع وحكم العنب حكم الرطب في ذلك كله مسألة يصح تصرف المالك في
النصاب قبل الخرص أو بعده بالبيع والهبة وغيرهما إذا ضمن حصة الفقراء فإذا باع كانت الصدقة عليه وكذا لو وهبها وبه قال الحسن ومالك والثوري والأوزاعي
لأنها كانت واجبة عليه ولان الزكاة في العين ولو شرطها على المشترى جاز وبه قال الليث لأنه شرط سايغ ولان الزكاة تجب في العين التي انتقلت إلى المشترى
فتجب على المشترى عملا بالشرط ولو لم يضمن البايع الزكاة ولا شرطها على المشترى احتمل صحة البيع في الجميع فيضمن البايع الزكاة لأنه تصرف في مال الغير
وبطلان البيع في قدر نصيب الفقراء لتعلق حقهم بالعين فهم شركاء فيتخير المشترى لو لم يعلم لتبعض الصفقة عليه البحث الثاني فيما ظن وجوب
الزكاة فيه من الغلات وليس كذلك مسألة لا زكاة في شئ من الثمار والغلاة إلا في التمر والزبيب والحنطة والشعير عند علمائنا أجمع وهو رواية عن أحمد
وبه قال ابن عمر وموسى بن طلحة والحسن البصري وابن سيرين والشعبي والحسن بن صالح بن حي وابن أبي ليلى وابن المبارك وأبو عبيد لقول عبد الله بن عمر
إنما سن رسول الله صلى الله عليه وآله في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وبعث أبا موسى ومعاذ إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم فأمرهما أن لا يأخذا الصدقة إلا
من هذه الأربعة الحنطة والشعير والتمر والزبيب ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وأما ما أنبتت الأرض من شئ من الأشياء فليس فيه زكاة إلا أربعة أشياء
البر والشعير والتمر والزبيب وقول الصادق (ع) وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة على تسعة أشياء الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذهب والفضة والإبل والبقر
والغنم وعفى عما سوى ذلك ولان ما عدا هذه الغلات لا نص فيها ولا إجماع ولا هي في معناها في غلبة الأصناف لها وكثرة نفعها ووجودها فلا يصح قياسه عليها ولا الحاقه
بها فبقى الأصل وخالف جماعة من الجمهور في ذلك ونحن نذكره في مسائل مسألة لا زكاة في الحبوب غير ما قلناه عند علمائنا وذهب الشافعي ومالك إلى أنه ليس فيما
عدا النخل والكرم من الشجر زكاة واما الحبوب فلا تجب إلا فيما يصان ويدخر وقال أبو حنيفة يجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض فيجب في جميع ما تنبته الأرض إلا الحطب
والقصب والحشيش وقال أبو يوسف ومحمد تجب في الحبوب والثمار الباقية وقال احمد تجب في جميع الثمار
والحبوب التي تكال وتدخر سواء أنبتته الآدميون أو نبت لنفسه
وأوجب الزكاة من اللوز دون الجوز لان اللوز يكال لقوله (ع) فيما سقت السماء العشر وهو معارض بقوله (ع) ليس في الخضراوات صدقة ولأنه أعم
ولأنه ورد في معرض بيان قدر الواجب في هذا النوع من الأصناف التي تجب فيها الزكاة مسألة لا زكاة في الزيتون عند علمائنا أجمع وهو الجديد للشافعي
وقول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو عبيد واحمد في رواية لأنه لا يدخر يابسا فأشبهت الخضراوات ولأنه ليس بمصان حالة الاختيار فلا تجب فيه
الزكاة كغيره من الثمار ولأنه إذا لم يجب في التين مع ما يمكن فيه من القوت والزيتون أولي وقال في القديم تجب فيه الزكاة وبه قال الزهري والأوزاعي ومالك و
الليث والثوري وأبو ثور واحمد في رواية وأصحاب الرأي لقوله تعالى وآتوا حقه يوم حصاده في سياق والزيتون والرمان ولا حجة فيه لأنها لم يرد بها
الزكاة لنزولها بمكة والزكاة فرضت بالمدينة ولهذا ذكر الرمان ولا زكاة فيه والموجبون شرطوا بلوغ خمسة أوسق والذي يطلب زيته كالشامي و
المدقوقي يخرج عشرة زيتونا أو زيتا وما لا يطلب زيته بل يؤكل ادما كالبغدادي يخرج عشره إذا بدا صلاحه لأنها حالة الادخار مسألة لا زكاة
222

في الورس عند علمائنا أجمع وهو قول الشافعي في الجديد واحمد لأنه ليس بمقات وفى القديم تجب فيه وهو رواية عن أحمد ولا يوسق بل يجب من قليله وكثيره لان أبا
بكر بعث إلى بنى خفاش أن أدوا زكاة الذرة والورس وجاز أن يكون عن اجتهاد وكذا لا زكاة في غيره من الورق مثل السدر والخطمي والأشنان والسعتر و
الأس لأنه ليس بمنصوص ولا في معناه مسألة لا زكاة في الأزهار كالزعفران والعصفر والقطن عند علمائنا أجمع وهو قول احمد في رواية للأصل
ولأنه ليس بحب ولا تمر وأشبه الخضراوات ولقول علي (ع) ليس في الفاكهة والبقل والتوابل والزعفران زكاة وللشافعي قولان في الزعفران الوجوب و
عدمه واما القرطم وهو حب العصفر فلا زكاة فيه عندنا وهو الجديد للشافعي لأنه ليس بمقتات ولان السمسم لا تجب فيه الزكاة ودهنه أنفع فهذا أولي و
في القديم تجب وتعتبر الأوساق الخمسة بخلاف الزعفران لحديث أبو بكر ولا حجة فيه وحكى عن أحمد ان في القطن زكاة مسألة العسل لا زكاة فيه عند
علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي وابن ابن ليلى والحسن بن صالح بن حي وابن المنذر وللأصل والأحاديث الدالة على نفى الزكاة عن غير التسعة ولأنه مايع خارج من حيوان
فأشبه اللبن وقال عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري وسليمان بن موسى والأوزاعي واحمد واسحق تجب فيه بكل حال لان عمر بن شعيب روى عن أبيه عن جده ان رسول
الله صلى الله عليه وآله كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها وقال أبو سيارة يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان لي نحلا قال صلى الله عليه وآله أد العشر قال
فاحم إذا جبلها فحماه له ولا حجة فيه لجواز ان لا يكون زكاة بل كان يأخذه خمسا ويصفه لنفسه وقال أبو حنيفة إن كان في ارض غير الخراج وجب فيه العشر لان العشر والخراج
لا يجتمعان ولا حجة فيه علينا بل على احمد واختلف الموجبون فقال أبو يوسف ومحمد نصابه خمسة أوساق لقوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وقال أبو حنيفة تجب
في قليله وكثيره بناء على أصله في الحبوب والثمار وقال احمد نصابه عشرة أفراق والفرق ستة عشر رطلا بالعراقي وهو قول الزهري لقول عمران أديتم صدقتها من كل
عشرة أفراق فرقا حميناها لكم ولا حجة فيه مسألة قال الشيخ العلس نوع من الحنطة لأنه حنطة حبتان منه في كمام فتجب فيه الزكاة حينئذ ويضم إلى نصاب الحنطة لو
قصر الا به واما السلت فقال إنه شعير لمشابهته إياه في الصورة فيضم إليه حينئذ وقال بعض الشافعية بل يضم إلى الحنطة لأنه على طبعها وقال آخرون انه أصل بنفسه وللشافعي قولان الضم إلى الشعير وعدم ضمه مطلقا وهو الأقرب عندي وجعل
الشافعي نصاب العلس عشرة أوساق لأجل قشره مسألة لا شئ في الأرز عندنا ولا في غيره من الحبوب سواء الحنطة والشعير سواء كان من القطنيات التي
تقطن في البيت وهو اللوبيا والعدس والماش والحمص والباقلا والهرطمان أو من الأبازير كالكسفرة والكمون أو البزور كبزر الكتان والقثاء والخيار أو حب البقول
كالرشاد وحب الفجل والقرطم والسمسم وساير الحبوب خلافا لأحمد للأصل وقال الشافعي لا تجب الزكاة في الزرع إلا أن يكون مما يبس ويدخر ويقتات وتنبته
الآدميون وهي القطنية إذا بلغ كل منها نصابا ولا يضم بعضها إلى بعض واختلف الرواية عن أحمد في الضم وجعل الشافعي نصاب الأرز عشرة أوسق لأجل قشره و
قال أبو حنيفة تجب الزكاة في كل ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلا الحطب والقصب والحشيش واما الخضراوات فلا صدقة فيها اجماعا لقوله (ع) ليس في
الخضراوات صدقة مسألة ولا زكاة فيما ينبت من المباح الذي لا يملك إلا بأخذه كالبطم والعفص والزعبل وهو شعير الجبل وبزر قطونا وبزر البقلة
وبزر الأشنان اجماعا إلا عند بعض الحنابلة فان فيه الزكاة إذا نبت في ارضه المطلب الرابع في اللواحق مسألة يشترط بقاء عين النصاب طول الحول
فلو بادل في أثنائه من جنسه أو من غير جنسه وسواء كان من الماشية أو الأثمان اعتبر ابتداء الحول من حين المعاوضة وبه قال الشافعي لقوله (ع)
لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ولأنه أصل بنفسه تجب الزكاة في عينه فلم يبن حوله على غيره كالجنسين وقال الشيخ إن بادل بجنسه بنى على حوله وإن كان من غير
جنسه استأنف مطلقا وله قول اخر إن بادل بالجنس أو بغيره فرارا وجبت الزكاة وإلا فلا وبادلهما قال مالك إلا أنه فصل فقال في غير الحيوان بذلك وفى الحيوان
روايتان وان ابدل الحيوان بالأثمان لم يبن على حوله وقال أبو حنيفة في الماشية كقولنا وفى الذهب والفضة يبنى حول أحدهما على الاخر وقال احمد يبنى حول
الجنس على جنسه من الحيوان ولا يبنى على غير جنسه منه ويبنى على حول الفضة على الذهب إذا بادل به لأنه نصاب يضم إليه نماؤه في الحول فيبنى حول بدله من جنسه على حوله
كالعروض ولأنهما مالان زكاتهما واحدة فيبنى حول أحدهما على الاخر كعروض التجارة ولان التهمة تلحقه في الفرار من الزكاة لان الغرض بالجنس الواحد لا يختلف
ونمنع ضم النماء والزكاة في التجارة يتعلق بالقيمة وهو جنس واحد والفرار لا اعتبار به لما يأتي والجنسان لا يضم أحدهما إلى الاخر مع وجودهما فأولى ان لا
يبنى حول أحدهما على الاخر مسألة إذا نقص النصاب قبل الحول بطل الحول سواء نقص لحاجته إلى نقصه أو قصد بإتلافه الفرار من الزكاة وسواء أتلف البعض أو
أبدله بجنسه أو بجنسه؟ وسواء كان الاتلاف والابدال عند قرب الوجوب أو في أول الحول وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه مال تجب الزكاة في عينه نقص نصابه
قبل تمام حوله فوجب ان ينقطع حوله ولا تجب الزكاة كما لو أتلفه لحاجته وقال مالك واحمد إن أتلف جزأ أو
ابدل عند قرب الوجوب فرارا لتسقط الزكاة
لم تسقط ووجب عليه الزكاة التي كانت تجب قبل الفرار لقوله تعالى إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف
عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم عاقبهم الله تعالى بذلك لفرارهم من الصدقة ولأنه قصد اسقاط نصيب من انعقد سبب استحقاقه فلم
يسقط كما لو طلق امرأته في مرض موته والآية قيل إنما كان لانهم لم يستثنوا بقولهم انشاء الله والفرق في المطلقة ظاهر لتعلق حقها بماله في حالة المرض والفقراء
لم يتعلق حقهم به إلا بحول الحول فروع - آ - إذا حال الحول اخرج الزكاة في المعاوضة على رأى الشيخ من جنس المبيع دون الموجود لأنه الذي وجب الزكاة بسببه
- ب - قال في الخلاف إذا كان معه نصاب من جنس ففرقه في أجناس مختلفة فرارا من الزكاة لزمته إذا حال الحول على أشهر الروايات لان إسحاق بن عمار سأل الكاظم (ع)
عن رجل كان له مائة درهم وعشرة دنانيرا عليه زكاة فقال إن كان فربها من الزكاة فعليه الزكاة قلت لم يفر بها ورث مائة درهم وعشرة دنانير قال ليس
عليه زكاة قلت لا يكسر الدراهم على الدنانير ولا الدنانير على الدراهم قال لا - ج - لو سبك الذهب والفضة أو اتخذهما حليا فرارا من الزكاة قبل الحول سقطت
وبعده لا تسقط وقال الشيخ تجب في الأول وقد تقدم - د - لو كان البيع فاسدا لم ينقطع حول الزكاة في النصاب وبنى على حول الأول لان الملك لم ينتقل فيه ثم إن
تمكن من استرداده وجبت الزكاة وإلا فكالمغصوب - ه‍ - لو باع غنمه بضعفها كان عليه زكاة الأصل إن أوجبناها وقال احمد يزكى الجميع لان نماها معها ولو باع
النصاب بنصفه كمائتين يبيعها بمائة فعليه زكاة مائة وحدها - و - لو لم يقصد الفرار بالمبادلة انقطع حول الأول عند أكثر القائلين بالوجوب واستأنف بما
استبدل به حولا إن كان محلا للزكوة ويكره الفرار قبل الحول اجماعا لما فيه من التوسل إلى ترك المواساة وإعانة الفقراء المطلوبة شرعا مسألة لو باذل
نصابا بمثله في الأثناء فإن كانت صحيحة زال ملكه عن النصاب وانقطع الحول فإذا أوجد بما وصل إليه عيبا فإن كان قبل الحول رده واسترجع ماله واستأنف به
223

الحول لتجدد ملكه ولهذا لا يستحق نماؤه الحاصل في يد مشتريه وان وجده بعد الحول قبل الأداء لم يكن له الرد لتعلق الزكاة بالعين والشركة عيب وبه قال الشافعي على
تقديري وجوبها في العين أو الذمة لان قدر الزكاة مرهون فلا يملك الرد كما لو اشترى شيئا ثم رهنه ثم وجد به عيبا لم يكن له الرد أو اشترى عبدا فجنى لم يكن له الرد
وليس له الرجوع بأرش العيب لأنه لم ييأس من الرد وإن كان بعد الأداء من الغير فله الرد لبقاء المبيع بحاله وهو أحد قولي الشافعية والثاني منع الرد لان الزكاة استحقاق
جزء من العين لزوال ملكه منه ورجوعه إليه وان اخرج من العين لم يكن له الرد لتفريق الصفقة على البايع وللشافعي قولان فعلى التفريق يرد ما بقى ويسقط من
الثمن بقدر الشاة المأخوذة فيقوم ويقوم ما بقى ويبسط الثمن عليهما قال الشيخ والأرش له لأنه قد تصرف فيه وليس بجيد لان التصرف يسقط الرد لا الأرش فان اختلفا
في الشاة المفقودة فقولان تقديم المشترى لان الشاة تلفت في ملكه فكان منكرا وتقديم البايع لأنه يجرى مجرى الغارم لأنه إذا كثرت قيمتها قل ما يغرمه
فإذا قلت كثر وعلى عدم التفريق كان له الرجوع بالأرش وهو مذهبنا إلا أنه جعل له ذلك ان ايس من الرد وان لم ييأس لم يكن له الأرش مسألة
الأقرب عندي جواز تصرف المالك في النصاب الذي وجبت فيه الزكاة بالبيع والهبة وأنواع التصرفات وليس للساعي فسخ البيع ولا شئ من ذلك لأنه مالك
فيجوز له التصرف فيه بجميع أنواعه وتعلق الزكاة به ليس بمانع سواء قلنا الزكاة تجب في العين أولا لان تعلقها بالعين تعلق لا يمنع التصرف في جزء من النصاب
فلم يمنع في جميعه كأرش الجناية ولان ملك المساكين غير مستقر فيه فإن له اسقاط حقهم منه بدفع القيمة فصار التصرف فيه اختيارا بدفع غيره إذا ثبت هذا
فان اخرج الزكاة من غيره وإلا كلف أخرجها وان لم يكن متمكنا فالأقرب فسخ البيع في قدر الزكاة تؤخذ منه ويرجع المشترى عليه بقدرها لان على الفقراء اضرار
في اتمام البيع وتفويتا لحقهم فوجب فسخه ثم يتخير للمشترى لتبعض الصفقة وبه قال أبو حنيفة واحمد إلا أن احمد قال إذا عجز عن أداء الزكاة بقى في ذمته كساير الديون
ولا يؤخذ من النصاب وأبو حنيفة يقول إن كان تصرفه يقطع الحول بأن يبيعه أو يجعله عوضا في نكاح أو خلع ضمن الزكاة وإن كان تصرفا لا يقطع الحول لم يضمن وقال
الشافعي في صحة بيع قدر الزكاة قولان الصحة ان تعلقت الزكاة بالعين لعدم استقرار ملك المساكين ولهذا له ان يسقط حقهم منه بدفع غيره والبطلان ان تعلقت
بالذمة لان قدر الزكاة إما مستحق أو مرتهن وأما بيع باقي النصاب فإنه يصح على تقدير صحة البيع في قدر الزكاة وعلى تقدير الفساد فقولان مبنيان على تفريق الصفقة
فان قيل بعدمه بطل في الباقي وإلا صح فيتخير المشترى ولو عزل قدر الزكاة من النصاب ثم باع الباقي صح لأنه باع حقه من المالك وللشافعي وجهان أحدهما المنع
لعدم تعين الزكاة إلا بالدفع مسألة الزكاة تجب في العين لا في الذمة عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في الجديد واحمد في أظهر الروايتين
لقوله (ع) في أربعين شاة شاة وفيما سقت السماء العشر إلى غير ذلك من الألفاظ الواردة بحرف في وهي للظرفية ولأنها تجب بصفة المال وتسقط بتلفه
وقال الشافعي في القديم إنها يتعلق بالذمم والعين مرتهنة بذلك لأنها زكاة فكان محلها الذمة كزكاة الفطرة ولأنه يجوز الاخراج من غيرها فلا تتعلق
بالعين ولأنه لا يتبعها النماء فلا تتعلق بالعين وزكاة الفطرة لا تتعلق بالمال فلهذا تعلقت بالذمة وجواز الاخراج من العين للارفاق بالمالك و
ملك المساكين غير مستقر حيث كان وللمالك العدول فلم يتبعه النماء على أن المانع ان يمنع ذلك فروع - آ - الزكاة تتعلق بالعين عندنا وعند أبي حنيفة
إلا أن أبي حنيفة قال لا يستحق بها جزء منها وانما يتعلق بها كتعلق الجناية بالعبد الجاني وهو إحدى الروايتين عن أحمد لان تعلق الزكاة بالمال لا يزيل
ملك المالك عن شئ من ماله كالشاة المتعلقة بالخمسة من الإبل وعندي فيه اشكال تقدم - ب - لو ملك أربعين شاة فحال عليها حولان ولم يؤد الزكاة وجب
عليه شاة واحدة لتعلق الزكاة بالعين عندنا فنقصت في الحول الثاني ومن أوجب الزكاة في الذمة أوجب شاتين - ج - لو كان له أربعون فحال عليها الحول وقد
نتجت شاة ثم حال اخر وقد نتجت فيه أخرى ثم ثالث ونتجت فيه ثالثه فإنه يجب عليه ثلاث شياة لان الحول الأول حال وهي إحدى وأربعون فوجبت شاة
وبقى أربعون فحال الثاني وهي إحدى وأربعون وهكذا في الثالث إلا أن هذا على قول من يجعل حول السخال تابعا للأمهات إما عندنا فان حصل السوم
حولا فكذلك وكذا إذا ملك في أول كل حول شاة - د - لو كان عنده أكثر من النصاب وحال عليه أحوال تعددت الزكاة وجبر الناقص من النصاب بالزايد عليه
إلى أن يقصر عن النصاب فيسقط حينئذ - ه‍ - لو ملك خمسا من الإبل فلم يؤد زكاتها أحوالا فعليه شاة واحدة لا غير وهو أحد قولي الشافعي لأنها نقصت بوجوب
الزكاة فيها في الحول الأولى عن خمس كاملة فلم يجب عليه فيها شئ ء كما لو ملك أربعا وجزأ من بعير وقال احمد عليه في كل سنة شاة على تقدير الوجوب في العين أيضا
لان الواجب هنا من غير النصاب فلا ينقص به النصاب كما لو أداه بخلاف ساير الأموال فان الزكاة يتعلق وجوبها بعينه فقط كما لو أداه من النصاب ونمنع الوجوب
من غير النصاب بل الواجب هنا في العين قيمة شاة - و - لو ملك ستا وعشرين وحال عليها أحوال فعليه للأول بنت مخاض وللثاني خمس شياة وللثالث أربع وهكذا
إلى أن يقصر عن عشرين فتجب ثلاث شياة وهكذا إلى أن يقصر عن عشر فتجب شاتان وهكذا إلى أن يقصر عن خمس وقال احمد عليه للحول الأول بنت مخاض ولكل
حول بعده أربع شياة ولو بلغت قيمة الشاة الواجبة أكثر من خمس من الإبل وجب عليه للأول بنت مخاض وللثاني خمس من الغنم وللثالث ثلاث ز الزكاة وان وجب
في العين إلا أن أرباب المال ان يعين ذلك من أي جزء شاء منه وله ان يعطى من غيره اجماعا إلا من شذ مسألة امكان الأداء شرط في الزمان لا الوجوب
فإذا حال الحول على النصاب وجبت سواء تمكن من الأداء أو لم يتمكن وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد لقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول
مفهومه الوجوب عند الحول وفى طريق الخاصة قول الباقر (ع) فإذا حال الحول وجبت عليه وقال مالك والشافعي في القديم امكان الأداء شرط في الوجوب
فشرط في الوجوب ثلاث شرائط الحول والنصاب وامكان الأداء حتى أن مالكا قال لو تلف الماشية بعد الحول قبل امكان الأداء لم تكن عليه زكاة إذا لم يقصد
الفرار من الزكاة لان امكان الأداء شرط في وجوب ساير العبادات من الصلاة والصوم والحج وكذا الزكاة ولان المال لو تلف قبل امكان الأداء سقطت فدل
على انها لم تجب وامكان الأداء شرط في استقرارها وتلك عبادات أيضا كلف فعلها ببدله فإذا تعذر لم تجب وهنا عبادة مالية يمكن مشاركة المساكين في
ماله وحصوله قبل أدائه فوجبت واما سقوطها بتلفها. فلانه أمين لم يوجد من جهته تفريط فلا يضمن كالمودع ويعارض بأنه لو أتلف المال بعد الحول لم
يسقط عنه عند الشافعي ولو لم تجب أولا لسقطت كما لو أتلفه قبل الحول ولأنه لو لم يمكنه الأداء حتى مضى حول اخر لوجبت الزكاة حولين ولا يجب فرضان
من نصاب واحد في حالة واحدة وقول مالك ضعيف لأنه اسقاط حق وجب في المال وتمكن من أدائه مسألة إذا حال الحول ولم يتمكن من الأداء فتلف
النصاب سقطت الزكاة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة والحسن بن صالح بن حي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وحكاه أيضا عن أحمد لأنها تجب على سبيل المواساة
224

ولا تجب على وجه يجب أدائها مع عدم المال وفقر من تجب عليه ولأنها عبادة يتعلق وجوبها بالمال فإذا تلف قبل امكان أدائها سقط فرضها كالحج ولقول الباقر
(ع) إذا اخرج الرجل الزكاة من ماله ثم سماها لقوم فضاعت وأرسل بها إليهم فضاعت فلا شئ عليه وقال احمد لا تسقط الزكاة بتلف المال فرط أو لم يفرط
لأنه مال وجب في الذمة فلا يسقط بتلف النصاب كالدين ونمنع الأولى إذا ثبت هذا فلو تلف بعض النصاب قبل امكان الأداء سقط عنه بقدر ما تلف وقال الشافعي
في القديم يسقط الجميع بناء على أن امكان الأداء شرط في الوجوب مسألة لو تلف المال بعد الحول وامكان الأداء وجبت الزكاة عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد والحسن بن
صالح بن حي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر ولا فرق بين ان يكون من الأموال الظاهرة أو الباطنة ولا بين ان يطالبه الامام أو لا لأنها زكاة واجبة مقدور على أدائها
فإذا تلفت ضمنها كما لو طالبه الامام وكغير المواشي ولقول الصادق (ع) إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها وقال أبو حنيفة تسقط
الزكاة بتلف النصاب بعد الحول وامكان الأداء على كل حال إلا أن يكون الامام أو الساعي طالبه بها فمنعها ولا مطالبة عنده في الأموال الباطنة وإنما تتوجه المطالبة
إلى الظاهرة فإذا امكنه الأداء لم يلزمه الأداء الا بالمطالبة فإذا لم يؤد حتى هلكت فلا ضمان وقال أبو سهل الزجاجي من أصحابه لا يضمن أيضا وان طالبه الامام بالأموال
الظاهرة وقال مالك كقولنا في غير المواشي وفى المواشي كقول ابن حنيفة واحتجوا بأنه أمين فإذا تلفت قبل مطالبة من له المطالبة لم يضمن كالوديعة والفرق عدم
وجوب الدفع قبل المطالبة في الوديعة وهنا تجب إذا ثبت هذا فعادم المستحق والبعيد عن المال وعدم الفرض في المال وفقدان ما يشتريه أو الساعي في طلب الشراء
أو نحو ذلك غير مفرطين مسألة لا تسقط الزكاة بموت المالك بعد الحول وان لم يتمكن من اخراجها ويخرج من ماله وان لم يوص عند علمائنا أجمع وبه قال
عطا والحسن البصري والزهري وقتادة ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وابن المنذر لأنها حق واجب تصح الوصية به فلا تسقط بالموت كالدين
ولأنها حق مالي واجب فلا تسقط بموت من هو عليه كدين الآدمي وقال الأوزاعي والليث يؤخذ من الثلث مقدما على الوصايا ولا يجاوز الثلث وقال ابن سيرين والشعبي والنخعي وحماد بن أبي سليمان و
داود بن أبي هند والبستي والثوري وأصحاب الرأي لا تخرج بل تسقط إلا أن اوصى بها فتخرج من الثلث ويزاحم بها أصحاب الوصايا لأنها عبادة من شرطها النية فتسقط
بموت من هي عليه كالصوم والصلاة ويمنع الأصل عندنا ومن وافقهم يفرق بأنهما عبادتان بدنيتان لا تصح الوصية بهما ولا النيابة فيهما إذا ثبت هذا فان الزكاة
تسقط بإسلام المالك إذا كان كافرا أصليا لان الزكاة تجب عليه عندنا فإذا أسلم سقطت سواء تمكن من الأداء أو لا وسواء تلفت بتفريطه أو أتلفها هو أولا
وسواء كانت العين باقية أو لا مسألة لو استفاد مالا مما يعتبر فيه الحول ولا مال سواه أو كان أقل من النصاب فبلغ بالمستفاد نصابا انعقد حول الزكاة من حينئذ فإذا
تم وجبت الزكاة اجماعا وإن كان عنده نصاب والمستفاد إن كان من نمائه كمال التجارة ونتاج السائمة استقبل الحول بالفايدة من حال حصولها عند علمائنا أجمع
خلافا للجمهور كافة لأنه مال منفرد بنفسه فكان له حكم نفسه ولا يجوز حمله على النماء المتصل باعتبار كونه تابعا له من جنسه للمنع من علية المشترك وثبوت الفرق وإن كان من
غير جنس ما عنده فهذا له حكم نفسه لا يضم إلى ما عنده في حول ولا نصاب بل إن كان نصابا استقبل به حولا وزكاة وإلا فلا شئ فيه وهو قول عامة أهل العلم وحكى عن ابن مسعود وابن عباس ان الزكاة
تجب فيه حين استفاده وعن الأوزاعي فيمن باع داره أو عبده انه يزكى الثمن حين وقع في يده إلا أن يكون له شهر يعلم فيؤخره حتى يزكيه مع ماله وجمهور العلماء
على خلافه ولم يقل به أحد من أئمة الفتوى ولو كان المستفاد من جنس نصاب عنده قد انعقد عليه حول بسبب
مستقل بأن يكون له أربعون من الغنم مضى عليها
بعض حول ثم ملك مائة فلا تجب فيه الزكاة حتى يمضى عليه حول أيضا وبه قال الشافعي واحمد لقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ومن طريق
الخاصة قول الباقر والصادق (ع) وكل ما لم يحل عليه حول عند ربه فلا شئ عليه فيه ولأنه مملوك أصلا فيعتبر فيه الحول شرطا كالمستفاد من غير الجنس وقال
أبو حنيفة يضمه إلى ما عنده في الحول ويزكيهما عند تمام حول المال الذي كان عنده إلا أن يكون عوضا عن مال مزكى لأنه يضم إلى جنسه في النصاب فوجب ضمه إليه
في الحول كالنتاج لان النصاب سبب والحول شرط فإذا ضم في السبب فأولى ان يضم في الشرط ونمنع الأصل مسألة إذا كانت إبله كلها فوق الثنية تخير صاحبها
بين ان يشترى الفرض وبين ان يعطى واحدة منها وبين أن يدفع القيمة وإن كانت واحدة منها معينة بقدر قيمة الفرض أجزأ بأن تكون عوراء إلا انها بينة
لأنه يجوز اخراج القيمة عندنا ولان زيادة الثمن جبرت العيب بالصفة كابن اللبون المجزى عن بنت المخاض وقال الشافعي لا يجوز بناء على عدم اجزاء القيمة
مسألة لو كان له أربعون من الغنم في بلدين في كل واحد عشرون وجبت فيها شاتان وان تباعدا وإن كان له في كل بلد أربعون وجبت شاة واحدة وان
تباعدا أيضا وبه قال الشافعي لقوله (ع) في أربعين من الغنم شاة ولم يفصل ولأنه ملك لواحد فأشبه ما إذا كانا في بلدين متقاربين وقال احمد لا يجب عليه شئ
مع التباعد وفى الثاني تجب عليه شاتان معه لقوله (ع) لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع والمراد في الملك إذا ثبت هذا فإنه يجزى ان يخرج الشاة
في أي البلدين شاء أو في غيرهما عندنا للامتثال فيخرج عن العدة وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني لا يجوز لما فيه من نقل الزكاة وهو ممنوع بل هو
اخراج عما في البلد الآخر إرفاقا بالمالك لما في تبعيض الحيوان بالمشقة مسألة يجوز إخراج القيمة في الزكاة عن النقدين والغلاة عند علمائنا
أجمع واختلفوا في المواشي فجوزه الأكثر أيضا ومنع منه المفيد إلا مع عدم الفريضة والوجه الجواز مطلقا على أن القيمة بدل لا على أنه أصل في نفسها وبه قال
أبو حنيفة لان معاذا كان يأخذ من أهل اليمن الثياب عوضا عن الزكاة ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) وقد سأله اخوه عن الرجل يعطى عن زكاته عن
الدراهم دنانير وعن الدنانير دراهم أيحل ذلك له لا بأس وكتب الرقي إلى أبى جعفر الثاني (ع) هل يجوز جعلت فداك أن يخرج ما يجب في الحرث الحنطة
والشعير وما يجب على الذهب دراهم بقيمة ما يسوى أم لا يجوز إلا أن يخرج من كل شئ ما فيه فأجاب (ع) أيما تيسر يخرج ولان القصد بالزكاة سد الخلة و
دفع الحاجة وذلك حاصل بالقيمة فساوت العين ولأنها وجبت جبرا لهم ومعونة فربما كانت الأعواض في وقت أنفع فاقتضت الحكمة التسويغ وقال الشافعي لا يجوز
اخراج القيمة في الزكاة بل يجب المنصوص وبه قال مالك واحمد إلا أن مالكا جوز اخراج كل من النقدين عن صاحبه على البدل لا قيمة وعن أحمد في اخراج الذهب عن الورق قيمة روايتان لأنه عدل عن المنصوص عليه إلى غيره بقيمته فلم يجزه
كما لو اخرج سكنى دار أو خرج نصف صاع جيد عن صاع ردئ وإنما خصص مالك بالذهب والفضة لأنهما يجريان مجرى واحد وهما أثمان فجاز ذلك فيهما
ونمنع حكم الأصل ولان فيه تأخيرا للحق عن وقته وكذا نمنع عدم اجزاء نصف صاع جيد بقيمة المجزى وبالفرق بما فيه من شايبة الربا إذا ثبت هذا فان
القيمة المخرجة تخرج على انها قيمة لا أصل كما تقدم وبه قال أبو حنيفة وقال بعض أصحابه الواجب أحد الشيئين فأيما اخرج كان أصلا ويدفعه التنصيص على المعين وإنما
عدل إلى القيمة للارفاق تذنيب إنما تعتبر القيمة وقت الاخراج ان لم يقوم الزكاة على نفسه ولو قومها وضمن القيمة ثم زاد السوق أو انخفض قبل الاخراج
225

فالوجه وجوب ما ضمنه خاصة دون الزايد أو الناقص وإن كان قد فرط بالتأخير حتى انخفض السوق أو ارتفع أما لو لم يقوم ثم ارتفع السوق أو انخفض اخرج القيمة وقت
الاخراج مسألة قد بينا ان الزكاة متعلق بالعين لسقوطها بتلف المال بعد الحول قبل امكان الأداء ولقوله في أربعين شاة شاة وهل يصير أهل السهمين بقدر
الزكاة شركاء لرب المال الأقرب المنع وهو أحد قولي الشافعي وإلا لما جاز للمالك الاخراج عن غيره ويحتمل ضعيفا الشركة وبه قال مالك والشافعي في الآخر لان للامام أخذها
من عين النصاب قهرا إذا امتنع المالك من الأداء ولا حجة فيه لجواز أخذ المماثل للحق من الممتنع فعلى عدم الشركة لا خلاف في أن الزكاة متعلق بالمال فيحتمل تعلق
الدين بالرهن إذ لو امتنع المالك من الأداء ولم يشتمل المال على الواجب باع الامام بعض النصاب فيه كما يباع المرهون في الدين وتعلق الأرش برقبة الجاني لأنها
تسقط بهلاك النصاب كما تسقط الأرش بهلاك الجاني والأخير مروى عن أبي حنيفة واحمد ولا فرق في جريان هذه الاحتمالات بين أن يكون الواجب من جنس المال أو من غير جنسه فإذا باع النصاب بعد
الحول وقبل الاخراج فالبيع في قدر الزكاة يبنى على الأقوال فمن أوجبها في الذمة جوز البيع ومن جعل المال مرهونا فالأقوى الصحة وهو أصح قول الشافعي لأنه تعلق
ثبت بغير اختيار المالك ولا يثبت لمعين فيسامح فيه بما لا يسامح في ساير الرهون وان قيل بالشركة فالأقوى الصحة أيضا وهو أضعف قولي الشافعي على تقديره لعدم
استقرار حق المساكين فان له اسقاطه بالاخراج من غيره وأصحها عنده المنع لانهم شركاء وان قيل تعلق أرش الجاني ابتنى على بيع الجاني والوجه ما قلناه من صحة
البيع مطلق ويبيع الساعي المال إن لم يؤد المالك فينفسخ البيع فيه على ما تقدم ولو لم يؤد المالك من غيره ولم يأخذ الساعي من العين كان للمشترى الخيار لتزلزل
ملكه ويعرض الساعي به متى شاء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا خيار لحصول الملك في الحال وقد يؤدى المالك الزكاة من غيره ولو دفع المالك الزكاة
من موضع اخر سقط خيار المشترى لزوال العيب ويحتمل ثبوته لامكان أن يخرج المدفوع مستحقا فيبيع الساعي المال ولو اخرج الزكاة ثم باع فلا خيار ولو قلنا
ببطلان البيع في قدر الزكاة كما اختاره الشيخ والشافعي صح البيع في الباقي فللمشتري الخيار ولا يسقط خياره بأداء الزكاة من موضع اخر لأن العقد في قدر
الزكاة لا ينقلب صحيحا بذلك مسألة لو ادعى المالك تلف النصاب أو إبداله في الحول أو عدم انتهاء الحول قبل قوله من غير يمين سواء في ذلك السبب الظاهر
والخفى وسواء ادعى ما هو الظاهر أو خلافه وهو أحد قولي الشافعي لأنه أمين فيما في يده لان الزكاة تجب على طريق المواساة والرفق فقبل قوله فيه والقول الثاني
للشافعي ان ادعى الظاهر مثل عدم حولان الحول كان القول قوله ولا تجب اليمين بل يستحب أن يعرضها الساعي عليه للاستظهار وزوال التهمة فان حلف فلا كلام
وان امتنع لم يطالبه بشئ لان اليمين ليست واجبة بخلاف المستودع إذا ادعى التلف أو الرد فان اليمين تجب وإن
كان أمينا لان الوديعة حق لآدمي المتعين فكانت مبينه
على التضيق والزكاة حق لله تعالى وجبت على طريق المواساة ولا يتعين فيها حق الآدمي وإنما هو جهة لصرفها فافترقا وإن كان الظاهر مع الساعي مثل أن يدعى ابدال
النصاب أو انه باعه ثم اشتريه أو ادعى انه كان وديعة ستة أشهر ثم ملكه أو ادعى دفع الزكاة إلى غير هذا الساعي فان الأصل عدم ما ذكره إلا أن القول قوله لأنه أمين
وفى وجوب اليمين وجهان الوجوب لأنه خلاف الظاهر وليس بجيد لما تقدم وعدمه بل هي استظهار مستحب فعلى الأول لو امتنع طولب بالزكاة ولا يحلف الساعي لأنه نائب
عن الفقراء والنايب كالوكيل لا يحلف ولا يمكن احلاف الفقراء لعدم تعينهم قبل الدفع ثم اعترض على نفسه بان الحكم لا يثبت بالنكول وقد ثبت هنا وأجاب بأن
الحكم ليس بالنكول بل بوجود النصاب في يده حولا وإنما يقبل قوله مع يمينه في اسقاطها فإذا لم يخلف أخذ منه بالسبب المتقدم كما لو امتنعت من اللعان حدت بلعان الزوج
لا بنكولها وعلى الثاني إذا امتنع لم يطالب بالزكاة تذنيب لو شهد عليه عدلان ببقاء عين النصاب أو بإقراره بما ينافي دعواه المسقطة للزكوة سمعت وألزم بالزكاة مسألة
لو عزل الزكاة فتلف قبل ان يسلمها إلى أهلها إما المستحق أو الامام والساعي فإن كان بعد امكان الأداء ضمن ولم تسقط عنه ووجبت عليه شاة أخرى لا قيمة
التالفة وإن كانت أزيد وإن كانت قبل امكان الأداء فالوجه عندي السقوط وبه قال مالك لأنها أمانة في يده فإذا تلفت لم يضمن كالساعي ولأنه حق يتعين بتعينه
فإذا تلف لم ينتقل إلى غيره لأصالة البراءة وقال الشافعي لا تسقط لان المال في يده مشترك فلا يتميز حق غيره بفعله كالمشترك والأولى ممنوعة نعم على تقدير قوله
بأن امكان الأداء شرط في الوجوب يسقط الفرض وعلى تقدير انه شرط الضمان يسقط بقدر ما تلف ووجب الباقي مسألة لو كان عنده أجناس مختلفة
يقصر كل منها عن النصاب لم تجب الزكاة وإن كانت لو جمعت زادت عند علمائنا أجمع سواء في ذلك المواشي والغلاة والنقدان وقد وقع الاتفاق على عدم ضم
جنس إلى جنس اخر في غير الحبوب والأثمان فالماشية ثلاثة أجناس الإبل والبقر والغنم لا يضم جنس منها إلى الاخر والاثمار لا يضم جنس إلى غيره فلا يضم التمر إلى
الزبيب ولا تضم الأثمان إلى شئ من السائمة ولا من الحبوب والثمار ولا خلاف في أنواع الأجناس بضم بعضها إلى بعض في اكمال النصاب ولا خلاف في أن العروض
للتجارة والأثمان لها يضم بعضها إلى بعض إلا أن الشافعي لا يضمها إلى جنس ما اشتريت به لان نصابها معتبر به واختلف الجمهور في ضم الحبوب بعضها إلى بعض
وفى ضم أحد النقدين إلى الآخر فعن احمد ثلاث روايات أحدها كقولنا بعدم الضم مطلقا ويعتبر النصاب في كل جنس منها وبه قال عطا ومكحول وابن أبي ليلى
والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح بن حي وشريك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي لأنها أجناس فاعتبر النصاب في كل جنس منها منفردا كالثمار والمواشي وقال عكرمة
واحمد في رواية وحكاه ابن المنذر عن طاوس ان الحبوب كلها يضم بعضها إلى بعض في إكمال النصاب قال أبو عبيد لا نعلم أحدا من الماضين جمع بينهما إلا عكرمة
لقوله (ع) لا زكاة في حب ولا تمر حتى يبلغ خمسة أوسق وقال مالك والليث واحمد في رواية يضم الحنطة إلى الشعير والقطنيات بعضها إلى بعض وفى ضم الذهب
إلى الفضة عن أحمد روايتان فعلى الضم يؤخذ من كل جنس على قدر ما يخصه ولا يؤخذ من جنس عن غيره إلا الذهب والفضة فإن في اخراج أحدهما عن
الاخر روايتان المقصد الثالث فيما تستحب فيه الزكاة وفيه فصلان الأول في مال التجارة وفيه بحثان الأول في تحقق ماهية مال التجارة مسألة
مال التجارة هو المملوك بعقد معاوضة للاكتساب عند التملك فقصد التجارة لا بد منه فلو لم يقصد أو قصد القنية ابتداء أو انتهاء لم يصر مال التجارة و
لا يكفي مجرد النية دون الشراء واقتران القصد بالملك فلو كان يملك عرضا للقنية فقصد التجارة بعد ذلك لم يصر للتجارة ولم ينعقد الحول عليه وبه قال
الشافعي واحمد في رواية لان الأصل القنية والتجارة عارض فلم ينصرف إليها بمجرد النية كما لو نوى الحاضر السفر لم يثبت له حكم بدون الفعل وعن أحمد رواية
بأن العرض يصير للتجارة بمجرد النية لقول سمرة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله ان نخرج الصدقة مما يعد للبيع وبالنية يصير معدا للبيع وليس بجيد
فان النزاع وقع في أن المنوي هل هو معد للبيع أم لا وفى وجه للشافعي انه يصير بالقصد مال التجارة كما لو كان عنده عرض للتجارة فنوى جعله للقنية انه يصير
للقنية والفرق ما تقدم من أن الأصل الاقتناء والتجارة عارضة ومجرد النية يعود حكم الأصل ولا يزول حكم الأصل بمجردها مسألة ويشترط أن يملكه
226

بفعله إجماعا فلو انتقل إليه بميراث لم يكن مال تجارة ويشترطان بملكه بعوض عندنا وبه قال الشافعي فلو قصد التجارة عند الاتهاب أو الاصطياد أو الاحتشاش
أو الاغتنام أو قبول الوصية لم يصر مال التجارة وكذا لو قصد التجارة عند الرد بالعيب أو الاسترداد حتى لو اشترى عرضا للقنية بمثله ثم رد ما اشتراه بعيب أو رد
عليه ما باعه فأخذ على قصد التجارة لم يصر مال تجارة لقول الصادق (ع) إن أمسك التماس الفضل على رأس ماله فعليه الزكاة وهو يدل على اعتبار رأس المال فيه
ولان القصد بالتجارة الاكتساب ولا يتحقق المعنى إلا إذا كان للسلعة رأس مال ولأنه لم يملكه بعوض فأشبه الموروث وقال بعض الجمهور ولا فرق بين ان يملكه بعوض أو
بغيره لأنه ملكه بفعله فأشبه ما لو ملكه بعوض والفرق ظاهر إذا ثبت هذا فإن كان عنده ثوب قنية فاشترى به عبدا للتجارة ثم رد الثوب بعيب انقطع حول التجارة
ولا يكون الثوب مال تجارة لأنه لم يكن مال تجارة حتى يعود عند انقطاع البيع على ما كان عليه ولو كان عنده ثوب للتجارة فباعه بعبد للقنية ثم رد عليه الثوب بالعيب لم يكن
مال تجارة لان قصد القنية قطع حول التجارة مسألة يشترط كونها معاوضة محضة فلو اشترى بنية التجارة كان المتاع مال التجارة سواء اشتراه بعوض
أو نقد وسواء اشتراه بعين أو دين وسواء كان الثمن مال قنية أو مال تجارة ولو صالح على عرض للتجارة بدين أو عين للقنية أو التجارة صار العوض مال
تجارة ولو خالع امرأته وقصد التجارة في عوض الخلع أو نكحت امرأة ونوت التجارة في الصداق لم يصر مال تجارة لان النكاح والخلع ليسا من عقود التجارات
والمعاوضات المحضة وهو أحد وجهي الشافعي وفى الاخر إنه مال تجارة لأنه ملك بالمعاوضة فيكتفى به في تعلق الزكاة كما يكتفى به لثبوت الشفعة والأصل ممنوع مسألة يشترط الحول في
تعلق زكاة التجارة إجماعا فلو ملك مالا للتجارة انعقد عليه الحول من حينئذ فإذا تم الحول تعلقت الزكاة به لقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وهو
عام ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا حال الحول فليزكها وقد سأله محمد بن مسلم عن الرجل توضع عنده الأموال يعمل بها مسألة ويشترط النصاب في
الثمن في زكاة التجارة في الحول من أوله إلى اخره فلو نقص في الابتداء بأن يشتريه بأقل من نصاب ثم زاد السعر في أثناء الحول حتى بلغ نصابا أو نقص في الانتهاء بأن كان قد
اشترى بنصاب ثم نقص السعر عند انتهاء الحول أو في الوسط بأن يشترى بنصاب ثم ينقص السعر في أثناء الحول ثم يرتفع السعر في اخره فلا زكاة عند علمائنا أجمع وبه
قال الثوري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور واحمد وابن المنذر والشافعي في قول لأنه قال يعتبر الحول فيه والنصاب فيجب اعتبار كمال النصاب في جميع الحول كساير
الأموال التي يعتبر لها ذلك وقال أبو حنيفة يعتبر في أوله لينعقد عليه الحول وفى اخره لأنه وقت الوجوب ولا يعتبر فيما بينهما وهو قول للشافعي أيضا لان الأسعار تنخفض
وترتفع ويعسر ضبطها ومراقبتها ونمنع المشقة فان المتاع إن لم يقارب النصاب لم يحتج إلى تقويم لظهور معرفته وإن قارب سهل عليه التقويم وإلا بنى على أصالة
البقاء لو كان نصابا وعدم الزيادة لو قصر وقال مالك إنه يعتبر في اخر الحول وهو أصح وجوه الشافعي لكثرة اضطراب القيم وقد تقدم مسألة
يشترط وجود رأس المال من أول الحول إلى آخره فلو نقص رأس المال ولو حبة في أثناء الحول أو بعضه لم تتعلق الزكاة به وان عادت القيمة استقبل الحول من حين العود
عند علمائنا أجمع خلافا للجمهور كافة لان الزكاة شرعت إرفاقا بالمساكين فلا يكون سببا لاضرار المالك فلا يشرع مع الخسران ولأنها تابعة للنماء عندهم
وهو منفى مع الخسران ولقول الصادق (ع) إن أمسك متاعه ويبقى رأس ماله فليس عليه زكاة وإن حبسه بعد ما وجد رأس ماله فعليه الزكاة بعد ما امسكه بعد رأس
ماله احتجوا بالعموم والخاص مقدم البحث الثاني في الاحكام مسألة زكاة التجارة مستحبة غير واجبة عند أكثر علمائنا وبه قال ابن عباس وأهل الظاهر
كداود وأصحابه ومالك وقال الشافعي هو القياس لقوله (ع) عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق ولم يفصل بين ما يكون للتجارة والخدمة وقوله (ع)
اتبعوا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة فلو لا ان التجارة تحفظه من الزكاة وتمنع من وجوبها ما دلهم عليها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ليس في المال
المضطرب به زكاة وقال الباقر (ع) يا زرارة ان أبا ذر وعثمان تنازعا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عثمان كل مال ذهب أو فضة يدار ويعمل به ويتجر
ففيه الزكاة إذا حال عليه الحول فقال أبو ذر أما ما أتجر به أو دير وعملت به فليس فيه زكاة إنما الزكاة فيه إذا كان أكثر موضوعا فإذا حال عليه الحول ففيه الزكاة
واختصما في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال فقال القول ما قال أبو ذر ولأصالة البراءة ولدلالة مفهوم وجوب الزكاة في تسعة على نفيه عما سواها وغير ذلك وقال بعض
علمائنا بالوجوب وهو قول الجمهور كالفقهاء السبعة وطاوس والنخعي والثوري والأوزاعي والشافعي في الجديد وأبى عبيد واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي لقول سمرة كان النبي
صلى الله عليه وآله يأمرنا ان نخرج الزكاة مما نعده للبيع والامر للندب تارة وللوجوب أخرى فيحمل على الأول جمعا بين الأدلة ولو حمل على الوجوب حمل المعد للبيع على
أحد النصب التسعة والفائدة ايجاب الزكاة وان لم يتخذ للقنية مسألة قد بينا إن شرط التعلق عدم الخسران وان لا يطلب بنقص من رأس المال فان بقى ناقصا
أحوالا استحب ان يزكيه عن سنة واحدة لقول الصادق (ع) وقد سأله العلا عن المتاع لا أصيب به رأس المال على فيه زكاة قال لا قلت أمسكه سنين ثم أبيعه ماذا على قال سنة
واحدة مسألة لو طلب في أثناء الحول بزيادة أو نهى المتاع بأن كانت مواشي فتوالدت أو نخلا وغيره فأثمر لم يبن حول النماء على حول الأصل بل كان حول
الأصل من حين الانتقال إذا كان نصابا والزيادة من حين ظهورها لأنها مال لم يحل عليه الحول فلا تتعلق به الزكاة لقوله (ع) لا زكاة في مال حتى يحول عليه
الحول وقال مالك وإسحاق وأبو يوسف واحمد حول النماء مبنى على حول الأصل لأنه تابع له في الملك فيتبعه في الحول كالسخال والنتاج ونمنع الحكم في الأصل
وعليه المشترك وقال أبو حنيفة يبنى حول كل مستفاد على حول جنسه نماء كان أو غيره وقال الشافعي ان نظمت الفائدة قبل الحول لم يبن حولها على حول النصاب
واستأنف لها حولا لأنها فايدة تامة لم تتولد مما عنده فلم تبن على حوله كما لو استفاد من غير الريح ولو اشترى سلعة بنصاب فزادت قيمتها عند رأس الحول فإنه يضم
الفايدة ويزكى عن الجميع بخلاف ما إذا باع السلعة قبل الحول بأكثر من نصاب فإنه يزكى عند رأس الحول عن النصاب ويستأنف للزيادة حولا ولا فرق عندنا بين ذلك
في عدم الضم تذنيب لو اشترى للتجارة بما ليس بنصاب فنما حتى صار نصابا انعقد الحول عليه من حين صار نصابا في قول أكثر العلماء لأنه لم يحل الحول على نصاب
فلم تجب فيه الزكاة كما لو نقص في اخره وقال مالك لو كان له خمسة دنانير متاجر فيها فحال الحول وقد بلغت نصابا تعلقت بها الزكاة وقد سلف بطلانه مسألة
لو اشترى شقصا للتجارة بألف ثم صار يساوى ألفين فعليه زكاة ألفين فإذا جاء الشفيع أخذه بألف لان الشفيع إنما يأخذ بالثمن لا بالقيمة والزكاة على
المشترى لأنها ثبتت وهو في ملكه ولو لم يأخذه الشفيع لكن وجد به عيبا فرده فإنه يأخذ من البايع أيضا ولو انعكس الفرض فاشتراه بألفين وحال الحول و
قيمته ألف فلا زكاة عندنا للنقصان عن رأس المال وعند الجمهور عليه زكاة ألف ويأخذه الشفيع ان أخذه ويرده بالعيب بالألفين لأنهما الثمن الذي وقع
البيع به مسألة لعلمائنا قولان في أن العامل يملك الحصة أو الأجرة والأشهر الأول ومن قال إنه يملك الحصة اختلفوا على قولين أحدهما إنه يملك بالظهور
227

والآخر يملك بالانضاض وسيأتى البحث في ذلك انشاء الله تعالى فإن قلنا لا يملك حصته فالزكاة بأجمعها على المالك لأنه يملك الربح والأصل معا وان قلنا يملك بالظهور
وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين فعلى المالك زكاة الأصل ونصيبه من الربح وفى حصة العامل قولان عدم الزكاة لان ملكه غير مستقر عليه لأنه
وقاية لرأس المال عن الخسران والثاني الثبوت للملك والتمكن من التصرف فيه كيف شاء والقسمة وتعلق حق الفقراء بذلك الجزء الذي هو لهم أخرجه عن كونه
وقاية لخسران يعرض وقواه الشيخ وللشافعي كالقولين وله اخر انه كالمغصوب لأنه غير متمكن من التصرف فيه على حسب مشيته وإن قلنا إنه يملك بالقسمة و
الانضاص وهو أصح قولي الشافعي وبه قال مالك والمزني فزكوة رأس المال على المالك وقيل كذا الربح بأجمعه لان الجميع له ويحتمل في نصيب العامل العدم إما على
المالك فلانه يجرى مجرى المغصوب أو الملك الضعيف لتأكد حق العامل فيه وأما العامل فلعدم ملكه به وايجاب الزكاة في الربح كله على المالك ضعيف لان حصة
العامل مترددة بين ان يسلم فيكون له أو يتلف فلا يكون له ولا للمالك شئ فكيف يجب عليه زكاة ما ليس له بوجه وكونه نماء ماله لا يقتضى اثبات الزكاة عليه لأنه لغيره
إذا عرفت هذا فان قلنا بثبوت الزكاة في حصة العامل فإنما يثبت لو بقيت حولا نصابا أو يضمها إلى ما عنده من
أموال التجارة غيرها وتبلغ نصابا ولا يبنى حول
نصيب العامل على حول رأس المال عند علمائنا وهو أحد وجهي الشافعية لأنه في حقه أصل مقابل بالعمل والثاني للشافعية البناء لأنه ربح كنصيب المالك
وليس بجيد وعلى ما اخترناه فابتداء الحول من حين الظهور لحصول الملك حينئذ أو الانضاض والقسمة لان استقرار الملك يحصل يومئذ ويحتمل من يوم تقويم
المال على المالك لاخذ الزكاة ولا يلزمه اخراج الزكاة قبل القسمة فإذا اقتسماه زكاه لما مضى من الأحوال كالدين يستوفيه عند الشافعية والأقوى عندي انه
يخرج في الحال لتمكنه من القسمة تذنيب لو أراد العامل اخراج الزكاة من عين مال القراض احتمل ان يستبد به لان الزكاة من المؤن اللازمة للمال
كأجرة الدلال والكيال ويحتمل ان للمالك منعه لان الربح وقاية رأس المال فله أن يمنع من التصرف في الربح حتى يسلم إليه رأس المال ويبنى على الاحتمال
ما يخرج المالك من زكاة مال القراض ان جعلنا الزكاة كالمؤن احتسب من الربح كما يحتسب أرش جناية عند التجارة من الربح ويحتمل احتسابه من رأس
المال لأنه مصروف إلى حق لزم المالك فكان كما لو ارتجع شيئا من المال ويحتمل ان ما يخرجه المالك خاصة من رأس المال لأنه يختص بلزومه مسألة
إذا حال الحول على العروض قومت بالثمن الذي اشتريت به سواء كان نصابا أو أقل وسواء كانت من الأثمان أم لا ولا يعتبر نقد البلد وبه قال الشافعي إلا أنه
قال إذا كان من جنس الأثمان وكان الثمن أقل من نصاب فيه وجهان أحدهما ان يقوم بما اشتراه والثاني يقوم بغالب نقد البلد هذا إن لم يملك من النقد الذي
ملك به ما تم النصاب أما إذا اشترى للتجارة بمائة درهم وهو يملك مائة أخرى فإنه يقوم بما ملك به أيضا لأنه ملك ببعض ما انعقد عليه الحول ووافقنا أبو
يوسف في التقويم بما اشتراه مطلقا. لان نصاب الغرض مبنى على ما اشتراه به فثبتت الزكاة فيه ويعتبر به كما لو لم يشتر به شيئا ولقول الصادق (ع) إن طلب برأس المال
فصاعدا ففيه الزكاة وإن طلب بالخسران فليس فيه زكاة ولا يمكن ان يعرف رأس المال إلا أن يقوم بما اشتراه به بعينه وقال أبو حنيفة واحمد يقوم بما هو أحظ
للمساكين سواء اشتراها بذهب أو فضة أو عروض فلو كانت قيمتها بالفضة دون النصاب وبالذهب نصابا قومت به وإن كان الثمن فضة وبالعكس لان قيمته
بلغت نصابا فتثبت الزكاة فيه كما لو اشتراه بعوض وفى البلد نقدان مستعملان تبلغ قيمة العرض بأحدهما نصابا ولان تقويمه لحظ المساكين فيعتبر ما لهم فيه
الحظ كالأصل والفرق في الأول ظاهر فان الثمن بلغ نصابا بخلاف المتنازع ومراعاة الفقراء ليست أولي من مراعاة المالك فروع - آ - إذا كان الثمن من العروض قوم
بذهب أو فضة حال الشراء ثم يقوم في أثناء الحول إلى آخره بثمنه الذي اشترى به وقوم الثمن بالنقدين فان قصد أحدهما في الأثناء سقط اعتبار الحول إلى أن يعود إلى
السعر وإلا ثبتت ولو قصر أحدهما وزاد الاخر مثل ان يشتريه بمتاع قيمته نصاب ثم يرخص سعر الثمن أو يغلوا فالأقرب حينئذ ثبوت الزكاة مع الرخص لا مع الغلاء إلا أن
يكون العرض للتجارة - ب - لو بلغت قيمته نصابا بكل واحد من النقدين قومه بما اشتراه أيضا وقال احمد يقوم بماء شاء إلا أن الأولى اخراج النقد المستعمل في البلد لأنه
أحظ للمساكين ولو كانا مستعملين اخرج من الغالب في الاستعمال ولو تساويا تخير - ج - لو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين وقصرت بالآخر ثبتت الزكاة لأنه بلغ
نصابا بأحد النقدين فثبت فيها الزكاة كما لو كان عينا مسألة تثبت زكاة التجارة في كل حول وبه قال الثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب
الرأي لأنه مال تثبت فيه الزكاة في الحول الأول لم ينقص عن النصاب ولم يتبدل صفته فتثبت زكاته في الحول الثاني كما لو نض في أوله ولان السبب المقتضى
لثبوتها في الأول ثابت في الثاني وقال مالك لا يزكيه إلا لحول واحد لان الحول الثاني لم يكن المال عينا في أحد طرفيه فلا تثبت فيه الزكاة كالحول الأول
إذا لم يكن في أوله عينا ونمنع ثبوت حكم الأصل مسألة تخرج الزكاة من قيمة العروض دون عينها قاله الشيخ (ره) على القول بالوجوب وبه قال الشافعي في أحد
القولين واحمد لان النصاب معتبر بالقيمة فكانت الزكاة منها كالعين في ساير الأموال ولقول الصادق (ع) كل عروض فهو مردود إلى الدراهم والدنانير
وهو يدل على تعلق الزكاة بالقيمة وقال أبو حنيفة يتخير بين الاخراج من العين أو من القيمة لكن الأصل العين فالزكاة تتعلق بالسلعة وتجب فيها لا بالقيمة
فإن اخرج العرض اخرج أصل الواجب وان عدل عنه إلى القيمة فقد عدل إلى بدل الزكاة وهو الثاني للشافعي لأنها مال تجب فيه الزكاة
فتعلقت بعينه كساير الأموال ولا بأس بهذا القول ويمكن الجواب عما قاله الشيخ بأن اعتبار النصاب لمعرفة القدر لا لوجوب الاخراج منه وكذا الرواية
مسألة القدر المخرج هو ربع العشر إما من العين أو القيمة على الخلاف إجماعا وقد تقدم ان التقويم بما اشتريت به وإن كان غالب نقد البلد غيره
لكن الأولى اخراج نقد البلد ولو ملكه يعرض للقنية قوم في اخر الحول به عندنا وقال الشافعي يقوم بغالب نقد البلد من الدراهم أو الدنانير فإن بلغ به نصابا
اخرج زكاته وإلا فلا وإن كان يبلغ بالآخر نصابا أو كان النقدان جاريين في البلد قوم بالأغلب فإن استويا وبلغ بهما نصابا فوجوه التخيير بأن يقوم بما
شاء ويخرجه ومراعاة الاغباط للفقراء والتقويم بالدراهم لأنها أوفق وأصلح واعتبار الغالب في أقرب البلاد تذنيب لو اشترى بنصاب من النقد وبعرض قنية
قوم ما يقابل الدراهم بمثلها وما يقابل العرض بمثله عندنا وعند المخالف بنقد البلد مسألة النصاب المعتبر في قيمة مال التجارة هنا لموحد النقدين الذهب أو الفضة دون غيرها فلو
اشترى بأحد النصاب المواشي مال التجارة وقصرت قيمة الثمن عن نصاب أحد النقدين ثم حال الحول كذلك فلا زكاة ولو قصر الثمن عن نصاب المواشي بأن
اشترى بأربع من الإبل متاع التجارة وكانت قيمة الثمن أو السلعة تبلغ نصابا من أحد النقدين تعلقت الزكاة به إذا عرفت هذا فالنصاب الأول قد عرفت انه عشرون
دينارا أو مائتا درهم فإذا بلغت القيمة أحدهما ثبتت الزكاة ثم الزايد ان بلغ النصاب الثاني وهو أربعة دنانير أو أربعون درهما ثبتت فيه الزكاة وهو ربع عشره أيضا
228

وإلا ولم يعتبر الجمهور النصاب الثاني كالنقدين وقد سلف مسألة إذا اشترى سلعا للتجارة في أشهر متعاقبة وقيمة كل واحد نصاب يزكى كل سلعة عند تمام حولها
ولم يضم بعضها إلى بعض وإن كانت الأولى نصابا فحال حولها وهي نصاب وحال حول الثانية والثالثة وقيمة كل منها أقل من نصاب أخذ من مال الأول الزكاة خمسة دراهم
ومن الثاني والثالث من كل أربعين درهما درهم ولو كان العرض الأول ليس بنصاب وكمل بالثاني نصابا فحولهما من حين ملك الثاني ولا يضم الثالث إليهما بل ابتداء الحول من حين
ملكه وتثبت فيه الزكاة وإن كان أقل من النصاب الأول إذا بلغ النصاب الثاني لان قبله نصابا مسألة إذا اشترى عرضا للتجارة بأحد النقدين وكان الثمن نصابا قال
الشيخ (ره) كان حول السلعة حول الأصل وبه قال الشافعي ومالك واحمد وأصحاب الرأي لان زكاة التجارة تتعلق بالقيمة وقيمته هي الأثمان نفسها لكنها كانت ظاهرة
فخيفت ولان النماء في الغالب إنما يحصل في التجارة بالتغليب فلو كان ذلك يقطع الحول لكان السبب الذي تثبت فيه الزكاة مانعا منها ولو قيل إن كان الثمن من مال
تجارة بنى على حوله وإلا استأنف كان وجها ولو كان أقل من النصاب فلا زكاة فان ظهر ربح حتى بلغ به نصابا جرى في الحول من حين بلوغ النصاب عند علمائنا أجمع
وهو أحد وجهي الشافعية والاخر إنه يبنى على الحول من حين الشراء لأنه يعتبر النصاب في اخر الحول على الأقوى من وجهيه فروع - آ - لو اشتراه بنصاب من السائمة فإن
كانت للقنية فالأقرب انقطاع حول السائمة ويبتدى حول التجارة من يوم الشراء لاختلاف الزكوتين في القدر والتعلق وهو أحد وجهي الشافعي وفى الاخر يبنى عليه
كالنقدين وإن كانت للتجارة فالوجه البناء على حولها - ب - البناء على حول الأصل إنما يكون لو اشتراه بعين النصاب ولو اشتراه في الذمة ونقد النصاب في الثمن
انقطع حول الثمن نقدا كان أو ماشية وابتداء حول التجارة من يوم الشراء لان النصاب لم يتعين للصرف إلى هذه الجهة - ج - لو اشترى عرضا للتجارة بعرض للقنية
كأثاث البيت كان حول السلعة من حين ملكها للتجارة وبه قال الشافعي واحمد وقال مالك لا يدور في حول التجارة إلا أن يشتريها بمال تجب فيه الزكاة كالذهب
والفضة - د - لو باع مال التجارة بالنقدين الذهب والفضة وقصد بالأثمان غير التجارة انقطع الحول وبه قال الشافعي لأنه مال تجب الزكاة في عينه دون قيمته فانقطع
الحول بالبيع به كالسائمة وقال احمد لا ينقطع لأنه من جنس القيمة التي تتعلق الزكاة بها فلم ينقطع الحول معها به والفرق ان قصد التجارة انقطع وتعلقت
به حول زكاة أخرى ولو قصد بالثمن التجارة فالأقرب عدم الانقطاع وبنى على حول الأول لأنا لا نشترط في زكاة التجارة بقاء الأعيان بل القيم - ه‍ - لو ابدل
عرض التجارة بما تجب الزكاة في عينه كالسائمة ولم ينو به التجارة لم يبن حول أحدهما على الاخر اجماعا لأنهما مختلفان وان أبدله بعوض للقنية بطل الحول - و - لو
اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله اجماعا لأنهما مختلفان - ز - لا يشترط بقاء عين السلعة طول الحول إجماعا بل قيمتها وبلوغ القيمة النصاب مسألة
لا تجتمع زكاة التجارة والمالية في مال واحد اتفاقا لقوله (ع) لاثنى في الصدقة فلو ملك نصابا من السائمة فحال الحول والسوم ونية التجارة موجودان قدمت
زكاة المال عندنا لأنها واجبة دون زكاة التجارة لاستحبابها ومن قال بالوجوب اختلفوا فالذي قال الشيخ تفريعا على الوجوب تقديم المالية أيضا وبه قال الشافعي
في الجديد لأنها أقوى لانعقاد الاجماع عليها واختصاصها بالعين وكانت أولي وقال أبو حنيفة والثوري ومالك واحمد والشافعي في القديم يزكيه زكاة التجارة لأنها
أحظ للمساكين لتعلقها بالقيمة فتجب فيما زاد بالحساب لان الزايد على النصاب قد وجد سبب وجوب زكاته فتجب كما لو لم يبلغ بالسوم نصابا ونمنع اعتبار ترجيح المساكين
بل مراعاة المالك أولي لان الصدقة مواساة فلا تكون سببا لاضرار المالك ولا موجبة للتحكم في ماله فروع - آ - لو انتفى السوم ثبتت زكاة التجارة وإن
كان النصاب ثابتا وكذا لو انتفى النصاب وحصل السوم لعدم التصادم - ب - لو فقد شرط زكاة التجارة بأن قصر الثمن عن النصاب أو طلبت بخسارة؟ وجبت
زكاة المال إجماعا لعدم التضاد - ج - لو سبق تعلق وجوب المالية بأن يملك أربعين من الغنم قيمتها دون مائتي درهم ثم صارت في نصف الحول تعدل في
مأتين قدمت زكاة المال الثبوت المقتضى في اخر الحول السالم عن معارضة المانع وقال بعض الجمهور بتأخر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة لأنه أنفع للفقراء وهو ممنوع
وعلى ما اخترناه إذا تم حول التجارة لم يزك الزايد عن النصاب لأنه قد زكى العين فلا يتعلق بالقيمة وقال بعض الجمهور تجب زكاة التجارة في الزايد عن النصاب لوجود المقتضى
فإنه مال للتجارة حال عليه الحول وهو نصاب وهو ممنوع لوجود المانع وهو تعلق الزكاة بالعين - د - لو اشترى أرضا أو نخلا للتجارة فزرعت الأرض وأثمر النخل فاتفق حولهما
بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة (واشتداد الحب عند تمام الحول وكانت قيمة الأرض والنخل بمفردها نصابا للتجارة فإنه يزكى الثمرة)؟ والحب زكاة العشر ويزكى الأصل زكاة القيمة ولا تثبت في الثمرة الزكاتان وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور لان زكاة العشر
أحظ للفقراء فان العشر أكثر من ربع العشر ولان زكاة المال متفق عليها وقال احمد يزكى الجميع زكاة التجارة لأنه مال تجارة فتجب فيه زكاتها كالسائمة
والفرق زكاة السوم أولي على انا نقول بموجبه هناك - ه‍ - لو اشترى أربعين سائمة للتجارة فعارض بها في أثناء الحول بأربعين سائمة للتجارة أيضا
فان شرطنا في المالية بقاء عين النصاب سقطت وثبتت زكاة التجارة لعدم المانع وإلا أوجبنا زكاة المال ولو عارضها بأربعين للقنية سقطت زكاة التجارة
وانعقدت حول المالية من المعاوضة ولو اشترى أربعين للقنية وأسامها ثم عارضها في أثناء الحول بأربعين سائمة للتجارة انعقد حول المالية أو التجارة
على الخلاف من حين المعاوضة - و - عبد التجارة يخرج عنه الفطرة وزكاة التجارة على ما يأتي - ز - لو اشترى معلوفة للتجارة ثم أسامها فإن كان بعد تمام
الحول ثبتت زكاة التجارة في الحول الأول وانعقد حول المالية من حين الاسامة مسألة إذا نوى بعرض التجارة القنية صار للقنية وسقطت
الزكاة عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد وأصحاب الرأي لان القنية الأصل ويكفى في الرد إلى الأصل مجرد النية ولان نية التجارة شرط لثبوت الزكاة
في العروض فإذا نوى القنية زال الشرط وقال مالك في رواية لا يسقط حكم التجارة بمجرد النية كما لو نوى بالسائمة العلف والفرق ان الاسامة شرط دون نيتها فلا
ينتفى الوجوب إلا بانتفاء السوم وإذا صار العرض للقنية بنيتها فنوى به التجارة لم يصر للتجارة بمجرد النية على ما قدمناه وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي تذنيب
لو كانت عنده ماشية للتجارة نصف حول فنوى بها الاسامة وقطع نية التجارة انقطع حول التجارة واستأنف حولا للمالية وبه قال الثوري وأبو ثور وأصحاب
الرأي لان حول التجارة انقطع بنية الاقتناء وحول السوم لا يبنى على حول التجارة والوجه انها إن كانت سائمة ابتداء الحول وجبت المالية عند تمامه وبه قال
إسحاق لان السوم سبب لوجوب الزكاة وجد في جميع الحول خاليا عن المعارض فتجب به الزكاة كما لو لم ينو التجارة مسألة المشهور عندنا وعند الجمهور
ان نماء مال التجارة بالنتاج مال التجارة أيضا وهو أحد قولي الشافعي لان الولد بعض الام فحكمه حكمها فلو اشترى جواري للتجارة فأولدت كانت الأولاد تابعة
لها هذا إذا لم تنقص قيمة الام بالولادة فلو نقصت جعل الولد جابرا بقدر قيمته لان سبب النقصان انفصاله وللشافعي قول اخر انه ليس مال التجارة لان
الفايدة التي تحصل من عين المال لا يناسب الاستنماء بطريق التجارة وهو ممنوع إذا ثبت هذا فإنه يبتدئ في الحول في النتاج من حين انفصاله ولا يبنى على حول الأصل
خلافا للشافعي وقد سبق فروع - آ - لو اشترى من الماشية السائمة نصابا للتجارة فنتجت فعندنا تقدم زكاة المال ولا يتبع النتاج الأمهات في الحول فلم ينعقد
229

سبب المالية في النتاج فيبقى سبب التجارة سالما عن المعارض فينعقد حولها من حين الانفصال فتثبت الزكاة فيها بعد الحول ثم يعتبر حول المالية ان حصل السوم - ب -
لا يبنى النصاب هنا على نصاب الأمهات بمعنى انه يقوم النتاج بأحد النقدين فإن بلغت قيمته مائتي درهم أو عشرين دينارا تعلقت الزكاة به ولا يضم إلى الأمهات في
النصاب لان الأمهات لها زكاة بانفرادها ولا يكفي في اعتبار نصابها أربعون درهما أو أربعة دنانير وإن كانت قيمة الأمهات نصابا فاشكال - ج - لو اشترى حديقة
للتجارة فأثمرت عنده وقلنا إن ثمار التجارة مال تجارة أو اشتراها وهي مثمرة مع الثمار فبدا الصلاح عنده حكمنا بوجوب زكاة المال في الثمرة على ما قدمناه ولا تسقط
به زكاة التجارة عن قيمة الأشجار وهو أحد وجهي الشافعية لأنه ليس فيها زكاة مال حتى يسقط بها زكاة التجارة وفى الآخر يسقط لان المقصود منها ثمارها وقد أخذنا
زكاتها وهو ممنوع وكذا لا تسقط عن أرض الحديقة وللشافعية طريقان أحدهما طرد الوجهين والثاني القطع بعدم السقوط لبعد الأرض عن التبعية لان الثمار
خارجة عن الشجرة والشجرة حاصلة مما أودع في الأرض لا من نفسها وأما الثمار التي اخرج الزكاة المالية منها فان حول التجارة ينعقد عليها أيضا وتثبت الزكاة فيها في
الأحوال المستقبلية للتجارة وإن كانت المالية لا تتكرر ويحسب ابتداء الحول التجارة من وقت اخراج العشر بعد القطاف لا من وقت بدو الصلاح لان عليه بدو
الصلاح تربية للمساكين فلا يجوز ان يحسب عليه وقت التربية - د - لو اشترى أرضا مزروعة للتجارة فادراك الزرع والحاصل نصاب تعلقت زكاة المال بالزرع ثم
يبتدئ حول زكاة التجارة بعد التصفية وللشافعية الوجوه السابقة في الثمرة ولو اشترى أرضا للتجارة وزرعها ببذر القنية فعليه العشر في الزرع زكاة التجارة
في الأرض ولا تسقط زكاة التجارة عن الأرض بأداء العشر اجماعا - ه‍ - الدين لا يمنع من زكاة التجارة كما لا يمنع من زكاة العين الفصل الثاني في باقي
الأنواع التي تستحب فيها الزكاة مسألة كلما يخرج من الأرض من الغلات غير الأربع تستجب فيها الزكاة إن كان مما يكال أو يوزن كالعدس والماش والأرز والذرة
وغيرها بشرط بلوغ النصاب في الغلات الأربع وهو خمسة أوسق لعموم قوله (ع) ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة والقدر المخرج هو العشر سقى سيحا أو بعلا
أو عذيا ونصفه ان سقى بالقرب والدوالي كما في الغلات ولو اجتمعا حكم للأغلب فان تساويا قسط ويؤخذ من نصفه العشر ومن نصفه نصف العشر وتثبت بعد اخراج المؤن كالواجب ولا زكاة
في الخضراوات وفى ضم ما يزرع مرتين في السنة كالذرة بعضه مع بعض نظر وكذا الدخن والأقرب الضم لأنها في حكم زرع عام واحد ويدل على استحباب الزكاة
بعد ما تقدم قول الصادق (ع) كلما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة وقال جعل رسول (ص) الصدقة في كل شئ أنبتته الأرض
إلا الخضر والبقول وكل شئ يفسد من يومه وقال (ع) وقد سأله زرارة في الذرة شئ الذرة والعدس والسلت والحبوب فيها مثل ما في الحنطة
والشعير وكلما كيل بالصاع فبلغ الأوساق التي تجب فيها الزكاة فعليه فيه الزكاة أما الخضر فلا زكاة فيها إلا أن يباع ويحول على ثمنها الحول ويكون الشرايط
موجودة فيه لقوله (ع) ليس على الخضر ولا على البطيخ ولا على البقول وأشباهه زكاة إلا ما اجتمع عندك من غلة فبقى عندك سنة وسأل زرارة الصادق
(ع) هل في القصب شئ قال لا وسأل الحلبي الصادق (ع) ما في الخضرة قال وما هي قلت القصب والبطيخ ومثله من الخضر فقال لا شئ عليه إلا أن يباع مثله
بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة وعن شجر العضاه من الفرسك وأشباهه فيه زكاة قال لا قلت فثمنه قال ما حال عليه الحول من ثمنه فزكه مسألة لا
تجب الزكاة في الخيل باجماع أكثر العلماء وبه قال في الصحابة علي (ع) وعمر وابنه وفى التابعين عمر بن عبد العزيز وعطا والنخعي والشعبي والحسن البصري وفى
الفقهاء مالك والشافعي والأوزاعي والليث وابن سعد واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد لما رواه علي (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله
قال عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق وقال (ع) ليس في الجبهة ولا نفى النحة ولا في الكسعة صدقة والجبهة الخيل والنحة الرقيق والكسعة الحمير وقال ابن
قتيبة هي العوامل من الإبل والبقر والحمير ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) وليس في الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شئ وعنى الإبل والبقر والغنم
وللأصل ولان كل جنس لا تجب الزكاة في ذكوره إذا انفردت لا تجب في إناثه ولكونه كالحمر وقال أبو حنيفة إن كانت ذكورا وإناثا وجب فيها وإن كانت إناثا منفردة
فروايتان وكذا إن كانت ذكورا منفردة لما رواه الصادق (ع) عن الباقر (ع) عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله قال في الخيل السائمة في كل فرس دينار ولأنه يطلب نماؤه من جهة السوم
فأشبه النعم والحديث محمول على الاستحباب والنعم يضحى بجنسه ويجب فيها من عينها بخلاف الخيل مسألة أجمع علمائنا على استحباب الزكاة في الخيل بشروط ثلاثة السوم
والأنوثة والحول لان زرارة قال للصادق (ع) هل في البغال شئ قال لا فقلت فكيف صار على الخيل ولم يصر على البغال فقال لان البغال لا تلقح والخيل الإناث ينتجن
وليس على الخيل الذكور شئ قال قلت هل على الفرس والبعير يكون للرجل يركبها شئ فقال لا ليس على المعلوفة شئ إنما الصدقة على السائمة المرسلة
في مرامها عامها الذي يقتنيها الرجل فيه واما ما سوى ذلك فليس فيه شئ مسألة قدر المخرج عن الخيل عن كل فرس عتيق ديناران في كل حول وعن البرذون
دينار واحد عند علمائنا لقول الباقر والصادق (ع) وضع أمير المؤمنين علي (ع) على الخيل العتاق الراعية في كل فرس في كل عام دينارين و
جعل على البراذين دينارا وقال أبو حنيفة يتخير صاحبها ان شاء اعطى عن كل فرس دينارا وان شاء قومها واعطى ربع عشر قيمتها لما رواه جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع)
عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله قال في الخيل السائمة في كل فرس دينار وهو دليل لنا لا له مسألة العقار المتخذ للنماء يستحب الزكاة في حاصله و
لا يشترط فيه الحول ولا النصاب للعموم بل يخرج مما يحصل منه ربع العشر فان بلغ نصابا وحال عليه الحول وجبت الزكاة لوجود المقتضى ولا تستحب الزكاة فيه
شئ غير ذلك من الإناث والأمتعة والأقمشة المتحدة للقنية باجماع العلماء المقصد الرابع في الاخراج وفيه فصول
الأول في من تخرج الزكاة إليه
وفيه مباحث الأول في الأصناف مسألة أصناف المستحقين للزكوة ثمانية باجماع العلماء وهم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله إنما الصدقات للفقراء
والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل وقد اختلف الفقهاء في الفقراء والمساكين أيهما أسوأ حالا
وقال الشيخ الفقير الذي لا شئ له والمسكين هو الذي له بلغة من العيش لا تكفيه فجعل الفقير أسوأ حالا وبه قال الشافعي والأصمعي لأنه تعالى بدأ به والابتداء
يدل على شدة العناية والاهتمام في لغة العرب ولان النبي صلى الله عليه وآله استعاذ من الفقر وقال اللهم أحينى مسكينا وأمتنى مسكينا واحشرني في زمرة
المساكين ولقوله تعالى أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر وهي تساوى جملة من المال ولان الفقر مشتق من كسر الفقار وذلك مهلك وقال آخرون المسكين
أسوأ حالا من الفقير وبه قال أبو حنيفة والفراء وتغلب وابن قتيبة واختاره أبو إسحاق لقوله تعالى أو مسكينا ذا متربة وهو المطروح على التراب لشدة حاجته ولأنه
يؤكد به ولقول الشاعر أما الفقير الذي كانت حلوبته وفق العيال ولم يترك له سيد والمروى عن أهل البيت (على) هذا قال الصادق (ع) الفقير الذي لا يسئل
230

والمسكين اجهد منه والبائس أجهدهم ولا فايدة للفرق بينهما في هذا الباب لان الزكاة تدفع إلى كل منهما والعرب تستعمل كل واحد منهما في معنى الاخر نعم يحتاج إلى
الفرق بينهما في باب الوصايا والنذور وغيرهما والضابط في الاستحقاق عدم الغنى الشامل لهما مسألة قد وقع الاجماع على أن الغنى لا يأخذ شيئا من الزكاة من نصيب
الفقراء للآية ولقوله (ع) لا تحل الصدقة لغنى ولكن اختلفوا في الغنى المانع من الاخذ فللشيخ قولان أحدهما حصول الكفاية حولا له ولعياله وبه قال الشافعي ومالك
وهو الوجه عندي لان الفقر هو الحاجة قال الله تعالى يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله أي المحاويج إليه ومن لا كفاية له محتاج وقوله لا تحل الصدقة إلا لثلاثة رجل اصابته
فاقة حتى يجد سدادا من عيش أو قواما من عيش ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا تحل لغنى الصدقة قال هارون بن حمزة فقلت له الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعة وله عيال
فان اقبل عليها أكلها عياله ولم يكتفوا بربحها قال فلينظر ما يستفضل منها فيكال هو ومن يسعه ذلك وليأخذ لمن لم يسعه من عياله وفى رواية سماعة وقد تحل لصاحب
سبعمائة وتحرم على صاحب خمسين درهما قلت له كيف هذا فقال إذا كان صاحب السبعمائة له عيال كثير فلو قسمها بينهم لم تكف فليعف عنها نفسه وليأخذها لعياله
وأما صاحب الخمسين فإنه تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها وهو يصيب فيها ما يكفيه انشاء الله والقول الثاني لشيخ ان الضابط من يملك نصابا من الأثمان
أو قيمته فاضلا عن مسكنه وخادمه وبه قال أبو حنيفة لقوله (ع) لمعاذ أعلمهم ان عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم وللمنافاة بين جواز اخذها ووجوب
دفعها فالجواب انه (ع) لم يقصد بيان مصرف الزكاة وما قلناه بيان له فكان أولي ونمنع التنافي وقال احمد ان ملك خمسين درهما لم يجز له أن يأخذ لقوله (ع)
من سأله وله ما يغنيه جاء يوم القيمة وفى وجهه خدوش قيل يا رسول الله (ص) ما الغنى قال خمسون درهما وهو محمول على أنه إذا كان تحصل به الكفاية
على ما فسره أهل البيت (على) وقال الحسن البصري وأبو عبيد الغنى من يملك أربعين درهما لما روى أبو سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من سأل وله قيمة أوقية فقد الحف والأوقية أربعون درهما ولا دلالة فيه وفى رواية عن الصادق (ع) قال لا تحل لمن كانت عنده أربعون درهما يحول عليها
الحول ان يأخذها وان أخذها أخذها حراما ولا حجة فيه أيضا لان حولان الحول عليها يدل على استغنائه عنها فيحرم عليه اخذها مسألة لو كان له بضاعة
يتجر بها أو ضيعة يستغلها فان كفاه الغلة له ولعياله أو الربح لم يجز له ان يأخذ الزكاة وان لم يكفه جاز له ان يأخذ من الزكاة ما يتم به كفايته ولم يكلف الانفاق من
البضاعة ولا من ثمن الضيعة لما فيه من التضرر ولان سماعة سأله عن الزكاة هل تصلح لصاحب الدار والخادم فقال نعم إلا أن تكون داره دار غلة فيخرج له من غلته درهم
يكفيه وعياله فإن لم تكن الغلة تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم من غير اسراف فقد حلت له الزكاة وإن كانت غلتها تكفيهم فلا فقد نص على
جواز الاخذ مع عدم الاكتفاء بالغلة مع قطع النظر عن الثمن ولا فرق بين الدار والبضاعة والضيعة إذ المشترك وهو المالية هو الضابط دون خصوصيات
الأموال فروع - آ - لو لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شياء وإن كان محتاجا حلت له الصدقة وان ملك نصيبا سواء في ذلك الأثمان
وغيرها وبه قال مالك والشافعي لان الحاجة هي الفقر وضدها الغنى فمن كان محتاجا فهو فقير ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة - ب - لو ملك من
العروض أو الحبوب أو السائمة أو العقار ما لا تحصل به الكفاية لم يكن غنيا وان ملك نصيبا وبه قال الثوري والنخعي وابن المبارك وإسحاق وغيرهم - ج - لو كانت له كفاية
باكتساب أو صناعة أو مال غير زكوي لم تحل له الصدقة وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو عبيد وابن المنذر لقوله (ع) لا تحل الصدقة لغنى ولا لقوى مكتسب
ولأنه يملك ما يغنيه عن الصدقة فخرج عن الحاجة ولا يتناوله اسم الفقراء وقال أبو يوسف ان دفع الزكاة إليه فهو قبيح وأرجو ان يجزيه وقال أبو حنيفة ومحمد
وزفر ويجوز دفع الزكاة إليه لأنه ليس بغنى لما مر من قوله (ع) أعلمهم أن عليهم صدقة - د - لو ملك نصابا زكويا أو نصيبا يقصر عن مؤنته ومؤنة عياله
حلت له وبه قال الشافعي واحمد لأنه لم يملك ما يغنيه ولا يقدر على كسب ما يكفيه فجاز له الاخذ من الزكاة كما لو كان ما يملكه من غير الزكوي ولان الفقر
الحاجة وهي متحققة فيه وقال أصحاب الرأي ليس له أن يأخذ لأنه يجب عليه الزكاة ولا يجب له للخبر والغنى المانع من الاخذ ليس هو الغنى الموجب للدفع
- ه‍ - لو كان له معد للانفاق ولم يكن مكتسبا ولا ذا صناعة اعتبرت الكفاية به حولا كاملا له ولعياله من يمونه لان كل واحد منهم مقصود دفع
حاجته فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد لأنه لا يسمى فقيرا بالعادة ويحتمل ان يمنع من الزكاة حتى يخرج ما معه بالاتفاق والحق الأول لما روى من جواز تناولها
لمن ملك ثلاثمائة درهم أو سبعمائة مع التكسب القاصر فمنع عدمه أولي - و - لو جعلنا مناط المنع ملك النصاب وان قصر عن الكفاية فلو كان له عايله جاز أن يأخذ
لعياله حتى يصير لكل واحد منهم ما يحرم معه الاخذ لان الدفع إنما هو إلى العيال وهذا نائب عنهم في الاخذ - ز - لو كان للولد المعسر أو الزوجة الفقيرة
أو الأب الفقير والد أو زوج أو ولد موسرون وكل منهم ينفق على من تجب عليه لم يجز دفع الزكاة إليهم لان الكفاية حصلت لهم بما يصلهم من النفقة الواجبة
فأشبهوا من له عقار يستغنى بأجرته وان لم ينفق أحد منهم وتعذر ذلك جاز الدفع إليهم كما لو تعطلت منفعة العقار مسألة ويعطى من ادعى الفقر
إذا لم يعلم كذبه سواء كان قويا قادرا على التكسب أو لا وقبل قوله من غير يمين سواء كان شيخا كبيرا أو شابا ضعيف البنية أو زمنا أو كان سليما قوى البنية
جلدا وهو أحد وجهي الشافعية لان رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقسم الصدقة فسألاه شياء منها فصعد بصره وصوبه وقال لهما ان شئتما أعطيتكما
ولاحظ فيها لغنى ولا ذي قوة مكتسب ودفع إليهما ولم يحلفهما والثاني للشافعي انه يحلف إن كان قويا في بنيته ظاهرة الاكتساب لان ظاهره يخالف ما قاله
وليس بجيد لأنه مسلم ادعى ركنا ولم يظهر ما ينافي دعواه ولو عرف له مال وادعى ذهابه قال الشيخ يكلف البينة لأنه يدعى خالف الظاهر والأصل
البقاء وبه قال الشافعي والأقرب انه لا يكلف بينة تعويلا على صحة اخبار المسلم وكذا البحث في العبد لو ادعى العتق أو الكتابة ولو ادعى حاجة عياله فالوجه
القبول من غير يمين لأنه مسلم ادعى أمرا ممكنا ولم يظهر ما ينافي دعواه ويحتمل الاحلاف لامكان إقامة البينة على دعواه وللشافعي كالوجهين مسألة
العاملون عليها لهم نصيب من الزكاة وهم السعاة في جباته الصدقات عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لقوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين
والعاملين عليها ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن قوله إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها أكل هؤلاء يعطى ان الامام يعطى هؤلاء
جميعا وقال أبو حنيفة يعطى عوضا واجرة لا زكاة لأنه لا يعطى إلا مع العمل ولو فرقها الامام أو المالك لم يكن له شئ والزكاة تدفع استحقاقا لا عوضا ولأنه يأخذها
مع الغنى والصدقة لا تحل لغنى ولا يلزم من توقف الاعطاء على العمل سقوط الاستحقاق والمدفوع ليس عوضا بل استحقاقا مشروطا بالعمل ونمنع عدم الدفع إلى الغنى
مطلقا لان العامل لا يأخذ باعتبار الفقر وابن السبيل يأخذ وإن كان غنيا في بلده فكذا هنا. مسألة يجب على الامام أن يبعث ساعيا في كل عام لتحصيل الصدقات من
231

أربابها لان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعثهم في كل عام فيجب اتباعه ولان تحصيل الزكاة غالبا إنما يتم به وتحصيل الزكاة واجب فيجب ما لا يتم إلا به إذا ثبت
هذا فينبغي للامام أن يوصيه كما وصى أمير المؤمنين (ع) عامله قال الصادق (ع) بعث أمير المؤمنين (ع) مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال
له يا عبد الله انطلق وعليك بتقوى الله وحده لا شريك له ولا تؤثرون دنياك على اخرتك وكن حافظا لمن ائتمنك عليه راعيا لحق الله فيه حق تأتى نادى بنى
فلان فإذا قدمت فأنزل بمائهم من غير أن نخالط أبياتهم ثم امض إليهم بسكينة ووقار حتى تقوم بينهم فسلم عليهم وقل يا عباد الله أرسلني إليكم ولى الله لآخذ منكم
حق الله في أموالكم فهل لله في أموالكم حق فتؤدوه إلى وليه فإن قال لك قائل لا فلا تراجعه فإن أنعم إليك منعم منهم فانطلق معه من غير أن تحيفه أو تعده إلا
خيرا فإذا أتيت ماله فلا تدخله إلا بإذنه فإن أكثره له فقل له يا عبد الله أتأذن لي في دخلوا مالك فإن أذن لك فلا تدخل دخول متسلط عليه ولا عنف به فاصدع المال
صدعين ثم خيره أي الصدعين شاء فأيهما اختار فلا تعرض له ثم اصدع الباقي صدعين ثم خيره فأيهما اختار فلا تعرض له فلا تزال كذلك حتى يبقى ما فيه وفاء لحق الله
عز وجل في ماله فإذا بقى ذلك فاقبض حق الله منه فان استقالك فأقله ثم اخلطهما واصنع مثل الذي صنعت أولا حتى تأخذ حق الله في ماله فإذا قبضته فلا توكل
به إلا ناصحا شفيعا أمينا حفيظا غير معنف لشئ منها ثم احدر ما اجتمع عندك من كل ناد إلينا نصيره حيث أمر الله عز وجل فإذا انحدر بها رسولك فأوعر إليه
أن لا يحول بين ناقة وبين فصيلها ولا يفرق بينهما ولا يصرن لبنها فيضر ذلك بفصيلها ولا يجهد بها ركوبا وليعدل بينهن في ذلك وليوردهن كل ماء يمر به ولا يعدل
بهن عن نبت الأرض إلى جواز الطرق في الساعة التي فيها يربح ويعنق وليرفق بهن جهده حتى تأتينا بإذن الله سجاحا سمانا غير متعبات ولا مجهدات فنقسم بهن
بإذن الله على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وعلى أولياء الله فان ذلك أعظم لاجرك وأقرب لرشدك ينظر الله إليها واليك والى جهدك ونصحك لمن
بعثك وبعث في حاجته فإن رسول الله (ص) قال ما ينظر الله عز وجل إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة والنصيحة لامامه إلا كان معنا في الرفيق الاعلى
ثم بكى الصادق (ع) وقال لبريد بن معوية يا بريد والله ما بقيت لله حرمة إلا انتهكت ولا عمل بكتاب الله ولا بسنة نبيه صلى الله عليه وآله في هذا العالم ولا
أقيم في هذا الخلق حد منذ قبض الله أمير المؤمنين (ع) ولا عمل لشئ من الحق إلى يوم الناس هذا ثم قال أما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيى الله
الموتى ويميت الاحياء ويرد الحق إلى أهله ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله فابشروا ثم أبشروا والله ما الحق إلا في أيديكم مسألة إذا
تولى الرجل اخراج الزكاة بنفسه سقط حق العامل منها لأنه إنما يأخذ بالعمل وكذا لو تولى الامام أو الوالي من قبله قسمتها لم يستحق شياء لأنه يأخذ رزقه من
بيت المال لأنه يتولى أمور المسلمين وهذا من جملة المصالح أما الساعي فإن رأى الامام ان يجعل له أجرة من بيت المال لم يستحق شيئا من الصدقة وإن لم يجعل
له شيئا كان له نصيب من الزكاة ويتخير الامام بين أن يستأجره لمدة معلومة أو يعقد له جعالة فإذا عمل ما شرط عليه فإن كان اجره مثله أقل كان الفاضل من
الثمن من الصدقة مردودا على أهل السهمان وإن كان السهم أقل من اجرته جاز للامام ان يعطيه الباقي من بيت المال لأنه من المصالح وهو أحد قولي الشافعي ويجوز
أن يعطيه من باقي الصدقة ويقسم الفاضل عن الجزية بين باقي المستحقين لان الفاضل لما رد عليهم كان الناقص عليهم وهو القول الثاني للشافعي وله ثالث تخيير الامام بينهما
كما قلناه وله رابع انه يأخذ من سهم المصالح إذا لم يفضل عن أهل السهمان فضل وان فضل أخذ من الصدقة والوجه إنه لا يشترط تقدير الأجرة أو السهم لان له نصيبا بفرضه
تعالى فلا يشترط في استعمال غيره ولقول الصادق (ع) وقد سأله الحلبي وما يعطى المصدق قال ما يرى الامام ولا يقدر له شئ مسألة والمؤلفة قلوبهم لهم
نصيب من الزكاة بالنص والاجماع وهم الذين يستمالون إلى الجهات بالاسهام وإن كانوا كفارا وحكمهم باق عند علمائنا وبه قال الحسن البصري والزهري واحمد ونقله
الجمهور عن الباقر (ع) الآية فإنه تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم وروى زياد بن الحرث الصيداوي قال أتيت النبي صلى الله عليه وآله فبايعته
قال فأتاه رجل فقال اعطني من الصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزاها ثمانية اجزاء فان
كنت من ذلك الأجزاء أعطيتك حقك ومن طريق الخاصة رواية سماعة قال سألته عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها
قال هي محلله للذين وصف الله في كتابه للفقراء
والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم الحديث وقال الشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي انقطع سهم المؤلفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لان الله
تعالى أعز الاسلام وأغناه عن أن يتألف عليه رجال فلا يعطى مشرك تألفا بحال وروى هذا عن عمر وهو مدفوع بالآية وبعمل النبي صلى الله عليه وآله إلى أن مات ولا يجوز
ترك الكتاب والسنة إلا بنسخ والنسخ لا يثبت بعد موته (ع) فلا يجوز ترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم ولا بقول صحابي على إنهم لا يعملون بقول الصحابي
إذا عارض القياس فكيف إذا عارض الكتاب والسنة قال الزهري لا أعلم شياء نسخ حكم المؤلفة على أن ما ذكروه لا يعارض حكم الكتاب والسنة فإن الاستغناء عنهم لا
يوجب دفع حكمه وإنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم فإذا دعت الحاجة إلى اعطائهم أعطوا كما أن باقي الأصناف إذا عدم منهم صنف في زمان سقط حكمه في ذلك
الزمان فإذا وجد عاد حكمه قال الشيخ يجوز للامام القايم مقام النبي صلى الله عليه وآله يتألف الكفار ويعطيهم سهمهم الذي سماه الله تعالى ولا يجوز لغير الإمام القائم
مقامه (ع) ذلك وسهم المؤلفة مع سهم العامل ساقط اليوم مسألة قال الشيخ المؤلفة عندنا هم الكفار الذين يستمالون بشئ من الصدقات إلى الاسلام يتألفون ليستعان بهم على قتال المشركين ولا يعرف
أصحابنا مؤلفة أهل الاسلام وقال المفيد (ره) المؤلفة ضربان مسلمون ومشركون وبه قال الشافعي وهو الأقوى عندي لوجود المقتضى وهو المصلحة الناشية من الاجماع
والكثرة على القتال وقسم الشافعي المؤلفة قسمين مشركون ومسلمون فالمشركون ضربان أحدهما من له نية حسنة في الاسلام والمسلمين فيعطى من غير الصدقة بل من سهم
المصالح لتقوى نيتهم في الاسلام فيميلون إليه فيسلمون لما روى أن صفوان بن أمية لما أعطاه النبي صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة خرج معه إلى هوازن واستعار النبي صلى الله عليه وآله
ثلاثين درعا وكانت أول الحرب على المسلمين فقال قائل غلبت هوازن وقتل محمد صلى الله عليه وآله بفيك الحجر لرب من قريش أحب إلينا من رب من هوازن ولما اعطى النبي صلى الله عليه وآله
العطايا قال صفوان مالي فأرمى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى وادى فيه ابل مجملة فقال هذا لك فقال صفوان هذا عطاء من لا يخشى الفقر الثاني مشركة
لم يظهر منهم ميل إلى الاسلام ولا نية حسنة في المسلمين لكن يخاف منهم فإن أعطاهم كفوا شرهم وكف غيرهم معهم روى ابن عباس إن قوما كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وآله
فإن أعطاهم مدحوا الاسلام وقالوا هذا دين حسن وإن منعهم ذموا وعابوا فهذان الضربان هل يعطون بعد موت النبي صلى الله عليه وآله قولان أحدهما يعطون لأنه (ع)
أعطاهم ومعنى العطاء موجود والثاني لا يعطون لان مشركا جاء إلى عمر يلتمس المال فلم يعطه وقال من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ولأنه تعالى أظهر الاسلام و
قمع المشركين فلا حاجة بنا إلى ذلك فان قلنا يعطون فإنهم يعطون من سهم المصالح لا من الزكاة لأنها لا تصرف إلى المشركين وهو ممنوع للآية وأما المؤلفة من المسلمين
232

فعلى أربعة أضرب ضرب أشراف مطاعون علم صدقهم في الاسلام وحسن نيتهم فيه إلا أن لهم نظراء من المشركين إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الاسلام فهؤلاء يعطون
لان النبي صلى الله عليه وآله اعطى عدى بن حاتم والزبرقان بن بدر مع ثباتهم وحسن نيتهم واشراف مطاعون في قومهم نياتهم ضعيفة في الاسلام إذا أعطوا رجى حسن نياتهم
وثباتهم فإنهم يعطون لأنه (ع) اعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل واعطى صفوان بن أمية مائة واعطى الأقرع بن حابس مائة واعطى عيينة مائة واعطى
العباس بن مرداس أقل من مائة فاستعتب فتمم المئة وهل يعطون بعد النبي صلى الله عليه وآله قولان أحدهما المنع وبه قال أبو حنيفة لظهور الاسلام ولان أحدا من الخلفاء لم
يعط شيئا من ذلك والثاني يعطون لان النبي صلى الله عليه وآله أعطى وأعطى أبو بكر عدى بن حاتم وقد قدم عليه ثلاثمائة جمل من ابل الصدقة ثلاثين بعيرا وحينئذ هل يعطون
من الصدقات من سهم المؤلفة للآية أو من سهم المصالح لأنه منهما قولان الضرب الثالث قوم من المسلمين أعراب أو عجم في طرف من أطراف المسلمين لهم قوة وطاقة بمن
يليهم من المشركين فإذا جهز الامام إليهم جيشا لزمه مؤنة ثقيلة وإن اعطى من يقربهم من أصحاب القوة والطاقة أعانوهم ودفعوا المشركين والضرب الرابع مسلمون
من الاعراب أو غيرهم وفى طرف من أطراف الاسلام بإزائهم قوم من أهل الصدقات لا يؤدون الزكاة إلا خوفا من هؤلاء الاعراب فإن أعطاهم الامام جبوها وحملوها
إليه وان لم يعطهم لم يفعلوا ذلك واحتاج الامام إلى مؤنة ثقيلة في انفاذ من يحصلها فإنه يعطيهم ومن أين يعطيهم أربعة أقوال الأول من سهم المؤلفة من الصدقة لانهم
يتألفون على ذلك الثاني من سهم الغزاة لانهم غزاة أو ما في معناهم الثالث من سهم المصالح لان هذا في مصالح المسلمين الرابع من سهم المؤلفة وسهم الغزاة
من الصدقة واختلف أصحابه في هذا القول فقال بعضهم إنما أعطاهم من السهمين بناء على جواز أخذ من اجتمع فيه سببان بهما وعلى المنع لا يعطون منهما وقال آخرون
يعطون من السهمين لان معناهما واحد وهو إنه يعطى منهما لحاجتنا إليهم وهم المؤلفة والغزاة بخلاف ان يكون فقيرا وغازيا لاختلاف السببين وقال آخرون انه أراد
ان بعضهم يعطى من سهم الغزاة وهم الذين يغزون منهم وبعضهم من سهم المؤلفة وهم الذين ألفوا على استيفاء الزكاة قال الشيخ وهذا التفصيل لم يذكره أصحابنا غير إنه لا
يمتنع ان نقول إن للامام ان يتألف هؤلاء القوم ويعطيهم إن شاء من سهم المؤلفة وإن شاء من سهم المصالح لان هذا من فرايض الامام وفعله حجة وليس يتعلق علينا
في ذلك حكم اليوم وفرضنا تجويز ذلك والشك فيه وعدم القطع بأحد الامرين مسألة والرقاب من جملة الأصناف المعدودة في القرآن واجمع المسلمون عليه واختلفوا
في المراد فالمشهور عند علمائنا أن المراد به صنفان المكاتبون يعطون من الصدقة ليدفعوه في كتابتهم والعبيد تحت الشدة يشترون ويعتقون لقوله تعالى وفى الرقاب
وهو شامل لهما فان المراد إزالة رقيته وشرطنا في الثاني الضر والشدة لما روى عن الصادق (ع) في الرجل يجتمع عنده الزكاة يشترى بها نسمة ويعتقها فقال إذ انظلم
قوما آخرين حقوقهم ثم قال إلا أن يكون عبدا مسلما في ضرورة فيشتريه ويعتقه والجمهور رووا الكاتبين عن علي (ع) والعبد يشترى ابتداء عن ابن عباس وروى
علماؤنا ثالثا وهو ان من وجب عليه كفارة في عتق في ظهار وشبهه ولم يجد ما يعتق جاز أن يعطى من الزكاة يشترى به رقبة ويعتقها في كفارته لرواية علي بن إبراهيم بن
هاشم في تفسيره عن العالم (ع) وفى الرقاب قوم لزمتهم كفارات في قتل الخطاء أو الظهار أو الايمان وليس عندهم ما يكفرون جعل الله لهم سهما في الصدقات ليكفر
عنهم قال الشيخ والأحوط عندي ان يعطى ثمن الرقبة لكونه فقيرا فيشترى هو ويعتق عن نفسه وهو جيد ولو لم يوجد مستحق جاز شراء العبد من الزكاة وعتقه وان
لم يكن في ضرر شدة وعليه فقهاؤنا لقول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل اخرج زكاة ماله فلم يجد لها موضعا يدفعها إليه فنظر مملوكا يباع فاشتراه بها فأعتقه
فهل يجوز ذلك قال نعم وقال الشافعي المراد بقوله تعالى وفى الرقاب المكاتبون خاصة يعطيهم من الصدقة ليدفعوه في كتابتهم ورووه عن علي (ع) وهو مذهب
سعيد بن جبير والنخعي والليث بن سعد والثوري وأصحاب الرأي لان مقتضى الآية الدفع إليهم بدليل قوله وفى سبيل الله يريد الدفع إلى المجاهدين وكذا هنا وهو لا يمنع ما قلناه
وقال مالك المراد به ان يشترى العبيد من الصدقة ويبتدى عتقهم ورووه عن ابن عباس والحسن البصري وبه قال احمد وإسحاق ولم يشترطوا الشدة لقوله تعالى وفى
الرقاب والرقبة إذا أطلقت انصرفت إلى القن لقوله تعالى فتحرير رقبة ونمنع الحصر وأجاب الشافعية بأن الزكاة يعود نفعها حينئذ إلى المعطى ويثبت له الولاء ونمنع اختصاص
النفع بالمعطى وثبوت الولاء للمعتق على ما يأتي مسألة والغارمون لهم سهم من الصدقات بالنص والاجماع وهم المديونون في غير معصية ولا خلاف في صرف الصدقة
إلى من هذا سبيله ولو استدان للمعصية لم يقص عند علمائنا أجمع وبه قال علي بن أبي هريرة من الشافعية لأنه دين استدانه للمعصية فلا يدفع إليه كما لو لم يثبت ولما فيه من
الاغراء بالمعصية إذ الفاسق إذا عرف انه يقضى عنه ما استدانه في معصية أصر على ذلك فيمنع حسما لمادة الفساد ولقول الرضا (ع) يقضى ما عليه من سهم الغارمين
إذا كان أنفقه في طاعة الله عز وجل وإن كان أنفقه في معصية الله فلا شئ له على الامام وقال أبو إسحاق من الشافعية يدفع إليه لأنه لو كان قد أتلف ماله في المعاصي وافتقر
دفع إليه من سهم الفقراء وكذلك إذا خرج في سفر معصية ثم أراد أن يرجع دفع إليه من سهم ابن السبيل والفرق ان متلف ماله يعطى للحاجة في الحال وهنا يراعى الاستدانة
في الدين وكان للمعصية فافترقا فروع - آ - لو لم يعلم فيما ذا أنفقه قال الشيخ يمنع لان رجلا من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد سأل الرضا (ع) قلت فهو لا يعلم فيما ذا أنفقه
في طاعة أو معصية قال يسعى في ماله فيرده عليه وهو صاغر ولان الشرط وهو الانفاق في الطاعة غير معلوم وقال أكثر علمائنا يعطى بناء على أن ظاهر تصرفات المسلم
إنما هو على الوجه المشروع دون المحرم ولان تتبع مصارف الأموال عسر فلا يقف دفع الزكاة على اعتباره وفى سند الرواية ضعف - ب - لو أنفقه في معصية وتاب احتمل جواز
الدفع وعدمه وقال الشيخ يدفع إليه من سهم الفقراء إن كان منهم لا من سهم الغارمين وهو حسن - ج - لو كان المدفوع كل الذين جاز للامام ان يدفعه إلى الغرماء لأنه قد استحق
عليه الدفع فناب عنه ولو كان لا يفي وأراد أن يتجر به دفع إليه لما فيه من المصلحة مسألة الغارمون صنفان أحدهما من استدان في مصلحة ونفقة في غير معصية
وعجز عن أدائه وكان فقيرا فإنه يأخذ من سهم الغارمين إجماعا ليؤدي ذلك وإن كان غنيا لم يجز أن يعطى عندنا وهو أحد قولي الشافعي ولأنه يأخذ لا لحاجتنا
إليه فاعتبر فقره كالمكاتب وابن السبيل والثاني يأخذ لعموم الآية الثاني من تحمل حمالة لاطفاء الفتنة وسكون نايرة الحرب بين المتقاتلين واصلاح ذات البين
وهو قسمان أحدهما أن يكون قد وقع بين طائفتين فتنة لقتل وجد بينهما فيتحمل رجل ديته لاصلاح ذات البين فهذا يدفع إليه من الصدقة ليؤدي ذلك
لقوله تعالى والغارمين ولا فرق بين ان يكون غنيا أو فقيرا لقوله (ع) لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمس غازي في سبيل الله أو عامل عليها أو غارم ولأنه
إنما يقبل ضمانه وتحمله إذا كان غنيا فيه حاجة إلى ذلك مع الغناء فان أدى ذلك من ماله فليس له ان يأخد لأنه قد سقط عنه الغرم وإن كان قد استدان
وأداها جاز ان يعطى من الصدقة ويؤدى الدين لبقاء الغرم والمطالبة الثاني ان يكون سبب الفتنة إتلاف المال ولا يعلم من أتلفه وخشي من الفتنة فتحمل ذلك المال
حتى سكنت النايرة فإنه يدفع إليه من سهم الغارمين لصدق اسم الغرم عليه وللحاجة إلى اصلاح ذات البين وهو أصح وجهي الشافعية والثاني لا يدفع لان النايرة
233

إنما تدفع بسبب الدم في العادة وما يتعلق بالدم لا يتعلق بإتلاف المال كالكفارة وهو ممنوع مسألة لسبيل الله سهم في الصدقة بالنص والاجماع واختلف قول الشيخ في
معناه ففي بعض أقواله إنه كالجهاد يصرف إلى الغزاة الذين يغرون إذا نشطوا وهم غير الجند المقررين الذين هم أهل الفئ وبه قال مالك وأبو حنيفة لان العرف في ذلك الغزاة
لقوله تعالى في عدة مواضع يقاتلون في سبيل الله يريد الجهاد فوجب حمله عليه وفى البعض الاخر انه أعم من ذلك وهو كل مصلحة وقربة إلى الله تعالى فتدخل فيه
الغزاة ومؤنة الحاج وقضاء الديون عن الحي والميت وبناء القناطر وعمارة المساجد وجميع المصالح وهو أولي لان السبيل هو الطريق فإذا أضيف إلى الله تعالى
كان عبارة عن كل ما يتوسل به إلى ثوابه ولقول العالم (ع) وفى سبيل الله قوم يخرجون إلى الجهاد وليس عندهم ما ينفقون وقوم مؤمنون ليس لهم
ما يحجون به وفى جميع سبيل الخير وقال احمد يجوز ان يصرف ذلك في الحج فيدفع إلى من يريد الحج وهو محكى عن ابن عمر لان رجلا جعل ناقة له في سبيل الله فأرادت امرأته
الحج فقال لها النبي صلى الله عليه وآله اركبيها فان الحج من سبيل الله ونمنع اختصاص السبيل بالجهاد أو به وبالحج ولا يلزم من إرادة إحديهما في بعض الصور انصرافه عند
الاطلاق إلى أحدهما مسألة وابن السبيل له سهم في الصدقة بالنص والاجماع وهو المنقطع به والضيف إذا كان سفرهما مباحا ولا خلاف في أن المجتاز
ابن سبيل وهل منشئ السفر داخل فيه منعه الشيخ وبه قال مالك وأبو حنيفة لأنه إنما سمي ابن سبيل بملازمته الطريق وكونه فيه ومن يريد انشاء السفر فليس بابن
الطريق ولقول العالم (ع) ابن السبيل وهو ابن الطريق يكون السفر في طاعة الله فينقطع بهم ويذهب ما لهم فعلى الامام أن يردهم إلى أوطانهم من مال
الصدقات وقال الشافعي إنه داخل لأنه يريد انشاء سفر لغير معصية فجاز الدفع إليه من سهم أبناء السبيل كمن دخل إلى بلد ونوى إقامة خمسة عشر يوما ثم أراد الخروج
فإنه يدفع إليه من الصدقة وهو منشئ للسفر ونمنع كونه منشئا للسفر ولا يلزم من كونه منشئا بالنسبة إلى القصر كونه كذلك في نفس الامر فإنا نحكم عليه بالقربة و
بكونه مسافرا عرفا وإن أقام أكثر من خمسة عشر يوما البحث الثاني في الأوصاف مسألة الاسلام شرط في الأصناف المذكورة إلا المؤلفة باجماع
العلماء فلا يجوز اعطاء كافر غير مؤلف من الزكاة ولا نعلم فيه خلافا إلا ما حكى عن الزهري وابن سمرة انهما قال لا يجوز صرفها إلى المشركين وقال أبو حنيفة
يجوز صرف صدقة الفطرة إلى أهل الذمة خاصة وهو مدفوع بالاجماع ولقوله (ع) لمعاذ أعلمهم أن في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد
في فقرائهم احتج الزهري بقوله (ع) أعطوا أهل الأديان من صدقاتكم احتج أبو حنيفة بأن صدقة الفطرة ليس للامام فيها حق القبض فجاز دفعها
إلى أهل الذمة كالتطوع والأول محمول على التطوع ونمنع العلة في القياس وينتقض بالأموال الباطنة ثم التطوع يجوز صرفها إلى الحربي وهذا لا يجوز
وشرط علماؤنا أيضا الايمان ولا يعطى غير المؤمن عندنا خلافا للجمهور فإنهم اقتصروا على الاسلام خاصة لان
مخالف الحق محاد لله ورسوله فلا تجوز مودته
والزكاة معونة ومودة فلا تصرف إليه ولقول الباقر (ع) والصادق (ع) في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء كالحرورية والمرجئة والعثمانية و
القدرية ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة وحج أوليس عليه إعادة شئ من ذلك قال ليس عليه إعادة شئ من ذلك
غير الزكاة فإنه لابد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية وهذا الحديث حسن الطريق وهل هو مطلق نص علماؤنا
على أنه في الحج إذا لم يخل بشئ من أركانه لا تجب عليه إعادته أما الصلاة والصوم ففيهما اشكال من حيث إن الطهارة لم تقع على الوجه المشروع والافطار قد يقع
منهم في غير وقته ويمكن الجواب بأن الجهل عذر كالتقية فضحت الطهارة والافطار قبل الغروب إذا كان لشبهة فلا يستعتب القضاء كالظلمة الموهمة فكذا هنا وبالجملة
فالمسألة محل إشكال مسألة اختلف علماؤنا في اشتراط العدالة فذهب الشيخ والمرتضى إليه إلا في المؤلفة للاحتياط وحصول يقين البراءة ولان الدفع
إلى الفاسق اعانة على المعصية والاحتياط لا يستلزم الوجوب ولا تقييد الألفاظ العامة في القرآن ومعارض بالأصل ونمنع كونه اعانة على المعصية وقال بعض
أصحابنا يشترط مجانية الكبائر لان داود الصيرفي قال سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا قال لا ولا قائل بالفرق بين الخمر وغيره فثبوت الحكم فيه يستلزم ثبوته في
غيره وقال بعض علماؤنا لا تشترط العدالة ولا مجانبة الكباير وهو قول الجمهور عملا بإطلاق الآية والأصل عدم اشتراط ما لم ينطق به ولقوله (ع) اعط من
وقعت في قلبك له الرحمة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل اعطى سائلا لا أعرفه مسلما أعط من لا تعرفه بولاية ولا عداوة للحق ولا تطعم من نصب لشئ
من الحق أو ادعى إلى شئ من الباطل وهو الأقوى وخبر داود ليس حجة لعدم تعيين المسؤول فلعله غير الامام مسألة يشترط أن لا يكون الاخذ ممن تجب نفقته
عليه فلا يجوز له أن يعطى أحدا من والديه وان بعد كالأبوين وأمهاتهما وأبوي أب الأب وأمه وأبوي أب الام وأمها وهكذا ما علوا من يرث ومن لا يرث ولا واحدا
من أولاده وإن نزلوا من أولاد البنين والبنات وأولاد أولادهم الوارث وغيره لأنه من عمود النسب فأشبه الوارث ولا زوجته ولا مملوكه بالاجماع لأنه غنى به فلا
يجوز دفعها إليه ولان دفعها إليه يستلزم عود نفعها عليه لسقوط النفقة عنه حينئذ ولقول الصادق (ع) خمسة لا يقبلون من الزكاة شيئا الأب والام والولد
والمملوك والمرأة أما من لا تجب نفقته من الأقارب فإنه يجوز دفع الزكاة إليه بل هو أولي وأفضل من الأجانب إذ لا صدقة وذو رحم محتاج ولعدم المانع وكون ذلك
صلة للرحم ولقول الكاظم (ع) وقد سأله إسحاق بن عمار عن اعطاء القرابة من الزكاة أعطهم هم أفضل من غيرهم أعطهم فروع - آ - إنما منعنا من الاخذ للقريب بسبب
الفقر والمسكنة أما لو كان من غير هذين فإنه يجوز له أخذها كما لو كان للأب أو الولد غازيا أو مؤلفها أو غارما في اصلاح ذات البين أو عاملا لعدم المانع ولان
هؤلاء يأخذون مع الغنى والفقر وكان للأب ذلك - ب - لو كان القريب ممن لا تجب نفقته جاز الدفع إليه بأي سبب كان سواء كان وارثا أو غير وارث وهو قول
أكثر العلماء واحمد في رواية لقوله (ع) على المسكين صدقة وهي لذي الرحم اثنتان صدقة وصلة فلم يشترط نافلة ولا فريضة ولم يفرق بين الوارث وغيره ومن طريق
الخاصة قول الرضا (ع) وقد سئل رجل من مواليك له قرابة كلهم يقول بك وله زكاة أيجوز أن يعطيهم جميع زكاته قال نعم وعن الكاظم (ع) وقد سأله
بعض أصحابنا قلت له لي قرابة أنفق على بعضهم وأفضل بعضهم على بعض فيأتيني ايان الزكاة أفأعطيهم منها قال أمستحقون لها قلت نعم قال هم أفضل من غيرهم
أعطهم قال قلت فمن الذي يلزمني من ذوي قرابتي حتى لا أحسب الزكاة عليه قال أبوك وأمك قلت أبى وأمي قال الوالدان والولد وعن أحمد رواية أخرى منع الموروث
لان على الوارث مؤنة الموروث فيغنيه بزكوته عن مؤنة ويعود نفع زكاته إليه فلم يجز له دفعها إليه كدفعها إلى والده أو قضاء دينه ونمنع وجوب المؤنة على ما يأتي
- ج - لو كان أحدهما يرث الآخر دون العكس كالعتيق مع معتقه والعمة مع ابن أخيها عندهم جاز لكل منهما دفع زكاته إلى الآخر عندنا على ما تقدم وقال احمد على الوارث
منهما نفقة موروثه فليس له دفع زكاته إليه وليس على الموروث منهما نفقة وارثه فلا يمنع من دفع زكاته إليه ولو كان اخوان لأحدهما ابن والآخر لا ولد له فعلى أبى الابن نفقة أخيه عنده فليس له دفع زكاته إليه وللذي لا ولد له دفع زكاته إلى أخيه ولا تلزمه نفقته لأنه
234

محجوب عن ميراثه ونحو هذه قول الثوري والحق ما ذهبنا نحن إليه - د - ذوو الأرحام يجوز دفع الصدقة إليهم وبه قال احمد على رواية منع الوارث في الحال التي يرثون
فيها لان قرابتهم ضعيفة لا يرث بها مع عصبة ولا ذي فرض غير أحد الزوجين عنده فلا يمنع دفع الزكاة كقرابة ساير المسلمين فان ماله يصير إليهم إذا لم يكن له وارث - ه‍ -
يعطى من تجب نفقته من غير نصيب الفقراء والمساكين مطلقا سواء كان غارما أو عاملا وابن سبيل أو غير ذلك إلا ابن السبيل فإنه يعطى الزايد عن النفقة مع الحاجة
إليه كالحمولة مسألة العيلولة من دون القرابة غير مانعة من الاعطاء عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر العلماء فلو كان في عايلته من لا يجب الانفاق عليه
كيتيم أجنبي جاز أن يدفع زكاته إليه لأنه داخل في أصناف المستحقين للزكوة ولم يرد في منعه نص ولا اجماع ولا قياس فلا يجوز تخصيصه من العمومات بغير دليل وعن أحمد
رواية بالمنع لأنه ينتفع بدفعها إليه لاغنائه بها عن مؤنته ولو سلم لم يضر فإنه نفع لا يسقط واجبا عنه إذ العيلولة ليست واجبة مسألة يشترط أن لا
يكون هاشميا وقد أجمع المسلمون كافة على تحريم الصدقة المفروضة على بني هاشم لقوله (ع) ان الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أو ساخ الناس وأخذ الحسن (ع)
وهو صغير تمرة من تمر الصدقة فقال النبي صلى الله عليه وآله كخ كخ ليطرحها وقال أما شعرت إنا لا نأكل الصدقة ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع)
قال رسول الله (ص) الصدقة أوساخ الناس فلا تحل لبنى عبد المطلب مسألة تحل صدقة بعضهم على بعض عند علمائنا وهو محكى عن أبي
يوسف لان مفهوم قوله (ع) الصدقة أوساخ الناس ترفعهم عن غيرهم وامتياز الجنس عن الجنس بعدم قبول صدقته تنزيها له فلا ينقدح فيه امتياز اشخاص
الجنس بعضها عن بعض لتساويهم في المنزلة فلا يليق ترفع بعضهم على بعض ولقول الصادق (ع) وقد سأله إسماعيل بن الفضل الهاشمي عن الصدقة التي حرمت
على بني هاشم ما هي قال الزكاة قلت فتحل صدقة بعضهم على بعض قال نعم وأطبق باقي الجمهور على المنع للعموم وقد بينا ان مفهومه خروج بني هاشم منه مسألة
الصدقة المفروضة محرمة على النبي صلى الله عليه وآله إجماعا وأما المندوبة فالأقوى عندي التحريم أيضا لعلو
منصبه وزيادة شرفه وترفعه فلا يليق بمنصبه قبول الصدقة
لأنها تسقط المحل من القلب ولان سلمان الفارسي أتى النبي صلى الله عليه وآله فحمل إليه شيئا فقال ما هذا فقال صدقة فرده ثم أتاه به من الغد فقال هدية
فقبله ولعموم قوله (ع) إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة وهو أحد قولي الشافعي والثاني انها تحل كما تحل لآله والفرق فضيلته عليهم وتميزه عنهم والوجه
عندي ان حكم الأئمة (على) حكمه في ذلك وأما باقي آله فتحرم عليهم الصدقة المفروضة على ما تقدم وهل تحل المندوبة المشهور ذاك وبه قال الشافعي و
احمد في إحدى الروايتين لان عليا وفاطمة (عه) وقفا على بني هاشم والوقف صدقة وروى الجمهور عن الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) انه كان
يشرب من سقايات بين مكة والمدينة فقلت له تشرب من الصدقة فقال إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة ويجوز أن يأخذوا من الوصايا للفقراء ومن النذور
وعن أحمد رواية بالمنع لعموم قوله (ع) إنا لا تحل لنا الصدقة والجواب الحمل على المفرضة جمعا بين الأدلة أما الكفارة فتحتمل التحريم لأنها واجبة فأشبهت
الزكاة والأقوى الجواز للأصل وانتفاء المانع فإنها ليست زكاة ولا هي أوساخ الناس مسألة وتحل الصدقة الواجبة والمندوبة لموالى بني هاشم وهم من
أعتقهم هاشمي عند علمائنا أجمع وهو قول أكثر العلماء والشافعي في أحد القولين لوجود المقتضى وهو العموم وأصالة الإباحة وثبوت الفقر وانتفاء المانع وهي
القرابة فلم يمنعوا كساير الناس ولأنهم لم يعوضوا عنها بالخمس فإنهم لا يعطون منه فلا يجوز ان يحرموها كساير الناس ولقول الصادق (ع) تحل لمواليهم وقال احمد بالتحريم وهو الثاني للشافعي لان رسول الله صلى الله عليه وآله بعث رجلا من
بنى مخزوم على الصدقة قال لأبي رافع أصحبتني كيما تصيب منها فقال لا حتى اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فاسئله فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وآله فسأله فقال
إنا لا تحل لنا الصدقة وان موالى القوم منهم ولأنهم ممن يرثهم بنو هاشم بالتعصيب ولم يجز دفع الصدقة إليهم كبنى هاشم وجاز اختصاص أبى رافع بالمنع لكونه مولى
لرسول الله (ص) فيتميز عن غيره ونمنع العلة في الثاني مسألة وقد أجمع العلماء على تحريم الصدقة على بنى عبد المطلب وهم أولاد أبى طالب والعباس والحارث وأبى لهب لقوله (ع) ابني عبد المطلب لا تحل لي ولا لكم.
وقال (ع) إن الصدقة لا تحل لبنى عبد المطلب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن الصدقة لا تحل لولد العباس ولا لنظرائهم من بني هاشم
وهل تحرم على أولاد المطلب أكثر علمائنا على المنع من التحريم وبه قال أبو حنيفة للعموم والأصل ولان بني المطلب وبنى نوفل وعبد شمس قرابتهم واحدة
وإذا لم يمنع بنو نوفل وبنو عبد شمس فكذا بنو المطلب وقال الشافعي بالتحريم عليهم وهو قول شاذ للمفيد منا لقوله (ع) نحن وبنو المطلب هكذا وشبك
بين أصابعه لم نفترق في جاهلية والاسلام ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لو كان عدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة ان الله جعل
لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم ولا تحل لأحدهم إلا أن لا يجد شيئا ويكون ممن تحل له الميتة ويحمل الأول على الاتحاد في الشرف أو المودة أو الصحبة أو المضرة
لا على صورة النزاع والثاني خبر واحد ترك العمل به أكثر الأصحاب ولا يخص به العموم المقطوع مسألة ولا تحرم على زوجات النبي صلى الله عليه وآله عند
علمائنا وهو قول أكثر العلماء للعموم والأصل وعن أحمد رواية بالتحريم لان عايشة ردت سفرة من الصدقة وقالت إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة وهو نادر
لم يعمل به أكثر العلماء فلا يخص به عموم القرآن مسألة ولو لم يحصل للهاشمي من الخمس قدر كفايته جاز أن يأخذ الزكاة المفروضة عند علمائنا وبه
قال أبو سعيد الإصطخري لان المنع إنما كان لاستغنائهم بالخمس وحرمت عليهم الصدقة وجعل لهم الخمس في مقابلة ذلك فإذا لم يحصل لهم الخمس حلت لهم
الصدقة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله للفضل بن العباس أليس في خمس الخمس ما يكفيكم عن أوساخ الناس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أعطوا من
الزكاة بني هاشم من أرادها فإنها تحل لهم وإنما تحرم على النبي وعلى الامام (على) الذي يكون بعده صلى الله عليه وآله وعلى الأئمة وليس المراد بذلك حالة الاستغناء
بالخمس لتحريمها عليهم إجماعا فتعين أن يكون حال الضرورة وقال الباقون بالتحريم لان الصدقة حرمت في مقابله استحقاق خمس الخمس والاستحقاق باق
وإن لم يكن ما يستحق أو لم يصل إليهم وهو ممنوع بل التحريم في مقابلة الاستغناء لمفهوم الحديث البحث الثالث في الاحكام مسألة لو اجتمع
لواحد سببان يستحق بكل واحد منهما سهما من الصدقات أو أكثر من سببين جاز أن يأخذ بهما وبالزايد عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعي لان سبب
الاستحقاق موجود في كل واحد من النصيبين فاستحق الاخذ كما أن الغانمين إذا كان فيهم مسكين من ذوي القربى استحق سهم الحضور وذي القربى وقال في
الاخر لا يجوز الاخذ بل تخير في الاخذ بأيهما شاء لان قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين يقتضى تغايرهما فان كل صنف غير الصنف الاخر ولا
حجة فيه لعدم دلالة الآية على تضادهما ولان التقدير اجتماعهما وكل منهما علة فيقتضى معلوله وهو الاستحقاق تذنيب للامام أن يعطيه بأحد الوجهين
وبهما معا فان أعطاه بواحد فإن كان بالفقر كان أخذا مستقرا وإن كان بالغرم كان مراعى بقضاء الدين ولو كان بالدفع بأحد السببين يخرج من الاندراج
235

تحب السبب الاخر منع مع الدفع كالعامل الفقير إذا دفع إليه سهم العمالة فاستغنى به مسألة يجوز دفع الزكاة إلى صاحب الدار السكنى وعبد الخدمة وفراس ركوب
وثياب التجمل ولا نعلم فيه خلافا لامساس الحاجة إلى هذه الأشياء وعدم الخروج بها عن حد الفقر إلى الغنى ولان سماعه سأل الصادق (ع) عن الزكاة هل
تصلح لصاحب الدار والخادم فقال نعم إلا أن تكون داره دار غلة فيخرج من غلتها دراهم تكفيه وعياله فإن لم تكفيه لنفسه وعياله في طعامهم وكسوتهم وحاجتهم في
غير اسراف فقد حلت له الزكاة وإن كانت غلتها تكفيهم فلا فروع - آ - لو كانت دار السكنى تزيد عنه وفي بعضها كفاية ففي منعه بسبب الزيادة إذا كانت قيمتها تكفيه
حولا اشكال - ب - لو كانت حاجة تندفع بأقل منها قيمة لم يكلف بيعها وشراء الأدون وكذا في العبد والفرس - ج - الوجه اختصاص ذلك بمن يعتاد استخدام العبد
وركوب الفرس وثياب التجمل دون غيره - د - لو احتاج إلى أكثر من واحد فكالواحد مسألة لو قصر التكسب عن مؤنة عياله جاز أن يأخذ الزكاة اجماعا و
اختلف علماؤنا فقال بعضهم يأخذ قدر التتمة لا أزيد لأنه حينئذ يصير غنيا فتحرم عليه الزيادة وقال آخرون يجوز أن يأخذ أزيد وهو الأقوى كما يجوز دفع ما يزيد على
الغنى إلى الفقير دفعة والغنى إنما يحصل بالدفع ثانيا بعد دفع ما يعوزه من المؤنة مسألة لو كان القريب الذي تحرم الصدقة عليه
يحتاج إلى ما يزيد عن نفقته جاز دفع ذلك إليه كنفقة زوجته وخادمه والتوسعة عليه وقضاء دينه لثبوت المقتضى وهو الاحتياج ولان عبد الرحمن بن الحجاج
سأل الكاظم (ع) عن الرجل يكون أبوه أو عمه أو اخوه يكفيه مؤنة أيأخذ من الزكاة فيتوسع به إن كانوا لا يوسعون عليه في كل ما يحتاج إليه فقال لا بأس
مسألة يشترط في العامل البلوغ والعقل اجماعا لان ذلك نوع ولاية والصغير والمجنون ليسا أهلا لها وشرط الشيخ الحرية وبه قال الشافعي لان الرق ينافي
الولاية ولو قيل بالجواز كان وجها لأنه نوع استيجار مع أن قول الشيخ لا يخلو من قوة لأنه تعالى أضاف إليه بلام التمليك ويشترط فيه الاسلام اجماعا إلا رواية عن أحمد إنه يجوز ان يكون كافرا لقوله تعالى يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم يعنى من دون المسلمين ودفع أبو موسى الأشعري إلى عمر حسابا فاستحسنه فقال من كتب هذا فقال كاتبي فقال وأين هو قال
على باب المسجد قال أجنب هو قال لا ولكن هو نصراني فقال لا تأتمنوهم وقد خونهم الله ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله ولان في ذلك ولاية على المسلمين وقد قال الله تعالى
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا والعموم مخصوص لهذه الأدلة ويشترط فيه الايمان والعدالة لان غير المؤمن فاسق والفاسق ليس أهلا للأمانة فلا بد
وأن يكون أمينا لأنه يلي مال غيره ويجب أن يكون فقيها في الزكاة ليكون عارفا بقدر الواجب وصفته ومصرفه وبه قال الشافعي ويجب أن لا يكون من ذوي القربى
وهو أحد وجهي الشافعية وبه قال الشافعي لان الفضل بن العباس والمطلب بن ربيعه سألا النبي (ص) ان يوليهما العمالة فقال لهما إنما الصدقات أوساخ أيدي
الناس وإنها لا تحل لمحمد وآل محمد أليس في خمس الخمس ما يعينكم عن أوساخ الناس وقال بعض الشافعية يجوز لان ما يأخذه اجرة فلا يمنع القرابة منه كأجرة
النقال والحافظ ويفارق النقال والحافظ لأنه يأخذ سهما من الصدقة فروع - آ - يجوز أن يكون مولى ذوي القربى عاملا لأنه يستحق الزكاة بالفقر عندنا فكذا
بغيره من الأسباب وللشافعي وجهان - ب - يجوز أن يكون العامل من ذوي القربى لا يأخذ اجرة من الصدقة بل يتبرع بالعمل ويدفع إليه الامام شيئا من بيت المال وبه
قال الشافعي لان المقتضى للمنع الاخذ من الزكاة وهو منتف هنا - ج - لو كان فقيرا لا يصل إليه من الخمس شئ جاز أن يكون عاملا عندنا ويأخذ النصيب مسألة
الساعي أمين إذا تلفت الزكاة في يده بغير تفريط لم يضمن إجماعا لان قبضه أمانة وكان له الأجرة من سهم المصالح إن كان الامام قد جعل أجرته من بيت المال
وان لم يجعل له ذلك ففي سقوط الأجرة هنا اشكال ينشأ من أنه عامل لما يستحق به عوضا فلا تسقط أجرته بتلف ما تعلقت الأجرة عليه ومن كون الأجرة قد
فات محلها فلا ينتقل إلى محل اخر والأقرب الأول مسألة تعطى الزكاة أطفال المؤمنين عند حاجتهم ولا يشترط عدالة الأب لعموم الآية ولقول الصادق (ع)
وقد سأله أبو بصير الرجل يموت ويترك العيال أيعطون من الزكاة نعم فإذا بلغوا وعدلوا إلى غيركم فلا تعطوهم إذا ثبت هذا فلا فرق بين أن يكون قد أكل الطعام
أو لا عند علمائنا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه فقير فجاز الدفع إليه كالذي طعم ولأنه يحتاج إلى الزكاة لأجرة رضاعه وكسوته وساير مؤنته فيدخل
في عموم النص وعنه رواية أخرى انه لا يجوز دفعها إلا إلى من أكل طعاما ولهذا ليس بشئ فروع - آ - لا يجوز الدفع إلى الصغير وإن كان مميزا لأنه ليس محل الاستيفاء
لما له من الغرماء فكذا هنا وعن أحمد رواية جواز دفعها إلى اليتيم المميز لان أبا حجيفة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله ساعيا فأخذ الصدقة من اغنيائنا
فردها في فقرائنا وكنت غلاما يتيما لا مال لي فأعطاني فلو صار لا دلالة فيه لاحتمال الدفع إلى وليه أو من يقوم بأمره ولأنه حجة في فعل الساعي - ب - لا فرق بين أن يكون يتيما أو غيره بأن
الدفع إلى الولي فإن لم يكن له ولى جاز أن يدفع إلى من يقوم بأمره ويعتنى بحاله - ج - حكم المجنون حكم الصبى غير المميز أما السفيه فإنه يجوز الدفع إليه لكن يحجر إليه الحاكم
- د - إنما يعطى أطفال المؤمنين لانهم بحكم آبائهم ولا يجوز اعطاء أولاد المشركين الحاقا بآبائهم وكذا أولاد غير المؤمنين ولو أسلم أحد أبوي الطفل لحق به سواء الأب و
الام ويأخذ الزكاة حينئذ - ه‍ - لا يجوز اعطاء المملوك لأنه لا يملك فيكون العطاء لمولاه ولأنه غني بمولاه فلا يستحق الزكاة مسألة لا يشترط في القارئ الفقر وبه قال الشافعي
للعموم ولأنه كالأجرة وكذا الغارم لاصلاح ذات البين وقال أبو حنيفة يشترط لقوله (ع) أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم وهو لا يقتضى
اختصاصها بالفقراء وينتقض بابن السبيل فإنه يعطى وإن كان غنيا في بلده قادرا على الاستدانة في سفره ومعارض بعموم وفى سبيل الله وبما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله
لا تحل الصدقة لغنى إلا لثلاثة وذكر من جملتهم الغازي مسألة يشترط في المكاتب الاسلام فلو كان كافرا لم يجز دفع الزكاة إليه وبه قال الشافعي ويشترط فيه الحاجة إلى ما يدفعه في الكتابة فلو كان معه وفاء بما عليهم لم يدفع إليه وبه قال الشافعي لأنها جعلت
إرفاقا بالمساكين وإعانة للفقراء فإن كان قد حل عليه النجم وليس معه وفاء دفع إليه وان لم يكن قد حل اعطى أيضا لوجود الحاجة فإنه قد يحل عليه وليس معه فيفسخ الكتابة و
للعموم وهو أحد وجهي الشافعي وفى الاخر لا يجوز لانتفاء الحاجة في الحال وهو ممنوع إذا ثبت هذا فإذا ادعى المكاتب الكتابة فان صدقة مولاه قبل لان الحق في
العبد له فإذا أقر بالكتابة قبل وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا يقبل لامكان التواطؤ وليس بجيد لأصالة العدالة وان كذبه السيد لم يقبل قوله إلا بالبينة وان
تجرد عنها إما لعبده أو لغير ذلك احتمل قبول قوله لأنه مسلم أخبر عن أمر ممكن فقبل قوله كالفقير والعدم لامكان إقامة البينة عليه وبه قال الشافعي مسألة
لو ادعى الغارم الغرم فإن كان لاصلاح ذات البين فالامر فيه ظاهر فإذا علمه الامام دفع إليه وإن كان لخاص نفسه قبل قوله إن صدقه المالك وهو أحد وجهي الشافعي
لأنه مسلم أخبر عن أمر ممكن وفى الاخر لا يقبل لجواز التواطؤ ولو كذبه لم يقبل قوله لظن كذبه وان تجرد عن الامرين قبل لما تقدم وقال الشافعي لا يقبل إلا بالبينة لأنه
مدع فلا يقبل إلا بالبينة مسألة إذا قال الغازي أريد الغزو قبل قوله ودفع إليه دفعا مراعى وإنما يدفع إليه قدر كفايته لذهابه وعوده وهو يختلف بكونه
فارسا أو راجلا وقرب المسافة وبعدها وأحواله من كونه له صاحب أو لا وغير ذلك وإذا جعلنا سبيل الله أعم من الغزو في الجهاد كما اخترناه أولا دخل فيه معونة
236

الزوار والحجيج وهل يشترط حاجتهم اشكال ينشأ من اعتبار الحاجة كغيره من أهل السهمان ومن اندراج اعانة الغنى تحت سبيل الخير ولا فرق بين قضاء الدين عن الحي والميت وسواء
كان الميت الذي يقضى عنه إذا لم يخلف شيئا ممن تجب عليه نفقة في حال حياته أو لا ولو خلف ما يقضى به الدين لم يجز القضاء عنه كالحي مسألة ابن السبيل إذا
كان مجتازا وكان محتاجا دفعنا إليه الزكاة وإن كان غنيا في بلده لوجود الحاجة حال الدفع وبه قال الشافعي وإن كان منشأ للسفر من بلده فإن كان غنيا لم يدفع إليه
وإن كان فقيرا دفعنا إليه لسفره وعوده وان أراد لعوده فان ادعى ابن السبيل الحاجة ولم يعلم له أصل مال قبل قوله وان علم له أصل مال في مكانه فادعى ذهابه
قبل قوله سواء ادعى سببا ظاهرا أو خفيا من غير يمين خلافا للشافعي لما تقدم في الفقير ولو علم أن له ببلده مالا ولا يعلم له في موضعه قبل قوله اجماعا والحاصل
إن الذي يأخذ مع الغنى خمسة العامل والمؤلفة قلوبهم والغارم لاصلاح ذات البين والغازي وابن السبيل إذا كان محتاجا في مكانه مسألة يأخذ ابن السبيل
إذا كان سفره واجبا كالحج والعمرة أو ندبا كزيارة النبي والأئمة (على) ولا يعطى إذا كان معصية كقطع الطريق وما أشبه ذلك اجماعا وإن كان مباحا كسفر التنزه
جاز له الاخذ أيضا لأنه فعل سايغ غير معصية فأشبه سفر الطاعة ولهذا يترخص في القصر كسفر الطاعة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يعطى لأنه لا حاجة
به إليه فأشبه الغنى والعلة ممنوعة مسألة مستحقوا الزكاة ينقسمون فمنهم من يأخذ أخذا مستقرا وهم أربعة الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة
قلوبهم بمعنى ان لهم صرف ما يأخذونه في أي شئ أرادوا سواء صرفوه في السبب الذي أخذوه لأجله أو لا ومنهم من يأخذ أخذا مراعى بمعنى انه إن صرفه في السبب الذي
أخذ لأجله استقر ملكه وإلا استعيد منه على خلاف وهم أربعة الغارم والمكاتب وابن السبيل والغازي لان الله تعالى أضاف الأربعة الأولى بلام التمليك وعطف
الأربعة الباقية بحرف في المقتضى للظرفية والفرق إن هؤلاء أخذوا لمعنى لم يحصل بأخذهم للزكوة والأولون حصل المقصود بأخذهم وهم عين الفقير والمسكين
وتأليف المؤلفين وإذا اجر العاملين إذا عرفت هذا فنقول إذا دفع المكاتب المال في الكتابة وعتق فلا بحث فان عجز نفسه بان يقصر ما معه عن مال الكتابة
فإن كان ما أخذه من الزكاة باقيا أسترد منه لأنه دفع إليه ليؤديه في العتق فإذا لم يحصل المقصود استرجع وبه قال الشافعي واحمد في رواية وقال الشيخ لا يسترجع
منه لأنه أخذه باستحقاقه فارتجاعه يفتقر إلى دليل وليس هنا ما يدل عليه وهو ممنوع لأنه دفع إليه ليصرفه في الكتابة فيرتجع بالمخالفة لان الخيار إلى المالك
في صرف الزكاة في الأصناف وإن كان قد دفعه إلى السيد لم يسترد وهو اختيار الشيخ وأحد وجهي الشافعية لأنه دفع إليه ليدفعه إلى سيده وقد فعل والثاني
يسترد لان القصد به تحصيل العتق فإذا لم يحصل به وجب استرجاعه كما لو كان في يد المكاتب والفرق ظاهر لان السيد ملك المدفوع بالدفع من المكاتب
ولو تطوع انسان بالقضاء عنه أو أبرأه المالك من مال الكتابة فكالأول مسألة ولو صرف الغارم السهم المدفوع إليه في غير قضاء الدين قال الشيخ
لا يرتجع سواء أبرأ من الدين أو تطوع غيره بالقضاء عنه خلافا للشافعي وقد سلف مثله في المكاتب إما لو قضاه من ماله أو قضاه من غيره فلا يجوز له ان
يأخذ عوضه من مال الصدقة مسألة لو دفع الامام إلى الغازي السهم ولم يغز أسترد منه وهو اختيار الشيخ أيضا وبه قال الشافعي لأنه أخذه لذلك فكان كالأجرة
وكذا لو غزا ورجع من الطريق قبل الغزو أما لو غزا وعاد وقد فضل معه شئ من الصدقة فإنه لا يسترد منه قولا واحدا وبه قال الشافعي لأنا دفعنا كفاية وانما
فضل بما ضيق على نفسه فلا يسترد منه إما ابن السبيل فإذا دفع إليه مؤنة السفر فلم يسافر ردها وان سافر وعاد وفضل معه شئ لم يسترد لأنه ملكه بسبب السفر و
قد وجد فلا يحكم عليه فيما يدفع إليه وقال الشافعي يسترد بخلاف الغازي لأنا دفعنا إليه الكفاية لأجل الغزو لحاجتنا إليه وقد أتى به فلم يرد (وهنا)؟ دفعنا
إليه لحاجته إلى سفره وقد حصل ما فضل يرده لزوال حاجته إليه لأنه غنى في بلده ولا فرق بين أن يضيق على نفسه أو يستعين بغيره إما لو صرف ما دفع إليه في غير
مؤنة السفر ففيه اشكال ينشأ من أنه دفع إليه في هذا الوجه فلم يصرفه فيه فيسترد منه كالغارم ومن منع الحكم في الأصل والوجه الأول لأنه دفع إليه لقصد الإعانة
فيسترد اقتصارا على قصد الدافع هذا في حق الاخبار عند الشيخ وهو الاظهر من مذهبنا وعلى قول ابن الجنيد والشافعي وان الحكم ينسحب عليه وعلى منشئ السفر من بلده قال الشيخ
ولو كان المنشئ للسفر من بلده فقيرا اعطى من سهم الفقراء لا من سهم أبناء السبيل ولو قال لا مال لي اعطى ولم يكلف بينة كما تقدم ولو قال لي مال وتلف
قال الشيخ لا يقبل إلا بالبينة والوجه القبول لأنه قد يتعذر عليه البينة فيؤدى المنع إلى اضراره ولأنه مسلم أخبر بأمر ممكن والأصل فيه الصدق فيبنى عليه إلى
أن يظهر المنافى إذا ثبت هذا فلو تلف المال المدفوع إلى من أخذه مراعى بغير تفريط قبل صرفه في وجهه لم يرجع عليهم بشئ مسألة ولا يجب اعلام المدفوع إليه انها زكاة فلو استحيى الفقير من أخذها علانية استحب ايصالها إليه على وجه الهدية ولا يعلم أنها زكاة لما في الاعلام من إذلال
المؤمن والاحتقار به ولان أبا بصير سأل الباقر (ع) الرجل من أصحابنا يستحق ان يأخذ من الزكاة فاعطيه من الزكاة ولا اسمى له أنها من الزكاة قال اعطه
ولا تسم له ولا تذل المؤمن ولا نعلم في ذلك خلافا الفصل الثاني في وقت الاخراج وفيه بحثان الأول في التأخير مسألة الأموال قسمان ما يراعى فيه
الحول وهو الحيوان والأثمان ولا تجب الزكاة فيها حتى يحول عليها الحول وهو ان يمضى لها في ملكه أحد عشر شهرا ثم يهل الثاني عشر في ملكه أو تكون الشرائط
موجودة في طول الحول كله وهي النصاب وامكان التصرف وزيادة السوم في الماشية والنقش في النقدين وقد تقدم بيان ذلك كله وما لا يعتبر فيه الحول وعلى الثمار
والغلاة ولا تجب الزكاة فيها حتى يبدوا صلاحها وأما الاخراج منها فلا يجب حتى تجد الثمرة وتجفف وتحصد الغلة وتصفى من التبن والقشر بلا خلاف
إذا عرفت هذا فإذا حال الحول أو صفت الغلة وجذت الثمار وجب الاخراج على الفور ولا يجوز تأخير ها وبه قال الشافعي واحمد وأبو الحسن الكرخي من الحنفية
لقوله تعالى وآتوا الزكاة والامر على الفور عند بعض علمائنا وعند الحنفي على الفور ولقول الصادق (ع) إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى
يدفعها ولان المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل كالدين الحال والوديعة ولان العبادة التي لا تتكرر لا يجوز تأخيرها إلى وجوب مثلها كالصلاة والصوم
وقال أبو بكر الرازي من الحنفية انها على التراخي وبه قال أبو حنيفة ما لم يطالب بها لان الامر ورد بها مطلقا فلا يختص زمانا كما لا يختص مكانا ولأنها لو هلكت لم تضمن
ونمنع الاطلاق بل الامر بها معجل والزمان يخالف المكان في الانتفاع بالتعجيل دون التخصيص بالمكان ونمنع عدم الضمان مع التفريط بالتأخير مسألة لو أخر
الاخراج مع امكان الأداء وحضور الوقت أثم وضمن لأنه اخر الواجب المضيق عن وقته وفرط بالتأخير فكان آثما ضامنا وبه قال الزهري والحكم وحماد والثوري
وأبو عبيد واحمد والشافعي لما تقدم ولأنه حق على رب المال تلف قبل وصوله إلى مستحقه فلا يبرءا منه كدين الآدمي ولقول الصادق (ع) إذا وجد لها موضعا
ولم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها وقال أصحاب الرأي يزكى الباقي إلى أن يقصر عن النصاب فتسقط الزكاة فرطا ولم يفرط أما لو كان عليه ضرر في تعجيل الاخر
مثل أن يحول عليه الحول قبل ان يجئ الساعي ويخاف أن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرة أخرى أو خشى في اخراجها ضررا في نفسه أو ماله سواها فله
237

تأخيرها لقوله (ع) لا ضرر ولا ضرار فروع - آ - لو أخر مع امكان الأداء كان عاصيا على ما قلناه ولا تقبل منه صلاته أول الوقت وكذا جميع العبادات الموسعة لان
المضيق أولي بالتقديم وكذا من عليه دين حال طولب به مع تمكنه من دفعه أو خمس أو صدقة مفروضة - ب - يجوز التأخير لعذر كعدم المستحق أو منع الظالم لان
الزكاة معونة وإرفاق ولا تكون سببا لضرر المالك ولا يضمن لو تلف وهل يجوز لغير عذر مع العزل سوغه الشيخان شهرا وشهرين لان معوية بن عمار قال
للصادق (ع) الرجل تحل عليه الزكاة في شهر رمضان فيؤخره إلى المحرم قال لا بأس وقال الصادق (ع) لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين وتأخيرها شهرين والوجه أن التأخير إنما يجوز
لعذر ونحمل الرواية عليه فلا يتعذر بوقت بل بزوال العذر فإنه مع زوال العذر يكون مأمورا بالتسليم والمستحق مطالب فلا يجوز له التأخير ويدل عليه قول
الصادق (ع) وقد سأله عبد الله بن سنان في الرجل يخرج زكاته فيخرج بعضها ويبقى بعض يلتمس لها الموضع فيكون بين أوله واخره ثلاثة أشهر قال لا بأس ولو أخر مع
امكان التسليم ضمن على ما قلناه أولا - ج - لو أخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها من ذي قرابة أو حاجة شديدة فالأقرب المنع وإن كان يسيرا وقال احمد يجوز اليسير دون
العكس - د - الأقرب ان التأخير لطلب بسطها على الأصناف الثمانية أو الموجودين منهم عذر مع دفع نصيب الموجودين مسألة يستحب له حال حول الحول عزل
الزكاة عن ماله لأنه نوع اخراج وشروع في الدفع ولقول الصادق (ع) إذا حال الحول فأخرجها عن ملكك ولا تخلطها بشئ واعطها كيف شئت إذا ثبت هذا فان
للمالك الاستقلال بالعزل من دون اذن الساعي لان له ولاية الاخراج فله ولاية التعيين ولان الزكاة تجب في العين وهو أمين على حفظها فيكون أمينا على افرادها
ولان له دفع القيمة ولقول الصادق (ع) إذا عرفت هذا فلو تلفت بعد العزل من غير تفريط احتمل سقوط الزكاة وبه قال مالك لتعينها بتعيينه إذ التعيين
منوط به فيصير أمينا كما لو دفعها إلى الساعي وعدمه وبه قال الشافعي واحمد إلا أن الشافعي قال إن لم يكن قد فرط في أنواع الزكاة في حفظ ذلك يرجع إلى ماله فإن كان فيما
بقى زكاه اخرج وإلا فلا وقال أبو حنيفة يزكى ما بقى إلا أن ينقص عن النصاب فتسقط الزكاة فرط أو لم يفرط لأنه كالدين فلا يسقط بالتعيين قبل دفعه ولو دفع إلى
فقير زكاته فقبل ان يقبضها قال اشتر لي بها ثوبا أو غيره فذهبت الزكاة أو اشترى ما قال ثم ضاع فعليه الزكاة على الثاني لان الفقير لا يملك إلا بالقبض فإذا وكله في الشراء
قبله كان التوكيل باطلا لأنه وكله في الشراء بثمن لا يملكه وبقيت على ملك المالك فإذا تلفت كانت من ضمانه ولا فرق بين ان يعزل الزكاة وينوى انها زكاة أو لا
مسألة لو أخر الاخراج مع التمكن منه ثم أخرجها أجزأت عنه اجماعا وإن كان قد أثم بالتأخير لأنه دفع الحق إلى مستحقه ولأنه في كل آن مخاطب بالاخراج فيحصل بالامتثال الخروج عن
العهدة البحث الثاني في التعجيل مسألة المشهور عند علمائنا عدم جواز تقديم الزكاة سواء وجد سبب الوجود وهو النصاب أو لا وبه قال ربيعه وداود والحسن
البصري في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تؤدى زكاة قبل حول الحول ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سأله عمر بن يزيد الرجل يكون عنده المال
أيزكيه إذا مضى نصف السنة قال لا ولكن حتى يحول عليه الحول وتحل عليه إنه ليس لأحد أن يصلى صلاة إلا لوقتها كذلك الزكاة ولا يصوم أحد شهر رمضان إلا في
شهره إلا قضاء وكل فريضة إنما تؤدى إذا حلت وسأل زرارة عن الباقر (ع) أيزكى الرجل ماله إذا مضى ثلث السنة قال لا أيصلى الأولى قبل الزوال ولان الحول أحد شرطي
الزكاة ولا يجوز تقديم الزكاة عليه كالنصاب ولان الزكاة عبادة موقته فلا يجوز تقديمها عليه كالصلاة وقال الحسن البصري وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو
حنيفة والشافعي وإسحاق واحمد وأبو عبيد يجوز إذا وجد سبب الوجوب وهو النصاب لان عليا (ع) قال سأل العباس رسول الله صلى الله عليه وآله
عن تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك وعن علي صلى الله عليه وآله ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعمر إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام ولأنه تعجيل لمال وجد سبب
وجوبه قبل وجوبه فجاز كتعجيل قضاء الدين قبل الاجل وأداء كفارة اليمين قبل الحنث وكفارة القتل بعد الجرح قبل الموت وتحمل الرواية على القرض على الصدقة لا
انها زكاة معجلة أو على تخصيص العباس جمعا بين الاخبار وصونا للروايات عن ذلك ونمنع الحكم في الأصل في الكفارات وإنما هو لازم لمالك حيث جوز تقديمها والدين
حق ثابت مستقر في الذمة فجاز تعجيله قبل وقته بخلاف الزكاة فإنها لا تجب ولا تثبت في الذمة ولا في العين إلا بعد الحول وعن بعض علمائنا جواز التقديم لقول الصادق
(ع) لا بأس بتعجيل الزكاة شهرين قال الشيخ وجه الجمع حمل رخصة التقديم على جواز القرض فيكون صاحبه ضامنا له متى جاء وقت الزكاة والاخذ على صفة
الاستحقاق اجزاء عنه وان لم يبق على صفة ضمن لا أنه زكاة معجلة ومثله قال ابن الجنيد لرواية الأحول عن الصادق (ع) في رجل عجل زكاة ماله ثم أيسر المعطى قبل
رأس السنة قال يعيد المعطى الزكاة فروع - آ - لما منعنا من تعجيل الزكاة كان ما يدفعه المالك قرضا على الفقير فان دفعه على أنه زكاة معجلة كان الدفع باطلا وله
استعادتها عندنا خلافا للباقين - ب - إذا دفع المالك قدر الزكاة انه فرض لا زكاة معجلة وللمالك المطالبة بالمدفوع وللفقير دفع العوض والامتناع من دفع
العين وإن كانت باقية وكره المالك لأنه ملكها بالقبض - ج - لو كان المدفوع مما يتم به النصاب سقطت الزكاة على ما اخترناه لأنه فرض خرج عن ملك المالك وليس
زكاة وعلى قول الآخرين هو زكاة ليس له استعادتها مسألة لا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب اجماعا ولو ملك بعض نصاب فعجل زكاته أو زكاة
نصاب لم يجب اجماعا لأنه تعجيل للحكم قبل سببه ولو ملك نصابا فعجل زكاته وزكاة ما يستفيده وما ينتج منه أو يربح فيه لم يجزيه عندنا وأما المجوزون للتقديم
فقالوا تجزئه عن النصاب دون الزيادة عند الشافعي واحمد وزفر لأنه عجل زكاة ما ليس في ملكه فلم يجز كالنصاب الأول ولان الزايد من الزكاة على زكاة النصاب
سببها الزايد في الملك وقد عجل الزكاة قبل وجود سببها فأشبه ما لو عجل الزكاة قبل ملك النصاب وقال أبو حنيفة يجزئه عن النصاب والزيادة لأنه تابع لما هو مالكه
وهو ممنوع سلمنا لكنه يتبع في الحول أما الايجاب فلا فان الوجوب ثبت بالزيادة لا بالأصل ولأنه إنما يصير له
الحكم بعد الوجود لا قبله مسألة لو عجل زكاة فاشتبه
فتوالدت نصابا ثم ماتت الأمهات وحال الحول على النتاج لم يجز عندنا وللشافعية وجهان في إجزاء الشاة عن السخال الأجزاء وبه قال احمد لان السخال دخلت
في حول الأمهات وقامت مقامها وعدمه لأنه عجلها قبل ملكها مع تعلق الزكاة بعينها فلو اخرج شاة عن أربعين معجلة ثم توالدت أربعين سخلة وماتت الأمهات وحال
الحول على السخال أجزأت على أحد وجهي الشافعية لأنها كانت مجزية عنها وعن أمهاتها لو بقيت فلئن تجزى عن أحدهما أولي ولا يجزى عندنا وهو الاخر للشافعية ولو
كان عنده ثلاثون من البقر فعجل عنها تبيعا ثم توالدت ثلاثين عجلة وماتت الأمهات وحال الحول على العجول لم يجز عندنا واما المجوزون للتعجيل فقال بعضهم بالاجزاء
لأنها تابعة لها في الحول وبعضهم بعدمه لأنه لو عجل تبيعا عنها مع بقاء الأمهات لم يجز عنها فلئن لا يجزى عنها إذا كان التعجيل عن غيرها أولي وكذا الحكم في مائة شاة
إذا عجل عنها شاة فتوالدت مئة ثم ماتت الأمهات وحال الحول على السخال وان توالد بعضها ومات نصف الأمهات وحال الحول على الصغار ونصف الكفار
فعلى الأول وهو الأجزاء عندهم أجزأ المعجل عنهما معا وعلى عدمه عليه في الخمسين سخلة شاة لأنها نصاب لم يؤد زكاته وليس عليه في العجول إذا كانت خمس عشرة شئ لأنها
238

لم تبلغ نصابا وإنما وجبت الزكاة فيها بناء على أمهاتها التي عجلت زكاتها ولو ملك ثلاثين من البقر فعجل مسنة زكاة لها ولنتاجها فنتجت عشرا أجزأته عن الثلاثين دون العشر وهو
مذهبنا ويجب عليه في العشر ربع مسنة وقيل بالاجزاء لان العشر تابعة للثلاثين في الوجوب والحول فإنه لولا ملكه للثلاثين لما وجب عليه في العشر شئ فصارت الزيادة في النصاب
على أربعة أقسام ا ما لا يتبع في وجوب ولا حول وهو المستفاد من غير الجنس فهذا لا يجرى تعجيل زكاته قبل وجوده وكمال نصابه اجماعا - ب ما يتبع في الوجوب دون الحول وهو المستفاد
من الجنس بسبب مستقل فلا يجزى تعجيل زكاته أيضا قبل وجوده على الخلاف - ج - ما يتبع في الحول دون الوجوب كالنتاج والربح إذا بلغ نصابا فإنه يتبع أصله في الحول
فلا يجزى التعجيل عنه قبل وجوده - د - ما يتبع في الوجوب والحول وهو الربح والنتاج إذا لم يبلغ نصابا فإنه لا يجزى التعجيل قبل وجوده على الخلاف. مسألة إذا عجل
الزكاة من ماله للفقراء كان ما عجله في حكم الموجود في ماله إن كانت عينه قائمة وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة انه في حكم التالف الذي زال ملكه عنه ويترتب
على ذلك ثلاث مسائل الأولى لو كان معه أربعون فعجل منها شاة ثم حال الحول فإنها تجزى عنه عند الشافعي واحمد أما عندنا فإن كان المدفوع قرضا سقطت
الزكاة لأنها تتمة النصاب وإن كان زكاة معجلة لم يقع وكانت باقية على ملك صاحبها إن كان المال بحاله جاز أن يحتسبه من الزكاة وان يعدل بها إلى غيره وأما
عندهما فلانه نصاب تجب فيه الزكاة بحلول الحول فجاز تعجيلها منه كما لو كان أكثر من أربعين ولان المعجل في حكم الموجود قال أبو حنيفة لا تجب الزكاة ولا يكون ما عجله
زكاة لان المعجل زال ملكه عنه فلم يحتسب من ماله كما لو باعه أو أتلفه الثانية لو كان معه مائة وعشرون فعجل منها شاة ثم نتجت شاة ثم حال الحول لم يكن عليه شاة أخرى
عندنا لعدم ضم السخال إلى الأمهات عند علمائنا فالنصاب لا تجب فيه أكثر من شاة فله الاحتساب والدفع إلى غير الاخذ وقال الشافعي واحمد تجب عليه شاة أخرى وقال
أبو حنيفة لا تجب أخرى كما قلناه الثالثة لو كان معه مائتا شاة فعجل منها شاتين ثم نتجت شاة وحال عليها الحول لم تجب عليه شاة أخرى عندنا وبه قال أبو حنيفة وقال
الشافعي واحمد تجب عليه شاة أخرى لأنه لو لم يعجل الشاتين وجب عليه ثلاث شياة والتعجيل رفق بالمساكين فلا يكون سببا في اسقاط حقوقهم وينتقض بالبيع و
الاتلاف مسألة لو كان معه خمس من الإبل فعجل زكاتها وله أربعون من الغنم فهلكت الإبل فأراد ان يجعل الشاة معجلة عن الغنم يبنى على ما إذا عين الزكاة
من مال هل له أن يصرفه إلى غيره الأقرب ذلك لأنها لم تصر زكاة بعد وسيأتى مسألة وكما لا يجوز تقديم الزكاة في النقدين والمواشي فكذا في الزرع والثمار
وهو قول بعض الشافعية لان زكاتها متعلقة بسبب واحد وهو الادراك فإذا قدم الزكاة فقد قدمها قبل وجود سببها وقال ابن أبي هريرة منهم يجوز لان وجود
الزرع سبب فيها وادراكه بمنزلة حول الحول فجاز تقديمها مسألة وكما لا يجوز تقديم الزكاة عندنا لحول واحد فالحولان فصاعدا أولي بالمنع واختلف
المجوزون في الأول هل يجوز تعجيل أكثر من زكاة حول واحد فقال الحسن البصري يجوز لسنتين وثلاث وهو المشهور عند الشافعية وهو قول أبي إسحاق منهم
لان النصاب سبب في ايجاب الزكاة في هذين العامين فجاز تقديم الزكاة كالعام الأول ولان العباس استسلف صدقة عامين من الناس وقال بعض الشافعية
لا يجوز كما قلناه لأنه قدم الزكاة على الحول الثاني فلم يجز كما لو قدمه على الحول الأول وفرق الأولون بأن التقديم على الحول الأول تقديم على النصاب بخلاف
صورة النزاع إذا ثبت هذا فإن كان معه نصاب لا غير لم يجز له أن يعجل أكثر من صدقة سنة واحدة إجماعا لهم لأنه إذا عجل أكثر من ذلك نقص النصاب في الحول الثاني بوقوع زكاة
الحول الأول موقعها وانقطاع حكمها عن ماله وعلى قولنا ان احتسب عند الحول الأول المدفوع من الزكاة سقطت في الثاني وان لم يحتسب سقطت أيضا لتعلق
الزكاة بالعين فنقص عن النصاب حكما في الثاني مسألة إذا مات المالك قبل الحول انتقل المال إلى الوارث واستأنف الحول وبطل حكم الأول وانقطع
الحول بموت المالك عند علمائنا وهو الجديد للشافعي لأنه بموته خرج عن أهلية التملك وبقاء مال بغير مالك محال فينتقل إلى الوارث فيستأنف الحول
كما لو باعه ولقوله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين أضاف بلام التملك وقال في القديم لا ينقطع بموته ويبنى حول الوارث على حال الموروث إذا عرفت هذا فلو
عجل زكاة ماله قبل الحول ثم مات وانتقل المال إلى ورثته لم يجزئه التعجيل عندنا لما مر وهو قول بعض الشافعية لأنه يؤدى إلى أن تكون الزكاة معجلة قبل ملك
النصاب وعلى القديم بجزئه ما عجله لأنه لما قام الوارث مقام الميت في ملكه قام مقامه في حقه ولهذا يرث منه الشفعة فيأخذ منه بسبب ملك متجدد
وهو ممنوع لأنه يأخذها إرثا لا بسبب ملكه إذا ثبت هذا فإن كان المالك حين الرفع شرط التعجيل رجع بها الوارث وإلا فلا وفرع الشافعي على الأجزاء
إن كان نصيب كل واحد يبلغ نصابا أجزأت عنهم إذا حال الحول وان قصر فان اقتسموا بطل الحول وكان لهم ارتجاع الزكاة ان شرط فيها التعجيل وان لم يقتسموا
وبقى مختلطا إلى اخر الحول فإن كانت ماشية أجزأت عنهم الزكاة وإن كان غيرها بنى على القولين في الخلطة فيه إن جوزناها كان كالماشية وإلا كان كما لو اقتسموا
مسألة إذا تسلف الساعي والامام الزكاة فإن كان بغير مسألة أهل السهمان ولا أرباب الأموال فتلفت في يده ضمن وبه قال الشافعي لانهم أهل رشد لا
يولى عليهم فإذا قبض لهم بغير اذنهم كان ضامنا كالأب يقبض لابنه الكبير بغير اذنه لا يقال الأب ليس له القبض وهنا يجوز لحاجتهم لأنا نقول جواز القبض لا يدفع
الضمان وقال أبو حنيفة واحمد لا يضمن لان للامام ولاية على أهل السهمان فإذا استقرض لهم وتلف في يده من غير تفريط لم يضمن كولى اليتيم ونمنع ولاية الامام إذا لم يكن المالك
مانعا ويخالف ولى اليتيم لأنه لا إذن للمولى عليه بخلاف أهل السهمان وان قبضها بسؤال أهل السهمان فتلفت في يده من غير تفريط لم يضمن فأجزأت عن رب المال لان يده كيدهم إذا نوى في القبض والمالك
مأمور بالدفع إليه فحصل الأجزاء للامتثال وان قبضها بسؤال أرباب الأموال فلا ضمان عليه لأنه أمين قبض المال بإذن ربه على سبيل الأمانة ولا تجزى عن أربابها
بل تكون من أموالهم لأنه وكيل لهم فيها وإن كان بسؤالهما معا قال الشيخ الأولى ان يكون منهما لان كل واحد منهما له اذن في ذلك ولا ترجيح لأحدهما على صاحبه في ذلك وللشافعي وجهان أحدهما
يكون من ضمان أرباب الأموال لانهم أقوى جنبة فإنهم المالكون للمال والثاني يكون من ضمان الفقراء لأنه قبضه لمنفعتهم بإذن فكان من ضمانهم وهو أصحهما عند الشافعية
مسألة ما يتعجله الوالي من الصدقة يقع مترددا بين أن تقع زكاة أو يستردوا به قال الشافعي لأنا قد بينا انه لا يجوز تقديم الزكاة إلا على جهة القرض فإذا حال
الحول فان تمت الشرايط والدافع والمدفوع إليه على الصفات كان للمالك احتسابه من الزكاة والاسترداد على ما اخترناه نحن وعند الشافعي تقع زكاة معجلة فان تغيرت
الأحوال لم تسقط عنه الدين بل يتأكد قضاؤه عليه وقال أبو حنيفة إنه متردد بين أن تقع زكاة أو تطوعا أوليس بجيد لان المالك لم يقصد التطوع فلا ينصرف
إلى غير ما قصده مسألة إذا تسلف الساعي الزكاة فبعد الحول ان لم يتغير الحال في المال والدافع والمدفوع إليه فعلى ما اخترناه نحن من أنها قرض لا زكاة معجلة
للمالك استرجاعها منه ورفعها إلى غيره أو دفع عوضها أو احتسابهما من الزكاة وللمدفوع إليه دفع المثل أو القيمة وان كره المالك لأنه قرض وعند القائلين بأنها زكاة
معجلة يقع الدفع موقعه ويجزى وليس للمالك انتزاعها منه وان تغيرت حال المالك فمات قبل الاجل أو نقص النصاب أو ارتد لم يقع ما دفعه زكاة وله استرجاعه وبه
239

قال الشافعي واحمد لأنه مال دفعه عما يستحقه القابض في الثاني فإذا شرطا ما يمنع الاستحقاق وجب الرد كما لو دفع اجرة في سكنى دار فانهدمت ولأنه دفع على انها زكاة واجبة وقد ظهر
البطلا وقال أبو حنيفة ليس له استرجاعه إلا أن يكون في يد الامام أو الساعي لأنها وصلت إلى يد الفقير فلم يكن له استرجاعها كما لو لم يشترط لأنه زكاة معجلة والفرق انه إذا لم يشترط
التعجيل احتمل أن يكون تطوعا فلم يقبل قوله في الرجوع وان تغيرت حال الفقير بأن يستغنى بغير الزكاة أو يرتد فإنها لا تجزى ويجب استرجاعها ليدفعها إلى مستحقها
وبه قال الشافعي واحمد لان ما كان شرطا في اجزاء الزكاة إذا تقدم قبل حلول الحول لم يجز كما لو مات رب المال وقال أبو حنيفة وقعت موقعها لان تغير حال الفقير بعد
وصول الزكاة إلى يده لا يمنع من اجزائها كما لو استغنى بها والفرق انه إذا استغنى بها حصل المقصود بالدفع فلم يمنع ذلك من اجزائها فروع - آ - لو مات المدفوع
إليه جاز الاحتساب من الزكاة بعد الحول لان قضاء الدين عن الميت من الزكاة سائغ على ما أوضحناه ولأنه من سبيل الله ومنع الشافعي من ذلك وليس بمعتمد
- ب - قال الشيخ إذا عجل الزكاة لمسكين ثم حال الحول وقد أيسر فإن كان من هذا المال مثل إن كانت ماشية فتوالدت أو مالا فاتجر به وربح وقعت موقعها ولا يجب استرجاعها
لأنه يجوز ان يعطيه ما يغنيه لقول الصادق (ع) اعطه وأغنه ولانا لو استرجعناها منه افتقر وصار مستحقا للاعطاء ويجوز أن ترد عليه وإذا جاز ذلك جاز ان يحتسب به وإن كان
قد أيسر بغير هذا المال بأن ورث أو غنم أو وجد كنزا لم تقع موقعها ووجب استرجاعها لذا اخرج عوضها لان ما أعطاه كان دينا عليه وإنما تحتسب عليه بعد حؤل
الحول وفى هذه الحال لا تستحق الزكاة لغناه فلا يحتسب له وفى قول الشيخ اشكال إما أولا فلان نماء المدفوع تقع ملكا للقابض لأنه قرض على ما تقدم ونماء القرض لمالكه
فإذا كان النماء موجبا للغناء لم يجز صرف الزكاة إليه كما لو كان غنيا بغيره واما ثانيا فلان ما يأخذه على سبيل القرض يملكه المقترض ويخرج عن ملك الدافع فلا يكون
محسوبا من النصاب فيجب على المالك زكاة ما في يده إن كان نصابا ولا يضم إليه ما أخذه القابض - ج - انما يكون له الرجوع في موضعه إذا شرط حالة الدفع ثم ظهر
الخلاف على ما يأتي مسألة إذا تسلف الساعي الزكاة وتغيرت الحال وحكمنا باسترداد المدفوع فإن كان باقيا بحاله استرجعه إن شرط حالة الدفع انها زكاة معجلة
لفساد الدفع عندنا ولفوات شرط الاستحقاق عند من سوغه وإن كان قد زاد زيادة متصلة كالسمن رد العين مع الزيادة لأنها تابعة لها وإن كانت منفصلة
كالولد رده أيضا مع العين لفساد الدفع وقال الشافعي لا يسترد النماء لأنها حدثت في ملك الفقير وهو ممنوع نعم لو دفعها قرضا ملكها الفقير ولم يكن له الرجوع في
العين بل يطالب بالمثل أو القيمة سواء زادت أو لا والنماء المنفصل للفقير حينئذ لأنه نماء ملكه ولو كانت العين ناقصة لم يضمن النقصان لفساد الدفع فكانت العين
أمانة في يده إما لو قبضها قرضا فإنه يضمن النقصان وقال الشافعي في الام لا يضمنها لان النقص حدث في ملكه فلا يضمنه وله اخر الضمان لان من ضمن القيمة
عند التلف ضمن النقص ولو كانت العين تالفه فإن كان لها مثل وجب المثل وإلا القيمة ومتى يعتبر قال الشيخ يوم القبض لأنه قبض العين على جهة القرض
فيلزمه قيمة يوم القبض وهو حق ان دفعها على جهة القرض إما لو دفعها على انها زكاة معجلة فان الدفع يقع فاسدا والملك باق على مالكه وللشافعي قولان أحدهما انه يعتبر القيمة يوم القبض وبه قال احمد لان ما زاد بعد ذلك
أو نقص فإنما كان في ملكه فلم يضمنه كما لو تلف الصداق في يد المرأة ثم طلقها فإنها تضمن نصيبه يوم القبض والثاني يضمنه يوم التلف لان حقه انتقل من العين
إلى القيمة بالتلف فاعتبر يوم التلف كالعارية بخلاف الصداق فان حقه في المسمى خاصة ولهذا لو زاد الصداق لم يرجع في العين مع الزيادة المتصلة أو المنفصلة
فافترقا إذا عرفت هذا فإن استرجع المدفوع بعينه ضم إلى ماله واخرج زكاته إن كان قد دفع على انها زكاة معجلة لبقاء الملك على ربه وتمكنه من أخذه وبه قال الشافعي
وبعض أصحابه قال إن كان غير الحيوان ضمه كما يضم الدين إلى ماله وإن كان حيوانا لم يضمه لأنه لما استغنى الفقير زال حكم الزكاة فيها وتعلق حقه بعينها ولم
يملكها إلا بالرجوع فيها فانقطع حكم الحول فيها وان استرجع القيمة لم يضمها إلى ماله لأنه تجدد ملكه عليها ولم يكن حكمها حكم ماله مسألة إذا عجل الزكاة إلى فقير
حال الدفع ثم استغنى بغير الزكاة ثم افتقر فحال الحول وهو فقير جاز له ان يحتسب من الزكاة لأن الاعتبار بحال الدفع وحال الحول وإذا كان حول الدفع فقيرا حصل
المقصود بالدفع وإذا كان فقيرا حال الحول فهو ممن يجوز دفع الصدقة إليه فيجزئه ولا اعتبار بما بينهما وهو أحد وجهي الشافعي وفى الثاني لا يجزى لأنه بالاستغناء بطل قبضه
فصار كما لو دفعها إلى غنى ثم صار فقيرا عند الحول ونمنع الحكم في الأصل ولو دفعها إلى غنى إلا أنه افتقر حال الحول فالوجه الأجزاء لأن الاعتبار انما هو بالحول وهو
حينئذ ممن يستحق الزكاة وقال الشافعي لا يجوز لان التعجيل جاز للارفاق فإذا لم يكن من أهله لم يصح التعجيل وينتقض عيلهم بما لو اوصى لوارث ثم تغيرت حاله فمات وهو غير وارث
فإنها تصح الوصية عندهم اعتبارا بحال نفاذها ولأنه لا فايدة في استعادتها منه ثم دفعها إليه مسألة إذا عجل الزكاة ثم تلف ماله قبل الحول بطل الحول و
سقطت الزكاة عنه وله الرجوع فيما دفعه إن كان حين الدفع قال هذه صدقة مالي عجلتها أو زكاة مالي عجلتها لأنه دفع دفعا مشروطا لا مطلقا وقد ظهر بطلانه
فله الاستعادة وان قال هذه زكاة مالي أو صدقة مالي وأطلق لم يكن له ان يرجع فيها قاله الشيخ وهو مذهب الشافعي لأنه إذا قال هذه زكاة مالي كان الظاهر أنها
واجبة عليه واحتمل ان يكون عن هذا المال وعن غيره وإذا قال هذه صدقة كان الظاهر أنها صدقة في الحال إما واجبة أو تطوع فان ادعى علم المدفوع إليه
انها معجلة كان له احلافه لان المدفوع إليه منكر لو اعترف بما قاله الدافع وجب عليه رد ذلك فإذا أنكر وادعى علمه احلف كمن يدعى على ورثة الميت دينا عليه
وهو أحد وجهي الشافعي وفى الثاني لا يخلف لان دعوى الدافع يخالف ظاهر قوله فلم يسمع لا يقال إلا جعلتم القول قول الدافع لأنه اعلم بنيته كما لو دفع مالا وقال إنه
قرض وقال المدفوع إليه انه هبة فالقول قول الدافع وكما لو قضى أحد الدينين وادعى القابض قضاء الاخر قدم قول الدافع لأنا نقول إنما كان القول في هاتين
قول الدافع لأنه لا يخالف الظاهر فكان أولي وفى مسألة الزكاة قول الدافع يخالف الظاهر لان الزكاة ظاهرة في الوجوب والمعجلة ليست زكاة في الحال فلم يقبل
قوله أما الوالي إذا اطلق وكانت معجلة فان له الرجوع لأنه نائب عن الفقراء فيقبل قوله (ع) ورب المال يدعيها لنفسه فلم يقبل قوله إذا ثبت هذا
فالدافع أعرف بنيته إن كان صادقا وتمكن من الاستيفاء كان له ذلك وإلا فلا ولو علم الفقير ذلك وجب عليه الرد مع الطلب وإن كان مستحقا ولم
يتغير الحال مسألة قد بينا انه لا يجوز تعجيل الزكاة قبل اكمال النصاب عند المجوزين فلو كان معه مائتا شاة فعجل زكاة أربعمائة عن المأتين الموجودة وعما تتوالد
فتوالدت وبلغت أربعمائة لم تجز إلا عن المأتين عند القائلين منا بالتعجيل وهو أحد وجهي الشافعي لأنها لم توجد في ملكه فأشبه ما إذا زكى مائتي درهم قبل حصولها
والثاني الأجزاء لان السخال تابعة للأمهات فإذا سلف عنها مع وجود الأمهات صار ذلك كوجودها ولو كانت عنده عشرون من الغنم حوامل فعجل شاة عنها
وعن أولادها فتوالدت وبلغت أربعين لم يجز لأنها لا تتبع ما دون النصاب وبه قال الشافعي ولو كان معه سلعة للتجارة قيمتها مائتان فاخرج زكاة أربعمائة ثم زادت قيمتها و
صارت أربعمائة عند الحول لم يجزئه عندنا لما تقدم وقال الشافعي يجزئه لان الواجب في قيمة العوض والاعتبار بالقيمة في اخر الحول دون غيره ولهذا لو نقصت القيمة
240

ثم زادت لم ينقطع الحول وكذا لو كان معه أقل من نصاب للتجارة فاخرج خمسة دراهم وزادت القيمة وبلغت نصابا أجزأه وعندنا ان النصاب معتبر في أول الحول إلى آخره في القيمة فانا
قلنا بعدم الأجزاء ولو كانا معه مائتا درهم فعجل منها خمسة فلما دنا الحول أتلف فيها درهما انقطع الحول وسقطت الزكاة عنه لقصور المال عن النصاب وله ان يرجع
فيما عجله إذا شرط إنه زكاة معجلة لان الزكاة لم تجب عليه ولا فرق في النقصان قبل الحول بين التفريط وعدمه ولهذا نمنع وجوب الزكاة وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني ليس له لأنه مفرط في ذلك قاصد لاسترجاع ما عجله فلم يكن له الرجوع وقد تقدم التفريط لا يمنع الرجوع الفصل الثالث في المخرج مسألة يجوز ان
يتولى المالك الاخراج بنفسه في الأموال كلها سواء كانت ظاهرة أو باطنة وإن كان الأفضل في الظاهرة صرفها إلى الامام أو الساعي ليتوليا تفريقها عند علمائنا
وبه قال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والثوري وطاوس وعطا والشعبي والنخعي واحمد والشافعي في أحد القولين لأنها حق لأهل السهمان
فجاز دفعه إليهم لانهم المستحقون كساير الحقوق وكالدين إذا دفعه إلى مالكه وكالزكاة الباطنة ولأنه أحد نوعي الزكاة فأشبه الاخر ولقول الصادق (ع)
لو أن رجلا حمل زكاته على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا وقال مالك لا يفرق الأموال الظاهرة إلا الامام وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد
القولين لقوله تعالى خذ من أموالهم ولان أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها وقال لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لقاتلتهم عليها
ووافقه الصحابة على هذا ولان ما للامام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولى عليه كولى اليتيم والجواز نقول بموجب الآية فإنها تدل على أن للامام اخذها
ولا خلاف فيه ومطالبة أبى بكر لمنعهم ولو أدوها إلى مستحقها لم يقاتلهم وإنما يطالب الامام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقها فإذا دفعها إليهم جاز لانهم أهل رشد
فجاز الدفع إليهم بخلاف اليتيم إذا عرفت هذا فان المالك يتخير في الصرف إلى الامام أو العامل والمساكين أو الوكيل لأنه فعل تدخله النيابة فجاز التوكيل فيه مسألة
الأفضل ان تدفع زكاة الأموال الظاهرة إلى الإمام العادل وبه قال الباقر (ع) والشعبي والأوزاعي واحمد لان الامام اعلم بمصارفها ودفعها إليه يبرئه
ظاهرا وباطنا لاحتمال ان يكون الفقير غير مستحق ويزيل التهمة عنه في منع الحق ولأنه يخرج من الخلاف وقال بعض الجمهور الأفضل ان يفرقها بنفسه لما فيه
من توفير أجر العمالة وصيانة الحق عن خطر الخيانة ومباشرة تفريح كربة مستحقها واغنائه بها مع اعطائه الأولى بها من محاويج أقاربه وذي رحمة وصلة
الرحم بها فكان أفضل ولو تعذر الصرف إلى الامام حال الغيبة استحب دفعها إلى الفقيه المأمون من الامامية لأنه أبصر بمواقعها ولأنه إذا دفعها إلى الامام والفقيه
برى لو تلفت قبل التسليم لان الامام أو نايبه كالوكيل لأهل السهمان فجرى مجرى قبض المستحق مسألة لو طلب الامام الزكاة منه وجب دفعها إليه اجماعا
منا لأنه معصوم تجب طاعته وتحرم مخالفته فلو دفعه المالك إلى المستحقين بعد طلبه وامكان دفعها إليه فقولان لعلمائنا الأجزاء وهو الوجه عندي لأنه دفع
المال إلى مستحقه فخرج عن العهدة كالدين إذا دفعه إلى مستحقه وعدمه لان الاخراج عبادة لم يوقعها على وجهها لوجوب الصرف إلى الامام
بالطلب فيبقى في عهدة التكليف ولا خلاف في أنه يأثم بذلك مسألة الطفل والمجنون إن أوجبنا الزكاة في مالهما أو قلنا باستحبابهما فالولي هو المتولي
للاخراج وحكم المولى هنا حكم المالك إن شاء فرقها بنفسه وان شاء دفعها إلى الساعي أو إلى الامام وكذا الوكيل في الدفع له ان يدفع إلى الفقراء والى الامام
والى الساعي ولو أمره المالك بالمباشرة فان دفع إلى الإمام العادل برئ لأنه أولي بالمؤمنين من أنفسهم وان
دفعها إلى الساعي فالوجه الضمان للمخالفة مسألة
يجب ان ينصب الامام عاملا لقبض الصدقات لأنه من الامر بالمعروف ومن المصالح التي تشتد الحاجة إليها من الفقراء للانتفاع ومن المالك لتخليص
ذمته من الحق ويجب الدفع إليه مع طلبها لأنه كالنايب للامام وأمره مستند إلى امره ولما كان امتثال أمر الامام واجبا فكذا من نايبه ولقوله تعالى خذ من أموالهم
صدقة والامر بالأخذ يستلزم الامر بالاعطاء مسألة وليس للعامل أن يتولى تفريق الصدقة إلا بإذن الامام لأنه لا ولاية له إلا من قبله (ع)
فتختص ولايته بما قصرها عليه فان فوض إليه ذلك جاز ثم إن عير له الامام الصرف إلى أقوام معنين على التفضيل أو التسوية لم يجز التخطية فان تخطى
إلى غيرهم أو فضل وقد أمر بالتسوية أو بالعكس ضمن المنذر؟ الذي فرط فيه خاصة وان طلق نصرف هو كيف شاء مما يبرى المالك ولو عين له المالك وعين له الامام
أيضا واختلف المحل أو التقسيط اتبع تعيين الامام خاصة ومع اطلاق الامام وتعين المالك هل يجوز له التخطئة إلى غير من عينه المالك اشكال ينشأ من أن للمالك التخيير لا لغيره ومن زوال ولايته بالدفع إلى
الساعي إذا عرفت هذا فإذا اذن الامام في التفريق وأطلق جاز ان يأخذ نصيبه من تحت يده لأنه أحد المستحقين وقد اذن له في الدفع إليهم فيندرج تحت الاذن كغيره
مسألة وإذا بعث الامام الساعي لم يتسلط على أرباب المال بل يطلب منهم الحق إن كان عليهم فان قال المالك أخرجت الزكاة أو لم يحل على مالي الحول أو أبدلته صدقة
من غير عين خلافا للشافعي على ما تقدم ولا يلزم المالك ان يدفع من خيار ماله ولا يقبل منه الأدون بل يؤخذ الأوسط ويقسم الشاة منهن عندنا ويخبر المالك
حتى تبقى الفريضة وقال بعض الجمهور يقسم ثلاثة أقسام أجود وأدون وأوسط ويؤخذ الفريضة من الأوسط وقولنا أعدل لان فيه وصلا إلى لحق من غير تسلط على أرباب
الأموال مسألة وينبغي ان يخرج العامل في اخذ صدقة الثمار والغلاة عند كمالها وقطعها وجذاذها وتصفيتها والناحية الواحدة لا مختلف زروعها
اختلافا كثيرا واما ما يعتبر فيه الحول فيخرج في رأس الحول استحبابا لتنضبط الأحوال فإذا قدم العامل فإن كان حول الأموال قد تم قبض الزكاة وإن كان فيهم من
لم يتم حوله وصى عدلا ثقة بقبض الصدقة منه عند حلولها ويفرقها في أهلها ان اذن له الامام دفعا لحرج العود وان رأى أن يكتبها دينا عليه ليأخذ من قابل
فالوجه المنع خلافا للشافعي وان أراد ان يرجع في وقت حلولها لقبضها كان أولي ولا يكلف أرباب الأموال ان يجلبوا المواشي إليه لبعدها ولا يكلف الساعي ان يبيعها
في مراتعها لما فيه من المشقة بل يقصد الساعي موارد المياه ومراحها فان تعددت الموارد كلف أربابها الاجتماع في موضع واحد إذا كان يكفيها ليخف على الساعي من
غير ضرر على أربابها فإذا أراد عدها ضم الغنم إلى حيطان أو جدار أو جبل ثم يحصرها حتى لا يكون لها طريق إلا ما تمر فيه شاة شاة أو شاتين شاتين فإذا عدها
وادعى المالك الخطا وانها أقل عدت مرة ثانية وثالثة وكذا لو ظن العاد انه أخطاء ولو اخبره المالك بالعدد وكان ثقة قبل منه وهو قول الشافعي مسألة إذا فرق
المالك الزكاة بنفسه لم يخرج نصيب العامل لأنه لم يعمل فلم يستحق شيئا وكذا لو فرق الامام بنفسه أو نايبه ولا نعلم فيه خلافا ولو فرقها الساعي أو الامام فلا بحث و
ان احتاج الساعي إلى بيعها لمصلحة من إزالة كلفة في نقلها أو مرضها أو نحوه كان له ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله رأى في ابل الصدقة كوما فسأل عنها فقال المصدق
انى ارتجعتها بابل فسكت والرجعة ان يبيعها ويشترى بثمنها مثلها أو غيرها فإن لم تكن حاجة إلى بيعها احتمل جوازه لسكوته صلى الله عليه وآله حين أخبره المصدق بأنه باعها
ولم يستفصل وعدمه لأنه مال الغير فيبطل البيع وعليه الضمان مسألة ويستحب للعامل ان يسم نعم الصدقة وبه قال الشافعي لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يسم
241

الإبل في أفخاذها ووسم الغنم في اذانها وعليه اجماع الصحابة ولان الحاجة تدعو إليه في تمييز ابل الصدقة من ابل الجزية وغيرها وربما شردت فعرفها من وجدها فردها و
ربما رآها المالك فيكره شراها وقال أبو حنيفة يكره لأنه مثلة وفعل النبي صلى الله عليه وآله أولي ويستحب ان توسم في الموضع الصلبة المنكشفة كأفخاذ الإبل واذان الغنم وان
يكتب على الميسم ما يؤخذ له فعلى ابل الزكاة زكاة أو صدقة وعلى ابل الجزية جزية أو صغار ولو كتب عليها لله كان أبرك واولى مسألة لا يجوز دفع الزكاة إلى ولاة
الجور عند علمائنا أجمع لانتفاء ولايتهم واستحقاقهم لها فلا سبب يقتضى تسويغ الدفع إليهم ولقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا والجائر ظالم ودفع الزكاة إليه ركون إليه فبقى
في عهدة التكليف وقال الشافعي يجوز الدفع إلى ولاة الجور سواء عدل فيها أو جار وسواء أخذها قهرا أو دفعها إليه اختيارا وبه قال احمد وأبو ثور واختلفوا فقال أبو علي
الطبري دفعها إلى الجائر أولي لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله سيكون بعدي أمور تنكرونها فقالوا ما نصنع فقال أدوا حقهم واسئلوا الله حقكم ولان أبا صالح قال
أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت عندي مال وأريد ان اخرج زكاته وهؤلاء القوم على ما ترى فما تأمرني فقال ادفعها إليهم فأتيت ابن عمر فقلت فقال ذلك فأتيت أبا هريرة
فقال مثل ذلك فأتيت أبا سعيد الخدري فقال مثل ذلك ولا حجة فيه لأنه ليس اجماعا ولجواز علم الاكراه وكذا في حديث النبي صلى الله عليه وآله ان حمل على الزكاة
مسألة إذا أخذ الجاير الزكاة قال الشيخ لم يجزء عنه لان أبا أسامة قال للصادق (ع) جعلت فداك هؤلاء المصدقون يأتوننا فيأخذون منا الصدقة
نعطهم إياها فقال لا إنما هؤلاء قوم غصبوكم أو قال ظلموكم وإنما الصدقة لأهلها وقال في التهذيب الأفضل إعادتها وهو يعطى الجواز وبه قال الشافعي واحمد لقول الصادق
(ع) في الزكاة ما أخذ منكم بنو أمية فاحتسبوا ولا تعطوهم شيئا ما استطعتم فإن المال لا ينبغي أن يزكى مرتين وقال أبو حنيفة يجزى فيما غلبوا عليه وقال إذا مر على
الخوارج فقسروه لا تجزى عن زكاته وقال أبو عبيد في الخوارج يأخذون الزكاة على من أخذوا منه الإعادة لانهم ليسوا بأئمة فأشبهوا قطاع الطريق والشافعي قال إن اخذها
إمام غير عادل أجزأت عنه لان إمامته لم تزل بفسقه وقال أكثر الفقهاء من المحققين وأكثر أصحاب الشافعي ان إمامته تزول بفسقه وقال احمد وعامة أصحاب الحديث منهم
لا تزول الإمامة بفسقه وهذا كله عندنا باطل لان الامام عندنا يجب أن يكون معصوما فالدافع إلى غيره مفرط فيضمن إما لو أخذها الظالم منه قهرا فالوجه عندي
التفصيل وهو أنه إن كان بعد عزل المالك لها وتعيينها لم يضمن وأجزأت لان له ولاية العزل فتصير أمانة في يده بعد العزل فإذا غصبت منه لم يضمن كساير الأمانات
وإن كان قبله لم يجزى ولا تجب عليه فيما أخذ الظالم منه قهرا زكاة إجماعا مسألة إذا قبض الامام أو الساعي الصدقة دعا لصاحبها وهل هو واجب أو ندب للشيخ
قولان أحدهما الوجوب وبه قال داود لقوله تعالى وصل عليهم والامر للوجوب والثاني الندب وبه قال باقي الفقهاء عملا بأصالة البراءة ولأنه (ع) لما
بعث معاذا إلى اليمن قال أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فيرد في فقرائهم ولم يأمره بالدعاء ولان ذلك لا يجب في الفقير المدفوع إليه فالنايب أولي و
أما الاستحباب فللآية ولان عبد الله بن أبي اوفى قال كان أبى من أصحاب الشجرة وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا أتاه قوم بصدقتهم قال اللهم صلى على آل فلان فأتاه أبى
بصدقته فقال اللهم صل على آل أبي اوفى والصلاة هنا الدعاء والتبرك مسألة يكره أن يملك الانسان ما تصدق به اختيارا كالشراء وشبهه من عقود المعاوضات
عليه ويجوز من غير كراهة تملكه بميراث وشبهه كقبضه في دين إذا دفعه الفقير لوجوبه حينئذ وليس الأول بحرام عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي لقوله (ع)
لا تحل الصدقة لغنى إلا لخمسة رجل ابتلعها بماله وتصدق رجل على امه بصدقة ثم ماتت فسأل النبي صلى الله عليه وآله قال قد قبل الله صدقتك وردها إليك الميراث
وهو في معنى الشراء ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فان اتبعت نفس صاحب النعم فإذا أخرجها فليقومها فيمن يزيد فإذا قامت عن ثمن فان أداها صاحبها
فهو أحق بها ولان ما صح أن يملك ميراثا صح أن يملك ابتياعا كساير الأموال وقال مالك واحمد وقتادة يحرم عليه الشراء ولا ينعقد وقال أصحاب مالك ان اشتراها
لم ينقص البيع لان عمر قال حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده وظننت انه بايعه برخص فأردت أن اشتريه فسألت رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال لا تبتعه ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم فان العايد بصدقته كالكلب يعود في قيئه ولا حجة فيه لاحتمال كونه حبسا في سبيل الله فمنعه لذلك أو انه محمول
على الكراهة لما في الشراء من التوصل إلى استرجاع شئ منها فان الفقير يستحى منه فلا يماكسه في الثمن وربما ارخصا له طمعا في أخذ صدقة أخرى منه وربما علم أنه إن لم يبعه
إياها استرجعها منه أو توهم ذلك ومثل هذا ينبغي اجتنابه وبه قال ابن عبد البر كل العلماء يقولون إن رجعت إليه بالميراث طابت له إلا ابن عمر والحسن بن حي. تذنيب
لو دعت الحاجة إلى الشراء بأن يكون الفرض جزأ من حيوان لا يمكن الفقير الانتفاع بعينه ولا يجد من يشتريه سوى المالك ولو اشتراه غير ه تضرر للمالك بالمشاركة
والفقير بقلة الثمن زالت الكراهة والتحريم اجماعا وكذا كل موضع دعت الحاجة إلى البيع مسألة قد بينا إنه يجوز الاحتساب من الزكاة في دين على الفقير ومنع
منه احمد قال ولو دفع إلى المديون الفقير زكاته فردها إليه قضاء عما عليه جاز له أخذه إلا أن يكون حيلة قال فان استقرض المديون مالا فقضاه ثم رده عليه
وحسبه من الزكاة فان أراد بهذا احياء ماله لم يجز فحصل من كلامه إن دفع الزكاة إلى الغريم جايز سواء دفعها ابتداء أو استوفى حقه ثم دفع ما استوفاه إليه إلا أنه متى
قصد بالدفع احياء ماله أو استيفاء دينه لم يجز لان الزكاة لحق الله فلا يجوز صرفها إلى نفعه ولا يجوز ان يحتسب الدين الذي له من الزكاة قبل قبضه لأنه مأمور بأدائها
وهذا اسقاط والحق ما قلناه من جواز ذلك كله الفصل الرابع في كيفية الاخراج ومباحثه ثلاثة الأول النية مسألة النية شرط في أداء الزكاة فلا تصح
من دونها عند علمائنا أجمع وهو قول عامة أهل العلم ولأنه عبادة فتفتقر إلى النية لقوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين ولقوله (ع) إنما الأعمال بالنيات
واداؤها عمل ولأنها عبادة تتنوع إلى فرض ونفل فافتقرت إلى النية كالصلاة والصوم ولان الدفع يحتمل الوجوب والندب والزكاة وغيرها فلا تتعين لاحد الوجوه إلا بالنية
وحكى عن الأوزاعي ان النية لا تجب في الزكاة لأنها دين فلا تجب فيها النية كساير الديون ولهذا يخرجها ولى اليتيم ويأخذها السلطان من الممتنع والفرق ظاهر لانحصار
مستحقه وقضاؤه ليس بعبادة ولهذا تسقط بإسقاط مستحقه وولى الطفل والسلطان ينويان عند الحاجة مسألة والنية إرادة تفعل بالقلب مقارنة للدفع لأنها مع
التقدم تكون عزما ويشترط فيها القصد إلى الدفع لأنه الفعل والى مخصصاته من كون المدفوع زكاة مال أو فطرة وإلا لم ينصرف إلى أحدهما لعدم الأولوية والوجه وهو الوجوب
أو الندب والتقرب إلى الله تعالى وانها زكاة والوكيل والولي والحاكم والساعي ينويان زكاة من يخرجون عنه ولا يجب ان يذكر عن مال بعينه ولا تعيين الجنس المخرج عنه
بلفظ بالنية وقال الشافعي كيفية النية أن ينوى إنها زكاة ماله وان نوى انها واجبة أجزأه فان قصد الاقتصار على هذا لا غير فليس بجيد وان قصد مع انضمام ما شرطنا فهو مسلم ولو
نوى الزكاة ولم يتعرض بفرض لم تجز عندنا وهو أحد وجهي الشافية واختلف أصحابه في تقديم النية فجوزه بعضهم لأنها عبادة تجوز فيها النيابة بغير عذر ويجوز تقديمها
على وجوبها فجاز تقديم النية عليها وهو اختيار أصحاب أبي حنيفة لان ذلك يؤدى إلى ايقاف اجزائه على نية وكيله وفى ذلك تغرير بماله مع اجازة النيابة والحاجة إليها وقال آخرون لا يجوز
242

كما قلناه لأنها عبادة تدخل فيها بفعله فلا يجوز تقديم النية عليها كالصلاة ودخول النيابة لا يقتضى جواز تقديم النية عليها كالحج ونمنع جواز تقديمها وقد مضى سلمنا لكن لا يصلح للعلية
ونوجب نية الوكيل أو نيته عند دفعه مسألة الزكاة ان فرقها المالك تولى النية حالة الدفع وان دفعها إلى وكيله ليفرقها فان نوى الموكل حاله بالدفع إلى الوكيل ونوى الوكيل حالة دفعه إلى الفقراء أجزأ إجماعا وإن لم ينويا معا
بأن ينويان الصدقة دون الزكاة لم يجزئه وان نوى المزكى حال دفعه إلى الوكيل ولم ينو الوكيل حالة الدفع إلى الفقراء لم يجزئه عندنا وهو أحد قولي الشافعية بناء على الوجهين
في جواز تقديم النية ومنهم من قال يجزئه هنا وجها واحدا لأنه لما أجيزت له النيابة جازت النية عند الاستنابة وينتقض بالحج ولان نية الموكل لم تقارن الدفع فوقع الفعل
بغير نية فلا تعد عملا ولو نوى الوكيل حال الدفع إلى الفقراء ولم ينو الموكل حال الدفع إلى الوكيل لم تجزئه وبه قال الشافعي واحمد لان الفرض يتعلق بالمالك والاجزاء يقع عنه
ويحتمل الأجزاء لو نوى الوكيل لأنه نائب عن المالك والفعل مما تدخله النيابة فصحت نية الوكيل كالحج أما لو لم ينو المالك حالة الدفع إلى الوكيل ونوى حالة دفع الوكيل إلى
الفقراء ولم ينو الوكيل أجزأ لان النائب لا اعتبار به مع فعل المنوب ما وقعت فيه النيابة مسألة لو دفع المالك الزكاة إلى الامام أو إلى الساعي ونوى حالة الدفع إليهما
أجزأ وإن لم ينو أحدهما حالة الدفع إلى الفقراء وبه قال احمد لان الامام وكيل للفقراء ولا فرق بين ان يطول زمان دفع الامام إلى الفقراء وبين أن يقصر والساعي كالامام
لأنه نايب عنه وهو نايب عن الفقراء ولو لم ينو المالك حالة الدفع إلى الامام أو إلى الساعي ونوى أحدهما حالة الدفع إلى الفقراء قال الشيخ إن أخذها الامام أو الساعي منه طوعا لم يجزئه وإن أخذها أحدهما عنه كرها أجزأ وهو قول بعض الشافعية لان تعذر النية
في حقه أسقط وجوبها عنه كالصغير والمجنون ومع الاختيار يكون الدفع إلى نايب الفقراء بغير نية فلا يجزى كما لو دفع إلى الفقراء قال الشيخ إنه حالة التطوع وان لم
تجزئه لكن ليس للامام مطالبة بها ثانية وقال الشافعي تجزئه سواء أخذها الامام طوعا أو كرها وفرق بين دفعها إلى الفقراء وبين دفعها إلى الامام لان أخذ الامام بمنزلة
القسم من الشركاء فلا يحتاج إلى نية ولان الامام انما يأخذ الزكوات الواجبة لأنه لا نظر له إلا في ذلك ولا
يحتاج إلى نية ولان للامام ولاية الاخذ ولهذا يأخذها
في الممتنع اتفاقا ولو لم تجزئه لما أخذها أو لاخذها ثانيا وثالثا لان أخذها إن كان لأجزائها فلا يحصل الأجزاء بدون النية وإن كان لوجوبها فالوجوب باق بعد
أخذها وقال بعض الشافعية لا تجزى فيما بينه وبين الله تعالى سواء أخذها طوعا أو كرها لان الامام إما نايب للفقراء فلا يجزى الدفع إليه بغير نية كما لو دفع إلى الفقراء
وإما نائب عن المالك فلا يكون فيكون كالوكيل لا يجزى عنه إلا مع نية ولأنها عبادة فلا تجزى مع عدم نية من وجبت عليه إذا كان من أهل النية كالصلاة وإنما أخذت
منه مع عدم الأجزاء حراسة للعلم الظاهر كالصلاة يجبر عليها ليأتي بصورتها ولو صلى بغير نية لم تجزئه عند الله وهو وجه عندي ومعنى الأجزاء عدم المطالبة
بها ثانيا ويمكن الفرق بأن الصلاة لا تدخلها النيابة فلابد من نية فاعلها وقوله الامام إما وكيل المالك أو الفقراء قلنا بل هو وال على المالك ولا يصح الحاق الزكاة
بالقسمة لأنها ليست عبادة ولا تعتبر لها نية بخلاف الزكاة إذا عرفت هذا ففي كل موضع قلنا بالاجزاء مع عدم نية المالك لو لم ينو الساعي أو الامام أيضا حالة
الدفع إلى الفقراء توجه الأجزاء لان المأخوذ زكاة وقد تعينت بالأخذ ويحتمل عدمه لخلو الفعل حينئذ عن نية مسألة قد بينا إنه لا يشترط تعيين
الجنس المخرج عنه في النية فلو كان له مالان ونوى عن أحدهما ولم يعينه أجزأ سواء كان المدفوع من جنس أحدهما أو من غير جنس شئ منهما وله صرفه إلى أي الصنفين
شاء سواء خالف أو لا ومع اختلاف القيمة وقت الاخراج والاحتساب واتحاد المخرج مع أحد الجنسين اشكال ينشأ من حصول الضرر للفقراء مع العدول عنه ومن
تسويغه لو لم يختلف فكذا معه وعلى قول المانعين من اخراج القمية كالشافعي ومن وافقه يتخرج الانصراف إلى الجنس خاصة مسألة يشترط في النية الجزم وعدم
التشريك بين وجهي الفعل فينوي الفرض إن كان واجبا والنفل إن كان تطوعا فلو نوى النفل عن الفرض لم يجزء لأنه لم يوقع العبادة على وجهها إما لو نوى الفرض
عن النفل فالوجه الأجزاء لان نية الأقوى تستلزم نية الأضعف ولو نوى بجميع ما أخرجه الفرض والنفل معا لم يجزئه عن الزكاة وكانت تطوعا وبه قال الشافعي ومحمد بن
الحسن لأنه شرك بين الفرض والنفل في نيته فلم تجزء عن الفرض كالصلاة ولان الفعل الواحد لا يقع على جهتين ولم ينو الفرض فلم يقع عنه وقال أبو يوسف يجزئه عن
الزكاة لان النفل لا يفتقر إلى تعيين النية فصار كأنه نوى الزكاة والصدقة وليس بصحيح لما تقدم مسألة لو كان له مال غايب فاخرج الزكاة وقال إن
كان مالي سالما فهذه عنه أو ان تطوع لم يجزء عنه إن كان سالما وبه قال الشافعي لأنه شرك بين الفرض والنفل فلم يتخلص نية الفرض وقال الشيخ في المبسوط تجزئه
وليس بمعتمد ولو قال إن كان سالما فهذه عنه وإن كان تالفا فهي تطوع فكان سالما أجزأ عنه لعدم التشريك في النية بين الفرض والنفل وإنما رتب فيها
النفل على الفرض ونوى كل واحد منهما على تقدير لو لم يفعله لوقع لذلك فإنه لو نوى انها عن ماله كان ذلك حكمها إن كان تالفا فهي تطوع فإذا خرج بذلك أجزأه
ولو اخرج وقال هذه عن مالي الغائب إن كان سالما وان لم يكن سالما فعن مالي الحاضر أجزأه وكذا لو قال عن مالي الغائب أو الحاضر فإنه يجزئه عن السالم منهما
لأنه لا يجب عليه تعيين الزكاة بمال بعينه ولهذا لو كان له أربعمائة فأخرج خمسة دراهم ينوى بها الزكاة أجزأه وان لم يعينها عن إحدى المأتين ولو اخرج خمسة
دراهم وقال إن كان قد مات مورثي فهذه زكاة عما ورثته منه فكان قد ورث عنه لم يجزئه لأنه أخرجها عن غير أصل يبنى عليه النية بخلاف ما إذا باع مال
مورثه ثم بان انه قد ورثه فإنه يصح البيع لأنه لا يفتقر إلى النية والزكاة تفتقر إليها وقال الشيخ يجزئه ان قلنا بوجوب الزكاة في الغائب ولو لم يكن قد مات بعد
ذلك لم يجز لفوات وقت النية مسألة لو أخرج وقال هذه عن مالي الغائب إن كان سالما ولم يقل غير ذلك فبأن ذلك أجزأه وإن بان تالفا قال الشيخ لم يكن
له النقل إلى غيره وبه قال الشافعي لأنه عينها لذلك المال فأشبه ما لو كان عليه كفارة فأعتق عبدا عن أخرى عينها فلم يقع عنها لم يجزئه عما عليه كما لو كان عليه
كفارة ظهار ويخرج رجلا وتقدم العتق عن كفارة القتل فيبرأ المجروح فإنه لا يجزئه صرفها إلى الظهار وإن كان في الابتداء لا يلزمه تعيين الكفارة بسببها كذا الزكاة
والوجه عندي الأجزاء لأنه نوى ما ليس ثابتا في ذمته ولم ينو مطلق التطوع فلم يزل ملكه عنه فيجوز العدول إلى غيره مسألة يجوز الاخراج عن المال الغايب
مع الشك في سلامته والتمكن منه لان الأصل بقاؤه وتكون نية الاخراج صحيحة اجماعا فلو دفعها إلى الساعي أو إلى الامام باختياره وقال هذه عن مالي الغايب فبأن
تالفا قبل الوجوب فإن كان المدفوع إليه قد فرقها لم يرجع عليه وله ان يرجع على الفقراء مع بقاء العين لفساد الدفع وإن كانت في يده رجع بها وكان له ان يجعلها عن غيره وبه قال
الشافعي لأنه دفعها إلى الوالي ابتداء من غير سؤال ليفرقها فيكون نائبا عنه ولا يضمن بالدفع إلى الفقير لأنه دفعها إليه بسؤاله مسألة لو تصدق بجميع ماله ولم ينو بشئ
منه الزكاة لم يجزئه وبه قال الشافعي لأنه لم ينو الفرض فأشبه ما لو صلى الف ركعة بنية التطوع فإنه لا يجزئه عن الفرض وقال أصحاب أبي حنيفة يجزئه استحسانا لأنه تصرف فيه تصرفا
لم يتعد به فلم يضمن الزكاة وهو ممنوع لأنه متعد بتصرفه بقدر الزكاة بنية التطوع ولو تصدق ببعضه قال محمد أجزأه عن زكاة ذلك البعض لأنه لو تصدق
بجميعه أجزأه عن جميعه فأجزأه إذا تصدق بالبعض عن البعض وقال أبو يوسف لا يجزئه لأنا أسقطنا عنه الزكاة لو تصدق بجميعه لزوال ملكه عن المال على وجه
243

القربة وهنا لم يزل عن جميعه البحث الثاني في كيفية التقسيط مسألة يجوز تخصيص بعض الأصناف بجميع الزكاة بل يجوز دفعها إلى واجد وإن كثرت ولا يجب بسطها
على الجميع عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري والثوري وأبو حنيفة واحمد وهو أيضا قول عمر وحذيفة وابن عباس وسعيد بن جبير والنخعي وعطا والثوري
وأبو عبيد لقوله (ع) أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم أخبر بأنه مأمور برد جملتها في الفقراء وهم صنف واحد لم يذكر سواهم ثم أتاه بعد
ذلك مال فجعله في صنف ثان سوى الفقراء وهم المؤلفة قلوبهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصين وعلقمة بن علابة وزيد الخيل قسم فيهم ما بعثه علي (ع) من
اليمن ثم أتاه مال صنف اخر فجعله في صنف اخر لقوله لقبيصة بن المخارق حين تحمل حمالة واتاه فسأله فقال له (ع) أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها
وفى حديث سلمة بن صخر البياضي انه أمر له بصدقة قومه ولو وجب صرفها إلى الثمانية لم يجز دفعها إلى واحد ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي فيهم وصدقة أهل الحضر في السفر ولا يقسمها بينهم بالسوية إنما يقسمهم على قدر من يحضره منهم قال وليس في
ذلك شئ موقت ولأنها لا يجب صرفها إلى جميع الأصناف إذا أخذها الساعي فلم يجب دفعها إليهم إذا فرقتها المالك كما لو لم يجد إلا صنفا واحدا ولان القصد سد الخلة
ودفع الحاجة وذلك يحصل بالدفع إلى بعضهم فأجزأ كالكفارات وقال عكرمة والشافعي إن دفعها إلى الامام فقد برئت ذمته والامام يفرقها على الأصناف السبعة سوى
العاملين لسقوط حقه بانتفاء علمه وإن كان السبعة موجودين والا دفعها إلى الموجودين من الأصناف يقسمها منهم لكل صنف نصيبه سواء قلوا أو كثروا
على السواء وان دفعها إلى الساعي عزل الساعي حقه لأنه عامل وفرق الباقي على الأصناف السبعة وان فرقها بنفسه سقطه نصيب العامل أيضا وفرقها على باقي الأصناف
ولا يجزئه ان يقتصر على البعض ثم حصة كل صنف منهم لا تصرف إلى الأقل من ثلاثة ان وجد منهم ثلاثة وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري وعثمان البتي و عبد الله
ابن الحسن العنبري لقوله تعالى إنما الصدقات للفقراء الآية فجعلها لهم بلام التمليك وعطف بعضهم على بعض بواو التشريك وذلك يوجب الاشتراك ونمنع الاختصاص كأهل
الخمس والآية وردت لبيان المصرف وحكى عن النخعي ان المال إن كثر بحيث يحتمل الأصناف بسط عليهم وإن كان قليلا جاز وصفه في واحد وقال مالك يتحرى موضع الحاجة منهم
وقدم الأولى فالأولى مسألة ويستحب بسطها على جميع الأصناف وهو قول كل من جوز التخصيص أو إلى من يمكن منهم للخلاص من الخلاف وتحصيل الأجزاء يقينا
ولتعميم الاعطاء فيحصل شمول النفع ولقول الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي فيهم وصدقة أهل الحضر في الحضر إذا عرفت هذا فإنه
يستحب ترجيح الأشد حاجة في العطية لقول الصادق (ع) ولا يقسمها بينهم بالسوية إنما يقسمها على قدر من يحضره منهم قال وليس في ذلك شئ موقت ولان المقتضى إذا كان في
بعض الموارد أشد كان المعلول كذلك وهو المقتضى الحاجة وكذا يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب لأفضليته ولقول الباقر (ع) أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل و
يستحب تخصيص غير السائل على السائل بالزيادة لحرمانه في أكثر الأوقات فكانت حاجته أمس غالبا ولقول الكاظم (ع) يفضل الذي لا يسئل على الذي يسأل مسألة
ويستحب صرف صدقه المواشي إلى المتجملين ومن لا عادة له بالسؤال وصرف صدقة غيرها إلى الفقراء المدقعين المعتادين بالسؤال لان عادة العرب صرف المواشي على سبيل
المنحة إلا شهر والشهرين فربما لا يحصل للمدفوع إليه ذلة في نفسه جريا على عادة العرب ولقول الصادق (ع) إن صدقة الخف والظلف تدفع إلى المتجملين من المسلمين فأما صدقة
الذهب والفضة وما كيل بالقفيز وما أخرجت الأرض للفقراء المدقعين قال ابن سنان قلت وكيف صار هذا هكذا فقال لان هؤلاء متجملون يستحيون من الناس فيدفع
إليهم أجمل الامرين عند الناس وكل صدقة مسألة ولا حد للاعطاء إلا أنه يستحب أن لا يعطى الفقير أقل ما يجب في النصاب الأول وهو خمسة دراهم أو عشرة قراريط
قاله الشيخان وابنا بابويه وأكثر علمائنا لقول الصادق (ع) لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم وقال سلار أقله ما يجب في النصاب الثاني وهو درهم أو قيراطان
وبه قال ابن الجنيد ولم يقدره على الهدى ولا الجمهور بقدر وما قلناه على الاستحباب لا الوجوب إجماعا ولقول الصادق (ع) وقد كتب إليه محمد بن أبي الصهبان هل
يجوز ان اعطى الرجل من اخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة فقد يشتبه ذلك على فكتب ذلك جايز وأما الأكثر فلا حد له فيجوز اعطاء الفقير غناه دفعة ودفعات
بلا خلاف لان المقتضى الحاجة وما دون الغنى حاجة فجازت الصرف فيها ولقول النبي صلى الله عليه وآله خير الصدقة ما أبقت غنى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) اعطه
من الزكاة حيت تغنيه وقوله (ع) إذا أعطيت فاغنه وهل يجوز ان يعطى أكثر من غناه دفعة نص علماؤنا على جوازه مع الحاجة وبه قال أصحاب الرأي لأنه مستحق
فجاز صرف الزايد على الغنى إليه كالغنى وقال الشافعي لا يجوز وبه قال الثوري ومالك واحمد وأبو ثور لان الغنى لو كان سابقا منع فيمنع إذا كان مقارنا كالجمع بين الأختين
والفرق ظاهر فان السابق مانع بخلاف المقارن البحث الثالث في المكان مسألة لا يجوز نقل الزكاة عن بلدها مع وجود المستحق فيه عند علمائنا أجمع وبه قال
عمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير وطاوس والنخعي ومالك والثوري واحمد لقوله (ع) لمعاذ فان أجابوك فأعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقراؤهم
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا تحل صدقة المهاجرين للأعراب ولا صدقة الاعراب في المهاجرين ولان الأداء واجب على الفور وهو ينافي المنتقل لاستلزامه التأخير وقال أبو حنيفة يجوز
وللشافعي قولان لان التعيين إلى المالك فكما جاز في البلد جاز في غيره وهو ممنوع لما في الثاني من التأخير مسألة لو خالف ونقلها أجزأته في قول علمائنا كافة وهو
قول أكثر العلماء لأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرئ منه كالدين وكما لو فرقها وعن أحمد روايتان وللشافعي قولان أحدهما هذا والثاني عدم الأجزاء لأنه دفع الزكاة إلى غير من أمر
بدفعها إليه أشبه ما لو دفعها إلى غير الأصناف وهو ممنوع لان المدفوع إليه لو حضر البلد أجزأ الدفع إليه إجماعا بخلاف غير الأصناف فروع - آ - إذا كان الرجل في بلد والمال في بلد
آخر فالاعتبار بالمال فإذا حال الحول أخرجها في بلد المال وأما زكاة الفطرة فالاعتبار فيها ببلد المخرج لان الفطرة تجب عنه وهو بمنزلة المال وللشافعي في الفطرة وجهان أحدهما هذا والثاني الاعتبار ببلد المال أيضا لان الاخراج منه كزكاة المال
- ب - لو نقل زكاة المال مع وجود المستحق والتمكن من التفريق بوجود المستحق فيه ضمن الزكاة لأنه مفرط بنقل المال الممنوع منه وتأخيره مع شهادة الحال بالمطالبة فضمن
لأنه عدوان ولقول الصادق (ع) في رجل بعث زكاة ماله لتقسم فضاعت هل عليه ضمانها حتى يقسم فقال إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى
يدفعها وان لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يده - ج - الوكيل والوصي والمأمور بالتفريق إذا أخروا ضمنوا لانهم
فرطوا بالتأخير ولان زرارة سأل الصادق (ع) عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسمها فضاعت فقال ليس على الرسول ولا المودى ضمان قلت فإنه لم يجد لها أهلا
ففسدت وتغيرت أيضمنها قال لا ولكن ان عرف أهلا لها فعطبت أو فسدت فهو لها ضامن حين اخرها - د - لو لم يجد المستحق في بلده جاز النقل اجماعا ولا ضمان لعدم التفريط
ولقول الصادق (ع) في الزكاة يبعث بها الرجل إلى بلد غير بلده فقال لا بأس ان يبعث بالثلث أو الربع الشك من الراوي وعن العبد الصالح (ع) يضعها في اخوانه وأهل
ولايته قلت فإن لم يحضره منهم أحد قال يبعث بها إليهم وفعل المأمور به لا يستعقب الضمان - ه‍ - هل يجب عليه مع عدم المستحق واختبار النقل القصد إلى أقرب الأماكن إلى بلده
244

ما يوجد فيه المستحق اشكال ينشأ من جواز النقل مطلق لفقد المستحق ومن كون طلب البعيد نقلا عن القريب مع وجود المستحق فيه - و - لا فرق بين النقل إلى بلد بعيد يقصر في
مثله الصلاة والنقل إلى قريب في المنع وهي أصح وجهي الشافعية لأنه نقل من بلد المال فكان بمنزلة البعيد ولهم اخر الجواز لان المسافة القريبة بمنزلة الحضور ولهذا لا يستبيح
بها رخص السفر والفرق ان الرخص تتعلق بالسفر المشتق - ز - لو كان بعض المال حيث المالك والبعض في مصره فالأفضل أن يؤدى زكاة كل مال حيث هو فإن كان
غائبا عن مصره وأهله والمال معه اخرج في بلد المال وبعض المانعين من الأجزاء بالنقل جوز أن يعطى بعضه في هذا البلد وبعضه في الاخر أما لو كان المال في
البلد الذي هو فيه حتى يمكث فيه حولا تاما فلا يبعث بزكوته إلى الاخر ولو كان المال تجارة فسافر به فرق زكاته حيث حال حوله في أي موضع كان وسوغ احمد أن يفرقه في كل
بلد أقام به في ذلك الحول - ح - لا يجوز نقل الصدقة مع الخوف عليها سواء عدم المستحق في بلده أو لا لما فيه من التعزير بهما والتفريط بالأمانة - ط - تحريم النقل عام وإن كان
إلى بلد المالك فيضمن ويأثم - ى - لو عين الفطرة من غائب ضمن بنقله مع وجود المستحق فيه الفصل الخامس في اللواحق مسألة إذا دفع الامام
الزكاة إلى من ظاهره الفقر فبأن غنيا لم يكن عليه ضمان وبه قال الشافعي لان النبي (ع) اعطى الرجلين الجلدين وقال إن شئتما أعطيتكما منها ولاحظ فيها
نعنى فيها ولا لقوى مكتسب وقال للرجل الذي سأله الصدقة إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى بقولهم ولان الاطلاع
على الباطن عسر ولأنه نائب عن الفقراء أمين لهم لم يوجد من جهته تفريط فلم يجب عليه الضمان ويكون له ان يستردها من المدفوع إليه سواء اعلمه الامام انها زكاة أو لا
لأن الظاهر فيما يفرقه الامام ويقسمه انه زكاة فان وجد المدفوع استرده سواء زادت عينه أم لا وسواء كانت الزيادة متصلة أو منفصلة فإنه يرجع بالجميع لظهور فساد
الدفع وإن لم يجده أسترد بدله فان تعذر ذلك عليه فقد تلفت من مال الفقراء فروع - آ - لو كانت تالفة رجع الامام بالقيمة إن كانت من ذوات القيم وحكم اعتبار
القيمة هنا حكم اعتبار القيمة في الغاصب لأنه بغشه أشبه الغاصب فان قلنا هناك يرجع بأعلى القيم من حين القبض إلى حين التلف فكذا هنا وان قلنا هناك تعتبر القيمة
حين التلف أو حين القبض فكذا هنا - ب لو تلفت وكانت من ذوات الأمثال أسترد المثل لأنه الواجب على من عليه حق من غصب وغيره ولا فرق بين نقص القيمة وزيادتها
ولو تعذر المثل أسترد قيمته وقت الاسترجاع ولا اعتبار بمساواته لقيمة التالف ونقصها - ج - لو ظهر المالك على غناه دون الامام الدافع جاز للمالك الاسترجاع للعين
أو القيمة أو المثل إن تمكن باختيار المدفوع إليه أو بغير اختياره وهل للفقراء ذلك لو ظهروا عليه من دون إذن الإمام أو المالك الوجه ذلك لان القابض غاصب
ويحتمل المنع لعدم تعيينهم للاستحقاق فان للمالك صرفه إلى غيرهم والبحث في نائب الامام كالبحث في الامام إذا لم يفرط في البحث تفحص عنه - د - لا يجوز للمدفوع إليه الامتناع
من رد العين بدفع القيمة أو المثل وإن سوغناه في التعجيل لان الدفع هناك سايغ والاخذ صحيح لأنه على وجه القرض يملك به أما الاخذ هنا فإنه باطل
لا يملك به فوجب رد العين - ه‍ - لو وجدها معيبة كان له أخذ العين والمطالبة بأرش العيب سواء كان العيب من فعله أو من فعل غيره أو من الله تعالى لأنه قبض مضمون
أشبه الغاصب أما لو دفعها إليه بنية الزكاة ولم يعلم المدفوع بل ظن الهبة والايداع فلا ضمان في العيب من الله تعالى والأجنبي ولا في التلف منهما - و - لو كان حال الدفع
غنيا ثم تجدد الفقر قبل الاسترداد أيضا لان الدفع وقع فاسدا ويجوز ان يتركها بحالها ويحتسبها من الزكاة وهل يجب الاخذ لو أراد الترك
ثم الدفع اشكال ينشأ من وجوب النية حال الدفع ولم يوجد لان الدفع الأول باطل ومن كون الترك الان كابتداء للرفع مسألة لو دفع رب المال الزكاة إلى الفقير
فبأن غنيا وقت الدفع قال الشيخ لا ضمان عليه وبه قال الحسن البصري وأبو عبيد وأبو حنيفة والشافعي في أحد القولين واحمد في إحدى الروايتين لما رواه أبو هريرة
عن رسول الله قال قال رجل لا تصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غنى فأصبحوا يتحدثون تصدق على غنى فأتى فقيل له أما صدقتك
فقد تقبلت لعل الغنى ان يفتقر فينفق مما أعطاه الله ولأنه دفعها إلى من ظاهره الاستحقاق فلم يلزمه الضمان كالامام والقول الثاني للشافعي والرواية الأخرى
عن أحمد وجوب الضمان وبه قال الثوري والحسن بن صالح بن حي وأبو يوسف وابن المنذر لأنه دفع حقا إلى غير مستحقه فلزمه الضمان كالدين يدفعه إلى غير مستحقه وبه رواية
لنا عن الصادق (ع) وقد سئل عن رجل يعطى زكاة ماله رجلا وهو يرى أنه معسر فوجده موسرا قال لا تجزى عنه ويخالفه الامام لأنه أمين لهم وهنا يدفع حقا
عليه والوجه عندي ان نقول إن فرط المالك في البحث عنه والاجتهاد ضمن لتقصيره وإلا فلا لقول الصادق (ع) وقد سأله زرارة عن رجل عارف أدي الزكاة إلى غير أهلها
زمانا هل عليه ان يؤديها ثانية إلى أهلها إذا علمهم قال نعم قلت فإن لم يعرف لها أهلا فلم يؤدها أو لم يعلم أنها عليه فيعلم بعد ذلك قال يؤديها إلى أهلها لما مضى قلت فإن لم
يعلم أهلها فدفعها إلى من ليس هو لها بأهل وقد كان طلب واجتهد ثم علم بعد سوء ما صنع قال ليس عليه ان يؤديها مرة أخرى وقال (ع) ان اجتهد فقد برئ
وان قصر عن الاجتهاد في الطلب فلا فروع - آ - إن كان المالك شرط حال الدفع انها صدقة واجبة استرجعها سواء كانت باقية أو تالفة فإن لم يقدر على استرجاعها
فقد تلفت من المساكين قاله الشيخ وقال الشافعي ان قلنا إنها تجزئه كان حكمها حكم الامام وقد تقدم في المسألة السابقة وان قلنا يضمنها وجب عليه اعادتها وله ان
يرجع بها على المدفوع إليه إن كان شرطا انها زكاة وان لم يكن شرط لم يكن له الاسترجاع بخلاف الامام لأن الظاهر من قسمة الامام انه زكاة بخلاف رب المال لأنه قد يتطوع
والأقرب جواز الاسترجاع وان لم يكن شرط الجواز لفساد الدفع وهو أبصر بنيته والأظهر إن الانسان إنما يدفع ما وجب عليه - ب - لو شهد عند الحاكم عدلان بالفقر ثم ظهر
الغنى بعد الدفع فإن كان الدافع المالك لا بأمر الحاكم لم يضمن الشاهدان وكذا لو رجعا عن شهادتهما وكذا لو شهدا عند المالك إذ الحكم إنما هو إلى الحاكم ولأنهما
لم يأمراه بالدفع ولا وجب بشهادتهما فلم يتلفا عليه شيئا ومع فقد غيره اشكال وإن كان الدافع الحاكم أو المالك بإذنه وهنا مستحق سواه ثم رجعا فلا ضمان عليهما وفى
وجوبه مع عدم مستحق غيره اشكال - ج - لو بان عبدا لمالك لم يجزه وبه قال أبو حنيفة سواء كان الدافع الامام أو المالك لعدم خروج المال عن ملكه فجرى مجرى
عزلها من غير تسليم مسألة لو كان الخطاء في دفعها إلى غير مسلم أو عبد أو من ذوي القربى أو ممن تجب نفقته قال الشيخ حكمه حكم الغنى وقد تقدم لان الدفع
واجب فيكتفى في شرطه بالظاهر تعليقا للوجوب على الشرط الممكن فلا يضمن لعدم العدوان في التسليم المشروع وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني يضمن وبه قال
احمد لعدم الطريق إلى معرفة الفقر وتعذر الوقوف على حقيقته وإنما يعلم ظنا فكان الخطاء فيه عذرا إما هذا فان حاله لا يخفى مع البحث عنه والفحص عن حاله
ويبطل بتطرق الخفاء هنا كما تطرق في الغنى نعم لو بان عبده لم يجزئه لما تقدم مسألة الاعتبار بحال المستحق
يوم القسمة فلا اعتبار بما سبق ولا بما لحق من أحواله
وإنما يملك أهل السهمان حقهم يوم القسمة بعد التسليم إليهم وهو الظاهر من مذهب الشافعي وله قول اخر أن الاعتبار بحال الوجوب فعلى هذا لو مات بعض أهل السهمان
في قرية وجبت فيها الزكاة لم ينتقل إلى وارثه شئ عندنا لعدم تعين الاستحقاق وقال الشافعي في أحد قوليه إذا كانوا ثلاثة نفر في قرية فعينت الصدقة لهم فيملك وارث
245

أحدهم لو مات قبل القسمة نصيبه وهو بناء على وجوب التقسيط وتحريم النقل مسألة العبد المشترى من الزكاة إذا مات ولا وارث له قال أكثر علمائنا يرثه أرباب
الزكاة لقول الصادق (ع) وقد سأله عبيد بن زرارة عن رجل اخرج زكاته فلم يجد لها موضعا فاشترى بها مملوكا فأعتقه هل يجوز ذلك قال نعم لا بأس بذلك قلت
فإنه أتجر واحترف فأصاب مالا ثم مات وليس له وارث من يرثه قال يرثه الفقراء الذين يستحقون الزكاة لأنه إنما اشترى بمالهم ولو قيل يرثه الامام لأنه وارث من لا وارث
له كان وجها لان الفقراء لا يملكون العبد المبتاع بمال الزكاة لأنه أحد مصارفها فيكون سايبة والرواية ضعيفة السند لان في طريقها ابن فضال وابن
بكير وهما فطحيان. مسألة إذا تلفت الزكاة بعد قبض الساعي أو الامام أو الفقيه لم يضمن المالك وبرئت ذمته حين القبض وقد تقدم بيانه ولو عدم هؤلاء
والمستحق وأدركته الوفاة وجب ان يوصى بها لأنها حق واجب عليه كالدين وهو ظاهر مسألة يجوز أن تدفع المرأة زكاتها إلى زوجها إذا كان فقيرا وبه قال الشافعي
وأبو يوسف ومحمد لأنه مستحق للزكوة لا يجب نفقته عليها فجاز كما لو دفع إليه غيرها وكما لو دفعت إلى غيره وقال أبو حنيفة لا يجوز لأنه يعود نفعه إليها فإنه يلزمه ان ينفق
عليها وليس بجيد لان وجوب حقها عليه لا يمنع دفع زكاتها إليه كمن لها عليه دين مسألة قد بينا انه لا يجوز أن يدفع الزكاة إلى زوجته من سهم الفقراء والمساكين
لأنها غنية به وهل تكون عاملة أو مؤلفة الأقرب المنع نعم يصح أن تكون مكاتبة فيدفع إليها من سهم المكاتبين وكذا يصح أن تكون غارمة فيدفع إليها من سهم الغارمين لان الزوج
لا يجب عليه قضاء دينها نعم لو استدانة في النفقة الواجبة عليه لم يجز قضاؤه من الزكاة ولا يعطى من سهم الغزاة لأنها لا تندب إلى الغزو ولو نشزت سقطت نفقتها ولم يجز
أن يدفع إليها من الصدقة لأنها يمكنها ان تدفع النشوز فتجب عليه نفقتها فجرت مجرى القادر على الاكتساب إما لو منعها الزوج النفقة فإنه يجوز ان تعطى زكاة غيره للحاجة و
هل يجوز ان يعطى من سهم ابن السبيل ينظر فان سافرت مع زوجها بإذنه لم تعط النفقة لوجوبها عليه ويجوز ان تعطى الحمولة ولو كانت بغير اذنه لم تعط الحمولة أيضا
لأنها عاصية بالسفر وان خرجت وحدها فإن كان باذنه لحاجة نفسها فان النفقة لا تسقط عن الزوج وهو أحد قولي الشافعي فلا تعطى النفقة وتعطى الحمولة لأنها غير عاصية بالسفر ولا
يجب على الزوج وللشافعي قول اخر عدم وجوب النفقة على الزوج فيدفع إليها من سهم ابن السبيل النفقة والحمولة معا لحاجتها إلى ذلك وإن خرجت بغير اذنه سقطت نفقتها فلا يدفع إليها من
سهم ابن السبيل لان سفرها معصية وتدفع إليها النفقة من سهم الفقراء بخلاف الناشز في الحضر لأنه يمكنها الرجوع إلى يد الزوج بخلاف المسافرة ولا تدفع إليها الحمولة
لأنها عاصية بالسفر إلا أن تريد الرجوع إلى يد الزوج فيكون سفرها إذا طاعة فيجوز ان يدفع إليها إلى أن تصل إلى يده من سهم ابن السبيل مسألة قد بينا استحباب
التعميم لا وجوبه خلافا للشافعي فلو وجد صنف من أهل السهمان في بلد فإن كان الباقون مفقودين من جميع الأرض فرقها على الموجودين من الأصناف إجماعا لأنه
ليس فيهم معنى الاستحقاق وهؤلاء الأصناف هم أهل الاستحقاق فكانوا أولي بخلاف الموصى لاثنين إذا رد أحدهما فان حقه يرجع إلى الورثة لان الوصية لم يكن مستحقه
عليه وإنما تبرع بها فإذا لم يقبلها رجعت إليه وقام ورثة مقامه والزكاة مستحقه عليه فلم يرجع إليه وإن كان باقي الأصناف موجودين في بلد اخر لم يجز النقل إليه عندنا بل وجب
التفريق على الصنف الموجود في بلد المال لان التعميم مستحب والنقل حرام فلا يرتكب الحرام لفعل المستحب وللشافعية قولان أحدهما وجوب النقل لأنه إنما لم يجز إذا
وجد أهلها وحق الأصناف آكد من حق المكان لأنه لو عدل عن الأصناف مع وجودهم لم يجز قولا واحدا ولو عدل عن المكان فقولان ومنهم من قال إنه على قولين
إن جوزنا النقل وجب نقلها إلى بقية الأصناف وإن حرمناه لم يجز هنا اعتبارا بالمكان الذي هو فيه فإذا قلنا بالنقل فإنه ينقل إلى أقرب المواضع الذي فيه بقية الأصناف
وإن قلنا لا ينقل فنقله أجزأه عندنا وللشافعية قولان ولو عدم جميع الأصناف في بلد المال فإنه ينقل إلى أقرب المواضع إليه ذلك لا بد منه مسألة إذا احتيج
في قبض الصدقة إلى مؤنة الاقباض كما لو احتاجت إلى كيل أو وزن قال الشيخ الأشبه وجوب الأجرة على المالك لان عليه أيضا الزكاة كما أن على البايع أجرة الكيال والوزان
وهو أحد قولي الشافعية والآخر إنها على أهل السهمين لان الواجب في الزكاة مقدر فلا يزاد عليه وأصحهما الأول لان ذلك الايفاء لأنه زيادة في الزكاة إما مؤنة القبض
كأجرة الكاتب والحاسب فإنها على العامل وأما أجرة النقال والحمال فمن الوسط ويحتمل ان يكون على العامل إن قبضها منه وإن نقلها المالك إلى بلد الامام فعلى المالك
إذا ثبت هذا فإذا قبض الساعي الصدقة كان قبضه قبض أمانة إذا تلفت من غير تفريط لم يضمن وكان له الأجرة من سهم المصالح مسألة إذا فوض الامام إلى الساعي
تفرقه الصدقة ينبغي له ان يتعرف المستحقين الصدقة في كل بلد فوض إليه تحصيل صدقة ليفرقها فيه فيعرف أسمائهم وحاجاتهم وقدر كفايتهم فإذا احصى ذلك
جبر الصدقة إنما استحببنا تقديم ذلك لتقع التفرقة عقيب جميع الصدقة ولأنه إذا اشتغل بالجمع أولا ثم شرع في التعريف لم يأمن من تلفها فيضيع على أربابها ثم يعزل
سهم العامل قبل التفريق لأنه يأخذ على طريق المعاوضة فكان استحقاقه أقوى وهذا لو قصر النصيب عن أجرته تمم له ولأنه ربما كان أكثر من أجرته فيرد الباقي
عليهم قبل القسمة أو كان دون أجرته فيتم الباقي له الصدقة على أحد قولي الشافعي تذنيب يعطى العريف الذي يعرف أهل الصدقات والذي يحسب ويكيل ويزن
للقسمة بينهم من نصيب العامل لان ذلك كله من جملة العمل مسألة إذا كان بيد المكاتب ما يفي بمال الكتابة لم يعط شيئا وان قصر جاز أن يأخذ ويتخير الساعي
في الدفع إليه لأنه المصرف والى السيد لأنه المستحق وإنما يدفعه إلى السيد بإذنه لئلا يدفع إليه فينفقه ولو قبضه المكاتب جاز
فإن أراد أن ينفقه منعه من ذلك لأنه اخراج في غير المصرف فان قال الكاتب هذا الذي بيد ولا يفي بمال كتابتي فأريد ان أتجر فيه ليحصل منه ربح مكن من التصرف
فيه والتجارة تحصيلا للمصلحة مسألة يعطى ابن السبيل ما يبلغه من البلد الذي يريده لمضيه وعوده على ما بيناه فان أراد ان يقيم في البلد الذي قصده دون عشرة
أيام أخذ نفقة ذلك لأنه في حكم المسافر وان نوى إقامة عشرة لم يأخذ فيها من سهم ابن السبيل لأنه مقيم والشافعي شرط إقامة ثلاثة لا أزيد ولو طلب الحمولة فإن كان بينه
وبين مقصده سفر طويل أو كان ضعيفا عن القصير دفع إليه وإلا فلا ولو احتاج إلى كسوة لسفره كساه للصيف أو للشتاء إذا عرفت هذا فان السهم يجوز ان يدفعه إلى
واحد عندنا وان وجد أكثر وقال الشافعي لا يجوز ان يدفعه إلى أقل من ثلاثة مع وجودهم فإن لم يجد إلا واحدا فإن كانت كفايته ثلث نصيبهم دفع ذلك إليه وهل
يرد الباقي إلى بقية الأصناف أو ينقله إلى أقرب البلدان قولان فإن كانت كفايته تستغرق النصيب كله قال الشافعي دفع إليه ولا صحابة قولان مسألة صاحب المال
إن كان من أهل الأمصار وأراد تفرقة الزكاة بنفسه ينبغي ان يفرقها في بلد المال على ما تقدم وان يخص بها قوما دون غيرهم والتفضيل والتسوية على ما
قلناه والأقارب أولي من الأجانب فان عدل إلى الأجانب أجزأه إجماعا وليس له نقلها إلى الأقارب إذا بعده كأنهم عن المال إلا بشرط الضمان على ما تقدم وإن
كان من أهل البادية فهم بمنزلة أهل المصر ليس لهم نقل الصدقة من مكان إلى غيره للعموم ولقول الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي
في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر إذا ثبت هذا فان كانوا أهل نجعة يتبعون العشب ومواقع القطر دفعوا صدقتهم إلى من فيهم من الفقراء الذين ينتجعون بانتجاعهم
ويرتحلون بارتحالهم فان وسعت الصدقة للمناسبين منهم والأباعد دفع إلى جميعهم وان ضاقت قدموا المناسبين كل ذلك على جهة الأفضل وان كانوا أهل حلة
246

وموضع ينزلون فيه لا ينتقلون عنه إلا إذا أجدب فإذا أخصب عادوا إليه فحكمهم حكم أهل المصر ومن كان معهم على أقل من مسافة القصر فكالحاضر معهم وإن كانت
المسافة يقصر فيها الصلاة فكالحاضر في البلد هكذا قاله الشيخ وبه قال الشافعي والوجه عندي عدم اعتبار المسافة هنا فلو كان البلد بينه وبين الفقير دون مسافة القصر
لم يجز النقل إلا مع الحاجة ولو كان بين البلدين مسافة لا يقصر فيها الصلاة لم تنقل الصدقة من أحدهما إلى الاخر وبه قال الشافعي لان أحدهما لا يضاف إلى الاخر
ولا ينسب إليه مسألة قد بينا جواز التفضيل والتخصيص ولو لواحد خلافا للشافعي ولا فرق بين الامام والمالك وقد تقدم وقال الشافعي إن كان المفرق
الامام وجب ان يعم الجميع بالعطاء ولا يقتصر على بعضهم ولا ان يخل بواحد منهم لان ذلك غير متعذر على الامام وقد بينا بطلانه أما آحاد الرعية فإن كان
في بلد يتسع صدقته لكفاية أهل السهمان عمهم استحبابا وإن ضاق ماله عنهم جاز له الاقتصار على بعض لا يجب الثلاثة من كل صنف خلافا للشافعي حيث
اعتبر الثلاثة التي هي أقل الجمع في قوله للفقراء ونحن نمنع التملك لأنها لبيان المصرف نعم هو أفضل فان تساوت حاجة الثلاثة سوى بينهم ندبا إجماعا وله التفضيل
عندنا وبه قال الشافعي خلافا للامام عنده لان على الامام ان يعم فكان عليه ان يدفع على قدر الكفاية وليس على الواحد من الرعية ذلك فلم يتعين عليه قدر
الكفاية فان دفع إلى اثنين واخل بالثالث مع وجوده صح الدفع ولا غرم عندنا وأوجب الشافعي الغرم لأنه أسقط حقه ولم يغرم قولان الثلث نص عليه لأنه قد كان له
الاجتهاد والاختيار في التفضيل مع اعطائهم فإذا أخل بواحد سقط اجتهاده فيهم فقد تعين سهمه والثاني يدفع إليه القدر الذي لو دفعه إليه أجزأه وهو أقيس عندهم
مسألة قد بينا إنه يجوز أن يعطى من يجب نفقة من غير سهم الفقراء والمساكين وهل يعط لو كان مؤلفا قال الشيخ نعم وشرط الشافعي الغنى فيه فإن كان فقيرا
لم يعطه من المؤلفة لأنه يعود نفع الدفع إليه وإن كان مسافرا أعطاه ما يزيد على نفقة الحضر من سهم ابن السبيل لأجل السفر لأنه إنما يجب عليه نفقته حاضرا مسألة
لو كانت الصدقة لا يمكن قسمتها بين المتعددين كالشاة والبعير جاز للمالك دفع القيمة عندنا خلافا للشافعي وقد تقدم وجاز له التخصيص لواحد به خلافا له
أيضا وعلى قوله ليس للامام بيعها بل يجمعهم ويسلمه إليهم لان الامام وإن كان يلي عليهم فهو كالوكيل لهم ليس له بيع مالهم في غير موضع الحاجة فان تعذر عليه
نقلها إليهم لسبب بها أو لخوف طريق جاز له بيعها وتفرقة ثمنها لموضع الحاجة مسألة لو أسلم في دار الحرب وأقام بها سنين لا يؤدى بها زكاة أو غلب الكفار
أو الخوارج على بلده وأقام أهله سنين لا يؤدون الزكاة ثم غلب عليهم الامام أدوا لما مضى وبه قال مالك واحمد والشافعي لان الزكاة من أركان الاسلام فلم يسقط
عمن هو في غير قبضة الامام كالصلاة والصوم وقال أصحاب الرأي لا زكاة عليهم لما مضى في المسئلتين معا ولو أيسر المالك لم تسقط الزكاة عنه إذا لم يحل بينه
وبين ماله فإن حيل بينهما قبل التمكن من الأداء سقطت وقال احمد لا تسقط وان حيل بينهما لان تصرفه في ماله نافذ يصح بيعه وهبته وتوكيله فيه وقد سلف
بيان اشتراط تمامية التصرف مسألة لو دفع المالك إلى غيره الصدقة ليفرقها وكان مستحقا لها فان عين المالك له لم يجز التعدي إجماعا فان للمالك
الخيرة في التعيين دون غيره وان لم يعين بل اطلق فلعلمائنا قولان الجواز عملا بالأصل ولأنه مستحق لنصيب منهما وقد أمر بصرفها إلى المستحقين وابرء الذمة بالدفع إلى أربابها
فجاز ان يأخذ لحصول الغاية به لقول الرضا (ع) وقد سأله عبد الرحمن بن الحجاج عن الرجل يعطى الرجل الدراهم يقسمها ويضعها في مواضعها وهو ممن تحل له
الصدقة قال لا بأس ان يأخذ لنفسه كما يعطى لغيره قال ولا يجوز له ان يأخذ إذا أمره أن يضعها في مواضع مسماة إلا بإذنه والثاني المنع لان الامر بالدفع والتفريق يستلزم
المغايرة بين الفاعل والقابل والأولى أقرب إذا ثبت هذا فإنه يأخذ مثل ما يعطى غيره ولا يجوز ان يفضل نفسه لقوله (ع) لا بأس ان يأخذ لنفسه كما يعطى لغيره ولقول
الكاظم (ع) في رجل اعطى مالا يفرقه فيمن يحل له أله أن يأخذ منه شيئا لنفسه ولم يسم له قال يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطى غيره ويجوز ان يدفع إلى من تجب نفقته عليه
كولده وزوجته وأبويه مع الاستحقاق إجماعا وان عاد النفع إليه مسألة قد بينا انه ينبغي لقابض الصدقة الدعاء لصاحبها فيقول آجرك الله فيما أعطيت وجعله
لك طهورا وبارك الله لك فيما أبقيت وفى وجوبه للشيخ والشافعي قولان تقدما وهل يقول صلى الله عليك منع منه الشافعية لان الصلاة صارت مخصوصة بالأنبياء
والملائكة (على) فلا تستعمل في حق غيرهم فهو كما أن قولنا عز وجل مختص بالله تعالى فكما لا يقال محمد عز وجل وإن كان عزيزا جليلا كذا لا يقال صلى الله عليك
لغير الأنبياء وقيل بالجواز لان النبي (ع) قال لآل أبى اوفى اللهم صلى على آل أبي اوفى واتفقوا على تجويز جعل غير الأنبياء تبعا كما يقال اللهم صلى على
محمد وآل محمد والمراد به عند أكثر الشافعية بنو هاشم وبنو عبد المطلب الباب الثاني في زكاة الفطرة وفيه فصول الأول من يجب عليه مقدمة زكاة الفطرة
واجبة بإجماع العلماء وقال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن صدقة الفطرة فرض وقال اسحق هو كالاجماع من أهل العلم وزعم ابن عبد البر ان بعض المتأخرين من
أصحاب مالك وداود يقولون سنة مؤكدة وساير العلماء على وجوبها لقوله تعالى قد أفلح من تزكى روى عن أهل
البيت (على) إنها نزلت في زكاة الفطرة
ولقول رسول الله صلى الله عليه وآله فرض زكاة الفطرة من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر وعبد ذكرا وأنثى من المسلمين ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) كل من ضممت على عيالك من حر أو مملوك فعليك أن تؤدى الفطرة عنه إذا ثبت هذا فقال أبو حنيفة إنها واجبة وليس فرضا و
قال الباقون هي فرض والأصل في ذلك ان أبا حنيفة كان يخص الفرض بما ثبت بدليل مقطوع به والواجب ما ثبت بدليل مظنون وقد بينا الاجماع على الوجوب
وهو قطعي وأضيفت هذه الزكاة إلى الفطرة لأنها تجب بالفطرة من رمضان وقال ابن قتيبة وقيل لها فطرة لان الفطرة الخلقة وقال تعالى فطرة الله أي جبلته وهذه
يراد بها الصدقة عن البدن والنفس كما كانت الأولى صدقة عن المال مسألة البلوغ شرط في الوجوب فلا تجب على الصبى قبل بلوغه موسرا كان أو معسرا سواء كان له
أب أو لا وإن وجبت على الأب عنه عند علمائنا أجمع وبه قال محمد بن الحسن والشعبي صدقة الفطرة على من صام من الأحرار والرقيق لقوله (ع) رفع القلم عن ثلاثة عن
الصبى حتى يبلغ وظاهره سقوط الفرض والحكم ولأنه غير مكلف وليس محلا للخطاب فلا يتوجه اطلاق الامر إليه ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) وقد سئل عن الوصي يزكى زكاة الفطرة
عن اليتامى إذا لم يكن لهم مال فقال لا زكاة على مال اليتيم وقول الصادق (ع) ليس في مال اليتيم زكاة وليس عليه صلاة حتى يدرك فإذا أدرك كان عليه مثل ما على غيره من
الناس وأطبق الجمهور على وجوب الزكاة في ماله ويخرج عنه الولي لعموم قوله إن رسول الله صلى الله عليه وآله فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من
شعير على كل حر وعبد ذكر أو أنثى ولا دلالة فيه لانصراف الوجوب إلى أهله لقوله تعالى ولله على الناس حج البيت مسألة وليس الحضر فيها شرطا بل تجب على أهل البادية
عند أكثر العلماء وبه قال ابن الزبير وسعيد بن المسيب والحسن ومالك والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي للعموم ولأنها زكاة فوجبت عليهم كزكاة المال قال عطا والزهري وربيعة
لا صدقة عليهم وهو غلط مسألة والعقل شرط في الوجوب عند علمائنا أجمع والبحث فيه كما تقدم في الصبى وكذا لا تجب على من أهل شوال وهو مغمى عليه مسألة يشترط
247

فيه الحرية فلا تجب الزكاة على العبد عند علمائنا أجمع بل تجب على مولاه اخراجها عنه وبه قال جميع الفقهاء لأنه لا مال له ولقول النبي صلى الله عليه وآله ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه
صدقة إلا صدقة الفطرة في الرقيق وقال داود تجب على العبد وتلزم الموالى اطلاقه ليكتسب ويخرجها عن نفسه لعموم قوله (ع) على كل حر وعبد ونحن نقول بموجبه إذ الزكاة
تجب على المالك فروع - آ - العبد لا يجب عليه أن يؤدى عن نفسه ولا عن زوجته سواء قلنا إنه يملك أو أحلناه - ب - المدبر وأم الولد كالقن - ج - لا فرق بين ان يكون العبد في نفقة مولاه
أو لا في عدم الوجوب عليه مسألة يشترط فيه الغنى فلا يجب على الفقير ولا يكفي في وجوبها القدرة عليها عند أكثر علمائنا وبه قال أصحاب الرأي لقوله (ع) لا صدقة إلا
عن ظهر غنى والفقير لا غنى له فلا تجب عليه ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) وقد سئل عن الرجل المحتاج صدقة الفطرة قال ليس عليه فطرة وسئل الصادق (ع) رجل يأخذ من الزكاة عليه صدقة الفطرة قال لا وقال (ع)
لا فطرة على من أخذ الزكاة ولأنه تحل له الصدقة فلا تجب عليه كمن لا يقدر عليها ولأنها تجب جبرا للفقير ومواساة له فلو وجبت عليه كان اضرارا به وتضييقا وقال بعض
علمائنا ونقله الشيخ (ره) في الخلاف عن كثير من أصحابنا وجوبها على من قدر عليها فاضلا عن قوته وقوت عياله ليوم وليلة وبه قال أبو هريرة وأبو العالية والشعبي وعطا وابن
سيرين والزهري ومالك وابن المبارك والشافعي واحمد وأبو ثور لقوله (ع) أدوا صدقة الفطر صاعا من قمح عن كل انسان صغير أو كبير حرا ومملوك غنى أو فقير ذكر
أو أنثى أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما اعطى ولأنه حق مالي لا يزيد بزيادة المال فلا يعتبر وجود النصاب فيه كالكفارة والحديث نقول بموجبه فإنها
تجب على الغنى عن الفقير الذي يعوله والفرق انها زكاة تطهر فاعتبر فيهما المال كزكاة المال أما الكفارة فإنها وجبت لاسقاط الذنب مسألة وحد الغنى هنا ما تقدم في صدقة
المال وهو أن يملك قوته وقوت عياله على الاقتصاد حولا فمن ملك ذلك أو كان له كسب أو صنعة تقوم بأوده وأود عياله مستمرا وزيادة صاع وجب عليه دفعها لان
وجود الكفاية يمنع من أخذ الزكاة فتجب عليه لقول الصادق (ع) من حلت له لا تحل عليه ومن حلت عليه لا تحل له وقال الشيخ في المبسوط ان يملك نصابا زكويا وفى
الخلاف ان يملك نصابا أو ما قيمته نصاب وبه قال أبو حنيفة لوجوب زكاة المال عليه وإنما تجب على الغنى فتلزمه الفطرة والثانية ممنوعة تذنيب يستحب للفقير
اخراجها عن نفسه وعياله ولو استحق أخذها ودفعها مستحبا ولو ضاق عليه أدار صاعا على عياله ثم تصدق به على الغير للرواية مسألة الاسلام
ليس شرطا في الوجوب بل تجب على الكافر الفطرة وإن كان أصليا عند علمائنا أجمع لكن لا يصح منه أداؤها لأنه مكلف بفروع العبادات فصح تناول الخطاب له
فيجب عليه كما تجب على المسلم عملا بعموم اللفظ السالم عن معارضته مانعية الكفر كغيرها من العبادات وإنما قلنا بعدم الصحة لو أداها لأنها عبادة تفتقر إلى
النية وقال الجمهور لا تجب عليه لان الزكاة طهرة والكافر ليس من أهلها وهو ممنوع لامكان الطهرة بتقدم اسلامه ومن شرطها النية وقد كان يمكنه
تقديمها فروع - آ - لو أسلم بعد فوات الوقت سقطت عنه إجماعا لقوله (ع) الاسلام يجب ما قبله - ب - لو كان الكافر عبدا لم تجب عليه الفطرة وتجب
عنه لو كان المالك مسلما على ما يأتي - ج - المرتد إن كان عن فطرة لم تجب عليه لانتقال أمواله إلى ورثته فهو فقير ولأنه مستحق للقتل في كل آن فيضاد الوجوب
عليه وإن كان عن غير فطرة وجبت عليه وان حجر الحاكم على أمواله لامكان رجوعه وتوبته فيزول حجره ولا تسقط عنه بالاسلام بخلاف الكافر الأصلي - د - لو كان
للكافر عبد مسلم وجبت عليه الفطرة عنه لكنه لا نكلف اخراجها عنه وهو قول أكثر العلماء وقال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه العلم ان لا صدقة على الذمي
في عبده المسلم لأنها عبادة فتفتقر إلى النية ولا تصح من الكافر ولأنه لا يكلف الفطرة عن نفسه فلا يكلف عن غيره وقال احمد يلزم بالاخراج عنه لأنه من أهل
الطهرة فوجب ان يؤدى عنه الزكاة وهو ممنوع لأنه فقير فلا تجب عليه الفطرة وهذا إنما يتم عندنا لو تعذر بيعه عليه أو كان قد أسلم اخر جزء من الشهر ثم يهل قبل
البيع مسألة الفطرة واجبة على المسلمين من أهل الحضر والبادية عند علمائنا أجمع وبه قال أكثر العلماء وجميع الفقهاء للعموم وقال عطاء وعمر بن العبد العزيز
وربيعة بن أبي عبد الرحمن والزهري لا فطرة على أهل البادية وهو مدفوع بالاجماع الفصل الثاني في من يخرج عنه مسألة يجب على المكلف بها
أن يخرجها عن نفسه بلا خلاف بين العلماء في ذلك وعن جميع من يعوله من صغير وكبير وعبد ذكر أو أنثى
مسلم أو كافر عند علمائنا أجمع وبه قال عمر بن
عبد العزيز وعطا ومجاهد وسعيد بن جبير والنخعي والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي لقوله (ع) أدوا عن كل حر وعبد كبير أو صغير يهودي أو نصراني أو مجوسي
نصف صاع من بر ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) على الرجل ان يعطى عن كل من يعول من حر وعبد وصغير وكبير وهو على اطلاقه يتناول
الكافر والمسلم وقول الصادق (ع) يؤدى الرجل زكاته عن مكاتبه ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي وما أغلق عليه بابه وهو وإن كان مرسلا إلا أن
علماؤنا أفتوا بموجبه ولان كل زكاة وجبت بسبب عبده المسلم وجبت بسبب عبده الكافر كزكاة التجارة وقال مالك والشافعي واحمد وأبو ثور لا يخرج عن العبد
الكافر ولا عن الصغير المرتد لقول ابن عباس فرض رسول الله صلى الله عليه وآله زكاة الفطرة طهرة للصائم من الرفث واللغو والكافر ليس من أهل الطهرة ولا دلالة
في قول الصحابي إذ لا حجة فيه ولان الأصل ذلك وغيره يجب بالتبع ولأنها تجب عن الطفل وليس أهلا للصوم مسألة ولا فرق بين أن تكون العيلولة واجبة
أو تبرعا مثل ان يضم أجنبيا أو يتيما أو ضيفا ويهل الهلال وهو في عياله عند علمائنا أجمع وهو رواية عن أحمد لقوله (ع) أدوا زكاة الفطرة عمن تمونون والمتبرع
بنفقته ممن يمون ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من ضممت إلى عيالك من حر أو عبد فعليك ان تؤدى الفطرة عنه وسأل عمر بن يزيد الصادق (ع)
عن الرجل يكون عنده الضيف من اخوانه فيحضر يوم الفطر يؤدى عنه الفطرة قال نعم ولأنه شخص ينفق فيلزمه فطرته كعبده وقال باقي الجمهور لا تجب بل تستحب لان مؤنته
ليست واجبة فلا تلزمه الفطرة عنه كما لو لم يعله والفرق وجود المناط وهو العيلولة في المعال دون غيره مسألة سبب وجوب العيلولة ثلثة الزوجية والقرابة والملك
بلا خلاف على ما يأتي وهي سبب في وجوب الفطرة فيجب على الرجل الموسر الفطرة عن زوجته الحرة عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي واحمد وإسحاق لقول ابن عمر
فرض رسول الله صلى الله عليه وآله صدقة الفطرة عن كل صغير وكبير حر وعبد ممن تمونون ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله فرض
صدقة الفطرة عن الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى ممن تمونون ولان النكاح سبب تجب به النفقة فوجبت به الفطرة كالملك والقرابة وقال أبو حنيفة
والثوري وابن المنذر من الشافعية لا تجب عليه فطرة زوجته وعليها فطرة نفسها لقوله (ع) صدقة الفطر على كل ذكر وأنثى ولأنها زكاة فوجبت عليها كزكاة مالها ونحن
نقول بموجب الحديث لكن الزوج يتحمل عنها الوجوب جمعا بين الأدلة وزكاة المال لا تتحمل بالملك والقرابة فافترقا مسألة الوالد الموسر تجب عليه فطرة أبيه المعسر وبه
قال الشافعي لأنه تجب عليه نفقته فتجب عليه فطرته للحديث وقال أبو حنيفة لا تجب عليه فطرة الأب وان وجبت نفقته وكذا يجب على الجد فطرة ولد الولد مع العيلولة
وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تجب مسألة الولد إن كان صغيرا معسرا وجبت نفقته على والده وعليه فطرته عنه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لكن أبو حنيفة أوجبها
248

عليه باعتبار الولاية وعندنا باعتبار العيلولة وعند الشافعي باعتبار وجوب النفقة عليه وإن كان موسرا قال الشيخ لزم أباه نفقته وفطرته وبه قال محمد بن الحسن
لان كل خبر روى في أنه تجب الفطرة على الرجل يخرجها عن نفسه وعن ولده يتناول هذا الموضع فعلى مدعى التخصيص الدلالة وقال مالك وأبو يوسف والشافعي نفقته
وفطرته من مال نفسه والوجه عندي ان نفقته في ماله ولا فطرة على أبيه إلا أن يعوله متبرعا لأنه لم يعله ولا على الصغير لصغره فقدم عدم شرط البلوغ في حقه أما الولد
الكبير فإن كان موسرا فله حكم نفسه بالاجماع وإن كان فقيرا كانت نفقته وفطرته على أبيه وكذا البحث في الوالد والجد والجدة والام وولد الولد حكمه حكم الولد للصلب
فروع - آ - لا تجب الزكاة على الجنين باجماع العلماء قال ابن المنذر كل من يحفظ عنه من علماء الأمصار لا تجب على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن امه وعن أحمد
رواية انها تجب لأنه ادمى تصح الوصية له وبه ويرث فيدخل في عموم الاخبار وتقاس على المولود وليس بجيد لمخالفة الاجماع ولأنه جنين فأشبه أجنة البهائم ولان
احكام الدنيا لم تثبت له إلا الوصية والإرث بشرط خروجه حيا - ب - المولود تجب الزكاة عنه وان ولد ليلة الهلال قبله بلا فصل - ج - الكبير المعسر لو وجد ليلة
الهلال قدر قوت ليلة العيد ويومه سقطت الزكاة عن أبيه إذا لم يعله لسقوط النفقة عنه وعن الولد لفقره وبه قال الشافعي ولو كان المعسر صغيرا ووجد قدر
هذا القوت فكذلك وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ان فطرته لا تسقط لان نفقته آكد فإنها قد ثبت في الذمة لان للام ان تستقرض على الأب الغايب لنفقة الصغير
ونفقة الكبير لا تثبت في الذمة بحال والفرق ممنوع لان نفقة الكبير قد تثبت لو استدان له الحاكم عن الأب مسألة يجب الاخراج عن الضيف وان تبرع باطعامه
مسلما كان أو كافرا حرا أو عبدا عند علمائنا أجمع وقد تقدم الخلاف في التبرعات لكن اختلف علمائنا فقال بعضهم يشترط الضيافة جميع شهر رمضان وشرط آخرون
ضيافة العشر الأواخر واقتصر آخرون على اخر ليلة في الشهر بحيث يهل هلال شوال وهو في ضيافته وهو الأقوى لقوله (ع) ممن تمونون وهو صالح للحال
والاستقبال وحمله على الحال أولي لأنه وقت الوجوب وإذ علق الحكم على وصف ثبت مع ثبوته لا قبله ولا بعده ولاطلاق اسم الضيف عليه عند الهلال الفصل الثالث
في قدرها وجنسها مسألة الجنس في الفطرة ما كان قوتا غالبا كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط واللبن لرواية أبي سعيد قال فرض رسول الله صلى الله عليه وآله
صدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط ومن طريق الخاصة قول العسكري (ع) ومن سكن البوادي من الاعراب فعليهم
الأقط ولأنه مقتات فجاز إخراجه كالبر وهذا عام فيمن قوته الأقط ومن لم يكن وفيمن وجد الأصناف المنصوص عليها ومن لم يجد وقال أبو حنيفة لا يخرج من الأقط
إلا على وجه القيمة وعن أحمد روايتان في الواجد إحديهما الأجزاء كقولنا والاخرى المنع لان الأقط جنس لا تجب الزكاة فيه فلا يجزى اخراجه للواجد غيره من باقي الأصناف وقول أبي سعيد كنا نخرج صاعا من أقط وهم من أهل الأمصار ويبطله واما اللبن فإنه يجوز اخراجه عند علمائنا أجمع لكل
أحد سواء قدر على غيره من الأجناس أو لا وهو قول احمد في رواية وحكاه أبو ثور عن الشافعي لأنه يقتات به ولأنه أكمل من الأقط لامكان حصول الأقط منه ولقول
الصادق (ع) الفطرة على كل قوم ما يغذون عيالاتهم لبن وزبيب أو غيره وعن أحمد رواية انه لا يجزى اللبن بحال لعدم ذكره في خبر أبي سعيد وعدم ذكره
فيه لا يدل على العدم وعنه أخرى انه يجزى عند عدم الأصناف وأما الأرز فإنه أصل عند علمائنا لأنه يقتات به ولقول أبى الحسن العسكري (ع) وعلى
أهل طبرستان الأرز ومنع منه احمد لعدم ذكره في خبر أبي سعيد وقد سبق مسألة يجوز اخراج ما كان قوتا وإن
غاير الحنطة والشعير والتمر والزبيب واللبن والأقط مع وجودها
وعدمها بالقيمة عند علمائنا وهو رواية عن أحمد لقوله (ع) أغنوهم عن الطلب وهو يحصل بالقوت ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الفطرة على كل من أصاب قوتا
فعليه أن يؤدى من ذلك القوت وعن أحمد رواية انه لا يجزى إلا الخمسة المنصوصة إلا مع عدمها وقال مالك يخرج من غالب قوت البلد وقال الشافعي أي قوت كان الأغلب على
الرجل أدى زكاة الفطرة منه واختلف أصحابه فقال بعضهم بقول مالك وقال بعضهم الاعتبار بغالب قوت المخرج فان عدل عن الواجب إلى أعلا منه جاز والى أدون قولان.
فروع - آ - السلت نوع من الشعير أو شبهه مقتات فيجزى بالأصالة إن كان شعيرا وإن شابهه فبالقيمة وكذا العلس بالنسبة إلى الحنطة - ب - يجوز اخراج الدقيق من الحنطة والشعير
والسويق على أنهما أصلان وبه قال احمد وأبو حنيفة لقوله (ع) أو صاعا من دقيق ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق (ع) صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو
نصف ذلك كله حنطة أو دقيق أو سويق أو سلت ولأنها اجزاء الحب تفرقت ويمكن كيلها وادخارها فجاز اخراجها كالحب قبل الطحن - ج - يجوز اخراج الخبز أصلا لأنه يقتات به ولأنه
أنفع ولان الانتفاع الذاتي وهو الاغتذاء إنما يتم بصيرورتها خبزا فكفاية الفقير مؤنة ذلك أولي ومنع احمد من ذلك لخروجه عن الكيل والادخار وهو غلط لان الغاية
الذاتية حاصلة فلا اعتبار بالامر العرضي - د - لا يجزى اخراج الهريسة والكبولا وشبههما ولا الخل والدبس إلا بالقيمة لانتفاء الاقتيلات - ه‍ - لا يجوز اخراج المعيب كالمسوس و
المبلول ومتغير الطعم لقوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون - و - يستحب تنقية الطعام لسلامته عن مخالطة غيره ولو كان المخالط كثيرا بحيث يعد عيبا وجبت تنقيته
ولو لم يكثر جاز ولا تجب الزيادة على الصاع إذا كان يخرج بالصاع عادة - ز - من أي الأصناف المنصوص عليها اخرج جاز وان لم يكن قوتا له ولا لبلده وبه قال احمد للامتثال
لورود الامر بحرف التخيير وقال مالك يخرج من غالب قوت البلد مسألة قد بينا إنه يجوز اخراج أحد هذه الأجناس المنصوص عليها وإن كان غالب قوت البلد غيرها عند
علمائنا وللشافعي قولان هذا أحدهما للتخيير في الخبر وفى الاخر لا يجوز لقوله (ع) أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم وإنما يحصل بقوت أهل البلد وهو ممنوع مسألة أفضل
هذه الأجناس اخراج التمر ثم الزبيب ثم غالب قوته وبأولوية التمر على الباقي قال مالك واحمد اقتداء بأفعال الصحابة وأقوال الصادق (ع) التمر في الفطرة أفضل من غيره ولأنه أسرع منفعة وأقل كلفة ولاشتماله على القوت والحلاوة فكان أولي وقال الشافعي وأبو عبيدة
البر أولي لأنه أغلى ثمنا وأنفسها وقد سئل (ع) عن أفضل الرقاب فقال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها والأولى ممنوعة واما أولوية الزبيب بعده فلما تقدم في
التمر من اشتماله على الحلاوة والقوت وقلة كلفة التناول وسرعته وبه قال بعض الحنابلة وقال الباقون الأفضل بعد التمر البر مسألة ويجوز اخراج القيمة عند
علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري والثوري وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة لان معاذا طلب من أهل اليمن العوض وكان عمر بن الخطاب يأخذ العوض في الصدقة ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) لا بأس بالقيمة في الفطرة ولان القيمة أعم نفعا وأكثر فايدة ولان الغاية دفع الحاجة وهو يحصل مع اختلاف صور الأموال ومنع الشافعي و
مالك واحمد من ذلك لما فيه من العدول عن النص وهو ممنوع فان ايجاب نوع لا يمنع من غيره وعن أحمد رواية أخرى انه لا تجزى القيمة في الفطرة خاصة تذنيب
لا قدر معين في القيمة بل المرجع فيه إلى القيمة السوقية لان الواجب العين والقيمة السوقية بدل فتعتبر وقت الاخراج وما ورد من التقدير بدرهم أو أربعة دوانيق محمول على أن القيمة وقت السؤال عنه كانت
ذلك مسألة وقدر الفطرة عن كل رأس صاع من أحد الأجناس وبه قال مالك والشافعي واحمد وإسحاق وأبو سعيد الخدري والحسن وأبو العالية لقول أبي سعيد الخدري كنا
نخرج صاعا من طعام ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله وقال سعيد بن المسيب وعطا وطاوس ومجاهد وعروة بن الزبير وأصحاب
الرأي يجزى نصف صاع من البر وعن أبي حنيفة في الزبيب روايتان إحديهما صاع والاخرى نصف صاع لما روى عن النبي (ص) قال صاع من قمح بين كل شئ
249

وأنكر ابن المنذر هذا الحديث مسألة والصاع أربعة امداد والمد رطلان وربع بالعراقي قدره مائتان واثنان وتسعون درهما ونصف والدرهم ستة دوانيق والدانق
ثمان حبات من أوسط حبات الشعير يكون قدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني عند علمائنا لان النبي (ع) كان يتوضأ بمد ويغتسل بصاع مع كثافة شعره
وتمام خلقه واستظهاره في أفعال الغسل وفعله للمندوب منه من المضمضة والاستنشاق وتكرار الغسلات ويتعذر ذلك فيما هو أقل ومن طريق الخاصة قول أبى الحسن
العسكري (ع) يدفع الصاع وزنا ستة أرطال برطل المدنية والرطل مئة وخمسة وتسعون درهما وفى رواية عنه (ع) الصاع ستة أرطال بالمدني وتسعة أرطال
بالعراقي وقال أبو حنيفة الصاع ثمانية أرطال لقول انس انه (ع) كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع والمد رطلان وليس حجة لأنه من كلام الراوي مع أن الحديث
طعنوا فيه وقال الشافعي الصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي وبه قال مالك واحمد وإسحاق وأبو يوسف لان الرشيد غير الصاع بالمدينة وكان ذلك وهو مسلم فان
أرطال المدينة تقارب ذلك مسألة ويجزى من اللبن أربعة أرطال بالمدني هي ستة بالعراقي لخلوصه من الغش وعدم احتياجه إلى مؤنة فروع - آ - الأصل
في الاخراج الكيل وقدره العلماء بالوزن لأنه أضبط فيجزئه الصاع من جميع الأجناس سواء كان أثقل أو أخف ولو اخرج بالوزن فالوجه الأجزاء وان نقص عن الكيل و
منع محمد بن الحسن الشيباني لما فيه من الاختلاف فان في البر أثقل واخف - ب - لو اخرج صاعا من جنسين أجزأ وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه اخرج من المنصوص عليه و
لان أحد النصفين إن ساوى الاخر قيمة أو كانت أنقص أو أكثر أجزأ ومنع الشيخ منه وبه قال الشافعي لأنه مخالف للخبر وهو ممنوع - ج - الأقرب اجزاء أقل من صاع من جنس
أعلا إذا ساوى صاعا من أدون كنصف صاع من حنطة يساوى صاع يتعسر لان القيمة لا تخص عينا ولان في بعض الروايات صاع أو نصف صاع حنطة وإنما يحمل على
ما اخترناه الفصل الرابع في الوقت مسألة تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان وبه قال الشافعي في الجديد واحمد وإسحاق والثوري ومالك
في إحدى الروايتين لقوله (ع) فرض زكاة الفطر طهرة للصائم ولا يصدق عليه يوم العيد اسم الصوم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) انه سئل
عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة قال لا قد خرج الشهر وسئل عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة قال لا ولأنها تضاف إلى الفطرة فتجب به كزكاة المال لاقتضاء
الإضافة الاختصاص والسبب أخص بحكمه من غيره وقال بعض علمائنا أنها تجب بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر وبه قال الشافعي في القديم وأبو حنيفة وأصحابه ومالك في
الرواية الأخرى وأبو ثور لقوله (ع) أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم ولا دلالة فيه بحصول الاغناء بالدفع ليلة
الفطر ولأنها واجب موسع فالوجوب بالغروب
والاخراج قبل الصلاة وقال بعض أصحاب مالك تجب بطلوع الشمس يوم الفطر للامر بالاخراج إلى المصلى ولا حجة فيه وللشافعي ثالث إنما تجب بمجموع
الغروب وطلوع الفجر لتعلقها بالفطر والعيد وهو يصدق فيما قلناه أيضا مسألة لو ولد له مولود أو ملك عبدا أو تزوج أو بلغ قبل الغروب بلحظة
وجبت عليهم الفطرة عنهم ولو كان بعد الغروب سقطت وجوبا لا استحبابا إلى الزوال ولو تجدد ذلك بعد الزوال يوم الفطر سقط الاستحباب أيضا وكذا
لو بلغ أو أسلم أو زال جنونه أو استغنى قبل الهلال وجبت عليه واستحب لو كان بعده قبل الزوال وبعده يسقط الاستحباب أيضا لان معوية بن عمار سأل
الصادق (ع) عن مولود ولد ليلة الفطر عليه فطرة قال لا قد خرج الشهر وسأله عن يهودي أسلم ليلة الفطر عليه فطرة قال لا فروع - آ - لو اتهب عبدا
فأهل شوال قبل القبض فالزكاة على المواهب وبه قال الشافعي لان القبض شرط ملك المتهب وقال مالك الزكاة على المتهب لان القبض ليس شرطا وسيأتى
بطلانه ولو مات فقبض الوارث قبل شوال فلا انتقال أيضا - ب - لو مات ولده أو عبده أو أعتقه أو باعه أو ماتت زوجته أو طلقها قبل الغروب فلا زكاة عليه إجماعا
وتجب بعده وعلى اعتبار الوقتين الغروب والطلوع كما هو مذهب الشافعي لو طلق زوجته أو زال ملكه وسط الليل ثم عاد في الليل ففي الزكاة عند الشافعية
وجهان - ج - لو مات العبد بعد الهلال قبل امكان أداء الزكاة عنه وجب الاخراج عنه لوجود السبب وقال بعض الشافعية تسقط لتلف المال الذي هو سبب الوجوب
كالنصاب والفرق ان الزكاة تجب في عين النصاب فسقطت وهنا الزكاة في الذمة فلا تسقط بتلف السبب - د - لو اوصى له بعبد ثم مات بعد الهلال فالزكاة عليه
لعدم الانتقال وقبله إن قبل الموصى له قبله فعليه لتحقق الملك قبل الهلال وبعده قال الشيخ لا زكاة لانتفاء المالك والوجه وجوب الزكاة على الموصى ان
جعلنا القبول سببا أو شرطا في الملك وان جعلناه كاشفا فعلى الموصى له وللشافعي كالقولين وله ثالث انه يدخل في ملك الموصى له بغير اختياره بموت الموصى
والزكاة عليه - ه‍ - لو مات الموصى له قام وارثه مقامه في القبول فان قبل قبل الهلال فعليه في ماله وعلى القول بالكشف تجب في مال الموصى له - و - لو مات وعليه دين
بعد الهلال ففطره عبده عليه لوجود المقتضى ولو قصرت التركة تحاص الديان وأرباب الزكاة وإن مات قبله قال الشيخ لا تلزم أحد فطرته لعدم الانتقال إلى الوارث
فإنه لا يرث قبل الدين ولا إلى الديان للآية والوجه ثبوتها على الوارث لامتناع ثبوت ملك لا مالك له وعدم صالحية الميت للملك والدين لا يملكون وإلا لم يزل
عنهم بالابراء ولان الحالف مع الشاهد هو الوارث لا الديان ولأنه لو مات بعض الورثة ثم ابرى الميت كانت التركة بين الحي وورثة الميت والآية محمولة على القسمة - ز -
لو ملك الولد قبل الهلال قوت يوم العيد سقط عن والده نفقة ذلك اليوم فإن لم يعله فلا زكاة عليه ولا على الولد الفقرة - ح - لو وقع بين المعتق نصفه وبين المولى
مهاياة فوقعت نوبة الهلال على أحدهما احتمل اختصاصه بالفطرة لاختصاصه بالعيلولة والشركة لأنه كالنايب عن صاحبه مسألة يستحب اخراج يوم العيد قبل الخروج إلى
المصلى ويتضيق عند الصلاة لان ابن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وآله فرض زكاة الفطرة طهرة للصايم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة
فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ومن طريق الخاصة عن الصادق (ع) نحوه ولان الغرض اغناء الفقير عن السعي فيه وإنما يتحقق
قبل الصلاة فروع - آ - لو أخرها عن صلاة العيد اختيارا أتم عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان الاغناء في اليوم إنما يتحقق بالاخراج قبل الصلاة ولان العيص سأل الصادق
(ع) عن الفطرة متى قال قبل الصلاة يوم الفطر ولأنها تأخير للواجب وقته فكان حراما وقال مالك وعطا واحمد وأصحاب الرأي يكره وليس بمحرم وعن أحمد رواية
بالجواز من غير كراهية ولو أخرها عن يوم العيد قال احمد يأثم وعليه القضاء وقال ابن سيرين والنخعي انهما رخصا في تأخيرها عن يوم العيد - ب - لو تمكن من اخراجها يوم
العيد ولم يخرج أثم على ما تقدم ولا تسقط عنه بل يجب عليه قضاؤها إذ البراءة من الامر بالاخراج إنما يحصل به ولو لم يتمكن فلا إثم إن كان قد عزلها أخرجها مع الامكان لتعيينها
للصدقة فلا تسقط لفوات الوقت كما لو عدم مستحق زكاة المال وان لم يكن عزلها فعليه القضاء أيضا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقيل تسقط وليس بمعتمد وقيل تكون
أداء وليس بجيد لأنها عبادة فات وقتها قبل فعلها فكانت قضاء - ج - يجوز العزل كزكاة المال فإذا عزلها ولم يخرجها مع القدرة ضمن وإن لم يتمكن فلا ضمان وقال احمد يضمنها
مطلقا ويجوز نقلها إلى غير البلد مع عدم المستحق فيه لا مع وجوده فيه ويجوز اخراجها من المال الغايب عنده والأفضل اخراجها في بلد المالك وتفريقها فيه - د - يجوز تقديم
250

الفطرة من أول رمضان لا عليه عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي لان سبب الصدقة الصوم والفطر عنه فإذا وجد أحدهما جاز تعجيلها لزكاة المال بعدم ملك النصاب ولقول
الباقر والصادق (ع) وهو في سعة ان يعطها في أول يوم يدخل في شهر رمضان وقال أبو حنيفة يجوز تقديمها من أول الحول لأنها زكاة مخرجة عن ندبه فإذا كان
المخرج عنه موجودا جاز اخراجها قبل الوقت كزكاة المال بعد وجود النصاب وزكاة الفطر سببها الفطر لاضافتها إليه على انا نمنع حكم الأصل وقال احمد يجوز
تقديمها قبل الهلال بيوم أو يومين خاصة وقال بعض الجمهور يجوز تقديمها من بعد نصف الشهر البحث الخامس في المستحق مسألة مصرف زكاة الفطر
مصرف زكاة المال لعموم قوله تعالى إنما الصدقات الآية ولا يجوز دفعها إلى من لا يجوز دفع زكاة المال إليه فلا يدفع إلى الذمي عند علمائنا وبه قال مالك والليث والشافعي وأبو ثور
واحمد لأنها زكاة فلا تدفع إلى غير المسلم كزكاة المال وقد أجمع العلماء على منع الذمي من زكاة المال إلا لمصلحة التالف وقال أبو حنيفة يجوز لقوله (ع) تصدقوا
على أهل الأديان ونمنع صحة السند ويحمل على المندوبة مسألة ويشترط في المدفوع إليه الايمان سواء وجد المستحق أو لا وينتظر بها ويحمل من بلده مع عدمه إلى بلد
اخر ولا يعطى المستضعف خلافا للشيخ لقول الباقر والصادق (ع) الزكاة لأهل الولاية وسئل الرضا (ع) عن الزكاة وهل توضع فيمن لا يعرف قال لا
ولا زكاة الفطرة ولو دفع إلى غير المؤمن أعاد لأنه دفع الحق إلى غير مستحقه فيبقى في العهدة ولو كان الدافع غير مؤمن ثم استبصر أعاد أيضا للرواية وكذا يشترط فيه كلما يشترط في
مستحق زكاة المال من الفقر وعدم وجوب الانفاق عليه ويجوز صرفها في الأصناف الثمانية لأنها صدقة فأشبهت صدقة المال مسألة ويجوز دفعها إلى الواحد
عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك وأبو ثور واحمد وابن المنذر لورود الآية ببيان المصرف وقال الشافعي يجب تفرقة الصدقة على ستة أصناف ودفع حصته
كل صنف إلى ثلثة منهم وقد سبق البحث فيه ويجوز للجماعة دفع صدقتهم الواجبة إلى الواحد دفعة واحدة وعلى التعاقب ما لم يبلغ حد الغناء وكذا يجوز للواحد دفع
صدقته الواجبة إلى الجماعة إجماعا مسألة ويكره أن يملك ما أخرجه صدقة اختيارا بشراء أو غيره لأنها طهرة له يكره له أخذها وقال الجمهور لا يجوز شراؤها لقوله
(ع) العايد في صدقته كالعايد في قيئه وجوز الشافعي واحمد في رواية تملكها بغير شراء اختيارا كما لو دفعها إلى مستحقها فاخرجها أخذها إلى دافعها أو جمعت الصدقة
عند الامام نفرقها على السهمان فعادت صدقته إليه وفى الرواية الأخرى عن أحمد تحريم ذلك قياسا على الشراء والأصل ممنوع أما لو عادت إليه بغير اختياره كميراث أو
قضاء دين فإنه جايز غير مكروه إجماعا مسألة ويستحب اختصاص القرابة بها ثم الجيران مع وجود الصفات المقتضية للاستحقاق لقوله (ع) لا صدقة
وذو رحم محتاج وقوله (ع) جيران الصدقة أحق بها ولان الاعتناء بهؤلاء في نظر الشرع أتم من غيرهم فكان الدفع إليهم أولي وسئل الكاظم (ع) عن اعطاء
القرابة من الزكاة فقال أمستحقون هم قيل نعم فقيل هم أفضل من غيرهم أعطهم وقال لما سئل عن صدقة الفطرة الجيران أحق بها ولا نعلم في ذلك خلافا
ويستحب تخصيص أهل الفضل بالعلم والزهد وترجيحهم لان السكوني قال للباقر (ع) انى ربما قسمت الشئ بين أصحابي أصلهم به فكيف أعطيهم فقال أعطهم
على الهجرة في الدين والفضل والفقه مسألة يجوز ان يتولى المالك تفريق الفطرة بنفسه إجماعا أما عندنا فظاهر وأما عند المخالف فلانها من الأموال
الباطنة لكن يستحب صرفها إلى الامام أو نائبه لأنه اعرف بمواقعها فان تعذر صرف إلى الفقيه المأمون من فقهاء الإمامية لانهم أبصر بمواقعها ولأنهم نواب الإمام (ع)
مسألة يجوز أن يعطى صاحب الخادم والدار والفرس من الفطرة وزكاة المال لان الباقر والصادق (ع) سئلا عن الرجل له دار وخادم وعبد يقبل الزكاة فقال نعم ولا يعطى
الفقير أقل من صاع استحبابا لقول الصادق (ع) لا تعطى أحدا أقل من رأس وهو نهى تنزيه للأصل والمواساة ويجوز ان يعطى الواحد أصواعا كثيرة دفعة مطلقا وعلى
التعاقب إذا لم يبلغ حد الغنى مسألة لا تسقط صدقة الفطر بعد وجوبها بالموت بل يخرج من أصل التركة وبه قال الشافعي واحمد لتعلق الذمة فصارت دينا
وقال أبو حنيفة تسقط بالموت إلا أن يوصى بها فيخرج من الثلث حينئذ وليس بمعتمد البقاء متعلق الأمر شاغلا للذمة قبل فعله فإن لم يفضل من التركة شئ أخرجت
بأجمعها في الزكاة كالدين المستوعب فإن كان عليه دين وضاقت التركة عنهما بسطت بالنسبة مسألة لا يملك المستحق الزكاة إلا مع القبض من المالك أو
نائبه لان للمالك التخيير في الدفع إلى من شاء فلو مات الفقير لم يكن لوارثه المطالبة لها وان عينت له قبل القبض وكذا زكاة المال ومال الغنيمة يملكه الغانمون
بالحيازة ويستقر بالقسمة فلو بلغ نصيبه نصابا لم يجز في الحول إلا بعد القبض لعدم تمكنه منه ولا يصير باعتباره غنيا مسألة صدقة التطوع مستحبة في جميع الأوقات
للآيات الدالة على الحث على الصدقة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب فان الله يقبلها بيمينه
ثم يربيها لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه حتى يكون مثل الجبل وقال (ع) ارض القيمة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله وقال الباقر (ع) البر و
الصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ويدفعان عنه سبعين ميتة سوء وصدقة السر أفضل للآية إلا أن يتهم بترك المواساة ويستحب الاكثار منها وقت
الحاجة لقوله تعالى أو اطعام في يوم ذي مسغبة وفى شهر رمضان لتضاعف الحسنات فيه وعلى القرابة لقوله تعالى يتيما ذا مقربة وقال (ع) الصدقة على
المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة والأولى الصدقة من الفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه على الدوام قال (ع) خير الصدقة ما
كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول ويستحب الصدقة أول النهار وأول الليل قال الصادق (ع) باكروا بالصدقة فإن البلايا لا تتخطاها ومن تصدق بصدقة
أول النهار دفع الله عنه ما ينزل من السماء في ذلك اليوم فان تصدق أول الليل دفع الله عنه شر ما ينزل من السماء في تلك الليلة ويكره السؤال قال أمير
المؤمنين (ع) اتبعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله من فتح على نفسه باب مسألة فتح الله عليه باب فقر ويكره رد السائل قال الباقر (ع) كان فيما ناجى
الله به عز وجل به موسى (ع) ان قال يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل إنك يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة عن ملائكة الرحمن يسئلونك فيما خولتك
ويسئلونك ما نوليك فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران والصدقة المندوبة على بني هاشم أفضل خصوصا العلويون قال رسول الله (ص) إني شافع
يوم القيمة لأربعة أصناف ولو جاؤوا بذنوب أهل الدنيا رجل نصر ذريتي ورجل بذل ماله ذريتي عند الضيق ورجل أحب ذريتي باللسان والقلب ورجل سعى في
حوائج ذريتي إذا طردوا وشردوا وقال (ع) من صنع إلى أحد من أهل بيتي فأنا ضامن له يوم القيمة المقصد الخامس في الخمس وفصوله أربعة الأول
فيما يجب فيه وهو أصناف الأول الغنايم المأخوذة من دار الحرب ما حواه العسكر وما لم يحوه أمكن نقله كالثياب والدواب وغيرها أو لا كالأراضي والعقارات
مما يصح تملكه للمسلمين مما كان مباحا في أيديهم لا غصبا من مسلم أو معاهد قل أو كثر وسيأتى بيان ذلك انشاء الله تعالى الثاني المعادن وهي كل ما خرج من الأرض
مما يخلق فيها من غيرها مما له قيمة سواء كان منطبعا بانفراده كالرصاص والصفر والنحاس والحديد أو مع غيره كالزيبق أو لم يكن منطبعا كالياقوت والفيروزج
251

والبلحش والعقيق والبلور والسيح والكحل والزاج والزرنيخ والمغرة والملح أو كان مايعا كالقير والنفط والكبريت عند علمائنا أجمع وبه قال احمد إلا أنه جعله زكاة لعموم
قوله صلى الله عليه وآله أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولقوله (ع) ما لم يكن في طريق مأتى أو قرية عامرة ففيه وفى الركاز الخمس ومن طريق الخاصة قول الصادق
(ع) لما سئل عن الصفر والرصاص والحديد يؤخذ منها كما يؤخذ من معادن الذهب والفضة وقال أبو حنيفة لا يجب الخمس في المعادن إلا في المنطبعة خاصة ويبطل بما
تقدم وقال الشافعي لا تجب إلا في معدن الذهب والفضة خاصة على أنه زكاة لأنه مال مقوم مستفاد من الأرض فأشبه الطين وليس بجيد لان الطين ليس بمعدن لأنه
تراب مسألة الواجب في المعادن الخمس لا الزكاة عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لما تقدم من الأحاديث ولقوله (ع) وفى السيوب الخمس والسيوب عروق الذهب والفضة
التي تحت الأرض وقال الشافعي ومالك واحمد انه زكاة لقوله (ع) في الرقة ربع العشر والمراد به الزكاة مسألة قدر الواجب في المعادن الخمس عند علمائنا وبه قال
أبو حنيفة والمزني والشافعي في أحد أقواله لما تقدم وفى اخر له يجب ربع العشر وبه قال احمد ومالك في أحد
الروايتين وإسحاق وللشافعي ثالث إن احتاج إلى مؤنة فربع العشر
وإلا فالخمس وهو رواية عن مالك مع قطع الشافعي ومالك بأن الواجب زكاة للفرق بين المحتاج إلى المؤنة والمستغني كالزكاة في الغلات مسألة يجب الخمس في
المعدن بعد تناوله وتكامل نصابه إن اعتبرناه ولا يعتبر الحول عند عامة أهل العلم لعموم فإن لله خمسه وسئل الصادق (ع) عن المعادن كم فيها قال
الخمس وتخصيص العموم وتقييد المطلق بالحول لا دليل عليه فيكون منفيا وقال إسحاق وابن المنذر لا شئ في المعدن حتى يحول عليه الحول لقوله (ع) إلا زكاة في مال
حتى يحول عليه الحول ونفى الزكاة لا يستلزم ففي الخمس فروع - آ - الخمس يجب في المخرج من المعدن والباقي يملكه المخرج لقوله (ع) وفى الركاز الخمس ويستوى
في ذلك الصغير والكبير وقال الشافعي يملك الجميع وتجب عليه الزكاة - ب - المعدن إن كان في ملكه فهو له يصرف منه الخمس لمستحقه وإن كان في موضع مباح
فالخمس لأربابه والباقي لواجده - ج - إذا كان المعدن لمكاتب وجب فيه الخمس وبه قال أبو حنيفة لعموم وفى الركاز الخمس ولأنه غنيمة وهو من أهل الاغتنام - د - العبد إن
استخرج معدنا ملكه سيده لان منافعه له ويجب على السيد الخمس في المعدن - ه‍ - الذمي يجب عليه الخمس فيه وبه قال أبو حنيفة للعموم وقال الشافعي لا تجب لأنه لا
يساوى المسلمين في الغنيمة ولا يسهم له ولان المأخوذ زكاة ولا زكاة على الذمي والمقدمتان ممنوعتان وقال الشيخ يمنع الذمي من العمل في المعدن فان اخرج منه
شيئا ملكه واخرج منه الخمس - و - المعادن تبع الأرض يملك بملكها لأنه من اجزائها ويجوز بيع تراب المعدن بغير جنسه في الربويات وفى غيرها يجوز مطلقا
والخمس لأربابه فإن باع الجميع فالخمس عليه ويجب خمس المعدن لا خمس الثمن لان الخمس تعلق بعين المعدن لا بقيمته الصنف الثالث الركاز وهو المال
للذخور تحت الأرض ويجب فيه الخمس إجماعا لعموم قوله تعالى ومما أخرجنا لكم من الأرض واعلموا أنما غنمتم من شئ وما رووه عنه (ع) في الركاز الخمس
ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) كل ما كان ركازا ففيه الخمس ولا فرق بين ارض الحرب وارض العرب وفرق الحسن بينهما فأوجبه فيما يوجد في ارض الحرب والزكاة فيما يوجد في ارض العرب
وهو خلاف الاجماع مسألة الركاز إما أن يوجد في ارض موات أو غير معهودة بالتملك كآثار الأبنية المتقادمة على الاسلام وجدران الجاهلية وقبورهم
أو في ارض مملوكة للواجد أو في أرض مسلم أو معاهد أو في ارض دار الحرب وكل من هذه إما أن يكون عليه أثر الاسلام أو لا والأول إن كان عليه أثر الاسلام
فلقطة يعرف سنة وإن لم يكن عليه أثره اخرج خمسه ملك الباقي والثاني إن انتقل إليه الملك بالبيع فهو للمالك الأول إن اعترف به وإن لم يعرفه
فللمالك قبله وهكذا إلى أول مالك فإن لم يعرفه فلقطة وبه قال الشافعي واحمد في رواية لان يد المالك الأول على الدار فتثبت على ما فيها واليد تقضى
بالملك وفى الأخرى عن أحمد لواجده وإن انتقل بالميراث فان عرفه الورثة فلهم وإن اتفقوا على نفى الملك عنهم فهو لأول مالك على ما تقدم وإن اختلفوا فحكم المعترف حكم المالك وحكم المنكر لأول مالك هذا إذا كان عليه أثر الاسلام
وإن لم يكن فللشيخ قولان أحدهما انه لقطة والثاني انه لواجده والثالث يكون لرب الأرض ان اعترف به وإلا فلأول مالك وبه قال أبو حنيفة ومحمد واحمد في
رواية قضاء لليد وفى الأخرى لأحمد انه للواجد وبه قال أبو ثور والحسن بن صالح بن حي والرابع يكون لواجده سواء كان عليه أثر الاسلام أو لا ويخرج منه الخمس لأنه
أخذ من دار الحرب فكان غنيمة كالظاهر وقال أبو حنيفة إن كان في موات دار الحرب فغنيمة لواجده ولا يخمس وقال الشافعي إن لم يكن عليه اثر الاسلام فهو ركاز وإن كان عليه أثره كآية من القرآن أو اسم الله تعالى أو رسوله
عليه السلم كان لقطة تعرف وإن كان عليه اسم أحد ملوك الشرك أو صورة أو صليب فهو ركاز وان لم يكن مطبوعا ولا أثر عليه فهو ركاز في أظهر القولين
وفى الاخر إنه لقطة فروع - آ - لو وجد الكنز في ارض مملوكة لحربي معين فهو ركاز فيه الخمس وبه قال أبو يوسف وأبو ثور لأنه من دفن الكفار فأشبه ما لا يعرف صاحبه
وقال الشافعي وأبو حنيفة يكون غنيمة ولا يجب الخمس - ب - لو استأجر أجيرا ليحفر له في الأرض المباحة لطلب الكنز فوجده فهو للمستأجر لا للأجير فإن استأجره لغير
ذلك فالكنز للواجد - ج - لو استأجر دارا فوجد فيها كنزا فللمالك وبه قال أبو حنيفة ومالك ومحمد لان يده على الدار وقال بعض الجمهور للمستأجر لان الكنز
لا يملك بملكية الدار - د - لو اختلف المالك والمستأجر في ملكية الكنز فللشيخ قولان أحدهما القول قول المالك وبه قال المزني لان داره كيده والثاني قول
المستأجر وبه قال الشافعي وعن أحمد روايتان كالقولين لأنه مال مودع في الأرض وليس منها فالقول قول من يده على الأرض كالأقمشة ولندور ايجار
دار فيها دفين ولو اختلفا في مقداره فالقول قول المستأجر قطعا لأنه منكر مسألة ويجب الخمس في كل ما كان ركازا وهو كل مال مذخور تحت الأرض على
اختلاف أنواعه وبه قال مالك واحمد والشافعي في القديم لعموم قوله (ع) وفى الركاز الخمس وقول الباقر (ع) كل ما كان ركازا ففيه الخمس ولأنه
مال يجب تخميسه فتستوي فيه جميع اصنافه كالغنيمة وقال الشافعي في الجديد لا يؤخذ الخمس إلا من الذهب والفضة لأنه زكاة فيجب الخمس في بعض أجناسه كالحبوب
والأولى ممنوعة مسألة لا يعتبر فيه الحول إجماعا وإن اختلفوا في المعدن لعموم وفى الركاز الخمس ويجب على كل من وجده من مسلم وكافر وحر وعبد وصغير وكبير
وذكر وأنثى وعاقل ومجنون إلا أن العبد إذا وجده كان لسيده وهو قول عامة العلماء إلا الشافعي فإنه قال لا يجب إلا على من تجب عليه الزكاة لأنه زكاة
وهو ممنوع والعموم حجة عليه فروع - آ - ما يجده العبد لمولاه يخرج خمسه والباقي بملكه لأنه اكتساب - ب - المكاتب يملك الكنز لأنه اكتساب فكان كغيره - ج -
الصبى والمجنون يملكان الكنز ويخرج الولي الخمس عنهما وكذا المرأة للعموم وحكى عن الشافعي ان الصبى والمرأة لا يملكان الكنز وهو غلط لأنه اكتساب وهما
من أهله - د - يجب اظهار الكنز على واجد وبه قال الشافعي لقوله (ع) وفى الركاز الخمس وإذا استحق الغير فيه حقا وجب دفعه إليه وقال أبو حنيفة وهو مخير بين
اظهاره واخراج خمسه وبين كتمانه الصنف الرابع الغوص وهو كل ما يستخرج من البحر كاللؤلؤ والمرجان والعنبر وغيرها ويجب فيه الخمس عند علمائنا وبه
قال الزهري والحسن وعمر بن عبد العزيز لان المخرج من البحر مخرج من معدن فيثبت فيه حكمه وسئل الصادق (ع) عن العنبر وغوص اللؤلؤ فقال عليه
الخمس وسئل الكاظم عليه السلام عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل فيها زكاة فقال إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس
252

وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي ومحمد بن الحسن وأبو ثور لا شئ في الغوص وعن أحمد روايتان هذه أحدهما
والاخرى فيه الزكاة لقول ابن عباس ليس في العنبر شئ إنما هو شئ ألقاه البحر وليس بحجة فروع - آ - العنبر إن اخذ بالغوص كان له حكمه في اعتبار النصاب
وإن جبى من وجه الماء كان له حكم المعادن - ب - قال الشيخ العنبر نبات من البحر وقيل هو عين في البحر وقيل العنبر يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله شئ إلا مات
ولا ينقله طائر بمنقاره إلا نصل منقاره وإذا وضع رجله نصلت أظفاره ويموت - ج - قال الشيخ الحيوان المصاد من الحج لا خمس فيه فان اخرج بالغوص أو اخذ قفيا
ففيه الخمس وفيه بعد والوجه الحاقه بالأرباح التي تعتبر فيها مؤنة السنة - د - المسك لا شئ فيه وهو قول العلماء إلا في رواية عن أحمد وعمر بن عبد العزيز
لأنه من صيد فلا شئ فيه الصنف الخامس أرباح التجارات والزراعات وساير الصنايع وساير الاكتسابات بعد اخراج مؤنة السنة له ولعياله على الاقتصاد
من غير اسراف ولا تقتير عند علمائنا كافة خلافا للجمهور كافة لعموم واعلموا إنما غنمتم وقوله وأنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض والمتواتر
المستفاد من الأئمة عليهم السلام قال الصادق عليه السلام على كل امرى غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلم ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج
على الناس فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤوا وحرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخيط قميصا بخمسة دوانيق فلنا منه دانق إلا من أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم الولادة
إنه ليس عند الله شئ يوم القيمة أعظم من الزنا أنه يقوم صاحب الخمس يقول يا رب سل هؤلاء بما نتجوا وكتب بعض أصحابنا إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس هل على
جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع وكيف ذلك فكتب بخطه الخمس بعد المؤنة إذا عرفت هذا فالميراث لا خمس فيه سواء كان محتسبا كالأب
والابن أو غير محتسب كالنسب المجهول لبعده وعن بعض علمائنا يجب فيه الخمس مطلقا وفى الهبة والهدية والمشهور خلاف ذلك في الجميع الصنف السادس الحلال إذا اختلط بالحرام
ولم يتميز ولا عرف مقدار الحرام ولا مستحقه اخرج خمسه وحل له الباقي لان منعه من التصرف في الجميع ينافي المالية ويستعقب ضررا عظيما بترك الانتفاع بالمال وقت الحاجة و
التسويغ للجميع إباحة للحرام وكلاهما منفيان ولا مخلص إلا اخراج الخمس إلى الذرية قال الصادق عليه السلام إن أمير المؤمنين عليه السلام أتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين انى أصبت
مالا لا أعرف حلاله من حرامه فقال اخرج الخمس من ذلك المال فان الله تعالى قد رضي من المال الخمس واجتنب ما كان صاحبه يعمل ولو عرف مقدار الحرام وجب اخراجه
سواء قل عن الخمس أو كثر وكذا لو عرف بعينه ولو عرف انه أكثر من الخمس وجب اخراج الخمس وما يغلب على الظن في الزايد ولو عرف صاحبه وقدره وجب ايصاله إليه فإن
جهل القدر صالحه أو اخرج ما يغلب على ظنه فإن لم يصالحه مالكه اخرج خمسه إليه لان هذا القدر جعله الله تعالى مطهرا للمال الصنف السابع الذمي إذا اشترى أرضا
من مسلم وجب عليه الخمس عند علمائنا لقول الباقر عليه السلام أيما ذمي اشترى من مسلم أرضا فإن عليه الخمس وقال مالك إن كانت الأرض عشرية منع من شرائها وبه قال
أهل المدينة واحمد في رواية فان اشتراها ضوعف العشر عليه فوجب عليه الخمس وقال أبو حنيفة تصير ارض خراج وقال الثوري والشافعي واحمد في رواية أخرى يصح البيع
ولا شئ عليه ولا عشر أيضا وقال محمد بن الحسن عليه العشر الفصل الثاني في النصب مسألة النصاب في الكنز عشرون مثقالا فلا يجب فيما دونه خمس عند علمائنا
وبه قال الشافعي في الجديد لقوله عليه السلام ليس فيما دون خمس أواق صدقة ومن طريق الخاصة ما روى عن الرضا عليه السلام إنه سئل عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال تجب
الزكاة في مثله ففيه الخمس ولأنه حق مالي يجب فيما استخرج من الأرض فاعتبر فيه النصاب كالمعدن والزرع وقال الشافعي في القديم لا يعتبر فيه النصاب بل يخمس (يجب) في قليله وكثيره
وبه قال مالك واحمد وأبو حنيفة لعموم وفى الركاز الخمس ولأنه مال يخمس فلا يعتبر فيه النصاب كالغنيمة والخبر ليس من صيغ العموم سلمنا لكنه مخصص بما تقدم وينتقض
قياسهم بالمعدن فروع - آ - ليس للركاز نصيب اخر بل تجب في الزايد مطلقا - ب - هذه العشرون معتبرة في الذهب وفى الفضة مائتا درهم وفيما عداه يعتبر فيه قيمته بأحدهما - ج -
لو وجد ركازا أقل من النصاب لم يجب عليه شئ وإن كان معه مال زكوي وسواء كان قد استفاد الكنز اخر حول المال أو قبله أو بعده وسواء كان الزكوي نصابا أو
تم بالركاز خلافا للشافعي فإنه ضمه إليه إذ جعل الواجب زكاة وإن أوجب الخمس - د - لو وجد ركازا أقل ثم وجد اخر كمل به النصاب لم يجب شئ كاللقطة المتعددة
مسألة اختلف علمائنا في اعتبار النصاب في المعادن فقال الشيخ في بعض كتبه يعتبر وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإسحاق لقوله عليه السلام ليس عليكم في
الذهب شئ حتى يبلغ عشرين مثقالا ومن طريق الخاصة ما رواه البزنطي إنه سأل الرضا عليه السلام عما اخرج المعدن من قليل وكثير هل فيه شئ قال ليس فيه
شئ حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا وقال الشيخ في بعض كتبه لا يعتبر وبه قال أبو حنيفة لأنه مال يجب تخميسه فلا يعتبر فيه النصاب كالفئ و
الغنيمة والفرق انهما لا يستحقان على المسلم وإنما يملكه أهل الخمس من الكفار بالاغتنام إذا ثبت هذا ففي قدر النصاب عند من اعتبره من علمائنا قولان أحدهما
عشرون لما تقدم والثاني دينار واحد لان الرضا عليه السلام سئل عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل فيه زكاة
فقال إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس مسألة يعتبر النصاب بعد المؤنة لأنها وصلة إلى تحصيله وطريق إلى تناوله فكانت منهما كالشريكين وقال الشافعي واحمد
المؤنة على المخرج لأنه زكاة وهو ممنوع ويعتبر النصاب فيما أخرجه دفعة واحدة أو دفعات لا يترك العمل بينها على سبيل الاهمال فلو عمل ثم أهمل ثم عمل لم يضم أحدهما
إلى الاخر ولو ترك الاستراحة أو لاصلاح آلة أو لقضاء حاجة ضم الثاني إلى الأول ويعتبر النصاب في الذهب وما عداه قيمته ولو اشتمل على جنسين كذهب وفضة أو
غيرهما ضم أحدهما إلى الاخر خلافا لبعض الجمهور حيث قال لا يضم مطلقا وقال بعضهم لا يضم في الذهب والفضة ويضم في غيرهما مسألة النصاب في الغوص دينار واحد
فما نقص عنه لم يجب عليه شئ عند علمائنا خلافا للجمهور كافة لان الرضا عليه السلام سئل عن معادن الذهب والفضة هل فيه زكاة فقال إذا بلغ قيمته دينارا ففيه الخمس
ولا يعتبر في الزايد نصاب ولو اخرج النصاب في دفعتين فان اعرض للاهمال فلا شئ وإلا ضم أحدهما إلى الاخر مسألة لا يجب في فوايد الاكتسابات والأرباح في التجارات والزراعات
شئ إلا فيما يفضل عن مؤنته ومؤنة عياله سنة كاملة عند علمائنا لقوله عليه السلام لا صدقة إلا عن ظهر غنى ولقول أبى جعفر الثاني عليه السلام عليه الخمس بعد
المؤنة وقوله عليه السلام الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله وبعد خراج السلطان مسألة ولا يجب في الفوايد من
الأرباح والمكاسب على الفور بل يتربص إلى تمام السنة ويخرج
خمس الفاضل لعدم دليل الفورية مع أصالة براءة الذمة ولان تحقيق قدر المؤنة إنما يثبت بعد المدة لجواز تجديد ما لم يكن كتزويج بنت وعمارة منزل وغيرهما من المتجددات
ولا يراعى الحول في غيره ولا فيه إلا على سبيل الرفق بالمكتسب ولا يجب النصاب في الغنايم في دار الحرب ولا في الممتزج بالحرام ولا ارض الذمي للعموم السالم عن المخصص
الفصل الثالث في قسمته وبيان مصرفه مسألة يقسم الخمس ستة أقسام سهم لله وسهم لرسوله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل
عند جمهور علمائنا وبه قال أبو الغالية الرياحي للآية المقتضية للتشريك وقول الكاظم عليه السلام يقسم الخمس على ستة أسهم وقال بعض علمائنا يقسم خمسة أقسام سهم
253

لرسول الله صلى الله عليه وآله وسهم لذي القربى انتهى وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه عليه السلام قسم الخمس خمسة أقسام وليس بذاك لجواز ترك بعض حقه مسألة سهم الله وسهم
رسوله لرسول الله صلى الله عليه وآله يصنع به في حياته ما شاء وبعده للامام القايم مقامه لأنه حق له باعتبار ولايته العامة ليصرف بعضه في المحاويج فينتقل إلى من ينو به في ذلك
وللروايات عن أهل البيت عليهم السلام وقال الشافعي ينتقل سهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المصالح كبناء القناطر وعمارة المساجد وارزاق القضاة وشبهه وقال أبو
حنيفة يسقط بموته عليه السلام وليس بمعتمد مسألة المراد بذى القربى الإمام عليه السلام خاصة عند علمائنا لوحدته لفظا فلا يتناول أكثر من الواحد وحقيقة و
الأصل عدم المجاز وللرواية وقال الشافعي المراد به قرابة النبي صلى الله عليه وآله من ولد هاشم والمطلب أخيه الصغير والكبير والقريب والبعيد سواء للذكر ضعف الأنثى
لأنه ميراث وقال المزني وأبو ثور يستوى الذكر والأنثى لأنه يستحق بالقرابة إذا عرفت هذا فسهم ذي القربى للامام بعد الرسول عليه السلام فلا يسقط بموته وبعدم السقوط
قال الشافعي وقال أبو حنيفة يسقط بموته وهو خطأ لأنه تعالى أضاف السهم إلى ذي القربى بلام التمليك مسألة المراد باليتامى والمساكين وأبناء السبيل في آية الخمس من اتصف
بهذه الصفات من آل رسول الله صلى الله عليه وآله وهم ولد عبد المطلب بن هاشم وهم الآن أولاد أبى طالب والعباس والحرث وأبى لهب خاصة دون غيرهم عند عامة
علمائنا لأنه عوض عن الزكاة فيصرف إلى من منع منها ولقول أمير المؤمنين عليه السلام ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل منا خاصة وقال الشافعي سهم
ذي القربى لقرابة النبي عليه السلام وهم أولاد هاشم وآل المطلب وقال أبو حنيفة إنه لآل هاشم خاصة مع اتفاقهما على أن اليتامى والمساكين وأبناء السبيل غير مختص بالقرابة
بل هو عام في المسلمين وأطبق الجمهور كافة على تشريك الأصناف الثلاثة من المسلمين في الأسهم الثلاثة مسألة لا يستحق بنو المطلب شيئا من الخمس وتحل
لهم الزكاة وبه قال أبو حنيفة لتساوي بني المطلب وبنى نوفل وعبد شمس في القرابة فإذا لم يستحق بنو نوفل وعبد شمس فكذا مساويهم ولقول الكاظم عليه السلام الذين جعل
الله لهم الخمس هم قرابة النبي وهم بنو عبد المطلب الذكر والأنثى منهم ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد وقال الشافعي إن بني المطلب يستحقون لقول النبي
صلى الله عليه وآله أنا وبنوا المطلب لم نفترق في جاهلية ولا اسلام والمراد به النصرة لا استحقاق الخمس مسألة وإنما يستحق من بنى عبد المطلب من انتسب إليه بالأب لا من
انتسب إليه بالام عند أكثر علمائنا وهو قول الجمهور وقول الكاظم عليه السلام ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من ساير قريش فإن الصدقة تحل له وليس له من
الخمس شئ لان الله تعالى يقول ادعوهم لآبائهم وقال السيد المرتضى ان من انتسب إليهم بالام يستحق الخمس لقوله عليه السلام هذان ولداي امامان قاما أو قعدا
يشير بذلك إلى الحسن والحسين عليهما السلام وانتسابهما بالولادة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إنما هو بالام ونمنع كونه حقيقة مسألة يعتبر في أخذ الخمس
الايمان للنهي عن مودة غير المؤمن وعمن حاد الله ورسوله ولا تعتبر العدالة ولا يستحق الغنى لأنه وضع للارفاق كما وضعت الزكاة لمحاويج العوام نعم يستحق للامام
سهم ذي القربى عندنا وإن كان غنيا واليتيم من لا أب له ممن لم يبلغ الحلم وهو في آية الخمس مختص بالذرية من هاشم خلافا للجمهور وهل يشترط فقره قال الشيخ في المبسوط
لا يشترط عملا بالعموم وهو أحد قولي الشافعي وفى الاخر يشترط ولا يعتبر الفقر في ابن السبيل بل الحاجة في بلد السفر مسألة لا يحمل الخمس من بلد المال مع وجود
المستحق فيه لان المستحق مطالب من حيث الحاجة والفقر فنقله يستلزم تأخير ايصال الحق إلى مستحقه مع القدرة والطلب فإن نقله حينئذ ضمن وبرا مع التسليم ولو
فقد المستحق جاز النقل للضرورة ولا ضمان ويعطى من حضر البلد ولا يتبع من غاب عند علمائنا وبه قال بعض الشافعية وقال الشافعي يخرج من البلد إلى غيره
ويقسم في البلدان لأنه مستحق بالقرابة فاشترك الحاضر والغايب كالميراث وليس بجيد وإلا لاختص به الأقرب كالميراث مسألة ظاهر كلام الشيخ (ره)
وجوب قسمته في الأصناف عملا بظاهر الآية ويحتمل المنع لان المراد بيان المصرف كالزكاة ويؤيده ان الرضا عليه السلام سئل عن قوله تعالى واعلموا أنما غنمتم
الآية قال فما كان لله فللرسول وما كان للرسول فهو للامام قيل أرأيت إن كان صنف أكثر من صنف أو أقل من صنف كيف يصنع قال ذلك إلى الامام أرأيت رسول
الله صلى الله عليه وآله كيف صنع إنما كان يعطى على ما يرى كذلك الامام نعم الأحوط ما قاله الشيخ مسألة مستحق الخمس من الركاز والمعادن هو المستحق
له من الغنايم عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لأنه غنيمة وكذا البحث في جميع ما يجب فيه الخمس وقال الشافعي مصرفه مصرف الزكوات وعن أحمد روايتان
لان أمير المؤمنين عليه السلام أمر صاحب الكنز أن يتصدق به على المساكين ويحتمل القسمة في المساكين من الذرية ولا يجوز صرف حق المعدن إلى من وجب عليه وبه
قال الشافعي ومالك واحمد لأنه مأمور بإخراجه ولا يتحقق مع الدفع إلى نفسه ولأنه حق وجب عليه فلا يصرف إليه كعشر الزرع وقال أبو حنيفة يجوز وليس
بمعتمد مسألة الأسهم الثلاثة التي للامام يملكها ويضع بها ما شاء والثلاثة الباقية للأصناف الاخر لا يختص بها القريب دون البعيد ولا الذكر دون الإناث ولا الكبير
على الصغير بل يفرقها الامام على ما يراه من تفضيل وتسوية ويفرق بين الحاضرين ولا يتبع الأباعد ولو فضل عن كفاية الحاضرين جاز حمله إلى بلد اخر لاستغنائهم
بحصول قدر الكفاية ولا ضمان وإذا حضر الأصناف الثلاثة استحب التعميم ولو لم يحضر في البلد إلا فرقه منهم جاز ان يفرق فيهم ولا ينتظر غيرهم ولا يحمل إلى بلد اخر الفصل
الرابع في الأنفال المراد بالأنفال كلما يخص الامام فمنه كل ارض انجلى أهلها عنه أو سلموها طوعا بغير قتال وكل ارض خربة باد أهلها إذا كانت قد جرى عليها ملك أحد
وكل خربة لم يجر عليها ملك أحد وكل ارض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب للرواية ومنه رؤوس الجبال والآجام والأرض الموات التي لا أرباب لها لقول الكاظم عليه السلام والانفال كل أرض خربة
قد باد أهلها وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صولحوا عليها واعطوا بأيديهم من غير قتال وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام وكل
أرض ميتة لا وارث لها وأما المعادن فقال الشيخان إنها من الأنفال ومنعه ابن إدريس وهو الأقوى ومنه صفايا الملوك وقطائعهم التي كانت في أيديهم على غير
وجه الغصب على معنى ان كل أرض فتحت من أهل الحرب وكان لملكها مواضع مختصة به غير مغصوبة من مسلم أو معاهد فان تلك المواضع للامام عليهم السلام
لقول الصادق عليه السلام قطايع الملوك كلها للامام وليس للناس فيها شئ وقال الكاظم عليه السلام وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير جهة الغصب لان المغصوب كله مردود ومنه
ما يصطفيه من الغنيمة في الحرب كالفرس والثوب والجارية والسيف وغير ذلك من غير اجحاف بالغانمين لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصطفى من الغنايم
الجارية والفرس وما أشبههما في غزاة خيبر وغيرها ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صوافي المال ونحن
الراسخون في العلم ونحن المحسودون الذين قال الله تعالى فيهم أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله وسأله أبو بصير عن صفو المال فقال عليه السلام الامام
يأخذ الجارية الرؤفه والمركب الفارة والسيف القاطع والدرع قبل أن تقسم الغنيمة هذا صفوا المال إذا ثبت هذا فإنه حق له لا يبطل بموت النبي صلى الله عليه وآله
خلافا للجمهور ولوجود المعنى في حقه وهو تحمل أثقال غيره واستناد الناس إليه في رفع ضروراتهم وبعث الجيوش وإقامة العساكر ومنه ميراث من لا وارث له عند علمائنا
254

كافة خلافا للجمهور كافة فان الشافعي قال إنه للمسلمين بالتعصيب وقال أبو حنيفة انه لهم بالموالاة وسيأتى بيانه قال الصادق عليه السلام في الرجل يموت ولا وارث له ولا مولى هو من أهل هذه الآية
يسئلونك عن الأنفال وقال الكاظم عليه السلام وهو وارث من لا وارث له ومنه كل غنيمة غنمت بغير اذن الامام فإنها له خاصة لقول الصادق عليه السلام إذا غزى قوم بغير اذن الامام
فغنموا كانت الغنيمة كلها للامام وإذا غزوا بإذن الامام فغنموا كان للإمام الخمس وقال الشافعي حكمها حكم الغنيمة مع إذن الإمام لكنه مكروه لعموم الآية ولا دلالة فيها لأنها تدل على اخراج الخمس في الغنيمة لا على المالك وقال أبو
حنيفة انها للغانمين ولا خمس لأنه اكتساب مباح من غير جهاد فأشبه الاحتطاب ونمنع المساواة لأنه منهى عنه إلا بإذنه عليه السلام وعن أحمد روايتان كالقولين وثالثه
كقولنا مسألة ما يختص بالامام عليه السلام يحرم التصرف فيه حال ظهوره إلا بإذنه لقوله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وقوله عليه السلام لا يحل مال امرئ مسلم إلا
عن طيب نفس منه بل يصرف الخمس بأجمعه إليه فيأخذ عليه السلام نصفه يفعل به ما يشاء ويصرف النصف الآخر في الأصناف الثلاثة على قدر حاجتهم وضرورتهم فان
فضل شئ كان الفاضل له وان أعوز كان عليه عليه السلام لان النظر إليه في قسمة الخمس في الأصناف وتفضيل بعضهم على بعض بحسب ما يراه من المصلحة وزيادة الحاجة وقلتها
ولقول الكاظم عليه السلام فان فضل عنهم شئ فهو للوالي وان عجزا ونقص عن استغنائهم كان على الوالي ان ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به وإنما صار عليه عليه السلام
ان يمونهم لان له ما فضل عنهم ومنع ابن إدريس من ذلك لان الأسهم الثلاثة بنص القرآن وهو ممنوع لجواز أن يكون المراد بيان المصرف و
لهذا جاز ان يفضل بعضهم وإن يحرمه إذا ثبت هذا فإنه يجوز لمن وجب عليه الخمس ان يفرق ما يستحقه الأصناف الثلاثة إليهم فيما يكتسبه بنفسه دون الغنايم و
هو قول أصحاب الرأي وابن المنذر لان أمير المؤمنين عليه السلام أمر واجد الكنز بصرفه إلى المساكين ولأنه أدى الحق إلى مالكه فيخرج عن العهدة وقال أبو ثور لا يجوز كالغنيمة
والفرق ان التسلط في الغنيمة كلها للامام والنظر فيها إليه مسألة وقد أباح الأئمة عليهم السلام لشيعتهم المناكح والمساكن والمتاجر حال ظهور الإمام وغيبته لعدم
امكان التخلص من المآثم بدون الإباحة وذلك من أعظم أنواع الحاجة ولقول الصادق عليه السلام من وجد برد حبنا على كبده فليحمد الله على أول النعم قال قلت
جعلت فداك ما أول النعم قال طيب الولادة ثم قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة عليها السلام لعلى نصيبك من الفئ لآباء شيعتنا ليطيبوا ثم قال الصادق
عليه السلم إنا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا وأما المتاجر فقال ابن إدريس (ره) المراد بالمتاجر أن يشترى الانسان ما فيه حقوقهم عليهم السلم وتخير في ذلك
ولا يتوهم متوهم أنه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا يخرج منه الخمس سئل الصادق عليه السلام إن لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمت أن لك حقا فيها قال
فلم احللنا شيعتنا إلا لتطيب ولادتهم وكل من والى آبائي منهم في حل مما في أيديهم من حقنا فيبلغ الشاهد الغايب مسألة اختلف علماؤنا في الخمس حال غيبة
الإمام عليه السلام فأسقطه قوم منهم لقول الباقر عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام هلك الناس في بطونهم وفروجهم لانهم لم يؤدوا إلينا حقنا إلا وان شيعتنا
من ذلك وآبائهم في حل وغير ذلك من الأحاديث وليس بمعتمد للأصل الدال على تحريم مال الغير والأحاديث الدالة على المنع وأحاديث الإباحة محمولة على المناكح
والمساكن والمتاجر وقال بعضهم يجب دفعه لما روى أن الأرض تخرج كنوزها عند ظهور الإمام عليه السلام وقال آخرون يصرف في الذرية وفقراء الشيعة على وجه الاستحباب
وقال آخرون يعزل فإن خاف الموت وصى به إلى من يثق بدينه وعقله ليسلمه إلى الامام أو إلى ثقة إذا خاف الموت وهكذا إلى أن يظهر عليه السلام واختاره المفيد
رحمه الله لأنه حق وجب لمالك لم يرسم فيه ما يجب الانتهاء إليه فوجب حفظه وجرى مجرى الزكاة عند عدم المستحق قال وإن صرف النصف في اليتامى من أبناء محمد و
مساكينهم وأبناء سبيلهم وفعل بالنصف الذي يخصه عليه السلام ما تقدم من الحفظ كان صوابا واختار هذا شيخنا أبو جعفر (ره) ومتابعوه وللمفيد (ره) قول اخر انه يصرف
لما يخصه عليه السلام أيضا في الأصناف الثلاثة أيضا لان الاتمام واجب عليه على ما تقدم في حال حضوره فيجب في حال غيبته لأنها لا تسقط الحق عمن وجب عليه تذنيب إذا جوزنا
صرف نصيبه إلى باقي الأصناف فإنما يتولاه الفقيه المأمون من فقهاء الإمامية الجامع لشرائط الافتاء على وجه التتمة لمن يقصر عنه ما يصل إليه لأنه حكم على الغايب فتولاه
الحاكم ونائبه. كتاب الصوم وفيه مقدمة وفصول المقدمة الصوم لغة الامساك وشرعا الامساك عن أشياء مخصوصة من أول طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس وينقسم
إلى واجب ومندوب ومكروه ومحظور أما الواجب فستة صوم شهر رمضان والكفارات ودم المتعة والنذر وما في معناه والاعتكاف على وجه وقضاء الواجب وأما المندوب
فجميع أيام السنة إلا العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ويتأكد أربعة عشر صوم ثلاثة أيام من كل شهر أول خميس من كل شهر واخر خميس منه وأول أربعاء في العشر الثاني
وثلاثة أيام البيض والغدير ومولد النبي عليه السلام ومبعثه ودحو الأرض وعرفة لمن لا يضعفه من الدعاء وعاشوراء على جهة الحزن ويوم المباهلة وكل خميس وكل جمعة
وأول ذي الحجة وشهر رجب وشعبان وأما المكروه فصوم عرفة لمن يضعفه عن الدعاء أو يشك في الهلال والنافلة سفرا عدا ثلاثة أيام بالمدينة للحاجة والضيف ندبا
بدون إذن مضيفة والولد بدون إذن الوالد والصوم ندبا للمدعو إلى طعام وأما المحظور فتسعة صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ويوم الشك بنية الفرض
وصوم نذر المعصية وصوم الصمت وصوم الوصال وصوم المرأة والعبد ندبا بدون إذن الزوج والمالك وصوم الواجب سفرا عدا ما استثنى قيل أول ما فرض صوم عاشوراء
وقيل كان تطوعا لا فرضا وقيل لما قدم النبي عليه السلام أمر بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وهو قوله تعالى كتب عليكم الصيام ثم نسخ بقوله تعالى شهر رمضان وقيل المراد
بالأيام المعدودات شهر رمضان فلا نسخ وقيل أول ما فرض صوم (شهر) رمضان لا عينا بل مخيرا بينه وبين الفدية وكان الصوم أفضل وعلى الذين يطيقونه الآية ثم نسخ
بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه قيل وكان الصوم في بدو الاسلام أن يمسك بعد صلاة العشاء الآخرة أو ينام (إلى أن تغيب الشمس فإذا غربت حل الأكل والشرب إلى أن يصلي العشاء أو ينام صح) وصوم شهر رمضان واجب بالنص والاجماع
الفصل الأول في النية مسألة شرط صحة الصوم النية واجبا كان أو ندبا رمضان كانا أو غيره باجماع علمائنا وبه قال أكثر الفقهاء لقوله تعالى وما امروا
إلا ليعبدوا الله مخلصين وقوله عليه السلام إنما الأعمال بالنيات وقوله عليه السلام من لم ينو نيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له ومن طريق الخاصة قول الرضا عليه السلام
لا عمل إلا بنية ولافتقار قضائه إلى النية فكذا أداؤه كالصلاة وحكى عن زفر بن الهذيل ومجاهد وعطا ان صوم رمضان إذا تعين بأن كان مقيما صحيحا لا يفتقر
إلى النية لأنه فرض مستحق بعينه فأشبه رد الوديعة والفرق ان الوديعة حق الآدمي مسألة الصوم إن كان معينا بأصل الشرع كرمضان كفى فيه نية القرية
وهو أن ينوي الصوم لوجوبه متقربا إلى الله تعالى لا غير ولا يفتقر إلى التعيين وهو أن ينوي رمضان عند علمائنا وبه قال الشافعي في أحد قوليه لان القصد من
نية التعيين تمييز أحد الفعلين أو أحد وجهي الفعل الواحد عن الاخر ولا يتحقق التعدد هنا فإنه لا يقع في رضمان غيره فأشبه رد الوديعة وفي الثاني للشافعي انه يفتقر
وبه قال مالك لأنه صوم واجب فيشترط فيه التعيين كالقضاء وليس بجيد لعدم تعين زمان القضاء وقال أبو حنيفة بالاكتفاء إن كان مقيما وإن كان معينا لا
بأصل الشرع بل بالنذر وشبهه قال السيد المرتضى (ره) تكفي فيه نية القربة كرمضان وبه قال أبو حنيفة لأنه زمان تعين للصوم بالنذر فأشبه رمضان وقال الشيخ لا يكفي
255

بل لا بد فيه من نية التعيين وبه قال الشافعي ومالك واحمد لأنه لو لم يتعين بأصل الشرع فأشبه النذر المطلق وهو ممنوع وإن لم يكن معينا كالنذر المطلقة وقضاء رمضان
وصوم الكفارات وصوم النافلة فلا بد فيه من نية التعيين عند العلماء كافة لأنه زمان لا يتعين الصوم فيه ولا يتحقق وجهه فاحتاج إلى المخصص فروع - آ - لا بد من نية الفرض وإن كان
الصوم معينا كرمضان وللشافعي قولان - ب - ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنية أنه منه أو من غيره لأن الصوم في سفر القصر حرام ولا يقع في رمضان غيره للنهي عن الصوم المقتضي
للفساد وبه قال الشافعي وأكثر الفقهاء وقال أبو حنيفة يقع عما نواه إذا كان واجبا وقال أبو يوسف ومحمد يقع عن رمضان - ج - لو نوى الحاضر في رمضان صوما مطلقا وقع عن رمضان
إجماعا ولو نوى غيره مع الجهل فكذا للاكتفاء بنية القربة في رمضان وقد حصلت فلا تضر الضميمة مع العلم كذلك لهذا الدليل ويحتمل البطلان لعدم قصد رمضان و
المطلق فلا يقعان لقوله عليه السلام وإنما لكل امرئ ما نوى والمقصود منهي في رمضان - د - شرط النية الجزم فلو قال أنا صائم غدا إن شاء الله فإن قصد التبرك أجزأ وإلا
فلا ولو نوى قضاء رمضان أو تطوعا لم يصح لعدم التعيين فلا جزم في كل منهما وقال أبو يوسف يقع عن القضاء لعدم افتقار المجموع (التطوع) إلى التعيين فكأنه نوى القضاء وصوما
مطلقا وقال محمد يقع تطوعا وبه قال الشافعي لان زمان القضاء يصلح للتطوع فإذا سقطت نية الفرض بالتشريك بقيت نية الصوم فوقع تطوعا وكلاهما ضعيف مسألة
وقت النية في المعين كرمضان والنذر المعين من أول الليل إلى أن يطلع الفجر ولا يجوز تأخيرها عن الطلوع مع العلم فيفسد صومه إذا أخر عامدا لمضي جزء من النهار بغير نية و
الصوم لا يتبعض ويجب عليه الامساك ولو تركها ناسيا أو لعذر جاز تجديد ها إلى الزوال لان أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وقد أصبح الناس يوم الشك فشهد
برؤية الهلال فأمر عليه السلام مناديا ينادي من لم يأكل فليصم ومن أكل فليمسك وإذا جاز مع العذر وهو الجهل جازه مع النسيان وقال الشافعي لا يجزي الصيام إلا
بنية من الليل في الواجب كله المعين وغيره وبه قال مالك واحمد وفي جواز مقارنة النية لطلوع الفجر عنده وجهان لقوله عليه السلام لا صيام لمن لم يبيت الصيام
قبل الفجر ونقول بموجبه في العمد وقال أبو حنيفة يصح صوم رمضان بنيته قبل الزوال وكذا كل صوم معين بالقياس على التطوع والفرق المسامحة في التطوع
تكثيرا له حيث قد يبدو له الصوم في النهار ولو شرطت النية ليلا لمنع منه فروع - آ - لو نوى أي وقت كان من الليل أجزأ لقوله عليه السلام لا صيام لمن لم يبيت الصيام من
الليل وهو عام وقال بعض الشافعية إنما تصح النية في النصف الثاني منه دون الأول لاختصاصه بأذان الصبح والدفع من مزدلفه والفرق جوازهما بعد الصبح فلا
يقتضي منعهما في الأول إلى فواتهما بخلاف النية فإن أكثر الناس قد لا ينتبه في النصف الثاني ولا يذكر الصوم - ب - يجوز مقارنة النية لطلوع الفجر لان محل الصوم
النهار والنية مقارنه وقال بعض الشافعية يجب تقديمها على الفجر لقوله (ع) من لم يجمع قبل الفجر فلا صيام له ولا حجة فيه لان المقارنة متعذرة غالبا و
التأخير ممنوع منه فتعين السبق لإزالة مشقة ضبط المقارنة ومع فرض وقوعها يجب الأجزاء - ج - يجوز ان يفعل بعد النية ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر وأن ينام
بعد النية لقوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين خلافا لأبي إسحاق من الشافعية - د - لو نوى الصوم في رمضان ثم نوى الخروج منه بعد انعقاده ولم يبطل
عند الشيخ والشافعي في أحد قوليه لانعقاده أولا ولا يبطل لغير المفطر وفي الاخر يبطل لمضي جزء من النهار بغير نية فعلا وقوة ولا عمل إلا بنية - ه‍ لو شك هل يخرج
أم لا لم يخرج لأنه لا يخرج مع الجزم فمع الشك أولي وللشافعية وجهان ولو نوى انه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين وكانت إحدى وتسعين صح خلافا لبعض
الشافعية لوجود الشرط فلا يؤثر الغلط كما لو نوى الثلاثا فبأن الأربعاء ولو كان عليه قضاء اليوم الأول فنوى قضاء الثاني لو كان عليه يوم من سنة خمس
فنواه من سنة ست لم يصح لأنه صوم لا يتعين بزمان فلا بد فيه من النية والذي عليه لم ينوه مسألة الواجب غير المعين كالقضاء والنذر المطلق يستمر
وقت النية فيه إلى الزوال إذا لم يفعل المنافي نهار العدم تعين زمانه فجاز تجديد النية إلى الزوال كالنافلة ولان هشام بن سالم قال للصادق (ع) الرجل يصبح لا
ينوي الصوم إذا تعالا النهار وحدث له رأي في الصوم فقال إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يوم وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي
نوى وسأل صالح بن عبد الله الكاظم عليه السلام عن رجل جعل لله عليه صيام فيصبح وهو ينوي الصوم ثم يبدو له فيفطر ويصبح وهو لا ينوي الصوم
فيبدو له فيصوم فقال هذا كله جايز وسأل عبد الرحمن بن الحجاج الكاظم عليه السلام عن الرجل يصبح لم يطعم ولم يشرب ولم ينو صوما وكان عليه يوم من شهر رمضان
أ له أن يصوم ذلك اليوم وقد ذهب عامة النهار فقال نعم له أن يصوم ويعتد به من شهر رمضان وقال أبو حنيفة لا يجزي إلا من الليل وبه قال الفقهاء لقوله
عليه السلام من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له والمقصود منه المعين لأنه مخصوص بالنافلة فكذا غير المعين مسألة وقت النية لصوم النافلة من الليل و
يمتد إلى الزوال ويجوز التجديد بالنهار قاله ابن مسعود وحذيفة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير النخعي والشافعي واحمد وأصحاب الرأي ووافقنا على امتداده إلى
الزوال خاصة أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه واحمد في إحدى الروايتين لان النبي (ع) دخل على عايشة يوما فقال هل عندكم شئ قلنا لا قال فاني
إذا صايم ونحوه من طريق الخاصة عن أمير المؤمنين عليه السلام وقال مالك تحب النية من الليل بمعنى انه لا يصح الصوم إلا بنية من الليل وبه قال داود والمزني وهو
مروي عن عبد الله بن عمر لقوله عليه السلام لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل ولتساوي نية فرض الصلاة ونفلها في الوقت وكذا الصوم والحديث مخصوص بالناسي
والمعذور وحديثنا أخص والفرق إن النية مع أول الصلاة في النفل لا يؤدي إلى تقليلها بخلاف الصوم وقال السيد المرتضى (ره) وأكثر علمائنا والشافعي في قول
إن النية في النفل يمتد بامتداد النهار لتناول الأحاديث السابقة له وسأل هشام بن سالم الصادق عليه السلام الرجل يصبح لا ينوي الصوم فإذا تعالا النهار حدث له
رأى في الصوم فقال إن هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى ولو صح الصوم من أول النهار حسب
له مسألة جوز الشيخ تقديم نية رمضان خاصة بيوم أو أيام ان عرض له ليلة الصيام سهو أو نوم أو إغماء أجزأته النية السابقة وإلا فلابد له من تجديدها لان
اقتران النية بالفعل غير شرط إجماعا ولهذا جاز تجديد الناقض بعدها قبل الفجر فجاز تقدمها قبل الهلال بيوم أو أيام لتقارب الزمان والوجه عدم الجواز لقوله عليه السلام
لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل واجزاء من أوله لعسر ضبط اخره مسألة جوز أصحابنا في رمضان صومه بنية واحدة في أوله لصومه أجمع ولا يحتاج إلى
تجديد النية كل ليلة بخلاف غيره وبه قال مالك واحمد في إحدى الروايتين وإسحاق وزفر لأنه نوى في زمان يصلي جنسه لنية الصوم لا يتخلل بينه وبين فعله زمان
يصلح جنسه لصوم سواه فأجزأه كما لو نوى اليوم الأول من ليلته وقال أبو حنيفة والشافعي واحمد في رواية انه لا بد من تجديد النية كل يوم كغير رمضان وهو الوجه
لأنها عبادات متعددة لا يبطل بعضها بفساد البعض بخلاف الصلاة الواحدة واليوم الواحد وادعى الشيخ والسيد المرتضى الاجماع مسألة يستحب صوم يوم
الشك من شعبان إذا لم يرى الهلال ولا يكره صومه سواء كان هناك ما نع من الرؤية كالغيم وشبهه أو لم يكن وبه قال أبو حنيفة ومالك لان عليا عليه السلام قال لان أصوم
256

يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام صمه فإن يك من شعبان كان تطوعا وإن يك من شهر رمضان فيوم وفقت
له ولان الاحتياط يقتضي صومه فلا وجه للكراهية وقال شيخنا المفيد ره وإنما يستحب مع الشك في الهلال لا مع الصحو وارتفاع الموانع إلا لمن كان صائما قبله وبه قال الشافعي
والأوزاعي لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام ستة أيام اليوم الذي يشك فيه من رمضان ويحمل على النهي عن صومه من رمضان وقال احمد إن كانت السماء مصحية
كره صومه وإن كانت مغيمة وجب صومه ويحكم بأنه من رمضان وهو مروي عن ابن عمير لان النبي (ع) قال إنما الشهر تسعة وعشرون يوما ولا تصوموا حتى تروا الهلال
ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له ومعنى الاقدار التضييق بأن يجعل شعبان تسعة وعشرين وقد سبق إن النهي عن الصوم من رمضان معارض بقوله
عليه السلام صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وقال الحسن وابن سيرين وإن صام الامام صاموا وإن أفطر افطروا وهو مروي عن أحمد
لقوله (ع) الصوم يوم يصومون والفطر يوم يفطرون والأضحى يوم يضحون ولو سلم نقله كان واردا على الظاهر فان الغالب عدم خفاء الهلال عن جماعة
كثيرة وخفاؤه عن واحد واثنين فروع - آ - لو نوى بصومه إنه من رمضان كان حراما ولم يجزئه لو خرج منه لدلالة النهي على الفساد قال مولانا زين العابدين عليه السلام
عن يوم الشك امرنا (بصيامه ونهينا عنه امرنا ان يصومه صح) الانسان على أنه من شعبان ونهينا عن أن يصومه على أنه من شهر رمضان ولو نواه ندبا على أنه من شعبان أجزأ عنه وان خرج من رمضان
لأنه أتى بالمأمور به على وجهه فكان مجزيا عن الواجب لان رمضان لا يقع فيه غيره ونية الوجوب ساقطة للعذر ولو نوى انه واجب أو ندب ولم يعين لم يصح صومه
ولم يجزئه لو خرج من رمضان إلا أن يجدد النية قبل الزوال ولو نوى (انه من رمضان فتثبت الهلال قبل الزوال جدد النية وأجزأه ببقاء محل النية ولو نوى صح)؟ إن كان من رمضان فهو واجب وإن كان من شعبان فندب لم يصح وهو أحد قولي الشيخ رحمه الله تعالى
وبه قال الشافعي لان شرط النية الجزم ولم يحصل وللشيخ قول آخر بالاجزاء لو بان من رمضان لأنه نوى الواقع على التقديرين على وجههما ولأنه نوى القربة وهي كافية
- ب - لو نوى الافطار لاعتقاد إنه من شعبان فبأن من رمضان قبل الزوال ولم يتناول نوى الصوم الواجب وأجزأه لبقاء محل النية والجهل عذر فأشبه النسيان
ولو بان بعد الزوال أمسك بقية نهاره ووجب عليه القضاء وبه قال أبو حنيفة والشافعي أوجب القضاء في الموضعين وقال عطا يأكل بقية يومه وهو رواية
عن أحمد ولم يقل به غير هما ولو أصبح بنية صوم شعبان فبأن انه من رمضان نقل النية إليه ولو قبل الغروب وأجزأه - ج - لو اخبره عدل واحد برؤية الهلال وأوجبنا الشاهدين
فنوى انه من رمضان لم يجزئه لو بان منه ولو كان عارفا بحساب التسيير أو اخبره العارف بالهلال لم يصح بنية رمضان لان ذلك ليس طريقا إلى ثبوت الأهلة في
نظر الشرع وإن كان أفاد الظن - د - لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنه إن كان غدا من رمضان فهو صائم وإن كان من شوال فهو مفطر قال بعض الشافعية يصح لأصالة
بقاء الشهر ويبطل لعدم الجزم ولو نوى انه يصومه عن رمضان أو نافلة لم يصح إجماعا - ه‍ - لو نوى يوم الشك عن فرض عليه أجزأه من غير كراهة خلافا لبعض الشافعية
- و - صوم الصبي شرعي وينعقد بنيته وان بلغ قبل الزوال بغير المبطل وجب عليه تجديد نية الفرض وإلا فلا الفصل الثاني فيما يمسك عنه الصائم وهو
أنواع (أمور) - آ - يجب الامساك عن الأكل والشرب نهارا من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بالنصوص والاجماع قال الله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض
من الخيط الأسود من الفجر ولا فرق بين المعتاد وغيره عند علمائنا سواء تغذى به أو لا وهو قول عامة أهل العلم للعموم ولان حقيقة الصوم الامساك وهو غير متحقق
مع تناول غير المعتاد وقال الحسن بن صالح بن حي لا يفطر بما ليس بطعام ولا بشراب وكان أبو طلحة الأنصاري يأكل البرد في الصوم ويقول ليس بطعام ولا بشراب و
قال أبو حنيفة لو ابتلع حصاة أو وتبته؟ بقشرها لم تجب الكفارة فاعتبر في ايجاب الكفارة ما يتغذى به أو يتداوى به وهو مذهب السيد المرتضى ره والكل باطل
بما تقدم فروع - آ - بقايا الغذاء المستخلفة بين أسنانه إن ابتلعها عامدا نهارا فسد صومه سواء أخرجها من فمه أو لا لأنه ابتلع طعاما عامدا فأفطر كما لو أكل
وقال احمد إن كان يسير ألا يمكنه التحرز منه فابتلعه لم يفطر وإن كان كثيرا أفطر وقال الشافعي إن كان مما يجري به الريق ولا يتميز عنه فبلعه مع ريقه لم يفطره
وإن كان بين أسنانه شئ من لحم أو خبز حصل في فيه متميزا عن الريق فابتلعه مع ذكره للصوم فسد صومه وقال أبو حنيفة لا يفطر به لأنه لا يمكنه التحرز عنه فأشبه ما
يجري به الريق وهو خلاف الفرض فإنه مع عدم امكان التحرز عنه عفو - ب - الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت العادة به لا يفطر لعدم امكان التحرز منه وكذا لو جمعه في
فيه ثم ابتلعه وهو أحد قولي الشافعي والاخر يفطر أما لو خرج من فيه بين أصابعه أو ثوبه ثم ابتلعه فإنه يفطر ولو اخرج حصاة وشبهها من فيه وعليها بلة من
الريق ثم اعاده وعليه الريق وابتلع الريق أفطر خلافا لبعض الجمهور ولو ابتلع ريق غيره أفطر ولو أبرز لسانه وعليه ريق ثم ابتلعه لم يفطر لعدم انفصاله عن
محله - ج - لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه لم يفطر لأنه معتاد في الفم غير واصل من خارج فأشبه الريق ولعموم البلوى به ولقوله الصادق عليه السلام لا بأس أن يزدرد
الصايم نخامته وقال الشافعي يفطر وعن أحمد روايتان لأنه يمكن الاحتراز منه فأشبه القئ ونمنع الصغرى - د - حكم الازدراد حكم الاكل فلو ابتلع المعتاد وغيره أبطل صومه
الثاني الجماع وقد أجمع العلماء كافة على إفساد الصوم بالجماع الموجب للغسل في قبل المرأة للآية سواء أنزل أو لم ينزل ولو وطئ في الدبر فأنزل فسد صومه إجماعا ولو لم ينزل
فالمعتمد عليه الافساد لأنه جماع في محل الشهوة فأشبه القبل ولو جامعها في غير الفرجين أفسد مع الانزال وإلا فلا ولا فرق بين وطي الحية والميتة ولا بين الغلام والمرأة
والموطوء كالواطي ولو وطئ الدابة فأنزل فسد وإلا فلا الثالث الانزال نهارا عمدا مفسد سواء كان باستمناء أو ملامسه أو ملاعبة أو قبلة إجماعا لان الصادق (ع)
سئل عن الرجل يضع يده على شئ من جسد امرأة فأدفق فقال كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا أو يعتق رقبة ولو نظر إلى ما لا يحل النظر
إليه عامدا بشهوة فأمنى قال الشيخ عليه القضاء ولو كان نظره إلى ما يحل له النظر إليه فأمنى لم يكن عليه شئ ولو اصغي أو تسمع إلى حديث فأمنى
لم يكن عليه شئ عملا بأصالة البراءة وقال الشافعي وأبو حنيفة والثوري لا يفسد الصوم بالانزال عقيب النظر مطلقا لأنه إنزال من غير مباشرة فأشبه الانزال
بالفكر وقال احمد ومالك والحسن البصري وعطا يفسد به الصوم مطلقا لأنه إنزال بفعل يتلذذ به ويمكن التحرز عنه فأشبه الانزال باللمس ولو أنزل من غير
شهوة كالمريض عمدا أفسد صومه ولو قلنا بالافساد بالنظر ولا فرق بين التكرار وعدمه وبه قال مالك وقال لا يفسد إلا بالتكرار ولو أفكر فأمنى لم يفطر وبه قال
الشافعي وقال أصحاب مالك يفطر وتكره القبلة للشاب الذي تحرك القبلة شهوته ولا يكره لمن يملك إربه لان النبي (ع) كان يقبل وهو صايم وكان أملك الناس لاربه
ولو أمذى بالتقبيل لم يفطر عند علمانا وبه قال أبو حنيفة والشافعي وهو مروي عن الحسن والشعبي والأوزاعي وقال مالك واحمد يفطر الرابع ايصال الغبار الغليظ إلى
الحلق اختيارا كغبار الدقيق والنقض مفسد للصوم خلافا للجمهور لأنه أوصل إلى الجوف ما ينافي الصوم ولان سليمان بن جعفر سمعه يقول إذا شم رايحة غليظة أو كنس بيتا
فدخل في أنفه وحلقه غبار فإن ذلك له فطر مثل الأكل والشرب والنكاح ولو كان مضطرا أو لم يشعر به لم يفطر إجماعا - ه‍ - من أجنب ليلا ويعتمد البقاء على الجنابة حتى يطلع
257

الفجر من غير ضرورة ولا عذر فسد صومه عند علمائنا وبه قال أبو هريرة وسالم بن عبد الله والحسن البصري وطاوس وعروة وبه قال الحسن بن صالح بن حي والنخعي
في الفرض خاصة لقوله عليه السلام من أصبح جنبا فلا صوم له ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا
حتى أصبح قال يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا وقال الجهور لا يفسد الصوم للآية لقول عايشة اشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله
واله إنه كان ليصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصومه ولا دلالة في الآية لعود الغاية إلى الجملة القريبة والحديث ممنوع ومحمول على القرب من الصباح لمواظبته عليه السلام
على أداء الفرايض في أول وقتها فروع - آ - لو طلع عليه الفجر وهو مجامع نزع من غير تلوم ووجب القضاء إن لم يراع الفجر ولو نزعه بنية الجماع فكالمجامع ولو راعى
الفجر ولم يظن قربه ثم نزع مع أول طلوعه لم يفسد صومه لان النزع ترك للجماع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال مالك واحمد والمزني وزفر يبطل صومه وأوجب
احمد الكفارة ب لو طلع الفجر وفي فيه طعام لفظه فإن ابتلعه فسد صومه - ج - قال ابن أبي عقيل إن الحايض والنفساء لو طهرتا ليلا وتركتا الغسل حتى يطلع الفجر عمدا أوجب
القضاء خاصة - و - لو أجنب ليلا ثم نام ناويا للغسل حتى أصبح صح صومه ولو لم ينو فسد صومه وعليه القضاء خلافا للجمهور لما تقدم من اشتراط الطهارة في
ابتدائه وبنومه قد فرط في تحصيل الشرط ولو أجنب فنام على عزم ترك الغسل حتى طلع الفجر فهو كالتارك للغسل عمدا ولو أجنب ثم نام ناويا للغسل حتى طلع
الفجر فلا شئ عليه فان استيقظ ثم نام ناويا للغسل حتى يطلع الفجر وجب القضاء خاصة لان معوية بن
عمار سأل الصادق عليه السلام الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان قال ليس عليه شئ قلت فإنه استيقظ ثم نام حتى أصبح قال فليقض ذلك اليوم عقوبة
ولو احتلم نهارا في رمضان من غير قصد لم يفطر وجاز له تأخير الغسل إجماعا - ز - القئ عمدا مبطل للصوم عند أكثر علمائنا وهو قول عامة العلماء لقوله عليه السلام من
زرعه القي وهو صائم فليس عليه قضاؤه ومن استقاء فليقض ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا تقيأ الصايم فقد أفطر وان ذرعه من غير أن يتقيأ فليتم صومه
وقال السيد المرتضى وابن إدريس لا يفسد صومه وبه قال عبد الله بن عباس وابن مسعود لقوله عليه السلام لا يفطر من قاء ونقول بموجبه فيما إذا ذرعه أما لو ذرعه القئ فإنه لا
يفطر باجماع العلماء وحكى عن الحسن البصري في إحدى الروايتين عنه إنه لا يفطر وهو غلط - ح - اختلف علمائنا في الاحتقان بالمايعات هل هو مفسد أم لا للشيخ قولان
أحدهما الافساد وبه قال الشافعي واحمد وأبو حنيفة لقول الرضا عليه السلام الصائم لا يجوز له ان يحتقن ولأنه أوصل إلى جوفه ما يصلح بدنه وهو ذاكر للصوم فأشبه الاكل
والثاني لا يفسد وبه قال الحسن بن صالح بن حي وداود لان الحقنة لا تصل إلى المعدة ولا إلى موضع الاغتذاء فلا يؤثر فسادا كالاكتحال ولا يجري في مجرى الاغتذاء فلا
يفسد الصوم كالاكتحال وقال مالك يفطر الكثير من دون القليل أما الاحتقان بالجامد فإنه مكروه لا يفسد به الصوم خلافا للجمهور فإنهم لم يفرقوا بين المايع
والجامد وبه قال أبو الصلاح وابن البراج فروع - آ - لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى جوفه أفسد صومه عند الشيخ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقال مالك
لا يفطر وبه قال أبو يوسف ومحمد وهو الوجه - ب - لو جرح نفسه برمح فوصل إلى جوفه أو أمر غيره بذلك قال الشيخ يفسد صومه وبه قال الشافعي والوجه إنه لا يفسد
وبه قال أبو يوسف ومحمد - ج - لو قطر في أذنه دهنا أو غيره لم يفطر للأصل ولان ابن أبي يعفور سأل الصادق عليه السلام عن الصايم يصب الدواء في أذنه قال نعم وقال
بعض علمائنا يفطر وبه وقال الشافعي وأبو حنيفة ومالك واحمد إذا وصل إلى الدماغ لأنه جوف فإذا وصل إليه يغذيه فيفطر به كجوف البدن وهو منقوض بالاكتحال
- د - لو قطر في احليله دواء أو غيره لم يفطر سوا وصل إلى المثانة أو لا وبه قال أبو حنيفة واحمد لان المثانة ليست محلا للاغتذاء فلا يفطر بما يصل إليها ولأنه ليس باطن
الذكر والجوف منفذ وإنما يخرج البول رشحا وقال الشافعي يفطر وبه قال أبو يوسف واضطرب قول محمد فيه لان المثانة كالدماغ في أنها من باطن البدن ونمنع المساواة
ط قال الشيخان الكذب على الله تعالى وعلى رسوله والأئمة عليهم السلام مفسد للصوم وبه قال الأوزاعي لقول الصادق (ع) الكذبة تنقض الوضوء وتفطر
الصائم وقال أبو بصير هلكنا فقال عليه السلام ليس حيث تذهب إنما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وعلى الأئمة عليهم السلام وهو محمول
على المبالغة وقال السيد المرتضى (ره) لا يفسده وهو قول الجمهور وهو المعتمد لأصالة البراءة ولا خلاف في أن الكذب على غير الله تعالى وعلى غير رسوله والأئمة عليهم
السلام غير مفسد وأما المشاتمة والتلفظ بالقبح فكذلك إلا الأوزاعي فإنه أوجب بهما الافطار لقوله عليه السلام من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه
ان يدع طعامه وشرابه ولا دلالة فيه والاجماع على خلاف قوله - ي - الارتماس في الماء قال الشيخان إنه يفسد الصوم لقول الباقر (ع) لا يضر الصائم ما صنع إذا
اجتنب أربع خصال الأكل والشرب والنساء والارتماس في الماء ولا حجة فيه لجواز التضرر بالتحريم دون الافساد كما هو القول الآخر للشيخ لان إسحاق بن عمار قال الصادق
(ع) رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا عليه قضاء ذلك اليوم قال ليس عليه قضاء ولا يعودن قال الشيخ لست اعرف حديثا في ايجاب القضاء والكفارة أو
ايجاب أحدهما على من ارتمس في الماء وقال السيد المرتضى لا يفسد الصوم وهو مكروه وبه قال مالك واحمد والحسن والشعبي وقال باقي الجمهور انه مكروه أيضا
ولا بأس بصب الماء على الرأس للتبرد والاغتسال من غير كراهة ولو ارتمس فدخل الماء حلقه أفسد صومه سواء كان دخول الماء اختيارا أو اضطرارا إذا كان الارتماس
اختيارا ولو صب الماء على رأسه فدخل حلقه متعمدا فسد صومه وكذا لو كان الصب يؤدي إليه قطعا مع الاختيار لا الاضطرار ولو لم يؤد لم يفسد - يا - قال المفيد وأبوا
الصلاح السعوط الذي يصل إلى الدماغ من الانف مفسد للصوم مطلقا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد لان النبي (ع) قال للقيط بن صبرة وبالغ في الاستنشاق
إلا ن تكون صائما ولان الدماغ جوف فالواصل إليه يغذيه فيفطر به كجوف البدن والمنع إنما كان للخوف من النزول إلى الحلق لعروضه في الاستنشاق غالبا والتغدية
لا تحصل من ذلك واشتراك الدماغ والمعدة في اسم الجوف لا يقتضي اشتراكهما في الحكم وقال الشيخ إنه مكروه لا يفسد الصوم سواء بلغ إلى الدماغ أو لا إلا ما نزل إلى الحلق
فإنه يفطر ويوجب القضاء وبه قال مالك والأوزاعي وداود وهو المعتمد عملا بالأصل مسألة يكره مضغ العلك وليس محرما وبه قال الشعبي والنخعي وقتادة والشافعي
واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي للأصل ولان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن الصائم يمضغ العلك فقال نعم ولا فرق بين ذي الطعم وغيره ولا بين المقوى الذي لا يتحلل
اجزاؤه والضعيف الذي يتحلل إذا تحفظ من ابتلاع المتحلل من أجزائه وان وجد طعمه في حلقه مسألة لا بأس بما يدخله الصائم في فمه إذا لم يتعد الحلق كمص الخاتم
ومضغ الطعام وزق الطائر وذوق المرق لقوله عليه السلام أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته وسئل الصادق (ع) عن صب الدواء في أذن الصائم فقال نعم ويذوق
المرق ويزق الفرخ فإن أدخل شيئا في فمه وابتلعه سهوا فإن كان لغرض صحيح فلا قضاء عليه وإلا لزمه ولو تمضمض فابتلع الماء سهوا فإن كان للتبرد فعليه القضاء ون
كان للصلاة فلا شئ عليه وكذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب وقطر المطر فان فعله عمدا أفطر مسألة ولا بأس بالسواك للصيام سواء الرطب واليابس في أول النهار أو آخره عند
258

علمائنا وبه قال مالك وأبو حنيفة لان عامر بن ربيعة قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله ما لا احصى يتسوك وهو صائم ومن طريق الخاصة قول الحلبي سألت الصادق (ع)
أيستاك الصائم بالماء والعود الرطب يجد طعمه فقال لا بأس به وقال احمد يكره بالرطب مطلقا ويكره باليابس بعد الزوال وبه قال ابن عمر وعطا ومجاهد والأوزاعي وإسحاق وقتاده
والشعبي والحكم لقوله (ع) إذا صمتم فاستكوا (بالغداة ولا تستاكوا صح) بالعشي فإنه ليس من صايم تيبس شفتاه الا كانتا نورا بين عينيه يوم القيمة وتحمل على التسوك لاستجلاب الريق لدلالة
اخر الحديث عليه تذنيب يجوز ان يتسوك بالماء وبالمبلول به ويتحفظ من ابتلاع الرطوبة مسألة إنما يبطل الصوم بالمفطرات لو وقع عمدا أما لو وقع نسيانا.
فلا على ما يأتي الخلاف وكذا ما يحصل من غير قصد كالغبار الداخل من غير قصد وماء المضمضة وكما لو صب في حلقه شيئا كرها فإنه لا يفسد صومه إجماعا أما لو أكره على الافطار
بأن توعده وخوفه حتى أكل قال الشيخ انه يفطر وبه قال أبو حنيفة ومالك وللشافعي قولان لأن الصوم للامساك ولم يتحقق ولأنه فعل ضد الصوم ذاكرا له غايته انه فعله
لدفع الضرر عن نفسه لكنه لا أنزله في دفع الفطر كما لو أكل أو شرب لدفع الجوع أو العطش فيحتمل عدم الافطار وبه قال احمد والشافعي في الثاني من قوليه لقوله
(ع) رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه غير متمكن فلا يصح تكليفه ولو فعل المفطر جاهلا بالتحريم أفسد صومه لان له طريقا إلى العلم فالتفريط من
جهته فلا يسقط الحكم عنه ويحتمل العدم كالناسي ولان زرارة وأبا بصير سألا الباقر (ع) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان أو أتى أهله وهو محرم لا يري إلا
أن ذلك حلال له قال ليس عليه شئ ويمكن حمله على الكفارة أو الاثم ولو أكل ناسيا فظن إفساد صومه فتعمد الاكل قال الشيخ يفطر وعليه القضاء والكفارة قال وقد ذهب
بعض أصحابنا إلى أنه يقضي ولا يكفر والمعتمد ما اختاره الشيخ مسألة قد سبق إنه لو نوى الافطار بعد انعقاد
الصوم لم يفطر لانعقاده شرعا فلا يبطل إلا بوجه شرعي
هذا إذا عاد إلى نية الصوم ولو لم يعد فالوجه القضاء وبه قال أصحاب الرأي والشافعية في أحد الوجهين لأنه لم يصم لفوات شرطه وهو النية المستمرة فعلا أو حكما فلا يعتد
بامساكه وقال احمد وأبو ثور والشافعي في الوجه الثاني يفطر وعلى تقدير فلا كفارة لأصالة البراءة السالم عن الهتك ولو نوى القطع في النفل لم يصح صومه وإن عاد
فنواه صح كما لو أصبح غيرنا وللصوم ولو نوى انه سيفطر ساعة أخرى لم يفطر لأنه لو نوى الافطار في الحال لم يفطره فالأولى في المستقبل عدمه ولو نوى انه ان
وجد طعاما أفطر وان لم يجد لم يفطر لم يبطل صومه لان نية الجزم بالافطار غير مؤثرة فيه فمع التردد أولي وقد نازع بعض المشترطين لاستمرار حكم النية في الموضعين وقال
الشيخ لو نوى الافطار في يوم يعلمه من رمضان ثم جدد نية الصوم قبل الزوال لم ينعقد وهو جيد وإن كان فيه كلام الفصل الثالث فيما يوجب القضاء و
الكفارة أو القضاء خاصة مسألة الجماع عمدا في فرج المرأة يوجب القضاء والكفارة عند علمائنا أجمع وهو قول عامة العلماء لان رجلا جاء إلى النبي صلى إليه
عليه واله فقال هلكت فقال وما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان فقال النبي صلى الله عليه وآله هل تجد رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين
متتابعين قال لا قال فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال لا أجد فقال له النبي صلى الله عليه وآله إجلس فجلس فبينا هو جالس لذلك إذ أتي بعرق فيه تمر فقال
له النبي (ع) إذهب فتصدق به فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله والذي بعثك بالحق نبيا ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا فضحك النبي (ع) حتى
بدت أنيابه ثم قال إذهب وأطعم عيالك ونحوه من طريق الخاصة وقال النخعي والشعبي وسعيد بن جبير وقتادة لا كفارة عليه وهو خرق الاجماع فلا يلتفت إليه إذا
عرفت هذا فقد أجمع العلماء على وجوب القضاء مع الكفارة إلا الأوزاعي فإنه حكى عنه إنه إن كفر بالعتق أو الاطعام قضا وإن كفر بالصيام لم يقض لأنه صام شهرين
والاجماع يبطله ولا منافاة وللشافعي قول إنه إذا وجبت الكفارة سقط القضاء لان النبي (ص) لم يأمر الأعرابي بالقضاء وهو خطأ لأنه عليه السلام قال وصم
يوما مكانه ولا فرق بين وطي الميتة والحية والنائمة والمكرهة والمجنونة والصغيرة والمزني بها مسألة ويفسد صوم المرأة إجماعا وعليها الكفارة مع المطاوعة عند
علمائنا أجمع وبه قال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر والشافعي في أحد القولين لأنها شاركت الرجل في السبب وحكم الافطار فتشاركه في الحكم الآخر وهو وجوب
الكفارة ولعموم الروايات لقول الرضا (ع) من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يوم وفي الاخر للشافعي لا كفارة
عليها وعن أحمد روايتان لان النبي (ع) أمر الواطي في رمضان ان يعتق رقبة ولم يأمر في المرأة بشئ ولا دلالة فيه فإن التخصيص بالذكر لا يوجبه في الحكم ولجواز أن تكون
مكرهة فروع - آ - لو أكره زوجته على الجماع وجب عليه كفارتان ولا شئ عليها لأنه هتك يصدر من اثنين وقد استقل بايجاد فعليه ما يوجبه من العقوبة وهي الكفارتان
وخالف الجمهور فقالوا يسقط عنها وعنه لصحة صومها وهو لا ينافي وجوب الكفارة وللرواية ولا قضاء عليها عندنا وقال أصحاب الرأي يجب عليها القضاء وهو قول الثوري
والأوزاعي وقال مالك يجب على المكرهة القضاء والكفارة وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر إن كان الاكراه بوعيد حتى فعلت وجب القضاء والكفارة وإن كان ألجأ لم يفطر
والنائمة كالملجية - ب - لو وطي المجنون فان طاوعته فعليها كفارة واحدة عنها وان أكرهها فلا كفارة على أحدهما - ج - لو زنى بامرأة فان طاوعته فكفارتان عليهما معا وإن أكرهها
فعليه كفارة قال الشيخ ولا يجب عنها شئ لان حمله على الزوجة قياس وهو مشكل لان الفاحشة هنا أشد - د - لو أكرهته على الجماع فعليها كفارة عن نفسها ولا شئ عليه ولا عليها عنه لان
القابل أقل في التأثير إلى الفاعل مسألة لو وطئ امرأته أو أجنبية فأنزل وجب عليه القضاء والكفارة إجماعا وإن لم ينزل فكذلك وبه قال الشافعي واحمد وأبو حنيفة في
رواية لأنه أفسد صوم رمضان بجماع في فرج فوجب عليه الكفارة كالقبل ولأنه عليه السلام أمر من قال واقعت أهلي بالقضاء والكفارة ولم يستفصله مع الاحتمال فيكون عاما
وفي رواية عن أبي حنيفة لا كفارة لعدم تعلق الحد به وهو ممنوع وأيضا لا ملازمة كالاكل فروع - آ - لو وطي غلاما فأنزل لزمته الكفارة وكذا إذا لم ينزل وبه قال الشافعي لأنه وطي عمدا
وطيا يصير به جنبا فوجبت الكفارة وقال أبو حنيفة لا كفارة - ب - لو وطى في فرج بهيمة فأنزل وجب القضاء والكفارة وإن لم ينزل قال الشيخ لا نص فيه ويجب القول بالقضاء لأنه مجمع
عليه دون الكفارة ومنع ابن إدريس القضاء أيضا وقال بعض العامة تجب به الكفارة لأنه وطى في فرج موجب للغسل مفسد للصوم فأشبه وطي الآدمية - ج - إن أوجبنا الكفارة على
الواطي دبرا وجب على المفعول لاشتراكهما في السبب وهو الهتك مسألة لو أنزل عند الملاعبة أو الملامسة أو التقبيل أو استمنى بيده لزمه القضاء والكفارة وكذا لو وطي
فيما دون الفرجين فأنزل وبه قال مالك وأبو ثور لأنه أجنب مختارا متعمدا فكان كالمجامع ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر المفطر بالكفارة ولان الصادق (ع) سئل عن الرجل بعث
بأهله في شهر رمضان حتى يمنى قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع وعن رجل وضع يده على شئ من جسد امرأته فأدفق قال كفارته أن يصوم شهرين متتابعين أو يطعم
ستين مسكينا أو يعتق رقبة وعن الرجل يلاعب أهله أو جاريته وهو في رمضان فيسبقه الماء فينزل قال عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع وقال الشافعي وأبو حنيفة
عليه القضاء دون الكفارة وقال احمد تجب الكفارة في الوطي فيما دون الفرج من الانزال وعنه في القبلة واللمس روايتان فروع - آ - لو نظر أو
تسمع لكلام أو حادث فأمنى لم يفسد صومه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لعدم تمكنه من الاحتراز عن النظرة الأولى إما لو كرر النظر حتى أنزل فالوجه الافساد وقال الشيخ
259

إن نظر إلى محلله لم يلزمه شئ بالامناء وإن نظر إلى محرمه لزمه القضاء وقال مالك إن انزل من النظرة الأولى أفطر ولا كفارة وان استدام النظر حتى انزل وجبت عليه الكفارة وهو
جيد - ب - قال أبو الصلاح لو اصغي فأمنى قضاه - ج - لو قبل أو لمس فأمذى لم يفطر وبه قال الشافعي لأنه خارج لا يوجب الغسل فأشبه البول وقال احمد يفطر لأنه خارج تحلله
الشهوة فإذا انضم إلى المباشرة أفطر به كالمني والفرق إن المنى يلتذ بخروجه ويوجب الغسل بخلافه - د - لو تساحقت امرأتان فإن لم تنزلا فلا شئ سواء الاثم وان أنزلتا فسد
صومهما والوجه القضاء والكفارة لأنه انزال عن فعل يوجب الحد فأشبه الزنا وعن أحمد روايتان ولو ساحق المجبوب فأنزل فكالمجامع في غير الفرج - ه‍ - لو طلع الفجر و
هو يجامع فاستدامه وجب القضاء والكفارة وبه قال مالك والشافعي واحمد لصدق المجامع عليه وقال أبو حنيفة يجب القضاء خاصة لان وطيه لم يصادف صوما
صحيحا فلم يوجب الكفارة كما لو ترك النية وجامع ونمنع حكم الأصل - ولو نزع في الحال مع أول طلوع الفجر من غير تلوم لم يتعلق به حكم إلا أن يفرط بترك المراعاة وبه قال
أبو حنيفة والشافعي لأنه ترك للجماع فلا يتعلق به حكم الجماع وقال بعض الجمهور يجب الكفارة لان النزع جماع يلتذ به فيتعلق به ما يتعلق بالاستدامة وليس بحثنا فيه
بل مع عدم التلذذ وقال مالك يبطل صومه ولا كفارة لأنه لا يقدر على أكثر مما فعله في ترك الجماع فأشبه المكره ونمنع وجوب القضاء مسألة وجب بالاكل والشرب
عامدا مختارا في نهار رمضان على من يجب عليه الصوم القضاء والكفارة عند علمائنا أجماع وبه قال عطا والحسن البصري والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو حنيفة ومالك
لأنه أفطر بأعلى ما في الباب من جنسه فوجب عليه الكفارة كالجماع لما رواه الجمهور إن رجلا فطر فأمره النبي صلى الله عليه وآله ان يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا
ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) في رجل أفطر في شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو
يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق وقال الشافعي لا تجب الكفارة بل القضاء خاصة وبه قال سعيد بن جبير والنخعي ومحمد بن سيرين وحماد بن أبي سليمان وداود واحمد
لأصالة البراءة والأصل قد يخالف للدليل وقد بيناه ولا فرق بين الرجل والمرأة والعبد والخنثى في ذلك ولا بين أكل المحلل والمحرم ولا المعتادة وغيره خلافا للسيد المرتضى
في الأخير ولأبي حنيفة والشافعي مسألة ويجب بايصال الغبار الغليظ والرقيق إلى الحلق عمدا القضاء والكفارة عند علمائنا لأنه مفسد واصل إلى الجوف فأشبه
الاكل وما رواه سليمان بن جعفر المروزي قال سمعت يقول إذا تمضمض الصايم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه
غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك له فطر مثل الأكل والشرب مسألة لو أجنب ليلا وتعمد البقاء على الجنابة حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء والكفارة لقوله
عليه السلام من أصبح جنبا في شهر رمضان فلا يصوم من يومه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح
قال يعتق برقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا وقال ابن أبي عقيل منا عليه القضاء خاصة وهو ظاهر كلام السيد المرتضى (ره) وبه قال أبو هريرة والحسن البصري
وسالم بن عبد الله والنخعي وعروة وطاوس وقال الجمهور لا قضاء ولا كفارة وصومه صحيح لقوله تعالى حتى يتبين لكم الخيط الأبيض وما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله
انه كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصومه والجواب لا يجب اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الغاية والرواية ممنوعة عليها محمولة على أنه كان يقارب بالاغتسال
طلوع الفجر لا أنه يفعله بعده وإلا لكان مداوما لترك الأفضل وهو الصلاة في أول وقتها فان قولنا كان يفعل يدل على المداومة تذنيب لو أجنب ثم نام غير ناو للغسل
حتى طلع الفجر وجبت عليه القضاء والكفارة لأنه مع ترك العزم على الغسل يسقط اعتبار النوع ويصير كالمتعمد للبقاء على الجنابة ولو نام على عزم الاغتسال ثم نام ثم انتبه ثانيا
ثم نام ثالثا على عزم الاغتسال واستمر نومه في الثالث حتى أصبح وجب عليه القضاء والكفارة أيضا لرواية سليمان بن جعفر المروي عن الكاظم (ع) قال إذا أجنب
الرجل في شهر رمضان بليل فعليه صوم شهرين متتابعين مع صوم ذلك اليوم ولا يدرك فضل يومه وهو يتناول صورة النزاع مسألة أوجب الشيخان بالارتماس
القضاء والكفارة واختار السيد المرتضى ره الكراهية ولا قضاء ولا كفارة فيه وبه قال مالك واحمد وللشيخ قول في الاستبصار انه محرم لا يوجب قضاء ولا كفارة و
هو الأقوى لدلالة الأحاديث على المنع وأصالة البراءة على سقوط القضاء والكفارة وقال ابن أبي عقيل إنه سابغ مطلقا وبه قال الجمهور إلا من تقدم مسألة
أوجب الشيخان القضاء والكفارة بتعمد الكذب على الله تعالى أو على رسوله أو على الأئمة عليهم السلام وخالف فيه السيد المرتضى ره وابن أبي عقيل والجمهور كافة وهو
المعتمد لأصالة البراءة احتج الشيخان برواية أبي بصير قال سمعت الصادق (ع) قال الكذبة تنقض الوضوء وتفطر الصايم قال قلت هلكنا قال ليس حيث
تذهب إنما ذلك الكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وعلى الأئمة عليهم السلم والافطار يستلزم الكفارة لقول الصادق عليه السلام في رجل أفطر فيشهر
رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر قال يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر تصدق بما يطيق وهي محمولة على المفطرات
الخاصة والحديث الأول اشتمل على ما هو ممنوع عندهم وهو نقض الوضوء فيحمل على المبالغة مسألة والقضاء الواجب هو يوم مكان يوم خاصة عند عامة
العلماء وحكى عن ربيعه إنه قال يجب مكان كل يوم إثنا عشر يوما وقال سعيد بن المسيب إنه يصوم عن كل يوم شهرا وقال إبراهيم النخعي ووكيع يصوم عن كل يوم ثلاثة آلاف
يوم والكل باطل لقوله (ع) للمجامع وصم يوما مكانه ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه السلام ويصوم يوما بدل يوم مسألة والكفارة عتق رقبة أو صيام شهرين
متتابعين أو إطعام ستين مسكينا على التخيير عند أكثر علمائنا وبه قال مالك لما رواه أبو هريرة إن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله
ان يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين مسكينا ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو
يطعم ستين مسكينا وأو للتخيير وقال ابن أبي عقيل انها على الترتيب وبه قال أبو حنيفة والثوري والشافعي والأوزاعي لقوله (ع) للواقع على أهله هل تجد
رقبة تعتقها قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد اطعام ستين مسكينا ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) من أفطر يوما من
شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يوم ولا دلالة لان ايجاب الرقبة لا ينافي التخيير بينها وبين غيرها و (ايجاب العتق لا ينافي صح) ايجاب غيره وقال الحسن البصري
انه مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة لما رواه العامة عن جابر بن عبد الله عن النبي (ع) إنه قال من أفطر يوما في شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة فإن لم يجد
فليطعم ثلاثين صاعا وراويه ضعيف ولا يعول عليه وللسيد المرتضى ره قولان أحدهما انها على الترتيب والثاني انها على التخيير وعن أحمد روايتان والتخيير عندنا
أولي لموافقة براءة الذمة تذنيب الأولى الترتيب لما فيه من الخلاص عن الخلاف ولاشتماله على العتق الذي هو أفضل الخصال مسألة صوم الشهرين متتابع
عند علمائنا أجمع وهو قول عامة أهل العلم لما رواه العامة عن أبي هريرة إن النبي (ع) قال لمن واقع أهله فهل يستطيع ان تصوم شهرين متتابعين (ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أو يصوم شهرين متتابعين صح) ولأنها
كفارة فيها صوم شهرين فكان متتابعا كالظهار والقتل وقال ابن أبي ليلى لا يجب التتابع لما روي أبي هريرة إن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله
260

أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكينا ولم يذكر التتابع والأصل عدمه وحديثنا أولي لأنه لفظ النبي (ع) وحديثكم لفظ الراوي ولان الاخذ بالزيادة
أولي مسألة الواجب في الاطعام مد لكل مسكين قدره رطلان وربع بالعراقي والواجب خمسة عشر صاعا وبه قال الشافعي وعطا والأوزاعي لما رواه العامة في حديث المجامع انه
أتى النبي صلى الله عليه وآله بمكتل فيه خمسة عشر صاعا من تمر فقال خذها فأطعم عيالك ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الرحمن عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل أفطر
يوما من شهر رمضان متعمدا قال عليه خمسة عشر صاعا لكل مسكينا مد بمد النبي صلى الله عليه وآله وقال الشيخ ره لكل مسكين مدان من طعام والأصل براءة الذمة
وقال أبو حنيفة من البر لكل مسكين نصف صاع ومن غيره صاع لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث سلمة بن صخر وأطعم وسقا من تمر وهو ضعيف لأنه مختلف
فيه وقال احمد مد من بر ونصف صاع ومن غيره لما رواه أبو زيد المدني قال جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق من شعير فقال النبي صلى الله عليه وآله للمظاهر أطعم هذا
فان مدى شعير مكان مدع من بر وليس محل النزاع مسألة قد بينا ان الكفارة مخيرة وعلى القول بالترتيب لو فقدت الرقبة فصام ثم وجد الرقبة في أثنائه جاز له المضي
فيه والانتقال إلى الرقبة أفضل لان فرضه انتقل بعجزه إلى الصيام وقد تلبس به فكان الواجب تمامه وسقط وجوب العتق كالمتيمم يسقط عنه الوضوء بشروعه في الصلاة ولأنه
بعد الرقبة تعين عليه الصوم ولا يزول هذا الحكم بوجود الرقبة كما لو وجدها بعد إكمال الصوم وقال أبو حنيفة والمزني لا يجزئه الصوم ويكفر بالعتق وللشافعي قولان لأنه قدر
على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل فيبطل حكم المبدل كالمتيمم يري الماء وليس حجة فان المتيمم بعد الدخول في الصلاة يمضي فيها ولا يبطل تيممه أما قبلها فلا
والفرق انه لم يتلبس بما فعل المتيمم له فلم يظهر له حكم ولان التيمم لا يرفع الحدث بل يستره فإذا وجد الماء ظهر حكمه بخلاف الصوم فإنه يرفع حكم الجماع بالكلية مسألة
وعجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما فإن لم يقدر تصدق بما وجد أو صام ما استطاع فإن لم يتمكن استغفر الله تعالى ولا شئ عليه قاله علماؤنا لما رواه العامة ان النبي
صلى الله عليه وآله قال للمجامع اذهب فكله أنت وعيالك ولم يأمره بالكفارة في ثاني الحال ولو كان الوجوب ثابتا في ذمته لامره بالخروج عنه عند قدرته ومن طريق الخاصة
قول النبي صلى الله عليه وآله فخذه واطعمه عيالك واستغفر الله عز وجل ولان الكفارة حق من حقوق الله تعالى على وجه البدل فلا يجب مع العجز كصدقة الفطر و
قال الزهري والثوري وأبو ثور إذا لم يتمكن من الأصناف الثلاثة كانت الكفارة ثابتة في ذمته وهو قياس قول أبي حنيفة لان النبي (ع) أمر الأعرابي أن يأخذ التمر
ويكفر عن نفسه بعد ان أعلمه بعجزه عن الأنواع الثلاثة وهو يقتضي وجوب الكفارة مع العجز ولأنه حق الله تعالى في المال فلا يسقط بالعجز كساير الكفارات وليس
حجة لأنه عليه السلام دفع البر تبرعا منه لا إنه واجب على العاجز وحكم الأصل ممنوع وقال الأوزاعي تسقط الكفارة عنه وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان فروع - آ -
حد العجز عن التكفير أن لا يجد ما يصرفه في الكفارة فاضلا عن قوته وقوت عياله ذلك اليوم - ب - لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة مع العجز بل يجب القضاء مع
القدرة عليه فان عجز أيضا عنه سقط لعدم الشرط وهو القدرة - ج - اختلف عبارة الشيخين هنا قال المفيد (ره) لو عجز عن الأصناف الثلاثة صام ثمانية عشر يوما
متتابعات فإن لم يقدر تصدق بما أطاق أو فليصم ما استطاع فجعل الصدقة مرتبة على العجز عن صوم ثمانية عشر والشيخ (ره) عكس فقال إن لم يتمكن من الأصناف
الثلاثة فليتصدق بما يتمكن منه فإن لم يتمكن من الصدقة صام ثمانية عشر يوما فإن لم يقدر صام ما تكمن منه - د - اطلق الشيخ (ره) صوم ثمانية عشر يوما والمفيد والمرتضى
ره قيداها بالتتابع ورواية سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن (ع) من قوله إنما الصيام الذي لا يفرق كفارة الظهار وكفارة الدم وكفارة اليمين يدل
على قول الشيخ (ره) - ه‍ - لو عجز عن صيام شهرين وقدر على صوم شهر مثلا ففي وجوبه أو الاكتفاء بالثمانية عشر يوما اشكال أما في الصدقة فلو عجز عن اطعام ستين
وتمكن من اطعام ثلاثين وجب قطعا لقوله (ع) فإن لم يتمكن تصدق بما استطاع وكذا الاشكال لو تمكن من صيام شهر واطعام ثلاثين هل يجب أم لا مسألة
وإنما تجب الكفارة وفي صوم تعين وقته إما بأصل الشرع كرمضان أو بغيره كالنذر المعين وتجب أيضا في قضاء رمضان بعد الزوال لا قبله وفي الاعتكاف عند علمائنا
وأطبقت العلماء على سقوط الكفارة فيما عدا رمضان إلا قتادة فإنه أوجب الكفارة في قضاء رمضان أما قضاء رمضان فلانه عبادة تجب الكفارة في أدائها فكذا تجب في
قضائها كالحج ولما رواه بريد بن معوية العجلي في الصحيح عن الباقر (ع) في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا
يوما مكان يوم وإن كان أتى أهله بعد الزوال فإن عليه ان يتصدق على عشرة مساكين وأما النذر المعين فلتعين زمانه كرمضان ولان القاسم الصيقل كتب إليه
(ع) يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما لله تعالى فوقع في ذلك اليوم على أهله ما عليه من الكفارة فأجابه يصوم يوما بدل يوم وتحرير رقبة مؤمنه
وأما الاعتكاف الواجب فلانه كرمضان في التعيين ولان زرارة سأل الباقر (ع) عن المعتكف يجامع فقال إذا فعل فعليه ما على المظاهر مسألة قد
بينا إنه فرق بين ان يفطر في قضاء رمضان قبل الزوال وبعده فتجب الكفارة لو أفطر بعده ولا يجب لو أفطر قبله والجمهور كافة إلا قتادة على سقوط الكفارة فيهما
وقتادة أوجبها قبل الزوال وبعده وابن أبي عقيل من علمائنا اسقطها بعد الزوال أيضا والمشهور ما بيناه لأنه قبل الزوال مخير بين الافطار والاتمام
وبعده يتعين الصوم فلهذا افترق الزمانان في ايجاب الكفارة وسقوطهما لقول الصادق (ع) صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك وبين الليل
متى ما شئت وصوم قضاء الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت فليس لك أن تفطر تذنيب لو أفطر في قضاء النذر المعين بعد الزوال لم يجب عليه شئ سوى
الإعادة لأصالة البراءة وإن كان في قول الصادق (ع) دلالة على الوجوب مسألة المشهور في كفارة قضاء رمضان اطعام عشرة مساكين فإن لم يتمكن صام ثلاثة
أيام وقد روي إنه لا شئ عليه وروي ان عليه كفارة رمضان وتأولهما الشيخ ره بحمل الأولى على العاجز والثانية على المستخف بالعبادة المتهاون بها وأما النذر المعين
فالمشهور ان في افطاره كفارة رمضان لمساواته إياه في تعيين الصوم وابن أبي عقيل يوجب في افطاره الكفارة وهو قول العامة تذنيب لو صام يوم الشك
بينه قضاء رمضان ثم أفطر بعد الزوال ثم ظهر إنه من رمضان احتمل سقوط الكفارة إما عن رمضان فلانه لم يقصد افطاره يوم الشك وهو جايز
له واما عن قضاء رمضان فلظهور انه زمان لا يصح للقضاء ويحتمل وجوب كفارة رمضان ويحتمل وجوب كفارة قضائه مسألة يشترط في افساد الصوم
بالافطار أمور ثلاثة الأول وقوعه عنه متعمدا مختارا مع وجوب الصوم عليه أما شرط العمد فإنه عندنا ثابت
إجماعا منا فان المفطر ناسيا لا يفسد صومه مع تعين الزمان
ولا يجب به قضاء ولا كفاره عند علمائنا أجمع وبه قال أبو هريرة وابن عمر وعطا والطوسي والأوزاعي والثوري والشافعي واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي لما رواه العامة
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيا فأتم صومه فإنه أطعمه الله وسقاه وعن علي (ع) قال لا شئ على من أكل ناسيا ومن
طريق الخاصة قول الباقر (ع) كان أمير المؤمنين (ع) يقول من صام فنسى فأكل وشرب فلا يفطر من أجل انه نسى فإنما هو رزق رزقه الله فليتم صيامه ولان التكليف.
261

بالامساك يستدعي الشعور وهو منفي في حق الناسي فكان غير مكلف به لاستحالة تكليف ما لا يطاق وقال ربيعة ومالك يفطر الناسي كالعامد لان الاكل ضد الصوم
لأن الصوم كف ولا يجامعه وتبطل العادة به كالناسي في الكلام في الصلاة ونمنع كون الاكل مطلقا ضدا بل الضد هو الاكل العمد ونمنع بطلان الصلاة مع نسيان الكلام
ولو فعل ذلك حالة النوم لم يفسد للنومة؟ لانتفاء القصد فيه والعلم فهو اعذر من الناسي أما الجاهل بالتحريم فإنه غير معذور بل يفسد الصوم مع فعل المفطر ويكفر
وأما المكره والمتوعد بالمؤاخذة فالأقرب فساد صومهما لكن لا تجب الكفارة مسألة قد بينا إن القصد لوصول شئ إلى الجوف شرط الافساد فلو طارت ذبابة أو
بعوضة إلى حلقه لم يفطر بذلك إجماعا أما لو وصل غبار الطريق أو غربلة الدقيق إلى جوفه فان كانا غليظين وامكنه التحرز منه فإنه يفسد صومه ولو كانا خفيفين
لم يفطر والعامة لا يفصل بل قالوا لا يفطر ولو امكنه اطباق فيه أو اجتناب الطريق لم يفطر عندهم أيضا لان تكليف الصائم الاحتراز عن الافعال المعتادة التي يحتاج
إليها عسر وحرج فيكون منفيا بل لو فتح فاه عمدا حتى وصل الغبار إلى جوفه فأصح وجهي الشافعية انه يقع عفوا ولو وطئت المرأة قهرا فلا تأثير له في فساد صومها وكذا
لو وجر في حلق الصائم ماء وشبهه بغير اختياره وللشافعي قولان فيما لو أغمي عليه فوجر في حلقه معالجة واصلاحا أحدهما انه يفطر لان هذا الايجار لمصلحته فكأنه بإذنه واختياره
وأصحهما إنه لا يفطر كايجار غيره بغير اختياره وهذا الخلاف بينهم مفرع على أن الصوم لا يبطل بمطلق الاغماء ولا بالايجار مسبوق بالبطلان وهذا الخلاف كالخلاف في المغمى
عليه المحرم إذا عولج بدواء فيه طيب هل تلزمه الفدية مسألة ابتلاع الريق غير مفطر عند علمائنا سواء جمعه في فمه ثم ابتلعه أو لم يجمعه وبه قال الشافعي وهو
أصح وجهي الحنابلة أما إذا لم يجمعه فلان العادة تقتضي بلعه والتحرز منه غير ممكن وبه يحيي الانسان وعليه حمل بعض المفسرين وجعلنا من الماء كل شئ حي فأما إذا جمعه
فلانه يصل إلى جوفه من معدته فأشبه إذا لم يجمعه وقال بعض الحنابلة انه يفطر لأنه يمكنه التحرز عنه فأشبه ما لو قصد ابتلاع غيره وهو ممنوع وشرط الشافعية في عدم
افطاره شروطا الأول ان يكون الريق صرفا فلو كان ممن وجاء بغيره متغيرا به فإنه يفطر بابتلاعه سواء كان ذلك الغير طاهرا كما لو كان يفتل خيطا مصبوغا فغير ريقه أو نجسا
كما لو دميت لثته وتغير ريقه فلو أبيض الريق وزال تغيره ففي الافطار بابتلاعه للشافعية وجهان أظهرهما عندهم الافطار لأنه لا يجوز له ابتلاعه لنجاسته والريق إنما يجوز ابتلاع
الطاهر منه والثاني عدم الافطار لان ابتلاع الريق مباح وليس فيه شئ اخر وإن كان نجسا حكما وعلى هذا لو تناول بالليل شيئا نجسا ولم يغسل فيه حتى أصبح فابتلع الريق
بطل صومه على الأول الثاني ان يبتلعه من معدته فلو خرج إلى الظاهر من فمه ثم رده بلسانه أو غير لسانه وابتلعه بطل صومه وهذا عندنا كما ذكروا ما لو اخرج
لسانه وعليه الريق ثم رده وابتلع ما عليه لم يبطل صومه عندنا وهو أظهر وجهي الشافعية لان اللسان كيف ما يقلب معدود من داخل الفم فلم يفارق ما عليه
معدته فلو بل الخياط الخيط بالريق أو الغزال الغزل بريقه ثم رده إلى الفم على ما يعتاد عند الفتل فإن لم يكن عليه رطوبة ينفصل فلا بأس وإن كانت وابتلعها
أفطر عندنا وهو قول أكثر الشافعية لأنه لا ضرورة إليه وقد ابتلعه بعد مفارقة المعدة والثاني للشافعية إنه لا يفطر لان ذلك القدر أقل مما يبقى من الماء في الفم
بعد المضمضة وخصص بعض الشافعية الوجهين بالجاهل بعدم الجواز وإذا كان عالما يبطل صومه إجماعا الثالث ان يبتلعه وهو على هيئته المعتادة أما لو جمعه ثم
ابتلعه فعندنا لا يفطر كما لو لم يجمعه وللشافعية وجهان أحدهما انه يبطل صومه لامكان الاحتراز منه وأصحهما انه لا يبطل وبه قال أبو حنيفة لأنه مما يجوز ابتلاعه
ولم يخرج من معدته فأشبه ما لو ابتلعه متفرقا فروع - آ - قد بينا انه لا يجوز له ابتلاع ريق غيره ولا ريق نفسه إذا انفصل من فمه وما روي عن عائشة إن النبي صلى الله عليه
وآله كان يمص لسانها وهو صائم ضعيف لان أبا داود قال إن اسناده ليس بصحيح سلمنا لكن يجوز ان يمصه بعد إزالة الرطوبة عنه فأشبه ما لو تمضمض بماء ثم مجه - ب - لو ترك في
فمه حصاة وشبهها وأخرجها وعليه بلة من الريق كغيره ثم أعادها وابتلع الريق أفطر وإن كان قليلا فاشكال ينشأ من أنه لا يزيد على رطوبة المضمضة ومن انه ابتلع
ريقا منفصلا عن فمه فأفطر به كالكثير - ج - قد بينا كراهة العلك لما فيه من جمع الريق في الفم وابتلاعه فتقل مشقة الصوم فيقصر الثواب ولا فرق بين أن يكون له طعم أم لا و
لو كان مفتتا فوصل منه شئ إلى الجوف بطل صومه كما لو وضع سكرة في فمه وابتلع الريق بعدما ذابت فيه د لو ابتلع دما خرج من سنه أو لثته أفطر بخلاف الريق - ه‍ - النخامة
إذا لم تحصل في حد الظاهر من الفم جاز ابتلاعها وإن حصلت فيه بعد انصبابها من الدماغ في الثقبة النافذة منه إلى اقصى الفم فوق الحلقوم فإن لم يقدر على صرفه ومجه حتى نزل
إلى الجوف لم يفطر وان رده إلى فضاء الفم أو ارتد ثم ابتلعه أفطر عند الشافعية وإن قدر على قطعه من مجراه ومجه فتركه حتى جرى بنفسه لم يفطر وللشافعية وجهان - و - لو تنخع
من جوفه ثم ازدرده فالأقرب عدم الافطار لأنه معتاد في الفم غير واصل من خارج فأشبه الريق وقال الشافعي انه يفطر لأنه يمكنه التحرز منه فأشبه الدم ولأنها من غير الفم
فأشبه القئ وعن أحمد روايتان مسألة لا يفطر بالمضمضة والاستنشاق مع التحفظ إجماعا سواء كان في الطهارة أو غيرها ولان النبي صلى الله عليه وآله قال للسائل عن
القبلة أرأيت لم تمضمضت بماء ثم مججته أكنت مفطرا ولان الفم في حكم الظاهر فلا يبطل الصوم بالواصل إليه كالأنف والعين إما لو تمضمض للصلاة فسبق الماء إلى جوفه
أو استنشق فسبق إلى دماغه من غير قصد لم يفطر عند علمائنا وبه قال الأوزاعي واحمد وإسحاق والشافعي في أحد القولين وهو مروى عن ابن عباس لأنه وصل الماء إلى جوفه
من غير قصد ولا اسراف فأشبه ما لو طارت الذبابة فدخلت حلقه ولأنه وصل بغير اختياره ولا يفطر به كالغبار وللشافعية طريقان أصحهما عندهم إن المسألة على قولين أحدهما
انه يفطر وبه قال مالك وأبو حنيفة لأنه وصل الماء إلى جوفه بفعله فإنه الذي ادخل الماء في فمه وانفه والثاني وبه قال احمد انه لا يفطر والثاني القطع بأنه لا يفطر وعلى
القول بطريقة القولين فما محلهما فيه ثلاث طرق أصحها عندهم ان القولين فيما إذا لم يبالغ في المضمضة والاستنشاق فأما إذا بالغ أفطر بلا خلاف وثانيها ان القولين فيما
إذا بالغ أما إذا لم يبالغ فلا يفطر بلا خلاف والفرق على الطريقين ان المبالغة منهي عنها واصل المضمضة والاستنشاق مرغب فيه فلا يحسن مؤاخذته بما يتولد منه بغير اختياره و
الثالث طرد القولين في الحالتين فإذا تميزت حالة المبالغة عن حالة الاقتصار على أصل المضمضة والاستنشاق حصل عند المبالغة للشافعي قولان مرتبان لكن ظاهر مذهبهم
عند المبالغة الافطار وعند عدمها الصحة هذا إذا كان ذاكرا للصوم أما إذا كان ناسيا فإنه لا يفطر بحال وسبق الماء عند غسل الفم من النجاسة كسبقه في المضمضة وكذا
عند غسله من أكل الطعام ولو تمضمض للتبرد فدخل الماء حلقه من غير قصد أفطر لأنه غير مأمور به مسألة قد بينا ان الأكل والشرب ناسيا غير مفطر عند علمائنا سواء
قل أكله أو كثر وقال مالك إنه يفطر وللشافعي فيما إذا كثر أكله ناسيا قولان ولو أكل جاهلا أفسد صومه وقال الشافعي إن كان قريب العهد بالاسلام أو كان قد نشاء
في بادية وكان يجهل مثل ذلك لو لم يبطل صومه وإلا بطل وإذا جامع ناسيا للصوم لم يفطر عندنا وللشافعية طريقان أصحهما القطع بأنه لا يبطل والثاني انه يخرج على قولين
مسألة إذا أجنب الصائم ليلا في رمضان أو المعين ثم نام فإن كان على عزم ترك الاغتسال واستمر به الصوم إلى أن أصبح وجب عليه القضاء والكفارة وان نام على عزم
الاغتسال ثم استيقظ ثانيا ثم نام ثالثا بعد انتباهتين وجب القضاء والكفارة أيضا وإن نام من أول مرة عازما على الاغتسال حتى يطلع الفجر لم يكن عليه شئ وإن نام ثانيا واستمر
262

به النوم على عزم الاغتسال حتى طلع الفجر وجب عليه القضاء خاصة لان ابن أبي يعفور سأل الصادق " ع " الرجل يجنب في رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال يتم صومه ويقضي يوما بدله اخر
فإن لم يستيقظ حتى يصبح أتم يومه وجاز له ولأنه فرط في الاغتسال فوجب عليه القضاء ولا تجب الكفارة لان المنع من النومة الأولى تضييق على المكلف مسألة لو ظن بقاء
الليل فأكل أو شرب أو جامع وبالجملة فعل المفطر ثم ظهر له ان فعله صادف النهار وان الفجر قد كان طالعا فإن كان قد رصد الفجر وراعاه فلم يتبينه أتم صومه ولا شئ عليه وإن لم يرصد الفجر مع
القدرة على المراعاة ثم تبين انه كان طالعا وجب عليه اتمام الصوم والقضاء خاصة ولا كفارة عليه لأنه مفطر بترك المراعاة فوجب القضاء لافساده الصوم بفعل المفطر ولا كفارة
لعدم الاثم وأصالة البقاء وأما مع المراعاة فلان الأصل بقاء الليل وقد اعتضد بالمراعاة فكان التناول جايزا له مطلقا فلا فساد حينئذ وجرى مجرى الساهي وسئل الصادق عليه السلام عن
رجل تسحر ثم خرج من بيته وقد طلع الفجر وتبين فقال يتم صومه ذلك ثم ليقضه وان تسحر في غير شهر رمضان بعد الفجر أفطر والعامة لم يفصلوا بل قال الشافعي لا كفارة عليه
مطلقا سواء رصد أو لم يرصد مع ظن الليل وعليه القضاء وهو قول عامة الفقهاء إلا إسحاق بن راهويه وداود فإنهما قالا لا يجب عليه القضاء وهو مذهب الحسن ومجاهد
وعطا وعروة وقال احمد إذا جامع بظن ان الفجر لم يطلع وتبين إنه كان طالعا وجب عليه القضاء والكفارة مطلقا ولم يعتبر المراعاة واحتج موجبو القضاء مطلقا بأنه أكل مختارا
ذاكرا للصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشك ولأنه جهل وقت الصيام فلم يعذر به كالجهل بأول رمضان واحتج الآخرون بما رواه زيد بن وهب قال كنت جالسا في مسجد رسول الله
صلى الله عليه وآله في رمضان في زمن عمر فاتينا بعساس فيها شراب من بيت حفصة فشربنا ونحن نرى انه من الليل ثم انكشف السحاب فإذا الشمس طالعة قال فجعل الناس يقولون
يقضي يوما مكانه فقال عمر والله لا نقضيه ما تجانفنا الاثم والجواب المنع من الاكل في رمضان عالما مع المراعاة وقول عمر ليس حجة واحتج احمد بأن النبي صلى الله عليه وآله
أمر المجامع بالتكفير من غير تفصيل والامر إنما كان للهتك لان الأعرابي شكى كثرة الذنب وشدة المؤاخذة وذلك إنما يكون مع قصد الافطار مسألة لو أخبره غيره بأن الفجر
لم يطلع فقلده وترك المراعاة مع قدرته عليها ثم فعل المفطر وكان الفجر طالعا وجب عليه القضاء خاصة لأنه مفرط بترك المراعاة فأفسد صومه ووجب عليه القضاء والكفارة ساقطة
عنه لأنه بناء على أصالة بقاء الليل وعلى صدق المخبر الذي هو الأصل في المسلم وسأل معاوية بن عمار الصادق عليه السلام أمر الجارية ان تنظر اطلع الفجر أم لا فتقول لم يطلع فأكل
ثم انظر فأجده قد طلع حين نظرت قال تتم يومه وتقضيه أما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاءه ولو اخبره غيره بطلوع الفجر فظن كذبه فتناول المفطر وكان الفجر
طالعا وجب القضاء للتفريط بترك المراعاة مع القدرة ولا كفارة عليه لعدم الاثم لأصالة بقاء الليل وسأل عيص بن القاسم الصادق عليه السلام عن رجل خرج في شهر رمضان و
أصحابه يتسحرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم فكف بعضهم وظن بعضهم انه يسحر فأكل قال يتم صومه ويقضي ولا فرق بين أن يكون المخبر عدلا أو فاسقا للاطلاق ولو أخبره
عدلان بطلوع الفجر فلم يكف ثم ظهر إنه كان طالعا فالأقرب وجوب القضاء والكفارة لان قولهما معتبر في نظر الشرع ويجب العمل به فتترتب عليه توابعه مسألة لو أفطر
لظلمة عرضت توهم منها دخول الليل ثم ظهر مصادفته للنهار وجب القضاء خاصة لتفريطه حين بنى على وهمه ولو ظن دخول الليل لظلمة عرضت إما لغيم أو غيره فأفطر ثم
تبين فساد ظنه أتم صومه ووجب القضاء عليه عند أكثر علمائنا وهو قول العامة لأنه تناول ما يفسد الصوم عامدا فوجب عليه القضاء ولا كفارة لحصول الشبهة ولما
رواه عن حنظلة قال كنا شهر رمضان وفي السماء سحاب فظننا ان الشمس غابت فأفطر بعضنا فأمر عمر من كان أفطر أن يصوم مكانه ومن طريق الخاصة ما رواه أبو بصير عن الصادق " ع "
في قوم صاموا شهر رمضان فغشاهم سحاب اسود عند غروب الشمس فرأوا أنه الليل فقال على الذي أفطر صيام ذلك اليوم إن الله عز وجل يقول أتموا الصيام إلى الليل فمن أكل قبل ان
يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا وللشيخ ره قول اخر إنه يمسك ولا قضاء عليه لان أبا الصباح الكناني سأل الصادق عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت
وفي السماء سحاب فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب فقال قد تم صومه ولا يقضيه والحديث ضعيف السند لان فيه محمد بن الفضيل وهو ضعيف واعلم أنه لا فرق بين بقاء
الليل ودخوله فان الأول اعتضد بأصالة البقاء والثاني اعتضد بضده وهو أصالة عدم الدخول مع أنه تمكن من الصبر إلى أن يحصل اليقين واعلم أن المزني نقل عن الشافعي
إنه لو أكل على ظن أن الصبح لم يطلع بعد أو ان الشمس قد غربت وكان غالطا فيه لا يجزيه صومه ووافقه أصحابه على روايته في الصورة الثانية وأنكر بعضهم الأولى وقال لا يوجد ذلك
في كتب الشافعي ومذهبه انه لا يبطل الصوم إذا ظن إن الصبح لم يطلع بعد لأصالة بقاء الليل بخلاف اخر النهار فإن الأصل بقاء النهار فالغلط في الأولى معذور دون الثانية
ومنهم من صحح الروايتين وقال لعله نقله سماعا لأنه تحقق خلاف ظنه واليقين مقدم على الظن ولا يبعد استواء حكم الغلط في دخول الوقت وخروجه كما في الجمعة إذا
عرفت هذا فالأحوط للصائم الامساك عن الافطار حتى يتيقن الغروب لأصالة بقاء النهار فيستصحب إلى أن يتيقن خلافه ولو اجتهد وغلب على ظنه دخول الليل فالأقرب
جواز الأكل وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني لا يجوز لقدرته على تحصيل اليقين وأما في النهار فيجوز الاكل بالظن والاجتهاد لأصالة بقاء الليل ولو أكل من
غير يقين ولا اجتهاد فان تبين له الخطأ فالحكم ما تقدم وإن تبين الصواب فقد استمر الصوم على الصحة لا يقال
مقتضى الدليل عدم صحة الصوم كما لو صلى في الوقت
مع الشك في دخوله وكما لو شك في القبلة من غير اجتهاد وتبين له الصواب لا يصح صلاته لأنا نقول الفرق ان ابتداء العبادة وقع في حال الشك فمنع الانعقاد وهنا
انعقدت العبادة على الصحة وشك في أنه هل أتى بما يفسد ثم تبين عدمه ولو استمر الاشكال ولم يتبين الخطأ من الصواب فالأقرب وجوب القضاء لو أفطر آخر النهار
لأصالة البقاء ولم يبين الاكل على أمر يعارضه وان اتفق في أوله فلا قضاء لأصالة بقاء الليل ونقل عن مالك وجوب القضاء في هذه الصورة أيضا لأصالة بقاء
الصوم في ذمته فلا يسقط بالشك والأقوى ما قلناه من جواز الأكل حتى يتبين الطلوع أو يظنه وبه قال ابن عباس وعطا والأوزاعي والشافعي واحمد وأصحاب
الرأي لقوله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم وكان أعمى لا يؤذن حتى
يقال له أصبحت والسقوط إنما هو بعد الثبوت والصوم مختص بالنهار مسألة القئ عامدا يوجب القضاء خاصة عند أكثر علمائنا وأكثر العامة لما رواه العامة
عن النبي صلى الله عليه وآله من ذرعة القئ وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء فليقض ومن طريق الخاصة قول الصادق " ع " إذا تقيأ الصائم فقد أفطر وان ذرعه
من غير أن تقيأ فليتم صومه وقال أبو ثور لو تعمد القئ وجب القضاء والكفارة لأنه سلوك في مجرى الطعام فكان موجبا للقضاء والكفارة كالاكل وهو معارض
بالروايات وأصالة البراءة ولو ذرعه القئ فلا قضاء عليه ولا كفارة باجماع علمائنا وهو قول كل من يحفظ عنه العلم لأنه فعل حصل بغير اختياره وللروايات وروي
عن الحسن البصري وجوب القضاء خاصة وهو مفارق للاجماع مسألة إذا طلع الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع وجب عليه القضاء والكفارة عند علمائنا وبه
قال مالك والشافعي واحمد لأنه ترك صوم رمضان بجماع أثم به لحرمة الصوم فوجبت به الكفارة كما لو وطئ بعد طلوع الفجر وقال أبو حنيفة يجب عليه القضاء خاصة
دون الكفارة لان وطيه لم يصادف صوما صحيحا فلم يوجب الكفارة كما لو ترك النية وجامع والأصل ممنوع مع أن تركه للصوم لترك النية لا للجماع فأما لو نزع في الحال
263

فأقسامه ثلاثة الأول ان يحس وهو مجامع بعلامات الصبح فينزع بحيث يوافق اخر النزع ابتداء الطلوع الثاني ان يطلع الصبح وهو مجامع ويعلم بالطلوع كما لو طلع وينزع كما علم الثالث
ان يمضى زمان بعد الطلوع ثم يعلم به ففي الثالثة الصوم باطل وبه قال الشافعي وان نزع كما علم لان بعض النهار قد مضى وهو مشغول بالجماع والوجه أنه ن تمكن من المراعاة
ولم يراع وصادف الجماع النهار وجب عليه القضاء وعلى القول الصحيح للشافعية إنه لو مكث في هذه الصورة فلا كفارة عليه لان مكثه مسبوق ببطلان الصوم وأما الصورتان
الأوليان فعندنا أنه إن كان قد راعى ولم يفرط بترك المراعاة لا قضاء عليه وإلا وجب القضاء وعند الشافعي يصح صومه مطلقا ولم يعتبر المراعاة وله قول آخر ان الصورة الأولى يصح صومه فيها لان آخر النزع وافق ابتداء الطلوع فلم يحصل
النزع في النهار وهذا عندنا باطل لأنا نوجب الطهارة في ابتداء الصوم وأما إذا طلع ثم نزع فسد صومه عندنا وعند الشافعي لان الاخراج يستلزم التلذذ فيكون مجامعا
وقال مالك واحمد لا يفسد صومه لان النزع ترك الجماع فلا يتعلق به ما يتعلق بالجماع كما لو حلف ان لا يلبس ثوبا هو لابسه فنزع في الحال لا يحنث وهو فاسد عندنا
لما قدمناه من وجوب الطهارة ولو طلع الفجر وعلم به كما طلع ومكث فلم ينزع فسد صومه وبه قال الشافعي وتجب عليه الكفارة عندنا خلافا للشافعي في أحد القولين
وذكرهما إذا قال لامرأته ان وطئتك فأنت طالق ثلاثا فغيب الحشفة فطلقت ومكث انه لا يجب المهر واختلف أصحابه على طريقين أحدهما ان فيهما قولين نقلا وتخريجا
أحدهما وجوب الكفارة هنا والمهر ثم كما لو نزع واولج ثانيا والثاني لا يجب واحد منهما لان ابتداء الفعل كان مباحا وأصحهما القطع بوجوب الكفارة ونفي المهر و
الفرق ان ابتداء الفعل لم تتعلق به الكفارة فتعلق بانتهائه حتى لا يحلو الجماع في نهار رمضان عمدا عن الكفارة والوطي ثم غير خال عن المقابلة بالمهر لان المهر في النكاح يقابل
جميع الوطيات وقال أبو حنيفة لا تجب الكفارة بالمكث واختاره المزني من الشافعية ووافقنا مالك واحمد على الوجوب والخلاف جار فيما إذا جامع ناسيا ثم تذكر الصوم و
استدام تنبيه قيل يعرف طلوع الفجر المجامع وشبهه فإنه متى عرف الطلوع كان الطلوع الحقيقي متقدما عليه أجيب بأمرين أحدهما ان المسألة موضوعة على التقدير
كما هو عادة الفقهاء في أمثالها والثاني انا تعبدنا بما نطلع عليه ولا معنى للصبح إلا ظهور الضوء للناظر وما قبله لا حكم له فإذا كان الشخص عارفا بالأوقات ومنازل
القمر وكان بحيث لا حايل بينه وبين مطلع الفجر ورصد فمتى أدرك فهو أول الصبح الذي اعتبره الشارع وقد نبه إليه تعالى بقوله حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط
الأسود مسألة قد بينا ان ماء مضمضة الصلاة والاستنشاق لها لو سبق إلى الحلق من غير قصد لم يفسد صومه ولا كفارة فيه ولو كان للتبرد أو العبث
وجب عليه القضاء خاصة عند علمائنا لأنه في الصلاة فعل مشروعا فلا تترتب عليه عقوبة لعدم التفريط شرعا وفي التبرد والعبث فرط بتعريض الصوم للافساد بايجاد
ضده وهو عدم الامساك فلزمه العقوبة للتفريط ولا كفارة عليه لان سماعة سأله عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه قال عليه قضاؤه وإن كان في
وضوئه فلا بأس ولم يفصل العامة بل قال الشافعي ان لم يكن بالغ وإنما رفق فسبق الماء فقولان أحدهما يفطر وبه (قال الشافعي) قال أبو حنيفة ومالك والمزني لأنه أوصل الماء إلى جوفه ذاكرا
لصومه فأفطر كما لو تعمد شربه والفرق ظاهر للمشروعية في المتنازع وعدمها في الأصل والثاني لا يفطر وبه قال الأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور واختاره الربيع والحسن
البصري وان بالغ بأن زاد على ثلاث مرات فوصل الماء إلى جوفه أفطر قولا واحدا وبه قال احمد وروي عن عبد الله بن عباس أنه ان توضأ لمكتوبة لم يفطر وإن كان لنافلة
أفطر وبه قال النخعي وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادق عليه السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه قال إن كان وضوئه لصلاة فريضة فليس عليه قضاء وإن
كان وضوئه لصلاة نافلة فعليه القضاء ونحن نتوقف في هذه الرواية مسألة لو ارتد عن الاسلام في أثناء الصوم فسد صومه إجماعا وعليه قضاء ذلك اليوم إذا
عاد إلى الاسلام سواء أسلم في أثناء اليوم أو بعد انقضائه وسواء كانت ردته باعتبار ما يكفر به أو بشكه فيما يكفر بالتشكيك فيه أو بالنطق بكلمة الكفر مستهزئا أو غير مستهزئ
قال الله تعالى ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قال أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم لأن الصوم عبادة من شرطها النية فابطلها
الردة كالصلاة والحج ولأنه عبادة محضة فنافاها الكفر كالصلاة مسألة لو نوى الافطار بعد عقد نية الصوم وقد مضى جزء من النهار فالأقوى انه يفطر وبه
قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي واحمد في أظهر الروايتين لأن الصوم عبادة من شرطها النية ففسدت بنية
الخروج منها كالصلاة ولان الأصل (اعتبار النية في جميع اجزاء العبادة لكن لما شق صح) اعتبار حقيقة النية
اعتبر بقاء حكمها وهو ان لا ينوي قطعها فإذا نواه زالت حقيقته وحكما ففسد الصوم لزوال شرطه لأنه نوى الافطار في جزء من النهار وقد قال عليه السلام إنما الأعمال بالنيات وإنما
لكل امرئ ما نوى فيتحقق الافطار في ذلك الجزء والصوم لا يقبل التبعيض فكان مفطرا والرواية الثانية عن أحمد انه لا يفسد صومه لأنه عبادة يلزم المضي في فاسدها فلم تفسد
بنية الخروج منها كالحج وهو غير مطرد في غير رمضان والقياس باطل لان الحج بالنية المطلقة والمبهمة وبالنية عن غيره إذا لم يكن حج عن نفسه فافترقا ولو عاد
بعد ان نوى الافطار ولم يفطر فنوى الصوم فإن كان ذلك بعد الزوال لم يصح عوده إجماعا لفوات محل النية وإن كان قبله أجزأه على قول بعض علمائنا وبه قول أبو حنيفة
لأن الصوم يصح نيته من النهار وأما صوم النافلة فان نوى الفطر ثم لم ينو الصوم بعد ذلك لم يصح صومه لأن النية انقطعت ولم يوجد نية غيرها فأشبه من لم ينو أصلا
وان عاد فنوى الصوم صح صومه كما لو أصبح غيرنا وللصوم لان نية الفطر إنما أبطلت الفرض لما فيه من قطع النية المشترطة في جميع النهار حكما وخلوا بعض اجزاء
الزمان عنها والنفل بخلاف الفرض في ذلك فلم تمنع صحته نية الفطر في زمن لا يشترط وجود نية الصوم فيه ولان نية الفطر لا تزيد على عدم النية في ذلك الوقت وعدمها
لا يمنع صحة الصوم بعده بخلاف الواجب فإنه لا تصح نيته من النهار والأصل فيه ان النبي صلى الله عليه وآله كان يسأل أهله هل من غذاء فان قالوا لا قال إني إذا لصائم
تذنيب لو نوى انه سيفطر ساعة أخرى فالأقرب انه بخلاف نية الفطر في وقته خلافا لبعض العامة ولو تردد في الفطر فاشكال ينشأ من عدم الجزم بالصوم في
زمان التردد من انعقاد الصوم قبله والتردد ليس من المفطرات ولو نوى اني ان وجدت طعاما أفطر وان لم أجد أتم صومي فوجهان الفطر لانقضاء الجزم ولهذا لا يصح
ابتداء النية بمثل هذا والثاني لا يفطر لأنه لم ينو الفطر بنية صحيحة فان النية لا يصح تعليقها على شرط ولذلك لا ينعقد الصوم بمثل هذه النية مسألة لو جامع
أو أكل أو شرب في أول النهار بعد عقد صومه ثم تجدد عذر مسقط للصوم كجنون أو مرض أو حيض أو نفاس في أثناء النهار فالوجه عندي سقوط الكفارة وهو
قول بعض علمائنا وقول أصحاب الرأي والثوري والشافعي في أحد القولين لأنه زمان لا يصح الصوم فيه فيستحيل من الله تعالى العالم به الحكيم الامر بصومه وإلا لزم
تكليف ما لا يطاق فيكون فعل المفطر قد صادف ما لا يصح صومه فأشبه ما لو صادف الليل وكما لو قامت البينة انه من شوال والقول الثاني لعلمائنا وللشافعي
واحمد في الرواية الأخرى انه تجب عليه الكفارة وبه قال مالك وابن أبي ليلى وإسحاق وأبو ثور وداود لأن هذه الاعذار معاني طرأت بعد وجوب الكفارة فلم يسقطها كالسفر ولأنه
أفسد صوما واجبا في رمضان بجماع وشبهه فاستقرت الكفارة عليه كما لو لم يطرأ عذر ونمنع وجوب الكفارة ونمنع وجوب الصوم في نفس الامر ووجوبه في اعتقادنا غير مفيد
إذا ظهر بطلان الاعتقاد وقال زفر يسقط بالحيض والجنون دون المرض والسفر وقال بعض أصحاب مالك يسقط بالسفر دون المرض والجنون إذا عرفت هذا فلو أفطر ثم سافر سفرا
264

ضروريا فهو كالعذر المتجدد من جنون أو حيض ولو سافر سفرا اختياريا لم يقصد به زوال الكفارة عنه فالأقرب انه كالعذر وان قصد به اسقاط الكفارة لم تسقط
والا لزم اسقاط الكفارة عن كل مفطر باختياره والاقدام على المحرمات مسألة لو أفطر بالمحرم كما لو زنا في نهار رمضان أو شرب خمرا أو أكل لحم خنزير فالأقوى ان الواجب كفارة
واحدة يتخير فيها كما لو أفطر بالمحلل وقال بعض علمائنا تجب به كفارة الجمع وهي الخصال الثلث عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا وبه رواية عن
أهل البيت عليهم السلام والمعتمد الأول لأصالة براءة الذمة مسألة لو كرر السبب الموجب للكفارة بأن وطئ مرتين مثلا فإن كان في رمضانين تكررت الكفارة (اجماعا) إلا رواية
عن أبي حنيفة سواء كفر عن الأول أو لا ولو كرر في يومين من رمضان واحد وجبت عليه كفارتان سواء كفر عن الأول أو لم يكفر عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك
والليث وابن المنذر وهو قول عطا ومكحول لان كل فعل من هذين الفعلين لو انفرد لاستقل بايجاب الكفارة فكذا حالة الاجتماع لأصالة بقاء الحقيقة على ما كانت عليه
ولان كل واحد من الذنبين سبب في ايجاب عقوبة الكفارة فعند الاجتماع يبقى الحكم بطريق الأولى لزيادة الذنب ولان كل يوم عبادة قد هتكت وهي منفردة عن العبادة الأخرى
لا تتحد صحتها مع صحة ما قبلها ولا ما بعدها ولا بطلانها مع بطلانها فلا يتحد أثر السببين فيهما ولان أحد الامرين لا يتحد مع الاخر وهو القضاء فكذا الامر الاخر وقال أبو
حنيفة ان لم يكفر عن الأول فكفارة واحدة وان كفر فروايتان إحديهما انها كفارة واحدة أيضا وبه قال احمد والزهري والأوزاعي لان الكفارة تجب على وجه العقوبة ولهذا
تسقط بالشبهة وهو إذا ظن أن الفجر لم يطلع وما هذا سبيله يتداخل العقوبة فيه كالحدود والفرق ان الحدود عقوبة على البدن وهذه كفارة فاعتبارها بالكفارة أولي ولان
الحدود تتداخل في سببين وهي مبنية على التخفيف فتنافى التكرار ولو كرر في يوم واحد قال الشيخ وبعض علمائنا لا تتكرر الكفارة وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي
لان الوطئ الثاني لم يقع في صوم صحيح فلا يتحقق الهتك به فلا تثبت العقوبة ولان أحد الامرين وهو القضاء لا يتكرر فلا يتكرر الاخر وقال السيد المرتضى ره تتكرر الكفارة
لان الجماع سبب تام في وجوب الكفارة فتتكرر بتكرره عملا بالمقتضي ولدلالة الرواية عن الرضا عليه السلام عليه ولان الامساك وأحب كرمضان والوطئ فيه محرم كحرمة رمضان
فأوجب الكفارة كالأول ونمنع السببية بدون الهتك وإلا لوجب على المسافر والفرق بين تحريم الأول والثاني ظاهر وان اشتركا في مطلق التحريم لصدق الهتك في الأول
دون الثاني وقال ابن الجنيد من علمائنا إن كفر عن الأول كفر ثانيا وإلا كفر واحدة عنهما وبه قال أحمد بن حنبل ولا بأس به واعلم أن القضاء لا يتكرر مع اتحاد اليوم إجماعا
ولو اختلف السبب في يوم واحد كما لو جامع وأكل فيه اشكال ينشأ من تعليق الكفارة بالجماع والاكل مطلقا وقد وجدا فيتكرر الكفارة بخلاف السبب المتحد لان التعليق
على المهية المتناولة للواحد والكثير ومن كون السبب الهتك وافساد الصوم الصحيح وهو منتف في الثاني مسألة لو أفطر في نهار رمضان من وجب عليه الصوم مستحلا
فهو مرتد فإن كان عن فطرة قتل من غير أن يستتاب ولو نشأ في برية ولم يعرف قواعد الاسلام ولا ما يوجب الافطار عرف وعومل بعد ذلك بما يعامل به المولود
على الفطرة ولو لم يولد على الفطرة استتيب فان تاب وإلا قتل ولو اعتقد التحريم عزر فإن عاد قتل في الثالثة لان سماعة قال سألته عن رجل أكل في شهر رمضان
ثلاث مرات (وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات صح) قال فليقتل في الثالثة وروي ان الباقر عليه السلام سئل عن رجل شهد عليه شهود انه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام قال يسئل هل عليك في افطارك
اثم فان قال لا كان على الامام ان يقتله وان قال نعم كان على الامام ان يؤلمه ضربا وقال بعض علمائنا يقتل في الرابعة وهو أحوط لان التهجم على الدم خطر إذا عرفت
هذا فإنما يقتل في الثالثة أو الرابعة على الخلاف لو رفع في كل مرة إلى الامام وعزر أما لو لم يرفع فإنما يجب عليه التعزير خاصة ولو زاد على الأربع مسألة
لو أكره الصائم زوجته الصائمة على الجماع عزر بخمسين سوطا عند علمائنا ووجب عليه كفارتان إحديهما عنه والثانية عنها ولا كفارة عليها ولا قضاء لأنه سبب تام
في صدور الفعل ولو طاوعته عزر كل واحد منهما بخمسة وعشرين سوطا ووجب على كل واحد القضاء والكفارة لان المفضل بن عمر سأل الصادق عليه السلام
في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة فقال إن كان استكرهها فعليه كفارتان وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين
سوطا نصف الحد وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين سوطا وضربت خمسة وعشرين سوطا فروع - آ -. قال الشيخ (ره) لو وطأها نائمة أو مكرهة لم تفطر و
عليه كفارتان وفي النائمة اشكال - ب - قال (ره) لو أكرهها لا جبرا بل ضربها حتى مكنته من نفسها أفطرت ولزمها القضاء لأنها دفعت عن نفسها الضرر بالتمكين كالمريض ولا كفارة
- ج - لو زنى بها مكرها لها تحمل عنها الكفارة لأنه أغلظ من الوطئ المباح ويشكل بأنه لا يلزم من كون الكفارة مسقطة لأقل الذنبين كونها مسقطة لأعلاها - د - لو أصبح
مفطرا يعتقد انه من شعبان فشهدت البينة بالرؤية لزمه الامساك والقضاء في قول عامة الفقهاء إلا عطا فإنه قال يأكل بقية يومه واحمد في رواية وهو خلاف الاجماع مع أن
احمد قد نص على ايجاب الكفارة على من وطئ ثم كفر ثم عاد فوطئ في يومه لان حرمة اليوم لم تذهب فإذا أوجب الكفارة على غير الصائم لحرمة اليوم كيف يبيح الاكل لا يقال
إن المسافر إذا قدم وقد أفطر جاز له الاكل فليكن هنا مثله لأنا نقول المسافر كان له الفطر ظاهرا وباطنا وهذا لم يكن له الفطر في الباطن مباحا فأشبه من أكل بظن
ان الفجر لم يطلع وقد كان طالعا إذا عرفت هذا فكل من أفطر والصوم لازم له كالمفطر بغير عذر والمفطر يظن أن الفجر لم يطلع وقد كان طالعا أو يظن الغروب فظهر
خلافه أو الناسي لنية الصوم يلزمهم الامساك اجماعا - ه‍ - من يباح له الفطر في أول النهار ظاهرا وباطنا كالحايض والنفساء والصبي والمجنون والكافر إذا زالت اعذارهم
في أثناء النهار يستحب لهم الامساك باقي النهار من غير وجوب وبه قال جابر بن زيد وابن مسعود ومالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين للاستصحاب وقال
أبو حنيفة والثوري والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي والعنبري يجب الامساك لأنه معنى لو وجد قبل الفجر لوجب الصيام فإذا طرأ بعد الفجر وجب الامساك (كقيام البينة بالرؤية والفرق ظاهر أما المسافر إذا قدم والمريض إذا برء فإن كان قبل الزوال ولم يتناول شيئا وجب الامساك صح) ولا قضاء وإن كان
بعد الزوال وجب القضاء والمسافر والحايض والمريض يجب عليهم القضاء إذا أفطروا إجماعا لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر والتقدير فافطروا
قالت عائشة كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فنؤمر بقضاء الصوم وإن أفاق المجنون أو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في أثناء النهار فلا قضاء وعن أحمد روايتان
الفصل الرابع فيما يستحب للصايم اجتنابه مسألة يكره مباشرة النساء للصائم تقبيلا ولمسا وملاعبة حذرا من الوقوع في الوطي وأجمع العلماء
على كراهة التقبيل الذي بالشهوة لما رواه العامة عن عمر بن الخطاب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فأعرض عنى فقلت له مالي فقال إنك تقبل وأنت
صائم ومن طريق الخاصة ما رواه الأصبغ بن نباتة قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له يا أمير المؤمنين عليه السلام اقبل وأنا صائم فقال له عف صومك فان
بدؤ القتال اللطام إذا ثبت هذا فإنها تكره لذي الشهوة إذا لم يغلب على ظنه الانزال فإن غلب فالأقرب انها كذلك وقال بعض الشافعية أنها محرمة حينئذ لأنه لا يجوز ان
يعرض الصوم للافساد والجواب التعريض للافساد مشكوك ولا يثبت التحريم بالشك أما من يملك اربه كالشيخ الكبير فالأقرب انتفاء الكراهة في حقه وبه قال أبو
حنيفة والشافعي لما رواه العامة إن رجلا قبل امرأته فأرسلت فسئلت النبي صلى الله عليه وآله فأخبرها النبي عليه السلام انه يقبل وهو صائم فقال الرجل ان رسول الله
265

صلى الله عليه وآله ليس مثلنا وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فغضب النبي صلى الله عليه وآله وقال اني أخشاكم الله وأعلمك بما اتقي ومن طريق الخاصة ان الباقر عليه السلام
سئل هل يباشر الصائم أو يقبل في شهر رمضان فقال إني أخاف عليه فليتنزه عن ذلك إلا أن يثق ألا يسبقه منيه وظاهر كلام الشيخ في التهذيب الكراهة مطلقا وبه قال مالك وعن أحمد
روايتان لان النبي صلى الله عليه وآله اعرض عن عمر بمجرد القبلة مطلقا وهو استناد إلى منام أو لوجود الشهوة عند عمر إذا عرفت هذا فلو قبل لم يفطر إجماعا فإن أنزل وجب عليه
القضاء والكفارة عند علمائنا وبه قال احمد ومالك خلافا للشافعي وقد سلف مسألة يكره الاكتحال بما فيه مسك أو صبر أو طعم يصل إلى الحلقوم وليس بمفطر ولا محظور عند
علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما رواه العامة عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال نزل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر ونزلت معه فدعا بكحل أثمد فاكتحل به
في رمضان وهو صائم ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام في الصائم يكتحل قال لا بأس به ليس بطعام ولا شراب وقال احمد ان وجد طعمه في حلقه أفطر وإلا
فلا ومثله قال أصحاب مالك وعن ابن أبي ليلى وابن شبرمة إن الكحل يفطر الصايم لأنه أوصل إلى حلقه ما هو ممنوع من تناوله فأفطر به كما لو اوصله من انفه وهو غير مفيد لان
الايصال إلى الحلق غير مبطل ما لم يبتلعه ولان الوصول من المسام غير مفطر كما لو دلك رجله بالحنظل فإنه يجد طعمه مع عدم الافطار وإنما كره ما فيه صبر أو مسك أو شبهه لان
سماعة سأله عن الكحل للصائم فقال إذا كان كحلا ليس فيه مسك وليس له طعم في الحلق فليس به بأس مسألة يكره اخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة لئلا يتضرر
بالضعف أو ربما أفطر وكذا يكره دخول الحمام إن خاف الضعف أو العطش وإلا فلا لما لا يؤمن معه من الضرر أو الافطار وروى أبو بصير انه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل
يدخل الحمام وهو صائم فقال ليس به بأس وسئل الباقر عليه السلام عن الرجل يدخل الحمام وهو صائم فقال لا بأس ما لم يخش ضعفا ويكره شم الرياحين ويتأكد في النرجس
لان للأنف اتصالا بجوف الدماغ ويكره الايصال إليه وسئل الصادق عليه السلام الصائم يشم الريحان قال لا لأنه لذة ويكره ان يتلذذ وقال محمد بن العيص سمعت الصادق عليه السلام
نهى عن النرجس فقلت جعلت فداك لم ذاك قال لأنه ريحان الأعاجم وكره علي عليه السلام ان يطيب الصايم بالمسك مسألة الحجامة مكروهة لخوف الضعف فإن أمن فلا بأس
وعلى التقديرين فلا يفطر بها الصائم عند علمائنا أجمع وبه قال في الصحابة الحسين بن علي عليهما السلام و عبد الله بن عباس و عبد الله بن مسعود وأبو سعيد الخدري وزيد بن
أرقم وأم سلمة وفي التابعين سعيد بن المسيب والباقر والصادق عليهما السلام وسعيد بن جبير وطاوس والقاسم بن محمد وسالم بن عروة والشعبي والنخعي وأبو العالية وبه قال الشافعي و
مالك والثوري وأبو ثور وداود وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله احتجم وهو صائم محرم ومن طريق الخاصة ما رواه الحسين بن أبي العلا
في الصحيح قال سألت الصادق عليه السلام عن الحجامة للصائم قال نعم إذا لم يخف ضعفا وفي الصحيح عن عبد الله بن ميمون عن الصادق عليه السلام قال ثلاثة لا يفطرن الصائم القئ والاحتلام
والحجامة وقد احتجم النبي صلى الله عليه وآله وهو صائم وكان لا يرى بأسا بالكحل للصائم ولأنه خارج من ظاهر البدن فلم يكن مفطرا كالفصد وقال احمد وإسحاق يفطر الحاجم
والمحجوم وفي الكفارة عن أحمد روايتان واختاره ابن المنذر ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وكان مسروق والحسن بن سيرين لا يرون للصائم ان يحتجم لما رواه أحد عشر نفسا عن النبي صلى
الله عليه وآله أنه قال أفطر الحاجم والمحجوم وهو محمول على مقاربتهما من الافطار للضعف ولأنه منسوخ بما قدمناه عنه صلى الله عليه وآله مسألة يكره الاحتقان بالجامد على
أشهر القولين خلافا للعامة فإنهم قالوا إنه مفطر لان (بن يقطين سئل صح) الكاظم عليه السلام ما تقول في اللطيف يستدخله الانسان وهو صائم فكتب لا بأس بالجامد وفي المايع قولان تقدما
ويكره بل الثوب على الجسد لاقتضائه اكتناز مسام البدن فيمنع خروج الأبخرة ويوجب احتقان الحرارة باطن البدن فيحتاج معه إلى التبريد وسأل الحسن الصيقل الصادق " ع "
عن الصائم يلبس الثوب المبلول قال لا ولا بأس ان يستنقع الرجل بالماء للأصل لان الحسن بن راشد سأل الصادق " ع " عن الحايض تقضي الصلاة قال لا قلت تقضي الصوم قال
نعم قلت من أين جاء هذا قال إن أول من قاس إبليس قلت فالصائم يستنقع في الماء قال نعم قلت (فليبل ثوبا على جسده قال لا قلت صح) من أين جاء هذا قال فإن ذلك من ذاك وأما المرأة فيكره لها الجلوس في الماء
ولا يبطل صومها للأصل وقال أبو الصلاح من علمائنا يلزمها القضاء لان حنان بن سدير سأل الصادق عليه السلام عن الصائم يستنقع في الماء قال لا بأس ولكن لا يغمس رأسه والمرأة
لا تستنقع في الماء لأنها تحمله بقبلها والرواية ضعيفة السند الفصل الخامس فيمن يصح منه الصوم مسألة العقل شرط في صحة الصوم ووجوبه إجماعا لان التكليف
يستدعي العقل لقبح تكليف غير العاقل ولقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة وعد المجنون حتى يفيق ولا يؤمر بالصوم للتمرين بخلاف الصبي إجماعا لانتفاء التمييز في حقه هذا إذا
كان جنونه مطبقا أما لو كان يفيق وقتا يصح صومه ووافق جميع نهار رمضان وجب عليه صوم ذلك اليوم لوجود الشرط فيه ولان صوم كل يوم عبادة بنفسها فلا يؤثر فيه
زوال الحكم عن غيره ولو جن في أثناء النهار ولو لحظة بطل صوم ذلك اليوم وهو ظاهر مذهب الشافعي والثاني وهو القديم للشافعي عدم البطلان وأما المغمى عليه
فإنه كالمجنون إن استوعب الاغماء النهار وسيأتي والنايم لا يسقط عنه الصوم فلو نوى من الليل ونام جميع النهار صح صومه وقال بعض الشافعية لا يصح كما لو أغمي عليه
جميع النهار والفرق ان الاغماء مخرج عن التكليف مسألة البلوغ شرط في وجوب الصوم بإجماع العلماء فلا يجب على الصبي سواء كان مميزا أم لا إلا في رواية
عن أحمد إنه يجب عليه الصوم إذا أطاقه ويبطل بالاجماع والنص قال رسول الله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق
وعن النائم حتى يستيقظ رواه العامة ومن طريق الخاصة رواية معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام في كم يؤخذ الصبي بالصيام فقال ما بينه وبين خمس عشرة
سنة وأربع عشرة سنة وان هو صام قبل ذلك فدعه وقال الصادق عليه السلام على الصبي إذا احتلم الصيام وعلى الجارية إذا حاضت الصيام والخمار احتج احمد
بقوله عليه السلام إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان والحديث مرسل وحمل الوجوب على تأكد الاستحباب جمعا بين الأدلة تنبيه
يستحب تمرين الصبي بالصوم إذا أطاقه وحده الشيخ (ره) ببلوغ تسع سنين وتختلف حاله بحسب المكنة والطاقة ولا خلاف بين العلماء في مشروعية ذلك لان
النبي صلى الله عليه وآله أمر ولي الصبي بذلك رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إنا نأمر صبياننا بالصيام إذا كانوا بني سبع سنين
بما أطاقوا من صيام اليوم فإذا غلبهم العطش افطروا ولاشتماله على التمرين على الطاعات والمنع من الفساد تذنيب الأقرب ان صومه صحيح شرعي ونيته
صحيحة وينوي الندب لأنه الوجه الذي يقع عليه فعله فلا ينوي غيره وقال أبو حنيفة انه ليس بشرعي وإنما هو امساك عن المفطرات تأديبا ولا بأس به و
قد ظهر بما قلناه ان البلوغ شرط في الوجوب لا في الصحة وان العقل شرط فيهما معا مسألة الاسلام شرط في صحة الصوم لا في وجوبه عند علمائنا لما
عرف في أصول الفقه ان الكافر مخاطب بفروع العبادات والكافر لا يصح منه الصوم سواء كان كافرا أصليا أو مرتدا عن الاسلام كما لا تصح منه ساير العبادات
وهو شرط معتبر في جميع النهار حتى لو طرأت ردة في أثناء النهار بطل الصوم لأنه لا يعرف الله تعالى فلا يصح ان يتقرب إليه ولان شرط صحة الصوم النية ولا يصح
وقوعها منه وفوات الشرط يستلزم فوات المشروط مسألة الطهارة من الحيض والنفاس جميع النهار شرط في صحة صوم المرأة باجماع العلماء روى العامة عن عايشة
266

قالت كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ومن طريق الخاصة رواية أبي بصير قال سألت الصادق عليه السلام عن
امرأة أصبحت صائمة في شهر رمضان فلما ارتفع النهار حاضت قال تفطر ولو وجد الحيض في اخر جزء من النهار فسد صوم ذلك اليوم إجماعا ولو أمسكت الحايض ونوت
الصوم مع علمها بالتحريم لم ينعقد صومها وكانت مأثومة عليه ويجب عليها القضاء إجماعا مسألة لعلمائنا في المغمى عليه قولان أحدهما انه يفسد صومه بزوال عقله وهو قول
الشيخ أبي جعفر (ره) وأكثر علمائنا واحد أقوال الشافعي وهو المعتمد لأنه بزوال عقله سقط التكليف عنه وجوبا وندبا فلا يصح منه الصوم مع سقوطه ولان كل ما يفسد
الصوم إذا وجد في جميعه أفسده إذا وجد في بعضه كالجنون والحيض ولقول الصادق عليه السلام كل ما غلب الله عليه فليس على صاحبه شئ والقول الثاني لعلمائنا انه ان
سبقت منه النية صح صومه وكان باقيا عليه اختاره المفيد (ره) وهو ثاني أقوال الشافعي وثالث الأقوال إنه ان افاق في أوله أو وسطه أو آخره صح صومه وإلا فلا وقال
مالك ان افاق قبل الفجر واستدام حتى يطلع الفجر صح صومه وإلا فلا وقال احمد إذا افاق في جزء من النهار صح صومه وقال أبو حنيفة والمزني يصح صومه وإن لم يفق في شئ
منه لأن النية قد صحت وزوال الشعور بعد ذلك لا يمنع من صحة الصوم كالنوم والفرق ان النوم جبلة وعادة ولا يزيل العقل والاغماء عارض يزيل العقل فأشبه الجنون فكان
حكمه حكمه وأما السكران وشارب المرقد فلا يسقط عنه الفرض لان الجناية من نفسه فلا يسقط الفرض بفعله فكذا النائم مسألة الاستحاضة ليست مانعة من فعل
الصوم وغيره من العبادات كالصلاة وشبهها إذا فعلت ما تفعله المستحاضة ويجب عليها الصوم ويصح منها مع فعل الأغسال أو وجبت عليها لقول الصادق عليه السلام في
المستحاضة تصوم شهر رمضان إلا الأيام التي كانت تحيض فيهن ثم تقضيها بعد ولو أخلت المستحاضة بالاغسال مع وجوبها عليها لم ينعقد صومها وتقضيه لفوات
شرطه ولا تجب عليها الكفارة لأصالة البراءة وإنما يعتبر الغسل في صحة الصوم في حق من يجب عليها الغسل
كالمستحاضة الكثيرة الدم أما التي لا يظهر دمها على الكرسف فإنه
لا يعتبر في صومها غسل ولا وضوء وأما كثير الدم التي يجب عليها غسل واحد فإذا أخلت به بطل صومها والتي يجب عليها الأغسال الثلاثة لو أخلت بغسلي النهار أو بأحدهما
بطل صومها ولو أخلت بالغسل الذي للعشائين فالأقرب صحة صومها لان هذا الغسل إنما يقع بعد انقضاء (صوم ذلك اليوم مسألة شرط صحة الصوم الواجب الحضر أو
حكمه فلا يصح الصوم الواجب في السفر إلا ما نستثنيه عند علمائنا وبه قال أهل صح) الظاهر وأبو هريرة لقوله تعالى فعدة من أيام أخر أوجب عوض رمضان
عدة أيام غيره للمسافر وايجابها يستلزم تحريم صوم رمضان لأنه لا يصح صومه ويجب قضاؤه إجماعا وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ليس من البر الصيام
في السفر وقال عليه السلام الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ومن طريق الخاصة قول معاوية بن عمار سمعته يقول إذا صام الرجل رمضان في السفر لم يجزه وعليه الإعادة وقال
الصادق عليه السلام لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يصوم في السفر في شهر رمضان ولا غيره أما الندب ففي صحته في السفر قولان أشهرهما الكراهة لان أحمد بن محمد سأل
أبا الحسن عليه السلام عن الصيام بمكة والمدينة ونحن سفر قال فريضة فقلت لا ولكنه تطوع كما يتطوع بالصلاة فقال تقول اليوم وغدا قلت نعم فقال لا تصم وأقل مراتب النهى
الكراهة مسألة يصح الصوم الواجب في السفر في مواضع - آ - من نذر صوم زمان معين وشرط في نذره صومه سفرا وحضرا فإنه يجب صومه وإن كان مسافرا لقوله تعالى
والموفون بعهدهم إذا عاهدوا وللرواية - ب - صوم ثلاثة أيام لبدل دم المتعة لقوله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج - ج - صوم ثمانية عشر يوما لمن أفاض من عرفات عامدا عالما قبل
الغروب وعجز عن البدنة - د - من كان سفره أكثر من حضره كالمكاري والملاح والبدوي وباقي الأصناف السابقة ومن عزم على مقام عشرة أيام أو كان سفره معصية وقد تقدم
ذلك كله في كتاب الصلاة وأما ما عدا ذلك فيحرم صومه في السفر لان عمار الساباطي سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقول لله علي أن أصوم شهرا أو أقل من ذلك أو أكثر فعرض له
أمر لا بد له ان يسافر أيصوم وهو مسافر قال إذا سافر فليفطر لأنه لا يحل له الصوم في السفر فريضة كان أو غيره والصوم في السفر معصية وهو نص في الباب وعمار وإن كان
فطحيا إلا أنه ثقة اعتمد الشيخ ره على روايته في مواضع مسألة يستحب صوم ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة ندبا وإن كان مسافرا وهو مستثنى من كراهية صوم النافلة سفرا لضرورة
السفر والمحافظة على الصوم في ذلك الموضع روى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء وتصلي ليلة الأربعاء
عند أسطوانة أبي لبابه وهي الأسطوانة التي يربط إليها نفسه حتى ينزل عذره من السماء وتقعد عندها يوم الأربعاء ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه
وآله ليلتك ويومك وتصوم يوم الخميس ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ومصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة وان
استطعت أن لا تتكلم بشئ في هذه الأيام إلا ما لا بد لك منه ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل فان ذلك مما يعد فيه الفضل الحديث مسألة المريض
الذي يضره الصوم إما بزيادة أو استمرار أو منع برئه لا يجوز له الصوم فان تكلفه وصام لم يصح لأنه منهي عنه لقوله تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر و
النهي في العبادات يدل على الفساد ولو قدر على الصوم ولا ضرر عليه بسببه البتة وجب عليه الصوم مسألة قد بينا ان المغمى عليه يسقط عنه الصوم وقد اضطرب قول
الشافعي فيه وأثبت الأصحاب في المسألة طريقين اثبات الخلاف ونفيه إما المثبتون للخلاف فلهم طرق أظهرها ان المسألة على ثلاثة أقوال أصحها انه إذا كان مفيقا في أول
النهار صح صومه وبه قال احمد لاقتضاء الدليل اشتراط النية مقرونة بجميع اجزاء العبادة إلا أن الشرع لم يشترط ذلك واكتفى بتقديم العزم دفعا للعسر فلا بد له؟ ان
يقع المعزوم عليه بحيث يتصور القصد وامساك المغمى عليه لم يقع مقصودا فإذا استغرق الاغماء امتنع التصحيح فإذا وجدت الإفاقة في لحظة أتبنا (زمان الاغماء صح) زمان الإفاقة والثاني
اشتراط الإفاقة في أول النهار وبه قال مالك لأنها حالة الشروع في الصوم فينبغي ان تجتمع فيه صفات الكمال ولهذا خص أول الصلاة باشتراط النية فيه والطريق الثاني
انه ليس في المسألة إلا قولان الأول والثاني والثالث ان المسألة على خمسة أقوال هذه الثلاثة وقولان آخران أحدهما ما ذكره المزني وهو انه إذا نوى من الليل
صح صومه وان استغرق الاغماء جميع النهار كالنوم وخرجه من النوم وبه قال أبو حنيفة والثاني انه لا يشترط الإفاقة في طرفي النهار وقت طلوع الشمس وغروب الشمس
لان الصلاة لما اعتبرت النية فيها ولم يعتبر في جميعها اعتبرت في طرفيها كذلك حكم الإفاقة في الصوم واما النافون للخلاف فلهم طريقان أحدهما ان المسألة
على قول واحد وهو اشتراط الإفاقة (في أول النهار وأظهرهما ان المسألة على قول واحد وهو اشتراط الإفاقة صح) في جزء من النهار ولو نوى من الليل ثم شرب مرقدا فزال عقله نهارا فالأقرب وجوب القضاء ورتب الشافعية ذلك على
الاغماء فان قالوا لا يصح الصوم في الاغماء فهنا أولي وان قالوا يصح فوجهان والأصح عندهم وجوب القضاء لأنه بفعله ولو شرب المسكر ليلا وبقي سكره في جميع
النهار فعليه القضاء وان بقي بعض النهار ثم صحي فهو كالاغماء في بعض النهار عند الشافعية وقد رتب الجويني للاختلال مراتب - آ - الجنون وهو يسلب خواص الانسان
ويكاد يلحقه بالبهائم - ب - الاغماء وهو يغشي العقل ويغلب عليه حتى لا يبقى في دفعه اختيار - ج - النوم وهو مزيل للتمييز لكنه سهل الإزالة والعقل معه كالشئ
المستور الذي يسهل الكشف عنه - د - الغفلة ولا أثر لها في الصوم إجماعا الفصل السادس في الزمان الذي يصح صومه مسألة محل الصوم إنما هو
النهار دون الليل للنص والاجماع قال الله تعالى فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
267

ثم أتموا الصيام إلى الليل واجمع المسلمون كافة على ذلك ولو نذر صوم الليل لم ينعقد نذره لأنه نذر الصوم في الليل وليس محلا له فلم يكن الامساك فيه عبادة شرعية
فلا ينعقد ولا فرق بين ان يفرده عن النهار في الصوم أو يضمه إليه لأنه لا يصح صومه بانفراده فلا يصح منضما إلى غيره ولا ينعقد صوم النهار حينئذ لان المجموع لا يصح
صومه ولا ينعقد نذره لأنه نذر معصية فلا ينعقد نذر صوم النهار مسألة ويحرم صوم يومي العيدين في فرض أو نفل فان صام واحدا منهما أو صامهما
فعل محرما ولم يجزئه عن الفرض باجماع علماء الأمصار لما رواه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن صيام يومين يوم فطر ويوم اضحى و
النهي يدل على التحريم ومن طريق الخاصة ما رواه الزهري عن سيد العابدين عليه السلام قال في حديث طويل ذكر فيه وجوه الصايم وأما الصوم الحرام فصوم يوم
الفطر ويوم الأضحى الحديث مسألة لو نذر صوم يوم العيدين من لم ينعقد نذره ولم يصير قابلا لايقاع الصوم فيه
باعتبار النذر وبه قال الشافعي
لأنه محرم شرعا إجماعا فلا يصح نذره ولأنه معصية لأنه منهي عنه لقوله عليه السلام لا تصوموا هذه الأيام فلا يتقرب بالنذر فيه إلى الله تعالى لتضاد الوجهين
ولقوله عليه السلام لا نذر في معصية ولأنه نذر صوما محرما فلم ينعقد كما لو نذرت صوم أيام حيضها ولان ما لا يصح صومه على النذر المطلق والكفارة لا يصح عن
النذر المعين فيه كأيام الحيض والنفاس وقال أبو حنيفة صومه محرم ولو نذره انعقد ولزمه أن يصوم غيره وإن صام فيه أجزأه ولو صام فيه عن نذر مطلق لم يجزه لأنه
نذر صوم يوم مع أهليته للصوم فيه فانعقد نذره كساير الأيام ونمنع أهليته للصوم لورود النهي عنه مسألة ويحرم صوم أيام التشريق وهي الحادي
عشر من ذي الحجة والثاني عشر والثالث عشر لمن كان بمنى خاصة في الفرض والنفل عند علمائنا وقد قال أكثر أهل العلم بأنه لا يحل صيامها تطوعا لان العامة
روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل وعن عبد الله بن حداقة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله
أيام منى أنادي أيها الناس انها أيام أكل وشرب وبعال يعني أيام التشريق ومن طريق الخاصة رواية الزهري من زين العابدين عليه السلام واما صوم
الحرام وصوم يوم الفطر ويوم الأضحى وثلاثة أيام التشريق وأما صومها في الفرض فعندنا انه لا يجوز لما تقدم من الاخبار من طريق العامة والخاصة وبه قال
أبو حنيفة وقال مالك يجوز وللشافعي قولان القديم الجواز لان النبي صلى الله عليه وآله رخص للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة في العشر ان يصوم أيام التشريق
والجديد التحريم واعلم أن بعض الشافعية خص جواز صومها بالمتمتع في بدل الهدي ومنع غيره لان النهي عام والرخصة وردت في حق المتمتع خاصة وهو قول
أكثرهم وقال بعضهم انه يجوز صومها لغيره لان تجويز صومها للمتمتع إنما كان لأنه صوم له سبب فيجوز مثل هذا الصوم لكل أحد دون التطوعات المحضة فروع - آ -
قيد أصحابنا التحريم لمن كان بمنى فلو كان في غيرها من الأمصار لم يحرم صوم أيام التشريق عليه لان معاوية بن عمار سئل الصادق عليه السلام عن الصائم أيام
التشريق فقال أما بالامصار فلا بأس به وأما بمنى فلا - ب - هل على التحريم مطلق من كان بمنى أو بشرط ان يكون ناسكا فيه اشكال - ج - لو نذر صوم أيام التشريق فإن كان
بمنى لم ينعقد نذره لأنه صوم محرم وإن كان بغيرها صح - د - قال الشيخ في النهاية يستحب صوم ثلاثة أيام يوم قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة فان فاته صوم هذه
فليصم يوم الحصبة وهو يوم النفر ويومان بعده متواليات ويشكل بأن يوم الحصبة من أيام التشريق مسألة لو نذر صوم يوم معين كالسبت مثلا فاتفق
انه أحد العيدين أو أيام التشريق لم يجز صومه والأقوى بطلان النذر ولأنه لم يصادف محلا ويحرم صوم يوم الشك بنية انه من رمضان أو انه إن كان من رمضان
كان واجبا وإن كان من شعبان كان ندبا وقد سبق ذلك كله الفصل السابع في أقسام الصوم أقسام الصوم أربعة واجب ومندوب ومكروه ومحظور
فالواجب من الصوم ستة شهر رمضان والكفارات ودم المتعة والنذر وشبهه والاعتكاف على وجه وقضاء الواجب وهنا مطالب الأول في شهر رمضان وفيه
مباحث الأول في علامته يعلم دخول شهر رمضان وغيره من الشهر بأحد أمور ثلاثة إما رؤية الهلال أو الاخبار أو الحساب النظر الأول في رؤية الهلال مسألة
أجمع العلماء كافة على أن رؤية الهلال للزايد على الواحد سبب في وجوب الصوم في شهر رمضان وعلامة على دخوله قال الله تعالى يسئلونك عن الأهلة قل
هي مواقيت للناس والحج دل على أنه تعالى اعتبر الأهلة في تعرف أوقات الحج وغيره مما يعتبر فيه الوقت واجمع المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى
زماننا هذا على اعتبار الهلال والترائي له والتصدي لابصاره وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتصدى لرؤيته ويتولاها وشرع عليه السلم قبول الشهادة
عليه والحكم فيمن شهد بذلك في مصر من الأمصار ومن جاء بالخبر من خارج المصر وحكم المخبر به في الصحو وخبر من شهد برؤيته مع العوارض وذلك يدل على أن
روية الهلال أصل من أصول الدين معلوم ضرورة من شرع الرسول عليه السلام والاخبار متواترة بذلك ولا نعلم فيه خلافا وقد سئل الصادق عليه السلام
عن الأهلة فقال هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر مسألة ويلزم صوم رمضان من رأى الهلال وإن كان واحدا انفرد برؤيته سواء
كان عدلا أو غير عدل شهد عند الحاكم أو لم يشهد قبلت شهادته أو ردت ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال مالك والليث والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي لما
رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وتكليف الرسول صلى الله عليه وآله كما يتناول الواحد يتناول الجميع وبالعكس ومن طريق
الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن الأهلة هي أهلة الشهور فإذا رأيت الهلال فصم وإذا رأيته فأفطر ولأنه يتيقن انه من رمضان فلزمه صومه كما لو حكم به
الحاكم ولان الرؤية أبلغ في باب العلم من الشاهدين يفيدان الظن (والرؤية صح) يفيد القطع فإذا تعلق حكم الوجوب بأضعف الطريقين فبالأقوى أولي وقال عطا والحسن وابن سيرين
وإسحاق إذا انفرد الواحد برؤية الهلال لا يصوم وعن أحمد روايتان لأنه يوم محكوم به من شعبان فأشبه التاسع والعشرين ونمنع الحكم بكونه من شعبان في حق الرائي لأنه متيقن
انه من شهر رمضان فلزمه صيامه كالعدل إذا ثبت هذا فان أفطر هذا المنفرد وجب عليه الكفارة عند علمائنا أجمع لأنه أفطر يوما من رمضان فوجب عليه الكفارة
كما لو قبلت شهادته وقال أبو حنيفة لا تجب عليه الكفارة لأنها عقوبة فلا يجب بفعل مختلف فيه كالحد ونمنع كون الكفارة عقوبة وينتقض قياسه بوجوب الكفارة في السفر
القصير مع وقوف الخلاف فيه مسألة يستحب الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان ورمضان وتطلبه ليحتاطوا بذلك لصيامهم ويسلموا من الاختلاف وقد روى العامة
ان النبي صلى الله عليه وآله قال احصوا هلال شعبان لرمضان ومن طريق الخاصة ما روي عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من ألحق في شهر رمضان
يوما من غيره متعمدا فليس يؤمن بالله ولا بي ولان الصوم واجب من أول رمضان فكذا الافطار في العيد فيجب التوصل إلى معرفة وقتهما لان ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
مسألة يستحب لرائي الهلال الدعاء لأنه انتقال من زمان إلى اخر فاستحب فيه الدعاء بطلب الخير فيه روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول
إذا رأى الهلال الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والاسلام والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام ان رسول الله صلى الله
268

. عليه وآله كان إذا أهل شهر رمضان استقبل القبلة ورفع يديه وقال اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة والاسلام والعافية المجللة والرزق الواسع ودفع الأسقام اللهم ارزقنا
صيامه وقيامه وقال وتلاوة القرآن فيه اللهم سلمه لنا (وتسلمه منا) وسلمنا فيه وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا أهل هلال رمضان اقبل إلى القبلة وقال اللهم أهله علينا بالأمن والايمان والسلامة
والاسلام والعافية المجللة اللهم ارزقنا صيامه وقيامه وتلاوة القرآن فيه اللهم تقبله لنا وتسلمه منا وسلمنا فيه وكان عليه السلام أيضا يقول إذا رأيت الهلال فلا تبرح وقل
اللهم إني أسئلك خير هذا الشهر وفتحه ونوره وتبصره وبركته وطهوره ورزقه أسألك خير ما فيه وخير ما بعده وأعوذ بك من شر ما فيه وشر ما بعده اللهم أدخله علينا
بالأمن والايمان والسلامة والاسلام والبركة والتقوى والتوفيق لما تحب وترضى وكان من قول أمير المؤمنين عليه السلام أيضا عند رؤية الهلال أيها الخلق المطيع الدائب السريع
المتردد في فلك التدوير المتصرف في منازل التقدير؟ آمنت بمن نور بك الظلم وأضاء بك البهم وجعلك آية من آيات سلطانه وامتهنك بالزيادة والنقصان والطلوع والأفول
والإنارة والكسوف في كل ذلك أنت له مطيع والى ارادته سريع سبحانه ما أحسن ما دبر وأتقن ما صنع في ملكه وجعلك الله شهرا حادثا لأمر حادث جعلك الله هلال أمن وأمان
وسلامة واسلام هلال أمن من العاهات وسلامة من السيئات اللهم اجعلنا اهدى من طلع عليه وأزكى من نظر إليه وصل على محمد وآله وافعل بي كذا وكذا يا أرحم الراحمين
مسألة إذا رأى الهلال أهل بلد ولم يره أهل بلد آخر فان تقاربت البلدان كبغداد والكوفة كان حكمهما واحدا يجب الصوم عليهما معا وكذا الافطار وان تباعدتا كبغداد
وخراسان والحجاز والعراق فلكل بلد حكم نفسه قال الشيخ رحمه الله وهو المعتمد وبه قال أبو حنيفة وهو قول بعض الشافعية ومذهب القاسم وسالم وإسحاق لما رواه كريب ان أم
الفضل بنت الحرث بعثته إلى معاوية بالشام قال قدمت الشام فقضيت بها حاجتي واستهل علي رمضان فرأينا الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر
فسألني عبد الله بن عباس وذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت ليلة الجمعة فقال أنت رأيته فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة
السبت فلا يزال نصوم حتى تكمل العدة أو نراه فقلت أولا تكتفي برؤية من صامه قال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله ولان البلدان المتباعدة مختلف في
الرؤية باختلاف المطالع والأرض كرة فجاز أن يرى الهلال في بلد ولا يظهر في اخر لان حدبة الأرض مانعة من رويته وقد رصد ذلك أهل المعرفة وشوهد بالعيان
خفاء بعض الكواكب القريبة لمن جد في السير نحو المشرق وبالعكس وقال بعض الشافعية حكم البلاد كلها واحد حتى رؤى الهلال في بلد وحكم بأنه أول الشهر كان ذلك
الحكم ماضيا في جميع أقطار الأرض سواء تباعدت البلاد أو تقاربت اختلفت مطالعها أو لا وبه قال أحمد بن حنبل والليث بن سعد وبعض علمائنا لأنه يوم من شهر رمضان
في بعض البلاد للرؤية وفي الباقي بالشهادة فيجب صومه لقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وقوله عليه السلام فرض الله صوم شهر رمضان وقد ثبت ان هذا اليوم
منه ولان الدين يحل به ويقع به النذر المعلق عليه ولقول الصادق عليه السلام فإن شهد أهل بلد آخر فاقضه وقال عليه السلام فيمن صام تسعا وعشرين قال إن كانت له بينة
عادلة على أهل مصر إنهم صاموا ثلاثين على رؤية قضى يوما ولان الأرض مسطحة فإذا رؤى في بعض البلاد عرفنا ان المانع في غيره شئ عارض لان الهلال ليس بمحل
الرؤية ونمنع كونه يوما من رمضان في حق الجميع فإنه المتنازع ولا نسلم التعبد بمثل هذه الشهادة فإنه أول المسألة وقول الصادق عليه السلام محمول على البلد المقارب
لبلد الرؤية جمعا بين الأدلة ونمنع تسطيح الأرض بل المشهور كرويتها فروع - آ - اختلف الشافعية في الضابط لتباعد البلدين فبعضهم اعتبر مسافة القصر وقال بعضهم الاعتبار
بمسافة يظهر في مثلها تفاوت في المناظر فقد يوجد التفاوت مع قصور المسافة عن مسافة القصر للارتفاع والانخفاض وقد لا يوجد مع مجاورتها لها وهذا لا قائل به و
بعضهم اعتبر ما قلناه وضبطوا التباعد بأن يكون بحيث يختلف المطالع كالحجاز والعراق والتقارب بأن لا يختلف كبغداد والكوفة ومنهم من اعتبر اتحاد الإقليم و
اختلافه - ب - لو شرع في الصوم في بلد ثم سافر إلى بلد بعيد لم يرى الهلال فيه في يومه الأول فإن قلنا لكل بلدة حكمها فهل يلزمه أن يصوم معهم أو يفطر وجهان أحدهما
انه يصوم معهم وهو قول بعض الشافعية لأنه بالانتقال إلى بلدهم أخذ حكمهم وصار من جملتهم والثاني انه يفطر لأنه التزم حكم البلدة الأولى فيستمر عليه وشبه ذلك
ممن اكترى دابة لزمه الكري بنقل البلد المنتقل عنه فان عممنا الحكم لساير البلاد (فعلى أهل البلدة) والمنتقل إليها موافقته إن ثبت عندهم حال البلدة المنتقل عنها إما بقوله لعدالته
أو بطريق اخر وعليهم قضاء اليوم الأول - ج - لو سافر من البلدة التي يرى فيها الهلال ليلة الجمعة إلى التي يرى فيها الهلال ليلة السبت (ورأى هلال شوال ليلة السبت) فعليهم التقييد معه وإن لم يصوموا
إلا ثمانية وعشرين يوما ويقضون يوما وعلى قياس الوجه الأول لا يلتفتون إلى قوله رأيت الهلال وان قبل في الرؤية الهلال قول عدل وعلى عكسه لو سافر من حيث
لم ير فيه الهلال إلى حيث رؤى فيعيد التاسع والعشرين من صومه وان عممنا الحكم وقلنا حكمه حكم البلد المنتقل إليه عيد معهم وقضى يوما وان لم نعمم الحكم وقلنا انه بحكم
البلد المنتقل عنه فليس له أن يفطر د لو رؤى الهلال في بلد فأصبح الشخص بعيدا وسارت به السفينة وانتهى إلى بلدة على حد البعد فصادف أهلها صايمين
احتمل ان يلزمه امساك بقية اليوم حيث قلنا إن كل بلدة لها حكمها وعدمه لأنه لم يرد فيه أثر ويجزئه اليوم الواحد وايجاب امساك بعضه بعيد ولو انعكس الحال
فأصبح الرجل صائما وسارت به السفينة إلى حيث عيدوا فان عممنا الحكم أو قلنا إن حكمه حكم البلدة المنتقل إليها أفطر وإلا فلا فإذا أفطر قضى يوما لأنه لم يصم إلا ثمانية
وعشرين يوما مسألة إذا رؤى الهلال يوم الثلاثين فهو المستقبلة سواء رؤى قبل الزوال أو بعده فإن كان هلال رمضان لم يلزمهم صيام ذلك اليوم
وإن كان هلال شوال لم يجز لهم الافطار إلا بعد غروب الشمس عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة لما رواه العامة عن أبي وايل منصور بن سلمة
قال جاءنا كتاب عمر ونحن بخانقين ان الأهلة بعضها أكبر من بعض فإذا رأيتم الهلال في أول النهار فلا تفطروا حتى تمسوا إلا أن يشهد رجلان مسلمان أنهما أهلاه
بالأمس عشية ومن طريق الخاصة مما روى محمد بن عيسى قال كتبت إليه عليه السلام جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر رمضان فيرى من الغد الهلال قبل الزوال
وربما رأيناه بعد الزوال فترى ان نفطر قبل الزوال إذا رأيناه أم لا وكيف تأمر في ذلك فكتب عليه السلام يتمم إلى الليل فإنه إن كان تاما رؤى قبل الزوال وقال الباقر
عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيتم الهلال فافطروا أو يشهد عليه عدل من المسلمين فإن لم ترو الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام إلى الليل
فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم افطروا وقال الثوري ان رؤى قبل الزوال فهو ليلة الماضية وان رؤى بعده فهو المستقبلة وبه قال أبو يوسف وقال احمد إن كان في
أول شهر رمضان وكان قبل الزوال فهو الماضية وإن كان في هلال شؤال فروايتان إحديهما انها كذلك والثانية
للمستقبلة لقوله عليه السلام صوموا لرؤيته وأفطروا
لرؤيته وقد رآه فيجب الصوم والفطر ولان ما قبل الزوال أقرب إلى الماضية والمراد في الخبر إذا راوه عشية بدليل ما لو رؤى بعد الزوال وعلى الرواية التي لأحمد انه
عن الماضية في أول رمضان يلزمه قضاء ذلك اليوم وامساك بقيته احتياطا للعبادة وهو غلط لان ما كان لليلة المقبلة في اخره فهو لها في أوله كما لو رؤى بعد العصر
النظر الثاني في الاخبار مسألة لو لم يرى الهلال إما لعدم تطلبه أو لعدم الحاجة أو لغم وشبهه أو لغير ذلك من الأسباب اعتبر بالشهادة باجماع علماء الأمصار
269

على أن الشهادة اعتبارا في رؤية الهلال وانها علامة على الشهر وانما الخلاف وقع في عدد الشهور والمشهور عند علمائنا انه لا يقبل في رؤية الهلال في رمضان
وغيره إلا شهادة رجلين عدلين سواء الصحة والغيم وسواء كانا من نفس البلد أو خارجه وبه قال مالك والليث والأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد القولين
واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين فان شهد ذوا عدل فصوموا
وأفطروا وانسكوا وقال عليه السلام صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوما إلا أن يشهد شاهدان ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ان عليا عليه السلام
قال لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال إلا شهادة رجلين عدلين ولأنها عبادة فاعتبر عددها بأعم الشهادات وقوعا اعتبارا بالأعم الأغلب وقال سلار من علمائنا
يقبل في أول رمضان شهادة الواحد العدل ولا يقبل في غيره إلا شهادة عدلين وهو أحد قولي الشافعي والرواية الثانية عن أحمد وقول ابن المبارك لما رواه العامة
عن ابن عباس قال جاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال نعم قال يا بلال أذن في الناس
فليصوموا ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا رأيتم الهلال فافطروا أو شهد عليه عدل من
المسلمين ولان الاحتياط للعبادة يقتضي قبول الواحد ولأنه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقه المشاهدة فقبل من واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة ولأنه
خبر ديني يشترك فيه المخبر والمخبر فقبل من واحد عدل كالرواية ورواية ابن عباس حكاية حال لا عموم لها فيحتمل انه شهد ان النبي صلى الله عليه وآله شاهد
اخر ويحتمل ان يكون قد حصل بشهادة الأعرابي ظن فأمر النبي صلى الله عليه وآله بالصوم غدا ليحتفظوا من الفطر فربما شهد بعد ذلك في النهار شاهد اخر
فيثبت انه من رمضان فلا ينبغي المبادرة فيه بالافطار وقول أمير المؤمنين عليه السلام تقول بموجبه ولا يدل على مطلوبهم لان لفظة العدل يصح اطلاقها على (الواحد) فما زاد
لأنه مصدر يصدق على القليل والكثير تقول رجل عدل (رجلان عدل) ورجال عدل ونمنع قبول خبر الواحد في دخول وقت الصلاة والرواية قبل فيها الواحد للاجماع فإنه
يشترط في الشهادة ما لا يشترط في الرواية لعظم خطرها وللشيخ رحمه الله تعالى قولان قال في المبسوط إن كان في السماء علة وشهد عدلان من البلد أو خارجه برؤيته وجب الصوم وان
لم يكن هناك علة لم يقبل إلا شهادة القسامة خمسون من البلد أو خارجه وقال في النهاية إن كان في السماء علة ولم يره جميع أهل البلد ورآه خمسون نفسا وجب الصوم ولا
يجب الصوم إذا رآه واحد أو اثنان بل يلزم فرضه لمن رآه حسب وليس على غيره شئ ومتى كان في السماء علة ولم ير في البلد الهلال ورآه خارج البلد شاهدان عدلان
وجب أيضا الصوم وان لم يكن في السماء علة وطلب فلم ير لم يجب الصوم إلا أن تشهد خمسون نفسا من خارج البلد انهم رأوه لقول الصادق عليه السلام لا تجوز الشهادة في الهلال
دون خمسين رجلا عدد القسامة وإنما تجوز شهادة رجلين إذا كان من خارج المصر وكان بالمصر علة فأخبرا انهما رأياه وأخبرا عن قوم صاموا للرؤية وسأل إبراهيم بن عثمان الخزاز
الصادق عليه السلام قلت له كم يجزى في رؤية الهلال فقال إن شهر رمضان فريضة من فرايض الله فلا تؤدوا بالتظني وليس رؤية الهلال ان تقوم عدة فيقول واحد رأيته
ويقول الآخر لم يره إذا رآه واحد رآه مائة وإذا رآه مائة رآه الف ولا يجزى في رؤية الهلال إذا لم يكن في السماء علة أقل من شهادة خمسين وإن كانت في السماء علة قبلت
شهادة رجلين يدخلان ويخرجان من مصر ولأنه مع انتفاء العلة يبعد اختصاص الواحد والاثنين بالرؤية مع اشتراكهم في صحة الحاسة فلم يكن قولهما مؤثرا ونمنع صحة سند
الخبرين وقول الخمسين قد لا يفيد إلا الظن وهو ثابت في العدلين وقال أبو حنيفة لا يقبل في الصحو إلا الاستفاضة وفي الغيم في هلال شهر رمضان تقبل واحد وفي غيره
لا يقبل إلا اثنان لأنه لا يجوز ان ينظر إلى مطلع الهلال مع صحة الحاسة وارتفاع الموانع جماعة فيختص واحد برؤيته ونحن نقول بموجبه من أنه لا تقبل شهادة الواحد ولا
يشترط الزيادة على الاثنين لجواز الاختلاف في الرؤية لعبد المرئي ولطافته وقوة الحاسة وضعفها والتفطن للرؤية وعدمه واختلاف مواضع نظرهم وكدورة الهوا
وصفوه ولأنه ينتقض بما لو حكم برؤيته حاكم بشهادة الواحد أو الاثنين فإنه يجوز ولو امتنع لما قالوه لم ينفد فيه حكم الحاكم مسألة لا تقبل شهادة النساء في ذلك
لقول علي عليه السلام لا تقبل شهادة النساء في رؤية الهلال وقال الشافعي إن قلنا لا بد من اثنين فلا مدخل لشهادة النساء فيه فلا عبرة بقول العبد ولا بد من لفظ
الشهادة ويختص بمجلس القضاء لأنها شهادة حسبة لا ارتباط لها بالدعاوي وان قبلنا قول الواحد فهل هو على طريق الشهادة أم على طريق الرواية وجهان أصحهما عنده
الأول إلا إن العدد سومح به والبينات مختلفة المراتب والثاني انه رواية لان الشهادة ما يكون الشاهد فيها بريئا وهذا خبر عما يستوى فيه المخبر (وغير المخبر) فأشبه رواية الخبر
عن النبي عليه السلام فعلى الأول لا يقبل قول المرأة والعبد وعلى الثاني يقبل وهل يشترط لفظ الشهادة وجهان عنده وقال أبو حنيفة يقبل اخبار المرأة الواحدة لأنه خبر
ديني فأشبه الخبر عن القبلة والرواية وهو قياس قول احمد ولا تقبل شهادة الصبي المميز الموثوق به وقال الجويني فيه وجهان مبنيان على قبول رؤية الصبيان وقال بعض
الشافعية إذا أخبره موثوق به عن رؤية الهلال لزم اتباع قوله وان لم يذكر عند الحاكم وقالت طائفة يجب الصوم بذلك إذا اعتقد ان المخبر صادق ولا خلاف انه لا تقبل
في هلال شوال إلا عدلان إلا أبا ثور فإنه قال تقبل شهادة الواحد فيه وهو غلط لما تقدم من الأحاديث احتج بأنه خبر يستوى فيه المخبر والمخبر فأشبه اخبار الديانات
ولأنه اخبار عن خروج وقت العبادة فيقبل فيه قول الواحد كالاخبار عن دخول وقتها ونمنع كونه خبرا ولهذا لا يقبل فيه فلان عن فلان فروع - آ - لا تقبل شهادة الفاسق
لقوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ولا بد من اعتبار العدالة الباطنة التي يرجع فيها إلى الخبرة الباطنة وأقوال المزكين وهو أحد قولي الشافعية لان الشرط
انتفاء الفسق وإنما يعرف بالاتصاف بالضد - ب - لو صاموا بشهادة الواحد عند من اعتبرها فلم ير الهلال بعد الثلاثين فالوجه الافطار وبه قال أبو حنيفة والشافعي
في أحد القولين لأن الصوم يثبت شرعا بشهادة الواحد فيثبت الافطار باستكمال العدة ولا يكون افطارا بالشهادة كما أن النسب لا يثبت بشهادة النساء وتثبت
بهن الولادة فيثبت النسب بالفراش على وجه التبع للولادة والثاني للشافعي لا يفطرون وبه قال محمد بن الحسن لأنه يكون فطرا بشهادة واحد وقد تقدم جوابه
من جواز اثبات الشئ ضمنا بما لا يثبت به أصلا وما موضع القولين للشافعية طريقان أحدهما مع الصحو لو كانت السماء مغيمة وجب الافطار والثاني
ان الصحو والغيم واحد - ج - لو صاموا بشهادة عدلين ورؤى الهلال بعد ثلاثين فلا بحث وإن لم ير الهلال فإن كانت السماء مغيمة أفطر وكذا إن كان مصحية عند عامة
العلماء لان العدلين لو شهدا ابتداء على هلال شوال لقبلنا شهادتهما وأفطرنا فلئن نفطر على ما أثبتناه بقولهما أولا أولي وقال مالك لا يفطرون لأنا إنما
نتبع قولهما بناء على الظن وقد بينا خلافه وعلى هذا القول لو شهد اثنان على هلال شوال ثم لم ير الهلال والسماء مصحية بعد ثلاثين قضينا أول يوم أفطرنا
فيه لظهور انه من رمضان لكن لا كفارة للشبهة - د - إذا قلنا بقبول الواحد ففي قبول العبد اشكال يأتي وقال بعض الشافعية القائلين بقبوله إنا لا نوقع به العتق
والطلاق المعلقين بهلال رمضان ولا نحكم بحلول الدين المؤجل به - ه‍ - لا يثبت الهلال بالشهادة على الشهادة عند علمائنا لأصالة البراءة واختصاص ورود القبول
270

بالأموال وحقوق الآدميين للشافعية طريقان أحدهما انه على قولين في أن حدود الله تعالى هل تثبت بالشهادة على الشهادة وأصحهما عندهم القطع بثبوته كالزكاة واتلاف
بواري المسجد والخلاف في الحدود المبنية على الدفع والدرء وعلى هذا فعدد الفروع مبنى على القول في الأصول ان اعتبرنا العدد في الأصول فحكم الفروع ههنا حكمهم في
ساير الشهادات ولا مدخل فيه لشهادة النساء والعبيد وان لم نعتبر العدد فان قلنا إن طريقه طريق الرواية فوجهان أحدهما الاكتفاء بواحد كرواية الاخبار والثاني لا بد
من اثنين وهو الأصح عندهم لأنه ليس بخبر من كل وجه لأنه لا يكفي أن يقول اخبرني فلان عن فلان انه رأى الهلال وعلى هذا فهل يشترط اخبار حرين ذكرين أم يكفي امرأتان
وعبدان وجهان وان قلنا إن طريقه طريق الشهادة فهل يكفي واحد أم لا بد من اثنين وجهان عندهم - و - لو رأى اثنان هلال شوال ولم يشهد عند الحاكم جاز لمن سمع شهادتهما
الافطار بعد (مع) معرفته بعدالتهما وكذا يصوم لو شهدا برمضان لقوله عليه السلام إذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا ولو شهدا فرد الحاكم شهادتهما لعدم معرفته بهما جاز
الافطار أيضا في شوال والصوم في رمضان ويجوز لكل منهما ان يفطر عندنا وبه قال احمد بشرط ان يعرف عدالته صاحبه وليس شيئا - ز - إنما يقبل في الهلال عدلان فلا تقبل شهادة
المجهول الحال ولا مستور الظاهر مسألة لو رؤى الهلال في البلد رؤية شايعة واشتهر وذاع بين الناس الهلال وجب الصيام إجماعا لأنه نوع تواتر يفيد العلم ولو لم يحصل
العلم بل حصل ظن غالب بالرؤية فالأقوى التعويل عليه كالشاهدين فان الظن الحاصل بشهادتهما حاصل مع الشياع النظر الثالث الحساب مسألة إذا غم هلال رمضان
ولم يره أحد أكملت عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا وجوبا من رمضان سواء كانت السماء متغيمة أو صاحية عند علمائنا لما رواه العامة عن عايشة قالت كان رسول الله صلى الله
عليه وآله يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره ثم يصوم رمضان لرؤيته فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنين عليه السلام فان غم عليكم
فعدوا ثلاثين ليلة ثم افطروا مسألة ولا يجوز التعويل على الجدول ولا كلام المنجمين لان أصل الجدول مأخوذ من الحساب النجومي في ضبط سير القمر واجتماعه بالشمس
ولا يجوز المصير إلى كلام المنجم ولا الاجتهاد فيه وهو قول أكثر العامة لما تقدم من الروايات ولو كان قول المنجم طريقا ودليلا على الهلال لوجب ان يبينه عليه السلام للناس
لانهم في محل الحاجة إليه ولم يجز له عليه السلام حصر الدلالة في الرؤية والشهادة وحكى عن قول (قوم) من العامة إنهم قالوا يجتهد في ذلك ويرجع إلى المنجمين وهو باطل لما تقدم
ولقول الصادق عليه السلام ليس على أهل القبلة إلا الرؤية ليس على المسلمين إلا الرؤية والأحاديث متواترة على أن الطريق إما الرؤية أو مضى ثلاثين وقد شدد النبي
صلى الله عليه وآله في النهى عن سماع كلام المنجم فقال عليه السلام من صدق كاهنا أو منجما فهو كافر بما أنزل على محمد احتجوا بقوله تعالى وعلامات وبالنجم هم يهتدون
ولان النبي عليه السلام قال فإن غم عليكم فاقدروا له والتقدير إنما هو معرفة التيسير والمنازل ولذلك رجعنا إلى الكواكب والمنازل في القبلة والأوقات وهي أمور
شرعية رتب الشارع عليها أحكاما كثيرة والجواب الاهتداء بالنجم معرفة الطرق ومسالك البلاد وتعريف الأوقات ونقول أيضا بموجبه فان رؤية الهلال تهدى إلى معرفة أول
الشهر أما قول المنجم فلا وأما الحديث قدروا له ثلاثين والمراد يحسب شعبان ثلاثين عند قوم وتسعة وعشرين عند آخرين وأما القبلة والوقت فالطريق هو المشاهدة
وللشافعية وجهان فيمن عرف منازل القمر هل يلزمه الصوم به وأصحهما عندهم المنع (والثاني يجوز له ان يعمل بحساب نفسه ولو عرفه بالنجوم لم يجز أن يصوم به عنده) قولا واحدا مسألة لا اعتبار بالعدد خلافا لقوم من الحشوية ذهبوا إلى أنه
معتبر وان شهور السنة قسمان تام وناقص فرمضان لا ينقص أبدا وشعبان لا يتم أبدا لأحاديث منسوبة إلى أهل البيت عليهم السلام أصلها حذيفة بن منصور عن
الصادق عليه السلام تارة بواسطة معاذ بن كثير واخرى (بغير واسطة واخرى) لم يسندها إلى امام ان الصادق عليه السلام سأله معاذ ان الناس يقولون إن رسول الله صلى الله عليه
وآله صام تسعة وعشرين يوما أكثر مما صام ثلاثين فقال كذبوا ما صام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قبض أقل من ثلثين يوما ولا نقص شهر رمضان منذ
خلق الله السماوات والأرض من ثلاثين يوما وليلة قال الشيخ رحمه الله هذا الخبر لا يعول عليه إما أولا فلانه لم يوجد في شئ من الأصول المصنفة وإنما هو موجود
في الشواذ من الاخبار وأيضا كتاب حذيفة بن منصور عرى عن هذا الحديث والكتاب مشهور ولو كان الحديث صحيحا عنده لضمنه كتابه وأيضا فإنه مختلف
الألفاظ مضطرب المعاني لأنه تارة يرويه عن الصادق عليه السلام وتارة يفتي من قبل نفسه ولا يسنده إلى أحد وروايته تارة عن الامام بواسطة واخرى بغير
واسطة وهذا دليل اضطرابه وضعفه فلا يعارض به المتواتر من الاخبار والقرآن العزيز وعمل جميع المسلمين مع أنه معارض بأحاديث كثيرة مشهورة قال
الصادق عليه السلام شهر رمضان يصيبه ما يصيب الشهور من الزيادة والنقصان وان تغيمت السماء يوما فأتموا العدة وقال عليه السلام في شهر رمضان هو
شهر من الشهور يصيبه ما يصيب الشهور من النقصان وقال الباقر عليه السلام حدثني أبي عليه السلام إن عليا عليه السلام قال صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله
تسعة وعشرين يوما وان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لما ثقل في مرضه أيها الناس أن السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثم مال بيده فقال رجب مفرد
وذو القعدة وذي الحجة والمحرم ثلاثة متواليات الا وهذا الصوم المفروض صوموا لرؤيته (فافطروا لرؤيته) وإذا خفى الشهر فأتموا العدة شعبان ثلاثين صوموا الواحد وثلاثين
مسألة ولا اعتبار بغيبوبة القمر بعد الشفق لقوله عليه السلام الصوم للرؤية والفطر للرؤية ولأصالة براءة الذمة وقال بعض من لا يعتد به ان غاب
بعد الشفق فهو لليلة الماضية وان غاب قبله فهو لليلته لقول الصادق عليه السلام إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلته وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين
ونمنع صحة سنده وتعارضه بالأحاديث الدالة على حصر الطريق في الرؤية والشهادة ومضى الثلاثين قال الشيخ رحمه الله هذا إنما يكون أمارة على اعتبار دخول الشهر
إذا كانت السما مغيمة فجاز اعتباره في الليلة المستقبلة بالغيبوبة قبل الشفق وبتطوق الهلال فأما مع زوال العلة فلا إذا ثبت هذا فلا يجوز التعويل أيضا على
تطوق الهلال وفي رواية عن الصادق عليه السلام إذا تطوق الهلال فهو لليلتين ونمنع صحة سندها مسألة لا اعتبار بعد خمسة أيام من الماضية
عملا بالأصل وما تقدم من الأحاديث الدالة على العمل بالرؤية أو مضى ثلاثين فعلى هذا لو غم هلال الشهور كلها عدا كل شهر ثلاثين يوما وقد روى عمران
ان الزعفراني عن الصادق عليه السلام قلت له ان السماء تطبق علينا بالعراق ليومين والثلاثة لا نرى السماء فأي يوم تصوم قال أفطر اليوم الذي صمت
من السنة الماضية وصم يوم الخامس وسأل عمران أيضا الصادق عليه السلام قلت إنما نمكث في الشتاء اليوم واليومين لا نرى سماء ولا نجما فأي يوم نصوم قال
أفطر اليوم الذي صمت من السنة الماضية وعد خمسة أيام وصم يوم الخامس والأول مرسل وفي طريق الثاني سهل بن زياد وهو ضعيف مع أن عمران الزعفراني
مجهول ولو قيل بذلك بناء على العادة القاضية بعدم تمامية شهور السنة بأسرها كان وجها ولو غم هلال رمضان وشعبان عددنا رجب ثلاثين وكذا شعبان
فان غما لاهلة بأسرها فالأقرب الاعتبار برواية الخمسة بناء على العادة وهو اختيار الشيخ في المبسوط وأكثر علمائنا قالوا تعد الشهور ثلاثين ثلاثين مسألة لو كان
بحيث لا يعلم الأهلة كالمجوس أو اشتبهت عليه الشهور كالأسير مع الكفار إذا لم يعلم الشهر وجب عليه ان يجتهد ويغلب على ظنه شهرا انه من رمضان فان حصل الظن
271

بنى عليه ثم إن استمر الاشتباه أجزأه إجماعا إلا من الحسن بن صالح بن حي لأنه ادعى فرضه باجتهاده فأجزأه كما لو ضاق الوقت واشتبهت القبلة ان لم يستمر فان اتفق وقوع
الصوم في رمضان أجزأه إجماعا إلا من الحسن بن صالح بن حي فإنه قال لا يجزئه وهو غلط لأنه أدي العبادة باجتهاده فإذا وافق الإصابة أجزأه كالقبلة إذا اشتبهت عليه ولأنه مكلف
بالصوم إجماعا والعلم غير ممكن متعين الظن احتج بأنه صامه على الشك فلا يجزيه كما إذا صام يوم الشك ثم بان انه من رمضان والفرق يوم الشك لم يضع الشارع الاجتهاد
طريقا إليه وان وافق صومه بعد رمضان أجزأه أيضا عند عامة العلماء إلا الحسن بن صالح بن حي فإنه قال لا يجزئه وليس بجيد لأنه أدي العبادة في أحد وقتيها أعني وقت
القضاء فأجزأه كما لو فعلها في الوقت الآخر وهو وقت الأداء وكما لو دخل الوقت وهو متلبس بالصلاة ولان عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق عليه السلام الرجل أسرته
الروم ولم يصم شهر رمضان ولم يدر أي شهر هو قال يصوم شهرا يتوخاه ويحسب فإن كان الشهر الذي صامه قبل رمضان لم يجزئه وإن كان بعده أجزأه وان وافق صومه
قبل رمضان لم يجزئه عند علمائنا وبه قال أبو ثور ومالك واحمد والشافعي في أحد القولين لأنه فعل العبادة قبل وقتها فلا يقع أداء ولا قضاء فلم يجزئه كالصلاة يوم الغيم
ولرواية عبد الرحمن وقد تقدمت والثاني للشافعي الأجزاء لأنه فعل العبادة قبل وقتها مع الاشتباه فاجزأه كما لو اشتبه يوم عرفة فوقف قبله ونمنع حكم الأصل مسألة لو لم
يغلب على ظن الأسير شهر رمضان لزمه ان يتوخى شهرا ويصومه ويتخير فيه وبه قال بعض الشافعية لأنه مكلف بالصوم وقد فقد العلم بتعيين الوقت فسقط عنه التعيين
ووجب عليه الصوم في شهر يتوخاه كما لو فاته الشهر مع علمه ولم يصمه فإنه يسقط عنه التعيين ويتوخى شهرا يصومه للقضاء وكما لو اشتبهت القبلة وضاق الوقت ولرواية
عبد الرحمن وقال بعض الشافعية لا يلزمه ذلك لأنه لم يعلم دخول شهر رمضان ولا ظنه فلا يلزمه الصيام كما لو شك في دخول وقت الصلاة فإنه لا يلزمه الصلاة
والفرق ظاهر لتمكنه من العلم بوقت الصلاة بالصبر ولو وافق بعضه الشهر دون بعض صح ما وافق الشهر وما بعده دون ما قبله ولو وافق صومه شوال لم يصح صومه يوم العيد
وقضاه وكذا ذو الحجة وإذا توخى شهرا فالأولى وجوب التتابع فيه وإن كان له أن يصوم قبله وبعده وإذا وافق صومه بعد الشهر فالمعتبر صوم أيام بعدة ما فاته سواء وافق
بين هلالين أم لا وسواء كان الشهران تامين أو أحدهما أو ناقصين نعم لو كان رمضان تاما فتوخى شهرا ناقصا وجب عليه إكمال يوم وقال بعض الشافعية إذا وافق شهرا
بين هلالين (أجزأه مطلقا وإن لم يوافق لزمه صوم ثلاثين) وإن كان رمضان ناقصا لأنه لو نذر صيام شهر أجزأه عدة بين هلالين وإن كان ناقصا وهو خطا لأنه يلزم قضاء ما ترك والاعتبار بالأيام
لقوله تعالى فعدة من أيام أخر والاجزاء في النذر لان اسم الشهر يتناوله إما هنا فالواجب عدد ما فات من الأيام ولو صام شوالا وكان ناقصا ورمضان ناقص
أيضا لزم يوم عوض العيد وقال بعض الشافعية يلزمه يومان وليس بجيد وإذا صام على سبيل التخمين من غير أمارة لم يجب القضاء إلا أن يوافق قبل رمضان
ولو صام تطوعا فبأن انه رمضان فالأقرب الأجزاء وبه قال أبو حنيفة لان نية التعيين ليست شرطا وكما لو صام يوم الشك بنية التطوع وثبت انه من رمضان
وقال الشافعي لا يجزئه وبه قال احمد مسألة وقت وجوب الامساك هو طلوع الفجر الثاني باجماع العلماء قال الله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط
الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ويجوز له الأكل والشرب إلى أن يطلع الفجر وأما الجماع فيجوز إلى أن يبقى للطلوع مقدار الغسل ويجب الاستمرار على الامساك
إلى غروب الشمس الذي تجب به صلاة المغرب ولو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الامساك ويستظهر حتى يتيقن للأصالة (البقاء) ويستحب له تقديم الصلاة على
الافطار إلا أن يكون هناك من ينتظر (الافطار فيقدم) الافطار معهم على الصلاة سئل الصادق عليه السلام عن الافطار قبل الصلاة أو بعدها قال إن كن معه قوم يخشى ان
يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم وإن كان غير ذلك فليصل وليفطر البحث الثاني في شرائطه وهي قسمان الأول شرائط الوجوب مسألة يشترط
في وجوب الصوم البلوغ وكمال العقل فلا يجب على الصبى ولا المجنون ولا المغمى عليه إجماعا إلا في رواية عن أحمد انه يجب على الصبي الصوم إذا أطاقه وبه قال عطا
والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة والشافعي وقال الأوزاعي إذا أطاق صوم ثلاثة أيام متتابعات لا يخور منهن ولا يضعف حل صوم رمضان وقد تقدم
بطلانه فلو بلغ الصبي قبل الفجر وجب عليه الصوم إجماعا ولو كان بعد الفجر لم يجب واستحب له الامساك
سواء كان مفطرا أو صائما بلغ بغير المفطر ولا يجب
عليه القضاء لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النايم حتى ينتبه وقال يجب عليه الامساك ولا يجب عليه القضاء
لان نية صوم رمضان حصلت ليلا فيجزئه كالبالغ ولا يمتنع ان يكون أول الصوم نفلا وباقيه فرضا كما لو صام شرع في صوم يوم تطوعا ثم نظر اتمامه وقال بعض
الحنابلة يلزمه القضاء لأنه عبادة بدنية بلغ في أثنائها بعد مضى بعض أركانها فلزمه اعادتها كالصلاة والحج إذا بلغ بعد الوقوف وهذا لأنه ببلوغه يلزمه
صوم جميعه والماضي قبل بلوغه نفل فلم يجز عن الفرض ولهذا لو نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم والناذر صايم لزمه القضاء وأما ما مضى من الشهر قبل بلوغه فلا قضاء
عليه وسواء كان قد صامه أو أفطره في قول عامة أهل العلم وقال الأوزاعي يقضيه إن كان أفطره وهو مطيق لصيامه وهو غلط لأنه زمن مضى في حال صباه فلم يلزمه قضاء
الصوم فيه كما لو بلغ بعد انسلاخ رمضان وان بلغ الصبي وهو مفطر لم يلزمه امساك ذلك اليوم ولا قضاؤه وعن أحمد روايتان في وجوب الامساك والقضاء وقال
للشافعي إن كان أفطر استحب له الامساك وفي القضاء قولان وإن كان صايما فوجهان أحدهما يتمه استحبابا ويقضيه وجوبا لفوات نية التعيين والثاني يتمه وجوبا
ويقضيه استحبابا مسألة العقل شرط في الصوم فلا يجب على المجنون بالاجماع وللحديث ولو أفاق في أثناء الشهر وجب عليه صيام ما بقى إجماعا ولا يجب عليه قضاء
ما فات حال جنونه وبه قال أبو ثور والشافعي في الجديد واحمد لأنه معنى يزيل التكليف فلم يجب القضاء في زمانه كالصغر وقال مالك والشافعي في القديم
واحمد في رواية يجب قضاء ما فات وان مضى عليه سنون لأنه معنى يزيل العقل فلم يمنع وجوب الصوم كالاغماء والأصل ممنوع وقال أبو حنيفة ان جن جميع الشهر
فلا قضاء عليه وان أفاق في أثنائه قضى ما مضى ولو تجدد الجنون في أثناء النهار بطل صوم ذلك اليوم ولو أفاق قبل طلوع الفجر وجب عليه صيامه إجماعا وإن
أفاق في أثنائه أمسك بقية النهار استحبابا لا وجوبا وحكم المعنى عليه حكم المجنون مسألة الاسلام شرط في صحة الصوم لا في وجوبه ولو أسلم في أثناء الشهر وجب
عليه صيام الباقي دون الماضي وبه قال الشعبي وقتادة ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لقوله عليه السلام الاسلام يجب ما قبله وقال عطا (وعن الحسن كالمذهبين) قضاؤه
وهو غلط إلا أن يكون مرتدا فيجب عليه القضاء إجماعا واليوم الذي يسلم فيه إن كان اسلامه قبل طلوع فجره وجب عليه صيامه وإن كان بعده أمسك استحبابا
لان عيص بن القاسم روى في الصحيح انه سأل الصادق عليه السلام عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم ان يقضوا ما مضى ويومهم الذي أسلموا
فيه (قال ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه) إلا أن يكونوا أسلموا فيه قبل طلوع الفجر وقال احمد يجب عليه امساكه وبه قال إسحاق لأنه أدرك جزءا من وقت العبادة فلزمته كما لو أدرك جزءا من وقت الصلاة
والأصل ممنوع ووافقنا وأبو ثور وابن المنذر ولو طرئ الكفر في اخر النهار بطل الصوم مسألة السلامة من المرض شرط في الصحة فلو كان المريض يتضرر بالصوم
272

لم تصح منه وحد المرض الذي يجب معه الافطار ما يزيد في مرضه لو صام أو يتبطأ البرء معه لو صام عند أكثر العلماء وحكى عن قوم لا عبرة بهم إباحة الفطر بكل مرض
سواء زاد في المرض أو لم يزد لعموم قوله تعالى فمن كان منكم مريضا وهو مخصوص كتخصيص السفر بالطاعة وقد سئل الصادق عليه السلام عن حد المرض الذي يفطر
صاحبه والمرض الذي يدع صاحبه الصلاة فقال بل الانسان على نفسه بصيرة وقال ذلك إليه هو اعلم بنفسه وكل الأمراض مساوية في هذا الحكم سواء كان وجع الرأس
أو حمى ولو حمى يوم أو رمد العين وغير ذلك فان صامه مع حصول الضرر به لم يجزئه ووجب عليه القضاء لأنه منهى عنه والنهي في العبادات يدل على الفساد ولقوله
تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر والتفصيل قاطع للشركة وقال بعض العامة إذا تكلف صح صومه وان زاد في
مرضه وتضرر به وليس بجيد إما الصحيح الذي يخشى المرض بالصوم فإنه لا يباح له الافطار وكذا لو كان عنده شهوة غالبة للجماع يخاف ان تنشق انثياه ولو
خافت المستحاضة من الصوم التضرر أفطرت لان الاستحاضة مرض ولو جوزنا لصاحب الشبق المضر به الافطار وامكنه استدفاع ذلك بما لا يبطل منه الصوم
وجب عليه ذلك فإن لم يمكنه إلا بافساد الصوم فاشكال ينشأ من تحريم الافطار لغير سبب ومن مراعاة مصلحة بقاء النفس على السلامة كالحامل والمرضع
فإنهما يفطران خوفا على الولد فمراعاة النفس أولي ولو كان له امرأتان حايض وطاهر واضطر إلى وطى إحديهما وجوزنا له ذلك فالوجه وطى الطاهر لان الله
تعالى حرم وطى الحايض وقال بعض العامة يتخير وليس شيئا وكذا لو امكنه استدفاع الأذى بفعل محرم كالاستمناء باليد لم يجز خلافا لبعضهم مسألة الإقامة
أو حكمها شرط في الصوم الواجب عدا ما استثنى فلا يجب الصوم على المسافر سفرا مخصوصا باجماع العلماء قال الله تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من
أيام أخر والتفصيل قاطع للشركة فكما ان الحاضر يلزمه الصوم فرضا لازما كذلك المسافر القضاء فرضا مضيقا وإذا وجب عليه القضاء مطلقا سقط عنه فرض الصوم
وروى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن قوله تعالى فمن
شهد منكم الشهر فليصمه ومن سافر فلا يصمه إذا عرفت هذا فلو صام المسافر في سفره المبيح للقصر لم يجزئه إن كان عالما عند علمائنا أجمع وكان مأثوما وبه قال
أبو هريرة وستة من الصحابة وأهل الظاهر قال احمد كان عمر وأبو هريرة يأمران المسافر بإعادة ما صامه في السفر وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال
الصايم في السفر كالمفطر في الحضر لقوله تعالى فعدة من أيام أخر أوجب عدة من أيام أخر فلم يجز صوم رمضان في السفر وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
قال ليس من البر الصيام في السفر وقال عليه السلام الصايم في السفر كالمفطر في الحضر وأفطر صلى الله عليه وآله في السفر فلما بلغه إن قوما صاموا قال أولئك العصاة ومن
طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لو أن رجلا مات صائما في السفر ما صليت عليه وقال عليه السلام الصايم في شهر رمضان (في السفر) كالمفطر فيه في الحضر وقال باقي العامة
ان صومه جايز واختلفوا في الأفضل فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي والثوري وأبو ثور أن أصوم في السفر أفضل من الافطار وقال احمد والأوزاعي وإسحاق
الافطار أفضل وبه قال عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر لما روت عايشه إن النبي صلى الله عليه وآله قال لحمرة الأسلمي وقد سأله عن الصوم في السفر ان شئت
فصم وإن شئت فأفطر وقال انس سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يعب الصايم على المفطر ولا المفطر على الصايم ولان الافطار
في السفر رخصة ومن رخص له الفطر جاز له ان يتحمل المشقة بالصوم كالمريض والحديثان لو صحا حملا على صوم النافلة جمعا بين الأدلة والتخيير ينافي
الأفضلية وقد اتفقوا على أفضلية أحدهما وان اختلفوا في تعيينه ونمنع الحكم في المريض فيبطل القياس تذنيب لو صام مع علمه بوجوب القصر كان
عاصيا لما تقدم وتجب عليه الإعادة لأنه منهى عن الصوم والنهي في العبادة يدل على الفساد إما لو صام رمضان في السفر جاهلا بالتحريم فإنه يجزئه الصوم لأنه
معذور ولان الحلبي سأل الصادق عليه السلام قلت له رجل صام في السفر فقال إن كان بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك فعليه القضاء فإن لم
يكن بلغه فلا شئ وغير ذلك من الاخبار مسألة وإنما يترخص المسافر إذا كان سفره سفر طاعة أو مباحا فإن كان سفره معصية أو لصيد لهو وبطر لم يجز له الافطار
عند علمائنا أجمع لان في رخصة الافطار اعانة له على المعصية وتقوية له عليها ولقول الصادق عليه السلام من سافر قصر وأفطر إلا أن يكون رجلا سفره في الصيد
أو في معصية الله أو رسولا لمن يعصى الله أو في طلب شحناء أو سعاية ضرر على قوم من المسلمين وجاء رجلان إلى الرضا عليه السلام بخراسان فسألاه عن التقصير فقال لأحدهما
وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للآخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان إذا ثبت هذا فإنما يجوز التقصير في مسافة القصر وهي بريدان ثمانية فراسخ لقول الصادق
عليه السلام في التقصير حده أربعة وعشرون ميلا وسئل الصادق عليه السلام في كم يقصر الرجل فقال في بياض يوم أو بريدين وقد تقدم ذلك في كتاب الصلاة وإنما يجوز التقصير
إذا قصد المسافة فالهايم لا يترخص وإن سار أكثر من المسافة وقد تقدم ولو نوى المسافر الإقامة في بلدة عشرة أيام وجب عليه التمام وانقطع سفره ومن كان سفره أكثر من
من حضره لا يجوز له الافطار لان وقته مشغول بالسفر فلا مشقة له فيه ولقول الصادق عليه السلام المكارى والجمال الذي يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان
ولو أقام أحدهم في بلده عشرة أيام أو أقام العشرة في غير بلده مع العزم على اقامتها وجب عليهم التقصير إذا خرجوا بعد العشرة لان بعض رجال يونس سأل الصادق (ع) عن
حد المكاري الذي يصوم ويتم قال أيما مكاري أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من (مقام عشرة أيام وجب عليه الصيام والتمام أبدا وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من) عشرة أيام فعليه التقصير والافطار ولو تردد في السفر ولم ينو المقام عشرة أيام
وكان ممن يجب عليه التقصير في السفر وجب عليه التقصير إلى شهر ثم يتم بعد ذلك مسألة شرايط قصر الصلاة هي شرايط قصر الصوم لقول الصادق عليه السلام ليس يفترق
التقصير والافطار فمن قصر فليفطر وهل يشترط تبييت النية من الليل قال الشيخ رحمه الله نعم فلو بيت نية على السفر من الليل ثم خرج أي وقت كان من النهار وجب عليه التقصير
والقضاء ولو خرج بعد الزوال أمسك وعليه القضاء وإن لم يبيت نية من الليل لم يجز له التقصير وكان عليه إتمام ذلك اليوم وليس عليه قضاؤه أي وقت خرج إلا أن يكون قد
خرج قبل طلوع الفجر فإنه يجب عليه الافطار على كل حال ولو قصر وجب عليه القضاء والكفارة وقال المفيد رحمه الله المعتبر خروجه قبل الزوال فان خرج قبله لزمه الافطار
فان صامه لم يجزه ووجب عليه القضاء ولو خرج بعد الزوال أتم ولا اعتبار بالنية وبه قال أبو الصلاح وقال السيد المرتضى رحمه الله يفطر ولو خرج قبل الغروب وهو قول علي بن
بابويه ولم يعتبر التبييت والمعتمد قول المفيد رحمه الله لقوله تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وهو يتناول بعمومه من خرج قبل الزوال بغير نية ومن
طريق العامة ان النبي صلى الله عليه وآله خرج من المدينة عام الفتح فلما بلغ إلى كراع الغميم أفطر ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام انه سأل عن الرجل
يخرج من بيته وهو يريد السفر وهو صايم قال إن خرج قبل ان ينتصف النهار فليفطر ويقض ذلك اليوم وان خرج بعد الزوال فيتم يومه ولأنه إذا خرج قبل الزوال
صار مسافرا في معظم ذلك النهار فألحق بالمسافر في جميعه ولهذا اعتبرت النية فيه لناسيها وأما بعد الزوال فان معظم النهار قد انقضى على الصوم فلا يؤثر فيه السفر
273

للتعقب كما لم يعتد بالنية فيه احتج الشيخ رحمه الله بقول الكاظم عليه السلام في الرجل يسافر في شهر رمضان أيفطر في منزله قال إذا حدث نفسه بالليل في السفر أفطر إذا خرج
من منزله وان لم يحدث نفسه من الليل ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه وفي الطريق اعتكف مع احتمال ان يكون عزم السفر تجدد بعد الزوال احتج السيد بقوله
تعالى ومن كان منكم مريضا أو على سفر وهو عام في صورة النزاع وبما رواه عبد الاعلى في الرجل يريد السفر في شهر رمضان قال يفطر وان خرج قبل ان تغيب الشمس
بقليل والآية مخصوصة بالخبر الذي رويناه والحديث ضعيف السند ومقطوع وأما العامة فنقول المسافر عندهم لا يخلو من أقسام ثلاثة أحدها ان يدخل عليه
شهر رمضان وهو في السفر فلا خلاف بينهم في إباحة الفطر له الثاني ان يسافر في أثناء الشهر ليلا فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها في قول
عامة أهل العلم وقال عبيدة السلماني وأبو مجاز وسويد بن غفلة لا يفطر من سافر بعد دخول الشهر (في أثناء الشهر خ ل) لقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهذا قد شهده
ولا حجة فيها لأنها متناولة لمن شهد الشهر كله (وهذا لم يشهده كله) ويعارض بما روى ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وآله عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد
فأفطر (وأفطر) الناس الثالث أن يسافر في أثناء اليوم في رمضان فحكمه في اليوم الثاني حكم من سافر ليلا وفي إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه قولان أحدهما انه لا يجوز له
فطر ذلك اليوم وهو قول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي واحمد في أحدي الروايتين لأن الصوم عبادة
تختلف بالسفر والحضر فإذا اجتمعتا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة والفرق ان الصلاة يلزمه اتمامها بنيته بخلاف الصوم والثاني انه يفطر وهو قول الشعبي وإسحاق
وداود وابن المنذر واحمد في الرواية الثانية (للرواية) ولان السفر معنى لو وجد ليلا واستمر في النهار لأباح الفطر فإذا وجد في أثنائه أباحه كالمرض مسألة ولا يجوز له الفطر
حتى يتوارى عنه جدران بلده ويخفى عنه أذان مصره لأنه إنما يصير ضاربا في الأرض بذلك وهو قول أكثر العامة وقال الحسن البصري يفطر في بيته إن شاء
يوم يريد ان يخرج وروى نحوه عن عطا روى محمد بن كعب قال أتيت انس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام
فأكل فقلت له سنة فقال سنة وركب مسألة لو نوى المسافر الصوم في سفره لم يجز عندنا لأنه محرم وعند العامة يجوز وعندنا إنما يجوز إذا نوى المقام
عشرة أيام فلو نوى المقام لزمه الصوم فان نوى المقام قبل الزوال ولم يكن قد تناول المفطر وجب عليه تجديد نية الصوم واتمامه واجزأ عنه ولو نوى بعد الزوال
أو كان قد تناول أمسك مستحبا وكان عليه القضاء ومن سوغ الصوم في السفر وهم العامة لو نوى الصوم في سفره ثم بدا له ان يفطر فله ذلك عنده (عند احمد) وللشافعي
قولان فقال مرة لا يجوز له الفطر وقال أخرى ان صح حديث الكديد لم أر به بأسا أن يفطر وعنى بحديث الكديد الذي رواه ابن عباس قال خرج رسول الله صلى الله
عليه وآله عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد فأفطر وأفطر الناس (وقال مالك ان أفطر) فعليه القضاء والكفارة لأنه أفطر في شهر رمضان فلزمه ذلك كما لو كان حاصل إذا
عرفت هذا فان له ان يفطر عندهم بالاكل والشرب وغيرهما إلا الجماع ففيه قولان أحدهما ليس له ذلك والثاني الجواز وعلى القول الأول هل تجب الكفارة
عن أحمد روايتان أحدهما انه لا كفارة عليه وهو مذهب الشافعي لأنه صوم لا يجب المضي فيه فلم تجب الكفارة بالجماع فيه كالتطوع والثانية انه تجب عليه الكفارة
(لأنه أفطر بجماع فلزمته الكفارة) كالحاضر والفرق ان الحاضر يجب عليه المضي في الصوم ولان حرمة الجماع وغيره بالصوم فتزول بزواله كما لو زالت بمجئ الليل مسألة وليس للمسافر أن يصوم
في رمضان عن غيره كالنذر والقضاء لان الفطر أبيح رخصة وتخفيفا عنه فلا يجوز له الاتيان بما خفف عنه كالتمام والقصر في الصلاة وكذا ليس للحاضر أن يصوم
غير رمضان فيه لأنه زمان لا يقع فيه غيره فإذا نوى المسافر الصوم في شهر رمضان النذر والقضاء لم يصح صومه عن رمضان ولا عما نواه لأنه أبيح له الفطر
للعذر فلم يجز له أن يصومه عن غير رمضان كالمريض وهذا قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة يقع ما نواه إذا كان واجبا لأنه زمن أبيح له الفطر فيه فكان له
صومه عن واجب عليه كغير رمضان وينتقض بصوم التطوع مسألة لو قدم المسافر أو برئ المريض وكانا قد افطرا استحب لهما الامساك بقية النهار
وليس واجبا عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور وداود لأنه أبيح له الافطار باطنا وظاهرا في أول النهار فإذا أفطر كان له ان يستديمه إلى اخر
النهار كما لو بقى العذر ولان الصوم غير قابل للتبعيض وقد أفطر في أول النهار فلا يصح صومه الباقي وإنما استحب الامساك تشبيها بالصائمين لان محمد بن مسلم
سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أيواقعها قال لا بأس به واما استحباب
الامساك فلان سماعة سأله عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس وقد أكل قال لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئا ولا يواقع في شهر رمضان إن كان
له أهل وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي لا يجوز له ان يأكلوا في بقية النهار وعن أحمد روايتان لأنه معنى لو طرأ قبل طلوع الفجر لوجب الصوم فإذا
طرأ بعد الفجر وجب الامساك لقيام البينة انه من رمضان والفرق جواز الافطار باطنا وظاهرا هنا فإذا أفطر كان له استدامته بخلاف البينة لأنه
لم يكن له الفطر باطنا فلما انكشف له خطاؤه حرم عليه الافطار وكذا البحث في كل مفطر كالحايض إذا طهرت والطاهر إذا حاضت والصبي إذا بلغ والكافر إذا أسلم
مسألة لو قدم المسافر قبل الزوال أو برأ المريض كذلك ولم يكونا قد تناولا شيئا وجب عليهما الامساك (بقية اليوم وأجزأهما عن رمضان ولو كان بعد الزوال امسكا استحبابا) وقضيا عند علمائنا لأنه قبل الزوال يتمكن
من أداء الواجب على وجه يؤثر النية في ابتدائه فوجب الصوم والاجزاء مخرج عن العهدة وأما بعد الزوال فلفوات محل النية فلا يجب الصوم لعدم شرطه
واستحباب الامساك لحرمة الزمان ولان أحمد بن محمد سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم من سفره في شهر رمضان ولم يطعم شيئا قبل الزوال قال يصوم
وسأله أبو بصير عن الرجل يقدم من سفره في شهر رمضان فقال إن قدم قبل زوال الشمس فعليه صوم ذلك اليوم ويعتد به مسألة لو علم المسافر
يصل إلى بلده أو موضع اقامته قبل (الزوال) جاز له الافطار ولو أمسك حتى يدخل ويتم صومه كان أفضل وأجزأه لان السفر المبيح للافطار موجود والمانع
مفقود بالأصل ولما رواه رفاعة في الحسن انه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يصل في شهر رمضان من سفر حتى يرى أنه سيدخل أهله ضحوة أو ارتفاع
النهار قال إذا طلع الفجر وهو خارج لم يدخل فهو بالخيار إن شاء صام وإن شاء أفطر وأما أولوية الصوم فلحرمة الوقت ولاشتماله على المسارعة إلى فعل الواجب
مسألة الخلو من الحيض والنفاس شرط في الصوم باجماع العلماء ولو زال عذرهما في أثناء النهار لم يصح لهما صوم وإن كان بعد الفجر بزمان يسير جدا لكن
يستحب لهما الامساك ويجب عليهما القضاء وهو قول عامة أهل العلم لان الوجوب سقط عنهما ظاهرا وباطنا فلا يجب الامساك وقال أبو حنيفة يجب كما لو
قامت البينة وقد سلف ولو تجدد عذرهما بعد طلوع الفجر وإن كان قبل الغروب بزمان يسير جدا وجب عليهما الافطار والقضاء بالاجماع تنبيه الصوم
يجب على الحايض والنفساء ولهذا وجب القضاء عليهما مع أنه محرم وهو خطأ للتنافي بين الحكمين نعم سبب الوجوب قائم في حقهما ولم يثبت الوجوب المانع والقضاء
274

بأمر جديد القسم الثاني في شرائط وجوب القضاء مسألة يشترط في وجوب القضاء الفوات حالة البلوغ فلو فات الصبى الذي لم يبلغ في شهر رمضان لم يجب عليه القضاء بعد
بلوغه سواء كان مميزا أو غير مميز باجماع العلماء لان الصبي ليس محل الخطاب بالأداء فلا يجب عليه القضاء ولا نعلم فيه خلافا إلا من الأوزاعي فإنه قال يقضيه إن كان قد
أفطر وهو قادر على الصوم وكذا اليوم الذي بلغ فيه لا يجب عليه قضاؤه لمضى جزء منه لا يصح تكليفه بالصوم فيه فيكون الباقي كذلك لعدم قبوله للتجزى ولا فرق بين
أن يصوم اليوم الذي بلغ فيه أو لا وبه قال أبو حنيفة وللشافعي قولان أحدهما انه يجب قضاؤه وإن كان صائما والثاني لا يجب قضاؤه وإن كان مفطرا لأنه يجب عليه صوم ما فيه
لبلوغه وتعذر عليه صومه للافطار وقضاؤه منفردا فوجب ان يكمل صوم يوم (ليتوصل إلى صوم) ما وجب عليه كما إذا عدل الصوم بالاطعام فبقى نصف مد فإنه يصوم يوما كاملا وهو
غلط لأنا نمنع وجوب صوم باقيه مسألة كمال العقل شرط في القضاء فلو فات المجنون شهر رمضان ثم أفاق لم يجب عليه قضاؤه عند علماؤنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة
لأنه ليس محلا للتكليف فلا يجب عليه (الأداء فلا يجب عليه؟) تابعه وهو القضاء وقال مالك يجب عليه القضاء وبه قال بعض الشافعية وعن أحمد روايتان لان الجنون معنى يزيل العقل
فلا ينافي وجوب الصوم كالاغماء ونمنع حكم الأصل والفرق ان الاغماء مرض قد يلحق الأنبياء بخلاف الجنون المزيل التكليف لنقص فيه فإن أفاق في أثناء الشهر لم يقض
ما فاته حال جنونه ولا اليوم الذي يفيق فيه الا ان يكون أفاق قبل الفجر وبه قال الشافعي في أحد الوجهين لان الجنون مزيل للخطاب والتكليف فسقط قضاء
ما فات من بعض الشهر كما لو فات جميعه وقال أبو حنيفة يجب قضاء ما فات (لان الجنون) لا ينافي الصوم وهو ممنوع بخلاف الاغماء وقال محمد بن الحسن إذا بلغ مجنونا ثم أفاق في أثناء الشهر
فلا قضاء عليه أما إذا كان بالغا عاقلا ثم جن قضى ما فاته حالة الجنون لان بلوغه في الأول لم يتعلق به التكليف ونمنع الأصل مسألة اختلف علماؤنا في المغمي عليه
هل يجب عليه القضاء فالذي نص عليه الشيخ رحمه الله إنه لا قضاء عليه سواء كان مفيقا في أول الشهر ناويا
للصوم ثم أغمي عليه أو لم يكن مفيقا بل أغمي عليه من
أول الشهر وهو المعتمد لان مناط التكليف العقل والتقدير زواله فيسقط التكليف ولان أيوب بن نوح كتب إلى الرضا عليه السلام يسئله عن المغمى عليه يوما أو أكثر
هل يقضى ما فاته أم لا فكتب لا يقضى الصوم ولا يقضى الصلاة وللشيخ قول اخر انه ان سبقت من النية صح صومه ولا قضاء عليه وان لم يسبق بأن كان مغمى عليه من أول
الشهر وجب القضاء وبه قال المفيد والسيد المرتضى لأنه مريض فوجب عليه القضاء كغيره من المرض لان مدته لا تتطاول غالبا ولقول الصادق عليه السلام يقضى
المغمى عليه ما فاته ونمنع مساواته للمرض الذي يبقى فيه العقل والرواية محمولة على الاستحباب قال الشافعي وأبو حنيفة يقضى زمان اغمائه مطلقا واختلفا في يوم
اغمائه فقال أبو حنيفة لا يقضيه لحصول النية فيه وقال الشافعي يقضيه مسألة الاسلام شرط في وجوب القضاء فلو فات الكافر الأصلي شهر رمضان ثم أسلم لم يجب
عليه قضاؤه باجماع العلماء لقوله عليه السلام الاسلام يجب ما قبله ولو أسلم في أثناء الشهر فلا قضاء عليه لما فات عند علمائنا أجمع وهو قول عامة العلماء لما تقدم ولقوله تعالى
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في رجل أسلم في نصف شهر رمضان ليس عليه قضاء إلا ما يستقبل ولان ما مضى
عبادة خرجت في حال كفره فلا يجب قضاؤها كالرمضان الماضي وقال عطا عليه القضاء وعن الحسن كالمذهبين وأما اليوم الذي أسلم فيه فإن كان قبل طلوع الفجر وجب
عليه صيامه ولو أفطر قضاه وكفر وإن كان بعد الفجر أمسك استحبابا ولا قضاء عليه ولا يجب عليه صيامه لما تقدم من أن الصوم لا يتبعض وكذا كل ذي عذر
وللشافعي وجهان وكقولنا افتى مالك وأبو ثور وابن المنذر وقال احمد يجب عليه الامساك ويقضيه وليس بجيد لان عيص بن القاسم روى في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال سألته عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام هل عليهم ان يقضوا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه قال ليس عليهم قضاء ولا يومهم الذي أسلموا فيه
إلا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر مسألة يجب القضاء على المرتد ما فاته زمان ردته وبه قال الشافعي لأنه ترك فعلا وجب عليه مع علمه بذلك (فوجب عليه) قضاؤه
كالمسلم وقال أبو حنيفة لا يجب قضاؤه لقوله عليه السلام الاسلام يجب ما قبله والمراد به الأصلي لأنه لا يؤخذ بالعبادات حال كفره ولا فرق بين أن تكون الردة باعتقاد
ما يوجب الكفر أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه ولو ارتد بعد عقد الصوم صحيحا ثم عاد قال الشافعي يفسد صومه وهو جيد ولو غلب على عقله بشئ من قبله كشرب
المسكر والمرقد لزمه القضاء ولو كان بشئ من قبله تعالى لم يلزمه ولو طرح في حلق المغمى عليه أو من زال عقله دواء لم يجب عليه القضاء إذا أفاق خلافا للشيخ ويستحب
للمغمى عليه وللكافر القضاء البحث الثالث في الاحكام مسألة من وجب عليه قضاء ما فاته من أيام رمضان يجب عليه القضاء في السنة التي فاته الصوم فيها
ما بينه وبين الرمضان الثاني فلا يجوز له تأخيره إلى دخول الرمضان الثاني فإذا فاته شئ من رمضان أو جميعه بمرض وجب عليه القضاء عند البرء وجوبا موسعا إلى أن يبقى
إلى الرمضان الثاني عدد ما فاته من الأيام فان اخر القضاء بعد برئه وتمكنه من القضاء حتى دخل الرمضان الثاني فإما أن يكون تأخيره على وجه التواني أو لا فإن كان
على وجه التواني صام الرمضان الحاضرة وقضى الأول بالاجماع وكفر عن كل يوم من الفايت بمدين وأقله مد قاله شيخنا المفيد رحمه الله وبه قال الشافعي ومالك
والثوري واحمد وإسحاق والأوزاعي وهو قول ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة ومجاهد وسعيد بن جبير لما رواه العامة عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله
أوجب عليه إطعام مسكين عن كل يوم ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر فقال إن كان براء
ثم توانا قبل ان يدركه الصوم الآخر صام الذي أدركه وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين وعليه قضاؤه وإن كان لم يتمكن من قضائه حتى أدركه شهر رمضان
صام الذي أدركه وتصدق عن الأول لكل
يوم مدا لمسكين وليس عليه قضاؤه وقال ابن إدريس هنا لا كفارة عليه وبه قال أبو حنيفة والحسن البصري والنخعي لأصالة براءة الذمة ولأنه تأخير صوم واجب فلا تجب الكفارة
كما لو أخر القضاء والنذر وأصالة البراءة حجة إذا لم يقم دليل على شغلها والاخبار به كثيرة والقياس باطل عندنا خصوصا إذا عارض النص مسألة ولو ترك القضاء
بعد برئه غير متهاون به بل كان عازما كل وقت على القضاء ويؤخر لعذر من سفر وشبهه وعلى كل حال لم يتهاون به بل تركه لأمور عرضت ثم عرض مع ضيق الوقت ما يمنعه
من القضاء كان معذورا يلزمه قضاؤه إجماع ولا كفارة عليه لعدم التفريط منه ولو استمر به المرض من الرمضان الأول إلى الرمضان الثاني ولم يصح فيما بينهما
صام الحاضر وسقط عنه قضاء الأول وتصدق عن كل يوم بمدين أو بمد عند أكثر علمائنا لقول الصادق عليه السلام فإن كان لم يزل مريضا حتى أدركه (شهر رمضان صام الذي أدركه) وتصدق
عن الأول لكل يوم مدا لمسكين وليس عليه قضاؤه ونحوه روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام وقال الصدوق يقضي الأول ولا كفارة وهو قول العامة لعموم
قوله فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر إذا عرفت هذا فحكم ما زاد على رمضانين حكم الرمضانين سواء ولو أخره سنين تعددت الكفارة بتعدد
السنين وللشافعي وجهان ولو استمر به المرض إلى أن مات سقط القضاء وجوبا لا استحبابا ولا كفارة عند جمهور العلماء لأصالة البراءة ولان سماعة سأل الصادق عليه السلام
275

. عن رجل دخل عليه شهر رمضان وهو مريض لا يقدر على الصيام فمات في شهر رمضان أو شهر شوال قال لا صيام عليه ولا يقضي عنه وقال قتادة وطاوس يجب أن يكفر
عنه عن كل يوم إطعام مسكين لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الاطعام عنه كالشيخ الهم إذا ترك الصيام لعجزه والفرق ظاهر فإن الشيخ يجوز ابتداء الوجوب عليه
بخلاف الميت وقولهما مخالف للاجماع فلا عبرة به ثم إذا عرفت هذا فإنه يستحب القضاء عنه مسألة لو برء من مرضه زمانا يتمكن فيه من القضاء ولم يقض حتى مات قضى عنه
عند علمائنا وبه قال الشافعي في القديم وأبو ثور لما رواه العامة عن ابن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن أمي ماتت وعليها صوم
شهر أفأقضيه عنها قال لو كان على أمك دين كنت قاضيه قال نعم قال فدين الله أحق ان يقضى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الرجل يموت في شهر رمضان
قال ليس على وليه أن يقضي عنه ما بقي من الشهر فإن مرض فلم يصم رمضان ثم لم يزل مريضا حتى مضى رمضان وهو مريض ثم مات في مرضه ذلك فليس على وليه ان يقضي عنه
الصيام فإن مرض فلم يصم شهر رمضان ثم صح بعد ذلك فلم يقضه ثم مرض فمات فعلى وليه ان يقضي عنه لأنه قد صح فلم (ولم) يقض ووجب ولان الصوم يدخل في جبرانه المال فتدخل
النيابة فيه كالحج وقال الشافعي في الجديد يطعم عنه كل يوم مدا وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري إلا أن مالكا
يقول لا يلزم الولي ان يطعم عنه حتى يوصي بذلك و
هو مروي عن ابن عباس وعايشة لما رواه ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله قال من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا ولان الصوم لا تدخله
النيابة في حال الحياة فكذا بعد الموت كالصلاة وحديثه موقف ونقول بموجبه لان الصدقة تجب إذا لم يكن ولى وقياسه ممنوع الأصل وقال احمد إن كان صوم نذر
صام عنه الولي وإن كان صوم رمضان أطعم عنه لان ابن عباس سئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر أو عليه صوم رمضان قال أما رمضان فليطعم عنه وأما النذر
فيصام عنه وقول ابن عباس ليس حجة أو قال في شخصين لأحدهما ولي دون الآخر مسألة الذي يقضي عن الميت هو أكبر أولاده الذكور ويقضي ما فاته من صيام بمرض و
غيره إذا تمكن من قضائه ولم يقضه وإن لم يكن له ولد ذكر وكان له إناث تصدق عنه من ماله عن كل يوم بمدين قاله الشيخ (ره) وقال المفيد (ره) إذا لم يكن إلا أنثى قضت عنه والوجه
قول الشيخ لأصالة البراءة ولما رواه حماد بن عثمان عمن ذكره عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل يموت وعليه دين شهر رمضان من يقضي عنه قال أولي الناس به قلت فإن
كان أولي الناس به امرأة قال لا إلا الرجال إذا عرفت هذا فلو لم يكن ولي من الذكور قال الشيخ (ره) يتصدق عنه عن كل يوم بمدين وأقله المد والسيد المرتضى (ره) عكس و
أوجب الصدقة أولا فإن لم يكن له مال صام عنه وليه لقول الصادق (ع) فإن صح ثم مرض حتى يموت وكان له مال تصدق عنه فإن لم يكن له مال صام عنه وليه
والمعتمد قول الشيخ لان الواجب في الأصل الصوم فروع - آ - لو لم يكن له إلا ولد واحد ذكر وجب عليه القضاء لأنه ولي له - ب - لو كان له أولاد ذكور في سن واحد قضوا بالحصص
فإن قام الجميع بعضهم سقط عن الباقين - ج - لو لم يكن له ولد ذكر وكان له إناث سقط القضاء ووجب الصدقة وكذا لو لم يكن له ولي ولو كان له أولاد ذكور وإناث وكان
الأكبر أنثى وجب القضاء على أكبر الذكور - د - لو تعدد الولي قضوا بالحصص فان انكسر العدد فاليوم المنكسر واجب عليهم على الكفاية كما لو كانوا ثلاثة في سن واحد وعليه أربعة - ه‍ -
يجوز اتحادهم في الزمان فلو فات يومان مثلا وله ولدان فصاما معا يوما واحدا كفاهما من اليومين - و - لو صام أجنبي عن الميت بغير قول الولي سقط الصوم عن الميت
والولي معا وإن صام بأمر الولي فالأقرب الأجزاء وللشافعي فيه وجهان وكذا يجوز للولي ان يستأجر عنه من يصوم - ز - قال الشيخ (ره) كل صوم
واجب على المريض بأحد الأسباب الموجبة كاليمين والنذر والعهد إذا مات من وجب عليه مع امكان القضاء ولم يقضه وجب على وليه القضاء عنه أو الصدقة وكذا يجب عليه قضاء
ما فاته من صلاة - ح - قال الشيخ (ره) لو وجب عليه صيام شهرين متتابعين ثم مات تصدق عنه من مال الميت عن شهر وقضى وليه شهرا آخر تخفيفا عن الولي ولو وجب عليه شهران
على التعيين فكذلك خلافا لبعض علمائنا ولو كان على التخيير مثل كفارة رمضان تخير الولي بين الصوم والصدقة من مال الميت من الأصل أو بعض من الأصل لأن الصوم
وجب على التخيير وخرج الميت عن أهلية التخيير فيكون للولي ولا فرق بين أنواع المرض في ذلك مسألة قال الشيخ (ره) حكم المرأة حكم الرجل في أن ما يفوتها في زمن الحيض أو السفر
أو المرض لا يجب على أحد القضاء عنها ولا الصدقة إلا إذا تمكنت من قضائه وأهملته فإنه يجب على وليها القضاء والصدقة على ما مر في الرجل سواء وهو قول أكثر العامة و
أنكر ابن إدريس ذلك وليس بشئ لما رواه أبو بصير في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن امرأة صامت وماتت في شوال فأوصتني ان اقضي عنها قال هل برئت من مرضها
قلت لا ماتت قال لا تقض عنها فإن الله لم يجعله عليها قلت فإني أشتهي ان اقضي عنها وقد أوصتني بذلك قال وكيف تقضي شيئا لم يجعله الله عليها فإن اشتهيت ان تصوم
لنفسك فصم استفسره (ع) عن حصول البرء أولا ولو لم يجب القضاء مع البرء لم يكن للسؤال معنى لا يقال إنه قد حصلت الوصية فجاز ان يكون الوجوب بسببها لأنا نقول
الوصية لا تقتضي الوجوب إما مع عدم القول فظاهر وأما معه فلانه راجع إلى الوعد مسألة قد بينا ان المسافر لا يجوز له صوم رمضان في السفر ولا غيره من الواجبات إلا ما
استثنى بل يجب عليه الافطار والقضاء مع حضور البلد أو نية الإقامة عشرة أيام في غيره أو أقام ثلاثين يوما فإن مات المسافر بعد تمكنه من القضاء وجب ان يقضي عنه
لما تقدم ولو مات في سفره ولم يتمكن من القضاء فللشيخ في وجوب القضاء عنه قولان أحدهما عدم الوجوب لأنه لم يستقر في ذمته الأداء ولا القضاء لان معنى الاستقرار فيه
ان يمضي زمان يتمكن فيه من القضاء ويهمل والثاني وجوب القضاء لقول الصادق (ع) في الرجل يسافر في رمضان فيموت قال يقضي عنه وان امرأة حاضت في رمضان فماتت لم
يقض عنها والمريض في رمضان لم يصح حتى مات لا يقضي عنه ولا بأس به والفرق ان المرض حصل العذر فيه من قبل الله تعالى وكذا الحيض إما السفر فمن المكلف مسألة يجوز
الافطار قبل الزوال في قضاء رمضان لعدم تعيين زمانه ولأنه محل تجديد النية وكل وقت يجوز فيه تجديد نية الصوم يجوز فيه الافطار ولا يجوز بعد الزوال لأنه قد
استقر له الوجوب بمعنى أكثر الزمان في الصوم وفات محل تجديد النية ولقول الصادق (ع) صوم النافلة لك ان تفطر ما بينك وبين الليل ومتى ما شئت وصوم
قضاء الفريضة لك ان تفطر إلى زوال الشمس فإذا زالت الشمس فليس لك ان تفطر إذا ثبت هذا فإن أفطر بعد الزوال لعذر لم يكن عليه شئ وإن كان لغير عذر وجب عليه القضاء واطعام
عشرة مساكين فإن عجز صام ثلاثة أيام وبه قال قتادة خلافا لباقي العامة لأنه بعد الزوال يحرم عليه الافطار على ما تقدم والكفارة تتعلق بارتكاب الاثم بالافطار في الزمان؟
المتعين للصوم وهو متحقق هنا ولان بريد العجلي سأل الباقر (ع) في رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان قال إن كان أتى أهله قبل الزوال فلا شئ عليه إلا
يوما مكان يوما وإن كان أتى أهله بعد الزوال كان عليه ان يتصدق على عشرة مساكين وقد روى أن عليه كفارة رمضان وحملها الشيخ (ره) على من أفطر متهاونا بالفرض ومستخفا به
وروى أيضا انه لا شئ عليه وحملها الشيخ (ره) على العاجز مسألة من أجنب في شهر رمضان وترك الاغتسال ساهيا من أول الشهر إلى آخره قال الشيخ (ره) عليه قضاء الصلاة و
الصوم معا ومنع ابن إدريس (ره) قضاء الصوم والوجه ما قاله الشيخ (ره) لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) انه سئل عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي ان يغتسل حتى خرج شهر
رمضان قال عليه ان يقضي الصلاة والصيام ولأنه مفرط بتركه الغسل مسألة يستحب التتابع في قضاء شهر رمضان وليس واجبا عند أكثر علمائنا وبه قال ابن عباس وأنس بن
276

مالك وأبو هريرة ومجاهد وأبو قلابة وأهل المدينة والحسن البصري وسعيد بن المسيب ومالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله
قال في قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن تقطيع قضاء رمضان فقال عليه السلام لو كان على أحدكم دين فقضاه من الدرهم والدرهمين حتى يقضي ما عليه من الدين هل كان ذلك قاضيا دينه قالوا نعم
يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال فالله أحق بالعفو والتجاوز منكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا
كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليصمه (فليقضه) في أي الشهور
شاء إما متتابعة فإن لم يستطع فليقضه كيف شاء وليخص الأيام فإن فرق فحسن وان تابع فحسن وقال (ع) من أفطر شيئا من رمضان في عذر فإن قضاه متتابعا أفضل
وان قضاه متفرقا فحسن ولان التتابع يشبه الأصل وينبغي المشابهة بين الأداء والقضاء وقال بعض علمائنا الأفضل التفريق للفرق لان الصادق (ع) سئل عن الرجل
يكون عليه أيام من شهر رمضان كيف يقضيها فقال إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما وإن كان عليه خمسة فليفطر بينهما أياما والطريق ضعيف ويحمل على التخيير وقال بعض علمائنا إن كان
الذي فاته عشرة أيام أو ثمانية فليتابع بين ثمانية أو بين ستة ويفرق الباقي وقال داود والنخعي والشعبي انه يجب التتابع ونقله العامة عن علي (ع) وابن عمر لقول النبي
صلى الله عليه وآله من كان عليه صوم شهر رمضان فليسترده ولا يقطعه ويحمل على الاستحباب مع ضعفه فإنه لم يذكره أهل السير وقد بينا ان الأفضل التتابع وقال الطحاوي التفريق
والتتابع سواء لأنه لو أفطر يوما من شهر رمضان لم يستحب له إعادة جميعه لزوال التفريق فكذا إذا أفطر جميعه هو خطأ لان فعله في وقته يقع أداء فإذا صامه لم يكن صوم الفرض فلم
تستحب اعادته مسألة لا يجوز لمن عليه صيام من شهر رمضان أو غيره من الواجبات ان يصوم تطوعا حتى يأتي به وهو إحدى الروايتين عن أحمد لما رواه العامة ان رسول
الله صلى الله عليه وآله قال من صام تطوعا وعليه من رمضان شئ لم يقضه فإنه لا يقبل منه حتى يصومه ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن انه سأل الصادق (ع)
عن الرجل عليه من شهر رمضان طايفة أيتطوع قال لا حتى يقضي ما عليه من شهر رمضان ولأنه عبادة يدخل في جبرانها المال فلم يصح التطوع بها قبل أداء فرضها كالحج وقال
احمد في الرواية الأخرى بالجواز لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع في وقتها قبل فعلها كالصلاة والأصل ممنوع مسألة يجوز القضاء في جميع أيام السنة إلا
العيدين مطلقا وأيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا وأيام الحيض والنفاس والسفر الذي يجب فيه القصر وقد أجمع العلماء كافة على العيدين لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن صومها
وأما أيام التشريق فعلماؤنا عليه وكذا أكثر أهل العلم وعن أحمد روايتان ان صومها منهي عنه فأشبهت العيدين واحتج احمد بجواز صومها لمن لا يجد الهدي فيقاس كل
فرض عليه والقضاء متشابه له ونمنع حكم الأصل والفرق أنه في محل الضرورة للفاقد وأيام الحيض والنفاس إجماع وأيام السفر لقول الصادق (ع) في رجل مرض
في شهر رمضان فلما برئ أراد الحج كيف يصنع بقضاء الصوم قال إذا رجع فليقضه مسألة لا يكره القضاء في عشر ذي الحجة عند علمائنا وبه قال سعيد بن المسيب
والشافعي وإسحاق واحمد في إحدى الروايتين لعموم قوله تعالى فعدة من أيام أخر وما رواه العامة ان عمر كان يستحب قضاء رمضان في العشر ومن طريق الخاصة ما رواه
الحلبي في الصحيح انه سأل الصادق (ع) أرأيت ان بقي علي شئ من صوم شهر رمضان أقضيه في ذي الحجة قال نعم وقال احمد في الرواية الأخرى انه مكروه ورواه
العامة عن علي (ع) والزهري والحسن البصري لقول علي (ع) لا يقضي صوم (شهر) رمضان في عشر ذي الحجة والطريق ضعيف مسألة لو أصبح جنبا في يوم
يقضيه من شهر رمضان أفطر ذلك اليوم ولم يجز له صومه لما رواه ابن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) انه سأله عن الرجل يقضي رمضان فيجنب من أول الليل
ولا يغتسل حتى اخر الليل وهو يرى أن الفجر قد طلع قال لا يصوم ذلك اليوم ويصوم غيره قال الشيخ (ره) وكذا كل ما لا يتعين صومه وكذا صوم النافلة أما لو أكل
أو شرب ناسيا في قضاء رمضان فالوجه انه يتم على صومه لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) إنه سئل عن رجل نسي فأكل وشرب ثم ذكر قال لا يفطر إنما
هو شئ رزقه الله تعالى فليتم صومه وهو يتناول صورة النزاع وسأل أبو بصير الصادق (ع) عن رجل صام يوما نافلة فأكل وشرب ناسيا قال يتم يومه ذلك وليس عليه
شئ وللشيخ (ره) قول آخر المطلب الثاني في باقي أقسام الواجب مسألة صوم كفارة قتل الخطأ واجب بالاجماع والنص قال الله تعالى فمن لم يجد فصيام
شهرين متتابعين توبة من الله وإنما يجب بعد العجز عن العتق وهو شهران متتابعان ويجب صوم كفارة الظهر بالاجماع والنص قال الله تعالى فمن لم يجد
فصيام شهرين متتابعين وهو يجب مرتبا على العتق مثل كفارة قتل الخطأ صفة وقد رأو أما كفارة قتل العمد فهي كفارة الجمع يجب فيه العتق وصيام
شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا مسألة وصوم كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان واجب على التخيير بينه وبين العتق والصدقة وقدره
شهران متتابعان ولا خلاف في قدره وان وقع الخلاف في صفته وصوم كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان واطعام عشرة مساكين على ما تقدم وقال
بعض أصحابنا يجب فيه كفارة يمين وليس بجيد ويجب صوم بدل الهدي للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه بالنص والاجماع قال الله تعالى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في
الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة فإن أقام بمكة انتظر وصول أهل بلده أو شهرا لقول الصادق (ع) انه إذا كان له مقام بمكة فأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر سيره إلى أهله أو شهرا ثم صام إذا عرفت هذا فإنه لا يكفي مقام عشرة أيام وان نواها وصوم كفارة
اليمين وباقي الكفارات كالنذر والعهد وكفارات الاحرام واجب إجماعا مسألة وصوم الاعتكاف الواجب واجب عندنا لما يأتي من اشتراط الصوم في
الاعتكاف فإذا نذر اعتكافا وجب عليه صوم أيامه لان شرط الواجب واجب ولو كان الاعتكاف مندوبا كان الصوم كذلك وصوم كفارة من أفاض من عرفات
قبل مغيب الشمس عامدا واجب مرتب على مقدار الجزور وقدره ثمانية عشر يوما وكذا يجب صوم اليمين والنذر والعهد وسيأتي بيانه في موضعه انشاء الله
تعالى المطلب الثالث في الصوم المندوب مسألة الصوم المندوب قد لا يختص وقتا بعينه وهو جميع أيام السنة إلا الأيام التي نهى عن الصوم فيها قال رسول
الله صلى الله عليه وآله الصوم جنة من النار وقال (ع) الصائم في عبادة وإن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما وعنه صلى الله عليه وآله إنه قال قال الله تعالى الصوم لي
وأنا أجزي به وللصايم فرحتان حين يفطر وحين يلقى ربه عز وجل والذي نفس محمد صلى الله عليه وآله بيده لخلوق فم الصايم أطيب عند الله من ريح المسك وقال
الصادق (ع) نوم الصايم عبادة وصمته تسبيح وعمله متقبل ودعاؤه مستجاب ومنه ما يختص وقتا بعينه نحن نذكره انشاء الله تعالى في المسائل الآتية
مسألة يستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وهي أول خميس في الشهر وأول أربعاء في العشر الثاني وآخر خميس من الشهر لقول الصادق (ع) صام رسول الله
صلى الله عليه وآله حتى قيل ما يفطر ثم أفطر حتى قيل ما يصوم ثم صام صوم داود (ع) يوما ويوما لاثم؟ قبض عليه السلام على صيام ثلاثة أيام في الشهر وقال يعدلن
صوم الشهر ويذهبن بوحر الصدر وهو الوسوسة وإنما خصت هذه الأيام لان من قبلنا من الأمم كانوا إذا نزل
على أحدهم العذاب نزل في هذه الأيام
المخوفة ويجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء للمشقة لان أبا حمزة الثمالي سأل الباقر (ع) عن صوم ثلاثة أيام في كل شهر أؤخرها إلى الشتاء ثم أصومها فقال
لا بأس وإذا اخرها إلى الشتاء قضاها متوالية ومتفرقة وكيف شاء لقول الصادق (ع) وقد سئل عن قضائها متواليه ومتفرقة قال ما أحب ان شاء متوالية
277

وإن شاء فرق بينها ولو عجز من صيامها تصدق عن كل يوم بمد من طعام ولأنه فداء يوم من رمضان ولان عيص بن القاسم سأل الصادق (ع) عمن لم يصم الثلاثة الأيام وهو يشتد عليه
الصيام هل من فداء قال مد من طعام في كل يوم مسألة يستحب صوم أيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر باجماع العلماء روى العامة عن أبي ذر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر إذا صمت من الشهر ثلاث فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة ومن طريق الخاصة ما رواه الزهري عن زين العابدين علي بن الحسين
(ع) في حديث طويل وصوم أيام البيض وسميت أيام البيض لابيضاض أيامها (ليلها) كلها بضوء القمر والتقدير أيام الليالي البيض ونقل الجمهور ان الله تعالى تاب على آدم فيها
وبيض صحيفته مسألة يستحب صوم أربعة أيام في السنة يوم مبعث النبي صلى الله عليه وآله وهو السابع والعشرون من رجب ويوم مولد النبي صلى الله عليه وآله و
هو السابع عشر من ربيع الأول ويوم دحو الأرض وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة ويوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة وهو اليوم الذي نصب رسول الله
صلى الله عليه وآله عليا (ع) خليفة وإماما للناس لأنها أيام شريفة نعم الله تعالى بأعظم البركات واستحب شكره بالصوم فيها روى محمد بن عبد الله الصيقل قال خرج علينا
أبو الحسن الرضا (ع) بمرو في خمسة وعشرين من ذي القعدة فقال صوموا فإني أصبحت صائما قلنا جعلنا الله فداك أي يوم هو قال يوم نشرت فيه الرحمة ودحيت فيه
الأرض ونصبت فيه الكعبة وسأل الحسن بن راشد الصادق (ع) قال قلت له جعلت فداك للمسلمين عيد غير العيدين قال نعم يا حسن أعظمها وأشرفها قلت فأي يوم
هو قال يوم نصب أمير المؤمنين (ع) فيه علما للناس إلى أن قال ولا تدع صوم سبعة وعشرين من رجب فإنه اليوم الذي نزلت فيه النبوة على محمد صلى الله عليه وآله قال إسحاق
ابن عبد الله العريضي العلوي وجل في صدري ما الأيام التي تصام فقصدت مولانا أبا الحسن محمد بن علي الهادي (ع) وهو بصريا ولم أدر ذلك لاحد من خلق
الله فدخلت عليه فلما بصر بي قال صلى الله عليه وآله يا إسحاق جئت تسألني عن الأيام التي يصام فيهن وهي أربعة مواطن أولهن يوم السابع والعشرون من رجب يوم بعث الله
تعالى محمدا صلى الله عليه وآله إلى خلقه رحمة للعالمين ويوم مولده صلى الله عليه وآله وهو السابع عشر من شهر ربيع الأول ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة فيه
دحيت الكعبة ويوم العيدين فيه أقام رسول الله صلى الله عليه وآله أخاه عليه (ع) علما للناس وإماما من بعده قلت صدقت جعلت فداك لذلك قصدت
أشهد انك حجة الله على خلقه مسألة يستحب صوم يوم عرفة باتفاق علمائنا روى العامة إن رسول الله (ص) قال صيام يوم عرفة كفارة سنة والسنة التي تليها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) صوم يوم التروية كفارة سنة ويوم عرفة كفارة سنتين ولا يكره صومه للحاج إلى أن يضعفهم عن الدعاء
ويقطعهم عنه وبه قال أبو حنيفة وابن الزبير وإسحاق وعطاء لان محمد بن مسلم سأل الباقر (ع) عن صوم يوم عرفة قال من قوي عليه فحسن ان لم يمنعك عن
الدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة فصمه وان خفت ان تضعف عن ذلك فلا تصمه وقال باقي العامة انه مكروه لان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصمه وهو ممنوع
ولو سلم فللضعف أو لكونه مسافرا أو اصابه عطش ولو شك في هلال ذي الحجة كره صومه لجواز أن يكون العيد مسألة يستحب صوم يوم عاشوراء
حزنا لا تبركا لأنه يوم قتل أحد سيدي شباب أهل الجنة الحسين بن علي صلوات الله عليهما وهتك حريمه وجرى فيه أعظم المصايب على أهل البيت (ع)
فينبغي الحزن فيه بترك الاكل والملاذ قال أمير المؤمنين (ع) صوموا عاشورا التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة وقول الباقر والصادق (ع) لا تصم يوم
عاشورا محمول على التبرك إذا عرفت هذا فإنه ينبغي أن لا يتم صوم ذلك اليوم بل يفطر بعد العصر لما روى عن الصادق (ع) ان صومه متروك بنزول شهر رمضان
والمتروك بدعة والمراد بيوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وروى عن ابن عباس انه التاسع من المحرم وليس بمعتمد وقد
اختلف في صوم عاشوراء ولنا روايتان هل كان واجبا أم لا وقال بعضهم انه كان واجبا وبه قال أبو حنيفة وقال آخرون انه لم يكن واجبا وللشافعي قولان وعن أحمد
روايتان مسألة يستحب صوم يوم المباهلة وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة أمر الله تعالى رسوله بأن يباهل بأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (ع)
نصارى نجران وفيه تصدق أمير المؤمنين (ع) بخاتمه في ركوعه ونزلت فيه الآية وهي قوله تعالى إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و
يؤتون الزكاة وهم راكعون لأنه يوم شريف أظهر الله تعالى فيه نبينا عليه السلام على خصومه وحصل فيه التنبيه على قرب أمير المؤمنين (ع) من ربه واختصاصه
وعظم منزلته وثبوت ولايته واستجابة الدعاء به وذلك نعمة عظيمة يستحب مقابلتها بالشكر وبالصوم مسألة يستحب صوم أول يوم من ذي الحجة وهو يوم ولد
فيه إبراهيم خليل الله تعالى لعظم النعمة فيه بولادته عليه السلام قال الكاظم (ع) من صام أول يوم من ذي الحجة كتب الله له صوم ثمانين شهرا فإن صام التسعة كتب الله
له صوم الدهر وقيل إن فاطمة تزوجت في ذلك اليوم وقيل في السادس من ذي الحجة ويستحب صوم عشر ذي الحجة إلا يوم العيد بالاجماع لما روى العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله
أنه قال ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث الكاظم (ع) ويستحب صوم يوم الخامس والعشرين
من ذي الحجة وهو يوم نزل في علي وفاطمة والحسن والحسين (ع) هل أتى وفي السادس والعشرين منه طعن عمر بن الخطاب سنة ثلاث وعشرين من الهجرة وفي التاسع والعشرين
منه قبض عمر بن الخطاب ويوم الثامن عشر منه هو يوم الغدير وهو يوم قتل عثمان بن عفان وبايع المهاجرون والأنصار عليا (ع) طائعين
مختارين عدا أربعة أنفس منهم عبد الله بن عمر ومحمد بن مسلم وسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد مسألة يستحب صوم رجب بأسره عند علمائنا لأنه شهر شريف
معظم في الجاهلية والاسلام وهو أحد أشهر الحرم قال رسول الله صلى الله عليه وآله من صام شهر رجب كله كتب الله تعالى له رضاه ومن كتب له رضاه لم يعذبه وكان
أمير المؤمنين (ع) يصومه ويقول هذا (رجب) شهري وشعبان شهر رسول الله صلى الله عليه وآله ورمضان شهر الله وقال احمد يكره صومه كله إلا لصايم السنة فيدخل
ضمنا لان (حرشيه) شرحة بن الحر قال رأيت عمر يضرب اكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول
كلوا فإنما هو شهر كان تعظمه الجاهلية وفعله ليس حجة ويتأكد استحباب
أوله وثانيه وثالثه وفي اليوم الأول منه ولد مولانا الباقر (ع) يوم الجمعة سنة سبع وخمسين وفي الثاني منه كان مولد أبي الحسن الثالث (ع) وقيل الخامس منه ويوم العاشر
ولد أبو جعفر الثاني عليه السلام ويوم الثالث عشر منه ولد مولينا أمير المؤمنين (ع) في الكعبة قبل النبوة باثنتي عشرة سنة ذكره الشيخ (ره) عن ابن عباس من علمائنا وفي اليوم
الخامس عشر خرج فيه رسول الله صلى الله عليه وآله من الشعب وفي هذا اليوم لخمسة أشهر من الهجرة عقد رسول الله (ص) لأمير المؤمنين (ع) على ابنته فاطمة
(ع) عقدة النكاح وفيه حولت القبلة من بيت المقدس وكان الناس في صلاة العصر مسألة ويستحب صوم شعبان بأسره قال الصادق (ع) صوم شعبان
وشهر رمضان متتابعين توبة من الله وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ألا ان شعبان شهري فرحم الله من أعانني على شهري ويتأكد صوم أول يوم منه قال الصادق (ع)
من صام أول يوم من شعبان وجبت له الجنة البتة ومن صام يومين نظر الله إليه في كل يوم وليلة في دار الدنيا ودام نظره إليه في الجنة ومن صام ثلاثة أيام زار الله في عرشه في
278

جنته في كل يوم وفي الثالث منه ولد الحسين (ع) وليلة النصف منه ولد القائم عليه السلام وهي إحدى الليالي الأربع ليلة الفطر وليلة الأضحى وليلة النصف من شعبان وأول ليلة من
رجب مسألة يستحب صوم التاسع والعشرين من ذي العقدة روى ابن بابويه ان الله انزل فيه الكعبة فمن صام ذلك اليوم كان كفارة سبعين سنة وفي أول يوم من المحرم دعا
زكريا ربه عز وجل فمن صام ذلك اليوم استجاب الله له كما استجاب لزكريا عليه السلام ونحوه قال الشيخ (ره) وفي اليوم الثالث من المحرم كان عبور موسى بن عمران عليه السلام على
جبل طور سيناء وفي اليوم السابع منه اخرج الله سبحانه يونس عليه السلام من بطن الحوت وفي اليوم العاشر كان مقتل سيدنا الحسين (ع) ويستحب في هذا اليوم زيارته ويستحب
صوم هذا العشر فإذا كان يوم عاشوراء أمسك عن الطعام والشراب إلى بعد العصر ثم تناول شيئا من التربة قال الشيخ (ره) وفي اليوم السابع عشر من المحرم انصرف أصحاب الفيل
عن مكة وقد نزل عليهم العذاب وفي اليوم الخامس والعشرين منه سنة أربع وتسعين كانت وفاة زين العابدين عليه السلام قال الشيخ (ره) يستحب صوم يوم النصف من جمادي الأولى ففي
ذلك اليوم من سنة ست وثلاثين كان فتح البصرة لأمير المؤمنين عليه السلام وفي ليلته من هذه السنة بعينها كان مولد مولانا أبي محمد علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام
مسألة يستحب صوم ستة أيام من شوال بعد يوم الفطر وبه قال الشافعي واحمد وأكثر العلماء لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال من صام رمضان
واتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر ومن طريق الخاصة ما رواه الزهري عن زين العابدين (ع) وصوم ستة أيام من شوال وقال أبو يوسف كانوا يكرهون ان يتبعوا
رمضان صياما خوفا ان يلحق ذلك بالفريضة وحكى مثل ذلك عن محمد بن الحسن وقال مالك يكره ذلك قال وما رأيت أحدا من أهل المدينة يصومها ولم يبلغني ذلك
عن أحد من السلف وان أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق الجهال برمضان ما ليس منه مسألة يستحب صوم كل خميس وكل اثنين لان اعمال
الخلق ترفع فيهما فيستحب رفع هذه العبادة الشريفة روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يصوم يوم الاثنين والخميس فسئل عن ذلك فقال إن اعمال الناس تعرض يوم الاثنين
والخميس ومن طريق الخاصة ما رواه الزهري عن زين العابدين عليه السلام والخميس وكذا يستحب صوم كل جمعة وبه قال أبو حنيفة ومالك ومحمد لأن الصوم في نفسه طاعة
وهذا يوم شريف تضاعف فيه الحسنات ولما رواه الزهري عن زين العابدين عليه السلام وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس وقال ابن سنان عن
الصادق عليه السلام رأيته صائما يوم جمعة فقلت له جعلت فداك ان الناس يزعمون أنه يوم عيد فقال كلا انه يوم خفض ودعة وقال احمد وإسحاق وأبو يوسف يكره افراده
بالصوم إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة وكذا من عادته صيام أول الشهر أو آخره فيوافقه لما رواه
أبو هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يفرد يوم الجمعة بالصوم وسأل رجل جابر بن عبد الله وهو يطوف فقال أسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن صيام يوم
الجمعة قال نعم ورب هذا البيت فإن صحت هاتان الروايتان حملتا على من يضعف عن الفرايض ونوافل الجمعة والأدعية وأداء الجمعة على وجهها والسعي إليها جمعا
بين الأدلة وقد روى علماؤنا ان صوم داود على نبينا وآله وعليه السلام فعله رسول الله صلى الله عليه وآله قال رسول الله عليه وآله السلام أحب الصيام إلى الله تعالى صيام أخي
داود عليه السلام كان يصوم يوما ويفطر يوما وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة أخي داود كان يرقد شطر الليل ويقوم ثلثه ثم يرقد آخره المطلب الرابع في صوم الاذن والتأديب مسألة لا ينعقد للعبد الصوم تطوعا إلا بإذن مولاه لأنه مملوك ليس له
التصرف في نفسه ومنافعه مستحقة لغيره وربما تضرر السيد بضعفه بالصوم فإن أذن له مولاه صح هذا في صيام التطوع ولقول زين العابدين عليه السلام وأما
صوم الاذن فالمرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها والعبد لا تصوم تطوعا إلا بإذن مولاه والضعيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من نزل على قوم فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم أما الفرض فلا وكذا ليس له ان ينذر الصوم إلا بإذن مولاه وهذا كله لا خلاف فيه ولا فرق بين أن
يكون المولى حاضرا أو غائبا مسألة ليس للمرأة أن تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها سواء كان الزوج حرا أو عبدا لأنه مالك لبضعها وله حق الاستمتاع و
ربما يمنعه الصوم عنه فلم يكن سايغا لها إلا برضاه ولا فرق بين أن يكون زوجها حاضرا أم غائبا واشترط الشافعي حضوره وليس بجيد لما اشتمل عليه حديث الزهري عن.
زين العابدين عليه السلام ولو كان عليها صوم واجب لم يعتبر إذنه بل يجب عليها فعله ولا يحل له منعها عنه ولو كان الواجب موسعا ففي جواز منعها من المبادرة لو طلبت
التعجيل اشكال مسألة الضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن مضيفة لما تقدم في حديث الزهري عن زين العابدين عليه السلام ولما فيه من جبر قلب المؤمن
ومراعاته فكان مستحبا ومن صام ندبا ودعى إلى طعام استحب إجابة الداعي إذا كان مؤمنا والافطار عنده لان مراعاة قلب المؤمن أفضل من ابتداء الصوم ولما
رواه داود الرقي عن الصادق عليه السلام قال لإفطارك في منزل أخيك أفضل من صيامك سبعين ضعفا أو تسعين ضعفا ولا ينبغي للمضيف أن يصوم إلا بإذن الضيف
لئلا يلحقه الحياء رواه الصدوق عن الصادق عليه السلام وكذا لا ينبغي للولد أن يتطوع بالصوم إلا بإذن والده لان امتثال أمر الوالد وطاعته أولي لما رواه الصدوق (ره)
عن الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه ومن طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعا
إلا بإذنه وأمره ومن صلاح العبد وطاعته ونصيحته لمولاه أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن مولاه ومن بر الولد بأبويه
أن لا يصوم تطوعا إلا بإذن أبويه وأمرهما
وإلا كان الضيف جاهلا وكانت المرأة عاصية وكان العبد فاسدا وكان الولد عاقا مسألة صوم التأديب عبارة عن امساك خمسة عن المفطرات المسافر
والحايض والنفساء والمريض والكافر والصبي وليس ذلك صوما حقيقيا لان هؤلاء قد كانوا مفطرين في أول النهار والصوم غير قابل للتجزى لكن يستحب
الامساك لهم تشبها بالصائمين فإذا قدم المسافر إلى أهله وقد أفطر في سفره أمسك بقية النهار تأديبا وكذا لو أفطر مسافرا ثم قدم بلدا عزم على الإقامة فيه عشرة
أيام فزايدا سواء كان قدومه قبل الزوال أو بعده استحبابا وليس بفرض وبه قال الشافعي ومالك وأبو ثور وداود وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي
لا يجوز له الاكل بقية النهار وعن أحمد روايتان وقد تقدم ذلك ويجوز له ان يدخل مفطرا وينبغي للمسافر الذي يجب عليه التقصير أن لا يتملى من الطعام
ولا يتروى من الماء بل يتناول منهما قدر الحاجة والضرورة لحرمة الشهر ولما رواه ابن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال انى إذا سافرت في شهر رمضان
ما اكل كل القوت وما اشرب كل الري ويشتد استحباب اجتناب النساء فلا يواقع في نهار رمضان ويكره له ذلك كراهة شديده وبه قال الشافعي و
ليس محرما لأن الصوم ساقط عنه فلا مانع له من الجماع المباح بالأصل وروى عمر بن زيد في الصحيح عن الصادق عليه السلام إنه سأله عن الرجل يسافر في شهر
رمضان أله أن يصيب من النساء قال نعم وقال الشيخ (ره) لا يجوز له مواقعة النساء وبه قال احمد حتى أن احمد قال تجب به الكفارة كما يجب به القضاء لقول الصادق
عليه السلام إذا سافر الرجل في رمضان فلا يقرب النساء بالنهار فان ذلك محرم عليه وهو محمول على شدة الكراهة جمعا بين الاخبار ولو قدم من سفره مفطرا جاز
له ترك الامساك وان يأكل ويشرب ويجامع مسألة يستحب للحايض والنفساء الامساك إذا طهر ما بعد الفجر وليس واجبا عليهما لأنهما مفطرتان برؤية الدم
279

وقد قلنا إن الصوم لا يتجزى لكن يستحب لهما الامساك تشبها بالصائمين لحرمة الزمان لقول الصادق عليه السلام وقد سأله أبو الصباح الكناني في امرأة ترى الطهر في أول
النهار في شهر رمضان ولم تغتسل ولم تطعم كيف تصنع بذلك اليوم قال إنما فطرها من الدم وكذا الطاهر إذا تجدد حيضها أو نفاسها في أثناء النهار فإنها تفطر ذلك
اليوم ويستحب لها الامساك تأديبا لما روى أبو الصباح عن الصادق عليه السلام في امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء حاضت أتفطر قال نعم وإن كان قبل الغروب
فلتفطر وأما المستحاضة فإنها بحكم الطاهر يجب عليها الصيام ويشترط في صحته ان تفعل ما تفعله المستحاضة من الأغسال إن وجب عليها فان أخلت بالاغسال أو
ببعضها الواجب عليها وجب القضاء قضاء الصوم لانتفاء الغسل الذي هو شرط الصوم ولما رواه علي بن مهزيار قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها في أول يوم
من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل عمل المستحاضة من الغسل لكل صلوتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا فكتب عليه
السلام تقضى صومها ولا تقضى صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر المؤمنات بذلك قال الشيخ (ره) إنما لم يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أن عليها لكل
صلوتين غسلا أو لا تعلم ما يلزم المستحاضة فأما مع العلم بذلك والترك له على التعمد فإنه يلزمها القضاء إذا عرفت هذا فلو كان الدم كثيرا وأخلت تغسل الغداة
وجب عليها القضاء وكذا لو أخلت بغسل الظهرين أما لو أخلت بغسل العشائين فالأقرب عدم وجوب القضاء إذ غسل الليل لا يؤثر في صوم النهار ولم يذكره علماؤنا
مسألة المريض إذا برأ وكان قد تناول المفطر أمسك بقية النهار تأديبا لا واجبا لقول زين العابدين عليه السلام في حديث الزهري وكذلك من أفطر لعلة في أول
النهار ثم قوى بقية يومه أمر بالامساك عن الطعام بقية يومه تأديبا وليس بفرض هذا إذا كان قد تناول شيئا يفسد الصوم فإن كان برؤه قبل الزوال أمسك وجوبا
واحتسب به من رمضان وإن كان برؤه بعد الزوال أمسك استحبابا وقضاه على ما تقدم مسألة الكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ في أثناء النهار أمسكا استحبابا
لا وجوبا سواء تناولا شيئا أو لم يتناولا سواء زال عذرهما قبل الزوال أو بعده وهو أحد قولي الشيخ (ره) وفي الآخر يجددان نية الصوم إذا زال عذرهما قبل
الزوال ولم يتناولا يجب (ولا خ ل) عليهما القضاء والمعتمد الأول لان المتقدم من الزمان على الاسلام والبلوغ لا يصح صومه والصوم لا يقبل التجزي واحتجاج الشيخ (ره)
بأن الصوم ممكن في حقهما ووقت النية باق وقد صار الصبي مخاطبا ببلوغه وبعض اليوم إنما لا يصح صومه إذا لم تكن النية يسرى حكمها إلى أوله أما إذا كانت
مجال يسرى حكمها إلى أول الصوم فإنه يصح وهو هنا كذلك وهو ممنوع لأن النية هنا لا يسرى حكمها إلى أول الصوم لأنه قبل زوال العذر غير مكلف والنية
إنما يصح فعلها قبل الزوال للمخاطب بالعبادات إما غيره فممنوع المطلب الخامس في الصوم المحظور مسألة يحرم صوم العيدين باجماع علماء الاسلام روى
العامة ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صوم هذين اليومين أما يوم الأضحى فتأكلون من لحم نسككم وأما يوم الفطر ففطركم عن صيامكم ومن طريق الخاصة قول زين
العابدين عليه السلام وأما صوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى قال الشيخ (ره) القاتل في أحد أشهر الحرم يجب عليه صوم شهرين متتابعين وإن دخل فيهما العيدان
وأيام التشريق لان زرارة سأل الباقر عليه السلام عن رجل قتل رجلا خطأ في أشهر الحرم قال يغلظ عليه الدية وعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم
قلت فإنه يدخل في هذا شئ قال وما هو قلت يوم العيد وأيام التشريق قال يصوم فإنه حق لزمه وفي طريقه سهل بن زياد وهو ضعيف ومع ذلك فهو مخالف للاجماع
مسألة لو نذر صوم العيدين لم ينعقد نذره عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك لان صومه حرام فلا يعقد النذر عليه كالليل ولأنه نذر في معصية
فلا يصح لقوله عليه السلام لا نذر في معصية الله وقال عليه السلام لا نذر إلا ما ابتغى به وجه الله وقال عليه السلام من نذر أن يعصي الله فلا يعصيه (يقضيه) وقال أبو حنيفة ينعقد وعليه
قضاؤه ولو صامه أجزأ عن النذر وسقط القضاء أما لو نذر صوم يوم (فظهر انه العيد فإنه يفطره إجماعا والأقرب انه لا يجب عليه قضاؤه لأنه نذر صوم زمان صح) لا يصح الصوم فيه فلم ينعقد كما لو علم مسألة صوم أيام التشريق حرام لمن كان بمنى عند علمائنا
وأكثر العلماء لما رواه العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام نهى رسول
الله صلى الله عليه وآله عن صوم ستة أيام وذكرها ولان معوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن صيام أيام التشريق فقال أما بالامصار فلا بأس به وأما بمنى فلا
وللشافعي قولان أحدهما الجواز للتمتع إذا لم يجد الهدى لان عمر وعايشة قالا لم يرخص في صوم أيام التشريق
إلا المتمتع إذا لم يجد الهدى وقولهما ليس حجة مسألة
يحرم صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان وصوم نذر المعصية وهو أن ينذر إن تمكن من زنا أو قتل مؤمن وشبهه من المحارم صام أو صلى وقصد بذلك الشكر لا الرجز
لقوله عليه السلام لا نذر إلا ما أريد به وجه الله تعالى ويحرم أيضا صوم الصمت قال علماؤنا لأنه غير مشروع عندنا فيكون بدعة ولحديث الزهري عن زين العابدين عليه السلام
ويحرم صوم الوصال عند علمائنا وللشافعي قولان هذا أحدهما لما رواه العامة عن ابن عمر قال واصل رسول الله صلى الله عليه وآله في رمضان فواصل الناس فنهى رسول
الله صلى الله عليه وآله عن الوصال فقالوا انك تواصل فقال إني لست مثلكم انى أظل عند ربى يطعمني ويسقيني ومن طريق الخاصة قول زين العابدين عليه السلام وصوم
الوصال حرام وصوم الصمت حرام والثاني للشافعي إنه مكروه غير محرم وهو قول أكثر العامة وكان عبد الله بن الزبير يواصل لأنه ترك الأكل والشرب المباح فلم يكن محرما
كما لو تركه حال الفطر ويبطل بما لو ترك الأكل والشرب يوم العيد واختلف قول الشيخ (ره) في حقيقة الوصال فقال في النهاية والمبسوط هو أن يجعل عشاه سحوره لقول
الصادق عليه السلام الوصال في الصوم أن يجعل عشاه سحوره وقال في الاقتصاد هو أن يصوم يومين من غير أن يفطر بينهما ليلا وهو قول العامة لما روى عن الصادق
عليه السلام أنه قال انما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا وصال في صيام يعنى لا يصوم الرجل يومين متواليين من غير افطار مسألة صوم الدهر حرام لدخول
العيدين وأيام التشريق فيه ولا خلاف في تحريمه مع دخول هذه الأيام روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من صام الدهر ضيقت عليه جهنم ومن
طريق الخاصة قول زين العابدين عليه السلام وصوم الدهر حرام إذا ثبت هذا فلو أفطر هذه الأيام التي نهى عن صيامها هل يكره صيام الباقي قال الشافعي وأكثر
الفقهاء ليس بمكروه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام ستة أيام من السنة فدل على أن صوم الباقي جايز وقال أبو يوسف انه مكروه لان النبي صلى الله
عليه وآله نهى عنه ولو أراد بالنهي هذه الأيام لأفردها بالذكر دون صوم الدهر ويحرم صوم الواجب سفرا عدا ما استثنى ولا يجزى ويحرم صوم المرأة ندبا
مع منع الزوج والعبد مع منع المولى الفصل الثامن في اللواحق مسألة الشيخ والشيخة إذا عجزا عن الصوم وجهدهما الجهد الشديد جاز لهما الافطار إجماعا
وهل تجب الفدية قال الشيخ نعم فيصدق عن كل يوم بمد من طعام وبوجوب الكفارة قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي وسعيد بن جبير وطاوس واحمد لان أبا
حنيفة قال يطعم عن كل يوم نصف صاع من حنطة أو صاعا من تمر وقال احمد يطعم مدا من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير لما رواه العامة عن ابن عباس قال الشيخ الكبير
يطعم عن كل يوم مسكينا ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل كبير يضعف عن صوم شهر رمضان فقال يتصدق بما
280

يجزى عنه طعام مسكين لكل يوم وقال المفيد (ره) والسيد المرتضى وأكثر علمائنا لا تجب الكفارة مع العجز وبه قال مالك وأبو ثور وربيعة ومكحول وللشافعي قولان كالمذهبين لأنه ترك الصوم
لعجزه فلا يجب به الاطعام كما لو ترك لمرضه والفرق ظاهر أما لو لم يتمكن من الصوم البتة فإنه يسقط عنه ولا كفارة ولو عجز عن الكفارة سقطت أيضا إذا عرفت هذا فقد اختلف قول
الشيخ (ره) في قدر الكفارة فقال تارة مدان فان عجز فمد لرواية محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام قال ويتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمدين من طعام وتارة قال مد وهو
أقوى عملا بالأصل وبما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال سمعته يقول الشيخ الكبير والذي به العطاش لاحرج عليهما أن يفطرا في شهر رضمان ويتصدق كل
واحد منهما في كل يوم بمد من طعام ولا قضاء عليهما مسألة ذو العطاش الذي لا يرجى بروئه يفطر ويتصدق عن كل يوم بمد من طعام كما تقدم وهو أحد قولي الشيخ
رحمه الله والثاني انه يتصدق بمدين فإن عجز فبمد للضرر المبيح للافطار كما أبيح للمريض ولما رواه المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام قال قلت له إن لنا شبانا (فتيانا) وبنات لا يقدرون على
الصيام من شدة ما يصيبهم من العطش قال فليشربوا مقدار ما تروى به نفوسهم وما يحذرون وأما الصدقة فلعجزه عن (الصيام ولقول صح) الصادق عليه السلام فيمن ترك الصيام قال إن كان من مرض فإذا
براء فليصمه وإن كان من كبر أو لعطش فبدل كل يوم مد إما سقوط القضاء فلانه أفطر لعجزه عن الصيام والتقدير دوامه فيدوم المسبب ولتفضيل الصادق عليه السلام والتفصيل قاطع
للشركة وأما العطاش الذي يرجى برؤه فإنه يفطر إجماعا لعجزه عن الصيام وعليه القضاء مع البرء ولأنه مرض وقد زال فيقضى كغيره من الأمراض وهل تجب الكفارة قال الشيخ (ره)
نعم كما يجب في العطاش الذي لا يرجى زواله ومنع المفيد والسيد المرتضى إذا ثبت هذا فلا ينبغي لهؤلاء ان يتملوا من الطعام ولا من الشراب ولا تقربوا النساء في النهار مسألة
الحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن إذا خافتا على أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء بلا خلاف بين علماء الاسلام ولا كفارة عليهما لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
قال إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح قال سمعت الباقر عليه السلام يقول الحامل المقرب والمرضع القليلة
اللبن لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان لأنهما لا يطيقان الصوم وعليهما ان يتصدق كل واحدة منهما في كل يوم يفطر بمد من طعام وعليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه تقضيانه
بعد إذا عرفت هذا فالصدقة بما تضمنت رواية واجبة ولو خافتا على الولد من الصوم أفطرتا إجماعا لأنه ضرر على ذي نفس آدمي محترم فأشبه الصائم نفسه ويجب عليهما القضاء
مع زوال العذر وعليهما الصدقة عن كل يوم بمد من طعام ذهب إليه علماؤنا والشافعي واحمد إلا أنه يقول مد من بر أو نصف صاع من تمر أو شعير وبه قال مجاهد لقوله تعالى وعلى الذين
يطيقونه فدية طعام مسكين قال ابن عباس كانت رخصة للشيخ الكبير (والمرأة الكبيرة صح) وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما لكل يوم مسكينا والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما
أفطرتا وأطعمتا رواه العامة ومن طريق الخاصة ما تقدم من حديث محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام فإنه سوغ لهما الافطار مطلقا وأوجب عليهما القضاء والصدقة وهو يتناول
ما إذا خافتا على الولد كما يتناول ما إذا خافتا على أنفسهما ويتصدقان بما تقدم في الشيخ والشيخة لأنه جبر لاخلالهما بالصوم مع القدرة عليه والقول الثاني للشافعي
ان الكفارة تجب على المرضع دون الحامل وهو رواية عن أحمد وبه قال الليث بن سعيد لان المرضع يمكنها ان يسترضع ولدها بخلاف الحامل ولان الحمل متصل
بالحامل فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها والفرق لا يقتضى سقوط القضاء مع ورود النص به وهو الآية والأحاديث وقال أبو حنيفة لا تجب عليهما
الكفارة وهو مذهب الحسن البصري وعطا والزهري وربيعه والثوري والأوزاعي وأبى ثور وأبى عبيد بن داود والمزني وابن المنذر لان انس بن مالك روى
عن النبي صلى الله على وآله أنه قال إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم ولأنه فطر أبيح لعذر فلم تجب به كفارة كالمريض ولا دلالة
في الحديث على سقوط الكفارة والمريض أحسن حالا منهما لأنه يفطر بسبب نفسه وللشافعي قول ثالث ان الكفارة استحباب وقال ابن عباس وابن عمر ان الكفارة
تجب عليهما دون القضاء وهو قول سلار من علمائنا لان الآية تتناولهما وليس فيها إلا الاطعام ولقول النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله وضع (عن المسافر شطر الصلاة صح) وعن الحامل والمرضع
الصوم والجواب انهما يطيقان القضاء فلزمهما كالحائض والنفساء والآية أوجبت الاطعام ولا اشعار لها بسقوط القضاء والمراد بوضع الصوم وضعه عنهما في حال
عذرهما كما في قوله عليه السلام إن الله وضع عن المسافر الصوم مسألة لا يجوز لمن عليه صوم واجب ان يصوم تطوعا وعن أحمد روايتان لما رواه العامة
ان النبي صلى الله عليه وآله قال من صام تطوعا وعليه من رمضان شئ لم يقضه فإنه لا يقبل منه حتى يصومه ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن انه
سأل الصادق عليه السلام عن الرجل عليه من شهر رمضان طائفة أيتطوع قال لا حتى يقضى ما عليه من شهر رمضان ولان الصوم عبادة يدخل في جبرانها المال فلم
يصح التطوع بها قبل أداءها فرضا كالحج احتج احمد بأنها عبادة متعلقة بوقت موسع فجاز التطوع في وقتها كالصلاة وهو قياس في مقابلة النص فلا يسمع وأيضا
فإن أداء الصلاة لا يمنع من فعل النافلة لأنه لا يفوت وقتها أما قضاء الصلاة فإنه لا يجوز التطوع لمن عليه القضاء مسألة صوم النافلة لا يجب بالشروع
فيه ويجوز ابطاله قبل الغروب ولا يجب قضاؤه سواء أفطر لعذر أو لغيره وبه قال الشافعي والثوري واحمد وإسحاق لما رواه العامة عن عايشه قالت دخل على رسول الله صلى الله
عليه وآله فقال هل عندكم شئ فقلت لا قال فإني صائم ثم مرني بعد ذلك اليوم وقد اهدى إلى حيس فخبات له منه وكان يحب الحيس قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله
اهدى لنا حيس فخبات لك منه فقال ادنيه إما انى قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء
حبسها ومن طريق الخاصة ما رواه جميل بن دراج في الصحيح عن الصادق عليه السلام إنه قال في الذي يقضى شهر رمضان انه بالخيار إلى زوال الشمس وإن كان تطوعا فإنه إلى الليل
بالخيار وقال أبو حنيفة يجب المضي فيه ولا يجب ولا يجوز الافطار إلا لعذر فان أفطر قضاه وروى عن محمد انه إذا دخل على أخ فحلف عليه أفطر وعليه القضاء وقال مالك يجب بالدخول
فيه ولا يجوز له الخروج عنه إلا لعذر وإذا خرج منه لعذر لا يجب القضاء وبه قال أبو ثور لان عايشة قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فاهدى لنا حيس فأفطرنا
ثم سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال اقضيا يوما مكانه ولأنها عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة والخبر ضعيف عند المحدثين ومحمول على الاستحباب
واحرام الحج اكد من الشروع هنا ولهذا لا يخرج منه باختياره ولا بإفساده إذا عرفت هذا فان جميع النوافل من ساير العبادات لا تجب بالشروع إلا الحج والعمرة فإنهما
يجبان بالشروع فيهما لتأكد احرامهما لعموم قوله وأتموا الحج والعمرة لله وعن أحمد رواية انه لا يجوز قطع الصلاة المندوبة فان قطعها قضاها وليس بجيد لان ما جاز
ترك جميعه جاز ترك بعضه كالصدقة وأما لو دخل في واجب فإن كان معينا كنذر معين لم يجز له الخروج منه وإن كان مطلقا كقضاء رمضان أو النذر المطلق فإنه يجوز
الخروج منه إلا قضاء رمضان بعد الزوال مسألة كل صوم يلزم فيه التتابع إلا أربعة صوم النذر المجرد عن التتابع وما في معناه من يمين أو عهد لأصالة البراءة
وصوم قضاء رمضان وصوم جزاء الصيد وصوم السبعة في بدل الهدى أما ما عدا هذه الأربعة كصوم كفارة الظهار والقتل والافطار وكفارة اليمين واذى حلق
الرأس وثلاثة أيام الهدى فإنه يجب فيها التتابع قال الصادق عليه السلام صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعا لا يفصل بينهن مسألة من وجب عليه صوم شهرين
281

متتابعين إما في كفارة أو نذر أو شبهه إذا أفطر في الشهر الأول أو بعد انتهائه قبل ان يصوم من الشهر الثاني شيئا استأنف وإن كان أفطر لعذر من مرض أو حيض وشبهه
لم ينقطع تتابعه بل ينتظر زوال العذر ثم يتم صومه عند علمائنا وبه قال الشافعي في الحيض إما المرض فله قولان مساواة المرض الحيض في كونه عذرا فتساويا في سقوط
التتابع ولاشتماله على الضرر وربما تجدد عذر آخر فيستمر التكليف وهو مشقة عظيمة ولان رفاعة سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين
فصام شهرا ومرض قال يبنى عليه الله حبسه قلت امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين فصامت وأفطرت أيام حيضها قال تقضيها قلت فإنها قضتها ثم يئست من المحيض
قال لا تعيدها أجزأها ولو أفطر في الشهر الأولى أو بعد إكماله قبل ان يصوم من الثاني شيئا لغير عذر استأنف باجماع فقهاء الاسلام لأنه لم يأت بالمأمور به على وجه فيبقى
في عهدة التكليف ولو صام من الشهر الثاني شيئا بعد الشهر الأول ولو يوما ثم أفطر جاز له البناء سواء كان لعذر أو لغير عذر عند علمائنا كافة خلافا للعامة كافة لأنه يصوم
بعض الشهر الثاني عقيب الأول تصدق المتابعة لأنها أعم من المتابعة بالكل أو بالبعض والأعم من الشيئين صادق عليهما فيخرج عن العهدة بكل واحد منهما ولرواية الحلبي
الصحيحة عن الصادق عليه السلام في كفارة الظهار صيام شهرين متتابعين والتتابع ان يصوم شهرا ويصوم من الآخر أياما أو شيئا منه فروع - آ - لا يجوز لمن عليه صوم
شهرين متتابعين أن يصوم ما لا يسلم له الشهر الأول ومن الثاني شيئا وليس له أن يصوم شعبان منفردا إلا إذا صام قبله ولو يوما من آخر رجب ولا تكفى متابعة
شهر رمضان لأنه صوم استحق بأصل التكليف والتتابع وصف لصوم الكفارة واحدهما غير الاخر فلا يقوم أحدهما مقام الآخر - ب - لا شك في أنه إذا صام من
الثاني شيئا ثم أفطر يحصل به التتابع لكن هل يكون الافطار له سايغا أو حراما قولان لعلمائنا والمعتمد الأول لان الصادق عليه السلام حد التتابع بأن يصوم شهرا
ويصوم من الآخر أياما أو شيئا منه نعم الأولى تركه لاشتماله على الخلاف وترك المسارعة إلى فعل الطاعة - ج - لو سافر قبل ان يصوم من الثاني شيئا فان تمكن من ترك
السفر انقطع تتابعه ووجب عليه الاستيناف وإن كان مضطرا لم ينقطع ويتم بعد رجوعه - د - المرض والحيض والنفاس اعذار يصح معها التتابع والبناء مسألة
العبد إذا وجب عليه صوم شهر متتابع في كفارة وشببها والحر إذا وجب عليه شهر متتابع بنذر وشبهه فصام خمسة عشر يوما ثم أفطر لعذر أو غيره جاز له البناء
وإن أفطر قبل ذلك لغير عذر استأنف ولعذر يبنى لما روى عن الصادق عليه السلام في رجل جعل عليه صيام شهر فصام منه خمسة عشر يوما ثم عرض له أمر قال إن كان
صام خمسة عشر يوما فله ان يقضى ما بقى وإن كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجزه حتى يصوم شهرا تاما مسألة صوم ثلاثة أيام بدل الهدى في الحج متتابعة
إجماعا فلو صام يوما ثم أفطر استأنف مطلقا وان صام يومين ثم أفطر فكذلك إلا أن يصوم يوم التروية وعرفه فإنه يفطر العيد ويأتي بثالث بعد انقضاء أيام التشريق
لان يحيى الأزرق سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل قدم يوم التروية متمتعا وليس له هدى فصام يوم التروية
ويوم عرفه قال يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق إما لو كان
الثالث غير العيد بأن صام يومين غير يوم التروية وعرفه ثم أفطر الثالث استأنف واعلم أن كل صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه لعذر بنى وإن كان لغير عذر (استأنف صح) إلا في المواضع
الثلاثة وهي تتابع الشهرين أو الشهر أو ثلاثة أيام بدل الهدى بالعيد مسألة يكره للمسافر النكاح في نهار رمضان مع وجوب التقصير وليس محرما فإن كانت مسافرة معه جاز
لهما معا الجماع وكذا لو قدم من سفر ووجدها مفطرة لمرض أو حيض طهرت منه حينئذ لسقوط فرض الصوم عنهما ولو غرته فقالت انى مفطرة فوطئها أفطرت ولا كفارة عليه عن
نفسه لإباحة الفطر له ولا عنها لغروره ولا صنع له فيه ويجب عليها كفارة عن نفسها ولو علم بصومها فان طاوعته وجب عليها الكفارة عن نفسها ولا يجب عليه شئ وان أكرهها
فلا كفارة عليه عن نفسه وتجب عليه كفارة عنها ولا فرق في الاكراه بين ان يغلبها على نفسها أو يتهددها بضرب وشبهه فتطاوعه ولا يفطر في الحالين وقال الشافعي لا تفطر في
الأولى وفي التهدد قولان مسألة يكره السفر في رمضان إلا لضرورة إلا إذا مضت ثلاثة وعشرون يوما من الشهر فتزول الكراهة لما فيه من التعريض لابطال الصوم ولمنعه
عن ابتداء العبادة واحراز فضيلته في شهر رمضان وبعد ثلاثة وعشرين مضى أكثر وقت العبادة مشغولا بها وكذا تنتفى الكراهة مع الضرورة كالخوف على فوات مال أو هلاك أخ أو المضي
في حج أو زيارة لان الصادق عليه السلام قال إذا دخل شهر رمضان فليس للرجل ان يخرج إلا في حج أو في عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه وليس له ان يخرج في إتلاف مال
أخيه فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرين فليخرج حيث شاء وروى أبو بصير سأل الصادق (ع) جعلت فداك يدخل على شهر رمضان فأصوم بعضه فتحضرني نية في زيارة قبر أبي
عبد الله عليه السلام فأزوره وأفطر ذاهبا وجائيا أو أقيم حتى أفطر وأزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين فقال أقم حتى تفطر قلت له جعلت فداك فهو أفضل قال نعم أما تقرأ في
كتاب الله فمن شهد منكم الشهر فليصمه وروى ابن بابويه ان تشييع المؤمن أضل عن المقام عن الصادق عليه السلام عن الرجل يخرج يشيع أخاه مسيرة يومين أو ثلاثة فقال إن كان في شهر
رمضان فليفطر فسئل أيهما أفضل يصوم أو يخرج تشييع أخاه فقال يشيعه إن الله عز وجل وضع الصوم عنه إذا شيعه مسألة لو وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز عن
ذلك صام ثمانية عشر يوما لما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين فلم يقدر على الصيام ولم يقدر على العتق ولم يقدر
على الصدقة قال فليصم ثمانية عشر يوما عن كل عشرة مساكين ثلاثة أيام إذا عرفت هذا فلو قدر على صيام شهر لا غير ففي وجوبه اشكال (وكذا لو تمكن من صيام شهرين لكن متفرقة ففي وجوبه اشكال صح) والأقرب إلى الثانية عشر متتابعة مع احتمال
عدمه مسألة لو نذر صوم يوم بعينه فوافق ذلك ان يكون مسافرا أفطر وقضاه إلا أن يقيد نذره بالسفر والحضر فيصومه مسافرا ويصح نذر صوم يوم من شهر رمضان خلافا
لبعض علمائنا وإن كان الصوم واجبا بغير النذر لما فيه من التشديد في فعل الواجب ولو أفطره فان قلنا بعدم انعقاده فلا يجب وان قلنا بانعقاده ففي تعدد الكفارة اشكال
أما لو نذر صومه في السفر عن رمضان أو غيره لم يصح ولو نذر صوم الدهر واستثنى الأيام المحرم صومها انعقد فلو كان عليه قضاء من رمضان أو وجب عليه بغير ذلك لزمه ان يصوم
القضاء مقدما على صوم النذر لأنه واجب ابتداء بأصل الشرع فإذا صامه فالزمان الذي قضى فيه هل يدخل تحت النذر اشكال ينشأ من ظهور استحقاقه للقضاء فلم
يدخل في النذر كشهر رمضان ومن دخوله في النذر (لأنه لو صامه عن النذر صح) وقع عنه وبقى القضاء في ذمته إذا ثبت هذا فلا كفارة عليه في هذه الأيام التي فاتته من نذره لأنه لا يمكنه فعلها كالمريض
إذا أفطر ثم اتصل مرضه بموته وقال بعض الشافعية تلزمه الكفارة لأنه عجز عن صوم الواجب عجزا مؤبدا فلزمته الكفارة كالشيخ الهم وهو معارض ببرائة الذمة وإذا وجب على
صائم الدهر واجب ككفارة مخيرة أو مرتبة صام عن الكفارة لأنه كالمستثنى وإذا نذر صوم يوم قدوم زيد لم ينعقد لأنه ان قدم ليلا لم يجب صومه لعدم الشرط وان قدم نهارا
فلعدم التمكن من صيام اليوم المنذور وقال الشيخ (ره) ان وافق قدومه قبل الزوال ولم يكن تناول شيئا مفطرا جدد النية وصام ذلك اليوم وإن كان بعد الزوال أفطر ولا قضاء عليه
فيما بعد ولو نذر يوم قدومه دائما سقط وجوب اليوم الذي قدم فيه ووجب صومه فيما بعد ولو اتفق في رمضان صامه عن رمضان خاصة وسقط المنذور لأنه كالمستثنى ولا
قضاء عليه (ولو صامه عن المنذور وقع عن رمضان ولا قضاء عليه صح) وفيه اشكال وإذا نذر صوم يوم بعينه فقدم صومه لم يجزئه لأنه قدم الواجب على وقته فلا يحصل به الامتثال كما لو قدم رمضان مسألة لو نذر صوم يوم بعينه
دائما فوجب عليه صوم شهرين متتابعين لاحدى الكفارات قال الشيخ يصوم في الشهر الأول عن الكفارة تحصيلا للتابع وإذا صام من الثاني شيئا صام ما بقى عن النذر لسقوط التتابع
282

وقال بعض علمائنا يسقط التكليف بالصوم لعدم امكان التتابع وينتقل الفرض إلى الاطعام وليس بجيد ويحتمل صوم ذلك اليوم عن النذر ثم لا يسقط التتابع لا في الأول
ولا في الأخير لأنه عذر لا يمكنه الاحتراز عنه ولا فرق بين تقدم وجوب الكفارة عن النذر أو تأخره وقول الشيخ فيه بعض القوة وإذا نذر أن يصوم في بلد معين للشيخ
قولان أحدهما يتعين البلد والثاني انه يصوم أين شاء والوجه أن يقال إن كان الصوم في بعض البلاد يتميز عن الصوم في الآخر تعين ما نذره وإلا فلا والأقرب عدم تميز
البلاد في ذلك مسألة إذا نذر صوم سنة معينة وجب عليه صومها إلا العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى فإن لم يشترط التتابع حتى أفطر في أثنائها قضى ما أفطر به وصام
الباقي ووجب عليه الكفارة في كل يوم يفطره لتعينه للصوم بالنذر على ما تقدم وان شرط التتابع استأنف وقيل إن جاز النصف بنى ولو فرق هذا إذا كان افطاره
لغير عذر وإن كان لعذر بنى ويقضى ولا كفارة عليه ولو نذر صيام سنة غير معينة تخير في التتالي والتفريق ان لم يشترط التتابع ولو نذر صوم شهر تخير بين ثلاثين يوما وبين صوم
شهر هلالي من أول الهلال إلى آخره ويجزئه ولو كان ناقصا وإذا صام في أثناء الشهر أتم عدة ثلاثين سواء كان تاما أو ناقصا ولو نذره متتابعا وجب عليه ان يتوخى ما يصح فيه ذلك
ويجتزى بالنصف ولو شرع في أول ذي الحجة لم يجز لانقطاع سواء كان تاما أو ناقصا ولو نذره متتابعا التتابع بالعيد ولو نذر ان يصوم يوما ويفطر يوما فوالى الصوم قال ابن إدريس
وجب عليه كفارة خلف النذر وفيه نظر ويشترط في نذر الصوم التقرب فلو نذر صوم لا على وجه التقرب بل لمنع النفس أو على جهة اليمين لم ينعقد ولو نذر صوما ولم يعين أجزأه
صوم يوم ولو نذر ان يصوم زمانا وجب صوم خمسة أشهر ولو نذر ان يصوم حينا كان عليه أن يصوم ستة أشهر لقوله تعالى تؤتى اكلها كل حين روى السكوني عن الباقر عليه السلام
عن آبائه عن علي عليه السلام قال في رجل نذر ان يصوم زمانا قال الزمان خمسه أشهر والحين ستة أشهر لان الله تعالى يقول تؤتى اكلها كل حين ولا ينعقد نذر العبد إلا
بإذن مولاه وكذا الزوجة لا ينعقد إلا بإذن الزوج مسألة يستحب السحور إجماعا روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال تسحروا فان في السحور بركة ومن طريق
الخاصة ما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال إن الله تعالى وملائكته يصلون على المستغفرين والمتسحرين (بالاسحار) فليتسحر أحدكم ولو بشربة من ماء ويستحب
تأخيره لما رواه العامة عن زيد بن ثابت قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قمنا إلى الصلاة قلت كم كان قدر ذلك قال خمسين آية ومن طريق الخاصة إن رجلا سأل
الصادق عليه السلام فقال آكل وأنا أشك في الفجر فقال كل حتى لا تشك ولان القصد القوة على الطاعة وقال أحمد بن حنبل إذا شك في الفجر يأكل حتى يستيقن طلوعه وهو قول ابن
عباس والأوزاعي وهو الذي نقلناه عن الصادق عليه السلام ويستحب بتعجيل الافطار بعد صلاة المغرب ان لم يكن هناك من ينتظره للافطار ولو كان استحب تقديمه على
الصلاة روى العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يقول تعالى أحب عبادي إلى أسرعهم فطرا ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سئل عن الافطار قبل الصلاة
أو بعدها فقال إن كان قوم يخشى ان يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم وإن كان غير ذلك فليصل وليفطر مسألة يستحب الافطار على التمر أو الزبيب أو الماء أو اللبن
فان الباقر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفطر على الأسودين قلت يرحمك الله وما الأسودان قال التمر والزبيب والماء وأن عليا عليه السلام كان يستحب ان
يفطر على اللبن ويستحب للصائم الدعاء عند افطاره فان له دعوة مستجابة لما رواه الباقر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أفطر قال اللهم لك صمنا وعلى
رزقك أفطرنا فتقبله منا ذهب الضماء وابتلت العروق وبقى الاجر وكان الباقر عليه السلام يقول في كل ليلة من شهر رمضان عند الافطار إلى آخره الحمد الله الذي أعاننا
فصمنا ورزقنا فأفطرنا اللهم تقبل منا وأعنا عليه وسلمنا فيه وتسلمه منا في يسر منك وعافية الحمد لله الذي قضى عنا يوما من شهر رمضان مسألة يستحب
تفطير الصايم قال الصادق عليه السلام من فطر صائما فله مثل أجره رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الباقر عليه السلام قال خطب رسول الله صلى الله
عليه وآله في آخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه وتكلم بكلام ثم قال قد أظلكم شهر رمضان من فطر فيه صائما كان له بذلك عند الله عز وجل عتق رقبة ومغفرة
ذنوبه فيما مضى قيل له يا رسول الله صلى الله عليه وآله ليس كلنا يقدر أن يفطر صائما قال إن الله كريم يعطى هذا الثواب لمن لا يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها
صائما أو شربة من ماء عذب أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك قال ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في شهر رمضان
وكان أجود من الريح المرسلة مسألة ليلة القدر ليلة شريفة نطق بفضلها القرآن العزيز وهي أفضل الليالي السنة خص الله تعالى بها هذه الأمة ومعنى القدر
الحكم قال ابن عباس سميت ليلة القدر لان الله تعالى يقدر فيها ما يكون في تلك السنة من خير ومصيبة ورزق وغير ذلك روى العامة إن رسول الله صلى الله
عليه وآله قال من صام رمضان وقام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ليلة القدر هي أول السنة و
هي آخرها وأرى رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه بني أمية يصعدون منبره من بعده يضلون الناس عن الصراط للقهقري فأصبح كئيبا حزينا فهبط عليه جبرئيل
فقال يا رسول الله مالي أراك كئيبا حزينا قال يا جبرئيل إني رأيت بنى أمية في ليلتي هذه يصعدون منبري من بعدي يضلون الناس عن الصراط القهقرى فقال
والذي بعثك بالحق ان هذا الشئ ما اطلعت عليه ثم عرج إلى السماء فلم يلبث ان نزل عليه بآي من القرآن يؤنسه بها منها أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جائهم ما كانوا
يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وانزل عليه إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدريك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر جعل ليلة القدر لنبيه صلى الله
عليه وآله خيرا من ألف شهر من ملك بنى أمية إذا عرفت هذا فإنها باقية لم ترتفع إجماعا لما رواه العامة عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة القدر رفعت
مع الأنبياء أو هي باقية إلى يوم القيامة فقال باقيه إلى يوم القيامة قلت في رمضان أو غيره قال في رمضان فقلت في العشر الأول أو الثاني أو الأخير فقال في العشر الأخير ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام
ليلة القدر تكون في كل عام لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن إذا عرفت هذا فأكثر العلماء على انها في شهر رمضان وكان ابن مسعود يقول من يصم الحول يصبها
يشير بذلك إلى انها في السنة كلها ويستحب طلبها في جميع ليالي رمضان وفى العشر الآخر آكد وفى ليالي الوتر منه آكد روى العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال
اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين أو سبع بقين أو تسع بقين ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل العشر الأواخر شد
المئزر واجتنب النساء وأحيا الليل وتفرغ للعبادة وقد اختلف العلماء فقال أبى بن كعب و عبد الله بن عباس هي ليلة سبع وعشرين قال مالك هي في العشر الأواخر وليس فيها
تعيين وقال ابن عمر إنها ليلة ثلاث وعشرين وقال أبو حنيفة واحمد انها ليلة السابع والعشرين وميل الشافعي إلى انها ليلة الحادي والعشرين وأما علماؤنا فنقل
الصدوق عن الصادق عليه السلام قال في تسع عشرة في شهر رمضان التقدير وفى ليلة إحدى وعشرين القضاء وفى ليلة ثلث وعشرين ابرام ما يكون في السنة إلى مثلها ولله
ان يفعل ما يشاء في خلقه مسألة شهر رمضان شهر شريف تضاعف فيه الحسنات ويمحى فيه السيئات قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما حضر
شهر رمضان وذلك في ثلاث بقين من شعبان لبلال ناد في الناس فجمع الناس ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ان هذا الشهر قد خصكم الله به وهو
283

سيد الشهور فيه ليلة خير من ألف شهر تغلق فيه أبواب النار وتفتح فيه أبواب الجنان فمن أدركه ولم يغفر له فأبعده الله ومن أدرك والديه ولم يغفر له فأبعده ومن ذكرت عند ولم
يصل علي فأبعده الله وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل شهر رمضان اطلق كل أسير واعطى كل سائل وينبغي ترك المماراة في الصوم والتنازع والتحاسد قال الصادق
عليه السلام ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ثم قال قالت مريم اني نذرت للرحمن صوما فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا قال
وسمع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة تساب جارية لها وهي صائمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بطعام فقال كل فقالت انى صائمة فقال كيف تكونين صائمة
وقد سببت جاريتك إن الصوم ليس من الطعام والشراب ويكره انشاد الشعر لما فيه من المنع للاشتغال عن الذكر قال الصادق عليه السلام لا ينشد الشعر بليل ولا ينشد
في شهر رمضان بليل ولا نهار قال له إسماعيل يا أبتاه فإن كان فينا قال وإن كان فينا وروى حماد بن عثمان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول يكره رواية
الشعر للصايم والمحرم في الحرم وفى يوم الجمعة وان يروى بالليل قلت وإن كان شعر حق قال وإن كان شعر حق الفصل التاسع في الاعتكاف ومطالبه
ستة الأول ماهية الاعتكاف لغة اللبث الطويل قال الله تعالى ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون وأما في الشرع
فإنه عبارة عن لبث مخصوص للعبادة وهو
مشروع في شريعتنا والشرايع السابقة مستحب باجماع العلماء قال الله تعالى وطهر بيتي للطائفين والعاكفين وقال الله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد
وروى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله كان يعتكف في العشر الأواخر ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان العشر الأواخر
اعتكف في المسجد وضربت له قبة من شعر وشمر المئزر وطوى فراشه مسألة وقد أجمع أهل العلم كافة على أنه ليس بفرض في ابتداء الشرع وإنما يجب بالنذر وشبهه
روى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال من أراد ان يعتكف فليعتكف العشر الأواخر علقه بالإرادة ولو كان واجبا لما كان كذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق
عليه السلام إذا اعتكف يوما ولم يك اشترط فله أن يخرج ويفسخ اعتكافه وإن أقام يومين ولم يك اشترط فليس له ان يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمض ثلاثة أيام وقد أجمع
المسلمون على استحبابه لان النبي صلى الله عليه وآله كان يعتكف في كل سنة ويداوم عليه وأفضل أوقاته العشر الأواخر من شهر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه
وآله اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين وداوم على اعتكافها حتى قبضه الله تعالى فمن رغب إلى المحافظة على هذه السنة فينبغي ان يدخل المسجد قبل
غروب الشمس يوم العشرين حتى لا يفوته شئ من ليلة الحادي والعشرين ويخرج بعد غروب الشمس ليلة العيد وإن بات ليلة العيد فيه إلى أن يصلى فيه العيد أو يخرج
منه إلى المصلى كان أولي المطلب الثاني في شرائطه مسألة إنما يصح الاعتكاف من مكلف مسلم لأنه عبادة وشرطه الصوم على ما يأتي وانما يصح الصوم بالشرطين
ويصح اعتكاف الصبي المميز كما يصح صومه وهل هو مشروع أو تأديب اشكال ولا يصح من المجنون المطبق ولا من يعتوره وقت جنونه لانتفاء التكليف عنه ولا ينعقد
من الكافر الأصلي لفقدان الشرط وهو النية المشروطة بالتقرب مسألة يشرط في الاعتكاف النية فلو اعتكف من غير نية لم يعتد به لأنه فعل يقع على وجوه مختلفه
فلا يختص بأحدها إلا بواسطة النية التي تخلص بعض الأفعال أو الوجوه والاعتبارات عن بعض ولان الاعتكاف عبادة فلا يصح من دون النية لقوله تعالى وما امروا
إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولا معنى للاخلاص إلا النية ولأنه عمل وقد قال عليه السلام إنما الأعمال بالنيات ويشترط نية الفعل والوجه من الوجوب أو الندب والتقرب إلى الله تعالى لان الفعل
صالح للوجوب والندب والتقرب واليمين أو منع النفس أو الغضب فلا بد من التقرب والوجه وإذا نوى الاعتكاف مدة لم تلزمه اجماعا نعم يشترط استمرار النية حكما
فلو خرج لقضاء حاجة أو لغيره استأنف النية عند الرجوع إن بطل الاعتكاف بالخروج وإلا فلا مسألة يشترط في
الاعتكاف اللبث عند علمائنا أجمع وهو قول أهل العلم لان الاعتكاف في اللغة عبارة عن المقام يقال عكف واعتكف أي أقام وللشافعي وجهان هذا أحدهما والثاني
إنه لا يشترط اللبث بل يكفي مجرد الحضور كما يكفي الحضور بعرفة في تحقيق ركن الحج ثم فرع على الوجهين فقال إذا اكتفينا بالحضور حصل الاعتكاف بالعبور حتى لو دخل
من باب وخرج من باب ونوى فقد اعتكف وإذا اعتبرنا اللبث لم يكف ما يكفي في الطمأنينة في أركان الصلاة بل لابد وأن يزيد عليه بما يسمى إقامة وعكوفا ولا يعتبر
السكون بل يصح اعتكافه قائما وقاعدا ومترددا في إرجاء المسجد وهذا القول لا عبرة به عند المحصلين مسألة لا يجوز الاعتكاف عند علمائنا أقل من ثلاثة أيام
بليلتين متواليات خلافا للعامة كافة فان الشافعي لم يقدره بحد بل جوز اعتكاف ساعة واحدة فأقل وهو رواية عن أحمد وأبي حنيفة رواية أخرى عن أبي حنيفة انه
لا يجوز أقل من يوم واحد وهو رواية عن مالك وعن مالك رواية أخرى إنه لا يكون أقل من عشرة أيام لنا ما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا اعتكاف إلا
بصوم والصوم لا يقع في أقل من يوم فبطل قول الشافعي ومن وافقه واما التقدير بالثلاثة فلان الاعتكاف في اللغة هو اللبث المتطاول وفى الشروع قيد بالعبادة ولا يصدق
ذلك بيوم واحد لان التقدير بيوم لا مماثل له في الشرع والتقدير بعشرة سيأتي ابطاله فتتعين الثلاثة كصوم كفارة اليمين وكفارة بدل الهدى وغير ذلك من النظاير ولقول
الصادق عليه السلام لا يكون الاعتكاف أقل من ثلاثة أيام ومن اعتكف صام واحتجاج الشافعي بأن الاعتكاف لبث وهو يصدق في القليل والكثير وأبي حنيفة بأن من شرطه
الصوم وأقله يوم ومالك بأن النبي صلى الله عليه وآله كان يعتكف العشر الأواخر باطل بأن الاعتكاف في اللغة هو اللبث الطويل والأصل بقاء الوضع وقد بينا إنه لا يكون
أقل من ثلاثة أيام عن أهل البيت عليهم السلام وفعل الرسول صلى الله عليه وآله لا يدل على تحديد الأقل مسألة ويشترط في الاعتكاف أن يكون في مكان خاص وقد أجمع
علماء الأمصار على اشتراط المسجد في الجملة لقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ولو صح الاعتكاف في غير المسجد لم يكن في التقييد فايدة لان الجماع في الاعتكاف
مطلقا حرام ولان الاعتكاف لبث هو قربه فاختص بمكان كالوقوف ثم اختلف العلماء بعد ذلك في أنه هل يشترط مسجد معين أم لا فالذي عليه أكثر علمائا انه يشترط ان يكون في مسجد جمع فيه نبي أو
وصى نبي وهي أربعة مساجد المسجد الحرام ومسجد النبي عليه السلام جمع فيهما رسول الله صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة ومسجد البصرة جمع فيهما علي عليه السلام وقد روى في
بعض الأخبار بدل مسجد البصرة مسجد مداين رواه الصدوق وقال ابن أبي عقيل منا انه يصح الاعتكاف في كل مسجد قال وأفضل الاعتكاف في المسجد الحرام ومسجد
الرسول صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة وساير الأمصار ومساجد الجماعات وبه قال الشافعي ومالك وللشافعي قول قديم كقول الزهري انه يصح في كل جامع وغير جامع
وقال المفيد رحمه الله تعالى لا يكون الاعتكاف إلا في المسجد الأعظم وقد روى أنه لا يكون إلا في مسجد جمع فيه نبي أو وصى والمساجد التي جمع فيها نبي أو وصى وهي أربعة
مساجد وعد ما اخترناه وقال أبو حنيفة واحمد لا يجوز إلا في مسجد جمع فيه وعن حذيفة انه لا يصح الاعتكاف إلا في أحد المساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد الأقصى
ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله لنا إن الاعتكاف عبادة شرعية فيقف على مورد النص والذي وقع عليه الاتفاق ما قلناه ولان عمر بن زيد سأل الصادق عليه السلام ما تقول في الاعتكاف
ببغداد في بعض مساجدها فقال لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قد صلى فيه إمام عادل صلاة جماعة ولا بأس أن يعتكف في مسجد الكوفة ومسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد
284

البصرة ولان الاعتكاف يتعلق به أحكام شرعية من أفعال وتروك والأصل عدم تعلقها بالمكلف إلا مع ثبوت المقتضى ولم يوجد احتج المفيد بقول أمير المؤمنين عليه السلام
لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى الله عليه وآله أو في مسجد جامع احتج ابن أبي عقيل بقوله تعالى وأنتم عاكفون في المساجد ولقول الصادق عليه السلام
لا اعتكاف إلا بصوم وفى المصر الذي أنت فيه واحتج أبو حنيفة بقوله عليه السلام كل مسجد له إمام ومؤذن يعتكف فيه ولأنه قد يأتي عليه الجمعة فان خرج أبطل اعتكافه وربما
كان واجبا وان لم يخرج أبطل جمعته فحينئذ يجب المسجد الذي يصلى فيه جمعة والجواب ان قول أمير المؤمنين
عليه السلام أو في مسجد جامع مطلق وما قلناه مقيد فيحمل
عليه جمعا بين الأدلة ولا دلالة في الآية لان اللام قد تقع للعهد وقول الصادق عليه السلام محمول على المسجد الذي هو أحد الأربعة ولا بد من التأويل لأنه يقتضى تحريم
الاعتكاف إلا في مصره وهو خلاف الاجماع وحجة أبي حنيفة لنا تذنيب ليس للمرأة الاعتكاف في مسجد بيتها وهو الذي عزلته وهياته للصلاة فيه لأنه
ليس له حرمة المساجد وليس مسجدا حقيقة ولهذا يجوز تبديله وتوسيعه وتضييقه فلم يكن مسجدا حقيقة فأشبه ساير المواضع وهو الجديد للشافعي وبه قال مالك
واحمد وقال في القديم يجوز لها ذلك وهذا التفريع على رأى من يعمم الأماكن وأبو حنيفة قال بالجواز أيضا لأنه مكان صلاتها كما أن المسجد مكان صلاة الرجل وليس
بجيد لان نساء النبي صلى الله عليه وآله كن يعتكفن في المسجد ولو جاز اعتكافهن في البيوت لاشبه أن يلازمها وعلى الجواز ففي جواز الاعتكاف للرجل وجهان للشافعية
لان تنفل الرجل في البيت أفضل والاعتكاف ملحق بالنوافل وكل امرأة يكره لها حضور الجماعات يكره لها الاعتكاف في المساجد مسألة يشترط في الاعتكاف
الصوم عند علمائنا أجمع وبه قال ابن عمر وابن عباس وعايشة والزهري وأبو حنيفة ومالك والليث والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي واحمد في إحدى الروايتين
لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا اعتكاف إلا بصوم ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا اعتكاف إلا بصوم ولأنه لبث في مكان مخصوص فلم
يكن بمجرده قربة كالوقوف بعرفة وقال الشافعي لا يشترط الصوم بل يجوز من غير صوم وبه قال ابن مسعود وسعيد بن المسبب وعمر بن عبد العزيز والحسن وعطا وطاوس
وإسحاق واحمد في الرواية الأخرى لان عمر سأل النبي صلى الله عليه وآله انى نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال النبي صلى الله عليه وآله أوف بنذرك
ولو كان الصوم شرطا لم يصح اعتكاف الليل ولقول ابن عباس ليس على معتكف صوم ولأنه عبادة تصح في الليل فلا يشترط لها الصيام كالصلاة والجواب الليلة قد تطلق
مع اراده النهار معها كما يقال أقمنا ليلتين أو ثلاث والمراد الليل والنهار ونمنع صحة الاعتكاف ليلا خاصة والفرق بينه وبين الصلاة ظاهر لأنه بمجرده لا يكون عبادة
فاشترط فيه الصوم وقول ابن عباس لا يكون حجة مسألة لا يشترط صوم معين بل أي صوم اتفق صح الاعتكاف معه سواء كان الصوم واجبا أو ندبا وسواء
كان الاعتكاف واجبا أو ندبا فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيام مثلا وجب الصوم بالنذر لان ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا فلو اعتكف في شهر رمضان صح اعتكافه
وكان الصوم واقعا عن رمضان وأجزأ عن صوم اعتكافه الواجب وكذا لو نذر صوم شهر ونذر اعتكاف شهر وأطلق النذرين أو جعل زمانهما واحدا صح ان يعتكف
في شهر صومه المنذور وتقع نية الصوم عن النذر المعين أو غير المعين وكذا لو نذر اعتكافا وأطلق فاعتكف في أيام أراد صومها مستحبا جاز والقائلون بعدم
اشتراط الصوم من العامة حكموا باستحبابه لان النبي صلى الله عليه وآله كان يعتكف وهو صائم ولا خلاف فيه وجوزوا اعتكاف بعض يوم أو بعض ليلة ومن اشترطه منهم لم
يسوغوا اعتكاف بعض يوم ولا اعتكاف ليلة منفرد ولا بعضها لأن الصوم المشترط لا يصح في أقل من يوم ويحتمل عندهم صحة اعتكاف بعض يوم إذا صام اليوم بأسره لأن الصوم
المشروط وجد في زمن الاعتكاف ولا يعتبر وجود (المشروط في زمن كل زمان؟) الشرط وعلى مذهبنا من اشتراط الصوم لا يصح اعتكاف زمان لا يصح فيه الصوم كيوم العيدين وأيام التشريق والمرض
المضر والسفر الذي يجب فيه القصر خلافا للشافعي فإنه جوز الاعتكاف في يومى العيدين وأيام التشريق مسألة يشترط في صحة اعتكاف الزوجة المندوب إذن زوجها
وكذا السيد في حق عبده لان منافع الاستمتاع والخدمة مملوكة للزوج والسيد فلا يجوز صرفها إلى غيرهما إلا بإذنهما وكذا المدبر وأم الولد ومن انعتق بعضه إلا مع المهاياة
ايقاع الاعتكاف في أيام نفسه أما المكاتب فإنه كالعبد إذا كان مشروطا لأنه لم يخرج عن الرق بالكتابة فتوابع الرق لاحقة به وقال الشافعي يجوز لان منافعه لاحق للمولى فيها
وليس بجيد لان الرق لم يزل عنه واطلاق الاذن منصرف إلى الاكتساب دون غيره مسألة لو أذن لعبده في الاعتكاف أو لزوجته جاز له الرجوع ومنعهما ما لم يجب وبه
قال الشافعي لأنه فعل مندوب يجوز الرجوع فيه لان التقدير انه لم يجب لان الشروع غير ملزم عندنا على ما يأتي كما لو اعتكف بنفسه ثم بدا له في الرجوع ولان من منع غيره
من الاعتكاف إذا أذن فيه وكان تطوعا كان له اخراجه منه كالسيد مع عبده وقال أبو حنيفة له منع العبد وليس له منع الزوجة وقال مالك ليس له منعهما لأن المرأة
تملك بالتمليك فإذا أذن لها أسقط حقه من منافعها وأذن لها في استيفائها فصار كما لو ملكها عينا بخلاف العبد الذي لا يملك البتة وانما يتلف منافعه على ملك
السيد فإذا أذن له في إتلافها صار كالمعير وقال مالك ان السيد قد عقد على نفسه تمليك منافع كان يملكها لحق الله تعالى فلم يكن له الرجوع فيه كصلاة الجمعة والجواب
إن منافع المرأة لزوجها ولهذا يجب عليها بذلها فإذا أذن لها في إتلافها جرى مجرى المعير والجمعة تجب بالدخول فيها بخلاف الاعتكاف مسألة لا ينعقد نذر
المرأة للاعتكاف إلا بإذن زوجها وكذا العبد إلا بإذن مولاه فإذا اذنا فإن كان النذر لأيام معينة لم يجز للمولى ولا للزوج المنع ولا الرجوع وإن كان لأيام غير معينة
جاز المنع ما لم يجب بأن يمضى يومان لأنه ليس على الفور ولو دخلا في المندوب بإذنه جاز الرجوع أيضا وقال الشيخ ره يجب عليه الصبر ثلاثة أيام هي أقل الاعتكاف
وليس بجيد لأنا لا نوجب المندوب بالشروع ولو نذرا نذرا غير معين بإذن الزوج والمولى لم يجز لهما الدخول فيه إلا بإذنهما لان منافعهما حق مضيق يفوت بالتأخير بخلاف الاعتكاف
وإذا أذن لعبده في الاعتكاف فاعتكف ثم أعتق وجب عليه إتمام الواجب واستحب اتمام المندوب ولو دخل في الاعتكاف بغير نذر فأعتق في الحال قال الشيخ ره يلزمه
وليس بجيد لان الدخول منهى عنه ولا ينعقد به الاعتكاف فلا يجب إتمامه تذنيب لا يجوز للأجير أن يعتكف زمان إجارته إلا بإذن المستأجر لان منافعه مملوكة له
وكذا ينبغي في الضيف لافتقار صومه تطوعا إلى الاذن المطلب الثالث في تروك الاعتكاف مسألة يحرم على المعتكف الجماع بالنص والاجماع قال
الله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها وأجمع العلماء كافة على تحريم الوطي للمعتكف فان اعتكف وجامع فيه متعمدا فسد
اعتكافه إجماعا لان الوطي إذا حرم في العبادة أفسدها كالحج والصوم وإن كان ناسيا لم يبطل وبه قال الشافعي لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطا والنسيان ولأنها
مباشره لا تفسد الصوم فلا تفسد الاعتكاف كالمباشرة فيما دون الفرج وقال أبو حنيفة ومالك واحمد يبطل الاعتكاف لان ما حرم في الاعتكاف استوى
عمده وسهوه كالخروج من المسجد ونمنع الأصل والفرق ان الخروج ترك المأمور به وهو مخالف لفعل المحظور فيه فإن من ترك النية في الصوم لا يصح صومه وإن كان
ناسيا بخلاف ما لو جامع سهوا ولا فرق في التحريم بين الوطي في القبل والدبر ولا بين الانزال وعدمه وكما يحرم الوطي نهارا يحرم ليلا لان المقتضى للتحريم للاعتكاف فيهما ولا
285

نعلم فيه خلافا ويجوز أن يلامس بغير شهوة بالاجماع لان النبي صلى الله عليه وآله كان يلامس بعض نسائه في الاعتكاف مسألة القبلة حرام يبطل بها الاعتكاف وكذا اللمس
والجماع بشهوة في غير الفرجين لقوله تعالى ولا تباشروهن وهو عام في كل مباشرة وبه قال مالك وقال أبو حنيفة إن انزل أفسد اعتكافه وان لم ينزل لم يفسد وللشافعي كالقولين
لأنه لا يفسد الصوم فلا يفسد الاعتكاف كما لو كان بغير شهوة والفرق ان هذه المباشرة لم تحرم في الصوم بعينها بل إذا خاف الانزال وأما في الاعتكاف فإنها محرمة
لعينها كما لو ذهب إليه أبو حنيفة في وطى الساهي فلا يفسد الصوم ويفسد الاعتكاف فروع - آ - لا فرق في تحريم الجماع بين أن يجامع في المسجد أو خارجه لعموم الآية
والتقييد بالغيبة؟ في المساجد راجع إلى الاعتكاف لا المباشرة - ب - لا فرق بين جماع وجماع وروى المزني عن الشافعي انه لا يفسد الاعتكاف من الوطي إلا ما يوجب الحد قال الجويني
قضيته هذا انه لا يفسد بإتيان البهيمة إذ لم يوجب به الحد - ج - قد بينا (ثبت) ان القبلة بشهوة واللمس كذلك متعمدا مفسدان للاعتكاف خلافا لاحد قولي الشافعي لأنها مباشرة
محرمة في الاعتكاف فأشبهت الجماع والثاني لأنها مباشرة لا تبطل الحج ولا تبطل الاعتكاف كالقبلة بغير شهوة وما موضع القولين للشافعية ثلاث طرق أحدها
أن القولين فيما إذا انزل فأما إذا لم ينزل لم يبطل الاعتكاف بلا خلاف كالصوم وثانيها ان القولين فيما إذا لم ينزل أما إذا انزل بطل اعتكافه بلا خلاف لخروجه عن
أهلية الاعتكاف بالجنابة وثالثها وهو الاظهر عندهم طرد القولين في الحالين والفرق على أحد القولين فيما إذا لم ينزل بين الاعتكاف والصوم ان هذه الاستمتاعات
في الاعتكاف محرمة لعينها وفى الصوم ليست محرمة لعينها بل لخوف الانزال ولهذا يترخص فيها إذا أمن ان لا تحرك القبلة شهوته فحصل من هذا للشافعي ثلاثة أقوال أحدها
إنها لا تفسد الاعتكاف أنزل أو لم ينزل والثاني تفسده أنزل أو لم ينزل وبه قال مالك والثالث وبه قال أبو حنيفة ان ما انزل منها أفسد الاعتكاف وما لا فلا - د - الاستمناء
باليد حرام مبطل للاعتكاف إذا وقع نهارا قطعا لافساده الصوم وبالجملة استدعاء المنى مطلقا نهارا أو ليلا حرام وعند أكثر الشافعية ان الاستمناء باليد مرتب
على ما إذا لمس فأنزل ان قلنا إنه لا يبطل الاعتكاف فهذا أولي وان قلنا إنه يبطله فوجهان والفرق كمال الاستمتاع والالتذاذ باصطكاك السؤتين - ه‍ - يجوز
للمعتكف ان يقبل على سبيل الشفقة والاكرام ولا بأس ان يلمس على غير شهوة مسألة يحرم على المعتكف البيع والشراء وبه قال مالك واحمد لما رواه العامة ان النبي
صلى الله عليه وآله نهى عن البيع والشراء في المسجد ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا يمارى ولا يشترى ولا يبيع ولان
الاعتكاف لبث للعبادة فينافى ما غايرها وللشافعي قولان أحدهما الجواز وبه قال أبو حنيفة للأصل والثاني الكراهة والأصل يعدل عنه للدليل وقد بيناه إذا عرفت
هذا فلو باع أو اشترى فعل محرما ولم يبطل البيع للأصل وقال الشيخ يبطل للنهي وليس بجيد لأنه في المعاملات لا يدل على الفساد وينبغي المنع من كل ما يساوى البيع مما
يقتضى الاشتغال كالإجارة وشبهها وقال السيد المرتضى (ره) تحرم التجارة والبيع والشراء والتجارة أعم ولا بأس بشراء ما يحتاج إليه كشراء غذائه ومائه وقميصه الذي يستتر
به ويبيع شيئا يشترى به قوته للضرورة وكذا الأقرب تحريم الصنايع المشغلة عن العبادة كالحياكة والخياطة وأشباهها إلا ما لابد له منه لأنه يجرى مجرى الاشتغال بلبس
قميصه وعمامته نعم يجوز له النظر في أمر معاشه وصنعته ويتحدث ما شاء من المباح ويأكل الطيبات مسألة يحرم على المعتكف المماراة لقول الباقر عليه السلام ولا يمارى
وكذا يحرم عليه الكلام الفحش ولا بأس بالحديث حالة الاعتكاف باجماع العلماء لما في منعه من الضرر ويحرم الصمت لما تقدم من أن صوم الصمت حرام في شرعنا وقد روى
العامة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لا صمات في يوم إلى الليل ونهى عن صوم الصمت فان نذر الصمت في اعتكافه لم ينعقد
بالاجماع قال بن عباس بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقال أبو إسرائيل نذر ان يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم فقال
النبي صلى الله عليه وآله مره فليتكلم وليستظل ويقعد وليتم صومه ولأنه نذر في معصية فلا ينعقد انضمامه إلى الاعتكاف لا يخرج به عن كونه بدعة قيل لا يجوز أن
يجعل القرآن بدلا من كلامه وقد جاء لا يناظر بكلام الله وهو أن لا يتكلم عند الشئ بالقرآن كما يقال لمن جاء في وقته وجئت على قدر يا موسى وما شابهه لان احترام القرآن
ينافي ذلك وقد استعمله في غير ما هو له فأشبه استعمال المصحف في التوسل ويستحب دراسة القرة ن والبحث في العلم والمجادلة فيه ودراسته وتعليمه وتعلمه في الاعتكاف بل هو
أفضل من الصلاة المندوبة وبه قال الشافعي لما فيه من القربة والطاعة وقال احمد لا يستحب له اقراء القرآن ولا دراسته العلم بل التشاغل بذكر الله والتسبيح والصلاة أفضل
لان الاعتكاف عبادة شرع لها المسجد فلا يستحب فيها اقراء القرآن وتدريس العلم كالصلاة والطواف والفرق ان الصلاة شرع أذكار؟ مخصوصة وخشوع واشتغاله
بالعلم يقطعه عنها والطواف لا يكره فيه اقراء القرآن ولا تدريس العلم ولان العلم أفضل العبادة ونفعه متعد فكان أولي من الصلاة مسألة وفي تحريم شم الطيب
لعلمائنا قولان أحدهما التحرير وهو الأقوى لقول الباقر عليه السلام المعتكف لا يشم الطيب ولا يتلذذ بالريحان ولا الاعتكاف عبادة تخص مكانا فكان ترك الطيب فيها
مشروعا (مشروطا) كالحج والثاني الكراهة وبه قال احمد عملا بأصالة الإباحة والشافعي نفى الكراهة والتحريم معا للأصل وليس بجيد لان الاعتماد على الرواية مسألة كل
ما يبطل الصوم يبطل الاعتكاف وهو ظاهر عندنا لان الاعتكاف مشروط بالصوم فإذا بطل الشرط بطل المشروط وكل ما ذكرنا انه محرم على المعتكف نهارا
فإنه يحرم ليلا عدا الأكل والشرب فإنهما يحرمان نهارا لا ليلا قال الشيخ ره السكر يفسد الاعتكاف والارتداد لا يفسده فإذا عاد يبني والوجه الافساد بالارتداد
وقال الشيخ ره أيضا لا يفسد الاعتكاف سباب ولا جدال ولا خصومه ولا بأس به لأنها غير مفسدات للصوم فلا تفسد الاعتكاف وهل يبطل الاعتكاف بالبيع
والشراء قيل نعم لأنه منهى عنهما في هذه العبادة وقيل يأثم ولا يبطل الاعتكاف بهما مسألة قال بعض علمائنا يحرم على المعتكف ما يحرم على المحرم
وليس المراد بذلك العموم لأنه لا يحرم عليه لبس المخيط إجماعا ولا إزالة الشعر ولا أكل الصيد ولا عقد النكاح فله أن يتزوج في المسجد فيشهد على العقد لان
النكاح طاعة وحضوره مندوب ومدته لا تتطاول فيتشاغل به عن الاعتكاف فلم يكن مكروها كتسميت العاطس ورد السلام ويجوز له قص الشارب وحلق الرأس
والاخذ من الأظفار ولا نعلم فيه خلافا مسألة يجوز للمعتكف ان يتزين برفيع الثياب وبه قال الشافعي عملا
بالأصل ولقوله تعالى قل من حرم زينة الله
التي أخرج لعباده وقال احمد يستحب ترك التزيين برفيع الثياب وليس بجيد ويجوز له أن يأمر بإصلاح معاشه ويتعهد متاعه وان يخيط وان يكتب وما أشبه ذلك
إذا اضطر إليه أما إذا لم يضطر فإنه لا يجوز خلافا للشافعية وقال مالك إذا قعد في المسجد واشتغل بحرفته بطل اعتكافه وهو كما قلناه ونقل عن الشافعي في القديم
مثله في الاعتكاف المندوب (المنذور) ورواه بعضهم في مطلق الاعتكاف والمشهور عند الشافعية الجواز مطلقا لان ما لا يبطل قليله الاعتكاف لا يبطل كثيره كساير الافعال
وهو ممنوع مسألة يجوز له الاكل في المسجد للحاجة إليه وللأصل ولأنه مأمور باللبث فيه والاكل بدون الاعتكاف جايز في المسجد فمعه أولي لكن ينبغي أن يبسط
سفرة وشبهها لأنه أبلغ في تنظيف المسجد وله غسل يده فيه لكن ينبغي ان يكون ماء الغسالة في طشت وشبهه حذرا من ابتلال المسجد فيمنع غيره من الصلاة فيه و
286

الجلوس ولأنه قد يستقذر فينبغي صيانة المسجد عنه وله أن يرش المسجد بالماء المطلق لا المستعمل إذا استقذرته النفس وإن كان طاهرا لان النفس قد تعافه وكذا يجوز الفصد
والحجامة في المسجد إذا لم يتلوث والأولى الاحتراز عنه ولا يجوز أن يبول في المسجد في آنية خلافا للشافعية في بعض أقوالهم لما فيه من القبح والاستهانة بالمسجد واللايق تعظيم
المساجد وتنزيهها بخلاف الفصد والحجامة ولهذا لا يمنع من استقبال القبلة واستدبارها حالة الفصد والحجامة ويمنع منه حالة البول ولان المساجد لم تبن لهذا وهو
مما يستخف به فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله وقال بعض الحنابلة يمنع من الفصد والحجامة فيه لأنه إراقة نجاسة في المسجد فلم يجز كما لو أراد أن يبول
في أرضه ثم يغسله ولو دعت الحاجة الشديدة إليه خرج من المسجد وفعله وان استغنى عنه لم يكن له الخروج الذي يمكن احتماله والوجه جوازه لان المستحاضة يجوز لها الاعتكاف
ويكون تحتها شئ يقع فيه الدم قالت عايشة اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعتا الطشت تحتها وهي تصلى
مسألة السكر والردة إن قارنا ابتداء الاعتكاف منعنا صحته إذ لا نية لهما وكذا الاغماء والجنون ولو ارتد في أثناء الاعتكاف فالوجه عندي بطلان الاعتكاف خلافا للشيخ
وقال الشافعي في الام انه لا يبطل اعتكافه بل يبنى إذا عاد إلى الاسلام وقال لو سكر في اعتكافه ثم افاق استأنف ولهذا حكم ببطلان الاعتكاف ولأصحابه طريقان أحدهما تقرير
القولين والفرق أن السكران ممنوع من المسجد لقوله تعالى ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى أي موضع الصلاة فإذا شرب المسكر وسكر فقد اخرج نفسه عن أهلية اللبث
في المسجد فينزل ذلك منزلة خروجه منه والمرتد غير ممنوع من المسجد بل يجوز استدامته فيه وتمكينه من الدخول لاستمتاع القرآن ونحوه فلم يجعل الارتداد متضمنا
بطلان الاعتكاف والثاني التسوية بين الردة والسكر وفى كيفيتها طريقان أحدهما أنها على قولين أحدهما إنهما لا يبطلان الاعتكاف أما الردة فلما سبق
وأما السكر فلانه ليس فيه إلا تناول محرم وذلك لا ينافي الاعتكاف والثاني إنهما يبطلان أما السكر فلما سبق وأما الردة فلخروج المرتد عن أهلية العبادة والأصح
عندهم الجزم في الصورتين وفى كيفيته طرق أحدها انه لا يبطل الاعتكاف بواحد منهما وكلام الشافعي في السكر محمول على ما إذا خرج من المسجد أو اخرج لإقامة الحد عليه
وثانيها إن السكر يبطله لامتداد زمانه والردة كذلك إن طال زمانها وثالثا ان الردة تبطل لأنها تفوت شرط العبادة والسكر لا يبطله كالنوم والاغماء ورابعها انهما
جميعا مبطلان لان كل واحد منهما أشد من الخروج من المسجد فإذا كان ذلك مبطلا للاعتكاف ففيهما أولي وقوله في الردة مفروض فيما إذا لم يكن اعتكافه متنافيا
فإذا عاد إلى الاسلام بنى على ما مضى لان الردة لا تحبط العبادات السابقة وقوله في السكر مفروض في الاعتكاف المتتابع وهذا كله عندنا باطل لان المرتد لا يمكن
من الدخول إلى المسجد وانه مناف للعبادة وكذا السكر إذا عرفت هذا فالمفهوم من كلام الشافعي ان زمان الردة والسكر لا اعتكاف فيه فان الكلام في أنه يبنى أو
يستأنف انما ينتظم عند حصول الاختلال في الحال والمشهور عند أصحابنا ان زمان الردة غير محسوب من الاعتكاف إذ ليس للمرتد أهلية العبادة وأما زمان السكر
ففي احتسابه لهم وجهان مسألة إذا عرض الجنون أو الاغماء في أثناء الاعتكاف بطل اعتكافه لفساد الشرط وخروجه عن أهلية العبادة سواء اخرج من
المسجد أو لا وقال الشافعي إن لم يخرج من المسجد لم يبطل اعتكافه لأنه معذور فيما عرض وان اخرج نظر فإن لم يمكن حفظه في المسجد فكذلك لأنه لم يحصل الخروج باختياره
فأشبه ما لو حمل العاقل واخرج مكرها وإن أمكن ذلك ففيه خلاف مخرج مما لو أغمي على الصائم ولا يحتسب أيام الجنون من الاعتكاف لان العبادات البدنية لا تصح من المجنون
وفي زمان الاغماء للشافعية خلاف وعندنا انه لا يحسب مسألة الجنابة والحيض مانعان من الاعتكاف ابتداء وبه قال الشافعي لأنهما ممنوعان من اللبث في المساجد
قال الله تعالى ولا جبنا إلا عابري سبيل وإذا منعا من اللبث منعا من الاعتكاف لأنه أخص منه وإذا طرأ الحيض على المعتكفة وجب عليها الخروج من المسجد فان لبثت فيه
لم يحسب من الاعتكاف لأنه منهى عنه والنهى في العبادات تدل على الفساد ولان الصوم شرط في الاعتكاف عندنا والحيض لا يجامعه ومناف الشرط مناف للمشروط ولو
طرأت الجنابة فإن كان مما تبطل الاعتكاف والصوم بطل الاعتكاف قطعا وإن طرأت بما لا يبطله كالاحتلام والجماع ناسيا وجب عليه ان يبادر إلى الغسل لئلا يبطل
اعتكافه فإن لم يمكنه الغسل فهو مضطر إلى الخروج وان أمكنه عذر في الخروج أيضا ولا يكلف الغسل في المسجد لان الخروج أولي لما فيه من صيانة حرمة المسجد واعلم أن الجناية
الطارية إذا لم يقتض بطلان الاعتكاف وبادر إلى الاغتسال احتسب زمانها من الاعتكاف كما في وقت الخروج لقضاء الحاجة وان أهمل بطل الاعتكاف من حين الاهمال
وقبله يحسب من زمان الاعتكاف وللشافعية في احتساب زمان الجنابة من الاعتكاف مطلقا وجهان المطلب الرابع في نذر الاعتكاف مسألة قد بينا
ان الاعتكاف عبادة مستحبة في أصلها غير واجبة وانما تجب بالنذر أو شبهه كالعهد واليمين فإذا نذر الاعتكاف وجب عليه ثم إما أن يطلق أو يعين والتعيين إما ان
يحصل بوصف الفعل أو بخارج عنه كالمكان أو الزمان فان اطلق وجب عليه اعتكاف ثلاثة أيام إذ لا يصح الاعتكاف أقل منها عند علمائنا أجمع ويتخير في أي وقت
شاء مما يصح صومه أوقعه فيه ويجب ان يكون صائما هذه الأيام الثلاثة لان الاعتكاف عندنا لا يصح إلا بالصوم وما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا ويتخير أيضا
في أحد المساجد الأربعة أيها شاء اعتكف فيه مسألة قد بينا ان الصوم شرط في الاعتكاف فلو نذر اعتكاف أيام لا يجب فيها الصوم وجب صومها عندنا
وإن لم ينذر الصوم ولو نذر اعتكاف أيام يجب فيها الصوم كرمضان والنذر المعين اجزاء ومن لم يشترط الصوم فيه من العامة إذا نذر الاعتكاف لم يجب الصوم
ولو نذر أن يعتكف أياما هو فيها صائم لزم الاعتكاف في أيام الصوم ووجب عليه الصوم إجماعا لان الاعتكاف بالصوم أفضل وان لم يكن مشروطا به فإذا التزمه بالشرط لزم كما
لو التزم التتابع فيه وليس له في هذه الصورة افراد أحدهما عن الاخر إجماعا ولو اعتكف في رمضان أجزأه لأنه لم يلزم هذا النذر صوما وانما نذر الاعتكاف
على صفة وقد وجدت ولو نذر ان يعتكف صائما أو يعتكف بصوم لزمه الاعتكاف والصوم جميعا بهذا النذر ولزمه الجمع بينهما عندنا وللشافعية وجهان
أحدهما انه لا يجب الجمع لأنها عبادتان مختلفتان فأشبه ما إذا نذر ان يصلى صائما وأصحهما وهو قول الشافعي في الام انه يجب لما تقدم من أن الاعتكاف بالصوم أفضل
ولو شرع في الاعتكاف صائما ثم أفطر لزمه استيناف الصوم والاعتكاف عند الشافعية على الوجه الثاني ويكفيه استيناف الصوم على الأول ولو نذر اعتكاف أيام
وليالي متتابعة صائما وجامع ليلا ففيه للشافعية هذان الوجهان ولو اعتكف عن نذره في رمضان أجزأه من الاعتكاف في الوجه الأول وعليه الصوم وعلى الثاني لا يجوز
الاعتكاف أيضا ولو نذر ان يصوم معتكفا انعقد نذره عندنا لأنها عبادة منذورة فلزمته وللشافعية طريقان أظهرهما طرد الوجهين والثاني القطع بأنه
لا يجب الجمع والفرق ان الاعتكاف لا يصلح وصفا للصوم والصوم يصح وصفا للاعتكاف فإنه من مندوباته ولو نذر ان يعتكف مصليا أو يصلى معتكفا لزمه الصلاة
والاعتكاف ويلزمه الجمع عندنا وللشافعية طريقان أحدهما طرد الوجهين في لزوم الجمع وأصحهما عندهم القطع وبأنه لا يجب والفرق ان الصوم والاعتكاف متقاربان
فان كل واحد منهما كف وامساك والصلاة أفعال مباشرة لا مناسبة بينها وبين الاعتكاف ويخرج على هذين الطريقين ما لو نذر أن يعتكف محرما فإن لم نوجب للجمع
287

بين الاعتكاف والصلاة فالقدر الذي يلزمه من الصلاة هو القدر الذي يلزمه لو أفرد الصلاة بالنذر وإن أوجبنا الجمع لزمه ذلك القدر في يوم اعتكافه
ولا يلزمه استيعاب اليوم بالصلاة وإن كان نذر اعتكاف أيام مصليا لزمه ذلك القدر كل يوم وقال بعضهم ظاهر اللفظ يقتضى الاستيعاب فإنه جعل كونه
مصليا صفته لاعتكافه وهذا هو الوجه عندي لأنا لو تركنا هذا الظاهر ولم نعتبر تكرير القدر الواجب من الصلاة في كل يوم وليلة اكتفى به في جميع المدة هو
لو نذر ان يصلى صلاة يقرأ فيها سورة كذا لزم الجمع عندنا وللشافعية قولان أحدهما انه على الخلاف مسألة كما أنه ليس للعبد ولا للزوجة الابتداء بالاعتكاف
المندوب إلا بإذن السيد والزوج كذلك ليس لهما نذر الاعتكاف إلا بإذن المولى والزوج فان نذر أحدهما لم ينعقد نذره وهل يقع باطلا أو موقوفا على
الاذن اشكال أقربه الثاني فان أجازا نذرهما وأدنا في الشروع في الاعتكاف وكان الزمان معينا أو غير معين لكن شرطا التتابع لم يجز لهما الرجوع وان لم
يشترطا التتابع فالأقرب ان لهما الرجوع وهو أظهر وجهي الشافعية ولو نذر بالاذن فان تعلق بزمان معين فلهما الشروع فيه بغير إذن وإلا لم يشرعا فيه إلا بالاذن
وإذا شرعا بالاذن لم يكن لهما المنع من الاتمام وهو مبنى على أن النذر المطلق إذا شرع فيه لزم إتمامه وفيه اشكال وللشافعية خلاف مسألة لو نذر الاعتكاف
في المسجد الحرام تعين بالنذر سواء عقد عليهما في نذر واحد أو اطلق نذر الاعتكاف ثم نذر تعيين المطلق فيه ولا خلاف في تعيين المسجد الحرام لو عينه
بالنذر لما فيه من زيادة الفضل على غيره وتعلق النسك به وان عين مسجد النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة أو المسجد الأقصى تعين أيضا عندنا وبه قال احمد
والشافعي في أحد قوليه لأنه نذر في طاعة فينعقد ولا يجوز له حله ولقول النبي صلى الله عليه وآله لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد
الأقصى ومسجدي هذا فأشبهها المسجد الحرام والثاني للشافعي لأنه لا يتعين بالنذر لأنه لا يتعلق بهما نسك فأشبها ساير المساجد وليس بجيد لأنه لا يلزم من
انتفاء تعلق النسك بهما مساواتهما لغيرهما من المساجد ولو عين غير هذه المساجد بالنذر تعين عندنا لاشتماله على عبادة فانعقد نذره كغيره من العبادات
وقال احمد لا يتعين بالنذر غير هذه المساجد الثلاثة لقوله (ع) لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ولو تعين غيرها بتعيينه لزمه المضي إليه واحتاج إلى شد الرجال
لقضاء نذره فيه ولان الله تعالى لم يعين لعبادته مكانا فلم يتعين بتعيين غيره وانما تعينت هذه المساجد الثلاثة للخبر الوارد فيها ولان العبادة فيها أفضل
فإذا عين ما فيه فضيلة لزمه كأنواع العبادة وهو أحد قولي الشافعي أيضا وله قول آخر انه لا يتعين المسجد الأقصى لان النبي صلى الله عليه وآله قال صلاة في مسجدي
هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وهذا يدل على التسوية فيما عدا هذين المسجدين لان المسجد الأقصى لو فضلت الصلاة فيه على غيره
للزم أحد أمرين إما خروجه من عموم هذا الحديث وإما كون فضيلته بألف مختصا بالمسجد الأقصى وليس بلازم فإنه إذا فضل الفاضل بألف فقد فضل المفضول
بها أيضا وقد بينا ان النذر عندنا يتعين به ما يعينه الناذر من المكان كالزمان والتعيين وإن كان بالنذر لكن لما أوجب الله تعالى الوفاء بالنذر كان التعيين مستندا إليه
تعالى مسألة إذا نذر الاعتكاف في مسجد تعين وليس له العدول إلى مسجد أدون شرفا وهل له العدول إلى مسجد أشرف اشكال أقربه الجواز فلو نذر أن
يعتكف في المسجد الحرام لم يجز له أن يعتكف في غيره لأنه أشرفها ولو نذر أن يعتكف في مسجد النبي صلى الله عليه وآله جاز له أن يعتكف في المسجد الحرام لأنه أفضل منه ولم يجز أن يعتكف في المسجد الأقصى لان مسجد النبي صلى الله عليه وآله
أفضل منه وقال قوم ان مسجد النبي صلى الله عليه وآله أفضل من المسجد الحرام لان النبي عليه السلام إنما دفن في خير البقاع وقد نقله إليه تعالى من مكة إلى المدينة
فدل على انها أفضل والمشهور ان المسجد الحرام أفضل لقوله عليه السلام صلوه في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وفى خبر اخر أنه قال
عليه السلام صلاة في المسجد الحرام أفضل من مأة ألف صلاة فيما سواه فيدخل في عمومه مسجد النبي صلى الله عليه وآله فتكون الصلاة فيه أفضل من مائة ألف
صلاة فيما سوى مسجد النبي صلى الله عليه وآله ولو نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى جاز له أن يعتكف في المسجدين الآخرين لأنهما أفضل منه وقد روى
العامة ان رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله يوم الفتح والنبي عليه السلم في مجلس قريبا من المقام فسلم على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال يا نبي الله انى
نذرت لئن فتح الله للنبي عليه السلام والمؤمنين مكة لأصلين في بيت المقدس وانى وجدت رجلا من أهل الشام ههنا في قريش مقبلا معي ومدبرا
فقال النبي صلى الله عليه وآله ههنا فصل (أفضل) فقال الرجل قوله هذا ثلاث مرات كل ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله ههنا فصل (أفضل خ ل) قال الرابعة مقالته هذه فقال
النبي صلى الله عليه وآله إذهب فصل فيه فوالذي بعث محمدا بالحق لو صليت ههنا لقضى عنك ذلك صلاة في البيت المقدس مسألة
قد بينا ان الأقوى ان الاعتكاف انما يجوز في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة ومسجد البصرة ولو نذر أن يعتكف في غير هذه
الأربعة لم يجز وعلى القول الآخر لعلمائنا بجواز الاعتكاف في غيرها لو نذر ان يعتكف في غيرها انعقد نذره وتعين ما عينه وهو أحد قولي الشافعي
وعلى القول الآخر بعدم التعيين لو شرع في الاعتكاف في مسجد لم يكن له الخروج منه ولا الانتقال إلى مسجد اخر لكن لو كان ينتقل في خروجه لقضاء الحاجة
إلى مسجد اخر على مثل تلك المسافة أو أقرب كان له ذلك في أصح وجهي الشافعية ولو أوجب على نفسه اعتكافا في مسجد فانهدم اعتكف في موضع منه
فإن لم يتمكن خرج فإذا بنى المسجد رجع وبنى على اعتكافه ومن لم يوجب التعيين بالنذر له ان يخرج إلى أين شاء من المساجد ليعتكف فيه مسألة
لو نذر أن يعتكف في زمان معين تعين عليه حتى أنه لا يجوز له التقدم عليه ولا التأخر عنه فان أخر كان قضاء وهو أصح وجهي الشافعية والثاني
لا يتعين الزمان بالتعيين كما لا يتعين في نذر الصلاة والصدقة والحكم في الأصل ممنوع والوجهان عندهم جاريان فيما إذا عين الزمان للصوم
والحق عندنا انه يتعين أيضا مسألة إذا نذر اعتكافا مطلقا وجب عليه ان يعتكف ثلاثة أيام لان الاعتكاف لا يصح في أقل من ثلاثة خلافا
للشافعي فإنه جوزه لحظة ويبرأ بها من عهدة النذر عنده لكن يستحب ان يعتكف يوما وان نذر الاعتكاف مدة من الزمان فاما أن يطلق تلك المدة
أو يعينها فإن اطلق تلك المدة فإما ان يشترط فيها التتابع كأن يقول لله على أن اعتكف ثلاثة أيام متتابعات أو لا يشترط فإن شرط لزم لأنه نذر في طاعة
هي المسارعة إلى فعل الخير كما لو شرط التتابع في الصوم وان لم يشترط التتابع لم يلزمه إلا في ثلاثة فإذا نذر اعتكاف شهر أو عشرة أيام وجب عليه
اعتكاف شهر بأن يعتكفه متتابعا أو متفرقا ثلاثة ثلاثة ولا يجب عليه تتابع الشهر بأسره كما في الصوم لأنه معنى يصح فيه التفريق فلا يجب فيه التتابع بمطلق
النذر كالصيام وهو أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين عن أحمد والثاني انه يلزمه التتابع وهو قول أبي حنيفة ومالك واحمد في الرواية الأخرى
لأنه معنى يحصل في الليل والنهار فإذا أطلقه اقتضى التتابع كما لو حلف لا يكلم زيدا شهرا وكمدة الايلاء والعدة والوجه الأول لأصالة براءة الذمة
288

إذا عرفت هذا فان التتابع وان لم يلزمه إلا في كل ثلاثة عندنا ولا يلزمه مطلقا عند العامة فان الأفضل التتابع لما فيه من المسابقة إلى فعل ما يوجب المغفرة ولو لم يتلفظ
بالتتابع في نذره لكن نواه في ضميره فان قلنا النذر ينعقد بالضمير لزمه وإلا فلا ولو شرط في نذره التفريق لم يلزمه وخرج عن العهدة بالتتابع لان الأولى التتابع
فلا ينعقد نذر خلافه عندنا وهو أصح وجهي الشافعية كما لو عين غير المسجد الحرام يخرج عن العهدة بالاعتكاف في المسجد الحرام مسألة لو لم يقيد بالتتابع جاز
له التفريق عندنا ثلاثة ثلاثة وهل يجوز التفريق يوما يوما بأن يعتكف يوما عن نذره ثم يضم إليه يومين مندوبا الأقرب الجواز كما لو نذر أن يعتكف يوما وسكت
عن الزيادة وعدمها فإنه يجب عليه الاتيان بذلك اليوم ويضم إليه يومين آخرين فحينئذ (إذا نذر) ان يعتكف ثلاثة أيام فاعتكف يوما عن النذر وضم إليه آخرين لاعنه
بل تبرع بهما ثم اعتكف يوما اخر عن النذر وضم إليه آخرين ثم اعتكف ثالثا عن النذر وضم إليه آخرين جاز سواء تابع التسعة أو فرقها ولو نذر اعتكاف يوم لم
يجز تفريق الساعات على الأيام لان الاعتكاف يجب فيه الصوم ولا يصح صوم الساعة بمفردها وهو أصح وجهي الشافعية لان المفهوم من لفظ اليوم المتصل قال الخليل
ابن احمد إن اليوم اسم لما بين طلوع الفجر وغروب الشمس والثاني للشافعية انه يجوز التفريق تنزيلا للساعات من اليوم منزلة الأيام من الشهر ولو دخل المسجد
في أثناء النهار وخرج بعد الغروب ثم عاد قبل طلوع الفجر ومكث إلى مثل ذلك الوقت فهو على هذين الوجهين ولو لم يخرج بالليل فعند أكثر الشافعية
انه يجزئه سواء جوزوا التفريق أو منعوه لحصول التواصل بالبيتوتة في المسجد وقال بعضهم لا يجزئه تفريعا على الوجه الأول لأنه لم يأت بيوم متواصل
الساعات والليلة ليست من اليوم فلا فرق بين ان يخرج فيها من المسجد أو لا يخرج ولو قال في أثناء النهار لله على أن اعتكف يوما من هذا الوقت لم يصح عندنا
إذا لم يكن صائما من أوله وإن كان فاشكال وقال الشافعية انه يلزمه دخول المعتكف من ذلك الوقت إلى مثله من اليوم الثاني ولا يجوز أن يخرج بالليل
ليتحقق التتابع وقال بعضهم ان الناذر التزم يوما والبعضان يوم والليلة المتخللة ليست من اليوم فلا يمنع التتابع بينهما كما أنه لا يمنع وصف اليومين
الكاملين بالتتابع ومن جوز تفريق الساعات من الشافعية في اليوم اكتفى بساعات أقصر الأيام لأنه لو اعتكف أقصر الأيام أجزأه وكذا لو فرق على الساعات
أقصر الأيام في سنتين ولو اعتكف في أيام متباينة الطول والقصر فينبغي ان ينسب اعتكافه في كل يوم بالجزئية إليه إن كان ثلثا فقد خرج من ثلث ما عليه
نظر إلى اليوم الذي يوقع فيه الاعتكاف ولهذا لو اعتكف بقدر ساعات أقصر الأيام من يوم طويل لم يكفه مسألة إذا نذر أن يعتكف مدة معينة
مقدرة كما لو نذر ان يعتكف عشرة أيام من الآن أو نذر أن يعتكف هذه العشرة أو هذا الشهر وجب عليه الوفاء به فان أفسد أخره إما بأن خرج لغير عذر أو بسبب
غير ذلك فاما ان يقيد بالتتابع أو لا فان قيد نذره بالتتابع بأن قال اعتكف هذه العشرة أو هذا الشهر متتابعا وجب عليه الاستيناف لأنه لم يأت بما نذره فيجب
القضاء ويكفر لمخالفته النذر ولو فاته الجمع لغير عذر وجب عليه القضاء متتابعا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه صرح في نذره بالتتابع فيكون مقصودا له بالذات
والثاني للشافعية انه لا يلزمه الاستيناف لو أفسد اجزاء ولا تتابع القضاء لو احمل الجمع لان التتابع واقع من ضروراته فلا أثر للفظه وتصريحه وهو ممنوع وان لم
يقيد بالتتابع لم يجب الاستيناف لو أفسد اخره ولا تتابع القضاء لو اهمله بل يجب القضاء مطلقا لان التتابع فيه كان من حق الوقت ضروراته لا انه وقع مقصودا فأشبه
التتابع في صوم رمضان مسألة لو نذر اعتكاف شهر لزمه شهر بالأهلة أو ثلاثون يوما وهل يلزمه التتابع الأقرب العدم بل له ان يفرقه ثلاثة ثلاثة أو يوما
ويضيف إليه آخرين مندوبين على الاشكال السابق وقال الشافعي لا يلزمه التتابع لأنه معنى يصح فيه التفريق فلا يجب فيه التتابع بمطلق النذر كالصيام وهو إحدى
الروايتين عن أحمد والثانية يلزمه التتابع وبه قال أبو حنيفة ومالك فان اعتكف شهرا بين هلالين أجزأه وإن كان
ناقصا وان اعتكف ثلاثين يوما من شهرين جاز
وتدخل فيه الليالي لان الشهر عبارة عنهما ولا يجزئه أقل من ذلك وبه قال الشافعي إلا أن يقول أيام شهر أو نهار هذا الشهر ولا يلزمه الليالي ولو قال ليالي هذا الشهر
لم ينعقد عندنا لان من شرط الاعتكاف الصوم والليل ليس محلا للصوم وقال الشافعي ينعقد ويلزم الاعتكاف ليلا ولا يلزمه الأيام ولو نذر اعتكاف يوم
قال الشافعي لا يلزم ضم الليلة إلا أن ينوى فحينئذ يلزم لان اليوم قد يطلق ويراد به اليوم بليلته وللشافعي قول آخر انه تدخل الليلة إلا أن ينوى يوما بلا ليلة
ولو نذر اعتكاف يومين وجب عليه ضم ثالث إليهما عندنا وعند العامة لا يلزم فعلى قولهم هل تلزم الليلة بينهما للشافعية ثلاثة أوجه أحدها لا تلزم إلا إذا
نواها لما سبق من أن اليوم عبارة عما بين طلوع الفجر وغروب الشمس والثاني تلزم إلا أن يريد بياض النهار لأنها ليلة تتخلل نهار الاعتكاف فأشبه ما لو
نذر اعتكاف العشر والثالث ان نوى التتابع أو قيد به لفظا لزمت ليحصل التواصل وإلا فلا ولو نذر اعتكاف ليلتين ففي النهار المتخلل بينهما هذا الخلاف
ولو نذر ثلاثة أيام أو عشرة أيام أو ثلاثين يوما ففي لزوم الليالي المتخللة الوجوه الثلاثة وقال بعض الشافعية ان نذر اليومين لا يستتبع شيئا من الليالي
والخلاف في الثلاثة فصاعدا لان العرب إذا أطلقت اليومين عنت مجرد النهار وإذا أطلقت الأيام عنت بلياليها مسألة لا خلاف بين الشافعية في أن
الليالي لا تلزم بعدد الأيام فإذا نذر يومين لم تلزم ليلتان بحال وبه قال مالك واحمد وقال أبو حنيفة تلزم ليلتان ولو نذر اعتكاف يوم لم يجز تفريقه ويلزمه
ان يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر ويخرج عنه بعد غروب الشمس وقال مالك يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من ليلته ذلك اليوم كما لو نذر اعتكاف شهر
لان الليل يتبع النهار بدليل ما لو كان متتابعا والوجه ما قلناه من أن الليلة ليست من اليوم وهي من الشهر ولو نذر اعتكاف ليلة لزم دخول معتكفه
قبل غروب الشمس ويخرج منه بعد طلوع الفجر عند العامة وليس له تفريق الاعتكاف عند احمد وقال الشافعي له التفريق مسألة لو نذر العشر
الأخير من بعض الشهور دخل فيه الأيام والليالي وتكون الليالي هنا بعدد الأيام كما في نذر الشهر وقد تقدم ويخرج عن العهدة إذا استهل الهلال كان
الشهر كاملا أو ناقصا لان الاسم يقع على ما بين العشرين إلى اخر الشهر ولو نذر ان يعتكف عشرة أيام من آخر الشهر ودخل المسجد اليوم أو قبيل الحادي والعشرين فنقص الشهر لزمه قضاء يوم لأنه حدد القصد إلى العشرة تذنيب إذا نذر
أن يعتكف يوم قدوم زيد لم ينعقد لأنه ان قدم ليلا لم يلزمه شئ وان قدم نهارا لم ينعقد لمضى بعض اليوم غير صائم للاعتكاف ومن لا شرط الصوم أوجب
عليه اعتكافه بقية النهار وللشافعي في قضاء ما مضى من النهار قولان أصحهما عندهم العدم لان الوجوب ثبت من حين القدوم والثاني الوجوب لأنا نتبين؟
بقدومه ان ذلك يوم القدوم فيجب ان يعتكف بقية اليوم ويقضى بقدر ما مضى من يوم اخر وقال بعضهم ليستأنف اعتكاف يوم ليكون اعتكافه موصولا ولو كان
الناذر لوقت القدوم ممنوعا من الاعتكاف بمرض أو حبس قضاه عند زوال العذر وقال بعضهم لا شئ عليه لعجزه وقت الوجوب كما لو نذرت المرأة صوم يوم
بعينه فحاضت فيه المطلب الخامس في الرجوع عن الاعتكاف وأحكام الخروج من المسجد مسألة قد بينا ان الاعتكاف في أصله مندوب إليه
289

غير واجب بدون النذر وشبهه فإذا تبرع به كان ندبا إجماعا فإذا شرع في الاعتكاف فلعلمائنا في صيرورته واجبا حينئذ أقوال ثلاثة أحدها قال الشيخ (ره) في بعض مصنفاته
أنه يصير واجبا بالنية والدخول فيه وبه قال أبو الصلاح من علمائنا وهو قول مالك وأبي حنيفة لان الاخبار دلت على وجوب الكفارة بإفساد الاعتكاف
بجماع وغيره على الاطلاق ولو لم ينقلب واجبا لم يجب الكفارة وبالقياس على الحج والعمرة والاخبار محمولة على الاعتكاف الواجب وأيضا لا استبعاد في وجوب
الكفارة في هتك الاعتكاف المستحب والفرق احتياج الحج والعمرة إلى إنفاق مال كثير ففي إبطالهما تضييع للمال وهو منهى عنه الثاني أنه ان اعتكف يومين وجب
الثالث وان اعتكف أقل لم يجب الاكمال وهو ظاهر كلام الشيخ في النهاية ومذهب ابن الجنيد وابن البراج لقول الباقر عليه السلام إذا اعتكف يوما ولم يكن اشترط فله
أن يخرج ويفسخ اعتكافه وإن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس له ان يخرج ويفسخ اعتكافه حتى تمضى ثلاثة أيام وفي طريقها علي بن فضال وفيه ضعف الثالث
ان له إبطاله مطلقا وفسخه متى شاء سواء في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث اختاره السيد المرتضى وابن إدريس وبه قال الشافعي واحمد وهو الأقوى لأصالة
بقاء ما كان على ما كان وبرائة الذمة مسألة لا يجب الاعتكاف بمجرد النية وهو قول عامة أهل العلم للأصل وقال من لا يعتد به أنه يجب الاعتكاف
بمجرد العزم عليه لان عايشة روت ان النبي صلى الله عليه وآله كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستاذنته عايشة فأذن لها فأمرت ببنائها فضرب وسألت حفصة
ان تستأذن لها رسول الله صلى الله عليه وآله ففعلت فأمرت ببنائها فضرب فلما رأت ذلك زينب بنت جحش امرت ببنائها فضرب قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى الصبح ودخل معتكفه فلما صلى الصبح انصرف فبصر بالأبنية فقال ما هذا فقالوا بناء عايشة وحفصة وزينب
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله البرار دين ما أنا بمعتكف فرجع فلما أفطر اعتكف عشرا من شوال ولأنها عبادة تتعلق بالمسجد فلزمت بالدخول فيها كالحج و
الرواية تدل على النقيض لان تركه دليل على عدم الوجوب بالعزم والفرق بينه وبين الحج قد سبق مسألة لو اعتكف ثلاثة أيام كان بالخيار إن شاء زاد
عليها وإن شاء لم يزد وإن زاد يوما جاز له عدم الزيادة على الأربعة فان زاد على الثلاثة يومين قال الشيخ ره يجب الاكمال ستة فأوجب السادس وبه قال ابن الجنيد
وأبو الصلاح لقول الباقر عليه السلام من اعتكف ثلاثة أيام فهو يوم الرابع بالخيار وأن شاء ازداد أياما أخر وأن شاء خرج من المسجد فان أقام يومين بعد الثلاثة
فلا يخرج من المسجد حتى يستكمل ثلاثة اخر وفي طريقها علي ابن فضال والأصل براءة الذمة مسألة لا يجوز للمعتكف الخروج من المسجد الذي اعتكف فيه حالت
اعتكافه إلا لضرورة باجماع العلماء كافة لما رواه العامة عن عايشة انها قالت السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لما لابد له منه وعنها ان رسول الله صلى الله عليه وآله
كان إذا اعتكف يدنى إلى رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا يخرج المعتكف من المسجد إلا في حاجة
ولان الاعتكاف هو اللبث فإذا خرج بطل الاسم والممنوع إنما هو الخروج بجميع بدنه فلو اخرج يده أو رأسه لم يبطل اعتكافه لما تتقدم في رواية عايشة ولو اخرج
إحدى رجليه أو كليتهما وهو قاعد ما دلهما فكذلك وإن اعتمد عليهما فهو خارج والممنوع منه الخروج عن كل المسجد فلو صعد على المنارة فإن كانت في وسط المسجد أو
بابها فيه أو في رجته وهي تعد من المسجد جاز سواء كان الصعود للاذان أو لغيره كما يصعد على سطح المسجد ودخول بيت منه وإن كان الباب خارج المسجد لم يجز لأنها
لا تعد حينئذ من المسجد ولا يصح الاعتكاف فيها وهل للمؤذن صعودها للاذان الأقرب المنع وهو أحد وجهي الشافعية لأنه لا ضرورة إليه لامكان الاذان على سطح المسجد
فصار كما لو صعدها
لغير الاذان (أو خرج لغير ضرورة صح) أو خرج إلى الأمير ليعلمه الصلاة والثاني الجواز لأنها مبنية للمسجد معدودة من توابعه ولأنه قد اعتاد صعودها للاذان وقد استأنس الناس بصوته
فيعذر فيه ويجعل زمان الاذان مستثنى عن اعتكافه مسألة يجوز للمعتكف الخروج عن المسجد لقضاء الحاجة باجماع العلماء قال ابن المنذر أجمع
أهل العلم على أن للمعتكف ان يخرج من معتكفه للغايط والبول ولان هذا مما لا بد منه ولا يمكن فعله في المسجد فلو بطل الاعتكاف بخروجه إليه لم يصح لاحد
أن يعتكف ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يعتكف ومن المعلوم انه كان يخرج لقضاء الحاجة ولما رواه العامة عن عايشة إن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا اعتكف
لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان ومن طريق الخاصة ما رواه داود بن سرحان قال كنت بالمدينة في شهر رمضان فقلت للصادق عليه السلام انى أريد ان اعتكف
فماذا أقول وماذا أفرض على نفسي قال لا تخرج من المسجد إلا لحاجة لابد منها ولا تقعد تحت ظلال حتى تعود إلى مجلسك وفي معناه الخروج للاغتسال من الاحتلام
ولو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها ولا يجوز التجاوز إلا أن يجد غضاضة بأن يكون من أهل الاحتشام فيحصل له مشقة بدخولها فيجوز له العدول إلى
منزله وإن كان أبعد ولو بذل له صديق منزله وهو قريب من المسجد لقضاء الحاجة لم تلزمه الإجابة لما فيه من المشقة بالاحتشام بل يمضى إلى منزل نفسه
سواء كان منزله قريبا أو بعيدا بعدا متفاحشا أو غير متفاحش إلا أن يخرج بالبعد عن مسمى الاعتكاف ولو كان له منزلان أحدهما أقرب تعين عليه القصد
إليه خلافا لبعض الشافعية حيث سوغ له المضي إلى الابعد ولو احتلم وجب عليه المبادرة بالخروج عن المسجد للغسل لان الاستيطان حرام مسألة يجوز
للمعتكف الخروج لشراء المأكول والمشروب إذا لم يكن له من يأتيه به بالاجماع لان الحاجة تدعوا إليه والضرورة ثابتة فيه فجاز كغيره من الضروريات وهل يجوز
الخروج للاكل خارج المسجد اشكال أقربه ذلك إن كان فيه غضاضة ويكون من أهل الاحتشام وإلا فلا وللشافعية وجهان هذا أحدهما لأنه قد يستحيى منه
ويشق عليه والثاني انه لا يجوز وهو قول الشافعي في الام لان الاكل في المسجد تمكن ولو عطش ولم يجد الماء في المسجد فهو معذور في الخروج ولو وجده فالأقرب
منعه من الخروج للشرب وهو أصح وجهي الشافعية لان فعله في المسجد ممكن ولا يستحيى منه ولا يعد تركه من المروة بخلاف الاكل فيه ولو فجأه القئ خرج من المسجد
ليتقيأ خارجه صيانة للمسجد وأهله عن الاستقذار وكل ما لا بد منه ولا يمكن فعله في المسجد فله الخروج إليه ولا يفسد اعتكافه وهو على اعتكافه ما لم يطل
المكث وهو يخرج به عن اسم المعتكف مسألة لو اعتكف في أحد المساجد الأربعة وأقيمت الجمعة في غيره لضرورة أو اعتكف في غيرها عند من سوغه خرج
لأدائها ولم يبطل اعتكافه عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه خرج لأداء واجب عليه فلا يبطل به اعتكافه كما لو خرج لأداء الشهادة أو لانقاذ غريق أو
إطفاء حريق وقال الشافعي يجب ان يخرج لصلاة الجمعة وفي بطلان اعتكافه قولان أحدهما لا يبطل كما اخترناه والثاني انه يبطل وبه قال مالك بسهولة الاحتراز
عن هذا الخروج بأن يعتكف في الجامع وعلى هذا لو كان اعتكافه المنذور أقل من أسبوع ابتداء من أول الأسبوع أين شاء من المساجد وفي الجامع متى شاء وإن
كان أكثر من أسبوع فيجب ان يبتدي به في الجامع حتى لا يحتاج إلى الخروج للجمعة فإن كان قد عين غير الجامع وقلنا بالتعيين فلا يخرج عن نذره إلا بأن يمرض فتسقط
عنه الجمعة أو بأن يتركها عاصيا ويدوم على اعتكافه وهذا يستلزم الجمع بين الضدين في الحكمين واحتج على بطلان الاعتكاف بأنه أمكنه أو يعرضه بحيث لا يخرج
290

منه فبطل بالخروج كالمكفر إذا ابتداء صوم شهرين متتابعين في شعبان أو ذي الحجة وليس بجيد لأنه إذا نذر أياما معينة فيها جمعة فكأنه استثنى الجمعة بلفظه و
يبطل ما ذكره بما لو نذرت المرأة اعتكاف أيام متتابعة فيها عادة حيضها مسألة يجوز للمعتكف ان يخرج لعيادة المرضى وشهادة الجنايز عند علمائنا
أجمع سواء اشترط ذلك في اعتكافه أو لا وبه قال علي عليه السلام وسعيد بن جبير والنخعي والحسن لما رواه العامة عن علي عليه السلام أنه قال إذا اعتكف الرجل فليشهد
الجمعة وليعد المريض وليحضر الجنازة ولبات أهله وليأمروهم بالحاجة وهو قائم ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ولا يخرج في شئ إلا الجنازة أو
يعود مريضا ولا يجلس حتى يرجع ولأنه مؤكد الاستحباب والاعتكاف للعادة فلا يناسب منعها من مؤكداتها وقال عطا وعروة ومجاهد والزهري والشافعي ومالك
وأصحاب الرأي ليس له الخروج في ذلك وعن أحمد روايتان لما روية عايشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة
الانسان وعنها انها قالت السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه ولأنه ليس بواجب فلا يجوز
ترك الاعتكاف الواجب لأجله والحديث نقول بموجبه ولا دلالة فيه على موضع النزاع والحديث الثاني ليس مسندا إلى الرسول صلى الله عليه وآله فلا يكون حجة و
كونه ليس بواجب لا يمنع الاعتكاف من فعله كقضاء الحاجة مسألة لو تعينت عليه صلاة الجنازة وامكنه فعلها في المسجد لم يجز له الخروج إليها فإن لم يمكنه
ذلك فله الخروج إليها وان تعين عليه دفن الميت أو تغسيله جاز له الخروج لأجله لأنه واجب متعين فيقدم على الاعتكاف كصلاة الجمعة والشافعي لما منع من عيادة
المريض وصلاة الجنازة قال لو خرج لقضاء الحاجة فعاد في الطريق مريضا فإن لم يقف ولا أزور عن الطريق بل اقتصر على السلام والسؤال فلا بأس وان وقف وأطال بطل اعتكافه
وان لم يطل فوجهان والأصح انه لا بأس به ولو أزور عن الطريق قليلا فعاده فقد جعلوه على هذين الوجهين والأصح عندهم المنع لما فيه من انشاء سير لغير قضاء حاجة و
قد روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان لا يسئل عن المريض إلا ما رأى في اعتكافه ولا يعرج عليه ولو كان المريض في بيت الدار التي يدخلها لقضاء الحاجة فالعدول لعيادته
قليل وإن كان في دار أخرى فكثير ولو خرج لقضاء حاجة فعثر في الطريق على جنازة فلا بأس إذا لم ينتظرها ولا يزور عن الطريق وفيه وجه آخر انه لا يجوز لان في صلاة الجنازة
يفتقر إلى الوقفة مسألة يجوز الخروج للمعتكف لإقامة الشهادة عند الحاكم سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا وسواء كان متتابعا أو غير متتابع تعين عليه التحمل
والأداء أو لم يتعين عليه أحدهما إذا ادعى إليها لان إقامة الشهادة أمر واجب لابد منه فصار ضرورة كقضاء الحاجة فلا يكون مبطلا وإذا ادعى إليها مع عدم التعيين
تجب الإجابة فلا يمنع الاعتكاف وقال الشافعي ان تعين عليه التحمل والأداء خرج ولا يبطل اعتكافه المتتابع بخروجه ويستأنف إذا عاد وإن تعين عليه التحمل
دون الأداء فكما لو لم يتعينا عليه وإن كان بالعكس فقولان لأنه خرج لغير حاجة فأبطل التتابع والمقدمة الأولى ممنوعة مسألة يجوز للمعتكف ان
يخرج في حاجة أخيه المؤمن لأنه طاعة فلا يمنع الاعتكاف منه ولما رواه الصدوق (ره) عن ميمون بن مهران قال كنت جالسا عند الحسن بن علي عليه السلام فأتاه
رجل فقال له يا ابن رسول الله صلى الله وعليه وآله ان فلانا له على مال ويريد أن يحبسني فقال والله ما عندي مال فأقضى عنك قال فكلمه فلبس عليه السلام نعله
فقلت له يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله أنسيت اعتكافك فقال لم أنس ولكني سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من سعى في حاجة أخيه المسلم
فكأنما عبد الله تسعة آلاف سنة صائما نهاره قائما ليله مسألة قال الشيخ (ره) يجوز ان يخرج ليؤذن في منارة خارجة عن المسجد وإن كان بينه وبين المسجد
فضاء ولا يكون مبطلا لاعتكافه لأن هذه المنارة بنيت للمسجد وأذانه فصارت كالمتصلة به ولان الحاجة قد تدعو إلى ذلك بأن يكون مؤذن المسجد وقد عرفت
الجيران صوته ووثقوا بمعرفته بالأوقات فجاز ذلك وقال الشافعي ان لم يكن بابها في المسجد ولا في رحبته المتصلة به ففي بطلان اعتكاف المؤذن الراتب بصعودها
للاذان وجهان ولو خرج إليها غير المؤذن الراتب للاذان فان أبطلنا اعتكاف الراتب فابطال هذا أولي وإلا فقولان مبنيان على انها مبنية للمسجد فتكون معدودة
من توابعه فلا يبطل اعتكافه أو ان الراتب قد اعتاد صعودها للاذان واستأنس الناس بصوته فيبطل هذا لفقد هذا المعنى فيه قال الشيخ (ره) لو خرج المؤذن
إلى دار الوالي وقال حي على الصلاة أيها الأمير أو قال الصلاة أيها الأمير بطل اعتكافه وهو حسن لأنه خرج من معتكفه لغير ضرورة وللشافعي قول بالجواز
لان بلالا جاء فقال السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته الصلاة يرحمك الله ونمنع كون بلال قاله حال اعتكافه أو انه خرج من المسجد فجاز أن يكون
على بابه سلمنا لكن فعله ليس حجة ويجوز للمعتكف الصعود على سطح المسجد لأنه من جملته وبه قال الفقهاء الأربعة وكذا يجوز ان يبيت فيه ولو كان إلى جنب
المسجد رحبة وليست منه لم يجز الخروج إليها إلا لضرورة لأنها خارجة عن المسجد فكانت كغيرها وهو إحدى الروايتين عن أحمد والثانية الجواز لأنها تابعة له
ومعه فكانت بمنزلته والمقدمتان ممنوعتان ولا فرق بين ان يكون عليها حايط وباب أو لم يكن مسألة إذا خرج المعتكف لضرورة حرم عليه المشي تحت الظلال
والوقوف فيه إلا لضرورة إلى أن يعود إلى المسجد وكذا لا يقف تحت غير الظلال لأنه مناف للاعتكاف الذي هو اللبث في المسجد
خاصة ولان المشي تحت الظلال نوع ترفه قال الصادق (ع) ولا تقعد تحت الظلال حتى تعود إلى مجلسك وقال الصادق عليه السلام لا ينبغي للمعتكف ان يخرج من
المسجد إلا لحاجة لابد منها ثم لا يجلس حتى يرجع ولا يخرج في شئ إلا لجنازة أو يعود مريضا ولا يجلس حتى يرجع وبه قال الثوري وحكى عن الطحاوي في كتاب
الاختلاف ان المعتكف لا يدخل تحت سقف إلا أن يكون ممره فيه فان دخل فسد اعتكافه وباقي العامة يجيزون له الاستظلال بالسقف والشيخ (ره) احتج عليهم
باجماع الطائفة والاحتياط مسألة إذا خرج المعتكف لضرورة لم يجز له أن يصلى إلا في المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة خاصة فإنه يصلى في أي بيوتها
شاء لأنها حرم فلها حرمة ليست لغيرها ولقول الصادق عليه السلام المعتكف بمكة يصلى في أي بيوتها شاء سواء صلى في المسجد أو في بيوتها ثم قال عليه السلام بعد
كلام ولا يصلى المعتكف في بيت غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة (وقال الصادق (ع) المعتكف بمكة صح) يصلى في أي بيوتها شاء والمعتكف في غيرها لا يصلى إلا في المسجد الذي سماه ولو اعتكف في غير
مكة فخرج لضرورة فضاق وقت الصلاة عن عوده صلى أين شاء ولا يبطل اعتكافه لأنه صار ضروريا فيكون معذورا كالمضي إلى الجمعة مسألة أوقات
الخروج للضرورة لا يجب تداركها ولا يخرج المعتكف فيها عن اعتكافه إذا لم يطل الزمان بل يكون الاعتكاف مستمرا في أوقات الخروج لقضاء الحاجة وشبهها
ولهذا لو جامع في هذا الوقت بطل اعتكافه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه لا يستمر بل يكون زمان الخروج لقضاء الحاجة كالمستثنى لفظا على المدة
المنذورة لأنه لا بد منه فان جعلناه كقضاء الحاجة لم يحتج إلى تجديد النية وان جعلناه كالمستثنى فلان اشتراط التتابع في الابتداء رابطة لجميع ما سوى تلك الأوقات
وقال بعض الشافعية ان طال الزمان ففي لزوم التجديد وجهان والحق ان مع طول الزمان بحيث يخرج عن الاسم يبطل الاعتكاف وإذا خرج لقضاء الحاجة لم يكلف الاسراع بل يمشى
291

على سجيته المعهودة لان عليه مشقة في الزامه غير ذلك وإذا خرج لقضاء الحاجة لم يجز له ان يجامع في مروره بأن يكون في هودج أو فرض ذلك في وقفه يسيرة فان
فعل بطل الاعتكاف وللشافعية في ابطال الاعتكاف وجهان أصحهما البطلان أما على تقدير القول باستمرار الاعتكاف في أوقات الخروج لقضاء الحاجة فظاهر لان
الجماع يكون قد صادف الاعتكاف وأما على تقدير القول بعدم استمراره فلان الجماع عظيم الوقع فالاشتغال به أشد اعراضا عن العبادة والثاني انه لا يبطل لأنه غير معتكف
في تلك الحال ولم يصرف إليه زمانا وإذا فرغ من قضاء الحاجة واستنجى لم يلزمه نقل الوضوء إلى المسجد بل يقع ذلك تابعا بخلاف ما إذا احتاج إلى الوضوء
بمعنى غير قضاء الحاجة كما لو قام من النوم فإنه لا يجوز له الخروج ليتوضأ في أظهر وجهي الشافعية إذا أمكن الوضوء في المسجد وإذا منعنا من الاكل خارج المسجد أو
مشى إلى منزله لقضاء الحاجة جاز له ان يأكل لقمة أو لقمتين وليس له أن يأكل جميع أكله لان القليل لا اعتداد به مسألة إذا حاضت المرأة أو
نفست وهي معتكفة لزمها الخروج من المسجد بلا خلاف لان الحيض حدث يمنع اللبث في المسجد فهو كالجنابة وآكد منه وقد قال عليه السلام لا أحل المسجد
لحايض ولا جنب وإذا خرجت لعذر الحيض مضت إلى بيتها وبه قال الشافعي ومالك و ربيعة والزهري وعمرو بن دينار أما خروجها من المسجد فلما تقدم من
الاجماع والحديث وأما رجوعها إلى منزلها فلانه وجب عليها الخروج من المسجد وبطل اعتكافها ولقول الصادق عليه السلام انها ترجع إلى بيتها وقال
احمد ان لم يكن في المسجد رحبة رجعت إلى منزلها وإن كان له رحبة خارجة يمكن ان تضرب فيها خبأها (
ضربت خبأها صح) فيها مدة حيضها وقال النخعي تضرب فسطاطها في دارها
فإذا طهرت قضت تلك الأيام وان دخلت بيتا أو سقفا استأنفت لان عايشة قالت كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله اخراجهن من المسجد
وان يضربن الأخبية في رحبة المسجد حتى يظهرن ولا حجة فيه لجواز ان يكون عليه السلام أمر بذلك ليعرف الناس ان رحبة المسجد ليست منه أو لان الاعتكاف قد كان واجبا عليهن
وعلم عليه السلام من حالهن توهم سقوطه بخروجهن من المسجد إذا عرفت هذا فإن كان اعتكافها ثلاثة أيام لا غير فإذا حاضت في أثنائه بطل ولم يجز لها البناء على
ما فعلته لان الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام عندنا ثم إن كان واجبا وجب عليها بعد الطهر الاستيناف وإلا فلا وإن كان أكثر فان حاضت بعد الثلاثة جاز
لها البناء على ما فعلته بعد الطهر لأنه عذر كقضاء الحاجة ولا يعد أيام الحيض من الاعتكاف إجماعا ومن لا يشترط الصوم من العامة يجوز البناء على ما تقدم مطلقا
إذا ثبت بهذا فالنفساء بحكم الحايض لان النفاس في الحقيقة حيض وأما المستحاضة فإنها بمنزلة الطاهر يجوز لها الاعتكاف مع الأغسال قالت عايشة اعتكفت مع
رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلى فإن لم يكن صيانة المسجد عن التلويث
خرجت لأنه عذر فإن كان الزمان يسيرا جدا كقضاء الحاجة بنت على ما فعلت وحسبت زمان الخروج من الاعتكاف كزمان قضاء الحاجة وقال الشافعي إن كانت
المدة المنذورة طويلة لا تخلو عن الحيض غالبا لم ينقطع التتابع بل تبنى إذا طهرت كما لو حاضت في صوم شهرين عن الكفارة وإن كانت بحيث تخلو عن الحيض
فقولان أحدهما انه لا ينقطع به التتابع لان جنس الحيض متكرر بالجبلة فلا يؤثر في التتابع كقضاء الحاجة وأظهرهما يقطع لأنها بسبيل ان تسرع كما لو طهرت مسألة
إن طلقت المعتكفة رجعيا خرجت عن اعتكافها إلى منزلها عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ولان الاعتداد
في بيتها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في حق الرجل وقال ربيعة ومالك وابن المنذر تمضى في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه
لان الاعتكاف المنذور واجب والاعتداد في بيت الزوج واجب وقد تعارضا فيقدم الأسبق وينتقض بالخروج إلى الجمعة وساير الواجبات إما استيناف
الاعتكاف فإنه يصح على تقدير ان يكون الاعتكاف واجبا ولم يشترط الرجوع مسألة إذا مرض المعتكف مرضا يخاف منه تلويث المسجد كإدرار البول و
انطلاق البطن والجرح السايل فإنه يخرج منه إجماعا صيانة للمسجد عن النجاسة وإذا برئ بنى على اعتكافه ولا يبطل ما تقدم إلا أن يكون أقل من ثلاثة أيام عندنا
وينقطع به التتابع والمشهور عند الشافعية لا ينقطع التتابع لاضطراره إليه كالخروج للحيض وللشافعي قول اخر انه ينقطع وإن كان المرض خفيفا يمكنه معه المقام في
المسجد ولا يتضرر بالصوم وجب عليه اكمال اعتكافه الواجب ويستحب اتمام المندوب فان خرج فيهما بطل اعتكافه وذلك كوجع ضرس وصداع يسير وما
أشبهه مما لا يوجب الافطار وإن كان المرض ثقيلا يفتقر معه إلى الافطار ويحتاج إلى الفراش والطبيب والمعالجة خرج إجماعا فإذا برأ أتم اعتكافه إن كان قد اعتكف
أولا ثلاثة أيام فما زاد وإلا وجب عليه الاستيناف وللشافعي قولان أحدهما انه لا ينقطع به التتابع لدعاء الحاجة إليه فصار كالخروج لقضاء الحاجة والثاني انه
ينقطع لان المرض لا يغلب عروضه بخلاف قضاء الحاجة والحيض فإنه يتكرر غالبا فيجعل كالمستثنى لفظا إذا عرفت هذا فالاعتكاف إن كان مندوبا خرج المريض
إلى بيته ولا يجب قضاؤه وإن كان واجبا فإن كان ثلاثة لا غير استأنف الاعتكاف لان ما بقى أقل من ثلاثة وكذا ما مضى فالماضي لا يجزئه عنه وكذا الباقي
ولقول الصادق عليه السلام إذا مرض المعتكف وطمثت المرأة المعتكفة فإنه يأتي بيته ثم يعيد إذا برء ويصوم وإن كان أكثر من ثلاثة فإن كان قد حصل
العارض بعد الثلاثة خرج فإذا عاد بنى فإن كان الباقي ثلاثة أيضا فما زاد أتى به وإن كان أقل ضم إليه ما يكمله ثلاثة وان حصل العارض قبل انقضاء الثلاثة
فالأقرب الاستيناف مسألة إذا اعتكف في المسجد الحرام فاحرم بحج أو عمرة حالة اعتكافه لزمه الاحرام ويقيم في معتكفه إلى أن يتم ثم يمضى في احرامه لأنها عبادة
تبطل بالخروج لغير ضرورة ولا ضرورة هنا ولو خاف فوات الحج ترك الاعتكاف ومضى في الحج فإذا فرغ استأنف واجبا إن كان الاعتكاف واجبا ولم تمض ثلاثة وإلا ندبا
لان الخروج حصل باختياره لأنه كان يسعه ان يؤخر الاعتكاف ولو نذر ان يعتكف في المسجد الحرام فإن كان فيه اعتكف وإن كان بعيدا عنه دخل إليه ولم يدخله
إلا بنسك إما حج أو عمرة ولو أغمي على المعتكف أياما ثم أفاق قال الشيخ ره لم يلزمه قضاؤه لعدم الدليل عليه ولو وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا
أو حريقا ان قعد في المسجد فله ترك الاعتكاف لأنه تعالى أباح ترك الجمعة الواجبة وطهارة الماء بذلك فأولى ان يباح لأجله ترك ما أوجبه على نفسه وقد روى
عن الصادق عليه السلام ان واقعة بدر كانت في شهر رمضان فلم يعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله فلما إن كان من قابل اعتكف عشرين يوما عشرة لعامه وعشرة قضاء
لما فاته وإذا جاز ترك الاعتكاف من أصله فكذا في أثنائه مسألة لو خرج المعتكف من المسجد سهوا لم يبطل اعتكافه ولا تتابعه وهو أحد قولي الشافعية لقوله
عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ولأنه فعل المنهى عنه ناسيا فلا يقتضى فساد العبادة كالاكل في الصوم وغيره من المفطرات والثاني للشافعية انه يبطل التتابع
لان اللبث مأمور به والنسيان ليس بعذر في ترك المأمورات وهو ممنوع وللحنابلة قولان كهذين مسألة لو أكره على الخروج فان طال زمانه بطل اعتكافه
لانتفاء المسمى ولو لم يبطل لم يبطل بل يبنى مع العود لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه وللشافعي قولان أحدهما بطلان الاعتكاف
292

وانقطاع التتابع بالاكراه على الخروج والثاني عدم البطلان ولو أخرجه السلطان فإن كان ظلما مثل أن يطالبه بما ليس عليه أو بما له عليه وهو معسر لو يبطل
اعتكافه إلا مع طول الزمان وان أخرجه بحق مثل إقامة حد أو استيفاء دين يتمكن من أدائه بطل اعتكافه واستأنف وبه قال الشافعي في المال خاصة دون الحد
لان التقصير منه في المال واخرج نفسه إلى الاخراج مع تمكنه من تركه فكان كمن يخرج مختارا إما في الحد فلانه مكره على الخروج إن ثبت بالبينة وان ثبت بإقراره
انقطع تتابعه ونص في الثابت بالبينة انه لا ينقطع تتابعه وفرق بينه وبين إقامة الشهادة ان الشهادة إنما تتحمل لتؤدى فاختياره للتحمل اختيار للأداء والجريمة
الموجبة للحد لا يرتكبها المحرم ليقام عليه الحد فلم تحصل باختياره ولا اعتبار باختيار السبب وينتقض بأداء الشهادة إذا كان مختارا في تحملها فإنه يبطل اعتكافه عنده
لو خرج لأدائها مضطرا ولو حمل فاخرج فكالمضطر وقال الشافعي لا يبطل كما أنه لو وجر الصايم الطعام لا يبطل صومه مسألة الاعذار المبيحة للخروج إذا لم تقتض بطلان
الاعتكاف لا يجب قضاء أوقاتها على الأقوى لأنه كالمستثنى وقال الشافعي يجب قضاؤها إلا وقت قضاء الحاجة وهل يجب تجديد النية عند العود أما إذا خرج لقضاء
الحاجة فلا وكذا ما لابد منه كالخروج للاغتسال والاذان إذا جوزنا له الخروج إليه أما ما منه بد فوجهان أحدهما انه يجب لأنه خرج عن العبادة بما عرض والأظهر عدم
الوجوب لشمول النية جميع المدة مسألة يستحب للمعتكف ان يشترط على ربه في الاعتكاف انه ان عرض له عارض أن يخرج من الاعتكاف باجماع العلماء إلا
ما حكى عن مالك أنه قال لا يصح الاشتراط لأنه عبادة (في انهائها الخيرة فله اشتراط الرجوع مع العارض كالحج ولأنه عبادة صح) يجب بعقده فكان الشرط إليه فيه كالوقف ولان الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر
الذي أقامه وقد قال الصادق عليه السلام واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط عند احرامك ان ذلك في اعتكافك عند عارض ان عرض لك من علة تنزل بك
من أمر الله وقال الصادق عليه السلام وينبغي للمعتكف إذا اعتكف ان يشترط كما يشترط الذي يحرم واحتج مالك بأنه شرط في العبادة ما ينافيها فلا يصح كما لو شرط الجماع أو
الاكل في الصلاة ونمنع شرط المنافي بل هو بمنزلة من شرط الاعتكاف في زمان دون زمان وهو صحيح بخلاف أصله لأنه شرطان يأتي بمنهى عنه في العبادة فلم يجز
مسألة قال الشيخ (ره) إذا اشترط المعتكف على ربه انه إن عرض له عارض رجع فيه فله الرجوع أي وقت شاء ما لم يمض له يومان فان مضى له يومان وجب الثالث
وان لم يشترط وجب عليه بالدخول فيه تمام ثلاثة أيام لان الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام وقال في النهاية متى شرط جاز له الرجوع فيه أي وقت شاء وإن لم يشترط
لم يكن له الرجوع فيه إلا أن يكون أقل من يومين فان مضى عليه يومان وجب عليه ثلاثة أيام لقول الباقر عليه السلام إذا اعتكف (الرجل صح) يوما ولم يكن اشترط فله ان يخرج
ويفسخ اعتكافه وإن (أقام يومين و) لم يكن اشترط فليس له ان يخرج ويفسخ اعتكافه حتى يمضى ثلاثة أيام ويجئ على قول الشيخ (ره) تفصيل وهو (ان الاعتكاف صح) إن كان متبرعا به جاز له ان يرجع
متى شاء سواء شرط أو لا لأنه عبادة مندوبة لا تجب بالدخول فيها وإن كان منذورا فإما أن يعينه بزمان أو لا وعلى التقديرين فإما أن يشترط التتابع أو لا وعلى
التقادير الأربعة فإما ان يشترط على ربه الرجوع إن عرض له عارض أو لا فالأقسام ثمانية (آ) ان يعين زمانا ويشترط التتابع والرجوع مع العارض فله الرجوع عند العارض
ولا يجب عليه إتمامه عملا بالشرط ولا قضاؤه لأصالة البراءة السليمة عن المعارض (ب) عين النذر ولم يشترط التتابع لكن شرط الرجوع ثم عرض العارض فله الخروج
عملا بالشرط ولا يجب عليه التمام ولا القضاء (ج) عين النذر وشرط التتابع ولم يشترط على (ربه فإنه يخرج مع العارض ويقضى مع الزوال متتابعا (د) عين النذر ولم يشترط صح) التتابع ولا شرط على ربه ثم حصل العارض فإنه يخرج ويقضى الفايت (ه‍) لم يعين
زمانا لكن شرط التتابع واشترط على ربه فعند العارض يخرج (ثم يأتي بما بقى عليه متتابعا عند زواله إن كان قد اعتكف ثلاثة وإن كان أقل استأنف ولم يعين
واشترط التتابع ولم يشترط على ربه فإنه يخرج صح) مع العارض ثم يستأنف اعتكافا متتابعا لأنه وجب عليه متتابعا ولا يتعين بفعله إذا لم يعينه بنذره
فيجب عليه الاتيان به على وصفه الذي شرط في نذره وفيه اشكالا (ز) لم يعين واشترط على ربه ولم يشترط التتابع فإنه يخرج مع العارض ثم يستأنف إن كان
قد اعتكف أقل من ثلاثة وإلا بنى وإن كان الواجب أزيد وأتى بالباقي وإن كان ثلاثة فما زاد وإلا فثلاثة (ح) لم يعين ولم يشترط التتابع ولا شرط على ربه
فإنه يخرج مع العارض ويستأنف ان لم تحصل ثلاثة وإلا أتم مسألة الاشتراط إنما يصح في عقد النذر إما إذا اطلقه من الاشتراط فلا يصح له الاشتراط
عند ايقاع الاعتكاف فإذا لم يشترط ثم عرض ما يمنع الصوم أو الكون في المسجد فإنه يخرج ويقتضي الاعتكاف إن كان واجبا فواجبا وإن كان ندبا فندبا وإنما
يصح اشتراط الرجوع مع العارض فلو شرط الجماع في اعتكافه أو الفرجة والتنزه أو البيع والشراء للتجارة أو التكسب بالصناعة في المسجد لم يجز لأنه مناف للاعتكاف
مسألة قد بينا انه يجوز للمعتكف الخروج لقضاء الحاجة ولنفع المؤمن والصلاة على الجنايز وعيادة المريض وشراء مأكوله ومشروبه وأكثر العامة منع من
الخروج إلا لقضاء الحاجة ولما لا بد له منه فان خرج لما له منه بد بطل اعتكافه وان قل وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي واحمد وقال أبو يوسف ومحمد
لا يفسد حتى يكون أكثر من نصف يوم لان اليسير معفو عنه كما لو تأنى في مشيه ولان صفية أتت النبي صلى الله عليه وآله تزوره في معتكفه فلما قامت لتنقلب خرج
معها ليقلبها ويحتمل ان لا يكون له عليه السلام منه بد لأنه كان ليلا فلم يأمن عليها مسألة منع العامة من الخروج لعيادة المريض وشهادة الجنازة إلا أن يشترط فعل
ذلك في اعتكافه فيكون له فعله سواء كان الاعتكاف واجبا أو ندبا وكذا ما كان قربة كزيارة أهله أو رجل صالح أو عالم أو كان مباحا مما يحتاج إليه كالاكل في منزله والمبيت
فيه فله فعله وفي المبيت اشكال وقد أجاز اشتراط الاكل في منزله الحسن والعلا بن زياد والنخعي وقتادة ومنع منه مالك والأوزاعي وقال مالك لا يكون في الاعتكاف
شرط وليس بجيد إذ لا يجب بعقده فكان الشرط فيه إليه كالوقف ولان الاعتكاف لا يختص بقدر فإذا شرط الخروج فكأنه نذر القدر الذي اقامه وان قال متى مرضت
أو عرض لي عارض خرجت جاز شرطه مسألة إذا نذر اعتكافا بصفة التتابع وشرط الخروج منه إن عرض عارض صح شرطه على ما تقدم لان الاعتكاف
إنما يلزم التزامه فيجب بحسب الالتزام وهو أظهر قولي الشافعي وله قول اخر انه لا يصح كما هو مذهب مالك لأنه شرط المنافي فيلغو كما لو شرط ان يخرج للجماع والمشهور
عند الشافعية الصحة وبه قال أبو حنيفة وبالثاني قال مالك وعن أحمد روايتان فعلى القول بالصحة إن عين نوعا مثل أن قال لا اخرج إلا لعيادة المريض
أو عين ما هو أخص فقال لا اخرج إلا لعيادة زيد خرج فيما عينه خاصة دون غيره وإن كان أهم منه عند الشافعي وعندنا يجوز فيما عداه من القرب على ما سبق
إلا أن يطول الزمان وان اطلق وقال لا اخرج إلا لشغل يعترى أو لعارض كان له ان يخرج لكل شغل ديني كحضور الجمعة وعيادة المريض أو دنيوي كلقاء
السلطان واقتضاء الغريم ولا يبطل التتابع بشئ من ذلك عنده وشرط في الشغل الدنيوي الإباحة وللشافعية وجه آخر انه لا يشترط ولا عبرة بالنزهة لأنه
لا يعد من الاشغال ولا يعتنى به ولو قال إن عرض لي عارض قطعت الاعتكاف فالحكم كما لو شرط إلا أنه في شرط الخروج يلزمه العود عند قضاء الحاجة وفيما
إذا قصد القطع لا يلزمه ذلك وكذا لو قال على أن اعتكف رمضان إلا أن أمرض أو أسافر فإذا مرض أو سافر
فلا شئ عليه ولو نذر صلاة وشرط الخروج (ان عرض عارض أو صوما وشرط الخروج صح) ان جاع
أو أضيف فيه فلهم وجهان أحدهما وهو قول أكثر الشافعية انه يصح هذا الشرط كما في الاعتكاف والثاني لا يصح ولا ينعقد النذر بخلاف الاعتكاف لان ما يتقدم
293

منه على الخروج عبادة وبعض الصلاة والصوم ليس بعبادة ولو فرض ذلك في الحج انعقد النذر عندهم كما ينعقد الاحرام المشروط ولكن في جواز الخروج للشافعي قولان
والصوم والصلاة أولي لجواز الخروج منهما عند أكثرهم لأنهما لا يلزمان بالشروع والالتزام مشروط فإذا وجد العارض فلا يلزم والحج يلزم بالشروع ولو نذر
التصدق بعشرة دراهم أو بهذه الدراهم إلا أن يعرض حاجة ونحوها فلهم وجهان والأكثر عندهم صحة الشرط فإذا احتاج فلا شئ عليه ولو قال في هذه القربات
إلا أن يبدو لي فوجهان أحدهما انه يصح الشرط فلا شئ عليه إذا بدا له كشرط ساير العوارض وأظهرهما عندهم البطلان لأنه تعليق للامر بمجرد الخيرة وذلك
يناقض صيغة الالتزام ثم هل يبطل النذر من أصله أو يصح ويلغو الشرط للشافعية وجهان (قولان) وإذا شرط الخروج لغرض وقالوا بصحته فيخرج لذلك الغرض
هل يجب تدارك الزمان المصروف إليه ينظر إن نذر مدة غير معينة كشهر مطلق أو عشرة مطلقه فيجب التدارك لتتم المدة المنذورة وتكون فايدة الشرط
تنزيل الغرض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به وان عين المدة فنذر اعتكاف هذه العشرة أو شهر رمضان لم يجب التدارك لأنه لم ينذر الاعتكاف
ما عدا هذا الزمان من العشرة مسألة إذا نذر أن يعتكف شهرا بعينه دخل المسجد قبل غروب الشمس وخرج منه يوم الثلاثين بعد غروب الشمس وبه
قال مالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه نذر الشهر (وأوله غروب الشمس) ولهذا تحل الديون المعلقة به ويقع الطلاق والعتاق به المعلقان ووجب ان يدخل قبل الغروب
ليستوفى جميع الشهر فإنه لا يمكن إلا بذلك فيجب كما يجب امساك جزء من الليل مع النهار في الصوم وقال احمد في الرواية الثانية انه يدخل قبل طلوع الفجر
وبه قال الليث وزفر لان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل معتكفه ولان الله تعالى قال فمن شهد منكم الشهر فليصمه ولا
يلزم الصوم إلا من قبل طلوع الفجر ولان الصوم شرط في الاعتكاف فلم يجز ابتداؤه قبل شرطه ولا حجة في الخبر لأنه يدخل في التطوع متى شاء قال ابن عبد
البر لا أعلم أن أحدا من الفقهاء قال به والصوم محله النهار فلا يدخل فيه شئ من الليل في أثنائه ولا ابتدائه إلا ما حصل ضرورة بخلاف الاعتكاف ولو أحب
اعتكاف العشر الأواخر تطوعا ففيه روايتان عن أحمد أحدهما انه يدخل (فيه قبل صح) غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يعتكف
العشر الأوسط من رمضان حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج في صبيحتها من اعتكافه قال من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ولان العشر
بغير هاء عدد الليالي وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الثانية يدخل بعد صلاة الصبح وبه قال الأوزاعي وإسحاق لما روت عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله
كان إذا صلى الصبح دخل معتكفة واستحب احمد لمن اعتكف العشر الأخير من رمضان أن يبيت ليلة العيد في معتكفه ويستحب للمرأة إذا أرادت الاعتكاف ان يستتر بشئ لان
أزواج النبي صلى الله عليه وآله لما أردن الاعتكاف أمرن بأبنيتهن فضربن في المسجد وإذا ضربن بناء جعلته في مكان لا يصلى فيه الرجال لئلا يقطع صفوفهم ويضيق عليهم
ولا بأس للرجل ان يستتر أيضا فان النبي صلى الله عليه وآله أمر ببنائه فضرب ولأنه أستر له واخلي المطلب السادس في الكفارة مسألة إذا جامع
المعتكف في حال اعتكافه ليلا أو نهار أوجبت عليه الكفارة عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري والزهري وبعض الحنابلة واحمد في إحدى الروايتين لأنه عبادة
يفسدها الوطي معينة فوجبت الكفارة بالوطي فيها كالحج وصوم رمضان ولأنه زمان تعين للصوم وتعلق الاثم بإفساده فوجبت الكفارة فيه بالجماع كشهر رمضان
ولان سماعة سأل الصادق عليه السلام عن معتكف واقع أهله فقال هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان وسأله أبو ولاد الحناط عن امرأة كان زوجها غائبا
فقدم وهي معتكفة بإذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومها من المسجد إلى بيتها وتهيأت لزوجها حتى واقعها فقال إن كان خرجت من المسجد قبل أن تمضى ثلاثة أيام
ولم تكن اشترطت في اعتكافها كان عليها ما على المظاهر وقال احمد في الرواية الأخرى لا كفارة عليه وهو قول عطا والنخعي وأهل المدينة ومالك وأهل العراق والثوري
وأهل الشام والأوزاعي لأنها عبادة لا تجب بأصل الشرع فلا تجب بإفسادها كفارة كالنوافل ولأنها عبادة لا يدخل المال في جبرانها فلم تجب الكفارة بإفسادها كالصلاة
ولان الكفارة إنما تثبت بالشرع ولم يرد الشرع بايجابها فيبقى على الأصل والفرق ان النوافل لا يتعلق بإفسادها إثم فلا كفارة لان الكفارة تتبع الاثم والقياس على الصلاة
ممنوع ومعارض بما قلناه ولأنه في مقابلة النص وقد بينا ورود الشرع بالوجوب وهي الاخبار المروية عن أهل البيت عليهم السلام وهم أعرف بالأحكام من غيرهم فإن الوحي
في بيتهم نزل مسألة كفارة الاعتكاف عند علمائنا هي كفارة رمضان عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا وبه قال الحسن والزهري إلا أنهما
قالا بالترتيب وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنها كفارة في صوم واجب فكانت مثل كفارة رمضان ولما تقدم من الروايتين عن الصادق عليه السلام ولان سماعة قال
سألت الصادق عليه السلام عن معتكف واقع أهله قال عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا
وقال بعض الحنابلة تجب كفارة يمين والمشهور عن أحمد أنه قال من أصاب في اعتكافه فهو كهيئة المظاهر نقله عن الزهري ثم قال إذا كان نهارا وجبت عليه الكفارة مسألة
الذي عليه فتوى علمائنا انها كفارة مخيرة مثل كفارة رمضان لما تقدم من الروايات وللأصل وفي الرواية عن الباقر عليه السلام واخرى عن الباقر والصادق عليهما السلام ان عليه ما
على المظاهر وهي محمولة على المساواة في المقدار دون الترتيب جمعا بين الروايات مسألة الجماع ان وقع في نهار رمضان وجب عليه كفارتان إحديهما عن
الاعتكاف والاخرى عن رمضان وان وقع ليلا وجبت كفارة واحدة وإن كان في غير رمضان وكذا إن وقع في نهار غير رمضان لان كل واحد من عبادتي الاعتكاف
ورمضان يوجب الكفارة والأصل عدم التداخل عند تغاير السبب وقد سأل عبد الاعلى بن أعين الصادق عليه السلام عن رجل وطى امرأته وهو معتكف ليلا في شهر
رمضان قال عليه الكفارة قال قلت فإن وطئها نهارا قال عليه كفارتان والسيد المرتضى رضوان الله عليه اطلق فقال المعتكف إذا جامع نهارا كان عليه كفارتان وإن جامع ليلا
كان عليه كفارة واحدة والظاهر أن مراده رمضان مسألة لو كانت المرأة معتكفة ووطئها مختارة وجب عليها مثل ما يجب على الرجل فإن أكرهها تضاعفت
الكفارة عليه فإن كان الاكراه في نهار رمضان وجب عليه أربع كفارات ولا يبطل اعتكافها ولا صومها للاكراه وإن كان في ليل (أو في نهار صح) غير رمضان كان عليه كفارتان لا غير و
لا يفسد اعتكافها أيضا ومع المطاوعة يفسد اعتكافها كالرجل وقال بعض علمائنا لا يجب تضاعف الكفارة بالاكراه لان الكفارة تتبع افساد الاعتكاف وهو
غير متحقق في طرف المرأة لان اعتكافها صحيح ولا بأس به مع أن رواية التضعيف ضعيفة لان في طريقها المفضل بن عمر وفيه قول مسألة المباشرة دون
الفرج إن كانت بغير شهوة فلا بأس بها مثل ان تغسل رأسه أو تقلبه أو تناوله شيئا ان النبي صلى الله عليه وآله كان يدنى رأسه إلى عايشة وهو معتكف فترجله وإن كانت
عن شهوة فهي محرمة لقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ولأنه لا يأمن من افضائها إلى فساد الاعتكاف وما افضى إلى الحرام يكون حراما فإن فعل ما ينزل
فسد اعتكافه وإن لم ينزل لم يفسد وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه لأنها مباشرة لا تفسد صوما ولا حجا فلم يفسد الاعتكاف كالمباشرة بغير شهوة والقول
294

الثاني للشافعي انها تفسد في الحالين وبه قال مالك لأنها مباشرة محرمة فأفسدت الاعتكاف كما لو انزل والفرق انها مع الانزال تفسد الصوم قال الشيخ (ره)
ويجب القضاء والكفارة بالجماع وكذا كل مباشرة تؤدى إلى انزال الماء عمدا مسألة اعلم أن الكفارة تجب بإفساد الاعتكاف الواجب بالجماع اجماعا
وكذا بالانزال بالمباشرة وشبهها عند علمائنا وأكثر العامة وهل تجب بالاكل والشرب خلاف عند علمائنا
عند علمائنا المشهور إنها تجب وقال بعض علمائنا لا تجب للأصل والنص إنما ورد في الجماع ولا يجب سوى القضاء إن كان الصوم واجبا أو كان في ثالث المندوب
وإلا لم يجب القضاء أيضا وقال المفيد (ره) والسيد المرتضى رضوان الله عليها تجب الكفارة بكل مفطر في شهر رمضان وقال بعض علمائنا إن كان الاعتكاف (في نهار صح) شهر رمضان
وجب الكفارة بكل مفطر وكذا إن كان منذورا معينا لأنه بحكم رمضان ولو كان الاعتكاف مندوبا أو واجبا غير معين بزمان لم تجب الكفارة إلا بالجماع خاصة
مسألة لو مات المعتكف قبل انقضاء مدة اعتكافه قال الشيخ (ره) في أصحابنا من قال يقضى عنه وليه أو يخرج من ماله من ينوب عنه لعموم ما روى أن
من مات وعليه صوم واجب على وليه القضاء عنه أو الصدقة والأقرب ان يقال إن كان واجبا فكذلك على اشكال وإن كان ندبا فلا قال الشيخ رحمه الله
قضاء الاعتكاف الفايت ينبغي أن يكون على الفور فان قصد الوجوب فهو ممنوع لأصالة البراءة وإن أراد الاستحباب فهو جيد لما فيه من المسارعة إلى
فعل الطاعة واخلاء الذمة عن الواجب ثم قال (ره) إذا أغمي على المعتكف أياما (ثم افاق صح) لم يلزمه قضاؤه لأنه لا دليل وعليه الوجه الوجوب إن كان واجبا غير معين وإن كان
معينا وأغمى عليه في تلك الأيام فالأولى السقوط لأصالة البراءة ثم قال (ره) متى كان خروجه من الاعتكاف بعد الفجر كان دخوله في قضائه قبل الفجر ويصوم
يومه ولا يعيد الاعتكاف ليله وإن كان خروجه ليلا كان قضاؤه من مثل ذلك الوقت إلى اخر مدة الاعتكاف المضروبة فإن كان قد خرج وقته من مدة الاعتكاف
بما فسخه به ثم عاد إليه وقد بقيت مدة من التي عقدها تمم باقي المدة وزاد في اخرها مقدار ما فاته من الوقت مسألة قد بينا ان الاعتكاف في
أصله مندوب ولا يجب بالدخول فيه ولا يمضى يومين على أقوى القولين فينوي الندب إن لم ينذره وعند الشيخ (ره) ينوى الندب في اليومين الأولين وفي
الثالث ينوى الوجوب وعلى قوله الاخر من أنه يجب بالدخول فيه فينوي الوجوب في اليوم الثاني (والثالث صح) وإذا وجب عليه قضاء يوم من اعتكاف اعتكف ثلاثة
ليصح ذلك اليوم وينوى الوجوب في الجميع لان ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وكذا لو نذر أن يعتكف أول الشهر وقال قدوم زيد وجب ان يضم إليه آخرين
وينوى الوجوب في الجميع ولو نذر أن يعتكف يوما لا أزيد (أو نذر صح) أن يعتكف يوم قدوم زيد لم ينعقد نذره ولو نذر ان يعتكف ثلاثة أيام دون لياليها قيل يصح
وقيل لا لأنه بخروجه عن الاعتكاف يبطل اعتكافه وهو المعتمد وإذا اعتكف العبد بإذن مولاه ندبا لم يجب الدخول فيه فإذا أعتق لم يصر واجبا ولا اليوم
الثالث على الأقوى ويجئ على قول الشيخ الوجوب وإن لم يعتق ولو نذر اعتكاف شهر بعينه ولم يعلم به حتى خرج كالمحبوس والناسي قضاه وإذا اعتكف ثلاثة متفرقة
قيل يصح لان التتابع لا يجب إلا بالاشتراط وقيل لا يصح لان شرط الاعتكاف التتابع وهو الحق تم الجزء الرابع من كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله ومنه في رابع عشر المحرم
سنة ست عشرة وسبعمائة فرغت من تصنيفه وتصفيفه في هذا التاريخ ويتلوه في الجزء الخامس كتاب الحج وكتب حسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلى مصنف الكتاب بالحلة و
الحمد الله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحج والعمرة وفيه مقدمة
ومقاصد أما المقدمة ففيها مسائل مسألة الحج لغة القصد ولهذا يسمى الطريق محجة لأنه يوصل إلى المقصود وقال الخليل الحج القصد إلى من تعظمه
وسمى الحج حجا لان الحاج يأتي قبل الوقوف بعرفة إلى البيت ثم يعود إليه لطواف الزيادة ثم ينصرف إلى منى ثم يعود إليه لطواف الوداع وفيه لغتان بفتح
الحاء وكسرها وأما في عرف الشرع فقال الشيخ (ره) انه كذلك إلا أنه اختص بقصد البيت الحرام لأداء مناسك مخصوصة عنده متعلقة بزمان مخصوص وقال ابن إدريس
الحج في الشريعة القصد إلى مواضع مخصوصة لأداء مناسك مخصوصة عندها متعلقة بزمان مخصوص ليدخل الوقوف بعرفة والمشعر ومنى وهو غير وارد
على الشيخ (ره) لان كل واحد من الوقوفين قد يسقط بصاحبه وكذا قصد منى مع بقاء حقيقة الحج بخلاف قصد البيت فإنه لا يصدق سمى الحج إلا به وقال بعض
العامة الحج في الشرع اسم لأفعال مخصوصة وما ذكرناه أولي لان التخصيص أولي من النقل وأما العمرة فهي في اللغة عبارة عن الزيارة وفى الشرع عبارة عن زيارة البيت
الحرام لأداء مناسك عنده ولا يختص المبتولة بزمان بخلاف المتمتع بها فان وقتها وقت الحج والنسك بإسكان السين اسم لكل عبادة وبضمها اسم للذبح والمنسك موضع
الذبح وقد يراد به موضع العبادة مسألة الحج فريضة من فرايض الاسلام ومن أعظم أركانه بالنص والاجماع قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه
سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين قال ابن عباس من كفر باعتقاده انه غير واجب وسأل علي بن جعفر أخاه الكاظم عليه السلام عن قوله تعالى ومن كفر
قال قلت ومن لم يحج منا فقد كفر فقال لا ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر وقد قال تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
قال بنى الاسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وهو صوم شهر رمضان وحج البيت
ذكر فيها الحج وعن ابن عباس قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا أيها الناس ان الله كتب عليكم الحج فقام الأقرع بن حابس فقال أفى كل عام يا رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال لو قلتها لوجبت ولو وجبت لم تعملوا بها الحج مرة فمن زاد فتطوع ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال إذا قدر الرجل على ما يحج به ثم دفع ذلك وليس له شغل يعذر به فقد ترك شريعة من شرايع الاسلام وعن ذريح المحاربي في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة يخيف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا وقد أطبقت الأمة كافة
على وجوب الحج على جامع الشرائط في العمر مرة واحدة مسألة والحج فيه ثواب عظيم وأجر جزيل روى معوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلم عن أبيه
عن آبائه عليهم السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لقيه أعرابي فقال له يا رسول الله صلى الله عليه وآله انى خرجت أريد الحج ففاتني وانى رجل ميل فمرني ان صنع
في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج قال فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له انظر إلى أبى قبيس فلو ان أبا قبيس لك ذهبة حمراء أنفقته في سبيل
الله ما بلغت به مبلغ الحاج ثم قال إن الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه إلا كتب الله له عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات ويرفع له عشر درجات
فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا ولم يصنعه إلا كتب له مثل ذلك فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه فإذا وقف بعرفات
خرج من ذنوبه فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه قال فعدد رسول الله صلى الله عليه وآله كذا وكذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج
295

من ذنوبه ثم قال انى لك ان تبلغ ما بلغ الحاج قال أبو عبد الله عليه السلام ولا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر وتكتب له الحسنات إلى (إلا) ان يأتي بكبيرة وفى الصحيح عن معوية
ابن عمار عن الصادق عليه السلم قال الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف فصنف يعتقون من النار وصنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وصنف يحفظ في أهله
وماله فذاك أدنى ما يرجع به الحاج وفى الصحيح عن معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحج والعمرة تنفيان الفقر
والذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد قال معوية فقلت له فحجة أفضل أو عتق رقبة قال حجة أفضل قلت فثنتين (فرقبتين؟) قال معوية فلم أزل أزيده ويقول حجة أفضل
حتى بلغت ثلاثين رقبة قال حجة أفضل وعن الصادق عليه السلم قال الحاج والمعتمر وفد الله إن سألوه أعطاهم وان دعوه أجابهم وان شفعوا شفعهم وان سكتوا
بدأهم ويعوضون بالدرهم الف ألف درهم مسألة والعمرة واجبة كالحج في وجوبه وهيئته وجوبه على من يجب عليه الحج عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام
وعمر وابن عباس وزيد بن ثابت وابن عمر وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطا وطاوس ومجاهد والحسن البصري وابن سيرين والشعبي والثوري وإسحاق و
الشافعي في الجديد واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله والامر للوجوب والعطف بالواو يقتضى التشريك في الحكم وما رواه العامة
ان النبي صلى الله عليه وآله جاء إليه رجل فقال أوصني فقال صلى الله عليه وآله تقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتحج وتعتمر وقال عليه السلام الحج والعمرة فريضتان و
من طريق الخاصة عن زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج لان الله تعالى يقول وأتموا الحج والعمرة لله والاخبار في
ذلك متواترة وقال الشافعي في القديم واحمد في الرواية الثانية ان العمرة ليست واجبة وهو مروى عن ابن مسعود وبه قال مالك وأبو ثور وأصحاب الرأي
لما رواه جابر ان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن العمرة أواجبة هي قال لا وان تعتمر فهو أفضل ولأنه نسك غير موقت فلم يكن واجبا كالطواف المجرد والحديث
نقله الترمذي عن الشافعي انه ضعيف لا يقوم بمثله الحجة وليس في العمرة شئ ثابت بأنها تطوع وقال ابن عبد البر روى ذلك بأسانيد لا تصح ولا يقوم
بمثلها لحجة ثم تحملها على المعهود وهي العمرة التي قضوها حين أحصروا في الحديبية أو على العمرة التي اعتمروها مع حجتهم مع النبي صلى الله عليه وآله
فإنها لم تكن واجبة على من اعتمر أو نحملها على من زاد على العمرة الواحدة وقياسهم باطل بالفرق فان الاحرام شرط في العمرة وليس شرطا في الطواف
مسألة ولا فرق بين أهل مكة وغيرهم في وجوبها عليهم باجماع علمائنا لعموم الأدلة فالقرآن عمم الحكم في الحج والعمرة على الجمع المعرف بلام
الجنس والاخبار دالة على العموم أيضا وقال احمد ليس على أهل مكة عمرة وقال كان ابن عباس لا يرى العمرة واجبة ويقول يا أهل مكة ليس عليكم عمرة إنما
عمرتكم طوافكم بالبيت وبه قال عطا وطاوس قال عطا ليس أحد من خلق الله إلا عليه حج وعمرة واجبان لابد منهما إذا استطاع إليهما سبيلا إلا أهل مكة فان عليهم
حجة وليس عليهم عمرة من أجل طوافهم البيت ولان ركن العمرة ومعظمها الطواف بالبيت وهم يفعلونه فأجزاء عنهم وهو غلط لأنه قول مجتهد مخالف
لعموم القرآن فلا يكون حجة وستأتى مباحث العمرة بعد ذلك انشاء الله تعالى وأما المقاصد فيشتمل الأول منها على فصول الفصل الأول في كيفية
الوجوب مسألة الحج يجب بأصل الشرع مرة واحدة وكذا العمرة ولا يجب أزيد منها وهو قول عامة أهل العلم وحكى عن بعض الناس أنه قال يجب في كل سنة
مرة وهو خلاف النص قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت ومقتضى الامر لا يقتضى التكرار فايجابه مخالف له وما رواه العامة في حديث ابن عباس وقد
سبق وعن أبي هريرة قال خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل أ كل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى عليه وآله لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم
واختلافهم على أنبيائهم فان أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال إذا
تمتع الرجل بالعمرة فقد قضى ما عليه من فريضة العمرة وقال الصادق عليه السلام في رجل أعتق عشية عرفة عبدا له يجزى عن العبد حجة الاسلام ويكتب للسيد
أجرين ثواب العتق وثواب الحج ولا خلاف بين المسلمين كافة في ذلك ولا عبرة بقول من شذ من العامة إذا عرفت هذا فما زاد على ذلك مستحب إلا ما يجب
بسبب كالنذر وشبهه والافساد والقضاء وكما يجب الاحرام بحج أو عمرة لدخول مكة على من يأتي والاستيجار وسيأتى وما ورد في أخبارنا من وجوبه على
أهل الجدة في كل عام فمحمول على وجوبه على البدل على معنى انه إذا لم يفعله في أول عام تمكنه وجب عليه في ثاني العام والثالث وهكذا كما تقول ان
خصال الكفارة كلها واجبة على هذا المنهاج وأيضا فان السند لا يخلو من ضعف فان الحديث الذي رواه حذيفة من منصور عن الصادق عليه السلام قال
انزل الله فرض الحج على أهل الجدة في كل عام في طريقه محمد بن سنان وفيه قول مسألة قد بينا ان الواجب بأصل الشرع مرة واحدة في الحج والعمرة
وما عداها مستحب مندوب إليه إلا لعارض يقتضى وجوبه كالاستيجار وغيره مما تقدم ذكره ويتكرر الوجوب بتكرر السبب وليس من العوارض الموجبة
الردة والاسلام بعدها فمن حج أو اعتمر ثم ارتد ثم عاد إلى الاسلام لم يلزمه الحج عند علمائنا وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة ومأخذ الخلاف ان الردة
عنده محبطة للعمل وعندنا وعند الشافعي انها إنما تحبطه بشرط ان يموت عليها قال الله تعالى ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر الآية واحمد
وافق أبا حنيفة في المسألة لكن لا من جهة هذا المأخذ مسألة ووجوب الحج والعمرة على الفور لا يحل للمكلف بهما تأخيره عند علمائنا أجمع وبه
قال علي عليه السلام ومالك واحمد والمزني وأبو يوسف وليس لأبي حنيفة فيه نص ومن أصحابه من قال هو قياس مذهبه لقوله تعالى ولله على الناس حج
البيت من استطاع مقتضاه الامر وهو للفور عند بعضهم وما رواه العامة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال تعجلوا الحج فان أحدكم لا
يدرى ما يعرض له وعن علي عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال من وجد زادا وراحلة تبلغه البيت فلم يحج فلا عليه ان يموت يهوديا أو
نصرانيا ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إذا قدر الرجل على ما يحج به ثم دفع ذلك وليس له شغل يعذر به فقد ترك
شريعة من شرايع الاسلام ولأنها عبادة لها وقت معلوم لا يفعل في السنة إلا مرة واحدة فيجب على الفور كالصوم وقال الشافعي انه لا يجب على الفور
بل يجوز له تأخيره إلى أي وقت شاء ونقله العامة عن ابن عباس وجابر وأنس ومن التابعين عطا وطاوس ومن الفقهاء
الأوزاعي والثوري لان فريضة الحج نزلت سنة ست من الهجرة وقيل سنة خمس وأخره النبي صلى الله عليه وآله من غير مانع فإنه خرج إلى مكة سنة سبع لقضاء
العمرة ولم يحج وفتح مكة سنة ثمان وبعث الحاج سنة تسع وحج هو عليه السلام سنة عشر وعاش بعدها ثمانين يوما ثم قبض صلى الله عليه وآله والجواب المنع
أولا من تمكنه من الحج فإنه عليه السلام أحرم بالعمرة عام الحديبية فاحصر وثانيا بالمنع من تأخير النبي عليه السلام عن عام الوجوب فان الآية نزلت وهي قوله تعالى
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا الآية سنة تسع وقيل سنة عشر فبادر رسول الله صلى الله عليه وآله بالحج من غير تأخير مسألة الحج واجب
296

على كل جامع للشرايط الآتية من ذكر وأنثى وخنثى وإن كان أعمى فان افتقر إلى قائد وتمكن من تحصيله والاستعانة به على حجه إما بإجارة أو غيرها وجب عليه
الحج بنفسه وليس له ان يستأجر من يحج عنه وبه قال الشافعي واحمد لعموم الآية والاخبار وقال أبو حنيفة لا يلزم فرض الحج بنفسه فان استأجر من يحج عنه جاز وروى الكرخي عنه انه لا حج عليه لان الحج عبادة تعلقت بقطع مسافة فوجب ان لا تلزم الأعمى كالجهاد وهو
خطا لان العمى ليس فيه أكثر من فقد الهداية بالطريق ومواضع النسك والجهل بذلك لا يسقط وجوب القصد كالبصير يستوى حكم العالم به والجاهل إذا وجد
دليلا فكذا الأعمى ولأنه فقد حاسة فلم يسقط بها فرض الحج بنفسه كالأصم مسألة مقطوع اليدين أو الرجلين إذا استطاع التثبت على الراحلة من غير مشقة أما مع قايد
ومعين ان احتاج إليه ووجده أو بدونهما إذا استغنى عنهما وجب عليه الحج وبه قال الشافعي لعموم قوله تعالى ولله على الناس الآية وغيرها من الأدلة و
قال أبو حنيفة لا يلزمه كالأعمى والخلاف فيهما واحد مسألة المحجور عليه للسفه يجب عليه الحج كغيره مع الشرايط للعموم إلا أنه لا يدفع المال إليه لأنه ممنوع
من التصرف فيه لتبذيره بل يخرج الولي معه من ينفق عليه بالمعروف ويكون قيما عليه ولو احتاج إلى زيادة نفقة لسفره كان الزايد في ماله ينفق القيم
عليه منه بخلاف الصبى والمجنون إذا أحرم بهما الولي فان نفقتهما الزايدة بالسفر في مال الولي خلافا للشافعي في أحد القولين لأنه لا وجوب عليهما وإذا
زال عذرهما لزمهما حجة الاسلام بخلاف المبذر ولو شرع السفيه في حج الفرض أو في حج نذره قبل الحجر بغير إذن الولي لا يلزمه ان يحلله ويلزمه ان ينفق
عليه إلى أن يفرغ لأنه شرع في واجب عليه فلزمه الاتمام ولو شرع في حج تطوع ثم حجر الحاكم عليه فكذلك لأنه بدخوله فيه وجب عليه الاكمال أما لو
شرع فيه بعد الحجر فان استوت نفقته سفرا وحضرا أو كان يتكسب في طريقه بقدر حاجته لم يكن له ان يحلله وإن زادت نفقة السفر ولم يكن له كسب كان له احلاله
مسألة الحج والعمرة إنما يجبان بشروط خمسة في حجة الاسلام وعمرته التكليف والحرية والاستطاعة ومؤنة سفره ومؤنة عياله وامكان السير وشرايط النذر وشبهه
من اليمين والعهد أربعة التكليف والحرية والاسلام وإذن الزوج والمولى وشرايط حج النيابة ثلاثة الاسلام والتكليف وأن لا يكون عليه حج واجب بالأصالة أو بالنذر
المعين أو الاستيجار المضيق أو الافساد ولو وجب عليه الحج وجوبا مستقرا فعجز عن أدائه ولو مشيا صح ان يكون نائبا عن غيره وشرط المندوب ان لا يكون عليه حج واجب
وإذن الولي كالزوج والمولى والأب على من له عليه ولاية كالزوجة والعبد والولد وسيأتى تفصيل ذلك كله انشاء الله تعالى الفصل الثاني في تفصيل هذه الشرايط
وفيه مطلبان الأول في شرايط حجة الاسلام وفيه مباحث الأول البلوغ والعقل مسألة لا خلاف بين العلماء كافة في أن الصبى لا يجب عليه الحج لفقد
شرط التكليف فيه وما رواه العامة عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة عن النايم حتى يستيقظ وعن الصبى حتى ينبت وعن المعتوه
حتى يعقل ومن طريق الخاصة ما رواه مسمع بن عبد الملك عن الصادق عليه السلام قال لو أن غلاما حج عشر سنين ثم احتلم كانت عليه فريضة الاسلام وعن شهاب قال سألته عن ابن عشر
سنين يحج قال عليه حجة الاسلام إذا احتلم وكذلك الجارية عليها الحج إذا طمثت فلو كان الصبى من أهل الحج لسقطت الإعادة عنه بعد بلوغه مسألة الصبى إن كان
مميزا صح إحرامه وحجه إذا أذن له الولي والأقرب انه ليس للولي ان يحرم عن المميز وللشافعية وجهان ومن كان غير مميز جاز لوليه ان يحرم عنه ويكون إحرامه شرعيا
وان فعل ما يوجب الفدية كان الفداء على المولى وأكثر الفقهاء على صحة احرامه وحجه إن كان مميزا وإن كان غير مميز أحرم عنه وليه فيصير محرما بذلك وبه قال الشافعي
ومالك واحمد وهو مروى عن عطا والنخعي لما رواه العامة عن النبي صلى عليه وآله انه مر بامرأة وهي في محفتها فقيل لها هذا رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذت بعضد صبى كان معها
و قالت أ لهذا حج قال (فقال) نعم ولك أجر ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول مر رسول الله صلى عليه وآله برويبته؟ وهو حاج فقامت إليه امرأة
ومعها صبى لها فقالت يا رسول الله (ص) الحج عن مثل هذا قال نعم ولك أجره ولان الحج عبادة يجب ابتداء بالشروع عند وجود مال فوجب ان ينوب الولي فيها عن الصغير كصدقة
الفطر وقال أبو حنيفة احرام الصبى غير منعقد ولا فدية عليه فيما يفعله من المحضورات ولا يصير محرما باحرام وليه لقوله عليه السلام رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ ولان كل
من لا يلزمه الحج بقوله لا يلزمه بفعله كالمجنون ولأنها عبادة على البدن فوجب ان لا ينوب الكبير فيها عن الصغير كالصوم والصلاة ولان الاحرام سبب يلزم به حكم فلم يصح من
الصبى كالنذر والجواب القول بموجب الحديث فان الصبى لا يجب عليه الحج وهو معنى رفع القلم عنه وذلك لا يقتضى نفى صحته منه والقياس باطل مع انا نقول بموجب
العلة فان الحج لا يلزمه بفعله كما لا يلزمه بقوله وإنما يلزمه بإذن وليه والفرق ظاهر فإن الجنون مرجو الزوال عن المجنون في كل وقت فلم يجز أن يحرم عنه وليه بجواز
ان يضيق فيحرم بنفسه وأما البلوغ فغير مرجو إلا في وقته فجاز أن يحرم عنه وليه إذا لا يرجى بلوغه في هذا الوقت حتى يحرم بنفسه ولان الصبى يقبل منه الاذن في دخول
الدار وقبول الهدية منه إذا كان رسولا فيها بخلاف المجنون فافترقا والفرق ان الصلاة لا تجوز فيها النيابة عن الحي بخلاف الحج وواقفنا أبو حنيفة على أنه يجنب ما
يجتنبه المحرم ومن جنب ما يجتنبه المحرم كان احرامه صحيحا والنذر لا يجب به شئ بخلاف مسئلتنا مسألة الصبي المميز لا يصح حجه إلا بإذن وليه فإذا كان مراهقا مطيقا أذن له الولي في الاحرام وإن كان
طفلا غير مميز أحرم عنه الولي فإن أحرم الصبي المميز بغير إذن وليه لم يصح إحرامه لان الصبى ممنوع من التصرف في المال والاحرام يتضمن انفاق المال والتصرف فيه لان الاحرام
عقد يؤدى إلى لزوم مال فجرى مجرى ساير أمواله وساير عقوده التي لا تصح إلا بإذن وليه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان احرامه ينعقد كإحرامه بالصلاة والفرق
ان احرام الصلاة لا يتضمن إنفاق المال واحرام الحج يتضمنه فعلى الثاني للولي تحليله وليس له الاحرام عنه وعلى الأول للولي ان يحرم عنه وهو أحد وجهي الشافعية لأنه مولى
عليه والثاني المنع لاستقلاله بعبادته مسألة أولياء الأطفال على ثلاثة أقسام أنساب وأمناء الحكام وأوصياء الآباء فالانساب إما آباء أو أجداد لهم
أو أم أو غيرهم والآباء والأجداد للآباء لهم ولاية الاحرام باجماع من سوغ الحج للصبيان وهو قول علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان للأب والجد للأب ولاية المال على
الطفل فكان له ولاية الاذن في الحج ولا يشترط في ولاية الجد عدم الأب وهو أحد وجهي الشافعية مخرجا مما إذا أسلم الجد والأب كافر يتبعه الطفل على رأى وأما الام فقال
الشيخ (ره) ان لها ولاية بغير تولية ويصح احرامها عنه لحديث المرأة التي سئلت النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك وهو أحد قولي الشافعية والثاني المنع وهو ظاهر كلام احمد وأما من عدا هؤلاء من الأنساب
الذكور والإناث فلا يصح إذنهم ولا ولاية لهم في الحج والاحرام كما أنه لا ولاية لهم في المال وليس لامناء الحكام الاذن وقال الشيخ (ره) الأخ وابن الأخ والعم وابن العم إن كان
وصيا أو له ولاية عليه وليها فهو بمنزلة الأب وان لم يكن وليا ولا وصيا فلا ولاية له عليه وهو والأجنبي سواء وهذا القول يعطى ان لأمين الحكم الولاية كما في
الحاكم لان قوله أو له ولاية عليه وليها لا مصرف له إلا ذلك والشافعية اتفقوا على ثبوت الولاية للأب والجد للأب وعلى انتفائها عن من لا ولادة فيه ولا تعصيب
كالاخوة للام والأعمام للام والعمات من الأب والام والأخوال والخالات من قبل الأب والام وإن كانت لهم ولاية في الحضانة وأما من عدا هذين القسمين فقد
اختلفوا على ثلاثة مذاهب بناء على اختلافهم في معنى إذن الأب والجد له أحدها ان المعنى في إذن الأب والجد له استحقاق الولاية على ماله فعلى هذا لا يصح إذن
297

الجد من الام ولا إذن الأخ والعم لانهم لا يستحقون الولاية عليه في ماله وأما الام والجدة فالصحيح من مذهب الشافعي بأنه لا ولاية لها عليه بنفسها فلا يصح إذنها له وعلى قول
بعض الشافعية انها تلى عليه بنفسها فعلى (بل) هذا يصح إذنها له لقوله عليه السلام لام الصبى ولك أجره ومعلوم ان الاجر ثبت لها لاذنها له ونيابتها عنه الثاني ان المعنى في إذن
الأب والجد ما فيه من الولادة والحضنة فعلى هذا يصح إذن ساير الآباء والأمهات لوجود الولادة فيهم الثالث إن المعنى في إذن الأب والجد وجود التعصيب فيهما
فعلى هذا يصح إذن ساير العصبات من الاخوة والأعمام وأولادهما ولا يصح إذن الام ولا الجد لها لعدم التعصيب وأما امناء الحكام فقد اتفقوا على أنه لا يصح إذنهم لاختصاص
ولايتهم بماله دون بدنه فكانوا فيما سوا المال كالأجانب ولهم وجه اخر بعيد الصحة لانهم يتصرفون في المال وأما أوصياء الآباء فلهم وجهان في صحة إذنهم أحدهما الصحة
كالآباء لنيابتهم عنه والثاني وهو الأصح عندهم ان إذنهم لا يصح كأمناء الحكام مسألة الصبى إذا كان مراهقا مميزا يطيق على الافعال اذن له الولي فيها
فإذا أذن له فعل الحج بنفسه كالبالغ وإن كان طفلا لا يميز فان صح من الطفل من غير نيابة كالوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة احضره الولي فيهما وان لم يصح من الطفل
إلا بنيابة الولي عنه فهو كالاحرام يفعله الولي عنه قال جابر خرجنا مع النبي صلى الله عليه وآله حجاجا ومعنا النساء والصبيان فأحرمنا عن الصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم ويجرد الصبى من ثيابه إذا قرب من الحرم
وروى علماؤنا من فخ وان صح منه بمعونة الولي فإذا أحرم الولي عن الطفل جاز وهل يجوز ان يكون الولي محرما للشافعية وجهان أحدهما المنع فليس للولي ان يحرم
عن الطفل إلا أن يكون حلالا لان من كان في نسك لا يصح ان يفعله عن غيره والثاني يصح احرام الولي عنه وإن كان محرما ولا فرق بين أن يكون عليه حجة الاسلام أو غيره
قد حج عن غيره لان الولي ليس يتحمل الاحرام عنه فيصير به محرما حتى يتمتع من فعله إذا كان محرما وإنما كان يعتقد الاحرام عن الصبى فيصير الصبى محرما فجاز ان
يفعل الولي ذلك وإن كان محرما والأخير أقرب فعلى الأول يقول عند الاحرام اللهم إني قد أحرمت عن ابني وعلى هذا يجوز أن يكون غير مواجه للصبي بالاحرام ولا
مشاهد له إذا كان الصبى حاضرا في الميقات وعلى قول آخر انه لا يشترط حضوره وعلى الثاني يقول عند الاحرام اللهم إني قد أحرمت بابني وعلى هذا لا يصح ان يكون
غير مواجه للصبي بالاحرام فإذا فعل ذلك صار الصبى محرما دون الولي فتلبسه ثوبين ويجنبه ما يجتنبه المحرم وعلى وليه ان يحضره الوقوف بالموقفين ومنى ليشهدها بنفسه
وأما الرمي فان أمكن من وضع الحصى في كفه ورميها في الجمرة من يده فعل وان عجز الصبى من ذلك احضره الجمار ورمى الولي عنه ويستحب للولي أن يضع الحصى في كف الصبى
وأخذها من يده قال ابن المنذر كل من يحفظ عنه من أهل العلم يرمى الرمي عن الصبى الذي لا يقدر على الرمي وبه قال عطا والزهري ومالك والشافعي وإسحاق وأما
الطواف والسعي فعلى وليه أن يحمله ويطوف به ويسعى وعليه أن يتوضأ للطواف ويوضيه فان كانا غير متوضيين لم يجز الطواف وإن كان الصبى متوضأ والولي
محدثا لم يجزء أيضا لان الطواف بمعونة الولي يصح والطواف لا يصح إلا بطهارة وإن كان الولي متطهرا
والصبي محدثا فللشافعية وجهان أحدهما لا يجزى لان الطواف بالصبى
أخص منه بالولي فإذا لم يجز أن يكون الولي محدثا فأولى أن لا يكون الصبى محدثا والثاني انه يجزى لان الصبى إذا لم يكن مميزا ففعل الطهارة لا يصح منه فتكون طهارة الولي نايبة عنه كما أنه لما لم يصح منه الاحرام صح احرام
الولي عنه ويصلى الولي عنه ركعتي الطواف إن لم يكن مميزا وإن كان مميز أصلا هما بنفسه ولو اركبه الولي دابة ليطوف به وجب ان يكون الولي معه سايقا أو قايدا لان
الصبى غير مميز ولا قاصد والدابة لا تصح منها عبادة ويرحل في موضع الرمل وللشافعية في الرمل به وجهان مسألة لو كان على الولي طواف حمل الصبى وطاف به ونوى
بطوافه ما يختص به وينوى بطواف الصبى طوافه وقال الشافعي يجب عليه أن يطوف عن نفسه أولا ثم يطوف بالصبى ثانيا فينوي (وينوى) الطواف عن نفسه دون الصبى ثم
يطوف بالصبى ناويا عنه وان نوى الطواف عن الصبى دون نفسه فله قولان أحدهما ان يكون على الولي الحامل دون الصبى المحمول لان من وجب عليه ركن من أركان
الحج يتطوع به عن نفسه أو عن غيره انصرف إلى واجبه كالحج عن نفسه والثاني ان يكون عن الصبى المحمول دونه لان الحامل كالآلة للمحمول فكان ذلك واقعا عن المحمول دون
الحامل وان نوى الطواف عن نفسه وعن الصبى المحمول أجزأه عن طوافه وهل يجزى عن الصبى وجهان مخرجان من القولين وان لم تكن له نية انصرف إلى طواف نفسه لوجوده
على الصفة الواجبة عليه وعدم القصد المخالف له وقد بينا نحن الصحيح عندنا مسألة مؤنة حج الصبى ونفقته الزايدة في سفره تلزم الولي مثل آلة سفره واجرة مركبة
وجميع ما يحتاج إليه في سفره مما كان مستغنيا عنه في حضره وهو ظاهر مذهب الشافعي وبه قال مالك واحمد لان الحج غير واجب على الصبى فيكون متبرعا وسببه الولي فيكون ضامنا وليس
للولي صرف مال الطفل فيما لا يحتاج إليه وهو غير محتاج حال سفره إلى فعل الحج لوجوبه عليه حال كبره وعدم إجزاء ما فعله في صغره عما يجب عليه في كبره وله قول اخر
انه في مال الصبى لان ذلك من مصلحته كأجرة معلمه ومؤنة تأديبه ولان الحج يحصل له فكان كما لو قيل له النكاح يكون المهر عليه والفرق ظاهر فان التعلم الذي ان فاته في صغره
قد لا يدركه في كبره ويخالف النكاح فان المنكوحة قد تفوت والحج يمكن تأخيره مسألة يحرم على الصبى كلما يحرم على البالغ من محظورات الاحرام لان احرامه شرعي على
ما تقدم فترتب عليه احكامه لا بمعنى انه مخاطب بالتحريم وان العقاب يترتب على فعله بل بمعنى ان الولي يجنبه جميع ما يجتنبه المحرم فان فعل الصبى شيئا من المحظورات فان وجب به
الفداء على البالغ في حالتي عمده وخطائه كالصيد وجب عليه الجزاء لان عمدا الصبى كخطأ البالغ ويجب في مال الصبى لأنه مال وجب بجنايته فوجب ان يجب في ماله كما لو استهلك
مال غيره وهو أحد وجهي الشافعي والثاني انه يجب في مال الولي وهو الذي نص عليه الشافعي في الاملاء؟ لان الولي هو الذي ألزمه الحج بإذنه وكان ذلك من جهته ومنسوبا
إلى فعله وان اختلف حكم عمده وسهوه في البالغ كالطيب واللبس فان فعله الصبى ناسيا فلا فدية فيه لأنها لا تجب في حق البالغ ففي الصبى أولي وان فعله عمدا قال
الشيخ (ره) الظاهر أنه تتعلق به الكفارة على وليه وان قلنا لا يتعلق به شئ لما روى عنهم عليهم السلام من أن عمد الصبى وخطؤه واحد والخطأ في هذه الأشياء لا تتعلق به كفارة
من البالغين كان قويا وللشافعي قولان مبنيان على اختلاف قوله في عمد الصبى هل يجرى مجرى الخطاء أو مجرى العمد من العاقل على قولين أحدهما انه يجرى مجرى
الخطاء فلا فدية فيه كالبالغ الناسي والثاني انه عمد صحيح فالفدية واجبة وأين تجب على الوجهين أحدهما انه على الصبى لان الوجوب بسبب ما ارتكبه وأصحهما في مال الولي
وبه قال مالك لأنه الذي أوقعه وغرر بماله لكن لو طيبه الولي كانت الفدية في ماله أو في مال الصبى وجها واحدا هذا كله إذا أحرم بإذن الولي وان أحرم بغير اذنه فلا فدية
وهو أحد وجهي الشافعية ولهم اخر انه يجوز احرامه فالفدية في ماله مسألة إذا وجبت الفدية في مال الصبى فإن كانت مترتبة فحكمها حكم كفارة القتل وإلا
فهل يجزى ان يفتدى بالصوم في الصغر للشافعية وجهان مبنيان على أنه إذا أفسد الحج هل يجزيه قضاؤه في الصغر وان الولي والحال هذه ان يفدى عنه بالمال لأنه
غير متعين ولهم وجه آخر انه إذا أحرم به الأب أو الجد فالفدية في مال الصبى فان أحرم به غيرهما فهي عليه مسألة لو وطى الصبى في الفرج ناسيا لم يكن عليه شئ
ولا يفسد حجه كالبالغ سواء وإن كان عمدا قال الشيخ (ره) على ما قلناه من أن عمده وخطأه سواء لا يتعلق به أيضا فساد الحج ولو قلنا إن عمده عمد لعموم الاخبار في من وطى عامدا
في الفرج من أنه يفسد حجه فقد فسد حجه وعليه الاتمام ولزمه القضاء قال فالأقوى الأول لان ايجاب القضاء يتوجه إلى المكلف وهذا بمكلف وقالت الشافعية إذا جامع ناسيا
298

أو عامدا وقلنا إن عمده خطأ ففي فساد حجه قولان كالبالغ إذا جامع ناسيا والأظهر انه لا يفسد وان قلنا إن عمده عمد فسد حجه وهل عليه القضاء فيه قولان أحدهما لا لأنه ليس
أهلا لوجوب العبادات البدنية وأصحهما نعم لأنه احرام صحيح فيوجب إفساده القضاء كحج التطوع إذا عرفت هذا فإن أوجبنا القضاء فإنه لا يجزئه حالة الصبى بل يجب عليه
بعد بلوغه وللشافعي قولان في إجزاء القضاء قبل البلوغ أصحهما نعم اعتبارا بالأداء والثاني لا وبه قال مالك واحمد لأنه فرض والصبي ليس أهلا لأداء فرض الحج فعلى هذا
القول لو لم يقض حتى بلغ نظر فيما أفسده إن كانت بحيث لو سلمت عن الافساد أجزأت عن حجة الاسلام فان بلغ قبل فوات الوقوف اجزاء القضاء عن حجة الاسلام وإن كانت
لا تجزى لو سلمت عن الافساد لم تجز عن حجة الاسلام وعليه ان يبدأ بحجة الاسلام ثم يقضى فان نوى القضاء أولا قالت الشافعية انصرف إلى حجة الاسلام (وفيه اشكال وعلى تقدير تجويز القضاء في الصغر لو شرع فيه وبلغ قبل الوقوف انصرف إلى حجة الاسلام) وعليه القضاء وإذا أفسد حجه وأوجبنا القضاء
وجبت الكفارة أيضا وان لم نوجب القضاء ففي الكفارة للشافعية وجهان والأصح عندهم الوجوب وإذا وجبت الكفارة فهي على الولي أو في مال الصبى فيه الخلاف مسألة
لو فعل الولي في الصبى ما يحرم على الصبى مباشرته كما لو طيبه أو ألبسه مخيطا أو حلق رأسه فان فعل ذلك لحاجة الصبى كما لو طيبه تداويا فالأقرب انه كمباشرة الصبى لأنه وليه
قد فعل شيئا لمصلحته فيكون ما ترتب عليه لازما للصبي وهو أصح وجهي الشافعية والثاني ان الفدية على الولي لان المباشرة وقعت منه والأقرب الأول مسألة
أجمع علماء الأمصار على أن الصبى إذا حج في حال صغره والعبد إذا حج في حال رقه ثم بلغ الصبى وعتق العبد وجب عليهما حجة الاسلام إذا جمعا الشرايط قال ابن المنذر أجمع
أهل العلم على ذلك إلا من شذ عنهم ممن لا يعد قوله خلافا وبه قال ابن عباس وعطا والحسن البصري والنخعي والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب
الرأي لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال إني أريد ان أجدد في صدور المؤمنين عهدا أيما صبى حج به أهله فمات أجزأت عنه فان أدرك فعليه الحج وأيما مملوك يحج
به فمات أجزأت عنه فان أعتق فعليه الحج ومن طريق الخاصة ما رواه مسمع بن عبد الملك عن الصادق عليه السلام قال لو أن غلاما حج عشر سنين ثم احتلم كانت عليه فريضة
الاسلام ولو أن مملوكا حج عشر حجج ثم أعتق كانت عليه فريضة الاسلام إذا استطاع إليه سبيلا ولان الحج عبادة بدنية فعلها قبل وقت وجوبها فلا تقع مجزية كما لو
صلى قبل الوقت مسألة لو حج الصبى أو العبد فبلغ أو أعتق في أثناء الحج فإن كان زوال العذر بعد الوقوف بالمشعر الحرام لم تجزئهما عن حجة الاسلام وهو قول
العلماء لان معظم العبادة وقع حالة النقصان وما رواه معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال قلت له مملوك أعتق يوم عرفة قال إذا أدرك أحد الموقفين قد أدرك الحج
دل بمفهومه على عدم ادراك الحج إذا لم يدركهما معتقا ولا فرق بين ان يكون وقت الوقوف باقيا ولم يقف فيه أو قد فات وهو قول أكثر الشافعية وقال ابن شريح إذا
بلغ ووقت الوقوف باق يجزئه عن حجة الاسلام وان لم يعد إلى الوقف وإن بلغ الصبى أو أعتق العبد قبل الوقوف بالمشعر فوقف به أو بعرفة معتقا وفعل باقي الأركان
أجزأ عن حجة الاسلام وكذا لو بلغ أو أعتق وهو واقف عند علمائنا أجمع وبه قال ابن عباس وهو مذهب الشافعي واحمد وإسحاق لما قدمناه من الحديث عن الصادق عليه السلام
وقال الحسن البصري في العبد يجزى وقال مالك لا يجزئهما وهو قول ابن المنذر وقال أصحاب الرأي لا يجزى العبد فأما الصبى فان جدد إحراما بعد احتلامه قبل الوقوف أجزأه
وإلا فلا لان احرامهما لم ينعقد واجبا فلا يجزى عن الواجب كما لو بقيا على حالهما ويعارض بأنه أدرك الوقوف حرا بالغا فأجزأه كما لو أحرم تلك الساعة ولا خلاف في أن الصبى
لو بلغ أو العبد لو أعتق بعرفة وهما غير محرمين فاحرما ووقفا بعرفة وقضيا المناسك فإنه يجزئهما عن حجة الاسلام ونقل عن ابن عباس انه إذا أعتق العبد بعرفة أجزأت عنه
حجته وان أعتق بجمع لم يجزأ عنه وقد تلخص من هذا ان مالكا شرط في الصبى والعبد وقوع جميع الحج في حالة التكليف وأبو حنيفة لا يعتد بإحرام الصبى ولا يجب عليه إعادة
السعي لو كان قد سعى عقيب طواف القدوم قبل البلوغ وهو أحد وجهي الشافعية لأنه لا بأس بتقدم السعي كتقدم الاحرام وأصحهما عندهم وجوب الإعادة لوقوعه
في حالة النقص ويخالف الاحرام فإنه يستدام بعد البلوغ والسعي لا استدامة له والأصل براءة الذمة وقد بنى الشافعية الوجهين على أنه إذا وقع حجه عن حجة الاسلام فكيف
تقدير احرامه هل نبين انعقاده في الأصل فرضا أو نقول بأنه انعقد نفلا ثم انقلب فرضا فان قلنا بالأول فلا حاجة إلى الإعادة وان قلنا بالثاني فلابد منها
مسألة إذا أجزأ حجهما عن حجة الاسلام بأن يدركا أحد الموقفين كاملين لم يكن عليهما دم مغاير لدم الهدى وللشافعية طريقان أظهرهما انه على قولين أحدهما
نعم لان احرامه من الميقات ناقص ولأنه ليس بفرض وأصحهما لا لأنه أتى بما في وسعه ولم يقدر منه إساءة وبنى بعضهم القولين على التبين فان قلنا به فلا دم عليه وان قلنا
بانعقاد احرامه نفلا ثم انقلب فرضا لزم الدم والطريق الثاني انه لا دم عليه وهذا الخلاف عندهم فيما إذا لم يعد بعد البلوغ إلى الميقات فان عاد إليه لم يلزمه الدم
بحال لأنه أتى بالممكن أولا وأخيرا وقد بذل ما في وسعه وقد بينا مذهبنا في ذلك مسألة لو بلغ الصبى أو أعتق العبد قبل الوقوف أو في وقته وأمكنهما الاتيان بالحج
ويجب عليهما ذلك لان الحج واجب على الفور فلا يجوز لهما تأخيره مع امكانه كالبالغ الحر خلافا للشافعي ومتى لم يفعلا الحج مع إمكانه فقد استقر الوجوب عليهما سواء
كانا موسرين أو معسرين لان ذلك وجب عليهما بإمكانه في موضعه فلم يسقط بفوات القدرة بعده مسألة المجنون لا يجب عليه الحج بالاجماع لأنه ليس محلا للتكليف
لما رواه العامة عن علي عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال رفع القلم عن ثلاثة عن النايم حتى يستيقظ وعن الصبى حتى ينبت وعن المعتوه حتى يعقل ومن طريق الخاصة ما رواه
محمد بن يحيى الخثعمي قال سأل حفص الكناسي أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ما يعنى بذلك قال
من كان صحيحا في بدنه مخلا سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج والمجنون غير صحيح فلا يندرج تحت الخطاب إذا عرفت هذا فلو حج حالة جنونه لم يجزئه إجماعا
ولو أحرم به الولي صح احرامه كالطفل فان عاد عقله قبل الوقوف بالمشعر الحرام فوقف به أجزأه عن حجة الاسلام وإن كان بعد الوقوف لم يجزه ووجب عليه إعادة الحج مع
افاقته وكمال الشرايط ولو كان الجنون يعتوره أدوارا فان وسع الوقت في نوبة العقل لأداء الحج من بلده واكماله وعوده وجب عليه الحج لأنه عاقل مكلف مستطيع
وان قصر الوقت عن ذلك سقط عنه الوجوب وحكم المجنون حكم الصبى غير المميز في جميع ما تقدم ولو خرج الولي بالمجنون بعد ما استقر فرض الحج عليه وأنفق عليه من ماله
فإن لم يفق حتى فات الوقوف غرم له الولي زيادة نفقة السفر وإن أفاق وأحرم وحج فلا غرم عليه لأنه قضى ما وجب عليه وشرطت الشافعية افاقته عند الاحرام والوقوف
والطواف والسعي ولم يتعرضوا لحالة الحلق وقياس كونه منسكا عندهم اشتراط الإفاقة كساير الأركان وحكم المغمى عليه حكم المجنون لا يجب عليه الحج ولا يحرم عنه غيره
على اشكال وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد لأنه ليس أهلا للخطاب حالة الاغماء وقال أبو حنيفة يحرم عنه رفيقه فيصير محرما بإحرامه استحبابا أو قد علم من ذلك ان
التكليف شرط الوجوب دون الصحة إذ يصح من غير المكلف البحث الثاني في شرط الحرية مسألة لا خلاف بين علماء الأمصار ان الحرية شرط
في وجوب الحج والعمرة وقد سبق البحث في ذلك ويصح من العبد الحج بإذن مولاه ولا يجزئه عن حجة الاسلام بعد عتقه لو وجب عليه إلا أن يدرك أحد الموقفين
معتقا على ما تقدم وليس له ان يحرم بحج أو عمرة إلا بإذن مولاه بلا خلاف لان منافعه مستحقة لمولاه ويجب عليه صرف زمانه في اشغاله ولا يجوز أن يفوت حقوق مولاه
299

الواجبة عليه بالتزام ما ليس يلازم عليه فان أحرم بغير إذن مولاه لم ينعقد احرامه وللسيد منعه منه ولا يلزمه الهدى ولا بد له لان احرامه لم ينعقد ولأنه لا يملك
ان يحرم لقوله تعالى عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ء ولما رواه الشيخ عن ادم عن أبي الحسن قال ليس على المملوك حج ولا جهاد ولا يسافر إلا بإذن مالكه والنهى في العبادة تدل
على الفساد وقال احمد ان احرامه ينعقد صحيحا لأنه عبادة بدنية يصح من العبد الدخول فيها بغير إذن سيده ولسيده ان يحلله في أحد الروايتين عنه لان
في بقائه عليه تفويتا لحقه من المنافع بغير اذنه فلم يلزمه ذلك سيده كالصوم المضر ببدنه وإذا حلله منه كان حكمه حكم المحصر والثانية ليس له تحليله لأنه لا يملك
التحلل من تطوعه فلم يملك تحليل عبده والأول أصح لأنه التزم التطوع باختيار نفسه فنظيره ان يحرم عبده باذنه وفى مسئلتنا يفوت حقه الواجب بغير اختياره مسألة
لو أذن السيد في الاحرام فأحرم انعقد احرامه وصح اجماعا لما رواه إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام قال سألته عن أم الولد تكون للرجل يكون قد أحجها أيجوز ذلك عنها من حجة الاسلام
قال لا قلت لها اجر من حجتها قال نعم إذا عرفت هذا فهل لسيده بعد إذنه الرجوع ان لم يكن قد أحرم كان له الرجوع قطعا وإن كان المملوك قد تلبس بالاحرام
لم يكن للمولى الرجوع فيه ولا تحليله لأنه احرام انعقد صحيحا فلم يكن له ابطاله كالصلاة وبه قال الشافعي
واحمد لأنه عقد لازم عقده بإذن سيده فلم يكن لسيده منعه كالنكاح وقال
أبو حنيفة له تحليله لأنه ملك منافع نفسه فكان له الرجوع كالمعير يرجع في العارية والفرق ظاهر فان العارية ليست لازمة ولو اعاره شياء ليرهنه فرهنه لم يكن له الرجوع
فيه فروع - آ - لو أذن له سيده في الاحرام ثم رجع وعلم العبد رجوعه قبل الاحرام بطل احرامه وصار كمن لم يؤذن له ولو لم يعلم حتى أحرم فهل للمولى تحليله قال الشيخ (ره)
الأولى ان نقول ينعقد احرامه غير أن السيد منعه منه وقد قيل إنه لا ينعقد إحرامه أصلا وللعامة في أنه هل يكون حكمه حكم من أحرم بإذن سيده وجهان - ب - لو باعه سيده
بعد ما أحرم فحكم مشتريه في تحليله حكم بايعه سواء لأنه اشتراه مسلوب المنفعة فأشبه بيع الأمة المزوجة أو المستأجرة فان علم المشترى بذلك فلا خيار له لأنه دخل على علم
فأشبه ما لو اشترى معيبا علم بعيبه وان لم يعلم فله فسخ البيع لأنه يتضرر بمضي العبد في الحج لفوات منافعه وعجزه عن تحليله وهو نقص يوجب الرد إلا في الاحرام يكون
لسيده تحليله فلا يملك الفسخ لأنه يمكنه رفع الضرر عنه - ج - إذا باعه مولاه في إحرام له تحليله فيه لم يكن ذلك تحليلا له ولا مقتضاه لذلك ويكون حكم المشترى حكمه في
جواز التحليل وان أمره البايع بالمضي في احرامه وإتمام حجه بعد البيع لم يعتد بهذا الامر وإن كان في زمن خياره ولو امره المشترى لم يكن له تحليله ولا لبايعه وإن كان في
زمن خياره مسألة لو أحرم العبد بغير إذن سيده ثم أعتقه قبل الموقفين لم يجزءه احرامه ووجب عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه إن امكنه وان لم يمكنه أحرم
من موضعه فان فاته المشعر الحرام فقد فاته الحج وان أحرم بإذن سيده لم يلزمه الرجوع إلى الميقات لان احرامه صحيح منعقد فان أدرك المشعر الحرام بعد العتق فقد أدرك
حجة الاسلام وان لم يدركه معتقا لم يجزءه وكان عليه الحج مع الشرايط وإذا أحرم بغير اذن سيده ثم (أفسد الحج لم يتعلق به الحكم لان احرامه غير منعقد وان أحرم بإذن سيده) أفسده لزمه المضي في فاسده كالحر وليس لسيده اخراجه منه لأنه ليس انه منعه من
صحيحه فلم يكن منعه من فاسده وقالت (الشافعية) العامة إن كان احرامه بغير اذن سيده كان له تحليله منه لأنه يملك تحليله من صحيحه فالفاسد أولي والحق ما قلناه مسألة
إذا أفسد العبد حجه فإن كان مأذونا فيه وجب عليه القضاء والمضى فيه كالحر لأنه حج صحيح واحرامه معتد به فيترتب عليه أحكامه ويصح القضاء في حال رقه لأنه وجب في حال الرق
فيصح فيه كالصلاة والصيام وليس لسيده منعه من القضاء لان اذنه في الحج الأول إذن في موجبه ومقتضاه ومن مقتضياته القضاء لما أفسده وان لم يكن الأول مأذونا
فيه كان للمولى منعه من القضاء لأنه يملك منعه من الحج الذي شرع فيه بغير اذنه فكذلك قضاؤه وهو قول بعض العامة وقال بعضهم لا يملك منعه من قضائه
لأنه واجب وليس لسيده منعه من الواجبات وهو خطأ لأنا نمنع وجوبه بل نمنع صحته فضلا عن وجوبه مسألة إذا أفسد العبد الحج ولزمه القضاء فاعتقه مولاه
فإن كان عتقه بعد الوقوف بالمشعر الحرام كان عليه ان يتم هذه الحجة ويلزمه حجة الاسلام وحجة القضاء ويجب عليه البدأة بحجة الاسلام ثم يأتي بحجة القضاء وكذلك إذا بلغ
وعليه قضاء ولا يقضى قبل حجة الاسلام فان فعل حجة الاسلام بقى عليه حجة القضاء وان أحرم بالقضاء انعقد بحجة الاسلام لأنها آكد وكان القضاء في ذمته قاله الشيخ (ره)
وهو مذهب العامة ثم قال الشيخ وان قلنا لا يجزى عن واحد منهما كان قويا وأطلق والوجه ما قواه الشيخ إن كان قد استطاع أو استقر الحج في ذمته وإلا فالوجه
الأجزاء عن القضاء وان أعتق قبل الوقوف بالمشعر فلا فصل بين ان يفسد بعد العتق أو قبله فإنه يمضى في فاسده ولا تجزئه الفاسدة عن حجة الاسلام ويلزمه
القضاء من (في) القائل ويجزئه القضاء عن حجة الاسلام لان ما أفسد لو لم يفسده لكان يجزئه عن حجة الاسلام وهذه قضاء عنها مسألة إذا أحرم العبد بإذن مولاه
فارتكب محظورا يلزمه به الدم كالطيب واللبس وحلق الشعر وتقليم الأظفار واللمس بشهوة والوطي في الفرج أو فيما دونه وقتل الصيد أو أكله ففرضه الصوم وليس عليه دم
كالمعسر وإن تحلل بحصر عدو فعليه الصوم ولا يتخلل قبل فعله كالحر قال الشيخ (ره) ولسيده منعه منه لأنه فعله بغير اذنه وان ملكه سيده هديا ليخرجه فأخرجه جاز وان اذن له
فصام جاز أيضا وان مات قبل الصيام جاز لسيده ان يطعم عنه وقالت العامة ليس السيد ان يحول بينه وبين الصوم مطلقا والوجه ذلك ان اذن له في الاحرام لأنه صوم وجب
عليه فأشبه صوم رمضان وان ملكه السيد هديا وأذن له في اهدائه وقلنا انه يملكه فهو كالواجد للهدى لا يتحلل إلا به وان قلنا لا يملكه ففرضه الصيام وان أذن له سيده
في تمتع أو قران فعليه الصيام بدلا عن الهدى الواجب وقال بعض العامة على سيده تحمل ذلك عنه لأنه بإذنه فكان على من اذن فيه كما لو فعله النائب بإذن المستنيب و
ليس بجيد لان الحج للعبد وهذا من موجباته فيكون عليه كالمرأة إذا حجت بإذن زوجها بخلاف النايب فان الحج للمنوب فموجبه عليه وعندنا ان للسيد الخيار بين أن يأمره بالصوم
أو يهدى عنه وان تمتع أو قرن بغير اذن سيده لم يعتد به وقالت العامة ان عليه الصوم وان أفسد حجه فعليه ان يصوم كذلك فإنه لا مال له فهو كالمعسر من الأحرار مسألة
إذا نذر العبد الحج فلا يخلو إما ان يكون موليه قد أذن له في النذر أو لا فإن كان قد اذن له فلا يخلوا النذر إما ان يكون مقيدا بوقت أو مطلقا فإن كان مقيدا بوقت وجب عليه الوفاء به مع قدرته ولا يجوز لمولاه منعه منه لأنه واجب عليه وكان كما لو نذر له
في الاحرام وتلبس به وهل يجب على مولاه دفع ما يحتاج إليه العبد زايدا عن نفقة الحضر الأقرب المنع لأصالة البراءة ويحتمل وجوبه كالاذن في الدين ولو قدر العبد على المشي
لم يجب على المولى بذل الراحلة ولو كان مطلقا أو مقيدا وفرط العبد أو المولى يمنعه عن المبادرة حتى صار قضاء فالأقرب عدم وجوبه على الفور لان حق السيد مضيق
والنذر المطلق وقضاء النذر المقيد غير مضيق لأصالة البراءة فلو شرع العبد وبادر معجلا فاحرم بغير إذن مولاه فالأقرب انه ليس للمولى تحليله لأنه احرام حج اذن
له فيه مولاه فلم يملك تحليله كما لو تلبس في الاحرام بعد اذن مولاه وان لم يكن مولاه قد أذن له في النذر فالمشهور بين علمائنا عدم انعقاده لان أوقاته مستحقة للمولى و
قال بعض العامة يصح نذره لأنه مكلف فانعقد نذره كالحر ولسيده منعه من المضي فيه لما فيه من تفويت حق سيده الواجب فيمنع منه كما لو لم ينذر وروى عن أحمد
انه لا يمنع من الوفاء به لما فيه من أداء الواجب واختلف أصحابه على قولين أحدهما ان ذلك على الكراهية دون التحريم والثاني التحريم لأنه واجب فلم يملك منعه كساير الواجبات
وهو غلط لأنا نمنع وجوبه فان أعتق وجب عليه الوفاء بما نذره بإذن مولاه وفى غيره الخلاف وتقدم حجة الاسلام مع وجوبها واطلاق النذر أو تقييده بزمان متأخر
300

عن الاستطاعة البحث الثالث في الاستطاعة مسألة الاستطاعة شرط في وجوب الحج والعمرة باجماع العلماء وبالنص قال الله تعالى ولله على الناس حج البيت
من استطاع إليه سبيلا دل بمفهومه على سقوطه عن غير المستطيع ولا نعلم في ذلك خلافا ولقضاء الضرورة بقبح تكليف غير القادر إذا عرفت هذا
فنقول الاستطاعة المشترطة في الآية هي الزاد والراحلة باجماع علمائنا وبه قال الحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير والشافعي واحمد وإسحاق قال الترمذي والعمل عليه عند
أهل العلم لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله سئل ما السبيل قال الزاد والراحلة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن يحيى الخثعمي قال سأل حفص الكناسي الصادق عليه السلام
وأنا عنده عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال ما يعنى بذلك قال من كان صحيحا في بدنه مخلا سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج ولأنها
عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة واشترط لوجوبها الزاد والراحلة كالجهاد وقال عكرمة الاستطاعة هي الصحة وقال الضحاك إن كان شابا فليواجر نفسه باكله وعقبه حتى
يقضى نسكه وقال مالك إن كان يمكنه المشي وعادته سؤال الناس لزمه الحج لأن هذه الاستطاعة في حقه فهو كواجد الزاد والراحلة وليس بجيد لان هذا فعل شاق فليس استطاعة
وإن كان عادة والشارع اعتبر عموم الأحوال دون خصوصها كما في مشقة السفر فإنها غير معتبرة بل المطية وإن كانت المشقة منتفية مسألة الراحلة إنما هي شرط في حق
البعيد عن مكة وأما أهل مكة فلا يشترط الراحلة فيهم وكذا من كان بينه وبين مكة قريب لا يحتاج إلى الراحلة وإنما تعتبر الراحلة في حق من كان على مسافة يحتاج فيها إلى الزاد والراحلة
سواء قصرت المسافة أو بعدت وشرط العامة ان يكون بينه وبين البيت مسافة القصر فأما القريب الذي يمكنه المشي فلا يعتبر وجود الراحلة في حقه لأنها مسافة قريبته يمكنه المشي إليها كالسعي إلى الجمعة ولو لم يتمكن من المشي اشترط
في حقه وجود الحمولة لأنه عاجز عن المشي فأشبه البعيد وأما الزاد فلا بد من اشتراطه في حق القريب والبعيد فإن لم يجد زادا لم يلزمه الحج لعجزه مسألة الراحلة شرط
في الحج للقادر على المشي والعاجز عنه وبه قال الشافعي لقوله عليه السلام لما سئل عن تفسير السبيل زاد وراحلة ويعتبر راحلة مثله فإن كان يستمسك على الراحلة
من غير محمل ولا يلحقه ضرر ولا مشقة شديدة فلا يعتبر في حقه إلا وجدان الراحلة بحصوله؟ الاستطاعة معها وإن كان لا يستمسك على الراحلة بدون المحمل أو يجد مشقة
عظيمة اعتبر مع وجود الراحلة وجود المحمل ولو كان يجد مشقة عظيمة في ركوب المحمل اعتبر في حقه الكنبيسة؟ ولا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك وقال بعض الشافعية ان المحمل
معتبر في حق المرأة مطلقا وليس بمعتمد والستر يحصل بالملحفة فروع - آ - لا يشترط وجود غير الزاد والراحلة بل المعتبر التمكن منهما تملكا أو استجارا - ب - إنما يشترط
الزاد والراحلة في حق المحتاج إليهما لبعد المسافة أما القريب فيكفيه اليسير من الأجرة بنسبة حاجته والمكي لا تعتبر الراحلة في حقه ويكفيه التمكن من المشي - ج - إذا وجد
شق محمل ووجد شريكا يجلس في الجانب الآخر لزمه الحج فإن لم يجد الشريك ولم يتمكن إلا من مؤنة الشق سقط عنه الحج مع حاجته إلى المحمل وان تمكن من المحمل بتمامه احتمل وجوب
الحج لأنه مستطيع وعدمه لان بذل الزيادة خسران لا مقابل له - د - القريب إلى مكة إذا شق عليه المشي أو الركوب بغير محمل اشترطت الراحلة والمحمل في حقه كالبعيد ولا
يؤمر بالزحف وان أمكن - ه‍ - يجب شراء الراحلة والمحمل مع الحاجة إليهما أو استيجارهما بثمن المثل واجرته فان زاد فإن لم يتمكن من الزيادة سقط الحج وان تمكن منها وجب لأنه مستطيع
وقيل لا يجب وليس بمعتمد مسألة الزاد شرط في وجوب الحج لعدم التمكن بدونه والمراد منه ان يملك ما يبلغه إلى الحج إما عين الزاد أو ثمنه مع وجود بايعه بقدر كفايته مدة
سفره وعوده إلى وطنه سواء كان له أهل وعشيرة يأوى إليهم أو لم يكن وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم انه لا يشترط في حق من لا أهل له ولا عشيرة مؤنة الإياب لان البلاد
بالنسبة إليه متساوية وليس بجيد لان النفوس تطلب الأوطان ولا فرق أيضا بين ان يملك في بلدته مسكنا أو لا وخصص الجويني الوجهين بمن له ملك في البلد ويجرى الوجهان لهم
في الراحلة ولهم وجه اخر ضعيف عندهم لأنه لا يعتبر مؤنة الإياب مطلقا إذا عرفت هذا فالمشترط في الراحلة والزاد راحلة مثله لتفاوت الاشخاص في خشونة العيش
ونعومته فيعتبر في حق الرفيع زيادة على ما يحتاج إليه غيره مما يناسبه مسألة يشترط ان يكون الزاد والراحلة فاضلين عن نفقته ونفقة من تلزمه نفقته مدة ذهابه و
رجوعه وثبت ثوب يليق به وهل يشترط ان يكونا فاضلين عن مسكنه وعبده الذي يحتاج إلى خدمته لعجزه أو لمنصبه الوجه ذلك كما في الكفارة وهو أظهر وجهي الشافعية
والثاني لا يشترط بل يباعان في المؤنة وبه قال مالك لان الاستطاعة في الحر مفسرة بالزاد والراحلة وهو واجد لهما والوجه الأول لحاجته إلى المسكن فأشبه ثياب بدنه فعلى
هذا إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكنى مثله والعبد عبد مثله لم يبع شيئا منهما وإن كانت الدار فاضلة عن حاجته وأمكن بيع بعضها أو كانت نفيسة
أو العبد كذلك وأمكن شراء أدون منه مما تندفع به حاجته احتمل وجوب البيع والاقتصار على الأدون وعدمه كما في الكفارة وربما يفرق بين الحج والكفارة بان
الحج لا بدل له والعتق في الكفارة له بدل إذا ثبت هذا فالزاد الذي يشترط القدرة عليه هو ما يحتاج إليه في ذهابه وعوده من مأكول ومشروب وكسوة فإن كان
يملك ذلك أو وجده يباع بثمن المثل في الغلا والرخص أو بزيادة يسيرة لا تجحف بماله لزمه شراؤه وإن كانت تجحف بماله لم يلزمه وان تمكن على اشكال كما قلنا في شراء
الماء للوضوء وإن كان يجد الزاد في كل منزل لم يلزمه حمله وان لم يجده كذلك لزمه حمله وأما الماء وعلف البهايم فإن كان يوجد في المنازل التي ينزلها على حسب العادة
فلا كلام وان لم يوجد لم يلزمه حمله من بلده ولا من أقرب البلدان إلى مكة كأطراف الشام ونحوها لما فيه من عظم المشقة وعدم جريان العادة به ولا يتمكن من حمل الماء
لدوابه في جميع الطريق والطعام بخلاف ذلك مسألة كما تعتبر قدرته على المطعوم والمشروب والتمكن من حمله من بلده كذا تعتبر قدرته على الآلات والأوعية التي
يحتاج إليها كالغراير ونحوها وأوعية الماء القرب وغيرها وجميع ما يحتاج إليه كالسفرة وشبههما لأنه مما لا يستغنى عنه فأشبه علف البهايم وكذا يشترط وجود راحلة
تصلح لمثله على ما بيناه إما بشراء أو بأجرة لذهابه وعوده ويجد ما يحتاج إليه من آلتها التي تصلح لمثله فإن كان ممن يكفيه الرحل والقنب ولا يخشى السقوط أجزأه وجود
ذلك وإن كان ممن لم يجر عادته بذلك ويخشى السقوط عنهما يعتبر وجود محمل وما أشبهه مما لا مشقة في ركوبه ولا يخشى السقوط عنه لان الراحلة إنما اعتبرت في حق القادر
على المشي لدفع المشقة عنه فيجب ان يعتبر هنا ما تندفع به المشقة وإن كان ممن لا يقدر على خدمة نفسه والقيام بأمره اعتبرت القدرة على من يخدمه لأنه من سبيله
مسألة يعتبر ان يكون هذه الأشياء التي ذكرناها فاضلة عما يحتاج إليه لنفقة عياله الذين تلزمه مؤنتهم في سفره ذاهبا وعايدا لما رواه العامة عن النبي صلى الله
عليه أنه قال يكفي بالمرء أثمان؟ ان يضيع من يقوته ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الربيع الشامي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت
من استطاع إليه سبيلا فقال ما يقول الناس قال فقيل له الزاد والراحلة قال فقال أبو عبد الله عليه السلام سئل أبو جعفر عليه السلام عن هذا فقال هلك الناس اذن ان كل من؟
له زاد وراحلة قدر ما يقوت عياله ويستغنى به عن الناس ينطلق فيسلبهم إياه فقد هلكوا اذن فقيل له ما السبيل قال فقال السعة من المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعض لقوت
عياله أ ليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلا على من ملك مأتى درهم ولان النفقة متعلقة بحقوق الآدميين وهم أحوج وحقهم آكد ويشترط أيضا أن تكون فاضلة عما يحتاج
هو وأهله إليه من مسكن وخادم وما لا بد منه من ثياب وغيرها وأن يكون فاضلا عن قضاء دينه لان قضاء الدين من حوايجه الأصلية وتتعلق به حقوق الآدميين
فهو آكد ولهذا منع الخمس مع تعلق حقوق الفقراء من ذوي القربى وحاجتهم إليها فالحج الذي هو خالص حق الله تعالى أولي ولا فرق بين ان يكون الدين لآدمي معين
301

أو من حقوق الله تعالى كزكاة في ذمته أو كفارات وشبهها ولا فرق أيضا بين ان يكون الدين حالا أو مؤجلا محله قبل عرفه أو بعدها في منع الوجوب لأنه غير موصوف بالاستطاعة
وللشافعية في وجوب الحج على المديون إذا كان الدين يحل بعد عرفة وجهان أحدهما كما قلناه والثاني الوجوب لان الدين المؤجل غير مستحق عليه قبل حلوله وهو ممنوع
تذنيب لو احتاج إلى النكاح وخاف على نفسه العنت قدم الحج لأنه واجب والنكاح تطوع ويلزمه الصبر وقال بعض العامة يقدم النكاح لأنه واجب عليه ولا غنى به
عنه فهو كنفقته ونمنع الوجوب ولو لم يخف العنت قدم الحج اجماعا تذنيب اخر لو حج من تلزمه هذه الحقوق وضيعها قال بعض العامة يصح حجة لأنها
متعلقة بذمته ولا يمنع صحة فعله وفيه نظر لأنه مأمور بصرف المال إلى نفقة العيال مثلا فإذا صرفه في غيره كان قد فعل النهى عنه والنهى يدل على الفساد في العبادات
البحث الرابع المؤنة ويشترط ان يكون له مال يصرفه في مؤنة سفره ذهابا وعودا ومؤنة عياله الذين تلزمه نفقتهم على الاقتصاد وهل يشترط الرجوع إلى كفاية
من مال أو حرفة أو صناعة في وجوب الحج بعد وجدان ما ذكر قال الشيخ نعم فلو كان له زاد وراحلة ونفقة له ولعياله بقدر ذهابه وعوده وجميع ما تقدم وليس له
ما يرجع إليه من مال أو ملك أو صناعة وحرفة يرجع إليها عند عوده من حجه سقط عنه فرض الحج وبه قال أبو العباس بن شريح من الشافعية خوفا من فقره وحاجته إلى
المسألة وفى ذلك أعظم مشقة ولرواية أبى الربيع الشامي عن الباقر عليه السلام وقال أكثر علمائنا لا يشترط الرجوع إلى كفاية وهو قول الشافعي وهو المعتمد لأنه مستطيع
بوجود الزاد والراحلة ونفقته ونفقة عياله ذهابا وعودا ورواية أبى الربيع لا حجة فيها على ما قالوه والمشقة ممنوعة فان الله هو الرزاق فروع الأول
لو كان له عقار يحتاج إليه لسكناه أو سكنى عياله أو يحتاج إلى اجرته لنفقة نفسه أو نفقة عياله أو سائمة يحتاجون إليها لم يلزمه الحج ولو كان له شئ من ذلك فاضل عن حاجته
لزمه بيعه وصرفه في الحج ولو كان مسكنه واسعا يكفيه للسكنى بعضه وجب بيع الفاضل وصرفه في الحج إذا كان بقدر الاستطاعة وكذا لو كان له كتب يحتاج إليها لم يلزمه بيعها
في الحج ولو استغنى عنها وجب البيع ولو كان له بكتاب نسختان يستغنى بأحدهما وجب بيع الفاضل ولو كان له دار نفيسة أو عبد نفيس أو كتب نفيسة وأمكنه بيعها
وشراء أقل من ثمنها وكان مسكن مثله أو عبد مثله والحج بالفاضل عن مؤنته من ثمنها فالأقرب وجوب البيع وشراء الأدون مما تقوم به كفايته - ب - لو كان له دين
على باذل له يكفيه الحج لزمه لأنه مستطيع ولو كان على معسر أو تعذر استيفاؤه أو كان مؤجلا لم يلزمه الحج لعدم الاستطاعة - ج - لو كان له رأس مال يتجر به وينفق من ربحه
ولو صرفه في الحج لبطلت تجارته وجب عليه الحج وهو أصح وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة لأنه واجد والثاني للشافعية انه لا يكلف الصرف إليه وبه قال احمد لئلا
يلتحق بالمساكين وكالعبد والمسكن يحتاج إليهما في الحال وهذا امساك ذخيرة للمستقبل - د - لو لم يجد الزاد ووجد الراحلة وكان كسوبا يكتسب
ما يكفيه وقد عزل نفقة أهله مدة ذهابه وعوده فإن كان السفر طويلا لم يلزمه الحج لما في الجمع بين السفر والكسب من المشقة العظيمة ولأنه قد ينقطع عن الكسب لعارض فيؤدى
إلى هلاك نفسه وإن كان السفر قصيرا فإن كان تكسبه في كل يوم بقدر كفاية ذلك اليوم من غير فضل لم يلزمه الحج لأنه قد ينقطع عن كسبه في أيام الحج فيتضرر وإن كان كسبه في كل يوم يكفيه
لأيامه لم يلزمه الحج أيضا للمشقة ولأنه غير واجد لشرط الحج وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الوجوب وبه قال مالك مطلقا - ه‍ - لو كان له مال (متاع) فباعه نسيئة عند قرب وقت
الخروج إلى أجل يتأخر عنه سقط الفور في تلك السنة عنه لان المال إنما يعتبر وقت خروج الناس وقد يتوسل المحتال بهذا إلى دفع الحج مسألة لو كان له مال يكفيه لذهابه
وعوده دون نفقة عياله سقط عنه فرض الحج لما تقدم من الامر بالنفقة على العيال تتعلق بالفاضل عن قوته وفرض الحج يتعلق بالفاضل عن كفايته فكان الانفاق على العيال أولي من الحج والمراد
بالعيال هنا من تلزمه النفقة عليه دون من يستحب مسألة لو لم يكن له زاد وراحلة أو كان ولا مؤنة له لسفره أو لعياله فبذل له باذل الزاد والراحلة ومؤنته ذاهبا و
عايدا ومؤنة عياله مدة غيبته وجب عليه الحج عند علمائنا سواء كان الباذل قريبا أو بعيدا لأنه مستطيع للحج ولان الباقر والصادق عليهما السلام سئلا عمن عرض عليه
ما يحج به فاستحيا من ذلك أهو ممن يستطيع إلى ذلك سبيلا قال نعم وللشافعي قولان في وجوب الحج إذا كان الباذل ولدا أحدهما الوجوب لان الابن يخالف بنيه في باب المنة
والثاني عدم الوجوب لأنه لا يلزمه القبول لاشتماله على المنة وان لم يكن ولدا لم يجب القبول وقال احمد لا يجب الحج مطلقا سواء بذل له الركوب والزاد أو بذل له مال لأنه غير مالك للزاد
والراحلة ولا لثمنهما فسقط عنه فرض الحج ونمنع ثبوت المنة وعدم الملك المشروط في الاستطاعة فروع - آ - لو بذل له مال يتمكن به من الحج ويكفيه في مؤنته ومؤنة عياله
لم يجب عليه القبول سواء كان الباذل له ولدا أو أجنبيا لاشتماله على المنة في قبول الطاعة ولان في قبول المال وتملكه ايجاب سبب يلزمه به الفرض وهو القبول وربما حدثت عليه
حقوق كانت ساقطة عنه فيلزمه صرف المال إليها من وجوب نفقة وقضاء دين لان تحصيل شرط الوجوب غير واجب كما في تحصيل مال الزكاة - ب - لو وجد بعض ما يلزمه الحج به وعجز عن الباقي
فبذل له ما عجز عنه وجب عليه الحج لأنه يبذل الجميع مع عدم تمكنه من شئ أصلا يجب عليه فمع تمكنه من البعض يكون الوجوب أولي - ج - لو طلب من فاقد الاستطاعة ايجار نفسه
للمساعدة في السفر بما تحصل به الاستطاعة لم يجب القبول لان تحصيل شرط الوجوب ليس بواجب نعم لو آجر نفسه بمال تحصل به الاستطاعة أو ببعضه إذا كان مالكا
للباقي وجب عليه الحج وكذا لو قبل مال الهبة لأنه صار الآن مالكا للاستطاعة - د - قال ابن إدريس من علمائنا ان من يعرض عليه بعض اخوانه ما يحتاج إليه من مؤنة الطريق
يجب عليه الحج بشرط ان يملكه ما يبذل له ويعرض عليه لا وعدا بالقول دون الفعل وكذا فيمن حج به بعض اخوانه والتحقيق ان نقول البحث هنا في أمرين - آ - هل يجب
على الباذل بالبذل الشئ المبذول أم لا فان قلنا بالوجوب أمكن وجوب الحج على المبذول له لكن في ايجاب المبذول بالبذل اشكال أقربه عدم الوجوب وان قلنا
بعدم وجوبه ففي ايجاب الحج اشكال أقربه العدم لما فيه من تعليق الواجب بغير الواجب - ب - هل بين بذل
المال وبذل الزاد والراحلة ومؤنته ومؤنة عياله فرق أم لا فالأقرب
عدم الفرق لعدم جريان العادة بالمسامحة في بذل الزاد والراحلة والمؤن بغير منة كالمال - ه‍ - لو وهب المال فان قبل وجب الحج وإلا فلا ولا يجب عليه قبول الاتهاب وكذا
الزاد والراحلة لان في قبول عقد الهبة يحصل شرط الوجوب وليس واجبا - و - لا يجب الاقتراض للحج إلا أن يحتاج إليه ويكون له مال بقدره يفضل عن الزاد والراحلة ومؤنته
ومؤنة عياله ذهابا وعودا فلو لم يكن له مال أو كان له ما يقصر عن ذلك لم يجب عليه الحج لأصالة البراءة ولان تحصيل شرط الوجوب ليس واجبا - ز - لو كان له ولد له مال لم يجب
عليه بذله لأبيه في الحج ولا اقتراضه له سواء كان الولد كبيرا أو صغيرا ولا يجب على الأب الحج بذلك المال وقال الشيخ (ره) وقد روى أصحابنا انه إذا كان له ولد له مال وجب ان
يأخذ من ماله ما يحج به ويجب عليه اعطاؤه ونحن نحمل ما رواه الشيخ على الاستحباب - ح - لو حج فاقد الزاد والراحلة ماشيا أو راكبا لم يجزئه عن حجة الاسلام لان الحج على هذه الحالة
غير واجب عليه فلم يكن ما أوقعه واجبا عليه فإذا حصل شرط الوجوب الذي هو كالوقت له وجب عليه الحج لان الفعل أولا كان فعلا للواجب قبل وقته فلم يكن مجزيا كالصلاة
مسألة لا تباع داره التي يسكنها في ثمن الزاد والراحلة ولا خادمه ولا ثياب بدنه ولا فرس ركوبه باجماع العلماء لان ذلك مما تمس الحاجة إليه ويجب عليه بيع ما زاد
على ذلك من ضياع وعقار وغير ذلك من الذخاير والأثاث التي له منها بد إذا حصلت الاستطاعة معه مسألة لو فقد الاستطاعة فغصب مالا فحج به أو غصب حمولة فركبها حتى اوصلته أثم بذلك وعليه
302

اجرة الحمولة وضمان المال ولم يجزئه عن الحج أما لو كان واجدا للزاد والراحلة والمؤنة فغصب فحج بالمغصوب أجزأه ذلك وبه قال الشافعي لان الحج عبادة بدنية والمال والحمولة
يرادان للتوصل إليه فإذا فعله لم يقدح فيه ما يوصل به إليه نعم لو طاف أو سعى على الدابة المغصوبة لم يصحا ولو وقف عليها فالأقوى الصحة لان الواجب هو الكون
في الموقف وقد حصل وقال احمد إذا حج بالمال المغصوب لم يصح وكذا لو غصب حمولة فركبها حتى اوصلته لان الزاد والراحلة من شرايط الحج ولم يوجد على الوجه المأمور
به فلا يخرج به عن العهدة وليس بجيد لان شرط الحج ليس تملك غير الزاد والراحلة بل هما أو ثمنهما والبحث في القادر مسألة الفقير والزمن لا يجب عليه الحج إجماعا
فلو بذل له غيره الحج عنه بأن ينوبه لم يجب عليه أيضا وبه قال مالك وأبو حنيفة لقوله عليه السلام السبيل زاد وراحلة ولان الحج عبادة بدنية فوجب ان لا يجب عليه ببذل الغير النيابة
عنه فيها كالصلاة والصوم ولان العبادات ضربان منها ما يتعلق بالأبدان فتجب بالقدرة عليها كالصلاة والصيام ومنها ما يتعلق بالأموال فيعتبر في وجوبها
ملك المال كالزكاة ولم يعهد في الأصول وجوب عبادة ببذل الطاعة وقال الشافعي يجب لما
روى أن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع ان يستمسك على الراحلة فهل ترى ان أحج عنه فقال نعم فقالت أينفعه ذاك فقال أفرأيت لو
كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه فقالت نعم فقال فدين الله أحق ان يقضى وجه الدلالة انها بذلت الطاعة لأبيها فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله بالحج عنه
من غير أن يجرى للمال ذكر فدل على أن الفرض وجب ببذل الطاعة ولان المغصوب الموسر يجب عليه الحج بالاستنابة للغير بالمال وهذا في حكمه لأنه قادر على فعل الحج
عن نفسه فلزمه كالقادر بنفسه والحديث لا يدل على الوجوب ولهذا شبهه (ع) بالدين مع أن الولد لا يجب عليه قضاء ما وجب على أبيه من الدين بل يستحب له فكذا هنا ونمنع
وجوب الاستنابة على المغصوب وسيأتى انشاء الله تعالى تنبيه شرط الشافعية في وجوب الحج ببذل الطاعة سبعة شرايط ثلاثة في الباذل - آ - أن يكون الباذل من أهل الحج فيجتمع
البلوغ والعقل والحرية والاسلام لان من لا يصح منه أداء الحج عن نفسه لا تصح منه النيابة فيه عن غيره - ب - ان لا تكون عليه حجة الاسلام ليصح له احرامه بالحج عن غيره - ج - ان يكون
واجدا للزاد والراحلة لأنه لما كان ذلك معتبرا في المبذول له كان اعتباره في الباذل أولى إذ ليس حال الباذل أوكد في الزام الفرض من المبذول له وبعض الشافعية لا يعتبر
هذا الشرط في بذله للطاعة وان اعتبره في فرض نفسه لأنه التزم الطاعة باختياره فصار كحج النذر المخالف بالأصالة وأربعة في المبذول له - آ - ان يكون المبذول له واقفا
بطاعة الباذل عالما انه متى آمره بالحج امتثل أمره لان قدرة الباذل قد أقيمت مقام قدرته فافتقر إلى الثقة بطاعته - ب - ان يكون الفرض غير ساقط عنه - ج - ان يكون
معضوبا آيسا من أن يفعل بنفسه - د - ان لا يكون له مال لان ذا المال يجب عليه الحج بماله فإذا اجتمعت الشروط نظر في الباذل فإن كان غير ولد ولا والد ففي لزوم الفرض
ببذله وجهان أحدهما وهو الصحيح عندهم ونص عليه الشافعي انه كالولد في لزوم الفرض ببذل طاعته لكونه مستطيعا للحج في الحالين والثاني ان الفرض لا يلزمه ببذل
غير ولده لما يلحقه من المنة في قبوله ولان حكم الولد مخالف لغيره في القصاص وحد القذف والرجوع في الهبة فخالف غيره في بذل الطاعة وإذا أكملت الشرائط التي يلزم بها
فرض الحج ببذل الطاعة فعلى المبذول له الطاعة ان يأذن للباذل ان يحج عنه لوجوب الفرض عليه وإذا أذن له وقبل الباذل اذنه فقد لزمه ان يحج عنه متى شاء وليس له الرجوع بعد القبول
إذا تقرر هذا فعلى المبذول له ان يأذن وعلى الباذل ان يحج فان امتنع المبذول له من الاذن فهل يقوم الحاكم مقامه في الاذن للباذل وجهان أحدهما
القيام فيأذن للباذل في الحج لان الاذن قد لزمه ومتى امتنع من فعل ما وجب عليه قام الحاكم مقامه في استيفاء ما لزمه كالديون والثاني وهو الصحيح عندهم ان إذن الحاكم
لا يقوم مقام اذنه لان البذل كان لغيره فان اذن المبذول له قبل وفاته انتقل الفرض عنه إلى الباذل وان لم يأذن حتى مات لقى الله تعالى وفرض الحج واجب عليه فلو حج الباذل
بغير اذن المبذول له كانت الحجة واقعة عن نفسه لان الحج عن الحي لا يصح بغير اذنه وكان فرض الحج باقيا على المبذول له وهذا كله ساقط عندنا البحث الخامس
في امكان المسير ويشتمل على أمور أربعة الصحة والتثبت على الراحلة وأمن الطريق في النفس والبضع والمال واتساع الوقت والنظر هنا في أربعة النظر الأول الصحة
مسألة أجمع علماء الأمصار في جميع الأعصار على أن القادر على الحج بنفسه الجامع لشرايط وجوب حجة الاسلام يجب عليه ايقاعه مباشرة ولا تجوز له الاستنابة فيه
فان استناب غيره لم يجزئه ووجب عليه ان يحج بنفسه فان مات بعد استطاعته واستنابته واستقرار الحج في ذمته وجب ان يخرج عنه أجرة المثل من صلب ماله لان ما فعله
أولا لم يفده براءة ذمته فيكون بمنزلة التارك للحج بعد استقراره في الذمة من غير اجارة أما المريض مرضا لا يتضرر بالسفر والركوب فإنه كالصحيح يجب عليه مباشرة الحج بنفسه فان وجد
مشقة أو احتاج إلى ما يزيده على مؤنة سفر الصحيح مع عجزه عنه سقط عنه فرض المباشرة ولو احتاج إلى الدواء فكالزاد مسألة المريض الذي يتضرر بالركوب أو السفر
إن كان مرضه لا يرجى زواله وكان مأيوسا من برئه لزمانه أو مرض لا يرجى زواله أو كان معضوبا نضو الخلقة لا يقدر على التثبت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة أو
كان شيخا فانيا وما أشبه ذلك إذا كان واجدا لشرايط الحج من الزاد والراحلة وغيرهما لا تجب عليه المباشرة
بنفسه إجماعا لما فيه من المشقة والحرج وقد قال تعالى ما جعل
عليكم في الدين من حرج ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من لم تمنعه من الحج حاجة أو مرض حابس أو سلطان جاير فمات فليمت يهوديا أو نصرانيا ومن طريق
الخاصة قول الصادق عليه السلام من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا وهل
تجب عليه الاستنابة قال الشيخ نعم وبه قال في الصحابة علي عليه السلام وفى التابعين الحسن البصري ومن الفقهاء الشافعي والثوري واحمد وإسحاق لما رواه العامة عن علي عليه السلام
انه سئل عن شيخ يجد الاستطاعة فقال يجهز من يحج عنه ولحديث الخثعمية ومن طريق الخاصة ما رواه معوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إن عليا عليه السلام رأى
شيخا لم يحج قط ولم يطق الحج من كبره فأمر أن يجهز رجلا فيحج عنه ولأنها عبادة تجب بافساده الكفارة فجاز ان يقوم غير فعله مقام فعله فيها كالصوم إذا عجز عنه وقال
بعض علمائنا لا تجب الاستنابة وبه قال مالك لان الاستطاعة غير موجودة لعدم التمكن من المباشرة والنيابة فرع الوجوب والوجوب ساقط لعدم شرطه فان الله تعالى
قال من استطاع وهذا غير مستطيع ولأنها عبادة لا تدخلها النيابة مع القدرة فلا تدخلها مع العجز كالصوم والصلاة ونمنع عدم الاستطاعة لان الصادق عليه السلام فسرها
بالزاد والراحلة وهي موجودة والقياس ضعيف وهذا القول لا بأس به أيضا وقال مالك ولا يجوز ان يستأجر من يحج عنه في حال حياته فان وصى ان يحج عنه بعد وفاته
جاز وقال أبو حنيفة ان قدر على الحج قبل زمانه لزمه الحج وان لم يقدر عليه فلا حج عليه مسألة لو لم يجد هذا المريض الذي لا يرجى برؤه مالا يستنيب به لم يكن (يجب)
عليه حج إجماعا لأن الصحيح لو لم يجد ما يحج به لم يجب عليه فالمريض أولي وان وجد مالا ولم يجد من ينوب عنه لم يجب عليه أيضا لعدم تمكنه من الاستيجار وعن أحمد روايتان
في امكان المسير هل هو من شرايط الوجوب أو من شرايط لزوم السعي فان قلنا من شرايط لزوم السعي يثبت الحج في ذمته يحج عنه بعد موته وإن قلنا من شرايط الوجوب
لم يجب عليه شئ وهذا ساقط عندنا مسألة المريض الذي لا يرجى برؤه لو استناب من حج عنه ثم عوفي والمعضوب إذا تمكن من المباشرة بعد ان حج عن نفسه
303

وجب عليه ان يحج بنفسه مباشرة قال الشيخ (ره) لان ما فعله كان واجبا في ماله وهذا يلزمه في نفسه وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر لان هذا بدل اياس
فإذا برأ تبينا انه لم يكن مأيوسا منه فلزمه الأصل كالآيسة إذا اعتدت بالشهور ثم حاضت لا تجزئها تلك العدة وقال احمد وإسحاق لا يجب عليه حج اخر لأنه فعل المأمور به فخرج
عن العهدة كما لو لم يبرء ولأنه أدى حجة الاسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان كما لو حج بنفسه ولافضائه إلى ايجاب حجتين وليس عليه إلا حجة واحدة ونمنع فعله المأمور به و
الفرق بينه وبين عدم البرء ظاهر ونمنع أداء حجة الاسلام بل بدلها المشروط بعدم القدرة على المباشرة ونمنع انه ليس عليه حجة واحدة إذا عرفت هذا فلو عوفي
قبل فراق النايب من الحج قال بعض العامة لم يجزئه الحج لأنه قدر على الأصل قبل تمام البذل فلزمه كالصغيرة ومن ارتفع حيضها إذا حاضتا قبل تمام عدتها بالشهور
وكالمتيمم إذا رأى الماء في صلاته ويحتمل الأجزاء كالمتمتع إذ شرع في الصيام ثم قدر على الهدى والمكفر إذا قدر على الأصل بعد الشروع في البدل وان برأ قبل احرام النايب
لم يجزئه بحال وهذا كله ساقط عندنا مسألة المريض إذا كان مرضه يرجى زواله والبرء منه والمحبوس ونحوه إذا وجد الاستطاعة وتعذر عليه الحج يستحب ان
يستنيب قاله الشيخ (ره) ومنع منه الشافعي واحمد فان استناب غيره لم يجزئه كالصحيح سواء برأ من مرضه أو لم يبرأ لأنه يرجوا القدرة على الحج بنفسه فلم تكن له الاستنابة ولا
يجزئه ان فعل كالفقير وقال أبو حنيفة يجوز له ان يستنيب ويكون ذلك مراعى فان قدر على الحج لزمه وإلا أجزأه ذلك لأنه عاجز عن الحج بنفسه فأشبه المأيوس من برئه
وفرق الشافعية بان المأيوس عاجز على الاطلاق آيس من القدرة على الأصل فأشبه الميت ولان النص انما ورد في الحج عن الشيخ الكبير وهو ممن لا يرجى منه مباشرة الحج
فلا يقاس عليه إلا ما يشابهه والمعتمد ما قاله الشيخ لقول الباقر عليه السلام يقول لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطيع الخروج
فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه وهو عام ولأنه غير قادر على الحج بنفسه فجاز له الاستنابة كالمعضوب إذا ثبت هذا فلو استناب من يرجو القدرة على
الحج بنفسه ثم صار مأيوسا من برئه فعليه ان يحج عن نفسه مرة أخرى لأنه استناب في حال لا تجوز له الاستنابة فيها فأشبه الصحيح قال الشيخ ولان تلك الحجة كانت عن ماله
وهذه عن بدنه ولو مات سقط فرض الحج عنه مع الاستنابة وبدونها لأنه غير مستطيع للحج وللشافعي وجهان مع الاستنابة أحدهما عدم الأجزاء لأنه استناب وهو غير
مأيوس منه فأشبه ما إذا برأ والثاني الأجزاء لأنا بينا ان المريض كان مأيوسا منه حيث اتصل الموت به مسألة قد بينا ان من بذل طاعة الحج لغيره لا يجب على ذلك الغير
القبول خلافا للشافعي حيث أوجب القبول والاذن للمطيع في الحج عنه ولو مات المطيع قبل ان يأذن له فإن كان قد أتى من الزمان ما يمكنه فعل الحج فيه استقر في ذمته وإن كان
قبل ذلك لم يجب عليه لأنه قد بان انه لم يكن مستطيعا وهل يلزم الباذل ببذله قال إن كان قد أحرم لزم المضي فيه وإلا فلا لأنه لا يجب عليه البذل فلا يلزمه حكم لأنه
متبرع به وهذه كلها ساقطة عندها لأنها مبنية على وجوب الحج بالطاعة وهو باطل لان النبي صلى الله عليه وآله سئل ما يوجب الحج فقال الزاد والراحلة ولو كان على
المعضوب حجتان منذورة وحجة الاسلام جاز له ان يستنيب اثنين في سنة واحدة لأنهما فعلان متباينان لا ترتيب بينهما ولا يؤدى ذلك إلى وقوع المنذورة دون حجة
الاسلام بل يقعان معا فأجزأ ذلك بخلاف ما إذا ازدحم الفرضان على واحد وللشافعي وجهان تنبيهان الأول قال الشيخ المعضوب إذا وجب عليه حجة بالنذر أو بإفساد حجه
وجب عليه ان يحج غيره عن نفسه وان برء فيما بعد وجب عليه الإعادة وفيه نظر الثاني يجوز استنابة الصرورة وغير الصرورة على ما يأتي مسألة يجوز للصحيح الذي
قضى ما عليه من حجة الاسلام ان يستنيب في حج التطوع وان تمكن من مباشرة الحج بنفسه عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة واحمد في إحدى الروايتين لأنها حجة لا تلزم
بنفسه فجاز ان يستنيب فيها كالمغصوب وقال الشافعي لا يجوز وهو الرواية الثانية عن أحمد لأنه غير آيس من الحج بنفسه قادر عليه فلم يجز ان يستنيب فيه كالفرض وهو خطأ للفرق
فان الفرض لم يؤده مباشرة هنا وقد أداه فافترقا ولو لم يكن قد حج حجة الاسلام جاز له ان يستنيب أيضا في حج التطوع سواء وجب عليه الحج قبل ذلك أو لا وسواء تمكن من أداء الواجب
أو لا لعدم المنافات بينهما ولو كان قد أدى حجة الاسلام وعجز عن الحج بنفسه صح ان يستنيب في التطوع لان ما جازت الاستنابة في فرضه جازت في نقله كالصدقة
يجوز الاستيجار على الحج وبه قال مالك والشافعي وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين ومنع في الرواية الأخرى منه ومن الاستيجار على الاذان وتعليم القرآن والفقه
ونحوه مما يتعدى نفعه ويختص فاعله ان يكون من أهل القربة وجوز ذلك كله الشافعي ومالك لان النبي صلى الله عليه وآله قال أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب
الله وأخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وآله الجعل على الرقبة بكتاب الله وأخبروا النبي صلى الله عليه وآله بذلك فصوبهم ولأنه تجوز النفقة عليه فجاز الاستيجار عليه كبناء القناطر والمساجد واحتج المانعون بأن
عبادة بن الصامت كان يعلم رجلا القرآن فاهدى له قوسا فسأل النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فقال له ان سرك ان تتقلد قوسا من نار فتقلدها (فقلدها) وقال النبي صلى الله وعليه وآله لعثمان بن أبي العاص
واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ولأنها عبادة يختص فاعلها ان يكون من أهل القرية فلم يجز أخذ الأجرة عليها كالصلاة والصوم والرقية قضية في عين فتختص بها وأما بناء
المساجد فلا يختص فاعله ان يكون من أهل القرية ويجوز ان يقع قربة وغير قربة فإذا وقع بأجرة لم يكن قربة ولا عبادة ولا يصح هنا أن تكون غير عبادة ولا يجوز الاشتراك
في العبادة فمتى فعله من أصل الأجرة خرج عن كونه عبادة فلا يصح ولا يلزم من جواز أخذ النفقة جواز أخذ الأجرة كالقضاء والشهادة والإمامة يؤخذ عليها الرزق
من بيت المال وهو نفقة في المعنى ولا يجوز أخذ الأجرة عليها ونمنع انه إذا فعل من أجل أخذ الأجرة خرج عن كونه عبادة وانما يتحقق ذلك لو لم يقصد سوى أخذ الأجرة
أما إذا جعله جزء المقصود فلا وفايدة الخلاف انه متى لم يجز أخذ الأجرة عليها فلا يكون إلا نايبا محضا وما يدفع إليه من المال يكون نفقة لطريقه فلو مات أو احصر أو
مرض أو ضل الطريق لم يلزمه الضمان لما اتفق لأنه انفاق بإذن صاحب المال قاله احمد فأشبه ما لو أذن له في سد شئ فانفتق ولم ينسد وإذا ناب عنه اخر فإنه يحج من حيث
بلغ النايب الأول من الطريق لأنه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه فلم يكن عليه الانفاق دفعة أخرى كما لو خرج بنفسه فمات في بعض الطريق فإنه يحج عنه من
حيث انتهى وما فضل معه من المال رده إلا أن يؤذن له في أخذه وينفق على نفسه بقدر الحاجة من غير اسراف ولا تقتير وليس له التبرع بشئ منه إلا أن يؤذن له في ذلك
وعلى القول بجواز الاستيجار للحج يجوز أن يدفع إلى النايب من غير استيجار فيكون الحكم فيه على ما مضى وان استأجره ليحج عنه أو عن ميت اعتبر فيه شرايط الإجارة من معرفة
الأجرة وعقد الإجارة وما يأخذه اجرة له يملكه ويباح له التصرف فيه والتوسع في النفقة وغيرها وما فضل فهو له وان احصر أو ضل الطريق أو ضاعت النفقة منه
فهو في ضمانه والحج عليه وان مات انفسخت الإجارة لان المعقود عليه تلف فانفسخ العقد كما لو ماتت البهيمة المستأجرة ويكون الحج أيضا من موضع بلغ إليه النايب وما
يلزمه من الدماء فعليه لان الحج عليه النظر الثاني التثبت على الراحلة التثبت على الراحلة شرط في وجوب الحج قال الشيخ الهم والمعضوب الذي لا يتمكن من
الاستمساك على الراحلة لا يجب عليه الحج وكذا لو كان يتثبت على الراحلة لكن بمشقة عظيمة يسقط عنه فرض عامه لقوله عليه السلام من ليحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو سلطانه
جاير ولم يحج فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا إذا عرفت هذا فمقطوع اليدين أو الرجلين إذا امكنه الثبوت على الراحلة من غير مشقة شديدة يجب
304

عليه مباشرة الحج ولا تجوز به الاستنابة ولو احتاج المعضوب إلى حركة عنيفة يعجز عنها سقط في عامه فان مات قبل التمكن سقط النظر الثالث أمن الطريق
وهو شرط في وجوب الحج فلو كان الطريق مخوفا أو كان فيه مانع من عدو أو شبهه سقط فرض الحج في ذلك العام وان حصلت باقي الشرايط عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة
والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان الله تعالى إنما فرض الحج على المستطيع هذا غير مستطيع ولان هذا يتعذر معه فعل الحج فكان شرطا كالزاد والراحلة ولان حفصا الكناسي سأل الصادق عليه السلام
عن قول الله عز وجل ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ما يعنى بذلك فقال من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج وقال احمد في الرواية
الأخرى انه ليس شرطا للوجوب بل هو شرط لزوم السعي فلو كملت شرايط الحج ثم مات قبل وجود هذا الشرط حج عنه بعد موته وان أعسر قبل وجوده بقى في ذمته لان النبي صلى الله عليه وآله
لما سئل ما يوجب الحج قال الزاد والراحلة وهذا له زاد وراحلة ولان هذا عذر يمنع نفس الأداء فلم يمنع الوجوب كالعضب ولان امكان الأداء ليس شرطا في وجوب العبادات
بدليل ما لو طهرت الحايض أو بلغ الصبى أو أفاق المجنون ولم يبق من وقت الصلاة ما يمكن اداؤها فيه وليس بجيد لان تكليف الخايف بالسعي تكليف بالنهي عنه فان الله
تعالى قال ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وهو قبيح والمراد بقوله عليه السلام الزاد والراحلة ليس على اطلاقه بل مع حصول باقي الشرايط قطعا ونمنع الوجوب في حق المعضوب وقد تقدم والفرق
بأن المعضوب يتمكن من الاستنابة بخلاف المتنازع فإنه غير متمكن من الاستيجار فان الأجير لا يتمكن المضي مع الخوف مسألة أمن الطريق على النفس والبضع والمال
شرط في وجوب الحج فلو خاف على نفسه من سبع أو عدو في الطريق لم يلزمه الحج ولهذا جاز التحلل من الاحرام بمثل ذلك على ما يأتي في باب الاحصار وقد تقدم الخلاف فيه
إذا لم يجد طريقا سواه فان وجد طريق اخر أمنا لزمه سلوكه وإن كان أبعد إذا وجد النفقة المحتاج إليها في سلوكه واتسع الزمان وهو قول الشافعية ولهم وجه اخر انه لا يلزمه
كما لو احتاج إلى بذل مؤنة زايدة في ذلك الطريق وليس بجيد لأنه مستطيع وليس للطريق ضابط مسألة لو كان في الطريق بحر وكان له في البر طريق اخر فان استويا
في الامن تخير في سلوك أيهما شاء وان اختص أحدهما بالأمن دون الاخر تعين الامن لأنه مستطيع ولو استويا في عدم الامن سقط فرض الحج في ذلك العام لانتفاء شرط
الوجوب ولا يجب الاستنابة على ما تقدم ولو خاف من ركوب البحر ولا طريق أمنا سواه سقط الفرض في ذلك العام ولو لم يخف من ركوبه وجب عليه الحج وللشافعي قولان
أحدهما قوله في المختصر لم يرء؟ لي ان أوجب ركوب البحر ونص في الام على أنه لا يجوز وقال في الاملاء إن كان أكثر عيشه في البحر وجب فانقسم أصحابه قسمين أحدهما أثبت الخلاف
في المسألة والثاني نفاه وللمثبتين طريقان أحدهما ان المسألة على قولين مطلقا أحدهما انه يلزمه الركوب للظواهر المطلقة في الحج والثاني لا يلزمه لما فيه من الخوف والحظر
وأظهرهما انه إن كان الغالب منه الهلاك إما باعتبار خصوص ذلك البحر أو لهيجان الأمواج في بعض الأحوال لم يلزمه الركوب وإن كان الغالب فيه السلامة فقولان أظهرهما اللزوم
لسلوك طريق البر عند غلبة السلامة والثاني المنع لان عوارض البحر عسرة الدفع وعلى هذا فلو اعتدل الاحتمال فيلحق بغلبة السلامة أو بغلبة الهلاك تردد فيه
الشافعية وأما النافون للخلاف فلهم طرق أحدها القطع بعدم اللزوم وحمل نصه في الاملاء على ما إذا ركبه لبعض الأغراض فصار أقرب إلى الشط الذي يلي مكة
والثاني القطع باللزوم والثالث انه إن كان الغالب الهلاك لم يلزم وإن كان الغالب السلامة لزم واختلاف القولين محمول على حالين وبه قال أبو حنيفة واحمد والرابع تنزيل
القولين على حالين من وجه آخر إن كان الرجل ممن اعتاد ركوب البحر كالملاحين وأهل الجزاير لزمه وإلا فلا لصعوبته عليه ونقل الجويني عن بعض الشافعية اللزوم
عند جراة الراكب وعدمه عند استشعاره ومن الشافعية من قال لا يجب على المستشعر وفى غيره قولان ومنهم
من قال يجب على غير المستشعر وفيه قولان وعلى
القول بعدم وجوب ركوبه هل يستحب فيه وجهان لهم أحدهما لا لما فيه من التعزير بالنفس وأظهرهما نعم كما يستحب ركوبه للغزو والوجهان فيما إذا كان الغالب السلامة
أما إذا كان الغالب الهلاك فيحرم الركوب نقله الجويني وحكى تردد الشافعية فيما إذا اعتدل الاحتمال وإذا لم نوجب الركوب فلو توسط البحر فهل له الانصراف أم عليه التمادي
فيه قولان مبنيان على القول في المحصر إذا أحاط به العدو من الجوانب هل يجوز له التحلل إن قلنا له التحلل فله الانصراف وان قلنا لا لأنه لا يستفيد الخلاص فليس له
الانصراف والوجهان فيما إذا استوى ما بين يديه وما خلفه في غالب الظن فإن كان فيما بين يديه أكثر لم يلزم التمادي وإن كان أقل لزم قالوا هذا في حق الرجل أما المرأة ففيها
خلاف بينهم مرتب على الرجل واولى بعدم الوجوب لأنها أشد تأثيرا بالأهوال ولأنها عورة وربما تنكشف للرجال لضيق المكان فان قلنا بعدم الوجوب فنقول
بعدم الاستحباب أيضا ومنهم من طرد الخلاف وليست الأنهار العظيمة كجيحون في معنى البحر لان المقام فيها لا يطول والخطر فيها لا يعظم مسألة المرأة كالرجل
متى خافت على نفسها أو المكابرة على فرجها سقط الفرض عنها وان احتاجت إلى المحرم وتعذر سقط الفرض عنها أيضا لعدم استطاعتها بدونه وليس المحرم شرطا في
وجوب الحج عليها مع الاستغناء عنه عند علمائنا وبه قال مالك وابن سيرين والأوزاعي والشافعي واحمد في إحدى الروايات قال ابن سيرين تخرج مع رجل من المسلمين
لا بأس به وقال مالك تخرج مع جماعة النساء وقال الشافعي تخرج مع حرة مسلمة ثقة وقال الأوزاعي تخرج مع قوم عدول تتخذ سلما تصعد عليه وتنزل ولا يغربها رجل
إلا أنه يأخذ رأس البعير وتضع رجلها على زراعه قال ابن المنذر تركوا القول بظاهر الحديث واشترط كل واحد منهم شرطا لا حجة معه عليه والأصل في ذلك ان النبي صلى الله عليه وآله
فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة وقال لعدى بن حاتم يوشك ان تخرج الظعينة من الحيرة يوم تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله رواه العامة ومن طريق الخاصة قول
الصادق عليه السلام من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج وعن أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المرأة تحج بغير وليها قال نعم إذا كانت امرأة مأمونة
تحج مع أخيها المسلم وفى الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المرأة تحج بغير محرم فقال إذا كانت مأمونة ولم تقدر على محرم فلا بأس بذلك ولأنه
سفر واجب فلا يشترط فيه المحرم كالمسلمة إذا تخلصت من أيدي الكفار وقال احمد في رواية أخرى المحرم من السبيل وان المرأة المؤسرة إذا لم يكن لها محرم لا يجب عليها الحج
وبه قال الحسن البصري والنخعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي فلو لم يكن محرم لم يجز لها الخروج إلا أن يكون بينها وبين مكة مسير ما دون ثلاثة أيام لما رواه أبو هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا ومعها ذو محرم ولأنها أنشأت سفرا في دار الاسلام فلم يجز
بغير محرم كحج التطوع والحديث مخصوص بالمتخلصة من أيدي الكفار فيكون مخصوصا بالحج لاشتراكهما في الوجوب ويحمل أيضا على السفر في غير الحج الواجب ونمنع اشتراط
المحرم في حج التطوع فان الزوج إذا أذن لزوجته في الحج جاز له المضي فيه وان لم يصحبها تذنيبات المحرم عند المشترطين له هو الزوج أو من تحرم عليه على التأبيد
إما بنسب أو بسبب مباح كأبيها أو ابنها أو أخيها من نسب أو رضاع لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تسافر سفرا
يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو ذو محرم منها قال احمد يكون زوج أم المرأة محرما لها يحج بها ويسافر الرجل مع أم ولد جده
فإذا كان أخوها من الرضاعة خرجت معه وقال في أم امرأته يكون محرما لها في حج الفرض دون غيره وأما من لا تحرم عليه مؤبدا فليس بمحرم كعبدها وزوج أختها
305

لأنهما غير مأمونين عليها ولا تحرم عليهما مؤبدا فيما كالأجنبي قاله احمد وقال الشافعي عبدها محرم لها لأنه مباح له النظر إليها فكان محرما كذى رحمها وهو غلط فإنا نمنع إباحة نظره إليها وسيأتى وأما
أم الموطوءة بشبهة أو المزني بها أو بابنتها فليس بمحرم لهما لان تحريمهما بسبب غير مباح فلم يثبت به حكم المحرمية كالتحريم الثابت باللعان وليس له الخلوة بهما ولا النظر
إليهما كذلك قال احمد والكافر ليس محرما للمسلمة وإن كانت ابنته وقال الشافعي وأبو حنيفة هو محرم لها لأنها محرمة عليه على التأبيد وقول احمد لا بأس به في كافر
يعتقد حلها كالمجوسي ولو قال احمد يشترط في المحرم ان يكون بالغا عاقلا لان الصبى لا يقوم بنفسه قبل الاحتلام فكيف يخرج مع امرأة ولان المقصود بالمحرم حفظ المرأة ولا
يحصل إلا من البالغ العاقل ونفقة المحرم في الحج عليها لأنه من سبيلها فكان عليها نفقته كالراحلة فعلى هذا يعتبر في استطاعتها ان تملك زادا وراحلة لها و
لمحرمها فان امتنع محرمها من الحج معها مع بذلها له نفقته فهي كمن لا محرم لها وهل تلزمه اجابتها إلى ذلك عن أحمد روايتان والصحيح انه لا يلزمه الحج معها لما في الحج من المشقة
الشديدة والكلفة العظيمة فلا يلزم أحدا لأجل غيره كما لم يلزمه ان يحج عنها إذا كانت مريضة ولو مات محرم المرأة في الطريق قال احمد إذا تباعدت مضت فقضت الحج
مسألة لا يجوز للرجل منع زوجته الموسرة من حجة الاسلام إذا حصلت الشرايط عند علمائنا وبه قال النخعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي والشافعي
في أصح قوليه لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تمنعوا إماء الله عن مساجد الله ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام
قال سألته عن امرأة لم تحج ولها زوج وأبى ان يأذن لها في الحج فغاب زوجها فهل لها ان تحج قال لا طاعة له عليها في حجة الاسلام ولأنه فرض فلم يكن له منعها منه كالصوم والصلاة
الواجبين وقال الشافعي في الآخر له منعها منه لان الحج على التراخي وهو ممنوع إذا عرفت هذا فيستحب ان تستأذنه في ذلك فان أذن ولا خرجت بغير إذنه وأما حج
التطوع فله منعها قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ له من أهل العلم ان له منعها من الخروج إلى الحج التطوع لان حق الزوج واجب فليس لها تفويته بما ليس بواجب كالسيد مع
عبده ولما رواه إسحاق بن عمار عن الرضا عليه السلام قال سألته عن المرأة المؤسرة قد حجت حجة الاسلام تقول لزوجها حجني من مالي أ له أن يمنعها من ذلك قال نعم ويقول
لها حقي عليك أعظم من حقك على في هذا وأما الحجة المنذورة فإن كانت قد نذرت الحج المعين بزمان معين حالة خلوها من الزوج أو قيدت النذر بزمان معين بإذنه لو كانت مزوجة به فإنه ليس له منعها منه لأنه واجب عليها
فأشبه حجة الاسلام وان نذرت حال الزوجية به فان أذن لها في النذر وكان مطلقا فالوجه انه يجوز له منعها في ذلك العام لأنه واجب مطلق ويحتمل عدم المنع لأنه أداء الواجب
تذنيب حكم العبد حكم الزوجة فان أعتق فكالمطلقة باينا والأمة المزوجة يشترط في حجتها التطوع ونذره إذن المولى والزوج مسألة المعتدة عدة
رجعية كالزوجة لان للزوج الرجوع في طلاقها والاستمتاع بها والحج يمنعه عن ذلك لو راجع فيقف على اذنه
ولان الصادق عليه السلام قال المطلقة إن كانت صرورة حجت في
عدتها وإن كانت حجت فلا تحج حتى تقضى عدتها ولها ان تخرج في حجة الاسلام من غير إذن الزوج لان الزوجة لها ذلك فالمطلقة أولي لقول أحدهما عليهما السلام المطلقة
تحج في عدتها أما التطوع فليس لها ذلك إلا بإذنه لما تقدم ولما رواه معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال لا تحج المطلقة في عدتها وحملناه على التطوع جمعا بين الأدلة
أما المطلقة طلاقا بائنا فإنها تخرج في الواجب والتطوع من غير إذن الزوج لانقطاع سلطنة عليها وصيرورته أجنبيا فلا اعتبار بإذنه وأما المعتدة عدة الوفاة فإنها
تخرج في حج الاسلام عند علمائنا لانقطاع العصمة ولما رواه زرارة في الصحيح قال سألت الصادق عليه السلام عن التي يتوفى عنها زوجها أتحج في عدتها قال نعم وقال احمد لا يجوز لها
أن تخرج وتقدم ملازمة المنزل على الحج لأنه يفوت والحق اتباع النقل مسألة لو كان في الطريق عدو يخاف منه على ماله سقط فرض الحج عند علمائنا وبه قال الشافعي
واحمد في إحدى الروايتين لان بذل المال تحصيل لشرط الوجوب وهو غير واجب فلا يجب ما يتوقف عليه وفى الرواية الأخرى عن أحمد انه لا يسقط فرض الحج ويجب ان يستنيب
وليس بمعتمد ولا فرق بين ان يكون المال قليلا أو كثيرا ويحتمل ان يقال بالوجوب مع القلة إذا لم يتضرر ولو لم يندفع العدو إلا بمال أو خفارة؟ قال الشيخ (ره) لا يجب لأنه لم تحصل
التخلية ولو قيل بالوجوب مع امكان الدفع من غير إجحاف أمكن لأنه كأثمان الآلات ولو بذل باذل المطلوب فانكشف العدو لزمه الحج وليس له منع الباذل لتحقق
الاستطاعة أما لو قال الباذل اقبل المال وادفع أنت لم يجب ولا فرق بين ان يكون الذي يخاف منه مسلمين أو كفارا ولو تمكن من محاربتهم بحيث لا يلحقه ضرر ولا خوف
فهو مستطيع ويحتمل عدم الوجوب لان تحصيل الشرط ليس بواجب أما لو خاف على نفسه أو ماله من قتل أو جرح أو نهب لم يجب ولو كان العدو كفارا وقدر الحاج على محاربتهم
من غير ضرر استحب قتالهم لينالوا ثواب الجهاد والحج معا أما لو كانوا مسلمين فإنه لا يجب الحج لما فيه من قتل المسلم وليس محرما ولو كان على المراصد من يطلب مالا لم يلزمه الحج
وكره الشافعي بذل المال لهم لانهم يحرصون بذلك على التعرض للناس ولو بعثوا بأمان الحجيج وكان أمانهم موثوقا به أو ضمن لهم أمير فانطلقوا به وأمن الحجيج لزمهم الخروج
ولو وجدوا من يبذرقهم؟ بأجرة ولو استأجروا لامنوا غالبا احتمل وجوب الاستيجار وهو أحد وجهي الشافعية لان بذل الأجرة بذل مال يخف والبذرقة أمن هبة الطريق
كالراحلة وغيرها ويحتمل عدم الوجوب وهو الوجه الثاني للشافعية لأنه خسران لدفع الظلم فأشبه التسليم إلى الظالم مسألة يشترط لوجوب الحج وجود الزاد والماء
في المواضع التي جرت العادة بحمل الزاد والماء منها فإن كان العام عام جدب وخلا بعض تلك المنازل عن أهلها أو انقطعت المياه لم يلزمه الحج لأنه ان لم يحمل معه خاف
على نفسه وان حمله لحقته مؤنة عظيمة وكذلك الحكم لو كان يوجد الزاد والماء فيها لكن بأكثر من ثمن المثل وهو القدر اللايق في ذلك المكان والزمان وان وجدهما
بثمن المثل لزم التحصيل سواء كانت الأسعار رخيصة أو غالية إذا وفى ماله ويحمل منها قدر ما جرت العادة به في طريق مكة كحمل الزاد من الكوفة والماء مرحلتين أو ثلاثا إذا
قدر عليه ووجد آلات الحمل وأما علف الدواب فيشرط وجوده في كل مرحلة ويشترط أيضا في الوجوب وجود الرفقة ان احتاج إليها فان حصلت له الاستطاعة وحصل بينه
وبين الرفقة مسافة لا يمكنه اللحاق أو يحتاج ان يتكلف إما بمناقلة أو بجعل منزلين منزلا لم يلزمه الحج تلك السنة فان بقى حالته في إزاحة العلة إلى السنة المقبلة لزم وان مات قبل
ذلك لا يجب ان يحج عنه فان فاتته السنة المقبلة ولم يحج وجب حينئذ ان يحج عنه ولو احتاج إلى حركة عنيفة يعجز عنها سقط في عامه فان مات قبل التمكن سقط النظر الرابع
في اتساع الوقت مسألة إتساع الوقت شرط في الوجوب وهو ان يكمل فيه هذه الشرايط والزمان يتسع للخروج ولحوق المناسك فلو حصلت الشرايط وقد ضاق الوقت
بحيث لو شرع في السير لم يصل إلى مكة لم يجب الحج في ذلك العام عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان الله تعالى إنما فرض الحج على المستطيع
وهذا غير مستطيع ولان هذا يتعذر معه فعل الحج فكان شرطا كالزاد والراحلة وقال احمد في الرواية الثانية انه ليس شرطا في الوجوب وإنما هو شرط للزوم الحج لأنه عليه السلام
فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة وهو ضعيف وقد سلف ولو مات حينئذ لم يقض عنه ولو علم الادارك لكن بعد طي المنازل وعجزه عن ذلك لم يجب ولو قدر وجب
تتمة تشتمل على مسائل الأولى هذه الشرايط التي ذكرناها منها ما هو شرط في الصحة والوجوب وهو العقل لعدم الوجوب على المجنون وعدم الصحة
منه ومنها ما هو شرط في الصحة دون الوجوب وهو الاسلام فان الكافر يجب عليه الحج وغيره من فروع العبادات عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي في أحد الوجهيه
306

وفى الاخر انه غير واجب عليه وجعل الاسلام شرطا في الوجوب وبه قال أبو حنيفة لنا عموم قوله تعالى ولله على الناس حج البيت والعارض وهو الكفر لا يصلح للمانعية كما لا يمنع من
الخطاب بالاسلام واحتجاج أبي حنيفة بأن الكافر إما ان يجب عليه حال كفره أو بعد اسلامه والأول باطل لأنه لو وجب عليه لصح منه وإلا لزم التكليف بالمحال والثاني باطل لقوله عليه السلام
الاسلام يجب ما قبله وهو غلط لان الوجوب حالة الكفر يستلزم الصحة العقلية أما الشرعية فإنها موقوفة على شرط قادر وعليه وهو الاسلام فكان كالمحدث المخاطب بالصلاة
إذا عرفت هذا فلو أحرم وهو كافر لم يصح احرامه فإذا أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر وجب عليه الرجوع إلى الميقات وانشاء الاحرام منه وان لم يتمكن أحرم من موضعه
ولو أسلم بعد فوات الوقوف بالمشعر وجب عليه في المقبل
مسألة المرتد إذا كان قد حج حالة اسلامه ثم حصل الارتداد بعد قضاء مناسكه لم يعد الحج بعد التوبة وبه قال الشافعي لما رواه العامة من قوله صلى الله عليه وآله لما سئل
أحجتنا هذه لعامنا أم للأبد فقال للأبد ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام من كان مؤمنا فحج ثم اصابته فتنة فكفر ثم تاب يحسب له كل عمل صالح عمله ولا يبطل منه
شئ ولأنه أوقع الحج بشروطه فخرج عن العهدة لعدم وجوب التكرر وتردد الشيخ (ره) وقوى الإعادة وجزم بها أبو حنيفة لقوله تعالى ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو
ممنوع فان الاحباط مشروط بالموافاة تذنيب المخالف إذا حج على معتقده ولم يخل بشئ من أركان الحج لم تجب عليه الإعادة لان الصادق عليه السلام سئل عن رجل حج وهو
لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به تجب عليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضة قال قد قضى فريضته ولو حج كان أحب إلى الحديث تذنيب آخر
لو أحرم ثم ارتد ثم عاد إلى الاسلام كان احرامه باقيا وبنى عليه وللشافعي وجهان أحدهما الأبطال وليس بجيد لان الاحرام لا يبطل بالموت والجنون فلا يبطل بالردة
ومنها ما هو شرط في الوجوب دون الصحة وهو البلوغ والحرية والاستطاعة وامكان المسير لان الصبى والمملوك ومن ليس معه زاد ولا راحلة وليس بمخلى السرب ولا
يمكنه المسير لو تكلفوا الحج لصح منهم وان لم يكن واجبا عليهم ولا يجزئهم عن حجة الاسلام مسألة جامع
الشرايط إذا قدر على المشي كان المشي أفضل من الركوب مع عدم
الضعف عن أداء الفرايض ولو خاف الضعف عن إكمال الفرايض واستيفاء الشرايط والدعاء كان الركوب أفضل لقول الصادق عليه السلام ما عبد الله بشئ أشد من
المشي ولا أفضل وسئل الصادق عليه السلام عن فضل المشي فقال الحسن بن علي عليهما السلام قاسم ربه ثلاث مرات حتى نعلا ونعلا وثوبا وثوبا ودينارا ودينارا وحج عشرين حجة ماشيا
على قدمه وقد روى أن الصادق عليه السلام سئل الركوب أفضل أم المشي فقال الركوب أفضل من المشي لان رسول الله صلى الله عليه وآله ركب وهو محمول على التفضيل الذي ذكرناه
لما روى عنه عليه السلام أي شئ أحب إليك تمشى أو تركب فقال تركبون أحب إلى فان ذلك أقوى على الدعاء والعبادة تذنيب لو نذر ان يحج حجة الاسلام ماشيا وجب عليه الوفاء
به مع القدرة لأنه نذر في طاعة ولو عجز عن المشي وجب الركوب ولو نذر أن يحج ماشيا غير حجة الاسلام فان قيده بوقت تعين مع القدرة فان عجز في تلك السنة احتمل وجوب
الركوب مع القدرة وعدم العجز عن النذر فيسقط ولو لم يكن مقيدا توقع المكنة مسألة إذا كملت شرايط الحج فأهمل أثم فان حج في السنة المقبلة برئت ذمته ويجب عليه
المبادرة على الفور ولو مشيا وإن مات وجب ان يخرج عنه حجة الاسلام وعمرته من صلب المال ولا يسقط بالموت عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن وطاوس والشافعي لما رواه
العامة عن ابن عباس ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وآله عن أبيها مات ولم يحج قال حجى عن أبيك ومن طريق الخاصة ما رواه سماعة بن مهران قال سألت الصادق عليه السلام
عن الرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها وهو موسر فقال يحج عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك ولأنه حق استقر عليه تدخله النيابة فلم يسقط بالموت كالدين وقال
أبو حنيفة ومالك تسقط بالموت فان وصى بها فهي من الثلث وبه قال الشعبي والنخعي لأنها عبادة بدنية تسقط بالموت كالصلاة والفرق ان الصلاة لا تدخلها النيابة
مسألة وفى وجوب الاستيجار من البلد الذي وجب على الميت الحج فيه إما من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه قولان أحدهما هذا وبه قال الحسن البصري وإسحاق و
مالك في النذر والثاني انه يجب من أقرب الأماكن إلى مكة وهو الميقات وبه قال الشافعي وهو الأقوى عندي لان الواجب أداء المناسك في المشاعر المخصوصة ولهذا لو خرج
بنية التجارة ثم جدد نية الحج عند المواقيت أجزأه فعله فعلمنا ان قطع المسافة غير مطلوب للشرع ولما رواه حريز بن عبد الله عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل اعطى
رجلا حجة ان يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه وسأل علي بن رياب الصادق عليه السلام عن رجل اوصى ان يحج عنه حجة الاسلام فلم يبلغ جميع
ما ترك إلا خمسين درهما قال يحج عنه من بعض المواقيت الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله من قرب ولم يستفصل الإمام عليه السلام في الجواب هل يمكن ان يحج بها من أبعد من الميقات أم لا احتج
الآخرون بأن الحج وجب على الميت من بلده فوجب أن ينوب عنه منه لان القضاء يكون على وفق الأداء كقضاء الصلاة والصيام ونحن نمنع الوجوب من البلد وإنما
ثبت اتفاقا ولهذا لو اتفق له اليسار في الميقات لم يجب عليه الرجوع إلى بلده لانشاء الاحرام منه فدل على أن قطع المسافة ليس مرادا للشارع تذنيبات لو كان له
موطنان قال الموجبون الاستنابة من بلده يستناب من أقربهما فان وجب عليه الحج بخراسان ومات ببغداد أو وجب عليه ببغداد فمات بخراسان قال احمد يحج عنه من حيث وجب
عليه لا من حيث موته ويحتمل ان يحج عنه من أقرب المكانين لأنه لو كان حيا في أقرب المكانين لم يجب عليه الحج من أبعد منه فكذا نائبه فان خرج للحج فمات في الطريق حج عنه من حيث
مات لأنه أسقط بعض ما وجب عليه فلم يجب ثانيا وكذا ان مات نايبه استنيب من حيث مات كذلك قال احمد ولو أحرم بالحج ثم مات صحت النيابة عنه فيما بقى من النسك سواء
كان احرامه لنفسه أو لغيره لأنها عبادة تدخلها النيابة فإذا مات بعد فعل بعضها قضى عنه باقيها كالزكاة ولو لم يخلف تركة تفي بالحج من بلده حج عنه من حيث تبلغ
وإن كان عليه دين لآدمي تحاصا ويؤخذ للحج حصة فيستأجرها من حيث بلغ ولو اوصى أن يحج عنه ولم تبلغ النفقة قال احمد يحج عنه من حيث تبلغ النفقة للراكب من غير
مدينة لقوله عليه السلام إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولأنه قدر على أداء بعض الواجب فلزمه كالزكاة وعنه رواية أخرى ان الحج يسقط عمن عليه دين لان حق الآدمي
المعين أولي بالتقديم وهو باطل لقوله عليه السلام دين الله أحق أن يقضى ولو اوصى بحج تطوع بثلث ماله فلم يف الثلث بالحج من بلده حج به من حيث يبلغ ويستناب عن الميت ثقة
بأقل ما يؤخذ إلا أن ترضى الورثة بزيادة أو يكون قد اوصى بشئ فيجوز ما اوصى به ما لم يزد على الثلث مسألة إذا اوصى ان يحج عنه فإما أن يكون بحج واجب أو مندوب
أو لا يعلم وجوبه وندبه فإن كان بواجب فلا يخلو إما ان يعين قدرا أو لا وإن عين فإن كان بقدر أجرة المثل أخرجت من الأصل وإن زادت عن أجرة المثل أخرجت أجرة المثل
من الأصل والباقي من الثلث وان لم يعين أخرجت أجرة المثل من أصل المال وإن كان مندوبا أخرج ما يعينه من الثلث إن عين قدرا وإلا أجرة المثل وان لم يعلم اخرج من
الثلث أجرة المثل أو ما عينه حملا للاطلاق على الندب لأصالة البراءة ولو اوصى بالحج عنه دايما حج عنه بقدر ثلث ماله إما مرة واحدة أو أزيد ولو اوصى بالحج ولم يبلغ
الثلث قدر ما يحج عنه من أقرب الأماكن ولم يوجد راغب فيه وكان عليه دين صرف في الدين فان فضل منه فضلة أو لم يكن دين فالأولى الصدقة به لخروجه بالوصية
عن مالك الورثة ويحتمل صرفه إلى الميراث لأنه لما تعذر الوجه الموصى به رجع إلى الورثة كأنه لا وصية مسألة من مات قبل الحج فإما أن يكون قد وجب عليه
307

الحج أو لا فإن كان قد وجب عليه الحج فإما ان يكون قد استقر عليه أو لا فإن كان قد استقر عليه أولا ثم أهمل وتمكن من الاتيان به ولم يفعل وجب عليه القضاء لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال يقضى عن الرجل حجة الاسلام
من جميع ماله وإن لم يكن قد استقر عليه بل حال ما تحقق الوجوب أدركته الوفاة فإنه يسقط عنه فرض الحج ولا يجب الاستيجار وكذا لو لم يجب عليه الحج لم يجب الاستيجار لكن يستحب فيهما
خصوصا الأبوين رواه العامة لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أبا رزين فقال حج عن أبيك واعتمر ومن طريق الخاصة ما رواه عمار بن عمير قال قلت للصادق عليه السلام بلغني عنك انك قلت
لو أن رجلا مات ولم يحج حجة الاسلام فأحج عنه بعض أهله اجزاء ذلك عنه فقال اشهد على أبى انه حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه أتاه رجل فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن أبى مات ولم
يحج حجة الاسلام فقال حج عنه فان ذلك يجزى عنه وفى الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مات ولم يكن له مال ولم يحج حجة الاسلام فأحج عنه بعض
اخوانه هل يجزى عنه أو هل هي ناقصة فقال بل هي حجة تامة ولو أراد ان يحج عن أبويه فقال احمد ينبغي أن يقدم الحج عن الام لأنها مقدمة في البر قال أبو هريرة جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك ولو كان الحج واجبا على الأب دونها بداء به لأنه واجب فكان أولي
من التطوع مسألة من وجب عليه الحج فخرج لأدائه فمات في الطريق فإن لم يفرط بالتأخير بل خرج حالة
وجوب الحج لم يجب اخراج شئ من تركته في الحج سواء دخل الحرم وأحرم أو لا
وإن كان الحج قد استقر في ذمته بأن وجب عليه الحج في سنة فلم يخرج فيها وأخر إلى سنة أخرى فخرج فمات في الطريق فإن كان قد أحرم ودخل الحرم فقد أجزأه عما وجب عليه وسقط
الحج عنه سواء كان وجب عليه الحج عن نفسه أو عن غيره بأن استؤجر للحج فمات بعد الاحرام ودخول الحرم وتبرأ أيضا ذمة المنوب وإن مات قبل ذلك وجب ان يقضى عنه من صلب
ماله وقال احمد يستأجر عنه عما بقى من أفعاله ولم يفصل كما فصلناه ونحن اعتمدنا في ذلك على ما رواه الخاصة عن أهل البيت عليهم السلام روى بريد بن معاوية العجلي في
الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل خرج حاجا ومعه حمل ونفقة وزاد فمات في الطريق فقال إن كان صرورة فمات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام وإن مات قبل ان يحرم وهو صرورة جعل جمله وزاده ونفقته في حجة الاسلام فان فضل من ذلك
شئ فهو لورثته قلت أرأيت إن كانت الحجة تطوعا فمات في الطريق قبل أن يحرم لمن يكون جمله ونفقته وما تركه قال لورثته إلا أن يكون عليه دين فيقضى دينه أو يكون اوصى
بوصية فينفذ ذلك لمن اوصى ويجعل ذلك من الثلث تذنيب استقرار الحج في الذمة يحصل بالاهمال بعد حصول الشرايط بأسرها ومضى زمان جميع أفعال
الحج ويحتمل مضى زمان يتمكن فيه من الاحرام ودخول الحرم آخر الكافر يجب عليه الحج على ما تقدم ولا يصح منه قبل الاسلام فان وجد الاستطاعة حالة الكفر فلم يحج ومات
أثم ولم يقض عنه ولو أسلم وجب عليه الاتيان به ان استمرت الاستطاعة ولو فقدت بعد اسلامه لم يجب عليه بالاستطاعة السابقة حال كفره ولو فقد الاستطاعة بعد الاسلام
ومات قبل عودها لم يقض عنه ولو أحرم حال كفره لم يعتد به واعاده بعد الاسلام ولو استطاع المرتد حال ردته وجب عليه وصح منه ان تاب ولو مات اخرج من صلب تركته
وان لم يتب على اشكال مسألة من وجب عليه حجة الاسلام فنذر الاتيان بها صح نذره لان متعلقه طاعة ولا يجب عليه الاتيان بحجة أخرى وفايدة النذر وجوب الكفارة
لو أهمل ولو نذر حجة أخرى وجب عليه النذر مغايرا لحجة الاسلام ولو اطلق النذر ولم ينو حجة الاسلام ولا المغايرة وجب عليه حج اخر غير حجة الاسلام ولا تجزى إحديهما عن الأخرى
وقال بعض علمائنا إن حج ونوى النذر اجزاء عن حجة الاسلام وان نوى حجة الاسلام لم يجز عن النذر لما رواه رفاعة بن موسى في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل
نذر ان يمشى إلى بيت الله بل يجزئه ذلك عن حجة الاسلام قال نعم ولا دلالة فيه لاحتمال ان يقصد بالنذر حجة الاسلام مسألة لو نذر الحج ماشيا أعقد نذره ووجب المشي
إلى بيت الله تعالى وأداء المناسك فلو احتاج إلى عبور نهر عظيم في سفينة قيل يقوم في السفينة والوجه الاستحباب ولو ركب طريقه بأسرها مختارا قضاه إلا أن يكون معذورا بعجز
وشبهه فيركب ولا شئ عليه ولا يسقط عنه الحج لان نذر الحج ماشيا نذر للمركب فيستلزم نذر اجزاءه وبالعجز عن البعض لا يسقط الباقي لما رواه رفاعة بن موسى في
الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل نذر أن يمشى إلى بيت الله قال فليمش قلت فإنه تعب قال فإذا تعب ركب ولو ركب البعض مختارا ومشى البعض قال بعض علمائنا
يجب القضاء ماشيا لاخلاله بالصفة وقال بعضهم يقضى ويمشى في القضاء ما ركبه ويركب فيه ما مشاه أولا ولو عجز عن المشي قال بعض علمائنا يركب ويسوق بدنة لما رواه
ذريج المحاربي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل حلف ليحجن ماشيا فعجز عن ذلك فلم يطقه قال فليركب وليسق الهدى وقال بعض علمائنا يركب ولا هدى عليه وقال بعضهم إن كان
النذر مطلقا توقع المكنة وإن كان مقيدا سقط للعجز عن فعل ما نذره مسألة لو مات وعليه حجة الاسلام واخرى منذورة مستقرتان وجب أن يخرج عنه من صلب
ماله أجرة الحجتين لأنهما كالدين وللشيخ (ره) قول ان حجة الاسلام تخرج من أصل المال وما نذره من الثلث لوجوب تلك بالأصالة ووجوب هذه بالعرض لأنها كالمتبرع بها
فأشبهت الندب ولما رواه ضريس بن أعين انه سأل الباقر عليه السلام عن رجل عليه حجة الاسلام ونذر في شكر ليحجن رجلا فمات الرجل الذي نذر قبل ان يحج حجة الاسلام وقبل أن
يفي لله بنذره فقال إن كان ترك مالا حج عنه حجة الاسلام من جميع ماله ويخرج من ثلثه ما يحج به عنه للنذر وان لم يكن ترك مالا إلا بقدر حجة الاسلام حج عنه حجة الاسلام فيما ترك وحج عنه وليه النذر فإنما هو دين عليه قال الشيخ قوله عليه السلام فليحج
عنه وليه ما نذر على جهة التطوع والاستحباب دون الفرض والايجاب والوجه ما تقدم تذنيب لو اوصى بحج وغيره من الطاعات فإن كان فيها واجب قدم
ولو كان الجميع واجبا وقصرت التركة بسطت على الجميع بالحصص فإن لم يمكن الاستيجار بما جعل في نصيب الحج صرف في الباقي وقال بعض علمائنا يقدم الحج لأولويته وللرواية
والوجه ما قلناه آخر لو اوصى ان يحج عنه عن كل سنة بمال معين فلم يسع ذلك القدر للحجة جعل مال سنتين لسنة ولو قصرا جعل نصيب ثلاث سنين وهكذا لما رواه
إبراهيم بن مهزيار قال كتب إليه علي بن محمد الحصيني ان ابن عمر اوصى ان يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة وليس يكفي فما تأمر في ذلك فكتب عليه السلام يجعل حجتين حجة فان الله تعالى عالم بذلك
مسألة لو كان عنده وديعة ومات صاحبها وعليه حجة الاسلام وعرف أن الورثة لا يؤدون الحجة عنه فليستأجر من يحج عنه وليدفع الوديعة في الإجارة بأجرة المثل
لأنه مال خارج عن الورثة ويجب صرفة في الحج فليصرف فيه ولما رواه بريد العجلي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل استودعني مالا فهلك وليس لولده شئ
ولم يحج حجة الاسلام قال حج عنه وما فضل فأعطهم إذا ثبت هذا فإنما يسوغ له ذلك بشروط - آ - علمه بأن الورثة لا يحجون عنه إذا دفع المال إليهم - ب - أمن الضرر
فلو خاف عليه نفسه أو ماله لم يجز له ذلك - ج - ان لا يتمكن من الحاكم فإن تمكن منه بأن يشهد له عدلان عنده بذلك أو بغير ذلك من الأسباب بثبوت الحج في ذمته وامتناع
الورثة من الاستيجار لم يجز له الاستقلال به ولو عجز عن إثبات ذلك عند الحاكم جاز له الاستبداد بالاستيجار مسألة إذا نذر الحج مطلقا لم يتعين الفور بل يجوز
التأخير إلى أن يغلب على الظن الوفاة لو لم يفعله فان مضى زمان يمكنه فيه فعل الحج ولم يفعله حتى مات وجب ان يقضى عنه من أصل التركة لأنه قد وجب عليه بالنذر
واستقر بمضي زمان التمكن ولا يسقط عنه بعدم وجوب الفورية أما لو منعه مانع عن الفورية فإنه يصبر حتى يزول المانع فإن مات قبل زوال المانع لم يجب القضاء
عنه لفوات شرط الوجوب وهو القدرة ولو عين الوقت فأخل مع القدرة قضى عنه وان منعه عارض كمرض أو عدو حتى مات لم يجب قضاؤه عنه ولو نذر الحج أو أفسد حجا
308

وهو معضوب فالأقرب وجوب الاستنابة كحجة الاسلام مسألة لا يجوز لمن وجب عليه الحج واستقر ان يحج تطوعا ولا نذرا لم يتضيق وقته فان أحرم بتطوع قال الشيخ
يقع عن حجة الاسلام وبه قال الشافعي واحمد وهو قول بن عمر وأنس لأنه أحرم بالحج وعليه فرضه فوقع عن فرضه كالمطلق وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وإسحاق وابن المنذر
يقع لما نواه وهو رواية أخرى عن أحمد والتحقيق أن نقول إن كان قد وجب عليه واستقر لم يجزئه عن أحدهما إما عن حج الاسلام فلانه لم ينوه وإما عن حج التطوع فلانه لم يحصل شرطه وهو خلو الذمة
عن حج واجب وإن كان الحج لم يجب عليه وقع عن التطوع تذنيب لو كان عليه حجة منذورة فأحرم بتطوع لم يصح وهل تقع عن المنذورة الأقرب المنع لان المنذورة
واجب فهي كحجة الاسلام وقال احمد تقع عن المنذورة لأنها واجبة فهي كحجة الاسلام آخر العمرة كالحج فيما ذكرنا لأنها إحدى النسكين فأشبهت الآخر مسألة لو نذر
الحج فان أطلق الزمان صح النذر سواء كان قد استقر عليه حجة الاسلام أو لا لعدم الفورية فيه على الأقوى وان قيد النذر بزمان فإن لم يكن جامعا لشرايط حجة الاسلام انعقد
نذره وإن كان صرورة ثم استطاع بعد ذلك ففي وجوب تقديم حجة الاسلام نظر أقربه المنع لان الزمان قد استحق صرفه بالنذر إلى غير حجة الاسلام فلو قدم حجة النذر أجزأ ان
لم توجب تقديم حجة الاسلام وان أوجبنا التقديم احتمل البطلان ووقوع الحج عن حجة الاسلام على ما تقدم البحث فيه ومع اطلاق الزمان في النذر لو كان مستطيعا وجب
ان يبدأ بحجة الاسلام وكذا لو تجددت الاستطاعة قبل فعل المنذورة تذنيب لو أحرم بالمنذورة من عليه حجة الاسلام فوقعت عن حجة الاسلام كما اختاره بعض علمائنا
لم تسقط المنذورة وهو قول ابن عمر وأنس وعطا واحمد لأنها حجة واحدة فلا تجزى عن حجتين كما لو نذر حجتين فحج واحدة وقال احمد في رواية أخرى عنه انها تجزى عن المنذورة
لأنه قد أتى بالحجة ناويا بها نذره فأجزأته كما لو كان ممن أسقط فرض الحج عن نفسه وهذا كما لو نذر صوم يوم قدوم فلان فقدم في يوم من رمضان فنواه عن فرضه ونذره وهو قول ابن عباس
وعكرمة وروى سعيد باسناده عن ابن عباس وعكرمة انهما قالا في رجل نذر ان يحج ولم يكن حج الفريضة فإنه يجزى لهما جميعا وسئل عكرمة عن ذلك فقال يقضى حجة عن نذره
وعن حجة الاسلام أرأيتم لو أن رجلا نذر ان يصلى أربع ركعات فصلى العصر أليس ذلك يجزئه من العصر ومن النذر قال وذكرت قولي لابن عباس فقال أصبت وأحسنت
وقد روى علماؤنا مثل ذلك عن الصادق عليه السلام وقد سلف المطلب الثاني في أقسام باقي الحج وفيه بحثان الأول في شرايط حج النذر وشبهه مسألة
يشترط في انعقاد النذر واليمين والعهد التكليف والحرية والاسلام وإذن الزوج خاصة فلا ينعقد نذر الصبى وإن كان مراهقا ولا المجنون المطبق ولا من يأخذه
أدوارا إذا وقع حالة جنونه ولا السكران ولا المغمى عليه ولا الساهي ولا الغافل ولا النايم ولا العبد إلا بإذن مولاه فان اذن له في النذر لم يكن له منعه
ولا الزوجة إلا بإذن الزوج ومع اذنه في النذر ليس له منعها منه وللأب حل يمين الولد ولو نذر الكافر لم ينعقد نذره وان أسلم ولا يشترط في النذر شرايط
الاسلام لان غير المستطيع بالزاد والراحلة ينعقد نذره فكذا المريض وإذا صح النذر وجب الوفاء به إن قيده بوقت وإلا لم يجب الفور نعم لو تمكن بعد وجوبه ومات
لم يأثم ويقضى من صلب التركة ولو كان عليه حجة الاسلام قسمت التركة بينهما لتساويهما في الوجوب ولو اتسعت لاحديهما خاصة قدمت حجة الاسلام لان وجوبهما بالأصالة
ولو لم يتمكن من أدائها ومات سقط النذر ولو قيده بوقت فأخل به مع القدرة أثم وقضى عنه لو مات من صلب المال ولو أخل لا مع القدرة لمرض وعدو وشبههما سقط
ولو نذر أو أفسد وهو معضوب قيل وجبت الاستنابة البحث الثاني في شرايط النيابة مسألة يشترط في النايب كمال العقل وإسلام النايب
والمنوب عنه وعدم شغل ذمته بحج واجب فلا تصح نيابة المجنون ولا الصبى غير المميز لارتفاع تحقق القصد منهما ولو كان الصبى مميزا قيل لا يصح أن يكون نايبا
لأنه ليس بمكلف فلا تصح منه العبادة ولا نية القربة ولأنه يعلم من نفسه انه غير مكلف ولا مؤاخذ بما يصدر عنه فلا تحصل الثقة بأفعاله وقيل تصح لان حجه عن
نفسه صحيح فكذا عن غيره ويحتمل الفرق لان الصحة لا تقتضي الأجزاء فجاز أن تكون النيابة غير مجزئة كما لا تجزى المباشرة عن حجة الاسلام مسألة الاسلام شرط في النايب
فلو حج الكافر عن غيره الكافر أو المسلم لم يصح سواء استؤجر أو استنيب من غير إجارة أو تطوع بالتبرع لأنه لا تصح منه نية القربة التي هي شرط في صحة الفعل وكذا هو شرط
في المنوب عنه وليس للمسلم أن يحج عن الكافر لقوله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى ولان ثواب الحج مقارن للتعظيم والاجلال
وهو ممتنع في حق الكافر لاستحقاقه في الآخرة الخزي والعذاب والاستخفاف وإذا انتفى استحقاق الثواب انتفى ملزومه وهو صحة الفعل عنه مسألة قال الشيخ (ره) لا
يجوز لاحد أن يحج عن غيره إذا كان مخالفا له في الاعتقاد إلا أن يكون أباه فإنه يجوز له أن يحج عنه منع ابن إدريس هذا الاستثناء وقال لا يجوز أن يحج من المخالف سواء كان أباه
أو غيره والشيخ (ره) عول على ما رواه وهب بن عبد ربه في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال قلت له أيحج الرجل عن الناصب قال لا قلت فإن كان أبى قال إن كان أبوك فنعم والاحتجاج بالرواية أولي
ولاشتمال ذلك على البر بالأبوين إذا عرفت هذا فالرواية مخصوصة بالناصب وهو الذي يتظاهر بالعداوة لأهل البيت عليهم السلام وقول الأصحاب أعم لان
الذي يستحق به الثواب الدايم هو الايمان فغير المؤمن لا يستحق ثوابا أما المخالف فيجوز أن ينوب عن المؤمن ويجزى عن المنوب إذا لم يخل بركن لأنها تجزى عنه ولا تجب
عليه الإعادة لو استبصر فدل ذلك على أن عباداته معتبرة في نظر الشرع يستحق بها الثواب إذا رجع إلى الايمان إلا الزكاة لأنه دفعها إلى غير مستحقها ويدل على ذلك
كله ما رواه بريد بن معاوية العجلي عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به عليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضة
فقال قد قضى فريضة ولو حج لكان أحب إلى قال وسألته عن رجل وهو من بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب منذ برهة من الله عليه بمعرفة هذا الامر يقضى حجة الاسلام
قال يقضى أحب إلى وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يوجر عليه إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه قد وضعها في غير مواضعها لأنها
لأهل الولاية وأما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء مسألة يشترط في النايب خلو ذمته عن حج واجب عليه بالأصالة أو بالنذر أو الاستيجار أو الافساد فلو وجب عليه
حج بسبب أحد هذه لم يجز له أن ينوب عن غيره إلا بعد أداء فرضه لما رواه العامة عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله من شبرمة قال قريب
لي قال حججت قط قال لا قال فاجعل هذه عن نفسك ثم أحج عن شبرمة ومن طريق الخاصة ما رواه سعد بن أبي خلف في الصحيح عن الكاظم عليه السلام قال سألته عن الرجل الصرورة
يحج عن الميت قال نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه فإن كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزى عنه حتى يحج من ماله وهي تجزى عن الميت إذا كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال ولان
ذمته مشغولة بصرف الزمان في الحج عن نفسه فلا يجوز صرفه في غيره لاستلزامه ترك الواجب لتضادهما مسألة لو وجب عليه حج الاسلام واستقر بأن مضى زمان يمكنه
إيقاعه فيه فأهمل أو لم يستقر بأن كملت الشرايط في ذلك العام فحج عن غيره استيجارا أو نيابة لم يصح حجه عن غيره ولا تقع النية عن نفسه بل يقع باطلا قاله الشيخ (ره) وبه قال أبو بكر بن
عبد العزيز وهو مروى عن ابن عباس لان الحج لا يقع عن نفسه لعدم نيته ولا عن غيره لوجوب صرف هذا
الزمان إلى حجه فكان صرفه إلى حج غيره منهيا عنه والنهى في العبادات
يدل على الفساد ولأنه لما كان من شرط طواف الزيارة تعيين النية فمتى نواه لغيره لم يقع لنفسه ولهذا لو طاف حاملا لغيره ولم ينو لنفسه لم يقع عن نفسه ولرواية سعد
309

فان قول الكاظم عليه السلام فان كأنه له ما يحج به عن نفسه فلا يجزى عنه حتى يحج من ماله ولما رواه إبراهيم بن عقبة قال كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحج قط حج عن صرورة لم يحج
قط أتجزى كل واحد منهما تلك الحجة من حجة الاسلام أو لا بين لي ذلك يا سيدي انشاء الله فكتب عليه السلام لا يجوز ذلك قال الشيخ انه محمول على أنه إذا كان للصرورة مال فان تلك حجة
لا تجزى عنه وقال الأوزاعي والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وإسحاق يقع إحرامه وحجه عن نفسه عن حجة الاسلام لحديث شبرمة ولأنه حج عن غيره قبل الحج عن نفسه فلم يقع عن الغير كما لو كان
صبيا وحديث شبرمة لا دلالة فيه لأنه لم يعقد إحرامه بالتلبيات الأربع فأمره النبي صلى الله عليه وآله بانشاء الاحرام عن نفسه ورفض ما قاله من التلبية حيث لم يكمل إحرامه ولو فرضنا إكمال
إحرامه فإنه أمره بالحج عن نفسه وهو يكون بتجديد نية أخرى وابطال الأولى فلا يدل على صحته ووقوعه عن نفسه إذا عرفت هذا فلو وجب عليه الحج ولم يستقر فخرج نيابة
عن الغير لم يجز عن أحدهما فلو فقد الاستطاعة بعد ذلك والوقت باق وجب عليه أداء حجة الاسلام ويجب عليه تجديد الاحرام لان الأولى وقع باطلا ولو أكمل حجة عن الغير
لم يقع عن أحدهما على ما تقدم ثم يجب عليه الابتداء في العام المقبل بحجة الاسلام عن نفسه إذا تمكن منه ولو مشيا ولا يشترط الزاد والراحلة مع القدرة على التسكع (التكسع) والحج ولو وجب عليه
حجة الاسلام ولم يفرط في المضي ثم حدث ما يمنعه من المضي ولم يتمكن منه ثم لم يقدر على الحج فيما بعد ولا حصلت له شرايطه فإنه يجوز له أن يحج عن غيره لأنه لم يستقر في
ذمته ولو كان الحج قد استقر في زمته بأن فرط فيه لم يجز ان يحج عن غيره سواء عجز فيما بعد أو لم يعجز تمكن من المضي أو لم يتمكن مسألة الصرورة إذا لم تجب عليه حجة الاسلام
أو وجب ولم يستقر بأن خرج في عام تمكنه فتجدد عجزه يجوز له ان يحج نايبا عن غيره عند علمائنا وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأيوب السجستاني ونقله العامة عن الصادق
جعفر بن محمد عليهما السلام وبه قال مالك وأبو حنيفة وهو رواية أخرى عن أحمد وهو قول الثوري أيضا لان الحج مما تدخله النيابة فجاز ان يؤديه عن غيره من لم يسقط فرضه عن
نفسه كالزكاة لما تقدم في حديث سعد عن الكاظم عليه السلام ولما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام في رجل صرورة مات ولم يحج حجه الاسلام وله مال يحج عنه صرورة لا مال له
وفى الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال لا بأس ان يحج الصرورة عن الصرورة وقال الأوزاعي والشافعي واحمد في رواية وإسحاق لا يجوز لمن لم يحج حجة الاسلام
أن يحج عن غيره فان فعل وقع إحرامه عن حجة الاسلام لحديث شبرمة ولا دلالة فيه وقد تقدم مسألة لو كان الرجل قد أسقط فرض أحد النسكين عنه دون الآخر
جاز أن ينوب عن غيره فيما أسقط فرضه عنه بأدائه فلو كان على انسان حج وعمرة فحج جاز ان يحج عن غيره لسقوط فرض الحج عنه وليس ان يعتمر قبل ان تبرئ ذمته من العمرة
ولو كان قد اعتمر ولم يحج جاز ان ينوب عن غيره في الاعتماد دون الحج مسألة الأقرب عندي جواز نيابة العبد عن الحر بإذن مولاه لأنه مكلف مسلم لا حج عليه فجاز
ان ينوب عن غيره كالحر ومنع احمد من نيابة العبد والصبي في الفرض لأنهما لم يسقطا فرض الحج عن أنفسهما فهما كالحر البالغ في ذلك واولى منه قال ويحتمل ان لهما النيابة في
حج التطوع دون الفرض لأنهما من أهل التطوع دون الفرض ولا يمكن أن تقع الحجة التي نابا فيها عن فرضهما لكونهما ليسا من أهله فبقيت لمن فعلت عنه فلا يلزمهما
رد ما أخذا لذلك كالبالغ الحر الذي قد حج عن نفسه وليس بجيد فان الحر البالغ له أهلية استحقاق وجوب الحج عليه بخلافهما بل حملهما على من أسقط فرضه بالحج أولي
مسألة إذا حج الصرورة العاجز عن غيره فقد بينا صحته وانه يجزى عن المنوب أما النائب فلا يجزئه ما فعله في النيابة عن حجة الاسلام إن كانت قد وجبت عليه أولا ثم عجز عنها
أو لم يتحقق بعد وجوبها عليه أما الأجزاء عن الميت فلما تقدم في حديث محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال لا بأس ان يحج الصرورة عن الصرورة وأما عدم الأجزاء عن النايب فلانه
على تقدير عدم وجوب الحج عليه أولا برئ الذمة من الحج فلا يتحقق عليه وجوب فلا يتحقق فيه إجزاء وأما إذا كان قد وجب عليه أولا فلانه لم يأت بالواجب فيبقى في عدة التكليف
لان الحج الذي أتى به كان عن المنوب فيبقى ما ثبت عليه أولا وقد روى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال حج الصرورة يجزى عنه وعمن حج عنه قال الشيخ (ره) معنى
قوله يجزى عنه ما دام معسرا لا مال له فإذا أيسر وجب عليه الحج أقول ويحتمل ان يكون المراد انه يجزى عنه عما وجب عليه بالاستيجار مسألة النايب كالمنوب قاله احمد فلو أحرم النايب
بتطوع أو نذر عمن لم يحج حجة الاسلام وقع عن حجة الاسلام لان النايب يجرى مجرى المنوب عنه والتحقيق أن نقول إن كان النايب قد استؤجر لايقاع حج تطوع أو نذر ففعل ما
استؤجر له جزء عنه ولا يجزى عن المنوب إن كان عليه حجة الاسلام لأنه لم ينوها وان تبرع للنايب بالحج عنه في أحد النسكين إما النذر أو التطوع لم ينقلب إلى حجة الاسلام أيضا
وإن كان النايب قد استؤجر لايقاع حجة الاسلام فنوى التطوع عنه أو عن المنوب أو النذر كذلك لم يجزء لأنه لم يفعل ما وقع عليه عقد الإجارة مسألة لو استناب رجلين
في حجة الاسلام ومنذورة أو تطوع في عام فأيهما سبق بالاحرام وقعت حجته عن حجة الاسلام وتقع الأخرى تطوعا أو عن النذر قال احمد لأنه لا يقع الاحرام عن غير حجة الاسلام
ممن هي عليه فكذا عن نايبه وفيه اشكال والأقرب انه إذا اتفق الزمان صح العقد فإذا حجا في ذلك العام أجزأ حجهما ولا اعتبار بتقديم إحرام أحدهما على إحرام الآخر بل إن كان السابق
إحرام الواجب فلا بحث وإن كان إحرام المنذورة أو التطوع أجزأ أيضا لان الحجتين تقعان في ذلك العام ولو صد النايب في حجة الاسلام أو أحصر ولم يتمكن النايب فيها من إتمامها
في ذلك العام فالأقوى صحة حجة التطوع ولو تعدد العام فان استأجر لحج التطوع أولا فان تمكن من الاستيجار عن حجة الاسلام فالوجه عدم الصحة لكن لو حج النايب مع جهله استحق الأجرة
ولو لم يكن قد تمكن من الاستيجار لحجة الاسلام فالأقرب الصحة ثم يستأجر في العام المقبل لحجة الاسلام مسألة إذا استؤجر ليحج عن غيره وكان الحج لا يقع عن ذلك الغير وجب
عليه رد ما أخذه من مال الإجارة مع علمه بذلك لأنه قد استؤجر لفعل لا يصح منه ايقاعه فوجب عليه رد مال الإجارة ولو كان جاهلا فالأقرب عدم وجوب الرد ويحتمل وجوب رد ما فضل
عن أجرة المثل لتعبه فحينئذ يحتمل أن يرجع هو بما أعوز مسألة يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل وعن المرأة وأن تنوب المرأة عن المرأة وعن الرجل في قول عامة أهل العلم لا نعلم
فيه مخالفا إلا الحسن بن صالح بن حي فإنه كره حج المرأة عن الرجل قال ابن المنذر وهذه غفلة عن ظاهر السنة فان النبي صلى الله عليه وآله أمر المرأة أن تحج عن أبيها وهذا هو
الحق لما رواه العامة عن ابن عباس قال أتت امرأة من خثعم رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله أبى أدركته فريضة الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع ان يثبت على دابته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله
فحجي عن أبيك ومن طريق الخاصة ما رواه رفاعة عن الصادق عليه السلام في الصحيح قال تحج المرأة عن أخيها وعن أختها وقال تحج المرأة عن أبيها وفى الحسن عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام
قال قلت له المرأة تحج عن الرجل قال لا بأس إذا عرفت هذا فقد شرط الشيخ (ره) في حج المرأة عن الرجل شرطين أحدهما أن تكون عارفة بمناسك الحج والثاني أن تكون قد
حجت أولا لما رواه مصادف عن الصادق عليه السلام قال سألته تحج المرأة عن الرجل قال نعم إذا كانت فقيهة مسلمة وكانت قد حجت فرب امرأة خير من رجل وعن زيد الشحام عن
الصادق عليه السلام قال سمعته يقول يحج الرجل الصرورة من الرجل الصرورة ولا تحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة وابن إدريس أنكر ذلك إنكارا عظيما ونحن نحمل هذه
الروايات على الاستحباب دون ان يكون ذلك شرطا ولهذا قال عليه السلام رب امرأة خير من رجل ولا شك في جواز ذلك عن الرجل فجاز من المرأة مسألة يجوز أن يحج النايب عن غيره
إذا كان المنوب ميتا من غير إذن سواء كان واجبا أو تطوعا ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالحج عن الميت ومعلوم استحالة الاذن في حقه وما جاز فرضه
جاز نفله كالصدقة وأما الحي فمنع بعض العامة من الحج عنه إلا بإذنه فرضا كان أو تطوعا لأنها عبادة تدخلها النيابة فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة وعليه
310

المشترك وثبوت الحكم في الأصل ممنوعان مسألة قد بينا انه لا يجوز لمن استقر الحج في ذمته أن يحج تطوعا ولا نذرا ولا نيابة حتى يؤدى حجة الاسلام ويحصل الاستقرار
بمضي زمان يمكنه فيه الحج مع الاهمال واجتماع الشرايط ولو حصلت الشرايط فتخلف عن الرفقة ثم مات قبل حج الناس تبين عدم الاستقرار لظهور عدم الاستطاعة
وانتفاء الامكان وهو مذهب أكثر الشافعية وقال بعضهم يستقر الحج عليه ولو مات بعد ما يحج الناس استقر الوجوب عليه ووجب الاستيجار عنه من صلب تركته وليس رجوع
القافلة شرطا حتى لو مات بعد انتصاف ليلة النحر ومضى زمان يمكنه المسير إلى منى والرمي بها والى مكة والطواف للنساء استقر الفرض عليه ويحتمل مضى زمان يمكنه فيه
الاحرام ودخول الحرم ولو ذهب ماله بعد رجوع الحاج أو مضى إمكان الرجوع استقر الحج ولو تلف المال بعد الحج قبل عودهم وقبل مضى إمكان عودهم لم يستقر الحج أيضا
لان نفقة الرجوع لا بد منها في الشرايط وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني الاستقرار كما في الموت وليس بجيد لما بينا من اشتراط نفقة الرجوع هنا بخلاف الميت
فإنه لا رجوع في طرفه إذ بموته استغنى عن المال للرجوع وهنا نفقة الرجوع لا بد منها ولو أحصر الذين يمكنه الخروج معهم فتحللوا لم يستقر الفرض عليه ولو سلكوا طريقا آخر
فحجوا استقر وكذا إذا حجوا في السنة التي بعدها إذا عاش وبقى ماله وإذا دامت الاستطاعة وتحقق الامكان ولم يحج حتى مات عصى عندنا ووجب القضاء من صلب ماله لان
الحج مضيق خلافا للشافعي حيث لم يوجب الفورية عليه ولأصحابه وجهان أحدهما انه يقضى وإلا لارتفع الحكم بالوجوب والمجوز إنما هو التأخير دون التفويت والثاني
لا يقضى لأنا جوزنا له التأخير قالوا والأظهر إنه لو مات في وسط وقت الصلاة قبل أدائها لم يعص والفرق ان وقت الصلاة معلوم فلا ينسب إليه التقصير ما لم يؤخر عنه وفى الحج
أبيح له التأخير بشرط أن لا يبادر الموت فإذا مات قبل الفعل اشعر الحال بالتواني والتقصير ويجرى الوجهان فيما إذا كان صحيح البدن ولم يحج حتى طرأ العضب والأظهر المعصية ولا
نظر إلى إمكان الاستنابة فإنها في حكم بدل والأصل المباشرة فلا يجوز ترك الأصل مع القدرة عليه وقال بعض الشافعية إن كان من وجب عليه الحج شيخا مات عاصيا وإن كان
شابا فلا وهل تتضيق الاستنابة عليه لو صار معضوبا الوجه عندنا ذلك لوجوب الفورية في الأصل فكذا في بدله وللشافعي وجهان هذا أحدهما لخروجه بتقصيره عن
استحقاق الترفه والثاني له التأخير كما لو بلغ معضوبا عليه الاستنابة على التراخي وفى قضاء الصوم إذا تعدى بتفويته هذان الوجهان هل هو الفور أو لا وعلى ما اخترناه
من وجوب الفورية لو امتنع أجبره القاضي على الاستنابة كما لو امتنع من أداء الزكاة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجبره لان الامر في ذلك موكول إلى دين الرجل وعلى ما
اخترناه من وجوب الفورية يحكم بعصيانه من أول سنة الامكان لاستقرار الفرض عليه يومئذ وللشافعية وجهان أحدهما وأظهرهما من آخر سنة الامكان لجواز التأخير
إليها وفيه وجه ثالث لهم الحكم بكونه عاصيا من غير أن يسند إلى وقت معين فتظهر الفايدة بكونه عاصيا إنه لو كان قد شهد عند الحاكم ولم يقض بشهادته حتى مات
لا يقضى كما لو بان فسقه ولو قضى بشهادته بين الأولى من سنى الامكان وآخرها نقض الحكم عندنا وللشافعي قولان فان حكم بعصيانه من آخرها لم ينقض ذلك الحكم
بحال وإن حكم بعصيانه من أولها ففي نقضه قولان مبنيان على ما إذا بان فسق الشهود مسألة يجب الترتيب في الحج فيبدأ بحجة الاسلام ثم بالقضاء ثم بالنذر
ثم بالتطوع فلو غير الترتيب وقع على هذا الترتيب ولغت نيته عند الشافعي والوجه البطلان على ما سبق وصورة إجتماع حجة الاسلام والقضاء عند الشافعية ان
يفسد الرقيق حجة ثم يعتق فعليه القضاء ولا يجزيه عن حجة الاسلام وكذا عندنا وأيضا لو استؤجر الصرورة أو حج تطوعا فأفسد وكذا تقدم حجة الاسلام على حجة النذر لان
حجة الاسلام واجبة بالأصالة الشرعية بخلاف حجة النذر الواجبة تبرعا من المكلف ولو اجتمع القضاء والنذر والتطوع وحجة الاسلام قدمت حجة الاسلام ثم القضاء الواجب
بأصل الشرع ومن عليه حجة الاسلام أو النذر أو القضاء لا يجوز أن يحج عن غيره مع تمكنه عندنا ومطلقا عند الشافعي وأبو حنيفة ومالك وافقنا على ما قلناه ولو
استؤجر الصرورة فنوى الحج عن المنوب فإن كان قد وجب عليه الحج وتمكن من فعله بطلت حجته عن نفسه وعن المنوب وعند الشافعية تقع عن المنوب وتلقوا نيته عن نفسه
ولو نذر الصرورة أن يحج في هذه السنة ففعل فإن كان قد تمكن بطل حجه ولم يجزء من حجة الاسلام لعدم نيتها ولا عن النذر لوجوب صرف الزمان إلى حجة الاسلام وقال الشافعي تقع عن حجة الاسلام وخرج
عن نذره لأنه ليس في نذره إلا تعجيل ما كان له أن يؤخره ولو استؤجر الصرورة للحج في الذمة جاز ثم يجب أن يبدأ بالحج عن نفسه إن تمكن وحصلت الاستطاعة ثم يحج عن المنوب
في السنة الأخرى أما لو استؤجر معينا لهذه السنة وهو مستطيع لم يصح لأن هذه السنة يجب صرفها في حجة الاسلام ولو استؤجر للسنة الثانية جاز عندنا خلافا
للشافعي حيث يشترط اتصال مدة الإجارة بمدة العقد وسيأتى البحث معه وإذا فسدت الإجارة فإن كان المستأجر ظن أنه قد حج فبأن صرورة لم يستحق الأجير أجرة لتغريره
وإن علم أنه صرورة وقال يجوز في اعتقادي ان يحج الصرورة عن غيره قال الشافعي صح حج الأجير ويقع لنفسه ولكن في استحقاقه أجرة المثل قولان مسألة القران
عندنا أن يقرن إلى إحرامه سياق الهدى ولا يجوز أن يقرن في إحرامه بين حجتين ولا بين عمرتين ولا بين حجة وعمرة خلافا للعامة فلو استؤجر من حج ولم يعتمر للحج وللعمرة من اعتمر
ولم يحج فقرن الأجير وأحرم بالنسكين جميعا عن المستأجر أو أحرم بما استؤجر له عن المستأجر وبالآخر عن نفسه لم يصح عندنا ولا يستحق أجرا لفساد الفعل وللشافعي قولان
الجديد انهما يقعان عن الأجير لان نسكي القران لا يفترقان ولا يمكن صرف ما لم يأمر به المستأجر إليه والثاني ان ما استؤجر له يقع عن الأجير وعلى القولين
لو استأجر رجلان من حج واعتمر أحدهما ليحج عنه والآخر ليعتمر عنه فقرن عنهما فعلى الأول يقعان عن
الأجير وعلى الثاني يقع عن كل واحد منهما ما استأجره له ولو استأجر المعضوب
رجلين ليحجا عنه في سنة واحدة أحدهما حجة الاسلام والآخر حجة القضاء أو النذر صح عندنا وللشافعية وجهان أحدهما لا يجوز لان حجة الاسلام لم تتقدم على غيرها والأظهر
الجواز لان غيرها لم يتقدم عليها وهذا القدر كاف في الترتيب فعلى أول الوجهين لو اتفق احرام الأجيرين في الزمان انصرف إحرامهما إلى نفسهما وان سبق إحرام أحدهما وقع
ذلك عن حجة الاسلام عن المستأجر وانصرف إحرام الآخر إلى نفسه ولو أحرم الأجير عن المستأجر ثم نذر حجا نظر إن نذر بعد الوقوف لم ينصرف حجه إليه ووقع عن المستأجر وإن نذر
قبله فوجهان أظهرهما انصرافه إلى الأجير والحق عندنا وقوعه عن المستأجر ولو أحرم الرجل بحج تطوع ثم نذر حجا بعد الوقوف لم ينصرف إلى النذر وإن كان قبله فعلى الوجهين
مسألة العبادات قد تقبل النيابة على بعد لكن جازت في الحج عند العجز عن المباشرة إما بموت أو كبر لا يتمكن معه الركوب والتثبت على الدابة أو زمانة أو عضب كذلك
أو مرض لا يرجى زواله أما الموت فلما روى أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت إن أمي ماتت ولم تحج فقال حجى عن أمك وروى ابن عباس ان رجلا قال يا رسول الله صلى الله عليه وآله
إن أختي نذرت أن تحج وماتت قبل أن تحج أفأحج عنها فقال صلى الله عليه وآله لو كان على أختك دين أكنت قاضيه قال نعم قال فاقضوا حق الله فهو أحق بالقضاء وقال أبو حنيفة ومالك ان لم يوص
لا يحج عنه ويسقط فرضه بالموت ونحن نقول إن كان الميت قد وجب عليه الحج واستقر وفرط في أدائه وجب ان يستأجر عنه سواء أوصى به أو لم يوص ويستوى فيه الوارث والأجنبي
كقضاء الدين وهو قول الشافعي وأما الكبر فلما رواه ابن عباس إن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع ان يستمسك
على الراحلة فأحج عنه قال نعم والمعتبر أن لا يثبت على الراحلة أصلا أو لا يثبت إلا بمشقة شديدة ومقطوع اليدين أو الرجلين إذا أمكنه التثبت على الراحلة من غير مشقة
311

شديدة لا تجوز النيابة عنه لأنه ربما يفيق (يطيق) فيحج بنفسه وهذا كله في حجة الاسلام وفى معناها حجة النذر والقضاء مسألة يجوز استنابة المعضوب في التطوع وللشافعي قولان وكذا يجوز استنابة الوارث للميت فيه وللشافعي قولان أصحهما
الجواز وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد لان النيابة تدخل في فرضه فتدخل في نقله كأداء الزكاة والثاني المنع لبعد العبادات البدنية عن قبول النيابة وإنما جوز في الفرض للضرورة
ولو لم يكن الميت قد حج ولا وجب عليه لعدم الاستطاعة ففي جواز الاستنابة عنه للشافعية طريقان أحدهما طرد القولين لأنه لا ضرورة إليه والثاني القطع بالجواز لوقوعه
عن حجة الاسلام فان جوزنا الاستيجار للتطوع فللأجير الأجرة المسماة ويجوز أن يكون الأجير عبدا أو صبيا بخلاف حجة الاسلام فإنه لا يجوز استيجارهما عندهم ووقع الحج عن
الأجير ولا يستحق المسمى وعلى هذا فالأصح ان الأجير يستحق أجرة المثل لان الأجير دخل في العقد طامعا في الأجرة وتلفت منفعة عليه وان لم ينتفع منها المستأجر فصار كما لو
استأجره يحمل طعام معضوب فحمل يستحق الأجرة والثاني لا يستحق لوقوع الحج عنه إذا عرفت هذا فان الاستنابة في التطوع لا تختص بالعاجز بل الصحيح أيضا الاستنابة
في حج التطوع وبه قال أبو حنيفة واحمد وقال الشافعي بالاختصاص ومنع مالك من النيابة في الفرض والتطوع وخصها بالميت مسألة قد بينا ان المريض الذي يرجى زوال
علته ليس له أن يحج عنه نايبا فإن أحج غيره ثم زالت علته لم يجزئه قولا واحدا وإن مات أجزأه ذلك لأنا بينا انها لم تكن مرجوة الزوال وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين
والثاني لا يجزئه لان الاستنابة لم تكن جايزة وعلى عكس ذلك لو كانت علته غير مرجوة الزوال فأحج عن نفسه ثم عوفي فللشافعية طريقان أظهرهما طرد القولين والثاني القطع
بعدم الأداء وبه قال أبو حنيفة والفرق ان الخطاء في الصورة الأولى غير متيقن لجواز أن لا يكون المرض بحيث لا يوجب اليأس ثم يزداد فيوجبه فيجعل الحكم للمال وهنا
الخطاء متيقن إذ لا يجوز ان يكون اليأس حاصلا ثم يزول والطاردون للقولين في الصورتين قالوا مأخذهما ان النظر إلى الحال أو إلى المال إن نظرنا إلى الحال لم يجزء في الصورة
الأولى واجزاء في الثانية وإن نظرنا إلى المال عكسنا الحكم فيهما وقد شبهوا القولين هنا بالقولين فيما إذا رأوا سوادا فظنوه عدوا فصلوا صلاة الخوف ثم تبين
خلافه هل تجزئهم الصلاة والأظهر عندهم عدم الأجزاء والمعتمد عندنا الأجزاء إذا عرفت هذا فان قلنا إن الحجة المأتي بها تجزئه استحق الأجير الأجرة المسماة لا محالة
وإن قلنا لا تجزئه فهل تقع عن تطوعه أو لا تقع أصلا فيه وجهان للشافعية أحدهما انها تقع عن تطوعه وتكون العلة الناجزة عذرا لتقديم التطوع على حجة
الاسلام والثاني انها لا تقع عنه أصلا كما لو استأجر صرورة ليحج عنه وعلى هذا فهل يستحق الأجير الأجرة فيه للشافعية قولان أصحهما عدم الاستحقاق لان المستأجر لا
ينتفع بعمله والثاني نعم لأنه عمل له في اعتقاده فعلى هذا الوجه فما ذا يستحق الأجرة المسماة أم أجرة المثل للشافعية وجهان مأخذهما انا هل نتبين فساد الاستيجار أم لا وإن
قلنا إنه يقع عن تطوعه فالأجير يستحق الأجرة وما ذا يستحق المسمى أو أجرة المثل وجهان مخرجان عن الوجهين لان الحاصل غير ما طلبه وقد منع الشافعية من جواز الحج عن
المعضوب بغير إذنه بخلاف قضاء الدين عن الغير لان الحج يفتقر إلى النية بخلاف قضاء الدين وهو من أهل الاذن والنية وان لم يكن أهل المباشرة وروى عن بعضهم جواز الحج بغير اذنه مسألة الاستنابة في الحج واجبة عن
ميت استقر الحج في ذمته وفرط في أدائه وهل تجب عن المعضوب أو عن مية وجب عليه الحج ولم يستقر مضى الكلام فيهما وأوجبه الشافعي على المعضوب في الجملة ولا فرق عنده
بين ان يطرء العضب بعد الوجوب وبين أن يبلغ واجد المال وبه قال احمد وقال مالك لا استنابة على المعضوب بحال لأنه لا نيابة عن الحي عنده ولا حج على من لا يستطيع بنفسه
وهو حسن وعند أبي حنيفة لا حج على المعضوب ابتداء ولكن لو طرأ العضب بعد الوجوب لم يسقط عنه وعليه ان ينفق على من يحج عنه وأخبارنا دلت على وجوب الاستيجار على المعضوب وقد سلف وشرطه ان يكون للمعضوب مال يستأجر به من يحج عنه وإن يكون ذلك المال فاضلا عن الحاجات المذكورة
فيما لو كان يحج بنفسه إلا (انا) اعتبرنا هناك ان يكون الصرف إلى الزاد والراحلة فاضلا عن نفقة عياله إلى الإياب وهنا نعتبر أن يكون فاضلا عن نفقتهم وكسوتهم يوم الاستيجار
ولا يعتبر بعد فراغ الأجير من الحج مدة إيابه وهل يعتبر مدة الذهاب الأقرب إنه لا يعتبر وهو أصح وجهي الشافعية بخلاف ما إذا كان يحج عن نفسه فإنه إذا لم يفارق أهله يمكنه تحصيل
نفقتهم كما في الفطرة لا يعتبر فيها إلا نفقة اليوم وكذا في الكفارات المرتبة إذا لم يشترط تخلف رأس المال ثم ما في يده إن وفى بأجرة راكب فلا يجب وإن لم يف إلا بأجرة ماش فالأقرب
في صورة وجوب الاستيجار وجوبه هنا وهو أصح وجهي الشافعية أيضا بخلاف ما كان تحج بنفسه لا يكلف المشي لما فيه من المشقة ولا مشقة عليه في المشي الذي تحمله الأجير والثاني
انه لا يلزم استيجار الماشي لان الماشي على خطر وفى بذل المال في أجرته تعزير به ولو طلب الأجير أكثر من أجرة المثل لم يلزم الاستيجار وإن رضي بأقل منها لزمه ولو امتنع من الاستيجار
فالأقرب إلزام الحاكم له وللشافعية وجهان أشبههما عندهم انه لا يستأجر عليه مسألة قد بينا ان شرط الاستيجار
عن المعضوب وجود المال للمعضوب فلو لم يكن له مال و
لكن بذل له الأجنبي مالا ليستأجر به لم يلزمه القبول كالصحيح وللشافعية في لزوم قبوله وجهان أحدهما يلزم بحصول الاستطاعة بالبذل وأصحهما انه لا يلزم لما فيه من المنة الثقيلة
ولو كان الباذل واحدا من بنيه وبناته أو أولادهم للطاعة في الحج فالأقرب عدم وجوب القبول وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه غير مستطيع وقال الشافعي يجب لان وجوب الحج
معلق بوجود الاستطاعة وقد حصلت لان الاستطاعة تارة تكون بالنفس وتارة تكون بالأنصار والأعوان ولهذا يصدق ممن لا يحسن البناء أن يقول إنا مستطيع للبناء
بالأسباب والأعوان ثم شرط في باذل الطاعة أن لا يكون صرورة ولا معضوبا وأن يكون موثوقا بصدقه وإذا ظن تحقق الطاعة فهل يلزم الامر وجهان أحدهما لا لان الظن للشافعية إذا تمكن منه
قد يخطى وأظهرهما عندهم نعم إذا وثق بالإجابة لحصول الاستطاعة ولو بذل المطيع الطاعة فلم يأذن المطاع فهل ينوب الحاكم عنه فيه وجهان أحدهما لا لان الحج على التراخي
عندهم وإذا اجتمعت الشرايط ومات المطيع قبل أن يأذن فان مضى وقت امكان الحج استقر في ذمته وإلا فلا ولو كان له من يطيع ولم يعلم بطاعته فهو كمن له مال موروث ولم
يعلم به ولو بذل الولد الطاعة ثم أراد الرجوع فإن كان بعد الاحرام لم يكن له ذلك وإن كان قبله جاز له الرجوع وهو أظهر وجهي الشافعية مسألة لو بذل الأجنبي الطاعة
ففي لزوم القبول للشافعية وجهان أصحهما انه يلزم لحصول الاستطاعة كما لو كان الباذل الولد والثاني لا يلزم لأنه يثقل استخدامه بخلاف الولد لأنه بعضه والأخ
والأب في بذل الطاعة كالأجنبي لان استخدامهما ثقيل ولهم قول آخر إن الأب كالابن لاستوائهما في وجوب النفقة ولو بذل الولد المال فالأقوى عدم وجوب القبول وللشافعي
وجهان أحدهما يلزم كما لو بذل الطاعة وأصحهما عدمه لان قبول المال يستلزم منة عظيمة فان الانسان يستنكف عن الاستعانة بمال الغير ولا يستنكف عن الاستعانة
ببدنه في الاشغال وبذل المال للابن كبذل الابن للأب أو كبذل الأجنبي للشافعية وجهان وكلما قلنا في بذل الطاعة فإنه مفروض فيما إذا كان راكبا أما إذا بذل
الابن الطاعة على أن يحج ماشيا ففي لزوم القبول للشافعية وجهان أحدهما لا يلزم كما لا يلزم الحج ماشيا والثاني يلزم إذا كان قويا فان المشقة لا تناله هذا إذا كان الباذل للطاعة
مالكا للزاد فان عول على التكسب في الطريق ففي وجوب القبول وجهان وهنا عدمه أولي لان المكاسب قد تنقطع في الاسفار وان لم يكن كسوبا وعول على السؤال فأولى
بالمنع لان السايل قد يرد ولو كان يركب مفازة لا يجدى فيها كسب ولا سؤال لم يجب القبول إجماعا لان التغرير بالنفس حرام مسألة قد بينا جواز الاستيجار في الحج عند علمائنا
وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة واحمد لا يجوز الاستيجار على الحج كما في ساير العبادات ولكن يرزق عليه ولو استأجر لكان ثواب النفقة للامر ويسقط عنه
الخطاب بالحج ويقع الحج عن الحاج وقد تقدم القول فيه عندنا وعند الشافعي يجوز الحج بالرزق كما يجوز بالإجارة بأن يقول حج عنى وأعطيك نفقتك أو كذا ولو
312

استأجره بالنفقة لم تصح للجهالة ثم الاستيجار ضربان استيجار عين الشخص بأن يقول المؤجر أجرتك نفسي لاحج عنك أو عن ميتك بنفسي بكذا والتزام ذمته العمل بأن يستأجره
ليحصل له الحج إما بنفسه أو بغيره ويستلزم للمستأجر ايجاب ذلك في ذمته ويفترقان فيما يأتي وكل واحد من ضربي الإجارة إما أن يعين زمان العمل فيها أو لا يعين وإن عين
فإما السنة الأولى أو غيرها فإن عين السنة الأولى جاز بشرط أن يكون الخروج والحج فيما بقى منها مقدورا للأجير فلو كان الأجير مريضا لا يمكنه الخروج أو كان الطريق
مخوفا أو كانت المسافة بحيث لا تقطع في بقية السنة لم يصح العقد لان المنفقة غير مقدورة وان عينا غير السنة الأولى صح عندنا وعند أبي حنيفة للأصل والعمومات
وسيأتى بيانه وقال الشافعي لا يجوز كاستيجار الدار الشهر المقبل إلا إذا كانت المسافة لا تقطع في سنة وأما في الإجارة الواردة على الذمة فيجوز تعيين السنة الأولى
وغيرها وهو بمثابة الدين في الذمة قد يكون حالا وقد يكون مؤجلا وإن اطلقا فهو كما لو عينا السنة الأولى إلا في شئ سيأتي بيانه ولا يقدح في الإجارة في الذمة كونه
مريضا لامكان الاستنابة ولا خوف الطريق وضيق الوقت وان عينا غير السنة الأولى مسألة إذا استؤجر المعين (عين) للحج في تلك السنة لم يجز له التأخير وهل تجب عليه
المبادرة مع أول رفقة الأقرب عدم الوجوب ويجوز وقوع عقد الإجارة قبل خروج الناس وله انتظار الرفقة ولا يلزمه المبادرة وحده بل ولا مع أول قافلة وهو اختيار
جماعة من الشافعية وقال أكثرهم يشترط وقوع العقد في زمان خروج الناس من ذلك البلد حتى لا يصح استيجار المعين إلا في وقت خروج القافلة من ذلك البلد بحيث يشتغل
عقيب العقد بالخروج أو بأسبابه من شراء الزاد ونحوه فإن كان قبله لم يصح لان إجارة الزمان المستقبل عندهم لا يجوز وبنوا على ذلك أنه لو كان الاستيجار بمكة
لم يجز إلا في أشهر الحج ليمكنه الاشغال بالعمل عقيب العقد ولو وقع العقد في وقت تراكم الثلوج والانداء فوجهان للشافعية أحدها الجواز لان توقع زوالها مضبوط وعدمه
لتعذر الاشتغال بالعمل في الحال بخلاف انتظار الرفقة فان خروجها في الحال غير متعذر هذا كله في إجارة العين أما الإجارة الواردة على الذمة فيجوز تقديمها على الخروج
لا محالة عندنا وعندهم تذنيب ليس للأجير في إجارة العين ان يستنيب غيره لان الفعل مضاف إليه والاغراض تختلف باختلاف الأجزاء ولو قال لتحج عنى بنفسك فهو
أوضح في المنع من الاستنابة وأما في الإجارة على الذمة فإذا قال ألزمت ذمتك لتحصل لي حجة جاز أن يستنيب غيره ولو قال لتحج بنفسك لم تجز الاستنابة وقال بعض الشافعية يبطل لو قال
لتحج بنفسك لان الذمة مع اشتراط معين يتناقضان فصار كما لو أسلم في ثمرة بستان بعينه وليس بجيد ولو أمره بالاستيجار لم يجز له المباشرة مسألة يجب أن تكون أعمال الحج
معلومة عند المتعاقدين وقت العقد لبطلان العقد على المجهول فإن علما ها عند العقد فلا بحث وإن جهلا ها أو أحدهما فلا بد من الاعلام وهل يشترط تعيين الميقات الذي يحرم
منه الأجير الأقرب عدمه عملا بالأصل وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني يشترط لاختلاف الأغراض باختلاف المواقيت ليكن علماؤنا رووا انه إذا أمره بالحج على طريق معين
جاز له العدول عنه ولأصحابه طريقان أظهرهما ان المسألة على قولين أحدهما الاشتراط لاختلاف الأغراض باختلافها وعدمه وهو الاظهر عندهم لان الحمل على ميقات
البلدة على العادة الغالبة والطريق الثاني تنزيل القولين على حالين ولمن قال به طريقان أظهرهما حمل القول الأول على ما إذا كان لبلده طريق واحد وله ميقات واحد وحمل
الثاني على ما إذا كان للبلد طريقان مختلف الميقات أو كان يفضى طريقها إلى ميقاتين كالعقيق وذات عرق والثاني حمل الأول على ما إذا كان الاستيجار لميت والثاني على
ما إذا استأجر الحي والفرق ان الحي له غرض واختيار والميت لا غرض له ولا اختيار والمقصود براءة ذمته وهي تحصل بالاحرام من أي ميقات كان فان شرطنا تعين الميقات فسدت
الإجارة بإهماله لكن يقع الحج من المستأجر لوجود الاذن وتلزم أجرة المثل وإذا وقعت الإجارة للحج والعمرة فلا بد من بيان انه يفرد أو يقرن أو يتمتع لاختلاف الأغراض بها مسألة
يشترط في لزوم الإجارة وصحتها الاتيان بالصيغة على الوجه المعتبر شرعا فلو قال من حج عنى فله مائة صح جعالة ولا تكون إجارة ولا تلزم المائة إلا بالعمل وللشافعي
قولان أحدهما البطلان لان العامل غير معين وإنما يحتمل ذلك عند تعذر الإجارة للضرورة والثاني الصحة كما قلناه لان الجعالة تصح على كل عمل يصح ايراد الإجارة عليه
لان الجعالة جايزة مع كون العمل مجهولا فمع العلم به يكون أولي بالجواز وعلى القول بفساد الجعالة لو حج عنه انسان فالمسمى ساقط لفساد العقد لكن الحج يقع عن المستأجر وللعامل
أجرة المثل لوجود الاذن وان فسد العقد وكذا الحكم عندهم لو قال من خاط ثوبي فله كذا فخاطه انسان ولهم وجه انه يفسد الاذن لعدم تعيين المأذون له كما لو قال وكلت
من أراد داري بيع لا يصح التوكيل لأنه ليس موجها نحو معين مسألة إذا اعطى الانسان غيره حجة ليحج عنه من بلد فحج عنه من بلد آخر فإن لم يتعلق غرض المستأجر بذلك
أجزء لان سلوك الطريق غير مقصود لذاته وإنما المقصود بالذات الحج وقد حصل ولما رواه حريز بن عبد الله في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل اعطى رجلا
حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه إذا عرفت هذا فإنه يجب على الأجير رد التفاوت بين الطريقين إن كان
ما سلكه أسهل مما استؤجر عليه لان العادة قاضية بنقصان أجرة الأسهل من أجرة الأصعب وقد استؤجر للأصعب ولم يأت به فيتعين عليه رد التفاوت ولو استؤجر
للسلوك بالأسهل فسلك الأصعب لم يكن له شئ هذا إذا لم يتعلق غرض المستأجر بتعيين الطريق وان تعلق غرض المستأجر بطريق معين فاستأجر على أن يسلكه الأجير
فسلك غيره فالأقرب فساد المسمى والرجوع إلى أجرة المثل ويجزى الحج عن المستأجر سواء سلك الأصعب أو الأسهل لأنه استؤجر على فعل وأتى ببعضه إذا ثبت هذا
فالأقرب أن الرواية تضمنت مساواة الطريقين إذ كان الاحرام من ميقات واحد أما مع اختلاف الميقاتين فالأقرب المنع لاختلافهما قربا وبعدا واختلاف الأغراض وتفاوت
الاجر بسبب تفاوتهما واطلاق الأصحاب ينبغي ان يقيد بما دل مفهوم الرواية عليه إذا عرفت هذا فلو خالف في سلوك ما شرطه المؤجر من الطرق فأحصر لم
يستحق الأجير شيئا في الموضعين مسألة إذا استأجره ليحج عنه بنفسه فإما أن يعين الزمان أو لا فان عينه وجب أن يكون الأجير على صفة يمكنه التلبس بالاحرام في
أشهر الحج فإن لم يمكنه ذلك إما لضيق الوقت أو لمرض أو لغير ذلك بطل القيد لأنه عقد على ما لا يصح وإذا كان الأجير ممن يصح منه الحج فأخر حتى فات الوقت وخالف إما
لعذر أو لغير عذر بطل العقد لان الوقت الذي عينه قد فات وكان للمستأجر الخيار بين استيجاره في السنة الأخرى وبين استيجار غيره ولو ضمن الأجير الحج في السنة الأخرى
لم تجب إجابته بل لو أجيب لافتقر إلى عقد آخر وللشافعية طريقان أظهرهما انه على قولين كالقولين فيما لو حل السلم والمسلم فيه منقطع أحدهما ينفتح لفوات مقصود العقد
وأصحهما لا ينفتح كما لو أخر أداء الدين عن محله لا ينقطع والثاني القطع بالقول الثاني وعلى القول بعدم الانفساخ ينظر ان صدر الاستيجار من المعضوب لنفسه
فله الخيار لتفويت المقصود كما لو أفلس المشترى بالثمن فإن شاء أخر ليحج في السنة الأخرى وإن شاء فسخ واسترد الأجرة وارتفق بها إلى أن يستأجر غيره وإن كان الاستيجار
لميت من ماله فقد قال بعضهم لا خيار لمن استأجر في فسخ العقد لان الأجرة معينة لتحصيل الحج فلا انتفاع باستردادها وقال آخرون له الخيار لان الورثة يقصدون
باسترداد الأجرة صرفها إلى من هو أحرى بتحصيل المقصود ولأنهم إذا استردوها تمكنوا من إبدالها بغيرها وقال بعضهم ان على الولي مراعاة النظر للميت
وإن كانت المصلحة في فسخ العقد لخوف إفلاس الأجير أو هربه فلم يفعل ضمن أما لو كان الميت قد أوصى بأن يحج عنه انسان بمئة مثلا لم يجز الفسخ لان الوصية مستحقة
313

الصرف إلى المعين ولو استأجر انسان للميت من مال نفسه تطوعا عليه فهو كاستيجار المعضوب لنفسه فله الخيار ولو قدم الأجير الحج على السنة المعينة فالأقرب الجواز لأنه
قد زاده خيرا وبه قال الشافعي وأما إن لم يعين الزمان بل أطلق صح العقد واقتضى الاطلاق التعجيل ولو شرط التأخير عاما أو عامين جاز ومع الاطلاق إذا لم يحج
في السنة الأولى لم تبطل الإجارة لان الإجارة في الذمة لا تبطل بالتأخير وليس للمستأجر فسخ هذه الإجارة لأجل التأخير فإذا أحرم في السنة الثانية كان إحرامه صحيحا
عمن استأجره وقال بعض الشافعية إذا أطلقا العقد لم يقتضى التعجيل وجاز للمستأجر (للمؤجر) التأخير مع القدرة ويثبت للمستأجر
الخيار لتأخير المقصود مسألة انه سيأتي ان المواقيت الموقتة للاحرام مواضع معينة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله لكل إقليم ميقات معين ولا يجوز الاحرام
قبلها عند علمائنا إلا لنادر على خلاف بين علمائنا فيه وكذا للمعتمر في شهر رجب إذا خاف تقضيه يجوز له الاحرام للعمرة قبل الميقات وأجمعت العامة على جواز الاحرام
قبل الميقات إذا عرفت هذا فنقول إذا استأجره للحج فانتهى الأجير إلى الميقات المتعين شرعا أو بتعيينهما ان اعتبرناه فلم يحرم بالحج عن المستأجر ولكن أحرم بعمرة
عن نفسه ثم أحرم عن المستأجر بعد فراغه من عمرته فإما ان لا يعود إلى الميقات بأن أحرم من جوف مكة وقع الحج عن المستأجر بحكم الاذن فكان يجوز أن يقال المأذون فيه
الحج من الميقات وهذا الخصوص متعلق الفرض فلا يتناول الاذن غيره فيحط شئ من الأجرة المسماة وان وقع الحج عن المستأجر لمجاوزته الميقات فكان الواجب عليه ان يحرم منه وقال أبو حنيفة إذا أحرم عن نفسه ثم حج عن المستأجر بإحرام من مكة من غير أن يرجع إلى الميقات لم يقع
فعله عن الآمر ويرد جميع النفقة إليه لأنه أتى بغير ما أمر به والأول مذهب الشافعي لأنه ما أخل إلا بما يجبره الدم فلم يسقط أجرته وفى قدر المحطوط اختلاف مبنى على أن
الأجرة تقع في مقابلة أعمال الحج وحدها أو يتوزع على المسير من بلد الإجارة والأعمال فان قلنا بالثاني وهو الاظهر عند الشافعية فقولان أحدهما ان المسافة لا يحتسب
له هيهنا لأنه صرفه إلى غرض نفسه حيث أحرم بالعمرة من الميقات فعلى هذا توزع الأجرة المسماة على حجة منشأة من بلد الإجارة وإحرامها من الميقات وعلى حجة منشأة من جوف مكة فإذا كانت أجرة الحجة المنشأة من بلد الإجارة مأة وأجرة الحجة المنشأة من مكة عشرة حط من
الأجرة المسماة تسعة أعشارها وأصحها عندهم انها يحتسب له لأن الظاهر أنه يقصد بها تحصيل الحج الملتزم إلا أنه أراد ان يربح في سفره عمرة فعلى هذا تتوزع الأجرة المسماة
على حجة منشأة من بلد الإجارة احرامها من الميقات وعلى حجة منشأة منها أيضا إحرامها من مكة فإذا كانت أجرة الأولى مأة وأجرة الثانية تسعين حط من الأجرة المسماة
عشرها وإن قلنا إن الأجرة تقع في مقابلة أعمال الحج وحدها فتوزع الأجرة المسماة على حجة من الميقات وهي التي قوبلت بها وعلى حجة من جوف مكة فإذا كانت أجرة الأولى
خمسة وأجرة الثانية درهمين حططنا من الأجرة ثلاثة أخماسها ولو جاوز الميقات بغير إحرام ثم أحرم بالحج عن المستأجر يلزمه دم الإساءة وسيأتى الخلاف في أن الإساءة
هل ينجبر بالدم حتى لا يحط شئ من الأجرة أم لا قال بعض الشافعية ان ذلك الخلاف عائد هنا وان الخلاف في
قدر المحطوط مفرع على القول في قدر الحطة ويجوز ان
يقطع هنا بأنه لا ينجبر الإساءة ويفرق بأنه ارتفق ههنا بالمجاوزة حيث أحرم بالعمرة لنفسه القسم الثاني ان يعود إلى الميقات بعد الفراغ من العمرة وأحرم بالحج فان قلنا
الأجرة في مقابلة الأعمال وحدها أوزعناها عليها وعلى السير واحتسبنا المسافة هنا وجبت الأجرة بتمامها وهو الاظهر عندهم وان وزعناها عليها ولم نحتسب المسافة ههنا فتوزع الأجرة على حجة منشأة من بلد الإجارة احرامها من الميقات وعلى حجة من الميقات من غير
قطع مسافة ولو جاوز الميقات بلا اعتماد ثم أحرم بالحج عن المستأجر فان عاد إلى الميقات وأحرم منه عن المستأجر فلا شئ عليه ولا حط من الأجرة وان لم يعد فعليه دم الإساءة
بالمجاوزة وهل ينجبر به الخلل حتى لا يحط شئ من الأجرة فيه قولان للشافعية أحدهما نعم لان الدم شرع للجبر وأظهرهما المنع لأنه نقص من العمل الذي استأجره له و
الدم يجب لحق الله تعالى ولا ينجبر به حق الآدمي كما لو جنى المحرم على صيد مملوك يلزمه الضمان مع الجزاء ومنهم من قطع بالقول الثاني وعلى القول بعدم الانجبار فقدر المحطوط
يبنى على الأجرة في مقابلة العمل وحده أو توزع على المسير والعمل جميعا إن قلنا بالأول وزعت الأجرة المسماة على حجة من الميقات وحجة من حيث أحرم وإن قلنا بالثاني
واعتبرنا المسافة وزعت على حجة من بلدة الإجارة واحرامها من الميقات وعلى حجة منها احرامها من حيث أحرم والخلاف في اعتبار المسافة ههنا إذا رتب على الخلاف فيما إذا
أحرم بعمرة عن نفسه كانت هذه الصورة أولي بالاعتبار لأنه لم يصرفها إلى غرض نفسه ثم لهم وجهان في أن النظر إلى الفراسخ وحدها أم يعتبر ذلك مع ذكر السهولة أو
الخرونة والأصح عندهم الثاني ولو عدل الأجير عن طريق الميقات المتعين إلى طريق آخر ميقاته مثل ذلك الميقات أو أبعد فلا شئ عليه وهو المذهب عند الشافعية
هذا كله في الميقات الشرعي أما إذا عينا موضعا آخر فإن كان أقرب إلى مكة من الميقات الشرعي فهذا الشرط فاسد مفسد للإجارة فإنه لا يجوز لمريد النسك ان يمر على الميقات
غير محرم وإن كان أبعد قال الشيخ في المبسوط لا يلزمه ذلك لأنه باطل والتحقيق ان نقول إن كان المستأجر قد نذر الاحرام قبل الميقات لزمه الوفاء به عنده فإذا استأجره لذلك
وجب على الأجير الوفاء به وان لم يكن قد نذر لم يلزم الأجير فعله إذا عرفت هذا فان استأجره للاحرام من قبل الميقات الشرعي وسوغناه فتجاوزه غير محرم فهل
يجب على الأجير الدم في مجاوزته غير محرم للشافعية وجهان أحدهما عدم الوجوب لان الدم منوط بالميقات الواجب شرعا فلا يلحق به غيره ولان الدم يجب حقا لله تعالى
والميقات الشروط إنما يتعين حقا للمستأجر والدم لا يجبر حق الآدمي وأظهرهما عندهم انه يلزم لان تعينه وإن كان لحق الآدمي فالشارع هو الذي يحكم به ويتعلق به حقه فان قلنا
بالأول حط قسط من الأجرة قطعا وان قلنا بالثاني ففي حصول الانجبار الوجهان وكذلك لزوم الدم بسبب ترك المأمور به كالرمي والمبيت وان لزمه لسبب ارتكاب محظور
كاللبس والقلم لم يحط شئ من الأجرة لأنه لم ينقص شئ من العمل ولو شرط على الأجير ان يحرم في أول شوال فأخره لزم الدم وفى الانجبار الخلاف وكذا لو شرط عليه ان يحج ماشيا
فحج راكبا لأنه ترك شياء مقصودا مسألة أنواع الحج ثلاثة على ما يأتي تمتع وهو أفضلها وقران وإفراد فعندنا ان التمتع فرض من نأى عن مكة لا يجوز له غيره إلا مع الضرورة
والقرآن والافراد فرض أهل مكة وحاضريها لا يجوز له غيرهما إلا مع الاضطرار إذا ثبت هذا فإذا استأجره ليحج عنه وجب تعيين أحد الأنواع فإذا أمره بالحج متمتعا
فامتثل أجزأه اجماعا ودم المتعة لازم للأجير لأنه من مقتضيات العقد كفعل من الافعال إلا أن يشترطه على المستأجر فيلزمه وان خالفه إلى القران لم يجز لأنه لم يفعل ما استأجره فيه
وإن استأجره ليفرد فتمتع أو قرن أجزأه قاله الشيخ (ره) لأنه عدل إلى الأفضل وأتى بما استؤجر فيه وزيادة وان استأجره للقران فقرن صح لأنه استأجره له والهدى الذي
به يكون قارنا لازم للأجير لان إجارته تتضمنه فان شرطه على المستأجر جاز وان خالفه وتمتع قال الشيخ (ره) جاز لأنه عدل إلى ما هو الأفضل ويقع النسكان معا عن المستأجر
وان أفرد لم يجزه لأنه لم يفعل ما استأجره فيه وقال الشافعي إذا أمره بالقران فامتثل وجب دم القران على المستأجر في أصح الوجهين لأنه مقتضى الاحرام الذي أمره وكانه القارن
بنفسه والثاني على الأجير لأنه قد ألزم القران والدم من تتمته فعلى الأول لو شرطا ان يكون على الأجير فسدت الإجارة لأنه جمع بين الإجارة وبيع المجهول كأنه يشترى الشاة
منه وهي غير معينه ولا موصوفة والجمع بين الإجارة وبيع المجهول فاسد ولو كان المستأجر معسرا فالصوم يكون على الأجير لان بعض الصوم ينبغي ان يكون في الحج
والذي في الحج منهما هو الأجير وقال بعضهم هو كما لو عجز عن الهدى والصوم جميعا وعلى الوجهين يستحق الأجرة بتمامها وان عدل إلى الافراد فحج ثم اعتمر قال الشافعي يلزمه
ان يرد من الأجرة ما يخص العمرة وهو محمول عند أصحابه على ما إذا كانت الإجارة على العين فإنه لا يجوز له تأخير العمل فيها عن الوقت المعين وإن كانت في الذمة فان عاد
314

إلى الميقات للعمرة فلا شئ عليه وقد زاد خيرا ولا شئ على المستأجر أيضا لأنه لم يقرن وان لم يعد فعلى الأجير دم لمجاوزته الميقات للعمرة وهل يحط شئ من الأجرة أم ينجبر
الإساءة بالدم فيه الخلاف السابق وإن عدل إلى التمتع فقد قال بعضهم إن كانت الإجارة إجارة عين لم يقع الحج عن المستأجر لوقوعه في غير الوقت المعين وإن كانت الإجارة
على الذمة نظر إن عاد إلى الميقات للحج فلا دم عليه ولا على المستأجر وان لم يعد فوجهان أحدهما لا يجعل مخالفا لتفاوت الجهتين فان في القران نقصانا في الافعال وإحراما من
الميقات وفى التمتع كمالا في الافعال ونقصانا في الاحرام لوقوعه بعد مجاوزة الميقات فعلى هذا الحكم كما لو امتثل وفى كون الدم على الأجير أو المستأجر للشافعية وجهان وقال
بعضهم يجب على الأجير دم لتركه الاحرام من الميقات وعلى المستأجر دم آخر لان القران الذي أمر به يتضمنه ولو أمره بالتمتع فأفرد فالأقرب انه لا يستحق أجرا لأنه لم يفعل ما
استؤجر له وقال الشافعي ينطر ان قدم العمرة وعاد للحج إلى الميقات فقد زاد خيرا وان أخر العمرة فإن كانت الإجارة إجارة عين انفسخت فيها لفوات الوقت المعين للعمرة فترد
بحصتها من المسمى وإن كانت الإجارة على الذمة وعاد للعمرة إلى الميقات لم يلزمه شئ وان لم يعد فعليه دم لترك الاحرام بالعمرة من الميقات وفى حط شئ من الأجرة الخلاف السابق
وان قرن فقد زاد خيرا لأنه أحرم بالنسكين من الميقات وكان مأمورا بأن يحرم بالعمرة منه وبالحج من مكة ثم إن ساوى عدد الافعال فلا شئ عليه وإلا فوجهان في أنه هل يحط
شئ من الأجرة للاختصار في الافعال وفى ان الدم على المستأجر لامره بما يتضمن الدم أو على الأجير لنقصان الافعال وكل ذلك مخرج على الخلاف المقدم في عكسه وهو
ما إذا تمتع المأمور بالقران ولو أمره بالافراد فقرن فالأقرب الأجزاء وهدى القران على الأجير لتبرعه وأما الشافعية فقالوا إن كانت الإجارة على العين فالعمرة
واقعة لا في وقتها فهو كما لو استأجره للحج وحده فقرن وإن كانت في الذمة وقعا عن المستأجر ولان القران كالافراد شرعا في اخراج الذمة عن العهدة وعلى الأجير الدم وهل يحط
شئ من الأجرة أو يتخير الخلل بالدم فيه الخلاف المقدم وإن تمتع فإن كانت الإجارة على العين وقد أمره بتأخير
العمرة فقد وقعت في غير وقتها فيرد ما يخصها من الأجرة وان
أمره بتقديمها أو كانت الإجارة على الذمة وقعا عن المستأجر وعلى الأجير دم إن لم يعد للحج إلى الميقات وفى حط شئ من الأجرة الخلاف السابق واعلم أن بعض الشافعية استشكل
هذه المسايل فإنها قد اشتركت في العدول عن الجهة المأمور بها إلى غيرها وهو قادح في وقوع النسكين عن المستأجر وفيه اشكال لان ما يراعى الاذن في أصله يراعى في
تفاصيله المقصودة وإذا خالف كان المأتي به غير المأذون فيه مسألة إذا جامع الأجير قبل الوقوف بالموقفين فسد حجه وانقلبت الحجة إلى الأجير فتلزمه الكفارة
والمضى في الفاسد والقضاء للفاسد عنه لأنه استؤجر للحج الصحيح ولم يأت به بل بحج فاسد فليصرف إليه كما لو أمره بشراء شئ بصفة فاشترى على غير تلك الصفة يقع
عن المأمور والحج قابل للنقل عن الحالة التي انعقد عليها فان حج الصبى ينعقد نفلا فإذا بلغ قبل الوقوف انقلب فرضا وهو أحد قولي الشافعي والثاني انه لا ينقلب الحج
إلى الأجير ولا يجب القضاء لان الاحرام قد انعقد عن المستأجر فلا ينقلب إلى غيره ولا قضاء لان من له الحج لم يفسده ولا يؤثر فعل غيره فيه وفى رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام
في رجل حج عن رجل فاجترح في حجة شيئا يلزمه فيه الحج من قابل أو كفارة قال هي للأول تامة وعلى هذا ما اجترح إذا عرفت هذا فعلى ما اخترنا إن كانت السنة معينة
انفسخت الإجارة ولزم المستأجر ان يستأجر من ينوب عنه فيها وان لم تكن معينة بل كانت في الذمة لم تنفسخ وعليه ان يأتي بحجة أخرى في المستقبل عمن استأجره بعد ان يقضى
الحجة التي أفسدها عن نفسه ولم يكن للمستأجر فسخ هذه الإجارة عليه والحجة الأولى فاسدة لا تجزى عنه والثانية قضاء عنها عن نفسه ثم يقضى بعد ذلك الحج الذي استؤجر
له وقال الشافعي إن كانت الإجارة على العين انفسخت والقضاء الذي يأتي به الأجير يقع عنه وإن كانت في الذمة لم تنفسخ وعمن يقع القضاء قولان أحدهما عن المستأجر لأنه قضاء
للأول ولولا فساده لوقع عنه وأصحهما عن الأجير لان القضاء بحكم الأداء والأداء وقع عن الأجير فعلى هذا يلزمه سوى القضاء حجة أخرى للمستأجر فيقضى عن نفسه ثم
يحج عن المستأجر في سنة أخرى أو يستنيب من يحج عنه في تلك السنة وحيث لا تنفسخ الإجارة فللمستأجر خيار الفسخ عند الشافعي لتأخر المقصود مسألة إذا أحرم الأجير عن
المستأجر ثم صرف الاحرام إلى نفسه ظنا منه بأنه ينصرف فأتم الحج على هذا الظن فالوجه عندي فساد الحج أما بالنسبة إليه فلعدم انصرافه إليه وأما بالنسبة إلى المستأجر فلانه
لم ينو بباقي الافعال النيابة بل نوى وقوعها لنفسه ولم يقع لبطلان الاحرام لنفسه ولاستحقاق المستأجر ذلك الزمان ولا يستحق الأجير الأجرة لأنه لم يأت بالمقصود عليه
وقال الشافعي يقع الحج للمستأجر وفى استحقاق الأجير الأجرة قولان أحدهما لا يستحق لأنه أعرض عنها حيث قصد بالحج نفسه به وأصحهما عنده الاستحقاق لانعقاد
الحج للمستأجر وحصول غرضه وهذا الخلاف جار فيما إذا دفع ثوبا إلى صباغ ليصبغه فأمسكه لنفسه وجحده وصبغه لنفسه ثم رده هل يستحق الأجرة وعلى القول بالاستحقاق
فالمستحق المسمى أو أجرة المثل وجهان أصحهما عندهم الأول مسألة إذا مات الحاج عن نفسه فلا يخلو إما أن يكون الحج قد وجب عليه أولا واستقر أو لا فإن كان الحج لم يجب
عليه قبل هذه السنة سقط الحج عنه مطلقا وإن كان الحج قد وجب عليه أولا واستقر وفرط بالتأخير ثم خرج لأدائه فمات قبل فعله فالأقرب على ما يقتضيه مذهبنا التفصيل
وهو أنه إن مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه عن الحج وبرئت ذمته لان ذمة الأجير تبرأ بذلك على ما يأتي فكذا الأصيل وان مات قبل الاحرام ودخول الحرم وجب ان
يقضى عنه ولم يعتد بما فعله وإن كان الميت الأجير فإن كان بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه ما فعله عن نفسه وعن المنوب عنه وسقط الحج عن المنوب عند علمائنا وقد تقدم وإن كان قبل ذلك
لم تبرأ ذمة المنوب ويجب على الأجير رد باقي مال الإجارة بعد اسقاط ما قابل فعله إن كان قد استؤجر لقطع المسافة والحج وإن كان قد استؤجر لفعل الحج خاصة لم يستحق شيئا
في مقابلة قطع المسافة وقال الشافعي إذا حج عن نفسه ثم مات في أثنائه هل يجوز البناء على حجه فيه قولان وشبهوهما بالقولين في جواز البناء على الاذان والخطبة فالجديد وهو
الصحيح عندهم انه لا يجوز البناء على الحج لأنه عبادة تفسد أولها بفساد آخرها فأشبهت الصوم والصلاة ولأنه لو أحصر فتحلل ثم زال الحصر فأراد البناء عليه لا يجوز
فإذا لم يجز له البناء على فعل نفسه فأولى ان لا يجوز لغيره البناء على فعله والقديم الجواز لان النيابة جارية في جميع أفعال الحج فتجرى في بعضها كتفرقة الزكاة فعلى القديم
لو مات وقد بقى وقت الاحرام بالحج أحرم الثاني بالحج ووقف بعرفة ان لم يقف الأصل ولا يقف ان وقف ويأتي ببقية الأعمال ولا بأس بوقوع إحرام النايب وراء
الميقات فإنه مبنى على إحرام أنشئ منه وان لم يبق وقت الاحرام بالحج قيم يحرم وجهان أحدهما انه يحرم بعمرة لفوات وقت الاحرام بالحج ثم يطوف ويسعى فيقعان عن الحج ولا يبيت
ولا يرمى فإنهما ليسا من أفعال العمرة لكنهما يجبران بالدم والأصح عندهم ان يحرم بالحج أيضا ويأتي ببقية الأعمال لأنه لو أحرم بالعمرة للزمه أفعال العمرة ولما انصرفت
إلى الحج والاحرام المبتدأ هو الذي يمنع تأخيره عن أشهر الحج وهذا ليس إحراما مبتداء وإنما هو مبنى على إحرام أنشئ في وقته وعلى هذا فلو مات بين التحليلين أحرم
النايب إحراما لا يحرم اللبس والقلم وإنما يحرم النساء لان إحرام الأصل لو بقى لكان بهذه الصفة هذا كله فيما إذا مات قبل حصول التحليلين فأما إذا مات بعد
حصولهما فقد قال بعضهم لا يجوز البناء والحال هذه إذ لا ضرورة إليه لامكان جبر ما بقى من الأعمال بالدم مسألة لو مات الأجير فعندنا قد تقدم حكمه وأما الشافعي
فقد قال إن كان قد مات بعد الشروع في الأركان وقبل الفراغ منها فهل يستحق شيئا من الأجرة فيه قولان أحدهما لا يستحق لأنه لم تسقط الفرض عن المستأجر
315

وهو المقصود فأشبه ما لو التزم له مالا ليرد عبده الآبق فرده بعض الطريق ثم هرب والثاني نعم لأنه عمل بعض ما استؤجر له فاستحق بقسطه من الأجرة كما لو استأجر
لخياطة ثوب فخاط بعضه ثم اختلفوا فبعضهم بنى القولين هنا على القولين في أنه هل يجوز البناء على الحج إن قلنا لا فلا شئ له لان المستأجر لم ينتفع بعمله و
إن قلنا نعم فله القسط وبعضهم نازع في هذا البناء وقالوا الجديد هنا انه يستحق القسط والجديد من القولين في أنه هل يبنى على الحج المنع وأيضا فقد رجح كثير من الشافعية
الاستحقاق هنا وفى خلاف البناء الراجح المنع بالاتفاق وتوسط الجويني فقال إن جوزنا البناء استحق الأجير قسطا من الأجرة وإلا ففيه الخلاف ووجه الاستحقاق انه
لا تقصير من الأجير والمأتي به يقع ينفع المستأجر في الثواب ووجه المنع ان ما كان على المستأجر قد بقى بحاله فكان الأجير لم يعمل له شيئا وإذا قلنا يستحق قسطا فالأجرة
تقسط على الأعمال وحدها أو عليها مع السير فيه قولان وجه الأول ان المقصود الأعمال والسير وسيلة إليها والأجرة تقابل المقصود والثاني وهو الاظهر عندهم
ان الوسايل يأخذ حكم المقاصد والتعب في السير أكثر في الأعمال فيبعد أن لا يقابل شئ ومنهم من قال لا خلاف في المسألة ولكن إن قال استأجرتك لتحج عنى والتقسيط على الأعمال
خاصة ولو قال لتحج عنى من بلد كذا فالتقسيط عليهما معا ثم إن كانت الإجارة على العين انفسخت ولا بناء لورثة الأجير كما لو لم يكن له أن يبنى بنفسه وهل للمستأجر ان يستأجر
من يتمه فيه قولان مبنيان على القولين في جواز البناء ان جوزناه فله ذلك وإلا فلا وإن كانت الإجارة على الذمة فإن لم تجوز البناء فلورثة الأجير ان يستأجروا
من يحج عمن استؤجر له مورثهم فان تمكنوا منه في تلك السنة لبقاء الوقت فذاك وإلا فللمستأجر الخيار وإن جوزنا البناء فلهم ان يتموا الحج وإن مات الأجير بعد ما
أخذ في السير وقبل ان يحرم فالمنقول عن نص الشافعي في عامة كتبه انه لا يستحق شيئا من الأجرة لأنه بسبب لم يتصل بالمقصود فأشبه ما لو قرب الأجير على البناء آلات البناء
من موضع إلى موضع البناء ولم يبن شيئا وفيه وجه لأصحابه انه يستحق قسطا من الأجرة لان الأجرة في مقابلة السير والعمل جميعا فإنها تختلف باختلاف المسافة
طولا وقصرا ولو مات بعد إتمام الأركان وقبل الفراغ من ساير الأعمال فينظر ان فات وقتها أو لم يفت ولكن لم تجوز البناء فجبر بالدم من مال الأجير وفى رد شئ
من الأجرة الخلاف السابق وإن جوزنا البناء فإن كانت الإجارة على المعين إنفسخت ووجب رد قسطها من الأجرة ويستأجر المستأجر من يرمى ويبيت ولا دم على الأجير وإن كانت على الذمة استأجر وارث الأجير من يرمى ويبيت ولا حاجة إلى الاحرام
لأنهما عملان يفعلان بعد التحللين ولا يلزم الدم ولا رد شئ من الأجرة مسألة لو صد الأجير عن بعض الطريق قال الشيخان (ره) كان عليه مما أخذ بقدر نصيب ما
بقى من الطريق الذي يؤدى فيه الحج إلا أن يضمر العود لأداء ما وجب ونحن نقول إن كانت الإجارة في الذمة وجب على الأجير الاتيان بها مرة ثانية ولم يكن للمستأجر فسخ
الإجارة وكانت الأجرة بكمالها للأجير وإن كانت معينة وله أن يرجع عليه بالمتخلف ولا يجب على المستأجر الإجابة في قضاء الحج ثانيا بل له فسخ العقد واستيجار غيره وله ان يجيبه
إلى ذلك مسألة لو أحصر الأجير جاز له ان يتحلل بالهدى لعموم الآية ويقع ما فعله عن المستأجر لأنه قصد الفعل له وقال بعض الشافعية يقع عن المحصر إذا عرفت هذا
فالدم على الأجير ولو لم يتحلل وأقام على إحرامه حتى فات الحج تحلل بعمرة ولا يستحق الأجرة على ما فعله من وقت الوقوف إلى التحلل لان تلك الأفعال لم يفعلها للمستأجر
ليتحلل من إحرامه وأما ما فعله قبل ذلك فإنه يستحق به الأجرة عندنا وقال الشافعي لو أحصر الأجير فله التحلل كما لو أحصر الحاج بنفسه فان تحلل فعمن يقع ما أتى به
وجهان أصحهما عن المستأجر كما لو مات إذ لم يوجد من الأجير تقصير والثاني عن الأجير كما لو أفسده لأنه لم يحصل غرضه فعلى هذا دم الاحصار على الأجير وعلى الأول هو
على المستأجر وفى استحقاقه شيئا من الأجرة الخلاف المذكور في الموت وان لم يتحلل وأقام على الاحرام حتى فاته الحج انقلب الحج إليه كما في صورة الافساد ثم يتحلل بعمرة وعليه دم
الفوات ولو فرض الفوات بنوم أو تأخر عن القافلة أو غيرهما من إحصار انقلب المأتي به إلى الأجير أيضا كما في الافساد لاشتراكهما في ايجاب القضاء ولا شئ للأجير مسألة
يشترط في النيابة نية النايب عن المنوب بالقلب ويستحب ضم اللسان ولا يجزى لو تجرد عن القلب لان الحج فعل يحتمل وجوها وصرفه إلى الفاعل أقرب فلا بد من تخصيص الفعل بالمنوب
ليقع له ويستحب له أن يذكره في المواقف كلها لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال قلت له ما يجب على الذي يحج عن الرجل قال يسميه في المواطن والمواقف وأما عدم
وجوب التلفظ بذلك فللأصل ولما رواه مثنى بن عبد السلام عن الصادق عليه السلام في الرجل يحج عن الانسان يذكره في جميع المواطن كلها قال إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل
الله يعلم أنه قد حج عنه ولكن يذكره عند الأضحية إذا ذبحها ويستحب للنايب عند عقد الاحرام أن يقول ما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام قال قلت الرجل يحج عن أخيه أو عن
أبيه أو عن رجل من الناس هل ينبغي له ان يتكلم بشئ قال نعم يقول بعد ما يحرم اللهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو سغب فأجر فلانا فيه وأجرني في
قضائي عنه مسألة إذا فعل الأجير شيئا تلزمه الكفارة من محظورات الاحرام كانت الكفارة عليه في ماله من الصيد واللباس والطيب وغير ذلك لأنها عقوبة على
جناية صدرت عنه أو ضمان في مقابلة إتلاف وقع منه فاختصت بالجاني وجرى مجرى الأجير إذا جنى على انسان فخرق ثوبه أو جرحه يجب الأرش عليه لا على المستأجر كذلك
هنا مسألة قال الشيخ (ره) إذا أخذ الأجير حجة عن غيره لم يكن له أن يأخذ حجة أخرى حتى يقضى التي أخذها والتحقيق أن نقول إن كانت الإجارة الأولى وقعت على تلك
السنة لم يكن له أن يوجر نفسه لغيره تلك السنة بعينها لان فعله صار مستحقا للأول فلا يجوز صرفه إلى غيره وان استأجره الأول مطلقا فان استأجره الثاني للسنة الأولى
فان قلنا باقتضاء الاطلاق التعجيل لم يصح العقد الثاني لان الإجارة الأولى وإن كانت غير معينة بزمان لكن يجب اتيانها في السنة الأولى فلا يجوز حينئذ صرف العمل فيها إلى
غيره وإن استأجر للسنة الثانية جاز ولو استأجره مطلقا فالأقرب الجواز للأصل واقتضاء التعجيل هنا مندفع بسبب استحقاق الأول ولو استأجره الأول للسنة الثانية
جاز للثاني أن يستأجره مطلقا وان يستأجره للسنة الأولى مسألة لا يجوز للحاضر مكة المتمكن من الطواف الاستنابة فيه لأنه عبادة بدنية يمكن الانسان بها مباشرة فلا يجوز
الاستنابة فيها كالحج ولو كان غايبا جاز له ان يستنيب فيه مع وجوبه عليه وعدم تمكنه منه أو مع ندبيته لأنه بغيبته عاجز عن المباشرة فجاز له الاستنابة ولما رواه عبد الرحمن بن أبي
نجران عمن حدثه عن الصادق عليه السلام قال قلت الرجل يطوف عن الرجل وهما مقيمان بمكة قال لا ولكن يطوف عن الرجل هو غايب قلت وكم قدر الغيبة قال عشرة أميال إذا عرفت هذا
فإنه يجوز للحاضر غير المتمكن من الطواف لعدم تمكنه من الطهارة بان يكون مريضا لا يستمسك الطهارة فإنه يطاف عنه ولو استمسك طيف به والمغمى عليه والكسير يطاف به و
يرمى عنه لما رواه حريز عن الصادق عليه السلام قال الكسير يحمل ويطاف به والمبطون يرمى عنه ويطوف عنه مسألة الأجير يملك الأجرة بالعقد فإذا حج فان فضل له شئ من الأجرة
عن نفقة الحج استحب له رده إلى المستأجر ليكون قصده بالحج القربة لا العوض وليس ذلك بلازم لما رواه مسمع عن الصادق عليه السلام قال قلت أعطيه الرجل دراهم ليحج بها عنى ففضل
منها شئ فلم يرده على قال هو له ولعله ضيق على نفسه ولان عقد الإجارة سبب لتملك الأجرة مع الاتيان بما وقع عليه الإجارة وقد وجد السبب فيوجد المسبب
ولو تصرف الأجرة عن النفقة لم يجب على المستأجر الاتمام بل يستحب لاشتماله على المساعدة للمؤمن واعانته على طاعته والانفاق على أفضل العبادات وليس واجبا عملا
بالأصل وأبو حنيفة منع من الإجارة فيكون الأجير نائبا محضا وما يدفع إليه من المال يكون رزقا لطريقه فلو مات أو أحصر أو ضل الطريق أو صد لم يلزمه الضمان لما أنفق
316

عليه لأنه انفاق بإذن صاحب المال فان ناب عنه آخر فإنه يحج من حين بلغ النايب الأول لأنه حصل قطع هذه المسافة بمال المنوب عنه فلم يكن عليه الانفاق دفعة أخرى
ويرد النايب ما فضل معه من المال ولا يسرف ولا يقتر على نفسه ولا يخشى ولا يدعو إلى طعامه ولا يتفضل أما لو أعطاه ألفا وقال حج بهذه كان له ان يتوسع فيها
وان فضل شئ فهو له ولو سلك النايب طريقا يمكنه سلوك أقرب منه كان الفاضل من النفقة من ماله (في ماله) وإن تعجل عجلة يمكنه تركها فكذلك وإن أقام بمكة أكثر
من مدة القصر بعد إمكان السفر للرجوع أنفق من ماله لأنه غير مأذون فيه فأما من لا يمكنه الخروج قبل ذلك فله النفقة لأنه مأذون فيه وله نفقة الرجوع
وإن مرض في الطريق فعاد فله نفقة رجوعه لأنه لا بد له منه حصل بغير تفريطه فأشبه ما لو قطع عليه الطريق أو صد وإن قال خفت أن أمرض فرجعت فعليه
الضمان لأنه مجرد وهم مسألة يشترط في الاستيجار على الحج العلم بالعوض كغيره فلو قال استأجرتك للحج بنفقتك لم يصح وبه قال الشافعي لفوات شرط صحة العقد
وهو العلم بمال الإجارة وقال أبو حنيفة يصح وليس بمعتمد وكذا البحث لو قال حج عنى بما شئت فإذا أفسدت الإجارة فان حج عنه وجب له أجرة المثل وصحة الحجة عن المستأجر
ولو قال أول من يحج عنى فله مئة صح جعالة وقال المزني الإجارة فاسدة وله أجرة المثل واحتج الشيخ (ره) بقوله المؤمنون عند شروطهم ولو قال حج عنى أو اعتمر استحق
المائة لأنه خيره بين الحج والعمرة بمائة قال الشيخ يكون صحيحا فمتى حج أو اعتمر بأجرة معينة وليس بمجهول ولا مانع يمنع منه وقال الشافعي تبطل الإجارة لجهالة العمل فان حج أو اعتمر استحق أجرة المثل والتحقيق أنه إن كان إجارة
فالوجه ما قاله الشافعي وإن كان جعالة فالوجه ما قاله الشيخ وكذا لو قال من حج عنى فله عبد أو دينار أو عشرة دراهم إن كان عقد إجارة بطل بجهالة العوض وإن
كان جعالة صح ويتخير المستأجر في دفع أيها شاء وقال الشافعي يبطل العقد وان حج استحق أجرة المثل مسألة لو استأجره اثنان ليحج عنهما حجة واحدة فأحرم عنهما قال
الشيخ (ره) لا يصح إحرامه عنهما ولا عن واحد منهما لان الحجة الواحدة لا تقع عن شخصين وليس أحدهما أولي بها من صاحبه ولا ينعقد عن نفسه لأنه لم ينو ها عنه بل
عنهما فانقلابها إليه يحتاج إلى دليل وعدم صحتها عنهما وعن واحد منهما بلا خلاف ولا يصح عندنا إحرامه عن نفسه ولا ينقلب إليه وقال الشافعي ينقلب الاحرام
إليه وليس بجيد لأنه لم يقصد الايقاع لنفسه فلا يقع عنها لقوله لا عمل إلا بنية وإنما لكل امرئ ما نوى والوجه ان يقال إن كانت الحجة مندوبة صح ان تقع عن واحد
وأكثر لأنها طاعة تصح النيابة فيها عن واحد فتصح عن أكثر ولما رواه علي بن أبي حمزة عن الكاظم عليه السلام قال سألته عن الرجل يشرك في حجه الأربعة والخمسة من مواليه فقالوا
إن كانوا صرورة جميعا فلهم أجر ولا يجزى عنهم عن حجة الاسلام ولا حجة للذي حج مسألة إذا أحرم الأجير عن نفسه وعمن استأجره قال الشيخ (ره) لا ينعقد الاحرام
عنهما ولا عن واحد منهما لان شرط الاحرام النية فإذا لم ينو عن نفسه بالاستقلال لم يصح عنه كما لا يصح عنه كما لا يصح عن المستأجر وقال الشافعي ينعقد عن نفسه ولا يصح عن غيره
لان الاحرام قد انعقد ولا يصح عن غيره فيقع عن نفسه كالصرورة وليس بجيد لان مجامعة غيره في النية إن كان مبطلا لم يتخصص الوقوع بالأجير ونمنع من انعقاد الاحرام ولو أحرم
عن المستأجر ثم نقل الحج إلى نفسه لم يصح فإذا أتم الحج استحق الأجرة لامتثال الشرط على اشكال وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني صحة النقل لقوله عليه السلام لما سمع ملبيا عن
شبرمة قال حج عن نفسك ثم عن شبرمة ولو استأجره ليحج عنه فاعتمر أو ليعتمر عنه فحج قاله الشيخ (ره) لا يقع عن المستأجر سواء كان حيا أو ميتا ولا يستحق شيئا من الأجرة على كل حال والوجه
انه يقع عن المستأجر لأنه نسك نوى به صرفه إلى غيره فيصرف إليه نعم لا يستحق شيئا من الأجرة لتبرعه بفعله والأجرة وقعت في مقابلة ما لم يفعله يرجع إلى المستأجر
مسألة لو أحصر الأجير تحلل بالهدى على ما تقدم ولا قضاء عليه إذ ليس في ذمته حج يأتي به ويبقى المستأجر على ما كان عليه فإن كان الحج واجبا عليه وجب عليه ان يستأجر
من يأتي به وإلا كان مستحبا ولو فاته الموقفان بتفريط منه لزمه التحلل بعمرة لنفسه ويعيد الأجرة إن كان الزمان معينا وان لم يكن بتفريط قال الشيخ يستحق أجرة المثل إلى
حين الفوات ولو قيل له من الأجرة بنسبة ما فعله من أفعال الحج ويستعاد الباقي كان وجها ولو أفسد الحج وجب عليه القضاء على ما تقدم ولو أفسد القضاء وجب عليه
أن يأتي بقضاء آخر كما يجب على المنوب لو فعل ذلك الفصل الثالث في أنواع الحج وما يتبعها وفيه مباحث الأول في الأنواع مسألة أنواع الحج ثلاثة
تمتع وقران وإفراد بلا خلاف بين العلماء وإن اختلفوا في تفسير بعضها ونحن نقول العمرة إن تقدمت على الحج كان تمتعا وإن تأخرت فان انضم إليه سياق هدى فهو
قران وإلا فإفراد لما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام قال سمعته يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع بالعمرة إلى الحج وبها أمر رسول الله صلى الله عليه وآله
والفضل فيها ولا نأمر الناس إلا بها وفى الصحيح ان منصور الصيقل عن الصادق عليه السلام قال الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد ساق الهدى وحاج مفرد للحج
مسألة صورة التمتع أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتع بها إلى الحج ثم يدخل مكة فيطوف سبعة أشواط بالبيت ويصلى ركعتيه بالمقام ثم يسعى بين الصفا والمروة
سبعة أشواط ثم يقصر وقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد لكونه في الحرم فان خرج منه جاز له الصد أيضا فإذا كان يوم التروية أحرم للحج ولا يتعين هذا اليوم بل يستحب
والواجب ما يعلم أنه يدرك الوقوف معه ثم يمضى إلى عرفات فيقف بها إلى الغروب من يوم عرفة ثم يفيض إلى المشعر فيقف به بعد طلوع فجر العيد ثم يفيض إلى منى فيحلق بها
يوم النحر ويذبح هديه ويرمى جمرة العقبة ثم يأتي مكة اليوم إن شاء وإلا فهي غده فيطوف طواف الحج ويصلى ركعتيه ويسعى سعى الحج ويطوف طواف النساء ويصلى ركعتيه
ثم يعود إلى منى فيرمى ما تخلف عنه من الجمار الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر وان شاء أقام بمنى حتى يرمى جمارة الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر ثم إن
اتقى جاز له ان ينفر بعد الزوال إلى مكة للطوافين والسعي وإلا أقام إلى الثالث وصورة الافراد أن يحرم من الميقات ومن حيث يصح له الاحرام منه بالحج
ثم يمضى إلى عرفات فيقف بها ثم يمضى إلى المشعر فيقف به ثم يأتي منى فيقضى مناسكه بها ثم يطوف بالبيت ويصلى ركعتيه ويسعى بين الصفا والمروة ويطوف طواف
النساء ويصلى ركعتيه ثم يأتي بعمرة مفردة بعد الحج والاحلال منه يأتي بها من أدنى الحل وصورة القران كالافراد إلا أنه يضيف إلى إحرامه سياق الهدى هذا مذهب
علماء أهل البيت عليهم السلام وقالت العامة أو تقع أن يهل بعمرة مفردة من الميقات في أشهر الحج فإذا فرغ منها أحرم بالحج من عامه والافراد أن يهل بالحج مفردا والقرآن أن يجمع
بينهما في الاحرام بهما أو يحرم بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف مسألة أجمع علماؤنا كافة على أن فرض من نأى عن مكة التمتع لا يجوز لهم غيره إلا مع
الضرورة وأما النوعان الآخران فهما فرض أهل مكة وحاضريها وعندنا انه لا يجوز لهم غير هذين النوعين وهو اختيار أكثر علمائنا لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال سألته عن الحج فقال تمتع ثم قال إنا إذا وقفنا بين يدي الله تعالى قلنا يا ربنا أخذنا بكتابك وقال الناس برأينا ورأينا ويفعل الله بنا وبهم ما أراد وأما أهل مكة
وحاضريها وهو من كان بينه وبين مكة دون ثمانية وأربعين ميلا فان فرضهم القران أو الافراد دون التمتع لما رواه الحلبي وسليمان بن خالد وأبو بصير في الصحيح عن
الصادق عليه السلام قال ليس لأهل مكة ولا لأهل مرو ولا لأهل سرف متعة وذلك لقول الله عز وجل ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وفى الصحيح عن زرارة
عن الباقر عليه السلام قال قلت له قول الله عز وجل في كتابه ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام قال يعنى أهل مكة ليس عليهم متعة كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين
317

ميلا ذات عرق وعسفان فما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية وكل من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة وأطبقت العامة على جواز الاحرام بأي الانساك الثلاثة
شاء لقول عايشة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحج وعمرة منا من أهل بحج ولا حجة فيه لاختلافهم في الفرض لا التخيير بين الأنواع مسألة قال علماؤنا
التمتع أفضل الأنواع وبه قال الحسن وابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعطا وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد والقاسم وسالم وعكرمة وهو أحد قولي الشافعي واحدى الروايتين
عن أحمد وهو قول أصحاب الحديث لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهو يدل على أنه فرضهم فلا يجزئهم غيره ولما رواه العامة عن ابن عباس وجابر وأبى
موسى وعايشة ان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه لما طافوا بالبيت ان يحلو أو يجعلوها عمرة فنقلهم من الافراد والقرآن إلى المتعة ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل ولم
يختلف عندهم الراوية عن النبي صلى الله عليه وآله انه لما قدم مكة أمر أصحابه ان يحلوا إلا من ساق هديا وثبت على إحرامه وقال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى
ولجعلتها عمرة قال جابر حججنا مع النبي صلى الله عليه وآله يوم ساق البدن معه وقد أهلوا بالحج مفردا فقال لهم حلوا من إحرامكم بطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم أقيموا
حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا الذي قدمتم بها متعة فقالوا كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج فقال افعلوا ما أمرتكم به ولولا انى سقت الهدى
لفعلت مثل الذي أمرتكم به وفى لفظ فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال قد علمتم انى أتقاكم عند الله وأصدقكم وأبركم ولولا هدى لحللت كما تحلون ولو استقبلت من أمرى ما
استدبرت ما أهديت فحللنا وسمعنا وأطعنا ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من سعيه
بين الصفا والمروة أتاه جبريل عليه السلام عند فراغه من السعي وهو على المروة فقال إن الله يأمرك أن تأمر الناس ان يحلو إلا من ساق الهدى فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله بوجهه فقال أيها الناس
هذا جبرئيل عليه السلام وأشار بيده إلى خلفه يأمرني عن الله أن أمر الناس أن يحلوا إلا من ساق الهدى فأمرهم بما أمر الله فقام إليه رجل فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله نخرج إلى منى ورؤسنا تقطر من النساء
وقال آخرون يأمرنا بشئ ويصنع هو غيره فقال يا أيها الناس لو استقبلت من أمرى ما استدبرت صنعت كما صنع الناس ولكني سقت الهدى ولا يحل من ساق الهدى حتى يبلغ
الهدى محله فقلم (فقصر) الناس وأحلوا وجعلوها عمرة فقام إليه سراقة بن مالك بن الخثعم المديحي فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأبد فقال لا للأبد إلى يوم القيمة
وشبك أصابعه وأنزل الله في ذلك قرآنا فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى وفى الصحيح عن أبي أيوب إبراهيم بن عيسى عن الصادق عليه السلام قال سألته أي الأنواع أفضل فقال
المتعة وكيف يكون شئ أفضل منها ورسول الله صلى الله عليه وآله يقول لو استقبلت من أمرى ما استدبرت فعلت كما فعل الناس ولان التمتع منصوص عليه في كتاب الله تعالى لقوله فمن
تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى دون ساير الانساك ولان المتمتع يجتمع له الحج والعمرة في أشهر الحج مع كمالهما وكمال أفعالهما على وجه اليسر والسهولة وذهب الثوري
وأصحاب الرأي إلى أن القران أفضل لما رواه أنس قال سمعت رسول الله أهل بهما جميعا يصرخ بهما صريخا يقول لبيك عمرة وحجا وقال احمد إن ساق الهدى فالقران
أفضل وإن لم يسقه فالتمتع أفضل لان النبي صلى الله عليه وآله قرن حين ساق الهدى ومنع كل من ساق الهدى من الحل حتى ينحر هديه وذهب مالك وأبو ثور إلى اختيار الافراد
وهو ظاهر مذهب الشافعي وروى ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعايشة لما روت عايشة إن النبي صلى الله عليه وآله أفرد بالحج ونمنع كون النبي صلى الله عليه وآله أفرد فإنه قد روى ابن عمر وجابر وعايشة من طرق
صحاح عندهم ان النبي صلى الله عليه وآله تمتع بالعمرة إلى الحج ولان روايتهم اختلفت فرووا مرة انه أفرد ومرة انه تمتع ومرة انه قرن مع وحدة القضية ولا يمكن الجمع بينها فيجب اطراحها كلها
مع أن عمر قال إني لأنهاكم عن المتعة وإنها لفى كتاب الله ولقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بالانتقال إلى المتعة عن الافراد والقرآن ولا يأمرهم إلا بالانتقال
إلى الأفضل ويستحيل ان ينقلهم من الأفضل إلى الأدنى وهو الداعي إلى الخير الدال عليه ثم أكد ذلك بتأسفه على فوات ذلك في حقه وانه لا يقدر على انتقاله وحله لسياقه الهدى
لا يقال قد نهى عنها عمر وعثمان ومعاوية لأنا نقول قد أنكر عليهم علماء الصحابة نهيهم عنها وخالفوهم في فعلها قالت الحنابلة والحق مع المنكرين عليهم دونهم لما
رواه العامة إن عليا عليه السلام اختلف هو وعثمان في المتعة بعسفان فقال على ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وآله تنهى عنه وقال على يا عثمان ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله تمتع قال بلى وعن ابن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وآله
في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وقال سعد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله وصنعناها معه فلا نقبل نهى عمر عنها خصوصا مع قول عمر والله إني لأنهاكم عنها وإنها لفى كتاب الله
وقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وآله فهل يحل تقليد من يخالف رسول الله صلى الله عليه وآله في ضد ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله قال صاحب المغنى من الحنابلة قيل لابن عباس إن فلانا ينهى عن المتعة
قال انظروا في كتاب الله فان رأيتموها فقد كذب على الله وعلى رسوله وان لم تجدوها فقد صدق فأي الفريقين أحق بالاتباع وأولى بالصواب الذين معهم كتاب الله وسنة
رسول الله أم الذين خالفوهما ثم قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله الذي قوله حجة على الخلق أجمعين فكيف يعارض بقول غيره قالوا قال سعيدة بن جبير عن ابن عباس قال تمتع النبي صلى الله عليه وآله فقال
عروة نهى أبو بكر وعمر عن المتعة فقال ابن عباس إذا هم سيهلكون أقول قال النبي صلى الله عليه وآله ويقول نهى عنها أبو بكر وعمر قالوا وسئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها فقالوا إنك تخالف
أباك فقال ابن عمر لم يقل الذي تقولون فلما أكثروا عليه قال أفكتاب الله أحق أن تتبعوا أم عمر مسألة قد بينا ان فرض أهل مكة وحاضريها القران أو الافراد فلو
عدلوا إلى التمتع فللشيخ قولان أحدهما الأجزاء ولا دم عليهم وبه قال الشافعية ومالك لان المتمتع آت بصورة الافراد وزيادة غيره نافية والثاني العدم وبه قال أبو حنيفة
رواه العامة عن ابن عمر أنه قال ليس لأهل مكة تمتع ولا قران ومن طريق الخاصة ما رواه علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه الكاظم عليه السلام قال لا يصلح لأهل مكة ان يتمتعوا
لقول الله عز وجل ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهذا الأخير هو المعتمد ونمنع إتيانه بصورة الافراد لأنه أخل بالاحرام من ميقاته وأوقع مكانه العمرة
مع أنه غير مأمور بها فلا يكون ما أتاه مجزيا وقول الشافعي انه قوله تعالى ذلك راجع إلى الهدى ممنوع لعدم
التخصيص ولمعارضة الروايات المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام
مسألة اختلف علماؤنا في حد حاضري المس جد الحرام فقال الشيخ في بعض كتبه من كان بين منزله وبين المسجد الحرام إثنا عشر ميلا من كل جانب ونحوه قال ابن عباس لأنه قال حاضري
أهل الحرم خاصة وبه قال مجاهد والثوري وقال الشيخ في بعض كتبه حد حاضري المسجد الحرام من كان من أهل مكة أو يكون بينه وبينها ثمانية وأربعون ميلا من كل جانب وبه
قال الشافعي واحمد لأنه مسافة القصر ولان ما دون مسافة القصر يكون قريبا من المسجد الحرام لأنه بمنزلة الحاضر وقد سلف في حديث الباقر عليه السلام التحديد بثمانية وأربعين ميلا
لما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام في حاضري المسجد الحرام قال ما دون المواقيت إلى مكة فهو من حاضري المسجد الحرام وليس لهم متعة ومعلوم ان هذه المواضع أكثر من اثني
عشر ميلا وقال أبو حنيفة حاضروا المسجد الحرام أهل المواقيت والحرم وما بينهما وقال مالك هم أهل مكة وذي طوى وروى عنهم إنهم أهل الحرم ومسافة القصر تعتبر من نفس مكة
أو الحرم للشافعية وجهان مسألة قد بينا ان القارن هو الذي يسوق عند إحرامه بالحج هديا عند علمائنا أجمع إلا ابن أبي عقيل فإنه جعله عبارة عمن قرن بين الحج والعمرة
في إحرام واحد وهو مذهب العامة بأسرهم لنا ما رواه العامة عن أبي سنح (مسيح) قال كنت في ملاء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله عند معاوية بن أبي سفيان فناشدهم معاوية لله
في أشياء وكلما قالوا نعم يقول وإنا أشهد ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن جمع بين حج وعمرة قالوا أما هذه فلا فقال أما إنها معهن يعنى مع المنهيات
318

ولكنك نسيتهم ومن طريق الخاصة ما رواه معوية بن وهب في الصحيح عن الصادق عليه السلام إنه قال في القارن لا يكون قران إلا بسياق الهدى الحديث احتجوا بما رواه ابن عباس عن
عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول آتاني آت من ربى فقال صل في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل لبيك بعمرة في حجة ولقوله عليه السلام أهلوا يا آل محمد بعمرة في حج ونحن نقول بموجبه فان
عمرة التمتع داخلة في الحج قال الصادق عليه السلم دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيمة إلى غير ذلك من الأحاديث مسألة لا يجوز إدخال الحج على العمرة ولا بالعكس مثل ان يكون محرما
بعمرة مفردة فيحرم بالحج قبل قضاء مناسكها أو يحرم بالحج ثم يدخل عليه العمرة ولأنها عبادة شرعية فنقف على مورد النقل وأطبق العامة على الأول واختلفوا في إدخال
العمرة على الحج بعد عقد نية الافراد فجوز ه أبو حنيفة وللشافعي قولان إذا عرفت هذا فلو كان محرما بعمرة التمتع فمنعه مانع من مرض أو حيض عن إتمامها جاز
نقلها إلى الافراد إجماعا كما فعلت عايشة وكذا من كان محرما بحج مفرد فدخل مكة جاز ان ينقل إحرامه إلى التمتع لقوله عليه السلام من لم يسق الهدى فليحل وليجعلها عمرة
مسألة لا يجوز القران بين الحج والعمرة في إحرامه بنية واحدة على ما بيناه قال الشيخ في الخلاف لو فعل لم ينعقد إحرامه إلا بالحج فان أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم وإن أراد
أن يأتي بأفعال العمرة ويجعلها متعة جاز ذلك ولزمه الدم وقال الشافعي ومالك والأوزاعي إذا أتى بأفعال الحج لزمه دم وقال الشعبي وطاوس وداود لا يلزمه شئ
لنا أصالة عدم وجوب الدم فلا يثبت منافيه إلا بدليل وأما إذا نوى التمتع فلزوم الدم ثابت بالاجماع والمتمتع إذا أحرم من مكة لزمه الدم ولو أحرم من الميقات لم يسقط
الدم وقالت العامة يسقط الدم لنا إن الدم استقر بإحرام الحج فلا يسقط بعد استقراره وكذا لو أحرم المتمتع من مكة ومضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات وقال الشيخ يسقط
إذا عرفت هذا فلا يجوز نية حجتين ولا عمرتين ولو فعل قيل ينعقد أحدهما ويلغو الأخرى وبه قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة ينعقد بهما وعليه قضاء إحديهما لأنه
أحرم بهما ولم يتمهما وليس بجيد لأنهما عبادتان لا يلزمه المضي فيهما فلا يصح الاحرام بهما كالصلاتين وعلى هذا لو أفسد حجه أو عمرته لا يلزمه إلا قضاؤها إن قلنا بانعقاد
إحديهما وعند أبي حنيفة يلزمه قضاؤهما معا بناء على صحة إحرامه بهما مسألة المكي إذا خرج من مكة ثم عاد وحج على ميقات أحرم منه وجاز له التمتع لما رواه العامة عن ابن عباس قال وقت
رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام مهيعة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم ولكل آت من غيرهم ممن أراد الحج والعمرة ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه السلام
من دخل المدينة فليس له أن يحرم إلا من المدينة وأما جواز التمتع فلانه إذا خرج عن مكة إلى مصر من الأمصار ومر على ميقات من المواقيت (صار ميقاتا له ولحقه
أحكام ذلك الميقات ولما رواه الكاظم عليه السلام عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم رجع في بعض المواقيت) التي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله
هل له ان يتمتع قال ما أزعم ان ذلك ليس له والاهلال بالحج أحب إلي ورأيت من سأل أبا جعفر عليه السلام قال نويت الحج من المدينة كيف اصنع قال تمتع قال إني مقيم بمكة وأهلي فيها
فيقول تمتع في حديث طويل مسألة ومن كان من أهل الأمصار فجاور بمكة ثم أراد حجة الاسلام خرج إلى ميقات أهله فأحرم منه فان تعذر خرج إلى أدنى الحل ولو تعذر
أحرم من مكة هذا إذا لم يجاور مدة سنتين فان مضى عليه سنتان وهو مقيم بمكة صار من أهل مكة وحاضريها ليس له أن يتمتع وبه قال الشيخ في كتابي الاخبار وقال في النهاية لا ينتقل
فرضه عن التمتع حتى يقيم ثلاث سنين وقد روى زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له فقلت لأبي جعفر أرأيت إن كان له أهل
بالعراق وأهل بمكة قال فلينظر أيهما الغالب عليه فهو من أهله إذا عرفت هذا فذو المنزلين بمكة ونائي يعتبر في حقه أغلبهما إقامة فيحرم بفرض أهله فان تساويا
تخير في التمتع وغيره إذا عرفت هذا فلو لم تمض هذه المدة ففرضه التمتع يخرج إلى الميقات فيحرم منه مع المكنة ولا من حيث أمكن لأنه لا ينتقل فرضه عن فرض إقليمه فليزمه
الاحرام من ميقاتهم أما لو تعذر فإنه يخرج إلى خارج الحرم فيحرم منه للضرورة ولان ميقاته قد تعذر عليه فيسقط اعتباره كما لو تعذر عليه التمتع وذلك كقضية عايشة فلو
كان الاحرام من مكة جايزا لما كلفها النبي صلى الله عليه وآله تحمل المشقة وروى الحلبي عن الصادق عليه السلام قال قلت رجل ترك الاحرام حتى دخل مكة قال يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم وان خشى ان يفوته
الحج فليحرم من مكانه فان استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج وقال الشافعي يجوز أن يحرم من مكة مع المكنة من الخروج إلى الميقات لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بالاحرام
من مكة للتمتع وليس حجة لجواز أمرهم بإحرام الحج لا بإحرام العمرة فان (وان) ذلك كان للضرورة البحث الثاني في وقت أداء النسكين مسألة أشهر الحج شوال
وذو القعدة وذو الحجة عند أكثر علمائنا وبه قال مالك وهو مروى عن ابن عباس وعمر وابن عمر لقوله تعالى الحج أشهر معلومات وأقل الجمع ثلاثة وما رواه زرارة عن الباقر عليه السلام
قال الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة وليس لاحد أن يحرم بالحج من (في) سواهن وليس لاحد أن يحرم قبل الوقت الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله وإنما مثل ذلك مثل
من صلى أربعا في السفر وترك الثنتين ولأنه يصح أن يقع في باقي ذي الحجة شئ من أفعال الحج كالطواف والسعي وذبح الهدى وقال بعض علمائنا هي شوال وذو القعدة والى
قبل الفجر من عاشر ذي الحجة لقوله تعالى الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج ولا يمكنه فرضه بعد
طلوع الفجر من يوم النحر ولقوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال
وهو سايغ يوم النحر لأنه يمكنه التحلل في أوله ولا حجة فيه لان المراد فمن فرض في أكثرهن وبه يتم المطلق وقال بعض علمائنا هي شوال وذو القعدة وإلى طلوع الفجر من ليلة النحر وبه قال
الشافعي وقال بعضهم وتسعة من ذي الحجة وقال أبو حنيفة وأصحابه إلى اخر العاشر من ذي الحجة وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن الزبير وعطا ومجاهد والحسن والشعبي والنخعي و
قتادة والثوري واحمد لقول ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير شهران وعشر ليال وإذا اطلق ذلك اقتضى تعدده من الأيام ولان يوم النحر يدخل به وقت ركن
من أركان الحج وهو طواف الزيارة ويقع فيه كثير من أفعال الحج كالرمي والنحر والحلق والطواف والسعي والرجوع إلى منى فكان من أشهره كيوم عرفة واعلم أنه لا فايدة
كثيرة في هذا النزاع للاجماع على أنه لو فاته الموقفان فقد فاته الحج وانه يصح كثير من أفعال الحج يوم العاشر وما بعده مسألة لو أحرم بالحج قبل أشهره لم ينعقد إحرامه
للحج وينعقد للعمرة وبه قال عطا وطاوس ومجاهد والشافعي لقوله تعالى الحج أشهر معلومات تقديره وقت اللج أشهر أو وقت الحج في أشهر فحذف المضاف وأقيم المضاف
إليه مقامه وإذا ثبت انه وقته لم يجز تقديم إحرامه عليه كأوقات الصلوات ولقول الصادق عليه السلام من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له وأما انعقاده للعمرة فلقول الصادق عليه السلام
في رجل فرض الحج من غير أشهر الحج قال يجعلها عمرة وقال مالك والثوري والنخعي وأبو حنيفة واحمد وإسحاق ينعقد إحرامه وإذا بقى على إحرامه إلى وقت الحج جاز لقوله تعالى
يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فدل على أن جميع الأشهر ميقات ولا حجة فيه لان الأزمنة أوقات للحوادث التي من جملتها الحج مسألة لا ينعقد
بالعمرة المتمتع بها قبل أشهر الحج فان أحرم بها في غيرها انعقد للعمرة المبتولة وهو أحد قولي الشافعي واحمد لان الاحرام بالعمرة نسك وركن من أركانها فيعتبر وقوعه في أشهر
الحج كما يعتبر وقوع باقيها ولان المتمتع بها داخلة في الحج لقوله عليه السلام دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه والحج لا يصح إحرامه قبل أشهره فكذا ما دخل فيه ولقول
الصادق عليه السلام لا تكون عمرة إلا في أشهر الحج ولأنه أتى بنسك لا تتم العمرة إلا به في غير أشهر الحج فلا يكون متمتعا كما لو طاف وقال الشافعي في ثاني قوليه إنه إذا أحرم بالعمرة
في رمضان وأتى بالطواف والسعي والحلق في شوال وحج من سنة فإنه يكون متمتعا وقال مالك إذا أحرم بها في غير أشهر الحج ولم يتحلل من إحرام العمرة حتى دخلت أشهر الحج
صار متمتعا وقال أبو حنيفة إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحج صار متمتعا إذا دخلت عليه أشهر الحج وكل هذه الأقوال لا حجة عليها (فيها) فلا يلتفت إليها مسألة
319

العمرة المبتولة تجوز في جميع أيام السنة بغير خلاف بين علماء الأمصار لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال عمرة في رمضان تعدل حجة واعتمر (ع) في شوال وفى
ذي القعدة واعتمرت عايشة من التنعيم ليلة المحصبة وهي الليلة التي يرجعون فيها من منى إلى مكة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام السنة إثنا عشر هلالا
يعتمر لكل شهر عمرة ولأنها عبادة لها تحريم وتحليل وكان من جنسها عبادة غير موقتة كالصلاة مسألة المتمتع إذا دخل مكة وخاف فوات الوقت لو أكملها جاز
له ان ينقل بنيته إلى الافراد ليدرك أحد الموقفين ثم يعتمر عمرة مفردة بعد إتمام الحج وكذا الحايض والنفساء لو منعهما عذرهما من التحلل وانشاء إحرام الحج نقلتا حجتهما
إلى الافراد واعتمرتا بعده لان التكليف منوط بالقدرة ولما رواه جميل (بن دراج) عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المرأة الحايض إذا قدمت مكة يوم التروية قال تمضى كما هي إلى عرفات فتجعلها
حجة مفردة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم وتجعلها عمرة إذا عرفت هذا فلو غلب على ظنها انها تطهر وتدرك الوقوف (الموقف) صبرت على إحرام المتعة إلى أن تطهر
ثم تطوف وتتم متعتها لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث قبل ان تطوف بالبيت فيكون طهرها ليلة عرفة فقال إن كانت تعلم أنها تطهر وتطوف بالبيت
وتحل من احرامها وتلحق بالناس فلتفعل البحث الثالث في المواقيت والنظر في أمرين الأول تعينها مسألة المواقيت ستة وقد أجمع العلماء
كافة على أن رسول الله صلى الله عليه وآله نص على أربعة مواقيت وهي ذو الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وروى العامة عن ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وآله ذا الحليفة
لأهل المدينة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم قال فهي لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن فمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذلك
أهل مكة يهلون منها ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله لا تجاوزها إلا وأنت محرم فإنه وقت
لأهل العراق ولم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق ووقت لأهل اليمن يلملم ووقت لأهل الطايف قرن المنازل ووقت لأهل المغرب الجحفة وهي
مهيعة ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله وأما ميقات أهل العراق فقد اتفقوا على أنه لو أحرم من ذات عرق
أحرم من الميقات وكان أنس يحرم من العقيق واستحسنه الشافعي وابن المنذر وابن عبد البر واختلفوا في ثبوته قال العلماء انه يثبت بالنص من النبي صلى الله عليه وآله وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام
وبه قال احمد وأصحاب أبي حنيفة لما رواه العامة عن ابن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل العراق ذات عرق ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وقد سأله أبو
أيوب الخزاز في الصحيح حدثني عن العقيق أ وقت (وقته) رسول الله صلى الله عليه وآله أو شئ صنعه الناس فقال عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ووقت لأهل المغرب الجحفة وهي
عندنا مكتوبة مهيعة ووقت لأهل اليمن يلملم ووقت لأهل الطايف قرن المنازل ووقت لأهل نجد العقيق وما أنجدت وقال قوم انه ثبت قياسا لان أهل العراق
كانوا مشركين ولا حجة فيه لعلمه عليه السلام بأنهم مسلمون أو يمر على هذا الميقات مسلمون مسألة من كان منزله دون الميقات فميقاته منزله باجماع العلماء خلافا لمجاهد
فإنه قال يهل بمكة وهو خطأ لما رواه العامة عن علي عليه السلام وابن مسعود وعمر في قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله قالوا إتمامها ان تحرم بهما من دويرة أهلك وعن النبي صلى الله عليه وآله
فهي (في) قوله فمن كان دونهن فمهله من أهله ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ومن كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله مسألة ميقات أهل
المدينة ذو الحليفة وهو مسجد الشجرة اختيارا وهو على عشرة مراحل من مكة وعن المدينة ميل وعند الضرورة الجحفة روى العامة عن جابر ان النبي صلى الله عليه وآله يقول
مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر من الجحفة ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله
لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها وقت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة الحديث وفى الصحيح عن الحلبي قال سألته من أين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة
فقال من الجحفة إلا محرما وكان الصادق عليه السلام عليلا فأحرم من الجحفة مسألة العقيق ميقات أهل العراق
وكل جهاته ميقات من أين أحرم
جاز لكن الأفضل الاحرام من المسلخ وتليه عمرة وآخره ذات عرق روى العامة عن ابن عباس ان رسول الله وقت لأهل المشرق العقيق قال ابن عبد البر العقيق أولي وأحوط
من ذات عرق وذات عرق ميقاتهم بالاجماع ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام قال وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل العراق العقيق أوله المسلخ ووسطه غمرة وآخره ذات
عرق وأوله أفضل واعلم أن أبعد المواقيت ذو الحليفة على عشرة مراحل من مكة وتليه في البعد الجحفة والمواقيت الثلاثة على مسافة واحدة بينهما وبين مكة ليلتان قاصدتان مسألة
المواقيت المذكورة مواقيت لأهلها ولمن مر بها ممن يريد الحج أو العمرة فإذا حج الشامي من المدينة فجاز على ذي الحليفة أحرم منها وإن حج من اليمن فميقاته يلملم وإن حج من العراق
فميقاته العقيق وكذا غيرها ولا نعلم فيه خلافا لما روى العامة ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن طريق الخاصة قول الكاظم عليه السلام
من دخل المدينة فليس له ان يحرم إلا من المدينة ولان التكليف بالمضي إلى ميقات بلدة ضرر فيكون منفيا مسألة الصبى ميقاته هذه المواقيت ويجوز ان يجرد من فخ
وان يؤخر إحرامهم إليه لما رواه معاوية بن عمار قال سمعت الصادق عليه السلام يقول قدموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مرو ثم يصنع بهم ما يصنع بالمحرم ويطاف بهم
ويسعى بهم ومن لم يجد منهم هديا صام عنه وليه وسأل أبو أيوب الصادق عليه السلام عن الصبيان أين تجردهم للاحرام فقال كان أبى يجردهم من فخ مسألة ميقات عمرة التمتع هذه المواقيت
وميقات حجة مكة لا غير فان أحرم من غير مكة اختيارا لم يجزئه وكان عليه العود إلى مكة لانشاء الاحرام ذهب إليه علماؤنا وقال احمد يخرج إلى الميقات فيحرم منه للحج وليس بصحيح
لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله دخل على عايشة وهي تبكى قال لها أهلي بالحج وكانت بمكة وأمر أصحابه بالاحرام من مكة لما فسخوا الحج ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام
إذا كان يوم التروية إلى أن قال وادخل المسجد إلى أن قال فأحرم بالحج إذا عرفت هذا فلو أحرم من غير مكة لم يجزئه وكان عليه العود إلى مكة لانشاء الاحرام لان النبي صلى الله عليه وآله
أمر أصحابه بالاحرام من مكة وقال الشافعي يجوز ان يخرج إلى إحدى المواقيت فيحرم بالحج منه ويجوز أن يحرم من أي موضع كان من مكة لأنها كلها ميقات لكن الأفضل الاحرام
من المسجد وأفضله تحت الميزاب وفى مقام إبراهيم عليه السلام ولو خرج من مكة بغير إحرام ناسيا أو جاهلا رجع إليها وأحرم منها فان عرض له مانع أحرم من موضعه ولو بعرفات وكذا
في الخايف من الرجوع مسألة هذه المواقيت المذكورة مواقيت للحج على ضروبه وللعمرة المفردة إجماعا إذا قدم مكة حاجا أو معتمرا أما المفرد والقارن إذا قضيا مناسك
الحج وأرادا الاعتمار أو غيرهما ممن يريد الاعتمار فإنه يلزمه ان يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بالعمرة المفردة ثم يعود إلى مكة للطواف والسعي لان النبي صلى الله عليه وآله لما أرادت عايشة ان
تعتمر بعد التحلل من الحج أمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم وهو من الحل ولو خرج إلى أحد المواقيت فأحرم منه جاز لكن خفف منه بالاحرام من أدنى الحل وينبغي ان
يحرم من الجعرانة فان النبي صلى الله عليه وآله اعتمر منها فان فاتته فمن التنعيم لان النبي صلى الله عليه وآله أمر عايشة بالاحرام منها فان فاته فمن الحديبية لان النبي صلى الله عليه وآله لما قفل من خيبر أحرم من الجعرانة النظر
الثاني في أحكام المواقيت مسألة لا يجوز الاحرام قبل الميقات عند علمائنا إلا لنادر على خلاف ولمريد العمرة في رجب إذا خاف فواته وأطبق العامة على جوازه
واختلفوا في الأفضل فقال مالك الأفضل الاحرام من الميقات ويكره قبله وبه قال عمر وعثمان والحسن وعطا ومالك واحمد وإسحاق وقال أبو حنيفة الأفضل الاحرام من بلده
320

وعن الشافعي كالمذهبين وكان علقمة والأسود و عبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم لنا ما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله أحرم من الميقات ولا يفعل إلا
الراجح وقال عليه السلام خذوا عني مناسككم فوجب اتباعه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من أحرم بالحج في غير أشهر الحج فلا حج له ومن أحرم دون الميقات فلا إحرام له ولأنه أحرم قبل الميقات
وكان حراما كالاحرام قبل أشهر الحج ولما فيه من التعزير بالاحرام والتعرض لفعل محظوراته وفيه مشقة على النفس فمنع كالوصال في الصوم احتجوا بما رواه العامة عن أم
سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفى الطريق ضعف عند العامة مسألة
سوغ أكثر أصحابنا الاحرام قبل المواقيت في الموضعين - آ - إذا نذر ان يحرم قبل الميقات لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل جعل لله عليه شكرا أن يحرم من الكوفة
قال فليحرم من الكوفة وليف لله بما قال - ب - من يريد الاحرام بالعمرة المفردة في رجب فإنه إذا خشى تقضيه قبل الوصول إلى الميقات جاز له أن يحرم قبل الميقات ليدرك التلبس بالعمرة
في رجب لما رواه إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام عن الرجل يجئ معتمرا عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق يحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخر الاحرام إلى العقيق
ويجعلها لشعبان قال يحرم قبل الوقت لرجب فضلا وهو الذي نوى مسألة وكما لا يجوز الاحرام قبل الميقات كذا لا يجوز مجاوزته بغير إحرام لمن يريد النسك
فان جاوزه فعليه أن يرجع ليحرم منه إن أمكنه سواء تجاوزه عالما أو جاهلا وسواء علم تحريم ذلك أو جهله فان رجع إليه فأحرم منه فلا شئ عليه ولا نعلم فيه خلافا لان فايدة
توقيت رسول الله صلى الله عليه وآله لهذه المواقيت الالزام بالمناسك منها ولا يتأخر ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال من تمام الحج والعمرة ان تحرم من
المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله ولا تجاوزها إلا وأنت محرم مسألة لو أحرم غير الناذر وغير مريد الاعتمار في رجب قبل الميقات لم ينعقد إحرامه ولم يعتد به
ولو فعل ما هو محظور على المحرم لم يكن عليه شئ فإذا بلغ الميقات وجب عليه تجديد الاحرام عن رأس لان ما فعله كان منهيا عنه فلا يكون مجزيا ولان الباقر عليه السلام
شبه ذلك بمن صلى في السفر أربعا والصادق عليه السلام شبهه بمن صلى الظهر والعصر ستا والمعنى واحد وهو الزيادة في الفريضة كزيادة المحرم قبل الميقات على المقدار المعتبر في نظر
الشرع وقال الباقر عليه السلام من أحرم من دون الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله فأصاب شيئا من النساء والصيد فلا شئ عليه وأطبق الجمهور كافة على صحة هذا الاحرام مسألة لو ترك
الاحرام من الميقات عامدا مع إرادة النسك وجب عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه مع المكنة ولا نعلم في ذلك خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله جعل المواقيت مواطن الاحرام ومنع من الجواز
بها إلا لمحرم إذا كان مريدا للنسك ولما روى العامة ان أبا الشعثا جابر بن يزيد (زيد) رأى ابن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح
عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم فقال يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم وان خشى أن يفوته الحج فليحرم من مكانه فان
استطاع ان يخرج من الحرم فليخرج إذا عرفت هذا فلو لم يتمكن من الرجوع إلى الميقات وكان قد ترك الاحرام من الميقات عامدا متمكنا منه مع إرادة النسك
بطل حجه وبه قال سعيد بن جبير لأنه ترك الاحرام من الميقات عامدا متمكنا فبطل حجه كما لو ترك الوقوف
بعرفة وقالت العامة يجبر به بدم ويحرم
من موضعه لما رواه ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وآله قال من ترك نسكا فعليه دم ونحن انما نثبت العموم لو قلنا بصحة الحج وهو ممنوع ولو أحرم من موضعه مع تركه عامدا
قادرا لم يجزئه على ما بيناه ولو عاد إلى الميقات فكذلك ما لم يجدد الاحرام لان الأول لم ينعقد فجرى مجرى الاخلال بالاحرام ولا فرق في بطلان الحج بين ان يكون عدم التمكن
من الرجوع لمرض أو خوف أو ضيق الوقت مسألة لو ترك الاحرام عامدا فقد قلنا بوجوب الرجوع فان رجع إلى الميقات فأحرم منه فلا دم عليه سواء رجع بعد التلبس
بشئ من أفعال الحج كطواف القدوم مثلا أو الوقوف أو لم يتلبس وبه قال عطا والحسن والنخعي لان إحرامه من موضعه لا اعتداد به وكذا ما فعله ومع الرجوع إلى الميقات يصح إحرامه والأصل براءة الذمة من الدم ولأنه رجع إلى الميقات و
أحرمه منه فلا شئ عليه كما لو لم يفعل شيئا من مناسك الحج وقال الشافعي ان رجع قبل التلبس فلا شئ عليه وان رجع بعد التلبس وجب عليه دم لأنه أحرم من دون الميقات فوجب الدم لكن برجوعه سقط لأنه حصل في
الميقات محرما قبل التلبس بشئ من أفعال العبادة فلا يجب عليه الدم كما لو أحرم منه أما إذا عاد بعد فعل شئ من أفعال الحج فقد عاد في غير وقت إحرامه لان الاحرام يتقدم أفعال الحج وقد بينا ان فعله لا اعتداد به فلا فرق بينهما
وقال أبو حنيفة ان رجع إلى الميقات سقط عنه الدم وان لم يلب لم يسقط وقال مالك يجب الدم مطلقا وبه قال احمد وزفر وابن المبارك لقول ابن عباس من ترك نسكا فعليه
دم ونمنع كون قوله حجة أو العموم إذا عرفت هذا فلو لم يرجع مع قدرته بطل إحرامه وحجه وقال الشافعي ان لم يتمكن من الرجوع جاز أن يحرم من مكانه ويجب الدم
وان لم يكن له عذر وجب الرجوع فإن لم يرجع أثم ووجب الدم وصح إحرامه وقد بينا بطلانه مسألة لو تجاوز الميقات ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ثم تجدد له عزم
وجب عليه الرجوع إلى الميقات وانشاء الاحرام منه مع القدرة ولا يكفيه المرور بالميقات فإن لم يتمكن أحرم من موضعه ولو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع
لم يجزه وقد وافقنا العامة على وجوب الرجوع (إلى الميقات للناسي والجاهل أما غير مريد النسك فقد وافقنا احمد في إحدى الروايتين على وجوب الرجوع) لأنه متمكن من الاتيان بالنسك على الوجه المأمور به فيكون واجبا عليه ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال
سألته عن رجل نسى ان يحرم حتى دخل الحرم وقال عليه ان يخرج إلى ميقات أهل أرضه فان خشى ان يفوته الحج أحرم من مكانه وان استطاع ان يخرج عن الحرم فليخرج ثم يحرم وسأل أبو الصباح الكناني الصادق عليه السلام عن
رجل جهل ان يحرم حتى دخل الحرم كيف يصنع قال يخرج من الحرم يهل بالحج وقال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد يحرم من موضعه لأنه حصل دون الميقات على
وجه مباح فكان له الاحرام منه كأهل ذلك المكان والفرق ظاهر لقوله عليه السلام ومن كان منزله دون الميقات فمهله من أهله إذا عرفت هذا إذا عرفت هذا فلو لم
يتمكن من الرجوع إلى الميقات وتمكن من الخروج إلى خارج الحرم وجب عليه لما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل مر على الوقت الذي
يحرم منه الناسي فنسى أو جهل فلم يحرم حتى أتى مكة فخاف ان يرجع إلى الوقت فيفوته الحج قال يخرج من الحرم فيحرم منه ويجزئه ذلك ولأنه بخروجه إلى خارج الحرم يكون جامعا
بين الحل والحرم بخلاف ما لو أحرم من موضعه مع المكنة من الخروج ولو لم يتمكن من الخروج أحرم من موضعه وأجزأه إجماعا ولا يجب عليه دم خلافا للشافعي ولو أسلم بعد مجاوزة الميقات وجب
عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه مع المكنة وان لم يتمكن أحرم من موضعه ولا دم عليه وبه قال عطا ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي لأنه أحرم
من الموضع الذي وجب عليه الاحرام منه فأشبه المكي ومن كان منزله دون الميقات وقال الشافعي يجب الدم وعن أحمد روايتان والصبي والعبد إذا تجاوز الميقات من غير
إحرام ثم بلغ أو تحرر وتمكنا من الحج وجب عليهما الرجوع إلى الميقات والاحرام وان لم يتمكنا أحرما من موضعهما ولا دم عليهما خلافا للشافعي ولو منعه مرض من الاحرام عند الميقات
قال الشيخ (ره) جاز له ان يؤخره عن الميقات فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي انتهى إليه والظاهر أن مقصوده تأخير نزع الثياب وكشف الرأس وشبهه فأما النية والتلبية مع
القدرة عليهما فلا يجوز له ذلك إذ لا مانع منه ولو زال عقله بإغماء وشبهه سقط عنه الحج فلو أحرم عنه رجل جاز لما رواه بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام في مريض أغمي
عليه فلم يعقل حتى أتى الموقف قال يحرم عنه رجل إذا عرفت هذا فان الاحرام يجزى عنه بمعنى لو أفاق كان محرما ويجب عليه إتمام الحج فان زال قبل الموقفين
أجزأه عن حجة الاسلام وإن زال بعده لم يجزئه عن حجة الاسلام مسألة المواقيت التي يجب الاحرام منها هي التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله فلو كان الميقات قرية
321

فخربت نقلت عمارتها إلى موضع آخر كان الميقات موضع الأولى وان انتقل الاسم إلى الثانية لان الحكم تعلق بذلك الموضع فلا يزول عنه بخرابه وقد روى أن سعيد بن جبير
رأى رجلا يريد ان يحرم من ذات عرق فأخذ بيده حتى أخرجه من البيوت وقطع به الوادي وأتى به المقابر ثم قال هذه ذات عرق الأولى مسألة لو سلك طريقا لا
يؤدى إلى شئ من المواقيت روى العامة عن عمر لما قالوا له وقت لأهل المشرق قال ما حيال طريقهم قالوا قرن المنازل قال قيسوا عليه فقال قوم بطن العقيق وقال قوم
آخرون ذات عرق فوقت عمر ذات عرق ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له ان
يخرج من غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها ولو لم يعرف محاذاة الميقات المقارب لطريقة احتاط وأحرم من بعد بحيث يتيقن انه لم
يجاوز الميقات إلا محرما ولا يلزمه الاحرام حتى يعلم أنه قد حاذاه أو يغلب على ظنه ذلك لان الأصل عدم الوجوب فلا يجب بالشك ولو أحرم بغلبته الظن بالمحاذات ثم علم أنه
قد جاوز ما يحاذيه من الميقات غير محرم الأقرب عدم الوجوب الرجوع لأنه فعل ما كلف به من اتباع الظن فكان مجزيا ولو مر على طريق لم يحاذ ميقاتا ولا جازيه
قال بعض الجمهور يحرم مرحلتين فإنه أقل المواقيت وهو ذات عرق ويحتمل انه يحرم من أدنى الحل مسألة أهل مكة يحرمون للحج من مكة وللعمرة من أدنى الحل سواء كان
مقيما بمكة أو غير مقيم لان كل من أتى على ميقات كان ميقاتا له ولا نعلم في ذلك خلافا ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وآله عبد الرحمن بن أبي بكر ان يعمر عايشة من التنعيم وكانت بمكة وإنما لزم
الاحرام من الحل ليجمع في النسك بين الحل والحرم فإنه لو أحرم من الحرم لما جمع بينهما فيه لان أفعال العمرة كلها في الحرم بخلاف الحج فإنه يفتقر إلى الخروج إلى عرفه فيجتمع له الحل والحرم
والعمرة بخلاف ذلك ومن أي الحل أحرم جاز كما أن المحرم من مكة يحرم من أي موضع شاء منها لان المقصود من الاحرام الجمع في النسك بين الحل والحرم وعن أحمد رواية ان
من اعتمر في أشهر الحج من أهل مكة انه يهل بالحج من الميقات فإن لم يفعل فعليه دم وان أحرم بالعمرة من الحرم لم يجزئه خلافا للعامة فإنهم جوزوه وأوجبوا عليه الدم لتركة
الاحرام من الميقات ثم إن خرج إلى الحل قبل الطواف ثم عاد أجزأه لأنه قد جمع بين الحل والحرم وان لم يخرج حتى قضى عمرته صح أيضا عندهم لأنه قد أتى بأركانها وإنما أخل بالاحرام من
ميقاتها وقد جبره وهذا قول أبي ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي واحد قولي الشافعي والقول الثاني لا تصح عمرته لأنه نسك فكان من شرطه الجمع بين الحل والحرم كالحج
فعلى هذا وجود هذا الطواف كعدمه وهو باق على إحرامه حتى يخرج إلى الحل ثم يطوف بعدد ذلك ويسعى وان حلق قبل ذلك فعليه دم مسألة من لا يريد النسك لو تجاوز
الميقات فإن لم يرد دخول الحرم بل أراد حاجة فيما سواه فهذا لا يلزمه الاحرام إجماعا ولا شئ عليه في ترك الاحرام لان النبي صلى الله عليه وآله أتى هو وأصحابه بدرا مرتين وكانوا يسافرون
للجهاد وغيره فيمرون بذى الحليفة فلا يحرمون ولا يرون بذلك بأسا ثم لو تجدد له عزم الاحرام احتمل الرجوع إلى الميقات والاحرام منه وهو قول إسحاق واحدى
الروايتين عن أحمد وفى الأخرى يحرم من موضعه ولا شئ عليه وبه قال مالك والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأما إن أراد دخول الحرم إما إلى مكة أو إلى غيرها فأقسامه
ثلاثة الأول من يدخلها لقتال مباح أو من خوف أو محاجة متكررة كالحشاش والحطاب وناقل الميرة ومن كانت له ضيعة يتكرر دخوله وخروجه إليها فهؤلاء لا حرام عليهم
لان النبي صلى الله عليه وآله دخل يوم الفتح مكة حلالا وعلى رأسه المغفر وكذا أصحابه ولان في ايجاب الاحرام على من يتكرر دخوله مشقة عظيمة لاستلزامه ان يكون محرما في جميع زمانه و
بهذا قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة لا يجوز لاحد دخول الحرم بغير إحرام إلا من كان دون الميقات لأنه تجاوز الميقات مريدا للحرم فلم يجز بغير إحرام كغيره والشافعي
استدل بأن النبي صلى الله عليه وآله دخل يوم الفتح مكة وعلى رأسه عمامة سوداء إذا عرفت هذا فلو أراد هذا النسك بعد مجاوزته الميقات رجع وأحرمه منه فإن لم يتمكن أحرم من موضعه
وقال العامة يحرم من موضعه مطلقا الثاني من لا يكلف بالحج كالصبي والعبد والكافر إذا أسلم بعد مجاوزة الميقات أو بلغ الصبى أو عتق العبد وأراد الاحرام فإنهم يخرجون
إلى الميقات ويحرمون منه فإن لم يتمكنوا أحرموا من موضعهم وقالت العامة يحرمون من موضعهم ثم اختلفوا فقال الشافعي على كل واحد منهم دم وقال عطا ومالك والثوري
والأوزاعي وإسحاق واحمد لا دم عليهم وقال أصحاب الرأي لا دم في الكافر يسلم والصبي يبلغ وأما العبد فعليه دم الثالث المكلف الداخل لغير قتال ولا حاجة متكررة لا يجوز
له تجاوز الميقات غير محرم وبه قال أبو حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وقال بعضهم لا يجب الاحرام عليه وعن أحمد روايتان لابن عمر دخلها بغير إحرام ولأنه أحد الحرمين فلا يجب
الاحرام لدخوله كحرم المدينة والحق خلافه لأنه لو نذر دخولها لزمه الاحرام ولو لم يكن واجبا لم يجب بنذر الدخول كساير البلدان إذا ثبت هذا فمتى أراد هذا الاحرام بعد
تجاوز الميقات رجع فأحرم منه أحرم من دونه مع القدرة لم يجزئه ولو لم يتمكن أحرم من موضعه مسألة لو دخل الحرم من غير إحرام من يجب عليه الاحرام وجب عليه الخروج والاحرام
من الميقات فان حج والحال هذه بطل حجه وجب عليه القضاء والشافعي أوجب القضاء لأنه أخل بركن من أركان الحج فوجب عليه الإعادة وقال أبو حنيفة تجب عليه ان يأتي بحجة أو عمرة فان أتى
بحجة الاسلام في سنته أو منذورة أجزأته عن عمرة الدخول استحسانا لان مروره على الميقات مريدا للاحرام فإذا لم يأت به وجب قضاؤه كالنذر وقال احمد لا قضاء عليه لان الاحرام
شرع لتحية البقعة فإذا لم يأت به سقط كتحية المسجد وليس بجيد لان تحية المسجد غير واجبة ولو تجاوز الميقات ورجع ولم يدخل الحرم فلا قضاء عليه بلا خلاف نعلمه سواء أراد النسك أو
لم يرده ومن كان منزله دون الميقات خارجا من الحرم فحكمه في مجاوزة قريته؟ إلى ما يلي الحرم حكم المجاوز للميقات في الأحوال الثلاث السابقة لان موضعه ميقاته فهو في حقه كالمواقيت
الخمسة في حق الآفاقي مسألة إذا ترك الاحرام من الميقات عامدا أثم ووجب عليه الرجوع إليه والاحرام منه فإن لم يتمكن من الرجوع بطل حجه ولو تركه ناسيا أو جاهلا وجب عليه
الرجوع مع القدرة وإن لم يتمكن أحرم من موضعه إن لم يتمكن من الخروج إلى خارج الحرم سواء خشى فوات الحج برجوعه إلى الميقات أم لا وقالت العامة يحرم من موضعه وابن جبير
وافقنا لأنه ترك ركنا من أركان الحج واحتجاج العامة على أنه ليس بركن باختلاف الناس والأماكن ولو كان ركنا لم يختلف كالوقوف والطواف والملازمة ممنوعة ويستحب أن
يحرم من ميقات أو يحرم من أول جزء ينتهى إليه منه ويجوز أن يحرم من آخره لوقوع الاثم عليه ومن سلك طريقا لا يفضى إلى هذه المواقيت في بر أو بحر فقد قلنا إن ميقاته حيث يحاذي واحدا منها
ولو حاذى ميقاتين فأظهر وجهي الشافعية انه يحرم من الموضع المحاذي لا بعدهما والثاني يتخير مسألة قد بينا فيما تقدم أنواع الحج وإنها ثلاثة تمتع وقران وإفراد وإن الافراد أن يأتي بالحج
وحده من ميقاته وبالعمرة مفردة من ميقاتها في حق الحاضر بمكة ولا يلزمه العود إلى ميقات بلده عند الشافعي وعن أبي حنيفة إن عليه أن يعود وعليه دم الإساءة لو لم يعد والقرآن عند
الشافعي أن يحرم للحج والعمرة معا ويأتي بأعمال الحج فتحصل العمرة أيضا ويتحد الميقات والفعل وعند أبي حنيفة يأتي بطوافين وسعيين ولو أحرم بالعمرة أولا ثم ادخل عليها الحج لم يجز عندنا وقال
الشافعي إن أدخله في غير أشهر الحج فهو لغو وإدخال العمرة بحاله وإن أدخله عليها في أشهر الحج فإن كان إحرامه بالعمرة قبل أشهر الحج ثم أراد إدخال الحج عليها في الأشهر ليكون قارنا فوجهان
أحدهما لا يجوز لأنه إنما يدخل في الحج من وقت احرامه به ووقت إحرامه صالح للحج فعلى هذا له أن يجعله حجا بعد دخول الأشهر وأن يجعله قرانا والثاني لا يجوز لان ابتداء الاحرام متلبس بإحرام
ولذلك لو ارتكب سطورا؟ لم يلزمه إلا فدية واحدة فلو انعقد الحج وابتداء الاحرام سابق على الأشهر لانعقد الاحرام بالحج قبل أشهره فعلى هذا لا يجوز أن يجعله حجا
322

وإن كان إحرامه في أشهر الحج فإن لم يشرع بعد في الطواف جاز وصار قارنا لقضية عايشة لما حاضت وخافت فوت الحج فأمرها النبي صلى الله عليه وآله بإدخال الحج على العمرة لتصير قارنة لتأتي بأعمال الحج
وتؤخر الطواف إلى أن تطهر وإن شرع فيه أو أتمه لم يجز إدخال العمرة والحج عليه لأنه أتى بعمل من أعمال العمرة فيقع ذلك العمل عن العمرة ولا ينصرف بعدها إلى غيرها ولأنه
أخذ في التحلل من العمرة فلا يليق به إدخال الاحرام عليه والتحلل جار إلى نقصان وشبهوه بما لو ارتدت الرجعية فراجعها الزوج في العدة فإنه لا يجوز لان الرجعة استباحة
فلا يليق بحال التي تجرى إلى تحريم ولو أحرم بالحج ثم ادخل عليه العمرة فقولان القديم وبه قال أبو حنيفة انه يجوز كإدخال الحج على العمرة والجديد وبه قال احمد المنع لان الحج
أقوى من العمرة لاختصاصه بالوقوف والرمي والمبيت والضعيف لا يدخل على القوى وإن كان القوى قد يدخل على الضعيف كما أن فراش النكاح يدخل على فراش ملك اليمين حتى
لو نكح أخت أمة حل له وطئها وفراش ملك اليمين لا يدخل على فراش النكاح حتى لو اشترى أخت منكوحة لم يجز له وطؤها فان جوزنا إدخال العمرة على الحج فإلى متى يجوز فيه لهم وجوه
أحدها يجوز ما لم يطف للقدوم ولا يجوز بعده لأنه اتى بعمل من أعمال الحج والثاني يجوز وإن طاف للقدوم ما لم يأت بالسعي ولا غيره من فرض الحج والثالث يجوز ما لم يقف بعرفة
فان الوقوف أعظم أفعال الحج والرابع يجوز إن وقف ما لم يشتغل بشئ من أسباب التحلل من الرمي وغيره قالوا ويجب على القارن دم لان النبي صلى الله عليه وآله اهدى عن أزواجه
بقرة وكن قارنات ودم القارن كدم المتمتع لأنه أكثر ترفها لاستمتاعه بمحظورات الاحرام بين النسكين فما يكفي
المتمتع أولى أن يكفي القارن وقال مالك على القارن بدنة
وهو القول القديم للشافعي وأما المتمتع فان يحرم بالعمرة من ميقات بلده ويأتي بأعمالها ثم ينشئ الحج من مكة سمى متمتعا لتمكنه من الاستمتاع بمحظورات الاحرام بينهما لحصول
التحلل وهذا كمذهبنا وعند أبي حنيفة إن كان قد ساق الهدى لم يتحلل بفراغه من العمرة بل يحرم بالحج فإذا فرغ منه حل منهما وإنما يجب ثم المتمتع عند الشافعي بشروط الأول
أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام لقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام والمعنى فيه إن الحاضر بمكة ميقاته للحج مكة فلا يكون بالتمكن رابحا ميقاتا الثاني
أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج فلو أحرم وفرغ من أعمالها قبل أشهر الحج ثم حج لم يلزمه الدم لأنه لم تجمع بين الحج والعمرة في وقت الحج فأشبه المفرد لما لم يجمع بينهما لم يلزمه دم لان دم التمتع منوط من جهة المعنى بأمرين
أحدهما ربح ميقات كما سبق والثاني وقوع العمرة في أشهر الحج وكانوا لا يزحمون الحج بالعمرة في وقت إمكانه ويستنكرون ذلك فورد التمتع رخصة وتخفيفا إذ الغريب قد
يرد قبل عرفة بأيام ويشق عليه استدامة الاحرام لو أحرم من الميقات ولا سبيل إلى مجاوزته فجوز له أن يعتمر ويتحلل ولو أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بجميع أفعالها في أشهر
الحج فللشافعي قولان أحدهما يلزمه الدم قاله في القديم لأنه حصل له المزاحمة في الافعال وهي المقصودة والاحرام كالتمهيد لها وأصحهما لا يلزم وبه قال احمد لأنه لم يجمع بين
النسكين في أشهر الحج لتقدم أحد أركان العمرة عليها وقال مالك مهما حصل التحلل في أشهر الحج وجب الدم وقال أبو حنيفة إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في الأشهر كان متمتعا
وإذا لم يوجب دم التمتع في هذه الصورة ففي وجوب دم الإساءة للشافعية وجهان أحدهما يجب لأنه أحرم بالحج من مكة دون الميقات وأصحهما لا يجب لان المسيئ من ينتهى إلى الميقات
على قصد النسك ويتجاوزه غير محرم وهنا قد أحرم بنسك وحافظ على حرمة البقعة الثالث ان يقع الحج والعمرة في سنة واحدة فلو اعتمر ثم حج في السنة القابلة فلا دم
عليه سواء قام بمكة إلى أن حج أو رجع وعاد لان الدم إنما يجب إذا زاحم بالعمرة حجه في وقتها وترك الاحرام بحجه من الميقات مع حصوله بها في وقت الامكان ولم يوجد وهذه
الشرايط الثلاثة عندنا شرايط في التمتع الرابع ان لا يعود إلى الميقات كما إذا أحرم بالحج من جوف مكة واستمر عليه فان عاد إلى ميقاته الذي انشاء العمرة منه وأحرم بالحج
فلا دم عليه لأنه لم يربح ميقاتا ولو رجع إلى مثل مسافة ذلك الميقات وأحرم منه فكذلك لا دم عليه لان المقصود قطع تلك المسافة محرما ولو أحرم من جوف مكة ثم عاد
إلى الميقات محرما ففي سقوط الدم مثل الخلاف المذكور فيما إذا جاوز غير محرم وعاد إليه محرما ولو عاد إلى ميقات أقرب إلى مكة من ذلك الميقات وأحرم منه كما
إذا كان ميقاته الجحفة فعاد إلى ذات عرق فهو كالعود إلى ذلك الميقات وللشافعية فيه وجهان أحدهما لا وعليه الدم إذا لم يعد إلى ميقاته ولا إلى مثل مسافته والثاني
نعم لأنه أحرم من موضع ليس ساكنوه من حاضري المسجد الحرام الخامس اختلف الشافعية في أنه هل يشترط وقوع النسكين عن شخص واحد أم لا فقال بعضهم يشترط كما يشترط
وقوعهما في سنة واحدة وقال الأكثر لا يشترط لان زحمة الحج وترك الميقات لا تختلف وهذا يفرض في ثلاث صور إحديها أن يكون أجيرا من شخصين استأجره أحدهما للحج والآخر
للعمرة والثانية أن يكون أجيرا للعمرة للمستأجر ثم تحج عن نفسه والثالث أن يكون أجيرا للحج فيعتمر لنفسه ثم يحج عن المستأجر فعلى قول الأكثر يكون نصف دم التمتع على من يقع له الحج
ونصفه على ما من تقع له العمرة وفصل بعضهم فقال في الصورة الأولى إذا أذنا في التمتع فالدم عليهما نصفان وإن لم يأذنا فهو على الأجير وإن أذن أحدهما دون الآخر فالنصف
على الاذن والنصف الآخر على الأجير وأما في الصورتين الأخيرتين فان أذن له المستأجر في التمتع فالدم عليهما نصفان وإلا فالكل على الأجير السادس في اشتراط نية التمتع للشافعي
وجهان أصحهما عنده انه لا يشترط كما لا يشترط نية القران وهذا لان الدم منوط بزحمه الحج وربح أحد الميقاتين وذلك لا يختلف بالنية وعدمها والثاني يشترط لأنه جمع بين عبادتين
في وقت إحديهما فأشبه الجمع بين الصلاتين وهذه الشروط الستة معتبرة عنده في لزوم الدم وهل يعتبر في نفس التمتع قال بعض الشافعية نعم فإذا تخلف شرط كانت الصورة من صور
الافراد وقال بعضهم لا وهو الأشهر عندهم ولهذا اختلفوا في أنه يصح القران والتمتع من المكي فقال بعضهم نعم وبه قال مالك وقال بعضهم لا يصح وبه قال أبو حنيفة وعندنا يصح القران
من المكي دون التمتع مسألة دم التمتع نسك وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لقوله تعالى والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت
جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر فأخبر انها من الشعائر فأمر بالاكل فلو كان جبرانا لما أمرنا بالاكل منها وقال الشافعي إنه دم جبران وقد ظهر بطلانه إذا عرفت هذا
فالمتمتع إذا أحرم بالحج من مكة لزمه الدم إجماعا فان أتى الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه فرض الدم عند علمائنا لأنه متمتع وقال جميع العامة يسقط عنه الدم مسألة من حضر
الميقات ولم يتمكن من الاحرام لمرض أو غيره أحرم عنه وليه وجنبه ما يجتنبه المحرم وقد تم إحرامه والحايض والنفساء إذا جاءنا إلى الميقات اغتسلتا وأحرمتا منه وتركتا صلاة
الاحرام ويجرد الصبيان من فخ إذا أريد الحج بهم ويجنبون ما يجتنبه المحرم ويفعل بهم جميع ما يفعل به وإذا فعلوا ما تجب فيه الكفارة كان على أوليائهم أن يكفروا عنه ولو كان
الصبى لا يحسن التلبية أو لا يتأتى له لبى عنه وليه وكذا يطوف به ويصلى عنه إذا لم يحسن ذلك وإن حج بهم متمتعين وجب أن يذبح عنهم إذا كانوا صغارا وإن كانوا كبارا جاز أن يؤمروا
بالصيام وينبغي أن يوقفوا الموقفين معا ويحضروا المشاهد كلها ويرمى عنهم ويناب عنهم في جميع ما يتولاه البالغ بنفسه وإذا لم يوجد لهم هدى ولا يقدرون على الصوم
كان على وليهم أن يصوم عنهم المقصد الثاني في أعمال العمرة المتمتع بها إلى الحج وفيه فصول الأول في الاحرام وفيه مطالب الأول في مقدماته مقدمات
الاحرام كلها مستحبة وأما الاحرام فهو ركن من أركان الحج إذا أخل به عمدا بطل حجه وتشتمل المقدمات المستحبة على مسائل مسألة يستحب لمن أراد التمتع أن يوفر
شعر رأسه ولحيته من أول ذي القعدة ولا يمس منهما شيئا بحلق أو نتف أو جز ويتأكد عند هلال ذي الحجة فإن مس منهما شيئا يكون قد ترك الأفضل ولا شئ عليه وهو
اختيار الشيخ في بعض كتبه وقال في بعض التوفير واجب فان مس منهما شيئا وجب عليه دم يهريقه أما التوفير فلما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام قال الحج أشهر معلومات
323

شوال وذو القعدة وذوا الحجة فمن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا والأصل عدم الوجوب احتج الشيخ بما رواه جميل عن الصادق عليه السلام
قال سألته عن متمتع حلق رأسه بمكة قال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وان تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ وإن تعمد ذلك بعد الثلاثين الذي يوفر
فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه وهو محمول على ما إذا حلق بعد التلبس بالاحرام ويدل عليه ان السؤال وقع عن متمتع حلق بمكة وهو إنما يكون بها بعد الاحرام ولا بأس بحلق
الرأس وقص اللحية قبل هلال ذي القعدة مسألة يستحب له إذا بلغ الميقات التنظيف بإزالة الشعث وقطع الرايحة
ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة لان الاحرام يسن
له الاغتسال فتسن هذه الأشياء له كالجمعة ولان الاحرام يمنع حلق الشعر وتقليم الأظفار فاستحب له فعله قبله لئلا يحتاج إليه في إحرامه فلا يتمكن منه قال الصادق عليه السلام
إذا انتهيت إلى بعض المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وآله فانتفت إبطك واحلق عانتك وقلم أظفارك وقص شاربك ولا يضرك بأي ذلك بدأت ولو كان قد اطلى
قبل الاحرام اجتزء به ما لم يمض خمسة عشر يوما فإن مضت استحب له الأطلاء والاطلاء أفضل للرواية مسألة يستحب له إذا وصل إلى الميقات وأراد الاحرام ان يغتسل
إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله تجرد لاهلاله واغتسل وأمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل عند الاحرام وأمر عايشة ان تغتسل عند الاهلال بالحج وهي حايض رواه العامة ومن
طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا انتهيت إلى العقيق إلى أن قال ثم استك واغتسل وهذا الغسل ليس واجبا في قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن الاحرام
جايز بغير اغتسال وانه غير واجب وحكى عن الحسن إنه قال إذا نسى الغسل فليغتسل إذا ذكرت وليس دالا على الوجوب ويستوى في استحبابه الرجل والمرأة والصبي ولا فرق بين الحايض
والنفساء وغيرهما لان المقصود بهذا الغسل التنظيف وقطع الرايحة الكريهة لدفع أذاها عن الناس عند اجتماعهم ولو كان على الحايض أو النفساء مقام بالميقات حتى تطهر فالأولى
أن تؤخر الاحرام حتى تطهر وتغتسل ليقع إحرامها في أكمل أحوالها ولو تعذر الماء أو استعماله تيمم بدلا من غسله قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي لأنه غسل مشروع فناب عنه التيمم كالواجب
وقال احمد لا يستحب قياسا على غسل الجمعة مسألة لو خاف عوز الماء في الميقات جاز له تقديم الغسل على الميقات ويكون على هيئته إلى أن يبلغ الميقات ثم يحرم ما لم
يتم أو يمضى عليه يوم وليلة لقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن الرجل يغتسل بالمدينة بإحرامه أيجزئه ذلك عن غسل ذي الحليفة قال نعم وأرسل هشام بن سالم إلى الصادق عليه السلام
قال نحن جماعة بالمدينة نريد أن نودعك فأرسل إلينا أن اغتسلوا بالمدينة فإني أخاف أن يعز عليكم الماء بذى الحليفة فاغتسلوا بالمدينة وألبسوا ثيابكم التي تحرمون
فيها ثم تعالوا فرادى أو مثاني إذا عرفت هذا فلو قدم الغسل خوفا من عوز الماء ثم وجده في الميقات استحب له إعادته وغسل اليوم يجزى عن ذلك اليوم وغسل الليلة
يجزيه عن ليلته ما لم يتم قال الصادق عليه السلام من اغتسل منذ طلوع الفجر كفاه غسله إلى طلوع الفجر ولو اغتسل ثم نام قبل أن يعقد الاحرام أعاد الغسل لان النضر بن سويد سأل الكاظم عليه السلام
عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم قال عليه إعادة الغسل وكذا لو لبس قميصا مخيطا أعاد الغسل استحبابا لأنه مناف للاحرام لقول الباقر عليه السلام إذا اغتسل الرجل وهو
يريد أن يحرم فلبس قميصا قبل أن يلبى فعليه الغسل وكذا لو أكل ما لا يحل للمحرم أكله بعد الغسل فإنه يعيد الغسل استحبابا لقول الصادق عليه السلام إذا لبست ثوبا لا ينبغي لبسه أو
أكلت طعاما لا ينبغي لك أكله فأعد الغسل ولو قلم أظفاره بعد الغسل قبل الاحرام لم يكن عليه شئ لأنه محل ولا يعيد الغسل لقول الصادق عليه السلام في رجل إغتسل للاحرام ثم قلم أظفاره
قال يمسحها بالماء ولا يعيد الغسل ولو أحرم بغير غسل استحب إعادته لأنه تقدمه مندوبة فاستحب إعادة الفعل مع الاخلال بها كالاذان وكتب الحسن بن سعيد إلى الكاظم عليه السلام
رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلا أو عالما ما عليه في ذلك وكيف ينبغي أن يصنع فكتب يعيده ويجوز الادهان بعد الغسل قبل الاحرام لأنه محل ولان ابن أبي يعفور
سأل الصادق عليه السلام ما تقول في دهنه بعد الغسل للاحرام فقال قبل وبعد ومع ليس به بأس هذا إذا لم يكن الدهن فيه طيب ولو كان فيه طيب يبقى إلى بعد الاحرام لم يجز لقول
الصادق عليه السلام الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس قبل ان يغتسل مسألة يكره ان يطيب للاحرام قبله إذا كانت رايحته لا تبقى
إلى بعد الاحرام ولو كانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام كان محرما ووجب عليه إزالته عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وعمر بن الخطاب ومالك ومحمد بن الحسن لما رواه
العامة عن يعلى بن أمية قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله بالجعرانة فأتاه رجل عليه مقطعة يعنى جبة وهو مضمخ بالخلوق في بعضها وعليه درع من زعفران فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إني أحرمت
بالعمرة وهذه على فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت صانعا في حجك قال كنت انزع هذه المقطعة واغسل هذا الخلوق فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك ومن طريق
الخاصة قول الكاظم عليه السلام يلبس المحرم الثياب المشبع بالعصفر فقال إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به وسأل إسماعيل بن الفضل الصادق عليه السلام عن المحرم يلبس الثوب قد أصابه
الطيب قال إذا ذهب ربح الطيب فليلبسه وقال الشافعي يستحب له أن يتطيب قبل الاحرام للاحرام سواء كان طيبا يبقى عينه كالغالية والمسك أو تبقى رايحته كالعود والبخور والعنبر؟
وبه قال عبد الله بن الزبير وسعد بن أبي وقاص وأم حبيب وعايشة ومعاوية وأبو حنيفة وأبو يوسف واحمد ورواه العامة عن ابن عباس وابن الحنفية وأبى سعيد الخدري وعروة الشعبي لان
عايشة قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وآله لاحرامه قبل أن يحرم وأكحله قبل أن يطوف ونمنع الرواية وتحمله على ما لا تبقى رايحته إلى بعد الاحرام إذا ثبت هذا فلو لبس ثوبا مطيبا
ثم أحرم وكانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام وجب عليه نزعه أو إزالة الطيب عنه فإن لم يفعل وجب عليه الفداء ويجئ على مذهب الشافعية انه لا يجب الفداء إلا إذا نزعه ثم لبسه
لأنه لبس ثوبا مطيبا بعد إحرامه ولو نقل الطيب من موضع من الثوب إليه أو تطيب فسال الطيب من موضعه إلى موضع آخر ففيه للشافعي وجهان أحدهما لا يجب الفداء لأنه يجرى مجرى
الناسي والثاني يجب لأنه حصل بسببه واعتماده على الأول مسألة لا يجوز تطيب إزار الاحرام وردائه حالة الاحرام ولا قبله إذا كانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام وللشافعي
قولان أحدهما المنع لأنه قد ينزع الثوب ثم يلبسه فيكون كما لو استأنف لبس ثوب مطيب وأصحها عندهم الجواز كتطيب البدن ولو طيب بدنه فتعطر ثوبه تبعا فلا بأس به عنده
والخلاف من العامة فيما إذا قصد تطيب الثوب فإذا جوزوا تطيب الثوب للاحرام فلا بأس باستدامة ما عليه بعد الاحرام كما في البدن لكن لو نزعه ثم لبسه ففي الفدية لهم وجهان
أحدهما لا تلزمه لان العادة في الثوب أن ينزع ويعاد وأصحهما اللزوم كما لو أخذ القمل من بدنه ثم رده وللشافعي ثلاثة أوجه فقال في وجه باستحباب التطيب للاحرام وفى آخر
انه مباح ليس بمسنون وفى آخر انه لا يجوز للنساء المتطيب وله آخر أنه لا يستحب لهن ولا فرق بين التطيب الذي يبقى له أثر وجرم وبين غيره ومنع أبو حنيفة مما يبقى جرمه ولا
يثبت وعند مالك يكره التطيب بما تبقى رايحته بعد الاحرام وإذا تطيب للاحرام فلا بأس عند الشافعي باستدامة ما تطيب به ولا يجئ فيه الوجوه المذكورة في أن المرأة
المتطيبة إذا لزمتها الفدية يلزمها إزالة الطيب لان هذا محقق حق لله تعالى والمساهلة فيه أكثر والحق ان الاستدامة كالابتداء في التحريم للاجماع على تحريم الطيب على
المحرم ولم يفصلوا بين استينافه واستدامته مسألة لا يستحب للمرأة الخضاب قبل الاحرام بل يكره للزينة وسيأتي وقال الشافعي يستحب للمرأة أن تخضب بالحناء يديها
إلى الكوعين قبل الاحرام وتمسح وجهها أيضا بشئ من الحناء يسيرا ولا يختص أصل الاستحباب بالاحرام بل هو محبوب لها في جميع الأحوال نعم يكره الخضاب للخلية في ساير الأحوال
324

عنده ولا فرق في حالة الاحرام بين الخلية وذات الزوج وإنما يستحب عنده تعميم اليد بالخضاب دون الشقش (التنقيش) والتطريف وهو خضب أطراف الأصابع ووافقنا على كراهية الخضاب
بعد الاحرام مسألة أفضل أوقات الاحرام بعد زوال الشمس عقيب فريضة الظهر فيبدأ أولا بعد الزوال بركعتي الاحرام المندوبة قبل فريضة الظهر بحيث يكون الاحرام عقيب
صلاة الظهر وإن اتفق ان يكون الاحرام في غير هذا الوقت كان جايزا لكن الأفضل أن يكون الاحرام بعد صلاة فريضة وأفضل ذلك بعد صلاة الظهر فإن لم يكن وقت صلاة فريضة
صلى ست ركعات وينوى بها صلاة الاحرام ويحرم في دبرها وإن لم يتمكن من ذلك اجزاؤه ركعتان وينبغي أن يقرء في الأولى منهما بعد التوجه الحمد والاخلاص وفى الثانية الحمد والجحد
فإذا فرغ منهما أحرم عقيبهما لما روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله صلى بذى الحليفة ركعتين ثم أحرم ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا يضرك بليل أحرمت أو نهار إلا أن أفضل
ذلك عند زوال الشمس وسأل الحلبي الصادق عليه السلام عن إحرام النبي صلى الله عليه وآله أية ساعة قال صلاة الظهر وقال الصادق عليه السلام لا يكون إحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة وقال عليه السلام يصلى للاحرام
ست ركعات يحرم في دبرها إذا ثبت هذا فان صلاة الاحرام تفعل في جميع الأوقات وإن كان أحد الأوقات المكروهة وأصح الوجهين عند الشافعية الكراهة في الأوقات المكروهة
وهل تكفى الفريضة عن ركعتي الاحرام يحتمل ذلك وهو قول الشافعي لكن المشهور تقديم نافلة الاحرام على الفريضة ما لم يتضيق وقت الفريضة وذلك يدل على عدم الاكتفاء
في الاستحباب المطلب الثاني في كيفيته مسألة الاحرام يشتمل على واجب وندب ونحن نذكر المندوب في أثناء المسائل مسألة واجبات الاحرام ثلاثة النية والتلبيات الأربع
ولبس ثوبي الاحرام وينبغي للحاج إذا وصل إلى الميقات أن يقلم أظفاره ويأخذ من شاربه وينتف إبطيه ويطلى بالنورة ويحلق عانته أو يطلى ويغتسل ويدعو عند
الاغتسال بالمنقول ثم يلبس ثوبي إحرامه يأتزر بأحدهما ويتوشح بالآخر ويدعو بالمنقول ثم يصلى ست ركعات الاحرام أو ركعتيه فإذا فرغ من صلاته حمدا لله وأثنى عليه وصلى
على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو بالمنقول فإذا فرغ من الدعاء لبى فيقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وقال الشيخ في كتبه لبيك
اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ثم لا تزال مكرر التلبية مستحبا إلى أن يدخل مكة ويطوف ويسعى ويقصر وقد أحل ثم ينشئ إحرام الحج في (من) مكة كذلك ثم يمضى
إلى عرفات على ما سبق ذكره والنظر في الواجبات يتعلق بأمور ثلاثة الأول النية مسألة النية واجبة في الاحرام وشرط فيه لو أخل بها لم يقع إحرامه لقوله تعالى وما أمروا إلا
ليعبدوا الله مخلصين والاخلاص النية والاحرام عبادة ولقوله عليه السلام إنما الأعمال بالنيات وإذا نوى لكل امرى ما نوى وللشافعي قولان هذا أحدهما والآخر
إن الاحرام ينعقد بالتلبية من غير نية ويلزمه ما لبى به وليس بجيد لما تقدم والواجب في النية ان يقصد بقلبه إلى أمور أربعة ما يحرم به من حج أو عمرة متقربا به إلى الله تعالى ويذكر
ما يحرم له من تمتع أو قران أو إفراد ويذكر الوجوب أو الندب وما يحرم له من حجة الاسلام أو غيرها ولو نوى الاحرام مطلقا ولم يذكر لا حجا ولا عمرة انعقد إحرامه وكان له صرفه
إلى أيهما شاء وإن كان في أشهر الحج لأنها عبادة منوية ولما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله خرج من المدينة لا سمى حجا ولا عمرة ينتظر القضاء فنزل عليه القضاء وهو بين
الصفا والمروة فأمر أصحابه من كان منهم أهل ولم يكن معه هدى ان يجعلوها عمرة ومن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لما رجع من اليمن وجد فاطمة عليها السلام
قد أحلت فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله مستنبئا (مستفتيا) ومحرثا؟ على فاطمة عليها السلام فقال أنا أمرت الناس فبم أهللت أنت يا علي فقال إهلالا كإهلال النبي صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله كن على إحرامك مثلي فأنت شريكي في
هديي وكان النبي صلى الله عليه وآله ساق معه مائة بدنة فجعل لعلى عليه السلام منها أربعا وثلاثين ولنفسه ستا وستين ونحرها كلها بيده ثم أخذ من كل بدنة جذوة ثم طبخها في قدر وأكلا منها و
تحسيا من المرق فقال قد أكلنا الآن منها جميعا ولم يعطيا الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها ولكن تصدق بها وكان علي عليه السلام يفتخر على الصحابة ويقول من فيكم مثلي وأنا شريك
رسول الله صلى الله عليه وآله في هديه من فيكم مثلي وأنا الذي ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله هديي بيده ولان الاحرام بالحج يخالف غيره من إحرام ساير العبادات لأنه لا يخرج منه بالفساد وإذا عقد عن غيره بأجرة
أو تطوعا وعليه فرضه وقع عن فرضه فجاز أن ينعقد مطلقا وإذا ثبت انه ينعقد مطلقا فان صرفه إلى الحج صار حجا وإن صرفه إلى العمرة صار عمرة وإلى أي أنواع الحج صرفه من تمتع أو قران أو إفراد
انصرف إليه ولو صرفه إلى الحج والعمرة معا لم يصح عندنا خلافا للعامة فروع - آ - لو عقد مطلقا قبل أشهر الحج انعقد للعمرة لأنه إحرام لا يصح لغيرها فانصرف إليها
- ب - لو كان عليه حج واجب أو عمرة واجبة وأطلق الاحرام فالأقرب انصراف المطلق إلى ما وجب عليه - ج - يصح إبهام الاحرام وهو أن يحرم بما أحرم به فلان فان علم ما أحرم به فلان انعقد إحرامه
مثله ولو لم يعلم وتعذر علمه بموت أو غيبة قال الشيخ تمتع احتياطا للحج والعمرة ولو بان أن فلانا لم يحرم انعقد مطلقا وكان له صرفه إلى أي نسك شاء وكذا لو لم يعلم هل
أحرم فلان أم لا لأصالة عدم إحرامه - د - لو لم يعين ثم شرع في الطواف قبل التعيين قال بعض العامة ينعقد حجا وينوى الحج ويقع هذا الطواف طواف القدوم ولا يصير معتمرا
لان الطواف ركن في العمرة فلا يقع بغير نية وطواف القدوم لا يحتاج إلى النية فيصير حاجا ويحتمل عدم اعتداده بطوافه لأنه لم يطف في حج ولا عمرة - ه‍ - تعيين الاحرام أولى من
إطلاقه وبه قال مالك والشافعي في أحد قوليه لأنه إذا عين بما هو متلبس به فيكون أولي من عدم العلم وقال الشافعي في الآخر الاطلاق أولي لان النبي صلى الله عليه وآله أطلق الاحرام و
الرواية مرسلة والشافعي لا يعمل بالمراسيل المفردة فكيف مع مخالفتها للروايات الدالة على أنه تعين ما أحرم به مسألة لو أحرم بنسك ثم نسيه تخير بين الحج والعمرة إذا لم يتعين
عليه أحدهما قاله الشيخ في المبسوط لأنه قبل الاحرام يجوز ابتداء أي النسكين شاء فمع عدم علم التعيين يستمر هذا الجواز عملا باستصحاب الحال ولأنه لو أحرم بالحج جاز له فسخه إلى العمرة
على ما تقدم وقال الشيخ في الخلاف يجعله عمرة وبه قال احمد لأنه لا يخلو إما أن يكون إحرامه بالحج أو بالعمرة فإن كان بالحج فقد بينا أنه يجوز فسخه إلى عمرته يتمتع بها وإن كان بالعمرة
صح لها فقد صحت للعمرة على الوجهين وإذا أحرم بالعمرة لم يمكنه جعلها حجة مع القدرة على إتيان أفعال العمرة فلهذا قلنا يجعلها عمرة وقال أبو حنيفة يجب عليه أن ينوى
القران وهو أحد قولي الشافعي لأن الشك لحق به في فعله بعد التلبس بالعبادة فلم يكن له الاجتهاد وإنما يرجع إلى اليقين كمن لو شك في عدد الركعات بخلاف الإنائين و
القبلة لان عليهما أمارات يرجع إليها عند الاشتباه وأما هنا فإنه شك في فعل نفسه ولا أمارة على ذلك إلا ذكره فلم يرجع إلا إليه وهو معارض ببرائة الذمة من المعين أما لو تعين
أحدهما عليه فالوجه انصرافه إليه وقال الشافعي في القديم يتحرى ويبنى على ما يغلب على ظنه لأنه اشتباه في شرط من شرايط العبادة وكان له الاجتهاد فيه كالانائين والقبلة
ونمنع حكم الأصل إذا ثبت هذا فلو أحرم بهما معا لم يصح قال الشيخ ويتخير وكذا لو شك هل أحرم بهما أو
بأحدهما فعل أيهما شاء ولو تجدد الشك بعد الطواف جعلها
عمرة متمتعا بها إلى الحج مسألة لو نوى الاحرام بنسك ولبى بغيره انعقد ما نواه دون ما تلفظ به لأن الاعتبار بالنية والتلفظ ليس واجبا فلا اعتبار به ولان أحمد بن محمد
سأل الرضا عليه السلام كيف أصنع إذا أردت ان أتمتع فقال لب بالحج وانو المتعة فإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصليت الركعتين خلف المقام وسعيت بين الصفا و
المروة وفسختها وجعلتها متعة ولا بد من تعيين النوع من تمتع أو قران أو إفراد وقال الشافعي في أحد وجهيه لا يفتقر المتمتع إلى النية وليس بجيد لقوله تعالى وما امرؤ
إلا ليعبدوا الله مخلصين والتمتع عبادة ولأنها أفعال مختلفة فلا بد من النية ليتميز بعضها عن الآخر ويستحب أن يذكر في لفظه ما يقصده من أنواع الحج وبه قال احمد
لما رواه العامة عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لبيك حجا وعمرة وقال أبو سعيد خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فصرح (فصرخ) بالحج ومن طريق الخاصة قول
325

الصادق عليه السلام إن عليا عليه السلام رفع صوته بالتلبية بحج وعمرة ولو اتقى كان الأفضل الاضمار النظر الثاني في لبس الثوبين مسألة إذا أراد الاحرام وجب عليه نزع
ثيابه ولبس ثوبي الاحرام يأتزر بأحدهما ويرتدى بالآخر لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال وتلبس إزارا وملاء ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وألبس ثوبيك ويجب أن
يكون الثوبان مما تصح فيهما الصلاة لقول الصادق عليه السلام كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه فلا يجوز الاحرام في الثوب الإبريسم المحض للرجل لان لبسه محرم فلا
يكون عبادة والأقرب جواز لبس النساء الحرير المحض حالة الاحرام اختاره المفيد خلافا للشيخ لما رواه يعقوب بن شعيب في الصحيح قال قلت للصادق عليه السلام المرأة
تلبس القميص تزره عليها وتلبس الخز والحرير والديباج فقال نعم لا بأس به احتج الشيخ بما رواه عيص في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من
الثياب غير الحرير والقفازين وهو محمول على الكراهة مسألة يستحب الاحرام في الثياب القطن وأفضلها البيض لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال خير ثيابكم
البيض فألبسوها احياء كم وكفنوا بها موتاكم ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبرى واظفار وفيهما كفن ولا بأس بالثوب
الأخضر والمعصفر وغيرهما لان أبا العلا الخزاز رأى الباقر عليه السلام وعليه برد أخضر وهو محرم وسأل علي بن جعفر أخاه الكاظم عليه السلام يلبس المحرم الثوب المشبع بالمعصفر فقال إذا لم يكن
فيه طيب فلا بأس ويكره الثياب السود لقول الصادق عليه السلام لا تحرم في الثوب الأسود ولا تكفن به الميت مسألة يكره المعصفر إذا كان مشبعا ولا يكره إذا لم يكن مشبعا عند علمائنا وبه قال احمد والشافعي و
لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله وقال التلبس بعد ذلك ما أحببت من ألوان الثياب من معصفر أو خز ومن طريق الخاصة ما رواه أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الثوب يكون
مصبوغا بالمعصفر ثم يغسل ألبسه وأنا محرم قال نعم ليس المعصفر من الطيب ولكن أكره ان تلبس ما يشهرك به الناس وقال أبو حنيفة العصفر طيب تجب به الفدية على المحرم كالورس
والزعفران وهو ممنوع وقد نص الصادق عليه السلام انه ليس بطيب مسألة يجوز الاحرام في الممتزج من الحرير وغيره لخروجه عن اسم الإبريسم بالمزج ولان الصادق عليه السلام
سئل عن الخميصة سداها إبريسم ولحمتها من غزل قال لا بأس بأن يحرم فيها إنما يكره الخالص منها وكذا يجوز الاحرام في ثوب قد أصابه طيب إذا غسل وذهبت رايحته وبه
قال الشافعي لان الرايحة المقصودة من الطيب قد زالت بالغسل أو طول المكث أو بتجديد صبغ آخر عليه فزال الترفه ولان الكاظم عليه السلام سئل عن الثوب المصبوغ بالزعفران أغسله
وأحرم فيه قال لا بأس به وسأل إسماعيل بن الفضل الصادق عليه السلام عن المحرم غسل الثوب قد أصابه الطيب فقال إذا ذهب ريح الطيب فليلبسه ولو أصاب ثوبه شئ من خلوق الكعبة و
زعفرانها لم يكن به بأس وإن لم يغسله لان عبد الرحمن بن سنان سئل الصادق عليه السلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المحرم قال لا بأس به ولا يغسله فإنه طهور ويكره النوم على الفرش المصبوغة
لقول الباقر عليه السلام يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر والمرفقة الصفراء ويكره الاحرام في الثياب الوسخة قبل الغسل لاستحباب التنظيف وقد تقدم وسئل أحدهما عليهما السلام عن الثوب الوسخ
يحرم فيه المحرم فقال لا ولا أقول إنه حرام لكن تطهيره أحب إلى وطهره غسله مسألة ولا يلبس ثوبا يزره ولا مدرعة ولا خفين ولا سراويل كما يحرم عليه لبس المخيط لقول
الصادق عليه السلام لا تلبس وأنت تريد الاحرام ثوبا تزده ولا مدرعة ولا تلبس سراويل إلا أن لا يكون لك إزار ولا الخفين إلا أن لا يكون لك نعلان ولا بأس بلبس الطيلسان ولا يزره على نفسه
لأنه بمنزلة الرداء وان ما لا يزره لأنه حينئذ يتنزل منزلة المخيط لقول الصادق عليه السلام في المحرم يلبس الطيلسان المزرور قال نعم في كتاب علي عليه السلام ولا يلبس طيلسانا حتى يحل ازراره وقال إنما كره ذلك
مخافة أن يزره الجاهل عليه فأما الفقيه فلا بأس بلبسه وأما السراويل فهي مخيطة يحرم لبسها على المحرم إلا أن لا يجد إزارا فيجوز له لبسها ولا فدية عليه وبه قال الشافعي واحمد لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا لم يجد
المحرم نعلين لبس خفين وإذا لم يجد ازارا لبس سراويل ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ولا تلبس سراويل إلا أن لا يكون لك إزار وقال أبو حنيفة ومالك إذا لبس السراويل وجب عليه
الفدية لان ما وجب بلبسه الفدية مع وجود الازار وجب للبسه الفدية مع عدمه كالقميص والفرق إن القميص يمكنه أن يستر به عورته ولا يلبسه وإنما يأتزر به وهذا يجب عليه لبسه ليستر عورته ولا يمكنه
ستر عورته إلا بلبسه على صفته مسألة ويحرم عليه لبس القباء بالاجماع لأنه مخيط فإن لم يجد ثوبا جاز له أن يلبس القبا مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي القبا ولا فدية عليه حينئذ
وبه قال أبو حنيفة لأنه لو توشح بالقميص لم تجب الفدية فكذا القبا ولقول الصادق عليه السلام إذا اضطر المحرم إلى القباء ولم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي القباء
وقال الشافعي ومالك واحمد يجب الفداء لأنه محرم لبس مخيطا على العادة في لبسه فوجب عليه الفدية ونمنع لبسه على العادة ولو أدخل كيفية في القبا ولم يدخل يديه في كميه ولم
يلبسه مقلوبا كان عليه الفداء وبه قال الشافعي لعموم ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله عليه السلام لا يلبس المحرم القيض ولا الأقبية خرج منه ما لو لبسه مقلوبا للضرورة وعملا بما تقدم فيبقى الباقي
على المنع وقال أبو حنيفة لا شئ عليه قال الشيخ (ره) متى توشح به كالرداء لا شئ عليه بلا خلاف قال ابن إدريس ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه وبالعكس بل المراد منه النكس
بأن يجعل ذيله فوق أكتافه وهو حسن لما روى عن الصادق عليه السلام من اضطر إلى ثوب وهو محرم وليس معه إلا قباء فلينكسه فيجعل أعلاه أسفله ويلبسه مسألة يجوز للمحرم أن
يلبس النعلين ولا نعلم فيه خلافا للضرورة الداعية إليه ولو لم يجد النعلين لبس الخفين ويقطعهما إلى ظاهر القدم كالشمشك ولا يجوز له لبسهما قبل القطع وبه قال الشافعي و
مالك وأبو حنيفة لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعها حتى يكونا إلى الكعبين ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام في المحرم يلبس
الخف إذا لم يكن له نعل قال نعم ولكن يشق ظهر القدم وقال بعض أصحابنا يلبسهما صحيحين وبه قال احمد وعطا بن أبي رياح لقول النبي صلى الله عليه وآله السراويل لمن لا يجد إزارا والخف لمن لا
يجد نعلين ولان فاقد الازار يلبس السراويل من غير فتق وكذا الخف ولا منافاة في الحديث لقولنا واللبس مع
الفتق غير ممكن في السراويل ويجوز أيضا أن يلبس الجرموقين
إذا لم يجد النعلين لقول الصادق عليه السلام وقد سأله رفاعة عن المحرم يلبس الجوربين قال نعم والخفين إذا اضطر إليهما ولو وجد النعلين لم يجز له لبس الخفين المقطوعين ولا الجرموقين
ولا الشمشكين لأنه عليه السلام شرط في لبسهما عدم وجدان النعلين وقال بعض الشافعية يجوز وهو غلط وكذا لا يجوز له لبس القبا مقلوبا مع وجود الازار ولو لم يجد رداء لم يجز
له لبس القميص ولو عدم الازار جاز له التوشح بالقميص وبالقباء المقلوب لقول الصادق عليه السلام وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباه بعد أن ينكسه مسألة
يجوز أن يلبس المحرم أكثر من ثوبين يتقى بذلك الحر والبرد وان يغيرهما لان الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الثوبين يرتدى بهما قال نعم والثلاثة يتقى بها الحر والبرد وسأل عن
المحرم يحول ثيابه قال نعم وسأله يغسلهما إن أصابهما شئ قال نعم إذا احتلم فيهما فليغسلهما ويكره للمحرم أن يغسل ثوبي إحرامه إلا إذا أصابهما نجاسة لقول أحدهما عليهما السلام لا يغسل الرجل
ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وإن توسخ إلا أن تصيبه جنابة أو شئ فيغسله إذا ثبت هذا فقد بينا إنه يجوز له تبديل ثيابه لكن يستحب له أن يطوف ثوبيه الذين
أحرم فيهما لأنهما وقعت ابتداء لعبادة فيهما فيستحب استدامتهما فيهما ولقول الصادق عليه السلام لا بأس بأن يغير المحرم ثيابه ولكنه إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما وكره أن
يبيعهما مسألة يجوز الاحرام في الثياب المعلمة واجتنابه أفضل لقول الصادق عليه السلام لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم ويدعه أحب إلى إذا قدر على غيره ويكره بيع الثوب الذي
أحرم فيه لقول معاوية بن عمار في الصحيح كان الصادق عليه السلام يكره للمحرم أن يبيع ثوبا أحرم فيه ولو أحرم وعليه قميص نزعه ولا يشقه وهو قول أكثر العلماء لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
انه أتاه رجل فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة في جبه بعد ما تضمخ بطيب فنظر إليه النبي صلى الله عليه وآله ساعة ثم سكت فجاء الوحي فقال له النبي صلى الله عليه وآله أما الطيب الذي بك
326

فأغسله وأما الجبة فأنزعها ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في رجل أحرم وعليه قميصه فقال يدعه ولا يشقه وإن كان لبسه
بعد ما أحرم شقه وأخرجه مما يلي رجليه قال الشيخ (ره) إذا لبسه بعد ما أحرم وجب عليه أن يشقه ويخرجه من قدميه للرواية السابقة وغيرها النظر الثالث في
التلبيات مسألة التبليات الأربع واجبة وشرط في إحرام المتمتع والمفرد فلا ينعقد إحرامهما إلا بها والأخرس يشير بها ويعقد قلبه بها وأما القارن فإنه ينعقد
احرامه بها أو بالاشعار أو التقليد لما يسوقه ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال أبو حنيفة والثوري لقوله تعالى فمن فرض فيهن الحج قال بن عباس الاهلال وعن عطا وطاوس
وعكرمة هو التبلية وما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال آتاني جبرئيل فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالاهلال وظاهر الامر الوجوب ومن طريق
الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا فرغت من صلاتك وعقدت ما تريد فقم وامش هنيئة فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلب الحديث وقال أصحاب مالك إنها
واجبة يجب بتركها الدم وقال الشافعي إنها مستحبة ليست واجبة وينعقد الاحرام بالنية ولا حاجة إلى التلبية وبه قال احمد والحسن بن صالح بن حي لان التلبية ذكر فلا يجب في الحج كساير
الاذكار وليس بجيد لما يأتي من بيان الوجوب مسألة والتلبيات الأربع هي الواجبة للاجماع على عدم وجوب الزايد عليها لما رواه الشافعي عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام عن
جابر قال تلبية رسول الله صلى الله عليه وآله لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وقال عليه السلام خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار
في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال فإذا فرغت من صلاتك وعقدت ما تريد فقم وامش هنيئة فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت أو راكبا فلب والتلبية أن تقول لبيك اللهم
لبيك لبيك لا شريك لك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار الاسلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك أهل التلبية لبيك لبيك
ذا الجلال والاكرام لبيك لبيك تبدى والمعاد إليك لبيك لبيك تستغنى ويفتقر إليك لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك لبيك لبيك إله الخلق لبيك لبيك ذا النعماء
والفضل الحسن الجميل لبيك لبيك كشاف الكروب لبيك لبيك عبدك وابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك تقول هذا في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك
وإذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك وبالاسحار وأكثر ما استطعت واجهر بها وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أن تمامها أفضل
واعلم أنه لا بد لك من التلبيات الأربع التي كن في أول الكلام هن الفريضة وهي التوحيد وبها لبى المرسلون وأكثر من ذي المعارج فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكثر منها وأول من لبى
إبراهيم عليه السلام قال إن الله يدعوكم إلى أن تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلا أجاب بالتلبية ولأنها عبادة لها تحليل
وتحريم فكان فيها نطق واجب كالصلاة إذا عرفت هذا فإن الزايد على الأربع مستحب وبه قال أصحاب أبي حنيفة لما تقدم وقال الشافعي إنه غير مستحب وبه قال احمد وقال
بعضهم إن الزايد مكروه لما رواه الشافعي عن الصادق عن الباقر عليهما السلام عن جابر وقد تقدم وما داوم عليه النبي صلى الله عليه وآله أولى ونحن نقول إنما فعله عليه السلام بيانا للواجب فلهذا
لم يرد ويستحب الاكثار من ذكر ذي المعارج مسألة يستحب رفع الصوت بالتلبية وهو قول العلماء لان جبرئيل قال للنبي صلى الله عليه وآله مر أصحابك بالعج والثج والعج رفع الصوت بالتلبية
والثج نحر البدن والامر هنا ليس للوجوب لأصالة براءة الذمة ويستحب الجهر بها كلما ركب أو هبط واديا أو علاء أكمة وبالاسحار لقول الصادق عليه السلام واجهر بها كلما ركبت وكلما
نزلت وكلما هبطت واديا أو علوت أكمة أو لقيت راكبا وبالاسحار وقال الباقر والصادق عليهما السلام قال جابر بن عبد الله ما مشى النبي صلى الله عليه وآله الروحا حتى بحت أصواتنا ولأنه من
شعاير العبادة فأشبه الاذان ولاشتمال الاجهار على تنبيه الغافلين وليس على النساء إجهار بالتلبية لقول الصادق عليه السلام ليس على النساء جهر بالتلبية والأخرس يشير إلى التلبية بإصبعه
وتحريك لسانه وعقد قلبه بها لقول علي عليه السلام تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه ولا يجوز التلبية إلا بالعربية مع القدرة
خلافا لأبي حنيفة لأنه المأمور به ولأنه ذكر مشروع فلا يجوز بغير العربية كالاذان احتج بالقياس على التكبير ونمنع الأصل مسألة لا يشترط في التلبية الطهارة من الحدثين
إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله قال لعايشة حين حاضت افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا بأس أن تلبي وأنت على غير طهور وعلى كل حال وقال
الباقر عليه السلام لا بأس ان يلبى الجنب مسألة يستحب أن يذكر في تلبيته ما يحرم به من حج أو عمرة وبه قال احمد لما رواه العامة في حديث أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله
يقول لبيك عمرة وحجا وقال ابن عباس قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وهم يلبون بالحج ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في التلبية لبيك بحجة تمامها عليك وقال الشافعي لا يستحب لما
رواه جابر قال ما سمى النبي صلى الله عليه وآله في تلبيته حجا ولا عمرة وسمع ابن عمر رجلا يقول لبيك بعمرة فضرب صدره وقال تعلمه ما في نفسك وحديث جابر معارض بما رواه العامة عنه قال كنا
مع النبي صلى الله عليه وآله ونحن نقول لبيك بالحج وبغيره من الروايات وقول ابن عمر ليس حجة خصوصا مع معارضته لأحاديث رسول الله إذا عرفت هذا فيستحب أن يذكر في تلبيته
الحج والعمرة معا فإن لم يمكنه للتقية أو غيرها اقتصر على ذكر الحج فإذا دخل مكة طاف وسعى وقصر وجعلها عمرة لقول الصادق عليه السلام عن رجل لبى بالحج مفردا ثم دخل مكة فطاف بالبيت
وسعى بين الصفا والمروة قال فليحل وليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدى فلا يستطيع ان يحل حتى يبلغ الهدى محله مسألة يستحب تكرار التلبية والاكثار منها على
كل حال عند الاشراف والهبوط وأدبار الصلوات وتجدد الأحوال واصطدام الزقاق والأسحار بإجماع العلماء إلا مالكا فإنه قال لا يلبى إلا عند اصطدام الزقاق والحق ما قلناه
لما روى العامة عن جابر إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يلبى في حجة إذا لقى راكبا أو علاء أكمة أو هبط واديا وفى أدبار الصلوات المكتوبة ومن آخر الليل ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام
وقد ذكر التلبيات تقول هذا في دبر كل صلاة مكتوبة أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك وإذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك و
بالاسحار مسألة يقطع المتمتع التلبية إذا شاهد بيوت مكة لما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق عليه السلام قال المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية وأما المفرد والقارن
فإنهما يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزوال لرواية معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال إذا دخلت بيوت مكة التي كانت قبل اليوم وإذا بلغت عقبة المدنيين فاقطع التلبية
وعليك التكبير والتهليل والثناء على الله ما استطعت وإن كنت مقرنا بالحج فلا تقطع التلبية حتى يوم عرفة إلى زوال الشمس وإن كنت معتمرا فاقطع التلبية إذا دخلت
الحرم قال الشيخ المعتمر عمرة مفردة إن كان أحرم من خارج مكة يقطع التلبية إذا دخل الحرم وإن كان ممن خرج من مكة للاحرام قطعها إذا شاهد الكعبة وقيل بالتخيير
بينها من غير تفصيل قال الصادق عليه السلام من دخل مكة مفردا للعمرة فليقطع التلبية حين يضع الإبل أخفافها في الحرم وسأل يونس بن يعقوب الصادق عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة
من أين يقطع التلبية قال إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية وروى عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام قال ومن خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى
ينظر إلى الكعبة مسألة يستحب لمن حج على طريق المدينة أن يرفع صوته بالتلبية إذا علت راحلته البيداء إن كان راكبا وإن كان ماشيا فحيث يحرم وإن كان على غير طريق
المدينة لبى في (من) موضعه إن شاء وإن مشى خطوات ثم لبى كان أفضل وبه قال مالك وللشافعي قولان قال في القديم يستحب أن يهل خلف الصلاة نافلة كانت أو فريضة وبه قال
أبو حنيفة واحمد والجديد أن يلبى إذا انبعثت به راحلته إن كان راكبا وإذا أخذ في السير إن كان راحلا لنا ما رواه العامة عن ابن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لبس ثيابه
327

فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى به على البيداء أحرم بالحج ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن يكبر حتى أتى البيداء وأما
التفصيل فيدل عليه قول الصادق عليه السلام إن كنت ماشيا فاجهر بإهلالك وتلبيتك من المسجد وإن كنت راكبا فإذا علت بك راحلتك البيداء إذا عرفت هذا
فالمراد استحباب الاجهار بالتلبية عند البيداء وبينها وبين ذي الحليفة ميل ولا يجوز مجاوزة الميقات بغير إحرام وإنما ينعقد الاحرام بالتلبية فيجب إيقاعها في
ذي الحليفة ويستحب الاجهار بها بالبيداء مسألة لا يلبى في مسجد عرفة وبه قال مالك لما بينا من أن التلبية تقطع يوم عرفة قبل الزوال وقال الشافعي انه يستحب و
ليس بمعتمد وكذا لا يلبى في حال الطواف وبه قال الشافعي وسالم بن عبد الله وابن عبيد لما رواه العامة عن ابن عمر قال لا يلبى الطايف ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام إذا
قدموا مكة وطافوا بالبيت أحلوا وإذا لبوا أحرموا فلا يزال يحل ويعقد حتى يخرج إلى منى بلا حج ولا عمرة ولانا بينا ان المتمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة مسألة
قد بينا إن الاحرام إنما ينعقد بالتلبيات الأربع في حق المتمتع والمفرد وأما القارن فإنه يتخير بين ان يعقد إحرامه بالتلبيات الأربع أو بالاشعار أو التقليد أيها فعل انعقد
إحرامه به وكان الباقي مستحبا والاشعار أن يشق سنام البعير من الجانب الأيمن ويلطخ صفحته بالدم ليعلم أنه صدقة وهو مختص بالإبل والتقليد أن يجعل في رقبة الهدى
نعلا قد صلى فيه أو يجعل في رقبة الهدى خيطا أو سير أو ما أشبههما ليعلم أنه صدقة وهو مشترك بين الانعام الثلاثة هذا هو المشهور ذهب إليه الشيخ وأتباعه وقال السيد المرتضى
وابن إدريس من علمائنا لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلا بالتلبية والوجه ما قاله الشيخ لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال يوجب الاحرام ثلاثة أشياء
التلبية والاشعار والتقليد فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم إذا عرفت هذا فينبغي أن تشعر البدن وهي باركة يشق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأيمن
لان أبا الصباح الكناني سأل الصادق عليه السلام عن البدن كيف تشعر فقال تشعر وهي باركة يشق سنامها الأيمن وتنحر وهي قائمة من قبل الأيمن إذا عرفت هذا فلو
كانت البدن كثيرة وأراد إشعارها دخل بين كل بدنتين واشعر إحديهما من الجانب الأيمن والاخرى من الأيسر للرواية عن الصادق عليه السلام وللتخفيف مسألة إذا عقد
نية الاحرام ولبس ثوبيه ثم لم يلب ولم يشعر ولم يقلد جاز له أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله ولا كفارة عليه فإن لبى أو اشعر أو قلد إن كان قارنا حرم عليه ذلك ووجبت
عليه الكفارة لفعله لان الاحرام إنما ينعقد بأحد الثلاثة فإذا لم يفعلها لم يكن محرما لان حفص بن البختري سأل الصادق عليه السلام عمن عقد الاحرام في مسجد الشجرة ثم وقع على أهله
قبل أن يلبى قال ليس عليه شئ مسألة يستحب لمن أراد الاحرام أن يشترط على ربه عند عقد الاحرام إن لم تكن حجة فعمرة وان يحله حيث حبسه سواء كان حجه تمتعا
أو قرانا أو إفرادا وكذا في إحرام العمرة وبه قال علي عليه السلام وعمر بن الخطاب وابن مسعود وعمار وعلقمة وشريح وسعيد بن المسيب وعكرمة والشافعي وأبو حنيفة واحمد لما رواه
العامة عن ابن عباس ان ضباعة أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله إني أريد الحج فكيف أقول قال قولي لبيك اللهم لبيك وتحلني من الأرض (الامر) حيث تحبسني فإن لك على ربك ما استثنيت
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا أردت الاحرام والتمتع فقل اللهم إني أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج فيسر لي ذلك وتقبله منى وأعنى عليه وحلني حيث حبسني لقدرك
الذي قدرت على أحرم لك شعري وبشرى من النساء والطيب والثياب وإن شئت قلت حين ينهض بك بعيرك وإن شئت فأخره حتى تركب بعيرك وتستقبل القبلة وعن الفضل بن
يسار عن الصادق عليه السلام قال المعتمرة عمرة مفردة يشترط على ربه ان حله حيث حبسه ومفرد الحج يشترط على ربه إن لم تكن حجة فعمرة وانكره عمر وطاوس وسعيد بن جبير والزهري ومالك
لان ابن عمر كان ينكر الاشتراط ويقول حسبكم سنة نبيكم ولأنها عبادة تجب بأصل الشرع فلم يفد الاشتراط فيها كالصوم والصلاة وقول ابن عمر ليس حجة خصوصا مع معارضته
لقول النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته والقياس ممنوع للفرق إذا عرفت هذا فالاشتراط لا يفيد سقوط فرض الحج في القابل لو فاته الحج ولا نعلم فيه خلافا لان أبا بصير
سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يشترط في الحج ان حلني حيث حبستني أعليه الحج من قابل قال نعم ولو
كان الحج تطوعا سقط عنه الحج من قابل وإنما يفيد الاشتراط جواز التحلل عند الاحصار
وقيل يتحلل من غير اشتراط وهو اختيار أبي حنيفة في المريض وقال الزهري ومالك وابن عمر الشرط لا يفيد شيئا ولا يتعلق به التحليل لان حمزة بن حمران سأل الصادق عليه السلام
عن الذي يقول حلني حيث حبستني فقال هو حل حيث حبسه الله قال أو لم يقل ولا يسقط الاشتراط عنه الحج من قابل والوجه الأول تحصيلا لفايدة الاشتراط الثابت
بالشرع فروع - آ - لو اشترط في إحرامه أن يحله حيث حبسه قال السيد المرتضى يسقط دم الاحصار عند التحلل وبه قال أبو حنيفة لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لضباعة بنت الزبير بن
عبد المطلب حجى واشترطي وقولي اللهم فحلني حيث حبستني ولا فايدة لهذا الشرط إلا التأثير فيما قلناه وقال الشيخ لا يسقط وللشافعي قولان لعموم قوله تعالى فإن أحصرتم
فما استيسر من الهدى وفيه قوة - ب - لا بد أن يكون للشرط فايدة قاله الشيخ مثل أن يقول إن مرضت أو فنت نفقتي أو فاتني الوقت أو ضاق على أو منعني عدو أو غيره فإما
أن يقول إن تحلني حيث شئت فليس له ذلك - ج - قال الشيخ (ره) لا يجوز للمشترط أن يتحلل إلا مع نية التحلل والهدى معا وللشافعي فيهما قولان لعموم الامر بالهدى والاحتياط
مسألة يستحب أن يأتي بالتلبية نسقا لا يتحللها كلام فان سلم عليه في أثنائها لان رد السلام واجب ويستحب إذا فرغ من التلبية أن يصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى ورفعنا لك
ذكرك قيل في التفسير قال أي لا أذكر إلا ونذكر معي ولان كل موضع شرع فيه ذكر الله تعالى شرع فيه ذكر نبيه عليه السلام كالصلاة والاذان ويجزى من التلبية في دبر كل صلاة مرة واحدة
لاطلاق الامر بها وبالواحدة يحصل الامتثال ولو زاد كان فيه فضل كثير لقولهم عليهم السلام وأكثر من ذكرى ذا المعارج ولا أعرف لأصحابنا قولا في أن الحلال يلبى في غير دعاء الصلاة
لكن تلك التلبية غير هذه واستحسن الحسن البصري هذه التلبيات للحلال وكذا النخعي وعطاء بن السايب والشافعي وأبو ثور واحمد وابن المنذر وأصحاب الرأي وكرهه مالك
والأصل عدم مشروعيته ويكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية بل يقول له يا سعد للرواية وإذا قال لبيك إن الحمد كسر الألف ويجوز فتحها قال تغلب من فتحها فقد خص ومن
كسرها فقد عم ومعناه إن من كسر جعل الحمد لله على كل حال ومن فتح فمنعناه التلبية أي لبيك لهذا السبب أي للحمد المطلب الثالث في تروك الاحرام وهي قسمان
محرمات ومكروهات فالمحرمات عشرون شيئا والمكروهات عشرة يأتي تفاصيلها في مباحث البحث الأول يحرم صيد البر في الحل والحرم وكذا يحرم على المحل صيد الحرم بالنص
والاجماع قال الله تعالى ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم وروى العامة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة إن هذا البلد حرام حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو
حرام بحرمة الله إلى يوم القيمة وانه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيمة لا يختلى خلاها ولا يعضد شركها ولا ينفر صيدها
ولا يلتقط لقطتها إلا من عرفها فقال العباس يا رسول الله صلى الله عليه وآله إلا الإذخر فإنه لفيئهم وبيوتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلا الإذخر ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام واجتنبت
في إحرامك صيد البر كله ولا تأكل ما صاده غيرك ولا تشير إليه فيصيده وقد أجمع المسلمون كافة على تحريم صيد الحرم على الحلال والمحرم إذا عرفت هذا فالمراد بالصيد
الحيوان الممتنع وقيل ما جمع ثلاثة أشياء أن يكون مباحا وحشيا ممتنعا مسألة وصيد البر حرام على المحرم اصطيادا وأكلا وقتلا وإشارة ودلالة واغلاقا وكذا فرضه وبيضه
باجماع العلماء للنص والاجماع قال الله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وتحريم العين يستلزم تحريم جميع المنافع المتعلقة بها وما رواه العامة في حديث أبي قتادة لما صاد
328

الحمار الوحشي وأصحابه محرمون قال النبي صلى الله عليه وآله لأصحابه هل فيكم أحد امره ان يحمل عليها أو أشار إليها وهو يدل على تعلق التحريم بالحمل والإشارة ومن طريق الخاصة قول
الصادق عليه السلام واجتنب في إحرامك صيد البر كله ولا تأكل ما صاده غيرك ولا تشر إليه فيصيده وقال (ع) المحرم لا يدل على الصيد فان دل عليه فعليه الفداء ولأنه تسبب إلى محرم عليه فحرم
كنصبه الأحبولة إذا عرفت هذا فلا فرق بين أن تكون الإشارة والدلالة صادرة من المحرم إلى المحرم وإلى المحل مسألة لا يحل مشاركة المحرم للمحل ولا للمحرم في
الصيد فإن شاركه ضمن كل منهما فداء كاملا وكذا لو اشترك جماعة في قتل صيد ضمن كل منهم فداء كاملا وبه قال أبو حنيفة ومالك لأنه قتل الصيد ولان عبد الرحمن
بن الحجاج سأل أبا الحسن (ع) عن رجلين أصابا صيدا الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما جزاء قال لا بل عليهما جميعا يجزى كل واحد منهما الصيد
ولأنه اشترك في محرم مضمون فكان على واحد مهم جزاء كامل كما لو اشترك جماعة في قتل مسلم وجب على كل واحد منهم كفارة كاملة وقال الشافعي واحمد يجب فداء واحد
على الجميع لان المقتول واحد فيتحد جزاؤه كما لو اشتركوا في قتل صيد حرمي والأصل ممنوع ولا يحل للمحرم الإعانة على الصيد بشئ فان في حديث أبي قتادة ثم ركبت ونسيت السوط
والرمح فقلت لهم ناولوني السوط والرمح قالوا والله لا نعينك عليه وهو يدل على أنهم اعتقدوا تحريم الإعانة والنبي صلى الله عليه وآله أقرهم على ذلك ولأنه على محرم فحرم كالإعانة على
قتل المسلم ولو اشترك محل ومحرم في قتل صيد فإن كان في الحل فلا شئ على المحل وعلى المحرم فداء كامل خلافا للشافعي فإنه قال يجب عليه نصف الفداء ولا شئ على
المحل وإن كان في الحرم فعلى المحل نصف القيمة وعلى المحرم جزاء كامل ونصف القيمة على الأقوى مسألة قد بينا انه يحرم على المحرم الدلالة على الصيد سواء كان
المدلول محلا أو محرما وكذا يحرم على الحلال الدلالة لهما في الحرم فلو دل الحلال محرما على صيد فقتله وجب الجزاء على المحرم وأما الدال فإن كان الصيد في الحل فالأقرب انه
لا شئ عليه سواء كان الصيد في يده أو لم يكن لأنه لو قتله لم يكن عليه شئ فكيف الدلالة وإن كان في الحرم تعلق عليه الضمان أيضا لأنه اعانة على المحرم ولو دل المحرم حلالا على صيد
فقتله الحلال فإن كان الصيد في يد المحرم وجب عليه الجزاء لان حفظه واجب عليه ومن يلزمه الحفظ يلزمه الضمان إذا ترك الحفظ كما لو دل المودع السارق على الوديعة وان لم
يكن في يده فإن كان الصيد في الحرم تعلق الضمان على كل منهما وإن كان في الحل وجب الضمان على الدال سواء كان الدلالة خفية لولاها لما رأى الحلال الصيد أو ظاهرة ولا شئ
على القاتل لأنه حلال وبه قال علي عليه السلام وابن عباس وعطا ومجاهد وإسحاق واحمد وأصحاب الرأي وقال الشافعي لا شئ على الدال كما لو دل رجل رجلا على قتل انسان لا كفارة
على الدال ولا على القاتل لأنه حلال وبه قال مالك وقال أبو حنيفة إن كانت الدلالة ظاهرة فلا جزاء على الدال وإن كانت خفية وجب الجزاء عليه وسلم في صيد الحرم انه لا جزاء على
الدال وقال احمد ان الجزاء لا يلزم الدال والقاتل بينهما مسألة لو دل محرم محرما على صيد فقتله وجب على كل واحد منهما فداء كامل عند علمائنا وبه قال الشعبي
وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي لان كل واحد منهما فعل في الصيد فعلا محرما لا يشاركه الآخر فيه فالدال فعل الدلالة والقاتل القتل فوجب على كل منهما عقوبة كاملة
ولان كل واحد منهما فعل فعلا يستحق به العقوبة الكاملة لو انفرد فكذا لو انضم لان المقتضى لا يخرج بالانضمام عن مقتضاه وقال احمد وعطا وحماد بن أبي سليمان الجزاء بينهما
لان الواجب جزاء المتلف وهو واحد فيكون الجزاء واحدا ونمنع الملازمة وقال الشافعي لا جزاء على الدال ولو كان المدلول قد رأى الصيد قبل الدلالة أو الإشارة فلا
جزاء عليه لأنه لم يكن سببا في قتله ولو فعل المحرم فعلا عند رؤية الصيد كما لو ضحك أو تشرف على الصيد فرآه غيره وفطن للصيد فصاده فلا ضمان لأنه لم يدل عليه
مسألة قد بينا تحريم إعانة المحرم على الصيد فلو أعاد المحرم قاتل الصيد سلاحا فقتله به قال الشيخ (ره) انه ليس لأصحابنا فيه نص وقال بعض العامة عليه الجزاء لأنه كالدال
عليه ولا بأس به سواء كان المستعار مما لا يتم قتله إلا به أو أعاره شيئا هو مستغن عنه كأن يعيره سيفا ومعه سيف قال أبو حنيفة إن أعاره ما هو مستغن عنه لم يضمن
المعير أما لو أعاره آلة ليستعملها في غير الصيد فصار بها فلا ضمان على المعير قولا واحدا لان الإعارة لا للصيد غير محرمة عليه فكان كما لو ضحك عند رؤية الصيد ففطن له القاتل
ولو أمسك محرم صيدا حتى قتله غيره فإن كان القاتل حلالا وجب الجزاء على المحرم لتعديه بالامساك والتعريض للقتل ولا يرجع به على الحلال لأنه غير ممنوع من التعرض للصيد
وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم يرجع كما لو غصب شيئا فأتلفه متلف من يده يضمن الغاصب ويرجع على المتلف وإن كان محرما ضمن كل منهما فداء كاملا وللشافعية
وجهان أظهرهما ان الجزاء كله على القاتل لأنه مباشر ولا أثر للامساك مع المباشرة والثاني ان لكل واحد من الفعلين مدخلا في الهلال فيكون الجزاء بينهما نصفين وقال
بعضهم ان المسك يضمنه باليد والقاتل بالاتلاف فان اخرج الممسك الضمان رجع به على المتلف وان اخرج المتلف لم يرجع على الممسك مسألة يحرم على المحرم كل الصيد
سواء ذبحه المحل أو المحرم في الحل ذبحا أو الحرم وسواء كان الذابح هو المحرم لنفسه أو ذبح له أو ذبح لا له وبالجملة لحم الصيد يحرم على المحرم بكل حال عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وابن
عمر وعايشة وابن عباس وطاوس وكرهه الثوري وإسحاق لعموم قوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وما رواه العامة عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي انه اهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله
حمارا وحشيا وهو بالأبواء فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ما في وجهه قال انا لم نرده عليك إلا أنا حرم ومن طريق الخاصة قول علي عليه السلام إذا ذبح المحرم الصيد
لم يأكله الحلال والحرام وهو كالميتة وإذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام وسأل سيف الطاطري الصادق عليه السلام عن صيد أكله قوم محرمون قال عليهم شاة شاة وليس
على الذي ذبحه إلا شاة وسأل علي بن جعفر أخاه موسى الكاظم عليه السلام عن قوم اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم ما عليهم فقال على كل من أكل منه فداء صيد على كل انسان
منهم على حدته فداء صيد كاملا وقال الشافعي إذا ذبح المحرم صيدا لم يحل له الاكل منه وهل يحل الاكل منه لغيره أو يكون ميتة قولان الجديد أنه يكون ميتة وبه قال أبو حنيفة
ومالك واحمد لأنه ممنوع من الذبح لمعنى فيه فصار كذبيحة المجوسي فعلى هذا لو كان مملوكا وجب مع الجزاء القيمة للمالك والقديم انه لا يكون ميتة ويحل لغيره الاكل منه لان
من حل بذبحه الحيوان الانسى يحل بذبحه الصيد كالحلال فعلى هذا لو كان الصيد مملوكا فعليه مع الجزاء أرش ما بين قيمته حيا ومذبوحا للمالك وهل يحل به بعد زوال
الاحرام فيه للشافعية وجهان أظهرهما لا وفى صيد الحرم إذا ذبح طريقان أحدهما طرد القولين والاخر القطع بالمنع والفرق ان صيد الحرم منع منه جميع الناس وفى جميع
الأحوال فكان آكد تحريما إذا عرفت هذا فالاصطياد عند الشافعي يحرم على المحرم وكذا يحرم عليه الاكل من صيد ذبحه ويحرم عليه الاكل أيضا مما اصداد له
حلال أو بإعانته أو بدلالته فأما ما ذبحه حلال من غير إعانته ولا دلالته فلا يحرم عليه الاكل منه وقال أبو حنيفة إذا لم يعن ولم يأمر به لم يحرم عليه ولا على غيره بالاصطياد
له من غير أمره مسألة لو ذبح المحرم الصيد كان حراما لا يحل أكله للمحل ولا للمحرم ويصير ميتة يحرم أكله على جميع الناس ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الحسن
البصري وسالم ومالك والأوزاعي والشافعي واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي لأنه حيوان حرم عليه ذبحه لحرمة الاحرام وحق الله تعالى فلا يحل بذبحه كالمجوسي ولقول علي عليه السلام
إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم وإذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم فعلى هذا لو كان مملوكا وجب عليه مع
الجزاء القيمة للمالك وقال الحكم والثوري وأبو ثور ولا بأس بأكله وبه قال ابن المنذر وبه قال أبو عمر بن دينار وأيوب السجستاني يأكله الحلال وللشافعي قول قديم انه يحل
لغيره الاكل منه قال ابن المنذر الذبح حرام أما الاكل فلا لأنه بمنزلة السارق إذا ذبح وليس بجيد لان التحريم هنا لحق الله تعالى فكان كالميتة بخلاف السارق فعلى هذا لو كان
329

مملوكا فعليه مع الجزاء ما بين قيمته حيا ومذبوحا للمالك وهل يحل له بعد زوال الاحرام فيه للشافعية وجهان أظهرهما لا فروع - آ لو ذبحه المحل في الحرم كان حكمه حكم
المحرم إذا ذبحه يكون حراما لما تقدم في حديث علي عليه السلام ولقول الصادق عليه السلام في حمام ذبح في الحل قال لا يأكله محرم فإذا دخل مكة أكله المحل بمكة وان دخل الحرم حيا ثم ذبح في الحرم
فلا يأكله لأنه ذبح بعد ما بلغ مأمنه - ب - لو صاده محل وذبحه في الحل كان حلالا على المحل في الحل والحرم سواء كان للمحرم فيه إعانة بإشارة أو دلالة أو إعارة سلاح
أو لا لا بمشاركة في الذبح - ج - لو صاده المحرم من أجل المحل لم يبح أكله ولو صاده المحل من أجل المحرم كان حراما على المحرم وبه قال علي عليه السلام وابن عباس وابن عمر وعايشة وعثمان ومالك والشافعي وقال أبو حنيفة
ليس بحرام - د - لو صاده المحل في الحل وذبحه في الحل لأجل المحرم لم يحل على المحرم ويحل على المحل في الحل والحرم لان الحكم بن عيينة سأل الباقر عليه السلام ما تقول في حمام أهلي ذبح في الحل و
ادخل الحرم فقال لا بأس بأكله إن كان محلا وإن كان محرما فلا - ه‍ - لو صاد المحرم صيدا في الحل وذبحه المحل حل للمحل لا للمحرم مسألة لو قتل المحرم صيدا ثم أكله وجب عليه
فداء ان أحدهما للقتل والآخر للاكل قاله بعض علمائنا وبه قال عطاء وأبو حنيفة لأنه محرم أكل صيدا محرما عليه فضمنه كما لو أكل صيدا ذبحه غيره ولقول الصادق عليه السلام وأي قوم
اجتمعوا على صيد فأكلوا منه كان على كل انسان منهم قيمته وان اجتمعوا عليه في صيد فعليهم مثل ذلك ولان الفعلين لو صدرا عن اثنين كان على كل واحد منهما فداء كامل كذا
لو اجتمعا لواحد والوجه وجوب الجزاء بالقتل وقيمة المأكول بالاكل وقال الشافعي يضمن القتل دون الاكل وبه قال مالك واحمد لأنه صيد مضمون بالجزاء فلا يضمن ثانيا كما لو
أتلفه بغير الاكل ولان تحريمه لكونه ميتة والميتة لا تضمن بالجزاء والفرق ثابت بين الاكل والاتلاف بغيره ونمنع تعليل التحريم بذلك ويعارض بما لو صيد لأجله فأكله فإنه
يضمنه عند احمد والشافعي في القديم مسألة لو رمى اثنان صيدا فأصابه أحدهما وأخطأ الآخر فعلى كل واحد منهما فداء كامل أما المصيب فلإصابته وأما المخطئ فلإعانته
وما رواه إدريس بن عبد الله قال سألت أبا عبد الله الصادق عليه السلام عن محرمين يرميان صيدا فأصابه أحدهما الجزاء منهما أو على كل واحد منهما قال عليهما جميعا يفدى
كل واحد منهما على حدته وسأل ضريس بن أعين الباقر عليه السلام عن رجلين محرمين رميا صيدا فأصابه أحدهما قال على كل واحد منهما الفداء مسألة لو أوقد جماعة محرمون نارا
فاحترق فيهما طاير فإن كان قصدهم ذلك كان على كل واحد فداء كامل وإن لم يكن قصدهم ذلك كان عليهم بأسرهم فداء واحد لما رواه أبو ولاد الحناط قال خرجنا ستة نفر
من أصحابنا إلى مكة فأوقدناه نارا عظيمة في بعض المنازل أردنا ان نطرح عليه لحما فكببه وكنا محرمين فمر بها طير صاف مثل حمامة أو شبهها فاحترقت جناحاه فسقط في النار فماتت
فاغتمنا لذلك فدخلت على أبى عبد الله عليه السلام بمكة وأخبرته وسألته فقال عليكم فداء واحد دم شاة وتشتركون فيه جميعا لان ذلك كان منكم على غير تعمد ولو كان ذلك منكم تعمدا
ليقع فيها الصيد فوقع ألزمت كل واحد منكم شاة قال أبو ولاد كان ذلك منا قبل ان ندخل الحرم مسألة المحرم يضمن الصيد في الحل كان أو في الحرم وأما المحل فإن كان في الحرم
ضمنه فيه وإلا فلا عند علمائنا وبه قال أكثر العامة خلافا لداود فإنه حكى عنه أنه قال لا ضمان على المحل إذا قتل الصيد في الحرم وهو غلط لما رواه العامة عن علي عليه السلام
وابن عباس وعمر وعثمان وابن عمر إنهم قضوا في حمام الحرم بشاة شاة ولم ينقل خلاف لغيرهم ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وان أصبته وأنت حرام في الحل فعليك القيمة
إذا عرفت هذا فكل صيد يحرم ويضمن في الاحرام يحرم ويضمن في حرم مكة للمحل إلا القمل والبراغيث فإنه لا يجوز قتلها حالة الاحرام ويجوز للمحل في الحرم لقول
الصادق عليه السلام لا بأس بقتل القمل والبق في الحرم ولا بأس بقتل النملة في الحرم وبه قال الشافعي وقال مالك يحرم قتل الديدان وان قتلها فداها مسألة لا يؤثر الاحرام
ولا الحرم تحريم شئ من الحيوان الأهلي وان توحش كالإبل والبقر والغنم باجماع العلماء وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال أفضل الحج العج والثج يعنى اسالة الدماء بالذبح والنحر من طريق الخاصة قول
الصادق عليه السلام يذبح في الحرم الإبل والبقر والغنم والدجاج إذا عرفت هذا فالدجاج الأهلي يجوز ذبحه للمحل والمحرم وأكله لهما في الحل والحرم إجماعا وأما الدجاج الحبشي
فعندنا انه كالأهلي يجوز للمحرم ذبحه وأكله في الحل والحرم ولا جزاء فيه لقول الصادق عليه السلام وقد سأله معاوية بن عمار عن ذجاج الحبشي فقال ليس من الصيد إنما الصيد ما كان
بين السماء والأرض وقال الشافعي فيه الجزاء وليس بشئ لأصالة البراءة مسألة لا كفارة في قتل السباع سواء كانت طايرة أو ماشية كالبازي والصقر والشاهين
والعقاب ونحوها والنمر والفهد وغيرهما ذهب إليه علماؤنا وبه قال احمد ومالك والشافعي لما رواه العامة عن عايشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل خمس فواسق في الحرم الحدأة و
الغراب والفأرة والعقرب والكلب العقور نص من كل جنس على صنف من أدناه تنبيها على الاعلى فنبه بالحدأة والغراب على البازي والعقاب وشبههما وبالفأرة على الحشرات
وبالعقرب على الحية وبالكلب العقور على السباع قال مالك الكلب العقور ما عقر الناس رعدا عليهم كالأسد والنمر والفهد والذئب ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كلما يخاف المحرم على نفسه
من السباع والحيات وغيرها فليقتله وان لم يردك فلا ترده وقال أبو حنيفة تقتل الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والذئب والحدأة لا غير لان
الحديث خصص الفواسق الخمس والتخصيص بالذكر لا يدل على نفى الحكم عما عداه إذا عرفت هذا فقد روى أصحابها ان من قتل أسدا لم يرده كان عليه
كبش روى أبو سعيد المكارى عن الصادق عليه السلام رجل قتل أسدا في الحرم فقال عليه كبش يذبحه وأما الغراب والحدأة فقد روى معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام
قال وارم الغراب والحدأة عن ظهر بعيرك وأما الذئب وغيره من أنواع السباع فلا جزاء عليه سواء صال أو لم يصل وبه وقال الشافعي لان حفظ النفس واجب ولا يتم إلا بقتلها و
قال أبو حنيفة إن صال لم يكن عليه شئ وان لم يصل وجب عليه الجزاء وأما الضبع فقال الشيخ (ره) لا كفارة فيه وكذا السمع المتولد بين الذئب والضبع وقال الشافعي فيهما الجزاء و
الأصل براءة الذمة قال الشيخ (ره) الحيوان إما مأكول أهلي كبهيمة الانعام ولا يجب بقتلها فدية أو وحشى كالغزلان وحمر الوحش وبقره ويجب الجزاء بقتله إجماعا وليس بمأكول أقسامه
ثلاثة ما لا جزاء فيه إجماعا كالحية والعقرب وشبههما وما يجب فيه الفداء عند العامة ولا نص لأصحابنا فيه والأولى فيه عدم الجزاء لأصالة البراءة كالمتولد بين ما يجب فيه
الجزاء وما لا يجب كالسمع المتولد بين الضبع والذئب والمتولد بين الحمار الوحشي والأهلي ومختلف فيه كجوارح الطير وسباع البهايم ولا يجب فيه الجزاء عندنا ويجوز قتل صغار السباع
وان لم تكن محذورة وقتل البراغيث والزنابير والقمل إلا أنه إذا قتل القمل على بدنه ولا شئ عليه وان أزاله عن جسده فعليه الفداء هذا آخر كلامه لكن روى أصحابنا ان
الزنبور وان قتله خطأ لا شئ عليه وان قتله عمدا كان عليه أن يتصدق بشئ من طعام لان معاوية بن عمار روى في الصحيح عن الصادق عليه السلام وسأله عن محرم قتل زنبورا فقال
إن كان خطا فلا شئ قلت بل عمدا قال يطعم شيئا من الطعام إذا ثبت هذا فكلما أدخله الانسان إلى الحرم من السباع أسيرا فإنه يجوز له إخراجه منه لان قتله مباح فإخراجه أولي
وسئل الصادق عليه السلام عن رجل ادخل فهدا إلى الحرم أله ان يخرجه فقال هو سبع وكلما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك ان تخرجه مسألة الجواز عندنا من صيد البر يحرم قتله ويضمنه
المحرم في الحل والمحل في الحرم عند علمائنا وبه قال علي عليه السلام وابن عباس وعمر وأكثر أهل العلم لما رواه العامة عن ابن عمر أنه قال الكعب في جرادتين ما فعلت في بيتك قال درهمان
قال مج؟ درهمان خير من مأة جرادة ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام المحرم لا يأكل الجراد وقال أبو سعيد الخدري هو من صيد البحر وللشافعي قول غريب انه من
صيد البحر لأنه يتولد من روث السمك وعن أحمد روايتان لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه من صيد البحر قال أبو داود الظاهر أنه عليه السلام قال إنه من صيد البر فتوهم الراوي
مسألة المحرم على المحرم مطلقا وعلى المحل في الحرم إنما هو صيد البر أما صيد البحر فإنه سايغ لكل أحد ولا فدية فيه بالنص والاجماع قال الله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه
330

لكم وللسيارة وقال الصادق عليه السلام لا بأس ان يصيد المحرم السمك ويأكله طريه ومالحه ويتزود وأجمع أهل العلم كافة على أن صيد البحر مباح للمحرم اصطياده وأكله وبيعه وشراؤه
إذا ثبت هذا فان صيد البحر هو ما يعيش في الماء ويبيض ويفرخ فيه كالسمك وأشباهه مما يحل وكالسلحفاة والسرطان ونحوهما فإن كان مما يعيش في البر والبحر معا
اعتبر بالبيض والفرخ فإن كان مما يبيض ويفرخ في البحر فهو صيد البحر وإن كان يبيض ويفرخ في البر وهو صيد البر لا نعلم فيه خلافا لا من عطا فإنه حكى عنه ان ما يعيش في البر كالسلحفاة والسرطان فيه الجزاء لأنه يعيش في البر فأشبه طير الماء
وهو ممنوع لأنه يبيض ويفرخ في الماء فأشبه السمك وأما طير الماء كالبط ونحوه فإنه صيد البر في قول عامة أهل العلم وفيه الجزاء لأنه يبيض ويفرخ في البر فكان من صيده كساير
طيوره وقال قال عطاء إنه قال حيث يكون أكثر فهو صيده وليس بجيد لما تقدم وإقامته في البحر لطلب الرزق والمعيشة منه كالصياد ولو كان لجنس من الحيوان نوعان بحرى و
برى كالسلحفاة فلكل نوع حكم نفسه كالبقر منه الوحشي محرم ومنه الانسى محلل مسألة لو صاد المحرم صيدا لم يملكه سواء كان في الحل أو في الحرم اجماع لعموم وحرم
عليكم صيد البر ما دمتم حرما وسأل محمد بن مسلم الصادق عليه السلام عن ظبى دخل الحرم قال لا يؤخذ ولا يمس ان الله تعالى يقول ومن دخل كان آمنا إذا ثبت هذا فلو تلف في
يده كان ضمانه عليه لأنه سبب في الاتلاف وقال الصادق عليه السلام لا يحرم أحد ومعه شئ من الصيد حتى يخرجه من ملكه فان أدخله الحرم وجب عليه ان يخليه فان يفعل حتى
يدخل الحرم ومات لزمه الفداء وسأل بكير بن أعين الباقر عليه السلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال إن كان حين أدخله خلا سبيله فلا شئ عليه وإن كان
أمسكه حتى مات فعليه الفداء أما لو كان الصيد في منزله لم يجب عليه إرساله ولا يزول ملكه عنه لأصالة بقاء الملك على ملكه وروى صفوان في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال قلت له الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله قال لا بأس لا يضره مسألة إذا اضطر المحرم إلى أكل الصيد أكل منه كما يأكل من الميتة
قدر ما يمسك به الرمق ولا يجوز له الشبع ولا التجاوز من ذلك إجماعا ولو وجد المضطر إلى أكله ميتة فلعلمائنا قولان قال بعضهم يأكل الميتة وبه قال الحسن البصري و
الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن لان الصيد إذا ذبح صار ميتة فساواها في التحريم وامتاز بإيجاب الجزاء وما يتعلق به من هتك حرمه الاحرام فكان أكل الميتة أولى
ولقول علي عليه السلام إذا اضطر المحرم إلى الصيد والى الميتة فليأكل الميتة التي أحل الله له وقال بعضهم يأكل الصيد ويفديه وبه قال الشافعي وإسحاق وابن المنذر وأبو يوسف
لأنه مع الضرورة والفدية يخرج من الاثم فيكون واجدا للمذبوح حلالا فلا تحل له الميتة ولان تحريم الصيد عارض وتحريم الميتة ذاتي فيكون الأول أولي بالتناول
ولقول الصادق عليه السلام وقد سأله عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل قال يأكل من الصيد ما يجب ان يأكل من ماله قلت بلى قال إنما عليه الفداء فليأكل وليفده
وقال بعض علمائنا إن كان الصيد حيا لم يجز له ذبحه لأنه يصير ميتة إجماعا فليأكل الميتة وإن كان مذبوحا فإن كان الذابح محرما فهو كالميتة لأنه لا فرق بينهما وإن كان محلا
فإن كان في الحرم فهو ميتة أيضا وإن كان في الحرام فإن كان المحرم المضطر قادرا على الفداء أكل الصيد ولم يكن قادرا أكل الميتة مسألة قد بينا تحريم
إمساك الصيد على المحرم فيضمنه لو فعل فلو أمسكه حتى حل ألزمه إرساله وليس له ذبحه فان ذبحه ضمن وحرم أكله لأنه صيد ضمنه بحرمة الاحرام فلم يبح أكله كما لو ذبحه حال
إحرامه هذا إذا كان في الحرم أما لو كان الصيد في الحل فامسكه وهو محرم ضمنه لان الصيد حرام على المحرم وإن كان في الحل فان أمسكه حتى حل جاز له ذبحه وفى الضمان اشكال من حيث
تعلقه به بسبب الامساك مسألة من ملك صيدا في الحل وادخله الحرم وجب عليه إرساله وزال ملكه عنه ولو تلف في يده أو أتلفه كان عليه ضمانه وبه قال ابن عباس وعايشة
وابن عمر وعطاء وطاوس وإسحاق واحمد وأصحاب الرأي لان الحرم سبب محرم للصيد ويوجب ضمانه فيحرم استدامته إمساكه كالاحرام ولان محمد بن مسلم روى في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال سألته عن ظبى دخل الحرم قال لا يؤخذ ولا يمس ان الله تعالى يقول ومن دخله كان آمنا وسأل بكير بن أعين الباقر عليه السلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال
إن كان حين ادخله خلى سبيله فلا شئ عليه وإن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء وقال الشافعي لو ادخل الحرم صيدا مملوكا له كان له ان يمسكه ويذبحه كيف شاء كالنعم لأنه صيد
الحل دون الحرم وليس بجيد ولو كان مقصوص الجناح امسكه حتى ينبت ريشه ويخلى سبيله أو يودعه من ثقة حتى ينبت ريشه لان خفظه واجب وإنما يتم بذلك ولما رواه
الحكم بن عيينة قال سألت الباقر عليه السلام ما تقول في رجل اهدى له حمام أهلي وهو في الحرم غير المحرم فقال إما أن كان مستويا خليت سبيله وإن كان غير ذلك أحسنت إليه حتى إذا استوى
ريشه خليت سبيله ولان تخليته تتضمن إتلافه لأنه لا يتمكن من الامتناع عن صغار الحيوان مسألة حمام الحرم لا يحل صيده وإن كان في الحل لأنه يصدق عليه انه صيد
صيد الحرم فيدخل تحت قوله (ع) لا ينفر صيدها وما رواه علي بن جعفر في الصحيح قال سألت الكاظم (ع) عن حمام الحرم تصاد في الحل فقال لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من
حمام الحرم إذا عرفت هذا فإن صيد الحرم يضمنه المسلم والكافر والحر والعبد والكبير والصغير والرجل والمرأة إجماعا لان الحرمة تعلقت بمحله بالنسبة
إلى الجميع فوجب على الجميع ضمانه كالآدمي وللعمومات الدالة عليه مسألة لو رمى المحل من الحل صيدا في الحرم فقتله أو أرسل كلبه عليه فقتله أو قتل صيدا على فرع شجرة
في الحرم أصلها في الحل ضمنه في جميع هذه الصور عند علمائنا أجمع وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين لقوله (ع) لا
ينفر صيدها ولم يفرق بين أن يكون المنفرد في الحل أو في الحرم ولأنه أصاب الصيد في موضع أمنه وقال احمد في الرواية الثانية لا ضمان عليه في ذلك كله ولو رمى من الحرم صيدا
في الحل أو أرسل كلبه عليه ضمنه وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان الصيد محرم على من في الحرم ولما رواه مسمع عن الصادق (ع) في رجل حل في الحرم رمى صيدا خارجا
من الحرم فقتله فقال عليه الجزاء لان الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم ولقول علي (ع) وقد سئل عن شجرة أصلها في الحرم وأغصانها في الحل على غصن منها طير
رماه فصرعه قال عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم وقال احمد في الرواية الأخرى لا ضمان عليه فروغ آ لو رمى من الحل إلى صيد في الحل أو أرسل كلبا في الحل إلى صيد
في الحل لكن قطع السهم في مروره هذا الحرم أو تخطى الكلب طرف الحرم قال الشيخ (ره) لا يضمنه وبه قال أصحاب الرأي واحمد وأبو ثور وابن المنذر والشافعية في أحد الوجهين
لأصالة البراءة وفى الوجه الثاني عليه الضمان - ب - لو رمى من الحل صيدا في الحل فقتل صيدا في الحرم ضمنه وبه قال الثوري واحمد و
إسحاق وأصحاب الرأي حلافا لأبي ثور فإنه قال لا جزاء فيه وهو خطأ لأنه قتل صيدا في الحرم - ج - لو أرسل كلبه على صيد في الحل فدخل الكلب الحرم فقتل صيدا آخر غيره فلا
ضمان وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لان الكلب دخل باختيار نفسه لا بإرساله فكان كما لو استرسل - د - لو أرسل كلبه على صيد فدخل الصيد الحرم
فتبعه الكلب فقتله في الحرم فالأقوى الضمان وبه قال عطا وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد لأنه قتل صيدا حرميا بإرسال كلبه عليه فضمنه كما لو قتله بسهمه وقال الشافعي
لا ضمان وبه قال أبو ثور وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى إن كان الصيد قريبا من الحرم ضمنه وإن كان بعيدا لم يضمنه وبه قال مالك ه‍ لا يجوز له أكل الصيد في هذه
المواضع أجمع سواء ضمنه أو لا لأنه صيد حرمي قتل في الحرم فكان ميتة ولو رمى المحل صيدا في الحل فجرحه فتحامل الصيد فدخل الحرم فمات فيه قال بعض العامة يحل أكله ولا جزاء
فيه لان الزكاة حصلت في الحل السادس لو رمى الصيد في الحل فمضى الصيد ودخل في الحرم فأصابه السهم وجب عليه الضمان ز - لو وقف صيد بعض قوائمه في الحل وبعضها في
331

الحرم فقتله قاتل ضمنه سواء أصاب ما هو في الحل أو الحرم تغليبا للحرمة وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي واحمد - ح - لو نفر صيدا من الحرم فأصابه شئ حال نفوره
ضمنه لأنه سبب إلى اتلافه فكان كما لو أتلفه بشركة ولو سكن من نفوره ثم أصابه شئ فلا ضمان وهو قول الثوري مسألة لو رمى صيدا فجرحه ومضى لوجهه ولم
يعلم حياته ولا موته كان عليه الفداء عند علمائنا تغليبا للاتلاف عملا بالسبب واحتياطا للبراءة ولان علي بن جعفر
سأل أخاه الكاظم عليه السلام عن رجل رمى صيدا وهو
محرم فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد قال عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد قال الشيخ (ره) لو رآه بعد كسر يده أو رجله
رعى وصلح وجب عليه ربع الفداء لان علي بن جعفر سأل الكاظم عليه السلام عن رجل رمى صيدا فكسر يده أو رجله وتركة فرعى الصيد قال عليه ربع الفداء مسألة
لو كان الصيد يؤم الحرم وهو في الحل لم يجز للمحل قتله قاله الشيخ (ره) لما رواه عقبة بن خالد عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل قضى حجه ثم اقبل حتى إذا خرج من الحرم فاستقبله
صيد قريبا من الحرم والصيد متوجه نحو الحرم فرماه فقتله ما عليه في ذلك شئ قال يفديه (على خ ل) من نحوه وقال بعض علمائنا إنه مكروه لا محرم لما رواه عبد الرحمن الحجاج عن الصادق عليه السلام
في الرجل يرمى الصيد وهو يؤم الحرم فتصيبه الرمية فيتحامل بها حتى يدخل الحرم فيموت فيه قال ليس عليه شئ إنما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحل فوقع فيها صيد حتى فاضطرب
دخل الحرم فمات فيه قلت هذا عندهم من القياس قال لا إنما شبهت لك شيئا إما الكراهة فلما رواه ابن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام
قال يكره ان يرمى الصيد وهو يؤم الحرم مسألة يكره الصيد فيما بين البريد والحرم وليس محرما للأصل وقال الشيخ (ره) يحرم ويفد به لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال
إذا كنت محلا في الحل فقتلت صيدا فما بينك وبين البريد إلى الحرم فان عليك جزاؤه فإن فقأت عينه أو كسرت قرنه تصدقت بصدقة والوجه حمل الرواية على الاستحباب
مسألة لو نزع عن جسده قملة فقتلها أو رمى بها فليطعم مكانها كفا من طعام لان حماد بن عيسى سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها قال يطعم
مكانها طعاما وروى حسين بن أبي العلاء عن الصادق عليه السلام قال المحرم لا ينزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمدا فان قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما فيصيبه
بيده ويجوز أن يأخذ ما عدا القملة من جسده وان أراد ان يحول القملة من مكان إلى مكان فعل وليس عليه شئ لقول الصادق عليه السلام المحرم يلقى عنه الدواب كلها إلا القملة
فإنها من جسده وإن أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضره ويجوز ان يرمى القراد والحلم عن بدنه لان عبد الله بن سنان سأل الصادق عليه السلام ان وجدت على (على جسدي خ ل) قرادا أو حلمة
اطرحهما قال نعم وصغار لهما انهما رقيا في غير مرقاهما ويجوز ان يرمى القراد عن بعيره دون الحلم لان معوية بن عمار قال وان القى المحرم يعنى القراد عن بعيره فلا بأس ولا يلقى
الحلمة مسألة قد بينا انه لا يجوز اخراج شئ من الصيد من الحرم وقال الشيخ (ره) يكره شراء القماري وما أشبههما واخراجها من مكة ومنعه ابن إدريس وهو المعتمد لان عيص بن
القاسم سأل الصادق عليه السلام عن شراء القماري يخرج من مكة والمدينة فقال ما أحب ان يخرج منها شئ ء واعلم أن الشيخ (ره) منع من صيد حمام الحرم حيث كان للمحل والمحرم وجوده ابن إدريس
والحق ما قاله الشيخ لان علي بن جعفر سأل أخاه الكاظم عليه السلام عن حمام الحرم يصاد في الحل فقال لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من حمام الحرم إذا ثبت هذا فان صيد
الحرم يضمن بالدلالة والإشارة كصيد الاحرام والواجب عليهما جزاء واحد وبه قال احمد ولا فرق بين ان يكون الدال في الحل والحرم وقال بعض العامة لا جزاء على الدال إذا
كان في الحل والجزاء على المدلول وحده كالحلال إذا دل محرما على صيد والحق ما قلناه لان قتل الصيد الحرمي حرام على الدال فيضمنه بالدلالة كما لو كان في الحرم لحقية ان صيد
الحرم محرم على كل واحد لقوله عليه السلام لا ينفر صيدها وهو عام في حق كل واحد ولان صيد الحرم معصوم بمحله فحرم قتله عليهما كالملتجي إلى الحرم وإذا ثبت تحريمه عليهما فيضمن
بالدلالة ممن يحرم عليه قتله كما يضمن بدلالة المحرم عليه مسألة لا فرق في تحريم الصيد بين الوحشي في أصله إذا استأنس أو بقى على توحشه كما أنه لا فرق في إباحة الأهلي
بين ان يتوحش أو لا ويجب الجزاء في الأول بقسميه عند علمائنا وبه قال الشافعي لان الوحشي وان استأنس لا يخرج عنه حكم توحشه الأصلي كما أنه لو توحش انسى لم يحرم التعرض
له الابقاء لاصلى وقال مالك لا جزاء في المستأنس وليس بجيد ولا فرق في وجوب الجزاء بين أن يكون الصيد مملوكا لانسان أو مباحا إلا أنه يجب في المملوك مع الجزاء ما بين
قيمته حيا ومذبوحا للمالك لظاهر القرآن وقال المزني من الشافعية لا جزاء في الصيد المملوك وليس بمعتمد إذا ثبت هذا فكما يحرم التعرض للصيد يحرم التعرض لاجزائه
بالحرج والقطع لان النبي صلى الله عليه وآله قال في الحرم لا ينفر صيدها ومعلوم ان الجرح والقطع أعظم من التنفير وكذا يحرم بيض الصيد وفرخه ولبنه على ما سيأتي
البحث الثاني في لبس الثياب المخيطة مسألة يحرم على المحرم الرجل لبس الثياب المخيطة عند علماء الأمصار قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن المحرم
ممنوع من لبس القميص والعمامة والسراويل والخف والبرنس لما روى العامة إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله ما يلبس المحرم من الثياب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يلبس القميص ولا
العمايم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحدا لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا يلبس من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس ومن طريق
الخاصة قول الصادق عليه السلام لا تلبس وأنت تريد الاحرام ثوبا تزره ولا تدرعه ولا تلبس سراويل إلا أن لا يكون لك إزار ولا الخفين إلا أن لا يكون لك نعلان وقد الحق أهل العلم
بما نص النبي صلى الله عليه وآله عليه ما في معناه فالجبة والدراعة وشبههما أما القميص والتبان والموان وشبههما ملحق بالسراويل والقلنسوة وشبهها مساو للبرنس والساعدان والقفازان
وشبههما مساوية للخفين إذا عرفت هذا فيحرم لبس الثياب المخيطة وغيرها إذا شابهها كالدرع المنسوج والمعقود كجبة اللبد والملصق بعضه ببعض حملا
على المخيط لمشابهته إياه في المعنى من الترفه والتنعم مسألة لو لم يجد الازار لبس السراويل وإذا لم يجد النعلين لبس الخفين باجماع العلماء لما رواه العامة عن ابن عباس
قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يخطب بعرفات يقول من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد ازار فليلبس سراويل للمحرم ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا تلبس سراويل إلا أن لا يكون لك ازار وعن الباقر عليه السلام
في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل قال نعم ولكن يشق ظهر القدم إذا عرفت هذا فإذا لبس السراويل أو الخف للضرورة لم يكن عليه فدية عند علمائنا وبه قال
عطا وعكرمة والثوري والشافعي وإسحاق لأصالة البراءة ولتسويغ النبي صلى الله عليه وآله اللبس لهما لأنه أمر بلبسه ولم يذكر فدية وقال أبو حنيفة ومالك على من لبس السراويل فدية
لورود النهى عن لبسه ولان ما وجبت الفدية بلبسه مع وجود الازار وجبت مع عدمه كالقميص والنهى مخصوص بحديث ابن عباس والقميص يمكنه ان يتزر
به من غير لبس ويستتر به بخلاف السراويل مسألة يحرم عليه لبس الخفين وما يستر ظهر القدم اختيارا ويجوز في حال الضرورة لما تقدم من الأحاديث وهل يجب عليه
شقهما قال الشيخ (ره) نعم وبه قال عروة بن الزبير ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله قال فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين
وليقطعهما حتى يكون إلى الكعبين ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام في المحرم يلبس الخف قال نعم
ولكن يشق ظهر القدم وقال بعض علمائنا لا يجب شقهما ورواه العامة عن علي عليه السلام
وبه قال عطاء وعكرمة وسعيد بن سالم وعن أحمد روايتان كالقولين لما رواه العامة عن علي عليه السلام قطع الخفين فساد يلبسهما كما هما ولأنه ملبوس أبيح لعدم غيره فلا يجب
قطعه كالسراويل ولان قطعه لا يخرجه عن حالة الخطر فان المقطوع يحرم لبسه مع وجود النعل كلبس الصحيح ولاشتماله على إتلاف مالية فروع - آ - لا يجوز له لبس المقطوع
332

من الخفين مع وجود النعلين لان النبي صلى الله عليه وآله شرط في لبسهما عدم النعل فلو لبسه وجبت الفدية وبه قال مالك واحمد لأنه مخيط بعضو على قدره فوجب على المحرم الفدية بلبسه
كالقفازين وقال أبو حنيفة لا فدية عليه وللشافعي قولان كالمذهبين لأنه لو كان لبسهما محرما تجب به الفدية لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقطعهما لعدم الفدية والجواب القطع أو البس
بعده إنما يجوز مع عدم النعلين فالفايدة سقوط الدم والعقاب مع القطع وعدم النعل - ب - يجوز لبس النعل مطلقا ولا يجب قطع شئ منها ولا فدية حينئذ لورود
الامر بلبسهما مطلقا والأصل عدم التخصيص وقال احمد يجب قطع القيد في النعل والعقب وتجب به الفدية لو لم يقطعهما وبه قال عطاء - ج - لو وجد نعلا لا يتمكن من لبسه
لبس الخف ولا فدية لأنه بتعذر استعماله أشبه المعدوم وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفى الثابتة تجب الفدية لان النبي صلى الله عليه وآله قال من لم يجد نعلين فليلبس الخفين وهذا
واجد وليس بجيد لان المراد الوجدان مع التمكن من الاستعمال - د - الجوربان كالخفين في المنع من لبسهما مع التمكن من النعلين وجوازه مع عدمه لأنه بمعناه وروى الحلبي
في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال وأي محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله ان يلبس الخفين ان اضطر إلى ذلك والجوربين يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما - ه‍ - ليس للمحرم ان
يعقد عليه الرداء ولا غيره إلا الازار والهميان وليس له ان يجعل لذلك زرا ولا عروة لان يونس بن يعقوب سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يشد الهميان وسطه قال نعم وما خيره بعد
نفقته ويجوز له ان يعقد ازاره عليه لأنه يحتاج إليه لستر العورة فيباح كاللباس للمراة ويعقد الهميان وتجب الفدية باللبس طال الزمان أو قصر وبه قال الشافعي لأنه باشر
محظور الاحرام فلزمه الفداء كما لو حلق وقال أبو حنيفة إنما تلزمه الفدية التامة إذا استدام اللبس يوما كاملا فإن كان أقل فعليه صدقة - ز - تجب الفدية بلبس القبا
وان لم يدخل يديه في كميه وبه قال الشافعي ومالك واحمد وقال أبو حنيفة لا تجب لو أخرج يديه من كميه ولو ألقى على نفسه قباء أو فرخية (فرحيا ل خ)؟ وهو مضطجع قال بعض الشافعية ان أخذ من
بدنه ما إن قام عد لابسه فعليه الفدية وإن كان بحيث لو قام أو قعد لم يتمسك عليه إلا بمزيد أمر فلا مسألة يجوز للمراة لبس المخيط اجماعا لأنها عورة وليست كالرجال
وكذا يجوز لها ان تلبس الغلالة إذا كانت حايضا إجماعا لتقى ثيابها من الدم لقول الصادق عليه السلام تلبس المرأة المحرمة الحايض تحت ثيابها غلالة ولا يجوز للمرأة لبس الفقازين
ولا لبس شئ من الحلى ما لم تجر عادتها بلبسه له قبل الاحرام ولا يجوز لها لبس البرقع لان الباقر عليه السلام كره للمحرم البرقع والقفازين والمراد بالقفازين شئ تتخذه المرأة
لليدين يحشى بقطن ويكون له ازار تزره على الساعدين من البرد تلبسه المرأة وبه قال علي عليه السلام وعايشة وابن عمر وعطاء وطاوس ومجاهد والنخعي ومالك واحمد و
إسحاق وللشافعي قولان أحدهما الجواز وبه قال أبو حنيفة والثوري وسعيد بن أبي وقاص فإنه أمر بناته ان يلبسن القفازين لما رواه العامة عن علي عليه السلام قال لا تتنقب
المرأة الحرام ولا تلبس القفازين ومن طريق الخاصة ما تقدم ويجوز للمرأة ان تلبس الخلخال والمسك بفتح الميم وهو سوار من دبل أو عاج فرع الخنثى المشكل لا يجب
عليه اجتناب المخيط لأصالة البراءة مسألة يحرم لبس السلاح لغير ضرورة لما فيه من منافاته للخضوع والتذلل وقيل يكره للأصل البحث الثالث
الطيب مسألة يحرم على المحرم الرجل والمرأة الطيب أكلا وشما وإطلاء باجماع علماء الأمصار لان النبي صلى الله عليه وآله قال في المحرم الذي وقصت به ناقته لا تمسوه بطيب ومنع
الحي لأجل الاحرام المتحقق عينا أولي من الميت المحرم وهما وما رواه الخاصة في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا يمس المحرم شيئا من الطيب ولا من الريحان ولا يتلذذ به فمن ابتلى بشئ
من ذلك فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعه يعنى من الطعام إذا عرفت هذا فالمحرم إذا مات وهو محرم لا يجوز تغسيله بالكافور ولا يحنط به
ولا بغيره من أنواع الطيب مسألة الطيب ما تطيب رايحته ويتخذ للشم كالمسك والعنبر والكافور والزعفران وماء الورد والادهان الطيبة كدهن البنفسج والورس والمعتبر
ان يكون معظم الغرض منه التطيب أو يظهر فيه هذا الغرض وقد اختلف علماؤنا في تقسيم التحريم وعدمه فالمشهور التعميم لما تقدم وللشيخ (ره) قول آخر ان المحرم انما هو المسك والعنبر
والعود والكافور والزعفران والورس بفتح الواو وسكون الراء وهو نبت احمر فان يوجد على قشور شجرة ينحت منها ويجمع وهو يشبه الزعفران المسحوق يجلب من اليمن
طيب الريح لما روى عن الصادق عليه السلام أنه قال انما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء المسك والعنبر والورس والزعفران غير أنه يكره للمحرم الأدهان الطيبة الريح ويحمل على
شدة التحريم إذا عرفت هذا فالنبات الطيب أقسامه ثلاثة الأول ما لا ينبت للطيب ولا يتخذ منه كنبات الصحراء من الشيح والقيصوم والخرابي والإذخر
والدارچينى والمصطكي والزنجبيل والسعد وحبق الماء بالحاء المفتوحة غير المعجمة والباء المنقطة تحتها نقطه المفتوحة والقاف وهو الحندقوفي وقيل الفودنج
والفواكه كالتفاح والسفرجل والنارنج والأترج وهذا كله ليس بمحرم ولا تتعلق به كفارة إجماعا وكذا ما ينبته الآدميون لغير قصد الطيب كالحناء والعصفر لما روى أن
أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله كن يحرمن في المعصفرات ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا بأس ان تشم الإذخر والقيصوم والخزامي والشيح وأشباهه وأنت محرم وسأل
عمار الساباطي الصادق عليه السلام عن المحرم أيأكل الأترج قال نعم قلت فان له رايحته طيبة فقال إن الأترج طعام ليس هو من الطيب وسأل عبد الله بن سنان الصادق عليه السلام
عن الحناء فقال إن المحرم ليمسه ويداوى به بعيره وما يطيب وما به بأس الثاني ما ينبته الآدميون للطيب ولا يتخذ منه طيب كالريحان الفارسي والمرز جوش و
النرجس والبرم قال الشيخ (ر ه) فهذا لا تتعلق به كفارة ويكره استعماله وبه قال ابن عباس وعثمان بن عفان والحسن ومجاهد وإسحاق ومالك وأبو حنيفة لأنه لا يتخذ
للطيب فأشبه العصفر وقال الشافعي في الجديد تجب به الفدية ويكون محرما وبه قال جابر وابن عمر وأبو ثور وفى القديم لا تتعلق به الفدية لأنها لا تبقى لها رايحة إذا (اجتثت)
وعن أحمد روايتان لأنه يتخذ للطيب فأشبه الورد الثالث ما يقصد شمه ويتخذ منه الطيب كالياسمين والورد والنيلوفر والظاهر أن هذا يحرم شمه وتجب منه
الفدية وبه قال الشافعي لان الفدية تجب فيما يتخذ منه فكذا في أصله وقال مالك وأبو حنيفة لا تجب مسألة ما يطلب للتطيب واتخاذ الطيب منه حرام كالزعفران و
إن كان يقصد للصبغ والتداوي وكذا الورس وما يطلب للاكل والتداوي غالبا لا يحرم كالقرنفل والسنبل والدارصيني وساير الأبازير الطيبة وفى البنفسج للشافعي
قولان أحدهما انه ليس بطيب لان الغرض منه التداوي والثاني انه طيب وقيل في الجميع انه أراد بالأول الجاف فإنه حينئذ لا يصح إلا للتداوي وقيل أراد بنفسج الشام والعراق
لأنه لا يتطيب به وقيل أراد المربى بالسكر وفى النيلوفر له قولان والريحان طيب عند بعض الشافعية والحناء ليس بطيب ولا يجب على المحرم باستعماله فدية ولا يحرم
استعماله بل يكره للزينة وبه قال الشافعي لما رواه العامة ان أزواج النبي صلى الله عليه وآله كن يختضبن بالحناء ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام انه ليس بطيب وان المحرم ليمسه ويداوى
به بغيره وبه قال أبو حنيفة يحرم ويجب به الفدية لقول النبي صلى الله عليه وآله لام سلمة الا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسى الحناء لأنه طيب ولان له رايحة مستندة فأشبه الورس والرواية
ضعيفة رواها ابن لهيعة وهو ضعيف وروى غيره لا تمسى الحناء فإنه خضاب وينتقض القياس بالفواكه والعصفر ليس بطيب ويجوز للمحرم لبس المعصفر ولا فدية
فيه وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله سوغ لبس المعصفر ومن طريق الخاصة ما رواه علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه الكاظم عليه السلام قال سألته يلبس المحرم الثوب المشبع بالعصفر
فقال إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس به وقال أبو حنيفة العصفر طيب تجب به الفدية قياسا على الورس ونمنع الالحاق ولا بأس بخلوق الكعبة وشم رايحته سواء كان عالما
333

أو جاهلا عامدا أو ناسيا لأصالة البراءة وما رواه حماد بن عثمن في الصحيح عن الصادق عليه السلام إنه سأله عن خلوق الكعبة وخلوق القبر يكون في ثوب الاحرام فقال لا بأس به هما
طهوران وقال الشافعي ان جهل انه طيب فبأن طيبا رطبا فان غسله في الحال وإلا وجبت الفدية وان علمه طيبا توضع يده عليه يعتقده يابسا فبأن رطبا فقولان لأنه مس طيبا فوجبت الفدية والملازمة ممنوعة لان هذا الوضع مما تمس
الحاجة إلى الدخول إليه وربما حصل زحام مسألة يحرم لبس الثوب مسه طيب ذهب إليه علماء الأمصار لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تلبسوا شيئا من الثياب مسه الزعفران
ولا الورس ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا تمس الريحان وأنت محرم ولا تمس شيئا فيه زعفران ولا تأكل طعاما فيه زعفران ولا ترتمس في ماء يدخل فيه رأسك إذا ثبت هذا
فلا فرق بين صبغ الثوب بالطيب وغمسه فيه وتنجيزه به وكذا لا يجوز افتراشه والنوم عليه والجلوس فمتى لبسه أو نام عليه وجبت الفدية وبه قال الشافعي واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن لبس
ما مسه الزعفران ولم يفرق بين الرطب واليابس ولا بين ما ينقض وما لا ينقض وقال أبو حنيفة إن كان رطبا يلي بدنه أو يابسا ينقض فعليه الفدية وإلا فلا لأنه غير مستعمل
يحرم الطيب في بدنه فلا فدية عليه كما لو جلس عن العطارين والفرق ان الجلوس ليس بتطيب فروع - آ - لو غسل الثوب حتى ذهب الطيب جاز لبسه إجماعا ولان الصادق عليه السلام
سئل عن الثوب للمحرم يصيبه الزعفران ثم يغسل فقال لا بأس به إذا ذهب - ب - لو انقطعت رايحة الطيب لطول الزمان عليه أو صبغ بغيره بحيث لا تظهر رايحة إذا رش
بالماء جاز استعماله وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لزوال الرايحة المقتضية للتحريم وكرهه مالك - ج - لو فرش فوق
الثوب المطيب ثوبا يمنع الرايحة والمباشرة فلا فدية بالجلوس عليه والنوم ولو كان الحايل ثياب نومه فالوجه المنع لأنه كما منع من استعمال الطيب في بدنه منع من استعماله في
ثوبه - د - لو أصاب ثوبه طيب وجب عليه غسله أو نزعه فلو كان معه من الماء فلا يكفيه لغسل الطيب وطهارته غسل به الطيب لان للوضوء بدلا - ه‍ - لو جعل الطيب في خرقه
وشمها وجب عليه الفداء للعمومات وقال الشافعي لا فدية عليه مسألة يكره له الجلوس عند العطارين ويمسك على انفه لو جاز في زقاق العطارين ولا يقبض على
أنفه من الرايحة الكريهة لقول الصادق عليه السلام وامسك على انفك من الريح الطيبة ولا تمسك من الريح المنتنة ويجوز الجلوس عند الكعبة وهي تجمر وبه قال الشافعي ولا يجوز الجلوس عند
رجل متطيب ولا في سوق العطارين لأنه يشم الطيب حينئذ وقال الشافعي ان جلس لحاجة أو غرض غير الطيب كره وإن جلس لشم الطيب فقولان أحدهما الجواز من غير كراهة كالجلوس
إلى الكعبة والثاني الكراهة قال الشيخ لو كان الطيب يابسا مسحوقا فان علق ببدنه منه شئ فعليه الفدية وان لم يعلق بحال فلا فدية وإن كان يابسا غير مسحوق فان علق ببدنه
رايحته فعليه الفدية وقال الشافعي ان علق به رايحة فقولان قال الشيخ (ره) لو مس طيبا ذاكرا لاحرامه عالما بالتحريم رطبا كالمسك والغالية والكافور المبلول بماء ورد وشبهه فعليه
الفدية في أي موضع كان من بدنه وكذا لو تسعطه أو حقن وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لو ابتلع الطيب فلا فدية عليه وكذا لو حشا جرحه بطيب ولو داس بنعله طيبا فعلق
بنعله فان تعمد ذلك وجبت الفدية لأنه مستعمل للطيب كما لو علق ثوبه وان لم يتعمد لم يكن عليه شئ ولو اضطر المحرم إلى سعوط فيه مسك جاز له التسعط به للرواية ولو لم تكن
ضرورة فالوجه المنع ووجوب الفدية وبه قال الشافعي وكذا لو احتقن به خلافا لأبي حنيفة مسألة يحرم على المحرم أكل ما فيه طيب عمدا وتجب به الفدية على جميع الأحوال
عند علمائنا أجمع لعموم الأخبار الدالة على المنع من أكل طعام فيه طيب أو شربه واستعماله الطيب مطلقا وقول الصادق عليه السلام واتق الطيب في زادك وقول الباقر عليه السلام من أكل زعفرانا
متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله ويتوب إليه وقال مالك ان مسته النار فلا فدية وهو قول أصحاب الرأي لأنه استحال بالطبخ عن كونه
طيبا فيكون سابغا سواء بقيت أوصافه أو لم تبق وليس بجيد لان الترفه والاستمتاع حاصل من حيث المباشرة فأشبه ما لو كان نيا؟ مسألة لو طيب بعض العضو
كما لو طيب كله ويجب الفداء عند علمائنا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ان طيب جميع العضو كالرأس واليد وجبت الفدية التامة وإلا فلا بل يجب صدقه لو طيب بعض العضو
لنا انه مستعمل للطيب فدخل تحت عموم النهى وكذا البحث في اللبس لو لبس بعض العضو أو عطى بعض رأسه كان كما لو ستر الجميع ولو اضطر إلى اكل طعام فيه طيب ومسه أكل أو لمس وقبض
على أنفه للضرورة ولا شئ عليه ويجوز له شراء الطيب إجماعا لأنه غير المنهى عنه فيبقى على الإباحة الأصلية وكذا يشترى المخيط والجواري لأنه غير الاستمتاع بهما بخلاف النكاح
الذي لا يقصد به إلا الاستمتاع فلهذا منع منه وكما يمنع المحرم من ابتداء الطيب كذا يمنع من استدامته سواء صبغ ثوبه به كالممسك والمزعفر والمعنبر أو غمسه فيه كما لو غمسه في ماء الورد
وماء الكافور أو بخره به كالند والعود ولو غمس ثوبه في ماء الفواكه الطيبة كالأترج والتفاح وشبهه لم يكن به بأس قال الشيخ (ره) يستحب للمحرم إذا نسى وتطيب ان يكلف محلا
غسله ولا يباشره بنفسه فان باشره بنفسه ولا شئ عليه وهو جيد مسألة لو أكل طعاما فيه زعفران أو طيب اخر أو استعمل مخلوطا بالطيب في غير الاكل فان استهلك الطيب فيه
فلم يبق له ريح ولا طعم ولا لون فالأقرب انه لا فدية فيه وبه قال الشافعي وان ظهرت هذه الأوصاف فيه وجبت الفدية قطعا وان بقيت الرايحة وحدها فكذلك لأنها الغرض
الأعظم من الطيب وان بقى اللون وحده فطريقان للشافعية أحدهما ان المسألة على قولين أظهرهما انه لا تجب فدية لان اللون ليس بمقصود اصلى الطريق الثاني القطع بعدم
وجوب الفدية ولو بقى الطعم وحده فطريقان أظهرهما انه كالريح والثاني انه كاللون ولو أكل الجلنجبين نظر في استهلاك الورد فيه وعدمه ولو خفيت رايحة الطيب أو الثوب الطيب
بمرور الزمان عليه أو بغبار وغيره قال الشافعي إن كان بحيث لو أصابه الماء فاحت الرايحة منه لم يجز استعماله فان بقى اللون فوجهان مبنيان على الخلاف المذكور
في أن اللون هل يعتبر والصحيح عندهم انه لا يعتبر ولو مزج ماء ورد بماء مطلق فذهبت رايحته فقولان أحدهما تجب الفدية باستعماله للعلم بوصول الطيب إليه والثاني
وهو الأصح عندهم لا تجب الفدية لفوات مقصود الطيب مسألة استعمال الطيب عبارة عن شمه أو الصاق الطيب بالبدن أو الثوب أو تشبث الرايحة باحديهما
قصدا للعرف فلو تحقق الريح دون العين بجلوسه في حانوت عطار أو في بيت مجمرة ساكنوه وجبت الفدية ان قصد تعلق الرايحة به وإلا فلا والشافعي اطلق القول بعدم
وجوب الفدية ولو احتوى على مجمرة لزمة الفدية عندنا وعنده أيضا وقال أبو حنيفة لا تجب الفدية ولو مس جرم العود فلم تعبق به رايحته فلا فدية وللشافعي قولان و
لو حمل مسكا في فاره مصمومة الرأس فلا فدية إذا لم يشمها وبه قال الشافعي ولو كانت غير مصمومة فللشافعية وجهان وقال بعضهم ان حمل الفارة تطيب ولو جعل الطيب
المسحوق في خرقة وشمها فعليه الفداء وقال الشافعي لا فدية عليه ولا يكون محرما ولو طيب فراشه ونام عليه حرم ولزمه الفداء ولا فرق بين ان يتفق الالصاق بظاهر البدن
أو داخله كما لو أكله أو احتقن به أو تسعط وللشافعية قول اخر انه لا تجب الفدية في الحقنة والسعوط ولو مس طيبا فلم يعبق ببدنه شئ من جرمه ولكن عبقت به الرايحة لزمه
الفداء وهو أحد قولي الشافعي لان المقصود الرايحة وقد حصلت والثاني لا تجب لان الرايحة قد تحصل بالمجاورة ولو لم يعبق به الرايحة فلا شئ عليه ولو شد المسك أو العنبر أو الكافور
في طرف ثوبه أو وضعته المرأة في جيبها أو لبست الحلى المحشو به وجبت الفدية ولو شم الورد فقد تطيب به وكذا لو شم ماء الورد وقال الشافعي لا يجب بشم ماء الورد شئ
إلا أن يصبه على بدنه أو ثوبه لان الطريق فيه الصب على الثوب أو البدن ولو داس بنعله طيبا لزمه الفدية وبه قال الشافعي لأنها ملبوس له بحال ولو نام أو جلس على الأرض أو
فراش مطيبين فان فرش فوقهما ثوبا وإن كان رقيقا فلا بأس إذا لم يشم طيبها وإلا فلا مسألة إنما يحرم استعمال الطيب مع القصد فلو تطيب ناسيا أو جاهلا بكونه طيبا
334

أو يكون الطيب محرما فلا فدية وبه قال الشافعي كما لو تكلم في الصلاة ناسيا أو أكل في رمضان وقال أبو حنيفة ومالك والمزني تجب الفدية على الناسي والجاهل وعن أحمد روايتان ولو علم أنه
طيب ولم يعلم أنه يعبق لزمته الفدية ولو علم تحريم الاستعمال وجهل وجوب الفدية وجبت الفدية لأنه إذا علم التحريم كان حقه الامتناع ولو علم تحريم الطيب وجهل كون الممسوس طيبا لم يجب الفدية
وهو قول أكثر الشافعية لأنه إذا جهل كون الشئ طيبا فقد جهل تحريم استعماله وحكى الجويني وجها اخر انه تجب الفدية ولو مس طيبا وهو يظن أنه يابس لا يعلق شئ منه به فالأقرب عدم
الفدية وهو أحد قولي الشافعي لان جهله برطوبة كجهله بكونه طيبا والثاني تجب الفدية لأنه قصد الطيب مع العلم بكونه طيبا وقال الشيخ (ره) لو كان الطيب يابسا مسحوقا فان
علق بيده شئ منه فعليه الفدية وإن لم يعلق بحال فلا فدية ولو كان يابسا غير مسحوق كالعود والعنبر والكافور فان علق بيده رايحته فعليه الفدية للاحتياط وعموم
الاخبار وهو جيد مسألة لو لصق الطيب ببدنه أو ثوبه على وجه لا يوجب الفدية بأن كان يابسا أو ألقته الريح وجب عليه المبادرة إلى غسله أو تنحيته أو معالجته بما
يقطع رايحته ويأمر غيره بإزالة ذلك عنه ولو باشره بنفسه فالأقرب انه لا يضره لأنه قصد الإزالة فان اخره قادرا فلم يلزمه مع الامكان وجب الفداء ولو كان زمنا
لا يقدر على ازالته أو متكونا لا يتمكن فلا فدية ولو أكره على التطيب فلا فدية ولا خلاف بين أهل العلم في تحريم لبس ثوب فيه طيب من ورس أو زعفران أو غيرهما مع رطوبته أو تبخيره
به فكل ما صبغ بزعفران أو ورس أو غمس في ماء ورد أو بخر بعود فليس للمحرم لبسه ولا الجلوس عليه ولا النوم عليه ولأنه استعمال له فأشبه لبسه ومتى لبسه أو استعمله فعليه الفداء وبه قال
الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة إن كان رطبا بلى بدنه أو يابسا ينقص فعليه الفدية وإلا فلا لأنه ليس بمتطيب وهو خطأ لأنه محرم استعمل ثوبا مطيبا فلزمته الفدية كالرطب
فان غسله حتى ذهب ما فيه من الطيب فلا بأس به باجماع العلماء ولو انقطعت رايحة الثوب بطول الزمن عليه أو لكونه صنع بغيره فغلب عليه بحيث لا تفوح له رايحة إذا رش فيه
الماء فلا بأس باستعماله لزوال الطيب منه وبه قال سعيد بن المسيب والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وهو عن عطا وطاوس وكره ذلك مالك إلا أن يغسل ويذهب
لونه لان عين الزعفران ونحوه موجودة فيه وليس بجيد لأنه إنما نهى عنه لأجل رايحته والتلذذ به وقد ذهب بالكلية ولو لم تكن له رايحة في الحال لكن كان بحيث لو رش فيه
ماء فاح رايحة ففيه الفدية لأنه متطيب لان رايحته تظهر عند رش الماء فيه والماء لا رايحة له وإنما هي من الصبغ الذي فيه ولو رش فوق الثوب ثوبا صفيقا يمنع الرايحة
والمباشرة فلا فدية عليه بالجلوس والنوم عليه ولو كان الحايل بينهما يذاب بدنه وجب الفداء لأنه ممنوع من استعمال الطيب في الثوب الذي هو عليه كما منع من استعماله
في بدنه ولا بأس بالثوب المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر للرواية خلافا للثوري وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن وكذا لا بأس بالممشق وهو المصبوغ بالمشق وهو المصبوغ بالمغره؟
لأنه مصبوغ بطين لا بطيب وكذا المصبوغ بساير الاصباغ سوى ما ذكرنا وإن كان السواد مكروها لأصالة الإباحة إلا ما ورد الشرع بتحريمه أو كان في معناه و
أما المصبوغ بالرياحين فهو مبنى على الرياحين في نفسها فما منع المحرم عن استعماله منع من المصبوغ به إذا ظهرت رايحته وإلا فلا مسألة لو مات المحرم لم يجز تغسيله
بالكافور وهو إجماع للأحاديث الدالة عليه من طريق العامة والخاصة روى محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر عليه السلام عن المحرم إذا مات كيف يصنع به قال يغطى لوجهه ويصنع
به كما يصنع بالحلال غير أنه لا يقربه طيبا البحث الرابع الادهان مسألة الدهن ضربان طيب وغير طيب فالطيب البنفسج والورد والنيلوفر والبان وما في معناه
ولا خلاف ان فيه الفدية على أي وجه استعمله وأما غير الطيب مثل الشيرج والزبد والسمن فيجور أكله إجماعا قال الشيخ (ره) ولا يجوز الادهان به على وجه وأما وجوب الكفارة
بالادهان فليست أعرف به نصا والأصل براءة الذمة ثم قال وقد اختلف الناس على أربعة مذاهب فقال أبو حنيفة فيه الفدية على كل حال إلا أن يداوى به جرحه أو شقوق
رجليه وقال الحسن بن صالح بن حي لا فدية فيه بحال وقال الشافعي فيه الفدية في الرأس واللحية ولا فدية فيما عداهما لما فيه من ترجيل الشعر وتزيينه والمحرم منعوت بالشعث
المعتاد له ولو كان أقرع أو أضلع فدهن رأسه أو أمرد فدهن ذقنه فلا فدية عليه عنده إذ ليس فيه تزيين شعر ولو كان محلوق الرأس فوجهان ولو كان في رأسه شجة فجعل
الدهن في داخلها فلا شئ عليه وقال مالك إن دهن به ظاهر بدنه ففيه الفدية وإن كان في بواطن بدنه فلا فدية واستدل على مذهبه بأصالة براءة الذمة وبما رواه
العامة عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله دهن وهو محرم بزيت إذا عرفت هذا فنقول الدهن الطيب كدهن الورد والبنفسج والنيلوفر يحرم الادهان به وبه قال الأوزاعي و
احمد وكره مالك وأبو ثور وأصحاب الرأي الادهان بدهن البنفسج وقال للشافعي ليس بطيب وهو غلط لأنه يأخذ
للطيب وتقصد رايحته فكان طيبا كماء الورد و
إما ما لا طيب فيه كالزيت والشيرح والسمن والشحم ودهن البان الشارخ فالمشهور عند علمائنا تحريم الادهان به بعد الاحرام اختيارا وذهبت العامة إلى جوازه
وقال ابن المنذر أجمع عوام أهل العلم على أن للمحرم أن يدهن بدنه بالشحم والزيت والسمن ونقل بعض العامة جواز ذلك عن ابن عباس وأبي ذر والأسود بن يزيد
وعطا والضحاك وغيرهم وقال عطا ومالك والشافعي وأبو ثور واحمد في رواية وأصحاب الرأي لا يدهن المحرم رأسه بالزيت الذي يوكل لأنه يزيل الشعث ويرجل
الشعر ويحسنه وأجمعوا على إباحة استعماله في اليدين وإنما الكراهة عندهم في الرأس خاصة محل الشعر لنا ما رواه العامة عن ابن عمر انه صدع وهو محرم فقالوا لا ندهنك
بالسمن فقال لا قالوا أليس تأكله قال ليس أكله كالادهان به وعن مجاهد إن تداوى به فعليه الكفارة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ولا تمس شيئا من الطيب ولا من الدهن
في احرامك وقال عليه السلام وادهن بما شئت من الدهن حين تريد أن تحرم فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن ولو أدهن بالدهن الطيب قبل الاحرام فإن كانت رايحته تبقى إلى بعد الاحرام
فعل حراما ولو ذهبت رايحته بعد الاحرام أو ادهن قبله بما ليس بطيب فإنه جايز إجماعا مسألة لو اضطر إلى استعمال الأدهان الطيبة حالة الاحرام جاز له استعماله وتجب
الفدية لما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج قال إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين وإن كان تعمد فعليه دم شاء يهريقه ويجوز استعمال
ما ليس بطيب بعد الاحرام اضطرارا إجماعا ولا فدية لأصالة البراءة ولما رواه هشام بن سالم في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمل فليبطه وليداوه بسمن
أو زيت البحث الخامس الاكتحال بما فيه طيب مسألة أجمع علمائنا على أنه لا يجوز للمحرم ان يكتحل بكحل فيه طيب سواء كان رجلا أو امرأة لان النبي صلى الله عليه وآله
حرم استعمال الطيب وهو قول كل من حرم استعمال الطيب وجب به الفدية كما قلنا في طيب لقول الصادق عليه السلام لا يكحل المحرم عينيه بكحل فيه زعفران وليكحلها بكحل فارسي إذا عرفت
هذا فلا يجوز ان يكتحل للزينة لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا بأس بان يكتحل وأنت محرم ما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه فإما للزينة فلا يجوز
مسألة لا يجوز للمحرم ان يكتحل بالسواد سواء كان رجلا أو امرأة إلا عند الضرورة ويجوز لهما ان يكتحلان بما عداه من الاكحال إلا إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز على حال وبه قال
الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز الاكتحال بما فيه طيب وكره عطا والحسن البصري ومجاهد الاكتحال بالإثمد وروى عن ابن عمر أنه قال يكتحل المحرم بكل كحل ليس فيه طيب قال مالك لا بأس ان يكتحل
المحرم من حر يجده في عينيه بالإثمد وغيره وعن أحمد أنه قال يكتحل المحرم ما لم يرد به الزينة قيل له الرجال والنساء قال نعم لنا على المنع من الأسود كالأثمد وشبهه ما رواه العامة ان عليا (ع)
335

قدم من اليمن فوجد فاطمة عليها السلام ممن حل فلبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت أبى أمرني بهذا فقال النبي صلى الله عليه وآله صدقت صدقت ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) لا يكتحل الرجل والمرأة المحرمان بالكحل الأسود إلا من علة ولقول النبي صلى الله عليه وآله الحاج أشعث اغبر وهو ينافي الاكتحال مسألة لو اكتحل الرجل أو
المرأة بالإثمد أو الأسود فعلا محرما عند أكثر علمائنا ولا تجب به الفدية عملا بأصالة البراءة السالم عن معارض من نص أو غيره وقال الشافعي إن فعلا فلا أعلم عليهما
فيه فدية بشئ ولا خلاف في زوال التحريم مع الضرورة ولا يجوز الاكتحال بما فيه زينة لقول الصادق عليه السلام تكتحل المرأة بالكحل كله إلا كحلا أسود للزينة وقال الصادق عليه السلام
لا تكتحل المرأة بالسواد إن السواد زينة وهو يدل على التعليل فيطرد الحكم باطرادها وقال الشافعي يحرم الاكتحال بما فيه طيب خلافا لأبي حنيفة وما لا طيب فيه
يجوز الاكتحال به نقله المزني وله قول اخر انه يكره وتوسط آخرون من أصحابه إن لم يكن فيه زينة كالتوتياء الأبيض لم يكره وإن كان فيه زينة كالأثمد كره الا لحاجة
الرمد البحث السادس النظر في المرآة مسألة اختلف علماؤنا في تحريم النظر في المرآة على المحرم بعضهم بالتحريم وبعضهم بالكراهة واحتج
الأول بما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال المحرم الأشعث الأغبر وفى الاخر ان الله يباهى بأهل عرفة ملائكته فيقول يا ملائكتي انظروا إلى عبادي قد اتونى شعثا غبرا
ضاحين ومن طريق الخاصة ما رواه حماد في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا ينظر في المرآة للزينة واحتج آخرون بأصالة الإباحة وقال احمد لا ينظر في المرآة لإزالة شعث أو تسوية
شعر أو شئ من الزينة فان نظر لحاجة كمداواة جرح أو إزالة شعر ينبت في عينيه وغير ذلك مما أباح الشرع له فعله فلا بأس وعلى كل حال لا فدية فيه البحث السابع
لبس الحلى للزينة مسألة لا يجوز للمرأة في حال الاحرام لبس الحلى للزينة وما لم تعتد لبسه في حال الاحرام لقول الصادق عليه السلام في المحرمة انها تلبس الحلى كله إلا حليا مشهورا
للزينة وسأل يعقوب بن شعيب الصادق عليه السلام عن المرأة تلبس الحلى قال تلبس المسك والخلخالين ومنع أحمد بن حنبل من الخلخال وما أشبهه من الحلى مثل السوار والدملج
وروى عن عطا انه كان يكره للمحرمة الحرير والحلى وكرهه الثوري وأبو ثور وعن قتادة إنه كان لا يرى بأسا ان تلبس المرأة الخاتم والقرط وهي محرمة وكره السوارين
والدملوجين والخلخالين وظاهر مذهب احمد الجواز وهو قول ابن عمر وعايشة وأصحاب الرأي لان عايشة قالت تلبس المحرمة ما تلبس وهي حلال من خزها وقزها و
حليها وعلى كل حال لا فدية فيه عند احمد واما لبس القفازين ففيه الفدية عنده وكذا عندنا لأنها لبست ما نهيت عن لبسه في الاحرام فلزمتها الفدية كالنقاب وقد قال الصادق عليه السلام
تلبس المرأة المحرمة الحلى كله إلا القرط المشهورة والقلادة المشهورة مسألة الحلى الذي تعتاد المرأة لبسه في الاحلال يجوز لها لبسه في الاحرام إذا لم تظهره للزوج
لما فيه من جذب الشهوة إلى ايقاع النهى عنه ولما رواه عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح انه سأل أبا الحسن عن المرأة يكون عليها الحلى والخلخال من السكة والقرطان من
الذهب والورق تحرم فيه وهو عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها أتنزعه إذا أحرمت أو تتركه على حاله قال تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها
مسألة لا يجوز للمحرم ان يلبس الخاتم للزينة ويستحب للسنة لان الروايات الدالة على تحريم لبس الحلى للزينة والاكتحال بالسواد للزينة والنظر في المرآة للزينة دلت
بمفهومها على تعليل الحرمة بالزينة فيثبت في لبس الخاتم لوجود العلة ولان مسمعا سأل الصادق عليه السلام أيلبس المحرم الخاتم قال لا يلبسه للزينة واما استحبابه للسنة فلان محمد بن أبي
إسماعيل قال رأيت العبد الصالح عليه السلام وهو محرم وعليه خاتم وهو يطوف طواف الفريضة إذا عرفت هذا فإنه يجوز للمرأة لبس الخاتم من الذهب للأصل ولأنه
يجوز لها لبسه حالة الاحلال فيستصحب الحكم ما لم يقصد به الزينة ولما رواه عمار عن الصادق عليه السلام قال تلبس المحرمة الخاتم من الذهب إذا عرفت هذا فيجوز أن
تلبس المرأة الحرير حالة الاحرام على كراهيته ولا يكره الذهب والخز لقول الصادق عليه السلام لا بأس ان تحرم المرأة في الذهب والخز وليس يكره إلا الحرير المحض البحث الثامن
تغطية الرأس مسألة يحرم على الرجل حالة الاحرام تغطية رأسه اختيارا بإجماع العلماء لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه نهى عن العمايم والبرانس ومن طريق الخاصة
ما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال قلت له الرجل المحرم يريد أن ينام يغطى وجهه من الذباب قال نعم ولا يخمر رأسه إذا عرفت هذا فإنه لا فرق بين ان يستر رأسه
بمخيط كالقلنسوة أو بغير مخيط كالعمامة والإزار والخرقة وكل ما يعد ساترا وإذا ستر لزمه الفداء لأنه باشر محظورا كما لو حلق وإذا عطى رأسه القى الغطاء واجبا وجدد
التلبية مستحبا ولو توسد بوسادة فلا بأس وكذا لو توسد بعمامة مكورة لان المتوسد يطلق عليه عرفا انه مكشوف الرأس ولا فرق في التحريم بين تغطية الرأس بالمعتاد
كالعمامة والقلنسوة أو بغيره كالزنبيل والقرطاس أو خضب رأسه بحناء أو طينه بطين أو حمل على رأسه متاعا أو مكتلا أو طبقا أو نحوه عند علمائنا وذكر الشافعي عن عطا
إنه لا بأس به ولم يعترض عليه وهو يشعر بموافقته إذ من عادته الرد على المذهب الذي لا يرتضيه وقال ابن المنذر وجماعة من الشافعية انه نص في بعض كتبه على وجوب الفدية فبعض
الشافعية قطع بالأول ولم يثبت الثاني وبعضهم قال إن في المسألة قولين ووافقنا أبو حنيفة على التحريم ووجوب الفدية لأنه غطى رأسه بما يستره فوجبت الفدية كغيره
احتج الآخرون بأنه قصد نقل المشاع لا تغطيه الرأس ولو ستر رأسه بيديه فلا شئ عليه لان الستر بما هو متصل به لا يثبت به حكم الستر وكذا لو وضع يديه على فرجه
لم يجزئه في الستر ولان المحرم مأمور بمسح رأسه وذلك يكون بوضع يده عليه وجوز الحنابلة للمحرم ان يطلى رأسه بالعسل أو الصمغ لجميع الشعر ويلبده فلا يتخلله الغبار
ولا يصيبه الشعث ولا يقع فيه الدبيب لما رواه ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يهل ملبدا مسألة يحرم عليه ان يرتمس في الماء بحيث يعلو الماء على رأسه وبه قال مالك
لأنه مشتمل على تغطية الرأس ولما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا يرتمس المحرم في الماء ويجوز أن يغسل رأسه ويفيض عليه الماء إجماعا لأنه لا يطلق
عليه اسم التغطية وليس هو في معناها كالارتماس ولما رواه حريز في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب على رأسه الماء يميز الشعر بأنامله
بعضه من بعض وكذا لا يجوز للمحرم ان يدلك رأسه ويحكه بيده لان زرارة سأله عن المحرم هل يحك رأسه أو يغسله بالماء فقال يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة ولا يحل
للمحرم ان يضع الطيب في رأسه بحيث تبقى إلى بعد الاحرام لما تقدم من تحريم استعمال الطيب وخالف فيه الجمهور ولو خضب رأسه وجبت الفدية سواء كان الخضاب
ثخينا أو رقيقا لأنه ساتر وبه قال الشافعي وفصل أصحابه بين الثخين والرقيق فأوجبوا الفدية في الأول دون الثاني وليس بمعتمد وكذا لو وضع عليه مرهما له جرم يستر رأسه
ولو طلا رأسه بعسل أو لبن ثخين فكذلك خلافا للشافعي ولو طين رأسه وجبت الفدية عندنا وللشافعية وجهان كالوجهين فيما إذا لو طلا بالطين عورته وصلى
هل تجزئه مسألة لا تشترط في وجوب الفدية استيعاب الرأس بالستر بل تجب الفدية بستر بعض الرأس كما يجب بستر جميعه لان المنع من تغطية الجميع يقتضى المنع من تغطية
بعضه لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تخمروا رأسه والنهى عنه يحرم فعل بعضه وكذلك لما قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حرم حلق بعضه ولا فرق بين ان يكون ذلك لعذر
أو لغير عذر فان العذر لا يسقط الفدية كما قال الله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام ولو افتقر إلى تعصيب الرأس بعصابة جاز عند الحاجة وبه قال
عطا لأنه في محل الحاجة والضرورة وقد قال تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج وقال الصادق عليه السلام لا بأس ان يعصب المحرم رأسه من الصداع وسأل محمد بن مسلم الصادق عليه السلام
336

عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى فقال نعم واختلفت العامة في الاذنين هل يحرم سترهما فنص الشافعي على تسويغه ومنع احمد منه لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال الأذنان من الرأس
ولو ستر بعض رأسه بيده ففي التحريم إشكال وجوزه العامة لان الستر بما هو متصل به لا يثبت له حكم الستر وسأل سعيد الأعرج الصادق عليه السلام عن المحرم يستتر عن الشمس بعود
أو بيده فقال لا إلا من علة مسألة لو غطى رأسه ناسيا رفع (القى) الغطاء وجوبا وجدد التلبية استحبابا ولا شئ ء عليه إما وجوب الالقاء فلان استدامة التغطية مع الذكر
كابتدائها لما فيه من الترفه بل هو في الاستدامة أقوى منه في الابتداء فايجاب الفدية فيه أولي وأما استحباب التلبية فلان حريز بن عبد الله سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن محرم غطى رأسه
ناسيا قال يلقى القناع عن رأسه ويلبى ولا شئ عليه وكذا لو غطاه حال نومه لما رواه الحلبي في الصحيح انه سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يغطى رأسه ناسيا أو نائما قال يلبى إذا ركب
ولان التغطية تنافى الاحرام لأنها محرمة فيه فاستحب تجديد ما ينعقد به مسألة يجوز للمحرم تغطية وجهه عند علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام لعمر وعثمان وعبد
الرحمن بن عوف وسعيد بن أبي وقاص وابن عباس وابن الزبير وزيد بن ثابت وجابر ومروان بن الحكم والقاسم وطاوس والثوري والشافعي وإسحاق واحمد في إحدى الروايتين لما
رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال احرام الرجل رأسه واحرام المرأة في وجهها والتفصيل قاطع للشركة وعن ابن عباس ان محرما وقصت به ناقته غداة عرفات فقال النبي صلى الله عليه وآله خمر وأوجهه ولا
تخمروا رأسه فإنه يحشر يوم القيمة ملبيا ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة في الصحيح قال قلت لأبي جعفر الباقر عليه السلام الرجل المحرم يريد ان ينام يغطى وجهه من الذباب
قال نعم ولا يخمر رأسه وقال عليه السلام المحرمة لا تنتقب لان احرام المرأة في وجهها واحرام الرجل في رأسه وقال أبو حنيفة ومالك واحمد في الراوية الأخرى يحرم عليه تغطية وجهه كالمرأة لتساويهما
في تحريم الطيب فكذا التغطية ولأنه قد روى عن النبي صلى الله عليه وآله في المحرم الذي وقصت به ناقته ولا تخمروا وجهه ولا رأسه ويبطل القياس بلبس القفازين والحديث ممنوع فان المشهور فيه
ولا تخمروا رأسه مسألة واحرام المرأة في وجهها فيحرم عليها تغطية وجهها حال احرامها تغطي وجهها وهي محرمة ويحتمل انها كانت كما يحرم على الرجل تغطية رأسه ولا نعلم فيه خلافا إلا ما روى عن أسماء انها كانت تغطيه
بالسدل عند الحاجة فلا يكون اختلافا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) احرام الرجل في رأسه واحرام المرأة في وجهها إذا عرفت هذا فقد اجتمع في حق المحرمة فعلان لا
يمكن فعل أحدهما إلا بفعل ما ينافي الاخر ستر الرأس وكشف الوجه فالقدر اليسير من الوجه الذي يلي الرأس يجوز لها ستره إذ لا يمكن استيعاب الرأس بالستر إلا بستر ذلك الجزء
وهذا أولي من تسويغ جزء من الرأس تبعا لكشف جميع الوجه لان الستر أحوط من الكشف ولان المقصود إظهار شعار الاحرام بالاحتراز عن التنقب وستر الجزء المذكور ولا يقدح
فيه والرأس عورة كله فيستر إذا ثبت هذا فإنه يجوز ان تسدل ثوبا على وجهها من فوق رأسها إلى طرف انفها متجافيا عنه بخشبة وشبهها كما يجوز للرجل الاستظلال
نازلا عند علمائنا أجمع وهو قول عامة أهل العلم لما رواه العامة عن عايشة قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا جازونا سدلت أحدينا جلبابها من
رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ومن طريق الخاصة ما رواه حريز في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن ولان بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلا
يحرم عليها على الاطلاق كالعورة ولا فرق بين ان تفعل ذلك لحاجة من دفع حر أو برد أو فتنة أو لغير حاجة قال الشيخ (ره) ينبغي ان يكون الثوب متجافيا عن وجهها بحيث لا يصيب البشرة
فان أصابها ثم زال أو ازالته بسرعة فلا شئ عليها وإلا وجب الدم ويشكل بان السدل لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ولو كان شرطا لبين لأنه موضع الحاجة مسألة
يحرم على المرأة النقاب حالة الاحرام لان النبي صلى الله عليه وآله قال ولا تتنقب المرأة ولا تلبس القفازين ولقول الصادق عليه السلام احرام في وجهها ورواه العامة أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وكذا يحرم عليها لبس البرقع لاشتماله
على ستر الوجه ويجوز لها بعد الاحلال ان تطوف متنقبة من غير كراهة له فان المقتضى للمنع هو الاحرام وكرهه عطا ثم رجع عنه وطافت عايشة متنقبة مسألة
قد بينا انه تجب الفدية بستر بعض الرأس كما يجب بستر جميعه فضبطه الشافعي بان يكون المستور قدرا يقصد ستره لغرض من الأغراض كشد عصابة والصاق لصوق بشجة
ونحوها ثم قال لو شد خيطا على رأسه لم يضر ولا تجب الفدية لان ذلك لا يمنع من تسمية حاسر الرأس وهو نقض الضابط المذكور فان شد المقدار الذي نحوه
شد الخيط قد يقصد أيضا لغرض منع الشعر من الانتشار وغيره فإذا الأولى النظر إلى تسميته حاسر الرأس ومستور جميع الرأس أو بعضه وعند أبي حنيفة لا تكمل الفدية
إلا إذا ستر ربع الرأس فصاعدا فان ستر أقل من ذلك فعليه صدقة البحث السابع التظليل مسألة يحرم على المحرم الاستظلال حالة السير فلا يجوز
له الركوب في المحمل وما في معناه كالهودج والكنيسة والعمارية وأشباه ذلك عند علمائنا أجمع وبه قال ابن عمر ومالك وسفيان وأهل المدينة وأبو حنيفة واحمد لما رواه
العامة عن ابن عمر انه رأى على رحل عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة عودا يستره من الشمس فنهاه ورأى رجلا محرما على رحل قد رفع ثوبا على عود يستتر به من الشمس فقال اضح
لمن أحرمت له أي أبرز للشمس ومن طريق الخاصة ما رواه جعفر بن المثنى الخطيب عن محمد بن الفضيل وبشير بن إسماعيل قال قال لي محمد ألا أبشرك يا ابن مثنى فقلت بلى فقمت إليه
فقال دخل هذا الفاسق آنفا فجلس قبالة أبى الحسن عليه السلام ثم اقبل عليه فقال له يا أبا الحسن ما تقول في المحرم أيستظل على المحمل فقال لا قال فيستظل في الخباء فقال له نعم فأعاد عليه القول
شبه المستهزئ يضحك فقال يا أبا الحسن فما فرق بين هذا وهذا فقال يا أبا يوسف ان الدين ليس بقياس كقياسكم أنتم تلعبون وانا صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله وقلنا كما قال
رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر بعض جسده ببعض وربما ستر وجهه بيده فإذا نزل استظل بالخباء وفى البيت والجدار
ولأنه ستر بما يقصد به الترفه فأشبه ما لو غطاه ورخص فيه ربيعة والثوري والشافعي وهو مروى عن عثمان وعطا لما روت أم الحصين قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وآله حجة الوداع فرأيت
أسامة وبلالا أحدهما اخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله والاخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ولأنه مباح له التظليل في البيت والخباء فجاز له الركوب والحديث ممنوع
وجاز أن يكون صلى الله عليه وآله مظطرا إلى التظليل ولان رفع الثوب الساتر جاز أن يكون حالة النزول لأنه ليس في الحديث إن كان حالة الركوب والفرق ظاهر فإن التظليل حالته النزول دافع للأداء بخلاف حالته الركوب فان الفعل حالة النزول أكثر لدوامه بخلاف
حالة الركوب مسألة يجوز للمحرم حالة النزول الاستظلال بالسقف والشجرة والخباء والخيمة لضرورة وغير ضرورة عند العلماء كافة روى العامة ان النبي صلى الله عليه وآله
أمر بقبته من شعر فضربت له بنمرة فأتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس ومن طريق الخاصة ما رواه جعفر بن المثنى عن أبي الحسن عليه السلام قال
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يركب راحلته فلا يستظل عليها وتؤذيه الشمس فيستر بعض بدنه ببعض وربما ستر وجهه بيده فإذا نزل استظل بالخباء وفى البيت وبالجدار مسألة لو افتقر
حالة السير إلى الاستظلال لعلة ومرض وشدة حرا وبردا ومطر جاز له الاستظلال وتجب الفدية لما رواه سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال سألته عن المحرم
يظلل على نفسه فقال أمن علة فقلت تؤذيه الشمس وهو محرم فقال هي علة يظلل ويفدى وسأل إبراهيم بن أبي محمود الرضا عليه السلام عن المحرم يظلل على محمله ويفدى إذا كانت الشمس
والمطر يضر به قال نعم قلت كم الفداء قال شاة ولأنه في محل الحاجة فكان سايغا إذا عرفت هذا فإنه لا يجوز للمحرم إذا لم يكن مضطرا إلى التظليل ان يظلل على نفسه وان التزم
الكفارة وإنما يسوغ التظليل للمحرم بشرطين العلة والتزام الكفارة روى عبد الله بن المغيرة في الصحيح عن الكاظم عليه السلام أظلل وأنا محرم قال لا قلت أفأظلل وأكفر قال لا قلت
فان مرضت قال ظلل وكفر مسألة يجوز للمرأة التظليل على نفسها حالة السير كما جاز للعليل لضعف مزاجها وقبوله للانفعال بسرعة فساغ لها التظليل رفعا للحرج
الحاصل من تركه فأشبهت العليل والنازل وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن المحرم يركب القبة قال لا قلت فالمرأة المحرمة فقال نعم وكذا
337

الصبى يجوز له التظليل لما قلناه في المرأة ولما رواه حريز في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا بأس بالقبة على النساء والصبيان وهم محرمون ولا يرتمس المحرم في الماء ولا الصايم قال
الشيخ (ره) قد رخص للنساء في التظليل وتركه أفضل على كل حال مسألة لو زامل المريض أو المرأة أو الصبى رجل صحيح اختص المريض والمرأة والصبي بالتظليل على المحمل وكشف
الصحيح محمله لقيام المانع من التظليل في حقه وهو الاحرام السالم عن أحد الاعذار المسوغة له ولما رواه بكر بن صالح قال كتبت إلى أبى جعفر الثاني عليه السلام إن عمتي معي وهي زميلتي
ويشتد عليها الحر إذا أحرمت فترى أظلل على وعليها فكتب ظلل عليها وحدها مسألة إذا استظل حالة الاختيار وجب عليه الفداء وهو رواية عن أحمد وقول أهل المدينة
لأنه ستر رأسه بما يستدام ويلازمه غالبا فأشبه ما لو ستره بشئ بلاقيه؟ ولان الفداء يجب للضرورة فبدونها أولي ولان محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سأله رجل
عن الظلال للمحرم من اذى مطر أو شمس وأنا أسمعه فأمره ان يهدى شاة يذبحه بمنى واحمد وإن منع التظليل إلا أنه لم يوجب الفدية فقيل له ان أهل المدينة يقولون
عليه دم قال نعم أهل المدينة يغلطون إذا عرفت هذا فلا فرق بين أن يقع التظليل في احرام العمرة المتمتع بها واحرام الحج وقال الشيخ في بعض كتبه لو وقع التظليل
في إحرام العمرة المتمتع بها لزمه كفارتان لما رواه أبو علي بن راشد قال قلت له عليه السلام جعلت فداك إنه يشتد على كشف الظلال لانى محرور تشتد الشمس على فقال ظلل وأرق
دما أو دمين قال للعمرة قلت إنا محرم بالعمرة وتدخل مكة فتحل وتحرم بالحج قال فارق دمين ومع صحة السند نحمله على الاستحباب وقال بعض الشافعية إذا لم تمس المظلة رأسه فلا
فدية وإن مسته وجبت الفدية البحث العاشر إزالة الشعر مسألة يحرم على المحرم إزالة شئ من شعره قليلا كان أو كثيرا على رأسه أو على بدنه أو لحيته
باجماع العلماء قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لكعب بن عجرة لعلك تؤذيك هوام رأسك قال نعم يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة وهو يدل على المنع من الحلق قبل ذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام مر رسول الله صلى الله عليه وآله
على كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه فقال أ تؤذيك هوامك فقال نعم قال فأنزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو
صدقة أو نسك فأمره رسول الله لصلى الله عليه وآله فحلق رأسه وجعل عليه صيام ثلاثة أيام والصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان والنسك شاة وقال ابن عباس
مريضا أي برأسه قروح أو به أذى أي قمل وسواء حلق لعذر أو لغير عذر فان الفدية واجبة عليه للآية وإذا وجبت مع العذر فمع عدمه أولي مسألة ولا فرق بين شعر
الرأس في ذلك وبين شعر البدن في قول أهل العلم لما تقدم في قول الصادق عليه السلام ولا تحلق الشعر وهو يتناول شعر الرأس وغيره ولاشتماله على التنظيف والترفه فلزمته الفدية
كشعر الرأس بل الحاصل من الترفة والتنظيف فيه أكثر من الرأس وقال أهل الظاهر لا يجب في شعر غير الرأس لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم وهو استدلال بمفهوم اللقب
وليس حجة إجماعا من المحققين ولا فرق بين أن يزيل الشعر بالاطلاء أو بالحلق أو النتف عن الرأس أو البدن ولو قطع يده وعليها شعرات فلا فدية لان الشعر غير مقصود
بالإبانة وكذا لو كشط جلدة الرأس كما لو قتل الصغيرة لا يجب المهر لان الصنع تابع عند القتل ولو أرضعت الكبيرة الصغيرة بطل النكاح ووجب المهر ولو مشط لحيته أو
رأسه فانتثرت شعرات فعليه الفدية ولو شك هل كانت الشعرات متصلة فانفصلت أو التنفت بالمشط فالأقرب وجوب الفدية وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يجب
مسألة الكفارة تجب بحلق جميع الرأس وبعضه قليلا كان أو كثيرا لكن يختلف ففي حلق جميع الرأس دم وكذا فيما يسمى حلق الرأس وإن كان بعضه وفى حلق ثلاث شعرات
صدقة مهما كان لان الدم معلق على حلق الرأس وهو إنما يصدق حقيقة في الجميع فيبقى الباقي على أصل البراءة وأما وجوب الفدية في القليل فلما ورد عنهم عليهم السلام ان من مس شعر رأسه ولحيته
فسقط شئ من شعره يتصدق بشئ وقال الشافعي يجب بحلق ثلاث شعرات دم لأنه شعر آدمي يصدق عليه اسم الجمع المطلق والفرق بين القليل والكثير ظاهر وقال أبو حنيفة لا يجب
الدم إلا بحلق ربع الرأس لان الربع يقوم مقام الكل فإنه يصدق رأيت رجلا وإن كان لم يشاهد سوى جانب منه ونمنع حقيقة الاطلاق ولهذا يصح نفيه ورؤية الرجل مجاز إما
لأنه ليس هو الهيكل المخصوص بل شئ مجرد وإما لأنه أجزاء أصلية ولان الانسان ليس مربعا بل إذا رأى ما يعرفونه قال رأيته ولو رأى صفحة وجهه وقال مالك إذا حلق من رأسه
ما أماط عنه الأذى وجب الدم قل أو كثر وعن أحمد روايتان إحديهما انه يجب بثلاث شعرات كقول الشافعي والثانية بأربع شعرات ولو نتف شعرة أو شعرتين فعندنا
تجب صدقة وللشافعي أقوال أحدها تجب في الشعرة الواحدة مد من طعام وفى الشعرتين مدان وفى الثلاث دم شاة لان تبعيض الدم عسر والشعر قد عدل الحيوان بالطعام
في جزاء الصيد وغيره والشعر الواحدة هي النهاية في القلة والمد أقل ما وجب في الكفارة فقوبلت به الثاني إنه يجب في الشعرة الواحدة درهم وفى الشعرتين درهمان لان تبعيض
الدم عسر وكانت الشاة تقوم في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة دراهم تقريبا به فاعتبرت تلك القيمة عند الحاجة إلى التوزيع الثالث إن في الشعرة الواحدة ثلث دم وفى
الشعرتين ثلثا الدم تقسيطا للواجب في الشعرات الثلاث على الآحاد الرابع ان الدم الكامل بالشعرة الواحدة لان محظورات الاحرام لا تختلف بالقلة والكثرة كالطيب أو اللبس
مسألة لو حلق رأسه لاذى لم يكن محرما ولا تسقط الفدية لنص القران ولو كثرت الهوام في رأسه أو كانت به جراحة وأحوجه أذاها إلى الحلق جاز له ذلك ويجب
الفداء كما في حديث كعب بن عجزه وقد تقدم وكذا لو كان كثير الشعر يؤذيه الحر جاز له الحلق مع الفداء ولو كان الضرر اللاحق من نفس الشعر مثل أن ينبت في عينه أو طال
حاجباه فغطيا عينيه فله قلع ما في العين وقطع ما استرسل على عينيه ولا فدية عليه لان الشعر أذاه فكان له دفع أذيته بغير فدية كالصيد إذا صال عليه ولو كان الأذى
من غير الشعر لكن لا يتمكن من إزالة الأذى إلا بإزالة الشعر كالقمل والقروح برأسه أو صداع برأسه أو شدة الحر عليه لكثرة شعره فعليه الفدية لأنه قطع الشعر لإزالة ضرر
غيره فأشبه أكل الصيد للمخمصة لا يقال القمل من ضرر الشعر والحر سببه ككثرة الشعر فتساويا لأنا نقول ليس القمل من الشعر وإنما لا يتمكن من المقام في الرأس إلا
به فهو محل له لا سبب فيه وكذا الحر من الزمان بدليل إن الشعر يوجد في زمن البرد فلا يتأذى به وهذا تفصيل حسن لا بأس به ذكره بعض الشافعية تنبيه لو نتف
إبطه وجب عليه الفدية لأنه أزال الشعر للترفه فكان عليه الفداء كغيره ولما رواه حريز في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إذا نتف الرجل إبطه بعد الاحرام فعليه دم إذا عرفت هذا
فليس الحكم منوطا بالحلق بل بالإزالة والإبانة إما بنتف أو إحراق أو غيره مسألة النسيان مسقط للفدية في الطيب واللباس وما عدا الوطي من الاستمتاعات كالقبلة
واللمس بشهوة وسيأتى وهل تسقط الفدية في الحلق والقلم فيه للشافعية وجهان أحدهما لا تجب كما في الاستمتاعات والثاني الوجوب وهو المعتمد لان الاتلافات يتساوى
عمدها وخطؤها كما في ضمان الأموال وأما المجنون والمغمى عليه والصبي غير المميز فالأقرب عدم الضمان في حقهم لعدم التكليف عليهم بخلاف الناسي فإنه يفعل ما يتعاطاه
والنسيان عذر في سقوط الاثم لا في إزالة الفداء مسألة يجوز للمحرم أن يحلق شعر المحل ولا شئ عليه وبه قال الشافعي ومالك واحمد وهو محكى عن مجاهد لان المحل
يسوغ له حلق رأسه فجاز للمحرم فعله به كما لو فعله المحل لان المحرم إنما هو إزالة شعر المحرم عن نفسه ولأنه لم يتعلق بمنبته حرمة الاحرام فجاز للمحرم حلقه كشعر البهيمة ولأنه يجوز
له ان يطيبه ويلبسه فأشبه المحل إذا حلقه ولأصالة براءة الذمة وقال أبو حنيفة لا يجوز له فان فعل فعليه صدقة لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم معناه لا يحلق بعض رؤوس بعض
338

ولان المحرم ممنوع منه بكل حال وما كان كذلك منع منه في حق غيره كقتل الصيد بخلاف اللباس فإنه ليس بممنوع منه بكل حال والآية خطاب للمحرمين لقوله تعالى فإن أحصرتم ولان
المحل غير ممنوع من حلق الرأس إجماعا إذا أتلفه المحرم بكل حال ضمنه وهنا منع من شعر المحرم لما فيه من الترفه وزوال الشعث في الاحرام وهو غير موجود في شعر المحل
مسألة لا يجوز للمحرم ولا للمحل ان يحلق رأس المحرم مع علمهما بحاله إجماعا لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم المراد أن لا يحلقه بنفسه ولا بغيره بل انصراف ذلك إلى الغير
أولي فإن الانسان لا يمكنه أن يحلق رأس نفسه إلا نادرا ولا فدية على واحد منهما علما أو جهلا أذن لهما أو لا لأصالة براءة الذمة والتحريم لا يستلزم الفدية كما في كثير
من المحرمات وقال أبو حنيفة إذا كان الحالق محلا وجب عليه صدقة نصف صاع وعلى المحرم فدية وإن كان محرما فإن كان باذنه فعلى الاذن الفدية وعلى الحالق صدقة
وقال الشافعي إذا حلق الحلال أو الحرام شعر الحرام فقد أساء ثم إن حلق بأمره فالفدية على المحلوق لان فعل الحالق بأمره يضاف إليه فإن الأقوى انه لو حلف لا يحلق رأسه فأمر
غيره فحلق يحنث في يمينه ولان يده ثابتة على الشعر وهو مأمور بحفظه إما على سبيل الوديعة أو العارية
وكلاهما إذا تلف في يده بأمره يضمن وإن حلق لا بأمره ينظر إن كان
نايما أو مكروها أو مغمى عليه فقولان أصحهما لان الفدية على الحالق وبه قال مالك واحمد لأنه المقصر ولا تقصير من المحلوق والثاني وبه قال أبو حنيفة إنها على المحلوق لأنه
المرتفق به وأصحاب الشافعي بنوا القولين على أن استحفاظ الشعر في يد المحرم جار مجرى الوديعة أو مجرى العارية وفيه جوابان إن قلنا بالأول فالفدية على الحالق كما إن
ضمان الوديعة على المتلف دون المودع وان قلنا بالثاني وجب على المحلوق وجوب الضمان على المستعير قالوا والأول أظهر لان العارية هي التي يمسكها لمنفعة نفسه
وقد يريد المحرم الإزالة دون الامساك وأيضا فإنه لو احترق شعره بتطاير الشعور ولم يقدر على التطفية فلا فدية عليه ولو كان على المستعير لوجب عليه الفدية قالوا
فان قلنا الفدية على الحالق فان فدى فلا بحث وإن امتنع مع القدرة فهل للمحلوق مطالبة باخراجها فيه وجهان فالأكثر على أن له ذلك بناء على أن المحرم كالمودع خصم
فيما يؤخذ منه ويتلف في يده وإذا أخرج المحلوق بإذن الحالق جاز وبغير إذنه لا يجوز في أصح الوجهين كما لو أخرجها أجنبي بغير إذنه وإن قلنا الفدية على المحلوق فإن فدى
بالهدى أو الطعام رجع بأقل الامرين من الطعام أو قيمة الشاة على الحالق ولا يرجع بما زاد الفدية على التخير وهو متطوع بالزيادة وإن فدى بالصوم فوجهان
أظهرهما لا وعلى الثاني بم؟ يرجع وجهان أظهرهما بثلاثة امداد من طعام لان صوم كل يوم مقابل مد والثاني بما يرجع به لو فدى بالهدى أو الاطعام ثم إذا رجع فإنما يرجع
بعد الاخراج في أصح الوجهين والثاني ان له ان يأخذ منه ثم يخرج وهل للحالق أن يفدى على هذا القول إما بالصوم فلا لأنه متحمل والصوم لا يتحمل وإما بغيره فنعم ولكن
بإذن المحلوق لان في الفدية معنى التقرب فلابد من نية من وجبت عليه وإن لم يكن نائما ولا مغمى عليه ولا مكرها لكنه سكت عن الحلق ولم يمنع منه فقولان أحدهما
ان الحكم كما لو كان نايما لان السكوت ليس بأمر فإن السكوت على إتلاف المال لا يكون أمرا بالاتلاف وأصحهما انه كما لو حلق بأمره لان الشعر إما كالوديعة عنده أو كالعارية
وعلى التقديرين يجب الدفع عنه ولو أمر حلال حلالا بحلق شعر حرام وهو نايم فالفدية على الامر عند الشافعي إن لم يعرف الحالق الحال وان عرف فعليه في أصح الوجهين
فهذه الفروع كلها ساقطة عندنا لان الحالق لا كفارة عليه عندنا وأما المحلوق فإن كان الحلق باذنه ضمن وإلا فلا البحث الحادي عشر القلم مسألة
أجمع فقهاء الأمصار كافة على أن المحرم ممنوع من قص أظفاره مع الاختيار ولأنه إزالة جزء يترفه به فحرم كإزالة ولما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قال
سألته عن رجل أحرم فنسى أن يقلم أظفاره قال فقال يدعها قال قلت إنها طوال قال وإن كانت قلت إن رجلا أفتاه بان يقلمها وإن يغتسل ويعيد احرامه ففعل قال
عليه دم واعلم أن علماءنا نصوا على أن من قلم ظفره بافتاء غيره فأدمى إصبعه كان على المفتى دم شاة لهذه الرواية إذا ثبت هذا فليس الحكم مخصوصا بالقلم
بل بمطلق الإزالة فإنها تزال للتنظيف والترفه فيلحق بالقلم الكسر والقطع ولو قطع يده أو إصبعه وعليها الظفر فلا فدية عليه لان الظفر تابع غير مقصود بالإبانة
مسألة لو احتاج إلى مداواة قرحة ولا يمكنه إلا بقص أظفاره جاز له ذلك ووجبت الفدية خلافا لبعض العامة لأنه أزال ما منع من إزالته لضرر في غيره فكان كما لو
حلق رأسه لضرر القمل لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الرجل المحرم تطول أظفاره قال لا يقص شيئا منها إن استطاع فإن كانت تؤذيه فيقصها
ويطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام مسألة لو أزال بعض الظفر تعلق به ما يتعلق بالظفر جميعه لأنه بعض من جملة مضمونه وكذا لو أخذ بعض شعرة فإنه يكون كأخذ
الشعرة بأجمعها ولو أخذ من بعض جوانب الظفر ولم يأت على رأسه كله ففيه ما في الظفر وقالت الشافعية إن قلنا يجب في الظفر الواحد ثلث دم أو درهم فالواجب فيه ما يقتضيه
الحساب وإن قلنا يجب مد فلا سبيل إلى تبعيضه مسألة لو انكسر ظفره كان له إزالته بلا خلاف بين العلماء لأنه يؤذيه ويؤلمه فكان له إزالته كالشعر النابت في عينه و
الصيد الصايل عليه وهل تجب فيه الفدية إشكال ينشأ من أصالة براءة الذمة ومشابهته للصيد الصايل ومن الرواية الصحيحة عن الصادق عليه السلام وقد سأله معاوية بن عمار
عن المحرم تطول أظفاره إلى أن ينكسر بعضها فيؤذيه فليقصها وليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام لان العمل بالرواية متعين ولو قص المكسور خاصة لم يكن عليه
شئ عند قوم على ما تقدم من الاشكال ولو أزال منه ما بقى مما لم ينكسر ضمنه بما يضمن به الظفر لأنه أزال بعض الظفر إبتداء من غير علة فوجب ضمانه وكذا لو أزاله
تبعا البحث الثاني عشر إخراج الدم مسألة اختلف علماؤنا في جواز الحجامة للمحرم اختيارا فمنع منه المفيد وابن إدريس وبه قال مالك وكان الحسن البصري
يرى في الحجامة دما واختار ابن بابويه الجواز وهو قول أكثر العامة وللشيخ قولان احتج المفيد بما رواه الحسن الصيقل عن الصادق عليه السلام عن المحرم يحتجم قال لا إلا أن يخاف
على نفسه التلف ولا يستطيع الصلاة وقال إذا أذاه الدم فلا بأس به ويحتجم ولا يحلق الشعر واحتج المجوزون بما رواه العامة عن ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وآله احتجم وهو
محرم في رأسه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر وهما محمولان على الاحتياج إليه جمعا بين الأدلة مسألة تجوز
الحجامة مع الضرورة والحاجة وكذا الفصد بلا خلاف دفعا للضرر (للضرورة) وكذا يجوز قطع العضو عند الحاجة والختان من غير فدية للأصل ولو احتاج في الحجامة إلى
قطع شعر قطعه لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه احتجم في طريق مكة وهو محرم وشرط رأسه ومن ضرورة ذلك قطع الشعر ومن طريق الخاصة ما رواه مهران
عن أبي بصير وعلي بن إسماعيل بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام قالا سألناه فقال في حلق القفا للمحرم إن كان أحد منكم يحتاج إلى الحجامة فلا بأس وإلا فيلزم ما جرى عليه الموسى إذا
حلق ولأنه يباح إزالة الشعر أجمع لضرر القمل فكذا هنا إذا عرفت هذا فان الفدية واجبة عليه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك واحمد وأبو ثور
وابن المنذر لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ولان حلقه لإزالة ضرر عنه فلزمه الكفارة كما لو حلقه لإزالة
قمله وقال أبو يوسف ومحمد يتصدق بشئ مسألة يجوز للمحرم أن يبط إخراجه ويشق الدمل إذا احتاج إلى ذلك ولا فدية عليه إجماعا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
إنه احتجم وهو محرم ومن طريق الخاصة رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المحرم يعصر الدمل ويربط عليه الخرقة فقال لا بأس وروى هشام بن سالم
339

في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال إذا خرج بالمحرم الخراج والدمل فليبطه وليداوه بزيت أو بسمن ولأنه في محل الحاجة ولا يستتبع ترفها فكان سايغا كشرب الدواء ويجوز أن يقلع ضرسه مع الحاجة إليه لأنه تداو وليس بترفه فكان سايغا كشرب الدواء ولما رواه الحسن الصيقل
إنه سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يؤذيه ضرسه أيقلعه قال نعم لا بأس به ولو لم يحتج إلى قلعه كان عليه
دم مسألة لا يدلك المحرم جسده بعنف لئلا يدميه أو يقلع شعره وكذا لا يستقصى
في سواكه لئلا يدمى فاه ولا يدلك وجهه في غسل الوضوء وغيره لئلا يسقط من شعر لحيته شئ لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام عن المحرم كيف يحك رأسه قال بأظافيره ما لم
يدم أو يقطع الشعر وعن الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن المحرم يستاك قال نعم ولا يدمى وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال لا بأس أن يدخل المحرم الحمام
ولكن لا يتدلك وعن بكر بن يزيد عن الصادق عليه السلام قال لا بأس بحك الرأس واللحية ما لم يلق الشعر ويحك الجسد ما لم يدمه وسأل يعقوب بن شعيب في الصحيح الصادق عليه السلام
عن المحرم يغتسل قال نعم يفيض الماء على رأسه ولا يدلكه مسألة ينبغي للمحرم أن يغسل رأسه وبدنه برفق بحيث لا يسقط منه شئ من شعر رأسه ولحيته إجماعا وفعله علي عليه السلام
وعمر وابنه وبه قال جابر وسعيد بن جبير والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي إلا أنه لا يجوز له الارتماس في الماء بحيث يغيبه فيه عند علمائنا وبه قال مالك خلافا لباقي العامة لما فيه من
تغطية الرأس احتجوا بما رواه ابن عباس قال ربما قال لي عمر ونحن محرمون بالجحفة تعال أباقيك أينا أطول بقاء نفسا في الماء ولأنه ليس بستر معتاد فأشبه صب الماء عليه وحديث عمر لا حجة
فيه مع احتمال أن يكون في ابتداء الاحرام لأنه في الميقات الذي يحرم منه فالظاهر أن غسله للاحرام والفرق ان في الارتماس تغطية الرأس دون الصب إذا عرفت هذا فإنه
يجوز له غسل رأسه بالسدر والخطمي ونحوهما وبه قال جابر بن عبد الله والشافعي وأصحاب الرأي ولا فدية عليه وعن أحمد رواية أن عليه الفدية وبه قال مالك وأبو حنيفة
وقال أبو يوسف ومحمد عليه صدقة لنا ما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال في المحرم الذي أوقصه بعيره اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإنه
يحشر يوم القيمة ملبيا أمر بغسله بماء السدر مع بقاء حكم الاحرام عليه ولهذا منعه من الطيب وتخمير رأسه احتجوا بأنه تستطاب رايحته ويزيل الشعث ويقتل الهوام
ونمنع التلذذ الرايحة وينتقض بالفاكهة وإزالة الشعث تحصل بالتراب والماء مع موافقته على تسويغه مسألة يجوز للمحرم دخول الحمام إجماعا ولا يدلك جسده فيه بقوة لئلا
يدميه أو يزيل شعره للأصل ولما رواه العامة عن ابن عباس إنه دخل حمام الجحفة وقال ما يعبأ الله بأوساخكم شيئا ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام لا بأس أن يدخل المحرم
الحمام ولكن لا يتدلك إذا ثبت هذا فالأفضل تركه لاشتماله على الترفه وإزالة الشعث ولما رواه عقبة إنه سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يدخل الحمام قال لا يدخل وإنما
حملناه على الكراهة جمعا بين الاخبار البحث الثالث عشر قتل هوام الجسد مسألة لا يجوز للمحرم قتل القمل والصبيان والبراغيث وغير ذلك من هوام الجسد
وهو إحدى الروايتين عن أحمد لاشتماله على الترفه وإزالة الشعث فكان حراما كالطيب ولقول الصادق عليه السلام المحرم لا ينزع القمل من جسده ولا من ثوبه متعمدا
وإن قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضه بيده ولا فرق بين أن يقتله أو يلقيه عن بدنه إلى الأرض أو يقتله بالزيبق وشبهه لان تحريم قتله ليس معللا بحرمته
بل للترفه بفقده نعم منع إزالته كيف كان ولان حماد بن عيس سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يبين القملة من جسده فيلقها فقال يطعم مكانها طعاما وفى الرواية الأخرى عن أحمد
يباح قتله إذا عرفت هذا فإنه يجوز له تحويلها عن مكان من جسده إلى مكان آخر منه لاشتمال دوامها في موضع واحد على أذى كثير ولقول الصادق عليه السلام فإذا
أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضر مسألة لو قتل قملة فعل حراما ووجب عليه فدية كف من طعام وبه قال عطا لأنه فعل إزهاق نفس محرمة فكان عليه
صدقة كالصيد ولقول الصادق عليه السلام يطعم مكانها طعاما بمجرد الالقاء لأنه مظنة القتل لها فأشبه رمى الصيد وجهل حاله وقال مالك يفدى بجفنة من طعام وهو مروى
عن ابن عمر وقال إسحاق يتصدق بتمرة فما فوقها وقال احمد في إحدى الروايتين يتصدق بمهما؟ كان من قليل وكثير وهو قول أصحاب الرأي وفى الرواية الأخرى لا شئ عليه وبه قال
سعيد بن جبير وطاوس وأبو ثور وابن المنذر مسألة يجوز له أن ينحى عن نفسه القراد والحلمة ويلقى القراد عنه وعن بعير لما رواه معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام
قال والمحرم يلقى عنه القردان كلها إلا القملة فإنها من جسده وإن أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا يضره وقال الشيخ ره يجوز للمحرم أن يلقى القراد عن بعيره
وليس له أن يلقى الحلمة لقول الصادق عليه السلام أن القراد ليس عن البعيرة والحلمة من البعير البحث الرابع عشر قطع شجر الحرم مسألة أجمع علماء الأمصار على تحريم قطع
شجر الحرم غير الإذخر وما انبته الآدمي من البقول والزروع والرياحين وبالجملة فالتحريم متعلق بما نبت بنفسه دون ما يستنبت لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله عليه السلام
لا يختلى خلاها ولا يحط شوكها ولا يعضد شجرها ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كل شئ نبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت وغرسته واعلم أن النابت إما شجر أو
غيره أما الشجر فيحرم قطع كل شجر رطب حرمي وقلعه فخرج بالرطب الشجر اليابس فإنه لا شئ في الشجر قطعه كما لو قطع صيدا ميتا وخرج بالحرمي أشجار الحل فلا يجوز أن يقلع
شجرة من أشجار الحرم وينقلها إلى الحل محافظة على حرمتها فان فعل فعليه الرد أما لو نقل من بقعة من الحرم إلى بقعة أخرى منه فإنه لا يؤمر بالرد ويضمن لو تلفت بالنقل
ولا فرق في التحريم بين أن ينقله إلى الحل والحرم ولو نبت في الموضع المنقول إليه فإن كان في الحرم فلا جزاء فيه لأنه لم يتلفها ولم يترك حرمتها ولو كان في الحل فكذلك عند الشافعي
لأنه لم يتحقق منه الاتلاف ومقتضى مذهبنا وجوب الرد فان تلفت ضمن وإلا فلا لأنه أزال حرمتها بالنقل فوجب الرد وأما غير الشجر كالحشيش فلا يجوز قلعه للخبر
ولو قطعه ضمنه مسألة يحرم قطع الشوك والعوسج وشبهه من الأشجار المؤذية وبه قال احمد لعموم قوله عليه السلام لا يعضد شجرها قال الشافعي لا يحرم وبه قال عطا و
مجاهد وعمرو بن دينار لأنه موذ فأشهبه السباع من الحيوان ونمنع المساواة والفرق إمكان الاحتراز غالبا عن الشوك وقلة ضرره بخلاف السباع ولأنها تقصد
الأذى وليس له أخذ ورق الشجر وبه قال احمد لقوله عليه السلام لا يحط شوكها ولا يعضد شجرها ولان ما حرم أخذه حرم كل شئ منه كريش الطاير وقال الشافعي له أخذه لأنه لا يضر به وكان عطا
يرخص في أخذ ورق السني للاسهال ولا ينزع من أصله ورخص فيه عمرو بن دينار ونمنع عدم تضرر الشجرة به فإنه يضعفها وربما أدى إلى تلفها وكذا يحرم أغصان الشجرة
لان منفعتها به أقوى من منفعة الورق مسألة تجب في قطع الشجر الفدية عند أكثر علمائنا وبه قال ابن عباس وعطا وأبو حنيفة واحمد والشافعي في أصح قوليه
لما رواه العامة عن ابن عباس إنه قال في الدوحة بقرة وفى الجزلة شاة والدوحة الشجرة الكبيرة والجزلة الشجرة الصغيرة ومن طريق الخاصة قول أحدهما عليهما السلام إذا كان في دار
الرجل شجرة من شجر الحرم ولم تنزع فأراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين ولأنه ممنوع من إتلافه لحرمة الحرم فكان مضمونا عليه كالصيد وقال
بعض علمائنا لا ضمان فيه وإن حرم وبه قال مالك وأبو ثور وداود وابن المنذر والشافعي في القديم لأصالة البراءة لان الاحرام لا يوجب ضمان الشجر فكذلك الحرم
مسألة يحرم قطع حشيش الحرم إذا كان رطبا للخبر إلا ما استثنى من الإذخر وما أنبته الآدميون لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا يحتش حشيشها ومن طريق
الخاصة قول الصادق عليه السلام إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يتقى الطاقة من العشب ينتفها من الحرم قال وقد نتف طاقة وهو يطلب أن يعيدها في مكانها و
رأى زين العابدين عليه السلام شخصا يقلع العشب من حول الفسطاط فقال عليه السلام إن هذا لا يقلع وقال الشافعي لا يجوز قطعه مطلقا للخبر فان قطعه فعليه قيمته إن لم يخلف
340

وإن أخلف فلا بخلاف الشجر فان الغالب فيه الاخلاف فأشبه من الصبى إذا عرفت هذا فلو كان يابسا لم يكن في قطعه شئ كما في الشجر نعم لا يجوز قلعه فإن قلعه فعليه الضمان
لأنه لو لم يقلع لنبت ثانيا ذكره بعض الشافعية ولا باس مسألة يجوز للمحرم أن يترك إبله ليرعى في حشيش الحرم وتسريح البهايم فيه لترعى وإن حرم عليه قلعه عند علمائنا وبه قال عطا والشافعي لما رواه العامة
عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال إلا علف الدواب ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام يخلى البعير في الحرم يأكل ما يشاء ولان الهدايا في زمن النبي صلى الله عليه وآله كانت تدخل الحرم وتكثر
ولم ينقل إنه شد أفواهها ولان الحاجة ماسة إلى ذلك فكان سايغا كالإذخر وقال احمد وأبو حنيفة لا يجوز لان ما حرم إتلافه لا يجوز أن يرسل عليه ما يتلفه كالصيد والفرق
الحاجة ولان الصيد منهى عن قتله مباشرة وتولدا بخلاف الحشيش ولو إختلا الحشيش ليعلفه البهايم فللشافعية وجهان أحدهما عدم الجواز كما لو سرحها فيه والثاني المنع
لقوله عليه السلام لا يختلى خلاها مسألة شجر الفواكه والنخل يجوز قلعه سواء أنبته الله تعالى أو الآدميون وسواء كانت مثمرة كالنخل والكرم أو غير مثمرة كالصنوبر والخلاف وبه
قال أبو حنيفة لان تحريم الحرم يختص بما كان وحشيا من الصيد فكذا من الشجر وقول الصادق عليه السلام لا تنزع من شجر مكة إلى النخل وشجر الفواكه وكذا يجوز قلع ما أنبته الانسان من شجر
الفواكه كلها لقول الصادق عليه السلام كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت وغرسته وبه قال أبو حنيفة تشبيها للمستنبتات بالحيوان الانسى وبالزرع قال الشيخ (ره)
وما أنبته الله تعالى في الحل إذا قلعه المحل ونقله إلى الحرم ثم قلعه فلا ضمان عليه وما أنبته الله إذا نبت في ملك الانسان جاز به قلعه وإنما لا يجوز له قلع ما نبت في المباح وقال الشافعي
كل ما ينبت في الحرم فهو حرام سواء أنبته الله تعالى أو الآدميون لعموم عليه السلام لا يعضد شجرها ولأنها شجرة تنبت في الحرم فأشبه ما لم ينبته الآدميون والحديث قد استثنى فيه
في بعض الروايات إلا ما أنبته الآدمي ولان أدلتنا أخص وللفرق بين الأهلي من الشجر كالنخل والجوز واللوز والوحشي كالروح والسلم كالصيد إذا عرفت هذا فسواء
كان الشجر الذي أنبته الآدمي مما جنسه ان ينبته الآدمي أو لم يكن جنسه من ذلك يجوز قلعه مطلقا خلافا للشافعي لعموم قول الصادق عليه السلام إلا ما أنبته أنت وغرسته ولا بأس بقطع شجر
الإذخر إجماعا وكذا لا بأس بعودي المحالة للحاجة إلى ذلك ولقول الباقر عليه السلام رخص رسول الله صلى الله عليه وآله في قطع عودي المحالة وهي البكرة التي يستقى بها من شجر الحرم والإذخر وكذلك لا
بأس بأن يقلع الانسان شجرة تنبت في منزله بعد بنائه له ولو نبت قبل بنائه لم يجز له قلعها لقول الصادق عليه السلام في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم إن بنى المنزل والشجرة فيه فليس
له أن يقلعها وإن كانت نبتت في منزله فله قلعها ويجوز أن يقلع اليابس من الشجر والحشيش لأنه ميت فلم تبق له حرمة وكذا قطع ما انكسر ولم يبن لأنه قد تلف فهو بمنزلة
الميت والظفر المنكسر ويجوز أخذ الكماة والفقع من الحرم لأنه أصل له فهو كالثمرة الموضوعة على الأرض ولو انكسر غصن شجرة أو سقط ورقها فإن كان بغير فعل الآدمي جاز الانتفاع
به إجماعا لتناول النهى القطع وهذا لم يقطع وإن كان بفعل الآدمي فالأقرب جوازه لأنه بعد القطع يكون كاليابس وتحريم الفعل لا ينافي جواز استعماله ومنعه بعض العامة
قياسا على الصيد يذبحه المحرم وقال آخرون يباح لغير القاطع والفرق ان الصيد يعتبر في ذبحه الأهلية وهي منفية عن المحرم بخلاف قطع الشجرة فان الدابة لو قطعته جاز الانتفاع
به مسألة الشجرة إذا كان أصلها في الحرم وفرعها في الحل يحرم قطعها وقطع غصنها لأنها في الحرم ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن شجرة أصلها في
الحرم وفرعها في الحل فقال حرم فرعها لمكان أصلها قال قلت فان أصلها في الحل وفرعها في الحرم قال حرام أصلها لمكان فرعها والغصن تابع وإن كان بالعكس فكذلك وسوغ بعض العامة قطع الغصن
في الأخير لأنه تابع لأصلها كالتي قبلها وليس بجيد لأنه في الحرم وإذا كان الأصل في الحل والغصن في الحرم فقطع واحد الغصن ضمنه ولو قطع اخر الأصل بعد قطع الغصن فالأقرب
عدم التحريم لان المقتضى له هو استتباع قطع الغصن لقطعه وقد زال بقطع الغصن ولو كان بعض الأصل في الحل وبعضه الحرم ضمن الغصن سواء كان في الحل أو الحرم
تغليب الحرمة الحرم كما لو وقف صيد بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم مسألة لو قلع شجرة من الحرم فغرسها في مكان اخر منه فماتت ضمنها لاتلافه ولو غرسها في مكان اخر من الحرم
فنبتت لم يكن عليه ضمان لعدم الاتلاف ولم تزل حرمتها ولو غرسها في الحل فنبتت وجب عليه ردها لأنه أزال حرمتها فان تعذر ردها أو ردها ويبست ضمنها ولو غرسها في
الحل فقلعها غيره منه قال بعض العامة يضمن الثاني لأنه المتلف لها بخلاف الصيد إذا نفره انسان من الحرم فقتله الاخر في الحل فان الضمان على المنفر لان الشجر لا ينتقل بنفسه
ولا تزول حرمته بإخراجه ولهذا يجب على قالعه رده وأما الصيد فإنه يكون تارة في الحل واخرى في الحرم ومن نفره فقد اذهب حرمته فوجب عليه جزاؤه والشجر لا تفوت حرمته
بالاخراج فكان الضمان على المتلف لأنه أتلف شجرا من الحرم مسألة يضمن المحرم الشجرة الكبيرة ببقرة والصغيرة بشاة والحشيش بقيمته والغصن بأرشه وبه قال الشافعي
واحمد لما رواه العامة عن ابن عباس أنه قال في الدوحة بقرة وفى الجزلة شاة والدوحة الشجرة الكبيرة والجزلة الشجرة الصغيرة ومن طريق الخاصة قول أحدهما عليهما السلام إذا كان في دار الرجل
شجرة من شجر الحرم ولم تنزع فإن أراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة وتصدق بلحمها على المساكين وقال أصحاب الرأي يضمن الجميع بالقيمة لأنه لا مقدر فيه فأشبه الحشيش وليس
بجيد لأنه أحد نوعي ما يحرم إتلافه فكان فيه مقدر كالصيد ولو قطع غصنا أو قلع حشيشا فعاد عوضه فالوجه بقاء الضمان لان الثاني غير الأول إذا عرفت هذا
فالمرجع في الصغير والكبير إلى العرف وقال بعض الشافعية ضبط الشجرة المضمونة بالشاة أن تقع قريبة من سبع الكبيرة فإن الشاة من البقرة سبعها والمتوسطة صغيره لأصالة البراءة
ولان اسم الصغيرة يتناول ما ليست بكبيرة مسألة حد الحرم الذي لا يحل الصيد فيه ولا قطع شجرة بريد في بريد لما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال سمعته يقول حرم الله
حرمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه ويعضد شجره إلا الإذخر أو يصاد طيره وحرم رسول الله المدينة ما بين لابتيها صيدها وحرم ما حولها بريدا في بريد يختلا خلاها ويعضد شجرها إلا عودي الناضح مسألة قال الشيخ (ره) واعلم أن للمدينة حرما مثل حرم مكة وحده ما بين لابتيها وهو من ظل عاير
إلى ظل وعير لا يعضد شجرها ولا بأس أن يؤكل صيدها إلا ما صيد بين الحرمين واللابة الحرة والحرة الحجارة السوداء وفى هذا الكلام اضطراب وينبغي ان يقال وحده من
ظل عائر إلى ظل وعير لا يعضد شجرها ولا بأس أن يوكل صيدها إلا ما صيد بين الحرمين لان الحرمين غير ظل عائر وظل وعير والحرتان بين الظلين لأنه قال لا يعضد الشجرة
فيما بين الظلين ولا بأس أن يؤكل الصيد إلا ما صيد بين الحرمين فدل على دخول الحرمين في الظلين وإلا تناقض الكلام ولو كانت الحرتان هنا حد حرم المدينة الأول لما حل
الصيد في شئ من حرم المدينة والشيخ (ره) عول في التحريم على رواية زرارة عن الباقر عليه السلام السابقة والشافعي الحق حرم المدينة بحرم مكة في التحريم على أصح القولين عنده وبه
قال مالك واحمد وهو المشهور عندنا لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة لا ينفر صيدها ولا يعضد شجره ولا يختلى
خلاها (وروى أن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إني أحرم ما بين لابتى المدينة أن يقطع أغصانها أو يقتل صيدها) ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام قال
رسول الله صلى الله عليه وآله إن مكة حرم الله حرمها إبراهيم وأن المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم لا يعضد شجرها وهو ما بين ظل عاير إلى ظل وعير
ليس صيدها كصيد مكة يؤكل هذا ولا يؤكل ذاك وهو بريد وقال أبو حنيفة لا يحرم وهو الوجه الثاني للشافعي وهو قول التحريم عند الشافعي ففي ضمان صيدها وشجرها قولان
الجديد وبه قال مالك لا يضمن لأنه ليس بمحل النسك فأشبه مواضع الحمى وإنما أثبتنا التحريم للنصوص والقديم وبه قال أحمد إنه يضمن وعلى هذا فما جزاؤه وجهان أحدهما
ان جزاؤه كجزاء حرم مكة لاستوائهما في التحريم والثاني وبه قال احمد إن جزاؤه أخذ سلب الصايد وقاطع الشجر لما روى أن سعد بن أبي وقاص أخذ سلب رجل قتل رجلا
المدينة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من رأى رجلا يصطاد بالمدينة فليسلبه وهذا ليس بشئ على مذهبنا وعلى هذا فيما يسلب للشافعي وجهان الذي اورده أكثر أصحابه
341

انه يسلب منه ما يسلبه القاتل من قتيل الكفار والثاني لا ينجى بهذا نحو سلب القتيل في الجهاد وإنما المراد من السلب هنا الثياب فحسب وعلى الوجهين ففي مصرفه وجهان مشهوران
لهم أظهرهما انه للسالب كسلب القتيل وقد روى أنهم كلموا سعدا في هذا السلب فقال ما كنت لأرد طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله والثاني انه لمحاويج المدينة وفقرائها كما أن جزاء
صيد مكة لفقرائها ولهم وجه ثالث إنه يوضع في بيت المال وسبيله سبيل السهم المرصد للمصالح مسألة صيد و ج وشجره مباح ووج واد بالطايف وليس المراد منه
نفس البلدة قاله علماؤنا وبه قال أحمد لأصالة الإباحة وعدم شغل الذمة من واجب أو عقوبة وقال الشافعي إنه محرم لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال صيد و ج وعضاهها محرم و
العضاه كل شجر عظيم له شوك وتمنع صحة الحديث فإن احمد طعن فيه وللشافعي قول اخر انه مكروه وعلى الأول هلى يتعلق به ضمان بعض الشافعية منع منه إذا لم يرده
في الضمان نقل لكن يؤدب وبعضهم قال نعم وحكمه حكم حرم المدينة وأما النقيع فليس بحرم لكن حماه رسول الله صلى الله عليه وآله لابل الصدقة ونعم الجزية فلا يملك أشجاره وحشيشه وفى وجوب
الضمان على من أتلفها للشافعية وجهان أحدهما لا يجب كما لا يجب في صيده شئ وأظهرهما عندهم الوجوب لأنه ممنوع منه فكانت مضمونة عليه بخلاف الصيد فإن الاصطياد فيه
جايز وعلى هذا فضمانها القيمة ومصرفه مصرف نعم الصدقة والجزية مسألة قد بينا تحريم قطع شجر الحرم إذا كان نابتا بنفسه دون ما يستنبت وللشافعي في
الثاني قولان أحدهما التحريم والثاني الكراهة فيندرج في التحريم قطع الطرف والاراك والعضاه وغيرها من أشجار الفواكه لأنها نبتت بنفسها وكذا العوسج عند
الشافعية لكن سوغ أصحابنا قطع شجرة الأراك وذي الشوك كالعوسج وشبهه ثم فرع الشافعية على إباحة ما يستنبت انه لو استنبت بعض ما نبت بنفسه على خلاف الغالب
أو نبت بعض ما يستنبت لهم خلاف في الحاقه بأي الصنفين حكى الجويني عن الأصحاب إلى الحسن والأصل فأوجب الضمان في الصورة الأولى دون الثانية وحكى غيره ان النظر
إلى القصد والحال فينعكس الحكم فيهما مسألة لا أعرف لأصحابنا نصا في كراهة نقل تراب الحرم وأحجاره إلى ساير البلاد (البقاع) وقال بعض الشافعية يكره نقل تراب الحرم واحجاره
إلى ساير البلاد و (البقاع) والبرام يجلب من الحل ولا يكره نقل ماء زمزم وبه قال الشافعية لان عايشه كانت تنقله قال بعض الشافعية لا يجوز قطع شئ من ستر الكعبة ونقله
وبيعه وشراؤه خلاف ما تفعله العامة فإنهم يشترونه من بنى شيبة ولأنما وضعوه في أوراق المصاحف ومن حمل منه شيئا فعليه رده وهو الوجه عندي وكذا
البحث في المشاهد المقدسة مسألة حرم المدينة يفارق حرم مكة في أمور - آ - إنه لا كفارة فيما يفعل فيه من صيد أو قطع شجر على ما اخترناه - ب - إنه يباح من شجر المدينة
ما تدعو الحاجة إليه من الحشيش والمعلف روى العامة عن علي عليه السلام قال المدينة حرام ما بين عاير إلى ثور لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا يصلح أن يقطع منها
شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ولان المدينة يقرب منها شجر كثير وزروع فلو منع من احتشاشها مع الحاجة لزم الضرر بخلاف مكة - ج - لا يجب دخولها بإحرام بخلاف حرم
مكة - د - من أدخل صيدا إلى المدينة لا يجب عليه إرساله لان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول يا أبا عمير ما فعل النغير وهو طاير صغير رواه العامة وظاهره إباحة إمساكه وإلا لأنكر عليه
البحث الخامس عشر الاستمتاع بالنساء مسألة يحرم على المحرم الاستمتاع بالنساء بالوطي والتقبيل والنظر بشهوة والعقد له ولغيره والشهادة
على العقد وإقامة الشهادة به وإن تحملها محلاقه؟ وكذا الاستمناء وقد أجمع علماء الأمصار على تحريم الوطي قال الله تعالى فلا رفث وروى العامة عن ابن عباس إن رجلا سأله فقال
إني واقعت بامرأتي ونحن محرمان فقال أفسدت حجك إنطلق أنت وأهلك فاقض ما يقضون وحل إذا أحلوا فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهديا هديا فإن لم تجدا
فصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ويتفرقان من حيث يحرمان حتى يقضيا حجهما ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام الرفث الجماع إذا عرفت هذا فقوله تعالى فلا
رفث نفى يريد به النهى أي لا ترفثوا كقوله تعالى لا تضار والدة بولدها مسألة ولا فرق في التحريم بين الوطي في القبل أو الدبر ولا بين دبر المرأة أو الغلام وكذا يحرم التقبيل
للنساء وملاعبتهن بشهوة والنظر إليهن بشهوة والملامسة بشهوة من غير جماع لما روى العامة ان عمر بن عبيد الله قبل عانة بنت طلحة محرما فأنزل فأجمع له على أن يهريق
دما والظاهر أنه لم يكن أنزل ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام يا أبا سيار أن حال المحرم ضيقه إن قبل امرأته وهو على غير شهوة وهو محرم فعليه دم شاة ومن قبل امرأته
على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر الله ومن مس امرأته وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور وإن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شئ عليه مسألة يحرم على المحرم أن يتزوج أو يزوج فيكون وكيلا لغيره أو وليا سواء
كان رجلا أو امرأة ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وعمر و عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت ومن التابعين سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري وبه قال من الفقهاء
مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد بن حنبل لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ليس للمحرم أن يتزوج ولا يزوج فإن تزوج
أو زوج فتزويجه باطل وروى العامة عن ابن عباس جواز ذلك كله وبه قال أبو حنيفة والحكم لما رواه ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وآله تزوج ميمونة وهو محرم ولأنه عقد يملك به الاستمتاع
فلا يحرمه الاحرام كشراء الإماء والرواية ممنوعة فإن أبا رافع قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله ميمونة وهو حلال وبنى بها وهو حلال وكنت أنا الرسول بينهما وروى يزيد الأصم عن ميمونة
إن النبي صلى الله عليه وآله تزوجها حلالا وبنى بها حلالا وماتت بسرق؟ في الظلة التي بنى فيها وميمونة صاحبة الفضة وأبو رافع كان السفير ولان ابن عباس كان صغيرا لا يعرف حقايق
الأشياء ولا يقف عليها فربما توهم الاحرام وليس موجودا بخلاف أبى رافع ولان سعيد بن المسيب قال وهم ابن عباس ما تزوجها النبي صلى الله عليه وآله إلا حلالا وأيضا يحتمل أنه اطلق المحرم على النبي صلى الله عليه وآله
بمجرد أنه تزوجها في الشهر الحرام في البلد الحرام كما قيل قتلوا ابن عفان الخليفة محرما أو أنه تزوجها وهو حلال ثم ظهر أمر التزويج وهو محرم وشراء الأمة قد يكون للخدمة
وهو الغالب بخلاف عقد النكاح الذي لا يكون إلا مقدمة للاستمتاع فلما كان مقدمة للمحرم كان حراما ولان النكاح يحرم بالعدة واختلاف الدين والردة وكون المنكوحة
أختا من الرضاع وتعتبر له شرايط غير ثابتة في شراء الإماء فافترقا إذا عرفت هذا فلو أفسد إحرامه لم يجز له أن يتزوج فيه أيضا لان حكم الفاسد فيما يمنع حكم الصحيح
مسألة لو تزوج المحرم أو زوج غيره وإن كان محلا أو زوجت المحرمة فالنكاح باطل ولا فرق بين أن يكون الزوجان محرمين أو أحدهما عند علمائنا لأنه منهى عنه وكان باطلا كنكاح
المرضعة ولقول الصادق عليه السلام إن رجلا من الأنصار تزوج وهو محرم فأبطل رسول الله صلى الله عليه وآله نكاحه وقال احمد إن زوج المحرم لم أفسخ النكاح وهو يدل على أنه إذا كان أولي
بمفرده أو الوكيل محرما لم يفسد النكاح هذا عند بعض أصحابه والمشهور عندهم الأول إذا عرفت هذا فلو عقد المحرم لغيره فإن العقد يكون باطلا لقول الصادق عليه السلام
المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يشهد فإن نكح فنكاحه باطل وأما الخطبة فإنه يكره الخطبة للمحرم وخطبة المحرمة ويكره للمحرم أن يخطب للمحلين لأنه تسبب إلى الحرام فكان مكروها كالصرف
بخلاف الخطبة في العدة فإنها محرمة لأنها تكون داعية للمرأة إلى أن تخبر بانقضاء العدة قبل انقضائها رغبة في النكاح فكان حراما ولا فرق بين الامام وغيره في تحريم الوكالة
والولاية في النكاح المحرم وقال الشافعي في أحد الوجهين يجوز للامام أن يعقد للمحرم في حال إحرامه لأنه يجوز له التزويج للمحرمين بولايته العامة لأنه موضع الحاجة ونمنع من الحاجة
الزايدة على عقد الولي الولاية الخاصة مسألة لا يجوز للمحرم أن يشهد بالعقد بين المحلين ولو شهد انعقد النكاح عندنا لان النكاح لا يعتبر فيه الشهادة لما
رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يشهد ولقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن المحرم يشهد على نكاح المحلين قال لا يشهد وقال الشافعي يجوز
342

له أن يشهد لأنه لا مدخل للشاهد في العقد فأشبه الخطيب والفرق لان الخطبة لايقاع العقد في حال الاحلال وصله إلى الحلال أما الشهادة على عقد المحرم فإنه معونة على فعل
الحرام فكان حراما مسألة لو عقد المحرم حال الاحرام فإن كان عالما بتحريم ذلك عليه فرق بينهما ولم يحله أبدا وإن لم يكن عالما فرق بينهما فإذا أحلا أو أحل الزوج إن لم تكن المرأة محرمة جاز له العقد عليها ذهب إليه
علماؤنا خلافا للعامة لان الاحتياط يقتضى التحريم المؤبد ولقول الصاق عليه السلام إن المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق بينهما ولا يتعاودان أبدا وأما جواز المراجعة مع الجهل و
عدم الدخول فلقول الباقر عليه السلام قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة وهو محرم قبل أن يحل فقضى أن يخلى سبيلها أو لم يجعل نكاحه شيئا حتى يحل فإذا أحل خطبها إن شاء
أهلها زوجوه أو إن شاؤوا لم يزوجوه فروع - آ - لو وكل محل محلا في التزويج فعقد له الوكيل بعد إحرام الموكل لم يصح النكاح سواء حضره الموكل أم لا وسواء علم الوكيل
أو لا لان الوكيل نايب عن الموكل وفعله مسند إليه في الحقيقة وهو محرم - ب - لو وكل محرم محلا في التزويج فعقد الوكيل والموكل محرم بطل العقد وإن كان بعد إحلاله
صح ولا يبطل ببطلان التوكيل لان الاذن في النكاح وقع مطلقا لكن ما تناول حالة الاحرام يكون باطلا وما تناول حالة الاحلال يكون صحيحا والوكالة إذا اشتملت على
شرط فاسد بطل ذلك وبقى مجرد الاذن يوجب صحة التصرف كذا فساده في بعضه لا يمنع نفوذ التصرف فيما يتناوله الاذن على وجه الصحة بخلاف الصبى إذا وكل في التزويج فاوقعه
الوكيل بعد بلوغه لان الوكالة هنا لا اعتبار بها في تلك الحال ولا في ثانيه ولم يوجد منه الاذن في ثاني الحال ولا في أوله على وجه الصحة فافترقا - ج - لو شهد وهو محرم صح العقد
وفعل حراما ولو أقام الشهادة بذلك لم يثبت بشهادته النكاح إذا كان تحملها وهو محرم قال الشيخ (ره) والأقوى ثبوته إذا أقامها حالة الاحلال ويشكل باستلزامه إباحة الضبع المحرم
كما لو عرفت العقد فتزوجت بغيره وكما تحرم عليه الشهادة بالعقد حالة إحرامه تحرم عليه إقامتها في ذلك الحال ولو تحملها محلا ولو قيل إن التحريم مخصوص بالعقد الذي أوقعه
المحرم كان وجها مسألة إذا اتفق الزوجان على وقوع العقد حالة الاحرام بطل وسقط المهر إن كانا عالمين أو جاهلين ولم يدخل بها لفساد أصل العقد ولو دخل
وهي جاهلة ثبت المهر بما استحل من فرجها وفرق بينهما ولو اختلفا فادعى أحدهما وقوعه حالة الاحلال وادعى الاخر وقوعه حالة الاحرام فإن كان هناك بينة حكم بها
ولو انتفت البينة فإن كانت الزوجة مدعية لوقوعه في الاحرام وأنكر الرجل فالقول قوله مع اليمين عملا بأصالة الصحة فإذا حلف ثبت النكاح وليس لها المطالبة بالمهر مع عدم
الدخول ولو كانت قبضة لم يكن للزوج استعادته وكان الزوج هو المدعى لوقوعه حالة الاحرام فالقول قول المرأة مع اليمين ويحكم بفساد العقد من حق الزوج لأنه ادعى
فساده ويحكم عليه بأحكام النكاح الصحيح ثم إن كان قد دخل بها وجب عليه المهر كملا للرواية وإن لم يكن دخل بها قال الشيخ يجب نصف المهر والوجه الجميع ولو أشكل
الامر فلم يعلم هل وقع العقد في الاحرام أو الاحلال صح العقد وبه قال الشافعي لأصالة الصحة قال الشيخ (ره) والأحوط تجديده لان الأول إن وقع في الاحلال لم يضر الثاني وإلا
كان مبيحا وإذا وطئ العاقد في الاحرام لزمة المهر إما المسمى إن كان قد سماه وإلا مهر المثل ويلحق به الولد ويفسد حجه إن كان قبل الوقوف بالموقفين ويلزمها العدة وإن لم يكن دخل فلا يلزمه
شئ من ذلك ولو عقد المحرم لغيره كان العقد فاسدا ثم ينظر فإن كان المعقود له محرما ودخل بها لزم للعاقد بدنة مسألة لا بأس للمحرم أن يراجع امرأته عند علمائنا
وبه قال الشافعي ومالك واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن في ذلك وقوله تعالى فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان والامساك هو المراجعة ولم يفصل
ولأنه ليس باستيناف عقد بل إزالة مانع عن الوطي فأشبه التكفير عن الظهار وقال احمد في الرواية الأخرى لا يجوز لأنه استباحة فرج مقصودة بعقد فلا يجوز في الاحرام
كعقد النكاح والفرق أن عقد النكاح يملك به الاستمتاع بخلاف الرجعة فان الاستمتاع مملوك له قبلها إذ لا يخرج بالطلاق الرجعي عن حكم الزوجة فإنهما يتوارثان على
أن المشهور من مذهب أحمد أن الرجعية مباحة فلا يصح قوله الرجعة استباحة مسألة يجوز شراء الإماء في حال الاحرام لكن لا يقربهن إجماعا لأن الشراء لفايدة
الاستخدام غالبا فكان سايغا سواء قصد به التسري ولا نعلم فيه خلافا لأنه ليس بموضوع للاستباحة في البضع فأشبه شراء العبيد ولذلك أبيح شراء من لا يحل وطؤها
ولم يحرم الشراء في حال يحرم فيه الوطؤ ويؤيده ما رواه سعد بن سعد عن الرضا عليه السلام في الصحيح قال سألته عن المحرم يشترى الجواري ويبيع قال نعم إذا ثبت هذا
فلو اشترى حالة الاحرام أمة للتسري بها حالة الاحرام احتمل فساد العقد لان الفرض الذي وقع لأجله محرم ويحتمل الصحة لان الغرض عارض فلا يؤثر في الصحة الأصلية
إذا عرفت هذا فإنه يجوز له عن مفارقة النساء حالة الاحرام بكل حال من طلاق أو خلع أو ظهار أو لعان أو غير ذلك من أسباب الفرقة إجماعا ورواه أبو بصير في الصحيح عن الصادق عليه السلام
قال المحرم يطلق ولا يتزوج مسألة كل موضع حكمنا فيه ببطلان العقد من المحرم يفرق بينهما بغير طلاق وبه قال الشافعي لان الطلاق إنما يقع في صلب نكاح صحيح و
هذا النكاح باطل وقال مالك يفرق بينهما بطلقة وكذا كل نكاح وقع فاسدا عنده يفرق بينهما بطلقة مسألة لو نظر إلى امرأته بشهوة فعل حراما ولو أمنى حينئذ كان
عليه جزور إن كان موسرا وإن كان وسطا فعليه بقرة وإن كان فقيرا فعليه شاة ولو نظر إلى غير أهله فأمنى كان عليه جزور ولو نظر بغير شهوة لم يكن عليه شئ وإن أمنى لما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن رجل محرم نظر إلى ساق امرأته فأمنى قال إن كان موسرا فعليه
بدنة فإن لم يجد فبقرة فإن لم يجد فشاة لما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال سألته عن رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل قال عليه جزورا وبقرة فإن لم يجد فشاة ولو حملها بشهوة
فامنى أو لم يمن وجب عليه دم شاة ولو لم يكن بشهوة لم يكن عليه شئ ولو أمنى لما رواه الحلبي عن الصادق عليه السلام فسأله قال قلت له المحرم يضع يده على امرأته قال لا بأس قلت فإنه أراد
أن ينزلها في المحمل ويضمها إليه قال لا بأس قلت فإنه أراد أن ينزلها في المحمل فلما ضمها إليه أدركته الشهوة قال ليس عليه شئ إلا أن يكون طلب ذلك وسأل محمد بن
مسلم الصادق عليه السلام عن رجل محرم حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى قال إن كان حملها أو مسها لشئ من الشهوة وأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم
يهريقه وإن حملها أو مسها لغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شئ ويجوز للمحرم أن يقبل امه لأنها ليس محل الشهوة ولا داعيا إلى الجماع فكان سايغا لان الحسين بن حماد
سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يقبل أمه قال لا بأس به هذه قبلة رحمة إنما تكره قبله الشهوة إذا ثبت هذا فلا فرق بين الام والأخت وغيرهما من المحرمات المؤبدة
البحث السادس عشر في الفسوق والجدال مسألة يحرم على المحرم الفسوق وهو الكذب وهو حرام على غيره إلا أنه يتأكد في حقه قال الله تعالى فلا رفث ولا
فسوق ولا جدال في الحج قال الصادق عليه السلام والفسوق الكذب والسباب وروى العامة قول النبي صلى الله عليه وآله سباب المسلم فسوق فجعلوا الفسوق هو السباب لهذا الخبر وهو غير دال
وسبب الغلط ايهام العكس وقال ابن عباس الفسوق المعاصي وهو قول ابن عمر وعطا وإبراهيم وقال الكاظم عليه السلام والفسوق الكذب مسألة ويحرم على المحرم الجدال
وفسره الصادق عليه السلام يقول الرجل لغيره لا والله وبلى والله وكذا قال الكاظم عليه السلام وقال ابن عباس الجدال هو أن تمارى صاحبك حتى تغضبه وهو قريب بما فسره الإمامان
عليهما السلام وبه قال مجاهد ولا جدال في الحج أي لا مجادلة ولا شك في الحج انه في ذي الحجة وما قلناه أولى إذا عرفت هذا فإنه يستحب للمحرم قلة الكلام إلا بخير وروى العامة
عن الحسين بن علي عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله
وقلة الكلام إلا بخير فإن تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير كما قال تعالى فإن الله تعالى يقول فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فالرفث الجماع
343

والفسوق الكذب والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله ولان ترك الكلام فيما لا ينفع مما يقتضى صيانة النفس عن اللغو والوقوع في الكذب وما لا يحل فإن من كثر كلامه
كثر سقطه وقد قال صلى الله عليه وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت فيستحب ترك الكلام فيما لا يتعلق بالذكر والبحث في العلوم مطلقا إلا أنه في حال الاحرام أشد
استحبابا لأنه حال عبادة واستغفاره واستشعار بطاعة الله تعالى فأشبه الاعتكاف ولا يعارض ذلك ما رواه العامة عن عمر إنه كان إذا ركب ناقة وهو محرم يقول كان راكبها غصن
بمروحة إذا بذلت به أو شارب ثمل وفعل عمر لا حجة فيه خصوصا مع معارضته فعل النبي صلى الله عليه وآله مسألة لو إرتد في أثناء الحج والعمرة لم تفسدهما ولا
يعتد بما فعله في زمان الردة وهو قول بعض الشافعية لأصالة الصحة وبراءة الذمة والخروج عن العهدة بامتثال الامر وقال بعض الشافعية إنها تفسدهما سواء
طال زمانها أو قصر وعلى القول بالفساد لهم وجهان أظهرهما انه يبطل النسك بالكلية حتى لا يمضى فيه لا في الردة ولا إذا عاد إلى الاسلام لان الردة تحبط العبادة لكن لا
تجب الكفارة كما أن فساد الصوم بالردة لا يتعلق به الكفارة وعلى القول بالصحة لهم ثلاثة أوجه أحدها انه ينعقد على الصحة فان رجع في الحال فذاك وإلا فسد نسكه وعليه
الفدية والقضاء والمعنى في الفاسد والثاني إنه ينعقد فاسدا وعليه القضاء والمضى فيه سواء مكث أو رجع في الحال وإن مكث وجبت الفدية وهل هي بدنة أو شاة خلاف
والثالث لا ينعقد أصلا كما لا تنعقد الصلاة مع الحدث القسم الثاني في مكروهات الاحرام الأول يكره للمحرم النوم على الفرش المصبوغة وليس بحرام لما رواه
أبو بصير في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر أو المرفقة الصفراء الثاني يكره الاحرام في الثوب المصبوغ بالسواد أو المعصفر ويتأكد في السواد
والنوم عليه الثالث يكره الاحرام في الثياب الوسخة وإن كانت طاهرة الرابع لبس الثياب المعلمة الخامس استعمال الحناء للزينة السادس النقاب للمرأة على إشكال
السابع دخول الحمام وتدليك الجسد فيه الثامن إجابة المنادى يقول يا سعد لأنه في مقام التلبية لله تعالى فكره لغيره ولقول الصادق عليه السلام ليس للمحرم أن يلبى من دعاه
حتى ينقضى إحرامه قلت كيف يقول قال يقول يا سعد التاسع استعال الرياحين مسألة يجوز للمحرم أن يلبس الهميان وهو قول جمهور العلماء قال ابن عبد البر أجمع
فقهاء الأمصار متقدموهم ومتأخروهم وكرهه ابن عمر ومولاه نافع لما رواه العامة عن ابن عباس قال رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للمحرم في الهميان أن يربطه إذا كانت فيه نفقته ومن
طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كان أبى عليه السلام يشد على بطنه نفقته يستوثق فإنها تمام حجه وتشتد الحاجة إلى ذلك وقول ابن عمر لا حجة له فيه مسألة يجوز للمحرم أن يلبس السلاح
عند الحاجة إجماعا إلا من الحسن البصري فإنه كرهه والحق الأول لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله صالح أهل الحديبية على أن لا يدخلوها إلا بجلبان السلاح يعنى بالقراب
بما فيه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن المسلم إذا خاف العدو فلبس السلاح فلا كفارة عليه وللحاجة إليه وقد دل هذا الحديث من حيث المفهوم على التحريم
مع عدم الخوف وهو أحد قولي علمائنا مسألة يجوز أن يؤدب الرجل عبده عند الحاجة إليه حالة إحرامه لقول الصادق عليه السلام لا بأس أن يؤدب المحرم عبده ما بينه وبين عشرة أسواط وإذا قتل المحرم حيوانا وشك في أنه صيد لم يكن عليه شئ لأصالة
البراءة ولو علم أنه صيد وشك في أي صيد هو لزمه دم شاة لأنه أقل مراتب الصيد ولقول الصادق عليه السلام
في رجل أكل من لحم صيد لا يدرى ما هو وهو محرم قال عليه شاة
ويجوز أن يكون مع المحرم لحم الصيد إذا لم يأكله وتركه إلى وقت إحلاله ثم يأكله إذا لم يكن صاده هو لان علي بن مهزيار سأله عن المحرم معه لحم من لحوم الصيد في زاده هل
يجوز أن يكون معه ولا يأكله ويدخل مكة وهو محرم فإذا أحل أكله فقال نعم إذا لم يكن صاده ويجوز إخراج الفهد من الحرم لان إسماعيل بن الفضل الهاشمي سأل الصادق عليه السلام
فقال له فهود تباع على باب المسجد ينبغي لاحد ان يشتريها ويخرج بها قال لا بأس وفى الصحيح عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابه عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن رجل أدخل فهدا إلى
الحرم له أن يخرجه فقال هو سبع وكلما أدخلت من السباع الحرم فلك أن تخرجه المطلب الرابع في كفارات الاحرام وفيه بابان الأول في كفارات الصيد وفيه مباحث
الأول فيما لكفارته بدل على الخصوص وهو خمسة الأول قتل النعامة مقدمة دابة الصيد تضمن بمثلها من النعم عند أكثر العلماء لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم
وما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله جعل في الصبغ كبشا ومن طريق الخاصة ما رواه أبو الصباح في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل في الصيد ومن
قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم قال في الظبي شاة وفى حمار الوحش بقرة وفى النعامة جزور وقال أبو حنيفة الواجب القيمة لان الصيد ليس بمثلي فتجب القيمة ويجوز
صرفها في المثل والمماثلة الحقيقية ليست مرادة لامتناعها بين الصيد والنعم بل المراد من حيث الصورة فإن النعامة شبه البدنة وحكم الصحابة في الحيوانات بأمثالها
فحكم علي عليه السلام وزيد بن ثابت وعمر وعثمان وابن عباس ومعاوية في النعامة ببدنة وحكم أبو عبيدة وابن عباس في حمار الوحش ببدنة وحكم عمر فيه ببقره وحكم علي عليه السلام
في الضبع بشاة مع اختلاف الأزمان وتباعد الأمكنة ولو كان على وجه القيمة لامتنع اتفاقها في شئ واحد وقد حكموا في الحمامة بشاة ولا تبلغ الحمامة في القيمة الشاة وما ثبت
فيه نص مقدر اتبع إما من النبي صلى الله عليه وآله أو من أحد الأئمة عليهم السلام ولا يجب استيناف الحكم به وبه قال عطا والشافعي وإسحاق واحمد لانهم أعرف من غيرهم وأزهد فكان قولهم حجة وقال
مالك يستأنف الحكم لقوله تعالى يحكم به ذوا عدل والجواب التقدير ثبوت الحكم مسألة تجب في النعامة بدنة عند علمائنا أجمع فمن قتل نعامة وهو محرم وجب عليه جزور
وبه قال عطا ومجاهد ومالك والشافعي وأحمد وأكثر أهل العلم لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وروى العامة إن عليا عليه السلام حكم فيها ببدنة ومن طريق الخاصة قول
الصادق عليه السلام وفى النعامة جزور وفى حديث اخر بدنة وقال أبو حنيفة تجب القيمة وقد تقدم ولو لم يجد البدنة قوم البدنة وفض قيمتها على البر وأطعم ستين مسكينا لكل مسكين
نصف صاع وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل بقراءة الحفص وهو يقتضى أن يكون الجزاء بدلا عن المثل من النعم لان تقديرها فجزاء بمثل لقول الصادق عليه السلام
إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم جزاؤه من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فإن لم يقدر على الطعام
صام لكل نصف صاع يوما وقال مالك يقوم الصيد لا المثل لان التقويم إذا وجب لأجل الاتلاف قوم التلف كالذي لا مثل له
وقال أبو حنيفة لا يجب المثل بل قيمة الصيد فإن شاء تصدق بها وإن شاء اشترى شيئا من النعم التي تجزى في الأضحية يذبح وإن شاء صرفها إلى الطعام فأعطى كل مسكين نصف
صاع من بر أو صاعا من غيره أو صام عن كل نصف صاع من بر أو صاع من غيره يوما ولو لم يجد الاطعام قوم الجزور بدراهم والدراهم بطعام على ما قلناه ثم صام عن كل نصف صاع
يوما وبه قال ابن عباس والحسن البصري والنخعي والثوري وأصحاب الرأي وابن المنذر لان صوم اليوم بدل عن نصف صاع في غير هذا الصورة فيكون كذلك هنا ولقول الصادق عليه السلام
فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وقال عطا يصوم عن كل مد يوما وبه قال مالك والشافعي وعن أحمد روايتان لان الله تعالى جعل اليوم في كفارة الظهارة
في مقابلة الطعام المسكين فكذا هنا ويبطل بتقديم النص على القياس مسألة واختلف علماؤنا في كفارة جزاء الصيد فقال بعضهم إنها على الترتيب وبه قال
ابن عباس والثوري وابن سيرين ونقله أبو ثور عن الشافعي في القديم لقول الصادق عليه السلام فإن لم يقدر على ذلك يعنى الذبح قوم جزاء الصيد وتصدق بقيمته
على المساكين ثم قال فإن لم يقدر صام بدل كل صاع يوما وهو يدل على الترتيب ولان هدى المتعة على الترتيب وهذا آكد منه لأنه فعل محظور وقال بعضهم إنها على
344

التخيير وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وعن أحمد روايتان وهو المعتمد لقوله تعالى هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ولو للتخيير قال ابن عباس وكل شئ
أو فهو مخير وأما ما كان فإن لم يجد فهو الأول الأول رواه العامة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام كل شئ في القرآن أو فصاحبه بالخيار يختار وما شاء وكل شئ في القرآن فمن لم
يجد فعليه كذا فالأول بالخيار ولأنها فدية تجب بفعل محظور فكان مخيرا فيها (بين ثلثتها خ ل) كفدية الأذى وقال الشافعي قولا آخر إنه لا إطعام في الكفارة وإنما ذكر في الآية ليعدل به
الصيام لان من قدر على الاطعام قدر على الذبح وهو مروى عن ابن عباس وعن أحمد أيضا وهو خطأ لأنه تعالى سمى الاطعام كفارة ولو لم يجب اخراجه لم يكن كفارة وجعله طعاما للمساكين وما لا يجوز صرفه إليهم
لا يكون طعاما لهم ولأنه عطف الطعام على الهدى ثم عطف الصوم عليه ولو لم يكن إحدى الخصال لم يجز ذلك فيه ونمنع أن من قدر على الطعام قدر على الهدى إما لتعذر
المذبوح أو لغلاء السعر أو لغيرهما مسألة لو زادت قيمة الجزاء (الفداء) على إطعام ستين مسكين لكل مسكين نصف صاع لم يلزمه الزايد واجزاء إطعام الستين ولو نقص عن إطعام
الستين لم يجب الاكمال بل أجزاءه وإن كان ناقصا وكذا لو زاد ثمن الطعام على صيام ستين يوما لكل يوم نصف صاع لم يجب عليه صوم الزايد على الستين ولو نقص أجزأه الناقص
ولا يجب عليه إكمال الصوم والعامة لم يعتبروا ذلك لأنها كفارة فلا تزيد على إطعام ستين ولا على صيام ستين ولأنها على مراتب الكفارات وقول الصادق عليه السلام
في محرم قتل نعامة قال عليه بدنة فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا فإن كانت قيمة البدنة أكثر من طعام ستين مسكينا لم يزد على طعام ستين مسكينا وإن كانت قيمة البدنة أقل من طعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة إذا عرفت هذا
فلو بقى ما لا يعدل يوما كربع الصاع كان عليه صيام يوم كامل وبه قال عطا والنخعي وحماد والشافعي وأصحاب الرأي ولا نعلم فيه خلافا لان صيام اليوم لا يبعض والسقوط
غير ممكن لشغل الذمة فيجب إكمال اليوم مسألة لو عجز عن البدنة وإطعام ستين وصوم شهرين صام ثمانية عشر يوما لان صوم ثلاثة أيام بدل عن إطعام عشرة مساكين في
كفارة اليمين مع العجز عن الاطعام فيكون كذلك هنا ولقول الصادق عليه السلام من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل فإن لم يجد ما يشترى بدنة فإن أراد أن يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مد فإن لم
يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام مسألة في فراخ النعامة لعلمائنا قولان أحدهما من صغار الإبل وبه قال الشافعي
واحمد والثاني فيه مثل ما في النعامة سواء وبه قال مالك احتج الأولون بقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم
ومثل الصغير صغير ولان فرخ الحمام يضمن بمثله فكذا فرخ
النعامة واحتج الآخرون بقوله تعالى هديا بالغ الكعبة ولا يجزى في الهدى صغير ولقول الصادق عليه السلام في قوم حجاج محرمين أصابوا فراخ نعام فأكلوا جميعا قال عليهم مكان
كل فرخ بدنة يشتركون فيها جميعا ليشترونها على عدد الفراخ وعلى عدد الرجال الثاني كفارة قتل حمار الوحش وبقرته مسألة لو قتل المحرم حمار الوحش
وجب عليه دم بقرة عند علمائنا وبه قال عمر وعروة ومجاهد والشافعي واحمد في إحدى الروايتين للمماثلة بين حمار الوحش والبقرة الأهلية ولان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام
قال فإن أصاب بقرة وحش أو حمار وحش ما عليه قال عليه بقرة وقال احمد في الرواية الأخرى عليه بدنة وهو مروى عن أبي عبيده وابن عباس وبه قال عطا والنخعي و
قال أبو حنيفة تجب القيمة وقد سلف إذا ثبت هذا ففي بقرة الوحش بقرة أهلية أيضا عند علمائنا وهو مروى عن ابن مسعود وعطا وعروة وقتادة
والشافعي ولا نعلم فيه خلافا إلا من أبي حنيفة لان الصحابة نصوا فيها على ذلك وللمشابهة في الصورة ولرواية أبي بصير الصحيحة وقد سلفت مسألة لو لم يجد البقرة
في جزاء حمار الوحش وبقرته قوم ثمنها بدراهم وفضه على الحنطة وأطعم كل مسكين نصف صاع ولا يجب عليه ما زاد على إطعام ثلاثين مسكينا ولا إتمام ما نقص عنه عند
علمائنا وقال مالك إنما يقوم الصيد وقد سلف البحث معه وقد روى أبو عبيدة عن الصادق عليه السلام قال إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي
أصاب فيه الصيد قوم جزاءه من النعم دراهم ثم قومت الدراهم طعاما لكل مسكين نصف صاع يوما لكل يوم بإزاء نصف صاع ولو لم يبلغ الاطعام ذلك لم يكن عليه الاكمال ولو فضل لم تجب عليه الزيادة عن الثلاثين فإن لم يقدر على بقرة قال فليطعم ثلاثين مسكينا مسألة لو لم يتمكن من الاطعام
صام ثلاثين (فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما وعن أبي بصير عن الصادق (ع) قال فإن أصاب بقرة وحش أو حمار وحش ما عليه قال بقرة) لما تقدم في النعامة
ولقول الباقر عليه السلام لكل طعام مسكين يوما والخلاف في الترتيب والتخيير هنا كما تقدم ولو لم يتمكن من هذه الأصناف صام تسعة أيام لما ثبت في كفارة
اليمين من صوم ثلاثة أيام بدل من إطعام عشرة مساكين مع العجز فكذا هنا ولقول الصادق عليه السلام فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا فإن لم يجد فليصم تسعة أيام الثالث
في كفارة الظبي والثعلب والأرنب مسألة لو قتل المحرم ظبيا وجب عليه دم شاة وبه قال علي عليه السلام وعطا وعروة وعمر بن الخطاب والشافعي واحمد وابن المنذر لأنه
قول من سميناه من الصحابة ولم يعلم لهم مخالف فكان حجة وما رواه العامة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال وفى الظبي شاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام وفى الظبي شاة وقال أبو حنيفة
الواجب القيمة وقد تقدم البحث معه مسألة لو عجز عن الشاة قوم ثمنها دراهم وفضه على البر وأطعم عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع ولو زاد التقديم على ذلك لم تجب
عليه الزيادة على إطعام العشرة ولو نقص لم يجب عليه الاكمال لما ثبت من مساواة إطعام عشرة مساكين للشاة في اليمين وأذى الحلق وغيرهما ولقول الصادق عليه السلام
إذا أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه قوم جزاؤه من النعم دراهم ثم قومت الدارهم طعاما لكل مسكين نصف صاع فإن لم يقدر على الطعام صام
لكل نصف صاع يوما وسأل أبو بصير الصادق عليه السلام فإن أصاب ظبيا ما عليه قال عليه شاة قال فإن لم يجد شاة فعليه إطعام عشرة مساكين مسألة لو عجز عن الاطعام
صام عن كل نصف صاع يوما ولو زاد التقويم على خمسة أصوع لم يكن عليه صوم عن الزايد ولو نقص لم يكن عليه إلا بقدر التقويم لما ثبت من مقابلة صوم اليوم
لنصف صاع فكذا هنا ولقول الصادق عليه السلام فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما واعلم أن الخلاف هنا في ترتيب هذه الأصناف الثلاثة أو تخييرها
كالخلاف فيما تقدم ولو عجز عن الشاة وإطعام عشرة مساكين وصوم عشرة أيام صام ثلاثة أيام لما ثبت من أنها بدل في كفارة اليمين عن إطعام عشرة مساكين وكذا في
كفارة الأذى فكذا هنا ولقول الصادق عليه السلام ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج مسألة في الثعلب شاة لان أبا بصير
سأل الصادق عليه السلام عن رجل قتل ثعلبا قال عليه دم قال فأرنبا قال ما في الثعلب قال الشيخان رحمهما الله تعالى إن في الثعلب مثل ما في الظبي ولم يثبت ويمكن الاحتجاج بقول
الصادق عليه السلام ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج إذا عرفت هذا ففي الأرنب شاة ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا
لأنه كالثعلب فيكون جزاؤه مساويا لجزائه ولقول الكاظم عليه السلام في الأرنب شاة وقال ابن عباس فيه حمل وقال الشافعي فيه عناق وهو الأنثى من ولد المعز في أول سنته
والذكر جدي إذا ثبت هذا فقال بعض علمائنا إن فيه مثل ما في الظبي لما تقدم في الثعلب الرابع كسر بيض النعام مسألة إذا كسر المحرم بيض نعامة فإن
كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة بكارة من الإبل ولا يشترط الأنوثة وإن لم يكن قد تحرك فيه الفرخ كان عليه أن يرسل فحولة الإبل في إناث منها بعدد البيض
فالناتج هدى لبيت الله تعالى ذهب إليه علماؤنا لنا إنه مع التحرك يكون قد قتل فرخ نعامة فعليه مثله من الإبل ومع عدمه يحتمل الفساد والصحة فكان عليه فيه ما يقابله
من إلقاء المنى في رحم الأنثى المحتمل للفساد الصحة ولما رواه علي بن جعفر في الصحيح من أخيه الكاظم عليه السلام قال سألته عن رجل كسر بيض نعامة وفى البيض فراخ قد تحرك
فقال عليه لكل فرخ تحرك بعير ينحره في المنحر وسأل رجل أمير المؤمنين عليه السلام إني خرجت محرما فوطأت ناقتي بيض نعام فكسرته فهل على كفارة فقال أمير المؤمنين عليه السلام فاسأل
345

ابني الحسن عليه السلام عنها وكان يسمع كلامه فتقدم إليه الرجل فسأله فقال لم يجب عليك أن ترسل فحولة الإبل في أناثها بعدد ما انكسر من البيض فما نتج فهو هدى لبيت الله عز وجل
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام يا بنى كيف قلت ذلك وأنت تعلم أن الإبل ربما أزلقت أو كان فيها ما يزلق فقال يا أمير المؤمنين والبيض ربما لمزق فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام
وقال له صدقت يا بنى ثم تلى ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم وقال الشافعي يجب عليها قيمة البيض وبه قال عمر بن الخطاب وابن مسعود والنخعي والزهري و
أبو ثور واحمد وأصحاب الرأي لان البيض لا مثل له فتجب القيمة ولما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه ونمنع عدم المثل لأنه ليس
المراد المثل الحقيقي والحديث مرسل لا اعتداد به وقال مالك يجب في البيضة عشر قيمة الصيد وقال داود وأهل الظاهر لا شئ في البيض مسألة لا فرق بين أن يكسره بنفسه
أو بدابته لأنه سبب في الاتلاف فكان عليه ضمانه لقول الصادق عليه السلام ما وطأته أو أوطأته بعيرك أو دابتك وأنت محرم فعليك فداؤه والاعتبار في العدد بالإناث فيجب في
كل بيضة أنثى ولو كان الذكر واحدا أجزأه لان الانتاج مأخوذ من الإناث ولقول الصادق عليه السلام أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث فما لقح وسلم كان النتاج
هديا بالغ الكعبة مسألة لو لم يتمكن من الإبل كان عليه عن كل بيضة شاة فإن لم يجد كان عليه عن كل بيضة
إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مدا فإن لم
يجد كان عليه صيام ثلاثة أيام لأنها تثبت بدلا في كفارات متعددة فكذا هنا والرواية علي بن حمزة عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل أصاب بيض نعامة وهو محرم قال يرسل
الفحل في الإبل على عدد البيض قلت فإن البيض يفسد كله ويصلح كله قال ما نتج الهدى فهو هدى بالغ الكعبة وإن لم ينتج فليس عليه شئ فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة
شاة فإن لم يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مد فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام إذا عرفت هذا فلو كسر بيضة فخرج منها فرخ حي وعاش لم يكن عليه شئ
ولو مات كان فيه ما في صغير النعام ولو باض الطير على فراش محرم فنقله إلى موضعه فنفر الطير فلم يحضنه لزمه الجزاء وللشافعي قولان ولو كسر بيضة فيها فرخ ميت لم يكن
عليه شئ وكذا لو كان البيض فاسدا وقال الشافعي إن كان بيض نعام كان عليه القيمة لان للقشر قيمة وليس بمعتمد لأنه بمنزلة الحجر والخشب ولهذا لو نقب بيضة فأخرج ما فيها أجمع
ضمنها ولو كسرها اخر بعده لم يكن عليه شئ ولقول الكاظم عليه السلام وإن لم ينتج فليس عليه شئ الخامس كسر بيض القطا والقبج مسألة لو كسر المحرم بيضة من بيض
القطا أو القبج فإن كان قد تحرك فيه الفرخ كان عليه عن كل بيضة مخاض من الغنم وإن لم يكن قد تحرك فيه الفرخ وجب عليه إرسال فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض فالناتج هدى
لبيت لله تعالى وقالت العامة إن عليه القيمة وقد تقدم ولأنه سأل الصادق عليه السلام عن محرم وطأ بيض القطا فشدخه قال يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في مثل
عدد البيض من الإبل وأما وجوب المخاض للمتحرك فلانه بيض يتحرك فيه الفرخ فكان عليه صغير من ذلك النوع كما في بيض النعام ولقول الصادق عليه السلام في كتاب علي عليه السلام
في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل مسألة لو لم يتمكن من إرسال فحولة الغنم في إناثها وقال الشيخ (ره) كان حكمه حكم بيض
النعام سواء قال ابن إدريس يريد انه إذا لم يتمكن من الارسال وجب عليه عن كل بيضة شاة كما إن من عجز عن إرسال فحولة الإبل في إناثها وجب عليه عن كل بيضة شاة ولا استبعاد
فيه إذا قام الدليل عليه ونقل عن المفيد أنه إذا لم يتمكن من الارسال ذبح عن كل بيضة شاة فإن لم يجد أطعم عن كل بيضة عشرة مساكين فإن لم يقدر صام عن كل بيضة ثلاثة
أيام والأقرب أن مقصود الشيخ في مساواته لبيض النعام وجوب الصدقة على عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام إذا لم يتمكن من الاطعام لان مع التحرك لا تجب شاة كاملة صغيرة
فكيف تجب الشاة الكاملة مع عدم التحرك وإمكان فساده وعدم خروج الفرخ منه تنبيه يجب ذبح الجزاء في الموضع الذي تجب التفرقة فيه فيتصدق به على مساكين
الحرم إما بأن يفرق اللحم أو يملكهم جملته مذبوحا ولا يجوز أن يخرجه حيا وإذا قوم المثل دراهم لم يجز له أن يتصدق بها بل يجعلها طعاما ويتصدق بها ولو صام عن نصف الصاع بقدره فانكسر وجب صوم
يوم كامل لان صوم اليوم لا يتبعض البحث الثاني فيما لا بدل له على الخصوص مسألة الحمام كل طاير يهدر بأن يواتر صوته ويعب الماء بأن يضع منقاره
فيه فيكرع كما تكرع الشاة ولا يأخذ قطرة قطرة بمنقاره كما يفعل الدجاج والعصفور وقال الكسائي إنه كل مطوق والحجل حمام لأنه مطوق ويدخل في الأول الفواخت والوراشين
والقماري والدباسي والقطا إذا عرفت هذا ففي كل حمامة شاة ذهب إليه علمائنا أجمع وبه قال علي عليه السلام وعمر وعثمان وابن عمر وابن عباس ونافع بن عبد الحرث فإنهم حكموا في حمام
الحرم بكل حمامة شاة وبه قال سعيد بن المسيب وعطا وعروة وقتاده والشافعي واحمد وإسحاق لمشابهة الحمامة فالشاة في الكرع ولما رواه العامة عن ابن عباس أنه قضى في الحمام حال
الاحرام بالشاة ولم يخالفه أحد من الصحابة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام المحرم إذا أصاب حمامة ففيها شاة ولأنها حمامة لحق الله تعالى فضمنت بالشاة كحمامة الحرم
ولان الشاة مثل لما في الحرم فتكون كذلك في الاحرام لقوله صلى الله عليه وآله فجزاء مثل ما قتل من النعم وقال أبو حنيفة ومالك فيه القيمة إلا أن مالكا وافقنا في حمام الحرم دون حمام الاحرام
لان الحمامة لا مثل لها فتجب القيمة ولان القياس يقتضى القيمة في كل الطير تركناه في حمام الحرم لقضاء الصحابة فيبقى ما عداه على الأصل وقد بينا أن المماثلة في الحقيقة
أو الصورة غير مرادة بل ما شابهها شرعا وقد بينا إن الشارع حكم في الحمامة بشاة مع قوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم فدل على ثبوت المماثلة الشرعية بينهما وهو الجواب عن الثاني
مسألة الشاة تجب بقتل المحرم للحمامة أما المحل لو قتلها في الحرم فإنه يجب عليه القيمة وهي درهم عند علمائنا لقول الصادق عليه السلام في الحمامة درهم وسأل عبد الرحمن بن
الحجاج الصادق عليه السلام عن فرخين مسرولين ذبحتهما وأنا بمكة محل فقال هي ذبحتهما قال جاءتني بهما جارية قوم من أهل مكة فسألتني أن أذبحهما لها فظننت إني بالكوفة ولم أذكر إني في الحرم
فذبحتهما فقال تصدق بثمنهما قلت كم ثمنهما قال درهم خير من ثمنهما ولو كانت القيمة أزيده من درهم أو أنقص فالأقرب العزم عملا بالنصوص والأحوط وجوب الازيد من
الدرهم والقيمة مسألة لو كان القاتل للحمام محرما في الحرم وجب عليه الجزاء والقيمة معا فيجب عليه عن كل حمامة شاة ودرهم لأنه يهتك حرمة الحرم والاحرام فكان عليه فداؤهما
ولان الشاة تجب على المحرم في الحل والدرهم يجب على المحل في الحرم فالمحرم في الحرم يجب عليه الأمران لأنه اجتمع فيه الوصفان ولان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن محرم قتل حمامة من حمام
الحرم خارجا من الحرم قال فقال عليه شاة قلت فإنه قتلها في جوف الحرم قال عليه شاة وقيمة الحمامة قلت فإنه قتلها في الحرم وهو حلال قال عليه ثمنها ليس غيره مسألة
لو قتل فرخا من فراخ الحمام وجب عليه حمل قد فطم ورعى الشجر إن كان محرما لما تقدم من المماثلة بين الجزاء والصيد ومثل الصغير صغير ولقول الصادق عليه السلام فإن كان فرخا
فجدي أو حمل صغير من الضأن ولو كان القاتل للفرخ محلا في الحرم وجب عليه نصف درهم ولو كان محرما في الحرم وجب عليه الجزاء والقيمة معا فيجب حمل ونصف درهم لقول الصادق عليه السلام
في الحمامة درهم وفى الفرخ نصف درهم وفى البيض ربع درهم مسألة لو كسر المحرم بيض الحمام ولم يكن قد تحرك فيه الفرخ وجب عليه عن كل بيضة درهم وإن كان قد تحرك فيه
الفرخ وجب عليه عن كل بيضة حمل هذا إن كان في الحل لقول الصادق عليه السلام وإن وطئ المحرم بيضة فكسرها فعليه درهم كل هذا يتصدق به بمكة ومنى وهو قوله تعالى تناله أيديكم
ورماحكم ولو كان الكاسر محلا في الحرم فعليه لكل بيضة ربع درهم لقوله عليه السلام وفى البيض ربع درهم ولو كان محرما في الحرم وجب عليه عن كل بيضة درهم وربع مسألة لا فرق بين حمام
الحرم والأهلي في القيمة إذا قتل في الحرم إلا أن حمام الحرم يشترى بقيمته علف لحمامه والأهلي يتصدق بثمنه على المساكين عند العلماء إلا داود لأنه قال لا جزاء في صيد الحرم
346

لأصالة البراءة وهو غلط لما بينا من أن جماعة من الصحابة حكموا في حمام الحرم بشاة ولأنه صيد ممنوع منه لحق الله تعالى فأشبه الصيد في الحرم ولان حماد بن عثمان سأل الصادق عليه السلام
عن رجل أصاب طيرين واحدا من حمام الحرم والاخر من حمام غير الحرم قال يشترى بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم ويتصدق بجزاء الاخر مسألة في كل واحد من
القطا والحجل والدراج حمل قد فطم ورعى الشجر وحده ما كمل أربعة أشهر لغة لقول الصادق عليه السلام وجدنا في كتاب علي عليه السلام في القطاة إذا أصابة
الحرم حمل قد فطم من اللبن وأكل من الشجر وقال الباقر عليه السلام في كتاب علي عليه السلام من أصاب قطاة أو حجلة أو دراجة أو نظيرهن فعليه دم وأوجب ابن
عباس وعطا وجابر شاة شاة مسألة في العصفور والصعوة والقبرة وما أشبهها مد من طعام عند أكثر علمائنا لقول الصادق عليه السلام القبرة والصعوة والعصفور إذا قتله
المحرم فعليه مد من طعام عن كل واحد منهم وقال داود لا يضمن ما كان أصغر من الحمام لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وهذا لا مثل له وليس بجيد لعموم قوله تعالى تناله
أيديكم يعنى الفرخ والبيض وما يعجز عن الفرار من صغار الصيد ورماحكم يعنى الكبار وروى العامة عن ابن عباس إنه حكم في الجراد بجزاء ومن طريق الخاصة ما تقدم مسألة
الزنبور وإن قتله المحرم خطأ لم يكن عليه شئ فيه وإن قتل عمدا كان عليه كف من طعام وبه قال مالك لان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن محرم قتل زنبورا فقال إن كان خطأ
فلا شئ قلت بل عمدا قال يطعم شيئا من الطعام وقال احمد والشافعي لا شئ فيه أما الهوام من الحيات والعقارب وغير ذلك فلا يلزمه شئ بقتلها إذا لم يرده لقول الصادق عليه السلام
كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع والحيات وغيرها فليقتله وإن لم يرده فلا يرده وأما القمل والبق وأشبههما فلا بأس بقتله للمحل في الحرم لقول الصادق عليه السلام لا بأس بقتل القمل
والبق في الحرم قال الشيخ ولو كان محرما لزمته الكفارة وهو جيد لقول الصادق عليه السلام وإن قتل شيئا من ذلك يعنى القمل خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده كذا إذا ألقاها
عن جسده وقد تقدم مسألة من قتل جرادة وهو محرم كان عليه كف من طعام أو تمرة ولو كان كثيرا كان عليه دم شاة لقول الصادق عليه السلام في محرم قتل جرادة فإن يطعم
تمرة وتمرة خير من جرادة وسأل محمد بن مسلم الصادق عليه السلام عن محرم قتل جرادة قال كف من طعام وإن كان أكثر فعليه دم شاة ولو عم الجراد السكك ولم يتمكن من الاحتراز عن قتله لم يكن
عليه شئ وبه قال عطا والشافعي في أحد القولين وفى الاخر عليه الضمان لنا أصالة البراءة ولقول الصادق عليه السلام على المحرم أن يتنكب عن الجراد إذا كان على طريقه وإن لم يجد
بدا فقتل فلا بأس مسألة في كل واحد من الضب والقنفذ واليربوع جدي لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم ولما تقدم من أن الصحابة قضوا فيما ذكرنا بمثله
من النعم قضى عمر وابن مسعود في اليربوع بجفرة وقضى عمر وزيد في الضب بجدي وقضى جابر بن عبد الله فيه بشاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في اليربوع والقنفذ
والضب إذا أصابه المحرم جدي والجدى خير منه وإنما جعل هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد البحث الثالث فيما لا نص فيه مسألة ما لا مثل له من
الصيد ولا تقدير شرعي فيه يرجع إلى قول عدلين يقومان وتجب عليه القيمة التي يقدر إنها فيه ويشترط في الحكمين العدالة إجماعا للآية ولابد وأن يكونا اثنين فما زاد ولو
كان القاتل أحدهما جاز وبه قال الشافعي واحمد وإسحاق وابن المنذر لقوله تعالى يحكم به ذوا عدل منكم والقاتل مع غيره ذوا عدل منا فيكون مقبولا ولأنه مال يخرج في حق الله
تعالى فوجب (فجاز) أن يكون من وجب عليه أمينا فيه كالزكاة وقال النخعي لا يجوز لان الانسان لا يحكم لنفسه وهو ممنوع كما في الزكاة ولو قيل إن كان القتل عمدا عدوانا لم يجز
حكمه لفسقه وإلا جاز كان وجها ولو حكم اثنان بأن له مثلا وآخران بانتفاء المثل قال بعض العامة الاخذ بالأول أولي مسألة قال الشيخ (ره) في البط والإوز والكركي
شاة وهو الأحوط قال وإن قلنا فيه القيمة لأنه لا نص فيه كان جايزا وهو الظاهر من قول ابن بابويه لأنه أوجب شاة في كل طاير عدا النعامة ويؤيده قول الصادق عليه السلام
في محرم ذبح طيرا أن عليه دم شاة يهريقه فإن كان فرخا فجدي أو حمل صغير من الضان وهو عام قال الشيخ (ره) من قتل عظاية كان عليه كف من طعام لان معاوية بن عمار سأل
الصادق عليه السلام عن محرم قتل عظاية قال كف من طعام إذا عرفت هذا فالقيمة واجبة في قتل كل ما لا تقدير فيه شرعا وكذا البيوم لا التي لا نص في تقديرها مسألة
يضمن الكبير من ذوات الأمثال بكبير والصغير بصغير وإن ضمنه كبير كان أولى ويضمن الذكر بمثله والأنثى بمثلها وبه قال الشافعي لقوله تعالى مثل ما قتل وقال مالك يضمن الأصغر بكبير
لقوله تعالى هديا بالغ الكعبة والصغير لا يهدى وهو ممنوع وكذا يضمن الصحيح بصحيح إجماعا والمعيب بمثله وإن ضمنه بصحيح كان أحوط وبه قال الشافعي واحمد وقال مالك
يضمن المعيب بصحيح وقد تقدم ولو اختلف المعيب بالجنس فإن فدى الأعرج بأعور أو بالعكس لم يجز أما لو اختلف بالمحل بأن فدى الأعور من اليمنى بالأعور من اليسرى أو الأعرج
من إحدى الرجلين بأعرج الأخرى جاز لعدم الخروج به عن المماثلة ويفدى الذكر بمثله أو بالأنثى لأنها أطيب لحما وأرطب وللشافعي قولان ويفدي الأنثى بمثلها وهل يجزى
الذكر قيل نعم لان لحمه أوفر فتساويا وقيل بالمنع لان زيادته ليس من جنس زيادتها فأشبه اختلاف العيب جنسا ولاختلافهما خلقة فيقدح في المثلية وللشافعي قولان والشيخ (ره)
جوز الجميع لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل ومعلوم أن المراد المثل في الخلقة لعدم اعتبار الصفات الأخرى كاللون ولو قتل ماخضا ضمنها بما خض مثلها للآية ولان الحمل فضيلة
مقصودة ولا سبيل إلى إهمالها وبه قال الشافعي إلا أنه قال لا تذبح الحامل لان فضيلة الحامل بالقيمة لتوقع الولد وقال الشافعي يضمنها بقيمة مثلها لان قيمته أكثر من
قيمة لحمه وهو عدول عن المثل مع إمكانه ولا عبرة بالزيادة والنقصان في القيمة مع إمكان المثل ولو فداها بغير ماخض ففي الأجزاء نظر من حيث عدم المماثلة ومن حيث
إن هذه الصفة لا تزيد في لحمها بل قد ينقصه غالبا فلا يشترط وجود مثلها في الجزاء كالعيب واللون ولو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا فإن خرج حيا وماتا معا لزمه
فداؤهما معا فيفدى الام بمثلها والصغير بصغير وإن عاشا فإن لم يحصل عيب فلا شئ عملا بالأصل وإن حصل ضمنه بأرشه ولو مات أحدهما دون الاخر ضمن التالف
خاصة وإن خرج ميتا ضمن الأرش وهو ما بين حميتها حاملا ومجهضا البحث الرابع في أسباب الضمان وهو أمران الأول المباشرة مسألة قد بينا أن من
قتل صيدا وجب عليه فداؤه فإن أكله لزمه فداء آخر وبه قال عطا وأبو حنيفة لأنه أكل من صيد محرم عليه فوجب عليه فداؤه كما لو صيد لأجله وقال بعض علمائنا
يجب عليه بالقتل فداء وبالأكل قيمة ما أكل وقال مالك والشافعي لا يضمن الآكل وقد تقدم بطلانه ولا فرق بين أن يفدى القتيل قبل الاكل أو لا في وجوب الفدائين معا
أو الفداء والقيمة لأنه تناول محظور إحرامه فلزمه الجزاء وقال أبو حنيفة إذا ذبحه وأكله قبل أن يؤدى الجزاء دخل ضمان الاكل في ضمان الجزاء وإن أكل بعد ما أدى قيمته
فعليه قيمة ما أكل وقال أبو يوسف ومحمد لا يضمن عن الاكل شيئا وعليه الاستغفار لان حرمته لكونه ميتة لأنه جناية على الاحرام وذلك لا يوجب إلا الاستغفار ونمنع عدم
الايجاب بما تقدم مسألة حكم البيض حكم الصيد في تحريم أكله إجماعا وسواء كسره هو أو محرم آخر ولو كسره حلال كان على المحرم إذا أكله قيمة سواء أخذ لأجله
أو لغيره خلافا لبعض العامة كما خالف في أكل اللحم فجوزه إذا ذبح لا لأجله ومنعه إذا ذبح لأجله وقد بينا عدم الفرق ولو كسر المحرم بيض الصيد لم يحرم على المحل أكله
وإن وجب على المحرم فداء الكسر لان حله لا يقف على كسره ولا يعتبر له أهل يصدر عنه بل لو انكسر من
نفسه أو كسره مجوسي لم يحرم فأشبه قطع اللحم وطبخه وقال بعض العامة
يحرم على المحل أكله وهو قول الشيخ (ره) كذبح المحرم الصيد وليس بجيد مسألة لو اشترى محل لمحرم بيض نعام وأكله المحرم كان على المحرم عن كل بيضة شاة وعلى المحل
عن كل بيضة درهم أما وجوب الشاة على المحرم فلانه جزاء البيضة على ما قلناه وقد بينا وجوب الجزاء على المحرم بالاكل كما يجب بالصيد والكسر وأما وجوب الدرهم
347

على المحل فلإعانته وهي تستلزم الضمان ولان أبا عبيدة سئل الباقر عليه السلام عن رجل محل اشترى لرجل محرم بيض نعام فأكله المحرم فما على الذي أكله فقال على الذي اشتراه
فداء لكل بيضة درهم وعلى المحرم لكل بيضة شاة إذا عرفت هذا فالمضمون من البيوض إنما هو بيض الصيد الحرام أما بيض ما يباح أكله للمحرم كبيض الدجاج الحبشي
فلانه حلال لا يجب بكسرة شئ لان أصله غير مضمون ففرعه أولي مسألة لو أتلف جزءا من الصيد ضمنه بإجماع العلماء إلا داود وأهل الظاهر فإنهم قالوا لا شئ
في أبعاض الصيد لان الجملة مضمونة فأبعاضها كذلك كالآدمي ولان النبي عليه السلام نهى عن الشفير فعن الحرج أولي وما كان محرما من الصيد كان
مضمونا قال الشيخ (ره) في كسر قرني الغزال نصف قيمة وفى كل واحد ربع القيمة وفى عينيه كمال قيمته وفى كسر إحدى يديه نصف قيمته وكذا في كسر إحدى رجليه ولو
كسر يديه معا وجب عليه كمال القيمة وكذا لو كسر رجليه معا ولو قتله كان عليه فداء واحد وقال بعض العامة يضمن بمثله من مثله لان ما وجب جملته بالمثل وجب
في بعضه مثله كالمثليات وقال آخرون يجب قيمة مقداره من مثله لمشقة إخراج الجزاء فيتمتع إيجابه ولهذا لم يوجب الشارع جزءا من بعير في خمس من الإبل وعدل إلى ايجاب شاة
وليست من الجنس طلبا للتخفيف وليس بجيد لما بينا من أن الكفارة مخيرة هنا وهذا القابل يوافقنا عليه فينتفى المشقة لوجود الخيرة في العدول عن المثل إلى عدله من الطعام
أو الصيام والشيخ (ره) استدل برواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال قلت ما تقول في محرم كسر إحدى قرني غزال في الحل قال عليه قيمة قلت فإن هو كسر قرنية قال عليه نصف قيمته يتصدق به قلت فإن هو فقا عينيه قال عليه قيمته قلت فان هو كسر إحدى يديه قال عليه
نصف قيمته قلت فإن كسر إحدى رجليه قال عليه نصف قيمته قلت فإن هو قتله قال عليه قيمته قلت فإن هو فعل وهو محرم في الحرم قال عليه دم يهريقه وعليه هذه
القيمة إذا كان محرما في الحرم مسألة لو نتف ريشة من حمام الحرم وجب عليه أن يتصدق بشئ باليد التي نتف بها لأنها آلة الجناية ولان إبراهيم بن ميمون قال للصادق عليه السلام
رجل نتف ريشة حمامة من حمام الحرم قال يتصدق بصدقة على مسكين ويطعمه باليد التي نتفها فإنه قد أوجعها إذا عرفت هذا فلو تعدد الريش فإن كان بالتفريق فالوجه تكرر الفدية
وإلا فالأرش وبه قال الشافعي وأبو ثور وقال مالك وأبو حنيفة قيمة الجزاء جميعه وليس بجيد لأنه نقصه نقصا يمكنه إزالته فلا يضمنه بأسره كما لو جرحه ولو حفظه حتى نبت
ريشه كان عليه صدقة لحصول السبب وقال بعض العامة لا ضمان عليه لزوال النقص وهو خطأ لان المتجدد غير الزايل مسألة لو جرح الصيد ضمن الجرح على قدره وهو قول
العلماء إلا داود وأهل الظاهر فإنهم لم يوجبوا شيئا وهو غلط ثم يعتبر حاله وإن رآه سويا بعد ذلك وجب عليه الأرش لوجود سبب الضمان والاندمال غير مسقط للفدية كالآدمي
ولو أصابه ولم يؤثر فيه فلا شئ للأصل ولقول الصادق عليه السلام لما سأله أبو بصير عن محرم رمى صيدا فأصاب يده فعرج فقال إن كان الظبي مشى عليها ورعى وهو ينظر إليه فلا
شئ عليه وإن كان الظبي ذهب لوجهه وهو رافعها فلا يدرى ما صنع فعليه فداؤه لأنه لا يدرى لعله قد هلك ولو كسر يده أو رجله ثم رآه وقد صلح ورعى وجب عليه
ربع الفدا لما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال قلت له رجل رمى ظبيا وهو محرم فكسر يده أو رجله فذهب الظبي على وجهه فلم يدر ما صنع فقال عليه فداؤه قلت فإن زاد
بعد ذلك يمشى قال عليه ربع ثمنه ولو جرح الصيد فاندمل وصار غير ممتنع فالوجه الأرش وقال الشيخ (ره) يضمن الجميع وهو قول أبي حنيفة لأنه مفض
إلى تلفه وهو ممنوع ولو جرحه فغاب عن عينيه ولم يعلم حاله وجب عليه ضمانه أجمع لان على ابن أبي جعفر سأل الكاظم عليه السلام عن رجل رمى صيدا وهو محرم
فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد قال عليه الغداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد وقال بعض العامة إن كان الجرح
موجبا وهو الذي لا يعيش معها غالبا ضمنه بأسره وإلا ضمن النقص ولا الجميع لعدم العلم بحصول التلف وليس بجيد لأنه فعل ما يحصل معه التلف فكان ضامنا
ولو رآه ميتا ولم يعلم أمات من الجناية أو غيرها ضمنه وقال بعض العامة لا يضمنه لعدم العلم بالاتلاف وليس بجيد لأنه وجد سبب إتلافه منه ولم يعلم له سبب اخر فوجب لإحالته عليه لأنه
السبب المعلوم ولو صيرته الجناية غير ممتنع فلم يعلم صار ممتنعا أم لا ضمنه عندنا بأعلى الارشين لان الأصل عدم الامتناع ولو رماه ولم يعلم هل أثر فيه
أم لا لزمه الفدا عملا بأغلب الأحوال من الإصابة عند القصد بالرمي إذا عرفت هذا فلو جرح الظبي فنقص عشر قيمته لزمه عشر الشاة وبه قال المزني للآية وقال
الشافعي يلزمه عشر قيمة المثل وهو عشر قيمة الشاة لان عشر قيمة الشاة يفضى إلى التجزية والتقسيط وهو حرج وعلى ما اخترناه من التخيير يتخير بين إخراج عشر الشاة أو عشر من
ثمن الشاة ويقص على الطعام وبين الصيام مسألة لو جرح الصيد ثم اندمل جرحه وبقى ممتنعا إما بعذوة كالغزال أو بطيرانه كالحمام وجب عليه الأرش على
ما قلناه ولو صاد الصيد بعد اندمال جرحه زمنا إحتمل الجزاء الكامل لأنه بالأزمان صار كالمتلف ولهذا لو أزمن عبدا لزمه تمام قيمته وهو أحد وجهي الشافعية وبه قال
أبو حنيفة والثاني أنه يجب عليه قدر النقص لأنه لم يهلك بالكلية ولهذا يكون الباقي مضمونا لو قتله محرم آخر ولو جاء محرم آخر وقتله إما بعد الاندمال أو قبله
فعليه جزاءه مزمنا لما تقدم أن المعيب يقابل بمثله ويبقى الجزاء على الأول بحاله وقال الشيخ يجب على كل واحد منهما الفداء وقال بعض الشافعية إن
أوجبنا جزاء كاملا عاد هيهنا إلى قدر النقصان لبعد ايجاب جزاء المتلف واحد ولو عاد الزمن وقتله فإن قتله قبل الاندمال فليس عليه
إلا جزاء واحدا كما لو قطع يدي رجل ثم قتله قبل الاندمال لا يلزمه إلا دية واحدة وإن قتله بعد الاندمال أفرد كل واحد منهما بحكمة ففي القتل جزاؤه مزمنا
ولو أوجبنا بالأزمان جزا كاملا فلو كان للصيد امتناعان كالنعامة فأبطل أحدهما فللشافعية وجهان أحدهما إنه يتعدد الجزاء لتعدد الامتناع وأصحهما عندهم
أنه لا يتعدد لاتحاد الممتنع وعلى هذا فما الذي يجب قال الجويني الغالب على الظن إنه يعتبر ما نقص لان امتناع النعامة في الحقيقة واحدا لا أنه يتعلق بالرجل والجناح فالزايل
بعض الامتناع مسألة لو اشترك محرمان أو أكثر في قتل صيد وجب على كل واحد منهم فداء كامل وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري وهو مروى
عن الحسن البصري والشعبي والنخعي من التابعين لان كل واحد منهم فعل ما حصل بسببه الموت فكان كما لو
جرحه جرحا متلفا ولأنها كفارة قتل يدخلها
الصوم فأشبهه كفارة الآدمي ولقول الصادق عليه السلام إن اجتمع قوم على صيد وهم محرمون فعلى كل واحد منهم قيمة وقال الشافعي يجب جزاء واحدا على
الجميع وبه قال عمر بن خطاب وابن عباس وابن عمر وعطا والزهري وعن أحمد روايتان كالمذهبين لان المقتول واحد فالمثل واحد وعنه رواية ثالثة وإن
كان صوما صام كل واحد صوما تاما وإن كان غير صوم فجزاء واحد وإن كان أحدهما يهدى والاخر يصوم فعلى المهدى بحصته وعلى الاخر صوم تام لان الجزا ليس بكفارة وإنما هو
بدل لأنه تعالى عطف بها فقال أو كفارة والصوم كفارة فتكمل ككفارة قتل الآدمي والمماثلة ليست حقيقة وإذا ثبت إتحاد الجزا في الهدى وجب اتحاده في الصوم لقوله تعالى أو عدل ذلك
صياما فروع - آ - لو اشترى محل ومحرم وكان القتل في الحل فلا شئ على المحل وعلى المحرم جزاء كامل وقال الشافعي على المحرم نصف الجزاء ولا شئ على المحل وقد بينا بطلانه - ب - لو قتل
القارن صيدا لم يلزمه إلا جزاء واحد وكذا لو باشر غيره من المحضورات وبه قال مالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وقال أبو حنيفة يلزمه جزاءان - ج - لو قتل
المحرم صيدا في الحرم ليس لزمه الجزاء والقيمة وقال الشافعي يلزمه جزاء واحد لاتحاد المتلف وهذا كما أن الدية لا تتغلظ باجتماع أسباب التغليظ - د - لو أصابه الحلال أولا
ثم أصابه الحرام فلا شئ على المحل والواجب على المحرم جزاء مجروح ولو كان السابق المحرم فعليه جزاؤه سليما ولو اتفقا في حالة واحدة وجب على المحرم جزاء كامل ولا شئ على المحل
348

وعند الشافعية يجب على المحرم بقسطه لأنه أتلف بعض الجملة وهو غلط لان المحل لا جزاء عليه فتعذر الجزاء منه فيجب الجزاء بكماله على الاخر - ه‍ - لو اشترك الحرام والحلال
في قتل صيد حرمي وجب على المحل القيمة كملا وعلى المحرم الجزاء والقيمة معا وقال بعض العامة يجب جزاء واحد عليهما - و - لو رمى الصيد اثنان فقتله أحدهما والخطأ
الاخر كان على كل واحد منهما فداء كامل أما القاتل فلجنايته وأما الاخر فلإعانته لان ضريسا سأل الباقر عليه السلام عن رجلين محرمين رميا صيدا فأصابه أحدهما قال على
كل واحد منهما فداء كامل لان الاكل محرم كالقتل لقول الصادق عليه السلام في صيد أكله قوم محرمون قال عليهم شاة شاة وليس على الذي ذبحه إلا شاة مسألة لو
ضرب المحرم بطير على الأرض فقتله كان عليه دم وقيمتان قيمة للمحرم وقيمة لاستصغاره إياه ويعزر لما فيه من زيادة الحرم ولقول الصادق عليه السلام في محرم اصطاد طيرا في الحرم
فضرب به الأرض فقتله قال عليه ثلث قيمات قيمة لاحرامه وقيمة للحرم وقيمة لاستصغاره إياه مسألة لو شرب لبن ظبية كان عليه الجزاء وقيمة اللبن لقول الصادق عليه السلام في رجل مر
وهو محرم في الحرم فأخذ عنق ظبية فاحتلبها وشرب لبنها قال عليه دم وجزاء الحرم عن اللبن ولأنه شرب ما لا يحل له شربه فيكون عليه ما على من أكل ما لا يحل له أكله لاستوائهما
في التعدية تذنيب لو رمى الصيد وهو حلال فأصابه السهم وهو محرم فقتله لم يكن عليه ضمان لان الجناية وقعت غير مضمونة فأشبه ما لو أصابه قبل
الاحرام وكذا لو جعل في رأسه ما يقتل القمل ثم أحرم فقتله لم يكن عليه شئ الأمر الثاني التسبيب وهو كل فعل يحصل التلف بسببه كحفر البئر ونصب الشباك
والدلالة على الصيد وتنفير الطير عن بيضه وأشباه ذلك ويظهر بمسائل مسألة لو كان معه صيد فاحرم وجب عليه إرساله وزال ملكه عنه إذا كان حاضرا معه فإن أمسكه
ضمنه إذا تلف وبه قال مالك واحمد وأصحاب الرأي والشافعي في أحد القولين لأنه فعل في الصيد استدامة الامساك وهو ممنوع منه كابتداء الامساك فكان ضامنا كابتداء الامساك ولقول الصادق عليه السلام
لا يحرم واحد ومعه شئ من الصيد حتى يخرجه عن ملكه فإن أدخله الحرم وجب عليه أن يخليه فإن لم يفعل حتى يدخل الحرم ومات لزمه الفداء وقال الشافعي في الاخر وأبو ثور
ليس عليه إرسال ما في يده لأنه في يده فأشبه ما لو كان نائيا عن الحرم في بيته والفرق أن إمساكه في الحرم هتك له وهو منهى عنه بخلاف البلاد المتباعدة إذا ثبت هذا
فإن ملكه عندنا يزول وقال بعض العامة بعدم زواله وإن وجب إرساله فإذا أحل جاز له إمساكه ولو أخذه غيره رده عليه بعد الاحلال ومن قتله ضمنه له وليس بجيد
لأنه حينئذ من صيد الحرم غير مملوك ولان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن طاير أهلي أدخل الحرم حيا وقال لا يمس لان الله تعالى يقول ومن دخله كان آمنا احتجوا
بأن ملكه كان عليه وإزالة اليد لا تزيل الملك كالغصب والعارية والفرق أن زوال مكايده لمعنى شرعي بخلاف الغصب والعارية في حكم يده ولو تلف قبل تمكنه من
إرساله فلا ضمان لعدم العدوان ولو أرسله إنسان من يده لم يكن عليه ضمان لأنه فعل ما يلزمه فعله فكان كما لو دفع المغصوب إلى مالكه من يد الغاصب وقال أبو حنيفة
يضمن لأنه أتلف ملك الغير ونمنع الملكية ولو كان الصيد في منزله نائيا عنه لم يزل ملكه عنه وله نقله عنه ببيع أو هبة وغيرهما وبه قال مالك واحمد وأصحاب الرأي لأنه
قبل الاحرام مالك له فيدوم ملكه للاستصحاب ولان جميلا سأل الصادق (ع) الصيد يكون عند الرجل هي الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله قال وما بأس لا يضره
مسألة لا ينتقل الصيد إلى المحرم بابتياع ولا هبة ولا غيرهما لما رواه العامة أن الصعب بن جثامة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حمارا وحشيا فرده عليه و
قال أنا لم نرده عليه إلا أنا حرم ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار قال سأل الحكم بن عيينة الباقر عليه السلام ما تقول في رجل أهدى له حمام أهلي وهو في الحرم فقال أما إن كان
مستويا خليت سبيله إذا ثبت هذا فلو أخذه بأحد هذه الأسباب ضمنه فإن انتقل إليه بالبيع لزمه مع الجزاء القيمة لمالكه لان ملكه لم يزول عنه ولو لم يتلف لم يكن له
رده على مالكه لأنه زال ملك المالك عنه بدخوله الحرم فإن رده سقطت عنه القيمة ولا يسقط الجزاء إلا بالارسال وإذا أرسل كان كما إذا اشترى عبدا مرتدا فقتل في يده
وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي وكذا يجوز للمحرم استرداد الصيد الذي باعه بخيار له وهو حلال ولا لوجود عيب في الثمن المعين ولو رده المشترى بعيب أو خيار فله
ذلك لان سبب الرد متحقق ومنعه إضرار بالمشترى فإذا رده عليه لم يدخل في ملكه ويجب عليه إرساله هذا إذا كان الصيد في الحرم ولو كان في الحل جاز له ذلك لان له استدامته
الملك فيه فله ابتداؤه ولو ورث صيدا لم يملكه في الحرم وجبه عليه إرساله خلافا لبعض العامة قال الشيخ (ره) في جميع ذلك يقوى عندي أنه إذا كان حاضرا معه انتقل إليه ويزول
ملكه عنه قال ولو باع المحل صيدا لمحل ثم أفلس المشترى بعد إحرام البايع لم يكن للبايع أن يختار عين ماله من الصيد لأنه لا يملكه مسألة لو أمسك محرم صيدا فذبحه
محرم آخر كان على كل واحد منهما فداء كامل لأنه بالامساك أعانه حقيقة أكثر من اعانة الدال ولو كانا في الحرم تضاعف الفداء ولو كان أحدهما محلا والآخر محرما تضاعف الفداء
على المحرم خاصة ولو أمسكه المحرم في الحل فذبحه المحل ضمنه المحرم خاصة ولا شئ على المحل لأنه لم يهتك حرمة الاحرام ولا الحرم وقال الشافعي إذا أمسكه محرم وقتله محرم وجب جزاء واحد
وعلى من يجب وجهان أحدهما على الذابح والاخر عليهما ولو نقل بيض صيد ففسد ضمنه ولو أحضنه فخرج الفرخ سليما لم يضمنه ولو نفر طايرا عن بيضة احتضنها ففسدت
فعليه القيمة ولو أخذ بيضة دجاجته فأحضنها صيدا ففسد بيضه أو لم يحضنه ضمنه لأن الظاهر أن الفاسد نشاء من ضم بيض الدجاجة إلى بيضه ولو أخذ بيض صيد واحضنها
دجاجة فهي في ضمانه إلى أن يخرج الفرخ ويصير ممتنعا كما لو خرج ومات قبل الامتناع لزمه مثله من النعم ولو حلب لبن صيد ضمنه وبه قال بعض الشافعية لأنه مأكول
انفصل من الصيد فأشبه البيض وقال بعض الشافعية اللبن غير مضمون بخلاف البيض لأنه يخلق منه مثله مسألة لو أغلق بابا على حمام من حمام الحرم وفراخ
وبيض فإن هلكت وكان الاغلاق قبل الاحرام ضمن الحمامة بدرهم والفرخ بنصف درهم والبيض بربع وإن كان بعد الاحرام ضمن الحمامة بشاة والفرخ بحمل والبيضة
بدرهم لان سليمان بن خالد سأل الصادق عليه السلام رجل أغلق بابه على طائر فقال إن كان أغلق قبل أن يحرم فعليه ثمنه وسأل يونس بن يعقوب الصادق عليه السلام عن رجل
أغلق بابه على حمام من حمام الحرم وفراخ وبيض فقال إن كان أغلق عليها قبل أن يحرم فإن عليه لكل طير درهما ولكل فرخ نصف درهم ولكل بيضة ربع وإن كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإن عليه لكل طاير شاة ولكل فرخ حملا وإن لم يكن تحرك فدرهم وللبيض نصف درهم
ولو أرسلها بعد الاغلاق سليمة فلا ضمان وقال بعض علمائنا يضمن بنفس الاغلاق للرواية وليس بجيد ولو كان الاغلاق من المحرم في الحرم وجب عليه الجزاء والقيمة
ولو أغلق على غير الحمام من الصيود ضمن إذا تلف بالاغلاق مسألة لو نفر حمام الحرم فإن رجع كان عليه دم شاة وإن لم يرجع وجب عليه لكل طير شاة قال الشيخ (ره)
هذا الحكم ذكره علي بن بابويه في رسالته ولم أجد به حديثا مسندا وأقول إن التنفير حرام لأنه سبب الاتلاف غالبا ولعدم العود فكان عليه مع الرجوع دم لفعل
المحرم ومع عدم الرجوع يكون عليه لكل طير شاة لما تقدم أن من أخرج طيرا من الحرم وجب عليه أن يعيده فإن لم يفعل ضمنه ولو نفر صيدا فتعثر وهلك أو أخذه سبع
أو انصدم بشجر أو جبل وجب عليه ضمانه سواء قصد بتنفيره أو لم يقصد ويكون في عهدة المنفر إلى أن يعود الصيد إلى طبيعة الاستقرار ولو هلك بعد ذلك فلا
شئ عليه ولو هلك قبل سكون النفار ولكن بآفة سماوية ففي الضمان وجهان أحدهما الوجوب لان الدم والنفار كاليد الضامنة والثاني العدم لأنه لم يهلك بسبب من جهة
المحرم ولا تحت يده مسألة لو أوقد جماعة نارا فوقع فيها طاير فإن كان قصدهم ذلك وجب على كل واحد منهم فداء كامل وإن لم يكن قصدهم ذلك وجب عليهم أجمع فداء
349

واحد لانهم مع القصد يكون كل واحد منهم قد فعل جناية استند الموت إليها وإلى مشاركة فيكون بمنزله من اشترك في قتل صيد وأما مع عدم القصد فإن القتل غير مراد فوجب
عليهم أجمع فداء واحد لان أبا ولاد الحناط قال خرجنا بستة نفر من أصحابنا إلى مكة فأوقدنا نارا عظيما في بعض المنازل أردنا أن نطرح عليها لحما نكببه وكنا محرمين فمر بنا طير صاف
مثل حمامة أو شبهها فاحترق جناحاه فسقطت في النار فاغتممنا لذلك فدخلت على أبى عبد الله عليه السلام بمكة فأخبرته وسألته فقال عليكم فداء واحد دم شاة ولو كان ذلك
منكم تعمدا ليقع فيها الصيد فوقع ألزمت كل واحد منكم دم شاة مسألة إذا وطى ببعيره أو دابته صيدا فقتله ضمنه لأنه سبب الاتلاف ولان أبا الصباح الكناني
سأل الصادق عليه السلام عن محرم وطى بيض نعام فشدخها قال قضى أمير المؤمنين عليه السلام إن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل الإناث فألقح وسلم كان النتاج
هديا بالغ الكعبة قال وقال الصادق عليه السلام ما وطأته أو أوطأته بعيرك أو دابتك وأنت محرم فعليك فداؤه وإذا كان راكبا على الدابة سايرا ضمن ما تجنيه بيديها وفمها ولا ضمان
عليه فيما تجنيه برجليها لأنه لا يمكنه حفظ رجليها وقال عليه السلام الرجل جبار أما لو كان واقفا أو سايقا لهما غير راكب ضمن جميع جنايتها لأنه يمكنه حفظها ويده عليها ويشاهد
رجليها ولو شردت الدابة من يده فأتلفت صيدا لم يضمنه إذا لم يفرط في ضبطه لكونه لا يدله عليها وقد قال النبي صلى الله عليه وآله العجماء جبار مسألة لو نصب المحرم شبكة في الحل
أو في الحرم أو نصب المحل شبكة في الحرم فتعقل بها صيد وهلك ضمن لأنه تلف بسببه فكان عليه ضمانه كما يضمن الآدمي ولا فرق بين أن ينصب في ملكه أو ملك غيره لأنه نصب
الشبكة يقصد بها الاصطياد فهو بمنزلة الاخذ باليد ولو نصب شبكة قبل إحرامه فوقع فيها صيد بعد إحرامه لم يضمنه لأنه لم يوجد منه بعد إحرامه سبب الاتلاف فكان كما لو صاده
قبل الاحرام وتركه في منزله فتلف بعد إحرامه أو باعه وهو حلال فذبحه المشترى ولو جرح صيدا فتحامل فوقع في شئ تلف به ضمنه لان الاتلاف بسببه وكذا لو نفره فتلف في حال نفوره
ولو مكن في مكان وأمن من نفوره ثم تلف فهل يضمنه قال بعض العامة لا يضمنه لان التلف ليس منه ولا بسببه وقال بعضهم يضمنه ولو أمسك صيدا له طفل فتلف بإمساكه ضمن
وكذا لو أمسك المحل صيدا له طفل في الحرم فهلك الطفل ضمن لأنه سبب في إتلافه ولا ضمان عليه في الام لو تلفت أما لو أمسكها المحل في الحرم فتلفت وتلف فرخها في الحل قال الشيخ (ره)
يضمن الجميع مسألة لو أرسل كلبا فأتلف صيدا وجب عليه الضمان لان إرسال الكلب تسبب إلى الهلاك ولو كان الكلب مربوطا فحل رباطه فكذلك لان السبع شديد الضراوة
بالصيد فيكفي في قتل الصيد حل الرباط وإن كان الاصطياد لا يتم إلا بالاغراء ولو انحل الرباط لتقصيره في الربط ضمن كالحل ولو لم يكن هناك صيد فأرسل الكلب أو حل رباطه
فظهر الصيد إحتمل عدم الضمان لأنه لم يوجد منه قصد الصيد والضمان لحصول التلف بسبب فعله وجهله لا يقدح فيه ولو ضرب صيدا بسهم فمرق السهم وقتل آخر أو
رمى غرضا فأصاب صيدا فإنه يضمنه لما تقدم وكذا لو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف أو عاب ضمن النفس مع التلف والأرش مع العيب وللشافعي قولان
أحدهما لا جزاء عليه ولو دل المحرم على صيد فقتله المحرم ضمن كل منهما جزاء كاملا ولو قتله المحل في الحل ضمنه الدال ولو كان الدال محلا في الحل والقاتل محرما وجب الجزاء على
المحرم ولا شئ على المحل في الحل ولو كان في الحرم ضمنه أيضا خلافا للشافعي ولو دل المحرم حلالا على صيد فقتله فإن كان الصيد في يد المحرم وجب عليه الجزاء لان حفظه واجب عليه
ومن يلزمه الحفظ يلزمه الضمان إذا ترك الحفظ كما لو دل المستودع السارق على الوديعة وإن لم يكن في يده فلا جزاء على الدال عند الشافعي كما لو دل رجلا على قتل إنسان
فلا كفارة على الدال ولا على القاتل لأنه حلال وبه قال مالك وقال أبو حنيفة إن كانت الدلالة ظاهرة فلا جزاء عليه وإن كانت خفية لولاها لما رأى الحلال الصيد يجب الجزاء وسلم في صيد
الحرم إنه لا جزاء على الدال وعن أحمد إن الجزاء يلزم الدال والقاتل وما بينهما صيد للمحرم أو بدلالته أو إعانته أو أكل منه للشافعي قولان القديم وبه قال مالك واحمد إنه تلزمه
القيمة بقدر ما أكل لان الاكل فعل محرم في الصيد فيتعلق به الجزاء كالقتل ويخالف ما لو ذبحه وأكله حيث لا يلزمه بالاكل جزاء عنده لان وجوبه بالذبح أغنى عن جزاء آخر
والجديد إنه لا يلزمه لأنه ليس بنام بعد الذبح ولا يؤل إلى النماء فلا يتعلق بإتلافه الجزاء كما لو أتلف بيضة مدرة مسألة لو أمسك محرم صيدا حتى قتله غيره فإن كان حلالا
وجب الجزاء على المحرم لأنه متعد بالامساك والتعريض للقتل ولا يرجع به على الحلال عندنا لأنه غير ممنوع من التعرض للصيد وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم بالرجوع
كما لو غصب شيئا فأتلفه متلف من يده يضمن الغاصب ويرجع على المتلف وليس بجيد لان المتلف في الغصب ممنوع منه بخلاف قتل المحل الصيد وإن كان القاتل محرما فعلى كل واحد
منهما جزاء تام عندنا لصدور ما يوجب الجزاء كملا من كل واحد منهما وللشافعية وجهان أحدهما أن الجزاء كله على القاتل لأنه مباشر ولا أثر للامساك مع المباشرة والثاني أن لكل
واحد من الفعلين مدخلا في الهلاك فيكون الجزاء بينهما نصفين وقال بعضهم إن الممسك يضمنه باليد والقاتل يضمنه بالاتلاف فإن أخرج الممسك الضمان رجع به على المتلف
وإن أخرج المتلف لم يرجع على الممسك مسألة لو نفر صيدا فهلك بمصادمته شئ أو أخذه جارح ضمنه وكذا لو ضرب صيدا بسهم فمرق السهم فقتل آخر أو رمى غرضا
فأصاب صيدا ضمنه ولو وقع الصيد في شبكة أو حبالة فأراد تخليصه فتلف أو غاب ضمن النفس مع التلف والأرش مع العيب وللشافعي قولان أحدهما لا جزاء عليه وقد تقدم ولو أمر المحرم
عبده المحل بقتل الصيد فقتله فعلى السيد الفداء لان العبد كالآلة ولأن الضمان يجب بالدلالة والإعانة وغيرهما فبالامر أولي ولان عبد الله بن سنان سأل الصادق عليه السلام
عن محرم معه غلام ليس بمحرم أصاب صيدا ولم يأمره سيده قال ليس على سيده شئ وهو يدل بمفهومه على أنه إذا كان يأمره لزمه الفداء ولو كان الغلام محرما بإذن سيده
وقتل صيدا بغير إذن مالكه وجب على السيد الفداء لان الاذن في الاحرام يستلزم تحمل جناياته ولقول الصادق عليه السلام كل ما أصاب الصيد وهو محرم في إحرامه فهو على السيد
إذا أذن له في الاحرام ولو لم يأذن المولى في الاحرام ولا في الصيد لم يكن على السيد شئ لان عبد الرحمن بن أبي نجران سأل الكاظم عليه السلام عن عبد أصاب صيدا وهو محرم هل على
مولاه من شئ من الفداء فقال لا شئ على مولاه مسألة قد بينا أن إثبات يد المحرم على الصيد يوجب عليه الضمان فإن وقع إبتداء الاثبات في حال الاحرام فهو حرام غير مفيد
للملك ويضمنه كما يضمن الغاصب ما يتلف في يده بل لو تولد تلف الصيد مما في يده لزمه الضمان كما لو كان راكبا فأتلفت الدابة صيدا بعضها أو رفسها أو بالت في الطريق
فزلق به صيد وهلك كما لو زلق به آدمي أو بهيمة أما لو انفلت بعير فأصاب صيدا فلا ضمان ولو تقدم إبتداء اليد على الاحرام فإن كان حاضرا معه وجب عليه إرساله وهو
أحد قولي الشافعي لان الصيد لا يراد للدوام فتحرم استدامته كالطيب واللبس والثاني لا يجب كما لا يلزم تسريح زوجته وإن حرم إبتداء النكاح عليه وهو غلط لان النكاح
يقصد به الدوام وقال أبو حنيفة ومالك واحمد يجب رفع اليد المشاهدة عنه ولا يجب رفع اليد الحكمية وعلى قول الشافعي بعدم وجوب الارسال فهو على ملكه له بيعه وهبته
ولكن يحرم عليه قتله ولو قتله لزمه الجزاء كما لو قتل عبده تلزمه الكفارة ولو أرسله غيره لزمه قيمته للمالك وكذا لو قتله وإن كان محرما لزمه الجزاء أيضا ولا شئ على المالك
كما لو مات وعلى قوله بايجاب الارسال هل يزول ملكه عنه عنده قولان أحدهما وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد لا يزول كالابتين زوجته والثاني نعم كما يزول حل الطيب
واللباس فعلى القول بزوال الملك لو أرسله غيره أو قتله فلا شئ ء عليه ولو أرسله المحرم فأخذه غيره ملكه ولو لم
يرسل حتى تحلل فهل عليه إرساله وجهان أحدهما نعم لأنه كان مستحقا للارسال فلا يرتفع هذا الاستحقاق بتعديه بالامساك والثاني لا يجب ويعود ملكا له كالعصير إذا
350

تخمر ثم تخلل وعلى هذا القول وجهان في أنه يزول بنفس الاحرام أو الاحرام يوجب عليه الارسال فإذا أرسل حينئذ يزول وعلى القول بعدم زوال الملك عنه ليس لغيره أخذه ولو أخذه لم يملكه
ولو قتله ضمنه بمثابة التغلب من يده ولو مات والصيد في يده بعد إمكان الارسال لزمه الجزاء لان التقدير وجوب الارسال وهو مقصر بالامساك
ولو مات الصيد قبل إمكان الارسال فوجهان والمذهب عندهم وجوب الضمان ولا خلاف في أنه لا يجب تقديم الارسال على الاحرام مسألة قد بينا انه لا يدخل الصيد في ملك
المحرم ببيع ولا هبة ولا غير ذلك من الأسباب وهل ينتقل بالميراث الأقرب ذلك لكن يزول ملكه عنه عقيب ثبوته إن كان الصيد حاضرا معه ويجب عليه إرساله ولو باعه ففي الصحة إشكال
فإن قلنا بالصحة لم يسقط عنه ضمان الجزاء حتى لو مات في يد المشترى وجب الجزاء على البايع وإنما يسقط عنه إذا أرسله المشترى ولو قلنا بأنه لا يرث فالملك في الصيد لباقي
الورثة وإن كانوا أبعد وإحرامه بالإضافة إلى الصيد مانع من موانع الميراث فحينئذ ينتقل ما عداه من التركة إليه إذا كان أولى وينتقل الصيد إلى الابعد فلو فرضنا إنه أحل
قبل قسمة التركة بينه وبين شركائه في الميراث أخذ نصيبه منه وإن أحل بعدها فلا نصيب له ولو كان هو أولي من باقي الورثة لم يكن له شئ وإن أحل قبل القسمة ولو استعار
المحرم صيدا أو أودع عنده كان مضمونا عليه بالجزاء وليس له التعرض له فإن أرسله سقط عنه الجزاء وضمن القيمة للمالك وإن رد إلى المالك لم يسقط عنه ضمان الجزاء ما لم
يرسله المالك وإذا صار الصيد مضمونا على المحرم بالجزاء فإن قتله محل في يده فالجزاء على المحرم وإن قتله محرم آخر فالجزاء عليهما وعلى القاتل ومن في يده طريق للشافعية وجهان وعندنا
يجب على كل واحد منهما فداء كامل مسألة
المحرم يضمن الصيد بإتلافه مطلقا سواء قصد التخليص أو لا فلو خلص صيدا من فم هرة أو سبع أو من شق جدار وأخذه
ليداويه ويتعهده فمات في يده فهو كما لو أخذ المغصوب من الغاصب ليرده إلى المالك فهلك في يده إحتمل الضمان وبه قال أبو حنيفة لان المستحق لم يرض بيده فتكون يده يد ضمان
وعدمه لأنه قصد المصلحة فتكون يده يد وديعة وللشافعي قولان كالاحتمالين ولو صال صيد على محرم أو في الحرم فقتله دفعا فلا ضمان لأنه بالصيال التحقق بالمؤذيات وبه
قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجب عليه الضمان ولو ركب إنسان صيد أو صال على محرم ولا يمكن دفعه إلا بقتل الصيد فقتله فالوجه وجوب فداء كامل على كل واحد منهما وللشافعي
قولان أحدهما إن الضمان على القاتل لان الأذى هنا ليس من صيد فحينئذ يرجع القاتل على الراكب والثاني أن الضمان على الراكب ولا يطالب به المحرم ولو ذبح صيدا في مخمصة وأكله ضمن لأنه أهلك لنفعه نفسه
من غير ايذاء من الصيد ولو أكره محل أو محرم في الحرم على قتل صيد فقتله ضمنه المكره لان المباشرة ضعفت بالاكراه وللشافعي وجهان هذا أحدهما والثاني أنه على المكره
ثم يرجع به على المكره وعن أبي حنيفة إن الجزاء في صيد الحرم على المكره وفى الاحرام على المكره مسألة الجزاء يجب على المحرم إذا قتل الصيد عمدا وسهوا وخطاء بإجماع العلماء قال الله تعالى
ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ولا نعلم فيه خلافا الا من الحسن البصري ومجاهد فإنهما قالا إن قتله متعمدا ذاكرا لاحرامه الجزاء عليه وإن كان مخطئا أو ناسيا
لاحرامه فعليه الجزاء وهو مخالف للقران فإنه تعالى علق الكفارة على القتل عمدا والذاكر لاحرامه متعمدا ثم قال في سياق الآية ليذوق وبال أمره والساهي والمخطئ لا عقاب عليه
ولا دم ولا نعرف لهما دليلا على مخالفتهما لنص القرآن والاجماع فلا اعتداد بقولهما مسألة لا خلاف في وجوب كفارة الصيد على القاتل ناسيا والعامة قد بينا وجوبها
عليه أيضا وأما الخاطئ فإن الكفارة تجب عليه كذلك أيضا عند علمائنا أجمع وبه قال الحسن البصري وعطا والنخعي ومالك والثوري وأصحاب الرأي والزهري لما رواه العامة عن جابر قال
جعل رسول الله صلى الله عليه وآله في الضبع يصيده المحرم كبشا وقال عليه السلام في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه ولم يفرق بين العامد والخاطئ ومن طريق الخاصة قول أبى الحسن عليه السلام وعليه الكفارة
ولأنه إتلاف مال فاستوى عمده وخطؤه عن ابن عباس أنه قال لا كفارة على الخاطئ في قتل الصيد وبه قال سعيد بن جبير وطاوس وابن المنذر وعن أحمد روايتان لقوله صلى الله عليه وآله فمن
قتله منكم متعمدا ولأصالة البراءة ولأنه محظور الاحرام لا يفسده فيجب التفرقة بين الخطاء والعمد كالملبس والطيب ولأنه يدل بدليل الخطاب وليس حجة والأصل ترك للدليل
والقتل إتلاف واللبس ترفه فافترقا مسألة لو كرر المحرم الصيد ناسيا تكررت الكفارة إجماعا وإن تعمد فللشيخ قولان أحدهما يجب الجزاء في الأول دون الثاني وبه قال
ابن بابويه وهو مروى عن ابن عباس وهو قول شريح والحسن البصري وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتاده واحمد في إحدى الروايات والثاني تتكرر الكفارة بتكرر
السبب وهو قول العلماء وبه قال عطا والثوري والشافعي وابن المنذر وهو المعتمد لقوله تعالى فمن قتله منكم متعمدا وهو يتناول العامد ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
إنه جعل في الضبع يصيده المحرم كبشا ولم يفرق ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام عليه كلما عاد كفارة ولأنها كفارة عن قتل فاستوى فيها المبتدى والعامد كقتل الآدمي
احتج الشيخ بقوله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه فجعل جزاء العود الانتقام وهو يدل على سقوط الكفارة لأنه لم يوجب جزاء ولقول الصادق عليه السلام فإن عاد فقتل صيدا
آخر لم يكن عليه جزاؤه وينتقم الله منه والنقمة في الآخرة والانتقام لا ينافي وجوب الجزاء لعدم دلالته على أنه كل الجزاء ونفى الجزاء محمول على أنه ليس عليه جزاؤه خاصة جمعا بين الأدلة مسألة
يجب الجزاء على القاتل للضرورة كالمضطر إلى أكله لعموم قوله فمن قتله وهو يتناول المضطر وغيره ولأنه قتله من غير معنى يحدث فيه من الصيد يقتضى قتله فيضمنه كغيره
ولأنه أتلفه لضمنه ودفع الأذى عنه فكان عليه الكفارة كحلق الرأس ولقول الصادق عليه السلام وقد سئل عن المحرم يضطر فيجد الميتة والصيد أيهما يأكل قال يأكل من الصيد ما يجب
أن يأكل من ماله قلت بلى قال إنما عليه الفداء فليأكل وليفده وقال الأوزاعي لا يضمنه لأنه مباح له فأشبه صيد البحر والإباحة لا تستلزم عدم الكفارة كما في حلق الرأس
والفرق أن صيد البحر لا يتناوله حرم الاحرام ولا الحرم فلا تجب الكفارة به بخلاف الصيد ويجب الضمان على من أتلف الصيد بتخليصه من سبع أو شبكة أو بتخليصه من خيط في رجله
ونحوه وبه قال قتادة لعموم الأدلة ولان غاية ذلك عدم القصد إلى قتله وهو لا يسقط الضمان كقتل الخطاء وقال عطا لا ضمان عليه وللشافعي قولان لأنه فعل أبيح لحاجة
الحيوان فلا يضمن ما يتلف به كما لو داوى ولى الصبى الصبى فمات به والجواب إنه مشروط بالسلامة والجزاء يجب على المحرم سواء كان إحرامه للحج أو للعمرة وسواء كان الحج تمتعا أو
قرانا أو إفرادا وسواء كانا واجبين أو مندوبين صحيحين أو عرض لهما الفساد للعمومات ولا نعرف فيه خلافا وإذا قتل المحرم صيدا مملوكا لغيره لزمه الجزاء لله تعالى والقيمة
لمالكه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة للعموم وقال مالك لا يجب الجزاء بقتل المملوك وإذا كان الصيد في الحرم وتجرد عن الاحرام ضمن ولو كان محرما تضاعف الجزاء وقال الشافعي صيد
الحرم مثل صيد الاحرام يتخير فيه بين ثلاثة أشياء المثل والاطعام والصوم وفيما لا مثل له يتخير بين الصيام والطعام وقال أبو حنيفة لا مدخل للصوم في ضمان صيد الحرم
مسألة الصيد إذا كان مثليا تخير القاتل بين أن يخرج مثله من النعم وبين أن يقوم المثل دراهم ويشترى به طعاما ويتصدق به على المساكين وبين أن يصوم عن كل
مدين يوما ولو لم يكن له مثل تخير بين أن يقوم الصيد ويشترى بثمنه طعاما ويتصدق به أو يصوم عن كل مدين يوما قال الشيخ ولا يجوز إخراج القيمة بحال ووافقنا الشافعي
في ذلك كله ومالك إلا أن مالكا قال يقوم الصيد وعندنا يقوم المثل وقال بعض أصحابنا إنها على الترتيب وقال أبو حنيفة الصيد مضمون بالقيمة سواء كان له مثل من النعم أو لا
إلا أنه إذا قومه تخير بين أن يشترى بالقيمة من النعم ويخرجه وبين أن يكون يشترى بالقيمة طعاما ويتصدق به وبين أن يصوم عن كل مد يوما إلا أنه إذا اشترى النعم لم يجزئه إلا ما
يجوز في الضحايا وهو الجذع من الضمان والثني من كل شئ وقال أبو يوسف يجوز أن يشترى بالقيمة شئ من النعم ما لا يجوز في الضحايا وما يجوز وإذا اختار المثل أو قلنا
351

بوجوبه ذبحه وتصدق على مساكين الحرم لقوله تعالى هديا بالغ الكعبة ولا يجوز ان يتصدق به حيا لأنه تعالى سماه هديا والهدى يجب ذبحه وله أن يذبحه أي وقت شاء لا يختص ذلك
بأيام النحر لأنه كفارة فيجب إخراجها متى شاء كغيرها من الكفارات وأما المكان فإن كان إحرامه للحج وجب عليه أن ينحر فداء الصيد أو يذبحه بمنى وإن كان بالعمرة ذبحه أو نحره بمكة بالموضع
المعروف بالجزورة لأنه هدى فكان كغيره من الهدايا ولقول الصادق عليه السلام من وجب عليه فداء صيد أصابه محرما فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى وإن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة
ولو أخرج الطعام أخرجه إما بمكة أو بمنى على التفصيل في الجزاء لأنه عوض عما يجب دفعه إلى مساكين ذلك المكان فيجب دفعه إليهم ويعتبر قيمة المثل في الحرم لأنه محل إخراجه والطعام
المخرج الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب ولو قيل يجزى كلما يسمى طعاما كان حسنا لأنه تعالى أوجب الطعام ويتصدق على كل مسكين بنصف صاع وبه قال احمد في التمر وقال
في البر بمد وتقويم المثل يوم يريد تقويمه ولا يلزمه أن يقومه وقت إتلاف الصيد لان القيمة ليست واجبة في تلك الحال وإنما تجب إذا اختارها القاتل وما لا مثل له أن
قدر الشارع قيمته أخرجت وإلا قوم الصيد وقت الاتلاف لأنه وقت الوجوب ولو لم يجد ماخضا في جزاء الماخض قوم الجزاء ماخضا ولو صام عن كل نصف صاع يوما فبقى
ربع صاع صام عنه يوما كاملا ولا يجوز أن يصوم عن بعض الجزاء ويطعم عن البعض وبه قال الشافعي والثوري واحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر لأنها كفارة ولا تبعض
جنسها كساير الكفارات ولا يتعين الصوم بمكان كغيره من أنواع الصيام وما لا مثل له من الصيد يتخير قاتله بين شراء طعام بقيمته فيطعمه المساكين وبين الصوم ولا يجوز
له إخراج القيمة وبه قال ابن عباس واحمد في رواية عنه لأنه جزاء صيد فلا يجوز إخراج القيمة فيه كالذي له مثل ولأنه تعالى خير بين ثلاثة ليس القيمة أحدها وقد تعذر واحد فيبقى
التخير بين اثنين وعن أحمد رواية أنه يجوز إخراج القيمة إذا عرفت هذا فإنه يقوم في محل الاتلاف بخلاف المثلى فإن المعتبر في قيمة النعم بمكة لأنه محل ذبحه مسألة
المحرم في الحرم يتضاعف عليه الجزاء خلافا للعامة لأنه جمع بين الاحرام والحرم وقد هتكهما ولان كل واحد منهما يوجب الجزاء فيكون كذلك حال الاجتماع ولقول الصادق عليه السلام
وإن أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفة إذا عرفت هذا فإنما يتضاعف من الجزاء ما كان دون البدنة أما ما تجب فيه بدنة فإنه لا يتضاعف و
إن كان القاتل محرما في الحرم لأصالة البراءة لان البدنة أعلى ما يجب في الكفارات ولقول الصادق عليه السلام يضاعفه ما بينه وبين البدنة وإذا بلغ البدنة فليس له التضعيف
وابن إدريس أوجب التضاعف مطلقا ولو كان الصيد لا دم فيه وقتله محل في الحرم أو محرم في الحل كان عليه القيمة ولو كان محرما في الحرم كان عليه قيمتان ولقول الصادق عليه السلام
فإن أصابه المحرم في الحرم فعليه قيمتان ليس عليه دم لما سأله سليمان بن خالد عن القمري والسماني
والعصفور والبلبل مسألة كل من وجب عليه بدنة في كفارة الصيد ولم
يجد أطعم ستين مسكينا فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما ولو كان عليه بقرة ولم يجد أطعم ثلاثين مسكينا فإن لم يجد صام تسعة أيام وإن كان عليه شاة ولم يجد أطعم عشرة مساكين
فإن لم يجد صام ثلاثة أيام لقول الصادق عليه السلام من أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل فإن لم يجد ما يشترى بدنة فإن دان يتصدق فعليه أن يطعم ستين مسكينا لكل مسكين مد
فإن لم يقدر على ذلك صام مكان ذلك ثمانية عشر يوما مكان كل عشرة مساكين ثلاثة أيام ومن كان عليه فداء شئ من الصيد فداؤه بقرة فإن لم يجد فليصم تسعة أيام
ومن كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ومنع الشيخ صيد حمام الحرم حيث كان للمحل والمحرم لان علي بن جعفر سأل الكاظم عليه السلام
عن حمام الحرم يصاد في الحل فقال لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من حمام الحرم وجوزه ابن إدريس وليس بجيد ولو قتل المحرم حيوانا وشك في أنه صيد لم يضمنه لأصالة
البراءة ولو أكل المحرم لحم صيد ولم يعلم ما هو لزم دم شاة لقول الصادق عليه السلام في رجل أكل من صيد لا يدرى ما هو وهو محرم عليه شاة ولو اقتتل اثنان في الحرم
كان على كل واحد منهما دم لأنه هتك حرمة الحرم فتكون عليه عقوبة ولقول الصادق عليه السلام على كل واحد منهما دم ويكون مع المحرم لحم صيد إذا لم يأكله ويتركه إلى وقت إحلاله
إذا كان قد صاده محل ولو اشترك محلون في قتل صيد في الحرم قال الشيخ (ره) لزم كل واحد منهم القيمة ثم قال وإن قلنا يلزمهم جزاء واحد كان قويا لأصالة البراءة ولو اشترك
محلون ومحرمون في قتل صيد في الحل لزم المحرمين الجزاء ولم يلزم المحلين ولو كان في الحرم لزم المحرمين الجزاء والقيمة والمحلين جزاء واحد مسألة الخيار في الكفارة بين الاطعام
والذبح والصيام إلى القاتل لا إلى العدلين المقومين لان الواجب عليه فكان الاختيار في التعيين إليه كما في كفارة اليمين وحكم العدلين إنما هو لبيان قدر الواجب بالتقويم
وبه قال أبو يوسف وأبو حنيفة وقال محمد الخيار في التعيين إلى الحكمين إن شاء أحكما عليه بالهدى وإن شاء أحكما عليه بالاطعام وإن شاء أحكما عليه بالصيام وبه قال الشافعي
ومالك لقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة نصب هديا لوقوع الحكم عليه وهو ممنوع بل نصب على الحال والتقدير فجزاء من النعم هديا أو
كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما مثل يحكم به ذوا عدل مقصورا على بيان المثل ونصب هديا على الحال في الاهداء ليبقى ما قبله إيجابا على العبد من غير
حكم أحد بكلمة أو فيكون الخيار إليه إذا عرفت هذا فالاعتبار في المثل بما نص الشارع على مثله وما لا نص فيه الاعتبار بالقيمة لأنه حيوان مضمون بالمثل فيكون مضمونا
بالقيمة كالمملوك وقال محمد الاعتبار بالصورة ولقوله تعالى فجزاء مثل ما قتل من النعم وقد أوجب الشارع البدنة والبقرة والشاة فيما ذكرنا وهي أمثالها والجواب المراد من النعم
المقتول من النعم لا أن يكون المثل من النعم مسألة يجوز في إطعام الفدية التمليك والإباحة وبه قال أبو يوسف لأنه كفارة فيجوز فيها الأمران ككفارة اليمين وقال
محمد لا يجوز إلا التمليك لان الواجب في الزكاة التمليك واسم الصدقة لا يقتضى التمليك قال عليه السلام نفقة الرجل على أهله صدقة وذلك إنما هو بالإباحة لا التمليك مسألة
لو قتل محرم صيدا فأخذه محرم آخر فعلى كل واحد منهما جزاء لتعرض كل منهما له ولا يرجع القاتل على الثاني ولا بالعكس بما ضمن من الجزاء وبه قال زفر لان الاخذ لم يملكه
ولم يرجع بالضمان على غيره وقال أبو حنيفة وصاحباه يرجع الأول على الثاني ولو أصاب المحرم صيودا كثيرة على وجه الاحلال ورفض الاحرام متساولا لا يعتبر تأويله و
يلزمه بكل محظور كفارة على حدة وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يلزمه إلا جزاء واحد لان التأويل الفاسد معتبر في دفع الضمانات الدنيوية كالباغي إذا أتلف مال العادل
وأراق دمه لا يضمن لأنه أتلف عن تأويل ونمنع الحكم في الأصل ووجود التأويل وعدمه بمثابة واحدة لان الاحرام لا يرتفع به فتعددت الجناية ولو قتل حمامة مسرولة وجب عليه
الضمان وبه قال أبو حنيفة لأنه صيد حقيقة لامتناعه وقال مالك لا ضمان عليه لأنه لا يمتنع لبطئ طريانه والتفاوت اليسير لا يعتبر في كونه صيدا البحث الثاني
فيما يجب في باقي المحظورات وفيه مباحث الأول فيما يجب باللبس مسألة من لبس ثوبا لا يحل له لبسه وجب عليه دم شاة وهو قول العلماء سأل محمد بن مسلم
الصادق عليه السلام عن المحرم يلبس القميص متعمدا قال عليه دم ولأنه ترفه بمحظور في إحرامه فلزمه الفدية كما لو ترفه بحلق شعره ولا فرق في وجوب الدم بين قليل اللبس وكثيره
عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لان صدق اللبس المطلق على القليل والكثير واحد فلا يتخصص الحكم المتعلق عليه بأحد جزئياته وقال أبو حنيفة إنما يجب الدم
بلباس يوم وليلة ولا يجب فيما دون ذلك لأنه لم يلبس لبسا معتادا إذا أشبه ما لو اتزر بالقميص ونمنع عدم اعتياده ولان ما ذكره تقدير والتقديرات إنما ثبتت بالنص
والتقدير بيوم وليلة تحكم محض مسألة استدامة اللبس كابتدائه فلو لبس المحرم قميصا ناسيا ثم ذكر وجب عليه خلعه إجماعا لأنه فعل محظور فلزمه إزالته وقطع إحرامه
352

كساير المحظورات أو ينزعه من أسفل ولو لم ينزعه وجب الفداء لأنه ترفه بمحظور في إحرامه فوجبت الفدية وقال الشافعي ينزعه من رأسه وهو غلط لاشتماله على تغطية
الرأس المحرمة ولأنه قول بعض التابعين ويجب به الفدية إن قلنا إنه يغطيه ولو لبس ذاكرا وجبت الفدية بنفس اللبس سواء استدامه أو لم يستدمه وبه قال الشافعي وقال
أبو حنيفة أو لا إن استدام اللبس أكثر النهار وجبت الفدية وإن كان أقل فلا وقال أخيرا إن استدامه طول النهار وجبت الفدية وإلا فلا لكن فيه صدقة وعن أبي يوسف
روايتان كقولي أبي حنيفة والحق ما قلناه لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك معناه فمن كان منكم مريضا فلبس وتطيب أو حلق بلا خلاف
فعلق الفدية بنفس الفعل دون الاستدامة مسألة لو لبس عامدا وجبت الفدية على ما تقدم سواء كان مختارا أو مضطرا لأنه ترفه بمحظور لحاجته فكان عليه الفداء كما لو حلق لاذى
أما لو اضطر إلى لبس الخفين والجوربين فليلبسهما ولا شئ عليه لقول الصادق عليه السلام رأى محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك و
يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما ولو لبس قميصا وعمامة وخفين وسراويل وجب عليه لكل واحد فدية لان الأصل عدم التداخل خلافا لأحمد ولو لبس ثم صبر ساعة ثم لبس
شيئا آخر ثم لبس بعد ساعة أخرى وجب عليه عن كل لبسة كفارة سواء كفر عن المتقدم أو لم يكفر قال الشيخ (ره) لان لبسه تستلزم كفارة إجماعا والتداخل يحتاج إلى دليل وقال الشافعي إن كفر
عن الأول لزمه كفارة ثانية قولا واحدا وإن لم يكفر فقولان في القديم يتداخل وبه قال محمد والجديد بتعدد وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف تذنيب ولو لبس ثيابا كثيرة
دفعة واحدة وجب عليه فداء واحد ولو كان في مرات متعددة وجب عليه لكل دم ثوب لان لبس كل ثوب يغاير لبس الثوب الاخر فيقتضى كل واحد مقتضاه من غير تداخل ولان محمد بن
مسلم سأل الباقر عليه السلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب فلبسها قال عليه لكل صنف منهما فداء مسألة لو لبس ناسيا أو جاهلا ثم ذكر أو علم فنزع لم يكن عليه
شئ قاله علمائنا وبه قال عطا والثوري والشافعي واحمد وإسحاق وابن المنذر لما رواه العامة عن يعلى بن أمية إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وهو بالجعرانه وعليه جبة وعليه أثر
خلوق أو قال أثر صغرة فقال يا رسول الله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي قال أخلع عنك هذه الجبة وأغسل عنك أثر الخلوق أو قال أثر الصغرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك
وفى رواية أخرى يا رسول الله صلى الله عليه وآله أحرمت بالعمرة وعلى هذه الجبة فلم يأمره بالفدية ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام في الصحيح من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس
ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة ولان الحج عبادة تجب بإفسادها
الكفارة فكان من محظوراته ما يفرق بين عمده وسهوه كالصوم ولان الكفارة عقوبة تستدعى ذنبا ولا ذنب مع النسيان وقال أبو حنيفة والليث والثوري ومالك
واحمد في رواية عليه الفدية لأنه هتك حرمة الاحرام فاستوى عمده وسهوه كحلق الشعر وتقليم الأظفار وقتل الصيد ونمنع الهتك ووجود الحكم في غير الصيد والفرق بأن الأصل
يضمن الاتلاف بخلاف صورة النزاع فإنه نرفه يمكن إزالته والمكره حكمه حكم الناس والجاهل لأنه غير مكلف فلا يحصل منه ذنب فلا يستحق عقوبة ولقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء
والنسيان وما استكرهوا عليه ولو علم الجاهل كان حكمه حكم الناسي إذا ذكر ولو اضطر المحرم إلى لبس المخيط لاتقاء الحر أو البرد لبس وعليه شاة للضرورة الداعية
فلو لا إباحته لزم الحرج وأما الكفارة فللترفه بالمحظور فكان كحلق الرأس لاذى ولقول الباقر عليه السلام في الصحيح في المحرم إذا احتاج إلى ضرر ومن الثياب فلبسها قال عليه لكل صنف منها
فداء مسألة من غطى رأسه وجب عليه دم شاة إجماعا وكذا لو ظلل على نفسه حال مسيره خلافا لبعض العامة وقد تقدم لأنه ترفه بمحظور فلزمه الفداء كما لو حلق رأسه
ولان محمد بن إسماعيل روى في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الظل للمحرم من أذى من مطر أو شمس فقال أرى أن يفديه بشاة يذبحها بمنى ولو فعل ذلك للحاجة أو الضرورة
وجب عليه الفداء لأنه ترفه بمحظور فأشبه حلق الرأس لاذى ولا فرق بين أن يغطى رأسه بمخيط كالقلنسوة أو غيره كالعمامة والخرقة ولو بطين أو يستره بستر وغيره ولو فعل
ذلك ناسيا أزاله إذا ذكر ولا شئ عليه لان حريزا سأل الصادق عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا قال يلقى القناع عن رأسه ويلبى ولا شئ عليه ولا فرق بين أن تمس المظلة رأسه أو لا ولو توسد
بوسادة أو بعمامة مكررة فلا بأس البحث الثاني فيما يجب بالطيب والادهان مسألة أجمع العلماء على أن المحرم إذا تطيب عامدا وجب عليه دم لأنه ترفه بمحظور فيلزمه
الدم كما لو ترفه بالحلق ولقول الباقر عليه السلام من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم شاة وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله وهو تاليه ولا فرق بين أن يستعمل الطيب
أكلا أو إطلاء أو صبغا أو بخورا وفى طعام إجماعا ولا بأس بخلوق الكعبة وإن كان فيه زعفران لان يعقوب بن شعيب سأل في الصحيح الصادق المحرم يصيب ثيابه الزعفران من الكعبة
قال لا يضره ولا يغسله مسألة لا فرق بين الابتداء والاستدامة في وجوب الكفارة فلو تطيب ناسيا ثم ذكر وجب عليه إزالة الطيب فإن لم يفعل مع القدرة وجب عليه الدم
لان الترفه يحصل بالاستدامة كالابتداء والكفارة يجب بنفس الفعل فلو تطيب عامدا ثم أزاله بسرعة وجبت الكفارة وإن لم يستدم الطيب ولا نعلم فيه خلافا ووافقنا فيه أبو حنيفة
وإن كان قد نازعنا في اللبس ولا فرق في وجوب الكفارة بين الطعام الذي فيه طيب مسه النار أو لم تمسه وقال مالك إن تمسه النار فلا فدية وسواء أبقى الطعام على وصفه من طعم
أو لون أو ريح أو لم يبق وقال الشافعي إن كانت أوصافه باقية من طعم أو لون أو رايحة فعليه الفدية وإن بقى له وصف ومعه رايحة ففيه الفدية قولا واحدا وإن لم يبق غير لونه
ولم يبق ريح ولا طعم قولان أحدهما كما قلناه والثاني لا فدية فيه وإذا طيب عامدا أو ناسيا وذكر وجب عليه غسله ويستحب به أن يستعين في غسله بحلال ولو غسله
بيده جاز لأنه ليس بمتطيب بل تارك للطيب كالغاصب إذا خرج من الدار المغصوبة على عزم الترك للغصب ولان النبي صلى الله عليه وآله قال للذي رأى عليه طيبا أغسل عنك الطيب ولو لم يجد ماء يغسله
وبه وجد ترابا مسحه به أو بشئ من الحشيش أو ورق الشجر لان الواجب إزالته بقدر الامكان ويقدم غسل الطيب على الطهارة لو قصر عنهما وتيمم لان للطهارة بدلا ولو أمكنه قطع
الطيب بشئ غير الماء فعله وتوضأ بالماء ويجوز له شراء الطيب وبيعه إذا لم يشمه ولا يلبسه كما يجوز له شراء المخيط والإماء مسألة إنما تجب الفدية باستعمال الطيب عمدا فلو استعمله
ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يكن عليه فدية ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة إن أعرابيا جاء النبي صلى الله عليه وآله بالجعرانه وعليه مقطعة له وهو مضنح بالخلوق فقال
يا رسول الله صلى الله عليه وآله أحرمت وعلى هذه فقال له النبي إنزع الجبة واغسل الصفرة ولم يأمره بالفدية ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم
وإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله ويتوب إليه مسألة لو استعمل دهنا طيبا وجب عليه دم شاة ولا شئ على الناسي لان معاوية بن عمار روى في الصحيح في محرم كانت به
فرخه فداواها بدهن بنفسج فقال إن كان فعله جهالة فعليه طعام مسكين وإن كان تعمدا فعليه دم شاة يهريقه ومعاوية ثقة لا يقول ذلك إلا تلقينا البحث الثالث
فيما يجب بالحلق وقص الظفر مسألة أجمع العلماء على وجوب الفدية بحلق المحرم رأسه متعمدا قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به
أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لكعب بن عجزه لعلك أذاك هوامك قال نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله احلق رأسك وصم ثلاثة أيام
أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام مر رسول الله صلى الله عليه وآله على كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه فقال أتؤذيك هوامك فقال
353

نعم قال فأنزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله يحلق رأسه وجعل عليه الصيام ثلاثة أيام والصدقة على
ستة مساكين لكل مسكين مدان والنسك شاة مسألة الفدية تتعلق بحلق الرأس سواء كان لاذى أو غيره لدلالة الآية على وجوبها في الأذى ففي غيره أولى هذا
إذا كان عالما عامدا وإن كان جاهلا أو ناسيا فلا شئ عندنا وبه قال إسحاق وابن المنذر لقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام
في الصحيح من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ ومن فعله متعمدا
فعليه دم شاة وقال الشافعي تجب عليه الفدية لأنه إتلاف فاستوى عمده وخطؤه كقتل الصيد والفرق إن قتل الصيد مشتمل على التحريم المشترك على إضاعة المال وإتلاف حيوان
لغير فايدة إذا عرفت هذا فقد قال الشيخ (ره) الجاهل يجب عليه الفداء والمعتمد ما قلناه بحديث الباقر وأما النايم فهو كالساهي فلو قلع النايم شعره
أو قربه من النار فأخرقه فلا شئ عليه خلافا للشافعي مسألة الكفارة إما صيام ثلاثة أيام أو صدقة على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وإما نسك وهو شاة
يذبحها ويتصدق بلحمها على المساكين وهي مخيرة عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي للآية وقال أبو حنيفة إنها
مخيرة إن كان الحلق لاذى وإن كان لغيره وجب الدم عينا
وعن أحمد روايتان لان الله تعالى خير بشرط العذر فإذا عدم الشرط وجب زوال التخيير والجواب الشرط لجواز الحلق لا للتخير ولان الحكم ثبت في غير المعذور بطريق التنبيه تبعا له
والتبع لا يخالف أصله ولا تجب الزيادة في الصيام على ثلاثة أيام عند عامة أهل العلم لما رواه العامة في حديث كعب بن عجرة احلق رأسك وصم ثلاثة أيام ومن طريق الخاصة
قول الصادق عليه السلام فالصيام ثلاثة أيام وقال الحسن البصري وعكرمة الصيام عشرة أيام وهو قول الثوري وأصحاب الرأي وأما الصدقة فهو إطعام البر أو الشعير أو الزبيب أو التمر
على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع في المشهور وبه قال مجاهد والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي لما رواه العامة في حديث كعب بن عجرة أو أطعم ستة مساكين
لكل مسكين نصف صاع ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام أو يتصدق على ستة مساكين والصدقة نصف صاع لكل مسكين وفى رواية أخرى لنا وهو قول بعض علمائنا والحسن
وعكرمة والثوري وأصحاب الرأي إن الصدقة على عشرة مساكين لقول الصادق عليه السلام والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام والرواية مرسلة ولا فرق بين شعر الرأس
وبين شعر ساير البدن في وجوب الفدية وإن اختلف مقدارها على ما يأتي وبه قال الشافعي وقالت الظاهرية لا فدية في شعر غير الرأس لقوله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم وهو يدل
بمفهوم اللقب ولا حجة فيه والقياس يدل عليه وهو من أصول الأدلة عندهم فإن إزالة شعر الرأس وشعر غيره اشتركا في الترفه مسألة لو نتف إبطيه جميعا وجب عليه
دم شاة وفى نتف الواحد إطعام ثلاثة مساكين لان الدم في الرأس إنما يجب بحلقه أو بما يسمى حلق الرأس وهو غالبا مساو للإبطين ولقول الباقر عليه السلام من حلق رأسه أو نتف
إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة وقال الصادق عليه السلام في محرم نتف إبطه يطعم ثلاثة مساكين قال الشيخ (ره) إنه محمول على من نتف إبطا واحدا و
الأول على من نتف إبطيه جميعا ولو مس رأسه أو لحيته فسقط منهما شئ من الشعر أطعم كفا من طعام ولو فعل ذلك في وضوء الصلاة فلا شئ عليه لقول الصادق عليه السلام في المحرم إذا مس لحيته فوقع
منها شعرة يطعم كفا من طعام أو كفين وسأل رجل الصادق عليه السلام إن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة والشعرتان فقال ليس عليه شئ ما جعل عليكم في الدين
من حرج مسألة لو حلق لاذى أبيح له ذلك ويتخير بين التكفير قبل الحلق وبعده لما رواه العامة عن الحسين بن علي عليهما السلام اشتكى رأسه فأتى علي عليه السلام فقيل له هذا
الحسين يشير إلى رأسه فدعا بجزور فنحرها ثم حلقه وهو بالشعشاء ولأنها كفارة فجاز تقديمها كالظهار ولو خلل مضمونا شعره فسقط شعرة فإن كانت ميتة فالوجه عدم الفدية ولو
كانت تامة وجبت الفدية ولو شك فالأصل عدم الضمان ولو قلع جلدة عليها شعر لم يكن عليه ضمان لان زوال الشعر بالتبعية فلا يكون كما لو قطع أشفار عيني غيره فإنه لا يضمن أهدابهما مسألة
اختلف قول الشيخ في المحرم هل له أن يحلق رأس المحل فجوزه في الخلاف ولا ضمان وبه قال الشافعي وعطا ومجاهد وإسحاق وأبو ثور لأصالة براءة الذمة وقال في التهذيب لا
يجوز وبه قال مالك وأبو حنيفة وأوجبا عليه الضمان وهو عند أبي حنيفة صدقة لقول الصادق عليه السلام لا يأخذ الحرام من شعر الحلال إذا عرفت هذا فالشاة تصرف إلى المساكين ولا
يجوز له أن يأكل من اللحم شيئا لأنها كفارة فيجب دفعها إلى المساكين كغيرها من الكفارات ولما رواه ابن بابويه عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث كعب والنسك شاة لا يطعم منها أحد إلا المساكين
مسألة أجمع علماء الأمصار على أن المحرم ممنوع من قص أظفاره وتجب فيه الفدية عند عامة أهل العلم وبه قال حماد ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب
الرأي وعطا في إحدى الروايتين لأنه أزال ما منع من إزالته لأجل التنظيف والترفه فوجبت الفدية كحلق الشعر وفى الرواية الأخرى عن عطا إنه لا كفارة لان الشرع
فيه بفدية ونمنع عدم ورود الشرع في ما يأتي والقياس يدل عليه إذا عرفت هذا فإنه يجب في الظفر الواحد مد من طعام عند علمائنا أجمع وبه قال احمد والشافعي
في أحد أقواله لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل قلم ظفرا من أظافيره وهو محرم قال عليه في كل ظفر قيمة مد من طعام حتى يبلغ عشرة والثاني للشافعي عليه
درهم والثالث ثلث دم لان الدم عنده يجب في ثلاثة أظفار إذا ثبت هذا وفى الظفرين مدان وفى الثلاثة ثلاثة أمداد وهكذا يزيد في كل ظفر مد إلى أن يستوعب
القص أظفار يديه معا فيجب عليه دم شاة عند علمائنا لأصالة البراءة من الدم فلا يثبت إلا بدليل ولقول الصادق عليه السلام فإن قلم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة وفى حديث الحلبي عنه (ع) مد في كل إصبع فإن هو قلم أظفاره عشرتها فإن عليه دم شاة وقال أبو حنيفة
قلم خمس أصابع من يد واحدة لزمه الدم ولو قلم من كل يد أربعة أظفار لم يجب عليه دم بل الصدقة وكذا لو قلم يدا واحدة إلا بعض الظفر لم يجب الدم وبالجملة فالدم
عنده إنما يجب بتقليم أظفار يده واحدة كاملة وهو رواية لنا لأنه لم يستكمل منفعة اليد من التزيين والارفاق الكامل بل تحصل بالشين في أعين الناس بخلاف اليد الواحدة
وهو حجة لنا فان الارفاق والتزيين بتقليم اليدين معا والرجلين معا لا بإحدى اليدين أو إحدى الرجلين وقال الشافعي إن قلم ثلاثة أظفاره في مجلس واحد وجب الدم ولو كانت
في ثلاثة أوقات متفرقة ففي كل ظفر الأقوال الثلاثة ولا يقول إنه يجب الدم عند الكامل وفى أصحابه من قال عليه دم وليس هو المذهب عندهم لان الثلاثة جمع يقع عليها اسمه
فأشبه ما لو قلم خمسا من كل واحدة أو العشرة ونمنع تعلق الدم بما يقع عليه اسم الجمع ولا عبرة به مع النص وقال محمد إذا قص خمسة أظفار من يدين أو رجلين أو منهما أو من واحدة
معهما وجب الدم لأنه ربع وزيادة فأشبه قص يد واحدة أو رجل واحدة ونمنع ثبوت الحكم في الأصل فروع الأول الكفارة تجب على كل من قلم متعمدا ولا شئ على الناسي
ولا الجاهل عند علمائنا وبه قال إسحاق وابن المنذر واحمد لما تقدم ولقول الصادق عليه السلام وليس عليك فداء بشئ أتيته وأنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك ولا عمرتك إلا
الصيد عليك الفداء بجهل كان أو عمد الحديث الثاني لو قص بعض الظفر وجب عليه ما يجب في جميعه الثالث لو قص أظفار يديه ورجليه معا فإن اتحد المجلس وجب دم واحد
وإن كان في مجلسين وجب دمان وروى أبو بصير في الصحيح عن الصادق عليه السلام قلت له فإن قلم أظافير رجليه ويديه جميعا قال إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم وإن كان فعله متقربا في مجلسين فعليه دمان الرابع من أفنى غيره بتقليم
ظفره وقلمه فأدماه وجب على المفتى دم شاة لأنه الأصل في إراقة الدم ولان إسحاق الصيرفي سأل الكاظم عليه السلام إن رجلا أحرم فقلم أظفاره وكانت إصبع له عليه فترك
ظفرها لم يقصه فأفناه رجل بعد ما أحرم فقصه فأدماه قال على الذي أفتاه شاة البحث الرابع في جزاء قتل هوام الجسد وقطع الشجر مسألة يجب برمى القملة عن جسد
354

المحرم أو قتلها كف من طعام وبه قال عطا لأنه حصل به الترفه والتنظف فوجب عليه الفداء كحلق الرأس ولقول الصادق عليه السلام المحرم لا ينزع القملة من جسده ولا من ثوبه متعمدا وإن
فعل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مسكينا إطعاما قبضة بيده وقال أصحاب الرأي يتصدق بمهما كان وقال إسحاق يتصدق بتمرة وقال مالك جفنه من طعام وقال طاوس و
سعيد بن جبير وأبو ثور وابن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لا شئ عليه لان ابن عباس سئل عن محرم القى قملة ثم طلبها فلم يجدها فقال تلك ضالة لا تبتغى ولا دلالة فيه على عدم
الفدية إذا عرفت هذا فإن الكفارة تجب في العمد والسهو والخطأ كالصيد وللرواية مسألة يحرم قطع شجره الحرم في قول العلماء كافة وتجب في الكبيرة بقرة
وفى الصغيرة شاة وفى أبعاضها قيمة قال الشيخ (ره) وأوجب الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي الضمان وهو مروى عن ابن عباس وعطا لقوله عليه السلام ولا يعضد شجرها ولقول ابن
عباس في الدوحة بقرة وفى الجزلة الشاة ومن طريق الخاصة قول أحدهما عليهما السلام إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم ولم تنزع فإن أراد نزعها نزعها وكفر بذبح بقرة يتصدق
بلحمها على المساكين والرواية مرسلة وقال مالك لا ضمان فيه لان قطع شجر المحل لا يوجب الجزاء على المحرم فكذا قطع شجر الحرم لان ما حرم بالاحرام لا يتفاوت كالصيد والجواب
إن هتك حرمة الحرم يحصل في الفرع دون الأصل فافترقا إذا عرفت هذا فالضمان ما قلناه عندنا وعند من أوجبه من العامة إلا أصحاب الرأي فإنهم أوجبوا
القيمة في الجميع لأنه لا مقدر فيه فأشبه الحشيش ونمنع الصغرى البحث الخامس فيما يجب بالفسوق والجدال مسألة المحرم إذا جادل صادقا مرة أو مرتين
لم يكن عليه شئ من الكفارة للأصل ويتوب فإن جادل ثلاثا صادقا وجب عليه دم شاة لارتكابه المحظور والمنهى عنه في قوله تعالى ولا جدال وهو يتناول الصادق والكاذب
لقول الصادق عليه السلام إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه وعلى المخطئ بقرة ولو جادل مرة كاذبا وجب عليه دم شاة فإن جادل مرتين كان عليه بقرة فإن جادل
ثلاثا كاذبا كان عليه جزور لقول الصادق عليه السلام إذا جادل الرجل وهو محرم وكذب متعمدا فعليه جزور هذا كله إذا فعله متعمدا فإن فعله ساهيا لم يكن عليه شئ مسألة
الجدال قول الرجل لا والله وبلى والله لان معاوية بن عمار روى في الصحيح أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقول لا لعمري وهو محرم قال ليس بالجدال إنما الجدال قول الرجل لا والله
وبلى والله وأما قوله لا هما فإنما طلب الاسم وقوله يا هنأه فلا بأس به وأما قوله لا بل شاينك فإنه من قول الجاهلية إذا عرفت هذا فهل الجدال مجموع اللفظين أعنى لا
والله وبلى والله أو أحدهما الأقرب الثاني وأما الفسوق وهو الكذب ولا شئ فيه للأصل ولان محمد بن مسلم والحلبي قالا للصادق عليه السلام أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه قال
لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبى البحث السادس فيما يجب بالاستمتاع مسألة من وطى مرأته وهو محرم عالما بالتحريم عامدا قبل الوقوف بالموقفين فسد
حجه بإجماع العلماء كافة لما رواه العامة عن ابن عباس إن رجلا سأله فقال إني واقعت بامرأتي ونحن محرمان فقال أفسدت حجك إنطلق أنت وأهلك مع الناس فاقض ما يقضون وحل إذا
أحلوا فإذا كان العام المقبل فأحجج أنت وامرأتك واهديا هديا فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم ويتفرقان من حيث يحرمان حتى يقضيا حجهما قال ابن المنذر
قول ابن عباس أعلى شئ روى فيمن وطى في حجه ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة قال سألته عن محرم غشى امرأته وهي محرمة فقال جاهلين أو عالمين قلت أجنبي على الوجهين جميعا
فقال إن كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شئ وإن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه وعليهما بدنة وعليهما الحج من قابل فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه فرق بينهما حتى يقضيا مناسكهما ويرجعا
إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا قلت فأي الحجتين لهما قال الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا والاخرى عليهما عقوبة إذا عرفت هذا فإنه يجب عليه إتمام الحج الفاسد و
الحج من قابل ويكفر ببدنة وإذا انتهيا إلى المكان الذي أحدثا فيه ما أحدثا فرق بينهما بأن لا يخلوا بأنفسهما إلا ومعهما ثالث محترم حتى يقضيا مناسك القضاء إن حجا على ذلك
الطريق ومن قال بوجوب الفدية ابن عباس وطاوس وعطا ومجاهد ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبو ثور لأنه وطى في إحرام تام عامدا فوجب به عليه بدنة كما لو وطى
بعد الوقوف بالموقفين ولرواية معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن رجل محرم وقع على أهله فقال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وإن لم يكن جاهلا فإن
عليه أن يسوق بدنة ويفرق بينهما حتى يقضيا المناسك ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا وعليهما الحج من قابل وقال أبو حنيفة تجب عليه شاة وقال الثوري وإسحاق
تجب عليه بدنة فإن لم يجد فشاة لأنه معنى يتعلق به وجوب القضاء فلا يتعلق به وجوب البدنة كالفوات وهو باطل للفرق فإن الفوات لا تجب فيه الشاة بالاجماع بخلاف الافساد وإذا بطل
الفرق بطل الالحاق مسألة يجب عليه إتمام الحج الفاسد عند علمائنا وهو قول عامة العلماء لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وهو يتناول الفاسد ولما رواه العامة عن علي عليه السلام
وعمرو ابن عباس وأبي هريرة إنهم قالوا من أفسد حجه يمضى في فاسده ويقضى من قابل ولم يعرف لهم مخالف فكان إجماعا ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ويفرق بينهما حتى يقضيا
المناسك وقال الظاهرية يخرج من إحرامه ولا يجب عليه الاتمام لقوله من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو مردود والجواب المضي في الفاسد مأمور به إذا عرفت هذا فإنه يجب عليه
القضاء في السنة المقبلة على الفور وجوبا عند علمائنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة إن رجلا أفسد حجه فسأل عمر فقال يقضى من قابل وسئل ابن عباس فقال كذلك و
سئل ابن عمر فقال كذلك ولم يوجد لهم مخالف فكان إجماعا ومن طريق الخاصة ما تقدم في المسألة السابقة ولأنه لما دخل في الاحرام تعين عليه فيجب أن يكون قضاؤه متعينا ولان
الحج واجب على الفور والتقدير إنه لم يقع إذا الفاسد لا يخرج المكلف عن عهدة التكليف واختلف أصحاب الشافعي على قولين أحدهما كما قلناه والثاني إنه على التراخي لان الأداء واجب على التراخي فالقضاء أولي
فإن الصوم يجب على الفور وقضاؤه على التراخي ونمنع التراخي في الأداء وقد سبق مسألة المرأة الموطوءة إذا كانت محرمة فإن كانت طاوعت الزوج فسد حجتها ووجب
إتمامه وبدنة والحج من قابل وإن أكرهها لم يكن عليها شئ ويحمل عنها البدنة خاصة وبه قال ابن عباس وسعيد بن المسيب والنخعي والضحاك ومالك والحكم واحمد لوجود المقتضى
وهو الافساد في حقها كوجوده في حقه فتساويه في العقوبة ولما رواه علي بن أبي حمزة قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل محرم واقع أهله فقال قد أتى عظيما قلت أفتى قال استكرهها
أو لم يستكرهها قلت افتني فيهما جميعا فقال إن كان استكرهها فعليه بدنتان وإن لم يكن استكرهها فعليه بدنة وعليها بدنة ويفترقا من المكان الذي كان فيه ما كان حتى
ينتهيا إلى مكة وعليهما الحج من قابل لابد منه وقال الشافعي يجزئهما هدى واحد وبه قال عطا واحمد في إحدى الروايتين لأنه جماع واحد فلم يوجب أكثر من بدنة كرمضان
ونمنع الحكم في الأصل لقول ابن عباس إهد ناقة ولتهد ناقة ولأنها أحد المجامعين من غير إكراه فلزمها بدنة كالرجل فروع - آ - لو كانت المرأة محلة لم يتعلق بها شئ
ولا يجب عليها كفارة ولا حج ولا على الرجل بسببها لأنه لم تحصل عنها جناية في إحرام فلا عقوبة عليها - ب - لو أكرهها وهي محرمة على الجماع وجب عليه بدنتان أحدهما
عن نفسه والاخرى عنها لان البدنتين عقوبة هذا الذنب وقد صدر بالحقيقة عنه وكانت العقوبة عليه وبه قال عطا ومالك واحمد في إحدى الروايتين وقال
في الأخرى لا شئ عليه عنها وبه قال إسحاق وأبو ثور وابن المنذر وعنه ثالثة إن الفدية عليها وهو خطأ لما مر ولا يجب عليها حج ثان ولا عليه عنها بل يحج عن نفسه في
القابل لبقاء حجتها على الصحة - ج - إذا كانت مطاوعة وجب عليها قضاء الحج لما قلناه ونفقة الحج عليها لا على الزوج وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني أن عليه
غرامة الحج لها وهو غلط فإن نفقة الأداء لم تكن عليه فكذا القضاء احتجوا بأنها غرامة تعلقت بالوطي فكانت على الزوج كالمهر والجواب أن المهر عوض بضعها أما الكفارة
355

فإنها عقوبة وعلى هذا فثمن ماء غسلها عليها خاصة خلافا لهم مسألة يجب عليهما أن يفترقا في القضاء إذا بلغ المكان الذي وطأها فيه إلى أن يقضيا المناسك إن حجا
على ذلك الطريق وبه قال الشافعي في القديم واحمد لما رواه العامة عن علي عليه السلام وعن عثمان وابن عباس ولا مخالف لهم فكان إجماعا ومن طريق الخاصة مما تقدم في حديث زرارة
وإن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه حتى يقضيا مناسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا واختلف أصحاب الشافعي على وجهين أحدهما كما قلنا والثاني
إنه مستحب وقال مالك يفترقان من حيث يحرمان ونقله في الموطأ عن علي عليه السلام لان التفريق إنما يكون لخوف مواقعة الوطي وذلك يوجد بإحرامهما والجواب أن التفريق
في جميع المسافة مشقة عظيمة فاقتصر على موضع مواقعة المحظور لأنه الذي به يحصل الداعي إلى الوطي وقال أبو حنيفة لا أعرف هذه التفرقة لأنه لو وطأها في رمضان لم يجب التفريق
بينهما في قضائه فكذا هنا والجواب التفريق في الصوم مشقة لان السكنى يجمعهما ولان القضاء في رمضان لا يتعين وهنا متعين ولان مشقة إفساد قضاء رمضان أقل كثيرا
من المشقة هنا فكان الاحتراز هنا عما يفسده أشد من الاحتراز هناك إذا عرفت هذا فإن التفريق ينبغي أن يكون في القضاء من المكان الذي احدثا فيه ما أحدثا حتى يقضيا
المناسك والروايات تعطى التفريق أيضا في الحجة الأولى من ذلك المكان حتى يأتيا بها فاسدة أيضا وهو جيد لان التحريم في الفاسد ثابت كالصحيح فوجب التفرقة وحد الافتراق أن
لا يخلوا بأنفسهما بل متى اجتمعا كان معهما ثالث محرم لان وجود الثالث يمنع من الاقدام على المواقعة كمنع التفريق ولقول الصادق عليه السلام في المحرم يقع على أهله قال يفرق بينهما
ولا يجتمعان في جناء إلا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدى محله مسألة لو وطئ ناسيا أو جاهلا بالتحريم لم يفسد حجه ولا شئ عليه وبه قال الشافعي في الجديد لقوله عليه السلام
رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن كانا جاهلين استغفرا ربهما ومضيا على حجهما وليس عليهما شئ ولأنها عبادة تجب بإفسادها الكفارة
فافترق وطى العامد والناسي فيها كالصوم وقال الشافعي في القديم يفسد حجه وتجب الفدية كالعامد وبه قال مالك واحمد وأصحاب الرأي لأنه سبب يتعلق به وجوب القضاء
فاستوى عمده وسهوه كالفوات ولأنه من محظورات الاحرام فاستوى عمده وسهوه كقتل الصيد والفرق
إن الفوات ترك ركن فاستوى عمده وسهوه كغيره من الأصول وجزاء الصيد ضمان الاتلاف وذلك يستوى في الأصول عمده وسهوه تذنيب لو أكره على الجماع لم يفسد حجه
ولا كفارة عليه عندنا وللشافعي قولان كالناسي لقوله عليه السلام وما استكرهوا عليه ولان الاكراه رفع الفساد في حق المرأة فكذا في حق الزوج لعدم الفرق بينهما مسألة
لا فرق بين الوطي في القبل والدبر من المرأة والغلام في وجوب الكفارة وإفساد الحج وبه قال الشافعي واحمد ومالك وأبو يوسف ومحمد لأنه وطى في فرج يوجب الغسل فيوجب الافساد
كالقبل والروايات الدالة على إيجاب ما ذكرنا على من واقع أو غشى امرأته وهو صادق في المتنازع وقال أبو حنيفة لا يفسد بالوطي بالدبر ورواه عنه أبو ثور لأنه وطى لا يتعلق
به الاحصان والاحلال فأشبه الوطي فيما دون الفرج والفرق أن وطى ما دون الفرج لا يوجب الغسل وليس كبيرة في حق الأجنبية ولا يوجب مهرا ولا حدا ولا عدة بخلاف المتنازع قال الشيخ (ره) من أصحابنا
من قال إتيان البهيمة واللواط بالرجال والنساء بإتيانها في دبرها كل ذلك يتعلق به فساد الحج وبه قال الشافعي ومنهم من قال يتعلق به فساد الحج ومنهم من قال لا يتعلق الفساد إلا
بالوطئ في قبل المرأة وقال أبو حنيفة إتيان البهيمة لا يفسده والوطي في الدبر على روايتين المعروف إنه يفسده واستدل على الأول بطريقة الاحتياط وعلى الثاني ببراءة
الذمة وهو يدل على تردد الشيخ في تعلق الافساد بوطئ دبر المرأة والغلام وجزم في المبسوط بتعلق الفساد بوطي دبر المرأة وأما إتيان البهايم فقال مالك وأبو حنيفة لا يفسد به الحج
لأنه انعقد صحيحا فلا يفسده إلا دليل شرعي ولم يثبت وقال الشافعي يفسد الحج مسألة لو استمنى بيده قال الشيخ (ره) حكمه حكم المجامع إن كان قبل الوقوف بالموقفين فسد حجه و
وجب عليه بدنة لان إسحاق بن عمار سأل أبا الحسن عليه السلام ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى قال أرى عليه مثل ما على من أتى أهله وهو محرم بدنة والحج من قابل ولأنه هتك حرمة
الاحرام بالانزال على وجه أبلغ من الوطي لاقترانه (لمشابهته إياه) في القبح فكان مساويا له في العقوبة وقال ابن إدريس لا يفسد الحج وتجب البدنة للأصل الدال على براءة الذمة خرج وجوب الكفارة
للاجماع فيبقى الباقي على أصله مسألة لو وطى فيما دون الفرج وأنزل وجب عليه بدنة ولا يفسد حجه وإن كان قبل الموقفين وبه قال أحمد في إحدى الروايتين لأنه جماع فوجب
الفدية كالفرج ولان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل وقع على أهله فيما دون الفرج قال عليه بدنة وليس عليه الحج من قابل وفى الصحيح عن معاوية بن عمار
عن الصادق عليه السلام في المحرم يقع على أهله قال إن كان أقضى إليها فعليه بدنة والحج من قابل وإن لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة وليس عليه الحج من قابل ولأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحج
فلم يفسد الحج كالتقبيل وقال أحمد في الرواية الأخرى تجب عليه بدنة ويفسد حجه وبه قال الحسن وعطا ومالك وإسحاق لأنها عبادة يفسدها الوطي فأفسدها الانزال عن مباشرة
كالصيام والفرق إن الصوم يخالف الحج في المفسدات وقال الشافعي وأصحاب الرأي عليه شاة لأنه مباشرة فيما دون الفرج فأشبه القبلة والفرق إنه أفحش ذنبا من القبلة فالعقوبة
فيه أشد ولو لم ينزل قال العامة تجب الشاة مسألة لو وطئ قبل التلبية أو الاشعار أو التقليد لم يكن عليه شئ وإن تلبس بالاحرام لان انعقاد الاحرام بأحد الثلاثة فإذا وطئ
قبلها لم يصادف إحراما منعقدا لان حريزا روى في الحسن عن الصادق عليه السلام في الرجل إذا تهيأ للاحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبى مسألة لو جامع بعد الوقوف
بالموقفين لم يفسد حجه وعليه بدنة لا غير عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من أدرك عرفة فقد تم حجه ومن طريق الخاصة قول
الصادق عليه السلام في الصحيح إذا واقع الرجل دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل دل بمفهومه على عدم وجوب الحج لو جامع بعد الوقوف بالمزدلفة وقال الشافعي لا
فرق بين الجماع قبل الوقوف وبعده في الافساد إذا كان قبل التحلل الأول ولو كان بعد التحلل الأول بالرمي والحلق لم يفسد إحرامه الماضي ويأتي بالطواف وعليه الكفارة لأنه
وطئ عمد صادف إحراما تاما فأفسده كما لو كان قبل الوقوف والفرق إن الوطي قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحج لم يقع بعد بخلاف ما بعده وقال مالك واحمد يفسده حجه إن كان قبل التحلل
الأول وإن كان بعد التحلل الأول بالرمي والحلق لم يفسده إحرامه الماضي ويفسد ما بقى من إحرامه ويجب عليه أن يحرم بعمرة ويأتي بالطواف في إحرام صحيح وتلزمه شاة مسألة
ولو كان الوطي بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بمزدلفة فسد حجه أيضا قاله أكثر العلماء لما رواه العامة عن ابن عباس إنه قال من وطى بعد التحلل فقد تم حجه وعليه بدنة
والظاهر إنه قاله نقلا عن الرسول صلى الله عليه وآله وهو يدل بمفهومه على عدم التمام لو وطئ قبل التحلل ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إذا واقع الرجل بامرأته دون المزدلفة أو قبل
أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل وقال أبو حنيفة لا يفسد ويجب عليه بدنة لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الحج عرفة من وقف بعرفة فقد تم حجه وهو لا يدل على المطلوب إلا بالمفهوم
وهو لا يقول بموجبه مسألة لو كرر الوطي وهو محرم كان عليه بكل وطى كفارة وهي بدنة سواء كفر عن الأول أو لا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه وطى صادف إحراما لم يتحلل
منه فوجب به البدنة كما لو كان الاحرام صحيحا ولان الاحرام الفاسد كالصحيح في ساير الكفارات وقال الشافعي إن وطى بعد أن كفر عن الأول وجب عليه الكفارة وهل الكفارة
الثانية شاة أو بدنة قولان وإن وطى قبل أن يكفر فأقوال ثلاثة أحدها لا شئ عليه والثاني شاة والثالث بدنة وقال أبو حنيفة تجب عليه شاة سواء كفر عن الأول أو لا إلا
أن يتكرر الوطي في مجلس واحد على وجه الرفض للاحرام بأن ينوى بطلان الاحرام لأنه وطى صادف إحراما نقضت حرمته فلم تجب به الفدية كما لو وطى بعد التحلل والفرق إن الوطي بعد التحلل لم يصادف
356

الاحرام إذ قد تحلل عن معظم محظوراته بخلاف الوطي في الاحرام الكامل وقال مالك لا يجب عليه بالوطي الثاني شئ لأنه وطى لا يتعلق به إفساد الحج فلا تجب به الكفارة كما لو كان
في مجلس واحد والجواب إن عدم تعلق الافساد به لا يمنع وجوب الكفارة كقتل الصيد ولبس الثوب وغيرهما من أنواع المحظورات وقال احمد في الرواية الثانية إن كفر عن
الأول وجب عليه عن الثاني بدنة لأنه وطى في إحرام لم يتحلل منه ولا أمكن تداخل كفارته في غيره فأشبه الوطي الأول والشيخ (ره) تردد في الخلاف في تكرر الكفارة مع عدم التكفير
في الأول وجزم في المبسوط بالتكرر مطلقا مسألة لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة وجب عليه جزور إن كان موسرا فإن عجز وجب عليه بقرة وإن عجز فشاة لما تقدم من أن من جامع
بعد التحلل الأول وجب عليه بدنة وقد سبق الخلاف فيه ولما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام إنه سأل عن متمتع وقع على أهله ولم يزر قال ينحر جزورا وسأله عيص بن
القاسم عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن يزور البيت قال يهريق دما ولو جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئا وجب عليه الكفارة بدنة وكذا لو أتم طوافه ثم جامع بعد
إن سعى شيئا من سعيه وجبت البدنة وكذا لو كان بعد تمام السعي قبل طواف النساء وجب عليه البدنة وحجه صحيح لأنه وطى في إحرام فكان عليه بدنة كما لو جامع بعد الموقفين قبل طواف
الزيارة ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح إنه سأل الصادق عن رجل واقع امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال عليه جزور سمينه وإن كان جاهلا فليس عليه شئ إذا عرفت هذا
فلو جامع قبل طواف الزيارة أو بعده قبل طواف النساء جاهلا بالتحريم أو ناسيا لم تجب عليه كفارة لأنهما عذران يسقطان الكفارة في الوطي قبل الموقفين فهنا أولي مسألة
لو جامع بعد أن طاف شيئا من طواف النساء قال الشيخ (ره) إن كان قد طاف أكثر من النصف بنى عليه بعدد الغسل ولا شئ عليه وإن كان أقل من النصف وجب عليه الكفارة وإعادة
الطواف لموافقته الأصل وهو براءة الذمة ولان معظم الشئ يعطى حكم ذلك الشئ غالبا ولان حمران بن أعين سأل الباقر عليه السلام عن رجل كان عليه طواف النساء وحده وطاف منه
خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فقضى ثم غشى جاريته قال يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقى عليه من طوافه ويستغفر ربه ولا يعود
وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل ثم يعود فيطوف أسبوعا مسألة ولا فرق في الوطي بين أن يطافي
إحرام حج واجب أو مندوب لأنه بعد التلبس بالاحرام يصير المندوب واجبا ويجب عليه إتمامه كما يجب عليه إتمام الحج الواجب ولان الحج الفاسد يجب عليه إتمامه فالمندوب أولى إذا عرفت هذا فكل موضع قلنا إنه يفسد الحج الواجب فيه كالوطئ
قبل الموقفين فإنه يفسد الحج المندوب فيه أيضا فلو وطى قبل الوقوف بالموقفين في الحج المندوب فسد حجه ووجب عليه إتمامه وبدنة والحج من قابل ولو كان بعد الموقفين وجب عليه بدنة لا غير وكذا لا فرق بين أن يطئ امرأته الحرة أو جاريته المحرمة
أو المحلة إذا كان محرما فإن الحكم في الجميع واحد فإن كانت أمته محرمة بغير إذنه أو محلة فإنه لا تتعلق بها كفارة ولا به عنها ولو كانت محرمة بإذنه فطاوعته فالأقرب وجوب الكفارة
كما في العبد المأذون إذا أفسد ولو أكرهها فإن قلنا في المطاوعة فوجوب الكفارة عنها يحملها السيد وإلا فلا مسألة لو وطئ أمته وهو محل وهي محرمة فإن كان
إحرامها بغير إذنه فلا عبرة به ولا كفارة عليه وإن كان بإذنه وجب عليه وإن كان بإذنه وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة فإن لم يجد فشاة أو صيام ثلاثة أيام لأنها هتك إحراما
صحيحا ولرواية إسحاق بن عمار عن الكاظم عليه السلام قال سألته عن رجل محل وقع على أمة محرمة قال موسر أو معسر قلت أجنبي عنهما قال هو أمرها بالاحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قبل نفسها
قلت أجنبي عنها قال إن كان موسرا أو كان عالما أنه لا ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالاحرام فعليه بدنة وإن شاء بقرة وإن شاء شاة وإن لم يكن أمرها بالاحرام فلا شئ عليه موسرا
كان أو معسرا وإن كان أمرها وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام إذا ثبت هذا فلو كانا محرمين أو كان هو محرما وجبت عليه الكفارة ولو كان هو محلا وهي محرمة بإذنه وجبت عليه البدنة لا غير سواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده وسواء طاوعته أو أكرهها لكن
لو طاوعته فسد حجها ووجب عليه أن يأذن لها في القضاء لأنه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراما صحيحا وكان الفساد منه فوجب عليه الاذن في القضاء كالصيام ولو زنا بامرأة
تعلق به من الاحكام ما يتعلق بالوطي الصحيح لأنه أبلغ في هتك الاحرام فكانت العقوبة واجبة عليه مسألة من وجب عليه بدنة في إفساد الحج فلم يجد كان عليه بقرة فإن لم يجد فسبع شياة
على الترتيب فإن لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاما يتصدق به فإن لم يجد صام عن كل مد يوما وبه قال الشافعي وفى أصحابنا من قال هو مخير واستدل عليه الشيخ (ره)
بإجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة الاحتياط وابن بابويه قال من وجبت عليه بدنة في كفارة فلم يجد فعليه سبع شياه فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله وعن أحمد روايتان
إحديهما إنها على التخيير إن شاء أخرج أي هذه الخمسة التي ذكرناها أعنى البدنة والبقرة وسبع شياة وقيمة البدنة والصيام لنا أن الصحابة والأئمة عليهم السلام أوجبوا البدنة في الافساد
وذلك يقتضى تعينهما والبقرة دونهما جسما وقيمة ولقوله من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة يعنى إلى الجمعة ولان ذلك سبب يجب به القضاء
فكانت كفارته على الترتيب كالفوات واحمد قاس على قتل النعامة والفرق أن الانتقال في قتل النعامة إلى القيمة فكان مخيرا فيها وهنا ينتقل إلى ما هو دونها مسألة لو وطى في
العمرة قبل السعي فسدت عمرته وجب عليه بدنه وقضاؤها وبه قال الشافعي لأنها عبادة تشتمل على طواف وسعى فوجب بالوطئ فيها بدنة كالحج ولرواية مسمع عن الصادق عليه السلام
في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة قال قد أفسدت عمرته وعليه بدنة ويقيم بمكة محلا حتى يخرج الشهر الذي
اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل بلاده فيحرم منه ويعتمر وقال أبو حنيفة إذا وطى قبل أن يطوف أربعة أشواط فسدت عمرته ووجب عليه القضاء وشاة
لأنها عبادة لا تتضمن الوقوف ولا يجب عليه بالوطي فيها بدنة كما لو قرنها بحجه ونمنع حكم الأصل وقال احمد يجب بالوطي القضاء وشاة إذا وجد في الاحرام إذا عرفت هذا
فالبدنة والافساد يتعلقان بالوطي في إحرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف وبه قال الشافعي لرواية مسمع عن الصادق عليه السلام وقال أبو حنيفة إذا وطئ بعد أربعة أشواط لم يفسد عمرته
ووجبت الشاة لأنه وطى بعد ما أتى بركن العبادة فأشبه ما إذا وطى بعد الوقوف في الحج وإنما وجبت الشاة لان الشاة تقوم مقام الطواف والسعي في حق المحصر فقامت مقام بعض ذلك هنا والجواب أن محظورات الاحرام سواء
مثل الطيب واللباس والصيد يشترى قبل الاتيان بأكثر الطواف وبعده كذلك الوطي مسألة القارن عندنا هو الذي يسوق إلى إحرامه هديا وعندهم هو من يقرن الاحرامين
على ما مضى الخلاف فيه فلو أفسد القارن حجه وجب عليه بدنة كالمتمتع والمفرد وقال الشافعي إذا وطى القارن على تفسيرهم لزمه بدنه بالوطي ودم لقران ويقضى قارنا ويلزم دم القران
في القضاء أيضا فإن قضى مفردا جاز ولا يسقط عنه دم القران الذي في القضاء وبه قال احمد إلا أنه قال إذا قضى مفردا لم يجب دم القران وقال أبو حنيفة يفسد إحرامه وتجب
عليه شاة لافساد الحج وشاة لافساد العمرة وشاة للقران إلا أن يكون قد وطى بعد ما طاف في العمرة أربعة أشواط مسألة إذا قضى الحاج والمعتمر فعليه في قضاء الحج الاحرام من الميقات
وعليه في إحرام العمرة الاحرام من أدنى الحل وبه قال أبو حنيفة ومالك لأنه لا يجوز الاحرام قبل الميقات على ما تقدم فلا يجوز في القضاء لأنه تابع ولما في العمرة فلان الاحرام من أدنى الحل
هو الواجب في الأداء فكذا في القضاء ولان النبي صلى الله عليه وآله أمر عايشه أن يقضى عمرتها من التنعيم وقال الشافعي إذا أفسد الحج والعمرة لزمه القضاء من حيث أحرم بالأداء وبه قال أحمد لان كل
مسافة وجب عليه قطعها محرما في الأداء وجب عليه في القضاء كما لو أحرم قبل ميقات ونحن نقول بموجبه لأنه لا يجب عليه قطع المسافة محرما إلا من الميقات وينتقض بأنه لا يجب
عليه في القضاء سلوك طريق الأداء إجماعا لكن الشافعي أوجب الاحرام من المحاذي للأول مسألة إذا أفسد في القضاء وجب عليه بدنة أخرى وإتمام القضاء والقضاء من
قابل للعمومات ويلزمه أن يأتي بالقضاء ولا يتكرر عليه بل إذا أتى بحجة واحدة كفاه وكذلك إن تكرر إفساد القضاء كفاه قضاء واحد لان الحج الواجب واحد فإذا لم يأت به على
وجهه وجب عليه الاتيان به على وجهه ولا يجب عليه أن يأتي بقضاء آخر عوضا عن إفساد القضاء بمفرده بل إذا أتى في السنة الثالثة بحجة صحيحة كفاه عن الفاسد إبتداء وقضاء ولو أفسد الثالث كفاه في الرابعة إتيان حجة صحيحة عن جميع ما تقدمه لان الفاسد إذا انضم إليه القضاء
357

أجزأ عما كان عنه الأداء لو لم يفسده فهذا القضاء الذي أفسده إذا أتى بعده بالقضاء أجزء عما كان يجزى عنه الفاسد لو كان صحيحا ولو كان صحيحا سقط به قضاء الأول كذلك إذا قضاه وهذا يقضى أن يكون هذا القضاء عن القضاء الفاسد مسألة لو عقد المحرم لمحرم
على امرأة ودخل المحرم وجبت على العاقد الكفارة كما تجب على الواطي وكذا لو كان العاقد محلا لرواية سماعة عن الصادق (ع) قال لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما يعلم أنه لا يحل
له قلت فإن فعل فدخل بها المحرم وقال إن كانا عالمين فإن على كل واحد منهما بدنه وعلى المرأة إن كانت محرمة وإن لم تكن محرمة فلا شئ عليها إلا أن يكون قد علمت أن الذي تزوجها
محرم فإن كانت علمت ثم تزوجته فعليها بدنه مسألة لو نظر إلى غير أهله فأمنى لم يفسد حجه ووجب عليه بدنة فإن عجز فبقرة فإن عجز فشاة عند علمائنا وبعدم الافساد
قال ابن عباس وأبو حنيفة والشافعي واحمد لأنه أنزال عن غير مباشرة فأشبه الانزال عن الفكر والاحتلام وقال مالك إن ردد النظر حتى أمنى وجب عليه الحج من قابل وبه قال
البصري وعطا لأنه إنزال بفعل محظور فأشبه الانزال بالمباشرة والفرق إن المباشرة أبلغ في اللذة وآكد في استدعاء الشهوة والفاحشة فيها أعظم ولو نظر إلى غير أهله ولم
يكرر النظر أو كرره حتى أمنى وجب عليه البدنة عندنا لأنه إنزال بفعل محظور فأوجب البدنة كالجماع فيما دون الفرج لقول الباقر (ع) في رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل عليه
جزور أو بقرة فإن لم يجد فشاة وقال ابن عباس واحمد في روايتين إن كرر النظر وجب بدنة وإن لم يكرر فشاة وقال في الأخرى وتجب شاة مطلقا وهو قول سعيد بن جبير و
إسحاق وقال أبو ثور لا شئ عليه مطلقا وبه قال أبو حنيفة حكاه عنه الشافعي ولو كرر النظر حتى أمذى لم يجب عليه شئ لأصالة براءة الذمة وقال احمد يجب به دم لأنه جزء من المنى و
ليس بشئ ولو كرر النظر ولم يقترن به منى ولا مذى لم يكن عليه شئ ولا نعلم فيه خلافا إلا رواية عن أحمد إنه من جرد امرأته ولم يكن منه غير التجريد أن عليه شاة وليس بشئ ولو فكر
فأنزل لم يكن عليه شئ لان الفكر يعرض الانسان من غير اختيار فلا تتعلق به عقوبة مسألة لو نظر إلى أهله من غير شهوة لم يكن عليه شئ سواء أمنى أو لا لان النظر إلى الزوجة سايغ
بخلاف الأجنبية ولان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم قال لا شئ عليه وإن نظر إليها بشهوة أو مستها فأمنى كان عليه بدنة
عند علمائنا ولم يفرق العامة بين الزوجة والأجنبية بل حكموا بما قلناه عنهم أولا مطلقا لقول الصادق عليه السلام في الصحيح ومن نظر إلى امرأته نظرة بشهوة فأمنى فعليه جزور مسألة
لو مس امرأته بشهوة فعليه شاة سواء أمنى أو لم يمن وإن كان بغير شهوة لم يكن عليه شئ سواء أمنى أو لم يمن وكان حجة صحيحا على كل تقدير سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو
بعده عند علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلا يفسد الحج كما لو أنزل وإنما وجب الشاة لأنه فعل محرما في إحرامه فوجب الفدية ولان محمد بن
مسلم سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى فقال إن حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه فإن حملها
أو مسها بغير شهوة فأمنى أو لم يمن فليس عليه شئ وقال مالك إذا أنزل مع المس فسد حجة وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنها عبادة يفسدها الوطي فأفسدها الانزال عن المباشرة
كالصوم والفرق إن الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب الامساك عنه لأجله بخلاف الحج مسألة لو قبل امرأته فإن كان بشهوة كان عليه جزور وإن كان بغير شهوة كان عليه شاة
ولا يفسد حجه على كل تقدير وسواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ووافقنا على عدم الافساد سعيد بن المسيب وعطا وابن سيرين والزهري وقتادة والثوري والشافعي و
أبو ثور وأصحاب الرأي لأنه إنزال بغير وطى فلم يفسد به الحج كالانزال عن نظر وقال مالك إن أنزل فسد حجه وهو إحدى الروايتين عن أحمد ورواية عن سعيد بن جبير لأنه إنزال عن سبب
محرم فأفسد الحج كالانزال عن الجماع والفرق ظاهر فإن الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع ولهذا أفسد الحج مع الانزال وعدمه إذا عرفت هذا فالشيخ (ره) أوجب الشاة في التقبيل بغير شهوة
مطلقا والبدنة فيه مع الشهوة مطلقا ولم يعتبر الانزال لان علي بن أبي حمزة سأل الكاظم عليه السلام عن رجل قبل امرأته وهو محرم قال عليه بدنة وإن لم ينزل ليس له أن يأكل منه وقال ابن إدريس إن
قبل بشهوة وأنزل وجبت البدنة وإن لم ينزل وجبت الشاة للأصل ولما رواه مسمع في الصحيح عن الصادق عليه السلام إن حال المحرم ضيقه إن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم فعليه دم
شاة ومن قبل امرأته على شهوة فعليه جزور ويستغفر الله وهو الأقرب ويجوز للمحرم أن يقبل أمه حال الاحرام لان الحسين بن حماد سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يقبل أمه قال لا بأس به
هذه قبلة رحمة إنما تكره قبلة الشهوة ولو لاعب امرأته وهو محرم فأمنى كان عليه بدنة لأنه إنزال عن سبب محرم فوجبت البدنة كما لو أنزل عن نظر وهل يجب عليه الكفارة نص الشيخ في التهذيب والمبسوط عليه لأنه أنزل بملاعبته منها له فوجب عليها بدنة
كالجماع ولان عبد الرحمن بن الحجاج سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يعبث بامرأته حتى يمنى وهو محرم من غير جماع أو يفعل ذلك في شهر رمضان ماذا عليهما قال عليهما جميعا الكفارة
مثل ما على الذي يجامع ولو سمع كلام امرأة أو استمع على من يجامع غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى لم يكن عليه شئ لتعذر التحرز عن مثل ذلك فلو وجب العقوبة لزمه الجرح أما لو كان
برؤية فإنه تجب عليه الكفارة على ما تقدم لان أبا بصير سأل الصادق عليه السلام في الحسن عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حايط وهو محرم فتشاهى حتى أنزل قال ليس عليه شئ وسأله سماعة بن مهران في محرم إستمع على رجل يجامع أهله فأمنى قال ليس عليه شئ قال المفيد (ره)
لو قبل امرأته وهو محرم فعليه بدنة أنزل أو لم ينزل فإن هوت المرأة ذلك كان عليها مثل ما عليه مسألة قد بينا إنه إذا أفسد حجه وجب عليه إتمامه خلافا لجماعة الظاهرية
وقال مالك يجعل الحجة عمرة ولا يقيم على الحج الفاسد وليس بجيد لما تقدم ولا يحل من الفاسد بل يجب عليه أن يفعل بعد الفساد كل ما يفعله لو كان صحيحا ولا يسقط عنه توابع الوقوف و
من البيت بالمزدلفة والرمي وغيرهما ويحرم عليه بعد الفساد كل ما كان عليه محرما قبله من الوطي ثانيا وغيره من المحرمات ولو جنى في الاحرام الفاسد وجب عليه ما يجب في الاحرام الصحيح ويجب
عليه القضاء من قابل سواء كانت الفاسدة واجبة بأصل الشرع أو النذر أو كانت تطوعا ولا نعلم فيه خلافا ويجب على الفور ولو أفسد القضاء لم يجب قضاؤه وإنما يقضى عن الحج الأول ولو
أحصر من حج فاسد فله التحلل إجماعا لأنه يباح له في الصحيح ففي الفاسد أولي فلو أحل فزال الحصر وفى الوقت سعة فله إن يقضى في ذلك العام ولا يتصور القضاء في عام الافساد
في غير هذه الصورة ولو حج تطوعا فأفسده ثم أحصر كان عليه بدنه للافساد ودم للاحصار ويكفيه قضاء واحد في القابل لان المقضى واحد ويجب القضاء على الفور وهو أحد قولي
الشافعي لأنه لزم وتضيق بالشروع ولقول الصحابة والأئمة عليهم السلام إنه يقضى من قابل وللشافعي قول آخر إنه على التراخي كالأصل ولان الوقت فاتك؟ فاستوت بعده الأوقات وقد بينا
فساده وله ثالث إنه إن وجب الكفارة بعد وإن فعل فعلى الفور لان التراخي نوع تفرقة وإن لم يكن بعد وإن فعل فعلى التراخي وأجرى الجويني الخلاف في التعدي بترك الصوم هل هو على الفور أو على التراخي وكذا الصلاة
أما ما يجب فيه القتل كترك الصلاة عمدا مع تحلل التعزير ثلاث مرات فإنه يجب فيه الفور وأما ما لا عدوان فيه فللشافعي وجهان تقدما أحدهما الفور لقوله عليه السلام فليصلها إذا ذكرها
والثاني جواز التأخير لما رووه عن النبي صلى الله عليه وآله إنه فاته صلاة الصبح فلم يصلها حتى خرج من الوادي وقد عرفت أنه يحرم في القضاء من الميقات وقال الشافعي إن أحرم قبل
الميقات أحرم في القضاء من ذلك المكان وقد سبق ولو جاوزه أراق دما كما لو جاوز الميقات الشرعي وإن كان قد أحرم من الميقات فعليه في القضاء مثله وإن كان حرم بعد مجاوزة الميقات فإن كان مسيئا بتجاوزه لزمه في القضاء
أن يحرم من الميقات وليس له أن يسئ ثانيا وإن جاوزه غير مسئ بأن لم يرد النسك ثم بدا له فأحرم ثم أفسد فوجهان أحدهما أنه يحرم في القضاء من الميقات الشرعي لأنه الواجب في الأصل وأصحهما عن يحرم من ذلك الموضع ولا يلزمه الميقات الشرعي
سلوكا بالقضاء مسلك الأداء ولهذا لو اعتمر المتمتع من الميقات ثم أحرم بالحج من مكته وأفسد لا يلزمه في القضاء أن يحرم من الميقات بل يكفيه أن يحرم من جوف مكة ولو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها يكفيه أن يحرم في قضائه من
أدنى الحل والوجهان مفروضان فيما إذا لم يرجع إلى الميقات فما فوقه أما إذا رجع ثم عاد فلابد من الاحرام من الميقات وإذا خرجت المرأة للقضاء ففي وجوب ما زاد من النفقة بسبب
السفر على الزوج وجهان وإذا خرجا معا للقضاء فليفترقا من الموضع الذي اتفقت الإصابة فيه وللشافعي قولان في وجوبه ففي القديم نعم وبه قال أحمد لقول ابن عباس فإذا أتيا
358

المكان الذي أصابا فيه ما أصابا تفرقا والجديد لا وبه قال أبو حنيفة كما لا يجب ساير المنازل ويستحب أن يفترقا من حين الاحرام وقال مالك بوجوبه مسألة لو عرضت الردة في خلال الحج والعمرة
فالوجه فساد النسك إن كان قبل فعل ما يبطل الحج تركه عمدا وللشافعية وجهان أحدهما أنه لا تفسد هما لكن لا يعتد بالمأتى به في زمان الردة على ما مر نظيره في الوضوء والاذان
وأصحهما عندهم الفساد كما يفسد الصوم والصلاة ولا فرق على الوجهين بين أن يطول زمانها أو يقصر وعلى القول بالفساد فوجهان أظهرهما أنه يبطل النسك بالكلية حتى لا
يمضى لا في الردة ولا إذا عاد إلى الاسلام لكن لا تجب الكفارة كما إن فساد الصوم بالردة لا تتعلق به الكفارة ومن قال بالأول فرق ثلاثة أوجه أحدها أنه ينعقد فاسدا وعليه
القضاء والمضى فيه مكث أو نزع في الحال وإن مكث وجبت الكفارة وهل هي بدنة أو شاة يخرج على القولين في نظاير هذه الصورة الثالث على الصحة فإن نزع الحال فذاك وإلا فسد نسكه وعليه البدنة والقضاء والمضى في الفاسد والثاني إنه ينعقد كما لا تنعقد الصلاة مع الحدث
البحث السابع في اللواحق مسألة يجوز لبس السلاح للمحرم إذا خاف العدو ولا كفارة لقول الصادق عليه السلام في الصحيح أيحمل المحرم السلاح قال إذا خاف المحرم عدوا أو سارقا
فليلبس السلاح ويجوز للمحرم أن يؤدب غلامه وهو محرم عند الحاجة لقول الصادق عليه السلام في الصحيح لا بأس أن يؤدب المحرم عبده ما بينه وبين عشرة أسواط ولو اقتتل اثنان في
الحرم لزم كل واحد منهما دم لقول الصادق عليه السلام في رجلين اقتتلا وهو محرمان سبحان الله بئس ما صنعا قلت قد فعلا ما الذي يلزمهما قال على كل واحد منهما دم مسألة
إذا اجتمعت أسباب مختلفة كاللبس والقلم والطيب لزمه عن كل واحد كفارة سواء اتحد الوقت أو تعدد كفر عن الأول أولا لان كل واحد منهما سبب مستقل في ايجاب الكفارة و
الحقيقة باقية عند الاجتماع فيوجد أثر هما ولو اتحد نوع الفعل فأقسامه ثلاثة إتلاف على وجه التعديل كقتل الصيد فإنه يعدل به ويجب فيه مثله ويختلف بالصغر والكبر فعلى أي
وجه فعله وجب عليه الجزاء ولو تكرر تكررت إجماعا لان المثل واجب وهو إنما يتعدد بالتعدد لو تعددت الجناية الثاني إتلاف مضمون لا على وجه التعديل كحلق الشعر وتقليم الأظفار
فهما جنسان فإن حلق أو قلم دفعة واحدة كان عليه بدنة واحدة وإن فعل ذلك في أوقات كان يحلق بعض رأسه غدوة وبعضه عشية تعددت الكفارة عليه وإن كان في دفعة
واحدة ووقت واحد وجبت فدية واحدة الثالث الاستمتاع باللبس والطيب والقبلة فإن فعله دفعة بأن لبس كل ما يحتاج إليه دفعة أو تطيب بأنواع الطيب دفعة واحدة أو قبل وأكثر منه لزمه كفارة واحدة وإن فعل ذلك في أوقات متفرقة لزمه
عن كل فعل كفارة سواء كفر عن الأول أو لم يكفر وبه قال أبو حنيفة لأنه مع تعدد الوقت يتعدد الفعل وقد كان كل واحد سببا تاما في إيجاب الكفارة فكذا مع الاجتماع وقال الشافعي إن
كفر عن الأول لزمه كفارة أخرى عن الثاني وإن لم يكفر لم يكن عليه سوى كفارة واحدة وهو إحدى الروايتين
عن أحمد وفى الأخرى إن كان السبب واحدا اتحدت الكفارة كمن لبس ثوبه
للحر وإن تعدد تعددت كمن لبس ثوبا للحر وثوبا للمرض وقال مالك تتداخل كفارة الوطي دون غيره مسألة لو جن بعد إحرامه ففعل ما يفسد به الحج من الوطي قبل الوقوف
بالموقفين لم يفسد حجه لان العاقل لو فعل ذلك ناسيا لم يبطل حجه فهنا أولى ولقوله عليه السلام رفع القلم عن المجنون حتى يفيق وأما الصيد فيضمنه بإتلافه لان حكم العمد والسهو فيه واحد
وأما الصبى فإذا قتل صيدا ضمنه كالبالغ وإن تطيب أو لبس فإن كان ناسيا لم يكن عليه شئ وإن كان عامدا فإن قلنا إن عمده وخطأه واحد فلا شئ عليه أيضا وإن قلنا إن عمده
في غير القصاص عمد وجبت الكفارة قال الشيخ (ره) الظاهر أن الكفارة تتعلق به على وليه وإن قلنا إنه لا يتعلق به شئ لما روى عنهم عليهم السلام من أن عمد الصبى وخطأه سواء والخطأ في
هذه الأشياء لا تتعلق به الكفارة من البالغين كان قويا وأما قتل الصيد فإنه يضمنه على كل حال وأما الحلق وتقليم الأظفار فإن حكمها عندنا كحكم اللبس والطيب من أن عمده مخالف
لخطأه وأما إذا وطئ بشهوة فإنه قد يحصل من الصبى قبل بلوغه فإنما يبلغ بالانزال لا بالوطي وشهوته فإذا فعل فإن كان ناسيا أو جاهلا لم يكن عليه شئ كالبالغ وإن كان عامدا
واعتبرنا عمده فسد حجه وإن وطئ قبل الوقوف بالموقفين وجبت البدنة وإن كان خطأ لم يكن عليه شئ وإذا وجبت البدنة على تقدير العمد ففي محل وجوبها وجهان أحدهما عليه والثاني
على وليه وإذا قلنا بفساد الحج فهل يجب عليه القضاء وجهان أحدهما الوجوب لأنه وطى عمدا قبل الوقوف بالموقفين فوجب القضاء عملا بالعموم ولان كل من وجبت البدنة في حقه للافساد
وجب عليه القضاء كالبالغ والثاني عدم الوجوب لأنه غير مكلف فلا يتوجه عليه الامر بالوجوب في القضاء كما لا يتوجه في الأداء وهو الأقوى وإذا أوجبنا عليه القضاء هل يجزئه
أن تقضيه في حال صغره أم لا فيه تردد قال مالك واحمد لا يجزيه لأنها حجة واجبة فلم تقع منه في صغره كحجة الاسلام وقال الشافعي في أحد القولين يجزيه لان أداء هذه العبادة يصح منه
في حال الصغر كذلك قضاؤها بخلاف حجة الاسلام وإذا أوجبنا على الصبى القضاء فقضى في حال بلوغه فهل يجزئه عن حجة الاسلام الوجه التفصيل وهو أن يقال إن كانت الحجة التي
أفسدها لو صحت أجزأته بان يكون قد بلغ قبل مضى وقت الوقوف أجزأ القضاء وإن كان لو بلغ فيها بعد الوقوف لم يجزئه القضاء وجب عليه حجة أخرى للاسلام تذنيب
لو خرجت قافلة إلى الحج فأغمى على واحد منهم لم يصر محرما بإحرام غيره عنه وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد لأنه بالغ فلا يصير محرما بإحرام غيره عنه كالنايم ولأنه لو أذن في ذلك وأجازه لم يصح وقال أبو حنيفة يصير محرما بإحرام بعض الرفقة لأنه علم ذلك
من قصده وتلحقه المشقة في ترك ذلك فأجزأ عنه إحرام غيره والجواب إنا قد بينا إنه لو أذن له فيه لم يصح فكيف مع علم القصد المجرد عن الاذن مسألة لو قبل امرأته بعد
طواف النساء فإن كانت هي قد طافت لم يكن عليهما شئ لأنه بعد طواف النساء تحل له النساء وإن كانت لم تطف فقد روي أن عليه دما يهريقه لان القبلة بالنسبة إليها حرام وقد
فعلها هو فكانت عليه العقوبة لقول الصادق عليه السلام في الحسن عن رجل قبل امرأته وقد طاف طواف النساء ولم تطف هي عليه دم يهريقه من عنده ولو قلع ضرسه مع الحاجة إليه
لم يكن عليه شئ وإن كان لا مع الحاجة وجب عليه دم شاة قاله الشيخ (ره) لرواية مرسلة مسألة لو احصر فبعث بهديه ثم احتاج إلى حلق رأسه لاذى قبل أن يبلغ الهدى محله
جاز له أن يحلقه ويتصدق بالنسك أو الاطعام أو الصيام على ما قلناه لان غير المحصر كذلك فكذا المحصر ولقول الصادق عليه السلام إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فإذا حلق رأسه قبل
أن ينحر هديه فإنه يذبح شاة مكان الذي أحصر منه أو يصوم أو يتصدق على ستة مساكين والصوم ثلاثة أيام والصدقة نصف صاع لكل مسكين المطلب الرايع
في أحكام الاحرام مسألة الاحرام ركن في الحج إذا أخل به عامدا بطل الحج وإن كان ناسيا حتى أكمل المناسك قال الشيخ (ره) يصح حجه إذا كان قد عزم على فعله أولا كما لو نسى الطواف أو
السعي وقوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطاء والنسيان ولان علي بن جعفر سأل أخاه الكاظم عليه السلام في الصحيح عن رجل نسى الاحرام بالحج فذكره وهو بعرفات ما حاله قال يقول اللهم على كتابك
وسنة نبيك فقد تم إحرامه فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى يرجع إلى بلده فإن كان قد قضى مناسكه كلها فقد تم حجه وروى جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهما السلام
في رجل نسى أن يحرم أو جهل وقد شهد المناسك كلها وطاف وسعى قال يجزئه إذا كان قد نوى ذلك فقد تم حجه وإن لم يهل وقال ابن إدريس من علمائنا تجب عليه الإعادة لقوله عليه السلام
لا عمل إلا بنية وهذا عمل بغير نية وليس بشئ مسألة لا يقع الاحرام إلا من محل فلو كان محرما بالحج لم يجز له أن يحرم بالعمرة وهو أصح قولي الشافعي وبه قال أبو حنيفة
وكذا لا يجوز إدخال الحج على العمرة وقال جميع العامة بجوازه ويبطله قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله ومع الادخال لا يتحقق الاتمام وقد جوز علماؤنا في المفرد فسخ حجه إلى التمتع
وبالعكس لمن ضاق عليه الوقت ومنعه عذر الحيض والمرض وشبهه كما أمر النبي صلى الله عليه وآله أصحابه بالأول وعايشة بالثاني وليس للقارن نقل حجه إلى المتمتع لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بأن
من لم يكن معه هدى فليحل وتأسف النبي صلى الله عليه وآله على فوات المتعة ولو جاز العدول كالمفرد لفعلها عليه السلام لأنها الأفضل ولا يجوز أن يقرن إحراما واحدا للنسكين فلو قرن بين الحج والعمرة
في إحرامه لم ينعقد إحرامه إلا بالحج قاله الشيخ في الخلاف فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم وإن أراد ان يأتي بأفعال العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم وبه قال الشافعي و
359

والأوزاعي والثوري وطاوس وأبو حنيفة وأصحابه لأصالة براءة الذمة من الدم ولو أتى بأفعال الحج بإنفراده فيقف شغلها على دليل ولم يثبت وقال الشعبي عليه بدنة وقال
داود لا شئ عليه واستفتى محمد ابنه عن هذا بمكة فأفتى بمذهب أبيه فجروا برجله مسألة يجوز للقارن والمفرد إذا قدما مكة الطواف لكنهما يجددان التلبية ليبقيا
على إحرامها ولو لم يجدد التلبية قال الشيخ (ره) أحلا وصارت حجتهما مفردة وقال في التهذيب إنما يحل المفرد لا القارن وأنكر ابن إدريس ذلك وقال إنما يحلان بالنية لا بمجرد
الطواف والسعي والشيخ (ره) استدل بما رواه العامة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أهل الرجل بالحج ثم قدم مكة وطاف بالبيت وسعى بين الصفا
والمروة فقد وهي عمرة ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء و
يجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعيدان ما أخلا من الطواف بالتلبية قال الشيخ فقه هذا الحديث إنه قد رخص للقارن والمفرد أن يقدما طواف
الزيادة قبل الوقوف بالموقف فمتى فعلا ذلك فإن لم يجدد التلبية يصيرا محلين ولا يجوز ذلك فلاجله أمر المفرد والسايق بتجديد التلبية مع أن السايق لا يحل وإن
كان قد طاف لسياقه الهدى مسألة إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد أحل وإن كان قد ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا قاله الشيخ في الخلاف وبه قال ابن أبي عقيل
لقوله صلى الله عليه وآله من لم يكن ساق الهدى فليتحلل شرط في التحليل عدم السياق وقال الشافعي يتحلل سواء ساق هديه أو لم يسق وقال أبو حنيفة إن لم يكن ساق تحلل وإن كان ساق لم يتحلل و
استأنف إحراما للحج ولا يحل حتى يفرغ من مناسكه وهو باطل لان تجديد الاحرام إنما يمكن مع الاحلال أما
المحرم فهو باق على إحرامه فلا وجه لتجديد الاحرام ولان النبي صلى الله عليه وآله لم يتحلل وعلل
بأنه ساق الهدى وقال عليه السلام لا يتحلل سايق الهدى حتى يبلغ الهدى محله مسألة إذا فرغ المتمتع من عمرته وأحل ثم أحرم بالحج فقد استقر دم المتمتع بإحرام الحج عليه وبه
قال أبو حنيفة والشافعي لقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فجعل الحج غاية لوجوب الهدى والغاية وجود أول الحج دون إكماله كما في قوله تعالى ثم أتموا الصيام
إلى الليل وما رواه العامة عن ابن عمر قال تمتع الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال من كان معه هدى فإذا أهل بالحج فليهد ومن لم يكن معه هدى فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة
إذا رجع إلى أهله ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من تمتع في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى يحضر الحج فعليه شاة ومن تمتع في غير أشهر الحج ثم جاوز حتى يحضر الحج فليس عليه
دم وإنما هي حجة مفردة وإنما الأضحى على أهل الأمصار مسألة المتمتع إذا طاف وسعى للعمرة ثم أخرج بالحج قبل أن يقصر قال الشيخ بطلت متعته وكانت حجته مبتولة و
إن فعل ذلك ناسيا فليمض فيما أخذ فيه وقد تمت متعته وليس عليه شئ لرواية علاء بن الفضيل قال سألته عن رجل تمتع فطاف ثم أهل بالحج قبل أن يقصر قال بطلت متعته وهي
حجة مبتولة ودل على حال النسيان ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق عليه السلام عن رجل متمتع نسى أن يقصر حتى أحرم بالحج قال يستغفر الله وقال بعض علمائنا في الناسي
عليه دم وقال بعضهم يبطل الاحرام الثاني سواء وقع عمدا وسهوا ويبقى على إحرامه الأول مسألة وقد تقدم أن أحرم المتمتع والمفرد ينعقد بالتلبية وإن إحرام القارن
ينعقد بها أو بالاشعار أو التقليد فإن عقد بالتلبية استحب له الاشعار أو التقليد وبه قال الشافعي ومالك إلا أن الشافعي قال الاحرام ينعقد بمجرد النية وإن لم يلب ولا اشعر
ولا قلد لما رواه العامة عن ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وآله دعى ببدنة فاشعرها في صفحة سنامها الأيمن ثم سلب الدم عنها وعن عروة بن محرمة ومروان قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان بذى
الحليفة قلد الهدى أو أشعره ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من أشعر بدنته فقد أحرم وإن لم يتكلم بقليل ولا كثير وقال أبو حنيفة الاشعار مثلة وبدعة وتعذيب
للحيوان ولم يعرف تقليد الغنم وهو مدفوع بما تقدم وبما رواه العامة عن جابر الأنصاري قال كان هدايا رسول الله صلى الله عليه وآله غنما مقلدة وعن عايشة إن رسول الله صلى الله عليه وآله أهدى غنما مقلدة
مسألة إذا قصر المتمتع من عمرته أحرم للحج من مكة وفعل حالة الاحرام يوم التروية كما فعله أولا عند الميقات من أخذ الشارب وقلم الأظفار والاغتسال وغير ذلك لأنه
أحد الاحرامين فاستحب فيه ما استحب في الاخر ولقول الصادق عليه السلام إذا أردت أن تحرم يوم التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم الحديث إلا أنه هنا يلبى بالحج مسألة
إحرام المرأة كإحرام الرجل إلا في أمرين رفع الصوت بالتلبية وقد تقدم ولبس المخيط فإنه جايز لهن لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما
مسه الورس من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبته من ألوان الثياب ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين وكره
النقاب وقال تسدل الثوب على وجهها قال حد ذلك إلى أين قال إلى طرف الأنف قدر ما تبصر مسألة إحرام المرأة في وجهها فلا تخمره ولا يجوز لها أن تغطية بمخيط ولا بغيره
بإجماع العلماء ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تتنقب المرأة ولا تلبس القفازين ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه السلام المحرمة لا تنتقب لان إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه
إذا عرفت هذا فإنه يجوز لها أن تسدل الثوب على رأسها إلى طرف أنفها وتستر المحرمة ساير جسدها إلا وجهها ولها سدل الثوب على وجهها بحيث لا يمسه لأنه ليس بستر حقيقة
ولهذا جاز للمحرم أن يظلل على نفسه حالة النزول ولو أصاب الثوب وجهها وقال بعض العامة أن إزالته في الحال فلا شئ عليها والأوجب عليها دم ولا يجوز لها لبس البرقع
للرواية ويجوز لها لبس السراويل لان الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن المرأة إذا أحرمت أتلبس السراويل قال نعم إنما تريد بذلك الستر ويجوز لها أن تلبس الغلالة إذا كانت حايضا
لتحفظ ثيابها من الدم لان الصادق عليه السلام قال تلبس المرأة المحرمة الحايض تحت ثيابها غلالة الفصل الثاني في دخول مكة إذا فرغ المتمتع من إحرام العمرة
من الميقات ثم صار إلى مكة فقارب الحرم استحب له أن يغتسل قبل دخوله لان أبان بن تغلب كان مع الصادق عليه السلام لما انتهى إلى الحرم نزل واغتسل وأخذ نعليه بيديه ثم دخل
الحرم حافيا فصنعت مثله فقال يا أبان من صنع مثل ما رأيتني صنعت تواضعا لله عز وجل محى الله عنه مأة ألف سيئة وكتب له مائة ألف سنة وكتب له مأة ألف حسنة
وبنى له مأة ألف درجة وقضى له مأة ألف حاجة ولو لم يتمكن من الغسل عند دخول الحرم جاز له أن يؤخره إلى قبل دخول مكة فإن لم يتمكن فبعد دخولها للرواية مسألة يستحب له مضغ شئ من
الإذخر عند دخول الحرم ليطيب فمه ولقول الصادق عليه السلام إذا دخلت الحرم فتناول من الإذخر فامضغه وكان يأمر أم فروه بذلك ويستحب له الدعاء عند دخول الحرم بالمنقول فإذا نظر
إلى بيوت مكة قطع التلبية وحدها عقبة المدينين ولو أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة وهي عقبة ذي طوى وهو من سواد مكة قريب منها بضم الطاء وقد تفتح
وتكسر ويستحب له أن يدخل مكة من أعلاها إذا كان داخلا من طريق المدينة ويخرج من أسفلها لان يونس بن يعقوب سأل الصادق عليه السلام من أين أدخل مكة وقد جئت من المدينة
قال ادخل من أعلا مكة وإذا خرجت تريد المدينة فاخرج من أسفل مكة وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله كان يدخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى وهذا
في حق من يجئ من المدينة والشام فأما اللذين يجيئون من ساير الأقطار فلا يؤمرون بأن يدوروا ليدخلوا من تلك الثنية وكذا في الأغسال بذى طوى وقيل بل هو عام ليحصل التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله ويستحب له أن يغتسل لدخول مكة من بئر ميمون أو فخ لما روى العامة أن
النبي صلى الله عليه وآله فعله ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن الله عز وجل يقول في كتابه وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر
وقد غسل عرقه والأذى وتطهر ولو اغتسل ثم نام قبل دخولها استحب إعادة الغسل لان عبد الرحمن بن الحجاج سأل الكاظم عليه السلام في الصحيح عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثم ينام قبل أن
يدخل الحرم قال لا يجزئه لأنه إنما دخل بوضوء ويستحب له أن يدخل مكة بسكينة ووقار حافيا لأنه أبلغ في الطاعة ولان الصادق عليه السلام فعله مسألة دخول مكة واجب للمتمتع أولا يطوف
بالبيت ويسعى ويقصر ثم ينشئ إحرام الحج أما القارن والمفرد فلا يجب عليهما ذلك لان الطواف والسعي إنما يجب عليهما بعد الموقفين ونزول منى وقضاء بعض مناسكها لكن يجوز
360

لهما أيضا دخول مكة والمقام بها على إحرامها حتى يخرجا إلى عرفات فإن أراد الطواف بالبيت استحبابا غير أنهما يجددان التلبية عقيب كل طواف وسعى حتى يخرجا إلى عرفات وقد بينا
أن كل من دخل مكة يجب أن يكون محرما إلا المتكرر كالحطاب والمرضى والرعاة والمقاتل شرعا والعبد لان السيد لم يأذن له بالتشاغل عن خدمته ومن يجب عليه دخول مكة
بإحرام لو دخلها بغير إحرام لم يجب عليه القضاء وبه قال الشافعي لأصالة البراءة وقال أبو حنيفة عليه ان يأتي بحجة أو عمرة فإن فعل في سنته لحجة الاسلام أو منذورة أو عمرة
منذورة أجزأه ذلك عن عمرة الدخول استحبابا وإن لم يحج من سنته استقر القضاء مسألة الحايض والنفساء لها
الاغتسال لدخول مكة لان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر عايشة
لما حاضت افعلى ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ويجوز دخول مكة ليلا ونهارا إجماعا للأصل وحكى عن عطا إنه كره دخولها ليلا وقال إسحاق دخولها نهارا أولى وحكى
ذلك عن النخعي والأصل انه عليه السلام دخلها تارة ليلا وتارة نهارا مسألة إذا أراد دخول المسجد الحرام استحب له أن يغتسل لما تقدم وأن يدخله على سكينة ووقار حافيا بخشوع و
خضوع من باب بنى شيبه لان هبل الصنم مدفون تحت عتبه باب بنى شيبه فاستحب الدخول منها ليطأه الداخل برجله ويدعو بالمنقول الفصل الثالث
في الطواف وفيه مباحث الأول في مقدماته مسألة الطهارة شرط في الطواف الواجب فلا يصح طواف المحدث عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي لما رواه العامة
إن النبي صلى الله عليه وآله قال الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح لا بأس أن تقضى المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف
بالبيت والوضوء أفضل ولو شرع في الطواف الواجب على غير طهارة فذكر إعادة لان زرارة سأل الباقر عليه السلام عن الرجل يطوف بغير وضوء أيعتد بذلك الطواف قال لا
وهو يتناول العامد والساهي ولو ذكر في الأثناء إنه محدث أعاد الطواف من أوله لان علي بن جعفر سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل طاف بالبيت وهو جنب فذكر
وهو في الطواف فقال يقطع طوافه ولا يعتد به وقال أبو حنيفة ليست الطهارة شرطا واختلف أصحابه فقال بعضهم بالأول وبعضهم بالثاني وعن أحمد روايتان إحديهما
كقولنا والثاني إن الطهارة ليست شرطا فمتى طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما دام مقيما بمكة فإن خرج إلى بلده جبره بدم مسألة لا يشترط الطهارة في طواف النافلة وإن
كانت أفضل لقول الصادق عليه السلام في رجل طاف على غير وضوء إن كان تطوعا فليتوضأ وليصل وسأل عبيد بن زرارة الصادق عليه السلام إني أطوف طواف النافلة وإني على غير وضوء
فقال توضأ وصل وإن كان متعمدا مسألة يشترط خلو البدن والثوب من النجاسة في صحة الطواف سواء كانت النجاسة دما أو غيره قلت أو كثرت لقوله عليه السلام الطواف بالبيت
صلاة ولأنها شرط في الصلاة فتكون شرطا في الطواف والخلاف فيه كما تقدم لقوله عليه السلام الطواف بالبيت صلاة ولأنها شرط في الصلاة فتكون شرطا في الطواف والخلاف فيه كما تقدم
لقوله عليه السلام الطواف بالبيت صلاة وقوله عليه السلام لا يحج بعد العام مشرك ولا عريان ولأنها عبادة متعلقة بالبدن فكانت الستارة شرطا فيها كالصلاة والختان شرط في الطواف للرجل
مع القدرة دون المرأة لقول الصادق عليه السلام في الصحيح الأغلف لا يطوف بالبيت ولا بأس أن تطوف المرأة مسألة يستحب أن يغتسل لدخول المسجد ويدخل من باب بنى شيبة
بعد أن يقف عندها لان النبي صلى الله عليه وآله دخل منها ويسلم على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو بالمأثور ويكون دخوله بخضوع وخشوع وعليه سكينة ووقار يقول إذا نظر إلى الكعبة الحمد لله الذي عظمك
وشرفك وكرمك وجعلك كتابة للناس وأمنا مباركا وهدى للعالمين البحث الثاني في كيفية الطواف مسألة يجب في الطواف النية وهي شرط لقوله عليه السلام
لا عمل إلا بالنية وهو أن ينوى الطواف للحج أو العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى الله تعالى ويجب أن يبتدئ في الطواف من الحجر الأسود الذي في الركن العراقي فإن البيت له أربعة أركان
ركنان يمانيان وركنان شاميان وكان لاصقا بالأرض وله بابين شرقي وغربي فهدمه السيل قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله بعشر سنين وأعادت قريش عمارته على الهيئة التي هو عليها
اليوم وقصرت الأموال الطيبة والهدايا والنذور عن عمارته فتركوا من جانب الحجر بعض البيت روت عايشة إن النبي صلى الله عليه وآله قال ستة أذرع من الحجر من البيت فتركوا بعض البيت من
جانب الحجر خارجا لان النفقة كانت تضيق عن العمارة وخلفوا الركنين الشاميين عن قواعد إبراهيم عليه السلام وضيقوا عرض الجدار من الركن الأسود إلى الشامي الذي يليه فبقى الأساس من
شبه الدكان مرتفعا وهو الذي يسمى بالشاذروان روى إن النبي صلى الله عليه وآله قال لعائشة لولا حدثان قومك بالشرك لهدمت البيت وبنيته على قواعد إبراهيم عليه السلام فألصقته بالأرض
وجعلت له بابين شرقيا وغربيا ثم هدمه ابن الزبير أيام ولايته وبناه على قواعد إبراهيم عليه السلام كما تمناه رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لما استولى الحجاج هدمه وأعاده على الصورة التي عليه اليوم وهي
بناء قريش والركن الأسود في صوب الشرق والأسود هو أحد الركنين اليمانيين والباب بينه وبين أحد الشاميين وهو الذي يسمى عراقيا أيضا والباب إلى الأسود
أقرب منه إليه ويليه الركن الاخر الشامي والحجر بينهما والميزاب بينهما ويلي هذا الركن اليماني الآخر الذي عن يمين الأسود مسألة ويجوز أن يحاذي بجميع بدنه الحجر الأسود
في بروزه حين الابتداء به في الطواف فلو ابتدأ الطايف من غير الحجر الأسود لم يعتد بما فعله حتى ينتهى إلى الحجر الأسود فيكون منه ابتداء طواف أن جدد النية عنده أو استصحبها
فعلا ولو نسيها واستمر على نية الأولى لم يعتد بذلك الشوط الثاني وإلا بطل طوافه وينبغي أن يمر عند الابتداء بجميع بدنه على الحجر الأسود
بأن لا يقدم جزءا من الحجر فلو حاذاه ببعض البدن لم يعتد بذلك الطواف وهو الجديد للشافعي وقال في القديم يعتد به لما رواه العامة عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله
بداء بالحجر فاستلمه وفاضت عيناه من البكاء ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود والامر للوجوب لا نعلم فيه خلافا مسألة
وكما يجب الابتداء بالحجر الأسود يجب الختم به هكذا سبعة أشواط فلو ترك ولو خطوة منها لم يجزئه ولا تحل له النساء حتى يعود إليها فيأتي بها لان رعاية العدد شرط في صحة الطواف
عندنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله طاف بالبيت سبعا وقال عليه السلام خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قلت رجل طاف
بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر قال يعيد ذلك الشوط ولأنها عبادة واجبة ذات عدد فلا يقوم أكثر عددها مقام كلها كالصورة ولأنه مأمور بعدد فلا يخرج عن
العهدة ببعضه إذا الفايت لا بدل له مطلقا وقال أبو حنيفة إذا طاف أربعة أشواط فإن كان بمكة لزمه إتمام الطواف وإن خرج لزمه جبرها بدم لان ما فعل أكثرها وهو خطأ
فإن جزء الشئ يقوم مقام الجميع فإن من أدرك ركوع الامام ركعة لأنه أدرك أكثرها وهو خطأ فإن الفائت هو القراءة والامام ينوب فيها بخلاف صورة النزاع مسألة
ويجب أن يطوف على يساره بأن يجعل البيت عن يساره ويطوف على يمين نفسه فلو نكس وجعل البيت عن يمينه ومر على وجهه نحو الركن اليماني وطاف لم يجزئه ووجب
عليه الإعادة عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله ترك البيت في طوافه على جانبه اليسار وقال عليه السلام خذوا عنى مناسككم فيجب اتباعه وقال أبو حنيفة يعيد الطواف
ما دام بمكة فإن فارقها أجزأه دم شاة لأنه اتى بالطواف وإنما ترك هيئة من هيئاته فلا يمنع إجزاؤه كما لو ترك الرمل والفرق ندبية الرمل مسألة ويجب أن يجعل البيت
على جانبه الأيسر ويطوف كذلك الأشواط السبعة فلو استقبل البيت بوجهه وطاف معترضا لم يصح وهو أحد وجهي الشافعية لأنه لم يول الكعبة شقه الأيسر كما أن المصلى
لما أمر بأن يولى الكعبة صدره ووجهه لم يجز له أن يوليها شقه والوجه الثاني للشافعية الجواز لحصول الطواف في يسار البيت وكذا يجرى الخلاف فيما لو لاقاها بشقه الأيمن
ومر القهقرى نحو الباب أو استدبر ومر معترضا ومن صحح الطواف فالمعتبر عنده أن يكون تحرك الطايف ودورانه في يسار البيت مسألة ويجب أن يكون بجميع بدنه خارجا
361

من البيت فلا يجوز أن يمشى على شاذروان البيت لأنه من البيت والطواف المأمور به هو الطواف بالبيت قال الله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق وإنما يكون طايفا به لو كان
خارجا عنه وإلا كان طائفا فيه ويجب أن يدخل الحجر في طوافه وهو الذي بين الركنين الشاميين وهو موضع محوط بجدار قصير بينه وبين كل واحد من الركنين فتحه
والميزاب منصوب عليه فلو مشى على حايط أو دخل من إحدى الفتحتين وخرج من الأخرى وسلك الحجر لم يجزء لأنه يكون ماشيا في البيت بل يجب أن يطوف حول الحجر وهو أحد
قولي الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله كذا طاف ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر الأسود وكتب إبراهيم بن سنان إلى الرضا عليه السلام
امرأة طاف طواف الحج فلما كانت في الشوط الرابع اختصرت فطافت في الحجر وصلت ركعتي الفريضة وسعت وطافت طواف النساء ثم أتت منى فكتب تعيد والقول الثاني
للشافعي إن الذي هو من البيت من الحجر قدر ستة أذرع يتصل بالبيت لان عايشة قالت نذرت ان أصلى ركعتين في البيت فقال النبي صلى الله عليه وآله صلى في الحجر فإن ستة أذرع منه
من البيت ومنهم من يقول ستة أو سبعة أذرع بنوا الامر فيه على التقريب وقال أبو حنيفة إذا سلك الحجر أجزأه وليس بجيد ولو دخل إحدى الفتحتين وخرج من الأخرى لم يحتسب له وبه قال
الشافعي في أحد قوليه ولا طوافه بعده حتى ينتهى إلى الفتحة التي دخل منها ولو خلف القدر الذي هو من البيت ثم اقتحم الجدار وتخطى الحجر ففي صحة طوافه للشافعية وجهان وعندنا
لا يصح كما تقدم مسألة لو كان يطوف ويمس الجدار بيده في موازاة الشاذروان أدخل يده في موازاة ما هو من البيت من الحجر فالأقرب عدم الصحة وهو أحد وجهي الشافعية
لان بعض بدنة في البيت ونحن شرطنا خروج بدنه بأسره من البيت والثاني للشافعية الجواز لان معظم بدنه في البيت كما لو كان يضع إحدى رجليه على الشاذروان ويقف بالأخرى
مسألة ويجب أن يكون الطواف داخل المسجد فلا يجوز الطواف خارج المسجد كما يجب أن لا يكون خارج مكة والحرم إذا عرفت هذا فإنه يجب عندنا أن يكون الطواف بين
البيت والمقام ويدخل الحجر في طوافه فلو طاف في المسجد خلف المقام لم يصح طوافه لأنه خرج بالتباعد عن القدر الواجب فلم يكن مجزيا روى محمد بن مسلم قال سألته عن حد الطواف
بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طايفا بالبيت قال كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت فكان الحد من موضع المقام
اليوم فمن جازه فليس بطايف في الحد قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت ومن نواحي البيت كلها فمن طاف فتباعد من نواحيه أكثر من مقدار ذلك كان طايفا
بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لأنه طاف في غير حد ولا طواف له وقد روى الصدوق عن أبان عن محمد الحلبي عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الطريق خلف المقام قال ما
أحب ذلك وما أرى به بأسا فلا نفعله إلا أن لا تجد منه بدا وهو يعطى الجواز مع الحاجة كالرخام وقال الشافعي لا بأس بالحايل بين الطايف والبيت كالسقاية والسواري ولا
بكونه في آخر باب المسجد وتحت السقف وعلى الأروقة والسطوح إذا كان البيت أرفع بناء على ما هو اليوم فإن جعل سقف المسجد أعلى لم يجز الطواف على سطحه ويستلزم أنه لو
انهدمت الكعبة والعياذ بالله لم يصح الطواف حول عرصتها وهو بعيد ولو اتسعت خطة المسجد اتسع المطاف وقد جعلته العباسية أوسع مما كان في عهد النبي صلى الله عليه وآله وهذا كله عندنا
باطل مسألة إذا فرغ من طواف سبعة أشواط تامة صلى ركعتي الطواف في مقام إبراهيم حيث هو الآن وهو سنة ثمان عشرة وسبعمائة لان إبراهيم بن أبي محمود قال للرضا عليه السلام
أصلى ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسوا لله قال حيث هو الساعة فإن كان الطواف مستحبا كانت هاتان الركعتان مستحبتين وإن كان الطواف واجبا كانت الركعتان فرضا عند أكثر علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه لقوله تعالى
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ولان النبي صلى الله عليه وآله صلاهما وتلي قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فافهم الناس إن هذه الآية أمر بهذه الصلاة والامر للوجوب ولأنه عليه السلام فعلهما وقال
خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح إذا فرغت من طوافك فائت مقام إبراهيم عليه السلام فصل ركعتين واجعله أمامك واقرء فيهما سورة التوحيد قل
هو الله أحد وفى الثانية قل يا أيها الكافرون ثم تشهد واحمد الله وأثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله وسله أن يتقبل منك وهاتان الركعتان هما الفريضة ليس يكره أن تصليهما أي
الساعات شئت عند طلوع الشمس وعند غروبها ولا تؤخرها ساعة تطوف وتفرغ فصلهما وقال مالك والشافعي في القول الثاني واحمد إنهما مستحبتان وهو قول شاذ
من علمائنا لأنها صلاة لم يشرع لها أذان ولا إقامة فلا تكون واجبة قلنا تكون واجبة ولا يسن لها الاذان وكذا العيد الواجب والكسوف مسألة يجب أن يصلى هاتين الركعتين (عند) في المقام
عند أكثر علمائنا في طواف الفريضة وفى النفل يصليهما حيث كان من المسجد لقول أحدهما عليهما السلام لا ينبغي أن تصلى ركعتي طواف الفريضة إلا عند مقام إبراهيم فأما التطوع
فحيث ما شئت من المسجد وبه قال الثوري ومالك لما تقدم من الآية والأحاديث ولقول الصادق عليه السلام ليس لأحد أن يصلى ركعتي طواف الفريضة إلا خلف المقام لقول الله تعالى
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فإن صليتها في غيره فعليك إعادة الصلاة قال الشيخ في الخلاف يستحب فعلهما خلف المقام فإن لم يفعله وفعل في غيره أجزأه وبه قال الشافعي
لأنها صلاة فلا تختص بمكان كغيرها من الصلوات والقياس لا يعارض القران والسنة إذا عرفت هذا فلو كان هناك زحام صلى خلف المقام فإن لم يتمكن صلى
حياله أو إلى أحد جانبيه لان الحسين بن عثمان قال رأيت أبا الحسن عليه السلام يصلى ركعتي الفريضة بحيال المقام قريبا من الظلال لكثرة الناس وقال الشافعي يستحب أن يصليهما خلف المقام
فإن لم يفعل ففي الحجر فإن لم يفعل ففي المسجد فإن لم يفعل ففي أي موضع شاء من الحرم وغيره والقرآن يبطله ولا يجزى الفريضة عن هاتين الركعتين وقال الشافعي إن قلنا بعدم
وجوبهما فلو صلى فريضة بعد الطواف حسب عن ركعتي الطواف اعتبارا بتحية المسجد ذكره في القديم واستبعده الجويني مسألة قد بينا إن ركعتي طواف المندوب
مندوبتان وللشافعية طريقان أحدهما القطع بعدم الوجوب لان أصل الطواف ليس بواجب فكيف يكون تابعه واجبا والثاني طرد القولين ولا يبعد اشتراك الفرض والنقل
في الشرايط كاشتراك صلاة الفرض والتطوع في الطهارة وستر العورة وكذا يشتركان في الأركان كالركوع والسجود مسألة لو نسى ركعتي طواف الفريضة رجع إلى المقام و
صلاهما فيه مع القدرة فإن شق عليه الرجوع صلى حيث ذكر لان محمد بن مسلم روى في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سئل عن رجل طاف طواف النساء ولم يصل لذلك الطواف
حتى ذكر وهو بالأبطح قال يرجع إلى المقام فيصلى الركعتين وسأل أبو بصير الصادق عليه السلام عن رجل نسى أن يصلى ركعتي طواف الفريضة خلف المقام وقد قال الله تعالى واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى قال فإن كان ارتحل فإني لا أشق عليه ولا آمره أن يرجع ولكن يصلى حيث ذكر ولو صلى في غير المقام ناسيا ثم ذكر تداركه ورجع إلى المقام وأعاد الصلاة لان المأمور
به لم يقع فيبقى في العهدة ولان عبد الله الأبزاري سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسى فصلى ركعتي طواف الفريضة في الحجر قال يعيدهما خلف المقام لان الله تعالى يقول واتخذوا من مقام إبراهيم
مصلى يعنى بذلك ركعتي الفريضة ولو لم يتمكن من الرجوع استناب من يصلى عنه في المقام لان ابن مسكان قال حدثني من سأله عن الرجل ينسى ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج فقال
يوكل وقد اختصت هذه الصلاة عن غيرها من الصلوات بجريان النيابة فيها فإن الأجير يؤديها عن المستأجر مسألة وقت ركعتي الطواف وقت فراغه منه وإن كان أحد الأوقات
المكروهة إن كان الطواف فرضا وإن كان ندبا أخرهما إلى بعد طلوع الشمس أو بعد المغرب لقول الصادق عليه السلام صل ركعتي طواف الفريضة بعد الفجر كان أو بعد العصر وأما
التأخير في النفل فلما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام عن الرجل يدخل مكة بعد الغداة أو بعد العصر قال يطوف ويصلى الركعتين ما لم يكن عند طلوع الشمس
أو عند احمرارها ولو طاف في وقت فريضة قال الشيخ (ره) قدم الفريضة على صلاة الطواف ولو صلى المكتوبة بعد الطواف لم يجزئه عن الركعتين وبه قال الزهري ومالك وأصحاب
362

الرأي لأنها فريضة فلا يجزى غيرها عنها كغيرها من الفرايض المتعددة وطواف النافلة سنة ولا تجزى الفريضة عنه ركعتي الفجر وروى عن ابن عباس وعطا وجابر بن زيد والحسن
وسعيد بن جبير وإسحاق إن الفريضة تجزئه وعن أحمد روايتان لأنهما ركعتان شرعتا للنسك فأجزأت عنها المكتوبة كركعتي الاحرام والجواب النافلة في الاحرام بدل عن الاحرام
عقيب الفريضة بخلاف صورة النزاع مسألة يستحب أن يقرء في الأولى بعد الحمد التوحيد وفى الثانية الجحد وقد روى العكس رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله والخاصة عن الصادق عليه السلام
وأن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول ولو نسى الركعتين حتى مات قضى عنه ولية واجبا إن كان الطواف واجبا وإلا ندبا لقول الصادق من نسى أن يصلى ركعتي طواف
الفريضة حتى يخرج من مكة فعليه أن يقضى أو يقضى عنه وليه أو رجل من المسلمين ولو نسيهما حتى شرع في السعي قطع السعي وعاد إلى المقام فصلى الركعتين ثم عاد فتمم السعي
لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلى الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقل من ذلك
قال ينصرف حتى يصلى الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتم سعيه ويستحب أن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول مسألة يستحب للحاج والمعتمر إذا دخل المسجد للطواف أن
لا يتشاغل بشئ حتى يطوف لقوله تعالى فاستبقوا الخيرات ولان الطواف تحية المسجد فاستحب التبادر إليه وروى جابر إن النبي صلى الله عليه وآله دخل مكة ارتفاع الضحى فأناخ راحلته
عند باب بنى شيبة ودخل إلى المسجد واستلم الحجر وطاف ولو دخل المسجد والامام مشتغل بالفريضة صلى مع المكتوب ولا يشتغل بالطواف فإذا فرغ من الصلاة طاف حينئذ تحصيلا
لفضيلة الجماعة وتقديما للفايت وقته وهو الجماعة دون ما لا يفوت وهو الطواف وكذا لو قربت إقامته والصلاة مسألة ويستحب رفع اليدين عند مشاهدة البيت قال
الشيخ إنه لا يعرفه أصحابنا وأنكر مالك استحبابه وقال الشافعي لا أكرهه ولا أستحبه وقال احمد إنه مستحب وهو مروى عن ابن عباس وابن عمر والثوري وابن المبارك لما رواه العامة
عن المهاجر المكي قال سئل جابر بن عبد الله عن الرجل يرى البيت أيرفع يديه قال ما كنت أظن أن أحدا يفعل هذا إلا اليهود حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن يفعله احتج بما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن افتتاح الصلاة واستقبال البيت وعلى الصفا والمروة وعلى الموقفين والجمرتين وهو محمول على الرفع عند الدعاء مسألة
يستحب أن يقف عند الحجر الأسود ويدعو ويكبر عند محاذاة الحجر ويرفع يديه ويحمد الله ويثنى عليه لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله استقبل الحجر واستلمه وكبر ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله وأثن عليه الحديث ويستحب له أن يستلم الحجر ويقبله إجماعا لما رواه العامة إن عمر بن الخطاب إنكب على الحجر وقال
أما أنى أعلم إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا إني رأيت رسول الله يقبلك لما قبلتك ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله استلموا الركن فإنه يمين الله في
خلقه يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل ويشهد لمن استلمه بالموافاة إذا عرفت هذا فإن لم يتمكن من الاستلام استلمه بيده وقبل يده فإن لم يتمكن من ذلك
أشار إليه بيده وبه قال الشافعي لقول الصادق (ع) فإن وجدته خاليا وإلا فاستلم من بعيد وسئل الرضا (ع) عن الحجر الأسود أيقاتل عليه الناس إذا كثر وقال إذا كان كذلك فادم بيدك
وليس الاستلام واجبا لأصالة البراءة ولان معاوية بن عمار سأل الصادق (ع) في الصحيح عن رجل حج فلم يستلم الحجر ولم يدخل الكعبة قال هو من السنة فإن لم يقدر فالله أولي بالعذر
ومقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع ولو قطعت من المرفق استلم بشماله لقول علي عليه السلام وقد سئل عن الاقطع كيف يستلم يستلم الحجر من حيث القطع فإن كانت مقطوعة
من المرفق استلم الحجر بشماله مسألة ويستحب أن يستلم الركن اليماني ويقبله فإن لم يتمكن استلمه بيده وقبل يده وبه قال احمد لما رواه العامة عن ابن عباس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا استلم الركن قبله ووضع خده الأيمن عليه وقال أبو عمر إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم عن أبيه قال كان رسول الله لا يستلم الركن إلا الركن الأسود واليماني ويقبلهما ويضع
خده عليهما وقال الشافعي يستحب أن يستلمه بيده ويقبل يده ولا يقبله وقال أبو حنيفة لا يستلمه وقال مالك يستلمه ولا يقبل يده وإنما يضعها على فيه قال ابن عبد البر أجمع أهل
العلم على استلام الركنين وإنما اختلفوا في التقبيل فتركه قوم بينما وخص قوم الحجر به إذا عرفت هذا فإنه يستحب استلام الأركان كلها وأكدها ركن الحجر
واليماني ذهب إليه علماؤنا وبه قال ابن عباس وجابر وبن الزبير لما رواه العامة إنه لما قدم معاوية مكة وابن عباس بها فاستلم ابن عباس الأركان كلها فقال
معوية ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يستلم إلا الركنين اليمانيين فقال ابن عباس ليس من البيت شئ مهجورة ومن طريق الخاصة ما رواه إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا (ع) استلم
اليماني والشامي والغربي قال نعم ولأنهما ركنان فاستحب استلامهما كاليمانيين وأنكر الفقهاء الأربعة ذلك لقول ابن عمر إن رسول الله كان يستلم الركن اليماني والأسود في كل طوفة
ولا يستلم الركنين الذين يليان الحجر قال ابن عمر ما أراه يستلم الركنين الذين يليان الحجر إلا لان البيت لم يتم على قواعد إبراهيم عليه السلام والجواب رواية الاثبات مقدمة ويحتمل إنه كان يقف
عند اليمانين أكثر تنبيه في الاستلام لغتان الهمز وعدمه فعلى الثاني قال السيد المرتضى إنه افتعال من السلام وهي الحجارة فإذا مس الحجر بيده ومسحها قيل استلم
أي مس السلام بيده وقيل إنه مأخوذ من السلام أي إنه يحيى نفسه عند الحجر إذ ليس الحجر ممن يحييه وهذا كما يقال اختدم إذا لم يكن له خادم سوى نفسه وحكى تغلب الهمز وفسره بأنه اتخذه
جنة وسلاحا من اللامة وهي الدرع وهو حسن مسألة يستحب الاستلام في كل شوط لان النبي صلى الله عليه وآله كان يستلم الركن اليماني والأسود في كل طوفة ويستحب الدعاء عند الطواف بالمنقول
والوقوف عند اليماني والدعاء عنده ويستحب له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع ويبسط يديه على حايط ويلصق به بطنه وخده ويدعو بالمأثور ويعترف بذنوبه قال الصادق عليه السلام
ثم أقر لربك بما عملت من الذنوب فإنه ليس عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان إلا غفر له ولو نسى الاستلام حتى جاز موعضه في مؤخر الكعبة مقابل الباب دون الركن اليماني
بقليل فلا إعادة عليه ولو ترك الاستلام لم يكن عليه شئ وبه قال عامة الفقهاء لأنه مستحب فلا يتعقب بتركه جبايته وحكى عن الحسن البصري والثوري و عبد الملك بن الماجشون
إن عليه دما لقول النبي صلى الله عليه وآله من ترك نسكا فعليه دم وليس حجة لأنه مخصوص بالواجب قال الشيخ في المبسوط قد روى أنه يستحب الاضطباع وهو أن يدخل إزاره تحت منكبه
الأيمن ويجعله على منكبه الأيسر وهو مأخوذ من الضبع وهو عضد الانسان وأصله التاء قلبوها طاء لان التاء متى وقعت بعد صاد أو ضاد وطاء ساكنة قلبت طاء إذا عرفت هذا
فأكثر العلماء على استحبابه لقول ابن عباس لما دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على قريش فاجتمعت نحو الحجر اضطبع رسول الله صلى الله عليه وآله قال الشافعي ويبقى مضطبعا حتى يتم السعي بين الصفا والمروة وتركه
عند الصلاة للطواف وقال احمد لا يضطبع في السعي وقال مالك إنه ليس بمستحب قال ولم أسمع أحدا من أهل العلم ببلدنا يذكر أن الاضطباع سنة مسألة يستحب له أن يقصد
في مشيه بأن يمشى مستويا بين السرعة والبطؤ قاله الشيخ (ره) في بعض كتبه وقال في المبسوط يستحب أن يرمل ثلاثا ويمشى أربعا في طواف القدوم خاصة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله
واتفقت العامة على استحباب الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى والمشي في الأربعة في طواف القدوم لما رواه الصادق عليه السلام عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله رمل ثلاثا ومشى أربعا
والسبب فيه قول ابن عباس قدم رسول الله مكة فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم تنهكهم الحمى ولقوا منها شرا فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن يرملوا الأشواط الثلاثة وإن يمشوا بين
الركنين فلما رأوهم قالوا ما نراهم إلا كالغزلان ولو ترك الرمل لم يكن عليه شئ لأنه مستحب وهو قول عامة الفقهاء وقال الحسن البصري إن عليه دما وهو المحكي عن الثوري وعبد
الملك بن الماجشون لقوله عليه السلام من ترك نسكا فعليه دم وجوابه المراد من النسك الواجب ويعارضه ما رواه العامة عن ابن عباس إنه قال ليس على من ترك الرمل شئ ومن طريق الخاصة
رواية سعيد الأعرج إنه سأل الصادق عليه السلام عن المسرع والمبطئ في الطواف فقال كل واسع ما لم يرد أحدا ولو تركه في الثلاثة الأول لم يقض في الأربع الباقية لأنها هيئته في الأول
363

فإذا فات موضعها سقطت ولزم سقوط هيئة البواقي وإذا قلنا باستحباب الرمل في الثلاثة الأول استحب من الحجر إليه وهو قول أكثر العلماء لما رواه العامة أن النبي صلى الله عليه وآله
رمل من الحجر إلى الحجر وقال طاوس وعطاء والحسن وسعيد بن جبير يمشى ما بين الركنين لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بأن يرملوا الأشواط الثلاثة ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون
جلدهم لما وهنتهم الحمى حتى قال المشركون هؤلاء أجلد منا ولو ترك الرمل في أول شوط رمل في الاثنين وإن تركه في الاثنين رمل في الثالث خاصة ولو تركه في طواف القدوم لم يستحب قضاؤه
في طواف الحج لان النبي صلى الله عليه وآله إنما رمل في طواف القدوم خلافا لبعض العامة ليس على أهل مكة رمل وقاله ابن عباس وابن عمر لأنه شرع في الأصل لاظهار
الجلد والقوة لأهل البلد ولا يستحب للنساء الرمل ولا الاضطباع ويرمل الحامل للمريض والصبي والراكب يحث دابته وللشافعي قول اخر في أن الحامل للمريض لا يرمل به مسألة
يستحب التداني من البيت في الطواف لأنه المقصود والدنو منه أولي ولو كان بالقرب زحام لا يمكنه أن يرمل فيه فإن كان يعلم أنه إن وقف وجد فرجة وقف فإذا وجد فرجة
رمل وإن كان يعلم أنه لا يجد فرجة لكثرة الزحام وعلم أنه إن خرج إلى حاشية الناس يمكن الرمل خرج ورمل وكان أفضل من التداني وإن لم يتمكن من الخروج طاف من غير رمل ولو
تباعد حتى طاف بالسقاية وزمزم لم يجز خلافا للشافعي لان رسول الله صلى الله عليه وآله كذا فعل وقال خذوا عنى مناسككم مسألة يستحب أن يطوف ماشيا مع القدرة ولو ركب معها
أجزأه ولا يلزمه دم وبه قال الشافعي لان جابرا قال طاف رسول الله في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف عليهم ليسألوه فإن الناس غشوه وقال
مالك وأبو حنيفة واحمد إن طاف راكبا لعذر فلا شئ عليه وإن كان لغير عذر فعليه دم لأنها عبادة واجبة تتعلق بالبيت فلا يجوز فعلها لغير عذر راكبا كالصلاة والفرق
إن الصلاة لا تصح راكبا وهنا تصح مسألة يستحب طواف ثلاثمائة وستين طوافا فإن لم يتمكن فثلاثمائة وستين شوطا ويلحق الزيادة بالطواف الأخير بأن يطوف أسبوعا
ثم يصلى ركعتين وهكذا ويجوز القران في النوافل على ما يأتي فيؤخر الصلاة فيها إلى حين الفراغ وإن لم يستطع طاف ما يمكن منه قال الصادق عليه السلام يستحب أن تطوف
ثلاثمائة وستين أسبوعا عدد أيام السنة فإن لم تستطع فثلاث مائة وستين شوطا فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف البحث الثالث في الاحكام مسألة
قد بينا وجوب الطهارة من الحدث والخبث في الثوب والبدن ووجوب الستر فلو طاف جنبا أو محدثا أو عاريا أو طافت المرأة حايضا أو نفساء أو طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة
عالما أو ناسيا في طواف الفريضة لم يعتد بذلك الطواف وكذا لو كان يطافي مطافه النجاسات المتعدية إلى بدنه أو ثوبه ولو أحدث في خلال الطواف فإن كان بعد طواف أربعة أشواط
تطهر وأتم طوافه وإن كان قبل ذلك تطهر واستأنف الطواف من أوله لقول أحدهما عليهما السلام في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه قال يخرج ويتوضأ
فإن كان جاز النصف بنى على طوافه وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف ولم يفصل العامة ذلك بل قالوا إن تعمد الحدث فللشافعي قولان أحدهما أنه يستأنف كالصلاة
وأصحهما البناء ويحتمل فيه ما لا يحتمل في الصلاة كالفعل الكثير والكلام وإن سبقه الحدث فإن قلنا يبنى في العمد فهنا أولى وإن قلنا يستأنف فقولان أصحهما البناء
هذا إذا لم يطل الفصل وإن طال بنى ولو كان الطواف نفلا لم يجب عليه الاستيناف ولا إتمامه بطهارة ولو ذكر إنه طاف محدثا فإن كان طواف فريضة استأنف الطواف والصلاة
إن كان قد صلى بحدثه ولو كان الطواف نفلا وصلى أعاد الصلاة خاصة بعد الطهارة لرواية حريز في الصحيح عن الصادق (ع) في رجل طاف تطوعا وصلى ركعتين وهو على غير وضوء
فقال يعيد الركعتين ولا يعيد الطواف ولو شك في الطهارة فإن كان في أثناء الطواف تطهر واستأنف لأنه شك في العبادة قبل فراغها فيعيد كالصلاة ولو شك بعد الفراغ لم يستأنف
مسألة لو طاف ستة أشواط ناسيا وانصرف ثم ذكر فليضف إليها شوطا آخر ولا شئ عليه وإن لم يذكر حتى يرجع إلى أهله أمر من يطوف عنه وقال أبو حنيفة يجبره بدم
لنا أصالة البراءة من الدم وبقاء عهدة التكليف في الشوط المنسى إلى أن يلقى به ولرواية الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في
الحجر قال يعيد ذلك الشوط وسأل سليمان بن خالد الصادق (ع) عمن فاته شوط واحد حتى أتى أهله قال يأمر من يطوف عنه ولو ذكر أنه طاف أقل من سبعة أشواط وهو في السعي قطع السعي
وتمم الطواف ثم رجع فتمم السعي لان السعي تابع فلا يفعل قبل تحقق متبوعه وإنما يتحقق بأجزائه ولان إسحاق بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف بين
الصفا والمروة فبينا هو يطوف إذ ذكر أنه قد نقص من طوافه بالبيت قال يرجع إلى البيت فيتم طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيتم ما بقى مسألة لو قطع طوافه بدخول
البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة فإن كان قد جاوز النصف بنى وإن لم يكن جاوزه أعاد وإن كان طواف نافلة بنى عليه مطلقا لأنه مع تجاوز النصف يكون قد فعل
الأكثر فيبنى عليه كالجميع ولرواية الحلبي في الصحيح قال سألت الصادق عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت خلوة فدخله كيف يصنع قال يعيد طوافه وخالف السنة
وعن أبي الفرج قال طفت مع الصادق عليه السلام خمسة أشواط ثم قلت إني أريد أن أعود مريضا فقال إحفظ مكانك ثم اذهب بعده ثم ارجع فأتم طوافك ولان الصادق عليه السلام أمر أبان بن تغلب فقال
إقطع طوافك وانطلق معه في حاجته فقلت وإن كان فريضة قال نعم وإن كان فريضة وفى حديث آخر جواز القعود والاستراحة ثم يبنى ولو دخل عليه وقت فريضة قطع الطواف وصلى الفريضة
ثم عاد فتم طوافه من حيث قطع وهو قول العامة إلا مالكا فإنه قال يمضى في طوافه إلا أن يخاف فوات الفريضة وهو باطل لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا أقيمت الصلاة
فلا صلاة إلا المكتوبة والطواف صلاة ولان وقت الحاضرة أضيق من وقت الطواف فكانت أولي ولان عبد الله بن سنان سأل الصادق عليه السلام عن رجل كان في طواف النساء وأقيمت الصلاة
قال يصلى يعنى الفريضة فإذا فرغ بنى من حيث قطع إذا عرفت هذا فإنه يبنى بعد فراغه من الفريضة ويتم طوافه وهو قول العلماء إلا الحسن البصري فإنه قال يستأنف و
الأصل خلافه وكذا البحث في صلاة الجنازة فإنها تقدم وهل يبنى من حيث قطع أو من الحجر دلالة ظاهر الحديث على الأول ولو خاف فوات الوتر قطع الطواف وأوتر ثم بنى على ما مضى
من طوافه لأنه نافلة متعلقة بوقت فتكون أولي من فعل ما لا يفوت وقته ولقول الكاظم عليه السلام في الصحيح ابدء بالوتر واقطع الطواف مسألة لو حاضت المرأة وقد طافت
أربعة أشواط قطعت الطواف وسعت فإذا فرغت من المناسك أتممت الطواف بعد ظهرها ولو كان دون أربعة أبطلت الطواف وانتظرت عرفة فإن ظهرت وتمكنت من باقي أفعال العمرة
والخروج إلى الموقف فعلت وإلا صارت حجتها مفردة لان الصادق عليه السلام سئل عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت قال تتم طوافها وليس عليها غيره ومتعتها تامة ولها
أن تطوف بين الصفا والمروة لأنها زادت على النصف وقد قضت متعتها ولتستأنف بعد الحج وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج فإن أقام بها جمالها بعد الحج لتخرج إلى الجعرانة
أو إلى التنعيم فلتعتمر مسألة الطواف ركن من تركه عامدا بطل حجه ولو تركه ناسيا قضاه ولو بعد المناسك فإن تعذر العود استناب فيه روى علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه
الكاظم عليه السلام قال سألته عن رجل نسى طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع قال يبعث بهدى إن كان تركه في حج بعثه في حج وإن تركه في عمرة بعثه في عمرة وكل
من يطوف عنه ما ترك من طوافه قال الشيخ (ره) هذا محمول على طواف النساء لان من ترك طواف النساء ناسيا جاز له أن يستنيب غيره مقامه في طوافه ولا يجوز له ذلك في طواف
الحج بل يجب عليه إعادة الحج وبدنة لما رواه علي بن جعفر في الصحيح إنه سأل الكاظم عليه السلام عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة قال إن كان على وجه جهالة في الحج أعاد و
عليه بدنة واستدل الشيخ على الجميع برواية معاوية بن عمار قال قلت للصادق عليه السلام رجل نسى طواف النساء حتى دخل أهله قال لا يحل له النساء حتى يزور البيت وقال يأمر أن يقضى عنه إن لم
364

يحج فإن توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه مسألة لو شك في عدد الطواف فإن كان بعد فراغه لم يلتفت وإن كان في أثنائه فإن كان شكه في الزيادة قطع ولا شئ
عليه وإن كان في النقصان مثل أن يشك بين الستة والسبعة أو الخمسة والستة فإن كان طواف الفريضة أعاده من أوله لان الزيادة والنقصان محظوران ولرواية معاوية بن عمار
في الصحيح عن الصادق عليه السلام في رجل لم يدر ستة طاف أم سبعة قال يستقبل وسأل حنان بن سدير الصادق عليه السلام في رجل طاف فأوهم فقال طفت أربعة فقال ثلاثة
فقال الصادق عليه السلام أي الطوافين طواف نافلة أو طواف فريضة ثم قال إن كان طواف فريضة فليلق ما في يده واستأنف وإن كان طواف نافلة واستيقن الثلاث وهو في شك
من الرابع إنه طاف فليبن على الثالث فإنه يجوز له ويجوز البناء على الأكثر في النافلة لما رواه رفاعة عن الصادق عليه السلام إنه قال في رجل لا يدرى ثلاثة طاف أو أربعة قال طواف نافلة أو فريضة
قال أجنبي فيهما قال إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف ويجوز التعويل على غيره في عدد الطواف كالصلاة لان سعيد الأعرج سأل الصادق عليه السلام
عن الطواف أيكتفى الرجل بإحصاء صاحبه قال نعم مسألة لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة فلو طاف ثمانية أعاد ولو كان سهوا استحب له أن يتمم أربعة
عشر شوطا لأنها فريضة ذات عدد فتبطلها الزيادة مع العمد كالصلاة ولقول الصادق عليه السلام وقد سأله أبو بصير عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط في المفروض قال يعيد حتى
يستتمه وفى الصحيح عن الصادق عليه السلام قال من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ثم ليصل ركعتين وفى الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته رجل
طاف طواف الفريضة ثمانية قال يضيف إليها ستة إذا عرفت هذا فإذا كمل أربعة عشر شوطا صلى ركعتي طواف الفريضة وسعى ثم عاد إلى المقام وصلى ركعتي النفل
ولو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن أنه قد طاف سبعا فليقطع الطواف ولا شئ عليه لأنه أتى بالواجب وإن لم يذكر حتى يجوزه تتم أربعة عشر شوطا لان أبا كهمس سأل الصادق عليه السلام
عن رجل نسى فطاف ثمانية أشواط قال إن كان ذكر قبل أن يأتي الركن فليقطعه وقد أجزء عنه وإن لم يذكر حتى يبلغه فليتم أربعة عشر شوطا وليصل أربع ركعات مسألة لا يجوز القران في
طواف الفريضة عند أكثر علمائنا وكرهه ابن عمر والحسن البصري والزهري ومالك وأبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله لم يفعله فلا يجوز فعله لقوله عليه السلام خذوا عنى مناسككم ولأنها فريضة ذات
عدد فلا تجوز الزيادة عليه كالصلاة ولان الكاظم عليه السلام سئل عن رجل يطوف يقرن بين سبوعين فقال لا يقرن بين سبوعين كلما طفت سبوعا فصل ركعتين وقال عطا وطاوس
وسعيد بن جبير واحمد وإسحاق لا بأس به لان عايشة فعلته ولا حجته فيه ويحتمل أن يكون قد فعلته في الندب إذا عرفت هذا فيجوز القران بين الطوافين في النافلة لقول الصادق عليه السلام
إنما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين والطوافين في الفريضة فأما في النافلة فلا وإذا جمع بين طوافين استحب أن ينصرف على وتر فلا ينصرف على سبوعين ولا على أربعة ولا
على ستة وهكذا بل على خمسة أو ثلاثة لان الباقر عليه السلام كان يكره أن ينصرف في الطواف إلا على وتر من طوافه مسألة لو شك هل طاف سبعة أو ثمانية قطع ولا شئ عليه لأنه تيقن حصول السبع
ولان الحلبي سأل الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر سبعة طاف أو ثمانية فقال أما السبع فقد استيقن وإنما وقع وهمه على الثامن فليصل ركعتين
ولو شك فلم يدر ستة طاف أو سبعة أو ثمانية فإن كان طواف الفريضة أعاد لأنه لم يتقن حصول السبعة وطاف أقل من سبعة ناسيا عاد وتمم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط
وإن كان قد طاف دونها أعاد من أوله ولو لم يذكر حتى رجع إلى أهله أمر من يطوف عنه سبعة أشواط إن كان قد طاف أقل من أربعة وإن كان قد طاف أربعة تممه وكذا لو أحدث
في طواف الفريضة فإن كان قد جاوز النصف تطهر وبنى وإن لم يبلغه استأنف ولو طاف وعلى ثوبه بخاصة عامدا أعاد ولو كان ناسيا وذكر في أثناء الطواف قطعه وأزال النجاسة و
نزع الثوب وتمم طوافه ولو لم يذكر حتى فرغ منه نزع الثوب أو غسله وصلى الركعتين لان يونس بن يعقوب
سأل الصادق عليه السلام عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف قال ينظر الموضع
الذي يرى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله ثم يعود فيتم طوافه تذنيب ولو تحلل من إحرام العمرة ثم أحرم بالحج وطاف وسعى له ثم ذكر إنه طاف محدثا أحد الطوافين ولم يعلم هل
هو طواف عمرة التمتع أو طواف الحج قيل يطوف للحج ويسعى ثم يعتمر بعد ذلك عمرة مفردة ويصير حجه مفردة لاحتمال أن يكون في طواف العمرة فيبطل وقد فات وقتها وإن يكون للحج فيعيد فلهذا
أوجبنا عليه إعادة طواف الحج وسعيه والاتيان بعمرة مفردة بعد الحج لبطلان متعته قاله بعض العامة والوجه أنه يعيد الطوافين لأن العمرة لا تبطل بفوات الطواف
مسألة المريض لا يسقط عنه الطواف فإن تمكن من الطواف بطهارة طيف به إذا لم يتمكن من المشي أو الركوب وإن لم يتمكن انتظر به يوم أو يومان وأزيد مع السعة فإن برء طاف
بنفسه وإلا طيف عنه لان الصادق عليه السلام طيف به في محمل وهو شديد المرض وسأل إسحاق بن عمار في الصحيح الكاظم عليه السلام عن المريض يطاف عنه بالكعبة قال لا ولكن يطاف به وفى الصحيح
عن الصادق عليه السلام قال المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف به ولقول الصادق عليه والسلام في الصحيح المبطون والكبير يطاف عنهما ويرمى عنهما وهذا محمول على أن الكبير
لا يستمسك الطهارة ولو كان يستمسك طيف به لقول الصادق عليه السلام في الصحيح الكبير يحمل فيطاف به والمبطون يرمى عنه ويطاف عنه ولو مرض في الأثناء فإن تمكن من الاتمام
أتمه وإلا انتظر إلى البرء ثم يتمه إن كان قد تجاوز النصف وإلا استأنف هذا مع سعة الوقت فإن ضاق طيف به مسألة لو حمل محرم محرما وطاف به ونوى كل واحد
منهما الطواف أجزأ عنهما وبه قال أبو حنيفة لحصول الطواف من كل واحد منهما ولان حفص بن البختري سأل الصادق عليه السلام في المرأة تطوف بالصبى وسعى به هل يجزى ذلك عنها
وعن الصبى فقال نعم وللشافعي قولان أحدهما انه يجزى عن المحمول والثاني إنه يجزى عن الحامل دون المحمول لأنه فعل واحد فإذا وقع عن الحامل لم يقع عن المحمول لان الفعل الواحد
لا يقع عن اثنين ونمنع إتحاد الفعل لان اختلاف النسب وتغاير الأمكنة ثابت في حق كل واحد منهما لكن لأحدهما بالذات وليس شرطا لأنه وافقنا على جواز الركوب وينتقض
بالواقف بعرفه إذا حمل غيره فإنه وافقنا على تجويزه مسألة يجوز الكلام بالمباح في الطواف إجماعا لما رواه العامة من قوله عليه السلام الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون
فيه ومن طريق الخاصة رواية علي بن يقطين في الصحيح عن الرضا عليه السلام قال سألته عن الكلام في الطواف وإنشاد الشعر والضحك في الفريضة أو غير الفريضة أيستقيم ذلك قال لا
بأس به ويستحب قراءة القرآن في الطواف ولا يكره عند علمائنا وبه قال عطا ومجاهد والثوري وابن المبارك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لما رواه العامة إن عايشة
روت إن النبي صلى عليه واله كان يقول في طوافه ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وهو من القرآن ومن طريق الخاصة قول الجواد عليه السلام
وطواف الفريضة لا ينبغي أن تتكلم فيه إلا بالدعاء وذكر الله وقراءة القرآن وقال ملك إنهما مكروهة وهو مروى عن عروة والحسن وعن أحمد روايتان ويستحب الدعاء في
أثناء الطواف والاكثار من ذكر الله تعالى ويجوز له الشرب في الطواف لما رواه العامة أن النبي صلى الله عليه وآله شرب في الطواف ومن طريق الخاصة رواية يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام هل نشرب ونحن في الطواف
قال نعم تذنيب قال الشيخ في الخلاف الأفضل أن يقال طواف وطوافان وثلاثة أطواف وإن قال شوطا وشوطين وثلاثة أشواط جاز وقال الشافعي أكره ذكر الشوط و
به قال مجاهد مسألة لا يجوز الطواف وعلى الطايف برطلة في طواف العمرة لاشتماله على تغطية الرأس وهو محرم أما في طواف الحج فإنه مكروه لقول الصادق عليه السلام لزيد بن خليفة لا تطوفن بالبيت وعليك
برطلة وقال الصادق عليه السلام لزيد بن خلفة قد رأيتك تطوف حول الكعبة وعليك برطله لا تلبسها حول الكعبة فإنها من زي اليهود والشيخ أطلق المنع والتفضيل الذي ذكرناه أجود مسألة من نذر أن يطوف على أربع
قال الشيخ (ره) يجب عليه طوافان أسبوع ليديه وأسبوع لرجليه لقول الصادق عليه السلام قال أمير المؤمنين عليه السلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع قال تطوف أسبوعا
ليديها وأسبوعا لرجليها وفى الطريق ضعف وقال ابن إدريس يبطل النذر لأنه غير مشروع فلا ينعقد وهو حسن مسألة طواف الحج ركن فيه وهو واجب بالاجماع
365

قال الله تعالى وليطوفوا قال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن هذه الآية فيه وما رواه العامة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال عن صفية لما حاضت لما ستناهي قالوا يا رسول الله
إنها قد أفاضت يوم النحر قال أخرجوا فدل على وجوب الطواف وإنه حابس لمن لم يأت به ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان
بين الصفا والمروة ولأنه أحد النسكين فكان الطواف فيه ركنا كالعمرة إذا عرفت هذا فإن أخل به عامدا بطل حجه وإن أخل به ناسيا وجب عليه أن يعود ويقضيه فإن لم يتمكن
استناب فيه وقال الشافعي إن كان قد طاف طواف الوداع أجزأ عنه وإلا وجب عليه الرجوع ولا تحل له النساء حتى يطوفه وإن طال زمانه وخرج وقته إذا ثبت هذا
فلو نسى طواف النساء لم تحل له النساء حتى يزور البيت ويأتي به ويجوز له أن يستنيب فيه لما رواه معاوية بن عمار في الحسن عن الصادق عليه السلام قال قلت له رجل نسى طواف النساء حتى
دخل أهله قال لا تحل النساء حتى يزور البيت وقال يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج فإن توفى قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره الفصل الرابع في السعي والتقصير
وفيه مباحث الأول في مقدماته وهي عشرة كلها مندوبة الأول الطهارة وهي مستحبة في السعي غير واجبة عند علمائنا وهو قول عامة العلماء للأصل ولما رواه
العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال لعايشة حين حاضت اقضى ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت وعن عايشة وأم سلمة قالتا إذا طافت المرأة بالبيت وصلت ركعتين ثم
حاضت فلتطف بالصفا والمروة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام في الصحيح لا بأس أن تقضى المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف فإنه فيه صلاة والوضوء أفضل
الثاني استلام الحجر الأسود قبل السعي إذا صلى ركعتي الطواف إجماعا لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام فإذا فرغت
من الركعتين فائت الحجر الأسود فقبله واستلمه وأشر إليه فإنه لابد من ذلك الثالث الشرب من ماء زمزم وصب الماء على الجسد من الدلو القابل للحجر الأسود والدعاء
لقول الصادق عليه السلام في الصحيح إذا فرغ الرجل من طوافه وصلى ركعتين فليأت زمزم فيستقى منه ذنوبا أو ذنوبين فليشرب منه وليصب على رأسه وظهره وبطنه و
يقول حين يشرب اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء وسقم ثم يعود إلى الحجر الأسود وعن الصادق والكاظم عليهما السلام في الصحيح وليكن ذلك من الدلو
الذي بحذاء الحجر الرابع الخروج إلى الصفا من الباب القابل للحجر الأسود بالسكينة والوقار ولا نعلم فيه خلافا روى الشيخ في الصحيح عن الصادق عليه السلام ثم أخرج إلى الصفا من الباب
الذي خرج منه رسول الله صلى الله عليه وآله وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي وعليك السكينة والوقار الخامس الصعود على الصفا إجماعا
إلا من شذ ذهب إلى وجوبه فإنه لا يصح السعي حتى يصعد إلى الصفا والمروة بقدر ما يستوفى السعي بينهما
لأنه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلا بذلك فيجب كوجوب غسل جزء من الرأس
وصيام جزء من الليل وهو خطأ لأنه يمكنه الاستيفاء بأن يجعل عقبه ملاصقا للصفا وأصابع رجليه ملاصقه للمروة وبالعكس في الرجوع واستحبابه لقول الصادق عليه السلام
في الصحيح تصعد الصفا حتى تنظر إلى البيت ويستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود واحمد الله وأثن عليه الحديث السادس حمد الله على الصفا والثناء عليه واستقبال الكعبة ورفع
يديه والدعاء وإطالة الوقوف على الصفا لقول الصادق عليه السلام في الصحيح واحمد الله وأثن واذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك الحديث قال الصادق عليه السلام
وإن رسول الله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرء سورة البقرة مترسلا وعن علي بن النعمان رفعه قال كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثم يرفع يديه
ثم يقول وذكر الدعاء وقال الصادق عليه السلام إذا أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا ولو لم يتمكن من إطالة الوقوف والدعاء بالمنقول دعا بما تيسر قال
بعض أصحابنا كنت في قفاء الكاظم عليه السلام على الصفا وعلى المروة وهو لا يزيد على حرفين اللهم إني أسئلك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية في التوكل عليك البحث الثاني
في الكيفية مسألة يجب في السعي النية لأنه عبادة وقد قال الله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولقوله عليه السلام لا عمل إلا بنية وهي شرط فيه يبطل السعي
بالاخلال بها عمدا وسهوا ويجب فيها تعيين الفعل وانه سعى عمرة متمتع بها أو مفردة أو سعى الحج الواجب أو الندب حجة الاسلام أو غيرها والتقرب إلى الله تعالى مسألة
يجب في الترتيب بأن يبدي بالصفا ويختم بالمروة إجماعا إلا من أبي حنيفة لما رواه جعفر الصادق عليه السلام عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله وبدأ بالصفا وقال ابدؤا بما بدأ الله تعالى
به ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال ابدؤا بما بدأ الله به إن الله عز وجل يقول إن الصفا والمروة من شعائر
الله وقال الصادق عليه السلام يبدأ بالصفا ويختم بالمروة مسألة يجب السعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط يحتسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطا وعوده من المروة
إلى الصفا آخر هكذا سبع مرات عند علمائنا أجمع وهو قول عامة العلماء لما رواه العامة عن الصادق عليه السلام عن الباقر عليه السلام عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله ثم نزل إلى المروة حتى إذا نصبت
قدماه رمل في بطن الوادي حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا فلما كان آخر طوافه على المروة قال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت
لم أسق الهدى وجعلتها عمرة وهذا يقتضى إنه أخر طوافه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ طف بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة وقال أبو بكر الصيرفي
من الشافعية يحتسب سعيه من الصفا إلى المروة ومنها إلى الصفا شوطا واحدا مسألة يجب السعي بين الصفا والمروة في المسافة التي بينهما فلا يجوز الاخلال بشئ
منها بل يلصق عقبه بالصفا في الابتداء وأصابع رجليه به في العود وبالعكس في المروة ولا تحل له النساء حتى يكمله ولا يجب الصعود على الصفا ولا المروة خلافا لبعض الشافعية
وقد تقدم لقوله تعالى فلا جناح عليه أن يطوف بهما قال المفسرون أراد بينهما وهو يصدق وإن لم يصعد عليهما ويستحب له أن يسعى ماشيا ويجوز الركوب إجماعا ولما رواه
العامة إن النبي صلى الله عليه وآله طاف راكبا بالبيت وبالصفا والمروة ومن طريق الخاصة رواية الحلبي الحسنة إنه سأل الصادق عليه السلام عن السعي بين الصفا والمروة على الدابة قال نعم وعلى
المحمل وقال معاوية بن عمار سألت الصادق عليه السلام عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة راكبا قال لا بأس والمشي أفضل مسألة يستحب أن يمشى من الصفا إلى المنارة
وأن يهرول ما بين المنارة وزقاق العطارين ثم يمشى من زقاق العطارين إلى المروة ولو كان راكبا حرك دابته في موضع الهرولة إجماعا لما روى العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله سعى
بين الصفا والمروة ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام ثم انحدر ماشيا وعليك السكينة والوقار حتى تأتى المنارة وهي طواف السعي واسع ملئ فروجك وقل بسم الله
الله أكبر وصل الله على محمد واله وقل اللهم اغفر وارحم وأعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم حتى تبلغ المنارة الأخرى وكان المسعى مما أوسع هو اليوم ولكن الناس ضيقوه ثم
امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتى المروة الحديث ولان موضع الرمل من وادى محسر فاستحب قطعه بالهرولة كما يستحب قطع وادى محسر ويستحب الدعاء حالة السعي
ولو ترك الرمل لم يكن عليه شئ إجماعا روى العامة عن ابن عمر قال إن أسع بين الصفا والمروة فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يسعى وإن امش فقد رأيت
رسول الله صلى الله عليه وآله يمشى وأنا شيخ كبير ومن طريق الخاصة قول سعيد الأعرج سألت الصادق عليه السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا و
المروة قال لا شئ عليه وليس على النساء رمل ولا صعود على الصفا والمروة لان ترك ذلك استر ولو نسى الرجل الرمل حتى يجوز موضعه ثم ذكر فليرجع القهقرى إلى المكان الذي
يرمل فيه البحث الثالث في الاحكام مسألة السعي واجب وركن من أركان الحج والعمرة يبطلان بالاخلال به عمدا عند علمائنا أجمع وبه قال عروة ومالك
366

والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي ومن طريق الخاصة رواية الحسن بن علي الصيرفي عن بعض أصحابنا قال سئل
أبو عبد الله عن السعي بين الصفا والمروة فريضة أو سنة فقال فريضة وفى الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام في رجل ترك السعي متعمدا
قال لا حج له وقال احمد في الرواية الأخرى إنه مستحب لا يجب بتركه دم وهو مروى عن ابن الزبير وابن سيرين وقال أبو حنيفة هو واجب وليس بركن إذا تركه وجب عليه دم وهو مذهب الحسن
البصري والثوري لقوله تعالى فلا جناح ورفع الجناح دليل عدم وجوبه وهو غلط إن رفع الجناح لا يستلزم عدم الوجوب ولو ترك السعي ناسيا أعاده لا غير ولا شئ عليه فإن كان
قد خرج من مكة عاد للسعى فإن لم يتمكن أمر من يسعى عنه لان معاوية بن عمار قال سأل الصادق عليه السلام رجل نسى السعي بين الصفا والمروة قال يعيد السعي قلت فإنه خرج
قال يرجع فيعيد السعي إن هذا ليس كرمى الجمار الرمي سنة والسعي بين الصفا والمروة فريضة وسأل زيد الشحام الصادق عليه السلام عن رجل نسى أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع
إلى أهله فقال يطاف عنه مسألة قد سبق وجوب ترتيب السعي بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة فلو عكس فبدأ بالمروة وختم بالصفا أعاد السعي لأنه لم يأت بالمأمور
به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف وما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة إذا عرفت
هذا فلو طاف سبعة أشواط وشك فيما بداء به فإن كان في اخر السابع على الصفا أعاد السعي من أوله لأنه يكون قد بداء من المروة وقالت العامة يسقط الشوط الأول و
يبنى على إنه بدأ من الصفا فيضيف إليه اخر وهو غلط لما بينا من الأخبار الدالة على وجوب البدأة بالصفا والإعادة على من بداء بالمروة وكذا لو تيقن عدد الأشواط فيما
دون السبعة وشك في المبدأ فإن كان في المزدوج على الصفا وصح سعيه لأنه يكون قد بداء به وإن كان على
المروة أعاد وينعكس الحكم مع انعكاس الفرض مسألة لو سعى
أقل من سبعة أشواط ولو خطوة وجب عليه الاتيان بها ولا يحل له ما يحرم على المحرم قبل الاتيان به فإن رجع إلى بلده وجب عليه العود مع المكنة وإتمام السعي لان الموالاة لا تجب فيه
إجماعا ولو لم يذكر حتى واقع أهله أو قصر أو قلم كان عليه دم بقرة وإتمام السعي
لما رواه سعيد بن يسار وقال سألت الصادق عليه السلام رجل متمتع سعى بين الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى إنه قد فرغ منه وقلم أظافيره وأحل ثم ذكر إنه
سعى ستة أشواط فقال لي يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما فقلت دم ماذا قال بقرة قال وإن كان لم يكن حفظ أنه سعى ستة أشواط فليبتدئ
السعي حتى يكمله سبعة أشواط ثم ليرق بقرة ولو لم يحصل عدد الأشواط استأنف السعي مسألة لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط فإن زاد عمدا استأنف السعي وإن كان سهوا
طرح الزيادة واعتد بالسبعة وإن شاء أكمل أربعة عشر شوطا لأنها عبادة ذات عدد فأبطلتها الزيادة عمدا كالصلاة والطواف ولقول الكاظم عليه السلام الطواف المفروض
إذا زدت عليه مثل الصلاة فإذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي ويدل على طرح الزيادة مع السهو قول الكاظم عليه السلام في الصحيح عن رجل سعى بين الصفا والمروة
ثمانية أشواط ما عليه فقال إن كان خطأ طرح واحد واعتد بسبعة وعلى جواز إتمام أربعة عشر شوطا قول أحدهما عليهما السلام في الصحيح وكذلك إذا استيقن إنه سعى ثمانية أضاف إليها
ستة مسألة يجوز أن يجلس الانسان في أثناء السعي للاستراحة وهو قول احمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة إن سودة بنت عبد الله بن عمر امرأة عبد الله بن الزبير سعت
بين الصفا والمروة فقضت طوافها في ثلاثة أيام وكانت صحيحة ومن طريق الخاصة رواية الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السلام قال سألته عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة
يستريح قال نعم إن شاء حبس على الصفا والمروة وبينهما فيجلس وقال احمد في الرواية الأخرى لا يجوز ويجعل الموالاة شرطا في السعي قياسا على الطواف والفرق إن الطواف يتعلق
بالبيت وهو صلاة ويشترط له الطهارة والستر فيشترط له الموالاة كالصلاة بخلاف السعي وكذا يجوز أن يقطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه ثم يعود فيتم ما قطع عليه
لان أبا الحسن سئل عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام قال إن أجابه فلا بأس وعن أحمد روايتان
ولو دخل وقت فريضة وهو في أثناء السعي قطعه وابتدأ بالصلاة فإذا فرغ منها تمم سعيه ولا نعلم فيه خلافا لان معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام في الصحيح الرجل يدخل في السعي بين الصفا
والمروة فيدخل وقت الصلاة أيخفف أو يقطع ويصلى ثم يعود أو يثب كما هو على حاله حتى يفرغ قال لا بل يصلى ثم يعود أوليس عليهما مسجد مسألة إذا طاف جاز له أن يؤخر
السعي إلى بعد ساعة ولا يجوز إلى غد يومه وبه قال عطا واحمد والحسن وسعيد بن جبير لان المولاة إذا لم تجب في نفى السعي فيما بينه وبين الطواف أولي ولان عبد الله بن سنان سأل في
الصحيح الصادق عليه السلام عن الرجل يقدم مكة وقد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة فيؤخر السعي إلى أن يبرد قال لا بأس به وربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل وسأل محمد بن مسلم
في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام عن رجل طاف بالبيت فأعيى أو يؤخر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد قال لا مسألة السعي تبع للطواف لا يصح تقديمه عليه وبه قال مالك
والشافعي وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله سعى بعد طوافه وقال خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة رواية منصور بن حازم في
الصحيح إنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت فقال يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما ولو طاف بعد الطواف ثم مضى
إلى السعي ناسيا فذكر في أثناء السعي نقص الطواف رجع فأتم طوافه ثم عاد إلى السعي فأتم سعيه لان إسحاق بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف به
ثم ذكر إنه قد بقى عليه من طوافه شئ فأمره أن يرجع إلى البيت فيتم ما بقى من طوافه ثم يرجع إلى الصفا فيتم ما بقى فقلت له فإنه طاف بالصفا وترك البيت قال يرجع إلى البيت فيطوف
به ثم يستقبل طواف الصفا فقلت ما فرق بين هذين قال لأنه قد دخل في شئ من الطواف وهذا لم يدخل في شئ منه تذنيب لو سعى بعد طوافه ثم ذكر إنه طاف بغير طهارة
لم يعتد بطوافه ولا بسعيه لأنه تبع له مسألة السعي واجب في الحج والعمرة ولا يجزى السعي في أحدهما عن الاخر عند علمائنا لان كل واحد منهما نسك يشترط فيه الطواف
فيشترط فيه السعي كالآخر ولقول الصادق عليه السلام على المتمتع بالعمرة إلى الحج ثلاثة أطواف بالبيت ويصلى لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة وقال بعض العامة لو سعى القارن والمفرد
بعد طواف القدوم لم يلزمهما بعد ذلك سعى وإن لم يسعيا معه لزمهما السعي مع طواف الزيارة. مسألة. لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي فإن فعله متعمدا أعاد طواف النساء
وإن كان ناسيا فلا شئ عليه لان أحمد بن محمد روى عمن ذكره قال قلت لأبي الحسن عليه السلام جعلت فداك متمتع زار البيت فطاف طواف الحج ثم طاف طواف النساء ثم سعى فقال لا
يكون السعي إلا قبل طواف النساء فقلت عليه شئ فقال لا يكون سعي إلا قبل طواف النساء ولا يجوز للمتمتع أن يقدم طواف الحج وسعيه على المضي إلى
عرفات اختيارا قاله العلماء كافة. روى أبو بصير قال قلت رجل كان متمتعا فأهل بالحج قال لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علة فلا يعتد
بذلك الطواف. إذا عرفت هذا فإن التقديم للضرورة كالشيخ الكبير والمريض وخائفة الحيض جائز لقول الصادق عليه السلام لا بأس أن يعجل الشيخ الكبير
والمريض والمرأة والمعلول (والمملوك خ ل) طواف الحج قبل أن يخرج إلى منى وكذا يجوز تقديم النساء على الموقفين مع العذر لا مع الاختيار لان الحسن بن علي روى عن أبيه عن الكاظم " ع " قال
367

لا بأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل خروجه إلى منى وكذلك لمن خاف أن لا يتهيأ له الانصراف إلى مكة أن يطوف ويودع البيت ثم يمر كما مر من منى
إذا كان خائفا وسيأتي تمام ذلك إن شاء الله تعالى. قال الشيخ ره يجوز للقارن والمفرد تقديم طوافهما وسعيهما على المضي إلى عرفات لضرورة وغيرها لان حماد بن عثمان روى في الصحيح
قال سألت الصادق " ع " عن مفرد الحج أيعجل طوافه أو يؤخر قال هو والله سواء عجله أو أخره وسأل إسحاق بن عمار الكاظم " ع " عن رجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف
قبل أن يخرج عليه شئ قال لا قال الشيخ ويجددان التلبية لو قدما الطواف ليبقيا على إحرامهما ولو لم يجدداها انقلبت الحجة عمرة وأنكر ابن إدريس وكافة العامة ذلك. البحث
الرابع. في التقصير. مسألة. إذا فرغ المتمتع من السعي قصر من شعره وقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد لكونه في الحرم فلو خرج منه كان مباحا له ويحل له
أكل ما ذبح في الحل في الحرم إجماعا روى العامة عن ابن عمر قال تمتع الناس مع رسول الله " ص " بالعمرة (إلى الحج فلما قدم رسول الله " ص " صح) مكة قال للناس من كان معه هدى فإنه لا يحل من شئ أحرم منه حتى يقضي حجته ومن
لم يكن معه هدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ومن طريق الخاصة قول الصادق " ع " في الصحيح إذا فرغت من سعيك وأنت متمتع فقصر من شعرك من جوانبه
ولحيتك وخذ من شاربك وقلم من أظفارك وأبق منها لحجك فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كل شئ يحل منه المحرم وأحرمت منه وطف بالبيت تطوعا ما شئت. مسألة.
التقصير نسك في العمرة فلا يقع الاحلال إلا به أو بالحلق عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي في أحد القولين لما رواه العامة عن النبي " ص " قال رحم الله
المحلقين قيل يا رسول الله والمقصرين فقال رحم الله المحلقين إلى أن قال في الثالثة أو الرابعة رحم الله المقصرين وهو يدل على أنه نسك ومن طريق الخاصة الأحاديث
الدالة على الامر بالتقصير فيكون واجبا وقال الشافعي في الآخر إنه إطلاق محظور بأن كل ما كان محرما في الاحرام فإذا جاز له كان إطلاق محظور ونمنع الكلية ولا يستحب له تأخير
التقصير فإن أخره لم تعلق به كفارة. مسألة. لو أخل بالتقصير عامدا حتى أهل بالحج بطلت عمرته وكانت حجته مفردة ولا يدخل أفعال الحج في أفعال العمرة وبه قال علي
وابن مسعود والشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله وقال الشافعي إذا قرن فدخل أفعال العمرة في أفعال الحج فاقتصر على أفعال الحج فقط
يجزيه طواف واحد وسعي واحد عنهما وبه قال جابر وابن عمر وعطا وطاوس والحسن البصري ومجاهد وربيعة ومالك وإسحاق وأحمد ويبطل بما رواه العامة عن عمران الحصين
أن النبي " ص " قال من (جمع صح) الحج إلى العمرة فعليه طوافان ومن طريق الخاصة قول الصادق " ع " إذا طاف وسعى ثم قبل أن يقصر فليس له أن يقصر وليس له متعة ولو أخل بالتقصير ناسيا
صحت متعته ووجب عليه دم قاله الشيخ ره لان إسحاق بن عمار روى في الصحيح عن الكاظم " ع " الرجل يتمتع وينسى أن يقصر حتى يهل بالحج فقال عليه دم يهريقه وحمله الصدوق على الاستحباب
لان معاوية بن عمار سأل الصادق " ع " عن رجل أهل بالعمرة ونسي أن يقصر حتى دخل الحج قال يستغفر الله ولا شئ عليه وتمت عمرته. مسألة. لو جامع امرأته قبل التقصير
وجب عليه جزور إن كان موسرا وإن كان متوسطا فبقرة وإن كان فقيرا فشاة إن كان عالما عامدا وإن كان جاهلا أو ناسيا لم يكن عليه شئ لان الحلبي سأل
الصادق " ع " في الصحيح عن متمتع وقع على امرأته قبل أن يقصر قال ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه وفي الحسن عن معاوية بن عمار أنه سأل الصادق " ع " عن متمتع وقع على
امرأته ولم يقصر فال ينحر جزورا وقد خفت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما وإن كان جاهلا فلا شئ عليه أما لو واقعها بعد التقصير فلا شئ عليه إجماعا ولو قبل
امرأته قبل التقصير وجب عليه دم شاة قاله الشيخ لرواية الحلبي في الصحيح أنه سأل الصادق " ع " عن متمتع طاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقبل امرأته قبل أن يقصر من
رأسه قال دم يهريقه وإن كان بالجماع فعليه جزور أو بقرة. إذا عرفت هذا فإن عمرته لا تبطل وبه قال مالك وأحمد وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن ابن عباس أنه
سأل امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصر قال من ترك من مناسكه شيئا أو نسيه فليرق دما قيل إنها موسرة قال فلتنحر ناقة ومن طريق الخاصة قول الصادق " ع "
وقد خفت أن يكون قد ثلم حجه وهو يدل على الصحة وقال الشافعي تفسد عمرته. إذا عرفت هذا فإن طاوعته كفرت أيضا وإن أكرهها تحمل عنها. مسألة. التقصير في إحرام
العمرة أولى من الحلق قاله الشيخ في الخلاف ومنع من غيره من الحلق وأوجب به دم شاة مع العمد وقال أحمد التقصير لما رواه العامة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام عن جابر
لما وصف حج رسول الله " ص " وقال لأصحابه حلوا من إحرامكم بطواف بين الصفا والمروة وقصروا ومن طريق الخاصة قول الصادق " ع " عن متمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه قال عليه دم
يهريقه وسأل جميل بن دراج الصادق " ع " عن متمتع حلق رأسه بمكة قال إن كان جاهلا فليس عليه شئ وقال الشافعي الحلق أفضل لقوله تعالى محلقين رؤوسكم ومقصرين بدأ
بالأهم وهو لا يعارض ما تقدم. مسألة. أدنى التقصير أن يقصر شيئا من شعر رأسه ولو كان يسيرا وأقله ثلاث شعرات لحصول الامتثال به هذا قول علمائنا وبه قال الشافعي
وقال أبو حنيفة الربع وقال مالك يقصر من جميع رأسه أو يحلقه أجمع وبه قال أحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى كقولنا لان النبي " ص " حلق جميع رأسه ولأنه نسك يتعلق بالرأس فيجب استيعابه
كالمسح وفعل النبي " ص " بيان للحلق في الحج ونمنع حكم أصل قياسهما. إذا عرفت هذا فلو قصر الشعر بأي شئ كان أجزأه وكذا لو نتفه أو أزاله بالنورة ولو قصر من الشعر النازل
عن حد الرأس أو ما يحاذيه أجزأه ولو قصر من أظفاره أجزأه وكذا لو أخذ من شاربه أو حاجبيه أو لحيته لان الصادق " ع " سأله حفص وجميل وغيرهما عن محرم يقصر
من بعض ولا يقصر من بعض قال يجزئه. مسألة. ليس في إحرام عمرة التمتع طواف النساء بل في إحرام العمرة المبتولة لان أبا القاسم مخلد بن محمد بن موسى الرازي كتب
يسأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء وعن العمرة التي يتمتع بها إلى الحج فكتب أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء وأما التي يتمتع بها إلى الحج
فليس على صاحبها طواف النساء. إذا عرفت هذا فينبغي للمتمتع بعد التقصير أن يشبه بالمحرمين في ترك لبس المخيط لقول الصادق " ع " ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج
إذا أحل أن لا يلبس قميصا وليتشبه بالمحرمين. مسألة. يكره له أن يخرج من مكة قبل قضاء مناسكه كلها إلا لضرورة فإن اضطر إلى الخروج خرج إلى حيث لا يفوته
الحج ويخرج محرما بالحج فإن أمكنه الرجوع إلى مكة وإلا مضى على إحرامه إلى عرفات ولو خرج بغير إحرام ثم عاد فإن كان في الشهر الذي خرج فيه لم يضره أن يدخل مكة بغير
إحرام وإن دخل في غير الشهر الذي خرج فيه دخلها محرما بالعمرة إلى الحج وتكون عمرته الأخيرة وهي التي يتمتع بها إلى الحج لقول الصادق من دخل مكة متمتعا في أشهر
الحج لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحج فإن عرضت له الحاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق خرج محرما ودخل ملبيا بالحج فلا يزال على إحرامه فإن رجع إلى مكة رجع محرما
ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس إلى منى قلت فإن جهل فخرج إلى المدينة وإلى نحوها بغير إحرام ثم رجع في أيام الحج في أشهر الحج يريد الحج أيدخلها محرما أو بغير إحرام فقال إن رجع
في شهره دخل بغير إحرام وإن دخل في غير الشهر دخل محرما قلت فأي الاحرامين والمتعتين متعته الأولى والأخيرة قال الأخيرة هي عمرته وهي المحتسب بها التي وصلت بحجة.
إذا عرفت هذا فلو خرج من مكة بغير إحرام وعاد في الشهر الذي خرج فيه أستحب له أن يدخلها محرما بالحج ويجوز له أن يدخلها بغير إحرام على ما تقدم
368

. مسألة. لو دخل المحرم مكة وقدر على إن شاء الاحرام للحج بعد طوافه وسعيه وتقصيره وإدراك
عرفات والمشعر جاز له ذلك وإن كان بعد زوال الشمس من يوم التروية أو ليلة عرفة أو يومها قبل الزوال أو بعده إذا علم إدراك الموقفين اختاره الشيخ ره
لان هشام بن صالح في الصحيح الصادق عليه السلام في الرجل المتمتع يدخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يخرج فيأتي منى فقال لا بأس وقال المفيد ره إذا
زالت الشمس من يوم التروية ولم يكن أحل من عمرته فقد فاتته المتعة ولا يجوز له التحلل منها بل يبقى على إحرامه ويكون حجته مفردة وليس بجيد قال موسى بن
القاسم روى لنا الثقة من أهل البيت عن أبي الحسن موسى عليه السلام أنه قال أهل بالمتعة بالحج يريد يوم التروية زوال الشمس وبعد العصر وبعد المغرب
وبعد العشاء ما بين ذلك كله واسع احتج المفيد رحمه الله بقول الصادق عليه السلام إذا قدمت مكة يوم التروية وقد غربت الشمس
فليس لك منعه وامض كما أنت بحجك وهو محمول على خائف فوات الموقف لان الحلبي سأل في الصحيح عن الصادق عليه السلام
عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم قدم مكة والناس بعرفات فخشي إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته المودع
فقال يدع العمرة فإذا تم حجه صنع كما صنعت عائشة ولا هدي عليه والتقييد لخوف الفوات هنا
يقتضي تقييده في الأحاديث المطلقة حملا للمطلق على المقيد. صورة ما في المنتسخ منه
تم الجزء الخامس من كتاب تذكرة الفقهاء في سادس
شهر رمضان المبارك من سنة ثمان عشرة وسبعمائة بالحلة على يد
مصنف الكتاب حسن بن يوسف بن المطهر الحلي أعانه الله تعالى
على طاعته ويتلوه في الجزء السادس بعون الله تعالى
المقصد الثالث في أفعال الحج وفيه فصول
الفصل الأول في إحرام الحج والحمد لله
وحده وصلى الله على سيدنا
محمد النبي وآله
الطاهرين
إلى هنا صورة ما كتبه المص قدس الله سره وأفاض على تربته الرحمة و
الرضوان
369

بسم الله الرحمن الرحيم وعليه نتوكل وبه نستعين
. المقصد الثالث. في أفعال الحج وفيه فصول الأول في إحرام الحج. مسألة. وإذا فرغ المتمتع من عمرته وأحل من إحرامها وجب عليه الاتيان بالحج
مبتديا بالاحرام بما للحج من مكة ويستحب ان يكون يوم التروية وهو ثامن ذي الحجة إجماعا روى العامة عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما
كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا كان يوم التروية إن شاء فاغتسل ثم ألبس ثوبيك وأدخل المسجد حافيا
وعليك السكينة والوقار ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم (ع) أو في الحجر ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فاحرم بالحج
ثم امض وعليك السكينة والوقار فإذا انتهيت إلى الرقطا دون الردم فلب فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتى منى أما المكي فذهب
مالك إلى أنه يستحب أن يهل بالحج من المسجد لهلال ذي الحجة روى عن ابن عمر وابن عباس وطاوس وسعيد بن جبير استحباب إحرامه يوم التروية أيضا وهو قول احمد لان النبي صلى الله عليه وآله
أمر بالاهلال يوم التروية ولأنه ميقات الاحرام فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم كميقات المكان ولأنه لو أحرم المتمتع بحجة أو المكي قبل ذلك في أيام الحج فإنه يجزئه. مسألة.
ويحرم من مكة والأفضل أن يكون من تحت الميزاب أو من مقام إبراهيم (ع) ويجوز أن يحرم من أي موضع شاء من مكة إجماعا روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله حتى أهل مكة يهلون
منها ومن طريق الخاسة ما رواه عمر بن حريث الصيرفي إنه سأل الصادق (ع) من أين أهل بالحج فقال إن شئت من رحلك وإن شئت من الكعبة وإن شئت من الطريق
ويستحب أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الأطلاء والاغتسال والتنظيف بإزالة الشعر والدعاء والاشتراط لما تقدم من الاخبار ويستحب أن يكون إحرامه عند الزوال
يوم التروية بعد أن يصلى الفرضين بما تقدم في المسألة الأولى من كلام الصادق (ع) ويجوز أن يحرم أي وقت شاء من أيام الحج بعد فراغ عمرته بعد أن يعلم أنه يلحق عرفات
ثم يفعل ما فعل عند الاحرام الأول من الغسل والتنظيف وأخذ الشارب وتقليم الأظفار وغير ذلك ثم يلبس ثوبي إحرامه ويدخل المسجد حافيا عليه السكينة والوقار ويصلى
ركعتين عند المقام أو في الحجر وإن صلى ست ركعات كان أفضل وإن صلى فريضة الظهر وأحرم عقيبها كان أفضل فإذا صلى ركعتي الاحرام أحرم بالحج مفردا ويدعو بما دعى
به عند الاحرام الأول غير أنه يذكر الحج مفردا لان عمرته قد مضت ويلبى إن كان ماشيا عند موضعه الذي صلى فيه وإن كان راكبا فإذا نهض به بعيره فإذا انتهى إلى الردم
وأشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية لما تقدم. مسألة. ولا يسن له الطواف بعد إحرامه وبه قال بن عياش وعطا ومالك وإسحاق واحمد ولو فعل ذلك لغير عذر لم يجزيه عن
طواف الحج وكذا السعي أما لو حصل عذر مثل مرض أو خوف حيض فإنه يجوز الطواف قبل المضي إلى عرفات لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه أن يهلوا بالحج إذا خرجوا إلى منى وقال الشافعي
يجوز مطلقا. مسألة. قد بينا إنه يجب أن يحرم بالحج فإن أحرم بالعمرة سهوا وهو يريد الحج أجزأه لان علي بن جعفر سأل أخاه الكاظم (ع) في الصحيح عن رجل دخل قبل
التروية بيوم فأراد الاحرام بالحج فأخطأ فقال العمرة قال ليس عليه شئ فليعد الاحرام (بالحج ولو نسى الاحرام صح) يوم التروية بالحج حتى حصل بعرفات فليحرم من هناك فإن لم يذكر حتى يرجع إلى بلده فقد تم
حجه فلا شئ عليه قال الشيخ (ره) لما رواه علي بن جعفر الصحيح عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن رجل نسى الاحرام بالحج فذكره وهو بعرفات ما حاله قال يقول اللهم على كتابك وسنة
نبيك فقد تم إحرامه فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلها فقد تم حجه. الفصل الثاني في الوقوف بعرفات وفيه
مباحث الأول في الخروج إلى منى يستحب لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكة حتى يصلى الظهرين يوم التروية بها ثم يخرج (إلى منى صح) إلا الامام خاصة فإنه يستحب له أن
يصلى الظهر والعصر بمنى يوم التروية ويقيم بها إلى طلوع الشمس وأطلق العامة على استحباب الخروج للامام وغيره من مكة قبل الظهر وأن يصلوا بمنى يوم التروية لنا
ما رواه العامة عن ابن الزبير إنه صلى بمكة وعن عايشه أنها تختلف يوم التروية حتى ذهب ثلثا الليل ومن طريق الخاصة رواية معوية بن عمار الصحيحة عن الصادق (ع)
إنه يصلى الظهر بمكة وأما الامام فإنه يستحب له الخروج قبل الزوال ليصلى الظهرين يوم التروية بمنى لما رواه جميل بن دراج في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا ينبغي للامام
أن يصلى الظهر إلا بمنى يوم التروية ويبيت بها ويصح حتى تطلع الشمس ويخرج. مسألة. يجوز للشيخ الكبير والمريض والمرأة وخائف الزحام المبادرة إلى الخروج قبل
الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة للضرورة ولرواية إسحاق بن عمار الصحيحة قال سألت الكاظم (ع) عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم يحرم
بالحج ويخرج إلى منى قبل يوم التروية قال نعم قلت فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروح بذلك قال لا قلت يتعجل بيوم قال نعم قلت يتعجل بيومين قال نعم قلت ثلاثة
قال نعم قلت أكثر من ذلك قال لا. مسألة. يستحب له عند التوجه إلى منى الدعاء بالمنقول وإذا نزل منى دعا بالمأثور قال الصادق (ع) إنه في الصحيح إذا انتهيت إلى منى
فقل اللهم هذه منى وهي مما مننت به علينا من المناسك فأسئلك أن تمن على بما مننت به على أنبيائك فإنما أنا
عبدك وفى قبضتك ثم تصلى بها الظهر والعصر
والمغرب والعشاء الآخرة والفجر والامام يصلى بها الظهر لا يسعه إلا ذلك وموسع أن تصلى بغيرها إن لم تقدم ثم تذكرهم بعرفات قال وحد منى من العقبة إلى وادى محسر
ولو صادف يوم التروية يوم الجمعة فمن أقام بمكة حتى تزول الشمس ممن تجب عليه الجمعة لم يجز له الخروج حتى يصلى الجمعة لأنها فرض والخروج في هذا الوقت ندب أما
قبل الزوال فإنه يجوز له الخروج وهو أحد قولي الشافعي لان الجمعة الآن غير واجبة والثاني للشافعي لا يجوز. إذا عرفت هذا فإن الشيخ (ره) قال يستحب
للامام أن يخطب أربعة أيام من ذي الحجة يوم السابع منه ويوم عرفة ويوم النحر بمنى ويوم النفر الأول يعلم الناس ما يجب عليهم فعله من مناسكهم لما روى جابر إن
النبي صلى الله عليه وآله صلى الظهر بمكة يوم السابع وخطب ويأمر الناس في خطبته بالغد وإلى منى ويعلمهم ما بين أيديهم من المناسك وبه قال الشافعي وقال احمد لا يخطب يوم السابع
ولو وافق يوم الجمعة خطب بالجمعة وصلاها ثم خطب هذه الخطبة ثم يخرج بهم اليوم الثامن وهو يوم التروية إلى منى. مسألة. ويستحب المبيت ليلة عرفه بمنى للاستراحة
وليس بنسك فلا يجب بتركة شئ ويبيت إلى طلوع الفجر من يوم عرفة ويكره الخروج قبل الفجر إلا لضرورة كالمريض والخايف لما رواه في الصحيح الشيخ عن معاوية بن عمار
عن الصادق (ع) من قوله ثم يصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة. إذا ثبت هذا فالأفضل له أن يصبر حتى تطلع الشمس فلو خرج قبل طلوعها بعد طلوع
الفجر جاز ذلك لكن ينبغي له أن لا يجوز وادى محسر إلا بعد طلوع الشمس لقول الصادق لا يجوز وادى محسر حتى تطلع الشمس أما الامام فلا يخرج من منى إلا بعد طلوع
الشمس لقول الصادق (ع) من السنة أن لا يخرج الامام من منى إلى عرفات حتى تطلع الشمس ويجوز للمعذور كالمريض وخائف الزحام والماشي الخروج قبل أن يطلع الفجر و
يصلى الفجر في الطريق للضرورة رواه الشيخ عن عبد الحميد الطائي إنه قال للصادق (ع) إنا مشاة كيف نصنع فقال أما أصحاب الرحال فكانوا يصلون الغداة بمنى وأما
370

أنتم فامضوا حيث (حتى خ ل) تصلوا في الطريق وللشافعي قولان أحدهما إنهم يخرجون إلى عرفات بعد الفجر والثاني بعد الظهر في غير الجمعة وأما إذا كان يوم التروية يوم الجمعة فالمستحب
عنده الخروج قبل طلوع الفجر لان الخروج إلى السفر يوم الجمعة إلى حيث لا يصلى الجمعة حرام أو مكروه وهم لا يصلون الجمعة بمنى وكذا لا يصلونها بعرفة إذا كان يوم عرفة يوم
الجمعة لان الجمعة إنما تقام في دار الإقامة. إذا عرفت هذا فيستحب الدعاء عند الخروج إلى عرفة بالمنقول ويضرب خباه بنمرة وهي بطن عرنته دون الموقف ودون عرفه لما رواه العامة
إن رسول الله صلى الله عليه وآله مكث حتى طلعت الشمس ثم ركب وأمر بقبة من شعر أن يضرب له بنمره فنزل بها ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال إذا غدوت
إلى عرفه فقل وأنت متوجه إليها اللهم إليك صمدت وإياك اعتمدت ووجهك أردت أسئلك أن تبارك لي في رجلي وأن تقضى لي حاجتي وأن تجعلني ممن تباهى به
اليوم من هو أفضل منى ثم تلبي وإن عاد إلى عرفات (فإذا انتهيت إلى عرفات صح) فاضرب خباك بنمرة وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصل الظهر
والعصر بأذان واحد وإقامتين وإنما تعجل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة قال وحد عرفه من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز و
خلف الجبل موقف. إذا عرفت هذا فإنه يستحب أن يجمع الامام بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين عند علمائنا لهذه الرواية وبه قال الشافعي لان
رسول الله (ص) هكذا فعل في حجة الوداع وعند أبي حنيفة لا إقامة للعصر. مسألة. إذا زالت الشمس يوم عرفه خطب الامام بالناس وبين لهم ما بين أيديهم من
المناسك ويحرضهم على إكثار الدعاء والتهليل بالموقف ثم يصلى بالناس الظهر بأذان وإقامة ثم يقيمون فيصلى بهم العصر وإذا كان الامام مسافرا وجب عليه التقصير وقال
الشافعي السنة له التقصير وأما أهل مكة ومن حولها فلا يقصرون وبه قال الشافعي خلافا لمالك وليقل الامام إذا سلم أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر كما قال رسول الله
. إذا عرفت هذا فإن نمرة؟ ليست من عرفة بل هي حد لها وللشافعية قولان أحدهما والثاني أنها منها. البحث الثاني في الكيفية. مسألة. يستحب
الاغتسال للوقوف بعرفة لأنها عبادة فشرع لها الاغتسال كالاحرام ورواه العامة عن علي (ع) وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور واحمد وابن المنذر لأنها مجمع الناس فاستحب
الاغتسال لها كالجمعة والعيدين ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث معاوية بن عمار عن الصادق (ع) ثم يقف مستقبل القبلة لان النبي صلى الله عليه وآله وقف واستقبل القبلة و
هل الوقوف راكبا أفضل أو ماشيا للشافعي قولان أحدهما إنهما سواء في الامام وأظهرهما وبه قال احمد إن الوقوف راكبا أفضل اقتداء برسول الله (ص) وليكون أقوى على
الدعاء وعندنا ان الركوب والقعود مكروهان بل يستحب قايما داعيا بالمأثور. مسألة. يجب في الوقوف النية عند علمائنا خلافا للعامة لان الوقوف عبادة
وكل عبادة بينة لقول تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولأنه عمل فيفتقر إلى النية لقوله (ع) الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وقال (ع) لا عمل إلا
بينة ولان الواجب إيقاعها على جهة الطاعة وهو إنما يتحقق بالنية ويجب في النية اشتمالها على نية الوجوب والوقوف لحج التمتع حجة الاسلام أو غيرها والتقرب إلى الله تعالى
. مسألة. يجب الكون بعرفه إلى غروب الشمس من يوم عرفه إجماعا روى العامة عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله وقف بعرفه حتى غابت الشمس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
في الصحيح إن المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وآله فأفاض بعد غروب الشمس وسأل يونس عن الصادق (ع) متى يفيض من عرفات فقال إذا
ذهبت الحمرة من هنا وأشار بيده إلى المشرق وإلى مطلع الشمس. إذا عرفت هذا فكيف ما حصل بعرفه أجزأه قائما أو جالسا وراكبا ومجتازا وبالجملة لا فرق في الأجزاء
بين أن يحضرها ويقف وبين أن يمر بها لقوله صلى الله عليه وآله الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج إلا أن الأفضل القيام لأنه أشق فيكون أفضل لقوله (ع) (أفضل صح) الأعمال أحمزها ولأنه
أخف على الراحلة. مسألة. لابد من قصد الوقوف بعرفه وهو يستلزم معرفة إنها عرفة فلو مر بها مجتازا وهو لا يعلم إنها عرفة لم يجزئه وبه قال أبو ثور لان
الوقوف إنما يتحقق استناده إليه بالقصد والإرادة وهي غير متحققه هنا ولانا شرطنا النية وهي متوقفة على الشعور وقالت الفقهاء الأربعة بالاجزاء لقوله (ع)
من أدرك صلاتنا هذه يعنى صلاة الصبح يوم النحر وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ولم يفصل بين الشاعر وغيره ولا حجة فيه لان قوله (ع)
وأتى عرفات إنما يتحقق مع القصد. مسألة. النايم يصح وقوفه إذا سبقت منه النية للوقوف بعد الزوال وإن استمر نومه إلى الليل أما لو لم يسبق منه النية
واتفق نومه قبل الدخول إلى عرفه واستمر إلى خروجه منها فإنه لا يجزئه خلافا للعامة فإنهم قالوا بإجزائه إلا عند بعض الشافعية والأصل في الخلاف بينهم البناء على
أن كل ركن من أركان الحج هل يجب إفراده بنية الانفصال بعضها (عن بعض صح) أو يكفيها النية السابقة والصحيح ما قلناه من أن النية معتبرة ولا تصح من النايم واحتجوا بالقياس على النايم
طول النهار فإنه يجزئه الصوم وهو ممنوع إن لم تسبق منه النية في ابتداءه ولو حصل بعرفات وهو مغمى عليه ولم تسبق منه النية في وقتها وخرج بعد الغروب وهو مغمى عليه لم
يصح وقوفه لفوات أهليته للعبادة ولهذا لا يجزئه الصوم لو كان مغمى عليه على طول النهار وهو قول الشافعي ولأصحابه وجه إنه يجزئه اكتفاء منه بالحضور والسكران الذي
لا يحصل شيئا كالمغمى عليه ولو حضر وهو مجنون قبل النية واستوعب الوقت لم يجزئه قال بعض الشافعية (إنه يقع صح) نفلا كحج الصبى غير المميز ولهم وجه بالاجزاء كما في المغمى عليه وقد
سبق وبما اخترناه المغمى عليه والمجنون قال الحسن البصري والشافعي وأبو ثور وإسحاق وابن المنذر وقال عطا المغمى عليه يجزئه وبه قال مالك وأصحاب الرأي وتوقف احمد
لأنه لا يشترط فيه الطهارة فلا يشترط فيه النية فصح من المغمى عليه كالمبيت بمزدلفة ونمنع حكم الأصل وحكم من غلب على عقله بمرض أو غيره حكم المغمى عليه ولو كان السكران (يحصل؟)
ما يقع منه صح طوافه ولا يشترط الطهارة ولا الستر ولا الاستقبال إجماعا لقول النبي صلى الله عليه وآله لعائشة افعلى ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت وكانت حايضا نعم يستحب
الطهارة إجماعا ولو حضر بعرفه في طلب غريم له أو دابة فإن نوى النسك في الأثناء صح وقوفه وإلا فلا وللشافعية مع عدم النية وجهان بخلاف ما لو صرف الطواف
إلى غير النسك فإنه لا يجزئه إجماعا والفرق عندهم أن الطواف قربة برأسها بخلاف الوقوف على أن بعضهم طرد الخلاف هنا. مسألة. عرفة كلها موقف في أي موضع
منها وقف أجزأه وهو قول علماء الاسلام روى العامة عن علي بن أبي طالب (ع) إن النبي صلى الله عليه وآله وقف بعرفة وقد أردف أسامة بن زيد فقال هذا الموقف وكل عرفة موقف وقال
عرفة كلها موقف وارتفعوا عن وادى عرفة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن رسول الله وقف بعرفات فجعل الناس
يتبادرون إلى إخفاف ناقته يقفون إلى جانبها فنحاها رسول الله صلى الله عليه وآله ففعلوا مثل ذلك فقال أيها الناس إنه ليس موضع إخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كله موقف و
أشار بيده إلى الموقف فتفرق الناس وفعل ذلك بالمزدلفة وقال (ع) عرفه كلها موقف ولو لم يكن إلا ما تحت خف ناقتي لم يسع الناس ذلك. مسألة. وحد عرفه من
بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود ولا تحت الأراك فإن هذه المواضع ليست من عرفات فلو وقف بها بطل حجه وبه قال الجمهور
كافة إلا ما حكى عن مالك إنه لو وقف ببطن عرنة أجزأه ولزمه الدم وقال بن عبد البر أجمع الفقهاء على إنه لو وقف ببطن عرنة لم يجزئه وحد الشافعي عرفة فقال هي ما جاوز
وادى عرنة إلى الجبال المقابلة مما يلي بساتين بنى عامر وليس وادى عرنة من عرفة وهو على منقطع عرنة مما يلي منى وصوب مكة وقول مالك باطل لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
371

قال عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح وحد عرفة من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز خلف الجبل موقف وعن الصادق (ع)
قال واتق الأراك ونمرة وهي بطن عرنة وثوية (وذا المجاز صح) فإنه ليس من عرفة لا تقف فيه. مسألة. يستحب أن يضرب خباه بنمرة وهي بطن عرنة اقتداء برسول الله وقال الصادق (ع)
في الصحيح فاضرب خباك بنمرة وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة ويجوز النزول تحت الأراك إلى تزول الشمس ثم يمضى إلى الموقف فيقف فيه لقول الصادق (ع) لا ينبغي
الوقوف تحت الأراك فأما النزول تحته حتى تزول الشمس وينهض إلى الموقف فلا بأس وينبغي أن يقف على السهل ويستحب أن يقف على ميسرة الجبل ولا يرتفع
إلى الجبل إلا عند الضرورة إلى ذلك لان إسحاق بن عمار سأل الكاظم (ع) عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك أم على الأرض فقال على الأرض ولان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعرفه
في ميسرة الجبل وروى سماعة بن مهران قال سألت الصادق (ع) إذا كثر الناس بمنى وضاقت عليهم كيف يصنعون قال يرتفعون إلى وادى محسر قلت فإذا كثروا بجمع وضاقت
عليهم كيف يصنعون قال يرتفعون إلى المأزمين قلت فإذا كانوا بالموقف وكثروا كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى الجبل ويستحب له إن وجد خللا أن يسده بنفسه
ورحله قال الله تعالى كأنهم بنيان مرصوص فوضعهم بالاجتماع وقال الصادق إذا رأيت خللا فتقدم بنفسك وراحلتك فإن الله يحب أن تسد تلك الخلال ويستحب
أن يقرب إلى الجبل (لقول الله تعالى وما قرب إلى الجبل صح) فهو أفضل. مسألة. يستحب للامام أن يخطب بعرفة قبل الاذان على ما تقدم فإذا أذن المؤذن وأقام صلى بالناس الظهر والعصر بأذان واحد
وإقامتين يجمع بينهما على هذه الصفة وباستحباب الاذان في الأولى قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومالك واحمد في إحدى الروايتين لان رسول الله خطب
إلى أن أذن المؤذن فنزل وصلى بالناس وفى الرواية الثانية لأحمد يتخير بين الاذان لها وعدمه وقال مالك أذان العصر مستحب كغيرها من الصلوات ويبطل بما رواه
العامة حديث في جابر ثم أذن بلال ثم أقام (فصلى الظهر ثم أقام صح) فصلى العصر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح فإذا زالت الشمس يوم عرفه فاغتسل وصلى الظهر والعصر بأذان واحد
وإقامتين والفرق إن التعجيل هنا لأجل الدعاء. مسألة. إذا صلى مع الامام جمع معه كما يجمع الامام إجماعا ولو كان منفردا جمع أيضا بأذان واحد وإقامتين عند علمائنا
وبه قال الشافعي وعطا ومالك واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد لما رواه العامة عن بن عمر إنه كان إذا فاته الجمع بين الظهر والعصر مع الامام بعرفه جمع بينهما
منفردا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وصل الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ولان الغرض التفرع للدعاء وهو مشترك بين المنفرد وغيره وقال النخعي والثوري و
أبو حنيفة لا يجوز له أن يجمع إلا مع الامام لان لكل صلاة وقتا محدودا وإنما ترك في الجمع مع الامام فإذا لم يكن الامام رجعنا إلى الأصل وقد بينا أن الوقت مشترك و
العلة مع الامام موجودة مع المنفرد ويجوز الجمع لكل من بعرفه من مكي وغيره وقد أجمع علماء الاسلام على أن الامام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذا من صلى معه وقال
احمد لا يجوز الجمع إلا لمن يكون بينه وبين وطنه إثنا عشر فرسخا إلحاقا له بالقصر ويبطل بأن النبي صلى الله عليه وآله جمع فجمع معه من حضر من أهل مكة وغيرها ولم يأمرهم بترك الجمع كما
أمرهم بترك القصر حين قال أتموا فإنا سفر فلو كان حراما لبينه ولو كان الامام مقيما أتم وقصر من خلفه من المسافرين وأتم المقيمون عند علمائنا أجمع وقال الشافعي
يتم المسافرون وهو غلط لان القصر غريمة فلا يجوز خلافه ولقول النبي صلى الله عليه وآله يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد ولو كان الامام مسافرا قصر وقصر من خلفه من المسافرين
وأتم المقيمون خلفه عند علمائنا وكذا أهل مكة يتمون لنقص المسافة عن مسافة القصر وبه قال عطا ومجاهد والزهري والثوري والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وابن المنذر
لان النبي (ص) نهى أهل مكة عن القصر وقال مالك والأوزاعي لهم القصر لان لهم الجمع فكان لهم القصر كغير هم والفرق السفر ويستحب تعجيل الصلاة حين تزول الشمس وأن يقصر الخطبة
ثم يتروح إلى الموقف لان التطويل يمنع من التعجيل إلى الموقف ولان النبي صلى الله عليه وآله غدا من منى
حين صلى الصبح صبيحة يوم عرفه حتى أتى عرفة فنزل بنمرة حتى إذا كان عند صلاة
الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وآله مهجرا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة ولا خلاف في هذا بين علماء الاسلام. مسألة. إذا فرغ من
الصلاتين جاء إلى الموقف فوقف ويستحب له الاغتسال للموقف قال الصادق (ع) الغسل يوم عرفه إذا زالت الشمس ويقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفه لان عبد الله
ابن سنان سأل في الصحيح الصادق (ع) عن تلبية المتمتع متى يقطعها قال إذا رأيت بيوت مكة ويقطع تلبية الحج عند زوال الشمس يوم عرفة ويقطع تلبية العمرة المبتولة حين
تقع إخفاف الإبل في الحرم فإذا جاء إلى الموقف بسكينة ووقار حمد الله وأثنى عليه وكبره وهلله ودعا واجتهد قال الصادق (ع) في الصحيح وإنما تعجل الصلاة وتجمع بينهما لتفرغ نفسك
للدعاء فإنه يوم دعاء ومسألة ثم تأتى الموقف بالسكينة والوقار فاحمد الله وهلله ومجده واثن عليه وكبره مئة مرة واحمد الله مئة مرة وسبح مئة مرة واقرأ قل هو الله
أحد مئة مرة وتخير لنفسك من الدعاء ما أحببت فإنه يوم دعاء وتعوذ بالله من الشيطان (فإن الشيطان صح) لن يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن و
إياك أن تشغل بالنظر إلى الناس واقبل قبل (إلى) نفسك الحديث ويستحب فيه الدعاء الذي دعا به زين العابدين (ع) في الموقف وأن يكثر من الدعاء لاخوانه المؤمنين و
يؤثر هم على نفسه قال إبراهيم بن هاشم رأيت عبد الله بن جندب بالموقف فلم أر موقفا كان أحسن من موقفه ما زال ماد أيديه إلى السماء ودموعه تسيل على
خديه حتى تبلغ الأرض فلما صرف الناس قلت يا أبا محمد ما رأيت موقفا قط أحسن من موقفك قال والله ما دعوت فيه إلا لاخواني وذلك لان أبا الحسن (ع) موسى
أخبرني إنه من دعا لأخيه بظهر الغيب نودي من العرش ولك مائة ألف ضعف مثله فكرهت أن أدع مئة ألف ضعف مضمونة لواحد لا أدرى هل يستجاب
أم لا. إذا عرفت هذا فهذه الأدعية وغيرها ليست واجبة وإنما الواجب اسم الحضور في جزء من أجزاء عرفة ولو مجتازا مع النية. مسألة. أول وقت
الوقوف بعرفة زوال الشمس من يوم عرفة عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك لان النبي صلى الله عليه وآله وقف بعد الزوال وقال خذوا عنى مناسككم ووقف الصحابة كذلك
وأهل الأمصار من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى زماننا مطبقون على الابتداء في الموقف بعد زوال الشمس ولو كان جايزا قبل ذلك لفعله بعضهم قال بن عبد البر أجمع العلماء
على أن أول الوقوف بعرفه بعد زوال الشمس وقال الصادق (ع) في الصحيح ثم تأتى الموقف بعد الصلاتين والامر للوجوب وقال احمد أوله طلوع الفجر من يوم عرفه لقوله صلى الله عليه وآله من صلى
معنا هذه الصلاة يعنى صلاة الصبح يوم النحر وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ولم يفصل قبل الزوال وبعده وهو محمول على ما بعد الزوال استنادا
إلى فعله عليه السلام. مسألة. آخر الوقت الاختياري غروب الشمس من يوم عرفه روى العامة عن علي (ع) وأسامة بن زيد إن النبي صلى الله عليه وآله دفع حين غربت الشمس ومن طريق
الخاصة قول الصادق في الصحيح فأفاض رسول الله صلى الله عليه وآله بعد غروب الشمس وسأل يونس بن يعقوب الصادق (ع) متى نفيض من عرفات قال إذا ذهبت الحمرة من ههنا وأشار
بيده إلى المشرق وإلى مطلع الشمس. مسألة. لو لم يتمكن من الوقوف بعرفة نهارا وأمكنه أن يقف بها ليلا ولو قليلا إلى أن يطلع الفجر أو قبله وجب عليه وأجزأه
إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس يوم النحر ولا نعلم في ذلك خلافا لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ومن طريق الخاصة
رواية الحلبي الصحيحة عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يأتي بعد ما تفيض الناس من عرفات فقال إن كان في مهمل حتى يأتي عرفات من ليلته فيبيت بها ثم يفيض فيدرك
372

الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات وإن قدم وقد فاته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإن الله تعالى اعذر لعبده وقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام
قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس فإن لم يدرك مشعر الحرام فقد فاته الحج فيجعلها عمرة وعليه الحج من قابل. البحث الثالث. في الاحكام. مسألة. الوقوف
بعرفه ركن في الحج يبطل الحج بتركه عمدا عند علماء الاسلام روى العامة عن عبد الرحمن بن نعيم الديلمي قال أتيت رسول الله بعرفه فجاءه نفر من أهل نجد فقالوا يا رسول الله
كيف الحج قال الحج عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة الحج فقد تم حجه وأمر مناديا ينادي الحج عرفة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله أصحاب الأراك
لا حج لهم وإذا انتفى الحج مع الوقوف بحد عرفة فمع عدم الوقوف أولى ولو ترك وقوف عرفة سهوا أو لعذر تداركه ولو قبل الفجر من يوم النحر إذا علم أنه يلحق المشعر قبل طلوع الشمس (فإن لم يلحق عرفات إلا ليلا ولم يلحق المشعر إلا بعد طلوع الشمس صح)
فقد فاته الحج روى الحلبي في الصحيح إنه سأل الصادق (ع) عن الرجل يأتي بعد ما تفيض الناس من عرفات فقال إن كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليلته فيقف بها ثم يفيض
فيدرك الناس في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات وإن قدم وقد فاته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإن الله تعالى اعذر لعبده وقد تم حجه إذا أدرك المشعر
قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل. مسألة. لعرفة وقتان اختياري من زوال
الشمس يوم عرفة إلى غروبها واضطراري من الغروب إلى طلوع الفجر من يوم النحر عند علمائنا ووافقنا الشافعي في المبدأ وإنه يدخل بزوال الشمس يوم عرفه وخالفنا
في آخره فجعله طلوع الفجر يوم النحر فلو اقتصر على الوقوف ليلا كان مدركا للحج على (المذهب صح) المشهور وعندهم ولهم ثلاثة أوجه أحدهما وهو الصحيح عندهم أن المقتصر على الوقوف
ليلا مدرك سواء انشاء الاحرام قبل ليلة العيد أو فيها والثاني إنه ليس بمدرك على التقديرين والثالث إنه يدرك بشرط تقديم الاحرام عليها ولو اقتصر على الوقوف نهارا
صح وقوفه بالاجماع. مسألة. يجب أن يقف إلى غروب الشمس بعرفه فإن أفاض قبله عامدا أوجب عليه بدنة فإن عجز عن البدنة صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في
الطريق أو في أهله وصح حجه عند علمائنا وبه قال بن جريح والحسن البصري وقال باقي العامة إلا مالكا يجب عليه دم وللشافعي قول باستحباب الدم وقال مالك
يبطل حجه لنا على صحة الحج ما رواه العامة عن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثه بن لام الطائي قال أتيت رسول الله بمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله
إني جئت من جبلي طي أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه فهل لي حج فقال رسول لله من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع
وقد وقف بعرفه قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن سنان عن الكاظم (ع) قال سألته عن الذمي إن أدركه الناس فقد
أدرك الحج فقال إذا أتى جمعا والناس في المشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج ولا عمرة له وإن أدرك جمعا بين طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له فإن
شاء أن يقيم بمكة أقام وإن شاء أن يرجع إلى أهله رجع وعليه الحج من قابل. احتج مالك بما رواه بن عمر إن
النبي صلى الله عليه وآله قال من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج ومن فاته
عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل. والجواب إنما خص الليل لان الفوات يتعلق به إذا كان يوجد بعد النهار فهو آخر وقت الوقوف
كقوله صلى الله عليه وآله من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها وعلى وجوب البدنة ما رواه العامة عن النبي قال من ترك نسكا فعليه دم والأحوط البدنة
لحصول يقين البراءة ومعها ومن طريق الخاصة ما رواه ضريس عن الباقر (ع) قال سألته عمن أفاض من عرفات قبل أن تغيب الشمس قال عليه بدنة ينحرها يوم نحر فإن لم يقدر
صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله ولو أفاض قبل الغروب ناسيا لم يكن عليه شئ وكذا الجاهل لأصالة البراءة ولقول الصادق (ع) في رجل أفاض
من عرفات قبل غروب الشمس قال إذا كان جاهلا فلا شئ عليه وإن كان متعمدا فعليه بدنة. مسألة. لو أفاض قبل الغروب عامدا عالما ثم عاد إلى الموقف
نهارا فوقف حتى غربت الشمس فلا دم عليه وبه قال مالك والشافعي تفريعا على الوجوب عنده واحمد لأنه أتى بالواجب وهو الجمع بين الوقوف في الليل والنهار فلم يجب عليه دم
كمن تجاوز الميقات وهو محرم ثم رجع فأحرم منه ولان الواجب عليه الوقوف حالة الغروب وقد فعله ولأنه لو لم يقف أولا ثم أتى قبل غروب الشمس
ووقف حتى تغرب الشمس لم يجب عليه شئ كذا هنا وقال الكوفيون وأبو ثور عليه دم ولو كان عوده بعد الغروب لم يسقط عنه الدم وبه قال أحمد لان الواجب عليه
الوقوف حالة الغروب وقد فاته وقال الشافعي يسقط الدم ولو فاته الوقوف بعرفة نهارا وجاء بعد غروب الشمس ووقف بها صح حجه ولا شئ عليه إجماعا لقول
النبي صلى الله عليه وآله من أدرك عرفات بليل فقد أدرك الحج ويجوز له أن يدفع من عرفات أي وقت شاء ولا دم عليه إجماعا. لا يقال إنه وقف الزمانين فوجب الدم كما
قلتم إذا وقف نهارا وأفاض قبل الليل. لأنا نقول الفرق إن من أدرك النهار أمكنه الوقوف إلى الليل والجمع بين الليل والنهار فتعين ذلك عليه فإذا
تركه لزمه الدم ومن أتاها ليلا لا يمكنه الوقوف نهارا فلم يتعين عليه فلا يجب الدم بتركه. مسألة. لو غم الهلال ليله الثلاثين من ذي القعدة فوقف الناس
تاسع ذي الحجة ثم قامت البينة إنه العاشر فالوجه فوات الحج إذا لم يتفق له الحضور بعرفة ولا المشعر قبل طلوع الشمس لقوله (ع) الحج عرفة ولم يدركها وقال الشافعي
يجزئهم لقول النبي صلى الله عليه وآله حجكم يوم تحجون ولان ذلك يؤمن مثله في القضاء مع اشتماله على المشقة العظيمة الحاصلة من السفر الطويل وإنفاق المال الكثير مال
ولو وقفوا يوم التروية لم يجزئهم لأنه لا يقع فيه الخطاء لان نسيان العدد لا يتصور من العدد الكثير والعدد القليل لا يعذرون في ذلك لانهم مفرطون ويأمنون
ذلك في القضاء ولو شهد اثنان عشية عرفه برؤية الهلال ولم يبق من النهار والليل ما يمكن الاتيان إلى عرفة اجتزأ بالمزدلفة وقال الشافعي يقفون من العذر ولو
أخطاء الناس أجمع في العدد فوقفوا غير ليله عرفة لم يجزؤهم وقال بعض العامة يجزئهم لان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم عرفه الذي يعرف الناس فيه وإن اختلفوا فأصاب بعضهم
وأخطاء بعض لم يجزئهم لانهم غير معذورين في هذا ولو شهد واحد واثنان برؤية هلال ذي الحجة ورد الحاكم شهادتهما وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم وإن
وقف الناس يوم العاشر عندهما وبه قال الشافعي وقال محمد بن الحسن لا يجزئه حتى يقف مع الناس يوم العاشر لان الوقوف لا يكون في يومين وقد ثبت في حق
الجماعة يوم العاشر ونمنع كونه لا يقع في يومين مطلقا لامكانه بالنسبة إلى شخصين لاختلاف سبب الوجوب في حقهما والأصل فيه أن الوقوف في نفس الامر واحد و
تعدد بالاشتباه كالصلاة المنسية. تذنيب. لو غلطوا في المكان فوقفوا بغير عرفه لم يصح حجهم. الفصل الثالث. في الوقوف بالمشعر الحرام وفيه مباحث
الأول في مقدماته. مسألة. إذا غربت الشمس في عرفات فليفض منها قبل الصلاة إلى المشعر ويدعو بالمنقول ويستحب أن يقصد في السير فيسير سيرا
جميلا بسكينه ووقار ويستغفر الله ويكثر منه لما رواه العامة عن جعفر الصادق (ع) عن أبيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل حتى دفع وقد شق القصواء بالزمام
حتى أن رأسها ليصيب مورك رجليه ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح إذا غربت الشمس فافض مع الناس
وعليك السكينة والوقار وأفض من حيث أفاض الناس واستغفر الله إن الله غفور رحيم فإذا انتهى إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق فليقل اللهم ارحم موقفي
373

الحديث. مسألة. لا ينبغي أن يلبى في سيره لما تقدم من أن الحاج يقطع التلبية يوم عرفة خلافا لأحمد فإنه استحبها ويستحب أن يمضى على طريق المأزمين لان النبي (ص)
سلكه ويستحب الاكثار من ذكر الله تعالى قال عز وجل فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ويستحب له أن يصلى المغرب والعشاء بالمزدلفة وإن ذهب
ربع الليل أو ثلثه بإجماع العلماء رواه العامة عن جعفر الصادق (ع) عن أبيه (ع) عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله جمع بمزدلفة ومن طريق الخاصة قول أحدهما (ع) في الصحيح لا تصل
المغرب حتى تأتى جمعا وإن ذهب ثلث الليل. مسألة. يستحب أن يؤذن للمغرب ويقيم ويصليها ثم يقيم للعشاء من غير أذان ويصليها عند علمائنا وهو أحد أقوال
الشافعي واختار أبو ثور وبن المنذر واحمد في إحدى الروايات لما رواه العامة عن جعفر بن محمد (ع) عن جابر في صفة حج رسول الله (ص) إنه جمع بين المغرب والعشاء بأذان
واحد وإقامتين ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح صلاة المغرب والعشاء يجمع بأذان واحد وإقامتين ولا يصل بينهما شيئا وقال هكذا صلى الله عليه وآله
وقال الشافعي يقيم لكل صلاة إقامة وهو رواية عن أحمد وبه قال إسحاق وسالم والقاسم بن محمد وهو قول ابن عمر وقال الثوري يقيم للأولى من غير أذان ويصلى الأخرى
بغير أذان ولا إقامة وهو مروى عن بن عمر أيضا واحمد وقال مالك يجمع بينهما بأذانين وإقامتين واحتج احمد بما رواه أسامة بن زيد قال دفع النبي صلى الله عليه وآله من عرفة حتى إذا كان
بالشعب نزل فبال ثم توضأ فقلت له الصلاة يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الصلاة أمامك فركب فلما جاء مزدلفة نزل فتوضأ فاسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة
فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في مبركه ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يصل بينهما واحتج الثوري بما رواه ابن عمر قال جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بين المغرب والعشاء بجمع
صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة واحتج مالك بأن عمر وابن مسعود أذنا؟ أذانين وإقامتين والجواب إن روايتنا تضمنت الزيادة
فكانت أولي وقول مالك مخالف للاجماع قال بن عبد البر لا أعلم فيما قاله مالك حديثا مرفوعا بوجه من الوجوه وأما عمر فإنما أمر بالتأذين للثانية لان الناس
كانوا قد تفرقوا لعشائهم فأذن لجمعهم ولا ينبغي أن يصلى بينهما شيئا من النوافل إجماعا لحديث جابر وأسامة (من طريق العامة وصح) من طريق الخاصة قول عنبسة بن مصعب قال قلت
للصادق (ع) إذا صليت المغرب بجمع أصلى الركعات بعد المغرب قال لا صل المغرب والعشاء ثم صل الركعات بعد ولو صلى بينهما شيئا من النوافل لم يكن مأثوما لان
الجمع مستحب فلا يترتب على تركه إثم وما رواه العامة عن بن مسعود إنه كان يتطوع بينهما ورواه عن النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة قول أبان ابن تغلب في الصحيح صليت خلف الصادق
المغرب بالمزدلفة فقام فصلى المغرب ثم صلى العشاء الآخرة ولم يركع فيما بينهما ثم صليت خلفه بعد ذلك بسنة فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات. مسألة. لو ترك
الجمع فصلى المغرب في وقتها والعشاء في وقتها صحت صلاته ولا إثم عليه ذهب إليه علماؤنا وبه قال عطا وعروة والقاسم بن محمد وسعيد بن جبير ومالك والشافعي وإسحاق و
أبو ثور واحمد وأبو يوسف وابن المنذر لان كل صلوتين جاز الجمع بينهما جاز التفريق بينهما كالظهر والعصر بعرفة وما تقدم من الاخبار احتجوا بأن النبي صلى الله عليه وآله جمع بين
الصلاتين فكان نسكا وقال خذوا عنى مناسككم ولأنه قال (ع) لأسامة الصلاة أمامك وهو محمول على الاستحباب لئلا يقطع سيره ولو فاته مع الامام الجمع جمع منفردا
إجماعا لان الثانية منهما تصلى في وقتها بخلاف الظهر مع العصر عند العامة ولو عاقه؟ في الطريق عايق (وخاف أن يذهب أكثر الليل صلى في الطريق صح) لئلا يفوت الوقت لقول الصادق (ع) في الصحيح لا بأس أن يصلى
الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة وينبغي أن يصلى نوافل المغرب بعد العشاء ولا يفصل بين الصلاتين ولو فعل جاز لكن الأول أولي لرواية أبان وينبغي أن يصلى قبل حط الرحال
لان النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل ويبيت تلك الليلة بمزدلفة ويكثر فيها من ذكر الله تعالى والدعاء والتضرع والابتهال إلى الله تعالى قال الصادق (ع) في الحسن لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة وتقول
اللهم هذه جمع الخ قال (ع) وإن استطعت أن تحيى تلك الليلة فافعل فإنه بلغنا إن أبواب السماء لا تغلق تلك الليلة لأصوات المؤمنين لهم دوى كدوى النحل يقول الله
عز وجل ثناؤه أنا ربكم عبادي أديتم حقي وحق على أن استجيب لكم فيحبط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد أن يغفر له والمبيت بمزدلفة ليس ركنا وإن
كان الوقوف بها ركنا لما رواه العامة عن عروة بن مضرس قال أتيت النبي صلى الله عليه وآله بجمع فقال من صلى معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه ولأنه
مبيت في مكان فلا يكون ركنا كالمبيت بمنى وحكى عن الشعبي والنخعي إنهما قالا المبيت بمزدلفة ركن لقوله (ع) من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حج له وجوابه تسليمه إن المراد
من لم ينبت بها ولم يقف وقت الوقوف جمعا بين الأدلة. البحث الثاني. في الكيفية. مسألة. يجب في الوقوف بالمشعر شيئان النية لأنه عبادة فلا تصح بدونها
وللآية والاخبار ويشترط فيها التقرب إلى الله تعالى ونية الوجوب وأن وقوفه بحجه الاسلام أو غيرها الثاني الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله صلى الصبح
حين تبين له الصبح قال جابر إن النبي صلى الله عليه وآله لم يزل واقفا حتى أسفر حرا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) أصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر تقف إن شئت قريبا من الجبل
وإن شئت حيث تبيت ولان الكفارة تجب لو أفاض قبل الفجر على ما يأتي وهي مرتبة على الذنب وقال الشافعي يجوز أن يدفع بعد نصف الليل ولو بجزء قليل فأوجب
الوقوف في النصف الثاني من الليل لان النبي صلى الله عليه وآله أمر أم سلمة فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة ونحن نقول بموجبه فإن المعذورين كالنساء والصبيان (والخائف صح) يجوز لهم
الإفاضة بعد طلوع الفجر. مسألة. يستحب أن يقف بعد أن يصلى الفجر ولو وقف قبل الصلاة بعد طلوع الفجر أجزأه لأنه وقت مضيق فاستحب البداءة بالصلاة
ويستحب الدعاء بالمنقول ثم يفيض حين يشرق ثبير وترى الإبل موضع إخفافها في الحر رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) ويستحب أن يكون متطهرا قال
الصادق (ع) أصبح على طهر بعد ما تصلى الفجر فتقف إن شئت قريبا من الجبل وإن شئت حيث تبيت الحديث ولو وقف جنبا أو محدثا أجزأه إجماعا ويستحب له أن يصلى
الفجر في أول وقته لازدحام الناس طلبا للوقوف والدعاء بخلاف الحصر. مسألة. يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام قال الشيخ (ره) المشعر الحرام
جبل هناك يسمى قزح ويستحب الصعود عليه وذكر الله تعالى عنده قال الله تعالى إذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام وأردف رسول الله الفضل بن
العباس على قزح وقال هذا قزح وهو الموقف وجمع كلها موقف وروى العامة عن جعفر محمد (ع) عن أبيه (ع) عن جابر إن النبي ركب القصوا حتى أتى المشعر الحرام فرقى
عليه واستقبل القبلة فحمد الله وهلله وكبره ووحده فلم يزل (واقفا صح) أسفر حرا قال الصادق يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام وأن يدخل البيت. البحث الثالث.
في الاحكام. مسألة. الوقوف بالمشعر الحرام ركن من أركان الحج يبطل الحج بتركه عمدا عند علمائنا وهو أعظم من الوقوف بعرفة عند علمائنا وبه قال علقمة
والشعبي والنخعي لقوله تعالى فاذكروا الله عند المشعر الحرام وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حج له ومن طريق الخاصة رواية الحلبي في الصحيح
عن الصادق (ع) وإن قدم وقد فاته عرفات فليقف بالمشعر الحرام فإن الله تعالى اعذر لعبده وقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشمس وقبل أن يفيض الناس
فإن لم يدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج فيجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل وقال باقي العامة إنه نسك وليس بركن لقوله (ع) يجمع من صلى معنا هذه الصلاة وأتى
عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه ولأنه مبيت في مكان فلا يكون ركنا كالمبيت بمنى والحديث حجة لنا لأنها كانت صلاة الفجر في جمع وإذا علق تمام
374

الحج على وقوف المشعر انتفى عند عدمه وهو المطلوب والقياس باطل ومعارض بقياسنا فيبقى دليلنا سالما على أنا لا نوجب المبيت ولا تجعله ركنا كما تقدم بل الوقوف
الاختياري. مسألة. يجب الوقوف بالمشعر بعد طلوع الفجر فلو أفاض قبل طلوعه مختارا عامدا بعد إن وقف به ليلا جبره بشاة وقال أبو حنيفة يجب الوقوف
بعد طلوع الفجر كقولنا وقال باقي العامة يجوز الدفع بعد نصف الليل وهو غلط لان النبي صلى الله عليه وآله أفاض قبل طلوع الشمس وكانت الجاهلية تفيض بعد طلوعها فدل على
أن ذلك هو الواجب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في رجل وقف مع الناس بجمع ثم أفاض قبل أن يفيض الناس قال إن كان جاهلا فلا شئ عليه وإن أفاض قبل
طلوع الفجر فعليه دم شاة ولأنه أحد الموقفين فيجب فيه الجمع بين الليل والنهار كعرفة احتجوا بأن النبي صلى الله عليه وآله أمر أم سلمة فأفاضت في النصف الأخير من المزدلفة و
نحن نقول بموجبه لجوازه للمعذورين وإن كان ناسيا فلا شئ عليه قال الشيخ (ره) وبه قال أبو حنيفة وقال ابن إدريس لو أفاض قبل الفجر عامدا بطل حجه. مسألة.
يجوز للخايف والنساء وغيرهم من أصحاب الاعذار والضرورات الإفاضة قبل طلوع الفجر (من مزدلفة صح) إجماعا لما رواه العامة عن ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه وآله كما يقدم ضعفة
أهله في النصف الأخير من المزدلفة وقال قدمنا رسول الله صلى الله عليه وآله أغيلمة بنى عبد المطلب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء والصبيان
أن يفيضوا بليل ويرموا الجمار بليل وإن يصلوا الغداة في منازلهم فإن خفن الحيض مضين إلى مكة ووكلن من يضحي عنهن وعن أحدهما (ع) قال أي رجل وامرأة خائف
أفاض من المشعر الحرام ليلا فلا بأس الحديث. مسألة. يستحب لغير الامام أن يكون طلوعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل وللامام بعد طلوعها لما رواه العامة
إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس (ويقولون أشرف ثبير كيما نغير وان رسول الله صلى الله عليه وآله خالفهم فأفاض قبل أن يطلع الشمس صح) ومن طريق الخاصة إن الكاظم (ع) سئل أي ساعة أحب إليك أن تفيض من جمع فقال قبل أن تطع الشمس بقليل هي
أحب الساعات إلى قلت فإن مكثنا حتى تطلع الشمس قال ليس به بأس. إذا عرفت هذا فإنه تستحب الإفاضة بعد الاسفار قبل طلوع الشمس بقليل وبه قال
الشافعي واحمد وأصحاب الرأي لما رواه العامة في حديث جابر إن النبي صلى الله عليه وآله لم يزل واقفا حتى أسفر حرا فدفع قبل أن تطلع الشمس ومن طر يق الخاص ما تقدم في حديث
الكاظم (ع) ولو دفع قبل الاسفار بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس لم يكن مأثوما إجماعا. مسألة. حد المشعر (المزدلفة) ما بين مأزمي عرفة إلى الحياض إلى وادى محسر يجوز
الوقوف في أي موضع شاء منه إجماعا لما رواه العامة عن الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله قال وقفت ههنا بجمع وجمع كلها موقف ومن طريق
الخاصة قول زرارة في الصحيح إن الباقر (ع) قال للحكم بن عيينة ما حد المزدلفة فسكت فقال الباقر (ع) حدها ما بين المأزمين إلى الجبل إلى حياض وادى محسر
وفى الصحيح عن معاوية بن عمار وقال حد المشعر الحرام من المأزمين إلى الحياض إلى وادى محسر إذا عرفت هذا فلو ضاق عليه الموقف جاز له أن يرتفع إلى
الجبل لقول الصادق (ع) فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون فقال يرتفعون إلى المأزمين. مسألة. الوقوف بالمشعر وقتان اختياري من
طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يوم النحر واضطراري بعد طلوع الشمس إلى زوالها فإذا أدرك الحاج الاختياري من وقت عرفة وهو من زوال الشمس إلى غروبها من يوم
عرفة واضطراري المشعر أو أدرك اضطراري عرفة واختياري المشعر صح حجه إجماعا وكذا لو أدرك اختياري أحدهما وفاته الاخر اختياريا واضطراريا على إشكال لو
كان الفايت هو المشعر أما لو أدرك الاضطراريين معا ولم يدرك اختياري أحدهما فقد قيل يبطل حجه وقيل يصح ولو ورد الحاج ليلا وعلم أنه إذا مضى إلى عرفات وقف
بها قليلا ثم عاد إلى المشعر قبل طلوع الشمس وجب عليه المضي إلى عرفات والوقوف بها ثم يجئ إلى المشعر ولو غلب على ظنه أنه إن مضى إلى عرفات لم يلحق المشعر قبل طلوع
الشمس اقتصر على الوقوف بالمشعر وقد تم حجه وليس عليه شئ ولو وقف بعرفات ليلا ثم أفاض إلى المشعر فأدركه ليلا أيضا ولم يتفق له الوقوف إلى طلوع الفجر بل أفاض
منه قبل طلوعه ففي إلحاقه بإدراك الاضطراريين نظر فإن قلنا به جاءت فيه الخلاف وأما العامة فقالوا إذا فاته الوقوف بعرفات فقد فاته الحج مطلقا سواء وقف بالمشعر أو لا
ويدل على إدراك الحج بإدراك الاضطراريين ما رواه الحسن العطار في الصحيح عن الصادق (ع) قال إذا أدرك الحاج عرفات قبل طلوع الفجر فاقبل من عرفات ولم يدرك
الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا فليقف قليلا بالمشعر وليلحق الناس بمنى ولا شئ عليه. مسألة. يستحب أخذ حصى الجمار من المزدلفة وهو سبعون حصاة عند
علمائنا وهو قول ابن عمر وسعيد بن جبير والشافعي لان الرمي تحية لموضعه فينبغي له أن يلتقطه من المشعر لئلا يشتغل عند قدومه بغيره كما إن الطواف تحية المسجد فلا
يبدأ بشئ قبله وما رواه العامة عن بن عمر إنه كان يأخذ الحصى من جمع وفعله سعيد بن جبير وقال كانوا يتزودون الحصى من جمع ومن طريق الخاصة ما رواه معاوية
ابن عمار في الحسن قال خذ حصى الجمار من جمع وإن أخذته من رحلك (عن منى صح) أجزأك ويجوز أخذ حصى الجمار من الطريق في الحرم ومن بقية مواضع الحرم عدا المسجد الحرام ومسجد
الخيف ومن حصى الجمار إجماعا لما رواه العامة عن بن عباس قال قال رسول الله (ص) غداة العقبة وهو على ناقته القط لي حصى الجمار فلقطت له سبع حصيات هي حصى
الخذف فجعل يقبضهن في كفه ويقول أمثال هؤلاء فارموا ثم قال أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) يجوز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم (إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف. إذا عرفت هذا فلا يجوز أخذ الحصى من حصى الجمار صح) لا من غير الحرم؟ لقول الصادق (ع) في الحسن حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك وإن أخذته من غير الحرم لم يجزئك
قال وقال ولا ترم الجمار إلا بالحصى وقال الصادق (ع) ولا تأخذ من حصى الجمار وقال بعض علمائنا لا يؤخذ الحصى من جميع المساجد ولا بأس به لما ورد من تحريم إخراج
الحصى من المساجد. الفصل الرابع. في نزول منى وقضاء مناسكها وفيه أبواب. الأول في الرمي ومقدمته وفيه مباحث الأول في الإفاضة إلى
منى. مسألة. يستحب له الدفع من مزدلفة إلى منى إذا أسفر الصبح قبل طلوع الشمس تأسيا برسول الله صلى الله عليه وآله ويستحب أن يفيض بالسكينة والوقار ذاكرا لله تعالى مستغفرا
داعيا لما رواه العامة عن بن عباس قال ثم أردف رسول الله الفضل بن عباس وقال أيها الناس إن البر ليس بايجاف الخيل والإبل فعليكم بالسكينة فما رأيتها رافعة يديها
حتى أتى منى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فأفاض رسول الله صلى الله عليه وآله خلاف ذلك بالسكينة والوقار والدعه فأفض بذكر الله والاستغفار وحرك به لسانه. مسألة.
فإذا بلغ وادى محسر وهو وادى عظيم بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب أسرع في مشيه إن كان ماشيا وإن كان راكبا حرك دابته ولا نعلم فيه خلافا لما رواه العامة عن
الصادق (ع) في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله لما أتى وادى محسر حرك قليلا وسلك الطريق الوسطى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فإذا مررت بوادي محسر وهو وادى عظيم
بين جمع ومنى وهو إلى منى أقرب فاسع فيه حتى تجاوزه فإن رسول الله حرك فاقته ولا نعلم خلافا في استحباب الاسراع فيه ولو ترك الهرولة فيه استحب له أن يرجع ويهرول
لأنها كيفية مستحبة ولا يمكن فعلها إلا بإعادة الفعل فاستحب له تداركها كناسي الاذان وقول ابن بابويه ترك رجل السعي في وادى محسر فأمره الصادق (ع) بعد الانصراف
إلى مكة فرجع فسعى وقد قيل إن النصارى كانت تقف ثم فرأوا؟ مخالفتهم ويستحب له الدعاء حالة السعي في وادى محسر لقول الصادق (ع) في الصحيح إن رسول الله قال اللهم سلم
عهدي واقبل توبتي وأجب دعوتي واخلفني بخير فيمن تركت بعدي وفى رواية عن الكاظم (ع) الحركة في وادى محسر مائة خطوة في حديث اخر مئة ذراع وأما الجمهور فاستحبوا
375

الاسراع قدر رمية حجر وإذا أفاض من المشعر قبل طلوع الشمس فلا يجوز وادى محسر حتى تطع الشمس مستحبا وروى عن الباقر (ع) إنه يكره أن يقيم عند المشعر بعد الإفاضة
. إذا عرفت هذا فإنه يجب يوم النحر بمنى ثلاث مناسك رمى جمرة العقبة والذبح والحلق أو التقصير ويجب عليه بعد عوده من مكة إلى منى يوم النحر أو ثانية
رمى الجمار الثلاث والمبيت بمنى. البحث الثاني. في رمى جمرة العقبة. مسألة. إذا ورد منى يوم النحر
وجب عليه فيه رمى جمرة العقبة وهي آخر (الجمار مما
يلي منى وأولها مما يلي مكة وهي عند العقبة ولذلك سميت جمرة العقبة في حضيض الجبل مترقيه عن العادة ولا نعلم خلافا في وجوب رمى جمرة العقبة صح) لان رسول
الله صلى الله عليه وآله رماها وقال خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى اللتي عند العقبة فارمها من قبل
وجهها ولا ترمها من أعلاها. إذا عرفت هذا فإنه يستحب له إذا دخل منى بعد طلوع الشمس رمى جمرة العقبة حالة وصوله. مسألة. لا يجوز الرمي
في هذا اليوم ولا باقي الأيام إلا بالحجارة عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله رمى بالأحجار وقال بمثل هذا فارموا
وقال (ع) عليكم بحصى الخذف ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح خذ حصى الجمار ثم ائت جمرة القصوى اللتي عند العقبة فارمها من قبل وجهها والامر للوجوب
وقال أبو حنيفة يجوز بكل ما كان من جنس الأرض كالكحل والزرنيخ والمدر فأما ما لم يكن من جنس الأرض فلا يجوز وقال داود يجوز الرمي بكل شئ حتى حكى عنه إنه قال
لو رمى بعصفور ميت أجزأه لقوله إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ ولم يفصل وعن سكينة بنت الحسين أنها رمت الجمرة ورجل يناولها الحصى تكبر مع كل
حصاة فسقطت حصاة فرمت بخاتمها ولأنه رمى بما هو من جنس الأرض فأجزأه كالحجارة والجواب لم يذكر في الحديث كيفية المرمى به وبينه بفعله فيصرف ما ذكره إلى
المعهود من فعله كغيره من العبادات وفعل سكينة (ع) نقول به لجواز أن يكون فص الخاتم حجرا وينتقض قياس أبي حنيفة بالدراهم. مسألة. واختلف قول الشيخ (ره)
فقال في أكثر كتبه لا يجوز الرمي بالحصى واختاره ابن إدريس وأكثر علمائنا وقال في الخلاف لا يجوز الرمي إلا بالحجر وما كان من جنسه من البرام والجوهر وأنواع
الحجارة ولا يجوز بغيره كالمدر والاجر والكحل والزرنيخ والملح وغير ذلك من الذهب والفضة وبه قال الشافعي والوجه الأول لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لما لقط
له الفضل بن العباس حصى الخذف قال بمثلها فارموا ومن طريق الخاصة رواية زرارة الحسنة عن الصادق (ع) قال لا ترم الجمار إلا بالحصى ولحصول يقين البراءة
بالرمي بالحصى دون غيره فيكون أولي. مسألة. ويجب أن يكون الحصى أبكارا فلو رمى بحصاة رمى بها هو أو غيره لم يجزئه عند علمائنا وبه قال أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله
لما أخذ الحجارة قال بأمثال هؤلاء فارموا وإنما تتحقق المماثلة بما ذكرناه ولأنه (ع) أخذ الحصى من غير المرمى وقال خذوا عني مناسككم ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) ولا تأخذ من حصى الجمار وقال الشافعي إنه مكروه ويجزئه وقال المزني إن رمى بما رمى به هو لم يجزئه وإن رمى بما رمى به غيره أجزاء لأنه رمى بما يقع عليه اسم
الحجارة فأجزائه كما لو لم يرم به قبل ذلك والجواب ليس المطلق كافيا وإلا لما احتاج الناس إلى نقل الحصى إلى الجمار وقد أجمعنا على خلافه ولا فرق في عدم الأجزاء بين
جميع العدد وبعضه فلو رمى بواحدة قد رمى بها وأكمل العدد بالابكار لم يجزئه ولو رمى بخاتم فصه حجر فالأقرب الأجزاء خلافا لبعض العامة فإنه منع منه لان الحجر هنا
تبع. مسألة. يجب أن يكون الحصى من الحرم فلا يجزئه لو أخذه من غيره لقول الصادق (ع) إن أخذته من الحرم أجزأك وإن أخذته من غير الحرم لم يجزئك
وهذا نص في الباب ويكره أن تكون صما بل تكون رخوة ويستحب أن تكون برشا منقطة كحليته قدر الأنملة لان الصادق (ع) كره الصم منها وقال خذ البرش وقال
الرضا (ع) حصى الجمار تكون مثل الأنملة لا تأخذها سودا ولا بيضا ولا حمرا خذها كحلية منقطة تخذفهن خذفا وتضعها وتدفعها بظفر السبابة قال وارمها من
بطن الوادي واجعلهن على يمينك كلهن ولا ترم على الجمرة وتقف عند الجمرتين الأوليين ولا تقف عند جمرة العقبة ويكره أن تكون مكسرة وبه قال الشافعي
واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله أمر الفضل فلقط له حصى الخذف وقال بمثلها فارموا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) التقط الحصى ولا تكسر منها شيئا ويستحب أن تكون صغارا
قدر كل واحد منها مثل الأنملة لان النبي (ص) أمر بحصى الخذف والخذف إنما يكون بأحجار صغار ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) حصى الخذف تكون مثل
الأنملة وقال الشافعي أصغر من الأنملة طولا وعرضا ومنهم من قال كقدر النواة ومنهم من قال مثل الباقلا وهذه المقادير متفاوتة ولو رمى بالبر
أجزأه للامتثال وفى إحدى الروايتين عن أحمد إنه لا يجزئه لان النبي (ص) أمر بهذا القدر. البحث الثالث. في رمى الجمار وكيفيته. مسألة. يجب في
الرمي النية لأنه عبادة وعمل ويجب أن يقصد وجوب الرمي أما الجمرة العقبة أو لغيرها لوجوبه قربة إلى الله تعالى إما لحج الاسلام أو لغيره ويجب فيه العدد وهو سبع
حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة فلا يجزئه لو أخل ولو بحصاة بل يجب عليه الاكمال ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (على) كذا فعلوا ويجب
إيصال كل حصاة إلى الجمرة بما يسمى رميا بفعله فلو وضعها بكفه في المرمى لم يجزئه إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالرمي وهذا لا يسمى رميا فلا يكون مجزيا ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى اللتي عند العقبة فارمها ولو طرحها طرحا قال بعض العامة لا يجزئه وقال أصحاب الرأي يجزئه لصدق
الاسم والضابط تبعية الاسم فإن سمى رميا أجزأه وإلا فلا ويجب أن يقع الحصى المرمى فلو وقع دونه لم يجزئه إجماعا قال الصادق (ع) فإن رميت بحصاة فوقعت في محمل
فأعد مكانها. مسألة. يجب أن تكون أصابه الجمرة بفعله لان النبي (ص) كذا فعل وقال خذوا عنى مناسككم ولقوله (ع) بمثلها فارموا أوجب استناد الرمي إلينا
فلو رمى بحصاة فوقعت على الأرض ثم مرت على سننها أو أصابت شيئا صلبا كالمحمل وشبهه ثم وقعت في المرمى بعد ذلك أجزاءه لان وقوعها في المرمى بفعله ورميه
بخلاف المزدلف في المسابقة فإنه لا يعتد به في الإصابة لان القصد إبانة إصابة الحذف الهدف فإذا ازدلف السهم فقد عدل عن السنن فلم تدل الإصابة على حذفه فلهذا
لم يعتد به بخلاف الحصاة فإن الغرض إصابة الجمرة بفعله كيف كان أما لو وقعت الحصاة على ثوب إنسان فنقضها فوقعت في المرمى فإنه لا يجزئه وبه قال الشافعي
لأنه لم تمثل أمر الإصابة بفعله وقال احمد يجزئه لان ابتداء الرمي من فعله فأشبه ما لو أصاب موضعا صلبا ثم وقعت
في المرمى وليس بجيد لان المأخوذ عليه الإصابة بفعله ولم تحصل فأشبه ما لو وقعت في غير المرمى فأخذها غيره فرمى بها
في المرمى وكذا لو وقعت على ثوب إنسان فتحرك فوضعت في المرمى أو على عنق بعير فتحرك فوقعت في المرمى لامكان استناد الإصابة إلى حركة البعير والانسان ولو رماها
نحو المرمى ولم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا فالوجه إنه لا يجزئه وهو قول الشافعي في الجديد لأصالة البقاء وعدم يقين البراءة وقال في القديم يجزئه بناء على
الظاهر ولو رمى حصاة فوقعت على حصاة فطفرت الثانية في المرمى لم يجزئه لان التي رماها لم تحصل في المرمى والتي حصلت لم يرمها إبتداء ولو رمى إلى غير
المرمى (فوقع في المرمى صح) لم يجزئه لأنه لم يقصده بخلاف ما لو رمى إلى صيد فوقع غيره صحت تذكيته لعدم القصد في الذكاة والرمي يعتبر فيه القصد ولو وقعت على مكان أعلا من الجمرة فقد خرجت
في المرمى فالأقرب الأجزاء لحصولها في المرمى بفعله وخلافا لبعض الشافعية ولو رمى بحصاة فالتقمها طاير قبل وصولها لم يجزئه سواء رماها الطاير في المرمى أو لا
376

لان حصولها في المرمى لم يكن بفعله ولو رمى بحصاة كان قد رماها فأصابت غير المرمى فأصاب المرمى ثانيا صح ولو أصابت الحصاة إنسانا أو غيره ثم وقعت على
المرمى أجزأه لقول الصادق (ع) في الصحيح وإن أصاب إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار أجزأك. مسألة. ويرمى كل حصاة بانفرادها فلو رمى الحصاة دفعة
واحدة لم يجزئه لان النبي صلى الله عليه وآله رمى متفرقا وقال خذوا عني مناسككم وبه قال ما لك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي وقال عطا يجزئه وهو مخالف لما فعله النبي صلى الله عليه وآله
ويرمى جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها مستحبا إجماعا لما روى العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله رمى الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة ومن
طريق الخاصة قول الرضا (ع) وارمها من بطن الوادي واجعلهن على يمينك كلها ويستحب أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة بخلاف غيرها من الجمار وهو قول
أكثر العلماء لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه رمى جمرة العقبة مستدبر القبلة وينبغي أن يرميها من قبل وجهها ولا يرميها من أعلاها لقول الصادق (ع) في الحسن
ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها قال الشيخ (ره) جميع أفعال الحج يستحب أن تكون مستقبل القبلة من الوقوف
بالموقفين ورمى الجمار إلا جمرة العقبة يوم النحر فإن النبي صلى الله عليه وآله رماها مستقبلها ومستدبرا للكعبة. إذا عرفت هذا فلا ينبغي أن يرميها من أعلاها وروى
العامة إن عمر جاء والزحام عند الجمرة فصعد فرماها من فوقها وهو ممنوع لما رووه عن عبد الله بن سويد إنه مشى مع عبد الله بن مسعود وهو يرمى الجمرة فلما
كان في بطن الوادي اعترضها فرماها فقيل له إن ناسا يرمونها من فوقها فقال من ههنا والذي لا إله غيره لم رأيت الذي نزلت عليه سورة البقرة رماها ومن
طريق الخاصة قول الرضا (ع) ولا ترم أعلى الجمرة وقول الصادق (ع) ولا ترمها من أعلاها. مسألة. ويستحب أن يرميها خذفا بأن يضع كل حصاة على بطن إبهامه
ويدفعها بظفر السبابة لقول الرضا (ع) قال تخذفهن خذفا وتضعها وتدفعها بظفر السبابة ولو رماها على غير هذه الصفة أجزأ ويستحب أن يكون بينه وبين الجمرة
قدر عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا لقول الصادق (ع) وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع أو خمسة عشر ذراعا ويستحب أن يكبر مع كل حصاة ويدعو بالمنقول
قال الشافعي ويقطع التلبية إذا ابتدأ بالرمي لان التلبية شعار الاحرام والرمي أخذ في التحليل وقال القفال إذا رحلوا من مزدلفة مزجوا التلبية بالتكبير
في ممرهم فإذا انتهوا إلى الجمرة وافتتحوا الرمي محضوا التكبير. البحث الثالث. في الاحكام. مسألة. يجب الاتيان إلى منى لقضاء المناسك بها
من الرمي والذبح والحلق أو التقصير وينبغي أن يأخذ على الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى لان النبي صلى الله عليه وآله سلكها وحد منى من العقبة إلى وادى محسر لقول
الصادق (ع) حد منى من العقبة إلى وادى محسر وهو قول عطا والشافعي. مسألة. لا يشترط في الرمي الطهارة وإن كانت أفضل فيجوز للمحدث والجنب و
الحايض وغيرهم الرمي إجماعا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه أمر عايشه بالاتيان بأفعال الحج سوا الطواف وكانت حايضا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في
الحسن ويستحب أن يرمى الجمار على طهر ويجوز الرمي راجلا وراكبا والأول أفضل لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه كان لا يأتيها يعنى جمرة العقبة إلا ماشيا ذاهبا
وراجعا ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) في الصحيح عن آبائه (ع) قال كان رسول الله (ص) يرمى الجمار ماشيا وقد روى العامة عن جعفر الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع)
عن جابر قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله يرمى على راحلته يوم النحر ويقول تأخذوا عنى مناسككم فإني لا أدرى لعلى لا أحج بعد حجتي هذه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
في الصحيح وقد سأله معاوية بن عمار عن رجل ورمى الجمار وهو راكب قال لا بأس به ويستحب أن يرفع يده في الرمي حتى يرى بياض إبطه قال بعض العامة لان النبي (ص)
فعله وأنكر ذلك مالك ويستحب أن لا يقف (عند جمرة العقبة ولا نعلم فيه خلافا لان ابن عباس وابن عمر رويا إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان
إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف صح) ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) ولا يقف عند جمرة العقبة. مسألة. يجوز الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها
قال بن عبد البر أجمع علماء المسلمين على أن رسول الله صلى الله عليه وآله رماها ضحى ذلك اليوم وقال جابر رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله (يرمى الجمرة) رمى جمرة العقبة ضحى يوم النحر وحده وقال بن عباس
قدمنا رسول الله صلى الله عليه وآله أغيلمة بنى عبد المطلب على جمرات لنا من جمع فجعل يلطخ افخادنا ابني؟ لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها وقد رخص للمعذور كالخائف والعاجز والمرأة والراعي والعبد في الرمي ليلا (من نصفه صح) للعذر أما غيرهم فليس لهم الرمي إلا بعد
طلوع الشمس وبه قال مجاهد والثوري والنخعي لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر أم سلمة ليلة النحر فرمت جمرة العقبة قبل طلوع الفجر ثم مضت
فأفاضت ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لا بأس بأن يرمى الخايف بالليل ويضحى ويفيض بالليل وجوز الشافعي وعطا وابن أبي ليلى وعكرمة بن خالد الرمي ليلا
من نصفه الأخير للمعذور وغيره وعن أحمد إنه لا يجوز الرمي إلا بعد طلوع الفجر وهو قول مالك وأصحاب الرأي وإسحاق وابن المنذر. مسألة. يجوز
تأخير الرمي إلى قبل الغروب بمقدار أداء المناسك قال بن عبد البر أجمع أهل العلم على أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها وإن لم
يكن ذلك مستحبا لان بن عباس قال كان النبي (ع) يسأل يوم النحر بمنى وقال رجل رميت بعد ما أمسيت فقال لا حرج. إذا عرفت هذا فلو غابت
الشمس فقد فات الرمي فليرم من غده وبه قال أبو حنيفة واحمد لما رواه العامة عن بن عمر قال من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرم حتى تزول الشمس من
الغد ومن طريق الخاصة ما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح عن الصادق قال سألته عن رجل أفاض من جمع حتى إنتهى إلى منى فعرض له فلم يرم حتى غابت
الشمس قال يرمى إذا أصبح مرتين مرة لما فاته والاخرى ليومه الذي يصبح فيه وليفرق بينهما يكون أحدهما بكرة وهو الأمس والاخر عند زوال الشمس وقال الشافعي
ومحمد وابن المنذر ويعقوب يرمى ليلا لقوله (ع) إرم ولا حرج وجوابه إنه إنما كان في النهار لأنه سأله في يوم النحر ولا يكون اليوم إلا قبل الغروب وقال مالك
يرمى ليلا ثم اضطرب قوله فتارة أوجب الدم حينئذ وتارة أسقطه. مسألة. يستحب الرمي عند زوال الشمس لقول الصادق (ع) في الصحيح إرم في كل يوم
عند زوال الشمس ويستحب أن لا يقف عند جمرة العقبة إجماعا لقول الصادق (ع) في الصحيح ثم تمضى إلى الجمرة الثالثة وعليك السكينة والوقار ولا تقف عندها
ولان يعقوب بن شعيب سأل في الصحيح الصادق عن الجمار فقال قم عند الجمرتين ولا تقم عند جمرة العقبة فقلت هذا من السنة فقال نعم قلت ماذا أقول
إذا رميت قال كبر مع كل حصاة قال الشيخ (ره) وقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس من يوم النحر بلا خلاف ووقت الأجزاء من طلوع الفجر
اختيارا فإن رمى قبل ذلك لم يجزئه ولصاحب العذر الرمي ليلا وبمثل ما قلناه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وقال الشافعي أول وقت الأجزاء
إذا انتصفت ليلة النحر وبه قال عطا وعكرمة. مسألة. قدر حصى الجمار سبعون حصاة سبع منها لجمرة العقبة يرمى يوم النحر خاصة ويرمى في كل
يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصياة يبدأ بالأولى وهي العظمى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة إجماعا ويستحب غسل حصا الجمار وبه قال
ابن عمر وطاوس لان ابن عمر غسل والظاهر أنه توقيف ولاحتمال ملاقاته لنجاسة فمع الغسل يزول الاحتمال وإن لم يكن معتبرا شرعا ولو كان الحجر نجسا
377

استحب له غسله فإن لم يغسله ورمى به أجزأ لحصول الامتثال وقال عطا ومالك لا يستحب وعن أحمد روايتان وسيأتى مباحث الرمي إن شاء الله تعالى. البحث
الثاني. في الذبح وفيه مباحث الأول الهدى. مسألة. إذا فرغ من جمرة العقبة ذبح هديه أو نحره إن كان من الإبل لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
إنه رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة (بيده صح) ثم أعطى عليا فنحر ما غبر؟ وأشركه في هديه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح في صفة
حج رسول الله صلى الله عليه وآله فلما أضاء له النهار أفاض حتى إنتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة وكان الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا وستين (أو ستا وستين صح) وجاء علي (ع) بأربعة وثلاثين
أو ستة وثلاثين فنحر رسول الله (ص) ستا وستين ونحر علي (ع) أربعا وثلاثين بدنه. مسألة. هدى التمتع واجب بإجماع العلماء قال الله تعالى فمن تمتع بالعمرة
إلى الحج فما استيسر من الهدى وروى العامة عن بن عمر قال تمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله قال للناس من لم يسق الهدى فليطف
بالبيت وبالصفا وبالمروة وليقصر ثم ليهل بالحج ويهدى فمن لم يجد الهدى فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
في الصحيح في المتمتع وعليه الهدى فقال أفضله بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة ولا فرق بين المكي وغيره فلو تمتع المكي وجب عليه الهدى للعموم. مسألة.
وإنما يجب الهدى على غير أهل مكة وحاضريها لان فرضهم التمتع أما أهل مكة وحاضروها فليس لهم أن يتمتعوا لان فرضهم القران أو الافراد فلا يجب عليهم
الهدى إجماعا لان الله تعالى قال ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وقال الصادق (ع) في الحسن عن المفرد قال ليس عليه هدى ولا أضحية وأما القارن
فإنه يكفيه ما ساقه إجماعا ويستحب له الأضحية لأصالة براءة الذمة وقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة إذا قرن بين الحج والمتعة لزمه دم وقال الشافعي تلزمه
بدنة وقال داود لا يلزمه شئ. مسألة. قد بينا إن فرض المكي القران أو الافراد فلو تمتع قال الشيخ يسقط عنه الفرض ولا يلزمه دم وقال الشافعي يصح تمتعه
وقرانه وليس عليه دم وقال أبو حنيفة يكره له التمتع والقرآن فإن خالف وتمتع فعليه دم المخالفة دون التمتع والقرآن واستدل الشيخ بقوله تعالى فمن تمتع
إلى قوله ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام قال معناه إن الهدى لا يلزم إلا من لم يكن أهله من حاضري المسجد الحرام ويجب أن يكون قوله ذلك راجعا
إلى الهدى لا إلى التمتع لان من قال من دخل داري فله درهم ذلك لمن لم يكن عاميا فهم منه الرجوع إلى الجزاء لا إلى الشرط ثم قال ولو قلنا إنه راجع إليهما وقلنا
إنه لا يصح منهم التمتع أصلا كان قويا. مسألة. دم التمتع نسك عند علمائنا وبه قال أصحاب الرأي لقوله تعالى. والبدن جعلناها لكم من شعاير الله لكم فيها
خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها أخبر بأنه جعلها من الشعاير وأمر بالاكل منها فلو كان جبرا لما أمر بالاكل منها وقال الشافعي إنه جبرات
لاخلاله بالاحرام من الميقات لأنه مر به وهو مريد للحج والعمرة وحج من سنته وهو ممنوع فإن ميقات حج التمتع عندنا مكة وقد أحرم منه والمتمتع إذا أحرم بالحج
من مكة لزمه الدم إجماعا أما عندنا (فلانه نسك وأما عند المخالف صح) فلانه أخل بالاحرام من المواقيت فلو أتى الميقات وأحرم منه لم يسقط عنه الدم عندنا وقالت العامة بسقوطه ويبطل بقوله فمن
تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى ولو أحرم المفرد بالحج ودخل مكة جاز له أن يفسخه ويجعله عمرة يتمتع بها قاله علماؤنا خلافا لأكثر العامة وادعوا انه مفسوخ
وليس بجيد لثبوت مشروعيته فإن النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه بذلك ولم يثبت النسخ ويجب عليه الدم لثبوت التمتع المقتضى له. مسألة. إذا أحرم بالعمرة وأتى بأفعالها
في غير أشهر الحج ثم أحرم بالحج في أشهره لم يكن متمتعا ولا يجب عليه الدم لأنه لم يأت بالعمرة في زمان الحج وكان كالمفرد فإن المفرد إذا أتى بالعمرة بعد أشهر الحج لم يجب عليه
الدم إجماعا ولو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وأتى بأفعالها في أشهره من الطواف وغيره وحج من سنة لم يكن متمتعا قاله الشيخ ولا يلزمه دم وهو أحد قولي الشافعي
وبه قال احمد لأنه أتى بركن من أركان العمرة في غير أشهر الحج وهو يستلزم ايقاع أركانها فيه وقال الشافعي ففي القول الثاني يجب به الدم ويكون متمتعا لأنه أتى بأفعال
العمرة في أشهر الحج واستدامة الاحرام بمنزله ابتدائه فهو كما لو ابتداء بالاحرام في أشهر الحج وقال مالك إذا لم يتحلل من إحرام العمرة حتى دخلت أشهر الحج صار متمتعا
وقال أبو حنيفة إذا أتى بأكثر أفعال العمرة في أشهر الحج صار متمتعا. مسألة. إذا أحرم المتمتع من مكة بالحج ومضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات لم يسقط عنه
الدم للآية وقد بينا أن الدم نسك لا جبران وقال الشافعي إن مضى من مكة إلى عرفات لزمه الدم قولا واحدا وإن مضى إلى الميقات ثم منه إلى عرفات
فقولان أحدهما لا دم عليه لأنه لو أحرم من الميقات لم يجب الدم فإن عاد إليه محرما قبل التلبس بأفعال الحج صار كأنه أحرم منه والثاني لا يسقط كما قلناه وبه قال
مالك لان له ميقاتين يجب مع الاحرام من أحدهما الدم فإذا أحرم منه وجب الدم ولم يسقط بعد ذلك كما لو عاد بعد التلبس بشئ من المناسك وقال أبو حنيفة
لا يسقط الدم حتى يعود إلى بلده لأنه لم يلم بأهله فلم يسقط دم التمتع كما لو رجع إلى ما دون الميقات وليس بجيد لان بلده موضع لا يجب عليه الاحرام منه بابتداء
الشرع فلا يتعلق سقوط دم المتمتع بالعود إليه كساير البلاد ودون الميقات ليس ميقات بلده. مسألة. قد بينا أن ميقات حج التمتع مكة فإذا فرغ المتمتع
من أفعال العمرة إن شاء الاحرام بالحج من مكة فإن خالف وأحرم من غيرها وجب عليه أن يرجع إلى مكة ويحرم منها سواء أحرم من الحل أو من الحرم إذا أمكنه فإن
يمكنه مضى على إحرامه وتمم أفعال الحج ولا يلزمه دم لهذه المخالفة لان الدم يجب للمتمتع فايجاب غيره منفى بالأصل وقال الشافعي إن أحرم من خارج مكة وعاد
إليها فلا شئ عليه وإن لم يعد إليها ومضى على وجهه إلى عرفات فإن كان إن شاء الاحرام من الحل فعليه دم قولا واحدا وإن انشاء من الحرم ففي وجوب الدم قولان
أحدهما لا يجب لان الحكم إذا تعلق بالحرم ولم يختص ببقعة منه كان الجميع فيه سواء كذبح الهدى والثاني يجب لان ميقاته البلد الذي هو مقيم فيه فإذا ترك ميقاته
وجب عليه الدم وإن كان ذلك كله من حاضر المسجد الحرام. مسألة. يشترط في التمتع النية على ما سبق فلو لم ينوه لم يكن متمتعا ولم يجب الدم وهو أحد قولي
الشافعي في الاخر يكون متمتعا ويجب الدم لأنه إذا أحرم بالعمرة من الميقات وحج من سنة فقد صار جامعا بينهما فيجب الدم والحق خلافه والقارن
والمفرد إذا أكملا حجهما وجب عليهما الاتيان بعمرة مفردة بعد الحج يحرمان بها من أدنى الحل فلو أحرما من الحرم لم يصح ولو طافا وسعيا لم يكونا معتمرين ولا
يلزمهما دم وللشافعي قولان أحدهما كما قلناه لكن خلاف الشافعي في المفرد خاصة والثاني تكون عمرة صحيحة ويجب الدم لنا إنه يجب أن يقدم الخروج إلى الحل
قبل الطواف والسعي ثم يعود ويطوف ويسعى ليكون جامعا في نسكه بين الحل والحرم بخلاف المتمتع حيث كان له أن يحرم من مكة لان النبي صلى الله عليه وآله لما نسخ على أصحابه
الحج إلى العمرة أمرهم أن يحرموا بالحج من جوف مكة ولان الحاج لابد له من الخروج إلى الحل للوقوف فيكون جامعا في إحرامه بين الحل والحرم بخلاف المتمتع. احتج
بأنه ترك قطع مسافة لزمه قطعها بإحرام وذلك لا يمنع من الاحتساب بأفعال العبادة. والجواب إنه لم يأت بالعبادة على وجهها فلا تكون مجزية ولو
378

أفرد الحج عن نفسه فلما فرغ من الحج خرج إلى أدنى الحرم فاعتمر لنفسه ولم يعد إلى الميقات لا دم عليه وكذا من تمتع ثم اعتمر بعد ذلك من أدنى الحرم وكذا لو أفرد عن غيره أو
تمتع أو قرن ثم اعتمر من أدنى الحل كل هذا لا دم عيه لتركه الاحرام من الميقات بلا خلاف وأما إن أفرد عن غيره ثم اعتمر لنفسه من خارج الحرم دون الحل قال
الشافعي في القديم عليه دم وقال أصحابه على هذا لو اعتمر عن غيره ثم حج عن نفسه فأحرم بالحج من جوف مكة فعليه دم لتركه الاحرام من الميقات وعندنا إنه لا دم
عليه للأصل ولو اعتمر في أشهر الحج ولم يحج في ذلك العام بل حج من العام المقبل مفردا له عن العمرة لم يجب الدم لأنه لا يكون متمتعا وهو قول عامة العلماء إلا
قولا شاذا عن الحسن البصري فيمن اعتمر في أشهر الحج فهو متمتع حج أو لم يحج وأهل العلم كافة على خلافه لقوله تعالى من تمتع بالعمرة إلى الحج وهو يقتضى الموالاة بينهما
ولان الاجماع واقع على من اعتمر في أشهر الحج ثم حج من عامه ذلك فليس بمتمتع فهذا أولي لكثرة التباعد بينهما. مسألة. قد بينا إن المتمتع بعد فراغه
من العمرة لا ينبغي له أن يخرج من مكة حتى يأتي بالحج لأنه صار مرتبطا به لدخولها فيه لقوله (ع) دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه وقال الله تعالى
وأتموا الحج والعمرة لله فلو خرج من مكة بعد إحلاله ثم عاد في الشهر الذي خرج منه صح له أن يتمتع ولا يجب عليه تجديد عمرة وإن عاد في غير الشهر اعتمر أخرى و
تمتع بالأخيرة ووجب عليه الدم بالأخيرة ولا يسقط عنه الدم لقوله تعالى فما استيسر من الهدى وما تقدم من الأحاديث الدالة على صحة العمرة إن رجع في
الشهر الذي خرج فيه ووجوب إعادتها إن رجع في غيره وعلى التقديرين يجب الدم وقال عطا والمغيرة واحمد وإسحاق إذا خرج إلى سفر بعيد تقصر الصلاة في مثله سقط
عنه الدم لقول عمر إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع فإن خرج ورجع فليس بمتمتع وهو محمول على من رجع في غير الشهر الذي خرج فيه جمعا بين الأدلة وقال الشافعي
إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه وقال أصحاب الرأي إن رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا وقال مالك إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت
متعته وإلا فلا وقال الحسن البصري هو متمتع وإن رجع إلى بلده واختاره ابن المنذر. مسألة. إنما يجب الدم على من أحل من إحرام العمرة فلو لم يحل وادخل إحرام الحج
عليها بطلت المتعة وسقط الدم وبه قال احمد قالت عايشه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله عام حجة الوداع وأهللنا بعمرة فقدمت مكة وأنا حايض لم أطف بالبيت
ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انقضى رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعى العمرة قالت عايشه ففعلت فلما قضينا الحج أرسلنا
مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه فقال هذه مكان عمرتك قال عروة فقضى الله حجها وعمرتها ولم يكن في شئ من ذلك هدى ولا صوم ولا
صدقة ولان الهدى إنما يجب على المتمتع والتقدير بطلان متعته أما المكي لو تمتع وجوزناه فإنه يجب عليه الهدى ولو دخل الآفاقي متمتعا إلى مكة ناويا
للإقامة بها بعد تمتعه فعليه دم المتعة أجمع عليه العلماء للآية وبالعزم على الإقامة لا يثبت له حكمها ولو كان مولده ومنشؤه مكة فخرج منتقلا مقيما
بغيرها ثم عاد إليها متمتعا ناويا للإقامة أو غير نأوى لها فعليه دم المتعة وبه قال مالك والشافعي واحمد وإسحاق لان حضور المسجد الحرام إنما يحصل بنية
الإقامة وفعلها وهذا إنما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحج لأنه إذا فرغ من عمرته فهو نأوى للخروج إلى الحج فكأنه إنما نوى أن يقيم بعد أن يجب
الدم. مسألة. الآفاقي إذا ترك الاحرام من الميقات وجب عليه الرجوع إليه والاحرام إليه والاحرام منه مع القدرة فإن عجز أحرم من دونه
لعمرته فإذا أحل أحرم بالحج من عامه وهو متمتع وعليه دم المتعة ولا دم عليه لاحرامه من دون الميقات لأنه تركه للضرورة قال بن المنذر وابن عبد البر أجمع
العلماء على أن من أحرم في أشهر الحج بعمرة وأحل منها ولم يكن من حاضري المسجد الحرام ثم أقام بمكة حلالا ثم حج من عامه إنه متمتع عليه دم المتعة وقال بعض
العامة إذا تجاوز الميقات حتى صار بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر وأحرم منه فلا دم عليه للمتعة لأنه من حاضري المسجد الحرام وليس بجيد فإن
حضور المسجد إنما يحصل بالإقامة به ونية الإقامة وهذا لم تحصل منه الإقامة ولا نيتها ولقوله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وهو
يقتضى أن يكون المانع من الدم السكنى وهذا ليس بساكن. مسألة. الهدى إنما يجب على المتمتع وهو المحرم
بالعمرة في أشهر الحج فإن أحرم بها في غيرها
فليس بمتمتع ولا دم عليه إجماعا لا نعلم فيه خلافا إلا قولين نادرين أحدهما قول طاوس إذا اعتمر في غير أشهر الحج ثم أقام حتى يحضر الحج فهو متمتع والثاني قول
الحسن من اعتمر بعد النحر فهي عمرة تمتع قال بن المنذر لا نعلم أحدا قال بواحد من هذين القولين أما لو أحرم في غير أشهر الحج ثم أحل منها في أشهره فلذلك
لا يصح له التمتع بتلك العمرة وبه قال احمد وجابر وإسحاق والشافعي في أحد القولين وقال في الآخر عمرته في الشهر الذي يطوف فيه وبه قال الحسن والحكم وابن
شبرمة والثوري وقال طاوس عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم وقال عطا عمرته في الشهر الذي يحل
فيه وبه قال مالك وقال أبو حنيفة إن طاف للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحج فليس بمتمتع وإن طاف الأربعة في أشهر الحج فهو متمتع والحق ما قلناه لأنه
بنسك لا تتم العمرة إلا به في غير أشهر الحج فلا يكون متمتعا كما لو طاف في غير أشهر الحج أو طاف دون الأربعة فيها ولقول الصادق (ع) من تمتع في أشهر الحج ثم
أقام بمكة حتى يحضر الحج فعليه شاة ومن تمتع في غير أشهر الحج ثم جاوز حتى يحضر الحج فليس عليه دم إنما هي حجة مفردة. مسألة. المملوك إذا حج بإذن مولاه
متمتعا لم يجب عليه الهدى ولا على مولا ه إجماعا لقوله تعالى عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وفي قول شاذ للشافعي يجب على مولاه أن يهدى عنه لتضمن إذنه لذلك وليس
بجيد لان فرض غير الواجد الصوم ولا فاقد كالعبد ولان الحسن العطار سأل الصادق (ع) عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع بالعمرة إلى الحج أعليه أن يذبح عنه قال لا لان الله
تعالى يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شئ إذا ثبت هذا فإن المولى يتخير بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم عند علمائنا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لقوله
تعالى فما استيسر وبتقدير تمليك المولى يصير موسرا ولان جميل بن دراج قال في الصحيح سأل رجل الصادق (ع) عن رجل أمر مملوكه أن يتمتع قال فمره فليصم
وإن شئت فاذبح عنه وفي الرواية الأخرى عن أحمد لا يجزئه الذبح عنه ويلزمه الصوم عينا قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي لأنه غير مالك ولا سبيل له
إلى التملك لأنه لا يملك بالتمليك فصار كالعاجز الذي يتعذر عليه الهدى فيلزمه الصوم. مسألة. الواجب على المملوك من الصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة
إذا رجع إلى أهله كالحر وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لعموم قوله تعالى فمن لم يجد ولأنه صوم وجب لحله من إحرامه قبل إتمامه فكان عشرة أيام كصوم
الحر وقال احمد في الرواية الأخرى يصوم عن كل مد من قيمة الشاة يوما والمعسر في الصوم كالعبد يجب عليه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع وقال بعض العامة يجب
لكل مد من قيمة الشاة يوم ويبطل بالآية وبقول عمر لهناد بن الأسود فإن وجدت سعة فاهد وإن لم تجد فصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعت ولو لم يذبح
مولى المملوك عنه تعيين عليه الصوم ولا يجوز لمولاه منعه عن الصوم لأنه صوم واجب فلا يحل له منعه عنه كرمضان ولو أعتق المملوك قبل الوقوف بالموقفين
379

أجزاء عن حجة الاسلام ووجب عليه الهدى إن تمكن وإلا يصوم ولو لم يصم العبد إلى أن تمضى أيام التشريق فالأفضل لمولاه أن يهدى عنه ولا يأمره بالصوم ولو أمره
به لم يكن به بأس. مسألة. إنما يجب الهدى على المتمكن منه أو من ثمنه إذا وجده بالشراء ولا يجب بيع ثياب التجمل في الهدى بل ينتقل إلى الصوم لان رجلا سأل
الرضا (ع) عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وفي عنقه ثياب أله أن يبيع من ثيابه شيئا ويشترى بدنه قال لا هذا يتزين به المؤمن يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئا. إذا
عرفت هذا فإن القدرة معتبرة في موضعه فمتى عدمه في موضعه جاز له الانتقال إلى الصيام وإن كان قادرا عليه في بلده ولا نعلم فيه خلافا لان وجوبه
موقت وما كان وجوبه موقتا اعتبرت القدرة عليه في موضعه كالماء في الطهارة إذا عدم في مكانه انتقل إلى التراب ولو بلغ الصبي وجب على وليه أن يذبح عنه
للعموم فإن لم يجد فليصم عنه عشرة أيام للآية ولقول أبى نعيم تمتعنا فأحرمنا ومعنا صبيان فأحرموا ولبوا كما لبينا ولم يقدروا على الغنم قال فليصم على كل صبى وليه
. البحث الثاني. في كيفية الذبح. مسألة. يجب في الذبح والنحر النية لأنه عبادة (وكل عبادة صح) بنية لقوله تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين ولان جهات
إراقة الدم متعددة فلا يتخلص المذبوح هديا إلا بالقصد ويجب اشتمالها على جنس العقل وجهته من كونه هديا أو كفارة أو غير ذلك وصفته من وجوب أو ندب و
التقرب إلى الله تعالى ويجوز أن يتولاها عنه الذابح لأنه فعل تدخله النيابة فيدخل في شرط كغيره من الافعال. مسألة. وتختص الإبل بالنحر فلا يجوز ذبحها
والبقر والغنم بالذبح فلا يجوز نحرها لقول الصادق (ع) كل منحور مذبوح حرام وكل مذبوح منحور حرام ويستحب أن يتولى الحاج بنفسه الذبح أو النحر لان رسول الله
نحر هديه بنفسه ولما رواه العامة عن عرفه بن الحرث؟ الكندي قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع وأتى بالبدن فقال ادع لي أبا الحسن فدعى له علي (ع) فقال
خذ بأسفل الحربة وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بأعلاها ثم طعنا بها البدن وإنما فعلا ذلك لان النبي صلى الله عليه وآله أشرك عليا (ع) في هديه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
في صفة حج رسول الله قال وكان الهدى الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا وستين أو ستا وستين وجاء علي (ع) بأربع وثلاثين أو ست أو ثلاثين فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله
منها ستا وستين ونحر علي عليه أربعا وثلاثين وفي رواية ساق النبي صلى الله عليه وآله مئة بدنة فجعل لعلى (ع) منها أربعا وثلاثين ولنفسه ستا وستين ونحرها كلها بيده
ثم أخذ من كل بدنة جذوة وطبخها في قدره وأكلا منها وتحسيا من المرق وافتخر علي (ع) على أصحابه وقال من منكم مثلي وأنا شريك رسول الله (ع) هديه من منكم مثلي وأنا
الذي الذبح رسول الله صلى الله عليه وآله هديي بيده ولو لم يحسن الذباحة ولاها غيره واستحب له أن يجعل يده مع يد الذابح وينوى الذابح عن صاحبها لأنه فعل يدخله النيابة
فيدخل في شرطه ويستحب له أن يذكره بلسانه فيقول بلسانه إذبح عن فلان بن فلان عند الذبح والواجب القصد بالنية ولو نوى بقلبه عن صاحبها و
أخطاء فتلفظ بغيره كان الاعتبار بالنية ولو نوى بقلبه عن صاحبها وأخطاء فتلفظ بغيره كان الاعتبار بالنية لان علي بن جعفر سأل الكاظم (ع)
في الصحيح عن الضحية يخطى الذي يذبحها فيسمى غير صاحبها لم يجزى عن صاحب الضحية قال نعم إنما له ما نوى. مسألة. يستحب نحر الإبل قائمة من الجانب
الأيمن قد ربطت يدها ما بين الخف إلى الركبة ثم يطعن في لبتها وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر وبه قال مالك والشافعي واحمد وإسحاق و
بن المنذر لقوله تعالى فإذا أوجبت جنوبها وقال المفسرون في قوله تعالى " فاذكروا اسم الله عليها صواف " أي قياما وما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه كانوا ينحرون
البدن معقولة اليسرى قائمة على ما بقى من قوايمها ومن طريق الخاصة قول أبى الصباح الكناني سألت الصادق
(ع) كيف ينحر البدنة قال تنحر وهي قائمة
من قبل اليمين وعن أبي خديجة قال رأيت الصادق (ع) وهو ينحر بدنة معقولة يدها اليسرى ثم يقوم من جانب يدها اليمين ويقول بسم الله والله أكبر هذا منك ولك
اللهم تقبل منى ثم يطعن في لبتها ثم يخرج السكين بيده فإذا وجبت جنوبها قطع موضع الذبح بيده وهذا القيام مستحب لا واجب إجماعا ولو خاف نفورها
أناخها ونحرها باركة. مسألة. يجب توجيه الذبيحة إلى القبلة خلافا للعامة وسيأتى في موضعه ويستحب الدعاء بالمنقول ويمر السكين ولا ينخعها حتى
تموت وتجب التسمية عند علمائنا لقوله تعالى " فاذكروا اسم الله عليها صواف " وقوله تعالى " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " ولو نسى التسمية حل أكله لرواية بن سنان
الصحيحة عن الصادق (قال سمعته صح) يقول إذا ذبح المسلم ولم يسم ونسى فكل من ذبيحته وسم اله على ما تأكل. مسألة. يجب النحر أو الذبح في هدى التمتع بمنى عند علمائنا
لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال منى كلها منحر والتخصيص بالذكر يدل على التخصيص في الحكم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في رجل قدم بهديه مكة في العشر
فقال إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلا بمنى وإن كان ليس بواجب فلينحره بمكة إن شاء وإن كان قد أشعره أو قلده فلا ينحره إلا يوم الأضحى وقال أكثر العامة
إنه مستحب وإن الواجب نحره بالحرم وقال بعض العامة لو ذبحه في الحل وفرقه في الحرم أجزاء لقوله (ع) كل منى منحر وكل فجاج مكة منحر وطريق ونحن نقول بموجه
لان بعض الدماء ينحر بمكة وبعضها ينحر بمنى ولو ساق هديا في الحجر نحره أو ذبحه بمنى وإن كان قد ساقه في العمرة ونحره أو ذبحه بمكة قبالة الكعبة بالموضع المعروف
بالحرورة ولان شعيب العقرقوفي سأل الصادق (ع) سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها قال بمكة قلت فأي شئ أعطى منها قال كل ثلثا واهد ثلثا وتصدق
بثلث وأما ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو غيره يذبحه أو ينحره بمكة إن كان معتمر أو بمنى إن كان حاجا لقوله تعالى " ثم محلها إلى البيت العتيق " وقال تعالى " هديا بالغ
الكعبة " في جزاء الصيد وقال احمد يجوز في موضع السبب وقال الشافعي لا يجوز إلا في الحرم لان النبي صلى الله عليه وآله أمر كعب بن عجزه بالفدية في الحد يبيته ولم يأمره ببعثه؟
إلى الحرم وروى الأثرم وأبو إسحاق الجوزجاني في كتابيهما عن أبي أسماء مولى عبد الله بن جعفر قال كنت مع (على صح) والحسين بن علي (ع) فاشتكى حسين بن علي (ع) بالسقيا
فأومى بيده إلى رأسه فحلقه علي (ع) ونحر عنه (جزورا) بالسقيا وأمر النبي صلى الله عليه وآله في الحديبية لا يستلزم الذبح بها ونمنع الرواية الثانية وما وجب نحره بالحرم وجب تفرقة لحمه
به وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة ومالك إذا ذبحها في الحرم جاز تفرقة لحمها في الحل وهو ممنوع لأنه أحد مقصودي النسك فلم يجز في الحل كالذبح
ولان المقصود من ذبحه بالحرم التوسعة على مساكينه وهذا لا يحصل بإعطاء غيرهم ولأنه نسك يختص بالحرم فكان جميعه مختصا به كالطواف وساير
المناسك. مسألة. وقت استقرار وجوب الهدى إحرام المتمتع بالحج وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى " فمن تمتع بالعمرة
إلى الحج فما استيسر من الهدى " ولان المجعول غاية يكفي وجود أوله لقول تعالى " ثم أتموا الصيام إلى الليل " وقال مالك يجب إذا وقف بعرفة وهو قول احمد في الرواية
الأخرى لان التمتع بالعمرة إلى الحج إنما يحصل بعد وجود الحج منه ولا يحصل ذلك إلا بالوقوف لقول النبي (ص) الحج عرفة ولأنه قبل ذلك معرض للفوات فلا يحصل
التمتع وقال عطا يجب إذا رمى جمرة العقبة وهو مروى عن مائك لأنه وقت ذبحه فكان وقت وجوبه ونمنع كون التمتع إنما يحصل بالوقوف بل بالاحرام يتلبس
بالحج على أن قوله (ع) دخلت العمرة في الحج هكذا وشبك بين أصابعه يعطى التلبس به من أول أفعال العمرة والتعريض للفوات لا يقتضى عدم الايجاب وكون وقت الذبح
380

بعد رمى جمرة العقبة لا يستلزم كون وقت وجوبه ذلك. إذا عرفت هذا فوقت ذبحه أو نحره يوم النحر وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد في رواية لان
النبي صلى الله عليه وآله نحر يوم النحر (وكذا أصحافه صح) وقال (ع) خذوا عنى مناسككم ولان ما قبل يوم النحر لا يجوز فيه الأضحية فلا يجوز فيه ذبح هدى التمتع كقبل التحلل من العمرة أما من ساق
هديا في العشر فإن كان قد أشعره أو قلده فلا ينحره إلا بمنى يوم النحر وإن لم يكن قد أشعره وقلده فإنه ينحره بمكة إذا قدم في العشر لما رواه مسمع في الصحيح عن الصادق
(ع) قال إذا دخل بهديه في العشر فإن كان أشعره أو قلده فلا ينحره إلا يوم النحر بمنى وإن لم يقلده ولم يشعره فينحره بمكة إذا قدم في الشعر وكذا لو كان
تطوعا فإنه ينحره بمكة لقول الصادق (ع) إن كان واجبا نحره بمنى وإن كان تطوعا نحره بمكة وإن كان أشعره وقلده فلا ينحره إلا يوم الأضحى
ولانا قد بينا أن الذبح إنما يجب بمنى وهو إنما يكون يوم النحر وقال عطا واحمد في رواية يجوز له نحره في شهر شوال وإن قدم في العشر لم ينحره إلا بمنى
يوم النحر وقال الشافعي يجوز نحره بعد الاحرام قولا واحدا وفيما قبل ذلك بعد حله من العمرة قولان أحدهما المنع لان الهدى يتعلق به عمل البدن
وهو تفرقة اللحم والعبادات البدنية لا تقدم على وقت وجوبها وأصحهما عند الجواز لأنه حق مالي تعلق بشيئين الفراغ من العمرة والشروع في الحج فإذا وجد أحدهما جاز إخراجه
كالزكاة ولا خلاف بين الشافعية في أنه لا يجوز تقديمه على العمرة. مسألة. أيام النحر بمنى أربعة أيام يوم النحر وثلاثة بعده وفي غيرها من الأمصار ثلاثة أيام يوم النحر ويومان
بعده وبه قال علي (ع) والحسن وعطا والأوزاعي والشافعي وبن المنذر لما رواه العامة إن النبي (ص) قال أيام العشر كلها منحر ومن طريق الخاصة رواية علي بن جعفر في الصحيح
عن الكاظم (ع) قال سألته عن الأضحى كم هو بمنى فقال أربعة أيام وسألته عن الأضحى في غير منى فقال ثلاثة أيام فقلت ما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى بيومين
أله أن يضحى في اليوم الثالث قال نعم وقال سعيد بن جبير وجابر بن زيد في الأمصار يوم واحد وبمنى ثلثه وقال احمد يوم النحر ويومان بعده وبه قال مالك والثوري وروى
عن بن عباس وبن عمر لان اليوم الرابع لا يصلح للرمي فلا يصلح للذبح والملازمة ممنوعة. فرعان. الأول يجب تقديم الذبح على الحلق بمنى لقول الصادق (ع) يبدأ بمنى بالذبح
قبل الحلق وفي العقيقة بالحلق قبل الذبح ولو أخره ناسيا فلا شئ عليه ولو كان عامدا أثم واجزاء وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة جاز الثاني قال أكثر فقهاء العامة يجزى ذبح
الهدى في الليالي المتخللة لأيام النحر. البحث الثالث. في صفات الهدى. مسألة. يجب أن يكون الهدى من بهيمة الأنعام الإبل أو البقر أو الغنم إجماعا
قال تعالى " فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير " وأفضله البدن ثم البقر ثم الغنم لما رواه العامة عن أبي هريرة عن رسول الله (ص) قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة (الجمعة خ ل) ثم راح
فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة
فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الصحيح في المتمتع وعليه الهدى فقلت وما الهدى فقال أفضله
بدنه وأوسطه بقرة وأخسه شاة ولان الأكثر لحما أكثر نفعا ولهذا أجزأت البدنة عن سبع شياة. مسألة. ولا يجزى في الهدى إلا الجذع من الضأن وأنثى من غيره و
الجذع من الضأن هو الذي له ستة أشهر وثنى المعز والبقر ماله سنة ودخل في الثانية وثنى الإبل ماله خمس ودخل في السادسة وبه قال مالك والليث والشافعي واحمد
وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن أم بلال بنت هلال عن أبيها إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يجوز الجذع من الضأن أضحية وعن أبي بردة بن يسار قال يا رسول الله
إن عندي عناقا جذعا هي خير من شاتي لحم فقال تجزيك ولا تجزى عن أحد بعدك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح يجزى من الضأن الجذع ولا يجزى
من المعز (إلا الشئ وسئل حماد بن عثمان الصادق (ع) في الصحيح عن أدنى ما يجزى من أسنان الغنم في الهدى فقال الجذع من الضأن قلت فالمعز قال لا يجوز فالجذع من المعز
صح) قلت ولم قال لان الجذع من الضأن تلقح والجذع من المعز لا تلقح. مسألة. ويجب أن يكون تاما فلا تجزى العوراء ولا العرجاء البين عرجها ولا المريضة البين
مرضها ولا الكبيرة اللتي لا تنقى وقد وقع الاتفاق بين العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع روى العامة عن البراء بن عازب قال قام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال
أربع لا تجوز في الأضحى العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين عرجها والكبيرة اللتي لا تنقى أي التي لا مخ لها لهزالها وأما المريضة فقيل هي
الجرباء لان الجرب يفسد اللحم والوجه اعتبار كل مرض يؤثر في هزالها وفساد لحمها ومعنى البين عورها التي انخسفت عينها وذهبت فإن ذلك ينقصها لان شحمة
العين عضو يستطاب أكلها والبين عرجها لا يتمكن من السير مع الغنم ولا تشاركها في العلف والرعي فتهزل ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) عن أبيه عن آبائه (ع)
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يضحى بالعرجاء البين عرجها ولا بالعوراء البين عورها ولا بالعجفاء ولا بالجرباء ولا بالجذاء وهي المقطوعة الأذن ولا بالعضباء وهي المكسورة
القرن ولو كانت العوراء غير مخسوفة العين إحتمل المنع لعموم الخبر وكما وقع الاتفاق على منع ما اتصف بواحدة من الأربع فكذا ينبغي على ما فيه نقص أكثر كالعمياء ولا يعتبر
مع العمى انخساف العين إجماعا لأنه يخل بالمشي من الغنم والمشاركة في العلف أكثر من إخلال العور. مسألة. العضباء وهي مكسورة القرن لا تجزى إلا إذا كان القرن
الداخل صحيحا فإنه يجوز التضحية به وبه قال علي (ع) وعمار وسعيد بن المسيب والحسن لما رواه العامة عن علي (ع) وعمار ولم يظهر لهما مخالف من الصحابة ومن طريق الخاصة قول الصادق
(ع) في المقطوعة القرن أو المكسورة القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس وإن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا ولان ذلك لا يؤثر في اللحم فأجزأت
كالجما وقال باقي العامة لا تجزى وقال مالك إذا كان يدمى لم يجزء وإلا جاز لما روى عن علي (ع) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يضحى بأعضب الاذن والقرن وهو محمول على
ما كسر داخله وأما العضباء وهي اللتي ذهب نصف أذنها أو قرنها فلا يجزى وبه قال أبو يوسف ومحمد واحمد في إحدى الروايتين وكذا لا يجزى عندنا ما قطع ثلث
أذنها وبه قال أبو حنيفة واحمد في الرواية الأخرى لان ما قطع بعض أذنها يصدق عليه إنها مقطوعة الأذن فتدخل تحت النهى. مسألة. لا بأس بمشقوقة
الاذن أو مثقوبتها إذا لم يكن قد قطع من الاذن شئ لما رواه العامة عن علي (ع) قال أمرنا أن نستشرف العين والاذن ولا نضحى بمقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء قال
زهير قلت لأبي إسحاق ما المقابلة قال يقطع طرف الاذن قلت فما المدابرة قال يقطع من مؤخر الاذن قلت فما الخرقاء قال يشق الاذن قلت فما الشرقاء
قال تشق أذنها للسمة ومن طريق الخاصة قول علي (ع) أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله في الأضاحي أن نستشرف العين والاذن ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة والمدابرة
يقال استشرفت الشئ إذا رفعت بصرك تنظر إليه وبسطت كفك فويق حاجبيك كأنك تستظل من الشمس وسئل أحدهما (ع‍ ل) عن الأضاحي إذا
كانت الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة فقال ما لم يكن مقطوعا فلا بأس. مسألة. لا يجزى الخصي عند علمائنا لما رواه العامة عن أبي برده إنه قال يا رسول
الله صلى الله عليه وآله عندي جذعة من المعز فقال يجزئك ولا تجزى أحدا بعدك قال أبو عبيد قال إبراهيم الحربي إنما يجزى الجذع من الضأن في الأضاحي
دون الجذع من المعز لان الجذع من الضأن تلقح بخلاف جذع المعز وهذا المقتضى موجود في الخصي ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما (ع)
قال سألته عن الأضحية بالخصى فقال لا ولأنه ناقص فلا يكون مجزئا وقال بعض العامة إنه يجزئه وقال الشيخ لو ضحى بالخصى وجب عليه الإعادة إذا قدر عليه لأنه
381

غير المأمور به فلا يخرج به عن العهدة ولان عبد الرحمن بن الحجاج سأل في الصحيح الكاظم (ع) عن الرجل يشترى الهدى فلما ذبحه الرجل يشترى الهدى فلما ذبحه إذا هو خصى مجبوب ولم يعلم أن الخصي لا يجوز
في الهدى هل يجزئه أم يعيد قال لا يجزئه إلا أن يكون لا قوة به عليه ويكره الموجوء وهو مرضوض الخصيتين لما روى إن النبي ضحى بكبشين أملحين موجوأين رواه
العامة وأما مسلول البيضتين فالأقوى إنه كالحضى وأما الجما وهي التي لم يخلق لها قرن تجزى قال بعض العامة لا تجزى لأن عدم القرن أكثر من ذهاب بعضه ونمنع الحكم
في الأصل والأقرب أجزاء البتراء وهي مقطوعة الذنب وكذا الصمعاء وهي التي لم يخلق لها أذن وكان لها أذن صغيرة لان فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا في
قيمة الشاة ولا في لحمها. مسألة. المهزولة وهي التي ليس على كليتها شئ من الشحم لا تجزى لأنه قد منع من العرجاء لأجل الهزال فالمهزولة أولي بالمنع ولقول الصادق (ع)
(وإن اشتراه صح) وهو يعلم أنه مهزول لم يجزء عنه وروى الفضل قال حججت بأهلي سنة فعزت الأضاحي فانطلقت فاشتريت شاتين بالغلاء فلما ألقيت اهابهما ندمت ندامة شديدة
لما رأيت بهما من الهزال فاتيته فأخبرته بذلك فقال إن كان على كليتيها شئ من الشحم أجزأت ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد (وتمشى في سواد صح) ويترك في سواد قيل إن تكون هذه المواضع
منها سواد وقيل تكون سمينا له ظل يمشى فيه ويأكل فيه وينظر فيه لان محمد بن مسلم روى في الصحيح عن أحدهما (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يضحى بكبش أقرن عظيم سمين
فحل يأكل في سواد وينظر في سواد. إذا عرفت هذا فلو اشترى هديا على أنه سمين فوجده مهزولا أجزاء عنه وكذا لو اشتراه على أنه مهزول فخرج سمينا
أجزاء أيضا للامتثال ولقول الصادق (ع) وإن اشترى الرجل هديا وهو يرى إنه سمين أجزاء عنه وإن لم يجده سمينا وإن اشترى وهو يرى أنه مهزول فوجده سمينا
أجزاء عنه وإن اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجزء عنه ولو اشترى هديا ثم عن؟ له أن يشترى اسمن منه فليشتره وليبيع الأول إذا أراد لأنه لم يتعين للذبح ولقول
الصادق (ع) في الحسن في رجل اشترى شاة ثم أراد أن يشتري أسمن منها قال يشتريها فإذا اشتريها باع الأول ولا أدرى شاة قال أو بقرة ولو اشترى هديا ثم
وجد به عيبا لم يجزء عنه قاله الشيخ في التهذيب لان علي بن جعفر سأل أخاه الكاظم (ع) في الصحيح عن الرجل يشترى الأضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل يجزى
عنه قال نعم إلا أن يكون هديا واجبا فإنه لا يجوز ناقصا. إذا عرفت هذا فلو اشتراه على إنه تام فوجده ناقصا لم يجزء عنه. مسألة. الإناث من
الإبل والبقر أفضل من الذكران والذكران من الضأن والمعز أولي ولا خلاف في جواز العكس في البابين إلا ما روى عن بن عمر أنه قال ما رأيت أحدا
فاعلا ذلك وإن أنحر أنثى أحب إلى ولا تصريح فيه بالمنع والآية عامة في قوله تعالى " والبدن جعلناها لكم من شعاير الله " وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله اهدى جملا
لأبي جهل في أنفه برة من فضة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر وقد تجزى الذكورة من البدن
والضحايا من الغنم الفحولة ويكره التضحية بالجاموس والثور لقول لأبي بصير سألته عن الأضاحي فقال أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ذو الأرحام
ولا يضحى بثور ولا جمل ويستحب أن يكون الهدى مما عرف به وهو الذي أحضر عرفة عشية عرفة إجماعا لقول الصادق (ع) لا يضحى إلا بما قد عرف به ومنع
ابن عمر وسعيد بن جبير من التضحية بما لم يعرف به والأصل عدم الوجوب وسأل سعيد بن يسار الصادق (ع) عمن اشترى شاة لم يعرف بها قال
لا بأس عرف بها أو لم يعرف ولو أخبر البايع بالتعريف قبل منه لان سعيد بن يسار سأل الصادق (ع) إنا نشترى الغنم بمنى ولسنا ندري هل عرف بها أم لا فقال إنهم لا
يكذبون لا عليك ضح بها. تذنيب قال مالك في هدى المجامع إن لم يكن ساقه فليشتره من مكة ثم ليخرجه إلى الحل وليسقه إلى مكة فاشترط فيه الجمع بين الحل والحرم
ولم يوافقه احمد. لنا الأصل براءة الذمة ولان القصد اللحم ونفع المساكين به وهو لا يقف على ما ذكره ولا دليل على قوله. البحث الرابع. في البدل. مسألة.
إذا لم يجد الهدى ولا ثمنه انتقل إلى البدل عنه وهو صوم عشره أيام ثلاثة أيام في الحج متتابعات وسبعة إذا رجع إلى أهله بالنص والاجماع قال الله تعالى " فمن لم يجد فصيام
ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة " وتعبر القدرة على الهدى في مكانه فمتى عدمه في موضعه انتقل إلى الصوم وإن كان قادرا عليه في بلده لان وجوبه
موقت وما كان ذلك (كذلك ظ) اعتبرت القدرة عليه في موضعه كالماء في الطهارة إذا عدمه في موضعه ولا نعلم فيه خلافا. مسألة. لو لم يجد الهدى ووجد ثمنه فأكثر علمائنا
على أنه يضع الثمن عند من يثق به من أهل مكة ليشترى له به هديا ويذبحه عنه في بقية ذي الحجة فإن خرج ذو الحجة ولم يجد اشترى له في ذا الحجة في العام المقبل لان وجدان الثمن
بمنزلة وجدان العين كواجد ثمن الماء مع أن النص ورد فإن لم يجدوا ماء وكذا وجدان ثمن الرقبة في العتق لان التمكن يحصل باعتبار الثمن هناك ويصدق عليه إنه واجد
للثمن فكذا هنا ولقول الصادق في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم قال يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشترى له ويذبح عنه وهو يجزى عنه فإن مضى ذوا الحجة أخر ذلك
إلى قابل ذي الحجة. مسألة. لو فقد الهدى والثمن انتقل إلى الصوم ويستحب أن تكون الثلاثة في الحج يوما قبل التروية ويوم التروية ويوم عرفة عند علمائنا وبه
قال عطا وطاوس والنخعي ومجاهد والحسن والشعبي وسعيد بن جبير وعلقمة وعمرو بن دينار وأصحاب الرأي لأن هذه الأيام أشرف من غيرها ويو م عرفه أفضل من غيره
من ذي الحجة فكان صومه أولي ولقول الصادق (ع) في متمتع لا يجد الهدى فليصم قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفه ولرواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الصادق (ع) قال
صوم الثلاثة الأيام إن صامها فأخرها يوم عرفة وقال الشافعي أخرها يوم التروية وهو محكى عن بن عمر وعايشة ومروى عن أحمد لان صوم يوم عرفه بعرفة غير مستحب و
جوابه إن ذلك لموضع الحاجة. مسألة. لو فاته هذه الثلاثة صامها بعد أيام منى ولا يسقط عنه الصوم لفواته في العشر وبه قال علي (ع) وبن عمر وعايشة وعروة بن الزبير
والحسن وعطا والزهري ومالك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لأنه صوم واجب فلا يسقط بفوات وقته كرمضان ولرواية رفاعة قال سألت الصادق (ع) فإنه قدم يوم
التروية قال يصوم ثلاثة أيام بعد أيام التشريق قلت لم يقم عليه جماله قال يصوم الحصبة وبعده يومين قال قلت وما الحصبة قال يوم نفره قلت يصوم وهو مسافر قال نعم أفليس
هو يوم عرفه مسافر إنا أهل البيت نقول ذلك لقول الله تعالى " صيام ثلاثة أيام في الحج " يقول في ذي الحجة وقال بن عباس وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد إذا فاته الصوم
في العشر لم يصمه بعده واستقر الهدى في ذمته لقوله تعالى " في الحج " ولأنه بذل موقت فيسقط بخروج وقته كالجمعة والآية تدل على وجوبه في الحج أي في أشهر الحج وذو الحجة
كله من أشهر الحج وقياسهم باطل لان الجمعة ليست بدلا وسقطت لان الوقت جعل شرطا لها كالجماعة. مسألة. ويجوز صوم الثلاثة قبل الاحرام بالحج وقد وردت
رخصة في جواز صومها في أول العشر إذا تلبس بالمتعة وبه قال الثوري والأوزاعي لان إحرام العمرة أحد إحرامي التمتع فجاز الصوم بعده وبعد الاحلال منه كإحرام الحج وقد روى
زرارة عن الصادق (ع) إنه قال من لم يجد الهدى واجب أن يصوم الثلاثة الأيام في أول العشر فلا بأس بذلك وقال أبو حنيفة يجوز صومها إذا أحرم بالعمرة وهو رواية
عن أحمد وعنه رواية أخرى إذا أحل من العمرة وقال مالك والشافعي لا يجوز إلا بعد الاحرام بالحج وبه قال إسحاق وابن المنذر وهو مروى عن بن عمر لقوله تعالى ثلاثة أيام في الحج
ولأنه صوم واجب فلا يجوز تقديمه على وقت وجوبه كرمضان والآية لابد فيها من تقدير فإن الحج أفعال لا يصام فيها إنما يصام في وقتها أو في أشهرها لقوله تعالى الحج أشهر
382

معلومات والتقديم جايز إذا وجد السبب كتقديم التكفير على الحنث عنده. إذا عرفت هذا فلا يجوز تقديم صومها على إحرام العمرة إجماعا إلا ما روى عن أحمد
إنه يجوز تقديم صومها على إحرام العمرة وهو خطأ لأنه تقدم للواجب على وقته وسببه ومع ذلك فهو خلاف الاجماع. مسألة. ولا يجوز أن يصوم أيام التشريق بمنى
في بدل الهدى وغيره عند علمائنا وبه قال علي (ع) والحسن وعطا وبن المنذر واحمد في إحدى الروايتين والشافعي في الجديد لما رواه العامة عن أبي هريرة إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام
ستة أيام يوم الفطر والأضحى وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان ومن طريق الخاصة ما رواه الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله إنه بعث بديل بن ورقاء الخزاعي
على جمل أورق وأمره أن يتخلل الفساطيط وينادى في الناس أيام منى ألا لا تصوموا إنما هي أيام أكل وشرب وبعال وسأل معاوية بن عمار الصادق (ع) عن الصيام أيام
التشريق فقال أما بالامصار فلا بأس به وأما بمنى فلا وقال الشافعي في القديم يجوز صيامها وهو رواية عن أحمد وبه قال بن عمر وعايشة و
مالك وإسحاق لما رواه بن عمر إن النبي (ص) رخص للمتمتع إذا لم يجد الهدى أن يصوم أيام التشريق وهو
ضعيف السند. مسألة. لو لم يصمها بعد أيام التشريق جاز صيامها
طول ذي الحجة أداء لا قضاء وبه قال الشافعي ومالك لأنه صوم واجب فلا يسقط بفوات وقته كرمضان ولرواية زرارة الصحيحة عن الصادق (ع) قال من لم يجد ثمن الهدى
فأجب أن يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك وقال أبو حنيفة إذا فاته الصوم بخروج يوم عرفة سقط الصوم واستقر الهدى في ذمته لقوله تعالى " فصيام ثلاثة
أيام في الحج " وليس حجة لدلالتها على الوجوب في أشهر الحج لا على السقوط بعد انقضاء يوم عرفة ولا يجوز صوم هذه الأيام الثلاثة إلا في ذي الحجة بعد التلبس بالمتعة ولو خرج
ذو الحجة وأهل المحرم سقط فرض (الصوم صح) واستقر الهدى في ذمته وبه قال أبو حنيفة لأنه صوم فات وقته فيسقط إلى مبدله كالجمعة ولما رواه منصور في الحسن عن الصادق (ع) قال
من لم يصم في ذي الحجة حتى يهل هلال المحرم فعليه دم شاة (وليس له صوم ويذبح بمنى وقال الشافعي لا يسقط الصوم ولا يجب الشاة لأنه صوم يجب بفواته القضاء فلم يجب به كفارة كصوم رمضان ونمنع وجوب القضاء
وقال احمد يجوز الصوم ولا يسقط بفوات وقته لكن يجب عليه دم شاة صح). مسألة. يجب صوم الثلاثة متتابعا إلا في صورة واحدة وهي أنه إذا فاته قبل يوم التروية فإنه يصوم يوم التروية
وعرفه ويفطر يوم العيد ثم يصوم يوما آخر بعد انقضاء أيام التشريق ولو صام غير هذه الأيام وجب فيها تتابع الثلاثة ولا يجوز تخلل الافطار بين اليومين
والثالث إلا في الصورة التي ذكرناها ولم يوجب العامة التتابع والاحتياط ينافيه لان الامر ينبغي المسارعة إليه بقدر الامكان وهو إنما يتحقق بالتتابع ولقول الصادق
(ع) لا تصوم الثلاثة الأيام متفرقة وقال (ع) من صام يوم التروية ويوم عرفه يجزئه أن يصوم يوما اخر وأما السبعة فلا خلاف في جواز تفريقها لان إسحاق بن عمار
سأل الكاظم (ع) عن صوم السبعة فرقها قال نعم. مسألة. أوجب علماؤنا التفريق بين الثلاثة والسبعة لانهم أوجبوا صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة في بلده وبه
قال الشافعي في حرمله؟ ونقله المزني عنه لقوله تعالى " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم " وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث طويل فمن لم يجد هديا فليصم
ثلاثة في الحج وسبعة أيام إذا رجع إلى أهله ومن طريق الخاصة رواية علي بن جعفر في الصحيح عن الكاظم (ع) قال ولا تجمع الثلاثة والسبعة جميعا والقول قول الثاني للشافعي يصوم إذا فرغ
من أيام الحج وبه قال أبو حنيفة واحمد وحكى عن الشافعي إنه يصوم إذا خرج من مكة سايرا في الطريق وبه قال مالك لان كل من لزمه صوم وجاز له أن يؤديه إذا رجع
إلى وطنه جاز قبل ذلك كقضاء رمضان والقياس لا يعارض الكتاب والحديث. مسألة. هذه السبعة تصام إذا رجع إلى أهله وإن أقام بمكة انتظر وصول الناس
إلى بلده أو مضى شهر ثم يصومها لما رواه معاوية بن عمار في الصحيح قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان متمتعا فلم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله فإن فاته
ذلك وكان له مقام بمكة وأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيرة إلى أهله أو شهرا ثم صام وقال مالك وأبو حنيفة يصوم بعد مضى أيام التشريق وقال عطا
ومجاهد يصومها في الطريق وهو قول إسحاق وقال ابن المنذر يصومها إذا رجع إلى أهله وللشافعي ثلاثة أقوال تقدمت في المسألة السابقة. إذا عرفت هذا
فإن التفريق بين صوم الثلاثة والسبعة واجب لما تقدم ولو لم يصم الثلاثة وأقام بمكة حتى مضى شهرا ووصل أصحابه إلى بلده لم يجب عليه التفريق وهو أحد قولي الشافعي
وفي الثاني يجب عليه التفريق وفى كيفيته أربعة أقوال: أحدها يفصل بقدر المسافة وأربعة أيام وثانيها بأربعة أيام وثالثها قدر المسافة ورابعها يفصل بيوم. مسألة.
لو مات من وجب عليه الصوم ولم يصم فإن لم يكن قد تمكن من صيام شئ من العشرة سقط الصوم ولا يجب على وليه القضاء عنه ولا الصدقة عنه وهو قول أكثر العامة
والشافعي في أحد القولين لأنه غير واجد للهدى فلا يجب عليه ولا قادر على الصوم فلا يجب أيضا عليه نعم يستحب للولي القضاء عنه ولو تمكن من صيام العشرة واهمل قال
الشيخ (ره) يقضى الولي عنه ثلاثة أيام وجوبا ولا يجب قضاء السبعة وقال بن إدريس يجب قضاء السبعة أيضا وهو المعتمد وهو أحد قولي الشافعي لأنه صوم واجب لم يفعله
فوجب على وليه القضاء عنه كرمضان ولرواية معاوية بن عمار قال ومن مات ولم يكن له هدى لمتعته فلم يصم صام عنه وليه ولو لم يتمكن من صيام السبعة لم يجب على الولي قضاؤها وفي
القول الثاني للشافعي فهي يتصدق الولي عنه وهو قول العامة. إذا عرفت هذا فلو تمكن الحاج من صوم السبعة بعد رجوعه إلى أهله وجب عليه صيامها
ولا تجزى الصدقة عنها لان الصدقة بدل فلا تجزى مع التمكن من فعل المبدل عنه كالتيمم. مسألة. لو تلبس بالصوم ثم أيسر أو وجد الهدى (لم يجب عليه الهدي صح) بل استحب له وبه قال
الحسن وقتادة ومالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى " فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام " مقتضاه وجوب الصوم على غير الواجد وهو غير واجد والانتقال
إلى الهدى يحتاج إلى دليل وظاهر كلام الشيخ اشتراط صيام ثلاثة أيام وبه قال حماد والثوري وقال أبو حنيفة يجب عليه الانتقال إلى الهدى وكذا إذا وجد
الهدى بعد إن صام ثلاثة أيام قبل يوم النحر ان وجده بعد إن مضت أيام النحر أجزأه الصوم وإن لم يحلل لأنه قد مضى زمان التحلل لأنه قد وجد المبدل قبل فراغه من البدل
فأشبه المتيمم إذا وجد الماء في أثناء تيممه وإذا وجد الهدى قبل يوم النحر فقد وجد المبدل قبل حصول المقصود بالبدل وهو التحلل والفراق إن المقصود من التيمم الصلاة
وليس مقصودا في نفسه والصوم عبادة مقصودة يجب ابتداء بالشرع لا كغيرها. مسألة. لو أحرم بالحج ولم يصم ثم وجد الهدى تعين عليه الذبح ولا يجزئه الصوم وبه
قال احمد في إحدى الروايتين والشافعي في بعض أقواله لأنه قدر على المبدل قبل شروعه في البدل فلزمه الانتقال إليه كالمتيمم إذا وجد الماء لحصول يقين البراءة
مع الذبح بخلاف الصوم وقال الشافعي في بعض أقواله فرضه الصوم وإن اهدى كان أفضل وله قول ثالث إن عليه الهدى لا غير ولا يجزئه الصيام وهو الرواية الثانية
لأحمد والشافعي بنى أقواله على أقواله في الكفارات هل الاعتبار بحال الوجوب (أو الأداء فإن قلنا بالوجوب صح) أجزأه الصيام وإن قلنا بحال الأداء أو بأغلظ الحالين لزمه الهدى. مسألة.
لو تعين عليه الصوم وخاف الضعف عن المناسك يوم عرفة أخر الصوم إلى بعد انقضاء أيام التشريق ولو خرج عقيب أيام التشريق ولم يصم الثلاثة صامها في الطريق
أو إذا رجع إلى أهله للرواية الصحيحة عن الصادق (ع) والأفضل المبادرة إلى صومها في الطريق إذ ليس السفر مانعا هذا إذا لم يهل المحرم فإذا أهل قبل صومها تعين عليه الهدى
قال الشيخ ولو لم يصم الثلاثة لا بمكة ولا في الطريق ورجع إلى بلده وكان متمكنا من الهدى بعث به فإنه أفضل من الصوم قال والصوم بعد أيام التشريق يكون أداء لا قضاء
383

ولو أحرم بالحج ولم يكن ثم صام وجد الهدى لم يجز له الصوم وتعين عليه الهدى فلو مات اشترى الهدي من صلب ماله لأنه دين ولو مات من وجب عليه الهدى اخرج
من صلب التركة لأنه دين. مسألة. من وجب عليه بدنه في كفارة أو نذر ولم يجد كان عليه سبع شياة على
الترتيب عندنا وهو إحدى الروايتين عن أحمد لما رواه
العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه أتاه رجل فقال إن على بدنه وأنا موسر لها ولا أجدها فاشتريها فأمره النبي (ص) أن يبتاع سبع شياة فذبحهن ومن طريق الخاصة قول الصادق
(ع) في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء قال إذا لم يجد بدنة فسبع شياة فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله والترتيب على عدم
الوجدان يدل على الترتيب وقال احمد في الرواية الأخرى إنها على التخيير لان الشاة معدولة بسبع بدنة وهي أطيب لحما فكانت أولي ونمنع المعادلة. إذا عرفت
هذا فلو لم يتمكن من سبع شياة صام ثمانية عشر يوما للرواية عن الصادق (ع) ولو وجب عليه سبع شياة لم يجزه بدنه وفرق أحمد بين وجوب السبع من جزاء الصيد
وبين وجوبها في كفارة محظور فذهب إلى الجواز في الثاني لان الواجب ما استيسر من الهدى وهو شاة أو سبع بدنة وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله يشترك السبعة منهم في
البقرة أو البدنة وذهب إلى المنع في الأول لان سبعا من الغنم أطيب لحما من البدنة فلا يعدل إلى الأدنى ولو وجب عليه بقرة فالأقرب إجزاء بدنه لأنها أكثر لحما و
أوفر ولو لزمه بدنة في غير النذر وجزاء الصيد قال احمد تجزيه بقرة لان جابرا قال كنا ننخر البدنة عن سبعة فقيل له والبقرة فقال وهل هي إلا من البدن والحق خلافه
أما النذر فإن عين شيئا انصرف إليه وإن أطلق في النية واللفظ أجزأه أيهما كان وهو إحدى الروايتين عن أحمد وفي الثانية تتعين البدنة وهو قول الشافعي. البحث
الخامس. في الاحكام. مسألة. الهدى إن كان واجبا لم يجز الواحد إلا عن واحد حالة الاختيار وكذا مع الضرورة على الأقوى وبه قال مالك ويتعين الصوم
على الفاقد منهم للاحتياط ولقول الصادق (ع) في الصحيح تجزء البدنة والبقرة في الأمصار عن سبعة ولا تجزئ بمنى إلا عن واحد وللشيخ (ره) آخر إنه تجزئ مع الضرورة
عن سبعة وعن سبعين لما رواه العامة عن جابر قال كنا نتمتع مع النبي صلى الله عليه وآله فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها ومن طريق الخاصة ما رواه حمران في الحسن قال عزت
البدن سنة بمنى حتى بلغت البدنة مائة دينار فسئل الباقر (ع) عن ذلك فقال اشتركوا فيها قال قلت كم قال ما خف فهو أفضل فقال قلت عن كم تجزى فقال عن
سبعين ويحتمل أن يقال إن ملك واحد الثمن وجب عليه أن يهدى عن نفسه ويأمر العاجز عن الثمن وبعضه بالصوم ولو تمكن كل واحد منهم على بعض الثمن بحيث يحصل
الهدى جاز الاشتراك لأنه أنفع للفقراء من الصوم وقال سوادة الفطان للصادق (ع) إن الأضاحي قد عزت علينا قال فاجتمعوا فاشتروا جزورا فانحروها فيما بينكم قلنا
فلا تبلغ نفقتنا ذلك قال فاجتمعوا فاشتروا بقرة فيما بينكم قلنا فلا تبلغ نفقتنا ذلك قال فاجتمعوا فاشتروا شاة فاذبحوها فيما بينكم قلنا تجزى عن سبعة قال
نعم وعن سبعين وقال الشافعي يجوز للسبعة أن يشتركوا في بدنة أو بقرة سواء كان واجبا أو تطوعا وسواء أراد جميعهم القربة أو بعضهم وأراد الباقون اللحم وقال أبو حنيفة
يجوز اشتراك السبعة في البدنة والبقرة إذا كانوا متقربين كلهم تطوعا كان أو فرضا ولا يجوز إذا لم يرد بعضهم القربة والشيخ (ره) اشترط في الخلاف اجتماعهم على قصد التقرب
سواء كانوا متطوعين أو مفترضين أو بالتفريق وسواء اتفقت مناسكهم بأن كانوا متمتعين أو قارنين أو افترقوا. إذا عرفت هذا فقد شرط علمائنا
في المشتركين إن يكونوا أهل خوان واحد لقول الصادق (ع) تجزى البقرة عن خمسة بمنى إذا كانوا أهل خوان واحد أما التطوع فتجزى الواحد عن سبعة وعن سبعين
حال الاختيار سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم إجماعا. مسألة. الهدى إما تطوع كالحاج أو المعتمر إذا ساق معه هديا بنية إنه ينحره بمنى أو بمكة من غير أن يشعره
أو يقلده فهذا لم يخرج عن ملك صاحبه بل له التصرف فيه كيف شاء من بيع أو غيره ولو تلف لم يكن عليه شئ وإما واجب وهو قسمان أحدهما واجب بنذر أو عهد
أو يمين والثاني واجب بغيرها كهدى التمتع وما وجب بترك واجب أو فعل محظور والواجب بالنذر وشبهه قسمان أحدهما أن يطلق النذر فيقول الله على أن اهدى بدنة
مثلا ويكون حكمه حكم ما وجب بغير النذر والثاني أن يعينه مثل لله على أن اهدى هذه البدنة فيزول ملكه عنها وينقطع تصرفه عنها وهي أمانة للمساكين في يده وعليه أن يسوقها
إلى المنحر ويتعلق الوجوب بعين المنذور دون ذمة الناذر بل يجب عليه حفظه وايصاله إلى المحل فإن تلفت بغير تفريط أو سرق أو ضل كذلك فلا ضمان وأما الواجب المطلق
كهدى التمتع وجزاء الصيد والنذر غير المعين فإما أن يسوقه وينوى به الواجب من غير أن يعينه بالقول فهذا لا يزول ملكه عنه إلا بذبحه ودفعه إلى أهله وله التصرف فيه بما شاء
من أنواع التصرف كالبيع والهبة والاكل وغير ذلك لعدم تعلق حق الغير به فإن عطب تلف من ماله وإن عاب لم يجزءه ذبحه وعليه الهدى الذي كان واجبا عليه لشغل ذمته
فلا يبرأ إلا بايصاله إلى مستحقه كالمديون إذا حمل الدين إلى صاحبه فتلف قبل وصوله إليه وإما أن يعين الواجب عليه بالقول فيقول هذا الواجب على فإنه يتعين الوجوب فيه
من غير أن تبرأ الذمة منه ويكون مضمونا عليه فإن عطب أو سرق أو ضل عاد الواجب إلى ذمته كالمديون إذا باع صاحب الدين سلعة به فتلفت قبل التسليم فإن الدين يعود
إلى ذمته وإذا ثبت أنه يتعين بالقول فإنه يزول ملكه عنه وينقطع تصرفه وعليه أن يسوقه إلى المنحر ولا يجوز له بيعه ولا إخراج بدله فإن وصل نحره وإلا سقط التعيين
ويجب عليه إخراج الذي في ذمته ولا نعلم خلافا في ذلك كله إلا من أبي حنيفة فإنه قال يجوز له إخراج بدله لان القصد نفع المساكين ويبطل بأنه يرجع إلى أصله بالابطال وسأل
محمد بن مسلم في الصحيح أحدهما (ع) عن الهدى الذي يقلد أو يشعر ثم يعطب قال إن كان تطوعا فليس عليه غيره وإن كان جزاء أو نذرا فعليه بدله. مسألة. لو ذبح الواجب
غير المعين فسرق أو غصب بعد الذبح فالأقرب الأجزاء وبه قال احمد والثوري وبعض أصحاب مالك وأصحاب الرأي لأنه أدى الواجب عليه فبرئ منه كما لو فرقه لان الواجب
هو الذبح والتفرقة ليست واجبة لأنه لو خلى بينه وبين الفقراء أجزأه وإن لم يفرقه عليهم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله لما نحر من شاء فليقطع وقال الشافعي عليه الإعادة لأنه لم يوصل
الحق إلى مستحقه فأشبه ما لو لم يذبحه والفرق ظاهر فإنه مع الذبح والتخلية يحصل فعل الواجب بخلاف المقيس عليه ولو عين بالقول الواجب غير المعين تعين فإن عطب أو أعاب
لم يجزءه لان الواجب في الذمة هدي سليم ولم يوجد فيرجع الهدى إلى ملكه يصنع به ما شاء من بيع أو هبة وأكل وغيرها وبه قال الشافعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب
الرأي لما رواه العامة عن بن عباس قال وإذا هديت هديا واجبا فعطب فانحره بمكانه إن شئت واهده إن شئت وبعه إن شئت وتقوبه؟ في هدى آخر ومن
طريق الخاصة رواية الحلبي الحسنة قال سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدى آخر قال يبيعه ويتصدق بثمنه ويهدى
هديا اخر وقال مالك يأكل ويطعم من أحب من الأغنياء والفقراء ولا يبيع منه شيئا والأولى ذبحه وذبح ما وجب في ذمته معا فإن باعه تصدق بثمنه لرواية
محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما (ع) قال سألته عن الهدى الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هديه قال لا يبيعه وإن باعه تصدق
بثمنه وليهد اخر وأوجب احمد في رواية ذبحه والأقرب حمل الرواية على الاستحباب ولو عين معيبا (عما في ذمته عيبا لا يجزئه صح) لم يجزئه لان الواجب السليم فلا يخرج عن العهد
بدونه ولا يلزمه ذبحه بخلاف ما لو عين السليم. إذا عرفت هذا فإن تعيين الهدى يحصل بقوله هذا هدى وبشعاره وتقليده مع نية الهدى وبه قال
384

الثوري وإسحاق ولا يصحل بالشراء مع النية ولا بالنية المجردة في قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة يجب الهدى ويتعين بالشراء مع النية وليس بجيد لأصالة عدم التعيين
. مسألة. لو سرق الهدى من حرز أجزاء عن صاحبه وإن أقام بدله فهو أفضل لان معاوية به عمار سأل في الصحيح الصادق (ع) عن رجل اشترى أضحية فماتت أو سرقت
قبل أن يذبحها قال لا بأس وإن أبدلها فهو أفضل وإن لم يشترط فليس عليه شئ ولو عطب الهدى في مكان لا يجد من يتصدق عليه فيه فلينحره وليكتب كتابا ويضعه عليه
ليعلم المار به إنه صدقة لان عمر بن حفص الكلبي سأل الصادق (ع) عن رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه ولا من يعلمه أنه هدي قال ينحره
يكتب كتابا ويضعه عليه ليعلم من يمر به إنه صدقه ولان تخليته بغير ذبح تضييع له ولو ضل الهدى فاشترى مكانه غيره ثم وجد الأول تخير بين ذبح أيهما شاء فإن ذبح
الأول جاز له بيع الأخير وإن ذبح الأخير لزمه ذبح الأول أيضا إن كان قد أشعره وإن لم يكن أشعره جاز له بيعه وبه قال عمر وابنه وبن عباس ومالك والشافعي وإسحاق
لما رواه العامة عن عايشه إنها أهدت هديين فأضلتهما فبعث إليها بن الزبير هديين فنحرتهما ثم عاد الضالان فنحرتهما وقالت هذه سنة الهدى ومن طريق الخاصة
رواية أبي بصير إنه سأل الصادق (ع) عن رجل اشترى كبشا فهلك منه قال يشترى مكانه آخر قلت ثم وجد الأول قال إن كانا جميعا قائمين فليذبح الأول وليبع الأخير
وإن شاء ذبحه وإن كان قد ذبح الأخير ذبح الأول معه وقال أصحاب الرأي يصنع بالأول ما شاء وأما نحر الأول مع الاشعار فلرواية الحلبي الصحيحة عن الصادق (ع) في الرجل
يشترى البدنة ثم تضل قبل أن يشعرها أو يقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر ويجد هديه قال إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها وإن شاء باعها وإن كان
أشعرها نحرها. مسألة. لو غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه لم يجزءه سواء رضي المالك أو لم يرض وسواء عوضه عنها أو لم يعوضه لأنه لم يكن ذبحه قربة بل كان فيها
عنه فلا يكون خارجا عن العهدة به وقال أبو حنيفة يجزئه مع رضاء المالك ولو ضل الهدى فوجده غيره فإن ذبحه عن نفسه لم يجزء عن واحد منهما لعدم النية
من صاحبه ولا يجزى عنه ولا عن الذابح لأنه منهى عنه وإن ذبحه (عن صاحبه فإن ذبحه صح) بمنى أجزاء عنه وبغيرها لا يجزى لرواية منصور بن حازم الصحيحة عن الصادق في (رجل يضل هديه فيجده صح) رجل آخر فينحره قال إن
كان نحره بمنى فقد أجزاء عن صاحبه الذي ضل عنه وإن كان نحره في غير منى لم يجزء عن صاحبه وينبغي لو أجد الضالة أن يعرفه ثلاثة أيام فإن عرفه صاحبه وإلا ذبحه عنه لرواية
محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما (ع) قال إذا وجد الرجل هديا فليعرفه يوم النحر واليوم الثاني والثالث ثم ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث ولو اشترى هديا فذبحه
فعرفه غيره وذكر إنه هديه ضل عنه وأقام بينة بذلك كان له لحمه لا يجزئ عن واحد منهم أما عن صاحبه فلعدم النية منه ومن الذابح وأما عن المشترى فلانتفاء ملكه
ولصاحبه الأرش للرواية وإذا عين هديا صحيحا عما في ذمته فهلك أو عاب عيبا يمنع الأجزاء بغير تفريط لم يلزمه أكثر مما كان واجبا في ذمته لان الزايد لم يجب في الذمة
وإنما تعلق بالعين فسقط تبلغها ولو أتلفه أو فرط فتلف قال قوم يجب مثل المعين لان الزايد تعلق به حق الله تعالى فإذا فوته لزمه ضمانه كالهدى المعين ابتداء وفيه نظر
. مسألة. إذا ولدت الهدية وجب نحر ولدها أو ذبحه سواء عينه ابتداء أو عينه بدلا عن الواجب في ذمته لما رواه العامة عن علي (ع) انه أتاه رجل ببقرة قد أولدها فقال لا
تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها فإذا كان يوم الأضحى ضحيت بها وولدها عن سبعة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن نتجت بدنك فأحلبها ما لم يضر بولدها
ثم انحرهما جميعا قلت أشرب من لبنها واسقي قال نعم ولو تلف المعينة ابتداء أو بتعيينه وجب إقامة بدلها ووجب ذبح الولد لأنه تبعها في الوجوب حالة إتصاله بها ولم
يتبعها في زواله لأنه مفصل عنها فكان كولد المعيبة إذا ردها المشترى بالعيب لم يبطل البيع في الولد. مسألة. يجوز ركوب الهدى بحيث لا يتضرر به وبه قال
الشافعي وبن المنذر وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) في قول الله عز وجل لكم فيها منافع إلى أجل مسمى قال إن احتاج إلى ظهورها ركبها من غير أن يعنف بها وإن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها وقال
احمد في الرواية الأخرى لا يجوز لتعلق حق الفقراء بها ونمنع عموم التعلق. إذا عرفت هذا فإنه يجوز له شرب لبنها ما لم يضر بها ولا بولدها لرواية العامة عن علي (ع) ولا يشرب
لبنها إلا ما فضل عن ولدها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن كان لها لبن حلبها حلابا لا ينهكها ولان بقاء اللبن في الضرع مضر له ولو شرب ما يضر بالام أو بالولد
ضمن ولو كان بقاء الصوف على ظهرها يضر بها أزاله وتصدق به على الفقراء وليس له التصرف فيه بخلاف اللبن لان اللبن لم يكن موجودا وقت التعيين فلا تدخل
فيه كالركوب وغيره من المنافع. مسألة. هدى التمتع من السنة أن يأكل صاحبه منه وبه قال بن عمر وعطا والحسن وإسحاق ومالك واحمد وأصحاب الرأي لقوله تعالى
" فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " وما رواه العامة عن مسلم إن النبي صلى الله عليه وآله أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فأكل هو وعلي (ع) من لحمها وشربا من مرقها ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) إذا ذبحت أو نحرت فكل وأطعم كما قال الله تعالى " فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر " وقال الشافعي لا يأكل منه لأنه هدى وجب بالاحرام فلم يجز الاكل منه كدم
الكفارة وهو قياس فلا يعارض القران مع الفرق فإن دم التمتع دم نسك بخلاف الكفارة وينبغي أن يقسم أثلاثا يأكل ثلاثة ويهدى ثلاثة ويتصدق على الفقراء بثلاثة
ولو أكل دون الثلث جاز وقد روى سيف التمار في الصحيح عن الصادق (ع) إن سعد بن عبد الملك قدم حاجا فلقى أبى فقال إني سقت فكيف أصنع فقال له أبى أطعم
أهلك ثلثا وأطعم القانع والمعتر ثلثا (وأطعم المساكين ثلثا صح) الحديث واختلف علماؤنا في وجوب الاكل واستحبابه وعلى الوجوب لا يضمن بتركه بل بترك الصدقة لأنه المطلق الأصلي من الهدى
ولو أخل بالاهداء فإن كان بسبب أكله ضمن وإن كان بسبب الصدقة فلا. مسألة. لا يجوز له الاكل من كل هدى واجب غير هدى بالتمتع بإجماع علمائنا
وبه قال الشافعي لان جزاء الصيد بدل والنذر جعل الله تعالى والكفارة عقوبة وكل هذه لا تناسب جواز التناول وللرواية قال الصادق (ع) كل هدى من نقصان
الحج فلا تأكل وكل هدى من تمام الحج فكل وعن أحمد رواية تناسب مذهبنا لأنه جوز الاكل من دم المتعة (والقرآن صح) ودم القران عندنا غير واجب فيجوز الاكل منه وهو قول
أصحاب الرأي وعن أحمد رواية ثالثه إنه لا يأكل من النذر وجزاء الصيد ويأكل مما سواهما وبه قال بن عمر وعطا والحسن البصري وإسحاق وقال بن أبي موسى
لا يأكل أيضا من الكفارة ويأكل مما سوى هذه الثلاثة وهو قول مالك وأما هدى التطوع فيستحب الاكل منه إجماعا للآية ولان النبي (ص) أكل هو وعلي (ع) من هديهما
ولقول الباقر (ع) إذا أكل الرجل من الهدى تطوعا فلا شئ عليه وينبغي أن يأكل ثلثه ويهدى ثلثه ويتصدق بثلثه كهدى التمتع وهو القديم للشافعي وله آخر إنه
يأكل النصف ويتصدق بالنصف والآية تقتضي الاكل وإطعام صنفين فاستحب التسوية ولو أكل الجميع في التطوع لم يضمن وهو قول بعض الشافعية وقال باقيهم
يضمن واختلفوا فقال بعضهم يضمن القدر الذي لو تصدق به أجزأه وقال بعضهم يضمن قدر النصف أو الثلث على الخلاف ولو لم يأكل من التطوع لم يكن به بأمر
إجماعا ولو أكل ما منع من الاكل منه ضمنه بمثله لحما لان الجملة مضمونة بمثلها من الحيوانات فكذا أبعاضها ولو أطعم غنيا مما له الاكل منه كان جايزا لأنه يسوغ له أكله
فيسوغ له إهداؤه ولو باع منه شيئا أو أتلفه ضمنه بمثله لأنه ممنوع من ذلك كما متع من عطية الجواز ولو أتلف أجنبي منه شيئا ضمنه بقيمته لان المتلف من غير
385

ذوات الأمثال فلزمه قيمته. مسألة. الدماء الواجبة بنص القران أربعه دم التمتع قال الله تعالى " فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى " ودم الحلق وهو مخير
قال الله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقه أو نسك " وهدى الجزاء على التخيير قال الله تعالى " ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما
قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة " وهدى الاحصار قال الله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى " ولا بدل له للأصل. مسألة. قد سلف
إن ما يساق في إحرام الحج يذبح أو ينحر بمنى وما يساق في إحرام العمرة ينحر أو يذبح بمكة وما يلزم من فداء ينحر بمكة إن كان معتمرا وبمنى إن كان حاجا ويجب تفرقته
على مساكين الحرم وهو من كان في الحرم من أهله أو من غيره من الحاج وغيرهم ممن يجوز دفع الزكاة إليه وكذا الصدقة مصرفها مساكين الحرم أما الصوم فلا يختص بمكان
دون غيره إجماعا ولو دفع إلى من ظاهره الفقر فبأن غنيا فالوجه الأجزاء وهو أحد قولي الشافعي وما يجوز تفريقه في غير الحرم لا يجوز دفعه إلى فقراء أهل الذمة وبه قال الشافعي
واحمد وأبو ثور لأنه كافر فيمنع من الدفع إليه كالحريق وقال أصحاب الرأي يجوز ولو نذر هديا مطلقا أو معينا وأطلق مكانه وجب صرفه في فقراء الحرم وجوز أبو حنيف ذبحه
حيث شاء كما لو نذر الصدقة بشاة وهو باطل لقوله تعالى ثم محلها إلى البيت العتيق ولان إطلاق النذر ينصرف إلى المعهود شرعا وهو الحرم ولو عين موضعه غير الحرم مما
ليس فيه صنم أو شئ من أنواع الكفر كبيوت البيع والكنايس جاز لما رواه العامة إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال إني نذرت أن انحر ببوانته (قال إنها صنم صح) قال لا قال أوف بنذرك ومن طريق الخاصة
قول الكاظم (ع) في رجل جعل الله عليه بدنه ينحرها بالكوفة في سكره فقال عليه أن ينحرها حيث جعل لله عليه وإن لم يكن سمى موضعا نحرها في فناء الكعبة ولو كان إلى موضع
منهى عنه لم يجب عليه لأنه نذر في معصيته ولو لم يتمكن من ايصاله إلى المساكين بالحرم لم يلزمه ايصاله ولو تمكن من إنفاذه وجب. مسألة. يستحب إشعار الإبل بأن يشق
صفحة سنامها من الجانب الأيمن ويلطخه بالدم ليعلم أنه صدقة ذهب إليه علماؤنا أجمع وقال عامة أهل العلم بمشروعية أشعار الإبل والبقر أيضا لما رواه العامة عن عايشه
قالت قتلت قلايد هدى النبي صلى الله عليه وآله ثم اشعرها وقلدها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في كيفية إشعار البدن تشعر وهي باركه يشق سنامها الأيمن وقال أبو حنيفة لا
يجوز الاشعار لأنه مثلة ولاشتماله على ايلام الحيوان ولا حجة فيه لان النبي صلى الله عليه وآله فعله لغرض صحيح فأشبه الكي والوسم والفصد والغرض عدم اختلاطها بغيرها وإباحة المساكين
إذا ضلت وامتناع اللصوص منها وقال مالك إن كانت البقرة ذات سنام فلا بأس بإشعارها وإلا فلا ويستحب تقليد الهدى بأن يجعل في رقبته نعل قد صلى فيه وهو
مشترك بين الإبل والبقر والغنم وبه قال احمد لما رواه العامة عن عايشه قالت كنت افتل القلايد للنبي صلى الله عليه وآله فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
في الصحيح كان الناس يقلدون البقر والغنم إنما تركه الناس حديثا وقال أبو حنيفة ومالك لا يسن تقليد الغنم وإلا لنقل وقد بينا النقل. إذا عرفت هذا
فإن الاشعار يكون في صفحة السنام من الجانب الأيمن عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد وأبو ثور لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله بذى الحليفة ثم دعى ببدنة فاشعرها من
صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم عنها بيده ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ويشق سنامها الأيمن ولان النبي (ص) كان يجب التيامن في شأنه كله وقال مالك وأبو يوسف
يشعر في صفحتها اليسرى وهو رواية عن أحمد لان بن عمر فعله وفعل النبي صلى الله عليه وآله أولي ولو كانت البدن كثيرة دخل بينها وشق سنام إحديها من الأيمن والاخرى الأيسر
. مسألة. لا ينبغي أن يأخد من جلود الهدايا شيئا بل يتصدق بها ولا يعطيها الجزار ولقول الصادق (ع) ذبح رسول الله صلى الله عليه وآله عن أمهات المؤمنين بقرة بقرة ونحر هو
ستا وستين بدنة ونحر علي (ع) أربعا وثلاثين بدنه ولم يعط الجزارين من جلالها ولا قلائدها ولا جلودها ولا تصدق به وفي رواية صحيحة عن الصادق
قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يعطى جلالها وجلودها وقلائدها الجزارين وأمران يتصدق بها. مسألة. روى جميل بن دراج في الحسن عن الصادق (ع) قال سألته عن
الرجل يزول البيت قبل أن يحلق قال لا ينبغي إلا أن يكون ناسيا ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم يا رسول الله صلى الله عليه وآله حلقت قبل أن أذبح وقال
بعضهم حلقت قبل أن ارمي فلم يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه لا قدموه فقال لا حرج. إذا عرفت هذا فلا يجوز أن يحلق ولا أن يزور البيت
إلا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدى محله وهو منى يوم النحر بأن يشتريه ويجعله في رجله بمنى لان وجوده في رحله في ذلك الموضع بمنزلة الذبح وقال الشيخ من تمتع عن
أمه وأهل بحجه عن أبيه فهو بالخيار في الذبح إن فعل فهو أفضل وإن لم يفعل فليس عليه شئ لقول الصادق (ع) في رجل تمتع عن أمه وأهل بحجه عن أبيه قال إن كان ذبح
فهو خير له وإن لم يذبح فليس عليه شئ لأنه إنما تمتع عن أمه وأهل بالحجة عن أبيه. مسألة. المتمتع الواجد للهدى إذا مات قبل الفراغ من الحج لم يسقط عنه الدم بل يخرج
من تركته وهو أصح قولي الشافعي لأنه وجب بالاحرام بالحج والتمتع بالعمرة إلى الحج وإنه موجود والثاني لا يجب لان الكفارة إنما تجب عند تمام النسكين على سبيل
الرفاهية وربح أحد النفرين وإذا مات قبل الفراغ لم يحصل هذا الغرض وأما الصوم فإن مات قبل التمكن منه سقط عنه وقد سبق وهو أصح قولي الشافعي لأنه
صوم لم يتمكن من الاتيان به فأشبه رمضان الثاني يهدى عنه لأن الصوم قد وجب بالشروع في الحج فلا يسقط
من غير بدل وأما إن تمكن من الصوم ولم يصم حتى
مات وجب على وليه القضاء وهو القديم للشافعي لأنه صوم مفروض فإنه بعد القدرة عليه وفي الجديد يطعم عنه وليه من تركته لكل مسكين مد فإن تمكن من جميع العشرة
فعشرة أمداد وإلا فبالقسط وهل يجب صرفه إلى فقراء الحرم أم يجوز صرفه إلى غيرهم قولان وله قول اخر إنه يجب في فوات ثلاثة أيام إلى العشرة شاة وفي يوم ثلاث شياة
وفي يومين ثلثا شاة. البحث السادس. في الضحايا.. مسألة. الضحية مستحبه قال الله تعالى فصل لربك وانحر قيل في التفسير إنه الأضحية بعد صلاة العيد و
روى أنس عن النبي (ص) إنه ضحى بكبشين أقرنين أملحين والأقرن ما له قرنان والأملح ما فيه سواد وبياض (والبياض صح) أغلب وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويترك في
سواد فأتى به فضحى به فاضجعه وذبحه وقال بسم الله اللهم اقبل من محمد وآل محمد ومن طريق الخاصة ما رواه بن بابويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه ضحى بكبشين ذبح واحدا
بيده فقال اللهم هذا عنى وعن من لم يضح من أهل بيتي وذبح الاخر وقال اللهم هذا عنى وعن من لم يضح من أمتي وكان أمير المؤمنين يضحى عن رسول الله صلى الله عليه وآله كل سنة بكبش
ويذبح كبشا آخر عن نفسه. مسألة. الأضحية مستحبه وسنة مؤكدة ليست واجبه وبه قال أبو بكر وعمر وبن مسعود البدوي وبن عباس وبن عمر وبلال وسويد بن
غفلة وسعيد بن جبير وعطا وعلقمة والأسود واحمد وإسحاق وأبو ثور والشافعي والمزني وبن المنذر لقول النبي صلى الله عليه وآله كتب على النحر ولم يكتب عليكم وقال ربيعه ومالك
والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأصحاب الرأي إنها واجبة لما روى عن النبي إنه قال على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة وقد ضعفه المحدثون (ويظهر ضعفه صح) بايجاب
العتيرة وهي ذبيحة كانت الجاهلية تذبحها في رجب والهدى يجزى عن الأضحية والجمع بينهما أفضل لأنه دم ذبح للنسك في وقت الأضحية فكان مجزيا عنها ولقول
الباقر (ع) في الصحيح يجزئك من الأضحية هديك. مسألة. أيام الأضاحي بمنى أربعة يوم النحر وثلاثة أيام بعده وفي غيره من الأمصار ثلاثة يوم النحر ويومان بعده
عند علمائنا أجمع وبه قال سعيد بن جبير لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال عرفه كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة وأيام منى كلها منحر ومن طريق الخاصة قول
386

الصادق (ع) لما سأله عمار الساباطي عن الأضحى بمنى قال أربعة أيام وعن الأضحى في ساير البلدان قال ثلاثة أيام وقال الحسن وعطا إنهم أربعة أيام مطلقا وبه قال
الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك والثوري ثلاثة أيام يوم النحر ويومان بعده مطلقا وقال محمد بن سيرين لا تجوز الأضحية إلا في يوم الأضحى خاصة لان يوم الأضحى
اختص بتسمية الأضحى دون غيره فاختص بها والاختصاص بالتسمية لا يوجب ذلك ولو فاتت هذه الأيام فإن كانت الأضحية واجبة بالنذر وشبهه لم تسقط ووجب
قضاؤها لان لحمها مستحق للمساكين فلا يسقط حقهم بفوات الوقت وإن كانت تطوعا فأت ذبحها فإن ذبحها لم تكن أضحية فإن فرق لحمها على المساكين استحق الثواب
على التفرقة دون الذبح. مسألة. وقت الأضحية إذا طلع الشمس ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين سواء صلى الامام أو لم يصل وقال الشافعي يعتبر
قدر صلاة النبي صلى الله عليه وآله وكان (ع) يصلى في الأولى بقاف وفي الثانية باقتربت الساعة وقال عطا وقتها إذا طلعت الشمس وقال أبو حنيفة ومالك واحمد من شرط الأضحية أن يصلى
الامام ويخطب إلا أن أبا حنيفة يقول أهل السواد يجوز لهم الأضحية إذا طلع الفجر لان عنده لا عيد لهم. مسألة. الأيام المعدودات أيام التشريق إجماعا وأيام المعلومات
عشرة أيام من ذي الحجة اخرها غروب الشمس من يوم النحر عند علمائنا وبه قال علي (ع) وبن عمر والشافعي وقال مالك ثلاثة أيام أولها يوم النحر فجعل أول أيام التشريق وثانيها
من المعدودات والمعلومات قال أبو حنيفة ثلاثة أيام أولها يوم عرفه واخرها أول أيام التشريق فجعل أول التشريق من المعدودات والمعلومات وقال سعيد بن
جبير المعدودات هي المعلومات والحق المغايرة لدلالة اختلاف الاسمين على تغاير معنييهما إلا أن الترادف على خلاف الأصل. إذا عرفت هذا فإنه يجوز الذبح
عندنا في اليوم الثالث من أيام التشريق وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك لا يجوز لأنه ليس من المعلومات وليس بمعتمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن صيام أيام التشريق
وقال إنها أيام أكل وشرب وبعال وفي رواية إنها أيام أكل وشرب وفي أخرى إنها أيام أكل وشرب وذبح فثبت بذلك إن الثالث من أيام الذكر والذبح معا وعندي أبي حنيفة
إنه ليس من أيام الذكر (ولا الذبح صح). مسألة. لا يجوز لمن دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحى أن يحلق رأسه أو يقلم أظفاره من غير كراهة ولا تحريم لأنه لا يحرم عليه الوطي ولا
الطيب ولا اللباس فكذا حلق الشعر وقلم الأظفار وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يكره وقال احمد وإسحاق يحرم عليه لما روته أم سلمة إن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا دخل العشر و
أراد أحدكم أن يضحى فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا والنهى يقتضى التحريم وهو ممنوع ومعارض بقول عايشه كنت افتل قلايد هدى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يقلدها هو بيده
ثم يبعث بها مع أبي بكر فلا يحرم عليه شئ أحله الله له حتى ينحر الهدى وقد روى علماؤنا إن من انفذ هديا من أفق من الآفاق يواعد أصحابه يوما يقلدونه فيه أو يشعرونه
ويجتنب هو ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم الميعاد حل ما يحرم منه وهو مروى عن بن عباس وخالفت العامة ذلك وقد رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت
الصادق (ع) عن الرجل يبعث بالهدى تطوعا وليس بواجب فقال يواعد أصحابه يوما يقلدونه فإذا كان تلك الساعة إجتنب ما يجتنبه المحرم إلى يوم النحر فإذا
كان يوم النحر أجزاء عنه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حين صده المشركون يوم الحديبية نحر وأحل ورجع إلى المدينة وقال الصادق (ع) ما يمنع أحدكم من أن يحج كل سنة فقيل لا يبلغ
ذلك أموالنا فقال أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحية ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وأتى
المسجد فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس. مسألة. لا تختص الأضحية بمكان بل يجوز أن يضحى حيث شاء من الأمصار ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله ضحى بالمدينة
بكبشين أملحين والفرق بينه وبين الهدى أن النبي صلى الله عليه وآله بعث بدنة إلى الحرم وضحى بالمدينة ولان الهدى له تعلق بالاحرام بخلاف الأضحية. مسألة. وتختص الأضحية
بالنعم الإبل والبقر والغنم بإجماع علماء الاسلام قال الله تعالى " فيذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " قال المفسرون هي الإبل (والبقر صح) والغنم لا يجزى إلى الثنى من
الإبل والبقر والمعز ويجزى من الضان الجذع وهو قول أكثر العلماء وقال الزهري لا يجزى الجذع من الضأن أيضا ويبطل بما رواه العامة عن عقبة بن عامر إن النبي صلى الله عليه وآله قسم ضحايا (بين أصحابنا صح) فأعطاني
جذعا فرجعت إليه فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنه جذع فقال النبي صلى الله عليه وآله ضح وبه قال الأوزاعي يجزى الجذع من جميع الأجناس ويبطل بما رواه العامة عن البراء بن عازب إن رجلا
يقال له أبو بردة بن يسار ذبح قبل الصلاة فقال له النبي صلى الله عليه وآله شاتك شاة لحم فقال يا رسول الله عندي جذعة من المعز فقال ضح بها ولا تصلح لغيرك وفي رواية انه يجزئك
ولا تجزئ أحدا بعدك وهو نص في عدم إجزاء المعز لغير أبى برده فلا يجز من غير المعز لعدم القابل بالفرق ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح عن علي (ع) إنه كان
يقول الثنية من الإبل والثنية من البقر ومن المعز والجذعة من الضأن. إذا عرفت هذا فالثني من البقر والمعز ما له سنة ودخل في الثانية ومن الإبل ماله
خمس سنين ودخل في السادسة وجذع الضأن هو الذي له ستة أشهر. مسألة الأفضل الثنى من الإبل ثم الثنى من البقر ثم الجذع من الضأن وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة واحمد لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال في الجمعة من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في
الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الهدى أفضله بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة وقال مالك والأفضل الجذع من الضأن ثم الثني من
البقر ثم الثنى من الإبل لقول النبي صلى الله عليه وآله أفضل الذبح الجذع من الضأن ولو علم الله خيرا منه لفدى به إسحاق (ع) وهو محمول على أنه أفضل من باقي أسنان الغنم والجذعة (من الغنم صح) أفضل
من إخراج سبع بدنة لان إراقة الدم مقصود في الأضحية وإذا ضحى بالشاة حصلت إراقة الدم جميعه. مسألة. يستحب أن يكون أملح سمينا قال بن عباس في قوله
تعالى " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب " قال تعظيمها استسمان الهدى واستحسانه وينبغي أن يكون تاما فلا يجزى في الضحايا العوراء البين عورها ولا العرجاء
البين عرجها ولا المريضة البين مرضها ولا العجفاء التي لا تنفى ونهى النبي صلى الله عليه وآله أن يضحى المصفرة والنجفاء والمستأصلة والمشيعة والكسراء فالمصفرة مقطوعه الاذنين
من أصلهما حتى بدا صماخهما والاذن عضو مستطاب والنجفاء العمياء والمستأصلة التي استوصل قرناها والمشيعة التي تتأخر عن الغنم لهزالها والكسراء
كالعرجاء وتكره الجلحاء وهي المخلوقة بغير قرن وهي الجماء والغصباء لا تجزى قال علي (ع) أمرنا رسول الله () ص باستشراف العين والاذن ولا نضحى بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة
ولا خرقاء ولا شرقاء فالمقابلة أن يقطع من مقدم الاذن أو يبقى معلقا فيها كالزنمة والمدابرة أن يقطع من مؤخر الاذن والخرقاء أن تكون مثقوبة من الستمة فإن
الغنم توسم في أذانها فيثقب بذلك والشرقاء ان تشق اذنها فتصير كالشاختين. مسألة. يستحب التضحية بذوات الأرحام من الإبل والبقر والفحولة من الغنم
لقول الصادق (ع) أفضل البدن ذوات الأرحام من الإبل والبقر وقد تجزى الذكور من البدن والضحايا من الغنم الفحولة ولا يجوز التضحية بالثور ولا بالجمل بمنى ويجوز ذلك
في الأمصار قال الصادق (ع) في الصحيح تجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجد الإناث والإناث أفضل ولا يجوز التضحية بالخصى لنقصانه لرواية محمد بن مسلم في الصحيح
عن أحدهما (ع) قال سألته أيضحى بالخصى قال لا. مسألة. يجب ذبح البقر والغنم فلا يجوز نحرهما ويجب نحر الإبل فلا يجوز ذبحها فإن خالف حرم الحيوان عند علمائنا و
به قال مالك وجوز الشافعي الذبح والنحر في جميع الحيوان وتجب التذكية بإزهاق الروح وإنما يكون بقطع الأعضاء الأربعة الحلقوم وهو مجرى النفس والمرى وهو
387

مجرى الطعام والشراب والودجان وهما عرقان محيطان والحلقوم عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وأبو يوسف لقول النبي ما أنهر الدم وفرى الأوداج فكل وقال
أبو حنيفة يجب قطع ثلاثة من الأربع أيها قطع وقال محمد بن الحسين يجب قطع كل واحد من الأربعة وقال الشافعي الواجب قطع الحلقوم والمرى واستحب قطع الودجين
. مسألة. يستحب أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله فإن لم يحسن الذباحة جعل يده مع يد الذابح ويجوز استنابة المسلم ولو استناب كافرا لم يجزء عند
علمائنا وبه قال الشافعي إلا أن يكون ذميا عنده ومالك وإن جوزه إلا أنه قال يكون لحم شاة لا أضحيه والحق ما قلناه لقوله (ع) لا يذبح ضحاياكم إلا طاهر ولان
عليا صلى الله عليه وآله وعمر منعا من أكل ذبايح نصارى العرب وتجوز ذبيحة الصبيان مع معرفتهم بشرايط الذبح وتجوز ذباحة الأخرس وإن لم ينطق نعم يجب تحريك لسانه بالتسمية و
يجوز ذباحة النساء إجماعا لما رواه بن عمر إن جارية لآل كعب كانت ترعى غنما فرأت بشاة فيها ربوا فأخذت حجرا فكسرته وذبحتها به فذكر ذلك لرسول الله (ص) فقال
يؤكل وهو يدل على جواز ذبح المرأة وإن كانت حايضا لان ترك الاستفصال يشعر به وصحة ذكاة شاة الغير بغير إذنه وجواز الذبح بالحجر وذبح الحيوان إذا خيف موته
ويجوز ذبح السكران والمجنون للحكم بإسلامهما لكن يكره لعدم معرفتهما بمحل الذكاة فربما قطعا غير المشترط ويستحب أن يتولى الذبيحة المسلم البالغ العاقل الفقيه لأنه
أعرف بشرايط الذبح ووقته فإن فقد الرجل فالمرأة فإن فقدت فالصبي فإن فقد فالسكران والمجنون. مسألة. يجب استقبال القبلة عند الذبح وتوجيه
الذبيحة إليها لأنه عليه السلام ضحى بكبشين فلما وجههما قرأ وجهت وجهي وتجب فيها التسمية لقوله تعالى " ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه " ولا تكره الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله عند
الذبيحة مع التسمية بل هي مستحبة وبه قال الشافعي لأنه شرع فيه ذكر الله تعالى فشرع فيه ذكر رسوله (ع) كالاذان وقال احمد ليس بمشروع وقال أبو حنيفة وما لك إنه مكروه
لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال موطنان لا أذكر فيهما عند الذبيحة وعند العطاس ومراده لا أذكر فيهما مع الله تعالى على الوجه الذي يذكر معه في غيرهما فإن في الاذان
يشهد لله بالتوحيد ويشهد للنبي بالرسالة وكذا في شهادة الاسلام والصلاة وهنا يسمى الله تعالى ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله والصلاة ليست من جنس التسمية وكذا العطاس
فإن المروى فيه أنه يسمى الله تعالى ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله ويستحب الدعاء بالمنقول ولو نسى التسمية لم تحرم ويستحب أن يسمى عند أكله قال ابن سنان في الصحيح سمعت الصادق
يقول إذا ذبح المسلم ولم يسم ونسى فكل من ذبيحته وسم الله على ما تأكل. مسألة. إذا ذبحها قطع الأعضاء الأربعة السابقة ولا يقطع رأسها إلى أن تموت فإن قطعه
فقولان أحدهما التحريم وبه قال سعيد بن المسيب لأنها ماتت من جرحين أحدهما مبيح والآخر محرم فلا تحل ولقول الصادق (ع) ولا ينخعها حتى يموت والاخر الحل لأنها بقطع
الأعضاء الأربعة تكون مذكاة فلا أثر للزايد لحصوله والحياة غير مستقره ولو ذبحها من قفاها سميت القفيه فإن بقيت حياتها مستقرة بعد قطع قفاها ثم قطعت
الأعضاء حلت وإلا فلا وبه قال الشافعي وقال مالك واحمد لا تحل وروى العامة عن علي (ع) أنه إن كان سهوا حلت وإلا فلا ويعرف استقرار الحياة بوجود الحركة القوية
بعد قطع العنق قبل قطع المري والودجين والحلقوم ولو كانت ضعيفة أو لم تتحرك لم تحل لاجتماع فعل يدل على الإباحة واخر يدل على التحريم ولان الظاهر من جال
الحيوان إذا قطع رأسه من قفاه لا تبقى فيه حياة مستقرة قبل قطع الأعضاء الأربعة وتكره الذباحة ليلا في الأضحية وغيرها لنهيه (ع) عنه ولا نعلم فيه خلافا فلو ذبحها
ليلا أجزأه لان الليل محل فكان محل الذبح كالنهار وقال مالك لا تجزيه ويكون لحم شاة لقول تعالى " ليذكروا اسم
الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام " والأيام تطلق على
بياض النهار دون الليل وهو ممنوع فإن الأيام إذا اجتمعت دخلت الليالي فيها ولهذا تدخل في الاعتكاف لو نذر ثلاثة أيام. مسألة. يستحب الاكل من الأضحية
إجماعا وقال بعضهم بوجوبه للآية فإنه قرن الاكل بالاطعام وهو غير دال على الوجوب كما في قوله كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده فالايتاء واجب دون
الاكل ويجوز أن يأكل الأكثر ويتصدق بالأقل قال الشيخ فإن أكل الجميع ضمن للفقراء قدر المجزى وبه قال الشافعي للآية وقال بعض الشافعية لا يضمن وتكون القربة
في الذبح خاصة ويستحب أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدى الثلث وهو الجديد للشافعي لقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر والقانع السائل
(والمعتر غير السائل صح) وفي القديم يأكل النصف (ويتصدق بالنصف صح) لقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ولا ينافي الاهداء الثابت بالآية الأخرى. مسألة. لا يجوز بيع لحم الأضاحي وبه قال
قال الشافعي وأكثر العامة لأنه بذبحه خرجت عن ملكه واستحقها المساكين وقال أبو حنيفة يجوز بيعه وشراؤه ويكره بيع جلودها وإعطاؤها الجزارين فإن باعها
تصدق بثمنه ومنع الشافعي من بيعه وبه قال أبو هريرة وقال عطا لا بأس ببيع أهب الأضاحي وقال الأوزاعي يجوز بيعها بآلة البيت التي (تصلح صح) للعارية كالقدر
والفدوم والمنخل والميزان. لنا ما رواه العامة عن علي (ع) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله إن أقوم على بدنه وأقسم جلودها وجلالها ولا أعطى الجزارين منها شيئا ومن طريق
الخاصة قول معاوية بن عمار في الصحيح أنه سأل الصادق (ع) عن الإهاب فقال تصدق به أو تجعله مصلى تنتفع به في البيت ولا تعطى الجزارين وروى علي بن جعفر
(في الصحيح صح) عن الكاظم (ع) قال سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحى بها أن يجعلها جرابا قال لا يصح أن يجعلها جرابا إلا أن يتصدق بثمنها ولا يجوز أن يعطى الجزار لجزارته لان
التضحية واجبة عليه مع وجوبها فكانت الأجرة عليه ويوصل ذلك إلى الفقراء ولو كان الجزار فقيرا جاز أن يأخذ منها شيئا لفقره لأنه من المستحقين. مسألة.
يجوز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها وقد نسخ بذلك النهى عنها روى العامة عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله أن لا نأكل لحم الأضاحي بعد
ثلاثة أيام ثم أذن لنا أن نأكل ونقدد ونهدى إلى أهالينا ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) والصادق (ع) نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام ثم أذن فيها
قال كلوا من الأضاحي بعد ذلك وادخروا ويكره أن يخرج شيئا مما يضحيه من منى بل يفرق بها لقول أحدهما في الصحيح لا يخرج منه شئ إلا السنام بعد ثلاثة أيام وقال الصادق في
الصحيح لا تخرجن شيئا من لحم الهدى ولا بأس بإخراج لحم ما ضحاه غيره إذا اشتراه منه أو أهداه إليه ويكره أن يضحى بما يربيه. مسألة. إذا تعذرت الأضحية (تصدق صح) بثمنها فإن اختلفت
أثمانها جمع الأعلى والأوسط والأدون وتصدق بثلث الجميع لان أبا الحسن (ع) وقع إلى هشام المكارى انظروا إلى الثمن الأول والثاني والثالث فاجمعوا ثم تصدقوا بمثل ثلثه
وإذا اشترى شاة تجزى في الأضحية بنية أنها أضحية قال الشيخ تصير أضحيه بذلك ولا يحتاج إلى قوله إنها أضحية ولا إلى نية مجدده ولا إلى إشعار ولا إلى تقليد وبه
قال أبو حنيفة ومالك لأنه مأمور بشراء الأضحية فإذا اشتراها بالنية وقعت عنها كالوكيل إذا اشترى لموكله بأمره وقال الشافعي في الجديد لا تصير أضحية إلا بقوله
قد جعلتها أضحية (أو هي أضحية صح) وما أشبهه وفي القديم تصير أضحية بالنية مع الاشعار أو التقليد لأنها إزالة ملك على وجه القربة فلا تؤثر فيها النية المقارنة للشراء كما لو اشترى عبدا
بنية العتق. إذا ثبت هذا فإذا عين الأضحية بما يصح به التعيين زال ملكه عنه وهل له إبدالها قال أبو حنيفة ومحمد نعم له ذلك ولا يزول ملكه عنها وقال الشافعي
لا يجوز له إبدالها وقد زال ملكه عنها وبه قال أبو يوسف وأبو ثور وهو ظاهر كلام الشيخ لما روى
عن علي (ع) إنه قال من عين أضحية فلا يستبدل بها. واحتج أبو حنيفة بأن النبي أهدى هدايا فاشترك عليا (ع) فيها وهو إنما يكون بنقلها إليه ويجوز أن يكون (ع) وقت السياق
388

نوى انها عنه وعن علي (ع) فعلى قول التعيين يزول ملكها عن المالك ويفسد بيعه ويجب ردها مع بقائها وإن تلفت فعلى المشترى قيمتها أكثر ما كانت من حين قبضها
إلى حين التلف وعلى البايع أثر الامرين من قيمتها إلى حين التلف أو مثله يوم التضحية وكذا لو أتلفها أو فرط في حفظها فتلفت أو ذبحها قبل وقت الأضحية هذا
اختيار الشافعي وقال الشيخ (ره) قيمتها يوم التلف وبه قال أبو حنيفة لأنه أتلف الأضحية فلزمه قيمتها كالأجنبي. واحتج الشافعي بأنها أضحية مضمونة عليه لحق الله تعالى
وحق المساكين لوجوب نحرها وتفرقة لحمها ولا يجزئه دفعها إليهم قبل ذلك فلو كانت قيمتها يوم التلف عشرة ثم زادت قيمة الأضاحي فصارت عشرين وجب شراء أضحية
لعشرين ليوفى حق الله تعالى وهو نحرها بخلاف الأجنبي فإنه لا يلزمه حق الله تعالى فيها وفيه قوة فإن أمكنه أن يشترى أضحيتين كان عليه إخراجهما معا ولو فضل جزء حيوان
يجزى في الأضحية كالسبع فعليه شراؤه لامكان صرفه في الأضحية فلزمه كما لو أمكنه أن يشترى به جميعا ولو تصدق بالفاضل جاز لكن الأول أفضل ولو قصر الفاضل عن السبع
تصدق به ولو كان المتلف أجنبيا فعليه القيمة يوم الاتلاف فإن أمكن أن يشترى بها أضحية أو أكثر فعلى ما تقدم وإلا جاز شراء جزء حيوان الأضحية فان قصر تصدق به ولا
شئ على المضحي لأنه غير مفرط ولو تلفت الأضحية في يده أو سرقت من غير تفريط لم يضمن وقد سأل معاوية بن عمار الصادق (ع) في الصحيح عن رجل اشترى أضحية فماتت (أو سرقت صح)
قبل أن يذبحها قال لا بأس وإن أبدلها فهو أفضل وإن لم يشتر فليس عليه شئ والفرق بينه وبين منذور العتق لو أتلفه أو تلفت بتفريطه فإنه ظاهر لا يضمنه لان الحق في الأضحية
للفقراء وهم باقون بعد تلفها والحق في عتق العبد له فإذا تلف لم يبق مستحق لذلك فسقط الضمان فافترقا ولو اشترى شاة وعينها للأضحية ثم وجد بها عيبا لم يكن له ردها
لزوال ملكه عنها ويرجع بالأرش فيصرفه في المساكين وإن أمكنه أن يشترى به حيوانا أو جزءا منه مجزيا في الأضحية كان أولي. مسألة. إذا عين أضحية ذبح معها ولدها
سواء كان حملا وقت التعيين أو حدث بعد ذلك لان التعيين معنى يزيل الملك عنها فاستتبع الولد كالعتق ولقول الصادق (ع) إن نتجت بدنك فاحلبها ما لا يضر بولدها
ثم انحرهما جميعا. إذا عرفت هذا فإنه يجوز له شرب لبنها ما لم يضر بولدها عند علمائنا وبه قال الشافعي لما رواه العامة عن علي (ع) (لما رأى رجلا صح) يسوق بدنة معها ولدها
فقال لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فاحلبها ما لم يضر بولدها وقال أبو حنيفة لا يحلبها ويرش على الضرع الماء حتى ينقطع
اللبن لان اللبن متولد من الأضحية فلم يجز للمضحى الانتفاع به كالولد والفرق إمكان حمل الولد إلى محله بخلاف اللبن والأفضل أن يتصدق به ويجوز له ركوب الأضحية
لقوله تعالى ولكم فيها منافع إلى أجل مسمى. مسألة. إذا وجب أضحية بعينها وهي سليمة فعابت عيبا يمنع الأجزاء من غير تفريط لم يجب إبدالها وأجزاه ذبحها وكذا حكم
الهدايا لأصالة براءة الذمة ولأنها لو تلفت لم يضمنها فكذا أبعاضها وقال أبو حنيفة لا يجزئه ولو كانت واجبة
عليه على التعيين ثم حدث بها عيب لمعالجة الذبح أجزأه
أيضا وبه قال أبو حنيفة استحسانا وقال الشافعي لا يجزئه أما لو نذر أضحية مطلقه فإنه يلزمه سليمة من العيوب فإن عينها في شاة بعينها تعينت فإن عابت قبل
أن ينحرها عيبا يمنع الأجزاء كالعور لم يجزءه عن التي في ذمته وعليه إخراج ما في ذمته سليما من العيوب ولو عين أضحية ابتداء وبها (ما يمنع صح) من الأضحية الشرعية كالعور
أخرجها على عيبها لزوال ملكه عنها بالنذر ولم تكن أضحية بل صدقة واجبة فيجب ذبحها ويتصدق بلحمها وثياب على الصدقة لا على الأضحية ولو عينها معيبة ثم
زال عيبها بأن سمنت بعد العجاف فإنها لا تقع موقع الأضحية (لأنه أوجب ما لا يجزى عن الأضحية صح) فزال ملكه عنها وانقطع تصرفه حال كونها غير أضحية فلا تجزى لأن الاعتبار حالة الايجاب لزوال
الملك به ولهذا لو عابت بعد التعيين لم يضره ذلك وأجزاء عنه وكذا لو كانت معيبة فزال عيبها لم يجزءه. مسألة. لو ضلت الأضحية المعينة من غير تفريط
لم يضمن لأنها أمانة فإن عادت قبل فوات أيام التشريق ذبحها وكانت أداء وبعد فواتها يذبحها قضاء قاله الشيخ وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يذبحها بل يسلمها
إلى الفقراء فإن ذبحها فرق لحمها وعليه أرش النقصان بالذبح وليس بجيد لان الذبح أحد مقصودي الهدى ولهذا لا يكفي شراء اللحم فلا يسقط بفوات وقته كتفرقة
اللحم وذلك بأن يذبحها في أيام التشريق ثم يخرج قبل تفريقها فإنه يفرقها بعد ذلك. احتج بأن الذبح موقت فسقط بفوات وقته كالرمي والوقوف والفرق إن
الأضحية لا تسقط بفوات الوقت بخلاف الرمي والوقوف ولو أوجب أضحية في عام فأخرها إلى قابل كان عاصيا وأخرجها قضاء ولو ذبح أضحية غيره المعينة أجزأت
عن صاحبها وضمن الأرش وبه قال الشافعي لان الذبح أحد مقصودي الهدى فإذا فعله شخص بغير إذن المضحي ضمن كتفرقة اللحم وقال أبو حنيفة لا يجب عليه شئ
لان الأضحية أجزأت عنه ووقعت موقعها فلم يجب على الذابح ضمان الذبح كما لو أذن له والفرق إن مع عدم الإذن يعصى فيضمن وقال مالك لا تقع موقعها
وتكون شاة لحم يلزم صاحبها بدلها ويكون له أرشها لان الذبح عبادة فإذا فعلها غيره بغير إذنه لم تصح كالزكاة ونمنع احتياجها إلى نية كإزالة النجاسة بخلاف
الزكاة ولان القدر المخرج في الزكاة لم يتعين إلا بإخراج المالك بخلاف المعينة وإذا أخذ الأرش صرفه إلى الفقراء لأنه وجب لنقص في الأضحية المعينة لهم ويتخير
بين الصدقة به وشراء حيوان أو جزء للأضحية. مسألة. تجزى الأضحية عن سبعة وكذا الهدى المتطوع به سواء كان الجميع متقربين أو بعضهم يريد اللحم
وسواء كانوا أهل بيت واحد أو لم يكونوا وبه قال الشافعي ومالك إلا أن مالكا اشترط كونهم أهل بيت واحد وقال أبو حنيفة يجوز إذا كانوا كلهم متقربين
وقد سلف والعبد القن والمدبر وأم الولد والمكاتب المشروط لا يملكون شيئا فإن ملكهم مولاهم شيئا ففي ثبوت ذلك قولان الأقوى العدم فلا تجوز لهم
أضحية وعلى قول ثبوته يجوز لهم أن يضحوا ولو ضحوا من غير إذن سيدهم لم يجز ولو انعتق بعضه وملك بجزء الحرية أضحيته جاز له أن يضحى بها من غير إذن. الفصل
السادس. في الحلق والتقصير. مسألة. إذا ذبح الحاج هديه وجب عليه الحلق أو التقصير بمنى يوم النحر عند علمائنا وهو نسك عندنا وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي
في أحد القولين واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى " محلقين رؤوسكم ومقصرين " فلو لم يكن نسكا لم يصفهم الله تعالى به كالطيب واللبس ولما رواه العامة عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله
قال أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا والامر للوجوب ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا ذبحت ضحيتك فاحلق رأسك والامر للوجوب
أو للقدر الدال على استحقاق الثواب فيكون عبادة لا مباحا صرفا ولان النبي صلى الله عليه وآله داوم عليه هو وأصحابه وفعلوه في حجهم وعمرتهم ولو لم يكن نسكا لم يداوموا عليه ولأخلوا به في
أكثر الأوقات ولم يفعلوه إلا نادرا لأنه لم يكن عبادة لهم فيداوموا عليه ولا فيه فضل فيفعلوه وقال الشافعي واحمد إنه إطلاق محظور لا نسك لقوله (ع) لما سعى بين الصفا
والمروة من كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة وأمره بالحل عقيب السعي يقتضى عدم وجوب الحلق والتقصير وهو ممنوع لان المعنى فليحل بالتقصير أو الحلق. مسألة.
يتخير الحاج بين الحلق والتقصير أيهما فعل أجزأه عند أكثر علمائنا وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى " محلقين رؤوسكم ومقصرين " والجمع غير مراد فيتعين التخيير وما رواه العامة
من أنه كان مع النبي صلى الله عليه وآله من قصر ولم ينكر (ع) عليه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح قال رسول الله (ص) يوم الحديبية اللهم اغفر للمحلقين مرتين قيل وللمقصرين يا رسول الله
قال وللمقصرين وقال الشيخان رحمهما الله إن كان الحاج صرورة وجب الحلق وكذا من لبد شعره في الاحرام وإن لم يكن صرورة وبه قال الحسن البصري ومالك والشافعي و
389

النخعي واحمد وإسحاق لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال من لبد فليحلق ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) على الصرورة أن يحلق رأسه ولا يقصر إنما التقصير لمن حج حجة
الاسلام وهو محمول على الندب وقال بن عباس من لبد أو ضفر أو عقد أو فتل أو عقص فهو على ما نوى يعنى أنه إن نوى الحلق فليحلق وإلا فلا يلزمه وتلبيد الشعر في الاحرام
أن يأخذ عسلا أو صمغا ويجعله في رأسه لئلا يقمل أو يتسخ. إذا عرفت هذا فالحلق أفضل إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله قال رحم الله المحلقين ثلاثا ثم قال والمقصرين
مرة وزيادة الترحم يدل على الأولوية والحلق للملبد والصرورة آكد فضلا من غيرهما والمرأة لا حلق عليها ويجزيها من التقصير قدر الأنملة لما رواه العامة عن علي (ع)
وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن تحلق المرأة رأسها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) تقصر المرأة من شعرها لمتعتها مقدار الأنملة ويجزى من التقصير ما يقع عليه اسمه لأصالة
براءة الذمة وسواء قصر من شعر رأسه أو من لحيته أو من شاربه. مسألة. يجب في الحلق والتقصير النية لأنه نسك عندنا لا إطلاق محظور ويستحب أن يحلق أن يبدأ
بالناصية من القرن الأيمن ويحلق إلى العظمين إجماعا لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا بالحلاق فأخذ شق رأسه الأيمن فحلقه فجعل يقسم بين من يليه الشعرة والشعرتين
ثم أخذ شق رأسه الأيسر فحلقه ثم قال ههنا أبو طلحة فدفعه إلى أبى طلحة ومن طريق الخاصة عن الباقر (ع) في الصحيح إنه أمر الحلاق أن يدع الموسى على قرنه الأيمن ثم أمره أن يحلق وسمى
هو وقال اللهم اعطني بكل شعرة نورا يوم القيمة. مسألة. من لا شعر على رأسه لا حلق عليه إجماعا بل يمر الموسى على رأسه إجماعا ولان رجلا من خراسان قدم حاجا وكان
أقرع الرأس لا يحسن أن يلبى فاستفتى له الصادق (ع) فأمر أن يلبى عنه ويمر الموسى على رأسه فإن ذلك يجزى عنه. إذا عرفت هذا فقال أبو حنيفة إن هذه الامرار
واجب لقوله (ع) إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وهذا لو كان له شعر لوجب عليه إزالته وإمرار الموسى على رأسه فلا يسقط الأخير بوفات الأول وقول الصادق يدل
عليه فإن الأجزاء إنما يستعمل في الواجب وقال أكثر العامة إنه للاستحباب لان محل الحلق الشعر فيسقط بفوات محله. مسألة. لو ترك الحلق والتقصير معا حتى زار
البيت فإن كان عامدا وجب عليه دم شاة وإن كان ناسيا فلا شئ عليه وعليه إعادة الطواف والسعي لأنه نسك اخره عمدا عن محله فلزمه الدم ولان محمد بن مسلم سأل الباقر (ع)
في رجل زار البيت قبل أن يحلق فقال إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم إن ذلك لا ينبغي فان عليه دم شاة وسأل محمد بن حمران الصادق (ع) عن رجل زار البيت
قبل أن يحلق قال لا ينبغي إلا أن يكون ناسيا وسأل علي بن يقطين في الصحيح الكاظم (ع) عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى زارت البيت وطافت وسعت من الليل ما
حالها وما حال الرجل إذا فعل ذلك قال لا بأس يقصر ويطوف للحج ثم قد حل من كل شئ. مسألة. لو رحل من منى قبل الحلق رجع وحلق بها أو قصر
واجبا مع الاختيار ولو لم يتمكن من الرجوع حلق مكانه ورد شعره إلى منى ليدفن هناك ولو لم يتمكن لم يكن عليه شئ لأنه قد ترك نسكا واجبا فيجب عليه الاتيان به وتداركه
مع المكنة وسأل الحلبي في الصحيح الصادق (ع) عن رجل نسى أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى قال يرجع إلى منى حتى يلقى شعره بها حلقا كان أو تقصيرا وعلى الصرورة
أن يحلق وقال الصادق (ع) في رجل زار ولم يلحق رأسه قال يحلقه بمكة ويحمل شعره إلى منى وليس عليه شئ. إذا عرفت هذا فإذا حلق رأسه بمنى استحب له أن
يدفن شعره بها لقول الصادق (ع) في الصحيح كان علي بن الحسين يدفن شعره في فسطاطه بمنى ويقول كانوا يستحبون ذلك وقال كان الصادق (ع) يكره أن يخرج الشعر من منى
ويقول من أخرجه فعليه أن يرده. مسألة. يستحب لمن حلق رأسه أو قصر أن يقلم أظفاره ويأخذ من شاربه ولا نعلم فيه خلافا قال بن المنذر ثبت أن رسول الله
لما حلق رأسه قلم أظفاره وقال الصادق (ع) إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك واغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك ووقت الحلق يوم النحر إجماعا فلا يجوز قبله قال الله
تعالى " ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله " ويجب أن يؤخره عن الذبح والرمي فيبدأ (بالرمي ثم صح) الذبح ثم الحلق واجبا عند أكثر علمائنا وبه قال مالك والشافعي في أحد القولين
وأبو حنيفة واحمد لقوله تعالى " ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله " وما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله رتب هذه المناسك وقال خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة رواية
موسى به القاسم عن علي (ع) قال لا يحلق رأسه ولا يزور حتى يضحى فيحلق رأسه ويزور متى شاء وللشيخ ره قول آخر في الخلاف ترتيب هذه المناسك مستحب وليس بفرض وبه قال
أبو الصلاح وهو القول الثاني للشافعي لما رواه العامة عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله بمنى يوم النحر فقال له زرت البيت قبل أن ارمى فقال له إرم ولا حرج فقال
ذبحت قبل أن ارمى ولم ارم فقال له إرم ولا حرج فما سئل يومئذ عن شئ قدمه رجل ولا أخره إلا قال له إفعل ولا حرج ولم يفصل بين العالم والجاهل فدل على عدم
الوجوب ومن طريق الخاصة رواية محمد بن أبي نصر عن الجواد (ع) قال له جعلت فداك إن رجلا من أصحابنا رمى الجمرة يوم النحر وحلق قبل أن يذبح فقال إن رسول الله
أتاه طوايف من المسلمين فقالوا يا رسول الله ذبحنا من قبل أن نرمي وحلقنا من قبل أن نذبح فلم يبق شئ مما ينبغي أن يقدموه إلا أخروه ولا شئ مما ينبغي أن يؤخره
إلا قدموه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا حرج وهو محمول على الناسي وعلى القول بوجوب الترتيب فإنه ليس شرطا ولا يجب بالاخلال به كفارة لأصالة البراءة
وما تقدم في الأحاديث السابقة وقال الشافعي إن قدم الحلق على الذبح جاز وإن قدم الحلق على الرمي وجب الدم إن قلنا إنه اطلاق محظور لأنه حلق قبل أن يتحلل وإن
قلنا إنه نسك فلا شئ عليه لأنه أخذ ما يتحلل به وقال أبو حنيفة إن قدم الحلق على الذبح لزمه دم إن كان قارنا أو متمتعا ولا شئ عليه إن كان مفردا وقال مالك
إن قدم الحلق على الذبح فلا شئ عليه وإن قدمه على الرمي وجب الدم. مسألة. لو بلغ الهدى محله ولم يذبح قال الشيخ يجوز له أن يحلق لقوله تعالى " ولا تحلقوا رؤوسكم
حتى يبلغ الهدى محله وقال تعالى ثم محلها إلى البيت العتيق وقال الصادق (ع) إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها وصارت في جانب رحلك فقد بلغ الهدى محله فإن أحببت
أن تحلق فاحلق فقال أبو الصلاح يجوز له تأخير الحلق إلى آخر أيام التشريق وهو حسن لكنه لا يجوز له أن يقدم زيارة البيت عليه وبه قال عطا وأبو ثور وأبو يوسف لان الله
تعالى بين أوله بقوله " حتى يبلغ الهدى محله " ولم يبين اخره فمتى فعله أجزاء كالطواف للزيارة والسعي. مسألة. يوم حج الأكبر هو يوم النحر قال رسول الله في خطبته يوم النحر
هذا يوم الحج الأكبر وسأل معاوية بن عمار الصادق (ع) في الصحيح عن يوم الحج الأكبر قال هو يوم النحر والأصغر العمرة وسمى بالأكبر لكثرة أفعال الحج فيه من الوقوف بالمشعر
والدفع منه إلى منى والرمي والنحر والحلق وطواف الإفاضة (والسعي صح) والرجوع إلى منى للمبيت بها وليس في غيره من الأيام مثل ذلك وهو مع ذلك يوم عيد ويوم الاحلال من
إحرام الحج. إذا عرفت هذا فإنه يستحب للامام أن يخطب فيه ويعلم الناس ما فيه من المناسك من النحر والإفاضة والرمي وبه قال الشافعي وبن المنذر واحمد
لما رواه العامة عن بن عباس إن النبي خطب الناس يوم النحر بمنى ومن طريق الخاصة خطبة علي (ع) يوم الأضحى. مسألة. قد عرفت فيما سبق محظورات الاحرام
فإذا حلق أو قصر حل له كل شئ إن كان الاحرام للعمرة وإن كان للحج حل له كل شئ إلا الطيب والنساء والصيد عند علمائنا وبه قال مالك لأن النساء محرمة عليه إجماعا
فيحرم عليه الطيب لأنه من دواعي الجماع فكان حراما كالقبلة ويحرم عليه الصيد لقوله تعالى " ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " والاحرام متحقق بتحريم هذين وما رواه العامة عن عمر
قال إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ إلا الطيب والنساء ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إعلم أنك إذا حلقت رأسك فقد حل لك كل شئ إلا
390

النساء والطيب وقال الشافعي وأبو حنيفة واحمد يحل له كل شئ إلا النساء وبه قال بن الزبير وعلقمة وسالم وطاوس والنخعي وأبو ثور وقال بن عمر وعروة بن الزبير يحل له كل شئ
إلا النساء والطيب. إذا عرفت هذا فإذا طاف طواف الزيارة حل له الطيب وإذا طاف طواف النساء حل له النساء فثبت أن مواطن التحلل ثلاثة - آ - إذا حلق أو قصر حل
له كل شئ أحرم منه إلا النساء والطيب وأكل الصيد - ب - إذا طاف طواف الزيارة حل له الطيب - ج - إذا طاف طواف النساء حللن له. مسألة. يستحب
لمن حلق رأسه أن يتشبه بالمحرمين قبل طواف الزيارة في ترك لبس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة لان محمد بن مسلم سأل الصادق (ع) في الصحيح عن رجل تمتع بالعمرة
فوقف بعرفات ووقف بالمشعر ورمى الجمرة وذبح وحلق أيغطي رأسه قال لا حتى يطوف بالبيت وبالصفا والمروة قيل له فإن كان قد فعل قال ما أرى عليه شيئا
والنهى هنا للكراهة لان العلا سأل الصادق (ع) في الصحيح إني حلقت رأسي وذبحت وأنا متمتع أطلى رأسي بالحنا فقال نعم من غير أن تمس شيئا من الطيب قلت وألبس
القميص (وأتقنع صح) قال نعم قلت قبل أن أطوف بالبيت قال نعم ويستحب لمن طاف طواف الزيارة أن لا يمس شيئا من الطيب حتى يطوف طواف النساء لئلا يشتغل به عن أداء
المناسك ولأنه من دواعي شهوة النساء ولان محمد به إسماعيل في الصحيح قال كتبت إلى الرضا (ع) هل
يجوز للمحرم المتمتع أن يمس الطيب قبل أن يطوف طواف النساء فقال
لا وهذا النهى للكراهة كما تقدم. تذنيب إنما يحصل التحلل بالرمي والحلق وقال بعض الشافعية يتحلل بدخول وقت الرمي وإن لم يرم كما لو فاته الوقت فإنه يتحلل
وليس بجيد لقول النبي صلى الله عليه وآله إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ إلا السناء علق ذلك بالرمي دون وقته. الفصل السابع. في بقايا أفعال الحج وفيه مباحث
البحث الأول في زيارة البيت. مسألة. إذا قضى الحاج مناسكه بمنى من رمى جمرة العقبة وذبح الهدى والحلق أو التقصير رجع إلى مكة لطواف الزيارة
وسمى بذلك لأنه يرجع من منى لزيارة البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع منها إلى منى وهو ركن في الحج ويسمى طواف الحج ولا يتم إلا به إجماعا قال الله تعالى " وليطوفوا بالبيت العتيق " وروى
العامة عن عايشه قالت حججنا مع النبي صلى الله عليه وآله فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية فأراد النبي صلى الله عليه وآله ما يريد الرجل من أهله فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنها حايض قال أحابستنا هي
قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنها قد أفاضت يوم النحر قال أخرجوا فدل على وجوب هذا الطواف إنه حابس لمن لم يأت به ويسمى أيضا طواف الإفاضة لقولهم انها قد أفاضت يوم النحر
يعنى طافت طواف الزيارة وسمى بذلك لأنه يأتي به عند إفاضته من منى إلى مكة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وزر البيت وطف به أسبوعا تفعل
كما صنعت يوم قدمت مكة ولان الحج أحد النسكين فوجب فيه طواف كالعمرة. مسألة. وهذا الطواف كالأول يجب فيه الطهارة والنية شرط فيه كما هي شرط
في طواف القدوم وفي كل عبادة وبه قال إسحاق وبن المنذر لأنه عبادة وعمل وقد قال الله تعالى مخلصين وقال (ع) الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى وقال (ع)
الطواف بالبيت صلاة وقال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي يجزئه وإن لم ينو الفرض الذي عليه ويستحب الاتيان به يوم النحر بعد قضاء مناسك منى لما
رواه العامة عن جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وآله يوم النحر فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) في الصحيح وقد سأله محمد بن مسلم عن المتمتع
متى يزور قال يوم النحر وفي الصحيح عن الصادق (ع) قال لا يبيت المتمتع يوم النحر حتى يزور ولو أخره إلى الليل جاز لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أخر طواف الزيارة إلى
الليل ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر ومن ليلته ولا يؤخر ذلك اليوم. مسألة. أول وقت هذا الطواف
طلوع الفجر من يوم النحر وبه قال أبو حنيفة لوجوب فعله بعد أداء المناسك المتعلقة بيوم النحر فلا يتحقق له وقت قبله وآخر وقته اليوم الثاني من
أيام النحر للمتمتع عند علمائنا ولا يجوز له التأخير عن ذلك وقال أبو حنيفة آخر وقته آخر أيام النحر وقال باقي العامة لا تحديد لآخره وقال الشافعي أول وقته من نصف ليلة
النحر ولنا أنه نسك في الحج فكان آخره محدودا كالوقوف والرمي سأل معاوية بن عمار في الصحيح الصادق (ع) عن المتمتع متى يزور البيت قال يوم النحر أو من الغد و
لا يؤخر والمفرد والقارن ليسا سواء موسع عليهما ولو أخر المتمتع زيارة البيت عن اليوم الثاني من يوم النحر أثم ولا كفارة عليه وكان طوافه
صحيحا أما القارن والمفرد فيجوز لهما تأخير طواف الزيارة والسعي إلى اخر ذي الحجة لان إسحاق بن عمار سأل الكاظم (ع) عن زيارة البيت تؤخر إلى اليوم الثالث قال تعجيلها
أحب إلى وليس به بأس (إن أخره صح) وفي رواية أخرى موسع للمفرد أن يؤخره. إذا عرفت هذا فقد وردت رخصه في جواز تقديم الطواف والسعي على الخروج إلى منى وعرفات وبه قال
الشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من قدم شيئا قبل شئ فلا حرج ومن طريق الخاصة رواية يحيى الأزرق إنه سأل أبا الحسن (ع) عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف
العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر أيصلح لها أن تعجل طوافها طواف الحج قبل أن تأتى منى قال إذا خافت إن تضطر إلى ذلك فعلت. إذا ثبت هذا فالأولى
التقييد لجواز بالعذر. مسألة. يستحب أن يغتسل ويقلم أظفاره ويأخذ من شاربه ويدعو إذا وقف على باب المسجد كطواف القدوم وغير ذلك من المستحبات لقول
الصادق (ع) إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك واغتسل وقلم أظفارك وخذ من شاربك وزر البيت وطف به أسبوعا تفعل كما صنعت يوم قدمت مكة ويجوز
أن يغتسل من منى ويأتي مكة فيطوف بذلك الغسل للرواية (وان يغتسل نهارا ويطوف ليلا ما لم ينقضه بحدث أو نوم فإن نقضه أعاده مستحبا ليطوف على غسل للرواية صح) ويستحب الغسل للمرأة كالرجل لان الحلبي سأل الصادق (ع) في الصحيح أتغتسل النساء إذا أتين البيت فقال
نعم إن الله تعالى يقول " وطهر بيتي للطايفين والعاكفين والركع السجود " فينبغي للعبد أن لا يدخل إلا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر ثم يقف على باب المسجد
ويدعوا بالمنقول ويدخل المسجد ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبله فإن لم يستطع استلمه بيده وقبل يده فإن لم يتمكن إستقبله وكبر ودعا كما تقدم في طواف
القدوم كل ذلك مستحب ثم يطوف واجبا سبعة أشواط طواف الزيارة يبدأ بالحجر ويختم به فإذا أكمله صلى ركعتي الطواف واجبا في مقام إبراهيم ثم يرجع إلى حجر الأسود فيستلمه
إن استطاع وإلا إستقبله وكبر مستحبا ثم يخرج إلى الصفا واجبا ويسعى بينه وبين المروة كما صنع في وقت قدومه في الكيفية فإذا فرغ من السعي أحل من كل شئ أحرم
منه إلا النساء ثم يرجع إلى البيت فيطوف طواف النساء أسبوعا كما تقدم واجبا ويصلى ركعتيه في مقام إبراهيم (ع) واجبا فإذا أكمله حلت له النساء ولهذا سمى طواف النساء. مسألة.
السعي عقيب طواف الحج ركن في الحج عندنا واجبا فيه لما تقدم ولقول الصادق (ع) في الحسن قلت فرجل نسى السعي بين الصفا والمروة قال يعيد السعي قلت فاته ذلك
حتى خرج قال يرجع فيعيد السعي إن هذا ليس كرمى الجمار إن الرمي سنة والسعي بين الصفا والمروة فريضة وبين العامة خلاف في وجوبه واستحبابه وهل يشترط في التحلل
الثاني السعي أو يحصل عقيب طواف الزيارة قبله الأقرب عدم الاشتراط لانهم (ع) عللوا التحلل بطواف الزيارة وليس السعي جزءا من مسماه وبين العامة خلاف فمن
قال إنه فرض لا يحصل التحلل إلا به ومن قال إنه سنة ففي التحلل قبله وجهان أحدهما التحلل لأنه لم يبق شئ من واجبات الحج عندهم والثاني عدمه لأنه من أفعال الحج فيأتي
به في إحرام الحج كالسعي في العمرة. مسألة. طواف النساء واجب عند علمائنا أجمع على الرجال والنساء والخصيان من البالغين وغيرهم وأطبقت العامة على عدم وجوبه
391

لما رواه العامة عن عايشة قالت فطاف الذين أهلوا بالعمرة وبين الصفا والمروة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) في قول الله عز وجل
وليطوفوا بالبيت العتيق قال هو طواف النساء وهذا الطواف واجب في الحج والعمرة المبتولة عند علمائنا أجمع لان إسماعيل بن رياح سأل أبا الحسن عن مفرد العمرة
عليه طواف النساء قال نعم ولا فرق بين الخصي والمرأة والرجل في وجوب طواف النساء لان الحسين بن يقطين سأل الكاظم (ع) عن الخصيان والمرأة الكبيرة أعليهم طواف
النساء قال نعم عليهم الطواف كلهم. إذا عرفت هذا فكل إحرام يجب فيه طواف النساء إلا إحرام العمرة غير
المفردة وكل طواف لابد له من سعى يتعقبه إلا طواف النساء. مسألة.
ولو ترك الحاج أو المعتمر مفردا طواف النساء لم يحللن له ويجب عليه العود مع المكنة ليطوفه فإن لم يتمكن أمر من يطوف عنه طواف النساء فإذا طاف النائب عنه حلت
له النساء ولو مات قبل طوافه طاف عنه وليه بعد موته لأنه أحد المناسك الواجبة فيأتي به ولان معاوية بن عمار سأل الصادق في الصحيح عن رجل نسى طواف
النساء حتى يرجع إلى أهله قال يرسل فيطاف عنه فإن توفى قبل أن يطاف عنه فليطف عنه وليه وإنما قلنا بالاستنابة مع تعذر إمكان الرجوع لان معاوية بن
عمار سأل الصادق (ع) في الصحيح عن رجل نسى طواف النساء حتى أتى الكوفة قال لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت قلت فإن لم يقدر
قال يأمر من يطوف عنه وعلى تحريم النساء قبل فعله رواية بن معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل نسى طواف النساء حتى يرجع إلى أهله قال
لا تحل له النساء حتى يزور السبب؟ فإن مات فليقض عنه وليه أو غيره فأما ما دام حيا فلا يصح أن يقضى عنه وإن نسى الجمار فليسا سواء لان الرمي سنة والطواف فريضة
. البحث الثاني. في الرجوع إلى منى. مسألة. إذا قضى الحاج مناسكه بمكة من طواف الزيارة وصلاة ركعتيه (والسعي وطواف النساء وصلاة ركعتيه صح) وجب أن يرجع إلى منى للمبيت بها ليالي التشريق
وهي ليلة الحادي عشر (والثاني عشر صح) والثالث عشر عند علمائنا وبه قال عطا وعروة وإبراهيم ومجاهد ومالك والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة إن رسول الله
رخص للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته قال بن عباس لم يرخص النبي صلى الله عليه وآله لاحد يبيت بمكة إلا العباس من أجل سقايته ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) في الصحيح إذا فرغت من طوافك للحج وطواف النساء قال تبيت إلا بمنى إلا أن يكون شغلك في نسكك وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك أن تبيت
في غير منى وقال احمد في الرواية الأخرى إنه مستحب لا واجب وبه قال الحسن البصري لقول بن عباس إذا رميت الجمرة فبت حيث شئت ولأنه قد حل عن حجه فلم يجب
عليه المبيت بموضع معين كليلة الحصبة ولا حجة في قول بن عباس خصوصا وقد نقل عنه لا يبيتن أحد من وراء العقبة من منى ليلا والفرق بين ليلة الحصبة وغيرها
لبقاء بعض المناسك عليه في غيرها. مسألة. لو ترك المبيت بمنى وجب عليه عن كل ليلة شاة إلا أن يخرج من منى بعد نصف الليل أو يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة
فلو ترك المبيت ليلة وجب عليه شاة فإن ترك ليلتين وجب شاتان فإن ترك الثالثة وكان ممن اتقى لم يكن عليه شئ لان له النفر في الأول إلا أن تغرب الشمس يوم الثاني
عشر وهو بمنى ولو لم يكن قد اتقى أو نفر بعد الغروب وجب عليه شاة أخرى لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من ترك نسكا فعليه دم وقد بينا إن المبيت بمنى نسك ومن طريق الخاصة
رواية جعد بن ناحية قال سألت الصادق (ع) عمن بات ليالي منى بمكة فقال عليه ثلاثة من الغنم يذبحهن وقال أبو حنيفة لا شئ عليه إذا ترك المبيت وقال الشافعي إذا ترك
المبيت ليلة واحدة وجب عليه مد وفيه قولان أحدهما يجب عليه درهم والاخر ثلث دم؟ وهل الدم واجب أو مستحب قولان ويجوز النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق
لمن اتقى فلا يجب المبيت الليلة الثالثة والاتقاء اجتناب النساء والصيد في إحرامه. إذا عرفت هذا فلو أراد المتقى النفر في الأول جاز له ما لم تغرب الشمس وهو
بمنى وبه قال الشافعي لقوله تعالى " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه " أما لو غربت الشمس وجب عليه المبيت والرمي في الثالث وبه قال الشافعي ومالك واحمد وقال أبو حنيفة يسوغ
النفر ما لم يطع الفجر. إذا ثبت هذا فالواجب الكون ليالي التشريق ولا عبادة عليه زايدة على غيرها من الليالي إجماعا والأفضل أن لا يخرج من منى إلا بعد طلوع الفجر
ويجوز له أن يأتي مكة أيام منى لزيارة البيت (تطوعا صح) والأفضل المقام بمنى إلى انقضاء أيام التشريق لان ليث المرادي سأل الصادق (ع) عن الرجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة
البيت فيطوف بالبيت تطوعا قال المقام بمنى أفضل وأحب إلى. مسألة. رخص للرعاة المبيت في منازلهم وترك المبيت (بمنى ما لم تغرب الشمس عليهم في منى فإنه
يلزمهم المبيت بها إجماعا روى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله رخص للرعاة أن يتركوا المبيت صح) بمنى ويرموا يوم النحر جمرة العقبة ثم يرموا يوم النفر وكذلك
أهل سقاية العباس لان النبي صلى الله عليه وآله رخص لأهل سقاية العباس أن يدعوا المبيت بمنى وقد قيل إنه إذا غربت الشمس على أهل سقاية العباس بمنى أن يدعوا المبيت بمنى بخلاف
الرعات لان شغل أهل السقاية ثابت ليلا ونهارا وشغل الرعاة بالنهار والأقرب إن من شاركهن في العذر كمن له مريض يحتاج أن يعلله أو مال يخاف ضياعه يترخص كترخصهم
وللشافعي وجهان الأقرب إنه لا تختص رخصته أهل السقاية بالعباسية وبه قال الشافعي لان المعنى يعمهم وغيرهم وقال مالك وأبو حنيفة إنها تختص بأولاد العباس. البحث
الثالث. في الرمي. مسألة. يجب على الحاج الرمي في كل يوم من أيام التشريق الجمار الثلاث كل جمرة بسبع حصيات من الجمار الملتقط من المشعر فأول وقت الرمي يوم النحر وهو
مختص بجمرة العقبة خاصة قبل الذبح كما تقدم وأما الجمار الثلاث فأول وقت رميها الحادي عشر من شهر ذي الحجة وهو أيام التشريق ثم في الثاني عشر ثم في الثالث عشر وهو ثالث
أيام التشريق فيرمى في كل يوم بإحدى وعشرين حصاة ويبدأ بالأولى من الجمرات وهي أبعد الجمرات من مكة ويستحب أن يرميها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات
يرميهن خذفا ويكبر مع كل حصاة ويدعوا ثم يقوم عن يسار الطريق ويستقبل القبلة ويحمد الله ويثنى عليه ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم يتقدم قليلا ويدعو ثم يقوم عن يسار الطريق
ويستقبل القبلة ويحمد الله ويثنى عليه ويصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم يتقدم قليلا ويدعو ثم يرمى الجمرة الثانية الوسطى ويصنع عندها كما صنع عند الأولى ويقف ويدعو بعد الحصاة
السابعة ثم يمضى إلى الثالثة وهي جمرة العقبة يختم بها الرمي فيرميها كالأولتين إلا أنه لا يقف عندها ولا نعلم فيه خلافا روى العامة عن عايشه قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وآله من
آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي التشريق يرمى الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية فيطيل
القيام ويتضرع ويرمى الثالثة ولا يقف عندها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح إرم في كل يوم عند زوال الشمس وقل كما قلت حين رميت جمرة العقبة وابدأ
بالجمرة الأولى وارمها عن يسارها في بطن المسيل وقل كما قلت يوم النحر ثم قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة واحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله ثم تقدم قليلا
وتدعو وتسأله أن يتقبل منك ثم تقدم أيضا وافعل ذلك عند الثانية واصنع كما صنعت بالأولى وتقف وتدعو الله كما دعوت ثم تمضى إلى الثالثة وعليك السكينة والوقار
ولا تقف عندها. مسألة. أول وقت الرمي في هذه الأيام كلها من طلوع الشمس إلى غروبها قاله أكثر علمائنا وبه قال طاوس وعكرمة لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله
كان يرمى الجمار إذا زالت الشمس قد رما إذا فرغ من رميه صلى الظهر ومعلوم إنه (ع) كان يبادر إلى فعل الفريضة في أول وقتها فدل على أن الرمي قبل الزوال ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) في الصحيح الرمي ما بين طلوع الشمس إلى غروبها وللشيخ ره قول آخر في الخلاف لا يجوز الرمي إلا بعد الزوال وهو قول الفقهاء الأربعة إلا أن أبا حنيفة جوز الرمي
يوم النفر قبل الزوال استحسانا. إذا ثبت هذا فالرمي عند الزوال أفضل لقول الصادق (ع) إرم في كل يوم عند الزوال وبعد الزوال في الأداء أفضل ورخص للعليل و
392

الخائف والرعاة والعبيد ليلا لحاجتهم وقال الصادق (ع) في الصحيح لا بأس أن يرمى الخائف بالليل ويضحى ويقبض بالليل وفي الموثق عنه (ع) رخص للعبد والخائف والراعي في الرمي
ليلا. مسألة. يجب الترتيب بين الجمار الثلاث فلو نكس فبدأ بجمرة العقبة ثم الوسطى ثم الأولى أعاد على الوسطى وجمرة العقبة وكذا لو بدأ بالوسطى ورمى الثلاث
لم يجزءه إلا الأولى ولو رمى جمرة العقبة ثم الأولى ثم الوسطى أعاد على جمرة العقبة خاصة وبالجملة يعيد على ما يحصل به الترتيب عند علمائنا وبه قال مالك والشافعي
وأحمد لان النبي صلى الله عليه وآله رتبها في الرمي وقال خذوا عنى مناسككم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح في رجل رمى الجمار منكوسة يعيد على الوسطى وجمرة العقبة ولأنه نسك
متكرر فيشترط فيه الترتيب كالسعي وقال الحسن البصري وعطا وأبو حنيفة لا يجب الترتيب لأنها مناسك متكررة في أمكنة متفرقة في وقت واحد ليس بعضها تابعا
لبعض فلا يشترط فيها الترتيب كالرمي والذبح ونمنع حكم الأصل ويبطل بالطواف والسعي. مسألة. يجب أن يرمى كل جمرة بسبع حصيات كملا فلا يجوز له الاخلال بواحدة منها
وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله رمى بسبع حصيات ومن طريق الخاصة رواية عبد الأعلى عن الصادق (ع) قال قلت
له رجل رمى الجمرة بست حصيات ووقعت واحدة قال يعيدها إن شاء من ساعته وإن شاء من الغد إذا أراد الرمي ولا يأخذ من حصى الجمار وقال احمد في الرواية
الثانية يجوز أن ينقص حصاة أو حصاتين لا أزيد وبه قال مجاهد وإسحاق لما رواه بن أبي نجيح قال سأل طاوس عن رجل ترك حصاة قال يتصدق بتمرة أو لقمة فذكرت
ذلك لمجاهد فقال أي يا عبد الرحمن ألم تسمع قول سعد قال سعد رجعنا من الحجفة مع رسول الله صلى الله عليه وآله بعضنا يقول رميت بست وبعضنا يقول رميت بسبع فلم
يعب ذلك بعضنا على بعض ولا حجة فيه لجواز أن يكون الترك لسهو وحكاية الحال لا عموم لها. مسألة. قد بينا وجوب الترتيب في رمى الجمار فلو رمى الأولى بأقل من
أربع حصيات ثم رمى الثانية (والثالثة صح) لم يحصل الترتيب سواء كان عمدا أو سهوا وكذا لو رمى الأولى بسبع ثم رمى الثانية بثلاث ثم أكمل الثالثة فيجب أن يكمل الناقصة ثم يعيد على الأخرى
ولو رمى السابقة بأربع فما زاد ثم رمى ما بعدها سهوا حصل له الترتيب ووجب عليه إكمال ما نسيه في السابقة ولو كان النقص عمدا بطل الترتيب وإن كان قد رمى
أربعا فما زاد لان الأكثر يقوم مقام الشئ مع النسيان وقول الصادق (ع) في الصحيح في رجل رمى الجمرة الأولى بثلاث والثانية بسبع والثالثة بسبع قال يعيد رميهن
جميعا بسبع بسبع فإن رمى الأولى بأربع والثانية بثلاث والثالثة بسبع قال يرمى الجمرة الأولى بثلاث والثانية بسبع ويرمى جمرة العقبة بسبع قلت فإن رمى الجمرة
الأولى بأربع والثانية بأربع والثالثة بسبع قال يعيد فيرمى الأولى بثلاث والثانية بثلاث ولا يعيد على الثالثة. إذا ثبت هذا فلو رمى بست وضاعت واحده
فليعدها وإن كان من الغد ولا يسقط وجوبها للرواية ولو علم أنه قد أخل بحصاة ولم يعلم من أي الجمار هي فليرم الثلاث بثلاث حصيات ليحصل يقين البراءة ولقول الصادق (ع)
في الصحيح في رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة فرمى بها فزاد واحدة فلم يدر من أيهن نقص قال فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة وإن سقطت من رجل حصاة ولم يدر أيتهن
هي قال يأخذ من تحت قدميه حصاة يرمى لها قال فإن رمت بحصاة فوقعت في محمل فأعد مكانها وإن هي أصابت إنسانا أو جملا ثم وقعت في الجمار أجزأك ويجب أن يرمى السبع
في سبع مرات فإن رماها دفعه أو أقل من سبعة لم يجزأه لان النبي صلى الله عليه وآله رمى بسبع حصيات في سبع مرات وقال خذوا عنى مناسككم. مسألة. يجوز الرمي راكبا والمشي
أفضل لان رسول الله صلى الله عليه وآله رمى الجمار راكبا وكذا أبو جعفر الثاني الجواد (ع) وقال الشافعي يرمى في اليوم الأخير راكبا وفى الأولتين ماشيا لان النفر يتعقب الرمي في الثالث
فإذا كان راكبا مضى عقيب الرمي وفي الأوليين يكون مقيما ويستحب أن يأخذ الحصا في كفه ويأخذ منها ويرمى ويكبر عند رمى كل حصاة والمقام بمنى أيام التشريق وأن
يرمى الجمرة الأولى عن يمينه ويقف ويدعو وكذا الثانية ويرمى الثالثة مستدبرا للقبلة مقابلا لها ولا يقف عندها فلو أخل بشئ من ذلك لم يكن عليه شئ لا نعلم فيه
خلافا إلا ما نقل عن الثوري إنه لو ترك الوقوف والدعاء أطعم شيئا وأراق دما كان أحب. مسألة. يجوز الرمي عن كل ذي عذر كالعليل والمبطون والمغمى عليه والصبي
ومن أشبههم لقول الصادق (ع) في الحسن الكسير والمبطون يرمى عنهما قال والصبيان يرمى عنهم وفي الصحيح عن الصادق (ع) في رجل أغمي عليه فقال يرمى عنه الجمار وقال
الكاظم (ع) في المريض لا يستطيع أن يرمى الجمار يرمى عنه وسأل إسحاق بن عمار الكاظم (ع) عن المريض يرمى عنه الجمار قال نعم يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه. مسألة. لو نسى رمى
يوم بعض الجمرات أو جميعها أعاده من الغد لان عبد الله بن سنان سأل الصادق (ع) في الصحيح عن رجل أفاض من جمع حتى إنتهى إلى منى فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت
الشمس قال يرمى إذا أصبح مرتين لما فاته مرة والاخرى ليومه الذي يصبح فيه وليفرق بينهما يكون أحدهما بكرة وهي للامس والاخر عند زوال الشمس وللشافعي قولان أحدهما
إن رمى كل يوم محدود الأول والاخر ففي السقوط بفوات وقته وجهان أحدهما السقوط لان فوات الوقت المحدود يسقط الفعل المتعلق به والثاني ان الجميع كاليوم
الواحد فيعيد في اليوم الثاني والثالث ما فاته قبله ونمنع التحديد أولا لانهم رووا عن النبي صلى الله عليه وآله إنه رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى ويرموا يوم النحر جمرة العقبة ثم يرموا
يوم النفر ولو كان محدودا لما سوغ التأخير حتى يصير قضاء وأما إذا فاته رمى يوم كملا فقد قلنا بوجوب قضائه في غده وللشافعي ثلاثة أقوال أحدها السقوط إلى الدم
والثاني القضاء والدم كقضاء رمضان إذا أخره إلى رضمان اخر والثالث القضاء ولا شئ عليه كالوقوف إذا أخره إلى الليل والأصل براءة الذمة من الدم ويستحب
أن يرمى ما فاته بالأمس بكرة للمبادرة إلى القضاء والذي ليومه عند الزوال لأنه وقت الفضيلة ويجب الترتيب يبدأ بقضاء الفايت ثم يعقب بالحاضر فلو بدأ
برمى يومه لم يقع الذي لامسه لعدم إرادته ولا الذي ليومه لوجوب الترتيب وهو أحد قولي الشافعي والثاني سقوط الترتيب ولو رمى جمرة واحدة بأربع عشرة حصاة سبعا
ليومه وسبعا لامسه بطلت الأولى ولو فاته حصات أو حصاتان أو ثلاث حتى خرجت أيام التشريق (ناقص صح)؟ لم يكن عليه شئ وإن رماها في القابل كان أحوط وقال الشافعي إن ترك واحدة فعليه
مد وإن ترك اثنتين فمدان وإن ترك ثلاثا فدم إن كان ذلك من الجمرة الأخيرة وإن كان من الأولتين بطل الرمي والأصل براءة الذمة. مسألة. لو نسى الجمار كلها
في الأيام بأجمعها حتى جاء مكة وجب عليه الرجوع إلى منى وإعادة الرمي إن كانت أيام التشريق لم تخرج وإن
خرجت قضاه من قابل في أيام التشريق أو يأمر من يقضى
عنه الرمي ولا دم عليه لأنه مكلف بالرمي فلا يخرج عن العهدة إلا به ولا كفارة لأصالة البراءة ولقول الصادق (ع) من أغفل رمى الجمار أو بعضها حتى تمضى أيام التشريق
فعليه أن يرميها من قابل فإن لم يحج رمى عنه وليه فإن لم يكن له ولى استعان رجلا من المسلمين يرمى عنه فإنه لا يكون رمى الجمار إلا أيام التشريق ولو أخر رمى الجمرة العقبة
يوم النحر أعادها في ثاني أيام النحر وهو أحد قولي الشافعي لأنه رمى فات وقته فكان عليه قضاؤه كرمى أيام التشريق ولان عبد الله بن سنان سأل الصادق (ع) في الصحيح
عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى إلى منى فعرض له فلم يرم حتى غابت الشمس قال يرمى إذا أصبح مرتين مرة لما فاته والاخرى ليومه الذي يصبح فيه والثاني السقوط ولا يكون
أيام التشريق وقتا له لأنه يخالفها فلا يتعلق رمى يوم النحر إلا بجمرة العقبة فهو كجنس آخر بخلاف بعض الأيام مع بعض ويستحب للنائب في الرمي عن المريض (والصبي صح) وشبهه أن يضع
الحصى في كف المنوب والمغمى عليه إن كان قد أذن لغيره في الرمي قبل إغمائه لم يبطل إذنه ولو زال عقله قبل الاذن جاز له أن يرمى عنه أيضا للعموم فإن زال العذر والوقت
393

باق فالأقرب عدم وجوب الإعادة ووقت الرمي في الأداء والقضاء للمختار بعد طلوع الشمس إلى غروبها. مسألة. يستحب التكبير بمنى أيام التشريق عقيب خمس عشرة
صلاة وفي غيرها عقيب عشر أولها ظهر يوم النحر لاشتغاله قبل ذلك بالتلبية ويستوى هو والحلال في ابتداء المدة إلا أن المحرم يكبر عقيب خمس عشر صلاة والمحل عقيب
عشر على ما قلناه قال الله تعالى " ولتكبروا الله على ما هداكم " واختلف علماؤنا في وجوبه وقال به السيد المرتضى للامر به والامر للوجوب ولقول الصادق (ع) التكبير واجب في دبر
كل صلاة فريضة أو نافلة أيام التشريق وقال الشيخ ره إنه مستحب للأصل ولقول الصادق في الرجل ينسى أن يكبر أيام التشريق قال إن نسى حتى قام من موضعه فليس
عليه شئ. إذا ثبت هذا فلا تكبير عقيب النوافل لقول الصادق (ع) التكبير في كل فريضة وليس في النافلة تكبير أيام التشريق والرواية الأولى ضعيفة السند وصورة
التكبير هذا أن يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام رواه زرارة في الصحيح عن الباقر (ع) وفي الصحيح عن الصادق (ع)
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد الله على ما أبلانا. مسألة. يستحب للامام أن يخطب
بعد الظهر يوم الثالث من أيام النحر وهو الثاني من أيام التشريق وهو النفر الأول فيودع الحاج ويعلمهم أن من أراد التعجيل ممن اتقى فله ذلك وبه قال الشافعي واحمد
وبن المنذر لان النبي خطب وسط أيام التشريق يعنى يوم النفر الأول وقال أبو حنيفة لا يستحب ذلك لأنه من أيام التشريق فلا يستحب فيه كغيره من اليومين والفرق
حاجة الناس إلى معرفة التعجيل وإن من تأخر حتى تغيب الشمس يلزمه المبيت والوداع وكيفيته بخلاف اليومين. البحث الرابع. في النفر من منى. مسألة. إذا رمى
الحاج الجمار الثلاث في اليوم الأول من أيام التشريق وفي الثاني جاز له النفر من منى ويسقط عنه رمى الثالث إن كان قد اتقى النساء والصيد في إحرامه باجماع العلماء
ولا فرق في جواز النفر الأول بين أهل مكة وغيرهم ممن يريد المقام بمكة أو لا يريد وهو قول عامة العلماء لعموم الآية ولما رواه العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال أيام منى
ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا أردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس
فإن تأخرت إلى اخر أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده ولأنه دفع من مكان فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم كالدفع
من عرفة ومزدلفة وقال احمد لا ينبغي لمن أراد المقام بمكة أن يتعجل وقال مالك من كان من أهل مكة وله عذر فله أن يتعجل في يومين فإذا أراد التخفيف عن نفسه
من أمر الحج فلا لقول عمر من شاء من الناس كلهم أن ينفر في النفر الأول إلا آل خزيمة فلا ينفروا إلا في النفر الأخير وقول عمر ليس حجة ويحمل على إنهم لم يتقوا لا على إنهم من أهل
مكة. مسألة. إنما يجوز النفر في النفر الأول لمن اتقى الصيد والنساء في إحرامه (فلو جامع في إحرامه صح) أو قتل صيدا فيه لم يجز له أن ينفر في الأول ووجب عليه المقام بمنى والنفر في الثالث
من أيام التشريق لأنه تعالى شرط الاتقاء ولقول الصادق (ع) من أتى النساء في إحرامه لم يكن له أن ينفر في النفر الأول وفي الصحيح عن الصادق (ع) في قوله تعالى " فمن تعجل في يومين فلا
إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " قال يتقى الصيد حتى ينفر أهل منى في النفر الأخير وفي رواية عن الباقر (ع) إنه لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم الله عليه في
إحرامه. إذا عرفت هذا فإذا نفر في الأول نفر بعد الزوال ولا ينفر قبله إلا لضرورة أو حاجة لقول الصادق (ع) في الصحيح إذا أردت أن تنفر في يومين فليس
لك أن تنفر حتى يزول الشمس وإذا ما أخرت إلى اخر أيام التشريق وهو يوم النفر الأخير فلا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده والأقرب إنه على الاستحباب
أما النفر الثاني فيجوز قبل الزوال إجماعا وإنما يجوز في النفر الأول إذا لم تغرب الشمس وهو بمنى وجب عليه المبيت تلك الليلة بمنى عند
علمائنا وبه قال بن عمر وجابر بن زيد وعطا وطاوس ومجاهد وأبان بن عثمان ومالك والشافعي والثوري وإسحاق واحمد وبن المنذر لقوله تعالى " فمن تعجل في يومين " واليوم
اسم النهار فمن أدركه الليل لم يتعجل في يومين وما رواه العامة عن عمر من أدرك المساء في يوم الثاني فليقم إلى الغد حتى تنفر الناس ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح
إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت فليس لك أن تخرج منها حتى تصبح وقال أبو حنيفة له أن ينفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث لأنه لم يدخل وقت رمى اليوم الأخير فجاز له النفر
كما قبل الغروب والنفر فإنه قبل الغروب يتعجل في اليومين وههنا بعد خروجهما ولو دخل عليه وقت العصر جاز له أن ينفر في الأول ومنع الحسن البصري منه وليس بجيد ولو رحل
من منى فغربت الشمس وهو راحل قبل انفصاله منها فالأقرب عدم وجوب المبيت لمشقة الرفع والحط ولو كان مشغولا بالتأهب فغربت الشمس فالأقرب لزوم المقام ولو
رحل قبل الغروب ثم عاد لاخذ متاع أو اجتياز أو زيارة لم يلزمه المقام فلو بات بمنى احتمل لزوم الرمي لدخوله عليه فيها ويجوز لمن نفر في الأول إتيان مكة والإقامة بها لعموم
الترخص وقول الصادق (ع) في الصحيح لا بأس بأن ينفر الرجل في النفر الأول ثم يقيم بمكة وينبغي للامام أن ينفر قبل الزوال في النفر الأخير ويصلى الظهر بمكة ليعلم الناس كيفية
الوداع ولا بأس أن يقيم الانسان بمنى بعد النفر لأنه فرغ من أداء مناسكه ولا يلزمه إتيان مكة لكن يستحب ليطوف للوداع وإذا نفر في الأول سقط عنه رمى الثالث إجماعا
ويستحب له دفن الحصى المختص بذلك اليوم بمنى وانكره الشافعي. مسألة. يستحب للحاج أن يصلى في مسجد الخيف بمنى وسفح كل جبل يسمى خيفا وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله
عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها إلى القبلة نحو من ثلاثين ذراعا عن يمينها ويسارها كذلك فمن استطاع أن يكون مصلاه فيه فليفعل ويستحب أن يصلى
فيه ست ركعات قال الصادق (ع) صل ست ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة ويستحب لمن ينفر في النفر الثاني أن يأتي المحصب وينزل به ويصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ويستريح
فيه قليلا ويستلقى على قفاه وليس للمسجد اليوم أثر فيستحب نزول المحصب والاستراحة فيه قليلا لان العامة رووا عن النبي صلى الله عليه وآله إنه نزل فيه وصلى الظهر والعصر والمغرب
والعشاء وهجع هجعة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) كان أبى ينزلها ثم يرتحل واختلفوا في أنه نسك والنزاع لفظي للاجماع على أنه يثاب عليه وإنه لا يعاقب بتركه. البحث
الخامس. في الرجوع إلى مكة. مسألة. إذا قضى الحاج مناسكه بمنى استحب له العود إلى مكة لطواف الوداع ويستحب له دخول الكعبة قال الباقر (ع) الدخول فيها
دخول في رحمة الله والخروج منها خروج من الذنوب معصوم فيما بقى من عمره مغفور ما سلف من ذنوبه ويستحب لمريد دخول الكعبة الاغتسال والدعاء والتحفي فقال
الصادق (ع) في الصحيح إذا أردت دخول الكعبة فاغتسل قبل أن تدخلها ولا يدخلها بحذاء ويقول إلى اخر الدعاء ثم يصلى بين الأسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين
يقرء في الأولى حم وفي الثانية عدد آياتها من القرآن ويصلى في زوايا البيت ويدعو بالمنقول قائما يستقبل الحايط بين الركن اليماني والغربي يرفع يديه ويلصق به
ثم يتحول إلى الركن اليماني فيفعل مثل ذلك ثم يفعل ذلك بباقي الأركان ثم ليخرج ويتأكد استحباب دخولها للصرورة فلا ينبغي له تركه ويدخله بسكينة ووقار وتكره
الفريضة جوف الكعبة روى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا يصل المكتوبة في الكعبة فإن النبي صلى الله عليه وآله لم يدخل الكعبة في حج ولا عمرة ولكن
دخلها في الفتح فتح مكة وصلى ركعتين بين العمودين ومعه أسامة بن زيد ويستحب الدعاء عند الخروج من الكعبة بالمنقول. مسألة. يستحب وداع البيت إجماعا روى
العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا ينفرن أحد حتى يكون اخر عهده بالبيت ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا أردت أن تخرج من مكة وتأتى أهلك فودع البيت هذا إذا
394

أراد الخروج من مكة ولو نوى الإقامة فلا وداع عليه واختلف العامة فقال الشافعي واحمد لا وداع عليه سواء نوى الإقامة قبل النفر أو بعده لأنه غير مفارق وقال أبو حنيفة
إن نوى الإقامة بعد أن حل له النفر لم يسقط عنه طواف الوداع والوجه الأول لقول الصادق (ع) إذا أردت أن تخرج من مكة وتأتى أهلك فودع البيت. مسألة.
يستحب الوداع بطواف سبعة أشواط وليس هذا الطواف واجبا ولا يجب بتركه دم عند علمائنا وهو أحد قولي الشافعي لا صلاة البراءة ولسقوطه عن الحايض فلا يكون واجبا
ولان هشام بن سالم سأل الصادق (ع) في الصحيح عمن نسى زيارة البيت حتى رجع إلى أهله فقال لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه والقول الثاني للشافعي إنه نسك واجب
يجب بتركه الدم وبه قال الحسن والحكم وحماد والثوري وإسحاق واحمد وأبو ثور لقول بن عباس أمر الناس أن يكون آخر عهدهم البيت إلا أنه خفف عن المرأة الحايض والامر
هنا للاستحباب جمعا بين الأدلة ولا خلاف في أنه ليس بركن في الحج ولهذا يسقط عن الحايض بخلاف طواف الزيارة ووقته بعد فراغ المرء من جميع اشغاله ليكون البيت اخر
عهده وإذا طاف للوداع وصلى ركعتيه فإن انصرف فلا بحث وإن أقام بعد ذلك على زيارة صديق أو شراء متاع أو شبه ذلك قال الشافعي لا يجزئه الأول ويعيد طوافا
آخر وإن قضى حاجة في طريقه من أخذ الزاد وشبهه لم يؤثر ذلك في وداعه وبه قال احمد وعطا ومالك والثوري وأبو ثور لأنه بالإقامة يخرج عن كون فعله وداعا وقال
أبو حنيفة لا يعيد الوداع وإن أقام شهرين وأكثر لأنه طاف للوداع بعد ما حل له النفر فأجزأه كما لو نفر عقيبه وهذا البحث عندنا ساقط لأنه مستحب عندنا ولو
كان منزله في الحرم قال أبو ثور عليه الوداع وهو قياس قول مالك وظاهر مذهبنا لانهم ينفرون ويخرجون من مكة فاستحب لهم الوداع كغيرهم وقال أصحاب الرأي
ولا وداع عليهم وهو إحدى الروايتين عن أحمد ولو أخر طواف الزيارة حتى يخرج لم يسقط استحباب طواف الوداع لأنهما عبادتان فلا يتداخلان ومن أوجب الدم بترك
طواف الوداع من العامة اختلفوا فالأكثر إن القريب وهو ما نقص عن مسافة التقصير يرجع ويطوف للوداع والبعيد يبعث بالدم ولو رجع البعيد وطاف للوداع قال
بعضهم لا يسقط الدم لاستقراره ببلوغ مسافة القصر وقال بعضهم يسقط لأنه واجب أتى به فلا يجب بدله ولو خرج من مكة ولم يودع يكون قد ترك الأفضل
عندنا فلو رجع لطواف الوداع كان له ذلك إجماعا فإن رجع وهو قريب لم يخرج من الحرم فلا بحث وإن خرج وقد بعد عن الحرم لم يكن له أن يتجاوز الميقات إلا محرما لأنه
من أهل الاعذار فحينئذ يطوف للعمرة لاحرامه ويسعى ولا يجب عليه طواف الوداع عندنا ولو رجع من دون الميقات أحرم من موضعه. مسألة. وطواف الوداع سبعة أشواط
كغيره ويستلم الحجر الأسود واليماني في كل شوط فأن تعذر إفتتح به وختم به ويأتي المستجار ويصنع عنده كما صنع يوم قدوم مكة ويدعو ويلصق بطنه بالبيت ويحمد الله ويثنى
عليه ويدعو بالمنقول ثم يصلى ركعتي الطواف وقال الصادق (ع) ليكن اخر عهدك بالبيت أن تضع يدك على الباب وتقول المسكين على بابك فتصدق عليه بالجنة ويستحب له
أن يشرب من زمزم إجماعا لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله لما أفاض نزع هو لنفسه بدلو من بئر زمزم ولم ينزع معه أحد فشرب ثم افرغ باقي الدلو في البئر ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) ثم ائت زمزم فاشرب منها ثم اخرج. مسألة. الحايض لا طواف عليها للوداع ولا فدية عليها بإجماع فقهاء الأمصار ويستحب لها أن تودع من أدنى باب
من أبواب المسجد ولا تدخله إجماعا وروى العامة عن عمر وابنه إنهما قالا تقيم الحايض طواف الوداع وليس بمعتمد لما رواه العامة إن أم سليم بنت ملحان استفتت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد
حاضت أو ولدت بعد ما أفاضت يوم النحر فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وآله فخرجت ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إذا أرادت الحايض أن تودع البيت فلتقف على أدنى باب من
أبواب المسجد فلتودع البيت ولان الزامها بالمقام مشقه عظيمه والمستحاضة تودع بطواف ولو فقدت الماء تيممت وطافت ولو طهرت الحايض قبل مفارقة بنيان مكة
استحب لها العود والاغتسال والطواف وأوجبه الموجبون وإن كان بعد مفارقة البنيان لم يعد إجماعا للمشقة بخلاف من خرج متعمدا فإنه يعود ما لم يبلغ مسافة
القصر لأنه ترك واجبا فلا يسقط بمفارقة البنيان وههنا (لم يجب) فلا يجب بعد الانفصال إذا أمكن كما يجب على المسافر إتمام الصلاة في البنيان ولا يجب بعد الانفصال. مسألة.
يستحب لمن أراد الخروج من مكة أن يشترى بدرهم تمرا يتصدق به ليكون كفارة لما دخل عليه حال الاحرام من فعل حرام أو مكروه قال الصادق في الصحيح يستحب للرجل والمرأة
أن لا يخرجا من مكة حتى يشتريا بدرهم تمرا يتصدقان به لما كان منهما في إحرامهما ولما كان في حرم الله عز وجل. المقصد الرابع. في اللواحق وفيه فصول الأول
في الحصر والصد وفيه مباحث الأول في الصد. مسألة. الحصر عندنا هو المنع من تتمة أفعال الحج بالمرض خاصة والصد بالعدو وعند العامة هما واحد من جهة
العدو والأصل عدم الترادف قال الصادق (ع) في الصحيح المحصور غير المصدود فإن المحصور هو
المريض والمصدود هو الذي يرده المشركون كما ردوا رسول الله صلى الله عليه وآله
ليس من مرض والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له والقارن إذا أحصر فليس له أن يتمتع في القابل بل يفعل مثل ما دخل فيه. مسألة. إذا أحرم الحاج
وجب عليه إكمال ما أحرم من حج أو عمرة فإذا صده المشركون أو غيرهم عن الوصول إلى مكة بعد إحرامه ولا طريق له وساء موضع الصد أو كان له طريق لا تفي نفقته
بسلوكه تحلل بالاجماع قال الله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى " أي إذا أحصرتم فتحللتم أو أردتم التحلل فما استيسر من الهدى لان نفس الاحصار لا يوجب هديا
وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه يوم حصروا في الحديبية وهي اسم بئر خارج الحرم أن ينحروا ويحلقوا ويحلوا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) المصدود تحل
له النساء سواء كان الاحرام للحج أو للعمرة بأي أنواع الحج أحرم جاز له التحلل مع الصد عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد لعموم الآية ولأنها نزلت في
صد الحديبية وكان النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه محرمين بعمرة فتحللوا جميعا وقال مالك المعتمر لا يتحلل لأنه لا يخاف الفوات ولو كان له طريق غير موضع الصد فإن كان معه نفقة
تكفيه لم يكن له التحلل واستمر على إحرامه ووجب عليه سلوكها وإن بعدت سواء خاف الفوات أو لا فإن كان محرما بعمرة لم تفت فلا يجوز له التحلل
وإن كان بحج صبر حتى يتحقق الفوات ثم يتحلل بعمرة وليس له قبله التحلل والاتيان بالعمرة بمجرد خوف الفوات لان التحلل إنما يجوز بالحصر لا بخوف
الفوات وهذا غير مقصود هنا فإنه يجب أن يمضى على إحرامه في ذلك الطريق فإذا أدرك الحج أتمه وإن فاته تحلل بعمرة وقضاه ولو قصرت نفقته جاز له التحلل
لأنه ممنوع مصدود ولا طريق له سواء موضع المنع يعجز عن الباقي فيتحلل ويرجع إلى بلده وقال الصادق (ع) في الصحيح إن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث صده المشركون يوم
الحديبية نحر بدنة ورجع إلى المدينة. مسألة. المصدود يتحلل بالهدى ونية التحلل خاصة أما الهدى فعليه فتوى أكثر العلماء للآية قال الشافعي لا خلاف بين المفسرين في
أن قوله تعالى فإن أحصرتم نزلت في حصر الحديبية ولأنه (ع) حيث صده المشركون يوم الحديبية نحر بدنة ورجع إلى المدينة وفعله بيان للواجب ولأنه أبيح له التحلل
قبل أداء نسكه فكان عليه الهدى كالفوات وقال بن إدريس من علمائنا الهدى مختص بالمحصور لا بالصد لأصالة البراءة ولقوله تعالى " فإن أحصرتم " أراد بالمرض لأنه
يقال احصره المرض وحصره العدو وبه قال مالك لأنه تحلل أبيح له من غير تفريط فأشبه من أتم حجه ولا فرق إن من أتم حجه لم يبق عليه شئ من النسك فتحلله لأداء مناسكه
بخلاف المصدود الذي لم يتم نسكه وأما النية فلانه خرج من إحرام فيفتقر إليها كالداخل فيه ولان الذبح إنما يختص بالتحلل بالبينة ولأنه عمل فيفتقر إلى النية وبه
395

قال الشافعي ولو نوى التحلل قبل الهدى لم يتحلل وكان على إحرامه حتى ينحر الهدى ولأنه أقيم مقام أفعال الحج ولا يحل له كما لا يتحلل القادر على أفعال الحج قبل فعلها
ولا فدية عليه في نية التحلل لعدم تأثيرها في العبادة فإن فعل شيئا من محظورات الاحرام قبل الهدى فعليه الفداء لأنه محرم فعل محظورا في إحرام صحيح فكان عليه
فدية كالقادر. مسألة. لا بدل لهدى التحلل فلو عجز عنه وعن ثمنه لم يفتقر إلى غيره ويبقى على إحرامه ولو تحلل لم يحل وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي
في أحد القولين لقوله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله " ولو كان الصوم أو الاطعام بدلا لجاز الحلق قبل الهدى
ولان الهدى أقيم مقام الأعمال ولو قدر على الأعمال لم يتحلل إلا بها فإذا عجز لا يتحلل إلا ببدلها والقول الثاني للشافعي وهو الصحيح عندهم إنه يتحلل في الحال فينتقل
إلى صوم التعديل في قول وفي آخر إلى الاطعام وفي ثالث إلى الصوم ويحل به وهو أن يقوم شاة وتبسط بالطعام فيصوم بإزاء كل مد يوما وفي رابع يتخير بين الاطعام
والصيام وعلى قوله الأول بعدم الانتقال يكون في ذمته ففي جواز التحلل حينئذ له قولان أحدهما انه يبقى محرما إلى أن يهدى والثاني وهو الأشبه إنه يحل ثم
يهدى إذا وجد وقال احمد إنه ينتقل إلى صيام عشرة أيام إذا عرفت هذا فإذا ذبح هل يجب عليه الحلق أو التقصير أم لا قال احمد في إحدى الروايتين
لابد من أحدهما لان النبي صلى الله عليه وآله حلق يوم الحديبية ويحتمل العدم لأنه تعالى ذكر الهدى وحده ولم يشترط سواه. إذا ثبت هذا فلو كان المصدود قد ساق
هديا في إحرامه قبل الصد ثم صد ففي الاكتفاء بهدى السياق عن هدى التحلل قولان أحدهما الاكتفاء لقوله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى " وقيل لابد
من هدى اخر السياق كما لو لم يسق. مسألة. لا يختص مكان ولا زمان لنحر هدى التحلل وذبحه في المصدود بل يجوز نحره في موضع الصد سواء الحل و
الحرم ومتى صد جاز له الذبح في الحال والاحلال لقوله تعالى " فما استيسر من الهدى " ولم يعين زمانا خصوصا مع الاتيان بالفاء وبه قال مالك والشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله
نحره بالحديبية وهي خارج الحرم ولأنه يؤدى إلى تعذر الحل لتعذر وصول الهدى محله مع مقاومة العدو وقال الصادق (ع) المحصور والمضطر ينحران هديهما في المكان
الذي يضطران فيه وقال الحسن وبن مسعود والشعبي والنخعي وعطا وأبو حنيفة لا ينحر إلا بالحرم يبعث به ويواطى من بعثه معه على نحره في وقت يتحلل فيه لقوله تعالى
" ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله " ثم قال ثم محلها إلى البيت العتيق والآية في حق غير المصدود ولا يمكن قياس المصدود عليه لان تحلله في الحل وتحلل غيره في الحرم. مسألة.
لو صد عن مكة قبل الموقفين فهو مصدود إجماعا يجوز له التحلل ولو صد عن الموقفين فكذلك عندنا وبه قال الشافعي لعموم الآية وقال أبو حنيفة ومالك ليس له
أن يتحلل وليس بمصدود بل إن قدر على الأداء أدى وإن دام العجز حتى مضى الوقت فحكمه حكم من فاته الحج يتحلل بأفعال العمرة لان العجز في الحرم ليس مثل العجز خارج الحرم ويبطل
بقوله فإن أحصرتم وهو عام ولو منع عن أحد الموقفين قال الشيخ (ره) إنه مصدود أيضا ولو منع بعد الوقوف بالموقفين عن العود إلى منى لرمي الجمار والمبيت بها فلا صد
وقد تم حجه فيتحلل ويستنيب من يرمى عنه ولو صد بعد الوقوف بالموقفين قبل طواف الزيارة والسعي تحلل أيضا لان الصد يفيد التحلل من جميعه فمن بعضه أولي وله أن يبقى على إحرامه
فإن لحق أيام منى رمى وحلق وذبح وإن لم يلحق أمر من ينوب عنه في ذلك فإذا تمكن اتى مكة فطاف طواف الحج وسعى وتم حجه أيضا ولا قضاء عليه وإن لم يتمم على إحرامه حتى
يطوف ويسعى وتحلل كان عليه الحج من قابل ليأتي بأركان الحج من الطواف والسعي أما لو طاف وسعى ومنع من المبيت بمنى والرمي فإن حجه تام لما تقدم ولو تمكن من المبيت
وصد عن الموقفين أو عن أحدهما جاز له التحلل للعموم فإن لم يتحلل وأقام على إحرامه حتى فاته (الوقوف فقد فاته صح) الحج وعليه أن يتحلل بعمرة ولا دم عليه لفوات الحج وهل يجوز له فسخ نية الحج إلى العمرة قبل
الفوات إشكال قال بعض الجمهور لأنا أبحنا له ذلك من غير صد فمعه أولى ولا دم عليه ولو طاف وسعى للقدوم ثم صد حتى فاته الحج طاف وسعى ثانيا لعمرة أخرى ولا
يجتزى بالأول لأنه لم يقصد به طواف العمرة ولا سعيها بل يجزى بالاحرام الأول ولا يجدد إحراما آخر وبه قال احمد والشافعي وأبو ثور وقال مالك يخرج إلى الحل
فيفعل ما يفعله المعتمر وقال الزهري لابد أن يقف بعرفه وقال محمد بن الحسن لا يكون محصرا بمكة. مسألة. إذا تحلل وفاته الحج وجب عليه القضاء في القابل
إن كان الحج الفايت واجبا كحجة الاسلام والنذر وغيره ولا يجب قضاء النفل عند علمائنا وكذا العمرة يجب قضاء الواجب منها كعمرة الاسلام والنذر وغيره ولو
كان نفلا لم يجب القضاء لأصالة براءة الذمة وقال الشافعي لا قضاء عليه بالتحلل فإن كانت حجة تطوع (أو عمرة تطوع صح) لم يلزمه قضاؤها بالتحلل وإن كان حجة الاسلام أو عمرته وكانت
قد استقرت في ذمته قبل هذه السنة فإذا خرج منها بالتحلل فكأنه لم يفعلها وكان باقيا في ذمته على ما كان عليه وإن وجبت في هذه السنة سقط وجوبها ولم تستقر
لفقدان بعض شرايط الحج فحينئذ التحلل بالصد لا يوجب القضاء بحال وبه قال مالك واحمد في
إحدى الروايتين وقال أبو حنيفة إذا تحلل لزمه القضاء ثم إن كان إحرامه بعمرة مندوبة قضاها واجبا وإن كان بحجة مندوبة فاحصر تحلل وعليه أن يأتي بحجة وعمرة
(وإن كان قرن بينهما فاحصر وتحلل لزمه حجة وعمرتان عمرة لأجل العمرة وحجة وعمرة صح) لأجل الحج ويجئ على مذهبه إذا أحرم بحجتين فإنه ينعقد بهما وإنهما ينتقض عن أحدهما إذا أخذ في السير فإن احصر قبل أن يسير تحلل منهما ولزمه حجتان وعمرتان. مسألة.
لا فرق بين الصد العام وهو الذي يصده المشركون وأصحابه وبين الصد الخاص كالمحبوس بغير حق ومأخوذ اللصوص وحده لعموم النص ووجود المقتضى لجواز التحلل وكذا
يجب في (القضاء صح) كل موضع يجب فيه الصد العام وما لا يجب هناك لا يجب هنا وهو إحدى قولي الشافعي لأصالة البراءة والعمومات وفي الثاني يجب القضاء والمحبوس بدين إن كان قادرا على أدائه
فليس بمصدود وليس له التحلل وإن كان عاجزا تحلل وكذا يتحلل لو حبس ظلما ولو كان عليه دين مؤجل يحل قبل قدوم الحاج فمنعه صاحبه من الحج كان له التحلل لأنه معذور
لعجره ولو أحرم العبد مطلقا أو الزوجة تطوعا بغير إذن السيد والزوج كان لهما منعهما من الاتمام وتحللا من غير دم وكل موضع جوزنا فيه التحلل من إحرام الحج يجوز التحلل من
إحرام العمرة وهو قول أكثر العلماء خلافا لمالك فإنه قال لا يحل من إحرام العمرة لأنها لا يفوت. مسألة. يستحب له تأخير الاحلال لجواز زوال العذر فإذا أخر وزال
العذر قبل تحلله وجب عليه إتمام نسكه إجماعا لقوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله " ولو خشى الفوات لم يتحلل وصبر حتى يتحقق ثم يتحلل بعمرة فلو صابر ففات الحج لم يكن له التحلل
بالهدى بل بعمرة ويقضى واجبا إن كان واجبا وإلا فلا ولو فات الحج ثم زال الصد بعده قال بعض العامة يتحلل بالهدى وعليه هدى اخر للفوات وقال الشيخ (ره) يتحلل بعمرة
ولا يلزمه دم لفوات الحج ولو غلب على ظنه انكشاف العدو قبل الفوات جاز له أن يتحلل للعموم لكن الأفضل البقاء على إحرامه فإن فات الوقوف أحل بعمرة ولو أفسد
حجه فصد كان عليه بدنه ودم التحلل والحج من قابل ولو انكشف العدو في وقت يتسع لاستيناف القضاء وجب وهو حج يقضى لسنته ولو ضاق الوقت قضى من
قابل وإن لم يتحلل من الفاسد فإن زال الصد والحج لم يثبت مضى في الفاسد وتحلل كالصحيح وإن فاته تحلل بعمرة وتلزمه بدنه الافساد ولا شئ عليه للفوات والقضاء
من قابل واجب سواء كان الحج واجبا أو ندبا ولو كان العدو باقيا فله التحلل فإذا تحلل لزمه دم التحلل بدنة الافساد والقضاء من قابل وليس عليه أكثر من قضاء
واحد ولو صد فافسد حجه جاز له التحلل للعموم وعليه دم التحلل وبدنه الافساد والحج ويكفيه قضاء واحد. مسألة ينبغي للمحرم أن يشترط على ربه حالة الاحرام
396

خلافا لمالك فإذا اشترط في ابتداء إحرامه أن يحل متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفذت أو منعه ظالم أو غير ذلك من الموانع فإنه يحل متى وجد ذلك المانع وفي سقوط
هدى التحلل قولان والشروط لا يؤثر في سقوط القضاء إن كان الحج واجبا خلافا لبعض العامة وينبغي أن يشترط ما له فايدة فلو قال إن تحلني حيث شئت فليس له
ذلك ولو قال أنا ارفض إحرامي وأحل فلبس وذبح الصيد وغيره من تروك الاحرام من غير صد أو حصر لم يحل ووجبت الكفارة لان الاحرام لا يفسد برفضه لأنه عبادة
لا يخرج منها بالفساد فلا يخرج منها برفضها بخلاف ساير العبادات التي يخرج منها بإفسادها كالصلاة وإن وطى قبل الموقفين أفسد حجه ووجب إتمامه وبدنة والحج
من قابل سواء كان الوطي قبل ما فعله من الجنايات أو بعده فإن الجناية على الاحرام الفاسد توجب الجزاء كالجناية على الاحرام الصحيح وليس عليه لرفضه شئ لأنه مجرد
نية لم تؤثر شيئا. مسألة. العدو الصاد إن كان مسلما فالأولى الانصراف عنه لان في قتاله مخاطرة بالنفس والمال إلا أن يدعوهم الامام أو نائبه إلى قتالهم ويجوز
قتالهم لانهم تعدوا على المسلمين بمنعهم الطريق وإن كانوا مشركين لم يجب على الحاج قتالهم قال الشيخ (ره) وإذا لم يجب قتالهم لم يجز سواء كانوا قليلين أو كثيرين و
للشافعي قول بوجوب قتالهم إذا لم يزد عدد الكفار على الضعف والوجه انه إذا غلب ظن المسلمين بالغلبة جاز قتالهم ويجوز تركة فيتحلل الحاج ولو ظن المسلمون الانقهار
لم يجز قتالهم لئلا يغزوا بالمسلمين فلو احتاج الحاج إلى لبس السلاح وما يجب فيه الفدية لأجل الحرب جاز وعليهم الفدية كما لو لبس لدفع الحر والبرد ولو قتلوا أنفسا
واتلفوا مالا لم يضمنوا ولو قتل المسلمون صيد الكفار كان عليهم الجزاء لله ولا قيمة للكفار إذ لا حرمة لهم ولو بذل العدو الطريق وكانوا معروفين بالعذر جاز
التحلل والرجوع وإلا فلا ولو طلب العدو مالا لتخلية الطريق فإن لم يوثق بهم لم يجب بذله إجماعا لبقاء الخوف وإن كانوا مأمونين فإن كثر لم يجب بل يكره إن كان
العدو كافرا لما فيه من الصغار وتقوية الكفار وإن قتل قال الشيخ (ره) لا يجب بذله كما لا يجب في ابتداء الحج بذل مال بل يتحلل. مسألة. إذا تحلل المصدود بالهدى
فإن كان الحج واجبا قضى ما تحلل منه إن كان حجا وجب عليه حج لا غير وبه قال الشافعي لأنه احصر عن الحج فلا يلزمه غيره كمن احصر عن العمرة لا يلزمه غيرها وقال أبو حنيفة
يجب عليه حج وعمرة معا لان المصدود فائت الحج وفائت الحج يتحلل بأفعال العمرة فإذا لم يأت بأفعال العمرة في الحال يجب عليه قضاؤها ونمنع مساواة الصد
لفائت الحج والصدقة يتحقق في العمرة وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى " وأتموا الحج والعمرة لله (فإن أحصرتم صح) " ذكر ذلك عقيبهما فينصرف إلى كل منهما وسئل ابن مسعود عن معتمر لدغ فقال
إبعثوا عنه هديا فإذا ذبح عنه فقد حل ولان النبي صلى الله عليه وآله لما صد كان معتمرا وقال مالك لا يتحقق (يتحلل) لأنه ليس للعمرة وقت معلوم فيمكنه اللبث إلى أن يزول الاحصار
ثم يؤدى وهو يستلزم الحرج لعدم العلم بالغاية. مسألة. إذا صد عن المضي إلى مكة أو إلى الموقفين كان له التحلل بالهدى على ما تقدم هذا إذا منع من المضي
دون الرجوع والسير في صوب اخر وأما إذا أحاط العدو بهم من جميع الجهات كلها فكذلك عندنا وهو أصح قول الشافعي لانهم يستفيدون به الامر من العدو الذي
بين أيديهم والثاني ليس لهم التحلل لانهم لا يستفيدون به أمنا فأشبه المريض ليس له التحلل والأصل ممنوع ولا
بدل لهدى التحلل على ما تقدم خلافا للشافعي في أحد
قوليه وعلى القولين لابد من نية التحلل وهل يجب الحلق للشافعي قولان إن قلنا إنه نسك فنعم وإلا فلا فخرج من هذا إنا إذا اعتبرنا الذبح والحلق مع النية فالتحلل يحصل
بثلاثتها وإن خرجنا الذبح عن الاعتبار فالتحلل يحصل بالحق مع النية أو بمجرد النية فيه وجهان. مسألة. إحرام العبد منعقد سواء كان بإذن السيد أو
بدونه ثم إن أحرم بإذنه لم يكن له تحليله سواء بقى نسكه صحيحا أو أفسده ولو باعه والحال هذه لم يكن للمشترى تحليله لكن له الخيار مع جهله بإحرامه وإن أحرم بغير إذنه
يستحب له الاذن في الاتمام وله تحليله لان تقريره على الحج إبطال لمنافعه عليه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة له تحليله سواء أحرم بإذنه أو بغير إذنه ولو أذن له في الاحرام فله
الرجوع قبل أن يحرم فإن رجع ولم يعلم به العبد فأحرم فله تحليله وللشافعي وجهان ولو أذن له في العمرة فأحرم بالحج فله تحليله ولو كان بالعكس لم يكن له تحليله لأن العمرة
دون الحج قاله الشافعي وفيه نظر ولو أذن له في التمتع فله منعه من الحج بعد ما تحلل من العمرة قاله الشافعي وفيه إشكال وليس له تحليله من العمرة ولا من الحج بعد
تلبسه به ولو أذن له في الحج أو في التمتع فقرن قال الشافعي ليس له تحليله ولو أذن له أن يحرم في ذي القعدة فأحرم في شوال فله تحليله قبل ذي القعدة لا بعده
. البحث الثاني. في المحصور. مسألة. إذا تلبس الحاج بالاحرام ثم مرض بحيث لا يتمكن معه من المضي إلى مكة أو إلى الموقفين بعث بهديه مع أصحابه
ليذبحوه عنه في موضع الذبح فإن كان قد ساق هديا بعث ما ساقه وإن لم يكن ساق بعث هديا أو ثمنه ولا يخل حتى يبلغ الهدى محله وهو منى إن كان حاجا
ومكه إن كان معتمرا فإذا بلغ الهدى محله أحل من كل شئ إلا من النساء إلى أن يطوف في القابل أو يأمر من يطوف عنه فتحل له النساء حينئذ هذا مذهب علمائنا وبه قال
بن مسعود وعطا والثوري والنخعي وأصحاب الرأي واحمد في إحدى الروايتين إلا أن أصحاب الرأي لم يعتبروا طواف النساء بل قالوا يحل بالبلوغ إلى المحل لقوله تعالى
فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من كسر أو عرج فقد حل عليه حجة أخرى وفي رواية فعليه الحج من قابل ومن طريق الخاصة قول الصادق
في رجل أحصر قال يواعد أصحابه ميعادا فإن كان في حج فحل؟ الهدى النحر الحديث وقال الشافعي لا يجوز له التحلل أبدا إلى أن يأتي به فإن فاته الحج تحلل بعمرة وبه قال بن عمر
وبن عباس ومالك واحمد في الرواية الأخرى لأنه لا يستفيد بالاحلال الانتقال من حال ولا التخلص من الأذى الذي به بخلاف حصر العدو ونمنع عدم الانتقال وعدم
التخلص من الأذى لا يمنع من التحلل. مسألة. إذا بعث الهدى انتظر وصوله إلى المحل فإذا كان يوم المواعدة قصر من شعر رأسه وأحل من كل شئ أحرم منه إلا
النساء فإنهن لا يحللن له حتى يحج من قابل ويطوف طواف النساء إن كان الحج واجبا أو يطاف عنه في القابل إن كان تطوعا قاله علماؤنا ولم يعتبر الجمهور ذلك بل حكم بعضهم
بجواز الاحلال مطلقا وآخرون بالمنع مطلقا وقد قال الصادق (ع) في الصحيح المحصور لا تحل له النساء ولو وجد في نفسه خفة بعد بعث هديه وأمكنه اللحوق بأصحابه لحق لأنه محرم
بأحد النسكين فيجب عليه إتمامه للآية فإن أدرك أحد الموقفين أدرك الحج وإن فاتاه معا فاته الحج وكان عليه الحج من قابل الرواية الصحيحة عن الباقر (ع) قال إذا احصر الرجل بعث
هديه فإن أفاق ووجد من نفسه خفة إن ظن أن يدرك هديه قبل أن ينحر فإن قدم مكة قبل أن ينحر هديه فليقم على إحرامه حتى يقضى المناسك وينحر هديه ولا شئ عليه وإن قدم
مكة وقد نحر هديه فإن عليه الحج من قابل والعمرة قلت فإن مات قبل أن ينتهى إلى مكة قال إن كانت حجة الاسلام يحج عنه ويعتمر فإنما هو شئ عليه. مسألة. لو تحلل يوم الميعاد
ثم ظهر أن أصحابه لم يذبحوا عنه لم يبطل تحلله ووجب عليه أن يبعث به في القابل ليذبح عنه في موضع الذبح لان تحلله وقع مشروعا وقال الصادق (ع) في الصحيح فإن ردوا عليه
الدراهم ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحل لم يكن عليه شئ ولكن يبعث من قابل ويمسك أيضا قال الشيخ (ره) إذا بعث في العام المقبل وجب عليه أن يمسك (مما يمسك صح) عنه المحرم إلى أن يذبح عنه
لهذه الرواية ومنعه بن إدريس للأصل ولأنه ليس بمحرم فكيف يحرم عليه شئ وهو غير محرم ولا في الحرم وكذا من بعث هديا تطوعا من أفق من الآفاق قال الشيخ (ره) يواعد أصحابه
يوما يعينه ثم يجتنب ما يجتنبه المحرم من الثياب والنساء والطيب وغير ذلك إلا أنه لا يلبى فإن فعل ما يحرم على المحرم كان عليه الكفارة كما تجب على المحرم سواء فإذا كان اليوم
397

الذي واعدهم أحل وإن بعث بالهدى من أفق من الآفاق يواعدهم يوما بعينه باشعاره أو تقليده فإذا كان ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم إلى أن يبلغ الهدى محله ثم
إنه أحل من كل شئ أحرم منه لقول الصادق (ع) في الصحيح في الرجل يرسل بالهدى تطوعا قال يواعد أصحابه يوما يقلدون فيه فإذا كان تلك الساعة من ذلك اليوم إجتنب
ما يجتنبه المحرم فإذا كان يوم التحلل أجزاء عنه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث صده المشركون يوم الحديبية نحر بدنته ورجع إلى المدينة وغيرها من الروايات ومنع ابن إدريس من ذلك
. مسألة. الحاج والمعتمر في ذلك سواء إذا احصر المعتمر فعل ما ذكرناه وكانت عليه العمرة في الشهر الداخل واجبة إن كانت العمرة واجبة وإلا نفلا ولو احتاج المحصر إلى
حلق رأسه لاذى ساغ له ذلك ويفدى لقول الباقر (ع) إذا حصر الرجل فبعث بهديه وأذاه رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه فإنه يذبح في المكان الذي احصر فيه أو يصوم أو يطعم ستة
مساكين ولو كان المحصر قد أحرم بالحج قارنا (قال الشيخ لم يجز أن يحج في القابل إلا قارنا صح) وليس التمتع بل يدخل في مثل ما خرج منه لقول الباقر (ع) والصادق (ع) القارن يحصر وقد قال واشترط فحلني حيث حبستني
يبعث بهديه قلنا هل يستمتع قال لا ولكن يدخل بمثل ما خرج منه والوجه أنه إن كان القران واجبا وجب عليه القران وإلا فلا. مسألة. قال بن بابويه وأبوه
إذا قرن الرجل للحج والعمرة واحصر بعث هديا مع هديه ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله فأوجبا هديا مع هدى السياق وقواه بن إدريس لقوله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر
من الهدى " فأوجب هديا للاحصار وأصحابنا قالوا يبعث بهديه الذي ساقه ولم يوجبوا بعث هدى آخر وقال ابن إدريس معنى قولهما إذا قرن الحج والعمرة أن يقرن مع
كل واحد منهما على الانفراد هديا يشعره أو يقلده فيخرج عن ملكه بذلك وإن لم يكن ذلك واجبا عليه بنذر ولم يقصد أن يحرم بهما جميعا ويقرن بينهما في الاحرام
لان ذلك مذهب من خالفنا في حد القران. مسألة. إذا اشترط في إحرامه فله التحلل من دون إنفاذ هدى إلا أن يكون ساقه ويشعره أو قلة فإن كان فلينفذه
وإن لم يكن ساق بل اشترط فله التحلل إذا بلغ الهدى محله وهو يوم النحر فإذا (كان يوم النحر صح) فليتحلل من جميع ما أحرم منه إلا النساء وروى المفيد عن الصادق (ع) المحصور بالمرض إن كان
ساق هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدى محله ثم يحل ولا يقرب النساء حتى يقضى المناسك من قابل هذا إذا كان في حجة الاسلام فأما حجة التطوع فإنه ينحر هديه فقد
أحل مما كان أحرم منه فإن شاء حج من قابل وإن لم يشأ لم يجب عليه الحج قال بن إدريس المحصور يفتقر إلى
نية التحلل كما دخل في الاحرام بنيته وهو حسن. البحث الثالث.
في حكم الفوات. مسألة. من لم يقف بالموقفين في وقتهما فاته الحج إجماعا فيتحلل بطواف وسعى وحلاق ويسقط عنه بقية أفعال الحج من الرمي والمبيت عند
علمائنا وبه قال عمر وابنه وزيد بن ثابت وبن عباس وبن الزبير ومالك والثوري والشافعي واحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي لان باقي أفعال الحج يترتب على
الوقوف وقد فاته فتفوت هي بفواته وما رواه العامة عن عمر إنه قال لأبي أيوب حين فاته الحج إصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإن أدركت الحج قابلا فحج واهد
ما استيسر من الهدى ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في رجل جاء حاجا ففاته الحج ولم يكن طاف قال يقم مع الناس حراما أيام التشريق ولا عمرة فيها فإذا انقضت
طاف بالبيت وبين الصفا والمروة وأحل وعليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم وقال احمد في الرواية الأخرى يمضى في حج فاسد وبه قال المزني قال
يلزمه جميع أفعال الحج إلا الوقوف وقال مالك في رواية أخرى عنه لا يحل بل يقيم على إحرامه حتى إذا كان من قابل أتى بالحج فوقف وأكمل الحج وفي رواية ثالثه عنه إنه يحل
بعمرة مفردة ولا يجب عليه القضاء وقول المزني باطل لان الاتيان بالافعال الباقية لا تخرجه عن العهدة فلا فايدة فيها وقياسه على المفسد باطل لان الجناية
وقعت هناك من المفسد فكان التفريط من قبله بخلاف الفوات وقول مالك يشتمل على ضرر عظيم فيكون منفيا. مسألة. إذا فاته الحج جعل حجه عمرة
مفردة فيطوف ويسعى ويحلق عند علمائنا أجمع وبه قال بن عباس وبن الزبير وعطا واحمد وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من فاته الحج فعليه دم وليجعلها
عمرة وليحج من قابل ومن طريق الخاصة قول الرضا (ع) في الذي إذا أدرك الناس فقال إذا أتى جمعا والناس بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس فقد أدرك (الحج صح) ولا عمرة له وإن
أدرك جمعا بعد طلوع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له وإن شاء أن يقيم بمكة أقام وإن شاء أن يرجع إلى أهله رجع وعليه الحج من قابل وقال الصادق (ع) في الصحيح أيما
حاج ساق الهدى أو مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وقال مالك والشافعي لا يصير إحرامه بعمرة بل يتحلل بطواف
وسعى وحلاق لأنه أحرم بأحد النسكين لا ينقلب إلى الاخر كما لو أحرم بالعمرة والفرق فوات الحج وإمكان الاتيان بالعمرة من غير فوات فيها فلا حاجة إلى انقلاب
إحرامها ولابد من نية الاعتماد خلافا لبعض العامة وأوجبوا الاتيان بأفعالها. مسألة. إذا فاته الحج استحب له المقام بمنى إلى انقضاء أيام التشريق وليس عليه شئ
من أفعال الحج ولا حلق ولا تقصير بل يقصر إذا تحلل بعمرة بعد طوافها وسعيها وهل يجب على من فاته الحج الهدى الأقرب المنع وهو قول أصحاب الرأي لأصالة براءة الذمة
ولأنه لو كان الفوات سببا لوجوب الهدى لوجب على المحصر هديان واحد للفوات واخر للاحصار ونقل الشيخ (ره) عن بعض علمائنا وجوب الهدى وبه قال الشافعي
وأكثر الفقهاء وعن أحمد روايتان لقول الصادق (ع) في نفر فاتهم الحج عليهم أن يهريق كل واحد منهم دم شاة ولأنه أحل من إحرامه قبل إتمامه فلزمه الهدى كالمحصر والخبر محمول
على الاستحباب ونمنع الحل قبل إتمامه وإنما نقله إلى العمرة والنقل جايز ولو كان قد ساق هديا نحره بمكة لأنه تعين للاهداء فلا يسقط بالفوات فإن قلنا بوجوب
الهدى ذبحه في ذلك العام ولا يجوز له تأخيره إلى القابل كالمدرك لأفعال الحج ولان الهدى واجب على الفور لأنه جزء من الحج والثاني للشافعي يجوز وعلى
الأول لو أخره عصى ووجب عليه ذبحه ولا يجزئه عن هدى القضاء لان القضاء إحرام فيجب فيه الهدى للآية. مسألة. إذا كان الفائت واجبا كحجة الاسلام
والمنذورة وغيرهما وجب القضاء ولا يجزيه العمرة التي فعلها للتحلل وإن لم يكن الحج واجبا لم يجز عليه القضاء وبه قال عطا واحمد في إحدى الروايتين ومالك
في أحد القولين لان النبي صلى الله عليه وآله لما سئل عن الحج أكثر من مرة واحدة قال بل مرة واحدة ولو أوجبنا القضاء كان أكثر من مرة وعن الصادق (ع) في القوم الذين فاتهم
الحج قال ليس عليهم من قابل ولا يمكن ذلك في الواجب فيحمل على النقل ولأنه معذور في ترك إتمام حجه فلا يلزمه القضاء كالمحصر ولأنها عبادة غير واجبة
فلا يجب قضاؤها بالفوات كساير العبادات وقال الشافعي يجب القضاء وإن كان الحج تطوعا وبه قال بن عباس وبن الزبير وأصحاب الرأي ومالك
في القول الثاني واحمد في الرواية الثانية لقول النبي صلى الله عليه وآله من فاته عرفات فقد فاته الحج فليتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل ولأنه يجب بالشروع فيه وتحمل
398

الرواية على الحج الواجب وإنما يجب بالشروع مع إمكانه وإن كان الفائت حجة الاسلام وجب قضاؤها إجماعا على الفور عندنا وهو ظاهر مذهب الشافعي لان القضاء كالأداء
وقد بينا وجوب الأداء على الفور وكذا قضاؤه ومن الشافعية من قال إنها على التراخي وإذا قضاه في العام المقبل أجزأه عن الحجة الواجبة إجماعا وإذا فاته الحج نقل إحرامه إلى العمرة ولا
يحتاج إلى تجديد إحرام اخر للعمرة وهذه العمرة المأتي بها للتحلل لا يسقط وجوب العمرة التي للاسلام إن كانت الفائتة حجة الاسلام لوجوب الاتيان بالحج والعمرة في سنة
واحدة وهل يجب على فائت الحج التحلل الأقرب ذلك فلو أراد البقاء على إحرامه إلى القابل ليحج من قابل فالظاهر من الروايات المنع لانهم أوجبوا منه الاتيان بطواف وسعى وحكموا بانقلاب
الحج إلى العمرة وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وبن المنذر لقوله (ع) من فاته الحج فعليه دم وليجعلها عمرة وقال مالك يجوز لان تطاول المدة بين الاحرام وفعل النسك لا يمنع عن
إتمامه كالعمرة ولا فرق بين المكي وغيره في وجوب الهدى بالفوات وأما العمرة المفردة فلا يفوت وقتها لان وقتها جميع السنة أما المتمتع بها فيفوت بفوات الحج لتعين وقتها
. الفصل الثاني. في بقايا مسائل تتعلق بالنساء والعبيد والصبيان والنائب في الحج. مسألة. قد بينا وجوب الحج على النساء كوجوبه على الرجال
وليس للزوج منعها عن حجة الاسلام ولا ما وجب عليها فإن أحرمت في الواجب مضت فيه وإن كره الزوج وليس منعها من إتمامه وله منعها عن حج التطوع إجماعا
لما فيه من منع الزوج عن حقه فلو أذن لها في التطوع جاز له الرجوع فيه ما تتكبس بالاحرام إجماعا فإن أحرمت بعد رجوع كان له أن يحلها والأقرب إنه لا دم عليها خلافا
لبعض العامة ولو أحرمت قبل رجوعه لم يكن له تحليلها لوجوب الاتمام عليها ولو كان إحرامها بغير إذنه في التطوع له كان له تحليلها خلافا لبعض العامة ولو خرجت لحجة الاسلام
ولم تكمل شرايطها كان له منعها ولو أحرمت من غير إذنه كان له تحليها ولو نذرت الحج بغير إذن زوجها لم ينعقد ولو أذن وجب النذر وكذا لو نذرت قبل التزويج والمطلقة
رجعيا في العدة كالزوجة. مسألة. جميع ما يجب على الرجال من أفعال الحج وتروكه فهو واجب على المرأة إلا تحريم لبس المخيط والحايض تحرم كالرجل إلا انها تحتشى
وتستثفر وتتوضأ وضوء الصلاة ولا تصلى للحيض لان الاحرام عبادة لا يشترط فيها الطهارة فجاز وقوعه من الحايض قال الصادق (ع) عن الحايض تريد الاحرام تغتسل وتستثفر
وتحتشي بالكرسف وتلبس ثوبا دون ثيابها لاحرامها وتستقبل القبلة ولا تدخل المسجد ثم تهل بالحج بغير صلاة والمستحاضة تفعل ما يلزمها من الاغتسال إن وجبت
ثم تحرم عند الميقات وكذا النفساء ولو ترك الاحرام ظنا منها أنه لا يجوز فعله للحايض أو المستحاضة أو النفساء أو نسيانا وجب عليها الرجوع إلى الميقات والاحرام منه إن
تمكنت وإن لم تتمكن أو ضاق الوقت عليها خرجت إلى خارج الحرم وأحرمت منه فإن لم تتمكن أحرمت من موضعها لرواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق (ع) قال سألته
عن المرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا ما تدرى هل عليك إحرام أم لا وأنت حايض فتركوها حتى دخلت قال إن كان عليها مهلة فلترجع إلى
الوقت فلتحرم منه وإن لم يكن عليها مهلة فلترجع ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ألا يفوتها الحج فتحرم. مسألة. نفقة الحج الواجب إن زادت عن نفقة
الحضر كان الزايد على المرأة لا على الزوج لان أداء الحج واجب عليها وأما قدر نفقه السفر؟ فيجب على الزوج كالحضر سواء حجت بإذن الزوج أو بغير إذنه لأنها غير ناشز بالحج الواجب
فلا تسقط نفقتها في الحضر ولو كان الحج تطوعا بإذنه فكذلك أما لو كان بغير إذنه فهي ناشزة فلا نفقة لها لنشوزها ولو أفسدت الحج الواجب بأن مكنت زوجها من
وطئها مختارة قبل الموقفين لزمها القضاء وكانت قدر نفقتها في الحضر واجبة على الزوج في القضاء والزايد عليها في مالها وكذا ما يلزمها من الكفارة يجب
عليها في مالها خاصة. مسألة. إذا حاضت المرأة بعد الاحرام قبل الطواف لم يكن لها أن تطوف إجماعا لأنها ممنوعة من الدخول في المسجد بل تنتظر إلى وقت
الوقوف فإن طهرت وتمكنت من الطواف والسعي والتقصير وإنشاء إحرام الحج وأدراك عرفة صح لها التمتع وإذا لم تدرك ذلك وضاق الوقت بطلت متعتها وصارت
حجتها مفردة عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لما رواه العامة عن عايشه قالت أهللنا بعمرة فقدمت مكة وأنا حايض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة
فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال انقضى رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعى العمرة قالت ففعلت ذلك فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وآله مع عبد الرحمن بن أبي
بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه فقال هذه عمرة مكان عمرتك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح عن المرأة الحايض إذا قدمت مكة يوم التروية قال تمضى
كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثم تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة وقال باقي العامة تحرم بالحج مع عمرتها وتصير قارنة تجمع بين الحج والعمرة وقد سلف
بطلانه واعلم أن كل متمتع خشى فوات الحج باشتغاله بالعمرة يرفض عمرته ويبطلها وتصير حجه مفردة ولا يجب عليها تجديد إحرام بل تخرج بإحرامها ذلك إلى عرفات
ولا يجب عليها الدم ولو حاضت في أثناء طواف المتعة فإن كان الحيض بعد طواف أربعة أشواط قطعته وسعت وقصرت ثم أحرمت بالحج وقد تمت متعتها فإذا فرغت
من المناسك وطهرت تمت طوافها وصلت ركعتين وإن كانت قد طافت أقل من أربعة أشواط كان حكمها حكم من لم يطف لأنها مع طواف أربعة أشواط تكون قد
طافت أكثر الأشواط وحكم معظم الشئ حكم الشئ غالبا ولقول الصدق (ع) المتمتعة إذا طافت بالبيت أربعة أشواط ثم حاضت فمتعتها تامة وتقضى ما فاتها من الطواف
بالبيت وبين الصاف والمروة وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر وإذا طافت أقل من أربعة تركت السعي لأنه تبع الطواف لقول الصادق (ع) في الصحيح في الطامث قال
تقضى المناسك كلها غير إنها لا تطوف بين الصفا والمروة ولو حاضت بعد الطواف قبل الركعتين تركتهما وسعت وقضتهما بعد الطهارة ولو حاضت في إحرام الحج
فإن كان قبل طواف الزيارة وجب عليها المقام حتى تطهر ثم تطوف وتسعى وإن كان بعده قبل طواف النساء فكذلك وإن كانت قد طافت من طواف النساء
أربعة أشواط جاز له الخروج من مكة فإن في تخلفها عن الحاج ضررا عظيما وقد طافت معظمة فجاز لها الخروج قبل الكمال ولو فرغت المتمتعة من عمرتها وخافت الحيض
جاز لها تقديم طواف الحج عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله انه سأله رجل فقال أفضت قبل أن ارمى فقال إرم ولا حرج ومن طريق
الخاصة رواية يحيى الأزرق عن أبي الحسن صلى الله عليه وآله قال سألته عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة وخافت الطمث قبل يوم النحر يصلح لها أن تعجل طوافها (طواف صح)
الحج قبل أن تأتى معه منى قال إذا خافت أن تضطر إلى ذلك فعلت. مسألة. العليلة كالرجل العليل يطاف بها ويستلم (مستحبا؟) إن تمكنت منه ولو تعذر
الطواف بها طيف عنها والمستحاضة تطوف بالبيت وتفعل ما تفعله الطاهر من الصلاة فيه والسعي وغيره إذا فعلت ما تفعله المستحاضة ويكره لها دخول
الكعبة وإذا كانت عليلة لا تعقب لوقت الاحرام أحرم عنها وليها وجنبها ما يجتنب المحرم قال الشيخ (ره) إذا أحرمت بالحج ثم طلقها زوجها ووجبت عليها العدة
فإن ضاق الوقت وخافت فوت الحج إن أقامت خرجت وقضت حجتها ثم تعود فتقضى باقي العدة إن بقي عليها شئ وإن كان الوقت متسعا أو كانت محرمة
بعمرة فإنها تقيم وتقضى عدتها ثم تحج وتعتمر أما المتوفى عنها زوجها فإنه يجوز لها أن تخرج في الحج مطلقا لوجوب الحج على الفور على عامة المكلفين ولقول الصادق (ع)
في المتوفى عنها زوجها قال تحج وإن كانت في عدتها وقال احمد ليس لها أن تخرج في حجة الاسلام لأن العدة تفوت بخلاف الحج ونمنع عدم الفوات فإن
399

الفورية في الحج واجبة وهي تفوت بالعدة. مسألة. العبد لا يجب عليه الحج وإن أذن له مولاه فيه ولا يجزئه لو حج بإذنه إلا أن يدركه العتق قبل فوات الموقفين
وسواء كان قنا أو مدبرا أو مكاتبا انعتق بعضه أو لا ولو هاياه مولاه على أيام معينه تكون بقدر ما انعتق منه وامكنه وقوع الحج فيها (قال الشيخ لا يمنع أن نقول ينعقد إحرامه فيها صح) ويصح حجة بغير إذن سيده
والزوجة الأمة لا يصح حجها إلا بإذن سيدها وزوجها ولا يكفي إذن أحدهما ولو أذنا معا صح حجها ولا يجزئها عن حجة الاسلام إلا أن يدركها العتق قبل الموقفين
ولو حجت بغير إذن زوجها يجزأها عن حجة الاسلام وإن أعتقت قبل الموقفين. مسألة. لو أحرم الصبى أو العبد بإذن مولاه صح احرامهما ثم إن بلغ الصبى أو
أعتق العبد بعد فوات الموقفين مضيا على الاحرام وكان الحج تطوعا ولا يجزئه عن حجة الاسلام ولو كملا قبل الموقفين تعين إحرام كل منهما بالفرض وأجزأه
عن حجة الاسلام وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة الصبى يحتاج إلى تجديد الاحرام لان إحرامه عنده لا يصح والعبد يمضى على إحرامه تطوعا ولا ينقلب فرضا وقال
مالك الصبى والعبد معا يمضيان في الحج ويكون تطوعا وإن كان البلوغ والعتق بعد الوقوف وقبل فوات وقته بأن يكملا قبل طلوع فجر النحر رجعا إلى عرفات والمشعر
إن أمكنهما فإن لم يمكنهما رجعا إلى المشعر ووقفا وقد أجزأهما ولو لم يعودا لم يجزهما عن حجة الاسلام وقال الشافعي إن لم يعودا (إلى عرفات صح) لم يجزهما عن حجة الاسلام وكل موضع قلنا إنه يجزئهما عن حجة الاسلام فإنه يلزمهما فيه الدم إن كانا
متمتعين وإلا فلا وقال الشافعي عليه دم وقال في موضع اخر لا يبين لي أن عليهما شيئا والآية تدل على وجوبه على المتمتع وأصالة البراءة تدل على عدمه في حق
غيره. مسألة. الكافر يجب عليه الحج لكن لا يصح منه إلا إذا قدم الاسلام فإن مات بعد إحرامه كافرا فلا حكم له وإن أسلم بعد فوات الوقوف لم يجب عليه
الحج لأنه أسلم بعد فوات وقته وما مضى في حال كفره معفو عنه وإن أسلم قبل الوقوف وجب عليه الحج لامكانه ويتعين عليه في تلك السنة لوجوب الفورية خلافا
للشافعي ويجدد إحراما غير الأول لعدم الاعتداد به فإن لم يجدده فإن تمكن من الرجوع إلى الميقات والاحرام منه وجب وإلا أحرم حيث أمكن ولا دم عليه لعدم الاعتداد
بالاحرام الأول وبه قال أبو حنيفة واحمد خلافا للشافعي قياسا على المسلم حيث جاوز الميقات مريدا للنسك وأحرم من دونه ولم يعد إليه وجب الدم كالمسلم وليس بجيد
لأنه مر على الميقات وليس من أهل النسك. مسألة. المخالف إذا حج ثم استبصر فإن لم يخل بشي من أركان الحج صح حجه وأجزاء عنه واستحب له إعادته وإن كان قد أخل
وجب عليه إعادة الحج لأنه مسلم أتى بالأركان فأجزاء عنه كغيره من المسلمين ومع الاخلال لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف ولرواية يزيد بن معاوية
الصحيحة أنه سأل الصادق (ع) عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به أيجب عليه حجة الاسلام أو قد قضى فريضته فقال قد قضى فريضته ولو
حج كان أحب إلى. إذا عرفت هذا فغير الحج من العبادات إذا أوقعها على وجهها لا يجب عليه إعادتها للأصل إلا الزكاة فإنه إذا سلمها إلى غير المؤمن وجب عليه
إعادتها قال يزيد بن معاوية العجلي في الصحيح سألت الصادق (ع) عن رجل حج وهو لا يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به يجب عليه حجة الاسلام
أو قد قضى فريضته (فقال قد قضى فريضته صح) ولو حج لكان أحب إلى قال وسألته عن رجل حج وهو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب مستتر ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضى حجة
الاسلام قال يقضى أحب إلى وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الله الولاية فإنه يوجر عليه إلا الزكاة فإنه
يعيد ها إن وضعها في غير مواضعها لأنها لأهل الولاية وأما الصلاة والصيام والحج فليس عليه قضاؤه. مسألة. السكران إذا شهد المناسك في حال سكره
فإن لم يحصل شيئا لم يجزئه ما فعله ووجب عليه إعادة الحج وإن حصل ما يفعله وفعله على وجهه صح حجه والشيخ (ره) أطلق فقال من شهد المناسك كلها ورتبها
في مواضعها إلا أنه كان سكرانا (فلا حج له صح) وكان عليه إعادة الحج من قابل وقد روى أبو علي بن راشد قال كتبت إليه يسأله عن جل محرم سكر وشهد المناسك وهو سكران أيتم
حجه على كره فكتب لا يتم حجه. مسألة. واجد الاستطاعة المتمكن من مباشرة الحج لا يجوز له أن يستأجر غيره في حجة الاسلام إجماعا وكذا المنذور وشبهه وبالجملة كل
حج واجب عليه إذا تمكن من الاتيان به مباشرة لا يجوز له الاستيجار فيه وأما التطوع فإن كان المستأجر لم يحج حجة الاسلام فالأقرب إنه يجوز له أن يستأجر غيره ليحج
عنه تطوعا للأصل ومنع احمد من ذلك لان هذا التطوع لا يجوز له فعله بنفسه فنائبه أولي بالمنع والفرق إن فعله مباشرة يمنع من أداء الواجب بخلاف فعل النايب و
لو كان الاستيجار يمنع من أداء الواجب بأن يقصر نفقته باعتبار دفع مال الإجارة لم يجز له الاستيجار ولو لم يكن السرب مخلى جاز له أن يستأجر من يحج عنه تطوعا
سواء قصرت نفقته بمال الإجارة أم لا ولو كان قد حج حجة الاسلام ثم عجز عن مباشرة حج التطوع فإنه يجوز له الاستنابة إجماعا ولو كان قد أدى حجة الاسلام
وهو متمكن من مباشرة حج التطوع فإنه يجوز له أن يستنيب غيره عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لأنه حج غير واجب عليه فجاز له أن يستنيب فيه كالمغصوب وقال الشافعي
لا يجوز وعن أحمد روايتان لأنه يقدر عليه بنفسه فلا يجوز له النيابة فيه كالفرض والفرق ظاهر أما لو كان عاجزا عن التطوع في هذا العام عجزا يرجى زواله كالمحبوس
فإنه يجوز له أن يستنيب عندنا وعند الشافعي وفرق في هذه الصورة بينها وبين الفرض لان الفرض عبادة العمر فلا يفوت بتأخيره عن هذا العام والتطوع
مشروع في كل عام فيفوت حج هذا العام بتأخيره. مسألة. الصرورة إذا فقد الاستطاعة وتمكن من الحج تطوعا جاز له ذلك ويقع عن التطوع عند علمائنا
وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري وإسحاق وبن المنذر لأنه نوى التطوع ولم ينو الفرض فلا يقع عن الفرض لقوله (ع) إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى
ولأنها عبادة تنقسم إلى فرض ونفل فجاز ايقاع نفلها قبل فرضها كالصلاة ولأنه زمان لا يجب عليه الحج فرضا فجاز ايقاع نفله فيه كما بعد الحج وقال الشافعي يقع
عن حجة الاسلام وبه قال بن عمر وأنس وعن أحمد روايتان لأنه أحرم بالحج وعليه فرضه فوجب أن يقع عن فرضه كما لو كان مطلقا ونمنع أن عليه فرضه والفرق أن
النفل الفرض متنافيان فنية أحدهما ينافي نية الاخر ولا فعله لوقوع النفل بحسب النية بخلاف المطلق الذي هو جزء الفرض فنيته لا تنافى نية الفرض. مسألة.
لو نوى فاقد الاستطاعة حجا منذورا عليه أجزأه عن النذر عندنا لقوله (ع) الأعمال بالنيات وقال الشافعي تقع عن حجة الاسلام كذا الخلاف ولو مات وعليه
حجة الاسلام أخرى ومنذورة فاستوجر رجل ليحج عنه المنذورة فأحرم بها وقع عن النذر عندنا إذا استؤجر اخر ليحج حجة الاسلام أو لم يكن ذلك وقال الشافعي يقع عن حجة
الاسلام ولو كان عليه منذورة فأحرم بحجة التطوع قال الشافعي يقع عن المنذورة والوجه أن النذر إن تعلق بزمان معين لم يجز ايقاع التطوع فيه فإن
أوقعه بنية التطوع بطل ولم يجز عن المنذورة لعدم القصد وإن لم يتعلق بزمان معين لم يقع عن المنذورة أيضا لعدم القصد ولا عن التطوع لوجوب تقديم
النذر. مسألة. من حج عن غيره وصل ثواب ذلك إليه وحصل للحاج ثواب عظيم أيضا روى العامة عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال إذا حج الرجل عن والديه يقبل الله
منه ومنهما واستبشرت أرواحهما في السماء وكتب عبد الله براو عنه صلى الله عليه وآله إنه قال من حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار ومن طريق
400

الخاصة رواية معاوية بن عمار عن الصادق (ع) قال قلت له إن أبى قد حج وإن والدتي قد حجت وإن أخوى قد حجا وقد أردت أن أدخلهم في حجتي فإني قد أحببت أن يكونوا
معي فقال اجعلهم معك فإن الله عز وجل جاعل لهم حجا ولك أجرا بصلاتك إياهم وقال (ع) يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والعتق والاخبار في ذلك
كثيرة ولو كان الحج واجبا على أحدهما خاصة كان الأفضل الاتيان بالواجب عمن وجب عليه لان فيه إبراء الذمة وتخليصا من العذاب ولو لم يجب على أحدهما قيل ينبغي
أن يبدأ بالحج عن الام لما رواه أبو هريرة إن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من (قال أمك قال ثم من صح) قال أبوك. مسألة.
من وجب عليه الحج وفرط في أدائه مع قدرته ثم عجز من أدائه بنفسه أو بنائبه إن قلنا بوجوب الاستنابة وجب
عليه أن يوصى به لأنه حق واجب ودين ثابت فتجب الوصية به كغيره
من الديون قال الله تعال " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ولو لم يوص وجب على ورثته أن يخرجوا من صلب تركته ما يحج به عنه ولو كان له مال وديعة
عند غيره وعلم المستودع وجوب الحج في ذمته وعدم قيام الورثة به وجب عليه إخراج ما يحج به عنه ويدفع الفاضل إلى الورثة لأنه دين عليه فلا يسقط عن ذمته بموته
ولا يترك الوصية به وما رواه العامة من خبر الخثعمية ومن طريق الخاصة رواية سماعة بن مهران عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم يوص بها
وهو موسر فقال يحج عنه من صلب ماله لا يجوز غير ذلك وقال أبو حنيفة يسقط الحج بوفاته بمعنى أنه لا يفعل عنه بعد وفاته وحسابه على الله تعالى يلقاه والحج في ذمته
أما لو اوصى اخرج من الثلث ويكون تطوعا لا يسقط به الفرض وكذا نقول في الزكوات والكفارات وجزاء الصيد كل ذلك يسقط بوفاته فلا يفعل عنه بوجه. إذا
عرفت هذا فلو لم يوص بحجة الاسلام مع وجوبها عليه استؤجر من تركته على ما قلناه فإن لم يخلف شيئا استحب للورثة قضاؤنا عنه وكذا لو خلف مالا وتبرع
بعض الورثة أو أجنبي بقضائها عنه برئت ذمة الميت ولو لم يكن عليه حج واجب فأوصى أن يحج عنه تطوعا صحت الوصية وأخرجت من الثلث عند علمائنا لأنها عبادة
تصح الوصية بواجبها فتصح بمندوبها وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني بطلان الوصية. مسألة. لو أوصى أن يحج عنه ولم يعين المرات قال الشيخ ره وجب أن
يحج عنه ما بقى من ثلثه شئ والأقرب أن يقال إن علم منه قصد التكرار فالحق ما قاله الشيخ وإلا اكتفى بالمرة الواحدة لأصالة براء الذمة ولعدم اقتضاء الامر التكرار احتج
الشيخ بما رواه محمد بن الحسن بن أبي خالد قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل اوصى أن يحج عنه مبهما (مهما خ ل) قال يحج عنه ما بقى من ثلثه شئ وهو محمول على ما إذا علم منه قصد التكرار أو
نقول تقديره يحج عنه بحسب الوصية إما مرة واحده أو أكثر إذا بقى من ثلثه شئ يفي بالحجة الواحدة أو الازيد إذ الوصية تحمل على الثلث. مسألة. النذر والعهد
واليمين أسباب في وجوب الحج والعمرة إذا تعلقت بهما مع الشرايط السابقة بلا خلاف قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " وقال الله تعالى " ويوفون بالنذر " وإذا نذر
الحج في سنة معينة فأهمل مع قدرته كفر وقضى ومع عدم المكنة يقضى ولا كفارة ولو نذر المشي فيها فأخل بالصفة مع القدرة كفر وقضى ماشيا ومع العجز لا قضاء ولا كفارة
قال الشيخ (ره) إذا ركب مع العجز ساق بدنة كفارة لركوبه ومع أحد قولي الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد لما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت له رجل نذر
أن يمشى إلى بيت الله وعجز أن يمشى قال فليركب وليسق بدنة فإن ذلك يجزى عنه إذا عرف الله منه الجهد وهو محمول على الاستحباب لقول الباقر (ع) إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أخت
عقبة بن عامر بالركوب ولم يوجب عليها شيئا ولو كان واجبا لبينه. مسألة. لو نذر الحج لم تجب العمرة وكذا لو نذر العمرة لم يجب الحج
لأصالة البراءة أما لو نذر حج التمتع فإنه يجب عليه الحج وعمرة التمتع. الفصل الثالث. في العمرة. مسألة. العمرة واجبة كالحج على كل مكلف حصل له
شرايط الحج بأصل الشرع مرة واحدة في العمر كما سبق وتجزى عمرة التمتع عن المفردة إجماعا قال الصادق (ع) إذا تمتع الرجل بالعمرة فقد قضى ما عليه من فريضة العمرة وسأل
أحمد بن محمد بن أبي نصر الرضا (ع) عن العمرة أواجبة هي قال نعم (قلت فمن تمتع يجزى عنه قال نعم صح). إذا عرفت هذا فإذا أحرم الانسان بعمرة مفردة في غير أشهر الحج لم يجز له أن يقطع بها إلى الحج فإن
أراد التمتع اعتمر عمرة اخر في أشهر الحج وإن دخل مكة بعمرة مفردة في أشهر الحج جاز له أن ينقلها إلى عمرة التمتع ويقيم حتى يحج بل هو أفضل وإن لم ينقلها إلى التمتع وأتمها مفردة
جاز له أن يخرج إلى أهله من غير حج إذا لم يكن الحج واجبا عليه لقول الصادق (ع) في الصحيح لا بأس بالعمرة المفردة في أشهر الحج ثم يرجع إلى أهله أما لو اعتمر المتمتع فإنه يجب عليه الاتيان
بالحج لدخولها فيه. مسألة. جميع أوقات السنة صالح للمفردة لكن أفضل أوقاتها رجب وهي تلى الحج في الفضل لان معاوية بن عمار روي في الصحيح عن الصادق (ع) أي العمرة أفضل
عمرة في رجب أو عمرة في شهر رمضان فقال لا بل عمرة في رجب أفضل وتدرك فضيلة العمرة في رجب بإدراك إحرامها في آخر أيامه لقول الصادق (ع) في الصحيح إذا أحرمت وعليك
من رجب يوم وليلة فعمرتك رجبية ولا تكره العمرة في شئ من أوقات السنة لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال عمرة في شهر رمضان تعدل حجة وروى عنه إنه اعتمر في شوال وفي ذي
القعدة واعتمرت عايشه من التنعيم ليلة المحصب وهي الليلة التي يرجعون فيها من منى إلى مكة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) السنة إثنا عشر شهر الكل شهر عمرة و
بهذا قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يكره في خمسة أيام يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق لقول عايشه السنة كلها وقت للعمرة إلا خمسة أيام يوم عرفة ويوم النحر
وأيام التشريق ولأنها غير موقته فانقسم وقتها إلى مكروه وغيره كصلاة التطوع والحديث محمول على ما إذا كان متلبسا بإحرام الحج والفرق إن صلاة التطوع
كان فيها ما هو موقت بخلاف العمرة على أن اعتبار العمرة بالطواف المجرد أولي من اعتباره بالصلاة وقال أبو يوسف يكره في أربعة أيام (يوم صح) النحر وأيام التشريق. مسألة.
واختلف علمائنا في أقل ما يكون بين العمرتين فقال بعضهم لا قدر له بل يجوز في كل يوم لأنها عبادة متكررة غير مختصة بوقت فلا قدر لما بينهما كالصلاة ولما رواه
العامة عن عايشه إنها اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي صلى الله عليه وآله عمرة (مع قرانها وعمرة صح) بعد حجها وقال (ع) العمرة إلى العمرة كفاره لما بينهما وقال بعضهم يستحب في كل شهر عمرة واحدة وبه قال علي (ع) وبن عمر وبن
عباس وأنس وعايشة وعطا وطاوس وعكرمة والشافعي واحمد لما رواه العامة عن علي (ع) قال في كل شهر مرة (عمرة) ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في الصحيح كان علي (ع) يقول لكل
شهر عمرة وكره العمرة في السنة مرتين الحسن البصري وبن سيرين ومالك والنخعي لان النبي (ص) لم يفعله ولقول الباقر (ع) (في الصحيح صح) لا تكون عمرتان في سنة وعدم الفعل لا يدل على
الكراهة خصوصا مع نقلهم عن عايشه أمره (ع) به وقد روى ابن بابويه إن رسول الله صلى الله عليه وآله اعتمر ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة وحديث الباقر (ع) محمول على عمرة
التمتع. إذا عرفت هذا فيستحب أن يعتمر في كل عشرة أيام عمرة مع التمكن وبه قال عطا واحمد لأنها زيارة البيت فاستحب تكرارها في الشهر الواحد و
لان علي بن أبي حمزة سأل أبا الحسن عن رجل يدخل مكة في السنة المرة والمرتين والأربع كيف يصنع قال إذا دخل فليدخل ملبيا وإذا خرج فليخرج محلا قال ولكل
شهر عمرة فقلت (مكيف يكون أقل فقال يكون لكل عشرة أيام عمرة. مسألة. ميقات العمرة هو ميقات الجمع إن كان خارجا من المواقيت إذا قصد مكة أما أهل مكة أو من فرغ من صح)
الحج ثم أراد الاعتمار فإنه يخرج إلى أدنى الحل وينبغي أن يكون من أحد المواقيت التي وقتها النبي صلى الله عليه وآله للعمرة المبتولة وهي ثلاثة التنعيم والحديبية والجعرانة
وروى ابن بابويه إن النبي صلى الله عليه وآله اعتمر ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة عمرة أهل بها من عسفان وهي عمرة الحديبية وعمرة القضاء أحرم بها من الجحفة وعمرة أهل
401

فيها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطايف من غزاة خيبر. مسألة. صورة العمرة المفردة أن يحرم من الميقات الذي يسوغ له الاحرام منه ثم يدخل مكة فيطوف
ثم يصلى ركعتيه ثم يسعى بين الصفا والمروة ثم يقصر أو يحلق ثم يطوف طواف النساء ثم يصلى ركعتيه وقد أحل من كل شئ أحرم منه وهكذا عمرة التمتع إلا أنه لا يطوف
للنساء فيها ولا يصلى ركعتيه بل يحل من كل شئ أحرم منه عند التقصير وشرايط وجوب العمرة المفردة هي شرايط وجوب الحج ويجب في العمر مرة بأصل الشرع وقد تجب
باليمين والنذر والعهد والاستيجار والافساد والفوات والدخول إلى مكة مع انتفاء العذر وعدم تكرار الدخول ويتكرر وجوبها بتكرر السبب والفرق بينهما
وبين المتمتع بها (إن المتمتع به صح) إنما تجب على من ليس من حاضري المسجد الحرام ولا يصح فعلها ولا الاحرام بها إلا في أشهر الحج ويلزم فيها التقصير ولا يجوز الحلق فإن حلق رأسه لزم دم ولا
يجب فيها طواف النساء والمفردة تلزم حاضري المسجد الحرام وتصح في جميع أيام السنة ويجب فيها طواف النساء ويجوز فيها الحلق وتسقط المفردة مع الاتيان
بعمرة التمتع ولو أحرم بالمفردة ودخل مكة جاز أن ينوى التمتع ويلزمه دمه إذا كان في أشهر الحج ولو كان في غير أشهره لم يجز ولو دخل مكة متمتعا لم يجز له الخروج حتى
يأتي بالحج لأنه مرتبط به نعم لو خرج بحيث لا يحتاج إلى استيناف إحرام جاز ولو خرج فاستأنف عمرة تمتع بالأخيرة والحق في المفردة أفضل من التقصير فإذا فعل
أحدهما أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء فإذا طاف طواف النساء حللن له وطواف النساء واجب في العمرة المفردة على كل حاج من ذكر أو أنثى أو خنثى أو خصى
أو صبى ولا يجب في المفردة هدى فلو ساق هديا نحره قبل أن يحلق بفناء الكعبة بالموضع المعروف بالجزورة لقول الصادق (ع) في الصحيح من ساق هديا في عمرة فلينحره قبل أن
يحلق قال ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديا عند المنحر وهو بين الصفا والمروة وهي الجزورة ولو جامع قبل السعي فسدت عمرته ووجب عليه قضاؤها والكفارة
لقول الصادق (ع) في الرجل يعتمر عمرة مفردة ثم يطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى امرأته قبل أن يسعى بين الصفا والمروة فقال قد أفسد عمرته وعليه بدنة ويقيم
بمكة حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الميقات الذي وقته رسول الله (ص) لأهله فيحرم منه ويعتمر ولا يجوز لمن وجب عليه العمرة أن يعتمر عن غيره كالحج وينبغي
إذا أحرم المعتمر أن يذكر في دعائه إنه محرم بالعمرة المفردة فإذا دخل الحرم قطع التلبية. الفصل الرابع. في التوابع والمزار وفيه بحثان
الأول في التوابع. مسألة. من أحدث حدثا في غير الحرم فالتجأ إلى الحرم ضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيقام عليه الحد لقوله تعالى " من دخله كان آمنا.
ولو أحدث في الحرم قوبل بالجناية فيه لأنه هتك حرمته فيقابل بفعله ولما رواه معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت له رجل قتل رجلا في الحل ثم دخل
الحرم قال لا يقتل ولكن لا يطعم ولا يسعى ولا يبايع ولا يؤدى (حتى يخرج صح) من الحرم فيؤخذ فيقام عليه الحد قال قلت فرجل قتل رجلا في الحرم وسرق في الحرم فقال يقام عليه الحد
وصغار له لأنه لم ير للحرم حرمة وقد قال الله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " يعنى في الحرم وقال ولا عدوان إلا على الظالمين وفي الصحيح عن الحلبي
قال سألت أبا عبد الله صلى الله عليه وآله عن قول الله عز وجل " ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب اليم " فقال كل الظلم فيه إلحاد حتى لو ضربت خادمك ظلما خشيت أن يكون إلحادا فلذلك
كان الفقهاء يكرهون سكنى مكة. مسألة. يكره لأهل مكة منع الحاج شيئا من دورها ومنازلها لما روى عن الصادق (ع) في الصحيح إنه ذكره هذه الآية " سواء العاكف
فيه والباد " فقالت كانت مكة ليس على شئ منها باب وكان أول من علق على بابها المصراعين معاوية بن أبي سفيان وليس ينبغي لاحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور و
منازلها (ويكره أن يرفع أحد بناء فوق الكعبة احتراما للبيت قال الباقر (ع) في الصحيح لا ينبغي لاحد أن يرفع بناءه فوق الكعبة. مسألة. لا يجوز أخذ لقطة الحرم عرفها سنة فإن جاء صاحبها دفعها إليه وإلا تخير بين الحفظ لصاحبها دائما كما يحفظ الوديعة
وبين الصدقة بها عن صاحبها (بشرط الضمان إن لم يرض صاحبها صح) بالصدقة لان الفضيل بن يسار سأل الباقر (ع) عن لقطة الحرم فقال لا تمس أبدا حتى يجئ صاحبها فيأخذها قلت فإن كان له مال كثير قال
فإن لم يأخذها إلا مثلك فليعرفها وسأل على ابن أبي حمزة العبد الصالح (ع) عن رجل وجد دينارا في الحرم فأخذه قال بئس ما صنع ما كان ينبغي له أن يأخذه قلت ابتلى بذلك
قال يعرفه قلت فإنه قد عرفه فلم يجد له باغيا قال فليرجع به إلى بلده فيتصدق به على أهل بيته من المسلمين فإن جاء طالبه فهو له ضامن ولان الصدقة تصرف في مال الغير بغير إذنه
فيكون ضامنا له وللشيخ (ره) قول آخر إنه لا يضمن مع الصدقة وأما لقطة غير الحرم فإنها تعرف سنة فإن جاء صاحبها أخذها وإلا فهي كسبيل ماله لان يعقوب بن شعيب سأل
الصادق (ع) عن اللقطة ونحن يومئذ بمنى فقال أما بأرضنا هذه فلا يصلح وأما عندكم فإن صاحبها الذي يجدها يعرفها سنة في كل مجمع ثم هي كسبيل ماله. مسألة.
يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالات وهي التي تغتدى بعذرة الانسان خاصة لأنها محرمة فكره الحج عليها ولقول الباقر (ع) ان عليا (ع) كان يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالة وتكره
الصلاة في أربعة مواطن في طريق مكة البيداء وضجنان وذات الصلاصل ووادي الشقرة قال الصادق (ع) إنه تكره الصلاة في ثلاثة أمكنة من الطريق البيداء وهي ذات
الجيش وذات الصلاصل وضجنان قال ولا بأس أن يصلي بين الظواهر وهي الجواد جواد الطريق ويكره أن يصلى في الجواد. مسألة. ان يستحب أن يبدأ الحاج على طريق
العراق بزيارت النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة حذرا من العايق وسأل عيص بن القاسم الصادق (ع) في الصحيح عن الحاج (من الكوفة صح) يبدأ بالمدينة أفضل أو بمكة قال بالمدينة. إذا عرفت هذا
فلو ترك الناس الحج أجبرهم الإمام (ع) عليه لوجوبه ولو تركوا زيارة النبي صلى الله عليه وآله قال الشيخ (ره) يجبرهم الامام عليها ومنعه بعض علمائنا لأنها مستحبة فلا يجب اجبارهم عليها والوجه
ما قاله الشيخ ره لما فيه من الجفاء المحرم. مسألة. يستحب للمسافر الاتمام في حرمه مكة وحرم المدينة وجامع الكوفة والحاير على ساكنه السلام وإن لم ينو المقام
عشرة أيام لان عبد الرحمن بن الحجاج سأل الصادق في الصحيح عن التمام بمكة والمدينة قال أتم وإن لم تصل فيهما إلا صلاة واحدة وقال الصادق (ع) من مخزون علم
الله الاتمام في أربعة مواطن حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين وحرم الحسين (ع). مسألة. من جعل جاريته أو عبده هديا لبيت الله تعالى بيع وصرف
في الحاج والزايرين لان علي بن جعفر سأل الكاظم عن رجل جعل (جاريته صح) هديا للكعبة قال مر مناديا أن يقوم على الحجر فينادى ألا من قصرت نفقته أو قطع به أو نفد طعامه
فليأت فلان ابن فلان وأمره أن يعطى أولا فأولا حتى ينفذ ثمن الجارية ويستحب لمن انصرف من الحج العزم على العود وسؤال الله تعالى ذلك لأنه من الطاعات الجليلة
والعزم عليها طاعة ويكره ترك العزم روى محمد بن أبي حمزه (رفعه قال صح) من خرج من مكة وهو لا يريد العود إليها فقد قرب أجله ودنى عذابه ويستحب الدعاء للقادم من مكة
بالمنقول وينبغي الحاج انتظار الحايض حتى تقضى مناسكها قال الكاظم (ع) أميران وليسا بأميرين صاحب الجنازة ليس لمن يتبعها أن يرجع حتى يأذن له وامرأة حجت
مع قوم فاعتلت بالحيض فليس لهم أن يرجعوا ويدعوها حتى يأذن لهم. مسائل الأولى الطواف للمجاور بمكة أفضل من الصلاة ما لم يجاوز ثلاث سنين
فإن جاورها أو كان من أهل مكة كانت الصلاة أفضل لقول الصادق (ع) في الصحيح إذا أقام الرجل بمكة سنة فالطواف أفضل وإن أقام سنتين خلط من هذا وهذا
فإذا أقام ثلاث سنين فالصلاة أفضل الثانية ينبغي لأهل مكة أن يتشبهوا بالمحرمين في ترك لبس المخيط لأنه شعار المسلمين في ذلك الوقت والمكان ولقول
الصادق (ع) لا ينبغي لأهل مكة أن يلبسوا القميص وأن يتشبهوا بالمحرمين شعثا غبرا وقال ينبغي للسلطان أن يأخذهم بذلك الثالثة الأيام المعدودات
402

(عشر ذي الحجة والمعلومات أيام التشريق قال الصادق (ع) في الصحيح قال أبى قال علي (ع) اذكروا الله في أيام معدودات قال صح) عشر ذي الحجة
وأيام معلومات قال أيام التشريق الرابعة يستحب للنساء دخول الكعبة وليس متأكدا كما في الرجال لان الصادق (ع) سئل في الصحيح عن دخول النساء الكعبة
فقال ليس عليهن فإن فعلن فهو أفضل الخامسة يكره المجاورة بمكة ويستحب الخروج منها بعد أداء المناسك لقول الباقر (ع) في الصحيح لا ينبغي للرجل أن يقيم بمكة
سنة قلت كيف يصنع قال يتحول عنها السادسة لا ينبغي للموسر المتمكن أن يترك الحج أكثر من خمس سنين لأنه طاعة عظيمة قال الصادق (ع) من مضت له خمس سنين
فلم يعد إلى ربه وهو موسر إنه لمحروم وقال إسحاق بن عمار للصادق (ع) إن رجلا استشار الصادق (ع) في الحج وكان ضعيف الحال فأشرت عليه أن لا يحج قال ما أخلقك أن تمرض قال فمرضت سنة
السابعة يكره الخروج من الحرمين بعد ارتفاع النهار قبل أن يصلى الظهرين بهما لان إبراهيم بن عبد الحميد قال سمعته يقول من خرج من الحرمين بعد ارتفاع
النهار قبل ان يصلى الظهر والعصر نودي من خلفه لا صحبك الله الثامنة من أخرج شيئا من حصى المسجد كان عليه رده لان زيد الشحام سأل الصادق (ع)
اخرج من المسجد في ثوبي قال تردها واطرحها في مسجد ولقول الصادق (ع) في الصحيح ليس ينبغي لاحد أن يأخذ من تربة ما حول البيت وإن أخذ من ذلك
شيئا رده وأما ثياب الكعبة فقد روى الشيخ إنه ينبغي لمن أن يصل إليه أن يتخذها للمصاحف أو الصبيان أو المخدة للبركة وعن عبد الملك بن عتبه قال سألت الصادق
عن شئ يصل إلينا من ثياب الكعبة هل يصلح لنا ان نلبس شيئا منها فقال يصلح للصبيان والمصاحف والمخدة ينبغي بذلك البركة إن شاء الله التاسعة يستحب
الطواف عن رسول الله وعن الأئمة وعن فاطمة (عه) للرواية وكذا يستحب عن المؤمنين الاحياء والأموات العاشرة لو حج المؤمن ثم ارتد صح حجه ولم يجب
إعادته لقول الباقر في الموثق من كان (مؤمنا صح) فحج وعمل في إيمانه خيرا ثم أصابته في ايمانه فتنة فكفر ثم تاب وامن يحسب له كل عمل صالح عمله في ايمانه ولا يبطل شئ منه الحادية عشره
يجب تقديم الاختتان على البالغ على الحج لقول الصادق (ع) في الرجل الذي يسلم ويريد أن يختتن وقد حضر الحج أيحج أو يختن قال لا يحج حتى يختتن الثانية عشرة يجوز القران
في طواف النافلة روى زرارة في الصحيح قال طفت مع الباقر (ع) ثلاثة عشر أسبوعا قرنها جميعا وهو آخذ بيدي ثم خرج فتنحى ناحية فصلى ستا وعشرين ركعة وصليت معه
الثالث عشرة يستحب طواف ثلثمائة وستين أسبوعا روى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع) قال يستحب أن تطوف ثلثمائة وستين أسبوعا عدد أيام السنة
وإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف الرابع عشرة يستحب الشرب من ماء زمزم واهداؤه لقول الباقر (ع) كان النبي صلى الله عليه وآله يستهدى من ماء زمزم وهو بالمدينة. البحث
الثاني. في المزار مقدمة يشترط في الزيارات كلها النية لأنها عبادة وتستحب الطهارة والغسل والتنظيف والثياب الطاهرة والخضوع والدعاء بالمنقول
. مسألة. يستحب زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله قال رسول الله (ص) من زار قبري بعد موتى كمن هاجر إلى في حياتي فإن لم تستطيعوا فابعثوا إلى بالسلام فإنه يبلغني ويستحب
أن يزوره بالمنقول فإذا فرغ من زيارته أتى المنبر فمسحه ومسح رمانية وأن يصلى بين القبر (والمنبر صح) ركعتين للرواية ويسأل الله حاجته ثم يأتي مقام جبرائيل وهو تحت الميزاب
ويدعو بالمنقول وداعه عند الخروج من المدينة بالمنقول ويستحب الاكثار من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله قال الصادق (ع) صل ثمان ركعات عند زوال الشمس فإن رسول الله
قال الصلاة في مسجدي كألف في غيره إلا المسجد الحرام فإن صلاة في المسجد الحرام تعدل ألف صلاة في مسجدي ويستحب لمن أقام بالمدينة ثلاثة أيام أن يصومها
للحاجة ويكون معتكفا فيها ويكون الأربعاء والخميس والجمعة ويصلى ليلة الأربعاء عند أسطوانة (أبى لبابة وهي أسطوانة صح) التوبة ويقيم عندها يوم الأربعاء ويأتي ليلة الخميس الأسطوانة
التي تلى مقام رسول الله ومصلاه ويصلى عندها ويصلى ليلة الجمعة عند مقام النبي صلى الله عليه وآله ويستحب لمن جاء إلى المدينة النزول بالمعرس والاستراحة فيه والصلاة اقتداء
برسول الله ويستحب إتيان المساجد كلها بالمدينة مثل مسجد قبا ومشربة أم إبراهيم ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح ومسجد الفضيخ وقبور الشهداء كلهم خصوصا
قبر حمزة بأحد قال الصادق (ع) في الصحيح بلغنا أن رسول الله (ص) كان إذا أتى قبور الشهداء قال السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وسأل عقبه بن خالد الصادق (ع)
إنا نأتى المساجد التي حول المدينة فبأيها ابدأ فقال إبدأ بقبا فصل فيه وأكثر فإنه أول مسجد صلى فيه ورسول الله صلى الله عليه وآله في هذه العرصة ثم ائت مشربة أم إبراهيم فصل فيه هو
مسكن رسول الله صلى الله عليه وآله ومصلاه ثم مسجد الفضيخ فتصلى فيه وقد صلى فيه نبيك فإذا قضيت هذا الجانب أتيت جانب أحد فبدأت بالمسجد الذي دون الحرة فصليت
فيه ثم مررت بقبر حمزة بن عبد المطلب فسلمت عليه ثم مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت السلام عليكم يا أهل الديار أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون ثم يأتي
المسجد الذي في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن يمينك حتى تدخل أحدا فتصلى فيه فعنده خرج النبي (ص) إلى أحد حيث لقى المشركين فلم يرموا حتى حضرت الصلاة فصلى فيه
ثم مر أيضا حتى ترجع فتصلي عند قبور الشهداء ما كتب الله لك ثم امض على وجهك حتى تأتى مسجد الأحزاب فتصلى فيه وتدعو به فإن رسول الله دعا فيه يوم الأحزاب وقال
يا صريخ المكروبين ويا مجيب المضطرين ويا مغيث المهمومين اكشف همى (وكربي صح) وغمى فقد ترى حالي وحال أصحابي ويستحب الصلاة في مسجد غدير خم قال الصادق يستحب الصلاة
في مسجد الغدير لان النبي صلى الله عليه وآله أقام فيه أمير المؤمنين (ع) وهو موضع أظهر الله فيه الحق. مسألة. يستحب زيارة فاطمة (ع) فقد روى الشيخ (ره) بإسناده عنها (ع) قالت أخبرني أبي
وهو ذا هو أنه من سلم عليه وعلى ثلاثة أيام أوجب الله له الجنة قلت لها في حياته وحياتك قالت نعم وبعد موتنا
واختلف في موضع قبرها فقيل في الروضة بين القبر والمنبر
وقيل في بيتها فلما زاد بنوا أمية في المسجد صار من جملة المسجد وقيل إنها مدفونة في البقيع قال الشيخ (ره) الروايتان الأوليان متقاربتان وأما من قال إنها دفنت
بالبقيع فبعيد من الصواب قال بن بابويه الصحيح عندي إنها دفنت في بيتها ويستحب الزيارة بالمنقول خصوصا ما روى الشيخ (ره) إنها مروية لفاطمة (عه) عن
محمد العريضي قال حدثني أبو جعفر ذات يوم قال إذا صرت إلى قبر جدتك فقل يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل ان يخلقك فوجدك لما امتحنك به صابرة وزعمنا إنا
لك أولياء ومصدقون وصابرون لكل ما أتانا به أبوك (ع) فإنا نسألك إن كنا صدقناك إلا ألحقتنا بتصديقنا بهما لنبشر أنفسنا بأنا قد طهرنا
بولايتهم (بولايتك). مسألة. يستحب زيارة قبر أمير المؤمنين (ع) لقول الصادق (ع) لعبد الله بن طلحة ما تزور قبر أبى حسين قلت بلى أنا لنأيته قال أتأتونه كل جمعة قلت لا قال
فتأتونه في كل شهر قلت لا قال ما أجفاكم أن زيارته تعدل حجة وعمرة وزيارة أبى علي (ع) تعدل حجتين وعمرتين ويستحب الزيارة بالمنقول والوداع به. مسألة.
يستحب زيارة قبر أبى محمد الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وآله للحسين (ع) من زارني حيا أو ميتا أو زار (أباك حيا أو ميتار أو زار) أخاك حيا أو ميتا أو زارك حيا أو ميتا كان حقا على (على أن استنقذه صح) على الله أن يستنقذه
يوم القيمة ويستحب الزيارة بالمنقول والوداع به. مسألة. يستحب زيارة الحسين (ع) لقول الباقر (ع) مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين (ع) فإن إتيانه يزيد في الرزق
ويمد في العمر ويدفع مواقع السوء وإتيانه مفترض على كل مؤمن يقر بالإمامة من الله وعن الكاظم (ع) قال من أتى قبر الحسين (ع) في السنة ثلاث مرات آمن من الفقر
ويستحب زيارته في يوم عرفه وفي أول يوم من رجب ونصفه ونصف شعبان وليلة القدر وليلة الفطر وليلة الأضحى ويوم عاشوراء ويوم العشرين من صفر وفي كل شهر للروايات
المتواترة فيه ويستحب الزيارة بالمنقول والوداع به. مسألة. يستحب زيارة الأئمة (على) بالبقيع وفي ضريح واحد أربعة منهم الحسن بن علي (وعلى ابن الحسين صح) زين العابدين
403

ومحمد بن علي الباقر (ع) وجعفر بن محمد الصادق (ع) من زارني غفرت له ذنوبه ولم يمت فقيرا وتستحب زيارتهم بالمنقول والوداع به. مسألة. يستحب زيارة الإمام موسى
بن جعفر الكاظم (ع) ببغداد في المقبرة المعروفة بمقابر قريش قال الحسن بن علي الوشا سألت الرضا (ع) عن زيارة قبر (أبى الحسن مثل زيارة قبر الحسين صح) قال نعم وكذا تستحب زيارة محمد بن علي الجواد (ع)
ببغداد عند قبر جده الكاظم (ع) قال إبراهيم بن عقبة كتبت إلى أبى الحسن الثالث (ع) أسأله عن زيارة أبى عبد الله (ع) وزيارة أبى الحسن (ع) وأبى جعفر (ع) فكتب إلى أبو عبد الله المقدم
وهذا أجمع وأعظم أجرا ويستحب زيارتهما (ع) بالمنقول والوداع لهما به. مسألة. يستحب زيارة مولانا الإمام علي بن موسى الرضا (ع) لان علي بن مهزيار سأل في
الصحيح أبا جعفر (ع) جعلت فداك زيارة الرضا (ع) أفضل أم زيارة أبى عبد الله الحسين قال زيارة أبى أفضل وذلك إن أبا عبد الله يزوره كل الناس وأبى لا يزوره إلا
الخواص من الشيعة وقال الرضا (ع) من زارني على بعد داري ومزاري أتيته يوم القيمة في ثلاثة مواطن حتى اختصه من أهوالها إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا وعند
الصراط وعند الميزان ويستحب زيارته بالمنقول والوداع به. مسألة. يستحب زيارة الامام أبى الحسن علي بن محمد الهادي (ع) وولده الإمام محمد أبى الحسن بن علي العسكري (ع) قال أبو هاشم الجعفري قال
أبو محمد الحسن بن علي (ع) قبري بسر من رأى أمان لأهل الجانبين ويستحب زيارتهما بالمنقول والوداع به. مسألة. يستحب زيارة مولانا الإمام المنتظر
القائم محمد بن الحسن (ع) بسر من رأى بالمنقول ووداعة قال المفيد (ره) إذا أردت زيارة الامامين بسر من رأى بالمنقول ووداعة فقف بظاهر الشباك قال الشيخ
الطوسي (ره) الذي ذكره الشيخ من المنع من دخول الدار هو الأحوط فإن الدار (ملك الغير صح) فلا يجوز التصرف فيها إلا بإذنه ولو أن أحدا يدخلها لم يكن
مأثوما خصوصا إذا تأول في ذلك ما روى عنهم (على) من أنهم جعلوا شيعتهم في حل من مالهم ذلك على عمومه. مسألة.
يستحب زيارة سلمان الفارسي رضي الله عنه بالمنقول وزيارة نواب الإمام المنتظر (ع) كعثمان بن سعيد والسمري
وكذا يستحب زيارة المؤمنين روى محمد بن أحمد بن يحيى في الصحيح قال مشيت مع ابن بلال إلى قبر محمد بن إسماعيل بن
بزيع قال فقال لي علي بن بلال قال صاحب هذا القبر عن الرضا (ع) من أتى قبر أخيه المؤمن من أي ناحية يضع
يده وقرأ إنا أنزلناه سبع مرات أمن من الفزع الأكبر وقال أبو الحسن (ع) من لم يقدر على زيارتنا
فليزر صالحي إخوانه يكتب له ثواب زيارتنا ومن لم يقدر أن يصلنا فليصل صالحي إخوانه يكتب له ثواب صلتنا
قال عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال مررت مع أبي جعفر (ع) بالبقيع فمررنا بقبر رجل
من أهل الكوفة من الشيعة فقلت لأبي جعفر (ع) جعلت
فداك هذا قبر رجل من الشيعة قال فوقف عليه ثم قال اللهم
ارحم غربته وصل وحدته وأنس وحشته واسكن إليه
من رحمتك رحمة يستغنى بها عن رحمة من سواك
وألحقه بمن كان يتولاه ثم قرأ أنزلناه سبع مرات
والزيارات وكيفيتها طويله لها كتب منفردة
نقلها علمائنا رضي عنهم فلتطلب
من هناك تم الكتاب الحج ويتلوه
الجهاد إن شاء الله تعالى وقد فرغ
من كتابته في عصر يوم الأحد
سابع عشر شهر رجب
المرجب سنة 1074
وصلى الله عليه
وآله صلوا
عليه وسلموا
تسليما
كثيرا
كثيرا
404

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
كتاب الجهاد وفيه فصول الأول فيمن يجب عليه. مسألة. الجهاد واجب بالنص والاجماع قال الله تعالى " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " وقال الله تعالى
" فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها وفيه فصل كثير قال بن مسعود سألت النبي صلى الله عليه وآله أي الأعمال أفضل قال
الصلاة لوقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين (قلت ثم صح) أي قال الجهاد في سبيل الله ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إن النبي صلى الله عليه وآله قال فوق ذي كل بر بر حتى يقتل في سبيل الله (فإذا قتل في سبيل الله صح) فليس فوقه
بر وفوق كل ذي عقوق حتى يقتل أحد والديه فليس فوقه عقوق ولا خلاف بين المسلمين في وجوبه ووجوبه على الكفاية عند عامة أهل العلم لقوله تعالى " لا يستوى القاعدون
من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى " وهو يدل
على سقوط الذنب بتركه وحكى عن سعيد بن المسيب إنه واجب على الأعيان لقوله تعالى " فانفروا خفافا وثقالا " وهي محمولة على ما إذا استقرهم الامام لقول رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا استنفرتم فانفروا ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث السرايا ويقيم هو وأصحابه ومعنى وجوبه على الكفاية أن الخطاب به عام على جميع الناس فإذا أقام به قوم تحصل الكفاية بجهادهم
سقط عن الباقين وفروض الكفايات كثيرة مذكورة في مواضعها كل مهم ديني يريد الشرع حصوله ولا يقصد به عين من يتولاه ومن جملته إقامة الحجج العلمية والجواب عن
الشبهات والامر بالمعروف والنهى عن المنكر على خلاف يأتي والصناعات المهمة كالخياطة والنساجة والبناء وأشباهها ودفع الضرار عن المسلمين والقضاء وتحمل
الشهادة وتجهيز الموتى وإنقاذ الغرقى ورد السلام. مسألة. يتعين الجهاد في مواضع ثلاثة - آ إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان حرم على من حضر الانصراف و
تعين عليه الثبات لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار الآية - ب - إذا نزل بالبلد الكفار تعين على أهله قتالهم ودفعهم - ج -
إذا استنفر الامام قوما وجب النفر معه لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض. مسألة. الجهاد واجب في زمان (دون زمان صح) وفي مكان دون
مكان فأما الزمان فجميع أيام السنة ما عدا الأشهر الحرم لقوله تعالى " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين " وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب فلا يبدأ المسلمون
فيها بالقتال لمن يرى لها حرمة وأما المكان فجميع البقاع إلا الحرم لقوله تعالى " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم " وقال بعض الناس من
العامة إن ذلك منسوخ بجواز القتال في كل وقت ومكان لقوله تعالى " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وبعث النبي صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد إلى الطايف في ذي القعدة وأصحابنا قالوا
إن حكم ذلك باق فيمن يرى لهذه الأشهر والمحرم حرمة والعام قد يخص بغيره. مسألة. أوجب الله تعالى في كتابه الهجرة عن بلاد الشرك بقوله تعالى " إن الذين توفاهم الملائكة
ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " والناس في الهجرة على أقسام ثلاثة الأول من تجب عليه
وهو من مكان مستضعفا من المسلمين بين الكفار لا يمكنه إظهار دينه ولا عذر لهم من وجود عجز عن نفقه وراحلة الثاني من لا تجب عليه الهجرة من بلاد الكفار لكن يستحب
لهم وهو كل من كان من المسلمين ذا عشيرة ورهط تحميه عن المشركين ويمكنه إظهار دينه والقيام بواجبه ويكون آمنا على نفسه كالعباس وإنما استحب له المهاجرة لئلا يكثر سواد
المشركين الثالث من تسقط عنه الهجرة لأجل عذر من مرض أو ضعف أو عدم نفقة فلا جناح عليه لقوله تعالى " إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان "
لانهم بمنزلة المكرهين والهجرة باقية أبدا ما دام الشرك باقيا لما روي عنه (ع) إنه قال لا ينقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا ينقطع التوبة حتى تطلع
الشمس من مغربها وقوله (ع) لا هجرة بعد الفتح محمول على الهجرة من مكة لأنها صارت دار الاسلام أبدا ولا هجرة بعد الفتح فاضلة كفضلها قبل الفتح لقوله تعالى " لا يستوى
منكم من أنفق من قبل الفتح الآية. مسألة. يشترط في وجوب الجهاد أمور ستة البلوغ والعقل والحرية والذكورة والسلامة من الضرر ووجود النفقة وليس الاسلام عندنا
شرطا لوجوب شئ من فروع العبادات وإن كان شرطا في صحتها خلافا لأبي حنيفة والبلوغ والعقل شرطان لوجوب ساير الفروع قال بن عمر عرضت على رسول الله صلى الله عليه وآله
يوم أحد وأنا بن أربع عشرة فلم يجزني في المقاتلة والعبد لا يملك نفسه وهو مشغول بخدمة مولاه وقد روى إن النبي صلى الله عليه وآله كان يبايع الحر على الاسلام والجهاد ويبايع العبد
على الاسلام دون الجهاد ولافتقار المجاهد إلى مال يملكه بحيث يصرفه في نفقته وزاده وحمله وسلاحه لا يملك شيئا فهو أسوء حالا من الفقير والنساء لا يجب عليهن
الجهاد لضعفهن عن القيام ولهذا لا يسهم لهن ولا يجب على الخنثى المشكل لعدم العلم بذكوريته فلا يجب مع الشك في شرطه والمراد من السلامة من الضرر السلامة من
المرض والعمى والعرج قال الله تعال ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا يسقط عن الأعور ولا عمن عرجه يسير يتمكن معه من الركوب والمشي من
غير مشقه ولا عمن مرضه يسير لا يمنعه عنها كوجع الضرس والصداع اليسير وإنما يسقط عن ذي العرج الفاحش والمرض الكثير وأما وجود النفقة فهو شرط لقوله تعالى " ليس
على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج " ويشترط في النفقة الكفاية له ولعايلته مدة غيبته ووجود سلاح يقاتل به وراحلة إن احتاج
إليها لقوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه ولو أخرج الامام معه العبيد بإذن ساداتهم والنساء والصبيان جاز الانتفاع بهم في سقى
الماء والطبخ ومداواة الجرحى وكان النبي صلى الله عليه وآله يخرج معه أم سليم وغيرها من نساء الأنصار ولا يخرج المجنون لعدم النفع به. مسألة وأقل ما يفعل الجهاد في كل عام
مرة واحدة قال الله تعالى " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " أوجب بعد انسلاخ الأشهر الحرم الجهاد والأصل عدم التكرار ولان الجزية تجب
على أهل الذمة في كل عام وهي بدل عن النصرة فكذلك مبدلها وهو الجهاد ولان تركهم أكثر من ذلك يوجب تقويتهم وتسلطهم فيجب في كل عام إلا من العذر مثل أن يكون المسلمون
في ضعف في عدد أو عدة ثم ينتظر الامام مددا يستعين به أو يكون في الطريق مانع أو عدم عطف يحتاجون إليه أو عدم ماء أو يحسن رأى العدو في الاسلام ويطمع في
إسلامهم إن أخر قتالهم ونحو ذلك مما يرى المصلحة معه بترك القتال فيجوز تركه بهدنة وغير هدنة فقد صالح النبي صلى الله عليه وآله قريشا عشر سنين وأخر قتالهم حتى نقضوا عهده و
أخر قتال قبائل من العرب بغير هدنة ولو احتاج الامام إلى القتال في عام أكثر من مرة وجب ذلك لأنه فرض كفاية فوجب منه ما دعت الحاجة إليه. مسألة. الغزو
في البحر أفضل من الغزو في البر لما فيه من عظم المشقة وكثرة الخطر فإنه بين خطر العدو وخطر الغرق ولا يتمكن من الفرار إلا مع أصحابه وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال شهيد
البحر مثل شهيد البر وقتال أهل الكتاب أفضل من قتال غيرهم وقد روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لام خلاد إن ابنك له أجر شهيدين قالت ولم ذلك يا رسول الله قال
لأنه قتله أهل الكتاب والأولى أن يبدأ بقتال من يلي دار الاسلام لقوله تعالى " قاتلوا الذين يلونكم من الكفار إلا أن يكون الخوف من الابعد أكثر فيبدأ بهم والجهاد في ابتداء
الاسلام لم يكن واجبا بل منعهم الله تعالى منه وأمر المسلمين بالصبر على أذى الكفار والاحتمال منهم على ما قال تعالى " لتبلون في أموالكم وأنفسكم " إلى قوله " وأن تصبروا أو تتقوا
فان ذلك من عزم الأمور " ثم لما قويت شوكة الاسلام أذن الله تعالى في قتال من يقاتل فقال وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ثم أباح إبتداء القتال في غير الأشهر
405

الحرم ثم أمر به من غير شرط في حق من لا يرى حرمة للحرم والأشهر الحرم بقوله تعالى " واقتلوهم حيث ثقفتموهم " وكان فرض الجهاد في المدينة على الكفاية في ابتداء الوجوب
عندنا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إنه كان فرض عين وأما بعد النبي صلى الله عليه وآله فالكفار إن كانوا قاطنين في بلادهم غير قاصدين لقتال المسلمين فالجهاد لهم فرض كفاية
لا فرض عين وإلا لتعطلت المعايش والكفاية تحصل بشيئين أحدهما أن يبعث الامام في كل ثغر جماعة يقومون بحرب من ازائهم من الكفار ويحصل بهم القصد من امتناع
دخولهم إلينا وينبغي أن يحتاط بأحكام الحصون وحفر الخنادق ونحوها ويرتب في كل ناحية أميرا قيما بأمور الجهاد وحراسة المسلمين والثاني أن يدخل دار الكفار غازيا
بنفسه أو يبعث جيشا يؤمر عليهم من فيه كفاية اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله حيث كان يبعث السرايا والجيوش وأقله في كل سنة مرة وما زاد فهو أفضل وقال بعض الشافعية
تجب إدامته بحسب الامكان بحيث لا يبقى إلا مسلم أو مسالم وليس بجيد لان الغالب إن الأموال والعدد لا توفى في تجهيز الجيوش أكثر من مرة واحدة في السنة ولان النبي صلى الله عليه وآله فعل ذلك
فإن غزاة بدر كانت في السنة الثانية من الهجرة وغزاة أحد في الثالثة وغزاة ذات الرقاع في الرابعة وغزاة الخندق في الخامسة وغزاة بنى المصطلق في السادسة وفتح
خيبر في السابعة وفتح مكة في الثامنة وغزاة تبوك في التاسعة وإن لم يستقر الكفار في بلادهم بل قصدوا بلدة من بلد المسلمين قاصدين لها فالوجه إن الوجوب لا
يتعين وصفه بل يكون فرض كفاية وهو أحد وجهي الشافعية فإن أقام به البعض والأوجب على الأعيان ويستوى في ذلك الغنى والفقير والحر والعبد ولا يحتاج إلى
إذن سيده والثاني إنه فرض عين فإن حصلت المقاومة من غير مرافقة العبيد فللشافعية قولان أحدهما إن الحكم كذلك لتقوى القلوب ويعظم الشوكة وتشد النكاية
في الكفار والثاني إنه لا ينحل الحجر عنه لان في الأحرار غنية عنهم ولو أحوج الحال إلى الاستعانة بالنساء وجب ولو لم يتمكن أهل البلد من التأهب والتجمع فمن وقف
عليه كافرا وكفار وعلم أنه يقتل وجب عليه المدافعة عن نفسه بقدر ما يمكنه سواء الذكر والأنثى والحر والعبد السليم والأعمى والأعرج ولو لم يعلم القتل بل جوز
السلامة وأن يوسران استسلم وإن امتنع قتل وجب عليه الاستسلام فإن الأسر يحتمل معه الخلاص ولو امتدت الأيدي إلى المرأة وجب عليها الدفع وإن قتلت
لان المكره على الزنا لا تحل له المطاوعة والبلاد القريبة من تلك البلدة يجب عليهم النفور إليها مع عجز أهلها لا مع عدم العجز وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
إنه يجب وأما البلاد البعيدة فإن احتيج إلى مساعدتهم وجب عليهم النفور وإلا فلا وللشافعية وجهان أحدهما عدم الوجوب على من بعد مسافة القصر ويجب على
الأقربين فالأقربين إلى أن يكفوا ويأمن أهل البلدة وينبغي للأقربين التثبيت إلى لحوق الآخرين مع احتمال الحال ذلك ولا يشترط وجدان الركوب فيمن يكون بلده
دون مسافة القصر مع قدرته وأما من بعد إلى مسافة القصر فللشافعية وجهان عدم الاشتراط لشدة الخطب وثبوته كالحج وكذا الوجهان في اشتراط الزاد
. مسألة. لو نزل الكفار في خراب أو على جبل في دار الاسلام بعيد عن البلدان احتمل مساواته لنزولهم في البلد لأنه من دار الاسلام وعدمه لان الديار يشرف بسكون
المسلمين وللشافعية وجهان ولو أسروا مسلما أو جماعة من المسلمين فالوجه إنه كدخول دار الاسلام لان سبب حرمة دار الاسلام حرمة المسلمين فالاستيلاء
على المسلمين أعظم من الاستيلاء على دارهم ويحتمل المنع لان أعداد الجيش وتجهيز الجند لواحد يقع في الأسر بعيد وللشافعية وجهان ولو كانوا على القرب من دار الاسلام
وتوقعنا استخلاص الاسراء لو مشينا إليهم وجب ولو توغلوا في دار الكفر ولم يمكن التسارع إليهم انتظرنا الامكان. مسألة. الجهاد قسمان أحدهما
أن يكون للدعاء إلى الاسلام ولا يجوز إلا بإذن الإمام العادل أو من نصبه لذلك عند علمائنا أجمع لأنه أعرف بشرايط الدعاء وما يدعوهم إليه من التكاليف
دون غيره قال بشير قلت للصادق (ع) رأيت في المنام إني قلت لك إن القتال مع غير الامام المفروض طاعته حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير فقلت نعم
هو كذلك فقال الصادق (ع) هو كذلك هو كذلك وقال احمد يجب مع كل إمام بر وفاجر لرواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الجهاد واجب عليكم مع كل إمام
برا كان أو فاجرا وهو محمول على القسم الثاني من نوعي الجهاد مع أن أبا هريرة طعن في حديثه ولهذا أدبه عمر على كثرة حديثه ولولا التهمة في حديثه لما فعل
عمر به ذلك خصوصا مع معارضته للكتاب العزيز حيث يقول ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار والفاجر ظالم ووجوب هذا القسم على الكفاية على
ما تقدم فينبغي للامام أو نائبه اعتماد النصفه بينهم فلا يكرر الغزو على قوم دون قوم والثاني إن يدهم المسلمين العدو فيجب على الأعيان عند
قوم وعلى الكفاية عند آخرين وقد سبق. مسألة. قد عرفت أن رد السلام واجب على الكفاية على الجماعة وهو فرض عين على الواحد فابتداؤه مستحب
ولا يستحب على المصلى عند بعض الشافعية ولا على من يقضى حاجته ولا في الحمام ولو أجاب الجميع دفعة واحدة كانوا مؤدين فرض كفاية كما يلحقهم الذم بأجمعهم
لو تركوا ولو تعاقبوا فالوجه إن الفرض يسقط بالأول وقال بعض الشافعية إن المتأخر يكون مؤديا لفرض كفاية وليس بجيد ولو سلم (على شخص أو جماعة فرد عليه غيرهم
لم يسقط الفرض عمن سلم عليه وابتداء السلام سنة على الكفاية ولو سلم واحد من جماعة على واحد من جماعة أخرى كفى ذلك لإقامة السنة ولو سلم صح) في بعض الأحوال اللتي لا
يستحب فيها السلام فالوجه وجوب الرد عملا بالعموم خلافا للشافعية وإذا سلم على المصلى وجب عليه الجواب وقالت الشافعية لا يجب حتى يفرغ من الصلاة
ويجوز أن يجيب في الصلاة بالإشارة وعندنا يجب بمثل ما سلم عليه فيقول في الجواب السلام عليكم ولا يقول عليكم السلام وأما من يقضى الحاجة فالقرب منه
ومكالمته بعيد عن الأدب والمروة وأما الحمام فإنه موضع التنظيف والدلك فلا تليق التحية بحالهم والمشغول بالاكل إن كانت اللقمة في فيه واحتاج في المضغ والبلع
إلى زمان يمنعه عن الجواب لم يسن التسليم عليه وأما بعد الابتلاع وقبل وضع لقمه أخرى في فمه فلا منع وبعض الشافعية منع مطلقا وبعضهم سوغه مطلقا ولا
يمنع المعامل وقت المعاملة والمساومة من التسليم عليه لان أغلب أحوال الناس ذلك ولابد في السلام وجوابه من
رفع الصوت بقدر ما يحصل به السماع وصيغته
السلام عليكم (ويقوم مقامه سلام عليكم صح) ولو قال عليكم السلام لم يكن مسلما إنما هي صيغة جواب ويراعى صيغة الجمع وإن كان السلام على واحد خطابا له ولو أخل بصيغة الجمع حصل أصل
السنة وصيغة الجواب وعليكم السلام ولو قال وعليك السلام للواحد جاز ولو ترك حرف العطف وقال عليكم السلام فهو جواب خلافا لبعض الشافعية ولو تلاقى
اثنان فسلم واحد منهما على الاخر وجب على كل واحد منهما جواب الاخر ولا يحصل الجواب بالسلام وإن ترتب السلامان ولو قال المجيب وعليك ففي كونه جوابا نظر من حيث
إنه لا تعرض للسلام فيه ومن حيث إنه يكون جوابا للعطف ورجوعا إلى قول السلام ولو قال عليكم لم يكن جوابا وكمال السلام أن يقول السلام عليكم ورحمة الله و
بركاته وكمال الجواب أن يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وينبغي أن يكون الجواب متصلا بالسلام ليعد جوابا له كما في قبول الايجاب في العقود ولو ناداه
من وراء ستر أو حايط وقال السلام عليكم يا فلان أو كتب كتابا وسلم فيه عليه أو أرسل رسولا فقال سلم على فلان فبلغه الكتاب والرسالة قال بعض الشافعية
يجب عليه الجواب لان تحية الغائب إنما تكون بالمناداة أو الكتاب أو الرسالة وقد قال تعالى " وإذا حييتم " الآية والوجه إن سمع النداء وجب الجواب وإلا فلا وما يعتاده الناس
من السلام عند القيام ومفارقة الجماعة دعاء لا تحية يستحب الجواب عنه ولا يجب ويكره أن يخص طائفة من الجميع بالسلام ولو سلم عليه جماعة فقال وعليك السلام
406

وقصد الرد عليهم جميعا جاز وسقط الفرض في حق الجميع ويستحب أن يسلم الراكب على الماشي والقائم على الجالس والطايفة القليلة على الكثيرة ولا يكره أن يبتدئ
الماشي والجالس ولو سلم على الأصم أتى باللفظ لقدرته وأشار باليد ليحصل الافهام ولو لم يضم الإشارة لم يستحق الجواب وكذا في جواب الأصم ينبغي أن يجمع
بين اللفظ والإشارة وسلام الأخرس بالإشارة معتد به وكذا رده السلام ولا يجب على الصبى رد السلام لأنه ليس مكلفا ولو سلم جماعة فيهم صبى فرد الصبى
لم تسقط الفرض بجوابه ولو سلم الصبى فالأقرب وجوب الرد عليه وهو أحد وجهي الشافعية وسلام النساء على النساء كسلام الرجال على الرجال ولو سلم رجل على امرأة
وبالعكس فإن كان ههنا زوجية أو محرمية أو كانت عجوزا خارجة عن ظنة الفتنة ثبت استحقاق الجواب وإلا فلا ويستحب لمن دخل دار نفسه أن يسلم على أهله وكذا
من دخل مسجدا أو بيتا لا أحد فيه يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يسلم على أهل الذمة ابتداء ولو سلم عليه ذمي أو من لم يعرفه فبأن ذميا رد بغير
السلام بأن يقول هداك الله أو أنعم الله صباحك أو أطال الله بقاك ولو رد بالسلام لم يزد في الجواب على قوله وعليك والتحية بتقبيل اليد وانحناء الظهر لا أصل
له في الشرع لكن لا يمنع الذمي من تعظيم المسلم بهما ولا يكره التعظيم بهما لزهد وعلم وكبر سن وروى إن أعرابيا قعد عند رسول الله صلى الله عليه وآله فاستحسن كلامه فاستاذنه في أن يقبل
وجهه فاذن له ثم استأذنه أن يقبل يده فأذن له ثم استأذنه في أن يسجد له فلم يأذن له يستحب المسافحة ويكره للداخل أن يطمع في قيام القوم لكن يستحب لهم أن
يكرموه والأقرب جواز السلام بالفارسية. مسألة. روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال حق المؤمن على المؤمن ست أن يسلم عليه إذا لقيه وأن يجبيه إذا دعاه و
أن يسمته إذا عطس وأن يعوده (إذا مرض وأن يشيع جنازته صح) إذا مات وأن لا يظن فيه الأخير أو استحباب التسميت على الكفاية وإنما يستحب إذا قال العاطس الحمد لله فيقول المسمت له يرحمك الله
وما شابهه ويكرر التسمية إذا تكرر العطس إلا أن يكون لمرض فيقول عافاك الله ويستحب للعاطس أن يجيب فيقول يغفر الله لك وشبه ولا يجب الجواب هنا بخلاف رد
السلام لان التسميت إنما هو للعاطس ولا عطاس فالمسمت والتحية تشمل الطرفين ويستحب زيارة القادم ومعانقته فإن رسول الله صلى الله عليه وآله عانق جعفرا (ره) لما قدم
من الحبشة. مسألة. يسقط فرض الجهاد بالعجز وهو قسمان حسي كالمرض والفقر والصبي والجنون والأنوثة والعرج المانع من المشي سواء قدر على الركوب أو لا لان
الدابة قد تهلك وللشافعية وجه إن العرج لا يؤثر في حق الراكب مع قدرته على الركوب ولبس بشئ ولا فرق بين أن يكون العرج في رجل واحدة أو في الرجلين معا
وقال أبو حنيفة لا أثر للعرج في رجل واحدة ولا جهاد على الاقطع والأشل لعدم تمكنهما من الضرب والاتقاء ومفقود معظم الأصابع كالأقطع ولا يسقط عن الأعشى
وضعيف البصر إذا كان يدرك الشخص ويمكنه أن يتقى السلاح ويسقط عن الفقير وهو الذي لا يجد ما ينفق في طريقه ذهابا وعودا ولا ما يركب عليه ويشترط نفقة
أهله وعياله ذهابا وعودا ومن لا أهل له ولا عشيرة لا يشترط في حقه نفقة الإياب أيضا وقال بعض الشافعية لا يشترط لان سفر الغزو سفر الموت وهو
غلط (لان الغالب في الظاهر الإياب ولان وجود ذلك معه يوجب له نشاطا وقوة صح) ولو كان القتال على رأس البلد أو قريبا منه لم يشترط نفقة الطريق ويجب إشراط الراحلة مع الحاج يجب أن يكون جميع ذلك فاضلا عن نفقة (من يلزمه نفقته صح) ولا يشترط أمر
الطريق من طلايع الكفار لأنا مأمورون بقتالهم ولو كان من متلصصي المسلمين فللشافعية وجهان أحدهما أنه يمنع الوجوب كما في الحج وأصحهما إنه لا يمنع
لان قتال المتلصص أهم واولى ولو بذل للفقير ما يحتاج إليه لم يجب القبول إلا أن يكون الباذل الامام فعليه أن يقبل ويجاهد لان ما يأخذه من الامام حقه و
الذمي لا يكلف الخروج إلا مع الحاجة لأنه بذل الجزية لنذب عنه لا لنذب عنا. القسم الثاني. المانع الشرعي مع القدرة وأقسامه ثلاثة الأول الرق فلا
يجب على العبد وإن أمره سيده فإنه ليس من أهل الجهاد والملك لا يقتضى التعرض للهلاك وليس القتال من الاستخدام المستحق للسيد على العبد ولا يلزمه الذب
عن سيده عند الخوف على روحه إذا لم يجب الدفع عن الغير بل السيد في ذلك كالأجانب نعم للسيد استصحابه في سفر الجهاد وغيره ليخدمه ويسوس دوابه ويحفظ
متاعه والمدبر والمكاتب والمحرر بعضه كالقن الثاني الدين فلا يجب على من عليه دين حال لمسلم أو ذمي الخروج إلى الجهاد مع قدرته على الدين إلا بإذن رب الدين
وله منعه منه لان مطالبة تتوجه عليه والحبس إن امتنع من أدائه ولان الدين فرض متعين عليه فلا يترك بفرض الكفاية ولو كان معسرا فالوجه إنه ليس له منعه من
الجهاد لأنه لا مطالبة له عليه في الحال وهو أحد قولي الشافعية ومذهب مالك والثاني المنع لأنه يرجوا اليسار فيؤدى وفي الجهاد خطر الهلاك ولو استناب المديون
من يقضى الدين من مال حاضر فله الخروج لان صاحب الدين يصل إلى حقه في الحال أما لو أمره بالقضاء من مال غائب فإنه لا يجوز له الخروج بغير إذنه لأنه قد لا
يصل إليه وإذا أذن رب المال في الخروج جاز له ولحق بأصحاب فرض الكفاية وهو أحد قولي الشافعية ولو كان الدين مؤجلا فليس لصاحبه منعه من الخروج كما ليس
له منعه من الاسفار وهو أحد قولي الشافعية وقول مالك والثاني إن له منعه وبه قال احمد لان الجهاد يقصد فيه
الشهادة التي تفوت بها النفس فيفوت الحق
بفواتها وروى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا يكفر عنى خطاياي قال نعم إلا الدين فإن جبرئيل (ع)
قال لي ذلك وفوات النفس غير معلوم ولا دلاله في الحديث على المطلوب وللشافعية طريقة أخرى هي أنه إن لم يخلف وفاء فليس له الخروج إلا بإذن رب الدين و
إن خلف فوجهان لأنه قد يتلف ولا يصل إلى رب الدين ولبعضهم وجه آخران كان الاجل يدوم إلى أن يرجع فلا منع وإن كان يحل قبل أن يرجع فوجهان وهل
يشترط ركوب البحر كسفر الجهاد قال بعض الشافعية نعم لخطره وليس بجيد لان راكب البحر يغلب السلامة ويطلب الغنيمة والغازي يعرض نفسه للشهادة الثالث
الأبوة فمن كان له أبوان مسلمان أو أحدهما ليس له الجهاد إلا بإذنهما أو بإذن الحي منهما سواء الأب والام في ذلك وهو قول عامة أهل العلم لما رواه بن عباس
عن النبي (ص) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أجاهد فقال ألك أبوان قال نعم قال ففيهما فجاهد وفي رواية جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبواي
يبكيان فقال إرجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وهاجر رجل إلى رسول الله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله هل لك باليمن أحد قال نعم أبواي قال أذنا لك قال لا قال
فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما ولان الجهاد فرض كفاية وبر الوالدين فرض عين فيقدم وهو بشرط الاسلام ولو كانا مشركين أو الحي منهما
لم يفتقر إلى إذنهما وبه قال الشافعي واحمد للتهمة الظاهرة بالميل إلى ملته في الكفر وكان ولد عبد الله بن أبي سلول يغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومعلوم أن أباه كان يكره
ذلك فإنه كان يخذل الأجانب ويمنعهم عن الجهاد وكذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا يجاهدون وفيهم من له أبوان كافران من غير استيذانهما منهم أبو بكر وأبو
حذيفة بن عتبة بن ربيعة كان مع النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر وأبوه رئيس المشركين يومئذ قتل ببدر وأبو عبيدة قتل أباه في الجهاد فأنزل الله تعالى " لا تجد قوما " الآية
وقال الثوري لا يغزوا إلا بإذنهما لعموم الاخبار وهو مخصوص بما قلناه. فروع. الأول لو كان أبواه رقيقين فعموم كلام الشيخ يقتضى اعتبار إذنهما
للعموم ولأنهما مسلمان فأشبها الحرين ويحتمل عدم اعتبار إذنهما لانتفاء ولايتهما الثاني لو كانا مجنونين فلا عبرة بإذنهما الثالث هل الجدان كالأبوين
407

الأقرب ذلك وللشافعية وجهان ولو كان الجدان مع الأبوين ففي اشتراط إذن الجد مع الأب والجدة مع الام إشكال ينشأ من أن القريب يحجب البعيد ومن أن البر إلى البعيد
لا يخص بحالة فقدان القريب الرابع لو تعين الجهاد عليه لم يعتبر إذن الأبوين ولا غيرهما من أصحاب الدين والسيد وكذلك كل الفرايض لا طاعة لهما
في تركها كالصلاة والحج لأنه عبادة تعينت عليه فلا يعتبر إذن الأبوين فيها قوله تعالى " ولله على الناس حج البيت " ولم يشترط إذن الأبوين الخامس لو أذن أبواه
في الغزو وشرطا عليه ترك القتال فحضر تعين عليه وسقط شرطهما وبه قال الأوزاعي واحمد وبن المنذر لأنه صار واجبا فلم يبق لهما في تركه طاعة ولو خرج
بغير إذنهما فحضر القتال ثم بدا له الرجوع لم يجز له ذلك السادس ليس للأبوين من سفر (الحج صح) الواجب لأنه على الفور وليس الخوف فيه كالخوف في الغزو
وللشافعي قول إن لهما المنع لان الحج على التراخي وبر الوالدين على الفور والصغرى ممنوعة وكذا ليس لهما المنع من سفره في طلب العلم الواجب عليه ولا يجب عليه
استيذانهما كالحج ولو كان فرض كفاية بأن خرج طالبا لدرجة الفتوى وفي بلده من يشتغل بالفتوى إحتمل أن لهما المنع لتعين البر عليه وعدمه لبعد الحجر على المكلف وحبسه
ولو لم يكن (هناك من صح) يشتغل بالفتوى لكن خرج مع جماعة لذلك فالأقرب عدم الاحتياج إلى الاذن لأنه لم يوجد في الحال من يقوم بالغرض والخارجون معه قد لا يحصل لهم المقصود
ولو لم يخرج معه أحد لم يفتقر إلى الاذن لأنه يؤدى فرضا كما لو خرج لغزو تعين عليه ولو أمكنه العلم في بلده فإن توقع في سفر زيادة فراغ أو إرشاد أستاذ احتمل عدم افتقاره
إلى الاذن وأما سفر التجارة فإن كان قصيرا لم يمنع منه وإن كان طويلا وفيه خوف اشترط إذنهما وإلا احتمل ذلك تحرزا من تأذيهما ولان لهما منعه من حجة التطوع مع
أنه عبادة فيكون منعهما في المباح أولي وعدمه لأنه بامتناعه ينقطع عن معاشه ويضطرب أمره والأقرب إن الأب الكافر كالمسلم في هذه الاسفار بخلاف سفر
الجهاد في الرقيق لشمول معنى البر والشفقة السابع لو خرج للجهاد بإذن صاحب الدين أو الأبوين ثم رجعوا وكان الأبوان كافرين فأسلما بعد خروجه من غير إذن
وعلم بالحال فإن لم يشرع في القتال ولم يحضر الرفقة بعد فإنه ينصرف إلا إذا خاف على نفسه أو ماله أو خاف من انصراف كسر المسلمين ولو لم يمكنه الانصراف للخوف وأمكنه
الإقامة في قرية في الطريق إلى أن يرجع جيش المسلمين لزمه أن يقيم لان غرض الراجعين عن الاذن أن لا يقاتل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني عدم الوجوب لما يناله
من وحشة مفارقة الرفقة وإبطال أهبه الجهاد عليه ولو كان الرجوع بعد الشروع في القتال احتمل وجوب الرجوع لان حق الراجعين عن الاذن أولي بالرعاية لأنه
فرض عين والجهاد فرض كفاية ولان حقهم أسبق ولان حق الآدمي مبنى على المضايقة فهو أولي بالمحافظة وعدمه لوجوب الثبات على من حضر القتال قوله تعالى " إذا
لقيتم فئة فاثبتوا " ولأنه ربما يكسر قلوب المسلمين ويشوش الجهاد وللشافعي قولان ولبعض أصحابه فرق بين رجوع الأبوين وصاحب الدين لعظم شأن الدين والاحتياط
للمظالم الثامن من اشترط عليه الاستيذان لو خرج بغير إذنه لزمه الانصراف ما لم يشرع في القتال لأنه سفر معصية إلا أن يخاف على نفسه أو ماله فإن شرع
في القتال فللشافعية وجهان وهذه الصورة أولي بوجوب الانصراف لان ابتداء الخروج كان معصية ولو خرج العبد بغير إذن سيده لزمه الرجوع ما لم يحضر الوقعة
فإن حضر فللشافعية قولان ولو مرض الحر بعد خروجه أو عرج أو فنى زاده أو هلكت دابته تخير بين الانصراف والمضى ما لم يحضر الوقعة ولو حضر الوقعة لزمه الثبات للآية و
هو أحد قولي الشافعي والثاني إنه يجوز الرجوع لعدم تمكنه من القتال والوجه أن يقال إن كان الانصراف لا يورث إعلالا وتخاذلا في الجند جاز وإلا فلا ولو أمكنه
القتال راجلا بعد موت الدابة في الوقعة وجب وإلا فلا كذا إذا انقطع سلاحه وانكسر في الوقعة وأمكنه القتال بالحجارة وجب وإلا فلا وحيث سوغنا الانصراف
لرجوع رب الدين أو الأبوين على (عن) الاذن أو لمرض ونحوه ليس للسلطان منعه إلا أن يتفق ذلك لجماعة وكان يخاف من إنصرافهم الخلل في المسلمين ولو انصرف لذهابه
نفقة أو هلاك دابة ثم قدر على النفقة والدابة في بلاد الكفر فعليه أن يرجع إلى المجاهدين وإن كان قد فارق بلاد الكفر قال الشافعي لم يلزمه الرجوع إليهم ولو خرج للجهاد وبه
عذر من مرض وغيره ثم زال عذره وصار من أهل فرض الجهاد لم يجز له الرجوع عن الغزو وكذا لو حدث العذر وزال قبل أن ينصرف التاسع من شرع في القتال
ولا عذر له تلزمه المصابرة ويحرم الانصراف لما فيه من التخذيل وكسر قلوب المجاهدين وطالب العلم إذا اشتغل بالتعلم وأنس الرشد من نفسه هل يحرم عليه الرجوع
يحتمل ذلك لأنه فرض كفاية شرع فيه فيلزمه بالشروع والأقرب المنع لان الشروع لا يغير حكم المشروع فيه بخلاف الجهاد لان في الرجوع تخذيل المجاهدين وكسر قلوبهم و
ترك التعلم ليس فيه ذلك ولان كل مسألة مطلوبة برأسها منقطعه عن غيرها وليست العلوم كالخصلة الواحدة بخلاف الجهاد وفي وجوب إتمام صلاة الجنازة
بالشروع وجهان أحدهما عدمه كالشروع في التطوع لا يلزمه به إتمامه ووجوبه لان الصلاة كالخصلة الواحدة ولما في الرجوع من هتك حرمة الميت. مسألة.
العلم إما فرض عين أو فرض كفاية أو مستحب أو حرام فالأول العلم بإثبات الصانع تعالى وصفاته وما يجب له ويمتنع عليه ونبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وثبوت عصمته و
إمامة من تجب إمامته وما تجب له ويمتنع عليه والمعاد ولا يكفي في ذلك التقليد بل لابد من العلم المستند إلى الأدلة والبراهين ولا يجب على الأعيان دفع الشبهات
فيها وذلك إنما يتم بعلم الكلام وقالت الشافعية العلم المترجم بعلم الكلام ليس بفرض عين وما كان الصحابة يشتغلون به والثاني العلم بالفقه وفروع الاحكام
وعلم أصول الفقه وكيفية الاستدلال والبراهين والنحو واللغة والتصريف والتعمق في أصول الدين بحيث يقدر على دفع شبهة المبطلين والقيام بجواب الشبهة ورد
العقايد الفاسدة وعلم أصول الفقه وعلم الحديث ومعرفة الرجال بالعدالة وضدها والانتهاء في معرفة الاحكام إلى أن يصلح للافتاء والقضاء ولا يكفي المفتى الواحد
في البلد لعسر مراجعته على جميع الناس وعلم الطب للحاجة إليه والمعالجة وعلم الحساب للاحتياج إليه في المعاملات وقسم الوصايا والمواريث ومن حصل له شبهه وجب عليه
السعي في حلها والمستحب الزيادة على ما يجب على الكفاية في كل علم والحرام ما اشتمل على وجه قبح كعلم الفلسفة لغير النقض وعلم الموثيقى؟ وغير ذلك مما نهى الشرع عن تعلمه
كالسحر وعلم القيافة والكهنة وغيرها. مسألة. قد عرفت من شرط الجهاد دعاء الإمام العادل إليه ولو كان الجهاد للدفع وجب مطلقا سواء كان هناك إمام أو لا و
لو كان الامام جايرا جاز القيام معه إذا قصد الدفع عن نفسه وعن المؤمنين كما لو كان المسلم في دار الكفر بأمان ودهمهم عدو وخشي على نفسه وجب عليه مساعدتهم في دفعه
لما رواه طلحة بن زيد عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل دخل أرض الحرب بأمان فغزى القوم الذين دخل عليهم قوم آخرون قال على المسلم أن يمنع عن نفسه وماله ويقاتل
على (حكم الله وحكم رسوله وإما أن يقاتل الكفار على صح) حكم الجور وسننهم فلا يحل له ذلك وكذا كل من خاف على نفسه يجب عليه الجهاد ومن خاف على ماله يجوز له الجهاد إذا غلب السلامة على ظنه. مسألة. لا يجب على من وجب
عليه الجهاد ايقاعه مباشرة إلا أن يعينه الامام للخروج فتحرم عليه الاستنابة بأجرة وغيرها ولا يجوز له حينئذ أن يغزو بجعل فإن أخذ جعلا رده على صاحبه ولو لم يعينه لم تجب
المباشرة بل يجوز أن يستنيب غيره بإجارة أو غيرها وتكون الإجارة صحيحة ولا يلزم المستأجر رد الأجرة عند علمائنا لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله من جهز غازيا كان له
كمثل أجره ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) ان عليا (ع) سئل عن الاجعال للغزو فقال لا بأس به أن يغزو الرجل عن الرجل ويأخذ منه الجعل ولان الضرورة قد تدعو إليه فكان
408

سايغا كغيره وقال الشافعي لا ينعقد الإجارة ويجب عليه رد الأجرة إلى صاحبها لتعين الجهاد عليه عليه بحضوره الصف فلا يجوز أخذ الأجرة عليه وينقص بالحج فإنه إذا حضر
مكة تعين عليه الاحرام ومع هذا جاز أن يقع الاحرام المتعين عليه من غيره فكذا هنا وقال عطا ومجاهد وسعيد بن المسيب من أعطا شيئا من المال يستعين به في الغزو
فإن أعطى لغزوة بعينها فما فضل بعد الغزو فهو له لأنه أعطاه على سبيل الإعانة والنفقة لا سبيل الإجارة فكان الفاضل له وإن أعطاه شيئا لينفقه في الجهاد مطلقا
ففضل منه فضل أنفقه في جهاد اخر لأنه أعطاه الجميع لينفقه في جهة قربة فلزمه إنفاق الجميع فهيا وإذا أعطى شيئا ليستعين به في الغزو فلا يترك لأهله منه شيئا قال احمد لأنه ليس يملكه
إلا أن يصير إلى رأس مغزاه فيكون كهيئة ماله فيبعث إلى عياله منه ولا يتصرف فيه قبل الخروج لئلا يتخلف عن الغزو فلا يكون مستحقا لما أنفقه إلا أن يشتري منه سلاحا
أو آلة غزو وإذا حمل رجلا على دابة عارية فإذا رجع من الغزو فهي له إلا أن يقول هي حبس فلا يجوز بيعها إلا مع عدم صلاحيتها للغزو فتباع وتجعل في جنس اخر قال احمد و
كذلك المسجد إذا ضاق بأهله أو كان في مكان لا ينتفع به (جاز بيعه وجعل ثمنه في مكان ينتفع به صح) وكذا الأضحية إذا أبدلها بخير منها ولو أعطاه إياه ليغزو عليها فإذا غزى عليها قال احمد ملكه كما تملك النفقة
المدفوعة إليه ويصنع شيئا ما شاء وكان مالك لا يرى أن ينتفع بثمنها في غير الغزو وليس للغازي أن يركب دواب السبيل في حوايجه بل يركبها ويستعملها في الغزو وسهم الفرس
الحبيس لمن غزى عليه وكره بعضهم إنزاء الفرس الحبيس ولا يباع الفرس الحبيس إلا من علة إذا عطب يصير للطحن ويصرف ثمنه في مثله أو ينفق ثمنه على الدواب الحبيس ولا يجوز لمن
وجب عليه الجهاد بتعيين الامام أو بنذر المباشرة أن يجاهد عن غيره بجعل فإن فعل وقع عنه ووجب عليه رد الجعل إلى صاحبه قال الشيخ (ره) للنائب ثواب الجهاد
وللمستأجر ثواب النفقة وأما ما يأخذه أهل الديوان من الأرزاق فليس أجرة بل يجاهدون لأنفسهم ويأخذون حقا جعله الله لهم فإذا كانوا أرصدوا أنفسهم للقتال و
أقاموا في الثغور فهم أهل الفئ لهم سهم من الفئ يدفع إليهم وإن كانوا مقيمين في بلادهم يغزون إذا حقوا فهم أهل الصدقات يدفع إليهم سهم منها ويستحب
إعانة المجاهدين وفي مساعدتهم فضل عظيم من السلطان والعوام وكل أحد روى الباقر (ع) عن رسول الله صلى الله عليه وآله (قال من بلغ رسالته صح) غاز كمن أعتق رقبة وهو شريكه. البحث الثاني.
فيمن يجب جهاده وكيفية الجهاد وفيه مباحث الأول من يجب جهاده مسألة الذين يجب جهادهم قسمان مسلمون خرجوا عن طاعة الامام وبغوا
عليه وكفار وهم قسمان أهل كتاب أو شبهة كتاب كاليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من أصناف الكفار كالدهرية وعباد الأوثان والنيران ومنكري ما يعلم
ثبوته من الدين ضرورة كالفلاسفة وغيرهم قال الله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحديهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى
حتى تفئ إلى أمر الله " قال تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا
الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " وقال تعالى " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " وقال فضرب الرقاب دلت هذه الآيات على وجوب جهاد الأصناف والسابقة
وروى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال من اعطى إماما صفقة يده وثمرة قلبه فليعطه ما استطاع فإن جاء اخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر وكان (ع) يقول لمن يبعثه على جيش
أو سرية إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال فأيهم أجابوا إليها فاقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى الاسلام فإن أجابوك فدعهم وكف عنهم
فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) بعث الله محمدا صلى الله عليه وآله
بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلا أن تضع الحرب أو زارها (ولن تضع الحرب أو زارها صح) حتى تطلع الشمس من مغربها فيومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل وسيف منها
مكفوف وسيف منها مغمود سله إلى غيرنا وحكمه إلينا وأما السيوف الثلاثة الشاهرة فسيف على مشركي العرب قال الله تعالى " اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل
أو الدخول في الاسلام والسيف الثاني على أهل الذمة قال الله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر " الآية فهؤلاء لا يقبل منه إلا الجزية أو القتل والسيف
الثالث سيف على مشركي العجم يعنى الترك والخزر والديلم قال الله تعالى " فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم " فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الاسلام ولا يحل
لنا نكاحهم ما داموا في الحرب وأما السيف المكفوف على أهل البغى والتأويل قال الله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما إلى قوله حتى
تفئ إلى أمر الله " فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي صلى الله عليه وآله من هو قال هو خاصف النعل
يعنى أمير المؤمنين (ع) قال عمار بن ياسر قاتلت هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثا وهذه الرابعة والله لو ضربونا حتى يبلغونا السعفات من هجر لعلمنا
إنا على الحق وإنهم على الباطل الحديث. مسألة. كل من يجب جهاده فالواجب على المسلمين النفور إليهم إما لكفهم أو لنقلهم إلى الاسلام فإن بدؤا بالقتال
وجب جهادهم وإنما يجب قتال من يطلب إسلامه بعد دعائهم إلى محاسن الاسلام والتزامهم بشرايعه فإن فعلوا ذلك وإلا قوتلوا والداعي إنما هو الامام أو من نصبه
قال أمير المؤمنين بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليمن فقال يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه وأيم الله لئن يهدى الله على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس
وغربت ولك ولاؤه يا علي وإنما يشترط تقدم الدعاء في حق من لم تبلغه الدعوة ولا عرف بعثة الرسول فيدعوهم إلى الاسلام ومحاسنه وإظهار الشهادتين والاقرار بالتوحيد
والعدل والنبوة والإمامة وأصول العبادات وجميع شرايع الاسلام فإن أجابوا وإلا قتلوا لقوله (ع) يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه أما من بلغته الدعوة وعرف البعثة
ولم يقر بالاسلام فيجوز قتالهم ابتداء من غير دعاء لأنه معلوم عندهم حيث بلغتهم دعوة النبي صلى الله عليه وآله وعلموا أنه يدعوهم إلى الايمان وإن من لم يقبل منه قاتله ومن قبل منه
امنه فهؤلاء حرب للمسلمين يجوز قتالهم إبتداء فإن النبي صلى الله عليه وآله أغار على بنى المصطلق وهم غارون آمنون وابلهم تسقى على الماء وقال سلمة بن الأكوع أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله فغزونا
أناسا من المشركين فسبيناهم والدعاء أفضل لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر عليا (ع) حين أعطاه الراية يوم خيبر وبعثه إلى قتالهم إن يدعوهم وقد بلغتهم الدعوة ودعا
سلمان أهل فارس ودعا علي (ع) عمرو بن ود العامري فلم يسلم مع بلوغه الدعوة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لما بعث النبي صلى الله عليه وآله عليا (ع) إلى اليمن قال يا علي لا تقاتل
أحدا حتى تدعوه وهو عام ولو بدر انسان فقتل واحدا من الكفار قبل بلوغ الدعوة إليه أساء ولا قود عليه ولا دية للأصل وبه قال أبو حنيفة واحمد وهو قياس قول
مالك وقال الشافعي يجب ضمانه لأنه كافر اصلى محقون الدم لحرمته فوجب ضمانه كالذمي والفرق إن الذمي التزم قبول الجزية فحرم قتله أما هنا فلم يعلم ذلك
منه فلا يجب له الضمان لأنه كافر لا عهد له كالحربي. مسألة. أصناف الكفار ثلاثة أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى لهم التورية والإنجيل فهؤلاء يطلب
منهم إما الاسلام أو الجزية فإن لم يسلموا وبذلوا الجزية حرم قتالهم إجماعا لقوله تعالى " قاتلوا إلى قوله حتى يعطوا الجزية " ومن له شبهة كتاب وهم المجوس كان (لهم صح) نبي قتلوه وكتاب
حرقوه وحكمهم حكم أهل الذمة إجماعا إن أسلموا وإلا طلب منهم الجزية فإن بذلوها كف عنهم وأقروا على دينهم وإلا قتلوا قال علي (ع) سنوا بهم سنة أهل الكتاب
ومن لا كتاب له ولا شبهة كعباد الأوثان وغيرهم ممن عدا أهل الكتاب والمجوس فإنه لا يقبل منهم إلا الاسلام خاصة ولو بذلوا الجزية لم تقبل منهم عند علمائنا
409

كافة وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لقوله تعالى " قاتلوا المشركين كافة " وقوله (ع) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله خرج منه القسمان الأولان
فيبقى الباقي على أصله ولان قوله (ع) في المجوس سنوا بهم سنة أهل الكتاب يقتضى تخصيص أهل الكتاب بأخذ الجزية إذ لو شاركهم غيرهم لم تختص الإضافة بهم ولان
كفر من عدا الثلاثة أشد لانكارهم الصانع تعالى وجميع الرسل ولم تكن لهم شبهة كتاب فلا يساوون من له كتاب واعترف بالله تعالى كالمرتد وقال أبو حنيفة يقبل من عبدة الأوثان
من العجم الجزية ولا يقبل من العرب إلا الاسلام وهو رواية عن أحمد لانهم يقرون على دينهم بالاسترقاق فيقروا بالجزية كأهل الكتاب والمجوس وقال مالك الحربية تقبل من جميع
الكفار إلا كفار قريش لان النبي صلى الله عليه وآله كان يوصى من يبعث من الامراء بالدعاء إلى ثلاث خصال من جملتها الجزية وهو عام في جميع الكفار ونمنع إقرارهم على دينهم بالاسترقاق
والامر بقبول الجزية مخصوص بأهل الذمة. إذا عرفت هذا فإن كان الكفار ممن لا يؤخذ منهم الجزية عن الأمير (عليهم السلام صح) فإن أسلموا حقنوا دمائهم وأموالهم وإن أبوا قاتلهم
وسبى ذراريهم ونساءهم وغنم أموالهم وقسمها على ما يأتي وإن كانوا ممن يؤخذ منهم الجزية دعاهم إلى الاسلام فإن أجابوا كف عنهم وإن أبوا دعاهم إلى إعطاء الجزية فإن
بذلوا قبل منهم الجزية وإن امتنعوا قاتلهم وسبى ذراريهم ونسائهم وغنم أموالهم وقسمها على المستحقين. البحث الثاني. في الجند. مسألة. إذا عين
الامام شخصا للجهاد معه وجب عليه طاعته وحرم عليه التخلف عنه سواء وجب عليه أولا الدعاء أو لا ولو لم يعين لم يجب عليه إلا على الكفاية إلى أن يدهم المسلمين عدو
يخشى منه على النفس ويخاف على بيضة الاسلام فيجب على كل متمكن الجهاد سواء أذن الامام له أو لا سواء كان مقلا أو مكثرا ولا يجوز لاحد التخلف إلا مع الحاجة
إلى تخلفه كحفظ المكان والاهل والمال أو منع الامام له من الخروج فإن أمكن استخراج إذن الإمام في جهاد فرض العين وجب لأنه أعرف وأمر الحرب موكول إليه لعلمه
بكثرة العدو وقلته ولو لم يمكن استيذانه لغيبة ومفاجأة العدو وجب الخروج بغير إذن وإذا نادى الامام بالنفير والصلاة فإن كان العدو بعيدا صلوا ثم خرجوا
وإن كان قريبا يخشى من التأخر بالصلاة خرجوا وصلوا على ظهور دوابهم ولو كانوا في الصلاة أتموها وكذا يتمون خطبة الجمعة وإذا نادى بالصلاة جامعة لحدوث أمر
يحتاج إلى المشورة لم يتخلف أحد إلا لعذر (ولا ينبغي صح) أن تنفر الخيل إلا عن حقيقة الامر. مسألة. إذا بعث الامام سرية استحب له أن يؤمر عليهم أميرا ثقة جلدا يأمرهم بطاعته و
يوصيه بهم وأن يأخذ البيعة على الجند حتى لا يفروا وأن يبعث الطلايع ويتجسس أخبار الكفار ويكون الأمير له شفقة ونظر على المسلمين ولو كان القايد معروفا بشرب الخمر
أو غيره من المعاصي لم ينفروا معه ولو كان شجاعا إذا رأى جاز النفور معه لقوله (ع) إن الله يؤيد هذا الدين
بالرجل الفاجر هذا كله
مع الحاجة إلى النفر من غير إذن الإمام العادل أما مع عدم الحاجة فلا يجوز بحال وإذا احتاج إلى إخراج النساء لمداواة المرضى وشبهها استحب له أن يخرج العجايز
ويكره إخراج الثواب منهن حذرا من ظفر الكفار بهم فينالوا منهن الفاحشة فإن احتاج إلى إخراجهن جاز لان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج بعائشة في غزوات. مسألة. يجوز الاستعانة
بأهل الذمة وبالمشرك المأمون غائلته إذا كان في المسلمين قلة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله استعان بصفوان بن أمية على حرب هوازن قبل إسلامه واستعان بيهود بنى قينقاع ورضخ
لهم ولو لم يكن مأمونا أو كان بالمسلمين كثرة لم يستعن بهم قال الله تعالى " وما كنت متخذ المضلين عضدا " وقال أنا لا نستعين بالمشركين على المشركين وأراد (ع) مع فقد أحد
الشرطين ولأنهم مغضوب عليهم فلا تحصل النصرة بهم ومع عدم الامن عنهم لا يجوز استصحابهم وهذا كله مذهب الشافعي وله قول اخر جواز الاستعانة بشرط كثرة
المسلمين بحيث لو خان المستعان بهم وانضموا إلى الكفار تمكن المسلمون من مقاومتهم جميعا ومنع بن المنذر من الاستعانة بالمشركين مطلقا وعن أحمد روايتان
ويجوز أن يستعين بالعبيد مع إذن السادة وبالمراهقين والذمي إذا حضر بإذن رضخ له وبغير إذن لا يرضخ وللشافعي في استحقاقه الرضخ مع عدم الإذن قولان ولو نهى
لم يستحق. مسألة. لا يجوز للامام ولا للأمير من قبله أن يخرج معه من يخذل الناس ويثبطهم عن الغزو ويدهدههم عن الخروج كمن يقول الحر شديد أو البرد
والمشقة عظيمة والمسافة بعيده والكفار كثيرون والمسلمون أقل ولا يؤمن هزيمتهم ولا المرجف وهو الذي يقول هلكت سرية المسلمين ولا طاقة لكم بهم ولهم قوة و
شوكة ومدد وصبر ولا يثبت لهم مقاتل ونحوه ولا من يعين على (المسلمين) بالتجسس للكفار ومكاتبتهم بأخبار المسلمين وإطلاعهم على عوراتهم وايواء جاسوسهم ولا من يوقع العداوة
بين المسلمين ويمشى بينهم بالنميمة ويسعى بالفساد لقوله تعالى " لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولا وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة " فإن خرج واحد منهم لم يسهم له ولا يرضح
ولو قتل كافرا لم يستحق سلبه وإن أظهر إعانة المسلمين لأنه نفاق ولو كان الأمير أحد هؤلاء لم يخرج الناس معه لان المتبوع يمنع منه فالتابع أولي لأنه أكثر ضررا. مسألة.
إذا خرج الامام بالنفير عقد الروايات فجعل كل فريق تحت راية وجعل لكل من تابعة شعارا يتميز به عندهم حتى لا يقتل بعضهم بعضا بياتا ويدخل دار الحرب بجماعته
لأنه أحوط وأهيب وان ينتظر الضعفاء فيسير على مسيرهم إلا مع الحاجة إلى قوة السير ويدعو عند التقاء الصفين ويكبر من غير إسراف من رفع الصوت وأن يحرض
الناس على القتال وعلى الصبر والثبات ولو تجدد عذر أحد معه فإن كان لمرض في نفسه كان له الانصراف وإن كان بعد التقاء الصفين لعدم تمكنه من القتال
وإن كان لغير مرض كرجوع صاحب الدين أو أحد الأبوين فإن كان بعد التقاء الصفين لم يجز الانصراف وإن كان قبله جاز ولا ينبغي له أن يقتل أباه الكافر
بل يتوفاه لقوله تعالى وصاحبهما في الدنيا معروفا إلا أن يسب النبي صلى الله عليه وآله فإن أبا عبيده قتل أباه حين سب رسول الله (ص) فلما قال له النبي صلى الله عليه وآله لم قتلته قال سمعته يسبك
فسكت عنه ولا يميل الأمير مع موافقه في المذهب والنسب على مخالفه فيهما لئلا يكسر قلوب غيرهم فيخذلونه عند الحاجة وينبغي أن يستشير بأصحاب الرأي من أصحابه
للآية ويتخير لأصحابه المنازل الجيدة وموارد المياه ومواضع العشب ويحمل من نفقت دابته إذا كان فضل معه أو مع أتباعه ولو خاف رجل تلف اخر لموت دابته احتمل
وجوب بذل فاضل مركوبه ليحيى به صاحبه كما يجب بذل فاضل الطعام للمضطر وتخليصه من عدوه وتجوز العقبة بأن يكون الفرس الواحد لاثنين لما فيه من الارفاق
. مسألة. قد بينا إنه لا يخرج المخذل وشبهه فإن نهاه الامام عن الخروج فخرج لم يستحق اجرة ولا رضخا لأنه متهم بموالاة أهل ذمته وللامام أن يعزره إذا
رآه ولو لم يأمره ولا نهاه لم يستحق رضخا عندنا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه ليس من أهل الذب عن الدين بل هو متهم بالخيانة والثاني إنه يستحق لأنه بالعهد
المؤبد صار من أهل الدار وأهل نصرتها وليس بشئ لان المخذل أقوى منه في دفع التهمة عنه وليس له إخراج نساء أهل الذمة ولا ذراريهم لأنه لا قتال فيهم ولا رأى
ولا يترك بدعائهم وللشافعي قولان فعلى الجواز هل له أن يرضخ لهن وجهان أحدهما المنع وأخرج النبي صلى الله عليه وآله معه عبد الله بن أبي مع ظهور التخذيل منه لان النبي صلى الله عليه وآله كان يطلع بالوحي
على أفعاله فلا يتضرر بكيده ولو قهر الامام جماعة من المسلمين على الخروج والجهاد معه لم يستحقوا أجرة قاله بعض الشافعية والوجه أنه إن كان الجهاد تعين عليه فلا
أجرة له وإلا فلهم الأجرة من حين إخراجهم إلى أن يحضروا الوقعة والأقرب إلى فراغ القتال وللامام استيجار عبيد المسلمين بإذن ساداتهم كالأحرار وللشافعية
قولان هذا أحدهما والثاني أن يقال إن جوزنا استيجار الأحرار جاز (استيجار العبيد صح) وإلا فوجهان (مخرجان) مبنيان على أنه إذا وطى الكفار طرفا من بلاد الاسلام هل يتعين الجهاد
410

على العبيد إن قلنا نعم فهم من أهل فرض الجهاد فإذا وقفوا في الصف وقع عنهم وإلا جاز استيجارهم ولو أخرج العبيد قهرا فإن كان مع الحاجة فلا أجرة وإلا لزمته الأجرة
من يوم الاخراج إلى العود إلى ساداتهم أن يستعمل الذمي للجهاد بمال يبذله أما على وجه الإجارة أو الجعالة وللشافعية وجهان أحدهما إنه جعالة لجهالة أعمال القتال
وأصحهما عندهم الإجارة ولا يضر جهالة الأعمال فإن المقصود القتال على ما يتفق والمقاصد هي المرغبة (بنية). إذا عرفت هذا فلا حجر في قدر الإجارة بل يجوز بما يتراضيان
عليه وهو أصح وجهي الشافعية كغيرها من الإجارات والثاني إنه لا يجوز أن يبلغ به سهم راجل لأنه ليس من أهل فرض الجهاد فلا يعطى سهم راجل كالمرأة وعلى هذا الوجه
يحكم بفسخ العقد والرد إلى أجرة المثل إذا ظهر أن الأجرة أزيد من سهم من الغنيمة وإلا ففي الابتداء لا يدرى قدر الغنيمة وسهم الراجل والأقرب أن لآحاد المسلمين استيجار
الذمي للجهاد وأصح وجهي الشافعية المنع لان الآحاد لا يتولون المصالح العامة خصوصا والذمي مخالف في الدين وقد يخون إذا حضر فليفوض أمره إلى الامام. مسألة.
لو أخرج الامام أهل الذمة الأولى أن يعين لهم أجرة فإن ذكر شيئا مجهولا مثل نرضيكم ونعطيكم ما تستعينون به وجب أجرة المثل وإن أخرجهم قهرا وجب أجرة
المثل كالاستيجار في ساير الأعمال ولو خرجوا باختيارهم ولم يسهم لهم شيئا فهو موضع الرضخ وسيأتى بيان محله وأما الأجرة الواجبة سواء كانت مسماه أو أجرة
المثل فالأقرب خروجها من رأس مال الغنيمة إذ لحضورهم أثر في تحصيل الغنيمة فيخرج منها ما يدفع إليهم كساير المؤن وهو أحد وجوه الشافعية والثاني إنه من خمس الخمس
سهم المصالح لانهم يحضرون للمصلحة لا إنهم من أهل الجهاد والثالث إنها تؤدى من أربعة أخماس الغنيمة لأنها تؤدى بالقتال كسهام الغانمين ولو أخرجهم الامام قهرا
ثم خلى سبيلهم قبل أن يقفوا في الصف أو فروا ولم يقفوا فلا أجرة لهم عن الذهاب وإن تعطلت منافعهم في الرجوع لأنه لا حبس هناك ولا استيجار فلو وقف المقهورون
على الخروج ولم يقاتلوا فالأقرب أن لهم أجرة الوقوف والحضور لأنه كالقتال في استحقاق سهم الغنيمة وكذا في استحقاق أجرة الجهاد وهو أحد وجهي الشافعية وأظهرهما
عندهم المنع لان الأجرة في مقابلة العمل والفايدة المقصودة (لم يحصل صح) ويحتمل أن يقال إن استوجروا للقتال فلا أجرة وإلا فلهم. البحث الثالث. في كيفية القتال
. مسألة. الجهاد أمر كلي من أعظم أركان الاسلام يحتاج فيه إلى المساعدة والاعتضاد والاستعداد والفكر في الحيل وغيرها فيجب أن يكون أمره موكولا إلى نظر
الامام واجتهاده ويجب على الرعايا طاعته والانقياد لقوله فيما يراه فيبدأ بترتيب قوم على أطراف البلاد رجالا كفايا ليقوموا بإزاء من يليهم من المشركين وبعمل الحصون
والخنادق وجميع ما فيه حراسة المسلمين ويجعل في كل ناحية أميرا يقلده أمر الحروب وتدبير الجهاد يكون ثقة مأمونا على المسلمين ذا رأى وتدبير في الحرب وله شجاعته وقوة وعقل
ومكايدة ولو احتاجوا إلى مدد استحب للامام ترغيب الناس في المقام عندهم والتردد إليهم كل وقت ليأمنوا فساد الكفار ويستغنوا عن طلب الجيوش فإن رأى الامام
بالمسلمين قلة يحتاج معها إلى المهادنة هادنهم وإلا جاهدهم مع القدرة في كل سنة مرة وإن كان أكثر منه كان أفضل ويبدأ بقتال الأقرب إلا أن يكون الابعد أشد
خطرا فيبدأ به. مسألة. إذا التقى الصفان وجب الثبات وحرم الهرب قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار وقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا صح)
إذا لقيتم فئة فاثبتوا وعد رسول الله صلى الله عليه وآله الفرار من الزحف من الكباير ويجوز الهرب في أحوال ثلاثة الأول أن يزيد عدد الكفار على ضعف عدد المسلمين لقوله تعالى
" الان خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مأتين " وما رواه العامة عن بن عباس من فر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة فما فر ومن
طريق الخاصة قول الصادق من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر ومن فر من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفر ولو لم يزد عدد المشركين على الضعف لكن
غلب على ظن المسلمين الهلاك أن ثبتوا قيل يجب الثبات لقوله تعالى " إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار " وقيل يجوز لقوله تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة "
ولو غلب على ظنه الأسر فالأولى أن يقاتل حتى يقتل ولا يسلم نفسه للاسر لئلا يعذبه الكفار بالاستخدام ولو زاد المشركون على ضعف المسلمين لم يجب الثبات إجماعا
ولو غلب على ظن المسلمين الظفر بهم استحب الثبات ولا يجب لانهم لا يأمنون التلف ولو غلب على ظن المسلمين العطب قيل يجب الانصراف لقوله تعالى " ولا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة " وقيل لا يجب تحصيلا للشهادة وقيل إن كان في الثبات الهلاك المحض من غير نكاية فيهم لزم الفرار وإن كان في الثبات نكاية فيهم فوجهان ولو قصده
رجل وظن إنه إن ثبت قتله وجب الهرب ولو ظن الهلاك مع الثبات والانصراف فالأولى الثبات تحصيلا لثواب الصبر ولجواز الظفر لقوله تعالى " كم من فئة قليلة غلبت فئة
كثيرة بإذن الله " ولو انفرد اثنان بواحد من المسلمين قيل يجب الثبات وقيل لا يجب لان وجوب الثبات مع تعدد المسلمين فيقوى قلب كل واحد منهم بصاحبه وقيل إن طلباه
كان له الفرار لأنه غير متأهب للقتال وإن طلبهما ولم يطلباه لم يجز لان طلبهما والحمل عليهما شروع في الجهاد فلا يجوز الاعراض وفي جواز فرار مائة بطل من المسلمين من مأتى
بطل وواحد من ضعفاء الكفار إشكال ينشأ من مراعاة العدد من المقاومة لو ثبتوا والعدد مراعى مع تقارب الأوصاف وللشافعية وجهان وكذا الاشكال
في عكسه وهو فرار مائة من ضعفاء المسلمين من مائة وتسعة وتسعين من أبطال الكفار فإن راعينا صورة العدد لم يجز وإلا جاز ويجوز للنساء الفرار لأنهن لسن من
أهل فرض الجهاد وكذا الصبى والمجنون ويأثم السكران ولو قصد الكفار بلدا فتحصن أهله إلى تحصيل نجدة وقوة لم يأثموا إنما الاثم على من ولى بعد اللقاء. الحالة الثانية
أن يترك لا بنية الهرب بل يتحرك للقتال قال الله تعالى " إلا متحرفا لقتال أو متخيرا إلى فئة " والمتحرف للقتال هو الذي يتصرف ليكمن في موضع ثم يهجم أن يكون في مضيق فيتحرف
حتى يتبع العدو إلى موضع واسع ليسهل القتال فيه أو يرى الصواب في التحول من الواسع إلى الضيق أو لينحرف عن مقابلة الشمس أو الريح أو يرتفع عن هابط أو يمضى
إلى موارد المياه من المواضع المعطشة أو ليستند إلى جبل وشبهه. الحالة الثالثة أن يتخير إلى فئة وهو الذي ينصرف على قصد أن يذهب إلى طايفة ليستنجد بها
في القتال ولا فرق بين أن تكون الطائفة قليلة أو كثيرة للعموم ولا بين أن تكون المسافة قصيرة أو طويلة وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إنه يجب أن تكون المسافة قصيرة ليتصور
الاستنجاد بها في هذا القتال وإتمامه وهل يجب عليه تحقق ما عزم عليه بالقتال مع الفئة التي تخير إليها للشافعية وجهان أحدهما عندهم لا لان العزم عليه رخص
له الانصراف فلا حجر عليه بعد ذلك والجهاد لا يجب قضاؤه ولا فرق بين أن يخاف عجز المسلمين أو لا والثاني نعم لدلالة الآية على العزم على القتال والرخصة منوطة
بالعزم ولا يمكن مخادعة الله تعالى في العزم وقال بعض الشافعية إنما يجوز التخير إلى فئة إذا استشعر المتحرف عجزا محوجا إلى الاستنجاد لضعف جند الاسلام فإن لم يكن كذلك
فلا والعموم يخالفه وقال بعضهم لا يجوز الانصراف من صف القتال إن كان فيه انكسار المسلمين فإن لم يكن جاز التحيز للتحرف للقتال والمتحيز إلى فئة. إذا عرفت
هذا فالاستثناء إنما هو حالة القدرة والتمكن من القتال فينحصر الاستثناء فيها أما العاجز بمرض أو عدم سلاح فله أن ينصرف بكل حال ولو أمكنه الرمي
بالحجارة احتمل وجوب الثبات وللشافعية وجهان والمتحيز إلى فئة بعيدة لا يشارك الغانمين في غنيمة فارق قبل اغتنامها ولو فارق بعد غنيمة البعض شارك
فيه دون الباقي أما لو تحيز إلى فئة قريبة فإنه يشارك الغانمين في المغنوم بعد مفارقته وهو أحد وجهي الشافعي لأنه لا تفوت نصرته والاستنجاد به فهو كالسرية يشارك
411

جند الامام فيما يغنمون وإنما يسقط الانهزام الحق إذا اتفق قبل القسمة أما لو غنموا شيئا واقتسموه ثم انهزم بعضهم لم يسترد منه ما أخذ. مسألة. ينبغي للامام
أن يوصى الأمير المنفذ مع الجيش بتقوى الله تعالى والرفق بالمسلمين قال الصادق (ع) كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا
بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقدروا ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا
إليها وأيما رجل من أدنى المسلمين وأفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله فإن تبعكم فأخوكم في دينكم وإن أبى فأبلغوه مأمنه ثم استعينوا بالله عليه
وينبغي أن يوصيه بأن لا يحملهم على مهلكة ولا يكلفهم نقب حصن يخاف من سقوطه عليهم ولا دخول مطمورة يخشى من موتهم تحتها فإن فعل شيئا من ذلك
فقد أساء ويستغفر الله تعالى ولا يجب عليه عقل ولا دية ولا كفارة إذا أصيب واحد منهم بطاعته لأنه فعله باختياره ومعرفته فلا يكون ضامنا. مسألة.
لا يجوز قتل صبيان الكفار ونسائهم إذا لم يقاتلوا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء والصبيان
والمجنون كالصبي والخنثى المشكل كالمرأة فإن قاتلوا جاز
قتلهم مع الضرورة لا بدونها ولو أسر منهم مراهق وجهل بلوغه كشف عن عورته فإن لم ينبت فحكمه حكم الصبيان وإن أنبت حكم ببلوغه وبه قال الشافعي خلافا لأبي
حنيفة وهل هو بلوغ أو دليل الأقرب الثاني وللشافعي وجهان ولو قال الأسير استعجلت الشعر بالدواء بنى على القولين فإن قلنا إنه عين البلوغ فلا عبرة
بما يقوله وهو بالغ وإن قلنا إنه دليل وهو الاظهر صدق بيمينه وحكم بالصغر وفي اليمين إشكال لان تحليف من يدعى الصغر بعيد وقال بعض الشافعية إن
اليمين استظهار واحتياط لا أنها واجبه وقال الباقون لابد من اليمين لان الدليل الظاهر قائم فلا يترك لمحرم قول المأسور والاعتماد من شعر العانة على الخشن دون الضعيف
الذي لا يحوج إلى الحلق ويحتمل عندي أن شعر الإبط الخشن والوجه يلحقان بشعر العانة ونبات الشارب كاللحية ولا أثر لاخضرار الشارب. مسألة.
الشيخ من المحاربين إن كان ذا رأى وقتال جاز قتله إجماعا وكذا إن كان فيه قتال ولا رأى له (أو كان له رأى صح) ولا قتال فيه لان دريد الصمة قتل يوم بدر وكان له مئة وخمسون
سنة وكان له معرفة بالحرب وكان المشركون يحملونه معهم في قفص حديد ليعرفهم كيفية القتال فقتله المسلمون ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وآله وإن لم يكن له رأى ولا قتال لم يجز
قتله عندنا وبه قال أبو حنيفة والثوري ومالك والليث والأوزاعي وأبو ثور لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تقتلوا شيخا فانيا ومن طريق الخاصة قول الصادق
ولا تقتلوا شيخا فانيا وصبيا ولا امرأة ولأنه لا ضرر فيه من حيث المخاصمة ومن حيث المشورة فأشبه المرأة وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله إلى هذه العلة فقال ما بالها قتلت
وهي لا تقاتل وقال احمد يقتل وبه قال المزني وللشافعي قولان لعموم قوله تعالى " اقتلوا المشركين " وهو مخصوص بالصبى والمرأة إجماعا فكذا بالفاني. مسألة. الرهبان
وأرباب (أصحاب) الصوامع يقتلون إن كان لهم قوة أو رأى أو كانوا شبانا وللشافعي قولان وفي معناهم العميان والزمني ومقطوعوا الأيدي والأرجل أحدهما الجواز كما قلناه
وبه قال احمد والمزني وإسحاق للعموم والثاني إنه لا يجوز قتلهم وبه قال (أبو حنيفة صح) ومالك لما روى أنه (ع) قال لا تقتلوا النساء ولا أصحاب الصوامع ولا فرق بين أن يحضر ذوا
الرأي من الشيوخ والرهبان في صف القتال أو لا يحضر في جواز قتله ولا بين أن يجده في بلاده وغازيا في جواز قتله وللشافعي قولان في أرباب الحرف والصناعات
أقواهما جواز قتلهم لان أكثر الناس أصحاب حرف وصناعات وأما الزمني والعميان والمعرضون عن القتال كالرهبان فالأقوى عنده ترك قتله وفي السوقة
للشافعية طريقان أحدهما إن فيهم قولين لانهم لا يمارسون القتال ولا يتعاطون الأسلحة والثاني إنهم يقتلون لقدرتهم على القتال وفرعوا على القولين فإن جوزوا
قتلهم جوزوا استرقاقهم وسبى نسائهم وذراريهم واغتنام أموالهم وإن منعوه ففي استرقاقهم طرق أظهرها إنهم يرقون بنفس الأسر كالنساء والصبيان والثاني إن فيهم
قولين كالأسير إذا أسلم قبل الاسترقاق ففي قول لا يسترق وفي اخر يتخير الامام بين الاسترقاق والمن والفداء والثالث إنه لا يجوز استرقاقهم بل يتركون ولا يتعرضون
لهم ولو ترهبت المرأة ففي جواز سبيها عندهم وجهان بناء على القولين في جواز قتل الراهب ولا يقتل رسول الكافر روى العامة عن بن مسعود إن رجلين أتيا
النبي صلى الله عليه وآله رسولين لمسيلمة فقال لهما أشهدا إني رسول الله فقالا نشهد ان إن مسيلمة رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وآله لو كنت قاتلا رسولا لضربت عنقكما والفلاح يقتل عندنا
للعموم لأنه يطلب منه الاسلام وبه قال الشافعي خلافا لأحمد. مسألة. إذا نزل الامام على بلد جاز له محاصرته بمنع السابلة دخولا وخروجا ومحاصرتهم في القلاع
والحصون وتشديد الامر عليهم لقوله تعالى " واحصروهم " وحاصر رسول الله صلى الله عليه وآله أهل الطايف شهرا ولأنهم ربما رغبوا في الاسلام وعرفوا محاسنه وكذا يجوز نصب المناجيق
على قلاعهم ورمى الاحجار وهدم الحيطان وإن كان فيهم النساء والصبيان لان النبي صلى الله عليه وآله نصب على أهل الطايف منجنيقا وكان فيهم نساء وصبيان رواه العامة و
(من طريق صح) الخاصة رواية حفص بن غياث قال كتبت إلى بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله (ع) عن مدينة من مداين الحرب هل يجوز أن يرسل عليهم الماء ويحرقون بالنيران أو يرمون
بالمنجنيق حتى يقتلوا وفيهم النساء والصبيان والشيخ الكبير والأسارى من المسلمين والتجار فقال يفعل ذلك ولا يمسك عنهم لهؤلاء ولا دية عليهم ولا كفارة ولأنه
في محل الضرورة فكان سايغا ونهى النبي صلى الله عليه وآله عن قتل النساء والصبيان مصروف إلى قتلهم صبرا لأنه (ع) رماهم بالمنجنيق في الطايف ويجوز تخريب حصونهم وبيوتهم
لان النبي صلى الله عليه وآله خرب حصون بنى النضير وخيبر وهدم ديارهم. مسألة. يجوز قتل المشركين كيف اتفق كإلقاء النار إليهم وقذفهم بها ورميهم بالنفط مع الحاجة
عند أكثر العلماء خلافا لبعضهم لان أبا بكر أمر بتحريق أهل رده وفعله خالد بن الوليد بأمره ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) يفعل ذلك لما سئل عن إحراقهم بالنار وهل
يجوز مع عدم الحاجة ظاهر كلام الشيخ (ره) يقتضيه لأنه سبب في هلاكهم كالقتل بالسيف ومنع بعض العامة منه لما رواه حمزة الأسلمي إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمره على سرية قال
فخرجت فيها فقال إن أخذتم فلانا حرقوه بالنار فوليت فناداني فرجعت فقال إن أخذتم فلانا فاقتلوه ولا تحرقوه فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار وهو
غير محل النزاع لأنه لا يجوز قتل الأسير بغير السيف وكذا يجوز تغريقهم بإرسال الماء إليهم وفتح الثبوق؟ عليهم لكن يكره مع القدرة عليهم بغيره وهل يجوز القاء
السم في بلادهم منع الشيخ منه لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يلقى السم في بلاد المشركين والأقوى الجواز ويحمل النهى على الكراهة وبالجملة يجوز قتالهم بجميع أسباب القتل كرمى
الحياة القواتل والعقارب وكلما فيه ضرر. مسألة. يكره تبييت العدو غارين ليلا وإنما يلاقون بالنهار ولو احتيج إليه فعل لما روى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
كان إذا طرق العدو ليلا لم يغز (يغر) حتى يصبح ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) ما بيت رسول الله صلى الله عليه وآله عدوا قط ليلا. إذا عرفت هذا فيستحب أن يكون
القتال بعد الزوال لأنه ربما يحضر وقت صلاة الظهر فلا يمكنهم أداؤها بخلاف العشائين لانهم يمتنعون عن القتال بدخول الليل وقال الصادق (ع) كان علي (ع)
لا يقاتل حتى تزول الشمس ويكره قطع الشجر والنخل ولو احتاج إليه جاز في قول عامة العلماء خلافا لأحمد لقوله تعالى " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على
أصولها فبإذن الله " قال بن عباس اللنية النخلة غير الجعرور وما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قطع الشجر بالطايف ونخلهم وقطع النخل بخيبر وقطع شجر بنى المصطلق
412

وأحرق وأما الكراهة فلقول الصادق (ع) في الحسن كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها ولو غلب على الظن حصوله للمسلمين كره قطعه وللشافعي
قولان ولو فتحها قهرا لم يجز القطع ولا تخريب لأنها صارت غنيمة للمسلمين وكذا لا يجوز لو فتحت صلحا على أن يكون لنا أو لهم لو غنمنا أموالهم وخفنا لحقوقهم واستردادهم
جاز هلاكها ويجوز قتل دوابهم حالة الحرب لما فيه من التوصل إلى قتلهم وهربهم ولأنه يجوز قتل الصبيان والنساء وأسارى المسلمين لو تترسوا بهم فالدواب أولي
أما في غير حال الحرب فلا ينبغي وبه قال الأوزاعي والليث والشافعي وأبو ثور لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه نهى عن قتل شئ من الدواب صبرا ومن طريق الخاصة
قول الصادق (ع) في وصية النبي صلى الله عليه وآله ولا تعقروا البهايم ما يؤكل لحمه إلا ما لابد لكم من أكله ولأنه حيوان ذو حرمة فلا يجوز قتله لمغايظة الكفار كالنساء والصبيان
ويجوز غير الدواب للاكل مع الحاجة إن كان لا يتخذ إلا للاكل كالدجاج والحمام إجماعا ولو كان يحتاج إليه للقتال كالخيل
فكذا مع الحاجة خلافا لبعض العامة ولو أذن الامام في ذبحها جاز إجماعا ولو عجز المسلمون عن سوقه وأخذه جاز ذبحه للانتفاع به مع الحاجة وعدمها ولو غنم المسلمون
خيل الكفار ثم لحقوا بهم وخافوا استرجاعها لم يجز قتلها ولا عقرها لما تقدم أما لو خافوا حصول ذبحه للامتناع مع الحاجة وعدمها ولو غنم المسلمون خيل الكفار
ثم لحقوا بهم وخافوا استرجاعها لم يجز قتلها ولا عقرها لما تقدم أما لو خافوا حصول قوة لهم علينا جاز عقرها وقال أبو حنيفة ومالك يجوز إتلاف الخيول بكل حال
مغايظة للكفار. مسألة. لو تترس الكفار بنسائهم وصبيانهم فإن دعت الضرورة إلى الرمي بأن كانت الحرب ملتحمة وخيف لو تركوا لقلبوا جاز قتالهم ولا
يقصد قتل الترس ولا يكف عنهم لأجل الترس ولقول الصادق (ع) ولا يمسك عنه لهؤلاء لما سئل عن قتلهم وفيهم النساء والصبيان
والشيخ الكبير والأسارى من المسلمين ولان ترك الترس يؤدى إلى تعطيل الجهاد ولئلا يتخذوا ذلك ذريعة إليه وإن لم تكن الضرورة داعية إلى قتلهم بأن كانوا يدفعون
بهم عن أنفسهم ولم تكن الحرب ملتحمة وكان المشركون في حصن متحصنين أو كانوا من وراء خندق كافين عن القتال فالأقرب كراهية قتلهم للنهي عن قتل النساء
والصبيان ونحن في غنية عن قتلهم وهو أحد قولي الشافعي والثاني المنع للنهي وليس بجيد لأنه يجوز نصب المنجنيق على القلعة وإن كان يصيبهم ولو تترسوا بهم وهي في
القلعة فكذلك وللشافعي قولان أما لو تترسوا بمسلم فإن لم تكن الحرب قائمة لم يجز الرمي وكذا لو أمكنت القدرة عليهم بدون الرمي أو أمن شرهم فلو خالفوا ورموا
كان الحكم فيه كالحكم في غير هذا المكان إن كان القتل عمدا وجب القود والكفارة على قاتله وإن كان خطأ فالدية على عاقلته
والكفارة عليه ولو كان حال التحام الحرب جاز رميهم ويقصد بالرمي المشركين لا المسلمين للضرورة إلى ذلك بأن يخاف منهم لو تركوا ولو لم يخف منهم لكن لا يقدر عليهم
إلا بالرمي فالأولى الجواز أيضا وبه قال الشافعي لان تركهم يفضى إلى تعطيل الجهاد وللشافعي قول آخر إنه لا يجوز قتلهم إذا لم يمكن ضرب الكفار إلا بضرب المسلم سواء خفنا
أو لم نخف لان غاية ما فيه إنا نخاف على أنفسنا ودم المسلم لا يباح بالخوف كما في صورة الاكراه وقال الليث والأوزاعي لا يجوز رميهم مع عدم الخوف لقوله تعالى ولولا رجال مؤمنون
قال الليث ترك فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق وفرق بعض الشافعية بين التترس بمسلم واحد وبين التترس بطايفة من المسلمين لأنه يتساهل في أشخاص
من الأسارى بخلاف الكليات. فروع الأول لو رمى فأصاب مسلما ولم يعلم أنه مسلم والحرب قائمة فلا دية لأنه مأمور بالرمي فلا يجامع العقوبة ولأنه يؤدى
إلى بطلان الجهاد لجواز أن يكون كل واحد يقصده مسلما فيمتنع من الرمي الثاني لو علمه مسلما ورمى قاصدا للمشركين ولم يمكنه التوقي فأصابه وقتله فلا قود
عليه إجماعا لان القصاص مع تجويز الرمي متنافيان ولأنه لم يقصده ولا تجب الدية أيضا عندنا وهو إحدى قولي الشافعي وقول أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن أحمد لقوله تعالى
" وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " ولم يذكر الدية فلا يكون واجبة والثاني للشافعي واحمد تجب الدية لقوله تعالى " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة
مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله واتينا أخص فتقدم وأما الكفارة فالحق وجوبها لقوله تعالى " وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنه " وقول الشافعي واحمد وقال
أبو حنيفة لا تجب الكفارة لأنه كمباح الدم ونمنع القياس خصوصا مع معارضة الكتاب وللشافعي قول آخر أنه إن علمه مسلما لزمته الدية وإلا فلا والفرق إنه إذا علم إسلامه
أمكنه التوقي عنه والرمي إلى غيره فغلط عليه وقال بعض أصحابه إن قصده بعينه لزمته الدية سواء علمه مسلما أو لا وإن لم يقصده بعينه بل رمى إلى الصف لم يلزم وقال بعض
الشافعية إن علم أن هناك مسلما وجبت الدية سواء قصده بعينه أو لم يقصده وإن لم يعلم فقولان وعن أبي حنيفة لا دية ولا كفارة الثالث قال الشافعية إن
قلنا لا يجوز الرمي فرمى فقتل ففي وجوب القصاص طريقان أحدهما إنه على قولين كالمكره إذا قتل والثاني القطع بالوجوب كالمضطر إذا قتل إنسانا واكله ويفارق
المكره بأنه ملجاء إلى القتل وهنا بخلافه ولان هناك من يحل عليه وهو المكره وليس ههنا غيره. الرابع لو تترس الكفار بذمي أو مستأمن أو عبد فالحكم بجواز الرمي
والدية والكفارة على ما تقدم لكن الواجب في العبد القيمة لا الدية قال بعض الشافعية لو تترس كافر بترس مسلم أو ركب فرسه فرمى إليه مسلم فأتلفه فإن كان في غير التحام
القتال فعليه الضمان وإن كان في حال الالتحام فإن أمكنه أن لا يصيب الترس والفرس فأصابه ضمنه وإن لم يمكنه الدفع إلا بإصابته فإن جعلناه كالمكره لم يضمن لان المكره
في المال يكون طريقا في الضمان وهنا لا ضمان على الحربي حتى يجعل المسلم طريقا وإن جعلناه مختارا لزمه الضمان. مسألة. إذا حاصر الامام حصنا لم يكن له الانصراف
إلا بأحد أمور خمسة الأول أن يسلموا فيحرزوا بالاسلام دماءهم وأموالهم قال رسول الله صلى الله عليه وآله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (وإني رسول الله صلى الله عليه وآله صح) فإذا قالوها عصموا
دماءهم وأموالهم إلا بحقها الثاني أن يبذلوا مالا على الترك فإن كان جزية وهم من أهلها قبلت منهم وإن لم تكن جزية بل كانوا حربيين قبل مع المصلحة وإلا فلا
الثالث أن يفتحه ويملكه ويقهرهم عليه الرابع ان يرى من المصلحة الانصراف إما بتضرر المسلمين بالإقامة أو بحصول اليأس منه كما روى أن النبي صلى الله عليه وآله حاصر
أهل الطايف فلم ينل منهم شيئا فقال إنا قافلون إن شاء الله غدا قال المسلمون أنرجع ولم نفتحه فقال (ع) اغدوا على القتال فغدوا عليه فأصابهم الجراح فقال رسول الله
إنا قافلون عذا فأعجبهم فقفل رسول الله صلى الله عليه وآله الخامس أن ينزلوا على حكم حاكم فيجوز لان النبي صلى الله عليه وآله لما حاصر بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ
فأجابهم (ع) إلى ذلك. مسألة. لا يجوز التمثيل بالكفار ولا الغدر بهم ولا الغلول منهم لقول النبي صلى الله عليه وآله في حديث الصادق (ع) لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا
. مسألة. المبارزة مشروعة غير مكروهة عند عامة العلماء إلا الحسن البصري فإن لم يعرفها وكرهها لان العامة رووا إن عليا (ع) بارز يوم خيبر فقتل مرحبا
وبارز عمرو بن عبد ود يوم الخندق فقتله وبارز علي (ع) وحمزة وعبيد بن الحرث يوم بدر بإذن النبي صلى
الله عليه وآله ولم يزل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يبارزون في عصر النبي صلى الله عليه وآله
وبعده ولم ينكره أحد فكان إجماعا ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) دعى رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه فقال له أمير المؤمنين (ع) ما منعك أن
تبارزه فقال كان فارس العرب وخشيت أن يقتلني فقال له أمير المؤمنين (ع) فإنه بغى عليك ولو بارزته لقتلته ولو بغى (جبل على صح) جبل لهد الله الباغي. مسألة. ينبغي للمسلم
413

أن لا يطلب المبارزة إلا بإذن الامام إذا أمكن وبه قال الثور وإسحاق واحمد لان الامام أعرف بفرسانه وفرسان المشركين ومن يصلح للمبارزة ومن لا يصلح
ومن يكون قرنا للكافر ومن لا يكون فربما تضرر (المسلمون صح) بكسر قلوبهم عند عجز صاحبهم فينبغي تفويضه إلى الامام ليختار للمبارزة من يرتضيه لها فيكون أحفظ لقلوب
المسلمين وكسر قلوب الكفار ولان عليا (ع) وحمزة وعبيدة استأذنوا النبي صلى الله عليه وآله يوم بدر رواه العامة ومن طريق الخاصة إن أمير المؤمنين (ع) سئل عن المبارزة بغير
إذن الإمام قال لا بأس بذلك ولكن لا يطلب ذلك إلا بإذن الامام ورخص فيها مطلقا من غير إذن الإمام مالك والشافعي وبن المنذر لان أبا قتادة قال بارزت
رجلا يوم خيبر فقتلته ولم يعلم أنه استأذن النبي صلى الله عليه وآله وهي حكاية حال لا عموم لها ولاحتمال أن يكون المشرك سأل المبارزة لا أن أبا قتادة طلبها ويؤيده قول الصادق
(ع) إن الحسن بن علي (ع) دعى رجلا إلى المبارزة فعلم أمير المؤمنين (ع) فقال له لئن عدت إلى مثلها لأعاقبنك ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنك
أما علمت إنه بغى وقد ظهر من هذا أن طلب المبارزة ممنوع منه بغير إذن الإمام وفعلها سايغ من دون إذنه. مسألة. إذا خرج علج يطلب البراز استحب لمن فيه
قوة أن يبارزه بإذن الامام وينبغي (للامام صح) أن يأذن له في ذلك لان في تركه ضعف قلوب المسلمين واجتراء المشركين وفي الخروج رد عن المسلمين وإظهار قوتهم وشجاعتهم
فانقسمت أربعة أقسام الأول أن تكون واجبة وهي ما إذا الزم الامام بها الثاني أن تكون مستحبة وهي أن يخرج رجل من المشركين فيطلب المبارزة
فيستحب لمن فيه قوة من المسلمين الخروج إليه الثالث أن تكون مكروهة وهي أن يخرج الضعيف من المسلمين الذي لا يعلم من نفسه المقاومة الرابع أن يكون
مباحة وهي أن يخرج ابتداء فيبارز. مسألة. إذا خرج المشرك وطلب المبارزة جاز لكل أحد رميه وقتله لأنه مشرك لا أمان له ولا عهد إلا أن تكون العادة
بينهم جارية ان من خرج يطلب المبارزة لا يتعرض له فيجرى مجرى الشرط فإن خرج إليه أحد يبارزه بشرط أن لا يعينه عليه سواه وجب عليه الوفاء له بالشرط لقوله (ع)
المؤمنون عند شروطهم فإن انهزم المسلم تاركا للقتال أو مثخن بالجراح جاز قتاله لان المسلم إذا صار إلى هذه الحالة فقد انقضى القتال والمشرك شرط الأمان
ما دام في القتال وقد زال ولو شرط المشرك أن لا يقاتل حتى يرجع إلى صفه وجب الوفاء له إلا أن يترك المسلم قتاله أو يثخنه بالجراح فيرجع فيتبعه فيقتله أو يخشى
عليه منه فيمنع ويدفع عن المسلم ويقاتل إن امتنع عن الكف عنه إلا بالقتال لأنه نقض الشرط وأبطل أمانه بمنعهم من تخليصه ولو أعان المشركون صاحبهم كان على
المسلمين أعانه صاحبهم ويقاتلون من أعان عليه ولا يقاتلونه لان النقض ليس من جهته وإن كان قد شرط أن لا يقاتله غير مبارزة وجب الوفاء له فإن استنجد أصحابه
فأعانوه فقد نقض أمانه ويقاتل معهم ولو منعهم فلم يمتنعوا فأمانه باق فلا يجوز قتاله ولكن يقاتل أصحابه هذا إذا أعانوه بغير قوله ولو سكت ولم ينههم عن إعانته
فقد نقض أمانه لان سكوته يدل على الرضا بذلك أما لو استنجدهم فإنه يجوز قتاله مطلقا ولو طلب المشرك المبارزة ولم يشترط جاز معونة قرنه ولو شرط أن لا
يقاتله غيره وجب الوفاء له فإن فر المسلم وطلبه الحربي جاز دفعه سواء فر المسلم مختارا أو لاثخانه بالجراح ويجوز لهم معاونة المسلم مع إثخانه وقال الأوزاعي ليس لهم
ذلك وهو غلط لان عليا (ع) وحمزة أعانا عبيدة بن الحرث على قتل شيبة بن ربيعه حين أثخن عبيدة ولو لم يطلبه المشرك لم تجز محاربته لأنه لم ينقض شرطا وقيل يجوز
قتاله ما لم يشترط الأمان حتى يعود إلى فئة. مسئلة. تجوز المخادعة في الحرب وأن يخدع المبارز قرنه ليتوصل بذلك إلى قتله إجماعا روى العامة إن عمرو بن
عبد ود بارز عليا (ع) فقال ما أحب ذلك يا ابن أخي فقال علي (ع) لكني أحب أن أقتلك فغضب عمرو وأقبل إليه فقال علي (ع) ما برزت لاقاتل اثنين فالتفت عمر فوثب
علي (ع) فضربه فقال عمرو خدعتني فقال علي (ع) الحرب خدعة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) إن عليا (ع) كان يقول لئن تخطفني الطير أحب إلى من أن أقول على رسول الله
ما لم يقل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول الحرب خدعة. مسألة. يكره تبييت العدو ليلا وإنما يلاقون بالنهار إلا مع الحاجة إلى التبييت فيبيتهم ويستحب
أن يلاقوا بالنهار ويبدأ بالقتال بعد الزوال ويكره قبله إلا مع الحاجة ويكره أن يعرقب الدابة وإن وقفت به ذبحها ولا يعرقبها وأما نقل رؤوس المشركين
إلى بلاد الاسلام فإن اشتمل على نكاية في الكفار لم يكن مكروها وكذا إن أريد معرفة المسلمين بموته فإن أبا جهل لما قتل حمل رأسه وإن لم يكن كذلك كان
مكروها لأنه لم ينقل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله رأس كافر (قط) وللشافعي وجهان الكراهة وعدمها. الفصل الثالث. في الأمان وفيه مباحث الأول
في تعريفه وتسويغه. مسألة. عقد الأمان ترك القتال إجابة لسؤال الكفار بالامهال وهو جايز إجماعا قال الله تعالى " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره
حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمن المشركين يوم الحديبية وعقد معهم الصلح ومن طريق الخاصة ما رواه السكوني عن عن الصادق (ع) قال
قلت ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله يسعى بذمتهم أدناهم قال لو أن جيشا من المسلمين حاصر قوما من المشركين فأشرف رجل فقال اعطوني الأمان حتى ألقى صاحبكم فانظره
فأعطاه الأمان أدناهم وجب على أفضلهم الوفاء به ولا خلاف بين المسلمين في ذلك. مسألة. إنما يجوز عقد الأمان مع اعتبار المصلحة فإن اقتضت المصلحة ترك
الأمان وأن لا يجابوا إليه لم يفعل لأنه مصلحة في بعض الأحوال ومكيدة من مكايد القتال في المبارزة فإذا لم يكن مصلحة لم يجز فعله وسواء في ذلك عقد الأمان لمشرك
واحد أو لجماعة كثيرة فإنه جايز مع المصلحة إجماعا ومن طلب الأمان من الكفار ليسمع كلام الله ويعرف شرايع الاسلام وجب أن يعطى أمانا ثم ترد إلى مأمنه للآية
ويجوز أن يعقد الأمان لرسول المشركين وللمستأمن لان النبي صلى الله عليه وآله كان يؤمن لرسول المشركين ولان الحاجة تدعوا إلى المراسلة ولو قتلوا رسلهم لقتلوا رسلنا
فتفوت المصلحة ولا تقدر مدة العقد لهما بقدر بل يجوز مطلقا ومقيدا وبزمان طويل أو قصير نظر إلى المصلحة. البحث الثاني. في العاقد. مسألة.
يجوز للامام عقد الصلح إجماعا لان أمور الحرب موكولة إليه كما كانت (موكوله صح) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فإن رأى المصلحة في عقده لواحد فعل وكذا لأهل حصن أو قرية أو بلد
أو إقليم ولجميع الكفار بحسب المصلحة لعموم ولايته ولا نعلم فيه خلافا وأما نائبة (فإن كانت ولايته صح) عامة كان له ذلك أيضا وإن لم تكن ولايته عامة جاز عقد أمانه لجميع من في ولايته
ولآحادهم وأما غير ولايته فحكمه حكم آحاد الرعايا وأما آحاد الرعية فيصح أمان الواحد منهم للواحد من المشركين وللعدد اليسير كالعشرة والقافلة القليلة و
الحصن الصغير لعموم قوله (ع) ويسعى بذمتهم أدناهم ولقول الصادق (ع) إن عليا (ع) أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن وقال هو من المؤمنين ولأن علة تسويغه
للواحد وهو استمالته إلى الاسلام مع الامن منه موجود في العدد اليسير أما العدد الكثير من المشركين فإنه مأكول إلى الامام خاصة لان في تسويغه
للواحد من المسلمين تعطيلا للجهاد على الامام وتقوية للكفار. مسألة. يصح عقد الأمان من الحر والعبد المأذون له في الجهاد وغير المأذون
عند علمائنا أجمع وبه قال أكثر العلماء والثوري والأوزاعي والشافعي واحمد وإسحاق وهو مروى عن علي (ع) وعن عمر لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال
ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخضر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل منه صرف ولا عدل ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
414

عليا (ع) أجاز أمان عبد مملوك لأهل حصن وهو من المؤمنين ولأنه مسلم مكلف غير متهم في حق المسلمين فيصح أمانه كالحر وقال أبو حنيفة وأبو يوسف
لا يصح أمان العبد إلا أن يكون مأذونا له في القتال لأنه لا يجب عليه الجهاد فلا يصح أمانه كالصبي وينتقض بالمرأة والمأذون له. مسألة. يصح أمان المرأة
إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله أجاز أمان أم هاني وقال أنا نجيزه على المسلمين أدناهم وأما المجنون فلا ينعقد أمانه لرفع القلم عنه وكذا الصبى لا ينعقد أمانه وإن كان مميزا
مراهقا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لرفع القلم عنه وقال مالك واحمد يصح أمان المراهق لقوله (ع) أنا نجير على المسلمين أدناهم وليس حجة لعدم إسلامه حقيقة
إنما هو تمرين وأما المكره فلا ينعقد أمانه إجماعا وكذا من زال عقله بنوم أو سكر أو إغماء أو غير ذلك لعدم معرفته بمصلحة المسلمين فأشبه المجنون وأما الكافر
فلا ينعقد أمانه وإن كان ذميا لان النبي (ص) قال ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فجعل الذمة للمسلمين ولأنه متهم على المسلمين وأما الأسير من المسلمين
فإذا عقد أمانا باختيار نفذ وبه قال الشافعي واحمد وكذا يجوز أمان التاجر والأجير في دار الحرب وقال الثوري لا يصح أمان أحد منهم والعموم يبطله والشيخ الهم
والسفيه ينعقد أمانهما وبه قال الشافعي للعموم. مسألة. إذا انعقد الأمان وجب الوفاء به على حسب ما شرط فيه من وقت وغيره ما لم يخالف المشروع
بالاجماع قال الباقر (ع) ما من رجل (آمن رجلا صح) على ذمته ثم قتله إلا جاء يوم القيمة يحمل لواء الغدر ولو انعقد فاسدا لم يجب الوفاء به إجماعا كأمان الصبى والمجنون وكما إذا تضمن
الذمام شرطا لا يسوغ الوفاء به وفي هذه الحالات كلها يجب رد الحربي إلى مأمنه ولا يجوز قتله لأنه إعتقد صحة الأمان وهو معذور لعدم علمه بأحكام الاسلام
وكذا كل حربي دخل دار الاسلام بشبهة الأمان كمن سمع لفظا فاعتقده أمانا أو صحب رفقة فتوهمها أمانا أو طلبوا أمانا فقال المسلمون لا نذمكم فاعتقدوا
إنهم أذموهم فلا يجوز قتلهم بل يردون إلى مأمنهم لقول الصادق (ع) والكاظم (ع) لو أن قوما حاصروا مدينة فسألوهم الأمان فقالوا لا فظنوا أنهم قالوا نعم فنزلوا إليهم
كانوا آمنين. البحث الثالث. فيما ينعقد به الأمان. مسألة. الأمان ينعقد بالعبارة والمراسلة والإشارة المفهمة والمكاتبة وقد ورد في الشرع
للعبارة صيغتان اجرتك وأمنتك قال الله تعالى وإن أحد المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله وقال النبي صلى الله عليه وآله من دخل دار أبي سفيان فهو امن ومن أغلق بابه
فهو امن وينعقد الأمان بأي اللفظين وقع ومما يؤدى معناهما مثل أذممتك أو أنت في ذمة الاسلام سواء أدى بالتصريح أو بالمكاتبة مع القصد بلغة العرب
أو بغيرها فلو قال بالفارسية مترس أي لا تخف فهو أمن أما قوله لا بأس عليك أو لا تخف أو لا تذهل أو لا تحزن وما شاكله فإن علم من قصده الأمان فهو امن لان
المراعى القصد لا اللفظ وإن لم يقصد لم يكن أمانا إلا أنهم لو سكنوا إلى ذلك ودخلوا لم يتعرض لهم ويردون إلى مأمنهم وكذا لو ارمى مسلم إلى مشرك بما يوهمه أمانا فأخلد إليه
ودخل دار الاسلام ولو أشار المسلم إليهم بما يرونه أمانا وقال أردت به الأمان فهو أمان وإن قال لم أرد به الأمان فالقول قوله لأنه أبصر بنيته فيرجع إليه ولو دخل
بسفارة أو لسماع كلام الله لم يفتقر إلى عقد أمان بل ذلك القصد يؤمنه وقصد التجارة لا يؤمنه وإن ظنه أمانا ولو قال الوالي امنت من قصد التجارة صح ولو خرج
الكفار من حصنهم بناء على هذه الإشارة وتوهمهم إنها أمان لم يجز قتلهم ولو مات المسلم ولم يبين أو غاب كانوا آمنين وردوا إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا ولو قال
للكافر قف أو قم أو ألق سلاحك فليس أمانا خلا فان لبعض العامة وقال الأوزاعي لو ادعى الكافر إنه أمان أو قال إنما وقفت لندائك فهو أمن وإن لم يدع ذلك فليس
أمانا وهو غلط لأنه لفظ لا يشعر منه الأمان ولا يستعمل فيه دايما فإنه إنما يستعمل غالبا للإرهاب والتخويف فيصدق المسلم فإن قال قصدت الأمان فهو أمان وإن
لم أرده سئل الكافر فإن قال اعتقدته أمانا رد إلى مأمنه ولم يجز قتله وإن لم يعتقده فليس بأمان ولو رد الكافر الأمان ارتد الأمان وإن قبل صح ولا يكفي سكوته بل لابد
من قبوله ولو بالفعل ولو أشار عليهم مسلم في صف الكفار فانحاز إلى صف المسلمين وتفاهما الأمان فهو أمان وإن ظن الكافر إنه أراد الأمان والمسلم لم يرده
فلا يغتال بل يلحق بمأمنه ولو قال ما فهمت الأمان اغتيل. مسألة. يجوز الأمان بالمراسلة وينبغي لأمير العسكر أن يتخير للرسالة رجلا مسلما أمينا عدلا
ولا يكون خاينا ولا ذميا ولا حربيا مستأمنا لقوله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " وأنكر عمر على أبي موسى الأشعري لما اتخذ كاتبا نصرانيا وقال اتخذت
بطانة من دون المؤمنين وقد قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونهم خبالا " أي لا يقصرون في فساد أموركم وينبغي أن يكون بصيرا
بالأمور عارفا بمواقع أداء الرسالة وإذا أرسل الأمير رسولا مسلما فذهب الرسول إلى أمير المشركين فبلغه الرسالة ثم قال له إني أرسل على لساني إليك الأمان
ولأهل ملتك فافتح الباب ثم ناوله كتابا صنعه على لسان الأمير وقرأه بمحضر من المسلمين فما فتحوا ودخل المسلمون وشرعوا في السبى فقال لهم أمير المشركين إن رسولكم
أخبرنا إن أميركم آمنا وشهد أولئك المسلمون على مقالته كانوا آمنين ولم يجز سبيهم لعسر التمييز بين الحق والاحتيال في حق المبعوث إليه إذا الاعتماد على خبره فيجعل
كأنه صدق بعد ما يثبت رسالته لئلا يؤدى إلى الغرور في حقهم وهو حرام. مسألة. لو أرسل الأمير إليهم من يخبرهم بأمانه ثم رجع الرسول فأخبره بأداء الرسالة
فهم آمنون وإن لم يعلم المسلمون التبليغ لان البناء إنما هو على الظاهر فيما لا يمكن الوقوف على حقيقته ولان
قول الرسول يحتمل الصدق فتثبت شبهة التبليغ
ولو كتب من ليس برسول كتابا فيه أمانهم وقراءة عليهم وقال إني رسول الأمير إليكم لم يكن أمانا من جهته لأنه ليس للواحد من المسلمين أن يؤمن حصنا كبيرا ولا من
جهة الامام لأنه ليس برسوله ولا غرور هنا لان التقصير من جهتهم حيث عولوا على قول مجهول لم يعتضد بشهادة أحد من المسلمين ولو ناداهم من صف المسلمين
مسلم وهم قليلون يصح أمان الواحد لهم إني رسول الأمير إليكم وإنه آمنكم كان أمانا من جهته لان من يملك الأمان إذا أخبر عمن يملك الأمان كان
أمانا صحيحا لأنه على تقدير صدقه يكون أمانا من جهة المخبر عنه وعلى تقدير كذبه يكون أمانا من جهته. مسألة. إذا أمن الامام أو نايبه المشركين ثم بعث إليهم
رسولا لينبذن إليهم ويخبرهم نقض العهد فجاء الرسول وأخبر باعلامهم لم يعرض لهم حتى يعلموا ذلك بشاهدين لان خبره داير بين الصدق والكذب وليس بحجة في نقض
العهد لتعلقه باستباحة السبى واستحلال الأموال والفروج والدماء وهو لا يثبت مع الشبهة بخلاف الأمان فان قوله حجة فيه لتعلقه بحفظ الأموال وحراسته
الأنفس وحقن الدماء وهو يثبت مع الشبهة فلو أغار المسلمون فقالوا لم يبلغنا خبر رسولكم فالقول قولهم لانهم أنكروا نبذ الأمان والأصل معهم فيصار
إلى قولهم لان في وسع الامام أن ينفذ إليهم مع الرسول شاهدين أما لو كتب الامام إليهم نقض العهد وسيره مع رسوله وشاهدين فقرأه عليهم بالعربية
واحتاجوا إلى ترجمان يترجم بلسانهم وشهد الآخران عليهم فادعوا إن الترجمان لم يخبرهم بنقض العهد بل أخبرهم بأن الامام زاد في مدة الأمان لم يلتفت
إليهم لان الامام أتى بما في وسعه من الاخبار بالنقض والشهادة وإنما التقصير من جهتهم حيث اختاروا للترجمة خاينا إلا أن يعلم من حضر من المسلمين أن الترجمان
خان فيقبل قولهم ولو خاف الامام أن يكون الرسول قد رأى عورة للمسلمين يدل عليها العدو جاز له منعه من الرجوع وكذا يمنع التاجر لو انكشف على عورة
415

ينبغي إخفاؤها عن المشركين ويجعل عليها حرسا يحرسونها نظرا للمسلمين ودفعا للفتنة عنهم ولو خاف هربهما مع احتياجه إلى حفظهما جاز له أن يقيدهما حتى تنقضي
الحاجة ولو لم يخف الامام منهما انفذهما فإن خافا من اللصوص سير معهما من يبلغهما مأمن هما لقوله تعالى " ثم أبلغه مأمنه " ويجوز الاستيجار عليه من بيت المال وكذا مؤنتهما
من بيت المال حالة منعهما. البحث الرابع. في وقت الأمان. مسألة. وقت الأمان قبل الأسر فيجوز عقده (لآحاد المشركين قبل الأسر إجماعا وهل يجوز صح) لآحاد المسلمين عقد الأمان بعد الأسر
منعه علماؤنا أكثر أهل العلم لأنه قد ثبت للمسلمين حق استرقاقه فلا يجوز إبطاله ولان المشرك إذا وقع في الأسر يتخير الامام فيه بين أشياء تأتى ومع الامن يبطل
التخيير فلا يجوز إبطال ذلك عليه وقال الأوزاعي يصح عقده بعد الأسر لان زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أجازت زوجها أبا العاص بن الربيع فأجاز النبي (ص) أمانها
وليس حجة لان الامام ذلك فكيف النبي صلى الله عليه وآله والنزاع في آحاد المسلمين. مسألة. يجوز للامام أن يؤمن الأسير بعد الاستيلاء عليه والأسر لان النبي (ص) أجاز
أمان زينب لزوجها ولان الامام أن يمن عليه فيطلقه والأمان دليل على ذلك بخلاف آحاد المسلمين ولو حصل الكافر في مضيق أو في حصن فلحقه المسلمون صح
الأمان لأنه بعد على الامتناع ولو أقر المسلم بأمان المشرك فإن كان في وقت يصح منه إن شاء الأمان صح إقراره وقبل منه إجماعا وإن كان في وقت لا يصح
منه إنشاؤه كما لو أقر بعد الأسر لم يقبل قوله إلا أن يقوم بينة بأمانه قبل الأسر ولو شهد جماعة من المسلمين إنهم أمنوه لم يقبل لانهم يشهدون
على فعلهم وبه قال الشافعي وقال بعض العامة يقبل لانهم يشهدون على فعلهم وبه قال الشافعي وقال بعض العامة يقبل لانهم عدول من المسلمين غير متهمين
شهدوا بأمانه فوجب أن يقبل كما لو شهدوا على غيرهم إنه أمنه أما لو شهد بعضهم إن البعض الاخر أمنه قبل. مسألة. لو جاء مسلم بمشرك فادعى
إنه أسره وادعى الكافر أنه أمنه قدم قول المسلم لاعتضاده بأصالة إباحة دمه وعدم الأمان وقيل يقبل قول الأسير لاحتمال صدقه فيكون شبهة في
حقن دمه وقيل يرجع إلى شاهد الحال فإن كان الكفار ذاقوه ومعه سلاحه فالظاهر صدقه وإلا فالظاهر كذبه ولو صدقه المسلم لم يقبل لأنه لا يقدر على أمانه ولا
يملكه فلا يقبل إقراره به وقيل يقبل لأنه كافر لم يثبت أسره ولا نازعه فيه منازع فقبل قوله في الأمان ولا بأس به ولو أشرف جيش الاسلام على الظهور
فاستذم الخصم جاز مع نظر المصلحة ولو استذموا بعد حصولهم في الأسر فاذم لم يصح على ما قلنا ولو ادعى الحربي الأمان فأنكر المسلم فالقول قول المسلم
لأصالة عدم الأمان وإباحة دم المشرك ولو حيل بينه وبين الجواب بموت أو إغماء لم يسمع دعوى الحربي وفي الحالين يرد إلى مأمنه ثم هو حرب. مسألة
شرط (الأمان صح) أن لا يزيد على سنة إلا مع الحاجة ويصح على أربعة أشهر وفوق ذلك إلى السنة وللشافعي فيما بين السنة وأربعة أشهر قولان ولو أمن جاسوسا أو من
فيه مضرة لم يصح ولا يشترط المصلحة في عقد الأمان بل يكفي عدم المضرة في الصحة ويصح الأمان بجعل وغيره فلو حصر المسلمون حصنا فقال لهم رجل أمنوني افتح
لكم الحصن جاز أن يعطوه أمانا إجماعا فإن أمنوه لم يجز لهم نقض أمانه فإن أشكل القايل وادعاه كل واحد من أهل الحصن فإن عرفه صاحب الأمان عمل على ما عرف وإن لم يعرف لم يقتل
واحد منهم لاحتمال صدق كل واحد وقد حصل اشتباه المحرم بالمحلل فيما لا ضرورة إليه فكان الكل حراما كالأجنبية المشتبهة بالأخت قال الشافعي ويحرم استرقاقهم
لما قلنا في القتل فإن استرقاق من لا يحل استرقاقه محرم وقال (بعض الشافعية صح) يقرع فيخرج صاحب الأمان ويسترق الباقي لان الحق لواحد وقد اشتبه كما لو أعتق عبدا من عشرة ثم اشتبه بخلاف
القتل فإن الاحتياط فيه أبلغ من الاحتياط في الاسترقاق قال الأوزاعي لو أسلم واحد من أهل الحصن قبل فتحه وكانوا عشرة فاسترق علينا ثم أشكل فادعى كل واحد منهم
إنه الذي أسلم سعى كل واحد منهم في قيمة نفسه وترك له عشر قيمته. البحث الخامس. فيما يدخل في الأمان. مسألة. إذا نادى المشركون بالأمان كانت المصلحة
تقتضيه امنهم وإلا فلا فإذا طلبوا الأمان لأنفسهم كانوا مأمونين على أنفسهم وللشافعي في السراية إلى ما معه من أهل ومال (لو قال آمنتك صح) قولان ولو طلبوا أمانا لأهليهم فقالوا
آمنوا أهلينا فقال لهم المسلمون أمناهم فهم فئ وأهليهم آمنون لأنه لم يذكروا أنفسهم صريحا ولا كناية فلا يتناولهم الأمان أما لو قالوا نخرج على أن نراوضكم في الأمان
على أهلنا فقالوا لهم أخرجوا فهم آمنون وأهلهم لانهم بأمرهم بالخروج للمراوضة على الأمان آمنوهم ولهذا لو لم يتفق بينهم أمر كان عليهم أن يردوهم إلى مأمنهم. مسألة.
لو قالوا آمنونا على ذريتنا فآمنوهم على ذلك فهم آمنون وأولادهم وأولاد أبنائهم وإن سفلوا لعموم اسم الذرية جميع هؤلاء والأقرب دخول أولاد البنات لقوله تعالى
ومن ذريته إلى قوله وعيسى ولان الذرية اسم للفرع المتولد من الأصل والام والأب أصلان في ايجاد الولد بل التولد والتفرع في جانب الام أرجح لان ماء الفحل يصير
مستهلكا في الرحم وإنما يتولد منها بواسطة ماء الفحل ولو قال آمنونا على أولادنا ففي دخول أولاد البنات إشكال. مسألة. لو قالوا آمنونا على إخوتنا ولهم إخوة
وأخوات فهم آمنون لتناول اسم الأخوة الذكر والأنثى الاجتماع؟ قال الله تعالى وإن كانوا إخوة رجالا ونساء ولا تدخل الأخوات بانفرادهن لان اسم الذكورة لا يتناولهن
منفردات وكذا لو قالوا أمنونا على أبنائنا دخل فيه الذكور والإناث ولا يتناول الإناث بانفرادهن إلا إذا كان المضاف إليه بالقبيلة؟ المراد به النسبة إلى القبيلة ولو
تقدم من المستأمن لفظ يدل على طلب الإناث لهن انصراف الأمان إليهن وإن كان بلفظ الذكور مثل ليس لي إلا هؤلاء البنات والأخوات وامنوني على بنتي واخوتي ولو قال
أمنونا على آبائنا ولهم آباء وأمهات دخلوا جميعا في الأمان لتناول اسم الآباء لهما قال الله تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس وكذا لو كان له أب واحد وأمهات شتى لتناول
الأب (الاسم) للجميع من حيث الاستعمال وهل يدخل الأجداد في الاباء الأولى ذلك لان الأب يطلق عليه من حيث إنه أب الأب ويكفى في الأصناف أدنى ملابسته وقال أبو حنيفة لا يدخلون
لان اسم الأب لا يتناول الأجداد حقيقة ولا بطريق التبعية لانهم أصول الآباء يختصون باسم خاص فلا يتناولهم اسم الآباء على وجه التبعية لفروعهم ولو قالوا امنونا على
أبنائنا دخل فيه أبناء الأبناء أيضا لان اسم الابن يتناول ابن الابن لأنه طلب الأمان لمن يضاف إليه بالبنوة إلا أنه ناقص في الإضافة والنسبة إليه لأنه يضاف إليه بواسطة
الابن لأنه متفرع عنه ومتولد بواسطة الابن والإضافة الناقصة كافية في إثبات الأمان لأنه يحتاط في إثباته لان موجبه حرمة الاسترقاق والشبهة ملحقة بالحقيقة
في موضع الاحتياط بخلاف الوصية فإن الشبهة فيها غير كافية في الاستحقاق لثبوت مزاحمة الوارث وهذا كله إنما هو بلسان العرب فالحكم متعلق به مع استعماله
لكنا قد بينا إن صيغة الأمان تكفى فيه أي لغة كانت فلو كان بعض اللغات يتناول ما أخرجناه في بعض هذه الصور وطلب الأمان بتلك اللغة دخل فيه ما أخرجناه
وكذا لو اعتقد المشرك دخول من أخرجناه في الأمان حتى خرج بهم لم يجز التعرض لهم لانهم دخلوا إلينا بشبهة الأمان فيردون إلى مأمنهم ثمن يصيرون حربا. مسألة.
يصح عقد الأمان للمرأة على قصد العصمة عن الاسترقاق وهو أحد وجهي الشافعي للأصل ولأنه غرض مقصود ويصح على سبيل التبعية فجاز على سبيل الاستقلال
والثاني لا يصح لأنه تابع وإذا أمن الأسير من أسره فهو فاسد لأنه كالمكره إلا أن يعلم اختياره في ذلك ولو أمن غيره جاز وللشافعية وجهان ويلزمه حكمه وإن لم
يلزم غيره فلو امنهم وامنوه بشرط أن لا يخرج من دارهم لزمه الخروج مهما قدر قالت الشافعية وإن حلف بالطلاق والعتاق والايمان المغلظة لكن يكفر عن يمينه ودعة يقع
416

طلاقه وعتاقه فلا رخصه في المقام حيث يذل المسلم ولكن عند الخروج لا يغتالهم إن امنهم ولو أتبعه قوم فله دفعهم وقتالهم دون غيرهم ولو شرطوا عليه الرجوع
لم يلزمه ولو شرط إنفاذ مال لم يلزمه وإن كان قد اشترى منهم شيئا ولزمه الثمن وجب إنفاذه وان أكره على الشراء فعليه رد العين قاله الشافعي في الجديد وقال في القديم
يتخير بين رد العين والثمن إذ يقف العقد على إجازته. مسألة. لو قال أعقدوا؟ الأمان على أهل حصني على أن افتحه لكم فأمنوه على ذلك فهو أمن وأهل الحصن آمنون و
قال الحنفية أموالهم كلها فئ لان الأمان بشرط فتح الباب لا تدخل فيه الأموال لا بالتنصيص ولا التبعية للنفوس لأنه لم تبق للمسلمين حينئذ فايدة في فتح الباب وإنما قصدوا
بذلك التوسل إلى استغنام أموالهم ولو قال اعقدوا لي الأمان على أهل حصني على أن أدلكم على طريق موضع كذا ففعلوا ففتحوا الباب فجميع النفوس والأموال تدخل
في الأمان لان شرط الأمان هنا جرى على الدلالة لا على فتح الباب فيكون كلامه بيانا إنه يدلهم يستمكنوا في الدار في حصنه مع أهل الحصن فيدخل الأموال تبعا
للنفوس لأنه لا يمكنهم المقام فيه إلا بالمال بخلاف الصورة الأولى لان في اشتراط فتح الباب دلالة على أن الذين يتناولهم الأمان غير مقرين بالسكنى في الحصن وإنما تدخل
الأموال في الأمان لان التمكن من المقام بالأموال وإذا انعدم السكنى لم تدخل الأموال في الأمان ولو قال اعقدوا لي الأمان على أن تدخلوا فيه فتصلوا دخل
الأموال في الأمان لان فيه تصريحا بفايدة فتح الباب وهو الصلاة فيه دون ازعاج أهله وقد يرغب المسلمون في الصلاة في ذلك المكان إما لينقل الخبر بأن المسلمين
صلوا جماعة في الحصن الفلاني فيدخل الرعب في قلوب باقي المشركين أو ليكونوا قد عبدوا الله في مكان لم يعبده في ذلك المكان أهله ومكان العبادة شاهدة للمؤمن
يوم القيمة ولو قال امنوني على قلعتي أو مدينتي فامنوه دخل المال والأنفس فيه وإن كان تنصيص الأمان إنما هو عليهما لا غير لان المقصود من هذا الأمان بقاء القلعة
والمدينة على ما كانتا عليه عرفا وتكون هو المتصرف والمتغلب وليس غرضه إبقاء عين القلعة أو المدينة مع إفناء أهلهما ونهب الأموال ولو قال امنوني على ألف درهم من
مالي على أن افتح لكم الحصن فهو آمن على ما طلب ويكون الباقي فيئا ولو لم يف ماله بالألف لم يكن له زيادة على ماله ولو لم يكن له دراهم ولكنه كان له عروض اعطى من ذلك
ما يساوى ألفا لأنه شرط في الأمان جزءا من ماله والأموال كلها جنس واحد في صفة المالية أما لو قال على ألف درهم من دراهمي ولا دراهم له كان لغوا لأنه شرط جزءا من
دراهمه ولا دراهم له فلا يصادف الأمان محلا فيكون لغوا. البحث السادس. في الاحكام. مسألة. قد بينا إن من عقد أمانا لكافر وجب عليه الوفاء
به ولا يجوز الغدر فإن نقضه كان غادرا وآثما ويجب على الامام منعه عن النقض إن عرف الأمان إذا عرفت هذا فلو عقد لحربي الأمان ليسكن دار الاسلام وجب
الوفاء له ودخل ماله تبعا له في الأمان وإن لم يذكره لان الأمان يقتضى الكف عنه وأخذ ماله يوجب دخول الضرر عليه فيكون نقضا للأمان وهو حرام ولو شرط
الأمان لماله كان له ذلك تأكيدا ولو دخل الحربي دار الاسلام بغير أمان ومعه متاع فهو حرب لا أمان له في نفسه ولا في ماله إلا أن يعتقدان أن دخوله بمتاعه على سبيل التجارة
أمان له فإنه لا يكون أمانا ويرد إلى مأمنه ولو ركب المسلمون في البحر فاستقبلهم فيه تجار كفار من أرض العدو ويريدون بلاد الاسلام قال بعض العامة لم يقاتلوا ولم
يعترضوا فيه نظر. مسألة. لو دخل الحربي دار الاسلام بتجارة معتقدا إنه أمان فهو أمن حتى يرجع إلى مأمنه ويعامل بالبيع والشراء ولا يسئل عن شئ وإن لم تكن
معه تجارة وقال جئت مستأمنا لم يقبل منه ويكون الامام مخيرا فيه وبه قال الأوزاعي والشافعي ولو كان ممن ضل الطريق أو حملته الريح في المركب إلينا كان فيئا
وقيل يكون لآخذه ولو دخل دار الاسلام بأمان دخل أمان ماله فلو عاد إلى دار الحرب بنية الرجوع إلى دار الاسلام فالأمان باق لأنه على نية الإقامة في دار الاسلام
وإن كان للاستيطان في دار الحرب بطل في نفسه دون ماله لأنه بدخوله دار الاسلام وأخذ الأمان (ثبت الأمان
صح) في مناله الذي معه فإذا بطل في نفسه بمعنى لم يوجد في المال
وهو الدخول في دار الحرب بقى الأمان في ماله لاختصاص المقتضى بالنفس أما لو أخذه معه إلى دار الحرب فإنه ينتقض الأمان فيه كما ينتقض في نفسه ولو لم يأخذه فأنفذ
في طلبه بعث به إليه تحقيقا للأمان فيه ويصح تصرفه فيه ببيع وهبة وغيرهما ولو مات في دار الحرب أو قتل انتقل إلى وارثه فإن كان مسلما ملكه مستقرا وإن كان
حربيا انتقل إليه وانتقض فيه الأمان وبه قال أبو حنيفة لأنه مال لكافر لا أمان بيننا وبينه لا في نفسه ولا ماله فيكون كساير أموال أهل الحرب وقال احمد لا يبطل الأمان
بل يكون باقيا وبه قال المزني وللشافعية قولان لان الأمان حق لازم متعلق بالمال فإذا انتقل إلى الوارث انتقل بحقه كساير الحقوق من الرهن والضمان والشفعة
ونمنع ملازمته للمال لان الأمان تعلق بصاحبه وقد مات فيزول الأمان المتعلق به. مسألة. إذا مات الحربي في دار الحرب وقد أخذ الأمان لاقامته في دار الاسلام
وأقام بها تبعه ماله وزال الأمان عنه بموته كما قلناه فينتقل إلى الامام خاصة من الفئ لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ولا أخذ بالسيف فهو بمنزله ميراث من لا
وارث له ونقل المزني عن الشافعي إنه يكون غنيمة وهو ممنوع لأنه لم يؤخذ بالقهر والغلبة وينتقل المال إلى وارث الحربي سواء كان الوارث في دار الاسلام أو في
دار الحرب فإن كان الوارث حربيا في الدارين صار فيأ للامام على ما قلناه وقال الشافعي في أحد الوجهين لا ينتقل إلى وراثه في دار الاسلام لأنه مع اختلاف الدارين يسقط
الميراث وليس بجيد وكذا الذمي إذا مات وله ولد في دار الاسلام وولد في دار الحرب كان ميراثه لهما ولو كان له ولد في دار الاسلام صار ماله ولو كان في دار الحرب انتقل
ماله إليه وصار فيأ ولو دخل دار الاسلام فعقد أمانا لنفسه ثم مات في دار الاسلام وله مال فإن كان وارثه مسلما ملكه وإن كان كافرا في دار الحرب انتقل المال
إليه وصار فيأ لأنه مال لكافر لا أمان بيننا وبينه فيكون فيأ وقال بعض الشافعية يرد إلى وارثه واختلفوا على طريقين منهم من قال فيه للشافعي قولان كما لو مات
في دار الحرب ومنهم من قال هنا يرد قولا واحدا لأنه إذا رجع إلى دار الحرب فقد بطل أمانه ومن مات وأمانه باق فحينئذ ينتقل إلى الامام لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا
ركاب وكذا لو لم يكن له وارث. مسألة. لو كان للحربي أمان فترك ماله ونقض الأمان ولحق بدار الحرب فإن الأمان باق في ماله فإن رجع ليأخذ ماله جاز
سبيه وقال بعض الشافعية لا يجوز ويكون الأمان ثابتا لأنا لو سبيناه أبطلنا ملكه وأسقطنا حكم الأمان في ماله وليس بجيد لان ثبوت الأمان لماله لا يثبت له
الأمان كما لو دخل إلى دار الاسلام بأمان ثم خرج إلى دار الحرب فإن الأمان باق في المال دونه وكما لو أدخل ماله بأمان وهو في دار الحرب فإن الأمان لا يثبت له لو دخل
دار الاسلام ويثبت لما له ولو أسر الحربي الذي لماله أمان لم يزل الأمان عن ماله ثم لا يخلوا إما أن يمن عليه الامام أو يسترقه أو يفاديه أو يقتله فإن قتله انتقل
إلى وارثه المسلم إن كان وإلا فإلى الحربي وصار فيأ فإن فأداه أو من عليه رد ماله إليه وإن استرقه زال ملكه عنه لان المملوك لا يملك شيئا وسار فيأ وإن أعتق بعد
ذلك لم يرد إليه وكذا لو مات لم يرد على ورثته سواء كانوا مسلمين أو كفارا لأنه لم يترك شيئا. مسألة. إذا دخل المسلم أرض العدو بأمان فسرق شيئا وجب
عليه رده إلى أربابه لانهم اعطوه الأمان بشرط أن يترك خيانتهم وإن لم يكن مذكورا صريحا فإنه معلوم من حيث المعنى ولو أسر المشركون مسلما ثم اطلقوه
بأمان على أن يقيم في دارهم ويسلمون من جنايته حرمت عليه أموالهم بالشرط ولا يجوز عليه المقام مع القدرة على الهجرة ولو لم يأمنوه ولكن استرقوه واستخدموه
417

فله الهرب وأخذ ما أمكنه من مالهم لأنه قهروه على نفسه ولم يملكوه بذلك فجاز له قهرهم ولو اطلقوه على مال لم يجب الوفاء به لان الحر لا قيمه له ولو دخل المسلم دار الحرب
بأمان فاقترض من حربي مالا وعاد إلينا ودخل صاحب المال بأمان كان عليه رده إليه لان مقتضى الأمان الكف عن أموالهم ولو اقترض حربي مالا ثم دخل المقترض
إلينا بأمان كان عليه رده إليه لان الأصل وجوب الرد ولا دليل على براءة الذمة منه ولو تزوج الحربي بحربيه وامهرها مهرا وجب عليه رده عليها وكذا لو أسلما معا
وترافعا إلينا فإنا نلزم الزوج المهر إن كان مما يصح للمسلمين تملكه وإلا وجب عليه قيمته خاصة ولو تزوج الحربي بحربيه ثم أسلم الحربي خاصة والمهر في ذمته لم يكن
للزوجة مطالبته به لأنها أهل حرب ولا أمان لها على هذا المهر وكذا لو ماتت ولها ورثة كفار لم يكن لهم أيضا المطالبة به لما مر في الزوجة ولو كان الورثة مسلمين
كان لهم المطالبة به ولو ماتت الحربية ثم أسلم الزوج (بعد موتها كان لوارثها المسلم مطالبة الزوج صح) بالمهر وليس للحربي مطالبته به وكذا لو أسلمت قبله ثم ماتت طالبه وارثها المسلم دون الحربي ولو دخل المسلم
أو الحربي دار الحرب مستأمنا فخرج بمال من مالهم اشترى به شيئا لم يتعرض له سواء كان مع المسلم أو الذمي لأنه أمانة معهم وللحربي أمان ولو دفع الحربي إلى الذمي
في دار الاسلام شيئا وديعة كان في أمان إجماعا. مسألة. إذا خلى المشركون أسيرا مسلما من أيديهم واستحلفوه على أن يبعث إليهم فداء عنه أو يعود إليهم فإن
كان كرها لم يلزمه الوفاء لهم برجوع ولا فدية إجماعا لأنه مكره وإن لم يكن مكرها لم يجب الوفاء بالمال وبه قال الشافعي لأنه حر لا يستحقون بدله فلا يجب الوفاء
بشرطه وقال عطا والحسن والزهري والنخعي والثوري والأوزاعي واحمد يجب الوفاء به لقوله تعالى " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم " وليس حجة لأنه ليس على إطلاقه إجماعا بل
المعتبر فيه المصلحة الدينية ولو عجز عن المال لم يجز له الرجوع إليهم سواء كان رجلا أو امرأة أما المرأة فاجمعوا على تحريم رجوعها إليهم وأما الرجل فعندنا كذلك
وبه قال الحسن البصري والنخعي والثوري والشافعي واحمد في إحدى الروايتين لان الرجوع إليهم معصية ولا يلزمه بالشرط كما لو كان امرأة وقال الزهري والأوزاعي
واحمد في إحدى الروايتين يلزمه الرجوع لان النبي صلى الله عليه وآله عاهد قريشا على رد من جاءه مسلما وهو ممنوع. مسألة. المستأمن من إذا نقض العهد ورجع إلى داره فما
خلفه عندنا من وديعة ودين فهو باق في عهدة الأمان إلى أن يموت وللشافعي أربعة أوجه أحدهما انه فئ والثاني إنه في أمانه إلى أن يموت فإن مات فهو فئ
والثالث إنه في أمانه فإن مات فهو لوارثه الرابع إنه في أمانه لان عقد الأمان للمال مقصود وإلا فينتقض أيضا تابعا لنفسه والرق كالموت في الرقيق فإن
قلنا يبقى أمانه بعد الرق فلو عتق رد عليه ولو مات رقيقا فهو فئ إذ لا إرث من الرقيق وفيه قول اخر لهم مخرج انه لورثته ومهما جعلناه للوارث فله أن يدخل
بلادنا لطلبه من غير عقد أمان ولهذا العذر يؤمنه لقصد السفارة. البحث السابع. في التحكيم. مسألة. إذا حصر الامام بلدا جاز أن يعقد
عليهم أن ينزلوا على حكمه فيحكم فيهم بما يراه هو أو بعض أصحابه إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله لما حاصر بني قريظة رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فأجابهم النبي صلى الله عليه وآله
إلى ذلك وهل يجوز للامام إنزالهم على حكم الله تعالى قال علماؤنا بالمنع وبه قال محمد بن الحسن لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا حصرتم حصنا أو مدينة فأرادوكم
أن تنزلوهم على حكم الله فلا تنزلوهم فإنكم لا تدرون ما حكم الله تعالى فيهم ولكن انزلوهم على حكم ثم اقضوا فيهم ما رأيتم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في
وصية النبي صلى الله عليه وآله إذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تتركهم ولكن انزلهم على حكمي ثم اقض بينهم بعد بما شئتم فإنكم إذا أنزلتموهم على حكم الله لم تدروا
تصيبوا حكم الله فيهم أم لا ولان حكم الله تعالى في الرجال القتل أو المن أو الاسترقاق أو المعادات وفي النساء الاسترقاق أو المن فيكون
مجهولا فكان الانزال على حكم الله مجهولا فكان باطلا وقال أبو يوسف يجوز ذلك لان حكم الله تعالى معلوم لأنه في حق الكفرة القتل في المقاتلين والاسترقاق في ذراريهم
والاستغنام في أموالهم ونحن نقول حكم الله تعالى معلوم في حق قوم ممتنعين ومع الظهور عليهم إما في حق قوم ممتنعين تركوا منعتهم باختيارهم فمجهول. مسألة.
يجوز أن ينزلوا على حكم الامام أو بعض أصحابه فيحكم فيهم بما يرى بلا خلاف فإن النبي صلى الله عليه وآله أجاب بني قريظة لما رضوا بأن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم بقتل
الرجال وسبى الذراري فقال له النبي صلى الله عليه وآله لقد حكم بما حكم الله تعالى به فوق سبعة أرقعة قال الخليل الرقيع اسم سماء هذه الدنيا ويقال كل واحدة رقيع للأخرى فهي
أرقعة. مسألة. يشترط في الحاكم سبعة الحرية والاسلام والبلوغ والعقل والذكورية والفقه والعدالة فالعبد ليس مظنه للفراغ في نظر أمور الناس والدين
وكيفية القتال وما يتعلق به من المصالح لاشتغال وقته بخدمة مولاه والكافر لا شفقة له في حق المسلمين ولا يؤمن عليهم والصبي جاهل بالأمور الخفية المنوطة بالحرب
وكذا المجنون والمرأة قاصرة النظر قليل المعرقة بمواقع الحروب ومصالحه والجاهل قد يحكم بما لا يجوز شرعا والفاسق ظالم فيدخل تحت قوله تعالى " ولا تركنوا إلى
الذين ظلموا فتمسكم " ولا يشترط الفقه بجميع المسايل بل بما يتعلق بالجهاد ويجوز أن يكون أعمى وبه قال الشافعي واحمد لان المقصود رأيه دون بصره والرأي
لا يفتقر إلى البصر وقال أبو حنيفة لا يجوز لأنه لا يصلح للقضاء والفرق احتياج القاضي إلى معرفة المتداعين بالبصر مع إنا نمنع الحكم في الأصل وكذا يجوز
أن يكون محدودا في القذف مع التوبة لاجتماعه الشرايط خلافا لأبي حنيفة ويجوز على حكم أسير معهم مسلم لارتفاع القهر بالرد إليه وقال أبو حنيفة لا يجوز لأنه
مقهور وهو ممنوع ولو كان المسلم عندهم أو عندنا حسن الرأي فيهم احتمل الجواز على كراهية لأنه جامع للصفات والمنع للتهمة ولو نزلوا على حكم رجل غير معين
ويتعين باختيارهم جاز فإن اختاروا من يجوز حكمه قبل وإلا فلا وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يجوز اسناد الاختيار إليهم لأنه قد يختارون ما لا يصلح
للتحكيم أما لو جعلوا اختيار التعيين إلى الامام جاز إجماعا لأنه لا يختار إلا من يصلح للتحكيم ويجوز أن يكون الحاكم اثنين إجماعا فإن اتفقا جاز ولو مات أحدهما لم يحكم
الاخر إلا بعد الاتفاق عليه أو تعيين غيره ولو اختلفا لم ينفذ حكم أحدهما إلا أن يتفقا ويجوز أن يكون الحاكم أكثر من اثنين إجماعا ولو كان أحدهما كافرا لم يجز لان
الكافر لا يركن إليه لا حالة الجمع ولا الانفراد ولو مات الحاكم الواحد قبل الحكم لم يحكم غيره إلا أن يتفقوا على من يقوم مقامه فإن اتفقوا ردوا إلى مأمنهم ولو
رضوا بتحكيم فاقد أحد الشرايط ورضى به الجيش ونزلوا على ذلك إلينا ثم ظهر عدم صلاحيته لم يحكم وردوا إلى مأمنهم ويكونون على الحصار كما كانوا. مسألة.
وينفذ ما يحكم به الحاكم ما لم يخالف مشروعا ويشترط أن يكون الحظ للمسلمين فإن حكم بقتل الرجال وسبى النساء والذرية وغنيمة المال نفذ إجماعا كقضية (لقضية خ ل) سعد
وإن حكم باسترقاق الرجال وسبى النساء والولدان وأخذ الأموال جاز أيضا وإن حكم بالمن وترك السبى بكل حال جاز أيضا إذا رآه حظا لأنه قد يكون مصلحة للمسلمين
وكما يجوز للامام أن يمن على الأسارى مع المصلحة جاز للحاكم وإن حكم بعقد الذمة وأداء الجزية جاز لانهم رضوا به فينفذ كغيره من الاحكام وهو إحدى قولي الشافعي
وفي الاخر لا يلزمه لان عقد الذمة عقد معاوضة فلا يثبت إلا بالتراضي فلهذا لا يسوغ للامام إجبار الأسير على إعطاء الجزية والفرق إن الأسير لم يرض بفعل الامام
وهؤلاء قد رضوا وإن حكم عليهم بالفداء جاز (كما جاز صح) للامام ولو حكم بالمن على الذرية قال بعض العامة لا يجوز لان الامام لا يملك المن على الذرية إذا سبوا فكذا الحاكم
418

وقال بعضهم يجوز لانهم لم يتعينوا للسبي بخلاف من سبى فإنه يصير رقيقا بنفس السبى وإن حكم على من أسلم بالاسترقاق ومن أقام على الكفر بالقتل جاز لو أراد أن
يسترق بعد ذلك من أقام على الكفر لم يكن له ذلك لأنه لم يدخل على هذا الشرط وإن أراد أن يمن عليه جاز لأنه ليس فيه إبطال شئ شرطه بل فيه إسقاط ما كان
شرطا من القتل ولو حكم بالقتل وأخذ الأموال وسبى الذرية ورأى الامام أن يمن على الرجال أو على بعضهم جاز لان سعدا حكم على بني قريظة بقتل الرجال ثم أن
ثابت بن قيس الأنصاري سأل النبي صلى الله عليه وآله أن يهب له الزبير بن بلطا اليهودي من بني قريظة ففعل بخلاف مال الغنيمة إذا حازه المسلمون فإن ملكهم قد استقر عليه. مسألة.
إذا نزلوا على حكم الحاكم فأسلموا قبل حكمه عصموا أموالهم ودمائهم وذراريهم من الاستغنام والقتل والسبي لانهم أسلموا وهم أحرار ولم يسترقوا وأموالهم تغنم ولو أسلم
بعد الحكم عليهم فإن حكم بقتل الرجال وسبى الذراري ونهب الأموال نفذ الحكم إلا القتل فإنهم لا يقتلون لقوله (ع) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا
قالوها عصموا منى دمائهم ولو أراد الامام استرقاقهم بعد الاسلام لم يجز لانهم ما نزلوا على هذا الحكم بل وجب القتل بالحكم وسقط بالاسلام وقال بعض العامة
يجوز استرقاقهم كما لو أسلموا بعد الأسر وليس بجيد لان الأسير قد ثبت للامام استرقاقه ويكون المال على ما حكم به من الاستغنام وتسترق الذرية وإذا حكم
بقتل الرجال وسبى النساء والذرية وأخذ المال كان المال غنيمة ويجب فيه الخمس لأنه أخذ بالقهر والسيف. مسألة. لو دخل حربي إلينا بأمان فقال له الامام
إن رجعت إلى دار الحرب وإلا حكمت عليك حكم أهل الذمة فأقام سنة جاز أن يأخذ منه الجزية وإن قال له اخرج إلى دار الحرب فأن أقمت عندنا صيرت نفسك ذميا
فأقام سنة ثم قال أقمت لحاجة قبل قوله ولم يجز أخذ الجزية منه بل يرد إلى مأمنه لأصالة براءة (الذمة صح) قال الشيخ وإن قلنا إنه يصير ذميا كان قويا لأنه خالف الامام
ولو حكم الحاكم بالرد لم يجز لأنه غير مشروع وقد قلنا إن حكم الحاكم يشترط فيه المشروعية ولو اتفقوا على حاكم جامع الشرايط جاز أن يحكم إجماعا كما تقدم ولا يجب عليه
الحكم سواء قبل التحكيم أو لم يقبله بل يجوز له أن يخرج نفسه من الحكومة لأنه دخل باختياره فجاز أن يخرج باختياره ولو حكم الحاكم بغير السايغ لم ينفذ فإن رجع وحكم
بالسايغ فالوجه نفوذه لان الأول لا اعتبار به في نظر الشرع فلا يخرجه عن الحكومة كما لو وكله المالك في بيع
سلعة بألف فباعها بخمسمائة ثم باعها بألف وقال أبو حنيفة
لا يجوز حكمه استحسانا وينفذ حكم الحاكم على الامام فليس للامام أن يقضى (بما فوقه وله ان يقضى صح) بما دونه فإن قضى بغير القتل فليس للامام القتل وإن قضى بالقتل فهل له الاسترقاق
وفيه ذل مؤبد للشافعية وجهان وكذا الوجهان لو حكم بقبول الجزية فهل يجبرون وهو عقد مراضاة فإن قلنا يلزمهم فمنعهم كمنع أهل الذمة الجزية ولو حكم
بالارقاق فأسلم واحد منهم قبل الارقاق ففي جواز إرقاقه للشافعي وجهان وكذا الخلاف في كل كافر لا يرق بنفس الأسر إذا أسلم قبل الارقاق ولو شرط أن يسلم إليه مئة (نفر فعد مأة صح)
قلناه لأنه وفاء المئة. الفصل الرابع. في الغنايم وفيه بابان الأول في أقسامها. مسألة. الغنيمة هي الفايدة المكتسبة سواء اكتسبت برأس مال
وشبهه كأرباح التجارات والزراعات والصناعات وغيرها أو اكتسب بالقتال والمحاربة وقد مضى حكم الأول والبحث هنا في القسم الثاني وأقسامه ثلاثة ما ينقل
ويحول كالأمتعة والأقمشة والدواب والنقدين وغيرها وما لا ينقل ولا يحول كالأراضي وما هو سبى كالنساء والأطفال. البحث الأول فيما ينقل
ويحول. مسألة. الغنيمة من دار الحرب ما أخذت بالغلبة والحرب وايجاف الخيل والركاب وأما الفئ فهو مشتق من فاء يفئ إذا رجع والمراد به في قوله تعالى
" ما أفاء الله على رسوله " ما حصل ورجع عليه من غير قتال ولا ايجاف بخيل ولا ركاب وما هذا حكمه فهو للرسول خاصة ولمن قام بعده من الأئمة (ع) دون غيرهم
وما يؤخذ بالفزع مثل أن ينزل المسلمون على حصن أو قلعة فيهرب أهله ويتركون أموالهم فيه فزعا فإنه يكون من جملة الغنايم اللتي تخمس وأربعة الأخماس
للمقاتلة كالغنايم وقال الشافعي إن ذلك من جملة الفئ لان القتال ما حصل فيه قال الشيخ (ره) وهو الأقوى وقد كانت الغنيمة محرمة فيما تقدم من الشرايع
وكانوا يجمعون الغنيمة فينزل نار من السماء فتأكلها فلما أرسل الله محمدا صلى الله عليه وآله نعم بها عليه فجعلها له خاصة قال الله " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول " وروى
عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال أحل لي الخمس ولم يحل لاحد قبلي وجعلت لي الغنايم وقال (ع) أعطيت خمسا لم تعطهن أحد قبلي وذكر من جملتها أحلت لي الغنايم فأعطى (ع) الغنايم
بقوله قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم نزلت يوم بدر لما تنازعوا في الغنايم فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله ادخل معهم جماعة لم يحضروا الوقعة
لأنها كانت له (ع) يصنع بها ما شاء ثم نسخ ذلك وجعلت للغانمين أربعة أخماسها والخمس الباقي لمستحقه ولا نعلم فيه خلافا. مسألة. ما يحويه العسكر مما ينقل و
يحول إن لم يصح تملكه للمسلمين كالخمور والخنازير فليس غنيمة (وما يصح تملكه غنيمة صح) إن أخذته الفئة المجاهدة على سبيل الغلبة دون ما يختلس ويسترق فإنه خاص للمختلس ودون ما
ينجلى عنه الكفار من غير قتال فإنه فئ ودون اللقطة فإنها لاخذها أما الغنيمة فهي للغانمين خاصة يخرج منها الخمس لأربابه والباقي للغانمين وأما الأشياء
المباحة في الأصل كالصيود والأحجار والأشجار فإن لم يكن عليه أثر لهم فهو لواجده وليس غنيمة وبه قال الشافعي ومكحول والأوزاعي خلافا لأبي حنيفة والثوري
حيث جعلاه للمسلمين ولو كان عليه أثر كالطريق المقصوص والأشجار المقطوعة والأحجار المنحوتة فهو غنيمة ولو وجد في دار الحرب بشئ يحتمل أن يكون للمسلمين والكفار كالخيمة
والسلاح فالوجه إنه لقطة وقال الشيخ يعرف سنة ثم يلحق بالغنيمة وبه قال احمد فإن وجد قدح منحوت في الصحراء فعرفه المسلمون فهو لهم وإلا فغنيمة لأنه في
دارهم ولو وجد صيدا في أرضهم لا مالك له واحتاج إلى أكله فإنه له ولا يرده إجماعا لأنه وجد طعاما مملوكا للكفار كان له أكله إذا احتاج إليه فالصيد المباح
أولي ولو أخذ من بيوتهم أو خارجها مالا قيمة له في أرضهم كالمن فهو أحق به إجماعا ولو صار له قيمة بنقله أو معالجته فكذلك وبه قال احمد ومكحول والأوزاعي
والشافعي وقال الثوري إذا دخل به دار الاسلام دفعه في المغنم وإن عالجه فصار له ثمن اعطى بقدر عمله فيه ودفع إلي المغنم وليس شيئا لان القيمة صارت
له لعلمه ونقله فلم يكن غنيمة حال أخذه ولو ترك صاحب المغنم شيئا من الغنيمة عجزا عن حمله فقال من حمله فهو له جاز وصار لاخذه وبه قال مالك خلافا لبعض
العامة ولو وجد في أرضهم ركازا فإن كان في موضع يقدر عليه بنفسه فهو له كما لو وجده في دار الاسلام يخرج خمسه والباقي له وإن لم يقدر عليه إلا بجماعة
المسلمين فإن كان في مواتهم قال الشافعي يكون كما لو وجده في دار الاسلام وإلا فهو غنيمة وقال مالك والأوزاعي والليث واحد هو غنيمة سواء كان في مواتهم
أو غير مواتهم لأنه مال مشترك ظهر عليه بقوة جيش المسلمين فكان غنيمة كالأموال الظاهرة. مسألة. لا يجوز التصرف في شئ من الغنيمة (قبل القسمة صح) إلا ما لابد للغانمين
منه كالطعام وضابطه القوت وما يصلح كاللحم والشحم وكل طعام يعتاد أكله وعلف الدواب التبن والشعير وما في معناهما إجماعا إلا من شذ وبه قال سعيد بن
المسيب وعطا والحسن البصري والشعبي والثوري والأوزاعي ومالك والشافعي واحمد وأصحاب الرأي لما رواه العامة عن بن عمر قال كنا نصيب العسل والفواكه
في مغازينا فنأكله ولا نرفعه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في وصية النبي صلى الله عليه وآله ولا تحرقوا زرعا لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه ولا تعقروا من البهائم
419

ما يؤكل لحمه إلا ما لابد لكم من أكله ولان الحاجة تشتد إلى ذلك فإن نقل الميرة عسر جدا وقسمته يستلزم عدم الانتفاع بما يحصل منه وقال الزهري لا يؤخذ إلا
بإذن الامام (لأنه غنيمة صح) فهو لأربابه وهو منوع لاشتداد الحاجة وهل يجوز اخذ الطعام والعلف مع عدم الحاجة والوجه المنع لأنه مغنوم لجماعة الغانمين غير محتاج
إليه فأشبه ساير الأموال نعم لهم التزود لقطع المسافة بين أيديهم وقال بعض العامة يجوز مع عدم الحاجة أيضا لان عمر سوغ الاكل ولم يقيد الحاجة و
الحيوان المأكول يجوز ذبحه والاكل منه مع الحاجة ولا تجب القيمة لأصالة البراءة ولا فرق بين الغنم وغيرها وقال بعض الشافعية ما يمكن سوقه يساق وأما الغنم فتذبح
لأنها كالأطعمة ولهذا قال (ع) حين سئل عن ضالتها هي لك أو لأخيك أو للذئب وقال بعض العامة تجب القيمة لندور الحاجة إليه بخلاف الطعام وليس بشئ لأنا فرضنا
الحاجة وإذا ذبح الحيوان للاكل رد الجلود إلى المغنم ولا يجوز استعمالها لعدم الحاجة إليها ولو استعمل الجلد في سقاء أو نعل أو شراك رده إلى المغنم مع أجرة المثل
لمدة استعماله وأرش نقص أجزائه بالاستعمال ولو زادت قيمته بالصنعة فلا شئ له لأنه متعد وأما ما عدا الطعام والعلف واللحم فلا يجوز تناوله ولا استعماله
ولا الانفراد به لقوله (ع) أدوا الخيط والمخيط فإن الغلول عار ونار وشنار يوم القيمة وللشافعية في الفواكه وجهان ويمكن الفرق بين ما يسرع إليه الفساد و
يشق نقله وبين غيره وأما الدهن المأكول فيجوز استعماله في الطعام مع الحاجة لأنه نوع من الطعام ولو كان غير مأكول فإن احتاج إلى أن يدهن به أو دابته
لم يكن له ذلك إلا بالقيمة قاله الشافعي لأنه مما لا تعم الحاجة إليه ولا هو طعام ولا علف وقال بعض العامة يجوز لان الحاجة إليه في اصلاح بدنه ودابته كالحاجة إلى الطعام
والعلف ويجوز أن يأكل ما يتداوى به أو يشربه كالجلاب والسكنجبين وغيرهما عند الحاجة لأنه من الطعام وقال أصحاب الشافعي ليس له تناوله لأنه ليس قوتا
ولا يصلح به القوت والوجه الجواز لأنه محتاج إليه فأشبه الفواكه وليس له غسل ثوبه بالصابون لأنه ليس طعاما ولا علفا وإنما يراد للتحسين والتزيين لا للضرورة
ولا يجوز الانتفاع بجلودهم ولا اتخاذ النعال منها ولا الجرب ولا الخيوط ولا الحبال وبه قال الشافعي لأنه مال غنيمة لا تعم الحاجة فلا يختص به البعض ورخص مالك
في الحبل يتخذ من الشعر والنعل والخف يتخذ من جلود البقر. مسألة. الكتب التي لهم فإن كان الانتفاع بها حلالا كالطب والأدب والحساب والتواريخ فهي
غنيمة وإن حرم الانتفاع بها مثل كتب الكفر والهجو والفحش المحض فلا يترك بحاله بل تغسل إذا كان على رق أو كاغذ ثخين يمكن غسله ثم هو كساير أموال الغنيمة
وإن لم يمكن غسله أبطلت منفعته بالتمزيق ثم الممزق وكساير الأموال من الغنيمة فإن للمزق قيمة وإن قلت وكذا كتب التورية والإنجيل لأنها مبدلة محرفه فلا
يجوز الانتفاع بها وإنما تقر في أيدي أهل الذمة لاعتقادهم كما يقرون على الخمر والأولى إنها لا تحرق لما فيها من أسماء الله تعالى وأما جوارح الصيد كالفهد
والبازي وكلب الصيد فغنيمة ولو لم يرغب فيها أحد من الغانمين جاز إرسالها وإعطاؤها غير الغانمين ولو رغب فيها بعض الغانمين دفعت إليه ولا
تحتسب عليه من نصيبه لأنه لا قيمة لها وإن رغب فيها الجميع قسمت ولو تعذرت القسمة أو تنازعوا في الجيد منها أقرع بينهم وقال بعض الشافعية إن الامام يخص بالكلاب
من شاء قالوا وللامام أن يسلمها إلى واحد من المسلمين لعلمه باحتياجه إليه ولا يكون محسوبا عليه واعترض عليه بأن الكلب منتفع به فليكن حق اليد فيه لجميعهم كما إن من مات
وله كلب لا يستبد به بعض الورثة فقال بعضهم إن أراده بعض الغانمين أو بعض أهل الخمس ولم ينازع فيه سلم إليه وإن تنازعوا فإن وجدنا كلابا وأمكنت القسمة عددا
قسمت وإلا أقرع بينهم وقد تعتبر قيمتها عند من يرى لها قيمة أو ينظر إلى منافعها ولو وجدوا خنازير قتلوها لحصول الأذى منها ولو وجدوا خمرا أراقوه ولو كان لظروفه قيمة
أخذوها غنيمة إلا أن تزيد مؤنة الحمل على قيمتها أو تساويها فيتلفها عليهم ولا يجوز لبس ثياب الغنيمة ولا ركوب دوابها لأنه مال مغنوم فلا يختص به أحد ولو
كان للغازي دواب أو رقيق جاز له أن يطعمهم بما يجوز أكله سواء كانوا للقنية أو للتجارة للحاجة بخلاف ما لو كان معه بزاة أو صقور لعدم الحاجة إليها بخلاف الخيل
ولا يجوز استعمال أسلحة الكفار إلا أن يضطر إليه في القتال فإذا انقضى الحرب رده إلى المغنم وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز استعمال أسلحتهم ولو جمعت الغنايم
وثبتت يد المسلمين عليها وفيها طعام وعلف لم يجز لاحد أخذه إلا لضرورة لأنا أبحنا له الاخذ قبل استيلاء يد المسلمين عليها مع الضرورة فبعد الاستيلاء أولي
ولان الغانمين ملكوها بالحيازة فخرجت عن المباحات فلا يجوز الاكل منها إلا أن لا يجد غيره لان حفظ النفس واجب سواء خيرت في دار الحرب أو دار الاسلام وقال
بعض العامة إن خيرت في دار الحرب جاز الاكل كما جاز قبل الحيازة لان دار الحرب مظنة الحاجة وهو غلط لان المسلمين ملكوه فلا يباح أخذه إلا بإذن ولان
الحيازة في دار الحرب تثبت الملك كالحيازة في دار الاسلام ولهذا جاز قسمته وثبت فيه أحكام الملك. مسألة. لو فضل معه من الطعام فضله فأدخله
دار الاسلام رده إلى المغنم وإن قل فإن كانت الغنيمة لم تقسم رد في المغنم وإن قسمت رده إلى الامام فإن أمكن تفريقه كالغنيمة فرق وإن لم يمكن لتفرق الغانمين و
قلة ذلك احتمل جعله في المصالح ولا خلاف في وجوب رد الكثير لان المباح أخذ ما يحتاج إليه في دار الحرب فالفاضل غير محتاج إليه فيردوا ما لقليل فكذلك وهو أحد
قول الشافعي وقول أبي حنيفة وأبى ثور وبن المنذر واحمد في إحدى الروايتين لقوله (ع) ردوا الخيط والمخيط ولأنه ما لا يقسم فأشبه الكثير وقال مالك يكون مباحا
لا يجب رده إلى المغنم وبه قال الأوزاعي وعطا الخراساني ومكحول والشافعي في القول الآخر واحمد في رواية أخرى لأنه أبيح إمساكه عن القسمة فأبيح في دار الاسلام كمباحات
دار الحرب والفرق ظاهر وعن أبي حنيفة إنه كان ذلك قبل القسمة (الغنيمة) رده إلى المغنم وإن كان بعدها باعه وتصدق بثمنه. مسألة. ما يؤخذ أموال المشركين حال
الحرب بالقهر فهو للمقاتلة يؤخذ منه الخمس والباقي للغانمين وما تأخذه سرية بغير إذن الإمام فهو للامام خاصة عندنا وما يتركه المشركون فزعا ويفارقونه من غير حرب
فهو للامام أيضا وما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للامام أيضا وما يؤخذ صلحا أو جزية فهو للمجاهدين ومع عدمهم يقسم في فقراء المسلمين وما يؤخذ غيله من أهل الحرب إن كان في زمان الهدنة أعيد إليهم
فإن لم يكن كان لاخذه وفيه الخمس ومن مات من أهل الحرب وخلف مالا فماله للامام إذا لم يكن له وارث وقال بعض الشافعية لو دخل واحد أو شرذمة دار الحرب
مستخفين وأخذوا ما لا على صورة السرقة كان ملكا لاخذه خاصة لان السارق يقصد تملك المال والثابت اليد عليه ومال الحربي غير معصوم فكأنه غير مملوك
وصار سبيله سبيل الاستيلاء على المباحات بخلاف مال الغنيمة فإنه وإن حصل في يد الغانمين فليس مقصودهم التملك إذ لا يجوز التغرر بالمهج لاكتساب
الأموال وإنما الغرض الأعظم رفع كلمة الله تعالى وقمع أعداء الدين وللقصد أثر ظاهر فما يملك بالاستيلاء وقال بعضهم إنه غنيمة مخمسة كأنهم جعلوا دخوله دار الحرب
وتغريره بنفسه قايما مقام القتال ولهذا قالوا لو غزت طايفة بغير إذن الإمام متلصصين وأخذت مالا فهو غنيمة مخمسة وروى عن أبي حنيفة إنه لا يخمس بل
ينفردون به إذا لم يكن لهم قوة وامتناع وفي رواية أخرى يؤخذ الجميع منهم ويجعل في بيت المال وقال بعض الشافعية إذا دخل الرجل الواحد دار الحرب واخذ من حربي
420

مالا بالقتال أخذ منه الخمس والباقي له وإن أخذه على جهة السوم ثم جحد أو هرب فهو له خاصة ولا خمس وقال بعضهم ما يؤخذ بالاختلاس يملك المختلسون أربعة أخماسه
لانهم ما وصلوا إليها إلا بتغرير أنفسهم كما لو قاتلوا وعن أبي إسحاق المختلس يكون فيئا لأنه حصل بغير ايجاف خيل ولا ركاب كما هو مذهبنا وقال بعضهم هذا إذا
دخل الواحد والنفر اليسير دار الحرب وأخذوا مالا فأما لو أخذ بعض الجند الداخلين بسرقة واختلاس فهو غلول لانهم قالوا ما يهديه الكافر إلى الامام أو إلى أحد من
المسلمين والحرب قائمة لا ينفرد به المهدى إليه بل يكون غنيمة بخلاف ما إذا اهدى من دار الحرب إلى دار الاسلام وقال أبو حنيفة إنه ينفرد الهدى إليه بالهدية بكل
حال والمال الضايع الذي يوجد على هيئة اللقطة إن علم أنه للكفار قال بعض الشافعية إنه يكون لواجده لأنه ليس مأخوذا بقوة الجند أو بقوة الاسلام حتى يكون
غنيمة وقال بعضهم تكون غنيمة لا يختص به الاخذ ولو أمكن أن يكون للمسلمين وجب تعريفه يوما أو يومين لأنه
يكفي انهاء التعريف إلى الاخبار إذا لم يكن
مسلم سواهم ولا ينظر إلى الاحتمال بطرف التجاوز وقال بعضهم إنه تعرف سنة على ما هو قاعدة التعريف وقال بعضهم لو وجد ضالة في دار الحرب فهو غنيمة فالخمس
لأهله والباقي له ولمن معه ولو وجد ضالة لحربي في دار الاسلام لا يختص هو به بل يكون فيأ وكذا لو دخل صبى أو امرأة بلادنا فأخذه رجل يكون فيأ ولو دخل
منهم رجل فأخذه مسلم تكون غنيمة لا يأخذه مؤنة ويرى الامام فيه رأيه فان رأى استرقاقه كان الخمس لأهله والباقي لمن أخذه بخلاف الضالة لأنها مال
الكفار حصل في أيدينا من غير قتال. مسألة. لو أتلف بعض الغانمين من طعام الغنيمة شيئا ضمن لأنه لم يستعمله في الوجه السايغ شرعا وما يأخذه لا
يملكه بالأخذ ولكن أبيح له الاخذ والاكل ولو أخذ بعض الغانمين فوق ما يحتاج إليه أضاف به غانما أو غانمين جاز له وليس له فيه إلا إتعاب نفسه
بالطبخ وإصلاح الطعام وليس له أن يضيف غير الغانمين فإن فعل فعلى الاكل الضمان إن كان عالما وإن كان جاهلا استقر الضمان على المضيف ولو لحق الجند مدد بعد
انقضاء القتال وحيازة الغنيمة فالوجه إن لهم الاكل في موضع يشاركون في القسمة وللشافعية وجهان أحدهما الجواز لحصوله في دار الحرب التي هي مظنة عزة الطعام
وأصحهما عندهم المنع لأنه معهم كغير الضيف. مسألة. إنما يسوغ للغانمين أكل ما سوغناه إذا كانوا في دار الحرب التي تعز فيها الأطعمة على المسلمين فإذا انتهوا
إلى عمران دار الاسلام (وتمكنوا من الشراء أمسكوا ولو خرجوا عن دار الحرب ولم ينتهوا إلى عمران دار الاسلام صح) فالأقرب جواز الأكل لبقاء الحاجة الداعية إليه فإنهم لا يجدون من يبيعهم ولا يصادفون سوقا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع لان
مظنة الحاجة دار الحرب فيناط الحكم بها لو وجدوا سوقا في دار الحرب وتمكنوا من الشراء احتمل جواز الأكل للعموم وهو أظهر وجهي الشافعية لانهم جعلوا دار الحرب في إباحة
الطعام بمنزله السفر في الترخص فإن الترخص وإن ثبت لمشقة السفر فالمترفه الذي لا مشقه عليه يشارك فيها من حصلت له المشقة وليس للغانم أن يقرض ما أخذه
من الطعام أو العلف من غير الغانمين أو يبيعه فإن فعل فعلى من أخذه رده إلى المغنم فإن أقرضه غانما اخر فليس ذلك قرضا حقيقيا لان الاخذ لا يملك
حتى ما يأخذه حتى يملكه غيره وحينئذ فالأقرب انه ليس للمقرض مطالبة المقترض بالعين أو المثل ما داما في دار الحرب ولا يلزم الاخذ الرد لان المستقرض من أهل الاستحقاق
أيضا فإذا حصل في يده فكأنه أخذه بنفسه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إن له مطالبة بالعين أو المثل ما داما في دار الحرب لأنه إذا أخذه صار أحق به ولم يزل يده
عنه إلا ببدل وعلى هذا الوجه له مطالبة يرد مثله من المغنم لا من خالص ملكه فلو رد عليه من خالص ملكه لم يأخذه المقرض لان غير المملوك لا يقابل بالمملوك حتى لو لم يكن
في المغنم طعام اخر سقطت المطالبة وإذا رد من المغنم صار الأول أحق به لحصوله في يده وعلى هذا الوجه إذا دخلوا دار الاسلام انقطعت حقوق الغانمين عن أطعمة
المغنم فيرد المستقرض على الامام وإذا دخلوا دار الاسلام وقد بقى عين القرض في يد المستقرض بنى على أن الباقي من طعام المغنم هل يجب رده إلى المغنم (إن قلنا نعم رده إلى المغنم صح) وإن قلنا لا فان
جعلنا للقرض اعتبارا فيرده إلى المقرض وإن قلنا لا اعتبار له فلا يلزمه شئ. مسألة. لو باع الغانم ما أخذه من غانم اخر بمال (آخر) أخذه من الغنيمة فهو إبدال مباح
بمباح كإبدال الضيوف لقمة بلقمة وكل منهما أولي بما تناوله من يد الآخر ولو تبايعا صاعا بصاعين لم يكن ذلك ربا لأنه ليس بمعاوضة حقيقة بل هو كما لو كان في
يد عبده طعاما فتقابضا صاعا بصاعين قال بعض الشافعية من جعل للقرض اعتبارا يلزمه أن يجعل للبايع اعتبارا حتى يجب على آخذه تسليم صاع إلى بايعه وإن
تبايعا صاعا بصاعين فإن سلم بايع الصاع الصاع لم يملك إلا طلب صاع تشبيها بالقرض وإن سلم المشترى الصاعين لم يطلب إلا صاعا وملك الزايد على
البدل. إذا عرفت هذا فالمأخوذ حيث قلنا إنه مباح للغانم غير مملوك فليس له أن يأكل طعامه ويصرف المأخوذ إلى حاجة أخرى بدلا عن طعامه كما لا يتصرف
الضيف فيما قدم إليه إلا بالاكل ولو قل الطعام وخاف قايد الجيش الازدحام والتنازع عليه جعله تحت يده وقسمه على المحتاجين على أقدار الحاجات. مسألة.
الأقرب إن حق الغانم من الغنيمة يسقط بالاعراض عن الغنيمة وتركها قبل القسمة لان المقصود الأعظم من الجهاد إعلاء الدين والذب عن الملة والغنيمة تابعة
فمن أعرض عنها فقد أخلص عمله بعض الاخلاص وجرد قصده للمقصد الأعظم ولان الغنيمة لا تملك قبل القسمة بل تملك إن تملك على قول فالحق فيه كحق
الشفعة وبالجملة إن قلنا تملك فهو كحق الشفعة وإن قلنا تملك فلا ينبغي أن يكون مستقرا ليتمكن من تمحيض الجهاد ليحصل المقصد الأعظم فلو
قال أحد الغانمين وهبت نصيبي من الغانمين صح وكان إسقاطا لحقه الثابت له وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم أنه إن أراد الاسقاط صح وإن أراد التمليك
لم يصح لأنه مجهول. مسألة. إذا حاز المسلمون الغنايم وجمعوها ثبت حقهم فيها وملكوها سواء جمعوها في دار الحرب أو في دار الاسلام وبه قال الشافعي لأنه
يجوز القسمة في دار الحرب وقال أبو حنيفة إذا جازوها في دار الحرب لا تملك وإنما تملك بعد إحرازها في دار الاسلام وليس بجيد ومع الحيازة يثبت لكل واحد منهم
حق الملك وقيل لا يملك باختيار التملك لأنه لو قال واحدا سقطت حقي سقط ولو كان ملكا لم يزل بذلك كما لو قال الوارث أسقطت حقي في الميراث لم يسقط
لثبوت الملك له واستقراره وفيه نظر لأنه بالحيازة قد زال ملك الكفار عنها ولا يزول إلا إلى المسلمين نعم ملك واحد منهم غير مستقر في شئ بعينه أو جزء مشاع بل للامام
أن يعين نصيب كل واحد بغير اختياره بل هو ملك ضعيف. مسألة. من غل من الغنيمة شيئا رده إلى المغنم ولا يحرق رحله وبه قال مالك والليث والشافعي وأصحاب
الرأي لان النبي صلى الله عليه وآله لم يحرق سهل الغال ولان فيه إضاعة المال ولم يثبت لها نظير في الشرع وقال الحسن البصري وفقهاء الشام منهم مكحول والأوزاعي إنه يحرق رحله إلا المصحف
وما فيه روح لما رواه عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه ونمنع صحة السند قال احمد ولا تحرق آلة الدابة كالسرج وغيره لأنه يحتاج
إليه للانتفاع وقال الأوزاعي يحرق سرجه ولا يحرق ثياب الغال اللتي عليه إجماعا لأنه لا يجوز تركه عريانا ولا ما غل من القيمة إجماعا لأنه مال المسلمين ولا يحرق
سلاحه لأنه يحتاج إليه للقتال وهو منفعة للمسلمين عامة ولا نفقة ولو أبقت النار شيئا كالحديد فهو لمالكه للاستصحاب ولا تحرق كتب العلم والأحاديث
لأنه نفع يرجع إلى الدين وليس القصد بالاحراق إضراره في دينه ولو لم يحرق متاعه حتى تجدد له اخر لم يحرق المتجدد إجماعا وكذا لو مات لم يحرق رحله إجماعا لأنها عقوبة
421

فتسقط بالموت وقال احمد ولو باعه أو وهبه نقض البيع والهبة وأحرق ولو كان الغال صبيا لم يحرق إجماعا
وكذا لو كان عبدا لان المتاع لسيده فلا يعاقب بجناية
عبده ولو غلت امرأة أو ذمي قال احمد يحرق متاعهما ولو انكسر الغلول وادعى ابتياعه لم يحرق (متاعه صح) إجماعا إلا أن يثبت بالاقرار أو البينة فيحرق عند احمد ولا يحرم الغال
سهمه من الغنيمة سواء كان صبيا أو بالغا لان سبب الاستحقاق وهو حضور الحرب ثابت والظن لا يصلح مانعا كغيره من أنواع الفسوق وهو إحدى الروايتين عن أحمد
وفي الثانية يحرم سهمه وقال الأوزاعي إن كان صبيا أخذ سهمه وإذا أخذ سهمه لم يحرق إجماعا. مسألة. إذا تاب الغال قبل القسمة وجب رد ما غله
في المغنم إجماعا لأنه حق لغيره فيجب عليه رده إلى أربابه ولو تاب بعد القسمة فكذلك وبه قال الشافعي لأنه مال لغيره فيجب رده إلى أربابه كما لو تاب قبل القسمة وقال
مالك إذا تاب بعد القسمة أدى خمسه إلى الامام وتصدق بالباقي وبه قال الحسن البصري بناء على فعل معاوية وليس حجة فان تمكن الامام من قسمته فعل
وإلا تصدق به بعد الخمس لان تركه تضييع له وتعطيل لمنفعته اللتي خلق لها ولا يتخفف به شئ من إثم الغال وفي الصدقة به نفع لمن يصل إليه من المساكين وما
يحصل من اجر الصدقة يصل إلى صاحبه فيذهب به الاثم عن الغال فيكون أولي. مسألة. لو سرق من الغنيمة شيئا فإن كان له نصيب من الغنيمة بقدره أو
أزيد بما لا يبلغ نصاب القطع لم يجب عليه القطع لأنه وإن لم يملكه لكن شبهة الشركة درئت عنه الحد وإن زاد على نصيبه بمقدار النصاب الذي يجب فيه القطع
(وجب عليه القطع صح) لأنه سارق هذا إذا لم يعزل منه الخمس ولو عزل الامام الخمس ثم سرق ولم يكن من أهل الخمس فإن كان من الخمس قطع وإن كان من الأربعة الأخماس قطع إن زاد على
نصيبه بقدر النصاب وللشافعي وجهان أحدهما إذا سرق من أربعة الأخماس ما يزيد على نصيبه بقدر النصاب وجب القطع والثاني لا يقطع لان حقه
لم يتعين فكل جزء مشترك بينه وبينهم فكان كالمال المشترك وهو رواية عندنا ولانا لو قلنا إنه يقطع في المشترك فإنه لا يقطع هنا لان حق كل واحد من الغانمين
متعلق بجميع المغنم لأنه يجوز أن يعرض الباقون فيكون الكل له وعلى كل حال فيسترد المسروق إن كان بالغا ويجعل في المغنم ولو كان السارق عبدا فهو كالحر لأنه يرضخ
له فإن كان ما سرقه أزيد مما يرضخ له بقدر النصاب وجب القطع وإلا فلا وكذا المرأة ولو سرق عبد الغنيمة منها لم يقطع لئلا يزيد ضرر الغانمين نعم يؤدب حسبما
للجرأة ولو كان السارق ممن لم يحضر الوقعة فلا نصيب له منها فيقطع ولو كان أحد الغانمين ابنا للسارق لم يقطع إلا إذا زاد ما سرقه عن نصيب ولده بمقدار النصاب
لان مال الولد في حكم ماله ولو كان السارق سيد عبد (له نصيب في الغنيمة صح) كان حكمه حكم من له نصيب لان مال العبد لسيده وبذلك كله قال الشافعي وأبو حنيفة وزاد الشافعي الابن
إذا سرق وللأب سهم في الغنيمة أو أحد الزوجين وزاد أبو حنيفة إذا كان لذي رحم محرم منه فيها حق لم يقطع والغال هو الذي يكتم ما أخذه من الغنيمة ولا يطلع الامام
عليه ولا يضعه مع الغنيمة ولا ينزل منزلة السارق في القطع إلا على وجه السرقة فإن الغلول أخذ مال لا حافظ له ولا يطلع عليه غالبا والسرقة أخذ مال محفوظ
والسارق عندنا لا يحرق رحله وقال بعض العامة يحرق. مسألة. ليس لأحد الغانمين أن يبيع غانما آخر شيئا من الغنيمة فإن باعه لم يصح لان نصيبه مجهول
وكذا وقوعه في نصيبه وكذا لا يصح لو كان طعاما لان إباحة التناول لا تقتضي إباحة البيع فيقر في يد المشترى وليس للمشترى رده إلى البايع ولا للبايع قهره عليه لأنه
أمانة في يدهما لجميع المسلمين ولو لم يكن من الغانمين لم تقر يده عليه ولو أقرضه الغانم لمن لا سهم له لم يصح واستعيد من القابض وكذا لو باعه منه وكذا لو جاء رجل
من غير الغانمين فأخذ من طعام الغنيمة لم تقر يده عليه إذ لا نصيب له وعليه ضمانه ولو باعه من غير الغانمين بطل البيع واستعيد ويجوز للامام أن يبيع من
الغنيمة شيئا قبل القسمة لمصلحه فلو عاد الكفار وأخذوا المبيع من المشترى في دار الحرب (فضمانه صح) على المشترى وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى
ينفسخ البيع ويكون من ضمان أهل الغنيمة فإن كان المشترى قد وزن الثمن استعاده وإلا سقط إن كان (لا ظ) لتفريط منه (وإن كان لتفريط منه صح) مثل إن خرج به من العسكر وحده
فكقولنا وليس بجيد لان التلف في يد المشترى فلا يرجع بالضمان على غيره كغيره من المبيعات وإذا قسمت الغنايم في دار الحرب جاز لكل من أخذ منهم التصرف فيه كيف
شاء بالبيع وغيره فلو باع بعضهم شيئا فغلب المشترى عليه لم يضمنه البايع ولأحمد روايتان ويجوز لأمير الجيش ان يشترى من مال الغنيمة شيئا قبل القسمة و
بعدها وقال احمد ليس له ذلك لأنه يحابا ويندفع الخبال بأخذه بالقيمة العدل. مسألة. لا يسقط حقا الغانم من الغنيمة بالاعراض بعد القسمة كساير
الاملاك وأما قبلها فالأقرب سقوطه ولو أفرز الخمس ولم تقسم الأخماس الأربعة بعد فالأقرب إن الاعراض مسقط لان إفراز الخمس لا يعين حقوق الواحد فالواحد
من الغانمين فلا يلزمهم في حقوقهم عكس ما كانوا عليه من قبل وهو أصح قولي الشافعي والثاني لا يسقط لان بافراز الخمس يتميز حقوقهم عن الجهات العامة ويصير
الباقي لهم كساير الاملاك المشتركة وقال بعض الشافعية إذا استقسم الغانمون الامام لم يسقط حق أحدهم بالاعراض لأنه يشعر باختيار التملك وتأكيد الحق دون ما إذا
استبد الامام بإفراز الخمس فإنهم لم يحدثوا ما يشعر بقصد الملك ولو قال اخترت الغنيمة ففي منعه من الاعراض للشافعية وجهان أحدهما لا فقد يتغير الرأي في الشئ المقدور
عليه والاستقرار لا يحصل قبل القسمة والثاني نعم كما أن ذا الخبار في العقود إذا اختار أحد الطرفين لا يعدل إلى الاخر ولو اعرض الغانمون بأجمعهم ففي صحة إعراضهم
لهم وجهان أحدهما لا يصح وإلا لاستحقها أرباب الخمس فيزيد حقهم والله تعالى قد عين لهم الخمس وأصحهما الحصة ويصرف الأخماس الأربعة إلى مصارف الخمس لان المعنى
المصحح للاعراض يشمل الواحد والجمع وأما الخمس فسهم الله تعالى وسهم رسوله وسهم ذوي القربى للامام عندنا خاصة فيصح إعراضه كما يصح إعراض الغانم وعند العامة إن
سهم ذوي القربى لكل من يستحق الخمس ففي صحة إعراضهم وجهان أحدهما يصح كما يصح إعراض الغانمين والثاني المنع لان سهمهم منحة أثبتها الله تعالى لهم من غير معاناة
وشهود وقعة فليسوا كالغانمين الذين يحمل حضورهم على إعلاء الكلمة والمفلس الذي حجر عليه القاضي لإحاطة الديون به يصح إعراضه لان اختيار التملك بمنزلة
ابتداء الاكتساب وليس على المفلس الاكتساب وفي صحة إعراض السفيه المحجور عليه نظر أقربه إنه ليس له إسقاط الملك ولا إسقاط حق الملك
فلو صار رشيدا قبل القسمة وانفك عنه الحجر صح إعراضه ولا يصح إعراض الصبى عن الرضخ ولا إعراض الولي عنه فإن بلغ قبل القسمة صح إعراضه ولا يصح إعراض العبد
عن الرضخ ويصح إعراض السيد فإنه حقه والأقرب صحة إعراض السالب عن السلب وهو أصح وجهي الشافعي كإعراض الغانمين والثاني لا يصح لأنه متعين له فأشبه
الوارث. مسألة. من أعرض من الغانمين يقدر كأنه لم يحضر الوقعة ويقسم المال أخماسا خمسة لمستحقيه وأربعة أخماس الباقي للغانمين وهو أصح قولي الشافعي
والثاني أن نصيب المعرض يضم إلى الخمس لان الغنايم في الأصل لله تعالى لقوله تعالى " قل الأنفال لله " فمن اعرض رجعت حصته إلى أصلها ولو مات واحد من الغانمين ولم
يعرض انتقل حقه إلى الورثة لأنه ثبت له ملك أو حق ملك وكلاهما موروث فإن شاؤوا اعروضوا وإن شاؤوا طلبوا وللشافعية ثلاثة أوجه في أنه هل يملك الغانمون
قبل القسمة أظهرها إنهم لا يملكون ان تملكوا بدليل صحة الاعراض ولو ملكوا بالاستيلاء لما سقط عنهم بالاعراض ولان للامام أن يخص كل طايفة بنوع من المال
422

ولو ملكوا لم يجز إبطال حقهم عن بعض الأنواع بغير اختيارهم والثاني يملكون بالحيازة والاستيلاء لان الاستيلاء على ما ليس بمعصوم من الأموال سبب الملك ولان
ملك الكفار زال بالاستيلاء فلو لم يملكه الغانمون بقى الملك لا مالك له نعم هو ملك ضعيف يسقط بالاعراض ولا تجب الزكاة فيه قيل اختيار التملك على الأظهر والثالث
إن ملكهم موقوف إن سلمت الغنيمة إلى أن اقتسموا ظهرانهم ملكوها بالاستيلاء وإلا بان بالموت أو الاعراض عدم الملك لان قصد الاستيلاء على المال لا يتحقق إلا بالقسمة
لما تقدم من أن الغرض إعلاء كلمة الله فإذا اقتسموها تبينا قصد التملك بالاستيلاء وإذا قلنا بالوقف قال الجويني لا نقول نتبين بالقسمة أن حصة كل واحد من الغانمين
على التعيين صارت ملكا بالاستيلاء بل نقول إذا اقتسموا بينا انهم هلكوا الغنايم أولا ملكا مشاعا ثم يتميز الحصص بالقسمة. مسألة. لو وقع في المغنم من يعتق
على بعض الغانمين لم تعتق حصته ما لم يقع في حصته ولم يمنعه ذلك عن الاعراض قاله بعض الشافعية وقال الشيخ ره الذي يقتضيه المذهب ان نقول ينعتق منه نصيبه منه ويكون
الباقي للغانمين وبه قال احمد وقال الشافعي انه لا ينعتق عليه لا كله ولا بعضه وهو مقتضى قول أبي حنيفة لنا ما تقدم من أن الملك تثبت للغانمين بالاستيلاء
التام وقد وجد ولان ملك الكفار قد زال ولا يزول إلا إلى المسلمين وهو أحدهم فيكون له نصيب مشاع في الغنيمة فينعتق عليه ذلك النصيب. احتج الشافعي بأنه
لم يحصل تملك تام إذ للامام ان يعطيه حصته من غيره فنصيبه غير متميز من الغنيمة قال الشيخ (ره) والأول أقوى ثم قال الشيخ ينعتق نصيبه ولا يلزمه قيمة ما يبقى للغانمين لأصالة
البراءة ولا دليل على شغلها والقياس على العتق باطل لان هناك إنما وجب عليه التقويم لان العتق صدر عنه أما لو جعله الامام في نصيبه أو نصيب جماعة هو أحدهم
فإنه ينعتق نصيبه قولا واحدا ولو رضي بالقسمة فالأقرب التقويم عليه لان ملكه برضاه هذا إذا كان موسرا ولو كان معسرا عتق قدر نصيبه ولم يقوم عليه الباقي ولو
أسر أباه (منفردا به صح) لم ينعتق عليه لان الأسير لا يصير رقيقا بالاسر بل باختيار الامام لان للامام حق الاختيار إن شاء قتله وإن شاء استرقه وإن شاء من عليه وإن شاء فأداه
فإن اختار الامام استرقاقه عتق على السابي أربعة أخماسه وقوم الخمس عليه إن كان موسرا قاله بعض الشافعية قال ولو أسر أمه أو ابنه الصغير فإنه تصير رقيقا بالاسر فإذا اختار تملكها
عتق عليه أربعة أخماسهما وقوم الباقي عليه إن كان موسرا وإن كان معسرا رق الباقي وإن لم يتخير التملك كان أربعة الأخماس لمصالح المسلمين وخمسه لأهل الخمس قال
ولو أن حربيا باع من المسلمين امرأته وقد قهرها جاز ولو باع أباه أو ابنه بعد قهرهما لم يجز لأنه إذا قهر زوجته ملكها فيصح بيعها إذا قهر أباه أو ابنه ملكه فعتق عليه
فلا يجوز بيعه ولو أعتق بعض الغانمين عبدا من الغنيمة قبل القسمة فإن كان ممن لم يثبت فيه الرق كالرجل قبل استرقاقه لم يعتق لأنه (ع) قال لا عتق إلا في ملك
وإن كان ممن يملك كالصبي والمرأة فالوجه عندنا إنه يعتق عليه قدر حصته ويسرى إلى الباقي فيقوم عليه ويطرح باقي القيمة في المغنم هذا إذا كان موسرا وإن كان
معسرا عتق عليه قدر نصيبه لأنه موسر بقدر حصته من الغنيمة فإن كان بقدر حصة من الغنيمة عتق ولم يأخذ من الغنيمة شيئا وإن كان دون حصته أخذ باقي نصيبه
وإن كان أكثر عتق قدر نصيبه ولو أعتق عبدا اخر وفضل من حقه عن الأول شئ عتق بقدره من الثاني وإن لم يفضل شئ كان عتق الثاني باطلا. مسألة. ليس
للغانم وطى جارية المغنم قبل القسمة فإن وطى عالما بالتحريم حد بقدر نصيب غيره من الغانمين قلوا أو كثروا وبه قال مالك وأبو ثور والشافعي في القديم وقال
الشافعي وأبو حنيفة واحمد لا حد للشبهة قال الشافعي بل يعزر ولا ينفذ الاستيلاد في نصيبه وإن قلنا يملك ففي نفوذه للشافعية وجهان لضعف الملك وإن قلنا
يملك نفذ وإن قلنا لا يملك فوجهان كاستيلاد الأب جارية الابن فإن نفذ في نصيبه وهو موسر بما يخصه من الغنيمة أو بغيره سرى والولد جميعه حر
وفي وجوب قيمة حصة غيره من الولد إشكال ينشأ من أنه ينتقل الملك إليه قبل العلوق أو بعده وأما الحد فلا يجب والمهر يجب جميعه إن قلنا لا ملك له ويوضع
في المغنم وإن قلنا يملك حظ عنه قدر حصته ولو وطأها جاهلا بالتحريم فلا حد إجماعا لان الشرك شبهة وهو غير عالم أما المهر فقال الشيخ لا يجب عليه المهر لعدم
الدلالة على شغل الذمة به وقال الشافعي يجب عليه لأنه وطوء في غير ملك سقط فيه الحد عن الواطي فيجب المهر كوطئ الأب جارية ابنه ولو أوجبنا المهر ثم قسمت الغنيمة
فحصلت الجارية في نصيبه لم يسقط لأنه وجب بالوطي السابق ولو أحبلها قال الشيخ (ره) يكون حكم ولدها حكمها فيكون له منه بقدر نصيبه من الغنيمة ويقوم بقية
سهم الغانمين عليه ويلزمه سهم الغانمين وينظر فإن كانت القيمة قدر حقه فقد استوفى حقه وإن كان أقل اعطى تمام حقه وإن كان أكثر رد الفضل ويلحق به الولد
لحوقا صحيحا لأنه شبهه وتكون الجارية أم ولده وبه قال الشافعي واحمد وقال أبو حنيفة يكون الولد رقيقا ولا يلحق نسبه لان وطئه لم يصادف ملكا لان الغانم يملك
بالقسمة وليس بجيد لان ملكهم يتحقق بالاستيلاء فلهم نصيب قال الشيخ (ره) هذه الجارية تصير أم ولده في الحال وبه قال احمد وقال الشافعي (لا تصير صح) أم ولد في الحال لأنها
ليست ملكا له فإذا ملكها بعد ذلك ففي صيرورتها أم ولد قولان فعلى قول الشيخ (ره) تقوم الجارية عليه ويغرم سهم الغانمين وبه قال احمد وللشافعي قولان قال
الشيخ (ره) إذا وضعت نظر فإن كانت قومت عليه قبل الوضع فلا يقوم عليه الولد لان الولد إنما يقوم إذا وضعت وفي هذه الحال وضعته في ملكه
وإن كانت بعد لم تقوم عليه قومت هي والولد معا بعد الوضع وأسقط منه نصيبه واغرم الباقي للغانمين لأنه منع من رقه لشبهة بالوطي وعن أحمد روايتان
إحديهما إنه يلزمه قيمته حين الوضع يطرح في المغنم لأنه فوت؟ رقه فأشبه الولد المعزور والثانية لا ضمان عليه بقيمته لأنه ملكها حين علقت ولم يثبت ملك
الغانمين في الولد بحال فأشبه ولد الأب من جارية ابنه إذا وطأها ولأنه يعتق حين علوقه ولا قيمة له حينئذ والحق ما قاله الشيخ لأنها قبل التقويم ملك الغانمين
ونمنع عتقه من حين علوقه وبعد التقويم ولد على ملكه فكان الولد له ولا قيمة عليه للغانمين ولو وطأها وهو
معسر قال الشيخ (ره) تقوم عليه مع ولدها
ويستسعى في نصيب الباقين فإن لم يسع في ذلك كان له من الجارية مقدار نصيبه والباقي للغانمين ويكون الولد حرا بمقدار نصيبه والباقي يكون مملوكا لهم
والجارية أم ولد وإن ملكها فيما بعد وقال بعض العامة إذا وطأها وهو معسر كان في ذمته قيمتها وتصير أم ولد لأنه استيلاد جعل بعضها أم ولد فجعل جميعها
أم ولد كاستيلاد جارية الابن وقال آخرون يجب عليه قدر حصة من الغنيمة ويصير ذلك المقدار أم ولد والباقي رقيق للغانمين ولو وطى الأب جارية من
المغنم وليس له نصيب فيها بل لولده كان الحكم فيه كما لو وطى الابن. البحث الثاني. في الأسارى. مسألة. الأسارى ضربان ذكور وإناث
فالذكور إما بالغون أو أطفال وهم من لم يبلغ خمس عشرة سنة والنساء والأطفال يملكون بالسبي ولا يجوز قتلهم إجماعا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء
والولدان ويكون حكمهم مع السبى حكم ساير أموال الغنيمة الخمس لأهله والباقي للغانمين ولو أشكل أمر الصبى في البلوغ وعدمه اعتبر بالانبات فإن أنبت الشعر
الخشن على عانته حكم ببلوغه وإن لم ينبت ذلك جعل من جملة الذرية لان سعد بن معاذ حكم في بني قريظة بهذا وأجازه النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة رواية
الباقر (ع) قال فإن رسول الله عرضهم يومئذ على العانات فمن وجده انبت قتله ومن لم يجده انبت الحقه بالذراري وأما البالغون الأحرار فإن أسروا قبل
423

تقضى الحرب وانقضاء القتال لم يجز إبقاؤهم بفداء ولا بغيره ولا استرقاقهم بل يتخير الامام بين قتلهم وبين قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف فيتركهم حتى ينزفوا
بالدم ويموتوا وإن أسروا بعد إن وضعت الحرب أو زارها وتقضى القتال لم يجز قتلهم ويتخير الامام بين أن يمن عليهم فيطلقهم وبين أن يفاديهم على مال ويدفعونه
إليه ويخلص به رقابهم من العبودية وبين أن يسترقهم ويستعبدهم ذهب إليه علماؤنا أجمع وقال الشافعي يتخير الامام بين أربعة أشياء أن يقتلهم صبرا بضرب
الرقبة لا بالتحريق ولا بالتغريق ولا يمثل بهم أو يمن عليهم فيخلى سبيلهم أو يفاديهم بالرجال أو بالمال على ما يراه من المصلحة لا على اختيار الشهوة أو يسترقهم و
يكون مال الفداء ورقابهم إذا استرقوا كساير أموال الغنيمة وهو رواية عن أحمد ولم يفرقوا بين أن يستأسروا قبل انقضاء القتال أو بعده وقال أبو حنيفة
ليس له المن والفداء بل يتخير بين القتل والاسترقاق لا غير وقال أبو يوسف لا يجوز المن ويجوز الفداء بالرجال دون الأموال وقال مالك يتخير بين القتل
والاسترقاق والفداء بالرجال دون المال وهو رواية عن أحمد وبه قال الأوزاعي وأبو ثور وفي رواية عن مالك لا يجوز المن بغير فداء وحكى عن الحسن البصري وعطا و
سعيد بن جبير كراهة قتل الأسارى. لنا قوله تعالى " فإما منا بعد وإما فدا " وقتل رسول الله يوم بدر عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحرث وروى العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قتل
عقبه صبرا وقتل أبا غرة يوم أحد ومن على ثمامة بن أثال وقال في أسارى بدر لو كان مطعم بن عدي حيا ثم سألني في هؤلاء السبى لأطلقتهم وفادى أسارى بدر
وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا كل واحد بأربعمائة وفادى رجلا اسره أصحابه برجلين أسرتهما ثقيف من أصحابه ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا
صبرا قط غير رجل واحد عقبة بن أبي معيط وطعن أبى بن خلف فمات بعد ذلك ولان كل خصلة من هذه الخصال قد تكون أصلح من غيرها في بعض الاسرى فان
ذا القوة والنكاية في المسلمين قتله أنفع وبقاؤه أضر والضعيف المال لا قدرة له على الحرب ففداؤه أصلح للمسلمين ومنهم من هو حسن الرأي في الاسلام
ويرجى إسلامه فالمن عليه أولي أو يرجى بالمن عليه المن على الأسارى من المسلمين أو يحصل بخدمته نفع يؤمن ضرره كالصبيان والنساء فاسترقاقه أولي و
الامام أعرف بهذه المصالح فكان النظر إليه في ذلك كله وأما الذي يدل على التفصيل قول الصادق (ع) كان أبى (ع) يقول إن للحرب حكمين إذا كانت الحرب
قائمة لم تضع أوزارها ولم تضجر أهلها فكل أسير أخذ في تلك الحال فإن الامام فيه بالخيار إن شاء ضرب عنقه وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير حسم و
تركه يتشحط في ذمه حتى يموت إلى أن قال والحكم الاخر إذا وضعت الحرب أوزارها واثخن أهلها فكل أسير أخذ على تلك الحالة وكان في أيديهم فالامام فيه بالخيار إن
شاء من عله وإن شاء فاداهم أنفسهم وإن شاء استعبدهم فصاروا عبيدا. احتج مالك بأنه لا مصلحة في المن بغير عوض وهو ممنوع واحتج عطا بقوله
تعالى " فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء " فخيره بعد الأسر بين هذين لا غير وهو تخيير في الأسير بعد انقضاء الحرب. واحتج أبو حنيفة بقوله تعالى " اقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم " بعد قوله " فإما منا بعد وإما فداء " لان آية المن نزلت بمكة وآية القتل نزلت بالمدينة في اخر سورة نزلت هي براءة فيكون ناسخا ونمنع النسخ فإن العام
والخاص إذا تعارضا عمل بالعام في غير صورة الخاص وهذا التخيير ثابت في كل أصناف الكفار سواء كانوا ممن يقر على دينه بالجزية كأهل الكتاب أو لا كأهل الحرب وبه قال
الشافعي لان (الحربي صح) كافرا صلى فجاز استرقاقه كالكتابي ولان حديث الصادق (ع) عام في كل أسير وقال الشيخ (ره) إن أسر رجل بالغ فإن كان من أهل الكتاب أو ممن له شبهة
كتاب فالامام مخير فيه على ما مضى بين الأشياء الثلاثة وإن كان من عبدة الأوثان تخير الامام فيه بين المفاداة والمن ويسقط الاسترقاق وبه قال أبو سعيد الإصطخري
وعن أحمد روايتان وقال أبو حنيفة يجوز في العجم دون العرب وهو قول الشافعي في القديم. واحتج الشيخ (ره) بأنه لا يجوز له إقرارهم بالجزية فلا يجوز له إقرارهم بالأسرة
ونمنع الملازمة ويبطل بالنساء والصبيان فإنهم يسترقون ولا يقرون بالجزية وهذا التخيير تخيير مصلحة واجتهاد لا تخيير شهوة فمتى رأى الامام المصلحة في خصلة
من هذه الخصال تعينت عليه ولم يجز العدول عنه ولو تساوت المصالح تخير تخيير شهوة وقال مالك القتل أولى. مسألة. الأقرب جواز استرقاق بعض الشخص
والفداء والمن في الباقي وللشافعية وجهان بناء على القولين في أن إحدى الشريكين إذا أولد الجارية المشتركة وهو معسر يكون الولد كله حرا أو يكون بقدر نصيب الشريك
رقيقا فعلى تقدير عدم الجواز قالوا إذا ضرب الرق على بعضه رق الكل وقال بعضهم يجوز أن يقال لا يرق شئ وإن اختار الفداء جاز الفداء بالمال سلاحا كان أو غيره
ويجوز أن يفديهم بأسلحتنا في أيديهم ولا يجوز رد أسلحتهم في أيدينا بمال يبذلونه كما لا يجوز بيع السلاح منهم وفي جواز ردها بأسارى المسلمين وجهان
والأقرب عندي الجواز وأما العبيد إذا وقعوا في الأسر كانوا كساير الأموال المغنومة لا يتخير الامام فيهم لان عبد الحربي ماله لأنه لو أسلم في دار الحرب ولم يخرج ولا
قهر سيده لم يزل ملك الحربي عنه فإذا سباه المسلمون كان عبدا مسلما لا يجوز المن عليه ويجوز استرقاقه ولولا أنه مال لجاز تخلية سبيله كالحر ولما جاز استرقاقه
لأنه مسلم وهذا قول أكثر الشافعية وقال بعضهم لو رأى الامام قتله لشره وقوته قتله وضمن قيمته للغانمين والأولى عندي جواز قتله من غير ضمان دفعا لشره
. مسألة. لو أسلم الأسير بعد الأسر سقط عنه القتل إجماعا لما رواه العامة من قوله (ع) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى
دمائهم الحديث ومن طريق الخاصة قول زين العابدين (ع) الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار قنا وهل بسقوط القتل يصير رقا أو يتخير الامام في باقي الجهات للشافعية
قولان أحدهما يسترق بنفس الاسلام وبه قال احمد لأنه أسير يحرم قتله فيجب استرقاقه كالمرأة والثاني التخيير بين المن والفداء والاسترقاق وهو قول الشيخ (ره) لان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أسروا رجلا من بنى عقيل فأوثقوه وطرحوه في الحرة فمر به رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا محمد على ما أخذت وأخذت سابقة الحاج فقال أخذت بجريرة
خلفائك من ثقيف (وكانت ثقيف صح) قد أسرت رجلين من المسلمين ومضى النبي صلى الله عليه وآله فناداه يا محمد فقال له ما شأنك فقال إني مسلم فقال لو قلتها وأنت تملك أمرك لأفلحت كل
الفالح وفادى به النبي صلى الله عليه وآله الرجلين ولو صار رقيقا لم يفاديه وعند الشافعي يسترق بنفس الاسلام ولا يمن عليه ولا يفادى به إلا بإذن الغانمين لأنه صار مالا
(لهم وإذا نادى به مالا صح) أو رجالا جاز ليخلص من الرق فإن فأداه بالرجال جاز بشرط أن تكون له عشيرة تحميه من المشركين حيث صار مسلما وإلا لم يجز له رده والمال الذي يفادى به
يكون غنيمة للغانمين. مسألة. لو أسلم الأسير قبل الظفر به ووقوعه في الأسر لم يجز قتله إجماعا ولا استرقاقه ولا مفاداته لأنه أسلم قبل أن يقهر بالسبي
فلا يثبت فيه التخيير ولا فرق بين أن يسلم وهو محصور في حصن أو مصبور أو رمى نفسه في بئر وقد قرب الفتح وبين أن يسلم في حال أمنه وبه قال الشافعي لأنه لم يحصل
في أيدي المسلمين بعد ويكون دمه محقونا لا سبيل لاحد عليه ويحقن ماله من الاستغنام وذريته من الأسر ويحكم بإسلامهم تبعا له وقال أبو حنيفة إسلامه بعد
المحاصرة ودنوا الفتح لا يعصم نفسه عن الاسترقاق ولا ماله عن الاستغنام (الاغتنام خ ل) ولا فرق بين مال (وماله صح) وقال أبو حنيف إسلامه يحرز ما في يده من الأموال دون العقارات وهو
الذي يذهب إليه لأنها بقعة من دار الحرب فجاز اغتنامها كما لو كانت لحربي ولا فرق بين أن يكون في دار الاسلام أو دار الحرب وبه قال الشافعي وقال مالك إذا أسلم
424

في دار الاسلام عصم ماله الذي معه في دار الاسلام دون ما معه في دار الحرب وليس بجيد لعموم الخبر وقال أبو حنيفة الحربي إذا دخل دار الاسلام وله أولاد صغار في دار
الحرب يجوز سبيهم والحمل كالمنفصل وبه قال الشافعي وجوز أبو حنيفة استرقاق الحمل تبعا للام وليس بجيد لأنه مسلم بإسلام أبيه فأشبه المنفصل ولو سبيت الزوجة وهي
حامل وقد أسلم أبوه حكم بإسلام الحمل وحريته وبه قال الشافعي واحمد كالمولود وقال أبو حنيفة يحكم برقه مع امه لان الام سرى إليها الرق بالسبي فليسري إلى الحمل لان ما
سرى إليه العتق سرى إليه الرق كساير أعضائها والفرق عدم انفراد الأعضاء بحكم عن الأصل بخلاف الحمل وهل يحرو ولد ابنه الصغير إشكال ينشأ من مشابهة
الحد للأب ومن مفارقته إياه كالميراث وللشافعية وجهان ولهم ثالث إن الوجهين فيما إذا كان الأب ميتا فأما إذا كان الأب حيا لم يحرر الجد وقيل الوجهان في الصغير
الذي أبوه حي فإن كان ميتا أحرز الجد وجها واحدا والمجانين من الأولاد كالصغار ولو بلغ عاقلا ثم جن فالأقرب إنه يحرز وللشافعية وجهان ولو أسلمت المرأة قبل
الظفر أحررت نفسها ومالها وأولادها الصغار وهو أحد قولي الشافعي وفى الثاني لا تحرزهم وبه قال مالك وأما الأولاد البالغون العاقلون فلا يحرزهم
إسلام أحد من الأبوين كاستقلالهم بالاسلام. مسألة. لو استأجر حر مسلم من حربي أرضه في دار الحرب صحت الإجارة فلو ذمتها المسلمون كانت غنيمة وكانت
المنافع للمستأجر لأنه ملكها بالعقد فلا يبطل بتجديد الملك بالاستغنام كالبيع ولو أسلم وزوجته حامل عصم الحمل على ما تقدم ويجوز استرقاق الزوجة وهو أحد وجهي
الشافعي كما لو لم تكن زوجة مسلم والثاني لا تسترق لما فيه من إبطال حقه ولو أعتق المسلم عبده الذمي مطلقا إن جوزناه بغير نذر فلحق بدار الحرب ثم أسر احتمل جواز
استرقاقه لاطلاق إذن الاسترقاق وعدمه لان للمسلم عليه ولاء واسترقاقه يقتضى إبطاله عنه فلا يجوز استرقاقه كما لو أبق وهو مملوك ولو كان لذمي في دار الاسلام
عند ذمي فأعتقه صح عتقه فإن لحق بدار الحرب فاسر جاز استرقاقه عندنا إجماعا وهو أحد وجهي الشافعي والثاني المنع لتعلق ولاء الذمي به وليس بجيد لان سيده لو لحق
بدار الحرب جاز استرقاقه فهو أولي وسقط حقه بلحوق معتقه. مسألة. لو أسلم عبد الذمي أو أمته في دار الحرب ثم أسلم مولاه (فإن خرج إلينا قبل مولاه صح) فهو حر وإن خرج بعده فهو على الرقية
لما رواه العامة عن أبي سعيد الأصم قال قضى رسول الله صلى الله عليه وآله في العبد وسيده قضيتين قضى أن العبد إذا خرج من دار الحرب قبل سيده (إنه حر فإن خرج سيده صح) بعد لم يرد عينه وقضى أن السيد
إذا خرج قبل العبد ثم خرج العبد رد على سيده ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن النبي صلى الله عليه وآله حيث حاصر أهل الطايف قال أيما عبد خرج إلينا قبل
مواليه فهو حر وأيما عبد خرج إلينا بعد مواليه فهو عبد ولأنه بخروجه إلينا قبل مولاه يكون قد رضي حيث أقهره على نفسه فيكون قد ملكها لان القهر
يقتضى التملك فكان حرا أما لو خرج مولاه أولا فإن العبد يكون قد رضي ببقائه في العبودية حيث لم يقهره على نفسه بالخروج فكان باقيا على الرقية قال الشيخ (ره) وإن
قلنا إنه يصير حرا على كل حال قويا وإن خرج إلينا قبل مولاه مسلما ملك نفسه لما قلناه ولو كان سيده صبيا أو امرأة ولم يسلم حتى غنمت وقد حارب معنا
جاز أن يملك مولاه وكذا لو أسر سيده وأولاده واخذ ماله وخرج إلينا فهو حر والمال له والسبي رقيقه ولو لم يخرج قبل مولاه فإن أسلم مولاه كان باقيا على
الرقية له وإن لم يسلم حتى غنم المسلمون العبد كان غنيمة للمسلمين كافة ولو أسلمت أم ولد الحربي وخرجت إلينا عتقت لأنها بالقهر ملكت نفسها وتستبرئ نفسها
وهو قول أكثر العلماء وقال أبو حنيفة تتزوج إن شاءت من غير استبراء (وليس بجيد لأنها أم ولد منكوحة للمولى عتقت فلا يجوز لها ان تتزوج من غير استبراء صح) كما لو كانت لذمي ولو أسلم العبد ولم يخرج إلينا فإن بقى مولاه على الكفر حتى غنم انتقل إلى
المسلمين وزوال ملك مولاه عنه وإن أسلم مولاه كان باقيا على ملكيته ولو عقد لنفسه أمانا لم يقر المسلم على ملكه لقوله تعالى " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين
سبيلا " وكذا حكم المدبر والمكاتب المشروط والمطلق وأم الولد في ذلك كله على السواء. مسألة. لا يجوز لغير الامام قتل الأسير بغير قول الإمام قبل أن يرى
الامام رأيه فيه فإن قتله مسلم أو ذمي فلا قصاص ولا دية ولا كفارة لأنه لا أمان له وهو حرا لا أن يسترق وبه قال الشافعي وقال الأوزاعي تجب عليه الدية لتعلق
حق الغانمين به ولهذا يجوز للامام أن يقاديه بالمال ويكون لهم وليس بجيد لان الحق إنما يتعلق بالبدل لا به فإنه حر لا ملك لهم فيه نعم يعزر قاتله ويجب أن يطعم الأسير
ويسقى وإن أريد قتله بعد بلحظه لقول الصادق الأسير يطعم وإن كان يقدم للقتل ولو عجز الأسير عن المشي ولم يكن معك محمل فأرسله ولا تقتله فإنك لا تدرى ما حكم الامام
فيه ويكره قتل من يجب قتله صبرا من الاسرى وغيرهم ومعناه إنه يحبس للقتل فإن أريد قتله قتل على غير ذلك الوجه لقول الصادق (ع) في الصحيح لم يقتل رسول الله صلى الله عليه وآله رجلا
صبرا قط غير رجل واحد عقبة بن أبي معيط ولو وقع في الأسر امرأة أو صبى فقتل وجب قيمته على القاتل لأنه صار مالا ينفس الأسر. مسألة. الحميل هو الذي يجلب
من بلاد الشرك فإن جلب منهم قوم تعارفوا بينهم بما يوجب التوارث قبل قولهم بذلك سواء كان ذلك قبل العتق أو بعده ويورثون على ذلك لتعذر إقامة البينة عليه
من المسلمين وقوله (ع) إقرار العقلاء على أنفسهم جائز وسواء كان النسب نسب الوالدين والولد أو من يتقرب بهما إلا أنه لا يتعدى ذلك إلى غيرهم ولا يقبل إقرارهم
به فإذا اخذ الطفل من بلاد الشرك كان رقيقا فإذا أعتقه السابي فقد عتقه قاله الشافعي ويثبت له الولاء عليه فإن أقر هذا المعتق بنسب نظرت فإن اعترف
بنسب أب أو أخ أو ابن عم لم يقبل منه إلا ببينة لأنه يبطل حق المولى من الولاء وهو حسن فإن أقر بولد ففيه ثلاثة أوجه أحدها لا تقبل إقراره لما تقدم والثاني
يقبل لأنه يملك أن يستولد فملك الاقرار بالولد والثالث إن أمكن أن يكون ولد له بعد عتقه قبل لأنه يملك الاستيلاد بعد عتقه ولا يملكه قبل ذلك. مسألة.
إذا سبى من لم يبلغ صار رقيقا في الحال فإن سبى مع أبويه الكافرين كان على دينهما وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي لقوله (ع) كل مولود يولد على الفطرة وإنما
أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه وهما معه وقال الأوزاعي يكون مسلما لان السابي يكون أحق به فإنه يملكه بالسبي وتزول ولاية أبويه عنه وينقطع ميراثه منهما وميراثهما
منه فيكون تابعا له في الاسلام كما لو انفرد السابي به ونمنع من الأصل وملك السابي لا يمنعه اتباعه لأبويه فإنه لو كان لمسلم عبد وأمة كافران فزوجه منها فإن الولد يكون
يكون كافرا وإن كان المالك مسلما وإن سبى منفردا عن أبويه قال الشيخ (ره) يتبع السابي في الاسلام وهو قول العامة كافة لان الكفر إنما يثبت له تبعا لأبويه وقد انقطعت
تبعيته لهما لانقطاعه عنهما وإخراجه عن دارهما ومصيره إلى دار الاسلام تبعا لسابيه المسلم فكان تابعا له دينه قال الشيخ (ره) لا يباع إلا من مسلم فإن بيع من كافر
بطل البيع وإن سبى مع أحد أبويه قال الشيخ يتبع أحد أبويه في الكفر وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد في رواية لأنه لم ينفرد عن أحد أبويه فلم يحكم بإسلامه كما لو سبى معهما
وقال الأوزاعي واحمد في الرواية الأخرى يحكم بإسلامه لقوله (ع) كل مولود يولد على الفطرة الحديث وهو يدل من حيث المفهوم على أنه لا يتبع أحدهما لان الحكم متى علق على شيئين
لا يثبت بأحدهما والتهويد قد ثبت بهما فإذا كان معه أحدهما لم يهوده ولأنه يتبع سابيه منفردا فيتبعه مع أحد أبويه كما لو أسلم أحد الأبوين ودلالة المفهوم ضعيفة و
نمنع قوله إنه يتبع السابي قال الشيخ (ره) لو مات أبو الطفل المسبى معهما لم يحكم بإسلامه وجاز بيعه على المسلمين ويكره بيعه على الكافر لأنه بحكم الكافر فجاز بيعه على الكافر وقال
احمد لو مات أبواه أو أحدهما حكم بإسلامه لقوله (ع) كل مولود الحديث وهو يدل على أنه إذا ماتا أو مات أحدهما حكم بإسلامه لان العلة إذا عدمت عدم المعلول احتج
425

الشيخ (ره) بأنه مولود بين كافرين فإذا ماتا أو مات أحدهما لم يحكم بإسلامه كما لو كانا في دار الحرب ولأنه كافر أصلى فلم يحكم بإسلامه بموت أبويه كالبالغ. مسئلة.
إذا سبيت (المرأة صح) وولدها الصغير كره التفرقة بينهما بل ينبغي للامام ان يدفعهما إلى واحد فإن لم يبلغ سهمه قيمتها دفعهما إليه استعاد الفاضل أو يجعلهما في الخمس فإن
لم يفعل باعها ورد قيمتها في المغنم وقال بعض علمائنا لا تجوز التفرقة وأطبق الجمهور على المنع من التفرقة لقول النبي صلى الله عليه وآله من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه
وبين أحبته يوم القيمة ولو رضيت الام بالتفرقة كره ذلك أيضا لما فيه من الاضرار بالولد وحكم البيع كذلك ويجوز التفرقة بين الولد والوالد قاله الشيخ ره وبه قال
بعض الشافعية (لأنه ليس صح) من أهل الحضانة بنفسه ولأصالة الجواز ولم يرد فيه نص بالمنع ولا معنى النص لان الام أشفق من الأب وأقل صبرا ولهذا قدمت في الحضانة فافترقا ومنع
أبو حنيفة والشافعي منه لأنه أحد الأبوين فأشبه الام والفرق ما تقدم وإنما تكره التفرقة بين الام والولد الصغير فإذا بلغ سبع سنين جازت التفرقة قال الشيخ (ره)
وبه قال مالك والشافعي في قول لأنه في تلك الحال يستغنى عن الام وقال بعض علمائنا إذا استغنى الولد عن الام جازت التفرقة وبه قال الأوزاعي والليث بن
سعد وقال أبو ثور إذا كان يلبس ثيابه وحده ويتوضأ وحده لأنه حينئذ يستغنى عن الام وقال الشافعي في القول الآخر لا يجوز التفريق بينهما إلى أن يبلغ وبه قال
احمد وأصحاب الرأي لقوله (ع) لا يفرق بين والدة وولدها فقيل إلى متى قال حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية ولان ما دون البلوغ مولى عليه فأشبه الطفل ويجوز
التفرقة بين البالغ وأمه إجماعا وعن أحمد روايتان إحديهما المنع ولو فرق بينهما بالبيع وقال الشيخ إنه محرم ويصح البيع وبه قال أبو حنيفة لقوله تعالى " أوفوا بالعقود "
وأصالة الصحة وعدم اقتضاء النهى الفساد في المعاملات ولان النهى في هذا (العقد صح) لا معنى في المعقود عليه فأشبه البيع وقت النداء وقال الشافعي لا ينعقد البيع وبه
قال احمد. مسألة. قال الشيخ (ره) لا يفرق بين الولد والجدة أم الام لأنها بمنزلة الام في الحضانة وقال أكثر العامة لا يفرق بين الولد والجد للأب أيضا وكذا الجدة
له أو الجد للام لأنهما بمنزلة الأبوين فإن الجد أب والجدة أم ولهذا يقومان مقامهما في استحقاق الحضانة والميراث فقاما مقامهما في تحريم التفرق قال الشيخ (ره)
يجوز التفرقة بين الأخوين والأختين وبه قال مالك والليث بن سعد والشافعي وبن المنذر للأصل ولأنها قرابة لا تمنع الشهادة فلم يحرم التفريق كقرابة بن
العم وقال احمد لا يجوز وبه قال أصحاب الرأي لأنه ذو رحم محرم فلم تجز التفرقة بينهما كالولد والوالد والفرق في قوة الشفعة وضعفها قال الشيخ (ره) تجوز التفرقة بين
من خرج من عموم الوالدين من فوق وسافل كالاخوة وأولادهم والأعمام وأولادهم وساير الأقارب وهو قول أكثر العلماء للأصل وقال أبو حنيفة لا تجوز التفرقة
بينه وبين كل ذي رحم محرم كالعمة مع ابن أخيها والخالة مع ابن أختها بالقياس على الأبوين وهو باطل ويجوز التفرقة بين الرحم غير المحرم إجماعا وكذا بين الام وولدها
من الرضاع أو أخته منه لان القرابة به لا توجب نفقة ولا ميراثا فلا تمنع التفريق كالصداقة وتجوز التفرقة بينهما في العتق فتعتق الام دون الولد وبالعكس وكذا تجوز
التفرقة في الفداء إجماعا لان العتق لا تفرقة فيه في المكان والفداء تخليص كالعتق ولو اشترى من المغنم اثنين أو أكثر وحسبوا عليه بنصيبه بناء على إنهم أقارب
تحرم التفرقة بينهما فظهر عدم النسب بينهم وجب عليه رد الفضل الذي فيهم على المغنم لان قيمتهم تزيد بذلك فإن من اشترى أمتين على أن أحدهما أم يحرم الجمع
في الوطي والتفرقة بينهما فتقل قيمتها لذلك فإذا ظهر أن إحديهما أجنبية أبيح له وطؤها والتفريق فتكثر القيمة فيرد
الفضل كما لو اشتراهما فوجد معهما حليا ولو جنت
جارية وتعلق الأرش برقبتها ولها ولد صغير لم يتعلق به أرش فإن فاداها السيد فلا كلام وإن امتنع قال الشيخ يحرم بيعها دون ولدها لاشتماله على التفرقة لكن يباعان
معا ويعطى المجني عليه ما يقابل قيمة (جارية صح) ذات ولد والباقي للسيد فلو كانت قيمة الجارية ولها ولد دون ولدها مئة وقيمة ولدها خمسون خص الجارية ثلثا الثمن فإن و
في بالأرش وإلا فلا شئ غيره وإن زاد رد الفضل على السيد قال ولو كانت الجارية حاملا بحر وامتنع سيدها من الفداء لم يجز بيعها ويصبر حتى تضع ويكون الحكم
كما لو كان منفصلا وإن كانت حاملا بملوك جاز بيعهما
معا كالمنفصل قال (ره) لو باع جارية حاملا إلى أجل ففلس المشترى وقد وضعت ولدا مملوكا من زنا أو زوج فهل له الرجوع فيها دون ولدها وجهان أحدهما ليس له
لأنه تفريق بينها وبين ولدها ويتخير بين أن يعطى قيمة ولدها ويأخذهما وبين أن يدع ويضرب مع الغرماء بالثمن والثاني له الرجوع فيها لأنه ليس تفرقه فإنهما يباعان
معا وينفرد هو بحصتها قال (ره) ولو ابتاع جارية فاتت بولد مملوك في يد المشترى وعلم بعيبها لم يكن له ردها بالعيب لأنه تفريق ولا يلزمه رد الولد لأنه ملكه و
سقط الرد ويكون له الأرش فان علم بالعيب وهي حامل تخير بين الرد والأرش. مسألة. لو سبيت امرأة وولدها لم يفرق بينهما فإن وفي نصيب إحديهما
دفعا إليه وإلا اشترك مع الامام فيهما أو باعهما وجعل ثمنها في المغنم فإن فرق بينهما في القسمة لم يصح وللشافعي قولان كما في البيع وعلى القول بصحته قال بعض أصحابه
لا يقران على التفريق ولكن يقال لهم إن رضيتهما ببيع الاخر ليجتمعا في الملك فذاك وإلا فسخنا البيع وقال بعضهم يقال للبايع إما أن تطوع بتسليم الاخر أو افسخ
البيع فإن تطوع بالتسليم فامتنع المشترى من القبول فسخ البيع ولو كان له أم وجدة فبيع مع الام اندفع المحذور وإن بيع مع الجدة وقطع عن الام فللشافعي قولان
وله قولان في تعدى التحريم إلى ساير المحارم كالأخ والعم ولو الجأت الضرورة إلى التفرقة جاز كما لو كانت الام حرة جاز بيع الولد ولو كانت الام لواحد والولد لآخر
فله أن ينفرد ببيع ما يملكه. مسألة. إذا أسر المشرك وله زوجة لم توسر فالزوجة باقية للاستصحاب ولان النبي (ص) سبى يوم بدر سبعين رجلا من الكفار فمن على
بعضهم وفادى بعضا فلم يحكم عليهم بفسخ أنكحتهم وبه قال أكثر العلماء وقال أبو حنيفة ينفسخ النكاح لافتراق الزوجين في الدار وطرو الملك على أحدهما فانفسخ
النكاح كما لو سبيت المرأة وحدها وليس بجيد لان الملك لا يحصل بنفس الأسر بل باختيار الامام له. إذا ثبت هذا فإن من الامام عليه أو فأداه فالزوجية باقية
وإن استرقه إنفسخت ولو أسر الزوجان معا انفسخ النكاح عندنا وبه قال مالك والثوري والليث والشافعي وأبو ثور لقوله تعالى " والمحصنات (من السناء إلا ما ملكت أيمانكم " والمحصنات صح) المزوجات إلا ما
ملكت أيمانكم بالسبي قال أبو سعيد الخدري نزلت هذه الآية في سبى أوطاس وقال بن عباس إلا ذوات الأزواج من المسبيات ولان النبي صلى الله عليه وآله قال في سبى
أوطاس لا توطأ حامل حتى تضع ولا حايل حتى تحيض وأباح الوطي بعد وضع الحامل واستبراء الحايل ولو كان النكاح باقيا حرم الوطي وقال أبو حنيفة والأوزاعي
واحمد لا ينفسخ لان الرق لا يمنع إبتداء النكاح فلا يقطع استدامته كالعتق والجواب البحث في استجداد الملك وهو عندنا موجب لفسخ النكاح والفرق واقع
بين الابتداء والاستدامة ولو أسرت الزوجة وحدها انفسخ النكاح إجماعا ولا فرق بين أن يسبى الزوج بعدها بيوم أو أزيد أو أنقص وقال أبو حنيفة إن سبى بعدها
بيوم لم ينفسخ النكاح وليس بجيد لان المقتضى للفسخ موجود وهو السبى فانفسخ النكاح كما لو حصل السبى بعد شهر ولا فرق بين أن يسبيها واحد أو اثنان والوجه
انه إذا سباهما واحد وملكهما معا لا ينفسخ النكاح إلا بفسخه وكذا لو بيعا من واحد ولو كان الأسير طفلا انفسخ النكاح في الحال كالمرأة لتجدد الملك بالاسر بخلاف البالغ
426

ولو كان الزوجان مملوكين قيل لا ينفسخ النكاح لعدم حدوث رق فيها لأنه كان ثابتا قبل السبى والوجه إن الغانم يتخير كما لو بيعا عليه. مسألة. قد ذكرنا فيما تقدم
إن الغانم الموسر إذا وطى جارية المغنم تكون أم ولد في الحال عند الشيخ (ره) وللشافعية وجهان طريقان إن قلنا إن الغانمين لا يملكون قبل القسمة فلا ينفذ الاستيلاد
في نصيبه لان نفوذه لم يصادف الملك وإن قلنا يملكون ففي نفوذ الاستيلاد وجهان لأنه ملك ضعيف ويقرب الوجهان لضعف الملك من الوجهين في نفوذ
الاستيلاد للمشترى في زمن الخيار إذا حكمنا بثبوت الملك. الطريق الثاني إن قلنا بثبوت الملك قطعنا بنفوذ الاستيلاد وإلا فقولان كالقولين في الاستيلاد الأب
جارية الابن وقد يجعل هذه الصورة أولي بنفوذ الاستيلاد لان حق الابن أقوى من حق ساير الغانمين وحق الأب أضعف من حق الغانم الواطي ويخرج من الطريقين
قولان في نفوذ الاستيلاد في نصيبه وإذا قيل به فلو ملك الجارية بالوقوع في سهمه أو بسبب اخر يوما ففي نفوذ الاستيلاد حينئذ قولان وقال بعض الشافعية إن
كانوا محصورين ولم يغنموا غير تلك الجارية قطع بنفوذ الاستيلاد في حصته منها بخلاف ما إذا كان في الغنيمة غيرها فإنه يحتمل جعل الجارية لغيره وإذا نفذ
الاستيلاد في نصيبه سرى مع يساره إلى الباقي وتحصل السراية بنفس العلوق أو بأداء قيمة نصيب الشريك قولان ويحصل يسار الواطي بحصته في المغنم إذا غنموا
غيرها فإن لم تف حصته من غير الجارية بالقيمة حصلت السراية بمقدار حصته ويمكن أن يخرج على أن الملك في الغنيمة هل يحصل قبل القسمة فإن قلنا لا يملك
لم يكن موسرا بالحصة فإن الحكم بغناه موقوف على أن لا يعرض ويستقر ملكه فإن أعرض تبين إنه لم يكن غنيا ولا تقول إن حق السراية لم يلزمه اختيار التملك فإن الاختيار
بمثابة إبتداء الاكتساب وإن لم يحكم بالاستيلاد فإن تأخرت القسمة حتى وضعت قال بعضهم تجعل الجارية في المغنم وتدخل في القسمة فإن دخلها نقص بالولادة لزمه
الأرش وقبل الوضع الجارية حامل بحر وبيع هذه الجارية لا يصح والقسمة عندهم بيع فكيف يمكن دخول القسمة فيها وقال بعضهم يسلم هذه الجارية بحصته إن كانت حصته
تفي بقيمتها أو أزيد وقيل تؤخذ قيمتها وتلقى في المغنم لأنه بالاحبال فرق بينها وبين الغانمين وأما إذا كان الواطي معسرا فقد سبق قول الشيخ (ره) فيه وقالت
الشافعية يثبت الاستيلاد في حصته ولا يسرى ويخلق الولد كله حرا في قول لان الشبهة تعم الجارية وحرية الولد يثبت بالشبهة وإن لم يثبت الاستيلاد كما لو وطى
جارية الغير بظن أنها جاريته أو زوجته ينعقد الولد حرا ولا يثبت الاستيلاد وفي قول آخر الحرية في قدر حصته كالاستيلاد في قدرها وليس كالوطئ بالشبهة فإن
الشبهة حصلت من الظن وهو لا يتبعض والشبهة هنا حصلت من جهة استحقاق المستولد ملكا أو ولاية (ملك) وهو متبعض فإن قلنا لا يعتق من الولد إلا قدر حصته
من الام فلو ملك باقي الجارية من بعد بقي الرق فيه لأنها علقت برقيق في غير الملك وإن قلنا جميعه حر ففي
ثبوت الاستيلاد في باقيها إذا ملكه قولان لأنه أولدها حرا
في غير الملك. البحث الثالث. في أحكام الأرضين. مسألة. الأرضون على أربعة أقسام الأول ما تملك بالاستغنام من الكفار وتؤخذ قهرا
بالسيف وهي الملك بالاستيلاء كما تملك المنقولات وتكون للمسلمين قاطبة لا يختص بها المقاتل بل يشاركهم غيرهم من المسلمين ولا يفضل الغانمون على غيرهم أيضا
بل هي للمسلمين قاطبة ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال مالك لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه فتح هوازن ولم يقسمها ومن طريق الخاصة قول الكاظم (ع) في حديث
طويل والأرض التي فتحت عنوة إلى قوله ويأخذ الباقي فيكون ذلك ارزاق اغراز على دين الله وفي مصلحة ما ينوبه في تقوية الاسلام وتقوية الدين في وجوه
الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير يعنى الامام وقال الشافعي يقسم بين الغانمين كساير الأموال وبه قال أنس بن مالك
والزبير وبلال وقال الثوري يتخير الامام بين القسمة والوقوف على المسلمين ورواه العامة عن علي (ع) وقال أبو حنيفة يتخير الامام بين قسمتها ووقفها وأن يقر أهلها عليها
ويضرب عليهم الخراج يصير حقا على رقبة الأرض لم يسقط بالاسلام. الثاني أرض من أسلم أهلها عليها طوعا من غير قتال فيترك في أيديهم ملكا لهم (يصح لهم صح) التصرف
فيها بالبيع والشراء والوقف وساير أنواع التصرفات إذا عمروها وقاموا بعمارتها ويؤخذ منهم العشر أو نصف العشر زكاة إذا بلغ النصاب فإن تركوا عمارتها وتركوها
خرابا كانت للمسلمين قاطبة وجاز للامام أن يقبلها منهم يعمرها بالنصف أو الثلث أو الربع وكان على المتقبل بعد إخراج حق القبالة ومؤنة الأرض إذا بقى معه النصاب
العشر أو نصف العشر ثم على الامام أن يعطى أربابها حق الرقبة لرواية الرضا (ع). الثالث أرض الصلح وهي كل أرض صالح أهلها عليها وهي أرض الجزية يلزمهم ما يصالحهم
الامام عليه من نصف أو ثلث أو غيره وليس عليهم غيره فإذا أسلم أربابها كان حكم أرضيهم حكم أرض من أسلم أهلها عليها طوعا ويسقط عنهم مال الصلح لأنه جزية وقد سقطت
بالاسلام فلأربابها التصرف فيها بالبيع وغيره وللامام أن يزيد وينقص بعد انقضاء مدة الصلح حسب ما يراه من زيادة الجزية ونقصانها ولو باعها المالك من مسلم
صح وانتقل ما عليها إلى رقبة البايع هذا إذا صولحوا على إن الأرض (لهم أما لو صولحوا على أن الأرض صح) للمسلمين وعلى أعناقهم الجزية كان حكمها حكم الأرض المفتوحة عنوة عامرها للمسلمين ومواتها للامام
. الرابع أرض الأنفال وهي أرض انجلا أهلها عنها طوعا وتركوها أو كانت مواتا لغير المالك فأحييت أو كانت آجاما وغيره مما لا تزرع فاستحدثت مزارع فإنها
كلها للامام خاصة ليس لأحد معه فيها نصيب فكان له التصرف فيها بالبيع وغيره حسب ما يراه وكان له أن يقبلها بما يراه من نصف أو ثلث أو ربع ويجوز له نزعها من يد
متقبلها إذا انقضت مدة الضمان إلا ما أحييت بعد موتها فإن من أحياها أولي بالتصرف فيها إذا تقبلها بما يتقبلها غيره فإن أبى كان للامام نزعها من يده
وتقبيلها لمن يراه وعلى المتقبل بعد إخراج مال القبالة فيما يحصل في حصة العشر أو نصف العشر قال الشيخ (ره) وكل موضع أوجبنا فيه العشر أو نصف العشر من أقسام
الأرضين إذا أخرج الانسان مؤنته (ومؤنة صح) عياله لسنته وجب عليه فيما بقى بعد ذلك الخمس لأهله. مسألة. الأرض المأخوذة بالسيف عنوة يقبلها الامام لمن
يقوم بعمارتها بما يراه من النصف وغيره وعلى المتقبل إخراج مال القبالة وحق الرقبة وفيما يفضل في يده إذا كان نصابا العشر أو نصفه فلا يصح التصرف في هذه
الأرض بالبيع والشراء والوقف وغير ذلك وللامام أن ينقله من متقبل إلى غيره إذا انقضت مدة قبالته وله التصرف فيه بما يراه من مصلحة المسلمين وارتفاع
هذه الأرض ينصرف إلى المسلمين بأجمعهم وفي مصالحهم لقول الرضا (ع) وما أخذ بالسيف فذلك للامام يقبله بما يرى كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر قبل أرضها
ونخلها والناس يقولون لا تصح قبالة الأرض والنخل إذا كان البياض أكثر من السواد وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر وعليهم في حصصهم العشر أو نصف العشر
. إذا عرفت هذا فإن هذه الأرض للمسلمين قاطبة إن كانت محياة وقت الفتح لا يصح بيعها ولا هبتها ولا وقفها بل يصرف الإمام حاصلها في المصالح كسد
الثغور ومعونة الغزاة وبناء القناطر وأرزاق القضاة والولاة وصاحب الديوان وغير ذلك من المصالح وأما الموات منها وقت الفتح فهي للامام خاصة
ولا يجوز لاحد إحياؤه إلا بإذنه إن كان ظاهرا ولو تصرف فيها أحد من غير إذنه كان عليه طسقها وحال الغيبة يملكها المتصرف من غير إذن لان عمر بن يزيد روى
في الصحيح إنه سمع رجلا يسأل الصادق (ع) رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها فعمرها وأجرى أنهارها وبنى فيها بيوتا وغرس فيها نخلا وشجرا قال فقال أبو عبد الله (ع)
427

كان أمير المؤمنين (ع) يقول من أحيى أرضا من المؤمنين فهي له وعليه طسقها يؤديه إلى الامام في حال الهدنة فإذا ظهر القايم (ع) فليوطن نفسه على أن تؤخذ منه
إذا عرفت هذا فإذا زرع فيها أحد أو بنى أو غرس صح له بيع ماله فيها من الآثار وحق الاختصاص بالتصرف لا بيع الرقبة لأنها ملك المسلمين قاطبة روى
أبو بردة بن رجا إنه سأل الصادق (ع) كيف ترى في شراء أرض الخراج قال ومن يبيع ذلك هي أرض المسلمين قلت يبيعها الذي هي في يديه قال ويصنع بخراج المسلمين
ماذا ثم قال لا بأس اشتر حقه منها وتحول حق المسلمين عليه ولعله يكون أقوى عليها وأملى بخراجها منه. مسألة. الأرض الجزية والموات ورؤس الجبال و
بطون الأودية والآجام من الأنفال يختص بها الامام ليس لأحد التصرف فيه إلا بإذنه حال ظهوره (ع) ويجوز للشيعة حال الغيبة التصرف فيها لانهم (ع) أباحوا شيعتهم
ذلك وأما أرض مكة فالظاهر من المذهب إن النبي صلى الله عليه وآله فتحها بالسيف ثم أمنهم بعد ذلك وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي لان العامة رووا
عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لأهل مكة ما تروني صانعا بكم فقالوا أخ كريم وبن أخ كريم فقال أقول كما قال أخي يوسف لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين
أنتم الطلقاء ومن طريق الخاصة رواية صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالا ذكرنا له الكوفة إلى أن قال إن أهل الطايف أسلموا وجعلوا عليهم العشر ونصف
العشر وأن أهل مكة دخلها رسول الله صلى الله عليه وآله عنوة وكانوا اسراء في يده فاعتقهم وقال إذهبوا فأنتم الطلقاء وقال الشافعي انه (ع) فتحها صلحا بأمان قدمه لهم قبل
دخوله وهو منقول عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومجاهد وأما أرض السواد وهي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر بن الخطاب وهي سواد العراق وحده
في العرض من منقطع الجبال بحلوان إلى طرف القادسية المتصل بعذيب من أرض العرب ومن تخوم الموصل طولا إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجله فأما
الغربي الذي تليه البصرة إنما هو اسلامي مثل عثمان بن أبي العاص وما والاها كانت سباخا ومواتا فأحياها عثمان بن أبي العاص وسميت سواد لان الجيش
لما خرجوا من البادية رأوا هذه الأرض والتفاف شجرها سموها السواد لذلك ولما فتحها عمر بعث عمار بن ياسر على صلاتهم أميرا وبن مسعود قاضيا واليا على بيت
المال وعثمان بن حنيف على مساحة الأرض وفرض للثلاثة في كل يوم شاة شطرها مع السواقط لعمار وشطرها للآخرين وقال ما ارى قرية يؤخذ منها كل يوم
شاة إلا سريع في خرابها قال الشيخ (ره) الذي يقتضيه المذهب إن الأرض التي فتحت عنوة يخرج خمسها لأرباب الخمس والأربعة الأخماس الباقية للمسلمين قاطبة
الغانمين وغيرهم ويقبلها الامام لمن شاء ويأخذ ارتفاعها يصرفه في مصالح المسلمين ولا يصح بيع شئ من هذه الأرض ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه
ولا رهنه ولا إجارته ولا إرثه ولا يصح أن يبنى دورا ومساجد وسقايات ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك ومتى فعل شئ من ذلك كان التصرف
باطلا وهو باق على الأصل ثم قال (ره) وعلى الرواية التي رواها أصحابنا ان كل فرقة أو عسكر غزت بغير إذن الإمام فغنمت تكون الغنيمة للامام خاصة تكون هذه
الأرضون بعدا لرسول صلى الله عليه وآله إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين (ع) إن فتح شئ من ذلك يكون للامام خاصة ويكون من جملة الأنفال اللتي له خاصة ويكون من جملة الأنفال اللتي له خاصة لا يشركه فيها غيره قال
الشيخ (ره) وافقه الشافعي إن عثمان بن حنيف مسح أرض الخارج واختلفوا فقال الساجي اثنان وثلاثون ألف ألف جريب وقال أبو عبيده ستة وثلاثون ألف ألف جريب
ثم ضرب على كل جريب نخل عشرة دراهم وعلى الكرم ثمانية دراهم وعلى جريب الشجر والرطبة ستة دراهم وعلى الحنطة أربعة دراهم وعلى الشعير درهمين ثم كتب بذلك إلى عمر
فأمضاه وأبو حنيفة وافقهما إلا في الحنطة والشعير فإنه قال يؤخذ من الحنطة قفيز ودرهمان ومن الشعير قفيز ودرهم وقال احمد يؤخذ من كل منهما قفيز ودرهم
لقوله (ع) منعت العراق قفيزها ودرهمها معناه ستمنع وقال بعض الشافعية إن سواد العراق فتح صلحا وهو محكى عن أبي حنيفة وقال بعضهم اشتبه الامر على فلا أدرى
أفتح عنوة أو صلحا ثم اختلف الشافعية فقال بعضهم إن عمر جعل الأربعة الأخماس الباقية من الأرض لأهل الخمس عوضا عن نصيبهم من المنقولات من القيمة فصارت
الأرض لأهل الخمس والمنقولات للغانمين وقال بعضهم إنه قسمها بين الغانمين ولم يخصها بأهل الخمس ثم استطابت قلوبهم عنها واستردها فقال الأكثرون إنه
بعد ردها وقفها على المسلمين واخذها من أهلها والخراج والمضروب عليها اجرة منجمة تؤدى في كل سنة وهو نصف الشافعي في كتاب الرهن قال سفيان الثوري جعل
عمر السواد وقفا على المسلمين ما تناسلوا وقال بعضهم إنه باعها من أهلها والخراج ثمن منجم فإنه لم يزل الناس يبيعون أرض السواد ويشترون من غير إنكار وقال
آخرون من الشافعية ما فعله عمر عدول عن الأصل الممهد فإنه يشترط في الإجارة ضبط المدة وفى البيع ضبط جملة الثمن لكن قالوا إنها بالاسترداد رجعت إلى حكم أموال
الكفار والامام يفعل للمصلحة الكلية في أموال الكفار ما لا يجوز مثله في أموال المسلمين فرأى غير المصلحة لئلا يشتغلوا بالعمارة والزراعة من الجهاد وقال بعضهم
إنه وقفها وقفا لا مؤبدا محرما بل جعلها موقوفه على مصالح المسلمين ليؤدي ملاكها على تداول الأيدي وتبدلها بالبيع والشراء خراجا ينتفع به المسلمون فيجوز
بيعها وهبتها ورهنها على الثاني لا الأول ويجوز على الوجهين لأربابها إجارتها مدة معلومة وهل لهم الإجارة المؤبدة بمال يتراضيان عليه جوزه بعضهم تبعا
لفعل عمر وقال من استحل منفعته على جهة لم يبعد أن يملك إخراج نفسه من البين وإحلال غيره محله ومنع بعضهم والفاسد في إجارة عمر احتمل لمصلحة كليه
والجزئيات ليست كالكليات فلا يجوز لغير سكانها أن يزعج واحدا من السكان ويقول أنا اشغلها واعطى الخراج لأنه مالك رقبتها إرثا على أحد الوجهين ومالك
منفعتها على الاخر لعقد بعض أجداده مع عمر والإجارة لازمة لا تنفسخ بالموت هذا فيما يزرع ويغرس من الأراضي وأما المساكن والدور فإن قلنا إن تلك الأراضي
مبيعة من أربابها فكذا المساكن والدور وإن قلنا موقوفة فوجهان. مسألة. إذا نزل الامام على بلد فحاصره وأرادوا الصلح على أن يكون البلد لهم و
كانوا من أهل الكتاب جاز له أن يصالحهم بشروط ثلاثة بدل الجزية وان يجرى عليهم أحكام المسلمين وأن لا يجتمعوا مع مشرك على قتال المسلمين وتكون أرضهم ملكا
لهم التصرف فيها بجميع الأنواع ويجوز للمسلمين استيجارها منهم لأنها ملك له وتكون الأجرة والخراج عليه ولو باعها من مسلم صح البيع وبه قال أبو حنيفة والشافعي و
قال مالك لا يصح لأنه يؤدى إلى إسقاط الخراج وهو غير جايز لأنه حق للمسلمين وليس بجيد لأنه لا يسقط بل ينتقل ما كان على الأرض إلى رقبته فحينئذ إذا اشتراها المسلم
انتقل ما كان عليها من الخراج إلى رقبة الذمي وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يكون متعلقا بالأرض لان عبده لا يسقط بالاسلام. تذنيب كل أرض
ترك أهلها عمارتها كان للامام تقبيلها ممن يقوم بها وعليه طسقها لأربابها لأنها مصلحة لهم فكان سايغا وكل أرض موات سبق إليها سابق فعمرها وأحياها
كان أحق بها إذا لم يكن لها مالك معروف فإن كان مالك معروف وجب عليه طسقها لمالكها وإذا استأجر مسلم دارا من حربي ثم فتحت تلك الأرض لم تبطل
الإجارة لان حق المسلم تعلق بها ويملك المسلمون لأنها من الغنايم. الباب الثاني في كيفية قسمة الغنايم وفيه مباحث الأول ما ينبغي تقديمه وهي الديون
والجعائل والسلب والرضخ والخمس والنظر في هذا البحث مختص بالأول فنقول إذا كان لمسلم على حربي دين فاسترق الحربي لم يسقط الدين عنه وبه قال الشافعي عملا باستصحاب
428

البقاء وعدم سقوط ما ثبت في الذمة شرعا وقال أبو حنيفة يسقط لان المسترق انقلب عما كان عليه وكانه قد عدم ثم وجد نعم لو كان الدين للسابي وملكه فالأقوى
سقوطه إذ لا يتحقق للمولى شئ على عبده كما لو كان له على عبد غيره دين فملكه وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا يسقط في صورة السبى ولا في المشترى وإذا لم يسقط فيقضى
من المال المغنوم بعد استرقاقه ويقدم الدين على الغنيمة كما تقدم على الوصية وإن زال ملكه بالرق كما أن دين المرتد يقضى من ماله وإن حكمنا بزوال ملكه ولان الرق بمثابة
الحجر أو الموت فيوجب تعلق الديون بالمال وإن غنم المال قبل استرقاقه ملكه الغانمون ولم ينعكس الدين عليه كما لو انتقل بوجه آخر وإن غنم مع استرقاقه احتمل تقديم
الدين على حق الغانمين كما تقدم في الشركة على حقوق الورثة وتقدم الغنيمة لان ملك الغانمين يتعلق بعين المال والدين في الذمة والمتعلق بالعين متقدم
على المتعلق بالذمة كما إذا جنى العبد المرهون يقدم حق المجني على حق المرتهن ولا تحقق الجمعية بين الاغتنام والأسر في حق الرجال في هذا الحكم فإن المال يملك
بنفس الاخذ والرق لا يحصل بنفس الأسر للرجال الكاملين ولكن يظهر ذلك في حق النسوة وفيما إذا فرض الاغتنام مع ارقاق الامام بعد الأسر وإذا لم يوجد مال
يقضى منه فهو في ذمته إلى أن يعتق وهل يحل الدين المؤجل بالرق وجهان كالوجهين في الحلول بالفلس والرق أولي بالحلول لأنه أشبه بالموت فإنه يزيل الملك ويقطع النكاح
هذا إذا كان الدين لمسلم وإن كان لذمي فكذلك لأنه محترم كأعيان أموال الذمي وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم بسقوطه وإن كان لحربي واسترق المديون
فالأقرب سقوط الدين لان ملتزم الدين انتقل من كونه حربيا لا يجرى عليه حكم إلى كونه رقيقا ليس له على نفسه حكم وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يسقط
كما لو أسلم من عليه الدين أو قبل الأمان ويجعل الرق كأمان يحدث هذا إذا استرق من عليه الدين أما لو استرق من له الدين فلا تبرأ ذمة من عليه الدين بل هو
كودايع الحربي المسبى وكما لو استقرض مسلم من حربي مالا أو اشترى منه سهما والتزم الثمن ثم استرق مستحق الدين فإن الدين لا يسقط عن ذمة المسلم عند بعض الشافعية
وقال بعضهم ولو كان لحربي على حربي دين فاسترق أحدهما يسقط لزوال ملكه ولو قهر المديون رب المال سقط لان الدار دار حرب حتى إذا قهر العبد سيده يصير
حرا ويصير السيد عبدا ولو قهرت الزوجة زوجها انفسخ النكاح وقال بعض الشافعية إن كان دين المسترق على مسلم يطالب به كما يطالب بودائعه لأنه ملتزم وإن كان
على حرب يسقط لان المستحق قد زال ملكه والحربي غير ملتزم حتى يطالب ولو استقرض حربي من حربي أو التزم بالشراء ثمنا ثم أسلما أو قبل الجزية أو الأمان معا أو على
الترتيب استمر الاستحقاق عند بعض الشافعية ونص الشافعي على أنه لو ماتت زوجة الحربي فجائنا مسلما أو مستأمنا فجاء ورثتها يطلبون مهرها لم يكن لهم فيه
شئ ولأصحابه طريقان أحدهما أن فيهما قولين نقلا وتخريجا أصحهما انه يبقى الاستحقاق فيستدام حكم العقد بعد الاسلام والثاني المنع لبعد ان يمكن الحربي
من مطالبة المسلم أو الذمي في دارنا والطريق الثاني القطع بالقول الأول وبه قال ابن شريح من الشافعية وحمل نصه الثاني على ما إذا سمى لها خمرا وخنزيرا و
قبضته في الكفر ولو أتلف حربي ما لا على حربي أو غصبه ثم أسلما أو أسلم المتلف فوجهان أصحهما أنه لا يطالب بالضمان لأنه لم يلتزم شيئا والاسلام يجب ما قبله والاتلاف
ليس عقدا يستدام بخلاف الملتزم بها ولان الحربي إذا قهر حربيا على ماله ملكه والاتلاف نوع من القهر والثاني يطالب لأنه لازم في شرعهم فكأنهم تراضوا عليه
ولو جنى الحربي على مسلم فاسترق فأرش الجناية في ذمته لا يتحول إلى رقبته بخلاف المكاتب إذا جنى يكون الأرش في ذمته يؤديه من الكسب فإن عجز وعاد قنا تحول الأرش
إلى رقبته والفرق أن الرق الذي هو محل تعلق الأرش كان موجودا في حال الكتابة (إلا أن الكتابة صح) المانعة من البيع منعت من التعلق فإذا عجز ارتفع المانع وثبت التعلق وفي الحربي
لم يكن عند الاتلاف رقا وإنما حدث بعده. البحث الثاني. في الجعايل. مسألة. يجوز للامام أن يجعل جعلا لمن يدله على مصلحة من مصالح المسلمين
كسهولة طريق أو ماء في مفازة أو موضع فتح القلعة أو مال يأخذه أو عدو يغير عليه أو ثغر يدخل فنه؟ بلا خلاف منه وقد استأجر النبي في الحجرة من دلهم على الطريق و
يستحق المجعول له الجعل بنفس الفعل الذي جعل له الجعل مسلما كان أو كافرا فإن كانت الجعالة عينا مما في يده وجب أن يكون معلومة بالمشاهدة أو الوصف الرافع
للجهالة وإن كانت دينا وجب أن تكون معلومة الوصف والقدر وإلا لزم الغرر وأفضى إلى التنازع وإن كانت من مال المشركين جاز أن يكون معلوما ومجهولا جهالة
لا تمنع التسليم ولا يفضى إلى التنازع مثل من دل على القلعة الفلانية فله جارية منها أو جارية فلان لان النبي صلى الله عليه وآله جعل للسرية الثلث أو الربع مما غنموا ولا نعلم فيه خلافا
وصحت هذه المشارطة مع جهلها للحاجة بل الجعل نفسه غير مملوك ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه وإنما ثبتت الجعالة بحسب الحاجة لان الغنيمة يستحقها الغانمون فلا تصرف
إلى غيرهم إلا مع الحاجة فإن كان المال منه مثل من دلنا على ثغر القلعة فله دينار وجب رفع الجعل بنفس الدلالة ولا يتوقف على فتح القلعة خلافا لبعض الشافعية وإن قال من
الغنيمة استحق بالدلالة والفتح معا لان الجعالة شئ منها يقتضى اشتراط فتحها حكما. مسألة. لو شرط جارية معينة من القلعة ثم فتحت على أمان وكانت من الجملة
فإن اتفق المجعول له وأربابها على بذلها أو امساكها بعوض جاز وإن تعاسرا قال الشيخ (ره) تفسخ الهدنة ويردون إلى مأمنهم وهو قول بعض الشافعية وعندي فيه نظر ولو لم
يستثنى المصالح في الصلح الجارية أخذت منه وسلمت إلى الدار وإن كان المصالح قد استثنى جماعة من أهله يختارهم فاختار الجارية منهم فالصلح صحيح خلافا لبعض
الشافعية فإنه قال يبطل لان الجارية مستحقه للدال وليس بجيد لامكان إمضاءه بالتراضي فإن اختار الدال قيمتها مضى الصلح وسلم إليه القيمة لتعذر تسليم العين
إليه وإن امتنع فإن اختار صاحب القلعة دفعها إلى الدال وأخذ قيمتها دفعت الجارية إلى الدال وسلم إلى صاحب القلعة قيمتها ويكون جاريا مجرى الرضخ وكان
الصلح ماضيا وإن امتنع كل منهما فسخ الصلح عند الشيخ لتعذر إمضائه لان حق الدال سابق ولا يمكن الجمع بينه وبين الصلح ولصاحب القلعة أن يحصن قلعته كما كانت
من غير زيادة وهو مذهب الشافعي والوجه دفع القيمة كما لو أسلمت الجارية قبل دفعها إليه لما في فسخ الصلح من تضرر المسلمين ورعاية حكمة دفع ضرر يسير عن صاحب العين
في مقابلة ثبوت ضرر عظيم في حق المسلمين كافة فإنه ربما لا يمكن فتح القلعة بها مناف لحكمة الشارع. مسألة. لو فتحت القلعة عنوة أو صلحا ولم تكن الجارية داخلة
في الهدنة فإن كانت الجارية باقية على الكفر سلمت إليه عملا بالشرط وإن أسلمت قبل الصلح (والأسر) دفع إلى الدال قيمتها لان النبي صلى الله عليه وآله صالح أهل مكة عام الحديبية على أن من جاء
منهم مسلما رده إليهم فلما جاءت مسلمات منعه الله تعالى من ردهن إلى الكفار وأمره برد مهورهن على أزواجهن وفسخ ما كان عقده (ع) من الهدنة ولو أسلمت بعد
الأسر فإن كان المجعول له مسلما سلمت إليه بالشرط فإنها رق وإن كان كافرا لم تسلم إليه بل قيمتها وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر تسلم إليه ويطالب بإزالة الملك لان الكافر
لا يستديم ملك المسلم ولو ماتت الجارية قبل الظفر أو بعده قال الشيخ لا تدفع إليه قيمتها لان الشرط اقتضى إمكان تسليمها وهو غير ممكن فلا يجب له العوض كما لو لم تفتح
القلعة وهو أحد وجهي (قولي) الشافعي وفي الاخر يدفع إليه القيمة كما لو أسلمت وليس بجيد لأنه علق حقه على شئ معين وتلف من غير تفريط فسقط حقه بخلاف المسلمة لامكان
تسليمها لكن الشرع منع منه ولو كان الدليل جماعة كانت الجارية بينهم إذا عرفت هذا فإن الجارية تسلم إلى الكافر إن ظفرنا بها فإن لم تفتح القلعة لعجز
429

أو تجاوزناها مع القدرة فلا شئ له علينا وإن أتم الدلالة إلا إذا رجعنا إلى الفتح بعلامته ولو فتحها طايفة أخرى سمعوا العلامة فلا شئ عليهم إذا لم يجز معهم الشرط وإن
لم تكن فيها جارية فلا شئ له وكذا إن كانت قد ماتت قبل المعاقدة وإن ماتت بعد الظفر وقبل التسليم فعلينا البدل إما أجرة المثل أو قيمة الجارية وللشافعية وجهان
بناء على أن الجعل المعين يضمن ضمان العقد أو ضمان اليد كالصداق وإن ماتت قبل الظفر وبعد العقد ففي
وجوب البدل للشافعي قولان ولو لم يحصل من
القلعة شئ إلا تلك الجارية ففي وجوب التسليم للشافعية وجهان. مسألة. يجوز للامام ونائبه أن يبعث سرية تغير على العدو وقت دخوله دار الحرب ويجعل لهم
الربع بعد الخمس فما قدمت به يخرج خمسه والباقي يعطى السرية منه ربع (الباقي صح) ثم يقسم الباقي بين الجيش والسرية أيضا وكذا إذا نقل من دار الحرب مع الجيش فانفذ سرية تغير وجعل
لهم الثلث بعد الخمس جاز فإذا قدمت السرية بشئ اخرج خمسه ثم أعطى السرية ثلث الباقي ثم يقسم الباقي بين الجيش والسرية معه وبه قال الحسن البصري والأوزاعي واحمد
لما رواه العامة ان النبي صلى الله عليه وآله كان ينفلهم إذا خرجوا بادين بالربع وينفلهم إذا قفلوا بالثلث وقال حبيب بن مسلمة الفهري شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله نفل الربع في البداءة والثلث
في الرجعة ولان فيه مصلحة للمسلمين فكان سايغا كالسلب وقال عمرو بن شعيب لا نفل بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لان الله تعالى خصه بالأنفال فقال يسألونك عن الأنفال قل الأنفال
لله والرسول فخصه بها وهو باطل لان ما ثبت للنبي صلى الله عليه وآله ثبت للأئمة بعده ما لم يقم دليل على التخصيص وقال مالك وسعيد بن المسيب لا نفل إلا من الخمس وقال الشافعي يخرج
من خمس الخمس. مسألة. وإنما يستحق هذا البدل بالشرط السابق فإن لم يشرطه الامام ولا نايبه فلا نفل لان الأصل تسوية الغانمين وإنما يثبت النفل مع قلة المسلمين وكثرة المشركين
فيشترط الامام التنفيل لمن يعمل مصلحة تحريضا لهم على القتال ولو كانوا مستظهرين عليهم فلا حاجة إليه فإن أكثر مغازى رسول الله صلى الله عليه وآله لم تكن فيها أنفال ولو رأى التنفل بدون
الربع أو الثلث فعل وهل تجوز الزيادة عليهما منع منه الأوزاعي ومكحول وأكثر العامة لان النبي صلى الله عليه وآله إنتهى إلى الثلث فلا ينبغي تجاوزه وقال الشافعي يجوز لأنه نفل مرة الربع
ومرة الثلث ومرة نصف السدس فعلم انتفاء الضابط وأنه موكول إلى نظر الامام وليس حجة لاتفاق الوقايع على عدم الزيادة فكان ضابطا فيه ومع ذلك فإنه يناقض
قوله أن يخرج من خمس الخمس فلو شرط نايب الامام زيادة على الثلث رد إليه على الأول ولزم الوفاء على الثاني وقد اختلف في تأويل البداءة والرجعة فقيل البداءة أول سرية
والرجعة الثانية وقيل البداءة السرية عند دخول الجيش إلى دار الحرب والرجعة عند قفول الجيش وإنما زادهم في الرجعة للمشقة فإن الجيش في البداءة ردء للسرية تابع لها والجيش
مستريح والعدو خائف وربما كان غارا وفي الرجعة لا ردء للسرية لانصراف الجيش والعدو مستيقظ على حذر وكما يجوز التنفيل للسرية يجوز لبعض الجيش لبلائه أو لمكره يحمله
دون ساير الجيش فلو نفذ الامام سرية فأتى بعضهم بشئ وبعضهم لم يأت كان للوالي أن يخص الذين جاؤوا بشئ دون الآخرين مع الشرط وقال احمد يجوز من غير شرط
. مسألة. لو قال الأمير من طلع هذا الحصن أو هدم هذا السور أو نقب هذا البيت أو فعل كذا فله كذا أو من جاء بأسير فله كذا جاز في قوله عامة العلماء لقوله (ع)
من قتل قتيلا فله سلبه ولاشتماله على المصلحة والتحريض على القتال فجاز كزيادة السهم للفارس والسلب لقاتله وكره مالك ذلك ولم يره قال ولا يقبل إلا بعد إحراز الغنيمة
لان القتال على هذا الوجه إنما هو للدنيا وهو منقوض بالسلب واستحقاق السهم من الغنيمة وزيادة سهم الفارس وإنما يجوز التنفيل مع المصلحة للمسلمين فلو انتفت لم يجز
والنفل لا يختص بنوع من المال لان النبي صلى الله عليه وآله جعل الثلث أو الربع وهو عام في كل مغنوم وقال الأوزاعي لا نفل في الدراهم والدنانير لان القاتل لا يستحق النفل فيهما فكذا
غيره وليس بشئ لان القاتل إنما نفل السلب وليس الدراهم والدنانير من السلب ولو قال من رجع إلى الساقة فله دينار جاز لان في الرجوع إليهم منفعة ويستوى في النفل
الفارس والراجل إلا أن يفضل بعضهم في القسم فيستحق قدر المسمى لان النفل شئ رضخ للفعل فكيف صدر عن الفاعل استحق ولو بعث الامام سرية ونفلهم بالثلث
بعد الخمس ثم إن أمير السرية نفل قوما منهم لفتح الحصن أو للمبارزة بغير إذن الإمام فإن نفلهم من حصة السرية أو من سهامهم بعد النفل جاز ولو نفلهم من سهم العسكر
لم يجز لأنه أمير على السرية لا على العسكر هذا إذا خرج الجيش مع السرية أما لو لم يخرج جاز تنفيله لان الغنيمة كلها للسرية ولا يشاركهم الجيش لاختصاص السرية؟ بالجهاد ولو
بعث أمير السرية بسرية ونفل لهم أقل من النفل الأول أو أكثر جاز من حصة أصحاب السرية لا من حصة العسكر إلا أن يكون أمير العسكر أذن له في التنفيل فحينئذ يكون
نائبا عن الأمير ولو فقد رجل من السرية فقام هناك بعضهم لطلبه وبعضهم ذهب حتى أصاب الغنايم ثم رجعوا إلى أصحابهم ووجدوا المفقود فكلهم شركاء في
النفل لانهم فارقوا العسكر جمله وأحرزوا المصاب بالعسكر جملة فكانوا بمنزلة ما لو باشر القتال بعضهم وبعضهم كان ردءا لهم ولو أصاب الرجل المفقود غنيمة
والذين أقاموا لانتظاره غنيمة ثم التقوا فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسوية كما لو لم يفترقوا لانهم اشتركوا في الاحراز ولو تفرقت السرية سريتين وبعدت إحديهما
عن الأخرى بحيث لا تقدر احديها على عون الأخرى ثم أصابت كل سرية غنيمة أو أصابت أحديهم دون الأخرى ثم التقيا فالنفل من جميع ذلك بينهم بالسوية ولو لم يلتقوا
إلا عند العسكر فلكل فريق النفل مما أصابوا خاصة ولو أصابت السرية الغنايم ثم لم يقدروا على الرجوع إلى العسكر فخرجوا إلى دار الاسلام من موضع اخر قيل تكون الغنيمة
كلها لهم تقسم على سهم الغنيمة لانهم تفردوا بالاحراز إلى دار الاسلام وهو سبب في التملك وإذا صارت
الغنيمة كلها لهم بطل التنفيل ولو قال الامام من أخذ شيئا فهو له احتمل الجواز وهو قول أبي حنيفة واحد قولي الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم بدر من أخذ شيئا فهو له
واحتمل المنع وهو الثاني للشافعي لان من أجاز ذلك أسقط حق أهل الخمس من خمسه ومن يستحق جزءا من الغنيمة لم يجز للامام اشتراط إسقاطه كما لو شرط الغنيمة
لغير الغانمين. مسألة. لو بعث سريتين يمنة (ويسرة صح) ونفل إحديهما بالثلث والاخرى بالربع جاز له لاختلاف المصلحة باختلاف البعد والقرب وسهولة أحد الطريقين
وصعوبة الاخر والامن والخوف واختلاف المبعوث إليهم في القوة والضعف فلو بعث واحدا مع سرية الربع فخرج مع سرية الثلث فلا شئ له في السرية التي خرج إليها
بغير إذن الإمام والتي أذن له بالخروج إليها لم يخرج واستحسن أبو حنيفة أن يجعل له مع سرية الثلث مقدار ما سمى له وهو الربع أما لو ضل رجل من إحدى السريتين
وتوقع (فوقع في الأخرى صح) الأخرى فأصاب الغنيمة فالوجه إنه يشاركهم فيأخذ من السرية التي وقع فيها لا من السرية التي خرج معها ولو بعث سرية ونفلهم بالربع ثم ارسل أخرى وقال
لهم ألحقوا بأصحابكم فما أصبتم فأنتم شركاؤهم فلحقوا السرية الأولى وقد كانوا غنموا غنيمة معهم غنيمة أخرى جميعا فنفل الغنيمة الثانية لهم جميعا ونفل الغنيمة
الأولى للسرية الأولى لان حق النفلين يتأكد في المصاب بالإصابة فلا يثبت حق للسرية في الغنيمة الأولى فلا يملك الامام إشراك الثانية فيما أصابت الأولى لأنه يتضمن
إبطال حق التأكد وحق السرية الأولى لم يثبت على وجه الخصوص في الغنيمة الثانية حين لحق بها الثانية بل يثبت حق السريتين باصابتهما فصح الاشتراك هذا إذا
أخبرت السرية الثانية الأول بالتنفيل أو أخبروا معظمهم ولو امنعوهم ولو لم يخبروهم قال أبو حنيفة تكون للأولى
لان الشركة تشتمل على الضرر والغرور بالأولى
فلا يصح إلا بعد العلم قال بن الجنيد لو غنمت السرية المنفلة فأحاط بها العدو فانجدهم المسلمون شركوهم في النفل ما لم يحرروه في العسكر. مسألة.
430

يصح التنفيل بالشئ فالمجهول فلو قال من جاء بشئ فله منه طائفة فجاء رجل بمتاع نفله الامام بما يراه مصلحة ولو قال من جاء بشئ فله منه قليل أو يسير أو شئ
منه فله أن يعطيه أقل من النصف لان القليل واليسير يتناول ما دون النصف لان مثله لا يكون يسيرا وكذا الشئ يفهم منه في الغالب القلة فصار كما لو قال قليلا
ولو قال من جاء بشئ فله جزؤه فله أن ينفله بالنصف وما دونه دون ما فوقه لان الجزء اسم للبعض منه إلى النصف يقال جزء من جزءين ويقال لأكثر من النصف
جزءان من ثلاثة فدل على أن ما زاد على النصف لا يكون جزءا ولو قال من جاء بشئ فله سهم رجل كان له أن يعطيه سهم راجل لا فارس لأنه المتيقن قال محمد بن الحسن
الشيباني لو قال من جاء بألف درهم فله ألفا درهم فجاء بالألف لم يكن له أكثر من ألف ولو قال من جاء بالأسير (فله الأسير صح) وألف لزمه دفعها لأنه في الأول قصد تحصيل المال لا غير فلا يعطيه
إلا ما أصابه من المال وفي الثاني مقصوده كسر شوكتهم بأخذ الأسير قال بن الجنيد لو قال من جاء بأسير فله مائة درهم كان ذلك من الغنيمة أو في رقبة الأسير أو بيت مال
المسلمين. مسألة. لو قال من أصاب ذهبا أو فضة فهو له فأصاب سيفا محلا بأحدهما كان له الحلية دون السيف والجفن لأنهما متغايران والجعل إنما وقع بأحدهما
ولو أصاب خاتما نزع فصه للغنيمة وكان الخاتم ولو أصاب أبوابا فيها مسامير فضة لو نزعت لهلكت الأبواب قال محمد لا شئ له لان المسمار معيب في الباب فصار كالمستهلك
ولو قال من أصاب قزا فهو له فأصاب جبة محشوة بقز فلا شئ له لان الحشو مغيب في الجبة والمغيب لا عبرة به أما لو قال من أصاب ثوب قز فهو له فأصاب رجل جبة بطانتها
ثوب قز أو ظهارتها فله الثوب القز والاخر غنيمة ولو قال من أصاب جبة حرير فهو له فأصاب جبة ظهارتها وبطانتها حرير فهي له وكذا لو كانت الظهارة حريرا أما لو
كانت البطانة حريرا فلا شئ له ولو صعد رجل السور يقاتل المسلمين فقال الامام من صعد السطح فأخذه فهو له وخمسمائة فصعد رجل فأخذه لزمه دفعه دفع خمسمائة
ولو سقط الرجل من السور فقتله رجل خارج الحصن فلا شئ له لان قصد الجعالة إظهار الجلادة والجرأة ولو رماه رجل فطرحه من السور قال محمد يستحق ذلك لان القصد
ليس هو الصعود بل فعل يؤثر في السقوط لاظهار كسر قلوبهم ولو صعد إليه فسقط داخل الحصن فقتله فله النفل لأنه أتى بالمطلوب وزيادة (ولو التقى صح) الصفان فقال الأمير من جاء
برأس فله كذا انصرف إلى رؤوس الرجال دون الصبيان أما لو انهزم الكفار فقال من جاء برأس فله كذا فجاء رجل برأس أو بسبي فله النفل ولو ادعى قتله فقيل بل كان ميتا
حلف وأعطى النفل ولو جاء برأس لا يعلم كفره وإسلامه لم يعط حتى يعلم كفره ولو ادعى اخر إنه قتله فالقول قول الآتي به معه اليمين فلو نكل فلا نفل وفي استحقاق المدعى إشكال
ينشأ من أن نكوله إقرار بأن المدعى قتله وهو اقرار بإبطال حق نفسه وإثبات الحق للمدعى وإقراره حجة عليه لا على غيره ومن أن الحق ثابت له يكون الرأس في يده فإذا نكل عن اليمين
فقد جعل ماله من الحق إلى المدعى وله هذه الولاية فصار ذلك للمدعى. مسألة. لو قال من دخل باب هذه المدينة فله ألف فاقتحم جماعة من المسلمين فدخلوها استحق
كل واحد منهم ألفا لأنه شرط لكل داخل بخلاف من دخل فله الربع فدخل عشرة فلهم الربع الواحد لان الربع اسم لجزء واحد من المال ولو دخل واحد ثم اخر اشتركوا في النفل لتعلق
الاستحقاق بالدخول حالة الخوف ولو قال من دخل فله جارية فدخلوا فإذا هناك جارية واحدة فلكل واحد قيمة جارية وسط أما لو قال جارية من جواريهم فليس لهم إلا
ما وجد فرقا بين المضاف والمطلق ولو قال من دخل أولا فله ثلثه ومن دخل ثانيا فله اثنان ومن دخل ثالثا فله واحد فدخلوا على التعاقب فلكل منهم ما سماه لان التفاوت
في النفل مع التفاوت في الخوف جايز ولو دخلوا دفعة بطل نقل الأول والثاني وكان لهم جميعا نفل الثالث (لان الأول هو المتقدم والثاني من تقدمه واحد ولم يوجد والثالث إذا سبقه اثنان أو قارناه كان ثالثا صح) لان خوف الثالث إذا قارنه اثنان فوق خوفه إذا تقدمه اثنان
فيكون فعله أشق فاستحقاقه أولي فلو دخل اثنان أول مرة بطل نفل الأول ونفل الثاني يكون لهما لانعدام الأولية بالمقارنة بخلاف الثاني فإنه يصدق مع المسبوقية
والمقارنة ولو قال من دخل أولا من المسلمين فله ذلك فدخله ذمي ثم مسلم استحق المسلم لان أولية الذمي لا تمنع هذه الصفة كالدابة أما لو قال من دخل من المسلمين أولا
من الناس لم يستحق. البحث الثالث. في السلب. مسألة. يجوز للامام أن يجعل للقاتل سلب المقتول إجماعا لان النبي (ص) قال يوم خيبر من قتل قتيلا فله
سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين فأخذ سلبهم رواه العامة ومن طريق الخاصة رواية عبد الله بن ميمون قال أتى علي (ع) بأسير يوم صفين فبايعه فقال علي (ع)
قال لا أقتلك إني أخاف الله رب العالمين فخلى سبيله وأعطى سلبه الذي جاء به وإذا أخذ الآتي السلب فالقاتل أولي ولان فيه مصلحة عظيمة تنشأ من التحريض على
القتال. مسألة. وإنما يستحق القاتل السلب بشروط الأول أن يخصه الامام به ويشترطه له وبه قال أبو حنيفة والثوري ومالك واحمد في رواية لان السلب جعل
تحريضا على القتال فلا يستحقه إلا بشرط الامام كالنفل وقال الأوزاعي والليث والشافعي وإسحاق وأبو عبيده وأبو ثور وبن الجنيد من علمائنا واحمد في الرواية الأخرى
يخص به القاتل سواء قال أو لم يقل لما تقدم من الرواية وليس فيها دلالة على عدم الشرط قبل ابتداء القتال فجاز أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله شرط له ذلك أولا فإذا شرط له السلب
جاز له أخذه وإن لم يأذن له الامام وقال الأوزاعي يشترط إذن الإمام وإن لم يكن شرطه في الاستحقاق قال لأنه مجتهد فيه فلا ينفذ أمره فيه إلا بإذن الإمام الثاني
أن يكون المقتول من المقاتلة الذين يجوز قتلهم فلو قتل امرأة أو صبيا أو شيخا فانيا لا رأى له ونحوهم ممن لا يقاتل لم يستحق سلبه إجماعا لان قتل هؤلاء منهى عنه
فلا يستحق به نفل ولو قتل أحدهم وهو مقاتل استحق سلبه لأنه يجوز قتله إذا كان يقاتل فيدخل تحت عموم الخبر الثالث أن يكون المقتول ممتنعا فلو قتل
أسيرا له أو لغيره أو من أثخن بالجراح وعجز عن المقاومة لم يستحق سلبه وبه قال الشافعي واحمد ومكحول لان ابني غفراء أثخنا أبا جهل يوم بدر فأجاز عليه عبد الله بن مسعود فجعل
رسول الله (ص) سلبه لابنى غفراء ولم يعط بن مسعود شيئا ولأنه لم يغرر؟ بنفسه في دفع شره وقال أبو ثور وداود يستحب سلبه على أي وجه قتله لعموم الخبر والخبر محمول على
القاتل حالة الامتناع ولو قطع يدي رجل ورجليه وقتله آخر فالسلب للقاطع دون القاتل لأنه الذي منع شره عن المسلمين ولو قطع يديه أو رجليه وقتله آخر قال الشيخ (ره)
السلب للقاتل لأنه لم يصيره بالقطع ممتنعا فإن مقطوع اليدين يمتنع بالعدو ومقطوع الرجلين يمتنع برمى يديه وقال بعض العامة يخص القاطع لأنه عطله
وليس جيدا لما قاله الشيخ (ره) وقال بعضهم يكون غنيمة لان القاطع لم يكف شره كله والقاتل قتل مثخنا أما لو
قطع يده ورجله من خلاف ثم قتله آخر فإن كان
القاتل يمنع شره أجمع بقطع العضوين فالسلب له وإلا فللقاتل ولو عانق رجل رجلا فقتله آخر فالسلب للقاتل وبه قال الشافعي لان المعانق ليس قاتلا والقاتل
كفى المسلمين شره وقال الأوزاعي للمعانق الرابع القتل أو الاثخان بالجراح بحيث يجعله معطلا في حكم المقتول فلو أسر رجلا لم يستحق سلبه وإن قتله الامام أو لم
يقتله لأنه صلى الله عليه وآله جعل السلب للقاتل وقال مكحول من أسر مشركا استحق سلبه وقال بعض العامة إن استبقاه الامام كان له فداه أو رقبته وسلبه
لأنه كفي المسلمين شره لان الأسر أصعب من القتل وقد كفى المسلمين شره وليس بجيد لان الجعل للقتل لا للاسر نعم لو شرط الامام السلب لمن استأسر استحق سلبه
الخامس أن يعزر القاتل بنفسه في قتله بأن يبارز إلى صف المشركين أو إلى مبارزة من يبارزهم فيكون له السلب فلو لم يعزر بنفسه مثل أن يرمى سهما في صف
المشركين من صف المسلمين فيقتل مشتركا لم يكن له سلبه لان القصد التحريض على القتال ومبارزة الرجال ولا يحصل إلا بالتغرير ولو حمل جماعة من المسلمين على
431

مشرك فقتلوه فالسلب في الغنيمة لانهم باجتماعهم لم يغرروا بأنفسهم في قتله ولو اشترك اثنان في قتله بأن ضرباه فقتلاه أو جرحاه فمات من جرحهما فالسلب
لهما وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد في رواية لان قوله من قتل قتيلا فله سلبه يتناول الاثنين والواحد على حد واحد فلا وجه للتخصيص وقال احمد في رواية
يكون في غنيمة لان سبب استحقاق السلب التغرير ولا يحصل بقتل الاثنين وهو ممنوع فقد يحصل التغرير للاثنين ولو اشترك اثنان في ضربه وكان أحدهما
أبلغ في قتله من الاخر قال بعض العامة يكون له السلب لان أبا جهل ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن غفرا بالاثنين فاتيا النبي صلى الله عليه وآله فأخبراه فقال كلا كما قتله وقضى بسلبه
لمعاذ بن عمرو بن الجموح السادس أن يقتله والحرب قائمة سواء قتله مقبلا أو مدبرا أما لو انهزم المشركون فقتله لم يستحق السلب بل كان غنيمة إذ لا تغرير
حينئذ بخلاف ما لو قتله مدبرا أو الحرب قائمة لان التغرير موجود فإن الحرب كر وفر وبه قال الشافعي وقال أبو ثور وداود ولا يشترط قيام الحرب بل يستحق القاتل
السلب مطلقا وليس بجيد لان بن مسعود وقف على أبى جهل فلم يعطه النبي صلى الله عليه وآله سلبه وإن شرطنا في المبارزة إذن الإمام لم يستحق القاتل السلب إلا مع إذنه في المبارزة
وإلا استحق السابع أن يكون القاتل له نصيب من الغنيمة أما سهم أو رضخ (ولو لم يكن له نصيب ولا رضخ) له الامام شيئا بأن يكون مخذلا كعبد الله بن أبي أو يكون معينا على المسلمين أو مرجفا
لم يستحق سلبا لان ترك السهم من حيث إنه عاون على المسلمين فلا يستحق السلب أو يكون لنقص فيه كالمرأة والمجنون فالذي قواه الشيخ (ره) استحقاق السلب
لعموم الخبر وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر لا يستحق لان السهم آكد من السلب للاجماع على استحقاق السهم دون السلب فإذا انتفى السهم انتفى السلب (والصبي عندنا يسهم له فيستحق السلب صح) وللشافعي قولان ومن يستحق
الرضخ كالمرأة والعبد والكافر الأقوى استحقاقه للسلب للعموم ولأنه من أهل الغنيمة وللشافعي قولان والعاصي بالقتال كالداخل بغير إذن الإمام أو بنهي أبويه عنه مع عدم
تعيينه لا يستحق السلب ولو قتل العبد استحق مولاه سلبه ولو خرج بغير إذن مولاه قال بعض الجمهور لا سلب له لأنه عاص. مسألة. اختلف علماؤنا في السلب هل يخمس
أم لا على قولين أحدهما يجب فيه الخمس وبه قال بن عباس والأوزاعي ومكحول والثاني لا يجب وهو قوى لأنه (ع) قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب وبه قال الشافعي وبن المنذر وبن
جرير واحمد للعموم وقال إسحاق إن كان السلب كثيرا خمس وإلا فلا وهو قول عمر ونمنع إنه غنيمة فلا يدخل تحت عموم الآية ولو سلم فالعام يخص بالسنة إذا عرفت هذا
فالسلب يستحقه القاتل من أصل الغنيمة وبه قال الشافعي ومالك في إحدى الروايتين لان النبي صلى الله عليه وآله جعل السلب للقاتل مطلقا ولم ينقل إنه جعله من خمس الخمس وفي الرواية
الثانية عن مالك إنه يحسب من خمس الخمس الذي هو سهم المصالح لأنه استحقه القاتل للتحريض على القاتل فيكون من سهم المصالح كالنفل ونمنع ثبوت الحكم في الأصل
مع أن النبي صلى الله عليه وآله لم يقدره ولم يستعلم قيمته ولو وجب احتسابه من خمس الخمس لوجب العلم بقدره وقيمته وأما النفل فيستحقه من قوطع عليه بعد الفعل ويخمس عليه لان
النبي صلى الله عليه وآله قال لا نفل إلا بعد الخمس ولقوله تعالى " واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه " ويستحق المجعول له زايدا عن سهمه الراتب له ولا يتقدر بقدر بل هو موكل إلى الامام قل أو كثر
والنفل يكون إما بأن يبذل الامام من سهم نفسه الذي هو الأنفال أو بجعله من الغنيمة ولو جعل الامام نفلا على فعل مصلحة فتبرع من يقوم بها مجانا لم يكن له أن
ينفل وكذا لو وجد من ينتدب بنفل أقل لم يكن له أن ينفل الأكثر إلا أن يعلم الامام إن طالب النفل الأكثر أنكى للعدو وأبلغ في مقصوده. مسألة. السلب كل
مال متصل بالمقتول مما يحتاج إليه في القتال كالثياب والعمامة والقلنسوة والدرع والمغفر والبيضة والجوشن والسلاح كالسيف والرمح والسكين فهذا كله سلب يستحقه القاتل إجماعا
وأما ما لا يحتاج إليه في القتال مما هو متصل به وإنما يتخذ للزينة أو غيرها كالتاج والسوار والطوق والهميان الذي للنفقة والمنطعة فهل يكون سلبا أو لا تردد الشيخ
فيه وقوى كونه سلبا وهو قول احمد واحد قولي الشافعي لأنه لابس له فهو سلب في الحقيقة فيدخل تحت عموم الخبر وقال الشافعي في الاخر إنه لا يكون سلبا لأنه لا يحتاج إليه
في القتال فأشبه المنفصل والحكم معلق على الاسم الذي يندرج فيه صورة النزاع دون صورة النقص فافترقا والدابة التي يركبها من السلب وإن لم يكن راكبا لها إذا كانت
بيده وبه قال الشافعي واحمد في إحدى الروايتين لأنه يستعان بها في الحرب فأشبهت السلاح وفي رواية عن أحمد إنها ليست سلبا لان السلب ما كان على بدنه وينتقض بالسيف
والرمح وكذا ما على الدابة من سرج ولجام وجميع آلاتها وحلية تلك الآلات من السلب لأنه تابع لها ويستعان به في القتال ولو كانت الدابة في منزله أو مع غيره أو منفصلة لم يكن
سلبا كالسلاح الذي ليس معه ولو كان راكبا عليها فصرعه عنها ثم قتله بعد نزوله عنها فهي من السلب ولو كان ماسكا بعنانها غير راكب قال بن الجنيد يكون من السلب وبه قال
الشافعي واحمد في رواية لأنه يتمكن من القتال عليها فأشبهت ما في يده من السيف والرمح وفي رواية عن أحمد إنها ليست سلبا لأنه ليس راكبا عليها فأشبه ما لو كانت في يد غلامه و
أما الجنيب يساق خلفه فليس من السلب لان يده ليست عليه ولو كان راكبا دابة وفي يده جنيب له قال بن الجنيد يكون من السلب لأنه مما يستعان به على القتال ويده
عليه فكان سلبا كالفرس المركوب وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يكون سلبا لأنه لا يمكن ركوبهما معا فلا يكون سلبا ويجوز سلب القتلى وتركهم عراة لان النبي صلى الله عليه وآله قال
في قتيل سلمة بن الأكوع له سلبه أجمع قال ابن الجنيد ولا اختار أن يجرد الكافر في السلب وكرهه الثوري ولم يكرهه الأوزاعي ولم يكن أمير المؤمنين (ع) يأخذ سلب أحد عند مباشرته
للحروب. مسألة. الأقرب افتقار مدعى السلب إلى بينة بالقتل خلافا للأوزاعي لقوله (ع) من قتل قتيلا له
عليه بنيته فله سلبه ولأنه مدع فافتقر إلى البنية احتج
بأن النبي (ص) قبل قول أبى قتادة وليس حجه لان خصمه أقر له فاكتفى بإقراره وهل يفتقر إلى شاهدين قال به احمد لان النبي صلى الله عليه وآله اعتبر البينة وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين
ولأنها دعوى قتل فاعتبر شاهدان كقتل العمد وقال بعض العامة يقبل شاهد ويمين لأنها دعوى مال ويحتمل قبول شاهد من غير يمين لان النبي صلى الله عليه وآله قبل قول الذي
شهد لأبي قتادة من غير يمين. مسألة. لو قال الامام من أخذ شيئا فهو له جاز وهو أحد قولي الشافعي وبه قال أبو حنيفة لان النبي صلى الله عليه وآله قال يوم بدر من أخذ شيئا
فهو له والثاني المنع وإلا سقط حق أهل الخمس من خمسه ومن يستحق جزءا من الغنيمة لم يجز للامام أن يشترط إسقاطه كما لو شرط الغنيمة لغير الغانمين وتأول الخبر بأن
غنايم بدر لم تكن للغانمين لان الآية نزلت بعدها ولهذا قسم رسول الله صلى الله عليه وآله لمن لم يحضرها قال الشيخ (ره) لو قال الامام قبل لقاء العدو من أخذ شيئا من الغنيمة فهو له
بعد الخمس كان جايزا؟ لأنه معصوم وفعله حجة. البحث الرابع. في الرضخ. مسألة. لا سهم للنساء في الغنيمة بل يرضخ لهن الامام ما يراه للحاجة إليهن في معالجة
الطبخ ومداواة المرضى وغير ذلك فيدفع إليهن الامام من الغنيمة شيئا دون السهم وله أن يسوى بين النساء في الرضخ وأن يفضل مع المصلحة عند علمائنا أجمع وأكثر
العلماء لما رواه العامة إن النبي كان يغزو بالنساء فيرضخ لهن فيداوين الجرحى ويجدين من الغنيمة وأما السهم فلم يضرب لهن ومن طريق الخاصة قول أحدهما (على)
إن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج بالنساء في الحرب يداوين الجرحى ولم يقسم لهن من الفئ شيئا ولكن نفلهن ولأنهن لسن من أهل القتال ولهذا لم يجب عليهن فرضه وقال الأوزاعي يسهم
للنساء لان النبي صلى الله عليه وآله ضرب لسهلة بنت عاصم يوم حنين بسهم فقال رجل من القوم أعطيت سهلة مثل سهمي وليس حجة لان في الحديث إنها ولدت فأعطاها النبي صلى الله عليه وآله
لها ولولدها وعندنا يسهم للمولود كالرجل. مسألة. لا سهم للعبيد بل يرضخ لهم الامام ما يراه مصلحة وإن جاهدوا وبه قال أكثر العلماء لما رواه العامة عن ابن
432

عباس في المرأة والمملوك يحضران الفتح ليس لهما سهم وقد يرضخ لهما ولأنه ليس من أهل القتال فلا يجب عليه الجهاد فأشبه المرأة وقال أبو ثور يسهم للعبد وهو مروى عن
عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والنخعي لان حرمة العبد في الدين كحرمة الحر وفيه من الغناء ما فيه فأسهم له كالحر والفرق إن الحر يجب عليه الجهاد والحرية مظنة الفراغ
للنظر والفكر في مصالح المسلمين بخلافه ولا فرق بين العبد المأذون له وغيره في عدم الاسهام بل يرضخ لهما وقال بن الجنيد يسهم للعبد المأذون وبه قال الأوزاعي
وأبو ثور وغير المأذون لا يسهم له إجماعا ثم إن كره مولاه الغزو لم يرضخ له لعصيانه وإن عرف منه الإباحة استحق الرضخ كالمأذون ولو أعتق العبد قبل انقضاء الحرب
أسهم له ولو قتل سيد المدبر قبل تقضى الحرب وهو يخرج من الثلث عتق وأسهم له مع حضوره ومن نصفه حر قيل يرضخ له بقدر ما فيه من الرق ويسهم له بقدر ما
فيه من الحرية لأنه مما يمكن تنصيفه فينصف كالميراث وقيل يرضخ له لأنه ليس من أهل وجوب القتال فأشبه الرقيق والخنثى المشكل يرضخ له لعدم علم الذكورية ولعدم
وجوب الجهاد عليه وقيل له نصف (سهم ونصف صح) الرضخ كالميراث ولو ظهر حاله وعلم أنه رجل أتم له سهم الرجل سواء انكشفت قبل تقضى الحرب أو بعده أو قبل القسمة أو بعدها
كأنه قد ظهر لنا استحقاقه للسهم واعطى دون حقه. مسألة. يسهم للصبي إذا حضر الحرب وإن ولد بعد الحيازة قبل القسمة كالرجل المقاتل عند علمائنا أجمع
وبه قال الأوزاعي لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أسهم للصبيان بخيبر وأسهم أئمة المسلمين كل مولود ولد في دار الحرب ومن طريق الخاصة قول أمير المؤمنين (ع) إذا ولد
المولود في أرض الحرب قسم له مما أفاء الله عليه ولأنه ذكر حر حضر القتال وله حكم المسلمين فيسهم له كالرجل ولان في اسهامه بعثا له بعد البلوغ على الجهاد فيكون لطفا
له فيجب ولأنه معرض للتلف فأشبه المحارب وقال مالك يسهم له إذا قاتل وقدر عليه ومثله قد بلغ القتال وقال أبو حنيفة والثوري والشافعي والليث واحمد وأبو
ثور لا يسهم له بل يرضخ وعن القاسم وسالم ليس له شئ لأنه ليس من أهل القتال فلم يسهم له كالعبد والفرق إن المظنة للاستحقاق وهو الحرية والذكورة تثبت
له فيثبت الحكم. مسألة. الكافر لا يسهم له بل يرضخ له الامام ما يراه عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي واحمد في رواية لأنه ليس من أهل الجهاد
لأنه لا يخلص نيته للمسلمين فلا يساويهم في الاستحقاق وقال الثوري والزهري وإسحاق يسهم له كالمسلم وهو رواية عن أحمد لما رواه الزهري إن رسول الله صلى الله عليه وآله استعان بناس
من اليهود في حربه فأسهم لهم ولان الكفر نقص في الدين فلم يمنع استحقاق السهم كالفسوق ويحتمل أن يكون الراوي سمى الرضخ اسهاما والفرق بين الكفر والفسق ظاهر وإنما
يستحق الكافر الرضخ عندنا أو السهم عند آخرين لو خرج إلى القتال بإذن الامام ولو خرج بغير إذنه لم يسهم له ولم يرضخ إجماعا لأنه غير مأمون على الدين ولو غزا جماعة جماعة
من الكفار بانفرادهم فغنموا فغنيمتهم للامام لما يأتي من أن الغنيمة بغير إذن الإمام له وقال بعض العامة غنيمتهم لهم ولا خمس فيها لأنه اكتساب مباح لم يؤخذ على وجه الجهاد
فكان كالاحتطاب وقال بعضهم فيه الخمس لأنه غنيمة قوم من أهل دار الاسلام فأشبه غنيمة المسلمين ويجوز أن يستعين الامام بالمشركين في الجهاد وبه قال الشافعي وجماعة من العلماء
لان النبي صلى الله عليه وآله استعان بناس من اليهود في حربه وقال بن المنذر لا يستعان بهم وعن أحمد روايتان ويشترط أن يكون المستعان به من المشركين في الحرب حسن الرأي في المسلمين
مأمون الضرر. مسألة. لا حد معين للرضخ بل هو موكول إلى نظر الامام لكن لا يبلغ للفارس بسهم فارس ولا للراجل بسهم راجل كما لا يبلغ بالتعزير الحد وينبغي أن
يفضل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم وكثرة النفع به وضد ذلك ولا يسوى بينهم في السهام لان السهم منصوص عليه غير موكول إلى الاجتهاد فلم يختلف كالحد والدية
والرضخ مجتهد فيه فاختلف كالتعزير قال الشيخ (ره) الرضخ يكون من أصل الغنيمة وهو أحد أقوال الشافعي لانهم يستحقون ذلك لمعاونة الغانمين في تحصيل الغنيمة
فكانوا كالحفاظ والنافلين يكون أجرتهم من الأصل ولو أعطاهم الامام ذلك من ماله من الأنفال وحصته من الخمس جاز والثاني للشافعي يكون من أربعة الأخماس
لانهم يستحقون ذلك بحضورهم الوقعة فأشبهوا الغانمين والثالث إنه يدفع من سهم المصالح لان مستحق الرضخ ليس من أصحاب السهم ولا من أصحاب الخمس فلم يكن الدفع
إليه إلا على وجه المصلحة فكان من سهم المصالح ولو استأجر الامام أهل الذمة للقتال جاز ولا يبين المدة (لان ذكر المدة صح) غرر فربما زادت مدة الحرب أو نقصت وعفى عن الجهاد هنا
لموضع الحاجة فإن لم يكن قتالا لم يستحقوا شيئا وإن كان قتال فإن قاتلوا استحقوا الأجرة وإلا فإشكال ينشأ من أنه منوط بالعمل ولم يوجد ومن أنه استحق بالحضور
لأنه بمنزلة القتال في حق المسلم يستحق به السهم فكذا هنا والأول أقوى ولو زادت الأجرة على سهم الراجل أو الفارس احتمل أن (يعطى ما صح) يكون رضخا من الغنيمة وما زاد يكون
من سهم المصالح وأن يدفع ذلك كله من الغنيمة لجريانه مجرى المؤنة التي لا يعتبر فيها النقصان عن السهم ولو غزا الرجل بغير إذن الإمام أخطاء ولو غنم مع العسكر فسهمه
للامام ولو غزا بغير إذن أبويه أو بغير إذن صاحب الدين استحق السهم لتعين الجهاد عليه بالحضور. مسألة. قال الشيخ (ره) ليس للأعراب من الغنيمة شئ وإن
قاتلوا مع المهاجرين بل يرضخ لهم الامام بحسب ما يراه مصلحة نعنى بالاعراب من أظهر الاسلام ولم يصفه وصولح على أعقابه عن المهاجرة وترك النصيب ويجوز أن يعطيهم
الامام من سهم بن السبيل من الصدقة لان الاسم يتناولهم ومنعه ابن إدريس وأوجب لهم النصيب كغيرهم من المقاتلة والشيخ (ره) استدل بقول الصادق (ع) إن رسول الله صلى الله عليه وآله
إنما صالح الاعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أن دهمه من عدو دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في القسمة نصيب ولا نعلم صحة سند هذه الرواية
. البحث الخامس. في كيفة القسمة. مسألة. أول ما يبدأ الامام بعد إحراز الغنيمة يدفع ما تقدم من السلب لان حقه متعلق بالعين ثم أجرة الحمال والحافظ
والناقل والراعي لان ذلك من مؤنها يؤخذ من أصلها ثمن الرضخ إن قلنا إنه يخرج من أصل الغنيمة ثم يفرز خمس الباقي ولأهله ويقسم أربعة الأخماس الباقية بين الغانمين
وتقدم قسمة الغنيمة على قسمة الخمس لان مستحق الغنيمة حاضرون ويقف رجوعهم وانصرافهم إلى مواطنهم (على قسمة الغنيمة وأهل الخمس غياب في مواطنهم صح) ولان الغنيمة حصلت باجتهاد الغانمين (فكأنها بعوض صح) فكانت آكد
من الخمس. مسألة. للامام أن يصطفى لنفسه من الغنيمة ما يختاره كفرس جواد وثوب مرتفع وجارية حسناء وسيف قاطع وغير ذلك مما لا يضر بالعسكر
عند علمائنا أجمع لما رواه العامة إن النبي كان يصطفى من الغنايم الجارية والفرس وما أشبههما في غزاة خيبر وغيرها ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) نحن قوم
فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو (المال) الأموال وسأله أبو بصير عن صفو المال فقال الامام يأخذ الجارية الحسناء والمركب الفارة والسيف القاطع والدرع
قبل أن تقسم الغنيمة هذا صفو المال وهذا الحق عندنا ثابت للامام بعد النبي صلى الله عليه وآله لمشاركته إياه في تحمل الأثقال وإتمام ذوي الحقوق مؤنتهم مع قصور حقهم وقال
العامة إنه مختص بالنبي صلى الله عليه وآله يبطل بموته وهل الاصطفاء قبل الخمس أو بعده فهم مما تقدم في الرضخ. مسألة. إذا أخرج الامام من الغنيمة الرضخ والجعايل واجرة
الحافظ وغيره وما يحتاج الغنيمة إليه من النفقة مدة بقائها يقسم الباقي بين الغانمين خاصة مما ينقل ويحول من الأموال الحاضرة للراجل سهم وللفارس
سهمان ولا خلاف بين العلماء في أن الراجل له سهم واختلفوا في الفارس فقال أكثر علمائنا إنه يستحق سهمين سهم له وسهم لفرسه وبه قال أبو حنيفة وقال بن الجنيد
من علمائنا للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه وسهم له وهو قول أكثر العامة ونقله العامة عن علي (ع) وبه قال عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وابن سيرين و
433

حبيب بن أبي ثابت ومالك ومن تبعه من أهل المدينة والثوري والليث ومن تبعه من أهل مصر والشافعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد لنا ما رواه
العامة عن المقداد (ره) قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله سهمين سهم لي وسهم لفرسي ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) للفارس سهمان وللراجل سهم ولأنه حيوان ذو سهم
فلا يزاد على الواحد كالآدمي وما رواه العامة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله أعطى للفارس ثلاثة أسهم وما رواه الخاصة إن عليا (ع) كان يجعل للفارس ثلاثة أسهم فمحمول
على صاحب الأفراس الكثيرة لما رواه الباقر (ع) إن عليا (ع) كان يسهم للفارس ثلاثة أسهم سهمين لفرسه وسهما له ويجعل للراجل سهما. إذا عرفت هذا
فإنه يعطى ذو الفرسين فما زاد ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لأفراسه (ولا يزاد على السهمين وإن كثرت الأفرس صح) وبه قال احمد لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسهم للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين
وإن كان معه عشرة أفراس ومن طريق الخاصة رواية الحسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين (ع) قال إذا كان مع الرجل أفراس في غزو لم يسهم إلا لفرس
منها وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي لا يسهم لأكثر من فرس واحد لان النبي صلى الله عليه وآله لم يسهم لأفراس الزبير إلا لواحد وهو معارض بما روى عن الزبير إنه (ع) أسهم له لفرسين. مسألة.
ويسهم للفرس سواء كان عتيقا وهو الذي أبواه عتيقان عربيان كريمان أو برذونا وهو الذي أبواه أعجميان أو مقرفا وهو الذي أبوه برذون وأمه عتيقة أو هجينا
وهو عكس البرذون وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة لصدق اسم الفرس في الجميع ولأنه حيوان ذو سهم فاستوى الفارة وغيره كالآدمي وقال الأوزاعي لا
يسهم للبرذون ويسهم للمقرف والهجين سهم واحد وعن أحمد روايات احديها يسهم لما عدا العربي سهم واحد وهو قول الحسن البصري والثانية إنه يسهم له مثل
سهم العربي وبه قال عمر بن عبد العزيز والثوري والثالثة إنها إن أدركت أدراك العراب أسهم لها مثل الفرس العربي وإلا فلا الرابعة إنه لا يسهم لها وعن أبي
يوسف روايتان إحديهما إنه يسهم له كالعربي الثانية إنه يسهم له سهم واحد لان البرذون لا كر له ولا فر فأشبه البعير وقد بينا عدم اعتبار التفاضل في السهام بشدة
البلاء في الحرب. مسألة. لا يسهم لغير الخيل من الإبل والبغال والحمير والفيلة وغيرها عند علمائنا وهو قول عامة العلماء ومذهب الفقهاء في القديم
والحديث لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله أسهام غير الخيل مع إنه كان معه يوم بدر سبعون بعيرا ولان الفرس له كر وفر وطلب وهرب بخلاف غيرهما وحكى عن الحسن
البصري إنه قال يسهم للإبل خاصة وعن أحمد روايتان إحديهما إنه يسهم للبعير سهم واحد ولصاحبه سهم آخر والثانية إنه إن عجز عن ركوب الخيل فركب البعير أسهم
له ثلاثة أسهم سهمان لبعيره وسهم له ولو أمكنه الغزو على الفرس لم يسهم لبعيره لقوله تعالى " فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " وهي الإبل ولأنه حيوان تجوز المسابقة عليه
بعوض فيسهم له كالفرس ولا دلاله في الآية على أسهام الركاب والجامع لا يصلح للعلية لنقضه بالبغال والحمير ولا فرق بين أن تقوم الإبل مقام الخيل أو تزيد في العمل ويسهم
للخيل مع حضورها الوقعة وإن لم يقاتل عليها ولا احتيج إليها في القتال لأنه أحضرها للقتال ولزم عليها مؤنة ولو كانت الغنيمة من فتح حصن أو مدينة فالقسمة
فيها كالقسمة في غنايم دار الحرب وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله قسم غنايم حنين للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهمين وهي حصون ولان الحاجة قد تدعوا إلى الخيل بان
ينزل أهل الحصن فيقاتلوا خارجه فيسهم له ولو حاربوا في السفن وفيهم الرجالة وأصحاب الخيل قسمت الغنيمة كما يقسم في البر للراجل سهم وللفارس
سهمان سواء احتاجوا إلى الخيل أو لا للرواية عن الصادق (ع) لما سأله حفص بن غياث عن سرية في سفينة قاتلوا ولم يركبوا الفرس كيف تقسم فقال (ع)
للفارس سهمان وللراجل سهم. مسألة. يسهم للفرس المستعار للغزو والسهم للمستعير وبه قال الشافعي واحمد
في إحدى الروايتين لأنه متمكن من الغزو
عليه شرعا وعقلا فأشبه المستأجر ولان سهم الفرس لمنفعة وهي مملوكه للمستعير وقال بعض الحنفية السهم للمالك وهو رواية عن أحمد وقال بعضهم لا يسهم
للفرس لان السهم نماء الفرس فأشبه الولد ولان مالكه لا يستحق شيئا فكذا فرسه كالمخذل والفرق أن النماء والولد غير مأذون له فيه بخلاف الغزو والمخذل
لا يستحق سهما بالحضور للخذلان بخلاف المستعير فإن صاحب الفرس لو حضر لاستحق سهما وإنما منع للغيبة فلا قياس للاختلاف في العلة ولا نعلم خلافا في
استحقاق المستأجر لسهم الفرس إذا استأجره لسهم الفرس إذا استأجره للغزو ولو استعار فرسا لغير الغزو فغزا عليه استحق السهم الذي له وأما السهم الذي للفرس فكالفرس المغصوب
ولو استأجره لغير الغزو فغزا عليه سقط سهم الفرس لأنه كالغاصب ولو كان المستأجر أو المستعير ممن لا سهم له كالمرجف والمخذل أو له رضخ كالمرأة والعبد كان
حكمه حكم فرسه المملوكة وقد تقدم. مسألة. لو غصب فرسا فقاتل عليه استحق الغاصب سهم راجل وأما سهم الفرس فإن كان صاحبه حاضرا
في الحرب فالسهم له وإلا فلا شئ له لأنه مع الحضور قاتل على فرسه من يستحق السهم فاستحق السهم كما لو كان مع صاحبه وإذا ثبت إن للفرس سهم ثبت لمالكه لان النبي صلى الله عليه وآله
جعل للفرس سهما ولصاحبه سهما وما كان للفرس كان لمالكه وأما مع الغيبة فإن الغاصب لا يملك منفعة الفرس والمالك لم يحضر فلا يستحق سهما فلا يستحق فرسه
وقال بعض الشافعية يسهم للغاصب وعليه أجرة الفرس لمالكه لان الفرس كالآلة فكان حاصلها لمستعملها كما لو غصب سيفا فقاتل به أو فدوما فاحتطب به والفرق
إن السيف والفدوم لا شئ لهما والفرس جعل لها النبي صلى الله عليه وآله سهما ولما لم تكن الفرس أهلا للتملك كان السهم لمالكها وقال بعض الحنفية لا سهم للفرس وهو قول بعض الشافعية
. إذا عرفت هذا فإنه يجب على الغاصب أجرة المثل سواء كان صاحبه حاضرا أو غايبا ولو كان الغاصب ممن لا سهم له كالمرجف فسهم الفرس لمالكه إن
كان حاضرا وإلا فلا شئ له وقال بعض العامة حكم المغصوب حكم فرسه لان الفرس يتبع الفارس في حكمه فيتبع إذا كان مغصوبا قياسا على فرسه وليس بجيد لان
النقص في الفارس والجناية منه فاختص المنع به وبتوابعه كفرسه التابعة له بخلاف المغصوب وكذا البحث لو غزا العبد بغير إذن مولاه على فرس مولاه ولو غزا جماعة على فرس
واحدة بالتناوب قال بن الجنيد يعطى كل واحد سهم راجل ثم يقسم بينهم سهم فرس واحدة وهو حسن. مسألة. لو غزا العبد بإذن مولاه (على فرس مولاه صح) رضخ للعبد وأسهم للفرس
والسهم والرضخ للسيد ولو كان معه فرسان رضخ له وأسهم لفرسه وبه قال احمد لأنه فرس حضر الوقعة وخوصم عليه فاستحق مالكه السهم كما لو كان الراكب هو السيد
وقال أبو حنيفة والشافعي لا سهم للفرس لأنه تحت من لا سهم له فلم يسهم له كما لو كانت تحت المخذل والفرق أن المخذل لا يستحق شيئا بالحضور ففرسه أولي بعدم الاستحقاق
ولو غزا الصبى على فرس أسهم له ولفرسه على خلاف بيننا وبين العامة في استحقاق الصبى السهم ولو غزت المرأة أو الكافر على أفرس لهما فالأقرب إنهما يرضخان أزيد من
رضخ الراجل من صنفهما وأقل من سهم الفارس لأنا قد بينا أنه لا يبلغ بالرضخ للفارس سهم فارس ولان سهم الفرس له فإذا لم يستحق هو بحضوره سهما ففرسه أولي
بخلاف العبد فإن الفرس هناك لغيره وهو السيد ولو غزا المرجف والمخذل على فرس فلا شئ له ولا لفرسه ولو غزا العبد بغير إذن مولاه لم يرضخ له لأنه عاص. مسألة.
ينبغي للامام أن يتعاهد خيل المجاهدين التي تدخل دار الحرب ويعتبرها فيأذن في استصحاب ما يصلح للقتال ويمنع من استصحاب ما لا يصلح له لأنه كل وضرر كالحطم
وهو الذي يتكسر من الهزال والقحم بفتح القاف وسكون الحاء وهو الكبير السن والهرم الفاني والضرع بفتح الضاد والراء هو الصغير الضعيف الذي لا يمكن القتال عليه والأعجف
434

وهو المهزول والرازح وهو الذي لا حراك به من الهزال فلو ادخل فرس من هذه قال الشيخ (ره) يسهم له وبه قال الشافعي لعموم الاخبار ولان كل جنس يسهم له فإنه يستوى
فيه القوى والضعيف كالآدمي وقال بن الجنيد منا لا يسهم له وبه قال مالك واحمد وقول للشافعي لأنه لا ينتفع به فأشبه المخذل والمريض يسهم له إذا لم يخرج بمرضه عن كونه
من أهل الجهاد كالمحموم وصاحب الصداع لأنه من أهل الجهاد وتعين عليه برأيه وتكبيره ودعائه وإن خرج كالزمن والأشل والمفلوج فهل يسهم له قال الشيخ (ره) يسهم له
عندنا سواء منع مرضه من الجهاد أو لا كالطفل ولو نكس الفرس بصاحبه في حملته أو مبارزته أسهم له ولم يمنع بذلك من الاسهام ولو استأجر أجيرا للحرب ثم دخلا معا (دار الحرب سهم لهما معا صح)
سواء كانت الأجرة في الذمة أو معينه ويستحق مع ذلك الأجرة ولو لم يحضر المستأجر استحق المؤجر السهم والأجرة لان الاسهام يستحق بالحضور. مسألة. الاعتبار
بكونه فارسا وقت الحيازة للغنيمة لا بدخوله المعركة فلو دخل دار الحرب فارسا ثم ذهبت فرسه قبل حيازة الغنيمة فلا سهم لفرسه ولو دخل راجلا فأحرزت الغنيمة
وهو فارس فله سهم فرس وبه قال الشافعي والأوزاعي واحمد وإسحاق وأبو ثور وبن عمر لأنه حيوان يسهم له فاعتبر وجوده حال القتال كالآدمي وقال أبو حنيفة الاعتبار
بدخول دار الحرب فإن دخل فارسا فله سهم فارس وإن نفق فرسه قبل القتال وإن دخل راجلا فله سهم راجل وإن استفاد فرسا فقاتل عليه وعنه رواية أخرى (كقولنا صح)
لأنه دخل الحرب بنية القتال فلا يتغير سهمه بذهاب أو حصول دابة أخرى له كما لو كان ذلك بعد القتال والفرق تقدم ولو دخل الحرب فارسا فمات فرسه بعد تقضى الحرب
قبل حيازة الغنايم للشافعي قولان مبنيان على أن ملك الغنيمة هل يتحقق بانقضاء الحرب أو الحيازة وكذا لو وهب فرسه أو أعاره أو باعه البحث في ذلك كله واحد
قال الشيخ (ره) هذا إذا كان الحرب في دار الكفر فأما إذا كان في دار الاسلام فلا خلاف في أنه لا يسهم إلا للفرس الذي يحضر القتال. مسألة. من مات من الغزاة أو
قتل قبل حيازة الغنيمة وتقضى القتال فلا سهم له وإن مات بعد ذلك فسهمه لورثته وبه قال احمد لأنه إذا مات قبل حيازة الغنيمة فقد مات قبل ملكها وثبوت اليد
عليها فلم يستحق شيئا وإن مات بعده فقد مات بعد الاستيلاء عليه في حال لو قسمت صحت قسمتها وملك سهمه واستحق السهم كما لو مات بعد إحرازها في دار (الاسلام صح)
وإذا استحق السهم انتقل إلى ورثته كغيره من الحقوق وقال أبو حنيفة إن مات قبل إحراز الغنيمة في دار الاسلام أو قسمتها في دار الحرب فلا سهم له لان ملك المسلمين لا يتم
إلا بذلك ونمنع ذلك بل يملك بالاستيلاء والحيازة وقال الشافعي وأبو ثور إن حضر القتال أسهم له سواء مات قبل حيازة الغنيمة أو بعدها وإن لم يحضر فلا سهم له
ونحوه قال مالك والليث بن سعد لقوله (ع) الغنيمة لمن شهد الوقعة ونحن نقول بموجبه فإن من قتل قبل تقضى الحرب لم يشهد الوقعة بكمالها. مسألة. لا يجوز
تفضيل بعض الغانمين في القسمة (الغنيمة خ ل) على بعض بل يقسم للفارس سهمان وللراجل سهم ولذوي الأفراس ثلاثة سواء حاربوا أو لا إذا حضروا للحرب لا للتخذيل وشبهه ولا
يفضل أحد لشدة بلائه وحربه عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى " واعلموا أنما غنتم من شئ فإن لله خمسه " أضاف الباقي إلى الغانمين فاستووا فيه عملا
بالظاهر ولأنه (ع) قسم للفارس سهمين وثلاثة على تفاوتهم في عدد الخيل وللراجل سهما ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن قسم بيت المال أهل الاسلام
هم أبناء الاسلام أسوى بينهم في العطاء وفضايلهم بينهم وبين الله احملهم كبنى رجل واحد لا يفضل أحد منهم لفضله وصلاحه في الميراث على اخر ضعيف منقوض
وقال مالك يجوز أن يفضل بعض الغانمين على بعض ويجوز أن يعطى من لم يحضر الوقعة لان النبي (ص) اعطى من غنيمة بدر من لم يشهدها وقال أبو حنيفة يجوز أن يفضل ولا يعطى من لم يحضر
الوقعة لقوله (ع) من أخذ شيئا فهو له والجواب انه ورد في قضية بدر وغنايمها لم تكن للغانمين قال الشيخ (ره) إذا قال الامام من أخذ شيئا فهو له جاز لأنه معصوم وفعله
حجة ونحن لا ننازعه بل هل لنائبه ذلك للشافعي قولان أحدهما الجواز لان النبي صلى الله عليه وآله قال في غزاة بدر والثاني المنع لأنه (ع) قسم الغنايم للفارس سهمين وللراجل سهما و
قضية بدر منسوخة. مسألة. الغنيمة تستحق بالحضور قبل القسمة فلو غنم المسلمون ثم لحقهم مدد قبل تقضى الحرب أسهم له إجماعا وإن كان بعده وبعد القسمة فلا
شئ له إجماعا وإن كان بعد انقضاء الحرب (وحيازة الغنيمة قبل القسمة أسهم له عندنا وبه قال أبو حنيفة لرواية حفص بن غياث إنه سئل الصادق (ع) عن
الجيش إذا غزوا أرض الحرب صح) فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار الاسلام ولم يلقوا عدوا حتى يخرجوا إلى دار الاسلام فهل يشاركونهم
فيها قال نعم ولأنهم اجتمعوا على الغنيمة في دار الحرب فأسهم لهم كما لو حضروا القتال وقال الشافعي لا يسهم له وبه قال احمد لان النبي (ص) لم يقسم لابان بن سعيد بن العاص
وأصحابه لما قدموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بخيبر بعد أن فتحها وهي حكاية حال فجاز أن يكونوا قد حضروا بعد القسمة. مسألة. إذا لحق الأسير بالمسلمين فإن كان بعد
تقضى الحرب وقسمة الغنيمة لم يسهم له إجماعا لان المدد لو لحقهم بعد القسمة لم يسهم له فكذا الأسير وإن لحق بهم بعد انقضاء الحرب فقاتل مع المسلمين استحق السهم عندنا
وهو قول العلماء لا نعلم فيه خلافا وإن لم يقاتل أسهم له وهو أحد قولي الشافعي لأنه لو قاتل استحق السهم إجماعا وكل من يستحق مع القتال يستحق مع عدمه إذا حضر
الوقعة كغير الأسير وقال أبو حنيفة لا يسهم له وهو ثاني الشافعي لأنه حضر ليتخلص من القتل والأسر لا للقتال فأشبه المرأة وينتقض بما لو قاتل ولأن الاعتبار بالحضور
مع كونه من أهل القتال (لا بالقتال صح) ولو حضر (دخل) التجار أو الصناع مع المجاهدين دار الحرب كالبقال والبيطار والخياط وغيرهم من أتباع العسكر فإن قصدوا الجهاد مع التجارة
أو الصناعة استحقوا وإن لم يقصدوا فإن جاهدوا استحقوا وإن لم يجاهدوا قال الشيخ (ره) لا يسهم لهم بحال لانهم لم يدخلوا للجهاد والنبي صلى الله عليه وآله قال الأعمال بالنيات
ولو اشتبه الحال قال الشيخ (ره) الظاهر إنه يسهم له لانهم حضروا والسهم يستحق بالحضور وللشافعي قولان الاسهام وعدمه واختلف أصحابه فقال بعضهم القولان
فيما إذا لم يقاتلوا (ولو تقاتلوا صح) يستحقوا قولا واحدا (كالأسير صح) ومنهم من قال القولان في الصورتين وقال أبو حنيفة إن قاتلوا استحقوا وإن لم يقاتلوا لم يستحقوا. مسألة. الجيش
إذا خرج غازيا من بلد فبعث الامام منهم سرية فغنمت السرية شاركهم الجيش ولو غنم الجيش شاركهم السرية في غنيمته وهو قول العلماء كافة إلا الحسن البصري
فإنه حكى فيه إنه قال تنفرد السرية بما غنمت وفعل النبي صلى الله عليه وآله حيث أشرك بين السرية التي بعثها قبل أوطاس فغنمت وبين الجيش يبطل قوله ولأنه (ع) كان ينفل في
البداءة الربع وفي الرجعة الثلث وهو يدل على اشتراكهم فيما سواه وقوله (ع) الغنيمة لمن شهد الوقعة مسلم فإن المراد الحضور حقيقة أو حكما كالمدد ولو بعث الامام من
الجيش سريتين إلى جهة واحدة فغنمتا اشترك الجيش والسريتان إجماعا ولو اختلف الجهة قال الشيخ اشترك الجميع وهو قول بعض الشافعية كما لو اتفقت الجهة وهما من جيش
واحد فاشتركوا وقال بعض الشافعية لا تتشارك السريتان وكل واحدة منهما مع الجيش كالجيش الواحد فأما إحديهما مع الأخرى فكالمنفردتين لا تقاسم إحديهما الأخرى ولو
بعث الامام بسرية وهو مقيم ببلد الاسلام فغنمت اختصت بالغنيمة إجماعا ولا يشاركهم الامام ولا جيشه وكذا لو بعث جيشا وهو مقيم بالبلد لم يشاركه لان النبي صلى الله عليه وآله كان
يبعث السرايا وهو مقيم بالمدينة ولا يشاركهم في الغنيمة ولو بعث سريتين وهو مقيم ببلد أو بعث جيشين فكل واحد منهما مختص بما غنمه لان كل سرية انفردت بالغزو
الغنيمة بخلاف ما لو بعث بالسريتين من الجيش الواحد لأنه رد لكل واحدة منهما ولو اجتمعت السريتان فغنمتا كانت جيشا واحدا ولو بعث لمصلحة الجيش رسولا أو دليلا
أو طليعة أو جاسوسا فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ثم رجع إليهم فالذي يقتضيه مذهبنا إنه يسهم له لان القتال ليس شرطا وهو أحد وجهي الشافعية لأنه كان في مصلحتهم
435

وخاطر بنفسه بما هو أكثر من الثياب في الصف فشارك والثاني لا يسهم له لأنه لم يحضر الاغتنام ولو غنم أهل الكتاب نظر فإن كان الامام أذن لهم في الدخول إلى دار الحرب
فالحكم على ما شرطه وإن لم يأذن فغنيمتهم للامام عندنا وقال الشافعي ينتزعه منهم فيرضخ لهم وله قول آخر إنه يقرهم عليه كما لو غلب بعض المشركين على بعض قال ابن الجنيد
إذا وقع النفير فخرج أهل المدينة متقاطرون فانهزم العدو وغنم أوايل المسلمين كان كل من خرج أو تهيأ للخروج وأقام في المدينة من المقاتلة لحراستها من مكيدة
العدو شركاء في الغنيمة وكذا لو حاصرهم العدو فباشر حربه بعض أهل المدينة إلى أن ظفروه وغنموه إذا كانوا مشتركين في المعونة لهم والحفظ للمدينة وأهلها
فإن كان الذين هزموا العدو فلحقوه على ثمان فراسخ من المدينة فقاتلوه وغنموه كان الغنيمة لهم دون من كان في المدينة الذين لم يعاونوهم خارجها
. مسألة. اختلف علماؤنا في أولوية موضع القسمة فقال الشيخ (ره) تستحب القسمة في أرض العدو ويكره تأخيرها إلا لعذر من خوف المشركين أو التمكن في
الطريق أو قلة علف أو انقطاع ميرة وقال بن الجنيد الاختيار إلينا أن لا نقسم إلا بعد الخروج من دار الحرب ويجوز القسمة في دار الحرب وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي
واحمد وأبو ثور وبن المنذر لما رواه العامة عن أبي إسحاق الرازي قال قلت للأوزاعي هل قسم رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا من الغنايم بالمدينة قال لا أعلمه إنما كان الناس يبيعون
غنايمهم ويقسمونها في أرض عدوهم ولم ينقل رسول الله صلى الله عليه وآله عن غزاة قط أصاب فيها الغنيمة إلا خمسه وقسمه من قبل أن يقفل من ذلك غزاة بنى المصطلق وهوازن
وخيبر ومن طريق الخاصة قول الشيخ (ره) إن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم غنايم بدر بشعب من شعاب الصفراء قريب من بدر وكان ذلك دار حرب ولان كل موضع جاز فيه الاغتنام
جازت فيه القسمة كدار الاسلام وقال أصحاب الرأي لا يقسم إلا في دار الاسلام لان الملك لا يتم عليها إلا بالاستيلاء التام ولا يحصل ذلك إلا بإحرازها في دار الاسلام
ونمنع الكبرى ولو قسمت قال أساء القاسم وجازت قسمته لأنها مسألة اجتهادية ينفذ حكم الحاكم فيها إذا وافق قول
بعض المجتهدين واحتجاج بن الجنيد من علمائنا
بأن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما قسم غنايم خيبر والطايف بعد خروجه من بلادهم إلى الجعرانة لا يدل على مطلوبة لأنها حكاية حال فجاز وقوعها لعذر قال بن الجنيد ولو صارت
دار أهل الحرب دار ذمة تجرى فيها أحكام المسلمين فأراد الوالي قسمتها مكانه فعل كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله بعض غنايم خيبر قبل أن يرحل عنهم قال ولو غزا المشركون
المسلمين فهزمهم المسلمون وغنموهم قسموا غنايمهم مكانهم إن اختاروا ذلك قبل إدخالها المدن ولو كان المشركون بادية أو متنقلة ولا دار لهم فغزا هم المسلمون
فغنموهم كان قسمتها إلى الوالي إن شاء قسمها مكانه وإن شاء قسم بعضها وأخر بعضا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله المغنم بخيبر. مسألة. يكره للامام أن يقيم الحد في
أرض العدو بل يؤخره حتى يعود إلى دار الاسلام ثم يقيم عليه الحد وبه قال أبو حنيفة واحمد لئلا تحمل المحدود الغيرة فيدخل إلى دار الحرب وقال الشافعي ومالك لا يؤخره
ولا يسقط عنه الحد سواء كان الامام مع العسكر أو لا وإن رأى الوالي في تقديم الحد مصلحة قدمه سواء كان مستحق الحد أسيرا أو أسلم فيهم ولم يخرج إلينا أو خرج
من عندنا بالتجارة وغيرهما أما لو قتل مسلما فإنه يقتص منه في دار الحرب وبه قال الشافعي ومالك واحمد لعموم الامر بالحد والقصاص ولان المقتضى لا يجاب القصاص
موجود والمانع من التقديم وهو خوف اللحاق بالعدو مفقود ولان كل موضع حرم فيه الزنا وجب فيه حد الزنا كدار الاسلام وقال أبو حنيفة لا يجب عليه القصاص
ولا الحد إلا أن يكون معه إمام أو نايب عن الامام لأنه مع غيبة الامام ونايبه لا يد؟ للامام عليه فلا يجب عليه الحد بالزنا كالحربي ونمنع من ثبوت حكم الأصل ويفرق بأن
الحربي غير ملتزم بأحكام الاسلام بخلاف المسلم. مسألة. المشركون لا يملكون أموال المسلمين بالاستغنام فلو غنموا ثم ظفر بهم المسلمون فأخذوا منهم ما كانوا
أخذوا منهم فإن الأولاد ترد إليهم بعد إقامة البينة ولا يسترقون إجماعا وأما العبيد والأموال فإن أقام أربابها البينة بها قبل القسمة ردت عليهم بأعيانها ولا يغرم
الامام للمقاتلة شيئا في قول عامة أهل العلم خلافا للزهري وعمرو بن دينار فإنهما إحتجا بأن الكفار ملكوه باستيلائهم فصار غنيمة كساير أموالهم وهو خطأ
فإنا بينا أن الكفار لا يملكون مال المسلم بالاستغناء وإن جاؤوا بالبينة بعد القسمة فلعلمائنا قولان أحدهما إنه يرد على أربابه ويرد الامام قيمة ذلك للمقاتلة
من بيت المال اختاره الشيخ وبه قال أبو بكر وابن عمر وسعيد بن أبي وقاص وربيعه والشافعي وبن المنذر لما رواه العامة عن بن عمر إنه ذهب فرس له فأخذها العدو فظهر
عليه المسلمون فرد عليه في زمن النبي صلى الله عليه وآله ومن طريق الخاصة ما رواه هشام بن سالم في الصحيح إنه سأل الصادق (ع) عن الترك يغيرون على المسلمين فيأخذون أولادهم
فيسترقون منهم أيرد عليهم قال نعم والمسلم أخو المسلم والمسلم أحق بماله أينما وجده الثاني إنه يكون للمقاتلة ويعطى الامام أربابها أثمانها من بيت مال المسلمين وهو
قول الشيخ أيضا وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي ومالك واحمد في رواية وفي أخرى لا حق لصاحبه فيه بحال ونقله العامة عن علي (ع) وعمر والليث وعطا والنخعي
احتج الشيخ بما رواه هشام بن سالم عن بعض أصحاب الصادق (ع) في السبى يأخذه العدو من المسلمين في القتل من أولاد المسلمين فيجوزونه ثم إن المسلمين بعد قاتلوهم
فظفروا بهم فسبوهم وأخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين وأولادهم الذي أخذوهم من المسلمين فكيف يصنع فيما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين (ومماليكهم قال فقال أما أولاد المسلمين صح) فلا يقام في سهام المسلمين
ولكن يرد إلى أبيه أو إلى أخيه أو إلى أمه بشهود وأما المماليك فإنهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون يعطى مواليهم (قيمة أثمانهم صح) من بيت المال وهو مرسل وروايتنا أصح طريقا
واحتج أبو حنيفة بما رواه بن عباس إن رجلا وجد بعيرا كان المشركون أصابوه فقال له النبي صلى الله عليه وآله إن أصبته قبل القسمة فهو لك وإن أصبته بعد ما قسم أخذته بالقيمة
وهو معارض بما رويناه من طريق العامة ولو اخذ المال أحد الرعية نهبة أو سرقة أو بغير شئ فصاحبه أحق به بغير شئ وبه قال الشافعي واحمد لما رواه العامة إن قوما أغاروا
على سرح النبي صلى الله عليه وآله فأخذوا ناقته وجارية من الأنصار فأقامت عندهم أياما ثم خرجت في بعض الليل قالت فما وضعت يدي على ناقة إلا رغت حتى وضعتها على ناقة ذلول
فامتطيتها ثم توجهت إلى المدينة ونذرت أن نجا في الله عليها أن أذبحها (فلما قدمت المدينة استعرفت الناقة فإذا هي ناقة رسول الله فأخذها فقلت يا رسول الله إني نذرت أن أنحرها صح) فقال بئس ما جازيتها لا نذر في معصية الله وقال أبو حنيفة لا يأخذه إلا بالقيمة لأنه صار ملك
الواحد بعينه فأشبه ما لو قسم ونمنع الصغرى ولو اشتراه المسلم من العدو وبطل الشراء وكان الشراء وكان لصاحبه أخذه بغير شئ لان المشرك لا يملك مال المسلم بالاستغنام
وقال احمد ليس لصاحبه أخذه إلا ثمنه لرواية عن عمر وليست حجة ولو أبق عبد المسلم إلى دار الحرب فأخذوه لم يملكوه بأخذه وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما تقدم وقال
مالك واحمد وأبو يوسف ومحمد يملكون ولو أسلم المشرك الذي في يده مال المسلم أخذ منه بغير قيمة ولو دخل مسلم دار الحرب فسرقه أو نهبه أو اشتراه ثم أخرجه إلى دار الاسلام
فصاحبه أحق به ولا تلزمه قيمته ولو أعتقه من هو في يده أو تصرف فيه ببيع أو غيره كان باطلا ولو غنم المسلمون من المشركين عليه علامة المسلمين فلم يعلم صاحبه فهو غنيمة بناء
على ظاهر الحكم باليد وبه قال الثوري والأوزاعي وقال الشافعي يوقف حتى يجئ صاحبه ولو وجد شئ موسوم عليه جيش في سبيل الله قال الثوري يقسم ما لم يأت صاحبه و
قال الشافعي يرد كما كان لأنه قد عرف مصرفه وهو الجيش فهو بمنزلة ما لو عرف صاحبه ولو أصيب غلام في بلاد الشرك فقال أنا لفلان من بلاد المسلمين ففي قبول قوله
من غير بينة نظر وكذا البحث لو اعترف المشرك بما في يده لمسلم لكن الوجه هنا القبول قبل الاستغنام ولو كان في يد مسلم مال مستأجر أو مستعار من مسلم ثم وجده المستأجر
436

والمستعير كان له المطالبة به قبل القسمة وبعدها لان ملك المسلم لا تزول بالاستغنام فلا تزول توابعه وقال أبو حنيفة ليس له الاخذ لأنه لا حق له في العين لا ملكا ولا يدا بل حقه في الحفظ
وقد بطل بخروجه عن ملك صاحبه وهو ممنوع ولو دخل حربي دار الاسلام بأمان فاشترى عبدا مسلما ثم لحق بدار الحرب فغنموه المسلمون كان باقيا على ملك البايع بفساد
البيع فيرد على المالك ويرد المسلم عليه الثمن الذي أخذه لأنه في أمان ولو تلف العبد كان للسيد القيمة وعليه رد ثمنه ويترادان الفضل ولو أسلم الحربي في دار الحرب وله مال
وعقار أو دخل مسلم دار الحرب واشترى بها عقارا أو مالا ثم غزاهم المسلمون فظهروا على ماله وعقاره لم يملكوه وكان باقيا عليه إن كان المال مما ينقل ويحول وأما العقار
فإنه غنيمة وبه قال الشافعي ومالك واحمد في غير العقار وقالوا في العقار إنه كغيره لأنه مال مسلم فلا يجوز اغتنامه كما لو كان في دار الاسلام وقال أبو حنيفة العقار يغنم
وأما غيره فإن كان في يده أو يد مسلم أو ذمي لم يغنم وإن كان في يد حربي غنم. مسألة. لو فر المسلم من الزحف قبل القسمة لم يكن له نصيب في الغنيمة ما لم يعود واقبل
القسمة لانهم عصوا بالفرار وتركوا الدفع عنها ولو فروا بعد القسمة لم يؤثر في ملكهم الحاصل بالقسمة لانهم
ملكوا ما جازوا بالقسمة فلا يزول ملكهم بالهرب ولو
هربوا قبل القسمة فذكروا إنهم ولوا متحرفين لقتال أو متخيرين إلى فئة فالوجه أن لهم سهامهم فيما غنم قبل الفرار ولا شئ لهم فيما غنم بعده ما لم يلحقوا القسمة والأجير
على القتال يستحق الأجرة بالعقد والسهم بالحضور ولو حضر المستأجر أيضا استحق هو أيضا وعن أحمد روايتان إحديهما هذا والاخرى إنه لا يسهم للأجير لأنه غزوة
بعوض فكأنه واقع من غيره فلا يستحق شيئا وينتقض بالمرصد للقتال والأجير على العمل إن كان في الذمة كان يستأجره بخياطة ثوب أو غيره في ذمته فإذا حضر الأجير الوقعة استحق
السهم إجماعا لأنه حضر الوقعة وهو من أهل القتال وإنما في ذمته حق لغيره فلا يمنعه من استحقاق السهم كما لو كان عليه دين وإن كان قد استأجره مدة معلومة لخدمة أو
لغيرها فإن خرج بإذن المستأجر استحق السهم بالحضور وإلا فلا لأنه عاص بالجهاد فلا يستحق سهما اللهم إلا أن يتعين عليه فإنه يستحق السهم. إذا ثبت هذا
فان السهم يملكه في الصورة التي قلنا باستحقاقه لها ليس للمؤجر عليه سبيل وللشافعي في الثاني ثلاثة أقوال أحدها إنه يستحق السهم لقول النبي صلى الله عليه وآله القيمة لمن شهد الوقعة
ولان الأجرة تستحق بالمنفعة والسهم بحضور الوقعة وقد وجد الثاني إنه يرضخ له ولا يسهم لأنه قد حضر الوقعة مستحق المنفعة فلا يسهم له كالعبد الثالث تخير الأجير
بين ترك الأجرة والاسهام وبين العكس لان كل واحد من الأجرة والسهم يستحق بمنافعه ولا يجوز أن يستحقها لمعنى واحد فأيهما طلب استحقه قال وتكون الأجرة التي تخير بينها
وبين السهم الأجرة التي تقابل مدة القتال ويخير قبل القتال وبعده أما قبل القتال فيقال له إن أردت الجهاد فاقصده واطرح الأجرة وإن أردت الأجرة فاطرح الجهاد
ويقال بعد القتال إن قصدت الجهاد أسهم لك وتركت الأجرة وإن كنت قصدت الخدمة أعطيت الأجرة دون الغنيمة ولو استؤجر للخدمة في الغزو أو اكرى دوابه له وخرج معها
وشهد (الوقعة استحق السهم صح) وبه قال الليث ومالك وبن المنذر لقوله (ع) الغنيمة لمن شهد الوقعة وقال الأوزاعي وإسحاق لا يسهم له وعن أحمد روايتان ولو آجر نفسه لحفظ الغنيمة أو سوق
الدواب التي من المغنم أو رعيها جاز وحلت له الأجرة ولا يجوز له ركوب دواب الغنيمة إلا أن يشرطه في الإجارة ولو دفع إلى المؤجر فرسا ليغزو عليها لم يملكها بذلك لأصالة
بقاء الملك على صاحبه وقال احمد يملكها به وليس جيدا. مسألة. لو اشترى المسلم أسيرا من يد العدو فإن كان بإذنه دفع ما أداه المشترى إلى البايع إجماعا لأنه
أداه بإذنه فصار نايبا عنه في الشراء ووكيلا في ابتياع نفسه وإن اشتراه بغير إذنه لم يجب على الأسير دفع الثمن إلي المشترى وبه قال الثوري والشافعي وبن المنذر لأنه
متبرع وقال مالك يجب دفع الثمن كالأول وبه قال الحسن البصري والنخعي والزهري واحمد لان عمر قال (في حديث وصح) أيما حر اشتراه التجار فإنه يرد إليهم رؤوس أموالهم لان الحر لا
يباع ولا يشتري فحكم للتجار برؤس أموالهم وهو محمول على إذنهم فلو أذن له في الشراء وأداء الثمن ثم اختلفا في قدره فالقول قول الأسير وبه قال الشافعي لأنه منكر و
قال الأوزاعي يقدم قول المشترى لأنهما اختلفا في فعله وهو أعلم به وهو ممنوع وإنما اختلفا في القدر المأذون فيه وهو فعل الأسير فهو أعلم به. مسألة.
إذا استولى أهل الحرب على أهل الذمة فسبوهم وأخذوا أموالهم ثم قدر عليهم المسلمون وجب ردهم إلى ذمتهم ولا يجوز استرقاقهم إجماعا لانهم لم ينقضوا ذمتهم فكانوا
على أصل الحرية وأموالهم كأموال المسلمين قال علي (ع) إنما بذلوا الجزية لتكون دماءهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا فمتى علم صاحبها قبل القسمة وجب ردها إليه و
إن علم بعده فعلى ما تقدم من الخلاف في أموال المسلمين وهل يجب فداؤهم قال بعض العامة نعم يجب مطلقا سواء كانوا في معونتنا أو لم يكونوا وهو قول عمر بن عبد
العزيز والليث لأنا التزمنا حفظهم لمعاهدتهم وأخذ الجزية منهم فلزمنا القتال عنهم فإذا عجزنا عن ذلك وأمكننا تخليصهم بالفدية ووجب كمن يحرم عليه إتلاف شئ
فيتلفه فإنه يغرم وقال قوم منهم لا يجب فداؤهم إلا أن يكون الامام قد استعان بهم في قتاله فسبوا لأنه سبب في أسرهم وإنما يثبت ما ذكرناه لو كانوا على شرايط
الذمة ولو لم يكونوا استرقوا بالسبي كالحربي ويجب فداء الأسارى من المسلمين مع المكنة قال رسول الله صلى الله عليه وآله أطعموا الجايع وعودوا المريض وفكوا العاني وفادى
رسول الله صلى الله عليه وآله رجلين من المسلمين برجل أخذه من بنى عقيل. البحث السادس. في أقسام الغزاة الغزاة ضربان مطوعة وهم الذين إذا نشطوا غزوا وإن لم ينشطوا
قعدوا لمعايشهم فهؤلاء لهم سهم الصدقات إذا غنموا في دار الحرب شاركوا الغانمين وأسهم لهم والثاني من ارصد نفسه للجهاد فهؤلاء لهم من الغنيمة أربعة الأخماس
ويجوز عندنا أن يعطوا أيضا من الصدقة من سهم بن السبيل. مسألة. ينبغي للامام أن يتخذ الديوان (وهو الدفتر صح) الذي فيه أسماء القبايل قبيلة قبيلة ويكتب عطاياهم
ويجعل لكل قبيلة عريفا ويجعل لهم علامة بينهم ويعقد لهم ألوية؟ لان النبي صلى الله عليه وآله عرف عام خيبر على كل عشرة عريفا وجعل يوم فتح مكة للمهاجرين شعارا وللأوس شعارا (وللخزرج شعارا امتثالا صح)
لقوله تعالى " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " فإذا أراد الامام القسمة قدم الأقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فالأقرب فيقدم بني هاشم على بني المطلب وبنى عبد شمس
على بنى نوفل لان عبد شمس أخو هاشم من الأبوين ونوفل أخوه من الأب ثم يسوى بين عبد العزى وعبد الدار لأنهما أخوا عبد مناف فإن استووا في القرب
قدم أقدمهم هجرة فإن تساووا قدم الاسن فإذا فرغ من عطايا أقارب رسول الله صلى الله عليه وآله بدأ بالأنصار وقدمهم على جميع العرب فإذا فرغ من الأنصار بدأ بالعرب
فإذا فرغ من العرب قسم على العجم وليس ذلك فرضنا. مسألة. قال الشيخ (ره) ذرية المجاهدين إذا كانوا أحياء يعطون على ما تقدم فإذا مات المجاهد أو قتل
وترك ذرية أو امرأة فإنهم يعطون كفايتهم من بيت المال من الغنيمة فإذا بلغوا فإن ارصدوا نفوسهم للجهاد كانوا بحكمهم وإن اختاروا غيره خيروا ما يختارونه وتسقط
مراعاتهم وهكذا حكم المرأة لا شئ لها وللشافعي في إعطاء الذرية والنساء بعد موته قولان أحدهما إنهم يعطون لأنه إذا لم يعط ذريته بعده لم يجرد نفسه للقتال
فإنه يخاف على ذريته الضياع لأنا لا نعطيه إلا ما يكفيه لأنا يدخره لهم والثاني إنهم لا يعطوه لأنا إنما نعطيهم تبعا للمجاهدين لا أنهم من أهل الجهاد فإذا مات
انتفت تبعيتهم للمجاهدين فلم يستحقوا شيئا من الفئ. مسألة. ويحصى الامام المقاتلة وهم بالغوا الحلم فيحصى فرسانهم ورجالهم ليوفر عليهم على قدر
كفايتهم ويحصى الذرية وهم من لم يبلغ الحلم ويحصى النساء ليعلم قدر كفايتهم قال بن عمر عرضت على رسول ل الله (ع) يوم أحد وأنا بن أربع عشرة سنة وعرضت عليه
437

يوم الخندق وأنا بن خمس عشرة سنة فأجازني ويقسم عليهم في السنة مرة واحدة لان الجزية والخراج ومستغل الأراضي التي إنجلى عنها المشركون إنما تكون في السنة
مرة واحدة فكذلك القسمة ويعطى المولود ويحسب مؤنته من كفاية أبيه لأنه لا يفرده بالعطاء وكلما زادت سنة زاد في عطاء أبيه ويعطى كل قوم منهم قدر كفايتهم بالنسبة
إلى بلدهم لاختلاف الأسعار في البلدان ويجوز أن يفضل بعضهم على بعض في العطاء من سهم سبيل الله وبن السبيل لا من الغنيمة ونقل العامة عن علي (ع) إنه سوى
بينهم في العطاء واخرج العبيد فلم يعطهم شيئا لانهم استووا في سبب الاستحقاق وهو نصف أنفسهم للجهاد فصاروا بمنزلة الغانمين قال الشيخ (ره) وليس
للأعراب من الغنيمة شئ على ما تقدم واختار الشافعي أيضا ويجب على من استنهضه الامام للجهاد النفور معه على ما تقدم. مسألة. إذا مرض واحد من أهل الجهاد فإن لم
يخرج به عن كونه من أهل الجهاد كالحمى والصداع لا يسقط عطاؤه لأنه كالصحيح وإن كان مرضا لا يرجى زواله كالزمن والفلج خرج به عن المقاتلة وكان حكمه حكم الذرية
في العطاء وفي سقوطه وقد تقدم ولو مات المجاهد بعد حؤول الحول واستحقاق السهم كان لوارثه المطالبة بسهمه قال الشيخ (ره) لأنه استحقه بحؤول الحول والمجاهدون معينون
بخلاف الفقراء فإنهم غير معينين فلا يستحقون بحؤول الحول وللامام أن يصرف إلى من شاء منهم بخلاف المجاهدين وللشافعي قول آخر أنه إنما يستحق بعد موته إذا صار المال
إلى يد الوالي لان الاستحقاق إنما هو بحصول المال لا بمضي الزمان. مسألة. قال الشيخ (ره) ما يحتاج الكراع وآلات الحرب إليه يؤخذ من بيت المال (من مال صح) المصالح وكذا رزق
الحكام وولاة الاحداث والصلاة وغيره من وجوه الولايات والمصالح يخرج من ارتفاع الأراضي المفتوحة عنوة ومن سهم سبيل الله ومن جملة ذلك ما يلزمه فيما
يخصه من الأنفال والفئ وهي جنايات من لا عقل له ودية من لا يعرف قاتله وغير ذلك مما نقول إنه يلزم بيت المال ولو اهدى المشرك إلى الامام أو إلى رجل من المسلمين
هدية والحرب قائمة قال الشافعي تكون غنيمة لأنه إنما اهدى ذلك من خوف الجيش وإن أهدى إليه قبل ان يرتحلوا من دار الاسلام لم تكن غنيمة وانفرد بها وقال أبو حنيفة
تكون للمهدى إليه على كل حال وهو رواية عن أحمد. الفصل الخامس. في أحكام الذمة وفيه مباحث الأول في وجوب الجزية ومن تؤخذ منه. مسألة.
الجزية هي المال المأخوذ من أهل الكتاب لإقامتهم بدار الاسلام في كل عام وهي واجبة بالنص والاجماع قال الله تعالى " حتى يعطوا الجزية " وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله في وصيته
من يبعثه أميرا على سرية أو جيش فإن أبوا فأدعهم إلى إعطاء الجزية ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فإن أبوا هاتين فادعهم إلى عطاء الجزية ولا خلاف بين المسلمين
في ذلك. إذا عرفت هذا فعقد الجزية أن قول الإمام أو نايبه أقررتكم بشرط الجزية والاستسلام ويذكر مقدار الجزية فيقول الذمي قبلت أو رضيت وشبهه
وقال بعض الشافعية لا يجب ذكر مقدار الجزية لكن ينزل على الأقل وقيل لا يجب ذكر الاستسلام نعم يجب ذكر كف اللسان عن الله تعالى وعن رسوله وفي صحته موقتا قولان
ولو قال أقررتكم ما شئت أنا فقولان قريبان واولى بالجواز ولو قال شئتم صح لان عقد الجزية غير لازم من جانب الكفار فإن لهم الالتحاق بدارهم متى شاؤوا. مسألة.
ويعقد الجزية لكل كتابي بالغ عاقل ذكر ونعني بالكتابي من له كتاب حقيقة وهم اليهود والنصارى ومن له شبهة كتاب وهم المجوس فتؤخذ الجزية من هؤلاء الأصناف الثلاثة
بإجماع علماء الاسلام قديما وحديثا والكتاب أما التوراة والإنجيل فأهل التوراة واليهود وأهل الإنجيل والنصارى وقد كانت النصرانية في الجاهلية في ربيعة
وغسان وبعض قضاعة واليهودية في حمير وبنى كنانه وبنى الحرث بن كعب وكندة والمجوسية في تميم وعبادة الأوثان والزندقة كانت في قريش وبنى حنيفة وتؤخذ الجزية من
جميع اليهود وجميع النصارى على الشرايط الآتية سواء كانوا من المبدلين أو غير المبدلين وسواء كانوا عربا أو عجما في قول علمائنا أجمع وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي
واحمد وأبو ثور وبن المنذر لعموم الآية ولان النبي صلى الله عليه وآله أخذ من أكيد ودومة الجندل وهو رجل من غسان أو كنده من العرب وأخذ من نصارى نجران وهم عرب وأمر معاذا أن يأخذ
الجزية من أهل اليمن وهم كانوا عربا وقال أبو يوسف لا تؤخذ الجزية من العرب والاجماع يبطله فإن اليهود والنصارى من العرب سكنوا في زمن الصحابة والتابعين في دار
الاسلام ولا يجوز إقرارهم فيها بغير جزية. مسألة. تؤخذ الجزية ممن دخل في دينهم من الكفار إن كانوا قد دخلوا فيه قبل النسخ والتبديل ومن نسله وذراريه ويقرون
بالجزية ولو ولد بعد النسخ ولو دخلوا في دينهم بعد النسخ فلم يقبل منهم إلا الاسلام ولا تؤخذ منهم الجزية عند علمائنا وبه قال الشافعي لقوله (ع) من بدل دينه
فاقتلوه ولأنه ابتغى دينا غير الاسلام فلا يقبل منه لقوله تعالى " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه " وقال المزني يقر على دينه وتقبل منه الجزية مطلقا لقوله تعالى
" ومن يتولهم منكم فإنه منهم " والمراد المشاركة في الاثم والكفر دون إقراره على عقيدته ولا فرق بين أن يكون المنتقل إلى دينهم ابن كتابيين أو ابن وثنيين أو ابن كتابي ووثني في
التفصيل الذي فصلناه ولو ولد بين أبوين أحدهما تقبل منه الجزية والاخر لا تقبل ففي قبول الجزية منه تردد. مسألة. المجوس تؤخذ منهم الجزية كاليهود والنصارى
إجماعا لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال سنوا بهم سنة أهل الكتاب ومن طريق الخاصة ما رواه علماؤنا إن الصادق (ع) سئل عن المجوس أكان لهم نبي قال نعم
أما بلغك كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة أسلموا وإلا نابذتكم بحرب فكتبوا إليه أن خذ منا الجزية ودعنا على عبادة الأوثان فكتب إليهم إني لست آخذ الجزية إلا من
أهل الكتاب فكتبوا إليه زعمت إنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثم أخذت الجزية من مجوس هجر فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله إن المجوس كان لهم نبي فقتلوه وكان لهم كتاب
أحرقوه أتاهم نبيهم بكتاب في اثني عشر ألف جلد ثور فالروايات متظافرة بأنهم أهل كتاب وبه قال الشافعي لقول علي (ع) أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه
الحديث رواه العامة ومن طريق الخاصة ما تقدم وقال أبو حنيفة واحمد لا كتاب لهم لقوله (ع) سنوا بهم سنة أهل الكتاب ويحتمل أن يكون المراد من له كتاب باق أو لانهم
كانوا يعرفون التورية والإنجيل. مسألة. لا يقبل من غير الأصناف الثلاثة من الكفار إلا الاسلام فلو بذل عباد الأصنام والنيران والشمس الجزية
لم يقبل سواء العرب والعجم وبه قال الشافعي لقوله تعالى " فاقتلوا المشركون حيث وجدتموهم " خرج منهم الثلاثة لنص خاص فبقى الباقي على عمومه وما رواه العامة عن
النبي صلى الله عليه وآله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله الحديث ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) في حديث سيف على مشركي العرب قال الله تعالى " اقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم " وقال أبو حنيفة يقبل من جميع الكفار إلا العرب لانهم يقرون على دينهم بالاسترقاق فأقروا بالجزية كأهل الكتاب وأما العرب فلا يقبل منهم لانهم
رهط النبي صلى الله عليه وآله فلا يقرون على غير دينه والفرق إن أهل الكتاب لهم حرمة بكتابهم بخلاف غيرهم من الكفار والعرب قد بينا إنهم إن كانوا يهود أو نصارى أو مجوسا
قبلت منهم الجزية وإلا فلا ولا فرق بين العرب والعجم لان الجزية تؤخذ بالدين لا بالنسب وقال احمد يقبل من جميع الكفار إلا عبدة الأوثان من العرب وقال مالك
يقبل من جميعهم إلا مشركي قريش فإنهم ارتدوا وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز إنها تقبل من جميعهم لان
النبي صلى الله عليه وآله كان يبعث السرية ويوصيهم بالدعاء إلى الاسلام
أو الجزية وهو عام في كل كافر ونمنع العموم بل الوصية في أهل الذمة. مسألة. من عد اليهود والنصارى والمجوس لا يقرون بالجزية بل لا يقبل منهم إلا الاسلام
وإن كان لهم كتاب كصحف إبراهيم وصحف آدم وإدريس وشيث وزبور داود وهو أحد قول الشافعي لأنها ليست كتبا منزلة على ما قيل بل هي وحى يوحى ولأنها مشتملة على
438

مواعظ لا على أحكام مشروعة والقول الثاني للشافعي يقرون بالجزية لقوله تعالى " من الذين أوتوا الكتاب " وليس حجة لأنه للعهد قال بن الجنيد من علمائنا الصابيون تؤخذ
منهم الجزية ويقرون عليها كاليهود والنصارى وهو أحد قولي الشافعي بناء على أنهم من أهل الكتاب وإنما يخالفونهم في فروع المسايل لا في أصولها وقال احمد إنها جنس
من النصارى وقال أيضا إنهم يسبون فهم من اليهود وقال مجاهد إنهم من النصارى وقال السدى إنهم من أهل الكتاب وكذا السامرة ومتى كانوا كذلك قبلت منهم الجزية
وقد قيل عنهم إنهم يقولون إن الفلك حي ناطق وإن الكواكب السبعة السيارة آلهة ومتى كان الحال كذلك لم يقرون على دينهم الجزية وقال المفيد وقد اختلف فقهاء
العامة في الصابئين ومن ضارعهم في الكفر سواما ذكرناه من الثلاثة الأصناف فقال مالك وأنس والأوزاعي كل دين بعد الاسلام سوا اليهودية والنصرانية فهو
مجوسية وحكم أهله حكم المجوس وروي عن عمر بن عبد العزيز إنه قال الصابئون مجوس وقال الشافعي وجماعة من أهل العراق (حكمهم حكم المجوس وقال بعض أهل العراق صح) إن حكمهم حكم النصارى قال فأما
نحن فلا نجاوز بايجاب الجزية غير من عددناه لسنة رسول الله (ص) فيهم والتوقيف الوارد عنهم في أحكامهم قال وقد روى عن
أمير المؤمنين (ع) إنه قال المجوس إنما ألحقوا باليهود والنصارى في الجزية والديات لأنه كان لهم فيما مضى كتاب ولو خلينا والقياس لكانت المانوية والمزدفية والديصانية
عندي بالمجوس أولي من الصابئين لانهم يذهبون في أصولهم مذاهب تقارب المجوسية وتكاد تختلط بها وأما المزفونية والماهانية فإنهم إلى النصرانية أقرب من المجوسية
لقولهم في الروح والكلمة والابن بقول النصارى وإن كانوا يوافقون الثنوية في أصول اخر وأما الكينونية فقولهم يقرب من النصرانية لا مثلهم في التثليث
وإن كان أكثره لأهل الدهر وأما السمينة فتدخل في حكم مشركي العرب وتضارع مذاهبها في قولها في التوحيد للباري وعبادتهم سواء تقربا إليه وتعظيما فيما زعموا
من عبادة الخلق لهم وقد حكى عنهم ما يدخلهم في جملة الثنوية ثم قال فأما الصابيون فمنفردون بمذاهبهم ممن عددناه لان جمهورهم يوحد الصانع في الأزل ومنهم
من يجعل معه هيولى في القدم صنع منها العالم فكانت عندهم الأصل ويعتقدون في الفلك وما فيه الحياة والنطق وإنه المدبر لما في العالم والدال عليه وعظموا الكواكب
وعبدوها من دون الله تعالى وسماها بعضهم ملائكة وجعلها بعضهم آلهة وبنوا لها بيوتا للعبادات وهؤلاء على طريق القياس إلى مشركي العرب وعباد الأوثان أقرب
من المجوس لانهم وجهوا عبادتهم إلى غير الله تعالى في التحقيق وعلى القصد والضمير وسموا من عداه من خلقه بأسمائه جل عما يقول المبطلون والمجوس قصدت بالعبادة
الله تعالى على نياتهم في ذلك وضمايرهم وعقودهم وإن كانت عبادة الجميع على أصولنا غير متوجهة في الحقيقة إلى القديم ولم يسموا من أشركوا بينه وبين الله تعالى في القديم
باسم في معنى الإلهية ومقتضى العبادة بل من ألحقهم بالنصارى أقرب في النسبة لمشاركتهم إياهم في اعتقاد الإلهية في غير القديم وتسميتهم له بذلك وهما الروح
عندهم والنطق الذي اعتقده المسيح وليس هذا موضع الرد على متفقهة العامة فيما اجتبوه من خلافنا فلنسترجع وإنما ذكرنا منه طرفا لتعلقه بما تقدم من وصف مذهبنا في
الأصناف وبيناه في التفصيل هذا آخر كلام شيخنا المفيد (ره) وللشافعي في الصابئين والسامرة وهم عنده مبتدعة النصارى واليهود قولان وقال بعض أصحابه إن كانوا
كفرة دينهم فلا يقرون وإن كانوا مبتدعة أقروا فلو عقدنا له واسلم منهم عدلان وشهد لكفره تبين بطلان العقد ويغتال لتلبيسه والمتولد بين الكتابي والوثني في مناكحته قولان
للشافعي والصحيح عنده إنه ولو توثن نصراني وله ولد صغير أمه نصرانية فله حكم التنصر وإن كانت وثنية فهو تابع للتوثن أو يبقى عليه حكم التنصر للشافعي وجهان ولا يقال
إذا بلغ وإن كان يغتال أبوه على الأصح عندهم ولا يحل وطى سبايا غور لانهم ارتدوا بعد الاسلام وفي استرقاقهم خلاف بينهم فالظاهر عندهم جواز استرقاق الوثني وسبايا
غور أولاد المرتدين وأما عندنا فإن ذبايح أهل الكتاب لا تحل إجماعا منا فأما مناكحتهم ففيه تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى. مسألة. بنو تغلب بن وايل من العرب من
ربيعة بن نزار انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية وانتقل أيضا من العرب قبيلتان اخريان وهم تنوخ ومهرا فصارت القبالى الثلاثة من أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية كافة
كما تؤخذ من غيرهم وبه قال علي (ع) وعمر بن عبد العزيز لانهم أهل كتاب فيدخلون تحت عموم الامر بأخذ الجزية من أهل الكتاب وقال أبو حنيفة لا تؤخذ منهم الجزية بل تؤخذ
منهم الصدقة مضاعفة فيؤخذ من كل خمس من الإبل شاتان ويؤخذ من كل عشرين دينار دينارا ومن كل مأتى درهم عشرة دراهم ومن كل ما يجب فيه نصف العشر العشر وما يجب
فيه العشر الخمس وبه قال الشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأحمد بن حنبل لان عمر ضعف الصدقة عليهم وهي حكاية حال لا عموم لها فجاز أن تكون المصلحة للمسلمين
في كف أذاهم بذلك ولأنه كان يأخذ جزية لا صدقة وزكاة ولأنه يؤدى إلى أن يأخذ أقل من دينار بأن تكون صدقته أقل من ذلك ولأنه يلزم أن يقيم بعض أهل الكتاب في بلد
الاسلام مؤبدا بغير عوض بأن لا يكون له زرع ولا ماشية وروى العامة عن علي (ع) إنه قال لئن تفرغت لبنى تغلب ليكونن لي فيهم رأى لأقتلن مقاتلهم ولأسبين ذراريهم
فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم. إذا ثبت هذا إن المأخوذ جزية فلا يؤخذ من الصبيان والمجانين والنساء وبه قال الشافعي لما تقدم
ولان عمر قال هؤلاء حمقاء رضوا بالمعنى دون الاسم وقال عمر بن عبد العزيز حيث لم يقبل من نصارى بنى تغلب إلا الجزية لا والله إلا الجزية وإلا فقد أذنتكم بالحرب وقال أبو حنيفة
إنها صدقة تؤخذ مضاعفة من مال من يؤخذ منه الزكاة لو كان مسلما وبه قال احمد وعلى ما قلناه يكون مصرفه مصرف الجزية ولو بذل التغلبي الجزية وتحط عنه الصدقة
قبل منه لان المأخوذ عندنا جزية ومن قال إنه صدقه قال ليس لهم ذلك لئلا يغير الصلح أما للحربي؟ من التغلبيين فإنه إذا بذل الجزية قيل قبلت منه لقوله (ع) ادعهم إلى إعطاء الجزية
فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ولو أراد الامام نقض صلحهم وتجديد الجزية عليهم جاز خلافا لبعض العامة. مسألة. لا تحل ذبايح بنى تغلب ولا مناكحتهم كغيرهم
من أهل الذمة أما من أباح أكل ذبايح أهل الذمة فقال الشافعي لا يباح أكل ذبايح أهل الذمة من العرب كافة ونقله العامة عن علي (ع) وعطا وسعيد بن جبير والنخعي لانهم أهل
الكتاب فلا تحل ذبايحهم على ما يأتي ولما رواه العامة عن علي (ع) من التحريم ومن طريق الخاصة رواية
الحلبي في الصحيح إنه سأل الصادق (ع) عن ذبايح نصارى العرب هل تؤكل
فقال كان علي (ع) ينهى عن أكل ذبايحهم وصيدهم وقال لا يذبح لك يهودي ولا نصراني أضحيتك وقال الباقر (ع) لا تأكل ذبيحة نصارى العرب وقال أبو حنيفة تحل ذبايحهم
وبه قال الحسن البصري والشعبي والزهري والحكم وحماد وإسحاق عن أحمد روايتان. مسألة. تؤخذ الجزية من أهل خيبر وما ذكره بعض أهل الذمة منهم إن معهم كتابا
من النبي صلى الله عليه وآله بإسقاطها لا يلتفت إليهم لأنه لم ينقله أحد من المسلمين قال بن شريح ذكر إنهم طولبوا بذلك فأخرجوا كتابا ذكروا إنه بخط علي (ع) كتبه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وكان
فيه شهادة سعد بن معاذ ومعاوية وتاريخه بعد موت سعد وقبل إسلام معاوية فاستدل بذلك على بطلانه ولو غزا الامام قوما فادعوا إنهم أهل كتاب سألهم
فان قالوا دخلنا أو دخل آباؤنا قبل نزول القران (في دينهم صح) أخذ منهم الجزية وشرط عليهم نبذ العهد والمقاتلة لهم إن بان كذبهم ولا يكلفون البينة على ذلك ويقرون
بأخذ الجزية فإن بان كذبهم انتقض عهدهم ووجب قتالهم ويظهر كذبهم باعترافهم بأجمعهم بأنهم عباد وثن فإن اعترف بعضهم وأنكر الآخرون انتقض عهد
المعترف خاصة دون غيره ولا تقبل شهادتهم على الآخرين فإن أسلم منهم اثنان وعدلا ثم شهدا إنهم ليسوا أهل ذمة انتقض العهد ولو دخل عابد وثن في دين أهل
439

الكتاب قبل نزول القرآن وله إبنان صغير وكبير فأقاما على عبادة الأوثان ثم جاء الاسلام ونسخ كتابهم فإن الصغير إذا بلغ وقال إنني على دين أبى وبذل الجزية أقر
عليه وأخذ منه الجزية لأنه تبع أبيه في الدين لصغره وأما الكبير فإن أراد ان يقيم على دين أبيه ويبذل الجزية لم يقبل لان له حكم نفسه ولا يصح له الدخول في الدين بعد نسخه
ولو دخل أبوهما في دين أهل الكتاب ثم مات ثم جاء الاسلام وبلغ الصبى واختار دين أبيه يبذل الجزية أقر عليه لأنه تبعه في الدين فلا يسقط بموته وأما الكبير
فلا يقر بحال لان حكم منفرد. مسألة. اختلف علماؤنا في الفقير فقال الشيخ لا تسقط عنه الجزية بل ينظر بها إلى وقت يساره ويؤخذ منه حينئذ ما يقرر
عليه في كل عام حال فقره وبه قال المزني والشافعي في قول لعموم حتى يعطوا الجزية ولقوله (ع) خذ من كل حالم دينارا وهو عام ولان عليا (ع) وظف على الفقير دينارا
وقال المفيد وابن الجنيد منا لا جزية عليه وهو قول اخر للشافعي لان الجزية حق يجب بحؤول الحول فلا تجب على الفقير كالزكاة والعقل في جناية الخطاء (والجواب إن الزكاة والعقل صح) وجبا بطريق المواسات والجزية
لحقن الدم والسكنى ولا فرق بين الغنى والفقير في ذلك والشافعي قول ثالث إنه يخرج من الدار. إذا ثبت هذا فالامام يعقد لهم الذمة على الجزية وتكون في
ذمته فإذا أيسر طولب بها. مسألة. وتسقط الجزية عن الصبى إجماعا لقوله (ع) لمعاذ خذ من كل حالم دينارا دل بمفهومه على سقوط الجزية عن غير البالغ ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) في حديث والشيخ الفاني والمرأة والولدان في أهل الحرب من أجل ذلك رفعت عنهم الجزية وإذا بلغ بالانبات أو الاحتلام أو ببلوغ خمس عشرة
سنة وكان من أهل الذمة طولب بالاسلام أو بذل الجزية فإن امتنع منها صار حربا فإن اختار الجزية عقد معه الامام ما يراه ولا عبرة بجزية أبيه فإذا حال الحول
من حين العقد أخذ ما شرط ولو كان الصبى وثنى وبلغ طولب بالاسلام خاصة ولو بلغ مبذرا لم يزل الحجر عنه ويكون ماله في يد وليه ولو أراد عقد الأمان
بالجزية أو المصير إلى دار الحرب أجيب وليس لوليه منعه لان الحجر لا يتعلق بحقن دمه وإباحته بل بماله كما لو أسلم أو ارتد ولو أراد ان يعقد أمانا ببذل جزية كثيرة يكون المولى
منعه لان حقن دمه يمكن بالأقل ولو صالح الامام قوما على أن يؤدوا الجزية عن أبنائهم غير ما يدفعون عن أنفسهم فإن كانوا يؤدون الزايد من أموالهم جاز ويكون
زيادة في جزيتهم وإن كان من مال أولادهم لم يجز لأنه تضييع لمالهم فيما ليس واجبا عليهم ولو بلغ سفيها لم تسقط عنه الجزية ولا يقر في دار الاسلام بغير عوض للعموم ولو منعه
وليه لم يقبل منه لان مصلحته بقاء نفسه وإن لم يعقد أمانا نبذناه إلى دار الحرب وصار حربا. مسألة. إذا عقد الامام الجزية لرجل دخل هو وأولاده الصغار
وأمواله في الأمان فإذا بلغ أولاده لم يدخلوا في أمان أبيهم وجزيته إلا بعقد مستأنف وبه قال الشافعي لان الأب عقد الذمة لنفسه وإنما دخل أولاده الصغار
لمعنى الصغر فإن بلغوا أزال المقتضى للدخول وقال احمد يدخلون بغير عقد متجدد لأنه عقد دخل فيه الصغير (لمعنى الصغير صح) فإذا بلغ لزمه كالاسلام والفرق علو الاسلام على غيره
من الأديان فألزم به بخلاف الكفر. إذا ثبت هذا فإنه يعقد له الأمان من حين البلوغ ولا اعتبار بجزية أبيه فإن كان أول حول أقاربه استوفى منه معهم
في اخر الحول وإن كان في أثناء الحول عقد له الذمة فإذا جاء أصحابه وجاء الساعي فإن اعطى بقدر ما مضى من حوله أخذ منه وإن امتنع حتى يحول الحول لم يجبر على الدفع
ولو كان أحد أبوي الطفل وثنيا فإن كان الأب لحق به ولم تقبل منه الجزية بعد البلوغ بل يقهر على الاسلام فإن امتنع رد إلى مأمنه في دار الحرب وصار حربا وإن كانت
الام لحق بالأب وأقر في دار الاسلام بالجزية. مسألة. الجزية تسقط عن المجنون المطبق إجماعا لقوله (ع) رفع القلم عن ثلاثة وعد المجنون حتى يفيق ولقول الصادق (ع)
جرت السنة أن لا تؤخذ الجزية من المعتوه ولا من المغلوب على عقله ولأنه محقون الدم ولا مقتضى لوجوب الجزية ولو كان الجنون غير مطبق فإن لم يكن مضبوطا بأن
تكون ساعة من أيام أو من يوم اعتبر الأغلب (لعدم القدرة صح) على ضبط الإفاقة وإن كان مضبوطا بأن يجن يوما ويفيق يومين أو أقل أو أكثر احتمل اعتبار الأغلب كالأول وبه قال
أبو حنيفة لان اعتبار الأصول بالأغلب وإن تلفق أيام إفاقته فإذا كملت حولا أخذت منه جزية ويحتمل أن تؤخذ في آخر كل حول بقدر ما أفاق فيه وكذا الاحتمالان
لو كان يجن ثلث الحول ويفيق ثلثيه أو بالعكس ولو تساوت أيام إفاقته وجنونه بأن يجن يوما ويفيق يوما أو يجن نصف الحول ويفيق نصف الحول فإن افاقته تلفق لتعذر
الأغلب لعدمه هنا ولو كان يجن نصف الحول ثم يفيق مستمرا أو يفيق نصفه ثم يجن مستمرا فعليه في الأول من الجزية بقدر ما أفاق من الحول إذا استمرت الإفاقة بعد
الحول وفي الثاني لا جزية عليه لأنه لم تتم الإفاقة حولا. مسألة. لا تؤخذ الجزية من النساء إجماعا لقوله (ع) خذ من كل حالم خص الذكر به ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن قتل النساء ولو بذلت امرأة الجزية عرفت انه لا جزية عليها فإن ذكرت إنها تعلم ذلك وطلبت دفعه إلينا جاز أخذه هبة
لا جزية ويلزم على شرط لزوم الهبة ولو شرطت ذلك على نفسها لم يلزم بخلاف ما لو قدر الرجل أكثر مما قدره الامام عليه من الجزية لأنه لا حد للجزية قلة ولا كثرة فلزمه
ما التزم به ولو بعث امرأة من دار الحرب تطلب عقد الذمة وتصير إلى دار الاسلام مكنت منه وعقد لها بشرط التزام أحكام الاسلام ولا يؤخذ منها شئ إلا أن
يتبرع به بعد معرفتها إنه لا شئ عليها وإن أخذ منها شئ على غير ذلك يرد عليها لأنها بذلته معتقدة إنه عليها ولو كان في حصن رجال ونساء وصبيان فإن امتنع
الرجال من أداء الجزية وبذلوا أن يصالحوا على أن الجزية على النساء والولدان لم يجز لأن النساء والصبيان مال والمال لا يؤخذ منه الجزية ولا يجوز أخذ الجزية ممن
لا تجب عليه ويترك من تجب عليه فإن صالحهم على ذلك بطل الصلح ولا يلزم النساء شئ ولو طلب النساء ذلك وتكون الرجال في أمان لم يصح ولو قتل الرجال
أو لم يكن (في الحصن صح) سوا النساء فطلبوا عقد الذمة بالجزية لم يجز ويتوصل إلى فتح الصحن ويسبين لأنهن أموال للمسلمين وقال الشيخ (ره) يلزمه عقد الذمة على أن
يجرى عليهن أحكام الاسلام ولا يأخذ منهن شيئا فإن أخذ منهن شيئا رده عليهن ولو دخلت الحربية دار الاسلام بأمان للتجارة لم يكن عليها أن تؤدى شيئا وإن
أقامت دائما بغير عوض بخلاف الرجل ولو طلبت دخول الحجاز على أن تؤدى شيئا جاز لأنه ليس لها دخول الحجاز. مسألة. تؤخذ الجزية من الشيخ الفاني
والزمن وهو أحد قولي الشافعي للعموم والثاني للشافعي لا تؤخذ وفي رواية حفص عن الصادق (ع) إنها تسقط عن المقعد والشيخ الفاني والمرأة والولدان
وقال الشيخ (ره) ولو وقعوا في الأسر جاز للامام قتلهم والأعمى مساو لهما على الأقرب ويؤخذ من أهل الصوامع والرهبان وهو أحد قولي الشافعي للعموم وقد
فرض عمر بن عبد العزيز على رهبان الديارات الجزية على كل راهب دينارين ولأنه كافر صحيح قادر على الجزية فوجبت عليه كالشماس والثان للشافعي لا جزية عليهم
لانهم محقونون بدون الجزية فلا يجب كالنساء ونمنع الصغرى. مسألة. اختلف علماؤنا في ايجاب الجزية على المملوك فالمشهور عدم وجوبها عليهم و
هو قول العامة بأسرهم لقوله (ع) لا جزية على العبد ولأنه مال فلا تؤخذ منه الجزية كغيره من الحيوانات وقال قوم لا تسقط لقول الباقر (ع) وقد سئل عن مملوك نصراني
لرجل مسلم عليه جزية قال نعم قلت فيؤدى عنه مولاه المسلم الجزية قال نعم إنما هو ماله يفديه إذا أخذ يؤدى عنه ولأنه مشرك فلا يجوز أن يستوطن دار الاسلام
بغير عوض كالحر ولا فرق بين أن يكون العبد لمسلم أو ذمي إن قلنا بوجوب الجزية عليه ويؤديها مولاه عنه ومنع بعض الجمهور من أخذ الجزية عن عبد المسلم وإلا لزم
440

(أن يؤدى المسلم الحزية وهو ضعيف لأنه صح) يؤديها عن حقن دم العبد ولو كان نصفه حرا وجب عليه عن نصفه الحر وفي نصفه الرق قولان فإن أوجبناه أخذ النصيب من مولاه ولو أعتق العبد فإن كان حربيا قهر على الاسلام
أو يرد إلى دار الحرب قاله الشافعي وقال بن الجنيد منا لا يمكن من اللحوق بدار الحرب بل يسلم أو يحبس لان في لحوقه بدار الحرب معونة على المسلمين وإن كان ذميا
لم يقر في دار الاسلام إلا بالجزية فإن لم يفعل رد إلى مأمنه بدار الحرب عند الشافعي ويحبس عند بن الجنيد ولا خلاف بين العلماء إنه بعد العتق تلزمه الجزية لما يستقبل
إلا ما روى عن أحمد إنه يقر بغير جزية سواء أعتقه المسلم أو الكافر وما روى عن مالك إنه قال لا جزية عليه إن كان المعتق مسلما. مسألة. يجوز للرجل أن
يستتبع في عقد الجزية من شاء من الأقارب وإن لم يكن محارم دون الأجانب بأن يشترط فإن أطلق لم يتبعه إلا صغار أولاده وزوجاته وعبيده لانهم أموال
ولا يتبعه نسوة الأقارب وأما الاصهار فالأقرب عدم الحاقهم بالأجانب وللشافعي وجهان وإذا بلغ الصبى أو أفاق المجنون أو أعتق العبد فاستقلوا فإما أن يؤدوا
الجزية أو يقتلوا بعد الرد إلى مأمنهم والأقوى إنه يجب على الصبى استيناف عقد لنفسه وللشافعية وجهان وإن اكتفى بعقد أبيه لزمه مثل ما لزم الأب وإن كان
فيه زيادة وإذا بلغ سفيها عقد لنفسه بزيادة الدينار لحقن الدم ويصح من الولي بذل الدينار الزايد لحقن دمه ومن يجن يوما ويفيق يوما سبق حكمه وللشافعي
أقوال أحدها تلتقط أيام جنونه ويكمل سنة ويؤخذ منه دينار والثاني لا شئ والثالث كالعاقل والرابع ينظر إلى الأغلب والخامس ينظر إلى آخر السنة كما في تحمل العقد
وإذا وقع مثله في الأسر نظر إلى وقت الأسر. البحث الثاني. في مقدار الجزية. مسألة. اختلف علماؤنا في أن للجزية قدرا معينا لا يجوز تغييره على
ثلاثة أقوال أحدها ان فيها مقدرا وهوما قدره علي (ع) على الفقير إثنا عشر درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرون وعلى الغنى ثمانية وأربعون في كل سنة وبه قال أبو حنيفة
واحمد في رواية لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر معاذ أن يأخذ من كل حالم دينارا وما تقدم من وضع علي (ع) وكذا وضع عمر ولم يخالفها أحد فكان إجماعا الثاني إنه
ليس فيها قدر موظف لا قلة ولا كثرة بل بحسب ما يراه الامام من قلة وكثرة بحسب المصلحة ذهب إليه أكثر علمائنا والثوري واحمد في رواية لان النبي صلى الله عليه وآله أمر معاذ أن يأخذ
من كل حالم دينارا وصالح أهل نجران على ألفى حلة النصف في صفر والنصف في رجب وما وضعه علي (ع) وعمر وصالح عمر بني تغلب على مثلي ما على المسلمين من الصدقة
وهو يدل على عدم التقدير فيه ومن طريق الخاصة رواية زرارة الصحيحة إنه سئل الصادق (ع) ما حد الجزية على أهل الكتاب وهل عليهم في ذلك شئ موظف لا ينبغي
أن يجاوز إلى غيره قال ذلك إلى الامام يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق الحديث الثالث إنها لا تتقدر في طرف الزيادة وتتقدر في طرف القلة فلا
يؤخذ من كل كتابي أقل من دينار وهو قول بن الجنيد واحمد في رواية لان عليا (ع) زاد على ما قرره رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ينقص منه فدل على أن الزيادة موكولة إلى
نظره دون النقصان وقال الشافعي إنها مقدرة بدينار على الغنى والفقير لا يجوز النقصان منه وتجوز الزيادة عليه إن بذلها الذمي وقال مالك هي مقدره
في حق الغنى بأربعين درهما وفي حق المتوسط بعشرين درهما وفي حق الفقير بعشرة دراهم. مسألة. تجب الجزية بآخر الحول ويجوز أخذها سلفا وبه قال الشافعي
لأنه مال يتكرر بتكرار الحول ويؤخذ في آخر كل حول فلا تجب بأوله كالزكاة والدية وقال أبو حنيفة تجب بأوله ويطالب بها عقيب العقد وتجب الثانية في أول الحول الثاني
وهكذا لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية " والمراد التزام إعطائها لا نفس الاخذ والاعطاء حقيقة ولهذا يحرم قتالهم بمجرد بذل الجزية قبل أخذها إجماعا إذا
عرفت هذا فالجزية تؤخذ بما تيسر من أموالهم من الأثمان والعروض على حسب قدرتهم ولا يلزمهم شئ معين كذهب أو فضة وبه قال الشافعي لان
النبي صلى الله عليه وآله لما بعث معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معا فرى؟ وأخذ النبي (ع) من نصارى نجران ألفى حلة وكان علي (ع) يأخذ الجنس فيأخذ
الحبال من صانعها والمسال من صانعها والإبر من صانعها ثم يدعوا الناس فيعطيهم الذهب والفضة فيقسمونه ثم يقول خذوا هذا فاقسموا فيقولون لا حاجة
لنا فيه فيقول أخذتم خياره وتركتم شراره لتحملنه ولا تتداخل الجزية بل إذا اجتمعت عليه جزية سنتين أو أكثر استوفيت منه أجمع وبه قال الشافعي واحمد
لأنه حق مالي يجب في آخر كل حول فلا يتداخل كالدية والزكاة وقال (أبو حنيفة صح) تتداخل لأنها عقوبة فتتداخل كالحدود والفرق ما تقدم. مسألة. يتخير الامام في وضع
الجزية إن شاء على رؤوسهم وإن شاء على أرضيهم وهل له أن يجمع بينهما فيأخذ عن رؤوسهم شيئا وعن أرضيهم شيئا آخر منع منه الشيخان وابن إدريس لان محمد بن مسلم
سأل الصادق (ع) أرأيت ما يأخذ هؤلاء من الخمس من أرض الجزية ويأخذون من الدهاقين جزية رؤوسهم أما عليهم في ذلك شئ موظف فقال كان عليهم ما
أجازوا على أنفسهم وليس للامام أكثر من الجزية إن شاء الامام وضع على رؤوسهم (وليس على أموالهم شئ وإن شاء فعلى أموالهم وليس على رؤوسهم صح) شئ وفي حديث آخر فإن أخذ على رؤوسهم فلا سبيل له على أراضيهم وإن
أخذ على أراضيهم فلا سبيل له على رؤوسهم وقال أبو الصلاح يجوز الجمع بينهما لعدم تقدر الجزية قلة وكثرة فجاز أن يأخذ من أراضيهم ورؤسهم كما يجوز
أن يضعها على رؤوسهم ولأنه النسب بالصغار ونقلوا بموجب الحديثين ونحملها (نحملهما) على ما إذا صالحهم على قدر معين فإن شاء أخذه على رؤوسهم ولا شئ حينئذ
على أراضيهم وبالعكس. مسألة. يجوز ان يشترط عليهم في عقد الذمة ضيافة من يمر بهم من المسلمين إجماعا بل يستحب لان النبي صلى الله عليه وآله ضرب على نصارى أيلة
ثلاثمائة دينار وكانوا ثلاثمائة نفر في كل سنة وأن يضيفوا من يمر بهم من المسلمين ثلاثة أيام ولا يغشوا مسلما وشرط على نصارى نجران اقراء رسله عشرين ليلة فما دونها
وعارية ثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين درعا مضمونة إذا كان حدث باليمن ولان الحاجة تدعو إليه وربما امتنعوا من مبايعة المسلمين معاندة و
إضرارا ولو لم يشترط الضيافة لم تكن واجبة وبه قال الشافعي للأصل ولان أصل الجزية إنما تثبت بالتراضي فالضيافة أولي وقال بعض العامة تجب بغير شرط
وتجوز لجميع الطارقين ولا يختص بأهل الفئ خلافا لبعض الشافعية إنه لا يجوز لغير المجاهدين ويجب أن تكون الضيافة زايدة على أقل ما يجب عليهم من
الجزية وهو أحد قولي الشافعي فان النبي صلى الله عليه وآله شرط زيادة على الدينار الضيافة والدينار عنده بمقدار الجزية ولأنه شرط الضيافة من الجزية ولم يمر بهم
أحد خرج الحول بغير جزية والثاني للشافعي يحتسب من الدينار الذي هو قدر الجزية عنده ويجب أن يكون الضيافة المشترط معلومة بأن تكون عدد من يطعمونه
من المسلمين في كل سنة معلوما وتكون أكثر الضيافة لكل أحد ثلاثة أيام والأقرب عندي جواز الزيادة مع الشرط ويجب أن يعين القوت قدرا وجنسا وعلف
الدواب ولا يكلفوا الذبيحة ولا الضيافة بأرفع من طعامهم إلا مع الشرط وينبغي أن يكون (الضيافة على قدر الجزية ويكثرها على الغني ويقللها على الفقير ويوسطها على المتوسط وينبغي أن يكون صح) نزول المسلمين في فواضل منازلهم وفي بيعهم وكنايسهم ويأمرون بأن
يوسعوا أبواب البيع والكنايس وأن يعلوها ليدخلها المسلمون ركبانا فإن لم تسعهم بيوت الأغنياء نزلوا في بيوت الفقراء ولا ضيافة عليهم وإن لم تسعهم
لم يكن لهم إحراج أهلها منها ومن سبق إلى منزل كان أحق به ولو اجتمعوا فالقرعة وإذا شرطت الضيافة وامتنع بعضهم منها أجبر عليهم ولو امتنع جميعه قهروا
وقوتلوا مع الحاجة فإن قاتلوا نقضوا العهد وحرقوا الذمة فإن طلبوا منه بعد ذلك العقد على أقل ما يراه الامام أن يكون جزية لهم لزمه إجابتهم ولا يتعين الدينار
441

. مسألة. مع أداء الجزية لا يؤخذ سواها سواء اتجروا في بلاد الاسلام أو لم يتجروا إلا في أرض الحجاز على ما يأتي وبه قال الشافعي لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية " جعل
إباحة الدم ممتد إلى إعطاء الجزية وما بعد الغاية يخالف ما قبلها وما رواه العامة من قوله (ع) فادعهم إلى الجزية (فإن أطاعوك فاقبل منهم صح) فإن أجابوك فدعهم وكف عنهم ومن طريق
الخاصة رواية محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) في أهل الجزية أيؤخذ من أموالهم ومواشيهم شئ سواء الجزية قال لا وقال احمد إذا خرج من بلده إلى أي بلد كان عن بلاد
الاسلام تاجرا أخذ منه نصف العشر لقوله (ع) ليس على المسلمين عشورا إنما العشور على اليهود والنصارى ويحتمل أن يطلق لفظ العشور على الجزية أو يحمل على المتجرين
بأرض الحجار تذنيب مصرف الجزية هو مصرف الغنيمة سواء لأنه مال أخذ بالقهر والغلبة فكان مصرفه المجاهدين كغنيمة دار الحرب. مسألة.
اختلف علماؤنا في الصغار فقال بن الجنيد إنه عبارة عن أن يشترط عليهم وقت العقد اجراء أحكام المسلمين عليهم إذا كانت الخصومات ما بينهم وبين المسلمين
أو يتحاكموا إلينا في خصوماتهم وأن تؤخذ منهم وهم قيام على الأرض قال الشيخ (ره) الصغار التزام أحكامنا وإجرائها عليهم وقال الشافعي هو أن يطأطأ
رأسه عند التسليم فيأخذ المستوفى بلحيته ويضربه في لهازمه وهو واجب في أحد قوليه حتى لو وكل مسلما بالأداء لم يجز وإن ضمن المسلم الجزية لم يصح لكن يجوز
إسقاط هذه الإهانة مع اسم الجزية عند المصلحة بتضعيف الصدقة ويجوز ذلك مع العرب والعجم فيقول الامام أبدلت الجزية بضعف الصدقة فيكون ما يأخذه جزية
باسم الصدقة فيأخذ من خمس من الإبل شاتين ومن خمس وعشرين بنتي مخاض ومما سقت السماء الخمس ومن مائتي درهم عشرة دراهم ومن عشرين دينارا دينارا ويأخذ من
ست وثلاثين بنتي لبون فإن لم تكن بنتا لبون فبنتي مخاض ومع كل واحدة شاتان أو عشرون درهما ولا يضعف الجبران ثانيا والامام أيضا يعطى الجبران وهل يحط عنهم
الوقص فيه ثلاثة أوجه له أحدهما لا يحط فيأخذ من عشرين شاة شاة ومن مائة درهم خمسة دراهم والثاني يحط والثالث لا تحط إلا إذا أدى إلى التجزية فيأخذ من سبعة من
الإبل ونصف ثلاث شيات ثم على الامام أن ينظر فيما يحصل من الصدقة فإن لم يف بمال الجزية إذا قوبل بعدد رؤوسهم زاد إلى ثلاثة أضعاف وزيادة وله أن يقنع
بضعف الصدقة إن كان وافيا قال الشافعي ويجوز أخذ العشر من بضاعة تجار أهل الحرب وتجوز الزيادة إن رأى والنقصان إلى نصف العشر عن الميرة ترغيبا لهم في
التكثير من كل ما يحتاج إليه المسلمون وهل يجوز حط أصله خلاف وأما الذمي فلا يؤخذ من تجارته شئ إلا أن يتجر في الحجار ففيه خلاف ولا يؤخذ العشر في السنة أكثر من
مرة وإنما يؤخذ هذا من الحربي إذا دخلت بهذا الشرط فلو دخل بأمان من غير شرط فأصح الوجهين إنه لا شئ عليهم وأما الخراج فإنما يكون إذا قررت أملاكهم عليهم
بشرط الخراج ويسقط بالاسلام فإن ملكناها عليهم ورددناها بخراج فذلك أجرة لا تسقط بالاسلام كأراضي العراق. مسألة. إذا مات الذمي بعد الحول
لم تسقط عنه الجزية وأخذت من تركته وبه قال الشافعي ومالك لأنه مال استقر وجوبه عليه في حال حياته فلا يسقط بالموت كساير الديون وقال أبو حنيفة يسقط وهو
قول عمر بن عبد العزيز وعن أحمد روايتان لأنها عقوبة فسقطت بالموت ونمنع أنها عقوبة وإن استلزمتها بل معاوضة لأنها وجبت لحقن الدماء والمساكنة والحد
يسقط بالموت لفوات محله وتعذر استيفائه بخلاف الجزية ولو مات في أثناء الحول ففي مطالبته بالقسط نظر أقربه المطالبة وبه قال بن الجنيد لان الجزية معاوضة عن
المساكنة وإنما أخرنا المطالبة إرفاقا ولو لم يمت لم يطالب في أثناء السنة مع عقد العهد على أحدهما في اخر
السنة عملا بالشرط وتقدم الجزية على وصاياه والوجه مساواتها
للدين فتسقط التركة عليهما مع القصور ولو لم يخلف شيئا لم يطلب ورثته بشئ ولو مات قبل الحول لم يؤخذ من تركته شئ أيضا ولو أفلس ضرب الامام مع الغرماء بقدر الجزية
ولو مات الذمي وقد استسلف منه عن السنة المقبلة رد على ورثته بقدر ما بقى من السنة. مسألة. لو أسلم الذمي في أثناء الحول سقطت الجزية إجماعا منا
وإن أسلم بعد الحول قال الشيخان وبن إدريس تسقط وبه قال مالك والثوري وأبو عبيده واحمد وأصحاب (الرأي صح) لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " أوجب الاخذ
حالة الصغار ولا يتحقق في حق المسلم فلا يثبت الجزية أيضا ولقوله تعالى " قل للذين كفروا ان ينتهوا نغفر لهم ما قد سلف " وهو عام وقول أمير المؤمنين (ع) ليس على المسلم جزية و
أسلم ذمي فطولب بالجزية وقيل له إنما أسلمت تعوذا فقال إن في الاسلام معاذا فرفع إلى عمر فقال عمر إن في الاسلام معاذا وكتب أن لا يؤخذ منه الجزية (ولان الجزية صح) صغار فلا تؤخذ كما
لو أسلم قبل الحول وللشيخ (ره) قول آخر لا تسقط وبه قال الشافعي وأبو ثور وبن المنذر لأنها دين مستحق فاستحقت المطالبة به فلا يسقط بالاسلام كالخراج والدين والفرق
إنها عقوبة بسبب الكفر وصغار بخلاف الدين ولا فرق بين أن يسلم لتسقط عنه الجزية أو لا لذلك وفرق الشيخ (ره) فأوجب الجزية على التقدير الأول دون الثاني
كما لو زنا ذمي بمسلمة لا يسقط عنه القتل بإسلامه ولو أسلم في أثناء الحول سقطت عنه الجزية وهو أحد قولي الشافعي والثاني يؤخذ منه القسط ولو استسلف منه الحربي
ثم أسلم في أثناء الحول رد عليه قسط باقي الحول وهل يرد لما مضى الأقرب عدمه والفرق بين أن يأخذ منه وبين أن لا يأخذ ظاهر لتحقق الصغار للمسلم في الأول دون الثاني
. البحث الثالث. فيما يشترط على أهل الذمة. مسألة. لا يجوز عقد الذمة المؤبدة إلا بشرطين التزام إعطاء الجزية في كل حول والتزام أحكام الاسلام بمعنى
وجوب قبولهم لما يحكم به المسلمون من أداء حق أو ترك محرم وعقد الذمة والهدنة لا يصح إلا من الامام أو نايبه إجماعا ولو شرط عليهم في الذمة عقدا فاسدا مثل
أن لا جزية عليهم وان يظهروا المناكير أو أن يسكنوا الحجاز أو يدخلوا الحرم أو المساجد أو عدم الالتزام بأحكام الاسلام لم يصح الشرط إجماعا والأقرب فساد العقد أيضا
وينبغي للامام أن يشترط عليهم كل ما فيه نفع المسلمين ورفعتهم قال بن الجنيد اختار أن يشترط عليهم أن لا يظهروا سبأ لنبينا (ع) ولا لاحد من الأنبياء والملائكة
ولا سب أحد من المسلمين ولا يطعنوا في شئ من الشرايع ولا يظهروا شركهم في عيسى والعزير ولا يرعون خنزيرا في شئ من أمصار الاسلام ولا يمثلوا ببهيمة ولا يذبحوها
إلا من حيث نص لهم في كتبهم على مذبحها ولا يقربوها لصنم ولا لشئ من المخلوقات ولا يرثوا مسلما ولا يعاملوه في بيع ولا إجارة ولا مساقاة ولا مزارعة معاملة ولا يجوز
للمسلمين ولا يسقوا مسلما خمرا ولا يعطوا محرما ولا يقاتلوا مسلما ولا يعاونوا باغيا ولا ينقلوا أخبار المسلمين إلى أعدائهم ولا يدلوا على عوراتهم ولا يخبوا من
بلاد الاسلام شيئا إلا بإذن واليهم فان فعلوا كان للوالي إخراجه من أيديهم ولا ينكحوا مسلمة بعقد ولا غيره ويشرط عليهم أيضا كل ما قلناه إنه ليس بجايز لهم فعله
كدخول الحرم وسكنى الحجاز وغيرهما يقال فمن فعل شيئا من ذلك فقد نقض عهده وأحل دمه وماله وبرئت منه ذمة الله ورسوله والمؤمنين. مسألة.
جملة ما يشترط على أهل الذمة ينقسم سنة الأول ما يجب شرطه ولا يجوز تركه وهو أمران أحدهما الجزية شرط عليهم وثانيهما التزام أحكام شرائط الاسلام ولابد
منهما معا لفظا ولا يجوز الاخلال بهما ولا بأحدهما فإن أعقل أحدهما لم ينعقد الجزية لقوله تعالى " حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " والصغار وهو التزام أحكام
الاسلام لقول قال الصادق (ع) ولو منع الرجال وأبوان يؤدوا الجزية كانوا ناقضين للعهد وحلت دماؤهم وقتلهم الثاني ما لا يجب شرطه لكن الاطلاق يقتضيه
وهو أن لا تفعلوا ما ينافي الأمان من العزم على حرب المسلمين أو إمداد المشركين بالإعانة على حرب المسلمين لانهم إذا قاتلونا وجب علينا قتالهم وهو ضد الأمان
442

وهذان القسمان ينتقض العهد بمخالفتها سواء شرط ذلك في العقد أو لا الثالث ما ينبغي اشتراطه فيما يجب عليهم الكف وهو سبعة ترك الزنا بالمسلمة وعدم إصابتها
باسم النكاح وأن لا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يقطع عليه الطريق ولا يؤوى عين المشركين ولا يعين على المسلمين بدلالة أو بكتابة كتاب إلى أهل الحرب بأخبار المسلمين ويطلعهم
على عوراتهم ولا يقتلوا مسلما ولا مسلمة فإن فعلوا شيئا من ذلك وكان تركه شرطا في العقد نقضوا العهد وإلا فلا ثم إن أوجب ما فعلوه حدا حدهم الامام وإن لم يوجبه
عزرهم بحسب ما يراه للشافعي قولا آخر إنه لا يكون نقضا للعهد مع الشرط لان كل ما لا يكون فعله نقضا للعهد إذا لم يشترط لم يكن نقضا وإن اشترط كإظهار الخمر و
الخنزير ونمنع الكلية وثبوت الحكم في الأصل وقال أبو حنيفة لا ينقض العهد إلا بالامتناع من الامام على وجه يتعذر معه أخذ الجزية منهم وليس بجيد لان الأمان
وقع على هذا الشرط فيبطل ببطلانه ولان عمر رفع إليه رجل قد أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا فقال ما على هذا صالحناكم ثم أمر به فصلب في بيت المقدس الرابع
ما فيه غضاضة على المسلمين وهو ذكر ربهم أو كتابهم أو نبيهم أو دينهم بسوء فإن نالوا بالسب الله تعالى أو رسوله وجب قتلهم وكان نقضا للعهد وإن نالوا بدون
السب أو ذكروا دين الاسلام أو كتاب الله تعالى بما لا ينبغي فإن كان قد شرط عليهم الكف عن ذلك كان نقضا للعهد وإلا فلا وقال بعض الشافعية يجب شرط ذلك فإن أهمل فسد
عقد الذمة لأنه مما يقتضيه الصغار. الخامس ما يتضمن المنكر ولا ضرر فيه على المسلمين وهو أن لا يحدثوا كنيسة ولا بيعة في دار الاسلام ولا يرفعوا أصواتكم بكتبهم
ولا يضربوا الناقوس ولا يطيلوا أبنيتهم على بناء المسلمين ولا يظهروا خمرا ولا خنزيرا في دار الاسلام فهذا كله يجب عليهم الكف عنه سواء شرط عليهم أو لا فإن خالفوا
وكان مشروطا عليهم انتقض أمانهم وإلا فلا بل يجب الحد أو التعزير لما رواه العامة عن عمر قال من ضرب مسلما عمدا فقد خلع عهده ومن طريق الخاصة قول
الصادق (ع) في الصحيح إن رسول الله صلى الله عليه وآله قبل الجزية من أهل الجزية على أن لا يأكلوا الربا ولا يأكلوا اللحم الخنزير ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ فمن فعل ذلك منهم برئت
منه ذمة الله وذمة رسول الله وقال ليست لهم اليوم ذمة ولأنه عقد منوط بشرط فمتى لم يوجد الشرط زال حكم العقد كما لو امتنع من التزام قبول الجزية وقال الشيخ (ره)
لا يكون نقضا للعهد وإن شرط عليهم وبه قال الشافعي قال بعض أصحابه إنما لا يكون نقضا لأنه لا ضرر على المسلمين فيه وقال آخرون لا يكون نقضا لانهم يتدينون به
. إذا عرفت هذا فكل موضع قلنا إنه ينتقض عهدهم فأول ما يعمل أنه يستوفى منهم موجب الجرم ثم بعد ذلك يتخير الامام بين القتل والاسترقاق والمن والفداء
ويجوز له أن يردهم إلى مأمنهم في دار الحرب يكونوا حربا لنا يفعل ذلك ما يراه صلاحا للمسلمين قاله الشيخ (ره) للشافعي قولان أحدهما إنه يرد إلى مأمنه لأنه دخل دار الاسلام بأمان
فوجب رده كما لو دخل بأمان صبى والثاني يكون للامام قتله واسترقاقه لأنه كافر لا أمان له فأشبه الحربي المتلصص وهو الأقرب عندي لأنه فعل ما ينافي الأمان بخلاف من
أمنه صبى فإنه يعتقده أمانا. السادس التميز عن المسلمين وينبغي للامام أن يشترط عليهم في عقد الذمة التميز عن المسلمين في أربعة أشيائهم في لباسهم وشعورهم
وركوبهم وكنائهم أما اللباس فيلبسوا ما يخالف لونه ساير ألوان الثياب فعادة اليهود العلى وعادة النصارى الأدكن والمجوس الأسود ويكون هذا في ثوب واحد لا في
الجميع ويأخذهم بشد الزنار في وسط النصراني فوق الثياب واليهودي بوضع خرقه فوق عمامته أو قلنسوته تخالف في اللون ويجوز أن يلبسوا العمايم والطيلسان فإن لبسوا القلانس
شدوا في رأسها علماه ليخالف قلانس القضاة وتختم في رقبته خاتم رصاص أو نحاس أو حديد لا من ذهب وفضة (ويضع فيه صح) جلجلا أو جرسا ليمتاز به عن المسلمين في الحمام وكذا يأمر
نسائهم بلبس شئ يفرق بينهن وبين المسلمات من شد الزنار تحت الازار ويختم في رقبتهن ويغيروا أحد الخفين فيكون أحدهما احمر والاخر أبيض ولا يمنعون من لبس
فأخر الثياب وأما الشعور فلا يفرقون شعورهم لان النبي صلى الله عليه وآله فرق شعره ويحذفون مقاديم رؤوسهم ويجزون شعورهم وأما الركوب فلا تركبون الخيل لأنه غر ويركبون
(ما عداها بغير سرج ويركبون صح) عرضا رجلاه إلى جانب وظهره إلى آخر ويمنعون تقليد السيوف وحمل السلاح واتخاذه وأما الكنى فلا يكونون بكنى المسلمين كأبى القاسم وأبى عبد الله وأبي محمد وأبى الحسن
وشبهها ولا يمنعون من جميع الكنى لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا سقف نجران أسلم أبا الحرث. مسألة. من انتقض أمانه يتخير الامام فيه بين المن والقتل والاسترقاق والفداء
على ما بيناه فإن أسلم قبل اختيار الإمام سقط ذلك كله إلا ما يوجب حدا أو قودا أو استعادة مال قال الشيخ (ره) فإن أصحابنا رووا ان إسلامه لا يسقط عنه الحد
لأنه حق ثبت في ذمته فلا يسقط بإسلامه كالدين ولو أسلم بعد استرقاقه لم ينفعه في ترك الاسترقاق وكذا المفاداة وأما المستأمن وهو المعاهد في عرف الفقهاء
فهو الذي له أمان بغير ذمة فللامام أن يؤمنه دون الحول بعوض وغيره ولو أراد إقامة حول وجب العوض فإذا عقد له الأمان فإن خاف منه الامام الخيانة بايواء
عين المشركين وشبهه نبذ الامام إليه الأمان ويرده إلى دار الحرب لقوله تعالى " واما تخافن من قوم خيانة فأنبذ إليهم على سواء " بخلاف أهل الذمة فإنه لا تنقص
ذمتهم بخوف الخيانة لالتزامهم بأحكام الاسلام من الحدود وغيرها ليكون ذلك مانعا عن الخيانة (والمعاهدون لا يلزمهم حد ولا عقوبة فلا زاخر لهم عن الخيانة صح) فجاز لنا نبذ عهدهم مع خوف الخيانة وينبغي للامام إذا
عقد الذمة ان يكتب أسمائهم وأسماء آبائهم وعددهم وحليتهم ويعرف كل عشرة منهم عريفا ليحفظ من يدخل منهم ويخرج عنهم كان يبلغ صغيرا ويفيق مجنون
أو يقدم غايب أو يسلم واحد أو يموت ويجبى جزيتهم وإن تولاه بنفسه جاز. مسألة. لا يجوز أخذ الجزية مما لا يسوغ للمسلمين تملكه كالخمر والخنزير إجماعا نعم
يجوز أخذها من ثمن ذلك فلو باع ذمي خمرا أو خنزيرا على ذمي وقبض الثمن جاز أخذه من الجزية لأنا عقدنا الذمة على تدينهم (مذهبهم) ولان محمد بن مسلم سأل الصادق (ع)
في الصحيح عن صدقات أهل الذمة وما يأخذ من جزيتهم من ثمن خمورهم ولحم خنازيرهم وميتتهم قال عليهم الجزية في أموالهم يؤخذ من ثمن لحم الخنزير أو الخمر وكلما أخذوا
منهم من ذلك قرروا ذلك عليهم وثمنه للمسلمين حلال يأخذونه في جزيتهم إذا عقد لهم الذمة عصموا أنفسهم وأموالهم وأولادهم الأصاغر من القتل والسبي
والنهب ما داموا على الذمة ولا يتعرض لكنايسهم وخمورهم وخنازيرهم ما لم يظهروها ولو ترافعوا إلينا في خصوماتهم تخيرا الحاكم بين الحكم عليهم بمقتضى شرع
الاسلام وبين ردهم إلى حاكمهم ومن أراق من المسلمين لهم خمرا أو قتل خنزيرا فإن كان مع تظاهرهم فلا شئ عليه وإلا وجب عليه قيمته عند مستحليه وإذا مات
الامام وقد ضرب لما قرره من الجزية أمدا معينا أو اشترط الدوام وجب على القايم بعده إمضاء ذلك إجماعا لان الامام معصوم أما نايبه فلو قررهم ثم مات
المنوب فإن كان ما قرره صوابا وجب اتباعه وإلا فسخ إذا ثبت هذا فإن الثاني ينظر في عقدهم فإن كان صحيحا أقرهم عليه لأنه مؤبد وإن كان فاسدا
غيره إلى الصحة لأنه منصوب لمصالح المسلمين ثم إن كان ما عقده الأول ظاهرا معلوما (اتبع وإن لم يكن معلوما صح) وشهد عدلان به عمل عليه ولا تقبل شهادة بعضهم على
بعض فإن اعترفوا بالجزية وكانت دون الواجب لم يلتفت إليهم وطالبهم بالواجب فإن بذلوه وإلا ردهم إلى مأمنهم إن اعترفوا بالواجب أقرهم عليه وإن اتهمهم
(في الزايد صح) حلفهم ولو قيل باستيناف العقد معهم لان عقد الأول لم يثبت عنده كان حسنا. مسألة. قد بينا إن أقل الجزية دينار عند بعض علمائنا قدره إثنا
عشر درهما نقره مسكوكة أو مثقال والدينار في غير الجزية يقابل بعشرة دراهم وللامام أن يماكس بالزيادة ما شاء ولو لم يبذل إلا الدينار وجب القبول ولو
443

بذل الزيادة ثم علم عدم الوجوب لم ينفعه كالشراء بالعين إلا أن ينبذ العهد ثم يرجع إلى بذل دينار وقيل ينفع كما يجوز ابتداء العقد به وقال بعض الشافعية الأصل في الجزية
في الدينار ولا يقبل الدراهم إلا بالسعر والقيمة كما يجعل أصل نصاب الفضة ربع دينار وتقوم النقرة بالذهب كالسلع ولا يجب على الامام أن يخبرهم عن أقل
ما يجب عليهم وعلى القول بعدم قبول الدينار لو التزموا بالزيادة أو لا مع جهلهم بعدم اللزوم يكونون ناقضين للعهد عند بعض الشافعية كما لو امتنعوا من أداء
أصل الجزية حينئذ يبلغون المأمن أو يقتلون للشافعي قولان فإن قلنا يبلغون فعادوا فطلبوا العهد بدينار أجيبوا إليه ثم إن كان النبذ بعد مضى سنة لزمها
التزمه بتمامه وإن كان في أثناء السنة لزمه لما مضى قسطه مما التزم وإذا ضرب على الفقير دينارا وعلى المتوسط دينارين وعلى الغنى أربعة كان الاعتبار
في هذه الأحوال بوقت الاخذ لا بوقت العقد ولو قال بعضهم إنا فقير أو متوسط قبل قوله إلا أن تكذبه البينة. مسألة. إذا شرطت الضيافة عليهم
ثم رأى الامام نفلها إلى الدنانير لم يجز إلا برضاهم لان الضيافة قد تكون أهون عليهم وهو أحد قولي (الشافعي صح) والثاني يجوز لان الأصل الدنانير فعليه إذا ردت إلى الدنانير
فهل يكون في المصالح العامة أو يختص بأهل الفئ للشافعية وجهان أظهرهما الثاني لان القياس في الضيافة الاختصاص أيضا إلا أن الحاجة اقتضت التعميم فإذا
ردت إلى الأصل ثبت الاختصاص كما في الدينار المضروب ابتداء وإنما تشترط الضيافة على الغنى والمتوسط دون الفقير وهو أحد وجهي الشافعية لأنه قد يتعسر
القيام بها والثاني يحوز كالجزية وعلى القول بأن الضيافة من الجزية يجوز اشتراطها عليه لكن لا يزاد على دينار ولو أراد الضيف أن يأخد منهم ثمن الطعام (لم يلزم نعم له أن يأخذ الطعام صح) ويذهب
به ولا يأكل عندهم بخلاف طعام الوليمة فإنه لا يجوز إخراجه لان تلك معاوضة والوليمة تكرمة ولا يطالبهم بطعام الثلاثة في اليوم الأول ولو لم يأتوا بطعام اليوم فللضيف
المطالبة به (من الغد وصح) إن جعلنا الضيافة محسوبة من الدينار ولا يلزمهم أجرة الطبيب والحمام وثمن
الدواء ولو تنازعوا في إنزال الضيف والخيار له ولو تزاحم الضيفان
على واحد من أهل الذمة فالخيار للذمي وليكن للضيفان عريفا يرتب أمورهم وإذا دفع الذمي الجزية اخرج يده من جيبه واحنى ظهره وطأطأ رأسه وصب ما
معه في كفة الميزان ويأخذ المستوفى بلحيته ويضرب في لهزميته واللهزمان في اللحيين مجتمع اللحم بين الماضع والاذن ويكفى الضرب في أحد الجانبين ولا يراعى الجمع
بينهما بالهيئة المذكورة وهل هي واجبة أو مستحبة وجهان ويبتنى عليهما جواز أن يؤكل الذمي مسلما بداء الجزية وان يضمن مسلم عن ذمي وأن يحيل الذمي على مسلم
ولو وكل الذمي ذميا بالأداء قال الجويني الوجه طرد الخلاف لان كل واحد منهم يثبت معنى الصغار في نفسه ولو وكل مسلما بعقد الذمة جاز فإن الصغار يثبت
عند الأداء دون العقد. مسألة. قد بينا أن الخلاف فيما لو امتنع قوم من أهل ذمة الكتاب من أداء الجزية باسمها وبدلوا أداءها باسم الصدقة فقال الشافعي
وأبو حنيفة يجوز وقال مالك لا يجوز وهل تسقط عنهم الإهانة حينئذ منع بعضهم منه ولا فرق في جواز التبديل بين العرب والعجم فان الحاجة واقتضاء الصدقة لا يختلف
وعند الشافعي لا يؤخذ من مال الصبيان والمجانين والنساء لأنها جزية في الحقيقة وقال أبو حنيفة يجوز أخذها من النساء وينظر الامام في تضعيف الصدقة فان نقص
عن الجزية زاد إلى ثلاثة أضعاف وأكثر ولو كثروا وعسر العدد ليعلم الوفاء ففي جواز الاخذ بغالب الظن وجهان والظاهر عند الشافعي المنع وإنه لابد وأن يتحقق أخذ
دينار من كل رأس ويجوز الاقتصار على تضعيف الصدقة إذا حصل الوفاء ولو اشترط ضعف الصدقة وزاد على دينار عن كل واحد ثم سألوا إسقاط الزيادة وإعادة
اسم الجزية أجيبوا إليه لان الزيادة أثبتت لتغير الاسم وللشافعية وجه آخر إنهم لا يجابون إليه ومن ملك من مأتين من الإبل أخذ منه ثمان حقاق أو عشر بنات لبون ولا
يفرق بأخذ أربع حقاق وخمس بنات لبون كما لا يفرق في الصدقة عند الشافعي ويأخذ من ستين من البقر أربع تبيعات لا ثلاث مسنات ولا يجعل كأنه ملك
مئة وعشرين من البقر كما لا تجعل في مأتين من الإبل كأنه ملك أربعمائة حتى يجوز التفريق بأخذ أربع حقاق أو خمس بنت لبون وفي تضعيف الجبران عنده وجهان
أحدهما يضعف فيؤخذ مع بنت مخاض أربع شياة أو عشرين درهما لأنه بعض الصدقة الموجودة وأصحهما المنع لما في تضعيف الجبران من تضعيف الضعف فيؤخذ
مع بنت مخاص شاتان أو عشرون درهما ولو لم يوجد في مال صاحب ست وثلاثين بنت لبون أخذ الامام حقتين ويرد جبرانين ولا خلاف بينهم في أن الجبران
لا يضعف هنا ويخرج الامام الجبران من الفئ كما إذا أخذه رده إلى الفئ وهل يؤخذ من بعض النصاب قسطه من واجب تمام النصاب كشاة من عشرين شاة
ونصف شاة من عشر فيه للشافعي قولان أحدهما نعم قضية للتضعيف وأصحهما عندهم المنع لان الأثر عن عمر ورد في تضعيف ما يجب على المسلم لا في ايجاب ما لا يجب
فيه شئ على المسلم. مسألة. إذا استأذن الحربي في دخول دار الاسلام أذن له الامام إن كان يدخل للرسالة أو حمل ميرة أو متاع تشتد حاجة المسلمين إليه
ولا يجوز توظيف مال على الرسول والمستجير لسماع كلام الله تعالى فإن لهما الدخول من غير إذن وإن كان يدخل لتجارة لا تشتد الحاجة إليها فيجوز أن يأذن له ويشترط
عليه عشر ما معه من مال التجارة لأنه لما ارتفق بالتجارة جعل عليه في مقابلة إرفاقه شئ وإنما يؤخذ العشر من مال التجارة ولا يعشر ما معه من ثوب ومركوب وللشافعية
وجهان في أنه هل يجوز للامام أن يزيد المشروط على العشر أصحهما عنده الجواز وكذا يجوز نقضها فيرد العشر إلى نصف العشر فما دون خصوصا فيما تكثر حاجة المسلمين
إليه كالميرة ولو رأى أن يأذن لهم وإن يرفع الضريبة أصلا ففي جوازه وجهان أحدهما المنع لئلا يترددوا ويرتفقوا بدار الاسلام من غير مال وأظهرهما الجواز
لدعاء الحاجة إليه ثم إن شرط الاخذ من تجارة الكافر اخذ سواء باع ماله أو لا وإن شرط الاخذ من الثمن فلا يؤخذ ما لم يبع وأما الذمي فله أن يتجر فيما سواء الحجاز
من بلاد الاسلام ولا يؤخذ من تجارته شئ إلا أن يشترط عليه مع الجزية ثم الذمي في بلد الحجاز كالحربي في بلد الاسلام ولا يؤخذ منهما في كل حول الامرة واحدة
إذا كان يدور في بلاد الاسلام تاجرا ويكتب له وللذمي براءة حتى لا يطالب في بلد آخر قبل مضى الحول ولو رجع الحربي إلى دار الحرب ثم عاد الحول فوجهان أحدهما
أنه يؤخذ في كل مرة لئلا يرتفق بدار الاسلام بلا عوض بخلاف الذمي فإنه في قبضة الامام والثاني إنه لا تؤخذ الامرة لان الضريبة كالجزية ويتخير الامام فيما يضرب
بين أن يستوفيها دفعة واحدة وبين أن يستوفيها في دفعات وما ذكرناه من أخذ المال من تجارة الحربي أو الذمي كما إذا شرطت عليه ذلك فأما إذا أذن للحربي في دخول
دار الاسلام أو الذمي في دخول الحجاز بلا شرط فوجهان أحدهما يؤخذ حملا للمطلق على المعهود والثاني المنع لانهم لم يلتزموا وقال أبو حنيفة إن كانوا يأخذون
من المسلمين إذا دخلوا دارهم تجارا أخذ منهم مثل ما يأخذون وإن لم يشترط وإلا فلا يؤخذ منهم واعترض عليه بأنه مجازاة غير الظالم ولأنه لو وجب ان نتابعهم
في فعلهم لوجب أن نقتل من أمناه إذا قتلوا من أمنوه. مسألة. إذا صالحنا طائفة من الكفار على أن تكون أراضيهم لهم ويؤدون خراجا من كل جريب
في كل سنة شيئا جاز ويطرد ملكهم قاله الشافعي والمأخوذ جزية مصرفه مصرف الفئ والتوكيل بإعطائه كالتوكيل بإعطاء الجزية ويشترط أن يكون ما يختص
كل واحد من أهل الجزية قدر دينار إذا وزع على عدد رؤوسهم ويلزمهم ذلك ورعوا أو لا ولا يؤخذ من أراضي الصبيان والمجانين والنساء ولهم بيع تلك الأراضي
444

وإجارتها ولو استأجر مسلم فالأجرة للكافر والخراج عليه ولو باعها من مسلم انتقل الواجب إلى رقبة البايع ولا خراج على المشترى وعند أبي حنيفة يلزمه الخراج وقال مالك لا
يصح بيعها من مسلم ولو أسلموا بعد الصلح سقط عنهم الخراج خلافا لأبي حنيفة وعليهم أن يؤدوا عن الموات الذي يمنعوننا عنه دون ما لا يمنعون عنه ولو أحيوا منه شيئا
بعد الصلح لم يلزمهم شيئا لما أحيوا إلا إذا اشترط عليهم أن يؤدوا عما يحيونه ولو صالحناهم على أن تكون الأراضي لنا وهم يسكنونها ويؤدون من كل جريب كذا فهذا
عقد إجارة والمأخوذ أجرة فتجب معها الجزية ولا يشترط أن يبلغ دينارا عن كل رأس ويؤخذ من أراضي النساء والصبيان والمجانين ويؤكل المسلم في أدائها وليس لهم
بيع تلك الأراضي وهبتها ولهم إجارتها فإن المستأجر يوجر. البحث الرابع. في بقايا أحكام المساكن والأبنية والمساجد. مسألة. قد بينا إنه لا
يجوز للحربي دخول دار الاسلام إلا بإذن الامام خوفا من تضرر المسلمين بالتجسيس وشراء سلاح وغير ذلك فإذا أذن لمصلحة كأداء رسالة وتجارة جاز بعوض وغيره فإن
دخل بغير أمان فقال أتيت لرسالة قبل قوله لتعذر إقامة البينة عليه ولو قال أمنني مسلم قال الشيخ (ره) لا يقبل إلا ببينة لامكان إقامتها وقال بعض الشافعية يقبل
كما لو قال لرسالة والفرق إمكان إقامة البينة على الثاني دون الأول ولو دخل ولم يدع شيئا كان للامام قتله واسترقاقه وأخذ ماله لأنه حربي دخل دارنا بغير أمان ولا
عهد بخلاف الذمي إذا دخل الحجاز بغير إذن لان الذمي محقون الدم فيستصحب الحكم فيه بخلاف الحربي. مسألة. لا يجوز لكافر حربي أو ذمي سكنى الحجاز إجماعا لقول
بن عباس اوصى رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة أشياء قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيروا الوفد بنحو ما كنت أجيرهم وقال السبب الثالث وقال علي (ع) لا يجتمع دينان في جزيرة
العرب والمراد بجزيرة العرب في هذه الأخبار الحجاز خاصة ويعنى بالحجاز مكة والمدينة وخيبر واليمامة وتبع وفدك ومحاليفها وسمى حجاز لأنه حجز بين نجد وتهامة وجزيرة
العرب ما بين عدن إلى ريف العراق طولا ومن جدة والسواحل إلى أطراف الشام عرضا قاله الأصمعي وأبو عبيده هي من حفر أبى موسى إلى اليمن طولا ومن رمل
يبرين إلى منقطع سماوة عرضا وقال الخليل إنما قيل لها جزيرة العرب لان بحر الحبش وبحر فارس والفرات أحاطت بها ونسبت إلى العرب لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها
وإنما قلنا إن المراد بجزيرة العرب الحجاز خاصة لأنه لولاه لوجب إخراج أهل الذمة من اليمن وليس واجبا ولم يخرجهم عمر من اليمن وهي من جزيرة العرب وإنما اوصى النبي صلى الله عليه وآله
بإخراج أهل نجران من جزيرة العرب لأنه (ع) صالحهم على ترك الربا فنقضوا العهد فيجوز لهم دخول الحجاز بإذن الامام وأن يقيموا ثلاثة أيام فيجوز حينئذ أن ينتقل إلى
غيره من بعض مواضع الحجاز لأنه لا مانع منه ولو مرض بالحجاز جازت له الإقامة لمشقة الانتقال عليه ولو مات دفن فيه قال الشيخ (ره) يجوز له الاجتياز في أرض
الحجاز بإذن وغيره ولو كان له دين لم يكن له المقام أكثر من ثلاثة أيام لاقتضائه بل يوكل في قبضه قال الشيخ (ره) ولا يمنعه من ركوب بحر الحجاز لأنه ليس بموضع إقامة ولا
له حرمة ببعثه النبي صلى الله عليه وآله منه ولو كان فيه جزاير وجبال منعوا من سكناها وكذا حكم سواحل بحر الحجاز لأنها في حكم البلاد. مسألة. لا يجوز لهم دخول الحرم لا
اجتيازا ولا استيطانا قاله الشيخ (ره) وبه قال الشافعي واحمد لقوله تعالى " فلا يقربوا المسجد الحرام " (والمراد به صح) لقوله تعالى " وإن خفتم عيلة " يريد بتأخر الحلب عن الحرم ولقوله تعالى
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام " وقال أبو حنيفة يجوز له دخول الحرم والإقامة فيه مقام المسافر ولا يستوطنوه ويجوز لهم دخول الكعبة لان
المنع من الاستيطان لا يمنع الدخول والتصرف كالحجاز ولم نستدل نحن بمنع استيطان الحجاز على المنع من دخول الحرم بل استدللنا بالآية على وقوع
الفرق فيبطل القياس. إذا عرفت هذا فإن قدم غيره لأهل الحرم منع من الدخول فإن أراد أهل الحرم الشراء منه خرجوا إلى الحل واشتروا منه ولو جاء
رسولا بعث الامام ثقة يسمع كلامه ولو امتنع من أداء الرسالة إلا مشافهة خرج إليه الامام من الحرم لسماع كلامه فإن دخل بغير إذن عالما عزرا جاهلا فلو مرض في
الحرم نقله منه ولو مات لم يدفنه فيه بخلاف الحجاز فإن دفن في الحرم قال الشيخ (ره) لا ينبش ويترك مكانه لعموم ورود منع النبش وقال الشافعي ينبش ويخرج إلى الحل إلا
أن ينقطع ولو صالحهم الامام على دخول الحرم بعوض قال الشيخ جاز ووجب عليه دفع العوض وإن كان خليفة للامام ووافقه على عوض فاسد بطل المسمى وله أجرة المثل
ومنع الشافعي من ذلك كله وأبطل الصلح قال فإن دخلوا إلى الموضع الذي صالحهم عليه لم يرد العوض لأنه حصل لهم ما صالحهم عليه وإنما أوجب ما صالحهم عليه لأنه
لا يمكنهم الرجوع إلى عوض المثل فلزمهم المسمى وإن كان الصلح فاسدا ولو وصلوا إلى بعض ما صالحهم على دخوله أخرجهم وكان عليهم العوض بقدره ولو صالح الامام
الرجل أو المرأة على الدخول إلى الحجاز بعوض جاز لأن المرأة كالرجل في المنع ولو صالح المرأة على سكنى دار الاسلام غير الحجاز بعوض لم يلزمها
ذلك لان لها المقام فيها بغير عوض بخلاف الحجاز. مسألة. المسجد الحرام لا يجوز لمشرك ذمي أو حربي دخوله إجماعا لقوله تعالى " فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم
هذا " وأما مساجد الحجاز غير الحرم ساير المساجد بالبلدان فحكمها واحد فذهب الامامية إلى منعهم من الدخول فيها بإذن مسلم وبغير إذنه ولا يحل للمسلم الاذن فيه
وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه مسجد فلا يجوز لهم الدخول إليه كالحرم ولقوله (ع) جنبوا مساجدكم النجاسة ولان منعهم كان مشهورا دخل أبو موسى على عمر ومعه
كتاب حساب عمله (فقال عمر صح) ادع الذي كتبه ليقرأه قال إنه لا يدخل المسجد قال ولم لا يدخل قال لأنه نصراني فسكت وهو يدل على شهرته بينهم ولعدم انفكاكهم من حدث الجناية
والحيض والنفاس وهذه الاحداث يمنع من المقام في المسجد فحدث الشرك أولي ولأنهم ليسوا من أهل المساجد ولان منعهم من الدخول فيه إذلال لهم وقد أمرنا به وقال
أكثر العامة يجوز لهم الدخول بإذن المسلم لان النبي صلى الله عليه وآله انزل وفد ثقيف في المسجد وشد ثمامة بن أثال الخثعمي في سارية من المسجد ولو سلم لكان في صدر الاسلام ولو وفد قوم
من المشركين إلى الامام أنزلهم في فضول منازل المسلمين المسلمين فإن لم يكن جاز أن ينزلهم في دار ضيافة إن كانت وإن لم تكن أسكنهم في أفنية الدور والطرقات ولا يمكنهم
من الدخول في المساجد بحال. مسألة. البلاد الذي ينفذ فيها حكم الاسلام على أقسام ثلاثة أحدها ما انشاء المسلمون وأحدثوه واحتطوه كالبصرة وبغداد
والكوفة فلا يجوز إحداث كنيسة فيها ولا بيعة ولا بيت صلاة للكفار ولا صومعة راهب إجماعا لقول بن عباس أيما مصر مصره العرب فليس لأحد (من أهل الذمة صح) أن يبنى فيه بيعه و
ما كان قبل ذلك فحق على المسلمين أن يقر لهم وفي حديث آخر أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة فلا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا ولا يتخذوا
فيه خنزيرا ولأنه بلد المسلمين وملكهم فلا يجوز لهم أن يبنوا فيه مجامع الكفر ولو صالحهم على التمكن من إحداثها بطل العقد فأما ما وجد من البيع والكنايس في هذه البلاد
مثل كنيسة الروم في بغداد فإنها كانت في قرى لأهل الذمة فأقرت على حالها أو كانت في برية فاتصل بها عمارة المسلمين فإن عرف إحداث شئ بعد بناء المسلمين و
عمارتهم نقض الثاني ما فتحه المسلمون عنوة وهو ملك المسلمين قاطبة فلا يجوز أيضا إحداث كنيسة ولا بيعة ولا صومعة راهب ولا بيت صلاة للمشركين لأنها صارت
ملكا للمسلمين وأما ما كان موجودا قبل الفتح فإن هدمه المسلمون وقت الفتح لم يجز استجداده أيضا لأنه بمنزلة الاحداث في ملك المسلمين وإن لم يهدموه قال
الشيخ (ره) لا يجوز إبقاؤه وهو أحد قولي الشافعي لأن هذه البلاد ملك المسلمين فلا يجوز أن تكون فيها بيعة كالبلاد التي انشاءها المسلمون والثاني
445

يجوز إبقاؤها لقول بن عباس أيما مصر مصرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه فإن للعجم ما في عهدهم ولان الصحابة فتحوا كثيرا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئا
من الكنايس ولحصول الاجماع عليه فإنها موجودة في بلاد المسلمين من غير نكير الثالث ما فتح صلحا فإن صالحهم على أن الأرض لهم ويأخذ منهم الخراج عليها
فهنا يجوز إقرارهم على بيعهم وكنايسهم وبيوت نيرانهم ومجتمع عباداتهم وإحداث ما شاؤوا من ذلك فيها وإنشاؤه
وإظهار الخمور فيها والخنازير وضرب الناقوس و
الجهر بقراءة التورية والإنجيل لان ذلك لهم وإنما يمنعون من الأشياء الستة السابقة من الزنا واللواط بالمسلمين وافتنان؟ المسلم عن دينه وقطع الطريق وايواء عين
المشركين واعانتهم على المسلمين وإن صالحهم على أن تكون الأرض للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا بسكناهم فيها فالحكم في البيع والكنايس على ما يقع عليه الصلح فإن شرطنا
لهم إقرارهم على البيع والكنايس أو على إحداث ذلك وإنشاءه جاز لأنه إذا جاز أن يصالحهم على أن يكون الأرض بأجمعها لهم جاز أن تكون بعض الأرض لهم بطريق
الأولى وإن شرطنا عليهم أن لا يحدثوا شيئا أو يخربوها جاز ذلك أيضا ولو لم نشترط شيئا لم يجز لهم تجديد شئ لان الأرض للمسلمين وإذا شرط عليهم التجديد والاحداث
فينبغي أن يبين مواضع البيع والكنايس وأما البلاد التي أحدثهما الكفار وحصلت تحت يدهم فإن أسلم أهلها كالمدينة واليمن فحكمها حكم القسم الأول
وإن فتحت عنوة أو صلحا فقد تقدم. إذا عرفت هذا فكل موضع لا يجوز لهم إحداث شئ فيه إذا أحدثوا فيه جاز نقضه وتخريبه وكل موضع لهم إقراره لا
هدمه فلو انهدم هل يجوز إعادته تردد الشيخ فيه وقال الشافعي يجوز لهم إعادته وبه قال أبو حنيفة لانهم يقرون عليها وبناؤها كاستدامتها ولهذا يجوز تشييد
حيطانها ورم ما تشعث منها ولانا أقررنا هم على التبقية فلو منعناهم من العمارة لخربت وقال بعض الشافعية لا يجوز لهم ذلك وعن أحمد روايتان لأنه إحداث
للبيع والكنايس في دار الاسلام فلم يجز كما لو ابتداء بناؤها ولقول النبي لا تبنى الكنيسة في دار الاسلام ولا يجدد ما خرب منها بخلاف رم ما تشعث ولأنه إبقاء واستدامة
وهذا إحداث. مسألة. ظهر من هذا الاتفاق على جواز رم ما تشعث مما لهم ابقاؤه وإصلاحه وهل يجب إخفاء العمارة للشافعية وجهان أصحهما عندهم
(العدم كما يجوز إبقاء الكنيسة فحينئذ يجوز تطيينها من داخل وخارج وإعادة الجدار الساقط وعلى الأول يمنعون من التطيين من خارج وإذا أشرف الجدار على السقوط بنوا جدار داخل الكنيسة وقد
تمس الحاجة إلى بناء ثان وثالث فينتهى الامر إلى أن لا يبقى من الكنيسة شئ ويمكن الجواب بايقاع العمارة ليلا ولو انهدمت الكنيسة فللشافعي في جواز إعادتها وجهان أحدهما المنع لان الإعادة
ابتداء وأصحهما عندهم صح) الجواز وبه قال أبو حنيفة واحمد لان الكنيسة ميقاة لهم فلهم التصرف في مكانها وإذا جوزنا إعادتها لم يكن لهم توسيع خطتها لان الزيادة كنيسة جديدة متصلة بالأولى
وهو أصح وجهي الشافعي والثاني الجواز. مسألة. دور أهل الذمة على أقسام ثلاثة أحدها دار محدثه وهو أن يشترى عرصة ويستأنف فيها بناء
فليس له أن يعلو على بناء المسلمين إجماعا لقوله (ع) الاسلام يعلوا ولا يعلى عليه ولأنه يشتمل على إطلاعهم على عورات المسلمين وعلى استكثارهم وازديادهم عليه وللشافعية
قول بجوازه والمراد أن لا يعلوا على بناء جيرانه دون غيرهم وللشافعي قول بأنه لا يجوز أن يطيل بناءه على بناء أحد من المسلمين في ذلك البلد ولا فرق بين أن يكون
في الجدار معتدلا أو في غاية الانخفاض ثم المنع لحق الدين لا لمحض حق الجار حتى يمضى وإن رضي الجار وهل يجوز أن يساوى بناء المسلمين قال الشيخ (ره) ليس له ذلك
بل يجب أن يقصر عنه لقوله (ع) الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ولا يتحقق علو الاسلام بالمساواة ولانا نمنع من مساواتهم للمسلمين في اللباس والركوب فكذا هنا وهو
أحد وجهي الشافعي والثاني الجواز لعدم الاستطالة على المسلمين وليس بجيد لأنا منعناه المساواة في اللباس والركوب وأوجبنا التمييز فكذا هنا ولان علو الاسلام
لا يتحقق معها ولو كان أهل الذمة في موضع متفرد كطرف بلدة منقطع عن العمارات فلا منع من رفع البناء وهو أحد وجهي الشافعية والثاني المنع كما يمنعون من
ركوب الخيل الثاني دار مبتاعة لها بناء رفيع فإنها تترك على حالها من العلو إن كانت أعلى من المسلمين لأنه هكذا ملكها ولا يجب هدمها لأنه لم يبنها وإنما
بناها المسلمون فلم يعد على المسلمين شيئا وكذا لو كان للذمي دار عالية فاشترى المسلم دار إلى جانبها أقصر منها أو بنى المسلم دار إلى جانبها أقصر منها فإنه لا يجب على
الذمي هدم علوه أما لو انهدمت دار الذمي العالية فأراد تجديدها لم يجز له العلو على المسلم إجماعا ولا المساواة على الخلاف وكذا لو انهدم ما على منها وارتفع فإنه
لا يكون له إعادته ولو تشعث منه شئ ولم ينهدم جاز له رمه وإصلاحه لأنه استدامة وابقاء لا تجديد الثالث دار مجددة وحكمها حكم المحدثة سواء وقد تقدم
. مسألة. قد بينا إنهم يمنعون من ركوب الخيل لأنه غرو قد ضربت عليهم الذلة وللشافعية وجه إنهم لا يمنعون كما لا يمنعون من الثياب النفيسة والأظهر المنع
واستثنى بعضهم عن المنع البراذين الخسيسة والحق بعضهم البغال النفيسة بالخيل لما في ركوبها من التجمل ولا يمنعون من البهايم وإن كانت رفيعة القيمة ولا يركبون بالسرج
ويكون ركبهم من الخشب دون الحديد ويمنعون من تقليد السيوف وحمل السلاح ومن لجم الذهب والفضة وقال بعض الشافعية هذا كله في الذكور البالغين فأما النساء
والصغار فلا يلتزمون الصغار كما تضرب عليهم الجزية. مسألة. لا ينبغي تصدير أهل الذمة في المجالس ولا بدأتهم بالسلام ولا يترك لهم صدر الطريق بل يلجأون
إلى أضيق الطرق إذا كان المسلمون يطرقون فإن خلت الطرق عن الزحمة فلا بأس قال (ع) لا تبتدأوا اليهودي والنصارى بالسلام فإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى
أضيقه وليكن التضيق عليه بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدم جدارا ولا يوقرون ولا يجوز أن يبدأ من لقيه منهم بالسلام قال (ع) إنا غادون غدا فلا تبدؤوهم
بالسلام فإن سلموا عليكم فقولوا وعليكم قالت عايشه دخل رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وآله وقالوا السام عليك ففهمتها فقلت وعليك السام واللعنة والسخط فقال
(ع) مهلا يا عايشه فإن الله تعالى يحب الرفق في الأمور كلها فقلت يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا فقال قولي وعليكم فعلى هذا ينبغي أن يرد بأزيد من قوله وعليكم
ولا تجوز مودتهم قال الله تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله " الآية ومنع بعض الشافعية من دخول نساء أهل الذمة الحمام مع
نساء المسلمين لأنه احتساب في الدين وكذا منع من لبس أهل الذمة الديباج والأقرب عدم المنع كما لا يمنع من رفيع القطن والكتان. مسألة. يجب على أهل الذمة
الانقياد لحكمنا فإذا فعلوا ما يعتقدون تحريمه يجرى عليهم حكم الله فيه ولا يعتبر فيه رضاهم كالزنا والسرقة فإنهما محرمان عندهم كما في شرعنا وأما ما يستحلونه
وهو محرم عندنا كالخمر فإن تظاهروا به حدوا عليه وإلا فلا ولو نكح واحد من المجوس محرما له لم يتعرض له وتنقض الذمة بقتال المسلمين سواء شرط عليهم الامتناع
أو لا لان عقد الذمة الكف عن القتال (فالقتال صح) يناقضه ولو منعوا الجزية والانقياد للأحكام انتقض العهد لان عقد الذمة بهما يتم ولذلك تشترط الجزية والانقياد للأحكام
في ابتداء العقد وهو محمول على منعها مع القدرة فأما العاجز المستمهل فلا ينتقض عهده ويحتمل أن يقال في القادر تؤخذ منه الجزية قهرا ولا يجعل الامتناع ناقضا
كما لو امتنع عن دين وأما الامتناع من إجراء الاحكام فإن امتنع هاربا احتمل أن لا يكون ناقضا وإن امتنع راكبا إلى عدو وقوة دعى إلى الاسلام فإن نصب القتال انتقض
عهده بالقتال وقال بعضهم إن الامتناع من البذل نقض العهد من الجماعة والواحد والامتناع من الأداء مع الاستمرار نقض من الجماعة دون الواحد لأنه يسهل
إجباره عليه وفي قطع الطريق أو القتل الموجب للقصاص للشافعية طريقان أحدهما إنه كالقتال لان شهر السلاح وقصد النفوس والأموال مجاهدة تناقض الأمان
وأظهرهما إنه كالزنا بالمسلمة لأنه ليس فيهما منابذة للمسلمين ولا يلحق بالمنابذة التوثب على رفقة أو شخص معين وتجرى الطريقان فيما إذا قذف مسلما وسواء قلنا ينتقض
446

العهد بها أو لا ينتقض يقام عليهم بموجب ما فعلوه من حد أو تعزير فإن قتل الذمي لقتله مسلما أو لزناه وهو محصن فهل يصير ماله فيأ تفريعا على الحكم بالانتقاض للشافعية
وجهان وأما ذكر الرسول صلى الله عليه وآله بسوء إذا جاهروا به فللشافعية فيه طريقان أحدهما انه ينتقض العهد به بلا خلاف كالقتال لان ما يجب شرطه عليهم إذا خالفوه
انتقض العهد وأظهرهما عندهم إنه كالزنا بالمسلمة ويجئ الخلاف فيه وطعنهم في الاسلام وفي القرآن كذكرهم الرسول (ع) بالسوء وقال بعضهم إن ذكر النبي صلى الله عليه وآله بسوء يعتقده
أو يتدين به بأن قال إنه ليس برسول وإنه قتل اليهود بغير حق أو نسبه إلى الكذب ففيه الخلاف وأما ذكره بما لا يعتقده ولا يتدين به كما لو نسبه إلى الزنا أو طعن في نسبه فإنه
ينتقض به العهد سواء شرط عنهم الكف عنه أو لا وقال آخرون إن الخلاف فيما إذا طعنوا بما لا يتدينون به وأما ما هو من قضية دينهم فلا ينتقض العهد بإظهاره بلا خلاف
ومن هذا القبيل قولهم في القرآن إنه ليس من عند الله وذكر الله تعالى بسوء كذكر رسول الله بطريق الأولى لكن جعلوا إظهار الشرك وقولهم إنه ثالث ثلاثة ومعتقدهم في المسيح بمثابة إظهار
الخمر والخنزير وقالوا لا ينتقض العهد بها مع أن جميع ذلك يتضمن ذكر الله تعالى بالسوء ولا يستمر ذلك إلا على أن السوء الذي يتدينون به لا ينتقض العهد به. مسألة. حيث حكمنا
بانتقاض العهد فهل يبلغهم المأمن للشافعي قولان أحدهما نعم لانهم دخلوا دار الاسلام بأمان فيبلغون المأمن كمن دخل بأمان صبى وأصحهما عندهم المنع بل يتخير الامام
فيمن انتقض عهده بين القتل والاسترقاق والمن والفداء لأنه كافر لا أمان له كالحربي بخلاف من أمنه صبى فإنه يعتقد لنفسه أمانا وهنا فعل بنفسه (باختياره) ما يوجب الانتفاض و
القولان فيما إذا انتقض الأمان بغير القتال فأما إذا نصبوا القتال صاروا حربا في دار الاسلام فلا بد من استيصالهم. البحث الخامس. في المهادنة. مسألة.
المهادنة والموادعة والمعاهدة ألفاظ مترادفة معناها وضع القتال وترك الحرب مدة بعوض وغير عوض هي جايزة بالنص والاجماع قال الله تعالى " براءة من الله ورسوله
إلى الذين عاهدتم من المشركين " وقال تعالى " فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم " وقال تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " وصالح رسول الله سهيل بن عمرو بالحديبية على وضع القتال
عشر سنين والاجماع واقع عليه لاشتداد الحاجة إليه. ويشترط في صحة عقد الذمة أمور أربعة الأول أن يتولاه الامام أو من يأذن له لأنه من الأمور العظام
لما فيه من ترك الجهاد على الاطلاق أو في جهة من الجهات ولأنه لابد فيه من رعاية مصلحة المسلمين والنظر لهم والامام هو الذي يتولى الأمور العامة هذا إذا كانت المهادنة
مع الكفار مطلقا أو مع أهل إقليم كالهند والروم ويجوز لوالي الإقليم المهادنة مع أهل قرية أو بلدة تلى ذلك الإقليم للحاجة وكانه مأذون فيه بتفويض مصلحة الإقليم
إليه فإن عقد المهادنة واحد من المسلمين لم يصح فان دخل قوم ممن هادنهم دار الاسلام بناء على ذلك العقد لم يقروا ولكن يلحقون مأمنهم لانهم دخلوا على اعتقاد
أمان الثاني أن يكون للمسلمين إليه حاجة ومصلحة إما لضعفهم عن المقاومة فينتظر الامام قوتهم وإما لرجاء إسلام المشركين وإما لبذل الجزية منهم والتزام
أحكام الاسلام ولو لم تكن هناك مصحلة للمسلمين بأن يكون في المسلمين قوة في المشركين ضعف ويخشى قوتهم واجتماعهم إن لم يبادرهم بالقتال لم تجز له مهادنتهم
بل يقاتلهم إلى أن يسلموا أو يبذلوا الجزية إن كانوا أهل كتاب قال الله تعالى " فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون " وإذا طلب الكفار الهدنة فإن كان فيها مضرة
على المسلمين لم تجز إجابتهم وإن لم تكن لم تجب الإجابة أيضا ويجتهد الامام ويحافظ على الأصلح من الإجابة والترك فيفعله بخلاف الجزية فإن الإجابة فيها واجبه
الثالث أن يخلوا العقد من شرط فاسد وهو حق كل عقد فإن عقدها الامام على شرط فاسد مثل أن يشترط رد النساء أو مهورهن أو رد السلاح المأخوذ
منهم أو دفع المال إليهم مع عدم الضرورة الداعية إلى ذلك أو أن لهم نقض الهدنة متى شاؤوا أو يشترط رد الصبيان أو الرجال أو ان لا ينزع اسراء المسلمين من أيديهم أو يرد
إليهم المسلم الذي أسروه وافلت منهم أو شرط ترك مال مسلم في أيديهم فهذه بالشروط كلها فاسدة يفسد بها عقد الهدنة كما يفسد عقد الذمة باقتران الشروط
الفاسدة به مثل أن يشترط عدم التزام أحكام المسلمين في أهل الذمة أو اظهار الخمور والخنازير أو يأخذ الجزية بأقل ما يجب عليهم أو على أن يقيموا بالحجاز
أو يدخلوا الحرم ويجب على من عقد معهم الصلح إبطاله ونقضه الرابع المدة ويجب ذكر المدة التي يهادنهم عليها فلا يجوز له مهادنتهم مطلقا لأنه يقتضى التأبيد
والتأبيد باطل إلا أن يشترط الامام الخيار لنفسه في النقض متى شاء وكذا لا يجوز إلى مدة مجهولة وهذا أحد قولي الشافعية والثاني إنه إذا هادن مطلقا نزل الاطلاق
عند ضعف المسلمين على عشر سنين وأما عند القوة فقولان أحدهما إنه يحمل على أربعة أشهر تنزيلا على الأقل والثاني على سنة تنزيلا على الأكثر واعترضه بعضهم
بأنه لا يجوز الهدنة مع القوة إلى سنة بل أقل من سنة. مسألة. إذا كان للمسلمين قوة ورأى الامام المصلحة في المهادنة هادن أربعة أشهر فما دون إجماعا قال الله
تعالى " فسيحوا في الأرض أربعة أشهر " ولا يجوز أن يهادن سنة لأنها مدة الجزية ولا يقرر الكافر سنة بغير جزية وفيما بين الأربعة الأشهر والسنة للشافعي قولان الجواز لأنها
مدة تقصر عن مدة الجزية كالأربعة وأصحهما عندهم المنع لان الله تعالى أمر بقتل المشركين مطلقا وأذن في الهدنة أربعة أشهر وأما إذا كان في المسلمين ضعف فإنه
تجوز الزيادة على السنة بحسب الحاجة إلى عشر سنين فإن رسول الله هادن قريشا بالحديبية عشر سنين وكان (ع) قد خرج ليعتمر لا ليقاتل وكان بمكة مستضعفون
فأراد أن يكثروا (ويظهر المسلمون فهادنهم حتى كثروا صح) وأظهر من بمكة إسلامه قال الشعبي لم يكن في الاسلام فتح قبل صلح الحديبية ولا يجوز الزيادة على عشرة سنين عند الشيخ وبن الجنيد وبه قال
الشافعي فإن اقتضت الحاجة الزيادة استأنف بمقدار قال أبو حنيفة واحمد لا تتقدر الزيادة بعشر بل يجوز بحسب ما يراه الامام في العشر فجاز في الزيادة عليها
كعقد الإجارة ولا بأس به وعلى الأول لو صالح على أكثر من عشر سنين بطل الزايد خاصة وصح في العشر وهو أحد قولي الشافعي الثاني يبطل العقد بناء على
تفريق الصفقة. مسألة. إذا كان في المسلمين قوة لم يجز للامام أن يهادنهم أكثر من سنة إجماعا لقوله تعالى "
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم " ويجوز إلى أربعة أشهر فما دون إجماعا وتردد الشيخ في أكثر من أربعة أشهر وأقل من سنة ثم قال والظاهر إنه لا يجوز وللشافعي قولان وإذا شرط مدة
معلومة لم يجز أن يشترط نقصها لمن شاء منها لأنه يقضى إلى ضد المقصود وهل يجوز أن يشترط الامام لنفسه دونهم قال الشيخ وبن الجنيد يجوز وبه قال
الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله لما فتح خير عنوة بقى حصن منها فصالحوه على أن يقرهم ما أقرهم الله تعالى ففعل ولأنه عقد شرع لمصلحة المسلمين فيتبع مظان المصلحة
وقال بعض العامة لا يجوز لأنه عقد لازم فلا يجوز اشتراط نقضه كالبيع ومنع الملازمة والحكم في الأصل فإن العقود اللازمة عندنا يدخلها الخيار وهذا
نوع خيار إذا ثبت هذا فلو شرط الامام لهم أن يقرهم ما أقرهم الله لم يجز لانقطاع الوحي بعد النبي (ص) ويجوز أن يشترط أن يقرهم ما شاء. مسألة.
الهدنة ليست واجبة على كل تقدير لكنها جايزة لقوله تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " بل المسلم يتخير في فعل ذلك برخصة قوله " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " وبما تقدم
وإن شاء قاتل حتى يلقى الله تعالى شهيدا بقوله تعالى " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم " وكذلك فعل مولانا الحسين (ع) والنفر الذين وجههم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى هذيل
وكانوا عشرة فقاتلوا مئة حتى قتلوا ولم يغلب منهم أحد إلا حبيب فإنه أسر وقتل بمكة وتجوز مهادنتهم على غير مال إجماعا وكذا على مال يأخذه منهم إجماعا أما لو صالحهم
447

على مال يدفعه إليهم فإن كان لضرورة مثل ان يكون في أيدي المشركين أسير مسلم يستهان به ويستخدم ويضرب جاز للامام بذل المال واستنقاذه للمصلحة وكذا
لو كان المسلمون في حصن وقد أحاط بهم المشركون واشرفوا على الظفر أو كانوا خارجين من المصر وقد أحاط بهم العدو وإن كان منتظرا جاز بذل المال وإن لم تكن
هناك ضرورة لم يجز بذل المال بل وجب القتال وهل يجب مع الضرورة بذل المال (إشكال وإذا بذل صح) لم يملكه الآخذ لأنه أخذه بغير حق ويجوز أن يهادنهم عند الحاجة على وضع شئ
من حقوق المسلمين في أموال المهادنين وكذا لو رأى الامام مع قوته على العدو أن يضع بعض ما يجوز تملكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم حفظا لأصحابه
وتحرزا من دواير الحروب جاز. مسألة. إذا عقد الهدنة وجب عليه حمايتهم من المسلمين وأهل الذمة لأنه أمنهم ممن هو في قبضته وتحت يده كما آمن من في يده منهم
فإن هذا فايدة العقد ولو أتلف مسلم أو ذمي عليهم شيئا وجبت قيمته ولا تجب حمايتهم من أهل الحرب ولا حماية بعضهم من بعض لان الهدنة هي التزام الكف عنهم فقط
لا مساعدتهم على عدوهم ولو أغار عليهم قوم أهل الحرب فسبوهم لم يجب عليه استنقاذهم قال الشافعي ليس للمسلمين شراؤهم لانهم في عهدهم وقال أبو حنيفة
يجوز لأنه يجب أن يدفع عنهم ولا يحرم استرقاقهم. مسألة. لو شرط الامام رد من جاء مسلما من الرجال فجاء مسلم فأرادوا أخذه فإن كان ذا عشيرة وقوة
تحميه وتمنعه عن الافتتان والدخول في دينهم جاز رده إليهم ولا يمنعهم منه عملا بالشرط وعدم الضرر عليه متحقق إذ التقدير ذلك بمعنى أنه لا يمنعهم من أخذه إذا جاؤوا
في طلبه ولا يجبره الامام على المضي معهم وله أن يأمره في السر بالهرب منهم ومقاتلتهم وإن كان مستضعفا لا يؤمن عليه الفتنة لم يجز إعادته عندنا وبه قال الشافعي وقال احمد
يجوز وهو غلط ولهذا لم توجب على من له قوة على إظهار دينه وإظهار شعاير الاسلام المهاجرة عن بلاد الشرك وأوجبناها على المستضعف ولو شرط في الصلح رد الرجال
مطلقا لم يجز لأنه يتناول من لا يؤمن افتتانه ومن يؤمن ولو جاء صبى ووصف الاسلام لم يرد لأنه لا يؤمن افتتانه عند بلوغه وكذا لو قدم مجنون فإذا بلغ الصبى
أو أفاق المجنون فإن وصفا الاسلام كانا من المسلمين وإن وصفا الكفر فإن كان كفرا لا يقر أهله عليه ألزما الاسلام أو الرد إلى ما منهما وإن كان مما يقر أهله عليه ألزمناهما
بالاسلام أو الجزية أو الرد إلى مأمنهما ولو جاء عبد حكمنا بحريته لأنه قهر مولاه على نفسه ولو جاء سيده لم يرد عليه لأنه مستضعف لا يؤمن عليه الافتتان ولا يرد
عليه قيمته وللشافعي في رد القيمة قولان. مسألة. لا يجوز في النساء المهاجرات إلينا عليهم مطلقا إجماعا لقوله تعالى " إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات إلى قوله فلا
ترجعوهن إلى الكفار " وسبب ذلك إن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمة فجاء أخواها يطلبانها فأنزل الله هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وآله إن الله مع الصلح إذا
عرفت هذا فلو صالحناهم على رد من جاء من النساء مسلمة كان الصلح باطلا والفرق بينها وبين الرجل من وجوه الأول لا يؤمن أن يزوجها وليها بكافر
فينالها الثاني لا تؤمن لضعف عقلها من الافتتان في دينها الثالث عجزها عن الهرب والنجاة بنفسها لو طلبته وإذا طلبت امرأة أو صبية مسلمة الخروج
من عند الكفار جاز لكل مؤمن إخراجها وتعين عليه ذلك مع المكنة لما فيه من استنقاذ المسلم. مسألة. إذا عقد الامام الهدنة اليوم فإما أن يشترط فيه أن لا
رد لمن جاء مسلما أو يطلق أو يشترط الرد فإن شرط عدم الرد فلا رد ولا غرم وكذا لو خصص النساء بعدم الرد وإن أطلق ولم يشترط الرد ولا عدمه ثم جاءت امرأة مسلمة
منهم أو جاءت كافرة ثم أسلمت لم يجز ردها إجماعا ثم إن جاء أبوها أو جدها أو أخوها أو أحد أقاربها يطلبها لم تدفع إليه لقوله تعالى " فلا ترجعوهن إلى الكفار " ولو طلب
أحدهم مهرها لم يدفع إليه ولو جاء زوجها أو وكيله يطلبها لم ترد إليه إجماعا وإن طالب مهرها ولم يكن قد سلمه إليها فلا شئ إجماعا ولو كان قد سلمه رد عليه ما قد دفعه عند
علمائنا وهو أحد قولي الشافعي لقوله تعالى " وأتوهم ما انفقوا " والمراد منه الصداق وأيضا فإن البضع متقوم وهو حقه فإذا حلنا بينه وبين حقه لزمنا بذله إليه والثاني
لا ترد عليه وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والمزني لان بضع المرأة ليس بمال فلا يدخل في الأمان ولهذا لو عقد الرجل الأمان لنفسه دخل فيه أمواله ولا يدخل فيه زوجته
وهو قياس ضعيف في مقابلة النص خصوصا مع تأكد النص بعلمه (ع) فإنه رد مهر من جاءت مسلمة في صلح الحديبية وإن شرط الرد بأن جاء منهم إليهم لم يجب الرد
ووجب الغرم لما أنفق من المهر وللشافعي قولان أيضا. مسألة. إنما يجب أن يرد عليه ما دفعه من المهر لو قدمت المرأة إلى بلد الامام أو بلد خليفته ومنع من
ردها فأما إذا قدمت إلى غير بلدهما وجب على المسلمين منعه من أخذها لأنه من الامر بالمعروف فإذا منع غير الامام وغير خليفته من ردها لم يلزم الامام أن يعطيهم
شيئا سواء كان المانع من ردها العامة أو رجال الامام لان البدل يعطيه الامام من المصالح ولا تصرف لغير الامام وخليفته فيه ولو سمى مهرا فاسدا واقبضها
إياه كخمر أو خنزير لم تكن له المطالبة به ولا بقيمته لأنه ليس بمال ولا قيمة له في شرعنا والمغروم هو الذي دفعه الزوج من صداقها وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم
المغروم الأقل من مهر مثلها وبدله فإن كان مهر المثل أقل فالزيادة كالموهوب وإن المبذول أقل فهو الذي فات عليه ولو لم يدفع إلا بعضه لم يستحق إلا ذلك
القدر ولو كان أعطاها أكثر مما أصدقها أو أهدى إليها هدية أو أنفق في العرس أو أكرمها بمتاع لم يجب رده لأنه تطوع به فلا يرد عليه ولان هذا ليس ببذل عن
البضع الذي حيل بينه وبينه إنما هو هبة محضة فلا يرجع بها كما لا يستحق رد ما أطعمها. مسألة. لو قدمت مسلمة إلى الامام فجاء رجل وادعى أنها زوجته
فإن اعترف له بالنكاح ثبت وإن أنكرت كان عليه إقامة البينة شاهدان مسلمان عدلان ولا يقبل شاهد وامرأتان ولا شاهد ويمين لأنه نكاح فلا
يثبت إلا بذكرين فإذا ثبت النكاح بالبينة أو باعترافها فادعى أنه سلم إليها المهر فإن صدقته ثبت له فإن أنكرت كان عليه البينة ويقبل فيه شاهد وامرأتان
وشاهد ويمين لأنه مال ولا يقبل قول الكفار في البابين وإن كثروا فإن لم تكن له بينة كان القول قولها مع اليمين ولا يثبت الغرم بمجرد قوله دفعت إليها صداقها
(أو كذا من صداقها صح) وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يمين عليها لان الصداق على غيرها وقال بعضهم يتفحص الامام عن مهر مثلها وقد يمكن معرفته من تجار المسلمين الذين
دخلوا دار الحرب ومن الأسارى ثم يحلف الرجل إنه أصدقها ذلك القدر وسلمه وقال بعض الشافعية لو ادعى الدفع وصدقته لم يعتمد على قولها ولا يجعل حجة
علينا وقال بعضهم إقرارها بمثابة البينة. مسألة. لو قدمت مجنونة فإن كانت قد أسلمت قبل جنونها وقدمت لم ترد مهرها لأنها بحكم العاقلة في تفويت
بضعها وإن كانت قد وصفت الاسلام واشكل علينا هل كان إسلامها حال عقلها أو جنونها فإنها لا ترد أيضا لاحتمال ان يكون قد وصفت الاسلام وهي مجنونة
فإن أفاقت فأقرت بالاسلام رد مهرها عليه وإن أقرت بالكفر ردت ولو جاءت مجنونة ولم يخبر عنها بشئ لم ترد عليه لأن الظاهر إنها إنما جاءت إلى دار الاسلام
لأنها أسلمت ولا يرد مهرها للشك فيجوز أن تفيق وتقول إنها لم تزل كافرة فترد حينئذ فينبغي أن يتوقف على ردها حتى أن تفيق ويبين أمرها فإن أفاقت سئلت
فإن ذكرت إنها أسلمت اعطى المهر ومنع منها وإن ذكرت إنها لم تزل كافرة ردت عليه وينبغي ان يحال بينه وبينها حال جنونها لجواز أن يفيق فيصدها عن الاسلام في أول
زمان افاقتها ولو جاءت صغيرة ووصفت الاسلام لم ترد إليهم لئلا يفتن عند بلوغها عن الاسلام ولا يجب رد المهر بل يتوقف عن رده حتى يبلغ فإذا بلغت
448

وأقامت على الاسلام رد المهر وإن لم تقم ردت هي وحدها وهو أحد قولي الشافعي لان إسلامها غير محكوم بصحته وإن قلنا بصحة اسلام الصبى فظاهر فلا يجب رد مهرها كالمجنونة
إذا لم يعلم إسلامها حال إفاقتها أو حال جنونها فيحافظ على حرمة الكلمة والثاني للشافعي إنه يجب رد مهرها لان وصفها بالاسلام يمنع من ردها فوجب رد مهرها كالبالغة
ثم فرق بينها وبين المجنونة بأن المنع في المجنونة للشك في إسلامها وفي الصغيرة لوصف الاسلام ونمنع ذلك فان وصف الاسلام لا يحكم به فيها وإنما منعناه منها للشك
في ثباتها عليه بعد بلوغها فإذا بلغت فان ثبتت على الاسلام رددنا مهرها وإن وصفت الكفر رددناها. مسألة. لو قدمت أمة مسلمة إلى الامام صارت
حرة لأنها قهرت مولاها على نفسها فزال ملكه عنها كما لو قهر عبد حربي سيده الحربي فإنه يصير حرا والهدنة إنها تمنع من في قبضة الامام من المسلمين وأهل الذمة فإن جاء
سيدها يطلبها لم تدفع إليه لأنها صارت حرة ولأنها مسلمة ولا يجب أيضا رد قيمتها كالحرة في الأصل وهو أحد قولي الشافعي والثاني ترد قيمتها إليه لان الهدنة اقتضت
رد أموالهم عليهم وهذه من أموالهم فعلى هذا ترد على السيد قيمتها لا ما اشتراها به فإن جاء زوجها يطلبها لم ترد عليه لما مضى وإن طلب مهرها فإن كان حرا رد
عليه وإن كان عبدا لم يدفع إليه المهر حتى يحضر مولاه فيطالب به لان المال حق له ولو حضر السيد دون العبد لم يدفع إليه شئ لان المهر يجب للحيلولة بينها وبين الزوج
فإذا حضر الزوج فطالب ثبت المهر للمولى فيعتبر حضورهما معا ولو أسلمت ثم فارقتهم قال بعض الشافعية لا تصير حرة لانهم في أمان منها فأموالهم محظورة علينا فلا
يزول الملك عنها بالهجرة بخلاف ما إذا هاجرت ثم أسلمت فإن الهدنة لا توجب أمان بعضهم من بعض فجاز ان تملك نفسها بالقهر ولم يتعرض أكثرهم لهذا التفصيل و
أطلق الحكم بالعتق وإن أسلمت ثم فارقتهم لان الهدنة جرت معنا ولم تجر معها. إذا عرفت هذا فنقول إن أوجبنا غرامة المهر والقيمة نظر فإن حضر الزوج و
السيد معا أخذ كل واحد منهما حقه وإن جاء أحدهما دون الاخر احتمل إنا لا نغرم شيئا لان حق الرد مشترك بينهما ولم يتم الطلب وإنا نغرم حق الطالب لان كل واحد من الحقين
يتميز عن الآخر وإنا نغرم للسيد أن تفرد بالطلب ولا نغرم للزوج والفرق إن حق اليد في الأمة المزوجة للسيد فإنه له أن يسافر بها وإذا لم ينفرد الزوج باليد لم يؤثر
طلبه على الانفراد وللشافعية ثلاثة أقوال كالاحتمالات ولو كان زوج الأمة عبدا فلها خيار الفسخ إذا عقدت فإن فسخت النكاح لم يغرم المهر لان الحيلولة حصلت بالفسخ
وإن لم يفسخ غرم المهر ولابد من حضور السيد والزوج معا وطلب الزوج المرأة والسيد المهر فإن إنفرد أحدهما لم يغرم لان البضع ليس ملك السيد والمهر غير مملوك للعبد
. مسألة. لو قدمت مسلمة ثم ارتدت وجب عليها أن تتوب فإن تفعل حبست دائما وضربت أوقات الصلوات عندنا وقتلت عند العامة على ما سيأتي فإن
جاء زوجها وطلبها لم ترد عليه لأنه حكم لها بالاسلام أولا ثم ارتدت فوجب حبسها ويرد عليه مهرها لأنه حلنا بينه وبينها بالحبس وعند العامة إن جاء قبل القتل رد
عليه مهرها للحيلولة بينه وبينها بالقتل وإن جاء بعد قتلها لم يرد عليه شئ لأنا لم نحل بينه وبينها عند طلبه لها ولو ماتت مسلمة قبل الطلب فلا غرم لأنه لا منع بعد الطلب
وكذا لو مات الزو ج قبل طلبها لان الحيلولة حصلت بالموت لا الاسلام ولو مات أحدهما بعد المطالبة وجب رد المهر عليه لان الموت حصل بعد الحيلولة فإن كانت
هي الميتة رد المهر عليه وإن كان هو الميت رد المهر على ورثته ولو قتلت قبل الطلب فلا غرم كما لو ماتت وإن قتلت بعده ثبت الغرم ثم قال الجويني إن الغرم على
القاتل لأنه المانع بالقتل وفصل بعضهم بأنه إن قتلها على الاتصال بالطلب فالحكم ما ذكره وإن تأخر القتل فقد استقر الغرم علينا بالمنع فلا أثر للقتل بعده وفي الحالين
لا حق للزوج فيها على القاتل من القصاص أو الدية لأنه لا يرثها ولو جرحها جارح قبل الطلب ثم طلبها الزوج وقد انتهت إلى حركة المذبوحين فهو كالطلب بعد الموت و
إن بقيت فيها حياة مستقرة فالعزم على الجارح لان فواتها يستند إلى الجرح أو في بيت (المال صح) لحصول المنع من الحياة للشافعية وجهان أصحهما الثاني ولا يسقط الغرم و
لو طلقها الزوج بعد قدومها مسلمة فإن كان باينا أو خلعا قبل المطالبة لم يجب رد المهر إليه لان الحيلولة منه بالطلاق لا بالاسلام فقد تركها باختياره وإن
كان بعد المطالبة رد إليه لأنه قد استقر المهر له بالمطالبة والحيلولة وإن كان رجعيا لم تكن له المطالبة بالمهر لأنه أجراها إلى البينونة أما لو راجعها فإنه يرد عليه المهر مع
المطالبة لان له الرجعة في الرجعي وإنما حال بينهما الاسلام ولو ملكها بشرط أن تطلق نفسها على الفور
فكالطلاق الباين وقال بعض الشافعية إنه لو طلقها رجعيا استحق
المهر بمجرد الطلب من غير رجعة لان الرجعة فاسدة فلا معنى لاشتراطها وهو ممنوع لتضمن الرجعة قصد الامساك وإن كانت رجعة الكافر للمسلمة باطلة. مسألة.
لو جاءت امرأة مسلمة ثم جاء زوجها وأسلم نظر فإن أسلم قبل انقضاء عدتها كان على النكاح لان امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها فقال علي (ع) أتسلم قال لا ففرق
بينهما ثم قال إن أسلمت قبل انقضاء عدتها فهي امرأتك وإن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمت فأنت خاطب من الخطاب. إذا عرفت هذا فإن كان
قد أخذ مهرها قبل إسلامه ثم أسلم في العدة ردت إليه ووجب عليه رد مهرها إليها لان استحقاقه للمهر إنما كان بسبب الحيلولة وقد زالت ولو أسلم بعد انقضاء عدتها
لم يجمع بينهما وبانت منه ثم إن كان قد طالب بالمهر قبل انقضاء عدتها كان له المطالبة لان الحيلولة حصلت قبل إسلامه فإن لم يكن طالب قبل انقضاء العدة لم تكن
له المطالبة بالمهر لأنه التزم حكم الاسلام (وليس من حكم الاسلام المطالبة بالمهر بعد البينونة ولو كانت غير مدخول بها وأسلمت ثم أسلم لم يكن له صح) المطالبة بمهرها (لأنه السلم صح) بعد البينونة وحكم الاسلام يمنع من وجوب المطالبة في هذه الحالة. مسألة. كل موضع يجب فيه الرد فإنه
يجب رد أقل الأمرين من المسمى في العقد والمقبوض فإذا كان المقبوض أقل من المسمى لم تجب الزيادة على ما دفعه لقوله تعالى " وأتوهم ما انفقوا " وإن كان المقبوض أكثر كان
الزايد هبة فلا يجب ردها فإن اختلفا في المقبوض كان القول قولها مع اليمين وعدم البينة قال الشيخ (ره) فإن أعطيناه المهر لما ذكرناه فقامت البينة بأن المقبوض
كان أكثر كان له الرجوع بالفضل وفي هذا الاطلاق نظر فإنا لو دفعنا ما اعترفت به المرأة مع اليمين لم يكن له الرجوع بشئ تنبيهان الأول كل موضع حكمنا
بوجوب رد المهر فإنه يكون من بيت مال المسلمين المعد للمصالح لان ذلك من مصالح المسلمين وللشافعية قولان أحدهما محل الغرم خمس الخمس المعد للمصالح والثاني إن كان
للمرأة ما أخذ منها الثاني لو شرطنا في الصلح رد من جاء مطلقا لم يصح على ما تقدم فإذا بطل لم يرد من جاءنا منهم رجلا كان أو امرأة ولا يرد البدل عنها بحال
لان البدل استحق بشرط وهو مفقود هنا كما لو جاءنا من غير هدنة. مسألة. لو قدم إلينا عبد فأسلم صار حرا فإن جاء سيده يطلبه لم يجب رده ولا رد ثمنه لأنه
صار حرا بالاسلام ولا دليل على وجوب رد ثمنه وإذا عقد الامام الهدنة ثم مات وجب على من بعده من الأئمة العمل بموجب ما شرطه الأول إلى أن يخرج مدة الهدنة ولا
نعلم فيه خلافا لأنه معصوم فعل مصلحة فوجب على القايم بعده تقريرها إلى وقت خروج مدتها وإذا نزل الامام على بلد وعقد معهم (صلحا صح) على أن يكون البلد لهم ويضرب
على أرضهم خراجا يكون بقدر الجزية ويلتزمون أحكامنا ويجريها عليهم كان ذلك جايزا ويكون ذلك في الحقيقة جزية فإذا أسلم واحد منهم سقط عنه ما ضرب
على أرضه من الصلح وصارت الأرض عشرية لان الاسلام يسقط الجزية ولو شرط (عليهم صح) أن يأخذ منهم العشر من زرعهم على أنه إن قصر ذلك عن أقل ما تقتضي المصلحة
أن يكون جزية كان جايزا فإن غلب في ظنه إن العشر لا يفي بما يوجبه المصلحة من الجزية لا يجوز أن يعقد عليه وان أطلق ولا يغلب على ظنه الزيادة ولا النقصان قال الشيخ
449

الظاهر من المذهب جوازه لأنه من فروض الامام فإذا فعله كان صحيحا لأنه معصوم. مسألة. إذا فسد عقد الهدنة إما لزيادة في المدة أو التزام المال
أو غيرهما لم يمض ووجب نقضه لكن لا يجوز اغتيالهم بل يجب إنذارهم وإعلامهم أولا وإذا وقع صحيحا وجب الوفاء بالكف عنهم إلى انقضاء المدة أو صدور خيانة
منهم تقتضي الانتقاض ولو عقد نايب الامام عقدا فاسدا كان على من بعده نقضه وقال بعض الشافعية إن كان فساده من طريق الاجتهاد لم يفسخه وإن كان بنص
أو إجماع فسخه وينبغي للامام إذا عاهد أن يكتب كتابا عليه على عقد الهدنة ليعمل به من بعده ولا بأس أن يقول فيه لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمتي ومهما صرحوا
بنقض العهد وقاتلوا المسلمين أو أو أعينا عليهم أو كاتبوا أهل الحرب بأخبارهم أو قتلوا مسلما أو أخذوا مالا فقد انتقض عهدهم. البحث السادس.
في تبديل أهل الذمة دينهم ونقض العهد. مسألة. إذا انتقل ذمي تقبل منه الجزية كاليهودي والنصراني والمجوسي إلى دين يقر أهله عليه بالجزية كاليهودي و
يصير نصرانيا أو مجوسيا أو بالعكس لعلمائنا قولان أحدهما إنه يقبل منه ذلك ولا يجب قتله بل يجوز إقراره بالجزية لان الكفر كالملة الواحدة والثاني لا يقر لقوله (ع)
من بدل دينا فاقتلوه ولقوله تعالى " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه " فعلى الأول قال الشيخ لو انتقل إلى بعض المذاهب أقر على جميع أحكامه وإن انتقل إلى المجوسية
فمثل ذلك غير انا على أصلنا لا تجوز مناكحتهم بحال ولا أكل ذبايحهم ومن أجاز أكل ذبايحهم من أصحابنا ينبغي له أن يقول إن انتقل إلى اليهودية أو النصرانية أكلت ذبيحته
وإن انتقل إلى المجوسية لا توكل ولا تناكح قال وإذا قلنا لا يقر على ذلك وهو الأقوى عندي فإنه يصير مرتدا عن دينه تذنيب إذا قلنا لا يقر عليه فبأي شئ يطالب
فمنهم من يقول إنه يطالب بالاسلام لا غير لاعترافه ببطلان ما كان عليه وما عدا دين الاسلام باطل فلا يقر عليه ومنهم من يقول إنه يطالب بالاسلام أو بدينه الأول
وقوى الشيخ (ره) الأول فعليه ان لم يرجع إلا إلى دينه الأول قتل ولم ينفذ إلى دار الحرب لما فيه من تقوية أهل الحرب ولو انتقل من لا يقر على دينه إلى دين من يقر أهله عليه
كالوثني ينتقل إلى التهود أو التنصر الأقوى ثبوت الخلاف السابق فيه ولو انتقل الذمي إلى دين لا يقر أهله عليه لم يقر عليه إجماعها وكما الذي يقبل منه قيل لا يقبل منه
إلا الاسلام وقواه الشيخ للآية والخبر وقيل يقبل منه الاسلام أو الدين الذي كان عليه لأنه انتقل من دين يقر أهله عليه إلى ما لا يقر أهله عليه فيقبل منه واستبعده
ابن الجنيد وقال لا يقبل منه إلا الاسلام لأنه بدخوله فيما لا يجوز إقراره عليه قد أباح دمه وصار حكمه حكم المرتد وقيل يقبل منه الاسلام أو الرجوع إلى دينه الأول أو
الانتقال إلى دين يقر أهله عليه لان الأديان المخالفة للدين الاسلام ملة واحدة لان جميعها كفر وهو الاظهر عند الشافعية قال الشيخ (ره) وأما أولاده فإن كانوا كبارا
أقروا على دينهم ولهم حكم نفوسهم وإن كانوا صغارا نظر في الام فإن كانت على دين يقر أهله عليه ببذل الجزية أقر ولده الصغير في دار الاسلام سواء ماتت الام أو لم تمت
وإن كانت على دين لم يقر أهله عليه كالوثنية وغيرها فإنهم يقرون أيضا لما سبق من لهم الذمة والام لا يجب عليها القتل. مسألة. إذا عقد الامام الهدنة
وجب عليه الوفاء بما عقده ما لم ينقضوها بلا خلاف فعليه لقوله تعالى " أوفوا بالعقود " وقال تعالى " وأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان بينه وبين قوم
عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضى أمدها أو ينبذ إليهم على سواء ولو شرع المشركون في نقض العهد فإن نقض الجميع وجب قتالهم لقوله تعالى " فما استقاموا لكم فاستقيموا
لهم " وإن نقض بعض نظر فإن أنكر عليهم الباقون بقول أو فعل أو اعتزلوهم أو أرسلوا إلى الاسلام بأنا منكرون
لفعلهم مقيمون على العهد كان العهد باقيا في حقه
وإن سكتوا على ما فعل الناقضون ولم يوجد إنكار ولا تبرئ من ذلك كانوا كلهم ناقضين للعهد لان سكوتهم دال على الرضا به كما لو عقد بعضهم الهدنة وسكت
الباقون دل على رضائهم كذا هنا فإن نقض الجميع غزاهم الامام وبيتهم وأغار عليهم ويصيروا أهل حرب ليس لهم عقد هدنة وإن كان من بعض غزاة الامام الناقضين
دون الباقين على العهد ولو كانوا ممتزحين أمرهم الامام بالتمييز ليأخذ من نقض ولو لم يتميزوا فمن إعترف بأنه نقض قتله ومن لم يعترف بذلك لم يقتله وقبل قوله لتعذر
معرفته الآمنة ولو نقضوا العهد ثم تابوا عنه قال ابن الجنيد أرى القبول منهم. مسألة. لو خاف الامام من جناية المهادنين وغدرهم بسبب أو أمارة دلته على ذلك
جاز له نقض العهد قال الله تعالى وإما تخافن من قوم خيانة فأنبذ إليهم على سواء يعنى أعلمهم بنقض عهدهم حتى تصير أنت وهم سواء في العلم ولا يكفي وقوع ذلك في قلبه
حتى يكون عن أمارة تدل على ما خافه ولا تنتقض الهدنة بنفس الخوف بل للامام نقضها وهذا بخلاف الذمي إذا خيف منه الخيانة فإن عقد الذمة لا ينتفض بذلك
لان عقد الذمة يعقد لحق أهل الكتاب ولهذا يجب على الامام إجابتهم عليه وعقد الهدنة والأمان لمصلحة المسلمين لا لحقهم فافترقا ولان عقد الذمة آكد لأنه عقد
معاوضة ومؤبد بخلاف الهدنة والأمان ولهذا لو نقض بعض أهل الذمة وسكت الباقون لم ينتقض عهدهم ولو كان في الهدنة انتقض ولان أهل الذمة في قبضة
الامام ولا يخشى الضرر كثيرا من نقضهم بخلاف أهل الهدنة لان الامام يخاف منهم الغارة على المسلمين والضرر الكثير. مسألة. إذا انتقضت الهدنة لخوف الامام
ونبذ إليهم عهدهم ردهم إلى مأمنهم وصاروا حربا فإن لم يبرحوا عن حصنهم جاز قتالهم بعد النبذ إليهم لانهم في مأمنهم كما كانوا قبل العقد وإن كانوا قد نزلوا فصاروا
في عسكر المسلمين ردهم الامام إلى مأمنهم (لانهم دخلوا إليه من مأمنهم صح) فعليه أن يردهم إليه وإلا لكان خيانة من المسلمين والله لا يجب؟ الخائنين فإذا زال عقد الهدنة نظر فيما زال به فإن لم يتضمن
وجوب حق عليه (مثل صح) أن يأوى لهم عينا أو يخبرهم بخبر المسلمين ويطلعهم على عوراتهم رده إلى مأمنه ولا شئ عليه وإن كان يوجب حقا فإن كان لآدمي كقتل نفس أو إتلاف مال
استوفى ذلك منه وإن كان لله تعالى محضا كحد الزنا والشرب أقيم عليه أيضا عندنا خلافا للعامة وإن كان مشتركا كالسرقة أقيم عليه عندنا وللعامة قولان. مسألة.
إذا عقد الامام الذمة للمشركين كان عليه أن يذب عنهم كل من لو قصد المسلمين لزمه أن يذب (عنهم صح) ولو عقد الهدنة لقوم (منهم صح) كان عليه أن يكف عنهم كل من يجرى عليه أحكامه
من المسلمين وأهل الذمة وليس عليه أن يدفع عنهم أهل الحرب ولا بعضهم عن بعض والفرق إن عقد الذمة يقتضى جرى أحكامنا عليهم فكانوا كالمسلمين والهدنة
عقد أمان لا يتضمن جرى الاحكام فاقتضى ان يأمن من جهته من يجرى عليه أحكام الامام دون غيره فإن شرط الامام في عقد الذمة أن لا يدفع عنهم أهل
الحرب فإن كانوا في وسط بلاد الاسلام كالعراق أو في طرف بلاد الاسلام كان الشرط فاسدا لأنه يجب عليه أن يمنع أهل الحرب من دخول دار الاسلام فلا يجوز أن يشترط
خلافه وإن كانوا في دار الحرب أو بين دار الاسلام ودار الحرب كان الشرط جايزا لعدم تضمنه تمكين أهل الحرب من دار الاسلام. إذا ثبت هذا فمتى قصدهم أهل
الحرب ولم يدفعهم عنهم حتى مضى حول فلا جزية عليهم لان الجزية تستحق بالدفع فإن سباهم أهل الحرب فعليه أن يرد ما سبى منهم من الأموال لان عليه حفظ أموالهم
فإن كان في جملته خمر أو خنزير لم تلزمه استعادته لأنه لا يحل إمساكه وإذا أغار أهل الحرب على أهل الهدنة وأخذوا أموالهم وظفر الامام بأهل الحرب واستنقذ
أموال أهل الهدنة قال الشافعي يردها الامام عليهم وكذا إذا اشترى مسلم من أهل الحرب ما أخذوه من أهل الهدنة وجب رده عليهم لأنه في عهد منه فلا يجوز
أن يتملك ما سبى منهم كأهل الذمة وقال أبو حنيفة لا يجب رد ما أخذوه من أهل الحرب من أموالهم لأنه لا يجب عليه أن يدفعهم عنهم فلا يلزمه رد ما استنقذه
450

منهم كما لو أغار أهل الحرب على أهل الحرب وقول أبي حنيفة فيه قوة. مسألة. إذا انتقض العهد جاز قصد بلدهم وتبييتهم والإغارة عليهم في بلادهم إن علموا أن ما
اتوا به ناقض للعهد وإن لم يعلموا فكذلك الحكم لا يقاتلون إلا بعد الانذار للشافعية وجهان والأولى أنه إذا لم يعلموا أنه خيانة لا تنتقض العهد إلا إذا كان المأتي به مما
لا يشك في مضادته للهدنة كالقتال فأما من دخل دارا بأمان أو مهادنة فلا يغتال وإن انتقض عهده بل يبلغ المأمن ولو نقض السوقة العهد ولم يعلم الرئيس والاشراف
بذلك احتمل النقض في حق السوقة وعدمه لأنه لا اعتبارهم بعقدهم فكذا بنقضهم وللشافعية وجهان ولو نقض الرئيس وامتنع الاتباع وأنكروا ففي الانتقاض في حقهم للشافعي
قولان أحدهما الانتقاض لأنه لم يبق العهد في حق المتبوع فلا يبقى في حق التابع هذا حكم نقض عهد الهدنة وأما نقض الذمة فنقضه من البعض ليس بنقض من الباقين وقد
سلف الفرق والمعتبر في إبلاغ الكافر المأمن أن يمنعه من المسلمين ويلحقه بأول بلاد الكفر ولا يلزم إلحاقه ببلده الذي يسكنه فوق ذلك إلا أن يكون بين أول بلاد
الكفر وبلده الذي يسكنه بلد للمسلمين يحتاج إلى المرور عليه وإذا هادنه الامام مدة لضعف وخوف ثم زال الخوف وقوى المسلمون وجب البقاء عليه لقوله تعالى " فأتموا إليهم
عهدهم إلى مدتهم " وإن كانت المدة عشر سنين ويجب على الذين هادناهم؟ الكف عن قبيح القول والعمل في حق المسلمين وبذل الجميل منهما ولو كانوا يكرمون المسلمين
فصاروا يهينونهم أو يضيفون الرسل ويصلونهم فصاروا يقطعونهم أو يعظمون كتاب الامام فصاروا يستخفون به أو نقضوا عما كانوا يخاطبونه به سألهم الامام
عن سبب فعلهم فإن اعتذروا بما يجوز قبول مثله قبله وإن لم يذكروا عذرا أمرهم بالرجوع إلى عادتهم فإن امتنعوا أعلمهم بنقض الهدنة ونقضها عند الشافعية
وسب رسول الله تنتقض به الهدنة كالذمة عند الشافعي خلافا لأبي حنيفة فيهما. مسألة. لو كان تحت كافر عشر زوجات فأسلمن وهاجرن وجاء الزوج
يطلبهن أمر باختيار أربع منهن ويعطى مهورهن سواء اختار الأكثر مهرا أو الأقل وسواء اختار من دفع إليهن المهر أو بعضه أو من لم يدفع إليهن فإذا اختار من لم يدفع
إليهن شيئا يرجع بشئ ولو جاءت مستولدة فهي كالأمة وأما المكاتبة فإن اقتضى الحال عتقها فكذلك وتبطل الكتابة وإلا فهي على كتابتها فإن أدت مال الكتابة
عتقت بالكتابة قال الشافعي وللسيد الولاء فإن عجزت ورقت حسب ما أخذ من مال الكتابة بعد إسلامها من ضمانها ولا يحسب منه ما أخذ قبل الاسلام. مسألة.
لو عقدنا الهدنة بشرط أن يردوا من جاءهم منا مرتدا ويسلموه إلينا وجب عليهم الوفاء بما التزموه فإن امتنعوا كان ناقضين للعهد وإن عقدنا بشرط أن لا يردوا من جاءهم
ففي الجواز إشكال وللشافعي قولان أشهرهما الجواز لان النبي صلى الله عليه وآله شرط ذلك في مهادنة قريش والثاني المنع لاعلاء الاسلام وإقامة حكم المرتدين حكمهم وقال بعضهم هذا
الشرط يصح في عقد الرجال دون النساء كما لو شرط رد من جاءنا مسلما لان الايضاع يحتاط لها ويحرم على الكافر من المرتدة ما يحرم على المسلم فإن أوجبت الرد فالذي
عليهم التمكين والتخلية دون التسليم وكذا الحكم بوجوب المهادنة مطلقا من غير تعرض لرد من إرتد بالنفي والاثبات وحيث لا يجب عليهم التمكين ولا التسليم فعليهم
مهر من إرتد من نساء المسلمين وقيمة من ارتد من رقيقهم ولا يلزمهم غرم من ارتد من الرجال الأحرار ولو عاد المرتدون إلينا لم يرد المهر ورددنا القيمة لان الرقيق بدفع القيمة
يصير ملكا لهم والنساء لا يصرن زوجات وحيث يجب التمكين دون التسليم فمكنوا فلا غرم عليهم سواء وصلنا إلى المطلوبين أو لم نصل وحيث يجب التسليم فيطالبهم
الغرم به عند الامكان فإن فات التسليم بالموت فعليهم (المرتد منه إلى زوجها والباقي إلى زوج المهاجرة وإن كان مهر المرتدة أكثر صرفنا مقدار مهر صح) وإن هربوا نظر إن هربوا قبل القدرة على التسليم فلا يغرمون أو بعدها فيغرمون ولو هاجرت إلينا
امرأة منهم مسلمة وطلبها زوجها وجاءتهم امرأة منا مرتده لا تغرم لزوج المسلمة المهر ولكن نقول له واحدة بواحدة ونجعل المهر قصاصا ويدفع الامام المهر إلى زوج
المرتدة ويكتب إلى زعيمهم ليدفع مهرها إلى زوج المهاجرة المسلمة هذا إن تساوى القدران ولو كان مهر المهاجرة أكثر صرفنا مقدار مهر المهاجرة إلى زوجها والباقي
إلى زوج المرتدة وبهذه المقاصة فسر أكثر الشافعية قوله تعالى " وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا " ولو قال زوج
المسلمة لا ذنب لي في التحاق المرتدة بدار المهادنين فلم تمتعوني حقي قلنا ليس لك حق على قياس اعواض المتلفات وإنما يغرم لك بحكم المهادنة في موجب
المهادنة كالشخص الواحد. البحث السابع. في الحكم بين المعاهدين والمهادنين. مسألة. إذا تحاكم إلينا أهل الذمة بعضهم مع بعض يخير الحاكم بين
الحكم بينهم على مقتضى حكم الاسلام وبين الاعراض عنهم وبه قال مالك لقوله تعالى " فإن جاؤوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم " ولقول الباقر (ع) إن الحاكم إذا أتاه أهل التورية
وأهل الإنجيل يتحاكمون إليه كان ذلك إليه إن شاء حكم بينهم وإن شاء تركهم ولأنهما لا يعتقدان صحة الحكم فأشبها المستأمنين وقال المزني يجب الحكم وللشافعي قولان
لقوله تعالى " وإن احكم بينهم بما أنزل الله " والامر للوجوب ولان دفع الظلم عنهم واجب على الامام والحكم بينهم دفع لذلك عنهم فلزمهم كالمسلمين وآيتنا أخص والقياس باطل
لان المسلمين يعتقدون صحة الحكم ولو تحاكم إلينا ذمي مع مسلم أو مستأمن مع مسلم وجب على الحاكم أن يحكم (بينهما على ما يقضيه حكم الاسلام لأنه يجب عليه حفظ المسلم من
ظلم الذمي وبالعكس ولو تحاكم إلينا مستأمنان حربيان من غير أهل الذمة لم يجب على الحاكم أن يحكم صح) بينهما إجماعا لأنه لا يجب على الامام دفع بعضهم عن بعض بخلاف أهل
الذمة ولان أهل الذمة آكد حرمة فإنهم يسكنون دار الاسلام على التأبيد. مسألة. إذا استعدى أحد الخصمين إلى الامام أعداه على الآخر في كل موضع يلزم الحاكم الحكم
بينهما فإذا استدعى خصمه وجب عليه الحضور إلى مجلس الحكم لان هارون بن حمزة سأل الصادق (ع) رجلان من أهل الكتاب يهوديان أو نصرانيان كان بينهما خصومة فقضى بينهما
حاكم من حكامها بجور فأبى الذي قضى عليه أن يقبل وسأل أن يرد إلى حكم المسلمين قال يرد إلى حكم المسلمين ويجب إذا حكم بينهم أن يحكم بحكم المسلمين لقوله تعالى " فإن حكمت فاحكم
بينهم بالقسط " وقال تعالى " وإن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم " ولو جاءت ذمية تستعدى على زوجها الذمي في طلاق أو ظهار أو ايلاء تخير في الحكم بينهم والرد إلى
أهل نحلتهم ليحكموا بينهم بمذهبهم فإن حكم بينهم حاكم؟ بحكم الاسلام ويمنعه في الظهار من أن يقربها حتى يكفر ولا يجوز له أن يكفر بالصوم لافتقاره إلى نية القربة ولا بالعتق
لتوقفه على ملك المسلم وهو لا يتحقق في طرفه إلا أن يسلم في يده أو يرثها بل بالاطعام. مسألة. يجوز للمسلم أخذ مال من نصراني مضاربة ولا يكره ذلك لان المسلم لا
يتصرف إلا فيما يسوغ ويكره للمسلم أن يدفع إلى المشرك مالا مضاربة لان الكفار قد يتصرف بما لا يسوغ في الشرع فإن فعل صح القراض وينبغي له إذا دفع إليه المال أن
يشترط عليه أن لا يتصرف إلا بما يسوغ في شرعنا شرط عليه ذلك فابتاع خمرا أو خنزيرا فالشراء باطل سواء ابتاعه بعين المال أو في الذمة لأنه خالف الشرط ولا يجوز
له أن يقبض الثمن فإن قبض الثمن ضمنه وإن لم يشترط عليه ذلك بل دفع المال إليه مطلقا فابتاع ما لا يجوز ابتياعه فالبيع باطل فإن دفع الثمن فعليه الضمان
أيضا لأنه ابتاع ما ليس مباح عندنا وإطلاق العقد يقتضى أن يبتاع لرب المال (ما يملكه رب المال صح) فإن خالف ضمن فإن باع المضارب ونض المال فإن علم رب المال إنه تصرف في
محظور أو خالط محظورا لم يجز له قبضه كما لو اختلطت أخته بالأجنبيات وإن علم أنه عين المباح قبضه وإن شك جاز على كراهة ولو اكرى نفسه من ذمي فإن كانت
الإجارة والذمة صح لان الحق ثابت في ذمته وإن كانت معينة فإن استأجره ليخدمه شهرا أو يبنى له شهرا صلح أيضا وتكون أوقات العيادة مستثناه منها. مسألة.
لو فعل الذمي ما لا يجوز في شرع الاسلام ولا في شرعهم كالزنا واللواط والسرقة والقتل والقطع كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود لانهم
451

عقد والذمة بشرط أن تجرى عليهم أحكام المسلمين وإن كان ما يجوز في شرعهم كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير ونكاح المحارم لم يتعرض لهم ما لم يظهروه لأنا نقرهم عليه وترك التعرض
لهم فيه لانهم عقدوا الذمة وبذلوا الجزية على هذا فإن أظهروا ذلك وأعلنوه منعهم الامام وأدبهم على إظهاره قال الشيخ وقد روى أصحابنا إنه يقيم عليهم الحد بذلك
وهو الصحيح ولو جاء نصراني باع من مسلم خمرا (أو خنزيرا صح) أو اشترى منه خمرا أبطلناه بكل حال تقابضا أو لا ورددنا الثمن إلى المشترى فإن كان مسلما استرجع الثمن واوقنا الخمر
لأنا لا نقضي على المسلم برد الخمر وجاز إراقتها لان الذمي عصى بإخراجها إلى المسلم فيعاقب بإراقتها عليه وإن كان المشترى المشرك رددنا إليه الثمن ولا نأمر الذمي برد الخمر بل
يريقها لأنها ليست كمال الذمي ونمنع المشرك من شراء المصاحف إعزازا للقرآن فإن اشترى لم يصح البيع وقال بعض الشافعية يملكه ويلزم البيع والأول أنسب بإعظام القرآن
قال الشيخ وكذا حكم الدفاتر التي فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وآثار السلف وأقاويلهم والأقوى عنده الكراهة أما كتب النحو واللغة والشعر وباقي الأدب فإن
شراءها جايز لهم إذ لا حرمة لها. مسألة. لو اوصى مسلم (لذمي بعبد مسلم صح) لم تصح الوصية لان المشرك لا يملك المسلم وقال بعض الناس تصح الوصية وتلزم برفع اليد عنه كما لو ابتاعه
فعلى هذا لو أسلم وقبل الوصية صح وملكه بعد موت الموصى وعلى الأول لا يملكه وإن أسلم في حياة الموصى لان الوصية وقعت في الأصل باطله ولو كان العبد مشركا
فأسلم العبد قبل موت الموصى (ثم مات فقبله الموصى صح) له لم يملكه لأن الاعتبار في الوصية بحال اللزوم وهي حالة الوفاة وعلى القول الثاني يملكه ويرفع يده عنه ولو اوصى الذمي ببناء
كنيسة أو بيعة أو موضع عبادة لهم لم تصح لأنها في معصية وكذا لو اوصى أن يستأجر خدما للبيعة والكنيسة أو يعمل صلبانا أو يشترى (مصباحا أو يشترى صح) أرضا فيوقف عليها ولو اوصى
الذمي ببناء كنيسة تنزلها المارة من أهل الذمة أو من غيرهم أو وقفها على قوم يسكنونها أو جعل أجرتها للنصارى جازت الوصية لان نزولهم ليس بمعصية إلا أن يبنى
لصلواتهم وكذا لو وصى للرهبان بشئ صحت الوصية لجواز صدقة التطوع عليهم ولو اوصى أن يكون لنزول المارة للصلاة فيه قيل تبطل الوصية في الصلاة
وتصح لنزول المارة فتبنى كنيسة بنصف الثلث لنزول المارة خاصة فإن لم يمكن ذلك بطلت الوصية وقيل تبنى الكنيسة بالثلث ويكون لنزول المارة ويمنعون من
الاجتماع للصلاة فيها ولو اوصى بشئ تكتب به التورية والإنجيل والزبور أو غير ذلك من الكتب القديمة بطلت الوصية لأنها كتب محرفة مبدله منسوخة وخرج رسول الله
(ص) يوما من داره فوجد في يد عمر صحيفة فقال ما هي فقال من التورية فغضب عليه ورماها من يده وقال لو كان موسى أو عيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي. إذا ثبت
هذا فإنه يكره للمسلم أجرة رم ما يستهدم من الكنايس والبيع من بناء ونجار وغير ذلك ليس محرما. الفصل السادس. في قتال أهل البغى الأصل في ذلك
قول الله تعالى " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحديهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله " قيل وردت في طائفتين من
الأنصار وقع بينهم فلما نزلت قرأها عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله فاقلعوا وليس فيها تعرض للخروج والبغي على الامام ولكن إذا أمرنا بقتال طائفة بغت على طائفة أخرى
فلئن نقاتل الذين بغوا على الامام إلى أن يفيؤوا إلى أمر الله أولي والمراد بالباغي في عرف الفقهاء المخالف للامام العادل الخارج عن طاعته بالامتناع عن أداء
ما وجب عليه بالشرايط الآتية وسمى باغيا إما لتجاوزه الحد المرسوم له والبغي مجاوزة الحد وقيل لأنه ظالم بذلك والبغي الظلم قال الله تعالى " ومن بغى عليه " أي ظلم وقيل لطلبه
الاستعلاء على الامام من قولهم بغى الشئ أي طلبه. مسألة. قتال أهل البغى واجب بالنص والاجماع قال الله تعالى " قاتلوا التي تبغى " وروى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال
من حمل علينا السلاح فليس منا ومن طريق الخاصة قول علي (ع) القتال قتالان قتال لأهل الشرك لا ينفى عنهم حتى يسلموا أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون
وقتال لأهل البغى لا ينفى عنهم حتى يفيؤوا إلى أمر الله أو يقتلوا ولا خلاف بين المسلمين كافة في وجوب جهاد البغاة وقد قاتل علي (ع) ثلث أهل طوائف البصرة يوم الجمل عايشة
وطلحة والزبير و عبد الله بن الزبير وغيرهم وهم الناكثون الذين بايعوه ونكثوا بيعته وقاتل أهل الشام معاوية ومن تابعه وهم القاسطون أي الجائرون وقاتل أهل النهروان
الخوارج وهم المارقون وقد أخبره رسول الله صلى الله عليه وآله فقال تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين قال الشيخ (ره) وهؤلاء كلهم عندنا محكوم بكفرهم لكن ظاهرهم الاسلام
وعند الفقهاء إنهم مسلمون لكن قاتلوا الإمام العادل فإن الإمامة كانت لعلى (ع) بعد عثمان عندهم والأصل في ذلك أن الإمامة عندنا من شرايط الايمان فلا يستحق
الثواب الدايم إلا به. مسألة. قد جرت العادة بين الفقهاء أن يذكروا الإمامة في هذا الموضع ليعرف الامام الذي يجب اتباعه ويصير الانسان باغيا بالخروج عليه وليست
من علم الفقه بل هي من علم الكلام فلنذكر كلاما مختصرا فنقول يشترط في الامام أمور. - آ - أن يكون مكلفا فإن غيره مولى عليه في خاصة نفسه فكيف بل أمر الأمة - ب -
أن يكون مسلما ليراعى مصلحة المسلمين والاسلام وليحصل الوثوق بقوله ويصح الركون إليه فإن غير المسلم ظالم وقد قال الله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا " - ج - أن يكون عدلا
لما تقدم فإن الفاسق ظالم ولا يجوز الركون إليه والمصير إلى قوله للنهي عنه في قوله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا " ولان الفاسق ظالم فلا ينال مرتبة الإمامة لقوله تعالى " لا ينال
عهدي الظالمين " - د - أن يكون حرا فإن العبد مشغول بخدمة مولاه لا يتفرغ للنظر في مصالح المسلمين ولان الإمامة رياسة عامة والعبد مرؤوس وهي من المناصب الجليلة
فلا تليق به - ه‍ - أن يكون ذكرا ليهاب وليتمكن من مخالطة الرجال ويتفرغ للنظر فإن المرأة ناقصة العقل - و - أن يكون عالما ليعرف الاحكام ويعلم الناس فلا يفوت الامر عليه
بالاستفتاء والمراجعة - ز - أن يكون شجاعا ليغزوا بنفسه ويعالج الجيوش ويقوى على فتح البلاد ويحمى بيضة الاسلام - ح - أن يكون ذا رأى وكفاية لافتقار قيام نظام النوع
إليه - ط - أن يكون صحيح السمع والبصر والنطق ليتمكن من فصل الأمور وهذه الشرايط غير مختلف فيها - ى - أن يكون صحيح الأعضاء كاليد والرجل والاذن وبالجملة
اشتراط سلامة الأعضاء من نقص يمنع من استيفاء الحركة وسرعة النهوض وهو أولى قولي الشافعية - يا - أن يكون من قريش لقوله (ع) الأئمة من قريش وهو أظهر قولي الشافعية
وخالف فيه الجويني مع إنه لا خلاف في أن أبا بكر احتج على الأنصار يوم السقيفة به وبذلك أخذت الصحابة بعده قالت الشافعية فإن لم يوجد في قريش من يستجمع الصفات
المعتبرة نصب كناني فإن لم يوجد فرجل من ولد إسماعيل (ع) وهو باطل عندنا لان الإمامة عندنا محصورة في الاثني عشر (على) على ما يأتي ثم إن قريشا ولد النضر بن كنانة
بن خزيمة بن مدركة فعلى قولهم إذا لم يوجد قرشي ينبغي نصب كناني وينبغي إنه إذا لم يوجد كناني نصب خزيمي وكذا يرتقي إلى أب بعد أب إلى أن ينتهى إلى إسماعيل (ع) فإن لم
يوجد من ولد إسماعيل من يصلح كذلك قال بعضهم يولى رجل من العجم وقال بعضهم يولى جرهمي وجرهم أصل العرب وفيهم تزوج إسماعيل (ع) حين أنزله أبوه (ع) أرض مكة فإن
لم يوجد جرهمي فرجل من نسل إسحاق ولا يشترط أن يكون هاشميا عندهم - يب - يجب أن يكون الامام معصوما عند الشيعة لان المقتضى لوجوب الإمامة ونصب
الامام جواز الخطاء على الأمة المستلزم لاختلال النظام فإن الضرورة قاضية بأن الاجتماع مظنة التنازع والتغالب فإن كل واحد من بنى النوع يشتهى ما يحتاج
إليه ويغضب على من يزاحمه في ذلك وتدعوه شهوته وغضبه إلى الجور على غيره ويقع من ذلك الهرج والمرج ويختل أمر الاجتماع مع أن الاجتماع ضروري بنوع الانسان
فإن كل شخص لا يمكنه أن يعيش (وحده لافتقاره إلى غذاء وملبوس ومسكن وكأنها صناعية لا يمكن أن تصدر عن صانع واحد إلا في مدة لا يمكن أن يعيش صح) تلك المدة فاقدا لها أو يتعسر إن أمكن وإنما يتيسر لجماعة يتعاونون ويتشاركون في تحصيلها يفرغ كل واحد منهما لصاحبه عن بعض
452

ذلك فيتم النظام بمعاوضة عمل يعمل ومعاوضة عمل بأجرة فلهذا قيل الانسان مدني بالطبع فلابد حينئذ من سلطان قاهر مطاع نافذ الامر متميز عن غيره من بنى النوع وليس نصيبه
مفوضا إليه وإلا وقع المحذور ولا إلى العامة لذلك أيضا بل يكون من عند الله تعالى ولا يجوز وقوع الخطاء منه وإلا لوجب أن يكون له إمام آخر ويتسلسل فلهذا أوجب أن يكون
معصوما ولأنه تعالى أوجب علينا طاعته وامتثال أوامره لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولى الامر منكم " وذلك عام في كل شئ فلو لم يكن
معصوما لجاز أن يأمر بالخطأ فإن وجب علينا اتباعه لزم الامر بالضدين وهو محال وإن لم يجب بطل العمل بالنص ويجب عندهم أن يكون معصوما من أول عمره إلى آخره لسقوط
محله عند الناس لولاه - مج - أن يكون منصوصا عليه من الله تعالى ومن النبي صلى الله عليه وآله أو ممن ثبتت إمامته بالنص فيهما لان العصمة من الأمور الخفية التي لا يمكن الاطلاع عليها فلو لم
يكن منصوصا عليه لزم تكليف ما لا يطاق والنص من الله تعالى يعلم إما بالوحي على نبيه (ع) أو بخلق معجزة على يده عقيب إدعائه - يد - أن يكون أفضل أهل زمانه ليتحقق التمييز
عن غيره ولا يجوز عندنا تقديم المفضول على الفاضل خلافا لكثير من العامة للعقل والنقل أما العقل فإن الضرورة قاضية بقبحه وأما النقل فقوله تعالى " أفمن يهدى إلى الحق
أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون " وهذه صيغة تعجب من الله تعالى دالة على شدة الانكار لامتناعه في حقه تعالى والأفضلية تتحق بالعلم والزهد و
الورع وشرف النسب والكرم والشجاعة وغير ذلك من الأخلاق الجميلة (الحميدة خ ل) - يه - أن يكون منزها عن القبايح لدلالة العصمة عليه ولأنه يكون مستحقا للإهانة والانكار عليه
فيسقط محله من قلوب العامة فتبطل فايدة نصبه وأن يكون منزها من الدناءة والرذايل كاللعب والاكل في الأسواق وكشف الرأس بين الناس وغير ذلك مما يسقط محله
ويوهن مرتبته وأن يكون منزها عن دناءة الآباء والأمهات؟ وقد خالفت العامة في ذلك كله. مسألة. وإنما تنعقد الإمامة بالنص عندنا على ما سبق ولا تنعقد
بالبيعة خلافا للعامة بأسرهم فإنهم أثبتوا إمامة أبى بكر بالبيعة ووافقوا على صحة الانعقاد بالنص لكنهم جوزوا انعقادها بأمور أحدها البيعة واختلفوا في حد
الذين تنعقد الإمامة ببيعتهم فقال بعضهم لابد من الأربعين لان عهد الإمامة أعظم خطرا من عقد الجمعة وهذا العدد معتبر في الجمعة عند الشافعية ففي البيعة أولي وقال
بعض الشافعية إنه تكفى أربعة لأنه أكمل نصب الشهادات وقال بعضهم ثلاثة لان الثلاثة مطلق الجمع فإذا اتفقوا لم يجز مخالفة الجماعة وقال بعضهم اثنان لان أقل
الجمع اثنان وقال بعضهم واحد لان عمر بن الخطاب بايع أبا بكر أولا ثم وافقه الصحابة وقال بعضهم يعتبر أهل بيعة الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين
يسهل حضورهم ولا يشترط اتفاق أهل الحل والعقد في ساير البلاد بل إذا وصل الخبر إلى أهل البلاد البعيدة فعليهم الموافقة والمتابعة وعلى هذا فلا يتعين للاعتبار
عدد بل لا يشترط العدد فلو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفت بيعته لانعقاد الإمامة قالوا ولابد وأن يكون الذين يبايعون بصفات الشهود حتى لو كان
واحد اشرط ذلك فيه وهل يشترط في البيعة حضور شاهدين وجهان للشافعية ويشترط في انعقاد البيعة أن يجيب الذين يبايعونه فإن الممتنع لم تنعقد إمامته
الأمر الثاني استخلاف الامام قبله وعهده إليه كما عهد أبو بكر إلى عمر وانعقد الاجماع بينهم على جوازه قالوا والاستخلاف أن يجعله خليفة في حياته ثم يخلفه بعد
موته ولو اوصى له بالإمامة من بعده ففيه وجهان عندهم لأنه بالموت يخرج عن الولاية فلا يصح منه تولية الغير ويشكل بأن مرادهم بجعله خليفة في حياته إن كان استنابه
فلا يكون عهدا إليه بالإمامة أو جعله إماما في الحال فهذا ما خلع نفسه أو إجتماع إمامين في وقت واحد أو جعله إماما بعد موته وهذا معنى لفظ الوصية ولو جعل
الامر شورى بين اثنين فصاعدا بعده كان كالاستخلاف إلا أن المستخلف غير معين فيحتاج إلى تشاورهم واتفاقهم على جعل واحد منهم خليفة كقضية عمر حيث (جعل صح)
الامر شورى في ستة ثم اختلفوا في أنه هل يشترط في المولى شروط الإمامة من وقت العهد إليه حتى لو كان صغيرا أو فاسقا عند العهد بالغا عدلا عند موت المولى
لم ينصب إماما إلا أن يبايعه أهل الحل والعقد وبعضهم لم يشترط ذلك ولو عهد إلى غايب مجهول الحياة لم يصح ولو كان معلوم الحياة صح فإن مات المستخلف وهو غايب
بعد أن تقدمه أهل الاختيار فإن بعدت غيبته واستضر المسلمون بتأخير النظر في أمورهم اختار أهل الحل والعقد نائبا له يبايعونه بالنيابة دون الخلافة
فإذا قدم انعزل النايب ولو خلع الخليفة نفسه كان كما لو مات فينتقل الخلافة إلى ولى العهد على خلاف ويجوز أن يفرق بين أن يقول الخلافة بعد موتى لفلان أو
بعد خلافتي واختلفوا في أنه هل يجوز (العهد صح) إلى الوالد والولد كما يجوز إلى غيرهما فقال بعضهم بالمنع كالتزكية والحكم لهما عندهم وقال آخرون بالفرق بين الوالد والولد
لان الميل إلى الولد أشد واختلفوا في أن ولى العهد لو أراد أن ينقل ما (له) إليه من ولاية العهد إلى غيره لم يجز لأنه إنما يجوز له النظر وتثبت الولاية بعد موت المولى ولو عهد
إلى اثنين أو أكثر على الترتيب فقال الخليفة بعدي فلان وبعد موته فلان جاز وانتقلت الخلافة إليهم على ما رتب ولو مات الأول (في حياة الخليفة فالخلافة بعده للثاني ولو مات الأول صح) والثاني في حياته فهو للثالث
على خلاف لان المفهوم من اللفظ جعل الثاني خليفه بعد خلافة الأول ولو مات الخليفة والثلاثة أحياء وصارت الخلافة إلى الأول فأراد أن يعهد بها إلى غير
الآخرين فالظاهر (من مذهب صح) الشافعي جوازه لأنه إذا انتهت الخلافة إليه صار أملك؟ بها ويوصلها إلى من شاء بخلاف ما إذا مات ولم يعهد بها إلى أحد ليس لأهل البيعة
أن يبايعوا غير الثاني ويقدم عهد الأول على اختيارهم وليس لأهل الشورى أن يعينوا واحدا منهم في حياة الخليفة إلا أن يأذن لهم في ذلك فإن خافوا انتشار
الامر بعده استأذنوه فإن أذن فعلوا وإنه يجوز للخليفة أن ينص على من يختار الخليفة بعده كما يجوز له أن يعهد إلى غيره حتى لا يصح إلا اختيار من نص عليه كما لا
يصح إلا تقليد من عهد إليه لأنهما من حقوق خلافته وإذا عهد بالخلافة إلى غيره فالعهد موقوف على قبول المولى واختلفوا في وقت القبول فقيل بعد موت
المولى لأنه وقت نظره وقيامه بالأمور والأصح عندهم ان وقته ما بين عهد المولى وموته وقيل إذا امتنع المولى من القبول فبايع غيره فكأنه لا يوليه وكذا إذا جعل
الامر شورى فترك القوم الاختيار لا يجبرون عليه فكأنه ما جعل الامر إليهم الأمر الثالث القهر والاستيلاء فإذا مات الامام فتصدى للامامة من يستجمع شرايطها
من غير استخلاف وبيعة وقهر الناس بشوكته وجنوده انعقدت الخلافة لانتظام الشمل بما فعل ولو لم يكن مستجمعا للشرايط بل كان فاسقا أو جاهلا فللشافعية
وجهان أظهرهما إن الحكم كذلك وإن كان عاصيا بما فعل وهذا من أغرب الأشياء ايجاب المعصية وهذا كله ساقط عندنا لأنا قد بينا أن الإمامة لا تثبت إلا
بالنص لوجوب العصمة وإن البيعة لا تصلح للتعيين قال الله تعالى " ما كان لهم الخيرة " والامر الثالث أبلغ في المنع والبطلان. مسألة. تجب طاعة الامام عندنا
وعند كل أحد أوجب نصب الإمام ما لم يخالف المشروع وهذا القيد (يفتض؟) إليه غيرنا حيث جوزوا إمامة الفاسق لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و
أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وقال (ع) من نزع يده من طاعة إمامة فإنه يأتي يوم القيمة ولا حجة له ولا فرق عندهم بين أن يكون عادلا أو جايرا ولا يجوز
عندهم نصب إمامين في وقت واحد لما فيه من اختلاف الرأي وتفرق الشمل وجوز أبو إسحاق من الشافعية نصب إمامين في إقليمين لأنه قد يحدث في أحد الإقليمين
ما يحتاج إلى نظر الامام ويفوت المقصود بسبب البعد فإن عقدت البيعة لرجلين معا فالبيعتان باطلتان وإن ترتبتا فالثانية باطلة وينظر إن جهل الثاني
453

ومن بايعه تقدم بيعة الأول لم يعزر وإلا عزر ولما روى من قوله (ع) إذا بويع الخليفتان فاقتلوا الأخير منهما
وتأوله بعضهم بما إذا أصر ولم يبايع الأول فإنه
يكون باغيا يقاتل وقال بعضهم لا تطيعوه ولا يقتلوا قوله فيكون كمن مات أو قتل ولو عرف سبق أحدهما ولم يتعين أو لم يعلم أوقعا معا أو على التعاقب فالحكم
كالجمعتين ولو سبق أحدهما على التعيين واشتبه السابق وقف الامر إلى أن ينكشف الحال فإن طالت المدة أو لم يمكن الانتظار قال بعض الشافعية تبطل البيعتان
وتستأنف بيعة أحدهما وفي جواز العدول إلى غيرهما خلاف وذكر إنه لو ادعى كل منهما إنه الأسبق لم تسمع الدعوى ولم يحلف لان الحق يتعلق بجميع المسلمين وإنه
لو قطعا التنازع وسلم أحدهما إلى الاخر لم تستقر الإمامة له بل لابد من بينة تشهد بتقدم بيعة وأنه لو أقر أحدهما للاخر بتقدم بيعة خرج منها المقر ولابد من النية
ليستقر الامر للاخر فإن شهد له المقر مع آخر قبلت شهادته إن كان يدعى اشتباه الامر قبل الاقرار وإن كان يدعى التقدم لم تسمع لما في القولين من التكاذب وإذا
ثبت الإمامة بالقهر والغلبة فجاء آخر فقهره انعزل وصار القاهر إماما ولا يجوز خلع الامام بلا سبب ولو خلعوه لم ينفذ لان الآراء تتغير فلا يأمن تكرر التولية والعزل
وفي ذلك سقوط الهيبة والوقع من القلب ولو عزل الامام نفسه نظر إن عزل للعجز عن القيام بأمور المسلمين من هرم أو مرض انعزل عندهم ثم إن ولى غيره انعقدت الإمامة
لمن ولاه وإلا بايع الناس غيره وإن عزل نفسه من غير عذر ففي انعزاله وجهان أحدهما ينعزل ولا يكلف أن يترك مصلحة نفسه محافظة على مصلحة غيره وصار كما لو لم
يجب إلى المبايعة ابتداء والثاني المنع لما روى أن أبا بكر قال أقيلوني أقيلوني ولو تمكن من عزل نفسه لما طلب الإقالة (وقال صح) بعضهم للامام أن يعزل ولى العهد لان الخلافة لم
ينتقل إليه فلا يخشى من تبديله الفساد والفتنة وقال بعضهم ليس له ذلك ما لم يتغير حاله وإن جاز له عزل من استنابه في اشغاله في الحال لأنه يستنيبه لنفسه
واستخلاف ولى العهد يتعلق بالمسلمين عامة فصار كأهل البيعة يبايعون ولا يعزلون من بايعوه. مسألة. الامام عندنا لا يتحقق منه صدور الفسق
لأنه واجب العصمة من أول عمره إلى آخره أما من لم يشترط عصمته فالأظهر عند الشافعية منهم إن الامام لا ينعزل بالفسق لانهم يجوزون إمامة الفاسق فإذا كان لا يمنع الفسق
من الابتداء فأولى أن لا يمنع من الاستدامة ولا ينعزل بالاغماء لأنه متوقع الزوال قالوا وينعزل بالمرض الذي ينسيه العلوم وبالجنون
وقال بعضهم لو كان الجنون منقطعا أو كان زمان الإفاقة أكثر وتمكن معه من القيام بالأمور لم ينعزل وينعزل بالعمى والصم والخرس ولا ينعزل بثقل السمع وتمتمة
اللسان وبينهم خلاف في أنهما هل يمنعان ابتداء التولية وفي أن قطع إحدى اليدين أو الرجلين هل يؤثر في الدوام. مسألة. يثبت وصف البغى بشرايط
ثلاثة أحدها أن يكونوا في كثرة ومنعة لا يمكن كفهم وتفريق جمعهم إلا باتفاق وتجهيز جيوش وقتال فإما أن كانوا نفرا يسيرا كالواحد والاثنين والعشرة وكيدها
كيد ضعيف فليسوا أهل بغى وكانوا قطاع طريق ذهب إليه الشيخ في المبسوط وابن إدريس وهو مذهب الشافعي لان عبد الرحمن بن ملجم لعنة الله لما جرح عليا (ع) قال لابنه
الحسن (ع) إن برئت رأيت رأيي وإن مت فلا تمثلوا به وقال بعض الجمهور يثبت لهم حكم البغاة إذا خرجوا عن قبضة الامام وفيه قوة الثاني أن يخرجوا عن قبضة
الامام منفردين عنه في بلد أو بادية أما لو كانوا معه وفي قبضته فليسوا أهل بغى لان عليا (ع) كان يخطب فقال رجل بباب المسجد لا حكم إلا لله تعريضا بعلى (ع) إنه
حكم في دين الله فقال علي (ع) كلمة حق أريد بها باطل لكم علينا ثلاث أن لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا اسم الله فيها ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا ولا
نبدؤوكم بقتال فقوله (ع) ما دامت أيديكم معنا يعنى لستم منفردين الثالث أن يكونوا على المباينة بتأويل سايغ عندهم بأن تقع لهم شبهة تقتضي الخروج
على الامام فأما إذا لم يكن لهم تأويل سايغ وباينوا فهم قطاع طريق حكمهم حكم المحارب والشافعية اعتبروا في أهل البغى صفتين إحديهما أن يكون لهم تأويل
يعتقدون بسببه جواز الخروج على الامام أو منع الحق المتوجه عليهم لان من خالف الامام من غير تأويل كان معاندا ومن يتمسك بالتأويل يطلب
الحق على اعتقاده ولا يكون معاندا فيثبت له نوع حرمة كما في حق من خرج على علي (ع) حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان ويقدر عليهم ولا يقتص منهم
لرضاه بقتله ومواطاتهم إياه وكذا مانعوا أبى بكر عن الزكاة حيث قالوا أمرنا بدفع (الزكاة صح) إلى من صلاته سكن لنا وهو رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت لست كذلك والتأويل
المشروط في أهل البغى إذا كان بطلانه مظنونا فهو معتبر وإن كان بطلانه مقطوعا به فوجهان أظهرهما إنه لا يعتبر كتأويل أهل الردة والثاني يعتبر ويكفى تغلطهم فيه قالوا
ولهذا كان معاوية وأصحابه بغاة واستدلوا عليه بقوله (ع) إن عمارا تقتله الفئة الباغية ثم قالوا إن شرطنا في البغى أن يكون بطلان التأويل مظنونا كان
معاوية فميا ذهب إليه ظنا قلنا وإن شرطنا العلم قلنا إن معاوية كان مبطلا قطعا وأما الخوارج فهم صنف مشهور من المبتدعة يعتقدون تكفير أصحاب الكباير واستحقاق الخلود
في النار بها كشرب الخمر والزنا والقذف ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم وطعنوا في علي (ع) وعثمان ولا يجتمعون معهم في الجمعات والجماعات وللشافعية
خلاف في تكفيرهم وهل حكمهم إذا لم يكفروهم كحكم أهل البغى أو حكم أهل الردة الأصح عندهم الثاني وعلى هذا تنفذ أحكامهم بخلاف أحكام البغاة وأكثر الشافعية أنه إن أظهر قوم
رأى الخوارج وتجنبوا الجماعات وكفروا الامام ومن معه فإن لم يقاتلوا وكانوا في قبضة الامام فلا يقتلون ولا يقاتلون لقول علي (ع) للخارجي لكم علينا ثلاث أن لا نمنعكم مساجد الله
أن تذكروا فيها اسم الله ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا ولا نبدؤوكم بقتال ثم إنهم إن صرحوا بسب الامام أو غيره من أهل العدل عزروا وإن عرضوا فوجهان وعندنا
إن الخوارج كفار وإن من سب الامام وجب قتله ولو بعث الامام إليهم واليا فقتلوه فعليهم القصاص وهل يتحتم قتل قاتله كقاطع الطريق لأنه شهر السلاح
أولا لأنه لا يقصد إخافة الطريق للشافعية أقوال ثلاثة أحدها فيه وجهان الصفة الثانية أن يكون لهم شركة وعدد بحيث يحتاج الامام في ردهم إلى الطاعة إلى كلفة
ببذل مال واعداد رجال ونصب قتال وشرط جماعة من الشافعية في الشوكة أن ينفردوا ببلدة أو قرية أو موضع من الصحراء وربما قالوا ينبغي أن يكونوا بحيث لا يحيط بهم أخبار
الامام والمحققون لم يعتبروا ذلك بل اعتبروا استعصاءهم وخروجهم عن قبضة الامام حتى لو تمكنوا من المقاومة مع كونهم محفوفون بجند الامام قاوموهم وهل
يشترط أن يكون بينهم إمام منصوب أو منتصب قولان الأكثر على المنع وهو قول أكثر الشافعية لأنه ثبت لأهل الجمل وأهل النهروان حكم البغاة ولم يكن فيما بينهم إمام و
وقال بعضهم يعتبر في أهل البغى وراء ما سبق أمران أن يمتنعوا من حكم الامام وأن يظهروا لأنفسهم حكما ولا يعتبر أن يكون عددهم عدد أجناد الامام بل يكفي أن يتوقعوا
الظفر. مسألة. كل من خرج على إمام عادل ثبتت إمامته بالنص عندنا والاختيار عند العامة وجب قتاله إجماعا وإنما يجب قتاله بعد البعث إليه والسؤال عن سبب
خروجه وايضاح ما عرض له من الشبهة وحلها له وكشف الصواب إلا أن يخاف كلبهم ولا يمكنهم ذلك في حقهم أما إذا أمكنه تعريفهم وجب عليه أن يعرفهم فإذا عرفهم فإن
رجعوا فلا بحث وإن لم يرجعوا قاتلهم لان الله تعالى أمر بالصلح فقال فاصلحوا بينهما قبل الامر بالقتال ولان الغرض كفهم ودفع شرهم فإذا أمكن بمجرد القول لم يعدل إلى
القتل وإذا أمكن بالاثخان لم يعدل إلى التدفيف فإن النخم القتال واشتد الحرب خرج الامر عن الضبط ولما أراد أمير المؤمنين علي (ع) قتل الخوارج بعث إليهم عبد الله بن عباس
454

ليناظرهم فلبس حلة حسنة ومضى إليهم فقال هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج ابنته فاطمة (عه) وقد عرفتم فضله فما تنقمون منه قالوا ثلاثا إنه حكم في
دين الله وقتل ولم يسب فأما أن يقتل ويسبي أو لا يقتل ولا يسبى إذا حرمت أموالهم حرمت دماؤهم والثالث محى اسمه من الخلافة فقال ابن عباس إن خرج عنها رجعتم
إليه قالوا نعم قال ابن عباس أما قولكم حكم في دين الله تعنون الحكمين بينه وبين معاوية وقد حكم الله في الدين فقال وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من
أهلها وقال يحكم به ذوا عدل منكم فحكم في أرنب قيمته درهم فبأن بحكم في هذا الامر العظيم أولي فرجعوا عن هذا قال وأما قولكم كيف قتل ولم يسب فأيكم لو كان معه فوقع في سهمه عايشه
زوج النبي صلى الله عليه وآله فكيف يصنع وقد قال الله تعالى " ولا تنكحوا أزواجه من بعد ما بدا " قالوا رجعنا عن هذا قال وقولكم محى اسمه من الخلافة تعنون إنها لما وقعت المواقعة بينه وبين
معاوية كتب بينهم هذا ما وافق عليه أمير المؤمنين علي (ع) معاوية قالوا له لو كنت أمير المؤمنين (ع) ما نازعناك فمحى اسمه فقال ابن عباس إن كان محى اسمه من الخلافة فقد محى رسول الله
اسمه من النبوة لما قاضى سهيل بن عمرو بالحديبية كتب الكتاب علي (ع) هذا ما قاضى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله سهيل بن عمرو فقالوا له لو كنت نبيا ما خالفناك فقال النبي صلى الله عليه وآله
لعلى (ع) أمحه فلم يفعل فقال لعلى (ع) أرينه فأراه إياه فمحاه النبي (ص) بإصبعه وقال ستدعى إلى مثلها فرجع بعضهم وبقى منهم أربعة آلاف لم يرجعوا فقاتلهم على صلى الله عليه وآله فقتلهم
. مسألة. ويجب قتال أهل البغى على كل من ندبه الامام لقتالهم عموما أو خصوصا أو من نصبه الامام والتأخير عن قتالهم كبيرة ويجب على الكفاية إذا قام
به البعض سقط عن الباقين ما لم يستنهضه الامام على التعيين فيجب عليه ولا يكفيه قيام غيره كما قلناه في جهاد المشركين والفرار في حربهم كالفرار في حرب المشركين تجب
مصابرتهم حتى يفيؤوا إلى الحق ويرجعوا إلى طاعة الامام أو يقتلوا بغير خلاف في ذلك فإذا رجعوا حرم قتالهم لقوله تعالى " حتى تفئ إلى أمر الله " وكذا إن ألقوا السلاح و
تركوا القتال أما لو انهزموا فإنه يجب قتالهم إن كان لهم فئة يرجعون إليها ولو استعان أهل البغى بنسائهم وصبيانهم وعبيدهم في القتال وقاتلوا معهم أهل العدل
قوتلوا مع الرجال وإن أتى القتل عليهم لان العادل يقصد بقتاله الدفع عن نفسه وماله ولو أرادت امرأة أو صبى قتل إنسان كان له قتالهما ودفعهما عن نفسه وإن أتى
على أنفسهما. مسألة. لو استعان أهل البغى بأهل الحرب وعقدوا لهم ذمة أو أمانا على هذا كان باطلا ولا ينعقد لهم أمان ولا ذمة لان من شرط عقد الذمة و
الأمان أن لا يجتمعون على قتال المسلمين فحينئذ يقاتل الامام وأهل العدل المشركين مقبلين ومدبرين كالمنفردين عن أهل البغى وإذا وقعوا في الأسر تخير الامام بين المن و
الفداء والاسترقاق والقتل وليس لأهل البغى ان يتعرضوا لهم قاله الشيخ (ره) من حيث إنهم بذلوا لهم الأمان وإن كان فاسدا فلزمهم الكف عنهم لاعتمادهم على قولهم
لا من حيث صحة أمانهم فإن استعانوا بأهل الذمة فعاونوهم وقاتلوا معهم أهل العدل أرسلهم الامام وسألهم عن فعلهم فإن ادعوا الشبهة المحتملة بأن يدعوا الجهل
واعتقاد أن الطايفة من المسلمين إذا طلبوا المعونة جاز معونتهم أو ادعوا الاكراه على ذلك كانت ذمتهم باقية وقبل قولهم ولم يكن ذلك نقضا للعهد وإن لم يدعوا شيئا
من ذلك انتقض عهدهم وخرقوا الذمة وهو أحد قولي الشافعي لانهم لو انفردوا وقاتلوا الامام خرقوا الذمة وانتقض عهدهم فكذا إذا قاتلوا مع أهل البغى والثاني
للشافعي لا يكون نقضا لجهل أهل الذمة بالحق فيكون شبهة وليس جيدا لاعتقادهم بطلان الطايفتين. إذا عرفت هذا فإنه بمجرد قتالهم مع أهل البغى
من غير شبهة يجوز قتلهم مقبلين ومدبرين ولو أتلفوا أموالا وأنفسا ضمنوها عندنا وأما الشافعي في أحد قوليه فإنه لا يجعل القتال نقضا فيكون
حكمهم حكم أهل البغى في قتالهم مقبلين لا مدبرين وأما ضمان الأموال فإن أهل الذمة يضمنونها عنده قولا واحدا وأما أهل البغى فقولان وفرق بأمرين أحدهما
إن لأهل البغى شبهه دون أهل الذمة والثاني إذا أسقطنا الضمان عن أهل البغى لئلا تحصل لهم نفرة عن الرجوع إلى الحق وأما أهل الذمة فلا يتحقق هذا المعنى فيهم وأما نحن
فلا فرق بينهما في وجوب الضمان عليهما وإن استعانوا بالمستأمنين انتقض أمانهم وصاروا حربا لا أمان لهم فإن ادعوا الاكراه قبل بالبينة لا بمجرد الدعوى بخلاف
أهل الذمة لان الذمة أقوى حكما. مسألة. يجوز للامام أن يستعين بأهل الذمة على أهل البغى وبه قال أصحاب الرأي وقال الشيخ (ره) في المبسوط ليس له ذلك
وهو خلاف ما عليه الأصحاب والشافعي وخرج ذلك أيضا لان أهل الذمة يجوزون قتل أهل البغى مقبلين ومدبرين وذلك لا يجوز وهو ممنوع على ما يأتي تفصيله أما لو
استعان من المسلمين بمن يرى قتلهم مقبلين ومدبرين في موضع لا يجوز ذلك لم يجز إلا بأمرين أحدهما فقد من يقوم مقامه الثاني أن تكون مع الامام قوة متى علم
منهم قتلهم مدبرين كفهم عنه عنهم. مسألة. إذا افترق أهل البغى طائفتين ثم اقتتلوا فإن كان للامام قوة على قهرهما فعل ولم يكن له معاونة إحديهما على الأخرى
لان كل واحدة على خطأ والإعانة على الخطاء من غير حاجة خطأ بل يقاتلهما معا حتى يعودوا إلى طاعته وإن لم يتمكن من ذلك تركهما فأيهما قهرت الأخرى دعاها إلى الطاعة
فان أبت قاتلهم وإن ضعف عنهما وخاف من اجتماعهما عليه جاز أن يضم إحديهما إليه ويقاتل الأخرى ويقصد كسرها ومنعها عن البغى لا معاونة من يقاتل معها و
ينبغي أن يعاون التي هي إلى الحق أقرب فإن انهزمت التي قاتلها أو رجعت إلى طاعته كف عنها ولم يجز له قتال الطايفة الأخرى التي ضمها إليه إلا بعد دعائها إلى طاعته لان ضمها
إليه يجرى مجرى أمانه إياها. مسألة. إذا لم يمكن دفع البغاة إلا بالقتل وجب ولا يقاتلون بما يعم إتلافه كالنار والمنجنيق والتغريق لان القصد بقتالهم فل جمعهم
ورجوعهم إلى الطاعة والنار تهلكهم وتقع على المقاتل وغيره ولا يجوز قتل من لا يقاتل ولو احتاج أهل العدل إلى ذلك واضطروا إليه بأن يكون قد أحاط بهم البغاة
من كل جانب وخافوا اصطلامهم ولا يمكنهم التخلص إلا برمى النار أو المنجنيق جاز ذلك وكذا إن رماهم أهل البغى بالنار أو المنجنيق جاز لأهل العدل رميهم به إذا
عرفت هذا فلا إثم على قاتلي أهل البغى إذا لم يندفعوا إلا به ولا ضمان مال ولا كفارة لأنه امتثل الامر بقتل
مباح الدم لقوله تعالى " قاتلوا التي تبغى " وإذا لم يضمنوا
النفوس فالأموال أولي بعدم الضمان والقتيل من أهل العدل شهيد لأنه قتل في قتال أمر الله تعالى به ولا يغسل ولا يكفن ويصلى عليه عندنا لأنه شهيد معركة أمر
بالقتال فيها فأشبه معركة الكفار وقال الأوزاعي وابن المنذر يغسل ويصلى عليه لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بالصلاة على من قال لا إله إلا الله ونحن نقول بموجبه لأنا نوجب
الصلاة على الشهيد وليس في الخبر الامر بالغسل والتكفين. إذا ثبت هذا فإن ما يتلفه أهل العدل من أموال أهل البغى حال الحرب غير مضمون لأنه
مأمور بالقتال فلا يضمن ما يتولد منه ولا نعلم فيه خلافا لان أبا بكر قال للذين قاتلهم بعد ما تابوا تدون قتلانا ولا ندى قتلاكم ولأنهما فرقتان من المسلمين محقة
ومبطلة فلا يستويان في سقوط الغرم كقطاع الطريق وأما ما يتلفه أهل العدل من أموال أهل البغى قبل الشروع في القتال أو بعد تقضى الحرب فإنه يكون
مضمونا لأنه ليس لأهل العدل ذلك فكان إتلافا بغير حق فوجب عليهم الضمان ويحتمل أن يقال إن احتاج أهل العدل إلى قتل أو إتلاف مال في تفرقهم وتبديد كلمتهم
جاز لهم ذلك ولا ضمان ولو أتلف أهل البغى مال أهل العدل أو نفسه قبل الشروع في القتال أو بعد تقضيه فإنه يضمنه إجماعا وأما ما يتلفه الباغي على العادل
من مال ونفس حالة الحرب فإنه مضمون عليه عندنا بالغرامة والدية وهو قول مالك واحد قولي الشافعي لقوله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها ولأنها أموال معصومة
455

وأنفس معصومة أتلفت بغير حق ولا ضرورة فوجب ضمانها كالتالف في غير الحرب وقال أبو حنيفة واحمد والشافعي في الثاني لا يكون مضمونا لا في المال ولا في النفس
لأنه لم ينقل عن علي (ع) إنه ضمن أحدا من أهل البصرة ولا أهل الشام ما أتلفوه ولان فيه تنفيرا من طاعة الامام فأشبه أهل الحرب ونمنع إنه (ع) لم يضمن فجاز ولم
ينقل لو لم يحصل إتلاف مال أو جهل المتلف وعدم الغرم يقضى إلى كثرة الفساد بإتلاف أموال أهل العدل مع أن الآية وهي قوله تعالى " النفس بالنفس " وقوله تعالى
" ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا " يدل على وجوب الضمان ولا الضمان يتعلق بأهل البغى قبل الحرب وبعده فكذا حالة الحرب لأنها أكثر الحالات معصية فلا
يتعقب سقوط العقاب. مسألة. لو قتل الباغي واحدا من أهل العدل وجب عليه القصاص ولما تقدم من الآيات ولعموم قوله (ع) لو قتله ربيعه ومضر لأقدتهم
به وللشافعية طريقان أظهرهما طرد القولين في وجوب المال والثاني القطع بالمنع لان القصاص سقط بالشبهة وتأويلهم موجب للشبهة وعلى القول بوجوب القصاص لوال
الامر إلى المال فهو في مال الباغي وعلى القول بعدمه فهل سبيله سبيل دية العمد حتى يجب في مال القاتل ولا يتأجل أو دية شبيه العمد حتى يكون على العاقلة ويتأجل لهم خلاف
وتجب الكفارة على الباغي عندنا وعند الشافعية على تقدير حكمه يوجب القصاص أو الدية وإلا فوجهان أشبههما عندهم المنع لان الكفارة حق الله تعالى وهو أولي بالتساهل
ولو استولى باغ على أمة أو مستولدة لأهل العدل فوطأها فعليه الحد والولد رقيق بغير نسب وفي وجوب المهر مع إكراهها قولان للشافعي قال الشيخ (ره) لا خلاف في أن الحربي إذا
أتلف شيئا من أموال المسلمين ونفوسهم ثم أسلم فإنه لا يضمن ولا يقاد به وأما المرتد فإنه يضمن عندنا ما أتلفه حالة الحرب أو قبلها أو بعدها وأما الشافعي وأبو حنيفة فأسقطا
ضمان ما يتلفه حالة الحرب من مال ونفس وأما الذين يخالفون الامام بتأويل يعتقدونه ولا شوكة لهم ولا امتناع لقلة عددهم فإنه يلزمهم ضمان ما أتلفوا من
نفس ومال (وأما الذين يخالفون الامام بتأويل يعتقدون ولا شوكة لهم ولا امتناع لقلة عددهم فإنه يلزمهم ضمان ما أتلفوا من نفس ومال صح) إن كان على صورة القتال وإن لم يكن قتال فكذلك عندنا خلافا للشافعي في أحد القولين وهو غلط إذا لا تعجز كل شرذمة تريد إتلاف نفس أو مال إن تبدئ
تأويلا وتفعل من الفساد وما تشاء وذلك يفضى إلى إبطال السياسات وأما الذين لهم كثرة وشكوة ولا تأويل لهم ففي ضمان ما أتلفوا من المال طريقان للشافعية أحدهما
القطع بوجوبه لانهم ليسوا بأهل البغى كالذين لهم التأويل دون الشوكة وأظهرهما عندهم طرد القولين في الباغي وعندنا يجب عليهم الضمان. مسألة. قد بينا إنه
ينبغي للامام وعظ أهل البغى وأمرهم بالطاعة لتكون كلمة أهل الدين واحدة فان امتنعوا أذنهم بالقتال فإن طلبوا الانظار بحث الامام عن حالهم واجتهد فإن عرف
عزمهم على الطاعة وطلب الانظار لحل الشبهة أنظرهم وإن ظهر له انهم يقصدون استلحاق مدد لم ينظرهم وإن سألوا ترك القتال أبدا لم يجبهم وحيث لا يجوز الانظار
لو بذلوا مالا أو رهنوا الأولاد والنساء لم يلتفت إليهم لانهم قد يقوون في المدة ويتغلبون على أهل العدل ويستردون ما بذلوا ولو كان بأهل العدل ضعف أخر الامام
القتال ولا يحظر بالناس. مسألة. أهل البغى قسمان أحدهما أن لا يكون لهم فئة يرجعون إليها ولا رئيس يلجؤون إليه كأهل البصرة وأصحاب الجمل والثاني أن يكون
لهم فئة يرجعون إليها ورئيس يعتضدون به ويجيش لهم (الجيوش) كأهل الشام وأصحاب معاوية بصفين فالأول لا يجاز على جريحهم ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم والثاني يجاز على
جريحهم ويتبع مدبرهم ويقتل أسيرهم سواء كانت الفئة حاضرة أو غائبة بعيدة أو قريبة ذهب إلى هذا التفصيل علماؤنا أجمع وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة وإسحاق من الشافعية
لأنا لو لم نقتلهم لم نأمن من عودهم وقتالهم لان حفص بن غياث سأله عن طائفتين إحديهما باغية والاخرى عادلة فهزمت العادلة الباغية قال ليس لأهل العدل
أن يتبعوا مدبرا ولا يقتلوا أسيرا ولا يجيزوا على جريح هذا إذا لم يبق من أهل البغى أحد ولم يكن لهم فئة يرجعون إليها فإذا كانت لهم فئة يرجعون إليها فإن أسيرهم يقتل
ومدبرهم يتبع وجريحهم يجاز عليه وقال الشافعي لا يجاز على جريح الفريقين معا ولا يتبع مدبرهم ولا يقتل أسيرهم لقول علي (ع) لا يدفف على جريح ولا يتبع مدبر ونقول
بموجبه لأنه قاله في الفئة التي لا رئيس لها. مسألة. لو وقع أسير من أهل البغى في يد أهل العدل وكان شابا من أهل القتال جلدا حبس وعرض عليه المبايعة فإن بايع
على الطاعة والحرب قائمة قبل منه وأطلق وإن لم يبايع ترك في الحبس فإذا انقضت الحرب فإن تابوا وطرحوا السلاح وتركوا القتال أو ولوا مدبرين إلى غير فئة أطلق وإن
ولوا مدبرين إلى فئة لم يطلق عندنا في الحال وقال بعضهم يطلق لأنه لا يتبع مدبرهم وقد بينا خلافه وهل يجوز قتله الذي يقتضيه مذهبنا التفصيل فإن كان ذا فئة جاز
قتله (وإلا فلا صح) وبه قال أبو حنيفة لان في ذلك كسرا لهم وقال الشافعي لا يجوز قتله لان ابن مسعود قال له رسول الله صلى الله عليه وآله يا ابن أم عبد ما حكم من بغى من أمتي قال الله ورسوله أعلم قال
لا يتبع مدبرهم ولا يجاز على جريحهم ولا يقتل أسيرهم ولا يقسم فيئهم وهو محمول على ما إذا لم تكن له فئة ولو كان الأسير صبيا أو عبدا أو امرأة اطلقوا لأنه لا يطالبون بالبيعة
لأنه ليسوا من أهل الجهاد وإنما يبايعون على الاسلام (خاصة صح) وقال بعضهم يحبسون كالرجال لان فيه كسر قلوبهم وكذا الزمن والشيخ الفاني ولو أسر كل من الفريقين أسارى
من الاخر جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغى ولو امتنع أهل البغى من المفاداة وحبسوهم جاز لأهل
العدل حبس من معهم توصلا إلى تخليص أساراهم
وقال بعض العامة لا يجوز لان الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم ولو قتل أهل البغى أسارى أهل العدل لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم إذا لم تكن لهم فئة لانهم
لا يقتلون بجناية غيرهم. مسألة. أموال أهل البغى التي لم يحوها العسكر (لا يخرج عن ملكهم ولا يجوز قسمته بحال أما ما حواه العسكر صح) من السلاح والكراع والدواب والأثاث وغير ذلك فللشيخ قولان أحدهما إنها تقسم
بين أهل العدل وتكون غنيمة كأموال المشركين للفارس سهمين وللراجل سهم ولذي الأفراس ثلاثة وبه قال ابن الجنيد والثاني إنه لا تحل قسمتها بل هي باقية على ملكهم
لا يجوز قسمتها ولا استغنامها وبه قال السيد المرتضى وابن إدريس وكافة العلماء لما رواه العامة عن أبي أمامة قال شهدت صفين وكانوا لا يجيزون على جريح ولا
يقتلون (موليا صح) ولا يسلبون قتيلا وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لا يقسم فيهم ومن طريق الخاصة قول مروان بن الحكم لما هزمنا علي (ع) بالبصرة رد على الناس أموالهم من أقام البينة
أعطاه ومن لم يقم بينة أحلفه قال فقال له قائل يا أمير المؤمنين أقسم الفئ بيننا والسبي فلما أكثروا عليه قال أيكم يأخذ أم المؤمنين في سهمه فكفوا وقول الصادق كان في
قتال علي (ع) على أهل القبلة بركة ولو لم يقاتلهم على لم يدر أحد بعده كيف يسير فيهم احتج الشيخ ر (ره) بسيرة علي (ع) ولأنهم أهل قتال فحلت أموالهم كأهل الحرب والسيرة معارضه
بمثلها والفرق ما تقدم ولا استبعاد في الجمع بين (القولين صح) وتصديق نقله السيرتين فيقال بالقسمة للأموال إذا كان لهم فئة يرجعون إليها أضعافا لهم وحسما لمادة فسادهم
وبعدمها فيما إذا لم تكن لهم فئة لحصول الغرض فيهم من تفريق كلمتهم وتبدد شملهم وهذا هو الذي اعتمده. إذا عرفت هذا فإنه لا يجوز سبى ذراري الفريقين من
أهل البغى ولا تملك نسائهم بلا خلاف بين الأمة في ذلك ولا يجوز لأهل العدل الانتفاع بكراع أهل البغى ولا بسلاحهم بحال إلا في حال الضرورة كما لو خاف بعض أهل
العدل على نفسه وذهب سلاحه فإنه يجوز أن يدفع عن نفسه بسلاحهم وكذا يركب دوابهم مع الحاجة وهذا في الموضع الذي منعنا من قسمة أموالهم فيه أما في غيره فالجواز أظهر
. مسألة. ولو غلب أهل البغى على بلد فأخذوا الصدقات والجزية والخراج لم يقع ذلك موقعه لكن للامام أن يجيز ذلك لانهم أخذوه ظلما وعدوانا فلا يتعين في إبراء
ذمتهم كما لو غصبوهم مالا غير الجزية والصدقات وقال الشافعي وأبو ثور من أصحاب الرأي يقع ذلك موقعه فإذا ظهر أهل العدل بعد ذلك عليه لم يكن لهم مطالبتهم.
456

بإعادة ذلك لان عليا (ع) لما ظهر على البصرة لم يطالب بشئ مما جبوه ولا حجة فيه لما بينا من أن للامام إجارة ذلك للمشقة الحاصلة من تكليف إعادة ذلك من الناس خصوصا
إذا أقاموا في البلد سنين متطاولة وأما الحدود إذا أقاموها قال الشيخ لا تعاد عليهم مرة أخرى للمشقة. مسألة. إذا زالت يد أهل البغى عن البلد وملكه أهل
العدل فطالبهم العادل بالصدقات فذكروا إنهم استوفوا منهم فإن لم يجز الامام ذلك طالبهم به مرة ثانية وإن أجازه فالأقرب قبول قولهم بغير بينة لان رب المال
إذا ادعى إخراج زكاته قبلت دعواه بغير بينة وهل يحتاج إلى اليمين قال بعض الشافعية نعم لأنه مدع فلا يقبل دعواه بغير بينة لكن لما تعسر إثبات البينة افتقر إلى اليمين
فإن نكل أخذت الزكاة لا بمجرد النكول بل بظاهر الوجوب عليه أما لو ادعى أداء الخراج قال الشيخ (ره) لا يقبل قوله بخلاف الزكاة لأنها تجب على سبيل المواسات
وأداؤها عبادة فلهذا قبل قوله في أدائها بخلاف الخراج فإنه معاوضة لأنه ثمن أو أجرة فلا يقبل قوله في أدائه كغيره من المعاوضات ولو ادعى أهل الذمة أداء الجزية
إلى أهل البغى لم تقبل منهم لكفرهم ولأنها معاود عن المساكنة وحقن الدماء فلا يقبل قولهم فيه. مسألة. أهل البغى عندنا فساق وبعضهم كفار فلا تقبل شهادتهم
وإن كان عدلا في مذهبه لقوله تعالى إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ولقوله تعالى " ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " وسواء في ذلك أن يشهد لهم أو عليهم وسواء كان
على طريق التدين أو لا على وجه التدين وقال أبو حنيفة تقبل شهادتهم وهم فساق لان أهل البغى بخروجهم عن طاعة الامام والبغي قد فسقوا لكن تقبل شهادتهم لان فسقهم
من جهة الدين فلا ترد به الشهادة وقد قيل شهادة الكفار بعضهم على بعض وأطبق الجمهور كافة على قبول شهادتهم وقال أكثر العامة اقبل شهادته إذا كان ممن لا يرى إنه
يشهد لصاحبه بتصديقه كالخطابية فإنهم يعتقدون تحريم الكذب والاقدام على اليمين الكاذبة فإذا كان لبعضهم حق على من يجحده ولا شاهد له به فذكر ذلك لبعض
أهل مذهبه وحلف له إنه صادق فيما يدعيه ساغ له في مذهبه أن يشهد له بدعواه وعندنا لا تقبل شهادة من خالف الحق من ساير الفرق على ما يأتي وأما الحكم والقضاء
بين الناس فإنه لا يجوز عندنا إلا بإذن الامام أو من نصبه الامام فإذا نصب أهل البغى قاضيا لم ينفذ قضاؤه مطلقا سواء حكم بحق أو باطل لأنه فاسق بمجرد التولية والعدالة
عندنا شرط في القضاء وقال أبو حنيفة إن كان قاضيهم الذي نصبوه من أهل العدل نفذ قضاؤه وإن كان من أهل البغى لم ينفذ وقال الشافعي ينفذ مطلقا
سواء كان من أهل البغى أو من أهل العدل إذا لم يستحل دماء أهل العدل ولا أموالهم وإن استحل ذلك لم ينفذ حكمه إجماعا وقال بعض الشافعية ينفذ قضاء أهل البغى
مطلقا رعاية لمصلحة الرعايا وقال آخرون منهم من ولاه صاحب الشوكة نفذ قضاؤه وإن كان جاهلا أو فاسقا ولو كتب قاضى البغاة كتابا لم يجز لاحد من القضاة
إنفاذه عندنا خلافا لبعض الشافعية وقال بعضهم يستحب أن لا يقبل استخفافا لهم وإهانة ولو كتب قاضيهم بسماع البينة دون الحكم المبرم لم يحكم به قاضيا وللشافعي
قولان أحدهما كما قلنا لما فيه من معاونة أهل البغى وإقامة مناصبهم وأصحهما عنده نعم لان الكتاب الذي يرد يتعلق برعايانا وإذا نفذ حكم قاضيهما لمصلحة رعاياهم
فلئن يراعى مصالح رعايانا أولي. مسألة. من قتل من أهل العدل في معركة لا يغسل ولا يكفن ويصلى عليه عندنا ومن قتل من أهل البغى لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عندنا
لأنه كافر وقال مالك والشافعي واحمد يغسل ويكفن ويصلى عليه لقوله تعالى صلوا على من قال لا إله إلا الله وليس عاما عندهم لخروج الشهيد عنه ولان من لم يعترف بالنبوة مخرج
عنه وقال أصحاب الرأي إن لم تكن لهم فئة لم يصل عليهم لأنه يجوز قتلهم في هذه الحالة فأشبهوا الكفار وقال احمد لا يصلى على الخوارج كالشهيد و
قال مالك لا يصلى على الأباضية ولا القدرية وساير الأهواء. مسألة. إذا فعل أهل البغى حال امتناعهم ما يوجب الحد أقيم عليهم مع القدرة وبه قال مالك والشافعي
واحمد وابن المنذر لعموم الآيات والأحاديث الدالة على وجوب الحد مطلقا وقال أصحاب الرأي إذا امتنعوا بدار الحرب لم يجب الحد عليهم ولا على من عندهم من تاجر أو أسير لانهم
خرجوا عن دار الامام فأشبهوا أهل دار الحرب ونمنع ثبوت الحكم في الأصل إن كان مسلما فإنا نوجب عليه الحد لكن تكره إقامته في دار الحرب فإذا جاء إلى دار الاسلام أقيم عليه ولان
كل موضع يجب فيه العبادات في أوقاتها يجب الحدود فيه عند وجود أسبابها كدار العدل. مسألة. يجوز للعادل
قصد الباغي بالقتل لأنه محكوم بكفره (فجاز صح) قصده
بالقتل كالحربي خلافا لبعض العامة حيث منعوا منه بل يقصد دفعهم وتفريق جمعهم وقال ابن الجنيد لا يستحب أن يبدؤا إلى المسلمين أهل البغى بحرب وإن كان قد استحقوا بفعلهم
المتقدم القتل إلا أن يبدؤنا هم بالقتال لجواز حدوث إرادة التوبة فإن أمير المؤمنين (ع) كان يقول في كل موطن لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤكم فإنكم بحمد لله على حجه وترككم إياهم
حتى يبدؤكم حجة أخرى قال ولا يستحب بيات أحد من أهل البغى وقتاله غيلة ولا على غرة حتى يبدأوا وقد وصى أمير المؤمنين (ع) الأشتر بذلك قال الشيخ (ره) يكره للعادل
القصد إلى أبيه الباغي أو ذي رحمه وهو قول أكثر العلماء لقوله تعالى " إن جاهداك " الآية ولان أبا بكر أراد قتل أبيه يوم أحد فنهاه النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك وقال دعه ليلي قتله غيرك
وقال بعض العامة لا يكره لأنه قتل بحق فأشبه إقامة الحدود والفرق بإمكان الرجوع هنا بخلاف استيفاء الحد فإنه يجب وإن تاب. إذا عرفت هذا فإن خالف وقتله
كان جايزا لأنه مباح الدم فجاز قتله كالكافر ولا يمنع العادل من ميراثه وبه قال أبو حنيفة لأنه قتله بحق فأشبه القصاص وقال الشافعي لا يرثه وعن أحمد روايتان لعموم قوله (ع)
ليس للقاتل شئ والمراد ظلما لان القاتل حدا أو قصاصا يرث إجماعا ولو قتل الباغي العادل منع من الميراث وبه قال الشافعي واحمد لأنه قتله بغير حق فلا يرثه كالعمد و
قال أبو حنيفة لا يمنع من الميراث لأنه قتله بتأويل فأشبه قتل العادل الباغي والفرق بأن العادل قتل الباغي بحق بخلاف العكس. مسألة. من سبب الله تعالى أو أحدا من
أنبيائه أو ملائكته أو الامام وجب قتله عندنا لأنه كافر بذلك وقال الجمهور يستتاب ويعزر وسيأتى البحث فيه وأما الردة فهي الخروج عن الملة بالكفر فمانع الزكاة ليس بمرتد
ويجب قتاله حتى يدفع الزكاة فإن دفعها وإلا قتل ولو منعها مستحلا للمنع كان مرتدا وكذا كل من أعتق عدم وجوب ما علم من الدين ثبوته بالضرورة وقال بعض العامة أن مانع
الزكاة مرتد وإن كان مسلما وليس بمعتمد فإذا أتلف المرتد مالا أو نفسا حال ردته ضمن سواء تخير به وصار في منعة أو لا لقوله تعالى " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل
ما اعتدى عليكم " وما رواه العامة عن أبي بكر إنه قال لأهل الردة حين رجعوا تردون علينا ما أخذتم منا ولا نرد عليكم ما أخذنا منكم وإن تدوا قتلانا ولا ندى قتلاكم
قالوا نعم وقال الشافعي لا ضمان عليه وبه قال احمد في الأنفس وقال في الأموال بقولنا لان تضمينهم يؤدى إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الاسلام فأشبهوا أهل البغى ونمنع
الحكم في الأصل ولأنه يؤدى إلى كثرة الفساد ولو قصد رجل رجلا أو امرأة يريد نفسه أو ماله أو حريمه أو الفساد به فله أن يقاتله ويدفعه عن نفسه بأقل ما يمكنه دفعه إنه إجماعا
وإن أتى ذلك على نفسه لقوله (ع) من قتل دون ماله فهو شهيد والأقوى عندي إنه إن طن التلف وجب دفع المال والتوقي به ولو قتل القاصد لم يجب على القاتل قود
ولا دية ولا كفارة وهل يجب عليه أن يدفع عن نفسه الحق عندنا ذلك لقوله تعالى " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يجب لان عثمان بن عفان
استسلم للقتل مع القدرة على الدفع والثاني ممنوعة مع إن فعله ليس حجة أما المال فلا يجب الدفاع عنه والمرأة والصبي يجب عليهما الدفع عن فرجهما لان التمكين
منهما محرم وفي ترك الدفع نوع تمكين ثم المدافع عن نفسه وماله وفرجه إن أمكنه التخلص بالهرب وجب وهو أحد قولي الشافعي لأنه أسهل طريق إلى الدفع الثاني لا يلزمه لان إقامته
457

في مكانه مباح له فلا يلزمه أن ينصرف عنه لأجل غيره وليس بجيد لان في الانصراف حفظ النفس فوجب وكذا المضطر إلى أكل ميتة أو نجاسة أو شرب نجس يجب عليه تناوله لحفظ
الرمق وهو أحد وجهي الشافعي والثاني لا يجب لأنه يتوقى النجاسة وليس بجيد لأن النجاسة حكم شرعي وقد عفى عنه فلا يتلف نفسه لذلك. الفصل السابع.
في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر. مسألة. الامر طلب الفعل بالقول على جهة الاستعلاء والنهى نقيضه ولا يشترط العلو والمعروف هو الفعل الحسن المختص بوصف
زايد على حسنه إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه والمنكر هو الفعل القبيح إذا عرف فاعله ذلك أو دل عليه والحسن ما للقادر عليه المتمكن منه ومن العلم بحسنه أن يفعله وأيضا ما لم يكن
على صفة تؤثر في استحقاق الذم والقبيح هو الذي ليس للمتمكن منه ومن العلم بقبحه أن يفعله أو الذي على صفة لها تأثير في استحقاق الذم والحسن شامل للمباح و
المندوب والواجب والمكروه والقبيح هو الحرام وقد يطلق في العرف الحسن على ماله مدخل في استحقاق المدح فيتناول الواجب والمندوب خاصة. مسألة. في الامر
بالمعروف والنهى عن المنكر فضل عظيم وثواب جزيل قال الله تعالى " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر " وقال تعالى " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على
لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون وقال الصادق (ع) إن رجلا من خثعم جاء إلى
رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني ما فضل الاسلام قال الايمان بالله قال ثم ماذا قال صلة الحرم قال ثم ماذا قال الامر بالمعروف والنهى عن المنكر قال فقال
الرجل فأي الأعمال أبغض إلى الله عز وجل قال الشرك بالله قال ثم ماذا (قال قطيعة الرحم قال ثم ماذا قال) ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد حذر الله تعالى في كتابه عن ترك الامر بالمعروف والنهي عن
المنكر في قوله " لعن الذين كفروا " الآية وقوله لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقه أو معروف أو إصلاح بين الناس وقال أبو الحسن (ع)؟ لتأمرن بالمعروف ولتنهن
عن المنكر أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم وقال الباقر (ع) ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر وقال الصادق (ع) ما قدست
أمة لم تأخذ لضعيفها من قويها بحقه غير مضيع وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم
البركات وسلط بعضهم على بضع ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء وقال الصادق (ع) لقوم من أصحابه إنه قد حق لي أن آخذ البرى منكم بالسقيم وكيف لا يحق لي ذلك
وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكروه عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يتركه. مسألة. المعروف قسمان واجب وندب فالامر بالواجب واجب وبالمندوب
ندب وأما المنكر فكله حرام فالنهي عنه واجب ولا خلاف في ذلك قال الله تعالى " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الاثم والعدوان " وقال خذ العفو وأمر بالمعروف
وأعرض عن الجاهلين وقال الباقر (ع) يكون في آخر الزمان قوم يتبع فيهم قوم مراؤن يتعرون وينسكون حدباء سفهاء لا يوجبون أمرا بمعروف ولا نهيا عن منكر إلا
إذا آمنوا الضرر يطلبون لأنفسهم الرخص والمعاذير يتبعون زلات العلماء وفساد عملهم يقبلون على الصلاة والصيام وما لا يكلمهم في نفس ولا مال ولو أضرت الصلاة
بساير ما يعملون من أموالهم وأبنائهم لرفضوها كما رفضوا أتم الفرايض وأشرفها إن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فريضة عظيمة بها تقام الفرايض هناك بهم غضب الله
عليهم فيعمهم بعقابه فيهلك الأبرار في دار الفجار والصغار في دار الكبار إن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصالحين فريضة عظيمه بها تقام
الفرايض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الامر فأنكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا
تخافوا في الله لومة لائم فإن اتعظوا إلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم هناك فجاهدوهم
بأبدانكم وأبغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطانا ولا باغين مالا ولا مريدين بالظلم ظفرا حتى يفيؤوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته قال اوحى الله تعالى إلى شعيب النبي (ع)
إني لمعذب من قومك مئة ألف أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى الله تعالى إليه داهنوا أهل المعاصي
ولم يغضبوا لغضبي. مسألة. اختلف علماؤنا في وجوبهما فقال بعضهم إنه عقلي فإنا كما نعلم وجوب رد الوديعة وقبح الظلم نعلم وجوب الامر بالمعروف الواجب ووجوب النهى
عن المنكر وقال بعضهم إنه سمعي لأنه معلوم من دين النبي (ص) وقد دل السمع عليهما كما تقدم ولو وجبا بالعقل لما ارتفع معروف ولما وقع منكر أو كان الله تعالى مخلا
بالواجب والتالي بقسميه باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية إن الامر بالمعروف هو الحمل على فعل المعروف والنهى عن المنكر هو المنع منه فلو كانا واجبين بالعقل لكانا واجبين
على الله تعالى لان (كل صح) واجب عقلي فإنه يجب على كل من حصل فيه وجه الوجوب ولو وجبا على الله تعالى لزم الامرين وأما بطلانهما فظاهر أما الأول فلانه يلزم منه الالجاء وأما الثاني
فلانه تعالى حكيم يستحيل منه فعل القبيح والاخلال بالواجب لا يقال الالجاء وارد عليكم لو وجبا على المكلف لان الامر هو الحمل والنهى هو المنع ولا فرق بين صدورهما
من الله تعالى أو المكلف في اقتضائهما الالجاء وهو يبطل التكليف لأنا نقول منع المكلف لا يقتضي الالجاء لأنه لا يقتضى الامتناع بل هو مقرب وهو يجرى مجرى الحدود في
اللطفية ولهذا تقع القبايح مع حصول الانكار. مسألة. واختلف علماؤنا في وجوبهما على الأعيان أو على الكفاية فقال السيد المرتضى إنهما على الكفاية
وقال الشيخ (ره) إنهما على الأعيان لقوله (ع) لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر وهو عام ونقول بموجبه فإن الواجب على الكفاية يخاطب به الكل ويسقط بفعل البعض احتج
السيد (ره) بأن الغرض؟ وقوع المعروف وارتفاع المنكر فمتى حصلا صار التعاطي لهما عبثا. مسألة. شرايط وجوبه أربعة الأول أن يعلم الامر والناهي المعروف
معروفا ومنكرا لئلا يغلط فيأمر بالمنكر وينهى عن المعروف الثاني أن يجوز تأثير إنكاره فلو غلب على ظنه أو علم أنه لا يؤثر لا يجب الامر بالمعروف ولا النهى عن المنكر و
شرط في الامر بالمعروف والنهى عن المنكر باليد واللسان دون القلب فإن الصادق (ع) لما سئل عن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر أواجب هو على الأمة جميعا قال لا فقيل
ولم قال إنما هو على القوى المطاع العالم بالمعروف من المنكر لا على الضعفة الذين لا يهتدون سبيلا وقال الصادق (ع) إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيغظ
أو جاهل فيتعلم فأما صاحب سيف وسوط فلا الثالث أن يكون المأمور أو المنهى مصرا (على الاستمرار صح) فلو ظهر منه الاقلاع سقط الوجوب لزوال علته الرابع أن لا
يكون في الانكار مفسدة على الامر ولا على أحد من المؤمنين بسببه فلو ظن توجه الضرر إليه أو إلى مناله أو إلى أحد من المسلمين سقط الوجوب. مسألة. مراتب
الانكار ثلاثة - آ - بالقلب وهو يجب مطلقا وهو (أول صح) المراتب فإنه إذا علم أن فاعله ينزجر بإظهار الكراهة وجب عليه ذلك وكذا لو عرف أنه لا يكفيه ذلك وعرف الاكتفاء بنوع من
الاعراض عنه والهجر وجب عليه ذلك لقول الصادق (ع) في الحديث السابق وكيف لا يحق لي ذلك وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح فلا تنكروه عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه
حتى يتركه الثاني باللسان فإذا لم ينزجر بالقلب والاعراض والهجر أنكر باللسان بأن يعظه ويزجره ويخوفه ويندرج في الانكار بالأيسر من القول إلى الأصعب
الثالث باليد فإذا لم ينجع القول والوعظ والشتم ونهى باليد بأن يضرب عليهما لقول الصادق (ع) ما جعل الله عز وجل بسط اللسان وكف اليد ولكن
جعلهما يبسطان معا ويكفان معا ولو افتقر إلى الجراح والقتل قال السيد المرتضى يجوز ذلك بغير إذن الإمام وقال الشيخ (ره) ظاهر مذهب شيوخنا الامامية إن
458

هذا الجنس من الانكار لا يكون إلا للأئمة أو لمن يأذن له الامام فيه قال (ره) وكان المرتضى (ره) يخالف في ذلك ويقول يجوز فعل ذلك بغير إذنه لان ما يفعل بإذنه يكون مقصودا
وهذا بخلاف ذلك لأنه غير مقصود وإنما قصده المدافعة والممانعة فإن وقع ضرر فهو غير مقصود وقد أفتى الشيخ بذلك أيضا في كتاب التبيان. مسألة.
لا يجوز لاحد إقامة الحدود إلا الامام أو من نصبه الامام لاقامتها ولا يجوز لاحد سواهما إقامتها على حال وقد رخص في حال غيبة الامام ان يقيم الانسان الحد على مملوكه
إذا لم يخف ضررا على نفسه وماله وغيره من المؤمنين وآمن بوايق الظالمين قال الشيخ وقد رخص أيضا حال الغيبة إقامة الحد على ولده وزوجته إذا امن الضرر ومنع ابن إدريس
ذلك في الولد والزوجة وسلمه في العبد وفي رواية حفص بن غياث إنه سأل الصادق (ع) من يقيم الحدود السلطان والقاضي فقال إقامة الحدود إلى من إليه الحكم
وهل يجوز للفقهاء إقامة الحدود في حال الغيبة جزم به الشيخان عملا بهذه الرواية كما يأتي إن للفقهاء الحكم بين الناس فكان إليهم إقامة الحدود ولما في تعطيل الحدود
من الفساد وقد روى أن من استخلفه سلطان ظالم على قوم وجعل إليه إقامة الحدود جاز له أن يقيمها عليهم على الكمال ويعتقد أنه إنما يفعل ذلك بإذن
سلطان (الحق لا بإذن سلطان صح) الجور ويجب على المؤمنين معونته وتمكينه من ذلك ما لم يتعد الحق في ذلك وما هو مشروع في شريعة الاسلام فإن تعدى من إليه الحق لم يجز له القيام
به ولا لاحد معونته على ذلك ومنع ابن إدريس من ذلك نعم لو خاف الانسان على نفسه من ترك إقامتها جاز له ذلك للتقية ما لم يبلغ قتل النفوس فإن بلغ الحال ذلك لم
يجز فعله ولا تقية فيها على حال. مسألة. الحكم والفتيا بين الناس منوط بنظر الامام ولا يجوز لاحد التعرض له إلا بإذنه وقد فوض الأئمة (ع) ذلك إلى فقهاء
شيعتهم المأمونين المخلصين العارفين بالأحكام ومداركها الباحثين عن ماخذ الشريعة القيمين بنصف الأدلة والامارات لان عمر بن حنظلة سأل الصادق
عن رجلين من أصحابنا تكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى الطاغوت أو إلى السلطان أيحل ذلك فقال من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتا
وإن كان حقه ثابتا لأنه أخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله تعالى أن يكفر به قلت كيف يصنعان قال انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا (وعرف أحكامنا صح)
فلترضوا به حاكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا (رد والراد علينا صح) راد على الله وهو على حد الشرك بالله عز وجل وروى
أبو خديجة عن الصادق (ع) قال إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعرف (يعلم خ ل) شيئا من قضايانا (قضائنا خ ل) فاجعلوه بينكم فإني جعلته قاضيا فتحاكموا
إليه. إذا عرفت هذا فينبغي لمن عرف الاحكام وما خذها من الشيعة الحكم والافتاء وله بذلك أجر عظيم ما لم
يخف في ذلك على نفسه أو على أحد من المؤمنين
فإن خاف شيئا من ذلك لم يجز له التعرض بحال. مسألة. لو طلب أحد الخصمين المرافقة إلى قضاة الجور كان متعديا للحق مرتكبا للإثم مخالفا للامام لقول
الصادق (ع) في الصحيح أيما مؤمن قدم مؤمنا في خصومة إلى قاض أو سلطان جابر فقضى عليه بغير حكم الله فقد شركه في الاثم ويجب على (كل صح) متمكن منع الطالب لقضاة الجور
ومساعدة غريمه على المرافعة إلى قضاة الحق بلا خلاف وإذا ترافع إلى الفقيه العارف بالأحكام الجامع لشرايط الحكم خصمان وجب عليه الحكم بينهما على مذهب (أهل صح) الحق ولا يجوز
له أن يحكم بما يخالف الحق من المذاهب لقوله تعالى " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " وقول الصادق (ع) في الصحيح من حكم في درهمين بغير ما أنزل الله عز وجل
فهو كافر بالله العظيم. إذا ثبت هذا فلو اضطر إلى الحكم بمذهب أهل الخلاف بأن يكون قد اضطر إلى الولاية من قبلهم ولم يتمكن من إنفاذ الحكم بالحق جاز له ذلك
ما لم يبلغ إلى الدماء فإنه لا تقية فيها ويجتهد في تنفيذ الاحكام على الوجه الحق ما أمكن للضرورة الداعية (إليه صح) ولقول زين العابدين (ع) إذا كنتم في أئمة جور فاقضوا في أحكامهم
ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم. إذا ثبت هذا فلو تمكن من إنفاذ الحكم بالحق وحكم بحكم أهل الخلاف كان آثما ضامنا لان
عليا (ع) اشتكى عينه فعاده رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا علي (ع) يصيح (يضج خ ل) فقال له النبي (ع) أجزعا أو وجعا يا علي (فقال صح) يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما وجعت وجعا أشد منه قال يا علي إن ملك الموت
إذا نزل لقبض روح الفاجر أنزل معه سفودا من نار فيقبض روحه به فتصيح (فتصج خ ل) جهنم فاستوى علي (ع) جالسا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله أعد على حديثك فقد أنساني وجعي
ما قلت فهل يصيب ذلك أحدا من أمتك فقال نعم حكماء جايرين وآكل مال اليتيم وشاهد الزور. مسألة. يجوز لفقهاء الشيعة العارفين بمدارك
الاحكام الجامعين لشرايط الحكم الافتاء بين الناس ويجب عليهم ذلك حال غيبة الإمام (ع) إذا امنوا الضرر ولم يخافوا على أنفسهم ولا على أحد من المؤمنين قال
الله تعالى " إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات " الآية وقال تعالى " فلو لا نفر من كل فرقه منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون "
وقال الباقر (ع) لعن رسول الله من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له ورجلا خان أخاه في امرأته ورجلا احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة. إذا عرفت هذا
فإنه يجب على المفتى الافتاء عن معرفة لا عن تقليد وإنما يحل له الافتاء بعد المعرفة بالأحكام ومداركها والأصول والنحو الذي يحتاج إليه في ذلك واللغة المحتاج
إلهيا فيه ولا يحل له الافتاء بغير علم لقول الباقر (ع) في الصحيح من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ولحقه وزر من عمل بفتياه
ولو خاف على نفسه من الافتاء بالحق جاز له مع الضرر وخوفه الافتاء بمذاهب أهل الخلاف والسكوت لأنا جوزنا الحكم بمذهب أهل الخلاف للضرورة فالافتاء
أولي ويجوز لفقهاء الحق أن يجمعوا بين الناس في الصلوات ويستحب ذلك استحبابا مؤكدا مع الامن وقد اختلف علماؤنا في الجمعة حال الغيبة والامن والتمكن من
الخطبتين على ما يسوغ فجوزه بعض علمائنا ومنعه آخرون ولا يجوز لاحد أن يعرض نفسه للتولي من قبل الظالمين إلا أن يعلم أنه لا يتعدى الواجب ولا يرتكب القبيح
ويتمكن من وضع الأشياء مواضعها فإن علم أو ظن أنه يخل بشئ من ذلك لم يجز له التعرض لذلك مع الاختيار فإن أكره جاز له ويجتهد في تنفيذ الاحكام على مذهب
الحق ما أمكن. الفصل الثامن. في الرباط. مسألة. (الرباط صح) فيه فضل كثير وثواب عظيم قال سلمان سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول رباط ليلة في سبيل الله
خير من صيام شهر وقيامه فإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقا ومن القتان ومعنى الرباط الإقامة عند الثغر لحفظ بيضة الاسلام وأقله ثلاثة
أيام وأكثره أربعون يوما فإن زاد كان جهادا ثوابه ثواب المجاهدين وقال احمد لا طرف له في القلة وليس جيدا لأنه لا يصدق على المجتاز في الثغر إنه مرابط ولقول الباقر (ع)
والصادق (ع) الرباط ثلاثة أيام وأكثره أربعون يوما فإذا جاز ذلك فهو جهاد والرباط حال ظهور الإمام أشد استحبابا أما حال الغيبة فلا يتأكد (استحبابها صح) وإن كانت مستحبة
لأنها لا تتضمن قتالا بل حفظا وإعلاما وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفا لشدة الحاجة هناك وكثرة النفع بمقامه به فإن رابط حال ظهور الإمام بإذنه
وسوغ له القتال جاز له وإن كان مستترا ولم يسوغ له القتال (بل يجز القتال صح) ابتداء بل يمنع الكفار من الدخول إلى دار الاسلام ويعلم المسلمين بأحوالهم فإن قاتلوه جاز له
مقاتلتهم ويقصد بذل الدفع عن نفسه وعن بيضة الاسلام. مسألة. تستحب المرابطة بنفسه وغلامه وفرسه ويكره له نقل الذرية والاهل إلى الثغور المخوفة
لجواز استيلاء الكفار عليهم وظفر العدو بالذراري والنسوان مع ضعفهم عن الهرب ولو عجز عن المرابطة بنفسه رابط فرسه أو غلامه أو جاريته أو أعان المرابطين وينبغي
459

لأهل الثغور أن يجتمعوا في المساجد للصلوات لأنه ربما جائهم الكفار دفعة فخافوا بسبب كثرتهم ويستحب الحرس في سبيل الله قال ابن عباس سمعت رسول الله يقول
عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله. مسألة. لو نذر المرابطة وجب عليه الوفاء سواء كان الامام ظاهرا أو غايبا
لأنه نذر في طاعة فيجب الوفاء به كغيره من الطاعات إلا أنه لا يبدأ العدو بالقتال ولا يجاهدهم إلا دفعا عن الاسلام والنفس لقول الصادق يرابط ولا يقاتل فإن خاف
على بيضة الاسلام والمسلمين قاتل فيكون لنفسه لا للسلطان لان في درس الاسلام درس ذكر محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ولو نذر أن يصرف شيئا من ماله إلى المرابطين وجب
الوفاء به سواء كان الامام ظاهرا أو مستترا لأنه نذر في طاعة فوجب الوفاء به كغيره من الطاعات وقال الشيخ (ره) فإن كان في حال ظهور الإمام وجب الوفاء
به وإلا لم يجب إلا أن يخاف الشنعة من تركه فيجب عليه حينئذ صرفه في المرابطة وإذا لم يخف صرف في أبواب البر لرواية علي بن مهزيار. مسألة. لو آجر نفسه
لينوب عن غيره في المرابطة وجب عليه الوفاء لأنها إجارة على فعل طاعة فلزمت كالجهاد ولا فرق بين حال ظهور الإمام وغيبته وقال الشيخ (ره) بذلك حال ظهور الإمام
وأما حال غيبته فلا يلزمه الوفاء بالعقد ويرد على المؤجر ما أخذه منه فإن لم يجد فعلى ورثته فإن لم يكن له ورثه لزمه الوفاء به والمعتمد ما
قلناه غير إنه لا يقصد بالجهاد الدعاء إلى الاسلام لأنه مخصوص بالامام (ع) ونائبه بل يقصد الدفاع عن نفسه وعن الاسلام ومتى
قتل المرابط كان شهيدا. تم الجزء السادس من كتاب تذكرة الفقهاء ويتلوه إن شاء الله تعالى الله الجزء السابع.
460

.
461

بسم الله الرحمن الرحيم وبه توكلي
القاعدة الثانية في العقود وفيه كتب كتاب البيع وفيه مقاصد الأول في أركانه وفيه فصول الأول في ماهيته وهو انتقال عين مملوكة من
شخص إلى غيره بعوض مقدر على وجه التراضي فلا ينعقد على المنافع ولا على ما لا يصح تملكه ولا مع خلوه عن العوض المعلوم ولا مع الاكراه وهو جايز بالنص قال الله تعالى " وأحل الله
البيع " وقال النبي البيعان بالخيار ما لم يفترقا وسأل الصادق (ع) عن معاذ بياع الكرابيس فقيل ترك التجارة فقال عمل عمل الشيطان من ترك التجارة ذهب ثلثا عقله أما علم
أن رسول الله صلى الله عليه وآله قدمت عير من الشام فاشترى منها واتجر وربح فيها ما قضى دينه ولا خلاف بين الأمة فيه ولان الحاجة قد يتعلق بما في يد الغير ولا يبذله بغير عوض فتسويغ
البيع يوصل كلا إلى غرضه ورفع حاجته. الفصل الثاني. في الصيغة. مسألة. الأشهر عندنا إنه لابد منها ولا يكفي المعاطاة في الجليل والحقير مثل أعطني بهذا
الدينار ثوبا فيعطيه ما يرضيه أو يقول خذ هذا الثوب بدينار فيأخذه وبه قال الشافعي مطلقا لأصالة بقاء الملك وقصور الافعال عن الدلالة على المقاصد وبعض
الحنفية وابن شريح في الجليلة وقال احمد ينعقد مطلقا ونحوه قال المالك فإنه قال بع بما يعتقده الناس بيعا لأنه تعالى أحل البيع ولم يبين الكيفية فتحال على العرف كالقبض
والبيع وقع في زمانه صلى الله عليه وآله كثيرا ولم ينقل اللفظ وإلا لتواتر والجواب المعاطاة يثبت في غير البيع فيجب عود النص إلى غيرهما ويمنع عدم التواتر والاستغناء بالإباحة عنه والحوالة في الحقيرة
على العرف فيختلف بأجناس الأموال وفسره بعض الشافعية بما دون نصاب السرقة وهو تحكم. مسألة. صيغة الايجاب بعت أو شريت أو ملكت من جهة البايع و
القبول من المشترى قبلت أو ابتعت أو اشتريت أو تملكت ولا يشترط الاتحاد إجماعا فيقول البايع شريت فيقول المشترى تملكت ويشترط أمور - آ - تقديم الايجاب على
الأقوى خلافا للشافعي وأحمد عملا بالأصل والدلالة على الرضا ليست كافية - ب - الاتيان بهما بلفظ الماضي فلو قال أبيعك أو قال اشترى لم يقع إجماعا لانصرافه
إلى الوعد ولو تقدم القبول بلفظ الطلب بأن قال بعني بدل قوله اشتريت فقال البايع بعتك لم ينعقد وبه قال أبو حنيفة والمزني والشافعي في أحد القولين لأنه ليس
صريحا في الايجاب فقد يقصدان يعرف أن البايع هل يرغب في البيع وأصح وجهي للشافعي الجواز وبه قال مالك لوجود اللفظ المشعر من الجانبين وعن أحمد روايتان كالقولين
نعم لو قال المشترى بعد ذلك اشتريت أو قبلت صح إجماعا ولو تقدم بلفظ الاستفهام فيقول أتبيعني فيقول بعتك لم يصح إجماعا لأنه ليس بقول ولا استدعا - ج - النطق
فلا يكفي الإشارة إلا مع العجز للأصل ولا الكتابة لامكان العبث وللشافعية وجهان - د - التصريح فلا يقع بالكتابة مع النية مثل أدخلته في ملكك أو جعلته لك أو خذه منى بكذا أو
سلطتك عليه بكذا عملا بأصالة بقاء الملك ولان المخاطب لا يدرى بم خوطب وأصح وجهي الشافعي الوقوع قياسا على الخلع وتمنع الأصل وينتقض بالنكاح - ه‍ - الجزم فلو علق
العقد على شرط لم يصح وإن كان الشرط المشية للجهل بثبوتها (حالة العقد وبقائها صح) مدته؟ وهو أحد قولي الشافعية وأظهر الوجهين لهم الصحة لأن هذه صفة يقضيها إطلاق العقد لأنه لو لم يشأ
لم يشتر فروع - آ - إنما يفتقر إلى الايجاب والقبول فيما ليس الضمني من البيوع أما الضمني كأعتق عبدك عنى بكذا فيكفي فيه الالتماس والجواب ولا تعتبر الصيغ المتقدمة
إجماعا - ب - لو اتحد المتعاقدان كالأب عن ولده افتقر إلى الايجاب والقبول وهو أحد وجهي الشافعية وفي الآخر الاكتفاء بأحد اللفظين - ج - لابد من التطابق في المعنى
بين الصيغتين فلو قال بعتك هذين بألف فقال قبلت أحدهما بخمس مأة أو قبلت نصفها بنصف الثمن أو قال بعتكما هذا بألف فقال أحدهما قبلت نصفه بنصف
الثمن لم يقع على إشكال في الأخير أقربه الصحة واختيار البايع. الفصل الثالث. في المتعاقدين. مسألة. يشترط فيهما البلوغ والعقل فلا تصح عبارة الصبى سواء
كان مميزا أو لا أذن له الولي أو لا وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين لان العقل لا يمكن الوقوف على حده المنوط التصرف به لخفائه وتزايده تزايدا على التدريج
فجعل الشارع له ضابطا هو البلوغ فلا يثبت له أحكام العقلاء قبل وجود المظنة ولان المميز غير مكلف فأشبه غيره وقال أبو حنيفة واحمد في الرواية الأخرى يصح
عقد المميز بإذن الولي لقوله تعالى " وابتلوا اليتامى " وإنما يتحقق الاختيار بتفويض التصرف والجواب الابتلاء يثبت بتفويض الاستيام والمماكسة وتدبير البيع ثم يعقد
الولي وفي وجه لنا وللشافعية جواز الاختبار وفي وجه لأبي حنيفة انعقاد بيع المميز بغير إذن الولي موقوفا على إجازة الولي وفي وجه آخر لنا جواز بيعه إذا بلغ عشرا
فروع - آ - لو اشترى الصبى وقبض أو استقرض وأتلف فلا ضمان عليه لان التضييع من الدافع فإن كان المال باقيا رده وعلى الولي استرداد الثمن ولا يبرء البايع بالرد
إلى الصبى وبه قال الشافعي - ب - كما لا يصح تصرفاته اللفظية كذا لا يصح قبضه ولا يفيد حصول الملك في الهبة وإن اتهب الولي له ولا لغيره وإن أمره الموهوب
منه بالقبض ولو قال مستحق الدين للمديون سلم حقي إلى هذا الصبى فسلم قدر حقه لم يبرء عن الدين وبقى المقبوض على ملكه لا يضمنه الصبى لان البراءة تستند
إلى قبض صحيح ولم يثبت ولو فتح الصبى الباب وأذن في الدخول عن إذن أهل الدار وأوصل هدية إلى إنسان عن إذن المهدى فالأقرب الاعتماد لتسامح السلف فيه
- ج - المجنون إن كان له حال إفاقة فباع أو اشترى فيها صح وإلا فلا ولو ادعى الجنون حالة العقد قدم قوله ولو لم يعرف له حالة جنون قدم قول مدعى الصحة وتقدم
قول الصبى لو ادعى ايقاعه حالة الصبى - د - لا ينعقد بيع المجنون وإن أذن وليه لا المغمى عليه ولا السكران ولا النافل ولا الناسي ولا النايم والهاذل ولا المكره
. مسألة. الاختيار شرط في المتعاقدين فلا يصح بيع المكره ولا شراؤه لقوله تعالى " إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " وفي معنى الاكراه بيع التلجئة وهو أن يخاف أن
يأخذ الظالم ملكه فيواطئ رجلا على إظهار شرائه منه ولا يريد بيعا حقيقيا ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال احمد وأبو يوسف ومحمد لأنهما لم يقصدا البيع وكانا
كالهازلين وقال أبو حنيفة والشافعي يصح بيع التلجئة لأنه تم بأركانه وشروطه خاليا عن مقارنة مفسد فصح كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقدا بغير شرط
ونمنع المقدمات وكذا القصد شرط في البيع إجماعا. مسألة. فروع - آ - لو رضي من منع عقده بفعله بعد زوال المانع لم يصح إلا المكره للوثوق بعبارته - ب -
لو أكرهه على بيع عبد فباع اثنين أو نصفه فإشكال وكذا بثمن فباع بأزيد أو أنقص أو بوصف حلول أو غيره فباع بخلافه - ج - لو ادعى الاكراه قبل مع اليمين مع القرينة
لا بدونها. مسألة. تشترط أن يكون البايع مالكا أو من له ولاية كالأب والجد له والحاكم وأمينه والوكيل فلو باع الفضولي صح ووقف على إجازة المالك وبه قال
مالك وإسحاق وأبو حنيفة والشافعي في القديم واحمد في إحدى الروايتين لان النبي (ص) دفع إلى عروة البارقي دينارا ليشتري له شاة فاشترى به شاتين فباع إحديهما بدينار
وجاء بدينار وشاة وحكى له فقال صلى الله عليه وآله له بارك الله لك في صفقة يمينك ولأنه عقد له مجيز حال
وقوعه فيجب أن يقف على إجازته كالوصية وقال أبو ثور وابن المنذر
والشافعي في الجديد واحمد في الرواية الأخرى يبطل البيع وهو قول لنا لقوله (ع) لحكيم بن حزامه لا تبع ما ليس عندك ولأنه باع ما لا يقدر على تسليمه فأشبه الآبق والطير في
الهواء والجواب النهى في المعاملات لا يقتضى الفساد وتصرفه إلى أنه باع عن نفسه ويمضى فيشتريه من مالكه لأنه ذكره جوابا له حين سأله أن يبيع الشئ ثم يمضى ويشتريه
462

ويسلمه والقدرة على التسليم من المالك موجودة إن أجازه. فروع الأول شرط أبو حنيفة للوقف أن يكون للعقد مجيز في الحال ولو باع مال الطفل فبلغ وأجاز
لم ينعقد وكذا لو باع مال غيره ثم ملكه وأجاز وهو قول للشافعية تفريعا على القديم - ب - لو اشترى فضوليا فإن كان بعين مال الغير فالخلاف في البطلان والوقف على
الإجازة إلا أن أبا حنيفة قال يقع للمشترى بكل حال وإن كان في الذمة لغيره وأطلق اللفظ قال علماؤنا يقف على الإجازة فإن أجاز صح ولزمه أداء الثمن وإن رد نفذ عن المباشر
وبه قال الشافعي في القديم واحمد وإنما يصح الشراء لأنه تصرف في ذمته لا في مال غيره وإنما توقف على الإجازة لأنه عقد الشراء له فإن أجازه لزمه (وإن رده لزم صح) من اشتراه ولا فرق بين
أن ينقد من مال الغير أو لا وقال أبو حنيفة يقع عن المباشر وهو جديد للشافعي - ج - لا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها ويمضى ليشتريها ويسلمها وبه قال الشافعي واحمد
ولا نعلم فيه خلافا لنهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع ما ليس عندك ولاشتماله على الغرر فإن صاحبها قد لا يبيعها وهو غير مالك لها ولا قادر على تسليمها أما إذا اشترى موصوفا
في الذمة سواء كان حالا أو مؤجلا فإنه جايز وكذا لو اشترى عينا غايبة مملوكة للبايع موصوفة بما ترفع فإنه جائز إجماعا. الرابع لو باع سلعة وصاحبها حاضر
ساكت فحكمه حكم الغائب قاله علماؤنا وأكثر أهل العلم منهم أبو حنيفة والشافعي واحمد وأبو يوسف لاحتمال السكوت غير الرضا وقال ابن أبي ليلى سكوته إقرار كالبكر والفرق
الحياء المانع من كلامها. الخامس الغاصب وإن كثرت تصرفاته فللمالك أن يجيزها ويأخذ الحاصل في الحال ويتبع العقود ويعتمد مصلحته في فسخ أيها شاء فينفسخ
فرعه وهو أضعف قولي الشافعي وأصحهما عنده بطلان الجميع. السادس لو باع بظن الحياة وإنه فضولي فبأن موته وإنه مالك صح البيع وهو أصح قولي الشافعي لأنه
بيع صدر من أهله في محله وأضعفهما البطلان لأنه كالغايب عن مباشرة العقد لاعتقاده أن المبيع لغيره وله اخر إنه موقوف على يقين الحياة أو الموت. السابع
لو باع الهاذل لم ينعقد عندنا لأنه غير قاصد فلا يترتب عليه حكم وللشافعي وجهان. الثامن إن باع الفضولي أو اشترى مع جهل الاخر فإشكال ينشأ من أن الاخر إنما
قصد تمليك العاقد أما مع العلم فالأقوى ما تقدم وفي الغاصب مع علم المشترى إشكال إذ ليس له الرجوع بما دفعه إلى الغاصب هنا. التاسع يرجع المشترى على البايع غير
المالك بما دفعه ثمنا وبما اغترم من من نفقة أو عوض عن أجرة أو نماء مع جهله أو ادعاء البايع الاذن وهل يرجع بما دفعه مما حصل له في مقابلته نفع قولان ولو كان عالما
لم يرجع بما اغترم ولا بالثمن مع علم الغصب مطلقا عند علمائنا والأقوى أن له الرجوع مع بقاء الثمن لعدم الانتقال بخلاف التالف لأنه إباحة فيه من غير عوض. العاشر
لا يبطل رجوع المشترى الجاهل بادعاء الملكية للبايع لأنه بنى على الظاهر على إشكال ينشأ من اعترافه بالظلم فلا يرجع على غير ظالمه. الحادي عشر لو تلفت العين
في يد المشترى كان للمالك الرجوع على من شاء منهما لدفع مال الغير بغير إذنه وقبضه كذلك فإن رجع على المشترى العالم لم يرجع على البايع لاستقرار التلف في يده
وإن رجع على البايع يرجع عليه إن لم يكن قبض ولو قبض تقاصا؟ ويراد الفضل ولو كان المشترى جاهلا رجع على البايع لغروره لا يرجع البايع عليه لضعف المباشرة. الثاني
عشر لو ضم المملوك إلى غيره صح في ملكه ووقف الاخر على الإجازة عندنا وسيأتى بحثه في تفريق الصفقة. الثالث عشر لا يشترط إسلام العاقد إلا اسلام المشترى
في شراء العبد المسلم فلا ينعقد شراء الكافر للمسلم عند أكثر علمائنا وبه قال احمد ومالك في إحدى الروايتين وأصح قولي الشافعي لان الاسترقاق سبيل فينتفى لقوله تعالى "
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " ولأنه ذل فلا يثبت للكافر على المسلم كالنكاح ولأنه يمنع من استدامة ملكه فيمنع من ابتدائه كالنكاح وقال أبو حنيفة و
الشافعي في أضعف القولين ومالك في الرواية الأخرى وبعض علمائنا يصح ويجبر على بيعه لأنه يملكه بالإرث ويبقى عليه لو أسلم في يديه فصح شراؤه والفرق أن الإرث
والاستدامة أقوى من الابتداء لثبوته بهما للمحرم في الصيد مع منعه من ابتدائه ولا يلزم من ثبوت الأقوى ثبوت الأدون مع أننا نقطع الاستدامة عليه يمنعه منها
وإجباره على إزالتها. فروع الأول الخلاف واقع في اتهابه وقبول الوصية والاستيجار عليه الثاني لو وكل الكافر مسلما في شراء مسلم يصح وبه قال احمد لان الملك
يقع للموكل ولو انعكس فالأقرب الصحة وهو أحد وجهي احمد لان المانع ثبوت السبيل والملك هنا للمسلم والآخر له لم يصح لان ما منع من شرائه منع من التوكيل فيه كالمحرم في
الصيد والفرق الممنوع هنا الإعانة الثالث لو كان المسلم ممن ينعتق على الكافر فالأقرب عندي صحة البيع لأنه يستعقب العتق وإن كرهه فلا إذلال وهو أصح
وجهي (الشافعية صح) وإحدى روايتي احمد وفي الأخرى لا يصح لان ما منع من شرائه لم يبح له الشراء وإن زال ملكه كالصيد والفرق أن المحرم لو ملكه لثبت عليه بخلاف المتنازع الرابع كل
شراء يستعقب العتق فكالقريب كما لو أقر كافر بحرية عبد مسلم ثم اشتراه من مالكه أو قال لغيره أعتق عبدك المسلم عنى وعلى ثمنه ففعل والخلاف كما تقدم الخامس يجوز أن
يستأجر الكافر مسلما لعمل في ذمته لأنه دين عليه ويتمكن من تحصيله بغيره وآجر بعض الأنصار نفسه من ذمي يستقى له كل دلو بتمرة وأتى به النبي صلى الله عليه وآله فلم ينكره وكذا في الإجارة
على العين وللشافعي وجهان أظهرهما عنده الصحة إذ لا يستحق بالإجارة رقبته بل منفعته بعوض وهو في يد نفسه إن كان حرا وفي يد سيده إن كان عبدا والثاني يبطل
لما فيه من الاستيلاء والاذلال باستحقاق استعماله فإن قلنا بالصحة فهل يؤمر بأن يوجر من مسلم للشافعي وجهان السادس في صحة ارتهان الكافر المسلم وجهان للشافعي
وسيأتى ويجوز إعادته وايداعه منه السابع لا يمنع الكافر من استرجاعه بالعيب ويتصور على وجهين بأن يبيع مسلما ورثه أو أسلم في يده بثوب من مسلم ثم تجد في
الثوب عيبا وهو أظهر وجهي الشافعي لأنه قهري كالإرث والآخر المنع لأنه مختار فتسترد قيمة العبد ويفرض كالتالف فالثوب له رده قطعا أو بان يجد مشترى العبد فيه عيبا
وفيه للشافعي الوجهان المنع فإنه كما يحرم على الكافر تملك المسلم كذا يحرم على المسلم تمليك الكافر المسلم والجواز إذ لا اختيار للكافر هنا الثامن إذا حصل المسلم في ملك
الكافر بإرث أو شراء وقلنا بصحته أو أسلم العبد دون مولاه أمره الحاكم بإزالة الملك عنه إما ببيع أو عتق أو غيرهما ولا يكفي الرهن والإجارة والتزويج والحيلولة
وفي الكتابة للشافعي وجهان الاظهر الاكتفاء لقطع السلطنة عنه والمنع لبقاء ملك الرقبة والأقرب عندي الأول في المطلقة والثاني في المشروطة التاسع لو أسلمت
مستولدة الكفار امتنع بيعها على أصح قولي الشافعي وفي أمره بالاعتاق لها وجهان الامر لاستحقاقها العتق ولابد من دفع الذل والأظهر المنع للاجحاف والتخسير فيحال
بينهما ويستكسب في يد غيره له ويؤخذ منه النفقة وهو عندي حسن العاشر لو امتنع الكافر من إزالة الملك حيث يؤمر باعه الحاكم بثمن المثل ويكون الثمن الكافر
فإن لم يجد راغبا صبر مع الحيلولة ولو مات الكافر أمر وارثه بما يؤمر مورثه الحادي عشر لا يجوز للكافر شراء المصحف وهو أظهر قولي الشافعي لما فيه من تعظيم
الكتاب العزير والآخر له الجواز وفي أخبار الرسول عندي تردد وللشافعي وجهان. مسألة. يشترط في العاقد انتفاء الحجر عنه فلو كان محجورا عليه برق أو سفه
أو فلس أو مرض مع المحاباة وقصور الثلث على رأى بطل أو وقف على الإجازة على الخلاف أو سيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى في أبوابه وهل يشترط البصر الاظهر لا
فيصح بيع الأعمى وشراؤه مع الوصف الرافع للجهالة سواء كان مما يدرك بالذوق أو الشم أو لا وله خيار الخلف في الصفة كالمبصر وبه قال احمد وأبو حنيفة و
للشافعية طريقان أحدهما إنه على قولين والثاني القطع بالمنع لأنا نثبت خيار الرؤية في بيع الغايب وهنا لا رؤية فيكون كبيع الغايب على شرط نفى الخيار وقال الشافعي
463

لو رآه بصيرا ثم اشتراه قبل مضى زمن يتغير فيه صح ولو باع سلما أو أسلم فإن عمى بعد ما بلغ سن التمييز صح لان الاعتماد في السلم على الأوصاف وهو يعرفها ثم يوكل
من يقبض ولا يصح قبضه بنفسه على أصح قوليه لأنه لا يميز بين المستحق وغيره وإن عمى قبل سن التمييز أو كان أكمه فوجهان عنده عدم الصحة لعدم معرفته بالألوان و
أظهرهما جواز لأنه يتخيل فرقا بين الألوان ويعرف أحوالها بالسماع ومنع المزني من تسليمه وقال عبيد الله بن الحسن يجوز شراؤه وإذا أمر إنسانا بالنظر إليه لزمه. الفصل
الرابع. العوضان ويشترط فيهما أمور الأول الطهارة. مسألة. يشترط في المعقود عليه الطهارة الأصلية فلا تضر النجاسة العارضة مع قبول التطهير ولو
باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير لم يصح إجماعا لقوله تعالى " فاجتنبوه حرمت عليكم الميتة " والأعيان لا يصح تحريمها وأقرب مجاز إليها جميع وجوه الانتفاع وأعظمها البيع
فكان حراما ولقول جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو بمكة يقول إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام وما عرضت له النجاسة إن قبل التطهير صح بيعه ويجب
اعلام المشترى بحاله وإن لم يقبله كان كنجس العين. مسألة. كما لا يجوز للمسلمين مباشرة بيع الخمر فكذا لا يجوز أن يوكل فيه ذميا وبه قال الشافعي ومالك واحمد
وأكثر أهل العلم وقال أبو حنيفة يجوز للمسلم أن يوكل ذميا في بيعها وشرائها وهو خطأ لما تقدم ولأنه نجس العين فيحرم فيه التوكيل كالخنزير. مسألة. الكلب
إن كان عقورا حرم بيعه عند علمائنا وبه قال الحسن وربيعة وحماد والأوزاعي والشافعي وداود واحمد وعن أبي حنيفة روايتان وبعض أصحاب مالك منعه لان النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن ثمن الكلب وقال الرضا (ع) ثمن الكلب سحت وقال الصادق (ع) ثمن الكلب الذي لا يصيد سحت أما كلب الصيد فالأقوى عندنا جواز بيعه وبه قال أبو
حنيفة وبعض أصحاب مالك وجابر وعطا والنخعي لما روى عن جابر إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن ثمن الكلب والسنور إلا كلب الصيد وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله الصادق (ع)
عن ثمن كلب الصيد قال لا بأس بثمنه والاخر لا يحل ثمنه ولأنه يحل الانتفاع به ويصح نقل اليد فيه والوصية به وقال الشافعي واحمد والحسن وربيعة والحماد
والأوزاعي ودواد بالتحريم وهو قول لنا لأنه (ع) نهى عن ثمن الكلب وهو عام ولأنه نجس العين فأشبه الخنزير ونمنع العموم إذ ليس من صيغة والنجاسة غير مانعة
كالدهن النجس والخنزير لا ينتفع به بخلافه فروع: الأول إن سوغنا بيع كلب الصيد صح بيع كلب الماشية والزرع والحايط لان المقتضى وهو النفع حاصل هنا الثاني
يصح إجارة كلب الصيد وبه قال الشافعية لأنها منفعة مباحة فجازت المعاوضة عنها ومنع بعضهم والحنابلة لأنه حيوان يحرم بيعه فحرمت إجارته كالخنزير ولا يضمن
منفعته في الغصب فلا يجوز أخذ العوض عنها والأصلان ممنوعان والخنزير لا منفعة فيه الثالث تصح الوصية بالكلب الذي مباح اقتناؤه وكذا هبته وبه قال
بعض الشافعية وبعض الحنابلة وقال الباقون منهما لا تصح الهبة لأنها تمليك في الحياة فأشبهت البيع والحكم في الأصل ممنوع الرابع يحرم قتل ما يباح اقتناؤه
من الكلاب إجماعا وعليه الضمان على ما يأتي وبه قال مالك وعطا وقال الشافعي واحمد لا غرم لأنه يحرم أحد عوضه فلا يجب غرم بإتلافه والأصل ممنوع أما الكلب
العقور فيباح قتله إجماعا لقوله صلى الله عليه وآله خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم العزاب والحداءة والعقرب والفأرة والكلب العقور أما الكلب الأسود فإن كان مما
ينتفع به لم يبح قتله خلافا لأحمد لما تقدم وقوله (ع) الكلب الأسود شيطان لا يبيح قتله الخامس لا بأس ببيع الهر عند علمائنا وبه قال ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحماد والثوري
ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي لقول الصادق (ع) لا بأس بثمن الهرة ولأنه ينتفع به ويحل اقتناؤه فجاز بيعه كغيره وكرهه أبو هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد واحمد لما
روى عن جابر إنه سئل عن ثمن السنور فقال زجر النبي عن ذلك وهو محمول على غير المملوك أو ما لا نفع فيه السادس يجوز اقتناء كلب الصيد والزرع والماشية والحايط دون
غيره لقوله من اتخذ كلبا إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع نقص من أجره كل يوم قيراط ولو اقتناه لحفظ البيوت فالأقرب الجواز وهو قول بعض الشافعية وبعض الحنابلة
لأنه في معنى الثلاثة ومنع منه بعضهم لعموم النهى السابع يجوز تربية الحر والصغير لاحد المنافع المباحة وهو أقوى وجهي الحنابلة لأنه قصد لذلك فله حكمه كما جاز بيع
العبد الصغير الذي لا نفع فيه والآخر لا يجوز لأنه ليس أحد المنتفع بها؟ الثامن لو اقتناه للصيد ثم ترك الصيد مدة لم يحرم اقتناؤه مدة تركه وكذا لو حصد الزرع
أو هلكت الماشية أو خرج من البستان إلى أن يصيد أو يزرع آخر أو يشترى ثمرة أخرى التاسع لو اقتنى كلب الصيد من لا يصيد جاز وهو أحد وجهي الحنابلة لاستثنائه (ع)
كلب الصيد والآخر المنع لأنه اقتناه لغير حاجة فأشبه غيره إذ معنى كلب الصيد كلب يصيد والمراد بالقوة. مسألة. لا يجوز بيع السرجين النجس إجماعا منا وبه قال مالك
والشافعي واحمد للاجماع على نجاسة فيحرم بيعه كالميتة وقال أبو حنيفة يجوز لان أهل الأمصار يبايعونه لزروعهم من غير نكير فكان إجماعا ونمنع إجماع العلماء ولا عبرة بغيرهم
ولأنه رجيع نجس فلم يصح بيعه كرجيع الآدمي أما غير النجس فتحمل عندي جواز بيعه. مسألة. لا يجوز بيع جلد الميتة قبل الدباغ إجماعا منا وبه قال احمد وقال أبو حنيفة
يجوز أما بعد الدباغ فكذلك عندنا لأنه لا يطهر به خلافا للجمهور وقد تقدم ذلك أما عظام الميتة فيجوز بيعها ما لم يكن من نجس العين كالكلب والخنزير ولهذا جاز بيع عظام
الفيل ولبن شاة الميتة حرام لا يصح بيعه وعلى قول الشيخ يجوز بيعه فروع: الأول لحم المذكى مما لا يؤكل لحمه لا يصح بيعه لعدم الانتفاع به في غير الاكل المحرم ولو فرض له نفع
ما فكذلك لعدم اعتباره في نظر الشرع الثاني لا يصح بيع الترياق لأنه يحرم تناوله لاشتماله على الخمر ولحوم
الحيات ولا يحل التداوي به إلا مع خوف التلف وكذا سم الأفاعي
لا يحل بيعها أما السم من الحشايش فإن كان لا ينتفع به أو كان يقتل قليله لم يجز بيعه لعدم نفعه وإن أمكن التداوي بيسيره جاز بيعه الثالث الاليات المقطوعة من
الشاة الميتة أو الحية لا يحل بيعها ولا الاستصباح بدهنها مطلقا أما الدهن النجس بملاقات النجاسة له فيجوز بيعه لفايدة الاستصباح به تحت المساء خاصة وللشافعي
قولان أحدهما لا يجوز تطهيره فلا يصح وبه قال مالك واحمد والثاني يجوز تطهيره ففي بيعه عنده وجهان وفي جواز الاستصباح قولان والأظهر عنده جوازه ومنع بيعه و
الدهن النجس بذاته كودك الميتة لا يجوز بيعه عنده قولا واحدا وفي الاستصباح وجهان ويجوز هبة الدهن النجس والصدقة به والوصية به وكذا الكلب الجايز بيعه و
بعض الشافعية منع من الهبة والصدقة خاصة فروع: الأول يجوز بيع كل ما فيه منفعة لان الملك سبب لاطلاق التصرف والمنفعة المباحة كما يجوز استيفائها
يجوز أخذ العوض عنها فيباح لغيره بذل ماله فيها توصلا إليها ودفعا للحاجة بها كساير ما أبيح بيعه وسواء أجمع على طهارته كالثياب والعقار وبهيمة الانعام والخيل
والصيود أو مختلفا في نجاسة كالبغل والحمار وسباع البهايم وجوارح الطير الصالحة للصيد كالفهد والصقر والبازي والشاهين والعقاب والطير المقصود صوته
كالهزار والبلبل وهذا هو الأقوى عندي وبه قال الشافعي واحمد وقال بعض علمائنا يحرم بيع السباع كلها إلا الهر والمسوخ برية كانت كالفرد والدب أو بحرية كالضفادع
والسلاحف والطافي والجوارح كلها طايرة كانت كالبازي أو ماشية كالفهد وقال أبو بكر بن عبد العزيز وابن أبي موسى لا يجوز بيع الصقر والفهد ونحو هذا لأنها نجسة فأشبهت
الكلب والنجاسة ممنوعة الثاني الفقاع عندنا نجسة إجماعا فلا يجوز بيعه ولا شراؤه لأنه كالخمر على ما تقدم خلافا للجمهور كافة وكذا النبيذ خلافا لبعض الجمهور والدم
كله نجس فلا يصح بيعه وكذا ما ليس بنجس منه كدم غير ذي النفس السايلة لاستحبابه وكذا يحرم بيع أبوال وأرواث ما لا يؤكل لحمه وقيل في الأبوال كلها إلا بول الإبل لفايدة
464

الاستشفاء به والمتولد بين نجس العين وطاهرها يتبع الاسم الشرط الثاني المنفعة. مسألة. لا يجوز بيع ما لا منفعة فيه لأنه ليس مالا فلا يؤخذ في مقابلته
المال كالحبة والحبتين من الحنطة ولا نظر إلى ظهور الاشفاع إذا انضم إليها أمثالها ولا إلى إنها قد توضع في الفخ أو تبذر ولا فرق بين زمان الرخص والغلا ومع هذا
فلا يجوز أخذ حبة من صبرة الغير فإن أخذت وجب الرد فإن تلفت فلا ضمان لأنه لا مالية لها وهذا كله للشافعي أيضا وفي وجه آخر له جواز بيعها وثبوت مثلها
في الذمة وليس بجيد. مسألة. لا يجوز بيع ما لا ينتفع به من الحيوانات كالخفاش والعقارب والحيات وبنات وردان والجعلان والقنافذ واليرابيع لخستها وعدم
التفات نظر الشرع إلى مثلها في التقويم ولا يثبت الملكية لاحد عليها ولا اعتبار بما يورد في الخواص من منافعها فإنها مع ذلك لا تعد مالا وكذا عند الشافعي و
في السباع التي لا تصلح للصيد عنده وجهان لمنفعة جلودها أما العلق ففي بيعه لمنفعة امتصاص الدم إشكال وأظهر وجهي الشافعي واحمد الجواز وكذا ديدان القز بترك
في الشص فيصاد بها السمك والأقرب عندي المنع وهو أحد الوجهين لهما لندور الانتفاع فأشبه ما لا منفعة فيه إذ كل شئ فله نفع وما منع الشافعي من بيع الحمار
الزمن وليس بجيد للانتفاع بجلده. مسألة. ما أسقط الشارع منفعته لا نفع له فيحرم بيعه كآلات الملاهي مثل العود والزمر وهياكل العبادة المبتدعة
كالصلب والصنم وآلات القمار كالنرد والشطرنج إن كان رضاضها لا يعد مالا وبه قال الشافعي وإن عد مالا فالأقوى عندي الجواز مع زوال الصفة المحرمة
وللشافعي ثلاثة أوجه الجواز مطلقا لما يتوقع في المال والفرق بين المتخذة من الخسب؟ ونحوه والمتخذة من الجواهر النفيسة والمنع وهو أظهرها لأنها آلات المعصية لا يقصد
بها سواها أما الجارية المغنية إذا بيعت بأكثر ما يرغب فيها لولا الغناء فالوجه التحريم وبه قال احمد والشافعي في أحد الوجوه لقول النبي (ص) لا يجوز بيع المغنيات (ولا أثمانهن ولا كسبهن وسئل الصادق (ع) عن بيع جواري المغنيات صح) فقال شراهن و
بيعهن حرام وتعليمهن كفر واستماعهن نفاق ولأنه بذل للمعصية والثاني تبطل إن قصد الغناء وإلا فلا والثالث وهو القياس يصح ولو بيعت على أنها سازجة صح
. مسألة. يصح بيع الماء المملوك لأنه طاهر ينتفع به لكن يكره وسيأتى وهل يجوز بيعه على طرف النهر أو بيع التراب والحجارة حيث يعم وجودها للشافعي وجهان
الجواز وبه نقول لظهور منفعته والمنع لأنه سفه وكذا يجوز بيع كل ما يعم وجوده وهو مملوك ينتفع به. مسألة. يجوز بيع لبن الآدميات عندنا وبه قال الشافعي
لأنه طاهر ينتفع به كلبن الشاة ويجوز أخذ العوض عليه في إجارة الظئر وقال أبو حنيفة ومالك لا يجوز وعن أحمد روايتان كالمذهبين وهو وجه للشافعية لأنه مانع خارج
من ادمى فأشبه العرق ولأنه من آدمي فأشبه ساير أجزاه والفرق عدم نفع العرق ولهذا لا يباع عرق الشاة ويباع لبنها وساير اجزاء الآدمي يجوز بيعها كالعبد والأمة وإنما
حرم في الحر لانتفاء المالك وحرم بيع المقطوع من العبد لعدم المنفعة. مسألة. يجوز بيع العبد الموصى بخدمته دايما والبستان الموصى بنفعه مؤبد الفائدة في الاعتاق
والارهان وجميع فوايدهما لو أسقط الموصى له حقه ولا يجوز بيع ما لا نفع فيه كرطوبات الانسان وفضلاته كشعره وظفره عدا اللبن على ما تقدم. الشرط الثالث
الملك فلا يصح بيع المباحات وما يشترك فيه المسلمون قبل حيازته مثل الكلاء والماء والحطب قبل حيازتها إجماعا ولو كان في ملكه فالوجه إنها له وسيأتى فيصح بيعها وعن أحمد
روايتان فإن قلنا بالصحة فباع الأرض لم يدخل الكلاء ولا الماء إلا أن ينص عليهما لأنها بمنزلة الزرع وكذا لا يصح بيع السمك قبل اصطياده ولا الوحش قبل.
الاستيلاء عليه. مسألة. ولا يصح بيع الأرض الخراجية لأنها ملك المسلمين قاطبة لا يتخصص بها أحد نعم يصح بيعها تبعا لآثار المتصرف وفي بيع بيوت مكة إشكال
المروى المنع وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري وأبو عبيد وكرهه إسحاق لقوله (ع) في مكة لا يباع رباعها ولا يكرى بيوتها ولأنها فتحت عنوة لقوله (ع) إن الله حبس عن مكة
الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لا تحل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار وفي قول الجواز وبه قال طاوس وعمرو بن دينار والشافعي
وابن المنذر وعن أحمد روايتان لان النبي صلى الله عليه وآله لما قيل له أين ينزل غدا قال وهل ترك لنا عقيل من رباع يعنى إن عقيلا باع رباع أبى طالب لأنه ورثه دون إخوته ولو كانت غير
مملوكة لما أثر بيع عقيل شيئا وباع جماعة من الصحابة منازلهم ولم ينكر عليهم ونزل سفين بعض رباع مكة فهرب لم يعطهم أجرة فأدركوه فأخذوها منه فروع: الأول
الخلاف في غير مواضع النسك أما بقاع المناسك كبقاع السعي والرمي وغيرهما فحكمها حكم المساجد الثاني الوجه أنه يجوز إجارة بيوت مكة وقال الشيخ لا يجوز لاحد
منع الحاج عن دورها لقوله تعالى " سواء العاكف فيه والباد " وفيه نظر الثالث إذا بنى بمكة بآلة مجتلية من غير
أرض مكة جاز بيعها كما يجوز بيع أبنية الوقوف إجماعا وإن
كانت من تراب الحرم وحجارته فعلى الخلاف. مسألة. ولا يجوز بيع الحر بالاجماع لقول النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة أنا خصمهم يوم القيمة رجل أعطى ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه
ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجرته ولو سرقه فباعه قطع لافساده لا حدا. مسألة. يشترط في الملك التمامية فلا يصح بيع الوقف لنقص الملك فيه إذ القصد
منه التأبيد نعم لو كان بيعه أعود عليهم لوقوع خلف بين أربابه وخشي تلفه أو ظهور فتنة بسببه جوز أكثر علمائنا بيعه خلافا للجمهور وسيأتى ولا يصح بيع أم الولد بالاجماع
عندنا إلا في ثمن رقبتها إذا كان دينا على مولاها ولا وجه له سواها وفي اشتراط موته حينئذ خلاف لما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) في رجل اشترى جارية يطأها فولدت له
فمات قال إن شاؤوا (أن يبيعوها صح) باعوها في الدين الذي يكون على مولاها من ثمنها فإن كان لها ولد قومت على ولدها من نصيبه وإن كان ولدها صغيرا انتظر به حتى يكبر ثم يجبر
على قيمتها فإن مات ولدها بيعت في الميراث إن شاء الورثة ولو مات ولدها جاز بيعها مطلقا لهذه الرواية وكذا لو كانت مرهونة وسيأتى ولا يصح بيع الرهن لتعلق حق
المرتهن به ونقصان ملك الراهن ما لم يجز المرتهن (لان الحق لا يعدوهما بلا خلاف ولو باع ولم يعلم المرتهن) ففك لزم البيع لانتفاء المعارض ومن أبطل بيع الفضولي لزم الأبطال هنا. مسألة. الأقوى بين علمائنا صحة
بيع الجاني سواء كانت جنايته عمدا أو خطأ أوجبت القصاص أو لا على النفس أو ما دونها وبه قال أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد قوليه لأنه حق غير مستقر في
الحال يملك من أدائه غيره فلم يمنع البيع كالزكاة ولو أوجبت قصاصها فهو يرجى سلامته ويخشى تلفه فأشبه المريض وقال بعض علمائنا لا يصح بيعه وهذا القول الآخر
للشافعي لأنه تعلق برقبة حق آدمي فمنع صحة بيعه كالرهن بل حق الجناية آكد لتقدمها عليه والفرق إن الحق منحصر في الرهن لا يملك سيده إبداله ثبت فيه برضاه
وثيقة الدين فلو أبطله بالبيع بطل حق الوثيقة الذي التزمه برضاه وللشافعي قول ثالث وقوعه موقوفا إن فدى فقد لزم وإلا فلا إذا عرفت هذا
فإن باعه وأوجبت الأرش أو القود فعفى إلى مال فداه السيد بأقل الامرين عند أكثر علمائنا وعند الباقين بالأرش ويزول الحق عن رقبة العبد يبيعه لان الخيار للسيد
فإذا باعه فقد اختار الفداء فيتعين عليه ولا خيار للمشترى لعدم الضرر فإن الرجوع على غيره مع يسار المولى وبه قال احمد وأبو حنيفة وبعض الشافعية وقال بعضهم
لا يلزم السيد فداه إذا كثر ما فيه إنه التزم الفداء فلا يلزم كما لو قال الراهن أنا أقضى الدين من غير الرهن والفرق إنه أزال ملكه عن الجاني فلزمه الفداء كما لو قبله بخلاف الرهن
وإن كان معسرا لم يسقط حق المجني عليه من الرقبة ما لم يجز البيع أولا فإن البايع إنما يملك نقل حقه عن رقبته بفدائه ولا يحصل من ذمة المعسر فيبقى الحق مقدما على
حق المشترى ويتخير المشترى الجاهل في الفسخ فيرجع بالثمن معه أو مع الاستيعاب لان أرش مثل هذا جميع ثمنه وإن لم يستوعب رجع بقدر أرشه ولو علم تعلق الحق به فلا
465

رجوع ولو اختار المشترى الفداء فله والبيع بحاله لقيامه مقام البايع التخير وحكمه في الرجوع فيما فداه به على البايع حكم قضاء الدين عنه وللشافعي في المعسر قولان البطلان صيانة
لحق المجني عليه وإثبات الخيار للمجني عليه فينفسخ البيع ويباع في الجناية وإن أوجبت قصاصا تخير المشترى الجاهل بين الرد والأرش فإن اقتص منه احتمل تعين الأرش وهو
قسط قيمة ما بينه جانيا وغير جان ولا يبطل البيع من أصله وبه قال احمد وبعض الشافعية لأنه تلف عند المشترى بالعيب الذي كان فيه فلم يوجب الرجوع لجميع الثمن
كالمريض والمرتد وقال أبو حنيفة والشافعي يرجع جميع الثمن لان تلفه بمعنى استحق عليه عند البايع فجرى مجرى إتلافه وينتقص بالردة والمرض والتلف غير الاتلاف
ولو أوجبت قطع عضو فقطع عند المشترى فقد تعيب في يده فإن استحقاق القطع دون حقيقته وفي منع رده بعيبه إشكال وعن أحمد روايتان ولو اشتراه عالما
بعيبه فلا رد ولا أرش وبه قال الشافعي واحمد. مسألة. المرتد إن كان عن فطرة ففي صحة بيعه نظر ينشأ من تضاد الحكمين ومن بقاء الملك فإن كسبه لمولاه إما عن غير
فطرة فالوجه صحة بيعه لعدم حتم قتله لاحتمال رجوعه إلى الاسلام فكذا القاتل في المحاربة إذا تاب قبل القدرة عليه فإن لم تتب إلا بعدها فالأقرب صحة بيعه
لأنه قن يصح إعتاقه ويملك استخدامه فصح بيعه كغير القاتل ولامكان الانتفاع به إلى حين القتل ويعتق فينجر ولاء أولاده فصح بيعه كالمريض المأيوس من برؤه ويحتمل
العدم لتحتم قتله وإتلاف ماليته وتحريم إبقائه فصار بمنزلة ما لا نفع فيه والمنفعة التامة إلى قتله لا يتمهد بها محلا للبيع كمنفعة المعينة في سد يتق؟ وإطعام كلب
والأقوى الأول لثبوت أحكام الحياة ووجوب القتل غير مانع كمرض المأيوس من برؤه والميتة لم يكن لها نفع سابق ولا لاحق وللحنابلة قولان كالوجهين. مسألة.
لا يجوز بيع المكاتب لانتفاء السلطنة عليه إلا بالاستيفاء سواء كان منطلقا أو مشروطا ما لم يعجز المشروط فإن عجز ففي اشتراط تقديم الفسخ إشكال ويصح بيع المدبر
لبقاء الملك فيه ويبطل تدبيره حينئذ خلافا للشيخ وسيأتى وكذا يصح بيع الموصى به أما الموهوب مع جواز الرجوع وذو الخيار فإنه يوجب فسخ السابق وهل يصح قال بعض علمائنا
نعم وهو الأقوى وإلا لم يكن مبطلا إذ لا أثر للفاسد فيتضمن الحكمين وقال بعضهم بالنفي لعدم مصادفة الملك. مسألة. العبد إن لم يكن مأذونا له في
التجارة لم يمض بيعه ولا شراؤه بعين المال لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه وهل يقع باطلا أو موقوفا على رضي السيد الأقرب عندي الثاني وهو أحد وجهي الحنابلة
كالفضولي والاخر البطلان لأنه تصرف من المحجور عليه وأما الشراء بثمن في الذمة فالأقوى المنع لأنه لو صح فإما أن يثبت الملك له وهو ليس أهلا له أو لسيده فإما بعوض
على السيد وهو لم يرض به أو على العبد فكيف يحصل أحد العوضين لغير من يلزمه الثاني ويحتمل الصحة لتعلقه بالذمة ولا حجر على ذمته وللشافعي قولان فإن
قلنا بها احتمل أن يكون للسيد لأنه أحق بما في يد عبده منه كالصيد والبايع إن علم رقه انتظر العتق وليس له الرجوع في العين فيكون كهلاكه في يد العبد وإن جهل فإن
شاء صبر وإن شاء فسخ ورجع في العين لاعساره وأن يكون للعبد فللسيد إقراره عليه وانتزاعه وللبايع الرجوع في عين المبيع ما دام في يد العبد وإن تلف في يد العبد
صبر إلى العتق وإن انتزعه السيد ملكه لما مر وهل يرجع البايع وجهان للشافعي والأقرب عندي الرجوع مع الجهل برقه لا مع العلم وإن تلف استقر الثمن في ذمته دون السيد
مع العلم بالرق وفي الجهل إشكال وإن قلنا بالبطلان فللبايع أخذه من يد السيد أو العبد وإن كان تالفا فله القيمة أو المثل فإن تلف في يد السيد رجع عليه لتلف
ماله في يده وإن شاء انتظر لأنه الآخذ وإن تلف في يد العبد فالرجوع عليه يتبع به بعد العتق وبه قال الشافعي وهو أحد روايتي احمد وفي الأخرى يتعلق برقبته واقتراض
العبد كشرائه وأما المأذون له فيصح تصرفه فيما أذن له فيه وسيأتى تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى. الشرط الرابع. القدرة على التسليم وهو إجماع في صحة البيع ليخرج البيع عن أن
يكون بيع غرر والقدرة قد ينتفى حسا كالآبق وشرعا كالرهن والمشهور عند علمائنا إنه لا يصح بيع الآبق منفردا وإن عرفا مكانه وبه قال مالك والشافعي واحمد وأبو ثور
وابن المنذر وأصحاب الرأي لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الغرر وهذا غرر وفي الصحيح عن رفاعة عن الكاظم (ع) قلت له يصلح أن اشترى من القوم الجارية الآبقة فأعطيهم الثمن
وأطلبها أنا فقال لا يصح شراؤها إلا أن يشتري معها منهم شيئا ثوبا أو متاعا فيقول لهم اشترى منكم جاريتكم فلانة وهذا المتاع بكذا وكذا درهما فإن ذلك
جايز ولأنه غير مقدور على تسليمه فأشبه الطير في الهواء أو قال بعض علمائنا بالجواز وبه قال شريح وابن سيرين واشترى ابن عمر من بعض ولده بعيرا شاردا لأنه مملوك فصح
فروع: - آ - لو باع الآبق على من هو في يده أو على من يتمكن من أخذه صح لانتفاء المانع - ب - لو باع الآبق منضما إلى غيره صح فإن لم يظفر به لم يكن له رجوع على البايع
بشئ وكان الثمن في مقابلة الضميمة لقول الصادق (ع) فإن لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشترى منه - ج - الضال يمكن حمله على الآبق لثبوت المقتضى وهو تعدد
التسليم والعدم لوجود المقتضى لصحة البيع وهو العقد فعلى الأول يفتقر إلى الضميمة ولو تعذر تسليمه كان الثمن في مقابلة الضميمة وعلى الثاني لا يفتقر ويكون في
ضمان البايع إلى أن يسلمه أو يسقط عنه ومنع الشافعي من بيع الضال كالآبق لتعذر التسليم. مسألة. لا يصح بيع السمك في الماء وهو قول أكثر العلماء كالامامية و
الشافعي وأبي حنيفة ومالك واحمد والحسن والنخعي وأبى يوسف وأبى ثور ولا نعلم لهم مخالفا وإنما يصح بشروط ثلاثة كونه مملوكا وكون الماء رقيقا لا يمنع المشاهدة وإمكان
صيده وإن كان في بركة لا يمكنه الخروج منها وهي صغيرة صح البيع وبه قال الشافعي لامكان التسليم فيه ولو كان البركة كبيرة واحتيج في أخذه إلى تعب شديد فالأقوى
صحة البيع وهو أضعف وجهي الشافعي والأظهر عنده المنع كالآبق والفرق علم القدرة مع المشقة هنا ولو كان في أجمة لم يجز بيعه عند أكثر العلماء وقال ابن أبي ليلى وعمر بن
عبد العزيز فيمن له أجمة تحبس السمك فيها يجوز بيعه لأنه يقدر على تسليمه ظاهرا فأشبه ما يحتاج إلى مؤنة في كيله ونقله وهو خطأ لأنه مجهول فأشبه بيع اللبن
في الضرع ولو ضمه مع القصب فأقوى الوجهين لنا البطلان إلا مع العلم بهما وإمكان التسليم وروى لنا الجواز. مسألة. لا يصح بيع الطير في الهواء سواء كان مملوكا
أو غيره إجماعا لأنه في المملوك وغيره غرر وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر وفسر بأنه بيع السمك في الماء والطير في الهواء ولو باع الحمام المملوكة وهو طاير فإن كان يألف الرجوع
فالأقوى الجواز وهو أضعف وجهي الشافعي للقدرة على التسليم كالعبد المنفذ في شغل والأقوى عنده المنع وبه قال احمد إذ لا قدرة في الحال وليس له وازع يوثق به
وينتقض بالغايب فإنه غير مقدور عليه في الحال وإن كان في البر حينئذ قال الشيخ إن كان مفتوحا لم يصح بيعه لأنه إذا قدر على الطيران لم يكن تسليمه وبه قال الشافعي واحمد
وإن كان مغلقا جاز إجماعا. مسألة. لو باع ماله المغصوب فإن كان يقدر على استرداده وتسليمه صح البيع كالوديعة إجماعا وإن لم يقدر لم يصح بيعه ممن لا يقدر على
انتزاعه من يده وبه قال الشافعي لعدم القدرة على التسليم ولو باعه ممن يقدر على انتزاعه من يده فالأقوى عنده الصحة وهو أصح وجهي الشافعي لان القصد
الحصول للمشترى والأضعف البطلان لعجز البايع وعلى قولنا إن علم المشترى حال البيع فلا خيار له وبه قال الشافعي ولو عرض له عجز؟ فكذلك وهو إحدى وجهي الشافعي
لسقوطه حال البيع فلا يتجدد بعده لعدم موجبه والاخر الثبوت وإن جهل فله الخيار إذ ليس عليه تحمل كلفة الانتزاع ولو علم بالغصب وعجز البايع فاشتراه كذلك فالوجه
عندي الصحة ولا خيار له سواء قدر على انتزاعه أو لا. مسألة. لو باع عضوا من عبد أو شاة لم يصح لتعذر التسليم حسا إذ لا يمكن إلا بفصله وهو يفسد ماليته
466

أو ينقصها وكذا لو باع نصفا معينا من سيف أو إناء لان التسليم لا يمكن إلا بالقطع والكسر وفيه نقص وتضييع للمال وهو ممنوع منه وكذا قال الشافعي والوجه اعتبار
المصلحة فإن اقتضت فعله بأن يحتاج البايع إلى الثمن فيجوز أن ينقص مالية نفسه لمصلحته ولو باع نصفا معينا من ثوب ينقص قيمته بالقطع فالأقوى عندي الجواز
وهو أضعف وجهي الشافعية كما لو باع ذراعا معينا من أرض وأظهرهما المنع لحصول الضرر في التسليم ولو كان لا ينقص بالقطع جاز وهو أصح وجهي الشافعية لزوال المانع
الشرط الخامس. العلم بالعوضين. مسألة. أجمع علماؤنا على أن العلم شرط فيهما ليعرف ما الذي ملك بإزاء ما يدل فينتفى الغرر فلا يصح بيع الغايب ما لم
يتقدم رؤيته مع عدم تغيره أو وصفه وصفا يرفع الجهالة وبه قال الشعبي والنخعي والأوزاعي والحسن البصري و عبد الله بن الحسن العنبري ومالك وإسحاق والشافعي
في أصح القولين واحمد في إحدى الروايتين لنهيه (ع) عن الغرر ولأنه باع ما لم يره ولم يوصف فلم يصح كبيع النوى في التمر ولأنه نوع بيع فلم يصح مع الجهل بصفة المبيع كالسلم وقال
أبو حنيفة في القول الثاني واحمد في الرواية الثانية بالصحة لقوله تعالى " وأحل الله البيع " ولأنه عقد معاوضة فلا يفتقر (صحته صح) أي رؤية المعقود عليه كالنكاح والآية ليست
للعموم إذ ليست من صيغه سلمنا لكنه مخصوص بما تقدم والنكاح لا يقصد فيه المعاوضة ولا يفسد بفساد العوض ولا يترك ذكره ولا يدخله شئ من الخيارات
وفي اشتراط لزومه مشقة على المخدرات وإضرار بهن. فروع: الأول القايلون بالجواز اختلفوا فأثبت أبو حنيفة للمشترى خيار الرؤية وهو رواية عن أحمد وفي الأخرى
لا يثبت أما البايع فلا تثبت له عند أبي حنيفة خيار - ب - من الشافعية من طرد القولين فيما إذا لم يره البايع وفيما لم يره المشترى ومنهم من قطع بالبطلان فيما لم يره
البايع لأنه المالك للتصرف واجتناب هذا الغرر يسهل عليه والقولان في البيع والشراء يجريان في إجارة الغايب والصلح عليه وجعله رأس مال السلم وفي صحة اصداقه و
الخلع عليه وفي هبة الغايب ورهنه وهما أولي عندهم بالصحة إذ ليسا من عقود المعاينات وفي بيع الأعمى وشرائه طريقان أحدهما إنه على قولين والثاني القطع بالمنع وقد تقدم
- ج - يشترط رؤية ما هو مقصود بالبيع كداخل الثوب فلو باع ثوبا مطويا أو عينا حاضرة لا يشاهد منها ما يختلف الثمن لأجله كان كبيع الغايب تبطل إن لم
يوصف وصفا يرفع الجهالة وهو قول المشترطين ولو كان مما يستدل برؤية بعضه على الباقي كظاهر صبرة الحنطة والشعير صح البيع لان الغالب عدم تفاوت أجزائها ثم إن
خالف الظاهر الباطن فله الخيار وهو قول الشافعي تفريعا على اشتراط الرؤية وعنه قول آخر إنه لا يكفي رؤية ظاهر الصبرة بل يجب تقلبها ليعلم حال باطنها وكذا صبرة
الجوز واللوز والدقيق والمايعات في الظروف ولا يكفي رؤية ظاهر صبرة البطيخ والرمان وأعلى سلة العنب والخوخ للتفاوت غالبا - د - لو أراه أنموذجا وقال بعتك من هذا
النوع كذا فهو باطل إذ لم يعين مالا ولا وصف ولا يقوم ذلك مقام الوصف في السلم وهو أصح وجهي الشافعي - ه‍ - لو أراه أنموذجا وبنى أمر البيع عليه نظر إن قال بعتك من
هذا النوع كذا فهو باطل لأنه لم يعين مالا ولو راعى شروط السلم ولا يقوم ذلك مقام الوصف في السلم وهو
أصح وجهي الشافعي لان اللفظ والوصف يمكن الرجوع إليه عند الاشكال
ولو قال بعتك الحنطة التي في هذا البيت وهذا الأنموذج منها فإن لم يدخل الأنموذج في البيع لم يصح وهو أصح وجهي الشافعي لأن المبيع غير مرئى ولا يمكن الرجوع إليه عند
الاشكال بخلاف استقصاء الأوصاف والثاني الصحة تنزيلا له منزلة استقصاء الوصف وإن أدخله صح (على أصح صح) وجهي الشافعي كما لو رأى بعض الصبرة وعندي في الفرق إشكال - و -
لو كان بعض المرئ لا يدل على الباقي لكن كان صوانا له خلقة كقشر الرمان والعفص كفت رؤيته وإن كان المقصود مستورا لان صلاحه في بقائه فيه وكذا الجوز واللوز
في قشرهما الاعلى وهو قول الشافعي وتباع بشرط الصحة فإن ظهر معيبا بعد كسره فإن كان له حينئذ فيه فللمشتري الأرش خاصة وإلا فله الثمن أجمع وهل يصح بيع اللب وحده
الأقرب عندي جوازه للأصل السالم عن معاوضة الغرر لأنا إنما نجوزه على تقدير ظهور الصحة وقال الشافعي لا يجوز إذ لم يمكن تسلميه إلا بكسر القشر وفيه تغيير عين
المبيع وليس بجيد - ز - لا يكفي رؤية المبيع من وراء زجاجة مع قصور الرؤية إذ لا يتعلق صلاحه بكونه فيها ويجوز بيع الأرض المغشية بالماء إذا لم يمنع مشاهدتها. مسألة.
يشترط رؤية البايع والمشترى جميعا أو وصفه لهما أو لأحدهما ورؤية الاخر فلو لم يرياه أو أحدهما ولا وصف له بطل والقايلون بصحة البيع مع عدم الرؤية والوصف اختلفوا
وذهب الشافعي إلى ثبوت الخيار للبايع لأنه جاهل بصفة العقد فأشبه المشترى وبه قال احمد وقال أبو حنيفة لا خيار له لأنا لو جعلنا له الخيار ليثبت لتوهم الزيادة (والزيادة صح) في
المبيع لا يثبت الخيار. فروع: الأول كل موضع ثبت الخيار إما مع الوصف عندنا أو مطلقا عند المجوزين فإنما يثبت عند رؤية المبيع على الفور لأنه خيار الرؤية
فيثبت عندها وبه قال احمد وله آخر إنه يتقيد بالمجلس كخيار المجلس (وجدت الرؤية فيه لأنه خيار ثبت بمقتضى العقد من غير شرط فيقيد بالمجلس كخيار المجلس صح) والوجهان للشافعية وأصحهما عندهم الثاني - ب - لو اختار الفسخ قبل الرؤية مع الوصف عندنا لم يكن له ذلك
إذ الفسخ منوط بالمخالفة بين الموجود والموصوف ومن جوز بيعه من غير وصف قال احمد منهم الفسخ لأن العقد غير لازم في حقه فملك الفسخ كحالة الرؤية وهو أصح وجهي الشافعي
وفي الاخر لا ينفسخ - ج - إذا اختار امضاء العقد قبل الرؤية لم يلزم لتعلق الخيار بالرؤية وبه قال احمد والشافعي في أظهر الوجهين - د - لو تبايعا بشرط عدم الخيار للمشترى
لم يصح الشرط وبه قال احمد والشافعي في أظهر الوجهين وهل يفسد البيع الأقوى عندي ذلك وسيأتى. مسألة. يشترط في بيع خيار الرؤية وصف المبيع وصفا يكفي في
السلم عندنا وإذا فعل ذلك صح البيع في قول أكثر العلماء لانتفاء الجهالة بذكر الأوصاف فصح كالسلم وعن أحمد والشافعي وجهان أحدهما إنه لا يصح حتى يراه لان الصفة
لا تحصل بها معرفة المبيع فلم يصح البيع بها ويمنع عدم المعرفة مع ذكر الأوصاف أما ما لا يصح السلم فيه فلا يصح بيعه بالصفة لعدم ضبطه فروع: - آ - إذا وصفه ووجده
على الصفة لم يكن له الفسخ عند علمائنا أجمع وبه قال محمد بن سيرين واحمد وأيوب ومالك وإسحاق والعنبري وأبو ثور وابن المنذر لأنه سلم له المعقود بصفاته فلم يكن له خيار
كالمسلم فيه ولأنه مبيع موصوف فلم يكن للعاقد فيه الخيار في جميع الأحوال كالسلم وقال الثوري وأصحاب الرأي له الخيار بكل حال لأنه يسمى خيار الرؤية وللشافعية وجهان
كالمذهبين وكونه خيار الرؤية إذا لم يجده على الوصف - ب - لو وجده بخلاف الوصف فله الخيار قولا واحدا ويسمى خيار الخلف في الصفة لأنه وجد الموصوف بخلاف
الصفة فلم يلزمه كالسلم - ج - لو اختلفا فقال البايع لم يختلف صفته وقال المشترى قد اختلفت قدم قول المشترى لأصالة براءة ذمته من الثمن فلا يلزمه ما لم يقربه أو
يثبت بالبينة - د - يصح بيع الغايب إذا كانا قد شاهداه ولا يتطرق إليه التغيير غالبا كالأرض وأواني الحديد أو كان مما لا يتغير في المدة المتخللة بين الرؤية والعقد ذهب
إليه علمائنا وهو قول لعامة العلماء لوجود المقتضى وهو العقد خاليا عن مفسدة الجهالة فتثبت الحكم كما لو شاهداه حالة العقد إذ الشرط العلم ولا يحصل
بالمشاهدة زيادة فيه وللشافعي قول آخر إنه لا يصح واشترط مقارنة الرؤية للعقد وهو رواية أخرى عن أحمد وهو محكي عن الحكم وحماد لان ما كان شرطا في صحة العقد
يجب أن يكون موجودا حال العقد كالقدرة على التسليم والجواب القول بالموجب فإن الشرط العلم وهو ثابت حال العقد وينقض بما لو شاهدا دارا ووقفا في بيت منها
وتبايعا أو أرضا ووقفا في طرفها صلح إجماعا مع عدم المشاهدة للكل في الحال فروع: - آ لو رآه وقد تغير عما كان لم يتبين بطلان البيع وهو أصح وجهي الشافعي لكن للمشتري
الخيار وإن لم يتغير لزم البيع قولا واحدا - ب - لو كان المبيع مما يتغير في مثل تلك المدة غالبا لم يصح البيع لأنه مجهول وبه قال الشافعي واحمد وإن احتمل التغيير وعدمه
467

وإن كان حيوانا فالأقرب عندي جواز بيعه وهو أصح وجهي الشافعي لأن الظاهر بقاؤه بحاله ولم يعارضه طاهر غيره فإن وجده متغيرا فله الخيار ويقدم قول المشترى
لو ادعى التغيير لان البايع يدعى عليه الاطلاع على المبيع على هذه الصفة والرضا به والمشترى ينكره وهو أحد قولي الشافعي وأضعفهما تقديم قول البايع لأصالة عدم
التغير واستمرار العقد وفي أضعف وجهي الشافعي بطلان البيع لما فيه من الغرر - ج - لو شاهده أحدهما دون الاخر يثبت الخيار للاخر مع الوصف عندنا ومطلقا عند من جوز
بيع الغايب. مسألة. البيع بالصفة نوعان بيع عين معينة كقوله بعتك عبدي التركي ويذكر صفاته فيصح العقد عليه فينفسخ برده على البايع وتلفه قبل قبضه لكون
المعقود عليه معينا فيزول العقد بزوال محله ويجوز التفرق قبل قبض ثمنه وقبضه كبيع الحاضر وبيع موصوف غير معين مثل بعتك عبدا تركيا ويستقصى في الوصف
كالسلم فإن سلم إليه غير ما وصف فرده أو على ما وصف فأبدله لم يفسد العقد إذ لم تقع على عين هذا فلا ينفسخ برده كالسلم وهل يجب قبض الثمن أو البيع قبل التفرق الوجه المنع وقال
الشافعي واحمد لا يجوز التفرق قبل أخذ قبض أحد العوضين كالسلم ونمنع المساواة لأنه بيع الحال فأشبه بيع العين. مسألة. لا يصح بيع اللبن في الضرع عند علمائنا أجمع وبه
قال الشافعي وإسحاق واحمد ونهى عنه ابن عباس وأبو هريرة وكرهه طاووس ومجاهد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يباع صوف على ظهر أو لبن في ضرع وسأله سماعة عن اللبن يشترى و
هو في الضرع قال لا والظاهر أن المسؤول الصادق (ع) ولجهالة قدرة ووصفه ولأنه يحدث شيئا فشيئا وقال مالك إذا عرفا قدر الحلاب في كل دفعة صح وإن باعه أياما معلومة
وأجازه الحسن وسعيد بن جبير ومحمد بن مسلم كلبن الظئر والحاجة فارقة. تذنيب سوغ الشيخ بيع اللبن في الضرع إذا ضم إليه ما يحتلب منه مع مشاهدة المحلوب لقول سماعة
إلا أن يحلب في سكرجة فيقول اشترى منك هذا اللبن في السكرجة وما في ضرعها بثمن مسمى فإن لم يكن في الضرع شئ كان ما في السكرجة والأشهر عندنا البطلان إذ ضم
المعلوم إلى المجهول لا يصيره معلوما. مسألة. اختلف علماؤنا في بيع الصوف على ظهور الغنم والأشهر المنع وبه قال أبو حنيفة والشافعي وهو إحدى الروايته
عن أحمد لأنه (ع) نهى أن يباع صوف على ظهر ولأنه متصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالعقد كأعضائه وقال
بعض علمائنا بالجواز وبه قال مالك والليث بن سعد وهو رواية
أخرى عن أحمد وهو الأقوى عندي لما رواه إبراهيم الكرخي قال (قلت صح) للصادق (ع) ما يقول في رجل اشترى من رجل أصواف مائة نعجة وما في بطونها من حمل بكذا وكذا
درهما قال لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف وهو يدل على المطلوب لان ضم المجهول إلى مثله لا يؤثر في العلم فبقى أن يكون الصوف مقصود
بالذات والحمل بالعرض ولأنه مبيع مملوك مشاهد يجوز بيعه بعد تناوله فجاز بيعه قبل تناوله كالثمار ولوجود المقتضى وعدم المانع وهو الجهالة كالرطبة بخلاف
الأعضاء لتعذر تسليمها مع سلامة الحيوان ولا فرق بين بيعه قبل التذكية وبعدها خلافا للشافعي لعدم الايلام حينئذ. مسألة. لا يجوز بيع الملاقيح وهي ما في
بطون الأمهات ولا المضامين وهي ما في أصلاب الفحول جمع ملقوح يقال لقحت الناقة والولد ملقوح به إلا أنهم استعملوه بحذف الجار وقيل جمع ملقوحة من قولهم
لقحت كالمجنون من جن وجمع مضمون يقال ضمن الشئ إلى تضمنه واستسره ومنهم من عكس التفسيرين ولا نعرف خلافا بين العلماء في فساد هذين البيعين للجهالة و
عدم القدرة على التسليم لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الملاقيح والمضامين ولا خلاف فيه. تذنيب لو باع الحمل مع أمه جاز إجماعا سواء كان في الآدمي أو غيره ولو ضم الحمل إلى
الصوف قال الشيخ يجوز كما لو ضم إلى الام ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن ذلك لا بأس بذلك إن لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف وفيه إشكال أقربه الجواز
إن كان الحمل تابعا للمقصود وإلا فلا. مسألة. يحرم بيع عسيب الفحل وهو نطفته لأنه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور عليه ولا نعلم فيه خلافا لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عنه أما
إجارة الفحل للضراب فعندنا مكروهة وليست محرمة وهو أضعف وجهي الشافعي وبه قال مالك لأنها منفعة مقصورة يحتاج إليها في كل وقت فلو لم يجز الإجارة فيها
تعذر تحصيلها لعدم وجوب البذل على المالك وقال أبو حنيفة والشافعي في أصح وجهيه واحمد إنها محرمة لأنه صلى الله عليه وآله نهى عن عسيب الفحل ولأنه لا يقدر على تسليمه
فأشبه إجارة الآبق لأنه متعلق باختيار الفحل وشهوته ولان القصد هو الماء وهو مما لا يجوز افراده بالبيع ونحن نقول بموجب النهى لتناوله البيع أو التنزيه ونمنع
انتفاء القدرة والعقد وقع على الانزاء والماء تابع كالظئر. فروع: الأول الانزاء غير مكروه والنهى غير متوجه إلى الضراب بل إلى العوض عليه وقد سئل
الرضا (ع) عن الحمر؟ ننزيها على الرمك لينتج البغال أيحل ذلك قال نعم أنزها الثاني إذا استأجر للضراب فالوجه عدم الاستحقاق إلا مع إنزال الماء في فرج الدابة لأنه و
إن كان تابعا لكنه المقصود كالاستيجار على الارضاع الثالث حرم احمد أخذ الأجرة على الضراب دون إعطائها لأنه بذل ماله لتحصيل مباح يحتاج إليه وليس بجيد إذ تسويغ
الاعطاء يستلزم تسويغ الاخذ الرابع لو أعطى صاحب الفحل هدية أو كرامة من غير إجارة جاز وبه قال الشافعي واحمد وهو ظاهر على مذهبنا لأنه سبب مباح فجاز
اخذ الهدية عليه وعن أحمد رواية بالمنع الخامس نهى النبي صلى الله عليه وآله عن حبل الحبلة وفسرها بأمرين نتاج النتاج وهو بيع حمل ما تحمله الناقة وجعله أجلا كان أهل الجاهلية
يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة وهو بمعنييه باطل لجهالته وجهالة الاجل. مسألة. بيع الملابسة والمنابذة والحصاة باطل بالاجماع لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك كله والملامسة
أن يبيع شيئا ولا يشاهده على أنه متى لمسه وقع البيع وهو ظاهر كلام احمد ومالك والأوزاعي وله تفاسير ثلاثة أن يجعل اللمس بيعا بأن يقول صاحب الثوب للراغب إذا لمست
ثوبي فهو مبيع منك بكذا وهو باطل لما فيه من التعليق وقال بعض الشافعية إنه من صور المعاطاة وأن يأتي بثوب مطوى له في ظلمه فيلمسه الراغب ويقول صاحب الثوب بعتك
بكذا بشرط أن يقوم لمسك مقام النظر ولا خيار لك إذا رأيته فسره الشافعي قال بعض الشافعية إن أبطلنا بيع الغايب بطل وإلا صح تخريجا من تصحيح شرط نفى الخيار وإن بيعه
على أنه إذا لمسه وجب البيع وسقط خيار المجلس وغيره ويبطل عقده لفساد الشرط والوجه عندي صحته إن كان قد نظره والمنابذة قيل أن يجعل النبذ بيعا بأن يقول أنبذ
إليك ثوبي بعشرة ثم ينبذه ويكتفيان به بيعا وقيل أن يقول بعتك كذا بكذا على انى إذا أنبذته إليك فقد وجب البيع قال هما الشافعية وظاهر كلام احمد ومالك والأوزاعي
أن يقول إذا نبذته إلى فقد اشتريته بكذا وقيل طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه والحصاة أن يقول ارم هذه الحصاة فعلى أي ثوب وقعت
فهو لك بكذا وقيل أن يقول بعتك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا وقيل أن يقول بعتك هذا بكذا على أنى متى رميت هذا الحصاة
وجب البيع ولا نعلم خلافا في بطلان الجميع. مسألة. يجب ذكر جنس المبيع أو مشاهدته عند علمائنا أجمع بأن يقول بعتك عبدي أو فرسى ولا يكفي أن يقول بعتك
ما في كمي أو خزانتي أو ما ورثته من أبى مع جهالة المشترى وهو أحد قولي الشافعي للجهالة وله آخر الجواز لان المعتبر في بيع الغايب كون المبيع متعينا والجهالة لا يزول بذكر الجنس
فلا معنى لاشتراطه ولا يكفي ذكر الجنس بل لابد من ذكر النوع بأن يقول عبدي التركي وهو ظاهر قول الشافعي ولا يكفي ذكرهما عندنا إلا مع ذكر الصفات الرافعة للجهالة وبه قال
مالك للجهالة معه وهو أضعف قولي الشافعي وأصحهما وبه قال أبو حنيفة الاكتفاء نعم لو كان له عبدان من ذلك النوع فلابد وأن يزيد ما يقع به التبيين ويشترط ذكر
صفات السلم ليرتفع الجهالة وهو أحد وجهي الشافعي وبه قال احمد وأظهرهما الاكتفاء بمعظم الصفات. مسألة. يجب العلم بالقدر فالجهل به فيما في الذمة ثمنا كان.
468

أو مثمنا مبطل فلو قال بعتك ملء هذا البيت حنطة أو بزنة هذه الصبخة ذهبا لم يصح السلم وبه قال الشافعي وأبو حنيفة للغرر وقال بعتك ثوبي هذا بما باع به فلان
فرسه وهما لا يعلمانه أو أحدهما لم يصح وهو أظهر وجهي الشافعي للجهالة وله آخر الجواز لامكان الاستكشاف وثالث إن حصل العلم قبل التفرق صح العقد ولو قال بعتك
بألف من الدراهم والدنانير بطل للجهل بقدر كل منهما إذ لا فرق بينه وبين بعتك بألف بعضها ذهب وبعضها فضة وبه قال الشافعي واحمد وعن أبي حنيفة إنه يصح ويتساويان
فيه كالاقرار ويبطل بأنه لو فسره بغير التسوية صح ولو اقتضى التسوية لم يصح ولو باع الثوب برقمه وهو الثمن المكتوب عليه فإن علما به صح إجماعا لأنه بيع بثمن معلوم وقدره
وكرهه طاووس ولو لم يعلماه بطل ولو قال بعتك بمأة دينار وإلا عشرة دراهم لم يصح إلا أن يعلما قيمة الدينار بالدراهم وكذا لو قال بعتك بدينار غير درهم أو إلا درهما
مسألة. يجب العلم بنوع الثمن من ذهب أو فضة بالدراهم ولا يصح لو كان مجهولا ولو أطلق وفي البلد نقل واحد يعلمانه انصرف الاطلاق إليه عملا بالظاهر وكذا لو تعذرت
وغلب أحدهما وإن كان فلوسا إلا أن يعين غيرها ولو تعددت وتساوت وجب التعيين فإن أبهم بطل وبه قال الشافعي وأبو حنيفة للجهالة وكما ينصرف المطلق
إلى الجنس الغالب أو المتحد كذا ينصرف في الوصف إلى الغالب بأن يختلف النقود كالراضية والرضوية وإن اتحد النوع وكذا الصحيح والكسر ولو لم يكن هناك غالب وجب
التعيين وإلا بطل البيع وبه قال الشافعي لما تقدم. مسألة. لو كان لكل منهما عبد فباعهما صفقة واحدة بثمن واحد صح البيع سواء كانا متساويين في القيمة أو لا
وتقسط الثمن على القيمتين وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعي في أحد قوليه لان جملة المبيع معلومة والعقد وقع عليها فصح كما لو كانا لواحد أو كما لو باعا
عبدا واحدا لهما أو قفيزين من صبرة واحدة والثاني له لا يصح وهو قول للشيخ أيضا لان كل واحد منهما مبيع بقسطه؟ من الثمن وهو مجهول بخلاف ما لو كان لواحد
فإن جملة المبيع مقابلة لجملة الثمن من غير تقسيط والثمن يتقسط على العبد المشترك والقفيزين بالاجزاء فلا جهالة فيه ونحن نمنع الجهالة في المبيع أو مقتضاه
مقابلة الجملة بالجملة لا الأجزاء بالاجزاء ووجوب التقويم والبسط ليعرف كل واحد حقه بعد البيع فلا يقتضى بطلانه. مسألة. ذهب علماؤنا إلى أنه لا
يصح بيع المكيل والموزون جزافا لأنه غرر ولقول الصادق (ع) ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة ولافضائه إلى التنازع لو وجب ضمانه ولان النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن بيع الطعام مجازفة وهو يعلم كيله وكذا إذا لم يعلم كيله بل هو أبلغ في المنع إذ الجهالة لما أبطلت من أحد الطرفين كان إبطالها من الطرفين أولي وقال أبو
حنيفة والشافعي ومالك واحمد لا نعرف لهم مخالفا من الجمهور إنه يصح لقول ابن عمر كذا نشترى الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وآله أن نبيعه حتى ننقله من مكانه
ولأنه معلوم بالرؤية فصح بيعه كالثياب ونمنع الرواية ونقول بموجبها فإنه (ع) نهاهم عن بيعها إلا بعد نقلها وهو يستلزم معرفتها غالبا والثوب غير مكيل ولا
موزون. فروع: الأول حكم المعدود حكم الموزون والمكيل فلا يصح بيعه جزافا لأنه مقدار يعرف به كمية المبيع فلا يصح بدونها كالوزن والكيل الثاني
لو تعذر الوزن أو العدد كيل بمكيال ووزن أو عد ونسب إليه الباقي لقول الصادق (ع) وقد سئل عن الجوز لا يستطيع أن يعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال
ما بقى على حساب ذلك من المعدود ولا بأس به وسئل (ع) اشترى مائة راوية زيتا فاعترض راوية أو اثنتين فأذنهما ثم آخذ سائره على قدر ذلك فقال لا بأس
ولأنه يحصل المطلوب وهو العلم ومنع احمد من ذلك وقال الثوري كان أصحابنا يكرهون هذا لاختلاف المكائيل فيكون في بعضها أكثر من بعض والجوز يختلف عدده
فيكون في أحد المكيلين أكثر من الآخر وهو غلط فإنه إذا جاز بيعه جزافا كان هذا أولي الثالث لو باعه جزافا بطل ولو كان القول قول المشترى في المقدار سواء كان
باقيا أو تالفا الرابع لا فرق بين الثمن والمثمن في الجزاف في الفساد عندنا والصحة عندهم إلا مالكا فإنه قال لا يجوز الجزاف في الأثمان لان لها خطرا ولا يشق وزنها ولا
عددها فأشبه الرقيق والثياب ومع هذا فإنه جوز بيع النقرة والتبر والحلى جزافا. مسألة. وكما لا يصح بيعه الصبرة جزافا فكذا إجراؤها المشاعة كالنصف والثلث والربع
لوجود المانع من الانعقاد وهو الجهالة وجوزه الجمهور كافة لان ما جاز بيع جملته جاز بيع بعضه كالحيوان ولان جملتها معلوم بالمشاهدة فكذا أجزاؤها ونحن نمنع
الأصلين أما لو باع جزء معلوم القدر كالقفيز فإنه يصح عندنا وعند الجمهور إلا داود إذا علما اشتمالها على ذلك لأنه معلوم مشاهد فصح بيعه كغيره احتج بأنه غير مشاهد
ولا موصوف ويبطل بأنه قياس وهو لا يقول به ونمنع (عدم صح) المشاهدة فإن مشاهدة الجملة؟ يستلزم؟ مشاهدة البعض فروع - آ - لو قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم
فإن علما قدر القفيزان صح البيع وإلا بطل للجهالة وقال مالك والشافعي واحمد وأبو يوسف ومحمد يصح لأنه معلوم بالمشاهدة والثمن معلوم لاشارته إلى ما يعرف مثله بجهة لا يتعلق
بالمتعاقدين وهو أن تكال الصبرة ويقسط الثمن على قدر قفزانها فيعلم مبلغه ونحن نمنع العلم وقد سبق وقال أبو حنيفة يصح البيع في قفيز واحد ويبطل فيما سواه لجهالة
الثمن كما لو باع المتاع برقمه ولو قال بعتك هذه الأرض أو هذا الثوب كل ذراع بدرهم أو هذا الأغنام كل رأس بدرهم لم يصح عندنا وبه قال أبو حنيفة أيضا وإن سوغ
البيع في قفيز واحد من الصبرة وقال الشافعي يصح سواء كانت الجملة معلومة أو مجهولة ولو قال بعتك عشرة من هذا الأغنام بكذا لم يصح إجماعا وإن علم الجملة
بخلاف الصبرة والأرض والثوب لاختلاف قيمة الشاة فلا تدرى كم العشرة من الجملة الثاني لو قال بعتك من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم ولم يعلما أو أحدهما
القدر بطل البيع عندنا لما مر وكذا عند احمد لان للتبعيض وكل للعدد وهو مجهول وله اخر الصحة وللشافعية وجهان البطلان لأنه لم يبع جميع الصبرة ولا يبين المبيع
عنها والصحة في صاع واحد كما لو قال بعتك قفيز من الصبرة بدرهم الثالث لو قال بعتك هذه الصبرة بعشرة دراهم على أن أزيدك قفيزا أو أنقصك على أن لي
الخيار فيهما لم يصح عندنا وبه قال الشافعي واحمد لأنه لا يدرى أيزيده أم ينقصه ولو قال على أن أزيدك قفيزا لم يجز لان القفيز مجهول فإن قال على أن أزيدك قفيزا من
هذه الصبرة الأخرى أو وصفه وصفا يرفع الجهالة صح عندهم إن معناه بعتك هذه الصبرة وقفيزا من الأخرى بعشرة وإن قال على أن أنقصك قفيزا لم يصح لان معنا بعتك
هذه الصبرة إلا قفيزا كل قفيز بدرهم وشئ مجهول ولو قال بعتك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا من الأخرى لم يصح لافضائه إلى جهالة الثمن في التفصيل
لأنه تصير قفيزا قفيزا أو شيئا بدرهم ولو قصد أنى أحط ثمن قفيز من الصبرة لا أحتسب به لم يصح للجهالة ولو قال هذه الصبرة عشرة أقفزة؟ بعتكها كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا؟
من الأخرى صح إذ معناه بعتك كل قفيز وعشر قفيز بدرهم ولو جعله هبة صح عندنا خلافا لأحمد وإن أراد إني لأحتسب عليك بثمن قفيز منها صح لعلمهما بجملة القفيزان
فعلما قدر النقصان من الثمن ولو قال على أن أنقصك قفيزا صح لان معناه بعتك تسعة أقفزه بعشرة دراهم فكل قفيز بدرهم وتسع الرابع لو قال بعتك هذه
الصبرة بعشرة دراهم كل صاع بدرهم فإن علما القدر صح وقال الشافعي يصح البيع إن خرج كما ذكر لأنه لم يشترط علم القدر وإن خرج زايدا أو ناقصا فأصح قوليه البطلان لامتناع
الجمع بين بيع الكل بعشرة ومقابله كل واحد بدرهم (لأنه صح) باع جملة الصبرة بالعشرة بشرط مقابلة كل صاع منها بدرهم والجمع بين هذين الامرين عند الزيادة والنقصان محال
والثاني يصح لاشارته إلى الصبرة ويكفى الوصف فإن خرج ناقصا فللمشتري الخيار فإن أجاز فجميع الثمن لمقابلة الصبرة به أو بالبسط لمقابلة كل صاع بدرهم وجهان
469

وإن خرج زايدا ففي مستحق الزيادة وجهان أظهرهما أنها للمشترى لان جملة الصبرة مبيعة منه فلا خيار له (وفي خيار البايع وجهان أصحهما العدم لأنه رضي ببيع جميعها والثاني إن الزيادة للبايع فلا خيار له صح) وفي المشترى وجهان أصحهما ثبوت الخيار إذ لم يسلم له جميع الصبرة
الخامس لو قال بعتك هذه الصبرة وهذه الصبرة سواء بسواء فإن علما القدر منهما صح وإلا بطل خلافا للجمهور السادس إنما يصح بيع الصبرة إذا تساوت
أجزاؤها فإن اختلفت كصبرة ممتزجة من جيد وردى لم يصح إلا بعد المشاهدة للجميع ولو باعه نصفها أو ثلثها فكذلك وبه قال بعض الحنابلة وبعضهم سوغه لأنه
اشترى جزءا مشاعا فاستحق من جيدها ورديها السابع لو اشترى الصبرة جزافا قال مالك يجوز له بيعها قبل نقلها لأنه مبيع متغير لا يحتاج إلى حق يوفيه فأشبه
الثوب الحاضر وهو رواية عن أحمد وله الأخرى المنع لقول ابن عمر كنا نشترى الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ننقله من مكانه الثامن منع المجوزون الغش
بأن يجعلها على دكة أو حجر ينقصها أو يجعل الردى أو المبلول في باطنها لأنه مر على صبرة من طعام فأدخل يده فنالت أصابعه بللا فقال يا صاحب الطعام ما هذا
فقال أصابته السماء يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال أفلا جعلته فوق الطعام حتى تراه الناس ثم قال من غشنا فليس منا فإن وجده كذلك فللشافعية طريقان أحدهما أن فيها قولي
بيع الغايب لان ارتفاع الأرض وانخفاضها يمنع تخمين القدر وإذا لم يفد العيان إحاطة فكان كعدم العيان في احتمال الغرر والثاني القطع بالبطلان لأنا إذا صححنا
بيع الغايب أثبتنا خيار الرؤية والرؤية حاصله هنا فبعد إثبات الخيار معها ولا سبيل إلى نفيه للجهالة واعترض بأن الصفة والقدر مجهولان في بيع الغايب ومع ذلك
ففيه قولان فكيف يقطع بالبطلان هنا مع علم بعض الصفات بالرؤية وإذا ثبت الخيار وهو قول احمد فوقت الخيار معرفة مقدار الصبرة أو تخمينه برؤية ما تحتها
وفيه طريق ثالث للشافعي القطع بالصحة اعتمادا على المعاينة وجهالة القدر معها غير ضائرة وأثبت احمد الخيار بين الفسخ وأخذ تفاوت ما بينهما لأنه عيب ولو
كان تحتها حفرة أو كان باطنها أجود فلا خيار للمشترى بل للبايع إن لم يعلم وإلا فلا ولو ظهر تحتها دكة ففي بطلان البيع للشافعي وجهان البطلان لأنه ظهر إن العيان
لم يفد علما والأظهر الصحة وللمشتري الخيار تنزيلا بما ظهر منزلة العيب والتدليس التاسع لو علم قدر الشئ لم يجز بيعه صبرة عندنا وهو ظاهر وبه قال
احمد لقول النبي صلى الله عليه وآله من عرف مبلغ شئ فلا يبعه جزافا حتى بينه وكرهه عطا وابن سيرين ومجاهد وعكرمة ومالك وإسحاق وطاوس وعن أحمد إنه
مكروه غير محرم وقال أبو حنيفة والشافعي لا بأس بذلك لأنه إذا جاز مع جهلها فمع علم أحدهما أولي العاشر لو باع ما علم كيله صبرة قال أبو حنيفة والشافعي يصح
وهو ظاهر قول احمد لأنه لا تعزير فيه فأشبه ما لو علماه كيله أو جهلاه فقال مالك إنه تدليس علم به المشترى فلا خيار له لأنه دخل على بصيرة وإن جهل مع علم البايع
يخير في الفسخ لأنه غش وهو قول بعض الحنابلة وعند بعضهم إنه فاسد وهو مذهبنا لما تقدم الحادي عشر لو أخبره البايع بكيله ثم باعه بذلك الكيل صح عندنا
فإن قبضه واكتاله تم البيع فإن قبضه بغير كيل فإن زاد رد الزيادة وإن نقص رجع بالناقص فإن تلف فالقول قول المشترى في قدره مع يمينه سواء قل النقص أو كثر فالأقوى
ان للمشترى التصرف فيه قبل كيله خلافا لأحمد لأنه سلطه عليه احتج بأن للبايع فيه علقة فإنه لو زاد كانت له قال فلو تصرف فيما يتحقق إنه حقه أو أقل بالكيل فوجهان
أحدهما الصحة لأنه تصرف في حقه بعد قبضه والمنع لا يجوز التصرف في الجميع فلم يجز في البعض الثاني عشر لو كال طعاما وأخر ينظر إليه فهل لمن شاهد الكيل
شراه بغير كيل أما عندنا فنعم وهو إحدى روايتي احمد لانتفاء الجهالة وكذا لو كاله البايع للمشترى ثم اشتراه منه أو اشتريا طعاما فاكتالاه ثم باع أحدهما حصته
قبل التفرق واخرى عنه بالمنع. مسألة. لو باع مختلف الأجزاء مع المشاهدة (صح ص) كالثوب والدار والغنم بالاجماع وكذا لو باع جزأ منه مشاعا كنصفه أو ثلثه أو جزاء
معينا كهذا البيت وهذا الرأس من القطيع أما لو باع ذراعا منها أو عشرة من غير تعيين فإن لم يقصد الإشاعة بطل إجماعا وإن قصد الإشاعة فإن لم يعلم اعدد الذرعان
بطل البيع إجماعا لان الجملة غير معلومة واجزاء الأرض مختلفة فلا يمكن أن تكون معينة فلا يمكن أن تكون معينة ولا مشاعة وإن علم الذرعان للشيخ قولان البطلان وبه قال أبو حنيفة لان الذراع
عبارة عن بقعة بعينها وموضعها مجهول والصحة وبه قال الشافعي واحمد إذ لا فرق بين عشر الأرض وبين ذراع من عشرة على قصد الإشاعة وهو عندي أقرب وليس الذراع
بقعة معينة بل هو مكيال. فروع: الأول لو اتفقا على أنهما أرادا قدرا منها غير مشاع لم يصح البيع لاتفاقها على بطلانه ولو اختلفا فقال المشترى أردت الإشاعة
فالبيع صحيح وقال البايع بل أردت معينا فالأقرب تقديم قولي المشترى عملا بأصالة الحصة وأصالة عدم التعيين الثاني لو قال بعتك من هذه الدار من
ههنا إلى ههنا جاز لأنه معلوم الثالث لو قال بعتك من ههنا عشرة أذرع في جميع العرض إلى حيث ينتهى الذرع طولا فالأقرب عندي البطلان لاختلاف
الذراع والجهل بالموضع الذي ينتهى إليه وللشيخ قول بالجواز وهو أصح وجهي الشافعية الرابع لو قال بعتك نصيبي من هذه الدار ولا يعلم قدره أو نصيبا
أو سهما أو جزءا أو خطا أو قليلا أو كثيرا لم يصح وإن علما نصيبه صح الخامس لو قال بعتك نصف داري مما يلي دارك قال الشافعي واحمد لا يصح لجهلة بالمنتهى
وفيه قوة ولو قال بعتك عبدا من عبدين أو أكثر أو شاة من شاتين أو أكثر لم يصح على الأشهر وبه قال الشافعي واحمد للجهالة وبالقياس على الزايد على الثلاثة أو في غير
العبيد كالثياب والدواب أو لم يجعل له الاختيار أو زاده على الثلث أو على النكاح فإنه لو قال أنكحتك إحدى ابنتي بطل إجماعا وفي رواية لنا يجوز وبه قال أبو حنيفة
والشافعي في القديم فمن عبد من عبدين أو من ثلاثة بشرط الخيار ولان الشرع أثبت التخيير مدة ثلاثة أيام بين العوضين ليختار هذا بالفسخ أو هذا بالامضاء فجاز أن
يثبت له الخيار بين عبدين وكما تتقدر نهاية الاختيار بثلاثة يتقدر نهاية ما يتخير فيه من الأعيان بثلاثة لأنه أزيد لدعاء الحاجة إليه وفي الأكثر يكثر الغرر والحاجة لا
ينفى الغرر ويندفع بالتعيين وما ذكروه من التخيير ضعيف ولو قال بعتك شاة من هذا القطع بطل والأقرب إنه لو قصد الإشاعة من عبد في عبدين (أو في عشرة صح) أوفي شاة
من شاتين أو في عشرة بطل بخلاف قصد الإشاعة في الذراع من الأرض السادس حكم الثوب حكم الأرض ولو قال بعتك من ههنا إلى ههنا صح إن كان مما لا
ينقصه القطع وشرطه جاز فالأقوى عندي الجواز أيضا لأنه سلطه على قطعه يبيعه إياه وقال بعض الشافعية لا يجوز كما لو اشترى نصفا معينا من الحيوان وليس بجيد
لامتناع التسليم هنا بخلاف التسليم في الثوب فإن النقص لا يمنع التسليم إذا رضيه وكذا البحث لو باعه ذراعا من أسطوانة من خشب والخلاف بين الشافعية فيه كما تقدم قالوا ولو
كانت الأسطوانة من آجر جاز قالوا بشرط أن يكون انتهاء الذراع إلى انتهاء الأجرة فلا يلحق الضرر بذلك السابع الاستثناء كالمبيع يجب أن يكون معلوما فلو استثنى
جزءا مجهولا بطل كقوله بعتك هؤلاء العبيد إلا واحدا لم يعينه سواء اتفقت القيم أو لا ولا فرق بين أن يقول على أن يختار من شئت منهم أو لا ولا إذا قال ذلك بين
أن يقدر زمان الاختيار أو لا يقدره ولو باع جملة الشئ واستثنى جزء شايعا كنصف أو ثلث جاز ولو قال بعتك هذه الصبرة إلا صاعا فإن كانت معلومة الصيعان
صح وإلا فلا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه (ع) نهى عن الثنيا في البيع وقال مالك يصح وإن كانت مجهولة
الصيعان وهو القياس الذي يقتضيه جواز بيع الصبرة مع الجهالة
إذ لا فرق بين بيعها بأسرها وبين استثناء صاع معلوم منها أما نحن فلما أبطلنا بيعها مع الجهل بطل مع الاستثناء المعلوم الثامن لو باعه صاعا من هذه الصبرة
470

وهما يعلمان العدد صح وهل ينزل على الإشاعة بحيث لو تلف بعض الصبرة تلف بقسطه من المبيع أولا بل المبيع صاع من الجملة غير مشاع لعدم اختلاف المقصود باختلاف أعيان
الصيعان فيبقى المبيع ما بقى صاع فيه احتمال وأظهرهما عند الشافعية الأول ولو لم يعلما العدد فإن نزلناه على الإشاعة فالأقرب البطلان وهو قول بعض الشافعية
وإن قلنا المبيع صاع غير مشاع جاز وهو أظهر وجهي الشافعي فالمبيع أي صاع كان حتى لو تلفت الصبرة سوى صاع تعين وللبايع أن يسلم صاعا من أسفلها وإن لم يكن مرعيا
لعدم التفاوت وقال القفال من الشافعية يبطل لأنه غير معين ولا موصوف فصار كما لو فرقها وباعه واحدا منها التاسع لو كان له عبد واحد فحضر في جماعة عبيد
فقال سيده بعتك عبدي من هؤلاء والمشترى تراهم بطل للجهالة وهو أحد قولي الشافعي والاخر يكون كبيع الغايب العاشر يجب في المستثنى إمكان انفراده (ببيع صح) فلو باع أمة
واستثنى وطيها مدة لم يصح ولو استثنى الكافر خدمة العبد الذي بيع عليه لاسلامه مدة فالأقرب الجواز ما لم يثبت الخدمة عليه سلطنة كالمتعلقة بالعين. مسألة.
إبهام السلوك كإبهام المبيع فلو باعه أرضا محفوفة تملكه من جميع الجهات وشرط السلوك من جانب ولم يعين بطل المبيع لتفاوت الغرض باختلاف الجهات وبه قال الشافعي
ولو عين السلوك من جانب صح إجماعا وكذا لو قال بعتكها بحقوقها ويثبت للمشتري حق السلوك من جميع الجوانب ولو أطلق ولم يعين جانبا فوجهان أظهرهما ثبوت السلوك
من الجميع لتوقف الانتفاع عليه وعدمه لسكوته عنه وحينئذ هل هو بمنزلة (نفى صح) السلوك احتمال وللشافعية كالوجهين ولو شرط نفى الممر فالوجه الصحة لامكان الانتفاع بالايجاز
وتوقع تحصيل المسلك ويحتمل وهو أظهر وجهي الشافعية البطلان لتعذر الانتفاع في الحال ولو كانت الأرض المبيعة الملاصقة للشارع فليس للمشترى السلوك في
ملك البايع فإن العادة في مثلها الدخول من الشارع وإن كانت ملاصقة للمشترى فليس له السلوك في ملك البايع بل يدخل في ملكه السابق إن جرى البيع مطلقا
ولو قال بحقوقها فله السلوك في ملك البايع وهذا كله كقول الشافعية ولو باع دارا واستثنى لنفسه بيتا فله الممر وإن نفى الممر فإن أمكن إتخاذ ممر آخر صح وإن لم يمكن
فالأقرب الصحة وللشافعية وجهان. مسألة. لو باع الدهن بظرفه وقد شاهده أو وصف له وصفا يرفع الجهالة صح إذا عرف المقدار عندنا ومطلقا عند مجوزي
بيع الجزاف وكذا كل ما يتساوى أجزائه كالعسل والدبس والخل ولو باعه كل رطل بدرهم فإن عرف الأرطال صح وإلا فلا وحكمه حكم الصبرة ولو باعه مع الظرف بعشرة صح
لأنه باع عينين يجوز العقد على كل واحد منهما منفردا فجاز مجتمعا فأما إن باع السمن مع الظرف كل رطل بدرهم وعرفا قدر المجموع صح وإن جهلا تفصيله ومنع منه
بعض الشافعية وبعض الحنابلة لان وزن الظرف يزيد وينقص ولا يعلم كم بدرهم منهما فيدخل على غرر والباقون جوزوه كما اخترنا لصحة بيع كل منهما منفردا
فصح مجتمعا ولأنه رضي أن يشترى الظرف كل رطل منه بدرهم ويشتري السمن كذلك ولا يضر اختلاف القيمة فيهما كما لو اشترى ثوبا مختلفا أو أرضا كل ذراع بدرهم فإن
القيمة مختلفة ويكون ثمن كل ذراع درهما ولا يحتاج أن يجعل بعض الذراع الجيد وبعض الردى بدرهم وإن باعه كل رطل بدرهم على أن يزن الظرف معه فيحسب عليه
بوزنه ولا يكون مبيعا وهما يعلمان زنة كل واحد منهما صح لأنه إذا علم أن الدرهم عشرة والظرف رطلان كان معناه بعتك عشرة أرطال باثني عشر درهما ولو لم يعلما زنتهما
ولا زنة أحدهما بطل لأدائه إلى جهلته الثمن في الحال في الجملة والتفضيل وبه قال الشافعي واحمد. مسألة. يجوز بيع النحل إذا شاهدها وكانت محبوسة بحيث لا يمكنها
الامتناع وبه قال الشافعي ومحمد بن الحسن واحمد لأنها معلومة يقدر على تسليمها فصح بيعها كغيرها وقال أبو حنيفة لا يجوز بيعها منفردة لأنه لا ينتفع بعينه فأشبه الحشرات
والجواب المنع من عدم الانتفاع لأنها يخرج من بطونها شراب فيه منافع للناس فصارت كبهيمة الانعام إذا عرفت هذا فإنه لا يجوز بيعها في كوراتها وبه قال بعض الحنابلة
لجهالتها وقال بعضهم يجوز والضابط العلم فإن تمكن منه بأن يفتح رأس البيت ويشاهدها ويعرف كثرتها من قلتها جاز وإلا فلا. مسألة. ويجوز بيع دود القز وبه قال
الشافعي واحمد لأنه حيوان طاهر معلوم يجوز اقتناؤه ليملك ما يخرج منه فأشبه البهايم وقال أبو حنيفة في رواية عنه إنه لا يجوز بيعه وفي رواية أخرى إن كان معه قز
جاز بيعه وإلا فلا لأنه لا ينتفع بعينه فأشبه الحشرات وليس بجيد لان النفع بها ظاهر وهو ما يخرج منها كالبهايم التي لا ينتفع بها بشئ غير النتاج بخلاف الحشرات التي لا نفع
فيها البتة فإن هذه يخرج منها الحرير وهو أفخر الملابس وكذا يجوز بيع بزره ومنعه بعض الحنابلة وهو خطأ لما مر. مسألة. المسك طاهر يجوز بيعه في الجملة وبه قال
عامة الفقهاء وحكى عن بعض الناس المنع من بيعه لأنه نجس لقوله (ع) ما أبين من حي فهو ميت والميت نجسة وقد قيل إنه دم وهو خطأ لان النبي صلى الله عليه وآله قال للأنصارية التي
سألته من غسل الحيض خذي قرصة من مسك فتطهري بها ولا دلالة في الخبر لان الغزال يلقيه كما يلقى الولد ويلقى الطير البيض والدم المحرم هو المسفوح فإن الكبد حلال
وهو دم وقد روى جواز بيعه عن الصادق (ع) إذا ثبت هذا فقد جوز الشيخ بيع المسك في فأره وإن لم يفتق وفتقه أحوط وبه قال بعض الشافعية لان بقاؤه في فاره مصلحة
له فإنه تحفظ رطوبته وذكا رايحته فأشبه مأكوله في جوفه وأكثر منع أصحاب الشافعي وأصحاب احمد لبقائه خارج وعائه من غير ضرورة ويبقى رايحته فلم يقع بيعه مستورا
لجهالة صفته كالدر في الصدف والوجه الصحة لان صفة المسك معلومة فيشتريه بشرط الصحة كالمذوق قبل ذوقه. مسألة. لا يجوز بيع البيض في بطن الدجاجة
ولا النوى في التمر وهو وفاق للجهالة ولو باع لؤلؤة في صدف لم يجز أيضا للجهالة وبه قال محمد وقال أبو يسوف يجوز وله الخيار إذا رآه لأنه كالحقة ونحن نمنع من حكم
الأصل لعدم ضبط اللؤلؤ. مسألة. قد بينا أن جهالة الاستثناء يبطل البيع وكذا المنفصل المعلوم إذا جهلت نسبته إلى المتثني منه فلو باعه بعشرة إلا ثوبا
وعينه لم يصح وكذا لو باع بثوب إلا درهما مع جهل النسبة ولو استثنى جزاء معلوما مشاعا كثلث أو ربع من الصبرة أو الحايط أو جزئين وأزيد كتسعين أو ثلاثة أثمان
صح البيع عند علمائنا وبه قال الشافعي واحمد لانتفاء الجهالة وقال أبو بكر ابن أبي موسى لا يجوز وليس بمعتمد وكذا يجوز أن يستثنى المشاع من الحيوان كثلثه أو ربعه لوجود
المقتضى وانتفاء المانع وقال بعض الحنابلة لا يجوز قياسا على استثناء الشحم وهو خطأ لجهالة الشحم ولو قال بعتك قفيزا من هذه الصبرة إلا مكوكا صح. فروع: - آ -
لو باع قطيعا واستثنى شاة معينة صح البيع وإن لم يكن معينة بطل وهو قول أكثر العلماء لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الثنيا إلا أن يعلم ونهى عن الغرر ولأنه مبيع
مجهول فلم يصح كما لو قال إلا شاة مطلقة وقال مالك يصح أن يبيع مائة شاة إلا شاة يختارها أو يبيع ثمرة حايطة ويستثنى ثمراة نخلات بعينها - ب - لو قال بعتك
هذا بأربعة دراهم إلا ما يخص درهما صح لان قدره معلوم من المبيع وهو الربع فكأنه قال (بعتك صح) ثلاثة أرباعه بأربعة ولو قال إلا ما يساوى درهما صح مع العلم لا مع الجهالة إذ ما
يساوى الدرهم قد يكون الربع وقد يكون أكثر وأقل - ج - لو باعه سمسما واستثنى الكسب لم يجز لأنه قد باعه الشيرج بالحقيقة وهو غير معلوم وكذا لو استثنى الشيرج
وكذا لو باعه قطنا واستثنى الحب أو بالعكس وبه قال الشافعي. مسألة. لو باعه حيوانا مأكولا واستثنى رأسه وجلده فالأقوى بطلان البيع وبه قال أبو حنيفة والشافعي
لأنه لم يجز افراده بالعقد فلم يجز استثناؤه كالحمل ولأنه مجهول وفي قول لنا الشركة بقيمة ثنياه لقول الصادق (ع) اختصم إلى أمير المؤمنين (ع)
رجلان اشترى أحدهما من الاخر بعيرا واستثنى البيع الرأس والجلد ثم بدأ للمشترى أن يبيعه هو شريكك في البعير على قدر الرأس والجلد وقال مالك يكون له ما
471

استثناه ويصح البيع في السفر دون الحضر لان المسافر لا يمكنه الانتفاع بالجلد والسواقط فجوز له شراء اللحم دونها وليس بجيد لتساوي السفر والحضر في الحكم وقال احمد يصح
الاستثناء مطلقا لان المستثنى والمستثنى منه معلومان فصح كما لو استثنى نخلة معينة وليس بجيد للعلم هنا فروع: - آ - لو باع الرأس والجلد أو شارك فيهما فالوجه
عندي البطلان للجهالة وتعذر التسليم وفي قول لنا إنه يكون للشريك بقدر نصيبه لقول الصادق (ع) في رجل شهد بعيرا مريضا وهو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم و
اشترك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد فقضى أن البعير براء فبلغ ثمانية دنانير قال فقال لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ فإن قال أريد الرأس والجلد فليس له ذلك هذا الضرر
وقد أعطى حقه إذا اعطى الخمس - ب - لو امتنع المشترى من ذبحها قال احمد لم يجبر عليه ويلزمه قيمة ذلك لما روى عن علي (ع) إنه قضى رجل اشترى ناقة وشرط ثنياها فقال إذهبوا
إلى السوق فإذا بلغت أقصى ثمنها فأعطوه حساب ثنياها من ثمنها وقد بينا أن الأقوى بطلان البيع - ج - لو استثنى شحم الحيوان لم يصح البيع وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الثنيا
إلا أن يعلم ولأنه لا يصح إفراده بالبيع لجهالته. مسألة. لو استثنى الحمل صح عندنا وبه قال الحسن والنخعي وإسحاق وأبو ثور واحمد في رواية لان نافع روى عن ابن عمر
إنه باع جارية واستثنى ما في بطنها ولأنه يصح استثناؤه في العتق فصح في البيع وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي واحمد في أخرى والثوري لا يصح لأنه مجهول لا يصح إفراده
بالبيع فلا يصح استثناؤه ولأنه (ع) نهى عن الثنيا إلا أن يعلم ونحن نقول بالموجب فإن الاستثناء إخراج ما لو لاه لدخل والبيع إنما تناول الام دون الحمل وإطلاق الاستثناء
عليه مجاز بل نقول نحن أنه لو باع الام ولم يستثن الحمل لم يدخل في البيع وكان للبايع والاستثناء هنا مؤكد لا مخرج. تذنيب لو باع أمة حاملا بحر جاز البيع عندنا للأصل
خلافا للشافعي لان الحمل لا يدخل في البيع فصار كأنه مستثنى فلا يصح بيعها ونمنع بطلان الاستثناء. مسألة. لا يكفي في العلم مشاهدة وجه الدابة بل لابد من النظر إلى مؤخرها
وبه قال أبو يوسف لان المؤخر موضع مقصود منها فيشترط رؤيته وقال محمد بن الحسن لا يشترط لان الأصل في الحيوان الوجه فيكفي رؤيته كالعبد والأمة ونحن نمنع المقيس
عليه ونوجب المشاهدة لجميع الأجزاء الظاهرة في المبيع كله سواء كان حيوانا أو غيره أو يثبت خيار الرؤية لو ظهر البعض على الخلاف ولو اشترى دارا فرأى خارجها لم
يصح إلا إذا وصف الباقي وصفا يرفع الجهالة ويثبت خيار الرؤية وبه قال زفر وقال أبو حنيفة وصاحباه إذا رأى خارجها كان رؤية لها وليس بجيد. مسألة. وكما
إن الجهالة في الموضعين مبطلة فكذا في صفاتهما ولو أحق المبيع فلو شرطا شرطا مجهولا بطل البيع ولو شرطا تأجيل الثمن وجب أن يكون معلوما فلو أجله إلى الحصاد ونحوه بطل
البيع للجهالة فإن أسقط الاجل لم ينقلب جائزا عندنا وبه قال الشافعي لأنه انعقد باطلا وقال أبو حنيفة ينقلب جائزا لأنه أسقط المفسد قبل تقرره فجعل كان لم يكن وهذا
لو أسقط في الاجل الصحيح قبل مضى المدة جعل كأن لم يكن إلا إلى هذا الوقت ويتم البيع وليس بشئ لأنه مع الصحيح إسقاط لحق ثبت في عقد صحيح وهنا لم يثبت لفساد العقد
فلا يتحقق الاسقاط. تذنيب لو باعه بحكم المشترى ولم يعين بطل البيع إجماعا فإن هلك في يد المشترى فعليه قيمته قال الشيخ يوم ابتاعه إلا أن يحكم على نفسه بأكثر من ذلك.
فيلزمه ما حكم به دون القيمة ولو كان بحكم البايع فحكم بأقل من قيمته لم يكن له أكثر والمعتمد بطلان البيع للجهالة ووجوب القيمة يوم التلف إن كان من ذوات القيم وإلا
المثل ويحتمل في ذي القيمة اعتبارها يوم القبض والأعلى وكذا لو باعه بحكم ثالث من غير تعيين الثمن أو وصفه أو شرط فيه وكما يجب القيمة على المشترى أو المثل كذا يجب عليه
أرش النقص لو حصل والأجرة إن كان ذا أجرة إن استوفى المنافع وإلا فإشكال ولا يضمن تفاوت السعر وله الزيادة التي فعلها في العين عينا كانت أو صفة وإلا فللبايع
وإن كانت منفصلة. الشرط السادس. عدم النهى إعلم أن النهى قد يقتضى الفساد وقد لا يقتضيه والثاني قد يكون للتحريم وقد يكون للكراهة وقد مضى بعض
ذلك وقد وقع الخلاف في كثير من الباقي ونحن نبين بعون الله تعالى جميع ذلك على التفصيل ويحصره أقسام الأول بيع ما لم يقبض والنظر فيه يتعلق بأمور ثلاثة الأول ماهية
القبض قال الشيخ القبض فيما لا ينقل ويحول هو التخلية وإن كان مما ينقل ويحول فإن كان مثل الدراهم والدنانير والجواهر وما يتناول باليد فالقبض هو التناول وإن
كان مثل الحيوان فالقبض نقل البهيمة وغيرها إلى مكان آخر وإن كان مما يكال أو يوزن فالقبض فيه الكيل أو الوزن وبه قال الشافعي في أظهر القولين واحمد في أظهر الروايتين
لقول النبي صلى الله عليه وآله من اشترى طعاما فلا تبعه حتى يكتاله وسئل الصادق عليه السلام في الصحيح عن الرجل يبيع البيع قبل أن يقبضه فقال ما لم يكن كيل أو وزن فلا يبعه حتى
يكيله أو يزنه إلا أن يوليه الذي قام عليه الكيل والوزن وهو القبض لأنا أجمعنا على بيع الطعام بعد قبضه وسئل (ع) عن رجل اشترى متاعا من آخر وواجبه غير أنه ترك المتاع
عنده ولم يقبضه وقال آتيك غدا إن شاء الله فسرق المتاع من مال من يكون فقال (ع) من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته فإذا أخرجه من
بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه وجعل القبض هو النقل ولقضاء العرف بذلك وعادة الشرع رد الناس إلى العرف فيما لم يضع له الشارع لفظا وقال أبو حنيفة
القبض التخلية مطلقا في المنقول وغيره وهو قول لنا وللشافعي وقول مالك ورواية عن أحمد مع التمييز لأنه خلى بينه وبين المبيع فكان قبضا له كالعقار ونمنع المساواة
للعرف وفي رواية عن الشافعي يكفي التخلية لنقل الضمان إلى المشترى لان البايع أتى بما عليه فيخرج عن ضمانه والتقصير من المشترى حيث لم ينقل فيثبت ما هو حق البايع ولا
يكفي جواز التصرف. مسألة. هل يشترط في القبض كونه فارغا عن أمتعة البائع قال الشافعي نعم والأقرب عندي المنع مع التخلية وتمكينه من اليد والتصرف بتسليم
المفتاح إليه فلو باع دارا أو سفينة مشحونة بأقمشة ومكنه منها بحيث جعل له تحويله عن مكان إلى غيره كان
قبضا ولا يشترط في التخلية حضور المتبائعين عند المبيع
وهو أظهر وجوه الشافعي واخر اشتراطه فإذا حضرا وقال البايع للمشترى دونك هذا ولا مانع حصل القبض واخر اشتراط حضور المشترى دون البايع ليتمكن من
إثبات اليد عليه وإذا حصلت التخلية فإثبات اليد والتصرف إليه وهل يشترط زمان إمكان المضي إليه أصح الوجهين للشافعية نعم. مسألة. إذا كان المبيع في موضع
لا يختص بالبائع كفى في المنقول النقل من حين إلى آخر وإن كان في موضع يختص به فالنقل من زاوية إلى أخرى بغير إذن البايع لا يكفي لجواز التصرف ويكفى لدخوله في
ضمانه وإن نقل بإذنه حصل القبض وكان استعار البقعة المنقول إليها ولو اشترى الدار مع الأمتعة فيها صفقة وخلى بينهما حصل القبض في الدار وفي الأمتعة إشكال
أصح وجهي الشافعي عدم القبض بدون نقلها كما لو بيعت وحدها والثاني إن القبض يحصل فيها تبعا ولو أحضر البايع السلعة فقال المشترى ضعه ففعل تم القبض
وبه قال الشافعي كأنه كالوكيل في الوضع ولو لم يقل المشترى شيئا أو قال لا أريد حصل القبض لوجود التسليم كما إذا وضع الغاصب المغصوب بين يدي المالك يبرء عن
الضمان وهو أصح وجهي الشافعي والضعيف لا يحصل كما في الابداع وللمشتري الاستقلال بنقل المبيع إن كان الثمن مؤجلا أو وزنه كما إن للمرأة قبض الصداق من
دون إذن الزوج إذا سلمت نفسها وإلا فلا وعليه الرد لان البائع يستحق الحبس لاستيفاء الثمن ولا ينفذ تصرفه فيه لكن يدخل في ضمانه وإذا كان المبيع معتبرا تقديره
كما لو اشترى مزارعة أو أرضا كذلك أو متاعا موازنة أو حنطة مكائلة أو معدودا بالعدد لم يكف النقل والتحويل بل لابد من التقدير على إشكال وهذا كله كقول
الشافعي. فروع: الأول لو قبض جزافا ما اشتراه مكايلة دخل المقبوض في ضمانه فإن باعه كله لم يصح لأنه ربما يزيد على قدر ما يستحقه ولو باع ما يستحق فالوجه
472

عندي الجواز وهو أضعف وجهي الشافعي لحصول القبض وأصحهما عنده المنع لأنه لم يجز قبض مستحق بالعقد وهو ممنوع - ب - لا اعتبار بالقبض الفاسد بل الصحيح
لسقوط الأول عن نظر الشرع فلا يكون شرطا في صحة شرع والصحيح أن يسلم المبيع باختياره أو يوفى المشترى الثمن فله القبض بغير اختيار البايع والفاسد أن يكون
الثمن حالا وقبض البيع بغير اختيار البايع من غير دفع الثمن فللبايع المطالبة بالرد إلى يده لأنه له حق الجنس إلى أن يستوفى - ج - لو كان لزيد طعام على عمرو سلما ولخالد
مثله على زيد فقال زيد إذهب إلى عمرو اقبض لنفسك ما لي عليه فقبضه لم يصح لخالد عند أكثر علمائنا وبه قال الشافعي وأحمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام
حتى يجرى فيه الصاعان يعنى صاع البايع وصاع المشترى وسيأتى بل ينبغي أن يكتال لنفسه ويقبضه ثم يكيله على مشتريه وهل يصح لزيد الوجه المنع وبه قال الشافعي
واحمد في رواية لأنه لم يجعله نائبا في القبض فلم يقع له بخلاف الوكيل وفي رواية يصح لأنه أذن له (في القبض صح) فأشبه الوكيل وليس بجيد لأنه قبضه لنفسه باطلا فحينئذ يكون
باقيا على ملك عمرو وكذا لو دفع إليه مالا وقال اشتر لي به طعاما فإن قال أقبضه لي ثم أقبضه لنفسك صح الشراء والقبض للموكل وهل يصح لنفسه منعه الشيخ
لاتحاد المقبوض والقابض وهو وجه للشافعي وفي آخر الجواز لان الباطل أن يقبض من نفسه لغيره ولو قال أقبضه لنفسك منع الشافعية منه لأنه لا يتمكن
من قبض مال الغير لنفسه فإن فعله فهو مضمون عليه وإن قال اشتر لنفسك لم يصح الشراء (لأنه لا يصح صح) أن يملك الانسان بثمن لغيره ولا يتعين له بالقبض وبه قال الشافعي
قال احمد يصح الشراء كالفضولي ويكون الدراهم أمانة في يده لأنه لم يقبضها ليتملكها فإن اشترى نظر إن اشترى في الذمة وقع عنه وأدى الثمن من ماله وإن اشترى
بعينها للشافعية وجهان الصحة والبطلان ولو كان المالان أو المال به قرضا أو إتلافا جاز عندنا خلافا للشافعي - د - لو أبقى زيد الطعام في المكيال لما اكتاله لنفسه وسلمه إلى
مشتريه جاز وينزل استدامته في المكيال منزلة إبتداء الكيل وهو أظهر وجهي الشافعي وبه قال احمد ولو اكتاله زيد ثم كاله على مشتريه فوقع في المكيال زيادة أو نقصان
أبا يعتاد في المكيال فالزيادة لزيد والنقصان عليه وإن كان كثيرا ردت الزيادة إلى الأول ورجع عليه بالنقصان - ه‍ - يجوز التوكيل في القبض من المشترى وفي الاقباض
من البايع وهل يجوز أن يتولاهما الواحد منعه الشيخ وبه قال الشافعي في وجه لأنه لا يجوز أن يكون قابضا مقبضا والوجه الجواز وبه قال احمد والشافعي في وجه كما لو باع
الأب من ولده الصغير وكذا يجوز أن يوكل المشترى من يده يد البايع كعبده - و - لو أذن لمستحق الطعام أن يكتال من الصبرة حقه فالوجه عندي الجواز وهو أضعف
وجهي الشافعية لان القصد معرفة القدر وأصحهما المنع لان الكيل أحد ركني القبض فلا يجوز أن يكون نايبا فيه عن البايع متأصلا لنفسه - ز - لو قال من عليه
طعام من سلمه وله مثله لمستحقه أحضر اكتيالي وأقبضه لك ففعل فالوجه الجواز ومنع منه الشافعي واحمد للنهي وهل يكون قابضا لنفسه لأحمد وجهان أقواهما نعم
لان قبض المسلم فيه قد وجد في مستحقه فصح القبض له كما لو نوى القبض لنفسه فإذا أقبضه غريمه صح وإن قال خذه بهذه الكيل فأخذه صح لأنه قد شاهد كيله وعلمه
فلا معنى لاعتبار كيله مرة ثانية والمنع وبه قال الشافعي للنهي. النظر الثاني في وجوبه يجب على كل واحد من المتبايعين تسليم ما استحقه الآخر بالبيع فإن قال كل
منهما لا أدفع حتى اقبض قال الشيخ يجز البايع أو لا وأطلق وهو إحدى قولي الشافعي الأربعة واحمد في رواية لان تسليم المبيع يتعلق به استقرار البيع وتمامه فإن ملك المشتري
في المبيع إنما يستقر بتسليمه إلى البايع لأنه لو تلف قبل القبض بطل وثانيها وبه قال أبو حنيفة ومالك إنه يجبر المشترى على تسليم الثمن أولا لان حقه متعين في البيع فيؤمر
بدفع الثمن لتعين حق البايع أيضا وثالثها لا يجبران لكن يمنعان من التخاصم فإن سلم أحدهما ما عليه أجبر الآخر ورابعها إن الحاكم يجبرهما معا على التسليم هذا إذا كان الثمن
في الذمة وإن كان معينا أو تبايعا عرضا بعرض فقولان للشافعية خاصة عدم الاجبار لهما وبه قال احمد والاجبار لهما معا وبه قال الثوري واحمد والأخير عندي على التقديرين
أجود لان كل واحد منهما قد وجب له حق على صاحبها. مسألة. إذا ابتداء البايع بالتسليم إما تبرعا أو بالاجبار على القول به أجبر المشترى على التسليم في الحال إن كان
الثمن حاضرا في المجلس وإن كان في البلد فكذلك وأظهر وجهي الشافعي الحجر عليه في البيع عند بعض الشافعية ومطلقا عند آخرين لئلا يتصرف في أملاكه بما يفوت حق
البايع والأقرب عدم الحجر وهو أضعفهما وإن كان غائبا قدر مسافة القصر قال الشافعي لا يكلف البايع الصبر إلى إحضاره بل في وجه يباع المبيع ويوفي حقه من ثمنه والأظهر عنده
إن له الفسخ كما لو أفلس المشترى وعند علمائنا له الفسخ بعد ثلاثة أيام مع انتفاء الاقباض ثمنا ومثمنا وسيأتى وإن قصر عنها فهل هو كالبلد أو مسافة القصر للشافعي
وجهان وإن كان معسرا فهو مفلس فإن حجر عليه الحاكم فالبايع أحق بمتاعه وإن شاء فسخ وإن شاء ضرب مع الغرماء وقال الشافعي إن كان معسرا فالبايع أحق بمتاعه في أحد
الوجهين وفي الآخر يباع وتوفى حق البايع من ثمنها فإن فضل فللمشتري. فروع: - آ - كل موضع قلنا له الفسخ فله ذلك بغير حكم حاكم وبه قال احمد لأنه فسخ المبيع للاعسار
بثمنه فملكه البايع كالفسخ في عين ماله إذا أفلس وكل موضع قلنا بحجر عليه فذلك إلى الحاكم لأن ولاية الحجر إليه - ب - إنما يثبت للبايع حق الحبس إذا كان
الثمن حالا وليس له الحبس إلى أن يستوفى الثمن المؤجل وكذلك ليس له الحبس إذا لم يتفق التسليم إلى أن حل الاجل وبه قال الشافعي - ج - لو ابتداء المشترى التسليم إما تبرعا
أو على تقدير وجوبه فالحكم في البايع كالحكم في المشتري في المسألة - د - لو هرب المشترى قبل وزن الثمن وهو معسر مع عدم الاقباض احتمل أن تملك البايع الفسخ في
الحال لتعذر استيفاء الثمن والصبر ثلاثة أيام للرواية والأول أقوى لورودها في الباذل وإن كان موسرا ثبت البايع ذلك عند الحاكم ثم إن وجد الحاكم له
مالا قضاه وإلا باع المبيع وقضى منه والفاضل للمشترى والمعوز عليه. مسألة. ليس للبايع الامتناع من تسليم المبيع وبعد قبض الثمن لأجل الاستبراء وبه قال أبو
حنيفة والشافعي واحمد وحكى عن مالك ذلك في القبيحة أما الجميلة فتوضع على يدي عدل حتى يستبرء لان التهمة يلحقه فيها فمنع منها وليس بجيد فإنه مبيع لا خيار
فيه قبض ثمنه فوجب دفعه إليه كغيره والتهمة لا يمنعه من التسلط كالقبيحة ولو طالب المشترى البايع بكفيل لئلا يظهر حاملا لم يكن له ذلك لأنه ترك التحفظ لنفسه
حال العقد. النظر الثالث. في حكمه وله حكمان انتقال الضمان إلى المشترى وتسويغ التصرفات فهنا مطلبان الأول الضمان ولا خلاف عندنا في الضمان على البايع
قبل القبض مطلقا فلو تلف حينئذ انفسخ العقد وسقط الثمن وبه قال الشافعي واحمد في رواية وهو محكى عن الشعبي وربيعة لأنه قبض مستحق بالعقد فإذا تعذر انفسخ
البيع كما لو تفرقا قبل القبض في الصرف وقال أبو حنيفة كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من ضمان البايع إلا العقار وقال مالك إذا هلك المبيع قبل القبض لا يبطل
البيع ويكون من ضمان المشترى إلا أن يطالبه به فلا يسلمه فيجب عليه قيمته للمشترى وبه قال احمد وإسحاق لقوله (ع) الخراج بالضمان ونماؤه للمشترى فضمانه عليه ولأنه من ضمانه
بعد القبض وكذا قبله كالميراث ولا حجة في الخبر لأنه لم يقل الضمان بالخراج والخراج الغلة والميراث لا يراعى فيه القبض فهنا يراعى فإنه يراعى في الدراهم والدنانير
بخلاف الميراث فيها وهذا مذهب مالك هو اختيار احمد ونقل عنهما معا إن المبيع إذا لم يكن مكيلا ولا موزونا ولا معدودا فهو من ضمان المشترى ومنهم
من أطلق كما تقدم. تذنيب لو أبرء المشترى البايع من ضمان البيع لم يبرء وحكم العقد لا يتغير وبه قال الشافعي فلو تلف المبيع قبل القبض انفسخ العقد وسقط
473

الثمن عن المشترى إن لم يكن دفعه وإن كان قد دفعه استعاده وللشافعي قول آخر إنه لا ينفسخ العقد ولا يسقط الثمن عن المشترى. مسألة. إذا انفسخ العقد كان المبيع
تالفا على ملك البايع فلو كان عبدا كان مؤنة تجهيزه عليه وبه قال الشافعي وهل يقدر انه ينتقل الملك إليه قبيل التلف أو يبطل العقد من أصله فيه احتمال وأصح وجهي
الشافعية الأول فالزوايد الحادثة في يد البايع كالولد والثمرة والكسب للمشترى وللبايع على الثاني. مسألة. إذا تلف المبيع قبل القبض فإن تلف بأنه سماوية فهو
من مال البايع على تقدم فإن أتلفه المشترى فهو قبض منه لأنه أتلف ملكه فكان كالمغصوب إذا أتلفه الملك في يد الغاصب يبرأ من الضمان وبه قال الشافعي وله وجه إنه ليس
بقبض ولكن عليه القيمة للبايع ويسترد الثمن ويكون التلف من ضمان البايع وإن أتلفه البايع قال الشيخ ينفسخ البيع وحكمه حكم ما لو تلف بأمر سماوي لامتناع التسليم وهو أصح
وجهي الشافعي وبه قال أبو حنيفة لأن المبيع مضمون عليه بالثمن فإذا أتلفه سقط الثمن والاخر له وبه قال احمد لا ينفسخ البيع ويكون كالأجنبي يضمنه بالمثلى في المثل وبالقيمة في
غيره لانتقال الملك عنه إلى المشترى وقد جنى على تملك غيره فأشبه إتلاف الأجنبي وإن أتلف أجنبي قال الشيخ لا يبطل البيع بل يتخير المشترى بين الفسخ فيسترجع الثمن من
البايع لان التلف حصل في يد البايع وبين الامضاء فيرجع على الأجنبي بالقيمة إن لم يكن مثليا ويكون القبض في القيمة قائم مقام القبض في المبيع لأنها بدله وبه قال
أبو حنيفة واحمد والشافعي في أحد القولين وهل للبايع حبس القيمة لاخذ الثمن يحتمل ذلك كما يحبس المرتهن قيمة الرهن والعدم لان الحبس غير مقصود
بالعقد حتى ينتقل إلى البدل بخلاف الرهن وللشافعي كالوجهين. فروع: - آ - لو اشتغل البايع المبيع قبل القبض ثم تلف فلا أجرة عليه إن جعلنا إتلافه كالسماوية
وإلا فعليه الأجرة وللشافعي كالوجهين - ب - لو اكلت الشاة ثمنها المعين قبل القبض فإن كانت في يد المشترى فهو كما لو تلفه وإن كانت في يد البايع فهو كإتلافه وكذا
إن كانت في يد أجنبي فكإتلافه وإن لم يكن في يد أحد انفسخ البيع لأن المبيع هلك قبل القبض بأمر لا ينسب إلى آدمي فصار كالسماوية - ج - إتلاف الثمن المعين كالثمن في الأحكام المذكورة
هناك إما غير المعين فلا يبطل البيع بإتلافه وكذا الثمن المضمون - د - لو باع عينا بأخرى وقبض إحديهما فباعها أو أعتقها أو استحقت بالشفعة ثم تلفت الأخرى قبله
بطل العقد الأول دون الثاني ويرجع مشترى التالفة بقيمة عينه لتعذر رده وعلى الشفيع مثل الثمن لأنه عوض الشقص ولو تلفت العين الأخرى قبل قبض المشترى
الثاني بطل البيعان. مسألة. لو تلف بعض المبيع قبل القبض بآفة سماوية فإن كان للتالف قسط من الثمن كعبد من عبدين مات بطل العقد فيه عند كل من
يبطل البيع بالاتلاف وفي الآخر خلاف أما عندنا فلا يبطل بل يتخير المشترى في الفسخ لتبعض الصفقة عليه والامضاء وللشافعية قولان أحدهما الفسخ بناء على الأبطال
بتفريق الصفقة والآخر الصحة على ذلك التقدير فرقا بين الفساد المقترن بالعقد والطاري وإن لم يكن للتالف قسط من الثمن كما لو سقط يد العبد لعلمائنا
قولان أحدهما تخير المشترى بين الفسخ والامضاء مجانا مع القدرة على الفسخ لأنه ارتضاه (معيبا فكأنه اشتراه صح) معيبا عالما بعيبه وبه قال الشافعي واحمد والثاني إن للمشترى مع اختيار الامضاء
الأرش كأنه عوض الجزء الفايت قبل قبضه وكما لو تلف الجميع كان مضمونا على البايع فكذا البعض أما الجزء أو الوصف فهو أقواهما عندي ولو تعيب بفعل المشترى
كما لو قطع يد العبد قبل قبضه فلا خيار له لأنه أتلف ملكه فلا يرجع به على غيره ويجعل (بهما) لبعض المبيع حتى تستقر عليه ضمانه وإن مات العبد في يد البايع بعد الاندمال
فلا يضمن اليد المقطوعة بأرشها المقدر ولا بما نقض القطع من القيمة وإنما يضمنها بجزء من الثمن كما يضمن الكل بكل الثمن وهو إحدى وجهي الشافعية وأصح وجهي الشافعية
في كيفيته وبه قال ابن شريح إنه يقوم صحيحا ومقطوعا ويؤخذ من الثمن بمثل تلك نسبة التفاوت فلو كان صحيحا بعشرين ومقطوعا بخمسة عشر فعليه ربع الثمن و
أضعفهما إنه يستقر من الثمن بنسبة أرش اليد من القيمة وهو النصف فلو قطع يديه واندملتا ثم مات العبد في يد البايع وجب على المشترى تمام الثمن والثاني أن إتلافه
ليس بقبض فلا يكون قابضا لشئ من العبد ويضمن بأرشها المقدر وهو نصف القيمة كالأجنبي ولو تعيب بفعل
أجنبي تخير المشترى بين الفسخ ويتبع البايع الجاني
والامضاء بجميع الثمن ويغرم الجاني قال بعض الشافعية إنما يغرم إذا قبض العبد لا قبله لجواز انفساخ البيع بموت العبد في يد البايع ثم الغرامة الواجبة على الأجنبي نصف القيمة
أو ما نقص من القيمة بالقطع قولان للشافعية أصحهما الأول ولو تعيب بفعل البايع إحتمل جعل جنايته كالأجنبي فيتخير المشترى بين الفسخ والرجوع عليه بالأرش كالسماوية وهو
الأشهر من وجهي الشافعية فيتخير بين الفسخ والامضاء مجانا. فروع: - آ - إحتراق سقف الدار وتلف بعض الأبنية كتلف عبد من عبدين لأنه يمكن افراده بالبيع بتقدير
الاتصال والانفصال بخلاف يد العبد وهو أصح وجهي الشافعية والآخر إنه كسقوط يد العبد - ب - النقص ينقسم إلى أفوات صفة وهو العيب وإلى فوات جزء وينقسم
إلى ما لا ينفرد بالقيمة والمالية كيد العبد وهو في معنى الوصف وإلى ما ينفرد كأحد العبدين - ج - المبيع بصفة أو رؤية متقدمة من ضمان البايع حتى يقبضه المبتاع وبه قال
أصحاب احمد وإن لم يكن مكيلا أو موزونا لتعلق حق التوفية به فجرى مجرى الكيل وقال احمد لو اشترى من رجل عبدا بعينه فمات في يد البايع فهو من مال المشترى إلا أن يطلبه
فيمنعه البايع ولو حبسه عليه ببقية الثمن فهو غاصب ولا يكون رهنا إلا أن يكون قد اشترط في نفس البيع الرهن. المطلب الثاني. في التصرفات. مسألة. لعلمائنا
في بيع ما لم يقبض أقوال أربعة الجواز على كراهية مطلقا وبه قال الشافعي خاصة للأصل الدال على إباحة أنواع التصرفات في الملك وقد صار ملكا له بالعقد وقول
الباقر (ع) والصادق (ع) في رجل اشترى الثمرة ثم يبيعها قبل أن يقبضها قال لا بأس إلى وقول الصادق (ع)
في رجل يشترى الطعام ثم يبيعه قبل أن يقبضه قال لا بأس ويوكل الرجل المشترى منه بكيله وقبضه والمنع مطلقا وبه قال الشافعي واحمد في رواية وهو مروى عن
ابن عباس وبه قال محمد بن الحسن لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يباع السلع حيث يبتاع حتى يحرزها التجار إلى رحالهم ولان الملك قبل القبض ضعيف لأنه ينفسخ البيع لو تلف فلا
يفيد ولاية التصرف ولان المبيع قبل القبض مضمون على البايع للمشترى فلو نفذنا بيعه للمشترى لصار مضمونا للمشترى ولا يتوالى ضمانا عقدين من شئ واحد والمنع
في المكيل والموزون مطلقا والجواز في غيرهما وبه قال احمد في رواية وإسحاق وهو مروى عن عثمان وسعيد بن المسيب والحسن والحكم وحماد بن أبي سلمان لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع
الطعام قبل قبضه وقول الصادق (ع) ما لم يكن فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى يكيله أو تزنه إلا أن توليه الذي قام عليه والمنع في الطعام خاصة وبه قال مالك واحمد في رواية
لما تقدم في الحديثين قال ابن عبد البر الأصح عن أحمد بن حنبل إن الذي منع من بيعه قبل قبضه من الطعام وقال ابن المنذر جمع أهل العلم على أن من اشترى طعاما
فليس له أن يبيعه حتى ينقله من مكانه وقال أصحاب الرأي بيع المنقول قبل القبض لا يجوز وأما العقار فقال محمد بن الحسن لا يجوز قبل قبضه وقال أبو حنيفة وأبو
يوسف يجوز لأن عدم القبض في المنقول مانع من الجواز لخطر انفساخ البيع بهلاك المعقود عليه وهذا لا يتحقق في العقار ولنا قول خامس المنع من المكيل والموزون
خاصة إلا تولية لقول الصادق (ع) إذا اشتريت متاعا فيه كيل أو وزن فلا تبعه حتى تقبضه إلا أن توليه فإن لم (يكن صح) فيه كيل أو وزن فبعه والأقرب عندي الكراهية إلا في الطعام
فالمنع أظهر وإن كان فيه إشكال. فروع: الأول المبيع إن كان دينا لمن يجز بيعه قبل قبضه عند المانعين لان البيع مع تعيينه لا يجوز بيعه قبل قبضه مع عدمه أولي فلا يجوز
474

بيع السلم قبل قبضه ولا الاستبدال به وبه قال الشافعي - ب - يجوز الحوالة بالمسلم فيه بأن يحيل المسلم إليه المسلم بحقه على من له عليه دين من قرض أو إتلاف وعليه بأن يحيل المسلم
من له عليه دين من قرض أو إتلاف على المسلم فيه لان الحوالة ايفاء واستيفاء وهو أحد وجوه الشافعية واخر تجوز الحوالة به لان الواجب على المسلم إليه توفير الحق على المسلم وقد فعل
ولا يجوز الحوالة عليه لأنها بيع سلم بدين وأصحهما المنع لما فيه من تبديل المسلم فيه بغيره - ج - لو كان الدين ثمنا كما لو باع بدراهم أو دنانير في الذمة ففي الاستبدال عنها لنا
روايتان بالجواز وهو أحد (جديد خ ل) وجهي الشافعي لان ابن عمر قال كنت أبيع الإبل بالبقيع بالدنانير فأخذ مكانها الورق وأبيع بالورق فأخذ مكانها الدنانير فأتيت النبي صلى الله عليه وآله
فقال لا بأس به بالقيمة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل باع طعاما بدراهم إلى أجل فلما بلغ الاجل تقاضاه فقال ليس له عندي دراهم خذ منى
طعاما قال لا بأس به إنما له دراهم يأخذ بها ما شاء والقديم المنع للنهي عن بيع ما لم يقبض ولأنه عوض في معاوضة فأشبه المسلم فيه - د - لو باع بغير الدراهم والدنانير في
الذمة فجواز الاستبدال عنه مبنى على أن الثمن ماذا والمثمن ماذا والوجه إن الثمن هو ما الصق به الباء والثمن ما يقابله وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إن الثمن هو
النقد والثمن ما يقابله فلو باع نقدا بنقد فلا ثمن فيه ولو باع عرضا بعرض (فلا ثمن فيه صح) وأصحهما إن الثمن هو النقد فإن لم يكن أو كانا نقدين فالثمن ما الصق به الباء وعلى الأول
وهو الثمن ما الصق به الباء يجوز الاستبدال عن غير الدراهم والدنانير كما يجوز الاستبدال عنهما وعلى الآخر لا يجوز عنده - ه‍ - لو استبدل عن أحد النقدين
الآخر لم يشترط قبض البدل في المجلس قاله الشيخ للرواية لان النقدين من واحد ومنعه ابن إدريس وهو قول الشافعي وكذا قال الشافعي لو استبدل عن الحنطة شعيرا
على تقدير تسويغه - و - لا يشترط تعيين البدل في العقد وهو أصح وجهي الشافعي ويكفى الاحضار في المجلس كما لو تصادفا في الذمة ثم عينا وتقابضا في المجلس وأضعفهما
الاشتراط لئلا يكون بيع دين بدين - ز - لو استبدل عنها ما لا يوافقها في علة الربا كما لو استبدل عن الدراهم طعاما أو ثيابا فإن عين جاز وفي اشتراط قبضه في المجلس للشافعي
وجهان الاشتراط لان أحد العوضين دين فيشترط قبض الثاني كرأس مال المسلم في السلم وأصحهما وبه نقول المنع كما لو باع ثوبا بدرهم في الذمة لا يشترط قبض الثوب
في المجلس وإن لم يعين البدل بل وصف والتزم في الذمة فعلى الوجهين عنده والوجه عندنا الجواز - ح - ما ليس بثمن ولا مثمن من الديون كدين القرض والاتلاف
يجوز الاستبدال عنه إجماعا لاستقراره في الذمة وفي تعيين البدل والقبض في المجلس على ما تقدم للشافعي - ط - يجوز بيع الدين من غير من عليه الدين كما لو كان له
على زيد مائه فاعتاض عن عمرو عبدا ليكون المأة له عندنا وهو أضعف قولي الشافعي كما يجوز بيعه ممن عليه وهو الاستبدال وأصحهما المنع لعدم القدرة
على التسليم وهو ممنوع وعلى الأول يشترط أن يقبض مشترى الدين ممن عليه في المجلس عند الشافعي وأن يقبض بايع الدين العوض في المجلس حتى لو توفى قبل قبض حدهما
بطل العقد - ى - لو كان له دين على إنسان ولآخر دين على ذلك الانسان فباع أحدهما ماله عليه بما لصاحبه عليه وقبل الاخر لم يصح اتفق الجنس أو اختلف لنهيه (ع)
عن بيع الكالي بالكالي. الحادي عشر. لو باع شيئا بدراهم أو دنانير معينة فوجدها معيبه لم يكن للمشترى إبدالها ولو تلفت قبل القبض انفسخ البيع
كما في طرف المبيع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يتعين وسيأتى. مسألة. وهل يصح بيعه من بايعه أما المجوزون فإنهم جزموا بالجواز هنا واختلف المانعون
فبعضهم منع وهو أصح وجهي الشافعي كبيعه من غيره وبعضهم جوز وهو الثاني كبيع المغصوب من الغاصب قال (بعض صح) الشافعية الوجهان فيمن إذا باع بغير جنس الثمن أو بزيادة
أو نقيصة وإلا فهو إقالة بصيغة البيع ولو ابتاع شيئا يحتاج إلى قبض فلقيه ببلد آخر فالأقرب أن له اخذ بدله ومنع منه الحنابلة وإن تراضيا لأنه مبيع لم يقبض
وإن كان مما لا يحتاج إلى قبض جاز. مسألة. والأقرب عندي إن النهى يتعلق بالبيع لا بغيره من المعاوضات ومنع الشيخ من إجارته قبل القبض فيما لا يجوز بيعه
قبل قبضه لان الإجارة ضرب من البيوع وللشافعية وجهان المنع لان التسليم مستحق فيها كما في البيع والجواز لان موردها غير مورد البيع فلا يتوالى ضمانا
عقدين من جنس واحد ومنع الشيخ من الكتابة لأنها نوع بيع وهو ممنوع وأما الرهن فجوزه الشيخ وهو حق لأنه ملكه فصح منه التصرف فيه وللشافعي قولان الصحة
لان التسليم غير لازم فيه والمنع لضعف الملك فإنه كما يمنع البيع يمنع الرهن كالمكاتب لا يرهن كما لا يباع ويجرى القولان وعلتهما في الهبة وعلى تقدير الصحة فنفس العقد
ليس قبضا بل يقبضه المشترى من البايع ثم يسلمه إلى المرتهن والمتهب في العتق للشافعي وجهان أصحهما النفوذ ويصير أيضا لقوة العتق وغلبته ولهذا جاز عتق الأبوين
دون بيعه وأضعفهما المنع لأنه إزالة ملك فأشبه البيع وأما تزويج الأمة فجوزه الشيخ وهو أصح وجهي الشافعية قال الشيخ ويكون وطى المشترى أو الزوج قبضا وبه قال
أبو حنيفة وقال الشافعي وطؤ الزوج لا يكون قبضا وأما السلم فحكمه حكم البيع وكذا التولية إلا على ما تقدم من رواية منع البيع وجواز التولية وعن مالك جواز التولية وهو
وجه للشافعية وأما الاشتراك فإنه عندنا إنما يكون بالمزج أو بأحد العقود الناقلة للنصف والأول يستدعى القبض والثاني تابع وجوز مالك الشركة قبل القبض
وخالف فيه الشافعي إلا في وجه وأبو حنيفة واحمد لأنها بيع بعض المبيع بقسطه من الثمن وأما الإقالة فإنها جايزة قبل القبض وبه قال الشافعي واحمد في إحدى
الروايتين لأنها ليست بيعا على ما يأتي وقال مالك إنها بيع مطلقا وقال أبو حنيفة إنها بيع في حق غير المتعاقدين وفسخ في حقهما وسيأتي والقايلون بأنها بيع أوجبوا القبض
. مسألة. والمنتقل بغير المبيع يجوز بيعه قبل قبضه فلو ورث مالا جاز له بيعه قبل قبضه وبه قال الشافعي عملا بالأصل إلا أن يكون المورث قد اشتراه ومات
قبل قبضه فليس للوارث بيعه عند المانعين كما لم يكن للمورث ولو اوصى له بمال فقبل الوصية بعد الموت فله بيعه قبل أخذه وبه قال الشافعي وإن باع بعد الموت وقبل
القبول فكذلك إن قلنا الوصية تملك بالموت وإن قلنا تملك بالقبول أو هو موقوف قال الشافعي لا يصح ويحتمل الصحة لان القبول قد يكون بالفعل والمال المضمون في يد الغير.
بالقيمة كالعارية المضمونة أو مع التفريط ويسمى ضمان اليد يجوز بيعه قبل قبضه لتمام الملك فيه ولو باع عبدا وسلم ثم فسخ المشترى للعيب فللبايع قبل قبضه لأنه الآن صار مضمونا
بالقيمة ولو فسخ السلم لانقطاع المسلم فيه فللمسلم بيع رأس المال قبل استرداده وكذا للبايع بيع المبيع إذا فسخ بإفلاس المشترى قبل قبضه وبهذا كله قال الشافعي أما ما هو
مضمون في يد الغير بعوض في عقد معاوضة فالوجه جواز بيعه قبل قبضه كمال الصلح والأجرة المعينة لما تقدم وقال الشافعي لا يصح لتوهم الانفساخ بتلفه كالبيع
وأما الصداق فيجوز للمرأة بيعه قبل قبضه نص عليه الشيخ وللشافعي قولان مبنيان على أنه مضمون في يد الزوج ضمان العقد أو ضمان اليد فعلى الأول وهو أصحهما
عنده لا يصح ويجريان في بيع الزوج بدل الخلع قبل القبض وبيع العافي عن القود المال المعفو عليه عنده وعندنا يجوز ذلك كله وأما الأمانات فيصح بيعها
قبل قبضها وبه قال الشافعي فلمالك الوديعة بيعها قبل قبضها وكذا بيع مال الشركة والقراض في يد الشريك والعامل وبيع المال في يد الوكيل والمرتهن بعد
الفك والمال في يد الولي بعد بلوغ الصبى ورشده وما احتطبه العبد واكتسبه وقبله بالوصية قبل أن يأخذه السيد لتمام الملك عليها وحصول القدرة على التسليم
ومنع الشيخ من بيع الصرف قبل قبضه ومال الغنيمة إذا تعين عليه ملكه صح بيعه قبل قبضه قال الشيخ وهو جيد. مسألة. قد بينا إن السلم نوع من البيع فمن منع
475

من بيع غير المقبوض منعه هنا ومن جوزه هناك جوزه هنا فلو أسلم في طعام ثم باعه من اخر قال الشيخ لا يصح إلا أن يجعله وكيله في القبض فإذا قبض صار حينئذ قبضا عنه وإذا
حل عليه الطعام بعقد السلم فدفع إلى المسلم دراهم وقال خذها بدل الطعام قال الشيخ لم يجز لان بيع السلم فيه لا يجوز قبل القبض سواء باعه من المسلم إليه أو من أجنبي وإن قال اشتر بها
الطعام لنفسك قال لم يصح لان الدراهم باقية على ملك السلم إليه فلا يصح أن يشترى بها طعاما لنفسه فإن اشترى بالعين لم يصح وإن اشترى في الذمة ملك الطعام وضمن الدراهم
ولو كان عليه طعام قرضا فأعطاه من جنسه فهو نفس حقه وإن غايره فإن كان في الذمة وعينه قبل التفرق وقبضه جاز وإن فارقه قبل قبضه قال الشيخ لا يجوز لأنه يصير بيع دين
بدين وإن كان معيبا وفارقه قبل القبض جاز. مسألة. لو كان له في ذمة غيره طعام فباع منه طعاما بعينه ليقبضه الطعام الذي في ذمته منه لم يصح لأنه شرط قضاء الدين
الذي في ذمته من هذا الطعام بعينه وهذا لا يلزم ولا يجوز أن يجبر على الوفاء به (فيفسد الشرط صح) فيفسد البيع لاقترانه به لان الشرط يحتاج أن يزيد بقسط من الثمن وهو مجهول ففسد البيع
ولو قلنا يفسد الشرط ويصح البيع كان قويا هذا كله كلام الشيخ والوجه عندي صحتهما معا لأنه شرط لا ينافي الكتاب والسنة قال الشيخ ولو باع منه طعاما بعشرة دراهم
على أن يقبضه الطعام الذي له عليه أجود منه لم يصح لان الجودة لا يجوز أن يكون ثمنا بانفرادها وإن قضاه أجود ليبيعه طعاما بعينه بعشرة لم يجز والوجه عندي الجواز
في الصورتين لأنه شرط في البيع ما هو مطلوب العقلاء سائغ فكان مشروعا وليس الجودة هنا ثمنا بل هي شرط. مسألة. إذا باع طعاما بعشرة مؤجلة فلو حل
الاجل أخذ بها طعاما جاز إن أخذ مثل ما أعطاه وإن أخذ أكثر لم يجز وقد روى أنه يجوز على كل حال هذا قول الشيخ والوجه عندي ما تضمنه الرواية لأنه صار مالا له
فجاز له بيعها بمهما أراد كغيره. القسم الثاني الربا وتحريمه معلوم بالضرورة عن دين النبي صلى الله عليه وآله فالبيح له مرتد قال الله تعالى " وحرم الربا " قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " فقال رسول الله صلى الله عليه وآله اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما هي قال الشرك بالله و
السحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ولعن آكل الربا (وموكله صح) وشاهديه وكاتبه وقال الصادق (ع)
درهم ربا أعظم عند الله تعالى من سبعين زنية كلها بذات محرم وأجمعت الأمة على تحريمه وهو لغة الزيادة واصطلاحا بيع أحد المثلين بالآخر مع الزيادة وانضمام شرايط
يأتي إن شاء الله تعالى وهو قسمان رباء الفضل ورباء النسية وقد أجمع العلماء على تحريمها وقد كان في رباء
الفضل اختلاف بين الصحابة فحكى عن ابن عباس وأسامة بن زيد (وزيد صح) بن
أرقم وابن الزبير إن الربا في النسية خاصة لقوله (ع) لا رباء إلا في النسية ثم رجع ابن عباس إلى قول الجماعة لقول النبي (ص) لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثل بمثل والنظر فيه يتعلق
بأمور ثلاثة الأول الشرايط وهي اثنان الاتفاق في الجنس ودخول التقدير فهنا مطلبان الأول في الجنس والمراد به الماهية كالحنطة والأرز وإن اختلف صفاتها
وهو الشامل لأشياء مختلفة (بأنواعها والنوع الشامل للأشياء مختلفة صح) بأشخاصها وقد تتقلب كل منهما إلى صاحبه فكل نوعين اجتمعا في اسم خاص فهما جنس كالتمر كله جنس وإن كثرت أنواعه كالبرني والمعقلي
. مسألة. وقد أجمع المسلمون على ثبوت الربا في الأشياء الستة لقول النبي صلى الله عليه وآله الذهب بالذهب مثلا بمثل والفضة بالفضة مثلا بمثل والتمر بالتمر مثلا بمثل والبر بالبر
مثلا بمثل والملح بالملح مثلا بمثل والشعير بالشعير مثلا بمثل فمن زاد أو ازداد فقد اربى بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم يدا بيد وبيعوا
الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد واختلف فيما سواها فحكى عن طاوس وقتاده وداود وبعض نفاه القياس الاقتصار عليها ولا يجرى في غيرها وهي على أصل الإباحة لقوله تعالى
" وأحل الله البيع " وعند الإمامية أن الضابط الكيل والوزن والعدد على خلاف في الأخير فأين وجدها ثبت الربا لأنه الزيادة وهي إنما يثبت في المقدر بأحد المقادير ولقول
الصادق (ع) لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن وقوله تعالى " وحرم الربى " يقتضى تحريم كل زيادة إلا ما أجمعنا على تخصيصه. مسألة. واتفق العلماء على أن ربا الفضل لا
يجرى إلا في الجنس الواحد إلا سعيد بن جبير فإنه قال كل شيئين يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا كالحنطة بالشعير والتمر بالزبيب والذرة بالدخن
لتقارب نفعهما فجريا مجرى نوعي جنس واحد أما الأولان فسيأتي البحث فيهما وأما الثالث وشبهه فهو باطل لقوله (ع) بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد وبيعوا البر
بالتمر كيف شئتم مع أن الذهب والفضة متقاربان. مسألة. والربا عندنا ثابت في الصور بالنص فإنا إنما نثبته في القدر بأحد المقادير المذكورة وهي الكيل والوزن و
العدد على خلاف فيه إذ القياس عندنا باطل أما القائلون بالقياس فقد اتفقوا على أنه لعلة ثم اختلفوا فقال النخعي والزهري والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي واحمد في رواية أن
علة الذهب والفضة كونه موزون جنس وعلة الأعيان الأربعة الباقية مكيل جنس فيجرى الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه مطعوما كان أو غيره وهو الذي ذهبنا إليه
فيجرى في الحبوب والثوم والقطن والكتان والصوف والحنا والحديد والنورة والجص وغير ذلك مما يدخله الكيل والوزن دون ما عداه وإن كان مطعوما لان النبي
سئل عن الرجل يبيع الفرس بالافراس فقال لا بأس إذا كان يدا بيد ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) البعير بالبعيرين والدابة بالدابتين يدا بيد ليس به بأس ولان قضية
البيع المساواة والمؤثر في تحقيقها الكيل والوزن والجنس فإن الكيل والوزن سوى بينهما صورة والجنس سوى بينهما معنى وقال الشافعي في الجديد العلة في الأربعة
أنها مطعومة في جنس واحد فالعلة ذات وصفين وفي النقدين جوهر الثمينة غالبا وهو رواية عن أحمد وعن بعض الشافعية إنه لا علة في النقدين لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع
الطعام إلا مثلا بمثل وهو عام في المكيل وغيره ولان الطعم وصف شرف فإن قوام الأبدان والثمينة وصف شرف فإن بها قوام الأموال فيجرى الربا في كل مطعوم دخله
الكيل والوزن أولا كالبطيخ والأترج والسفرجل والخيار والبيض وسواء أكل نادرا كالبلوط أو غالبا وسواء أكل وحده أو مع غيره وسواء أكل تقوتا أو تأدما أو تفكها
أو غيرها مما يقصد للطعم غالبا دون ما ليس بمطعوم وإن كان موزونا كالحديد والرصاص والأشنان ويبطل بقول الصادق (ع) لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن
لان قوله (ع) الطعام بالطعام مثل بمثل علق الحكم باسم الطعام والحكم المعلق بالاسم المشتق معلل بما منه الاشتقاق كالقطع المعلق باسم السارق والحد المعلق باسم الزاني
وقال الشافعي في القديم العلة في الأربع كونه مطعوم جنس مكيلا أو موزونا فلا يجرى الربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن ولا فيما ليس بمطعوم وبه قال سعيد بن
المسيب واحمد في رواية لان سعيد بن المسيب روى عن النبي صلى الله عليه وآله لا ربا إلا فيما كيل أو وزن مما يوكل أو يشرب ويضعف بقول الدارقطني الصحيح أنه من قول سعيد بن المسيب ومن رفعه
(فقد صح) وهم وقال مالك العلة القوت أو ما يصلح به القوت من جنس واحد من المدخرات فإن علة الطعم لا يستقيم لثبوت الطعم لكل شئ فينبغي أن يعلل بالقوت الذي يعلل
به الزكاة كما أن الجواهر لم يجر الربا إلا فيما تجب الزكاة وهو الذهب والفضة ويبطل بالملح فإنه لا يقتاب والادام يصلح به القوت والنار والحطب وقال ربيعة بن عبد الرحمن
الاعتبار بما تجب فيه الزكاة فكلما وجبت فيه الزكاة جرى فيه الربا فلا يجوز بيع بعير ببعيرين ولا بقرة ببقرتين ويبطل بما تقدم وبالملح فإنه لا يجب فيه الزكاة ويجرى فيه
الربا وقال ابن سيرين الجنس الواحد هو العلة وليس بصحيح لان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن يؤخذ البعير بالبعيرين لما انفذ بعض الحيوش وقد نفذت الإبل وهذا البحث ساقط
عنا لأنا نعتبر النصف لا القياس فمهما دل على شئ عملنا به وقد سئل الصادق (ع) عن البيضة بالبيضتين قال لا بأس والثوب الثوبين قال لا بأس به والفرس بالفرسين
476

قال لا بأس به ثم قال كل شئ يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد فإذا كان لا يكال ولا يوزن فليس به بأس اثنين بواحد. مسألة. قد بينا
أن (كل صح) مكيل أو موزون يجرى فيه الربا مع الشرايط سواء أكل أو لا أما الشافعي حيث علل بالطعم اعتبره فكل موضع لا يثبت فيه الطعم لا يثبت فيه الربا إلا النقدين ولا فرق
عنده بين أن يؤكل للتداوي كالهليلج والسقمونيا وغيرهما وبين ما يؤكل لساير الأغراض وقسم المطعومات إلى أربعة ضروب يؤكل قوتا واخر يوكل تأدما وثالث يوكل
تفكها ورابع يوكل تداويا ويجرى الربا في ذلك كله لا في مأكول الدواب كالقصب والحشيش والنوى وحكى وجه للشافعية إنما يهلك (كثيره صح) ويستعمل قليله في الأدوية كالسقمونيا
لا يجرى فيه الربا وفي الزعفران عندهم وجهان أصحهما جريان الربا فيه لان المقصود الاظهر منه الاكل تنعما أو تداويا إلا أنه يمزج بغيره والثاني لا يجرى لأنه يقصد منه الصبغ
واللون وهو قول القاضي أبى حامد والطين الخراساني لا يعد مأكولا ويسفه آكله وإنما يأكله قوم لعارض بهم ولو كان مستطابا لاشتراك الكل في استطابته وقال
النبي صلى الله عليه وآله لعايشة لا تأكلي الطين فإنه يصفر اللون ويجرى أكل ذلك مجرى من يأكل التراب والخزف فإن من الممكن من يأكل ذلك فلا ربا فيه وعند بعضهم إنه ربوي والأرمني دواء
كالهليلج وفيه وجه آخر لهم إنه لا ربا فيه كساير أنواع الطين وهو قول القاضي بن شريح وأما دهن البنفسج والورد واللبان ففيه لهم وجهان أحدهما ثبوت الربا لأنها متخذة من السمسم
اكتسبت رايحة من غيره وإنما لا يوكل في العادة ضنا بها وفي دهن الكتان وجهان عندهم أصحهما أنه ليس بربوي لأنه لا يعد للاكل وكذا دهن السمك لأنه يعد للاستصباح
وتدهين السفن لا لاكل وفي وجه إنه مال ولأنه جزء من السمك وفي حب الكتان وجهان وكذا في ماء الورد ولا ربا عندهم في العود والمصطكي وأما الماء ففي صحة بيعه
وثبوت الملك فيه وجهان فعلى الجديد فيه وجهان أيضا أصحهما إنه ربوي لأنه مطعوم لقوله تعالى " ومن لم يطعمه فإنه منى " والثاني لا ربا فيه لأنه ليس مأكولا ولا ربا في الحيوان لأنه
لا يؤكل على هيئته وما يباح أكله على هيئته كالسمك الصغير على وجه يجزى فيه الربا والحق عندنا في ذلك كله ثبوت الربا في كل مكيل أو موزون سواء كان مأكولا أو لا
والسمك يوزن فيجرى فيه الربا مطلقا. مسألة. إذا بيع مال بمال فأقسامه ثلاثة - آ - أن لا يكون شئ منها ربويا - ب - أن يكون أحدهما ربويا دون الآخر - ج - أن يكونا ربويين
فالأول لا يجب فيه رعاية التماثل قدرا ولا الحلول ولا التقابض في المجلس اتحدا جنسا أو لا فيجوز بيع ثوب بثوبين وعبد بعبدين ودابة بدابتين وبيع ثوب بعبد وعبدين
نقدا ونسية عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي لان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر عبد الله بن عمر بن العاص أن يشترى بعيرا ببعيرين إلى أجل ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد
سأله منصور بن حازم عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين قال لا بأس به ما لم يكن فيه كيل ولا وزن وسأله منصور بن حازم الصادق (ع) عن البيضة بالبيضة
قال لا بأس به والثوب بالثوبين قال لا بأس به والفرس بالفرسين قال لا بأس به ثم قال كل شئ يكال أو يوزن فلا يصلح مثلين بمثل إذا كان من جنس واحد فإذا كان
لا يكال ولا يوزن فليس به بأس اثنين بواحد وعن الباقر (ع) لا بأس بالثوب بالثوبين وقال أبو حنيفة لا يجوز إسلاف الشئ في جنسه فلا يجوز بيع فرس بفرسين سلفا ولا نسية بل يجب التقابض
في المجلس عنده وهو إحدى الروايات عن أحمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسية ولان الجنس أحد وصفى علة تحريم التفاضل فيحرم فيه النساء كالوصف الآخر وتحمل الرواية
على النساء في الطرفين أو على أن النهى للتنزيه نهى كراهة لا نهى تحريم والربا عندنا يثبت لا لعلة بل للنص على ثبوته في كل مكيل أو موزون وإباحة التفاضل فيما عداهما على أنه
منقوض باسلاف الدراهم في الحديد وقال مالك يجوز إسلاف أحد الشيئين في مثله متساويا لا متفاضلا ولا يجوز بيع حيوان بحيوان من جنسه بصفة يقصد بهما أمرا واحدا
أما الذبح أو غيره لان الغرض إذا كان بهما سواء كان بيع الواحد بإثنين نسية ذريعة إلى الربا ويبطل بقوله (ع) إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم الثاني أن يكون أحدهما ربويا
دون الآخر كبيع ثوب بدراهم أو دنانير أو بيع حيوان بحنطة أو شعير وحكمه كالأول فيجوز بيع أحدهما بالآخر وإن كان أزيد قيمة منه بقدر أو نسية للاجماع على السلف والنسية
مع تغاير الثمن الذي هو أحد النقدين والمثمن إلا الصرف خاصة وسيأتى إن شاء الله تعالى الثالث كالأول عندنا للاجماع على إسلاف أحد النقدين في البر أو الشعير أو غيرهما من الربويات
والمكيلات والنسية أيضا وهو قول أبي حنيفة وقال الشافعي إن اختلف العلة فيهما كالذهب بالقوت فلا يجب رعاية التماثل ولا الحول ولا التقابض فيجوز إسلاف أحد النقدين
في البر أو بيع الشعير بالذهب نقدا أو نسية وإن اتفقت العلة فإن اتحد الجنس وجب عليه رعاية التماثل والحلول والتقابض في المجلس كما لو باع الذهب بالذهب والبر بالبر
ويثبت فيه أنواع الربا الثلاثة وعندنا لا يجب الثالث إلا في الصرف وإن اختلف الجنس لم يجب التماثل بل الحلول والتقابض في المجلس لقوله (ع) لكن بيعوا الذهب بالورق
والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر كيف شئتم يدا بيد والجواب يحتمل أن يكون التقييد باليد على سبيل الأولوية (أو في الصرف صح) فروع: - آ - يكره بيع الجنسين المختلفين متفاضلا
نسية لقول الصادق ما كان من طعام مختلف (أو متاع صح) أو شئ من الأشياء يتفاضل فلا بأس بيعه مثلين بمثل يدا بيد فأما نظرة فإنه لا يصلح - ب - المصوغ من أحد النقدين لا يجوز
بيعه بجنسه من البر أو المضروب (أو المصوغ خ ل) متفاضلا بل بوزنه وإن كان المصوغ أكثر قيمة وكذا الصحيح والمكسر لا يجوز التفاضل فيهما مع اتحاد الجنس وبه قال الشافعي لما رواه
عطا بن يسار إن معاوية باع سقاية من ذهب (أو ورق صح) بأكثر من وزنها فقال أبو الدرداء سمعت النبي صلى الله عليه وآله ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل فقال له معاوية ما أرى بهذا بأسا قال أبو الدرداء
من يعذرني من هذا أخبره عن النبي صلى الله عليه وآله ويخبرني عن رأيه والله لأساكنك بأرض أنت فيها ثم قدم أبو الدرداء على عمر فذكر ذلك له فكتب عمر إلى معاوية أن لا تبع ذلك إلا وزنا
بوزن مثلا بمثل وقال مالك يجوز ان يبيعه بقيمته من جنسه وأنكر أصحابه ذلك ونفوه عنه واحتج من أجازه بأن الصيغة لها قيمة ولهذا لو أتلفه وجب قيمته وإن زادت والجواب
لا نسلم أن الصيغة تدخل في البيع وإن قومت على الغاصب سلمنا لكن لا نسلم انه يقوم بجنسه بل بغير جنسه - ج - الفلوس يثب الربا فيها عندنا لأنها موزونة وبه قال أبو حنيفة
وهو وجه ضعيف للشافعية لحصول معنى الثمنية والأظهر عندهم انتفاء الربا بانتفاء الثمنية والطعم والوزن والكيل ليسا علة عندهم وقد تقدم بطلان التعليل - د -
يكره بيع أفراد الجنس الواحد إذا لم يدخله الكيل والوزن متفاضلا نسية لقول الباقر (ع) البعير بالبعيرين والدابة بالدابتين يدا بيد ليس به بأس وهو يدل بمفهوم على كراهية
النسية فيه - ه‍ - لا يشترط التقابض في المجلس مع إتحاد الجنس واختلافه إلا في الصرف وبه قال بعض الشافعية لأنهما عينان من غير جنس الأثمان فجاز التفرق فيهما قبل القبض
كالحديد نعم يشترط الحلول مع الاتفاق جنسا وقال بعض الشافعية إذا كانا ربويين وجب فيهما القبض قبل التفرق كالذهب والفضة لقوله (ع) لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا
الورق بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين يدا بيد والجواب إنه لا يدل على المنع مع عدم التقابض إلا من حيث
المفهوم وهو ضعيف. مسألة. لعلمائنا قولان في أن الحنطة والشعير هل هما جنس واحد أو جنسان والأقوى عندي الأول وبه قال مالك والليث والحكم وحماد لان
معمر بن عبد الله بعث غلاما له ومعه صاع من قمح فقال اشتر شعيرا فجاءه بصاع وبعض صاع فقال له رده فإن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل وطعامنا
يومئذ الشعير ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال (لا يصالح الشعير بالحنطة إلا واحدا بواحد وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادق (ع) قال صح) لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة إلا مثلا بمثل وسئل عن الرجل يشترى الحنطة
فلا يجد إلا شعيرا أيصلح له أن يأخذ اثنين بواحد قال لا إنما أصلهما واحد وعن الباقر (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) لا تبع الحنطة بالشعير إلا يدا بيد ولا تبع قفيزا من حنطة
477

بقفيزين ولان أحدهما يغش بالآخر فهما كنوعي جنس واحد وقال بعض علمائنا إنهما جنسان يباع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد ونسية وبه قال الشافعي لقوله (ع) بيعوا
الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر كيف شئتم يدا بيد ولأنهما لا يشتركان في الاسم الخاص فكانا جنسين كالشعير والذرة وأجابوا عن حديث
معمر بأنه أعم من هذا الحديث والغش ينتقض بالفضة فإنه يغش به الذهب والجواب إن الراوي فهم تناول الطعام لصورة النزاع وبالجملة فالتعويل على أحاديث الأئمة صلى الله عليه وآله
والاختصاص بالاسم لا يخرج المهيات عن التماثل كالحنطة والدقيق. مسألة. ثمرة النخل كلا جنس واحد كالبرني والمعقلي والازاد والدقل وإن كان رديا في الغاية لا
يجوز التفاضل فيه نقدا ولا نسية فلا يباع مدمن البرنى بمدين من الدقلي وكذا البواقي لا نقدا ولا نسية وكذا ثمرة الكرم كلها جنس واحد كالأسود والأبيض
والطيان والرازقي لقول الصادق (ع) لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة إلا مثلا بمثل والتمر مثل ذلك وكان علي (ع) يكره أن يستبدل وسقين من تمر المدينة
بوسق من تمر خيبر وفي حديث آخر ذلك وزيادة ولم يكن (ع) يكره الحلال وسئل عن الطعام والتمر والزبيب فقال لا يصلح شئ منه اثنان بواحد إلا أن يصرفه نوعا إلى نوع
آخر فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر وإطلاق التمر يدل على اتحاده حقيقة وقال الباقر (ع) يكره وسق من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر لان تمر المدينة أجودهما
تذنيب الطلع كالثمرة في الاتفاق وإن اختلفت أصولهما وطلع الفحل كطلع الإناث. مسألة. اللحوم أجناس مختلفة باختلاف أصولها فلحم الغنم ضأنه وما
عزه جنس واحد ولحم البقر جاموسها وعرابها جنس واحد مغاير للأول ولحم الإبل عرابها وبخاتيها جنس آخر مغاير للأولين وكذا باقي اللحوم عند علمائنا أجمع وهو أصح قولي
الشافعي وبه قال المزني وأبو حنيفة واحمد في رواية لأنها فروع أصول مختلفه هي أجناس متعددة وكانت أجناسا كأصولها كما في الأدقة والخلول ولأنها متفاوتة في
المنافع ومتخالفه في الأغراض والغايات فأشبهت المختلفات جنسا وللشافعي قول آخر أنها جنس واحد فلحم البقر والغنم والإبل والسموك والطيور والوحوش كلها جنس
واحد وهو رواية عن أحمد أيضا لأنها اشتركت في الاسم في حال حدوث الربا فيها الذي لا يقع بعده التميز إلا بالإضافة فكانت جنسا واحدا كأنواع الرطب والعنب و
يخالف الثمار المختلفة في الحقيقة فإنها وإن اشتركت في اسم الثمرة لكنها امتازت بأساميها الخاصة والجواب المنع من الاشتراك في الاسم الخاص وليس إطلاق (لفظ صح) اللحم عليها
إلا كإطلاق الحيوان والجسم عليها وقال مالك اللحمان ثلاثة أصناف الانسى والوحشي صنف واحد والطير صنف ولحوم ذوات الماء صنف واحد وهو رواية أخرى عن أحمد
إلا أنه جعل الوحشي صنفا آخر لان لحم الطير لا يختلف المنفعة به ولا يختلف القصد في أكله والجواب يبطل بلحم الإبل ولحم الغنم فإنها يختلف المنفعة بها والقصد إلى
أكلها. فروع: - آ - الوحشي من كل جنس مخالف لأهليه فالبقر الأهلي مع البقر الوحشي جنسان مختلفان والغنم الأهلية والغنم الوحشية وهي الظبا جنسان والحمر الوحشية و
الأهلية جنسان أيضا عندنا وبه قال الشافعي في أصح القولين واحمد خلافا لمالك وقد سبق - ب - لحم السمك مخالف لباقي اللحوم عند علمائنا أجمع وهو أصح قولي الشافعي
واحمد في رواية وللشافعي قول إن اللحمان كلها صنف واحد فعلى هذا القول في السمك عنده قولان أحدهما أن لحومها ولحوم باقي الحيوانات البرية جنس واحد لشمول الاسم
لها قال الله تعالى " ومن كل تأكلون لحما طريا " والجواب إنه كشمول الثمار للتمر والتفاح والثاني إن الحيتان مخالفة لباقي اللحوم لان لها اسما خاصا ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم
لم يحنث بلحوم الحيتان ولأنه لا يسمى لحما عند الاطلاق ولهذا لا يضاف اللحم إلى اسمه فيقال لحم السمك كما يقال لحم الإبل - ج - لحم السمك هل هو جنس واحد أو أجناس الأقوى
الأول لشمول اسم السمك للكل والاختلاف بالعوارض لا يوجب الاختلاف في الحقيقة ويحتمل أن يكون أجناسا متعددة فكل ما اختص باسم وصفه كان جنسا مخالفا
لما غايره مما اختص باسم آخر وصفة أخرى فالشبوط والقطان والبنى أجناس مختلفة وكذا ما عداها - د - الأقوى في الحمام وهو ما عب وهدر أو كان مطوقا على اختلاف التفسير
إنه جنس واحد فلحم القماري والدباسي والفواخت جنس واحد لشمول اسم الحمام لها وتقاربها في المنافع ويحتمل تعددها بتعددها يضاف إليه أما الحمام مع غيره من الطيور
كالعصافير والدجج؟ فأولى بالتغاير - ه‍ - الجراد جنس بانفراده مغاير لساير اللحوم البرية والبحرية وهو ظاهر عند علمائنا حيث أوجبوا اختلاف اللحوم باختلاف أصولها
وهو أصح قولي الشافعي وفي قول آخر للشافعي إنه من جنس اللحوم فحينئذ هل هو من البرية أو من البحرية وجهان - و - أعضاء الحيوان الواحد كلها جنس واحد مع لحمه كالكرش والكبد
والطحال والقلب والرية الأحمر والأبيض واحد وكذا الشحوم كلها بعضها مع بعض ومع اللحم جنس واحد لان أصلها واحد وتدخل تحت اسمه وللشافعية في ذلك
طريقان الأشهر عندهم أن يقال إن جعلنا اللحوم أجناسا فهذه أولي لاختلاف أسمائها وصفاتها وإن قلنا أنها جنس واحد ففيها وجهان لان من حلف على أن لا يأكل اللحم لم يحنث بأكل
هذه الأشياء على الصحيح والثاني عن القفال أن يقال إن جعلنا اللحوم جنسا واحدا فهذه مجانسة لها وإن جعلناها أجناسا فوجهان لاتحاد الحيوان فأشبه لحم الظهر مع شحمه
وكذا المخ جنس آخر عندهم والجلد جنس آخر وشحم الظهر مع شحم البطن جنسان وسنام البعير معهما جنس آخر أما الرأس والأكارع فمن جنس اللحم والكل عندنا باطل؟ فإن الحق تساوى
هذه الأشياء والتعلق بالحنث أو بعدمه غير مفيد فإن اليمين يتبع الاسم وإن كانت الحقيقة واحدة كما لو حلف أن لا يأكل خبزا فأكل دقيقا لم يحنث وإن كان واحدا. تنبيه
كلما حكمنا فيه باختلاف الجنس وتغيره فإنه يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا نقدا ونسية إلا الصرف فلا يجوز النسية فيه وكلما حكمنا فيه بالتماثل فإنه لا يجوز التفاضل
فيه. مسألة. المشهور المنع من بيع اللحم بحيوان من جنسه وبه قال الفقهاء السبعة ومالك والشافعي واحمد لما رواه الجمهور عن سعيد بن المسيب إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع اللحم بالحيوان
ومراسيل ابن المسيب حجة عندهم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن أمير المؤمنين (ع) كره اللحم بالحيوان ولأنه نوع في الربا بيع بأصله الذي هو منه فلم يجز له كما لو باع الشيرج بالسمسم
من غير اعتبار والأقرب عندي الجواز على كراهية للأصل السالم عن معارضة ثبوت الربا لفقد شرطه وهو التقدير بالكيل أو الوزن المنفى في الحيوان الحي وأما الكراهية فللاختلاف
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والمزني بالجواز لأنه باع ما فيه الربا بما لا ربا فيه فجاز كما لو باع الحيوان بالدراهم وقال محمد بن (الحسن صح) يجوز على اعتبار اللحم في الحيوان فإن كان دون اللحم
الذي في مقابلته جاز. فروع: - آ - الممنوع إنما هو بيع لحم الحيوان بجنسه أما بغير جنسه كلحم الشاة بالإبل فإنه يجوز لجواز بيع لحم أحدهما بلحم الآخر (فبالآخر حيا؟) أولي أما الشافعية ففي
كون اللحم كلها جنس واحد أو أجناس متعددة عندهم قولان فإن قالوا بالوحدة لم يجز بيع لحم الشاة بالإبل الحية ولا لحم البقر بالشاة الحية وكذا البواقي وإن قالوا بالاختلاف
فقولان أحدهما المنع لان أبا بكر منع من بيع العناق بلحم الجزور والجواب أن فعل أبى بكر وقوله ليس حجة وإن قالوا بالتعدد والثاني الجواز وبه قال مالك واحمد لأنه يجوز بيعه
بلحمه فجواز بيعه به أولي - ب - يجوز بيع اللحم بالحيوان غير المأكول كالآدمي والسبع وغيرهما عندنا جواز بيعه بجنسه فيغيره حيا أولي ولان سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل
عليه وهو منفى هنا وبه قال مالك واحمد لان الحيوان لا ربا فيه جملة فجاز بيعه بما فيه الربا وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني المنع وهو اختيار القفال لعموم السنة وهم ممنوع
- ج - يجوز بيع اللحم بالسمكة الحية لحم السمك بالحيوان (الحي صح) عندنا لما تقدم وعند الشافعي قولان أحدهما أن لحم السمك إن كان من جملة اللحم كان كما لو باع لحم غنم ببقر وإن
كان ليس من جملة اللحمان فقولان لوقوع اسم اللحم والحيوان عليه والثاني الجواز - د - يجوز بيع الشحم والالية والطحال والقلب والكلية والرية بالحيوان عندنا وللشافية
478

وجهان وكذا السنام بالإبل للنهي عن بيع اللحم بالحيوان فلم يرد في غيره وأصحهما عندهم المنع لأنه في معنى
اللحم وكذا الوجهان في بيع الجلد بالحيوان إن لم يكن مدبوغا فلا منع
وعلى الوجهين أيضا بيع لحم السمك بالشاة - ه‍ - يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية من البيض أو بدجاجة فيها بيضة أو بيضة لا غير لوجود المقتضى وهو (عموم صح) أحل الله
البيع السالم عن معارضة الربا ولانتفاء شرطه وهو الكيل أو الوزن هنا ومنع الشافعية من بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة قولا واحدا لان ذلك بمنزلة بيع اللبن بالحيوان
اللبون وسيأتى مسألة. الألبان تابعة لأصولها يختلف باختلافها ويتفق باتفاقها فلبن الغنم ضأنه ومعزه جنس ولبن الإبل عرابها وبخاتيها (جنس صح) آخر مغاير
للأول ولبن البقر عرابها وجاموسها جنس واحد مخالف للأولين ولبن الوحشي مخالف للأنسي فلبن البقر الوحشي مخالف للبن البقر الانسى وكذا لبن الظبي ولبن الشاة.
جنسان عند علمائنا أجمع وقد نص الشافعي على أن الألبان أجناس ولم يذكر غير ذلك إلا أن له في اللحمان قولان أحدهما إنها جنس واحد قاله أصحابه لا فرق بينهما فجعلوا في
الألبان قولين أحدهما إنها جنس واحد وهو المشهور عن أحمد والثاني وهو الأصح عندهم إنها أجناس وبه قال أبو حنيفة لنا (انها صح) فروع تابعة لأصول مختلفة بالحد والحقيقة
فكانت فروعها تابعة لها كالادهان والحلول وهذا بخلاف اللحمان فإن للشافعي قولا بالتماثل فيها لان الأصول التي حصل اللبن منها باقية بحالها وهي مختلفة فيدام
حكمها على الفروع بخلاف أصول اللحم احتج الآخرون بأن الألبان اشتركت في الاسم الخاص في أول حال حدوث الربا فيها فكانت جنسا واحدا كثمار النخل المختلفة الأنواع بخلاف
الخلول والادهان لان دخول الربا حصل في أصولها قبل اشتراكها في الاسم والجواب الطلع جنس واحد. فروع: - آ - يجوز بيع لبن البقر بلبن الغنم متماثلا ومتفاضلا
نقدا ويكره نسية لاختلاف الجنس وهو أحد قولي الشافعي ولبن الوحشي والأنسي جنسان وهذا لا يضم إليها في الزكاة ولا ينصرف إطلاق الاسم إليها وفي قول آخر
له أنها جنس فلا يباع بعضه ببعض متفاضلا لا نقدا ولا نسية - ب - يجوز بيع الرطب متماثلا لا متفاضلا على ما يأتي ومنع الشافعي من ذلك وجوز في اللبن
بيع بعضه ببعض متساويا وفرق أصحابه بوجهين الأول اللبن معظم منفعته في حال رطوبته وبقاء رطوبته من مصلحته بخلاف الرطب فإن رطوبته تفسده و
معظم منفعته إذا جف الثاني الرطب ينتهى إلى حال الجفاف بنفسه فاعتبرت تلك الحال واللبن لا ينتهى إلى حال الجفاف بنفسه بل ربما يطرح معه غيره ليتخفف فلم
ينتظر به هذه الحال - ج - يجوز بيع الجنس بعضه ببعض إذا لم يخالطه غيره فإن خالطه ماء أو ملح أو أنفحة وإن كان كثيرا لم يؤثر في الجواز خلافا للشافعي لنا إنه مع
الممازجة إن كان التساوي في الجنس باقيا جاز البيع مع التساوي قدرا وإن زال وحصل الاختلاف جاز مع التساوي قدرا وعدمه ولو باع حليبا بلبن قد حمض وتغير
ولم يخالطه غيره جاز عندنا وعنده لان تغير الصفة لا يمنع من جواز البيع كالجودة والرداءة. مسألة. الادهان تتبع أصولها وكذا الخلول والأدقة والسمون
والعصير والدبوس والبيوض إن اعتبرنا العدد فدهن الشيرج والبرز ودهن اللوز والجوز أجناس مختلفة يباع بعضها ببعض متفاضلا ومتماثلا نقدا وفي
النسية الأقوى الكراهية لأنها فروع أجناس مختلفة فتختلف باختلافها وخل العنب وخل التمر جنسان وكذا عصير العنب مع عصير الرطب جنسان ودبسهما جنسان أيضا ودقيق
الحنطة ودقيق الشعير جنس واحد أما دقيق أحدهما مع دقيق الآخر أو الذرة أو الباقلا فجنسان وسمن الغنم وسمن البقر وسمن الإبل أجناس متعددة باختلاف أصولها
وكذا السمن والزيت لقول الصادق (ع) في الصحيح وقد سئل عن الزيت بالسمن اثنين بواحد قال يدا بيد لا بأس وبيض الدجاج والنعام والطيور أجناس مختلفة
باختلاف الأصول وهو المشهور من مذهب الشافعي وفي الادفة حكاية قول عن أمالي حرملة إنها جنس واحد وأبعد منه ذكره الشافعية في الخلول والادهان ويجرى مثله في
عصير العنب وعصير الرطب وبيوض الطيور أجناس عندهم إن قالوا بتعدد اللحمان وإلا فوجهان أصحهما التعدد في البيوض عندهم والزيت المعروف ومع زيت الفجل (وهو دهن يتخذ من بذر الفجل صح)
يسمى زيتا جنسان لأنه يصلح لبعض ما لا يصلح له الزيت ومن الشافعية من ألحقها باللحمان والتمر من النخل مع التمر الهندي جنسان لاختلافهما في الحقيقة والأصول وعن أبي
العطاف من الشافعية وجه انهما واحد والبطيخ المعروف مع الهندي مختلفان وللشافعية فيه قولان وكذا القثا مع الخيار والبقول كالهندباء والنعنع وغيرهما (أجناس)
لاختلافهما حقيقة وجنسا. مسألة. الأصل مع كل فرع له واحد وكذا فروع كل أصل واحد وذلك كاللبن الحليب مع الزبد والسمن والمخيض واللبا والشيراز والأقط
والمصل والجبن والترجين والكشك والكافح والسمسم مع الشيرج (والكشك صح) والراشي وبزر الكتان مع حبه والحنطة مع الدقيق والخبز على اختلاف أصنافه من الرقاق والقرن وغيرهما
ومع الهريسة والشعير مع السويق والتمر مع السيلان والدبس والخل منه والعصير منه والعنب مع دبسه وخله والعسل مع خله والزيت مع الزيتون وغير ذلك عند علمائنا
أجمع فلا يجوز التفاضل بين اللبن والزبد والسمن والمخيض واللبا والأقط وغير ذلك مما تقدم بل يجب التماثل نقدا ولا يجوز نسية لا متماثلا ولا متفاضلا ولا فرق
في ذلك بين أن يباع الأصل مع فرعه أو بعض فروعه مع البعض ومنع الشافعي من بيع الزبد والسمن باللبن متساويا نقدا لأنهما مستخرجان من اللبن ولا يجوز عنده
بيع ما استخرج من شئ بأصله كما لا يجوز بيع الشيرج بالسمسم والزيت بالزيتون وهو غلط لأنهما إن تساويا في الحقيقة جاز البيع فيهما مع التساوي قدرا ونقدا وإن اختلفا
جاز مطلقا قال أبو إسحاق مما حكى عنه في التعليل إن الزبد لا يخلو من لبن فيكون بيع لبن مع غيره بلبن ولا يرد بيع اللبن بمثله لان الزبد لا حكم له ما دام في أصله ولم ينفرد
فإن بيع السمسم بالسمسم يجوز مع تفاضل الدهن ولا يجوز بيع الشيرج بالسمسم وهذا الأصل عندنا باطل لأنه عندنا يجوز بيع السمسم بالشيرج متساويا نقدا لا نسية
ومنع الشافعي أيضا من بيع المخيض باللبن لان اللبن فيه زبد والمخيض لا زبد فيه فيؤدى إلى تفاضل اللبنين وما ذكرناه أحق لعدم الانفكاك من التماثل والاختلاف
وعلى كلا التقديرين يجوز وقد علل أيضا بأن في المخيض أجزاء مائية ولا يجوز بيع المشوب بالماء بالخالص وهو ممنوع أيضا ومنع أيضا من بيع (اللبا والسيل؟ بالحليب لانعقاد اجزائها فلا يمكن؟ لا يجوز بيع اللبن وزناوهئو ممنوع؟ ومنع أيضا من بيع صح) اللبن بالمصل والجبن
والكشك لانعقاد أجزائها ومخالطة الملح والأنفحة وهو ممنوع لان الأجزاء اليسيرة لا اعتبار لها في حصول الاختلاف ولو حصل جاز أيضا وأما المطبوخ فإن لم تنعقد أجزاؤه
وإنما يسخن فإنه يجوز عنده بيع بعضه ببعض كالعسل المصفى بالشمس والنار وإن طبخ حتى انعقدت أجزاؤه فوجهان عنده الجواز كما يجوز بيع الدهن بالدهن والمنع لما فيه
من لبن وغيره فكان كبيع لبن وغيره بلبن والأصل ممنوع والسمن يجوز بيع بعضه ببعض لأنه لا يخالطه غيره قال وبيعه وزنا أحوط وأما المخيض فإن خالطه ماء لم يجز
بيع بعضه ببعض عنده لجواز تفاضل اللبنين أو المائين وإن لم يخالطه ماء جاز وعندنا يجوز مطلقا وأما الأقط
والمصل والجبن والكافح فلا يجوز بيع الواحد منها بواحد
من نوعه عنده لانعقاد أجزائها والكيل مختلف فيها والكيل أصلها وفيها ما خالطه غيره ولا اعتبار عندنا بذلك بل يجوز وأما بيع نوع منها بنوع آخر كالسمن بالزبد
والمخيض فإنه جايز عندنا ومنع الشافعي من السمن بالزبد لان السمن مستخرج منه وجوز الباقي وإنما أجاز المخيض بالسمن لان المخيض ليس فيه سمن فكان بمنزله الجنسين ثم
اعترض على نفسه في المنع من بيع الشيرج بالكسب والمخيض بالسمن بمنزلته وأجاب بأن الكسب لا ينفرد عن الشيرج فلابد أن يبقى فيه شئ بخلاف اللبن فإن المخيض لا تبقى
فيه سمن وعندنا إن المخيض والسمن جنس يجوز بيع بعضه ببعض متماثلا لا متفاضلا وأما الزبد بمثله يجوز بيعه به وحكى عن أبي إسحاق إنه لا يجوز لأنه إذا كان
479

في الزبد لبن لم يجز بيعه باللبن عنده والصحيح عندهم الجواز كمذهبنا لان ذلك القدر يسير لا يتبين إلا بالنار والتصفية فلم يكن له حكم. فروع: - آ - دهن السمسم وكسبه
جنس واحد عندنا لما بينا من أن الفروع المستندة إلى أصل واحد جنس واحد فلا يجوز بيع الشيرج بالكسب متفاضلا وقال الشافعي إنهما جنسان كالمخيض والسمن والأصل
عندنا ممنوع - ب - عصير العنب مع خله وعصير التمر مع خله بل والعنب مع خله والتمر مع خله جنس واحد في كل واحد منهما فلا يجوز بيع عصير العنب بخل العنب متفاضلا ولا
عصير التمر بخل التمر متفاضلا وللشافعية وجهان أحدهما إنهما جنسان لاختلافهما في الوصف والاسم والمقصود وهو ممنوع - ج - الشيرج مع دهن ما يضاف إليه جنس واحد يحرم
التفاضل فيه ويجب التساوي نقدا كالشيرج ودهن البنفسج ودهن النيلوفر. مسألة. يجوز بيع عسل النحل بعضه ببعض متساويا نقدا ولا يجوز نسية ولا متفاضلا
مطلقا قبل التصفية من الشمع وبعدها لأصالة الإباحة وورود النص بها مع سلامته عن معارضة الربا لما يأتي من جواز بيع الشيئين المختلفين بجنسهما وبعد التصفية
يكونان مثلين ومنع الشافعي من بيع بعضه ببعض قبل التصفية متساويا ومتفاضلا لأدائه إلى تفاضل العسلين لان الشمع قد يكون في أحدهما أكثر ثم اعترض أصحابه
بجواز بيع التمر بعضه ببعض وإن جاز أن يكون النوى في أحدهما أكثر وكذا بيع قديد اللحم بقديد وإن كان فيه عظام ثم أجابوا بأن النوى والعظام من مصلحة التمر و
اللحم فلم يكلف نزعه للضرورة فجاز بيعه معه بخلاف الشمع ولان العظام والنوى غير المقصودين بخلاف الشمع ولا يجوز ما فيه الربا بجنسه ومعه ما يقصد بالبيع
وهو ممنوع وأما إن صفى (فان صفى صح) بالشمس جاز بيع بعضه ببعض لان الشمس لا يختلف تأثيرها فيه وإن صفى بالنار فوجهان أصحهما الجواز لقلة الاختلاف والبطلان
لاختلاف أثر النار فربما اعتقدت اجزاء بعضه دون بعض والحق ما قلناه نحن. فروع: - آ - عسل الطبرزد وعسل القصب جنس واحد وهما جميعا من قصب السكر ويجوز
بيع أحدهما بالآخر وبعض منه ببعض عند علمائنا وللشافعية وجهان هذا أحدهما لخفة أثر النار فيهما والثاني المنع لأجل الطبخ وعندنا لا أثر للنار في المنع - ب -
يجوز بيعهما بعسل النحل لأنهما جنسان مختلفان باختلاف أصولهما فجاز التساوي فيهما والتفاضل نقدا وفي النسية خلاف - ج - يجوز بيع السكر بالسكر متساويا نقدا
لا نسية وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان النار تدخله وقد بينا إن ذلك غير مانع - د - يجوز بيع السكر بعسل النحل متفاضلا لاختلافهما في الجنس ويجوز بيع السكر
بعسله عندنا خلافا للشافعي - ه‍ - يباع العسل بالعسل وزنا وكيلا لعدم التفاوت بينهما وثبوت التقارب فيهما وقال الشافعي يباع وزنا وقال أبو إسحاق يباع كيلا
لان أصله الكيل - و - السكر والنبات والطبرزد جنس واحد وبه قال الشافعي والسكر الأحمر وهو القواليب عكس الأبيض ومن قصبه جنس من السكر والنبات أيضا قال الجويني
الاظهر إنه من جنس السكر وللشافعية وجهان. مسألة. قد بينا إن أصل كل شئ وفرعه واحد يباع أحدهما بالآخر متساويا لا متفاضلا نقدا ولا يجوز نسيه مطلقا
إذا كان مما يكال أو يوزن فيجوز بيع الحنطة بدقيقها ودقيق الشعير وسويقها والسويق بالدقيق متساويا عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وربيعة والليت و
النخعي وقتاده وإسحاق والشافعي في أحد القولين لكن بعض أصحابه أنكر هذا القول عنه وعن أحمد روايتان عملا بالأصل السالم عن معارضة الربا لوجوب التساوي
الرافع للربا وقول الباقر (ع) في الصحيح الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مثلا بمثل لا بأس به ومثله عن الصادق (ع) ولان الدقيق نفس الحنطة وإنما تفرقت أجزاؤه فصار
بمنزلة الحنطة الدقيقة مع السمينة والمشهور عن الشافعي المنع وهو محكى عن الحسن البصري ومكحول والحكم وحماد واحمد في الرواية الأخرى لان التماثل معتبر في ذلك بحالة الكمال
والادخار لان النبي صلى الله عليه وآله سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال لينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم قال فلا إذن فإذا باع الدقيق (بالحنطة صح) لم يعلم تساويهما حنطتين فلم يجز والجواب المنع من التفاوت
لأصالة بقاء التساوي وقال أبو ثور يجوز بيع الدقيق بالحنطة متفاضلا لأنهما بمنزلة الجنسين لاختلافهما في الاسم فإنه لو حلف لا يأكل أحدهما لم يحنث بأكل الآخر
والجواب الاختلاف بالاسم لا يوجب الاختلاف في الحقيقة لان افراد النوع تختلف في الاسم وإن استوى حكمه وينتقض ببيع اللحم بالحيوان مع إن النص من أهل البيت (ع)
المنع ولم يقولوا ذلك إلا عن وحى. فروع: - آ - قد بينا إنه يجوز بيع الحنطة بالسويق متساويا نقدا لأنهما جنس واحد ومنع الشافعي منه بل جعلوه أبعد من الحنطة
بالدقيق في الجواز لان النار تدخله ومنه ما ينتفع بالماء ثم يخفف ثم يغلى والكل عندنا جايز متساويا نقدا لقول الباقر (ع) وقد سئل عن البر بالسويق فقال
مثلا بمثل لا بأس فيه - ب - يجوز بيع الحنطة بالخبز متساويا نقدا ولا يجوز نسية ولا متفاضلا لنا أن الخبز فرع الحنطة فكان حكمها حكم الجنس الواحد وقال الشافعي لا يجوز
بيع الحنطة بالخبز وبه قال احمد لأنه متنوع أصل يحرم فيه الربا فلم يجز بيعه بالدقيق مع الحنطة والجواب المنع من حكم الأصل وقال أبو حنيفة يجوز بيع الخبز بالحنطة
متفاضلا وهو قياس قول أبي ثور لان بالصنعة صار في حكم الجنسين والجواب زيادة الصفة غير مؤثرة في الاتحاد بالحقيقة - ج - يجوز بيع الخبز بالخبز سواء كانا رطبين أو
يابسين أو بالتفريق مثلا بمثل نقدا لا نسية وبه قال احمد للأصل ولان معظم منفعتهما في حال رطوبتهما فجاز بيع أحدهما بالآخر كاللبن باللبن وقال الشافعي لا يجوز
بيع أحدهما بالآخر إذا كانا رطبين أو أحدهما لأنهما جنس يجرى فيه الربا يبيع بعضه ببعض على صفة يتفاضلان في حال الكمال والادخار وإن كانا يابسين ومدقوقين
بحيث يمكن كيلهما فقولان وقال في كتاب الصرف لا يجوز لأنه قد خالطه الملح فقد يكثر في أحدهما دون الآخر وروى عنه حرمله فإنه يجوز لان ذلك حالة كمال وادخار ليس
للملح موضعا للمكيال فإن الملح يطرح في الماء فيصير صفته فيه والحق ما قدمناه من الجواز مطلقا - د - بيع الحنطة بالفالوذج جايز عندنا ومنع الشافعي من بيعه بالحنطة كالدقيق
لأنه نشاء وهو من الحنطة وكذا كل ما يعمل من الحنطة لا يجوز بيعه بالحنطة وكذا ما يعمل من التمر لا يباع بالتمر وكلما يجرى فيه الربا كذلك وعندنا يجوز متساويا
مع الاتفاق ومتفاضلا لا معه - ه‍ - بيع الدقيق بالدقيق جايز (إذا صح) اتحد أصلهما كدقيق الحنطة بمثله أو بدقيق الشعير لأنهما جنس على ما تقدم ولا فرق بين الناعم بالناعم
أو الخشن بالناعم ومع الاختلاف في الأصل يجوز متفاضلا نقدا ويكره نسية كدقيق الحنطة بدقيق الذرة وبه قال احمد واختلف قول الشافعي في الدقيق بالدقيق
مع إتحاد الجنس فقال في القديم والجديد معا لا يجوز لامكان تفاضلهما حال الكمال والادخار لامكان كون أحدهما من حنطة ثقيلة الوزن والآخر من خفيفه فيستويان
دقيقا ناعما لا يستويان حنطة والمعتبر إنما هو حالة البيع على أن التجويز لا ينافي المعلوم ونقل الفويطي والمزني معا عنه الجواز وقال أبو حنيفة يجوز بيع الناعم
بالناعم والخشن بالخشن ولا يجوز بين الناعم بالخشن وقد سبق أن الاختلاف في الأوصاف لا يؤثر في الاتحاد في الحقيقة - و - يجوز بيع الدقيق بالسويق متساويا
نقدا ولا يجوز متفاضلا ولا نسية لاتحادهما في الحقيقة ولقول الباقر (ع) في الصحيح الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مثلا بمثل لا بأس به وقال الشافعي لا
يجوز لدخول النار في السويق ويمنع المانعية وقال مالك وأبو يوسف ومحمد يجوز بيع الدقيق بالسويق متفاضلا ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة وروايته
الأصل إنه لا يجوز لان السويق صار بالصنعة جنسا آخر فصار كالجنسين وهو ممنوع وينتقض بالدقيق مع الحنطة فإنه قد زال عنه اسمها بالصنعة ولم يصر جنسا اخر
مسألة. الخلول إن اتحدت ولها؟ جاز بيع بعضها ببعض متساويا نقدا ولا يجوز نسية وإن اختلفت جاز التفاضل نقدا ويكره نسية فيجوز بيع خل العنب
480

بخل العنب متساويا وبه قال الشافعي لان تلك حال ادخاره فصار كبيع الزبيب بالزبيب وكذا يجوز بيع خل العنب بعصيره متساويا عندنا وعنده لأنه لا ينقص إذا صار
خلا فهما متساويان في حال الادخار ويجوز بيع خل العنب بخل التمر عندنا وعنده لأنهما جنسان ويجوز بيع خل العنب بخل الزبيب عندنا خلافا له لاتحاد أصلهما احتج بأن
في خل الزبيب ماء وهو غير مانع لأنه إن أفاد اختلاف الحقيقة جاز متفاضلا وإلا متساويا ويجوز بيع خل الزبيب عندنا لاتحاد جنسهما وقال الشافعي لا يجوز لان في كل واحد
منهما ماء فإن قلنا في الماء ربا لم يجز لمعنيين جواز تفاضل الزبيب والعنب وجواز تفاضل الماء وليس بشئ وكذا يجوز بيع خل التمر بخل التمر عندنا خلافا له
لاشتمالهما على الماء عنده أما خل التمر بخل الزبيب فإنه يجوز عندنا متساويا ومتفاضلا عنه وجهان إن قلنا في الماء ربا لم يجز وإن قلنا لا ربا فيه جاز لاختلاف
جنسي الزبيب والتمر وأما بيع الدبس بالدبس فيجوز عندنا متساويا مع اتفاق أصله كدبس التمر بدبس التمر ومع الاختلاف يجوز التفاضل كدبس التمر بدبس العنب
ومنع الشافعي من جوازه وإن تساويا قدرا أو جنسا لاشتماله على الماء وقد دخلته النار ويجوز عندنا بيع الدبس بالتمر مع إتحاد الأصل متساويا نقدا ولا يجوز
نسية وقال الشافعي لا يجوز مطلقا. مسألة. يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز وإن كان عليهما قشر لان صلاحه فيه والجوز موزون لأنه أكبر من التمر وربما
تجافى في المكيال وأما اللوز فإنه مكيل وهذا مذهب الشافعي وحكى القاضي بن كح عن نص الشافعي لا يجوز بيع الجوز بالجوز واللوز باللوز في القشر ويجوز عندنا
بيع لب الجوز بلب الجوز ولب اللوز بلب اللوز وبه قال الشافعي عملا بالأصل وعند الشافعية وجه آخر إنه لا يجوز بيع اللب باللب لخروجه عن حال الادخار ويجوز بيع البيض
بالبيض وإن كان أحدهما أكبر أو أزيد من الاخر وللشافعي قولان أحدهما المنع كما في الجوز بالجوز والثاني هو المشهور الجواز مع التساوي والعيار فيه الوزن عنده
وليس بشئ. مسألة. الادهان أربعة - آ - ما يعد للاكل كالزيت والشيرج ودهن الجوز واللوز ودهن الصنوبر وما أشبه ذلك فهذا يجرى فيه الربا بشرط التساوي
جنسا وإنما يتساوى الجنس باعتبار إتحاد الأصول على ما تقدم فيجوز بيع الشيرج بالشيرج متساويا نقدا ولا يجوز نسية وهو ظاهر مذهب الشافعية وحكى عن أبي إسحاق
إنه قال الشيرج لا يباع بعضه ببعض لأنه يطرح في طبخة الماء والملح وليس بصحيح لأن الماء لا يختلط به ويتميز مع كسبه وكذا الملح وإن أثر طعمه فيه دون جسمه على أن هذا المزج
لا يغير الحقيقة عن التساوي ويجوز بيع جنس بجنس آخر متساويا ومتفاضلا نقدا ويكره نسية كدهن الشيرج بدهن اللوز وبه قال الشافعي - ب - ما يعد للتطيب
كدهن الورد والبنفسج والبان وعندنا فيه الربا لأنه موزون سواء اختلف ما يضاف إليه أو لا وللشافعي قولان أحدهما إنه لا ربا فيه لأنه لا يعد للاكل والثاني
فيه الربا لان أصله السمسم وإنما يعد لأعظم منفعته لأنه ليس بمأكول وحينئذ فكله واحد لان أصله واحد وإنما اختلفت الرايحة وقال أبو حنيفة يجوز بيع المتطيب (متفاضلان وإن كان أصله واحدا إذا اختلف طيبه لاختلاف المقصد فصار كالجنسين وقالوا أيضا يجوز بيع المتطيب صح) بغير
المتطيب متفاضلا والكل باطل لأنها فروع أصل واحد فيه الربا فلا يجوز التفاضل فيها - ج - ما يعد للتداوي كدهن الخوخ واللوز المروجة الخضراء وما أشبه ذلك
فإنه يجرى فيه الربا لأنه مكيل أو موزون وعلل الشافعي بأنه يؤكل للتداوي - د - من ما يعد للاستصباح كالبزر ودهن السمك ويجرى فيهما الربا لأنه مكيل أو موزون ولا
فيباع كل واحد منهما بجنسه متساويا نقدا لا نسية وبصاحبه متفاضلا نقدا ونسية وللشافعية وجهان أحدهما جريان الربا فيه لأنه يؤكل وأصله حب الكتان
وهو مأكول يطرح في الملح والثاني لا يجرى لأنه لا يؤكل في عادة الناس ولهذا لا يستطاب وأكله سفه. مسألة. يجوز بيع المطبوخ بالنئ من جنسه ومن غير جنسه و
كذا المطبوخ بالمطبوخ لكن يعتبر في المتحد جنسه تساوى القدر والحلول دون غيره عند علمائنا عملا بالأصل وقال الشافعي لا يجوز بيع المطبوخ بالنئ مع اتحاد
الجنس مطلقا تعقد اجزاؤه فتخلف فيؤدى ذلك إلى التفاضل بينهما لو كانا على حالة الادخار وينتقض بالتمر فإن الشمس تجففه ويختلف جفافها فيه ولان
ذلك غير معتد به لعدم العلم إجفافه أزيد إذا ثبت هذا فإن عصير العنب جنس يباع بعضه ببعض متساويا وبه قال الشافعي لان حالته حالة كمال ولا ينقص إذا بلغ
إلى حالة كماله بالحموضة وكذا عصير الرمان والسفرجل والتفاح وقصب السكر ويجوز بيع بعض هذه الأجناس بجنس آخر منها متفاضلا لتعددها جنسا وكذا إن
طبخت بالنار أو بعضها عندنا مطلقا وعند الشافعي مع اختلاف الجنس لا اتفاقه فلا يجوز عنده بيع المطبوخ بالمطبوخ ولا بغيره إذا اتفق الجنس. مسألة. جيد كل شئ
ورديه جنس لا يباع أحدهما بالآخر متفاضلا لا نقدا ولا نسية ويجوز متساويا نقدا لا نسية عند علمائنا فلا يجوز بيع درهم صحيح بدرهم كسر مع زيادة تقابل
الصحة وبه قال الشافعي خلافا لمالك وقد تقدم. مسألة. يجوز بيع الجنسين المختلفين بأحدهما إذا زاد على ما في المجموع من جنسه بحيث يكون الزيادة في مقابلة
المخالف وذلك كمد عجوة ودرهم بمدى عجوة أو بدرهمين أو بمدى عجوة ودرهمين عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة حتى لو باع دينارا في خريطة بمأة دينار جاز
لنا الأصل السالم عن معاوضة الربا لان الربا هو بيع المثلين بأزيد منه من الآخر والمبيع هنا المجموع وهو مخالف لافراده وما رواه أبو بصير قال سألته عن السيف المفضض
يباع بالدراهم قال إذا كانت فضة أقل من النقد فلا بأس وإن كان أكثر فلا يصلح وسأله عبد الرحمن بن الحجاج عن شراء ألف درهم دينار بألفي درهم قال لا بأس بذلك
ولان أصل العقود الصحة مهما أمكن جمله عليها لم تحمل على الفساد كشراء اللحم من القصاب فإنه سائغ حملا على التذكية ولا يحمل على الميتة وإن كان الأصل لان أصالة
الصحة أغلب وكذا لو اشترى إنسان شيئا بمال معه حمل على أنه له ليصح البيع وهنا يمكن حمل العقد على الصحة بأن يجعل الخريطة في مقابلة ما زاد على الدينار فيصح العقد وفي
مسألة مد عجوة يصرف المد الآخر من التمر في مقابلة الدرهم (أو صرف الدرهم صح) إلى الدرهم والدرهم الاخر في مقابلة المد أو صرف مد عجوة إلى الدرهمين والدرهمين والدرهم
إلى المدين وقال الشافعي لا يجوز ذلك كله وبه قال احمد لان فضالة بن عبيد قال شريت يوم خيبر قلادة فيها ذهب وخرز فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا يباع مثل
هذا حتى يفصل ولان العقد إذا جمع عوضين وجب أن ينقسم أحدهما على الآخر على قدر قيمة الآخر في نفسه فإن كان مختلف القيمة اختلف ما يأخذ من العوض كما لو باع ثوبين
بدراهم فإذا احتيج إلى معرفة ثمن كل منهما قوم الثوبين وقسم على قدر القيمتين فلو كان قيمة أحدهما ستة والآخر ثلاثة وبيعا بعشرة بسطت عليهما أثلاثا وبهذا الطريق
يعرف قيمة شقص الشفعة المنضم إلى غيره وكذا لو تلف أحد العبدين المبيعين صفقة في يد البايع قبل القبض فكذا هنا إذا باع مدا ودرهما بمدين فينظر إلى ما يساوى
الدرهم فيكون مدا ونصفا فيخص الدرهم ثلاثة أخماس المدين والجواب جاز أن يكون في القلادة من الذهب ما يزيد فتجب معرفة القدر فلهذا أوجب الفصل وقسط الثمن
لا يقتضى شراء كل جزء بما قسط عليه من الثمن فروع: - آ - لو باع نوعين من جنس واحد مختلفي القيمة بنوع واحد كدينار معرى ودينارا بريزي بدينارين بريزية
جاز مع التساوي قدرا ولا اعتبار بالقيمة عندنا وكذا لو باع درهما صحيحا بدرهم مكسور أو درهما صحيحا ودرهما مكسور بصحيحين أو مكسورين سواء قلت قيمة
المكسور عن قيمة الصحيح أولا وكذا درهم وثوب بدرهمين وبه قال احمد في الجنس الواحد كبيع دينارين مختلفين بدينارين متفقين وكبيع مكسور وصحيح بمكسورة
أو صحيحين وجوزه أبو حنيفة مطلقا ومنعه الشافعي مطلقا وقد تقدم والأصل إن الصنعة لا قيمة لها في الجنس ولهذا لا يجوز بيع المصنوع بأكثر متفاضلا - ب - لو تلف الدرهم
481

المعين المنضم إلى المد قبل قبضه أو ظهر استحقاقه وكان الثمن مدين ودرهمين احتمل بطلان البيع حذرا من الربا لاستلزام بسط الثمن على اجزاء المبيع إياه فتلف نصفه
على تقدير مساواة المد درهما يقتضى سقوط النصف من الثمن فيصير ثمن المد الثاني مدا ودرهما ويحتمل البطلان في التخالف فإن المقتضى لصحة هذا البيع صرف
كل جنس إلى ما يخالفه ليحصل السلامة من الربا فالدرهم في مقابلة (المدين) خاصة ويبقى المد في مقابلة الدرهمين ويحتمل التقسيط لأنه مقتضى مطلق العقد والربا المبطل
إنما يعتبر حين العقد وهو في تلك الحال كان منفيا - ج - لو باع مدا ودرهما بمدين ثم تلف الدرهم المعين وكان المد المضاف إليه يساوى درهما وكل من المدين يساوى درهما
أيضا بقى مد في مقابلة المد الاخر وبطل البيع في المد الثاني ولو كان يساوى درهمين فقد تلف ثلث العوض فيبطل من الآخر ثلثه فيبقى مد في مقابلة مد وثلث مد ولا يثبت
الربا هنا لان الزيادة حصلت بالتقسيط الثابت بعد صحة البيع - د - لو كان كل من المدين لواحد فباعهما أحدهما ولم يجز الآخر بطل البيع في مده ويسقط من الثمن نصف
المد ونصف الدرهم وثبتا للبايع في مقابلة مده إن تساويا قيمة ولو اختلفا فكانت قيمة مد الفاسخ نصف قيمة مد البايع كان للبايع ثلثا مد وثلثا درهم
عوض مده - ه‍ - لو باعه مدا ودرهما بمدين فتلف الدرهم قبل القبض وهو يساوى مدا ونصف فالذي يخص الدرهم ثلاثة أخماس المد فيبقى مد في مقابلة أربعة أخماس
مد ويجئ الاحتمالات ولو باعه درهما صحيحا ومكسورا بدرهمين صحيحين ثم تلف الصحيح المعين بسطت قيمة الصحيحين على الصحيح والمكسور وسقط ما قابل
الصحيح منها وتجيئ الاحتمالات. مسألة. يجوز بيع شاة في ضرعها لبن بمثلها وبشاة خالية من اللبن وبلبن من جنسها عند علمائنا خلافا للشافعي لنا الأصل
السالم (عن صح) معارضة الربا لان الشاة ليس مقدرة بالكيل والوزن ولا اللبن الذي في ضرعها وإنما يكون مكيلا أو موزونا بعد حلبه فأشبه الثمرة على رؤوس النخل
ولأنه ما دام في الضرع يكون تابعا للمبيع ليس مقصودا بالذات احتج بأن اللبن يأخذ قسطا من الثمن لحديث المصراة فإن النبي صلى الله عليه وآله أوجب مع ردها بعينها صاعا من تمر ولولا
دخوله في العقد وتقسيط الثمن عليه لم يضمنه كما أن المشترى إذا رد المبيع بعيب بعد أن حدث عنده نماء أو ولد في يده لم يرد عوض ذلك ولان اللبن في الضرع كالشئ في
الوعاء والدراهم في الخزانة وإذا كان له قسط من الثمن كان بيع لبن مع غيره بلبن والجواب المنع من أخذه قسطا من الثمن وإلزامه بالصاع لأنه فصل اللبن عن الشاة وانتفع به والبحث
في المتصل في أساسات الحيطان فإنها تتبع الدار ولو قلعت قومت بانفرادها سلمنا لكن البيع وقع للجملة لا للاجزاء ألا ترى إنه لا يجوز بيعه منفردا فروع: - آ - لو باع الشاة
اللبون بلبن البقر جاز عندنا لأنه يجوز بيعه بلبن الشاة فلبن غيره أولي وللشافعي قولان مبنيان على أن الألبان هل هي جنس واحد أو أجناس متعددة فعلى الأول
لا يجوز ويجوز على الثاني ويجب التقابض عنده في الحال قبل التفرق لأنه بيع لبن بلبن من جنس آخر - ب - لو كانت الشاة لا لبن فيه جاز بيعها بلبن جنسها أو بغير جنسها
وكذا لو كان في ضرعها فحلبه ثم باعها بلبن جاز وبه قال الشافعي لان المتخلف في الضرع يسير لا يحلب في العادة فلا عبرة له - ج - لو كانت مذبوحة وفي ضرعها لبن جاز بيعها
بلبن وبشاة مذبوحة في ضرعها لبن وبخاليه من لبن وبحية ذات لبن وخالية عنه وبلبن من جنسها وقال الشافعي لا يجوز إذا كان في الشاة المذبوحة لبن وإن لم يكن في ضرعها
لبن جاز إذا سلمت لتزول جهالتها - د - قد بينا إنه (يجوز صح) بيع شاة في ضرعها لبن بشاة في ضرعها لبن ومنعه أكثر الشافعية وليس بشئ لان اللبن المتصل بأصله لا اعتبار به في
العوضين كما يجوز بيع السمسم بمثله من غير اعتبار الدهن فيهما وكذا لو باع دار مموهة بالذهب بمثلها أو دارا فيها بئر ماء بمثلها احتجوا بأن اللبن في الضرع بمنزلة كونه في الآنية
فكأنه باع شاة ولبنا بشاة ولبن ولو كان اللبنان منفصلين لم يجز وكذا إذا كان في الضرع ثم فرقوا بين السمسم بمثله وبين المتنازع بأن الدهن غير موجود فيه بضعته
وإنما يحصل بالتخليص والطحن والماء غير مملوك عند بعضهم ولا يدخل في البيع بل كل من أخذه استحقه وعند آخرين إنه مملوك واصل في البيع إلا أن في ثبوت الربا في الماء
قولان فإن نفيناه عنه فلا يجب وإلا منعنا من بيع الدار بالدار وفيهما ماء والجواب المنع من مساواة كون اللبن في الضرع لكونه في الاناء لأنه بعد الحلب مقدر بكيل ووزن.
بخلاف كونه في الضرع ولأنه كالجزء من الشاة تابع للجميع لا أصلا بخلاف المحلوب وما ذكروه في دهن
السمسم ينقض عليهم المنع من بيع السمسم بالشيرج فإنه إذا لم يكن
في السمسم بصفته لم يمنع مانع من بيعه بالدهن وكون الماء غير مملوك باطل - ه‍ - يجوز بيع نخلة فيها ثمر بنخلة مثمرة أو بثمرة أو بنخلة خالية لما مر في الشاة خلافا للشافعي
مسألة. كلما له حالتا رطوبة وجفاف من الربويات يجوز بيع بعضه ببعض مع تساوى الحالين إذا اتفق الجنس وإن اختلف جاز مطلقا فيجوز بيع الرطب بمثله وبيع العنب بمثله
والفواكه الرطبة بمثلها والحنطة المبلولة بمثلها واللحم الطري بمثله والتمر والزبيب والفواكه الجافة والمقدد والحنطة اليابسة كل واحد بمثله وبه قال مالك وأبو حنيفة
وأبو يوسف ومحمد وأحمد والمزني لوجود المقتضى وهو عموم الحل السالم عن معارضة الربا لتساويهما في الحال وفيما بعد فإن اختلفا في حالة اليبس فبشئ يسير لا اعتبار به كالقز
الحديث بالعتيق ولان معظم منفعته في حال رطوبته فجاز بيع بعضه ببعض كاللبن وقال الشافعي لا يجوز بيع الرطب بالرطب متساويا لأنهما على غير حالة الادخار (إلا يعلم تساويهما في حالة الادخار صح) فلم
يجز بيع أحدهما بالآخر كالرطب بالتمر وهو ضعيف لما بينا من التفاوت اليسير وينقض بالرطب التي لا يصير تمرا في العادة كالبرين وشبهه فإن فيه قولين وكذا الفواكه التي لا تجفف
والبقول وأما إن باع بعض الجنس الواحد ببعض مع اختلاف الحالين كبيع الرطب بالتمر أو العنب بالزبيب واللحم الطري بالمقدد والحنطة المبلولة باليابسة والفاكهة
الجافة بالرطبة فالمشهور عند علمائنا المنع وإن تساويا قدرا وبه قال سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب ومالك واحمد والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد لما رواه
الجمهور إن النبي صلى الله عليه وآله سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس فقالوا نعم فقال فلا إذن ومن طريق الخاصة ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا يصلح التمر اليابس
بالرطب من أجل أن اليابس يابس والرطب رطب فإذا يبس نقص ولأنه جنس يجرى فيه الربا بيع بعضه ببعض على صفة يتفاضلان في حال الكمال والادخار فوجب أن لا يجوز
كالحنطة بالدقيق وقال بعض علمائنا بالجواز مع التساوي وبه قال أبو حنيفة لان الصادق (ع) سئل عن العنب بالزبيب قال لا يصلح إلا مثلا بمثل (قال والتمر والرطب مثلا بمثل صح) ولأنه وجد التساوي فيه كيلا
حال العقد فالنقصان بعد ذلك لا يؤثر فيه كالحديث والعتيق والرواية ضعيفة لان سماعة في طريقها والقياس لا يسمع في مقابلة النص مع قيام الفرق فإن الحديث والعتيق
على صفة الادخار ولقلة النقصان فيه لا يمكن الاحتراز عنه. فروع: - آ - نبه رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله أينقص إذا جف على علة الفساد وأن المماثلة عند الجفاف تعتبر وإلا فهو (ع)
يعلم النقصان عند الجفاف جعل الوصف المنصوص عليه (علة بالنص صح) يقتضى العمومية في جميع صور موارده - ب - لا خلاف في جواز بيع الرطب بالتمر في صورة العرايا وسيأتى إن شاء الله تعالى
- ج - قد بينا عمومية الحكم في جميع صور الوصف الذي هو النقص عند الجفاف وإنه لا يجوز بيع رطبه بيابسه سواء اتفقت العادة بضبط الناقص أو لا ويجوز عندنا
بيع رطبه برطبه متساويا خلافا للشافعي في الأخير وحكى إمام الحرمين وجها للشافعي في المشمس والخوخ وما لا يعم تجفيف رطبه إنه يجوز بيع بعضه ببعض في حال الرطوبة
لان رطوبتها أكمل أحوالها والتجفيف في حكم النادر - د - يجوز بيع الحنطة المقلية بمثلها متساويا وبغير المقلية لقلة الرطوبة فيها وخالف الشافعي فيها معا - ه‍ - لا يجوز
بيع الحنطة وفروعها بالنخالة متفاضلا لأنهما جنس واحد حيث إن أصلهما الحنطة وقال الشافعي يجوز لان النخالة ليست مطعومة ونحن نمنع التعليل بالطعم - و -
482

لا يجوز بيع الحنطة المسوسة بالحنطة المسوسة إذا لم يبق فيها لب إلا متساويا خلافا للشافعي فإنه سوق البيع مع التفاضل حيث علل بالطعم وهو ممنوع - ز - المأكولات التي
لا تكال ولا توزن كالمعدودات لا ربا فيها عندنا إلا على رأى من يثبت الربا في المعدودات وللشافعي قولان ففي القديم لا ربا فيها وفي الجديد يثبت فعلى قولنا وقوله
القديم يجوز التفاضل فيها كرمانة برمانتين وسفرجلة بسفرجلتين وعلى الجديد لا يجوز بيع التفاضل وأما مع التساوي فإن كان مما يبس ويبقى منفعة يابسا كالخوخ
المشمس فإذا جف جاز بيع بعضه متساويا ولا يجوز بيع بعضه ببعض رطبا عنده كما لا يجوز بيع الرطب بالرطب عنده وإن كان مما لا ييبس ولا ينتفع بيابسه كالقثاء
والخيار وشبههما ففي جواز بيع بعضه ببعض رطبا متساويا قولان المنع نص عليه في الام لان بعضه يحمل من الماء أكثر من البعض والجواز لان معظم منفعته في حال رطوبته
فجاز كاللبن باللبن وكذا حكم الرطب الذي لا يصلح للتجفيف والعنب الذي لا يصلح لذلك ثم إن هذا المبيع إن كان مما لا يمكن كيله (ووزنه كالقثاء والبطيخ والخيار وما أشبهه فإنه يباع بعضه ببعض وزنا متساويين عنده وإن كان مما يمكن كيله صح) ووزنه كالتفاح والخوخ الصغار
فوجهان جواز بيع بعضه ببعض وزنا لأنه أخصر له والكيل لان الأصول الأربعة كلها مكيلة فردت إليها. مسألة. يجوز بيع مد حنطة فيها فصل وهو عقد
التبن أو زوان وهو حب أسود غليظ الوسط أو تراب بمجرى العادة بمد حنطة مثله أو بخالص من ذلك عند علمائنا وكذا إذا كان في أحدهما شعير سواء أكثر عن الآخر أو
ساواه وسواء زاد في الكيل أو لا عملا بالأصل السالم عن الربا لان التقدير تساويهما وزنا أو كيلا والفصل والزوان والتراب بمجرى العادة والشعير لا يؤثر لقلته
فأشبه الملح في الطعام والماء اليسير في الخل وقال الشافعي لا يجوز بيعه بمثله ولا بالخالص أما بمثله فللاختلاف إذ قد يكون الفصل وشبهه في أحدهما أكثر وأما الخالص
فلتفاضل الحنطتين أما إذا كان التراب يسيرا جدا بحيث لا يزيد في الكيل فإنه يجوز بيعه بمثله لا بالخاص وكذا التبن الناعم جدا لأنه لا يأخذ قسطا من المكيل لأنه
يكون في خلل الحنطة فلا يؤدى إلى تفاضل الكيل وتفاوت الحنطتين ولا يجوز فيما يوزن وإن قل التراب عنده لان قليله يؤثر في الميزان. تذنيب حكم الدردي
في الخل والثفل؟ في البر حكم التراب في الحنطة تنبيه لو كان أحد العوضين مشتملا على الآخر غير مقصود صح مطلقا كبيع دار مموهة بالذهب. المطلب الثاني
في شرط التقدير قد عرف أنه يشترط في الربا أمران الاتحاد في الجنس وقد مضى وكونهما مقدرين بالكيل أو الوزن إجماعا وهل يثبت الربا مع التقدير بالعدد والأصح
المنع عملا بالأصل ولقول الصادق (ع) لا يكون الربا إلا فيما يكال أو يوزن وسئل (ع) عن البيضة بالبيضتين قال لا بأس ما لم يكن فيه كيل ولا وزن إذا تقرر
هذا فلا ربا إلا فيما يكال أو يوزن مع التفاوت ولو تساويا قدرا صح البيع نقدا ولو انتفى الكيل والوزن معا جاز التفاضل نقدا أو نسية كثوب بثوبين و
بيضة ببيضتين سواء اختلفت القيمة أو اتفقت. مسألة. الأجناس الأربعة أعنى الحنطة والشعير والتمر والملح مكيلة في عهده صلى الله عليه وآله فلا يباع بعضها ببعض إلا مكيلة
ولا يجوز بيع شئ منه بشئ اخر من جنسها وزنا بوزن وإن تساويا ولا يضر مع الاستواء في الكيل التفاوت في الوزن أما الموزون فلا يجوز بيع بعضه
ببعض كيلا ولا يضر مع الاستواء في الوزن التفاوت في الكيل وبه قال الشافعي لأدائه إلى التفاضل في المكيال لاحتمال أن يتفاوتا بأن يكون أحدهما أوزن وأثقل
من البعض فيأخذ الأخف في المكيال أكثر فيتفاضلا في الكيل وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عنه أما لو
تساويا في الثقل والخفة وعلم التفاوت بينهما فالأقرب الجواز خلافا للشافعي لان
التفاوت اليسير لا اعتبار به كما في قليل التراب أما الملح إذا كان قطعا كبارا فإنه يباع وزنا لتجافيه في المكيال فيعتبر حاله الآن وهو أظهر وجهي الشافعية نظرا إلى
ماله من الهيئة
في الحال والاخر إنه يستحق ويباع كيلا وليس بمعتمد وكذا كل ما يتجافى في المكيال يباع بعضه ببعض وزنا وأما ما عدا الأجناس الأربعة فإن كان موزونا على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله فهو موزون وكذا إن كان مكيلا في عهده حكم فيه بالكيل فلو أحدث الناس خلاف ذلك لم يعقد بما أحدثوه وكان المعتبر تقرير الرسول أو العادة
في عهده (ع) وبه قال الشافعي وحكى عن أبي حنيفة إنه يعتبر فيه عادات البلدان وقد روي ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال المكيال مكيال المدينة والميزان ميزان مكة
ولان المعتاد في زمانه صلى الله عليه وآله يضاف التحريم إليه كيلا أو وزنا فلا يجوز أن يتغير بعد ذلك لعدم النسخ بعده (ع) وأما ما لم يكن على عهده ولا عرف أصله بالحجاز أو لم يكن أصلا
في الحجاز فإنه يرجع فيه إلى عادة البلد وبه قال أبو حنيفة فإنه قال المكيلات المنصوص عليها مكيلات أبدا والموزونات موزونات أبدا وما لم ينص عليه فالمرجع فيه
إلى عادة الناس لان أنسا قال إن النبي صلى الله عليه وآله قال ما وزن مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا وما كيل منه مثلا بمثل إذا كان نوعا واحدا ولان غير المنصوص قد عهد فيه
من الشارع رد الناس إلى عوائدهم كما في القبض والحرز والاحياء فإنها ترد إلى العرف وكذا هنا وللشافعي وجهان أحدهما إنه يرد إلى عادة الحجاز في أقرب الأشياء شبها
به كالصيد يتبع فيه ما حكمت الصحابة به في قتل المحرم وما لم يحكم فيه بشئ يرد إلى أقرب الأشياء شبها به والثاني يعتبر عادة البلاد ويحكم فيه بالغالب كما في الحرز و
الاحياء والقبض حين رد الناس فيه إلى العرف وينبغي أن يكون مع استواء البلاد فيه فكأنه لا يعلم الكيل أغلب عليه أو الوزن أن يرد إلى أقرب الأشياء شبها لتعذر
العرف فيه. فروع: - آ - ما أصله الكيل يجوز بيعه وزنا سلفا وتعجيلا ولا يجوز بيعه بمثله وزنا لان الغرض في السلف والمعجل بغير جنسه معرفة المقدار وهو يحصل بهما
والغرض هنا المساواة فاختص البيع في بعضه ببعض به - ب - إذا كان الشئ يكال مرة ويوزن أخرى ولم يكن أحدهما أغلب فالوجه أنه إن كان التفاوت بين المكاييل
يسيرا جاز بعضه ببعض متماثلا وزنا وكيلا وإن كان التفاوت كثيرا لم يجز بيعه وزنا بل كيلا وقال بعض الشافعية إن كان أكبر جرما اعتبر الوزن لأنه لم يعهد في الحجاز الكيل
فيما أكبر جرما من التمر وإن كان مثله أو أصغر فوجهان الوزن لقلة تفاوته والكيل لعمومه فإن أكثر الشبه مكيل وقال بعضهم ينظر إلى عادة الوقت - ج - لو كان الشئ
يباع في بعض البلاد جزافا وفي بعضها كيلا أو وزنا ولم يكن له أصل أو لم يعرف قال الشيخ يحكم بالاحتياط وقيل يحكم بعادة البلد الذي يقع فيه - د - لو اختلف البلدان
فكان في بعضها يباع كيلا وفي بعضها يباع وزنا وفي بعضها جزافا فالوجه ما تقدم أيضا من أن لكل بلد حكم نفسه فيحرم التفاضل فيه إذا كان في بلد يكال أو يوزن
فيجوز في غيره وقال بعض الشافعية الاعتبار بعادة أكثر البلدان فإن اختلفت العادة ولا غالب اعتبر بأشبه الأشياء به وقال بعضهم الاعتبار بعادة بلد البيع - ه‍ -
لا فرق بين المكيال المعتاد في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وساير المكائيل المحدثة بعده كما إذا عرفنا التساوي بالتعديل في كفتى الميزان يكتفى به وإن لم يعرف قدر ما في كل
كفة - و - لابد في المكيال من معرفة مقداره فلا يجوز التعويل على قصعة ونحوها مما لا يعتاد الكيل بها إلا إذا عرف نسبتها إلى الصاع وكذا الوزن لا بد من
اعتباره بالأرطال المعهودة المقدرة في نظر الشرع فلو عولا على صبخة؟ مجهولة لم يصح وقد يمكن الوزن بالماء بأن يوضع الشئ في ظرف ويلقى على الماء وينظر
إلى مقدار عوضه لكنه ليس وزنا شرعيا ولا عرفيا فيحتمل التعويل في الربويات عليه. مسألة. ما يباع كيلا أو وزنا لا يجوز بيعه مجازفة وبه قال الشافعي لما فيه من الغرر
المنهي عنه ولقول الصادق (ع) في الصحيح ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصح مجازفة وقال مالك يجوز في البادية بيع المكيل دون الموزون جزافا لان المكيال
يتعذر في البادية وفي التكليف به مشقة فجاز بالحرز والتخمين كبيع التمر بالرطب في العرايا والجواب نمنع تعذر المكيال لأنه يمكن بالقصعة وشبهها مما لا يخلو أحد عنه غالبا ويعلم تقديره إما تحقيقا
483

أو تقريبا نعم الميزان يتعذر غالبا ويعارض بأن الكيل معنى يعتبر المماثلة والمساواة به فيما يجرى فيه الربى فاستوى فيه الحضر والبادية كالوزن وبيع العرايا مستثنى
لحاجة الفقراء إلى الرطب. فروع: - آ - المراد جنس المكيل والموزون وإن لم يدخلاه إما لقلته كالحبة والحبتين أو لكثرته كالزبرة العظيمة - ب - إذا خرج
بالصنعة عن الوزن جاز التفاضل فيه كالثوب بالثوبين لقول الصادق (ع) لا بأس به وقد سئل عن الثوب بالثوبين وكذا يجوز بيع الغزل بالثياب المبسوطة
وإن كان أحدهما أكثر وزنا لخروج الثوب بالصنعة عن الوزن ولان الصادق (ع) سئل عن بيع الغزل بالثياب المبسوطة والغزل أكثر وزنا من الثياب قال لا بأس - ج -
لو كان الشئ في أصله غير موزون ولا مكيل ثم صار باعتبار صفة إلى الكيل أو الوزن جرى فيه الربا حالة اتصافه بتلك الصفة لا قبلها وذلك كالبطيخ والرمان إذا
كان رطبا ولم يدخله الكيل والوزن حينئذ فإنه لا يجرى فيه الربا فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا أما إذا جفف وصار موزونا حالة جفافه فإنه يثبت فيه الربا في هذه
الحال فلا يجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا بل متساويا وللشافعي حال رطوبته قولان الجديد ثبوت الربا فيه فلا يجوز بيع بعضه ببعض رطبين إذا كان له
حالة جفاف متساويا ومتفاضلا كما لا يجوز بيع الرطب بالرطب وإن تساويا ويجوز في حالة الجفاف التساوي والقديم عدم الربا فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا
وإن جف لأنه ليس مال ربا وإن كان مما لا يجف وإن كان مما لا يجف كالقثا ففي جواز بيع بعضه ببعض في حال الرطوبة قولان المنع مطلقا كبيع الرطب بالرطب والجواز مع التساوي وزنا لان معظم منافع هذه الأشياء في حال الرطوبة
فأشبهت بيع اللبن باللبن فعلى هذا إن لم يمكن كيله كالبطيخ والقثا بيع وزنا وإن أمكن كالتفاح والتين ففي بيعه وزنا وجهان
للشافعية أصحهما الوزن لأنه أخصر وعلى الوجهين لا بأس بتفاوت العدد فيه - د - كما لا يجوز بيع الموزون بجنسه جزافا كذا لا يجوز بيعه مكيلا إلا إذا علم عدم التفاوت فيه وكذا
المكيل لا يجوز بيعه جزافا ولا موزونا إلا مع عدم علم التفاوت - ه‍ - لو كانا في حكم الجنس الواحد واختلفا في التقدير كالحنطة المقدرة بالكيل والدقيق المقدر بالوزن احتمل
تحريم البيع بالكيل أو الوزن للاختلاف قدرا وتسويغه بالوزن ويجوز بيع الخبز بمثله وإن احتمل اختلافهما في الأجزاء المائية وكذا الخل بمثله لعدم الأصالة. المطلب
الثالث. في الاحكام. مسألة. لو دعت الضرورة إلى بيع الربويات متفاضلا مع إتحاد الجنس وجب توسط عقد بينهما فيباع الناقص بجنس مخالف ثم يشترى الزايد بذلك
الجنس فلو أراد بيع دراهم أو دنانير صحاح بمكسرة أكثر وزنا بيع الدراهم الصحاح بدنانير أو بجنس آخر كالثياب ثم اشترى بتلك الدنانير أو الثياب الدراهم المكسرة أو
بالعكس لانتفاء الربا هنا لعدم شرطه وهو اتحاد الجنس وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله أمر أخا عدى على خيبر فأتى بتمر جيد فقال أو تمر خيبر كله هكذا فقال لا
ولكنا نبيع الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال لا تفعلوا ولكن بيعوا تمركم بعوض ثم اشتروا بثمنه من هذا التمر ومن طريق الخاصة رواية سماعه قال سألته
عن الطعام والتمر والزبيب فقال لا يصلح شئ منه اثنان بواحد إلا أن كان صرفته نوعا إلى نوع آخر فإذا صرفته فلا بأس به اثنين بواحد وأكثر فروع: - آ - لا فرق
بين أن يتخذ ذلك عادة أو لا وبه قال الشافعي للأصل وقال مالك يجوز مرة واحدة ولا يجوز أن يجعله عادة وهو غلط لان المقتضي إن كان كونه ربا لم يجز ولا مرة
وإن كان غيره فلابد من بيانه - ب - يجوز توسط غير المبيع وذلك بأن يقترض الزائد ثم يستقرض الآخر منه الناقص ثم يتباريان أو يهب كل واحد منهما ماله من صاحبه
له ويبيع الصحاح بمثل وزنها من المكسرة ويهب صاحب المكسرة الزيادة منه فيجوز جميع ذلك سواء شرط في اقتراضه وهبته وبيعه ما يفعله الآخر أو لا خلافا للشافعي فإنه
سوغ مع عدم الشرط لا معه لنا عموم قوله المؤمنون عند شروطهم - ج - لو باع النصف الشايع من دينار قيمته عشرة دراهم بخمسة جاز ويسلم إليه الكل ليحصل تسليم
النصف ويكون النصف الآخر أمانة في يده أما لو كان له عشرة على غيره فأعطاه عشرة عددا فوزنت فكانت أحد عشر كان الدرهم الزايد للمقبوض منه على الإشاعة ويكون
مضمونا عليه لأنه قبضه لنفسه ثم إذا سلم الدراهم الخمسة فله ان يستقرضها ويشترى بها النصف الآخر فيكون جميع الدينار له وعليه خمسة ولو باعه بعشرة
وليس مع المشترى إلا خمسة فدفعها إليه ثم استقرض منه خمسة أخرى وردها إليه عن باقي الثمن جاز وبه قال الشافعي أما لو استقرض الخمسة المدفوعة إليه جاز عندنا وهو أصح وجهي
الشافعية. مسألة. القسمة تمييز أحد النصيبين من الآخر وافراز الحقوق بعضها من بعض وليس بيعا وهو أحد قولي الشافعي لان لها اسما يخصها وتدخل فيها القرعة
ولا يفتقر إلى بيع أو تمليك ولا يجوز إلا بقدر الحقين ولا يثبت بها الشفعة والقول الأصح إنها بيع لان كل جزء مشترك بينهما فإذا تعين لأحدهما شئ بالقسمة فقد اشترى
نصيب شريكه فيما تعين له بنصيبه مما يتعين لشريكه فكان ذلك بيعا وهو ممنوع إذا ثبت هذا فنقول إذا كان المقسوم مما يدخل فيه الربا جازت القسمة كيلا ووزنا وقسمة المكيل
بالوزن وبالعكس وما لا يباع بعضه ببعض عنده كالرطب بمثله والعنب بمثله متساويا ومتفاضلا نقدا ونسية وإن كان يمنع ذلك في البيع وكذا يجوز أن يأخذ
أحدهما الرطب أو العنب والاخر التمر أو الزبيب ويجوز قسمة التمر على رؤوس النخل وللشافعي قولان مبنيان على أن القسمة بيع أم لا فإن كانت بيعا لم يجز كما لا يجوز
بيع الثمرة على أصله بمثلها ونحن نمنع ذلك جواز بيع الثمن على رؤوس النخل بمثلها نعم الممنوع بيعها بخرصها تمرا وإن لم يكن عنده بيعا وإنما هي افراز حق فقولان أحدهما
المنع مطلقا والثاني الجواز في الرطب والعنب خاصة دون باقي الثمار لان للخرص مدخلا فيهما ولهذا جاز خرصهما على الفقراء فجازت قسمتهما بين الشركاء
بخلاف باقي الثمار والحق عندنا الجواز مطلقا. مسألة. قد بينا إن الجيد والردئ في الجنس الواحد واحد لا يباع أحدهما بالآخر متفاضلا لان الصادق (ع)
سئل عن رجل استبدل قوصرتين فيهما بسر مطبوخ بقوصرة فيها مشفق فقال هذا مكروه لان عليا (ع) كان يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين
من تمر خيبر ولم يكن (ع) يكره الحلال مسألة. يجوز بيع العصير بالنحتج مثلا بمثل نقدا لان خالد بن أبي الربيع سأل الصادق (ع) ما ترى في التمر والبسر الأحمر مثلا
بمثل قال لا بأس قلت فالنحتج والعصير مثلا بمثل قال لا بأس واعلم أن هذا الحديث يدل على جواز بيع التمر بالبسر الأحمر والمراد به البسر المطبوخ بالنار لذهاب رطوبته
ومساواته للتمر في عدم النقصان عند الجفاف بخلاف الرطب بالتمر. مسألة. قد بينا جواز بيع البر بالسويق متساويا نقدا ولا يجوز متفاضلا ولا
نسية لاتحاد الأصل فيهما ولا اعتبار بزيادة الربع في أحدهما لما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال ما تقول في البر والسويق فقال مثلا بمثل لا بأس به قال قلت
له إنه يكون له ريع أو يكون له فضل فقال ليس له مؤنة قلت بلى قال فهذا بذا وقال إذا اختلف الشيئان فلا بأس به مثلين بمثل يدا بيد. مسألة. لو دفع إلى الطحان
طعاما وقاطعه على أن يعطيه به طحينا انقض أو دفع إلى العصار سمسما وقاطعه على شيرج انقض لم يجز وكذا مع التساوي فيهما أما الأول فلربا الفضل وأما الثاني
فلربا النسية وسأله محمد بن مسلم عن الرجل يدفع إلى الطحان الطعام فيقاطعه على أن يعطى صاحبه لكل عشرة (اثنتي عشرة صح) دقيقا فقال لا فقلت فالرجل يدفع السمسم إلى
العصار ويضمن له بكل صاع أرطالا مسماة قال لا. مسألة. يكره أن يدفع الانسان إلى غيره البقرة والغنم على أن يدفع إليه كل سنة من ألبانها وأولادها شيئا
معلوما وإن فعل ذلك كان ضربته غير لازمة وكذا يكره أن يدفع الغنم والإبل إلى غيره على أن يبدله إذا ولدت الذكور بالإناث وبالعكس لان الصادق (ع) سئل عن رجل
484

قال لرجل ادفع إلي غنمك أو إبلك يكون معي فإذا ولدت أبدلت لك إن شئت إناثها بذكورها أو ذكورها بإناثها فقال إن ذلك فعل مكروه إلا أن يبدلها
بعد ما تولدت ويعزلها قال وسألته عن الرجل يدفع إلى الرجل بقرا وغنما على أن يدفع إليه كل سنة من ألبانها وأولادها كذا وكذا قال ذلك مكروه. مسألة
لا ربا بين الولد ووالده فلكل واحد منهما أن يأخذ الفضل من صاحبه لان مال الولد في حكم مال الوالد وكذا بين السيد وعبده المختص به لان مال العبد لمولاه ولا بين
الرجل وزوجته ولكل منهما أن يأخذ الفضل من صاحبه ولا بين المسلم أو الحربي فيأخذ منهم الفضل ولا يعطيهم إياه لانهم في الحقيقة فئ للمسلمين ولقول الباقر (ع) ليس بين
الرجل وولده وبينه وبين عبده ولا بين أهله ربا إنما الربا فيما بينك وبين ما لا تملك قلت والمشركون بيني وبينهم ربا قال نعم قلت فإنهم مماليك فقال إنك
لست تملكهم إنما تملكهم مع غيرك أنت وغيرك فيهم سواء والذي بينك وبينهم ليس من ذلك لان عبدك ليس مثل عبد غيرك وعن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع)
ليس بين الرجل وولده ربا وليس بين السيد وعبده ربا وقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس بيننا وبين أهل حربنا ربا فإنا نأخذ منهم ألف درهم بدرهم ونأخذ منهم ولا
نعطيهم فروع: - آ - لا فرق في تحريم الربا بين المسلمين بين دار الحرب ودار الاسلام فلا يجوز للمسلم أن يربى على المسلم في الدارين وبه قال مالك واحمد والشافعي
وأبو يوسف للعموم وقال أبو حنيفة لا ربا بين مسلمين إذا أسلما في دار الحرب - ب - لا ربا عندنا بين المسلم والحربي سواء كان ذا أمان أو لا وسواء كان في دار الاسلام أو دار الحرب وبه
قال أبو حنيفة للأحاديث السابقة وروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا ربا بين المسلمين وأهل
الحرب في دار الحرب ونحن لم نشترط الدار ولأنه في الحقيقة فئ للمسلمين
وقد بذل ماله بإذن للمسلم فجاز له أخذه منه حيث أزال أمانه عنه ببذله عنه له وقال مالك والشافعي واحمد وأبو يوسف يثبت الربا بين الحربي والمسلم مطلقا
كثبوته بين المسلمين للعموم - ج - هل يثبت الربا بين الجد وولد الولد إشكال أقربه الثبوت عملا بالعموم الدال على التحريم وأصالة إرادة الحقيقة وولد الولد يسمى
ولدا مجازا وكذا ثبت بينه وبين زوجته بالعقد المنقطع لان التفويض في مال الرجل إنما يثبت في حق العقد الدائم فإن للزوجة أن تأخذ من مال الرجل المأدوم
ولا فرق بين الولد الذكر والأنثى لشمول اسم الولد لهما - د - يثبت الربا بين السيد وعبده المشترك بينه وبين غيره لخروج حصة الغير عن ملكه في نفس العبد وفيما في يده
وعليه دل حديث الباقر (ع) وفي ثبوت الربا بين المسلم والذمي خلاف أقربه الثبوت لعصمة أموالهم وعموم الأحاديث والنصوص الدالة على تحريم مطلق الربا. مسألة. يجب
على آخذ الربا المحرم رده على مالكه إن عرفه لأنه ماله لم ينتقل عنه إلى الآخذ ويده عادية فيجب دفعه إلى المالك كالغصب ولو لم يعرف المالك تصدق به
عنه لأنه مجهول المالك ولو وجد المالك قد مات سلم إلى الوارث فإن جهلهم تصدق به إذا لم يتمكن من استعلامهم ولو لم يعرف المقدار وعرف المالك
صالحه ولو لم يعرف المالك ولا المقدار أخرج خمسه وحل له الباقي هذا إذا فعل الربا متعمدا وأما إذا فعله جاهلا بتحريمه فالأقوى إنه كذلك وقيل لا يجب عليه رده
لقوله تعالى " فمن جائه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف " وهو يتناول المال الذي أخذه على وجه الربا وسئل الصادق (ع) عن الرجل يأكل الربا وهو يرى أن له حلالا
قال لا يضره حتى يصيبه متعمدا فهو بمنزلة الذي؟ الله لع‍؟ وفي الصحيح عن الصادق (ع) قال أتى رجل إلى أبى عبد الله (ع) فقال إني قد ورثت مالا وقد علمت إن صاحبه الذي
ورثته منه قد كان يربى وقد عرفت أن فيه ربا واستيقن ذلك وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه وقد سئلت فقهاء أهل العراق وأهل الحجاز فقالوا ما يحل لك أكله
من أجل ما فيه فقال له أبو جعفر (ع) إن كنت تعرف أن فيه مالا معروفا ربا وتعرف أهله فخذ برأس مالك ورد ما سوى ذلك وإن كان مختلطا فكله هنيئا فإن المال
مالك واجتنب ما كان يفعل صاحبه فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد وضع ما مضى من الربا وحرم عليهم ما بقى فمن جهله وسع له جهله حتى يعرفه فإذا عرف تحريمه حرم عليه ووجب عليه فيه العقوبة إذا ركبه
كما يجب على من يأكل الربا إذا تقرر هذا فإنما أباح (ع) له الربا مع امتزاجه بناء على أن الميت ارتكبه بجهالة وتمام الحديث يدل عليه. القسم الثالث. الغرر وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
عن بيع الغرر كبيع عسيب الفحل وبيع ما ليس عنده وبيع الحمل في بطن أمه لنهيه (ع) عنه ولأنه غرر لعدم العلم بسلامته وصفته وقد يخرج حيا أو ميتا ولا يقدر على تسليمه عقيب العقد ولا
الشروع فيه بخلاف الغايب ومن الغرر بيع الملاقيح والمضامين والملاقيح ما في بطون الأمهات والمضامين ما في أصلاب الفحول وكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة وما يضربه
الفحل في عام أو أعوام ومنه بيع المجر لنهيه (ع) عنه ولأنه غرر قال أبو عبيده هو بيع ما في الأرحام وقيل القمار وقبل المحاقلة والمزابنة ويجوز أن يبيع الدابة ويشترط حملها
لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم والجهالة هنا لا تضر لأنه تابع فأشبه أساسات الحيطان وهو أحد قولي الشافعية بناء منه على أن الحمل له حكم فيجوز اشتراطه وفي الثاني
لا يجوز بناء على أنه لا حكم للحمل ولو باعها على أنها تضع بعد شهر أو مدة يعينها بطل العقد وبه قال الشافعي لأنه شرط غير مقدور. مسألة. لو باع شاة على أنها لبون
صح وبه قال الشافعي في أحد القولين لأنه يتحقق وجوده في الحيوان ويأخذ قسطا من الثمن فجاز شرطه وقال أبو حنيفة لا يجوز لأنه لا يصح بيعه في الضرع فلا يصح اشتراطه
كالحمل وبطلان الثاني ممنوع والفرق عدم العلم بوجود الحمل بخلاف اللبن فإنه معلوم الوجود أما لو شرط إنها تحلب قدرا معلوما في كل يوم فإنه لا يصح لتعذر الوفاء
به ولعدم ضبط اللبن مسألة. يجوز بيع البيض المنفصل إذا كان مما يؤكل لحمه وبه قال الشافعي لان المقصود وإن كان مستورا إلا أنه لمصلحته كالجوز وإن كان غير ما يؤكل لحمه
جاز عندنا أيضا إذا كان مما ينتفع به بأن يصير فرخا لأنه لا ينتفع به في الاكل وهو أحد قولي الشافعي بناء على أن ميتته نجس أم لا فإن كان نجسا لم يجز بيعه وإلا جاز
وأما إذا كان متصلا بالحيوان فلا يجوز بيعه منفردا كالحمل ويجوز اشتراطه وإن انفصل من الحيوان بعد موته فإن كان قد اكتسى الجلد الفوقاني الصلب كان مباحا وإن لم يكتس
الجلد الصلب كان حراما لأنه مايع فينجس بها وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم انه لا يحل لأنه بمنزلة لحمها وهو ممنوع ويجوز بيع بزر القز عندنا لأنه ط؟ ينتفع به وهو أحد قولي
الشافعي وفي الثاني لا يجوز بناء على ما لا يؤكل لحمه. مسألة. ومن الغرر بيع الطير في الهواء والسمك في الماء وقد سلف ولا يجوز استيجار برك الحيتان لاخذ السمك وبه قال
الشافعي لأن العين لا تملك بالإجارة وبيع السمك فيها لا يجوز فإن استأجرها ليحبس (السمك صح) فيها ويأخذه جاز كما يجوز إجارة الشبكة للصيد ولأنه عقد على منفعة مقصودة
فجاز العقد عليها وبه قال أكثر الشافعية وقال أبو حامد في التعليق لا يجوز وفرق بين البركة والشبكة فإن الشبكة يحبس الصيد والاصطياد يكون فيها وأما البركة
فإن الصيد ينحصر فيها بغيرها وهذا لا معنى له لان البركة بها يمكن الاصطياد ويحبس كالشرك والانتفاع المقصود حال بها فروع: - آ - لو استأجر أرضا للزارعة
فدخل إليها السمك ثم يصب الماء منها وبقى السمك لم يملكه المستأجر بذلك بل كان أحق به لان غيره ليس له التخطي في الأرض ولا الانتفاع بها فلو تخطى أجنبي فأخذ
السمك ملكه بالأخذ - ب - ظفرت سمكة إلى سفينة فيها ركاب لم يملكها صاحب السفينة وهي لآخذها وليس صاحب السفينة أحق بها من الركاب لان لهم التخطي فيها - ج -
لو عشش الطاير في دار أو أرض وفرخ فيها أو توحل الظبي في أرضه لم يملكه بذلك ما لم يثبت يده عليه ويكون صاحب الأرض أحق بذلك وكذا إذا سقط ثلج في أرض
إنسان لم يملكه بذلك وكان أحق به ولو دخل الماء في أرضه لم يملكه فإن نصب شبكة فوقع فيها صيد ملكه وإن كانت في غير أرضه لأنها بمنزلة يده وكذا لو غرف الماء بدلوه
485

من أرض غيره ملكه وهذه الفروع كلها موافقة للشافعية. مسألة. بيع الفضول جايز عندنا لكن يكون موقوفا على إجازة المالك فإن أجاز البيع لزم
وإلا بطل ولا يقع فاسدا في أصله ولا لازما ولا فرق بين البيع والشراء وبه قال مالك والشافعي في القديم لأنه عقد صدر من أهله في محله وله مجيز في حال
وقوعه فجاز أن يقف على إجازته.
كالوصية ولأنه (ع) رفع إلى عروة البارقي دينارا يشترى به شاة فاشترى به شاتين وباع إحديهما بدينار وجاء بشاة و دينار فقال النبي صلى الله عليه وآله بارك الله في صفقة يمينك فأجاز بيع
الشاة وشراء الشاتين ولو كان بيع الفضولي وشراؤه باطلين لما أقره على ذلك وقال أبو حنيفة يقف البيع على إجازة المالك ولا يقف الشراء على إجازة المشترى له
بل يقع للوكيل وعن أحمد روايتان في البيع والشراء جميعا وقال الشافعي في الجديد يبطل البيع من أصله لقوله (
ع) لحكيم به حزام لا تبع ما ليس عندك ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن سلف وبيع وعن بيعين في بيع وعن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن ولان بيع الآبق غير صحيح مع كونه مملوكا لعدم القدرة على لتسليم فبيع ما لا
ملك فيه ولا قدرة على تسليمه أولي والجواب النهى لا يدل على الفساد في المعاملات ونمنع التعليل في الآبق بما ذكر سلمنا لكن الفرق ظاهر فإن القدرة في المتنازع موجودة إذا
أجاز المالك فروع: - آ - هذا الخلاف الواقع في بيع الفضولي أو شرائه ثابت في النكاح على الأقوى وإن كان للشيخ قول بأن النكاح لا يقع موقوفا بل إما لازم أو باطل أما الطلاق
فللشافعي قولان فيه وكذا في العتق وأما الإجارة والهبة فعندنا يقعان موقوفين على الإجازة وللشافعي القولان - ب - لو اشترى الفضولي لغيره شيئا بعين مال الغير
وقف على الإجازة عندنا وهو القديم للشافعي وعلى الجديد لا يصح وإن اشترى في الذمة فإن اطلق ونوى كونه للغير وقف على الإجازة فإن رد نفذ في حقه وهو
القديم للشافعي وعلى الجديد يقع للمباشر ولو أضاف فقال اشتريت لفلان بألف في ذمته فهو كما لو اشترى بعين ماله ولو قال اشتريت لفلان بألف ولم يضف الثمن
إلى ذمة الغير وقف على إجازة الغير فإن رد احتمل نفوذه في حقه والبطلان وعلى قول الشافعي في القديم يقف على الإجازة فإن رد فالاحتمالات وعلى الجديد
وجهان إلغاء التسمية فيقع العقد عن المباشر والبطلان - ج - لو اشترى الفضولي لغيره شيئا بمال نفسه فإن لم يسمه وقع العقد عن المباشر سواء أذن ذلك الغير أو لا
وإن سماه فإن لم يأذن له لغت التسمية وبه قال الشافعي وهل يقع عنه أو يبطل من أصله احتمال وللشافعي وجهان وإن أذن له فهل تلغوا التسمية للشافعي وجهان فإن قلنا به ففي
بطلان العقد أو وقوعه عن العاقد وجهان وإن قلنا لا وقع عن الاذن والثمن المدفوع هل يكون قرضا أو هبة فيه للشافعي وجهان والأقرب البطلان فيما لو أذن إذ ليس للانسان
أن يملك شيئا والثمن على غيره وقال أبو حنيفة في البيع والنكاح إنه يقف عقد الفضولي فيه على الإجازة وأما الشراء فقد قال في صورة الشراء المطلق يقع على العاقد
ولا يقع موقوفا وعن أصحابه اختلاف فيما إذا سمى الغير - د - شرط الوقف عند أبي حنيفة أن يكون للعقد مجيز في الحال سواء كان مالكا أو لا حتى لو أعتق عن الطفل أو طلق امرأته
لا يتوقف على إجازته بعد البلوغ والمعتبر إجازة من يملك التصرف عند العقد حتى لو باع مال الطفل فبلغ وأجاز لم ينعقد وكذا لو باع مال الغير ثم ملكه وأجاز والمعتمد
أن الطلاق يقع موقوفا - ه‍ - لو غصب مالا وباعه وتصرف في ثمنه مرة بعد أخرى كان ذلك موقوفا على اختيار المالك في إجازة الجميع أو أيها شاء وفسخ الجميع أو أيها شاء وله تتبع
العقود الكثيرة فيراعى مصلحته وهذا أضعف قولي الشافعي والأصح عنده البطلان وكذا الخلاف لو ربج الغاصب في المغصوب يكون الربح له أو للمالك والحق عندنا أنه إن
اشترى بعين المال كان للمالك الربح مع الإجازة وإن لم يجز بطل البيع من أصله وإن اشترى في الذمة فللغاصب الربح لأنه نقد المال دينا عليه - و - لو باع مال أبيه على
ظن أنه حي وأنه فضولي فظهر بعد العقد أنه كان ميتا وأن الملك كان للبايع فإنه يصح البيع لصدوره من المالك في محله وهو أصح قولي الشافعي وهذا بخلاف ما لو أخرج مأة
وقال إن مات مورثي فهذا زكاة ما ورثته منه وكان قد ورث فإنه لا يجزيه لأن النية شرط في الزكاة ولم يبن نيته على أصل أما البيع فلا حاجة له إلى النية والثاني
للشافعي البطلان فإنه وإن كان منجزا في الصورة إلا أنه معلق في المعنى والتقدير إن مات مورثي فقد بعتك ولأنه كالعابث حيث باشر العقد مع اعتقاده إنه لغيره
والعبث لا عبرة به في نظر الشرع وأما الهازل فلا ينعقد بيعه عندنا وفي انعقاده عنده وجهان وكذا بيع التلجية باطل عندنا وصورته أن يخاف غصب ماله والاكراه
على بيعه فيبيعه من إنسان بيعا مطلقا ولكن توافقا قبله على إنه لدفع الظلم وظاهر مذهب الشافعي انعقاده وهو خطأ لقوله تعالى " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا
أن تكون تجارة عن تراض منكم " وكذا الخلاف عنده لو باع العبد إنه آبق أو مكاتب وظهر أنه قد رجع أو فسخ الكتابة وفيما إذا زوج أمة أبيه على ظن أنه حي ثم بان موته هل
يصح النكاح والوجه عندنا صحة ذلك أما لو قال إن مات أبى فقد زوجتك هذه الجارية فإن العقد هنا باطل لتعلقه على شرطه وله قولان وهذه المسألة مع أكثر فروعها
قد سبقت. مسألة. يجوز بيع الأعمى وشراؤه سواء كان أكمه وهو الذي خلق أعمى أو يكون قد عمى بعد أن أبصر لكن بشرط عمله بالمبيع أو المشترى إما باللمس إن عرفه به أو بالذوق إن علمه
به أو يوصف له وصفا يرفع الجهالة وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد لعموم الجواز ولأنه بيع صدر من أهله في محله فكان سائغا ولان المقتضي موجود
والأصل والمعارض لا يصلح للمانعية لان فرضنا معرفته فكان كما لو باع شيئا غايبا عنه يعلم بالمشاهدة ولان في الصحابة من كان أعمى ولم ينقل إنهم منعوا من البيع مع كثرتهم
ولو كانوا منعوا النقل ولان الأخرس تقوم إشارته مقام عبارته فالأعمى ينبغي أن يقوم مسه وذوقه وشمه مقام رؤيته وقال الشافعي إن كان أكمه لم يجز بيعه وإن كان
عمى بعد أن كان بصيرا فإن اشترى ما لم يره لم يجز البيع وإن اشترى ما قد كان رآه فإن كان الزمان يسيرا إلا يتغير في مثله أو كان المبيع مما لا يتغير وإن مر عليه الزمان الطويل
فإن هذا يجوز له بيعه فإن وجده متغيرا ثبت له الخيار وإن كان قد مضى زمان يتغير فيه كان رآه صغيرا وقد صار رجلا فإنه لا يصح بيعه هذا على القول بعدم جواز بيع خيار
الرؤية وأما على الجواز فهل يصح بيعه وجهان أحدهما لا يجوز أيضا لان بيع خيار الرؤية يثبت فيه الخيار متعلقا بالرؤية وهذا منفى في حق الأعمى والثاني يجوز لان رؤيته إذا لم يكن
شرطا في صحة البيع فلم يفقد في حق الأعمى إلا الرؤية ويمكن أن يقوم صفة غيره له مقام رؤيته في إثبات الخيار ووجه المنع إنه مبيع مجهول الصفة عند المعاقد فلا يصح بيعه كما
لو قال بعتك عبدا والجواب المنع من جهل الصفة إذا التقدير العلم بها إذا ثبت هذا فقد أثبت علماؤنا وأبو حنيفة له الخيار إلى معرفته بالمبيع إما بمسه أو بذوقه أو أن
يوصف له إذا لم يدركه بذلك واعلم أن السلم كالحال يجوز بيع الأعمى وفيه شراؤه كالبصير وبه قال الشافعي وقال أراد بذلك الأعمى الذي عرف الألوان قبل أن يعمى فأما من خلق أعمى
فلا معرفة له بالأعيان وصوب المزني أبو العباس وأبو علي بن أبي هريرة وخطاه أبو إسحاق المروزي فإن الأعمى يجوز أن يتعرف الصفات في نفسه بالسماع فإذا أسلم في ثوب موصوف
جاز ويكون بمنزلة بصير يسلم في شئ لم يره ويذكر أوصافه فإنه يجوز كذا هنا وهذه المسألة أيضا قد سلفت مسألة من الغرر جهالة الثمن على ما تقدم ومن صور الجهالة
أن يبيع الشئ بثمنين مختلفين أحدهما حال والآخر مؤجل أو أحدهما إلى أجل والآخر إلى أزيد فيقول مثلا بعتك هذا الثوب إما بعشرة دراهم نقدا أو باثني عشرة نسية
وإما بعشرة مؤجلة إلى شهر أو باثني عشر إلى شهرين وبه قال الشافعي لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيعه في بيعه وفسره الشافعي (بأمرين أحدهما هذا قال ويحتمل أن يكون المراد أن يقول بعتك صح)
عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك هذه بألف ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن بيع ما ليس عندك وعن بيعين في بيع ولان الثمن هنا مجهول فكان
486

بمنزلة ما لو قال بعتك هذا العبد أو هذه الجارية بألف أما لو قال بعتك بعشرة نقدا وباثني عشر إلى شهر فإنه كذلك عندنا لعدم التعيين وقال بعض علمائنا يكون
للبايع أقل الثمنين في أبعد الأجلين لأنه رضي بنقل العين في مقابلة الثمن القليل بالأجل الكثير فلا تجوز الزيادة عليه لأجل الزيادة في الاجل ولما رواه السكوني عن الصادق
عن الباقر عن آبائه (على) إن عليا (ع) قضى في رجل باع بيعا واشترط شرطين بالنقد كذا وبالنسية كذا فأخذ المبتاع على ذلك الشرط فقال هو بأقل الثمنين وأبعد الأجلين يقول (ليس صح)
له إلا أقل النقدين إلى الاجل الذي أجله نسية والجواب أن يمنع رضاه بالأقل ثمنا وإلا زيد أجلا بل رضي بالأقل ثمنا مع قلة الاجل وبالاكثر مع زيادته والرواية ضعيفة جدا لان
السكوني ضعيف والراوي عنه النوفلي ضعيف أيضا وجوز بعض الشافعية هذا البيع ويكون له بعشرة معجلا وباثني عشر مؤجلا إذا ثبت هذا فالتفسير الذي ذكره الشافعي ثانيا
ليس بشئ عندنا لأنه يجوز البيع بشرط على ما يأتي إن شاء الله. تذنيب لو قال بعتك نصف هذا العبد بألف ونصفه بألفين صح ولو قال بعتك هذا العبد بألف نصفه
بستمائة لم يصح لان ابتداء كلامه يقتضى توزيع الثمن على المثمن بالسوية وآخره يناقضه هكذا قال بعض الشافعية والأقوى عندي الجواز لان الأول كالمطلق أو العام والثاني
كالمبين له. مسألة. من صور جهالة الثمن ما لو استثنى بعضا منه غير معلوم كأن يقول بعتك بعشرة الأشياء أو جزءا أو نصيبا ولم يعين ولا يحمل على الوصية اقتصارا
بما يخالف العرف على مورد النص خصوصا مع عدم التنصيص في غيره ولو قال بعتك هذا القفيز من الطعام بأربعة دراهم إلا ما يخص واحدا منه (فإن أراد ما يساوى واحدا صح) في الحال فإن عرفا المقدار
صح وإلا فلا وإن أراد ما يساوى واحدا عند التقويم بطل لأنه مجهول وإن أراد ما يخصه إذا وزع القفيز على المبلغ المذكور قبل الاستثناء صح وكان الاستثناء للربع فيصح
البيع في ثلاثة أرباع القفيز بأربعة وإن أراد ما يخصه إذا وزع الباقي بعد الاستثناء على المبلغ المذكور على معنى أن يكون قد استثنى من القفيز ما يخص واحدا مما يستقر
عليه البيع بعد الاستثناء دخلها الدور لأنا لا نعلم قدر المبيع إلا بعد معرفة المستثنى وبالعكس فنقول إنه يبطل البيع للجهالة حالة العقد إلا أن يعرفا ذلك وقت العقد
بطريق الجبر والمقابلة أو غيره وطريقه أن يقول المستثنى شئ فالمبيع قفيز الا ربع شئ هو الذي يخص الدرهم وقد تقدم إن الذي يخص الدرهم شئ فربع قفيز
كامل يعدل شيا وربع شئ فالقفيز الكامل يعدل خمسة أشياء فالمستثنى خمسة لان المستثنى شئ وقد ظهر إنه خمسة أو نقول صح البيع في الجميع إلا في شئ وذلك الشئ
هو ما يقابل الواحد بجميع الثمن فإذا جبرنا القفيز بشئ وزدنا على الأربعة ما يقابله وهو واحد صار القفيز بأجمعه يعدل خمسة فالمقابل للواحد الخمس فروع: - آ -
لو قال بعتك بعشرة إلا ثلث الثمن فالثمن سبعة ونصف لأنا نفرض الثمن شيئا فتقول إنه قد باعه بعشرة إلا ثلث شئ يعدل شيئا كاملا وهو جملة الثمن فإذا
جبرنا وقابلنا كانت العشرة الكاملة تعدل شيئا وثلثا فالشئ الذي هو الثمن ثلثه أرباع العشرة ولو قال إلا ربع الثمن فالثمن ثمانية ولو قال إلا خمس الثمن فهو ثمانية وثلث
وعلى هذا - ب - لو قال بعتك بعشرة وثلث الثمن فهو خمس عشر لأنا نفرض الثمن شيئا مجهولا والثمن يعدل عشرة وثلث شئ تعدل شيئا وهو جملة
الثمن يسقط ثلث شئ بثلث شئ يبقى عشرة تعدل ثلثي شئ فالشئ الكامل تعدل خمسة عشر ولو باعه بعشرة وربع الثمن فهو ثلاثة عشر وثلث لأنا نفرض الثمن شيئا
فعشرة وربع شئ تعدل الثمن وهو شئ فإذا أسقطنا ربع شئ بربع شئ بقى عشرة تعدل ثلاثة أرباع شئ فكل ربع ثلثه وثلث فالثمن ثلثه عشر وثلث وعلى هذا
- ج - لو قال بعتك ونصيبي وهو السدس مثلا من الدار من حساب مأتين صح البيع وإن جهل في الحال قدر الثمن ويكون له سدس المأتين لان المراد جعل المأتين في مقابلة الجميع
ويكون له ما يقتضيه الحساب ولو قال بعتك نصيبي من ميراث أبي من الدار فإن عرف القدر حالة العقد صح وإن جهل بطل ولو عرف عدد الورثة وقدر الاستحقاق إجمالا
فالأقوى الصحة ويكون له ما يقتضيه الحساب وكذا لو قال بعتك جزءا من مائه واحد عشر جزءا فإنه يصح وإن جهل النسبة وكذا يصح لو عكس فقال بعتك نصف (تسع صح) عشر
هذا الموضع وجهل القدر من السهام وكذا لو باع من اثنين صفقة قطعة أرض على الاختلاف بأن ورث من أبيه حصة ومن أمه أقل أو أكثر وجعل لواحد منهما أحد النصيبين
وللآخر الباقي فإنه يصح وإن جهلا قدر نسبة النصيب إلى الجميع في الحال ونسبة النصيب في الثمن ويرجعان إلى ما يقتضيه الحساب إذ الثمن في مقابلة الجملة فلا يضر جهالة
الأجزاء - د - لو باعه خمسة أرطال على سعر المائة باثني عشر درهما صح وإن جهل في الحال قدر الثمن لأنه مما يعلم بالحساب ولا يمكن تطرق الزيادة إليه ولا النقصان فينتفى الغرر
ويثبت الثمن ثلاثة أخماس درهم لان نسبة المائة إلى ثمنها وهو إثنا عشر (ونصف صح) كنسبة خمسة إلى ثمنها فالمجهول الرابع فيضرب الثاني وهو إثنا عشر في الثالث وهو
خمسة يبلغ ستين يقسمها على الأول وهو مائه يخرج ثلاثة أخماس درهم وهو ثمن المبيع أو نقول الاثني عشر عشر وخمس عشر المائة فنأخذه بهذه النسبة من الخمسة وهو
ثلاثة أخماس واحد ولو قال بعتك بخمسة دراهم على سعر المأة باثني عشر أخذت ربع وسدس المائة لان الخمسة ربع وسدس من الاثني عشر - ه‍ - لو كان له ثلاث قطايع من
الغنم ثانيها ثلاثة أمثال أو لها وثالثها ثلاثة أمثال ثانيها فاشترى آخر منه ثلثي الأول وثلاثة أرباع الثاني وخمسة أسداس الثالث اجتمع له مائه وخمسة وعشرون رأسا
فطريق معرفة (قدر صح) كل قطيع أن نقول نفرض القطيع الأول شيئا فالثالث ثلاثة أشياء والثالث تسعة أشياء فنأخذ ثلثي شئ وثلاثة أرباع ثلاثة أشياء وخمسة أسداس تسعة أشياء
ونجمعها فتكون عشرة أشياء وربع وسدس شئ وهو يعدل المأة وخمسة وعشرين فالشئ يعدل اثني عشر - و - لو تطرقت الجهالة (في البيع صح) بعد البيع لم تثمر فساده بل وقع
صحيحا ثم إن لم يكن تدارك العلم اصطلحا ويجبرها الحاكم عليه قطعا للتنازع وإن أمكن وجب المصير إليه فلو كان له قطعة أرض بين شجرتين وقدرها أربع عشر ذراعا
وطول إحدى الشجرتين ستة وطول الأخرى ثمانية فاجتاز ظبى بينهما فطار إليه طايران من الرأسين بالسوية حتى تلاقيا على رأس الظبي فباع القطعة من اثنين بثمن واحد
صفقة واحدة لأحدهما من أصل شجرته إلى موضع الظبي وللآخر من موضع لا ظبى إلى أصل الأخرى ثم خفى موضع الالتقاء فطريق معرفته حق كل منهما أن يجعل ما بين أصل الشجر
القصير إلى موضع الظبي شيئا ونضربه في نفسه فيكون الحاصل مالا ونضرب طولها وهو ستة في نفسه فيكون المجموع مالا وستة وثلاثين وجذره مقدار ما طار الطاير لأنه
وتر القائمة فيكون مربعه مساويا لمجموع مربعي صاحبتها بشكل العروس ويبقى من موضع الظبي إلى أصل الأخرى أربعة عشر إلا شيئا مربعه مأة وستة وتسعون ومال إلا
ثمانية وعشرين شيئا ومربع الطويلة أربعة وستون مجموعها مائتان وستون ومال الثمانية وعشرين شيئا وهو يعدل مالا وستة وثلاثين لتساوي الوترين حيث
طارا بالسوية فإذا جبرت وقابلت بقى مائتان وأربعة وعشرين تعدل ثمانية وعشرين شيئا فالشئ يعدل ثمانية وهو
ما بين أصل القصيرة والظبي فيبقى ما بينه وبين أصل
الأخرى يعدل ستة فكل وتر عشرة - ز - لو باع اثنين صفقة قطعة على شكل مثلث قاعدته أربعه عشر ذراعا وأحد ضلعيه الباقيين ثلاثة عشر والآخر خمسة عشر على أن
يكون لأحدهما من مسقط العمود في القاعدة إلى أحد الضلعين وللآخر منه إلى الضلع الآخر وبسط الثمن على الأذرع فطريق معرفة نصيب كل منهما أن نقول نفرض ما
بين الضلع الا قصر مسقط العمود شيئا فيكون مربعه مالا ومربع الضلع مائه وتسعة وستون وإذا نقص المال منه بقى مربع العمود مائه وتسعة وستون إلا مالا و
يبقى من مسقط العمود إلى طرف الاخر أربعة عشر إلا شيئا ومربعها مائه وستة وتسعون ومال إلا ثمانية وعشرين شيئا ويسقط من مربع الأول وهو مائتان وخمسة
487

وعشرون يبقى تسعة وعشرون وثمانية وعشرون شيئا إلا مالا وهو مربع العمود ويكون معادلا لمائه وتسعة وستين إلا مالا فإذا قابلت بقى مائه وأربعون تعدل
ثمانية وعشرين شيئا فالشئ خمسة وهو ما بين طرف القاعدة التي يلي الأقصر ومسقط العمود ومربعه خمسة وعشرون إذا أسقطناه من مائة وتسعة وستين بقى مائة
وأربعة وأربعون وهو مربع العمود ومن الجانب الآخر يكون ما بين مسقط العمود وطرف القاعدة تسعة مربعه أحد وثمانون وإذا أسقطناه من مأتين وخمسة وعشرين
يبقى مأة وأربعة وأربعون وهو مربع العمود والعمود يكون اثني عشر ح لو قال زيد لعمرو بعتك داري بثمن ثلث ما معك تمام ثمن المبيع فقال عمرو قبلت وبعتك داري
بثمن وربع ما معك تمامه فطريق معرفة قدر الثمن وقدر ما مع كل منهما أن يفرض ما مع زيد شيئا وما مع عمرو ثلثه تصحيحا للثلث فإذا أخذ زيد واحدا صار معه شئ
وواحد وهو ثمن المبيع وإذا أخذ عمرو ربع ما مع زيد صار معه ثلثه وربع شئ وهو ثمن المبيع فشئ واحد يعدل ثلثه وربع شئ فإذا قابلت صار ثلاثة أرباع شئ يعدل
اثنين والشئ يعدل اثنين وثلثي واحد (الثمن ثلثه وثلثا واحدة صح) فإذا صححت الكسر كان مع زيد ثمانية ومع عمرو تسعه وثمن المبيع أحد عشر - ط - لو باعه حوض ماء ركز فيه رمح ظهر حال انتصابه ستة
أذرع ثم مال حتى غاب رأسه في الماء وكان بين موضعه وقت الانتصاب وموضع رأسه عند المغيب عشرة أذرع من الجانبين فطريق معرفة قدر عمقه أن يفرض قدر الغايب
من الرمح وقت الانتصاب شيئا فيكون مربعه مع مربع العشرة مساويا لمربع الرمح بشكل العروس ومربع الشئ مال ومربع العشرة مائه فمربع طول الرمح مال ومائه فكان طول
الرمح وقت الانتصاب شيئا وستة ومربعه مال واثني عشر وستة وثلاثون لان الخط إذا انقسم بقسمين فإن مربعه مساو لمربع كل قسم وتضرب أحد القسمين في الآخر مرتين فالمال
ضرب الشئ في نفسه وستة وثلاثون ضرب ستة في نفسها واثني عشر شيئا ضرب ستة في الشئ مرتين وهو معادل المال ومائه وبعد المقابلة يبقى أربعة وستون يعدل
اثني عشر شيئا ويكون الشئ خمسة وثلثا وطول الرمح أحد عشر وثلث ذراع فالفاضل عن ستة عمق الماء. مسألة. يجوز ابتياع الجزء المشاع المعلوم النسبة من كل
جملة يصح بيعها سواء كان عقارا أو حيوانا أو نباتا أو ثمرة معلومة القدر أو طعاما معلوم القدر للأصل وانتفاء المانع وهو الجهالة ولو باع جزء شايعا من شئ
بمثله من ذلك الشئ كما لو كانت العين بينهما نصفين فباع أحدهما الآخر نصفه بنصف صاحبه جاز عندنا للأصل ولأنه بيع صدر من أهله في محله فكان صحيحا وللشافعية
وجهان هذا أحدهما والثاني لا يصح لانتفاء فائدته ونمنع انتفاء الفائدة بل له فوائد منها ما لو ملكا أو أحدهما نصيبه بالهبة انقطعت ولاية الرجوع بالتصرف
ومنها لو ملكه بالشراء ثم اطلع بعد هذا التصرف على عيب لم يملك الرد على بايعه ومنها لو ملكته صداقها وطلقها الزوج قبل الدخول لم يكن له الرجوع فيه وكذا
يجوز ابتياع الجملة واستثناء الجزء الشايع كربع الثمرة وقدر الزكاة. مسألة. قد بينا ان بيع الغايب لا يصح إلا مع تقدم الرؤية أو الوصف الرافع للجهالة
لما فيه من الغرر وللشافعي في بيع الأعيان الغائبة والحاضرة التي لم تر مع عدم الوصف قولان قال في القديم والاملاء والصرف في الجديد إنه صحيح وبه قال مالك
وأبو حنيفة واحمد لقوله (ع) من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذا رآه ومعلوم أن الخيار إنما يثبت في العقود الصحيحة ولأنه عقد معاوضة فلم يكن في شرطه رؤية المعقود
عليه كالنكاح وقال في الام والفويطي لا يصح وهو ما اخترناه وبه قال المزني لأنه غرر وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر ولأنه بيع مجهول الصفة عند العاقد حال العقد فلم يصح
بيعه كما لو أسلم في شئ ولم يصفه والجواب عن الحديث إنا نقول موجبه فإن الخيار إنما يثبت فيما إذا لم يخرج على الوصف إذ لا وجه له على تقدير الصحة مطلقا سواء وصف
أو لا لوجود الرضا من المتبايعين على التبادل في الثمن والمثمن معهما كان فيكون بمنزلة المرئي ومعلوم إن المرئي لا خيار فيه فلما أثبت الخيار علمنا اقترانه باشتراط وصف
رافع للجهالة والقياس عندنا باطل مع قيام الفرق والقلب بان يقال فلا يثبت فيه خيار الرؤية كالنكاح وإذا تقرر هذا فنقول اختلف أصحابه في محل القولين على
طريقين أصحهما عند أكثرهم إن القولين مطردان في المبيع الذي لم يره واحد منهما أو رآه أحدهما خاصة والثاني إن القولين فيما إذا شاهده البايع دون المشترى وأما
إذا لم يشاهده البايع فإنه يبطل البيع قولا واحدا لسهولة الاجتناب عن هذا الغرر على البايع لأنه المال والمتصرف في المبيع ومنهم من عكس لان البايع معرض عن الملك
والمشترى محصل له فهو أخذ بالاحتياط وحينئذ يخرج لهم طريقة ثالثة وهي القطع بالصحة إذا رآه المشترى. فروع: - آ - لو أجاز بيع غير المرئي له فإن كان المباشر للعقد قد رآه
صحت الإجازة عندنا وإن لم يكن قد رآه لم يصح وعند الشافعية القولان السابقان في بيع الغائب مع عدم الرؤية - ب - لو آجر شيئا بعين غايبه أو صالح عليهما أو جعلها رأس
مال السلم ثم سلم في مجلس عقد السلم بطل عندنا ذلك كله خلافا للشافعي فإن فيه قول بيع الغائب عنده - ج - لو أصدقها عينا غايبة أو خالعها عليها وعفى عن القصاص عليها صح
النكاح عنده وحصلت البينونة وسقط القصاص وفي صحة المسمى القولان فإن لم يصح وجب مهر المثل على الرجل في النكاح وعلى المرأة في الخلع وجبت الدية على المعفو عنه
وعندي في ذلك إشكال - د - الأقرب جواز هبة الغائب غير المرئي ولا الموصوف ورهنه لأنهما ليسا من عقود المغابنات بل الراهن والواهب مغبونان والمتهب والمرتهن
مرتفقان ولا خيار لهما عند الرؤية لانتفاء الحاجة إليه - ه‍ - لو رآه قبل الشراء ثم وجده كما رآه بعد الشراء فلا خيار له وهو قول الشافعي تفريعا على صحة البيع (عنده وإن وجده متغير لم يبطل البيع صح) من أصله
وهو أصح وجهي الشافعية لبقاء العقد في الأصل على ظن غالب لكن له الخيار واضعف الوجهين البطلان لتبين انتفاء المعرفة ولا نعنى بالتغير هنا التعيب خاصة
واستقصاء الأوصاف على الحد المعتبر في السلم لا يقوم مقام الرؤية وكذا سماع وصفه بالتواتر لان الرؤية تطلع على أمور لا يمكن التعبير عنها وهو أصح وجهي الشافعي
وفي الآخر إنه يقوم الاستقصاء والسماغ بالتواتر مقام الرؤية لان ثمرة الرؤية المعرفة وهما يفيد إنها فيصح البيع ولا خيار وهو ممنوع لان بعض الأوصاف لا يحصل علمه
إلا بالرؤية. مسألة. الرؤية المشترطة في كل شئ على حسب ما يليق به ففي شراء الدار لابد من رؤية البيوت والسقوف والسطوح والجدران داخلا وخارجا ورؤية
المستحم والبالوعة وفي شراء البستان لابد من رؤية الأشجار واحدة واحدة والجدران ومسيل الماء ولا يحتاج إلى رؤية أساس البنيان ولا عروق الأشجار وفي اشتراط رؤية
طريق الدار إشكال ولا يجوز رؤية في الأمة والعبد ولابد من رؤية باقي بدن العبد وهو أظهر وجهي الشافعي وكذا في بدن الجارية لاختلاف الصفات وللشافعي وجوه اعتبار رؤية
ما يرى في العبد ورؤية ما يبدو عند المهنة؟ والاكتفاء برؤية الكفين والوجه ويشترط رؤية الشعر وهو أصح وجهي الشافعي والأقرب اشتراط رؤية الأسنان واللسان وهو
أحد وجهي الشافعي ولابد في الدواب من رؤية مقدمها ومؤخرها وقوايمها وظهرها ولا يشترط جرى الفرس بين يديه خلافا لبعض الشافعية للأصل ولو كان الثوب رقيقا
لا يختلف وجهان كفى رؤية أحدهما وأصح وجهي الشافعية ولابد من تقليب الأوراق في شراء الكتب ورؤية جميعها ولا يصح بيع اللبن في الضرع على ما تقدم ولو قال
بعتك من اللبن الذي في ضرع هذه البقرة كذا رطلا لم يجز لعدم العلم بوجود القدر في الضرع وهو أصح وجهي الشافعية وفي الآخر يجوز كما لو باع قدرا من اللبن في
الظرف فيجيئ فيه حينئذ قولا بيع الغايب ولو سكب شيئا من اللبن فأراه إياه ثم باعه مدا مما في الضرع لم يجز وفي رواية لنا الجواز وقد سلفت وللشافعي القولان ويحتمل عندي
الجواز لو كان المبيع قدرا يسيرا يتيقن وجوده حالة الحلب ولو قبض على قدر من الضرع واحكم شده ثم باعه ما فيه لم يصح عندنا وللشافعي وجهان. فروع: آ - يجوز
488

بيع الشاة المذبوحة قبل السلخ وبعده سواء بيعا للحم وحده أو الجلد وحده أو بيعا معا (لكن بعد السلخ لا يجوز إلا بالوزن أما قبله فالأقرب جوازه من دونه
ومنع الشافعي من بيعها قبل السلخ وبعده سواء بيع اللحم وحده أو الجلد وحده أو بيعا معا صح) لان المقصود اللحم وهو مجهول ونحن نمنع ذلك كما قبل الذبح ولو قصده
حالة الشراء أو شرطه فيه - ب - يجوز بيع الأكارع والرؤس بعد الإبانة وقبلها من المذبوح نية ومشويه ولا اعتبار بما عليها من الجلد فإنه مأكول وبه قال بعض الشافعية
- ج - لو رأى بعض الثوب وبعضه الاخر في صندوق أو جراب لم يره ولا وصف لم يصح وهو أحد قولي الشافعي للجهالة سواء قال ببطلان بيع الغايب أو لا أما على البطلان فظاهر
وأما على الصحة فلانه ناظر إلى بعضه فيسهل النظر إلى باقية بخلاف الغائب قد يعسر إحضاره وتدعو الحاجة إلى بيعه فجاز هناك ولم يجز هنا ولان الرؤية فيما رآه سبب
اللزوم وعدمها فيما لم ير سبب الجواز والعقد الواحد لا يتصور إثبات الجواز واللزوم فيه معا ولا يمكن تبعيض المعقود عليه في الحكمين وهذا إن القدران باطلان لانهم جوزوا
بيع ما في الكم مع سهولة إخراجه وسبب الرد في البعض يكفي في در الكل كما لو وجد البعض معيبا - د - لو كان شيئين فرأى أحدهما دون الآخر فإن وصف له وصفا يرفع الجهالة
صح البيع وإلا بطل عند علمائنا للجهالة أما الشافعي فإنه جوز بيع الغائب من غير وصف في قول وأبطله في آخر فعلى البطلان لا يصح البيع فيما لم يره وفيما يراه قولا
تفريق الصفقة وعلى الصحة ففي صحة العقد فيهما قولان أحدهما البطلان لأنه جمع في صفقة واحدة بين مختلفي الحكم لان ما رآه لا خيار فيه وما لم يره يثبت فيه
الخيار فإن صححناه فله رد ما لم يره وإمساك ما رآه وعلى مذهبنا إذا خرج ما لم يره على غير الوصف كان بالخيار والامضاء - ه‍ - لو خرج الموصوف على خلاف الوصف فللمشتري
الخيار في طرف الرداة وللبايع في طرف الزيادة على ما تقدم ومن جوز بيع الغائب من غير وصف كالشافعي أثبت له الخيار هنا عند الرؤية سواء شرطه أو لا لأنه
شرط شيئا ولم يحصل فثبت الخيار وقال بعض الشافعية لو خرج على غير الوصف لم يثبت الخيار إلا أن يشترطه وهل له الخيار قبل الرؤية مقتضى مذهبنا إنه ليس له
ذلك إذ ثبوت الخيار منوط بخروجه على غير الوصف أما الشافعي فظاهر مذهبه على قوله بمنع بيع الغائب إن الإجازة لا تنفذ لان الإجازة رضا بالعقد والتزام
له وذلك يستدعى العلم بالمعقود عليه وهو جاهل بحاله ولو كفى قوله أجزت مع الجهل لا غنى قوله في الابتداء اشتريت وله وجه آخر بالنفوذ تخريجا من تصحيح الشرط
إذا اشترى بشرط إنه لا خيار وأما الفسخ فوجهان عنده بناء على نفوذ الإجازة فإن قال بنفوذها فالفسخ أولي وإن منع من نفوذها ففي الفسخ وجهان عدم
النفوذ لان الخيار في الجزء منوط بالرؤية وأصحهما عنده النفوذ لان حق الفسخ ثابت له عند الرؤية مقبوطا كان أو مغبونا فلا معنى لاشتراط الرؤية في
نفوذه - و - لو كان البايع قد رآه فإن زادت صفته وقت العقد تخير في الفسخ والامضاء ولو لم يزد فلا خيار والشافعي أطلق وذكر وجهين ثبوت الخيار
كما للمشترى لأنه كخيار المجلس يشتركان فيه وأصحهما لا لأنه أحد المتابعين فلا يثبت الخيار مع تقدم الرؤية ولو كان البايع لم يره فإن كان قد وصف له وصفا
يرفع الجهالة ولم يزد فلا خيار وإن زاد فله الخيار ولو لم يوصف له بطل البيع وقال الشافعي على تقدير جواز بيع الغائب في ثبوت الخيار للبايع وجهان المنع وبه قال
أبو حنيفة لان جانب البايع بعيد عن الخيار بخلاف جانب المشترى والثبوت لأنه جاهل بالعقود عليه فأشبه المشترى - ز - الأقرب ثبوت خيار المجلس مع خيار الرؤية.
لتعدد السبب فيتعدد المسبب وكما في شراء الأعيان الحاضرة وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني لا يثبت للاستماء بخيار الرؤية عنه فعلى الأول يكون
خيار الرؤية على النور وإلا لثبت خيار مجلسين وعلى الثاني يمتد بامتداد مجلس الرؤية - ح - لو اشترى موصوفا ثم تلف في يده قبل الرؤية لا يبطل البيع إلا أن يثبت
المشترى الخلاف ويختار الفسخ وللشافعي قولان ولو باعه قبل الرؤية بوصف البايع صح عندنا خلافا للشافعي كما لو باعه في زمن خيار الشرط فإنه يجوز على أصح القولين
عنده لأنه يصير مخيرا للعقد - ط - لا يشترط الرؤية مع الوصف الرافع للجهالة وهو أحد قولي الشافعي لانتفاء الغرر فلا يشترط ذوق الطعم في المطعوم ولا الشم في المشموم
ولا اللمس في الملموس وعلى قول الشافعي باشتراط الرؤية يشترط في هذه الادراك بهذه الشاعر لان كيفياتها المقصودة إنما تعرف بهذا الطرق وله قول آخر
على اشتراط الرؤية أيضا عدم الاشتراط - ى - لو كان غايبا في غير بلد التبايع سلمه في ذلك البلد ولو شرط تسليمه في بلد التبايع جاز عندنا كالسلم ومنع بعض الشافعية
وإن جوزه في السلم لان السلم مضمون في الذمة والعين الغائبة غير مضمونة في الذمة فاشتراط نقلها يكون بيعا وشرطا ونمنع بطلان اللازم على ما يأتي - يا - لو رأى
ثوبين ثم سرق أحدهما وجهل قيمته ثم اشترى الباقي فإن تساويا صفة وقدرا وقيمة احتمل صحة البيع لكونه معينا مرئيا معلوما والعدم كبيع أحدهما والأول أقرب
ولو اختلفا في شئ من ذلك لم يصح عندنا قطعا لان الرؤية لم تفد شيئا فإن المشترى لا يدرى الباقي هو الطويل أو القصير فلم يستفد من الرؤية حال المبيع عند
العقد وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني يجوز لأنه لا يقصر عن بيع الغايب في العلم - يب - لو اختلفا فقال
المشتري ما رأيت المبيع وقال البايع بل رأيته قدم
قول البايع عملا بصحة البيع ولان للمشترى أهلية الشراء وقد أقدم عليه فكان ذلك اعترافا منه بصحة العقد وهو أحد قولي الشافعي بناء على القول باشتراط الرؤية أما
على القول بعدمها فوجهان هذا أحدهما لأنه اختلاف في سبب الخيار فأشبه ما لو اختلفا في قدم العيب وأظهرهما عندهم تقديم قول المشترى كما لو اختلفا في اطلاعه على العيب
القسم الرابع. النهى عن بيع وشرط إعلم أن عقد البيع قابل للشروط التي لا تنافيه أما ما ينافيه فلا يقبلها روى الجمهور إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن بيع وشرط
ومن طريق الخاصة ما رواه عمار عن الصادق (ع) قال بعث رسول الله (ص) رجلا من أصحابه واليا فقال له إني بعثتك به إلى أهل الله يعنى أهل مكة فأنههم عن بيع ما لم يقبض وعن
شرطين في بيع وعن ربح ما لم يضمن وهذان النصان ليسا على الاطلاق إجماعا لما يأتي من جواز الشروط في العقد وقبول عقد البيع للشرط إذا تقرر هذا فكل شرط
يخالف الكتاب والسنة فإنه باطل إجماعا وفي بطلان البيع ببطلانه بحث سيأتي وما لا يخالف الكتاب والسنة فإنه جايز ما يتضمن ما ينافي العقد فأقسام الشرط أربعة - آ - ما
يوافق مقتضى العقد ويؤكده مثل أن يشترط التسليم أو خيار المجلس أو التقابض أو ما أشبه ذلك فهذا لا يؤثر في العقد نفعا ولا ضرا - ب - شرط لا يقتضيه
العقد لكن يتعلق به مصلحة المتعاقدين للعقد وهو قد يتعلق بالثمن كالأجل والرهن والضمان أو بالثمن كاشتراط صفة مقصودة في السلعة كالصناعة والكتابة
أو بهما معا كالخيار وهو جايز فهذه الشروط لا تفسد العقد وتصح في أنفسها عندنا وعند الشافعي - ج - ما لا يتعلق به مصلحة المتعاقدين لكنه ما بنى على التغليب والسراية كشرط
العتق وهو جايز أيضا - د - ما لم يبن على التغليب والسراية ولا يتعلق به مصلحة المتعاقدين ولا يقتضيه العقد فهذا عندنا جايز إن لم يخالف المشروع ولم يناف
مقتضى العقد وذلك مثل أن يبيعه دارا ويشترط سكناها سنة وبه قال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وإن خالف الشروع مثل أن يبيع جارية بشرط أن لا ينتفع بها المشترى
فهذا باطل والشافعي أبطل هذين القسمين معا وسيأتى. مسألة. قد بينا إن كل شرط ينافي مقتضى العقد فإنه يكون باطلا مثل أن يشترى جارية بشرط أن
لا خسارة عليه ومعناه إنه متى خسر فيها فضمانه على البايع وكذا لو شرط عليه أن لا يبيعها على إشكال أو لا يعتقها على إشكال أو لا يطأها فإن هذه الشروط باطلة لمنافاتها
مقتضى العقد فإن مقتضاه ملك المشتري والنبي صلى الله عليه وآله قال الناس مسلطون على أموالهم وسأل عبد الملك بن عتبه الرضا (ع) عن الرجل ابتاع منه طعاما أو ابتاع متاعا على
489

أن ليس على منه وضيعة هل يستقيم هذا وكيف يستقيم وحد ذلك قال لا ينبغي وإذا بطلت الشروط بطل البيع خلافا لبعض علمائنا لان التراضي إنما وقع على هذا الشرط فبدونه
لا تراضى فتدخل تحت قوله تعالى " لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم " وبه قال الشافعي والنخعي والحسن البصري وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل و
قال ابن شبرمة البيع جايز والشرط جايز أيضا لان جابر قال ابتاع منى رسول الله صلى الله عليه وآله بعيرا بمكة فلما نقد في الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة وقال ابن أبي ليلى البيع صحيح
والشرط باطل وهو رواية أبي ثور عن قول الشافعي لان عايشة اشترت بريرة بشرط أن يعتقها ويكون ولاؤها لمواليها فأجاز النبي صلى الله عليه وآله البيع وأبطل الشرط والجواب عن الأول
إنا نقول بموجبه وإنما يرد على الشافعي حيث أبطل مثل هذا الشرط على ما تقدم في التقسيم وعن الثاني جاز أن يكون شرط الولاء في العتق فلا يبطل ببطلانه بخلاف البيع
وقسم بعض الشافعية الشرط إلى صحيح وفاسد ففي الأول العقد صحيح قطعا وفي الثاني إن لم يكن شيئا يفرد بعقد ولا يتعلق به غرض يورث تنازعا لم يؤثر في البيع كما
لو عين الشهود وقلنا لا يتعينون لم يفسد به العقد ولانا إذا ألغينا تعين الشهود أخرجناه عن أن يكون من مقاصد العقد وإن تعلق به غرض فسد العقد بفساده
للنهي عن بيع وشرط ولأنه يوجب الجهل بالعوض وإن كان مما يفرد بعقد كالرهن والكفيل ففي فساد البيع بشرطهما على نعت الفساد قولان الفساد وبه قال أبو حنيفة
كساير العقود الفاسدة والصحة وبه قال المزني لأنه يجوز افراده عن البيع فلا يوجب فساده فساد البيع كالصداق لا يوجب فساده فساد النكاح قال عبد الوارث بن سعيد
دخلت مكة فوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيين أبو حنيفة وابن أبي ليلى وشبرمة فصرت إلى أبي حنيفة فسألته عمن باع بيعا وشرط شرطا فقال البيع والشرط فاسدان فأتيت
ابن أبي ليلى فسألته فقال البيع جائز والشرط باطل فأتيت ابن شبرمة فسألته فقال البيع والشرط جايزان فرجعت إلى أبي حنيفة فقلت إن صاحبيك خالفاك فقال لست
أدرى ما قالا حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه (عن جده إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع وشرط ثم أتيت ابن أبي ليلى فقلت إن صاحبيك خالفاك فقال ما أدرى ما قالا حدثني
هشام بن عروة عن أبيه صح) عن عايشه إنها قالت لما اشتريت بريره جاريتي شرطت على مواليها أن اجعل ولاؤها لهم إذا أعتقها فجاء النبي صلى الله عليه وآله فقال الولاء
لمن أعتق فأجاز المبيع وأفسد الشرط فأتيت ابن شبرمة فقلت إن صاحبيك خالفاك فقال ما أدرى ما قالا حدثني مسعد عن محارب عن جابر قال ابتاع النبي صلى الله عليه وآله بعيرا بمكة فلما
نقدني الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة فأجاز النبي صلى الله عليه وآله الشرط والبيع. مسألة. ومن الشروط الجايز عندنا أن يبيعه شيئا ويشترط في متن العقد أن يشتري
منه شيئا أو يبيعه شيئا آخر أو يقرض شيئا أو يستقرض منه لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) المسلمون عند شروطهم إلا كل شرط خالف
كتاب الله عز وجل فلا يجوز وقال (ع) من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله تعالى فلا يجوز له ولا يجوز على الذي اشترطه عليه والمسلمون عند شروطهم مما وافق كتاب الله عز وجل
وهذه الشروط كلها سائغة لا يخالف كتاب الله تعالى فوجب جوازها ولزومها وصحة العقد معها وقال الشافعي لا يجوز ذلك لأنه جعل الثمن والرفق بالعقد الثاني ثمنا واشتراط
العقد الثاني فاسد فيبطل بعض الثمن وليس له قيمة يتعلق به حتى يفرض التوزيع عليه وعلى الباقي والجواب المنع من جعل الرفق بالعقد الثاني جزء من الثمن ولا نسلم
بطلان اشتراط العقد الثاني فإنه المتنازع ثم ينتقض بشرط العتق وما حكم بجوازه من الشروط. فروع: - آ - لو تبايعا بشرط أن يبيعه شيئا آخر فقد قلنا إنه يصح عندنا خلافا
للشافعي وينصرف الثاني إلى البيع الصحيح فإذا باعه الثاني صحيحا صح ووفي بالشرط وإن باعه باطلا لم يعتد به ووجب عليه استيناف عقد صحيح عملا بمقتضى الشرط وتحصيلا
له - ب - لو باعه شيئا بشرط أن يبيعه إياه لم يصح وسواء اتحد الثمن قدرا ووصفا وعينا أو لا وإلا جاء الدور لان بيعه له يتوقف على ملكيته له لتوقفه على بيعه فيدور
أما لو شرط أن يبيعه على غيره فإنه يصح عندنا حيث لا منافاة فيه للكتاب والسنة لا يق ما ألزمتموه من الدورات هنا لأنا نقول الفرق ظاهر لجواز أن يكون جاريا على حد
التوكيل أو عقد الفضولي بخلاف ما لو شرط البيع على البايع - ج - لو باع شيئا بشرط أن يبيعه آخر ويقرضه بعد شهر أو في الحال لزمه الوفاء بالشرط فإن أخل به لم يبطل
البيع لكن يتخير المشترى بين فسخه للبيع وبين إلزامه بما شرطه فإن فسخ البيع فالنماء المتجدد بين العقد والفسخ للمشترى أما المتصل فللبايع لأنه تابع للعين - د - لو باعه شيئا
بشرط أن يقرضه أو يبيعه أو يوجره صح عندنا على ما قلناه خلافا للشافعي فعلى قوله لو تبايعا البيع الثاني فإن كانا يعلمان بطلان الأول صح وإلا فلا لاتيانهما به على حكم
الشرط الفاسد وقال بعض أصحابه يصح أيضا وهذا التفريع لا يتأنى على قولنا إلا فيما لو كان البيع الأول فاسدا كما لو قال بعتك هذا بما شئت بشرط أن تبيعني كذا
بكذا فحينئذ نقول إن كانا يعلمان بطلان الأول تبايعا الثاني صحيحا كان لازما لأنه كابتداء العقد إذ لا عبرة بالشرط الفاسد ومع علم فساده وإن لم يعلما بطلانه صح أيضا إن أثبت
لهما الخيار إن قصدا معا بالذات البيع الأول وإلا اختص بالخيار من قصده بالذات دون من قصده بالعرض - ه‍ - لو باع شيئا بشرط أن يبيعه على زيد بكذا فباع بأزيد فإن
قصد إرفاق زيد أو غرضا معتبرا عند العقلاء تخير بين الفسخ والامضاء المخالفة الشرط فإن فسخ رجع بالعين وليس لزيد خيار وإن لم يقصد فلا خيار ولو باعه بأقل تخير إلا مع
تعلق الغرض ولو أطلق الثمن باع بما شاء ولا خيار ولو باعه على عمرو تخير سواء باعه بثمن عينه أو بأزيد أو بأنقص أو بأقل من ثمن المثل أو اطلق ولو عين الثمن وأطلق
للمشترى فباع بأقل أو أزيد تخير مع تعلق الفرض وإلا فلا - د - لو شرط أن يبيعه على زيد فامتنع زيد من شرائه احتمل ثبوت الخيار بين الفسخ والامضاء والعدم إذ تقديره بعه
على زيد إن اشتريه. مسألة. من الشروط الفاسدة شرط ما لا يدخل تحت قدرة البايع عليه فلو اشترى الزرع بشرط أن يجعله سنبلا أو البسر بشرط أن يجعله تمرا بطل
ويبطل البيع على ما اخترناه خلافا لبعض علمائنا نعم يجوز اشتراط تبقيته في الأرض أو على رؤوس النخل إلى أوان ذلك وكذا يصح اشتراط ما يدخل تحت قدرة البايع من منافعه
مثل أن يشترى ثوبا ويشترط خياطة عليه أو غزلا ويشترط نساجته أو فضة ويشترط عليه صباغتها أو طعاما ويشترط عليه طبخه أو خبزه أو قزا ويشترط سله وكذا
كل منفعة مقصودة عملا بالعمومات السالمة عن معارضة مخالفة فعل هذه الشروط للكتاب والسنة وكذا لو اشترى زرعا وشرط على بايعه أن يحصده أو اشترى ثوبا
وشرط صبغه أو لبنا وشرط عليه طبخه أو نعلا على أن ينعل به دابته أو عبدا رضيعا على أن يتم إرضاعه أو متاعا على أن يحمله إلى بيته والبايع يعرف البيت فهذا كله سائغ
لازم عندنا لما تقدم وللشافعية أقوال أحدها أنه يفسد قطعا لأنه شراء للعين واستيجار للبايع على العمل فقد شرط العمل في العين كالزرع قبل أن يملكه فأشبهه ما لو استأجره
لخياطة ثوب لم يملكه ولان الحصاد مثلا يجب على المشترى فإذا شرطه على البايع فقد شرطه ما لا يقتضيه العقد ولأنه شرط تأخير التسليم ولان معنى ذلك أن يسلمه إليه مقطوعا والثاني
أن الاستيجار يبطل فيه وفي البيع قولا تفريق الصفقة والثالث إنهما باطلان أما شرط العمل فلما تقدم وأما البيع فلان الشرط إذا فسد فسد البيع والجواب لا نسلم إنه استيجاز وإن
أفاد فائدته بل هو شرط لزم البايع بعقد البيع ثم إنه يبطل بشرط الرهن مع الثمن في المبيع والثاني باطل لان هذا يصح إفراده بالعقد فخالف ساير الشروط وكذا الثالث إنه ليس
بتأخير لأنه يمكن تسليمه خاليا عن العمل ويسلم الزرع قائما ولان الشرط من التسليم فلم يكن ذلك تأخيرا للتسليم. فروع: - آ - يشترط في العمل المشروط في العقد على البايع أن يكون محللا
فلو اشترى العنب على أن يعصره البايع خمرا لم يصح الشرط والبيع على إشكال ينشأ من جواز إسقاط المشترى الشرط عن البايع والرضا به خاليا عنه وهو المانع من صحة
البيع ومن اقتران البيع بالمبطل وبالجملة فهل ثمن اقتران مثل هذا الشرط بطلان البيع من أصله بحيث لو رضي صاحبه بإسقاطه لا يرجع البيع صحيحا أو اتفاق البيع إن لم يرض
490

بدونه بطل وإلا صح نظر - ب - لو اشترط شرطا مجهولا كما لو باعه بشرط أن يعمل فيه ما يأمره به بعد العقد أو يصبغ له ثوبا ويطلقهما أو أحدهما فالوجهان - ج - لا فرق في
الحكم بين اقتران المبيع والعمل في الثمن وتعدده بأن يقول بعتك هذا الثوب بعشرة واستأجرتك على خياطته بدرهم أو يقول بعتك هذا الثوب وآجرتك نفسي على خياطته
بعشرة فيقول قبلت وللشافعية الأقوال السابقة - د - لو اشترى حطبا على ظهر بهيمة مطلقا صح وسلمه إليه في موضعه وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني لا يصح البيع حتى
يشترط تسليمه إليه في موضعه لان العادة قد تقتضي حمله إلى داره والمعتمد الأول فعلى هذا لو شرط حمله إلى داره صح عندنا وعندهم بمقتضى الثاني - ه‍ - لو شرط على البايع
عملا سايغا تخير المشترى بين الفسخ والمطالبة به أو بعوضه إن فات وقته وكان مما يتقوم كما لو شرط تسليم الثوب مصبوغا فأتاه به غير مصبوغ وتلف في يد المشترى و
لو لم يكن ما يتقوم تخير بين الفسخ والامضاء مجانا - و - لو كان الشرط على المشترى مثل أن باعه داره بشرط أن يصبغ المشترى له ثوبه فتلف الثوب تخير البايع بين الفسخ
والامضاء بقيمة الفائت إن كان مما له قيمة وإلا مجانا. مسألة. لو اشترى بشرط تأجيل الثمن عليه إلى مدة معينه صح وهو بيع النسية عند علمائنا وهو قول
الشافعي أيضا وإن منع من شرط غير الاجل لورود النص فيه قال أمير المؤمنين (ع) من ساوم بثمنين أحدهما عاجلا والآخر نظرة فليسم أحدهما قبل الصفقة إذا ثبت هذا
فشرط الاجل المشروط في البيع أن يكون مضبوطا محروسا من الزيادة والنقصان فلو شرط قدوم الحاج أو نزول المطر أو إقباض المبيع بطل العقد والشرط لاشتماله
على الغرر وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عنه ولو (شرط صح) تأجيل الثمن إلى ألف سنة مثلا فالأقوى الجواز عملا بالعموم الدال على تسويغ مثله والقطع بالموت قبله باطل لمنعه أولا ولمنع صلاحيته
للتأثير كشك حياته في المدة القليلة فكما لا يمنع الشك كذا اليقين وقال بعض الشافعية لو أجل الثمن إلى ألف سنة بطل العقد للعلم بأنه لا يبقى إلى هذه المدة
ولو سلم لم يقتض المنع لجواز انتقاله عنه إلى وارثه. فروع: - آ - إذا أجل الثمن إلى مدة معلومة سقط الاجل بموت من عليه على ما يأتي وهل يثبت للورثة الخيار
إشكال ينشأ من زيادة الثمن في مقابلة الاجل ولم يسلم لهم الارتفاق به ومن لزوم البيع وانعقاده وانتقال السلعة إلى المشترى فلا يبطل بالتعجيل المستند إلى حكم الشرع
مطلقا - ب - لو آجر ثوبا بألف سنة لم يصح لا باعتبار زيادة الاجل بل للعلم بفساد العين وعدم الانتفاع به طول المدة - ج - لا فرق (بين صح) أن يشترط الاجل في الثمن المعين
المشخص أو الثابت في الذمة فلو شرط ثمنا معينا كهذه الدنانير وتأديتها في أجل معلوم صح وكذا لو شرط تسليم المبيع المعين في مدة معينة كان يشترى منه هذا
الثوب بعشرة بشرط أن يسلم الثوب بعد شهر صح عند علمائنا أجمع خلافا للشافعي فيهما فإنه قال يفسد لو كان الاجل في المبيع أو الثمن المعين لان الاجل رفق أثبتت ليحصل
الحق في الذمة والمعين حاصل وليس بجيد - د - لو حل الاجل فاجل البايع المشترى مدة أو زاد في الاجل قبل حلول الأجل المضروب أولا فهو وعد غير لازم لعدم وجود
المقتضى له إذ الوعد غير موجب وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يلزم ويبطل على قوله ببذل الاتلاف فإنه لا يتأجل وإن أجله وقال مالك يتأجل - ه‍ - لو اوصى من له
دين حال على إنسان بإمهاله مدة فعلى ورثته إمهاله تلك المدة للزوم التبرعات بعد الموت والوصية هنا لم يتناول
العين فلا تخرج (من الثلث صح) - و - لو كان عليه دين مؤجل فأسقط
المديون الاجل لم يسقط وليس للمستحق مطالبة في الحال لان الاجل صفة تابعة والصفة لا تفرد بالاسقاط ولهذا لو أسقط مستحق الحنطة الجيدة أو الدنانير
الصحاح الجودة أو الصحة لم يسقط وللشافعي وجهان. مسألة. يصح اشتراط الخيار على ما يأتي وشرط وثيقة بالرهن والكفيل والشهادة وبه قال الشافعي أيضا فيصح
البيع بشرط أن يرهن المشترى بالثمن أو يتكفل به كفيل أو يشهد عليه سواء كان الثمن حالا أو مؤجلا وكذا يجوز أن يشترط المشترى على البايع كفيلا بالعهدة عملا
بعمومه قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم السالم عن معارضة مخالفته للكتاب والسنة بل هي موافقة لهما لقوله تعالى " فرهان مقبوضة واشهدوا إذا تبايعتم " وهل يجوز (أن يشترط صح)
المشترى على البايع رهنا على عهدة الثمن المقبوض لو خرج المبيع مستحقا الأقرب ذلك ولابد من تعيين الرهن بالمشاهدة أو الوصف كما يوصف المسلم فيه وبه
قال الشافعي دفعا للغرر وحسما لمادة التنازع وقال مالك لا يشترط التعيين بل ينزل المطلق على ما يصح أن يكون رهنا لمثل ذلك في العادة وقال أبو حنيفة
لو قال رهنتك أحد هذين العبدين جاز كالبيع وقد تقدم بطلانه ولا يشترط أن يكون مشخصا فلو شرط ارتهان عبد حبشي موصوف بصفات السلم جاز وإن لم يكن له
عبد في الحال ويشترط في الكفيل التعيين إما بالمشاهدة أو المعرفة بالاسم والنسب وهل يكفي الوصف مثل أن يقول رجل مؤسر ثقة الأقرب ذلك فإن الاكتفاء بالصفة
أولي من الاكتفاء بمشاهدة من لا يعرف حاله خلافا للشافعي حيث شرط تعيين شخصه وبعض الشافعية حيث لم يشترط التعيين مطلقا بل إذا أطلق أقام من شاء. فروع: - آ -
الأقرب إنه لا يشترط تعيين الشهود لو شرط الاشهاد لان المطلوب في الشهود العدالة لاثبات الحق عند الحاجة بخلاف الرهن والكفيل لتفاوت الأغراض فيهما وقال
بعض الشافعية يشترط كالرهن والكفيل وتفاوت الأغراض هنا متحقق فإن بعض العدول أوجه وقوله أسرع قبولا وعدالته أوضح وأشهر فيتفاوت الأغراض في
أعيانهم وليس بجيد إذ لا اعتبار بهذه الجزئيات لعدم انضباطها - ب - لو عين الشهود في الشرط تعينوا عملا بالشرط إذ لا منافاة فيه للكتاب والسنة وللشافعي قولان
- ج - لا يشترط في الرهن التعرض لكون المرهون عند المرتهن أو غيره عملا بأصالة عدم الاشتراط وللشافعية وجهان فإن اتفقا مع الاطلاق على وضعه عند المرتهن أو غيره
وجهان فذاك وإن تنازعا احتمل انتزاع الحاكم له ووضعه عند ثقة تحقيقا للاستيثاق وجعله في يد الراهن إذ لو لم يرض به
المرتهن لشرط نزعه عنه مع أصالة استمرار الحال ولو شرطا في عقد الرهن وضعه عند المرتهن أو غيره لزم فإن امتنع الغير وضعه الحاكم مع التنازع عند الثقة. مسألة.
الأقرب جواز اشتراط رهن المبيع نفسه على ثمنه ومنع أكثر الشافعية منه لان الثمن إن كان مؤجلا لم يجز حبس المبيع لاستيفائه أو حالا فله حبسه لاستيفائه فلا معنى للحبس بحكم
الرهن ولان قضية الرهن كون المال أمانة وإن يسلم الدين أو لا وقضية البيع بخلافه فيلزم تناقض الاحكام ولان فيه استثناء منفعة فلا يجوز أن يستثنى البايع بعض منافع
المبيع لنفسه ولان المشترى لا يملك رهن المبيع إلا بعد صحة البيع فلا يتوقف عليه صحة البيع وإلا دار والجواب إن المؤجل لا يجوز حبس المبيع عليه إذا لم يجز رهن أو إذا جرى ممنوع لكن
التقدير جريان الرهن فيه فهو موضع النزاع والحال قد يتقوى أحد الجنسين بالآخر فيه ولا امتناع في بقاء المال مضمونا في بقاء المال مضمونا بحكم البيع استيفاء لما كان ويسلم الدين أولا لأقدمه
على الرهن واستثناء بعض المنافع جائز لما تقدم والدور ممنوع لأنا نمنع؟ إنه لا يتوقف صحة البيع على الرهن لكن لا كلام فيه بل في أنه هل يمنع صحة البيع وقال بعض الشافعية
إن قلنا بوجوب بداية البايع بالتسليم أو أنهما يجبران معا أولا إجبار ما لم يبتدأ أحدهما بطل البيع لأنه شرط مقتضى البيع لتضمنه حبس المبيع إلى استيفاء الثمن فإن قلنا
البداية بالمشترى فوجهان صحة الشرط لموافقته مقتضى العقد والعدم فيفسد البيع لتناقض الاحكام والجواب أن مقتضى البيع عند الاطلاق وجوب بداية تسليم
البايع أما عند الشرط فلا والحاصل إن الشرط يقتضى شيئا لا يقتضيه العقد فإن اقتضى ما ينافيه بطل وإلا فلا ونحن نمنع اقتضاء إطلاق العقد ما ينافي هذا الشرط
بل إطلاقه صالح لاقتران قيد الشرط به وعدمه فروع: - آ - لو شرط أن يرهنه المبيع بالثمن بعد القبض ويرده إليه صح البيع والشرط عندنا خلافا للشافعي لنا إنه شرط
491

سائغ لا ينافي مقتضى العقد ولا يخالف الكتاب والسنة فيكون لازما - ب - لو رهنه بالثمن من غير شرط صح عندنا مطلقا وعند الشافعي إن كان بعد القبض وإن كان
قبله فلا إن كان الثمن حالا لان الجنس ثابت له وإن كان مؤجلا فهو كما لو رهن المبيع قبل القبض بدين آخر - ج - لو شرط رهن غير المبيع على الثمن أو شرط رهن المبيع على غيره
صح عندنا وقد تقدم مسألة. لو لم يرهن المشترى ما شرطه أو لم يتكفل الذي عينه فلا خيار له بل للبايع الخيار ولا يقوم رهن ولا كفيل آخر مقام المعين لتفاوت
الأغراض في خصوصيات الأعيان هنا فإن فسخ البايع فلا بحث وإن أجاز فلا خيار للمشترى لأنه إسقاط حق عنه فإذا لم يثبت له الخيار مع ثبوته فمع إسقاطه أولي ولو عين
شاهدين فإن امتنعا من تحمل الشهادة فإن قلنا لابد من تعيين الشاهدين فللبايع الخيار وإن أسقطنا التعيين فلا ولو شرط المشترى على البايع إقامة كفيل على العهدة
فلم يوجد وامتنع المعين ثبت للمشترى الخيار ولو أسقطه المشترى فلا خيار له. فروع: - آ - لو باع بشرط الرهن فهلك الرهن قبل القبض أو تعيب أو وجد به عيبا قديما فله
الخيار في البيع وإن تعيب بعد القبض فلا خيار - ب - لو اختلفا في تعيب الرهن فادعى الراهن حدوثه بعد القبض والمشترى سبقه قدم قول الراهن استدامة للبيع - ج -
لو هلك الرهن بعد القبض أو تعيب ثم اطلع على عيب قديم به فلا أرش له لأصالة البراءة وهل له فسخ البيع الأقرب العدم لان الفسخ إنما يثبت إذا أمكنه رد الرهن كما أخذه
ويحتمل الثبوت لأنه لم يسلم إليه ما شرطه عليه ووجب له والرد إنما يجب مع بقاء العين إذ مع تلفها لا يمكن ثم إن كان التلف بغير تفريط (لم يثبت وجوب الرد وإن كان بتفريطه صح) قام رد العوض مقام رده
مسألة. من الشروط الجايز شرط العتق فلو اشترى عبدا أو أمة بشرط أن يعتقها المشترى صح البيع ولزم الشرط عند علمائنا أجمع وبه قال مالك واحمد في أصح الروايتين
عنه وهو أصح قولي الشافعي أيضا لعموم قوله تعالى " وأحل الله البيع " وما روى من أن عايشة اشترت بريرة وشرط عليها مواليها أن يعتقها ويكون ولاؤها لهم فأنكر النبي صلى الله عليه وآله
شرط الولاء دون العتق وقال شرط الله أوثق وقضاء الله أحق والولاء لمن أعتق وروى أبو ثور عن الشافعي إنه لو باع عبدا بشرط العتق صح البيع وبطل الشرط والمشهور عن أبي
حنيفة وأصحابه إن البيع فاسد لأنه شرط على المشترى إزالة ملكه عنه فكان فاسدا كما لو شرط عليه أن بيعه والحكم في الأصل ممنوع عندنا وإنما هو لازم للشافعي ثم قال
أبو حنيفة أنه مضمون بالثمن المسمى في العقد وقال أبو يوسف ومحمد يضمنه بالقيمة وأجاب الشافعي عن قياسه بأن العتق يخالف البيع فإنه يقصد بالعوض في الكتابة
وإذا قال أعتق عبدك وعلى كذا صح ولأنه يضمن فيما ذكروه بالقيمة وهنا بالثمن عند أبي حنيفة فافترقا وروى عن أبي حنيفة إن البيع جايز كما قلناه نحن. فروع: - آ -
يجوز اشتراط العتق مطلقا ويشرط أن يعتقه عن المشترى نفسه وبه قال الشافعي على أصح القولين من جواز شرط العتق أما لو شرط العتق عن البايع فإنه يجوز عندنا
خلافا له لأنه شرط لا ينافي الكتاب والسنة - ب - الأقوى عندي إن العتق المشروط اجتمع فيه حقوق حق الله تعالى وحق للبايع وحق آخر للعبد أيضا وللشافعي وجهان أحدهما
إنه حق الله تعالى كالملتزم بالنذر وأنه حق البايع لان اشتراطه يدل على تعلق غرضه به والظاهر إنه بواسطة هذا الشرط تسامح في الثمن فإن قلنا إنه حق البايع فله المطالبة به
وإن قلنا إنه حق الله تعالى فكذلك عندنا وهو أصح وجهي الشافعية لأنه يثبت بشرط وله غرض في تحصيله وله اخر إنه ليس للبايع المطالبة به إذ لا ولاية له في حقوق الله تعالى وعلى ما اخترناه نحن
للعبد المطالبة بالعتق على إشكال ينشأ من ثبوت حق له للانتفاع به فكان له المطالبة به ومن أنه منوط باختيار المشترى إذ له الامتناع فيتخير البايع حينئذ بين الفسخ
والامضاء لكن الأول أقرب - ج - الولاء عند علمائنا إنما يثبت مع العتق المتبرع به لا مع العتق الواجب بنذر وكفارة وشبهه على ما يأتي أما العتق المشروطة في البيع
فيحتمل إلحاقه بالواجب لوجوبه عليه بعقد البيع وإجباره على فعله وبالتبرع به إذ له الاخلال بالشروط المشترطة في البيع من عتق وغيره ويثبت فيه الخيار للبايع فكان العتق
في الحقيقة هنا مستندا إلى اختياره فيكون متبرعا به فعلى الأول لا ولاء هنا أما للبايع فلانتقال الملك عنه وصدور العتق من غيره ولا يصح شرط الولاء وأما للمشترى فلوجوب
العتق عليه وأما على الثاني فيثبت الولاء للمشتري - د - إذا أعتقه المشترى فقد وفى بما وجب عليه والتزم به والولاء إن أثبتناه وإن قلنا إن العتق حق البايع لأنه
صدر عن ملك المشتري وإن امتنع أجبر عليه إن قلنا إنه حق الله تعالى وإن قلنا إنه حق للبايع لم يجبر كما في شرط الرهن والكفيل لكن يتخير البايع في الفسخ لعدم سلامة ما شرطه له
وللشافعي قولان الاجبار وعدمه فإن قلنا بالاجبار حبس عليه حتى يعتق وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان القاضي يعتق عليه والأولى عندي الاجبار في شرط الرهن
والكفيل لو امتنع كما لو شرط تسليم الثمن معجلا فأهمل - ه‍ - إن قلنا أن العتق حق للبايع فلو أسقطه سقط كما لو شرط رهنا أو كفيلا ثم عفى عنه وقال بعض الشافعية
إن شرط الرهن والكفيل أيضا لا يفرد بالاسقاط كالأجل - و - هل يجوز إعتاق هذا العبد عن الكفارة الوجه أن يقول إن شرط البايع عتقه عن كفارة المشترى أجزئه
ويكون فائدة الشرط التخصيص لهذا العبد بالاعتاق وإن لم يشترط فإن قلنا إن العتق هنا حق لله تعالى لم يجز كإعتاق المنذور عتقه عن الكفارة وإن قلنا إنه حق للبايع
فكذلك إن لم يسقط حقه وإن أسقطه جاز لسقوط وجوب العتق حينئذ وللشافعي على هذا التقدير وجهان هذا أحدهما والثاني المنع لان البيع بشرط العتق لا يخلو عن محاباة
فكأنه أخذ عن العتق عوضا - ز - يجوز للمشترى الاستخدام لعدم خروجه عن ملكه إلا بالعتق ولم يحصل بعد ويجوز أيضا الوطئ فان حملت صارت أم ولد فإن أعتقها صح عندنا
لعدم خروجها بالاستيلاد عن ملكه وهو أصح قولي الشافعية وقال بعضهم ليس له عتقها (لان عتقها صح) قد استحق بالاحبال فقد تعذر عليه عتقها - ح - لو استخدم أو أحبل ولم يعتق فإن
أجبرناه على العتق لم يضمن شيئا وإن خيرنا البايع بين الفسخ والامضاء فكذلك لان النماء المتجدد في زمان خيار البايع للمشترى سواء فسخ البايع بعد ذلك أو لا والأقرب
أن الأحبال كالاتلاف ولو اكتسب العبد قبل عتقه فهو للمشترى أيضا - ط - لو قتل هذا العبد قبل عتقه كانت القيمة للمشترى ويقوم عبدا مشروط العتق ولا يكلف صرف
القيمة إلى عبد آخر ليعتقه لتعلق الشرط بالعين وقد تلفت - ى - لو قتله المشترى أو مات أو تلف سواء كان بتفريطه أو لا لم يجب شراء غيره لكن يرجع البايع بما يقتضيه
شرط العتق فيقال كم قيمته لو بيع مطلقا ويشترط العتق فيرجع البايع بالنسبة من الثمن فإذا قيل إنه يساوى مائة بغير شرط وتعين بشرط العتق زيد على الثمن تسعة
وله الفسخ لعدم الوفاء بالشرط فيدفع ما أخذه من الثمن ويرجع بقيمة العبد وفي اعتبارها إشكال وللشافعية أقوال أحدهما إنه لا يلزم المشترى إلا الثمن المسمى
لأنه لم يلتزم غيره الثاني إن عليه مع ذلك قدر التفات وكما قلناه الثالث إن البايع بالخيار إن شاء أجاز العقد ولا شئ عليه وإن شاء فسخ ورد ما أخذه من الثمن.
ورجع بقيمة العبد الرابع إن العقد ينفسخ لتعذر إمضائه إذ لا سبيل إلى ايجاب شئ على المشترى من غير تفويت ولا التزام ولا إلى الاكتفاء بالمسمى فإن البايع لم يرض
به إلا بشرط العتق وهل هذه الوجوه متفرعة على أن العتق للبايع أو مطردة سواء قلنا إنه للبايع أو لله تعالى فيه رأيان أظهرهما الثاني ونحن قد قلنا إنه بالخيار بين الفسخ و
الامضاء مع المطالبة بالنقص وهو جار فيما إذا قلنا إنه حق لله تعالى أو للبايع - يا - شرط العتق إنما يتناول السبب المباح فلو نكل به فانعتق لم يأت بالشرط وكان للبايع
الخيار بين الفسخ والامضاء ويكون بمنزلة التالف وقد تقدم - يب - شرط العتق إنما يتناول العتق مجانا فلو أعتقه المشترى وشرط عليه الخدمة أو شيئا تخير البايع
بين فسخ البيع والامضاء فإن فسخ فالأقرب نفوذ العتق ويرجع البايع بالقيمة كالتالف ويحتمل فساده لوقوعه على خلاف ما وجب عليه وسقوط الشرط خاصة
492

فينفذ العتق ولا خيار للبايع ولا شئ له - يج - لو باعه المشترى أو وقفه أو كاتبه تخير البايع بين فسخ البيع والامضاء فإن فسخ البيع بطلت هذه العقود لوقوعها في غير ملك تام
ويخالف هنا العتق بشرط لان العتق مبنى على التغليب والسراية فلا سبيل إلى فسخه مع القول بصحته وهل له إمضاء البيع مع طلب فسخ ما فعله المشترى فيه احتمال - يد -
لو باعه من غيره ومن شرط عليه العتق إحتمل الصحة لوقوع غرض البايع به وكما لو أعتقه بوكيله والبطلان لان شرط العتق مستحق عليه فليس له نقله إلى غيره وللشافعية
وجهان كالوجهين - يه - لو قلنا بثبوت الولاء للمشتري لم يصح اشتراطه للبايع لمنافاته النص وفي صحة البيع مع بطلانه خلاف كما تقدم من صحة البيع مع بطلان
الشرط وللشافعي قولان فيما لو شرط مع العتق كون الولاء للبايع بطلان العقد لان شرط الولاء مغير لمقتضى العقد لتضمنه نقل الملك إلى البايع وارتفاع العقد
والصحة لحديث بريره فإن عايشة أخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله إن مواليها لا يبيعونها إلا بشرط أن يكون الولاء لهم فقال (ع) اشترى واشترطي لهم الولاء إذن في الشراء بهذه الشرط
وهو لا يأذن في باطل ونحن نمنع الرواية ولهذا لم يثبت القائلون بالفساد الاذن في شرط الولاء لان هشاما تفرد به ولم يتابعه ساير الرواة عليه وعلى تقدير صحة البيع
ففي صحة الشرط للشافعية وجهان العدم لأنه (ع) خطب بعد ذلك وقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليس في كتاب الله تعالى كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل شرط الله أوثق
وقضاء الله أحق والولاء لمن أعتق والحصة لأنه إذن في اشتراط الولاء ولا يأذن في باطل لكن المشهور بينهم فساد العقد - يو - لو جرى البيع بشرط الولاء دون شرط
العتق بأن قال بعتكه بشرط أن يكون الولاء لي إن أعتقته يوما من الدهر بطل العقد وبه قال الشافعي لأنه لم
يشترط العتق حتى يحصل الولاء تبعا له - يز - لو اشترى
من يعتق عليه بشرط الاعتاق لم يصح العقد لتعذر الوفاء بهذا الشرط فإنه يعتق عليه قبل أن يعتقه - يح - لو باعه عبدا بشرط أن يعتقه بعد شهر أو سنة (صح صح) عند
علمائنا ولزمه الشرط وللشافعية وجهان هذا أحدهما والثاني إن العقد باطل وهو أصحهما عندهم وعلى قولنا لو مضى الشهر ولم يعتقه تخير البايع بين الفسخ والامضاء
فيلزمه بالاعتاق كل وقت وله الترك مطلقا فيرجع بالنقصان الحاصل بسبب عدم المشروط - يط - لو لم يخبر البايع شيئا فبادر المشترى قبل تخيره إلى العتق فإن
قصد في الشرط الاعتاق حين خروج الاجل احتمل تخيره بين الفسخ فيطالب بالعوض كالتالف والامضاء إما مع الأرش أو بدونه على ما تقدم وإن قصد تحصيل
العتق بعد الاجل مطلقا فلا خيار له لحصول مقصوره - ك - لو باعه عبدا بشرط أن يدبره صح عندنا لقبول البيع الشرايط السايغة خلافا للشافعي وقد سبق فإن فعل
المشترى ما شرط عليه فقد برئ وإلا تخير البايع بين الفسخ والامضاء بالتفاوت على ما تقدم في العتق إذا تقرر هذا فإذا دبره لم يكن له الرجوع في تدبيره على إشكال
ينشأ من الوفاء بما عليه وقضية التدبير جواز الرجوع فيه ومن عدم تحصيل الغرض إذ الرجوع فيه إبطال له فينا في صحة الشرط وله أن يدبره مطلقا ومشروطا بأن يقول
إذا مت في سنتي هذه فأنت حر فإن لم يقع الشرط وجب عليه استيناف تدبير آخر إن قلنا بعدم الرجوع كما لو باعه بشرط أن يكاتبه صح عندنا خلافا للشافعي على ما تقدم لأنه شرط
مرغب فيه مندوب إليه يؤل إلى العتق وعقد البيع قابل للشروط فكان لازما ثم إن أطلق تخير المشترى في الكتابة بأي قدر شاء ويتخير في الكتابة المشروطة والمطلقة فإن طلب
السيد أزيد من قيمته وامتنع العبد تخير البايع في الفسخ والامضاء والزام المشترى بالكتابة بقيمة العبد فإن امتنع العبد تخير البايع ولا يجب على المشتري الكتابة بدون القيمة - كب -
لو باعه دارا بشرط أن يجعلها وقفا صح عندنا وهو أحد قولي الشافعي وفي الآخر لا يصح وبأي وجه حصل الوقف حصل الشرط مع إطلاق البايع فلو جعلها مسجدا أو وقفها على
من يصح الوقف عليه ولو على ولده ومن يلزمه مؤنته صح ولا يكفي الحبس - كح - لو باعه شيئا بشرط أن يتصدق به صح عند علمائنا لأنه شرط سايغ بل مستحب وعقد البيع قابل
له فيكون لازما لعموم قوله (ع) المسلمون عند شروطهم خلافا للشافعي ومع الاطلاق يجزى الصدقة على من شاء المشترى - كد - لو باعه شيئا بشرط لا يقتضيه العقد ولا ينافيه
ولا يتعلق به غرض يورث تنافيا وتنازعا مثل أن يشرط لا يأكل إلا الهريسة ولا يلبس إلا الخز وشبه ذلك فهذا الشرط لا يقتضى فساد العقد عندنا وهل يلغوا ويفيد تخير
البايع لو أخل به بين الفسخ والامضاء الأقرب ذلك وللشافعية قولان أحدهما صحة البيع وبطلان الشرط والثاني الفساد في العقد أيضا حيث إنه أوجب ما ليس بواجب وكذا لو باع بشرط
أن يصلى النوافل أو يصوم غير شهر رمضان أو يصلى الفرائض في أول أوقاتها. مسألة. قد تقدم أن بيع الحمل لا يصح للنهي عن بيع الملاقيح ولأنه غير معلوم ولا مقدور
وكما لا يصح بيعه منفردا لم يصح منضما إلى غيره بأن يقول بعتك هذه الجارية وحملها لان جزء المبيع إذا كان مجهولا كان المبيع مجهولا نعم يجوز انضمامه تبعا لا مستقلا كأساسات
الحيطان فلو باع الأمة الحامل وأطلق لم يدخل الحمل عندنا لأنه ليس جزءا من المسمى ولا تابعا له عادة وقال الشافعي يدخل الحمل في البيع تبعا لو اطلق وهل يقابله قسط من الثمن
فيه قولان ولو باع الحامل واستثنى حملها كان تأكيدا للاخراج وللشافعي قولان في صحة البيع أحدهما إنه يصح كما لو باع الشجرة واستثنى الثمرة قبل بدو الصلاح وأصحهما
عنده أنه لا يصح لان الحمل لا يصح افراده بالعقد فلا يجوز استثناؤه كأعضاء الحيوان والملازمة ممنوعة وليس العلة في امتناع الاستثناء انتفاء صحة أفراده بالبيع
ولو باع الحامل وشرط المشترى الحمل صح لأنه تابع كأساسات الحيطان وإن لم يصح ضمه في البيع مع الام للفرق بين الجزء والتابع ولو كانت الجارية حاملا وكانت لواحد والحمل
لآخر لم يكن لمالك الحمل بيعه على مالك الام ولمالك الام بيعها من مال الحمل وغيره عندنا لما بينا من جواز الاستثناء للحمل وللشافعية وجهان ولو كانت الجارية حاملا بحر
فباعها مالكها صح وللشافعية وجهان هذا أحدهما ويكون الحمل مستثنى شرعا والثاني البطلان لان الحمل لا يدخل في البيع حيث وهو حر فكأنه استثناه وقد بينا جواز الاستثناء
فروع: - آ - لو باع الجارية بشرط أنها حامل صح عندنا لأنه شرط يرغب لا يخالف الكتاب والسنة فكان لازما وللشافعي قولان مبنيان على أن الحمل هل يعلم أم لا أن قال لا
لم يصح شرطه وإن قال نعم صح وهو الأصح عنده وقال بعض الشافعية الخلاف في غير الآدمي كالدابة أما الأمة فيصح قطعا لان الحمل فيها عيب فاشتراط الحمل اعلام بالعيب فيصير
كما لو باعها على أنها آبقة أو سارقة - ب - لو قال بعتك هذه الدابة أو حملها لم يصح عندنا لما تقدم من الحمل لا يصح جعله مستقلا بالشراء ولا جزءا من البيع وللشافعية
وجهان الصحة لأنه داخل في العقد عند الاطلاق فلا يضر التنصيص عليه كما لو قال بعتك هذا الجدار وأساسه ونمنع الصغرى والمقيس عليه أيضا وأصحهما العدم لأنه جعل
المجهول مبيعا مع المعلوم وما لا يجوز بيعه منفردا لا يجوز بيعه مقصودا مع غيره بخلاف ما لو باع بشرط أنها حامل فإنه جعل الحاملية وصفا تابعا - ج - لو قال بعتك هذه الشاة
وما في ضرعها من اللبن لم يجز عندنا وللشافعية وجهان سبقا في الحمل ولو قال بعتك هذه الجبة وحشوها صح لأنه جزء منها وداخل في مسماها فذكره ذكر ما دخل في اللفظ
فلا يضر التنصيص عليه بخلاف الحمل فإنه ليس داخلا في مسمى الشاة والأمة وهو أحد وجهي الشافعية وفي الآخران الخلاف في الشاة مع جهلها يجرى هنا وعلى قولهم بالبطلان
ففي بيع الظهارة والبطانة في الجبة قولا تفريق الصفقة وفي صورة الدابة يبطل البيع في الجمع والفرق إمكان معرفة قيمة الحشو عند العقد بخلاف الحمل واللبن لأنه لا
يمكن معرفة قيمتها عند العقد فيتعذر تقسيط الثمن واعترض بجريان قولي تفريق الصفقة حيث يتعذر التوزيع كما لو باع شاة وخنزيرا - د - لو باع حاملا وشرط وضعها
في يوم معين لم يصح البيع لأنه غير مقدور عليه وهو قول الشافعي - ه‍ - لو باع دجاجة ذات بيضة وشرطها صح وإن جعلها جزءا من المبيع لم يصح وكذا لو جعلها مستقلة
493

بالبيع وبالجملة فالبحث والخلاف هنا كما في حمل الجارية والدابة ولو باعه شاة بشرط أنها لبون فقد سبق جوازه وللشافعية طريقان أحدهما أن الخلاف فيه كالخلاف في
المبيع بشرط الحمل والثاني القطع بصحة البيع والفرق إن شرط الحمل يقتضى وجوده عند العقد وليس معلوما وشرط كونها لبونا لا يقتضى وجود اللبن حينئذ وإنما يجوز اشتراط صفة
فيها فكان بمثابة شرط معرفة صنعة في العبد حتى لو شرط كون اللبن في الضرع كان بمثابة شرط الحمل وقال أبو حنيفة لا يصح هذا الشرط وكذا قال في شرط الحمل وقد سبق - ز -
لو باع شاة لبونا واستثنى لبنها صح عندنا لوجود المقتضى وهو ورود البيع على محل معلوم وللشافعية وجهان أصحهما عندهم عدم الصحة كما لو استثنى الحمل في بيع الجارية
مسألة. هنا شروط وافقنا الشافعي على صحتها في البيع مثل أن يبيع بشرط البراءة من العيوب وبيع الثمرة بشرط القطع وسيأتى البحث عنهما وكذا لو شرط ما يقتضيه العقد
وقد سلف وهنا شروط أخرى له فيها خلاف - آ - لو باع مكيلا أو موزونا أو مذروعا بشرط أن يكال بمكيال معين أو يوزن بميزان معين أو يذرع بذراع معين وإن كانت
البيع حالا يؤمن معه بقاء المكيال والميزان والذراع صح البيع لكن يلغوا الشرط لأنه إن كان معروفا رجع إلى المتعارف منه وإلا كان البيع باطلا للجهالة وذلك كما لو قال بعتك
عشر طاسات طعام بهذه الطاسة وهي غير معلومة النسبة إلى المكيال المعتاد أو بعتك ملء هذا الجوالق أو ملء هذه الآنية وإن كان البيع مؤجلا لم يصح الشرط إن كان
معلوم النسبة وصح البيع وإلا فلا ولا فرق في اشتراط ذلك في المبيع أو الثمن - ب - لو عينا في البيع رجلا يتولى الكيل أو الوزن احتمل اللزوم إخلادا إلى ثقته ومعرفته
ونصحه والعدم لقيام غيره مقامه وللشافعي وجهان والأقوى عندي اللزوم مع الحول أما مع الاجل فيحتمل البطلان قويا لامكان عدمه - ج - لو باع دارا وشرط سكناها
أو دابة واستثنى ظهرها فإن لم يعين مدة بطل العقد للجهالة وثبوت الغرر وإن عين مدة صح عندنا عملا بمقتضى الشرط السالم عن معارضة الكتاب والسنة وبه قال احمد و
للشافعي قولان - د - لو باعه دارا بشرط أن يقفها عليه وعلى عقبه ونسله فالأولى الصحة كما لو شرط وقفها على الغير وكذا لو باعه دارا بشرط أن يقف عليه دكانه أو على غيره وكذا
يصح لو شرط اعماره إياه لأنه شرط مرغب فيه يصح الابتداء به فصح جعله شرطا في عقد قابل للشروط فعلى هذا لو اطلق الأعمار احتمل البطلان لأنه كما ينصرف إلى عمر البايع ينصرف
إلى عمر المشترى ولا أولوية ولو شرط الاسكان صح وإن كان مطلقا وله اخراجه متى شاء للوفاء بمطلق الشرط وفرق بين أن يشرط له سكناها من غير تعيين مدة وبين
أن يشرط الاسكان لان الثاني شرطه التقريب (إلى الله تعالى بخلاف الأول صح) - ه‍ - لو باعه بشرط أن لا يسلم المبيع حتى يستوفى الثمن فالأقوى الصحة لأنه كشرطه الرهن وقال الشافعي إن كان الثمن مؤجلا
بطل العقد وإن كان حالا يبنى على أن البداية في التسليم ثمن فإن جعل ذلك من قضايا العقد لم يضر ذكره وإلا فسد العقد - و - لو قال لغيره بع عبدك من زيد بألف على
إن على خمسمائة فباعه على هذا الشرط صح البيع عندنا لأنه شرط سائغ لا يوجب جهالة في المبيع ولا في الثمن فكان لازما ولابن شريح من الشافعية قولان أظهرهما إنه لا يصح البيع
لان الثمن يجب جميعه على المشترى وههنا جعل بعضه على غيره والثاني نعم ويجب على زيد ألف وعلى الآمر خمسمأة كما لو قال ألق متاعك على أن على كذا والوجه أن يقول إن
قصد الامر الضمان من الثمن كان ضمانا متبرعا به صحيحا وإن قصد الجعالة لزمه مع الفعل وعلى المشترى ألف كاملة وكذا لو قال بعه منه بألف على أن الألف على صح وكان الثمن
لازما له بمجرد الضمان المتبرع به ولا يرجع على المشترى ولا يجب على المشترى للبايع شئ - ز - لو قال بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم على أن أزيدك صاعا وقصد هبة صاع
أو بيعه من موضع آخر بطل عندنا للجهل بالصبرة فلو علما بها صح البيع عندنا والشافعي لما جوز بيع الصبرة منع البيع هنا على تقدير إرادة الهبة أو بيعه القفيز من موضع آخر لأنه
شرط عقد في عقد وإن أراد أنها إن خرجت عشرة أصيع أخذت تسعة دراهم فإن كانت الصيعان مجهولة لم يصح عنده أيضا لأنه لا يدرى حصة كل صاع وإن كانت معلومة صح
وإن كانت عشرة فقد باع كل صاع وتسعا بدرهم ولو قال بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهم على أن أنقصك صاعا فإن أراد رد صاع إليه فهو فاسد عند الشافعي لأنه
شرط عقدا في عقد وإن أراد أنها إن أخرجت تسعة أصيع أخذت عشرة دراهم فإن كانت الصيعان مجهولة لم يصح عندنا وعنده وإن كانت معلومة صح عنده فإذ كانت
تسعة أصيع فيكون كل صاع بدرهم وتسع وبعض الشافعية منع من الصحة مع العلم أيضا لان العبارة لا تبنى على الحمل المذكور - ح - لو قال بعتك هذه الدار أو هذه الأرض بكذا
صح البيع مع المشاهدة وإن جهل قدرهما وكذا لو قال بعتك نصفها أو ربعها أو غيرهما من الأجزاء المشاعة ولو قال بعتك هذه الأرض كل ذراع بدرهم فإن علما
قدر الذراعان صح البيع وإلا بطل وقال أبو حنيفة يبطل مطلقا ولا في ذراع واحد بخلاف الصبرة فإنه يجوز فيها إطلاق القفيز والأرض لا يجوز فيها إطلاق الذراع وقال الشافعي
يصح مع المشاهدة ولو قال بعتك من هذه الأرض عشرة أذرع لم يصح لاختلاف أجزائها والجملة غير معلومة فلا يمكن أن يكون معينة ولا مشاعة - ط - لو باعه شيئا وشرط فيه قدرا
معينا فأقسامه أربعة لأنه إما (أن يكون صح) مختلف الأجزاء أو متفقها وعلى التقديرين فإما أن ينقص المقدار على الشرط أو يزيد الأول أن يبيع مختلف الأجزاء كالأرض والثوب وينقص
كان يبيع أرضا معينة على أنها عشرة أذرع أو ثوبا بكذا فنقص ذراعا قال علماؤنا يتخير (المشترى صح) بين الفسخ والامضاء وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين أما الصحة فلصدور
العقد من أهله في محله جامعا للشروط فكان صحيحا وللعموم السالم عن معارضة ما يقتضى البطلان ونقص الجزء كنقص الصفة وأما الخيار فللنقص وهو عيب والقول الآخر
للشافعي البطلان لان قضية قوله بعتك هذه الأرض اختصاص البيع بهذه (الأرض صح) وعدم تناول لغيرها وقضية الشرط أن يدخل الزيادة في البيع فوقع التضاد لكن الاظهر عندهم
الأول كما اخترناه إذا تقرر هذا فنقول إذا اختار المشترى البيع فهل يجز بجميع الثمن أو بالقسط لعلمائنا قولان أحدهما بجميع الثمن وهو أظهر قولي الشافعي لان المتناول بالإشارة
تلك القطعة لا غير وإن كان الاظهر عنده في الصبرة الإجازة بالقسط لان صبرة الطعام إذا كانت ناقصة عن الشرط وأجزاؤها متساوية يكون ما فقده مثل ما وجده
وفي الثوب أو القطعة من الأرض لم يكن ما فقده مثل ما وجده لأنه في الصبرة لا يؤدى تقسيط ذلك إلى جهالة الثمن في التفصيل وإن كان في الجملة مجهولا وأما الثوب
أو القطعة فإنه إذا قسم الثمن على قيمة ذرعانه وجعل الفايت مثل واحد منها أدى إلى أن يكون الثمن حالة العقد مجهولا في الجملة والتفصيل لا يقال أكيس إذا وجد عيب وقد
حدث عنده عيب أخذ أرشه فصار الثمن مجهولا في الجملة والتفصيل لأنا نقول ذلك لا يؤثر في العقد لأنه وقع في الابتداء على الجملة وصح بها ولهذا لا يسقط منه شئ مع إمكان
الرد وهنا يكون واقعا في الابتداء على ما ذكرنا لا يقال لم لا قسمتموه على عدد الذرعان لأنا نقول ذرعان الثوب مختلف ولهذا لو باع ذراعا منه ولم يعين (موضعه صح) لم يجز والثاني
إنه يتخير بين الفسخ والامضاء بحصة من الثمن ولا يقسط بالنسية إلى الأجزاء لاختلافها بل بالنسبة من القيمة حال كمالها ونقصها وللشيخ قول إنه إذا كان للبايع أرض بجنب تلك
الأرض وجب عليه أن يوفيه منها وليس بعيدا من الصواب لأنه أقرب إلى المثل من الأرش إذا تقرر هذا فنقول لا يسقط خيار المشترى بأن يحط البايع من الثمن قدر النقصان
الثاني أن يبيعه مختلف الأجزاء كالأرض والثوب فيزيد على المشترى مثل أن يبيعه على أنها عشرة أذرع فتخرج أحد عشرة فالخيار هنا للبايع بين الفسخ والامضاء للجميع بكل الثمن
ولا يمكن أن يجعل ذراع منه للبايع لان ذلك مختلف ولأنه يؤدى إلى الاشتراك ولم يرضيا بذلك ويحتمل ثبوت الزيادة للبايع فيتخير المشترى حينئذ للتعيب بالشركة فإن دفع
البايع الجميع سقط خياره ويحتمل عدم سقوطه والأول أقوى لان زيادة العين هنا كزيادة الصفة إذ العقد يتناول القطعة المعينة فزيادة الذراع زيادة وصف يجب على
494

المشترى قبوله كما لو دفع إليه أجود وللشافعي قولان في صحة البيع وبطلانه إذ لا يمكن إجبار البايع على تسليم
الزيادة ولا المشترى على أخذ ما سماه فإن صححه فالمشهور عنده إن
للبايع الخيار فإن أجاز فالجميع للمشتري ولا يطالبه للزيادة بشئ واختار بعض الشافعية إنه لا خيار للبايع ويصح البيع في الكل بالثمن وينزل شرطه منزلة ما لو شرط كون المبيع
معيبا فخرج سليما لا خيار له فعلى المشهور لو قال المشترى لا نفسخ فإني اقنع بالقدر المشروط والزيادة لك فهل يسقط خيار البايع فيه قولان السقوط لزوال الغنى عن البايع
وعدمه لان ثبوت حق المشترى على الشياع يجر ضررا ولو قال لا نفسخ حتى أزيدك في الثمن لما زاد لم يكن له ذلك ولم يسقط خيار البايع عندنا (وعند الشافعي صح) قولا واحدا وكذا حكم الثوب والشياة
لو باعها على أنها عشرون رأسا فنقصت أو زادت الثالث أن يكون متساوي الأجزاء وينقص والخلاف هنا كما تقدم في المختلف لكن بعض من خير المشترى بين الاخذ
بالجميع أو الفسخ هناك جعل له الخيار هنا بين أخذ الحصة من الثمن والفسخ لما مر من الفرق الرابع أن يبيع متساوي الأجزاء ويزيد فالخلاف الخلاف في المختلف مع الزيادة
لكن بعض من أبطل البيع أولا أو قال بأنه يأخذ الجميع بالمسمى خير هنا المشترى بين الفسخ والاخذ للمشترط بالمسمى فيرد الزيادة إلى البايع - ى - لو باع شيئا بشرط نفى خيار
المجلس وقبله المشترى جاز عندنا ولزم البيع والشرط لصحته لتضمنه إسقاط حق المشترى من الرجوع فيما وقع صحيحا أو حق البايع وللشافعية طريقان أظهرهما لان (أن خ ل) المسألة على
القولين الصحة لقوله (ع) المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار وأراد البيع الذي نفى عنه الخيار واستثناه من قوله بالخيار وأصحهما عندهم البطلان فإن صح الشرط صح البيع
ولزم وإن أبطلنا الشرط ففي فساد البيع عندهم وجهان أصحهما عندهم نعم لأنه شرط ينافي مقتضى العقد فأشبه ما إذا قال بعتك بشرط أن لا أسلمه - يا - لو باع الغايب بشرط
نفى خيار الرؤية فالأقوى عندي الجواز كما لو أسقط خياره لو وجده ناقصا عن شرطه وللشافعية فيه الخلاف الذي سبق في شرط نفى خيار المجلس وأكثرهم قطعوا هنا
بفساد الشروط والبيع معا لان المشترى لم ير المبيع ولا عرف حاله فنفى الخيار فيه يؤكد الغرر بخلاف نفى خيار المجلس لأنه غير مخل بمقصود العقد ولا يثبت فيه غرر وإنما
أثبته الشرع على سبيل الارفاق بالمتعاقدين فجاز أن يكون نفيه غير قادح - يب - لو قال لعبده إذا بعتك فأنت حر لم يصح لبطلان العتق المعلق عندنا ويجوز عند الجمهور
نعم يجوز عندنا تعليق نذر العتق كأن يقول الله على إن أعتقك إذا بعتك فعلى ما اختاره الجمهور في الصورة الأولى لو باعه بشرط نفى الخيار قالت الشافعية إن قلنا البيع باطل
أو قلنا الشرط صحيح لم يعتق أما على التقدير الأول فلان اسم البيع يقع على الصحيح ولم يوجد وأما على الثاني فلان ملكه قد زال والعقد قد لزم ولا سبيل له إلى إعتاق ملك
الغير وإن قلنا العقد صحيح والشرط باطل عتق لبقاء الخيار ونفوذ العتق من البايع في زمان الخيار وقال أبو حنيفة ومالك لا يعتق إلا أن يبيع بشرط الخيار لان خيار
المجلس غير ثابت عندهما وعلى الصورة التي تجوز عندنا وهو النذر لو باعه بشرط نفى الخيار لم يصح البيع لصحة النذر فيجب الوفاء به ولا يتم برفع الخيار وعلى قول بعض
علمائنا من صحة البيع مع بطلان الشروط يلغو الشرط ويصح البيع ويعتق - يج - يجوز أن يجمع بين شيئين مختلفين فما زاد في عقد واحد كبيع وسلف وإجارة أو بيع ونكاح وإجارة
أو إجارة وبيع وكتابة ونكاح ويقسط العوض على قيمة المبيع وإجارة المثل ومهر المثل من غير حصر لمهر المثل على إشكال ولو كان أحد الأعواض مؤجلا قسط المسمى عليه
كذلك فلو باعه عبدا يساوى عشرة حالا وعشرين مؤجلا إلى سنة مثلا وآجره داره مدة سنة بعشرين وثمن المبيع مؤجل سنة والعوض عشرون قسط بينهما بالسوية. خاتمة
يتعلق بحكم البيع الفاسد. مسألة. البيع الفاسد لا يفيد ملكية المشترى للمعقود عليه سواء فسد من أصله أو باقتران شرط فاسد أو بسبب آخر ولو قبضه لم يملكه بالقبض
ولو تصرف فيه لم ينفذ تصرفه فيه عند علمائنا أجمع وبه قال مالك والشافعي واحمد لقوله تعال " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " وقول الصادق (ع) يشترى الجارية من السوق
فيولدها ثم يجئ مستحق الجارية فقال يأخذ الجارية المستحق ويدفع إليه المبتاع قيمة الولد ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد الذي أخذت منه وقال أبو حنيفة
إن اشترى بما لا قيمة له كالدم والميتة فالحكم كما قلناه وإن اشتراه بشرط فاسد أو بما له قيمة في الجملة كالخمر والخنزير ثم قبض المبيع بإذن البايع ملكه ونفذ تصرفه فيه لكن
للبايع أن يسترده بجميع زوايده المتصلة والمنفصلة ولو تلف في يده أو زال ملكه عنه ببيع أو هبة أو إعتاق وبالجملة كل تصرف يمنع من الرجوع فعليه قيمته إلا أن يشترى
عبدا بشرط العتق فإنه قال يفسد العقد وإذا تلف في يده فعليه الثمن ويكره للمشترى التصرف فيها فإن وطئها ردها ومهرها فإن قال بعتكها ولم يذكر العوض ملكها
بالقبض ولو قال بعتكها بغير عوض لم يملك بالقبض واستدل بحديث بريرة فإن عايشه اشترتها واشترطت لمواليها الولاء فقبضتها وأعتقها فأجاز النبي صلى الله عليه وآله العتق وهذا العقد
فاسد ولان المشترى على صفة يملك المبيع إبتداء العقد وقد حصل عليه ضمان بدله من عقد فيه تسليط فوجب أن يملكه كما لو كان العقد صحيحا وحديث بريرة ممنوع
سلمناه لكن يحتمل أن الشرط وقع قبل العقد أو بعد تمامه والبيع الصحيح لا يملك فيه بالقبض ويملك عليه فيه المسمى بخلاف المتنازع ومع الفرق يبطل القياس ثم يعارضه
بأنه مبيع مسترد بزوايده المتصلة والمنفصلة فلا يثبت الملك فيه للمشترى كما لو اشترى بدم أو ميتة عنده. مسألة. إذا اشترى شراء فاسد أوجب عليه
رده على مالكه لعدم خروجه عنه بالبيع وعليه مؤنة الرد كالمغصوب لوجوب ما لا يتم الواجب إلا به وليس للمشترى حبسه لاسترداد الثمن وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر
له ذلك وبه قال أبو حنيفة ولا يتقدم به على الغرماء وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر يتقدم وبه قال أبو حنيفة ويجب عليه أيضا أجرة المثل للمدة التي كانت في يده سواء استوفى
المنفعة أو تلفت تحت يده لان يده تثبت عليه بغير حق فهو كالمغصوب ولو زادت العين في يد المشترى زيادة منفصلة كالولد والثمرة أو متصلة كالسمن وتعلم
الصنعة وجب عليه رد الزيادة أيضا لأنها نماء ملك البايع فيتبع (الملك صح) فإن تلفت الزيادة ضمنها المشترى وهو أحد وجهي الشافعية وفي الاخر لا يضمنها المشترى عند التلف
وإن نقصت وجب عليه رد أرش النقصان لان الجملة مضمونة عليه حيث قبضها بغير حق ولأنه قبضها على سبيل المعاوضة فأشبهت المقبوض على وجه السوم وإن تلف جميعها
وجب عليه قيمتها يوم التلف كالعارية ويحتمل يوم القبض ويحتمل أكثر القيم من حين القبض إلى حين التلف كالمغصوب فإنه في كل آن مخاطب من جهة الشرع بالرد هذا
إذا لم يكن مثليا وإن كان مثليا وجب رد مثله لأنه أقرب إلى العين من القيمة ولا يضمن تفاوت السعر كما لو كانت العين باقية ودفعها لم يضمن تفاوت السوق وللشافعي
هذه الأقوال الثلاثة ولو اتفق على العبد أو الدابة مدة مقامه في يده لم يرجع على البايع إن كان عالما بفساد البيع لأنه يكون كالمتبرع وبالانفاق على مال الغير وإن كان جاهلا
رجع لان الغار هو البايع وللشافعي في الجاهل وجهان هذا أحدهما. مسألة. لو كان المبيع بالعيب الفاسد جارية لم يجز للمشترى وطؤها وبه قال أبو حنيفة والشافعي
وإن ذهب أبو حنيفة إلى الملك بما تقدم من الشروط فإن وطئها عالما بالتحريم وجب عليه الحد مطلقا عندنا لأنه وطئ ملك الغير بغير إذنه مع علمه بالتحريم وانتفاء الشبهة
عنه إذ التقدير العلم بالتحريم فكان زانيا يجب عليه الحد وللشافعي أقوال أحدهما ثبوت الحد إن اشتراها بميتة أو دم وسقوطه إن اشتريها بماله قيمة كالخمر والخنزير
أو بشرط فاسد لاختلاف العلماء كالوطئ في النكاح بلا ولى والثاني وجوب الحد مطلقا لان أبا حنيفة لم يبح الوطي وإن كان يثبت الملك بخلاف الوطي في النكاح بلا ولى
والثالث سقوط الحد مطلقا لأنه يعتقد أنها ملكه ولان في الملك اختلافا وليس بمعتمد ويجب المهر سواء سقط الحد أو لا ولا يسقط بالاذن الذي يتضمنه التمليك
495

الفاسد وقال الشافعي إذا لم يجب الحد يجب المهر لان الحد إذا سقط للشبهة لم يسقط المهر وهل يشترط في وجوبه عدم علمها بالتحريم الأقرب عندي العلم لأنها ملك الغير
فلا عبرة بالعلم في طرفها بخلاف الحرة حيث سقط مهرها مع علمها بالتحريم لان الجارية (هنا صح) مال فالتصرف فيها بالوطئ تصرف في مال الغير بغير إذنه فكان عليه عوض ويحتمل
السقوط لنهيه (ع) عن مهر البغى ثم إذا وجب المهر لا يخلو إما أن يكون ثيبا أو بكرا فإن كانت ثيبا وجب مهر مثلها وإن كانت بكرا وجب مع المهر أرش البكارة أما مهر البكر
فللاستمتاع بها وأما أرش البكارة فلإتلاف ذلك الجزء لا يقال كيف يجب المهر مع أن السيد أذن في الوطي ومعلوم أن السيد لو أذن في وطى أمته لم يجب المهر فكيف يجب مع
مهر البكر أرش البكارة مع أن الرجل إذا نكح نكاحا فاسدا حرة وأزال بكارتها إنه لا يضمن البكارة لأنا نقول أما الاذن فيمنع حصوله من السيد وإنما ملكه الجارية والتملك
إذا كان صحيحا تضمن إباحة الوطي وإذا كان فاسدا لم يتجه فلم يسقط بذلك ضمانه والنكاح تضمن في الحرة الاذن في الوطي لأنه معقود على الوطي والوطي يتضمن إتلاف البكارة
وليس كذلك البيع فإنه ليس بمعقود على الوطي ولهذا يجوز شراء من لا يحل وطؤها ولا يصح نكاحا ولأنها سلمت نفسها في النكاح لا على وجه الضمان لبدنها وهنا البيع يقتضى
ضمان البدن فافترقا لا يقال إذا أوجبتم مهرا البكر فكيف يوجبون ضمان البكارة وقد دخل ضمانها في المهر لأنا نقول إتلاف البكارة إتلاف جزء من البدن والمهر ضمان
المنفعة فلا يدخل أحدهما في الآخر لا يقال إذا ضمن البكارة ينبغي أن يجب مهر يثبت لأنه قد ضمن البكارة ويجرى مجرى من أزال بكارتها بإصبعه ثم وطؤها لأنا نقول إذا وطئها
بكرا فقد استوفى منفعة هذا الجزء فوجب عليه قيمة ما استوفى من المنفعة فإذا أتلفه وجب ضمان عيبه ويحتمل أن عليه عشر قيمتها إن كانت بكرا ونصف العشر إن كانت
ثيبا لما روى عن الصادق (ع) في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة إلى أن قال وإن كان زوجها ولى لها رجع على وليها بما أخذته ولمواليها عليه إن كانت بكرا عشر قيمتها بما
استحل من فرجها. فروع: - آ - لو حملت هذه الجارية من المشترى لحق به الولد لأنه وطئها بشبهة فيكون حرا لان الشبهة من جهة الملك ولا يمسه الرق ولا يثبت عليه ولاء.
بل هو حر الأصل ويجب على الواطئ قيمته للبايع لأنه نماء ملكه وقد حال بينه وبينه بالحرية فكان عليه قيمته ولقول الصادق (ع) في رجل اشترى جارية فأولدها فوجدت
الجارية مسروقة قال يأخذ الجارية صاحبها ويأخذ الرجل ولده بقيمته - ب - لو نقصت بالولادة وجب عليه مع قيمة الولد أرش نقصان الولادة ولا يجبر الولد النقصان
وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجبر الولد النقصان وسيأتى بطلانه في باب الغصب إن شاء الله تعالى - ج - يعتبر قيمة الولد يوم سقوطه حيا لأنه وقت الحيلولة بينه وبين صاحبه ولو سقط
ميتا فلا شئ لأنه لا قيمة له حينئذ ولا يقوم قبل سقوطه لأنه لا قيمة له حينئذ فإذا لم يكن له قيمة حين سقط لم يضمن وهو قبل ذلك لا قيمة له لا يقال لو ضربه أجنبي فسقط ميتا وجب عليه
الضمان وكان للسيد من ديته أقل الأمرين من دية الجنين ومن قيمته يوم سقط لأنا نقول الواطي يضمنه بالحيلولة بينه وبين سيده ووقت الحيلولة حين السقوط وكان
ميتا فلم يجب ضمانه وضمان الضارب قايم مقام خروجه حيا فلهذا ضمنة للبايع وإنما ضمن الأقل لان دية الجنين إن كانت أقل لم يضمن أكثر من ذلك لان بسبب ذلك ضمن وإن
كانت القيمة أقل كان الباقي لورثته ويطالب به المالك من شاء من الجاني والمشترى وقال أبو حنيفة يعتبر قيمة الولد يوم المحاكمة - د - قيمة الولد تستقر هنا على المشترى أما لو اشترى
جارية واستولدها فخرجت مستحقه يغرم قيمة الولد ويرجع على البايع لأنه غره إن كان جاهلا بالحال وإن علم عدم استحقاق البايع لها لم يرجع لعدم المقتضى للرجوع - ه‍ -
لو سلم الجارية المبيعة إلى البايع حاملا فولدت في يد البايع ضمن المشترى ما نقص بالولادة ولو ماتت من ذلك ضمن القيمة لثبوت السبب في يده فكان كوجود السبب عنده وكذا لو أحبل أمة
غيره بشبهة فماتت في الطلق أما لو أكره امرأة حرة على الزنا فحملت ثم ماتت في الطلق احتمل الضمان أيضا لأنه سبب في الاتلاف وعدمه وللشافعي قولان فعلى الثاني الفرق إن الولد
لا يلحق بالزاني فلم يثبت تكونه منه وهنا قد ثبت كونه منه ولان ضمان المملوك أوسع من ضمان الحر لأنه يضمن باليد وبالجناية فجاز أن يضمن المملوكة بذلك دون الحرة - و -
هذه الأمة لو حبلت لم يكن في الحال أم ولد إذ هي ملك الغير في نفس الامر فإن ملكها المشترى بعد ذلك في وقت ما من الدهر قال الشيخ يصير أم ولد بناء منه على أن من أولد من
جارية غيره ولدا حرا ثم ملكها فإنها تصير أم ولد لأنها علقت منه بحر فأشبه مملوكته والمعتمد خلافه لرواية ابن مارد ولأنها حملت في ملك غيره فأشبهت الأمة المزوجة
وللشافعي قولان ولو علقت بمملوك لم تضر أم ولد إلا في مسألة واحدة وهي المكاتب إذا وطئ أمته فإذا ملكها بعد ذلك فالاحتمالان وللشافعي القولان أيضا. مسألة.
لو باع المشترى فاسدا ما اشتراه لم يصح لأنه لم يملكها بالشراء الأول ويجب على المشترى الثاني ردها على البايع الأول فإن تلفت في يد المشترى الثاني كان للمالك أن
يطالب بقيمتها من شاء منهما لان الأول ضامن والثاني قبضها من يد ضامنه بغير إذن صاحبها فكان ضامنا ولأنه دخل فيها على وجه الضمان كالمشتري الأول ومتى
تعتبر القيمة لعلمائنا قولان أحدهما حين التلف وهو الأقوى لأنه قبضها بإذن مالكها فلم يضمن إلا يوم التلف كالعارية ولأنه في كل حال مخاطب برد العين لا غير (القيمة صح) وإنما
تعلقت بذمته يوم التلف ولو كانت العين موجودة لم يضمن تفاوت القيمة السوقية والثاني إنه يضفها بالأكثر من قيمتها من حين القبض إلى حين التلف لأنه في كل حال
مأمور بردها فإذا لم يفعل وجب عليه قيمتها في تلك الحال كالمغصوب ويمنع وجوب القيمة إذا لم يفعل بل إذا تلفت والتقدير بقاؤها إذا ثبت هذا فالحال لا يخلو إما أن
يكون قيمته في يد الأول والثاني على السواء وإلا فإن كان الأول بالقيمة على من شاء كما قلناه لكن يستقر الضمان على الثاني فإذا رجع المالك عليه لم يرجع الثاني على الأول بشئ
لاستقرار التلف في يده وإن كان الثاني فلا يخلو إما أن يكون الزيادة في يد الأول بأن كانت تساوى في يده مأتين ثم صارت تساوى مأة ثم باعها فإن رجع على الأول رجع
بمأتين ورجع الأول على الثاني بمائه وإن رجع على الثاني ورجع بمائة ويرجع على الأول بالمائة الأخرى ولا يرجع الأول على الثاني بشئ وإما أن يكون الزيادة في يد الثاني
فإن رجع على الأول رجع عليه بالمأة لا غير ويرجع على الثاني بالمأة الزايدة لحصولها في يده وتلفها في يده
ويرجع الأول على الثاني بالمائة الأصلية التي أخذها المالك
منه وإن رجع على الثاني رجع عليه بالمأتين ولا يرجع على الأول بشئ هذا إذا قلنا بأنه يرجع بأكثر القيم وإن قلنا يرجع بالقيمة يوم التلف لا غير فإن كانت قيمته حينئذ أقل من
قيمتها مع الأول رجع بها خاصة وإن كانت أكثر رجع بها على الثاني ولا يرجع الثاني على الأول بشئ هذا كله فيما إذا كانت العين من ذوات القيم وإن كانت من ذوات
الأمثال رجع بالمثل على من شاء ويكون الحكم ما تقدم فإن تعذر المثل رجع بالقيمة حين الاعواز ولو كان المشترى الثاني قد دفع إلى الأول الثمن رجع به عليه. تنبيه
إذا كان البيع فاسدا وتقابضا الثمن والمثمن وأتلف البايع الثمن لم يكن للمشترى إمساك العبد عليه بل يجب رده على البايع ويكون المشترى من جملة الغرما لأنه لم يقبضه
وثيقة وإنما قبضه على أنه يملكه فإذا بان بخلاف ذلك وجب رده وبه قال بعض الشافعية وقال أبو حنيفة للمشترى إمساك العبد ويكون أحق به من بين ساير الغرماء فيستوفى
منه الثمن. مسألة. لو فسد العقد بشرط فاسد ثم حذفا الشرط لم ينقلب العقد صحيحا سواء كان الحذف في المجلس أو بعده وبه قال الشافعي في أحد القولين لأنه وقع باطلا
ولا موجب لتصحيحه والأصل بقاء ما كان على ما كان ولان العقد الفاسد لا عبرة به فلا يكون لمجلسه حكم بخلاف الصحيح وقال أبو حنيفة إن كان الحذف في المجلس انقلب
صحيحا وهو القول الآخر للشافعي. مسألة. لو زاد في الثمن أو المثمن أو زاد شرط الخيار أو الاجل أو قدرهما فإن كان بعد لزوم العقد لم يلحق بالعقد لان زيادة الثمن
496

لو التحقت بالعقد لوجب على الشفيع كل ذلك والتالي باطل إجماعا وكذا الحكم في رأس مال السلم والمسلم فيه والصداق وغيرها وكذا لو نقص في مدة الخيار من الثمن وغيره
ولا يلتحق بالعقد حتى يأخذ الشفيع بما سمى في العقد لا بما بقى بعد الحط وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة الزيادة في الثمن والصداق ورأس المال في السلم يلزم وكذا في
الثمن إن كان باقيا وإن كان تالفا فله مع أصحابه اختلاف فيه ولا يثبت في المسلم فيه على المشهور وشرط الاجل يلتحق بالعقد في الثمن والأجرة والصداق وساير الأعواض
قال فأما الحط فإن حط البعض يلتحق بالعقد دون حط الكل وإن كانت هذه الالحاقات قبل لزوم العقد بأن كانت في مجلس العقد أو في زمن الخيار المشروط
فعندنا لا يلتحق كما لا يلتحق بعد لزوم العقد لتمام العقد كما بعد اللزوم وللشافعي ثلاثة أقوال هذا أحدها والثاني إنها يلحق في خيار المجلس دون خيار الشرط
لان مجلس العقد كنفس العقد ألا ترى إنه يصلح للتعيين رأس مال السلم والعوض في عقد الصرف بخلاف زمان الخيار المشروط والثالث إنها يلحق إما في مجلس
العقد فلما ذكرناه وإما في زمن الخيار المشروط ولأنه في معناه من حيث إن العقد غير مستقر بعد والزيادة قد تحتاج إليها لتقدير العقد فإن زيادة العوض
من أحدهما تدعو الآخر إلى إمضاء العقد ثم اختلف أصحابه فقال بعضهم (هذا الجواز مطلق قال بعضهم صح) بل هو مفرع على قولنا إن الملك في زمن الخيار للبايع فأما إذا قلنا إنه للمشترى أو قلنا
إنه موقوف وإمضاء العقد لم يلتحق كما بعد اللزوم وإن قلنا إنه موقوف واتفق الفسخ فيلحق ويرتفع بارتفاع العقد لأنا إذا قلنا إن الملك للمشترى فالزيادة في الثمن
لا يقابلها شئ من الثمن وكذا الاجل والخيار ولا يقابلهما شئ من العوض وحينئذ يمتنع الحكم بلزومهما وإذا قالوا إنها تلتحق فالزيادة تجب على الشفيع كما تجب على المشترى
وفي الحط قبل اللزوم مثل هذا الخلاف فإن الحق بالعقد الحط عن الشفيع أيضا وعلى هذا الوجه ما يلتحق بالعقد من الشروط الفاسدة قبل انقضاء الخيار بمثابة ما لو
اقترنت بالعقد في إفساده وإن حط جميع الثمن كان كما لو باع بغير ثمن وقد قلنا ما عندنا في ذلك وقد بقى من المناهي ما يذكر في مظانه كالمحاقلة والمزابنة ويذكر إن في
بيع الثمار لتعلقها بها وغير ذلك من المناهي المحرمة والمكروهة يذكر إن شاء الله تعالى في لواحق البيع. المقصد الثاني في أنواع البيع وفيه فصول الأول في
الحيوان وفيه مطلبان الأول الأناسي من أنواع الحيوان إنما يملكون بسبب الكفر الأصلي إذا سبوا ثمن يسرى الرق إلى ذرية المملوك وأعقابه وإن أسلموا ما لم يتحرروا
بسبب من أسباب التحرير سئل الصادق (ع) عن قوم مجوس خرجوا على ناس من المسلمين في أرض الاسلام هل يحل قتالهم قال نعم وسبيهم وسئل الكاظم (ع) عن القوم
يغيرون على الصقالية والنوبة فيسترقون أولادهم من الجواري والغلمان فيعمدون إلى الغلمان فيخصونهم ثم يبعثون إلى بغداد إلى التجار فما ترى في شرائهم ونحن
نعلم أنهم مسروقون إنما أغار عليهم من غير حرب كانت بينهم فقال لا بأس بشرائهم إنما أخرجهم من الشرك إلى دار الاسلام ولو التقط الطفل من دار الحرب ولا
مسلم فيها ملك ولا يملك لو التقط من دار الاسلام ولا من دار الحرب إذا كان فيها مسلم لجواز أن يكون منه لقول الصادق (ع) المنبوذ حر وسئل الباقر (ع) عن اللقيطة
فقال حرة لا تباع ولا توهب فإذا انتفى هذا التجويز ملك ولو أقر اللقيط من دار الاسلام بعد بلوغه بالرقية قبل لقوله (ع) إقرار العقلاء على أنفسهم جايز وقيل لا
يقبل للحكم بحريته أولا شرعا فلا يتعقبه الرق أما لو كان معروف النسب فإنه لا يقبل إقراره بالرقية قطعا وبالجملة كل من أقر على نفسه بالعبودية وكان بالغا رشيدا مجهول
النسب حكم عليه بها سواء كان المقر له مسلما أو كافرا وسواء كان المقر مسلما أو كافرا ولو رجع بعد إقراره عنه لم يلتفت إلى رجوعه لاشتماله على تكذيب إقراره و
دفع ما يثبت عليه عنه لغير موجب ولو أقام بينة لم تسمع لأنه بإقراره أولا قد كذبها أما لو اشترى عبدا فادعى الحرية قبلت دعواه مع البينة وإلا فلا سئل الصادق (ع)
عن شراء مماليك أهل الذمة إذا أقروا لهم بذلك فقال إذا أقروا لهم بذلك فاشتروا نكح. مسألة. العبد الذي يوجد في الأسواق يباع ويشترى يجوز شراؤه وإن
ادعى الحرية لم يقبل منه ذلك إلا بالبينة وكذا الجارية لان ظاهر التصرف يقضى بالرقية ولما رواه حمزة بن حمران في الصحيح إنه سئل الصادق (ع) قال أدخل السوق وأريد
اشترى جارية فتقول إني حرة فقال اشترها إلا أن يكون لها بينة وفي الصحيح عن العيص بن القاسم قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن مملوك ادعى إنه حر ولم يأت ببينة على ذلك
اشتريه قال نعم أما لو وجد في يده وادعى رقية ولم يشاهد شراؤه له ولا بيعه إياه فإن صدقه حكم عليه بمقتضى إقراره وإن كذبه لمن يقبل دعواه الرقية إلا بالبينة
عملا بأصالة الحرية وإن سكت من غير تصديق ولا تكذيب فالوجه إن حكمه حكم التكذيب إذ قد يكون السكون لأمر غير الرضا وإن كان صغيرا فإشكال أقربه أصالة الحرية
فيه. مسألة. يملك الرجل كل بعيد وقريب سوى أحد عشر الأب والام والجد والجدة لهما أو لأحدهما وإن علوا والولد ذكرا كان أو أنثى وولد الولد كذلك و
إن نزل والأخت والعمة والخالة وإن علتا كعمة الأب وخالته وعمة الجد وخالته وهكذا في التصاعد سواء كانت لأب أو لام أو لهما وبنت الأخ وبنت الأخت وإن نزلتا
سواء كانت الاخوة من الأبوين أو من أحدهما فمن ملك أحد هؤلاء عتق عليه أما المرأة فتملك كل أحد سوى الأب والام والجد والجدة وإن علوا والأولاد وإن نزلوا. مسألة.
الرضاع يساوى النسب في تحريم النكاح إجماعا وهل يساويه في تحريم التملك لعلمائنا قولان أحدهما نعم وهو الأقوى لما رواه ابن سنان في الصحيح قال سئل أبو عبد الله (ع)
وأنا حاضر عن امرأة وضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته هل يحل لها بيعه قال فقال لا هو ابنها من الرضاعة حرم عليها بيعه وأكل ثمنه قال ثم قال أليس قد قال رسوله
الله صلى الله عليه وآله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وعن السكوني عن الصادق وعن الباقر (على) إن عليا (ع) أتاه رجلا فقال إن أمتي أرضعت ولدى وقد أردت بيعها فقال خذ
بيدها فقل من يشترى منى أم ولدى فيحرم على الرجل أن يملك من الرضاع ما يحرم أن يملكه من النسب كالأب وإن علاء والام والبنت وإن نزلت وغيرهم مما تقدم وكذا المرأة
يحرم عليها أن تملك من الرضاع ما يحرم عليها من النسب. مسألة. يكره للانسان أن يملك القريب غير ما ذكرناه كالأخ والعم والخال وأولادهم وتتأكد في الوارث
ويصح أن يملك كل من الزوجين صاحبه لعدم المقتضى المنع لكن الزوجية تبطل ولو ملك كل منهما بعض صاحبه بطل النكاح أيضا وما يؤخذ من دار الحرب بغير إذن الإمام
فهو للامام خاصة للرواية لكن رخصوا عليهم السلام لشيعتهم خاصة في حال غيبة الإمام (ع) التملك والوطي وإن كانت للامام أو بعضها ولا يجب إخراج حصة غير
الامام منها لتطيب مواليد الشيعة ولا فرق بين أن يسبيهم المسلم أو الكافر من أهل التملك والمحل قابل للملكية وكل حربي قهر حربيا فباعه صح بيعه وإن كان أخاه
أو زوجته أو ابنه أو أباه وبالجملة كل من ينعتق عليه وغيرهم لان الصادق (ع) سئل عن رجل يشترى من رجل من أهل الشرك (ابنته فيتخذها قال لا بأس ولان الصادق (ع) سئل عن الرجل يشترى امرأة رجل من أهل الشرك صح) يتخذها قال لا بأس أما غير من ينعتق
عليه فلان القاهر مالك المقهور بقهره إياه وأما من ينعتق عليه ففيه إشكال ينشأ من دوام القرابة الرافعة للملك بالقهر والتحقيق
صرف الشراء إلى الاستنقاذ وثبوت الملك للمشترى بالتسلط ففي لحوق أحكام البيع حينئذ نظر. المطلب الثاني في الاحكام. مسألة. كما يصح ابتياع
جملة الحيوان كذا يصح ابتياع أبعاضه بشرطين الإشاعة وعلم النسبة كالنصف والثلث إجماعا لوجود المقتضى خاليا عن المعارض ولا يصح بيع الجزء المعين فلو باعه
يده أو رجله أو نصفه الذي فيه رأسه والآخر بطل لعدم القدرة على التسليم وكذا لا يصح أن يبيع جزءا مشاعا غير معلوم القدر مثل أن يبيعه جزء منه أو نصيبه أو أشياعه
497

أو حطا أو قسطا أو سهما بطل للجهالة ويصح لو باعه نصفه أو ثلثه أو غير ذلك من الأجزاء المشاعة المعلومة ويحمل مطلقة على الصحيح كما لو باعه النصف فإنه يحمل على
الجزء المشاع لأصالة صحة العقد أما المذبوح فالأقوى عندي جوازه لزوال المانع هناك فإن القدرة على التسليم ثابتة هنا فيبقى المقتضى للصحة خاليا عن المانع
مسألة. لو استثنى البايع الرأس أو الجلد في الحي فالأقرب بطلان البيع فيه في السفر والحضر وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال احمد يجوز ذلك وتوقف في استثناء الشحم
وقال مالك يجوز ذلك في السفر ولا يجوز في الحضر لان المسافر لا يمكنه الانتفاع بالجلد والسواقط فجوز له أن يشترى اللحم دونها وهو خطأ لجواز انتفاعه ببيعها وغيره
من الطبخ وشبهه وقال بعض علمائنا يكون للبايع بنسبة ثمن الرأس والجلد إلى الباقي وكذا لو اشترك اثنان في شراء شاة وشرط حدهما الرأس والجلد لم يصح وكان له بقدر
ماله لرواية السكوني عن الصادق (ع) قال اختصم إلى أمير المؤمنين (ع) رجلان اشترى أحدهما من الآخر بعيرا واستثنى البيع الرأس والجلد ثم بدا للمشترى أن يبيعه فقال للمشترى
هو شريكك في البعير على قدر الرأس والجلد وعن هارون بن حمزة الغنوي عن الصادق (ع) في رجل شهد بعيرا مريضا وهو يباع فاشتراه رجل بعشرة دراهم فجاء
واشترك فيه رجل آخر بدرهمين بالرأس والجلد فقضى أن البعير برئ فبلغ ثمانية دنانير فقال لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ فإن قال أريد الرأس والجلد فليس له ذلك
هذا للضرار وقد اعطى حقه إذا اعطى الخمس. فروع: - آ - قد نقلنا الخلاف في الصحة والبطلان والأقرب عندي التفصيل وهو صحة أن يستثنى البايع الرأس والجلد في المذبوح
والبطلان في الحي - ب - لا فرق بين الرأس والجلد وغيرهما من الأعضاء ولو استثنى الشحم بطل البيع في الحي والمذبوح وكذا لو استثنى عشرة أرطال من اللحم فيهما معا
- ج - لو اشترك اثنان في شراء حيوان أو غيره وشرط أحدهما لنفسه الشركة في الربح دون الخسران فالأقرب بطلان الشرط ولو شرطا أيكون لأحدهما رأس المال والربح والخسران
للاخر احتمل الجواز - د - لو قال إنسان اشتر حيوانا أو غيره بشركتي أو بيننا فأشتراه كذلك صح البيع لهما وعلى كل منهما نصف الثمن لأنه عقد يصح التوكيل فيه فيلزم الموكل
حكم ما فعله الوكيل فإن أدي أحدهما الجميع بإذن الآخر في الانقاد عنه لزمه قضاؤه لأنه أمره بالأداء عنه ولو لم يأذن له في الأداء عنه بل تبرع بذلك لم يجب عليه القضاء
وكان شريكا في العين ولو تلفت العين كانت بينهما ثم رجع الاخر على الآمر بما نقده عنه بإذنه. مسألة. لو اشترى اثنان جارية حرم على كل واحد منهما وطؤها فإن وطؤها
أحدهما لشبهة فلا حد لقوله (ع) أدرأوا الحدود بالشبهات ولو كان عالما بالتحريم سقط من الحد بقدر نصيبه وحد بقدر نصيب شريكه فإن حملت قوم عليه حصة الشريك و
انعقد الولد حرا وإن كان عالما بالتحريم لتمكن الشبهة فيه بسبب الملكية التي له فيها وعلى أية قيمة حصة الشريك منه يوم الولادة لأنه وقت الحيلولة وأول أوقات التقويم
إذا تقرر هذه فإنه لا يقوم هذه الأمة على الواطئ الشريك بدون الحمل خلافا لبعض علمائنا لعدم المقتضى له ويحتمل التقويم بمجرد الوطي لامكان العلوق منه وتحفظ
من اختلاط الأنساب وفي رواية ابن سنان قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل اشتركوا في أمة فيتمنوا بعضهم على أن يكون الأمة عنده فوطئها قال يدرء عنه من الحد بقدر
ماله فيها من النقد ويضرب بقدر ما ليس له فيها ويقوم الأمة عليه بقيمة ويلزمها فإن كانت القيمة أقل من الثمن الذي اشتريت به الجارية الزم ثمنها الأول وإن كان
قيمتها في ذلك اليوم الذي قومت بها أكثر من ثمنها الزم ذلك الثمن وهو صاغر لأنه استفرشها قلت فإن أراد بعض الشركاء شرائها دون الرجل قال ذلك له وليس له أن يشتريها
حتى تستبرء وليس على غيره أن يشتريها إلا بالقيمة وهذه الرواية غير دالة على المطلوب من وجوب التقويم بنفس الوطي لأنه سوغ لغيره من الشركاء شرائها فلو وجب التقويم
لم يجز ذلك إذا ثبت هذا فنقول لو أراد الوطي شرائها بمجرد الوطئ لم تجب إجابته لكن يستحب ومع الحمل يجب التقويم فإذا قومت عليه بمجرد الوطي فلا يخلو إما أن يكون قيمة
الجارية حينئذ أقل من الثمن الذي اشتريت به أو أكثر أو مساويا فلا إشكال في المساوى والأكثر بل في الأقل فنقول لا يجب عليه زيادة عن القيمة وتحمل الرواية على ما إذا نقصت القيمة
بالوطي وإنه يجب عليه تمام الثمن إذا كانت الجارية تساويه لو لاه ويؤيده قليله بقوله لأنه استفرشها ولو أراد أحد الشركاء شرائها وأجيب إليه لم يجب عليه أكثر من القيمة لعدم
وقوع نقصان منه للعين وأوصافها. مسألة. لو اشترى حيوانا ثبت له الخيار مدة ثلاثة أيام على ما يأتي فلو باعه حيوانا ثم تجدد فيه بعد الشراء عيب قبل القبض
كان المشترى بالخيار بين الفسخ والامضاء وكذا غير الحيوان فإن اختار الفسخ فلا بحث وإن اختار الامضاء أمسك بجميع الثمن على رأى ومع الأرش على الأقوى لان الجميع
مضمون على البايع وكذا أبعاضه ولو تلف الحيوان بعد القبض في يد المشترى فضمانه على البايع أيضا إذا لم يحدث فيه المشترى حدثا ولا تصرف فيه إذا كان التلف في
الثلاثة لان الخيار فيها للمشترى فالضمان على البايع ولقول الصادق (ع) إن حدث بالحيوان قبل ثلاثة فهو من مال البايع أما لو أحدث فيه وتصرف ثم تلف لم يكن له
الرجوع على البايع شئ وكذا لو تلف بعد الثلاثة وإن لم يتصرف لسقوط الخيار حينئذ وكذا لو تلف غير الحيوان بعد القبض ولا خيار هناك فمن ضمان المشترى ولو تجدد
في الحيوان عيب في الثلاثة من غير جهة المشترى تخير كالأول في الرد والامساك مجانا أو مع الأرض على الأقوى لما تقدم من أن جميعه مضمون على البايع فكذا أبعاضه ولو كان
العيب سابقا كان له الرد مع عدم التصرف مطلقا سواء كان حيوانا أو غيره ذا خيار أو غيره وله الأرش مخيرا فيهما ولو تصرف لم يكن له الرد مطلقا إلا مع وطى الأمة الحامل
وحلب الشاة المصراة خاصة لكن يثبت له الأرش وإذا رد لم يلزمه سوى العين شئ لان القبب مضمون على البايع ولا يمنع العيب المتجدد من الرد بالعيب السابق أما
لو تجدد بعد الثلاثة أو كان المشترى قد تصرف في العين لم يكن له الرد لا مع الأرش ولا بدونه ووافقنا مالك على أن عهدة الرقيق ثلاثة أيام إلا في الجنون والجذام
والبرص فلها إذا ظهر في السنة يثبت الخيار كما قلناه نحن ومنع الشافعي من ذلك. مسألة. لو باع أمة أو دابة وكانت حبلى فإن شرط دخول الحمل في البيع بأن قال
بعتك هذه الأمة (وحملها لم يصح لأنه مجهول على ما تقدم وإن شرطه فقال بعتك هذه الأمة صح) بكذا والحمل لك دخل الحمل في البيع وكان مستحقا للمشترى كما لو اشترط دخول الثمرة وإن استثناه البايع
لم يدخل في البيع (وكان باقيا على ملكه وإن أطلق فكذلك يكون للبايع لأنه ليس جزء من الام فلا يدخل في مسماها وقال الشافعي لو أطلق دخل الحمل في البيع صح) تبعا لأنه كالجزء منه وهل يقابله
قسط من الثمن له خلاف أقوال يأتي ولو استثنى البايع الحمل ففي صحة البيع عنده وجهان إذا تقرر هذا فلو علم وجود الحلم عند البايع كان الولد له ما لم يشترطه المشترى ولو أشكل ولم
يعلم أنه هل تجدد عند المشترى أو كان عند البايع حكم به المشترى لأصالة العدم السابق فلو وضعت الجارية الولد لأقل من ستة أشهر فهو
للبايع ولو كان لأزيد من مدة الحمل فهو للمشترى ولو كان بينهما فكذلك فإن اختلفا في وقت ايقاع البيع فادعى المشترى تقدمه على ستة أشهر؟ والبايع تأخر عن ستة
أشهر قدم قول البايع مع عدم البينة واليمين ولو سقط الولد قبل قبضه أو في الثلاثة من غير فعل المشترى وكان الولد مشترطا في البيع قومت حاملا وحائلا وأخذ من
الثمن بنسبة التفاوت ولو اشترى الدابة أو الأمة على أنها حمل فلم تكن كذلك فله الرد مع عدم التصرف والأرش مع التصرف. مسألة. العبد والأمة لا يملكان
شيئا عند أكثر علمائنا سواء ملكهما مولاهما شيئا أو لا لا أرش جناية ولا فاضل ضريبة ولا غيرهما ووافقنا الشافعي في ذلك إذا لم يملكه مولاه فإن ملكه مولاه فقولان
أحدهما القديم إنه يملك وبه قال إلا أنه قال يملك وإن لم يملكه مواليه وذهب داود وأهل الظاهر واحمد في إحدى الروايتين والثاني للشافعي الجديد إنه لا يملك
كما قلناه نحن وبه قال أبو حنيفة والثوري واحمد في الرواية الأخرى وإسحاق وهو مذهب الشيخ أبى جعفر من علمائنا وقال أيضا إنه يملك فاضل الضريبة وأرش الجناية لنا قوله
498

تعالى " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ " وقوله تعالى " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقنا كم فأنتم فيه سواء " نفى عن المماليك
ملكية شئ البتة ولأنه مملوك فلا يكون مالكا لتوقف ملكيته لغيره على ملكيته لنفسه ولأنه مال فلا يصح أن يملك شيئا كالدابة احتجوا بما رواه العامة عن علي (ع)
من باع عبدا وله مال فماله للعبد إلا أن يستثنيه السيد ومن طريق الخاصة بما رواه زرارة قال سئلت الصادق (ع) الرجل يشتري المملوك وماله قال لا بأس به قلت
فيكون مال المملوك مما اشتراه به قال لا بأس ولأنه آدمي حي فأشبه الحر والجواب عن الأول إنه غير ثابت عندهم ومعارض بما رواه العامة وهو قوله (ع) من باع عبدا وله
مال فماله للبايع إلا أن يشترط المبتاع ولو ملكه العبد لم يكن للبايع (فلما جعله للبايع صح) دل على انتفاء ملكية العبد ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته
عن رجل باع مملوكا فوجد له مالا فقال المال للبايع إنما باع نفسه إلا أن يكون شرط عليه أن ما كان له من مال أو متاع فهو له والتقريب ما تقدم لا يقال لو لم يملك العبد شيئا
لم يصح الإضافة إليه ولأنه يملك النكاح لأنا نقول الإضافة إلى الشئ قد تصح بأدنى ملابسة كقولك لاحد حاملي الخشبة خذ طرفك وقال الشاعر إذا كوكب الحر فما أضاف
الكوكب إليها لشدة سيرها فيه وملك النكاح للحاجة إليه والضرورة لأنه لا يستباح في غير ملك ولأنه لما ملكه لم يملك السيد إزالة يده عنه بخلاف المال فافترقا
فروع: - آ - قال الشيخ (ره) إذا باع العبد وله مال فإن كان البايع يعلم أن له مالا دخل المال في البيع وإن لم يعلم لم يدخل وكان للبايع لما رواه زرارة في الحسن عن الصادق (ع)
قال قلت له الرجل يشترى المملوك وله ماله فقال إن كان علم البايع أن له مالا فهو للمشتري وإن لم يكن علم فهو للبايع والجواب إنه محمول على ما إذا شرطه المشترى
عملا بالأصل ولما تقدم في رواية محمد بن مسلم والحق إن المال للبايع سواء علم به أو لا ما لم يشترطه المشترى - ب - لو اشتراه وماله جميعا صح البيع بشرطين العلم بمقداره وإن
لم يتضمن الربا فلو كانت معه مأة درهم واشتراه مع ماله بمائة درهم لم يصح البيع لأنه رباء ولو اشتراه بمائه ودرهم صح البيع وكان المائة مقابلة المائة والدرهم في مقابلة
العبد وكذا لو اشتراه بغير الجنس أو لم يكن الثمن ربويا أو لم يكن المال الذي معه ربويا ولو اشتراه وماله مع جهله بالمال لم يصح لأنه جزء من المبيع مقصود فوجب العلم
به - ج - لو اشتراه وشرط ماله فكذلك فإن كان ربويين شرطت زيادة الثمن وإلا فلا إلا في شئ واحد وهو العلم بقدر المال فإنه ليس شرطا هنا لأنه تابع للمبيع ليس مقصودا
بالذات فكان كماء الآبار وخشب السقوف وبه قال بعض الشافعية إنما تجوز الجهالة فيما كان بيعا إذا لم يكن افراده بالبيع وإنما تجوز الجهالة في مال العبد لأنه ليس بمبيع
وإنما يبقى على ملك العبد والشرط يفيد عدم زوال ملكه إلى البايع بل يكون للعبد فيكون المشترى يملك عليه - د - إن قلنا إن العبد يملك فإنه يملك ملكا ناقصا
لا يتعلق به الزكاة وحينئذ تسقط إما عن العبد فلعدم تمامية الملك كالمكاتب وإما عن السيد فلانه ملك الغير وإن نفينا الملك فالزكاة على السيد لتمامية الملك في حقه
ولو ملك جارية جاز له وطؤها على التقديرين لجواز الإباحة فالتمليك لا يقصر عنها وإن نفيناه لتضمنه إياه وإذا وجب عليه كفارة فإن قلنا يملك كفر بالمال وإلا
بالصيام ولا يدخل في البيع وإن قلنا إن العبد يملك لما تقدم من الأحاديث - ه‍ - لو اشترى عبدا له مال وقلنا بمليكة العبد فاشترطه المبتاع فانتزعه المبتاع من العبد
فأتلفه ثم وجد بالعبد عيبا لم يكن له الرد وبه قال الشافعي لان العبد يكثر قيمته إذا كان له مال وبتلف المال نقصت
قيمته فلم يجز رده ناقصا وقال داود يرد العبد
وحده لان ما انتزعه لم يدخل في البيع وهو غلط لنقص القيمة كما قلناه ولو اشترى عبدا مأذونا له في التجارة وقد ركبته الديون ولم يعلم المشترى لم يثبت له
الخيار لان الديون يتعلق بالمولى وإن قلنا تتعلق بالعبد فلا يتعلق برقبة بل بذمته وذلك غير ضاير للمشترى فلا يكون عيبا في حقه وبه قال الشافعي وقال مالك يثبت
له الخيار وقال أبو حنيفة البيع باطل وبناه على أصله من تعلق الديون برقبته - ز - لو قال العبد لغيره اشترني ولك على كذا لم يلزمه شئ سواء كان المملوك مال حين قوله
أولا وسواء شرط المبتاع المال أو لا وسواء قلنا العبد يملك أو لا وسواء قلنا المال يدخل في الشراء مع علم البايع أو لا لان المولى لا يثبت له على عبده شيئا وللشيخ قول
آخر أنه يجب عليه الدفع إن كان له شئ في تلك الحال وإلا فلا وقد روى عن الصادق (ع) إنه قال له غلام إني كنت قلت لمولاي بعني بسبعمائة درهم ولك على ثلثمائة درهم
فقال الصادق (ع) إن كان لك يوم شرطت أن تعطيه فعليك أن تعطيه وإن لم يكن لك يومئذ شئ فليس عليك شئ. مسألة. لو دفع إنسان إلى عبد غيره مأذونا
له في التجارة مالا ليشتري نسمة ويعتقها ويحج عنه بالباقي فاشترى المأذون أباه ودفع إليه بقية المال للحج فحج به ثم اختلف مولى المأذون وورثه الدافع ومولى الأب فكل
منهم يقول اشترى بمالي قال الشيخ يرد الأب إلى مواليه يكون رقا كما كان ثم أي الفريقين الباقيين أقام البينة بما أدعاه حكم له به لما رواه ابن أشيم عن الباقر (ع) في عبد لقوم.
مأذون له في التجارة دفع إليه رجل ألف درهم فقال اشتر بها نسمة وأعتقها عنى وحج بالباقي ثم مات صاحب الألف فانطلق العبد فاشترى أباه فاعتقه عن الميت و
دفع إليه الباقي يحج عن الميت فحج عنه فبلغ ذلك موالى أبيه وورثه الميت جميعا فاختصموا جميعا في الألف فقال موالى عتق العبد إنما اشتريت أباك بمالنا وقال الورثة
إنما اشتريت أباك بمالنا (وقالوا موالى العبد إنما اشتريت أباك بمالنا صح) فقال أبو جعفر (ع) أما الحجة فقد مضت بما فيها لا ترد وأما العتق فهو رد في الرق لموالى أبيه وأي الفريقين أقاموا البينة بأنه اشترى أباه
من أموالهم كان لهم رقا وابن أشيم ضعيف فلا يعول على روايته على انا نحمل الرواية على إنكار موالى الأب البيع وحينئذ يقدم قوله ثم أي الفريقين أقام البينة على دعواه
حكم له بها وعلى ظاهر الرواية ينبغي أن يدفع الأب إلى مولى الابن المأذون لان ما في يد المملوك لمولاه ولو أقام كل من الثلاثة بينة على دعواه فإن رجحنا
بينة ذي اليد فالحكم كما تقدم من دفع الأب إلى مولى المأذون وإن رجحنا بينة الخارج فالأقرب ترجيح بينة الدافع عملا بمقتضى صحة البيع فهو معتضد بالأصل ويحتمل
تقديم بينة مولى الأب لادعائه ما ينافي الأصل وهو الفساد. مسألة. إذا كان مملوكان لشخصين مأذونان لهما في التجارة اشترى كل منهما الآخر من مالكه
لمولاه فإن سبق عقد أحدهما صح عقده وبطل عقد الآخر لان للمأذون الشراء لمولاه والعبد قابل للنقل بالابتياع فلا مانع للمقتضى عن مقتضاه ولما انتقل العبد إلى
مولى الأول بطل الاذن من مولاه له فلم يصادف العقد أهلا يصدر عنه على الوجه المعتبر شرعا فكان عقده لاغيا وإن اقترن العقدان في وقت واحد بطلا لان حالة شراء
كل واحد منهما لصاحبه هي حالة بطلان الاذن من صاحبه له وقال الشيخ في النهاية يقرع بينهما فمن خرج اسمه كان البيع له ويكون الآخر مملوكة ثم قال وقد روى أنه إذا اتفق
أن يكون العقدان في حالة واحدة كانا باطلين والأحوط ما قدمناه ويؤيد ما اخترناه نحن من البطلان مع الاتفاق زمانا رواية أبى خديجة عن الصادق (ع)
في رجلين مملوكين مفوض إليهما يشتريان ويبيعان بأموالهما وكان بينهما كلام فخرج هذا ويعد إلى مولى هذا وهذا إلى مولى هذا وهما في القوة سواء فاشترى هذا
من مولى هذا العبد وذهب هذا فاشترى هذا من مولى العبد الاخر فانصرفا إلى مكانهما تشبث كل واحد منهما بصاحبه وقال له أنت عبدي قال اشتريتك من
سيدك قال يحكم بينهما من حيث افترقا يذرع الطريق فأيهما كان أقرب فهو الذي سبق الذي هو أبعد وإن كانوا سواء فهو رد إلى مواليهما جاءا سواء وافترقا
سواء إلا أن يكون أحدهما سبق صاحبه فالسابق هو له إن شاء باع وإن شاء أمسك وليس له أن يضربه ثم قال الشيخ في التهذيب عقيب هذه الرواية وفي رواية أخرى إذا
499

كانت المسافة سواء يقرع بينهما فأيهما وقعت القرعة به كان عبد للآخر. فروع: - آ - حكم الإمام (ع) بذرع الطريق بناء على الغالب والعادة فإن كل واحد منهما يجد فيما
يرومه لدلالة قول الراوي ذهب كل منهما يعد وإلى مولى الآخر والتقدير إنهما متساويان في القوة والأصل عدم المانع فبالضرورة يكون من كانت من مسافته أقل أسبق في
العقد من الاخر ومع التساوي في المسافة يحكم بالاقتران للظن الغالب به فإن فرض تقدم أحدهما صح عقده وإلا بطلا لما تقدم - ب - الرواية بالقرعة لم يقف عليها لكن
الشيخ (ره) ذكر هذا الاطلاق في النهاية والتهذيب والظاهر إن القرعة لاستخراج الواقع أولا مع علم المتقدم واشتباه تعيينه أو مع الشك في التقدم وعدمه أما مع الاقتران فلا وجه للقرعة
- ج - لو قلنا بصحة وكالة السيد لعبده في الشراء فاتفق إن وكل كل واحد منهما مملوكة في شراء آخر له صح العقدان معا إن لم يبطل الوكالة مع الانتقال - د - لا نريد بالبطلان في الموضع الذي
حكمنا به هنا وقع العقدين فاسدين بل أن يكون العقدان هنا بمنزلة عقد الفضولي إن أجازه الموليان صحا معا وإلا فلا ولو أجازه أحدهما خاصة صح عقده خاصة - ه‍ -
لو اشترى كل منهما الاخر لنفسه بإذن مولاه وقلنا إن العبد يملك ما يملكه مولاه فإن اقترنا بطلا وإن سبق أحدهما فهو المالك للاخر. مسألة. لو اشترى من غيره جارية
ثم ظهر إنها سرقت من أرض الصلح قال الشيخ يردها المشترى على البايع أو ورثته ويسترجع الثمن ولو لم يخلف وارثا استسعت الجارية في ثمنها لما رواه مسكين السمان (السماك خ ل)
قال سألت الصادق (ع) عن رجل اشترى جارية سرقت من أرض الصلح قال فليردها على الذي اشتريها منه ولا يقر بها إن قدر عليه لو كان مؤسرا قلت جعلت فداك
فإنه قد مات عقبه قال فليستسعها ولأنه بيع باطل لظهور الملكية لغير البايع والرد على البايع لاحتمال أن يكون السارق غيره وقد حصلت في يده فتدفع إليه
على سبيل الأمانة إلى أن يحضر مالكها ويسترجع الثمن منه وبالجملة فهذه الرواية مشكلة والمعتمد هنا إن المشترى يدفع الجارية إلى الحاكم ليجتهد في ردها إلى
مالكها الذي سرقت منه ولا شئ للمشترى مع تلف البايع من غير تركة ولا تستسعى الجارية لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه وقيل يكون بمنزلة اللقطة. مسألة.
لو اشترى عبدا موصوفا في الذمة فدفع البايع إليه عبدين ليختار واحدا منهما فابق أحدهما من يد المشترى قال الشيخ (ره) يرد المشترى إلى البايع العبد الباقي ويسترجع نصف
الثمن ويطلب الآبق فإن وجده اختار حينئذ ورد النصف الذي قبضه من البايع إليه وإن لم يجده كان العبد الباقي بينهما لما رواه السكوني عن الصادق (ع) في الرجل اشترى
من رجل عبدا وكان عنده عبدان وقال للمشترى فاذهب بهما فاختر أحدهما ورد الاخر وقد قبض المال فذهب بهما المشترى فابق أحدهما من عنده قال ليرد الذي
عنده منهما ويقبض نصف الثمن مما عطا من البيع ويذهب في طلب الغلام فإن وجده اختار أيهما شاء ورد النصف الذي أخذ وإن لم يجده كان العبد بينهما نصف للبايع
ونصف للمبتاع والرواية ضعيفة السند ومثل هذه الرواية رواها محمد بن مسلم عن الباقر (ع) والمعتمد إن التالف مضمون على المشترى بقيمته لأنه كالمقبوض بالسوم وله
المطالبة بالعبد الثابت في ذمة البايع. فروع لو اشترى عبدا من عبدين لم يصح للجهالة. مسألة. يجب على البايع للجارية استبراؤها قبل بيعها إذا كان يطؤها بخمسة
وأربعين يوما إن كان من ذوات الحيض ولم تر الدم ولو رأت الدم استبرأها بحيضة ولو كانت صغيره أو يائسة أو حاملا أو حايضا فلا استبراء وكذا يجب على المشترى
استبراؤها بعد شرائها قبل وطئها لو جهل حالها لئلا يختلط الأنساب وهذا الاستبراء بمنزلة العدة في الحرة ولو أخبره البايع الثقة باستبرائها ولم يجب عليه الاستبراء
إذ (تنزيلا لاخبار المسلم على الصدق ولو كانت الجارية لامرأة فاشتراها منها لم يجب عليه الاستبراء صح) لا يتحقق اختلاط النسب هنا ولو اشترى أمة حاملا لم يجز له وطؤها قبلا قبل مضى أربعة أشهر وعشرة أيام ويكره بعد أربعة أشهر وعشرة أيام إلا أن تضع فإن وطئها
عزل عنها استحبابا وإن لم يعزل كره له بيع ولدها ويستحب له أن يعزل له من ميراثه قسطا. تنبيه أطلق علماؤنا كراهة وطى الأمة الحامل بعد مضى أربعة أشهر وبعدها
(وعشرة أيام وعندي في ذلك إشكال التحقيق فيه أن نقول هذا الحمل إن كان من زنا لم تكن له حرمة وجاز وطؤها قبل أربعة أشهر وعشرة أيام صح) وإن كان
عن وطى مباح أو جهل الحال فيه فالأقوى المنع من الوطي حتى تضع. مسألة. يكره وطى المولودة من الزنا بالملك والعقد معا لأنه قد ورد كراهة الحج و
التزويج من ثمنها فالنكاح لها أبلغ في الكراهة روى أبو بصير عن الصادق (ع) قال قلت له يكون لي المملوكة (من الزناء صح) أحج بثمنها أو أتزوج فقال لا يحج ولا يتزوج منه وعن أبي خديجة
عن الصادق (ع) قال سمعته يقول لا يطيب ولد الزنا أبدا ولا يطيب ثمنه والممزير لا يطيب إلى سبعة آباء فقيل وأي شئ الممزير قال الرجل يكتسب مالا من غير حله فيتزوج أو يتسرى
فيولد له فذلك الولد هو الممزير إذا ثبت هذا فإن خالف ووطى فلا يطلب الولد منها. مسألة. يكره للرجل إذا اشترى مملوكا إن يريه ثمنه في الميزان ويستحب له
تغيير اسمه وإن يطعمه شيئا من الحلاوة وإن يتصدق عنه بأربعة دراهم لما رواه زرارة قال كنت عند الصادق (ع) فدخل عليه رجل ومعه ابن له فقال له الصادق (ع)
ما تجارة أبيك فقال النخس فقال الصادق (ع) لا تشتر سبيا ولا غبيا فإذا اشتريت رأسا فلا يران ثمنه في كفة الميزان فما من رأس يرى ثمنه في كفة الميزان فأفلح وإذا اشتريت
رأسا فغير اسمه وأطعمه شيئا حلوا إذا ملكته وصدق عنه بأربعة دراهم وقال الصادق (ع) من نظر إلى ثمنه وهو يوزن لم يفلح. مسألة. قد بينا إنه يجب الاستبراء
في شراء الإماء وسيأتى تتمته في باب العدد إن شاء الله تعالى إذا ثبت هذا فإذا باع الجارية وسلم المشترى إليه الثمن وجب عليه تسليم الجارية في مدة الاستبراء إلى
المشترى سواء كانت جميلة أو قبيحة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وقال مالك إن كانت جميلة لا يسلمها وإنما يضعها على يدي عدل حتى تستبرء وإن كانت قبيحة
فاجبر على تسلميها لان الجميلة يلحقه فيها التهمة فمنع منها وليس بجيد لأن الظاهر العدالة والسلامة فلا يسقط حقه من القبض بالتهمة ويبطل أيضا بأنه مبيع لا خيار فيه
فإذا نقد الثمن وجب تسليمه كساير المبتاعات إذا تقرر هذا فإن اتفقا على وضعها على يد عدل فإن قبضها المشترى وسلمها أي العدل فهي من ضمانه وإن سلمها
البايع كانت من ضمانه لان التسليم لم يحصل للمشترى ولا لوكيله وليس العدل نائبا عنه في القبض فإن اشتراها بشرط أن يضعها البايع على يد عدل كان الشرط
والبيع صحيحين عملا بقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولأنه شرط سايغ مرغوب فيه فوجب أن يكون مباحا وقال الشافعي يفسد الشرط والعقد معا لأن العقد على
المعين لا يجوز فيه شرط التأخير وهو ممنوع. تذنيب ليس للمشترى بعد شرائه الجارية شراء مطلقا أن يطلب من البايع كفيلا بالثمن أو ببدن البايع لو
خرجت حاملا لأنه لم يشترط الكفيل في العقد فلا يلزمه إقامته بعده كما لو باع بثمن مؤجل ثم طلب منه كفيلا أو رهنا فامتنع البايع إذ لو سلم إليه الثمن ثم طلب منه كفيلا على
عهدة الثمن لم يكن له ذلك. مسألة. لا يجوز التفرقة بين الام وولدها في البيع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لا يولد والدة
بولدها وعن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وآله قال من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيمة ومن طريق الخاصة ما رواه سماعة قال سألته عن أخوين
مملوكين هل يفرق بينهما وعن المرأة وولدها فقال لا هو حرام إلا أن يريدوا ذلك وفي الحسن عن هشام بن الحكم عن الصادق (ع) قال اشتريت له جارية من الكوفة قال
فذهبت لتقوم في بعض الحاجة فقالت يا أماه فقال لها أبو عبد الله (ع) ألك أم فقالت نعم فأمر بردها فردت فقال ما آمنت لو حبستها أن أرى في ولدى ما أكره وفي
الحسن عن معاوية بن عمار قال سمعت الصادق (ع) يقول أتى رسول الله بسبي من اليمن فلما بلغوا الجحفة نفدت نفقاتهم فباعوا جارية من السبى كانت أمها معهم فلما
قدموا على النبي صلى الله عليه وآله سمع بكاؤها فقال ما هذه قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله احتجنا إلى نفقة فبعنا ابنتها فبعث بثمنها فأتى بها وقال بيعوهما جميعا أو أمسكوهما جميعا وفي الصحيح عن
500

سنان قال سألت الصادق (ع) في الرجل يشترى الغلام والجارية وله الأخ والأخت أو أم بمصر من الأمصار قال لا يخرجه من مصر إلى مصر آخر إن كان صغيرا ولا يشتره
وإن كانت له أم فطابت نفسها ونفسه فاشتره إن شئت ولاشتماله على ضرر كل من الام والولد فيكون منفيا بقوله تعالى " ما جعل عليكم في الدين من جرح " وبقوله (ع) لا ضرر
ولا ضرار فروع: - آ - إنما يتحقق المنع مع حاجة الولد إلى الام فلو استغنى عنها زال المنع لأصالة الإباحة السالم عن معارضة الضرر الحاصل بالتفريق - ب -
لو فرق بينهما بالبيع لم يصح عندنا وبه قال الشافعي لما تقدم من الأحاديث الدالة على الرد وقال أبو حنيفة يصح لان المنع لا يعود إلى البيع وإنما يعود إلى الضرر اللاحق بهما
فلا يمنع صحة البيع كالبيع وقت النداء وهو خطأ لان النهى عنه لمعنى في البيع وهو حصول الضرر بالتفرقة ولان التسليم تفريق محرم فيكون كالتعذر إذ لا فرق
بين العجز الحسى والشرعي - ج - لو رضي كل من الولد والام بالتفريق صح التفرق لعدم المقتضى للمنع ولحديث ابن سنان عن الصادق (ع) وقد سبق - د - الضابط في غاية
التحريم الاستغناء فمتى حصل استغناء الطفل عن الام جاز التفريق وإلا فلا ويحصل الاستغناء ببلوغ سبع سنين وقيل بالاستغناء عن الرضاع والمشهور الأول
لأنه سن التميز فيستغنى عن التعهد والحضانة وهو أحد قولي الشافعي ويقرب منه قول مالك حيث جعل التحريم ممتدا إلى وقت سقوط الأسنان وقال في الاخر حده
البلوغ وبه قال أبو حنيفة لما رواه عبارة ابن الصامت إن النبي صلى الله عليه وآله قال لا يفرق بين الام وولدها قيل إلى متى قال حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية - ه‍ - قال بعض علمائنا
بكراهة التفريق لا بتحريمه والمشهور التحريم وهذا الخلاف إنما هو إذا كان التفريق بعد سقى الام ولدها اللبا فأما قبله فلا يجوز قطعا لأنه سبب إلى إهلاك الولد
- و - يكره التفريق بعد البلوغ وبه قال الشافعي لما فيه من التوحش بانفراد كل منهما عن صاحبه والتقييد بالصغر في حديث ابن سنان للتحريم ولا الكراهية ولو فرق مع البلوغ
بالبيع أو الهبة صحا وبه قال الشافعي لوجود المقتضى السالم عن معارضة النهى لاختصاصه بالصغر وقال احمد يبطل البيع والهبة وليس بمعتمد - ز - الأقوى كراهة التفريق
بين الأخوين وبين الولد والأب أو الجد في البيع وليس محرما وبه قال الشافعي عملا بالأصل ولان القرابة بينهما لا تمنع القصاص فلا يمنع التفرقة في البيع كابن العم عندهم
وفي قول آخر له أن التفريق بين الولد والجدة والأب وساير المحارم كالأم في تحريم التفريق وقال أبو حنيفة يحرم التفريق بين الأخوين لأنه رحم ذو محرم من النسب فأشبه
الولد والجواب الفرق بجواز القصاص هنا دون الأول عندهم - ح - يجوز التفريق بين البهيمة وولدها بعد استغنائه عن اللبن وقبله إن كان مما يقع عليه الزكاة أو كان
له ما يمونه من غير لبن أمه ومنع بعض الشافعية من التفريق قبل الاستغناء قياسا على الآدمي والحرمة فارقة بينهما - ط - كما لا يجوز التفريق بالبيع كذا لا يجوز بالقسمة و
الهبة وغيرها من العقود النافلة للعين بخلاف نفل المنافع فله أن يوجر الام من شخص وولدها من آخر إلا أن يستوعب المدة الممنوع من التفرقة فيها فإن الأقوى
المنع من التفريق حسا بحيث لا يجتمعان إلا نادرا - ى - لا يحرم التفريق بالعتق فلو أعتق الام دون ولدها أو بالعكس فلا بأس ولا في الوصية فلعل الموت يكون بعد
انقضاء زمان التحريم فإن اتفق قبله فإشكال - يا - لو لم يحصل التفرقة الحسية فالأقوى جواز البيع كمن يبيع الولد ويشترط استخدامه مدة المنع وكذا لو باعه على من لا يفارق
البايع والام بل يلازمهما - يب - في الرد بالعيب إشكال أقربه المنع لحصول التفريق وقال بعض الشافعية يجوز أما الرهن ففي التفريق بينهما به إشكال أقربه الجواز لكن ليس
للمرتهن البيع ولا للراهن إلا مع الآخر - يج - لا بأس بالتفريق بالسفر لعدم المقتضى للمنع وأصالة الإباحة - يد - لو كانت الام رقيقة والولد حر أو بالعكس لم يمنع من
بيع الرقيق لثبوت التفريق قبل البيع فلا يحدث البيع تفريقا لاستحالة تحصيل الحاصل. مسألة. يجوز لمن يشترى الأمة أن ينظر إلى وجهها ومحاسنها وأن يمسها
بيده ويقبلها إلا العورة فلا يجوز له النظر إليها للحاجة الداعية إلى ذلك فوجب أن يكون مشروعا لينبغي الغرر ولما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل
يعترض الأمة ليشتريها قال لا بأس ينظر إلى محاسنها ويمسها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي له النظر إليه ولا يجوز ذلك لمن لا يريد الشراء إلا في الوجه لقول الصادق (ع) لا أحب
للرجل أن يقلب جارية إلا جارية يريد شرائها وسأله حبيب بن معلى الخثعمي إني اعترضت جواري بالمدينة فأمذيت قال أما لمن يريد أن يشترى فليس به بأس وأما
لمن لا يريد أن يشترى فإني أكرهه. مسألة. لو اشترى جارية فوطئها ثم ظهر استحقاقها لغير البايع مع جهل المشترى فإن كانت بكرا غرم عشر قيمتها لصاحبها و
رفعها إليه وإن كانت ثيبا كان عليه نصف العشر لقول الصادق (ع) في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة دلست نفسها إلى أن قال ولمواليها عليه عشر قيمة ثمنها إن كانت
بكرا وإن كانت ثيبا فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها ولأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه وانتفع بماله عوض فوجب الرجوع عليه وبه قال الشافعي يجب مهر المثل
وهو ممنوع إذ لا عقد نكاح هنا فإن أولدها المشترى الجاهل بالغصبية فالولد لاحق به لوضع الشبهة وهو حر لأنه إعتقد أنه ملكها بالشراء وعليه قيمته لمولاه يوم سقط
حيا وبه قال الشافعي لأنه أتلف على مولاها رقه باعتقاد أنها ملكه ولا يقوم حملا لعدم إمكان تقويم الحمل فيقوم في أول حالة انفصاله لأنها أول حالة إمكان تقويمه ولان
ذلك هو وقت الحيلولة بينه وبين سيده ولقول الصادق (ع) وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى أبيه بقيمته يوم يصير إليه قلت فإن لم يكن لأبيه ما يأخذ ابنه قال
يسعى أبوه في ثمنه حتى يؤديه ويأخذ ولده قلت فإن أبى الأب السعي في ثمن ابنه قال فعلى الامام أن يفديه ولا يملك ولد حر وقال أبو حنيفة يقوم يوم المطالبة لان ولد المغصوبة
لا يضمنه إلا بالبيع وقد بينا إنه يحدث مضمونا فيقوم حال إتلافه ولو انفصل الولد ميتا لم يجب قيمته لأنا لا نعلم حياته قبل ذلك ولأنه لم يحل بينه وبينه وإنما يجب التقويم
لأجل الحيلولة إذا ثبت هذا فإن المشترى إن كان عالما بالغصبية فالولد رق لمولاه ولا يرجع بالثمن على البايع ولا بما غرمه ويحتمل عندي رجوعه بالثمن إذا كان باقيا
أما إذا تلف فلا وإن كان جاهلا فإنه يرجع بالثمن الذي دفعه وبما غرمه مما لا نفع في مقابلته كقيمة الولد وهل يرجع بما حصل له في مقابلته نفع كأجرة الخدمة والسكنى
والعقر إشكال ينشأ من إباحة البايع له بغير عوض ومن استيفاء عوضه وتفصيل هذا أن يقال إن علم المشترى بالغصب لم يرجع ولأنه قد أباح البايع إتلاف ماله
بغير عوض وبه قال الشافعي والتحقيق ما قلناه من الرجوع مع قيام الغير لا مع التلف وأما إذا لم يعلم المشترى بالغصب فله ثلاثة أضرب ضرب لا يرجع عليه قولا واحدا
وهو قيمتها إن تلفت في يده أو أرش البكارة إن تلفت في يده أو بدل جزء منها إن تلف في يده لان المشترى دخل مع الغاصب على أن يكون ضامنا ذلك بالثمن فإذا ضمنه لم
يرجع به وبه قال الشافعي وضرب يرجع به قولان واحدا وهو ما إذا ولدت في يده منه ورجع عليه بقيمة الولد فإنه يرجع به على الغاصب لأنه دخل معه على أن لا يكون الولد
مضمونا عليه ولم يحصل من جهته إتلاف بل المتلف الشرع بحكم بيع الغاصب منه وبه قال الشافعي الثالث ما اختلف فيه وهو مهرها وأجرة منفعتها فهنا إشكال
تقدم وللشافعي قولان ففي القديم يرجع لأنه دخل في العقد على أن يتلفه بغير عوض فقد غره وقال في الجديد لا يرجع وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لأنه غرم ما استوفي
به له فلم يرجع به ولو أمسكها ولم يستخدمها وتلفت المنفعة تحت يده ففي الرجوع للشافعي وجهان أحدهما إنه يرجع بأجرتها لأنه لم يستوف بدل ما غرم ودخل في
العقد على أن يضمنها والثاني لا يرجع لان تلفها تحت يده بمنزلة إتلافها. مسألة. يصح بيع الحامل بحر لأنها مملوكة وحرية الحمل لا تخرج الرقية عن الملكية فيصح بيعها
501

لوجود المقتضى السالم عن المعارض. مسألة. العبد المرتد إما أن يرتد عن فطرة أو لا فإن لم يكن عن فطرة صح بيعه لأنه مملوك لا تجب قتله في الحال ويمكن بقاؤه
برده إلى الاسلام فيصح بيعه كالقاتل وأما إن كانت عن فطرة ففي جواز بيعه إشكال ينشأ من تضاد الاحكام إذ وجوب القتل ينافي جواز البيع ومن بقاء الملكية أما
المرتدة فإنه يجوز بيعها مطلقا سواء كانت عن غير فطرة أو عنها لعدم وجوب قتلها بالارتداد ووجوب الحبس إن أثبتناه في حقها لا ينافي الملكية والانتفاع وكذا يجوز بيع
المريض المأيوس من برئه لفايدة الاعتاق أما ما لا يستقر فيه الحياة فالأقوى بطلان بيعه وعتقه. مسألة. من اشترى جارية من ولى اليتيم صح الشراء وجاز له نكاحها
واستيلادها عملا بالمقتضى السالم عن المعارض وقول الكاظم (ع) وقد سئل في رجل ترك أولادا صغار أو
مماليك غلمانا وجواري ولم يوص فما ترى فيمن يشترى منهم
الجارية فيتخذها أم ولد قال لا بأس بذلك إذا باع عليهم القيم لهم الناظر لهم في ما يصلحهم فليس لهم أن يرجعوا فيما صنع القيم لهم الناظر فيما يصلحهم.
مسألة. (يتخذها أم ولد وما ترى وبيعهم فقال إن كان لهم ولى يقوم بأمرهم باع عليهم وينظر لهم كان مأجورا فيهم قلت فما ترى فيمن يشترى منهم الجارية صح)
إذا اشترى الانسان ثلاث جوار ثم دفعهم إلى البيع وقوم عليه كل جارية بقيمة معينة وقال له بع هؤلاء الجواري ولك نصف الربح فباع البيع جاريتين وأحبل المالك الثلاثة
لم يكن عليه شئ فيما أحبل وكان عليه للبيع مثل أجرة عمله فيما باع وقال الشيخ في النهاية يكون عليه فيما باع نصف الربح تعويلا على رواية أبى علي بن راشد قال قلت له رجلا اشترى
ثلاث جواز قوم كل واحدة بقيمة فلما صاروا إلى البيع جعلهم بثمن فقال للبيع لك على نصف الربح فباع جاريتين بفضل على القيمة وأحبل الثالثة قال يجب أن يعطيه
نصف الربح فيما باع وليس عليه فيما أحبل شئ وهذه الرواية غير مسندة إلى إمام وتحمل هذه الرواية على ما إذا عين قدر الربح وكان القول على سبيل الجعالة. الفصل الثاني
في الثمار وفيه مطلبان الأول في أنواعها وهي ثلاثة الأول في ثمرة النخل إذا باع ثمرة النخل فلا يخلو إما أن يكون قبل ظهورها أو بعده فإن كان قبل ظهورها
فلا يخلو إما أن يبيعها منفردة أو منضمة إلى الغير إما الأصول أو ثمرة سنة أخرى أو غيرهما فإن باعها منفردة لم يصح إجماعا لأنه غير موجود ولا معلوم الوجود ولا يمكن
تسليمه ولا يعلم حقيقته ولا وصفه فكان كبيع الملاقيح والمضامين بل هو في الحقيقة وروت العامة إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الثمار حتى تزهى قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما تزهى
قال حتى تحمر ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل اشترى بستانا فيه نخل ليس فيه إلا بسر أخضر فقال لا حتى يزهو قلت وما الزهو قال حتى يتلون وإن باعها
منضمة إلى الأصول فالوجه عندي البطلان إلا أن يجعل انضمامها على سبيل التبعية فلا يضر فيها الجهالة كأساسات الحيطان وأصول الأشجار أما إذا جعلت جزءا
مقصودا من البيع ففيه الاشكال يقتضى النص (النظر خ ل) الجواز وإن باعها منضمة إلى شئ غير الثمرة فإنه يجوز وينبغي أن يكون ذلك على سبيل التبعية لا الأصالة لما تقدم لكن
إطلاق النص يقتضى إطلاق الجواز روى سماعة قال سألته عن بيع الثمرة هل يصلح شراؤها قبل أن يخرج طلعها فقال لا إلا أن يشترى معها شيئا غيرها رطبة أو بقلا
فيقول اشترى منك هذه الرطبة وهذا النخل وهذا الشجر بكذا وكذا فإن لم يخرج الثمرة كان رأس مال المشترى في الرطبة والبقل والوجه عندي المنع وهذه الرواية
مع ضعف سندها لم تسند إلى إمام فلا تعويل عليها وإن باعها منضمة إلى ثمرة سنة أخرى فلا يخلو إما أن يكون السنة الأخرى سابقه ثمرتها موجودة أو لاحقه فإن كانت
سابقة صح إجماعا وإن كانت لاحقة أو كانت سابقة لم تخرج جاز أيضا لما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال سئل أبو عبد الله (ع) عن شر النخل والكرم والثمار ثلاث سنين
أو أربع سنين قال لا بأس به يقول إن لم يخرج في هذه السنة اخرج في قابل وفي الصحيح عن يعقوب بن شعيب إنه سئل الصادق (ع) عن شراء النخل فقال كان أبى يكره شراء
النخل قبل أن يطلع ثمرة السنة ولكن السنتين والثلاث كان يقول إن لم يحمل في هذه السنة حمل في السنة الأخرى ويحتمل قويا المنع لأنه مبيع غيره مشاهد ولا معلوم الوصف و
القدر فيكون باطلا للغرر ولأنه كبيع الملاقيح والمضامين ويحمل قوله (ع) إن لم يخرج في هذه السنة أي إن لم تدرك أو أراد إن لم تخرج في بعض سنة المتأخرة عن سنة البيع
ويؤيد هذا ما رواه أبو الربيع الشامي عن الصادق (ع) قال كان الباقر (ع) إذا بيع الحايط فيه النخل أو الشجر سنة واحدة فلا يباعن حتى يبلغ ثمرته وإذا بيع سنتين
أو ثلاثا فلا بأس بيعه بعد أن يكون فيه شئ من الخضرة وتعليق الحكم على وصف يقتضى نفيه عند عدمه. مسألة. ولو باع الثمرة بعد ظهورها قبل بدو
صلاحها فإما أن يبيعها منفردة (أو منضمة فإن باعها منفردة صح) فإما أن يبيعها بشرط القطع أو بشرط التبقية أو مطلقا فإن باعها بشرط القطع صح البيع إجماعا لان مع شرط القطع يظهر أن غرض
المشترى هو الحصرم والبلح وإنه حاصل وإن باعها بشرط التبقية فالأقوى عندي الجواز لعموم وأحل الله البيع السالم عن صلاحية المعارض للمعارضة لان المعارض
ليس إلا تجويز العاهة والتلف عليها لكن ذلك التجويز متطرق إلى غير الثمار كالحيوان وشبهه فلو كان مانعا من بيع الثمرة لكان مانعا من بيع الحيوان والتالي
باطل بالاجماع فالمقدم مثله ولأنه مال مملوك / ط؟ / منتفع به فجاز بيعه ولأنه يجوز بيعه بشرط القطع إجماعا فجاز بشرط التبقية كما لو باعه بعد بدو الصلاح بشرط
التبقية ولما رواه الحلبي في الحسن عن الصادق (ع) قال سئل عن الرجل يشترى الثمرة المسماة من أرض فتهلك تلك الأرض كلها فقال اختصموا في ذلك إلى رسول
الله صلى الله عليه وآله فكانوا يذكرون ذلك فلما رآهم لا يدعون الخصومة نهاهم عن ذلك البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم وعن الباقر (ع)
قال خرج رسول الله فسمع ضوضاء فقال ما هذا فقيل تبايع الناس بالنخل فقعد النخل العام فقال صلى الله عليه وآله أما إذا فعلوا فلا تشتروا النخل العام حتى يطلع فيه شئ ولم يحرمه
ومنع جماعة من علمائنا هذا البيع وهو مذهب الفقهاء الأربعة للحديث الذي رواه العامة أولا وما رواه الخاصة أيضا وقد سبق وأيضا ما رواه سليمان بن
خالد عن الصادق (ع) قال لا يشترى النخل حولا واحدا حتى يطعم إن كان يطعم وإن شئت أن تبتاعه سنتين فافعل وسأل الحسن بن علي الوشا الرضا (ع) هل يجوز بيع النخل
إذا حمل فقال لا يجوز بيعه حتى يزهو قلت وما الزهو جعلت فداك قال يحمر ويصفر وشبه ذلك والجواب حمل النهى على الكراهة جمعا بين الأدلة خصوصا وقد نص
الامام على ذلك وإن باعها مطلقا ولم يشترط القطع ولا التبقية فالأقوى عندي الجواز وبه قال أبو حنيفة لأنه لو شرط القطع جاز إجماعا ولو شرط التبقية جاز على
الأقوى والاطلاق لا يخلو عنهما فكان الجواز أقوى ولما تقدم من الأدلة ولان القطع تفريغ ملك البايع ونقل (المبيع صح) عنه وليس ذلك شرطا في البيع ومنع جماعة من أصحابنا
إطلاق البيع هنا وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإسحاق لان الاطلاق يقتضى التبقية وهو منهى عنها ولان النبي صلى الله عليه وآله اطلق النهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
وهذا يقتضى النهى عن بيع مطلق ولان النقل في الثمار إنما يكون عند بلوغ الثمرة في العرف والعادة فينصرف إليه مطلق البيع كإطلاق الثمن مع العرف في إطلاق
(البلد صح) فإنه ينصرف إليه والجواب لا نمنع النهى عن التبقية وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله في ذلك فقد بينا إنه للكراهة ونحن نسلم عود الاطلاق إلى التبقية ونمنع التحريم فيها لما بينا
من جواز اشتراطها. تذنيب إذا باعها مطلقا وجب على البايع الابقاء مجانا إلى حين أخذها عرفا كما فيما بعد بدو الصلاح وقال أبو حنيفة المطلق يقتضى القطع
في الحال فهو بمنزلة ما لو شرط القطع عنده ولهذا جوز المطلق لان بيعه قبل بدو الصلاح بشرط التبقية عنده باطل وإن باعها قبل بدو الصلاح منضمة
إلى شئ أو إلى ثمرة سنة أخرى فإنه يجوز إجماعا منا لرواية يعقوب بن شعيب الصحيحة عن الصادق (ع) قال إذا كان الحايط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا
502

بأس بيعه جميعا (مسألة لو باع بسرا بدا صلاح بعضه ولم يبد صلاح البعض الآخر فعلى ما اخترناه نحن يجوز لأنا جوزنا بيع ما لم يبد صلاحه منفردا فمنضما إلى ما بدا صلاحه أولي أما القائلون
بالمنع من علمائنا فإنه يجوز عندهم لا لعاهة تدامت في بدا صلاحه فجاز بيعه وما لم يبد صلاحه يجوز بيعه منضما إليه بيعا كما لو باعه مع الزرع ولما رواه يعقوب بن شعيب في الصحيح عن الصادق (ع) إذا
كان الحايط فيه ثمار مختلفة فأدرك بعضها فلا باس ببيعه جميعا صح) وهل يشترط إتحاد البستان قال الشيخ نعم بمعنى أنه لو كان بستان قد بدا صلاحه والبستان الآخر لم يبد صلاح شئ منه لم يجز بيعهما صفقة واحدة
ولو كان بعض نخل البستان الواحد قد بدأ صلاحه والبعض الاخر لم يبد صلاحه جاز بيعه أجمع في عقد واحد وهذا القول لا اعتبار به عندنا والشافعي فصل هنا.
فقال إن كانت النخلة واحدة بأن بدا صلاح بعض طلعها وبعضه لم يبد صلاحه جاز بيع ثمرتها أجمع صفقة واحدة لعسر التمييز والفرق بينهما وإن تعدد النخل فكان
بعضه قد بدا صلاحه (دون البعض فإن كان البستان واحدا وضم أحدهما إلى الآخر في الصفة جاز كما في النخلة الواحدة وإن كان ما بدا صلاحه صح) نخلة واحدة وإن أفرد ما بدا صلاحه بالبيع صح إجماعا وإن أفرد ما لم يبد صلاحه بالبيع ففي اشتراط شرط القطع وجهان سواء اتحد نوع النخل
أو اختلف أحدهما إنه يشترط إذ ليس في المبيع شئ قد بدا صلاحه فيتبعه في عدم شرط القطع والثاني إنه لا يشترط ويكون ما لم يبد صلاحه تابعا لما بدا الدخول وقت
بدو الصلاح فكأنه موجود بالفعل ولو اختلف نوع الثمرة كالبرني والمعقلي في البستان الواحد فأدرك نوع دون اخر باعها صفقة واحدة ففي الجواز وجهان أحدهما
إنه يجوز لأنه إذا كان يضم بعض النوع إلى بعض آخر ضم نوع إلى نوع آخر من جنسه كالزكاة والثاني لا يضم لأنه قد يتباعد إدراكهما فصارا كالجنسين ولو اختلف جنس
الثمرة فكان أحدهما رطبا والاخر عنبا وبدا صلاح أحد الجنسين وضمهما في البيع وجب شرط القطع فيما لم يبد صلاحه منهما أو لا يتبع أحد الجنسين الآخر وإن تعدد البستان
فبدا صلاح أحدهما (دون الاخر فإنه لا يتبعه أحدهما بل يجب شرطا لقطع فيما لم يبد صلاحه صح) وبه قال احمد لأنه إنما جعل ما لم يبد صلاحه تابعا في البستان الواحد لما فيه من اشتراك الأيدي والتضرر به أما ما كان في قراح آخر فوجب أن يعتبر
بنفسه وقال مالك يجوز ضم أحد البستانين إلى الاخر وإن أدرك أحدهما خاصة دون البستان الآخر من غير شرط القطع إذا كان مجاورا له وكان الصلاح معهودا
لا منكرا وربما نقل عنه الضبط في المجاور ببساتين البلدة الواحدة لان الغرض الامن من العاهة وما جاوزه بمنزلة ما في هذا القراح. مسألة. لو كان الذي
بدا صلاحه من النخل لواحد وما لم يبد صلاحه لآخر فباع مالك ما لم يبد صلاحه ثمرة ملكه جاز عندنا مطلقا وعند جماعة من علمائنا والجمهور بشرط القطع وللشافعي
قول آخر وهو إنه فصل فقال لا يخلو إما أن يكونا معا في بستان واحد أو نخل كل واحد منهما في بستان منفرد فإن كان في بستان واحد فوجهان مع اتحاد المالك على ما تقدم وأما
مع تعدده فقولان أحدهما طرد الوجهين هنا والثاني القطع بالمنع إذ لا يتعدى حكم أحد المالكين إلى الاخر يجب شرط القطع وإن كان في بستانين فقولان أحدهما
القطع بأنه لا عبرة به ولا نظر إلى بدو الصلاح في بستان غير البايع والثاني إنه إذا لم يفرق فيما إذا بدا فيه الصلاح من ذلك البستان ولم يدخل في البيع بين ان يكون
ملك البايع أو ملك غيره فقياسه أن لا يفرق فيما بدا فيه الصلاح في بستان آخر أيضا إذا لم يشترط اتحاد البستان. مسألة. إذا باعه الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط
القطع جاز إجماعا على ما تقدم ويجب الوفاء به على المشترى إذا لم يشترطه على البايع ولو تراضيا على الترك (جاز صح) إجماعا منا وبه قال الشافعي وكان بدو الصلاح بمنزلة
كبر العبد الصغير وقال احمد يبطل المبيع وتعود الثمرة إلى البايع وليس ولو أبقاه المشترى ولم ينكر البايع أو أنكر فعلى المشترى أجرة المثل عن مدة الابقاء. تذنيب
لا فرق بين ما إذا اشترط القطع في مقطوع ينتفع به أو لا ينتفع به عملا بالأصل فلو شرط القطع فيما لا منفعة فيه كالجوز والكمثرى جاز وقال بعض الشافعية لا
يجوز البيع بشرط القطع إلا إذا كان المقطوع مما ينتفع به كالحصرم واللوز. مسألة. لو كانت الأشجار للمشترى فباع الثمرة عليه بأن يبيع الشجرة من إنسان
بعد ظهور الثمرة ويبقى الثمرة له ثم يبيع الثمرة من مشترى الشجرة أو يوصى بالشجرة لانسان ثم يبيع الموصى له الثمرة من الوارث لم يشترط اشتراط القطع عندنا لما مر
وأما المشترطون فقد اختلفوا هنا فقال أكثر الشافعية إنه يشترط شرط القطع في صحة البيع لشمول الخبر وللمعنى أيضا فإن المبيع هو الثمرة ولو تلفت لم يبق
في مقابلة الثمن شئ لكن يجوز له الابقاء ولا يلزمه الوفاء بالشرط (هنا صح) إذ لا معنى لتكليفه قطع ثماره من أشجاره وقال بعضهم لا حاجة إلى شرط القطع لأنه يجمعهما ملك
مالك واحد فأشبه ما لو اشتراهما معا ولو باع الشجرة وعليها ثمرة مؤبرة بقيت للبايع فلا حاجة إلى شرط القطع لأن المبيع هو الشجرة وليس متعرضة للعاهات والثمرة
مملوكة بحكم الدوام ولو كانت الثمرة غير مؤبرة فاستثناها البايع لنفسه صح عندنا ولم يجب شرط القطع وللشافعية وجهان أحدهما نعم لان الثمار والحال هذه
مندرجة لولا الاستثناء فكان كملك مبدأ وأصحهما عندهم أنه لا يجب لأنه في الحقيقة استدامة ملك فعلي هذا له الابقاء إلى وقت الجذاذ ولو صرح بشرط الابقاء جاز
وعلى الأول لا يجوز. مسألة. لو باع الثمار مع الأصول قبل بدو الصلاح من غير شرط القطع جاز إجماعا لقوله (ع) من باع نخلا بعد أن يؤبر فثمرتها للبايع إلا أن يشرط
المبتاع دل على أنه لو اشترطها كانت للمشتري وذلك هو بيع الثمرة مع الأصول ولان الثمرة هنا تتبع الأصل والأصل غير معرض للعاهة ويحتمل في البايع ما لا يحتمل في غيره
إذا أفرد بالتصرف كالحمل في البطن واللبن في الضرع والسقف مع الدار وأساسات الحيطان ولو شرط بايع الأصل والثمرة قطع الثمرة قبل بدو الصلاح لم يجز لتضمنه الحجر
عليه في ملكه. مسألة. لو باع الثمرة بعد بدو صلاحها جاز مطلقا وبشرط القطع إجماعا للأصل السالم عن معارضة تطرق الآفة ولو باعها حينئذ بشرط التبقية جاز
عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الثمرة حتى تزهى وقد ثبت إنه إنما نهى عنه قبل أن تزهى عن بيع يتضمن التبقية لأنه يجوز شرط القطع
عند أبي حنيفة مطلقا فثبت إن الذي أجازه هو الذي نهى عنه ولان النقل والتحويل يجوز في البيع بحكم العرف فإذا شرط جاز كما لو شرط أن ينقل الطعام من ملك البايع حسب
الامكان فإنه يجوز ولان النهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها والحكم بعد الغاية يخالف الحكم قبلها ثم عند الاطلاق يجوز الابقاء وإن الجذاذ للعرف وشرط
التبقية تصريح بما هو من مقتضيات العقد وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز بشرط التبقية ويجب القطع في الحال في صورة الاطلاق إلا أن محمدا يقول إذا تناهى عظم الثمرة
جاز فيها شرط التبقية لان هذا شرط لانتفاع يملك البايع على وجه لا يقتضيه القطع كما لو شرط تبقية الطعام في
منزله والجواب نسلم الملازمة ونمنع بطلان التالي وما
لا يقتضيه العقد يجوز اشتراطه إذا لم يناف العقد ولا الشرع وشرط تبقية الطعام في منزله جايز عندنا. مسألة. يجوز عندنا بيع الثمار بعد بدو صلاحها
مع ما يحدث بعدها في تلك السنة أو سنة أخرى وبه قال مالك لما تقدم من قول الصادق (ع) وقد سئل عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين لا بأس
به وإذا جاز ذلك قبل بدو الصلاح فبعده أولي ومنع الشافعي وليس بجيد. مسألة. حد بدو الصلاح في ثمرة النخل تغير اللون من الخضرة التي هي لون
البلخ إلى الحمرة أو الصفرة وهو قول أكثر الجمهور لما رواه العامة من قول النبي صلى الله عليه وآله حتى تزهى فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله وما تزهى قال حتى تحمر أو تصفر وفي حديث اخر حتى تحمار أو
تصفار ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) حتى تزهو قلت وما الزهو قال حتى يتلون وعن الرضا (ع) حتى تزهو قال الراوي قلت وما تزهو جعلت فداك قال تحمر و
تصفر وشبه ذلك وحكى عن بعض الفقهاء إنه قال بدو الصلاح في الثمار بطلوع الثريا لان ابن عمر روى إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة فقال له عثمان بن
عبد الله بن سراقة متى ذلك قال إذا طلع الثريا والجواب هذه التتمة من قول ابن عمر لا من قول النبي صلى الله عليه وآله فلا عبرة به وإنما قال ذلك بناء على عادة أهل تلك البلاد وإن
طلوع الثريا إنما يكون عند بلوغ الثمرة وإلا فهو مختلف في البلاد والغرض ببلوغ الثمرة زوال الغرر الحاصل من تطرق العاهة وذلك يحصل ببلوغها لا بطلوع الثريا
503

الثاني في ثمرة الأشجار. مسألة. لا يجوز بيع ثمرة الشجرة قبل ظهورها عاما واحدا إجماعا لأنها معدومة فكانت كبيع الملاقيح والمضامين إذ لا فرق
بينهما فإن كل واحد منهما نماء وثمرة مستكن في أصله لم يبرز إلى الخارج وهل يجوز بيعها قبل ظهورها عامين الأقوى عندي المنع وقد تقدم البحث فيه في ثمرة النخل
والخلاف هنا كما هو ثم وكذا لو باع الثمرة قبل ظهورها منضمة إلى شئ آخر. مسألة. ويجوز بيع ثمرة الشجرة بعد ظهورها وإن لم يبد صلاحها سنة وبعده
بشرط القطع ومطلقا وبشرط التبقية لما مر والخلاف هناك وكذا يجوز بيعها قبل بدو الصلاح سنتين فصاعدا ويجوز بيعها منضمة إلى الأصول قبل بدو
الصلاح وبعده وبشرط القطع وعدمه وكذا يجوز منضمة إلى غيرها مطلقا قبل انعقادها وبعده سواء كان بارزا كالتفاح والمشمش والعنب أو في قشر يحتاج إليه لادخاره
كالجوز في القشر الأسفل واللوز أو في قشره يحتاج إليه كالقشر الاعلى للجوز والباقلى الأخضر والهرطمان والعدس وكذا السنبل يجوز بيعه سواء كان بارزا كالشعير أو مستترا
كالحنطة وسواء بيع منفردا أو مع أصله سواء كان قايما أو حصيدا من غير اعتبار كيل أو وزن إلا إذا كان البيع بعد التصفية. مسألة. بدو الصلاح في ثمرة الأشجار
الانعقاد وفي الزرع عند اشتداد الحب لان عمار بن موسى سئل الصادق (ع) عن الكرم متى يحل بيعه فقال إذا عقد وصار عنقود (والعنقود اسم صح) الحصرم بالنبطية وعن محمد بن شريح
عن الصادق (ع) في ثمر الشجر لا بأس بشرائه إذا صلحت ثمرته فقيل له وما صلاح ثمرته فقال إذا عقد بعد سقوط ورده وقال الشافعي إن كانت الثمرة مما تحمر أو تصفر أو تسود
فبدوا الصلاح أن يحصل فيها هذه الألوان وإن كانت مما تبيض فإن يتموه وهو أن يبدو فيه الماء الحلو ويصفر لونه وإن كان مما لا يتلون كالتفاح فبأن يحلو و
يطيب أكله وإن كان بطيخا فإن يقع فيه النضج وإن كان مثل القثاء والخيار الذي لا يتغير لونه ولا طعمه فبأن يتناهى عظم بعضه وهو وقت أخذه والنقل على ما ذكرناه
فهو أولي من الاخذ بالتخمين والاستحسان الثالث في الخضر كالقثاء والباذنجان والبطيخ والخيار يجوز بيعه بعد انعقاده وظهوره ولا يشترط أزيد من ذلك من
تغير لون أو طعم أو غيرهما لأنه مملوك ظاهر منتفع به فجاز بيعه كغيره من المبيعات ويجوز بيعها منفردة ومنضمة إلى أصولها (وبغير أصولها صح) بشرط القطع والتبقية ومطلقا وقال الشافعي
إن كان البيع للثمرة خاصة قبل بدو الصلاح وجب شرط القطع كما في ثمرة النخل وإن باع الأصل خاصة صح البيع وكذا لو باعها منضمة إلى الثمرة التي لم يبد صلاحها وإذا
باع البطيخ وغيره من الخضر بعد بدو الصلاح في الجميع أو في بعضه مطلقا عندنا وقال الشافعي يجب شرط القطع إن خيف خروج غيره لأنه إذا وجب شرط القطع خوفا
من الجايحة التي الغالب فيها العدم فلان يجب خوفا من الاختلاط الذي الغالب فيه الوجود كان أولي والجواب المنع من كون الاختلاط مانعا من البيع لامكان المخلص
عنه وإن لم يخف اختلاطه بغيره صح بيعه بشرط القطع وبغير شرطه. مسألة. لو أفردت أصول البطيخ وغيره من الخضر بالبيع بعد ظهور الثمرة عليها صح البيع
وكانت الثمرة للبايع عملا باستصحاب الملك السالم عن شرط إدخاله في البيع سواء كان قد بدا صلاحها أو لا ولا يجب اشتراط القطع إذا لم يخف الاختلاط ثم الحمل الموجود
يكون للبايع وما يحدث بعده للمشترى وبه قال الشافعي وإن خيف اختلاط الحملين لم يجب اشتراط القطع عندنا وللأصل وقال الشافعي يجب ولو باع الأصول قبل خروج
الحمل فلا يجب اشتراط القطع للأصل وقال الشافعي لابد من شرط القطع أو القلع كالزرع ولو باع البطيخ مع أصوله لم يجب شرط القطع عندنا كالثمرة مع الشجرة وقال
بعض أصحاب الشافعي لابد من شرط القطع بخلاف الثمرة مع الشجرة لان الشجرة غير معرضة للجايحة بخلاف البطيخ مع أصله فإنه متعرض لها أما لو باع البطيخ وأصله والأرض
أيضا استغنى عن شرط القطع وكان الأرض هنا كالأشجار ثم. مسألة. لو باع الثمرة الظاهرة وما يظهر (بعد صح) ذلك صح البيع عندنا وبه قال مالك لأصالة الصحة ولان
المتجدد هنا كالمتجدد في الثمرة في السنة الثانية فكلما يصح بيع الثمرة سنتين صح هنا ولان ذلك يشق تمييزه فجعل ما لم يظهر تبعا لما يظهر كما إن ما لم يبد صلاحه تبع
لما بدا صلاحه ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن شراء النخل والكرم والثمار ثلاث سنين أو أربع سنين لا بأس به والخضراوات من جملة الثمار وقال الشافعي لا يصح البيع
وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنها ثمرة لم تخلق فلا يجوز بيعها كما لا يجوز بيعها قبل ظهور شئ منها والجواب الفرق فإن مع الظهور يبقى المعدوم تابعا فجاز بيعه بخلاف عدم
الظهور فإن العدم يبقى أصلا. مسألة. ويجوز بيع ما يجز جزة أو جزات وكذا ما يخرط خرطة وخرطات كل ذلك مع ظهور جزة الأولى والخرطة الأولى سواء بدا
صلاحها أو لا كالكراث والهندباء والنعناع والتوت والحناء ولا بالأصل السالم عن معارضة المبطل ولما رواه ثعلبة بن زيد قال سألت الباقر (ع) عن الرطبة تباع
قطعتين أو الثلاث قطعات قال لا بأس به قال فأكثرت السؤال عن أشباه هذا فجعل يقول لا بأس وعن سماعة قال سألته عن (ورق صح) الشجر هل يصح شراؤه ثلاث خرطات (أو أربع خرطات صح) فقال
إذا رأيت الورق في شجرة فاشتر ما شئت من خرطة وعن معاوية بن ميسرة قال سألت الصادق (ع) عن بيع النخل سنتين قال لا بأس به قلت فالرطبة تبيعها هذه الجزة
كذا وكذا جزة بعدها قال لا بأس به ثم قال كان أبى يبيع الحناء كذا وكذا خرطة. تذنيب من جوز بيع الثمرة قبل ظهورها عامين يحتمل تجويز بيع الورق من
التوت والحناء (وشبههما صح) وخرطتين قبل ظهورها أما ما يجز كالكراث قبل ظهوره فالأولى تفريعا على الجواز في الثمرة المنع فيه لأنه لا أصل له ظاهرا يرجع إلى معرفة المجزوز
تقريبا ولا فرع ظاهر له بخلاف ورق التوت والحناء ولو بيع ما يخرطه أو يجز مع أصله صح سواء بدا صلاحه أو لا. المطلب الثاني. في الاحكام. مسألة.
يجوز بيع الزرع قصيلا بشرط القطع وبشرط التبقية ومطلقا عملا بالأصل السالم عن المبطل فإن شرط القصل أو أطلق واقتضت العادة فيه القصل وجب على المشترى
قصله فإن لم يفعل فللبايع قطعه وتركه بالأجرة وإن شرط التبقية جاز ووجب على البايع إبقاؤه إلى كمال حده للأصل وقال الشافعي لا يجوز بيع الزرع الأخضر
إلا بشرط القطع ولو باعه الزرع مع الأرض جاز إجماعا وكذا عندنا يجوز بيع البقول دون الأرض بعد ظهورها قبل بدو صلاحها وبعده مطلقا وبشرط القطع والتبقية
منضمة إلى الأرض ومنفردة عملا بالأصل (والعمومات صح) وقال الشافعي لا يجوز بيع البقول في الأرض دون الأرض إلا بشرط القطع أو القلع سواء كان مما يجز مرارا أو مرة واحدة
ولو باع الزرع بعد اشتداد الحب فهو كما لو باع الثمرة بعد بدو الصلاح. مسألة. الثمرة إما بارزة كالتفاح والكمثرى والخوخ والمشمش وأشباهه فهذا يجوز
بيعه بعد ظهوره في شجره وعلى الأرض إجماعا لظهوره ومشاهدته وإما غير بارزة وهو مستوره بالكمام وهو قسمان الأول ما يكون كمامه من مصلحته يحفظ رطوبته
ويبقى معه كالرمان والجوز واللوز في القشر الثاني فهذا يجوز بيعه إجماعا لأنه إذا خرج من قشره سارع إليه الفساد فلم يقف بيعه على ذلك ولا فرق بين أن يباع على
شجرة أو مقطوعا على الأرض الثاني ما لا يكون بقاء قشره من مصلحته كالجوز واللوز في قشريه فإنه يجوز بيعه عندنا سواء قشر من قشره الاعلى أو لا وسواء كان
مقطوعا على الأرض أو باقيا على الشجرة وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد لأنه حائل من أصل الخلقة فلا يمنع من جواز البيع كقشر الرمان والبيض وكذا الباقلي
الأخضر يجوز بيعه وإن لم ينزع عنه القشر الاعلى سواء كان رطبا أو يابسا وسواء بيع منفردا أو منضما ومقطوعا وغير مقطوع عند علمائنا أجمع وبه قال مالك
وأبو حنيفة واحمد لما تقدم وقال الشافعي لا يجوز بيع ذلك كله إلا بعد أن يقشر الجوز واللوز وشبههما من القشر الاعلى لا على رأس الشجرة ولا على وجه الأرض
504

ولا بيع الباقلاء الأخضر حتى ينزع عنه القشر الاعلى وجوز أبو العباس بن العاص وأبو سعيد الإصطخري من الشافعية بيع الباقلي الأخضر في القشر الاعلى وهو قول
الشافعي أيضا لأنه يوكل رطبا وبقاؤه في قشره الأخضر يحفظ رطوبته وكذا قالا في الجوز واللوز إذا كانا رطبين فأما إذا يبسا فلا يجوز بيعهما في القشر الاعلى
واحتج الشافعي بأن المقصود مستور فيما لا يدخر عليه وفيما لا مصلحة له فيه فلم يجز بيعه كالمعادن والحيوان المذبوح قبل سلخه والجواب المنع من اللازم فإنه يجوز
عندنا بيع المعادن بشرط المشاهدة وبيع الحيوان قبل سلخه إن لم يشترط فيه الوزن. مسألة. السنبل يجوز بيعه سواء كان حبة ظاهرا كالشعير والسلت
أو مستورا كالحنطة والعدس والسمسم قبل بدو الصلاح وبعده بشرط القطع ومطلقا وبه قال أبو حنيفة ومالك للأصل والعمومات وقال الشافعي إن كان الحب ظاهرا
جاز بيعه مع السنبل بعد الحصاد وقبله لظهور المقصود وإن كان مستورا كالحنطة لم يجز بيعه في السنبلة دون السنبلة ومع السنبلة قولان القديم الجواز لنهيه
عن بيع الحب حتى يشتد وقد اشتد فيزول النهى وإلا انتفت فايدة الغاية والجديد المنع لان المقصود مستور بما لا يتعلق به الصلاح إما الأرز فإنه كالشعير عنده
يجوز بيعه في سنبله لأنه يدخر في قشره وقال بعض الشافعية إنه كالحنطة. مسألة. إذا كان المقصود مستورا في الأرض لم يجز بيعه إلا بعد قلعه كالجزر
والثوم والبصل وبه قال الشافعي للجهالة لانتفاء المشاهدة والوصف ويجوز بيع أوراقها الظاهرة بشرط القطع والابقاء خلافا للشافعية في الابقاء والشلجم
نوعان منه ما هو مستور لا يجوز بيعه قبل قلعه ومنه ما يكون ظاهرا يجوز بيعه بشرط القطع والتبقية ويجوز أيضا بيع اللوز في قشره الاعلى قبل انعقاد الأسفل
لأنه مأكول كله كالتفاح عند الشافعي وعندنا يجوز مطلقا سواء يبس قشره أو لا وسواء انعقد الأسفل أو لا. فروع: - آ - اختلف الشافعية في المنع من جميع ما
تقدم قول الشافعي بالمنع فيه هل هو مقطوع به أو مفرع على قول منع بيع الغايب قال الجويني إنه مفرع عليه فلو جوز بيع الغايب صح البيع فيها جميعا وقيل إن
المنع في بيع الجزر في الأرض وما في معناه ليس مبنيا على بيع الغايب لان في بيع الغايب يمكن رد المبيع بعد الرؤية بصفته وهنا لا يمكن - ب - على قول الشافعي بالمنع لو
باع الجوز مثلا في القشرة العليا مع الشجرة أو باع الحنطة في سنبلها مع الأرض فطريقان أحدهما أن البيع باطل في الجوز والحب وفي الشجر والأرض قولا تفريق الصفقة و
أصحهما عندهم القطع بالمنع في الكل للجهل بأحد المقصودين وتعذر التوزيع والأقوى عندنا الجواز والجهالة في بعض أجزاء المبيع غير مضرة - ج - لو باع أرضا
فيها بذر لم يظهر مع البذر صح عندنا إن كان البذر تابعا وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني بطلان البيع في البذر خاصة وفي الأرض طريقان سبقا ومن قال بالصحة
في الأرض لا يذهب إلى التوزيع بل يوجب جميع الثمن بناء على أحد القولين فيما لو باع ماله ومال غيره وهنا البيع في ماله وخيرناه إنه إذا جاز تخير بجميع الثمن وأما على مذهبنا
إذا كان البذر مقصودا بطل البيع في الجميع للجهالة ولو باع البذر وحده بطل عندنا وعند كل من يوجب العلم في المبيع سواء عرف قدر البذر وشاهده قبل رميه
أو لا لخفاء حاله عند العقد وإمكان تجدد الفساد بعد العقد فحالف بيع الغايب بعد المشاهدة فإن فساده معلوم الوقت ولو باع الأرض وحدها صح البيع ووجب عليه
الصبر إلى أخذ الزرع وله الخيار في الفسخ والامضاء مجانا إن لم يكن عالما بالحال. مسألة. كما يصح بيع الثمرة يصح بيع أبعاضها على رؤوس الأشجار ومقطوعه
قبل بدو الصلاح وبعده مع شرط القطع والتبقية والاطلاق بشرطين الإشاعة والعلم بالجزئية كالنصف والثلث مثلا في كل صورة يصح بيع الجميع فيها عند علمائنا
أجمع وقال بعض الشافعية لا يصح البيع قبل بدو الصلاح لان البيع يفتقر إلى شرط القطع ولا يمكن قطع النصف إلا بقطع الجميع فيتضرر البايع بنقصان غير المبيع
والجواب المنع من اشتراط القطع وقد تقدم سلمنا لكن لا يلزم ثبوته لامكان قسمة الثمار على رؤوس الأشجار سلمنا لكن هذا الضرر ادخله البايع على نفسه كما لو باع
ثمرة يفتقر إلى سقى يضر بالأصل. فروع: - آ - لو باع نصف الثمن مع نصف النخل صح إجماعا وكانت الثمرة تابعة عند المانعين من البيع قبل بدو الصلاح - ب -
لو كان الثمرة لانسان والشجرة لآخر فباع صاحب الثمرة نصف ثمرته من صاحب الشجرة صح عندنا مطلقا على ما تقدم وللشافعي وجهان بناء على الخلاف في اشتراط
القطع هنا - ج - لو كانت الأشجار والثمار مشتركة بين رجلين فاشترى أحدهما نصيب صاحبه من الثمرة جاز
عندنا ومنع الشافعي من الجواز ولو اشترى نصيب
صاحبه من الثمرة بنصيبه من الشجرة جاز عندنا ومنع الشافعي من جوازه مطلقا وجوزه بشرط القطع لان جملة الثمار تصير لمشتري الثمرة وجملة الأشجار للاخر و
على مشترى الثمرة قطع الكل لأنه بهذه المقابلة الزم قطع النصف المشترى بالشرط وألزم تفريع الأشجار لصاحبها وبيع الشجرة على أن يفرغها المشترى جايز وكذا
لو كانت الأشجار لأحدهما والثمرة بينهما فاشترى صاحب الشجرة نصيب صاحبه من الثمرة بنصف الشجرة جاز مطلقا عندنا وبشرط القطع عند الشافعي. مسألة.
يجوز للبايع أن يستثنى جزءا مشاعا كالثلث وشبهه إجماعا لأنه لا يؤدى إلى جهالة المستثنى منه وكذا يجوز أن يستثنى نخلات بعينها إجماعا وأن يستثنى عذقا
معينا مشخصا من أعذاق النخلة الواحدة ولا يجوز أن يستثنى نخلة غير معينة ولا عذقا غير مشخص إجماعا ولا الأجود ولا الأردى لان الاستثناء غير معلوم
فصار المبيع مجهولا وهل يجوز استثناء أرطال معلومات وامداد معلومة ذهب علماؤنا إلى جوازه وبه قال مالك لأنه استثنى معلوما فأشبه ما لو استثنى جزء
مشاعا ولقول الصادق (ع) وقد سئله ربعي أن لي نخلا بالبصرة فأبيعه واسمى الثمن واستثنى الكر من التمر أو أكثر قال لا بأس وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل
لا يجوز لان النبي نهى عن بيع السنين وعن الثنيا ولان المبيع معلوم بالمشاهدة لا بالقدر فالاستثناء منه بغير حكم المشاهدة ولأنه لا يدرى كم يبقى في حكم المشاهدة
منه فلم يجز والجواب المراد بالنهي الثنيا المجهولة لجواز استثناء الجزء المشاع والنخلة المعلومة إجماعا والعلم بالمشاهدة حاصل مع الاستثناء وعدمه وجهالة القدر
حاصلة فيهما معا فلا وجه للتخصيص. فروع - آ - إذا استثنى جزء مشاعا أو أرطالا معينة فتلف من الثمرة شئ سقط من الثنيا بحسابه أما في الجزء المشاع
فظاهر وأما في الأرطال المعلومة فيؤخذ منه بالحرز والتخمين فيقال هل ذهب ثلث الثمرة أو نصفها فيذهب من الثنيا بقدر تلك النسبة أما لو استثنى مائة
رطل مثلا من الثمرة ومما يتخلف منها احتمل بطلان البيع - ب - لو استثنى نخلات بعينها أو عذقا معينا من نخلة فذهب بعض الثمرة فإن كان من الثنيا سقط التالف
وإن كان التالف غير المستثنى كان المستثنى للبايع - ج - لو قال بعتك من هذه الصبرة قفيز إلا مكوكا صح المبيع لان القفيز معلوم القدر والمكوك أيضا معلوم
فكان الباقي معلوما هذا إذا علم وجود القفيز في الصبرة. مسألة. لو باع الثمرة قبل بدو الصلاح على شرط القطع ومطلقا عندنا أو باع لقطة واحدة من
القثاء والبطيخ وشبههما ثم تجدد في النخل ثمرة أخرى أو في أصول الخضر كان المتجدد للبايع تبعا للأصل إذا لم يشترطه المشترى فإن تميزت فلا بحث وإن اختلطت بغيرها
بحيث لا يتميز فإما أن يكون بعد القبض أو قبله فإن كان بعد القبض كان المشترى شريكا للبايع فإن علم القدر دون العين أخذ كل منهما من الثمرة بقدر
الذي له من الجملة فإن لم يعلم القدر ولا العين اصطلحا كما لو وقع طعام شخص على طعام غيره ولم يعلما قدرهما وإن كان قبل القبض تخير المشترى بين الفسخ والامضاء
505

للتعيب في يد البايع فإن فسخ أخذ الثمن الذي دفعه وإن أمضى البيع كان شريكا إن علما مقدار ما لكل منهما أخذ القدر الذي له وإن جهلاه اصطلحا وحكم ما إذا لم يتميز
البعض حكم ما إذا لم يتميز الجميع وأما عند الشافعي إذا امتزجت الأولى بالثانية ولم يتميزا فقولان أحدهما فسخ البيع قاله في الاملاء لتعذر التسليم جملة فانفسخ
البيع كما لو تلف المبيع قبل القبض والثاني إنه لا ينفسخ البيع فإن سلم البايع الجميع إلى المشترى أجبر المشترى على قبوله ومضى البيع وإن امتنع فسخ البيع وبه قال المزني لأن المبيع
زاد وذلك لا يوجب بطلان العقد كما لو طالت الشجرة أو بلغت الثمرة والفرق ظاهر لان الزيادة في الطول والبلوغ زيادة في عين المبيع فيرجع في الحقيقة إلى زيادة
صفة فوجب عليه قبولها كما لو باع ثوبا فاختلط الثوب بآخر فدفعهما البايع لم يجب على المشترى قبولها ولا يجبر البايع على تسليمهما بخلاف طول الغصن وبلوغ الثمرة فإنه
يجب على البايع تسليم الأصل والزيادة. فروع: - آ - لو باع ما يعلم امتزاجه قبل إدراك الأول وعدم امتيازه فإن شرط القطع صح البيع قطعا سواء أهمل حتى امتزج أولا
وإن لم يشترط وإن قلنا ببطلان المبيع على تقدير الامتزاج احتمل البطلان هنا حذرا من الاختلاط والصحة لان الثمرة الآن لا موجب لفسخ البيع فيها والمزج مترقب الحصول
فلا يؤثر في البيع السابق وللشافعي وجهان أحدهما الأول والثاني إن البيع يقع موقوفا فإن سمح البايع بدفع المتجدد إلى المشترى تبينا (تبين خ ل) صحة البيع وإن لم يدفع يظهر عدم انعقاده
من الله - ب - لو باع بشرط القطع أو التبقية مع ندور الاختلاط فحصل الاختلاط فقد قلنا إن القبض كان للمشترى الفسخ ولا يبطل البيع وإن كان بعده لم ينفسخ
وللشافعية قولان قبل القبض أحدهما الفسخ لتعذر تسليم المبيع قبل القبض وهو ممنوع والثاني عدم الفسخ لبقاء عين المبيع وإمكان إمضاء البيع فيثبت للمشترى
الخيار وقال بعضهم لا خيار له وإنه لا فرق بين المزج قبل القبض وبعده ثم إن قال البايع اسمح بترك المتجددة ففي سقوط خيار المشترى وجهان أصحهما عندهم السقوط
كما في الاعراض عن نعل الدابة المردودة بالعيب والثاني عدمه لما في قبوله من المنة وهو الوجه عندي ولو باع الثمرة قبل بدو الصلاح بشرط القطع ثم لا يتفق القطع حتى
امتزجا جرى القولان في الفسخ وكذا لو باع حنطة فانثال عليها مثلها قبل القبض أو المايعات ولو اختلط الثوب بأمثاله أو الشاة المبيعة بأمثالها قال بعضهم ينفسخ
البيع قطعا لأنه يورث الاشتباه وإنه مانع من صحة البيع في الابتداء وفي الحنطة غاية ما يلزم الإشاعة وهي غير مانعة وفيه وجه إنه لا ينفسخ لامكان تسليمه (بتسليم صح) الجميع
ولو باع جزة من ألقت والكراث وشبههما من المجزوزات بشرط القطع ولم يقطعها حتى طالت وتعذر التميز جرى القولان ومنهم من قطع بعدم الفسخ هنا تشبيها لطولها
بكبر الثمرة وسمن الحيوان وفرق الأولون بأن الزيادة في الطلع وسمن الحيوان من نماء الطلع والحيوان الذي هو ملك المشتري فلهذا كانت له بخلاف طول ألقت
والكراث لأنها حدثت من الأصول التي هي ملك البايع فكانت له فيجئ القولان لحصول المزج وعدم التميز - ج - لو حصل الامتزاج بعد القبض لم يبطل البيع عندنا
وقد سبق وللشافعية طريقان القطع بعدم الفسخ وهو اختيار المزني كالحنطة إذا امتزجت بأخرى والثاني إنه على القولين في الممتزج قبل القبض بخلاف مسألة الحنطة
لان هناك قد تم التسليم وانقطعت العلايق بينهما وفي الثمار لا تنقطع لان البايع يدخل الحايط للسقي وغيره - د - كل موضع قلنا بعدم الفسخ إن تصالحا واتفقا
على شئ فلا بحث وإن تحاكما قدم قول صاحب اليد في قدر حق الاخر وهذا ظاهر في الحنطة وشبهها أما في الثمار فمن هو صاحب اليد للشافعية وجهان بناء على أن.
الجايحة من ضمان البايع أو المشترى ولهم وجه ثالث إنها في يدهما جميعا والوجه أن نقول إن كان البايع سلم الثمرة تسليم الأصل فهي في يد المشترى وإن كانت الأصول في
يد البايع والثمرة في يد المشترى فهما صاحبا يد أما في صورة الحنطة فصاحب اليد هو المشترى فالقول قوله في قدر حق البايع فإن كان المشترى قد أودع البايع الحنطة
بعد القبض ثم حصل الاختلاط فالقول قول البايع في قدر حق المشترى مسألة. لو باع شجرة عليها ثمرة فالثمرة للبايع إلا في طلع النخل غير المؤبر على ما
يأتي فإنه للمشترى أما ثمرة النخل المؤبرة أو ثمرة غير النخل مطلقا فهي للبايع فإن كانت الشجرة تثمر في السنة مرتين ويغلب عليها التلاحق صح البيع عندنا على ما تقدم ولا يخفى
الحكم السابق عندنا وقال الشافعي لا يصح البيع إلا بشرط أن يقطع البايع ثمرته عند خوف الاختلاط ويجئ خلافهم السابق فيما إذا كان المبيع الثمرة ثم إذا تبايعا بهذا
الشرط ولم يتفق القطع حتى حصل الاختلاط أو كانت الشجرة مما يندر فيها التلاحق فاتفق ذلك فعندنا يبقى شريكا ويصطلحان ونقل المزني عن الشافعي قولين في
الانفساخ ولأصحاب الشافعي طريقان فعن بعضهم القطع بعدم الانفساخ وتخطية المزني في نقله لان الاختلاط وتعذر التسليم لم يوجد في المبيع بخلاف ما إذا كان
المبيع الثمار وأثبت الأكثرون القولين وقالوا الاختلاط وإن لم يوجد في المبيع لكنه وجد في المقصود بالعقد وهو الثمرة الحادثة فإنها مقصود المشترى من
الشراء للأصول فجاز أن يجعل كالمبيع فإن قلنا بعدم الانفساخ فإن سمح البايع بترك الثمرة القديمة أجبر المشترى على القبول (وإن؟ رضي المشترى بترك الحادثة أجبر البايع على القبول صح) وأقر العقد ويحتمل ان يجئ في الاجبار
على القبول للشافعية خلاف وإن استمر على النزاع قال المثبتون القولين يفسخ العقد بينهما كما لو كان المبيع الثمرة وقال القاطعون لا فسخ بل إن كانت الثمرة
والشجرة في يد البايع فالقول قوله في قدر ما يستحقه المشترى مع يمينه وإن كانتا في يد المشترى فالقول قوله في قدر ما يستحقه البايع وهو الذي يقتضيه القياس
لان الفسخ لا يفيد رفع النزاع لبقاء الثمرة الحادثة للمشترى قالوا ولو قلنا بالفسخ أسترد المشترى الثمن ورد الشجرة مع جميع الثمار. مسألة. إذا ضم ما يملكه من
الثمرة إلى غيره مملوكة لغيره وباعهما في عقد واحد فإن كان المشترى عالما لزم البيع في نصيب البايع بحصة من الثمن وكان نصيب غيره موقوفا إن أجاز لزم البيع وإن لم
يجز بطل في نصيبه خاصة ولا خيار للمشترى هنا وإن كان جاهلا تخير مطلقا سواء أجاز المالك أو لا لتفاوت الأغراض في الغرماء ويحتمل عدم الخيار فيما لو أجاز المالك
وثبوته لو لم يجز لتبعض الصفقة عليه ولو باع الثمرة بأجمعها وفيها الزكاة وإن كان المشترى عالما وشرط البايع عليه نصيب الفقراء صح البيع وكذا لو لم يشترط وضمن
البايع حصة الفقراء ولو يضمن البايع ولا شرط الزكاة بطل البيع في نصيب الفقراء ولزمه في نصيب المالك وإن كان جاهلا تخير بين أخذ حصة المالك بحصته من
الثمن أو يرد وللشافعي قولان أحدهما إنه يتخير المشترى بين أخذ حصة المالك بحصة من الثمن وبين الرد والثاني إنه يتخير المشترى بين أخذ حصة المالك بجميع الثمن
أو يرد. مسألة. إذا باع الثمرة واحتاجت إلى السقى ليزيد نماؤها وجب على البايع تمكينه من ذلك لنهيه (ع) عن الضرر فإن كان سقيها يضر النخل قدم مصلحة
المشترى ولا يجب على البايع صاحب الأصول في كل حال سقى ثمرة المشترى لأصالة براءة ذمته بل التمكين منه وقال الشافعي يجب على البايع سقى الثمرة قبل التخلية
وبعدها قدرا تنمو به الثمار وتسلم عن التلف والفساد لان التسليم واجب عليه والسقي من تتمة التسليم (كالكيل في المكيلات والوزن في الموزونات ونحن نمنع بكون السعي من تتمة التسليم صح) لان التسليم هو التخلية وقد حصل فلا يجب عليه إنماء المبيع كغذاء
الحيوان. فروع: - آ - قد بينا إن السقى ليس واجب على البايع بل التمكن فإن منعه منه حتى تلفت أو عابت ضمن الأرش لأنه سبب في الاتلاف والأرش في المعيب هو
قدر قيمة التفاوت بين كونها حالة الاخذ وكونها بالغة حد الكمال إلى وقت أخذها بمجرى العادة مثلا إذا باعها وهي بسرة واحتاجت إلى سقى حتى تصير رطبا
فمنعه البايع منه فلم يبلغ كمالية الترطيب كان عليه أرش التفاوت بين كونها رطبا كاملا وناقصا وفي التلف يجب عليه قيمة البسر - ب - لو احتاج المشترى في السقى إلى آلة
506

لم يجب على البايع إقامتها ولو كان للبايع آلة كدولاب ودالية لم يجب عليه تمكين المشتري من السقى بها ويجئ على قول الشافعي الوجوب - ج - قال الشافعي السقى يجب على البايع
فلو شرط على المشترى بطل العقد لأنه خلاف مقتضاه وهو ممنوع. مسألة. لو باع الأصول والثمرة للبايع ثم أراد سقيها بالماء وكان ذلك لا يضر النخل فوجب
على المشترى تمكينه منه (لأنه مما ينفع ثمرته وسقيها وكان عليه تمكينه منه صح) كتركها على الأصول وبه قال الشافعي ثم اعترض أصحابه على أنفسهم بأن البايع لو باع الثمرة بعد بدو صلاحها وعطشت وجب على
البايع سقيها عندهم لأنه صاحب الأصول؟ فإلا قلتم هنا يجب السقى على المشترى لأنه صاحب الأصول والجواب إنهم لم يقولوا إنه يجب عليه السقى لأنه صاحب
الأصول بل وجب عليه السقى لأنه يجب عليه تسليم الثمرة كاملة وذلك إنما يكون بالسقى وهنا لم يلزمه تسليم الثمرة ولم يملكها من جهته وإن كان السقى
ينفعهما معا لم يكن لأحدهما منع الآخر منه وإن كان يضرهما معا لم يكن لأحدهما السقى إلا برضا الاخر وأما إن كان السقى يضر بالأصول فإن استغنت الثمرة
عنه منع صاحب الثمرة منه وإن استضرت الثمرة بتركه أو كان المشترى يريد سقى الأصول لحاجتها إليه وكان ذلك يضر بالثمرة قال بعض الشافعية إن رضي
أحدهما بإدخال الضرر عليه أقر العقد بينهما وإن لم يرض واحد منهما فسخ العقد لتعذر إمضائه إلا بضرر أحدهما وقال بعضهم أيهما احتاج إلى السقى أجبر الآخر
عليه وإن أضر به لأنه دخل معه في العقد على ذلك لان مشترى الأصول اقتضى عقده تبقية الثمرة والسقي من تبقيتها والبايع اقتضى العقد في حقه تمكين المشترى
في حفظها أو تسليمها (وتسلمها خ ل) ويلزم كل واحد منها ما أوجبه العقد للاخر وإن أضر به إذا تقرر هذا فإنما له أن يسقى القدر الذي له فيه صلاحه فإن اختلفا في ذلك
رجع إلى أهل الجزة فما احتاج إليه أجبر عليه وأيهما طلب السقى فالمؤنة عليه لأنه لحاجته. تذنيب لو كانت الثمرة مؤبرة فهي للبايع فإن عطشت وتعذر
سقيها فطالبه المشترى يقطعها لتضرر الأصول ببقائها عليها فإن كان الضرر يسيرا لم يلزمه القطع وإن كان كثيرا يخاف من جفاف النخل أو نقصان حملها أجبر
المشترى على تركه وهو أحد قولي الشافعي لأنه دخل في العقد على ذلك والثاني له لم يجبر البايع على قطعها لان الضرر يلحقها وإن بقيت والأصول تسلم بقطعها ولان
ضرر الأصول أكثر لتعذر أمثال الثمرة في المستقبل بذلك وهذا القول لا بأس به عندي. مسألة. لو باع الأصل خاصة وعليه ثمرة ظاهرة فالثمرة
للبايع والأصل للمشترى في غير النخل وفيه مع التأبير أو اشتراطه وللمشتري مع عدمه ولا يجب على البايع قلع الثمرة مع الاطلاق بل يجب على المشترى تبقيتها إلى
أوان الجذاذ وبه قال مالك واحمد والشافعي لان النقل والتفريغ إنما يجب بحسب العادة والعرف فإن بايع الدار
يجب عليه نقل الأقمشة والأطعمة على حسب العرف نهارا
لا ليلا شيئا بعد شئ كذا هنا تفريغ النخل من الثمرة إنما يكون في أوان تفريغها في العادة وهو وقت الجذاذ وقال أبو حنيفة يلزمه قطعها في الحال وتفريغ النخل لأن المبيع
مشغول بملك البايع فيلزمه نقله وتفريغه كما لو باع دارا فيها قماش والجواب ما تقدم. فروع: - آ - لو شرط قطع الثمرة في الحال وجب على البايع قطعها في الحال
عملا بالشروط وقد قال (ع) المؤمنون عند شروطهم - ب - لو شرط الابقاء صح عندنا لأنه مقتضى البيع على الاطلاق وبه قال الشافعي ومالك واحمد وقال
أبو حنيفة يفسد البيع وليس بجيد - ج - المرجع في وقت القطع إلى العادة فما كانت العادة فيه أن يقطع قبل نضجه كالمكتوم يؤخذ بسرا كلف البايع القطع بمجرى العادة
ولا يكلفه قطع الجميع إذا لم يتفق بيعه دفعة وإذا جاء وقت الجذاذ لم يمكن من أخذها على التدريج ولا أن يؤخر إلى نهاية النضج بل يؤخذ بالعادة في ذلك كله
هذا مع الاطلاق أما مع الشرط فبحسبه - د - لو تعذر السقى لانقطاع الماء أو تعذر الآلة وعظم ضرر النخل ولم يكن في الابقاء منفعة لصاحب الثمرة فالأقوى عندي
إلزام صاحب الثمرة بقطعها على ما تقدم وللشافعي قولان تقدما - ه‍ - لو أصاب الثمار آفة ولم يكن في إبقائها فايدة فإن لم يتضرر صاحب النخل كان لصاحب
الثمرة الابقاء عملا بالاطلاق وانتفاء الضرر وإن كان يتضرر فالأقوى إلزامه بالقطع دفعا للضرر مع انتفاء الفايدة وللشافعي قولان - و - لو احتاج
صاحب الثمرة إلى السقى وجب على صاحب الأصل تمكينه مع انتفاء ضرره على ما تقدم ومن الدخول إلى البستان لذلك فإن لم يأمنه نصب الحاكم أمينا للسقي
ومؤنته على البايع ويحتمل تمكين البايع من السقى وعلى المشترى مراقبته وهو الوجه عندي - ز - لو لم يسق البايع وتضرر المشترى ببقاء الثمار لامتصاصها رطوبة
الأشجار أجبر البايع على السقى أو القطع فإن تعذر السقى لانقطاع الماء فالاحتمالان السابقان - ح - لو قضت العادة بأخذ بعض الثمرة بسرا والباقي رطبا وجب اتباعها
ولو قضت بأخذها كلها بسرا فعليه نقلها ولو أراد إبقائها ليأخذها شيئا فشيئا ليكون أنفع له لم يكن له ذلك بل يأخذها وينقلها عند إمكان نقلها وإذا
استحكمت حلاوته فعليه نقله ولو قضت العادة بأخذها تمرا أو قسبا اتبعت العادة - ط - لو كان النخل مما يعتاد التخفيف منه بقطع بعض ثمرته وباع الأصل واستثنى
الثمرة أو باع الثمرة خاصة لم يجب التخفيف هنا عملا بأصالة سلامة الملك على مالكه فليس لغيره التصرف فيه بشئ ولو باع الثمرة واشترط تخفيفها احتمل بطلان البيع
لجهالة الباقي من المبيع والوجه الصحة لأن المبيع غير مجهول أقصى ما في الباب إنه شرط قطع البعض فيبنى في ذلك على العادة أما لو باع الثمرة فالوجه إنه لا يجب على المشترى
تخفيفها سواء تضرر النخل أو الثمرة أولا - ى - لو باع الأصل دون الثمرة وكانت عادة أولئك القوم قطع الثمار قبل إدراكها كما لو كان الكرم في البلاد الشديدة
البرد لا ينتهى ثمارها إلى الحلاوة واعتاد أهلها قطع الحصرم ففي إلحاق العرف الخاص بالعام نظر من حيث إن إطلاق العقد يحمل على المعتاد فيكون المعهود كالمشروط
ومن حيث إن تواطؤ قوم معينين ليس حجة بخلاف العادة العامة الثابتة في زمان النبي صلى الله عليه وآله - يا - لو تبايعا بشرط القطع وجب الوفاء به فإن تراضيا على الترك جاز فكان بدو
الصلاح بمنزلة كبر العبد الصغير وقال احمد يبطل البيع وتعود الثمرة إلى البايع ولا وجه له. مسألة. ولا فرق بين الثمرة وغيرها من المبيعات فلو اشترى ثمرة
بعد بدو صلاحها أو قبله بشرط القطع أو مطلقا على ما اخترناه وبالجملة على وجه يصح البيع فتلفت فإن كان التلف قبل القبض فهو من ضمان البايع وانفسخ العقد
ولو تلف البعض انفسخ فيه خاصة وتخير المشترى في أخذ الباقي بحصة وفي الفسخ فيه أيضا وإن كان ذلك بعد القبض وهو التخلية بين المشترى وبينها فهي من ضمان
المشترى ولا فرق بين أن يكون التلف بأمر سماوي كالريح والثلج والبرد أو بغير سماوي كالسرقة والحريق ولا بين أن يكون التلف أقل من الثلث أو أكثر وبه قال
أبو حنيفة وهو الجديد من قول الشافعي لان امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت إن ابني اشترى ثمرة من فلان فأذهبتها الجايحة فسأله ان يضع عنه فتالى أن لا يفعل فقال له (ع)
تالي فلان أن لا يفعل خيرا ولو كان ذلك واجبا عليه لاجبره عليه ولان التخلية يتعلق بها جواز التصرف فيغلب الضمان كالنقل والتحويل وقال في القديم إذا
تلفت بعد القبض فهي من ضمان البايع أيضا فإن تلف كلها انفسخ العقد وإن تلف بعضها انفسخ فيه وهل ينفسخ في الباقي مبنى على قولي تفريق الصفقة
لان النبي صلى الله عليه وآله أمر بوضع الجوايح ونهى عن بيع السنين ولان التخلية ليست بقبض صحيح ولهذا لو عطشت الثمرة كان من ضمان البايع إذا تلفت وقال مالك إن كان التالف
أقل من الثلث كان من ضمان المشترى وإن كان قدر الثلث فما زاد كان من ضمان البايع لان الثمرة لابد وأن يأكل منه الطائر ويسقط منها فلم يكن بد من حد فاصل
507

بين ذلك وبين الجايحة فقدر بما دون الثلث وقال احمد إن تلفت بأمر سماوي كان من ضمان البايع وإن تلفت بنهب أو سرقة كان من ضمان المشترى لان ما يتلفه
الآدمي يرجع إلى بدله منه فلهذا كان من ضمانه بخلاف الجايحة والجواب إن الحديث استضعفه الشافعي فلا يجوز أن يحتج به ويحتمل أن يكون أراد بذلك في بيع
السنين أو قال ذلك ندبا لا واجبا والتخلية قبض صحيح لأنه يتعلق بها جواز التصرف ولا يمكن نقلها فأشبهت العقار وأما عطش الثمرة فيمنع انه من ضمان
البايع ولو قلنا به فهو مبنى على قوله إن العقد يقتضى أن يكون سقيها على البايع كما اقتضى تركها على الأصول إلى أوان الجذاذ فإن عجز عن تسليم الماء ثبت للمشترى
الخيار وقول مالك ليس بصحيح لان ما يأكله الطير لا يؤثر في العادة ولا يبلغ ما حده به إلا أن يقع عليه الجذاذ فيكون ذلك من جملة الجوايح وينتقض ما قاله احمد
بالعبد إذا مات في يد البايع أو قتل فإنهما سواء وإن كان يرجع في أحدهما إلى الضمان. فروع: - آ - لو تلفت الثمرة بعد التخلية وبلوغ أوان الجذاذ وإمكانه من المشترى
فعلى ما قلناه الضمان على المشترى لأنا نوجبه عليه وإن لم يبلغ أوان الجذاذ فمع بلوغه وإمكان الجذاذ منه يكون أولي وكذا على جديد الشافعي وعلى قديمه قولان
أحدهما إنه (يكون صح) من ضمان البايع أيضا لان الآفة إصابته قبل أوان الجذاذ ولان التسليم لا يتم ما دامت الثمار متصلة بملك البايع والثاني إنها من ضمان المشترى لأنه بترك
النقل مع قدرته عليه يكون مفرطا فانتقل الضمان إليه ولا نقاطع العلقة بينهما إذ لا يجب السقى على البايع حينئذ - ب - لو تلف بعض الثمار فكالكل إلا أن يتلف قبل التخلية
فإنه يثبت للمشترى الخيار في التسليم ولو عابت الثمار بالجايحة ولم يتلف فإذا كان بعد التخلية فلا خيار للمشترى وهو جديد الشافعي وعلى قديمه يكون له الخيار وإن
كان قبلها فمن ضمان البايع (- ج - لو ضاعت الثمار بغصب أو سرقة فإن كان قبل التخلية فمن ضمان البايع صح) وإن كان بعدها فمن المشترى وللشافعي قولان أحدهما إنها من ضمان البايع لان التسليم لا يتم بالتخلية على
القديم والثاني إنها من ضمان
المشترى على القديم أيضا لتمكنه من الاحتراز عنه بنصب الحفاظ ولان الرجوع على الجاني به الضمان يتيسر - د - لو اختلفا في الجايحة أو في قدرها فالقول قول البايع وبه قال
الشافعي لان الثمن قد لزم بالبيع والأصل إلا جايحة - ه‍ - إذا لم يمكن البايع المشترى من السقى عليه أو شرطه عند من لا يوجبه وأخل به وعرض
في الثمار آفة بسبب العطش فإن تلفت وجب على البايع الضمان لأنه سبب في الاتلاف وللشافعية طريقان أحدهما أن في انفساخ البيع قولين وأصحهما القطع بالفسخ
لان استحقاق السقى بالعقد قبل التخلية وما يستند إلى سبب سابق على القبض بمنزلة ما لو سبق بنفسه وعلى تقدير عدم الفسخ فعلى البايع الضمان للقيمة أو المثل وإنما
يجب ضمان ما تلف ولا ينظر إلى ما كان ينتهى إليه لولا العارض ولو تعيبت ولم تفسد تخير المشترى وإن جعلنا الجايحة من ضمانه لان الشرع الزم البائع تنمية الثمار
بالسقى إما بالشرط عندنا أو مطلقا عند الشافعي فالعيب الحادث بترك السقى كالعيب المتقدم على القبض ولو افضى التعيب إلى تلفه نظر إن لم يشعر به المشترى حتى تلف عاد
البحث في الانفساخ ولزم الضمان على البايع إن قلنا بعدم الفسخ ولا خيار بعد التلف وإن شعر به ولم يفسخ حتى تلف فوجهان أحدهما يغرم البايع لعدوانه وعدمه
لتقصير المشترى بترك الفسخ مع القدرة عليه - و - لو باع الأصل والثمرة معا فتلفت الثمرة بجايحة قبل التخلية بطل العقد فيهما ويتخير المشترى في الأشجار مع إمضاء البيع بقدر
حصتها من الثمن وفسخ البيع فيها أيضا و (للشافعي صح) في بطلان بيع الأصول قولان وإن تلفت بعد التخلية فهي من ضمان المشترى عندنا وعند الشافعي أيضا قولا واحدا لانقطاع العلايق
هنا والثمرة متصلة بملك المشترى - ز - لو اشترى طعاما مكايلة وقبضه جزافا فهلك في يده فهو من ضمان المشترى لحصول القبض وإن جعلنا الكيل شرطا فيه فالأقرب
إنه من ضمان البايع وللشافعي وجهان (لبقاء الكيل بينهما صح) - ح - ليس للبايع تكليف مشترى الثمرة قطعها قبل بدو صلاحها إلا أن يشرطه بل يجب عليه تبقيتها إلى أوان أخذها عرفا
بالنسبة إلى جنس الثمرة فما قضت العادة بأخذها بسرا اقتصر عليه وما قضت بأخذه رطبا أو قسبا آخر إلى وقته وكذا لو باع الأصل واستثنى الثمرة وأطلق وجب على المشترى
إبقاؤها - ط - لو تلف الثمرة أجنبي قبل التخلية تخير المشترى بين فسخ البيع وإلزام المتلف والأقرب إلحاق البايع به فيتخير المشترى بين فسخ البيع وإلزام البايع بالمثل أو القيمة سواء
زاد عن الثمن المسمى المدفوع إلى البايع أو نقصت عنه ولو تلفت بفعل المشترى فكالقبض يكون من ضمانه. مسألة. يجوز بيع الثمرة بجميع العروض والأثمان
إلا بالثمرة وهي الزابنة وبيع الزرع كذلك إلا بالحب وهي المحاقلة هذا هو المشهور من تفسير المحاقلة والمزابنة والمحاقلة مأخوذة من الحقل وهي الساحة التي تزرع
سميت محاقلة لتعلقها بزرع في حقل والمزابنة مأخوذة من الزبن وهو الدفع سميت بذلك لأنها مبنية على التخمين والغبن فيها مما يكثر فيريد المغبون دفعه
والغابن إمضاءها فيتدافعان والأصل في تحريم المحاقلة والمزابنة النص روى جابر إن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن المحاقلة والمزابنة فالمحاقلة أن يبيع الرجل الزرع بمائه فرق من حنطة
والمزابنة أن يبيع الثمرة بمائه فرق من تمر وهذا التفسير إن كان من النبي صلى الله عليه وآله فذلك وإن كان من الراوي فهو أعرف بتفسير ما رواه ولأنه مجهول المقدار بيع بجنسه وهما ربويان
فلم يصح لجواز زيادة أحدهما على صاحبه بل هو الغالب لندور التساوي. مسألة. قد عرفت أن المحاقلة هي بيع الحنطة في سنبلها بالحنطة الصافية على وجه الأرض
والمزابنة بيع الرطب على رأس النخل بالتمر على وجه الأرض وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد وقال ما لك المحاقلة اكراء الأرض ببعض ما يخرج منها من الثلث أو الربع أو غيرهما
ونقل عنه أيضا ما يقاربه وهو أن المحاقلة اكراء الأرض للزرع بالحب لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن المحاقلة والمزابنة والمحاقلة كراء الأرض وذكر ابن المنذر في بعض الفاظه و
المحاقلة استكراء الأرض (بالحنطة صح) وليس بجيد لان اكراء الأرض بالحنطة إنما هو بذل الحنطة في مقابلة المنفعة والمنفعة ليست بحنطة فإذا باع السنبل بالحنطة فقد باع حنطة
بحنطة مع الجهالة بالتساوي وهو غير جايز والمزابنة هي ضمان الصبرة بقدر معلوم بأن يقول الشخص لغيره في صبرة مشاهدة ضمنت لك صبرتك هذه بمائه قفيز فيقول
المالك هي أقل من ذلك فيقول لمالكها يكال الآن إن زاد فلى وإن نقص فعلى وهذا ليس عقدا وإنما هو قمار والقصد النهى عن عقده فالمشهور ما تقدم. مسألة
هل يشترط في المحاقلة والمزابنة إتحاد الثمر والمثمر أم لا قيل نعم فيكون النهى متناولا لبيع الحنطة الثابتة في السنابل يجب منها معين المقدار ولبيع ثمرة النخل الثابتة عليها
بثمرة منها فيجوز بيع كل منهما بتمر موضوع على الأرض من غير تلك (الثمرة ويجب موضوع على الأرض من غير تلك صح) السنابل للأصل ولما رواه يعقوب بن شعيب عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجلين يكون بينهما
النخل فيقول أحدهما لصاحبه إما أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلا مسمى وتعطيني نصف هذا الكيل زاد أو نقص وإما أن آخذه أنا بذلك وأرد عليك قال لا بأس
وفي الحسن عن الحلبي عن الصادق (ع) في رجل قال لآخر بعني ثمرة نخلك هذا الذي فيها بقفيزين عن تمر أو أقل أو أكثر يسمى ما شاء فباعه فقال لا بأس به وقال بعض
علمائنا لا يشترط ذلك بل يحرم بيع الزرع بالحنطة الموضوعة على الأرض وبيع الثمرة في النخلة بالتمر الموضوع على الأرض وبه قال الشافعي حذرا من الربا لان كل
واحد منهما بيع مال الربا من جنسه من غير تحقق المساواة في المعيار الشرعي لان المعتاد فيهما الكيل ولا يمكن كيل الحنطة في السنابل ولا الثمر على رأس النخل والتخمين
بالخرص لا يغنى كما لو كان كل واحد منهما على وجه الأرض ونمنع الربا لأنه لا يثبت إلا في المكيل أو الموزون ولا شئ من الثمرة على رأس النخل ولا من الزرع في السنابل
بمكيل أو موزون وقد روى ابن رباط عن أبي الصباح الكناني قال سمعت الصادق (ع) يقول إن رجلا كان له على رجل خمسة عشر وسقا من تمر وكان له نخل فقال له
508

خذ ما في نخلى بتمرك فأبى أن يقبل فأتى النبي صلى الله عليه وآله وقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن لفلان على خمسة عشر وسقا من تمر فكلمة يأخذ ما في نخلى بتمره فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله
فقال يا فلان خذ ما في نخله بتمرك فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله لا يفي وأبى أن يفعل فقال النبي صلى الله عليه وآله لصاحب النخل اجذذ نخلك فجذه فكال له خمسة عشر وسقا فأخبرني بعض
أصحابنا عن أبي رباط ولا أعلم إلا انى قد سمعته منه إن أبا عبد الله الصادق صلى الله عليه وآله قال إن ربيعة الرأي لما بلغه هذا عن النبي صلى الله عليه وآله قال هذا ربا قلت أشهد بالله إنه من الكاذبين
قال صدقت. فروع: - آ - لو اختلف الجنس جاز البيع إجماعا كان يبيع الشعير في سنبله بالدخن الموضوع على الأرض أو ثمرة النخل فيها بعنب أو زبيب موضوع
على الأرض واشترط الشافعي التقابض هنا بالنقل لما على وجه الأرض ربا لتخلية فيما على الشجر وهو بناء على مذهبه من وجوب التقابض في الربويات مع اختلاف
الجنس وقد سلف بحثه - ب - إن جعلنا العلة في المحاقلة والمزابنة الربا لم يجز بيع غير النخل والزرع بجنسه
الموضوع على الأرض فلا يجوز بيع العنب في أصله بزبيب
أو عنب موضوع على الأرض وكذا غيره من الفواكه ولا بيع الدخن في سنبله بحب دخن موضوع على الأرض عملا بتعميم الحكم عند تعميم علته وإن لم نجعل العلة ذلك
جاز جميع ذلك - ج - الحنطة والشعير عندنا جنس واحد في الربا على ما تقدم خلافا للشافعي فعلى أصلنا إذا جعلنا العلة الربا لم يجز بيع الحنطة في السنبل أبا
لشعير الموضوع على الأرض وبالعكس وإلا جاز - د - في أكثر تفاسير المحاقلة أنها بيع الحنطة في السنبل بحنطة إما منها أو من غيرها على ما تقدم فهل يدخل فيه الشعير
الثابت في سنبله بالشعير المصفى إن جعلناه من جنس الحنطة أو قلنا العلة الربا شمل التحريم وإلا فلا لكن لا يكون محاقلة إن لم يكن من الجنس وإن قلنا بالتحريم لعلة
الربا فيه أما غير الشعير والحنطة كالدخن يباع في سنبله بحب مصفى إما منه وإما من غيره والذرة والأرز وغير ذلك من أنواع الزرع فهل يكون محاقلة في بعض ألفاظ
علمائنا إن المحاقلة هي بيع الزرع بالحب من جنسه فيكون ذلك كله محاقلة وإن لم نجعل ذلك محاقلة بل خصصنا اسم المحاقلة بالحنطة هل يثبت التحريم إن جعلنا العلة
في الحنطة الرباء ثبت هنا وإلا فلا أما الثمرة فالمشهور اختصاص المزابنة بثمرة النخل منها دون غيرها لكن في التحريم إن جعلناه معللا بالربا ثبت في غير النخل وإلا
فلا - ه‍ - لو باع الزرع قبل ظهور الحب بالحب فلا بأس وبه قال الشافعي لأنه حشيش وهو غير مطعوم ولا مكيل سواء تساويا جنسا أو اختلفا ولا يشترط التقابض في الحال
- و - قد بينا أن بيع الصبرة باطل إلا مع العلم بقدرها فلو باع صبرة بأخرى مجهولتين من جنس واحد لم يجز مطلقا عندنا على ما تقدم وقال الشافعي إن أطلقا البيع لم يجز لان
التساوي شرط والجهل به كالعلم بالتفاضل فيكون (البيع صح) باطلا وإن قال بعتك هذه الصبرة بهذه الصبرة كيلا بكيل أو مثلا بمثل فإن كيلتا وتساويتا صح البيع وإن تفاوتتا
فقولان أحدهما الفاسد لتفاضلهما والثاني الصحة ويأخذ بقدر صبرته وإن اختلف الجنس واطلقا صح البيع وإن شرط التساوي فإن خرجتا متساويتين صح البيع و
إن تفاضلتا قيل للذي له الفضل أترضى بتسليمه وإن أجاز لزم البيع وإن أبى قيل للاخر أتأخذ بقدر صبرتك فإن رضي لزم البيع وإن أبى فسخ العقد بينهما وهذا عندنا
كله باطل لما تقدم. مسألة. واستثنى من المزابنة العرايا وهي جمع عرية والعرية النخلة يكون في دار الانسان أو بستانه فيباع ثمرتها رطبا بخرصها تمرا كيلا فلا يجوز العرايا
في أكثر من نخلة واحدة في عقد واحد والشافعي اطلق الجواز في بيع العرايا وهو أن يبيع الرطب على رؤوس النخل بخرصه تمرا فيما دون خمسة أوسق سواء تعددت النخلة
أو اتحدت ولا يجوز عنده فيما زاد على خمسة أوسق قولا واحدا وفي خمسة أوسق قولان وبه قال احمد لان النبي صلى الله عليه وآله رخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة
أوسق الشك من الراوي وقال أبو حنيفة لا يجوز بيع العرايا مطلقا بحال البتة لان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن المزابنة وهي بيع التمر بالتمر كيلا وبيع العنب بالزبيب كيلا ولأنه لا يجوز
فيما زاد على خمسة أوسق كذلك في خمسة أوسق كما لو كان على وجه الأرض والجواب الخاص مقدم على العام وقال (مالك صح) يجوز في موضع مخصوص وهو أن يكون قد وهب لرجل
ثمرة نخلة ثم شق عليه دخوله إلى قراحه فيشتريها منه بخرصها من التمر يعجله له لان العرية في اللغة هي الهبة والعطية وقال احمد في إحدى الروايتين يخرص الرطب في رؤوس
النخل ويبيعه بمثله تمرا إذا تقرر هذا فإن العرية عندنا إنما يكون (في النخلة الواحدة تكون صح) في دار الانسان فلا يجوز فيما زاد على النخلة الواحدة عملا بالعموم واقتصارا في الرخص على مواردها
مسألة. وهذه الرخصة عامة للغنى والفقير وبه قال الشافعي في الام لعموم اللفظ ولان كل بيع جاز للفقير جاز للغنى كساير البياعات وقال في الاملاء
واختلاف الحديث لا يجوز بيع العرايا إلا للفقير خاصة وبه قال احمد لان محمود بن لبيد قال قلت لزيد بن ثابت ما عراياكم هذه فسمى رجالا محتاجين من الأنصار
شكوا إلى رسول الله أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يتبايعون به رطبا يأكلونه مع الناس وعندهم فضول من قوتهم من التمر فرخص أن يبتاعوا العرايا بخرصها
من التمر الذي في أيديهم يأكلون رطبا والجواب العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب والحديث دل على أن سبب الخرصة الحاجة وهي غير مختصة بالفقراء
مسألة. قد بينا أن الضابط في التسويغ إنما هو بالنخلة الواحدة في الدار الواحدة أو البستان الواحد ولو كان له عدة دور في كل واحدة نخلة جاز بيعها
عرايا وأجاز الشافعي العرية في أقل من خمسة بمهما كان قولا واحدا وبه قال المزني واحمد ومنع من الزيادة وفي الخمسة قولان لان النبي (ص) رخص في العرايا الوسق و
الوسقين والثلاثة والأربعة ولان الخمسة جعلت في حد الكثرة ووجب الزكاة واستدل على الجواز في الخمسة باطلاق التسويغ في العرية ثم ورد النهى
فيما زاد على خمسة أوسق. مسألة. إذا تبايعا العرية وجب أن ينظر إلى الثمرة على النخلة ويحرز ذلك رطبا فتبايعاه بمثله تمرا ولا يشترط التماثل في الخرص
بين ثمرتها عند الجفاف وثمنها ولا يجوز التفاضل عند العقد ولا يكفي مشاهدة التمر على الأرض ولا الخرص فيه بل لابد من معرفة مقداره بالكيل أو الوزن
وقال الشافعي يجب التماثل بين ثمرتها عند الجفاف وبين الثمرة المجعول ثمنا والأصل العدم والربا لا يثبت على تقدير إتلاف الرطب ولا يجب الترقب بحيث يثبت
فيه نعم يحرم التفاضل بين الرطب والتمر ويجب المساواة وإن كنا قد منعنا من بيع الرطب بالتمر لان هذا مستثنى للرخصة. مسألة. لا يجب التقابض في الحال
عندنا قبل التفرق بل الحلول فلا يجوز اسلاف أحدهما في الاخر للأصل والاطلاق وقال الشافعي يجب التقابض في الحال قبل التفرق فيخلى صاحب الثمرة بينها
وبين مشتريها ويسلم صاحب التمر التمر إلى مشتريه لينقله ويحوله وليس من شرط ذلك عند حضور التمر عند العقد بل إذا شاهد الثمرة على رؤوس النخل ثم شاهد
التمر على الأرض ثم تبايعا ومضيا جميعا إلى النخلة فسلمها إلى مشتريها ثم مضيا إلى التمر فسلمه إلى مشتريه جاز عنده لان التفرق لم يحصل بينهما قبل التقابض والاعتبار.
بتفرقهما دون مكان البيع. مسألة. لا يجوز بيع أكثر من النخلة الواحدة عرية لعموم المنع من المزابنة خرج عنه العرية في النخلة الواحدة وبه قال احمد للحاجة فيبقى
الباقي على المنع سواء اتحد العقد أو تعدد أما لو تعدد المشترى فالوجه الجواز وقال الشافعي يجوز أن يبيع العرية من رجل ثم يبيع منه أو من غيره عرية أخرى في عقد
آخر حتى يأتي على جميع حايطه للعموم وهو ممنوع ولان فيه توصلا إلى المحرم وهو المزابنة لأنه يبيع جميع النخل في عقود متعددة. فروع: - آ - لو باع في صفقة واحدة من
رجلين كل واحد منهما نخلة معينة جاز وكذا لو باعها نخلتين مشاعا بينهما وبه قال الشافعي خلافا لأحمد لان البايع عنده لا يجوز أن يبيع أكثر من عرية واحدة - ب -
509

لو باع رجلان من واحدة صفقه واحدة نخلتين عرية جاز وهو أحد وجهي الشافعية لان تعدد الصفقتين بتعدد البايع أظهر من تعددهما بتعدد المشترى والثاني
لهم لا يجوز الزيادة على خمسة أوسق نظر إلى مشترى الرطب لأنه محل الخرص الذي هو خلاف قياس الربويات فلا ينبغي أن يدخل في ملكه أكثر من القدر والمحتمل دفعة واحد
والجواب أن ذلك باقي في بايع واحد أما في اثنين فلا - ج - لو باع رجلان من رجلين صفقة واحدة احتمل جواز أربع نخلات وقال الشافعي لا يجوز في أكثر من عشرة أوسق
ويجوز فيما دونها وفي العشرة قولان. مسألة. وهل يثبت العرية في من العنب إن قلنا يتناول تحريم المحاقلة العنب احتمل الثبوت وإلا فلا بأس في بيعة بالزبيب
أو العنب اقتصارا بالمنع على مورده وانتفاء أصالة العلية بالربا لانتفاء شرطه وهو الكيل أو الوزن في الثمرة على رؤوس الأشجار أما الشافعي فإنه عمم التحريم
في العنب كالثمرة وجوز بيع العرية منه لان في حديث ابن عمر إنه قال والعرايا بيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب ولان العنب يخرص كما يخرص النخل ويوسق وهو ظاهرا يمكن معرفة
مقداره بالتخمين أما ما عدا ذلك من الثمار التي تجفف كالمشمش والخوخ والإجاص ففي جواز بيعه على شجرة بخرصه للشافعي قولان الجواز كالرطب والعنب لان
الحاجة تدعوا إليه والمنع لان العشر لم يجب ولم يسن الخرص منها ولأنها تستتر في ورقها فيخفى في خرصها. مسألة. إنما يجوز بيع الرطب بخرصه تمرا إذا كان
على رؤوس النخل في العرية خاصة فأما إذا كان الرطب على وجه الأرض فإنه لا يجوز لان ذلك إنما جاز للحاجة ولا حاجة إلى شراء ذلك على وجه الأرض وإنما الغرض
في جوازه على النخل ليؤخذ شيئا فشيئا ولو باع الرطب على رؤوس النخل بالرطب على رؤوس النخل خرصا أو باع الرطب على رؤوس النخل خرصا بالرطب على وجه الأرض
كيلا فالأقوى الجواز للأصل السالم عن معارضة الربا لانتفائه بانتفاء شرطه وبه قال أبو علي بن خيران من الشافعية لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إنه رخص في بيع العرايا
بالتمر والرطب وقال أبو إسحاق منهم أنه إن كان نوعا واحدا لم يجز وإن كان نوعين جاز لان في النوع الواحد لا حاجة إليه وقد ثبت غرض صحيح في النوعين وقال
الإصطخري منهم إنه لا يجوز لان النبي صلى الله عليه وآله إنما رخص في بيعه بالتمر فلم يجز غير ذلك وهو ممنوع لان المساواة بين الرطب والرطب أقرب منها بين الرطب والتمر ولو باع الرطب على
وجه الأرض بالرطب على وجه الأرض متساويا جاز عندنا على ما تقدم وفي باب الربا خلافا للشافعي. مسألة. ظاهر كلام الأصحاب يقتضى المنع من بيع العرية
على غير مالك الدار أو البستان أو مستأجرهما أو مشترى ثمرة البستان على إشكال لان النخلة إذا كانت للغير في ملك إنسان وبما لحقه التضرر بدخول مشترى
الثمرة إليها وكذا في بستان وكذا في ثمرة بستانه فاقتضت الحكمة جواز بيعها على مالك الدار والبستان ومستأجرها ومشترى الثمرة دفعا للحاجة بخلاف غيرهما
وظاهر كلام المجوزين من الجمهور العموم فيجوز لصاحب البستان أن يبيع خمسة أوسق من الرطب بخرصها تمرا لأي شخص كان. مسألة. يجوز أن يتقبل أحد الشريكين
بحصة صاحبه من الثمرة بشئ معلوم منها لا على سبيل البيع عملا بالأصل ولان الحاجة قد تدعوا إليه ولما رواه يعقوب بن شعيب عن الصادق (ع) قال سئلته عن
الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه إختر إما أن يأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيلا مسمى وتعطيني نصف هذا الكيل زاد أو نقص وإما أن أخذه انا بذلك
وارد عليك قال لا بأس بذلك وهل يجوز البيع يحتمل ذلك عملا بالأصل السالم عن معارضة الربا إذ لا وزن في الثمرة على رأس الشجرة فعلى تقدير جواز البيع يثبت فيه
أحكامه من الضمان على البايع قبل الاقباض وعلى المشترى بعده وإن منعنا البيع وجوزنا التقبل كان معناه أن المتقبل يأخذ جميع الثمرة ويدفع إلى شريكه عن قدر صحة
على ما تقبل به فإن كان ما حصل مساويا لما تقبل به فلا بحث وإن زاد فله وإن نقص فعليه وهل يكون ذلك لازما إشكال وعلى تقدير لزومه هل يكون الناقص عليه
وهل يكون مضمونا في يده الأقرب ذلك لأنه إما بيع فاسد أو تقبل ولو تلفت الثمرة بآفة سماوية بعد القبض هل يسقط من المال الذي تقبل به شئ أم لا. مسألة
يجوز لمشتري الثمرة أن يبيعها بزيادة عما ابتاعه أو نقصان قبل قبضه وبعده عملا بالأصل وبما رواه محمد الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يشترى
الثمرة ثم يبيعها قبل أن يأخذها قال لا بأس به إن وجد ربحا فليبع وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام إنه قال في رجل اشترى الثمرة ثم يبيعها قبل أن يقبضها
قال لا بأس به. مسألة. لو اشترى قصيلا مع أصوله صح فإن قطعه فنبت فهو له فإن شرط صاحب الأرض قطعه فلم يقطعه كان عليه أجرة الأرض ولو لم يشترط
المشترى الأصل فهو لصاحبه فإذا قصله المشترى ونبت كان للبايع ولو لم يقصله كان شريكا للبايع ويحكم بالصلح. تذنيب لو سقط من الحب المحصود
شئ فنبت في القابل فهو لصاحب البذر لا الأرض خلافا لأحمد سواء سقاه صاحب الأرض ورباه أو لا ولصاحب الأرض الأجرة لأنه شغلها بماله اخر لو اشترى
نخلا ليقطعه أجزاءا فتركه حتى حمل فالحمل له وعليه الأجرة سواء سقاه صاحب الأرض أو لا وفي رواية هارون بن حمزة الغنوي عن الصادق (ع) قال قلت له الرجل يشترى النخل
ليقطعه للجذوع فيدعه فيحمل النخل قال هو له إلا أن يكون صاحب الأرض سقاه وقام عليه وهذه الرواية محمولة على جريان عقد المساقاة بينهما. مسألة. يجوز
للانسان إذا مر بشئ من ثمر النخل والشجر والزرع أن يأكل منه من غير إفساد ولا يحل له أن يأخذ منها شيئا يحمله ويخرج به لما رواه ابن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع)
قال سألته عن الرجل يمر بالنخل والسنبل والثمرة فيجوز له أن يأكل منها من غير إذن صاحبها من ضرورة أو غير ضرورة قال لا بأس وقد روى علي بن يقطين في الصحيح
عن الرضاء (ع) قال سألته عن الرجل يمر بالثمرة من الزرع والنخل والكرم والشجر والمباطخ وغير ذلك من الثمر أيحل له أن يتناول منه شيئا ويأكل بغير إذن من صاحبه وكيف
حاله إن نهاه صاحب الثمرة أو أمره المقيم فليس له وكم الحد الذي يسعه أن يتناول منه قال لا يحل له أن يأخذ منه شيئا قال الشيخ (ره) قوله لا يحل له أن يأخذ منه شيئا محمول
على ما يحمله معه فأما ما يأكله في الحال من الثمرة فمباح للرواية السابقة ولما رواه الحسين بن سعيد عن أبي داود عن بعض أصحابنا عن محمد بن مروان عن الصادق (ع) قال قلت
له أمر بالثمرة فآكل منها قال كل ولا تحمل قلت جعلت فداك التجار قد اشتروها ونقدوا أموالهم قال اشتروا ما ليس لهم. مسألة. لو كان في قرية نخل وزرع وبساتين وإرحاء
وإرطاب جاز للانسان أن يشترى غلتها للأصل ولما رواه عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق (ع) قال سألته عن قرية فيها إرحاء ونخل وزرع وبساتين وارطاب اشترى غلتها
قال لا بأس إذا ثبت هذا فإنه يجوز أن يشترى ما فيها من الثمار والزروع ويشترط منفعة الرحاء مدة معلومة بشئ معلوم وأن يتقبل بمنافع هذه القرية على اختلاف
أصنافها بشئ معين للأصل. الفصل الثالث. في الصرف وهو بيع الأثمان من الذهب أو الفضة بالأثمان وإنما سمى صرفا لان الصرف في اللغة هو الصوت
ولما كان الصوت يحصل بتقليب الثمن والمثمن هنا سمى صرفا وهو جايز إجماعا وله شرايط يأتي إن شاء الله
تعالى. مسألة. من شرط الصرف التقابض في المجلس قبل التفرق
سواء تماثلا جنسا أو اختلفا وسواء كانا معينين أو غير معينين بل موصوفين لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا هاء وهاء وهي يقتضى
وجوب التقابض في المجلس ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن قيس عن الباقر (ع) قال أمير المؤمنين (ع) لا يبتاع رجل فضة بذهب إلا يدا بيد ولا يبتاع ذهبا
بفضة إلا يدا بيد إذا ثبت هذا فلا يجوز إسلاف أحدهما في الآخر سواء اتفقا في الجنس أو اختلفا (وسواء اتحدا وزنا أو اختلفا صح) وسواء تساويا وصفا أو تضادا لان التقابض في المجلس شرط فيه
510

ولا يتحقق ذلك مع إسلاف أحدهما في الآخر ولقول الباقر (ع) إنه قال في الورق بالورق وزنا بوزن والذهب بالذهب وزنا بوزن. فروع: - آ - لو افترقا قبل التقابض بطل
البيع لعدم الشرط ولو تفرقا وقد تقابضا البعض خاصة ولم يتقابضا في الباقي بطل البيع فيما لم يتقابضا فيه ويكونان بالخيار في الباقي لتبعض الصفقة في حقهما ولا
يبطل في الباقي المقبوض وللشافعي قولان مبنيان على تفريق الصفقة - ب - لو قاما عن ذلك المجلس قبل التقابض مصطحبين لم يحصل الافتراق وكان البيع صحيحا فإن
تقابضا في غير ذلك المجلس ولم يفترقا صح البيع ولزم لحصول التقابض قبل التفرق لقول الصادق (ع) إذا اشتريت ذهبا بفضة أو فضة بذهب فلا يفارقه حتى يأخذ
منه وإن نزا حايطا فأنز معه ولان خيار المجلس يبطل مع الافتراق ولا يبطل مع مفارقتها لذلك المجلس مصطحبين فلا يكون ذلك افتراقا - ج - قد بينا إنه يشترط الحلول
لاشتراط التقابض في المجلس فلو أسلف أحدهما في الاخر بأجل قصير جدا ولو ساعة مع الضبط ولم يتفارق حتى تقابضا لم يصح البيع أيضا لما تقدم في الحديثين من أمير المؤمنين
(ع) وعن الباقر (ع) - د - لو تصارفا ذهبا بذهب أو فضة بفضة أو ذهب لم يضر طول لبثها في المجلس ولا طول مصاحبتهما سواء كان الثمن والمثمن معينين
أو مطلقين في الذمة أو معينا ومطلقا ولو امتد إلى سنة وأزيد - ه‍ - لو وكل أحدهما وكيلا في القبض أو وكلا وكيلين فيه وتقابض الوكيلان صح المبيع إن تقابض
الوكيلان لو قبض وكيل أحدهما من العاقد قبل مفارقة المتبايعين وإلا بطل لان المجلس متعلق ببدن المتعاقدين ولان الصادق (ع) سئل عن بيع الذهب بالدراهم
فيقول أرسل رسولا فيستوفى لك ثمنه قال يقول هات وهلم ويكون رسولك معه - و - لو لم يتفق المصاحبة ولا ملازمة المجلس فأرسل أحدهما وكيله ليقبض من صاحبه
بطل ذلك العقد واحتاج إلى أن يجدده الوكيل لفوات الشرط ولان ابن الحجاج سئله عن الرجل يشترى من الرجل الدراهم بالدنانير فيزنها وينقذها ويحسب ثمناه كم هو دينار
ثم يقول أرسل غلامك معي حتى أعطيه الدنانير فقال ما أحب أن يفارقه حتى يأخذ الدنانير فقلت إنما هم في دار واحدة وأمكنتهم قريبة بعضها من بعض وهنا يشق
عليهم فقال إذا فرغ من وزنها وانتقادها فليأمر الغلام الذي يرسله أن يكون هو الذي يبايعه ويدفع إليه الورق ويقبض منه الدنانير حيث يد فع إليه الورق
- ز - لا يقوم مصاحبة الوكيل (مقام مصاحبه صح) الموكل بل متى تعاقدا وتفرقا واصطحب الوكيل والاخر بطل البيع لانتفاء الشرط - ح - لو تصادف الوكيلان أو أحد صاحب المال مع
وكيل الآخر كان الاعتبار بالمتعاقدين لا بالمالكين فلو تفرق الوكيلان المتعاقدان دون صاحبي المال بطل البيع وبالعكس لا يبطل - ط - لو تعذر عليهما التقابض
في المجلس وأراد الافتراق لزمهما إن يتفاسخا العقد بينهما فإن تفرقا قبله كان ذلك ربا وجرى مجرى بيع مال الربا بعضه ببعض نسيئة؟ ولا يغنى تفرقهما لان
فساد العقد إنما يكون به شرعا كما إن العقد مع التفاضل فاسد ويأثمان به. مسألة. لو اشترى بنصف دينار شيئا وبنصفه ورقا جاز بشرط أن يقبض
ما قابل الورق لما رواه الحلبي في الصحيح قال سألت أبا عبد الله الصادق (ع) عن رجل ابتاع من رجل بدينار واحد بنصفه بيعا وبنصفه ورقا قال لا بأس به
وسألته هل يصلح له أن يأخذ بنصفه ورقا أو بيعا فقال ما أحب إن أترك منه شيئا حتى آخذه جميعا فلا يفعله واعلم أن الدينار المقبوض إذا كان قد انتفل
بالبيع لم يجز التفرق قبل قبض الورق سواء قبض العوض الآخر أو لا ولو قبض العوض الآخر لم يكف في قبض الورق وصح البيع فيه خاصة وإن لم يقبضه ولو انعكس الغرض
فدفع نصف الدينار خاصة بعد إقباض الورق والمبيع الآخر فإن نوى بالدفع عن الورق صح البيع فيهما وإن نوى بالدفع عن الآخر بطل في الورق وتخير في الآخر وإن أطلق
احتمل ضعيفا صرفه إلى الورق تصحيحا للعقد والبطلان في نصف الورق. مسألة. لو اشترى الانسان من غيره دراهم بدنانير ثم اشترى بها دنانير قبل قبض
الدراهم بطل الثاني لأنه بيع الموزون قبل قبضه وهو منهى عنه على ما تقدم وإن افترقا بطل العقدان معا للتفرق قبل التقابض في الصرف ولو كان ثمن الدراهم غير الدنانير
لم يبطل الأول إذ القبض في المجلس ليس شرطا فيه. مسألة. لو كان للانسان على غيره دراهم وأمره بأن يحولها إلى الدنانير أو بالعكس بعد المساعرة على جهة التوكيل
في البيع صح وإن تفرقا قبل القبض لان النقدين من واحد وهو بعينه موجب للبيع بالأصالة وقابل بالوكالة فكان بمنزلة المقبوض ولما رواه إسحاق بن عمار قال قلت
لأبي عبد الله (ع) يكون للرجل عندي الدراهم فيلقاني فيقول كيف سعر الوضح اليوم فيقول (أليس لي عندك صح) كذا وكذا ألف درهم وضحا فأقول نعم فيقول حولها إلى دنانير بهذا السعر وثبتها
عندك فما ترى في هذا فقال لي إذا كنت قد استقصيت السعر يومئذ فلا بأس بذلك فقلت إني لم أوازنه ولم أناقده وإنما كان كلام منى ومنه فقال أليس الدرهم
من عندك (والدنانير من عندك صح) قلت بلى قال فلا بأس أما لو لم يكن على جهة التوكيل في البيع بل اشترى منه بالدراهم التي في ذمته دنانير وجب القبض قبل التفرق لأنه صرف فإن شرطه فكان
باطلا. مسألة. لا يشترط الوزن والنقد حالة العقد ولا حالة القبض فلو صارفه مائة دينار بألف درهم ثم دفع إليه دراهم غير معلومة القدر (والنقد صح) وتفرقا صح البيع
إن كان المدفوع قد اشتمل على الحق أو زاد أما لو نقص فإنه يبطل في القدر الناقص خاصة لوجود المقتضى للصحة وعدم المانع وهو انتفاء القبض إذا لم يشرط في
القبض التعيين ولما رواه إسحاق بن عمار قال سألت الكاظم (ع) عن الرجل يأتيني بالورق فاشتريها منه بالدنانير فاشغل عن تحرير وزنها وانتقادها وفصل ما بيني
وما بينه فأعطيه الدنانير وأقول (له إن صح) ليس بيني وبينك بيع وإني قد نقضت الذي بيني وبينك من المبيع وورقك عندي قرض ودنانيري عندك قرض حتى تأتيني من الغد
فأبايعه فقال ليس به بأس ولو كان المدفوع أقل من المستحق بطل الصرف في الناقص خاصة وتخير في الفسخ في الباقي لتبعض الصفقة وكذا لو دفع إليه الدراهم
بقدر حقه إلا أن فيها زيوفا فإنه يصح البيع إن كان الغش من الجنس بسبب اختلاف الجوهر في النعومة والخشونة وشبهه لأنه من جنس الحق ولو رضي قابضه به لزم البيع
بخلاف ما إذا لم يكن من الجنس ولان إسحاق بن عمار سأل الكاظم (ع) عن الرجل يبيعني الورق بالدنانير واتزن منه وأن له؟ حتى أفرغ فلا يكون بيني وبينه عمل إلا
أن في ورقه نقاية وزيوفا وما لا يجوز فيقول انتقدها ورد نقايتها فقال ليس به بأس ولكن لا تؤخر ذلك أكثر من يوم أو يومين فإنما هو الصرف قلت
فإن أخذت في ورقة فضلا مقدار ما فيها من النقاية فقال هذا احتياط هذا أحب إلى. مسألة. الجيد من الجوهرين مع الردى منه واحد مع اتحاد الجنس
وكذا المصوغ والمكسر فلو باع آنية من ذهب أو فضة بأحد النقدين وجب التقابض قبل التفرق لان أصالة الجوهرية مانعة من التكثر والكسر وضده غير موجبين
له وكذا جيد الجوهر كالفضة الناعمة مع رديه كالخشنة وبه قال أبو حنيفة واحمد لان الصفة لا قيمة لها في الجنس فإنه لا يجوز بيع المصوغ بالتبر متفاضلا وخالف
فيه الشافعي لان قيمة الصحيح أكثر من قيمة المكسور فيؤدى إلى التفاضل فيلزم الربا وهو ممنوع لان الربا إنما يثبت مع زيادة العين لا زيادة الصفة ولما رواه
أبو بصير عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يستبدل الشامية بالكوفية وزنا بوزن (فقال لا بأس وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادق (ع) قال سئلته عن الرجل يستبدل الشامية بالكوفية وزنا بوزن صح) فيقول الصيرفي لا أبدلك حتى تبدلني يوسفيه بغلة وزنا بوزن
فقال لا بأس فقلنا إن الصيرفي إنما طلب فضل اليوسفية على الغلة فقال لا بأس به ولولا اتحادهما في الجنس لما جاز ذلك إذا ثبت هذا فإذا اختلف الجنس
جاز التفاضل لعموم قوله إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ولان محمد بن مسلم سأله عن الرجل يبتاع الذهب بالفضة مثلين بمثل قال لا بأس به يدا بيد أما إذا
511

اتحد الجنس فلا يجوز التفاضل في القدر بل يجوز في الوصف كما قلنا إنه يجوز بيع جيد الجوهر برديه متساويا لا متفاضلا فلو باعه مائة دينار جيدة ومأة دينار ردية
بمأتين جيده أو ردية أو وسط جاز عندنا خلافا للشافعي. مسألة. الدراهم والدنانير المغشوشة إن علم مقدار الغش فيها جاز بيعها بجنسها بشرط زيادة
في السليم يقابل الغش ليخلص من الربا لو بيع بقدر الصافي منها ويجوز بيعها بغير الجنس مطلقا وإن لم يعلم مقدار الغش وجب أن تباع بغير جنسها حذرا من الربا لامكان
أن يتساوى الصافي والثمن في القدر فيبقى الغش زيادة في أحد المتساويين ولما رواه ابن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) قال سئلته عن شراء الفضة فيها الرصاص
بالورق وإذا خلصت نقصت من كل عشرة درهمين أو ثلاثة قال لا يصلح إلا بالذهب وسألته عن شراء الذهب فيه الفضة والزيبق والتراب بالدنانير والورق
فقال لا يصارفه إلا بالورق ولو بيع بوزن المغشوش فإنه يجوز إذا الفاضل عن الصافي مقابل الغش إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز إنفاقه إلا بعد إبانته وإيضاح حاله
إلا أن يكون معلوم الصرف بين الناس لاشتماله على الغش المحرم ولما رواه الفضل بن عمر الجعفي قال كنت عند الصادق (ع) فألقى بين يديه دراهم فألقى إلى درهما
منها فقال ما هذا فقلت ستوق قال وما الستوق فقلت طبقتان فضة وطبقة من نحاس وطبقة من فضة فقال أكسرها فإنه لا يحل بيع هذا ولا إنفاقه أما
مع الايضاح والبيان فلا بأس لانتفاء الغش ولما رواه علي بن رئاب؟ في الصحيح قال لا أعلمه إلا عن محمد بن مسلم قال قلت للصادق (ع) الرجل يعمل الدراهم يحمل عليها النحاس أو غيره
ثم يبيعها قال إذا بين ذلك فلا بأس وكذا إذا كان يجوز بين الناس لانتفاء الغش أيضا فيه ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال جاءه رجل من سجستان فقال
له إن عندنا دراهم يقال لها الشاهية يحمل على الدراهم دانقين فقال لا بأس به إذا كان يجوز. مسألة. تراب معدن أحد النقدين يباع بالآخر وبه قال أبو حنيفة
احتياطا وتحرزا من الريا ولو جمعا بيعا بهما صرفا للكل منهما إلى غير جنسه والأصل حمل العقد على الصحة مهما أمكن ولما رواه أبو عبد الله مولى عبد ربه عن الصادق (ع)
إنه سأل عن الجوهر الذي يخرج عن المعدن وفيه ذهب أو فضة وصيرا جميعا كيف يشتريه قال اشتر بالذهب والفضة جميعا وقال الشافعي لا يجوز لجهالة المقصود وهو
ممنوع. مسألة. تراب الصياغة يباع بالجوهرين معا أو بجنس غيرهما لا بأحدهما تحرزا من الربا كما قلنا في تراب معدن أحد الجوهرين خلافا للشافعي كما تقدم في
تراب المعدن وإذا بيع تصدق بثمنه لان أربابه لا يتميزون ولو عرفوا صرفوا إليهم لما رواه علي بن ميمون الصايغ قال سألت الصادق (ع) كما يكنس من التراب فأبيعه
فما أصنع به فقال تصدق به فإما لك وإما لأهله قلت فإن فيه ذهبا وفضة وحديدا فبأي شئ أبيعه فقال بعه بطعام قلت فإن كان لي قرابة محتاج أعطيه منه
قال نعم. مسألة. يجوز بيع الرصاص وإن كان فيه فضة يسيرة بالفضة وبيع النحاس بالذهب وإن اشتمل على ذهب يسير ولا اعتبار بهما لأنه تابع غير مقصود
البتة بالبيع فأشبه الحلية على سقوف الجدران ولما رواه عبد الرحمن بن الحجاج في الحسن عن الصادق (ع) في الا سرب يشترى بالفضة فقال إذا كان الغالب عليه الا سرب
فلا بأس. مسألة. المصاغ من النقدين معا إن جهل قدر كل واحد منهما بيع بهما معا أو بجنس غيرهما أو بالأقل إن تفاوتا مع الزيادة عليه حذرا من الربا وإن علم
قدر كل واحد منهما بيع بأيهما شاء مع زيادة الثمن على جنسه ولو بيع بهما أو بغيرهما جاز مطلقا لأصالة الجواز وزوال مانعية الربا هنا ولما رواه إبراهيم بن هلال
قال سألت الصادق (ع) جام فيه ذهب وفضة اشتريته بذهب أو فضة فقال إن كان يقدر على تخليصه (فلا وإن لم يقدر على تخليصه صح) فلا بأس. مسألة. الدراهم والدنانير إذا كانا
خالصين جاز مصارفة كل واحد منهما بجنسه متساويا بغير جنسه مطلقا سواء اتفقت صفتهما أو لا وإن كان فيهما غش فإن كان له قيمة كالرصاص والنحاس جاز
بيع بعضها ببعض صرفا للخالص إلى الغش والغش إلى الخالص وحملا على صحة البيع مهما أمكن ولما رواه عمر بن يزيد عن الصادق (ع) قلت له الدراهم بالدراهم مع أحدهما الرصاص
وزنا بوزن فقال لا بأس وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي لا يجوز لجهل التساوي بين الفضتين لامكان اختلاف الغش والجهل بالتساوي فيما فيه الربا كالعلم بالتفاضل
وهو مبنى على مقابلة الجنس بمثله وهو ممنوع بل إما أن يقابل (بمخالفة أو تقابل صح) الجملة بالجملة والمركب من المساوى والمختلف مخالف للمركب من المساوى والمختلف كالانواع المندرجة تحت جنس
واحد وإن كان الغش مما يستهلك كالزرنيخية والاندرانية في الفضة التي تطلى على النورة والزرنيخ المستهلك بدخوله النار جاز البيع عندنا أيضا على ما تقدم
خلافا للشافعي للجهل يتساوى الفضتين وقد بينا عدم اشتراط العلم بهما. تذنيب يجوز أن يشترى بكل واحد من هذين القسمين متاعا غير أحد النقدين
لأنه لما جاز شراء النقدين بهما فبغيرهما أولي وهو أحد وجهي الشافعية لان عمر قال من زافت دراهمه فليدخل السوق فليشتر بها سحق الثياب ومن طريق الخاصة
قول عمر بن يزيد سألت الصادق (ع) عن إنفاق الدراهم المحمول عليها فقال إذا جازت الفضة المثلين فلا بأس وهو محمول على العلم بحالها والتعامل بمثلها و
لان المنع من ذلك يؤدى إلى الاضرار لأنه لا يمكنه الانتفاع بها جملة وأما إذا اشترى بها ذهبا كان بيعا وصرفا فيكون هذا العقد قد اشتمل على أمرين
مختلفي الاحكام وفيه قولان وللشافعي المنع والجواز (الثاني صح) المنع لجهالة المقصود وهم ممنوع. مسألة. السيوف المحلاة والمراكب المحلاة وغيرهما بأحد النقدين
إن علم مقدار الحلية جاز البيع بجنسها مع زيادة الثمن في مقابلة السيف أو المركب ليخلص من الربا أو مع اتهاب المحلى من غير شرط ويجوز بيعها بالجنس
الآخر أو بغير النقدين مطلقا سواء ساواه أو زاد ونقص لقوله (ع) إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم وإن جهل مقدار الحلية بيع بالجنس الآخر من النقدين أو بغيرهما
أو بالجنس مع الضميمة تحرزا من الربا ولما رواه منصور الصيقل عن الصادق (ع) قال سألته عن السيف المفضض يباع بالدراهم فقال إذا كان فضة أقل من النقد
فلا بأس وإن كانت أكثر فلا يصلح والأكثرية هنا يتناول المساوى جنسا وقدرا لحصولها بانضمام المحلى إليها وقال الشافعي لا يجوز بيع المحلى بالفضة بالدراهم
لما تقدم وقد أبطلناه فإن باعه بذهب فقولان لأن العقد جمع بين عوضين مختلفي الاحكام أحدهما لا يجوز لأنه صرف وبيع وهما مختلفا الاحكام والثاني
الجواز وهو الحق عندنا (لان صح) كل واحد منهما يصح العقد عليه فجاز جمعهما فيه وإن اختلف الحكمان كما لو باع شقصا وثوبا صفقة واحدة فإن حكمهما مختلف لثبوت الشفعة
في الشقص دون الثوب ولو باعه بغير الذهب والفضة جاز إجماعا لانتفاء مانعية الربا واختلاف الاحكام ولو اشترى خاتما من فضة له فص بفضة جاز عندنا مع
زيادة الثمن على الفضة أو اتهاب الفص ومعه الشافعي لأدائه إلى الربا إذا قسمت الفضة على الفضة والفص وهو ممنوع لأنا شرطنا زيادة الثمن ولو باعه بذهب جاز
مطلقا عندنا وللشافعي قولان لأنه بيع وصرف. تذنيب لو باع السيف المحلى بالنسبة بمساوى الحلية في النقد أو بالنقد الآخر فإن نقد مقابل الحلية
جاز وإلا فلا لان القبض في المجلس شرط في الصرف لا في السيف ولما رواه أبو بصير في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن بيع السيف المحلى بالنقد فقال
لا بأس وسألته عن بيع النسية فقال إذا نقد مثل ما في فضته فلا بأس ولو كان الثمن غير النقدين جاز نسية من غير شرط قبض شئ البتة لانتفاء شرطية
القبض هنا ولقول الصادق (ع) لا بأس ببيع السيف المحلى بالفضة نسيا إذا نقد ثمن فضة وإلا فاجعل ثمنه طعاما ولينسه إن شاء. مسألة الدراهم و
512

والدنانير يتعينان فلو باعه بهذه الدراهم أو بهذه الدنانير لم يجز للمشترى الابدال بمثلها بل يجب عليه دفع تلك المعين كالمبيع ولو تلف قبل القبض
انفسخ البيع ولم يكن له دفع عوضها وإن ساواه مطلقا ولا للبايع طلبه وإن وجد البايع بها عيبا لم يستبدلها بل إما أن يرضى بها أو يفسخ العقد وبه قال الشافعي واحمد
لاختلاف الأغراض باختلاف الاشخاص كالمبيع ولأنها عوض يشار إليه بالعقد فوجب أن يتعين كساير الأعواض ولان الدراهم والدنانير يتعين في الغصب والوديعة
فكذا هنا ولو أبدلها بمثلها أو بغير جنسها برضا البايع فهو كبيع المبيع من البايع وقال أبو حنيفة لا يتعين بالعقد بل يتعين بالقبض ويجوز إبدالها بمثلها وإذا تلفت
قبل القبض لا ينفسخ العقد وإذا وجد بها عيبا كان له الاستبدال لأنه يجوز إطلاقه في العقد وما يجوز إطلاقه لا يتعين بالتعيين كالمكيال والصنجة ولأنه
عوض في أعيانها والجواب أن جواز الاطلاق ثبت له عرفا ينصرف إليه يقوم في بيانه مقام الصفة والمكيال والمراد به تقدير المعقود عليه وكل مكيال قدر به فهو
مقدر بمثله ولا يختلف ذلك وهنا يختلف أعيانها فافترقا والعوض ينتقض بما بعد القبض وبالوديعة وبالغصب وبالارهان وكل متساوي الأجزاء
مسألة إذا تقابضا الصرف ثم وجد أحدهما بما صار إليه عيبا وهو قسمان الأول أن يكونا معينين فإما أن يكون العيب من غير الجنس كان يشترى فضة فيخرج
قصاصا أو ذهبا فيخرج نحاسا أو من الجنس كان يكون الفضة سوداء أو خشنة أو مضطربة السكة مخالفة لسكة السلطان فإن كان الأول بطل البيع وبه قال الشافعي
لأنه غير ما اشتراه وكذا في غير الصرف لو باعه ثوبا على أنه كتان فخرج صوفا أو بغلة فخرجت حمارة لوقوع العقد على غير هذا الجنس ويجب رد الثمن وليس له الابدال
لوقوع العقد على عين شخصية لا يتناول غيرها ولا الأرش لعدم وقوع الصحيح على هذه العين وقال بعض الشافعية البيع صحيح ويتخير المشترى لان البيع وقع
على عينه وليس بجيد ولو كان البعض من غير الجنس بطل فيه وكان المشترى أو البايع بالخيار في الباقي بين الفسخ وأخذه بحصة من الثمن بعد بسطه على الجنس وعلى
الآخر لو كان منه لتبعض الصفقة عليه وللشافعي فيه قولان الصحة والبطلان وإن كان الثاني تخير من انتقل إليه بين الرد والامساك وليس له المطالبة بالبدل لوقوع
العقد على عين شخصية ثم إن كان العيب في الكل كان له رد الكل أو الامساك وليس له رد البعض لتفرق الصفقة على صاحبه وإن كان العيب في البعض كان له رد الجميع
أو إمساكه وهل له رد البعض الوجه ذلك لانتقال الصحيح بالبيع وثبوت الخيار في الباقي لا يوجب فسخ البيع فيه ويحتمل المنع لتبعض الصفقة في حق صاحبه وللشافعي
قولان مبنيان على تفريق الصفقة فإن قلنا لا يفرق رد الكل أو أمسكه وإن قلنا يفرق رد المعيب وامسك الباقي بحصة من الثمن ويجئ على مذهب الشافعية البطلان
لو اشترى دراهم بدراهم فوجد في بعضها عيبا لأدائه إلى التفاضل لان المعيب يأخذ من الثمن أقل ما يأخذ السليم فيكون الباقي متفاضلا ثم إن اتفق الثمن وللثمن
في الجنس كالدراهم بمثلها والدنانير بمثلها لم يكن له الأرش لما بينا من أن جيد الجوهر ورديه جنس واحد فلو أخذ الأرش بقى ما بعده مقابلا لما هو أزيد.
منه مع إتحاد الجنس فيكون ربا وإن كان مخالفا كالدراهم بالدنانير كان له المطالبة بالأرش مع الامساك ما داما في المجلس فإن فارقاه فإن أخذ الأرش
من جنس السليم بطل فيه لأنه قد فات شرط الصرف وهو التقابض في المجلس وإن كان مخالفا صح لأنه لا يكون صرفا. القسم الثاني. أن يكونا غير معينين
بأن يتبايعا الدراهم بالدراهم أو الدنانير بالدنانير أو الدراهم بالدنانير في الذمة ولا يعينان واحدا من العوضين وإنما يعينان في المجلس قبل التفرق
سواء وصفا العوضين أو أطلقا إذا كان للبلد نقد غالب مثل أن يقول بعتك عشرة دراهم مستعصمية بدينار مصري أو يقول بعتك عشرة دراهم بدينار
وكان لكل من الدراهم والدنانير نقد غالب فإنه يصح إجماعا ولو لم يكن في البلد نقد غالب لم يصح الاطلاق ووجب بيان النوع فإذا تصارفا وجب تعيين ذلك
في المجلس بتقابضهما فإن تقابضا ثم وجد أحدهما أو هما عيبا في ما صار إليه فإن كان قبل التفرق كان له مطالبة بالبدل سواء كان المعيب من جنسه أو من غير
جنسه لوقوع العقد على مطلق سليم وإن كان بعد التفرق فإن كان العيب من غير الجنس في الجميع بطل العقد للتفرق قبل التقابض وإن كان في البعض بطل
فيه وكان في الباقي بالخيار وللشافعي قولا تفريق الصفقة وإن كان العيب من جنسه كان له الابدال وبه قال
الشافعي في أحد قوليه وأبو يوسف ومحمد واحمد لأنه
لما جاز إبداله قبل التفرق جاز بعده كالمسلم فيه وفي الثاني ليس له الابدال وهو قولي المزني وإلا لجاز التفرق في الصرف قبل القبض وهو باطل والملازمة ممنوعة
لحصول القبض ولهذا لو رضي بالعيب لزم البيع فلو لم يكن اسم المبيع صادقا عليه لما كان كذلك وهل له فسخ البيع الوجه إنه ليس له ذلك إلا مع تعذر تسليم الصحيح
لأن العقد يتناول أمرا كليا ويحتمل ثبوته لأن المطلق يتعين بالتقابض وقد حصل وله الامساك مجانا وبالأرش مع اختلاف الجنس لا مع اتفاقه وإلا لزم
الربا ومع الرد هل يشترط أخذ البدل في مجلس الرد إشكال ولو كان العيب في بعضه كان له رد الكل أو المعيب خاصة خلافا للشافعي في أحد قوليه أو إمساكه (مجانا صح) وبالأرش
مع اختلاف الجنس فإذا رده كان له المطالبة بالبدل والخلاف كما تقدم في ظهور عيب الجميع وهل له فسخ العقد على ما تقدم من الاحتمال وقال الشافعي إذا جوزنا
الابدال لم يكن له الفسخ كالعيب في المسلم فيه وإن لم نجوزه كان له الخيار في الرد والفسخ في الجميع وهل له رد البعض مبنى على تفريق الصفقة وهل يشترط أخذ البدل
في مجلس الرد إشكال ينشأ من أنه صرف في البدل والمردود ومن عدمه ولو ظهر العيب بعد التقابض وتلف المعيب من غير الجنس بطل الصرف ويرد الباقي
ويضمن التالف بالمثل أو القيمة ولو كان من الجنس كان له أخذ الأرش إن اختلف الجنس وإلا فلا لأنه يكون ربا بل ينفسخ العقد بينهما ويرد مثل التالف أو قيمته إن لم
يكن له مثل ويسترجع الثمن الذي من جهته. تذنيب نقص السعر أو زيادته لا يمنع الرد بالعيب فلو صارفه دراهم وهي تساوي عشرة بدينار فردها وقد
صارت تسعة بدينار أو أحد عشر صح الرد ولا ربا وليس للغريم الامتناع من الاخذ إذ العبرة في الرد بالعين لا بالقيمة. مسألة. يجوز إخلاد أحد المتعاقدين
إلى الآخر في قدر عوضه فيصح البيع فيما يشترط فيه القبض في المجلس قبل اعتباره لأصالة صدق العاقل واقتضاء عقله الامتناع من الاقدام على الكذب إذا تقرر
هذا فلو أخبره بالوزن فاشتراه صح العقد لأنه كبيع المطلق لكن يخالفه في التعيين فإن قبضه ثم وجده ناقصا بعد العقد بطل الصرف مع اتحاد الثمن والمثمن
في الجنس سواء تفرق أو لا لاشتماله على الربا حيث باع العين الشخصية الناقصة بالزايدة أما لو اختلف الجنس فإن البيع لا يبطل من أصله لقبول هذا العقد
التفاوت بين الثمن والمثمن فكان بمنزلة العيب بل يتخير من نقص عليه بين الرد والاخذ بحصة من الثمن أو بالجميع على ما تقدم ولو وجد زايدا واتحد الجنس
فإن عين بأن قال بعتك هذا الدينار بهذا الدينار بطل البيع لاشتماله على الربا ولو لم يعين بأن قال بعتك دينارا بدينار ثم دفع إليه الزايد صح البيع
لعدم تعيين هذا الزايد هنا لوقوع العقد على مطلق ويكون الزيادة في يد قابضها أمانة لوقوعها في يده من غير تعد منه بل بإذن مالكها ويحتمل أن
يكون مضمونة لأنه قبض الدينار الزائد على أنه عوض ديناره والمقبوض بالبيع الصحيح أو الفاسد مضمون على قابضه نعم لو دفع إليه أزيد من الثمن ليكون وكيله
513

في تحقيق الزيادة أو ليزن حقه منه في وقت آخر ثم يرد الزائد فإن الزيادة هنا أمانة قطعا ولو كان الثمن والمثمن متغايرين في الجنس صح البيع على ما تقدم والزيادة
لصاحبها ولو كانت الزيادة لاختلاف الموازين فإنها لقابضها لعدم الاعتداد بمثلها ولامكان القبض في البعض. تذنيب لقابض الزيادة فسخ البيع
للتعيب بالشركة إن منعنا الابدال مع التفرق ولو أسقطها الدافع لم يسقط الخيار إذ لا يجب عليه قبول الهبة وكذا لدافعها الخيار إذ لا يجب عليه أخذ العوض ولو تفرقا
رد الزايد وطالب بالبدل. مسألة. قد بينا إن جيد الجوهر ورديه جنس واحد وكذا صحيحه ومكسوره فيجوز بيع أحدهما بالآخر متساويا خلافا للشافعي على ما تقدم
ولا يجوز التفاضل فلو أراده وجب إدخال مخالف في الجنس بينهما فلو أراد أن يشترى بدراهم صحاح دراهم مكسورة أكثر وزنا منها لم يجز إجماعا لاشتمالها على الربا
فإن باعها بذهب وقبضه ثم اشترى به مكسورة أو صحيحة أكثر جاز ذلك سواء كان ذلك عادة أو لا عند علمائنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما رواه الجمهور وإن النبي صلى الله عليه وآله
استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر خبيث فقال النبي صلى الله عليه وآله أكل تمر خيبر هكذا فقال لا والله يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنا لنأخذ الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال
لا تفعل بع الجمع بالدراهم وابتع بالدراهم خبيثا والخبيث أجود التمر والجمع كل لون من التمر لا يعرف له اسم ومن طريق الخاصة ما رواه إسماعيل بن جابر عن الباقر (ع)
قال سألته عن رجل يجئ إلى صيرفي ومعه دراهم يطلب أجود منها فيتقاوله على دراهم تزيد كذا وكذا بشئ قد تراضيا عليه ثم يعطيه بعد بدراهمه دنانير ثم يبيعه الدنانير
بتلك الدراهم على ما تقاولا عليه ول مرة قال أليس ذلك برضا منهما معا قلت بلى قال لا بأس وقال مالك إن فعل ذلك مرة واحدة جاز وإن تكرر لم يجز لان ذلك يضارع
الربا ويؤدى إليه وهو ممنوع لأنه باع الجنس بغيره نقدا فجاز كما لو كان مرة ولو كان ذلك ربا كان حراما مرة وأكثر. مسألة. إذا باع الصحاح أو الأكثر وزنا بالذهب و
وتقابضا ثم اشترى بالذهب المكسرة والأقل وزنا صح البيع عندنا لعموم (ع) إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم سواء تفرقا بعد التقابض قبل العقد الثاني أو لا وسواء
تخايرا بينهما أو لا وبه قال ابن شريح من الشافعية لان دخولهما في العقد رضي به فجرى مجرى التخاير فيلزم الأول وينعقد الثاني وقال القفال منهم إنه لا ينعقد بيع الثاني
إلا بعد التفرق بعد التقابض قبل العقد الثاني أو التخاير بينهما إلا على القول الذي يقول إن الخيار لا يمنع انتقال الملك فأما إذا قلنا يمنع انتقال الملك فلا يصح لأنه
باعه غير ملكه إلا أن ذلك يكون قطعا للخيار ويستأنفان العقد والأول أصح لان قصدهما للتبايع رضي به وجار مجرى التخاير لما فيه من الرضا باللزوم وكذا لو اشترى جارية
من رجل ثم زوجها به في مدة الخيار صح النكاح عندنا وعند أبى العباس بن شريح ويجرى عند القفال على الأقوال في الملك. فروع: - آ - لو باعه من غير بايعه قبل
التفرق والتخاير صح عندنا لان الملك قد حصل بالعقد ولهذا يكون النماء للمشترى وتزلزله لا يمنع من تصرف المشترى وقال الشافعي لا يصح لأنه يسقط خيار البايع
وليس له ذلك وهو ممنوع لان صحة البيع لا تنافى ثبوت الخيار لغير المتعاقدين - ب - لو باع الصحاح بعوض غير النقدين ثم اشترى به المكسرة صح مطلقا سوا تقابضا في المجلس
أو لا تخايرا أولا - ج - يجوز الحيلة في انتقال الناقص بالزايد بغير البيع أيضا بأن يقرضه الصحاح ويقترض منه المكسرة بقدر قيمتها ثم يبرئ كل واحد منهما صاحبه لانتفاء
البيع هنا فلا صرف ولا ربا وكذا لو وهب كل منهما لصاحبه العين التي معه وكذا لو باعه الصحاح بوزنها ثم وهب له الباقي من غير شرط ولو جمع بينهما في عقد فالأقرب
الجواز خلافا للشافعي - د - لو اشترى نصف دينار قيمته عشرون درهما ومعه عشرة دفعها وقبض الدينار بأجمعه ليحصل قبض النصف ويكون نصفه له بالبيع والاخر أمانة
في يده ويسلم الدراهم صح وبه قال الشافعي فإن اشتراه بأجمعه بعشرين دفع العشرة ثم استقرضها منه فيثبت في ذمته مثلها وللشافعي فيه قولان أحدهما هذا وهو الأصح
لأن هذه الدراهم دفعها لما عليه من الدين وذلك تصرف كما لو اشترى بها النصف الآخر من الدينار فإنه يجوز ويكون ذلك تصرفا والثاني المنع لان القرض يملك بالتصرف
وهذه الدراهم لم يتصرف فيها وإنما رده إليه على حالها فكان ذلك فسخا للقرض وهو ممنوع أما لو استقرض عشرة غيرها ودفعها عوضا عن باقي الثمر جاز إجماعا - ه‍ -
لو كان معه تسعة عشر درهما وأراد شرائه بعشرين فعلى ما تقدم فإن لم يقرضه البايع وتقابضا وتفرقا قبل تسليم الدرهم فسد الصرف فيه خاصة وكان للبايع نصف عشر
الدينار وللشافعي قولان في الفاسد في الباقي فإن سوغ تفريق الصفقة صح وإلا فلا نعم يثبت الخيار فإن أراد الخلاص من الخيار عندنا والفسخ عنده تفاسخا العقد قبل
التفرق ثم تبايعا تسعة عشر جزء من عشرين جزء من الدينار بتسعة عشر درهما ويسلم الدينار ليكون الباقي أمانة - و - لو كان عليه دين عشرة دنانير فدفع عشرة
عددا فوزنها فكانت أحد عشر دينارا كان الزايد مضمونا على القابض مشاعا لأنه قبض ذلك على أن يكون بدلا من دينه وما يقبض على سبيل المعاوضة يكون
مضمونا بخلاف الباقي لبايع الدينار في الفرع السابق لأنه قبضه لصاحبه فكان أمانة في يده ثم إن شاء طالبه بالدينار وإن شاء أخذ عوضه دراهم وقبضها
في الحلال وإن شاء أخذ عينا غير النقدين وإن شاء أسلمه إليه في موصوف وهل له الاستعادة ودفع القدر لا غير الأقرب ذلك. مسألة. يجوز المصارفة بما في
الذمم فلو كان له على غيره ألف درهم وللغير عليه مائة دينار فتصارفا بهما صح الصرف وكذا لو اتفق الجنس وتساوى القدر وإن اختلفت الصفات عملا بالأصل والنصوص
وبما رواه عبيد بن زرارة في الصحيح عن الصادق (ع) قال سئلته عن الرجل يكون له عند الصيرفي مائة دينار ويكون للصيرفي عنده ألف درهم فيقاطعه عليها قال لا
بأس ولا يشترط هنا التقابض لحصوله قبل البيع لكن لا يخلو من إشكال منشاؤه اشتماله على بيع دين بدين ولو تباريا أو تصالحا جاز قطعا إذا ثبت هذا فإنه
يجوز أيضا اقتضاء أحد النقدين من الآخر ويكون مصارفة عين بدين بأن يكون له على غيره ألف درهم فيشتريها الغير منه بمائة دينار يدفعها إليه في المجلس لما
تقدم ولما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يكون عليه دنانير فقال لا بأس أن يأخذ بثمنها دراهم وسأله في الرجل يكون له الدين دراهم
معلومة إلى أجل فجاء الاجل وليس عند الذي حل عليه دراهم قال له خذ منى دنانير بصرف اليوم قال لا بأس ولو لم يحصل قبض العين في المجلس حتى تفارقا قبله بطل
الصرف لانتفاء شرطه. مسألة. لو دفع قضاء الدين على التعاقب من غير مساعرة ولا محاسبة كان له الاندار بسعر وقت القبض وإن كان مثليا لأنه بإقباضه
له عين حقه فيه فيندر ما يساوى من مخالفه في تلك الحال من الدين الذي عليه ولما رواه إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) قال قلت له الرجل يكون له على الرجل الدنانير فيأخذ منه دراهم
ثم يتغير السعر قال فهي له على السعر الذي أخذها يومئذ وعن يوسف بن أيوب عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يكون له على الرجل دراهم فيعطيه دنانير ولا يصارفه فيصير
الدنانير بزيادة أو نقصان قال له سعر يوم أعطاه إذا ثبت هذا فإنه يحسب كل مقبوض في يوم بسعر ذلك اليوم سواء كان مثليا كالدراهم والدنانير والحنطة والشعير أو
غير مثلي وهو فيه أظهر أما لو لم يكن الدفع على وجه القضاء بان يكون له عند صيرفي دينار فيأخذ منه دراهم لا على وجه الاقتضاء ولم يجز بينهما معاملة ولا بيع كان الدينار
له والدراهم عليه فإن تباريا ذلك بعد أن يصير في ذمة كل واحد منهما ما أخذه جاز وبه قال الشافعي. مسألة. لو كان عنده دينار وديعة فاشتراه من صاحبه
بدراهم صح إذا دفع الدراهم في المجلس ولا يشترط رد الدينار وقبضه ثانيا لأنه مقبوض عنده فإن تفرقا قبل قبض الدراهم بطل الصرف وكان الدينار مضمونا على
514

مستودعه سواء علما وجود الدينار حال عقد البيع لو ظناه أو شكا فيه لان الأصل البقاء أما لو علما عدمه حينئذ كان الصرف باطلا وكذا حكم غير الصرف من البيوع والمعاوضات
وقال الشافعي إذا لم يقر الذي عنده الدينار إنه استهلكه حتى يكون ضامنا ولا انه في يده لم يصح الصرف لأنه غير مضمون ولا حاضر ويجوز أن يكون هلك في ذلك الوقت
فيبطل الصرف أما إذا علما البقاء صح الصرف وهو ممنوع لان الأصل البقاء وظنه كاف. فروع: - آ - إذا اشترى دينارا بدينار وتقابضا ومضى كل منهما يزن الدينار
الذي قبضه صح إذا اشتمل المقبوض على الحق سواء زاد عليه أو ساواه وقد تقدم وقال الشافعي لا يصح مع الجهل إلا إذا عرف أحدهما وزن الدينار وصدقه
الاخر فلو وزن أحدهما فوجد المقبوض ناقصا بطل الصرف لاشتماله على عوضين متفاضلين - ب - لو اشترى دراهم بدنانير فقال له آخر ولني نصفها بنصف
الثمن صح لان التولية بيع ولو قال اشتر عشرين درهما بدينار لنفسك وولني نصفها بنصف لم يصح لان التولية بيع ولا يصح البيع قبل التملك وبه قال الشافعي لعلة المنع
من بيع الغايب - ج - لو باعه بنصف دينار دفع المشترى شق الدينار (لأنه) حقيقة فيه ولا يلزمه نصف دينار صح إلا أن يريده عرفا أو يغلب العرف فيه فينصرف الاطلاق إليه كما
انصرف في نصف درهم وربع درهم ولو لم يغلب العرف في أحدهما وجب التعيين فإن أخلا به بطل للجهالة فإن باعه شيئا اخر بنصف دينار مطلق جاز ووجب شق دينار مثل الأول
فإن أعطاه شقى دينار برى منه وإن أعطاه دينارا صحيحا فقد زاده خيرا ولو باعه الثاني بنصف دينار على أن يعطيه الأول والثاني صحيحا جاز ولزمه دفع صحيح عملا
بالشرط السائغ شرعا سواء كان (البيع صح) الثاني بعد لزوم الأول أو قبله في المجلس وقال الشافعي إن كان البيع الثاني بعد لزوم الأول فسد الثاني لان الزيادة لا تلزم في الأول وقد
شرطها في الثاني وإن كان ذلك قبل التفرق فسد الأول والثاني هو مخالف لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم - د - لو باعه ثوبا بمأة درهم من صرف عشرين درهما
بدينار بطل لان المسمى هو الدراهم وهي مجهولة لان وصف قيمتها لا تصير به معلومة ولو كان نقد البلد صرف عشرين بدينار لم يصح أيضا لان السعر يختلف ولا
يختص ذلك بنقد البلد وكذا ما يفعلونه الان يسمون الدراهم وإنما يبيعون الدنانير ويكون كل قدر معلوم من الدراهم عندهم دينارا وهو باطل لان الدراهم
لا يعبر بها عن الدنانير لا حقيقة ولا مجازا مع أن البيع بالكناية باطل بل يجب التصريح والأقوى عندي إن صرف العشرين بالدينار إذا كان واحدا معينا معلوما للمتعاقدين
صح البيع وانصرف الثمن إليه كما لو كانت الامامية عشرين بدينار وغيرها أزيد أو أنقص فباعه بدراهم صرفها عشرون بدينار انصرف إلى الامامية عرفا لما رواه الحلبي
في الحسن عن الصادق (ع) قال اشترى أبى أرضا واشترط على صاحبه أن يعطيه ورقا كل دينار بعشرة دراهم. مسألة. لو باعه بدينار غير درهم نسية مما يتعامل الناس
به وقت الاجل بطل البيع للجهالة ولما رواه السكوني عن الصادق عن الباقر (على) في الرجل يشترى السلعة
بدينار غير درهم إلى أجل قال فاسد
فلعل الدينار يصير بدرهم أما لو استثنى الدرهم الآن وكان معلوم النسبة إلى الدينار صح البيع ولو كان البيع نقدا وجهل النسبة بطل أيضا البيع لجهالة الثمن وكذا لو باعه بما
يتجدد من النقد ولو قدر الدرهم من الدينار صح والأولى في ذلك كله استثناء جزء من الدينار لما رواه وهب عن الصادق عن الباقر (على) إنه كره أن يشترط الرجل بدينار
إلا درهما وإلا درهمين نسية ولكن يجعل ذلك بدينار إلا ثلثا وإلا ربعا وإلا سدسا أو شيئا يكون جزء من الدينار والأصل جهالة النسبة فإنها المانعة من الصحة و
كذا لو كان الثمن حالا وجهل النسبة لانتفاء شرط البيع وهو العلم بقدر الثمن روى حماد بن ميسر عن الصادق (ع) عن أبيه الباقر (ع) إنه كره ان يشترى الثوب بدينار غير درهم
لأنه لا يدرى كم الدينار من الدرهم وكذا لو باعه ثوبا بمائه درهم إلا دينارا لم يصح لجهالة الثمن لأنه لم يعلم كم حصة الدينار من المائة ولا يعلم كم يبقى منها ثمنا أما لو أقر بذلك
صح لان الاقرار بالمجهول صحيح ولو قيل بالجواز مع إرادة العرف من إطلاق الدينار على عدد معلوم من الدراهم كان أقرب تذنيب لو قال الصائغ صغ لي خاتما من فضة
فيه درهم لأعطيك درهما فأجرتك فصاغه لم يكن بيعا والخاتم للصائغ لأنه اشترى فضة مجهولة بفضة مجهولة وتفرقا قبل القبض وله بعد فراغه ابتياعه بمهما شاء
مسألة. روى جواز ابتياع درهم بدرهم ويشترط عليه صياغة خاتم ولست أرى به بأسا لانتفاء الربا هنا إذ الشرط ليس جزء من أحد العوضين ولو كان كذلك
لبطل كل عقد تضمن شرطا لاستلزامه الجهالة في العوض ومنعه بعض علمائنا قال فإن صحت هذه الرواية وجب الاقتصار على هذه الصورة ولا يجوز التغذية تذنيب
لو اشترى ثوبا بعشرين درهما غير معينه ودفعها ووزنها أكثر من عشرين وأخذ بدل الباقي منه فضة جاز ولو شرط في بيع الثوب أن يعطيه صحاحا ويأخذ بدل ما
يفضل من وزنها فضة جاز عندنا خلافا للشافعي لأنه شرط بيعا في بيع وذلك غير جايز وهو ممنوع. المقصد الثالث. في وثاقة عقد البيع وضعفه مقدمة
الأصل في البيع اللزوم لان الشارع وضعه مفيدا لنقل الملك من البايع إلى المشترى والأصل الاستصحاب والغرض تمكن كل من المتعاقدين من التصرف فيما صار إليه
وإنما يتم باللزوم ليأمن من نقض صاحبه عليه وإنما يخرج عن أصله بأمرين أحدهما ثبوت الخيار إما لاحد المتعاقدين أو لهما من غير نقض في أحد العوضين بل للتروي خاصة
والثاني ظهور عيب في أحد العوضين فهنا فصلان. الفصل الأول في الخيار وفيه مطلبان المطلب الأول في أقسامه وهي سبعة وينضمها مباحث الأول
خيار المجلس. مسألة. ذهب علماؤنا إلى أن لكل من المتبايعين خيار الفسخ بعد العقد ما داما في المجلس ولا يلزم العقد بمجرده إلا أن يشترطا أو أحدهما سقوط
الخيار وهو قول علي (ع) وابن عمر وأبي هريرة وأبى بردة من الصحابة ومن التابعين شريح والشعبي وسعيد بن المسيب والحسن البصري وطاوس وعطا والزهري ومن الفقهاء الأوزاعي
وابن أبي ذيب واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد والشافعي لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) البيعان بالخيار ما لم يفترقا فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما ولأنه عقد يحصل فيه التغابن ويحتاج إلى التروي فوجب أن يشرع لاستدراك
أمره بثبوت الخيار ليخلص من الغبن المؤدى إلى الضرر المنفى شرعا ولأنه عقد يقصد به تمليك المال فلا يلزم بمجرد العقد كالهبة وقال أبو حنيفة ومالك يلزم العقد
بالايجاب والقبول ولا يثبت خيار المجلس لان عمر قال البيع صفقة أو خيار معناه صفقة لا خيار فيها أو صفقة فيها خيار ولأنه عقد معاوضة فلا يثبت فيه خيار
كالنكاح كالكتابة والخلع وقول عمر ليس حجة خصوصا مع معارضته لما ورد عن النبي وأهل بيته (ع) وقد روى الشعبي عن عمر أيضا مثل قولنا فسقط الاستدلال بهذه الرواية
بالكلية أو تحمل أو بمعنى الواو ولانا نقول بموجبه فإن البيع إما صفقة لا خيار فيها بشرط إسقاط الخيار أو خيار بأصل العقد والنكاح يخالف البيع فإنه لا يدخله خيار
الشرط لأنه لا يعقد في العادة إلا بعد التروي والفكر لعدم تكثره بخلاف البيع إذا ثبت هذا فقد اختلفوا في قوله (ع) إلا بيع الخيار فقال أبو حنيفة ومالك بيع الخيار
ما يثبت فيه الخيار بالشرط إما ثلاثة أيام كما هو مذهب أبي حنيفة أو ما تدعو الحاجة إليه كقول مالك وقال الشافعي بيع الخيار إما قطع فيه الخيار وأسقط منه. مسألة
ويثبت هذا خيار المجلس في جميع أقسام البيع كالسلف والنسية والمرئي والموصوف والصرف والتولية والمرابحة وبالجملة جميع ما يندرج تحت لفظ البيع مما لم يشترط
فيه سقوطه لعموم قوله البيعان بالخيار عند كل من أثبت الخيار إلا في صور وقع فيها الخلاف - آ - إذا باع مال نفسه من ولده الصغير أو بالعكس فالأقرب ثبوت الخيار
515

هنا وهو أصح وجهي الشافعية لان الولي هنا قائم مقام الشخصين في صحة العقد فكذا في الخيار والثاني لا يثبت لان لفظ الخبر البيعان وليس هنا اثنان والجواب إنه ورد
على الغالب وعلى ما قلناه يثبت الخيار للولي وللطفل معا والولي نائب عن الطفل فإن التزم لنفسه (وللطفل لزمه وإن التزم لنفسه صح) بقى الخيار للطفل وإن التزام للطفل بقى لنفسه ولو فارق المجلس لم يبطل الخيار
لان مفارقة المجلس مع الاصطحاب لا تعد ما فرقة مؤثرة في زوال الخيار والشخص لا يفارق نفسه وإن فارق المجلس وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إنه بمفارقة المجلس يلزم
العقد وليس بجيد وحينئذ إنما يلزم بإسقاط الخيار أو اشتراط سقوطه في العقد وإلا يثبت دائما وكذا لو باع مال أحد ولديه على الاخر وهما صغيران والبحث كما تقدم
- ب - لو اشترى من ينعتق عليه بالملك كالأب والابن لم يثبت خيار المجلس فيه أيضا لأنه ليس عقد مغابنة من جهة المشترى لأنه وطن نفسه على الغبن المالي والمقصود
من الخيار أن ينظر ويتروى لدفع الغبن عن نفسه وأما من جهة البايع فهو وإن كان عقد معاوضة لكن النظر إلى جانب العتق أقوى وهو أحد قولي الشافعية وفي
الاخر يثبت لقوله (ع) لن يجزى ولد والده إلا بأن يجده مملوكا يشتريه فيعتقه فإنه يقتضى إن شاء اعتاق بعد العقد وهو ممنوع وأكثر الشافعية بنوا الخيار هنا على أقوال الملك في
زمن الخيار فإن كان للبايع فلهما الخيار ولا يحكم بالعتق إلا بعد مضى الخيار وإن كان موقوفا فلهما الخيار أيضا إذا مضيا العقد ظهر إنه عتق بالشراء وإن كان للمشترى
فلا خيار له ويثبت للبايع ومتى يعتق فيه وجهان عندهم أظهرهما إنه لا يحكم بالعتق حتى يمضى زمان الخيار ثم يحكم بعتقه يوم الشراء والثاني إنه يعتق في الحال وحينئذ
هل يبطل خيار البايع وجهان كما إذا أعتق المشترى العبد الأجنبي في زمن الخيار (فإن فيه الوجهين وأقويهما ثبوت الخيار للبايع وإن كان المشترى مالكا في زمن الخيار صح) وإن العبد لا يعتق في الحال لأنه لم يوجد منه الرضا إلا بأصل العقد - ج - إذا اشترى (العبد صح) نفسه من
مولاه وقلنا بالصحة فلا خيار له وللشافعية في خيار المجلس هنا وجهان - د - لو اشترى جمدا في شدة الحر ففي الخيار إشكال وللشافعية وجهان لتلفه بمضي الزمان - ه‍ - لو شرطا نفى
خيار المجلس في عقد البيع صح الشرط وسقط الخيار وللشافعية في صحة البيع والشرط قولان - و - لو
اشترى الغايب بوصف يثبت عندنا خيار المجلس والرؤية معا فيه
وللشافعي في صحة البيع قولان فإن قال بصحته لم يثبت خيار المجلس مع خيار الرؤية عنده وليس بجيد مسألة. ولا يثبت خيار المجلس في شئ من العقود سوى
البيع عند علمائنا عملا بأصالة اللزوم وعروض الجواز خرج عنه البيع لقوله (ع) البيعان بالخيار فيبقى الباقي على اللزوم بمقتضى عموم قوله تعالى " أوفوا بالعقود " وأثبت
الشافعي خيار المجلس في ما شابه البيع كصلح المعاوضة وهو مبنى على القياس الباطل عندنا إذا ثبت هذا فاعلم أن العقد إما أن يكون جايزا من الطرفين (كالشركة
والوكالة والقراض والوديعة والعارية أو جايزا من أحد الطرفين لازما من الآخر كالضمان والكتابة ولا خيار في هذين القسمين أما الجايز من الطرفين صح) فلانهما بالخيار
أبدا فلا معنى لخيار المجلس وأما الجايز من أحدهما فلهذا المعنى من حيث هو جايز في حقه والاخر دخل فيه موطنا نفسه على الغبن ومقصود الخيار التروي لدفع الغبن عن
نفسه وكذا الرهن لا يثبت فيه خيار المجلس إلا أن يكون مشروطا في بيع وأقبضه قبل التفرق وأمكن فسخ الرهن بأن يفسخ البيع حتى يفسخ الرهن تبعا وقال بعض الشافعية
يثبت الخيار في الكتابة وبعضهم أثبته في الضمان وهما غريبان أو يكون لازما من الطرفين وهو قسمان إما أن يكون عقدا وأرادا على العين وإما وأرادا على المنفعة فمن
أنواع الأول البيع ويثبت خيار المجلس في جميع أنواعه إلا ما استثنى ويثبت خيار الشرط في جميع أنواعه إلا السلف والصرف وبه قال الشافعي لافتقار العقد فيهما إلى التقابض
في المجلس والتفرق من غير علقة بينهما وثبوت الخيار بعد التفرق يمنع لزوم القبض فيه ويثبت بينهما علقة بعد التفرق ولا يثبت خيار المجلس في الصلح لاختصاص الخبر أبا
لبيع وقسم الشافعي الصلح إلى أقسام ثلاثة صلح هو بيع مثل أن يدعى دارا فيقر المتشبث له بها ثم يصالحه منها على عوض وصلح هو إجارة بأن يدعى دارا فيقر له بها ثم
يصالحه على أن يخدمه هو أو عبده أو يسكنه داره سنة وصلح هو هبة وحطيطة بأن يدعى عليه شيئا فيقر له به ثم يبرئه من بعضه (إن كان دينا صح) ويأخذ الباقي أو يهب له بعضه إن كان عينا
ويأخذ الباقي فالأول يدخله الخياران معا والباقيان لا يدخلهما شئ من الخيارين لأنه شرع على تعيين بأنه لاحظ له فيهما وأما الإقالة فإنها فسخ عندنا وهو أحد
قولي الشافعي فلا يثبت فيه الخيار وفي الثاني له إنها بيع فيثبت فيها الخيار والحوالة ليست بيعا عندنا فلا يثبت فيها خيار المجلس وعند الشافعي قولان أحدهما إنها
ليست معاوضة فلا خيار فيها والثاني إنها معاوضة فوجهان أظهرهما إنه لا خيار أيضا لأنها ليست على قواعد المعاوضات إذ لو كانت معاوضة كانت باطلة لاشتمالها
على بيع دين بدين ولأنهما بمنزلة الابراء ولهذا لا تصح بلفظ البيع ويجوز في النقود من غير قبض والضمان ليس بيعا فلا يدخله الخيار وبه قال الشافعي لان الضامن
دخل فيه مقطوعا به مع الرضي بالغبن وأما الشفعة فليست بيعا عندنا فلا يثبت فيها خيار المجلس لاحد ولا خيار الشرط لأنها لا تقف على التراضي وقال
الشافعي لا يثبت فيها خيار الشرط وأما خيار المجلس فلا يثبت للمشترى لأنه يؤخذ منه الشقص بغير اختياره وفي ثبوته للشفيع وجهان الثبوت لان سبيل الاخذ بالشفعة
سبيل المعاوضات ولهذا يثبت فيه الرد بالعيب والرجوع بالعهدة والمنع لان المشترى لا خيار له ويبعد اختصاص خيار المجلس بأحد المتعاقدين فاختلف أصحابه
على تقدير الثبوت في معناه فقال بعضهم إن الشفيع بالخيار بين الاخذ والترك ما دام في المجلس مع القول بالفور وغلط إمام الحرمين هذا القائل وقال إنه على الفور
ثم له الخيار في أخذ الملك ورده وأما اختيار عين المال المبيع من المفلس فليس ببيع عندنا فلا يثبت فيه خيار بل يلزمه اخذه ولا خيار له وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم
وجها إنه بالخيار ما دام في المجلس وأما الوقف فلا خيار فيه عندنا وعند الشافعي لأنه ازاله على وجه القربة ويزول أيضا إلى غير ملك فهو كالعتق وأما الهبة بنوعها
فلا خيار فيها (عندنا لأنها ليست بيعا وأما الشافعي فقال إنها غير لازمة قبل القبض فلا خيار فيها صح) وإذا قبض فإن لم يكن فيها ثواب فلا خيار فيها لأنه قصد التبرع فلا معنى لاثبات الخيار فيها وإن وهب بشرط الثواب أو مطلقا وقلنا إنه يقتضى الثواب
فيه وجهان أظهرهما إنه لا خيار فيها لأنها لا تسمى بيعا ولفظ الهبة لفظ الارفاق فلا يثبت بمقتضاه الخيار والثاني إنه يثبت فيها خيار المجلس وخيار الشرط وقال
بعضهم إنه لا يثبت خيار الشرط وفي خيار المجلس قولان وأما الوصية فلا خيار إلى أن يموت وإذا مات فات وأما القسمة فلا خيار فيها سواء تضمنت
رد أو لا لأنها ليست بيعا وقال الشافعي يثبت الخيار إن تضمنت ردا وإن لم تتضمن فإن جرت بالاجبار فلا خيار فيها وإن جرت بالتراضي وقلنا افراز حق لم يثبت خيار
وإن قلنا إنها بيع فكذلك في أصح الوجهين وأما النوع الثاني وهو الوارد على المنفعة فمنه النكاح ولا يثبت فيه خيار المجلس عندنا للاستغناء عنه بسبق التأمل غالبا
ولأنه لا يقصد فيه العوض وأما الصداق فلا يثبت فيه خيار المجلس عندنا لأنه ليس ببيع وللشافعية قولان أحدهما ما قلناه لأنه أحد عوضي النكاح وإذا لم يثبت.
في أحد العوضين لم يثبت في الآخر ولان المال على النكاح وإذا لم يثبت الخيار في المتبوع لم يثبت في التابع والثاني يثبت لان الصداق عقد مستقل ومنهم من قال
يثبت فيه خيار الشرط فعلى هذا إن فسخ وجب مهر المثل وعلى هذين الوجهين ثبوت خيار المجلس في عوض الخلع أحدهما الثبوت لأنه معاوضة وإذا فسخ بقى الطلاق
رجعيا وعدمه لان القصد منه الفرقة دون المال فأشبه النكاح وأما الإجارة فلا يثبت فيها خيار المجلس بنوعيها أعنى المعينة وهي المتعلقة بالزمان والتي في الذمة
لأنها ليست بيعا وقالت الشافعية في ثبوت خيار المجلس فيها وجهان الثبوت لأنها معاوضة لازمة كالبيع بل هي ضرب منه في الحقيقة وقال بعضهم بعدمه لان عقد
الإجارة مشتمل على غرر لأنه عقد على معدوم والخيار غرر فلا يضم غرر إلى غرر وقال القفال إن الخلاف في إجارة العين أما الإجارة على الذمة فيثبت فيها خيار المجلس
516

لا محالة لأنها ملحقة بالسلم حتى يجب فيها قبض البدل في المجلس وهو ممنوع وقال بعضهم لا يثبت خيار الشرط ويثبت خيار المجلس في إجارة الذمة كالإجارة المعينة ولان الغرر
يقل في خيار المجلس بخلاف خيار الشرط وعلى تقدير ثبوت الخيار في إجارة العين فابتداء المدة يحتسب من وقت انقضاء الخيار بالتفرق أو من وقت العقد قولان
أحدهما من وقت انقضاء الخيار لان الاحتساب من وقت العقد يعطل على المكرى أو المكترى وعلى هذا لو أراد المكرى أن يكريه من غيره في مدة الخيار لم يجز وإن
كان محتملا في القياس والصحيح عندهم إنه يحسب من وقت العقد إذ لو حسب من وقت انقضاء الخيار لتأخر ابتداء مدة الإجارة عن العقد فيكون بمنزلة إجارة
الدار السنة القابلة وهي باطلة عندهم فعلى هذا فعلى من يحسب مدة الخيار إن كان قبل تسليم العين إلى المستأجر فهي محسوبة على المكرى وإن كان بعد التسليم
فوجهان مبنيان على أن المبيع إذا هلك في يد المشترى في زمن الخيار من ضمان من يكون أصحهما أنه من
ضمان المشترى فعلى هذا فهي محسوبة على المستأجر وعليه تمام الأجرة
والثاني إنها من ضمان البايع فعلى هذا يحسب على المكرى ويحط من الأجرة بقدر ما يقابل تلك المدة وأما المساقاة فلا خيار فيها عندنا للمجلس لتعلقه
بالبيع وليست به ولا يثبت فيها خيار الشرط عند الشافعي كالإجارة المعينة المتعلقة بالزمان لأنها عقد على منفعة تتلف بمضي الزمان والمساقاة من شرطها أن يكون
مدتها معلومة عقيب العقد وهل يثبت في المساقاة خيار المجلس للشافعي طريقان أظهرهما إنه على الخلاف المذكور في الإجارة والثاني القطع بالمنع لان الغرر فيه أعظم
فإن كل واحد من المتعاقدين لا يدرى ما يحصل له فلا يضم إليه غرر آخر وأما المسابقة والمراماة فقولان عند الشافعي فإن قلنا إنها لازمة فهي كالإجارة وإن قلنا إنها
جايزة فهي كالعقود الجايزة وعندنا أن لا خيار فيها مطلقا وأما العتق فإنه إسقاط حق وكذا التدبير لأنه عتق معلق بشرط والكتابة لا خيار للسيد فيها لأنه دخل على وجه القربة
وتحقق الغبن في معاوضته لأنه باع ماله بماله وأما العبد فله الخيار أبدا إلا أن العقد جايز من جهته على ما اختاره الشيخ وبه قال الشافعي والطلاق إسقاط حق
فلا يثبت فيه خيار. مسألة. مسقطات خيار المجلس أربعة - آ - اشتراط سقوطه في متن العقد - ب - الافتراق - ج - التخاير - د - التصرف فإن كان من المشترى سقط خياره
في الرد لأنه بتصرفه التزم بالملك واختار إبقاء العقد وإن كان البايع كان فسخا للعقد أما الأول فإذا تعاقدا وشرطا في متن العقد سقوط خيار المجلس أو غيره سقط
لأنه شرط سائغ لتعلق الأغراض بلزوم العقد تارة وجوازه أخرى فيصح لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وصحته يقتضى الوفاء به ولو شرط أحدهما سقوطه عنه خاصة
سقط بالنسبة إليه دون صاحبه فليس له اختيار الفسخ ولصاحبه اختياره وأما الثاني فإنه مسقط للخيار وإجماعا لقوله (ع) ما لم يفترقا جعل مدة الخيار لهما دوامهما
مصطحبين سواء أقاما كذلك في المجلس أو فارقاه فيكون ما عداه خارجا عن هذا الحكم تحقيقا لمسمى الغاية ويحصل بالتفرق بالأبدان لا بالمجلس خاصة لانصراف
الاطلاق إليه عرفا وحيث علق الشارع الحكم عليه ولم يبنه دل على حوالته على عرف الناس كغيره من الألفاظ كالقبض والحرز والاحياء ولما روى عن الباقر (ع)
قال إني ابتعت أرضا فلما استوجبتها قمت فمشيت خطأ ثم رجعت فأردت أن يجب البيع وأما الثالث فإنه يقطع خيار المجلس إجماعا وصورته أن يقولا تخايرنا واخترنا
إمضاء العقد أو أمضيناه أو اخترناه أو التزمنا به وما أشبه ذلك فإنه يدل على الرضا بلزوم البيع إذا ثبت هذا فإن قالاه في نفس العقد بأن عقدا على أن لا يكون
بينهما خيار المجلس فهو القسم الأول وقد ذكرنا مذهبنا فيه وإنه يقتضى سقوط خيار المجلس عملا بالشرط واختلفت الشافعية في ذلك على طريقين أحدهما إن هذا
الشرط لا يصح قولا واحدا لأنه خيار يثبت بعد تمام العقد فلا يسقط بإسقاطه قبل تمام العقد كخيار الشفعة والثاني إنه يصح ويسقط الخيار لقوله (ع) البيعان بالخيار ما لم
يتفرقا إلا بيع الخيار والاستثناء من الاثبات نفى فيكون بيع الخيار فيه ويريد ببيع الخيار ما أسقط فيه الخيار ولان الخيار حق للمتعاقدين وفيه غرر أيضا فإذا اتفقا
على إسقاطه جاز كالأجل وكما لو اسقطاه بعد العقد وعلى القول ببطلان الشر ففي بطلان البيع وجهان البطلان لأنه شرطنا في مقتضاه فأفسده كما لو شرط أن لا يبيعه أو لا
يتصرف فيه والصحة لأنه شرط لا يؤدى إلى جهالة العوض ولا المعوض. فروع التفرق - آ - قد عرفت أن الحوالة في التفرق على العادة فلو تبايعا وأقاما سنة في مجلسهما لم
يتفرقا بأبدانهما بقى الخيار وكذا لو قاما وتماشيا مصطحبين منازل كثيرة لم ينقطع الخيار لعدم تحقق التفرق وبه قال أكثر الشافعية ولباقيهم قولان غريبان أحدهما
إنه لا يزيد الخيار على ثلاثة أيام لأنها نهاية الخيار المشروط شرعا وهو ممنوع والثاني قال بعضهم لو لم يتفرقا لكن شرعا في أمر آخر وأعرضا عما يتعلق بالعقد وطال الفصل
إنقطع الخيار وليس بشئ - ب - التفرق حقيقة في غير المتماسين وهو يحصل بأن يكون كل واحد منهما في مكان ثم يتبايعا لكن ذلك غير مراد من قوله (ع) ما لم يتفرقا أي ما لم
يجدد افتراقا بعد عقدهما فيبقى المراد ما لم يفارق أحدهما مكانه فإنه متى فارق (تخللهما أجسام أكثر فما كان صح) تخللهما أولا فيثبت معنى الافتراق بأقل انتقال ولو بخطوة وفصل الشافعي هنا فقال إن
كانا في دار صغيرة لم يحصل التفرق إلا بأن يخرج أحدهما من الدار أو يصعد أحدهما إلى العلو والاخر في السفل وكذا المسجد الصغير والسفينة الصغيرة لا يحصل التفرق
إلا بالخروج منهما وإن كانا في دار كبيرة وكان أحدهما في البيت والآخر في الصفة حصل الافتراق أو يخرج أحدهما من البيت إلى الصحن أو يدخل من الصحن في بيت أو صفة وكذا السفينة
الكبيرة إذا صعد أحدهما إلى أعلاها وبقى الآخر في أسفلها وإن كان في صحراء وسوق قال الشافعي (يحصل صح) التفرق بأن يوليه ظهره قال أصحابه لم يرد أنه يجعل ذلك بتفسير التولية وإنما أراد
إذا ولى ظهره ومشى قليلا وقال الإصطخري ويشترط أن يبعد بحيث إذا كلمه صاحبه على الاعتياد من غير رفع الصوت لم يسمع وكل هذه تخمينات الأولى الاعراض عنها والاعتماد على ما دل
عليه اللفظ لغة - ج - لا يحصل التفرق ببقائهما في المجلس وضرب ساتر بينهما كستر وشبهه ويكون كما غضا أعينها وكذا لو شق بينهما نهر لا يتخطى وكذا لو بنى بينهما جدار من طين
أو جص وفي الآخر للشافعية وجهان أصحهما عدم السقوط لأنهما في مجلس العقد وألحقه الجويني بما إذا لو حمل أحدهما وأخرج وصحن الدار والبيت الواحد إذا تفاحشا اتساعهما كالصحراء
- د - لو تباعدا كثيرا وتناديا وتبايعا صح البيع إجماعا ويثبت الخيار ما داما في مجلس العقد وموضعهما وبه قال جماعة من الشافعية ومقال الجويني لا خيار هنا لان التفرق الطارئ
قاطع للخيار فالمقارن يمنع ثبوته وليس بشئ - ه‍ - لو فارق أحدهما موضعه وبقى الآخر بطل خيار الأول قطعا وفي الثاني للجويني احتمالان سقوط خياره وهو الأقوى عندي
لتحقق معنى الافتراق فإنه يحصل بقيام أحدهما عن مكانه وعدمه بل يدوم إلى أن يفارق مكانه وليس بشئ وكذا لو هرب أحدهما خاصة سواء فعل ذلك حيلة في لزوم العقد أو لا
وسواء كانا عالمين بالحكم أو بالتفريق أو جاهلين بهما أو بالتفريق لتحقيق الافتراق في الجميع - و - لو مات أحد المتعاقدين في مجلس العقد احتمل سقوط الخيار ولأنه يسقط بمفارقة
المكان فبمفارقة الدنيا أولي وعدمه لانتفاء افتراق الأبدان فيثبت للوارث ما دام الميت والآخر في المجلس أو الاخر والوارث على احتمال كخيار الشرط والعيب وللشافعي قولان
كالاحتمالين لأنه قال في المختصر في البيع أن الخيار لوارثه وقال في المكاتب إذا باع ولم يتفرقا حتى مات المكاتب وجب البيع واختلف أصحابه في القولين على ثلاثة طرق أظهرها أنه
قولان لزوم البيع وعدم لزومه بل يثبت الخيار للوارث وللسيد والثاني القطع بثبوت الخيار للوارث والسيد والثالث ثبوته في الوارث دون السيد والفرق إن الوارث
خليفة المورث فيقوم مقامه في الخيار والسيد ليس خليفة للمكاتب بل يأخذ بحق الملك وعلى هذا العبد المأذون إذا باع أو اشترى ومات في المجلس يجيئ فيه الخلاف وقد عرفت
517

ما عندنا فيه ولو مات الوكيل بالشراء في المجلس انتقل الخيار إلى الموكل هذا إذا فرعنا على أن الاعتبار بحبس الوكيل في الابتداء وهو الوجه عند الشافعية ولهم آخران الاعتبار
بمجلس الموكل - ز - إذا قلنا بلزوم البيع إنقطع خيار الميت وأما الحي فإن جعلنا الموت تفريقا وأسقطنا الخيار للمقيم بعد مفارقة صاحبه سقط هنا أيضا وللشافعية قول إنه
لا يسقط حتى يفارق ذلك المجلس وقال الجويني تفريعا على هذا القول إنه يلزم العقد من الجانبين لان الخيار لا يتبعض في السقوط كما في الثبوت - ح - إن قلنا بثبوت الخيار
للوارث فإن كان حاضرا في المجلس امتد الخيار بينه وبين العاقد الاخر حتى يتفرقا أو تخايرا ويحتمل أن يمتد الخيار بينه وبين الآخر ما دام الميت والاخر في المجلس وإن كان غايبا
فله الخيار إذا وصل الخبر إليه ثم هو على الفور أو يمتد بامتداد مجلس بلوغ الخبر إليه للشافعية وجهان الفور لان المجلس قد انقضى وإنما أثبتنا له الخيار لئلا يبطل حقا كان للمورث
وعدمه لان الوارث خليفة المورث فيثبت له على ما يثبت للموروث والأول عندي أقرب وهذان الوجهان عند الشافعية كالوجهين في خيار الشرط إذا ورثه الوارث وكان
بلوغ الخبر إليه بعد انقضاء مدة الخيار ففي وجه هو على الفور وفي آخر يدوم ويمتد ما كان يدوم للمورث لو لم يمتد هذا على قول الأكثر وقال بعضهم في كيفية ثبوت الخيار
للوارث وجهان نقلوهما في كيفية ثبوته للعاقد الباقي أحدهما أن له الخيار ما دام في مجلس العقد فإنه فارقه وبطل فعلى هذا يكون خيار الوارث الواحد في المجلس الذي
يشاهد فيه المبيع ليتأمل ويختار ما فيه الحظ والثاني أن خياره يتأخر إلى أن يجتمع من الوارث في مجلس فعلى هذا حينئذ يثبت الخيار للوارث - ط - لو تعدد الوارث فإن كانوا
حضورا في مجلس العقد فلهم الخيار التي أن يفارقوا العاقد الآخر ولا ينقطع الخيار بمفارقة بعضهم وهو أصح قولي الشافعية لأنه لم يحصل تمام الافتراق لانهم ينوبون
عن الميت جميعهم وكذا إذا بلغهم وهم في مجالسهم ففارقوا مجالسهم إلا واحدا لم يلزم العقد وإن كانوا غيبا عن المجلس فإن قلنا (في الوارث الواحد يثبت له الخيار في مجلس مشاهدة المبيع فلهم الخيار إذا اجتمعوا في مجلس واحد وإن قلنا صح) له الخيار إذا اجتمع مع العاقد فكذلك لهم
الخيار إذا اجتمعوا معه - ى - لو فسخ بعضهم وأجاز بعضهم فالأقوى انه ينفسخ في الكل كالمورث لو فسخ في حياته في البعض وأجاز في البعض وهو أصح وجهي الشافعية وفي
آخر إنه لا ينفسخ في شئ - يا - لو أكرها على التفرق وترك التخاير لم يسقط خيار المجلس وكان الخيار باقيا إلا أن يوجد منه ما يدل على الرضي باللزوم وهو أظهر الطريقين عند
الشافعية والثاني أن في انقطاعه وجهين كالقولين في صورة الموت وهذا أولي ببقاء الخيار لان إبطال حقه قهرا مع بقائه بعيد وكذا لو حمل أحد المتعاقدين و
أخرج عن المجلس مكرها ومنع من الفسخ بأن يسد فوه مثلا ولو لم يمنع من الفسخ فطريقان للشافعية أظهرهما أن في انقطاع الخيار وجهين أحدهما ينقطع وبه قال أبو إسحاق
لان سكوته عن الفسخ مع القدرة رضا بالامضاء وأصحهما إنه لا ينقطع لأنه مكره في المفارقة فكأنه لا مفارقة والسكوت عن الفسخ لا يبطل الخيار كما في المجلس والثاني القطع
بالانقطاع فإن قلنا به إنقطع خيار الماكث أيضا وإلا فله التصرف بالفسخ والإجازة وإذا وجد التمكن وهل هو على الفور فيه ما سبق من الخلاف فإن قلنا بعدم الفور
وكان مستقرا حين زايله للاكراه في مجلس امتد الخيار بامتداد ذلك المجلس وإن كان مارا فإذا فارق في مروره مكان التمكن إنقطع خياره وليس عليه الانقلاب إلى
مجلس العقد ليجتمع مع العاقد الآخر إن طال الزمان وإن لم يطل ففيه احتمال عند الجويني وإذا لم يبطل خيار الماكث أيضا إن منع من الخروج معه وإن لم يمنع
بطل لحصول التفرق باختياره إذ لا يشترط فيه مفارقة كل منهما المجلس بل يكفي مفارقة أحدهما وبقاء الاخر فيه باختياره وهو أصح وجهي الشافعية - يب - لو ضربا حتى
تفرقا بأنفسهما فالأقرب عدم انقطاع الخيار لأنه نوع إكراه وللشافعي قولان ولو هرب أحدهما ولم يتبعه الاخر مع التمكن بطل خيارهما وإن لم يتمكن بطل خيار الهارب خاصة
وفي بطلان خيار الآخر وجهان للشافعية والأقرب عندي البطلان إن كان الهرب اختيارا لان باختياره فارقه ولا يقف إفتراقهما على تراضيهما جميعا لأنه لما سكت
عن الفسخ وفارقه صاحبه لزم - يج - لو جن أحد المتعاقدين أو أغمي عليه قبل التفرق لم ينقطع الخيار لكن يقوم وليه أو الحاكم مقامه فيفعل ما فيه مصلحته من الفسخ أو
الإجازة وهو أظهر وجهي الشافعية ولسهم آخر مخرج من الموت إنه ينقطع ولو فارق المجنون مجلس العقد قال الجويني يجوز أن يقال لا ينقطع الخيار لان التصرف انقلب
إلى القيم عليه وعورض بأنه لو كان كذلك لكان الجنون كالموت ولو خرس أحدهما قبل التفرق فإن كان له إشارة مفهومة قامت مقام لفظه وإن لم يكن له إشارة
مفهومة ولا خط كان حكمه حكم المغمى عليه ينوب عنه الحاكم - يد - لو جاءا مصطحبين وتنازعا في التفرق بعد البيع فادعاه أحدهما وإن البيع قد لزم وأنكر الاخر قدم قول
المنكر مع اليمين لأصالة دوام الاجتماع وهو أحد قولي الشافعية وفي الاخر يبنى على الظاهر فإن قصرت المدة قدم قول المنكر مع اليمين وإن طالت قدم قول المدعى
لندور الاجتماع المدة الطويلة فمدعيه يدعى خلاف الظاهر فيقدم قول مدعي الفسخ بالتفرق بناء على الظاهر ولو اتفقا على التفرق وقال أحدهما فسخت قبله أو نكر
الاخر قدم قوله مع اليمين لان الأصل عدم الفسخ وهو أحد قولي الشافعي وفي الاخر يقدم قول مدعى الفسخ لأنه أعرف بتصرفه وليس شيئا ولو اتفقا على عدم
التفرق وادعى أحدهما الفسخ احتمل أن يكون دعواه فسخا - يه - لو اشترى الوكيل أو باع أو تعاقد الوكيلان فالأقرب تعلق الخيار بهما وبالموكلين جميعا في المجلس
وإلا فبالوكيلين فلو مات الوكيل في المجلس والموكل غائب انتقل الخيار إليه لان ملكه أقوى من ملك الوارث وللشافعية قولان أحدهما أن الخيار يتعلق بالموكل
والثاني إنه يتعلق بالوكيل. فروع التخاير - آ - لو قال أحد المتعاقدين اخترت إمضاء العقد سقط خياره قطعا لرضاه بالتزام البيع ولا يسقط خيار الآخر عملا بأصالة
الاستصحاب السالم عن معارضة الاسقاط وكما في خيار الشرط إذا أسقط أحدهما الخيار يبقى خيار الآخر وهو أحد وجهي الشافعية في الاخر إنه يسقط أيضا لان هذا الخيار
لا يتبعض في الثبوت ولا يتبعض في السقوط وهو ممنوع لان اشتراط الخيار لأحدهما دون الآخر سايغ فجاز الافتراق في الاسقاط - ب - لو قال أحدهما للآخر إختر أو خير تك فقال
الآخر اخترت إمضاء العقد إنقطع خيارهما معا وإن اختار الفسخ انفسخ وإن سكت ولم يخير إمضاء العقد ولا فسخه فهو على خياره لم يسقط وأما الذي خيره فإنه يسقط خياره
لأنه جعل له ما ملك من الخيار فسقط خياره لأنه جعله لغيره وهو أظهر قولي الشافعية وفي الثاني لا يسقط لأنه خيره فإذا لم يخير لم يسقط بذلك حق المخير كما أن الزوج إذا
خير زوجته فسكتت ولم تختر لم يسقط بذلك حقه كذا هنا والفرق إنه ملك الزوجة ما لا يملك فإذا لم تتقبل سقط وهنا كل واحد منهما يملك الخيار فلم يكن قوله تمليكا له
وإنما كان إسقاطا لحقه من الخيار وسقط ويدل عليه قوله (ع) أو يقول أحدهما لصاحبه إختر فإنه يقضى إنه إذا قال لصاحبه إختر لا يكون الخيار لكل واحد منهما كما في قوله ما لم
يتفرقا هذا إذا قصد بقوله اختر تمليك الخيار لصاحبه ويسقط حقه منه وهو لم يقصد لم يسقط خياره سواء اختار الاخر أو سكت والموت كالسكوت فلو قال له إختر و
قصد التمليك ثم مات القائل سقط خياره ولو مات المأمور فكسكوته - ج - لو اختار أحدهما الامضاء والاخر الفسخ قدم الفسخ على الإجازة إذ لا يمكن الجمع بينهما ولا انتفاؤها
لاشتماله الجمع بين النقيضين فتعين تقديم أحدهما لكن الذي اختار الامضاء قد دخل في عقد ينفسخ باختيار صاحبه الفسخ ورضى به فلا أثر لرضاه به لازما بعد
ذلك - د - لو تقابضا العوضين في المجلس ثم تبايعا العوضين معا ثانيا صح البيع الثاني لأنه صادف الملك وهو رضا منهما بالأول وهو المشهور عند الشافعية
وعند بعضهم إنه يبنى على أن الخيار هل يمنع انتقال الملك إن قلنا يمنع لم يصح - ه‍ - لو تقابضا في عقد الصرف ثم أجازا في المجلس لزم العقد وإن أجازاه قبل التقابض
518

فكذلك وعليهما التقابض فإن تفرقا قبله انفسخ العقد ثم إن تفرقا عن تراض لم يحكم بعصيانهما فإن إنفرد أحدهما بالمفارقة عصى وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني
إن الإجازة قبل التقابض لاغية لان القبض متعلق بالمجلس وهو باق فيبقى حكمه في الخيار. البحث الثاني. في خيار الحيوان مسألة. إذا كان المبيع حيوانا
يثبت الخيار فيه للمشترى خاصة ثلاثة أيام من حين العقد على رأى فله الفسخ والامضاء مدة ثلاثة أيام عند علمائنا أجمع خلافا للجمهور كافة لنا الأخبار المتواترة عن أهل
البيت (على) بذلك وهم أعرف بالأحكام حيث هم مظانها ومهبط الوحي وملازموا الرسول صلى الله عليه وآله قال الصادق (ع) الشرط في الحيوان كله ثلاثة أيام
للمشترى وهو بالخيار اشترط أو لم يشترط ولان العيب في الحيوان قد يثبت خفيا غالبا وفي الثلاثة يختبر ويظهر أثره فوجب أن يكون مشروعا دفعا للضرر ولأنه يثبت في الشاة
المصراة فكذا في غيرها لان المناط هو ظهور العيب الخفى ولان الحيوان يغتذى ويأكل في حالتي صحة وسقمه ويتحول طبعه قل ما ينفك عن عيب خفى أو ظاهر فيحتاج إلى إثبات الخيار
ليندفع عنه هذا المحذور مسألة. هذا الخيار وخيار المجلس يثبتان بأصل الشرع وسواء شرطاه في العقد أو أطلقا أما لو شرط السقوط فإنه يسقط إجماعا لعموم
قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم إذا ثبت هذا فإنما يثبت الخيار للمشترى لو لم يتصرف في الحيوان في الثلاثة فإن تصرف فيه سقط خياره إجماعا لأنه دليل على الرضا (ع)
به ولقول الصادق (ع) فإن أحدث المشترى حدثا قبل ثلاثة أيام فذلك رضا منه فلا شرط له قيل وما الحدث قال إن لامس أو قبل أو نظر منها إلى ما يحرم عليه قبل
الشراء ولا فرق بين أن يكون التصرف لازما كالبيع أو غير لازم كالهبة قبل القبض والوصية فإنه بأجمعه مسقط للخيار. مسألة. وكما يسقط هذا الخيار بالتصرف
كيف كان فكذا يسقط باشتراط سقوطه في العقد وكذا بالتزامه واختيار الامضاء بعد العقد ولا يسقط بالرضا بالعيب الموجود في الحيوان ولا بالتبري من عهدة
العيب الحادث في الثلاثة وكذا لا يسقط خيار العيب باسقاط خيار الثلاثة نعم لو أسقط خيار الثلاثة سقط خيار العيب المتجدد فيها وكان من ضمان المشترى. مسألة
وهذا الخيار يثبت للمشترى خاصة عند أكثر علمائنا وقال المرتضى (ره) يثبت للبايع أيضا لنا الأصل لزوم العقد خرج عنه جانب المشترى نظرا له لخفاء العيب فإن عيوب
الحيوانات أكثرها باطنة لا تظهر له إلا بالاختيار والتراخي والتروي المفتقر إلى طول الزمان أما البايع فإنه المالك وقل أن يخفى عليه جودة حيوانه وعيب الثمن ظاهر في الحال
ولان الصادق (ع) قال الشرط في الحيوان كله ثلاثة أيام للمشترى والتخصيص بالوصف يدل على نفى الحكم عما عداه احتج السيد المرتضى (ره) بقول الصادق (ع) المتبايعان
بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان وفيما سوى ذلك من بيع حتى يفترقا والجواب ثبوته للمشترى يدل على ثبوته للمجموع ولا يدل على ثبوته للاخر وأيضا يحمل على ما إذا كان الثمن حيوانا
إما في ثمن حيوان آخر أو في ثوب أو غيرهما جمعا بين الأدلة ولوجود المقتضى لثبوت الخيار للمشترى وهو خفاء عيب الحيوان فإذا كان الثمن حيوانا كان المقتضى
لثبوت الخيار فيه متحققا ولا يثبت إلا للبايع ويؤيده قول الباقر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله المتبايعان بالخيار حتى يفترقا وصاحب الحيوان ثلث وهو عام في البايع
والمشترى فعلى هذا لو باع حيوانا بحيوان يثبت الخيار لهما معا وعلى ما اخترناه يكون الخيار للمشترى خاصة ولو كان الثمن حيوانا والمثمن ثوبا فلا خيار أما للمشترى فلانه
لم يشتر حيوانا وأما البايع فلانه ليس بمشتر والحديث إنما يقتضى ثبوته للمشترى خاصة. البحث الثالث في خيار الشرط. مسألة. لا خلاف بين
العلماء في جواز اشتراط الخيار في البيع للأصل ولقوله تعالى " أوفوا بالعقود " فإذا وقع على شرط سايغ وجب الوفاء لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وإنما اختلفوا في أنه
مقدر أم لا فمن قدره اختلفوا في مدة تقديره فالذي عليه علماؤنا أجمع إنه لا يتقدر في أصل الشرع بقدر معين بل يجوز أن يشترط خيارا مهما أراد من الزمان طال أو
قصر بشرط ضبطه بما لا يحتمل الزيادة والنقصان كاليوم والشهر والسنة والسنتين المعدودة المعينة المضبوطة ابتداء وانتهاء وبه قال أبو يوسف ومحمد وأحمد بن
حنبل للعمومات السابقة وقول الصادق (ع) المؤمنون عند شروطهم إلا كل شرط خالف كتاب الله عز وجل فلا يجوز وسئل الصادق (ع) عن رجل مسلم احتاج إلى بيع داره فجاء إلى
أخيه فقال أبيعك داري هذه ويكون لك أحب إلى من أن يكون لغيرك على أن يشترط لي إن أنا جئتك بثمنها إلى سنة أن يرد على فقال لا بأس بهذا إن جاء بثمنها إلى سنة ردها عليه
قلت فإنها كانت فيها غلة كثيرة فأخذ الغلة لمن يكون الغلة قال الغلة للمشترى ألا ترى إنها لو احترقت لكانت من ماله ولأنه لا فرق بين المدة القليلة والكثيرة فإذا جاز في
القليلة جاز في الكثيرة بل هي أولي لان الخيار جعل إرفاقا بالمتعاقدين فإذا زادت المدة كان الارفاق المطلوب حصوله في نظر الشرع أزيد ولأنها مدة ملحقة بالعقد فكانت
إلى تقدير المتعاقدين وقال الشافعي لا يجوز اشتراط مدة في العقد تزيد على ثلاثة أيام وبه قال أبو حنيفة لقول عمر ما أحل لكم أو سع مما جعل رسول الله صلى الله عليه وآله لحنان بن سعد
جعل له عهدة ثلاثة أيام إن رضي أخذ وإن سخط ترك وعن ابن عمر إن حنان بن سعد أصابته أمة في رأسه فكان يخدع في البيع فقال صلى الله عليه وآله إذا بايعت فقل لا خلا به وجعل له الخيار
ثلاثة أيام وقوله لا خلا به عبارة في الشرع عن اشتراط الخيار ثلاثا إذا اطلقاها عالمين بمعناها كان كالتصريح بالاشتراط ولان الخيار غرر ينافي في مقتضى العقد وإنما جوز
لموضع الحاجة فجاز القليل منه الذي تدعوا الحاجة إليه في الغالب وآخر حد القلة الثلاثة لقول تعالى " فيأخذكم عذاب قريب " ثم قال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام وأجاز رسول الله صلى الله عليه وآله
للمهاجر أن يقيم بمكة بعد قضاء مناسكه ثلاثا وقال مالك يجوز في ذلك قدر ما يحتاج إليه فإن كان البيع من الفواكه التي لا يبقى أكثر من يوم جاز الخيار فيها يوما واحدا
وإن كان ضيعة لا يمكنه أن يصل إليها إلا في أيام جاز الخيار أكثر من ثلاث لان الخيار إنما يثبت للحاجة إليه فجاز حسب الحاجة والجواب لا عبرة بتحريم عمر فإنه ليس أهلا لان يحلل
أو يحرم وجعل رسول الله (ص) لحنان بن سعد عهدة ثلاثة أيام لا يدل على المنع عن الزائد ولو كان الخيار مشتملا على غرر لما ساغ التقدير بثلاثة أيام وإذا كان الضابط الحاجة
وجب أن يتقدر بقدرها كما قاله المالك والغالب الحاجة إلى الزيادة على الثلاثة ولما كانت الحاجة تختلف باختلاف
الاشخاص وأحوالهم وجب الضبط بما يعرفه المتعاقدان
من المدة التي يحتاجان إليها. مسألة. وإنما يصح شرط الخيار وإذا كان مضبوطا محروسا من الزيادة والنقصان وأن يذكر في متن العقد فلو جعل الخيار إلى مقدم
الحاج أو إدراك الغلاة أو ابتاع الثمار أو حصاد الزرع أو دخول القوافل أو زيادة الماء أو نقصانه أو نزول الغيث أو انقطاعه بطل العقد لان للأجل قسطا من الثمن فيؤدى
جهالته إلى جهالة العوض ويؤدى إلى الغرر المنهى عنه ولو ذكرا مثل هذا الخيار ثم اسقطاه بعد العقد أو اختار الامضاء لم ينقلب صحيحا لأنه وقع فاسدا فلا عبرة به و
الأصل بقاء الملك على بايعه ولم يوجد مزيل عنه فبقى على حاله وإذا ذكر أجلا مضبوطا قبل العقد أو بعده لم يعتد به لأن العقد وقع منجزا فلا يؤثر فيه السابق و
اللاحق وإنما يعتد بالشرط لو وقع في متن العقد بين الايجاب والقبول فيقول مثلا بعتك كذا بكذا ولى الخيار مدة كذا فيقول اشتريت. مسألة. إذا اشترطا مدة
معينة أكثر من ثلاثة أيام في العقد صح على ما بيناه وقال الشافعي بناء على أصله يبطل العقد فإن أسقطا ما زاد على الثلاث في مدة الخيار لم يحكم بصحة العقد وبه قال زفر لأنه عقد
وقع فاسدا فلا يصح حتى يبتدأ كما لو باع درهما بدرهمين وأسقطا درهما وقال أبو حنيفة يصح العقد بإسقاط ذلك لان المفسد ما زاد على الثلاث فإذا أسقطه وجب أن
يصح العقد والدليل على جواز إسقاطه إنه خيار مشروط في العقد فإذا أسقطاه في الثلاث سقط كاليوم الثالث وهو ممنوع لأن العقد غير قايم بينهما والخيار لم يثبت فيسقط
519

بخلاف الثالث لأنه يثبت فصح إسقاطه بخلاف ما زاد عليه فإنه لم يثبت. مسألة. إذا اشترى شيئا بشرط الخيار ولم يسم وقتا ولا أجلا بل أطلقه بطل البيع وبه قال
الشافعي للجهالة المتضمنة لجهالة العوض وللشيخ (ره) قول إنه يصح البيع ويكون له الخيار ثلاثة أيام ولا خيار له بعد ذلك وهو محمول على إرادة خيار الحيوان وقال أبو حنيفة
البيع فاسد فإن أجازه في الثلاثة جاز عنده خاصة وإن لم يجز حتى مضت الثلاثة بطل البيع وقال أبو يوسف ومحمد له أن يخير بعد الثلاثة وقال مالك إن لم يجعل للخيار
وقتا جاز وجعل له من الخيار مثل ما يكون في تلك السلعة وقال الحسن بن صالح بن حي إذا لم يعين أجل الخيار كان له الخيار أبدا. مسألة قد ذكرنا أنه إذا قرن الخيار
بمدة مجهولة بطل البيع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما تقدم ولأنها مدة ملحقة بالعقد فلا يجوز مع الجهالة كالأجل وقال ابن أبي ليلى الشرط باطل والبيع صحيح لان عايشة
اشترت بريرة وشرط مواليها أن يجعل ولائها لهم فأجاز النبي صلى الله عليه وآله البيع ورد الشرط وهذا يدل على أن الشرط الفاسد لا يفسد العقد وقال ابن شبرمة الشرط والبيع صحيحان
وهو ظاهر ما روى عن أحمد لما رواه جابر قال إن النبي صلى الله عليه وآله ابتاع منى بعيرا بمكة فلما أنقدني الثمن شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة فأجاز النبي صلى الله عليه وآله الشرط والبيع فكذلك
ساير الشروط وقال مالك البيع صحيح ويضرب له من الاجل ما يختبر في مثله في العادة لان ذلك متقرر في العادة فإن أطلقا حمل عليه والجواب أن حديث عايشة قضية في
عين ويحتمل أن يكون الشرط قد وقع قبل العقد أو بعده فلا يكون معتبرا وقد روى أنه امرها أن تشترى وتشترط الولاء ليبين فساده بيانا عاما وخبر جابر نقول موجبه
لأنه شرط بعد العقد ونقد الثمن لدلالة كلامه عليه وذلك غير مانع من صحة العقد السابق سلمنا لكن شرط الحمل إلى المدينة معلوم فجاز اشتراطه في العقد وليس محل النزاع
والعادة المقدرة ممنوعة إذ لا عادة مضبوطة هنا لأنه إنما شرط نادرا. مسألة. قال الشيخ (ره) إذا قال بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث فإن نقدتني الثمن إلى
ثلاث وإلا فلا بيع بيننا صح البيع وبه قال أبو حنيفة ويكون في ذلك إثبات الخيار للمشترى وحده قال أبو حنيفة ولو قال البايع بعتك على أنى إن رددت الثمن بعد ثلاثة
فلا بيع بيننا صح ويكون في ذلك إثبات الخيار للبايع وحده لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم ولأنه نوع بيع فجاز أن ينفسخ بتأخر القبض كالصرف وقال الشافعي إن ذلك
ليس بشرط خيار بل شرط فاسد يفسد العقد لأنه علق العقد على حظر فلا يصح كما لو علقه بقدوم زيد ولان عقده لا يتعلق فكذا فسخه لا يقال ينتقض بالنكاح لأنا.
نقول فسخه لا يتعلق بذلك بل إنما يتعلق الطلاق وليس بفسخ ويفارق الصرف لان القبض واجب فيه بالشرع وهنا بخلافه ونحن في ذلك من المتوقفين. مسألة
يجوز اشتراط أقل من الثلاثة عندنا وعند الباقين خلافا لمالك لأنه يجوز عندنا أكثر من ثلاثة وعند الباقين يجوز ثلاثة فالناقص أولي أما مالك فإنه اعتبر الحاجة فإنها
إن دعت إلى شهر أو أزيد جاز شرطه وإن كان المبيع مما يسارع إليه الفساد أو يعرف حاله بالنظر إليه ساعة أو يوما لم يجز الزيادة وقالت الشافعية فيما لو كان المبيع مما يسرع
إليه الفساد عادة ولو شرط الثلث هل يبطل البيع أو يصح ويباع عند الاشراف على الفساد ويقام ثمنه مقامه وجهان. مسألة. روى الجمهور إن حنان بن سعد أصابته
أمة في رأسه فكان يخدع في البيع فقال له النبي صلى الله عليه وآله إذا بعت فقل لا خلا به فجعل له الخيار ثلاثا وفي رواية وجعل له بذلك خيار ثلاثة أيام وفي رواية قل لا خلا به ولك
الخيار ثلاثا وهذه الروايات مسطورة في كتب فقههم دون مشهورات كتب أحاديثهم وهذه الكلمة في الشرع عبارة عن اشتراط الخيار ثلاثا إذا أطلقاها عالمين بمعناها
(كان بمنزلة التصريح صح) باشتراط الثلاثة وإن كانا جاهلين لم يثبت الخيار وإن علم البايع دون المشترى للشافعية فيه وجهان أحدهما لا يثبت لعدم التراضي وهو لا يعلمه فلا يلزمه والثاني
يثبت للخبر ولا يعذر في جهله كما إذا كان محجورا عليه لزمه حكم الحجر وإن كان جاهلا والأقرب أن يقول إذا قال البايع بعتك كذا بكذا أو لا خلا به وقصد إثبات الخيار ثلاثا
لنفسه وكان المشترى عالما يثبت الخيار وإلا فلا. مسألة. إذا اشترط الخيار مدة معينة واطلقا مبدأها قال الشيخ (ره) المبدأ انقضاء خيار المجلس بالتفرق
لا من حين العقد وهو أحد قولي الشافعية لأنه لو جعل مبدأ العقد لزم اجتماع الخيارين وهما مثلان والمثلان يمتنع اجتماعهما ولان الشارط يبغي بالشرط إثبات ما
لولا الشرط لما ثبت وخيار المجلس ثابت وإن لم يوجد الشرط فيكون المقصود ما بعده وأجيب بأن الخيار واحد له جهتان المجلس والشرط ولا بعد فيه كما إنه قد يجتمع خيار
المجلس والعيب ولو نزل الشرط على ما بعد المجلس لزم الجهل بالشرط لان وقت التفرق مجهول وأجيب بأن جهالة المجلس كجهالة العقد لان لهما فيه الزيادة والنقصان
فكانت المدة بعده كالعقد والأقرب أن المبدأ من حين العقد لأنها مدة ملحقة بالعقد فكان ابتداؤها من حين العقد كالأجل لا من حين التفرق ولا خروج الثلاثة
(في الحيوان صح). فروع: - آ - إذا شرطا مدة التسليم الثمن فابتداؤها من حين العقد وللشافعية وجهان أحدهما إن جعلنا الخيار من وقت العقد فالأجل أولي والثاني من حين
التصرف والفرق إن الاجل لا يثبت إلا بالشرط فالنظر فيه إلى وقت الشرط والخيار قد يثبت من غير شرط فمقصود الشرط إثبات ما لولاه لما ثبت وأيضا فإن الاجل
وإن شارك الخيار في منع المطالبة بالثمن لكن يخالفه من وجوه واجتماع المختلفين ممكن - ب - إذا قلنا إن المبدأ هو العقد كما اخترناه فلو انقضت المدة وهما
مصطحبان إنقطع خيار الشرط بانقضاء مدته وبقى خيار المجلس وإن تفرقا والمدة باقية فالحكم بالعكس وإن قلنا المبدأ التفرق كما قاله الشيخ فإذا تفرقا إنقطع خيار المجلس
واستؤنف خيار الشرط - ج - إن قلنا إن ابتداء المدة من حين العقد فشرطا أن يكون ابتداؤها من حين التفرق لم يصح لأنه يجعله مجهولا ويقتضي زيادة على الثلاثة
وهو ممنوع عند الشافعية وإن قلنا ابتداؤها من حين التفرق فشرطا أن يكون ابتداؤه من حين العقد صح عندنا وهو أحد قولي الشافعية لان ابتداء المدة معلومة
ولم يزد به على الثلاثة بل نقص فجاز كما لو شرط يومين والثاني لا يصح لأنهما شرطا الخيار في المجلس والخيار فيه ثابت بالشرع فلم يصح اشتراطه وهو ممنوع فإنه يصح اشتراط القبض
وغيره من مقتضيات العقد - د - لو قلنا بأن مبدأ المدة العقد وأسقطا الخيار مطلقا قبل التفرق سقط الخياران خيار المجلس والشرط وإن قلنا بالتفرق سقط
خيار المجلس دون خيار الشرط لأنه غير ثابت (بعد صح) وهو أصح وجهي الشافعية مسألة. الأقرب عندي إنه لا يشترط اتصال مدة شرط الخيار بالعقد فلو شرط خيار ثلاثة
أو أزيد من آخر الشهر صح العقد والشرط عملا بالأصل وبقوله (ع) المسلمون عند شروطهم ولأنه عقد تضمن شرطا لا يخالف الكتاب والسنة فيجب الوفاء به لقوله تعالى " أوفوا
بالعقود " وقال الشافعي لا يجوز لأنه إذا تراخت المدة عن العقد لزم وإذا لزم لم يعد جايزا وهو ممنوع فإن خيار الرؤية لم يثبت قبلها وكذا الخيار بعد الثلاثة لعدم التسليم. فروع
- آ - لو قال بعتك ولى الخيار عشرة أيام مثلا وأطلق اقتضى اتصال المدة بالعقد للعرف - ب - لو قال عشرة أيام متى شئت بطل للجهالة - ج - لو شرط خيار الغد دون اليوم
صح عندنا على ما تقدم خلافا للشافعية - د - لو شرط خيار ثلاثة أيام ثم أسقط اليوم الأول سقط خاصة وبقى الخيار في الآخرين وقال الشافعي يسقط الكل. مسألة
إذا تبايعا وشرطا الخيار إلى الليل لم يدخل الليل في الشرط وكذا لو تبايعا وشرطا الخيار إلى النهار لم يدخل النهار وبه قال الشافعي لان الغاية جعلت فاصلة بين ما قبلها وما
بعدها تحقيقا للغاية فلو دخل ما بعدها في حكم ما قبلها لم يكن غاية ولأنها مدة ملحقة بالعقد فلا يدخل حدها في محدودها كالأجل وقال أبو حنيفة يدخل
الليل والنهار معا إذا كانا غايتين لان إلى قد تستعمل للغاية وبمعنى مع كإلى المرافق فإذا شرط الخيار لم ينتقل الملك فلا ينتقل بالشك ونمنع استعمالها
520

بمعنى من حقيقة لأنها للحد حقيقة (فلا يكون حقيقة صح) في غيرها دفعا للاشتراك والاستعمال لا يدل عليه والمجاز أولي من الاشتراك على أن البيع يوجب الملك وإنما الشرط منع
وما لم يتحقق عنه وجب إنفاذ حكم العقد وقال أبو حنيفة ولو شرط الخيار إلى الزوال أو إلى وقت العصر اتصل إلى الليل وليس بجيد. تذنيب لو شرطا الخيار
إلى وقت طلوع الشمس من الغد صح لأنه وقت معلوم محروس من الزيادة والنقصان ولو شرطا إلى طلوعها من الغد قال الزهري لا يصح لان طلوع الشمس مجهول لان
السماء قد تتغيم فلا تطلع الشمس وهو خطأ فإن التغيم إنما يمنع من الاشراق واتصال الشعاع لا من الطلوع ولو شرطاه إلى الغروب أو إلى وقته جاز قولا واحدا لان الغروب
سقوط القرص ولا مانع لها من ذلك كما يمنع الغيم من طلوعها والتحقيق عدم الفرق لان الطلوع ثابت في الأول لكنه قد يخفى وكذا الغروب قد يخفى. مسألة
يجوز جعل خيار الشرط لكل واحد من المتعاقدين أو لأحدهما دون الآخر وإن شرط أحدهما الأكثر والآخر الأقل لأنه شرع للارفاق بهما فكيف ما تراضيا به جاز ولدلالة حديث
حنان بن سعد على أنه جعل للمشترى الخيار ولم يفرق أحد بينه وبين البايع وهل يجوز جعل الخيار للأجنبي ذهب علماؤنا أجمع إلى جوازه وإنه يصح البيع والشرط وبه قال أبو حنيفة
ومالك واحمد والشافعي في أصح القولين لأنه خيار يثبت بالشرط للحاجة وقد تدعوا الحاجة إلى شرطه (للأجنبي صح) لكونه أعرف بحال المعقود عليه ولان الخيار إلى شرطهما لأنه يصح أن
يشترطاه لأحدهما دون الآخر فكذلك صح أن يشترطاه للأجنبي وللشافعي قول إنه لا يصح ويبطل البيع والشرط معا لأنه خيار يثبت في العقد فلا يجوز شرطه لغير المتعاقدين
كخيار الرد بالعيب والفرق أن خيار العيب يثبت لا من جهة الشرط بخلاف المتنازع. فروع: - آ - إذا شرط الخيار للأجنبي صح سواء جعله وكيلا في الخيار أو لا وقال أبو
حنيفة إذا شرطه لأجنبي صح وكان الأجنبي وكيلا للذي شرطه وللشافعي قول ثالث إنه إن جعل فلانا وكيلا له في الخيار صح وإن لم يجعله وكيلا لم يصح وما تقدم يبطله - ب -
لو جعل المتعاقدان خيار الشرط للموكل الذي وقع العقد له صح قولا واحدا لأنه المشترى أو البايع في الحقيقة والوكيل نايب عنه - ج - لا فرق في التسويغ بين أن يشترطا أو أحدهما
الخيار لشخص واحد وبين أن يشترط هذا الخيار لواحد وهذا الخيار لآخر وكذا عند الشافعي لا فرق بينهما على القولين وكذا يجوز أن يجعلا شرط الخيار لهما ولأجنبي أو اثنين
أو جماعة ولأحدهما مع الأجنبي - د - لو شرط لفلان لم يكن للشارط خيار بل كان لمن جعله خاصة وهو أحد قولي الشافعي تفريعا على الجواز وفي الاخر إنه يكون له وللآخر
ويكون الآخر وكيلا له وبه قال أبو حنيفة واحمد لأنه نائب عنه في الاختيار فإذا أثبت للنائب فثبوته للمنوب أولي وليس بجيد اقتصار على الشرط كما لو شرطاه لأحدهما لم يكن
للاخر شئ وكما لو شرطاه لأجنبي دونهما - ه‍ - قال محمد بن الحسن في جامعه الصغير قال أبو حنيفة لو قال بعتك على أن الخيار لفلان كان الخيار له ولفلان قال أبو العباس جملة
الفقه في هذا أنه إذا باعه وشرط الخيار لفلان نظرت فإن جعل فلانا وكيلا له في الامضاء والرد صح قولا واحدا وإن اطلق الخيار لفلان أو قال لفلان دوني فعلى القولين الصحة
وعدمها وبه قال المزني - و - لو شرطا الخيار للأجنبي دونهما صح البيع والشرط عندنا ويثبت الخيار للأجنبي خاصة عملا بالشرط وهو أحد قولي الشافعي وعلى الثاني إنه لا يختص
بالأجنبي بل يكون للشارط أيضا لا يصح هذا الشرط ولا يختص بالأجنبي - ز - لو شرط الخيار لأجنبي كان له خاصة دون العاقد فإن مات الأجنبي في زمن الخيار يثبت له لان
الحق والرفق له في الحقيقة وهو أصح وجهي الشافعية على تقدير اختصاص الأجنبي بالخيار - ح - لو شرطا الخيار لأحدهما وللأجنبي أو لهما وللأجنبي فلكل واحد منهما الاستقلال
بالفسخ عملا بمقتضى الشرط ولو فسخ أحدهما وأجاز الآخر فالفسخ أولي - ط - لو باع عبدا وشرط الخيار للعبد صح البيع والشرط معا عندنا وهو أحد قولي الشافعي لان العبد بمنزلة
الأجنبي - ى - لا فرق بين جعل الخيار لاحد المتعاقدين وللأجني في اشتراط ضبط مدته وهو أصح قولي الشافعية لأنه مع عدم الضبط يتطرق الجهالة إلى المبيع والثاني
إنه يصح مع جهالة المدة في حق الأجنبي خاصة لأنه يجرى مجرى خيار الرؤية فلا يتوقف والصحيح عندهم الأول. مسألة. إذا اشترى شيئا أو باع بشرط أن يستأمر فلانا
صح عندنا لأنه شرط سايغ يتعلق به غرض العقلاء فيندرج تحت قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وهو أحد قولي الشافعي بناء على أنه يصح شرط خيار للأجنبي والثاني المنع
على ما تقدم إذا تقرر هذا فإنه ليس للشارط أن يفسخ حتى يستأمر فلانا ويأمره بالرد لأنه جعل الخيار له دون العاقد وهو أحد قولي الشافعي والثاني إنه يجوز له الرد من غير
أن يستأمر وذكر الاستيمار احتياطا والمعتد الأول. فروع - آ - لابد من ضبط مدة الاستيمار لان الجهالة فيه
توجب تطرقها إلى العقد وهو أحد قولي الشافعي و
الثاني إنه لا يشترط ضبطه بل يجوز من غير تحديد كما في خيار الرؤية وإذا قلنا لابد من تحديده لم ينحصر في مدة معينة بل يجوز اشتراط ما أراد من الزمان قل أو كثر بشرط ضبطه
وهو أحد قولي الشافعية كخيار الرؤية والثاني إنه لا يزيد على ثلاثة أيام كخيار الشرط وقد أبطلنا ذلك فيما تقدم - ب - يجوز للوكيل أن يشترط الخيار للموكل لأنه يجوز جعله للأجنبي
فللموكل أولي وهو أظهر وجهي الشافعية لان ذلك لا يضره وهل له شرط الخيار لنفسه عندنا يجوز ذلك لأنه يجوز في الأجنبي ففي الوكيل أولي وهو أحد وجهي الشافعية و
الثاني ليس له ذلك - ج - للوكيل أن يجعل شرط الخيار لغيره ولغير موكله حسب ما يقتضيه مصلحة الموكل فلوكيل البيع شرط الخيار للمشترى ولوكيل الشراء شرط الخيار للبايع و
منع الشافعي من ذلك وأبطل البيع وليس بجيد - د - لو شرط الخيار لنفسه أو أذن له الموكل فيه صريحا ثبت له الخيار ولا يفعل إلا ما فيه الحظ للموكل لأنه مؤتمن وكذا للأجنبي لو جعل
الخيار له وفرق الشافعي بينهما فلم يوجب على الأجنبي رعاية الحظ وليس بجيد لان جعل الخيار له ائتمان له وهل يثبت الخيار للموكل في هذه الصورة مع ثبوته للوكيل الوجه لا اقتصارا
بالشرط على مورده وللشافعي وجهان وحكى الجويني فيما إذا أطلق الوكيل شرط الخيار بالاذن المطلق من الموكل ثلاثة أوجه إن الخيار يثبت للوكيل أو للموكل اولهما وقد عرفت
مذهبنا فيه. مسألة. يشترط تعيين محل الخيار المشترط وتعيين مستحقه فلو باعه عبدين وشرط الخيار في أحدهما لا بعينه لم يصح الشرط ولا العقد لأنه خيار مجهول
المحل وغرر فيكون منفيا ويقدر بمنزلة ما لو باعه أحدهما لا بعينه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يجوز في العبدين والثوبين والثلاثة ولا يجوز في الأربعة فيما زاد وليس
بشئ لما بينا ولو شرط في أحدهما بعينه صح البيع والشرط معا للأصل وعموم وأحل الله البيع والمسلمون عند شروطهم وهو أحد قولي الشافعي ويثبت لكل مبيع حكمه فيثبت
الخيار فيما شرطه فيه الخيار يكون الآخر خاليا عن الخيار وفي القول الآخر لا يصح لأنه جمع بين عينين مختلفي الحكم بعقد واحد وبطلانه ممنوع كما لو جمع بين بيع وصرف أو بيع وإجارة
ولو شرط لاحد المتعاقدين لا بعينه أو بأحد الرجلين لا بعينه بطل البيع والشرط ولو شرط الخيار يوما في أحد العيدين بعينه ويومين في الآخر صح عندنا وللشافعي قولان
مسألة. بيع الخيار جايز عندنا وهو أن يبيعه شيئا عقارا أو غيره ويشترط البايع الخيار لنفسه سنة أو أقل أو أكثر إن جاء بالثمن الذي قبضه من المشترى ورده إليه
كان أحق بالمبيع وإن خرجت المدة ولم يأت بالثمن سقط خياره ووجب البيع للمشترى للأصل وعموم قوله تعالى " إلا أن يكون تجارة عن تراض منكم " وقوله تعالى " وأحل الله البيع " وقوله (ع)
المسلمون عند شروطهم وقول الباقر (ع) إن بعت رجلا على شرط إن أتاك بمالك وإلا فالبيع لك وغيره من الأحاديث وقد سبق أما الجمهور فإنه لا يصح إلا عند من جوز
شرط الخيار والخلاف في تقديره بالثلاثة الأيام كما تقدم. مسألة. إذا شرط الخيار ثلاثة أيام أو أزيد على مذهبنا ثم مضت المدة ولم يفسخا ولا أجازا تم العقد ولزم
وبه قال الشافعي لان شرط الخيار في المدة منع من لزوم العقد تلك المدة فإذا انقضت ثبت موجب العقد كالأجل في الدين إذا انقضى ثبت الدين لزوال المانع
521

ولان تركه للفسخ حتى يتعدى الاجل رضي منه بالعقد فلزمه وقال مالك لا يلزمه بمضي المدة لان بيده الخيار ضربت لحق له لا لحق عليه فلا يلزمه الحكم بنفس مرور الزمان
كمضى المدة في حق المولى والفرق إن تقدم المدة ليست سببا لايقاع الطلاق بخلاف المتنازع. مسألة. لو باع عبدين وشرط الخيار فيهما صح عندنا وعند الجمهور فإن أراد
الفسخ في أحدهما خاصة فالأقرب أن يقول إن شرط فيهما على الجمع والتفريق صح وكان له الفسخ في أحدهما خاصة وإن لم يشترط على الجمع والتفريق بل اشتراهما صفقة واحدة
وأطلق شرط الخيار لم يكن له التفريق لأنه عيب فلا يجوز له رد المبيع معيبا والشافعي بناه على قولي تفريق الصفقة في الرد بالعيب ولو
اشترى اثنان من واحد بستانا صفقة واحدة بشرط فإن جعله على الجمع والتفريق كان لأحدهما الفسخ وإن لم يفسخ صاحبه وإن لم يجعله كذلك فإشكال أقربه إن له ذلك
أيضا وبه قال الشافعي لأنه بجعل الخيار قد سلطه على الرد في نصيبه كما في الرد بالعيب والأصل عندنا ممنوع على ما يأتي ولو شرط الخيار لأحدهما دون الآخر صح البيع والشرط
وهو أصح قولي الشافعي وفي الثاني يبطلان معا. مسألة. إذا شرطا الخيار فأراد أحدهما فسخ العقد كان له ذلك سواء حضر صاحبه أو لم يحضر وبه قال الشافعي وأبو يوسف
وزفر وأحمد بن حنبل لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضي شخص فلم يفتقر إلى حضوره كالطلاق ولقول الصادق (ع) إن أمير المؤمنين (ع) قضى في رجل اشترى ثوبا بشرط إلى
نصف النهار فعرض له ربح فأراد بيعه قال ليشهد إنه رضيه واستوجبه ثم ليبعه إن شاء فإن أقامه في السوق ولم يبيع فقد وجب عليه ولا فرق بين الالزام والفسخ ولان
الفسخ أحد طرفي الخيار فلا يتوقف على حضور المتعاقدين (كالامضاء وقال أبو حنيفة ليس له الفسخ إلا لحضور صاحبه وبه قال محمد لأن العقد يعلق به كل واحد من المتعاقدين صح) فلم يكن لأحدهما فسخه بغير حضور الاخر كالوديعة وينقض بما إذا وطى الجارية في مدة الخيار بغير حضور
صاحبه والوديعة لاحق للمودع فيها ويصح فسخها من غيبته إذا عرفت هذا فإن هذا الفسخ لا يفتقر إلى الحاكم لأنه فسخ متفق على ثبوته فلا يفتقر إلى الحاكم وقال أبو حنيفة
تفتقر كالعنة والفرق ظاهر لان الفسخ بالعنة مختلف فيه ونقل الشيخ عن أبي حنيفة ومحمد أنه إذا اختار الفسخ في البيع مدة خياره لم يصح إلا بحضور صاحبه وإذا كان حاضرا
لم يفتقر إلى رضاه والفسخ بخيار الشرط إن كان بعد القبض فلا فسخ إلا بتراضيهما أو حكم الحاكم. تذنيب إذا شرطا الخيار مدة لهما أو لأحدهما ثم التزما البيع
قبل انقضاء المدة جاز للحديث السابق عن أمير المؤمنين (ع) ولأنه حقه أسقطه فسقط كالدين وخيار المجلس ولو شرطا الخيار لأجنبي فإن قلنا إنه وكيل لمن شرط له
الخيار فالأقرب أن له الاسقاط مع المصلحة ولو أراد الموكل الاسقاط أو اختار الامضاء أو الفسخ أو الصبر فالامر إليه وإن قلنا إنه مالك للخيار فالأقرب إن له الاسقاط
مطلقا ولا دخل لمن جعل له الخيار فيه مسألة. الأقرب عندي دخول خيار الشرط في كل عقد معاوضة خلافا للجمهور على تفصيل فالسلم يدخله خيار الشرط
وكذا الصرف على إشكال فيه للعموم وقال الشافعي لا يدخلهما خيار الشرط وإن دخلهما خيار المجلس لان عقدهما يفتقر إلى التقابض في المجلس فلا يحتمل التأجيل والمقصد
من اشتراط القبض أن يتفرقا ولا علقة بينهما تحرزا من الربا أو من بيع الكالي بالكالي ولو أثبتنا الخيار لبقيت العلقة بينهما بعد التفرق ونمنع الملازمة والصلح
يصح دخول خيار الشرط فيه للعموم وبه قال الشافعي إن كان بيعا كصلح المعاوضة وإن كان هبة وحطيطة لم يدخله خيار الشرط وإن اشتمل على الإجارة كان يصالح مدعي
العين على السكنى سنة لم يدخله خيار الشرط والوجه دخول الشرط في جميع ذلك والرهن يدخله خيار الشرط للعموم وقال الشافعي لا يدخله والحوالة يصح فيها خيار الشرط و
الشافعي لا يدخلها والضمان يصح دخول خيار الشرط فيه للعموم وقال الشافعي لا يدخل وأما الوكالة والعارية
والقراض والشركة والوديعة والجعالة فقال الشيخ لا يمنع
دخول الشرط فيها وقال الشافعي لا يدخلها ولا بأس به لأنها عقود جايزة لكل منهما فسخها سواء كان هناك شرط خيار أو لا فلا معنى لدخوله والشفعة لا يدخلها خيار
الشرط لأنها لا يقف على التراضي والمساقاة والإجارة المعينة قال الشيخ يدخلها خيار الشرط وهو جيد للعموم ومنع الشافعي من دخوله فيها لأنهما عقد على منفعة
يتلف بمضي الزمان ومن شرط المساقاة أن يكون مدته معلومة عقيب العقد وأما الإجارة في الذمة كان يستأجره ليبنى له حايطا أو ليخيط له ثوبا فقال الشيخ بدخول
خيار الشرط فيها للعموم واختلفت الشافعية فقال أبو إسحاق وابن حمران لا يدخلها خيار الشرط ولا المجلس لان الإجارة عقد على ما لم يخلق فقد دخلها الغرر
فلا يدخلها بالخيار غرر آخر وقال الإصطخري يدخلها الخياران لان مضي المدة لا ينقص من المعقود عليه شيئا وقال آخرون منهم لا يدخلها خيار الشرط ويدخل
خيار المجلس لقلة الغرر في خيار المجلس وكثرته في خيار الشرط والوقف لا يدخله خيار الشرط لأنه إزالة ملك على وجه القربة إلى غير ملك فأشبه العتق وأما الهبة المقبوضة
فإن كانت لأجنبي غير معوض عنها ولا قصد بها القربة ولا تصرف المتهب يجوز للواهب الرجوع فيها وإن اختل أحد القيود لزمت وهل يدخلها خيار الشرط الأقرب
ذلك وقال الشافعي إنها قبل القبض غير لازمة وإذا قبض وقلنا لا تقضى الثواب لم يثبت فيها خيار وإن قلنا يقتضى الثواب قال أبو حامد في ثبوت الخيارين وجهان
أحدهما إنهما يثبتان لأنهما بمنزلة البيع والثاني لا يثبتان لان لفظ الهبة لفظ الارفاق فلم يثبت بمقتضاه الخيار وقال أبو الطيب لا يدخل خيار الشرط وفي خيار
المجلس وجهان والوصية لا يثبت فيها الخياران لأنه بالخيار إلى أن يموت والنكاح لا يثبت فيه الخياران لأنه لا يقصد فيه العوض فإن شرطه بطل العقد وإن شرط الخيار في
الصداق وحده صح للعموم وللشافعي قولان عدم الدخول لأنه أحد عوضي النكاح فإذا لم يثبت في أحدهما لم يثبت في الآخر والدخول والخلع لا يدخل فيه خيار الشرط
وبه قال الشافعي لان القصد منه الفرقة دون المال فأشبه النكاح والسبق والرمي قال الشيخ لا يمنع دخول خيار الشرط فيه لأنه لا مانع منه وللشافعي قولان مبنيان على أنهما إجارة
أو جعالة وأما القسمة فإن خيار الشرط يدخلها سواء اشتملت على رد أو لا لعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وقال الشافعي إن كان فيها رد فهي بيع يدخلها الخياران
وإن لم يكن فيها رد فإن كان القاسم الحاكم فلا خيار ولأنها قسمة إجبار وإن كان الشريكان فإن قلنا إنها افراز وتمييز فلا خيار وإن قلنا بيع ثبت فيها الخياران والعتق
لا يثبت فيه خيار لأنه إسقاط حق وكذا التدبير لأنه عتق معلق على شرطه ولأنه جايز للمولى الرجوع فيه متى شاء وأما الكتابة فقال الشيخ إن كانت مشروطة لم يثبت للمولى
خيار المجلس ولا يمتنع خيار الشرط لعموم تسويغه والعبد له الخياران معا له أن يفسخ أو يعجز نفسه فينفسخ العقد وإن كانت مطلقة فإن أدى من مكاتبة شيئا فقد انعتق
بحسابه ولا خيار لواحد منهما مجال وفي ثبوت الخيار للعبد عندي نظر وقال الشافعي لا خيار للسيد فيهما لأنه دخل على وجه القربة ويتحقق الغبن لأنه باع ماله بما له
وأما العبد فله الخيار أبدا لأن العقد جايز من جهته وفيه نظر. تذنيب لا يصح اشتراط الخيار في شراء ما يستعقب العتق كشراء القريب وشراء العبد نفسه إن سوغناه
لأنه مناف لمقتضاه. البحث الرابع. في خيار الغبن. مسألة الغبن سبب ثبوت الخيار للمغبون عند علمائنا وبه قال مالك واحمد لقوله (ع) لا ضرر ولا ضرار
في الاسلام ولقوله تعالى " إلا أن يكون تجارة عن تراض منكم " ومعلوم أن المغبون لو عرف الحال لم يرض ولان النبي صلى الله عليه وآله أثبت الخيار في تلقى الركبان وإنما أثبته للغبن وكذلك أيضا
ثبت الخيار بالعيب وذلك لحصول الغبن فكذا هنا وقال أبو حنيفة والشافعي لا يثبت للمغبون خيار بحال لان النبي صلى الله عليه وآله لم يثبت لحنان بن سعد الخيار بالغبن ولكن أرشده
إلى شرطه الخيار ليتداول عند الحاجة ولان نقص قيمة السلعة مع سلامتها لا يمنع لزوم العقد كالغبن اليسير والجواب إن إرشاده (ع) اشتراط الخيار لا ينافي ثبوت طريق آخر له
522

لان إثبات الخيار أنفع له الفسخ مع الغبن القليل الكثير والعيب وعدمه بخلاف الغبن فلما كان أعم نفعا أرشده (ع) إليه والغبن اليسير لا يعده الناس عيبا فلا عبرة به. مسألة
وإنما يثبت الغبن بشرطين الأول عدم العلم بالقيمة وقت العقد سواء أمكنه أن يعرف القيمة بالتوقيف أو لا فلو عرف المغبون القيمة ثم زاد أو نقص مع علمه فلا غبن ولا
خيار له إجماعا لأنه ادخل الضرر على نفسه الثاني الزيادة أو النقيصة الفاحشة التي لا يتغابن الناس بمثلها وقت العقد فلو باعه بعشرين وهو يساوى تسعة عشرا واحد و
عشرون فلا خيار لجريان مثل هذا التغابن دائما بين الناس وعدم ضبط الأثمان الموازنة للمثمنات لعسره جدا فلم يعتد بالخارج عنه قلة أو كثرة مع القلة أما لو باعه بعشرين
وهو يساوى أربعين أو عشرة فإن الغبن هنا يثبت قطعا مع جهله بالقيمة وإنما تؤثر الزيادة الفاحشة والنقيصة الفاحشة في تزلزل العقد وثبوت الخيار فيه لو
تبينا وقت العقد ولو كانتا بعده لم يعتقد بهما إجماعا وقال احمد إن كان المشترى مسترسلا غير عارف بالمبيع وهو ممن لو توقف لعرفه لم يثبت له الخيار لان من يعرف السلعة
أو يمكنه أن يتعرفها فلم يفعل جعل كأنه رضي بالغبن وصار بمنزلة العالم بالعيب وهو ممنوع. مسألة. لما لم يقدر الشارع للغبن جدا عرفه إنه قد أحال الناس فيه إلى العادات
جريا على القاعدة المعهودة عند الشرع من رد الناس إلى العرف بينهم فيما لم ينص فيه على شئ إذا تقرر هذا فلا تقدير للغبن عندنا بل الضابط ما قلناه من أن ما لا يتغابن
الناس بمثله يثبت معه الخيار وما يتغابن (الناس صح) بمثله لا يثبت فيه خيار وقال مالك إن كان الغبن الثلث لم يثبت الخيار وإن كان أكثر من الثلث ثبت الخيار وهو تخمين لم
يشهد له أصل في الشرع. مسألة. وإنما يثبت الخيار للمغبون خاصة دون الغابن إجماعا لان المقتضى لثبوت الخيار وهو التضرر بعدمه إنما يتحقق في طرف
المغبون فيختص بالحكم ويثبت بالخيار بين الفسخ والامضاء مجانا ولا يثبت به الأرش إجماعا ولو دفع الغابن التفاوت احتمل سقوط خيار المغبون لانتفاء موجبه
وهو النقص وعدمه لأنه يثبت له فلا يزول عنه إلا بسبب شرعي ولم يثبت ولا يسقط هذا الخيار بتصرف المغبون لأصالة الاستصحاب إلا أن يخرج عن الملك ببيع وعتق
وشبهه لعدم التمكن من إستدراكه وكذا لو منع مانع من الرد كاستيلاد الأمة ووقفها وكتابتها اللازمة ولا يثبت الأرش هنا أيضا لأصالة البراءة. البحث الخامس
في خيار التأخير مسألة. من باع شيئا ولم يسلمه إلى المشترى ولا قبض الثمن ولا شرط تأخير الثمن ولو ساعة لزمه البيع ثلاثة أيام فإن جاءه المشترى بالثمن في هذه
الثلاثة فهو أحق بالعين ولا خيار للبايع وإن مضت الثلاثة ولم يأت بالثمن تخير البايع بين فسخ العقد (والصبر صح) والمطالبة بالثمن عند علمائنا أجمع لان الصبر أبدا مضر بالبايع
وقد قال (ع) لا ضرر ولا ضرار فوجب ان يضرب له أجل يتمكن فيه من التخلص من الضرر فضرب له الثلاثة كالحيوان ولقول الكاظم (ع) وقد سئل عن الرجل يبيع البيع
فلا يقبضه صاحبه ولا يقبض الثمن قال الاجل بينهما ثلاثة أيام فإن قبض بيعه وإلا فلا بيع بينهما وسأل زرارة الباقر (ع) قلت الرجل يشترى من الرجل
المتاع ثم يدعه عنده ويقول حتى آتيك بثمنه قال إن جاء فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له وخالف العامة في ذلك كافة ولم يثبتوا للبايع خيارا للانتقال
بالعقد وسقوط حق البايع من العين وانتقال حقه إلى الثمن وهو ممنوع. مسألة. لو كان المبيع مما يسرع إليه الفساد كالفواكه وشبهها مما يفسد ليومه فالخيار فيه
إلى الليل لان الصبر أكثر من ذلك يؤدى إلى تضرر المشترى لو أبقيت السلعة وطولب بالثمن وإلى تضرر البايع ولو لم يطالب وما روى عن الصادق أو الكاظم (على)
في الرجل يشترى الشئ الذي يفسد من يومه ويتركه حتى يأتيه بالثمن قال إن جاء ما بينه وبين الليل بالثمن وإلا فلا بيع له. تذنيب لو كان مما يصبر يومين
إحتمل أن يكون له الخيار إلى الليل وإلى اليومين عملا بأصالة العقد ولزومه. مسألة. لو قبض المشترى السلعة ولم يقبض البايع الثمن فلا خيار للبايع لان
ثبوت هذا الخيار على خلاف الأصل فيقصر في ثبوته على ما ورد به النص ويبقى ما عداه على الأصل من لزوم البيع ولان البيع تأكد بالقبض ولان البايع قد رضي
باللزوم حيث دفع المبيع إليه وكذا لو كان الثمن مؤجلا ولو لحظة سقط الخيار سواء تأخر عن الاجل المضروب سنة مثلا أو لا لما قلناه ولو قبض البايع بعض الثمن لم
يبطل الخيار لأنه يصدق عليه حينئذ إنه لم يقبض الثمن ولما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال اشتريت محملا وأعطيت بعض ثمنه وتركته عند صاحبه ثم احتسب أياما ثم جئت
إلى بايع المحمل لآخذه فقال قد بعته فضحكت ثم قلت لا والله ما أدعك وأقاضيك فقال لي ترضى بأبي بكر بن عياش قلت نعم فأتيناه فقصصنا عليه قصتنا فقال أبو بكر
يقول من يحب أن اقضي (بينكما صح) بقول صاحبك أو غيره قال قلت بقول صاحبي قال سمعته يقول من اشترى شيئا فجاء بالثمن ما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع له. فروع - آ -
لو قبض المشترى المبيع ثم دفعه وديعة عند بايعه أو رهنا حتى يأتي بالثمن فلا خيار للبايع لأنه بإقباضه رضي بلزوم البيع ويده الآن يد نيابة عن المشترى فكأنه في
يد المشترى - ب - لو مضى ثلاثة أيام فما زاد ولم يفسخ البايع البيع واحضر المشترى الثمن ومكنه منه سقط الخيار لزوال المقتضى لثبوته وهو التضرر بالتأخير - ج -
لو مضت ثلاثة (أيام صح) ثم طالب البايع المشترى بالثمن بعد ما فوعده به لم يسقط خيار البايع بالطلب لأنه حق ثبت شرعا فلا يسقط إلا بوجه شرعي - د - لو سلم البايع بعض
المبيع دون الباقي ثم مضت ثلاثة كان له الخيار في الجميع بين الفسخ فيه والصبر لأنه يصدق عليه إنه لم يدفع المبيع وليس له فسخ البيع في غير المقبوض لان تفريق الصفقة
عيب - ه‍ - لو شرط تأخير بعض الثمن فاخر الباقي فلا خيار لان الثمن ليس حالا ويحتمل ثبوته بعد تأخير العقد ثلاثة أيام كالجميع وكذا لو شرط تأخير الثمن فأخره عن الاجل
فلا خيار. مسألة. لو هلك المتاع في مدة ثلاثة أيام الخيار هنا قال الشيخ من ضمان المشترى لأن المبيع انتقل إليه ولزم ووجب عليه دفع عوضه ولو هلك
بعدها قال يكون من مال البايع لان الخيار قد ثبت له فكأنه ملكه والمعتمد إنه يكون من ضمان البايع على التقديرين لقوله (ع) كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه.
والتقدير أن المشترى لم يقبض المبيع ولان عقبة بن خالد سأل الصادق (ع) في رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه غير أنه ترك المتاع عنده ولم يقبض قال آتيك غدا
إن شاء الله فسرق المتاع من مال من يكون قال من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتى يقبض المال ويخرجه من بيته فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى
يرد إليه ماله. البحث السادس. في خيار الرؤية. مسألة البيع على أقسام ثلاثة بيع عين شخصية حاضرة ولا خلاف في صحته مع المشاهدة أو الوصف
الرافع للجهالة وبدونها خلاف وبيع عين شخصية غايبه وبيع عين غير شخصية بل مضمونة كالسلم وشرط صحة بيع العين الشخصية الغائبة وصفها بما يرفع الجهالة
عند علمائنا أجمع وقد سبق الخلاف في ذلك ويجب في ذلك ويجب فيه ذكر اللفظ الدال على الجنس فيقول بعتك عبدي أو حنطتي دفعا للغرر وقال أبو حنيفة لا يشترط ذلك
بل لو باعه من في كمه من غير ذكر جنسه صح ويجب أيضا ذكر اللفظ الدال على المميز وذلك بذكر جميع الصفات التي يختلف الأثمان باختلافها ويتطرق الجهالة بترك بعضها
ولا يكفي ذكر الجنس عن الوصف خلافا للشافعي في أحد قوليه ولا يشترط الرؤية بل يكفي الوصف سواء البايع والمشترى في ذلك خلافا للشافعي فإنه تارة جوز
بيع المجهول وتارة لم يكتف بالوصف بل أوجب المشاهدة للبايع والمشترى وتارة أوجب مشاهدة البايع لسهولة دفع الغرر عنه فإنه المالك المتصرف في البيع
وتارة أوجب مشاهدة المشترى لان البايع معرض عن الملك والمشترى محصل له فهو أجدر بالاحتياط. مسألة. إذا وصفه ولم يجده المشترى على الوصف تخير
523

بين الفسخ والامضاء ولو وجده لبود؟ لم يكن له خيار أما لو وصفه وكيل البايع فوجده أجود كان الخيار للبايع ولو شاهد بعض الضيعة ووصف له الباقي ثم وجدها
على خلاف الأصل كان مخيرا بين الفسخ في الجميع والامضاء فيه لا في البعض. مسألة. بيع العين الشخصية الموصوفة جايز عندنا ويثبت الخيار لو لم يوجد على الوصف
على ما تقدم ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه من طريق الخاصة إنهم (على) سئلوا عن بيع الحرب الهروية فقالوا لا بأس به إذا
كان لها برنامج فإن وجدها كما ذكرت وإلا ردها وأراد بالبرنامج كتاب يذكر فيه صفات السلعة على الاستقصاء ولو وجد على الوصف فلا خيار لأصالة اللزوم وعدم
المقتضى لثبوته وقال الشافعي يثبت الخيار على كل حال. مسألة. قد بينا إنه لا بد من استقصاء الأوصاف من الغيبة كالسلم ولا يكفي ذكر الجنس ولا النوع ما لم يميزه
بكل وصف يتطرق الجهالة بتركه وتتفاوت القيمة بذكره لأنه (ع) نهى عن الغرر خلافا للشافعي وأبي حنيفة وغيرهما وإذا باع العين الغايبة على وجه الصحة إذا استقصى
الأوصاف عندنا ومطلقا عند الشافعي يكون له الخيار عند الرؤية وظهور خلاف الوصف ويجوز أن يوكل البصير غيره بالرؤية بالفسخ والإجارة على ما يستوصفه للأصل
كالتوكيل في خيار العيب وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني لا يجوز التوكيل لان هذا الخيار مربوط بإرادة من له الخيار لا تعلق له بفرض ولا وصف ظاهر فأشبه ما لو أسلم
الكافر على عشرة فليس له أن يوكل بالاختيار والقياس ممنوع وكذا حكم الأصل. مسألة. قد بينا إنه يجوز بيع الغائب مع الوصف الرافع للجهالة لا بدونه وللشافعي
قول بالجواز بدونه وعلى قوله هذا هل يجوز بيع الأعمى وشراؤه وجهان أظهرهما إنه لا يجوز أيضا لان الغايب يثبت فيه خيار الرؤية وهنا لا يمكن إثباته والثاني الجواز
ويقوم وصف غيره له مقام رؤيته كالإشارة القائمة مقام النظر للأخرس وبه قال مالك وأبو حنيفة واحمد وعلى قول الشافعي يمتنع بيع الأعمى وشراؤه ولا يصح منه
الإجارة والرهن والهبة وعندنا أن ذلك كله جايز منه وكذا له أن يكاتب عبده وفيه وجهان للشافعية على تقدير منع
البيع المنع كالبيع والجواز تغليبا لجانب العتق و
يجوز عندنا وعنده أن يواجر نفسه وأن يشترى نفسه وأن يقبل الكتابة على نفسه لأنه لا يجهل نفسه وإن ينكح وأن يزوج مواليه وبه قال الشافعي تفريعا على أن العمى غير
قادح في الولاية ولو باع سلما أو اشترى صح مع ضبط الوصف وللشافعي تفصيل إن كان قد عمى بعد سن التميز صح البيع لأنه يعتمد الأوصاف وهو يميز بين الألوان
ويعرف الأوصاف ثم يؤكل من يقبض عنه على الوصف المشروط وإن كان أكمه أو عمى قبل بلوغ سن التمييز فوجهان المنع لأنه لا يعرف الألوان ولا يميز بينها فلا يصح سلمه
والصحة كما اخترناه لأنه يعرف الصفات والألوان بالسماع ويتخيل الفرق بينها وكل ما لا يصح من الأعمى من التصرفات فسبيله أن يوكل به قال الشافعي للضرورة
تذنيب لو باعه ثوبا على خف نساج على أن ينسج له الباقي بطل لان بعضه بيع عين حاضرة بعضه في الذمة مجهول. البحث السابع. في خيار العيب وما
يتبعه. مسألة. الأصل في البيع من الأعيان والاشخاص السلامة عن العيوب والصحة فإذا أقدم المشترى على بذل ماله في مقابلة تلك العين فإنما بنى إقدامه على
غالب ظنه المستند إلى أصالة السلامة فإذا ظهر عيب سابق على العقد وجب أن يتمكن من التدارك وذلك بثبوت الخيار بين إمضاء البيع وفسخه إذا عرفت هذا
فإطلاق العقد أو شرط السلامة يقتضيان السلامة فإن ظهر عيب سابق كان للمشترى الخيار بين الفسخ والامضاء والأصل فيه ما رواه الجمهور إن رجلا اشترى
غلاما في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وكان عنده ما شاء الله ثم رده من عيب وجد به ومن طريق الخاصة قول أحدهما (على) في رجل يشترى الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا
قال إن كان الثوب قايما رده على صاحبه وأخذ الثمن وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب إذا ثبت هذا فالعيب هو الخروج عن المجرى الطبيعي
إما لزيادة أو نقصان موجب لنقص المالية كزيادة الإصبع ونقصانها. مسألة. التدليس بما يختلف الثمن بسببه يوجب الخيار وإن لم يكن عيبا كتحمير الوجه
ووصل الشعر والتصرية وأشباه ذلك لما فيه من الضرر الناشئ بفقد ما ظنه حاصلا وكذا لو شرط وصفا يتعلق به غرض معقول وإن كان ضده أجود في المالية فإن
الخيار يثبت لو لم يخرج على الوصف كما لو شرط العبد كاتبا أو خياطا أو فحلا أما لو شرط ما لا غرض للعقلاء فيه ولا تزيد به المالية فإنه لغو لا يوجب الخيار وسيأتى تفصيل ذلك
إن شاء الله تعالى. مسألة. إذا وجد المشترى بالمبيع عيبا سابقا على العقد ولم يحدث عنده عيب ولا تصرف فيه كان مخيرا بين فسخ البيع والامضاء بالأرش وبه قال احمد لأنه
ظهر على عيب لم يقف على محله فكان له المطالبة بالأرش كما لو حدث عنده عيب ولان الثمن في مقابلة السليم فإذا ظهر عيب كان قد فات جزء من المبيع فكان للمشترى
المطالبة بما يقابله من الثمن لان الأرش في الحقيقة جزء من الثمن وقال الشافعي لا يثبت له الأرش بل يتخير بين الرد والامساك بجميع الثمن لحديث المصراة فإن النبي صلى الله عليه وآله
جعل له الخيار بين الامساك من غير أرش أو الرد لأنه قال إن رضيتها أمسكها وإن سخطتها ردها فثبت إنه إذا أمسك لم يستحق شيئا ولأنه يملك رده فلم يكن له المطالبة
بجزء من الثمن كما لو كان الخيار بالشرط وحديث المصراة نقول بموجبه لان التصرية ليست عيبا وإن كانت تدليسا والأرش عندنا يثبت في العيب لا التدليس سلمنا لكنه (ع)
لم يسقط عنه الأرش كما لم يثبته على أن الحق الأول وخيار الشرط لا يوجب الأرش لعدم فوات جزء من العين. مسألة. لو تجدد العيب بعد القبض في يد المشترى من غير
تصرف فإن كان حيوانا كان من ضمان البايع إن تجدد في ثلاثة أيام الخيار وفي جذام الرقيق وبرصه وجنونه إن تجدد في السنة ما بين العقد وظهوره وإن كان غير
حيوان فلا ضمان على البايع وبه قال مالك لان النبي صلى الله عليه وآله جعل عهدة البيع ثلاثة أيام وإنه إجماع أهل المدينة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) إن حدث في الحيوان
قبل ثلاثة فهو من مال البايع ولان الحيوان قد يكون فيه العيوب ثم يظهر وأما عيوب السنة فقد وافقنا مالك عليها لان الرضا (ع) قال الخيار في الحيوان ثلاثة أيام للمشترى
وفي غير الحيوان أن يتفرقا وأحداث السنة يرد بعد السنة قلت وما أحداث السنة قال الجنون والجذام والبرص والقرن فمن اشترى وحدث فيه هذه الاحداث فالحكم أن
يرد على صاحبه إلى تمام السنة من يوم اشتراه وقال الشافعي إذا حدث العيب بعد القبض لم يثبت به الخيار مطلقا وبه قال أبو حنيفة لأنه عيب ظهر في يد المشترى فلا يثبت
به خيار كما لو كان بعد الثلاث أو السنة والجواب الفرق فإن امتداد الخيار دائما مما يضر البايع فلا بد من ضبطه لئلا يتضرر المشترى بإسقاطه. مسألة. لو تجدد العيب
بعد العقد وقبل القبض كان للمشترى رده لأنه مضمون في يد البايع فكما لو تلفت الجملة كانت من ضمانه كذا الأجزاء وكما إذا كان العيب موجودا حالة العقد وبه قال الشافعي
لأن المبيع في يد البايع مضمون بالثمن فكان النقص الموجود (فيه كالنقص الموجود صح) حالة العقد في إثبات الخيار وهل للمشترى الامساك مع الأرش منع الشيخ منه وقال ليس له مع اختيار الامساك الأرش
بل إما أن يرده أو يمسكه بجميع الثمن وبه قال الشافعي لأنه جعل هذا العيب بمنزلة الموجود فلا يثبت به أمران فإذا ثبت به الفسخ لم يثبت به الأرش وادعى الشيخ عدم الخلاف
والأقوى عندي ان للمشترى المطالبة بالأرش مع الامساك لأنه جزء من الثمن مقابل لما تلف قبل قبضه من المبيع فكان له المطالبة به كالجميع. مسألة. لو تراضى
البايع والمشترى على أخذ الأرش والامساك قال الشيخ يجوز وهو الحق عندنا لأنه يثبت من غير الصلح فمعه أولي واحتج الشيخ بعموم قوله (ع) الصلح جايز بين المسلمين إلا ما
أحل حراما أو حرم حلالا وهو أحد وجهي الشافعية وبه قال أبو حنيفة لأنه إذا تعذر الرد يثبت الأرش فجاز أن يثبت الأرش بتراضيهما كخيار ولى القصاص والثاني لا يجوز
524

لأنه خيار ثبت بفسخ البيع فلا يجوز التراضي به على مال كخيار المجلس والشرط وعلى تقدير الصحة يستحق الأرش ويسقط الرد وعلى التقدير عدمها لا يجب الأرش وفي سقوط الرد
له وجهان السقوط لان صلحه تضمن رضاه بالمبيع وعدمه وهو الصحيح عندهم لأنه رضي بالمبيع لحصول الأرش فإذا لم يثبت له لم يسقط خياره وهذان الوجهان عندهم في
خيار الشفعة إذا صالح عنه على عوض. مسألة. لو كان العيب بعد القبض لكن سببه سابق على العقد أو على القبض كما لو اشترى عبدا جانيا أو مرتدا أو محاربا فإن
قتل قبل القبض انفسخ البيع إجماعا وإن كان بعد القبض فإن كان المشترى جاهلا بحاله فله الأرش لان القبض سلطه على التصرف فيدخل المبيع في ضمانه وتعلق القتل
برقبته كعيب من العيوب فإذا هلك رجع على البايع بالأرش وهو نسبة ما بين قيمته مستحقا للقتل وغير مستحق من الثمن وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما إنه من ضمان
البايع وبه قال أبو حنيفة لان التلف حصل بسبب كان في يده فأشبه ما لو باع عبدا مغصوبا فأخذه المستحق فحينئذ يرجع المشترى عليه بجميع الثمن والأول أولي والفرق
بينه وبين المغصوب ظاهر وهو ثبوت الملك في المتنازع دون صورة النقض ويبتنى على الوجهين موته وتجهيزه من الكفن والدفن وغيرهما فعلى ما قلناه يكون على
المشترى وعلى ما قاله الشافعي وأبو حنيفة يكون على البايع ولو كان المشترى عالما بالحال أو تبين له بعد الشراء ولم يرد يرجع بشئ كما في غيره من العيوب وعلى قول الشافعي
وأبي حنيفة وجهان أحدهما أنه يرجع بجميع الثمن إتماما للتشبيه بالاستحقاق وأصحهما عند جمهور الشافعية إنه لا يرجع بشئ لدخوله في العقد على بصيرة أو إمساكه
مع العلم بحاله وليس هو كظهور الاستحقاق من كل وجه ولو كان كذلك لم يصح بيعه البتة وكذا لو اشترى عبدا وجب عليه القطع بسرقه أو قصاص فإنه يصح إجماعا بخلاف
صورة الجاني فإن فيه خلافا فإذا قبضه المشترى ثم قطع في يده فعلى ما اخترناه إذا كان المشترى جاهلا لم يكن له الرد لكون القطع من ضمانه بل يرجع بالأرش وهو مأتين
قيمته مستحقا للقطع وغير مستحق من الثمن وهو أحد قولي الشافعي وعلى الثاني له الرد واسترجاع جميع الثمن كما لو قطع في يد البايع ولو تعذر الرد بسبب فالنظر في الأرش
على هذا الوجه إلى التفاوت بين العبد السليم والاقطع وإن كان المشترى عالما فليس له الرد ولا الأرش. مسألة. يسقط الرد والأرش معا بعلم المشترى بالعيب
قبل العقد وكذا بعده بشرط إسقاطهما وتبرى البايع (من العيوب صح) حالة العقد مجملة أو مفصلة مع علمه بالعيب وجهله ويسقط الرد خاصة بتصرف المشترى في السلعة قبل العلم
بالعيب أو بعده أو حدوث عيب آخر عند المشترى من جهته أو من غير جهته إذا لم يكن حيوانا في مدة الخيار ويثبت له الأرش في هذه الصور خاصة ولو كان الحادث
قبل القبض لم يمنع الرد مطلقا لان علمه بالعيب ورضاه به دليل على انتفاء الغرر فيسقط الخيار وكذا إسقاط حكم العيب بعد العلم به وأما تبرى البايع من العيوب فإنه
مسقط للرد والأرش معا عند علمائنا أجمع سواء كان المبيع حيوانا أو لا وسواء علم البايع بالعيب أو لا (وسواء فصلها أو لا وسواء كان العيب باطنا أو لا صح) وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد أقواله لما رواه الجمهور عن
النبي صلى الله عليه وآله إنه قال المؤمنون عند شروطهم وعن أم سلمة إن رجلين اختصما في مواريث قد درست إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله استهما وتوخيا وليحل (ليحلل خ ل) أحدكما
صاحبه وهو يدل على أن البراءة من المجهول جائزة ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) المسلمون عند شروطهم إلا كل شرط خالف كتاب الله عز وجل فلا يجوز ولأنه إسقاط
حق فيصح في المجهول كالطلاق والعتاق ولان خيار العيب إنما يثبت لاقتضاء مطلق العقد السلامة فإذا صرح بالبراءة فقد ارتفع الاطلاق والقول الثاني للشافعي
إنه لا يبرئ البايع بالتبري من كل العيوب إلا من عيب واحد وهو العيب الباطن في الحيوان إذا لم يعلمه فأما إذا علمه أو كان ظاهرا علمه أو لم يعلمه أو كان بغير الحيوان فإنه لا يبرء
منه وبه قال مالك وهو الصحيح عندهم لان عبد الله بن عمر باع عبدا من زيد بن ثابت بشرط البراءة بمأتي درهم فأصاب به عيبا فأراد رده على ابن عمر فلم يقبله
فارتفعا إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر أتحلف إنك لم تعلم بهذا العيب فقال لا قدرة لي عليه فرده عليه فباعه ابن عمر بألف درهم ولم ينكر عليه أحد وفعل عثمان لا حجة
فيه والقول الثالث للشافعي إنه لا يبرأ البايع من شئ من العيوب البتة بالتبري وهو إحدى الروايتين عن أحمد لأنه خيار ثابت بالشرع فلا ينتفى بالشرط كساير مقتضيات
العقد ولان البراءة من جملة المرافق فلتكن معلومة كالرهن والكفيل والعيوب المطلقة مجهولة والكبري في الأول ممنوعة والفرق بين الرهن والكفيل وبين المتنازع
إن الحاجة تدعوا إليه هنا بخلاف الرهن والضمين وعن أحمد رواية أخرى إنه يبرأ من كل عيب لم يعلمه في الحيوان وغيره ولا يبرء من كل عيب يعلمه في الحيوان وغيره
لان كتمان المعلوم يلتبس ولبعض الشافعية طريقة أخرى عن الشافعي إنه يبرء في الحيوان من غير المعلوم دون المعلوم ولا يبرأ في غير الحيوان من المعلوم وفي غير المعلوم
قولان أثبت بعضهم طريقة رابعة وهي ثلاثة أقوال في الحيوان وغيره ثالثها الفرق بين المعلوم وغير المعلوم. فروع: - آ - لو قال بعتك بشرط أن لا ترد بالعيب جرى
فيه هذا الاختلاف وقال بعض الشافعية إنه فاسد قطعا يفسد العقد والأقرب أنه إن قصد إسقاط الخيار لزم البيع - ب - لو عين بعض العيوب وشرط البراءة عنه
صح وبرئ مما عينه وقال الشافعي إن كان العيب خفيا لا يشاهد مثل أن يشرط البراءة من الزنا والسرقة والاباق برئ منها إجماعا لان ذكرهما إعلام وإطلاع عليها
وإن كان مما يشاهد كالبرص فإن أراه قدره وموضعه برى أيضا وإن لم يره فهو كشرط البراءة مطلقا لتفاوت الأغراض باختلاف قدره وموضعه - ج - ما لا يعرفه البايع و
يريد البراءة عنه لو كان يصح البراءة على ما تقدم (وللشافعي ما تقدم صح) من الخلاف في الأقوال فعلى البطلان في العقد وجهان للشافعية البطلان كساير الشروط الفاسدة وأظهرهما
عندهم الصحة لاشتهار القصة المذكورة بين الصحابة في قضية ابن عمر ولأنه شرط يؤكد العقد ويوافق ظاهر الحال وهو السلامة عن العيوب وعلى الصحة فذلك في
العيوب الموجودة عند العقد أما الحادث بعده وقبل القبض فيجوز الرد به - د - لو شرط البراءة عن العيوب الكاينة والتي يحدث جاز عندنا عملا بالمؤمنون عند
شروطهم وللشافعية وجهان أصحهما عندهم إنه فاسد فإن أفرد ما يستحدث بالشرط فهو بالفساد أولي عندهم والأولى عندنا الصحة لا يقال التبري مما لم يوجد يستدعى
البراءة مما لم يجب وهو باطل لأنا نقول التبري إنما هو من الخيار الثابت بمقتضى العقد لا من العيب - ه‍ - ما مأكوله في جوفه من الجوز والبطيخ لو تبرأ من العيوب فيه صح عندنا
عملا بالشرط وهل يلحق بالحيوان عند الشافعية قولان أحدهما نعم فيجوز التبري من عيوبه الخفية الباطنة غير المعلومة والثاني هو الأشهر بينهم لا لتبدل أحوال
الحيوان فإنه يغتدى في الصحة والسقم فيتحول طباعه فالغالب فيه وجود العيب في باطنه فلهذا جوز التبري من عيوبه بخلاف البطيخ فإن الأكثر فيه السلامة وإذا شرط
البراءة صح فإن حدث عند البايع فيه عيب قبل القبض فإن عمم التبري من العيوب التي يدخل فيها المتجدد صح وإن خصص بالثابت لم يبرء وإن اطلق فالأقرب الانصراف
إلى الثابت حالة العقد وبه قال الشافعي وكذا لو عمم لم يدخل عنده لأنه إسقاط للحق قبل ثبوته وإبراء مما لا يجب عليه وقال أبو يوسف يبرأ منه لان الشرط أسقط ذلك
وقد وجد في حال سبب وجوب الحق فصار كما لو وجد بعد ثبوته - ز - ينبغي للبايع إعلام المشترى بالعيب إذا أراد المتبرى أو ذكر العيوب مفصلة والتبري منها لأنه أبعد من الغش
فإن أجمل البراءة من كل عيب صح ولزم على ما تقدم. مسألة. تصرف المشترى كيف كان يسقط الرد بالعيب السابق عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لان تصرفه فيه رضي
منه به على الاطلاق ولولا ذلك كان ينبغي له الصبر والثبات حتى يعلم حال صحته وعدمها ولقول الباقر (ع) أيما رجل اشترى شيئا وبه عيب أو عوار لم يتبرأ إليه أو لم يبرئ فأحدث
525

فيه بعد ما قبضه شيئا وعلم بذلك العوار وبذلك العيب إنه يمضى عليه البيع ويرد عليه بقدر ما ينقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك لو لم يكن به وقال الصادق (ع)
أيما رجل اشترى جارية فوقع عليها فوجد بها عيبا لم يردها ورد البايع عليه قيمة العيب وقال الشافعي لا يسقط
الرد للأصل وليس بشئ إذا ثبت هذا فإن الأرش لا يسقط
بتصرف المشترى سواء تصرف قبل العلم بالعيب أو بعده وليس تصرفه فيه مؤذنا برضاه مجانا نعم يدل على رضاه بترك الرد ولما تقدم من الأحاديث. مسألة. إذا اشترى
أمة ثيبا فوطئها قبل العلم بالعيب ثم علم به لم يكن له الرد بل الأرش خاصة وبه قال علي (ع) والزهري والثوري وأبو حنيفة لما تقدم ولقول الصادق (ع) في رجل اشترى جارية فوقع
عليها قال إن وجد بها عيبا فليس له أن يردها ولكن عليه بقدر ما نقصها العيب قال قلت هذا قول علي (ع) قال نعم ولان الوطي يجرى مجرى الجناية لأنه لا يخلو في ملك الغير من
عقوبة أو مال فوجب أن يمنع الرد كما لو كانت بكرا وقال الشافعي يردها ولا يرد معها شيئا وبه قال مالك وأبو ثور وعثمان البتي واحمد في إحدى الروايتين ورواه أبو علي
الطبري عن زيد بن ثابت لأنه معنى لا ينقص من عينها ولا من قيمتها فلا يتضمن الرضا بالعيب فلا يمنع الرد كوطئ الزوج والخدمة والجواب المنع من ثبوت الحكم في الأصل ومن
عدم النقص في القيمة وقال ابن أبي ليلى يردها ويرد معها مهر مثلها وهو مروى عن عمر لأنه إذا فسخ العقد صار واطيا في ملك البايع فلزمه المهر وهو باطل لان الرد بالعيب
فسخ العقد في الحال ولهذا لا يجب رد النماء ولا يبطل الشفعة فيكون وطؤه قد صادف ملكه فلا ضمان مسألة. ولو كانت الأمة بكرا فافتضها لم يكن له ردها بالعيب
السابق ويثبت له الأرش وبه قال الشافعي أيضا (أما عندنا صح) فلما مر من أن التصرف يمنع الرد وأما عند الشافعي فلان البكارة قد ذهبت وذلك نقصان من عينها كما لو اشترى
عبدا فخصاه ثم وجد به عيبا فإنه لا يرده وإن زادت قيمته بذلك النقصان عينه وكذا لو اشترى ذا إصبع زايدة فقطعها وقال مالك يردها ويرد أرش البكارة وهو إحدى
الروايتين عن أحمد بناء على أن العيب لا يمنع من الرد. مسألة. قد بينا أن التصرف من المشترى يمنع من الرد بالعيب السابق مطلقا إلا في صورتين أحدهما وطؤ المشترى الجارية
الحامل قبل البيع فإنه يردها ويرد معها نصف عشر قيمتها فلو تصرف في الحامل بالاستخدام وغيرها من العقود الناقلة وغيرها بدون الوطي أو معه لم يكن له الرد وكان له
الأرش ولو وطئ وكان العيب غير الحبل السابق لم يكن له الرد أيضا بل كان له الأرش فالضابط اختصاص العيب بالحبل أو التصرف بالوطي لان ابن سنان سأل الصادق (ع) عن رجل
اشترى جارية ولم يعلم بحبلها فوطئها قال يردها على الذي ابتاعها منه ويرد عليه نصف عشر قيمتها لنكاحه إياها وقد قال علي (ع) لا ترد التي ليست بحبلى إذا وطئها صاحبها
ويوضع عنه من ثمنها بقدر عيب كان فيها. فروع: - آ - نصف العشر يجب لو كانت ثيبا أما لو حملت البكر من السحق ثم اشتراها ووطئها بكرا ثم ظهر سبق الحمل على
البيع فإنه يردها أيضا والأقرب إنه يرد معها عشر قيمتها لان الشارع قد ضبط أرش البكارة بنصف العشر وعليه يحمل الرواية عن عبد الملك بن عمرو عن الصادق (ع)
يشترى الجارية وهي حبلى فيطأها قال يردها ويرد عشر ثمنها إذا كانت حبلى ويحتمل نصف العشر فعموم الأحاديث الشاملة للثيب والبكر ويحتمل عدم الرد لفوات جزء من
العين وهو البكارة وتعيب الجارية بذهاب العذرة وليس ذلك عيب الحبل - ب - لا فارق بين الوطي في القبل والدبر فإن له الرد فيهما ويرد معها نصف العشر لان الوطي في الدبر
مساو له في القبل في ايجاب جميع المهر - ج - لو وطئ البكر في الدبر ووجدها حاملا كان له الرد هنا قطعا لعدم الجناية بغير الوطي فيرد هنا نصف العشر لسلامه البكارة
الصورة الثانية. الشاة المصراة فإذا اشترى شاة وحلبها ثم وجدها مصراة كان له الرد بعد ثلاثة أيام وحلب اللبن منها فلو كان العيب غير التصرية أو كان
التصرف بغير الحلب سقط الرد والأرش لأنه ليس عيبا. مسألة. التصرية هي جمع اللبن في الضرع مشقة من الصرى وهو الجمع يقال صرى الماء في الحوض وكذا
قوله (ع) من ابتاع محفلة وهي أيضا من الجمع ولهذا سمى إجتماع الناس محافل فإذا جمع الرجل اللبن في الضرع ليبيعها ويدلس بذلك كثرة لبنها لم يجز لأنه غش فإذا باع
مصراة ثم ظهر المشترى على تصريتها ثبت له الخيار بين الرد والامساك وبه قال عبد الله بن مسعود وابن عمر وأبو هريرة وأنس والشافعي ومالك والليث وابن أبي
ليلى واحمد وإسحاق وأبو يوسف وزفر لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تصروا الإبل والغنم للبيع فمن ابتاعها بعد ذلك فهو مجيز النظرين بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها و
صاعا من تمر وقال أبو حنيفة لا يثبت بذلك خيار لان نقصان اللبن ليس بعيب وهذا لو وجدها ناقصة اللبن عن أمثالها لم يثبت الخيار له والتدليس بعيب لا يثبت
الخيار كما لو أعلفها حتى انتفخ جوفها فظنها المشترى حاملا ويبطل بالخبر وإنه تدليس بما يختلف الثمن لاختلافه فوجب به الرد كما لو كانت شمطا فسود شعرها وما ذكره
يبطل أيضا ببياض الشعر فإنه ليس بعيب ككبر السن إذا دلس بتسويده وانتفاخ البطن لا ينحصر في الحبل فقد يكون لكثرة الأكل والشرب فلا معنى لحمله على الحمل إذا ثبت هذا
فإن التصرية تدليس يوجب الخيار عندنا وليست عيبا وقال الشافعي إنها عيب ومنعهما معا أبو حنيفة. مسألة. وتختبر التصرية بثلاثة أيام ويمتد الخيار بامتدادها
كما في الحيوانات للخبر ولان الشارع وضع هذه الثلاثة لمعرفة التصرية فإنه لا يعرف ذلك قبل مضيها لجواز استناد كثرة اللبن إلى الأمكنة فإنها يتغير أو إلى اختلاف العلف
فإذا مضت ثلاثة أيام ظهر ذلك ويثبت له الخيار حينئذ على الفور ولا يثبت الخيار بالتصرية قبل انقضائها بها لعدم العلم بالتصرية وإن ثبت خيار الحيوان وهو قول أبي إسحاق
من الشافعية وقال أبو علي بن أبي هريرة منهم مدة الثلاثة المذكورة في الخبر إنما يثبت بشرطه ولا يثبت بالتصرية فإذا استبان ثبت له الخيار فيها إلى تمامها كما اخترناه
نحن وذكر القاضي أبو حامد في جامعه إن الشافعي نص عليه في اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى. فروع: - آ - لو عرف التصرية قبل ثلاثة أيام بإقرار البايع أو بشهادة الشهود ثبت
له خيار إلى تمام الثلاثة أيام لأنه كغيره من الحيوان أما لو أسقط خيار الحيوان فإن خيار التصرية لا يسقط وهل يمتد إلى الثلاثة أو يكون على الفور إشكال وللشافعية وجهان
- ب - ابتداء هذه الثلاثة من حين العقد لا من حين التفرق كما قلنا في خيار المجلس وللشافعية وجهان - ج - لو عرف التصرية في آخر الثلاثة أو بعدها فالأقرب ثبوت الخيار
لأنه عيب سابق والتنصيص على الثلاثة بناء على الغالب وهو قول بعض الشافعية القائلين بامتداد الخيار إلى ثلاثة لامتناع مجاوزة الثلاثة كما في خيار الشرط وعلى القول
الثاني ثبت على الفور - د - لو علم أنها مصراة فاشتراها كذلك فلا خيار له لاقدامه على العيب وانتفاء التدليس في طرفه فلا وجه لثبوت الخيار كما في غيرها من العيوب وهو
أحد قولي الشافعية والثاني يثبت له الخيار لظاهر الخبر ولان انقطاع اللبن لم يوجد قد يبقى على حاله فلم يجعل ذلك رضي به كما إذا تزوجت بعنين ثم طالب بالفسخ ثبت
لجواز أن لا يكون عنينا عليها وليس بشئ والأصل ممنوع. مسألة. ويثبت التصرية في الشاة إجماعا والأقرب ثبوتها في البقرة والناقة وبه قال الشافعي وغيره ممن أثبت الخيار
إلا داود لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تصروا الإبل والغنم وفي رواية من باع محفلة ولم يفصل ولأنه تدليس بتصريته فأشبه الإبل والغنم وقال داود يثبت التصرية في الشاة والناقة
دون البقرة لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا تصروا الإبل والغنم ولم يذكر البقرة وينتقص بالخبر الآخر وعدم الذكر لا يدل على العدم خصوصا والبقر لبنها أغزر وأكثر نفعا من الإبل
والغنم فالخبر يدل عليها بالتنبيه. مسألة. ولا تثبت التصرية في غير الثلاثة المذكورة في الخبر الإبل والغنم والبقر عند علمائنا لأصالة لزوم البيع ولان لبن ما عداها
غير مقصود وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لهم إنه غير مختص بالانعام بل هو ثابت في جميع الحيوانات المأكولة ولو اشترى أتانا فوجدها مصراة فلا خيار له لأنه ليس عيبا
526

ولا يعد تدليسا إذ المقصود لذاته ظهرها ولا مبالاة بلبنها وهو أضعف وجهي الشافعية والأصح عندهم انه يثبت له الرد لأنه مقصود لتربية الجحش وهل يرد معها شيئا مبنى
على طهارة لبنها فعلى قول أكثرهم هو نجس ولا يرد معه شيئا وقال الإصطخري منهم إنه طاهر فيرد معها ما يرد مع الشاة ولو اشترى جارية فوجدها مصراة فلا خيار له
عندنا لان لبنها غير مقصود (غالبا إلا على ندور فإن اللبن في الآدميات غير مقصود صح) بالذات وهو أحد وجهي الشافعية وأصحهما عندهم انه يثبت به الخيار لان غزارة ألبان الجواري مطلوب في الحضانة مؤثرة في القيمة ويختلف
ثمنها بذلك ولأنه إذا كثر لبنها حسن بدنها فكان تدليسا وليس بشئ لندوره وعلى تقدير الرد هل يرد معها شيئا وجهان للشافعية أحدهما يرد لان اللبن فيها مقصود
ولهذا يثبت الرد فيرد صاعا من تمر والثاني لا يرد شيئا لان لبن الآدميات لا يباع عادة ولا يعتاض عنه غالبا. مسألة. إذا رد المصراة رد معها اللبن الذي احتلبه منها
فإن كان قد تغير وصفه حتى الطراوة والحلاوة دفع الأرش ولو فقد ذلك اللبن دفع مثله لأنه ملك البايع لأن العقد وقع عليه لأنه كأنه موجودا حال العقد فيجب رده
عليه وأقرب الأشياء إليه مثله فينتقل إليه مع عدمه فإن تعذر المثل أيضا فالقيمة وقت الدفع وكذا لو تغير تغيرا فاحشا بحيث يخرج عند حد الانتفاع فهو كالتالف
ولو ردها قبل الحلب فلا شئ عليه لأنه لم يتصرف وقالت الشافعية إن كان ظهور التصرية قبل الحلب رده ولا شئ عليه وإن كان بعده فاللبن إما أن يكون باقيا
أو تالفا فإن كان باقيا فلا يكلف المشترى رده مع المصراة لان ما حدث بعد البيع ملك له وقد اختلط بالمبيع وتعذر التمييز وإذا أمسكه كان بمثابة ما لو تلف والوجه
أن يكون شريكا ويقضى بالصلح عدم التمكن من العلم بالقدر ولو أراد رده وجب على البايع أخذه لأنه أقرب إلى استحقاقه من بدله وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم.
عدم الوجوب لذهاب طراوته بمضي الزمان واتفقوا على أنه لو حمض وتغير لم يكلف أخذه والأقرب ذلك إن خرج عن حد الانتفاع وإلا وجب مع الأرش وإن تلف
اللبن دفع المصراة وصاعا من تمر للخبر والمعتمد ما قلناه ووجوب صاع التمر لو ثبت لكان في صورة تعذر اللبن ومثله ومساواته للقيمة ولا يخرج ردها على الخلاف
في تفريق الصفقة عند الشافعي لتلف بعض المبيع وهو اللبن لان الاخبار وردت بدفع صاع التمر مع دفع العين وهل يتعين الضم إليها جنس التمر اختلفت الشافعية
على طريقين قال أبو إسحاق وغيره إنه يتعين التمر ولا يعدل عنه لقوله (ع) وصاعا من تمر فإن أعوز التمر أو كان في موضع يعز فيه التمر وكانت قيمته قيمة الشاة أو أكثر
من نصف قيمتها دفع إليه قيمته بالحجاز حين الدفع لأنا لو دفعنا إليه قيمة التمر وكان أكثر من قيمة الشاة دفعنا إليه البدل والمبدل وعلى هذا لو كانت قيمته بالحجاز
أكثر من قيمة الشاة ما حكمه وقال بعض الشافعية يدفع إليه التمر وإن (كانت قيمته صح) أكثر من قيمة الشاة لأنه وجب بسبب آخر وهو إتلاف اللبن كما إذا زادت قيمة المبيع في يده حتى تضاعفت
ثم وجد بالثمن عيبا فإنه يرده ويسترجع المبيع وقد زادت قيمته والطريق الثاني إنه لا يتعين التمر وعلى هذا القول للشافعية وجهان أحدهما إن القايم مقامه الأقوات كما
في صدقة الفطر لأنه قد رد صاعا من تمر وفي حديث (أنه إن ردها رد معها مثلي أو مثل لبنها قمحا فالمراد صح) إنه يرد صاعا من غالب قوت البلد ولما كان غالب قوت الحجاز التمر نص عليه قوت الحجاز التمر نص عليه وهو الأصح عندهم لكن لا يتعدى إلى
الأقط بخلاف ما في صدقة الفطر وعلى هذا فوجهان أحدهما إنه يتخير بين الأقوات لان في بعض الروايات ذكر التمر وفي بعضها ذكر القمح فاشعر بالتخيير وأصحهما إن الاعتبار
بغالب قوت البلد كما في صدقة الفطر أو هو قول مالك والثاني حكاه بعض الشافعية إنه يقوم مقامه غير الأقوات حتى لو عدل إلى مثل اللبن أو إلى قيمته عند إعواز
المثل أجبر البايع على القبول اعتبارا بساير المتلفات هذا كله فيما إذا لم يرض البايع فإن تراضيا على غير التمر من قوت أو غيره أو رد اللبن المحلوب عند بقائه جاز
إجماعا وحكى القاضي بن كح من الشافعية وجهين في جواز إبدال التمر بالبر عند اتفاقهما عليه. مسألة. نحن لما أوجبنا رد العين أو المثل أو القيمة مع تعذرهما سقط
عنا التفريع الآتي أما من أوجب الصاع من التمر أو البر فللشافعية وجهان في القدر أصحهما إن الواجب صاع قل اللبن أو كثر لظاهر الخبر لان اللبن الموجود عند البيع يختلط
بالحادث (بعده صح) ويتعذر التمييز فقطع الشارع الخصومة بينهما بتعين بدل له كما أوجب الغرة في الجنين مع اختلاف الأجنة ذكورة وأنوثة وأرش الموضحة مع اختلافها صغرا
وكبرا والثاني أن الواجب يتقدر بقدر اللبن لقوله (ع) من ابتاع محفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها مثل أو مثلي لبنها قمحا وعلى هذا فقد يزيد الواجب
على الصاع وقد ينقص ومنهم من خص هذا الوجه بما إذا زادت قيمة الصاع على نصف قيمة الشاة وقطع بوجوب الصاع فيما إذا نقصت عن النصف ومنهم من
أطلقه إطلاقا وعلى القول بالوجه الثاني قال الجويني تعتبر القيمة الوسطى للتمر بالحجاز وقيمة مثل ذلك الحيوان بالحجاز فإذا كان اللبن عشر الشاة مثلا أوجبنا من الصاع
عشر قيمة الشاة ولو اشترى شاة بصاع تمر فوجدها مصراة فعلى الأصح عند الشافعية إنه يردها وصاعا ويسترد الصاع الذي هو ثمن وعلى الوجه الثاني لهم يقوم مصراة
وغير مصراة ويجب بقدر التفاوت من الصاع أما غير المصراة فإذا حلب لبنها ثم ردها لعيب لم يكن له ذلك عند قابل له الأرش لان التصرف مانع من الرد والحلب تصرف
وعند الشافعي يرد بدل اللبن كما في المصراة وله قول آخر إنه لا يرد لأنه قليل غير معنى بجمعه بخلاف ما في المصراة والجويني خرج ذلك على أن اللبن هل يأخذ قسطا من الثمن أو لا
والصحيح عندهم الاخذ. مسألة. لو لم يقصد البايع التصرية لكن ترك الحلب ناسيا أو لشغل عرض أو تحفلت هي بنفسها فالأقرب ثبوت الخيار لان ضرر المشترى لا يختلف
فكان بمنزلة ما لو وجد بالمبيع عيبا لم يعلمه البايع ويحتمل ضعيفا سقوط الخيار لعدم التدليس وللشافعية وجهان كالاحتمالين. مسألة. قد بينا أن التصرية إنما تثبت
في الانعام وقال الشافعي تثبت في ساير الحيوانات المأكولة وهذا الخيار منوط بخصوص التصرية وقد يلحق بها التدليس ولو حبس ماء القناة أو الرحى ثم أرسله عند البيع
أو الإجارة فتخيل المشترى كثرته ثم ظهر له الحال فله الخيار وكذا لو حمر وجه الجارية أو سود شعرها أو جعده أو أرسل الزنبور في وجهها فظنها المشترى سمينه ثم بان الخلاف (فله الخيار صح)
أما لو لطخ ثوب العبد بالمداد فتخيل المشترى كونه كاتبا فلا خيار فإن الذنب فيه للمشترى حيث اغتر بما ليس فيه
كثير تعزير وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني
يثبت لأنه تدليس وكذا لو علف الدابة كثيرا فظنها المشترى حبلى أو كانت الشاة عظيمة الضرع خلقة فظن كثرة اللبن لأنه لا يتعين في الجهة التي يظنها فلا خيار وللشافعية
وجهان. مسألة. لو اشترى مصراة ورضى بها ثم وجد بها عيبا آخر ثم ثبت له الرد إن لم يكن قد تصرف بالحلب وأما إن تصرف به فلا رد وعند الشافعية التصرف غير
مسقط للرد فيثبت له الرد كما لو وجد بالمبيع عيبا فرضى به ثم وجد عيبا آخر ثبت له الرد ويرد بدل اللبن وفيه وجه آخر إنه كما لو اشترى عبدين فتلف أحدهما وأراد
رد الآخر فيخرج على تفريق الصفقة فإن قيل فهلا قلتم لا يثبت لان اللبن مبيع وقد تلف في يده فلا يجوز رد المبيع بعد تلف شئ منه أجابوا بأن التلف هنا لاستعلام
العيب وهو لا يمنع الرد وكذا لو جر الشاة فوجدها معينة إن كان الجز للاستعلام كان له الرد وإلا فلا وعندنا أن ذلك إنما يمنع الرد دون المصراة للخبر. مسألة
لو ظهرت التصرية لكن در اللبن على الحد الذي كان يدر مع التصرية واستمر كذلك فلا خيار لزوال الموجب له وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني لا يسقط لثبوته
بمجرد التصرية وكذا الوجهان إذا لم يعرف المشترى بالعيب القديم إلا بعد زواله وكذا لو أعتقت الأمة تحت العبد ولم يعرف بعتقها حتى عتق الزوج. مسألة. إذا اشترى
شاة على أنها لبون صح الشراء وبه قال الشافعي لأنه شرط لا يخالف الكتاب والسنة مقصود للعقلاء وإن اشتراها على أنها تحلب كل يوم كذا رطلا لم يصح لان اللبن يختلف فلا
527

يصح الشرط ولو اشتراها على أنها حامل فللشافعية وجهان أحدهما إنه يصح لان الحمل يعلم في الظاهر ويعلق به أحكام والثاني لا يصح لأنه لا يعلم وليس بشئ. مسألة. لو ماتت الشاة
المصراة أو الأمة المدلسة فلا شئ للمشترى لان الرد امتنع بموتها والأرش يتبع العيب ولا عيب هنا ولو زالت التصرية قبل انتهاء الثلاثة فلا خيار فلو زالت بعدها ثبت
. المطلب الثاني. في الاحكام. مسألة. خيار الشرط يثبت في كل عقد سوى الوقف والنكاح ولا يثبت في الطلاق والعتق ولا الابراء فإن تصرف المشترى
سقط الخيار لان تصرفه قبل انقضاء مدة الشرط دليل على الرضا بلزوم العقد وكذا لو أسقط خياره ولو كان الخيار للبايع أو مشتركا فأسقط البايع خياره سقط
ولو تصرف البايع فهو فسخ ولو أذن أحدهما (للآخر صح) في التصرف فتصرف سقط الخياران ولو لم يتصرف سقط خيار الآذن دون المأمور لأنه لم يوجد منه تصرف فعلى ولا قولي
مسألة. لا يبطل الخيار بتلف العين بل إن كان مثليا فاختار صاحبه الفسخ طالبه بالمثل وإن لم يكن مثليا طالب بالقيمة أما لو ظهر المشترى على عيب في العبد بعد موته
فلا رد إذ لا مردود وكذا لو قتل أو تلف الثوب أو أكل الطعام فليس له الرد هنا قطعا وكذا لو خرجت العين عن قبول النقل من شخص إلى آخر فلا رد كما لو أعتق العبد أو
أولد الجارية أو وقف الضيعة ثم عرف كونه معيبا فقد تعذر الرد إما لتصرفه في العين كما هو مذهبنا أو لأنه لا يتمكن من نقل العين إلى البايع بالرد كما هو مذهب الشافعي
نعم يرجع على البايع بالأرش وبه قال الشافعي واحمد لأنه عيب لم يرض به وجده بعد اليأس فوجب أن يكون له الرجوع بأرش العيب كما لو أعتقه ثم وجد به عيبا وقال أبو حنيفة
إذا قتله خاصة لا يرجع بأرش العيب كما لو باعه وليس بجيد لان البيع لا يتعلق به الضمان وإنما يتعلق بالتسليم ولأنه في البيع لم ييئس من الرد. مسألة. والأرش جزء من الثمن
نسبته إليه نسبة ما ينقص العيب من قيمة المبيع لو كان سليما إلى تمام القيمة وإنما كان الرجوع بجزء من الثمن لأنه لو بقى كل المبيع عند البايع كان مضمونا عليه بالثمن فإذا
احتبس جزء منه كان مضمونا بجزء من الثمن فلو كانت القيمة مائة دون العيب وتسعين مع العيب فالتفاوت بالعشر فيكون (الرجوع صح) بعشر الثمن إن كان مأتين فبعشرين وإن كان بخمسين
فبخمسة ومتى يعتبر قيمة يحتمل أن يكون الاعتبار بقيمته يوم البيع لان الثمن يومئذ قابل المبيع وأن يكون الاعتبار بقيمته يوم القبض لأنه يوم دخول المبيع في ضمانه وأن
يكون الاعتبار بأقل الثمنين منهما لان القيمة إن كانت يوم البيع أقل فالزيادة حدثت في ملك المشتري وإن كانت يوم القبض أقل فما نقص من ضمان البايع فللشافعية
وجوه ثلاثة كالاحتمالات وأكثرهم قطع باعتبار أقل القيمتين ولو اختلف المقومون أخذ بالأوسط وإذا ثبت الأرش فإن كان الثمن يعلم في ذمة المشتري برئ عن قدر الأرش
عند طلبه وهو أظهر وجهي الشافعية والآخر إنه لا يتوقف على الطلب بل يبرأ بمجرد الاطلاع على العيب وإن كان قد سلمه وهو باق في يد البايع فالأقرب إنه لا يتعين حق المشترى فيه
بل للبايع إبداله لأنه غرامة لحقته وهو أحد وجهي الشافعية والأظهر عندهم إنه يتعين لحق المشتري ولو كان المبيع باقيا والثمن تالفا جاز الرد ويأخذ مثله إن كان مثليا
وقيمته إن كان متقوما أقل ما كانت من يوم البيع إلى يوم القبض لأنها إن كانت يوم العقد أقل فالزيادة حدثت في ملك البايع وإن كانت يوم القبض أقل فالنقص من
ضمان المشترى ويجوز الاستبدال عنه كما في القرض وخروجه عن ملكه بالبيع ونحوه كالتلف ولو خرج وعاد فهل يتعين لاخذ المشترى أو للبايع إبداله الأقرب الأول وهو
أحد قولي الشافعية والثاني إن للبايع إبداله وإن كان الثمن باقيا بحاله فإن كان معينا في العقد أخذه وإن كان في الذمة ونقده ففي تعينه لاخذ المشترى للشافعية وجهان وإن
كان ناقصا نظر إن تلف بعضه أخذ الباقي وبدل التالف وإن رجع النقصان (إلى الصفة صح) كالشلل ونحوه ففي غرامة الأرش للشافعية وجهان أصحهما العدم كما لو زاد زيادة متصلة يأخذها
مجانا فروع: - آ - لو لم تنقص القيمة بالعيب كما لو اشترى عبدا فخرج خصيا كان له الرد لأنه نقص في الخلقة خارج عن المجرى الطبيعي فكان له الرد وفي الأرش إشكال ينشأ
من عدم تحققه إذ لا نقص في المالية هنا وقالت الشافعية لا أرش ولا رد - ب - لو اشترى عبدا بشرط العتق ثم وجد به عيبا فإن كان قبل العتق لم يجب عليه أخذه وكان
له الرد فإن أخذه كان له ذلك والمطالبة بالأرش لان الخيار وإن ظهر على العيب بعد العتق فلا سبيل إلى الرد لان العتق صارت ملكا فغلب جانبه ويثبت له الأرش خلافا
لبعض الشافعية لأنه وإن لم يكن معيبا لم يمسكه وهذا ليس بشئ - ج - لو اشترى من يعتق عليه ثم وجد به عيبا فالأقوى أن له الأرش دون الرد لخروجه بالعتق وللشافعية في الأرش
قولان الثبوت وعدمه. مسألة. لو زال ملكه عن المبيع ثم عرف العيب لم يكن له الرد ولا في الحال ولا فيما بعده وإن عاد إليه بفسخ أو بيع وغيره لأنه قد تصرف
في المبيع وقد بينا إن التصرف مبطل للرد لكن له الأرش سواء زال الملك بعوض كالبيع والهبة بشرط الثواب أو بغير عوض وقالت الشافعية إن زال الملك بعوض فقولان
أحدهما له الأرش لتعذر الرد كما لو مات العبد أو أعتقه وهذا تخريج ابن شريح وعلى هذا لو أخذ الأرش ثم رده عليه مشتريه بالعيب فهل يرده مع الأرش ويسترد الثمر وجهان
والثاني وهو الصحيح عندهم وهو منصوص الشافعي إنه لا يرجع بالأرش وفي تعليله خلاف قال أبو إسحاق وابن الحداد لأنه استدرك الظلامة ببيع وروج العيب كما
روج عليه وقال ابن أبي هريرة لأنه ما آيس من الرد فربما يعود إليه ويتمكن منه فلم يكن له الرجوع بالأرش كما لو قدر على رده في الحال وأجابوا عن الأول بأنه لم يستدرك
ظلامته بل غبن المشترى في البيع ولأنه لم يحصل له استدراك الظلامة من جهة من ظلمه فلا يسقط حقه بذلك والصحيح عندنا ما قلناه من أنه له الرجوع بالأرش قال أصحاب
مالك وهذا هو الصحيح من مذهب مالك لان البايع لم يغرمه ما أوجبه العقد فكان له الرجوع عليه كما لو أعتق أو كاتبه ولأنه عندنا يتخير المشترى مطلقا بين الرد والرجوع
بالأرش مع عدم التصرف ومعه يثبت له الأرش لا غير وكونه لا ييأس من الرد فأشبه ما إذا كان قادرا على الرد لا يسقط حق المشترى من طلب الأرش عندنا وإن زال
الملك بغير عوض فعلى تخريج ابن شريح يرجع بالأرش وعلى النصوص وجهان مبنيان على التعليلين إن عللنا باستدراك الظلامة يرجع لأنه لم يستدرك الظلامة وإن عللنا
بعدم اليأس من الرد فلا لأنه ربما يعود إليه. مسألة. لو ظهر على العيب بعد بيعه على آخر فقد قلنا إنه لا رد له سواء رد عليه أو لا بل له الأرش فإن ظهر المشترى الثاني على
العيب فرده على الأول بالعيب لم يكن للأول رده على البايع لأنه بيعه قد تصرف فيه والتصرف عندنا يسقط الرد وإنما له الأرش خاصة وقال الشافعي له الرد بناء منه
على أن هذا التصرف لا يمنع الرد ولأنه زال للتعذر الذي كان ويئس أن يستدرك الظلامة وليس للمشترى الثاني رده على البايع الأول لأنه ما يلقى الملك منه ولو حدث العيب
في يد المشترى الثاني ثم ظهر عيب قديم فعلى التعليل يتعذر الرد للمشترى الأول أخذ الأرش من بايعه كما لو لم يحدث عيب ولا يخفى الحكم وبين المشترى الثاني وعلى التعليل
الاخر إن قبله المشترى الأول مع العيب الحادث خير بايعه إن قبله فذاك وإلا أخذ الأرش منه وقال بعضهم لا يأخذ الأرش واسترداده رضا بالعيب وإن لم يقبله
وغرم الأرش للثاني ففي رجوعه بالأرش على بايعه وجهان أحدهما عدم الرجوع وبه قال ابن الحداد لأنه ربما قبله بايعه أو قبله هو وكان متبرعا بغرامة الأرش و
أظهرهما إنه لا يرجع لأنه ربما لا يقبله بايعه فيتضرر وقال بعضهم يمكن بناء هذين الوجهين على ما سبق من العينين إن عللنا بالأول فإذا غرم الأرش زال استدراك
الظلامة فيرجع وإن عللنا بالثاني فلا يرجع لأنه ربما يرتفع العيب الحادث فيعود إليه وعلى الوجهين معا لا يرجع ما لم يغرم للثاني فإنه ربما لا يطالبه الثاني بشئ
فيبقى مستدركا للظلامة ولو كانت المسألة بحالها وتلف المبيع في يد المشترى الثاني أو كان قد أعتقه ثم ظهر العيب القديم رجع الثاني على الأول بالأرش ورجع الأول
528

بالأرش على بايعه بلا خلاف لحصول اليأس عن الرد لكن هل يرجع على بايعه قبل أن يغرم لمشتريه فيه وجهان مبنيان إن عللنا باستدراك الظلامة فلا يرجع ما لم يغرم
وإن عللنا بالثاني يرجع ويجرى الوجهان فيما لو أبرأه الثاني (فله أن) يرجع هو على بايعه مسألة لو باعه المشترى على آخر ثم ظهر له العيب سقط الرد عندنا دون الأرش
على ما تقدم وعند الشافعي لا يسقط إذا عاد إليه بالرد بالعيب على ما قلناه في المسألة السابقة وإن عاد إليه لا بالرد بالعيب كما لو عاد بإرث أو اتهاب أو قبول
وصية أو إقالة فلا رد له عندنا أيضا وللشافعية وجهان من مأخذين أحدهما البناء على المعينين السابقين فإن عللنا بالأول لم يرد وبه قال ابن الحداد لان استدراك
الظلامة قد حصل بالبيع ولم يبطل ذلك الاستدراك بخلاف ما لو رد عليه بالعيب (وإن عللنا بالثاني فرد بزوال العذر وحصول القدرة على الرد كما لو رد عليه بالعيب صح) والثاني من المأخذين أن الملك العايد هل ينزل منزلة غير الزايل قيل نعم لأنه عين
ذلك المال وعلى تلك الصفة وقيل لا لأنه ملك جديد والرد نقض لذلك الملك ويتخرج على هذا فروع: - آ - لو أفلس بالثمن وقد زال ملكه عن المبيع وعاد هل للبايع الفسخ
- ب - لو زال ملك المرأة عن الصداق وعاد ثم طلقها قبل المسيس هل يرجع في نصفه أو يبطل حقه من العين كما لو تعذر - ج - لو وهب من ولده وزال ملك الولد وعاد هل للأب
الرجوع. مسألة. لو عاد إليه بطريق الشراء ثم ظهر عيب قديم كان في يد البايع الأول فإن عللنا بالمعنى الأول لم يرد على البايع الأول لحصول الاستدراك ويرد على الثاني
وإن عللنا بالثاني فإن شاء رد على الثاني وإن شاء رد على الأول وإذا رد على الثاني فله أن يرد عليه وحينئذ يرد على الأول ويجئ وجه لهم إنه لا يرد على الأول بناء على أن الزائل
العايد كالذي لم يعد ووجه إنه لا يرد هو على الثاني إنه لو رد عليه لرد هو ثانيا عليه وهذا كله ساقط عندنا لسقوط حق المشترى من الرد بتصرفه. مسألة.
إذا زال ملكه عن المبيع ثم عرف العيب وكان الزوال بغير عوض فلا رد له على ما اخترناه إذا عاد إليه مطلقا وقال الشافعي إذا زال ملكه لا بعوض نظر إن عاد لا بعوض أيضا فجواز
الرد مبنى على أنه هل يأخذ الأرش لو لم يعد إن قلنا لا فله الرد لان ذلك لتوقع العود وإن قلنا يأخذ فينحصر الحق فيه أو يعود إلى الرد عند القدرة فيه وجهان وإن عاد
بعوض كما لو اشتراه فإن قلنا لا رد في الحالة الأولى فكذا هنا ويرد على البايع الاخر وإن قلنا يرد فهنا يرد على الأول أو على الأخير أو يتخير ثلاثة أوجه خارجة مما سبق. مسألة
لو باع زيد شيئا من عمرو ثم اشتراه زيد منه فظهر فيه عيب كان في يد زيد فإن كانا عالمين فلا رد وإن علم زيد خاصة فلا رد له لعلمه بالعيب ولا لعمرو أيضا لزوال ملكه و
تصرفه فيه عندنا وبه قال الشافعي لزوال ملكه وهل يثبت لعمرو أرش الأقرب ذلك وهو أحد قولي الشافعي لوجود سببه وهو سبق العيب مع تعذر الرد والصحيح عنده
إنه لا أرش له لاستدراك الظلامة أو لتوقع العود فإن تلفت في يد زيد أخذ الأرش عندنا لما تقدم وعنده على التعليل الثاني لا الأول وكذا الحكم لو باعه من غيره
وإن كان عمرو عالما فلا رد له ولزيد الرد لأنه اشترى معيبا مع جهله بعيبه وعدم تصرفه ولو كانا جاهلين فلزيد الرد وبه قال الشافعي إن اشتراه بغير جنس ما باعه
أو بأكثر منه ثم لعمرو أن يرد عليه عند الشافعي ونحن لا نقول به لأنه تصرف فيه وإن اشتراه بمثله فلا رد لزيد في أحد وجهي الشافعي لان عمروا يرده عليه فلا فائدة فيه
وله ذلك. مسألة. لو اشترى المعيب جاهلا بعيبه ورهنه المشترى ثم عرفه بالعيب فلا رد له على قولنا من أن تصرفه يمنع الرد ويثبت له الأرش وقال الشافعي لا رد له
في الحال وهل يأخذ أرشه إن عللنا باستدراك الظلامة فنعم وإن عللنا بتوقع العود فلا وعلى هذا لو تمكن من الرد رد عنده ولو حصل اليأس أخذ الأرش وإن كان
المشترى قد آجره فلا رد له لتصرفه فيه وله الأرش وقال الشافعي إن لم يجوز بيع المستأجر فهو كالرهن وإن جوزناه فإن رضي البايع به مسلوب المنفعة مدة الإجارة
رد عليه وإلا تعذر الرد وفي الأرش الوجهان ويجريان فيما لو تعذر الرد لغصب أو إباق ولو عرف العيب بعد إن زوج الجارية أو العبد ولم يرض البايع بالأخذ قطع
بعض الشافعية بثبوت الأرش للمشترى هنا أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلان النكاح يراد للدوام واليأس حاصل وقال بعضهم بما تقدم ولو كاتب المشترى ثم عرف
العيب قال بعض الشافعية إنه كالتزويج وقال بعضهم لا يأخذ الأرش على المعنيين بل يصبر لأنه قد استدرك الظلامة بالنجوم وقد يعود إليه بالعجز ورده والأظهر عندهم
إنه كالرهن وإنه لا يحصل بالنجوم ولو وجد المشترى بالشقص عيبا بعد أخذ الشفيع فله الأرش وللشافعي وجهان. مسألة. الخيار إن كان موقنا امتد بامتداد
ذلك الوقت كالمجلس والحيوان والشروط وقته وإن لم يكن موقتا كخيار العيب هل هو على الفور أم لا حتى لو علم بالعيب واهمل المطالبة لحظة هل يسقط الرد الأقرب إنه لا يسقط
الخيار بل لو تطاول زمان سكوته بعد العلم بالعيب كان له بعد ذلك المطالبة بالأرش أو الرد لان الأصل بقاء ما ثبت وقال الشافعي إن الخيار على الفور ويبطل بالتأخير
من غير عذر لأصالة لزوم البيع فإذا أمكنه الرد وقصر لزمه حكمه وأصالة اللزوم هنا ممنوعه لان التقدير ثبوت الخيار فروع: - آ - لو ركب الدابة ليردها سواء قصرت
المسافة أو طالت لم يكن ذلك رضابه وبها قال الشافعي أيضا - ب - لو سقاها الماء أو ركبها ليسقيها ثم يردها لم يكن ذلك رضي منه بإمساكها - ج - لو حلبها في طريقه فالأقرب
إنه تصرف يؤذن بالرضى بها وقال بعض الشافعية لا يكون رضا بإمساكها لان اللبن له وقد استوفاه في حال الرد. مسألة لصاحب الخيار في العيب وغيره مطلقا أن يختار
الفسخ أو الامضاء مع الأرش أو بدونه وعلى كل حال سواء كان البايع له أو المشترى منه حاضرا أو غايبا ولا يشترط أيضا قضاء القاضي وبه قال الشافعي وأبو يوسف وزفر وأحمد بن
حنبل لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضاء شخص فلم يفتقر إلى حضوره كالطلاق وقال أبو حنيفة إن كان قبل القبض فلا بد من حضور الخصم وإن كان بعده فلابد من حضور الخصم وإن كان بعده فلابد من رضاه أو قضاء
القاضي وقد تقدم. مسألة. الخيار ليس على الفور في العيب وغيره على ما تقدم خلافا للشافعي فإنه اشترط الفورية والمبادرة بالعادة فلا يؤمر بالعدو أو الركض ليرد و
إن كان مشغولا بصلاة أو أكل أو قضاء حاجة فله الخيار إلى أن يفرغ وكذا لو اطلع حين دخل وقت هذه الأمور فاشتغل بها فلا بأس إجماعا وكذا لو لبس ثوبا أو أغلق بابا ولو وقف على
العيب ليلا فله التأخير إلى أن يصبح وإن لم يكن عذر قال بعض الشافعية إن كان البايع حاضرا رده عليه وإن كان غايبا تلفظ بالرد وأشهد عليه شاهدين وإن عجز حضر عند
القاضي واعلمه الرد ولو رفع إلى القاضي والمردود عليه حاضر قال بعض الشافعية هو مقصر يسقط خياره به وهو الظاهر من مذهبهم وقال بعضهم لا يقصر لان الشفيع لو ترك المشترى
وابتدر إلى القاضي واستعدى عليه فهو فوق مطالبة المشترى لأنه ربما يخرجه إلى المرافعة وكذا الوجهان لو تمكن من الاشهاد وتركه ورفع إلى القاضي وإن كان البايع غايبا
عن البلد رفع الامر إلى مجلس الحاكم فيدعى شراء ذلك الشئ من فلان الغايب بثمن معلوم وإنه أقبضه الثمن ثم ظهر العيب وإنه فسخ البيع ويقيم البينة على ذلك ويحلفه القاضي
مع البينة للغيبة ثم يأخذ المبيع منه ويضعه على يد عدل ويبقى الثمن دينا على الغايب يقضيه القاضي من ماله فإن لم يجد سوى المبيع باعه فيه و (يضعه صح) إلى أن ينتهى إلى الخصم أو
القاضي في الحالين لو تمكن من الاشهاد على الفسخ هل يلزمه للشافعية وجهان ويجرى الخلاف فيما لو اخر لعذر مرض أو لغيره ولو عجز في الحال عن الاشهاد فهل عليه التلفظ بالفسخ
وجهان للشافعية ولو لقى البايع فسلم عليه لم يضر ولو اشتغل بمحادثته بطل حقه ولو اخر الرد مع العلم بالعيب ثم قال أخرت لانى لم أعلم أن لي حق الرد قال الشافعي يعذر إن كان قريب
العهد بالاسلام أو نشأ في قرية لا يعرفون الاحكام وإلا فلا ولو قال لم أعلم أن الخيار والرد يبطل بالتأخير قبل قوله لأنه مما يخفى على العامة وإذا بطل حق الرد بالتقصير يبطل
حق الأرش عند الشافعية أيضا وليس بجيد على ما عرفت ولمن لا يرد أن يمسك المبيع ويطلب الأرش على ما اخترناه وبه قال احمد خلافا للشافعي وليس للبايع أن يمنعه من الرد
529

ليغرم به الأرش إلا برضاه وبه قال الشافعي ولو تراضيا على ترك الرد بجزء من الثمن أو بغيره من الأموال صح عندنا وبه قال أبو حنيفة ومالك وابن شريح والشافعي في أضعف
القولين وفي الأقوى المنع فعلى قوله يرد المشترى ما أخذ وفي بطلان حقه من الرد وجهان البطلان لأنه اخر الرد مع الامكان وأسقط حقه وأصحهما المنع لأنه ترك حقه
على عوض ولم يسلم له العوض فيبقى على حقه وهذان الوجهان في حق من يظن صحة الصلح أما من يعلم فساده فإن حقه يبطل عند الشافعية كافة. مسألة. لو انتفع المشترى
بركوب الدابة أو استخدام العبد أو حلب الشاة أو شبهها سقط حق الرد دون الأرش على ما تقدم ولو كان المبيع رقيقا فاستخدمه في مدة طلب الخصم أو القاضي بطل الرد وبه
قال الشافعي ولو كان بشئ خفيف مثل اسقني أو ناولني الثوب أو أغلق الباب سقط الرد أيضا وفي وجه للشافعية إنه لا اثر له لان مثل هذا قد يؤمر (به غير المملوك وليس بشئ لان السقط مطلق التفرق وغير المملوك قد يؤمر صح) أيضا بالافعال الكثيرة
ولو ركب الدابة لا للرد بطل رده ولو كان له أو للسقي فللشافعية وجهان أظهرهما سقوط الرد لأنه ضرب من الانتفاع كما لو وقف على عيب الثوب فلبسه للرد ولو كان جموحا
يعسر قودها وسوقها عذر في الركوب والثاني وبه قال أبو حنيفة لا يبطل لأنه أسرع للرد فعلى الأول لو كان قد ركبها للانتفاع فاطلع على عيب بها لم يجز استدامته وإن
توجه للرد وإن كان لابسا (فاطلع صح) على عيب الثوب في الطريق فتوجه للرد ولم ينزع الثوب فهو معذور لعدم الاعتياد نزع الثوب في الطريق ولو علف الدابة أو سقاها في الطريق لم يضر
لأنه ليس تصرفا ينفعه ولو كان عليها سرج أو أكاف فتركهما عليها بطل حقه لأنه استعمال وانتفاع ولولا ذلك لاحتاج إلى حمل أو تحميل ويعذر بترك العذار واللجام لخفتهما
فلا يعدان انتفاعا وللحاجة إليهما في قودهما ولو أنعلها في الطريق فإن كانت تمشى بغير نعل بطل حق الرد وإلا فلا. مسألة. قد بينا إن حدوث عيب عند المشترى
يمنع من الرد بالعيب السابق على قبضه من البايع إلا في ثلاثة أيام الحيوان لأنه لما قبضه دخل في ضمانه فالعيب الحادث يقتضى إتلاف جزء من المبيع فيكون من ضمان المشترى
فيسقط رده للنقص الحاصل في يده فإنه ليس تحمل البايع به للعيب السابق أولي من تحمل المشترى به للعيب الحادث ولما رواه عن أحدهما (على) في الرجل يشترى الثوب
أو المتاع فيجد به عيبا قال إن كان الثوب قايما بعينه رده على صاحبه وإن كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب إذا ثبت هذا فإن الأرش
لا يسقط دفعا لتضرر المشترى فإنه دفع الثمن في مقابلة العين الصحيحة إذا عرفت هذا فلو دفع المشترى إلى البايع العين ناقصة مع الأرش ورضى البايع أو دفع البايع الأرش
ورضى المشترى فلا بحث وإن رضي البايع به معيبا المتجدد عند المشترى مجانا لم يجب على المشترى القبول بل له المطالبة بالأرش لأنه حقه وقال الشافعي إما أن يرده المشترى
أو يقنع به معيبا مجانا وإن تنازعا فدعا أحدهما إلى الامساك وغرامة أرش العيب القديم ودعا الآخر إلى الرد مع أرش العيب الحادث أجبر المشترى على الامساك مع الأرش لان الأصل أن لا
يلزم المشترى تمام الثمن إلا بمبيع سليم فإذا تعذر ذلك الزم بالعين مع جبرها بعوض الجزء الفايت منها وللشافعية أقوال أحدها أن المتبع رأى المشترى ويجبر البايع على
على ما يقع له لان الأصل أن لا يلزم منه تمام الثمن إلا بمبيع سليم فإذا تعذر ذلك فوضت الخيرة إليه ولان البايع والمشترى قد استويا في حدوث العيب عندهما ولابد من إثبات الخيار
لأحدهما فإثباته للمشترى أولي لان البايع ملبس بترويج المبيع فكان رعاية جانب المشترى أولي فيتخير المشترى حينئذ بين أن يرده ويدفع أرش العيب الحادث عنده وبين أن يمسكه
ويأخذ أرش العيب القديم وبهذا الوجه قال مالك واحمد وهو قولي الشافعي في القديم الثاني إن المتبع رأى البايع لأنه إما غارم أو آخذ ما لم يرد العقد عليه والثالث
وهو الأصح عندهم إن المتبع رأى من يدعو إلى الامساك والرجوع بأرش العيب القديم يستند إلى أصل العقد لان قضيته أن لا يستقر الثمن بكماله إلا في مقابلة السليم وضم أرش
العيب الحادث إدخال شئ جديد لم يكن في العقد فكان الأول أولي فعلى هذا لو قال البايع ترده مع أرش العيب الحادث فللمشتري الامتناع (ويأخذ أرش العيب القديم ولو أراد المشترى أن يرده مع أرش العيب الحادث فللبايع الامتناع صح) ويغرم أرش القديم وقال أبو حنيفة
والشافعي أيضا إذا لم يرض البايع برده معيبا كان للمشترى المطالبة بأرش العيب وإن رضي برده معيبا لم يكن للمشترى أرش لأنه عيب حدث في ضمان أحد المتبايعين لا
لاستعلام العيب فأثبت الخيار للاخر كالعيب الحادث عند البايع وقال مالك واحمد يتخير المشترى بين أن يرده ويدفع أرش العيب الحادث عنده وبين أن يمسكه ويأخذه.
أرش العيب الحادث عند البايع لما تقدم قال حماد وأبو ثور يرده المشترى ويرد معه أرش العيب قياسا على المصراة فإن النبي صلى الله عليه وآله أمر بردها ورد صاع من تمر عوض اللبن وهو
ضعيف لان ذلك إنما كان لاستعلام العيب. مسألة. قد بينا أن الخيار في الرد على التراخي وقال الشافعي إنه على الفور على ما تقدم فعلى قوله يجب على المشترى
إعلام البايع على الفور ولو اخره من غير عذر بطل حقه من الرد والأرش إلا أن يكون العيب الحادث قريب الزوال غالبا كالرمد والحمى فلا يعتبر الفور في الاعلام على أحد القولين
بل له انتظار زواله ليرده سليما عن العيب الحادث من غير أرش وعندنا إن العيب المتجدد مانع من الرد بالسابق سواء زال أو لا وللمشتري الأرش على التقديرين ولو
زال العيب الحادث بعد ما أخذ المشتري أرش العيب القديم لم يكن له الفسخ ورد الأرش عندنا على ما تقدم وللشافعية وجهان هذا أحدهما لان أخذ الأرش إسقاط والثاني
نعم والأرش للحيلولة ولو لم يأخذه لكن قضى القاضي بثبوته فوجهان للشافعية بالترتيب واولى بجواز الفسخ ولو تراضيا ولا قضاء فوجهان بالترتيب واولى بالفسخ في هذه الصورة
وهو الأصح في هذه الصورة عندهم وأما بعد الاخذ فالأصح المنع ولو عرف العيب القديم بعد زوال الحادث رد عند الشافعي وفيه وجه ضعيف ولو زال العيب القديم
قبل أخذ أرشه لم يأخذه عندهم ولو زال بعد أخذه رد ومنهم من جعله على وجهين كما لو ثبت سبق المجني عليه بعد أخذ الدية هل يأخذ الدية. مسألة. كل ما يثبت
الرد به على البايع لو كان في يده يمنع الرد إذا حدث في يد المشترى وما لا رد به على البايع لا يمنع الرد إذا حدث في يد المشترى إلا في الأقل فلو خصى العبد ثم عرف عيبا قديما
لم يرد وإن زادت قيمته ولو نسى القرآن أو الصنعة ثم عرف به عيبا قديما فلا رد لنقصان القيمة وكذا لو زوجها ثم عرف عيبا قديما لأنه بتصرفه أسقط الرد وقال بعض
الشافعية إلا أن يقول الزوج إن ردك المشترى بعيب فأنت طالق وكان ذلك قبل الدخول فله الرد لزوال المانع بالرد. مسألة. لو اشترى الأب من الابن جارية أو
بالعكس ثم عرف بعيبها بعد وطئها وهي ثيب لم يكن له الرد عندنا لتصرفه وقال الشافعي لا يبطل الرد وإن حرمت على البايع لان المالية لا تنقص بذلك وكذا لو كانت الجارية
رضيعة فأرضعتها أم البايع أو ابنته في يد المشترى ثم عرف بها عيبا وهنا نحن نقول إن كان الارضاع بقول المشترى كان تصرفا لأنه يخرج بذلك عن الإباحة فلا رد
وإن لم يكن بقوله كان له الرد لأنه لم يتصرف في المبيع وإقرار الرقيق على نفسه في يد المشترى بدين المعاملة أو بدين الاتلاف مع تكذيب المولى لم يمنع من الرد بالعيب
القديم وإن صدقه المولى على دين الاتلاف منع لأنه عيب تجدد في يد المشترى فإن عفى المقر له بعد ما أخذ المشترى الأرش لم يكن له الفسخ وهو أحد قولي الشافعي والثاني
يرده ويرد الأرش والوجهان جاريان فيما إذا أخذ الأرش لرهينة العبد أو كتابته أو إباقه أو غصبه ونحوها إن تمكن من ذلك ثم زال المانع من الرد وقال بعض الشافعية
أصحهما إنه لا فسخ وهو مقتضى مذهبنا. مسألة. لو اشترى عبدا وحدث في يد المشتري نكتة بياض بعينه ووجد نكتة قديمة ثم زالت إحديهما فاختلفا فقال البايع
الزايلة القديمة فلا رد ولا أرش وقال المشترى بل الحادثة ولى الرد قال الشافعي يحلفان على ما يقولان فإن حلف أحدهما دون الاخر قضى بموجب يمينه وإن حلف استفاد
البايع بيمينه دفع الرد واستفاد المشترى بيمينه أخذ الأرش فإن اختلفا في الأرش فله الأقل لأنه المتيقن. مسألة. لو كان المبيع من أحد النقدين كآنية من ذهب أو فضة
530

اشتراها بمثل وزنها وجنسها ثم اطلع على عيب قديم كان له الرد دون الأرش لاشتماله على الربا فإنه لو أخذ الأرش لنقص الثمن عن وزن الآنية فيصير الثمن المساوى وبوزنها
يقابله ما دونها وذلك عين الربا فإن حدث عند المشترى عيب آخر لم يكن له الأرش لما تقدم ولا الرد مجانا إذ لا يجبر البايع على الضرر ولا الرد مع الأرش لاشتماله
على الربا لان المردود حينئذ يزيد على وزن الآنية ولا يجب على المشترى الصبر على المعيب مجانا فطريق التخلص فسخ البيع لتعذر وإلزام (المشترى صح) وإمضاءه بقيمته من غير الجنس معيبا
بالقديم سليما عن الجديد ويجعل بمثابة التالف ويحتمل الفسخ مع رضاء البايع ويرد المشترى العين وأرشها ولا ربا فإن الحلى في مقابلة الثمن والأرش في مقابلة العيب
المضمون كالمأخوذ بالسوم وللشافعية ثلاثة أوجه اثنان منها هذان الاحتمالان إلا أنهم لم يشترطوا في الاحتمال الثاني رضي البايع بالرد والثالث أن يرجع المشترى
بأرش العيب القديم كما في غير هذه الصورة والمماثلة في مال الربا إنما يشترط في ابتداء العقد وقد حصلت والأرش حق ثبت بعد ذلك لا يقدح في العقد السابق
وهذا الوجه عندي لا بأس به والوجهان الأولان أيضا على أنه لا يرجع بأرش العيب القديم وانه يفسخ العقد واختلفا في أنه يرد الحلى مع أرش النقص أو يمسكه أو ترد قيمته وقياس
صاحب القول الثالث تجويز الرد مع الأرش أيضا كما في ساير الأموال وإذا أخذ الأرش قيل يجب أن يكون من غير جنس العوض لئلا يلزم ربا الفضل والأقرب إنه يجوز
أن يكون من جنسها لان الجنس لو امتنع أخذه لامتنع أخذ غيره الجنس لأنه يكون بيع مال الربا بجنسه مع شئ اخر ولو تلفت الآنية ثم عرف المشترى العيب القديم قال الشافعية
يفسخ العقد ويسترد الثمن ويغرم قيمة التالف وتلف المبيع لا يمنع جواز الفسخ لان الشافعي جوز الإقالة بعد الفسخ وكذا إذا اختلف المتبايعان بعد تلف المبيع تحالفا
وتراد أو يحالف إذا كان المبيع من غير جنس الثمن الذي فيه الربا لأنه يمكنه أخذ الأرش فلا يجوز له فسخ العقد مع حدوث النقص والتلف عنده وهنا لا يمكن ذلك فلم
يمكن إسقاط حقه بغير عوض ولا يمكن أخذ الأرش هنا للربا ولهم وجه آخر انه يجوز أخذ الأرش وحينئذ هل يشترط كونه من غير الجنس وجهان تقدما وهذه المسألة لا
تختص بالحلى والنقدين بل تجرى في كل ربوي بيع بجنسه. مسألة. قد بينا إن تصرف المشترى يمنع من الرد قبل علمه بالعيب وبعده وقال الشافعي لا يمنع فلو اشترى دابة و
أنعلها ثم وقف على العيب القديم فلا رد عندنا بل له الأرش وقال الشافعي إن كان نزع النعل لا يؤثر فيها عيبا نزعه وردها وإن لم ينزع لم يجب على البايع القبول وإن كان النزع
يحرم نقب المسامير ويتعب الحافر به فينزع بطل حقه من الرد والأرش عنده وكان تعيينه بالاختيار قطعا للاختبار وفيه احتمال عند بعضهم ولو ردها مع النعل أجبر البايع
على القبول عنده وليس للمشترى طلب قيمة النعل فإنه حقير في معرض رد الدابة ثم ترك النعل من المشترى تمليك حتى يكون للبايع أو إسقاط أو إعراض حتى يكون للمشتري
فبه لهم وجهان أشبههما الثاني وكل هذا ساقط عندنا مسألة لو صبغ المشتري الثوب بما تزيد قيمته ثم عرف عيبه السابق فلا رد عندنا خلافا للشافعي فإن رضي
بالرد غير طلب شئ قال الشافعي يجب على البايع قبوله ويكون الصبغ ملكه لأنه صفة للثوب لا يزايله بخلاف النعل وقال الجويني ولم يذهب أحد إلى أنه يرد الثوب ويبقى شريكا
في الصبغ كما في المغصوب فإنه يكون شريكا والاحتمال يتطرق إليه وإن أراد الرد أخذ قيمة الصبغ ففي وجوب الإجابة على البايع للشافعية وجهان أظهرهما العدم لكن
يأخذ المشترى الأرش ولو طلب المشترى أرش العيب وقال البايع رد الثوب لأغرم لك قيمة الصبغ فوجهان لهم القبول ان المجاب البايع ولا أرش للمشترى ولما حكى الجويني الخلاف
في الطرفين ذكر ان الصبغ الزايد جرى مجرى أرش العيب الحادث في طرف المطالبة ويريد به إنه إذا قال البايع رد مع الأرش وقال المشترى أمسك واخذ الأرش لقى من يجاب وجهان
وكذا إذا قال المشترى أرده مع الأرش وقال البايع بل أغرم الأرش ووجه المشابهة بين الصبغ الزايد وأرش العيب الحادث ان إدخال الصبغ في ملك البايع مع أنه دخل
في العقد كإدخال الأرش الدخيل ثم المجاب منهما في وجه من يدعوا إلى فضل الآمر بالأرش (القديم صح) أما لو قصر الثوب ثم ظهر على العيب بعد القصارة فلا رد عندنا بل له الأرش
وعند الشافعي يبنى على أن القضاء عين أو أثر إن قلنا بالأول فهي كالصبغ وإن قلنا بالثاني رد الثوب مجانا كالزيادات المتصلة. مسألة. إذا اشترى ما المقصود
منه مستور بقشرة كالبطيخ والنارنج والرمان (والجوز صح) واللوز والبندق والبيض فكسره ثم وجده فاسدا نظر إن لم يكن لمكسوره قيمة كالبيض الفاسد والبطيخ الأسود رجع بجميع
الثمن لأن العقد ورد على ما لا منفعة فيه فلم يكن صحيحا وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم بفساد البيع لا لهذه العلة بل إن الرد يثبت على سبيل استدراك الظلامة وكما يرجع
بجزء من الثمن عند إنتقاص جزء من المبيع ويرجع بكله عند فوات كل المبيع وتظهر فايدة الخلاف في أن القشور الباقية بمن تختص حتى يكون عليه تطهير الموضع عنها وإن كان
لفاسده قيمة كالبطيخ الحامض أو المدود بعض الأطراف فله الأرش ولا رد لتصرفه وللشافعية تفصيل قالوا إن للكسر حالية إحديهما أن لا يوقف على ذلك الفاسد إلا
بمثله فقولان أحدهما لا رد كما قلنا وبه قال أبو حنيفة والمزني كما لو عرف بعيب الثوب بعد قطعه وعلى هذا هو كساير العيوب الحادثة فيرجع المشترى بأرش القديم والثاني
له الرد وبه قال مالك واحمد في رواية لأنه نقص لا يعرف العيب إلا به فلم يمنع الرد كالمصراة فإن أثبتنا له الرد فهل يغرم أرش الكسر قولان أحدهما نعم كالمصراة والثاني لا لأنه
لا يعرف العيب إلا به فهو معذور فيه والبايع بالبيع فإنه سلطه عليه وإن قلنا بالأول غرم ما بين قيمته صحيحا فاسد اللب ومكسورا فاسد اللب ولا ينظر إلى الثمن الحالة الثانية
أن يمكن الوقوف على ذلك الفاسد بأقل من ذلك الكسر فلا رد كما في ساير العيوب إذا عرفت هذا فكسر الجوز ونحوه ونقب النارنج من صور الحالة (الأولى وكسر النارنج صور الحالة صح) الثانية وكذا البطيخ
الحامض إذا أمكن معرفة حموضة يغرر بشئ فيه وكذا التقوير الكبير إذا أمكن معرفتها بالتقوير الصغير والتدويد لا يعرف إلا بالتقوير وقد يحتاج إلى الشق ليعرف و
ليست الحموضة عيبا في الرمان بخلاف البطيخ ولو شرط حلاوة الرمان فظهرت حموضة بالعزز كان له الرد وإن كان بالكسر أو الشق فالأقرب لا غير. مسألة. إذا
باع الثوب المطوى صح البيع إذا علم باطنه لظاهره ولو كان مطويا على طاقين فكذلك لأنه يرى جميع الثوب من جانبيه إن تساوى الوجهان المطويان وإلا فلا فلو اشترى
ثوبا مطويا أو ثوبا ينتقص بالنشر فنشره ووقف على عيب لا يوقف عليه إلا بالنشر فلا رد لانتقاصه بالنشر بل له الأرش وللشافعي قولان تقدما في البطيخ وشبهه. مسألة
الفسخ يرفع العقد من حين وقوعه لا من أصله لأن العقد لا ينعطف حكمه على ما مضى فكذا الفسخ وهو أصح قولي الشافعية وفي الثاني إذا اتفق الفسخ قبل القبض يرد
العقد من أصله لضعف العقد فإذا فسخ فكأنه لا عقد وليس بشئ ولهم وجه آخر إنه يرفع العقد من أصله مطلقا إذا عرفت هذا فعندنا أن الاستخدام بل كل تصرف يصدر
من المشترى قبل علمه بالعيب أو بعده يمنع الرد إلا في وطى الجارية الحامل وحلب المصراة خاصة وقال الشافعي الاستخدام لا يمنع من الرد بالعيب وكذا وطى الثيب فإذا
ردها لم يضم إليها مهرا عنده وبه قال مالك واحمد في رواية لأنه معنى لا يوجب نقصا ولا يشعر رضا فأشبه الاستخدام والأصل ممنوع وقال أبو حنيفة إنه يمنع الرد كقولنا
ولو وطيها البايع بشبهة فكوطئ المشترى لا يمنع الرد ووطئها عن رضا منها زنا وهو عيب حادث هذا إذا وطئت بعد القبض ولو وطئها المشترى قبل القبض فلا رد
عندنا وقال الشافعي له الرد ولا يصير قابضا لها ولا مهر عليه إن سلمت وقبضها وإن تلفت قبل القبض فلا مهر عليه لأنه وطى صادف ملكا وللشافعية وجهان أحدهما هذان
والثاني إن عليه المهر للبايع وهما مبنيان على أن العقد إذا انفسخ بتلف قبل القبض الفسخ من أصله أو من حينه وأصحهما عندهم الثاني وإن وطئها أجنبي وهي زانية فهو عيب
531

حدث قبل القبض وإن كان مكرهة فللمشتري المهر ولا خيار له بهذا الوطي ووطى البايع كوطئ الأجنبي لكن لا مهر عليه إن قلنا أن جناية البايع قبل القبض كالآفة السماوية
والوجه عندنا إن عليه المهر وأما البكر فافتضاضها بعد العقد نقص حادث وقبله جناية على المبيع قبل القبض وإن افتضها الأجنبي بإصبعه فعليه ما نقص من قيمتها
وإن افتضها بالجماع فعليه المهر وأرش البكارة ولا يداخل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني الأصح عندهم الدخول فعليه مهر مثلها بكرا وعلى الأول عليه أرش البكارة و
مهر مثلها ثيبا ثم المشترى إن أجاز العقد فالجمع له وإلا بقدر أرش البكارة للبايع لعودها إليه ناقصة والباقي للمشتري وإن افتضها البايع فإن أجاز المشترى فلا
شئ على البايع إن قلنا جنايته كالآفة السماوية إن قلنا إنها كجناية الأجنبي والحكم كما في الأجنبي وإن فسخ المشترى فليس على البايع أرش البكارة وهل عليه
مهر مثلها هنا إن افتض بالجماع يبنى عليه أن جنايته كالآفة السماوية أو لا وإن افتضها المشترى استقر عليه من الثمن بقدر ما نقص من قيمتها فإن سلمت حتى قبضها فعليه
الثمن بكماله وإن تلفت قبل القبض فعليه بقدر نقصان الافتضاض من الثمن وهل عليه مهر مثل ثيب إن افتضها بالجماع يبنى على أن العقد ينفسخ من أصله أو من حينه
هذا هو الصحيح عندهم وفيه وجه إن افتضاض المشترى قبل القبض كافتضاض الأجنبي. مسألة. لو باع شيئا ثم ظهر المشترى على عيب ولم يتصرف كان له الرد والأرش
فإن اختار الرد فلا يخلو إما أن يكون العين قائمة بحالها فيردها أو ينقص وقد ينتقص عند المشترى وقد مضى حكمه أو يزيد فلا يخلو إما أن يكون هذه الزيادة متصلة كسمن
الجارية وتعلم العبد الصنعة أو القرآن وكبر الشجرة فهذه الزيادة تابعة لرد الأصل ولا شئ على البايع بسببه أو تكون منفصلة كالولد والثمرة وكسب العبد ومهر
الجارية الموطوءة بالشبهة أو بالزنا إن أثبتنا فيه مهر الأمة وأجرة الدابة إذا ركبت من غير إذن المشترى عندنا
وبإذنه عند الشافعي فهذه الزيادة لا تتبع الرد بالعيب بل تسلم
للمشترى ويرد الأصل دون هذه الزيادة وبه قال الشافعي واحمد لأن هذه حصلت في ملك المشتري ولان مخلد بن حداف ابتاع غلاما فاستعمله ثم أصاب به عيبا فقضى
له عمر بن عبد العزيز برده وغلته فأخبره عروة عن عايشة إن النبي صلى الله عليه وآله قضى في مثل هذا إن الخراج بالضمان فرد عمر قضائه وقضى لمخلد بالخراج ومعنى الحديث أن ما يخرج من المبيع
من فايدة وغلة فهو للمشترى في مقابلة أنه لو تلف كان من ضمانه بخلاف الغاصب لان المشترى مالك للعين والغاصب غير مالك وقال مالك إن كان النماء ولدا رده معها
وإن كان ثمرة رد الأصل لأنه حكم تعلق برقبة الام فوجب أن يسرى إلى الولد كالكتابة وهو خطأ لان الرد ليس بمستقر ومتى حدث عيب عند المشترى منع الرد ولان الولد
ليس بمبيع فلا يمكن رده بحكم رد الام وقال أبو حنيفة النماء يمنع من الرد بالعيب لان الرد في الأصل لعذر لأنه لا يمكن رده منفردا عن نمائه لان النماء موجبه فلا يرفع
العقد مع بقاء موجبه ولا يمكن رده معه لأنه لم يتناوله العقد فإذا تعذر الرجوع فالأرش وليس بصحيح لان هذا إنما حدث في ملك المشتري فلم يمنع الرد كما لو حدث في
يد البايع وكما لو كان كسبا والنماء ليس موجبا بالعقد بل موجبه الملك كالكسب ولو أوجبه العقد لوجب أن يعود إلى البايع بفسخه وكذا يلحق بالنماء المنفصل ما يكسبه العبد
بعلمه أو يوهب له أو يوصى له فإن هذا يكون للمشترى. مسألة. لا فرق بين الزوايد الحادثة قبل القبض والزوايد الحادثة بعده إذا كان الرد بعد القبض وإن كان الرد
قبله فكذلك عندنا وللشافعية في الزوايد وجهان بناء على أن الفسخ والحال هذه رفع للعقد من أصله أو من حينه والأصح عندهم إنها تسلم للمشترى أيضا ولو كان المبيع
جارية فحبلت وولدت في يد المشترى فإن نقصت بالولادة سقط الرد بالعيب القديم وكان له الأرش وبه قال الشافعي لأنه حدث عنده عيب وإن لم يكن الولد مانعا وإن لم
ينقص فالأولى جواز ردها وحدها من دون الولد وهو أحد قولي الشافعية وأكثرهم عليه لان هذا التفريق موضع حاجة كما لو رهن جارية فولدت حرا يباع الرهن دون
الولد ومنهم من منع لان في ذلك تفريقا بين الام والولد فيتعين الأرش إلا أن يكون الوقوف على العيب بعد بلوغ الولد ستا فإنه لا يحرم بعده التفريق وكذا حكم الدابة
لو حملت عند المشترى وولدت فإن نقصت بالولادة فلا رد فيتعين الأرش وإن لم تنقص ردها دون ولدها لأنه للمشترى. مسألة. لو اشترى جارية حبلى أو
دابة حاملا ثم وجد بها عيبا فإن ظهر عليه قبل الوضع ردها حاملا لان الزيادة حدثت عند البايع والنماء فيها كالمتصل وإن ظهر عليه بعد الوضع فإن نقصت بالولادة
فلا رد إلا أن تضع في مدة ثلاثة فإن العيب الحادث فيها من غير جهة المشترى لا يمنع من الرد بالعيب السابق ويتعين الأرش وإن لم تنقص ردها ورد الولد معها لأنه جزء
من المبيع وله قسط من الثمن وله حكم بإنفراده وهو أحد قولي الشافعية وفي الآخر لا يرد الولد بناء على أن الحمل لا حكم له ولا يأخذ قسطا من الثمن فيكون بمنزله ما لو تجدد الحبل
عند المشترى وليس شيئا ويخرج على هذا الخلاف إنه هل للبايع حبس الولد إلى استيفاء الثمن وإنه لو هلك قبل القبض هل يسقط من الثمن بحصته وإنه هل للمشترى
بيع الولد قبل القبض فإن قلنا له قسط من الثمن جاز الحبس وسقط الثمن ولم يجز البيع وإلا انعكس الحكم. مسألة. لو اشترى نخلة عليها طلع غير مؤبر وجد
بها عيبا بعد التأبير ردها ورد الثمن أيضا لان لها قسطا من الثمن فإنها مشاهدة مستبقية (مشبهة خ ل) وللشافعية طريقان أظهرهما عندهم إنها على القولين في الحمل تشبيها للثمرة
في الكمام بالحمل في البطن والثاني القطع بأنه تأخذ قسطا من الثمن. مسألة. لو اشترى جارية حائلا وبهيمة حايلا فحبلت ثم اطلع على عيب فإن نقصت بالحمل فلا
رد إن كان الحمل في يد المشترى وبه قال الشافعي وإن لم ينقص لو كان الحمل في يد البايع فله الرد والحكم في الولد كما تقدم من أنه للمشترى لأنه نماء على ملكه وللشافعية ما تقدم
من الخلاف إن قلنا إنه يأخذ قسطا من الثمن يبقى للمشترى فيأخذه إذا انفصل وحكى بعضهم وجها آخر لأنه لاتصاله بالام عند الرد وإن قلنا إنه لا يأخذ قسطا من الثمن
فهو للبايع ويكون تبعا للام عند الفسخ كما يكون تبعا لها عند العقد وأطلق بعض الشافعية إن الحمل الحادث نقص إما في الجواري فلانه يؤثر في النشاط والجمال وإما
في البهايم فلانه ينقص لحم المأكول وينقص الحمل عليها والركوب ولو اشترى نخلة واطلعت في يده ثم اطلع على عيب فالأقرب إن إطلع الآن نماء منفصل متميز عن الأصل
كالحبل لو تجدد عند المشترى وللشافعية وجهان ولو كان على ظهر الحيوان صوف عند البيع فخبره ثم عرف به عيبا فعندنا يسقط الرد بالتصرف ويتعين له الأرش
وقال الشافعي له الرد ويرد الصوف معه فإن استجز بانيا وجزه ثم عرف العيب القديم لم يكن له الرد عندنا بل الأرش وقال الشافعي له الرد ويرد الصوف الأول لا الثاني
لحدوثه في ملكه ولو لم يجزه رده تبعا وبه قال الشافعي لأنه كالمتصل ولو اشترى أرضا وبها أصول الكراث ونحوه لم يدخل في المبيع وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني
يدخل فعلى الدخول إن أثبت في يد المشترى ثم ظهر على عيب في الأرض يرد الأرض ويبقى الثابت للمشترى فإنها ليست تبعا في الأرض ولهذا لا يدخل الظاهر منها في
ابتداء البيع فيه. مسألة. الثمن المعين إذا خرج معيبا يرده البايع بالعيب ما لم يتصرف كالمبيع وبه قال الشافعي وإن لم يكن معينا استبدل به ولا يفسخ العقد سواء
خرج معيبا بخشونة أو سواد أو ظهر إن سكته مخالفة لسكة النقد الذي تعاقدا عليه لو خرج نحاسا أو رصاصا ولو تصارفا وتقابضا ثم وجد أحدهما بما قبض خللا فإن
كانا معنيين وخرج من غير الجنس يبطل الصرف وللشافعية قولان هذا أحدهما والثاني إنه صحيح تغليبا للإشارة هذا إذا كان له قيمة وإن لم يكن له قيمة
بطل إجماعا وإن خرج بعضه بهذه الصفة بطل العقد فيه وفي الباقي قولا تفريق الصفقة للشافعية وإن لم يبطل فله الخيار وإن أجاز (بعضه صح) فإن كان الجنس مختلفا بأن
532

يتبايعا فضة بذهب فالقولان في أن الإجازة بجميع الثمن أو بالحصة وإن كان متفقا فالإجازة بالحصة لامتناع الفصل وإن خرج خشنا أو أسود فلآخذه الخيار ولا
يجوز الاستبدال فإن خرج بعضه فله الخيار وليس له فسخ المعيب وإجازة الباقي وللشافعية قولا تفريق الصفقة فإن جوزنا فالإجازة بالحصة لأن العقد صح في الكل فإذا ارتفع
كان بالقسط وإن كانا غير معنيين فإن خرج أحدهما نحاسا وهما في المجلس استبدل وإن تفرقا قبله بطل العقد لان المقبوض غير ما ورد عليه العقد وإن خرج خشنا
أو أسود فإن لم يتفرقا تخير بين الرضا به والاستبدال وإن تفرقا ففي أن له الاستبدال للشافعية قولان أحدهما لا لأنه قبض بعد التفرق وأصحهما نعم كالمسلم فيه إذا أخرج
معيبا والأصل فيه إن القبض الأول صحيح إذا رضي به جاز والبدل مأخوذ فقام مقام الأول ويجب أخذ البدل قبل التفرق عن مجلس الرد وإن خرج البعض كذلك
وتفرقا فإن جوزنا الاستبدال استبدل وإلا تخير بين فسخ الجميع والإجازة وفي أن له فسخ المعيب خاصة قولا تفريق الصفقة وحكم رأس مال المسلم حكم عوض الصرف ولو
وجد أحد المتصارفين بما أخذ عيبا بعد تلفه فإن كان العقد على معنيين فاختلف الجنس فهو كبيع العرض بالنقد وإن كان متفقا فالخلاف الذي سبق لهم في الحلي
وإن ورد على ما في الذمة ولم يتفرقا بعد عزم ما تلف عنده ويستبدل وكذا إن تفرقا وجوزنا الاستبدال ولو وجد المسلم إليه برأس مال السلم عيبا بعد تلفه عنده
فإن كان معينا أو في الذمة وعين وقد تفرقا ولم يجوز الاستبدال فيسقط من المسلم فيه بقدر نقصان العيب من قيمة رأس المال فإن كان في الذمة وهما في المجلس يغرم
التالف ويستبدل وكذا إن كان بعد التفرق وجوزنا الاستبدال. مسألة لو اشترى عبدا بمأة ثم دفع بالمائة ثوبا برضا البايع ثم وجد المشترى بالعبد عيبا
ورده فالوجه إنه يرجع بالمائة لان الثوب ملك بعقد اخر وهو أحد قولي الشافعية والثاني إنه يرجع بالثوب لأنه إنما ملك الثوب بالثمن فإذا فسخ البيع سقط الثمن عن ذمة المشتري
فينفسخ بيع الثوب به ولو مات العبد قبل القبض وانفسخ البيع قال ابن شريح يرجع بالألف دون الثوب لأن الانفساخ بالتلف يقطع العقد ولا يرفعه من أصله
وهو الأصح عندهم وفيه وجه آخر لهم. مسألة. لو باع عصيرا فوجد المشترى به عيبا بعد إن صار خمرا لم يكن الرد فتعين له الأرش وبه قال الشافعي فإن تخلل فللمشتري رده
وهل للبايع أن يسترده ولا يدفع الأرش قال الشافعي نعم وليس بجيد على ما تقدم ولو اشترى ذمي خمرا من ذمي ثم أسلما وعرف المشترى بالخمر عيبا فلا رد بل يأخذ الأرش و
لو أسلم البايع وحده (فلا رد أيضا ولو أسلم المشترى وحده صح) فله الرد قاله ابن شريح لان المسلم لا يملك الخمر بل تزيل يده عنه. مسألة. الإقالة فسخ عندنا على ما يأتي وليست بيعا فلو اشترى سلعة ثم
تقايلا فوجد بها عيبا حدث عند المشترى كان له فسخ الإقالة ورده بالعيب لان هذا العيب من ضمان المشترى فهو بمنزلة أن يجد عيبا في المبيع. مسألة. قد بينا
إنه يصح بيع العين الغايبة الشخصية مع ذكر الجنس وكل وصف يثبت الجهالة بفقده وهو أحد قولي الشافعي والآخر لا يشترط الوصف مطلقا فعلى هذا الثاني لو رآه
ثبت له الخيار عنده وعلى الأول إن وجده ناقصا عنها كان له الخيار على وفق مذهبنا كما إذا دفع مال المسلم فيه ناقصا عن صفته إلا أن في السلم يلزمه أبدا له لان
المعقود عليه كلي يثبت في الذمة وهنا عين شخصية فيكون له الخيار في إمضاء العقد وفسخه لأن العقد تعين به ولا أرش له للأصل فإن وجده على الصفات المذكورة
لزمه البيع ولا خيار له عندنا لعدم موجبه وهو أحد وجهي الشافعي وبه قال احمد لان المعقود عليه سلم له بصفاته فأشبه المسلم فيه والثاني وهو ظاهر مذهبهم إنه يثبت له الخيار
للاجماع على تسمية بيع خيار الرؤية فينبغي أن يثبت فيه الخيار ولان الرؤية تمام هذا العقد لأن العقد قائم قبله لأنه موقوف على مشاهدته ووجود الصفات فيه فإذا
كان عند الرؤية يتم العقد يثبت الخيار عقيبه كبيع العين الحاضرة يثبت الخيار عقيب العقد في المجلس بخلاف السلم لأن العقد قد تم قبل رؤيته لأنه معقود على
الموصوف دون العين وليس بشئ فإن التسمية لا يجب عمومها ووقوف العقد على المشاهدة ظاهرا لا يوجب وقوفه في نفس الامر لأنه إذا كان على الصفات لم يكن موقوفا
على شئ بل يكون لازما وعلى قول الخيار هل يثبت على الفور أو على المجلس للشافعي وجهان أحدهما على المجلس لأنه ثبت بمقتضى العقد كان على المجلس كخيار المجلس
والثاني يكون على الفور لأنه معلق بمشاهدة المبيع فكان على الفور كخيار رد العيب لأنه يتعلق بمشاهدة العيب وهذا ساقط عندنا. مسألة. البايع إذا لم يشاهد
المبيع صح إن وصف له وصفا يرفع الجهالة وإلا فلا وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني يصح ويثبت له الخيار لأنه جاهل بصفة المعقود عليه فأشبه المشترى وقال أبو حنيفة
لا خيار له في الرؤية التي رجع إليها لان عثمان وطلحة تناقلا داريهما إحديهما بالكوفة والاخرى بالمدينة فقيل لعثمان إنك غبنت فقال لا أبالي لانى بعت ما لم أره وقيل
لطلحة فقال لي الخيار لانى اشتريت ما لم أره فتحاكما إلى جبير بن مطعم فجعل الخيار لطلحة ولانا لو جعلنا الخيار للبايع لكنا قد أثبتنا له الخيار لتوهم الزيادة والزيادة في
المبيع لا تثبت الخيار فإنه لو باع شيئا على أنه معيب فبأن سليما لم يثبت الخيار (بخلاف المشترى لأنه يثبت الخيار صح) له لتوهم النقصان والخبر لا حجة فيه والخيار لا يتعلق بالزيادة والنقصان فإن المشترى
لو قال هو أجود مما ظننته وقد اخترت الفسخ كان له وكذا صاحب خيار المجلس والشرط له الفسخ ولا يشترط زيادة ولا نقصان يبطل أيضا بما لو باع ثوبا على أنه عشرة
أذرع فظهر أحد عشر فإنه يثبت للبايع الخيار عنده ولو كان البايع شاهد المبيع ولم يشاهده المشترى فلا خيار للبايع إذا لم يرد وهو قولي الشافعي لأنه أحد المتبايعين
فلا يثبت له خيار الرؤية مع تقدمها كالمشتري وحكى أبو حامد وجها إنه يثبت للبايع أيضا لأنه خيار ثبت بمطلق العقد فيشترك فيه البايع والمشترى كخيار المجلس وليس
بصحيح لان المشترى إنما يثبت له لعدم الرؤية لا لأجل العقد بخلاف خيار المجلس. مسألة. إذا اختار إمضاء العقد قبل الرؤية ولم يوصف المبيع كان البيع باطلا
ويصح عند الشافعي وحينئذ لو اختار الامضاء لم يصح لان الخيار يتعلق بالرؤية ولأنه يؤدى إلى أن يلزمه المبيع المجهول الصفة ولو فسخ قبل الرؤية جاز لجواز الفسخ في المجهول
ولو تقدمت رؤيتهما على المبيع وعرفاه ثم غاب عنهما جاز بيعه عملا بأصالة الاستصحاب ولأنه مبيع معلوم عندهما حالة العقد فأشبه ما إذا شاهداه وقال بعض
الشافعية لا يصح البيع حتى يشاهداه حالة التبايع وهو محكى عن الحكم وحماد لان ما كان شرطا في صحة العقد يجب أن يكون موجودا حالة العقد كشهادة النكاح والفرق
إن الشهادة تراد لتحمل العقد والاستيثاق عليه فلهذا اشترطت حال العقد وينتقص بما لو شاهدا دارا ثم وقفا في بعض بيوتها أو في صحتها وتبايعاها أو شاهدا
أرضا ثم وقفا في طرفها وتبايعاها وهو جايز بالاجماع مع أن مشاهدة الكل لا توجد حال العقد. مسألة. إذا كان المبيع مما لا يتغير كالحديد والنحاس و
الرصاص وباعه بالوصف أو كان قد شاهده صح فإن وجده بحال لزم البيع وإن كان ناقصا ثبت الخيار لان ذلك كحدوث العيب وبه قال الشافعي ولو اختلفا فقال
البايع هو بحاله وقال المشترى قد نقص للشافعي قولان أحدهما تقديم قول المشترى لان الثمن يلزمه ولا يلزمه إلا ما اعترف به ولو كان المبيع طعاما يفسد فعقدا
عليه وقد مضى زمان يفسد في مثله لم يصح البيع وبه قال الشافعي ولو كان الزمان مما يحتمل الفاسد فيه والصحة فالأقوى الصحة عملا باستصحاب الحال ومنع الشافعي
منه ولو كان حيوانا جاز بيعه لأصالة البقاء وهو أحد قولي الشافعي وحكى عن المزني وعن ابن أبي هريرة أنه إن طالت المدة لم يجز لأنه بيع الغرر وهو ممنوع لأصالة
السلامة والبقاء. مسألة. المشهور عند علمائنا إن الملك ينتقل بنفس الايجاب والقبول إلى المشترى انتقالا غير لازم إن اشتمل على خيار ويلزم بانقضائه
533

والملك في الثمن للبايع وهو أحد أقوال الشافعي وبه قال احمد لقوله (ع) من باع عبدا وله مال فماله للبايع إلا أن يشترطه المبتاع ولأنه عقد معاوضة يقتضى
الملك فلزمه بنفس العقد كالنكاح والثاني للشافعي إنه ينتقل بالعقد وانقضاء الخيار فيكون في مدة الخيار للبايع
والملك في الثمن للمشترى وبه قال أبو حنيفة ومالك.
إلا أنهما قالا لا يثبت خيار المجلس فيكون ذلك في خيار الشرط لأنه ايجاب غير لازم مع سلامة المعقود عليه فلم ينتقل الملك كعقد الهبة والفرق ظاهر فان الهبة ليست عقد
معاوضة بل هي تبرع محض وعدم اللزوم لا يمنع الملك في المعاوضات كما لو كان معيبا والثالث إن الملك مراعى فإن فسخا تبينا إن الملك لم ينتقل بالعقد وإن أجازا تبينا
إنه انتقل بالعقد من حين العقد لان البيع سبب الزوال إلا أن شرط الخيار يشعر بأنه لم يرض بعد بالزوال جزما فوجب ان يتربص وينظر فيه عاقبة الامر ولان العقد لو أوجب
الملك لأجاز التصرف ولا يجوز أن يتعلق الملك بالتفرق بالأبدان لان ذلك ليس من أسباب الملك فلم يبق إلا أنه يملك بالعقد وتبيين ذلك بالفرق وهل يلزم عليه البيع
قبل القبض والرهن فإن الملك حاصل فيه والتصرف لا يجوز إذا ثبت هذا فلا فرق عند الشافعي بين أن يكون الخيار لهما أو لأحدهما وبه قال مالك لأنه بيع مع نقل الملك
البايع فوجب أن ينقله إلى المشترى كما لو لم يكن لهما خيار وقال أبو حنيفة كان الخيار لهما أو للبايع لم ينتقل ملكه وإذا كان للمشترى وحده خرج المبيع من ملك البايع
ولا يدخل في ملك المشتري لأنه شرط الخيار لنفسه فلم يزل ملكه عن الثمن ولا يجوز أن يجتمع له الثمن والمثمن فيما يصح تمليكه وليس بجيد لان الخيار لا يمنع انتقال الملك
على أن هذا القول يستلزم المحال وهو ثبوت ملك لغير المالك إذا عرفت هذا فللشافعية طرق في موضع الأقوال أحدها أن الخلاف فيما إذا كان الخيار لهما إما بالشرط
أو في خيار المجلس أما أذا كان لأحدهما فهو المالك للمبيع لنفوذ تصرفه فيه والثاني إنه لا خلاف في المسألة ولكن إن كان الخيار للبايع فالملك له وإن كان للمشترى فهو له
وإن كان لهما فهو موقوف وينزل الأقوال على هذه الأحوال والثالث طرد الأقوال في الأحوال وهو أظهر عند عامة الشافعية وإذا جرت الأقوال فالأظهر منها قال أبو
حامد الاظهر إن الملك للمشترى وبه قال الجويني وقال بعضهم الاظهر الوقف والأشبه عندهم أنه إن كان الخيار للبايع فالأظهر بقاء الملك له وإن كان للمشترى فالأظهر
انتقاله وإن كان لهما فالأظهر الوقف. مسألة. كسب العبد والجارية المبيعين في زمن الخيار للمشترى لانتقال الملك إليه عندنا وقال الشافعي إن قلنا الملك
للمشترى أو إنه موقوف فالنماء له وإن قلنا الملك للبايع فوجهان قال الجمهور الكسب للبايع لأنه المالك حال حصوله وقال بعضهم إنه للمشترى لان سبب ملكه موجود أولا
وقد استقر عليه آخرا فيكتفي به وإن فسخ البيع فهو للبايع إن قلنا الملك للبايع أو موقوف وإن قلنا للمشترى فوجهان أصحهما إنه له وعن أبي إسحاق إنه للبايع نظرا إلى المال
وقال بعضهم الوجهان مبنيان على أن الفسخ رفع للعقد من حينه أو من أصله إن قلنا بالأول فهو للمشترى وإن قلنا بالثاني فللبايع واللبن والبيض والثمرة ومهر الجارية بوطئ
الشبهة كالكسب. مسألة. فإذا حملت الجارية أو الدابة عند المشترى في زمان الخيار لامتداد المجلس أو للشرط عندنا فهو كالكسب وهو عندنا للمشترى وعندهم
على ما تقدم من الأقوال أما لو كانت الجارية والدابة حاملين عند البيع وولدت في زمان الخيار فحكمه حكم النماء المتصل كسمن الدابة وقال الشافعي يبنى على أن الحمل هل يأخذ
قسطا من الثمن وفيه قولان أحدهما لا لان الحمل كالجزء منها فأشبه ساير الأعضاء فعلى هذا هو كالكسب بلا فرق وأصحهما نعم كما لو بيع بعد الانفصال مع الام فالحمل و
الام على هذا عينان بيعا معا فإن فسخ البيع فهما معا للبايع وإلا فللمشتري. مسألة. إذا كان المبيع رقيقا فاعتقه البايع في زمان الخيار المشروط لهما أو للبايع فالأقرب
نفوذ عتقه وبه قال الشافعي (على كل قوم صح) أما إذا كان الملك له فظاهر وأما على غير هذا القول فلانه بسبيل من فسخ والاعتاق يتضمن الفسخ فينتقل الملك إليه قبله ويحتمل أن يقال
لا يصح لعدم مصادفة العتق الملك لكن يبطل البيع لان العتق وإن كان باطلا على هذا الاحتمال إلا أنه أبلغ في الفسخ وإن أعتقه المشترى فإن كان الخيار له خاصة نفذ
العتق مطلقا لأنه إما مصادف للملك أو إجازة والتزام بالمبيع وليس فيه إبطال حق البايع إذ لا خيار له وإن أعتقه البايع والخيار للمشترى لم يصح لأنه لم يصادف ملكا وعند الشافعي
لا ينفذ أن قال إن الملك للمشترى ثم البيع أفسخ ويجئ فيما لو فسخ الوجه الناظر إلى المال وإن قال بالوقف لم ينفذ إن تم البيع وإلا نفذ وإن قال إنه للبايع فإن اتفق الفسخ
نفذ وإلا فقد أعتق ملكه الذي تعلق به حق لازم فصار كاعتاق الراهن وإن كان الخيار للبايع أو لهما فاعتقه المشترى فالأقوى النفوذ لأنه صادف ملكا ثم إما أن يجعل
العتق كالتلف أو يجعله موقوفا كعتق الراهن وقال الشافعي إن قلنا إن الملك للبايع لم ينفذ إن فسخ البيع وإن تم فكذلك في أصح الوجهين والثاني ينفذ اعتبارا بالمال و
إن قلنا بالوقف فالعتق موقوف أيضا إن تم العقد بأن نفوذه وإلا فلا وإن قلنا الملك للمشتري ففي نفوذ العتق وجهان أصحهما وهو ظاهر النص إنه لا ينفذ ضياعة لحق البايع
من الأبطال وعن ابن شريح إنه ينفذ لمصادفة الملك كما قلنا ثم اختلفوا فبعضهم قال ينفذ مطلقا سواء كان مؤسرا أو معسرا وبعضهم فرق إن كان مؤسرا نفذ عتقه وإن
كان معسرا فلا كالراهن فإن قلنا لا ينفذ فاختار البايع الإجازة ففي الحكم بنفوذه الآن وجهان إن قلنا ينفذ فمن وقت الإجازة أو الاعتاق وجهان أظهرهما الأول و
إن قلنا بقول ابن شريح ففي بطلان خيار البايع وجهان أحدهما البطلان وليس له إلا الثمن وأظهرهما إنه لا يبطل ولكن لا يرد العتق بل يأخذ القيمة لو فسخ كما في نظيره في الربا بالعيب
فإنه لو اشترى عبدا بثوب واعتق المشترى العبد ووجد البايع بالثوب عيبا فإنه يرده ويرجع بقيمة العبد خاصة كذا هنا ولو اشترى من يعتق عليه كأبيه وابنه عتق
عليه في الحال عندنا لثبوت الملك للقريب وقال الشافعي إنه كإعتاق المشترى في الخيار وقد قدم. مسألة. إذا كان الخيار لهما أو للبايع ففي إباحة وطى البايع
إشكال ينشأ من انتقال الملك عنه فيكون الوطي قد صادف ملك الغير فيكون محرما ومن أنه أبلغ في التمسك بالمبيع وفسخ البيع من الفسخ وللشافعية طرق أحدها إن جعلنا
الملك له فهو حلال وإلا فوجهان الحل لأنه يتضمن الفسخ على ما يأتي وفي ذلك عود الملك إليه معه أو قبيله والثاني إنا إن لم نجعل الملك له فهو حرام وإن جعلناه فوجهان
التحريم لضعف الملك والثالث القطع بالحل على الاطلاق والظاهر من هذا كله عندهم الحل إن جعلنا الملك له والتحريم إن لم نجعله له ولا مهر عليه عندهم بحال وأما إن
وطى المشترى فهو حرام عندهم أما إن لم يثبت الملك له فظاهر وأما إن أثبتناه فهو ضعيف كملك المكاتب ولا حد عليه على الأقوال لوجود الملك لو شبهه وهل يلزم المهر إن تم
البيع بينهما فلا وإن قلنا إن الملك للمشترى أو موقوف وإن قلنا إنه للبايع وجب المهر له وعن أبي إسحاق إنه لا يجب نظرا إلى الحال وإن فسخ البيع وجب المهر للبايع إن
قلنا الملك له أو موقوف وإن قلنا إنه للمشترى فلا مهر عليه في أصح الوجهين ولو أولدها فالولد حر ونسيب على الأقوال وهل يثبت الاستيلاد إن قلنا الملك للبايع
فلا ثم إن تم أو ملكها بعد ذلك ففي ثبوته حينئذ قولان كالقولين فيما إذا وطى جارية الغير للشبهة ثم ملكها وعلى الوجه الناظر إلى المال إذا تم البيع نفذ الاستيلاد
بلا خلاف وعلى القول الوقف إن تم البيع ظهر ثبوت الاستيلاد وإلا فلا ولو ملكها يوما عاد القولان وعلى قولنا إن الملك للمشترى ففي ثبوت الاستيلاد
الخلاف المذكور في العتق فإن لم يثبت في الحال وتم البيع بأن ثبوته ثم رتبوا الخلاف
في الاستيلاد على الخلاف في العتق واختلفوا في كيفيته قال بعضهم الاستيلاد أولي بالثبوت وعكسه آخرون وقيل بالتساوي لتعارض الحصتين والقول في وجوب قيمة
534

الولد على المشترى كالقول في المهر نعم إن جعلنا الملك للبايع وفرضنا تمام البيع فللوجه الناظر إلى المآل مأخذ آخر وهو القول بأن الحمل لا يعرف أما إذا كان الخيار
للمشترى وحده فحكم حل الوطي كما في حل الوطي للبايع إذا كان الخيار له أو لهما وأما البايع فيحرم عليه الوطي هنا ولو وطى فالقول في وجوب المهر وثبوت الاستيلاد ووجوب
القيمة كما قلنا في طرف المشترى إذا كان الخيار لهما أو للبايع إذا تقرر هذا ظهر إن المشترى ليس له الوطي في مدة الخيار فإن وطى تعلق بوطيه أحكام ستة ثلاثة منها لا
تختلف باختلاف الأقاويل وثلاثة تختلف باختلاف الأقاويل فأما ما لا يختلف فسقوط الحد ونسب الولد وحريته لان الوطي صادف ملكا أو شبهه فدرء الحد فثبت النسب
والحرية وأما التي تختلف فالمهر وقيمة الولد وكونها أم ولد فإن أجاز البايع البيع وقلنا الملك يثبت بالعقد أو يكون مراعى فقد صادف الوطي الملك فلا مهر ولا قيمة
ولد وتصير أم ولد وإن قلنا ينتقل بالبيع وانقطاع الخيار فقد وطى في ملك البايع فيجب المهر وفي قيمة الولد وجهان بناء على القولين في أن الحمل هل له حكم إن قلنا به وجب لان
العلوق كان في ملك البايع وإن قلنا لا حكم له لم يجب بل يوضع في ملك المشتري وفي الاستيلاد وجهان وإن فسخ البايع العقد فإن قلنا إن الملك لا ينتقل بالعقد أو قلنا
مراعى فقد صادف الوطي ملك البايع فيجب المهر وقيمة الولد ولا تصير أم ولد إلا أن ينتقل إلى المشتري بسبب آخر فالقولان فإن قلنا إن الملك ينتقل إلى المشترى بالعقد
فالأصح إنه لا يجب المهر وقال بعضهم يجب لأنها وإن كانت ملكه إلا أن حق البايع متعلق بها وليس بصحيح لان وطيه صادف ملكه ولو كان تعلق حقه يوجب المهر لوجب وإن
أجاز البايع لان حقه كان متعلقا بها حال الوطي ويجب قيمة الولد لأنها وضعته في ملك البايع وأما الاستيلاد فقال الشافعي لا يثبت في الحال وعلى قول أبى العباس تصير
أم ولد وبكم يضمنها وجهان أحدهما بالثمن والثاني بقيمتها. مسألة. قد عرفت فيما سبق أن خيار المشترى يسقط بوطيه بل وبكل تصرف حصل منه من بيع وغيره
وللشافعي في سقوط خياره بوطيه وجهان أحدهما لا يسقط لان وطيه لا يكون اختيارا لان الوطي لا يمنع الرد بالعيب فكذا لا يبطل خيار الشرط كما في الاستخدام والثاني يبطل لان
الوطي لو وجد من البايع كان دلالة على اختياره المبيع فإذا وجد قبل العلم بالاختيار لم يكن رضا بالمبيع ولو كان بعد العلم به سقط خياره إجماعا ويكون له الأرش عندنا
قالت الشافعية إذا قلنا الوطي يسقط خياره فكذا إذا باعها أو رهنها وأقبضها أو وقفها فإن ذلك يصح ويسقط خياره وإن قلنا إن الوطي لا يسقط خياره
لم يسقط بهذه العقود أيضا. مسألة. إذا وطى المشترى في مدة خيار البايع ولم يعلم به البايع لم يسقط خياره وبه قال الشافعي وإن صارت أم ولد احتمل سقوطه
وعدمه ففي أخذه الام وجهان أحدهما له ذلك عملا بمقتضى أصالة الحق الذي كان ثابتا واستصحابه والثاني ليس له ذلك للنهي عن بيع أمهات الأولاد فينتقل
إلى القيمة إن اختار الفسخ وإن كان الوطي بعلمه فلم يمنعه ولم ينكره فالأقرب عدم سقوط حق البايع فإن السكوت لا يدل على الرضا كما لو وطى رجل أمة غيره وهو ساكت لم
يسقط مهرها عنه ولم يجعل سكوت مولاها رضا به وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يسقط خياره لان إقراره على ذلك يدل على رضاه بانفاذ البيع وليس بشئ وكذا لو
سكت عن وطى أمته لا يسقط به المهر ولو وطى بإذن حصلت الإجازة ولا مهر على المشترى ولا قيمة ولد ويثبت الاستيلاد بلا خلاف. مسألة. ولو وطئها البايع في
مدة خياره فإنه يكون فسخا للبيع لأنه لا يجوز أن يكون مجيزا للبيع ويطأها بل ذلك دلالة على اختيارها والرضا بفسخ العقد وبه قال الشافعي وقال المزني يدل على إنه
إذا طلق إحدى امرأتيه ثم وطى إحديهما يكون ذلك رضا بطلاق الأخرى أجاب بعض الشافعية بأن الطلاق إن كان معينا ثم أشكل لم يكن الوطي تعيينا وإن كان مبهما
ففي كون الوطي تعيينا للطلاق في الأخرى وجهان للشافعية أحدهما أن يكون تعيينا للطلاق فيكون هذه المسألة كمسألة البيع والثاني لا يكون تعيينا للطلاق و
الفرق بين هذا وبين وطى البايع إن النكاح والطلاق لا يقعان بالفعل مع القدرة على القول فكذا اختياره بخلاف الملك فإنه يحصل بالفعل كالسبي والاصطياد فكذا
استصلاحه جاز أن يحصل بالفعل ولهذا منعوا من الرجعة بالفعل وأما إذا باع جارية وأفلس المشترى بالثمن ثبت للبايع الرجوع فوطيها فهل يكون ذلك فسخا للبيع
للشافعية وجهان أحدهما يكون فسخا كما يكون فسخا في مدة الخيار والثاني لا يكون فسخا لان ملك المشتري مستقر فلا يزول بالوطي الدال على الفسخ بخلاف ملك المشتري
في مدة الخيار وكذا الوجهان لو اشترى ثوبا بجارية ثم وجد بالثوب عيبا فوطى الجارية ففي كونه فسخا وجهان. مسألة. لو تلف المبيع بآفة سماوية في زمن الخيار
فإن كان قبل القبض انفسخ البيع قطعا وإن كان بعده لم يبطل خيار المشترى ولا البايع وتجب القيمة على ما تقدم وقال الشافعي إن تلف بعد القبض وقلنا الملك
للبايع انفسخ البيع لأنا نحكم بالانفساخ عند بقاء يده فعند بقاء ملكه أولي فيسترد الثمن ويغرم للبايع القيمة وإن قلنا الملك للمشترى أو موقوف فوجهان أو
قولان أحدهما إنه ينفسخ أيضا لحصول الهلاك قبل استقرار العقد وأصحهما إنه لا ينفسخ لدخوله في ضمان المشترى بالقبض ولا أثر لولاية الفسخ كما في خيار العيب فإن قلنا
بالفسخ فعلى المشترى القيمة قال الجويني وهنا يقطع باعتبار قيمته يوم التلف لان الملك قبل ذلك للمشترى وإنما تعذر انتقاله إليه قبل التلف وإن قلنا بعدم الفسخ فهل
ينقطع الخيار وجهان أحدهما نعم كما ينقطع خيار الرد بالعيب بتلف البيع (أصحهما لا كمالا يمتنع التحالف بتلف المبيع صح) ويخالف الرد بالعيب لان الضرر هناك يندفع بالأرش فإن قلنا بالأول استقر العقد ولزم
الثمن وإن قلنا بالثاني فإن تم العقد لزم الثمن وإلا وجبت القيمة على المشترى واسترد الثمن فإن تنازعا في تعيين القيمة قدم قول المشترى ولبعض الشافعية طريقة
أخرى هي القطع بعدم الانفساخ وإن قلنا إن الملك للبايع وذكروا تفريعا عليه إنه لو لم ينفسخ حتى انقضى زمان الخيار فعلى البايع رد الثمن وعلى المشترى القيمة لأن المبيع
تلف على ملك البايع فلا يبقى الثمن على ملكه قال الجويني هذا تخليط ظاهر. مسألة. لو قبض المشترى المبيع في زمن الخيار وأتلفه متلف قبل انقضائه لم ينفسخ البيع ولا يبطل
الخيار لأصالتهما وقال الشافعي إن قلنا الملك للبايع انفسخ كما في صورة التلف لان نقل الملك بعد الهلاك لا يمكن وإن قلنا إنه للمشترى أو موقوف نظر إن أتلفه أجنبي
فيبنى على ما لو تلف إن قلنا ينفسخ العقد ثم فهذا كإتلاف الأجنبي المبيع قبل القبض وسيأتى وإن قلنا لا ينفسخ وهو الأصح فكذا هنا فعلى الأجنبي القيمة والخيار بحاله فإن تم
البيع فهي للمشترى وإلا فللبايع ولو أتلفه المشترى استقر الثمن عليه فإن أتلفه في يد البايع وجعلنا إتلافه فهو كما لو تلف في يده وإن أتلفه البايع في يد المشترى قال
بعضهم يبنى على أن إتلافه كالاف الأجنبي أو كالتالف بآفة سماوية وسيأتى. مسألة. لو تلف بعض المبيع في زمن الخيار بعد القبض كما لو اشترى عبدين فمات أحدهما في
يده سقط الخيار وكان له الأرش في عيبهما معا وليس له رد الباقي لان التشقيص عيب وقال الشافعية لو مات أحدهما ففي الانفساخ فيما تلف الخلاف السابق فإن قلنا بالفسخ
جاء في الانفساخ في الباقي قولا تفريق الصفقة وإن لم ينفسخ بقى خياره في الباقي وإن قلنا يجوز رد أحد العبدين إذا اشتراهما بشرط الخيار وإلا ففي بقاء الخيار
في الباقي الوجهان وإذا بقى الخيار فيه وفسخ رده مع قيمة التالف ولو اشترى عبدين ووجد بهما عيبا لم يكن له رد أحدهما خاصة بل يردهما أو يأخذ أرشهما وكذا لو
كان أحدهما معيبا فإن مات أحدهما في يده لم يكن له رد الثاني لان التشقيص عيب وللشافعية قولان بناء على تفريق الصفقة فإن قلنا لا يفرق رجع بأرش العيب
وإن قلنا يفرق فإنه يرده بحصته من الثمن وقال بعض الشافعية لو فسخ العقد فيهما ثم يرد الباقي وقيمة التالف ويسترجع الثمن ولا بأس بهذا القول عندي والأصل
535

فيه حديث المصراة فإن النبي صلى الله عليه وآله أمر برد الشاة وقيمة اللبن التالف. مسألة. لو اختلفا في قيمة التالف من العبدين فقال البايع قيمته عشرة وقيمة الموجود خمسة
ليخص التالف ثلثا الثمن وعكس القول المشترى فالباقي يمكن تقويمه وأما التالف فقد اختلف قول الشافعي فيه فقال تارة القول قول البايع مع يمينه لان البايع ملك
جميع الثمن فلا يزيل ملكه عن مقدار يعترف به وقال أخرى القول قول المشترى لأنه بمنزلة الغارم لان قيمة التالف إذا زادت زاد قدر ما يغرمه فهو بمنزلة السعير والغاصب
وقال بعض الشافعية الأول أصح لأنه بمنزلة المشترى والشفيع وإن القول قول المشترى وإن كان الغارم الشفيع لأنه يريد إزالة ملك المشتري عن الشقص الذي ملكه كذا هنا
يزيل ملك البايع عن الحق. مسألة. لو اشترى عبدين من رجل بألف صفقة فوجد بأحدهما عيبا لم يكن له رد المعيب بل إما أن يردهما معا أو يأخذ الأرش
وللشافعي قولان مبنيان تفريق الصفقة فإن قلنا (الصفقة صح) لا يفرق تخير بين رد الجميع والترك وإن قلنا يفرق فله رد الكل وله رد المعيب خاصة وقال أبو حنيفة له إمساك
الصحيح ورد المعيب إذا كان ذلك بعد القبض فأما قبل القبض فليس له لان قبل القبض عنده يكون تبعيضا للصفقة في الاتمام وبعد القبض تبعيض الصفقة
إلا أن يكون مما ينقض لأنهما عينان ولا ضرر في أفراد أحدهما عن الآخر ووجد سببا الرد في أحدهما بعد القبض فجاز افراده بالرد كما لو شرط الخيار في أحدهما قال الشافعية
ما لا يجوز تبعيض الصفقة فيه قبل القبض لم يجز بعده كزوجي خف ومصراعي باب وكذا قال أبو حنيفة إذا كان المبيع طعاما فأكل بعضه لم يرد الباقي لأنه يجرى مجرى
العقد الواحد لان العيب ببعضه عيب لجميعه فلم يكن له كما لو كان طعاما شرط الخيار يستوى فيه قبل القبض وبعده هناك رضي به
ولو رضي هنا بقبول بعضه جاز من الشافعية من يقول إن خيار الشرط أيضا مبنى على تفريق الصفقة فعلى القول بالرد فإنه يقوم الصحيح ويقوم المعيب ويقسم الثمن
على قدر قيمتها فما يخص المعيب يسقط عنه إذا ثبت هذا فلو أراد المشترى رد المعيب خاصة ورضى البايع جاز لان الحق لا يعدوهما وهو أصح وجهي الشافعية
ولو عرف بالعيب بعد بيع الصحيح لم يكن له رد الباقي عندنا وهو أصح قولي الشافعي ويرجع بالأرش ولو كان المبيع جملة يظهر فيها عيب بعد أن باع بعضها فلا
رد عندنا وله الأرش في الباقي والخارج وللشافعي في الباقي وجهان أصحهما إنه يرجع لتعذر الرد ولا ينظر عود الزايل ليرد الكل كما لا ينظر زوال الحادث والوجهان
جاريان في العبدين إذا باع أحدهما ثم عرف العيب ولم يجوز رد الباقي هل يرجع بالأرش وأما التالف بالبيع فحكمه حكم الكل إذا باعه. مسألة. لو اشترى عبدا ثم
مات المشترى وخلف وارثين فوجدا به عيبا لم يكن لأحدهما رد حصته خاصة للتشقيص وهو عيب حدث في يد المشترى لان الصفقة وقعت متحدة فلا يجب على البايع
أخذه بل له الأرش خاصة ولو اتفقا على الرد جاز قطعا وهو أصح قولي الشافعية وفيه وجه آخر لهم إنه ينفرد لأنه رد جميع ما ملك وليس بجيد لما بينا من إتحاد الصفقة
ولهذا لو سلم أحد الابنين نصف الثمن لم يلزم البايع تسليم النصف إليه. مسألة. لو اشترى رجلان عبدا من رجل صفقة واحدة ثم وجدا به عيبا قبل
أن يتصرفا فالذي نذهب إليه إنه ليس لهما الافتراق في الرد والأرش بل إما أن يردا معا ويسترجعا الثمن أو يأخذ الأرش معا وليس لأحدهما الرد وللآخر الأرش
وبه قال أبو حنيفة ومالك في رواية والشافعي في أحد القولين لان العبد خرج عن ملك البايع دفعة كاملا والآن يعود إليه بعضه وبعض الشئ لا يشترى بما
يخصه من الثمن لو بيع كله فلو رده إليه مشتركا فقد رده ناقصا لان الشركة عيب فلم يكن له ذلك كما لو حدث عنده عيب وقال الشافعي في الثاني له أن يرد حصته و
يأخذ الآخر الأرش وهو أصح قوليه عندهم وبه قال أبو يوسف ومحمد والرواية الثانية عن مالك لان النصف جميع ما ملكه بالعقد فجاز له رده بالعيب كجميع العبد
لو اشتراه واحد وليس فيه عندي بعد وقواه الشيخ أيضا إذ البايع اخرج العبد إليهما مشقصا فالشركة حصلت باختياره فلم تمنع من الرد بخلاف العيب. مسألة
لو انعكس الفرض فاشترى رجل عبدا من رجلين فخرج معيبا فله أن يفرد نصيب أحدهما بالرد قطعا لان تعدد البايع يوجب تعدد العقد وأيضا فإنه لا يتشخص
على المردود عليه ما خرج عن ملكه. مسألة. لو جوزنا لكل من المشتريين من الواحد عبدا الانفراد فانفرد أحدهما وطلب الرد وطلب الآخر الأرش بطلت الشركة و
يخلص للمسك ما أمسك وللراد ما أسترد وهو أصح وجهي الشافعية والثاني إن الشركة باقية بينهما فيما أمسكه الممسك واسترده الراد وإن منعنا الانفراد فلا فرق بين
ما ينتقص بالتبعيض وما لا ينتقص كالحيوان فإنه ليس لأحدهما انه ينفرد بالرد والآخر بالأرش وللشافعية قولان مبنيان على أن المانع ضرر التبعيض أو اتحاد
الصفقة ولو أراد الممنوع من الرد الأرش كان له ذلك سواء حصل اليأس من إمكان رد نصيب الآخر بعتقه مثلا وهو معسر أو لا وقالت الشافعية إن حصل
الياس من إمكان رد نصيب الآخر فله أخذ الأرش وإن لم يحصل نظر إن رضي صاحبه بالعيب فيبنى على إنه لو اشترى نصيب صاحبه وضمه إلى نصيبه وأراد ان يرد
الكل ويرجع بنصف الثمن هل يجبر على قبوله وجهان إن قلنا لا أخذ الأرش وإن قلنا نعم فذلك في أصح الوجهين لأنه توقع بعيد وإن كان صاحبه غايبا لا يعرف
الحال ففي الأرش وجهان من جهة الحيلولة النادرة ولو تصرفا في العبد لم يكن لهما (الرد وكان لهما صح) الأرش فكذا لو تصرف أحدهما خاصة كان لهما الأرش أما المتصرف فيتصرفه
أسقط حقه من الأرش وأما الآخر فلانه يبطل رده ببطلان رد الآخر ولو اشترى رجلان عبدا من رجلين كان كل
واحد منهما مشتريا ربع العبد من كل واحد من
البايعين فلكل واحد رد الربع إلى أحدهما إن جوزنا الانفراد ولو اشترى ثلثه من ثلثة كان كل واحد منهم مشتريا تسع العبد من كل واحد من البايعين ولو اشترى رجلان
عبدين من رجلين فقد اشترى كل واحد من كل واحد ربع كل واحد فلكل واحد رد جميع ما اشترى من كل واحد عليه ولو رد ربع أحد العبدين وحده ففيه قولا تفريق
الصفقة ولو اشترى بعض عبد في صفقة وباقيه في أخرى إما من البايع الأول أو من غيره فله رد أحد البعضين خاصة لتعدد الصفقة ولو علم بالعيب بعد العقد
الأول ولم يمكنه الرد فاشترى الباقي فليس له رد الباقي وله رد الأول عند الامكان. مسألة. إذا أذن البايع للمشتري في التصرف في مدة الخيار فتصرف
سقط خيارهما معا وبه قال الشافعي إذ قد وجد من كل منهما دلالة اللزوم وسقوط الخيار ثم التصرف إن كان عتقا نفذ وبطل خيارهما وإن كان بيعا أو هبة
أو وقفا فكذلك عندنا وللشافعي وجهان هذا أحدهما لأنه منع من التصرف بحق البايع فإذا أذن فيه زال المانع فصح التصرف والثاني لا يصح تصرفه لأنه
ابتدأ به قبل أن يتم ملكه وعلى الوجهين جميعا يلزم البيع ويسقط الخيار. مسألة. الخيار عندنا موروث لأنه من الحقوق كالشفعة والقصاص في جميع
أنواعه وبه قال الشافعي إلا في خيار المجلس فإنه قال في البيوع إذا مات أحد المتبايعين في مجلس العقد فالخيار لوارثه وقال في المكاتب إذا باع فلم يتفرقا حتى مات المكاتب
فقد وجب البيع وظاهره إن الخيار يبطل بموته واختلف الشافعية في ذلك على ثلاثة طرق منهم من قال إن الخيار لا يبطل بموت المكاتب أيضا وقوله فقد وجب البيع
أراد أن البيع لم يبطل بموته وإنما هو باق وإن كانت الكتابة قد انفسخت بموته ومنهم من قال إن موت المكاتب يسقط الخيار وموت غيره من الأحرار لا يبطل على ظاهر
النص والفرق إن السيد ليس بوارث للمكاتب وإنما يعود المكاتب رقيقا وفسخه السيد لحق الملك فلا ينوب منابه في الخيار بخلاف الحر ومنهم من قال إنهما قولان
536

فنقل جواب كل واحدة من المسئلتين الأخرى أحد القولين يبطل خيار المجلس بالموت لان ما بطل بالتصرف بطل بالموت لان الموت يحصل معه التفرق أزيد مما يحصل مع
التباعد والثاني لا يبطل لأنه خيار ثابت في العقد فليبطل بالموت كخيار الثلث ويخالف الموت التفرق لان الموت يكون بغير اختياره ولان بدنه موجود فهو بمنزلة
المعنى عليه والمجنون قالوا فإن قلنا يبطل بالموت لزم العقد وإن قلنا لا يبطل انتقل إلى وارثه ثم ينظر إن كان حاضرا مع المتعاقدين اعتبر التفرق وقام مقام الميت في
ذلك وإن لم يكن حاضرا في مجلس العقد فإنه إذا بلغه اعتبر مفارقة المجلس الذي هو فيه فإن فارقه قبل أن يفسخ لزم العقد وبطل خياره وقال بعض الشافعية له الخيار
إذا نظر إلى السلعة ليعرف الحظ في الإجازة والفسخ. مسألة خيار الشرط موروث لا يبطل بالموت عند علمائنا وبه قال الشافعي ومالك لأنه حق للميت فانتقل
إلى الوارث كغيره من الحقوق ولأنه خيار ثابت في فسخ معاوضة لا يبطل بالجنون فلا يبطل بالموت كخيار الرد بالعيب وقال الثوري وأبو حنيفة واحمد يبطل لأنها
مدة مضروبة في البيع فوجب أن تبطل بالموت كالأجل والفرق ظاهر فإن محل الاجل وهو الذمة قد بطل ولان الوارث لا حكم له في تأخير ما يجب على الميت لأنه يكون مرتهنا
به ويمنعون من التصرف في التركة لان صاحب الحق لم يرض بذمة الوارث فلهذا حل بخلاف مدة الخيار لأنها ضربت للتروي وطلب الحظ والوارث ينتفع بذلك فانتقل
إليه من الموروث تذنيب الوارث إن كان حاضرا ثبت له ما بقى من المدة وإن كان غائبا فإن بلغه الخبر في مدة الخيار ثبت له الخيار من حين ما علم إلى انقضاء المدة
وإن علم بعد انقضائها احتمل أن يكون له الخيار على الفور كخيار الرد بالعيب لان مدته قد سقطت وبسقوط الخيار وهو الذي عول عليه الشيخ وهو جيد لأنه لو كان
الموروث حيا لسقط خياره بانقضاء مدته فكذا الوارث الذي يثبت له ما يثبت لمورثه على حد ما ثبت له وللشافعي وجهان أحدهما يكون له ما بقى من المدة
من حين موت مورثه والثاني إنه على الفور. مسألة. يجوز نقد الثمن في مدة الخيار من غير كراهية وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لان القبض حكم من أحكام
العقد فجاز في مدة الخيار كالإجارة وقال مالك يكره لأنه يصير في معنى بيع وسلف لأنه إذا انقده الثمن ثم تفاسخا صار كأنه أقرضه إياه فيكون قد اشتمل على بيع و
قرض واجتمعا فيه وهو غلط لان القرض لم يثبت أولا بل صار في ذمته بعد الفسخ ولا منافاة بين البيع والقرض والسلف. تذنيب إذا دفع الثمن في مدة الخيار
جاز للمدفوع إليه التصرف فيه لأنه قد ملكه بالعقد واستقر ملكه عليه بتعين الدافع أو بتعيينه في العقد ومنع الشافعي من جواز التصرف فيه بعد قبضه وليس
بشئ. مسألة إذا تلف المبيع في زمن الخيار فإن كان قبل قبض المشترى له بطل العقد لأنه لو تلف حينئذ والبيع لازم انفسخ فكذا حال جوازه وإن تلف في يد المشترى لم يبطل
الخيار وكان من ضمان المشترى لأصالة ثبوت الخيار واستصحاب الحال واختلف الشافعية هنا لاختلاف قول الشافعي قال أبو الطيب إن الشافعي قال في بعض كتبه
إن المبيع ينفسخ ويجب على المشترى القيمة وقال في كتاب الصداق يلزمه الثمن ويحتمل أن يكون المراد بالثمن القيمة ويحتمل أن يكون المراد به إذا كان الخيار للمشترى
وحده وقلنا إن المبيع ينتقل إليه بنفس العقد وحكى أبو حامد عن الشافعي إن الخيار لا يسقط فإن فسخا العقد أو أحدهما وجبت القيمة وإن أمضياه أو سكتا حتى انقضت
المدة بنى الامر على الأقوال التي له فإن قلنا ينتقل بالعقد أو يكون مراعى استقر عليه الثمن وإن قلنا لا ينتقل بالعقد أو قلنا مراعى استقر الثمن عليه وإن قلنا لا ينتقل
إلا بانقضاء الخيار وجبت القيمة لأنه تلف وهو ملك البايع وقال أبو حامد يضمن بالثمن لأنه مسمى ثبت بالعقد فلا يسقط مع بقاء العقد فإن القبض إذا وقع
استقر البيع وإذا استقر لم ينفسخ بهلاك المبيع قالت الشافعية والطريقة الأولى أصح لأنه إذا قلنا إن المبيع في ملك البايع فتلف لا يجوز أن ينتقل إلى المشترى.
بعد تلفه وما ذكره من أن العقد ثابت فيثبت به المسمى غير مسلم لأن العقد ينفسخ لما تعذر إمضاء أحكامه بتلفه وأما إذا قلنا إن المبيع في ملك المالك فلا يمكنه
أن يثبت استقرار العقد بتلفه لان في ذلك إبطالا لخيار البايع فمتى شاء المشترى أتلفه وأبطل خياره ولا يمكن بقاؤه على حكم الخيار لأنه إذا لم يتم حكم العقد بتلفه
فلا يمكن إتمامه فيه بعد تلفه كما لا يمكن العقد عليه بعد ذلك وأما ما ذكره من أن العقد يستقر به فليس بصحيح لان القبض لا يستقر به العقد مع بقاء الخيار ولهذا
لا يدخل الخيار في الصرف لوجوب التقابض وفيه عند أبي حنيفة أنه إن كان الخيار للمشترى وحده تم العقد وإن كان للبايع انفسخ فروع: - آ - قد عرفت إن المبيع إذا تلف
قبل قبضه فهو من مال بايعه فيرجع المشترى بالثمن لا غير وإن تلف بعد قبضه وانقضاء الخيار فهو من مال المشترى وإن كان في مدة الخيار من غير تفريط فمن المشترى
إن كان الخيار للبايع أو لهما أو لأجنبي وإن كان للمشترى خاصة فمن البايع - ب - إذا قبض المبيع في زمن الخيار ثم أودعه عند البايع فتلف في يده فهو كما لو تلف في يد المشترى
وبه قال الشافعي حتى إذا فرع على أن الملك للبايع ينفسخ البيع ويسترد المشترى الثمن ويغرمه القيمة ثم ابدأ الجويني في وجوب القيمة احتمالا لحصول التلف بعد العود
إلى يد المالك - ج - لا يجب على البايع تسليم المبيع ولا على المشترى تسليم الثمن في زمن الخيار ولو تبرع أحدهما بالتسليم لم يبطل خياره ولا يجبر الآخر على تسليم ما عنده
وله استرداد المدفوع قضيته للخيار وقال بعض الشافعية ليس له استرداده وله أخذ ما عند صاحبه دون رضاه كما لو كان التسليم بعد لزوم البيع - د - إذا اشترى زوجته
بشرط الخيار بطل النكاح لانتقال الملك إليه عندنا بالعقد وقال الشافعي لا ينتقل فلو خاطبها بالطلاق في زمن الخيار فإن تم العقد بينهما وقلنا إن الملك للمشترى
أو موقوف لم يصح الطلاق وإن قلنا إنه للبايع وقع وإن فسخ وقلنا إنه للبايع أو موقوف وقع وإن قلنا للمشترى فوجهان فليس له الوطئ في زمن الخيار لأنه لا يدرى
أيطأ بالملك أو بالزوجية هذا قول الشافعي وفيه لأصحابه وجه آخر. مسألة. الفسخ قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل وكذا الإجازة فإن قال البايع فسخت البيع
أو استرجعت المبيع أو استرددت الثمن كان فسخا إجماعا وقال بعض الشافعية لو قال البايع في زمن الخيار لا أبيع حتى يزيد في الثمن وقال المشترى لا أفعل كان اختيارا للفسخ
وكذا قول المشترى لا اشترى حتى ينقص لي من الثمن وقول البايع لا أفعل وكذا طلب البايع حلول الثمن المؤجل وطلب المشترى تأجيل الثمن الحال على إشكال إلا أن يقول
لا أبع حتى تعجل أو توجل وإما بالفعل فكما لو وطى البايع في مدة خياره فإنه يكون فسخا عندنا على ما تقدم وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني إنه لا يكون فسخا
بخلاف الرجعة عنده فإنها لا تحصل بالوطئ ونحن نقول إنها تحصل به لأنه أبلغ في التمسك من اللفظ وفرق بأن الرجعة لتدارك النكاح وابتداء النكاح لا يحصل بالفعل
فكذا تداركه والفسخ هنا لتدارك ملك اليمين وابتداؤه يحصل تارة بالقول واخرى بالفعل وهو السبى فكذا تداركه جاز أن يحصل بالفعل والصغرى ممنوعة وقال
بعضهم أيضا إنه ليس بفسخ تخريجا على الخلاف في الوطي يكون تعيينا للمملوكة والمنكوحة عند إبهام العتق والطلاق والأقوى عندنا إنه تعيين وقال بعضهم إنه
يكون فسخا إذا نوى به الفسخ ولو قيل بشهوة أو باشر فيما دون الفرج أو لمس بشهوة فالوجه عندنا إنه يكون فسخا لان الاسلام يصون صاحبه عن القبيح المولم تخير الامساك
لكان مقدما على المعصية وللشافعية وجهان أما الاستخدام وركوب الدابة فيهما للشافعية وجهان ولو أعتق البايع في زمن خياره كان فسخا وبه قال الشافعي وقد
سبق أما لو باع فكذا عندنا وهو أصح قولي الشافعي لدلالته على ظهور الندم وفي الثاني لا يكون فسخا لأصالة بقاء الملك فيستصحب إلى أن يوجد الفسخ صريحا بخلاف العتق
537

لفوته وإذا كان البيع فسخا كان صحيحا كالعتق وهو أصح وجهي الشافعية والثاني المنع لان الشئ الواحد لا يحصل به الفسخ والعقد معا كما إن التكبيرة الثانية في الصلاة بنية
الشروع يخرج بها من الصلاة ولا يشرع بها في الصلاة ويمنع عدم حصول الفسخ والعقد في الشئ الواحد بالنسبة إلى شيئين ويجرى الخلاف في الإجارة والتزويج والرهن
والهبة وإن اتصل بها القبض سواء في ذلك هبة من لا يتمكن من الرجوع فيها أو من يتمكن لزوال الملك في الصورتين والرجوع إعادة لما زال وأما العرض على البيع و
الاذن فيه والتوكيل والرهن غير المقبوض إن قلنا باشتراطه والهبة غير المقبوضة فالأقرب إنها من البايع فسخ ومن المشترى إجازة لدلالتها على طلب المبيع واستيفائه
ولهذا يحصل بها الرجوع عن الوصية وللشافعية فيه وجهان هذا أحدهما وأظهرهما عندهم إنها ليست فسخا من البايع ولا إجازة من المشتري فإنها لا تقتضي إزالة ملك وليست
بعقود لازمة ويحتمل صدورها عمن يتردد في الفسخ والإجازة ولو باع البايع المبيع في زمن الخيار بشرط الخيار قال الجويني إن قلنا لا يزول ملك البايع فهو قريب من
الهبة غير المقبوضة وإن قلنا يزول ففيه احتمال لأنه أبقى لنفسه مستدركا. مسألة. لو أعتق المشترى بإذن البايع في مدة خيارهما أو خيار البايع نفذ وحصلت
الإجازة من الطرفين وإن كان بغير إذنه نفذ أيضا لأنه مالك أعتق فنفذ عتقه كغيره ثم إما أن يجعل للبايع الخيار أو يبطله كالتالف فإن أثبتناه فالأقوى إنه
يرجع بالقيمة كالتالف ولو باع أو وقف واقبض بغير إذن البايع فالأولى الوقوف على الإجازة ويكون ذلك إجازة وقالت الشافعية لا ينفذ شئ من هذه العقود
وهل تكون إجازة وقال أبو إسحاق منهم لا يكون إجازة لان الإجازة لو حصلت لحصلت ضمنا للتصرف فإذا الغى التصرف فلا إجازة وقال بعضهم يكون إجازة لدلالته على الرضا
والاختيار وهو أصح عندهم (كما اخترناه صح) ولو باشر هذه التصرفات بإذن البايع أو باع من البايع نفسه صحت التصرفات وهو أصح قولي الشافعية وعلى الوجهين يلزم البيع ويسقط الخيار
ولو أذن له البايع في طحن الحنطة المبيعة فطحنها كان مجيزا أو مجرد الاذن في هذه التصرفات لا يكون إجازة من البايع حتى لو رجع قبل التصرف كان على خياره. مسألة
إذا اشترى عبدا بجارية ثم اعتقا معا فإن كان الخيار لهما عتقت الجارية خاصة لان اعتاق البايع مع تضمنه للفسخ يكون نافذا على رأى ولا يعتق العبد وإن كان
الملك فيه لمشتريه لما فيه من إبطال حق الآخر وهو أصح وجهي الشافعية وعلى الوجه الذي قالوه من نفوذ عتق المشترى تفريعا على أن الملك للمشترى يعتق العبد ولا تعتق
الجارية وإن كان الخيار لمشتري العبد خاصة لم ينفذ عتق شئ منهما لان عتق كل واحد منهما يمنع عتق الاخر وليس أحدهما أولي من الآخر فيتدافعان وهو أحد وجوه
الشافعية وفي الاخر إنه ينفذ عتق أحدهما خاصة ولا ينعتقان معا لأنه لا ينفذ إعتاقهما على التعاقب فكذا دفعة واحدة وفيمن ينعتق منهما وجهان أحدهما إنه ينفذ عتق
الجارية لان تنفيذ العتق فيها فسخ وفي العبد إجازة وإذا اجتمع الفسخ والإجازة تقدم الفسخ كما تقدم فسخ أحد المتبايعين على إجازة الآخر وأصحهما عندهم انه يعتق العبد لان
الإجازة إبقاء للعقد والأصل فيه الاستمرار وقال بعضهم الوجهان مبنيان على أن الملك في زمن الخيار للبايع أو المشترى إن قلنا للبايع فالعبد غير مملوك لمشتريه وإنما
ملكه الجارية فينفذ العتق فيها وإن قلنا للمشترى فملكه العبد فنفذ العتق فيه وقال أبو حنيفة إنهما يعتقان معا وإن كان الخيار لبايع العبد وحده فالمعتق بالإضافة
إلى العبد مشتر والخيار لصاحبه وبالإضافة إلى الجارية بايع والخيار لصاحبه قال بعض الشافعية وقد سبق الخلاف في إعتاقهما في هذه الصورة والذي يخرج منه
الفتوى عندهم إنه لا يحكم بنفوذ العتق في واحد منهما في الحال فإن فسخ صاحبه البيع فهو نافذ في الجارية وإلا ففي العبد ولو كانت المسألة بحالها وأعتقهما معا مشترى
الجارية فالحكم بينهم بما تقدم وقال بعض الشافعية إن كان الخيار لهما عتق العبد دون الجارية وإن كان الخيار للمعتق وحده فعلى الوجوه الثلاثة في الأول يعتق العبد
وفي الثاني يعتق الجارية وحكم الثالث ظاهر فروع: - آ - كلما جعلناه فسخا من البايع إذا فعله يكون إجازة من
المشترى لو أوقعه - ب - لو قبلت الجارية مشتريها لم يكن ذلك
صرفا وإن كان مع شهوة إن لم يأمرها ولو قبلها فهو تصرف وإن لم يكن عن شهوة - ج - لو فسخ المشترى بخياره فالعين في يده مضمونه ولو فسخ البايع فهي في يد المشترى أمانة
على إشكال ينشأ من أنه قبضها قبض ضمان فلا يزول إلا بالرد إلى مالكها. الفصل الثاني. في العيب وفيه مطالب الأول في حقيقته. مسألة. العيب هو الخروج
عن المجرى الطبيعي كزيادة أو نقصان موجبة لنقص المالية روى السياري عن ابن أبي ليلى أنه قدم إليه رجل خصما له فقال إن هذا باعني هذه الجارية فلم أجد على ركبها
حين كشفتها شعرا أو زعمت أنه لم يكن لها قط قال فقال له ابن أبي ليلى إن الناس ليحتالون لهذا بالحيل حتى يذهبوه فما الذي كرهت فقال أيها القاضي إن كان عيبا
فاقض لي به فقال حتى اخرج إليك فإني أجد أذى في بطني ثم خرج ودخل من باب آخر فأتى محمد بن مسلم الثقفي فقال أي شئ تروون عن أبي جعفر الباقر (ع) في المرأة لا يكون على ركبها شعرا
يكون ذلك عيبا فقال له محمد بن مسلم أما هذا نصا فلا أعرفه ولكن حدثني أبو جعفر (ع) عن أبيه عن آبائه (على) قال كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو
عيب فقال له ابن أبي ليلى حسبك ثم رجع إلى القوم فقضى لهم بالعيب إذا ثبت هذا فإذا كانت السلعة معيبة لم يجب على البايع إظهار العيب لكن يكره له ذلك سواء تبرأ
من العيب أو لا لأصالة براءة الذمة من وجوب وتحريم وإنما كره كتمانه لمشابهته الغش بنوع من الاعتبار وقال الشافعي يجب على البايع أن يبينه للمشترى لان النبي (ع)
قال ليس منا من غشنا والغش ممنوع بل إنما يثبت في كتمان العيب بعد سؤال المشترى له وتبينه والتقصير في ذلك من المشترى. مسألة. إطلاق العقد واشتراط
السلامة يقتضيان السلامة على ما مر من أن القضاء العرفي يقتضى أن المشترى إنما بذل ماله بناء على أصالة السلامة فكأنها مشترطة في نفس العقد فإذا اشترى عبدا
مطلقا اقتضى سلامته من الخصاء والجب فإن ظهر به أحدهما كان له الرد عندنا وبه قال الشافعي لان الغرض قد يتعلق بالفحولية غالبا والفحل يصلح لما لا يصلح له الخصي من
الاستيلاد وغيره وقد دخل المشترى في العقد على ظن الفحولية لان الغالب سلامة الأعضاء فإذا فات ما هو متعلق الغرض وجب ثبوت الرد وإن زادت قيمته
باعتبار آخر. مسألة. الزنا والسرقة عيبان في العبد والأمة عندنا وبه قال الشافعي لتأثيرهما في نقص القيمة وتعريضهما لإقامة الحد وقال أبو حنيفة الزنا عيب في
الإماء خاصة دون العبد لان الجارية تفسد عليه فراشه والسرقة تقتضي تفويت عضو منه فكان عيبا والجواب إقامة الحد بالضرب يؤدى إلى تعطيل منافعه و
ربما أدى إلى إتلافه وكذا البحث إذا شرب العبد وسكر كان عيبا لأنه مستحق للحد وفيه تعريض للاتلاف ولو زنى العبد عند الحاكم ولم يقم عليه الحد بعد ثبت الرد عنده
واعلم أن الاباق من أفحش عيوب المماليك فينقص المالية ولهذا لا يصح بيعه منفردا لأنه في معرض التلف ولأنه أبلغ في السرقة بل هو سرقة بنفسه في الحقيقة والاباق
الذي يوجب الرد هو ما يحصل عند البايع وإن يأبق عند المشترى ولو تحدد في يد المشترى في الثلث من غير تصرف فكذلك وإلا فلا والمرة الواحدة في الاباق تكفي في
أبدية العيب كالوطئ في إبطال العنة. مسألة البول في الفراش عيب في العبد والأمة إذا كانا كبيرين وبه قال الشافعي لان ذلك خارج عن المجرى الطبيعي وينقص
به المالية فيثبت به الرد وأما إذا كانا صغيرين يبول مثلهما في الفراش فإنه ليس بعيب لجريان العادة به فكان كالطبيعي وقال أبو حنيفة ليس بول العبد الكبير في
الفراش عيبا أما بول الأمة الكبيرة فإنه عيب يرد به الجارية لان ذلك يؤذى فراش السيد بخلاف العبد وليس بصحيح لان الغلام يفسد الثياب التي ينام فيها فيكون ذلك
538

نقصا إذا عرفت هذا فالضابط في الكبير والصغير العادة ولا قدر له خلافا لبعض الشافعية حيث قدره بسبع سنين ولو كانا يبولان في اليقظة فإن كان ذلك لضعف في
المثانة أو لسلس أو مرض فإنه عيب إجماعا وإن كان عن سلامة وإنما يفعلان ذلك تعبثا فليس بعيب بل يؤدبان على فعله وأما الغايط فإن كانا يفعلانه في النوم
كان عيبا إلا أن يكونا صغيرين يقضى العادة بصدوره عنهما فإنه ليس بعيب. مسألة. البخر عيب في العبد والأمة الصغيرين والكبيرين وبه قال الشافعي لأنه موذ
عند المكالمة وتنقص به القيمة وقال أبو حنيفة إن ذلك عيب في الأمة دون العبد لأنها تفسد عليه فراشه بخلاف العبد وليس بصحيح فإن العبد قد يحتاج إلى أن
يساره بحديث ويكالمه فيؤذيه ولو كان البخر في فرج المرأة كان له الرد للتأذي به وبه قال الشافعي والبخر الذي يعد عيبا هو الذي يكون من تغير المعدة دون ما
يكون لقيح الأسنان فإن ذلك يزول بتنظيف الفم وأما السنان فإن كان مستحكما يخالف العادة فهو عيب في العبد والأمة أيضا لأنه موذ ينقص به القيمة المالية وأما
الذي يكون لعارض من عرق أو حركة عنيفة أو اجتماع وسخ فإنه ليس بعيب وبه قال الشافعي. مسألة. من اشترى عبدا فوجده مخنثا أو ممكنا من نفسه ثبت له
الخيار لأنه ينقص المالية ويثبت العار به على مالكه ولو وجده خنثى مشكلا أو غير مشكل كان له الرد لان فيه زيادة على المجرى الطبيعي وكان كالإصبع الزايدة وبه قال
أكثر الشافعية وقال بعضهم إن كان يبول من فرج الرجال لم يرد وليس بصحيح ولو وجده غير مختون فإن كان صغيرا فلا خيار له لقضاء العادة وبه إن كان كبيرا فله الخيار
لأنه يخالف عليه من ذلك وبه قال الشافعي وقال بعض أصحابه لا رد وأما الجارية فلو كانت غير مختونة لم يكن فيها خيار صغيرة كانت أو كبيرة لأنه سليم فيها ولان الختان
فيها غير واجب بل سنة بخلاف الذكر نعم لو كان العبد الكبير مجلوبا (من بلاد الشرك؟) وعلم المشترى جلبه لم يكن له خيار للعادة. مسألة. لو اشترى أمة فخرجت مزوجة أو اشترى
عبدا فبأن له زوجة لم يكن له خيار في الرد ولا الأرش لأنه ليس بعيب وله الخيار في إجازة النكاح وفسخه في طرف المرأة والرجل سواء كانا عبدين أو أحدهما وسواء كانا لمالك
واحد أو لمالكين وحينئذ فلا وجه للرد لأنه إن رضي بالتزويج فلا بحث وإن لم يرض كان له الفسخ سواء حصل دخول أو لا وقال الشافعي يثبت له الخيار لما فيه من نقص القيمة
لأنه ليس أن يطأ الأمة فينقص تصرفه فيها ويجب عليه نفقة الغلام أو على الغلام إن وجدها وهو ممنوع لان ذلك مبنى على انتفاء خيار فسخه للنكاح أما معه فلا
وللشافعي قول آخر إنه لا خيار له أيضا ولو ظهرت معتدة فإن كان زمان العدة قصيرا جدا فلا خيار له لأنه لا يعد عيبا ولا ينقص المالية ولا الانتفاع به وإن كان
طويلا احتمل ثبوت الخيار لتفويت منفعة البضع هذه المدة فكان كالمبيع لو ظهر مستأجرا ونفيه لان التزويج لا يعد عيبا فالعدة أولي ويحتمل إن يقال إن استعقب
فسخ التزويج عدة كان التزويج عيبا وإلا فلا. مسألة. لو اشترى أمة فوجد بينها وبينه ما يوجب التحريم كالرضاع والنسب وكونها موطوءة أبيه أو ابنه لم يكن له
الخيار وبه قال الشافعي لان ذلك لا ينقص قيمتها وإنما ذلك أمر يختص به ويخالف التزويج عند الشافعي لأنه يحرم به الاستمتاع على كل أحد فينتقص بذلك
قيمتها والعدة والاحرام كالتزويج يثبت به الرد عند الشافعي لان التحريم فيه عام فتفلل الرغبات وقال بعض الشافعية لا فرق بين التحريم المؤبد والاحرام أو العدة
ولو كانت صائمة لم يكن له خيار الرد وللشافعية وجه آخر ضعيف ولو وجدها رتقاء أو مفضاة أو قرناء أو مستحاضة فله الخيار لان ذلك عيب والاستحاضة مرض
مسألة. لو وجد الجارية لا تحيض فإن كانت صغيرة أو آيسة فلا رد لقضاء العادة بذلك ولان مجرى الطبيعي على ذلك وإن كانت في سن من تحيض
فله الرد لان ذلك لا يكون إلا للخروج عن المجرى الطبيعي وكذا لو تباعد حيضها وبه قال الشافعي لخروجه عن المجرى الطبيعي ولقول الصادق (ع) وقد سئل عن رجل اشترى
جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة أشهر وليس بها حمل قال إن كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه. مسألة. لو اشترى عبدا
أو أمة فخرجا مرتدين ثبت له الرد لأنه يوجب الاتلاف فكان أعظم العيوب وبه قال الشافعي ولو خرجا كافرين أصليين فلا رد فيهما معا سواء كان ذلك الكفر نافعا من
من الاستمتاع كالتمجس (والتوثن صح) أو لم يكن كالتهود والتنصر وبه قال الشافعي لان هذا نقص من جهة الدين فلا يعد عيبا كالفسق بما لا يوجب حدا ولأنه لا يؤثر في تقليل منافع العبد
وتكثيرها فلا ينقص به المالية وقال أبو حنيفة له الرد فيهما لان الكفر عيب لقوله تعالى " ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم " وعدم الخيرية لا ينافي السلامة من العيوب
ولبعض الشافعية قول آخر إنه لو وجد الجارية مجوسية أو وثنية كان له الرد لنقص المنافع إذ لا يمكن الاستمتاع بها وهو حسن قال هذا ولو وجد الأمة كتابية أو
وجد العبد كافرا أي كفر كان فلا رد إن كان قريبا من بلاد الكفر بحيث لا تقل فيه الرغبات وإن كان في بلاد الاسلام حيث تقل الرغبات في الكافر وتنقص قيمته
فله الرد والأول أقوى. تذنيب لو شرط إسلام العبد أو الأمة فبأن (كافرا صح) كان له الرد قطعا لنقصانه عما شرط ولو شرط كفره فخرج مسلما فالأقرب أن له الرد وهو
أحد قولي الشافعي لان الراغب لبنى الكفر أكثر فإن المسلم والكافر معا يصح أن يملكا الكافر ولا يصح للكافر أن يملك المسلم فحينئذ يستفيد المشترى بهذا الشرط غرضا
مقصودا عند العقلاء فكان له الفسخ بعدمه كغيره من الشروط والقول الاخر للشافعي إنه لا خيار له وهو مذهب أبي حنيفة لان المسلم أفضل من الكافر. مسألة
الأقوى عندي أنه لا يشترط رؤية شعر الجارية بل يبنى على العادة في سواده وبياضه دون غيره فلو اشترى جارية ولم ير شعرها صح البيع لأنه غير مقصود بالذات
فأشبه التابع في البيع فإن كانت في سن الكبر الذي يبيض الشعر فيه لو رآه أبيض أو أسود فلا خيار له وإن كانت في سن أقل فوجده أبيض كان له الخيار لأنه نقص في اللون
وخروج عما يقتضيه المزاج الطبيعي أما لو اشتراها بعد إن شاهد شعرها فوجده جعدا ثم بعد ذلك صار سبطا وقد كان جعده بصنعة عملها فلا خيار وبه قال أبو حنيفة
لأصالة لزوم القعد وكون هذا ليس عيبا وقال الشافعي لا يصح الشراء حتى ينظر إلى شعرها لان الشعر مقصود ويختلف الثمن باختلافه فإذا رآه جعدا ثم وجده سبطا
ثبت له الخيار لأنه تدليس يختلف الثمن باختلافه فأشبه تسويد الشعر والفرق ظاهر قال أبو حنيفة إن هذا تدليس بما ليس بعيب نعم لو شرط كونها جعدة وكانت سبطة
كان له الخيار تحقيقا لفائدة الشرط وكذا لو أسلم في جارية جعدة فدفع إليه سبطة لم يلزمه القبول لأنه خلاف ما شرطه في السلم. مسألة. إطلاق العقد في الأمة لا
يقتضى البكارة ولا الثيوبة فلا يثبت الخيار بأحدهما مع الاطلاق وقال بعض الشافعية إلا أن تكون صغيرة وكان المعهود في مثلها البكارة ولا بأس به عندي
لان الكبارة أمر مرغوب إليه وإنما يبذل المشترى المال بناء على بقائها على أصل الخلقة فكان له الرد قضاء للعادة ولو شرط البكارة فكانت ثيبا قال أصحابنا
إذا اشتراها على أنها بكرا فكانت ثيبا لم يكن له الرد لما رواه سماعة قال سئله عن رجل باع جارية على أنها بكر فلم يجدها على ذلك قال لا يرد عليه ولا يجب عليه شئ إنه يكون
يذهب في حال مرض أو أمر يصيبها والأقوى عندي أنه إذا شرط البكارة فظهر أنها كانت ثيبا قبل الاقباض يكون له الرد أو الأرش وهو نقص ما بينها بكرا وثيبا
وإن تصرف لم يكن له الرد بل الأرش لأنه شرط سايغ يرغب فيه العقلاء فكان لازما فإذا فات وجب أن يثبت له الخيار كغيره ويحمل الرواية وفتوى الأصحاب على أنه
اشتراها على ظاهر الحال من شهادة الحال بالبكارة وغلبة ظنه من غير شرط على أن الرواية لم يسنده الراوي وهو ساعة مع ضعفه إلى إمام وفي طريقها زرعة وهو
539

ضعيف وفي رواية يونس في رجل اشترى جارية على انها عذراء فلم يرد عليه فضل القيمة إذا علم أنه صادق وهذه الرواية لم يسندها الراوي إلى إمام (بيقين)
وتحمل على ما إذا شرط وإيجاب الأرش لا ينافي لتخيير بينه وبين الرد مع عدم التصرف وقال الشافعي إذا شرط البكارة فخرجت ثيبا كان له الخيار
وهو الذي اخترناه ولو شرط الثيوبة فخرجت بكرا فالأقرب أن له الخيار لأنه ظهر خلاف ما شرط ويحتمل عدمه لان البكر أرفع قيمة وأفضل والثاني قول أكثر الشافعية
والأول قول أقلهم ولو ادعى الثيوبة قبل التصرف لم يسمع لجواز تجددها بعد القبض فإن البكارة قد تذهب بالطفرة والنزوة وحمل الثقيل والدودة أما لو ادعى حصولها
قبل الاقباض وكان قد شرط البكارة حكم بشهادة أربع من النساء الثقات. مسألة. لو اشترى جارية فوجدها مغنية لم يكن له الخيار وبه قال الشافعي لان ذلك
قد يكون طبيعيا ولأنه لو كان صناعيا لكان بمنزلة تعلم صنعة حرام وذلك ليس عيبا بل هو زيادة في ثمنها من غير نقصان في بدنها كما لو كانت تعرف الخياطة وقال
مالك إنه يثبت له الخيار نقله أصحاب الشافعي دون أصحاب مالك لان الغناء حرام وهو ينقصها ونمنع النقص فإن الغناء لهو ولعب وسخف والحرام استعماله دون معرفته
بالطبع. مسألة. لا خلاف في أن الجنون عيب يوجب الرد إلى سنة على ما تقدم عندنا ولو كان مخبلا أو أبله أو سفيها ثبت له الرد ولا عبرة بالسهو السريع زواله إذا لم يعد
عيبا أما الصرع فإنه عيب وكذا الجنون الآخذ أدوارا. مسألة. الجذام والبرص والعمى والعور والعرج والقرن والفتق والرتق والقرع والصم والخرس عيوب
إجماعا وكذا أنواع المرض سواء استمر كما في الممراض أو كان عارضا ولو حمى يوم والإصبع الزايدة والحول والحوض والسنبل وهو زيادة في الأجفان واستحقاق القتل في
الردة أو القصاص والقطع بالسرقة أو الجناية والاستسعاء في الدين عيوب إجماعا دون الصيام والاحرام والاعتداد ومعرفة الغناء والنوح والعسر على إشكال ولا كونه ولد
زنا ولا عدم المعرفة بالطبخ والخبز وغيرهما وأما الشلل والبكم فإنهما عيبان وكذا لو كانت أرت لا يفهم أو كان فقد حاسة الذوق أو غيرها أو ناقص إصبع أو أنملة أو ظفر
أو شعر أو زايد سن أو فاقدها أو كونه ذا قروح أو ثآليل كثيرة أو بهق أو كون الحيوان مريضا سواء الخوف وغيره أو كونه أبيض الشعر في غير أوانه (لا بأس
بحمرته وإما إذا كانت نماما أو ساحرا أو قاذفا للمحصنات أو مقامرا أو تاركا للصلاة أو شاربا للخمر إشكال
أقربه إنه ليست صح) هذه عيوبا وبه قال بعض الشافعية
مسألة. الحبل في الإماء عيب يوجب خيار الرد للمشترى لاشتماله على تغرير بالنفس لعدم يقين السلامة بالوضع وبه قال الشافعي أما في غير الإماء من الحيوانات فإنه ليس
بعيب ولا يوجب الرد بل ذلك زيادة في المبيع إن قلنا بدخول الحمل كما هو مذهب الشيخ وقال بعض الشافعية يرد به وليس بشئ وكون الدابة جموحا أو عضوضا أو رموجا
أو خشنة المشي بحيث يخاف السقوط عيب بخلاف كون الماء مشمسا خلافا بعض الشافعية وكذا كون الرمل تحت الأرض إذا أريدت للبناء والأحجار وإن كانت مما يطلب
للزرع والغرر عيب وبه قال الشافعي ولو كان الرقيق رطب الكلام أو غليظ الصوت أو سئ الأدب أو ولد زنا أو مغنيا أو حجاما أو أكولا أو زهيدا فلا رد وترد الدابة بالزهادة
وكون الأمة عقيما لا يوجب الرد لعدم العلم بتحققه فربما كان من الزوج أو لعارض. مسألة. لو كان العبد عنينا كان للمشترى الرد لأنه عيب وترد المرأة النكاح به وهو
قول بعض الشافعية وقال بعضهم ليس بعيب وهو غلط ولو كان ممن يعتق على المشترى لم يرد به لأنه ليس عيبا في حق كل النساء ولا ينقص ماليته عند غيره وكذا لو كان زوجا
للمشترية أو زوجة له وكون العبد معيبا في جناية عمد وقد تاب عنها فلا رد ولو لم يتب قال الشافعي إنه عيب والجناية خطأ ليست عيبا وإن كثر خلافا للشافعي في الكثرة
ومن العيوب كون البيع نجسا ينقص بالغسل أو لا يمكن تطهيره وكذا شرب البهيمة لبن نفسها وبه قال الشافعي وروى الهيثم بن عبد العزيز عن شريح قال أتى عليا (ع) خصمان
فقال أحدهما إن هذا باعني شاة تأكل الألبان فقال شريح لبن طيب بغير علف قال فلم يردها. مسألة. لو اشترى شيئا ثم ظهر أن بايعه باعه وكالة أو وصاية أو ولاية
أو أمانة ففي ثبوت الرد لخطر فساد النيابة احتمال ومن العيوب آثار الشجاج والقروح والكي وسواد الأسنان ونقص بعض السن وزيادته وذهاب أشفار العين والكلف
المغير للبشرة وكون أحد الثديين في الجارية أكبر من الآخر وكذا طول إحدى اليدين في الرجل والمرأة على الأخرى وكذا طول إحدى الرجلين على الأخرى والحفر في الأسنان وهو تراكم
الوسخ الراسخ في أصولها والضابط إن الرد يثبت بكل ما في المعقود عليه من نقص القيمة أو العين نقصا يفوت به غرض صحيح بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه. مسألة
لو كان المبيع حيوانا غير الأمة فحمل عند المشترى من غير تصرف لم يسقط الرد بالعيب السابق لان الحمل في غير الأمة زيادة وهذا الحمل (للمشترى صح) لتجدده على ملكه أما لو كانت حاملا
فولدت عنده ثم ردها رد الولد أيضا ولو كان العبد كاتبا أو صانعا فنسيه عند المشترى لم يكن له الرد بالسابق لتجدد عيب عنده. مسألة. لو باع الجاني خطأ
ضمن أقل الأمرين على رأى والأرش على رأى وصح البيع إن كان مؤسرا وإلا تخير المجني عليه وإن كان عمدا وقف على إجازة المجني عليه ويضمن الأقل من الأرش والقيمة لا
الثمن معها وللمشتري الفسخ مع الجهل فيرجع بالثمن أو الأرش فإن استوعب الجناية القيمة فالأرش ثمنه أيضا وإلا فقدر الأرش ولا يرجع لو كان عالما وله أن يفديه كالملك
ولا يرجع به ولو اقتص منه فلا رد للفرق بين كونه مستحقا للقطع وبين كونه مقطوعا فلو رده رده معيبا وله الأرش وهو نسبة تفاوت ما بين كونه جانيا وغير جان من الثمن
وللشافعي قولان في صحة بيع الجاني أحدهما يصح وبه قال أبو حنيفة واحمد والثاني لا يصح وقد تقدما واختلفت الشافعية في موضع القولين على ثلاث طرق إحديها
إن القولين في العمد والخطأ والثانية إنه في الخطاء فأما جناية العمد فلا تمنع قولا واحدا لأنها ليست بمال وإنما تعلق القتل برقبة فهو كالمرتد والثالثة إن القولين
في العمد فإما جناية الخطاء فإنها تمنع المبيع قولا واحدا لأنها آكد من الرهن والرهن لا يباع قولا واحدا كذلك الجناية. مسألة. كون الضيعة أو الدار منزل الجيوش عيب
يثبت به الرد مع جهل المشترى لا مع علمه لأنه يقلل الرغبات وينقص المالية وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم إنما يكون كذلك إذا كان ما حواليها من الدور
غير منزل للجيوش وإنما اختصت هذه الدار به فأما إذا كان ما حواليها من الدور بمثابتها فلا يرد به وكذا لو كانت الأرض أو البستان ثقيلة الخراج (فإنه عيب وإن كان الخراج صح) ظلما أو أخذه غير مستحق
لأنه ينقص المالية ويتفاوت القيم والرغبات والمراد بثقل الخراج أن يكون فوق المعتاد في أمثالها وقال بعض الشافعية لا رد بثقل الخراج ولا بكونها منزل الجيوش لأنه لا
خلل في نفس المبيع وألحق بعض الشافعية بهاتين ما لو اشترى دارا وإلى جانبها قصارا يؤذى بصوت الدق ويزعزع الأبنية أو اشترى أرضا فوجد بقربها خنازير يفسد
الزرع وليس هذا عندي شيئا ولو اشترى أرضا ويتوهم أنه لا خراج عليها فظهر خلافه قال بعض الشافعية إن لم يكن على مثلها خراج فله الرد وإن كان فلا رد والوجه عندي
عدم الرد ما لم يشترط عدم الخراج. المطلب الثاني. في التدليس التدليس بكل ما يختلف الثمن بسببه يثبت به الخيار بين الفسخ والامضاء مع عدم التصرف ومعه التصرف ومعه لا شئ
إذ ليس بعيب ولا يثبت به الأرش وذلك مثل تحمير الوجه ووصل الشعر وأشباه ذلك من طلاء الوجه بالأبيض بحيث يستر السمرة والتصرية في الانعام ولو مات العبد
المدلس أو الأمة المدلسة أو الشاة المصراة فلا شئ إذ لا عيب وكذا لو تعيب عنده قبل علمه بالتدليس أو بعده قبل الرد ولو بيض وجهها بالطلا ثم أسمر أو احمر خديه
ثم اصفرا قال الشيخ لا يكون له الخيار لعدم الدليل عليه وقال الشافعي يثبت الخيار وهو أقرب وكلما يشترطه المشترى من الصفات المقصودة مما لا يعد فقده عيبا يثبت
الخيار عند عدمه كإشتراط الاسلام أو البكارة أو الجعودة في الشعر والرجح في الحواجب أو معرفة الصنعة أو كونها ذات لبن أو كون الفهد صيودا ولو شرط ما ليس.
540

بمقصود وظهر الخلاف فلا خيار كما لو شرط السبط أو الجهل ولو شرط الحلب كل يوم شيئا معلوما أو طحن الدابة قدرا معينا لم يصح ولو شرطها حاملا صح وإن شرطها حايلا
فظهر حملها فإن كانت أمة تخير وفي الدابة إشكال من حيث الزيادة والعجز عن حمل ما يحتاج إليه. المطلب الثالث. في اللواحق. مسألة. لو ادعى البايع التبري من
العيوب وأنكر المشترى قدم قول المشترى مع اليمين وعدم البينة لان الانكار مقدم لاعتضاده بالأصل فحينئذ يسترد الثمن ويدفع البيع إلى بايعه إن لم يتصرف إن شاء
وإن شاء أخذ الأرش وإن كان قد تصرف فله الأرش خاصة. مسألة. لو اختلفا في قدم العيب عند البايع وحدوثه عند المشترى فيدعى البايع بعد ظهور حدوثه
عند المشترى ويدعى المشترى سبقه على العقد أو القبض فإن أمكن الاستعلام من شاهد الحال عول عليه وذلك بأن يكون العيب مثلا إصبعا زايدة أو جراحة مندملة
وزمان الابتياع يسير لا يمكن تجدد هذه الأشياء بعده قدم قول المشترى عملا بشاهد الحال ولا حاجة هنا إلى اليمين للعلم بصدقه وإن كان العيب مما لا يمكن
قدمه مثل أن يشتريه منذ عشر سنين مثلا ويظهر قطع اليد مع طراوة الدم أو جرح معه فإنه يقدم قول البايع من غير يمين أيضا للعلم بصدقه وإن احتمل الأمران كالحرق و
الجراح الذي يمكن تجدده عند كل منهما بحث لا يمضى زمان يتيقن البرء وفيه قبل العقد ولا يقصر الزمان المتخلل بين العقد وظهوره عنه فإن كان هناك بينة تشهد
لأحدهما حكم له بها وإن لم يكن هناك بينة تشهد بشئ قدم قول البايع مع يمينه لأصالة السلامة في المبيع حالة العقد وأصالة صحة العقد ولزومه وعدم تطرق التزلزل بالخيار
إليه فكان الظاهر معه ولو أقاما بينة حكم لبينة المشترى لان القول قول البايع لأنه منكر والبينة على المشترى وإذا توجهت اليمين على البايع لعدم البينة فإن حلف قضى
له بالثمن ولزوم العقد وإن نكل فهل يقضى بمجرد نكوله أو يفتقر إلى يمين الخصم الأقوى الثاني وإذا حلف البايع كيف يحلف إن كان قال في جواب المشترى لما ادعى
أن بالمبيع عيبا كان قبل البيع أو قبل القبض وأراد الرد ليس على الرد بالعيب الذي يذكره أو لا يلزمني قبوله حلف على ذلك ولا يكلف التعرض لعدم العيب يوم البيع
ولا يوم القبض لجواز أن يكون قد أقبضه معيبا والمشترى عالم به أو رضي به بعد البيع لو نطق به لصار مدعيا وطوله بالبينة وليس له بينة حاضرة وإن قال في الجواب
ما بعته إلا سليما أو ما أقبضته إلا سليما فهل يلزمه الحلف كذلك أو يكفيه الاقتصار على أنه لا يستحق الرد ولا يلزمني قبوله لعلمائنا قولان أحدهما أنه يكفيه الجواب المطلق
كما لو اقتصر عليه والثاني إنه يلزمه التعرض كما تعرض له في الجواب ليكون اليمين مطابقا للجواب ولو كان له غرض في الاقتصار على الجواب المطلق اقتصر عليه في الجواب وللشافعية
كالقولين وهذا يتأتى في جميع الدعاوى كما لو ادعى إنه غصبه ثوبا معينا فأجاب بأنه لا يستحق شيئا سمع منه ولو قال منا غصبته فإن حلف عليه صح وإن حلف على
عدم الاستحقاق فالوجهان وإذا حلف البايع فإنما يحلف على القطع وألبت فيقول بعتك ولا عيب به ولا يحلف على نفى العلم فيقول مثلا بعته ولا أعلم عيبا ويجوز
الحلف هنا على القطع إذا كان قد اختبره حال العقد واطلع على خفايا أمره كما يجوز أن يشهد بالاعسار وعدالة الشاهد وغيرهما مما يكتفى فيه بالاختبار الظاهر وعند عدم
الاعتبار يجوز الاعتماد على ظاهر السلامة إذا لم يعرف ولا ظن خلافه قال به بعض الشافعية وعندي فيه نظر أقربه الاكتفاء باليمين على نفى العلم. مسألة. لو ادعى المشترى
إن بالمبيع عيبا وأنكرها البايع فالقول قوله لان الأصل دوام العقد والسلامة ولو اختلفا في وصف من الأوصاف هل هو عيب أم لا قدم قول البايع مع يمينه إذا لم يعرف
الحال من الغير ولو قال واحد من أهل العلم له إنه عيب يثبت الرد لم يعتد به بل لابد من اثنين عدلين وللشافعية قولان أحدهما انه يكفي الواحد ولو ادعى البايع علم المشترى
بالعيب أو تقصيره في الرد فالقول قول المشترى لأصالة عدم العلم وعدم التقصير وبه قال الشافعي. مسألة. لو كان معيبا عند البايع ثم زال العيب بعد البيع
ثم أقبضه وقد زال عيبه فلا رد لعدم موجبه وسبق العيب لا يوجب خيارا كما لو سبق على العقد وزال قبله بل مهما زال العلم أو بعده قبل الرد سقط حق الرد ولو
قبض بعض المبيع ثم حدث في الباقي عيب عند البايع قبل قبضه فهو من ضمان البايع لأنه ضامن للجميع فالبعض أولي فيثبت للمشترى الخيار بين الأرش وبين رد الجميع وليس له
رد المعيب خاصة لان في ذلك تشقيصا وهو عيب. مسألة. لو باع الوكيل فوجد المشترى به عيبا يوجب الرد رده على الموكل لأنه المالك والوكيل نائب عنه بطلت
وكالته بفعل ما أمر به فلا عهدة عليه ولو تناكر الموكل والمشترى في قدم العيب وحدوثه لم يقبل إقرار الوكيل على موكله بقدم العيب مع إمكان حدوثه فإن رده المشترى
على الوكيل لجهله بالوكالة لم يملك الوكيل رده على الموكل لبراءته باليمين ولو أنكر الوكيل حلف فإن نكل فرد عليه احتمل عدم رده على الموكل لاجرائه مجرى الاقرار وثبوته
لرجوعه قهرا كما لو رجع بالبينة. مسألة. لو رد المشترى السلعة لعيب فأنكر البايع إنها سلعته قدم قوله مع اليمين وعدم البينة لأصالة براءة ذمته من المطالبات
ولو ردها المشترى بخيار فأنكر البايع إن سلعته احتمل المساواة عملا بأصالة البراءة ويقدم قول المشترى مع اليمين وعدم البينة لاتفاقهما على استحقاق الفسخ
بخلاف العيب. المقصد الرابع. في بقايا تقاسيم البيع وفيه فصلان الفصل الأول في المرابحة وتوابعها البيع ينقسم باعتبار ذكر الثمن وعدمه إلى
أقسام أربعة لان البايع إما أن لا يذكر الثمن الذي اشتراه به وهو المساومة وإما أن يذكره فإما أن يزيد عليه وهو المرابحة أو ينقص منه وهو المواضعة أو يطلب المساواة
وهو التولية وباعتبار التأخير والتقديم في أحد العوضين إلى أربع أقسام بيع الحاضر بالحاضر وهو النقد وبيع المؤجل بالمؤجل وهو بيع الكالي بالكالي وبيع الحاضر بالثمن
المؤجل وهو بيع النسية وبيع المؤجل بالثمن الحاضر وهو السلف فلنشرع في مسائل الفصل الأول بعون الله تعالى ثم نتبعه بمسائل الفصل الثاني بتوفيقه تعالى وفي الفصل
الأول بحثان الأول في المرابحة. مسألة. الأقسام الأربعة وهي المساومة والمواضعة والمرابحة والتولية جايزة عندنا إجماعا إذ لا يجب على البايع ذكر رأس ماله بل له
أن يبيع بأزيد مما اشتراه أضعافا مضاعفة أو أقل ولا نعلم فيه خلافا وأما بيع المرابحة فإن نسب الربح إلى المال كان مكروها ليس باطلا عند علمائنا وذلك بأن يقول اشتريت
هذه السلعة بمائة وبعتكها بمائة وربح كل عشرة درهم فيكون الثمن مائة وعشرة دراهم وهذا هو المشهور عند الجمهور وبيع المرابحة أعنى نسبة الربح إلى الثمن وهو جايز
على كراهية وهو مروى عن عبد الله بن عباس وابن عمر لأنه قد لا يعلم قدر الثمن حالة العقد ويحتاج في معرفته إلى الحساب ولان العلا سأل الصادق (ع) في الرجل يريدان
يبيع البيع فيقول بده دوازده أو ده يازده فقال لا بأس إنما هذه المراوضة فإذا جمع البيع جعله جملة واحدة وقال الصادق (ع) إني أكره بيع عشرة أحد عشر وعشرة إثنا عشر ونحو
ذلك من البيع ولكن أبيعك بكذا وكذا مساومة وقال أتاني متاع من مصر فكرهت أن أبيعه كذلك وعظم على فبعته مساومة وقال الصادق (ع) إني أكره بيع (ده بيازده وده دوازده ولكن
أبيعك بكذا لما فيه من مشابهة الربا وإنما قلنا بانتفاء التحريم لما تقدم وبالأصل ويقول علي بن سعيد سأل الصادق (ع) عن رجل يبتاع ثوبا يطلب منه مرابحة ترى بيع
المرابحة بأسا إذا صدق في المرابحة وسمى ربحا دانقين أو نصف درهم فقال لا بأس وقال إسحاق بن راهويه هذا البيع لا يجوز لان الثمن مجهول حالة العقد فلا يجوز كما
لو باع بما يخرج به الحساب وهو ممنوع فإن رأس المال معلوم والربح معلوم فوجب أن يجوز كما لو قال بعتك بمائة وربح عشرة دراهم وقوله ينتقص بما إذا قال بعتك هذه
الصبرة كل قفيز بدرهم وهي مجهولة فإنه يجوز عنده لما كانت مجهولة الجملة معلومة عند التفصيل بخلاف ما يخرج به الحساب لأنه مجهول في الجملة والتفصيل معا
541

وقال عامة الفقهاء ليس بمكروه للعلم برأس المال وقدر الربح فكان جايزا والجواز لا ينافي الكراهية وحملوا ما رووا عن ابن عباس وابن عمر بأن الكراهية لما فيه من أداء الأمانة
وتحملها. مسألة. تزول الكراهية بنسبة الربح إلى السلعة بأن يقول هذه السلعة على بعشرة وبعتكها بأحد عشر أو اثني عشر فإنه جايز إجماعا لما تقدم من الاخبار
وزوال مقتضى الكراهية من تطرق الجهل ومن مشابهة الربا إذا ثبت هذا فلابد وأن يخير برأس المال أو يكون معلوما عند المشتري فلو قال بعتك بما اشتريت وربح عشرة
وكان المشترى جاهلا بالثمن بطل البيع إجماعا منا لما فيه من الجهالة بالعوض فكان باطلا كبيع غير المرابحة
وكذا لو كان البايع جاهلا برأس المال والمشترى عالم به أو كانا جاهلين
وهو أصح وجهي الشافعية فعلى ما قلناه من البطلان لو أزيلت الجهالة في مجلس العقد لم ينقلب العقد صحيحا لفوات شرط الصحة في صلبه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني إنه
ينقلب صحيحا وبه قال أبو حنيفة والثاني وهو أن يكون أحدهما جاهلا بالقيمة للشافعي إنه يصح البيع لان الثمن فيه مبنى على الثمن في العقد الأول والرجوع إليه سهل فصار كالشفيع
يطلب الشفعة قبل الإحاطة بمبلغ الثمن يجوز لسهولة معرفته ويمنع حكم الأصل وينتقض بما لو قال بعتك بشئ ثم بينه بعد العقد في المجلس وعلى تقدير الصحة عندهم
ففي اشتراط إزالة الجهالة في المجلس وجهان ولو كان الثمن دراهم معينة غير معلومة الوزن فالأقرب المنع من بيعه مرابحة لجهالة الثمن كغير المرابحة وهو أصح وجهي
الشافعية وفي الثاني يجوز وليس بشئ ولو جمع بين المكروه وغيره لم تزل الكراهية وكان العقد صحيحا مثل أن يقول اشتريته بمائة وقد بعتك بمأتين وربح كل عشرة
درهم فيكون الثمن مأتين وعشرون. مسألة. ولبيع المرابحة عبارات أكثرها دورانا على الألسنة ثلثة - آ - بعتك بما اشتريت أو بما بذلت من الثمن وربح كذا - ب -
بعتك بما قام على وربح كذا أو بما هو على وربح كذا - ج - بعتك برأس المال وربح كذا فإذا قال بالصيغة الأولى لم يدخل فيه إلا الثمن خاصة وإذا قال بالثانية دخل فيه
الثمن وما غرمه من أجرة الدلال والكيال والحمال والحارس والقاصر والرفاء والصباغ والخياط وقيمة الصبغ وأجرة الختان وتطيين الدار وساير المؤن التي تلزم للاسترباح
وأجرة البيت الذي يحفظ فيه المتاع لان التربص ركن في التجارة وانتظار الأرزاق وأما المؤن الذي يقصد بها استيفاء الملك دون الاسترباح كنفقة العبد وكسوته
وعلف الدابة فلا يدخل فيه ويقع ذلك مقابلة المنافع والفوايد المستوفاة من المبيع وهو أشهر وجهي الشافعية ولهم آخر إنها تدخل أما العلف الزايد على المعتاد للتسمين
فإنه يدخل وأما أجرة الطبيب إن كان مريضا فكأجرة القصار ونحوها فإن قيمته تزيد بزوال المرض فإن حدث المرض في يده فهي كالنفقة وأما مؤنة السايس فالأظهر
إلحاقها بالعلف وكذا قول الشافعية ولو قصر الثوب بنفسه أو كال أو حمل أو طين الدار بنفسه لم تدخل الأجرة فيه لان السلعة لا تعد قائمة عليه إلا بما بذل وكذا لو تطوع
متطوع بالعمل ولو كان بيت الحفظ ملكه أو تطوع بإعارة البيت متطوع لم يضف الأجرة فإن أراد استدراك ذلك قال اشتريته أو قام على بكذا وعملت فيه أو تطوع
على متطوع بما اجرته كذا وقد بعتك بهما وربح (كذا صح) وأما العبارة الثالثة والظاهر إنها بمنزلة الأولى فإذا قال رأس مالي كذا فهو بمنزلة اشتريته بكذا لأنه المتبادر إلى الفهم
من دلس المال فيكون حقيقة فيه وهو الاظهر من مذهب الشافعي وقال بعض الصحابة إنه كالعبارة الثانية وهو بما قام على وهل يدخل المكسر الذي يؤخذه السلطان
في لفظة القيام والفداء الذي يدفعه المولى في جناية العبد إشكال أقربه عدم دخول الفداء ودخول المكس لأنه من جملة المؤن وللشافعية وجهان فيهما ولو أسترد المغصوب
بشئ دفعه إلى الغاصب أو غيره ممن يساعده على رده لم يدخل وهذه العبارات الثلاثة تجرى في المحاطة جريانها في المرابحة. مسألة. والمرابحة نوع من البيع فإيجابه كان يجاب
ويزيد ضمه الربح والاخبار بالثمن ويجب العلم به قدرا وجنسا وبقدر الربح وجنسه فلو أبهم شيئا من ذلك لتطرق الجهالة في أحد العوضين فلو قال بعتك بما اشتريت
و (ربح صح) كذا ولم يعلما أو أحدهما قدر الثمن بطل وكذا لو عينا الثمن وجهلا الربح مثل أن يقول الثمن عشرة وقد بعتك بعشرة ومهما شئت من الربح ويجب أيضا ذكر الصرف
والوزن مع الاختلاف وإذا كان المبيع لم يتغير البتة صح أن يقول اشتريته بكذا أو هو على أو ابتعته أو تقوم على أو رأس مالي ولو عمل فيه ماله زيادة عوض قال اشتريته بكذا و
عملت فيه بكذا ولو استأجر في ذلك العمل صح أن يقول تقوم على ويضمن الأجرة وكل ما يلزمه من قصار وصباغ وغير ذلك مما تقدم مع علمه بقدر ذلك كله. مسألة. بيع
المرابحة مبنى على الأمانة لاعتماد المشترى بنظر البايع واستقصائه وما رضيه لنفسه فيرضى المشترى بما رضيه البايع من زيادة يبذلها فيجب على البايع حفظ الأمانة
بالصدق في الاخبار عما اشترى به وعما قام به عليه أن باع بلفظ القيام فلو اشترى بمائة ثم خرج عن ملكه ثم اشتراه بخمسين فرأس ماله خمسون ولا يجوز ضم الثمن الأول
إليه ولو اشتراه بمائه وباعه بخمسين ثم اشتراه ثانيا بمائة فرأس ماله مائة ولا (يجوز أن صح) يخبر بمائة وخمسين لأجل خسرانه الخمسين ولو اشتراه بمائه وباعه بمائه وخمسين ثم اشتراه
بمائه فإن أراد بيعه مرابحة بلفظ رأس المال أو بلفظ ما اشتريت أخبر بمائه ولا يلزمه أن يحط عنه ربح البيع الأول كما لم يجز في الصورة الأولى ضم الخسران إلى المائة
وبه قال أبو يوسف ومحمد والشافعي لان الثمن الذي يخبر به هو الذي يلي بيع المرابحة والذي يلي بيع المرابحة مائة فجاز أن يخبر بها كما لو لم يربح فيها وقال أبو حنيفة واحمد
يجب أن يحط ربح البيع الأول فيمن يخبر فيضم أحد العقدين إلى الآخر لان المرابحة يضم فيها العقود فيخبر بما يقوم عليه كما يضم أجرة الخياط والقصار فيخبر بما يقوم عليه
وقد استفاد بهذا العقد الثاني تقرير الربح في العقد الأول لأنه امن به أن يرد عليه بعيب فلا ينقل بعض ما استفاد للعقد بجميع الثمن والفرض ظاهر فإن الذمة لزمته في
هذا البيع الذي يلي بيع المرابحة وتقرير الربح وفي الأول وليس بصحيح لأن العقد الأول قد لزم ولم يظهر فيه عيب فلا يتعلق به حكم وإن باعه بلفظ قام على فكذلك عندنا
لان الاخبار إنما هو بالثمن الأخير الذي يلي عقد المرابحة والملك الأخير إنما قام عليه بمائه وللشافعية وجهان أصحهما عندهم ما قلناه والثاني إنه لا يخبر إلا بخمسين فإن
أهل العرف يعدون السلعة والحال هذه قائمة عليه بذلك. مسألة. يجوز لبايع المتاع شراؤه بزيادة ونقصان حالا ومؤجلا بعد القبض وقبله إلا أن يكون
موزونا أو مكيلا فلا يجوز قبل القبض مطلقا على رأى ويكره على رأى ويمنع في الطعام خاصة على رأى وقد سبق إذا تقرر هذا فإذا باع شيئا وشرط الابتياع حال البيع لم
يجز لاستلزامه الدور ويجوز لو كان ذلك من قصدهما ولم يذكراه لفظا في العقد فإذا باع غلامه أو صاحبه أو ولده سلعة ثم اشتراها بزيادة من غير شرط الابتياع
جاز وإن قصد بذلك الاخبار بالزايد كره وكذا يكره أن يواطئ وكيله فيبيع ما اشتراه منه ثم يشتريه بأكثر ليخبر به في المرابحة لأصالة صحة العقد وهو قول أكثر الشافعية
وقال بعضهم لا يجوز ويثبت للمشترى الخيار لأنه تدليس وهو محرم في الشرع فإذا ظهر له ذلك ثبت له الخيار وليس بجيد لأصالة اللزوم والصحة والتدليس ممنوع إذا لم
يخبر إلا بالواقع نعم استعمل حيلة شرعية لان للانسان نقل ملكه عنه وشراؤه له. مسألة. إذا اشترى شيئا من ولده أو أبيه جاز أن يبيعه مرابحة ويخبر بثمنه
وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد لأنه أخبر بما اشتراه به عقدا صحيحا فوجب أن يجوز كما لو اشتراه من الأجانب وقال أبو حنيفة واحمد لا يجوز ذلك حتى يبين لان هؤلاء
لا يثبت لهم بشهادته كما لا يثبت لنفسه بقوله فصار الشراء منهم كالشراء من نفسه ولأنه يجابيهم فهم كعبده ومكاتبه ورد الشهادة ممنوع عندنا ولو سلمنا فإن هذا لا
يشتبه رد الشهادة لأنه لم يقبل شهادته لهم للتهمة بتفضيلهم على الأجانب والشراء لنفسه منه لا تهمة فيه لان حظ نفسه عنده أوفر فلا يتهم في ذلك فجرى مجرى الشهادة
542

عليهم وأما المكاتب فممنوع فإنه غير متميز من ملكه بخلاف الأب والابن. مسألة. إذا حط البايع من الثمن بعد انقضاء العقد جاز أن يخبر المشترى بالأصل فلو اشتراه
بمائه ثم حط البايع عنه عشرة أخبر بالمائة سواء كان الحط في زمن الخيار لهما أو لأحدهما أو لا في زمن الخيار وكذا الزيادة لان الذي وجب بالبيع إنما هو أصل الثمن وعروض
السقوط بالابراء لا يخرجه عن كونه من الثمن فالاخبار إنما هو بالثمن وقال الشافعي إن كان الحط قبل استقرار العقد مثل أن يكون في المجلس أو مدة الخيار فإنه يلحق بالعقد
ويخبر بما بعد الحط وإن كان بعد لزوم العقد لم يلحق بالعقد وكذا الزيادة قبل الحط وقال أبو حنيفة يلحق بالعقد ولو حط بعض الثمن بعد لزوم العقد وباع
بلفظ ما اشتريت لم يلزمه حط المحطوط وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وإن باعه بلفظ قام على لم يجز إلا بالباقي فإن حط الكل لم يجز بيعه مرابحة بلفظ قام ولو
حط عنه بعض الثمن بعد جريان المرابحة لم يلحق الحط المشترى وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم يلحق. مسألة. لو اشترى عبدا بثوب قيمته عشرون وأراد
بيعه مرابحة بلفظ الشراء أو بلفظ القيام ذكر إنه اشتراه بثوب قيمته كذا ولا يقتصر على ذكر القيمة لان البايع بالثوب يشدد أكثر ما يشدد البايع بالنقد ولو كان
قد اشترى الثوب بعشرين ثم اشترى به العبد جاز أن يقول قام على بعشرين ولا يقول اشتريته بعشرين. مسألة. لو اشتراه بدين له على البايع لم يجب الاخبار عنه سواء
كان مليا أو لا مماطلا أو لا قصد التخلص من الغريم بالتسامح أو لا وقال الشافعي إن كان مليا غير مماطل لم يجب الاخبار عنه وإن كان مماطلا وجب الاخبار عنه لأنه يشترى
من مثله بالزيادة للتخلص من التقاضي وليس بشئ وكذا لو سامح البايع بزيادة الثمن إما لغرض أو لا لغرض لم يجب الاعلام بالحال. مسألة. إذا اشترى شيئين صفقة
واحدة أو جملة كذلك ثم أراد بيع بعضها مرابحة لم يكن له ذلك مع تقسيط الثمن على الابعاض إلا أن يخبر بصورة الحال سواء اتفقت كقفيزي حنطة أو اختلفت كقفيز
حنطة وقفيز شعير أو عبدين أو ثوبين أو عبد وثوب وسواء ساوى بينهما في التقويم أو لا وسواء باع خيارها بالأقل أو لا إلا أن يخبر بصورة الحال في ذلك كله
لتفاوت القيم والاغراض ولان توزيع الثمن على القيمتين تخمين وخرز وظن يتطرق إليه الخطأ غالبا فلم يجز وقال الشافعي يجوز مطلقا ويقسم الثمن على القيمتين فما خص
كل واحد منهما فهو ثمنه لان الثمن ينقسم على المبيع على قدر قيمة المبيع في نفسه ولهذا لو باع شقصا وسيفا فإن الشفيع يأخذ الشقص ثمنه فيقومان ويقسم الثمن
على قدر القيمتين وكذا هنا وهو ممنوع لان آخذ الشفعة قهري فالتجأ فيه إلى التقويم تخليصا من إبطال حقه وقال أبو حنيفة واحمد لا يجوز فيما يقسم الثمن على القيمة وما
يتساوى يجوز كالطعام أما لو أخبر بالحال فقال اشتريت المجموع بكذا وقومته مع نفسي فأصاب هذه القطعة من الثمن كذا فإنه يجوز إجماعا. مسألة
يجب الاخبار بالعيوب المتجددة في يد المشترى أو الجناية مثل أن يشترى عبدا صحيحا بمائة ثم يقطع إصبعه سواء حدث العيب بآفة سماوية أو بجنايته أو بجناية
أجنبي أو اشتراه على أنه صحيح وبه قال الشافعي لان المشترى يبنى العقد على العقد الأول ويتوهم بقاء المبيع على حالة التي اشتراها البايع ولا فرق بين ما ينقص العين وما
ينقص القيمة كما في الرد فلو اشترى عبدا بعشرين ثم خصاه فزادت قيمته فالأقوى وجوب الاخبار بالخصا وإن زادت به القيمة وقال أبو حنيفة لا يجب الاخبار عن المعيب
الحادث وإن نقصت القيمة إذا كان بآفة سماوية مسألة. لو إطلع المشترى على عيب قديم فأسقط أرشه ورضى به لم يجب ذكره في المرابحة كما لو تسامح معه
وقال الشافعي يجب وليس بمعتمد ولو أخذ أرش العيب السابق أسقطه من رأس المال فلو اشتراه بمائة فلو وجد به عيبا أخذ أرشه عشرة أخبر بتسعين وبه قال الشافعي لان
ما رجع من أرش العيب نقصان من الثمن لما عرفت إن الأرش جزء من الثمن بخلاف ما لو حط بعض الثمن أو وهبه إياه لان أخذ الأرش قهري وذلك اختيار فافترقا إذا
عرفت هذا فإنه يخبر بصيغة رأس مالي أو تقوم على أو هو على بتسعين ولا يقول اشتريته لأن الشراء كان بما سمى عليه في العقد ولو قال بصيغة اشتريته وجب أن يخبر
بالمائة ويذكر العيب واسترجاع قدر أرشه. مسألة. لو اشترى عبدا بمائة فجنى عليه في يده فأخذ الأرش لم يضعفه في المرابحة إن باع بلفظ اشتريته وكذا إن قال بما قام
على ولا يجب ذكر الجناية فيهما وقال الشافعي إن باع بلفظ الشراء ذكر الثمن وأخبر بالجناية وإن باع بلفظ قام على فوجهان أحدهما إنه نازل منزلة الكسب والزيادات لأنه من منافع
العبد ولأنه لو جنى العبد ففداه لم يضمه إلى الثمن والمبيع قائم عليه بتمام الثمن وأصحهما عنده إنه يحط الأرش من الثمن كأرش العيب وفيه بعض القوة لان المشترى إنما أخلد
إلى البايع وثوقا بنظره وهو إنما بذل الثمن الكبير في مقابلة التسليم فيكون المشترى كذلك إذا تقرر هذا فالمراد من الأرش هنا على قولهم بوضعه قدر النقصان لا
المأخوذ بتمامه فلو قطعت يد العبد وقيمته مائه فنقص ثلثين يأخذ خمسين ويحط من الثمن ثلثين لا خمسين وهو أحد قولي الشافعية وحكى الجويني وجها آخر إنه يحط جميع
المأخوذ من الثمن وإن نقص من القيمة أكثر من الأرش المقدر حط ما أخذ من الثمن وأخبر عن قيامه عليه بالباقي وإن نقص من القيمة كذا تذنيب لو جنى العبد
في يد المشتري ففداه للم يضم الفداء إلى رأس ماله ويخبر به لان الفداء لزمه لتخليص ماله وتبقيته عنده فجرى مجرى طعامه وشرابه. مسألة. إذا كان قد اشترى
مغبونا فيه لم يلزمه الاخبار بالغبن لأنه باع ما اشترى بما اشترى وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يلزم لان المشترى اعتمد على نظره وأعتقد إنه لا يجهل الغبن فليخبره ليكون
على بصيرة في أمره ورجح أكثرهم الثاني لامرين - آ - إنه قال لو اشتراه بدين من مماطل وجب الاخبار عنه لان الغالب إنه يشترى من مثله بالزيادة وهو ممنوع - ب - لو اشترى من ابنه
الطفل وجب الاخبار عنه لان الغالب في مثله الزيادة في الثمن عنه نظرا للطفل واحترازا عن التهمة فإذا وجب الاخبار عنه عند ظن الغبن فلان يجب عند تيقنه كان أولي
ولو اشتراه من ولده البالغ أو من أبيه فالأصح عندهم إنه يجب الاخبار عنه كما لو اشترى من زوجته أو مكاتبه وأوجب أبو حنيفة الاخبار عن البايع إذا كان ابنا أو أبا له و
الأصح إنه لا يجب وكذا لو كان غلامه. مسألة. لو اشتراه بثمن مؤجل وجب الاخبار عنه لاختلاف الثمن بسببه فإن الظاهر التفاوت في الثمن بين المعجل والمؤجل فإن المعجل أقل ثمنا
والمؤجل أكثر وهو أظهر وجهي الشافعية فإن باعه وذكر الثمن واهمل الاجل تخير المشترى بين الرضاء به حالا وبين الفسخ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة واحمد لأنه لم يرض بذمة
المشترى وقد يكون ذمته دون ذمة البايع فلا يلزم الرضا بذلك وقال الأوزاعي يلزمه العقد ويثبت في ذمة المشتري مؤجلا لأنه باعه بما اشتراه فيثبت على المشترى مؤجلا
ويمنع إنه باعه بما اشتريه في الوصف إذ التقدير خلافه وإن باعه حالا أما لو قال اشتريته بمائه وبعتك بها على
صفتها كان للمشترى مثل الاجل. مسألة. إذا أثمر
النخل في يد المشترى أو حملت الدابة أو الأمة في يده أو تجدد لها لبن أو صوف وشبهه فاستوفاه المشترى لم يحط النماء المنفصل الذي استوفاه ولا قيمته من رأس المال و
يخبر بما اشتراه لان ذلك فائدة تجددت في ملكه فإن اشتراها مثمرة وأخذ الثمرة أو حاملا سقط حصة الثمرة والولد من الثمن وأخبره بالحال كما لو اشترى عينين وباع أحدهما
مرابحة ولا يجب أن يخبر عن وطى الثيب ولا عن مهرها الذي أخذه وبه قال الشافعي أما لو وطى الكبر فإنه يخبره لأنه يوجب أرشا بالاقتضاض. مسألة. إذا باعه
بمائه هي رأس ماله وربح كل عشرة واحدا وكان قد أخبر بأن رأس المال مائة ثم ظهر كذبه وإن الثمن تسعون لم يبطل البيع من أصله وهو أظهر قولي الشافعي لان سقوط جزء من
الثمن المسمى بضرب من التدليس لا يمنع من صحة العقد ولا يقتضى جهالة الثمن كأرش البيع ولانا لا نسقط شيئا من الثمن بل نخيره في الفسخ والامضاء بالجميع وقال الشافعي في الآخر
543

إن البيع باطل وبه قال مالك لان الثمن وقع مجهولا لأنه غير المسمى فلم يصح وجوابه تقدم إذا ثبت أن البيع صحيح فإن المشترى يتخير بين أخذه بجميع الثمن الذي وقع عقد المرابحة عليه
وبين الرد وبه قال أبو حنيفة ومحمد والشافعي في أحد القولين لان الثمن مسمى في العقد وإنما كان فيه تدليس وخيانة وذلك يوجب الخيار دون الحطيطة كما لو ظهر فيه
عيب دلسه البايع والقول الثاني للشافعي إنه يأخذ بما ثبت إنه رأس المال وحصة من الربح وبه قال ابن أبي ليلى وأبو يوسف وأحمد بن حنبل لأنه باعه إياه برأس ماله وما قدره
من الربح وإنما ذكره أكثر من رأس المال قدرا كان متعينا به وبالزيادة بخلاف العيب لأنه لم يرض إلا بالثمن المسمى وهنا رضي برأس المال والربح المقرر ويمنع
أن البيع برأس المال لأنه عينه بالذكر قاله الشافعية إذا قلنا بالصحة فلا يخلوا إما أن يكون كذبه في هذه الأخبار خيانة أو غلطا فإن كان خيانة فقولان منصوصان عن الشافعي
في اختلاف العراقيين أحدهما وبه قال احمد إنا نحكم بانحطاط الزيادة وحصتها من الربح لأنه يملك باعتبار الثمن الأول فينحط الزايد عليه كما في الشفعة والثاني وبه قال أبو
حنيفة إنا لا نحكم به لأنه سمى ثمنا معلوما وعقد به العقد فليجب وإن كان غلطا فالمنصوص القول الأول والثاني مخرج من مثله في الحالة الأولى مسألة. قد بينا
أنه إذا أخبر بالزايد يتخير المشترى وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني إنه يحط الزايد وما يصيبه من الربح فعلى الانحطاط هل للمشترى الخيار للشافعي قولان أظهرهما نفى
الخيار لأنه قد رضي بالأكثر فبالأقل أولي والثاني وبه قال أبو حنيفة إنه يثبت الخيار لأنه إن بان كذبه بالاقرار لم يؤمن كذبه ثانيا وثالثا وإن بان بالبينة على الشراء أو بالبينة
على الاقرار فقد يخالف الباطن الظاهر ولأنه قد يكون له غرض في الشراء بذلك المبلغ ليحله قسم أو إنفاذ وصية ونحوها وللشافعية طريق آخران القول الأول محمول على ما إذا تبين (كذب البايع بالبينة والثاني على ما إذا تبين صح)
بالاقرار والفرق إذا ظهر بالبينة خيانته لم يؤمن خيانته من وجه آخر والأقرب يشعر بالأمانة وبذل النصح والطريقة الأولى أظهر عندهم فإن قلنا لا خيار له أو قلنا له
الخيار فامسك بما يبقى بعد الحط فهل للبايع الخيار للشافعية وجهان وقيل قولان أحدهما لأنه لا يسلم له مسماه في العقد وأظهرهما المنع لاستبعاد أن يصير تلبسه أو غلطه
سببا لثبوت الخيار له ومنهم من خص الوجهين بصورة الخيانة وقطع بثبوت الخيار عند الغلط. مسألة. قد بينا مذهبنا في ظهور كذب اخبار البايع وإن
المشترى يتخير ولا يحط شيئا وهو أحد قولي الشافعي وحينئذ إنما يثبت الخيار لأنه قد غره ودلس عليه فلو كان المشترى عالما بكذب البايع لم يكن له خيار ويكون بمنزلة ما لو
اشترى معيبا وهو عالم بعيبه وإذا ثبت الخيار فلو قال البايع لا تفسخ فإني أحط الزيادة سقط الخيار وللشافعي وجهان ولا فرق بين أن يظهر الكذب في قدر الثمن أو جنسه أو وصفه
أو حلوله أو قلة أجله. مسألة. لو ظهر كذب البايع بعد هلاك السلعة ففي سقوط خيار المشترى إشكال ينشأ من أنه ثبت بحق فلا يسقط بهلاك المعقود عليه كغيره
من أنواع الخيار ومن أن الخيار ثبت لإزالة الضرر فلا يثبت مع الضرر كالبايع واختلف الشافعية فقال بعضهم تحط الخيانة وحصتها من الربح قولا واحدا وقال بعضهم
يجريان القولين في الانحطاط وإن قلنا بالانحطاط فلا خيار للمشترى لان البايع قد لا يريد القيمة فالفسخ رد القيمة يضر به وأما البايع فإن لم يثبت له الخيار عند بقاء السلعة
فكذا ههنا وإن أثبتناه ثم يثبت هنا أيضا كما لو وجد بالعبد عيبا والثوب الذي هو عوضه بألف وإن قلنا بعدم الانحطاط فهل للمشترى الفسخ وجهان أظهرهما كما لا.
لو عرف بالعيب بعد تلف المبيع ولكن يرجع بقدر التفاوت وحصته من الثمن كما يرجع بأرش العيب وقال أبو حنيفة وأبو يوسف سقط حقه قال يفسخ ولا يرجع بشئ لان
الخيار ثبت له من طريق الحكم لا لنقص فيسقط بتلف السلعة كخيار الرؤية وحكى عن محمد إنه قال يرد القيمة ويرجع في الثمن كما قويناه نحن أولا وقول أبي حنيفة باطل لان الخيار
ثبت له لتدليس البايع ونقص الثمن عما حكاه فهو بمنزلة العيب يستره عنه ولا يشبه خيار الرؤية لأنه يثبت للاختيار لا لأجل نقص أو خيانة يثبت وأما الفسخ بعد التلف
فإضرار بالبايع كما لا يثبت إذا تلف المبيع المعيب في يد المشترى. مسألة. يجب عليه الاخبار بكل ما يتفاوت الثمن بسببه على وجهه كالأجل وشبهه من عيب طرأ في يده
فنقص أو جناية على ما تقدم فلو كذب تخير المشترى وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني يحط الجناية وقدرها من الربح هذا في القدر أما لو كذب في سلامة المبيع وكان
معيبا أو في حلول الثمن وكان مؤجلا هل يكون حكمه حكم القدر قال بعض الشافعية بذلك فعلى قول الحط فالسبيل النظر إلى القيمة ويقسط الثمن عليها ونحن لا نقول
بذلك. مسألة. لو كذب بنقصان الثمن بأن قال كل الثمن أو رأس المال أو ما قامت السلعة به على مائه وباع مرابحة لكل عشرة درهم ثم عاد وقال غلطت والثمن مائة و
عشرة فإن صدقه المشترى فالبيع صحيح لأنه عقد صادر من أهله في محله بثمن معلوم فيكون صحيحا كغيره من العقود وهو أحد وجهي الشافعية كما لو غلط بالزيادة وقال
بعضهم البيع باطل لأن العقد لا يحتمل الزيادة وأما النقصان فهو معهود عند الشرع بدليل الأرش وعلى ما اخترناه من صحة البيع لا يثبت (الزيادة صح) كما لا يثبت الحط لكن للبايع الخيار
في فسخ البيع وإمضائه بلا شئ وهو أحد وجهي الشافعية القائلين به والثاني لهم تثبت الزيادة مع ربحها وللمشتري الخيار وإن كذبه المشترى وهو قسمان - آ - أن لا يبين للغلط
وجهان محتملا فلا يسمع دعواه ولو أقام بينة لم تسمع لأنه أقر بأن الثمن مائه وتعلق بذلك حق المشترى فلا يقبل رجوعه عنه ولا تسمع بينته لان إقراره يكذبها بخلاف ما لو
أقر بأن الثمن أقل لأنه اعترف فيها بما هو حق لغيره وضرر عليه ولان إقراره الثاني يكذب قوله وبينته فإن ادعى علم المشترى بصدقه والتمس تحليفه على إنه لا يعرف ذلك
أجيب إليه لأنه ربما يقر عند عرض اليمين عليه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني لا يجاب كما لا تسمع بينته فإن نكل يرد اليمين على المدعى وهو أحد قولي الشافعية والثاني
لا يرد والوجهان مبنيان على أن اليمين المردودة بعد نكول المدعى عليه كالاقرار من جهة المدعى عليه أو كالبينة
من جهة المدعى وسيأتى تحقيقه فعلى الأول يرد لا على الثاني
لان بينته غير مقبولة فإذا قلنا بتحليف المشترى يحلف على نفى العلم فإن حلف ثبت العقد على ما حلف عليه فيثبت المبيع له بمائة وعشرة وكذا إذا قلنا لا يعرض اليمين عليه و
إن نكل ورددنا اليمين على البايع فإنه يحلف على القطع إنه اشتراه بمائة وعشرة وإذا حلف فللمشتري الخيار بين إمضاء العقد بما حلف عليه البايع فيكون الثمن عليه مائة و
أحد وعشرين وبين الفسخ لأنه دخل في العقد على أن يكون الثمن مائه وعشرة مع الربح - ب - أن يبين للغلط وجها محتملا مثل أن يقول ما كنت اشتريته بنفسه بل اشتراه
وكيلي وأخبرني إن الثمن مائة فبأن خلافه أو ورد على كتابه فبأن مزورا أو يقول كنت راجعت جريدتي فغلطت من متاع إلى غيره فتسمع دعواه للتحليف لان بيان هذه الاعذار
يجوز ظن صدقه وهو قول بعض الشافعية وبعضهم طرد الخلاف في التحليف وسماع البينة يترتب على التحليف إن قلنا لا تحليف فالبينة أولي أن لا تسمع وإن قلنا له التحليف
ففي البينة وجهان الاظهر عندهم سماعها وعندنا إنه يحلف المشترى كما إذا أقر بإقباض الرهن ثم رجع عن ذلك وقال أحمد بن حنبل القول قول البايع مع يمينه لأنه لما دخل
معه المشترى في بيع المرابحة فقد جعله أمينا فالقول قوله مع يمينه كالوكيل والشريك والمضارب وهو خطأ لأنه قبل قوله فيما أخبر به من الثمن وذلك لا يصير به أمينا له كما لو أخبره بقدر
المبيع فإن قال بعتك هذه الصبرة وهي عشرة أقفزة فقبل قوله ثم بانت تسعة وأنكر البايع ذلك لم يقبل قوله ويفارق الوكيل والشريك لأنه استنابة في التصرف عنه فقبل
قوله عليه بخلاف المتنازع. مسألة. إذا قال رأس مالي مائة درهم بعتك بها وربح كل شعرة واحد اقتضى أن يكون الربح من جنس الثمن الأول وكذا لو قال بعتك بمائة
وربح عشرة ويجوز أن يجعل الربح من غير جنس الأصل ولو قال اشتريت بكذا وبعتك به وربح درهم على كل عشرة فالربح يكون من جنس نقد البلد لاطلاقه الدرهم والأصل
544

مثل الثمن سواء كان من نقد البلد أو غيره. مسألة. لو انتقل إليه بغير عوض كالهبة لم يجز بيعه مرابحة سواء قومها بثمن مساو أو أزيد أو أنقص إلا أن يبين الحال في
ذلك ولا يكفي بيان قدر القيمة من غير تعريف الحال ولو اتهب بشرط الثواب فذكره وباع به مرابحة فإن كان قد بين ذلك المشترى جاز وإلا فلا وقالت الشافعية
يجوز من غير تفصيل ولو آجر داره بعيدا ونكحت المرأة رجلا على عبد أو خالع زوجته عليه أو صالح عن الدم عليه لم يجز بيع العبد مرابحة بلفظ الشراء ولو أخبر بالحال جاز بما
قام على ويذكر في الإجارة أجرة مثل الدار وفي النكاح والخلع مهر المثل وفي الصلح عن الدم الدية واعلم أن الفقهاء أطبقوا على تجويز المرابحة فيما إذا قال بعت بما اشتريت
وربح كذا أو بما قام على وربح كذا ولم يذكروا فيه خلافا واختلفوا فيما لو اوصى بنصيب ولده فقال بعضهم لا يصح بل يصح لو قال مثل نصيب ولدى والظاهر إنهم اقتصروا
هنا على ما هو الأصح وإلا فلا فرق بين الامرين. مسألة. إذا دفع التاجر إلى الدلال ثوبا أو غيره وقومه عليه بعشرين درهما مثلا وأمره بالبيع بذلك فما زاد فهو
للدلال ولم يواجبه البيع جاز ذلك لكن لا يخبر الدلال بالشراء (بالعشرين صح) لأنه كذب إذ التقدير إنه لا بيع هنا فلا يبيعه مرابحة وإن أخبر بالحال جاز لان الصادق (ع) سئل عن الرجل يحمل
المتاع لأهل السوق وقد قوموا عليه قيمة ويقولون بع فما ازددت فلك فقال لا بأس بذلك ولكن لا يبيعهم مرابحة وإذا قال التاجر للدلال بع ثوبي هذا بعشرة دراهم
فما فضل فهو لك (جاز على سبيل الجعالة ولا يكون ذلك بيعا لازما وللتاجر أن يفسخ القول قبل العقد لان الصادق (ع) قال في رجل بع ثوبي هذا بعشرة دراهم فما
فضل فهو لك صح) قال ليس به بأس واعلم أنه لا فرق بين أن يكون الدلال ابتداءه للتاجر أو بالعكس. مسألة. قد بينا إنه اشترى جملة أثواب لم يجز له بيع افرادها
مرابحة بمجرد التقويم مع نفسه إلا أن يخبر بالحال لما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما (على) في الرجل يشترى المتاع جميعا بثمن ثم يقوم كل ثوب بما يسوى حتى يقع
على رأس ماله يبيعه مرابحة ثوبا ثوبا قال لا حتى يبين له إنما قومه ولو باعه ثيابا معينة فمن الجملة التي اشتراها على أن يعطيه خيارها بربح خمسة مثلا في كل ثوب من خيار
لم يصح للجهالة ولما رواه عيسى بن أبي منصور قال سألت الصادق (ع) عن القوم يشترون الجراب الهروي أو المروى أو المقوهي فيشترى الرجل منهم عشرة أثواب ويشترط عليه
خياره كل ثوب بربح خمسة دراهم أقل أو أكثر فقال ما أحب هذا البيع أرأيت إن لم يجد فيه خيارا غير خمسة أثواب ووجد بقيته سواء. مسألة. يجوز لمن اشترى شيئا بيعه قبل
قبضه إذا لم يكن مكيلا أو موزونا بربح وغيره لأصالة الإباحة ولما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن قوم اشتروا بزا فاشتركوا فيه جميعا ولم يقسموه أيصلح
لاحد منهم بيع بزه قبل أن يقبضه قال لا بأس به وقال إن هذا ليس بمنزلة الطعام لان الطعام يكال وسأل منصور الصادق (ع) عن رجل اشترى بيعا ليس فيه كيل ولا وزن
أله أن يبيعه مرابحة قبل أن يقبضه ويأخذ ربحه فقال لا بأس بذلك ما لم يكن كيل ولا وزن فإن هو قبضه فهو أبر لنفسه وسأل إسماعيل بن عبد الخالق الصادق (ع) إنا
نبعث الدراهم لها صرف إلى الأهواز فيشترى لنا بها المتاع ثم نلبث فإذا باعه وضع عليها صرف وإذا بعناه كان علينا أن نذكر له صرف الدراهم في المرابحة تحريما
عن ذلك فقال لا بل إذا كانت للمرابحة فأخبره بذلك فإن كانت مساومة فلا بأس. مسألة. إذا أمر الانسان غيره بشراء متاع وبربحه كذا فإن كان الشراء للآمر صح
ولزمه ما جعله بعد الشراء لأنها جعالة صحيحة وإن كان للمأمور جاز ذلك ولم يكن ما ذكره من الربح لازما له بل ولا الشراء منه وليس للمأمور أن يعقد البيع مع الآمر
لأنه بيع ما ليس عنده وهو منهى عنه وروى يحيى بن الحجاج عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل قال لي اشتر هذا الثوب وهذه الدابة وبعنيها أربحك منها كذا وكذا قال
لا بأس بذلك اشترها ولا تواجبه البيع قبل أن يستوجبها ويشتر بها. مسألة. قد بينا الخلاف فيما إذا اشترى شيئا مؤجلا واخفى الاجل وأخبر برأس المال وإن الوجه في ذلك صحة
البيع ويخير المشترى بين الرضا بالثمن حالا وبين فسخ البيع وقال الأوزاعي للمشترى من الاجل مثل ما كان له وهو قول الشيخ في النهاية لما روى الحسن بن محبوب عن أبي محمد الواشي
قال سمعت رجلا سأل الصادق (ع) عن رجل اشترى من رجل متاعا بتأخير إلى سنة ثم باعه من رجل آخر مرابحة أله أن يأخذ منه ثمنه حالا والربح قال ليس عليه إلا مثل الذي اشترى
إن كان نقد شيئا فله مثل ما نقد وإن لم يكن نقد شيئا آخر فالمال عليه إلى الاجل الذي اشتراه إليه قلت له فإن كان الذي اشتراه منه ليس يملئ بمثله قال فليستوثق من حقه
إلى الاجل الذي اشتراه وعلى ما اخترناه يكون هذه الرواية محمولة على ما إذا قال بعتك بما اشتريته من القدر والوصف. مسألة. لو أسلم في ثوبين بصفة واحدة و
قبضها وأراد بيع أحدهما مرابحة لم يجز كما تقدم إلا أن يخبر بصورة الحال وقال الشافعي يجوز في أحد القولين فعلى هذا يخبر بحصة من الثمن وهو النصف لان الثمن وقع عليهما
متساويا لتساوي الصفة في الذمة فكان بمنزلة شراء قفيزين فإن حصل في أحدهما نقصان عن الصفة فذلك نقصان جار مجرى الحادث بعد الشراء فلا يمنع من بيع المرابحة
وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة لا يبيعه مرابحة لان الثوبين يختلفان حال التعيين فيصيرا بمنزلة العقد الواقع على ثوبين بأعيانهما. البحث الثاني
في باقي الأقسام. مسألة التولية نوع من البيع وهو أن يخبر برأس المال ويبيعه به من غير زيادة ولا نقصان ولا خلاف في جوازه وعبارة الايجاب بعتك ووليتك فيقول
قبلت فإذا اشترى شيئا ثم قال لغيره وليتك هذه العقد جاز ويشترط قبوله في المجلس على قاعدة التخاطب بأن يقول قبلت أو توليت ويلزمه مثل الثمن الأول جنسا
وقدرا ووصفا ويجب العلم به للمتعاقدين حالة العقد وهو شرط في صحته لا ذكره فلو لم يعلم برأس المال أحدهما أو كلاهما بطل لان الجهالة في الثمن أو المثمن مبطلة
ولو لم يعلمه المشترى اعلمه البايع أولا ثم ولاه العقد. مسألة. قد بينا إن عقد التولية بيع يشترط فيه ما يشترط في مطلق البيع من القدرة على التسليم والتقابض
في المجلس إن كان صرفا وغيرهما ويلحق به ما يلحق به من الشفعة وغيرها فلو كان المبيع شقصا مشفوعا وعفا الشفيع تجددت الشفعة بالتولية ويجوز قبل القبض وإن
كان طعاما على كراهية على رأى والزوايد المنفصلة قبل التولية إذا تجددت بعد الشراء للمشترى وقبله للمتولى ولو حط البايع بعد التولية بعض الثمن لم ينحط عن المولى
أيضا خلافا للشافعي وكذا لو حط الكل وللشافعية قول آخر يجعل المشترى نائبا عن المولى فيكون الزوايد للمولى ولا تجدد الشفعة ويلحق الحط للمولى وعلى قول آخر تنعكس
هذه الأحكام ويقول إنها بيع جديد وهو الحق عندنا وعلى ظاهر مذهب الشافعية والفرق بين الزوايد والشفعة وبين الحط وعلى هذا لو حط البعض قبل التولية لم يجز التولية
إلا بالباقي ولو حط الكل لم تصح التولية. مسألة. يشترط في التولية كون الثمن مثليا ليأخذ المولى مثل ما بذله فلو اشتراه بعرض لم يجز التولية قال بعض الشافعية
إلا إذا انتقل ذلك العرض من البايع إلى إنسان فولاه العقد قال ولو اشتراه بعرض وقال قد قام على وكذا وقد وليتك العقد بما قام على أو أرادت المرأة عقد التولية
على صداقها بلفظ القيام أو أراد الرجل التولية على ما أخذه من عوض الخلع ففي ذلك وجهان (للشافعية صح) وعندنا لا تجوز التولية في مثل هذه الأشياء. مسألة. لو أخبر
المولى عما اشترى به وكذب فكالمربحة والكذب فيها وقد تقدم وهو أحد قولي الشافعية والاخر يحط قدر الخيانة قولا واحدا ولو كان المشترى قد اشترى شيئا و
وأراد أن يشرك غيره فيه ليصير له بعضه بقسطه من الثمن جاز بلفظ البيع والتولية أو المرابحة أو المواضعة ثم إن نص على المناصفة أو غيرها فذلك وإن أطلق إحتمل
فساد العقد للجهل بمقدار العوض كما لو قال بعتك بمائة ذهبا وفضة والصحة ويحمل على المناصفة كما لو أقر بشئ لاثنين وللشافعية وجهان كهذين وإن أقرأك في
البعض كالتولية في الجميع في الاحكام السابقة. مسألة. المواضعة هي المحاطة مأخوذة من الوضع وهو أن يخبر برأس المال ثم يقول بعتك به ووضيعة كذا وكما
545

يجوز البيع مرابحة يجوز مواضعة وليس في ذلك جهالة كما لم يكن في الربح جهالة ويكره لو قال بوضيعة درهم من كل عشرة كما قلنا في المرابحة قال الثمن مائة بعتك برأس مالي
ووضيعة درهم من كل عشرة فالثمن تسعون وقال وضيعة درهم من كل أحد عشر كان الحط تسعة دراهم وجزءا من أحد عشر جزءا من درهم فيبقى الثمن أحدا وتسعين إلا جزاء
من أحد عشر جزء من درهم ولو قال بعت بما اشتريت بحط ده يازده جاز أيضا وفيه للشافعية وجهان أحدهما إنه يحط من كل عشرة واحد كما زيد في المرابحة على كل عشرة واحد
فيكون الوضيعة عشرة والثمن تسعون وبه قال أبو ثور وحكاه الشافعي عن محمد بن الحسن ولم يحكمه أصحابه عنه والثاني وهو الأصح عندهم إنه يحط من كل أحد عشر واحدا فالحط
تسعة وجزء من أحد عشر جزء من درهم والثمن تسعون وعشرة أجزاء من أحد عشر من درهم وبه قال أبو حنيفة لان الربح في المرابحة جزؤ من أحد عشر فليكن كذلك الحط في المحاطة
وليس في واحد من العشرة رعاية لنسبة ده يازده ولو كان قد اشترى بمائة وعشرة فالثمن على الوجه الأول تسعة وتسعون وعلى الثاني مائة وعلى هذا القياس وأورد جماعة من فقهاء
الشافعية صورة المسألة فيما إذا قال بعت بما اشتريت بحط درهم من كل عشرة واوردوا فيها الوجهين وهو خطأ فإن في هذه الصيغة يصير الحط واحدا من كل عشرة وإنما موضع
الخلاف لفظ ده يازده ولو قال بحط درهم من كل عشرة فالمحطوط واحد من عشرة وقال بعض الشافعية إنه يكون تسعة وجزءا من أحد عشرة جزءا وهو خطأ لان هذا يكون حطا
من كل أحد عشر ولا وجه له ولو قال بحط درهم لكل عشرة فالمحطوط واحد من أحد عشر ويكون كأنه قال ضع من كل أحد عشر درهما فلو قال بوضيعة ده دوازده كانت الوضيعة
من كل اثنى عشر درهما درهم وبيانه أن يضيف قدر الوضيعة إلى الأحد عشر فيصير إثنا عشر فيسقط من كل اثني عشر الوضيعة وهي درهم تم الجزء السابع من
كتاب تذكرة الفقهاء بحمد الله تعالى ويتلوه في الجزء الثامن بعون الله تعالى الفصل الثاني من بيع النقد والنسية والسلف وفيه
مطلبان فرغت من تسويده سلخ ربيع الأول من سنة أربع عشر وسبعمائة بالسلطانية وكتب
حسن بن يوسف بن مطهر الحلى مصنف الكتاب والحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين
. بسم الله الرحمن الرحيم الاستعانة والتوفيق يا كريم
. الفصل الثاني في بيع النقد والنسية والسلف وفيه مطلبان الأول في بيع النقد والنسية. مسألة من باع شيئا معينا بثمن كان الثمن حالا مع الاطلاق
واشتراط التعجيل لان قضية البيع تقتضي انتقال كل من العوضين إلى الاخر فيجب الخروج عن العهدة متى طولب صاحبها أما لو شرط تأجيل الثمن في صلب العقد فإنه يصح ويكون
البيع نسية لان الحاجة قد تدعوا إلى الانتفاع بالمبيع معجلا واستغناء مالكه عنه وحاجته إلى الثمن مؤجلا فوجب أن يكون مشروعا تحصيلا لهذه المصلحة الخالية عن المبطلات
ولا نعلم فيه خلافا. مسألة إذا شرط تأخير الثمن وجب تعيين الاجل بما لا يحتمل الزيادة والنقصان بل يجب أن يكون محروسا عنهما مضبوطا فلو جعله مؤجلا
إلى قدوم الحاج أو إدراك الغلات أو جز الثمار أو الغطاء إلى غير ذلك من الآجال المجهولة بطل البيع لتطرق الجهالة إلى الثمن لأنه يزيد عند التجار بزيادة الاجل وينقص
بنقصانه ولأنه مشتمل على غرر عظيم منهى عنه وكذا لو قال بعتك نسية ولم يذكر الاجل أصلا كان البيع باطلا ولو باعه بثمنين إلى أجلين فالأظهر البطلان وقد
سبق. مسألة لو باع سلعة بثمن مؤجل ثم اشتراها قبل قبض الثمن بأقل من ذلك الثمن جاز وكذا لو باعها بثمن نقدا واشتراها بأكثر منه إلى أجل جاز سواء كان قد
قبض الثمن أو لم يقبض وبه قال الشافعي لان البيع ناقل والعين قابلة للنقل دائما والمتبايعان من أهل العقد فكان صحيحا عملا بالمقتضى السالم عن المبطل ولأنه ثمن
يجوز بيع السلعة به من غير بايعها فجاز بيعها به من بايعها كما لو كان باعه بسلعة أو بمثل الثمن ولان يسار بن يسار سأل الصادق (ع) عن الرجل يبيع المتاع بنساء فيشتريه من
صاحبه الذي يبيعه منه قال نعم لا بأس فقلت له اشترى متاعي قال ليس هو متاعك وقال أبو حنيفة ومالك واحمد
لا يجوز أن يشتريها بدون ذلك الثمن قبل قبض الثمن وقال
أبو حنيفة ويجوز أن يشترى بها سلعة قيمتها أقل من قدر الثمن فإن باعها بدراهم واشتراها بدنانير قيمتها أقل من قدر الثمن لم يجز استحسانا ولو باعها بأجل ثم اشتريها بأكثر من
ذلك الاجل لم يجز ولو اشتريها وكيله له بأقل من الثمن جاز ولو اشتراها والد البايع أو ولده أو من يرد شهادته له لنفسه لم يجز بأقل من الثمن لما روى أبو إسحاق السبيعي
عن امرأته الغالية بنت أيقع بن شرحبيل إنها قالت دخلت أم ولد لزيد بن أرقم وامرأة على عايشة فقالت أم ولد زيد بن أرقم إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمان مائة درهم
إلى الغطاء ثم اشتريته منه بستمائة درهم فقالت بئس ما شريت وبئس ما اشتريت ابلغى زيد بن أرقم إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يتوب ولان ذلك ذريعة
إلى الربا فإنما أدخل السلعة ليستبيح بيع ألف بخمسمائة إلى أجل وخبر عايشة ليس حجة على أنه لو كان عندها شئ عن النبي صلى الله عليه وآله رؤية لا يجوز أن تضلله باجتهاد ها وهو مخالف
في ذلك على انا نقول بموجبه لأنها أنكرت شراؤه إلى وقت الغطاء وهو مجهول والعقد الثاني مبنى عليه فلهذا أنكرتها وأبو حنيفة يجوز الزرايع وهو أن يبيع تمرا جيدا
بدرهم ثم يشترى به أكثر منه. مسألة إذا باع نسية ثم اشتراها قبل الاجل بزيادة أو نقيصة حالا أو مؤجلا جاز إذا لم يكن شرطه في العقد فإن شرطه بطل وإلا لزم الدور
ولو حل الاجل فابتاعه بغير الجنس جاز مطلقا سواء زاد عن الثمن أو نقص وإن ابتاعه بالجنس فالأقوى عندي إنه كذلك وقال الشيخ في النهاية لو باعه بأجل ثم حضر الاجل
ولم يكن مع المشترى ما يعطيه إياه جاز له أن يأخذ منه ما كان باعه إياه من غير نقصان من ثمنه فإن أخذه بنقصان من ثمنه لم يكن ذلك صحيحا ولزمه ثمنه الذي كان إعطاه به فإن
أخذه من المبتاع متاعا آخر بقيمته في الحال لم يكن بذلك بأس والمعتمد الأول لما تقدم. مسألة العينة جايزة ليست منهيا عنها وبه قال الشافعي وهي عندنا عبارة
عن الاقراض لعين ممن له عليه دين ليبيعها ثم يقضى دينه منها لان ذلك يجوز في حق الغير فيجوز في حقه ولان الصادق (ع) سئل عن رجل يعين عينه إلى أجل فإذا جاء الاجل تقاضاه
فيقول لا والله ما عندي ولكن عينني أيضا حتى أقضيك قال لا باس ببيعه وقال الصادق (ع) في رجل يكون له على الرجل المال فإذا حل قال له بعني متاعا حتى أبيعه فأقضى الذي لك
على قال لا بأس وفسرها الشافعي بأن يبيع الرجل من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشترى ثم يشتريه قبل قبض الثمن بأقل من ذلك نقدا وهو أيضا جايز عندنا على ما تقدم. مسألة
يجوز البيع نسية ونقدا بزيادة عن قيمة السلعة في الحال وإن تضاعفت أو نقصان مع علم المشتري لأصالة الصحة وعملا بمقتضى العقد السالم عن معارضة الغبن ولا فرق
بين العينة وغيرها واعلم أن العينة جايزة كما قلناه ولا فرق بين أن يصير بيع العينة عادة غالبة في البلد أو لا يصير على المشهور عند الشافعي وقال أبو إسحاق إذا صار عادة
صار البيع الثاني كالمشروط في الأول فيبطلان جميعا. مسألة يجوز بيع الشئ غير المشخص حالا وإن لم يكن حاضرا إذا كان عام الوجود كالحنطة والشعير وغيرهما ويجوز
إذا لم يمكن حصوله في الحال كالفواكه والرطب والعنب في غير أوانها لوجود المقتضى في الأول وهو العقد جامعا لشرايط الصحة من إمكان التسليم وغيره وتعذر الشرط في
الثاني وفي الصحيح عن الصادق (ع) وقد سئل عن الرجل يشترى الطعام من الرجل ليس عنده فيشترى منه حالا قال ليس به بأس ولو ساومه عليه ولم يواجبه البيع ثم حصله وباعه
546

بعد ذلك جايزا لما روى ابن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) قال لا بأس بأن تبيع الرجل المتاع ليس عندك تساومه ثم تشترى له نحو الذي طلب ثم توجبه على نفسك ثم تبيعه
منه بعد ولو باعه قبل شرائه له جاز لما تقدم ولما رواه ابن سنان في الصحيح عن الصادق (ع) إنه سأله عن الرجل يأتيني يزيد منى طعاما أو بيع نسية وليس عندي يصلح أن
أبيعه إياه وأقطع له سعره ثم اشتريه من مكان آخر فادفعه إليه قال لا بأس إذا عرفت هذا فإنما يجوز إذا كان المبيع غير مشخص أما إذا كان مشخصا بأن يكون مثلا لزيد
عبد أو طعام فيأتي خالد إلى بكر فيطلب منه ذلك العبد أو الطعام بعينه فيشتريه منه ثم يذهب بكر إلى زيد فيشتريه منه ليدفعه إلى خالد فإنه لا يجوز لنهيه (ع) عن بيع ما ليس
عنده إذا ثبت هذا فإن فعل كان العقد الأول باطلا ويكون الثاني صحيحا ثم يجدد العقد الباطل بعد العقد الصحيح وروى معاوية بن عمار في الصحيح عن الصادق (ع)
قال قلت له يجيئني الرجل يطلب المبيع الحرير وليس عندي منه شيئا فيقاولني عليه فأقاوله في الربح والأجل حتى يجتمع على شئ ثم اذهب فاشترى له الحريرة فادعوه إليه فقال
أرأيت إن وجد بيعا هو أحب إليه مما عندك أيستطيع أن ينصرف إليه ويدعك أو وجدت أنت ذلك أتستطيع أن تنصرف إليه عنه وتدعه قلت نعم قال لا بأس وينبغي حمله
على المشخص. مسألة لو جاء إليه شخص يطلب متاعا بقدر معلوم ولم يكن عنده فاستعاره من غيره ثم باعه إياه ثم اشتراه منه ودفعه إلى مالكه لم يجز لان بيعه له وهو
غير مالك باطل والاستعارة للبيع غير جايزة وإن جازت للرهن فيكون الشراء منه أولي بالبطلان وفي رواية ابن حديد قال قلت للصادق (ع) يجئ الرجل (يطلب صح) منى المتاع بعشرة
ألف أو أقل أو أكثر وليس عندي إلا بألف درهم فاستعيره من جارى فآخذ من ذا وذا فأبيعه ثم اشتراه منه أو أمر من يشتريه فارده على أصحابه قال لا بأس وهذه الرواية
ضعيفة فإن ابن حديد ضعيف جدا فلا تعويل عليها لمنافاتها المذهب. مسألة يجوز تعجيل المؤجل بإسقاط بعضه لأنه إبراء وهو سايغ مطلقا لا يجوز تأخير
المعجل بزيادة فيه نعم يجوز اشتراط التأجيل في عقد لازم كالبيع وشبهه لا بزيادة في الدين بل بزيادة في ثمن ما يبيعه إياه فلو كان عليه دين حال فطالبه فسأل منه
الصبر إلى وقت معلوم بشرط أن يشترى منه ما يساوى مائة بثمانين جاز لان التأخير أمر مطلوب للعقلاء لا يتضمن مفسدة وهو غير واجب على صاحب الحق بل له
المطالبة بالتعجيل وبيع ما نريد ثمنه على قيمته جايز مطلقا فلا وجه لمنعه مجتمعا ولان محمد بن إسحاق بن عمار سأل الرضا (ع) عن الرجل يكون له المال يدخل عليه صاحبه يبيعه
لؤلؤة تسوى مائة درهم بألف درهم ويؤخذ عند المال إلى وقت قال لا بأس وسأل محمد بن إسحاق أيضا أبا الحسن (ع) يكون له على الرجل دراهم فيقول أخرني بها وأربحك فابتعه حبة تقوم
على بألف درهم بعشرة آلاف درهم أو بعشرين ألف وأؤخره بالمال قال لا بأس. المطلب الثاني في السلم والنظر في ماهيته وشرايطه وأحكامه النظر الأول في
الماهية. مسألة. السلم والسلف عبارتان عن معنى واحد وهو بيع شئ موصوف في الذمة بشئ حاضر يقال سلف وأسلف واسلم ويجئ فيه سلم غير إن الفقهاء لم يستعملوه
وذكر الفقهاء فيه عبارا ت متقاربة - آ - إنه عقد على موصوف في الذمة بدل يعطى عاجلا - ب - أسلاف عرض حاضر في عرض موصوف في الذمة - ج - تسليم عاجل في عرض لا يجب
تعجيله وهذه تعريفات ردية وهو يشارك القرض في اللفظ يسمى كل منهما سلما لاشتراكهما في معنى وهو أن كل واحد منهما إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال. مسألة
وقد أجمع المسلمون على جوازه قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " قال ابن عباس إن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله تعالى في كتابه وأذن فيه
ثم قال قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى " مع أن اللفظ عام يشمل هذا وما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قدم المدينة وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين
وربما قال والثلث فقال من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة في الحسن عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا بأس في السلم بالمتاع
إذا سميت الطول والعرض ولأصالة وأحل الله البيع السالم عن معارض. مسألة السلف نوع من البيوع لابد فيه من إيجاب محمول؟ فالايجاب إما قوله بعتك كذا وصفته
كذا إلى رجل كذا بكذا وينعقد سلما لا بيعا مجرد فيثبت له جميع شرايط البيع ويزيد قبض رأس المال قبل التفرق نظرا إلى المعنى لا اللفظ وأما أسلمت أو سلفت أو ما أدى
معناه فيقول قبلت ولو أسلم بلفظ الشراء فقال اشتريت منك ثوبا أو طعاما صفته كذا إلى كذا بهذه الدراهم فقال بعته منك انعقد لان كل سلم بيع فإذا استعمل لفظ
البيع فيه قد استعمله في موضع وإذا انعقد فهو سلم اعتبارا بالمعنى كما قلناه ولا يكون بيعا اعتبارا باللفظ وفيه للشافعية وجهان أصحهما عندهم الاعتبار باللفظ
فلا يجب تسليم الدراهم في المجلس ويثبت فيه خيار الشرط وهل يجوز الاعتياض عن الثوب فيه لهم قولان كما في الثمن ومنهم من قطع بالمنع لأنه مقصود الجنس كالبيع في
الأثمان قصدا لمالية لا قصد الجنس والحق ما قلناه من أن الاعتبار بالقصد إذ الألفاظ لا دلالة لها بمجرد ذواتها ما لم ينضم القصد إليها ولهذا لم يعتد بعبارة
الساهي والغافل والنائم والسكران واللاعب والمكره بعضهم قال بما قلناه فيجب تسليم الدراهم في المجلس ولا يثبت فيه خيار الشرط عندهم ولا يجوز الاعتياض
عن الثوب عندهم كغيره من السلف ولو قال اشتريت ثوبا صفته كذا في ذمتك بعشرة دراهم في ذمتي فإن جعلناه سلفا وجب تعيين الدرهم وتسليمها في المجلس وإن جعلناه
بيعا لم يجب. مسألة وكما ينعقد السلم بلفظ البيع كذا الأقرب العكس فلو قال أسلمت إليك هذا الثوب ويعينه في هذا الدينار انعقد بيعا نظرا إلى المعنى لا إلى لفظ
السلم فلا يجب التقابض في المجلس حينئذ ولا يكون هذا سلما إجماعا وللشافعية قولان في انعقاده بيعا نظرا إلى المعنى فينعقد ويحتمل عدم الانعقاد لاختلاف اللفظ ولو قال
بعتك بلا ثمن أو على أن لا ثمن عليك فقال قبلت أو اشتريت وقبضه ففي انعقاده هبة نظر ينشأ من الالتفات إلى المعنى واختلاف اللفظ وقبل يكون المقبوض مضمونا
هنا على القابض فيه نظر ينشأ من ثبوت الضمان في البيع الفاسد وهذا منه ومن دلالة اللفظ على إسقاطه وللشافعية وجهان أما لو قال بعت ولم يتعرض للثمن فإنه لا
يكون تمليكا ويجب الضمان وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم فيه الوجهان السابقان. النظر الثاني في الشرايط وينظمها مباحث البحث الأول الاجل (مسألة صح)
الاجل شرط في السلم فلا يجوز حالا فإن بيع حالا بلفظ السلم خرج اللفظ عن حقيقته إلى مجازه وهو مطلق البيع ولم يكن سلما وبه قال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي لما تقدم
من رواية العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة رواية سماعة قال سألته عن السلم وهو السلف في الحرير
والمتاع الذي يصنع في البلد الذي أنت فيه قال نعم إذا كان إلى أجل معلوم ولان الحلول يخرجه عن اسمه ومعناه فإنه سمى سلما وسلفا لتعجيل أحد العوضين وتأجيل
الآخر ومعناه إنه وضع للرفق والرفق لا يحصل إلا بالأجل وقال الشافعي السلم يجوز حالا ومؤجلا وبه قال عطا وأبو ثور وابن المنذر لان الاجل غرر فيه لان التسليم
قد يتعذر وقت الاجل فإذا أسقطه لم تؤثر في صحة العقد كبيوع الأعيان ولا ينقض بالكتابة لان الغرر يحصل بإسقاط الاجل لان العبد يتحقق عجزه عن العوض حال.
العقد لان ما في يده مال السيد إن كان في يده شئ ولا يلزم السلم في المعدوم لان المفسد تعذر القبض في محله دون الاجل والاسم حاصل لان رأس المال يجب
قبضه في المجلس بخلاف المسلم فيه وإن كان حالا وأما الرفق فلحظ المتعاقدين فإذا أسقطاه لم يؤثر في العقد كما لو أسلم إليه وكان رأس المال أكثر مما يساوى حالا ويمنع
كون الاجل غررا وإلا لكان منهيا عنه وخصوصا وقد رويتم تأويل الآية في الدين أنها عبارة عن السلف إذا ثبت هذا فلو باعه سلفا ولم يرد مطلق البيع كان باطلا
547

عندنا لفوات شرطه وعند الشافعي يصح ويترتب حكم السلف من وجوب قبض الثمن في المجلس دون الثمن ومن منع خيار الشرط فيه عندهم وإن كان المسلم فيه معدوما لم يجز
حالا لتعذر تسليمه. مسألة لو أطلق بمقدار السلم ولم يرد مطلق البيع بل بيع السلم فإن قال حالا بطل عندنا خلافا للشافعي على ما تقدم وإن شرط التأجيل لزم إجماعا
وإن أطلق بطل لان الحال باطل والمؤجل شرطه تعيين الاجل ومع الاطلاق لا تعيين وللشافعي قولان أحدهما إن العقد يبطل لان مطلق العقود يحمل على المعتاد والمعتاد
في السلم التأجيل ولان ما يختلف الثمر باختلافه لابد من اشتراطه في السلم كساير الأوصاف وإذا كان كذلك فسد ويكون كما لو ذكر أجلا مجهولا والثاني إن العقد يصح
ويكون الثمن حالا كما في الثمن وهو الأصح عندهم. مسألة لو أطلق العقد ولم يذكرا فيه أجلا بطل عندنا على ما تقدم وعلى أحد قولي الشافعي فلو الحقا بالعقد
أجلا في مجلس العقد لم يلحق عندنا لأن العقد الباطل لا يصح بلحوق ما يلحق به في المجلس وكيف ينقلب الفاسد صحيحا وكيف يعتبر مجلسه وصرح الشافعي هنا بأن الاجل
يلحق بالعقد ويجئ فيه الخلاف السابق في ساير الالحاقات قال أصحابه وهذا دليل على صحة العقد عند الاطلاق إذ الفاسد لا ينقلب صحيحا ولو صرحا بالتأجيل في نفس العقد
وعيناه صح العقد فإن أسقطاه في المجلس لم يسقط إلا بالتقايل ولا يصير العقد حالا وقال الشافعي يسقط ويصير حالا إذا ثبت هذا فاعلم أن الشرط المبطل للعقد إذا حذفاه
في المجلس لم ينحذف ولم ينقلب العقد صحيحا وهو ظاهر مذهب الشافعية وقال بعضهم لو حذفا الاجل المجهول في المجلس انحذف وصار العقد صحيحا واختلفت الشافعية في جريان
هذا الوجه في ساير المبطلات كالخيار والرهن الفاسدين وغيرهما فمنهم من أجراه مجرى الاجل وقال الجويني الأصح تخصيصه بالأجل كان بين الاجل والمجلس مناسبة لا توجد في
ساير الأمور وهي أن البايع لا يملك مطالبة المشترى بالثمن في المجلس كما لا يملكها في مدة الاجل فلم يبعد إصلاح الاجل في المجلس واختلفوا أيضا في أن زمان الخيار المشروط
هل يلحق في المجلس في حذف الاجل المجهول تفريعا على هذا الوجه والأظهر عندهم إنه لا يلحق. مسألة يشترط في الاجل المشروط في عقد السلم أن يكون معينا مضبوطا
محروسا من الزيادة والنقصان كالشهر والسنة المعينين فلو عينا أجلا يحتمل الزيادة والنقصان كالحصاد وموسم الحاج والزايرين وقدوم القوافل وطلوع الثريا وادراك
الغلات لم يجز وبطل العقد عندنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لما رواه العامة من قوله صلى الله عليه وآله من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة قول
أمير المؤمنين (ع) لا بأس بالسلم كيل معلوم إلى أجل معلوم لا يسلم إلى دياس ولا إلى حصاد ولان الاجل إذا كان مجهولا تعذر القبض والمطالبة فلم يصح وقال مالك إذا أسلم إلى
الحصاد أو الموسم أو ما أشبه ذلك جاز لأنه أجل تعلق بوقت من الزمان يعرف في العادة لا يتفاوت اختلافه
اختلافا كثيرا فأشبه ما إذا قال إلى المهرجان ولان يهوديا
بعث إلى عايشة أن أبعث إلى ثوبين إلى الميسرة والجواب قد روى العامة عن ابن عباس إنه قال لا تبايعوا إلى الحصاد والدياس ولا تبايعوا إلا إلى شهر معلوم ونحوه روى الخاصة
عن أمير المؤمنين (ع) ولان ذلك يختلف ويقرب ويبعد فلا يجوز أن يكون أجلا ولا يناط به ما يحتاج إلى التعيين من المطالبة والاخذ والعطاء واستحقاق
الحبس مع المنع والمهرجان معروف لا يختلف فيه ورواية عايشة لا دلالة فيها من أن راويها جرمي بن عمارة وكان فيه غفلة قال ابن المنذر لا نتابعه عليه أخاف أن يكون
من غفلاته. فروع: - آ - المعلوم أن يسلم إلى شهر من شهور الأهلة فيقول إلى شهر كذا لقوله تعالى يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج فإذا ذكر هذا الاجل جاز
إجماعا وكذا يجوز إلى سنة كذا ويوم كذا بلا خلاف - ب - يجوز التأقيت بشهور الفرس كشهريور ماه ومرداد ماه أو بشهور الروم كحزيران وتموز كالتأقيت بشهور العرب
لأنها معلومة مظبوطة عند العامة - ج - يجوز التأقيت بالنيروز والمهرجان وبه قال الشافعي لأنه معلوم عند العامة ونقل عن بعض الشافعية وجه إنه لا يجوز التأقيت
بهما لان النيروز والمهرجان يطلقان على الوقتين اللذين تنتهى الشمس فيهما إلى أوايل برجى الحمل والميزان وقد يتفق ذلك ليلا ثم يختلس مسير الشمس كل سنة بمقدار أربع
يوم وليلة - د - لو وقتاه بفصح النصارى وهو عيد من أعيادهم أو بعيد من أعياد أهل الذمة كالشعانين وعيد الفطير قال الشافعي لا يجوز واختلف أصحابه فأخذ بعضهم
بهذا الاطلاق تجنبا عن التأقيت بمواقيت الكفار وأكثرهم فصلوا فقالوا إن اختص بمعرفة وقته الكفار ولم يكن معلوما عندنا البتة فالامر كذلك لأنه لا اعتماد على قولهم
ولأنهم يقدمونه ويؤخرونه على حساب لهم ولا يجوز الركون إليه قال الله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وإن عرفه المسلمون جاز كالنيروز والمهرجان وهو المعتمد
عندي وكذا لو أخبر الكثيرون والبالغون مبلغ التواتر بحيث يؤمن عليهم التواطؤ على الكذب لانتشارهم في البلاد الكبار من الكفار وهل يعتبر معرفة المتعاقدين قال
بعض الشافعية نعم وقال بعضهم لا يعتبر يكتفي بمعرفة الناس وسواء اعتبر معرفتهما أو لا لو عرفا كفى وفي وجه للشافعية لابد من معرفة عدلين من المسلمين سواها لا مهما
قد يختلفان فلا بد من مرجع - ه‍ - لو أجله إلى عرفة أو الغدير أو عاشورا أو يوم المبعث جاز لان ذلك معلوم ولو وقته بمولد النبي صلى الله عليه وآله وكانا يعرفانه ويعتقدانه جاز وإلا
فلا لاختلاف الناس فيه فعندنا إنه السابع عشر من شهر ربيع الأول وعند جماعة من العامة الثاني عشر - و - لو قال إلى الظهر أو الزوال أو إلى العصر أو الليل جاز لأنه
معلوم بخلاف الشتاء أو الصيف - ز - لو وقت بنفير الحجيج فإن أقته بالأول أو الثاني جاز وإن أطلق احتمل البطلان لتردد الحل بين النفيرين وقال الشافعي يحمل على الأول
لأنه أول ما يتناوله الاسم ولتحقق الاسم به وكذا الخلاف لو قال إلى ربيع أو إلى جمادى أو العيد ولا يحتاج إلى تعيين السنة وقال بعض الشافعية إن التوقيت بالنفر الأول أو
الثاني لأهل مكة جايز لأنه معروف عندهم ولغيرهم وجهان وإن عين التوقيت (بيوم القر صح) لأهل مكة وجهان أيضا لأنه لا يعرفه إلا خواصهم وقال بعضهم هذا ليس بشئ لأنا إن اعتبرنا
علم المتعاقدين فلا فرق وإلا فهي مشهورة عند الفقهاء وغيرهم - ح - لو قال إلى الجمعة حمل على الأقرب في الجمع وكذا غيره من الأيام قضية للعرف المتداول بين
الناس بخلاف جمادى وربيع - ط - لو أجله إلى الجمعة حل بأول جزء منه لتحقق الاسم فإذا طلع الفجر من يوم الجمعة فقد حل ولو قال إلى شهر رمضان فإذا غربت الشمس من آخر شعبان
فقد حل الشهر ويحل الدين والفرق بينهما إن اليوم اسم لبياض النهار والشهر يشتمل على الليل والنهار وربما يقال يحل بانتهاء ليلة الجمعة وانتهاء شعبان والمقصود واحد
- ى - لو قال محله في الجمعة أو في رمضان أو في سنة كذا وكذا فإن لم يعين أول ذلك أو آخره بطل وبه قال الشافعي لأنه جعل اليوم ظرفا لحلوله ولم يبين وكذا الشهر والسنة ولم
يبين فيكون تقديره إنه في وقت من أوقات يوم الجمعة وقال بعض الشافعية يجوز ويحمل على الأول كما لو قال أنت طالق في يوم كذا وفرق الأولون بأن الطلاق يجوز
تعليقه بالمجاهيل ولو قيل بجوازه على تقدير إن الاجل متى شاء البايع أو المشترى في أي وقت كان من يوم الجمعة أو من الشهر أو من السنة المذكورة كان وجها ويتخير من جعل
المشية إليه في مبدأ الوقت إلى آخره أي وقت طالب أو دفع أجبر الاخر على القبول بخلاف المشية المطلقة - يا - لو أجله إلى أول الشهر أو آخره صح وحمل على أول جزء من أول يوم من الشهر
أو على آخر جزء من الشهر كما لو أجل إلى يوم الجمعة حمل على أوله وإن كان اسم اليوم عبارة عن جميع الأجزاء ولأنه لو قال إلى شهر كذا حمل على أول جزء منه فقوله إلى أول شهر كذا أقرب
إلى هذا المعنى مما إذا أطلق ذكر الشهر وهو قول بعض الشافعية والمشهور عندهم البطلان لان اسم الأول والآخر يقع على جميع النصف فلابد من البيان وإلا فهو مجهول
وهو ممنوع لان الأول أغلب في العرف - يب - لو أجله إلى سنة أو سنتين صح وحمل مطلقه على الهلالية لأنها أغلب استعمالا وأظهر عند العرف فإن قيد بالفارسية أو الرومية
548

أو الشمسية تقيد بالمذكور ولو قال بالعدد فهو ثلاثمائة وستون يوما وكذا لو قال إلى خمسة أو ستة أشهر حملت الأشهر على الهلالية لأنه المتعارف ثم إن وقع
العقد في أول الشهر اعتبر الجميع بالأهلة تامة كانت أو ناقصة فإن جرى في أثناء الشهر عد ما بقى منه بالأيام وعدت الأشهر بعد ذلك بالأهلة ثم يتمم المذكور
بالعدد ثلاثين لان الشهر الشرعي هو ما بين الهلالين إلا أن في الشهر المنكسر لابد من الرجوع إلى العدد لئلا يؤخر أمد الاجل عن العقد وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
إنه إذا انكسر الشهر انكسر الجميع فيعتبر الكل بالعدد وهو قول أبي حنيفة وضرب الجويني مثلا للتأجيل بثلاثة أشهر مع فرض الانكسار فقال عقدا وقد بقى من صفر لحظة و
نقص الربيعان وجمادى فيحسب الربيعان بالأهلة ويضم جمادى إلى اللحظة الباقية من صفر ويكملان بيوم من جمادى الآخرة سوى لحظة وقطع بعض الشافعية بالحلول
عند انسلاخ جمادى في الصورة المذكورة وإن العدد إنما يراعى لو جرى العقد في غير اليوم الأخير. مسألة لا ضابط للأجل قلة وكثرة بل مهما اتفقا عليه من
الاجل القليل أو الكثير إذا كان معينا صح العقد عليه وقال الأوزاعي أقل الاجل ثلاثة أيام وليس بمعتمد. مسألة لو أسلم في جنس واحد إلى أجلين أو أسلم في جنسين إلى أجل
واحد كما لو أسلم في قفيزي حنطة إلى شهرين يسلم أحدهما في آخر الشهر الأول والباقي في آخر الثاني أو أسلم في قفيز حنطة وقفيز شعير إلى شهر يسلمها في آخره صح عندنا وهو
أصح قولي الشافعي للأصل والثاني البطلان في الصورتين لأنه ربما يتعذر تسليم بعض النجوم أو بعض الأجناس فيه فيرتفع العقد فيه ويتعدى إلى الباقي وهو خطأ
وإلا لزم في القفيز الواحد ذلك لجواز تعذر بعضه. مسألة إذا جعل الاجل العطاء فإن قصد فعله بطل لتقدمه وتأخره فلا ينضبط وإن قصد وقته صح إن
كان معلوما وإلا فلا ولو قال إلى شهر وأطلق اقتضى إتصاله ووقت العقد مبدأ الشهر فالأجل اخره وكذا إلى شهرين أو إلى ثلاثة أو إلى سنة أو إلى سنتين بخلاف المعين
فإنه يحل بأوله ولا يشترط الاجل أن يكون له وقع في الثمن فلو قال إلى نصف يوم صح للعموم. البحث الثاني العلم وفيه بابان الأول الجنس. مسألة يجب
أن يكون المسلم فيه معلوما عند المتعاقدين لرواية العامة عنه صلى الله عليه وآله من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
لا بأس بالسلم في المتاع إذا سميت الطول والعرض ولان المسلم فيه عوض غير مشاهد يثبت في الذمة فلابد من كونه معلوما وإنما يتحقق العلم بالمسلم فيه بأمرين ذكر اللفظ
الدال على الحقيقة أعني لفظ الجنس كالحنطة والشعير والأرز والعبد والثوب وأشباه ذلك وذكر اللفظ المميز وهو ما يوصف به ما يميزه عن جميع ما عداه مما يشاركه
في الجنس كثيرا برفع الجهالة كصرابة وحمرتها ودقتها وغلظها وغير ذلك من الأوصاف فلو لم يذكر الجنس بل قال بعتك شيئا صريبا أو ذكره ولم يذكر الوصف
بطل سواء كان مما لا ينضبط بالوصف أو كان واهمل لان البيع لا يحتمل جهالة المعقود عليه وهو عين فلان لا يحتملها السلم وهو دين أولي. مسألة يجب أن يتذكر
كل وصف تختلف القيمة به اختلافا ظاهرا لا يتغابن الناس بمثله في السلم إذ بدونه يثبت الغرر المنهى عنه ويجب أن يأتي في ذكر الوصفين باللفظ الظاهر استعماله بين
الناس غير خفى الدلالة على المعنى عند أهل اللغة بحيث يرجعان إليه عند الاختلاف ولا يجب الاستقصاء في الأوصاف إلى أن يبلغ الغاية بحيث يعز وجودها أو يندر
حصولها فلو أفضى الاطناب إلى عزة الوجود كاللألئ الكبار التي يفتقر إلى التعريض فيها للحجم والشكل والوزن والصفا واليواقيت الكبار والزبرجد والمرجان التي تفتقر إلى
الحجم والوزن والشكل والصفا لعظم تفاوت القيمة باختلاف هذه الأوصاف واجتماعها نادر جدا فيكون بمنزلة السلف فيما يتعذر حصوله في الاجل أما اللآلي الصغار
التي يعم وجودها ويمكن ضبطها بالوزن أو الكيل وضبط أوصافها التي تختلف القيمة باختلافها فإنه يصح السلم فيها على الأقوى للأصل الجامع لشرايط الصحة من إمكان
الضبط بالأوصاف المطلوبة الخالي عن المبطل. مسألة كل ما لا يمكن ضبط أوصافه المرغوب فيها المختلفة الأثمان باختلافها لا يصح السلم فيه وذلك كالخبز واللحم واللألئ
والدرر والجواهر التي لا يمكن ضبطها ويختلف كبيرا وصغيرا (وصفاء صح) أو كدورة وجودة ورداءة وحسن تدوير وضده ولا في الجلود لاختلافها فالوركان ثخين قوى والصدر
ثخين رخو؟ والبطن رقيق ضعيف والظهر أقوى فإذا كان مختلفا احتاج كل موضع منه إلى وصف ولا يمكن ضبطه ولا يمكن ذرعه لاختلاف أطرافه فمنها داخل وخارج وزايد
وناقص ولا يمكن ضبط ذلك بالوزن لان جلدين يتفقان في الوزن ويختلفان في القيمة لخفة أحدهما وسعته وثقل الآخر وضيفة وكذا الرق لا يجوز السلم فيه
لأنه جلد يختلف أوصافه على ما تقدم وكذا لا يجوز السلف فيما يتخذ من الجلود كالنعال المحدثة لاختلاف الجلد وكذا الخفاف لما فيها من اختلاف الجلود والحشو الذي
لا يوقف عليه واشتمالها على ظهارة وبطانة وحشو تضيق العبارة عن ضبطها وذكر أطرافها وانعطافاتها وحكى عن ابن شريح جواز السلم وبه قال أبو حنيفة. تذنيب
ولا يجوز السلم في العقار لاختلاف البقاع وعدم إمكان ضبطها فلا يصح الاطلاق فيها بل يفتقر إلى التعيين في موضع بعينه فيكون بيع عين موصوفة ولا يكون سلما. مسألة
المختلطات على أقسام أربعة - آ - المقصودة الأركان التي يمكن ضبط أقدارها وصفاتها كالثياب العتابية والخزوز المركبة من الإبريسم والوبر وهذا القسم يصح السلم فيه
عندنا وهو أصح وجهي الشافعية لسهولة ضبط أوصاف بسايطها وهو منصوص الشافعي لقول الصادق (ع) لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصفت الطول والعرض والآخر
إنه لا يجوز كالسلم في الغالية والمعجونات ونمنع حكم الأصل مع إمكان ضبط البسايط ولو كان الثوب مما يعمل عليه الطراز بالإبرة بعد النسج من غير جنس الأصل كالإبريسم على
القطن أو الكتان فإن أمكن معرفة تركيبها وضبط أركانها جاز وإلا فلا - ب - المختلطات التي لا يمكن ضبط أوصاف بسايطها كالهرايس والامراق والحلاوات والمعاجين و
الجوارشتات والغالية المركبة من المسك والعنبر والكافور لا يصح السلم فيها للجهل ببسايطها مع تعلق الأغراض بها وبه قال الشافعي أما لو أمكن معرفة بسايطها وضبط
أوصافها فإنه يصح السلم فيها وكانت من القسم الأول - ج - المختلطات التي لا يقصد منها إلا الخليط الواحد كالخل من التمر والزبيب فيه الماء لكنه غير مقصود في نفسه وإنما
يطلب به إصلاح الخل ويجوز السلم فيه لامكان ضبطه بالوصف واحتياجه إلى الماء إذ لا يمكن قوامه بدونه لا يخرجه عن الجواز وللشافعية وجهان هذا أظهرهما والثاني
المنع لاشتماله على الماء فأشبه المخيض والأصل ممنوع وأما الخبز فعندنا لا يجوز السلم فيه لاختلاف أجزائه في النضج وعدمه والخفة والغلط وهو أصح وجهي الشافعية لا ما
قلناه بل لامرين اختلاطه بالملح ويختلف الغرض بحسب كثرة الملح وقلته والثاني تأثير النار فيه ولا عبرة عندنا بالوجهين والثاني لهم الجواز وبه قال احمد لان الملح فيه مستهلك
فصار الخبر في حكم الشئ الواحد ونحن لم نعلل بالمزج بل بالاختلاف التي لا يمكن ضبطه والوجهان عند الشافعية جاريان في السمك الذي عليه شئ من الملح ولا بأس به عندنا
مع إمكان ضبطه والجبن يجوز السلم فيه أيضا مع إمكان ضبطه وبه قال الشافعية واعترض بعضهم باشتماله على الانفخة وعندهم المختلط لا يجوز السلم فيه وأجابه (جوابه خ ل) بأنه
ليس مقصودا والممنوع منه إنما هو السلم في الاخلاط المقصودة لجهالة كل واحد منها وأما اللبن الحليب فيجوز السلف فيه إجماعا مع وصفه المنضبط وأما المخيض فعندنا كذلك
ومنع الشافعي منه لاشتماله على الماء فإنه لا يخرج الزبد منه إلا به بخلاف خل التمر لأن الماء عماده به ويكون وهذا الماء فيه ليس من مصلحته فصار المقصود منه مجهولا ويمنع صيرورة
المصلحة علة في المعرفة وعدمها علة في الجهالة وأما الأقط فإنه يجوز السلم فيه لامكان ضبطه وللشافعية وجهان أحدهما إنه كالجبن يجوز السلم فيه والثاني إنه كالمخيض
549

لا يجوز لما فيه من الدقيق وأما الأدهان الطيبة كدهن البنفسج واللينوفر والبان والورد فإنه يجوز السلم فيها مع إمكان ضبطها وقالت الشافعية إن خالطها شئ من
جرم الطيب لم يجز السلم فيها وإن مزج السمسم بها ثم اعتصرها جاز - د - المختلطات في أصل الخلقة كالشهد ويجوز السلف فيه وهو أصح وجهي الشافعية لان اختلاطه في أصل
خلقته فأشبه النوى في التمر وكما يجوز الشهد في السلم يجوز في كل واحد من ركنية والثاني للشافعية المنع لان أحد جزئيه الشمع وقد يقل تارة ويكثر أخرى فلا يمكن ضبطه
وهذه الكثرة والقلة لم يعتبرها الشارع كما في صغر النواة وكبرها وأما اللبن فإنه شئ واحد يجوز السلم فيه إجماعا وإن كان قد يحصل منه شيئان مختلفان كالزبد والمخيض
مسألة. اللحم لا يجوز السلف فيه عند علمائنا وبه قال أبو حنيفة لأنه لا يضبط بالوصف ففيه السمين والهزيل والمشتمل على العظم والخالي عنه واللبن والقوى ولان
جابرا سأل الباقر (ع) عن السلف في اللحم قال لا تقربه فإنه يعطيك مرة السمين ومرة المساوى ومرة المهزول اشتره معاينة يدا بيد وقال الشافعي يجوز لأنه يجوز في الحيوان فيجوز
في اللحم والملازمة ممنوعة ولا فرق في المنع عندنا بين المطبوخ منه والتي إذا ثبت هذا (فإن الشافعي صح)
حيث جوزه قال يضبط بسبعة أوصاف الجنس كلحم الغنم والنوع كالضان والسن فيقول
لحم صغير أو كبير فطيم أو رضيع والذكر والأنثى والسمين والمهزول والمعلوف والراعي وموضعه من البدن كلحم الرقبة أو الكتف أو الزراع وفحل أو خصى وتسليمه إليه مع العظام لان
اللحم يدخر معه فأشبه النوى في التمر ولان العظم يلتصق باللحم ويتصل به أكثر عن اتصال النوى بالتمر وإن أسلم في مشوى أو مطبوخ لم يجز عنده لان النار تختلف فيه وكره اشتراط
الأعجف وإن لم يكره المهزول لان العجف هزال مع مرض ولان الحموضة في اللبن لا يجوز شرطها لأنها تغير فالعجف أولي وهذا كله عندنا باطل للمنع من السلف في اللحم إذا ثبت هذا
فلا فرق بين لحم الأهلي ولحم الصيد في المنع عندنا والجواز عنده يذكر عنده في لحم الصيد ستة أوصاف النوع والذكر والأنثى والسمن أو الهزال والصغر أو الكبر والجيد
أو الردى وإن كان يختلف بالآلة التي يصطاد بها شرطه فإن صيد الأحبولة أنظف وهو سليم وصيد الجارح مجروح متألم ويقال صيد الكلب أطيب من صيد الفهد
لطيب نكهة الكلب وتغير فم الفهد فإن كان ذلك يتباين ويختلف وجب شرطه وإن كان اختلافا يسيرا لم يجب فإن كان الصيد يعم وجوده في جميع الأزمان أسلم فيه وجعله
محله مما يتفقان عليه وإن كان يوجد في وقت دون وقت أسلم فيه متى شاء وجعل محله الوقت الذي يوجد فيه عاما وهذا كله عندنا ساقط للمنع من السلف في اللحم وهو قول
أبي حنيفة وأما لحم الطير فلا يجوز السلف فيه عندنا على ما تقدم وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يجوز بناء على أصله من جواز السلف في اللحوم فيصف لحم الطير
عنده بالنوع والصغر والكبر والهزال والجودة والرداءة وإن كان كثيرا يذكر موضع اللحم منه ولا يأخذ في الوزن الرأس والساق والرجل لان ذلك لا لحم عليه
مسألة. قد بينا أن الاستقصاء في ذكر الأوصاف المخرج إلى عزة الوجود وعسر التحصيل مبطل للسلم لما فيه من تعذر التسليم الذي هو مانع من صحة البيع ولان في عقد السلم
نوع عزر فلا يحصل إلا فيما يوثق بتسليمه ثم الشئ قد يكون نادر الوجود من حيث جنسه كلحم الصيد في موضع العزة وقد لا يكون كذلك إلا أنه بحيث إذا ذكرت أوصافه التي
يجب التعرض له عز وجوده لغدور اجتماعها كاللألئ الكبار واليواقيت والزبرجد على ما بينا وكجارية حسناء معها ولد صفته كذا أو أخت أو عمة بحيث يتعذر حصوله فإنه
لا يجوز ولو لم يتعذر كجارية معها ولد أو شاة لها سخلة فإنه يجوز عندنا وبالجملة الضابط عزة الوجود وتعذره فيبطل معه ويصح بدونه واختلفت الشافعية فقال
بعضهم يجب التعرض للأوصاف التي يختلف بها الأغراض وبعضهم اعتبر الأوصاف التي تختلف بها القيمة وبعضهم جمع بينهما وليست هذه الأقوال بشئ لان كون العبد
كاتبا أو أميا وكونه قويا في العمل أو ضعيفا أوصاف يختلف بها الغرض والقيمة ولا يجب التعرض لها إذا ثبت هذا فإطلاق الشافعي المنع من السلف في الجارية وولدها ليس
بشئ إذا ثبت هذا فيجب ذكر الصفات المميزة في الولد المنضم إلى الجارية أو الأخت أو العمة كما في صفات الجارية. مسألة لو شرطا كونها حبلى فالأقرب الجواز لأنه وصف مرغوب
فيه عند العقلاء ويختلف به الأغراض والأثمان لا يوجب عزة ولا تعذرا في التسليم فكان جايزا كغيره من الشروط وللشافعية طريقان أظهرهما المنع لان إجتماع الحمل مع الصفات
المشروطة نادر وهو ممنوع لأنه شرط يمكن حصوله فجاز انضمامه إلى الشروط والصفات المشروطة كما لو شرط كون العبد كاتبا وكون الجارية ماشطة مع الصفات المشروطة والثاني
قال أبو إسحاق وجماعة إنه على قولين بناء على أن الحمل هل له حكم أم لا إن قلنا له حكم جاز وإلا فلا لأنه لا يعرف حصوله وهو ممنوع لامكان المعرفة به ولو شرط كون الشاة لبونا
فالأقرب الجواز وللشافعية قولان. مسألة. ولو أسلم في جارية وولد جاز وبه قال الشافعي حيث لم يشترط نسبة الولد إليها ويكون ذلك شراء جارية كبيرة وعبد صغير
إذا لم يقل ابنها ونحن قد بينا جواز ذلك أيضا ولو شرط في العبد إنه كاتب أو صانع أو غير ذلك من الصنايع أو كون الجارية ماشطة أو صانعة جاز ولزمه أدنى ما يقع عليه الاسم
وبه قال الشافعي. مسألة. يجوز السلم في الحيوان بساير أنواعه عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإسحاق لما رواه العامة عن عبد الله بن عمرو بن العاص
قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أجهز جيشا وليس عندنا ظهر فأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يبتاع البعير بالبعيرين وبالأبعرة إلى خروج المصدق ومن طريق الخاصة رواية الحلبي في الصحيح عن
الصادق (ع) قال لا بأس بالسلم في الحيوان إذا سميت الذي يسلم فيه فوضعته فإن وفيته وإلا فأنت أحق بدراهمك وعن زرارة في الصحيح عن الباقر (ع) قال لا بأس بالسلم
في الحيوان والمتاع إذا وصفت الطول والعرض وفي الحيوان إذا وصفت أسنانها ولأنه يثبت في الذمة صداقا ليثبت سلما كالثياب وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة
لا يجوز السلم في الحيوان لان عمر بن الخطاب قال إن من الربا أبوابا لا تحصى وإن منها السلف في السن ولان الحيوان يختلف كثيرا فلا يمكن ضبطه بالصفة فأشبه رؤوس الحيوان
وكوارعه وحديث عمر ليس حجة ولو كان فهو حديث لم يعرفه أصحاب الاختلاف وأي ربا فيه مع أنه محمول على أنه أراد ما كانوا يسلمون فيه ويشرطون من ضراب فحل بنى فلان
على أنه قد روى إن أمير المؤمنين عليا (ع) باع جملا له يسمى عصفر بعشرين بعيرا إلى أجل واشترى ابن عمر راحلة بأربعة أبعرة يوفيها صاحبها بالزبدة وما ذكروه
من اختلافه يستلزم عليه الثياب والأطراف لا يثبت صداقا بخلاف الحيوان. مسألة. لا يجوز السلم في رؤوس الحيوانات المأكولة سواء كانت مطبوخة أو مشوية أو نية
وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين في النية أما المطبوخة والمشوية فلا يجوز قولا واحدا لاختلاف تأثير النار في ذلك فلم يجز كما لا يجوز السلم في اللحم المشوى والمطبوخ
أما النية فوجه المنع إن أكثر الرأس العظام والمشافر فاللحم فيه قليل يختلف فإذا كان أكثره غير مقصود لم يجز بخلاف اللحم عنده يكون فيه العظم لقلة العظم فيه فالأكثر مقصود
وعندنا إن اللحم كالرأس في المنع وبخلاف الحيوان فإن المقصود جملة الحيوان من غير التفات إلى آحاد الأعضاء والقول الثاني له الجواز في النية وبه قال مالك لان ذلك لحم فيه
عظم يجوز شراؤه فجاز السلم فيه كاللحم والملازمة ممنوعة فليس كلما جاز بيعه جاز السلف فيه وعلى تقدير الجواز إنما يجوز عنده بشروط - آ - أن يكون منقيات من الصوف والشعر
فأما السلم فيها من غير تنقية فلا يجوز لستر المقصود بما ليس بمقصود - ب - أن يوزن فإنها يختلف بالصغر والكبر اختلافا بينا فلا يجزى العدد فيها - ج - أن يكون نية
فأما المطبوخة والمشوية فلا يجوز السلم فيها بحال واعتبر بعضهم آخر أن يكون المشافر والمتأخر منجاة عنها ولم يعتمد عليه أكثرهم. مسألة. لا يجوز السلم في الكوارع سواء
كانت مطبوخة أو مشوية أو نية لعدم انضباطها فقد يكثر لحمها ويقبل واختلفت الشافعية فقال بعضهم لا يجوز السلم فيه قطعا ولم يحك فيها قولين وبعضهم قال إن
550

فيها قولين ولا فرق بينها وبين الرؤس لان الرؤس والأكارع تختلف بالصغر والكبر وأكثرها غير مقصود فإن جوزوا السلم فيها اشترطوا الوزن وكذا لا يجوز السلف في غير ذلك
من أعضاء الحيوان وقال بعضهم يجوز السلف في الكوارع لقلة الاختلاف في أجزائها وبعضهم منع من الرؤس لان الكبر فيها مقصود فلا يجوز اعتبارها بالوزن فليحق
بالمعدودات لكن بيعها سلفا بالعدد باطل فلهذا لم يجز السلف في الرؤس. مسألة. لا يجوز بيع الترياق ولا السلم فيه لأنه يخالطه لحوم الأفاعي وهي حرام ويمازجه
الخمر وهو نجس وكذا جميع السموم من الحيتان وغيرها لا يجوز بيعه ولا السلف فيه لعدم الانتفاع به ولو كان مما يصلح قليله للدواء ويكون كثيرة سما كالسقموينا فإنه
يجوز السلم فيه ويصفه بما يحتاج إليه إذا أمكن ضبط أوصافه ولا فرق عندنا في جواز البيع بين قليله وكثيره وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم لا يجوز بيع
كثيره لأنه سم وهو خطأ لأنه لم يبع كذلك وإذا جاز قليله جاز بيع جنسه لان فيه منفعة بالجملة. مسألة. يجوز السلم في الحيتان مع إمكان ضبطها وبه قال الشافعي
لأنها نوع من الحيوان وقد بينا جواز السلف في أنواعه ولا يجوز التلف في شئ من لحوم الطير لأنا بينا بطلان السلم في اللحوم مطلقا وقال الشافعي يجوز بناء على مذهبه
من جواز السلم في مطلق اللحم ويصفه بذكر النوع والصغر والكبر والسمن والهزال والجيد والردئ وإن كان كبيرا ذكر موضع اللحم منه ولا يأخذ في الوزن الرأس والساق والرجل
لأنه لا لحم عليها وكل هذا عندنا باطل. مسألة يجوز السلف في اللبن والسمن والزبيد واللبا والأقط لامكان ضبطها بالوصف وينصرف مطلق اللبن إلى الحلو ولو أسلم
في اللبن الحامض قال بعض الشافعية لا يجوز لان الحموضة عيب فيه والأولى عندي الجواز فإن العيوبة لا تخرجه عن المالية والتقويم ولو أسلم في لبن يومين أو ثلاثة جاز إذا بقى
حلوا في تلك المدة ولو تغير إلى الحموضة لم يبرأ لأنها عيب إلا أن يكون حصولها ضروريا في تلك المدة ويجوز السلم فيه كيلا ووزنا ولا يكال حتى تسكن الرغوة ويجوز وزنه
قبل سكونها ويجوز في السمن كيلا ووزنا لكن إن كان جامدا يتجافى في المكيال تعين الوزن وليس في الزبد إلا الوزن قاله الشافعي ولو قيل بجواز كيله أمكن وأما اللبا المجفف
فهو موزون عند الشافعي وقبل تجفيفه كاللبن وهل يجوز السلف في المخيض منع منه الشافعي إن كان فيه ماء والأولى عندي الجواز مطلقا ولو مخض اللبن من غير ماء
جاز السلف فيه ويصح وصفه بالحموضة وبه قال الشافعي. مسألة يجوز السلف في الأثمان الدراهم والدنانير إذا كان الثمن غير النقدين وبه قال الشافعي ومالك
لأنه يثبت في الذمة صداقا فيثبت سلما كغيره ولأنه يمكن ضبطه بالوصف وهو أقرب إلى الضبط من غيره فكان الجواز فيه أولي وقال أبو حنيفة لا يجوز السلم فيها لأنها لا
لا تثبت في الذمة إلا ثمنا فلا يكون مثمنة وهو ممنوع فلا يجوز بيع الذهب بمثله وبالفضة والفضة بمثلها وبالذهب ولا يكون كل واحد منهما مثمنا (ثمنا صح) كذا هنا وإنما لم يجز.
بالنقدين لأنه يكون صرفا ومن شرطه التقابض في المجلس ولو فرض امتداده حتى يخرج الاجل فالأولى المنع أيضا ولو كان السلم حالا وقلنا به جاز إذا تقابضا في المجلس وهو
قول بعض الشافعية وقال بعضهم على تقدير جواز الحال لا يجوز هنا لان لفظ السلم يقتضى تقديم أحد العوضين واستحقاق قبضه دون الآخر والصرف يقتضى تسليم
العوضين جميعا فلم ينعقد الصرف بلفظ السلم والمقدمتان ممنوعتان. مسألة يجوز السلف في جميع الثمار والفواكه لامكان ضبطها بالوصف وقد روى ابن بكير عن
الصادق (ع) قال لا بأس بالسلم في الفاكهة وسأل عبد الله بن بكير الصادق (ع) عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب زمانها فلم يستوف سلفه قال فليأخذ
رأس ماله أو لينظره وكذا يجوز في أصناف الطعام من الحنطة والشعير والدخن والذرة وأصناف الحبوب من العدس والسمسم والماش واللوبيا وغير ذلك من جميع
الأشياء التي يمكن ضبط أوصافها وعموم وجودها في المحل ولا نعلم فيه خلافا للأصل ولما رواه محمد الحلبي في الصحيح إنه سأل الصادق (ع) عن السلم في الطعام بكيل معلوم
إلى أجل معلوم قال لا بأس به وكذا يجوز السلف في العسل والسكر والسيلان والدبس وإن خالطه النار خلافا للشافعي فيما خالطة النار. مسألة يجوز السلف في الوبر
والصوف والقطر والإبريسم والغزل المصبوغ وغير المصبوغ والثياب والحطب والخشب والحديد والصفر والرصاص والقير والنفط والبزر والشيرج والخضر والفواكه
وما تنبته الأرض والبيض والجوز واللوز والشحم والطيب والملبوس والأشربة والأدوية والصفر والحديد والرصاص والنحاس والزيبق والكحل والزيت وبالجملة ساير
أصناف الأموال إذا جمعت الشرايط قال الصادق (ع) لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصفت الطول والعرض وسأله سماعة عن السلم وهو السلف في الحرير والمتاع الذي يصنع في البلد
الذي أنت فيه قال نعم إذا كان إلى أجل معلوم وسأل الحلبي الصادق (ع) عن الزعفران يسلم فيه الرجل دراهم في عشرين مثقالا أو أقل من ذلك أو أكثر قال لا بأس إن لم يقدر الذي
عليه الزعفران أن يعطيه جميع ماله له أن يأخذ نصف حقه أو ثلثه أو ثلثيه ويأخذ رأس مال ما بقى من حقه وهذا الخبر كما دل على المطلوب فقد دل على مطلوب آخر وهو إن الزعفران
يجوز السلم فيه مع كثرته مع إن الكثير منه قاتل وروى سليمان بن خالد عن الصادق (ع) قال والأكسية أيضا مثل الحنطة والشعير والزعفران والغنم يعنى بذلك جواز السلف فيها
ويجوز السلف في أنواع العطر العامة الوجود كالمسك والعنبر والكافور وكذا جميع بسايط العطر كالعود والزعفران والورس وكذا يجوز السلم في مركبات العطر كالغالية والند
والعود المطر إذا عرفه مقدار بسايطه ومنع الشافعي من المركب مطلقا لان كل بسيط منه مقصود ولا يعرف قدره ويكون سلما في المجهول ونمنع الجهالة إذا التقدير المعرفة
ويجوز السلم في الزجاج مع ضبطه بالوصف والطين والجص والنورة وحجارة الأرحية والأبنية والأواني مع الوصف وكذا يجوز في البرام المعمولة والكيران والحباب والطوس
والسرج والمنابر والقماقم والطناجير مع ضبط هذه كلها بالوصف خلافا للشافعي فإنه منع للذرة إجتماع الوزن في الصفات المشروطة وهو ممنوع وكذا يجوز السلم في الكاغذ
عددا مع ضبطه بالوصف وكذا يجوز في العلس والأرز خلافا للشافعي حيث منع لاستتارهما وينقض بمثل الجوز ويجوز في الدقيق خلافا لبعض الشافعية ولا يجوز السلم
على المنافع كتعليم القران وغيره خلافا للشافعي لان مثل ذلك لا يعد بيعا. مسألة يجوز السلم في عيدان النبل قبل تحتها مع إمكان ضبطها بالوصف وبه قال الشافعي
ويسلم فيه وزنا وإن أمكن أن يقدر عرضها وطولها بما يجوز التقدير به في السلم جاز عددا وأما النبل بعد عمله فلا يجوز السلف فيه لأنه يجمع أخلاطا غير مقصودة لان فيه
خشبا وغصبا وريشا وبه قال الشافعي قال ولان فيه ريش النسر وهو نجس عنده وأما إذا كان منحوتا حسب فالأقرب المنع وبه قال الشافعي لعدم القدرة على معرفة ثخانتها
ويتفاضل في الثخن ويتباين فيه وفي موضع آخر قال يجوز السلم في النشاب الذي لا ريش عليه إذا أمكن أن يوصف ومنع بعضهم من إمكان وصفه لان أطرافه خفيفة ووسطه
ثخين ولا يمكن ضبط ذلك وأما القسي فلا يجوز السلم فيها لاشتمالها على الخشب والعظم والعصب وكل واحد منهما محمول لا يعلم قدره ولا يمكن ضبطه فإن فرض إمكانه
جاز. مسألة لا يجوز السلف في المشوى والمطبوخ وبه قال الشافعي لأنه لا يعلم قدر تأثير النار فيه عادة ويختلف الأغراض باختلاف تأثير النار فيه ويتعذر
الضبط في السلم فيه فأشبه الخبز وللشافعية في الخبز وجهان ولو أمكن ضبط تأثير النار كالسمن والدبس والسكر
حيث إن لتأثير النار فيها نهاية مضبوطة جاز وأما الماورد
فالأقرب جواز السلم فيه وللشافعية فيه خلاف لاختلاف تأثير النار فيما يتصعد ويقطر ولا عبرة بتأثير الشمس بل يجوز السلم في العسل المصفى (بالشمس عند الشافعية وفي العسل مصفى صح) بالنار عندهم وجهان
وكذا الدبس أحدهما المنع لاختلاف تأثير النار فيه ولان النار تعيبه وتسرع الفساد إليه والثاني الجواز كما اخترناه. الباب الثاني في ذكر أوصاف هذه الأجناس
551

مسألة. يجب أن يذكر في مطلق الحيوان أربعة أوصاف النوع واللون والذكورة والأنوثة والسن لاختلاف الأغراض باختلاف هذه الصفات واختلاف القيم بها
فإن كان رقيقا ذكر نوعه كالتركي والرومي والزنجي ولونه إن كان النوع يختلف لونه كالأبيض والأصفر والأسود وهل يجب التعرض لصنف النوع إن كان فيه اختلاف الأولى
الوجوب كالنوبي من الزنج وللشافعي قولان ويصف البياض بالسمرة أو الشقرة والسواد بالصفا أو الكدورة هذا إذا اختلف لون الصنف المذكور فإن لم يقع فيه اختلاف
أغنى ذكره عن اللون ويذكر الذكورة أو الأنوثة لاختلاف الرغبات فيهما ويذكر السن فيقول محتلم أو ابن ست أو سبع ويبنى الامر فيه على التقريب حتى لو شرط كونه ابن سبع مثلا
بلا زيادة ولا نقصان لم يجز لندور الظفر به والرجوع في الاحتلام إلى قول العبد وفي السن إليه إن كان بالغا وإن كان صغيرا فإلى قول سيده إذا احتمل صدقه وإن لم يعرف سيده
رجع إلى أهل الخبرة وعمل على ما يغلب عليه ظنونهم من سنه ويزيد في الرقيق وصفين آخرين أحدهما القد فيذكر إنه طويل أو قصير أو ربع لان القيمة يختلف بذلك ويتفاوت
تفاوتا عظيما ولو قال خماسي يعنى خمسة أشبار أو سداسي يعنى ستة أشبار جاز وقال بعض الشافعية المراد بالخماسي ابن خمس سنين وبالسداسي ابن ست وقال المسعودي الخماسي
والسداسي صنفان من عبيد النوبة معروفان عندهم وقال بعض الشافعية لا يعتبر ذكر القد عند العراقيين وكتبهم مملوة من اعتباره الثاني اشتراط الجودة أو الرداة وهو
غير مختص بالرقيق ولا بالحيوان وسيأتى إن شاء الله تعالى مسألة. لا يشترط وصف كل عضو على حاله بأوصافه المقصودة وإن تفاوت به الغرض والقيمة لافضائه إلى عزة
الوجود لكن في التعرض للأوصاف التي يعتنى بها أهل البصرة ويرغب فيها في الرقيق كالكح (كالكحل خ ل) والدعج وتكلثم الوجه وسمن الجارية إشكال ينشأ من تسامح الناس بإهمالها ويعدون
(ذكرها صح) استقصاء ومن أنها مقصودة لا يورث ذكرها العزة وللشافعية وجهان أظهرهما عدم الوجوب وشرط بعض الشافعية الملاحة لأنها من جملة المعاني إذ المرجع إلى ما
يميل إليه طبع كل أحد والأظهر عدم اعتبارها وكذا لا يجب التعرض لجعودة الشعر وسبوطته. مسألة لا يشترط في الجارية ذكر الثيوبة والبكارة إلا مع اختلاف القيمة
باختلافهما اختلافا بينا وللشافعية قولان أحدهما عدم الوجوب والثاني الوجوب بناء على اختلاف القيمة هل يتحقق بهما أو لا ولو شرط كون العبد يهوديا أو نصرانيا
جاز كشرط الصنعة فإن دفع إليه مسلما احتمل وجوب القبول لأنه أجود ويجب قبول الأجود والعدم لأنه قد يرغب إلى الكافر لاتساع العاملين فيه ولو شرط كونه ذا زوجة
أو كون الجارية ذات زوج جاز إذا لم يندر وجوده وهو قول بعض الشافعية ولو شرط كونه سارقا أو زانيا جاز قاله بعض الشافعية ولا بأس به لكن الأقرب إنه لو أتاه بالسليم
وجب القبول ولو شرط كون الجارية مغنية أو عوادة لم يجز لأنها صناعة محظورة والسرقة والزنا أمور تحدث كالعور وقطع اليد وفي الفرق إشكال. مسألة. لو
أسلم جارية صغيرة في كبيرة جاز وهو قول بعض الشافعية لأنه حيوان يجوز السلم فيه فجاز إسلاف بعضه في بعض كالإبل وقال أبو إسحاق من الشافعية لا يجوز لأنها قد تكبر في
المحل وهي بالصفة المشترطة فيسلمها بعد أن يطأها فيكون في معنى استقراض الجواري وهو غلط لان الشيئين إذا اتفقا في إفادة معنى ما لم يلزم اتحادهما على أنا نمنع حكم الأصل
فإن استقراض الجواري جايز عندنا على ما يأتي وإذا اشترى جارية ووطئها ثم وجد بها عيبا ردها ولا يجرى مجرى الاستقراض ولأنه يجوز إسلاف صغار الإبل في كبارها
فجاز في الرقيق إذا تقرر هذا فلو جاء بالجارية الصغيرة وقد كبرت على الصفات المشترطة وجب على المشترى القبول لان المثمن موصوف وهي بصفته ولأنه قد جاء
بما عليه على الوجه الذي عليه فيجب عليه قبوله كغيره من الأسلاف وهو أحد قولي الشافعية والثاني لا يجوز وإلا لزم إتحاد الثمن والمثمن واستحالته هنا ممنوعة
ولم يتحد في أصل العقد والمحال إنما هو ذلك وعلى هذا لا فرق بين أن يكون الجارية صغيرة أو كبيرة في كبيرة بصفتها وإذا وطئها فلا مبالاة بالوطي كوطئ الثيب وردها
بالعيب. مسألة. ويجب في الإبل ما يجب في مطلق الحيوان من النوع والذكورة والأنوثة واللون كالأحمر والأسود والأزرق والسن كابن مخاض أو بنت لبون أو غير
ذلك ويزيد من نتاج بنى فلان ونعمهم إذا كثر عددهم وعرف بهم نتاج كطي وبنى قيس ولو نسب إلى طايفة قليلة لم يجز كما لو نسب الثمرة إلى بستان بعينه ولو اختلف نتاج بنى فلان و
كان فيها أرجية ومحدثه فلابد من التعيين وهو أظهر قولي الشافعية لان الأنواع مقصودة فوجب ذكرها والآخر لا يجب لان الانتاج إذا كان واحدا تقارب ولم يختلف
مسألة. ويجب في الخيل ما يجب ذكره في مطلق الحيوان من الأمور الأربعة ما يجب في الإبل فإن لها نتاجا كنتاج لابل ولا يجب ذكر الشناب كالأغر والمحجل فإن ذكرها وجب له
ذلك ولو أهمل جاز وحمل قوله أشقر أو أدهم على البهيم لان قوله أسود أو أشقر يقتضى كون اللون كله ذلك لأنه الحقيقة. مسألة. البغال والحمير لا نتاج لها فلا يبين
نوعهما بالإضافة إلى قوم بل يصفهما وينسبهما إلى بلادهما ويصفهما بكل وصف يختلف به الأثمان وأما الغنم فإن عرف لها نتاج فهي كالإبل وإن لم يعرف لها نتاج
نسبت إلى بلادها وكذا البقر ولو أسلم في شاة حامل أو معها ولدها وبقرة كذلك جاز خلافا للشافعي ولو أسلم في شاة لبون صح لأنه وصف مميز فجاز كغيره وللشافعي قولان هذا
أحدهما ويكون ذلك شرطا يتميز به ولا يكون سلما في لبن والثاني لا يجوز لأنه بمنزلة السلف في حيوان معه لبن مجهول فلا يجوز وهو ممنوع إذا ثبت هذا فإنه لا يلزمه تسليم
اللبن بل له أن يحلبها ويسلمها فإن الواجب ما من شأنه ذلك. مسألة. هل يجوز السلم في الطيور الأقرب ذلك إن أمكن ضبطها بالوصف كالنعم وغيرها وللشافعية
فيه قولان أحدهما الجواز كالنعم والثاني المنع لأنه لا يمكن ضبطها ولا يعرف قدرها بالذرع ويمنع اشتراطهما فيها وعلى ما قلناه من الجواز يذكر النوع ويصفه بالصغر
والكبر من حيث الجثة ولا يكاد يعرف منها فإن عرف ذكره ويجوز السلم في السمك والجراد حيا وميتا عند عموم الوجود ويوصف كل جنس من الحيوان بما يليق به
مسألة. ويصف اللبن بما يميزه عن غيره من ذكر النوع أولا ومن اللون ونوع العلف كالعوادي وهي التي ترعى ما جلا من النبات والأوراك وهي التي تقم في الحمض
وهو كل نبات فيه ملوحة فتسمى حمضية ويختلف ألبانها بذلك فلابد من التعرض له ويذكر معلوفة أو راعية لاختلاف اللبن بهما والاطلاق يقتضى الحلاوة والطراوة فلا
يحتاج أن يقول حليب يومه أو حلوا وأما السمن فيجب أن يذكر جنس حيوانه فيقول سمن بقر أو ضأن أو معز وبمكة سمن ضأن نجدية وسمن ضأن تهامية ويتباينان في الطعم و
اللون والثمن فيجب ذكره أبيض أو أصفر فإنه حديث أو عتيق وإطلاقه يقتضى الحديث لان العتيق معيب وقيل إن كان متغيرا وإلا فلا إنما يصلح للجراح ويذكر الجيد والردئ
والقدر وزنا وأما الزبد فيذكر فيه ما ذكر في السمن وإنه زبد يومه أو أمسه لأنه يختلف بذلك ولا يجوز أن يعطيه زبدا أعيد في السقا وطرى فإن أعطاه ما فيه رقة
فإن كان لحر الزمان قبل وإن كان لعيب لم يقبل وأما الجبن فيصفه بما تقدم ويقول رطب أو يابس حديث أو عتيق ويذكر بلده لاختلافه باختلاف البلدان وأما
اللبا فيوصف بما يوصف به اللبن إلا أنه يوزن ويجوز السلم فيه قبل الطبخ إذا كان حليبا ويذكر لونه لأنه يختلف وأما إذا طبخ بالنار فعندنا يجوز السلم فيه مع إمكان
ضبطه خلافا لبعض الشافعية وقال بعضهم يجوز لان النار التي يكون فيه لينة لا تعقد أجزائه والأول أشهر عندهم لان النار تختلف فيه ويختلف باختلافها
مسألة. يجب أن يذكر في الثياب الجنس من قطن أو كتان والبلد الذي ينسج فيه كبغدادي أو رازي أو مصري إن اختلف به الغرض والطول والغرض والصفافة و
الرقة أو ألفاظ والدقة والنعومة أو الخشونة والجودة والردائة وقد مضى ذكر النوع عن البلد والجنس إن دل عليهما لا يذكر مع هذه الأوصاف الوزن فإن ذكره جاز
552

وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجوز لان اشتراط الوزن مع هذه الأوصاف يوجب العزة لبعد اتفاقه وهو ممنوع فإنه يجوز في الأواني وإن ذكر الخام أو المقصور جاز
وإن اطلق أعطاه ما شاء لتناول الاسم له والاختلاف به يسير وبه قال الشافعي وإن ذكر جديدا مغسولا جاز وإن ذكر لبيسا؟ مغسولا لم يجز لاختلاف اللبس فلا ينضبط ولو
شرط أن يكون الثوب مصبوغا جاز مع تعيين اللون مطلقا عندنا وقال الشافعي إن كان يصبغ غزله جاز لان ذلك من جملة صفات الثوب وإن صبغ بعد نسجه لم يجز
لأنه يصير في معنى السلم في الثوب والصبغ المجهول ولان صبغ الثوب يمنع من الوقوف على نعومته وخشونته والوجهان باطلان لان السلم في المجموع لا يستلزم انعقاده بالتفضيل
في الأجزاء ولو كان السلم في مجموع الثوب والصبغ لكان كذلك وإن كان الصبغ في الغزل وأي فرق بينهما والنعومة والخشونة يدركان مع الصبغ وعدمه إذ ذلك ليس جوهرا
قايما في المصبوع مانعا من إدراكه ولو جاز ذلك لما صح السلف في الغزل المصبوغ ولا في الغزل المنسوج والأقرب جواز السلف في الثياب المخيطة كالقميص والسروال إذ ضبط بالطول
والعرض والسعة. مسألة ويصف الكرسف وهو القطن نسبة البلد كالبصري والموصلي واللون كالأبيض والأسمر والنعومة والخشونة والجيد والردئ وكثرة
لحمه وقلته وطول العتب وقصرها وكونه عتيقا أو حديثا إن اختلف الغرض به ويصف القدر بالوزن فإن شرط منزوع الحب جاز وإن أطلق كان له بحبه لان الحب فيه بمنزلة النوى
في التمر والمطلق يحمل على الجاف ويجوز السلم في الحليج وفي حب القطن ولا يجوز في القطن في الجوز قبل التشقق لعدم معرفته ويجوز بعده وللشافعية قولان هذا أحدهما
وأظهرهما (عندهم صح) العدم لاستتار المقصود بما لا مصلحة فيه ويجوز السلم في الغزل ويصفه بما ذكرناه إلا الطول والقصر ويزيد فيه رقيقا أو غليظا ويجوز السلم في عود الكتان
ويجوز شرط كون الغزل مصبوغا وبه قال الشافعي وإن منع في الثوب. مسألة. يذكر في الإبريسم البلد خوارزمي أو بغدادي ويصف لونه فيقول أبيض أو أصفر ويذكر
الجودة أو الرداة والدقة أو الغلظ ولا يحتاج إلى ذكر النعومة أو الخشونة لأنه لا يكون إلا ناعما وهل يجوز السلف في القز وفيه دوده الأقرب عندي ذلك ويكون الدود جاريا
مجرى النوى في التمر وقال الشافعي لا يجوز لأنه إن كان حيا لم يكن فيه مصلحة في كونه فيه فإنه يقرضه ويفسده وإن كان ميتا فلا يجوز بيعه والقز دونه مجهول وإن كان قد خرج (منه الدود صح)
جاز السلم فيه. مسألة. يجب أن يذكر في الصوف سبعة أوصاف البلد كالحلواني والحلبي أو غير ذلك واللون كالأبيض والأسود والأحمر وطويل الطاقات أو قصيرها
وصوف الذكورة أو الإناث لان صوف الإناث أنعم فيستغنى بذلك عن ذكر النعومة والخشونة ويذكر الزمان فيقول ربيعي أو خريفي لان صوف الخريفي أنظف
لأنه عقيب الصيف ويذكر الجودة أو الرداءة ويذكر مقداره وزنا ولا يقبل إلا نقيا من الشوك والبعر وإن شرط كونه مغسولا جاز فإن عابه الغسل فالأقوى عندي
الجواز خلافا للشافعي وكذا الوبر والشعر ويجوز السلف فيهما كالصوف ويضبط بالأوصاف والوزن. مسألة الخشب أنواع منه الحطب المتخذ للوقود ويذكر نوعه
من الطرفاء والخلاف والاراك والعرعر وغير ذلك لاختلاف الأغراض بسببه ويذكر الدقة والغلظ أو الوسط واليبوسة أو الرطوبة والجودة أو الرداءة ويذكر مقداره
بالوزن وإنه من نفس الشجر أو أغصانه ولا يجب التعرض للرطوبة والجفاف فالمطلق يحمل على الجفاف ويجب قبول المعوج والمستقيم لأنهما واحد ومنه خشب البناء فيذكر
نوعه من التوت أو الساج والطول والغلظ والدقة والرطوبة أو اليبوسة فإن كان يختلف لونه ذكره ويصف طوله وعرضه إن كان له عرض أو دوره أو سمكه والجودة
والرداءة فإن ذكر وزنه جاز ولا يحتاج إليه خلافا لبعض الشافعية وإن لم يذكر سمحا جاز وليس له العقد لأنه عيب فإذا أسلم فيه لزمه أن يدفعه إليه من طرفه إلى طرفه
بالعرض أو الدور أو السمك الذي شرطه فإن كان أحد طرفيه أغلظ مما شرط فقد زاده خيرا وإن كان أدق لم يجب عليه أخذه وإن كان الخشب من الجذوع وجب ذكر نوعها
فإن البادرايا والإبراهيمي والفحل والدقل أصلب من غيره ولا يجوز السلم في المخروط لاختلاف أعلاه وأسفله ومنه عيد إن القسي والسهام ويجب ذكر النوع من بيع أو غيره و
الدقة والغلظ وقال بعضهم يجب أن يذكر أنها جبلية أو سهلية لان الجبلي أصلح وأقوى لها وبعضهم أوجب فيه وفي خشب البناء التعرض للون ويذكر قدم بناتها
وحدوثه ومنه ما يصلح للنصب فيذكر نوعه كالآبنوس ولونه وغلظه أو دقته وساير ما يحتاج إلى معرفته بحيث يخرج من حد الجهالة ومنه ما يطلب ليغرس فيسلم فيه
بالعدد ويذكر النوع والطول والغلظ. مسألة. أقسام الاحجار ثلاثة منها ما يتخذ للأرحية ويجب أن يصفها بالبلد فيقول موصلي أو تكريتي وإن اختلف نوعه ذكره
وكذا يذكر اللون إن اختلف ويصف دوره وثخانته وجودته ورداءته وإن ذكر وزنه جاز وكذا إن تركه وإن ذكره شرط وزنه بالقبان إن أمكن وإن تعذر وزن
بالسفينة فيترك فيها وينظر إلى أي حد يغوص ثم يخرج ويوضع مكانه رمل وشبهه حتى تغوض السفينة إلى الحد الذي غاصت ثم يخرج ذلك ويوزن فيعرف وزن الحجارة
ومنها ما يتخذ للبناء فيذكر نوعها ولونها من البياض أو الحفرة ويصف عظمها فيقول ما يحمل البعير منها اثنتين أو ثلاثا أو أربعا على سبيل التقريب لتعذر التحقيق
ويصف الوزن مع ذلك والجودة والرداءة ويجوز السلم في الاحجار الصغار التي تصلح للمنجنيق ولا يجوز إلا وزنا وينسبها إلى الصلابة ولا يقبل المعيب ومنها الرخام
ويذكر نوعه ولونه وصفاه وجودته أو رداءته وطوله وعرضه إن كان له عرض أو دوره إن كان مدور أو ثخانته وإن كان له خطوط مختلفة ذكرها ومنها حجارة
الأواني فيذكر نوعها كبرام طوسي أو مكي وجودتها ورداءتها وجميع ما يختلف الثمن باختلافه وقدره وزنا ومنها
البلور ويصفه باوصافه ويجوز السلم في الآنية
المتخذة منها فيصف طولها وعرضها وعمقها وثخانتها وصنعتها وإن اختلف فإن وزن مع ذلك كان أولي ومنها حجارة النورة والجص وينسبها إلى أرضها فإنها لمختلف بالبياض
أو السمرة ويذكر الجودة أو الرداءة وإن أسلف في النورة والجص يذكر كيلا معلوما ولا يجوز إجمالا وليس له أخذ الممطور منها وإن يبس لأنه عيب ومنها الآجر ويصف طوله و
عرضه وثخانته وفي وجه للشافعي المنع من السلف فيه لان النار مسته ويصف اللبن بالطول والعرض والثخانة ولو أسلف في اللبن وشرط طبخه جاز والمرجع في ذلك إلى العادة
وقال الشافعي لا يجوز لأنه يعرف قدر ما يذهب في طبخه من الحطب ولأنه قد يتلهوج ويفسد وليس بشئ مسألة. ويصف أنواع العطر بما يميز كل واحد منها عن صاحبه
فيذكر لون العنبر أبيض أو أشهب أو أخضر وإن اختلف في البلدان قال عنبر بلد كذا ويذكر الجودة أو الرداءة ويذكر قطعة وزنها كذا إن وجد من الاقطاع بذلك الوزن
فإن شرط قطعة لم يجبر على أخذ قطعتين وإن أطلق كان له أن يعطيه صغارا أو كبارا وأما العود فيتفاوت نوعه فيجب ذكره كالهندي وغيره ويذكر كلما يعرف به والجودة أو
الرداءة وكذا الكافور والمسك ولا يجوز السلم في فأره لان بيعه بالوزن. مسألة. ويجوز السلم في اللبان والمصطكي والصمغ العربي وصمغ الشجرة كله فإن كان منه في
شجرة واحدة كاللبان وصفه بأنه أبيض وإنه غير ذكر فإن منه شيئا يعرفه أهل العلم به يقولون إنه ذكر إذا مضغ فسد وما كان منه في شجر شتى كالغرا؟ وصف شجره ويوزن فيه
من الشجر ولا يوزن الشجرة الأمحضة والطين الأرمني وطين البحيرة المختوم يدخلان في الأدوية ويوصف جنسه ولونه وجودته أو رداءته ويذكر الوزن وإن كانت معرفته
عامة جاز السلف فيه وإن خفى عن المسلمين إذا عرفه غيرهم وقال الشافعي إن لم يعرفه المسلمون لم يجز وأقلهم عدلان يشهدان على تمييز الأرمني عن غيره من الطين الذي بالحجاز
وشبهه. مسألة. يصف الرصاص بالنوع فيقول قلعي أو أسرب والنعومة أو الخشونة والجودة أو الرداءة واللون إن كان يختلف والوزن ويصف الصفر بالنوع
553

من شبه وغيره واللون والخشونة أو النعومة والوزن وكذا يصف النحاس والحديد ويزيد في الحديد الذكر أو الأنثى والذكر أكثر ثمنا فإنه أحد وامضى وأما الأواني
المتخذة منها فيجوز السلم فيها وبه قال الشافعي فيسلم في طشت أو تور من نحاس أحمر أو أبيض أو شبه أو رصاص أو حديد ويذكر سعة معروفة ويذكر معه الوزن ولو لم
يذكره قال الشافعي يصح كما يصح أن يبتاع ثوبا بصفة والأقرب إنه شرط ومنع بعض الشافعية السلم في القماقم والسطول المقدرة والمراجل لاختلافها فإن القمقمة بدنها واسع
وعنقها ضيق وقال آخرون منهم بجوازه لامكان وصفه وعدم التفاحش في اختلافه ولو ابتاع أواني من شجر معروف صح مع إمكان ضبطه وسعته وقدره من الكبر والصغر
والعمق ويصفه بأي عمل وبالثخانة أو الرقة وإن شرط وزنه كان أولى. مسألة. التمر أنواع فيجب في السلم فيه ذكر النوع كالبرني والمعقلي وإن اختلفت البلدان في الأنواع وجب النسبة
إليها فيقال برني بغداد أحلى من برني البصرة وازاد الكوفة خير من أزاد بغداد ويذكر اللون إن اختلف النوع كالمكتون والطبرزد منه أحمر وأسود ويصفه بالصغر والكبر والجودة
والرداءة والحداثة والعتيق فإن قال عتيق عام أو عامين كان أحوط وإن لم يذكر جاز ويعطيه ما يقع عليه اسم العتيق غير متغير ولا مسوس فيصف التمر بسته النوع و
البلد واللون والجودة والرداءة والحداثة أو العتيق والصغر أو الكبر وبه قال الشافعي لاختلاف الأثمان باختلاف هذه الأوصاف وقال أصحاب أبي حنيفة يكفي أن يذكر
الجنس والنوع والجودة لان ذلك يشتمل على هذا. مسألة. إذا أسلم في الرطب وصفه بما يصف التمر إلا الحداثة والعتق فإن الرطب (لا يكون عتيقا فإذا أسلم في الرطب صح) لم يجبر على أخذ المذنب والبسر وله أن
يأخذ ما أرطب كله ولا يأخذ مشدخا وهو ما لم يترطب فشدخ ولا الناشف وهو ما قارب أن يثمر لخروجه من كونه رطبا وكذا ما جرى مجراه من العنب والفواكه وقال بعض
الشافعية يجب التعرض للحديث والعتيق في الرطب نعم يجوز أن يشترط لفظ يومه أو أمسه ويلزم ما شرط وإن اطلق جاز معا وأما التمر فلا يأخذه إلا جافا لأنه لا يكون تمرا حتى يجف
وليس عليه أن يأخذه معيبا ويرجع فيه إلى أهل الخبرة ولا يجب تقدير المدة التي مضت عليه ويأخذ مكبوسا ولا يأخذ ما عطش فأضربه العطش ولا الفطير الذي لا يتناهى
تشميسه. مسألة. يصف الحنطة بأمور ستة البلد فيقول شامية أو عراقية فإن أطلق حمل على ما يقتضيه العرف إن اقتضى شيئا وإلا بطل ويقول محمولة أو مولودة
يعنى محمولة من البلد الذي تنسب إليه أو تكون مولدة في غيره ويذكر الحداثة والعتق والجيد أو الردى واللون كالحمراء والبيضاء أو الصفراء وإن اختلف بالحدارة
وهو امتلاء الحب أو الدقة وصفائه ويذكر الصرابة أو ضدها وينبغي أن يذكر القوى أو ضده والأنوثة أو ضدها والحداثة أو العتق وإذا أسلف في الدقيق ضبطه
بالوصف ولو أسلم في طعام على أن يطحنه جاز خلافا للشافعي والعلس قيل إنه جنس من الحنطة حبتان في كمام فيترك كذلك لأنه أبقى له حتى يراد استعماله ليؤكل وحكمه حكم
الحنطة في كمامها لا يجوز السلف فيه إلا ما يتلف عنه كمامه عند الشافعية لاختلاف الكمام ولغيبوبة الحب فلا يعرف والأولى الجواز ويبنى فيه على العادة وله السليم وكذا
حكم كل صنف من الحبوب من أرز أو دخن أو سلت يوصف كما يوصف الحنطة بطرح كمامه دون قشره عند الشافعية وعندنا الأقرب (جوازه صح) وكذا يصف الشعير بما يصف الحنطة
مسألة. ويصف العسل بالبلد كالجبلي والبلدي والمكي والبلدي والزمان كالربيعي والخريفي والصيفي واللون كالأبيض والأصفر والجودة والرداءة وله عسل صاف به
من الشمع سواء صفى بالنار أو بغيرها ويجب عليه قبوله وقال الشافعي لا يجبر على قبوله ما صفى بالنار لان النار تغير طعمه فتنقصه ولكن يصفيه بغير نار وقال بعضهم إن
صفى بنار لينة لزمه أخذه وإن جاءه بعسل رقيق رجع إلى أهل الخبرة فإن أسندوا الرقة إلى الحر لزمه قبوله وإن أسندوها إلى العيب لم يجبر على قبوله ولو شرطه بشمعه غير صاف منه
جاز وكان بمنزلة النوى. مسألة. قد بينا إنه يجوز اشتراط الجودة والرداءة بل يجب الاختلاف في القيمة بأعيانهما ولا يجوز اشتراط الأجود إجماعا لعدم انحصاره
فإنه ما من متاع إلا ويمكن وجود ما هو أجود منه وفيه إشكال لامكان ضبطه في بعض الأمتعة كالطعام فإنه قد يتناهى جودته وأما إن شرط الارداء فقال بعض فقهائنا
وبعض الشافعية إنه يجوز لأنه أي طعام أتاه لزمه (أخذه صح) لأنه إن كان أردأ وجب قبوله وإن غيره كان أردأ منه وجب قبوله أيضا لأنه إذا دفع فوق حقه في الوصف وجب عليه قبوله فلا يؤدى
إلى التنازع والاختلاف والحق المنع أيضا هنا لان الارداء غير مضبوط حالة العقد والمبيع يجب أن يكون مضبوطا حالة العقد فينتفى شرط صحة البيع فينتفى الصحة. البحث الثالث
في شرط كون المسلم فيه دينا يشترط في المسلم فيه عندنا كونه دينا لان لفظ السلم والسلف موضوع للدين فلو قال بعتك هذه السلعة سلما وهي مشاهدة لم يصح لاختلال
اللفظ أما لو قال أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد فليس بسلم أيضا فإن قصد بلفظ السلم مطلق البيع احتمل الانعقاد لجواز إرادة المجاز مع القرينة والمنع للاختلال
وقد سبق وكذا يشترط فيه كون المسلم فيه مؤجلا فلا يجوز السلف الحال وقد تقدم. البحث الرابع إمكان وجود المسلم فيه عند الحلول. مسألة يشترط كون المسلم
فيه موجودا وقت الاجل ليصح إمكان التسليم فيه وهذا الشرط ليس من خواص السلم بل هو شرط في كل مبيع وإنما يعتبر القدرة على التسليم عند وجوب التسليم سواء كان
المبيع حالا أو مؤجلا فلو أسلم في منقطع عند المحل كالرطب في الشتا لم يصح وكذا لو أسلم فيما يندر وجوده ويقل وقت الاجل حصوله كالرطب في أول وقته أو آخره لتعذر
حصول الشرط ولو غلب على الظن وجوده وقت الاجل لكن لا يحصل إلا بمشقة عظيمة كالقدر الكثير من الباكورة فالأقرب الجواز لامكان التحصيل عند الاجل وقد التزمه
المسلم إليه وقال أكثر الشافعية لا يجوز لان السلم عقد غرر فلا يحتمل فيه معاناة المشاق العظيمة. مسألة. يجوز أن يسلم في شئ ببلد لا يوجد ذلك الشئ فيه بل ينقل
إليه من بلد آخر لامكان التسليم وقت الاجل وكان سايغا كغيره ولا فرق بين أن يكون قريبا أو بعيدا ولا أن يكون مما يعتاد نقله إليه أو لا ولا يعتبر مسافة القصر هنا وهو
قول بعض الشافعية وقال بعضهم إن كان قريبا صح وإن كان بعيدا لم يصح وقال آخرون إن كان مما يعتاد نقله إليه في عرض المعاملة لا في معرض التحف والهدايا والمصادرات
صح السلم وإلا فلا أما لو أسلم في شئ يوجد غالبا في ذلك البلد وقت الحلول فاتفق انقطاعه فيه وأمكن وجوده في غيره من البلاد فهل يجب على البايع نقله الأقرب ذلك
مع انتفاء المشقة وعدم البعد المفرط ولا عبرة بمسافة القصر ولا إمكان الرجوع من يومه. مسألة. يجوز السلم في كل معدوم إذا كان مما يوجد غالبا في محله ويكون مأمون.
الانقطاع في أجله وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإسحاق لما رواه العامة عن ابن عباس قال أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله تعالى في كتابه وأذن فيه ثم تلا
قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل " الآية وإنهم كانوا يسلفون في الثمار السنتين والثمار لا تبقى هذه المدة بل تنقطع ومن طريق الخاصة رواية الحلبي عن الصادق (ع)
إنه سأله عن رجل باع بيعا ليس عنده إلى أجل وضمن البيع قال لا بأس ولأنه يثبت في الذمة مثله ويوجد في محله غالبا فجاز عقد السلم عليه كما لو كان موجودا وقال الثوري
والأوزاعي وأبو حنيفة لا يجوز السلم في المعدوم بل يجب أن يكون جنسه موجودا حال العقد إلى حال المحل لان كل زمان من ذلك يجوز أن يكون محلا للمسلم فيه بأن يموت
المسلم إليه فاعتبر وجوده فيه كالمحل وهو غلط لأنه لو اعتبر ذلك لادى إلى أن يكون آجال العقد مجهولة والمحل جعله المتعاقدان محلا بخلاف المتنازع حيث لم يجعلاه محلا
فهو بمنزلة ما بعد المحل. مسألة. إذا أسلم فيما يعم وجوده وقت الحلول ثم انقطع وجوده لجايحة عند المحل لم ينفسخ البيع وبه قال أبو حنيفة وهو أصح قولي الشافعي
لأن العقد صح أولا وإنما تعذر التسليم فأشبه ما لو اشترى عبدا فأبق من يد البايع ولان المسلم فيه تعلق بالذمة فأشبه ما إذا أفلس المشترى بالثمن لا ينفسخ
554

العقد كذا هنا والقول الثاني للشافعي إنه ينفسخ لان المسلم فيه من ثمرة ذلك العام وإذا هلكت انفسخ العقد كما لو باع قفيزا من صبرة فتلفت وإنما قلنا إن العقد تعلق بثمرة
تلك السنة لأنه يجبر على دفعه منها وكما لو تلف البيع قبل القبض ويمنع تعيين المبيع في ثمرة تلك السنة لأنهما لو تراضيا على دفع ثمرة من غيرها جاز ولان المسلم فيه لا يجوز
تعيينه وإنما أجبر على دفعه لتمكنه من دفع ما هو بصفة حقه. مسألة إذا انقطع المبيع عند الاجل فقد قلنا إن العقد لا ينفسخ بل يتخير المشترى بين الصبر إلى وقت
إمكان الوجود وبين الفسخ لتضرره بالصبر ولأنه شرط ما لم يسلم له فكان له الخيار ولان التأخير كالعيب ولهذا يختلف الثمن باختلافه فكان له الخيار كما لو دفع إليه المعيب
ولما رواه عبد الله بن بكير عن الصادق (ع) إنه سأله عن رجل أسلف في شئ يسلف الناس فيه من الثمار فذهب زمانها ولم يستوف سلفه قال فليأخذ رأس ماله أو لينظره
إذا ثبت هذا فإذا فسخ المشترى البيع وجب على المسلم إليه رد رأس المال إن كان باقيا وإن كان تالفا فمثله إن كان مثليا وإن لم يكن له رد قيمته وكذا على قول الشافعي
بالفسخ وإن اختار الصبر إلى مجئ المبيع طالب به فإن تعذر بعضه ووجد بعضه تخير المسلم بين الفسخ في الجميع لتبعض حقه وبين أخذ الموجود ويرجع بحصة الباقي
أو يصبر بالباقي وهل له أن يأخذ الموجود ويفسخ في المعدوم الأقرب ذلك وعند الشافعي إنه مبنى على تفريق الصفقة وإذا جوزنا له الفسخ في المعدوم أخذ الموجود بحصته
من الثمن وهو أصح قولي الشافعي والثاني إنه يأخذ بجميع الثمن أو يرده وإذا أخذه بالكل فلا خيار للبايع وإن أخذه بالحصة فالأقرب ذلك أيضا لان التعيب بالتفريق
حصل من البايع بترك دفع الجميع للشافعي في خيار البايع (وجهان صح) إذا ثبت هذا فإنه لا ينفسخ البيع لو قبض البعض من أصله كما لا ينفسخ لو لم يقبض شيئا للأصل ولما رواه عبد الله بن
سنان في الحسن عن الصادق (ع) إنه سأله أرأيت إن أوفاني بعضا وعجز عن بعض أيصلح لي أن آخذ بالباقي رأس مالي قال نعم ما أحسن ذلك. مسألة. ولا فرق في
الخيار بين الصبر والفسخ بين أن لا يوجد المسلم فيه عند المحل أصلا وبين أن يكون موجودا ويؤخر البايع التسليم حتى ينقطع وهو أحد قولي الشافعية وإن الخلاف في الفسخ العقد
من أصله والخيار كما تقدم جار في الصورتين معا وفرق بعضهم فقال الخلاف والخيار إنما هو فيما إذا لم يوجد المسلم فيه عند الاجل أما إذا وجد وفرط البايع بالتسليم
فلا ينفسخ العقد بحال لوجود المسلم فيه وحصول القدرة وليس بشئ لتضرر المشترى في الصورتين ولأنه كالعيب المتجدد في يد البايع فإنه يوجب للمشترى الخيار. مسألة. لو أجاز
المشترى ثم بدا له في الفسخ احتمل وجوب الصبر وعدم الالتفات إليه في طلب الفسخ لأنه إسقاط حق فأشبه (إجازة صح) زوجة العنين وهو أحد وجهي الشافعية ويحتمل أن له الفسخ ولا يكون
إسقاط حق بل تكون هذه الإجازة أنظارا والانظار تأجيل والأجل لا يلحق العقد بعد وقوعه فأشبه زوجة المولى إذا رضيت بالمقام ثم ندمت فإذا اشترط حق الفسخ لا يسقط
ولو قال المسلم إليه للمسلم لا تصبر وخذ رأس مالك فللمسلم (إليه صح) أن لا يجيبه وللشافعية وجه إنه يجب عليه الإجابة وليس بشئ ولو حل الاجل بموت المسلم إليه في أثناء المدة والمسلم فيه
منقطع فالوجه إنه لا ينفسخ العقد من أصله بل يتخير المشترى كما تقدم وللشافعية قولان الفسخ من أصل العقد وتخيير المشترى ولو كان موجودا عند المحل وتأخر التسليم
لغيبة أحد المتعاقدين ثم حضر والمسلم فيه منقطع فكما تقدم من تخيير المشترى عندنا ومن الوجهين الفسخ والتخيير عند الشافعية. مسألة. لو أسلم في شئ عام الوجود
عند الحلول ثم عرضت آفة علم بها انقطاع الجنس عند المحل احتمل تخيير المشترى في الحال بين الصبر والفسخ لتحقق العجز في الحال ويحتمل وجوب الصبر ولا خيار في الحال لأنه لم يأت
وقت وجوب التسليم وللشافعي قولان أحدهما إنه يتخير في الفسخ في الحال والثاني إنه لا يتخير ولا ينفسخ إلا في المحل وهذا الخلاف ما خوذ من الخلاف فيما إذا حلف ليأكلن هذا الطعام
غدا فتلف قبل الغد من فعله إنه يحنث في الحال أو يتأخر إلى الغد ويحصل الانقطاع بأن لا يوجد المسلم فيه أصلا بأن يكون ذلك الشئ ينشأ من ذلك البلد وقد اصابته
جايحة مستأصلة وهو انقطاع حقيقي وفي معناه ما لو كان يوجد في غير تلك البلدة ولكن لو نقل إليها فسد وإذا لم
يوجد إلا عند قوم مخصوصين وامتنعوا من بيعه
فهو انقطاع ولو كانوا يبيعونه بثمن غال فليس انقطاعا ووجب تحصيله ما لم يتضرر المشترى به كثيرا ولو أمكن نقل المسلم فيه من غير تلك البلدة إليها وجب نقله مع عدم
التضرر الكثير. مسألة. إذا أسلم في شئ وقبض البعض عند الاجل وتعذر الباقي فقد قلنا إنه يتخير المشترى بين الفسخ في الجميع وفي الباقي سواء باع ما أخذه منه بزايد أو لا
لما رواه سليمان بن خالد عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يسلم في الزرع فيأخذ بعض طعامه ويبقى بعض لا يجد وفاء فيرد على صاحبه رأس ماله قال فليأخذ فإنه
حلال قلت فإنه يبيع ما قبض من الطعام بضعف قال وإن فعل فإنه حلال مسألة. وهل له أن يأخذ القيمة بسعر وقت الاجل أو المطالبة الأقرب ذلك لأنه قد استحق مالا
في ذمة البايع فجاز بيعه كما يجوز بيع ساير الديون أو أن يعوضه عن الدين بالقيمة كما لو قضى الدين من غير جنسه ولما رواه أبان بن عثمان عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع)
في الرجل يسلف الدرهم في الطعام إلى أجل فيحل الطعام فيقول ليس عندي طعام ولكن أنظر ما قيمته فخذ منى ثمنه قال لا بأس بذلك وقد روى علي بن جعفر قال سألته عن
رجل له على رجل آخر تمرا وشعيرا وحنطة أيأخذ قيمته دراهم قال إذا قومه دراهم فسد لان الأصل الذي يشترى به دراهم فلا يصلح دراهم بدراهم قال الشيخ (ره) الذي أفتى
به ما تضمنه هذا الخبر من أنه إذا كان الذي أسلف فيه دراهم لم يجز له أن يبيع عليه بدراهم لأنه يكون قد باع (دراهم صح) بدراهم وربما يكون فيه زيادة ونقصان وذلك ربا ثم تأول الخبر
الأول بأن يكون قد أعطاه في وقت السلف ثمنا غير الدراهم فلا يؤدى ذلك إلى الربا لاختلاف الجنسين لما رواه العيص بن القاسم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل
أسلف رجلا دراهم بحنطة حتى إذا حضر الاجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دواب ورقيقا ومتاعا يحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال نعم يسمى كذا وكذا بكذا و
كذا صاعا والوجه ما اخترناه ولا ربا هنا لان التقدير إنه اشترى متاعا بأخذ النقدين ثم باعه بذلك النقد ومن شرط الربا بيع أحد المتماثلين جنسا بصاحبه مع
التفاضل. البحث الخامس في علم المقدار. مسألة. المبيع إن كان مما يدخله الكيل أو الوزن لم يصح بيعه سلفا إلا بعد ذكر قدره بأحدهما لما رواه العامة
عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم وأجل معلوم ومن طريق الخاصة قال الصادق قال أمير المؤمنين (ع) لا بأس بالسلم كيل معلوم إلى أجل
معلوم ولان السلم يشتمل على نوع غرر فلا يحتمل من الغرر ما لا يحتمله الحال ولو باع الحال جزافا لم يجز ويجب أن يكون المكيال متعارفا عند الناس فلا يجوز تقديره
بإناء معين لأنه قد يهلك فيتعذر معرفة المسلم فيه وهو غرر لا يحتاج إليه ولأنه أيضا مجهول لأنه لا يعلم بذلك قدر المبيع من المكيال المعروف ولا هو مشاهد
وكذا الصبخة إذا عينها فإن كانت الصبخة المشهورة بين العامة جاز لأنها إذا تلفت رجع إلى مثلها وإن كانت مجهولة لم يجز وإن عينه بمكيال رجل معروف وميزانه فإن كان
مكياله وصبخته معروفين جاز وإلا فلا وإذا كان معروفا لم يختص به وكذا لو أسلم في ثوب على صفة خرقة احضرها حال العقد لم يصح لجواز أن تهلك الخرقة فيكون ذلك غررا
لا حاجة به إليه لأنه لا يمكنه أن يضبطه بالصفات الموجودة فيها. مسألة. ليس المراد في الخبر الجمع بين الكيل والوزن بل قد يكون الجمع بينهما مبطلا لعزة الوجود كما
لو أسلم في ثوب ووصفه بالذرع وقال وزنه كذا أو أسلم في مائه صاع حنطة على أن يكون وزنها كذا نعم لو ذكر في الخشب مع الصفات المشروطة الوزن جاز لان الزايد يمكن
تعديله بالنحت لكن المراد الامر بالكيل في الموزونات التي يتأتى فيها الكيل بخلاف أعيان الربا حيث لم يجز بيع بعض المكيلات ببعض في الجنس الواحد وزنا لان المعتبر فيها
555

تساوى الكيل فإذا باعها وزنا ربما تفاضلت كيلا فلم يجز والمراد هنا بالكيل معرفة المقدار والخروج عن الجهالة فبأي شئ قدره جاز فحينئذ يجوز أن يسلف في ما أصله الوزن
كيلا وبالعكس وبه قال الشافعي لما رواه وهب عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام قال لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال وما يكال فيما يوزن ومنع بعض الشافعية
من السلم كيلا في الموزونات أما لو أسلم في فتات المسك والعنبر ونحوهما كيلا لم يصح لان القدر اليسير منه ماليته كثيرة والمكيل لا يعد ضابطا فيه. مسألة. لا يكفي العدد
في المعدودات التي تدخل تحت الوزن كالبطيخ والقثا والرمان والسفرجل والباذنجان والنارنج والبيض بل يجب الوزن ولا يعتبر الكيل لأنها تتجافى في المكيال ولا العدد
لتفاوتهما كبرا وصغرا وإنما اكتفى بالعدد في العيان تعويلا على المشاهدة وتسامحا بخلاف السلم الذي لا مشاهدة فيه وكذا الجوز واللوز لا يجوز السلف فيهما عددا
بل لابد من الوزن وفي الكيل فيهما للشافعية وجهان أحدهما الجواز لعدم تجافيها (في المكيال صح) وكذا الفستق والبندق وقال بعضهم لا يجوز السلم في الجوز واللوز لا كيلا ولا وزنا لاختلاف
قشورهما غلظة ورقة والغرض يختلف باختلافها فامتنع السلف فيها بالوزن أيضا وليس بجيد لان القشور هنا كالثوري في التمر فإنه يختلف صغرا وكبرا ولم يعتبره الشارع كذا
هنا وقال أبو حنيفة يجوز السلم في البيض عددا لان التفاوت فيها يسير وليس بجيد. مسألة. جميع البقول (والخضروات صح) كالقثاء والخيار والبطيخ لا يجوز السلف فيها عددا ولا
كيلا بل يجب الوزن ولا يجوز السلم في البقل جرما لعدم ضبطها ولا يجوز السلم في البطيخة الواحدة والسفرجلة الواحدة إلا مع الوزن فتكون عامة الوجود لا قليلة الوقوع
ولا في عدد منها لأنه يحتاج إلى ذكر حجمها ووزنها وذلك يورث عزة الوجود أما اللبن فيجوز الجمع فيه بين العدد والوزن بل هو الواجب فيقول كذا كذا لبنه ووزن
كل واحدة كذا لأنها تضرب عن اختيار فالجمع فيها بين الوزن والعدد لا يورث عزة الوجود والامر فيه على التقريب دون التجديد. مسألة. لو عين مكيالا غير معتاد
كالكوز فسد العقد وإن كان يعتاد فسد الشرط وصح العقد لان ملاءه مجهول القدر ولان فيه غررا لا حاجة إلى إحتماله فإنه قد يتلف قبل المحل في البيع ولو قال بعتك ملاء
هذا الكوز من هذه الصبرة بطل مع جهالة قدر ملا الكوز وللشافعية وجهان أصحهما الصحة أما لو عين في البيع والسلم مكيالا معتادا فإنه يصح البيع ويلغوا الشرط كساير الشروط
التي لا غرض فيها وهو أصح وجهي الشافعية والثاني يفسد لتعرضه للتلف وهل السلم الحال على تقديره جوازه كالمؤجل أو كالبيع للشافعي وجهان أحدهما إنه كالمؤجل لان
الشافعي قال لو أصدقها ملاء هذه الجرة خلا لم يصح لأنها قد تنكسر فلا يمكنه التسليم كذا هنا ولو قال أسلمت إليك في ثوب كهذا الثوب أو في مائة صاع كهذه الحنطة
لم يصح لامكان التلف الثوب المحال عليه أو الحنطة وهو أحد قولي الشافعية وفي الثاني يصح ويقوم مقام الوصف ولو أسلم في ثوب ووصفه بصفات السلم ثم أسلم في آخر بتلك
الصفة جاز. مسألة. يجوز السلم في المذروع كالثياب والحبال وشبهها لان ضبطها بذلك ولا يجوز في القصب إطنانا ولا الحطب خرما ولا الماء قربا ولا المخروز خرزا لاختلافها
وعدم ضبطها بالصغر والكبر ولو ضبط بالوزن جاز لان جابرا سأل الباقر عن السلف في روايا الماء فقالت لا تبعها فإنه يعطيك مرة ناقصة ومرة كاملة ولكن اشتر معاينة
وهو أسلم لك وله. مسألة. وكما يجب العلم في المبيع بالقدر والوصف وكذا يجب في الثمن فيقول إن كان الثمن في الذمة لم يعينه المتعاقدان فلابد من ضبط صفته و
قدره كما يضبط صفة المسلم فيه إلا أن يكون من الأثمان فيكفي إطلاقه إذا كان في البلد نقد غالب واحد ويجوز أن يكون رأس المال موصوفا في الذمة ويعيناه في المجلس قبل
التفرق فيجرى مجرى ذلك تعيينه حال العقد وإن كان الثمن معينا حالة العقد فإن كان مشاهدا كفت الرؤية عن وصفه وإن لم يكن مشاهدا فلابد من وصفه بما يرفع الجهالة وبه
قال مالك واحمد والشافعي في أحد القولين وأبو إسحاق المروزي لان عقد السلم منتظر مترقب لا يمكن إتمامه في الحال وإنما هو موقوف على وجود المسلم فيه عند المحل لا يؤمن انفساخه
فوجب معرفة رأس المال فيه ليؤديه له كما في القرض وعقد الشركة والقول الثاني للشافعي لا يجب تعيينه وضبطه بالوصف وهو اختيار المزني وقال أبو حنيفة إن كان رأس
المال مكيلا أو موزونا وجب ضبط صفاته وإن كان مذروعا أو معدودا لم يجب ضبط صفاته لان المكيل والموزون يتعلق العقد بقدره بدليل إنه لو باع صبرة
على أنها عشرة أقفزة فبانت أحد عشر كان له أن يأخذ عشرة ويرد الباقي ولو اشترى ثوبا على إنه عشرة أذرع فبأن أحد عشر ذراعا تخير البايع إن شاء سلم الكل وإن شاء
فسخ لأن العقد تعلق بعينه واحتج الشافعي على عدم الحاجة إلى الوصف بأنه عوض مشاهد فاستغنى بمشاهدته عن معرفة قدره كبيوع الأعيان وكما لو كان مذروعا
أو معدودا ولا يلزم أعيان الربا لأنه لا يحتاج إلى معرفة القدر وإنما يحتاج إلى معرفة التساوي فيها والجواب عما قاله أبو حنيفة إنه خطأ لان المكيل والموزون يجوز أن يكون
جزافا في البيع والصداق فلو تعلق بقدره لم يجز وما استشهد به فإنما كان كذلك لان المكيل والموزون ينتقض ولا ضرر فيه والثوب ينتقض بقطعه فلهذا اختلفا لا لما
ذكره وما قاله الشافعي ضعيف لأنا نمنع الاكتفاء بالمشاهدة عن معرفة القدر في بيع الأعيان بخلاف المذروع فإنه غير واجب العلم بقدر الذرع وكذا العدد إذا ثبت
ما قلناه فلابد من ضبط صفات الثمن فما لا يضبط بالوصف مثل الجواهر والاخلاط لا يجوز أن يكون رأس مال السلم وإما يجوز أن يكون رأس المال ما جاز أن يسلم فيه
هذا إذا لم يكن مشاهدا وأما إذا كان مشاهدا فلا حاجة إلى الوصف بل يجب معرفة القدر سواء كان مثليا أو لا وبالجملة كلما جاز أن يكون ثمنا جاز أن يكون رأس مال
السلم فإن لم يعرف صفاته عينه فإن انفسخ السلم فيه رد رأس المال إن كان موجودا ومثله إن كان مفقودا وله مثل وإن لم يكن له رد مثل قيمته ولو اختلفا في قدره
أو قيمته فالقول قول المسلم إليه لأنه غارم. مسألة. لو كان رأس المال مقبوضا وضبطت صفاته بالمعاينة لم يشترط معرفة قيمته كثوب بعض صفاته مشاهدة وجارية
موصوفة وهو قول أكثر الشافعية وقال بعضهم فيه قولان ولا فرق بين السلم الحال والمؤجل وبعض الشافعية خص القولين بالسلم المؤجل وقطع في الحال بالاكتفاء بالمعاينة فيه
وموضع القولين لهم ما إذا تفرقا قبل العلم بالقدر والقيمة أما إذا علما ثم تفرقا فلا خلاف في الصحة وليس بجيد عندنا بل القدر (يجب صح) أن يكون معلوما حالة العقد وبنى كثير من
الشافعية على هذين القولين إنه هل يجوز أن يجعل رأس مال السلم مالا يجوز السلم فيه إن قلنا بالأصح جاز وإلا فلا وإذا كان رأس المال جزافا عنده واتفق الفسخ وتنازعا في القدر
كان القول قول المسلم إليه لأنه غارم. البحث السادس قبض الثمن. مسألة. يشترط في السلم قبض الثمن في المجلس فلا يجوز التفرق قبله فإن تفرقا قبل القبض بطل
السلم عند علمائنا أجمع وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد لأنه عقد لا يجوز فيه شرط تأخير عوض المطلق فلا يجوز فيه التفرق قبل القبض كالصرف ولان المسلم فيه دين في الذمة
ولو أخر تسليم رأس المال عن المجلس لكان ذلك في معنى (بيع صح) الكالي بالكالي لان تأخير التسليم ينزل منزلة الدينية والصرف وغيره ولان الغرر في المسلم فيه احتمل للحاجة فجبر ذلك بتأكيد
العوض الثاني بالتعجيل لئلا يعظم الغرر في الطرفين وقال مالك يجوز أن يتأخر قبضه يومين وثلاثة وأكثر ما لم يكن يشترط أو يطول المدة لأنه معاوضة لا يخرج بتأخير قبضه
من أن يكون سلما فوجب أن لا يفسده كما لو أخره وهما في المجلس والفرق ظاهر بين المفارقة قبل القبض في المجلس وفيه كالصرف. مسألة. لو قبض بعض الثمن في المجلس ثم تفارقا قبل
قبض الباقي بطل السلم فيما لم يقبض كالصرف وسقط بقسطه من المسلم فيه والحكم في المقبوض كما لو اشترى شيئين فتلف أحدهما قبل القبض ولو جاء المشترى ببعض الثمن في
المجلس كان للبايع الامتناع من قبضه للتغيب بالتشقيص بخلاف الدين فإن الديون لو دفع بعض الدين وجب على صاحب الدين قبضه ولو كان رأس المال منفعة عبد
556

أو دار مدة معينة صح وكان تسليم تلك المنفعة بتسليم العين. مسألة. لا يشترط تعيين الثمن عند العقد فلو قال أسلمت إليك دينارا في ذمتي في كذا ثم عين وسلم في المجلس جاز
وكذا في الصرف لو باع دينارا بدينار أو بدراهم في الذمة ثم عين وسلم في المجلس جاز وهذا إذا كان الدينار المطلق منصرف إلى نقد معلوم أما لو تعدد وجب تعيينه ولو أسلم
طعام بطعام في الذمة ثم عين وسلم في المجلس فإن وصفه بما يرفع الجهالة جاز وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان الوصف فيه يطول بخلاف الصرف فإن الامر في النقود أهون
ولهذا يكفي فيها الاطلاق ولا يكفي في العروض والثاني الجواز ويصفه كما يصف المسلم فيه وهذا أظهر عند الشافعية. مسألة. ولا يشترط استمرار قبض الثمن فلو سلمه
المشترى إلى البايع ثم رده البايع إليه وديعة قبل التفرق جاز بلا خلاف ولو رده عليه بدين كان له عليه قبل التفرق صح لأنه قد ملكه بالعقد واستقر ملكه بالقبض وقال بعض
الشافعية لا يصح لأنه تصرف فيه قبل التزام ملكه فإذا تفرقا صح السلم لحصول القبض والتزام الملك ويستأنف إقباضه للدين وليس بشئ ولو كان له في ذمة غيره دراهم فقال (أسلمت صح)
إليك الدراهم التي في ذمتك في كذا صح لأنه مقبوض في ذمة صاحبه على إكال وقال بعض الشافعية إن شرط الاجل فهو باطل لأنه بيع الدين بالدين وإن كان حالا ولم يسلم المسلم فيه
قبل التفرق فكذلك وإن احضره وسلم فوجهان الصحة كما لو صالح من تلك الدراهم على دينار وسلمه في المجلس وأظهرهما المنع لان قبض السلم فيه ليس بشرط أما لو لم يعين الثمن
من المال الذي عليه ثم حاسبه بعد العقد من دينه عليه جاز قطعا ولو كان السلم حالا فلو وجد لكان متبرعا به وأحكام البيع لا تبنى على التبرعات أفلا ترى أنه لو باع طعاما
بطعام إلى أجل ثم تبرعا بالاحضار لم يجز وأطلق بعض الشافعية الوجهين في أن تسليم المسلم إليه في المجلس وهو حال هل يغنى عن تسليم رأس المال والأظهر عندهم المنع. مسألة
لو أحال المشترى البايع بالثمن على غيره فقبل المحال عليه وقبضه البايع منه في المجلس صح لحصول القبض في المجلس وقال بعض الشافعية لا يصح سواء قبضه البايع في المجلس أو لا
لأنه بالحوالة يتحول الحق إلى ذمة المحال عليه فهو يؤديه من جهة نفسه لا من جهة المسلم ولو قبضه المشترى وسلم إلى البايع جاز ولو قال البايع للمحال عليه سلمه إليه ففعل لم يكف
في صحة السلم عندهم لان الانسان في إزالة ملكه لا يصير وكيلا للغير لكن يجعل البايع وكيلا غير المشترى في ذلك قبض ثم السلم يقتضى قبضا ولا يمكنه أن يقبض من نفسه والوجه
ما قلناه أما لو لم يقبض البايع في المجلس فالأقوى بطلان السلم لعدم القبض في المجلس الذي هو شرط صحة
السلم ويحتمل الصحة لان الحوالة كالقبض ولو أحال البايع برأس المال
على المشترى فتفرقا قبل التسليم احتمل البطلان وإن جعلنا الحوالة قبضا وهو قول بعض الشافعية لان المعتبر في السلم القبض الحقيقي والصحة لان الحوالة كالقبض ولو
أحضر المشترى رأس المال فقال البايع سلمه إليه ففعل صح ويكون المحتال وكيلا عن البايع في القبض ولو كان رأس المال دراهم في الذمة فصالح عنها على مال فالأقرب عندي
الصحة وقال بعض الشافعية لا يصح وإن قبض ما صالح عليه ولو كان الثمن عبدا فاعتقه البايع قبل القبض صح وقال بعض الشافعية لا يصح إن لم يصح اعتاق المشترى قبل القبض
وإن صححناه فوجهان ووجه الفرق إنه لو نفذ لصار قابضا من طريق الحكم وإنه غير كاف في السلم بدليل الحوالة فعلى هذا إن تفرقا قبل قبضه بطل العقد وإن تفرقا بعده صح
وفي نفوذ العتق وجهان. مسألة. إذا انفسخ السلم بسبب وكان رأس المال معينا في ابتداء العقد وهو باق رجع المشترى إليه وإن كان تالفا رجع إلى بدله إما المثل
إن كان مثليا أو القيمة إن لم يكن (وإن كان صح) موصوفا في الذمة ثم عجل في المجلس وهو باق فهل له المطالبة بعينه أم للبايع الاتيان ببدله الأقرب الأول لان المعين في المجلس كالمعين في
العقد ويحتمل الثاني لأن العقد لم يتناول تلك العين وللشافعية وجهان كهذين. تذنيب لو وجدنا رأس المال في يد البايع واختلفا فقال المشترى أقبضته
بعد التفرق وقال البايع بل قبله قدم قول البايع تمسكا بصحة البيع والقبض ولو أقاما بينة قال بعض الشافعية بينة المسلم إيه أولي لأنها ناقلة وعندي فيه نظر
لان القول قوله فالبينة بينة الاخر. مسألة. لو وجد رأس المال معيبا فإن كان معينا وكان من غير الجنس بطل السلم وإن لم يكن معينا فإن تقابضا الصحيح في المجلس قبل التفرق
صح السلم وإلا بطل وإن كان من الجنس فالأقرب الصحة إن افترقا بعد الابدال ولو تفرقا قبله بطل العقد على إشكال أقربه الصحة ولو أسلم مائه في حنطة ومثلها في شعير ثم دفع
مائتين قبل التفرق فوجد بعدها زيوفا من غير الجنس وزع بالنسبة وبطل من كل جنس بنسبة حصة من الزيوف. مسألة. لو شرط تعجيل نصف الثمن وتأخير الباقي
لم يصح السلم مطلقا أما في غير المقبوض فلانتفاء القبض الذي هو شرط صحة السلم وأما المقبوض فلزيادته على المؤجل فيستدعى أن يكون في مقابلته أكثر مما في مقابلة
المؤجل والزيادة مجهولة. النظر الثالث في الاحكام. مسألة. قال الشيخ لابد من ذكر موضع التسليم وإن كان في حمله مؤنة فلابد من ذكره أيضا والشافعية قالوا
السلم إما حال أو مؤجل أما الحال فلا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم كالبيع ويتعين مكان العقد لكن لو عين موضعا آخر جاز بخلاف البيع عنده لان السلم يقبل التأجيل
فيقبل شرطا يتضمن تأخير السلم بالاحضار والأعيان لا يحتمل التأجيل فلا يحتمل شرطا يتضمن تأخير التسليم وحكم الثمن في الذمة حكم المسلم فيه وإن كان معينا فهو كالمبيع
وعندنا لو شرط تعيين المكان في الأعيان جاز ولا يريد بمكان العقد ذلك الموضع بعينه بل تلك المحلة إلا مع الشرط وإن كان السلم مؤجلا فعن الشافعي اختلاف في أنه هل يجب
تعيين مكان التسليم فيه وقد انقسم أصحابه إلى نفاة الخلاف ومثبتيه أما النفاة فعن بعضهم أنه إن جرى العقد في موضع يصلح للتسليم فيه فلا حاجة إلى التعيين وإن
جرى في موضع غير صالح فلابد من التعيين وحمل قولي الشافعي على الحالين وقال آخرون إن المسلم فيه إن كان لحمله مؤنة وجب التعيين وإلا فلا وحمل القولين على الحالين
وبهذا قال أبو حنيفة وأما المثبتون فلهم طرق أحدها أن المسألة على قولين مطلقا والثاني أنه إن لم يكن الموضع صالحا وجب التعيين لا محالة وإن كان صالحا فقولان
والثالث أنه إن لم يكن لحمله مؤنة فلا حاجة إلى التعيين وإن كان له مؤنة فقولان والرابع إن كان لحمله مؤنة فلابد من التعيين وإلا فقولان وهذا أصح عند بعضهم
ووجه اشتراط التعيين إن الأغراض يتفاوت بتفاوت الأمكنة فلابد من التعيين قطعا للنزاع كما لو باع بدراهم وتعددت نقود البلد ووجه عدم الاشتراط
وبه قال احمد القياس على المبيع فإنه لا حاجة فيه إلى تعيين مكان التسليم ووجه الفرق بين الموضع الصالح وغيره إطراد العرف بالتسليم في الموضع الصالح واختلاف
الأغراض في غيره ووجه الفرق بين ما لحمله مؤنة وغيره قريب من ذلك وفتوى الشافعية من هذا كله على وجوب التعيين إذا لم يكن الموضع صالحا إن كان لحمله مؤنة
وعدم الاشتراط في غير هاتين الحالتين وهو عندي أقرب وإذا شرطنا التعيين فلو لم يعين فسد العقد وإن لم يشترط فإن عين تعين وعن أحمد رواية إن هذا
الشرط يفسد السلم وإن لم يعين حمل على مكان العقد وقال بعض الشافعية إذا لم يكن في حمله مؤنة يسلمه في أي موضع صالح ولو عين موضعا للتسليم فخرب وخرج عن
صلاحية التسليم احتمل تعيين ذلك الموضع عملا بالشرط ويحتمل أقرب موضع صالح وتخيير المشترى وللشافعية أقوال ثلاثة كالاحتمالات فقد ظهر إن موضع
العقد إن أمكن فيه التسليم لم يجب شرطه وإلا وجب كما لو كانا في مفازة عند بعض الشافعية (قال بعضهم صح) وفيه قولان الوجوب وعدمه والأول أولي عندهم وقال بعضهم إن كان
لحمله مؤنة وجب ذكر الموضع وإلا فلا وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا يجب ذكر موضع التسليم وقال احمد لا يجب وإن ذكره ففي فساد السلم روايتان إحديهما
الفساد لأنه شرط ما لا يقتضيه الاطلاق وفيه غرر لأنه ربما تعذر تسليمه في ذلك المكان فأشبه ما إذا شرط مكيالا بعينه أو نخلة بعينها وهو غلط لان القبض
557

يجب في هذه الحال فانصرف إليها وكونه غررا غلط ولو كان تعيين المكان غررا في العقد لكان تعليقه بزمان غررا إلا أن يكون موضعا لا يمكن فيه التسليم فإنه لا يجوز و
يحتمل قويا إنه لا يشترط موضع التسليم وإن كان في جملة مؤنة فإن شرطاه تعين ولو اتفقا على التسليم في غيره جاز ومع الاطلاق ينصرف وجوب التسليم إلى موضع العقد
ولو كانا في بلد غربة أو برية وقصدهما مفارقته قبل الحلول فالأقرب وجوب تعيين المكان. مسألة. يجوز أخذ الرهن على المسلم فيه وكذا الضامن ولا نعلم فيه خلافا
قال الله " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين " إلى اخر الآية الثانية وروى العامة عن ابن عباس وابن عمر إنهما قالا لا بأس بالرهن والحميل ومن طريق الخاصة رواية محمد بن مسلم
الصحيحة عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن السلم في الحيوان وفي الطعام ويؤخذ الرهن قال نعم استوثق من مالك ما استطعت قال وسألته عن الرهن الكفيل في بيع
النسية فقال لا بأس به ولأنه دين واجب مستقر في الذمة فجاز أخذ الرهن والضمين به كالثمن. مسألة. لا يجوز السلف في ثوب يشترط أن يكون من غزل امرأة بعينها أو نسج
شخص بعينه ولا في الثمرة بشرط أن تكون من نخلة معينة أو بستان بعينه أو في زرع بشرط أن يكون من أرض معينة أو قرية صغيرة وبه قال الشافعي لتطرق الموت إلى تلك المرأة
أو النساج المعين أو تعذر غزلها ونسجه وقد يصيب تلك النخلة أو البستان الجايحة فتنقطع الثمرة وكذا الغلة فقد يصيب تلك الأرض المعينة أو القرية الصغيرة آفة
لا يخرج الزرع تلك السنة فأذن في التعيين غرر لا ضرورة إلى إحتماله ولان التعيين ينافي المدينية من حيث إنه يصير محال التسليم (التحصيل) والمسلم فيه ينبغي أن يكون دينا مرسلا في
المدينية ليستيسر أداؤه أما لو أسلم في ثمرة ناحية أو قرية كبيرة فإن أفاد أمرا زايدا كمعقلي البصرة ومعقلي بغداد فإنهما صف واحد لكن ذكر كل واحد منهما يمتاز عن الآخر.
بصفات وخواص فالإضافة إليها تفيد فايدة الأوصاف ويكون الشرط لازما وإن لم يفد أمرا زايدا احتمل عدم الالتفات إليه كتعيين المكيال لخلوه عن الفائدة و
الصحة لأنه لا ينقطع غالبا ولا يتضيق به المحال وكلاهما للشافعية وأصحهما عندهم الثاني وهو الأقوى عندي إذا تقرر هذا فإذا نسب القلة إلى قرية عظيمة ببعد الحيلولة
فيها فاتفق كان بحكم انقطاع المسلم فيه يتخير المشترى بين الصبر والفسخ وفي رواية زرارة الصحيحة عن الباقر (ع) قال سألته عن رجل اشترى طعام قرية بعينها فقال لا بأس إن
خرج فهو له وإن لم يخرج كان دينا عليه. مسألة. قد بينا إنه يجب اشتراط الجودة والرداءة في كل ما يسلم فيه لان القيمة والاغراض تختلف بهما وهو أحد قولي
الشافعية والقول الثاني لا يحتاج إليه ويحمل المطلق على الجيد وهو محتمل عندي وعلى كل تقدير إذا اشترطت الجودة أو قلنا ينزل عليها المطلق ينزل على أقل مراتب
الدرجات كغيرها من الصفات فإذا شرط الكتابة كفى أقل درجاتها وكذا الخياطة وشبهها لان المراتب لا نهاية لها فاكتفى بأقل المراتب لأصالة البراءة عما زاد ولو شرط
الرداءة وجاز ويكتفى فيها (بأي) كان من أنواعها وقال كثير من الشافعية إن شرطا رداءة النوع جاز لانضباطه وإن شرطا رداءة العين أو الصفة لم يجز لأنها لا تنضبط
وما من ردئ إلا وهناك خير منه وإن كان رديا فيفضى إلى النزاع واعلم أن نوع المسلم فيه لابد من التعرض له فإن لم ينص عن النوع وتعرض للردى تعريفا للنوع قالت الشافعية
فذلك محتمل لا محالة وإن نص على النوع فذكر الرداءة حشو وأما رداءة الصفة فقال كثير منهم بجواز اشتراطه لانهم ذكروها في مقابلة الجودة ولا شك انهم لم يريدوا بها
جودة النوع. مسألة الصفات المشترطة إن كانت مشهورة عند الناس فلا بحث وإن لم تكن مشهورة إما لغرابة الألفاظ المستعملة فيها أو لغيرها فلابد من معرفة
المتعاقدين بها وإن جهلاها أو أحدهما لم يصح العقد وهل يكفي معرفتهما إشكال ينشأ من أنه لابد من أن يعرفها غيرها ليرجعا إليه عند التنازع ومن أنه عقد على معلوم عند
المتعاقدين فكان جايزا كالمقدار وإن جهله غيرهما فإن شرطنا معرفة الغير اكتفى بمعرفة عدلين ولا يفتقر إلى الاستفاضة وللشافعية قولان الاكتفاء بالعدلين واشتراط الاستفاضة
وكذا يجرى الوجهان فيما إذا لم يعرف المكيال المذكور إلا عدلان. مسألة. إذا دفع البايع من غير الجنس كما إذا باع تمرا فدفع زبيبا أو أسلم في ثوب كتان فدفع ثوب قطن لم يجب
على المشترى قبوله إجماعا لأنه غير ما شرطه فإن تراضيا عليه جاز للأصل ولقوله (ع) الصلح جايز بين المسلمين إلا ما حرم حلالا وحلل حراما وقال الشافعي لا يجوز لأنه
اعتياض وذلك غير جايز في السلم وهو مصادرة على المطلوب ويؤيده ما رواه العيص بن القاسم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن رجل أسلف رجلا دراهم بحنطة
حتى إذا حضر الاجل لم يكن عنده طعام ووجد عنده دواب أو رقيقا أو متاعا يحل له أن يأخذ من عروضه تلك بطعامه قال نعم يسمى كذا وكذا بكذا وكذا صاعا أما إن
دفع من الجنس لكنه أجود مما شرط وجب قبوله ولم يكن حراما لما رواه سليمان بن خالد سأل الصادق (ع) عن رجل يسلم في وصف أسنان معلوم ولون معلوم ثم يعطى فوق شرطه
فقال إذا كان على طيبة نفس منك ومنه فلا بأس به ولو كان أكثر لم يجب القبول لما فيه من المنة ولو جاء بالثوب المسلم فيه أجود مما شرط فأعطاه عوض الجودة شيئا جاز وبه قال
أبو حنيفة لأنه أخذ عوضا عن الزيادة فأشبه ما لو أسلم في عشرة أذرع فجاءه بأحد عشر ذراعا ولأنها معاوضة على شئ سايغ بشئ مملوك فكان جايزا كغيرها (من المعاوضات صح) وقال الشافعي
لا يجوز لان الجودة صفة فلا يجوز افرادها بالعقد كما لو كان مكيلا أو موزونا بخلاف الذرع لأنه عين وليس بصفة ويمنع من جواز افرادها والأصل فيه إن هذا نوع من
الصلح وليس بيعا حقيقيا فلم يكن به بأس وإن دفع أدون في الوصف مما عليه لم يجب قبوله لكن لو رضي به جاز لأنه نوع إسقاط لما وجب له ولما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال سألته
عن السلم في الحيوان قال ليس به بأس قلت أرأيت إن أسلم في أسنان معلومة أو شئ معلوم من الرقيق فأعطاه دون شرطه وفوقه بطيب نفس منهم فقال لا بأس به وبه قال
الشافعي ولو دفع عوضا عن الرداءة فالأقرب الجواز كما في طرف الجودة وأما إن جاء (بنوع صح) آخر كما إذا أسلم في الزبيب الأبيض فجاء بالأسود فالأقرب الجواز لأنه من جنسه والمخالفة في
الوصف لا غير بشرط أن يتراضيا عليه وللشافعي قولان أحدهما المنع لأنه يكون اعتياضا وهو ممنوع وللشافعي في قبول الأجود في الوصف مع إتحاد الجنس قولان أحدهما
المنع لما فيه من المنة وأصحهما الجواز كما قلناه لان إتيانه به يشعر بأنه لا يجد سبيلا إلى إبراء ذمته بغير ذلك وهو يهون أمر المنة ولو اختلف النوع كما لو أسلم في المعقلي فجاء بالبرني
أو في الزبيب الأبيض فجاء بالأسود وفي الثوب الهروي فجاء بالمروى لم يجب على المسلم قبوله لاختلاف الأغراض باختلاف الأنواع وقال بعض الشافعية يجب القبول والحق الأول
فإن قبله جاز وهو أحد قولي الشافعي كما لو اختلفت الصفة والثاني لا يجوز كما لو اختلف الجنس وامتناعه باطل عندنا وللشافعية اختلاف في أن التفاوت بين التركي والهندي
من العبيد تفاوت جنس أو تفاوت نوع والصحيح عندهم الثاني ومن أن التفاوت بين الرطب والتمر وبين ما يسقى بماء السماء وما يسقى بغيره تفاوت نوع أو صفة والأشبه الأول
تذنيب لو دفع الارداء أزيد من الحق فإن لم يكن ربويا جاز وإن كان ربويا وكانت المعاوضة على سبيل البيع لم يجز لأنه ربا وإن لم يكن على سبيل البيع فالأقرب عندي الجواز
مسألة. للمشترى سلما أخذ الحنطة خالية من التبن وغيره من الزايد على العادة من التراب وأخذ التمر جافا ولا يجب تناهى جفافه لأنا قد بينا إن الواجب أقل ما يطلق عليه الاسم
ويجب تسليم الرطب صحيحا غير مشدخ ولا يجوز قبض المكيل والموزون جزافا فإن تراضيا به فالأقوى عندي الجواز وللمشتري ملء المكيال وما يحتمله ولا يكون ممسوحا
ولا يدقه ولا يهزه ولا يزلزل المكيال ولا يوضع الكف على جوانبه وليس له قبض المكيل بالوزن ولا بالعكس إلا بالتراضي. مسألة. ليس للمشترى المطالبة بالمسلم فيه قبل المحل
إجماعا وإلا لبطل فايدة التأجيل ولو أدى المسلم إليه قبل المحل لم يجب على المشترى قبوله سواء كان له في الامتناع غرض كما إذا كان وقت تهب أو كان المسلم فيه حيوانا يحذر
558

من علفها إن كان ثمرة أو لحما يريد أكله عند المحل طريا أو كان مما يحتاج إلى مكان له مؤنة كالحنطة والقطن أو لم يكن له غرض في الامتناع سواء كان للمؤدى غرض سوى براءة
الذمة كما لو كان به رهن يريد فكاكه أو ضامن يريد براءته أولا لان التعجيل كالتبرع بالزيادة فلا يكلف تقليد المنة وقال الشافعي إن كان له في الامتناع غرض كالخوف من النهب
أو تكلف مؤنة الحيوان أو أجرة الدار وعدم الطراوة لم يجبر على القبول لتضرره وإن لم يكن له غرض في الامتناع فإن كان للمؤدى غرض سوى براءة الذمة أجبر على القبول
كالمكاتب يعجل النجوم ليعتق فإنه يجبر السيد على قبولها وهل يلتحق بهذه الاعذار خوفه من انقطاع الجنس قبل الحلول وجهان أحدهما إنه يلحق لما في التأخير من خطر
انفساخ العقد أو ثبوت حق الفسخ وإن لم يكن للمؤدى غرض سوى البراءة فقولان أحدهما إنه لا يجبر المستحق
على القبول وأصحهما إنه يجبر لان براءة الذمة غرض ظاهر وليس
للمستحق غرض في الامتناع فيمنع من التعنت وإن تقابل غرض الممتنع والمؤدى فطريقان أحدهما إنه يتساقطان ويجرى القولان وأصحهما ان المراعى جانب المستحق و
بعضهم طرد القولين فيما إذا كان للمعجل غرض في التعجيل ولم يكن في الممتنع غرض في الامتناع وهو غريب وبعضهم راعى جانب المؤدى أو لا فقال إن كان له غرض (في التعجيل يجبر الممتنع على القبول وإلا فإن كان له غرض صح) في الامتناع
فلا يجبر وإلا فقولان وهذا كله ساقط عندنا وحكم ساير الديون المؤجلة حكم المسلم فيه. مسألة. كل من عليه حق مالي حال أو مؤجل وقد حل إذا دفعه إلى صاحبه
وجب عليه قبوله مطلقا لان له غرضا في إبراء ذمته وقالت الشافعية إن كان للمعجل غرض سوى البراءة أجبر على القبول وإلا فطريقان أحدهما إنه على قولين
أحدهما عدم الاجبار لان الحق له فله أن يؤخره إلى متى شاء وإلا صح إنه يجبر على القبول فحينئذ لو أصر على الامتناع أخذه الحاكم وحفظه له فإن تلف (كان من المالك أما لو دفعه إليه قبل وقته فإنه لا يجب القبول فإن تلف صح) قبل تسليمه كان من مال
الدافع ولو عين البايع المسلم فيه في مشخص أو المديون الدين في مال بعينه ودفعه إلى صاحبه فامتنع من قبوله فتلف فإن تعذر الحاكم فهو تالف من صاحب الدين
والمسلم وإن أمكن الوصول إلى الحاكم فالأقرب إنه من مال الدافع لان التعيين يتم بقبض الحاكم مع احتمال الاكتفاء بتعيينه فحينئذ يكون من مال صاحبه أيضا ويبرء الدافع
مسألة. إذا تعين موضع التسليم بمطلق العقد إذا قلنا يتعين به في موضع العقد أو يتعين بالشرط وجب التسليم فيه فإن جاءه في غير موضعه لم يجبر على أخذه لأنه يفوت
عليه غرضه في ذلك الموضع ولو بذل له أجرة حمله إلى ذلك الموضع لم يلزمه قبوله لكن يجوز له أخذه وقال الشافعي لا يجوز لان بذل العوض في المسلم فيه لا يجوز وكذا في تسليمه
في موضع دون موضع والملازمة ممنوعة فإن جعله نايبا عنه في جمله لم يكن قابضا وكان للمسلم إليه واحتاج إلى أن يسلمه إليه إذا حصل في الموضع المستحق ولو ظفر المسلم
به في غير ذلك المكان فإن كان لنقله مؤنة لم يطالب به وهل يطالب بالقيمة للحيلولة وللشافعية وجهان أحدهما المنع لان أخذ العوض عن المسلم فيه قبل القبض غير جايز
والثاني (نعم صح) لوقوع الحيلولة بينه وبين حقه فإن قلنا بالأول فللمسلم الفسخ واسترداد رأس ماله كما لو انقطع المسلم فيه وإن لم يكن لنقله مؤنة كالدراهم والدنانير فله
مطالبته به على أحد القولين للشافعية أما لو ظفر المالك بالغاصب في غير مكان الغصب والاتلاف فله أن يطالبه بالمثل وقال أكثر الشافعية له أن يطالبه بالقيمة لا غير
وهذه القيمة المأخوذة عن السلم ليست عوضا أن يبقى استحقاق المطالبة بحاله حتى إذا عاد إلى مكان التسليم يطالبه به ويرد القيمة ولو جاء المسلم إليه بالمسلم فيه في غير مكان
التسليم المشترط أو الثابت بمطلق العقد وأبى المستحق قبوله فقد قلنا إنه لا يجبر على قبوله سواء كان لنقله مؤنة أو لم يكن أو كان الموضع مخوفا أو لا وللشافعية وجهان فيما إذا
لم يكن لنقله مؤنة أو لم يكن مخوفا وجهان بناء على القولين في التعجيل قبل المحل فإن رضي واحد لم يكن له أن يكلفه مؤنة النقل. مسألة. إذا قبض المسلم المسلم فيه ثم وجدته
عيبا كان له أن يرضى به وله أن يرده فإذا رده انفسخ القبض وكان له المطالبة بما لا عيب فيه وإن رضي به لزمه وإن حدث عنده عيب قبل الرد لم يكن له أن يرد ورجع
بأرش العيب وبه قال الشافعي لأنه عوض يجوز رده بالعيب فإذا سقط بحدوث عيب آخر ثبت الرجوع بالأرش كبيوع الأعيان وقال أبو حنيفة لا يرجع بالأرش لان الرجوع
بالأرش أخذ عوض الجزء الفايت وبيع المسلم فيه قبل القبض لا يجوز وهو غلط لان بيع المعين قبل القبض لا يجوز وقد جاز أخذ الأرش ولان ذلك فسخ العقد في
الجزء الفايت وليس بيع ولهذا يكون بحسب الثمن المسمى في العقد فأما إذا وجد العيب في رأس المال بعد التفرق فالحكم فيه كما سبق في المتصارفين إذا وجد أحدهما
بما صار إليه عيبا وقد سبق. تذنيب إذا ضمن المسلم فيه ضامن فصالحه المسلم عنه لم يجز لأنه بيع المسلم فيه قبل القبض هذا عند الشافعي وعندنا الصلح
عقد مستقل قائم بنفسه ليس بيعا فلا يجب مساواته له في أحكامه قال فإن صالح المسلم المسلم إليه لم يجز إلا أن يصالحه على رأس المال بعينه فيكون فسخا للعقد
ويصح والوجه عندي جواز الأول أيضا. مسألة. إذا تقايلا السلم وجب رد رأس المال إن كان باقيا بعينه وإن كان تالفا رد مثله إن كان مثليا وإلا فالقيمة
فإن تراضيا أن يدفع إليه بدله مع بقائه جاز أن يدفع العوض وهل يجب تعيينه في المجلس الأقرب عدم الوجوب وقال الشافعي يجب فإن كان رأس المال من جنس الأثمان
والعوض منه أيضا وجب القبض في المجلس عند الشافعي والأقرب إنه لا يجب لأنه ليس بيعا فلا يجب فيه ما يجب في الصرف وإن كان أحدهما من غير جنس الأثمان لم يجب القبض في المجلس
لأنه ليس بيعا وإن كان فهو بيع عوض معين من غير جنس الأثمان بثمن في الذمة فجاز فيه التفرق قبل القبض كما لو باع سلعة بثمن وهو أحد قولي الشافعي والثاني يجب
لأنه لو تفرقا قبل القبض كان الثمن والمثمن مضمونين على البايع ولان المبيع في الذمة فإذا كان المبيع في الذمة وجب قبض الثمن في المجلس كما يجب قبض رأس مال السلم في المجلس
وقال أبو حنيفة لا يجوز أن يأخذ عوضه استحسانا فلو كان السلم فاسدا جاز أخذ عوض رأس المال لقوله (ع) من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره لأنه مضمون على المسلم
إليه بعقد السلم فلا يجوز له أن يدفع عوضه كالمسلم فيه واحتج الشافعي بأنه مال عاد إليه بفسخ العقد فجاز أن يأخذ عوضه كالثمن في بيع الأعيان إذا فسخ والمسلم فيه مضمون
على المسلم إليه بالعقد وهذا بعد فسخ العقد فهو بمنزلة الثمن الذي ذكرناه والمراد بالخبر المسلم فيه وذلك إجماع. مسألة. لا يجوز بيع السلف قبل حلوله و
يجوز بعده قبل القبض على الغريم وغيره على الكراهية ويجوز بيع بعضه وتوليته وتولية بعضه والشركة فيه وبه قال مالك وقد تقدم أكثر ذلك لان العامة رووا عن
النبي (ص) إنه نهى عن بيع الطعام قبل قبضه ورخص في الشركة والتولية ومن طريق الخاصة أن معاوية بن وهب سأل الصادق (ع) عن الرجل يبيع البيع قبل
أن يقبضه فقال ما لم يكن كيل أو وزن فلا يبيعه حتى يكيله أو يزنه إلا أن يوليه الذي قام عليه ولأنهما يختصان بالثمن فأشبها الإقالة وقال الشافعي لا يجوز للمسلم
أن يشرك غيره وفي المسلم فيه فيقول له شاركني في نصفه بنصف الثمن ولا أن يوليه فيقول ولني جميعه بجميع الثمن أو نصفه بنصف الثمن لأنها معاوضة في المسلم فيه
قبل قبضه فلم يجز كما لو كانت بلفظ البيع والملازمة ممنوعة. مسألة. يجوز أن يسلف في شئ ويشترط السايغ كالقرض والبيع والاستسلاف والرهن والضمين
لأنه عقد قابل للشرط وقد شرط ما هو سايغ مما لا يوجب جهالة في أحد العوضين فيجب أن يكون جايزا لقوله تعالى " أوفوا بالعقود " وقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم
ولو أسلم في غنم وشرط أصواف نعجات معينة صح. مسألة. الشركة والتولية بيع بلفظ الشركة والتولية حكمها حكم البيع في جميع الأحكام إلا أنها يقتضى البيع بالثمن
بالأول خاصة ويلحق بهما جميع ما يلحق بالبيع من الخيار والشفعة وغيرهما على إشكال في الشركة. مسألة. لو اختلفا في المسلم فيه فقال أحدهما في حنطة وقال الآخر
559

في شعير مخالفا وانفسخ العقد لان كل واحد مدع ومنكر فيقدم قول المنكر مع يمينه في الدعويين ولو اختلفا في قدر المسلم فيه أو في قدر رأس المال أو قدر الاجل قدم قول
منكر الزيادة في ذلك كله مع اليمين وقال الشافعي يتحالفان كما في بيع العين والأصل ممنوع ولو اتفقا على ذلك واختلفا في انقضاء الأجل بأن يختلفا في وقت العقد فيقول
أحدهما عقدنا في رجب ويقول الاخر في شعبان فالقول قول المسلم إليه في بقاء الاجل مع يمينه لأصالة البقاء والمسلم يدعي انقضائه والأصل أيضا عدم العقد في رجب
ولو اختلفا في قبض رأس المال فقال أحدهما كان القبض قبل التفرق فالعقد صحيح وقال الآخر كان بعد التفرق فالعقد فاسد قدم قول مدعى الصحة لأصالتها وإن أقاما
بينة قدمت بينة الصحة قاله بعض الشافعية وليس بجيد وكذا إذا كان رأس المال في يد المسلم فقال المسلم إليه قبضته منك قبل الافتراق ثم رددته إليك وديعة أو
غصبتينه فالقول قوله لأصالة صحة العقد ولأنه انضم إلى الصحة الاثبات وفيه نظر ولو اختلفا في اشتراط الاجل فالأقرب إن القول قول مدعيه إن عقدا بلفظ
السلم على إشكال وعلى القول بصحة الحال فالاشكال أقوى ولو اختلفا في أداء المسلم فيه فالقول قول المنكر ولو اختلفا في قبض الثمن فالقول قول البايع لأنه منكر وإن تفرقا
مسألة. لو وجد البايع بالثمن عيبا فإن كان من غير الجنس بطل العقد إن تفرقا قبل التعويض أو كان الثمن معينا وإن كان من الجنس فإن كان معينا تخير بين
الأرش والرد فيبطل السلم وإن لم يكن معينا كان له الأرش والمطالبة بالبدل وإن تفرقا على إشكال ولو كان الثمن مستحقا فإن كان معينا بطل العقد وإلا فإن
تفرقا قبل قبض عوضه بطل ولو أسلم نصراني إلى نصراني في خمر فأسلم أحدهما قبل القبض بطل السلف وللمشتري أخذ دراهم لتعذر العين عليه ويحتمل السقوط والقيمة
عند مستحليه. مسألة. لو أسلم في شيئين صفقة واحدة بثمن واحد صح سواء تماثلا أو تخالفا ويقسط الثمن على القيمتين مع التخالف وعلى القدر مع التماثل
ولو شرط الأداء في أوقات متفرقة صح إن عين ما يؤديه في كل وقت ولو لم يعين بطل للجهالة ولو شرط رهنا أو ضمينا فإن عيناه تعين وإلا يحتمل البطلان للجهالة المفضية
إلى التنازع والصحة فيحتمل رهن المثل وضمينا مليا أمينا وتخير من عليه الرهن والضمين ثم تفاسخا أو رد الثمن لعيب بطل الرهن برء الضمين ولو صالحه بعد الحلول
على مال آخر غير مال السلم سقط الرهن لتعلقه بعوض مال الصلح لا به. خاتمة تشتمل على مسائل يتعلق بالقبض سلف أكثرها. مسألة. منع جماعة من علمائنا
بيع ما لم يقبض في ساير المبيعات وقد تقدم وهو قول الشافعي وبه قال ابن عباس ومحمد بن الحسن لنهيه (ع) عن بيع ما لم يقبض وقال مالك إن كل بيع لا يتعلق به حق
توفيه على البايع يجوز بيعه قبل القبض سوى الطعام والشراب لقوله (ع) من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يستوفيه وهو يدل على أن ما عدا الطعام بخلافه وقال أبو حنيفة
وأبو يوسف ما لا ينقل ويحول يجوز بيعه قبل القبض لأنه مبيع لا يخشى انفساخ العقد بتلفه فجاز بيعه كالمقبوض وقال احمد ما ليس بمكيل ولا موزون ولا معدود
يجوز بيعه قبل قبضه وبه قال الحسن البصري وسعيد بن المسيب لأنه لم يكن على البايع توفيته فإنه من ضمان المشترى لان الخراج له وقد قال (ع) الخراج بالضمان وإذا
كان من ضمان المشترى لم يخش انفساخ العقد بتلف فجاز التصرف فيه كالثمن. مسألة. لا يتعدى هذا الحكم إلى غير المبيع فيجوز بيع الصداق وعوض الخلع
قبل قبضه وبه قال أبو حنيفة لأنه لا يخشى انفساخ العقد بتلفه وقال الشافعي لا يجوز لما تقدم فأما الثمن فإن كان معينا فهو بمنزلة المبيع وإن كان في الذمة جاز
التصرف فيه لان ابن عمر قال كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير واخذ الدراهم اخذ هذه من هذه واعطى هذه من هذه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا بأس أن يأخذ بها
ما لم يتفرقا وبينكما شئ وهذا أحد قولي الشافعي وفي الثاني لا يجوز لعموم الخبر ولو ورث طعاما كان له بيعه قبل قبضه وبه قال الشافعي لأنه غير مضمون بعقد
معاوضة. مسألة. لو كان لزيد على بكر طعام من سلم ولعمرو على زيد طعام من سلف فقال زيد لعمرو إذهب واقبض من بكر لنفسك لم يصح قبضه لأنه لا يجوز أن يقبض
لنفسه مال غيره ولا يدخل في ملكه بالامر ولو قال لعمرو أحضر اكتيالي منه لأقبضه لك فاكتاله لم يصح لأنه قبضه قبل أن يقبضه وإذا لم يصح القبض لعمرو فهل يقع القبض
للآمر في هاتين المسئلتين للشافعي وجهان بناء على القولين إذا باع نجوم الكتابة وقبضها المشترى من المكاتب لان البيع لا يصح ولا يصح القبض للمشترى وهل يقع القبض
للسيد ويعتق المكاتب قولان أحدهما يكون قبضا له لأنه إذن في القبض فأشبه قبض وكيله والثاني لا يكون قبضا له لأنه أذن له في أن يقبض لنفسه ولم يجعله نايبا عنه
في القبض فلا يقع له بخلاف الوكيل فإنه استنابة في القبض كذا هنا فإذا قلنا يصح القبض يكون ملكا للمسلم فإذا قلنا لا يصح القبض يكون ملك المسلم إليه باقيا عليه
لان المسلم فيه يتعين ملكه بالقبض فإذا لم يصح القبض لم يصح الملك ولو قال له أحضر معي حتى اكتاله لنفسي ثم يأخذه بكيله فإذا فعل ذلك صح قبضه لنفسه ويصح قبض
عمرو منه لما رواه عبد الملك بن عمر وإنه سأل الصادق (ع) اشترى الطعام فاكتاله ومعي من قد شهد الكيل وإنما اكتلته لنفسي فيقول بعينه فأبيعه إياه بذاك المكيل
الذي اكتلته قال لا بأس وقال الشافعي يصح قبضه لنفسه ولا يصح قبض عمرو منه لأنه قبضه جزافا والكيل الأول لم يكن له فيحتاج أن يكيله عليه وهو ممنوع ولو اكتاله
لنفسه ولم يفرغه من المكيال ويقول لعمرو خذه بكيله لنفسك صح لان استدامة الكيل بمنزلة ابتدائه ولو كاله وفرغه ثم كاله جاز كذلك إذا استدامه وهو أحد وجهي
الشافعية والثاني لا يصح القبض لأنه لم يملكه. مسألة. لو كان لزيد عند عمرو طعام من سلم فقال عمرو لزيد خذ هذه الدراهم عن الطعام الذي لك عندي لم يجز
عند الشافعي لأنه بيع المسلم فيه قبل قبضه والأولى عندي الجواز وليس هذا بيعا وإنما هو نوع معاوضة ولو قال خذها فاشتر لنفسك بها طعاما مثل الطعام
الذي لك عندي لم يجز لان الدراهم ملك المسلم إليه فلا يجوز أن يكون عوضا للمسلم وبه قال الشافعي لما رواه الحلبي في الصحيح إنه سأل الصادق (ع) عن رجل أسلفته دراهم
في طعام فلما حل طعامي عليه بعث إلى بدراهم فقال اشتر لنفسك طعاما واستوف حقك قال ارى ان يولى ذلك غيرك أو يقوم معه حتى يقبض الذي لك ولا تتولى أنت
شراؤه وإذا ثبت هذا فإن اشترى بعين تلك الدراهم طعاما ما لم يصح وإن اشترى في الذمة صح الشراء وكان عليه الثمن والدراهم للمسلم إليه وإن قال خذ هذه فاشتر بها طعاما
ثم أقبضه لنفسك فإن الشراء يصح والقبض لا يصح لما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله إنه سأل الصادق (ع) عن رجل أسلف دراهم في طعام فحل الذي له فأرسل إليه بدراهم
فقال اشتري طعاما واستوف حقك هل ترى به بأسا قال يكون معه غيره يوفيه ذلك وهل يصح للامر فيه وجهان
للشافعية سبقا ولو قال اشتر لي بها طعاما وأقبضه لي
ثم اقبضه لنفسك فإن الشراء يصح والقبض له وقبضه لنفسه من نفسه لا يصح لأنه لا يجوز أن يكون وكيلا في حق لنفسه وبه قال الشافعي والأقرب عندي الجواز. مسألة
لو كان له على رجل قفيز طعام سلما وعليه قفيز من قرض فأحال صاحب القرض بمال السلم أو كان له قفيز من قرض وعليه قفيز من سلف فأحال به على المقترض فالوجه عندي
الجواز إذ الحوالة ليست بيعا ولما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله إنه سأل الصادق (ع) عن رجل عليه كرا من طعام فاشترى كرا من رجل آخر فقال للرجل انطلق فاستوف
كرى قال لا بأس به وقال الشافعي لا يصح بناء على أن الحوالة بيع وهو ممنوع ولو كان القفيزان من القرض جازت الحوالة لان القرض يستقر ولم يملكه عن عقد معاوضة وبعض
الشافعية قال لا تجوز الحوالة لان الحوالة لا تصح إلا في الأثمان وليس بشئ مسألة. لو كان له على غيره طعام بكيل معلوم في ذمته فدفع إليه الطعام جزافا لم يكن له
560

قبضه بالكيل فإن أخبره بكيله فصدقه عليه صح القبض لما رواه محمد بن حمران عن الصادق (ع) قال اشترينا طعاما فزعم صاحبه إنه كاله فصدقناه واخذناه بكيله فقال
لا بأس قلت يجوز أن أبيعه كما اشتريته بغير كيل قال لا أما أنت فلا تبعه حتى تكيله وقال الشافعي لا يصح القبض لأنه لم يكله عليه فإن كان الطعام بحال كيل عليه فإن كان
وفق حقه فقد استوفاه وإن كان أقل من حقه كان له الباقي وإن كان أكثر من حقه كان له الباقي وإن كان أكثر من حقه رد الفضلة وإن استهلكه قبل أن يكال عليه فادعى إنه دون حقه كان القول قوله
مع يمينه سواء كان النقصان قليلا أو كثيرا لان الأصل عدم القبض وبقاء الحق فلا يبرء منه إلا بإقراره بالقبض وبه قال الشافعي واختلفت الشافعية في جواز التصرف
في هذا الطعام المقبوض جزافا فقال بعضهم إنه يجوز أن يتصرف فيما يتحقق إنه مستحق له من الطعام ويتحقق وجوده فيه مثل أن يكون حقه قفيزا فبيع نصف قفيز فلا
يجوز أن يبيع جميعه لاحتمال أن يكون أكثر من حقه وقال بعضهم لا يجوز أن يبيع شيئا منه لان العلقة ثم باقية بينه وبين الذي قبضه منه فلم يجز التصرف فيه والأول
أولي لأن الضمان قد انتقل إليه بقبضه فجاز التصرف فيما هو حقه منه ولو كان له عنده قفيز فأحضره اكتياله عن رجل له عليه مثله ثم دفعه إليه بكيله ولم يكله عليه
فأتلفه ثم ادعى نقصانه فإن كان مما يقع مثله في الكيل كان القول قوله (مع يمينه فيه وإن كان مما لا يقع مثله في الكيل ثم يقبل قوله صح) لأنه يعلم كذبه وقد نص علماؤنا على إنه إذا ادعى النقص في الكيل أو الوزن فإن كان
حاضرا لم يقبل منه دعواه وصدق الاخر باليمين وإن لم يحضر كان القول قوله مع يمينه. مسألة. لو كان لرجل على آخر طعاما سلفا أو قرضا فأعطاه مالا فإن
كان الذي أعطاه طعاما من جنس ما هو عليه فهو نفس حقه وإن أعطاه من غير جنسه فإن كان طعاما فإن عينه جاز ووجب قبضه في المجلس فإن تفرقا قبل القبض
بطل العقد عند الشافعي والوجه عندي الجواز لأنه قضاء دين لا بيع وإن كان في الذمة صح فإن عينه وقبضه إياه في المجلس جاز وإن تفرقا قبل تعيينه أو قبضه بطل
عنده لأنه إذا لم يعينه فقد باعه الدين بالدين وإن تفرقا قبل القبض لم يجز لان ما يجرى في الربا بعلة لا يجوز التفرق فيه قبل القبض وإن كان من غير جنس
المطعومات كالأثمان وغيرها فإن كان غير معين وجب تعيينه في المجلس وإن تفرقا قبل تعيينه بطل العقد قال الشافعي لأنه بيع الدين بالدين وهو ممنوع وإن كان
معينا بالعقد فتفرقا قبل قبضه ففي إبطال العقد وجهان البطلان لان البيع في الذمة فوجب قبض الثمن في المجلس كرأس مال المسلم وعدمه كما لو باع طعاما بثمن
في الذمة مؤجل هذا إذا كان القرض قد استقر في ذمته وأما إذا كان القرض في يده فإنه لا يجوز أن يأخذ عوضه لأنه قد زال ملكه عن العين ولم يستقر في
ذمته لأنه بمعرض أن يرجع في العين فأما إذا قلنا إنه لا يملك إلا بالتصرف فقال بعض الشافعية لا يجوز أخذ بدل القرض فإنه وإن ملكه باقيا إلا أنه قد ضعف
بتسليط المستقرض عليه مسألة. لو كان عليه سلف في طعام فقال للذي له الطعام بعني طعاما إلى أجل لأقبضك إياه جاز وهي العينة وقد تقدمت للأصل ولما
رواه أبو بكر الحضرمي عن الصادق (ع) قال قلت له (رجل يعين ثم حل دينه فلم يجد ما يقضى أيعين من صاحبه الذي عينه قال نعم وعن بكار بن أبي بكر عن الصادق (ع)
في رجل يكون له صح) على الرجل المال فإذا حل قال له بعني متاعا حتى أبيعه فاقضى الذي لك على قال لا بأس وقال الشافعي إنه باطل إن عقد البيع
على ذلك لأنه شرط في عقد البيع أن يقبضه حقه وذلك غير لازم له فإذا لم يثبت الشرط لم يصح البيع ولأنه شرط عليه أن لا يتصرف في المبيع وذلك مفسد للعقد
ويمنع عدم اللزوم مع الشرط فكل الشروط غير لازمة إلا بالعقد ولم يشرط عليه عدم التصرف بل شرط عليه التصرف لكنه خاص فجاز كالعتق أما لو لم يشرط ذلك فإنه
يصح قطعا وإن نوياه وبه قال الشافعي ولو كان له عنده طعام فقال أقبضني إياه على أن أبيعك إياه فقضاه صح القبض ولم يلزمه بيعه لأنه وفاه حقه فصح ولو زاده على
ماله بشرط ألا يبيعه منه لم يصح القبض ولو باعه طعاما بمائه إلى سنة فلما حل الاجل أعطاه بالثمن الذي عليه طعاما جاز سواء كان مثل الأول أو أقل أو أكثر وهو على المشهور
من قول الشافعي إن بيع الثمن يجوز قبل القبض ومنع مالك لأنه يصير كأنه بيع الطعام بالطعام وليس بصحيح لأنه باع الطعام بالدراهم واشترى بالدراهم طعاما فجاز كما
لو اشترى من غيره وباع منه (مسألة صح) لو باعه طعاما بثمن على أن يقضيه طعاما له عليه أجود مما عليه البيع صح لأنه شرط سايغ وعموم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم يقتضيه
وقال الشافعي لا يجوز لان الجودة لا يصح أن يكون مبيعة بانفرادها وهو غلط لأنها شرط لا بيع. مسألة لو اقترض طعاما بمصر لم يكن له المطالبة به بمكة لو وجد
المقترض لاختلاف قيمة الطعام بالبلدان ولو طالبه المقترض بأخذ بدله بمكة لم يجب على المقرض قبوله لان عليه مؤنة وكلفة في حمله إلى مصر ولو تراضيا على قبضه (جاز صح) ولو
طالب صاحب الطعام المقترض بقيمته بمصر لزمه دفعها إليه لان الطعام الذي يلزمه دفعه إليه معدوم فكان كما لو عدم الطعام بمصر
أما إذا غصبه طعاما بمصر فوجده بمكة كان له مطالبته وإن غلا ثمنه وقال الشافعي ليس له ذلك كالقرض وليس بجيد ولو أسلم إليه في طعام بمصر فطالبه بمكة لم يكن
له ذلك وليس له المطالبة بقيمته لان المسلم إليه لا يجوز أخذ قيمته وقاله الشافعي وفيه ما تقدم. مسألة. لو باع عبدا بعبد وقبض أحدهما من صاحبه جاز له التصرف.
فيه لان انفساخ العقد بتلفه قد أمن فإن باعه فتلف العبد الذي في يده قبل التسليم بطل الأول لتلف المبيع قبل القبض ولم ينفسخ الثاني لأنه باعه قبل انفساخ
العقد ويجب عليه قيمته لبايعه لتعذر رده عليه فهو كما لو تلف في يده فإن اشترى شقص دار بعبد وقبض الشقص ولم يسلم العبد فأخذه الشفيع بالشفعة ثم تلف
العبد في يده انفسخ العقد ولم يؤخذ الشقص من يد الشفيع لأنه ملكه قبل انفساخ العقد فيجب على المشترى قيمة
الشقص للبايع فيجب له على الشفيع قيمة العبد لان بذلك
يأخذ الشقص ولو اشترى نخلا حايلا من رجل فأثمر في يد البايع فالثمرة أمانة في يده للمشترى فإنه حدثت في ملكه فإن هلكت الأصول في يده والثمرة انفسخ العقد وسقط
الثمن ولا ضمان عليه في الثمرة لأنها أمانة إلا أن يكون أتلفها أو طالبه المشترى بالثمرة فمنعه فإنه يصير ضامنا لها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة تدخل في العبد وإن هلكت
الثمرة دون النخل فلا ضمان عليه ولا خيار للمشترى وإن هلكت الأصول دون الثمرة انفسخ العقد وكانت الثمرة للمشترى وسقط عنه الثمن ولو كسب العبد المبيع في يد البايع
شيئا كان حكمه حكم الثمرة. مسألة. لو كان له في ذمة رجل مال وعنده وديعة له أو رهن فاشتراه منه بالدين جاز وللمودع والمرتهن أن يقبضه بغير إذن البايع لأنه
قد استحق القبض وقبضه بمضي الزمان يمكن فيه القبض وبه قال الشافعي وهل يحتاج إلى نقله من مكانه أو يكفي مضى زمان النقل للشافعي وجهان أحدهما أنه يحتاج لأنه
مما ينقل ويحول فلا يحصل قبضه إلا بالتحويل والثاني لا يحتاج وهو الأقوى عندي لان المراد من النقل حصوله في يده وهو حاصل في يده وإن باعه الوديعة بثمن ولم يقبض
الثمن لم يكن للمودع نقل الوديعة إلا بإذن البايع وإذا نقلها بغير إذنه لم تصر مقبوضة قبضا يملك به التصرف. مسألة قد تقدم الخلاف في أن بيع المبيع قبل القبض
هل يصح أم لا وكذا هبته ورهنه من غير البايع وأما رهنه من البايع فالأقرب عندي الصحة عملا بالأصل ولان الرهن غير مضمون على المرتهن وما لا يقتضى نقل الضمان
فليس من شرط صحته قبضه وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم لا يصح لأنه قد يفتقر إلى القبض فأشبه الهبة ويصح نكاح الأمة قبل قبضها لان نكاح المغصوبة يصح و
الأقوى صحة إجارة العين قبل قبضها وللشافعية وجهان ويصح كتابة العبد قبل قبضه خلافا للشافعي لان الكتابة يفتقر إلى تخليته للتصرف وهو ممنوع حالة العقد و
العتق قبل القبض يصح لان العتق لا يفتقر إلى القبض ويصح في المغصوب وقال بعض الشافعية لا يصح لأنه إزالة ملك. مسألة. فضول الموازين لا بأس به إذا جرت
561

العادة به ولم يكن فيه بعد لرواية عبد الرحمن بن الحجاج الصحيحة عن الصادق (ع) إنه سأل عن فضول الكيل والموازين فقال إذا لم يكن به بعد فلا بأس وكذا يجوز أن يندر للظروف
وما يحتمل الزيادة والنقصان ولو كان مما يزيد دائما أو ينقص دائما لم يجز لان حنان قال كنت جالسا عند الصادق (ع) فقال له معمر الزيات إنا نشترى الزيت بازقاقه
فيحسب لنا نقصان منه لمكان الازقاق فقال له إن كان يزيد وينقص فلا بأس وإن كان مما يزيد ولا ينقص فلا يقربه وينبغي التعويل في الكيل بصاع المصر لما رواه الحلبي
في الحسن عن الصادق (ع) قال لا يصلح للرجل أن يبيع بصاع غير صاع المصر وعن الحلبي عن الصادق (ع) قال لا يحل للرجل أن يبيع بصاع سوى صاع المصر فإن الرجل يستأجر
إكمال فيكيل له بمد بيته لعله يكون أصغر من مد السوق ولو قال هذا أصغر من مد السوق لم يأخذ به ولكنه يحمله ذلك ويجعله في أمانته وقال لا يصلح إلا مدا واحدا والامضاء
بهذه المنزلة. مسألة. لا يجوز أن يدفع إلى الطحان طعاما ليأخذ منه الدقيق بزيادة ولا السمسم إلى العصار ليعطيه بكل صاع أرطالا معلومة لان ذلك ليس معاملة
شرعية ولا معاوضة على عين موجودة ولا مضمونة لتعلقها بالعين ولما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) قال سألته عن الرجل يدفع إلى الطحان الطعام فيقاطعه على
أن يعطى صاحبه لكل عشرة اثني عشر دقيقا قال لا قلت فالرجل يدفع السمسم إلى العصار ويضمن لكل صاع أرطالا مسماة قال لا. مسألة. إذا تلف المبيع قبل القبض بآفة سماوية
فهو من ضمان البايع على ما تقدم ويتجدد انتقال الملك إلى البايع قبل الهلاك بجزء لا يتجزى من الزمان فالزوايد الحادثة في يد البايع من الولد واللبن والصوف والبيض
والكسب للمشترى وللشافعي وجهان وكذا الإقالة إذا جعلناها فسخا والأصح فيهما جميعا إنها للمشترى وتكون أمانة في يد البايع ولو هلكت والأصل باق بحاله ولا خيار للبايع
وفي معنى الزوايد الركاز الذي يجده العبد وما وهب منه فقبله وقبضه وما أوصى له به فقبله ولو أتلفه المشترى فهو قبض منه وبه قال الشافعي وله وجه إنه لا يكون قبضا
هذا إذا كان المشترى عالما أما إذا كان جاهلا بأن قدم البايع الطعام المبيع إلى المشترى فأكله فهل يجعل قابضا الأقرب إنه ليس قابضا ويكون بمنزلة إتلاف البايع وهو أحد
قولي الشافعي وكذا لو قدم الغاصب الطعام المغصوب إلى المالك فأكله جاهلا هل يبرء الغاصب وجهان للشافعي والوجه عندنا أنه لا يبرء وإن أتلفه أجنبي فقد تقدم
قولنا فيه وللشافعي طريقان أظهرهما إنه على قولين أحدهما إنه كالتالف بآفة سماوية لتعذر التسليم وأصحهما وبه قال أبو حنيفة واحمد إنه ليس كذلك ولا ينفسخ البيع لقيام
القيمة مقام المبيع لكن للمشترى الخيار في الفسخ فيغرمه البايع ومطالبة الأجنبي والثاني القطع بالقول الثاني وإن قلنا به فهل للبايع حبس القيمة لاخذ الثمن وجهان أحدهما
نعم كما يحبس المرتهن قيمة المرهون وإذا أتلف المشترى المبيع لا يغرم القيمة ليحبسها البايع وعلى الأول لو تلفت القيمة بآفة سماوية فهل ينفسخ البيع لأنها بدل المبيع
وجهان أظهرهما لا وإن أتلفه البايع قال الشيخ ينفسخ البيع كما لو تلف بآفة سماوية وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا ينفسخ لاتلاف الأجنبي لأنه جنى على ملك غيره وعلى
هذا إن شاء المشترى فسخ البيع وسقط الثمن وإن شاء أجاز وغرم القيمة للبايع وأدى الثمن والثاني القطع بالقول الأول فإن لم يحكم بالانفساخ عاد الخلاف في
حبس القيمة وقطع بعضهم بأنه لا حبس هنا لتعديه بإتلاف العين وإن باع شقصا من عبد واعتق باقيه قبل القبض وهو موسر عتق كله وانفسخ البيع وسقط
الثمن إن جعلنا إتلاف البايع كالآفة السماوية وإن جعلناه كإتلاف الأجنبي فللمشتري الخيار وإتلاف الصبى الذي لا يميز بأمر البايع أو المشتري كإتلافهما وإتلاف المميز
بامرهما كإتلاف الأجنبي وقال بعض الشافعية إذن المشترى للأجنبي في الاتلاف لغو وإذا تلف فله الخيار ويلزمه لو أذن البايع في الاكل والاحراق ففعل كان التلف من
ضمان البايع بخلاف ما إذا أذن الغاصب (ففعل يبرء لان الملك مستقيم وقال بعض الشافعية إتلاف عبد البايع كإتلاف الأجنبي وكذا إتلاف عبد المشترى صح) بغير إذنه فإن اختار جعل قابضا كما لو أتلفه بنفسه وإن فسخ اتبع البايع الجاني ولو كان المبيع علفا فاعتلفه حمار المشترى
بالنهار ينفسخ البيع وإن اعتلفه بالليل لا ينفسخ وللمشتري الخيار فإن أجاز فهو قابض وإلا طالبه البايع بقيمة ما أتلف حماره وأطلق القول بأن بهيمة البايع إتلافها
كالآفة السماوية ولو صال العبد المبيع على المشترى في يد البايع فقتله دفعا قال بعض الشافعية لا يستقر الثمن عليه وقال بعضهم إنه يستقر لأنه أتلفه في عرض نفسه والأول
عندي أصح. مسألة. لو أخذ المشترى المبيع بغير إذن البايع فللبايع الاسترداد إذا ثبت له حق الحبس وإن أتلفه في يد المشترى فعليه القيمة ولا خيار للمشترى لاستقرار
العقد بالقبض وإن كان ظالما فيه قاله بعض الشافعية وقال بعضهم إنه يجعل مستردا بالاتلاف كما أن المشترى قابض بالاتلاف وعلى هذا فينفسخ البيع أو يثبت الخيار للمشترى
والأخير عندي أقوى ووقوع الدرة في البحر قبل القبض كالتلف ينفسخ به البيع وكذا إنفلات الطير والصيد
المتوحش ولو غرق البحر الأرش المبيعة أو وقع عليها صخور
عظيمة (من جبل صح) أو كسبها رمل فهي بمثابة التلف أو يثبت به الخيار للشافعية وجهان أقربهما الثاني ولو أبق العبد قبل القبض أوضاع في انتهاب العسكر لم ينفسخ البيع لبقاء المالية
ورجاء العود وفيه للشافعية وجه إنه ينفسخ كما في التلف. مسألة لو غصب المبيع غاصب فليس للمشترى إلا الخيار فإن اختار لم يلزمه تسليم الثمن وأن سلمه قال بعض
الشافعية ليس له الاسترداد لتمكنه من الفسخ وأجاز ثم أراد الفسخ فله ذلك كما لو انقطع المسلم فيه فأجاز ثم أراد الفسخ لأنه يتضرر كل ساعة وكذا لو أتلف الأجنبي المبيع قبل
القبض وأجاز المشتري ليتبع الجاني ثم أراد الفسخ وقال بعضهم في هذه الصورة وجب أن لا يمكن من الرجوع لأنه رضي بما في ذمة الأجنبي فأشبه الحوالة ولو جحد البايع العين قبل
(القبض صح) فللمشتري الفسخ لحصول التعذر مسألة لو باع عبدا من رجل ثم باعه من آخر وسلمه إليه وعجز عن انتزاعه وتسليمه إلى الأول فهذا جناية منه على المبيع فينزل منزلة الجناية
الحسية حتى ينفسخ البيع في قول للشافعية ويثبت للمشترى الخيار في الثاني بين أن يفسخ وبين أن يأخذ القيمة من البايع والثاني عندي أقوى ولو طالب البايع بالتسليم
وزعم قدرته عليه وقال البايع إنا عاجز حلف عليه فإن نكل حلف المدعى على أنه قادر وحبس إلى أن يسلم أو يقيم بينة على عجزه ولو ادعى المشترى الأول على الثاني العلم
بالحال فأنكر حلفه فإن نكل حلف هو وأخذه منه. مسألة. لو تعيب المبيع بآفة سماوية قبل القبض كعمي العبد وشلل يده أو سقوطها تخير المشترى بين الفسخ والإجازة
بجميع الثمن عند بعض علمائنا وبه قال الشافعي وبالأرش عندنا وقد تقدم. مسألة. قد بينا حكم البيع قبل القبض وما فيه من الخلاف وفي العتق للشافعي قولان
أصحهما النفوذ وهو الحق عندي هذا إذا لم يكن للبايع حق الحبس كما إذا كان الثمن مؤجلا أو حالا وقد أداه المشترى أما إذا ثبت له حق الحبس فالأقوى عندي النفوذ
أيضا وللشافعية قولان أحدهما هذا والثاني إنه كإعتاق الرهن وهو ممنوع لان الراهن حجر على نفسه بالرهن والرهن جعل ليحبسه المرتهن وأما الوقف فيجوز للمشترى وقفه
قبل القبض لما تقدم والشافعي بناء على أن الوقف هل يفتقر إلى القبول إن قلنا نعم فهو كالبيع وإن قلنا لا فهو كالاعتاق وكذا في إباحة الطعام للفقراء والمساكين
إذا كان قد اشتراه جزافا والكتابة كالبيع في أصح وجهي الشافعية إذ ليس لها قوة العتق والاستيلاد كالعتق وأما هبة المبيع قبل قبضه ورهنه فإنهما صحيحان عندنا
وللشافعي قولان هذا أحدهما لان التسليم غير لازم فيهما بخلاف البيع وأصحهما عندهم المنع أضعف الملك فإنه كما يمنع البيع يمنع الهبة ولهذا لا يصح رهن المكاتب
وهبته كما لا يصح بيعه وقطع بعضهم بمنع الرهن إذا كان محبوسا بالثمن وعلى تقدير صحتهما فليس العقد قبضا بل يقبضه المشترى من البايع ثم يسلمه من المتهب أو
المرتهن ولو اذن للمتهب أو المرتهن حتى قبضه قال بعض الشافعية يكفي ذلك ويتم به البيع والهبة والرهن بعده وقال آخرون يكفي ذلك للبيع وما بعده ولكن
562

ينظر إن قصد قبضه للمشترى صح قبض البيع ولابد من استيناف قبض الهبة ولا يجوز له أن يأذن في قبضه من نفسه لنفسه وإن قصد قبضه لنفسه لم يحصل القبض
للبيع ولا للهبة فإن قبضه يجب أن يتأخر عن تمام البيع والاقتراض والتصدق كالهبة والرهن ففيهما خلاف عند الشافعي والأقوى عندي النفوذ وأما تزويج الأمة
قبل القبض فإنه جايز عندنا وهو أصح وجهي الشافعية وبعضهم فرق فابدء قولا ثالثا هو أن يقال إما أن يكون للبايع حق الحبس فلا يصح التزويج لأنه منقص وإما أن لا تكون
فيصح وطرد بعضهم التفصيل في الإجارة فإن كانت منقصة لم يصح وإلا صحت ولو باع من البايع وللشافعية وجهان سبقا ولو وهب منه أو رهن فطريقان أحدهما القطع
بالمنع لأنه لا يجوز أن يكون نائبا عن المشترى في القبض وأصحهما عندهم إنه على القولين فإن جوزنا فإذا أذن له في القبض أو الرهن ففعل أجزء ولا يزول ضمان البيع في
صورة الرهن بل إذا تلف ينفسخ العقد ولو رهنه من البايع بالثمن جاز عندنا. تذنيب لو باع عبدا بثوب وقبض الثوب ولم يسلم العبد له بيع الثوب وللآخر بيع
العبد عندنا ومن منع من البيع قبل القبض منع من بيع العبد فلو باع الثوب وهلك العبد في يده بطل العقد في العبد ولا يبطل في الثوب ويعزم قيمته لبايعه ولا فرق
بين أن يكون هلاك العبد بعد تسليم الثوب أو قبله لخروجه عن ملكه بالبيع ولو تلف العبد والثوب في يده غرم لبايع الثوب القيمة وعلى مشتريه الثمن. مسألة
قد بينا أن المنتقل بغير البيع يجوز بيعه قبل قبضه فلو اشترى من مورثه شيئا ومات المورث قبل التسليم فله بيعه سواء كان على المورث دين أو لم يكن وحق الغريم يتعلق
بالثمن وإن كان له وارث آخر لم ينفذ بيعه في قدر نصيب الآخر حتى يقبضه عند المانعين ويجوز بيع المال في يد المستعير والمستام وفي يد المشترى والمتهب في البيع والهبة
الفاسدين وكذا بيع المغصوب من الغاصب والأرزاق من السلطان لا تملك إلا بالقبض فليس له بيعها قبل قبضها خلافا للشافعي فإنه جوزه فبعض أصحابه قال
هذا إذا أفرزه السلطان فيكون يد السلطان في الحفظ يد المفرز له ويكفى ذلك لصحة البيع ومنهم من لم يكتف بذلك وحمل قوله على ما إذا وكل وكيلا يقبضه فقبضه
الوكيل ثم باعه للموكل وإلا فهو بيع شئ غير مملوك ولو وهب الأجنبي شيئا ثم رجع كان له بيعه قبل استرداده والشفيع إذا تملك الشقص بالشفعة له بيعه قبل القبض وبه
قال بعض الشافعية وقال بعضهم ليس له ذلك لان الاخذ بالشفعة معاوضة وللموقوف عليه أن يبيع الثمرة الخارجة من الشجرة الموقوفة قبل أخذها ولو استأجرها
صباغا لصبغ ثوب وسلمه إليه كان للمالك بيعه قبل الصبغ وقال الشافعي ليس له بيعه ما لم يصبغ لان له أن يحبسه إلى أن يعمل ما يستحق به العوض وإذا صبغه فله بيعه
قبل الاسترداد إن وفي الأجرة وإلا فلا لأنه يستحق حبسه إلى استيفاء الأجرة ولو استأجر قصار القصارة الثوب وسلمه إليه جاز له بيعه قبل القصر ومنع الشافعي من
بيع ما لم يقصر وإذا قصر فمبنى عنده على أن القصارة عين فيكون كمسألة الصبغ أو أثر فله البيع إذ ليس للقصار الحبس وكذا صياغة الذهب ورياضة الدابة
ونسج الغزل وإذا قاسم شريكه فباع ما صار إليه قبل القبض من الشريك صح البيع وقال الشافعي يبنى على أن القسمة بيع أو افراز ولو أثبت صيدا في أحبولة أو سمكة في شبكة
فله بيعه وإن لم يأخذه. مسألة. تصرف المشترى في زوايد المبيع قبل القبض كالولد والثمرة جايز عندنا وقال الشافعي يبنى على أنها تعود إلى البايع لو عرض انفساخ
أو لا تعود إن عادت لم ينصرف فيها كما في الأصل وإلا كان له التصرف ولو كانت الجارية حبلى عند البايع وولدت قبل القبض كان له التصرف في الولد وقال الشافعي
إن قلنا الحمل يقابله قسط من الثمن لم يتصرف فيه وإلا فهو كالولد الحادث بعد البيع. مسألة. لو باع متاعا بنقد معين مشخص من ذهب أو فضة جاز للبايع
التصرف فيهما قبل القبض وقال الشافعي ليس للبايع التصرف فيهما قبل القبض لان الدراهم والدنانير يتعينان بالتعيين كالمبيع فلا يجوز للمشترى إبدالها بمثلها
ولو تلفت قبل القبض انفسخ البيع وإن وجد البايع بها عيبا لم يستبدلها بل يرضى بها أو يفسخ العقد وبه قال احمد وقال أبو حنيفة لا يتعين ويجوز إبدالها بمثلها
وإذا تلفت قبل القبض لا ينفسخ العقد وإذا وجد بها عيبا فله الاستبدال وقد تقدم. مسألة. الدين في ذمة الغير قد يكون ثمنا ومثمنا ولا ثمنا ولا مثمنا
ونعني بالثمن ما الصق به الباء لأن هذه الباء تسمى باء التثمين على قول أو النقد لاطلاق أهل العرف اسم الثمن عليه دون غيره والمثمن ما قابل ذلك على الوجهين
على قول فإن لم يكن في العقد نقدا وكان العوضان نقدين فالثمن ما الصق به الباء والمثمن ما قابله فلو باع أحد النقدين بالآخر فعلى الوجه الثاني لا مثمن فيه ولو
باع عرضا بعرض فعلى الوجه الثاني لا ثمن فيه وإنما هو مقابضة ولو قال بعتك هذه الدراهم بهذا العبد فعلى الأول العبد ثمن والمثمن الدراهم وعلى الثاني في
صحة العقد وجهان كالسلم في الدراهم والدنانير لأنه جعل الثمن مثمنا وإن صح فالعبد ثمن ولو قال بعتك هذا الثوب بعبد ووصفه صح العقد إن قلنا الثمن ما الصق
به الباء فالعبد ثمن ولا يجب تسليم الثوب في المجلس وإن لم نقل بذلك ففي وجوب تسليم الثوب للشافعية وجهان في وجه لا يجب إذا لم يجز بينهما لفظ السلم وفي وجه يجب
اعتبارا بالمعنى إذا عرفت هذا فالضرب الأول المثمن وهو المسلم فيه لا يجوز الاستبدال عنه ولا بيعه من غيره عند الشافعي وهل الحوالة تدخل في المسلم فيه إما به بأن يحيل
المسلم إليه المسلم بحقه على من له عليه دين قرض أو إتلاف (ولما عليه بأن يجعل السلم من له عليه دين قرض أو إتلاف صح) على المسلم إليه فيه ثلاثة أوجه للشافعية أصحهما لا لما فيه من تبديل المسلم فيه بغيره والثاني فيه نعم تخريجا على
إن الحوالة استيفاء وإيفاء لا اعتياض والثاني إنه لا يجوز الحوالة عليه لأنها بيع سلم بدين ويجوز الحوالة به على القرض ونحوه لان الواجب على المسلم إليه توفيه الحق على
المسلم وقد فعل الضرب الثاني الثمن وإذا باع بدراهم أو دنانير في الذمة ففي الاستبدال عنها قولان للشافعي القديم إنه لا يجوز لمطلق النهى عن بيع ما لم يقبض ولأنه
عوض في معاوضة فأشبه المسلم فيه والجديد (الجواز صح) وهو الأقوى عندي الضرب الثالث ما ليس بثمن ولا ثمن كدين القرض والاتلاف فيجوز الاستبدال عنه إجماعا كما لو
كان في يده عين ما بغصب أو عارية يجوز بيعه منه ويفارق المسلم فيه لأنه غير مستقر لجواز أن يطرأ ما يقتضى انفساخ السلم وقال بعض الشافعية إنما يستبدل عن
القرض إذا استهلكه أما إذا بقي في يده فلا لأنا إن قلنا إن القرض يملك بالقبض فبدله غير مستقر في الذمة لان للمقرض أن يرجع في عينه وإن قلنا يملك بالتصرف فالمستقرض
مسلط عليه وذلك يوجب ضعف ملك المقرض فلا يجوز الاعتياض عنه ونحن نمنع أن يكون للمقرض الرجوع في العين واعلم أن الاستبدال عند الشافعي بيع ممن عليه
الدين ولا يجوز استبدال المؤجل عن الحال ويجوز العكس وكان من عليه الدين قد عجله. مسألة. القبض فيما لا ينقل كالدور والأراضي هو التخلية بينه وبين
المشترى وتمكنه من اليد والتصرف بتسليم المفتاح إليه ولا يعتبر دخوله وتصرفه فيه والأقرب إنه لا يشترط تفريغ الدار من أقمشة البايع خلافا للشافعي ولو جمع البايع
متاعه في بيت من الدار وخلا بين المشترى وبين الدار حصل القبض في الدار كلها عندنا وعندي حصل في غير البيت ولو اشترى صبرة ولم ينقلها حتى اشترى الأرض
التي عليها الصبرة وخلى البايع بينه وبينها حصل القبض في الصبرة عند الشافعي ولو جاء البايع بالمبيع فامتنع المشترى من قبضه أجبره الحاكم عليه فإن أصر أمر الحاكم
من يقبضه عنه كالغايب ولو أحضره البايع فوضعه بين يدي المشترى ولم يقل المشترى شيئا أو قال لا أريده فوجهان للشافعية أضعفهما إنه لا يحصل القبض كما لا يحصل
به الايداع وأصحهما عندهم إنه يحصل لوجود التسليم فعلى هذا للمشترى التصرف فيه ولو تلف فهو من ضمانه لكن لو خرج مستحقا ولم يجز إلا وضعه بين يديه فليس للمستحق
563

مطالبة المشترى بالضمان وبه قال الشافعي لان هذا القدر لا يكفي لضمان الغصب ولو وضع المديون الدين بين يدي مستحقه ففي حصول التسليم خلاف بين الشافعية مرتب
على المبيع وهذه الصورة أولي بعدم الحصول لعدم تعين الملك وفيه نظر لان الملك يتعين بتعين المديون وبالدفع قد عينه ولو رفع ظرفا إلى البايع وقال اجعل
المبيع فيه ففعل لا يحصل التسليم إذا لم يوجد من المشترى ما هو قبض والظرف غير مضمون عليه لأنه استعمله في ملك المشتري بإذنه وفي مثله في السلم يكون الظرف مضمونا
على المسلم إليه لأنه استعمله في ملك نفسه ولو قال البايع أعرني ظرفك واجعل المبيع فيه ففعل لم يصر المشترى قابضا أيضا ولو قبض بالوزن ما اشتراه كيلا أو بالعكس فهو كما
لو قبضه جزافا إن تيقن حصول الحق فيه صح وإلا فلا وللشافعية قولان فيما لو علم حصول الحق تقدما ولو قال البايع خذه فإنه كذا فاخذه مصدقا له صح القبض وقال
الشافعي لا يصح حتى يجرى الكيل الصحيح فإن زاد رد الزيادة وإن نقص أخذ الباقي ولو تلف المقبوض فزعم (الدافع إنه كان قدر حقه أو أكثر وزعم صح) المدفوع إليه إنه كان دون حقه أو قدره فالقول قوله ومعنى
التصديق أن يحمل خبره على الصدق ويأخذه منا عليه أما لو أقر بجريان الكيل لم يسمع منه خلافه. مسألة. إذا اعتبر في المبيع كيل أو وزن لم يكن على البايع الرضا بكيل المشترى
ووزنه ولا على المشترى الرضا بكيل البايع بل يتفقان على كيال أو وزان ولو اختلفا نصب الحاكم أمينا يتولاه ولو كان لزيد طعام على رجل سلم ولآخر مثله على زيد فأراد
زيد أن يوفى ما عليه مما له على الآخر فقال إذهب إلى فلان واقبض لنفسك ما لي عليه فالقبض فاسد والمقبوض مضمون على القابض وهل تبرء ذمة الدافع عن حق زيد للشافعي
وجهان أصحهما نعم وهما مبنيان على القولين فيما إذا باع نجوم الكتابة وقبضها المشترى هل يعتق المكاتب فإن قلنا لا يبرء فعلى القابض رد المقبوض إلى الدافع والوجه
البراءة ولو قال زيد أقبضه لي ثم أقبضه منى لنفسك بذلك الكيل (أو قال أحضر معي لأقبضه لنفسي ثم تأخذ أنت بذلك الكيل صح) ففعل فقبضه لزيد في الصورة الأولى وقبض زيد لنفسه في الثانية صح وتبرء ذمة البايع عن حقه و
القبض الآخر فاسد عند الشافعية والمقبوض مضمون عليه وفي قبضه لنفسه في الصورة الأولى وجه آخر إنه صحيح ولو اكتال زيد فقبضه لنفسه ثم كاله على مشتريه فاقبضه
فقد جرى الصاعان وصح القبضان ولا رجوع له وإن زاد كثيرا تبين إن الكيل الأول وقع غلطا فيرد زيد الزيادة ويرجع بالنقصان تذنيب مؤنة الكيل الذي يفتقر إليه
القبض على البايع كمؤنة إحضار البايع الغايب ومؤنة وزن الثمن على المشترى لتوقف التسليم عليه ومؤنة نقد الثمن على المشترى أيضا وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
إنه على البايع. مسألة. للمشترى أن يوكل في القبض وإن وكل من يده كيد البايع كعبده خلافا للشافعي ولا بأس بتوكيل ابنه وأبيه ومكاتبه عنده وفي توكيل عبده
المأذون في التجارة وجهان أصحهما عنده إنه لا يجوز ولو قال للبايع وكل من يقبض لي عنك ففعل جاز ويكون وكيل المشترى وكذا لو وكل البايع بأن يأمر من يشترى
منه للموكل ولو كان القابض والمقبض واحدا لم يجز عند الشافعي والأولى عندي الجواز ولو اشترى الأب لابنه
الصغير من مال لنفسه أو لنفسه من مال الصغير فإنه يتولى
طرفي القبض كما يتولى طرفي البيع وهل يحتاج إلى النقل والتحويل في المنقول الأقرب العدم وهو أصح وجهي الشافعية والثاني احتياجه وإتلاف المشترى المبيع قبض وقبض
الجزء المشاع إنما يحصل بتسليم الجميع ويكون ما عدا المبيع أمانة في يده ولو طلب القسمة قبل القبض أجيب إليها وبه قال الشافعي أما إذا جعلنا القسمة إفرازا فظاهر وأما إذا
جعلناها بيعا فإن الرضا غير معتبر فيه لان الشريك يجبر عليه وإذا لم يعتبر الرضا جاز أن لا يعتبر القبض كما في الشفعة. مسألة. قد بينا وجوب تسليم ما على كل من البايع
والمشترى فلو اختلفا في التقديم فأحد أقوال الشافعي اجبارهما معا على التسليم فيأمر كل واحد منهما بإحضار ما عليه فإذا أحضر أسلم الثمن إلى البايع والمبيع إلى المشترى
بأمهما بدء جاز أو يأمرهما بالوضع عند عدل ليفعل العدل ذلك وهو المعتمد عندي لان كل واحد منهما يستحق قبض ما عند الآخر فيؤمر بايفائه كما لو كان لكل منهما
وديعة عند الآخر وتنازعا هكذا والثاني إنهما لا يجبران بل يمنعهما من التنازع فإذا سلم أحدهما ما عليه أجبر الآخر لان على كل واحد إيفاء واستيفاء فلا سبيل إلى
تكليف الايفاء قبل الاستيفاء والثالث وبه قال مالك وأبو حنيفة إنه يجبر المشترى على تسليم الثمن أو لا لان حقه متعين في المبيع وحق البايع غير متعين في الثمن
فيؤمر بالتعيين والرابع وبه قال الشيخ إنه يجبر البايع أولا على التسليم وبه قال احمد لأنه لا يخاف هلاك الثمن فملكه مستقر فيه وتصرفه فيه بالحوالة والاعتياض نافذ
وملك المشترى في المبيع غير مستقر فعلى البايع التسليم ليستقر وفي المسألة طريقة أخرى للشافعي وهي القطع بالرابع وحمل الأول والثاني على حكاية مذهب الغير و
الثالث من تخريج بعضهم هذا إذا كان الثمن في الذمة وأما إذا كان معينا فإنه يسقط القول الثالث وإن تبايعا عرضا بعرض سقط القول الرابع أيضا وبقى قولان إنهما
يجبران ولا يجبران والأول أظهر وبه قال احمد فإن قلنا يجبر البايع على تسليم المبيع أولا أو قلنا لا يجبر لكنه تبرع وابتدأ بالتسليم أجبر المشترى على تسليم الثمن في الحال إن كان
حاضرا في المجلس وإلا فإن كان المشترى موسرا فإن كان ماله في البلد حجر عليه إلى أن يسلم الثمن لئلا يتصرف في أملاكه بما يفوت حق البايع وللشافعية وجه آخر إنه لا يحجر عليه
ويمهل إلى أن يأتي بالثمن وهو الوجه عندي وعلى تقدير الحجر قيل يحجر عليه في المبيع وساير أمواله وقال بعضهم لا حجر عليه في ساير أمواله إن كان ماله وافيا بل يتبعه به وهل يدخل
المبيع في الاحتساب للشافعية وجهان أشبههما عندهم الدخول وإن كان غايبا لم يكلف البايع الصبر إلى إحضاره لتضرره بل في وجه يباع في حقه ويؤدى في ثمنه والأظهر إنه
يفسخ لتعذر تسليم الثمن كالمفلس فإن فسخ فذاك وإن صبر على الاحضار فالحجر على ما سبق وحكى عن بعضهم إنه لا فسخ لكن يرد المبيع إلى البايع ويحجر على المشترى ويمهل إلى الاحضار
وإن كان دون مسافة القصر فهو كما لو كان في البلد أو كما لو كان على مسافة القصر للشافعية وجهان وعندنا إن للبايع الفسخ بعد ثلاثة أيام وإن كان معسرا فهو مفلس
فإن حجر عليه الحاكم يخير البايع بين الفسخ والضرب مع الغرماء وقال الشافعي إذا كان مفلسا فالبايع أحق بمتاعه في وجه وفي اخر لا فسخ لكن يباع ويوفي من الثمن (حق البايع صح) فإن فضل شئ فهو
للمشتري وهذا التفريع جاز فيما إذا اختلف المتواجران في البداءة بالتسليم بغير فرق. مسألة. توهم قوم (إن الخلاف صح) في البداءة بالتسليم خلاف في أن البايع هل له حق الحبس أم لا إن قلنا
البداة بالبايع فليس له حبس المبيع إلى استيفاء الثمن وإلا فله ذلك ونازع أكثر الشافعية فيه وقالوا هذا الخلاف مفروض فيما إذا كان نزاعهما في مجرد البداة وكان كل واحد
منهما يبذل ما عليه ولا يخاف فوت ما عند صاحبه فأما إذا لم يبذل البايع المبيع وأراد حبسه خوفا من تعذر تحصيل الثمن فله ذلك بلا خلاف وكذا للمشترى حبس الثمن
خوفا من تعذر تحصيل المبيع وأن يحبس بالثمن الحال أما المؤجل فلا وإن حل الاجل ولو تبرع بالتسليم لم يكن له رده إلى حبسه وكذا لو أعاره من المشترى في أصح وجهي الشافعية
ولو أودعه إياه فله ذلك ولو صالح من الثمن على مال لم يسقط حق الحبس لاستيفاء العوض ولو اشترى بوكالة اثنين شيئا وفي نصف الثمن عن أحدهما وجب عليه تسليم
النصف وقال الشافعي لا يجب بناء على أن الاعتبار بالعاقد ولو باع بوكالة اثنين فإذا أخذ نصيب أحدهما من الثمن فعليه تسليم النصف وبه قال الشافعي. المقصد الخامس
في تفريق الصفقة. مسألة. إذا جمع بين الشيئين فإما أن يجمع بينهما في عقد واحد أو في عقدين فالأول إما أن يقع التفريق في الابتداء أو في الانتهاء والأول
إن جمع بين شيئين يمتنع الجمع بينهما من حيث هو جمع فالعقد باطل قطعا في الجميع كما لو جمع بين أختين في النكاح وإن لم يكن كذلك فإما أن يجمع بين شيئين كل واحد قابل
لما اورده عليه من العقد أو لا يكون كذلك فالأول كما لو جمع بين عينين في البيع صح العقد عليهما ثم إن كانا من جنسين كعبد وثوب أو من جنس واحد لكن قيمتهما مختلفة
564

كعبدين يوزع الثمن عليهما باعتبار القيمة وإن كانا من جنس واحد واتفقت قيمتهما كقفيزين من حنطة واحدة يوزع عليهما باعتبار الأجزاء وإن كان الثاني فإما أن لا يكون واحد
منهما قابلا لذلك العقد كما لو باع خمرا وميتة وهو باطل قطعا وإما أن يكون أحدهما قابلا فالذي هو غير قابل ضربان أحدهما أن يكون متقوما (كما لو باع عبده وعبد غيره صفقة واحدة صح البيع ووقف المبيع في عبد غيره فإن أجازة الغير وإلا بطل والثاني أن لا يكون متقوما صح) فإما أن يتأتى تقدير.
التقوم فيه من غير فرض تغيير في الخلقة كما لو باع عبدا وحرا فإن الحر غير متقوم لكن يمكن تقدير القيمة فيه بفرض العبودية من غير تغير في الخلقة كما لو باع خلا وخمرا أو مذكاة
وميتة أو شاة وخنزيرا فإنه يصح البيع في الخل والمذكاة والشاة إذا عرفت هذا فنقول إذا باع عبده عبد غيره صفقة واحدة صح البيع في عبده ولا يقع البيع باطلا فيه
ويقف العقد في عبد الغير فإن أجاز البيع فيه لزم وإن فسخ بطل ويتخير المشترى حينئذ بين فسخ البيع في الجميع وبين أخذ عبده بقسطه من الثمن ذهب إليه علماؤنا وهو أحد قولي
الشافعي وبه قال مالك وأبو حنيفة لان كل واحد منهما لو انفرد بالعقد ثبت له حكمه فإذا جمع بينهما وجب أن يثبت لكل منهما حكم الانفراد لان العلة لهذا الحكم هو
المهية وهي باقية حالة الجمع فثبت مقتضاها كما لو باع شقصا مشفوعا وعبدا يثبت الشفعة في الشقص دون العبد كما لو انفرد ولان الصفقة اشتملت على صحيح وفاسد
فانعقد التصحيح في الصحيح وقصر الفاسد على الفاسد كما إذا شهد عدل وفاسق لا يقضى برد الشهادتين ولا بقبولهما بل تلك مقبولة وهذه مردودة ولو أخبر بصدق و
كذب في خبر واحد لا يقضى بصدقهما ولا بكذبهما ولما رواه محمد بن الحسن بن الصفار عن العسكري (ع) كتب إليه في رجل كانت له قطاع أرضين فحضره الخروج إلى مكة والمدينة
على مراحل من منزله ولم يكن له من المقام ما يأتي بحدود أرضه وعرف حدود القرية الأربعة فقال للشهود واشهدوا إني قد بعت من فلان يعنى المشترى جميع القرية التي
حد منها والثاني والثالث والرابع وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشترى ذلك وإنما له بعض القرية وقد أقر له بكلها فوقع (ع) لا يجوز بيع ما ليس بملك وقد
وجب الشراء من البايع على ما يملك والقول الثاني للشافعي إنه يبطل البيع في الجميع وعن أحمد روايتان
واختلفت الشافعية في التعليل فقال بعضهم لان اللفظة واحدة لا يتأتى
تبعيضها فإما أن يغلب حكم الحرام على الحلال أو بالعكس والأول أولي لان تصحيح العقد في الحرام ممتنع وإبطاله في الحلال غير ممتنع ولو باع درهما بدرهمين أو تزوج بأختين
حكم بالفساد تغليبا للحرمة على الحل وقال بعضهم إن الثمن المسمى يتوزع عليهما باعتبار القيمة ولا يدرى حصة كل واحد منهما عند العقد فيكون الثمن مجهولا وصار
كما لو قال بعتك عبدي هذا بما يقابله من الألف إذا وزع عليه وعلى عبد فلان فإنه لا يصح ونقلوا عن الشافعي قوليه في أن العلة هذه أم تلك والجواب الفرق بين الدرهمين
والأختين وبين صورة النزاع ظاهر لان أحد الدرهمين واحدى الأختين ليست أولي بالفساد من الأخرى فلهذا أفسدنا العقد فيهما وهنا بخلافه لان الفاسد تعين في
إحدى الصورتين بعينها دون الأخرى والعوض ليس مجهولا لأنه يجعل الجميع في مقابلة الجميع فسقوط بعضه لا يجعله مجهولا كأرش العيب. مسألة. لا فرق عندنا
بين أن يكون المضموم إلى ما يصح بيعه ما لا يصح بيعه بنص أو إجماع كما في العبد والحر أو ما ثبت التحريم فيه بغيرهما كما لو اشترى أمة وأم ولد وبه قال الشافعي لكن عندنا يصح
البيع فيما يصح فيه البيع ويتخير المشترى بعد العلم فيبطل في الباقي وللشافعي القولان السابقان وقال أبو حنيفة إن كان الفساد في أحدهما ثبت بنصف أو إجماع كالحر والعبد
فسد في الكل وإن كان قد ثبت بغير ذلك فسد فيما لا يجوز وصح فيما يجوز كالأمة وأم الولد وإذا باع ماله ومال غيره صح في ماله ووقف في مال غيره على الإجازة وقال فيمن
باع مذكى ومن ترك عليه التسمية عمدا إنه لا يصح في الكل وخالفه أبو يوسف ومحمد وقالوا فيمن باع عبدا بخمسمائة إلى العطا أو دينا على غيره فسد في الكل لان
الثمن والمثمن كل جزء منه يقابل بل جميع المبيع وهو ممنوع قال أبو حنيفة إذا باع عبده ومكاتبه فقد دخلا في العقد وكذا الأمة وأم الولد لان بيع أم الولد يلحقه الإجازة وهو أن يحكم
حاكم بصحة بيعه فإذا أدخلا فيه ثم فسد في أحدهما لعدم الإجازة لم يفسد في الاخر كما لو باع عبدين فتلف أحدهما لم ينفسخ العقد في الآخر وأما إذا باع حرا وعبدا فسد فيهما لان
الفساد في نفس العقد وقبول أحدهما شرط في قبول الآخر ألا ترى إنه لا يجوز أن يقبل في أحدهما فإذا فسد في أحدهما فسد في الآخر وهو ممنوع لأنه لا يدخل في العقد وحكم الحاكم إذا
وجد حكم بصحة العقد من حين وجد وقبل ذلك هو فاسد ولا يقف العقد عند الشافعي على الإجازة والقبول لا يصح في بعض المعقود عليه لامكانه في الجميع وهنا
لا يصح الايجاب إلا في أحدهما ولهذا صح القبول فيه خاصة ويبطل به إذا باع المذكى وما لم يسم عليه. مسألة. لو باع عبدا أو حرا صح البيع في العبد خاصة بقسطه من الثمن
وذلك بأن يفرض الحر عبدا أو ينظر قيمتهما ثم يبسط المسمى عليهما ويبطل ما قابل الحر ويتخير المشترى مع الجهل وللشافعية في صحة البيع في العبد طريقان أحدهما القطع بالفساد
وبه قال أبو حنيفة كما تقدم لان المضموم إلى العبد ليس من جملة المبيعات ولان الحاجة تدعوا إلى التوزيع والتوزيع هنا يحرج إلى تقدير شئ في الموزع عليه هو غير موجود
فيه وأصحهما عندهم طرد القولين قال الجويني ولو قلنا في صحة البيع قولان مرتبان على ما إذا باع عبدا مملوكا وآخر مغصوبا لأفاد ما ذكرنا من نقل الطريقين. مسألة
لو كان المشتري جاهلا بأن المضموم ملك الغير أو حرا أو مكاتبا أو أم ولد ثم ظهر له فقد قلنا إن البيع يصح فيما هو ملكه ويبطل في الآخر إن لم يجز المالك ويكون للمشترى الخيار
بين الفسخ والامضاء فيما يصح بيعه بقسطه من الثمن لأنه لم يسلم له المعقود عليه فكان له الفسخ ولو كان عالما صح البيع أيضا ولا خيار له وقطع الشافعي بالبطلان فيما إذا كان
عالما كما لو قال بعتك عبدي بما يخصه من الألف إذا وزع عليه وعلى عبد فلان وليس كذلك ولو كان المضموم إلى العبد مكاتبا أو أم ولد لان المكاتب وأم الولد يتقومان بالاتلاف
بخلاف الحر المضموم إلى العبد وليس بعيدا عندي من الصواب البطلان فيما إذا علم المشترى حرية الآخر أو كونه مما لا ينتقل إليه بالبيع كالمكاتب وأم الولد والصحة فيما إذا كان المضموم
ملك الغير. مسألة. لو باع خلا وخمر أو مذكاة وميتة أو شاة وخنزيرا صح البيع فيما يصح بيعه وبطل في الآخر ويقوم الخمر عند مستحليه وكذا الخنزير وقسط الثمن عليهما وللشافعي في
صحة البيع في الخل والمذكاة والشاة خلاف مرتب على الخلاف في العبد والحر والفساد هنا أولي لان تقدير القيمة غير ممكن هنا إلا بفرض تغير الخلقة وحينئذ لا يكون المقوم وهو المذكور
في العقد ولو رهن عبده وعبد غيره من إنسان أو وهبهما منه أو رهن عبدا وحرا أو رهنهما هل يصح الرهن والهبة في المملوك أما عندنا فنعم وأما عند الشافعي فيترتب ذلك
على البيع إن صححنا ثم فكذلك هنا وإلا فقولان مبنيان على العلتين إن قلنا بامتناع تجزية العقد الواحد فإذا تطرق الفساد إليه وجب أن لا ينقسم إذا لم يبن على الغلبة والسريان
كالعتق والطلاق فلا يصح وإن عللنا بجهالة العوض صح إذ لا عوض هنا حتى يفرض الجهل فيه وكذا لو تزوج مسلمة ومجوسية أو أخته وأجنبية لان جهالة العوض لا تمنع صحة النكاح
مسألة. إذا وقع تفريق الصفقة في الانتهاء فهو على قسمين الأول أن يكون اختيارا كما لو اشترى عبدين صفقة ثم مات أحدهما قبل القبض فيهما معا الثاني أن يكون
التفريق اختياريا كما لو اشترى عبدين صفقة ثم وجد بأحدهما عيبا أما الأول فلان العقد ينفسخ في التالف قطعا ولا ينفسخ في الباقي إلا أن يختار المشترى فسخه و
للشافعي طريقان أحدهما إنه على القولين فيما لو جمع بين مملوك وغير مملوك تسوية بين الفاسد المقرون بالعقد وبين الطارئ قبل القبض وأظهرهما عدم الانفساخ في الثاني
لأن الانفساخ طرأ بعد العقد فلا تأثير به للآخر كما لو نكح أجنبيتين دفعة واحدة ثم ارتفع نكاح إحديهما بردة أو رضاع لا يرتفع نكاح الأخرى ولأن علة الفساد (إما) أن يجمع
بين الحلال والحرام وإما جهالة الثمن ولم يوجد الجمع بين الحلال والحرام والثمن كله ثابت في الابتداء والسقوط طار فلا يؤثر في الانفساخ كما لو خرج المبيع معيب و
565

وتعذر الرد لبعض الأسباب والثمن غيره مقبوض يسقط بعضه على سبيل الأرش ولا يلزم فيه فساد العقد والطريقان جاريان فيما إذا تفرقا في السلم وبعض رأس المال
غير مقبوض أو في الصرف وبعض العوض غير مقبوض وانفسخ العقد في غير المقبوض هل ينفسخ في الباقي هذا إذا تلف أحدهما في يد البايع قبل أن يقبضهما فأما إذا قبض
أحدهما وتلف الآخر في يد البايع فالحكم عندنا كما تقدم للمشترى الخيار بين الفسخ في الجميع وأخذ الباقي بحصة من الثمن وعند الشافعي يترتب الخلاف في انفساخ العقد في
المقبوض على الصورة السابقة وهذه أولي بعدم الانفساخ لتأكيد العقد في المقبوض بانتقال الضمان فيه إلى المشترى هذا إذا كان المقبوض باقيا في يد المشترى فإن
تلف في يده ثم تلف الآخر في يد البايع فالقول بالانفساخ أضعف لتلف المقبوض على ضمانه وإذا قلنا بعدم الانفساخ فهل له الفسخ فيه للشافعية وجهان أحدهما
نعم ويرد قيمته والثاني لا وعليه حصة من الثمن ولو استأجر دارا مدة وسكنها بعض المدة ثم انهدمت الدار انفسخ العقد في المستقبل وهل ينفسخ في الماضي يخرج على الخلاف
في المقبوض التالف في يد المشترى فإن قلنا لا ينفسخ فهل له الفسخ فيه الوجهان وإن قلنا ليس له ذلك فعليه في المسمى ما يقابل الماضي وإن قلنا له الفسخ فعليه أجرة المثل
للماضي ولو تلف بعض المسلم فيه عند المحل والباقي مقبوض أو غير مقبوض وقلنا لو انقطع الكل انفسخ العقد انفسخ في المنقطع وفي الباقي الخلاف المذكور فيما إذا تلف
أحد الشيئين قبل قبضهما فإذا قلنا لا ينفسخ (فله الفسخ صح) فإن أجاز فعليه حصة من رأس المال لا غير وإن قلنا إذا إنقطع الكل لم ينفسخ العقد فالمسلم بالخيار إن شاء فسخ العقد
في الكل وإن شاء أجازه في الكل وهل ينفسخ في القدر المنقطع والإجازة في الباقي للشافعية قولان مبنيان على الخلاف الذي سيأتي. مسألة. وأما الثاني وهو أن
يكون اختياريا كما لو اشترى عبدين صفقة واحدة ثم وجد بأحدهما عيبا فهل له إفراده بالرد ذهب إليه علماؤنا (إلى المنع صح) وللشافعية قولان أحدهما هذا والمشهور إنه على قولين
وبنوها على جواز تفريق الصفقة فإن جوزناه يجوز الافراد وإلا فلا وقياس هذا البناء أن يكون قول التجويز أظهر لكن صرح كثير من الصايرين
إلى جواز التفريق بأن منع الافراد لان الصفقة وقعت مجتمعة ولا ضرورة إلى تفريقها فلا تفرق وهو ما اخترناه نحن والقولان مفروضان في العبدين وفي كل شيئين
لا تصل منفعة أحدهما بالآخر فأما في زوجي الخف ومصراعي الباب ونحوهما فلا سبيل إلى افراد المعيب بالرد قبل القبض ويجوز بعده والحق المنع من الافراد مطلقا وارتكب بعض الشافعية
طرد القولين فيه ولا فرق على القولين بين أن يتفق ذلك بعد القبض أو قبله وقال أبو حنيفة لا يجوز افراد المعيب بالرد قبل القبض ويجوز بعده إلا أن يتصل منفعة أحدهما
بالآخر فإن لم يجوز الافراد فلو قال رددت المعيب هل يكون هنا رد إليهما لبعض الشافعية وجهان أصحهما لا وهو أجود ولو رضي البايع بإفراده جاز في أصح الوجهين عندهم
فإن جوزنا الافراد فإذا رده أسترد قسطه من الثمن ولا يسترد الجميع وإلا لخلا بعض المبيع عن المقابل وعلى هذا القول لو أراد رد السليم والمعيب معا فله ذلك أيضا وفيه للشافعية
وجه ضعيف ولو وجد العيب بالعبدين معا وأراد إفراد أحدهما بالرد لم يكن له ذلك عندنا ويجرى القولان للشافعية هنا ولو تلف أحد العبدين أو باعه ووجد بالباقي
عيبا ففي إفراده قولان للشافعية مرتبان وهذه الصورة أولي بالجواز لتعذر ردهما جميعا فإن قلنا يجوز الافراد رد الباقي واسترد من الثمن حصته وسبيل التوزيع
تقدير العبدين سليمين وتقويهما وبسط الثمن المسمى على القيمتين ولو اختلفا في قيمة التالف فادعى المشترى ما يقتضى زيادة للواجب على ما اعترف به البايع فقولان
للشافعية أصحهما تقديم قول البايع مع يمينه لأنه ملك جميع الثمن بالبيع فلا رجوع عيه إلا بما اعترف به والثاني إن القول قول المشترى لأنه تلف في يده فأشبه الغاصب
مع المالك إذا اختلفا في القيمة كان القول قول الغاصب الذي حصل الهلاك في يده وإن قلنا لا يجوز الافراد فقولان أحدهما إنه يضم قيمة التالف إلى الباقي ويردهما و
يفسخ العقد لان النبي صلى الله عليه وآله أمر في المصراة برد الشاة وبدل اللبن الهالك فعلى هذا لو اختلفا قيمة التالف فالقول قول المشترى مع يمينه لأنه حصل التلف في يده وهو الغارم
ولهم في القيمة وجه آخر إن القول قول البايع لان المشترى يريد إزالة ملكه عن الثمن المملوك له وأصحهما إنه لا فسخ له ولكنه يرجع بأرش العيب لان الهلاك أعظم من العيب
ولو حدث عنده عيب لم يتمكن من الرد فعلى هذا لو اختلفا في قيمة التالف عاد القولان السابقان لأنه في الصورتين يرد بعض الثمن إلا أن على ذلك القول
يرد حصة الباقي وعلى هذا القول يرد أرش المعيب والنظر في قيمة التالف إلى يوم العقد أو يوم القبض فيه مثل الخلاف الذي سيأتي في اعتبار القيمة لمعرفة أرش العيب القديم. مسألة
لو باع شيئا يتوزع الثمن على أجزائه بعضه له وبعضه لغيره كما لو باع عبدا له نصفه أو صاع حنطة له نصفه والباقي لغيره صفقة واحدة صح فيما يملكه ويتخير المشترى مع فسخ المالك
الآخر البيع في قدر حصته ويبطل في الآخر مع الفسخ والشافعي رتب ذلك على ما لو باع عبدين أحدهما له والآخر لغيره إن صححنا فيما يملكه فكذا هنا وإلا فقولان وإن عللنا بالجمع
بين الحلال والحرام لم يصح وإن عللنا بجهالة الثمن صح لان حصة المملوك هنا معلومة ولو باع جميع الثمرة وفيها عشر الصدقة ففي صحة البيع في قدر الزكاة إشكال ينشأ
من أنه بالخيار بين إخراج العين وإخراج القيمة فإذا باعه كان قد اختار القيمة ومن أنه باع مال غيره والضمان يثبت بعد التضمين وللشافعية قولان فإن قلنا لا يصح
فالترتيب في الباب كما ذكرنا فيما لو باع عبدا نصفه لان توزيع الثمن على ما له بيعه وما ليس له معلوم على التفصيل أما لو باع أربعين شاة وفيها قدر الزكاة فالأقرب إنه
كالأول وقال الشافعي إن فرعنا على امتناع البيع في قدر الزكاة فالترتيب في الباقي كما مر فيما لو باع عبده وعبد غيره ومما يتفرع على التعليلين لو باع زيد عبده وعمرو
عبده صفقة بثمن واحد فإنه يصح (عندنا صح) ويوزع الثمن على القيمتين وللشافعية في صحة العقد قولان وكذا لو باع من رجلين عبدين له هذا من أحدهما وهذا من الآخر بثمن واحد
إن عللنا بالجمع بين الحلال والحرام صح وإن عللنا بجهالة العوض لم يصح لان حصة كل واحد منهما مجهولة. مسألة لو باع عبده وعبد غيره وسمى لكل منهما ثمنا فقال
بعتك هذا بمائة وهذا بخمسين فقال المشترى قبلت صح عندنا وكان له ما سماه في مقابلة عبده والشافعي بناه على العلتين فإن علل باجتماع الحلال والحرام فسد
العقد وإن علل بجهالة الثمن صح في عبده وللمشتري هنا الخيار أيضا لو فسخ مالك الآخر البيع فيه لتبعض الصفقة عليه. مسألة. إذا باع ماله ومال غيره صفقة واحدة
صح البيع في ماله فإن كان المشترى جاهلا بالحال فله الخيار لأنه دخل في العقد على أن يسلم له العبدان ولم يسلم فإن اختار الامضاء لزمه قسطه من الثمن وسقط عنه ما انفسخ
البيع فيه عند علمائنا وهو أصح قولي الشافعي لان الثمن يقسط على العينين على قدر قيمتها فكان له أخذه بما استحقه من الثمن ولا يلزمه اخذه بأكثر من ذلك فإن الثمن وقع في
مقابلتهما جميعا فلا يلزم في مقابلة أحدهما إلا قسطه والثاني إنه يلزمه جميع الثمن وبه قال أبو حنيفة لأنه لنا ذكر المضموم إلى ماله فيقع جميع الثمن في مقابلة ما صح العقد
فيه ولان الإجازة ببعضه تؤدى إلى جهالة العوض ولأنه لو تلف جزء من المبيع في يد البايع وصار معيبا كان بالخيار بين الإجازة بجميع الثمن أو الرد كذا هنا وفسخ البيع فيه لا يوجب
كون الكلام فيه لغوا بل يسقط من الثمن ما قابله ويمنع الجهالة ويمنع الإجازة بالجميع في المعيب سلمنا لكن العقد لا يقع متقسطا على الأجزاء واختلفه الشافعية فقال بعضهم
موضع القولين أن يكون المبيع مما يتقسط الثمن على قيمته فإن كان مما يتقسط على أجزائه فالواجب قسط المملوك من الثمن قولا واحدا والفرق إن التقسيط هنا لا يورث
جهالة الثمن عند العقد بخلاف ما يتقسط على القيمة ومنهم من طرد القولين وهو الاظهر لان الشافعي ذكر قولين فيما لو باع الثمرة بعد وجوب العشر فيها إن أفسدنا
566

البيع في قدر الزكاة دون غيره إن الواجب جميع الثمن أو حصته فإن قلنا الواجب جميع الثمن فلا خيار للبايع إذا ظفر بما ابتعناه وإن قلنا الواجب القسط فوجهان
أحدهما إن له الخيار إذا لم يسلم له جميع الثمن وأصحهما عندهم إنه لا خيار له لان التفريط منه حيث باع ما لا يملكه وطمع في ثمنه وإن كان المشترى عالما بالحال فلا خيار له كما لو اشترى معيبا
يعلم بعيبه ولم يلزمه من الثمن الوجه عندي إنه يلزمه القسط كالجاهل لأنه قابل جميع الثمن بجملة المبيع وهو
يقتضى توزيع الأجزاء على الأجزاء وهو إحدى وجهي الشافعية و
قطع جماعة منهم بوجوب الجميع لأنه التزم بالثمن عالما بأن بعض المذكور لا يقبل العقد ولو باع عبدا وحرا أو خلا وخمرا أو شاة وخنزيرا أو مذكاة وميتة صح العقد فيما
يقبله وكان المشترى جاهلا بالحال فأجازوا عالما قسط الثمن ولزمه بالنسبة والتقسيط بأن ينظر إلى قيمة هذه المحرمات عند مستحليها وهو قول بعض الشافعية ولهم
في قدر ما يلزمه من الثمن طريقان أحدهما القطع بوجوب الجميع لان ما لا قيمة له لا يمكن التوزيع على قيمته وأصحهما طرد القولين فإن قلنا الواجب قسط من الثمن فكيف
يعتبر هذه الأشياء وجهان أحدهما كما قلناه من النظر إلى القيمة عند مستحليه والثاني إنه يقدر الخمر (خلا ويوزع عليها باعتبار الأجزاء ويقدر الميتة مزكاة والخنزير شاة ويوزع عليها باعتبار القيمة وقال بعضهم يقدر الخمر صح) عصيرا والخنزير بقرة ولو نكح مسلمة ومجوسية في عقد واحد وصححنا
العقد في المسلمة لم يلزمه جميع المسمى للمسلمة إجماعا لأنا إذا أثبتنا الجميع في البيع كما قاله الشافعي أثبتنا الخيار أيضا وهنا لا خيار فايجاب الجميع إجحاف وقال بعض الشافعية
يلزم لها جميع المسمى لكن له الخيار في رد المسمى والرجوع إلى مهر المثل وهذا لا يدفع الضرر لان مهر المثل قد يساوى المسمى أو يزيد عليه إذا ثبت هذا فما الذي يلزمه
الأقوى عندي القسط من المسمى إذا وزع على مهر المثل المسلمة ومهر مثل المجوسية وهو أحد قولي الشافعي وأظهرهما إنه يلزمه مهر المثل ولو اشترى عبدين وتلف قبل
القبض أحدهما انفسخ العقد فيه ويثبت له الخيار في الباقي فإن أجاز فالواجب قسطه من الثمن لان الثمن وجب في مقابلتهما في الابتداء فلا ينصرف إلى أحدهما في الدوام
وقال بعض الشافعية يطرد القولين ولو باع شيئا من مال الربا بجنسه ثم خرج بعض أحد العوضين مستحقا وصححنا العقد في الباقي وأجاز فالواجب حصته إجماعا لان الفضل
بينهما حرام ولو باع معلوما ومجهولا لم يصح البيع في المجهول وأما في المعلوم فيصح لعدم المانع وعند الشافعي يبنى على ما كانا معلومين واحدهما لغيره إن قلنا لا يصح في ماله
لم يصح هنا في المعلوم وإن قلنا يصح فقولان مبنيان على إنه كم يلزمه في الثمن فإن قلنا الجميع كما هو قول بعض الشافعية صح ولزم (هنا صح) جميع الثمن وإن قلنا حصته من الثمن
كما اخترناه وذهب إليه بعض الشافعية لم يصح لتعذر التوزيع وحكى بعضهم قولا إنه يصح وله الخيار فإن أجاز لزمه جميع الثمن وليس شيئا. مسألة. لو كان الثمن يتوزع
على الأجزاء كقفيزي حنطة أحدهما له والآخر لغيره وباعهما من شخص فإنه يصح في المملوك دون غيره وهو قول الشافعي وكذا إذا رهن ما يجوز رهنه وما لا يجوز وإذا وهب ما لا يجوز
هبته وما لا يجوز أو تزوج أخته وأجنبية أو مسلمة ومجوسية صح فيما يجوز قولا واحدا عندنا وعند الشافعي لان الرهن والهبة لا عوض لهما والنكاح لا يفسد بفاسد العوض و
يتخير المشترى إذا صح البيع في المملوك كما قلناه وإذا أجاز بجميع الثمن فلا خيار للبايع قطعا وإن أخذه بقسطه ففي خيار البايع للشافعي وجهان أحدهما له الخيار لتبعض الثمن عليه و
الثاني لا خيار له لان التبعض من فعله حيث باع ما يجوز وما لا يجوز وهنا مسائل دورية لابد من التعرض لها. مسألة. لو باع مريض قفيز حنطة يساوى عشرين بقفيز
حنطة يساوى عشرة ومات ولا مال سواه جاز البيع في ثلثي قفيز بثلثي قفيز وبطل في الثلث وهو أحد قولي الشافعي والثاني إنه يبطل البيع والأصل فيه إن محاباة مرض
الموت كالهبة وساير التبرعات في اعتبار الثلث فإن زادت عليه ولم يخبر الورثة ما زاد كما لو باع عبدا يساوى ثلثين بعشرة ولا شئ له سواه رد البيع في بعض العبد وفي
الباقي للشافعية طريقان أحدهما القطع بصحة البيع فيه لأنه نفذ في الكل ظاهرا والرد في البعض تدارك حادث لان المحاباة في المرض وصية والوصية تقبل
من الغرر ما لا يقبله غيرها وأظهرهما عند أكثر الشافعية إنه على قولي تفريق الصفقة وإذا قلنا يصح البيع في الباقي ففي كيفيته قولان أحدهما أن البيع يصح في القدر
الذي تحتمله الثلث والقدر الذي يوازى الثمن بجميع الثمن ويبطل في الباقي لأنه اجتمع للمشترى معاوضة ومحاباة فوجب أن يجمع بينهما فعلى هذا يصح العقد في ثلثي
العبد بالعشرة ويبقى مع الورثة ثلث العبد وقيمته عشرة والثمن وهو عشرة وذلك مثلا المحاباة وهي عشرة وهذا اختيار الشيخ (ره) وجماعة من الشافعية وغيرهم ولا
دور على هذا القول والثاني إنه إذا إرتد البيع في بعض المبيع وجب أن يرتد إلى المشترى ما قابله من الثمن وهو الذي يختاره نحن فحينئذ يلزم الدور لان ما ينفذ فيه البيع
يخرج من التركة وما يقابله من الثمن يدخل فيها وما ينفذ فيه البيع يزيد بزيادة التركة وينقص بنقصانها فيزيد بحسب زيادة التركة وتزيد التركة بحسب زيادة المقابل
الداخل ويزيد المقابل بحسب زيادة المبيع وهذا دور ويتوصل إلى معرفة المقصود بطرق: منها أن ينظر إلى ثلث المال وينسبه إلى قدر المحاباة ويجبر البيع في المبيع بمثل نسبة
الثلث من المحاباة فنقول ثلث المال عشرة والمحاباة عشرون والعشرة نصفها فيصح البيع في نصف العبد وقيمة خمسة عشرة بنصف الثمن وهو خمسة كأنه اشترى سدسه بخمسه
وثلثه وصية له يبقى مع الورثة نصف العبد وهو خمسة عشر والثمن خمسة يبلغ عشرين وهو مثلا المحاباة. ومنها طريقة الجبر فيقول صح البيع في شئ من العبد وقابله من الثمن مثل (ثلث صح)
ذلك الشئ لان الثمن مثل ثلث العبد وبقى في يد الورثة عبد الأشياء لكن بعض النقصان انجبر بثلث الشئ العايد فالباقي عندهم عبد إلا ثلثي شئ فثلثا شئ قدر
قدر المحاباة وعبد إلا ثلثي شئ مثلاه وإذا كان عبد إلا ثلثي شئ مثلي ثلثي شئ كان عديلا لشئ وثلث شئ فإذا اجبرنا العبد بثلثي شئ وزدنا على عديله مثل ذلك
كان العبد عديلا لشيئين فعرفنا إن الشئ الذي نفذ فيه البيع نصف العبد إذا عرفت هذا فإن قلنا بقول الشيخ بطل البيع في صورة الربويين بلا خلاف لان مقتضاه
صحة البيع في قدر الثلث وهو ستة وثلثان وفي القدر الذي يقابل من قفيزه قفيزا بصحيح وهو نصفه فيكون خمسة أسداس قفيز في مقابلة قفيز وذلك ربا
وعلى ما اخترناه نحن يصح البيع في ثلثي قفيز المريض بثلثي قفيز الصحيح ويبطل في الباقي وقطع بعض الشافعية بهذا القول الذي اخترناه في الربوي لئلا يبطل غرض
الميت في الوصية فعلى طريقة النسبة ثلث مال المريض ستة وثلثان والمحاباة عشرة وستة وثلثان ثلثا عشرة فينفذ البيع في ثلثي القفيز وعلى طريقة الجبر
نفذ البيع في شئ وقابله من الثمن مثل نصفه فإن قفيز الصحيح نصف قفيز المريض وبقى في يد الورثة قفيز إلا شئ لكن حصل لهم نصف شئ فالباقي عندهم قفيز
إلا نصف شئ هو المحاباة وما في يدهم وهو قفيز ناقص بنصف شئ مثلاه وإذا كان قفيز ناقص بنصف شئ مثل نصف شئ كان عديلا للشئ الكامل فإذا جبرنا
وقابلنا صار قفيز كامل عديل شئ ونصف شئ فعرف إن الشئ ثلثا قفيز إذا عرفت هذا فنقول لا خيار هنا للورثة لأنا لو أثبتنا لهم الخيار لأبطلنا المحاباة
أصلا ورأسا بفسخ البيع ولا سبيل إليه لان الشرع سلطه على ثلث ماله ولو كانت المسألة بحالها لكن قفيز المريض يساوى ثلثين وقلنا بتقسيط الثمن صح البيع
في نصف قفيز بنصف القفيز ولو كان قفيز المريض يساوى أربعين صح البيع في أربعة إتساع القفيز بأربعة
إتساع القفيز ولو كان المريض قد أكل القفيز الذي
أخذ استوت المسائل كلها فيجوز بيع ثلث قفيز بثلث قفيز ولو أتلف المريض المحابى القفيز الذي أخذه ثم مات وفرعنا على الدور صح البيع في ثلثه بثلث قفيز صاحبه
سواء كانت قيمة قفيز المريض عشرين أو ثلاثين أو أكثر لان ما أتلفه قد نقص من ماله إماما صح فيه البيع فهو ملكه وقد أتلفه وأما ما بطل فيه البيع فعليه ضمانه فينتقص
567

قدر الغرم من ماله ومتى كثرت القيمة كان المصروف إلى الغرم أقل والمحاباة أكثر ومتى قلت كان المصروف إلى الغرم أكثر والمحاباة أقل مثاله إذا كانت قيمة قفيز المريض عشرين
وقيمة قفيز الصحيح عشرة وقد أتلفه المريض فعلى طريقة النسبة مال المريض عشرون وقد أتلف عشرة يحطها من ماله فيبقى عشرة كأنها كل ماله والمحاباة عشرة فثلث
ماله هو ثلث المحاباة فيصح البيع في ثلث القفيز على القياس الذي مر وعلى طريقة الجبر صح البيع في شئ من قفيز المريض ورجع إليه مثل نصفه فعند ورثته عشرون إلا نصف شئ
لكن قد أتلف عشرة فالباقي في أيديهم عشرة إلا نصف شئ وذلك مثلا نصف شئ فيكون مثل شئ فإذا جبرنا وقابلنا كانت عشرة مثل شئ ونصف شئ فالعشرة
نصف القفيز فيكون القفيز الكامل مثل ثلثة أشياء فالشئ ثلث القفيز وامتحانه أن نقول ثلث قفيز المريض ستة وثلثان وثلث قفيز الصحيح في مقابلة ثلثه وثلث فيكون
المحاباة بثلاثة وثلث وقد بقى في يد الورثة ثلثا قفيز وهو ثلاثة عشر وثلث يؤدى منه قيمة ثلثي قفيز الصحيح وهي ستة وثلثان ويبقى في أيديهم ستة وثلثان وهي
مثلا المحاباة ولو كان قفيز المريض يساوى ثلثين وباقي المسألة بحالها فعلى طريقة النسبة نقول مال المريض ثلثون وقد أتلف عشرة يحطها من ماله يبقى عشرون
كأنه كل ماله والمحاباة عشرون فثلث ماله هو ثلث المحاباة فصح البيع في ثلث القفيز وبالجبر نقول صح البيع في شئ من قفيز المريض ورجع إليه مثل ثلثه فالباقي ثلثون
إلا ثلثي شئ لكنه أتلف عشرة والباقي عشرون إلا ثلثي شئ وذلك مثلا ثلثي شئ فيكون مثل شئ وثلث شئ فإذا جبرنا وقابلنا كان عشرون مثل شيئين فعرفنا إن
الشئ عشرة وهي ثلث الثلثين وامتحانه أن نقول ثلث قفيز المريض عشرة وثلث قفيز الصحيح في مقابلة ثلث وثلث فالمحاباة ستة وثلثين وقد بقى في يدي الورثة ثلثا
قفيز وهو عشرون يؤدى منه قيمة ثلثي قفيز الصحيح وهي ستة وثلثان يبقى في أيديهم ثلاثة عشر وثلث وهي مثلا المحاباة هذا إذا تلف صاحب القفيز الجيد ما
أخذه أما إذا تلف صاحب القفيز الردى ما أخذه ولا مال له سوى قفيزه ففي الصورة الأولى وهي ما إذا كانت قيمة قفيزه عشرين وقيمة قفيز الاخر عشرة يصح
البيع في الحال في نصف القفيز الجيد وقيمته عشرة ويحصل للورثة في مقابلة نصف القفيز الردى وقيمته خمسة يبقى المحاباة بخمسه ولهم نصفه الآخر عن أمة لما أتلف عليهم
فيحصل لهم عشرة وهي مثلا المحاباة والباقي في ذمة متلف القفيز الجيد ولا يجوز المحاباة في شئ إلا بعد أن يحصل للورثة مثلاه وفي الصورة الثانية وهي ما إذا كانت
قيمة قفيزه ثلثين قال بعض الشافعية يصح البيع في نصف الجيد وهو خمسة عشر والمحاباة ثلثة وهو خمسة وقد حصل للورثة القفيز الردى وقيمته عشرة وهي ضعف
المحاباة فيبقى في ذمة المشتري خمسة عشر كلما حصل منها شئ جازت المحاباة في مثل ثلثه وغلطه بعضهم لأنا إذا صححنا البيع في نصف الجيد فإنما نصححه بنصف الردى
وهو خمسة فيكون المحاباة بعشرة لا بخمسة وإذا كانت المحاباة بعشرة فالواجب أن يكون في يد الورثة عشرون وليس في أيديهم إلا عشرة فالصواب أن يقول يصح في ربع القفيز
الجيد وهو سبعة ونصف بربع الردى وهو درهمان ونصف فيكون المحاباة بخمسة وفي يد الورثة ضعفها عشرة. مسألة. كما يعتبر محاباة المريض في البيع من الثلث.
كذا يعتبر محاباته في الإقالة من الثلث سواء قدرت الإقالة فسخا كما هو مذهبنا أو بيعا جديدا كما هو مذهب الشافعي إذا ثبت هذا فنقول إذا باع مريض قفيز
حنطة يساوى عشرين من مريض بقفيز حنطة يساوى عشرة ثم تقايلا وماتا في المرض والقفيزان بحالهما ولا مال لهما سواهما ولم تجز الورثة ما زاد من محاباتهما على الثلث
فإن منعنا من تفريق الصفقة كما هو مذهب الشافعي وقلنا بالتصحيح بجميع الثمن فلا بيع ولا إقالة وإن قلنا بالتصحيح بالقسط فيدور كل واحد مما نفذ فيه البيع
والإقالة على الآخر لان البيع لا ينفذ إلا في الثلث وبالإقالة يزيد ماله فيزيد ما نفذ فيه البيع وإذا زاد ذلك زاد مال الثاني فيزيد ما نفذ فيه الإقالة فالطريق أن نقول
صح البيع في شئ من القفيز الجيد ورجع إليه من الثمن نصف ذلك فبقى في يده عشرون إلا نصف شئ وفي يد الآخر عشرة ونصف شئ ثم إذا تقايلا فالإقالة فيهما
تصح في ثلث مال المقيل فيأخذ ثلث عشرة ونصف شئ وهو ثلثة وثلث سدس شئ فيضمه إلى مال الأول وهو عشرون إلا نصف شئ يصير ثلاثة وعشرين
وثلثا إلا ثلث شئ وهذا يجب أن يكون مثلي المحاباة أولا وهو نصف شئ فيكون ذلك كله مثل شئ فإذا جبرنا وقابلنا كان ثلاثة وعشرون وثلث مثل شئ وثلث
شئ يبسط الشئ والثلث أثلاثا يكون أربعة والشئ ثلثة أرباعه فإذا أردنا أن نعرف كم الشئ من ثلاثة وعشرين وثلث فسبيله أن يصحح السهام بأن يجعل كل عشرة
ثلثة لان الزايد على العشرين ثلثة وثلث وهو ثلث العشرة فإذا جعلنا كل عشرة ثلثة أسهم صار عشرون وثلاثة وثلث سبعة أسهم فيزيد قسمتها على الأربعة والسبعة
لا تنقسم على الأربعة فيضرب سبعة في أربعة يكون ثمانية وعشرين فالشئ ثلثة أرباعها وهي أحد وعشرون فإذا عرفنا ذلك رجعنا إلى الأصل وقلنا العشرون
التي كانت قيمة القفيز صارت أربعة وعشرين لأنا ضربنا كل ثلثة وهي سهام العشرة في أربعة فصارت اثني عشر فيكون العشرون أربعة وعشرين وقد صح البيع في أحد و
عشرين وذلك سبعة أثمان أربعة وعشرين فإذا عرفنا ذلك وأردنا التصحيح من غير كسر جعلنا القفيز الجيد ستة عشر والقفيز الردى ثمانية وقلنا صح البيع في
سبعة أثمان الجيد وهي أربعة عشر بسبعة أثمان الردى وهي سبعة فتكون المحاباة سبعة ويبقى في يد بايع الجيد منه سهمان بقيا عنده وسبعة أخذها عوضا ويحصل
في يد الآخر خمسة عشر لأنه أخذ أربعة عشر وكان قد بقى في يده سهم فلما تقايلا نفذت الإقالة في عشرة وهي خمسة أثمان القفيز الجيد بخمسة أثمان القفيز الردى وهي خمسة
فقد اعطى عشرة فأخذ خمسة فالمحاباة بخمسة والحاصل من ذلك كله المستقر في يد الأول أربعة عشر مثلا محاباته سبعة وفي يد الثاني عشرة مثلا محاباته خمسة ولو
كانت المسألة بحالها والقفيز الجيد يساوى ثلثين فنقول صح البيع في شئ منه ورجع إليه من الثمن مثل ثلث ذلك الشئ فبقى في يده ثلثون إلا ثلثي شئ وفى يد الآخر
عشرة وثلثا شئ فإذا تقايلا أخذنا ثلث عشرة وثلثي شئ وذلك ثلثه دراهم وثلث وتسعا شئ يضم إلى مال الأول فيصير ثلثه وثلثين وثلثا إلا أربعة إتساع
شئ وهو مثل المحاباة وهي ثلثا شئ فيكون شئ وثلث شئ فإذا جبرنا وقابلنا صار ثلثة وثلثون وثلث مثل شئ وسبعة إتساع شئ فعلمنا إن ثلثه وثلثين
وثلثا يجب أن يقسم على شئ وسبعة إتساع شئ فيبسط هذا المبلغ إتساعا يكون ستة عشر الشئ منه تسعة والعدد المذكور لا ينقسم على ستة عشر فيصحح السهام
بأن يجعل كل عشرة ثلثه لان الزايد على الثلثين ثلثة وثلث وذلك ثلث العشرة فإذا فعلنا ذلك صارت ثلثة وثلثون ثلث عشرة أسهم يحتاج إلى قسمتها على
ستة عشر وعشرة لا تنقسم على ستة عشر لكن بينهما توافق بالنصف فيضرب جميع أحدهما في نصف الاخر يكون ثمانين فيرجع إلى الأصل ونقول الثلاثون التي كانت
قيمة القفيز صارت اثنين وسبعين والشئ كان تسعة من ستة عشر صار مضروبا في نصف العشرة وهو خمسة صارت خمسة وأربعين وذلك خمسة أثمان اثنين وسبعين
فعرفنا صحة البيع في خمسة أثمان القفيز الجيد فإن أردنا التصحيح على الاختصار من غير كسر جعل القفيز الجيد أربعة وعشرين ليكون للقفيز الردى الذي هو ثلثه ثمن
صحيح فنقول صح البيع في خمسة أثمان الجيد وهي خمسة عشر بخمسة أثمان الردى وهي خمسة فيكون المحاباة بعشرة ويبقى في يد بايع الجيد أربعة عشر تسعه بقيت عنده
وخمسة أخذها عوضا ويحصل في يد الآخر ثمانية عشر لأنه أخذ خمسة عشر وكان قد بقى عنده ثلثة فلما تقايلا نفذت الإقالة في تسعة وهي ثلثة أثمان الجيد بثلاثة
568

أثمان الردى وهي ثلثه فقد اعطى تسعة وأخذ ثلثه يكون المحاباة بستة ويستقر في يد الأول عشرون تسعة أخذها بحكم الإقالة وأحد عشر هي التي بقيت عنده من
أربعة عشر بعد رد الثلاثة وذلك مثل محاباته عشرة وفي يد الثاني اثني عشر ثلثة أخذها بحكم الإقالة وتسعة بقيت عنده من ثمانية عشر بعد رد التسعة وذلك مثلا
محاباة وهنا طريقة سهلة المأخذ مبنية على أصول ظاهرة منها إن القفيز الجيد في هذه المسائل يعتبر بالأثمان فيقدر ثمانية أسهم وينسب الردى إليه باعتبار الأثمان
ومنها أن محاباة صاحب الجيد لا يبلغ أربعة أثمان أبدا ولا ينقص عن ثلثة أثمان أبدا بل يكون بينهما فإذا أردت أن تعرف قدرها فانسب القفيز الردى إلى الجيد وخذ مثل
تلك النسبة من الثمن الرابع وإذا أردت أن تعرف ما يصح البيع فيه من القفيز فأنسب الردى إلى المحاباة في الأصل ورد مثل تلك النسبة على التبرع فالمبلغ هو الذي يصح
فيه البيع وإذا أردت أن تعرف ما يصح فيه تبرع المقيل فانظر إلى تبرع بايع الجيد واضربه في ثلثة أبدا وقابل الحاصل من الضرب بالقفيز الجيد فما زاد على القفيز (فهو صح) تبرعه
فإن أردت أن تعرف ما صحت فيه الإقالة فرد على تبرعه بمثل (نسبة صح) زيادتك على تبرع صاحبه فالمبلغ هو الذي صحت الإقالة فيه مثاله في الصورة الأولى نقول القفيز الجيد
ثمانية والردئ أربعة فالردى نصف الجيد فالتبرع في ثلثة أثمان ونصف ثمن وإذا نسبنا الردى إلى أصل المحاباة وجدناه مثله لان المحاباة عشرة من عشرين فيزيد
على المتبرع مثله يبلغ سبعة أثمان فهو الذي صح البيع فيه فإذا أردنا أن نعرف تبرع المقيل ضربنا تبرع الأول في ثلثة يكون عشرة ونصفا وزيادة هذا المبلغ على الثمانية
اثنان ونصف فعرفنا أن تبرعه في ثمنين ونصف فإذا أردنا أن نعرف ما يصح فيه الإقالة زدنا على الثمنين والنصف مثله (يكون صح) خمسة أثمان ولا يخفى تخريج الصورة الأخرى
ونحوها على هذه الطريقة. مسألة. إذا جمع في صفقة واحدة بين شيئين فإما أن يكون في عقد واحد وقد تقدم حكمه وإما أن يكون في عقدين مختلفي
الحكم كما إذا جمع في صفقة واحدة بين إجارة وسلم أو نكاح وبيع أو إجارة وبيع وهو عندنا جايز للأصل وقوله تعالى " أوفوا بالعقود " ولأنهما عقدان يصحان منفردين فجاز
جمعهما في عقد واحد كما لو تماثلا ويقسط المسمى على أجرة المثل وثمن المثل أو مهر المثل وثمن المثل وهو أصح قولي الشافعي وفي (الآخران صح) العقدين معا يبطلان لأنهما مختلفا الحكم
فإن الإجارة والسلم مختلفان في أسباب الفسخ والانفساخ وكذا النكاح والبيع والإجارة والبيع يختلفان في الحكم أيضا فإن التأقيت يشترط في الإجارة ويبطل البيع
وكمال القبض في الإجارة لا يتحقق إلا بانقضاء المدة لأنه قبل ذلك معرض للانفساخ بخلاف البيع وإذا اختلفت الاحكام فربما يعرض ما يوجب فسخ أحدهما فيحتاج إلى التوزيع
ويلزم الجهالة وهو غلط فإن اختلاف الحكم لا أثر له كما لو باع شقص دار وثوبا فإنهما اختلفا في حكم الشفعة واحتجنا إلى التوزيع فيه وصورة الإجارة والسلم أن
يقول آجرتك هذه الدار سنة وبعتك العبد سلما بكذا والإجارة والبيع أن يقول بعتك هذا الثوب وآجرتك داري سنة بكذا والنكاح والبيع بعتك هذه الجارية
وزوجتك ابنتي بكذا وعلى قول الشافعي ما إذا جمع بين عين وسلم أو بيع صرف وغيره بأن باع دينارا وثوبا بدراهم لاختلاف الحكم فإن قبض رأس المال شرط في
السلم والتقابض شرط في الصرف ولا يشترط ذلك في ساير البيوع ولو قال زوجتك ابنتي وبعتك عبدها بكذا فهو جمع بين بيع ونكاح ولا خلاف في صحة النكاح أما البيع
والمسمى في النكاح فإنهما عندنا صحيحان أيضا وللشافعي القولان إن صح وزع المسمى على قيمة المبيع ومهر مثل المرأة وإلا وجب في النكاح مهر المثل عنده ولو جمع بين بيع
وكتابة بأن قال لعبده كاتبتك على نجمين وبعتك عبدي بألف صحا عندنا وأما الشافعي فإن حكم بالبطلان في صورة النكاح فهنا أولي وإلا فالبيع باطل إذ ليس للسيد
البيع منه قبل أداء النجوم وفي الكتابة قولان وقال بعض الشافعية هذا لا يعد من صور تفريق الصفقة لأنا في قول يبطل العقدين جميعا وفي قول نصححهما جميعا فلا تفريق
مسألة. إنما يثبت الخلاف لو اتحدت الصفقة أما إذا تعددت فلا بل يصح الصحيح ويبطل الباطل فلو باع ماله في صفقة وما لغيره في أخرى صحت الأولى إجماعا
ويتعدد العقد إذا عين لكل شئ ثمنا مفصلا فيقول بعتك هذا بكذا أو هذا بكذا فيقول المشترى قبلت ذلك على التفصيل ولو جمع المشترى بينهما في القبول فقال
قبلت فيهما فكذلك وبه قال الشافعي لان القبول ترتب على الايجاب فإذا وقع مفرقا فكذا القبول وقال بعض الشافعية إن لم يجوز تفريق الصفقة لم يجز الجمع في القبول
ولو تعددت البايع تعددت الصفقة أيضا وإن اتحد المشترى والمعقود عليه كما لو باع اثنان عبدا من رجل صفقة واحدة وبه قال الشافعي وهل يتعدد الصفقة
بتعدد المشترى خاصة كما لو اشترى اثنان عبدا من رجل المشهور عند علمائنا عدم التعدد فليس لهما الافتراق في الرد بالعيب وعدمه لان المشترى بان على الايجاب
السابق فالنظر إلى من صدر منه الايجاب وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما عنده التعدد كما في طرف البايع. مسألة. من فوايد التعدد والاتحاد إنا إذا حكمنا
بالتعدد فوفى أحد المشتريين نصيبه من الثمن وجب على البايع تسليم قسطه من المبيع كما يسلم المشاع وإن حكمنا بالاتحاد لم يجب تسليم شئ إلى أحدهما وإن وفي جميع ما عليه
حتى يوفى الآخر لثبوت حق الحبس للبايع كما لو اتحد المشترى ووفي بعض الثمن لا يسلم قسطه من المبيع وفيه وجه للشافعية إنه يسلم إليه قسطه إذا كان المبيع مما يقبل القسمة
ومنها إنا إذا قلنا بالتعدد فلو خاطب واحد رجلين فقال بعت منكما هذا العبد بألف فقبل أحدهما نصفه بخمسمائة ففي صحته للشافعية وجهان الصحة لأنه في حكم
صفقتين وأصحهما البطلان لان الايجاب وقع عليهما وإنه يقتضى جوابها جميعا ويجرى الوجهان فيما لو قال مالكا
عبد لرجل بعنا منك هذا العبد بألف فقبل نصيب
أحدهما بعينه بخمسمائة ولو باع رجلان عبدا مشتركا بينهما من إنسان هل لأحدهما أن ينفرد بأخذ شئ من الثمن وجهان للشافعية أحدهما لا والثاني نعم والأول مذهبنا
مع اتحاد الصفقة مسألة. هل الاعتبار في الواحدة والتعدد بالعاقد الوكيل أو المعقود له الموكل كما لو وكل رجلان رجلا بالبيع أو بالشراء وقلنا إن الصفقة
يتعدد بتعدد المشترى أو وكل رجل رجلين بالبيع أو الشراء فيه للشافعية وجوه أحدهما أن الاعتبار بالعاقد لان أحكام العقد يتعلق به ولهذا يعتبر رؤيته دون
رؤية الموكل وخيار المجلس يتعلق به دون الموكل والثاني إن الاعتبار بالمعقود له لان الملك يثبت له والثالث إن الاعتبار في طرف البيع بالمعقود له في طرف الشراء
بالعاقد والفرق إن العقد يتم في جانب الشراء بالمباشرة دون المعقود له وفي جانب البيع لا يتم بالمباشر حتى لو أنكر المعقود الاذن بطل البيع وهذا الفرق
إنما يتم فيما إذا كان الشراء بثمن في الذمة أما إذا وكله في الشراء بمعين فهو كالوكيل بالبيع والرابع إن الاعتبار في جانب الشراء بالموكل وفي البيع بهما جميعا فأيهما تعدد
تعدد العقد لأن العقد يتعدد بتعدد الموكل في حق الشفيع ولا يتعدد بتعدد الوكيل حتى لو اشترى الواحد شقصا لاثنين كان للشفيع أن يأخذ حصة أحدهما
وبالعكس لو اشترى وكيلان شقصا لواحد لم يجز للشفيع أخذ بعضه وفي جانب البيع حكم تعدد الوكيل والموكل واحد حتى لو باع وكيل رجلين شقصا من رجل
ليس للشفيع أخذ بعضه وإذا ثبت ما ذكرناه في حكم الشفعة فكذا في ساير الأحكام ويتفرع على هذه الوجوه. فروع: - آ - لو اشترى شيئا بوكالة رجلين
فخرج معيبا وقلنا الاعتبار بالعاقد فليس لأحد الموكلين رد نصيبه خاصة كما لو اشترى ومات عن اثنين وخرج معيبا لم يكن لأحدهما رد نصيبه خاصة وهل
لاحد الموكلين أو الاثنين أخذ الأرش أما عندنا فنعم وأما عند الشافعي فكذلك إن وقع اليأس عن رد الآخر بأن رضي به وإن لم يقع فكذلك على أصح الوجهين
569

- ب - لو وكلا واحدا ببيع عبد لهما أو وكل أحد الشريكين صاحبه فباع الكل ثم ظهر عيب فعلى الأول لا يجوز للمشترى نصيب أحدهما وعلى الوجوه الباقية يجوز ولو وكل
رجل اثنين ببيع عبده فباعاه من رجل فعلى الأول يجوز للمشترى رد نصيب أحدهما وعلى الوجوه الباقية لا يجوز ولو وكل رجلا بشراء عبد أو وكل رجل رجلا بشراء
عبد له ولنفسه ففعل وظهر العيب فعلى الأول والثالث لاحد الموكلين إفراد نصيبه بالرد وعلى الثاني والرابع يجوز وقال القفال إنه إن علم البايع أنه يشترى
لاثنين فلأحدهما رد نصيبه لرضاء البايع بالتبعيض وإن جهله البايع فلا ولا بأس به عندي - ج - لو وكل اثنان رجلا ببيع عبد ورجلان رجلا بشرائه فتبايع الوكيلان
وخرج معيبا فعلى الأول لا يجوز التفريق وعلى الوجوه الباقية يجوز ولو وكل رجل رجلين ببيع عبد ورجل رجلين بشرائه وتبايع الوكلاء فعلى الأول يجوز التفريق ولا
يجوز على الوجوه الباقية. المقصد السادس. فيما يندرج في المبيع وضابطه الاقتصار على ما يتناوله اللفظ لغة وعرفا والألفاظ التي تمس الحاجة
إليها ستة تشتمل عليها مباحث ستة الأول الأرض. مسألة. إذا قال بعتك هذه الأرض أو العرصة والساحة أو البقعة تناول اللفظ ما دل عليه
حقيقة وهو نفس الأرض فلو كان فيها ما هو متصل بها كالأشجار والأبنية أو منفصل كالأمتعة وشبهها لم يدخل ولا خلاف في الثاني إلا فيما يستثنى من المفتاح
وشبهه وإنما اختلفوا في الأول فإذا قال بعتك هذه الأرض دون ما فيها من البناء والشجر لم يدخلا إجماعا وإن قال بعتكها بما فيها أو بما اشتملت عليه حدودها
دخلا قطعا وإن أطلق لم تدخل عندنا لخروجها عن مسمى الأرض وقال الشافعي هنا إنه يدخل في البيع وقال في الرهن إذا قال رهنتك هذه الأرض ولم يقل بحقوقها
لم يدخل الشجر والبناء في الرهن واختلف أصحابه على طرق ثلاثة أحدها إن البناء والغراس لا يدخل في بيع الأرض إذا كان مطلقا وكذلك في الرهن والذي قال هنا
أراد به إذا قال بحقوقها لان الأرض اسم لا يتناول البناء والشجر وهما ينفردان عنها في البيع فلم يدخلا في البيع باسم الأرض الثاني إن جوابه مختلف ولا فرق بين المبيع و
الرهن فيكون المسئلتان على قولين أحدهما لا يدخل فيهما البناء والشجر والثاني يدخلان لأنهما للدوام والثبات في الأرض فأشبهت أجزاء الأرض ولهذا يلحق بها
في الاخذ بالشفعة الثالث الفرق بين البيع والرهن فإن البيع يزيل الملك فهو أقوى من الرهن الذي لا يزيله ويفيد البيع ملك ما يحدث في الأرض من الشجر بخلاف
الرهن فليستتبع البيع البناء والشجر ولهذا كان النماء الحادث في (أصل البيع للمشترى ولم يكن النماء الحادث في صح) الأصل المرهون مرهونا وهذا الثالث عندهم أوضح الطرق لا يقال لو باع النخل لم يدخل فيه
الثمرة وإن كانت متصلة لأنا نقول الثمرة لا تراد للبقاء فليست من حقوقها بخلاف البناء والشجر والوجه ما قلناه أولا. مسألة. لو قال بعتك هذه
الأرض بحقوقها ففي دخول البناء والشجر إشكال عندي أقربه عدم الدخول لان ذلك ليس من حقوق الأرض بل حقوقها الممر ومجرى الماء وأشباه ذلك وقال
الشيخ (ره) يدخل وبه قال الشافعي وحكى الجويني في وجه أنه لا يدخل كما قلناه وقد روى محمد بن الحسن الصفار عن العسكري (ع) في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة
فيها زرع ونخل وغيرهما من الشجر ولم يذكر النخل والزرع ولا الشجر في كتابة وذكر فيه إنه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها أيدخل النخل والأشجار
والزرع في حقوق الأرض أم لا فوقع (ع) إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها فهذا الخبر صحيح لا ريب فيه إنما المشكل صورة النزاع فإنه فرق
بين أن يبيع الأرض بحقوقها وهو المتنازع وبين أن يبيعها بما يغلق عليه بابها الذي هو الجواب فإن الشجر والبناء والزرع والبذر وأصل البقل يدخل في الصورة
الثانية وكذا لو قال بعتك الأرض بما فيها أو ما اشتملت عليه حدودها. مسألة. الزرع قسمان - آ - ما لا يتعدد فايدته وثمرته بل يوجد مرة واحدة كالحنطة
والشعير والدخن وغيرها وهذا لا يدخل في الأرض لو قال بعتك هذه الأرض لأنه ليس للدوام والثبات فكان كالأمتعة في الدار وكذا لا يدخل في الأرض الجرز
الثابت ولا الفجل ولا السلق ولا الثوم كالحنطة والشعير وبه قال الشافعي أما لو قال بعتك هذه الأرض بحقوقها فإن هذا القسم من الزرع لا يدخل عندنا لان الثابت
المستمر كالبناء والغرس لا يدخل فغيره أولي بعدم الدخول وبه قال الشافعي - ب - ما يتعدد فايدته ويوجد ثمرته مرة بيد أخرى في سنتين وأكثر كالقطن والباذنجان
والنرجس والبنفسج ولا يدخل في الأرض أصولها عندنا وإن قال بحقوقها وللشافعي قولان كالأشجار وأما الظاهر من ثمارها عند العقد فهو للبايع وفي النرجس والبنفسج
وجه للشافعية إنهما من قبيل الزرع لا يدخلان وأما ما يجز مرارا كالقت والقصب والهندباء والكراث والنعناع والكرفس والطرخون فلا تدخل في الأرض عندنا و
إن قال بحقوقها لا ما ظهر منها ولا أصولها وقال الشافعي لا يدخل الجزة الظاهرة عند البيع بل هي للبايع وفي دخول الأصول الخلاف وعند بعضهم إنما تدخل قطعا في
بيع الأرض لأنها كامنة فيها بمنزلة أجزائها وبالجملة كل زرع لا يدخل في البيع لا يدخل وإن قال بعت الأرض بحقوقها عند الشافعي. مسألة. إذا باع الأرض وفيها
زرع كان البيع صحيحا عملا بالأصل كما لو باع دارا مشغولة بأمتعة البايع وبه قال الشافعي وقال أبو إسحاق من الشافعية إن للشافعي فيها قولين كما لو باع العين المستأجرة فإن
فيها قولين باعتبار استثناء المنفعة والمعتدة إذا استحقت السكنى في الدار لم يجز بيعها عندهم قولا واحدا وأنكر باقي أصحاب الشافعي عليه وفرقوا بينهما لان بقاء الزرع
في الأرض لا يحول بين يدي المشترى وبين الأرض وإنما للبايع ترك الزرع والدخول للحاجة إلى ذلك بخلاف المستأجر والمعتدة فإن يدهما حايلة وفرق بينهما ولهذا
لو زوج أمته وباعها يصح البيع قولا واحدا لان يد الزوج ليس حايلة وإنما ينتفع ببعض منافعها قالوا ولو كان الامر على ما قاله أبو إسحاق لكان البيع هنا باطلا قولا واحدا
لان مدة إكمال الزرع مجهولة. مسألة. إذا ثبت إن البيع صحيح وإن الزرع للبايع فإن له تبقيته إلى أوان الحصاد بغير أجرة عليه في المدة وبه قال الشافعي لان تبقية
الزرع مستثناه من بيعه فكأنه باع العين دون المنفعة وقال أبو حنيفة ليس له ذلك لأنه بالبيع ملك المشتري المنافع وهو ممنوع إذا ثبت هذا فإنه إذا حضر وقت الحصاد أمر
بالقطع وتفريغ الأرض وعليه تسويتها وقلع العروق التي يضر بقاؤها بالأرض كعروق الذرة كما لو كان في الدار دابة لا يتسع لها الباب فإنها تنقض وعلى البايع ضمانه
ولو قطع البايع الزرع قبل أوان حصاده لم يكن له الانتفاع بالأرض وكانت المنفعة للمشترى لأنه إنما استحق تبقية هذا الزرع قضاء للعادة بالتبقية ولئلا يتضرر بقطعه و
هذه الضرورة فقد زالت فإذا أزاله لم يكن له الانتفاع بمكانه كما لو باع دارا فيها قماش له فإن عليه نقله بمجرى العادة فإن جمع الحمالين ونقله في ساعة واحدة لم يكن له
حبس الدار إلى أن يمضى زمان العادة في النقل والتفريغ كذا هنا وإذا ترك الزرع حتى استحصد وجب عليه نقله بحسب الامكان فإن أراد تبقيته لأنه أنفع له لم يترك فإذا
حصده فإن بقى له أصول لا تضر بالأرض لم يكن عليه نقلها وإلا وجب. مسألة. إذا كان المشترى جاهلا بالزرع بأن تقدمت رؤيته للأرض قبل البيع وقبل الزرع ثم باعها
بعده كان له الخيار في فسخ البيع لنقص المبيع عادة وعدم تمكنه من الانتفاع به عقيب العقد وهو مقتضاه وإن شاء أجاز البيع مجانا بغير أرش ولا أجرة وإن كان عالما
لزمه البيع وسقط خياره كعالم العيب قبل المبيع وإذا خلى البايع بينه وبين الأرض المشغولة بزرعه كان إقباضا له وهل يدخل في ضمان المشترى بذلك الأقرب ذلك
وإن تعذر انتفاعه بها لشغل الزرع المتقدم وهو أظهر قولي الشافعية لحصول التسليم في الرقبة وهي المبيعة والثاني لا يدخل في ضمان المشترى لأنها مشغولة بملك البايع
570

كما ذكرنا فيما إذا كانت الدار مشحونة بأمتعة البايع والمعتمد الأول والفرق إن التفريغ في الأمتعة متات في الحال على أن الجويني اورد فيها وجها أيضا. مسألة. إذا كان
في الأرض أصول لما يجر مرة بعد أخرى فقد قلنا إنها لا تدخل في بيع الأرض وقال الشافعي يدخل فعلى قوله يشترط المشترى على البايع قطع الجزة الظاهرة لأنها تزيد ويشتبه
المبيع بغيره وكذا عندنا لو شرط دخول أصولها في العقد ولا فرق بين أن يكون ما ظهر بالغا أوان الجز أو لا يكون قال بعض الشافعية إلا القصب فإنه لا يكلف قطعه إلا أن
يكون ما ظهر قدرا ينتفع به ولو كان في الأرض أشجار خلاف يقطع من وجه الأرض فهي كالغصب. مسألة. لو كان في الأرض بذر كامن لم يظهر لم يدخل في بيع الأرض وإن قال
بحقوقها على ما تقدم وقال الشافعي هنا بالتفصيل الذي ذكره في الزرع فالقدر الذي لا ثبات لنباته ويوجد دفعة واحدة لا يدخل في بيع الأرض المبيعة ويبقى إلى أوان
الحصاد وللمشتري الخيار مع جهله فإن تركه البايع له سقط خياره وعليه القبول قاله الشافعي وعندي فيه إشكال ولو قال البايع أنا آخذه وأفرغ الأرض فلا خيار
للمشترى أيضا إن قصر الزمان (وإلا صح) فله الخيار وأما البذر الذي تقدم نباته كنوى النخل والجوز واللوز وبذر الكراث ونحوه من البقول فإن حكمها في الدخول تحت بيع
الأرض حكم الأشجار لأن هذه الأصول تركت في الأرض للتبقية فهي كأصول الشجر إذا غرمت والحق ما قلناه نحن من عدم الدخول في القسمين عملا بالأصل واستصحاب
ملك البايع. مسألة إذا باع أرضا وفيها حجارة فإما أن تكون مخلوقة فيها أو لا فإن كانت مخلوقة دخلت في بيع الأرض مع الاطلاق لأنها من جملة الأرض ثم إن
كانت مضرة بالغراس ويمنع عروقه من النفوذ فإن كان المشترى عالما بذلك فلا خيار له وإن لم يكن عالما ثبت له الخيار لان ذلك عيب وبه قال الشافعي وفي وجه آخر
له إنه ليس بعيب وإنما هو فوات فضيلة وإن لم يضر بالأرض ولا بالشجر بأن تكون بعيدة من وجه الأرض لا يصل إليها عروق الشجر فلا خيار للمشترى لان ذلك ليس بعيب
وأما إن لم تكن مخلوقة في الأرض فإما أن يكون مبنية فيها مدرجة في البناء فإنها أيضا تدخل في الأرض إن قلنا بدخول البناء أو اشترط دخوله وإما أن تكون مودعة
فيها مدفونة للنقل لم تدخل في البيع وبه قال الشافعي لأنها بمنزلة الكنوز والأقمشة في الدار وقد تركت في الأرض للنقل والتحويل وإذا كانت للبايع عند الاطلاق
فإما أن يكون المشترى عالما بالحال من كونها في الأرض وضررها أو جاهلا فإن كان عالما فلا خيار له في فسخ العقد وإن تضرر بقلع البايع وله إجبار البايع على القلع
والنقل تفريغا لملكه لأنه لا عرف في تبقيتها بخلاف الزرع فإن له أمدا ينتظر ولا أجرة للمشترى في مدة القلع والنقل وإن طالت كما لو اشترى دارا فيها أقمشة وهو عالم
بها لا أجرة في مدة النقل والتفريغ وعلى البايع إذا نقل تسوية الأرض لان الحفر حصل بنقل ملكه من غير تعد من صاحب الأرض فكان عليه تسويتها وإن
كان جاهلا بالحجارة أو علمها وجهل ضررها فالأحوال أربعة - آ - أن لا يكون في ترك الحجارة ولا في قلعها ضرر فإن لم يحوج النقل وتسوية الأرض إلى مدة لمثلها أجرة ولم
تنقص الأرض بها فللبايع النقل لأنها ملكه وعليه تسوية الأرض ولا خيار للمشترى إن كان الزمان يسيرا وإن كان كثيرا يضر بمنفعة الأرض فله الخيار فإن فسخ فلا
كلام وإن أجاز فهل له الأجرة وجهان وله إجبار البايع على النقل وحكى الجويني وجها إنه لا يجبر والخيرة للبايع والمذهب عندهم الأول - ب - أن لا يكون في قلعها
ضرر فيكون في تركها ضرر فيؤمر البايع بالنقل ولا خيار للمشترى كما لو اشترى دارا فلحق سقفها خلل يسير يمكن تداركه في الحال أو كانت البالوعة مفسدة فقال
البايع أنا أصلحه وأنقيها (لا خيار صح) للمشترى - ج - أن يكون الترك والقلع معا مضرين فيتخير المشترى سواء جهل أصل الاحجار أو يكون قلعها مضرا ولا يسقط خياره بأن يترك
البايع الاحجار لما في بقائها من الضرر ولو قال البايع للمشتري لا تفسخ وأنا أغرم لك أجرة المثل مدة النقل لم يسقط خياره أيضا كما لو قال البايع لا تفسخ بالعيب لأغرم
لك أرشه وهو أصح وجهي الشافعية والثاني السقوط وليس بجيد ثم إن اختار المشترى المبيع فعلى البايع النقل
وتسوية الأرض سواء كان النقل قبل القبض أو
بعده وهل يجب أجرة المثل لمدة النقل إن كان النقل قبل القبض قال الشافعي يبنى على أن جناية (البايع صح) قبل القبض كافة سماوية أو كجناية الأجنبي إن قلنا بالأول لم يجب
لأن المبيع قبل القبض مضمون بالثمن فلا يضمن البايع إلا ما يتقسط عليه الثمن وإن قلنا بالثاني فهو كما لو نقل بعد القبض وإن كان النقل بعد القبض فوجهان
للشافعية عدم الوجوب لأنه إجازته رضا بتلف المنفعة في مدة النقل وأصحهما عند أكثرهم إنها تجب لان البيع قد استقر والمنافع مضمونة على المتلف كضمان أجزائه على
التلف وإن كان البايع وكما لو جنى على المبيع بعد القبض عليه ضمانه والحاصل إن في وجوب الأجرة ثلاثة أوجه ثالثها وهو الاظهر عندهم الفرق بين كون النقل قبل
القبض فلا يجب أو بعده فيجب ويجرى مثل هذا الخلاف في وجوب الأرش لو بقى في الأرض بعد التسوية نقصان وعيب - د - أن يكون في قلعها ضرر ولا يكون في تركها ضرر فللمشتري
الخيار فإن أجاز ففي الأجرة والأرش ما مر ولا يسقط خياره بأن يقول أقلع وأغرم الأجرة أو أرش النقص ولو رضي بترك الاحجار في الأرض سقط خيار المشترى إبقاء
للعقد ثم ينظر في الترك فإن اقتصر البايع على قوله تركتها للمشترى كان ذلك إعراضا لا تمليكا وهو أظهر وجهي الشافعية فتكون باقية على ملك البايع والترك أفاد قطع
الخصومة فإن أراد الرجوع فله ذلك وبه قال أكثر الشافعية ويعود خيار المشترى وقال الجويني لا رجوع له ويلزمه الوفاء بالترك والثاني للشافعية إنه تمليك ليكون
سقوط الخيار في مقابلة ملك حاصل ولو قال وهبتها منك وحصلت شرايط الهبة حصل الملك ومنهم من طرد الخلاف لأنه لا يقصد حقيقة الهبة إنما قصد
دفع الفسخ وإن لم يجمع شرايط الهبة بطلت وللشافعية في صحتها للضرورة وجهان إن صححناها ففي إفادة الملك ما ذكرنا في لفظ الترك هذا كله إذا كانت الأرض
بيضاء أما إذا كان فيها غرس نظر إن كانت حاصلة يوم البيع واشتراها مع الأرض فنقصان الأشجار وتعيبها بالأحجار كعيب الأرض في إثبات الخيار وساير الاحكام
وإن أحدثها المشترى بعد الشراء فإن كان قد أحدثها عالما بالأحجار فللبايع قلعها فليس عليه ضمان نقصان الغراس وإن أحدثها جاهلا فله الأرش عندنا لأنه
عيب تعقبه تصرف المشترى فسقط رده وللشافعية في ثبوت الخيار للمشترى وجهان الثبوت لان الضرر ناش من إيداعه الاحجار في الأرض والأصح عندهم عدمه لرجوع
الضرر إلى غير المبيع فإن كانت الأرض تنقص بالأحجار أيضا نظر فإن لم يورث الغرس وقلع الغروس نقصانا في الأرض فله القلع والفسخ عند الشافعي لا عندنا و
إن أورث الغرس أو القلع نقصانا فلا خيار في الفسخ إذ لا يجوز له رد المبيع ناقصا ولكن يأخذ الأرض وإذا قلع بايع الاحجار فانتقص الغراس فعليه أرش النقص بلا
خلاف ولو كان فوق الاحجار زرع إما للبايع أو للمشترى ترك إلى أوان الحصاد لان له غاية منتظرة بخلاف الغراس وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا فرق بينه و
بين الغراس تذنيب إنما وجب على البايع والغاصب تسوية الحفر إذا حفر في الأرض المغصوبة ولم يوجبوا على هادم الجداران يعيده بل أوجبوا الأرش لان
الحفر لا يتفاوت وهيئات البناء تختلف ويتفاوت فيشبه الحفر بذوات الأمثال والهدم بذوات القيم حتى لو وقع لبنة أو اثنتان من رأس الجدار وأمكن الرد
من غير اختلاف في الهبة لزمه الرد إلى تلك الهيئة. البحث الثاني في البستان إذا قال بعتك هذا (الباغ صح) أو البستان دخل فيه الأرض والأشجار والحايط الداير عليه لان.
لفظ البستان يدل على مجموع هذه الأشياء بالمطابقة لتبادر الذهن إليه ولو كان فيه بناء كبيت أو دار ففي دخوله في البستان ما مر في لفظة الأرض فعندنا
571

لا يدخل وعند الشافعي قولان وهل يدخل العرش الذي يوضع عليه القبضان الظاهر عند الجويني دخوله والأقرب عندي عدم الدخول قالت الشافعية لفظ الكرم
كلفظ البستان وليس جيدا فإن العادة والعرف والاستعمال يقتضى عدم دخول الحايط في مسمى الكرم ودخوله في البستان ولو قال هذه الدار بستان دخلت الأبنية و
الأشجار معا ولو قال هذا الحايط بستان وهذه المحوطة دخل الحايط المحيط وما فيه من الأشجار وأما الشافعية ما سبق وكذا قال بعض الشافعية ولا يظهر فرق بين الأبنية
والأشجار في المحوطة فإما أن يدخلا معا أو يخرجا معا ويدخل المجاز والشرب في لفظ البستان والباغ وإن لم يقل بحقوقه على إشكال. البحث الثالث في القرية إذا قال
بعتك هذه القرية أو الدسكرة دخل في المبيع الأبنية والساحات الداخلة في السور والسور المحيط بها لان القرية اسم لذلك لأنها مأخوذة من الجمع ولا يدخل المزارع
فيها وبه قال الشافعي لأنه لو حلف أن لا يدخل القرية لم يحنث بدخول المزارع ولو قال بعتكها بحقوقها لم يدخل أيضا لأنها ليست من حقوق القرية فلابد من النص
على المزارع وبه قال أكثر الشافعية وقال بعضهم إنها تدخل وبعضهم قال إن قال بحقوقها دخلت وإلا فلا وكلاهما ضعيف أما الأشجار التي في وسط القرية فإنها
على الخلاف السابق فيما لو باع أرضا وفيها شجر والأولى عندي عدم دخولها في القرية وقال بعض الشافعية إنها تدخل في لفظ القرية ولا تدخل في لفظ الأرض و
قال الشافعي إذا قال بحقوقها دخلت الأشجار قولا واحدا أو يدخل فيها البيوت وحيطانها والسقوف والطرف المسلوكة فيها ولو وجدت قرينة تدل على إرادة المزارع
دخلت وإلا فلا كما لو ساومه على القرية ومزارعها واتفقا على ثمن معين ثم اشترى القرية بذلك الثمن فإن المزارع تدخل هنا للقرينة الدالة على الدخول وكذا لو
بذل ثمنا لا يصلح إلا للجميع دخلت عملا بشاهد الحال. البحث الرابع الدار. مسألة. إذا قال بعتك هذه الدار دخل في المبيع الأرض والأبنية على تنوعها
حتى الحمام المعدود من مرافقها لتناول اسم الدار لذلك كله وعن الشافعي إن الحمام لا يدخل وحمله أصحابه على حمامات الحجاز وهي (بيوت صح) من خشب ينقل ولو كان في وسطها أشجار
لم تدخل عندنا وقال الشافعي إن قال بحقوقها دخلت قطعا وإن اطلق فعلى الطرق المذكورة في لفظ الأرض ونقل الجويني في دخولها ثلثة أوجه ثالثها الفرق بين أن يكثر
بحيث يجوز تسمية الدار بستانا فلا يدخل في لفظ الدار وبين أن لا يكون كذلك فيدخل. مسألة الآلات التي في الدار على أقسام ثلثة - آ - المنقولات كالدلو
والبكرة والرشا والمخارق والسرر والرفوف الموضوعة على الأوتاد من غير تسمر والسلالم التي لم تسمر ولم تطين والاقفال والكنوز والدفاين وهذه لا تدخل في
البيع وبه قال الشافعي وأما المفاتيح للاغلاق المثبتة فالأقرب دخولها وهو أصح وجهي الشافعية لأنها من توابع المغلاق المثبت والآخر لا يدخل كساير المنقولات و
كذا الأقرب في ألواح الدكاكين الموضوعة في أبوابها الدخول لأنها أبواب لها فأشبه الباب المثبت ويحتمل عدم الدخول لأنها تنقل وتحول فكانت كالفرش وللشافعية
وجهان - ب - ما أثبت في الدار تتمة لها لتدوم فيها وتبقى كالسقوف والأبواب المنصوبة وما عليها من التعاليق والحلق والسلاسل والضباط وهذه تدخل في البيع
لأنها معدودة من أجزاء الدار - ج - ما أثبت على غير هذا الوجه كالرفوف والدنان والاجانات المثبتة والسلالم المسمرة والأوتاد المثبتة في الأرض والجدران والتحتاني
من حجري الرحا وخشب القصار ومعجن الخباز والأقرب عدم الدخول لأنها ليست من أجزاء الدار وإنما أثبتت لسهولة الارتفاق بها كيلا يتزعزع ويتحرك عند الاستعمال
وللشافعي في الفوقاني من حجري الرحا وجهان أن أدخلنا التحتاني وإلا صح الدخول عندهم وقطع الجويني بدخول الحجرين في بيع الطاحونة وبدخول الإجانات المثبتة
إذا باع باسم الهديغه. مسألة. في دخول مسيل الماء في بيع الأرض وشربها من القناة والنهر المملوكين إشكال أقربه عدم الدخول إلا أن يشترطه أو يقول بحقوقها
وعن بعض الشافعية إنه لا يكفي ذكر الحقوق ولا يدخل الحجارة المدفونة ولا الآجر المدفون لأنه مودع فيها إلا أن تكون الحجارة والآجر مثبتين فيها. مسألة. إذا كان
في الدار بئر الماء دخلت في المبيع لأنها من أجزاء الدار وبه قال الشافعي وأما الماء الحاصل في البئر فالأقرب دخوله وللشافعي وجهان أحدهما إنه مملوك لصاحب الدار لأنه
نماء ملكه فكان داخلا في ملكه كلبن الشاة وبه قال ابن أبي هريرة والثاني إنه غير مملوك لأنه يجرى تحت الأرض ويجئ إلى ملكه فهو بمنزلة الماء يجرى من النهر إلى ملكه
لا يملكه بذلك ولأنه لو كان ملكا لصاحب الدار لم يجز للمستأجر إتلافه لان الإجارة لا تستحق إتلاف الأعيان فعلى هذا لو دخل داخل فاستقى ماء بغير إذن صاحب
الدار ملك الماء وإن كان متعديا بالدخول وإذا باع الماء الذي في البئر لم يصح البيع على الوجهين عند الشافعي لأنه في إحدى الوجهين لا يملك الماء فلا يصح وفي
الآخر يكون الماء مجهولا فيما ولا يمكن تسليمه لأنه إلى أن يسلمه يختلط به غيره فإذا باع الدار لم يدخل الماء في البيع المطلق على الوجهين وأما عندنا فإنه يجوز بيعه
منضما إلى الدار والجهالة لا تضر لأنها تابعة كأساسات الحيطان وإن شرط دخول الماء في البيع صح عندنا وعنده على قوله إن الماء مملوك وأما العيون المستنبطة
فإنها مملوكة فهل يملك الذي فيها وأما عندنا فنعم وأما عند الشافعي فوجهان ولا يمكن بيع الماء الذي فيها منفردا للجهالة ويجوز بيع العين وجزء منها وأما المياه
التي في الأنهار كالفرات ودجلة وما دونها من المياه في الجبال والعيون فليست مملوكة من أخذ منها شيئا وأجازه ملكه وجاز له بيعه وإذا جرى من هذه المياه شئ
إلى ملك إنسان لم يملكه بذلك كما لو توحل ظبى في أرضه أو نزل ثلج إلى ساحته وكذا إذا حفر نهرا فجرى الماء إليه من هذه الأنهار لم يملكه بذلك فيجوز لغيره الشرب
منه أما لو حفر النهر وقصد بذلك إجراء الماء وكان النهر مملوكا له فالأولى أنه يملكه لأنه قد أحازه حيث أجراه في نهره فكان كما لو أخذ في آنية. مسألة. لو كان
في الأرض أو الدار معدن ظاهر كالنفط والملح والغار والكبريت فهو كالماء هل يملكه صاحب الأرض للشافعية وجهان وعندنا إنه مملوك له إذا كان في ملكه وإن كان
باطنا كالذهب والفضة وغيرهما من الجامدات فهي مملوكة يتبع الأرض في الملك وفي البيع لأنها جزء منها وبه قال الشافعي إلا أنه لا يجوز بيع معدن الذهب بالذهب
ولو بيع بالفضة جاز عندنا وعنده قولان سبقا في الجمع بين البيع والصرف. مسألة. لو باع دارا في طريق غير نافذ دخل حريمها في البيع وطريقها وفي دخول
الأشجار فيه ما سبق وإن كانت في طريق نافذ لم يدخل الحريم والأشجار في البيع بل لا حريم لمثل هذه الدار قاله الشافعي. مسألة. لو باع دارا دخل فيها الاعلى
والأسفل لان اسم الدار يشملها إلا أن تشهد العادة باستقلال الاعلى بالسكنى فلا يدخل وكذا الخان. البحث الخامس العبد. مسألة. إذا باع عبدا أو أمته لم
يتناول العقد مال العبد إن كان له مال وقلنا إنه يملك بالتمليك اقتصارا على ما يتناوله اللفظ وإبقاء لغيره على أصله ولو شرط البايع المال لنفسه فلا بحث
في أنه له لان ملك العبد ناقص وللمولى انتزاعه منه دايما وإن باعه مع المال فإن قلنا إنه لا يملك ما ملكه مولاه اعتبر فيه شرايط البيع فلو كان مجهولا لم يصح وكذا
لو كان دينا والثمن دين أو كان ذهبا والثمن منه ولو كان ذهبا والثمن فضة أو بالعكس جاز عندنا وللشافعي قولان وإن قلنا إنه يملك ما ملكه مولاه اعتبر فيه
شرايط البيع فلو كان مجهولا لم يصح انتقل المال إلى المشترى مع العبد ولا يضر الجهالة عند الشافعي لان المال هنا تابع وجهالة التابع محتملة كجهالة الأساسات
والحمل واللبن وحقوق الدار بخلاف الأصل فإنه لا يحتمل الجهالة وقال بعض الشافعية إن المال ليس بمبيع لا أصلا ولا تبعا ولكن شرطه للمبتاع تبقية له على العبد
572

كما كان فللمشتري انتزاعه كما لو كان للبايع الانتزاع فلو كان المال ربويا والثمن من جنسه فلا بأس وعلى الأول لا يجوز ذلك ولا يحتمل الربا في التابع كما في الأصل والتحقيق
أن نقول إن باعه العبد وماله بحيث كان المال جزء من المبيع شرط فيه ما شرط في المبيع وإن باعه العبد وشرط له المال كان المال للمشترى واشترط فيه شرايط البيع. مسألة
الأقرب عدم دخول الثياب التي للعبد في بيعه اقتصارا على ما تناوله حقيقة اللفظ كالسرج لا يدخل في بيع الدابة وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني يدخل وفيه وجهان
أحدهما إن ما عليه من الثياب يدخل اعتبارا بالعرف وبه قال أبو حنيفة ولا بأس بهذا القول عندي وهو الذي اخترناه في كتاب القواعد والثاني يدخل ساتر العورة
دون غيره ولا وجه له لان العرف يقتضى بالثاني واللغة بالأول فهذا لا اعتبار به ولو جرده من الثياب وباعه لم يدخل قطعا وكذا البحث في عذار الدابة ومقودها
ويدخل نعلها لأنه متصل بها فصار كالجزء منها. مسألة. ولا يدخل حمل الجارية ولا الدابة في بيعهما إلا مع الشرط ولا ثمرة شئ من الأشجار إلا النخل إذا لم يؤبر ولو
شرط خلاف ذلك جاز وقد تقدم البحث في هذا كله. البحث السادس الشجر. مسألة. إذا باع شجرة دخل أغصانها في البيع لأنها معدودة من
أجزائها أما الغصن اليابس فالأقرب دخوله ولهذا يحنث لو حلف لا يمس جزأ (منها صح) فلمسه والقطع لا يخرجه عن الجزئية والدخول في مسمى الشجرة كالصوف على الغنم وللشافعية
وجهان هذا أحدهما والثاني إنه لا يدخل لان العادة فيه القطع كما في الثمار ولو كانت الشجرة يابسة دخلت أغصانها اليابسة قطعا ويدخل العروض أيضا في مسمى الشجرة لأنها
جزء منها وكذا الأوراق لأنها جزء من الشجرة وفي ورق التوت الخارج في زمن الربيع نظر ينشأ من أنها كثمار ساير الأشجار فلا تدخل ومن أنها جزء من الشجر فتدخل
كما في غير الربيع وهو الأقوى عندي وللشافعية وجهان وكذا شجر النبق يدخل فيه ورقه وللشافعية طريقان وهذا أحدهما كأوراق ساير الأشجار والثاني عدم
الدخول لأنها تلتقط ليغسل بها الرأس. مسألة. لو باع شجرة يابسة نابتة فعلى المشترى تفريغ الأرض منها ولو شرط إبقاءها فإن عين المدة صح وإن أبهم بطل
إذ لا حد لها ينتهى إليه وأطلق الشافعي البطلان لو شرط الابقاء كما لو اشترى الثمرة بعد التأبير وشرط عدم القطع عند الجذاذ والفرق ظاهر ولو باعها بشرط القطع أو القلع
جاز ويدخل العروق في البيع عند شرط القلع ولا يدخل عند شرط القطع بل يقطع عن وجه الأرض وهل له
الحفر إلى أن يصل إلى منبت العروق إشكال. مسألة
لو باع شجرة رطبة بشرط الابقاء أو بشرط القطع اتبع الشرط فإن أطلق فالأقرب إنه يجب الابقاء تبعا للعادة كما لو اشترى ما يستحق أبقاه ولا يدخل المغرس في البيع عندنا
لان اسم الشجرة لا يتناوله وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني إنه يدخل وبه قال أبو حنيفة لا يستحق منفعة المغرس لا إلى غاية وذلك لا يكون إلا على سبيل الملك ولا وجه
لتملكه إلا دخوله في البيع والمقدمتان ممنوعتان لان الغاية انتهاء حياة الشجرة وقد يستحق غير المالك المنفعة لا إلى غاية كما لو أعاد جداره ليضع غيره الجذع عليه
فعلى الأول الذي اخترناه لو انقلعت الشجرة أو قلعها المالك لم يكن له أن يغرس بدلها وليس له أن يبيع المغرس وعلى الثاني له أن يغرس بدلها ويبيع المغرس وكذا لو باع بستانا
واستثنى منه البايع نخلة ولو اشترى النخلة أو الشجرة بحقوقها لم يدخل المغرس بل الابقاء (وليس له الابقاء صح) في المغرس ميته إلا أن يستخلف عوضا من فراخها المشترطة. مسألة
لو باع شجرة أو نخلة ولها فراخ لم يدخل الفراخ في النخلة والشجرة لأنها خارجة عن المسمى فلا يتناولها العقد إلا مع الشرط ولو تجددت الفراخ بعد البيع فهي لمشتري
النخلة ولا يستحق المشترى إبقاءها في الأرض إلا مع الشرط فإن لم يشرط كان له قلعها عن أرضه عند صلاحية الاخذ لا قبله كما في الزرع ويرجع في ذلك إلى العادة
ولو اشترى النخلة بحقوقها لم يدخل الفراخ ولو استثنى شجرة أو نخلة من البستان الذي باعه أو اشترى نخلة أو شجرة من جملة البستان الذي للبايع كان له الممر إليها
والمخرج منها ومد جرايدها من الأرض ولو انقلعت لم يكن له غرس أخرى سواء كان مشتريا للنخلة أو بايعا لها إلا أن يستثنى الأرض. مسألة لو باع النخل وعليه ثمرة ظاهرة
فإن كانت مؤبرة فهي للبايع إجماعا إلا أن يشترطها المشترى فتكون له عملا بمفهوم قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وإن لم يكن مؤبرة فهي للمشترى إلا أن يشترطها
البايع فتكون له ومع الاطلاق للمشترى عندنا وبه قال الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل لما رواه العامة إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال من باع نخلا بعد أن يؤبر فثمرتها للبايع
إلا أن يشترط المبتاع ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) من باع نخلا قد لقح فالثمرة للبايع إلا أن يشترطها المبتاع قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك وعن الصادق (ع)
قال قال أمير المؤمنين (ع) من باع نخلا قد أبره فثمره للذي باع إلا أن يشترط المبتاع ثم قال إن عليا (ع) قال قضى رسول الله بذلك وهو يدل على أن النخل (إذا) لم يؤبر
يكون الثمرة للمشترى لأنه (ع) جعل الأبار حدا لملك البايع وهو يدل على أنه جعل ما قبله حد الملك المشترى ولأنها قبل التأبير كالجزء من النخلة لا يعلم حالها من صحة
الثمرة وفسادها وقال ابن أبي ليلى إنها للمشترى بكل حال لأنها متصله بالأصل اتصال الخلقة فكانت تابعة له كالأغصان ويمنع المساواة فإن الغصن يطلب بقاؤه بخلاف
الثمرة وهو جزء من النخلة داخل في اسمها بخلاف الثمرة ولأنه نماء كامن لظهوره غاية فلم يتبع أصله بعد ظهوره كالحمل وقال أبو حنيفة يكون للبايع أبرت أو لا لأنه
نماء جذاذ إنتهى إليه الحد فلم يتبع أصله كالزرع ويبطل بأنه نماء كامن لظهوره غاية فكان تابعا لاصله قبل ظهوره كالحمل عنده والزرع ليس من نماء الأرض
ولا متصلا بها بل هو مودع فيها مسألة. النخل إما فحول أو أناث وأكثر المقصود من طلع الفحول استصلاح ثمرة الإناث به والذي يبدأ أولا منها أكمة صغيرة
ثم تكبر وتطول حتى تصير كأذان الحمار فإذا كبرت تشققت فيظهر العناقيد في أوساطها فنذر فيها طلع الفحول ليكون الحاصل من رطبها أجود فالتشقيق وذر طلع
الفحول فيها هو التأبير والتلقيح ولا فرق بين أن يؤبرها الملقح أو يؤبرها اللواقح فإذا كانت الفحول في ناحية الصبا فهب الصبا وقت التأبير فأبرت الإناث برايحة طلع
الفحول وكذا إذا تأبرت من نفسها الحكم في الجميع واحد لظهور المقصد إذا ثبت هذا فالتأبير إنما يعتبر في أناث النخل لا فحولها فلو باع فحولا بعد تشقيق طلعها لم
يندرج في الجميع إجماعا وكذا إن لم يتشقق عندنا وهو أضعف وجهي الشافعية عملا بالأصل وعدم تناول اسم النخلة له السالم عن معارضة نص التأبير لنا قد بينا إن جزءه
ذو طلع الفحل فيه وإنما يتحقق ذلك في الإناث ولان طلع الفحل يوكل على هيئته ويطلب لتلقيح الإناث به وليس له غاية منتظرة بعد ذلك فكان ظهوره كظهور ثمرة
لا قشر لها بخلاف طلع الإناث والثاني الاندراج كما في طلع الإناث وليس معتمدا. مسألة. لو أبر بعض النخلة كان جميع طلعها للبايع ولا يشترط البقاء الثمرة على
ملكه تأبير جميع طلعها لما فيه من العسر وعدم الضبط ولأنه يصدق عليه إنه قد باع نخلا قد أبر فيدخل تحت نص إنه للبايع وكان غير المؤبر تابعا للمؤبر وهو أولي من العكس
كما إن باطن الصبرة تبع لظاهرها في الرؤية ولان الباطن صائر إلى الظهور بخلاف العكس ولو باع نخلات أبر بعض نخلها وبعضه غير مؤبر فالوجه عندي إن النخلة المؤبرة
ثمرتها للبايع وغير المؤبرة للمشترى سواء كانت النخلات من نوع واحد أو من أنواع مختلفة وسواء كانت في بستان واحد أو بساتين وقال الشافعي إن كان في بستان واحد و
اتحد النوع وباعها صفقة واحدة فالحكم كما في النخلة الواحدة إذا أبر بعض ثمرها دون بعض وإن أفرد ما لم يؤبر طلعه فوجهان أحدهما إنه يبقى للبايع أيضا لدخول
وقت التأبير والاكتفاء به عن نفس التأبير وأصحهما عندهم إنه يكون للمشترى لأنه ليس في المبيع شئ مؤبر حتى يجعل غير المؤبر تبعا له فيبقى تبعا للأصل وإن اختلف النوع
573

فوجهان أحدهما وبه قال ابن خيران غير المؤبر يكون للمشترى والمؤبر للبايع لان لاختلاف النوع تأثيرا بينا في اختلاف وقت التأبير وأصحهما إن الكل يبقى للبايع كما لو اتحد
النوع دفعا لضرر اختلاف الأيدي وسوء المشاركة وإن كانت في بساتين فحيث قلنا في البستان الواحد إن كل واحد من المؤبر وغير المؤبر ينفرد بحكمه فهنا أولي وحيث
قلنا بأن غير المؤبر يتبع المؤبر فهنا وجهان أصحهما أن كل بستان يفرد بحكمه والفرق أن لاختلاف البقاع تأثيرا في وقت التأبير وأيضا فإنه يلزم في البستان الواحد ضرر اختلاف
الأيدي وسوء المشاركة ولان اللحظة الواحدة من التأثير في الجميع ما ليس في الخطتين فإن خطة المسجد تجمع بين المأموم والامام وإن اختلف البناء وتباعدت المسافة بينهما ولا
فرق بين أن يكون البستانان متلاصقين أو متباعدين. فروع: - آ - لو باع نخلة وبقيت الثمرة له ثم خرج طلع آخر من تلك النخلة أو من نخلة أخرى حيث يقتضى الحال اشتراكهما
في الحكم كما هو عند الشافعي احتمل أن يكون الطلع الجديد للبايع أيضا لأنه من ثمرة العام ولأنه يصدق على تلك النخلة إنها مؤبرة ولا يكون للمشترى لأنه نماء ملكه
بعد البيع (وللشافعية صح) وجهان كهذين - ب - لو جمع في صفقة واحدة بين فحول النخل وأناثه كان كما لو جمع بين نوعين من الإناث عند الشافعية والوجه إن طلع الفحول للبايع وطلع
الإناث للمشترى إن لم يكن مؤبرا - ج - لو تشقق الطلع من قبل نفسه فقد بينا إنه كما لو أبره وللشافعية قولان هذا أحدهما وقال بعضهم لا يندرج تحت البيع وإن لم يؤبر
مسألة. غير النخل من الأشجار لا يدخل ثمارها في البيع للأصل إذا كانت قد خرجت سواء بدا صلاحها أو لا وسواء كانت بارزة أو مستترة في كمام وسواء تشقق
الكمام عنها أو لا وكذا ورد ما يقصد ورده سواء يفتح أو لا عند علمائنا وكذا القطن وغيره وبالجملة كل ما عدا النخل فإن ثمرته باقية على ملك البايع إذا كانت قد
وجدت عند العقد عملا بالأصل السالم عن معارضة النصر لتخصيصه بالنخل وقالت الشافعية ما عدا النخل أقسام: أولها يقصد منه الورق كشجر التوت وقد
سبق حكمه وشجر الحنا ونحوه يجوز أن يلحق بالتوت ويجوز أن يقال إذا (ظهر صح) للبايع بلا خلاف لأنه لا ثمر له سوى الورق وللتوت ثمرة مأكولة وثانيها ما يقصد منها
الورد وهو ضربان أحدهما ما يخرج في كمام ثم يتفتح كالورد الأحمر فإذا بيع أصله بعد خروجه وتفتحه فهو للبايع كطلع النخل المؤبر فإن بيع بعد خروجه وقبل تفتحه
فهو للمشترى كالطلع قبل التأبير وقال بعضهم إنه يكون للبايع أيضا والثاني ما يخرج ورده ظاهرا كالياسمين فإن خرج ورده فهو للبايع وإلا فللمشتري وثالثها
ما يقصد منه الثمرة وهو ضربان أحدهما ما يخرج ثمرته بارزة بلا قشر ولا كمام كالتين فهو كالياسمين والحق العنب بالتين وإن كان لكل حبة منه قشر لطيف ويتشقق
ويخرج منها نور لطيف لان مثل ذلك موجود في ثمرة النخل بعد التأبير ولا عبرة به والثاني ما يكون كذلك وهو ضربان أحدهما ما يخرج ثمرته في نور ثم يتناثر النور فتبرز الثمرة
بغير حايل كالتفاح والمشمش والكمثرى وأشباهها فإن باع الأصل قبل انعقاد الثمرة فإنها تنعقد على ملك المشتري وإن كان النور قد خرج وإن باعه بعد الانعقاد وتناثر
النور فهي للبايع وإن باع بعد الانعقاد وقبل تناثر النور فوجهان أحدهما إنها للمشترى تنزيلا للاستتار بالنور منزل استتار ثمر الشجر بالكمام والثاني إنها للبايع
تنزيلا لها منزلة استتارها بعد التأبير بالقشر الأبيض وهو أرجح عند الكرخي والثاني ما يبقى له حايل على الثمرة المقصودة وهو قسمان أحدهما ما له قشر واحد
كالرمان فإذا بيع أصله وقد ظهر الرمان بقشره فهو للبايع ولا اعتبار بقشره لان إبقاءه من مصلحته والذي لم يظهر يكون للمشترى والثاني ماله قشران كالجوز
واللوز والفستق والنارنج فإن باعها قبل خروجها فإنها يخرج على ملك المشتري وإن باعها بعد الخروج يبقى على ملك البايع ولا يعتبر في ذلك تشقق القشر الاعلى
على أصح القولين (الوجهين) والثاني يعتبر واعلم أن أشجار الضربين الآخرين منها ما يخرج ثمرته في قشره من غير نور كالجوز والفستق ومنها ما يخرج في نور ثم يتناثر النور عنه
كالرمان اللوز وما ذكرنا من الحكم فيما إذا بيع الأصل بعد تناثر النور عنه فإن بيع قبله عاد الكلام السابق. مسألة. القطن ضربان أحدهما له ساق يبقى سنين
ويثمر كل سنة وهو قطن الحجاز والشام والبصرة والثاني ما لا يبقى أكثر من سنة واحدة وكلاهما لا يدخل الجوز الظاهر في بيع الأصل سواء تفتح أو لا وقال الشافعي القسم الأول
كالنخل إن بيع الأصل قبل خروج الجواز وبعده (قبل تشققه فالحاصل للمشترى وإن بيع بعد التشقق فهو للبايع والثاني كالزرع فإن باعه بعد خروج الجوز أو بعده صح) قبل تكامل القطن فلابد من شرط القطع ثم إن لم يتفق القطع حتى خرج الجوز فهو للمشترى لحدوثه من عين ملكه وقال
بعضهم إن باعه بعد تكامل القطن فإن تشقق الجوز صح البيع مطلقا ودخل القطن في البيع بخلاف الثمرة المؤبرة لا تدخل في بيع الشجرة لان الشجرة مقصودة لثمار ساير
الأعوام ولا مقصود هنا سوى الثمرة الموجودة وإن لم يتشقق لم يجز البيع في أصح الوجهين لان المقصود مستور بما ليس من صلاحه بخلاف الجوز واللوز في القشر
الأسفل. مسألة. إذا باع الثمرة ولم يشترط القطع استحق المشترى الابقاء إلى القطاف بمجرى العادة فإن جرى عرف قوم بقطع الثمار فالأقرب إلحاق العرف الخاص
بالعام وذلك كما يوجد في البلاد الشديدة البرد كروم لا ينتهى ثمارها إلى الحلاوة واعتاد أهلها قطع الحصرم إذا عرفت هذا فالثمار يختلف زمان أخذها فما
يؤخذ في العادة بسرا يؤخذ إذا تناهت حلاوته وما يؤخذ رطبا إذا تناهى ترطيبه وليس له إلزامه بقطعه منصفا وما يؤخذ تمرا إذا إنتهى نشافه وكذا يرجع إلى العادة
في ثمرة غير النخل من ساير الأشجار. تذنيب لو خيف على الأصل الضرر لو بقيت الثمرة لم يجب القطع وإن كان الضرر كثيرا على إشكال. مسألة. لو انتقل النخل
بغير عقد البيع لم يثبت هذ الحكم فيه بل الثمرة الظاهرة للناقل إذا وجدت قبل النقل سواء كانت مؤبرة أو غير مؤبرة عند علمائنا ولا فرق بين أن يكون العقد
الناقل عقد معاوضة كالنكاح والإجارة والصلح أو غير عقد معاوضة كما لو أصدقها نخلا فأثمر ثم طلقها وقد ظهر طلع غير مؤبر فإنه يرجع بنصف النخل دون
الثمرة للأصل المانع من نقل الملك عن صاحبه إلا بسبب شرعي السالم عن معارضة البيع وقال الشافعي إن عقود المعاوضات يتبع البيع فلو أصدقها نخلا بعد الطلع وقبل
التأبير أو جعله مال إجارة أو عوض صلح دخلت الثمرة في العقد أيضا قياسا على المبيع وليس بشئ لأنا نعارض بقياس ما قبل التأبير على ما بعده ولو ملكها بغير عقد
معاوضة كما إذا أصدقها نخلا ثم طلقها بعد الطلع وقبل التأبير فإنه يرجع بنصف النخل خاصة دون الثمرة لان الزيادة المتصلة لا تتبع في الطلاق فالثمرة أولي
ولو باع نخلا فأثمرت عند المشترى ثم أفلس بالثمن رجع البايع بالنخل ولم يتبعها الثمرة عندنا لانتفاء موجبه وهو عقد البيع وللشافعي قولان أحدهما إنه يتبع لان
ملكه زال عن الأصل فوجب أن يتبعها الثمرة كما لو زال بالبيع والثاني لا يتبعها لأنه رجع إليه بغير عقد معاوضة فلم يتبعه الطلع كما لو أطلق امرأته وكذا لو وهب
نخلة فيها طلع غير مؤبر لم يتبع الطلع الأصل وكان باقيا على ملك الواهب سواء كان بمعاوضة أو لا وللشافعي القولان السابقان ولو رجع في الهبة بعد
الطلع قبل التأبير لم يدخل الطلع في الرجوع وللشافعي القولان ولو رهن نخلا قد إطلع قبل أن يؤبر لم يدخل في الرهن اقتصارا على ما يتناوله اللفظ ولان
الرهن لا يزيل الملك فلا يستتبع الثمرة وهو جديد الشافعي وقال في القديم يدخل. مسألة لو كانت الثمرة مؤبرة فهي للبايع فإن تجددت أخرى في
تلك النخلة فهي له أيضا وإن كان في غيرها فللمشتري فإن لم تتميزا فيهما شريكان فإن لم يعلما قدر ما لم يعلما قدر ما لكل منهما اصطلحا ولا فسخ لامكان التسليم وكذا لو اشترى
طعاما فامتزج بطعام البايع قبل القبض وله الفسخ ولو باع أرضا وفيها زرع أو بذر فهو للبايع فإن شرطه المشترى لنفسه صح ولا يضر الجهالة لأنه بايع وللبايع
574

التبقية إلى حين الحصاد مجانا فإن قلعه ليزرع غيره لم يكن له ذلك سواء قصرت مدة الثاني عن الأول أو لا ولو كان للزرع أصل ثابت يجز مرة بعد أخرى فعلى البايع تفريغ
الأرض منه بعد الجزة الأولى ويحتمل الصبر حتى يستقلع ولا يدخل المعادن في البيع إلا مع الشرط فلو لم يعلم بها البايع وقلنا بالدخول مع الاطلاق تخير بين الفسخ والامضاء
في الجميع ويدخل في الأرض البئر والعين وماؤهما على ما قلناه. المقصد السابع. في التحالف ومطالبه ثلاثة الأول في سببه. مسألة. إنما يقع التحالف
إذا اختلفا واشتمل كلام كل من المتبايعين على دعوى ينفيها صاحبه ولا بينة هناك ولان ذلك مثل أن يدعى إنه باع عليه هذا العبد بألف فيقول المشترى ما بعتني
العبد بل بعتني هذه الجارية بألف فكل واحد منهما مدع لما ينكره الاخر وكل منهما منكر لما يدعيه الآخر والمنكر لما يتوجه عليه اليمين فيحلف كل منهما بيمينه على نفى
ما أدعاه الآخر فيحلف المشترى إنه ما باعه هذا العبد ويحلف البايع إنه لم يبعه هذه الجارية ويحكم ببطلان العقدين معا ولا فرق بين أن يكون الثمن معينا أو في الذمة
وقال الشافعي إن كان الثمن معينا تحالفا كما لو اختلفا في جنس الثمن وإن كان في الذمة فوجهان أحدهما إنهما يتحالفان أيضا كما لو كان معينا والثاني إنه لا تحالف لأن المبيع
مختلف فيه والثمن ليس بمعين حتى يربط به العقد. مسألة. ولو قال الزوج أصدقتك أباك فقالت بل أمي (أمتي صح) حلف كل واحد منهما على نفى ما يدعيه صاحبه
ولم يجمع أحدهما في اليمين بين النفي والاثبات ولا يتعلق بيمينها فسخ ولا انفساخ بل يثبت مهر المثل وللشافعي أحدهما التحالف فيجمع كل منهما في يمينه بين النفي والاثبات
والآخر لا تحالف بل يحلف كل منهما على نفى ما يدعيه الآخر ولا يجمع بين النفي والاثبات في يمينه ولا يتعلق بيمينها فسخ ولا انفساخ. مسألة. لو أقام مدعى بيع العبد
البينة على دعواه وأقام مشترى الجارية البينة على دعواه فإن أمكن الجمع بينهما بأن يكون الثمن مطلقا غير معين والزمان متعدد حكم بها معا ويثبت العقدان ولا يمين هنا
وإن لم يكن إما بأن يكون الثمن واحد معينا أو اتحد الزمان بحيث لا يمكن الجمع بين العقدين تعارضتا وسيأتى حكم تعارض البينتين وقال الشافعي إذا أقام كل منهما بينة
على ما ذكر سلمت الجارية للمشترى أما العبد فقد أقر البايع ببيعه وقامت البينة عليه فإن كان في يد المشترى أقر عنده وإن كان في يد البايع فوجهان أحدهما إنه يسلم إلى
المشترى ويجبر على قبوله والثاني لا يجبر لأنه ينكر ملكه فيه فعلى هذا يقبضه الحاكم وينفق عليه من كسبه وإن لم يكن له كسب ورأى الحظ في بيعه وحفظ ثمنه فعل. مسألة. لو اختلفا
في قدر الثمن خاصة فقال البايع بعتك هذا بمائه فيقول المشترى بخمسين فإن كان لأحدهما بينة (قضى بها وإن أقام كل واحد فيها بينة صح) على ما يقوله سمعنا بينة من لا يكون القول قوله مع اليمين وعدم
البينة وعند الشافعي تسمع البينتان معا من حيث إن كل واحد منهما مدع وحينئذ قولان أما التساقط فكأنه لا بينة وأما التوقف إلى ظهور الحال فإن لم يكن لواحد منهما
بينة قال أكثر علمائنا إن كانت السلعة قائمة فالقول قول البايع مع يمينه وإن كانت تالفه فالقول قول المشترى مع يمينه لان المشترى مع قيام السلعة يكون مدعيا
لتملكها وانتقالها إليه بما أدعاه من العوض والبايع ينكره وأما بعد التلف فالبايع يدعى على المشترى ما لا في ذمته والمشترى ينكره يقدم قوله ولما روى عن
الصادق (ع) إنه قال في الرجل يبيع الشئ فيقول المشترى هو بكذا وكذا بل أقل مما قال البايع قال القول قول البايع مع يمينه إذا كان الشئ قائما بعينه وهو يدل
بالمفهوم على إنه إذا لم يكن قائما بعينه يكون القول قول المشترى وقال بعض علمائنا ولا بأس به القول قول البايع إن كانت السلعة في يده (وقول المشترى إن كانت السلعة في يده صح) وقال الشافعي يتحالفان سواء كانت.
السلعة قائمة أو تالفة وبه قال محمد بن الحسن واحمد في إحدى الروايتين لما روى ابن مسعود إن النبي قال إذا اختلف المتبايعان فالقول قول البايع والمبتاع بالخيار ومعنى ذلك
إن القول قوله مع يمينه والمبتاع بالخيار إن شاء أخذ بما قال وإن شاء حلف وإنما ذكر البايع لأنه يبدأ بيمينه ولأنهما اختلفا في العقد القايم بينهما وليس معهما بينة
فتحالفا كما لو كانت السلعة قايمة ولان البايع مدع زيادة الثمن ومدعى عليه في تملك السلعة بالأقل والمشترى بالعكس فكل منهما مدع منكر ونمنع دلالة الخبر على المطلوب
والعموم إذ ليس كل اختلاف يقع من المتبايعين يكون هذا حكمه فلم قلتم إن صورة النزاع منه ولم قلتم إن المبتاع يتخير بين الاخذ بقوله والحلف ولم لا يجوز أن يكون الخيار
له في أن يحلفه أو يعفو عنه ولا نمنع اختلافهما في العقد بل في الثمن ونمنع ثبوت حكم الأصل فإنا قد بينا إن مع قيام السلعة يكون القول قول البايع مع يمينه من غير تحالف وقال
أبو حنيفة وأبو يوسف إن كانت السلعة قائمة بحالها تحالفا وإن كانت تالفة لم يتحالفا وهو الرواية الأخرى عن أحمد لان القياس يقتضى أن يكون القول قول المشترى لاتفاقهما
على عقد صحيح ثم البايع يدعى زيادة ينكرها المشترى فيقدم قوله مع اليمين إلا إنا تركناه في حال قيام السلعة لما روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا اختلف
المتبايعان والسلعة قايمة ولا بينة لأحدهما تحالفا وبقى الباقي على حكم القياس وهو إنهما قد اتفقا على انتقال الملك إلى المشترى واختلفا فيما يجب عليه فالبايع
يدعى زيادة ينكرها المشترى أجاب الشافعية بمنع اقتضاء القياس تقديم قول المشترى لان كل واحد منهما مدع ومدعى عليه لان البايع يدعى العقد بألفين والمشترى
يدعى العقد بألف وهنا عقدان مختلفان والخبر لم يذكر فيه التحالف ولا في شئ من الاخبار وعلى أن التحالف إذا ثبت مع قيام السلعة يمكن معرفة ثمنها في العرف و
يتعذر ذلك إذا تلفت وكان البينة مقدما على الدليل وعن مالك ثلاث روايات احديها كقول الشافعي والثانية كقول أبي حنيفة والثالثة إن كان قبل القبض تحالفا
وإن كان بعد القبض فالقول قول المشترى لان بعد القبض صار جانب المشترى أقوى من جانب البايع لأنه لما دفع إليه السلعة أئتمنه عليها ولم يتوثق منه فكان القول قوله
وليس بصحيح لان اليد لا تقويه مع اتفاقهم على البيع والتسليم باليد ليس استيمانا وإنما يقبل قول الأمين إذا أقامه مقام نفسه بخلاف صورة النزاع وقال زفر وأبو ثور
القول قول المشترى بكل حال لأنه منكر وفيه قوة. مسألة. لو مات المتبايعان واختلف ورثتهما في مقدار الثمن والمثمن فهو كاختلاف المتبايعين عندنا فإن كانت
السلعة قائمة حلف ورثة البايع وإن كانت تالفة حلف ورثة المشترى وكذا قال الشافعي بأنهما يتحالفان المتبايعين لان ما كان للمورث ينتقل إلى وارثه وقال أبو حنيفة
إن كان المبيع في يد وارث البايع تحالفا وإن كان في يد وارث المشترى فالقول قوله مع يمينه لان القياس عدم التحالف فأجزناه مع بقاء السلعة. مسألة. إذا اختلفا في المثمن
فقال البايع بعتك هذا العبد بألف فقال المشترى بل بعتني هذا العبد وهذه الجارية بألف فالأقرب عندي هنا تقديم قول البايع لان المشترى سلم له استحقاق الألف
في ذمته ويدعى بيع شيئين والبايع ينكر أحدهما فيقدم قوله وقال الشافعي يتحالفان كما تقدم في مذهبه ولو اختلفا في قدر الثمن والمثمن معا بأن يقول البايع بعتك
هذا العبد بألف ويقول المشترى بعتنيه وهذه الجارية بألفين فالأقوى عندي هنا إنهما يتحالفان وبه قال الشافعي لان هنا دعويان مختلفان فإذا حلف البايع إنه
ما باعه العبد والجارية بألفين وحلف المشترى إنه ما باعه العبد وحده بألف انفسخ العقدان أو فسخه الحاكم. مسألة. لو اختلفا في جنس الثمن بأن قال بعتك بألف دينار فيقول
المشترى بل بألف درهم مع اتفاقهما على عين المبيع فالأقرب عندي هنا التحالف أيضا لاتفاقهما على نقل المبيع واختلافهما في جنس العوض واحدهما غير الآخر وغير داخل
فيه فكل منهما منكر مدع فيتحالفان كما قلناه فيحلف البايع ما بعته بألف درهم ويحلف المشترى ما ابتاعه بألف دينار وبه قال الشافعي ولو اختلفا في بعض صفاته قدم
قول منكر زيادة الصفة ولو اختلفا في وصفين مختلفين تحالفا وبه قال الشافعي. مسألة. لو اختلفا في شرط في العقد كالأجل أو اختلفا في قدر الاجل أو اختلف في الخيار
575

وعدمه أو قدر مدته أو اختلفا في اشتراط الرهن أو قدره أو في الضمان بالمال أو بالعهدة قدم قول منكر ذلك كله وبه قال أبو حنيفة واحمد لان المشترى تمسك بأصالة العدم
فيقدم قوله عملا بأصالة النفي ولأنه اختلاف في شرط يلحق بالعقد فلم يتحالفا كما لو اختلفا في العيب أو شرط البراءة وقال الشافعي يتحالفان في جميع ذلك عملا بالقياس وهو إنهما
اختلفا في صفة العقد القائم بينهما وليس معهما بينة فيقضى بالتحالف كما لو اختلفا في الثمن والقياس عندنا باطل لا يجوز التعويل عليه مع أن الحكم في الأصل ممنوع على ما
تقدم. مسألة قد بينا أن التحالف يثبت في كل موضع يحصل لكل من المتنازعين أن يكون مدعيا على الآخر ومنكرا لدعوى الآخر وقال الشافعي يجرى التحالف
في كل عقود المعاوضات ولا يختص بالبيع كالسلم والإجارة والمساقاة والقراض والجعالة والصلح عن دم العمد والخلع والصداق والكتابة طردا للمعنى ثم في البيع ونحوه ينفسخ
العقد بعد التحالف أو يفسخ ويترادان كما سيأتي أما الصلح عن الدم فلا يعود الاستحقاق بل أثر التحالف الرجوع إلى الدية وذلك لا يزيد البضع ولكن في النكاح ترجع المرأة إلى
مهر المثل في الخلع الزوج قال الجويني أي معنى للتحالف في القراض مع أنه جايز وكل واحد منهما بسبيل من فسخه بكل حال وأيد ذلك بأن بعض الشافعية منع من التحالف في البيع
في زمن الخيار لامكان الفسخ بسبب الخيار ثم أجاب بأن التحالف ما وضع الفسخ ولكن عرضت الايمان رجاء أن ينكل الكاذب ويتقرر العقد بيمين الصادق فإذا لم يتفق
ذلك وأصرا فسخ العقد للضرورة والوجه إن في القراض تفصيلا وهو أن التحالف قبل الحوض في العمل لا معنى له وأما بعده فالنزاع يؤل إلى مقصود من ربح أو أجرة مثل
فيتحالفان والجعالة كالقراض والأصل عندنا ما قدمناه من الضابط وهو التحالف مع ادعاء كل منهما على صاحبه ما ينفيه الآخر وإن كان الادعاء من طرف واحد حلف المنكر
مسألة. لو قال بعتك هذا بألف فقال بل وهبتنيه حلف كل واحد منهما على نفى ما يدعيه صاحبه وبه قال الشافعي وقال إنه لا تحالف هنا لان التحالف عنده
ليس أن يحلف كل منهما على نفى دعوى الآخر كما قلناه نحن بل ما يأتي إذا ثبت هذا فإذا حلفا كان على مدعى الهبة رده بزوايده لان البايع إنما ملكه العين
بزوايدها لو سلم له الثمن وقال بعض الشافعية القول قول مدعى الهبة لأنه مالك باتفاقهما وصاحبه يدعى عليه مالا والأصل براءة ذمته وقال بعضهم إنهما
يتحالفان ولو قال بعتك هذا بألف فقال بل وهبتنيه على الألف حلف كل منهما على نفى ما يدعيه صاحبه ورد الألف واسترد العين ولو قال وهبتكه على ألف
استقرضتها منك فقال بل بعتنيه بألف قدم قول المالك مع يمينه ويرد الألف ولا يمين على الآخر ولا يكون رهنا لأنه لا يدعيه وبذلك قال الشافعي. مسألة هذا
كله فيما إذا اتفقا على وقوع عقد صحيح بينهما أما لو اختلفا من غير الاتفاق على عقد صحيح بأن يدعى أحدهما صحة العقد والآخر فساده كما لو قال بعتك بألف فقال
المشترى بل بألف ورق خمرا وقال أحدهما شرطنا في العقد خيارا مجهولا أو غيره من الشروط المبطلة وأنكر الآخر فلا تحالف ويقدم قول مدعى الصحة وهو أحد قولي
الشافعي لأن الظاهر من العقود الجارية بين المسلمين الصحة ولهذا يحكم بصحة البيع لو ادعى المشترى حرية العبد (المبيع صح) وقال المالك بل هو عبد تصحيحا للعقد وكذا من شك بعد
الصلاة هل ترك ركنا منها أم لا فإنه يحكم بصحة صلاته بناء على أصالة الصحة والقول الثاني إنه يقدم قول من يدعى فساد العقد مع يمينه لان الأصل عدم عقد الصحيح و
بقاء الملك للمالك فصار كما لو اختلفا في أصل البيع ويعارض بأن الأصل عدم العقد الفاسد أيضا لكن قد وقع العقد بينهما قطعا والأصل الصحة قال القفال الأصل
المأخوذ فيمن قال لفلان على ألف من ثمن خمر هل يؤخذ بأول كلامه أم يقبل قوله من ثمن خمر ان قلنا بالثاني فالقول قول مدعى الفساد وإن قلنا بالأول فالقول قول مدعى
الصحة (فلو قال بعتك بألف فقال بل بخمس أو بثمن مجهول فالقول قول مدعى الصحة) (كما قلنا وبعض الشافعية قال إن فيه طريقين أحدهما طرد الوجهين والثاني القطع بالفساد لأنه لم
يفسر بشئ يلتزم وعلى قول مدعى الصحة صح) لو قال بعتك بألف فقال بل بخمسمائة ورق خمر وحلف البايع على نفى سبب الفساد وصدق فيه ويبقى التنازع في قدر الثمن فيكون القول قول البايع مع يمينه
كانت السلعة باقية وقول المشترى إن كانت تالفه وعند الشافعي يتحالفان مسألة. لو اشترى عبدا وسلمه إلى المشترى ثم جاءه بعبد ويريد رده بعيب فيه فقال البايع
هذا ليس عبدي الذي ابتعته وقبضته منى وادعى المشترى إنه هو قدم قول البايع لأصالة براءة الذمة والراد يريد الفسخ والأصل مضيه على السلامة ولو فرض ذلك في السلم
وقال ليس هذا على الوصف الذي أسلمت إليك فيه وجهان للشافعية أحدهما إن القول قول المسلم إليه مع يمينه كما أن القول قول البايع وأصحهما أن القول قول المسلم لان اشتغال
الذمة بمال السلم معلوم والبرائة غير معلومة ويفارق صورة البيع لأنهما اتفقا على قبض ما ورد عليه الشراء وتنازعا في سبب الفسخ والأصل استمرار العقد والوجهان
جاريان في الثمن في الذمة إن القول قول الدافع أو القابض وعن ابن شريح وجه ثالث الفرق بين ما يمنع صحة القبض وبين العيب الذي لا يمنعها فإذا كان الثمن دراهم في
الذمة وفرض هذا النزاع وكان ما أراد البايع رده زيوفا ولم يكن ورقا فالقول قول البايع لانكار (أصل صح) القبض الصحيح وإن كانت ورقا لكنها ردية كخشونة الجوهر أو اضطراب
السكة فالقول قول المشترى لان أصل القبض قد تحقق ولو رضي به لوقع المقبوض عن الاستحقاق ولا يخفى مثل هذا التفصيل في السلم فيه ويمكن أن يقال المعنى الفارق
في السلم فيه ظاهر لان الاعتياض عنه غير جايز لكن في الثمن لو رضي بالمقبوض لوقع عن الاستحقاق وإن لم يكن ورقا إذا كانت له قيمة لان الاستدراك (الاستبدال خ ل) عن الثمن جايز ولو كان المثمن
معينا فهو كالمبيع فإذا وقع فيه هذا الاختلاف قدم قول المشترى مع يمينه لكن لو كان المعين نحاسا لا قيمة له فالقول قول الراد لأنه يدعى بقاء ملكه وفساد العقد قاله بعض
الشافعية. مسألة. لو قبض المبيع أو المسلم فيه بالكيل أو الوزن ثم ادعى النقصان قال أصحابنا إن كان حاضرا عند الكيل والوزن لم يلتف إليه وقدم قول الآخر مع
اليمين إذ العادة يقضى باستظهاره واحتياطه في القبض وإن لم يحضرهما قدم قوله مع اليمين لأصالة عدم القبض وقال الشافعي إن كان النقصان قدر ما يقع مثله في
الكيل والوزن قبل وإلا فقولان أحدهما إن القول قول القابض مع يمينه لأصالة بقاء حقه وبه قال أبو حنيفة والثاني إن القول قول الدافع مع يمينه لأنهما اتفقا على
القبض والقابض يدعى الخطاء فيه فيحتاج إلى البينة كما لو اقتسما ثم ادعى أحدهما الخطاء يحتاج إلى البينة كما لو اقتسما ثم ادعى أحدهما الخطاء يحتاج إلى البينة وبه قال مالك ويحتمل عندي التفصيل وهو أن يقال إن كان العقد
يبطل بعدم القبض فالقول قول من يدعى التمام وإلا قدم قول مدعى النقصان ولو اختلف المتبايعان في القبض فالقول قول المشترى. مسألة. لو باع عصيرا و
أقبضه ثم وجد خمرا فقال البايع تخمر في يدك والقبض صحيح وقال المشترى بل سلمته خمرا والقبض فاسد وأمكن الأمران جميعا احتمل تقديم قول البايع لأصالة عدم الخمرية
وبقاء الحلاوة وصحة البيع والقبض وبرائة الذمة وتقديم قول المشترى لأصالة عدم القبض الصحيح وللشافعي قولان كهذين الاحتمالين والأقوى عندي الأول ولو
قال أحدهما إنه كان خمرا عند البيع فهو يدعى فساد العقد والآخر يدعى صحته وقد تقدم حكمه ولو باعه لبنا أو دهنا في ظرف ثم وجد فيه فارة وتنازعا في نجاسته عند القبض
أو عند البيع أو بعدهما فعندنا قدم قول البايع لأصالة الطهارة وللشافعي الوجهان ولو قال المشترى بعت العبد بشرط أنه كاتب وأنكر البايع قدم قول البايع لأصالة
عدم الاشتراط وبراءة الذمة كما لو اختلفا في العيب وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إنهما يتحالفان كما لو اختلفا في الاجل والجيد والأصل ممنوع على ما مر ولو كان الثمن
مؤجلا فاختلفا في انقضاء الأجل فالأصل بقاؤه. المطلب الثاني في كيفية اليمين. مسألة. التحالف عند الشافعي أن يحلف كل واحد من
المتعاقدين على إثبات ما يقوله ونفى ما يقوله صاحبه وأما نحن فلا نشترط الحلف على الاثبات بل يحلف كل منهما على نفى ما يدعيه الآخر فإذا قال بعتك هذا العبد بألف
576

وقال المشترى بل بعتني هذه الجارية بألف ولم تبعني العبد ولا بينة حلف البايع إنه ما باع الجارية وحلف المشترى إنه ما اشترى العبد ولا يجب على واحد منهما الجمع بين النفي و
الاثبات كما قلناه خلافا للشافعي ولا يكون هذا تحالفا بل يحلف كل منهما على النفي فإذا حلف البايع إنه ما باع الجارية بقيت على ملكه كما كانت وانتزعها من يد المشترى
إن كانت في يده وجاز له التصرف فيها وإذا حلف المشترى إنه ما اشترى العبد فإن كان العبد في يده لم يكن للبايع مطالبته به لأنه لا يدعيه وإن كان في يد البايع فإنه لا يجوز
له التصرف فيه لأنه معترف بأنه للمشترى وإن ثمنه في ذمته إذا تقرر هذا فإن كان البايع قد قبض الثمن فإنه يرده على المشترى ويأخذ العبد قصاصا ويجوز له بيعه (بقدر الثمن صح) وإن لم يكن
قبضه أخذ العبد قصاصا أيضا وباعه بذلك الثمن ولو زاد الثمن فهو مال لا يدعيه الآن أحد. مسألة. الأقرب إنه يبدأ بيمين من ادعى عليه أولا فإن كان البايع قد ادعى
بيع العبد منه وأنكر المشترى وقال إنما اشتريت الجارية حلف المشترى على نفى شراء العبد ثم حلف البايع على نفي شراء الجارية وإن كان المشترى قد ادعى أولا فقال إني
اشتريت هذه الجارية فقال البايع لم أبعه الجارية بل العبد قدم يمين البايع فإذا حلف على أنه ما باع الجارية حلف المشترى إنه لم يشتر العبد وللشافعي قولان قال في
أنه يبدأ بيمين البايع وفي السلم بالمسلم إليه وفي الكتابة بالسيد وهذه الأقوال متوافقة وقال في الصداق إنه يبدأ بالزوج وهو يخالف ساير الأقوال السابقة لان الزوج
يشبه المشترى وقال في الدعاوى أنه إن بدئ بيمين البايع خير المشترى وإن بدئ بيمين المشترى خير البايع وهذا يشعر بالتسوية والتخير فقال أصحابه إن في ذلك طريقين
أظهرهما أن المسألة على ثلاثة أقوال أظهرهما إن البداية بالبايع وبه قال أحمد بن حنبل لما رووه من قوله (ع) فالقول ما قاله البايع والمبتاع بالخيار أو يتتاركان أو يترادان
ولان جانب البايع أقوى فإنهما إذا تحالفا عاد المبيع إليه فكان أقوى كما إن صاحب اليد أقوى من غيره ولان ملك البايع على الثمن يتم بالعقد وملك المشترى على
المبيع لا يتم بالعقد والثاني إنه يبدأ بالمشترى وبه قال أبو حنيفة لأنه مدعى عليه زيادة ثمن والأصل براءة ذمته عنها فاليمين في جنبه أقوى ولأنه إذا نكل وجب الثمن
الذي أدعاه البايع وانفصل الحكم وما كان أقرب إلى فصل الحكم بدئ به والثالث إنه لا يبدأ بيمين أحدهما بل يتساويان فإن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه فقد
تساويا فلا ترجيح وعلى هذا فوجهان أظهرهما إن يتخير الحاكم في ذلك فيبدأ بيمين من اتفق والثاني إنه يقرع بينهما كما يقرع بين المسابقين إلى المباح والطريق الثاني القطع
بأن البداية بالبايع قولا واحدا والذي قاله الشافعي في الصداق بأن الزوج يجرى مجرى البايع لان البضع يكون ملكه بعد فسخ الصداق كما (يكون صح) البيع ملك البايع بعد فسخ المبيع بالتحالف
والذي قاله في الدعاوى والبينات فإنما أراد إن الحاكم إذا كان يرى ذلك بفعله لا أنه خيره ومن قال بالثاني قطع بأن البداية في اختلاف الزوجين بالزوج لان أثر تخالف
الزوجين إنما يظهر في الصداق دون البضع والزوج هو الذي ينزل عن الصداق فكان كالبايع له والثاني إن تقدم البايع إنما كان لقوة جانبه لحصول المبيع له بعد التحالف
وفي النكاح يبقى البضع للزوج وإذا قدمنا طريقة إثبات الخلاف فإن قدمنا البايع لم يخف هنا (لم يجب من خ ل) تنزل منزلته في ساير العقود وفي الصداق يأتي وجهان أحدهما إن البداية
بالمرأة والثاني إن البداية بالزوج وإن قدمنا المشترى فالقياس انعكاس الوجهين إذا ثبت هذا فإن جميع ما ذكرناه للاستحباب عندهم دون الايجاب وأيضا تقدم أحد
الجانبين مخصوص بما إذا باع عرضا بثمن في الذمة فأما إذا تبادلا عرضا بعرض فلا وجه إلا التسوية وينبغي أن يخرج ذلك على إن الثمن ماذا وقد سبق إنه الذي
يدخل عليه أو لباء غير ذلك على ما مضى من الخلاف. مسألة. اليمين عندنا واحدة على نفى ما أدعاه الآخر فيحلف البايع إنه لم يبع بخمسمائة ويحلف المشترى إنه لم يشتر
بألف لان المدعى لا يمين عليه فكل مدع منهما لا يحلف على ما أدعاه (ويحلف على نفى ما أدعاه صح) الآخر ثم ينفسخ العقدان وظاهر قول الشافعي الاكتفاء بيمين واحدة من كل واحد من المتعاقدين
جامعة بين النفي والاثبات فيقول البايع ما بعت بخمسمائة وإنما بعت بألف ويقول المشترى ما اشتريت بألف وإنما اشتريت بخمسمأة وقال الشافعي لو تداعيا
دارا في أيديهما فادعى كل منهما إن جميعها له حلف كل واحد على مجرد نفى استحقاق صاحبه ما في يده ولو حلف أحدهما ونكل الآخر حلف الحالف يمينا أخرى للاثبات قال
أصحابه ففي القولين طريقان أحدهما تقرير القولين والفرق بينهما أن في مسألة التداعي يحلف أحدهما على نفى دعوى صاحبه في النصف الذي في يده ويكون
القول قول الآخر في النصف الآخر فإذا نكل رددنا اليمين على الأول وهنا يحلف على صفة عقد تضمن إثباتا ونفيا فلهذا كفى يمين واحدة لأن العقد واحدا اتفاقا
والتنازع في صفته فكان الدعوى واحدة فجاز التعرض في اليمين الواحدة للنفي والاثبات فنفى كل واحد منهما في ضمن مثبته ومنفى كل واحد منهما في صورة الدار ممتاز
عن مثبته فلا معنى ليمينه على الاثبات قبل نكول صاحبه الثاني التصرف بتخريج قول من مسألة الدار فيما نحن فيه ووجه الجري على قياس الخصومات فإن يمين
الاثبات لا يبدأ بها في غير القسامة وهل يتصرف بتخريج قول فيما نحن فيه من مسألة الدار أيضا قال كثير منهم نعم حتى يكون قولان بالنقل والتخريج وقال الجويني وغيره
لا لان كل واحد لا يحتاج فيما في يده إلى الاثبات واليمين على الاثبات يمين الرد فكيف يحلف الأول يمين الرد وصاحبه لم ينكل بعد وكيف يحلفها الثاني وقد حلف
صاحبه. مسألة. إذا حلف البايع إنه لم يبع العبد وحلف المشترى إنه لم يشتر الجارية انفسخ العقدان وإن نكل المشترى عن يمين النفي حلف البايع يمينا أخرى على
إثبات دعواه وحكم على المشترى ومن قضى بالنكول لم يكلف البايع يمين الاثبات بل يحكم له بمجرد النكول وعند
الشافعي إذا اكتفينا بيمين واحدة يجمع بين النفي والاثبات
لأنه أفضل للحكم وأسهل على الحاكم وجوزنا الاثبات قبل نكول الخصم لأنه تبع للنفي ولأنهما يتحالفان على الاثبات من غير نكول وإن كانت يمينين فإذا حلف أحدهما
ونكل الثاني قضى للحالف سواء نكل عن النفي والاثبات جميعا أو عن أحدهما والنكول عن البعض كهو عن الكل وينبغي أن يقدم النفي سواء حلف يمينا واحدة أو اثنين
لأصالته في الايمان على الاثبات وقال بعض الشافعية يقدم الاثبات (لأنه المقصود وقال أبو سعيد يقدم الاثبات صح) لان الله تعالى قدمه في اللعان على النفي فقال في اليمين الخامسة " إن عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين "
ولأنه المقصود من الحالف وليس بصحيح لان الأصل في الايمان إنما هو النفي وأما الاثبات فإنما يكون فيها بالنكول أو تبعا للنفي فيجب أن يقدم النفي وكل أيمان اللعان
إثبات وليس فيه نفى وقوله إن كان من الكاذبين إثبات للصدق مثل قوله إنه لمن الصادقين وهل الخلاف في الاستحباب أو الاستحقاق الاظهر عندهم الأولى ونقل
الجويني الثاني فإذا قلنا يحلف أولا على مجرد النفي فلو أضاف إليه الاثبات كان لغوا وإذا حلف من وقعت البداية به على النفي عرضت اليمين على الثاني فإن نكل
حلف الأول على الاثبات وقضى له وإن نكل عن الاثبات لم يقض له لاحتمال صدقه فيما يدعيه صاحبه وكذبه فيما يدعيه وقال بعض الشافعية إنه كما لو تحالفا لان نكول
المردود عليه عن يمين الرد ينزل في الدعوى منزلة حلف الناكل أو لا ولو نكل الأول عن اليمين حلف الآخر على النفي والاثبات وقضى له ولو حلف على النفي فوجهان
أصحهما عندهم إنه يكفي ذلك ولا حاجة بعده إلى يمين الاثبات لان المحوج إلى الفسخ جهالة الثمن وقد حصلت والثاني إنه يعرض بيمين الاثبات عليهما فإن حلفا ثم
التحالف وإن نكل أحدهما قضى للحالف والقول في أنه تقدم يمين النفي أو الاثبات كما ذكرنا على تقدير الاكتفاء بيمين واحدة ولو عرض اليمين عليهما فنكلا جميعا
فوجهان وقال الجويني إن تناكلهما كتحالفهما فإنه إذا تداعى رجلان مولودا كان ذلك كتحالفهما والثاني إنه يوقف الامر كأنهما تركا الخصومة. المطلب الثالث
577

في حكم التحالف مسألة. إذا حلف كل من المتبايعين يمين النفي سقطت الدعويان عندنا كما لو ادعى على الغير بيع شئ أو شراه فأنكر وحلف سقطت الدعوى وكان
الملك باقيا على حاله ولم يحكم بثبوت عقد حتى يحكم بانفساخه وأما الشافعي القايل بالتحالف فقال إذا تحالف المتعاقدان ففي العقد وجهان أحدهما إنه لا ينفسخ بنفس
التحالف وفيه وجه آخر إنه ينفسخ بالتحالف كما ينفسخ النكاح بتحالف المتلاعنين ولان التحالف يحقق ما قالاه ولو قال البايع بعت بألف فقال المشترى اشتريت
بخمس مائه لم ينعقد فكذا هنا قال القاضي أبو الطيب الأول هو المنصوص للشافعي في كتبه القديمة والجديدة لا أعرف له غير ذلك لان البينة أقوى من اليمين ولو أقام كل
منهما بينة على ما يقوله لا ينفسخ العقد فاليمين أولي بعدم الفسخ ولا يشبه اللعان لان قول الزوج يقطع النكاح فقامت يمينه مقام طلاقه بخلاف المتنازع. مسألة
لو رجع أحدهما إلى قول الآخر فإن كان قبل التحالف حكم بمقتضى عقده وإن كان بعد التحالف فكذلك فلو حلف إنه لم يبع الجارية وحلف المشترى إنه لم يشتر العبد ثم إعترف
المشترى بصدق البايع كان حكمه حكم ما لو حلف المنكر ثم كذب بيمينه قال علماؤنا اليمين قاطعة للدعوى فإن جاء الحالف تائبا إلى الله تعالى ودفع ما حلف عليه كان لصاحبه
أخذه فكذا ينافي هنا وأما الشافعي فله قولان أحدهما فسخ العقد بمجرد التحالف من غير حاجة إلى حكم الحاكم بالفسخ والثاني إنه لا ينفسخ إلا بحكم الحاكم فعلى الأول فإنهما
يترادان ولو تقارا على أحد اليمينين لم يعد نافذا بل لابد من تجديد عقد وهل ينفسخ في الحال أو يتبين ارتفاعه من أصله للشافعية وجهان أظهرهما الأول لنفوذ تصرفات
المشترى قبل الاختلاف وعلى هذا فالحاكم يدعوهما بعد التحالف إلى الموافقة فينظر هل يعطى المشترى ما يقوله البايع من الثمن فإن فعل أجبر البايع عليه وإلا نظر هل يقنع
البايع بما يقوله المشترى فإن فعل فذاك وإلا فحينئذ يحتاج إلى فسخ العقد ومن الذي يفسخه وجهان أحدهما الحاكم لتعذر إمضائه في الحكم وكالفسخ في العنة لأنه فسخ مجتهد فيه
وأظهرهما عندهم إن للمتعاقدين أيضا أن يفسخا واحدهما أن ينفرد به كالفسخ بالعيب قال الجويني إذا قلنا الحاكم هو الذي يفسخ فذلك إذا استمرا على النزاع ولم يفسخا أو التمسا
الفسخ وأما إذا اعرضا من الخصومة ولم يتوافقا على شئ ولا فسخا ففيه نظر وإذا فسخ العقد إما بفسخهما أو بفسخ الحاكم وقع الفسخ ظاهرا وهل يقع باطنا فيه للشافعي ثلثة
أوجه أحدها لا لان سبب الفسخ تعذر إمضائه لعدم الوقوف على الثمن وإنه أمر يتعلق بالظاهر والعقد وقع صحيحا في نفسه وإنما تعذر إمضائه في الظاهر فكان الفسخ في الظاهر دون
الباطن والثاني إنه يقع ظاهرا وباطنا لأنه فسخ لاستدراك الظلامة فأشبه الرد بالعيب والثالث إن البايع إن كان ظالما فالفسخ يقع ظاهرا لا باطنا لأنه يمكنه استيفاء الثمن
وتسليم المبيع فإذا امتنع كان عاصيا فلا يقع الفسخ بذلك وإن كان المشترى ظالما وقع الفسخ ظاهرا وباطنا لان البايع لا يصل إلى حقه من الثمن فاستحق الفسخ كما لو أفلس
المشترى وهل يجرى مثل هذا الخلاف إذا فرعنا على انفساخ العقد بنفس التحالف أم يحرم بالارتفاع باطنا أيضا اختلفوا فيه وإذا قلنا بالارتفاع باطنا ترادا وتصرف كل
منهما فيما أعاد إليه وإن منعناه لم يجز لهما التصرف لكن لو كان البايع صادقا فهو ظافر بمال من ظلمه لما أسترد المبيع فله بيعه بالحاكم في أحد الوجهين أو بنفسه في أصحهما عندهم
واستيفاء حقه من ثمنه إذا تقرر هذا فكل موضع قلنا إن الفسخ يقع ظاهرا (وباطنا فإن للبايع التصرف في المبيع بجميع أنواع التصرف حتى بالوطي وإن قلنا يقع ظاهرا صح) دون الباطن فإن كان البايع ظالما لم يجز له التصرف في المبيع بوجه ووجب عليه رده على المشترى
بالثمن المسمى لأنه لا يجوز له أن يستبيح ملك غيره بظلمه وإن كان المشترى ظالما فإن البايع قد حصل في يده ملك المشتري وله عليه الثمن وهو من غير جنسه فله أن يبيع جميعه
أو مقدار حقه وهل يبيعه بنفسه أو يتولاه الحاكم وجهان أحدهما إنه يرفعه إلى الحاكم ليبيعه لان الولاية للحاكم على صاحبه دون هذا البايع والثاني يبيعه بنفسه وهو
منصوص الشافعي لأنه يتعذر عليه دفعه إلى الحاكم وإثبات حقه عنده فجوز ذلك للضرورة كما جوز إمساك ملك المشتري للحاجة وعندنا لن تمكن من الحاكم وجب وإلا
تولاه بنفسه فإذا باعه فإن كان الثمن وفق حقه فقد استوفاه وإن نقص فالباقي في ذمة المشتري وإن فضل فللمشتري وإن تلف هذا في يده كان من ضمانه وإن تحالفا
بعد تلف السلعة وجب رد قيمة المبيع ومتى تعتبر قيمة على وجهين أحدهما أكثر ما كانت من حين القبض والثاني حال التلف كالمقبوض على وجه السوم وهذه الفروع
مبنية على ما إذا اختلفا في قدر الثمن وذكر الجويني عبارة يجرى هذه الصورة وغيرها وهي إن الفسخ لن صدر من المحق فالوجه تنفيذه باطنا وإن صدر (من المبطل فالوجه منعه وإن صدر صح) منهما جميعا
قال لا شك في الانفساخ وليس ذلك موضع الخلاف وكان كما لو تقايلا وإذا صدر من المبطل لم ينفذ باطنا وطريق الصادق إن شاء الفسخ إن أراد الملك فيما عاد إليه
وإن صدر الفسخ من الحاكم فالظاهر الانفساخ باطنا لينتفع به الحق واعلم أن هذا لا يتأتى على مذهبنا فيما إذا كان
الاختلاف في كمية الثمن وإنما يقع فيما إذا اختلف في تعيين
المبيع كالعبد أو الجارية أو في تعيين (الثمن صح) كالذهب أو الفضة وهنا نقول إن المبطل لا يباح له التصرف فيما صار إليه والمحق له التصرف. مسألة. إذا فسخ البيع كان على المشترى رد المبيع
إن كان قائما بحاله لقوله (ع) إذا اختلف المتبايعان تحالفا وترادا رواه العامة وهذا عندنا صحيح فيما إذا كان الاختلاف في الأعيان المتعددة لا في قدر الثمن فإذا كان المشترى قد
أخذ ما أدعاه وسقطت دعواه بيمين البايع وجب عليه رد ما أخذه لظهور بطلان الاخذ بيمين البايع وإن تلف في يد المشترى فعليه قيمته سواء كانت أكثر من الثمن أو أقل
وهل يعتبر وقت التلف لان مورد الفسخ العين لو بقيت والقيمة خلف عنها فإذا فات الأصل فحينئذ ينظر إليها أو يوم القبض لأنه وقت دخول المبيع في ضمانه أو الأقل لأنها إن كانت يوم
العقد فالزيادة حدثت في ملك المشتري وإن كان يوم القبض أقل فهو يوم دخوله في ضمانه أو بأعلى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف لان يده يد ضمان فتعين أعلى القيم
وللشافعية هذه الاحتمالات الأربعة أقوالا فيما نقلنا وفيما إذا اختلفا في قدر الثمن أو الاجل أو الضمين أو غير ذلك على ما تقدم. مسألة. لو زادت العين
في يد المشتري فإما زيادة متصلة أو منفصلة فإن كانت متصلة فهي للبايع يردها المشترى مع العين وإن كانت منفصلة كالولد والثمرة والكسب والمهر فإن
قلنا العقد يرتفع من أصله وهو الطاهر عندنا إذا وقع التنازع في تعيين المبيع أو تعيين الثمن أي العينين هو فالنماء للبايع ويجب أقصى القيم لو تلف المبيع وإن.
قلنا من حينه فالنماء للمشترى وعليه القيمة يوم التلف وعند الشافعي يتأتى ذلك في هذه الصورة وفيما إذا اختلفا في قدر الثمن وغيره على ما سلف وقال بعض الشافعية
هذا الخلاف السابق في القيمة متى يعتبر نظر إلى أن العقد يرتفع من أصله أو من حينه إن قلنا بالأول فالواجب أقصى القيم وإن قلنا بالثاني اعتبرنا قيمته يوم التلف
مسألة. لو اشترى عبدين وتلف أحدهما ثم اختلفا في قدر الثمن قدم قول المشترى مع يمينه كما ذهبنا إليه وقال الشافعي يتحالفان بناء على أصله وهل يرد
الباقي فيه الخلاف المذكور في مثله إذا وجد الباقي معيبا وإن قلنا يرد فيضم قيمة التالف إليه وفي القيمة المعتبرة الوجوه الأربعة اعترض بأنه لم كان الأصح هنا غير الأصح
في القيمة المعتبرة لمعرفه الأرش أجيب يجوز أن يكون السبب فيه إن النظر إلى القيمة ثم ليس ليغرمه ولكن ليعرف منها الأرش الذي هو جزء من الثمن وكذلك الفرض فيما إذا
تلف أحد العبدين ووجدنا عيبا بالباقي وجوزنا افراده بالرد توزيع الثمن على قيمة التالف والباقي وههنا المغروم القيمة فكان النظر إلى حالة الاتلاف أليق ولو
كان المبيع قايما إلا أنه قد تعيب رده مع الأرش وهو قدر ما نقص من القيمة لان الكل مضمون على المشترى بالقيمة فيكون البعض مضمونا ببعض القيمة أما المبيع
لو تعيب في يد البايع وأفضى الامر إلى الأرش وجب جزء من الثمن لان الكل مضمون على البايع بالثمن فكذا البعض وهذا أصل مطرد في المسائل إن كل موضع لو تلف الكل كان
578

مضمونا على الشخص بالقيمة فإذا تلف البعض كان مضمونا عليه ببعض القيمة كالمغصوب وغيره إلا في صورة واحدة وهي ما إذا عجل زكاته ثم تلف ماله قبل الحول و
كان ما عجل تالفا يغرم المسكين القيمة ولو تعيب ففي الأرش وجهان للشافعية. تذنيب لو اختلفا في القيمة الواجبة عليه أو الأرش قدم قول المشترى مع اليمين
لأنه الغارم. مسألة. التلف قد يكون حقيقيا كما لو هلكت العين وقد يكون حكميا كما لو أعتق المشترى أو وقف أو باع أو وهب واقبض وتعوض وهنا يكون للبايع
انتزاع العين ويحكم ببطلان هذه العقود وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم إن هذه التصرفات بمنزلة الاتلاف فيجب القيمة وتبقى هذه التصرفات على الصحة وليس
جيدا والتعيب أيضا قد يكون حقيقيا كما لو تلف جزء من المبيع أو نقصت صفة من صفاته وقد يكون حكميا كما لو زوج الجارية المبيعة أو العبد المبيع فعندنا يبطل النكاح إن لم
يجز البايع وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم على المشترى ما بين قيمتها مزوجة وخلية وتعود إلى البايع والنكاح بحاله. مسألة. لو كان العبد المبيع قد أبق من يد المشترى
كان عليه قيمته للبايع إذا حلف إنه لم يبعه لتعذر الوصول إليه وقال الشافعي إذا تحالفا لم يمتنع الفسخ فإن الاباق لا يزيد على التلف ويغرم المشترى القيمة كما قلناه ولو
كاتبه المشترى كتابة صحيحة كان للبايع فسخها وقال الشافعي يتم مكاتبا ثم يغرم المشترى القيمة كالاباق ولو رهنه كان للبايع انتزاعه وقال الشافعي تخير البايع بين أخذ القيمة
والصبر إلى انفكاك الرهن ولو آجره كان للبايع أخذه وفسخ الإجارة وقال الشافعي يبنى على أن بيع المستأجر هل يجوز إن قلنا لا فهو كما لو رهنه وإن قلنا نعم فللبايع أخذه لكنه
يترك عند المستأجر إلى انقضاء المدة والأجرة المسماة للمشترى وعليه للبايع أجرة المثل للمدة الباقية وإن كان قد آجره من البايع فله أخذه لا محالة وفي انفساخ الإجارة
وجهان كما لو باع الدار المستأجرة من المستأجر إن قلنا لا ينفسخ فعلى البايع المسمى للمشترى وعلى المشترى أجرة مثل المدة الباقية للبايع وإذا غرم القيمة في هذه الصورة
ثم ارتفع السبب الحايل وأمكن الرد هل يسترد القيمة ويرد العين يبنى ذلك على إنه قبل ارتفاع الحايل ملك من هو أما الآبق ففيه وجهان أحدهما إنه يبقى للمشترى والفسخ لا يرد
على الآبق وإنما هو وارد على القيمة وأصحهما عندنا وعندهم إنه في إباقه ملك البايع والفسخ وارد عليه وإنما وجبت القيمة للحيلولة وأما المرهون والمكاتب ففيهما
طريقان أحدهما طرد الوجهين وأظهرهما عندهم القطع ببقاء الملك للمشترى كما إن المشترى إذا فلس بالثمن والعبد ابق يجوز للبايع الفسخ والرجوع إليه ولو كان مرهونا أو
مكاتبا ليس له ذلك والوجه عندنا بطلاق الكتابة والرهن كما قلنا وأما المكترى إذا منعنا بيعه فهو كالمرهون والمكاتب أو كالآبق لان حق المكترى لا يتعلق بمورد البيع
والفسخ وهو الرقبة فيه للشافعية إحتمالات قال الجويني وإن قلنا ببقاء الملك للمشترى فالفسخ وارد على القيمة كما في صورة التلف فلا رد ولا استرداد وإذا قلنا بانقلابه
إلى البايع ثبت الرد والاسترداد عند ارتفاع الحيلولة مسألة. لو اختلف المتبايعان فادعى أحدهما حرية العبد المبيع وأنكر الاخر فالقول قول المنكر مع يمينه قال
الشافعي إذا حلف كل منهما فبعد التحالف أو قبله لم يحكم بحرية العبد المبيع إن لم يكن الامر كما قال فلا يعتق العبد في الحال لأنه ملك المشتري وهو صادق بزعمه ثم إن فسخ العقد
أو عاد العبد إلى البايع بسبب آخر عتق عليه لان المشترى كاذب بزعمه والعبد قد عتق عليه فهو بمنزلة من أقر بحرية العبد ثم اشتراه ولا يعتق في الباطن إن كان البايع كاذبا و
يعتق على المشترى إن كان صادقا وولاء هذا العبد موقوف لا يدعيه البايع ولا المشترى ولو صدق المشترى البايع حكم بعتقه عليه ويرد الفسخ إن تفاسخا كما لو رد العبد
بعيب ثم قال كنت أعتقته يرد الفسخ ويحكم بعتقه ولو صدق البايع المشترى نظر إن حلف البايع بالحرية أولا ثم المشترى فإذا صدقه البايع عقيب يمينه ثم عاد العبد إليه لم
يعتق لأنه لم يكذب المشترى بعد ما حلف بحريته حتى يجعل مقرا يعتقه وإن حلف المشترى بحريته أولا ثم حلف البايع وصدقه عتق إذا عاد إليه لان حلفه بعد حلف المشترى
تكذيب له وإقرار بالحرية عليه ولو كان المبيع بعض العبد فإذا عاد إلى ملك البايع عتق ذلك القدر عليه ولم يقوم عليه الباقي لأنه لم يحصل العتق لمباشرته بل بإقراره على غيره
فصار كما لو خلف ابنين وعبدا وقال أحدهما إن أبى أعتق هذا العبد وأنكره الآخر فعتق نصيب المقر ولا يقوم عليه الباقي. مسألة. لو كان المبيع جارية ووطئها المشترى
ثم اختلفا في قدر الثمن حلف المشترى عندنا إن كانت السلعة تالفة وإن كانت باقية حلف البايع وعند الشافعي (يتحالفان صح) ثم إن كانت ثيبا فلا أرش عليه مع ردها وإن كانت
بكرا ردها مع أرش البكارة لأنه نقصان جزء ولو ترافعا إلى مجلس الحكم ولم يتحالفا بعد فأصح وجهي الشافعية إن للمشترى وطى الجارية لبقاء ملكه وبعد التحالف وقبل الفسخ
وجهان قريبان واولى بالتحريم لاشرافه على الزوال. مسألة. لو جرى البيع بين الوكيلين واختلفا للشافعي في تحالفهما وجهان وجه المنع إن عرض اليمين ليخاف الظالم
فيقر وإقرار الوكيل على موكله غير مقبول ولو تقايل المتبايعان أو رد المشترى المبيع بالعيب بعد قبض البايع الثمن واختلفا في قدر الثمن فالقول قول البايع مع
يمينه قاله الشافعي لأن العقد قد ارتفع والمشترى يدعى زيادة والأصل عدمها. مسألة لو ادعى الفسخ قبل التفرق وأنكر الآخر قدم قول المنكر مع اليمين لأصالة
البقاء ولو قلنا بالتحالف فيما إذا اختلفا في قدر الثمن فاختلفا في قيمة السلعة التالفة رجع إلى قيمة مثلها موصوفا بصفاتها فاختلفا في الصفة قدم قول المشترى
لأصالة برائته ولو تقايلا البيع أو رد بعيب بعد قبض الثمن ثم اختلفا في قدره قدم قول البايع مع يمينه لأنه منكر لما يدعيه المشترى بعد الفسخ ولو قال بعتك وأنا
صبى فقال بل كنت بالغا قدم قول مدعى الصحة ويحتمل تقديم قول البايع لأصالة البقاء ولو قال بعت وأنا مجنون ولم يعلم له سبقه قدم قول المشترى مع يمينه
وإلا فكالصبى. خاتمة. تشتمل على الإقالة. مسألة. الإقالة بعد البيع جايزة بل يستحب إذا ندم أحد المتعاقدين على البيع قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من أقال أخاه المسلم صفقة يكرهها أقاله الله عثرته يوم القيمة إذا عرفت هذا فالإقالة أن يقول المتبايعان تقايلنا أو تفاسخنا أو يقول أحدهما أقلتك فيقبل
الآخر ولو تقايلا بلفظ البيع فإن قصدا الإقالة المحضة لم يلحقها لواحق البيع حيث لم يقصداه. مسألة الإقالة فسخ العقد الأول وليس بيعا عندنا وهو
أصح قولي الشافعي لأنها لو كانت بيعا لصحت مع غير البايع وبغير الثمن الأول وقال في القديم إنها بيع وبه قال مالك لأنها نقل ملك بعوض بايجاب وقبول فأشبهت
التولية والمشابهة لا تستلزم الاتحاد وتعارض بما تقدم وبأن المبيع رجع إليه بلفظ لا ينعقد به البيع إبتداء فلم يكن بيعا كالرد بالعيب إذا عرفت هذا فالإقالة
إذا ذكرت بلفظ الإقالة فيه الخلاف السابق أما إذا ذكرت بلفظ الفسخ فلا خلاف في أنها فسخ وليست بيعا قاله بعض الشافعية. مسألة. والإقالة فسخ في حق المتعاقدين
وغيرهما للأصل ولان الصيغة ليست لفظ بيع ولان ما كان فسخا في حق المتعاقدين كان فسخا في حق غيرهما كالرد بالعيب وقال أبو حنيفة إنها فسخ في حق المتعاقدين
وهي بمنزلة البيع في حق غيرهما فيثبت فيها الشفعة للشفيع لان الإقالة نقل ملك بعوض هو مال فيثبت فيه الشفعة كالمبيع ويمنع كونها نقل ملك بل إعادة للملك
الأول فبها يعود الملك الأول إذا فسخ العقد وقال أبو يوسف هي بيع بعد القبض وفسخ قبله إلا في العقار فإنه بيع فيه قبل القبض وبعده. مسألة. لا يثبت
الشفعة عندنا بالإقالة وإن أتى بها قاصدا لها بلفظ البيع لان القصد المعنى وقال أبو حنيفة يثبت فيها الشفعة وإن كان بلفظ الإقالة ولو تقايلا في الصرف
لم يجب التقابض في المجلس لأنها ليست بيعا ومن جعلها (أوجبنا التقابض فيه ويجوز الإقالة قبل قبض المبيع لأنها ليست بيعا ومن جعلها صح) بيعا منع ويجوز في السلم قبل القبض إن كان فسخا وإن كانت بيعا فلا ولا يجوز الإقالة بعد تلف المبيع
579

إن كانت بيعا وتجوز إن كانت فسخا وللشافعية على تقدير كونها فسخا وجهان أحدهما المنع كالرد بالعيب وأصحهما عندهم الجواز كالفسخ بالتحالف فعلى هذا يرد المشترى على البايع
مثل المبيع إن كان مثليا وقيمته إن كان متقوما. مسألة. يشترط في الإقالة عدم الزيادة في الثمن والنقصان فيه لا قدرا ولا وصفا فلو أقاله بأكثر أو أقل فسدت
الإقالة وكان المبيع باقيا على ملك المشتري وبه قال الشافعي لأنها فسخ في الحقيقة ومقتضاه عود كل عوض إلى مالكه وليست من الألفاظ الناقلة كالبيع وشبهه بحيث يحصل
ملك الزيادة بها وقال أبو حنيفة تصح الإقالة ويبطل الشرط ويجب رد الثمن لان الإقالة تصح بغير ذكر بدل فإذا ذكره فاسدا لم يبطل كالنكاح ونحن نقول إنه أسقط حقه من
المبيع بشرط أن يحصل له العوض الذي شرطه فإذا لم يسلم له الذي شرطه ولا بذل له لم يزل ملكه عنه بخلاف النكاح فإنه يثبت فيه عوض آخر ولان شرط الزيادة يخرج
الإقالة عن موضوعها فلم تصح بخلاف النكاح. مسألة. تصح الإقالة في بعض المسلم فيه وبه قال عطا وطاوس وعمرو بن دينار والحكم بن عيينة وإليه ذهب أبو حنيفة و
الشافعي والثوري وروى عن عبد الله بن عباس إنه قال لا بأس به وهو المعروف لان الإقالة مستحبة وهي من المعروف وكل معروف جاز في جميع العوض جاز في بعضه
كالابراء والانظار وقال مالك وربيعه والليث بن سعد وابن أبي ليلى لا يجوز ذلك وكرهه احمد وإسحاق ورواه ابن المنذر عن ابن عمر والحسن وابن سيرين والنخعي لأنه إذا أقاله في
بعضه فقد صار بيعا وسلفا وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن البيع والسلف لأنه إذا أقاله في بعضه ورد بعض رأس المال يصير في معنى القرض لأنه رد مثله ويصير الباقي بيعا وهو
منقوص بالرجوع بأرش العيب فإنه في معنى ما ذكروه وكذلك ينتقض باليسير فإن بعضهم كان يسلم جواز الإقالة في اليسير منه على أنا نمنع من كونه قرضا ورد المثل لا
يوجب كونه قرضا وإلا لزم أن يكون البيع إذا أقيل منه قرضا لوجوب رد المثل وليس كذلك سلمنا لكن نمنع استحالة اجتماعهما في البيع لكن منع الاجتماع إنما يكون إذا كان شرطا
في البيع وأما لو أسلفه شيئا وباعه شيئا جاز إذا لم يشترط أحدهما في الآخر عندهم. مسألة. لو اشترى عبدين وتلف أحدهما صحت الإقالة عندنا لأنها فسخ ومن قال إنها
بيع فوجهان في الإقالة في التالف بالترتيب إذ القائم تصادفه الإقالة فيستتبع التالف وإذا تقايلا والمبيع في يد المشترى فقد تصرف البايع فيه لأنها فسخ ومن جعلها بيعا منع
إذ لا يصح التصرف في المبيع قبل قبضه ولو تلف في يده إنفسخت الإقالة عند من قال إنها بيع وبقى البيع كما كان ومن قال إنها فسخ صحت الإقالة وكان على المشترى الضمان لأنه مقبوض
على حكم العوض كالمأخوذ قرضا وسوما والواجب فيه إن كان متقوما أقل القيمتين من يوم العقد والقبض ولو تعيب في يده فإن كان بيعا تخير البايع بين إجازة الإقالة مجانا وبين
أن يفسخ ويأخذ الثمن وإن كانت فسخا غرم الأرش العيب ولو استعمله بعد الإقالة فإن جعلناها بيعا فهو كالمبيع يستعمله البايع وإن جعلناها فسخا فعليه الأجرة ولو
عرف البايع بالمبيع عيبا كان قد حدث في يد المشترى قبل الإقالة فلا رد له إن كانت فسخا وإن كانت بيعا فله ردها ويجوز للمشترى حبس المبيع لاسترداد الثمن على القولين
ولا يشترط فك الثمن في الإقالة ولو أقاله على أن ينظره بالثمن أو على أن يأخذ الصحاح عوض المكسرة لم يجز ويجوز للورثة الإقالة بعد موت المتبايعين ويجوز الإقالة في بعض
المبيع كما تقدم إذا لم يستلزم الجهالة قال الجويني لو اشترى العبدين وتقايلا في أحدهما لم يجز على قول إنه بيع للجهل بحصة كل واحد منهما ويجوز الإقالة في بعض المسلم فيه لكن لو أقاله
في البعض ليعجل الباقي أو عجل المسلم إليه البعض ليقيله في الباقي فهي فاسدة نعم لو قال للمسلم إليه عجل له حقي واخذ دون ما استحقه بطيبه من نفسه كان جايزا لأنه نوع صلح وتراض
وهو جايز وقال الشافعي لا يجوز. مسألة. لا يسقط أجرة الدلال والوزان والناقد بعد هذه الأفعال بالإقالة لان سبب الاستحقاق ثابت فلا يبطل بالطارئ ولو اختلفا في
قيمة التالف من العبدين فالقول قول من ينكر الزيادة مع اليمين. المقصد الثامن. في اللواحق وفيه فصلان الأول في أنواع المكاسب. مسألة
طلب الرزق للمحتاج واجب وإذا لم يكن له وجه التحصيل إلا من المعيشة وجب عليه قال رسول الله صلى الله عليه وآله ملعون من ألقى كله على الناس وهو أفضل من التخلي للعبارة
روى علي بن عبد العزيز عن الصادق (ع) قال ما فعل عمر بن مسلم قال جعلت فداك أقبل على العبادة وترك التجارة فقال ويحه أما علم أن تارك الطلب لا يستجاب له إن قوما
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لما نزلت " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا قد كفينا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فأرسل إليهم فقال
ما حملكم على ما صنعتم فقال يا رسول الله (ص) تكفل لنا بأرزاقنا فاقبلنا على العبادة فقال إنه من فعل ذلك لم يستجب له عليكم بالطلب وسأل عمر بن زيد الصادق (ع)
رجل قال لأقعدن في بيتي ولأصلين ولأصومن ولأعبدن ربي عز وجل فأما رزقي فسيأتيني فقال أبو عبد الله (ع) هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم وسأل العلاء بن كامل
الصادق (ع) أن يدعو له الله تعالى أن يرزقه في دعة فقال لا أدعو لك اطلب كما أمرك الله وسأل الصادق (ع) عن رجل فقيل أصابته حاجة قال فما يصنع اليوم قال في البيت يعبد ربه عز وجل
قال فمن أين قوته قيل من عند بعض إخوانه فقال الصادق (ع) (بالله صح) الذي يقوته أشد عبادة منه وقال الباقر (ع) من طلب الدنيا استعفافا عن الناس وسعيا على أهله وتعطفا على
جاره لقى الله عز وجل يوم القيمة ووجهه مثل القمر ليلة البدر. مسألة. وفي طلب الرزق ثواب عظيم قال الله تعالى " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه " وقال الباقر (ع) قال
رسول الله صلى الله عليه وآله العبادة سبعون جزاء أفضلها طلب الحلال وقال الصادق (ع) يا هشام إن رأيت الصفين قد التقيا فلا تدع طلب الرزق في ذلك اليوم وقال الصادق (ع) إن محمد بن
المنكدر كان يقول ما كنت أرى إن علي بن الحسين (ع) يدع خلفا أفضل من علي بن الحسين حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليهما السلام فأردت أن أعظه فوعظني فقال له أصحابه بأي شئ
وعظك قال خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام وكان رجلا بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين فقلت
في نفسي سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أما لأعظنه فدنوت منه فسلمت عليه فرد على بنهر وهو يتصاب عرقا فقلت أصلحك الله
شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاء أجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع فقال (ع) لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني
وأنا في طاعة من طاعات الله عز وجل أكف بها نفسي وعيالي (عنك صح) عن الناس وإنما كنت أخاف لو جاء الموت وأنا على معصية من معاصي الله تعالى فقلت صدقت يرحمك الله أردت أن
أعظك فوعظتني واعتق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ألف مملوك من كد يده وقال الصادق (ع) اوحى الله عز وجل إلى داود (ع) إنك نعم العبد لولا أنك تأكل من بيت المال ولا تعمل
بيدك شيئا قال فبكى داود (ع) أربعين صباحا فأوحى الله تعالى إلى الحديد أن لن لعبدي داود فألان الله تعالى له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل ثلاثمائة وستين
درعا فباعها بثلاثمائة وستين ألفا واستغنى عن بيت المال وقال محمد بن عذافر عن أبيه قال اعطى أبو عبد الله (ع) أبى ألفا وسبعمائة دينار فقال له أتجر لي بها ثم قال أما إنه ليس لي
رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوبا فيها ولكن أحببت أن يراني الله عز وجل متعرضا لفوايده قال فربحت فيها مائة دينار ثم لقيته فقلت قد ربحت لك مائه دينار وقال ففرح أبو
عبد الله بذلك فرحا شديدا ثم قال أثبتها لي في رأس مالي وقال الصادق (ع) في تفسير قوله تعالى " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " رضوان الله والجنة في الآخرة والمعاش
وحسن الخلق في الدنيا وقال رجل للصادق (ع) إنا والله لنطلب الدنيا ونحب أن نؤتى بها فقال تحب أن تضع بها ما ذا قال أعود بها على نفسي وعيالي واصل منها وأتصدق و
وأحج واعتمر فقال الصادق (ع) ليس هذا طلب الدنيا هذا طلب الآخرة وقال معاذ بن كثير صاحب الأكسية للصادق (ع) قد هممت أن أدع السوق وفي يدي شئ قال إذن يسقط
580

رأيك ولا يستعان بك على كل شئ. مسألة. ولا ينبغي الاكثار في ذلك بل ينبغي الاقتصار على ما يمون نفسه وعياله وجيرانه ويتصدق به قال الباقر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله
في حجة الوداع ألا إن الروح الأمين نفث في روعي إنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله عز وجل وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء شئ من الرزق أن تطلبوه بشئ
من معصية الله فإن الله تعالى قسم الأرزاق بين خلقه حلالا ولم يقسمها حراما فمن اتقى الله عز وجل وصبر أتاه الله برزقه من حله ومن هتك حجاب الستر وعجل فأخذه من غير حله قصر
به من رزقه الحلال وحوسب عليه يوم القيمة وقال الصادق (ع) ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيع ودون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن إليها ولكن اترك لنفسك من ذلك
بمنزلة النصف التعفف ترفع لنفسك عن منزلة الواهن الضعيف وتكتسب ما لابد للمؤمن منه إن الذين أعطوا المال ثم لم يشكروا لا مال لهم وقال رسول الله صلى الله عليه وآله منهومان لا يشبعان
منهوم دينا ومنهوم علم فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب ويرجع ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا ومن أراد به الدنيا فهي حظه
وقال الصادق (ع) ما أعطى الله عبدا ثلاثين ألفا وهو يريد به خيرا وقال ما جمع رجل قط عشرة ألف من حل وقد يجمعها الأقوام إذا اعطى القوت ورزق العمل فقد جمع الله له الدنيا
والآخرة. مسألة. فقد ثبت من هذا إن التكسب واجب إذا احتاج إليه الانسان لقوت نفسه وقوت من تجب نفقته عليه ولا وجه له سواه وأما إذا قصد التوسعة
على العيال ونفع المحاويج وإعانة من لا تجب عليه نفقته مع حصول قدر الحاجة بغيره فإنه مندوب إليه لما تقدم من الأحاديث وأما ما يقصد به الزيادة في المال لا غير
مع الغناء عنه فإنه مباح وقد يكون مكروها إذا اشتمل على وجه نهى الشارع عنه نهى تنزيه كالصرف فإنه لا يسلم من الربا وبيع الأكفان فإنه يتمنى موت الاحياء والرقيق إتخاذ والذبح
والنحر صنعة لما في ذلك من سلب الرحمة من القلب وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله من قسى قلبه بعد من رحمة ربه قال إسحاق بن عمار قال دخلت على الصادق (ع) فخبرته إنه ولد لي غلام
فقال إلا سميته محمدا قال قد فعلت فقال لا تضرب محمدا ولا تشتمه جعله الله قرة عين لك في حيوتك وخلف صدق من بعدك قلت جعلت فداك فأي الأعمال أضعه قال إذا عدلته
خمسة أشياء فضعه حيث شئت لا تسلمه صيرفيا فإن الصيرفي لا يسلم من الربا ولا تسلم بياع الأكفان فإن
صاحب الأكفان يسره الوبا إذا كان ولا تسلمه بياع طعام فإنه لا يسلم
من الاحتكار ولا تسلمه جزارا فإن الجزار يسلب الرحمة ولا تسلمه نخاسا فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قال شر الناس من باع الناس وقال الكاظم (ع) جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله
فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد علمت ابني هذا الكتابة ففي أي شئ أسلمه لله أبوك ولا تسلمه في خمسة أشياء لا تسلمه قساء ولا صايفا ولا قصابا ولا حناطا ولا نخاسا قال فقلت
يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما القساء فقال الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت أمتي ولمولود من أمتي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وأما الصايغ فإنه يعالج زين أمتي وأما القصاب فإنه
يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه وأما الحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي ولئن يلقى الله العبد سارقا أحب إلى من أن يلقاه قد احتكر طعاما أربعين يوما وأما النخاس
فإنه أتاني جبرئيل فقال يا محمد إن شر أمتك الذين يبيعون الناس. مسألة. ويكره إتخاذ الحياكة والنساجة صنعة لما فيهما من الضعة والرذالة قال الله تعالى في قصة
نوح (ع) قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون وقال أمير المؤمنين (ع) للأشعث بن قيس حايك بن حايك منافق بن منافق بن كافر قيل إنه كان ينسج الابراد وقيل إن يومه كانوا
كذلك وقال أبو إسماعيل الصيقل المرادي دخلت على الصادق (ع) ومعي ثوبان فقال لي يا أبا إسماعيل يجيئني من قبلكم أثواب كثيرة وليس يجيئني مثل هذين الثوبين
الذي تحملهما أنت فقلت جعلت فداك تغزلهما أم إسماعيل وانسجهما أنا فقال لي حايك فقلت نعم فقال لا تكن حائكا قلت فما أكون قال كن صيقلا وكان معي مائتا دينار
فاشتريت بها سيوفا ومرايا وعتقا وقدمت بها الري وبعتها بربح كثير. مسألة. يكره كسب الحجام مع الشرط قال الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله إني أعطيت خالتي غلاما
ونهيتها أن تجعله قصابا أو حجاما أو صايغا وسأل أبو بصير الباقر عن كسب الحجام فقال لا بأس به إذا لم يشارط إذا ثبت هذا فإن الأجرة ليست حراما للأصل وقال الباقر (ع)
احتجم رسول الله صلى الله عليه وآله حجمه مولى لبنى بياضه وأعطاه ولو كان حراما ما أعطاه ولو كان حراما ما أعطاه فلما فرغ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله أين الدم قال شربته يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال ما كان ينبغي لك أن تفعل وقد جعله الله
عز وجل حجابا لك من النار فلا تعد. تذنيب إذا شارط كره له الكسب مع الشرط ولم يكره الشرط لمن يشارطه قال زرارة سألت الباقر (ع) عن كسب الحجام فقال مكروه
له أن يشارطه ولا بأس عليك أن تشارطه وتماسكه وإنما يكره له فلا بأس عليك وقال الصادق (ع) إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله عن كسب الحجام فقال لك ناضح فقال له نعم فقال أعلفه إياه
ولا تأكله وهذا يدل على حكمين الكراهة حيث نهاه عن أكله وعلى الإباحة حيث أمره أن يعلف الناضح به وكذا القابلة كسبها مكروه مع الشرط ولا معه طلق. مسألة
لا بأس بأجر النايحة بالحق ويكره مع الشرط ويحرم بالباطل قال حنان بن سدير كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نايحة فجاءت إلى أبى فقالت يا عم أنت تعلم معيشتي
من الله وهذه الجارية النايحة وقد أحببت أن تسأل أبا عبد الله (ع) عن ذلك فإن كان حلالا وإلا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي الله عز وجل بالفرج فقال لها أبى إني
والله لأعظم أبا عبد الله (ع) أن أسأله عن هذه المسألة قال فلما قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك فقال أبو عبد الله (ع) أتشارط قلت والله ما أدرى أتشارط أم لا قال قل لها
لا تشارط وتقبل كلما أعطيت وقال الصادق (ع) لا بأس بأجر النايحة التي تنوح على الميت. مسألة. يكره اجرة الضراب لأنه في معنى بيع عسيب الفحل ويكره إنزاء الحمير
على الخيل لان النبي صلى الله عليه وآله نهى أن ينز حمار على عتيق رواه السكوني عن الصادق (ع) وفي السند ضعف وليس محرما للأصل ولما رواه هشام بن إبراهيم عن الرضا (ع) قال سألته عن الحمير
تنزيها على الرمك لتنتج البغال أيحل ذلك قال نعم انزها ولا تنافى بين الروايتين لان الإمام (ع) سئل عن الحل فأجاب بثبوته وقوله أنزها على سبيل الإباحة والنهى الوارد
عن النبي صلى الله عليه وآله إنما هو على سبيل التنزيه. مسألة. كسب الصبيان ومن لا يجتنب المحارم مكروه لعدم تحفظهم من المحارم وعدم الوثوق بإباحة ما حصلوه وكذا يكره
الصياغة والقصابة وقد تقدم بيانه في الرواية ويكره ركوب البحر للتجارة لرواية محمد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهما السلام إنهما كرها ركوب البحر للتجارة ولو حصل
الخوف كما في وقت اضطرابه وتكاثر الأهوية المختلفة فإنه يكون حراما قال الباقر (ع) في ركوب البحر للتجارة يغرر الرجل بدينه وسأل معلى بن خنيس الصادق (ع) عن الرجل يسافر
فيركب البحر فقال إن أبى كان يقول إنه يضر بدينك هوذ؟ الناس يصيبون أرزاقهم ومعايشهم. مسألة. يجوز أخذ الأجرة على تعليم الحكم والآداب والاشعار
ويكره على تعليم القرآن لان أمير المؤمنين (ع) جاءه رجل فقال يا أمير المؤمنين (ع) والله إني لأحبك (لله فقال له) ولكني أبغضك لله فقال ولم قال لأنك تبغى في الاذان وتأخذ على
تعليم القرآن أجرا وسمعت رسول الله (ص) يقول من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيمة وعن إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) قال قلت إن لنا جارا يكتب وقد سألني أن
أسأل عن عمله فقال مره إذا وقع عليه الغلام أن يقول لأهله أنى إنما اعلم الكتاب والحساب واتجر عليهم بتعليم القرآن حتى يطيب له كسبه وعن حسان المعلم قال
سألت الصادق (ع) عن التعليم فقال لا تأخذ على التعليم أجرا قلت الشعر والرسايل وما أشبه ذلك أشارط عليه قال نعم بعد أن يكون الصبيان عندك سواء في التعليم لا
تفضل بعضهم على بعض وسأل الفضل بن أبي قرة الصادق (ع) إن هؤلاء يقولون إن كسب المعلم سحت فقال كذبوا أعداء الله إنما أرادوا أن لا يعلموا القرآن ولو أن المعلم
أعطاه رجل دية ولده كان للمعلم مباح قال الشيخ (ره) لا تنافى بين هذين الخبرين لان الخبر الأول محمول على أنه لا يجوز له أن يشارط في تعليم القرآن أجرا معلوما والثاني على
581

أنه إن اهدى إليه بشئ وأكرم بتحفه جاز له أخذه لرواية جراح المدايني عن الصادق (ع) قال المعلم لا يعلم بالأجرة ويقبل الهدية إذا اهدى إليه قال قتيبة الأعشى للصادق (ع) إني أقرأ
القرآن فتهدى إلى الهدية فاقبلها قال لا قال قلت إن لم أشارط قال أرأيت إن لم تقرأه أكان يهدى لك قال قلت لا قال فلا تقبله وهو محمول على الكراهة جمعا بين الأدلة
مسألة. ويكره خصا الحيوان لما فيه من الايلام ومعاملة الظالمين لعدم تحرزهم عن المحرمات وكذا يكره معاملة السفلة والأدنين والمحارفين لان أمير المؤمنين (ع)
قال شاركوا من أقبل عليه الرزق فإنه أجلب للرزق وكذا يكره معاملة ذوي العاهات والأكراد ومجالستهم ومناكحتهم لما روى من إنهم حي من الجن وكذا يكره معاملة أهل
الذمة. مسألة. من التجارة ما هو حرام وهو أقسام الأول كل نجس لا يقبل التطهير سواء كانت نجاسته ذاتية كالخمر والنبيذ والفقاع والميتة والدم
وأبوال ما لا يؤكل لحمه وأرواثه والكلب والخنزير وأجزائهما أو عرضية كالمايعات النجسة التي لا تقبل التطهير إلا الدهن النجس بالعرض لفايدة الاستصباح تحت السماء خاصة
لا تحت الأظلة لان البخار الصاعد بالاشتعال لابد أن تستصحب شيئا من أجزاء الدهن ولو كانت نجاسة الدهن ذاتية كالألية المقطوعة من الميتة أو الحية لم يجز الاستصباح
بها تحت السماء أيضا والماء النجس يجوز بيعه لقبوله التطهير وأبوال ما يؤكل لحمه وإن كانت طاهرة إلا أن
بيعها حرام لاستجناثها إلا بول الإبل للاستشفاء بها ويجوز بيع كلب.
الصيد والزرع والماشية والحايط وإجارتها واقتناؤها وإن هلكت الماشية وتربيتها ويحرم اقتناء الأعيان النجسة إلا لفايدة كالكلب والسرجين لتربية الزرع والخمر للتخليل
ويحرم أيضا اقتناء المؤذيات كالحيات والعقارب والسباع الثاني كل ما يكون المقصود حراما كآلات اللهو كالعود وآلات القمار كالنرد والشطرنج وهياكل العبادة
كالصنم وبيع السلاح لأعداء الدين وإن كانوا مسلمين لما فيه من الإعانة على الظلم وإجارة السفن والمساكن للمحرمات وبيع العنب ليعمل خمرا والخشب ليعمل صنما وآلة قمار
ويكره بيعهما على من يعمل ذلك من غير شرط والتوكيل في بيع الخمر وإن كان الوكيل ذميا وليس للمسلم منع الذمي المستأجر داره من بيع الخمر فيها سرا ولو آجره لذلك حرم ولو
أجرة دابة لحمل خمر جاز إن كان للتخليل والإراقة وإلا فلا ولا بأس ببيع ما يكره من آلة السلاح على أعداء الدين وإن كان وقت الحرب الثالث بيع ما لا ينتفع به كالحشرات
مثل الفأر والحيات والخنافس والعقارب والسباع مما لا يصلح للصيد كالأسد والذئب والرحم والحداة والغراب وبيوضها والمسوخ البرية كالقرد وإن قصد به حفظ المتاع
(والدب صح) أو بحرية كالجري والسلاحف والتمساح ولو قيل بجواز السباع كلها لفائدة الانتفاع بجلودها كان حسنا ويجوز بيع الفيل والهرة وما يصلح للصيد كالفهد وبيع دود
القز والنحل مع المشاهدة وإمكان التسليم وكذا يجوز بيع عام الوجود كالماء والتراب والحجارة ويحرم بيع الترياق لاشتماله على الخمر ولحوم الأفاعي ولا يجوز شربه للتداوي
إلا مع خوف التلف والسم من الحشايش والنبات يجوز بيعه إن كان مما ينتفع به كالسقمونيا وإلا فلا والأقرب المنع من بيع لبن الآدميات ولو باعه دارا لا طريق لها مع علم
المشترى جاز ومع جهله يتخير الرابع ما نص الشارع على تحريمه عينا كعمل الصور المجسمة والغناء وتعليمه واستماعه وأجر المغنية قال الصادق (ع) وقد سأله رجل عن بيع
الجواري المغنيات فقال شراؤهن حرام وبيعهن حرام وتعليمهن كفر واستماعهن نفاق وقال الصادق (ع) المغنية ملعونة ملعون من أكل كسبها واوصى إسحاق بن عمر عند وفاته
بجوار له مغنيات إن يبعن ويحمل ثمنهن إلى أبى الحسن (ع) قال إبراهيم بن أبي البلاد فبعت الجواري بثلاثمائة ألف درهم وحملت الثمن إليه فقلت له إن مولى لك يقال له إسحاق بن عمر اوصى عند
وفاته ببيع جوار له مغنيات وحمل الثمن لك وقد بعتهن وهذا الثمن ثلاثمائة ألف درهم فقال لا حاجة لي فيه إن هذا سحت وتعليمهن كفر والاستماع منهن نفاق وثمنهن سحت
أما المغنية في الأعراس فقد ورد رخصة بجواز كسبها إذا لم تتكلم بالباطل ولم تلعب بالملاهي ولم يدخل الرجال عليها روى عن الصادق (ع) إنه قال أجر المغنية التي تزف
العرايس ليس به بأس وليست بالتي تدخل عليها الرجال إذا ثبت هذا فإن أدخلت الرجال أو غنت بالكذب كان حراما لما تقدم ولما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال سألته
عن المغنيات فقال التي يدخل عليها الرجال حرام والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس وهو قول الله عز وجل ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله. مسألة
القمار حرام وتعلمه واستعماله وأخذ الكسب به حتى لعب الصبيان بالجوز والخاتم قال الله تعالى " وان تستقسموا بالأزلام " وقال تعالى " والانصاب والأزلام " قال الباقر (ع) لما أنزل الله تعالى
على رسوله " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان " قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله الميسر قال كل ما يقمروا به حتى الكعاب والجوز فقيل وما الأنصاب قال ما ذبحوا
لآلهتهم قيل والأزلام قال قداحهم التي كانوا يستقسمون بها وسأل إسحاق بن عمار الصادق (ع) الصبيان يلعبون بالجوز والبيض ويقامرون فقال لا تأكل منه فإنه حرام
وكان الصادق (ع) نهى عن الجوز يجئ به الصبيان من القمار أن يؤكل وقال هو سحت. مسألة. الغش والتدليس محرمان كشوب اللبن بالماء وتدليس الماشطة وتزيين
الرجل بالحرام قال الصادق (ع) ليس منا من غشنا وقال رسول الله (ص) لرجل يبيع التمر يا فلان أما علمت إنه ليس من المسلمين من غشهم ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يشاب اللبن
بالماء للبيع ولا بأس بكسب الماشطة إذا لم تفعل التدليس قال سماعة سألته عن امرأة مسلمة تمشط العرايس ليس لها معيشة غير ذلك وقد دخلها تضيق قال لا بأس ولكن لا
تصل الشعر بالشعر وإذا لم يحصل تدليس بالوصل لم يكن به بأس سئل الصادق (ع) عن القرامل التي يضعها النساء في رؤوسهن تصلنه بشعورهن فقال لا بأس به على المرأة ما تزينت
به لزوجها فقيل له بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن الواصلة والموصولة فقال ليس هناك إنما لعن رسول الله صلى الله عليه وآله التي تزني في شبابها فإذا كبرت قادت النساء إلى الرجال فتلك الواصلة
والموصولة. مسألة. ويحرم معونة الظالمين على الظلم قال ابن أبي يعفور كنت عند الصادق (ع) إذا دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له أصلحك الله إنه ربما أصاب الرجل
منا الضيق والشدة فيدعى إلى البناء يبنيه أو النهر يكريه أو المسناة يصلحها فما تقول في ذلك فقال الصادق (ع) ما أحب أن عقدت لهم عقدة أو وكيت لهم وكاء وإن لي ما
بين لابتيها لا ولا مدة بقلم إن أعوان الظلمة يوم القيمة في سرادق من نار حتى يحكم الله بين العباد. مسألة. يحرم حفظ كتب الضلال ونسخها لغير النقص أو الحجة وتعلمها
ونسخ التورية والإنجيل لأنهما منسوخان محرفان وتعليمهما وتعلمهما حرام وأخذ الأجرة على ذلك وكذا يحرم هجاء المسلمين والغيبة قال الله تعالى ولا يغتب بعضكم بعضا
أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ويحرم سب المؤمنين والكذب عليهم والتهمة ومدح من يستحق الذم وبالعكس والتشبيب بالمرأة المعروفة المؤمنة بلا خلاف في ذلك
كله. مسألة. تعلم السحر وتعليمه حرام وهو كلام يتكلم به أو يكتبه ورقية أو يعمل شيئا في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة وهل له حقيقة قال الشيخ لا وإنما هو
تخييل وعلى كل تقدير لو استحله قتل ويجوز حل السحر بشئ من القرآن أو الذكر والأقسام لا بشئ منه روى إبراهيم بن هاشم قال حدثني شيخ من أصحابنا الكوفيين قال دخل عيسى بن
سيفي على الصادق (ع) وكان ساحرا تأتيه الناس ويأخذ على ذلك الاجر فقال له جعلت فداك أنا رجل صناعتي السحر وكنت آخذ عليه الأجرة وكان معاشى وقد حججت ومن
الله على بلقائك وقد تبت إلى الله تعالى فهل لي في شئ منه مخرج قال فقال الصادق (ع) حل ولا تعقد وكذا يحرم تعلم الكهانة وتعليمها والكاهن هو الذي له رأى من الجن يأتيه بالاخبار
ويقتل ما لم يتب والتنجيم حرام وكذا تعلم النجوم مع اعتقاد تأثيرها في عالم العنصريات على ما يقوله الفلاسفة والشعبدة حرام وهي الحركات السريعة جدا بحيث يخفى على الحس
الفرق بين الشئ وشبهه بسرعة انتقاله من الشئ إلى شبهه والقيافة حرام عندنا. مسألة. يحرم بيع المصحف لما فيه من الابتذال له وانتفاء التعظيم بل ينبغي أن يتبع الجلد
582

والورق قال سماعة سألته عن بيع المصاحف وشرائها فقال لا تشتر كتاب الله ولكن اشتر الحديد والجلود والدفين وقل اشترى هذا منك بكذا وكذا وسأل جراح المدايني الصادق (ع)
عن بيع المصاحف فقال لا تبع الكتاب ولا تشتره وبع الورق والأديم والحديد ولا بأس بأخذ الأجرة على كتبه القرآن قال الصادق (ع) وقد سأله روح بن عبد الرحمن
فقال له ما ترى إن اعطى على كتابته أجرا قال لا بأس. مسألة. يحرم تعشير المصاحف وزخرفتها قال سماعة سألته عن رجل يعشر المصاحف بالذهب فقال لا يصلح فقال
إنها معيشتي فقال إنك إن تركته لله جعل الله لك مخرجا والأولى عندي الكراهة دون التحريم عملا بالأصل واستضعافا للرواية لأنها غير مستندة إلى إمام والرواة ضعفاء
ويكره كتبه القرآن بالذهب قال محمد الوراق غرضت على الصادق (ع) كتابا فيه قرآن مختم مغشى بالذهب وكتب في آخره سورة بالذهب فأريته إياه فلم يعب منه شيئا إلا كتابة
القرآن بالذهب فإنه قال لا يعجبني أن يكتب القرآن إلا بالسواد كما كتب أول مرة. مسألة. السرقة والخيانة حرام بالنص والاجماع وكذا بيعهما ولو وجد عنده سرقة
ضمنها إلا أن يقيم البينة بشرائها فيرجع على بايعها مع جهله روى جراح عن الصادق (ع) قالا يصلح شراء السرقة والخيانة إذا عرفت وقال الصادق (ع) من اشترى سرقة وهو يعلم
فقد شرك في عارها وإثمها وقال الصادق (ع) في الرجل يوجد عنده سرقة فقال هو غارم إذا لم يأت على بايعها شهود ولو اشترى بمال السرقة جارية أو ضعيفة فإن كان بالغين
بطل البيع وإلا حل له وطؤ الجارية وعليه وزر المال روى السكوني عن الصادق عن الباقر عن آبائه عليهم السلام إن رجلا سرق ألف درهم فاشترى بها جارية أو أصدقها
امرأة فإن الزوجة له حلال وعليه تبعة المال ولو حج به مع وجوب الحج بدونه برئت ذمته إلا في الهدى ولو طاف أو سعى في الثوب المغصوب أو على الدابة المغصوبة بطل
مسألة. التطفيف في الكيل والوزن حرام بالنص والاجماع قال الله تعالى ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ويحرم
الرشا في الحكم وإن حكم على باذله بحق أو باطل الخامس ما يجب على الانسان فعله يحرم أخذ الأجر عليه كتغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم نعم لو أخذ الأجر على المستحب منهما
فالأقرب الجواز ويحرم الأجرة على الاذان وقد سبق وعلى القضاء لأنه واجب ويجوز أخذ الرزق عليهما من بيت المال ويجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح والخطبة في الاملاك
ويحرم الأجر على الأمانة والشهادة وقيامها. مسألة. لو رفع إنسان إلى غيره مالا ليصرفه في المحاويج أو في قبيل وكان هو منهم فإن عين اقتصر على ما عينه ولا
يجوز إعطاء غيرهم فإن فعل ضمن وإن أطلق فالأقرب تحريم أخذه منه لأن الظاهر إن الشخص هنا لا يتولى طرفي القبض والاقباض ولما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال سألته
عن رجل إعطاه رجلا مالا ليقسمه في المساكين وله عيال يحتاجون أيعطيهم منه من غير أن يستأذن صاحبه قال نعم وقال بعض علمائنا يجوز له أن يأخذ مثل ما يعطى
غيره ولا يفضل نفسه عليهم وهو عندي جيد إن علم بقرينة الحال تسويغ ذلك إذا عرفت هذا فإن كان الامر بالدفع إلى قوم معينين لم يشترطه عدالة المأمور وإلا
اشترطت. مسألة. يجوز أكل ما ينشر في الأعراس مع علم الإباحة إما لفظا أو بشاهد الحال ويكره انتهابه فإن لم يعلم قصد الإباحة حرم لان الأصل عصمة مال
المسلم قال إسحاق بن عمار قلت للصادق (ع) الاملاك يكون والعرس فينثر على القوم فقال حرام ولكن كل ما أعطوك منه وقال أمير المؤمنين (ع) لا بأس بنثر الجوز والسكر
وعن الكاظم (ع) قال سألته عن النثار من السكر واللوز وأشباهه أيحل أكله قال يكره أكل ما انتهب. مسألة. الولاية من قبل العادل مستحبة وقد تجب إذا ألزمه
بها أو كان الامر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يتم إلا بولايته وتحرم من الجاير إلا مع التمكن من الامر بالمعروف والنهى عن المنكر أو مع الاكراه بالخوف على النفس أو المال
أو الأهل أو بعض المؤمنين فيجوز حينئذ اعتماد ما يأمره إلا القتل الظلم فإنه لا يجوز له فعله وإن قتل ولو خاف ضررا يسيرا بترك الولاية استحب له تحمله وكرهت له
الولاية روى عمار قال سأل الصادق (ع) عن عمل السلطان يخرج فيه الرجل قال لا إلا أن لا يقدر على شئ يأكل ولا يشرب ولا يقدر على حيلة فإن فعل قصار في يده شئ فليبعث
بخمسه إلى أهل البيت وعن الوليد بن صبيح قال دخلت على الصادق (ع) فاستقبلني زرارة خارجا من عنده فقال لي الصادق (ع) يا وليد أما تعجب من زرارة سألني عن أعمال
هؤلاء أي شئ كان يريد أن أقول له لا فيروى ذلك على ثم قال يا وليد متى كانت الشيعة (تسئل عن أعمالهم إنما كانت الشيعة صح) يقول يؤكل من طعامهم ويشرب من شرابهم ويستظل بظلهم متى كانت الشيعة
تسئل عن هذا وروى حماد عن حميد قال قلت للصادق (ع) إن وليت عملا فهل لي من ذلك مخرج فقال ما أكثر من طلب ذلك المخرج فعسر عليه قلت فما ترى قال أدى أن يتقى الله
عز وجل ولا يعود وكان النجاشي وهو رجل من الدهاقين عاملا على الأهواز وفارس فقال بعض أهل عمله للصادق (ع) ان في ديوان النجاشي على خراجا وهو ممن يدين
بطاعتك فإن رأيت أن تكتب إليه كتابا قال فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم سر أخاك يسرك الله فلما ورد عليه الكتاب وهو في مجلسه وخلانا وله الكتاب وقال هذا كتاب الصادق (ع)
فقبله ووضعه على يمينه وقال ما حاجتك قال على خراج من ديوانك قال له كم هو قال عشرة ألف درهم قال فدعا كاتبه فأمره بأدائها عنه ثم اخرج مثله فأمره أن يثبتها له في
القابل ثم قال هل سررتك قال نعم فأمر له بعشرة ألف درهم أخرى فقال هل سررتك قال نعم جعلت فداك قال ثم أمر لي بمركب وجارية وغلام وتخت ثياب في كل ذلك يقول هل
سررتك فكلما قال نعم وزاده حتى فرغ قال له احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلى كتاب مولاي فيه وارفع إلى جميع حوايجك قال ففعل وخرج
الرجل فصار إلى الصادق (ع) بعد ذلك فحدثه بالحديث على جهته فجعل يستبشر بما فعله فقال له الرجل يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه قد سرك ما قد فعل بي قال أي والله لقد سر الله
ورسوله. مسألة. جوائز الجاير إن علمت حراما لغصب وظلم وشبهه حرم أخذها فإن أخذها وجب عليه ردها على المالك إن عرفه وأن يعرفه تصدق بها عنه ويضمن
أو احتفظها أمانة في يده أو دفعها إلى الحاكم ولا يجوز له إعادتها إلى الظالم فإن أعادها ضمن إلا أن يقهره الظالم على أخذها فيزول التحريم أما الضمان فإن كان قد قبضها
اختيارا لم يزل عنه بأخذ الظالم لها كرها وإن كان قد قبضها مكرها زال الضمان أيضا وإن لم يعلم تحريمها كانت حلالا بناء على الأصل قال محمد بن مسلم وزرارة سمعناه
يقول جوايز العمال ليس بها بأس وقال الباقر (ع) إن الحسن والحسين عليهما السلام كانا يقبلان جوايز معاوية ولو علم أن العامل يظلم ولم يعلم أن المبيع بعينه ظلم جاز شراؤه قال معاوية بن
وهب قلت للصادق (ع) اشترى من العامل الشئ وأنا أعلم أنه يظلم فقال اشتر منه قال أبو المعزا سأل رجل الصادق (ع) وأنا عنده فقال أصلحك الله أمر بالعامل فيخيرني
بالدراهم آخذها قال نعم قلت وأحج بها قال نعم. مسألة ما يأخذ الجاير إن الغلات باسم المقاسمة ومن الأموال باسم الخراج عن حق الأرض ومن الانعام باسم الزكاة
يجوز شراؤه واتهابه ولا تجب إعادته على أصحابه وإن عرفوا لان هذا مال لا يملكه الزارع وصاحب الانعام والأرض فإنه حق لله آخذه غير مستحق فبرئت ذمته جاز
شراؤه ولان أبا عبيده سأل الباقر (ع) عن الرجل منا يشترى من السلطان من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم إنهم يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم فقال
ما الإبل والغنم إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى يعرف الحرام بعينه قيل له فما ترى في مصدق يجيئنا فيأخذ صدقات أغنيائنا يقول بعناها فيبيعناها
فما ترى في شرائها منه قال إن كان قد اخذها وعزلها فلا بأس قيل له فما ترى في الحنطة والشعير يجيئنا القاسم
فيقسم لنا حظنا ويأخذ حظه فيعزله بكيل فما ترى في شراء ذلك
الطعام منه فقال إن كان قبضه بكيل وأنتم حضور ذلك فلا بأس بشرائه منه بغير كيل روى عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح عن أبي الحسن (ع) قال قال لي مالك لا تدخل مع علي
583

في شراء الطعام إني لأظنك ضيفا قال قلت نعم فإن شئت وسعت على قال اشتره. مسألة. إذا كان له مال حلال وحرام وجب عليه تمييزه منه ودفع الحرام إلى أربابه فإن
امتزجا اخرج بقدر الحر أم فان جهل أربابه تصدق به عنهم فإن جهل المقدار صالح أربابه عليه فإن جهل أربابه ومقداره اخرج خمسه وحل له الباقي قال الصادق (ع) أتى رجل أمير المؤمنين (ع)
فقال إني كسبت مالا أغمضت في مطالبه حلالا وحراما وقد أردت التوبة ولا أدرى الحلال منه والحرام وقد اختلط على فقال أمير المؤمنين (ع) تصدق بخمس مالك فإن الله عز وجل
رضي من الأشياء بالخمس وساير المال لك. مسألة. يكره معاملة من لا يتحفظ من الحرام فإن دفع إليه من الحرام لم يجز له أخذه ولا شراؤه فإن أخذه رده على صاحبه وإن
بايعه بمال يعلم أنه حلال جاز وإن اشتبه كان مكروها قال النبي صلى الله عليه وآله الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور متشابهات لا يعلمها كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه
وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه إلا أن لكل ملك حمى وحمى الله محارمه وروى الحسن بن علي عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه وآله إنه كان يقول دع ما
يريبك إلى ما لا يريبك. مسألة الأجير إما عام أو خاص فالعام هو الذي يستأجر للعمل المطلق فيجوز له فعله مباشرة وتسبيبا والخاص هو الذي يشترط عليه العمل مباشرة
مدة معينة فلا يجوز أن يعمل لغير من استأجر إلا بإذنه ولما رواه إسحاق بن عمار عن الكاظم (ع) قال سألته عن الرجل يستأجر الرجل بأجر معلوم فيعينه في صنعته فيعطيه رجل آخر
دراهم فيقول اشتر لي كذا وكذا فما ربحت فبيني وبينك قال إذا أذن له الذي استأجره فليس به بأس ويجوز ثمن للمطلق وثمن الكفن حلال وكذا تغسيل ماء الميت وأجرة البدرقة
(مسألة صح) يجوز لمن مر بشئ من الثمرة في النخل أو الفواكه الاكل منها إن لم يقصد به وقع المرور اتفاقا ولا يجوز له الافساد ولا الاخذ والخروج به ولا يحل له الاكل أيضا مع القصد ولو أذن
المالك مطلقا جاز روى محمد بن مروان وإن قال قلت للصادق (ع) أمر بالثمرة فآخذ منها قال كل ولا تحمل فإنهم قد اشتروها قال كل ولا تحمل قلت جعلت فداك إن التجار قد اشتروا
ونقدوا أموالهم قال اشتروا ما ليس لهم وعن يونس عن بعض رجاله عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يمر بالبستان وقد حيط عليه أو لم يحط هل يجوز له أن يأكل من ثمره وليس يحمله
على الاكل من ثمره إلا الشهوة وله ما يغنيه عن الاكل من ثمره وهل له أن يأكل منه من جوع قال لا بأس أن يأكل ولا يحمله ولا يفسده وهل حكم الزرع ذلك إشكال أقربه المنع
لما رواه مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع) قال قلت له الرجل يمر على قراح الزرع فيأخذ منه السنبلة قال لا قلت له شئ سنبله قال لو كان كل من يمر به يأخذ سنبله
كان لا يبقى منه شئ وكذا الخضروات والبقول ولو منعه المالك فالوجه إنه يحرم عليه التناول مطلقا إلا مع خوف التلف. مسألة. روى أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن بيعتين في بيعة وفسر
بأمرين أحدهما أن يبيع الشئ بثمن نقدا وباخر نسية وقد بينا بطلان هذا البيع والثاني أن يكون المراد به أن يقول بعتك بكذا على أن تبيعني أنت كذا بكذا والثاني عندنا
صحيح خلافا للشافعي لأنه شرط بيع ماله وذلك غير واجب بالشرط وهو ممنوع لقوله (ع) المؤمنون عند شروطهم وقد تقدم. مسألة. النجش حرام لأنه (ع) نهى عنه وهو خديعة
وليس من أخلاق أهل الدين ومعناه ان يزيد الرجل في ثمن سلعة لا يريد شراؤها ليقتدى به المشترون بمواطات البايع وروى إنه (ع) قال لا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا
ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا إذا ثبت هذا فإذا اشترى المشترى مع النجش كان البيع صحيحا وبه قال الشافعي لأصالة صحة البيع وقوله تعالى " وأحل الله البيع " السالم عن معارضة النهى
لأنه المعنى في غير البيع وإنما هو الخديعة وقال مالك يكون مفسوخا لأجل النهى عنه ويثبت للمشترى الخيار إذا علم بالنجش سواء وكان ذلك بمواطات البايع وعلمه أولا إن اشتمل
على الغبن وإلا فلا وقال الشافعي إذا علم أنه كان نجشا فإن لم يكن بمواطاة البايع وعلم فلا خيار وإن كان فقولان أظهرهما عدم الخيار لأنه ليس فيه أكثر من الغبن وذلك
لا يجبر (لا يوجب خ ل) الخيار لان التفريط من المشترى حيث اشترى ما لا يعرف قيمته فهو بمنزلة من اشترى ما لا يعرف قيمته وغبنه بايعه ونحن لما أثبتنا الخيار (بالغبن سقط هذا الكلام بالكلية والثاني إنه يثبت الخيار صح) كما قلناه لأنه تدليس من جهة
البايع فأشبه التصرية ولو قال البايع أعطيت في هذه السلعة كذا وكذا فصدقه المشترى فاشتراها بذلك ثم ظهر له كذبه فإن المبيع صحيح والخيار على هذين الوجهين والأقرب
عندي انتفاء الخيار هنا لان التفريط من المشترى. مسألة. نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع البعض على البعض فقال لا يبيع بعضكم على بيع بعض ومعناه إن المتبايعين إذا عقدا
البيع وهما في مجلس الخيار فجاء آخر إلى المشترى فقال له أنا أبيعك مثل هذه السلعة بدون ثمنها الذي اشتريت به أو أنا أبيعك خيرا منها بثمنها أو عرض عليه سلعة حسب ما ذكره
والأقرب إنه مكروه وقاله الشافعي إنه محرم عملا بظاهر النهى لان الحديث وإن كان ظاهره ظاهر الخبر إلا أن المراد به النهى ولأنه إضرار بالمسلمين وإفساد عليه فكان حراما ويمنع ذلك
فإن خالف وفعل ذلك وبايع المشترى صح البيع لان النهى لمعنى في غير البيع فأشبه البيع حالة النداء وكذا إذا اشترى رجل سلعة بثمن فجاء آخر قبل لزوم العقد فقال للبايع أنا أشتريها
بأكثر من الثمن الذي اشتراها هذا فإنه مكروه عندنا وحرام عند الشافعي لأنه في معنى نهيه (ع) ولان اللفظ مشتمل عليه لان اسم البايع يقع عليهما ولهذا يسميان متبايعين ولأنه (ع)
نهى عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه والمشترى في معنى الخاطب. مسألة. يكره السوم على سوم المؤمن لان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يسوم الرجل على سوم أخيه فإن وجد من
البايع تصريح بالرضا بالبيع ولم يعقد أو أذن فيه لوكيله كره السوم وقال الشافعي يحرم كما يحرم الخطبة والأصل عندنا مكروه وإما إن لم يوجد ذلك ولا ما يدل عليه بل
سكت فلم يجب إلى البيع لم يحرم السوم وبه قال الشافعي وإما أن يكون لم يصرح بالرضا بل ظهر منه ما يدل على الرضا بالبيع فهو عند الشافعي مبنى على القولين في الخطبة
قال في القديم تحرم الخطبة لعموم النهى وقال في الجديد لا يحرم لحديث فاطمة بنت قيس وقوله لها انكحي أسامة وقد خطبها معاوية وأبو جهم فالبيع مثل ذلك هذا
إذا تساوما بينهما فأما إذا كانت السلعة في النداء فإنه يجوز أن يستامها واحد بعد واحد لان صاحبها لم يرض بأن يبيعها أو يسومها مع واحد بل سامها للكل ولم
يخص واحدا وأصله إن رجلا من الأنصار شكى إلى النبي صلى الله عليه وآله الشدة والجهد فقال له ما بقى لك شئ فقال بل قدح وحلس قال فاتني بهما فأتاه بهما فقال من يبتاعهما فقال رجل
أنا ابتاعهما بدرهم وقال رجل آخر على درهمين فقال النبي هما لك بالدرهمين ولأنه قد يبيعهما من واحد ويقصد إرفاقه أو تخصيصه فإذا سامها اخر فسد غرضه
وإذا نادى عليها فلم يقصد إلا طلب الثمن فافترقا. تذنيب يكره السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لدلالته على شدة الحرص في طلب الدنيا ولأنه وقت طلب الرزق
من الله تعالى ولما رواه علي بن أسباط رفعه قال نهى رسول الله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع
الشمس ويكره الزيادة وقت النداء بل إذا سكت المنادى زاد لقول
الصادق (ع) كان أمير المؤمنين علي (ع) يقول إذا نادى المنادى فليس لك أن تزيد وإنما يحرم الزيادة النداء ويحلها السكوت. مسألة. لا يجوز للرجل أن يأخذ
من ولده البالغ شيئا إلا بإذنه إلا مع خوف التلف إن كان غنيا أو كان الولد ينفق عليه لأصالة عصمة مال الغير ولو كان الولد صغيرا أو مجنونا فالولاية للأب فله الاقتراض
مع العسر واليسر ويجوز له أن يشترى من مال ولده الصغير لنفسه بثمن المثل ويكون موجبا قابلا وأن يقوم جاريته عليه ويطأها حينئذ ولو كان الأب معسرا جاز أن يتناول من مال ولده
الموسر قدر مؤنة نفسه خاصة إذا منعه الولد وروى محمد بن مسلم في الصحيح عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه قال يأكل منه ما شاء من غير سرف وقال
وفي كتاب علي (ع) إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا إلا بإذنه والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء وله أن يقع من جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها وذكر إن رسول الله صلى الله عليه وآله
قال لرجل أنت ومالك لأبيك وعن الباقر (ع) قال قال لرسول الله لرجل أنت ومالك لأبيك ثم قال الباقر (ع) لا يجب أن يأخذ من مال أبيه إلا ما يحتاج إليه مما لابد منه إن الله
584

عز وجل لا يحب الفساد وعن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم (ع) قال سألته عن الرجل يأكل من مال ولده قال لا إلا أن يضطر إليه فليأكل منه بالمعروف ولا يصلح المولد أن يأخذ
من مال والده شيئا إلا بإذن والده. مسألة. والولد يحرم عليه مال والده فلا يحل له أن يأخذ منه شيئا إلا بإذنه فلو اضطر الولد المعسر إلى النفقة ومنعه الأب كان
للولد أن يأخذ قدر مؤنته لأنه كالدين على الأب ويحرم على الام أن يأخذ من مال ولدها شيئا إلا إذا منعها النفقة الواجبة عليه وكذا يحرم على الولد أخذ مال الام إلا إذا وجب
نفقته عليها ومنعته وليس لها أن تقترض من مال ولدها الصغير كما سوغنا ذلك للأب لان الولاية له دونها لما رواه في الحسن محمد بن مسلم عن الصادق (ع) قال سألته عن
رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه قال يأكل منه فأما الام فلا يأكل منه إلا قرضا على نفسها ويجوز للأب أن يقترض من مال ابنه الصغير ويحج عنه للولاية ولما رواه سعيد بن
يسار قال قلت للصادق (ع) أيحج الرجل من مال ابنه وهو صغير قال نعم قلت أيحج حجة الاسلام وينفق منه قال نعم بالمعروف ثم قال نعم يحج منه وينفق منه إن مال الولد للوالد
وليس للولد أن ينفق من مال والده إلا بإذنه وسأل ابن سنان في الصحيح الصادق (ع) ماذا يحل للوالد من مال ولده قال أما إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له
أن يأخذ من ماله شيئا فإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له أن يطأها إلا أن يقومها قيمة تصير لولده قيمتها عليه قال ويعلن ذلك فإن كان للرجل
ولد صغار لهم جارية فأحب أن يقتضها فليقومها على نفسه قيمة ثم يصنع بها ما شاء إن شاء وطى وإن شاء باع وعلى هذا تحمل الأحاديث المطلقة. مسألة
لا يحل لكل من الزوجين أن يأخذ من مال الآخر شيئا لأصالة عصمة مال الغير إلا بإذنه فإن سوغت له ذلك حل ولو رفعت إليه مالا فقالت له إصنع به ما شئت كره له أن
يشترى به جارية ويطأها لان ذلك يرجع بالغم عليها روى هشام عن الصادق (ع) في الرجل يدفع إليه امرأته المال فيقول إعمل به واصنع به ما شئت أله أن يشترى الجارية ثم
يطأها قال ليس له ذلك ومقصود الإمام (ع) الكراهة لأصالة الإباحة روى الحسين بن المنذر قال قلت للصادق (ع) دفعت إلى امرأتي مالا اعمل به فاشترى من مالها
الجارية أطأها قال فقال أرادت أن تقر عينك وتسخن عينها وقد وردت رخصة في أن المرأة لها أن تتصدق بالمأدوم إذا لم تجحف به إلا أن يمنعها فيحرم قال ابن بكير
سألت الصادق (ع) عما يحل للمراة إن تصدق به من مال زوجها بغير إذنه قال المأدوم وسأل علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن المرأة لها أن تعطى من بيت زوجها
بغير إذنه قال لا إلا أن يحللها. مسألة. في الاحتكار قولان لعلمائنا التحريم وهو أصح قولي الشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لا يحتكر إلا خاطئ أي آثم وقال (ع)
الجالب مرزوق والمحتكر ملعون وقال (ع) من احتكر الطعام أربعين ليله فقد برئ من الله وبرئ الله منه ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحتكر الطعام
إلا خاطئ وعن الصادق (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله الجالب مرزوق والمحتكر ملعون وقال الصادق (ع) الحكرة في الخصب أربعون يوما وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام فما زاد على الأربعين
يوما في الخصب فصاحبه ملعون فما زاد في العسرة على ثلاثة أيام فصاحبه ملعون وروى عن النبي صلى الله عليه وآله من احتكر على المسلمين لم يمت حتى يضربه الله بالجذام والافلاس والكراهة
للأصل ولقول الصادق (ع) وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام. مسألة. الاحتكار هو حبس الحنطة والشعير
والتمر والزبيب والسمن والملح بشرطين الاستبقاء للزيادة وتعذر غيره فلو استبقاها لحاجته أو وجد غيره لم يمنع وقيل أن يستبقيها في الغلا ثلاثة أيام وفي الرخص
أربعين يوما وفسر الشافعية الاحتكار أن يشترى ذو الثروة من الطعام ما لا يحتاج إليه في حال ضيقة وغلاة على الناس فحبسه عنهم فأما إذا اشترى في حال سعته وحبسه
ليريد منعه أو كان له طعام في زرعه فحبسه جاز ما لم يكن بالناس ضرورة وجب عليه بذله لهم لاحيائهم وبه قال الشافعي أيضا ولا بأس أن يشترى في وقت الغلا لنفقة
نفسه وعياله ثم يفضل شئ فيبيعه في وقت الغلا ولا بأس أن يشترى في وقت الرخص ليربح في وقت الغلا ولا بأس أن يمسك غلة ضيعته ليبيع في وقت الغلا ولكن الأولى.
أن يبيع ما فضل عن كفايته وهل يكره إمساكه للشافعية وجهان وتحريم الاحتكار مختص بالأقوات منها التمر والزبيب ولا يعم جميع الأطعمة قاله الشافعي وقال الصادق (ع)
الحكرة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن وسأل الحلبي الصادق (ع) عن الزيت فقال إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه وقال الصادق (ع) الحكرة أن يشترى طعاما
ليس في المصر غيره فيحتكره فإن كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس أن يلتمس بسلعته الفضل. مسألة. يجبر الامام أو نايبه المحتكر على البيع وهل يسعر عليه
قولان لعلمائنا المشهور العدم لما رواه العامة إن السعر غلا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله سعر لنا فقال إن الله هو المسعر القابض الباسط وإني لأرجو أن ألقى
ربى وليس لاحد منكم يطلبني بمظلمة بدم ولا مال ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) فقد الطعام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى المسلمون فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقد
الطعام ولم يبق منه شئ إلا عندنا فلان فمره بيع طعامه قال فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا فلان إن المسلمين ذكروا إن الطعام قد فقد إلا شيئا عندك فأخرجه وبعه كيف
شئت ولا تحبسه نفوض السعر إليه وعن أمير المؤمنين علي (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله مر بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث ينظر الأنصار
إليها فقيل لرسول الله صلى الله عليه وآله لو قومت عليهم فغضب (ع) حتى عرف الغضب من وجهه فقال أنا أقوم عليهم إنما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ويخففه إذا شاء إذا ثبت هذا فإنه لا تجوز
أن يسعر حالة الرخص عندنا وعند الشافعي وأما حالة الغلا فكذلك عندنا وللشافعي وجهان أحدهما يجوز له أن يسعر وبه قال مالك رفقا بالضعفاء وأصحهما أن
لا يجوز تمكينا للناس من التصرف في أموالهم ولأنهم قد يمتنعون بسبب ذلك عن البيع فيفسد الامر وقال بعض الشافعية إن كان الطعام يجلب إلى البلدة فالتسعير حرام
وإن كان يزرع بها ويكون عند الشاة فيها فلا يحرم وحيث جوزنا التسعير فإنما هو في الأطعمة خاصة دون ساير الأقمشة والعقارات ويلحق بها علف الدواب وهو
أظهر وجهي الشافعية وإذا قلنا بالتسعير فسعر الامام فخالف واحد عزر وصح البيع وللشافعي في صحة قولان. مسألة. تلقى الركبان منهى عنه إجماعا وهل هو حرام
أو مكروه الأقرب الثاني لان العامة روت إن النبي (ص) قال لا تتلقوا الركبان للبيع ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتلقى أحدكم بتجارة خارجا من المصر
ولا يبيع حاضر لباد والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض وصورته أن يرد طائفة إلى بلد بقماش ليبيعوا فيه فيخرج الانسان يتلقاهم فيشتريه منهم قبل قدوم البلد ومعرفة
سعره فإن اشترى منهم من غير معرفة منهم بسعر البلد صح البيع لان النهى لا يعود إلى معنى في البيع وإنما يعود إلى ضرب من الخديعة والاضرار لان في الحديث فإن
تلقاه متلق فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا قدم السوق فأثبت البيع مع ذلك إذا ثبت هذا فإنه لا خيار لهم قبل أن يقدموا البلد ويعرفوا السعر وبعده يثبت لهم
الخيار مع الغبن سواء أخبر كاذبا أو لم يخبر ولو انتفى الغبن فلا خيار وقال الشافعي إذا كان الشراء بسعر البلد أو زايدا ففي ثبوت الخيار وجهان أحدهما يثبت لظاهر الخبر و
أصحهما العدم لأنه لم يوجد تعزير وخيانة ولا فرق بين أن يكون مشتريا منهم أو بايعا عليهم ولو ابتداء الباعة والتمسوا منه الشراء مع علم منهم بسعر البلد أو غير علم
فالأقرب ثبوت الخيار مع الغبن كما قلنا وللشافعي القولان السابقان ولو خرج اتفاقا لا بقصد التلقي بل خرج بشغل آخر من اصطياد وغيره فرآهم مقبلين فاشترى
منهم شيئا لم يكن قد فعل مكروها وللشافعية وجهان أحدهما إنه يعصى لشمول المعنى والثاني لا يعصى لأنه لم يتلق والأظهر عندهم الأول فعلى الثاني لا خيار لهم وإن كانوا
585

مغبونين عند الشافعي وعندنا يثبت الخيار للمغبون مطلقا وقال بعض الشافعية إن أخبر بالسعر كاذبا يثبت الخيار وحيث ثبت الخيار فهو على الفور كخيار العيب وللشافعي
قولان هذا أحدهما وهو أصحهما والثاني إنه يمتد ثلاثة أيام كخيار التصرية ولو تلقى الركبان وباع منهم ما يقصدون شراه في البلد فهو كالتلقي وللشافعي وجهان أحدهما
لا يثبت فيه حكمه لان النهى ورد على الشراء والثاني نعم لما فيه من الاستبداد بالرفق الحاصل منهم وقال مالك البيع باطل وحد التلقي عندنا أربعة فراسخ فإن زاد على
ذلك لم يكره ولم يكن تلقيا بل كان تجارة وجلبا لما رواه منهال عن الصادق (ع) قال قال لا تلقى فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن التلقي قلت وما حد التلقي قال ما دون غدوة أو روحة
قلت وكم الغدوة والروحة قال أربعة فراسخ قال ابن أبي عمير وما فوق ذلك فليس بتلق. مسألة يكره أن يبيع حاضر لباد فيكون الحاضر وكيلا للبادي قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لا يبيع حاضر لباد وصورته أن يجلب أهل البادية متاعا إلى بلد أو قرية فيجئ إليه الحاضر في البلد فيقول لا تبعه فأنا أبيعه لك بعد أيام بأكثر من ثمنه الآن
وليس محرما للأصل وقال الشافعي إنه محرم للنهي ويحصل له الاثم بشروط أربعة - آ - أن يكون البدوي يريد البيع - ب - أن يريد بيعه في الحال - ج - أن يكون بالناس حاجة
إلى المتاع وهم في ضيق - د - أن يكون الحاضر استدعى منه ذلك روى ابن عباس إن النبي صلى الله عليه وآله قال لا يبيع حاضر لباد قال طاوس وكيف لا يبيع فقال لا يكون له سمسارا والأصل
في المنع إن فيه إدخال الضرر على أهل الحضر وتضييق عليهم فلهذا نهى عنه فإن لم يوجد هذه الشرايط أو شرط منها جاز ذلك لأنه إذا لم يكن بأهل البلد حاجة فلا ضرر
في تأخير بيع ذلك وكذا إذا لم يرد (صاحبه صح) بيعه في الحال فإنه يجوز للحضري أن يتولى له البيع ولو وجدت الشرايط وحالف الحاضر وباع صح البيع لان النهى لا لمعنى يعود إلى البيع وشرط
بعض الشافعية أن يكون الحاضر عالما بورود النهى فيه وهذا شرط يعم جميع المناهي وان يظهر من ذلك المتاع سعة في البلد فإن لم يظهر إما لكبر البلد وقلة ذلك الطعام
أو لعموم وجوده ورخص السعر ففيه عندهم وجهان أوفقهما لمطلق الخبر إنه يحرم والثاني لا لان المعنى المحرم تفويت الرزق والربح على الناس وهذا المعنى لم يوجد
هنا وأن يكون المتاع المجلوب إليه مما تعم الحاجة إليه كالصوف والأقط وساير أطعمة القرى وأما ما لا يحتاج إليه إلا نادرا فلا يدخل تحت النهى ولو استشار البدوي
بالحضري فيما فيه حظه قال بعض الشافعية إذا كان الرشد في الادخار والبيع على التدريج وجب عليه إرشاده إليه بذلا للنصيحة وقال بعضهم لا يرشده إليه توسعا
على الناس. مسألة. روى العامة إنه قد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع العربان ويقال عربون واربان واربون والعامة يقولون ربون وهو أن يشترى السلعة فيدفع درهما
أو دينارا على أنه إن أخذ السلعة كان المدفوع من الثمن وإن لم يدفع الثمن ورد السلعة لم يسترجع ذلك المدفوع وبه قال الشافعي للنهي الذي رواه العامة ومن طريق
الخاصة قول الصادق (ع) كان أمير المؤمنين (ع) يقول لا يجوز بيع العربون إلا أن يكون نقدا من الثمن وقال احمد لا بأس به لما روى إن نافع بن عبد الحرث اشترى
لعمر دار السجن من صفوان فإن رضي عمر وإلا له كذا وكذا وضعف حديث النهى قالت الشافعية إنه ليس بصحيح لأنه شرط أن يكون للبايع بغير عوض فهو كما لو شرط للأجنبي
ويفسر العربون أيضا بأن يدفع دراهم إلى صانع ليعمل له شيئا من خاتم يصوغه أو خف يخرزه أو ثوب ينسجه على أن رضيه بالمدفوع في الثمن وإلا لم يسترده منه وهما متقاربان. مسألة
بيع التلجية باطل عندنا وهو أن يتفقا على أن يظهر العقد خوفا من ظالم من غير بيع ويتواطأ أعلى الاعتراف بالبيع أو لغير ذلك وبه قال احمد وأبو يوسف ومحمد لان الأصل
بقاء الملك على صاحبه ولو يوجد ما يخرجه عن أصالته ولأنهما لم يقصد البيع فلا يصح منهما كالهازلين وقال أبو حنيفة والشافعي هو صحيح لان البيع تم بأركانه و
شروطه خالية عن مقارنة مفسد فصح كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقد البيع بغير شرط ونمنع تمامية البيع ولو تبايعا بعد ذلك بعقد صحيح صح البيع إن لم يوقعاه
قاصدين لما تقدم من المواطاة لأصالة الصحة وعدم صلاحية سبق المواطاة للمانعية وكذا لو اتفقا على أن يتبايعا بألف ويظهر ألفين فتبايعا بألفين فإن البيع
لازم والاتفاق السابق لا يؤثر قاله الشافعي ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة وروى محمد عن أبي حنيفة إنه لا يصح البيع إلا على أن يتفقا على أن الثمن ألف درهم ويتبايعاه
بمائة دينار فيكون الثمن مائة دينار استحسانا وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد لأنه إذا تقدم الاتفاق صارا كالهازلين بالعقد فلم يصح العقد قالت الشافعية الشرط السابق
لحالة العقد لا يؤثر فيه كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقدا العقد فإنه لا يثبت فيه. مسألة. قد ذكرنا إن التجارة مستحبة قال الصادق (ع) ترك التجارة ينقص العقل
وقال الصادق (ع) لمعاذ في حديث اسع على عيالك وإياك أن يكون هم السعاة عليك إذا ثبت هذا فينبغي لمن أراد التجارة أن يبدأ أولا فيتفقه قال أمير المؤمنين (ع) من أتجر بغير
علم ارتطم في الربا ثم ارتطم وكان أمير المؤمنين (ع) يقول على المنبر يا معشر التجار الفقه ثم المتجر الفقه
ثم المتجر والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة على الصفا شوبوا
إيمانكم بالصدقة التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق واعطى الحق وكان علي (ع) بالكوفة يعتدى كل يوم بكرة من القصر يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ومعه الدرة
على عاتقه فيقف على أهل كل سوق فينادى يا معشر التجار اتقوا الله عز وجل فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم ورعوا إليه بقلوبهم وسمعوا باذانهم فيقول قدموا
الاستخارة وتبركوا بالسهولة وأقربوا من المتبايعين وتزينوا بالحلم وتناهوا عن اليمين وتجتنبوا الكذب وتجافوا عن الظلم وأنصفوا المطلوبين ولا تقربوا الربا وأوفوا
الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة ثم يرجع فيعقد للناس. مسألة. يكره الحلف على البيع و
كتمان العيب ومدح البايع وذم المشترى والمبادرة إلى السوق أولا لما فيه من شدة الحرص في الدنيا قال رسول الله صلى الله عليه وآله من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشتر ولا يبع
الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى وقال الكاظم (ع) ثلاثة لا ينظر الله إليهم أحدهم رجل اتخذ الله عز وجل بضاعة لا يشترى إلا بيمين ولا يبيع
إلا بيمين وقال الصادق (ع) إياكم والحلف فإنه يمحق البركة وينفق السلعة ويكره معاملة ذوي العاهات قال الصادق (ع) لا تعامل ذا عاهة فإنهم أظلم شئ وكذا يكره مخالطة
السفلة والمحارفين والأكراد ولا يعامل إلا من نشاء في خير قال الصادق (ع) إياكم ومخالطة السفلة فإن السفلة لا يؤول إلى خير وقال الصادق (ع) لا تشتر من محارف فإن حرفته
لا بركة فيها وسأل أبو الربيع الشامي الصادق (ع) فقلت إن عندنا قوما من الأكراد وأنهم لا يزالون يجيئون بالبيع فتخالطهم ويبايعهم فقال يا أبا الربيع لا تخالطوهم فإن
الأكراد حي من أحياء الجن كشف الله عنهم الغطاء فلا تخالطوهم وقال الصادق (ع) لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشاء في الخير واستقرض قهرمان لأبي عبد الله (ع)
من رجل طعاما للصادق (ع) فألح في التقاضي فقال الصادق (ع) ألم أنهك أن تستقرض ممن لم يكن له فكان. مسألة. يستحب انظار المعسر وإقالة النادم لان رسول
الله لم يأذن لحكيم بن خزام في تجارة حتى ضمن له إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحق وافيا أو غير واف وعن الصادق (ع) قال لا يكون الوفاء حتى يرجح وقال لا يكون
الوفاء حتى يميل الميزان ولا ينبغي أن يتعرض الكيل والوزن إلا من يعرفهما حذرا من أخذ مال الغير. مسألة. لا يبيع المبيع في المواضع المظلمة التي لا يظهر فيها
المبيع ظهورا بينا حذرا من الغش قال هشام بن الحكم كنت أبيع السابري في الظلال فمر بي الكاظم (ع) فقال يا هشام إن البيع في الظلال غش والغش لا يحل ويحرم أن يزين المبتاع
بأن يزين جيده ويكتم رديه قال الباقر (ع) مر النبي صلى الله عليه وآله في سوق المدينة بطعام فقال لصاحبه ما أرى طعامك إلا طيبا وسأل عن سعره فأوحى الله تعالى أن يدير
586

يده في الطعام ففعل فاخرج طعاما رديا فقال لصاحبه وما أراك إلا قد جمعت خيانة وغشا للمسلمين. مسألة إذا قال له إنسان اشتر لي فلا يعطيه من عنده وإن كان
الذي عنده أجود لأنه إنما أمره بالشراء وهو ظاهر في الشراء من الغير قال الصادق (ع) إذا قال لك الرجل اشتر لي فلا تعطه من عندك وإن كان الذي عندك خيرا منه وسأل إسحاق الصادق (ع)
عن الرجل يبعث إلى الرجل فيقول له ابتع لي ثوبا فيطلب في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده قال لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه إن الله عز وجل يقول
" إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا " وإن كان عنده خيرا مما يجد له في السوق
فلا يعطيه من عنده. مسألة. إذا قال التاجر لغيره هلم أحسن إليك باعه من غير ربح استحبابا قال الصادق (ع) إذا قال الرجل للرجل هلم أحسن بيعك يحرم عليه الربح و
يكره الربح على المؤمن فإن فعل فلا يكثر منه قال الصادق (ع) ربح المؤمن على المؤمن ربا إلا أن يشترى بأكثر من مائه درهم فأربح عليه قوت يومك أو يشتريه للتجارة
فأربحوا عليهم وارفقوا بهم وينبغي أن يكون الساكت عنده بمنزلة المماكس والجاهل بمنزلة البصير المداق قال قيس قلت للباقر (ع) إن عامة من يأتيني إخواني فحذ لي من معا
ما لا أجوزه إلى غيره فقال إن وليت أخاك فحسن وإلا فبع بيع اليصير المداق وعن الصادق (ع) في رجل عنده بيع وسعره سعرا معلوما فمن سكت عنه ممن يشترى منه باعه بذلك
السعر ومن ماكسه فأبى أن يبتاع منه زاده قال لو كان يزيد الرجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس فإما أن يفعله لمن أبى عليه ويماكسه ويمنعه من لا يفعل فلا يعجبني إلا أن يبيعه بيعا
واحدا. مسألة. يستحب إذا دخل السوق الدعاء وسؤال الله تعالى أن يبارك له فيما يشتريه ويخير له فيما يبيعه والتكبير والشهادتان عند الشراء قال الصادق (ع) إذا
دخلت سوقك فقل اللهم إني أسئلك من خيرها وخير أهلها وأعوذ بك من شرها وشر أهلها اللهم إني أعوذ بك أن أظلم واظلم أو ابغى أو يبغي علي أو اعتدى أو يعتدى على
اللهم إني أعوذ بك من شر إبليس وجنوده وشر فسقة العرب والعجم وحسبي الله الذي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وإذ اشترى المتاع قال ما روى عن
الصادق (ع) قال إذا اشتريت شيئا من متاع أو غيره فكبر ثم قل اللهم إني اشتريته التمس فيه من فضلك فاجعل فيه فضلا اللهم إني اشتريته التمس فيه رزقك فاجعل لي
فيه رزقا ثم أعد على كل واحدة ثلاث مراة قال الصادق (ع) وإذا أراد أن يشترى شيئا قال يا حي يا قيوم يا دائم يا رؤوف يا رحيم أسألك بعزتك وقدرتك وما أحاط به علمك أن
تقسم لي من التجارة اليوم أعظمها رزقا وأوسعها فضلا وخيرها عاقبة فإنه لا خير فيما لا عاقبة له قال الصادق (ع) إذا اشتريت دابة أو رأسا فقل اللهم ارزقني أطولها حياة
وأكثرها منفعة وخيرها عاقبة. مسألة. ينبغي له إذا بورك له في شئ من أنواع التجارة أو الصناعة أن يلتزم به وإذا تعسر عليه فيه رزقة تحول إلى غيره قال الصادق (ع)
إذا رزقت في شئ فالتزمه وقال الصادق (ع) إذا نظر الرجل في تجارة فلم ير فيها شيئا فليتحول إلى غيرها وينبغي له التساهل والرفق في الأشياء قال رسول الله صلى الله عليه وآله
بارك الله على سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء. مسألة يجوز لولى اليتيم الناظر في أمره المصلح لماله أن يتناول أجرة المثل لأنه عمل يستحق
عليه أجرة فيساوى اليتيم غيره وسأل هشام بن الحكم الصادق (ع) فيمن تولى مال اليتيم ماله أن يأكل منه قال ينظر إلى ما كان غيره يقوم به من الأجرة لهم فليأكل بقدر (ذلك صح) ويستحب
له التعفف مع الغنى قال الله ومن كان غنيا فليستعفف. مسألة. يجوز أن يواجر الانسان نفسه سأل ابن سنان الكاظم (ع) عن الإجارة فقال صالح لا بأس به إذا تصح
قدر طاقته فقد آجر موسى (ع) نفسه واشترط فقال إن شئت ثماني وإن شئت عشرا وأنزل الله عز وجل فيه أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن عندك قال الشيخ (ره)
لا ينافي هذا ما رواه الساباطي عن الصادق (ع) قال قلت له الرجل يتجر فإن هو آجر نفسه اعطى ما يصيبه في تجارته فقال لا يواجر نفسه ولكن يسترزق الله عز وجل ويتخير فإنه
إذا آجر نفسه خطر على نفسه الرزق محمول على الكراهة لعدم الوثوق بالنصح وأقول لا استبعاد في نهيه عن الإجارة للارشاد فإن التجارة أولي لما فيها من توسعة الرزق وقد
نبه (ع) في الخبر عليه ولأنه قد روى أن الرزق قسم عشرة أجزاء تسعة أجزاء منها في التجارة والباقي في ساير الأجزاء. مسألة. يحرم بيع السلاح لأعداء الدين في وقت الحرب ولا بأس به
في الهدنة قال هند السراج قلت للباقر (ع) أصلحك الله ما تقول انى كنت احمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعهم فلما عرفني الله هذا الامر ضقت بذلك وقلت لا احمل إلى أعداء الله
فقال احمل إليهم فإن الله عز وجل يدفع بهم عدونا وعدوكم يعنى الروم فإذا كانت الحرب بيننا فمن حل إلى عدونا سلاحا يستعينون به علينا فهو مشرك وقال حكم
السراج للصادق (ع) ما ترى فيما يحمل لي الشام من السروج وأداتها فقال لا بأس أنتم اليوم بمنزلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إنكم في هدنة فإذا كانت المباينة حرم إليكم أن تحملوا إليهم
السلاح والسروج وقال السراج للصادق (ع) انى أبيع السلاح قال لا تبعه في فتنة ويجوز بيع ما يكن من النبل لأعداء الدين لان محمد بن قيس سأل الصادق (ع) عن الفئتين
يلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلاح فقال بعهما ما يكنهما الدرع والخفين ونحو هذا. مسألة. يجوز الأجرة على الختان وخفض الجواري قال الصادق (ع) لما هاجرن النساء
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله هاجرت فيه امرأة يقال لها أم حبيب وكانت خافضا تخفض الجواري فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله قال لها يا أم حبيب العمل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم قالت نعم
يا رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يكون حراما فنهاني عنه قال لا بل حلال فأدنى منى لا علمك فدنت منه فقال يا أم حبيب إذا أنت فعلت فلا تنهكي أي لا تستأصلي وأشمى فإنه أشرق للوجه
واحظأ عند الزوج قال وكانت لام حبيب أخت يقال لها أم عطية ماشطة فلما انصرفت أم حبيب إلى أختها أخبرتها بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فأقبلت أم عطية إلى النبي فأخبرته بما قالت
له أختها فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله أدنى منى يا أم عطيه إذا أنت فتينت الجارية فلا تغسلي وجهها بالخرقة فإن الخرقة تذهب بماء الوجه. مسألة يكره كسب الإماء والصبيان
قال الصادق (ع) نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كسب الإماء فإنها إن لم تجده زنت إلا أمة قد عرفت بصنعة يد ونهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة فإنه إن لم يجد
سرق ويكره للصانع سهر الليل كله في عمل صنعته لما فيه من كثرة الحرص على الدنيا وترك الالتفات إلى أمور الآخرة قال الصادق (ع) من بات ساهرا في كسب ولم يعط
العين حظها من النوم فكسبه ذلك حرام وقال الصادق (ع) الصناع إذا سهر والليل كله فهو سحت وهو محمول على الكراهة الشديدة أو على التحريم إذا منع من الواجبات
أو منع القسم بين الزوجات. مسألة. يجوز بيع عظام (الفيل) واتخاذ الامشاط وغيرها منها لأنها طاهرة ينتفع بها فجاز بيعها للمقتضى للجواز السالم عن المانع ولان عبد
الحميد بن سعيد سأل الكاظم (ع) عن عظام الفيل يحل بيعه أو شراؤه للذي يجعل منه الامشاط فقال لا بأس قد كان لأبي منه مشط أو أمشاط وكذا يجوز بيع الفهود وسباع
الطير سأل عيص بن القاسم في الصحيح الصادق (ع) عن الفهود وسباع الطير هل يلتمس التجارة فيها قال نعم أما القرد فقد روى النهى عن بيعه قال الصادق (ع) إن رسول الله صلى الله عليه وآله
نهى عن القرد أن يشترى أو يباع وفي الطريق قول فالأولى الكراهة ودخل إلى الصادق (ع) رجل فقال له إني سراج أبيع جلود النمر فقال مدبوغة هي قال نعم قال ليس به بأس
مسألة. لا بأس بأخذ الهدية قال رسول الله صلى الله عليه وآله الهدية على ثلاثة وجوه هدية مكافاة وهدية مصانعة وهدية لله عز وجل وروى إسحاق بن عمار قال قلت له الرجل
الفقير يهدى الهدية يتعرض لما عندي فاخذها ولا أعطيه شيئا أتحل لي قال نعم هي لك حلال ولكن لا تدع أن تعطيه وقال محمد بن مسلم جلساء الرجل شركاؤه في الهدية
وهي مستحبة مرغب فيها لما فيها من التودد وقال أمير المؤمنين لا أهدى لاخى المسلم هدية تنفعه أحب إلى من إن تصدق بمثلها وقبولها مستحب اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله فإنه قال
587

اهدى إلى كراع لقبلت ولو اهدى إليه هدية طلبا لثوابها فلم يثبه كان له الرجوع فيها إذا كانت العين باقية لما رواه عيسى بن أعين قال سألت الصادق (ع) عن رجل اهدى إلى
رجل هدية وهو يرجو ثوابها فلم يثبه صاحبها حتى هلك وأصاب الرجل هديته بعينها له أن يرتجعها إن قدر على ذلك قال لا بأس أن يأخذه. مسألة. لا يجوز
عمل التماثيل والصور المجسمة ولا بأس بها فيما يوطأ بالأرجل كالفراش وشبهه لما رواه أبو بصير عن الصادق (ع) قال قلت له إنها تبسط عندنا الوسايد فيها التماثيل وتفرشها
قال لا بأس بما يبسط منها ويفرش ويوطأ وإنما يكره منها ما نصبت على الحايط وعلى السرير. مسألة. يجوز لمن أمره غيره بشراء شئ أن يأخذ منه على ذلك الجعل لأنه
فعل مباح ولما رواه ابن سنان عن الصادق (ع) قال سأله أبى وأنا حاضر فقال ربما أمرنا الرجل يشترى لنا الأرض أو الدار أو الغلام أو الخادم ونجعل له جعلا فقال
الصادق (ع) لا بأس به. مسألة. لا بأس بالزراعة بل هي مستحبة روى سيابه إن رجلا سأل الصادق اسمع قوما يقولون إن الزراعة مكروهة فقال ازرعوا واغرسوا فلا والله
ما عمل الناس عملا أحل ولا أطيب منه والله ليزرعن الزرع وليغرسن غرس النخل بعد خروج الرجال وسأل هارون بن يزيد الواسطي الباقر عن الفلاحين فقال هم الزارعون كنوز الله
في أرضه فما في الأعمال شئ أحب إلى الله من الزراعة وما بعث الله نبيا إلا زارعا إلا إدريس فإنه كان خياطا. مسألة. يجوز أخذ اجر البذرقة من القوافل إذا رضوا بذلك وإلا
حرم كتب محمد بن الحسن الصفار إليه رجل يبذرق القوافل من غير أمر السلطان في موضع مخيف ويشارطونه على شئ مسمى أن يأخذ منهم إذا صاروا إلى الامن هل يحل له أن يأخذ
منهم فوقع (ع) إذا واجر نفسه بشئ معروف اخذ حقه انشاء الله تعالى. مسألة. يكره بيع العقار إلا لضرورة قال أبان بن عثمان دعاني الصادق (ع) فقال باع فلان أرضه فقلت نعم
(فقال صح) مكتوب في التورية إنه من باع أرضا أو ماء ولم يضعه في أرض وماء ذهب ثمنه محقا وقال الصادق (ع) مشترى العقدة مرزوق وبايعها ممحوق وقال مسمع للصادق (ع) إن
لي أرضا تطلب منى ويرغبون فقال لي يا أبا سيار أما علمت إنه من باع الماء والطين ولم يجعل ماله في الماء والطين ذهب ما له هباء قلت جعلت فداك إني أبيع بالثمن الكثير
فاشترى ما هو أوسع مما بعت فقال لا بأس. مسألة. يكره الاستحطاط من الثمن بعد العقد لأنه قد صار ملكا للبايع بالعقد فيندرج تحت قوله تعالى " ولا تسألوا
الناس أشيائهم " وروى إبراهيم الكرخي عن الصادق (ع) قال اشتريت للصادق (ع) جارية فلما ذهب أنقدهم قلت استحطهم قال لا أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الاستحطاط بعد الصفقة
قال الشيخ إنه محمول على الكراهة لما روى معلى بن خنيس عن الصادق (ع) قال سألته عن الرجل يشترى المتاع ثم يستوضع قال لا بأس به وأمرني فكلمت له رجلا في ذلك وعن
يونس بن يعقوب عن الصادق (ع) قال قلت له الرجل يستوهب من الرجل الشئ بعد ما يشترى فيهب له أيصلح له قال نعم وكذا في الإجارة روى على أبو الأكراد عن الصادق (ع) قال
قلت له إني أتقبل العمل فيه الصناعة وفيه النقش فأشارط النقاش على شئ فيما بيني وبينه العشرة أزواج بخمسة دراهم والعشرين بعشرة فإذا بلغ الحساب قلت له أحسن فاستوضعه
من الشرط الذي شارطته عليه قال تطيب نفسه قلت نعم قال لا بأس. مسألة. أصل الأشياء الإباحة إلا أن يعلم التحريم في بعضها روى عن الصادق (ع) في الصحيح قال
كل شئ يكون منه حرام وحلال فهو حلال لك أبدا حتى تعرف أنه حرام بعينه فتدعه وقال (ع) كل شئ هو لك
حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فدعه من قبل نفسك وذلك من الثوب يكون
عليك قد اشتريته وهو سرقة أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهرا وامرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك والأشياء كلها على هذا حتى يستبين
لك غير ذلك أو يقوم به البينة. مسألة. لا ينبغي التهوين في تحصيل قليل الرزق فإن علي بن بلال روى عن الحسين الجمال قال شهدت إسحاق بن عمار وقد شد كيسه
وهو يريد أن يقوم فجاء انسان يطلب دراهم بدينار فحل الكيس وأعطاه دراهم بدينار فقلت له سبحان الله ما كان فضل هذا الدينار فقال إسحاق بن عمار ما فعلت هذا رغبة في الدنيا
ولكن سمعت الصادق (ع) يقول من استقل قليل الرزق حرم الكثير. مسألة. ينبغي الاقتصاد في المعيشة وترك الاسراف قال الباقر (ع) من علامات المؤمن ثلاث حسن التقدير في المعيشة
والصبر على النايبة والتفقه في الدين وقال ما خير في رجل لا يقتصد في معيشته ما يصلح لدنياه ولا لآخرته وقال الصادق (ع) في قوله عز وجل " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك "
قال ضم يده فقال هكذا ولا تبسطها كل البسط قال وبسط راحته وقال هكذا وقال الصادق (ع) ثلاثة من السعادة الزوجة الموافقة والأولاد البارون والرجل يرزق معيشته
ببلده يغدو إليه ويروح. الفصل الثاني. في الشفعة الشفعة مأخوذة من قولك شفعت كذا بكذا إذا جعلته شفعا به كان الشفيع يجعل نصيبه شفعا
بنصيب صاحبه وأصلها التقوية والإعانة ومنه الشفاعة والشفيع لان كل واحد من المؤترين يتقوى بالآخر وفي الشرع عبادة عن استحقاق الشريك انتزاع حصته شريكه
المنتقلة عنه بالبيع أو حق تملك قهري يثبت للشريك القديم على الحادث وليست بيعا فلا يثبت فيها خيار المجلس ولابد في الشفعة من مشفوع وهو المأخوذ بالشفعة
وهو محلها ومن أخذ له ومن مأخوذ منه فهنا مباحث. البحث الأول. المحل محل الشفعة كل عقار ثابت مشترك بين اثنين قابل للقسمة واعلم أن أعيان الأموال على أقسام
ثلاثة الأول الأراضي ويثبت فيها الشفعة أي أرض كانت بلا خلاف إلا من الأصم لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الشفعة فيما لم يقسم فإذا وضعت الحدود فلا شفعة
ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) الشفعة لا يكون إلا للشريك احتج الأصم على قوله بنفي الشفعة في كل شئ بأن في إثباتها إضرارا بأرباب الاملاك فإنه إذا علم المشترى إنه يؤخذ منه
ما يبتاعه لم يبتاعه ويتقاعد الشريك بالشريك ويستضر المالك وهو غلط لما تقدم (من الاخبار صح) وما ذكره غلط لأنا نشاهد البيع يقع كثيرا ولا يمتنع المشترى باعتبار استحقاق
الشفعة من الشراء وأيضا فإن له مدفعا إذا علم التضرر بذلك بأن يقاسم الشريك فتسقط الشفعة إذا باع بعد القسمة وتثبت الشفعة في الأراضي سواء بيعت وحدها
أو مع شئ من المنقولات ويوزع الثمن عليهما بالنسبة ويأخذ الشفيع الشقص بالقسط الثاني المنقولات كالأقمشة والأمتعة والحيوانات وفيها لعلمائنا قولان
أحدهما وهو المشهور إنه لا شفعة فيها وبه قال الشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله (قال لا شفعة إلا في ربع أو حايط ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع) قضى رسول الله صلى الله عليه وآله صح) بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن ثم قال لا ضرر ولا إضرار وقول الصادق (ع)
ليس في الحيوان شفعة ولان الأصل عدم الشفعة ثبت في الأراضي بالاجماع فيبقى الباقي على المنع والثاني لعلمائنا يثبت الشفعة في كل المنقولات (وبه قال مالك في إحدى الروايات عنه لما رواه العامة إن النبي صلى الله عليه وآله قال الشفعة في كل شئ صح) ومن طريق الخاصة
رواية يونس عن بعض رجاله عن الصادق (ع) قال سألته عن الشفعة لمن هي وفي أي شئ هي ولمن تصلح وهل يكون في الحيوان شفعة وكيف هي وقال الشفعة جايزة في
كل شئ من حيوان أو أرض أو متاع إذا كان الشئ بين شريكين لا غيرهما فباع أحدهما نصيبه فشريكه أحق به من غيره وإن زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم ولان
الشفعة تثبت لأجل ضرر القيمة وذلك حاصل فيما ينقل والجواب إن خبر العامة وخبر الخاصة معا مرسلان واخبارنا أشهر فيتعين العمل بها وطرح اخبارهم والضرر
بالقسمة إنما هو لما يحتاج إليه من أحدث المرافق وذلك يختص بالأرض دون غيرها فافترقا وقد وردت رواية يقتضى ثبوت الشفعة في المملوك دون باقي الحيوانات.
روى الحلبي في الصحيح عن الصادق (ع) إنه قال في المملوك بين شركاء فيبيع أحدهم نصيبه فيقول صاحبه أنا أحق به أله ذلك قال نعم إذا كان واحدا فقيل في الحيوان شفعة فقال لا
وعن عبد الله بن سنان قال قلت للصادق (ع) المملوك يكون بين شركاء فباع أحدهم نصيبه فقال أحدهم أنا أحق به أله ذلك قال نعم إذا كان واحدا وعن مالك رواية أخرى
إن الشفعة تثبت في السفن خاصة. الثالث الأعيان التي كانت منقولة في الأصل ثم أثبتت في الأرض للدوام كالحيطان والأشجار وإن بيعت منفردة فلا شفعة فيها
588

على المختار لأنها في حكم المنقولات وكانت في الأصل منقولة وستنتهي إليه وإن طال أمدها وليس معها ما تجعل تابعة له وبه قال الشافعي وحكى بعض أصحابه قولا آخر إنه
يثبت فيها الشفعة كثبوتها في الأرض ولو بيعت الأرض وحدها ثبتت الشفعة فيها ويكون الشفيع معه كالمشتري وإن بيعت الأبنية والأشجار مع الأرض ثبتت الشفعة
فيها تبعا للأرض لان في بعض الأخبار العامة لفظ الربع وهو يتناول الأبنية وفي بعض الأخبار الخاصة والمساكن وهو يتناول الأبنية أيضا وفي بعضها الدار وهو
يتناول الجدران والسقوف والأبواب. مسألة. الأثمار على الأشجار سواء كانت مؤبرة أو لا إذا بيعت معها ومع الأرض لا يثبت فيها الشفعة وبه قال الشافعي
وكذا إذا شرط إدخال الثمرة في البيع لأنها لا تدوم في الأرض وكذا الزروع الثابتة في الأرض لان ما لا يدخل في بيع الأرض بالاطلاق لا يثبت له حكم الشفعة كالفدان
الذي يعمل فيها وعكسه البناء والشجر وقال الشيخ وأبو حنيفة ومالك يدخل الثمار والزروع مع أصولها ومع الأرض التي يثبت الزرع بها لأنها متصلة بما فيه الشفعة
فيثبت الشفعة فيها كالبناء والغراس ويمنع الاتصال بل هي بمنزلة الوتد المثبت في الحايط والدولاب العراق والناعورة نظر من حيث عدم جريان العادة بنقله فكان
كالبناء والأقرب عدم الدخول ولا يدخل الحبال التي تركب عليها الدلاء. مسألة. قد بينا إنه لا تثبت الشفعة في المنقولات ولا فرق بين أن تباع منفردة أو
مع الأرض التي تثبت فيها الشفعة بل يأخذ الشفيع الشقص من الأرض خاصة بحصة من الثمن وعن مالك رواية ثالثة أنها إن بيعت وحدها فلا شفعة فيها وإن بيعت
مع الأرض ففيها الشفعة لئلا يتفرق الصفقة والجواب المعارضة بالنصوص ولو كانت الثمرة غير مؤبرة دخلت في المبيع شرعا ولا يأخذها الشفيع لأنها منقولة ولان
المؤبرة لا تدخل في الشفعة فكذا غيرها وهو أحد قولي الشافعي والآخر إنها تدخل في الشفعة لدخولها في مطلق البيع وعلى هذا فلو لم يتفق الاخذ حتى تأبرت فوجهان للشافعية
أظهرهما الاخذ لأنه حقه تعلق بها وزيادتها كالزيادة الحاصلة في الشجرة والثاني المنع لخروجها عن كونها تابعة للنخل فعلى هذا فبم يأخذ الأرض والنخيل وجهان أشبههما
بحصتها من الثمن كما في المؤبرة وهو مذهبنا والثاني بجميع الثمن تنزيلا له منزلة عيب يحدث بالشقص ولو كانت النخيل حايلة عند البيع ثم حدثت الثمرة قبل أخذ الشفيع
فإن كانت مؤبرة لم يأخذها وإن كانت غير مؤبرة فعلى قولين وعندنا لا يأخذها لاختصاص الاخذ عندنا بالبيع والشفعة ليست بيعا وإذا ثبتت الثمرة للمشترى فعلى
الشفيع إبقاؤها إلى الادراك مجانا وهذا إذا بيعت الأشجار مع الأرض أو مع البياض الذي يتخللها أما إذا بيعت الأشجار ومغارسها لا غير فوجهان للشافعي وكذا لو
باع الجدار مع الأس أحدهما إنه يثبت الشفعة لأنها أصل ثابت وأشبههما المنع لان الأرض هنا تابعة والمتبوع منقول وعندنا إن قبل القسمة يثبت الشفعة وإلا فلا
مسألة. لو باع شقصا فيه زرع لا يجز مرارا وأدخله في البيع آخذ الشفيع الشقص بحصته من الثمن دون الزرع وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة ومالك وقد سبق
وإن كان مما يجز مرارا فالجزة الظاهرة التي لا تدخل في البيع المطلق كالثمار المؤبرة والأصول كالأشجار قاله الشافعي وعندنا إنه لا يدخل في الشفعة أيضا ولا في البيع على ما تقدم
أما ما يدخل تحت مطلق بيع الدار من الأبواب والرفوف والمسامير فالأقرب انه يؤخذ بالشفعة تبعا كالأبنية ولو باع شقصا من طاحونة لم يدخل شئ من الاحجار فيها
على ما تقدم وقال الشافعي يؤخذ التحتاني إن قلنا بدخوله في البيع وفي الفوقاني وجهان مسألة. شرطنا في محل الشفعة من العقار كونه ثابتا واحترزنا بالثابت عما
إذا كان بين اثنين غرفة عالية أو حجرة معلقة على سقف لأحدهما أو لغيرهما فإذا باع نصيبه فلا شفعة لشريكه لأنه لا أرض لها ولا ثبات فأشبهت المنقولات ولو كان
السقف لهما وبيع معها فالأقرب إنه لا شفعة (لشريكه صح) أيضا لان الأرض التي لهما لا ثبات لها وما لا ثبات له في نفسه لا يعد ثباتا لما هو عليه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني
إن الشفعة يثبت للاشتراك بينهما أرضا وجدرانا وليس بجيد لان ما هو أرضهما لا ثبات له ولو كان السفل بين اثنين والعلو لأحدهما فباع صاحب العلو العلو ونصيبه من
السفل كان للشفيع أخذ السفل لا غير لان الشفعة لا تثبت في الأرض إلا إذا كانت مشتركة وكذلك ما فيها من الأبنية ولا شركة بينهما في العلو وهو قول بعض الشافعية و
قال بعضهم إن الشريك يأخذ السفل ونصف العلو بالشفعة لان الأرض مشتركة بينهما وما فيها تابع لها ألا ترى انه يتبعها في بيع الأرض عند الاطلاق وكذلك في الشفعة و
ليس بشئ ولو كانت بينهما أرض مشتركه وفيها أشجار ولا حدهما فباع صاحب الأشجار الأشجار ونصيبه من الأرض ففيه الخلاف المذكور. مسألة. يشترط كون المبيع مشتركا
بين اثنين لا أزيد فلو تعدد الشركاء وزادوا على اثنين فلا شفعة عند أكثر علمائنا خلافا للعامة لنا الأصل عدم الشفعة أثبتناها في الاثنين دفعا لضرورة الشركة وهذا المعنى
منتف في حق الزايد على الاثنين فيبقى على أصالة العدم وما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قضى بالشفعة في كل مشترك لم يقسم ربع أو حايط لا يحل له أن يبيعه حتى يؤذن شريكه فإن
شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باعه ولم يؤذنه فهو أحق به وهو يدل على الاقتصار على الواحد ومن طريق الخاصة رواية عبد الله بن سنان (الصحيحة صح) عن الصادق (ع) لا يكون الشفعة إلا لشريكين
ما لم يتقاسما فإذا صاروا ثلاثة فليس لواحد منهم شفعة وفي رواية يونس السابقة عن الصادق (ع) فإن زاد على الاثنين فلا شفعة لاحد منهم وقال بعض علمائنا وهو قول
الجمهور كافة إنها تثبت مع الكثرة لما رواه السكوني عن الصادق عن الباقر عن آبائه عن علي عليهم السلام قال الشفعة على عدد الرجال والطريق ضعيف لا يعول عليه إذا ثبت هذا فالقائلون
بثبوت الشفعة مع الكثرة اختلفوا فقال بعضهم إنها عدد (الرؤس وقال بعضهم إنها على عدد صح) الانصباء. مسألة. شرطنا في المأخوذ إن كان مما يقبل القسمة كالبساتين والدور التسعة وغيرها لان مالا
يقبل القسمة كالحمام والدار الضيفة والعضايد الضيقة وما أشبه ذلك لا تثبت فيه الشفعة عند أكثر علمائنا وبه قال عثمان وربيعة أو الشافعي ومالك في إحدى الروايتين
لان الشفعة تضر بالبايع لأنه لا يمكنه أن يخص (يخلص خ ل) نصيبه بالقسمة وقد يمتنع المشترى لأجل الشفيع ولا يمكنه القسمة فيسقط حق الشفعة فلهذا لم تجب الشفعة ولما رواه السكوني
عن الصادق (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا شفعة في سفينة ولا في نهر ولا في طريق وقال بعض علمائنا يثبت في الشفعة وبه قال الثوري ومالك في الرواية الأخرى وأبو
حنيفة وأصحابه وأبو العباس بن شريح من الشافعية ونقله قولا آخر للشافعي لعموم قولي الصادق (ع) الشفعة جايزة في كل شئ ولان الشفعة تثبت لأجل الضرر بالمشاركة و
الضرر في هذا النوع أكثر لأنه يتأبد ضرره والرواية مقطوعة السند وأصل اختلاف الشافعية هنا مبنى على علة ثبوت الشفعة في التقسيم إن قلنا إنها تثبت لدفع ضرر
الشركة فيما يتأبد ويدوم كتضيق الداخل والتأدي بحراته؟ الشريك أو اختلافه أو كثرة الداخلين وما أشبه ذلك وأصحهما إنها تثبت لدفع الضرر الذي ينشأ من القسمة من بذل
مؤنتها والحاجة إلى افراد الحصة الصايرة إليه بالمرافق الواقعة في حصة صاحبه كالمصعد والمبرز والبالوعة ونحوها وكل واحد من الضررين وإن كان حاصلا قبل البيع
لكن من رغب من الشريكين في البيع كان من حقه أن يخلص الشريك مما هو فيه ببيعه منه فإذا لم يفعل سلطه الشرع على أخذه فإن قلنا بالأصح لم تثبت الشفعة فيما لا ينقسم
لأنه يؤمن فيه من ضرر القسمة وإن قلنا بالأول ثبتت الشفعة فيه. مسألة. المراد من المنقسم ما يتجزى ويكون كل واحد من جزئيه منتفعا به من الوجه الذي كان
ينتفع به قبل القسمة دون غيره ولا عبرة بإمكان الانتفاع به من وجوه آخر للتفاوت العظيم بين أجناس المنافع وقيل المنقسم ما لا ينقص قيمته نقصانا فاحشا فلو كانت قيمة
الدار مائه ولو قسمت عادت قيمة كل نصف إلى ثلاثين لم يقسم لما فيها من الضرر وقيل إنه الذي يبقى منتفعا به بعد القسمة بوجه ما أما إذا خرج عن حد الانتفاع بالكلية إما
589

لضيق الخطة وقلة النصيب أو لان اجزاءه غير منتفع بها وحدها كشرب القنا ومصراعي الباب فلا ينقسم. مسألة. إذا كانت الطاحونة أو الحمام كبيرين يمكن افراد حصة كل
منهما عن صاحبه من غير تضرر أو كان مع البئر أرض تسلم البئر لأحدهما أو كان في الرجا أربعة أحجار دايرة يمكن أن ينفرد كل منهما بحجرين أو كان الطريق واسعا لا يبطل منفعة بالقسمة
أو كان الحمام الكثير البيوت يمكن جعله حمامين أو متسع البيوت يمكن جعل كل بيت بيتين أو كانت البئر واسعة يمكن أن يبنى فيها فيجعل بئرين لكل واحدة بياض يقف فيه المستقى
ويلقى فيه ما يخرج منها يثبت الشفعة في ذلك كله ولو كان بين اثنين دار ضيقة لأحدهما عشرها فإن قلنا بثبوت الشفعة فيما لا يقسم فأيهما باع نصيبه فلصاحبه الشفعة وإن
حكمنا بمنعها فإن باع صاحب العشر نصيبه لم يثبت لصاحبه الشفعة لأنه أمن من أن يطلب مشتريه القسمة لانتفاء فايدته فيها ولو طلب لم يجب إليه لأنه متعنت مضيع لما له
وإذا كان كذلك فلا يلحقه ضرر القسمة فإن باع الآخر ففي ثبوت الشفعة لصاحب العشر وجهان بناء على إن صاحب الازيد هل يجاب إذا طلب القسمة لأنه منتفع بالقسمة
والظاهر عند الشافعي أن يجاب ونحن نقول بخلافه ولو كان حول البئر بياض وأمكنت القسمة بأن يجعل البئر لواحد والبياض لآخر أو كان موضع الحجر والرحا واحدا وله بيت
ينتفع به وأمكنت القسمة بأن يجعل موضع الحجر لواحد والبيت لآخر يثبت الشفعة وهو أحد قولي الشافعي وهو مبنى على أنه لا يشترط فيما يصير لكل واحد منهما أن يمكن الانتفاع
به من الوجه الذي كان ينتفع به قبل القسمة ولو كان لاثنين مزرعة يمكن قسمتها وبئر يستقى منها باع أحدهما
نصيبه منهما يثبت للاخر الشفعة فيهما إن انقسمت البئر
أو قلنا بثبوت الشفعة فيما لا ينقسم وإلا ثبتت في المزرعة وهل تثبت في البئر الأقوى انها (ثبت لأنها صح) تابعة كالأشجار وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما المنع والفرق بين البئر والأشجار ظاهر
فإن الأشجار ثابتة في محل الشفعة والبئر مباينة عنه والفرق لا يخرج البئر عن التبعية ويذكر غيره كالحايط. البحث الثاني. في الآخذ. مسألة. آخذ الشفعة يشترط
أن يكون شريكا في المشفوع فلا تثبت الشفعة بالجوار وإنما تثبت بالخلطة إما في الملك أو في طريقه أو نهره أو ساقيته وبه قال عبيد الله بن الحسن العنبري وسوار القاضي
ووافقنا الشافعي على إن الشفعة لا تثبت للجار وبه قال عمر وعثمان وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار وسعيد بن المسيب ويحيى بن سعد الأنصاري ومن الفقهاء ربيعه و
مالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وضربت الطرق فلا شفعة ومن طريق الخاصة قول الباقر (ع)
إذا وقع السهام ارتفعت الشفعة وقال الصادق (ع) الشفعة لا تكون إلا لشريك وقال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رفت الأرف وحدت الحدود فلا شفعة وقال
أبو حنيفة والثوري وابن شبرمة وابن أبي ليلى إن الشفعة تثبت بالشركة ثم بالشركة في الطريق ثم بالجوار وفصل أبو حنيفة فقال يقدم الشريك فإن لم يكن شركة وكان الطريق
مشتركا كدرب لا ينفذ فإنه تثبت الشفعة لجميع أهل الدرب الأقرب فالأقرب ولو لم يأخذ هؤلاء تثبت للملاصق من درب آخر خاصة لان النبي صلى الله عليه وآله قال الجار أحق بسقيه وقال (ع) جار
الدار أحق بدار جاره أو الأرض والحديث ممنوع وقد طعن فيه جماعة لان الحديث الأخير رواه الحسن بن سمرة وقال أصحاب الحديث لم يرو عنه إلا حديثا واحدا وهو حديث العقيقة
والجار في الحديث الأول يحمل على الشريك إذا ثبت هذا فإنه لا شفعة للجار سواء كان ملاصقا أو مقابلا وقال أبو حنيفة للجار الملاصق الشفعة وللمقابل أيضا إذا لم يكن
الطريق بينهما نافذا وعن ابن شريح من الشافعية تخريج كمذهب أبي حنيفة. مسألة. قد بينا إنه لا تثبت الشفعة بالجوار ولا فيما قسم وميز إلا أن يكون بينهما شركة في
طريق أو نهرا وساقية بشرط أن يبيع الدار مع الطريق والبستان مع الشرب أو النهر لما رواه منصور به حازم في الحسن عن الصادق (ع) قال سألته عن دار فيها دور وطريقهم
واحد في عرصة الدار فباع بعضهم منزله من رجل هل لشركائه في الطريق أن يأخذوا بالشفعة فقال إن كان باب الدار وما حول بابها إلى الطريق غير ذلك فلا شفعة لهم و
إن باع الطريق مع الدار فلهم الشفعة وعن منصور بن حازم في الصحيح عن الصادق (ع) قال قلت له دار بين قوم اقتسموها فأخذ كل واحد منهم قطعة وتركوا بينهم ساحة
فيها ممرهم فجاء رجل فاشترى نصيب بعضهم أله ذلك قال نعم ولكن يسد بابه ويفتح بابا إلى الطريق أو ينزل من فوق البيت ويسد بابه وإن أراد صاحب الطريق بيعه فإنهم
أحق به وإلا فهو طريقه يجئ يجلس على ذلك الباب وعن منصور بن حازم عن الصادق (ع) قال قلت له دار بين قوم اقتسموها وتركوا بينهم ساحة فيها ممرهم فجاء رجل فاشترى
نصيب بعضهم أله ذلك قال نعم ولكن يسد بابه ويفتح بابا (إلى الطريق أو ينزل من فوق البيت فإن أراد شريكهم صح) أن يبيع منقل قدميه فإنهم أحق به وإن أراد يجئ حتى يقعد على الباب المسدود الذي باعه لم يكن لهم أن يمنعوه. مسألة
الدار إما أن يكون بابها مفتوحا إلى درب نافذ (أو غير نافذ صح) فإن كان الأول ولا شريك له في الدار فلا شفعة فيها لاحد ولا في ممرها لان هذا الدرب غير مملوك وإن كان الثاني فالدرب
ملك مشترك بين سكانه على السوية فإن باع نصيبه من الممر وحده فللشركاء الشفعة إن كان واحدا وأمكن قسمته وإلا فلا وإن باع الدار بممرها فللشريك في الممر الشفعة
في الدار وطريقها وقال الشافعي لا شفعة له في الدار لأنه لا شركة لهم فيها فصار كما لو باع شقصا من عقار مشترك وعقارا غير مشترك وقال أبو حنيفة كقولنا من إثبات الشفعة
وإن أراد وأخذ الممر بالشفعة قال الشافعي ينظر إن كان للمشترى طريق آخر إلى الدار أو أمكنه فتح باب آخر إلى شارع فلهم ذلك على المشهور إن كان منقسما وإلا فعلى الخلاف
في غير المنقسم وقال بعض الشافعية إن كان في اتخاذ الممر الحادث عسر أو مؤنة لها وقع وجب أن يكون ثبوت الشفعة على الخلاف الآتي وإن لم يكن له طريق آخر ولا أمكن اتخاذه
ففيه وجوه أحدها إنهم لا يمكنون منه لما فيه من الاضرار بالمشترى والشفعة شرعت لدفع الضرر فلا يزال الضرر بالضرر والثاني إن لهم الاخذ والمشترى هو المضر بنفسه
حيث اشترى مثل هذه الدار والثالث أن يقال لهم إن أخذتموه على أن تمكنوا المشترى من المرور فلكم الاخذ وإلا فلا شفعة لكم جمعا بين الحقين والأقرب عندي إن الطريق
إن كان مما يمكن قسمته والشريك واحد وبيع مع الدار المختصة بالبايع صفقة فللشريك الاخر أخذ الطريق خاصة إن شاء وإن شاء الجميع وإن لم يمكن قسمته لم يكن
له أخذه خاصة بل إما أن يأخذ الجميع أو يترك وإذا كان في الخان بيوت مشتركة بين مالكين فالشركة في صحته كشركة مالكي الدارين في الدرب المنقطع وكذا الشركة في مسيل
ماء الأرض دون الأرض. مسألة. لا تثبت الشفعة في المقسوم والجوار بغير الشركة في الطريق والنهر والساقية ولا إذا بيعت الدار منفردة عن الطريق أما لو باعها
مع الطريق ثم حول الباب تثبت الشفعة ولو كانت الشركة في الجدار والسقف أو غير ما ذكرنا من الحقوق فلا شفعة عملا بالأصل ولو كانت المزرعة مختصة وبئرها التي يسقى
الزرع منها مشتركة حتى بيعت المزرعة والبئر ففي ثبوت الشفعة في المزرعة بمجرد الشركة في البئر إشكال ينشأ من الاقتصار على مورد النص فيما يخالف الأصل ولا شك في مخالفة الشفعة
للأصل ومن أنها مشتركة في مسقى والشافعي الحق الشركة في البئر بالشركة في الممر. مسألة. يشترط في الآخذ بالشفعة الاسلام إن كان المشترى مسلما وإلا فلا تثبت الشفعة
للذمي على المسلم وتثبت للمسلم على الذمي وللذمي على مثله سواء تساويا في الكفر أو اختلفا ولو كان أحدهما حربيا ذهب إليه علماؤنا وبه قال الشعبي واحمد والحسن بن صالح بن
حي لأنه نوع سبيل وقال الله تعالى " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " ولما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال لا شفعة لذمي على مسلم ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
ليس لليهود والنصارى شفعة ولأنه تملك بغير مملك فأشبه الاحياء وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك والأوزاعي وأصحاب أبي حنيفة تثبت للذمي الشفعة على المسلم لان
الشفعة خيار يثبت لإزالة الضرر عن المال فاستوى فيه المسلم والذمي كالرد بالعيب ويمنع كونها خيارا وإنما هو تملك قهري فلا يثبت للكافر للآية. مسألة. تثبت الشفعة
590

للكافر على الكافر وإن اختلفا في الدين لعموم الاخبار السالمة عن معارضة تسلط الكافر على المسلم وكالرد بالعيب فإن كان الثمن حلالا يثبت الشفعة وإن كان خمرا أو خنزيرا فإن لم
يتقابضاه وترافعا إلى الحاكم أبطل البيع وسقطت الشفعة وإن وقع بعد التقابض والاخذ بالشفعة لم يرده ولا الشفعة وصح البيع والاخذ وإن كان بعد التقابض وقبل
الاخذ بالشفعة لم يرد البيع لأنهما تقابضا الثمن ولم تثبت الشفعة وبه قال الشافعي لان البيع وقع بثمن حرام فلم يثبت فيه الشفعة كما لو كان ثمنه مغصوبا وقال أبو حنيفة
تجب الشفعة بناء على أصله في أن الخمر مال لأهل الذمة وهو غلط ولو بيع شقص فارتد الشريك فهو على
شفعته إن كانت ردته عن غير فطرة وكان المأخوذ منه كافرا و
إن كان عن فطرة أو كان المأخوذ منه مسلما فلا شفعة قال الشافعي إن قلنا إن الردة لا تزيل الملك فهو على شفعته وإن قلنا تزيله فلا شفعة له فإن عاد إلى الاسلام وعاد
ملكه ففي عود الشفعة خلاف والظاهر المنع وإن قلنا بالوقف فمات أو قتل على الردة فللامام أخذه لبيت المال كما لو اشترى معيبا أو بشرط الخيار وارتد ومات للامام رده ولو
ارتد المشترى فالشفيع على شفعته. تذنيب ولو اشترى المرتد عن الفطرة فلا شفعة لبطلان البيع وعن غير فطرة تثبت الشفعة. مسألة. هل يثبت الشفعة
للوقف على المساجد الربط المدارس مثلا كذا ويستحق رجل نصفها والنصف الآخر ملك المسجد اشتراه متولى المسجد له أو وهب منه لتصرفه في عمارته فباع الرجل نصيبه
ففي جواز أخذ المتولي بالشفعة نظر قال الشافعي له ذلك مع المصلحة كما لو كان لبيت المال شريك في دار فباع الشريك نصيبه للامام الاخذ بالشفعة وعندي فيه نظر
ولو كان نصف الدار وقفا والآخر طلقا فباع صاحب الطلق نصيبه فإن أثبتنا للموقوف عليه الملك وكان واحدا يثبت له الشفعة على رأى لرفع ضرر القسمة وضرر مداخلة
الشريك وإن قلنا بعدم ملك الموقوف عليه أو كان متعددا وقلنا لا شفعة مع التعدد فلا شفعة وقال الشافعي إن قلنا لا يملك الوقف فلا شفعة وإن قلنا يملك فيبنى
على أن الملك هل يفرز عن الوقف إن قلنا نعم ففي ثبوت الشفعة (وجهان أحدهما يثبت لدفع ضرر القسمة وعلى هذا فلو كان الوقف على غير معين أخذه المتولي
إن رأى المصلحة وأظهرهما المنع لان الوقف لا يستحق بالشفعة صح) فينبغي أن لا يستحق به الشفعة ولنقص الملك فيه فإنه لا ينفذ تصرفه فيه فلا يتسلط على الاخذ وإن
قلنا لا يفرز الملك عن الوقف فان منعنا من شفعة ما لا ينقسم فلا شفعة وإن أثبتناه فوجهان. مسألة. لا يستحق الشريك بالمنفعة شفعة فلو كان الشريك لا ملك
له في الرقبة بل كان يستحق المنافع أو مؤقتة بالإجارة أو مؤيدة بالوصية لم يكن له الاخذ بالشفعة وكذا ليس للمتواجرين إذا آجر أحدهم أخذه بالشفعة ويثبت الشفعة
للمكاتب وإن كان من سيده فلو كان السيد والمكاتب شريكين في الدار فلكل منهما الشفعة على الآخر والمأذون له في التجارة إذا اشترى شقصا ثم باع الشريك نصيبه كان
له الاخذ بالشفعة إلا أن يمنعه السيد أو يعفو عن الشفعة وله العفو وإن كان مديونا معسرا وكان في الاخذ غبطة كما أن له منعه من جميع الاعتياضات في المستقبل
ولو أراد السيد أخذه بنفسه كان له ذلك لان أخذ العبد أخذ له في الحقيقة وللشفيع الاخذ بنفسه وبوكيله فلا تعتبر الشركة في مباشر الاخذ بل فيمن له الاخذ
البحث الثالث. في المأخوذ منه. مسألة. إنما يؤخذ الشفعة من المشترى الذي تجدد ملكه بعد ملك الآخذ فلو اشترى اثنان دفعة واحدة لم يكن
لأحدهما على الآخر شفعة لعدم الأولوية وعدم إمكان الشركة وهل يشترط لزوم البيع نظر أقربه عدم الاشتراط فلو باع الشقص بخيار لهما أو للبايع يثبت الشفعة
ولا يسقط خيار البايع وقال الشافعي يشترط اللزوم من طرف البايع فلا تثبت مع بقاء مدة الخيار له إما على قول ان الملك لا ينتقل إلى المشترى في مدة الخيار فظاهر وإما
على قول الانتقال فلان في أخذه إبطال خيار البايع ولا سبيل للشفيع إلى الاضرار بالبايع وإبطال حقه وعن بعض الشافعية احتمال ثبوت الشفعة وعلى ما قلناه
لا يتأتى المنع لأنا لا نسقط حق البايع من الخيار بل يأخذ الشفيع على حد أخذ المشترى وأما إن كان الخيار للمشترى وحده يبنى عندهم على الأقوال في انتقال الملك فإن قلنا
إن الملك لا ينتقل إلا بانقطاع الخيار أو قلنا هو مراعى تثبت الشفعة لعدم العلم بانتقال الملك إلى المشترى فيستحق فيه الشفعة عليه وإن قلنا إنه ينتقل بنفس العقد
نقل المزني عن الشافعي إنها تثبت وهو مذهبنا وبه قال أبو حنيفة لأنه قد انتقل الملك إلى المشترى ولا حق فيه إلا له والشفيع مسلط عليه بعد لزوم الملك واستقراره فقبله
أولي وإنما ثبت له خيار الفسخ وذلك لا يمنع من الاخذ بالشفعة كما لو وجد به عيبا يثبت له الخيار وكان للشفيع أخذه ونقل الربيع عن الشافعي أيضا انه لا شفعة وبه قال
مالك واحمد لان المشترى لم يرض بالتزام العقد وفي أخذ الشفيع الشقص التزام له وايجاب للعهدة عليه فلم يكن له ذلك كما لو كان الخيار للبايع بخلاف الرد بالعيب لأنه
إنما يثبت له الرد لأجل الظلامة وذلك يزول بأخذ الشفيع ونقل الجويني في المسألة طريقين إحديهما ثبوت القولين هكذا لكن كلاهما مخرجان من أن المشترى إذا اطلع
على عيب بالشقص وأراد رده وأراد الشفيع أخذه بالشفعة فعلى قول للشفيع قطع خيار المشترى في الصورتين وعلى قول لا يمكن منه والثاني القطع بأنه لا يأخذه
إلى أن يلزم العقد والفرق بين الرد بالعيب وبينه إن الاخذ بالشفعة (لو أخذه من المشترى ولم يكن للمشتري رده لو لم يكن الشفيع أخذه بل يثبت للمشترى ولو لم يعلما معا بالعيب كان للشفيع رده صح) إلى استقرار العقد وتمامه ونقل بعض الشافعية فيما إذا قلنا إنه بعد للبايع أو موقوف وجهان
للشفيع أخذ الشقص لانقطاع سلطنة البايع بلزوم العقد من جهته وإلا صح عندهم المنع لان ملك البايع غير زايل على تقدير إن الملك للبايع غير معلوم الزوال على تقدير
الوقف وعلى الأول إذا أخذه الشفيع تبينا ان المشترى ملك قبل أخذه وانقطع الخيار. مسألة. لو باع أحد الشريكين حصة بشرط الخيار ثم باع الثاني نصيبه بغير
خيار في زمن خيار الأول وقلنا إن الشفعة لا تثبت مع الخيار كما هو مذهب الشافعي فلا شفعة في المبيع له؟ لا للبايع والثاني سواء علم به أو لا لزوال ملكه ولا للمشترى منه
وإن تقدم ملكه على ملك المشتري الأول إذا قلنا إنه لا يملك في زمن الخيار لان سبب الشفعة البيع وهو سابق على ملكه وأما الشفعة في المبيع ثانيا فموقوفة إن توقفنا
في الملك على الإجازة أو الفسخ وللبايع الأول إن ابقينا الملك له وللمشتري منه إن أثبتنا الملك له ولو فسخ البيع قبل العلم بالشفعة بطلت شفعته إن قلنا إن خيار
الفسخ يرفع العقد من أصله وإن قلنا يرفعه من حين وقوع الفسخ فهو كما باع ملكه قبل العلم بالشفعة وإن أخذه بالشفعة ثم فسخ البيع فالحكم في الشفعة كالحكم في الزوايد
الحادثة في زمن الخيار. مسألة. إذا اشترى شقصا فوجد به عيبا فإن كان المشترى والشفيع معا عالمين به لم يكن للشفيع رده على المشترى وللمشتري رده على البايع
وإن علم به المشترى خاصة دون الشفيع كان للشفيع رده بالعيب على المشترى ولم يكن للمشترى رده على البايع وإن كان الشفيع عالما به دون المشترى لم يكن للشفيع رده على
المشترى ويثبت للمشترى الأرش وقال بعض الشافعية إنه استدرك ظلامته فلم يكن له الرجوع بالأرش وقال بعضهم إنه لم ييأس من الرد فإن رجع إلى المشترى ببيع أو إرث أو غير
ذلك فهل له رده مبنى على التعليلين إن قلنا إنه لا يرجع لأنه استدرك ظلامته لم يكن له رده وإن قلنا بالآخر فله رده وإذا لم يكن المشترى عالما بالعيب وأراد رده وأراد
الشفيع أخذه ورضى بكونه معيبا فللشافعي قولان أحدهما إن الشفيع أولي بالإجابة لأنه حق سابق على حق المشترى فإنه ثابت بالبيع ولان الغرض للمشترى استدراك الظلامة
والوصول إلى الثمن وهذا الغرض يحصل بأخذ الشفيع ولانا لو قدمنا المشترى بطل حق الشفيع بالكلية ولو قدمنا
الشفيع حصل للمشترى مثل الثمن أو قيمته وهذا أقوى
عندي وهو قول أكثرهم والثاني إن المشترى أولي لان الشفيع إنما يأخذ إذا استقر العقد وسلم عن الرد ولأنه قد يريد استرداد عين ماله ودفع عهدة الشقص عنه
مسألة. لو رده المشترى بالعيب قبل علم الشفيع ومطالبته ثم علم وجاء بطل بالشفعة فإن قلنا إن المشترى أولي عند اجتماعهما كما هو أحد قولي الشافعي فلا يجاب الشفيع
591

وإن قلنا الشفيع أولي (فللشافعي وجهان أظهرهما إنه يجاب ويفسخ الرد أو يقول بينا ان الرد كان باطلا وهو الأقوى عندي والثاني لا يجاب لتقدم الرد وهذا الخلاف في
أن الشفيع أولي صح) أو المشترى جار فيما إذا اشترى شقصا بعبد ثم وجد البايع بالعبد عيبا فأراد رده واسترداد الشقص وأراد الشفيع أخذه بالشفعة وسيأتى وفيما إذا
اشترى شقصا بعبد وقبض الشقص قبل تسليم العبد فتلف العبد في يده تبطل شفعة الشفيع في وجه ويتمكن من الاخذ في الثاني كما لو تلف بعد أخذ الشفيع فإن الشفعة
لا تبطل بل على الشفيع قيمة العبد للمشترى وعلى المشترى قيمة الشقص للبايع ولو كان الثمن معينا وتلف قبل القبض بطل البيع والشفعة. مسألة. لا تثبت الشفعة في عقد
غير البيع سواء كان عقد معاوضة كالهبة المعوض عنها والإجارة والنكاح وغيرها من جميع العقود عند علمائنا أجمع فلو تزوج امرأة وأصدقها شقصا لم تثبت الشفعة عند
علمائنا وبه قال أبو حنيفة للأصل الدال على أصالة عصمة مال الغير وإنه لا يحل أخذه منه إلا عن طيبة نفس خرج ما اتفقا على إثبات الشفعة فيه للنصوص فيبقى الباقي على أصله
وما رواه في الصحيح أبو بصير عن الباقر (ع) قال سألته عن رجل تزوج امرأة على بيت في دار له وله في تلك الدار شركاء قال جايز له ولها ولا شفعة لاحد من الشركاء عليها وقول
الصادق (ع) الشفعة في البيوع ولان البضع ليس بمال وإذا ملك الشقص بغير مال لا تثبت فيه الشفعة كالهبة وقال الشافعي ومالك تثبت الشفعة ثم اختلفا فقال
الشافعي يأخذه الشفيع بمهر مثل الزوجة وقال مالك بقيمة الشقص لأنه عقد معاوضة فجاز أن يثبت الشفعة في الأرض المملوكة به كالمبيع ويمنع صلاحية عقد المعاوضة
للعلية بل العلة عقد خاص وهو البيع وقال مالك ولو أوجبنا مهر المثل لقومنا البضع على الأجانب ولا ضربنا بالشفيع لأنه قد يتفاوت مهر المثل مع المسمى لان المهر قد يسامح
فيه في العادة بخلاف البضع قالت الشافعية إن المرأة ملكت الشقص القابل للشفعة ببدل ليس له مثل فوجب الرجوع إلى القيمة في الاخذ بالشفعة كما لو باع سلعة لا
مثل لها ولا يمتنع تقويم البضع على الأجنبي بسبب كما يقومه على المرضعة وشاهدي الطلاق إذا رجعا والمسامحة لا اعتبار بها والظاهر إن العوض يكون عوض المثل. مسألة
إذا أصدقها شقصا ثم طلقها قبل الدخول فلا شفعة عندنا وقال الشافعي تثبت الشفعة فعلى قوله لا يخلوا إما أن يكون قد طلقها بعد ما أخذ الشفيع الشقص أو بعد
عفوه قبل علمه فإن طلقها بعد ما أخذ رجع الزوج إلى قيمة الصداق لزوال ملكها عن الصداق كما لو باعته ثم طلقها ويكون له قيمة نصف الصداق أقل ما كان من حين العقد
إلى حين القبض وإن طلقها بعد عفو الشفيع رجع في نصف الشقص لان حق الشفيع قد سقط والشقص في يدها نصفه وتعلق حق الشفيع قبل سقوطه لا يمنع من الرجوع
بعد سقوطه ألا ترى إنه لو باعته ثم اشترته ثم طلقها الزوج فإنه يرجع في نصفه وإن طلقها قبل أن يعلم الشفيع ثم علم وجاء يريد أخذه بالشفعة فله أخذ نصفه وأما النصف
الآخر فهل الزوج أولي به أو الشفيع وجهان (للشافعية صح) أحدهما إن الشفيع أولي لان حقه أسبق فإن حق الزوج ثبت بالطلاق والثاني الزوج أولي لان حقه يثبت بالنص والأول أصح عندهم
لان حق الشفعة في الجملة ثبت أيضا بالاجماع كما إن حق الزوج ثبت بالنص في الجملة هذا عندنا ساقط إذ لا شفعة هنا. مسألة. لو اشترى شقصا وأفلس بالثمن وأراد
البايع الرجوع في الشقص وطلبه الشفيع فالأقوى عندي تقديم حق الشفيع ويؤخذ منه الثمن ويدفع إلى البايع لان حقه ثبت بالعقد وحق البايع ثبت بالافلاس والعقد
أسبق واسبق الحقين أولي بالرعاية ولا منع الشفيع يقتضى إبطال حقه بالكلية وإذا قدمناه لا يبطل حق البايع بل ينتقل إلى البدل ولان حق الشفيع أقوى من حق
البايع فإن الشفيع يبطل تصرف المشترى (ويؤخذ الشقص والبايع لا يبطل تصرف المشترى صح) عند إفلاسه وهذا وجه للشافعي وله وجهان آخران أحدهما تقديم حق البايع لاستناد حقه إلى ملك سابق ولان البايع لم يرض
بزوال الشقص إلا على أن يسلم له الثمن فإذا لم يسلم وجب أن لا يؤخذ منه والآخر الشفيع أولي ويكون الثمن أسوة الغرماء لان حق البايع إذا انتقل عن العين إلى الذمة التحق بساير
الغرماء وقيل يقدم البايع بالثمن رعاية للجانبين والثالث إن كان البايع سلم الشقص ثم أفلس المشترى لم يكن أولي بالثمن (لرضائه بذمة المشترى وإن لم يسلمه فهو أولي بالثمن صح) وهذا الخلاف بين الشافعية ثابت في الزوج إذا اطلق
قبل الدخول أو ارتد والمهر الشقص وقال بعض الشافعية إن الشفيع أولي من الزوج والبايع أولي من الشفيع في الافلاس لان الثابت للزوج بالطلاق الملك والشفيع يثبت
له ولاية التملك لكن الشفيع أسبق حقا فهو أولي بالتقديم هذا إن اجتمع الشفيع مع الزوج أو البايع أما لو أخذ الشفيع الشقص من يد الزوجة ثم طلق الزوج أو من يد المشترى
ثم أفلس فلا رجوع للزوج وللبايع مجال لكن البايع يرجع إلى الثمن والزوج إلى القيمة في مالها كما لو زال الملك ببيع وشبهه ولو طلقها قبل علم الشفيع وأخذ النصف فلا شفعة
عندنا وقال الشافعي إذا جاء الشفيع ففي استرداده ما أخذ الزوج وجهان كما إذا جاء بعد الرد بالعيب وحكى الجويني طريقة قاطعة بالمنع لان المهر يشطر؟ بالطلاق من غير اختيار فيبعد
نقضه فإن قلنا يسترده أخذه وما بقى في يدها وإلا أخذ ما في يدها ودفع إليها نصف مهر المثل ولو كان للشقص الممهور شفيعان وطلبا وأخذ أحدهما نصفه وطلقها
قبل أن يأخذ الآخر لم يأخذ الزوج النصف الحاصل في يد الشفيع وهل هو أولي في النصف الآخر أم الشفيع فيه ما سبق من الخلاف ويجرى فيما إذا أخذ أحد الشفيعين من يد المشترى
ثم أفلس فإن قلنا الشفيع أولي ضارب البايع مع الغرماء بالثمن وإن قلنا البايع أولي فإن شاء أخذ النصف الثاني وضارب مع الغرماء بنصف الثمن وإلا تركه وضارب
بجميع الثمن. مسألة. قد بينا إن الشفعة إنما تثبت بالبيع خاصة وقال الشافعي تثبت بكل عقد معاوضة ووافقنا على ما إذا ملك من غير معاوضة فلا شفعة
عليه كالإرث والهبة والوصية أما الإرث فلان الوارث يملك بغير اختياره بخلاف المشترى المالك باختياره فإنه بدخوله على الشريك سلط الشريك عليه دفعا للتضرر
به وقد كان من حقه أن لا يدخل عليه وأما الهبة والوصية فلان المتهب والموصى (له يقلد المنة من الواهب والموصى صح) حيث قبلا تبرعهما ولو أخذ الشفيع لاخذ عن استحقاق وتسلط فلا يكون متقلدا للمنة و
وضع الشفعة على أن يأخذ الشفيع بما أخذ به التملك أما لو شرط في الهبة الثواب أو قلنا إنها تقتضي الثواب مع الاطلاق فلا شفعة فيها أيضا عندنا وقال الشافعي إن
كان العوض معلوما صحت الهبة وكانت بيعا ويثبت فيه الشفعة سواء تقابضا أو لم يتقابضا وبه قال زفر لأنه ملك بعوض فلم يفتقر إلى التقابض كالبيع وقال أبو حنيفة وأصحابه
لا يثبت حتى يتقابضا لان الهبة لا تلزم إلا بالقبض فهو بمنزلة بيع الخيار وأجاب الشافعية بأنه لا يصح ما قالوه
من اعتبار لفظ الهبة لان العوض يصرفها عن مقتضاها وتصير
عبارة عن البيع وخاصة عندهم ينعقد بها النكاح ولا يفتقر النكاح إلى القبض فأما إذا كانت بغير شرط العوض فكذلك مبنى على القولين في اقتضائها الثواب وكل
موضع قلنا تقتضي الثواب ثبت الشفعة فيها بمثل الثواب إن كان مثليا وإلا القيمة وكل موضع قلنا لا يقتضيه لم تثبت الشفعة ولو أثابه الموهوب له وقال ابن أبي ليلى
تثبت الشفعة فيها بقيمة الشقص وهو إحدى الروايتين عن مالك لان الشفعة تثبت لإزالة الضرر بالاشتراك وذلك موجود في الهبة قالت الشافعية إنه يملكها
بغير بدل فأشبه الميراث وأما الضرر فلا يزال بضرر وفي أخذ الهبة ضرر لأنه لا عوض فيها وإذا أخذها بغير عوض أبطل عوض الواهب والمتهب معا وعن الشافعي قول آخر
إنه إذا اشترط الثواب أو قلنا إنها تقتضيه لا يؤخذ كمذهبنا لأنه ليس المقصود منه المعاوضة وعلى قول الآخذ ففي أخذه قبل قبض الموهوب وجهان أظهرهما الاخذ لأنه
صار بيعا والثاني لا لان الهبة لا يتم إلا بالقبض وهذا هو الخلاف في أن الاعتبار باللفظ أم بالمعنى. مسألة. لو كان بين اثنين دار فادعى أجنبي ما في يد أحدهما فصالحه
المتشبث عليه فلا شفعة عندنا لأنها تتبع البيع والصلح عقد مستقل بنفسه مغاير للبيع وقال الشافعي إن صالحه بعد إقراره له به صح الصلح ويثبت الشفعة للشريك لان
الصلح عنده (بيع فإن أنكره صالح ولم يصح الصلح عنده صح) بناء على مذهبه من أن الصلح لا يصح عن الانكار وكذا لو ادعى رجل على أحد الشريكين في الدار ألفا فصالحه منها على نصف الدار الذي له فلا شفعة عندنا
592

وقال الشافعي إن كان مع الاقرار بالألف صح الصلح وكان للشفيع أخذه بالألف وإن كان الصلح مع الانكار لم يصح الصلح ولم تجب الشفعة. مسألة. لو اشترى شقصا
فعفا الشريك عن الشفعة ثم تقايلا لم تثبت الشفعة بالإقالة عندنا على ما تقدم من أن الشفعة تتبع البيع وإن الإقالة ليست بيعا وقال الشافعي إن قلنا إن الإقالة
فسخ لا بيع فلا شفعة كما لا يأخذ بالرد بالعيب لان المفسوخ وإن اشتملت على تراد العوضين فلا يعطى أحكام المعاوضات ألا ترى إنه يتعين فيها العوض الأول وإن
قلنا أنها بيع فله الشفعة وأخذه من البايع وقال أبو حنيفة تثبت الشفعة بالإقالة وبالرد بالعيب وبالتراضي لأنه نقل الملك بالتراضي فأشبه البيع ولو تقايلا قبل علم الشريك بالبيع
كان له الاخذ بالشفعة وفسخ الإقالة لسبق حقه على الإقالة وقال الشافعي إن قلنا إن الإقالة بيع فالشفيع بالخيار أن يأخذ بها وبين ان يبطلها حتى يعود الشقص إلى المشترى
فيأخذ منه وإن جعلناها فسخا فهو كطلب الشفعة بعد الرد بالعيب أما لو باع المشترى فللشريك هنا الخيار بين الاخذ من الأول وفسخ البيع الثاني وبين الاخذ من الثاني. مسألة
لو جعل الشقص اجرة في إجارة أو جعلا في جعالة أو أصدقها شقصا أو متعها به أو خالعها على شقص أو صالح عليه من مال أو دم أو جراحة عن إقرار أو إنكار أو جعله المكاتب
عوض نجومه لم تثبت الشفعة في شئ من ذلك عندنا بل إنما تثبت الشفعة في الشراء لا غير وبه قال أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد وقد تقدم بيانه ولو أقرضه شقصا صح
القرض وبه قال الشافعي وليس للشفيع أخذه بالشفعة عندنا وقال الشافعي له الاخذ والجعالة لا تثبت بها الشفعة كما قلنا وعند الشافعي تثبت بعد العمل لان الملك حينئذ يحصل للعامل
أما لو اشترى بالشقص شيئا أو جعله رأس مال السلم فالأقرب ثبوت الشفعة لصدق البايع على المشترى ولو بذل المكاتب شقصا عوضا عن بعض النجوم ثم عجز ورق فلا شفعة
عندنا وأما عند الشافعي ففي بطلان الشفعة وجهان ينظر في أحدهما إلى أنه كان عوضا أو لا وفي الثاني إلى خروجه أخيرا عن العوضية وهذا أظهر عندهم ويشبه هذا الخلاف
خلافهم فيما إذا كان الثمن عينا وتلف قبل القبض ولو قال لمستولدته إن خدمت أولادي شهرا فلك هذا الشقص فخدمتهم استحقت الشقص عند الشافعي وفي ثبوت
الشافعية وجهان أحدهما تثبت لأنها ملكته بالخدمة فكان كالمملوك بالإجارة وساير المعاوضات وأظهرهما المنع لأنه وصية معتبرة من الثلث كساير الوصايا وذكر الخدمة شرط
داخل على الوصية. مسألة. لولى الصبى والمجنون أن يأخذ لهما بالشفعة ما بيع في شركتهما مع الغبطة لهما عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي وأبو حنيفة لأنه خيار
جعل لإزالة الضرر عن المالك فملكه الولي في حق الصبى والمجنون كخيار الرد بالعيب وللعمومات الدالة على ثبوت الشفعة للشريك فيدخلان فيه وكل حق هو لهما فإنما يتولاه
الولي ولما رواه الخاصة عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) وصى اليتيم بمنزلة أبيه يأخذ له الشفعة إذا كان رغبة فيه وقال ابن أبي ليلى لا شفعة فيه لان الولي
لا يثبت له الاخذ بالشفعة لأنه لا يملك العفو ومن لا يملك العفو لا يملك الاخذ ولا يمكن الانتظار بها لان في ذلك إضرار بالمشترى فبطلت وقال الأوزاعي تثبت الشفعة
وليس للولي أن يأخذ بها ويتأخر ذلك إلى زوال الحجر عن مستحقها لان خيار القصاص ثبت للصبي ولا يستوفيه الولي كذلك الشفعة والجواب لا نمع إنه ليس له العفو بل له ذلك
مع المصلحة سلمنا لكن العفو إسقاط حقه والاخذ استيفاء حقه وهذا فرق كما يملك اسقاط شئ منها وخيار القصاص ثابت للمولى مع المصلحة سلمنا
لكن القصد التشفي وذلك لا يدخله النيابة والغرض بالشفعة إزالة الضرر عن المال وهو مما يدخل النيابة. مسألة. إنما يأخذ الولي لهما إذا كان الاخذ مصلحة بأن يكون
قد بيع بأقل من ثمن مثله أو تزيد قيمة الملك بأخذه أو يكون له مال يحتاج أن يشترى به العقار فيأخذ بثمن المثل وإن كان الحظ في الاخذ فترك لم
يصح الترك ولم يسقط (الشفعة وكان للصبي والمجنون بعد الكمال أخذ الشقص وبه قال محمد وزفر لأنه إسقاط للمولى عليه لاحظ له في إسقاطه فلم يسقط صح)
كالابراء وإسقاط خيار الرد بالعيب وقال أبو حنيفة إذا عفى سقطت لان من ملك الاخذ ملك العفو كالمالك والفرق إن المالك يملك الابراء والتبرع بخلاف الولي فبطل القياس
وإن كان الحظ في الترك بان يكون قد اشترى بأكثر من ثمن المثل أو لم يكن للصبي مال يشترى به فاستقرض له ورهن ماله وأخذ الشقص لم يصح (أخذه فان أخذه لم يصح صح) ولم يملكه الصبى بهذا الاخذ
بل يكون باقيا على ملك المشتري ولا يقع للولي وكذا لو اشترى بأكثر من ثمن المثل لم يصح ولا يقع له إن سمى الشراء للطفل ولو أطلق وقع له بخلاف الاخذ بالشفعة لان الشفعة
تؤخذ بحق الشركة وذلك مختص بالصبى ولهذا لو أراد الولي الاخذ لنفسه لم يصح بخلاف الشراء وفي النكاح لو تزوج لغيره بغير إذنه لم يقع للعاقد لأنه يفتقر إلى ذكر
الزوجين بخلاف البيع لان عقد النكاح اختص بالمعقود له والشراء لا يحتاج إلى ذكر المشترى له. مسألة. العفو كالترك ليس للولي العفو عن الشفعة مع الحظ بالأخذ
ولا تركها كما بينا ولو كان الحظ في الترك فترك سقطت الشفعة وإذا زال الحجر عن المحجور عليه لم يكن له المطالبة بها وبه قال الشافعي لان الولي يتبع الحظ والمصلحة للمولى عليه فله
الاخذ إذا كان فيه حظ فإذا كان الحظ في العفو وجب أن يصح كما يصح الاخذ ولهذا يصح من الولي الرد بالعيب وإذا بلغ لم يكن له الاعتراض كذا هنا وقال بعض الشافعية ليس للولي
أن يعفو وإنما يترك الاخذ إذا لم يكن حظا فإذا زال الحجر كان المحجور عليه بالخيار وجعله قولا ثانيا للشافعي
وبه قال زفر ومحمد بن الحسن الشيباني لان المستحق للشفعة له أخذها سواء
كان له فيها حظا أو لم يكن وإنما يعتبر الحظ في حق المولى وإذا زال عنه الحجر كان له الاخذ. مسألة. لو باع الوصي أو الولي شقصا للطفل وطفل آخر هو وليه أيضا شريك كان له
الاخذ بالشفعة للاخر لان الأول قد يحتاج إلى البيع والثاني إلى الاخذ ولو كان الولي هو الشريك فالأقرب إن له الاخذ لأنه حق ثبت له على المشترى بعد تمام العقد وانقطاع ملك
الطفل وهو أحد وجهي الشافعية والثاني وهو الأصح عندهم إنه ليس له أخذه بالشفعة لأنه لو مكن منه لم يؤمن أن يترك النظر والاستقصاء للصبي ويسامح في البيع ليأخذ
بالشفعة بالثمن النجس كما إنه لا يمكن من بيع ماله من نفسه ولو رفع ذلك إلى الحاكم فباع أخذه الوصي لزوال التهمة ولو كان البايع الأب أو الجد له جاز له الاخذ وبه قال الشافعي
لأنه يجوز أن يبيع من نفسه ولان ولايتهما أقوى وكذا ستفقتهما؟ ولو اشترى شقصا للطفل وهو شريك في العقار فله الاخذ بالشفعة لثبوت سبب السالم عن
معارضة التهمة إذ لا يزيد في الثمن ليأخذ به وهو أحد قولي الشافعي وفي الثاني إنه ليس له الاخذ لأنه يلزم الصبى العهدة ولا منفعة له فيه وليس بجيد لان له ان يشترى
للصبي وأن يشترى منه ولو وكل الشريك شريكه في البيع فباع فله الاخذ بالشفعة وهو أحد قولي الشافعية وقال بعضهم إنه قول الأكثر لان الموكل ناظر لنفسه يعترض (لنفسه صح) و
يستدرك إن وقف على تقصير الوكيل والصبي عاجز عن ذلك فيصان حقه عن الضياع وقال بعضهم ليس له الاخذ للتهمة ولو وكل إنسان أحد الشريكين ليشترى الشقص
من الآخر فاشتراه فله الاخذ وهنا إشكال وهو إن رضي الشريك بالبيع يبطل شفعته وفي هذه الصور كيف يتحقق الشفعة مع قصد البيع ورضاه حيث كان وكيلا باختياره
وقال أبو حنيفة في الوكيل والوصي مما تثبت الشفعة في الشراء ولا تثبت في البيع ولو وكل الشريك شريكه يبيع نصف نصيبه أو أذن له في بيع نصيبه أو بعض نصيبه مع نصيب
الموكل (إن شاء فباع نصف نصيب الوكيل صح) مع نصف نصيبه صفقة واحدة فللموكل أخذ نصيب الوكيل بالشفعة وهل للوكيل أخذ نصيب الموكل للشافعي الوجهان السابقان. مسألة. إنه سيأتي الخلاف
في أن الشفعة هل يثبت مع الكثرة أم لا فإن قلنا به لو كان ملك بين ثلاثة فباع أحدهم نصيبه من أحد الآخرين فالشفعة بين المشترى والشريك الاخر يشتركان في المبيع وبه قال أبو
حنيفة ومالك والمزني والشافعي في أصح الوجهين لاستوائهما في الشركة وسبب الشفعة كما لو كان المشترى غيره وقال بعض الشافعية إن الشريك الثالث منفرد بالشفعة
ولا حق فيه للمشترى وهو محكى عن الحسن البصري وعثمان البتي لان الشفعة تستحق على المشترى فلا يجوز أن يستحقها المشتري على نفسه وليس بصحيح لأنا لا نقول تجب له الشفعة
593

بل لا يستحق عليه في نصف النصيب لأنه أولي من الشريك الآخر ولا بعد في استحقاق الانسان على نفسه لأجل تعلق حق الغرماء كالعبد المرهون إذا جنى على عبد آخر لسيده فإنه
يثبت للسيد على العبد أرش الجناية لأجل تعلق حق الغير به ولو لم يكن مرهونا ما تعلق به فعلى هذا يكون الثالث بالخيار بين أن يترك جميع المبيع أو يأخذ الجميع وعلى
الأول يتخير بين أن يأخذ نصف المبيع أو يترك فإن قال المشترى خذ الكل أو اترك الكل وقد تركت أنا حقي لم يلزمه الإجابة ولم يصح إسقاط المشترى الشفعة لان ملكه
مستقر على النصف بالشراء فأشبه ما إذا كان للشقص شفيعان حاضر وغائب فأخذ الحاضر الجميع ثم عاد الغائب له إن أخذ نصفه وليس للحاضر أن يقول اترك
الكل أو خذ الكل وأنا تركت حقي ولا نظر إلى تبعض الصفقة عليه فإنه لزمن دخوله في هذا العقد وعن بعض الشافعية وجه إنه إذا ترك فيه المشترى حقه وجب على الآخر أخذ
الكل أو ترك الكل كما إذا باع من أجنبي وله شفيعان فترك أحدهما حقه يأخذ الآخر الكل أو يترك الكل إلا أن هذا الترك سابق على اختيار التملك هناك وفيما نحن فيه اختار التملك بالشراء
فلم يؤثر الاعراض بعده ولو كان بين اثنين دار فباع أحدهما نصف نصيبه من ثالث ثم باع النصف الثاني من ذلك الثالث فعلى أحد قولي الشافعية حكمه حكم ما لو باع
النصف الثاني من أجنبي وعلى الاخر لا شفعة للمشترى وللشفيع الخيار بين أن يأخذ الكل أو يأخذ أحد النصفين دون الاخر. مسألة. تبرعات المريض عندنا من الثلث
فلو باع المريض شقصا من دار وله شفيع فإما أن يبيع بثمن المثل أو بدونه فإن باع بثمن المثل لزم البيع ويثبت فيه الشفعة سواء كان المشترى والشفيع وارثين أو أحدهما
أو غير وارثين وبه قال الشافعي لان البيع بثمن المثل لا اعتراض فيه وإنما يعترض على المريض في التبرع وبه قال أبو يوسف ومحمد أيضا وقال أبو حنيفة لا يصح بيعه من وارثه
لأنه محجور عليه في حقه فصار كبيع الصبى وهو غلط لأنه محجور عليه في التبرع في حقه كما يحجر عليه في حق الأجنبي في الثلث ويصح أن يبيع منه بثمن مثله مطلقا كذا هنا وإن باع بدون
ثمن المثل فلا يخلو إما أن يكون المشترى والشفيع أجنبيين أو وارثين أو المشترى وارثا والشفيع أجنبيا أو بالعكس فإن كانا أجنبيين فإن احتمل الثلث المحاباة صح
البيع وأخذ الشقص بالشفعة فلا إشكال لان المحاباة وقعت في البيع فإذا وقع البيع مسترخصا لم يسقط حق الشفعة ولم يجز أن يأخذه بأكثره من الثمن وإن لم يحتمله كما لو باع
شقصا مستوعبا يساوى ألفين بألف فإن رده والورثة بطل البيع في بعض المحاباة وهو ما زاد على الثلث وفي صحة البيع في الباقي للشافعية طريقان أحدهما التخريج على الخلاف
في تفريق الصفقة عليه فإن اختار الشفيع أن يأخذه لم يكن للمشترى الرد وإن لم يرض
الشفيع بالأخذ فللمشتري الخيار بين أخذ الباقي وبين الرد وعلى الصحة ففيما يصح البيع للشافعية قولان أحدهما إنه يصح في قدر الثلث والقدر الذي يوازى الثمن
بجميع الثمن والثاني إنه لا يسقط من المبيع شئ إلا ويسقط ما يقابله من الثمن وهذا الأخير هو الأقوى عندي وقد تقدم بيانه فإن قلنا بالأول صح البيع في الصورة
المفروضة في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن وإن قلنا بالثاني دارت المسألة وطريقة أن نقول البيع في شئ من الشقص بنصف شئ يبقى مع الورثة الفان
يعادل شيئا ونصفا والشئ من شئ ونصف ثلثاه فعلمنا صحة البيع في ثلثي الشقص وقيمته ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث بثلثي الثمن وهو نصف هذا فيكون
المحاباة بستة مائه وستة وستين وثلثين يبقى للورثة ثلث الشقص وثلث الثمن وهما ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث وذلك ضعف المحاباة وعلى التفريق
للمشترى الخيار حيث لم يسلم له جميع الثمن فإن اختار أخذ الشفيع خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن على الأول وثلثيه بثلثي الثمن على الثاني ولو فسخ المشترى قبل طلب
الشفيع لم يبطل الشفعة عندنا وللشافعي قولان ولو أجاز الورثة صح البيع في الجميع ثم إن قلنا إن اجازتهم تنفيذ لما فعله المورث أخذ الشفيع الكل بكل الثمن وإن
قلنا إنها ابتداء عطيته منهم لم يأخذ الشفيع القدر النافذ بإجازتهم وأخذ القدر و المستثنى عن إجازتهم وفيه القولان لان المذكور إن عند الرد وإن كان وارثين
أو كان المشترى وارثا فهي محاباة للوارث وهي عندنا صحيحة فالحكم فيه كما في الأجنبي أما الجمهور فإنهم منعوا من المحاباة للوارث فتكون المحاباة مردودة ثم للشافعي قولان
فإن لم يفرق الصفقة بطل البيع في الجميع وإن قال بالتفريق فإن قال في القسم الأول على ما سبق من التصوير
إن البيع يصح في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن فهنا في
مثل تلك الصورة يصح البيع في نصفه بجميع الثمن وإن قلنا هناك يصح في ثلثيه بثلثي الثمن فهنا يبطل البيع في الكل لان البيع لا يبطل في شئ إلا ويسقط بقدره من الثمن
فما من جزء يصح فيه البيع إلا ويكون بعضه محاباة وهي مردودة وفيه كلامان أحدهما إن المفهوم من هذا التوجيه شيوع المعاوضة والمحاباة في جميع الشقص وذلك
لا يمنع تخصيص قدر المحاباة بالابطال كما إنه لم يمنع في القسم الأول تخصيص ما وراء القدر المحتمل من المحاباة بالابطال والثاني إن الوصية للوارث عندهم موقوفه
على إجازة باقي الورثة على رأى كما أن الوصية بما زاد على الثلث موقوفة على إجازة الورثة على رأى فلنفرق هنا أيضا بين الإجازة والرد كما في الأول إذا عرفت هذا وقلنا
بالأول تخير المشترى بين أن يأخذ النصف بكل وبين أن يفسخ لان الصفقة تفرقت عليه ويكون للشفيع أن يأخذ ذلك وإن كان وارثا لأنه لا محاباة فيه وإن أراد
المشترى الرد وأراد الشفيع الاخذ كان حق الشفيع مقدما لأنه لا ضرر على المشترى وجرى مجرى المبيع المعيب إذا رضيه الشفيع لم يكن للمشترى رده وإن كان الشفيع وارثا
دون المشترى فعندنا يصح البيع فيما يحتمل الثلث ويكون للشفيع أخذه بالشفعة وقالت الشافعية إن احتمل الثلث المحاباة أو لم يحتمل وصححنا البيع في بعض
المحاباة في القسم الأول ومكنا الشفيع من أخذه ففيه وجوه - آ - إنه يصح البيع في الجميع ولا يأخذه الوارث بالشفعة وهو مذهب أصحاب أبي حنيفة أما صحة البيع فلان
المشترى أجنبي وأما بطلان الشفعة فلانها لو ثبتت لكان المريض قد نفع وارثه بالمحاباة لان الشفعة تستحق بالبيع فقد تعذرت الشفعة (فلم تعد ذلك بابطال البيع لأنها فرع عليه وإذا بطل بطلت فلم تبطل لأجلها وهو أصح الوجوه عندهم لأنا إذا أثبتنا الشفعة صح) فقد جعلنا للوارث سبيلا في
إثبات حق له في المحاباة ويفارق الوصية ممن له عليه دين لان استحقاقه للاخر إنما هو بدينه لا من جهة الوصية وهذا استحقاقه حصل بالبيع فافترقا - ب - إنه يصح البيع ويأخذه
الوارث بالشفعة لان محاباة البايع مع المشترى وهو أجنبي عنه والشفيع يتملك مع المشترى ولا محاباة معه من المريض - ج - إنه لا يصح البيع أصلا لأنه لو صح لتقابلت
فيه أحكام متناقضة لأنا لم نثبت الشفعة أضررنا بالشفيع وإن أثبتناها أوصلنا إليه المحاباة - د - يصح البيع في الجميع ويأخذ الشفيع ما يقابل الثمن منه ويبقى الباقي
للمشترى مجانا لان المحاباة تصح مع الأجنبي دون الوارث ويجعل كأنه باع بعض الشقص منه ووهب بعضه فيأخذ المبيع دون الموهوب - ه‍ - إنه لا يصح البيع إلا في القدر الموازى
للثمن لأنه لو صح في الكل فإن أخذه الشفيع وصلت إليه المحاباة وإن أخذ ما وراء قدر المحاباة كان إلزاما بجميع الثمن ببعض المبيع وهو على خلاف وضع الشفعة ويضعف
بأن صحة البيع لا تقف على اختيار الشفيع للشفعة وقد يقال في العبارة عن هذا الوجه إن ترك الشفيع الشفعة صحت المحاباة مع المشترى وإلا فهو كما لو كان المشترى
وارثا فلا تصح المحاباة ووجه ترتيب هذه الأقوال أن يقال في صحة البيع وجهان إن صح فيصح في الجميع أو فيما وراء قدر المحاباة وجهان إن صح في الجميع فيأخذ الجميع بالشفعة
أو ما وراء قدر المحاباة أو لا يأخذ شيئا ثلاثة أوجه وهذا عندنا كله ساقط. مسألة. من شرط الشفعة تقدم ملك الآخذ على ملك المأخوذ منه على
ما سبق فلو كان في يد اثنين ملك اشترياه بعقدين وادعى كل منهما سبق عقده على عقد صاحبه وإنه يستحق الشفعة عليه فمن أقام البينة منهما على دعواه حكم له
594

بها وسقطت دعوى الآخر ولو أقاما بينتين على السبق بأن شهدت بينة هذا بسبق عقده على عقد صاحبه وشهدت بينة صاحبه بسبق عقده على العقد الأول
أو شهدت إحديهما لأحدهما إنه اشترى يوم السبت وصاحبه اشترى يوم الأحد وشهدت الأخرى للآخر إنه اشترى يوم السبت والآخر يوم الأحد تعارضتا وينبغي أن
يحكم لأكثرهما عددا وعدالة فإن تساويا احتمل القرعة لأنه أمر مشكل وكل أمر مشكل ففيه القرعة والقسمة بينهما وللشافعي هنا قولان أحدهما تساقط البينتين كأنه لا بينة
لواحد منهما والثاني إنهما يستعملان وفي كيفيته أقوال أحدها القرعة فعلى هذا من خرجت قرعته أخذ نصيب الآخر بالشفعة والثاني القسمة ولا فايدة لها إلا مع تفاوت
الشركة فيكون التنصيف تعبدا والثالث الوقف وعلى هذا يوقف حق التملك إلى أن يظهر الحال ومن الشافعية من لا يجرى قول الوقف هنا لانتفاء معناه مع كون
الملك في يدهما ولو عينت كل واحدة من البينتين وقتا واحدا فلا تنافي بينهما لاحتمال وقوع العقدين معا ولا شفعة لواحد منهما لأنا تبينا وقوع العقدين دفعة
وللشافعية وجه أنهما يسقطان لان كل واحدة منهما لم يتعرض لمقصود مقيمها فكأنه لا بينة. البحث الرابع. في كيفية الاخذ بالشفعة. مسألة. يملك
الشفيع الاخذ بالعقد إما بالفعل بأن يأخذ الحصة ويدفع الثمن إلى المشترى أو يرضى بالصبر فيملكه وإما باللفظ كقوله (أخذته صح) أو تملكته أو اخترت الاخذ وما أشبه ذلك
عملا بالأصل من عدم اشتراط اللفظ وقال بعض الشافعية لابد من لفظ كتملكت وما تقدم وإلا فهو من باب المعاطاة وهو ممنوع لان المعاطاة تتوقف على رضاهما
ولا يتوقف الاخذ بالشفعة على رضا المشترى ولا يكفي أن يقول لي حق الشفعة وأنا مطالب بها عنده لان المطالبة رغبة في الملك فالملك لا يحصل بالرغبة المجردة
وقال بعضهم بقولنا ولا يملك الشفيع بمجرد اللفظ بل يعتبر مع ذلك أحد أمور إما أن يسلم العوض إلى المشترى فيملك به أن تسلمه وإلا خلى بينه وبينه أو رفع الامر
إلى الحاكم حتى يلزمه التسليم وأن يسلم المشترى الشقص ويرضى بكون الثمن في ذمته ولو كان المبيع دارا عليها صفايح من أحد النقدين والثمن من الآخر وجب التقابض فيما قابله
خاصة ولو رضي بكون الثمن في ذمته ولم يسلم الشقص حصل الملك عندنا وهو أحد وجهي الشافعية لأنه معارضة والملك في المعاوضات لا يتوقف على القبض
والثاني لهم لا يحصل الملك وقول المشترى ما لم يتصل به القبض في حكم الوعد وإما أن يحضر في مجلس القاضي ويثبت حقه في الشفعة ويختار التملك ويقضى القاضي
له بالشفعة وهو أصح وجهي الشافعية لان الشرع نزل الشفيع منزلة المشترى حتى كان العقد له إلا أنه مخير بين الاخذ والترك فإذا طلب وتأكد طلبه بالقضاء وجب أن يحكم
له بالملك والثاني له من لا يحصل الملك ويستمر ملك المشتري إلى أن يصل إليه عوضه أو يرضى بتأخيره وإما أن يشهد عدلان على الطلب واختيار الشفعة فإن لم يثبت
الملك بحكم القاضي فهنا أولي فإن أثبتناه فوجهان لهم لقوة قضاء القاضي وهذا كله غير معتبر عندنا. مسألة. لا يشترط في تملك الشفيع بالشفعة حكم الحاكم
ولا حضور الثمن أيضا ولا حضور المشترى ورضاه عند علمائنا وبه قال الشافعي لان حكم الشفعة تثبت بالنص والاجماع فيستغنى عن حكم الحاكم كمدة الايلاء و
الرد بالعيب ولأنه تملك بعوض فلا يفتقر إلى إحضار العوض كالبيع ولا إحضار المشترى ورضاه به كالرد بالعيب وقال أبو حنيفة يعتبر حضور المشترى أو حكم الحاكم ولا
يحكم الحاكم إلا إذا أحضر الثمن وعن الصعلوكي أن حضور المأخوذ منه أو وكيله شرط وهو ممنوع وإذا ملك
الشفيع بغير تسليم الثمن بل إما بتسليم المشترى الشقص ويرضى
يكون الثمن في ذمته أو بحضوره في مجلس القاضي وإثبات حقه في الشفعة ويختار الملك فيقضى له القاضي لم يكن له أن يستلم الشقص حتى يؤدى الثمن إلى المشترى و
إن تسلم المشترى قبل أداء الثمن ولا يلزمه أن يؤخر حقه بأن اخر البايع حقه. مسألة. يجب على الشفيع دفع الثمن معجلا فإن تعذر تعجيله أو ادعى غيبته أحل ثلاثة
أيام لاحضاره لان تحصيله في الحال يتعذر في غالب العادات فلو شرط إحضاره في الحال أدي إلى إسقاط الشفعة وذلك إضرار بالشفيع فإن أحضر الثمن في مدة الثلاثة
فهو أحق وإلا بطلت شفعته بعدها ولو ذكر ان الثمن في بلد آخر أجل بقدر وصوله من ذلك البلد وثلاثة أيام بعده ما لم يتضرر المشترى ولو هرب الشفيع بعد الاخذ
كان للحاكم فسخ الاخذ ورده إلى المشترى وإن لم يكن له ذلك في البيع لو هرب المشترى أو أخر الدفع لان البيع حصل باختيارهما فلهذا لم يكن للحاكم فسخه عليهما وهنا أخذه
الشفيع بغير اختيار المشترى لإزالة الضرر عن نفسه فإذا اشتمل على إضرار بالمشترى منعه الحاكم ورده ولو هرب قبل الاخذ فلا شفعة له وكذا العاجز عن الثمن
وقال بعض الشافعية إذا قصر في الأداء بطل حقه من الشفعة وإن لم يؤخذ رفع إلى الحاكم والمعتمد الأول لما قلناه ولما روى علي بن مهزيار إنه سأل الجواد (ع) عن رجل طلب
شفعة أرض فذهب على أن يحضر المال فلم ينض فكيف يصنع صاحب الأرض إن أراد بيعها أبيعها أو ينتظر مجئ شريكه صاحب الشفعة قال إن كان معه بالمصر فينتظر به ثلاثة
أيام فإن أتاه بالمال وإلا فليبع من يطلب شفعته في الأرض وإن طلب الاخذ إلى أن يحمل المال من بلد آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة وينصرف و.
زيادة ثلاثة أيام إذا قدم فإن وافاه وإلا فلا شفعة له وفسخ منه. مسألة. ولا يثبت في الشفعة خيار المجلس عند علمائنا للأصل الدال على عدمه ولدلالة قوله (ع) البيعان
بالخيار ما لم يفترقا على اختصاص الخيار بالبيع لأنه وصف علق عليه حكم فينتفى بانتفائه ولان الخيار لا يثبت للمشترى لأنه يؤخذ الملك منه قهرا ولا للآخذ لان له العفو والاسقاط
نعم لو أخذ وثبت الملك له لم يكن له الخيار في الفسخ للأصل وللشافعي قولان أظهرهما ثبوت الخيار وقد تقدم بأن يترك بعد ما أخذ أو يأخذ بعد ما ترك ما دام في المجلس
لان ذلك معاوضة فكان في اخذها وتركها خيار المجلس كالبيع وله قول آخر إنه يسقط لان الشفعة حق له ثبت فإذا أخره أو تركه سقط كغيره من الحقوق فعلى قوله بالخيار
يمتد إلى مفارقة المجلس وهل ينقطع بأن يفارقه المشترى وجهان المنع لأنه لاحظ له في الخيار فلا اعتبار بمفارقته والانقطاع لحصول التفريق. مسألة. يجوز
للمشترى التصرف في الشقص قبل أن يأخذ الشفيع وقبل علمه بالبيع فإذا تصرف صح تصرفه لان ملكه بالعقد إجماعا وفايدة الملك استباحة وجوه الانتفاعات وصح قبض
المشترى له ولم يبق إلا أن الشفيع ملك عليه أن يملك وذلك لا يمنع تصرفه كما لو كان الثمن معيبا فتصرف المشترى في المبيع وكذا الموهوب له إذا كان الواهب ممن له الرجوع
فيها فإن تصرفه يصح وإن ملك الواهب فيها إذا ثبت هذا فإن تصرفه إن كان مما يجب به الشفعة كالبيع خاصة (عندنا صح) وكل معاوضة عند الشافعي كجعله عوض الصداق أو الخلع
أو غير ذلك من المعاوضات تخير الشفيع إن شاء فسخ تصرفه وأخذ بالثمن الأول لان حقه أسبق وسببه متقدم فإن الشفعة وجبت له قبل تصرف المشترى وإن شاء
أمضى تصرفه وأخذ بالشفعة من المشترى الثاني لان هذا التصرف يثبت للشفعة فلو باعه المشترى بعشرة بعشرين فباعه الآخر بثلاثين فإن أخذه من الأول دفع عشرة
ورجع الثالث على الثاني بثلاثين والثاني على الأول بعشرين لان الشقص يؤخذ من الثالث وقد انفسخ عقده وكذا الثاني ولو أخذ من الثاني صح ودفع عشرين وبطل
الثالث فيرجع بثلاثين ولو أخذ من الثالث صحت العقود ودفع ثلاثين وإن كان تصرفه لا يثبت به الشفعة كالهبة والوقف وجعله مسجدا فإن للشفيع إبطال ذلك
التصرف ويأخذ بالثمن الأول ويكون الثمن للمشترى وبه قال الشافعي وقال مالك إنه يكون الثمن للموهوب له وهو غلط لان الشفيع أبطل الهبة وأخذ الشقص بحكم العقد
الأول ولو لم يكن وهب كان الثمن له كذا بعد الهبة المفسوخة وكذا للشفيع فسخ الوقف وكونه مسجدا أو غير ذلك من أنواع التصرفات وبه قال أكثر الشافعية وقال
595

بعضهم إن الوقف يبطل الشفعة لان الشفعة إنما تثبت في المملوك وقد خرج من أن يكون مملوكا وهو غلط لان ذلك الاستحقاق سابق والوقف متأخر فلا يبطل السابق
ولا يمنع أن يبطل الوقف لأجل حق الغير كما لو وقف المريض أملاكه أو أعتق عبيده وعليه دين مستوعب فإن العتق والوقف صحيحان وإذا مات فسخا لحق الغرماء كذا هنا. مسألة
إذا ملك الشفيع امتنع تصرف المشترى ولو طلب الشفيع ولم يثبت الملك بعد لم يمنع الشريك من التصرف لبقائه في ملكه ويحتمل قويا المنع لتعلق حق الشفيع به وتأكده
بالطلب وكلاهما للشافعية أيضا ولو تصرف الشفيع قبل القبض بعد أن سلم الثمن إلى المشترى نفذ وللشافعية وجهان أظهرهما المنع كتصرف المشترى قبل القبض
وهو باطل لاختصاص ذلك بالبيع والشفعة ليست بيعا ولأنه ملك قهري كالإرث فصح تصرفه فيه كالوارث قبل القبض ولو ملك بالاشهاد أو بقضاء القاضي نفذ تصرفه
وقالت الشافعية لا ينفذ وكذا لو ملك برضا المشترى يكون الثمن عنده. مسألة. لا يشترط علم الشفيع بالثمن ولا بالشقص في طلب الشفعة بل في الاخذ فلا
يملك الشقص الذي لم يره بالأخذ ولا بالطلب لأنه غرر والنبي صلى الله عليه وآله نهى عنه بل يشترط علم الشفيع في التملك بالثمن والمثمن معا فلو جهل أحدهما لم يصح الاخذ وله المطالبة
بالشفعة ولو قال أخذته بمهما كان لم يصح مع جهالته بالقدر وقالت الشافعية في تملك الشفيع الشقص الذي لم يره طريقان أظهرهما انه على قول بيع الغائب إن منعناه
لم يتملكه قبل الرؤية وليس للمشترى منعه من الرؤية وإن صححناه فله التملك منهم من جعل خيار الرؤية على الخلاف في خيار المجلس ومنهم من قطع به وقال المانع هناك على رأى
بعد اختصاص ذلك الخيار بأحد الجانبين والثاني المنع سواء صححنا بيع الغايب أو أبطلناه لان البيع جرى بالتراضي فأثبتنا الخيار فيه وهنا الشفيع يأخذ من غير رضا المشترى
فلا يمكن إثبات الخيار فيه نعم لو رضي المشترى بأن يأخذه الشفيع ويكون بالخيار فعلى قولي بيع الغائب فإذا جوزنا له التملك وأثبتنا الخيار فللمشتري أن يمنع من قبض الثمن
وإقباض البايع حتى يراه ليكون على ثقة فيه وإذا بلغه البيع فقال قد اخترت أخذ الشقص بالثمن الذي تم عليه العقد وعلم قدره ونظر إلى الشقص أو وصف له وصفا يرفع
الجهالة صح الاخذ وإن لم يجز المشترى ولا حضر فقال أبو حنيفة لا يأخذ بالشفعة حتى يحضر الثمن ولا يقضى له القاضي بها حتى يحضر الثمن وقال محمد إن القاضي
يؤجله يومين أو ثلاثة ولا يأخذه بحكم الحاكم أو رضا المشترى لان الشفيع يأخذ الشقص بغير اختيار المشترى فلا يستحق ذلك إلا بعد إحضار الثمن ولهذا كان المشترى
لما كان يستحق المبيع بغير اختيار لم يكن له إلا بعد احضار الثمن وقد بينا إن الشفيع يأخذ بالعوض فلا يشترط حضوره كالبيع والتسليم في الشفعة كالتسليم
في البيع فإن الشفيع لا يتسلم الشقص إلا بعد إحضار الثمن وكون التملك بغير اختياره يدل على قوته فلا يمنع من اعتباره في الصحة بالبيع وإذا كان الثمن مجهولا عند
الشفيع لم يصح الاخذ لان مثل هذا لا يجوز (لأنه تملك بعوض فلا يصح مع جهالة العوض كالبيع فلو قال أخذته بالثمن إن كان مائة فما دونها لم يصح الاخذ صح) أن يكون ثمنا في البيع كذا الشفعة ولو لم يشاهد الشقص ولا وصف له بما يرتفع معه الجهالة لم يكن له أخذه وبه قال بعض الشافعية
سواء قالوا بجواز بيع خيار الرؤية أو لا لان مع القول بالجواز أثبتوا فيه خيار الرؤية برضا البايع لأنه دخل على ذلك وفي مسئلتنا يأخذه الشفيع بغير رضا المشترى
فلا يثبت الخيار وقال ابن شريح إلا أن يرضى المشترى بخيار الرؤية فيجوز ذلك على القول الذي يجز البيع بها وقال بعض الشافعية من قال من أصحابنا إنه يثبت في الشفعة
خيار المجلس يجيز أيضا خيار الرؤية فيها على أحد القولين إذا عرفت هذا فإذا أخذ الشقص بالشفعة وجب عليه الثمن ولا يجب على المشترى تسليم الشقص حتى يقبض الثمن
مسألة. إذا كان الشقص في يد البايع فقال الشفيع لا أقبضه إلا من المشترى لم يكن له ذلك ولم يكلف المشترى أخذه من البايع بل يأخذه الشفيع من يد البايع
لان هذا الشقص حق الشفيع فحيث ما وجده أخذه ولان يد الشفيع كيد المشترى لأنه استحق قبض ذلك من جهته كما لو وكل وكيلا في القبض ألا ترى إنه لو قال
أعتق عبدك عن ظهاري فاعتقه صح وكان الامر كالقابض له وهو أحد وجهي الشافعية والثاني إن للشفيع ذلك لان الشفيع بمنزلة المشترى من المشترى فيلزمه
أن يسلمه بعد قبضه وعلى الحاكم تكليف المشترى أن يتسلم ويسلم أو يوكل في ذلك فإن كان المشترى غائبا نصب الحاكم من يقبضه من البايع عن المشترى ويسلمه إلى شفيع
وإذا أخذه الشفيع من المشترى أو من البايع فإن عهدته على المشترى خاصة ولو أفلس الشفيع وكان المشترى وقد سلم الشقص إليه راضيا بذمته جاز له الاسترداد وكان
أحق بعينه من غيره. مسألة. إنما يأخذ الشفيع بالثمن الذي وقع عليه العقد لما روى العامة عن جابر إن النبي قال فهو أحق به بالثمن ومن طريق الخاصة قول الصادق (ع)
فهو أحق بها من غيره بالثمن ولان الشفيع إنما يستحق بسبب الشفيع فكان مستحقا له بالثمن كالمشتري لا يقال؟ الشفيع استحقه بغير اختياره مالكه لحاجته إليه فكان يجب أن يستحقه بالقيمة (الشفعة صح)
كالمضطر إلى طعام الغير لأنا نقول المضطر إنما استحقه بسبب الحاجة خاصة فكان المرجع في بدله إلى القيمة والشفيع يستحقه لأجل البيع فإنه لو كان انتقاله في الهبة أو الميراث
لم يستحق فيه الشفعة وإذا اختص ذلك بالبيع وجب أن يكون بالعوض الثابت بالبيع إذا ثبت هذا فإن بيع بمثلي كالنقدين والحبوب أخذه بمثله ثم إن قدر بمعيار الشرع أخذه
به وإن قدره بغيره كما لو باع بمائة رطل من الحنطة أخذه بمثله وزنا تحقيقا للمماثلة وللشافعي قولان هذا أحدهما والثاني إنه يأخذ بالكيل ولو تعذر المثل وقت الاخذ
لانقطاعه أو لغيره عدل إلى القيمة كما في الغصب. تذنيب لا يجب على الشفيع رفع ما غرمه المشترى من دلالة وأجرة وزان ونقاد وكيل وغير ذلك من المؤن
مسألة. ولو لم يكن الثمن مثليا بل مقوما كالعبد والثوب وشبههما أخذه الشفيع بقيمة السلعة التي جعلت ثمنا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك لأنه أحد نوعي الثمن
فجاز أن تثبت الشفعة بالمشترى به كالذي له مثل وقال الشيخ (ع) تبطل الشفعة وبه قال الحسن البصري وسوار القاضي لما رواه علي بن رباب؟ عن الصادق (ع) في رجل اشترى
دارا برقيق ومتاع وبز وجوهر قال ليس لأحد منها شفعة ولان الشفعة إنما تجب بمثل الذي ابتاعه به وهذا لا مثل له فلم يجب والرواية ضعيفة السند لان في طريقها
الحسن بن محمد بن سماعة وليس منا والمثل قد يكون من طريق الصورة وقد يكون من طريق القيمة كما في بدل الاتلاف والغصب ويعتبر القيمة يوم البيع لأنه يوم إثبات
العوض واستحقاق الشفعة فلا اعتبار بالزيادة بعد ذلك ولا النقصان وبه قال الشافعي وقال ابن شريح يعتبر قيمته يوم استقرار العقد بانقطاع الخيار وقال مالك الاعتبار
بقيمته يوم المحاكمة وليس بجيد لما تقدم من أن وقت الاستحقاق وقت العقد للمشترى ولان الثمن صار ملكا للبايع فلا يعتبر زيادته في حق المشترى ولو اختلفا في
القيمة في ذلك الوقت قدم قول المشترى مع اليمين. مسألة. لو جعل الشقص رأس مال سلم أخذ الشفيع بمثل المسلم فيه إن كان مثليا وبقيمته إن كان متقوما ولو
صالح من دين على شقص لم يكن له شفعة وعند الشافعي يأخذه بمثل ذلك الدين إن كان مثليا وبقيمته إن كان متقوما ولا فرق بين أن يكون دين إتلاف أو دين معاملة
ولو أمهرها شقصا فلا شفعة عندنا وعند الشافعي يأخذ بمهر مثل المرأة لان البضع متقوم وقيمته مهر المثل وكذا إذا خالعها على شقص والاعتبار بمهر مثلها يوم
النكاح أو يوم جريان البينونة وخرج؟ بعض الشافعية وجها إنه يأخذ بقيمة الشقص والأصل فيه إن المرأة إذا وجدت بالصداق عيبا وردته ترجع بقيمته على أحد القولين
فإذا كان المستحق عند الرد بالعيب بدل المسمى كذا عند الاخذ بالشفعة وبه قال مالك ولو منع المطلقة بشقص فلا شفعة عندنا وقال الشافعي يأخذه الشفيع بمثل النجوم
أو بقيمتها لان النجوم هي التي قابلته ولو جعل الشقص اجرة دار فلا شفعة عندنا وقال الشافعي يؤخذ بقيمة المنفعة وهي أجرة مثل الدار ولو صالح على الشقص عن دم
596

فلا شفعة عندنا وقال الشافعي يأخذه الشفيع بقيمة الدم وهي الدية ويعود فيه مذهب مالك ولو استقرض شقصا فلا شفعة عندنا وقال الشافعي يأخذه الشفيع بقيمته وإن
قلنا إن المستقرض يرد المثل لان القرض مبنى على الارفاق والشفعة تلحقه بالاتلافات. مسألة. لو كان الثمن مؤجلا مثلا اشترى الشقص بمائه مؤجلة إلى سنة
فللشيخ (ره) قولان أحدهما وهو الأقوى عندي وبه قال مالك واحمد والشافعي في القديم إن للشفيع الاخذ كذلك بعد إقامة كفيل إذا لم يكن مليا وليس له الصبر والاخذ عند
الاجل لنا إن الاخذ إنما يكون بالثمن ويجب أن يكون على الشفيع مثل الثمن قدرا ووصفا والتأجيل وصف في الثمن ولان الشفعة على الفور وتأخير الطلب إلى الاجل
مناف للفورية وأخذها بالثمن المعجل إضرار بالشفيع بغير وجه فلم يبق إلا ما قلنا توصلا إلى الجمع بين الحقوق كلها وقال الشيخ أيضا يتخير الشفيع بين أن يأخذه ويعجل
الثمن وبين أن يصير إلى أن يحل الاجل ثم يأخذه بالثمن وبه قال أبو حنيفة والشافعي في الجديد لان ذلك أن يؤدى إلى أن يلزم المشترى قبول ذمة الشفيع والذمم لا تتماثل
ولهذا إذا مات من عليه الدين المؤجل حل الاجل ولم ينتقل إلى ذمة الورثة وملاءة الاشخاص لا توجب تماثل الذمم فإنها تختلف في كون بعضها أوفي وبعضها أسهل
في المعاملة ولان في ذلك تعزير بالمشترى لجواز أن يذهب مال الشفيع قبل حلول الأجل فيلزمه غرمه ولا يجوز أن يلزمه ذلك ولم يحصل له حظ بهذا البيع وهو ممنوع لأنا
نلزم الشفيع بكفيل ملى يرتضيه المشتري فاندفع المحذور وللشافعي قول ثالث إن الشفيع يأخذه بسلعة قيمتها الثمن إلى سنة لأنه لم يأخذ السلعة بثمن مؤجل على ما تقدم
وإن أخذها بثمن حال في الحال أو بعد انقضاء الأجل فقد كلفناه أكثر من الثمن لان ما يباع بمائة إلى سنة لا يساويها حالا ولئلا يتأخر الاخذ ولا يتضرر الشفيع وعلى ما
أخرناه فإنما يأخذه بثمن موجل إذا كان مليا موثوقا به وإذا اعطى كفيلا مليا وإلا لم يأخذه لأنه إضرار بالمشترى وهو أحد قولي الشافعي على تقدير قوله بما قلناه والثاني
له إن له الاخذ على الاطلاق ولا ينظر إلى صفته ولو أخذه ثم مات حل عليه الاجل وعلى قول أبي حنيفة والشيخ والشافعي في الجديد لا يبطل حق الشفيع بالتأخير لأنه تأخير بعذر ولكن
هل يجب تنبيه المشترى على الطلب فيه وجهان أحدهما لا إذ لا فايدة فيه والثاني نعم لأنه ميسور وإن كان الاخذ معسورا ولو مات المشترى وحل عليه الثمن لم يعجل الاخذ
على الشفيع بل هو على خيرته إن شاء أخذ في الحال وإن شاء صبر إلى مجئ ذلك المحل ولو مات الشفيع فالخيرة التي كانت له تثبت لورثته ولو باع المشترى الشقص قبل أن يحل
الاجل صح البيع لان الثمن لو كان حالا فباع المشترى قبل بيعه فإذا كان مؤجلا وتأخر الاخذ كان جواز البيع أولي ويتخير الشفيع بين أن يجيز البيع الثاني ويأخذه بالثمن الثاني وبين أن
يفسخه إما في الحال أو عند حلول الأجل ويأخذه بالثمن الأول لان ذلك كان له ولا يسقط بتصرف المشترى هذا إذا قلنا إن للشفيع نقص تصرف المشترى وهو الظاهر عندهم
وفيه خلاف وإن قلنا بالثالث فيتعين العرض إلى الشفيع وتعديل القيمة من يعرفها ولو لم يتفق طلب الشفعة حتى حل الاجل وجب ان لا يطالب على هذا القول إلا بالسلعة المعدلة
لأن الاعتبار في قيمة عوض المبيع بحال البيع ألا ترى إنه إذا باع بمتقوم يعتبر قيمته يوم البيع وعلى القولين الآخرين لو أخر الشفعة بطل حقه. مسألة. لو ضم شقصا مشفوعا
إلى ما لا شفعة فيه في البيع مثل أن يبيع نصف دار وثوبا أو عبدا أو غيرهما صفقة واحدة بسط الثمن عليهما باعتبار القيمتين وأخذ الشفيع الشقص بحصة من الثمن عند
علمائنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي واحمد ولا شفعة في المضموم لان المضموم لا شفعة فيه ولا هو تابع لما فيه الشفعة فلا تثبت فيه الشفعة كما لو أفرده وقال مالك
تثبت الشفعة فيهما معا ويروى عنه أيضا أنه إن كان من مصالح الضيعة وتوابعها كالشيران وآلات الحرث والعبد العامل في البستان أخذه الشفيع مع الشقص وإن كان غير ذلك
لم يأخذه لأنه لو أخذ الشقص وحده تبعضت الصفقة على المشترى وفي ذلك ضرر ولا يزال الضرر عن الشفيع بإلحاق ضرر المشترى وهو غلط لأنه أدخله على نفسه بجمعه في
العقد بين ما ثبت فيه الشفعة وما لا تثبت ثم انظر إلى قيمتها يوم البيع فإنه وقت المقابلة قال الجويني إذا قلنا إن الملك ينتقل بانقطاع الخيار فيجوز ان يعتبر وقت انقطاع
الخيار لان انتقال الملك الذي هو سبب الشفعة حينئذ يحصل وهذا يتأتى على قول الشيخ أيضا وإذا أخذ الشفيع الشقص لم يثبت للمشترى الخيار وإن تفرقت الصفقة عليه لدخوله
فيها عالما بالحال. مسألة. إذا اشترى شقصا من دار فاستهدمت إما بفعل المشترى أو بغير فعله فلها أحوال - آ - إن تتعيب من غير تلف شئ منها ولا انفصال
بعضها عن بعض بأن يتشقق جدارا وتميل أسطوانة أو ينكسر جذع أو يضطرب سقف فالشفيع بالخيار بين الاخذ بكل الثمن وبين الترك ويكون تعيبه في يد المشترى كتعيب
المبيع في يد البايع فإنه يتخير المشترى بين الفسخ وبين الاخذ بجميع الثمن عند بعض علمائنا وبه قال الشافعي وعند بعضهم يسقط الأرش فينبغي هنا أن يكون كذلك - ب -
أن يتلف بعضها فينظر إلى تلف شئ من العرصة بأن غشيها السيل فغرقها أخذ الباقي بحصته من الثمن وإن بقيت العرصة بتمامها وتلفت السقوف والجدران باحتراق
وغيره فإن قلنا إن الأبنية كأحد العبدين المسميين أخذ العرصة بحصتها من الثمن وهو الأصح وبه قال الشافعي ومالك واحمد وإن قلنا كاطراف العبد وصفاته أخذها بكل الثمن
على رأى وبه قال الشافعي وبما بعد الأرش على رأى وفرق بعضهم أن يكون التلف بآفة سماوية فيأخذها بجميع الثمن أو بإتلاف متلف فيأخذها بالحصة لان المشترى
يحصل له بدل التالف فلا يتضرر وبه قال أبو حنيفة - ج - أن لا يتلف شئ منها ولكن بعضها ينفصل عن بعض بالانهدام وسقوط الجدران فإن الشفيع يأخذ الشقص مع الابعاض
وهو أحد قولي الشافعي لأنها دخلت في البيع وكانت متصلة به حالة البيع مما يدخل في الشفعة فكذا بعد النقص وكونه منقولا عرض بعد البيع وبعد تعلق حق الشفيع به و
الاعتبار بحال جريان العقد ولهذا لو اشترى دارا فانهدمت يكون النقص والعرصة للمشترى وإن كان النقص لا يندرج في البيع لو وقع بعد الانهدام والثاني للشافعي
لا يأخذ الشفيع النقص لأنه منقول كما لو كان في الابتداء كذلك وادخل النقص في البيع لا يؤخذ بالشفعة فإن قلنا بالأول أخذه مع العرصة بجميع الثمن أو بما بعد الأرش
على ما تقدم أو يعرض عن الكل وإن قلنا إنه لا يأخذه كما هو اختيار الشافعي في القول الثاني فيبنى على أن السقوف والجدران كأحد العبدين أو كطرف العبدان قلنا بالأول
أخذ العرصة وما بقى من البناء بحصتها من الثمن وإن قلنا بالثاني فوجهان أحدهما إنه يأخذ بالصحة لان الانقاض كانت من الدار المشتراة فيبعد أن يبقى للمشترى مجانا و
يأخذ الشفيع ما سواه بتمام الثمن والثاني وهو قياس الأصل المبنى عليه أن يأخذ بتمام كما في الحالة الأولى وعلى هذا فالانقاص يشبه بالثمار والزوايد التي يفوز بها مشترى
قبل قبض الشفيع ومنهم من يطلق قولين تفريعا على إن النقص غير مأخوذ من غير البناء على إن النقض كأحد العبدين أو كأطراف العبد ووجه الاخذ بالكل إنه نقص حصل
عند المشترى فأشبه تشقق الحايط والاخذ بالحصة إن ما لا يؤخذ من المبيع بالشفعة يسقط حصته من الثمن كما إذا اشترى شقصا وسيفا واعلم أن المزني نقل عن الشافعي (إن الشفيع صح)
مخير بين أن يأخذها بجميع الثمن أو يرد وقال في القديم ومواضع من الجديد إنه يأخذه بالحصة وقد ذكر بعض الشافعية فيه خمس طرق - آ - منهم من قال إن ما انهدم من الدار
لا يدخل في الاخذ بالشفعة وإنما يأخذ العرصة وما فيها من البناء لان ذلك منفصل عنها كما لو باع دارا لم يدخل فيها ما كان منفصلا عنها وهل يأخذ العرصة و
البناء الذي فيها بجميع الثمن أو بالحصة قولان - ب - ما ذكره في الطريقة الأولى إلا في أنه يأخذ ذلك بحصته من الثمن قولا واحدا - ج - إن ما انفصل من الدار
يستحقه الشفيع مع الدار لان استحقاقه للشفعة إنما كان حال عقد البيع وفي ذلك الحال كان متصلا - د - المسألة على اختلاف حالين فالموضع الذي قال يأخذها
597

بالحصة إذا ذهب بعض العرصة بغرق أو غير ذلك والموضع الذي قال يأخذها بجميع الثمن إذا كانت العرصة باقية وإنما ذهب البناء - ه‍ - إن الموضع الذي قال يأخذ بالحصة
إذا تلف بعض الأعيان بفعله أو فعل آدمي والموضع الذي قال يأخذه بجميع الثمن إذا حصل ذلك بأمر سماوي وهذه الطريقة الأخيرة قال أبو حنيفة أقول ما فعله المشترى
مضمون وإذا كان حصل بغير فعله لم يضمنه كما لو قلع عين المبيع كان تضمينها عليه ولو سقط لم يسقط شئ من الثمن هذا كله إذا كان التعيب لا بفعل المشترى أو بفعله
قبل الطلب أما إذا كان بفعل المشترى بعد الطلب فهل يضمن المشترى قولان لعلمائنا الأقرب الضمان ولو تلف بعض المبيع أخذه بحصته من الثمن مسألة. إذا بنى المشترى
أو غرس قبل القسمة كان للشريك قلعه لا من حيث الشفعة بل من حيث إن أحد الشريكين إذا بنى أو غرس في الأرض المشتركة كان للشريك الاخر قلعه وتخريب البناء مجانا وله الاخذ بالشفعة
بعد القلع وقبله وإن كان المشترى قد قسم إما لغيبة الشريك أو لصغره بإذن الحاكم ولكذبه في الاخبار بالثمن
فعفى أو في الاتهاب فظهر البيع أو قاسمه وكيله وأخفى عنه وجه
الحظ في الاخذ بالشفعة ثم يجئ الموكل فيظهر له الوجه ثم بنى أو غرس أو زرع بعد القسمة والتمييز ثم علم الشفيع فللمشتري قلع غرسه وبنائه لأنه ملكه فإذا قلع لم يكن
عليه تسوية الحفر لأنه غرس وبنى في ملكه وما حدث من النقص فإنما حدث في ملكه وذلك مما لا يقابله الثمن وإنما يقابل الثمن سهام الأرض من نصف وثلث وربع ولا يقابل
التراب فيكون الشفيع بالخيار بين أن يأخذ الأرض بجميع الثمن أو يترك وإن لم يقلع المشترى الغراس تخير الشفيع بين ثلاثة أشياء ترك الشفعة وأخذها ودفع قيمة البناء
والغراس إن رضي الغارس والباني ويصير الملك له وأن يجبر المشترى على القلع ويضمن له ما نقص له بالقلع وقيل رابع أن يبقيه في الأرض بأجرة فأما إذا طالبه بقلع
ذلك من غير أن يضمن له النقص لم يلزمه قلعه قال الشيخ (ره) (والشافعي صح) ومالك واحمد وإسحاق والنخعي لأنه بنى في ملكه الذي يملك نفعه فلم يجبر على قلعه مع الاضرار به كما لو كان لا
شفعة فيه وقال أبو حنيفة والثوري يجبر على قلعه لأنه بنى في حق غيره بغير إذنه فكان عليه قلعه كما لو بنى فيها وبانت مستحقة فرقوا الأوايل بأنه غرس في ملك غيره وقول
أبو حنيفة عندي لا بأس به والبناء وإن كان في ملكه لكنه ملك غير مستقر فلا يؤثر في منع القلع والقياس على عدم الشفعة باطل لا يقال القسمة تقطع الشركة وترد العلقة
بينهما إلى الجواز وحينئذ وجب أن لا يبقى الشفعة لاندفاع الضرر الذي كنا ثبت الشفعة لدفعه كما لا تثبت ابتداء للجار لأنا نقول الجوار وإن لم يكن يكتفى به في الابتداء
إلا أنه اكتفى به في الدوام عند حصول الشركة في الابتداء ولم يخرج على الخلاف في بطلان الشفعة فيما إذا باع نصيبه جاهلا بالشفعة لان الجوار على حال ضرر إيصال قد ينادى
إلى التأذي بضيق المرافق وسوء الجوار ولذلك اختلف العلماء في ثبوت الشفعة به إذا عرفت هذا فلا فرق بين تصرف المشترى والمستعير إذا بنى في أرض المعير أو غرس
ولو كان قد زرع ترك زرعه إلى أن يدرك ويحصد وهل للشفيع أن يطالبه بأجرة بقاء الزرع الأقوى العدم بخلاف المستعير فإنه زرع أرض الغير وقد رجع في العارية فكان
عليه الأجرة أما المشترى فإنه زرع ملك نفسه واستوفى منفعته بالزارعة وهو أحد وجهي الشافعية وفي الثاني له المطالبة كما أن المعير يبقى بالأجرة وقد بينا الفرق و
كذا لو باع أرضا مزروعة لا يطالبه المشترى بالأجرة لمدة بقاء الزرع وللشافعية في الصور الثلاث صورة بيع الأرض المزروعة وصورة العارية وصورة الشفعة
وجهان في وجوب الأجرة لكن الظاهر عندهم في صورة العارية وجوب الأجرة وفي الصورتين الأخيرتين المنع للمنع (للمعنى خ ل) الجامع لهما وهو إنه استوفى منفعة ملكه وأما إذا زرع
بعد المقاسمة فإن الشفيع يأخذ بالشفعة ويبقى زرع المشترى إلى أوان الحصاد لان ضرره لا يبقى والأجرة عليه لأنه زرعه في ملكه. تذنيب إذا زرع لزم الشفيع
إبقاء الزرع وحينئذ يجوز له تأخير الشفعة إلى الادراك والحصاد لأنه لا ينتفع به قبل ذلك ويخرج الثمن من يده فله في التأخير غرض صحيح وهو الانتفاع بالثمن إلى ذلك الوقت
قاله بعض الشافعية وقال بعضهم ويحتمل أن لا يجوز التأخير وإن تأخرت المنفعة كما لو بيعت الأرض في وسط الشتاء لا يؤخر الشفعة إلى أوان الانتفاع ولعل بينهما
فرقا ولو كان في الشقص أشجار عليها ثمار ولا يستحق بالشفعة ففي جواز التأخير إلى وقت القطاف وجهان للشافعية وعندي إنه يجب الاخذ معجلا. مسألة
لو تصرف المشترى بوقف أو هبة وغيرهما صح لأنه واقع في ملكه وثبوت حق التملك للشفيع لا يمنع المشترى من التصرف كما إن حق التملك للواهب فالرجوع لا يمنع تصرف
المتهب وكما إن حق التملك للزوج بالطلاق لا يمنع تصرف الزوجة وعن ابن شريح من الشافعية إن تصرفاته باطلة لان للشفيع حقا لا سبيل إلى إبطاله فأشبه حق
المرتهن وإذا (قلنا صح) بالصحة على ما اخترناه نحن وهو الظاهر من قول الشافعية إنه ينظر إن كان التصرف مما لا يثبت به الشفعة فللشفيع نقضه وأخذ الشقص بالشفعة و
إلا تخير بين الاخذ بالأول وفسخ الثاني وبين إمضائه والاخذ بالثاني وعن المروزي انه ليس تصرف المشترى بأقل من بنائه فكما لا ينقض المشترى بنائه لا ينبغي أن ينقض تصرفه
واختلفت الشافعية في موضع هذا الوجه فمنهم من خصصه بما يثبت فيه الشفعة من التصرف وأما ما لا يثبت فله نقضه لتعذر الاخذ به ومنهم من عمم وقال تصرف
المشترى يبطل حق الشفيع كما يبطل تصرف المشترى المفلس حق الفسخ للبايع وتصرف المرأة حق الرجوع إلى العين إذا طلق قبل الدخول وتصرف المتهب رجوع الواهب نعم لو كان
التصرف بيعا تجدد وحق الشفعة بذلك وعن أبي إسحاق من الشافعية إنها لا يتجدد أيضا لان تصرف المشترى إذا كان مبطلا للشفعة لا يكون مثبتا لها كما إذا أحرم بالصلاة
ثم شك يجدد نية وتكبيرا لا ينعقد بها الصلاة لأنه يحصل بها الحل فلا يحصل العقد ووجه ظاهر المذهب إن للشفيع نقض تصرف المشترى لان حقه ثابت بأصل العقد فلا
يتمكن المشترى من إبطاله ولا يشبه تصرف المفلس وتصرف المرأة في الصداق فإن حق البايع والزوج لا يبطل بالكلية بل ينتقل إلى الثمن والقيمة والواهب رضي بسقوط حقه
حيث سلمه إليه وسلطه عليه وهنا لم يبطل حق الشفيع بالكلية ولم يوجد منه رضي ولا تسليم قال بعض الشافعية يجوز أن يبنى الوجهان على القولين فيما إذا أعتقت الأمة
تحت عبد وطلقها قبل أن يختار الفسخ هل ينفذ الطلاق ووجه الشبهة إن الطلاق يبطل حقها في الفسخ ولم يسلطه عليه كما ذكرنا في الشفيع وحكى عن بعضهم إنه لا ينقض الشفعة
تصرف الوقف وينقض ما عداه. مسألة. النخل يتبع الأرض في الشفعة وبه قال الشافعي فان طالب بالشفعة وقد زادت النخل بطول وسعف رجع في ذلك لأن هذه
زيادة غير متميزة فتبعت الأرض في الرجوع كسمن الجارية اعترض بعض الشافعية بأنه كيف جعلتم النخل تبعا للأرض في الشفعة وقد قلتم إن الأرش تتبع النخل في المساقاة
فتجوز المزارعة على ما بين النخل من البياض تبعا للنخيل وأجيب بأنه يجوز أن تكون الأرض تبعا في حكم يختص بالنخل والنخل تبعا لها في حكم آخر يختص بالأرض وإنما لا يجوز أن
يكون الشئ تابعا ومتبوعا في أمر واحد وقد عرفت الكلب مقيس على الخنزير في النجاسة والخنزير مقيس عليه في الغسل من ولوغه عندهم ولو طلق الزوج قبل الدخول وكان
الصداق نخلا وقد طالت لا يرجع في النصف لان الزوج يمكنه الرجوع في القيمة إذا تعذر الرجوع في العين والقيمة تنوب منابها وفي الشفعة إذا لم يرجع في ذلك سقط حقه
من الشفعة فلهذا لم يسقط من الأصل لأجل ما حدث من البايع إذا عرفت هذا فإن كان في هذه النخل طلع حدث نظر فإن كان قد أبر وتشقق كان للمشترى لأنه بمنزلة النماء المنفصل
من ملكه وإن كان لم يؤبر فهل يتبع في الشفعة أما عندنا فلا لاختصاص الشفعة بالبيع خاصة وأما عند الشافعي فقولان كالمفلس إذا ابتاع نخلا وحدث فيها طلع لم يؤبر
وأراد البايع الرجوع في النخل ويفارق ذلك البيع لأنه أزال ملكه باختياره وكان الطلع تابعا إذا لم يكن ظاهرا ويكون في الرد بالعيب كالشفعة وكذلك إن كان انتقال
598

الملك بغير عوض كالهبة وفسخ الهبة فيه قولان فإن كان المشترى اشترى النخل وفيها الطلع فإن كان مؤبرا فإنه لا يتبع في البيع وإذا اشترطه دخل في البيع ولا يثبت فيه الشفعة
وإنما يأخذ الأرض والنخل بحصتهما من الثمن فإن كانت غير مؤبرة تبعت بمطلق العقد فإن أخذ الشفيع الشقص قبل أن تؤبر الثمرة لم يأخذه الشفيع بالثمرة إن تجددت
بعد الشراء وإن كانت موجودة حال البيع فالأقوى الدخول في الشفعة كما دخلت في البيع فصارت بمنزلة النخل في الأرض وإن أخذ الشقص بعد التأبير لم يتبعه الطلع
وقال بعض الشافعية إذا أخذ الشفيع الشقص قبل أن يؤبر الطلع كان في الطلع القولان لأنه لو ثبت حق الشفيع في هذا الطلع لوجب أن يأخذه وإن تشقق لان ذلك زيادة
متصلة والغراس تبع في الشفعة لأنه يراد للتبقية في الأرض والتأبيد. مسألة. ثم إذا تبايعا بثمن ثم زاده المشترى عليه زيادة أو نقص البايع منه بعد العقد شيئا فإن كان ما.
اتفقا عليه من الزيادة أو الحط بعد لزوم البيع وانقضاء الخيار لم يكن للشفيع في ذلك حق ولا عليه شئ لا في حط الكل ولا في حط البعض لان الشفيع إنما يأخذ بما استقر
عليه العقد والذي استقر عليه المسمى ولو كان في زمن الخيار لم يلحق أيضا الشفيع عندنا لوقوع العقد على شئ فتصح (فلا تضر خ ل) الزيادة والنقيصة بعده وقال الشافعي ذلك التغيير
في حق الشفيع في إحدى الوجهين لان حق الشفيع إنما ثبت إذا تم العقد وإنما يستحق بالثمن الذي هو ثابت في حال استحقاقه ولان زمن الخيار بمنزلة حالة العقد والتغيير يلحق
بالعقد لأنهما على اختيارهما فيه كما كانا في حال العقد فأما إذا انقضى الخيار ولزم العقد فزاد أو نقص لم يلحق بالعقد والزيادة لا تثبت إلا أن يكون هبة مقبوضة
والنقصان يكون إبراء ولا يثبت في حق الشفيع وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يثبت النقصان بعد الخيار للشافعي ولا تثبت الزيادة وإن كان عنده يلحقان بالعقد و
يقول الزيادة تضر بالشفيع فلم يملكها وهو غلط لان ذلك تغير بعد استقرار العقد فلم يثبت في حق الشفيع كالزيادة والفرق ليس بصحيح لان ذلك لو لحق بالعقد لثبت
في حقه وإن أضر به كما لو كان في زمن الخيار ولو حط كل الثمن في زمن الخيار لم يلحق الحط عندنا بالشفعة وبه قال الشافعي لان ذلك بمنزلة ما لو باع بلا ثمن فلا شفعة للشريك لأنه
يصير هبة فيبطل على رأى ويصح على رأى أما إذا حط منه أرش العيب فإنه يثبت في حق الشفيع لأنه سقط بجزء فقد من المبيع ولهذا فإنه جزء من الثمن. مسألة. لو كان
ثمن الشقص عبدا يثبت الشفعة عندنا خلافا لبعض علمائنا وبعض الجمهور وقد سبق ويأخذ الشفيع بقيمة العبد فإن وجد البايع بالعبد عيبا فإما أن يكون بعد أن
يحدث عنده عيب أو يكون الوقوف على العيب بعد حدوث عيب عنده فإن علمه قبل أن يحدث عنده عيب فإما أن يكون ذلك بعد أخذ الشفيع بالشفعة أو قبله فإن وقف
عليه بعد أخذ الشفيع كان له رد العبد على المشترى ولم يكن له استرجاع الشقص لان الشقص قد ملكه بالأخذ فلم يكن للبايع إبطال ملكه كما لو كان المشترى قد باعه ثم وجد
البايع بالثمن عيبا فإنه يرده ولا يفسخ بيع المشترى ويرجع البايع إلى قيمة الشقص كذا هنا وقال بعض الشافعية يسترد المشترى الشقص من الشفيع ويرد عليه ما أخذه ويسلم الشقص
إلى البايع لان الشفيع نازل منزلة المشترى فرد البايع يتضمن نقص ملكه كما يتضمن نقص ملك المشتري لو كان في ملكه والمشهور عندهم ما قلناه فإذا دفع الشفيع قيمة العبد (إلى المشترى صح) ودفع المشترى
إلى البايع قيمة الشقص فإن تساويا فلا بحث وإن تفاوتا لم يرجع المشترى على الشفيع إن كانت قيمة الشقص أكثر بشئ ولا يرجع الشفيع على المشترى إن كانت قيمة العبد أكثر وهو
أحد قولي الشافعية لان الشفيع أخذه بالثمن الذي وقع عليه العقد فلا يلزمه أكثر من ذلك والثاني يتراجعان لان المشترى استقر عليه عوض الشفيع قيمته فينبغي أن يستحق
ذلك على الشفيع فيرجع كل من كان ما دفعه أكثر على صاحبه بالزيادة ولو عاد الشقص إلى المشترى ببيع أو هبة أو ميراث أو غير ذلك لم يكن لبايع أخذه منه بخلاف الغاصب إذا رفع
القيمة لتعذر رد المغصوب ثم قدر عليه فإنه يجب عليه رده على المالك واسترداد ما دفعه من القيمة لان المالك لم يزل ملكه عن المغصوب بالتقويم ودفع القيمة وإنما أخذنا
القيمة للضرورة وقد زالت وهنا زال ملك البايع عنه وصار ملكا للشفيع وانقطع حقه عنه وإنما انتقل حقه إلى القيمة فإذا أخذها لم يبق له حق وحكى بعض الشافعية
فيه وجهين بناء على أن الزايل العايد كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد وأما إذا كان قد علم بالعيب قبل أن يأخذ الشفيع بالشفعة فهنا حقان ففي تقديم أيهما للشافعية وجهان أحدهما
الشفيع أولي لان حقه سبق حق البايع في الرد والثاني البايع أولي لان الشفعة يثبت لإزالة الضرر عن الشريك فلا يثبتهما مع تضرر البايع بإثباتها وحكى الجويني الحرم بتقديم
البايع والوجه عندي تقديم حق الشفيع لسبقه فإذا قلنا الشفيع أحق فإن البايع يأخذ من المشترى قيمة الشقص ويرجع المشترى على الشفيع بقيمة العبد وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني يرجع على الشفيع بقيمة الشقص ولو وجد البايع العيب في العبد بعد إن حدث عنده عيب أو بعد تصرفه لم يكن له رده وكان له على المشترى الأرش ثم إن كان الشفيع
دفع إليه أولا قيمة عبد سليم فلا يرجع عليه بشئ وإن كان دفع قيمة معيب فالأقرب إنه يرجع عليه وهو أحد وجهي الشافعية لان الثمن الذي استقر على المشترى العبد و
الأرش فينبغي أن يرجع بهما والثاني إنه لا يرجع لأنه استحقه بما سمى في العقد قال بعض الشافعية ينبغي أن يرجع هنا وجها واحدا بخلاف ما تقدم من قيمة الشقص لأن العقد
اقتضى سلامة العبد وما دفع إلا ما اقتضاه العقد بخلاف قيمة الشقص ولهذا إذا كان دفع إليه قيمة عبد سليم لم يكن للشفيع أن يرجع عليه بقدر قيمة العيب فإذا
لم يدفعه وجب دفعه فثبت انه مستحق عليه بالبيع ولو رضي البايع بالعيب ولم يرد ولا أخذ الأرش فالأقوى إن الشفيع يدفع قيمة العبد السليم (لان ذلك نوع إسقاط
من الثمن بعد العقد فلا يلحق الشفيع وهو أحد وجهي الشافعية والثاني يجب على الشفيع قيمة المعيب حتى لو بذل قيمة التسليم صح) أسترد قسط السلامة من المشترى
وغلط الجويني قائله. تذنيب للمشترى رد الشقص بالعيب على البايع وللشفيع رده على المشترى بالعيوب السابقة على البيع وعلى الاخذ ثم لو وجد المشترى العيب بعد
أخذ الشفيع فلا رد في الحال ولا أرش له على مذهب الشافعي المشهور ويجئ فيه الخلاف فيما إذا باعه ولو رد عليه الشفيع بالعيب رده حينئذ على البايع ولو وجد المشترى عيب
الشقص قبل أخذ الشفيع ومنعه عيب حادث من الرد فأخذ الأرش القديم حط ذلك عن الشفيع وإن قدر على الرد لكن توافقا على الأرش صح عندنا لان الأرش أحد الحقين
وللشافعية وجهان إن صححناها ففي حطه عن الشفيع وجهان أصحهما عندهم الحط والثاني لا لأنه تبرع من البايع وهو الذي اخترناه نحن. مسألة. تثبت الشفعة للمفلس
فإذا بيع شقص في شركته كان له الاخذ والعفو ولم يكن للغرماء الاعتراض عليه لأنه إذا أراد الترك لم يجبره على الاخذ لأنه تملك وإن أراد الاخذ فإنما يأخذ بثمن في ذمته و
ليس بمحجور عليه في ذمته ولو مات مفلس وله شقص فباع شريكه كان لوارثه الشفعة خلافا لأبي حنيفة وللمكاتب أيضا الاخذ بالشفعة والترك لها وليس للسيد الاعتراض
عليه لان التصرف وقع له دون السيد بل وله الاخذ من سيده لو كان هو المشترى وبالعكس والمأذون له في التجارة فإن أخذ بالشفعة جاز لأنه مأذون له في الشراء وإن
عفى كان للسيد إبطال عفوه لان الملك للسيد فإن أسقطها السيد سقطت ولم يكن للعبد أن يأخذ لان للسيد الحجر
عليه وللوكيل العام الاخذ بالشفعة مع الغبطة
ولو عفى معها صح عفوه لم يكن للموكل المطالبة بها وللسفيه أن يأخذ بالشفعة ويأذن الولي ويتولاه إذا عرفت هذا فلو أراد المفلس بعد الحجر عليه الاخذ بالشفعة (بدفع الثمن منع من ذلك لان الحجر يقتضيه مسألة. للعامل في المضاربة الاخذ بالشفعة صح) إذا
بيع شقص في شركة المضاربة فإذا أخذ فإن كان هناك ربح فلا حصة له في ذلك بل الجميع للمالك لان العمل لا يملكه بالبيع فالجميع لصاحب المال وكذا إن لم يكن ربح
وللعامل الأجرة ولو ترك كان لرب المال الاخذ لان المشترى بمال المضاربة ملكه هذا إذا لم يظهر في الحصة التي اشتراها المضارب ربح ولو كان قد ظهر فيه ربح لم يكن هناك
شفعة لا للعامل ولا لرب المال لزيادة الشركة على اثنين ولو اشترى العامل بمال المضاربة شقصا لرب المال فيه شركة فهل تثبت له الشفعة للشافعية وجهان أحدهما
599

يثبت له لان مال المضاربة كالمنفرد عن ملكه لتعلق حق الغير به وهو العامل ويجوز أن يثبت له على ملكه لتعلق حق الغير به وهو العامل ويجوز أن يثبت له على ملكه حق لأجل الغير كما يثبت له على عبده المرهون حق الجناية
والثاني لا يثبت لأنه لا يجوز أن يستحق أن يتملك ملكه ويخالف الجناية لأنها ليست بملك وقال ابن شريح وجها ثالثا إن له أن يأخذ بحكم فسخ المضاربة وهذا ليس من
الشفعة فأما إن كان العامل شفيعه فإن لم يكن له ربح فله الشفعة وإن كان وقلنا لا يملك بالظهور فكذلك وإن قلنا يملك بالظهور ففي الشفعة للشافعية وجهان
كما قلنا في رب المال. مسألة الشفعة تثبت للغائب كما تثبت للحاضر عند علمائنا كافة وهو قول جميع العامة إلا النخعي فإنه قال الشفعة تسقط بالغيبة وهو غلط
لان العمومات دالة على التنازع وما رواه الخاصة عن أمير المؤمنين علي (ع) فإن للغائب شفعة إذا ثبت هذا فإذا بلغه الخبر طالب حينئذ فإن أخر مع إمكان المطالبة بطلت شفعته
مسألة. اختلف علماؤنا رحمهم الله في أن الشفعة هل تورث أم لا فقال السيد المرتضى ومن تبعه إنها تورث ولا تسقط بموت مستحقه ولا بترك مطالبته إن قلنا إنها
على التراخي أو كان بعده إن قلنا على الفور وبه قال الشافعي ومالك وعبيد الله بن الحسن العنبري لأنه حق يتعلق بالمال فكان موروثا كغيره من الحقوق المالية ولأنه خيار ثابت لإزالة
الضرر عن المال فكان موروثا كخيار الرد بالعيب وقال الشيخ وجماعة من علمائنا إنها غير موروثه وإذا مات المستحق بطلت وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل
لما رواه طلحة بن زيد عن الصادق عن الباقر عليهما السلام (عن علي (ع) صح) قال لا شفعة إلا لشريك مقاسم وقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا شفيع في الحدود وقال لا تورث في الشفعة
ولأنه خيار لاستخلاف مال فيبطل بالموت كخيار القبول وفي طريق الرواية قول لان طلحة بن زيد؟ تبرى والفرق إن خيار القبول غير ثابت فإن للموجب أن يبطله قبل قبول
القابل إذا ثبت هذا فإن الشفعة تثبت للورثة على قدر الانصباء فللزوجة الثمن وللأبوين السدسان وللذكر الباقي لو اجتمعوا وبالجملة على قدر الميراث واختلفت
الشافعية فقال بعضهم إن الشافعي قال إنها على عدد الرؤس ونقله المزني عنه وقال بعضهم هذا لا يحفظ عن الشافعي فإن الجماعة إذا ورثوا أخذوا الشفعة بحسب فروضهم
قولا واحدا لانهم يرثون الشفعة عن الميت لا أنهم يأخذونها بالملك وقال جماعة من الشافعية إنها على قولين إذا عرفت هذا فإذا كان الوارث اثنان فعفى أحدهما صح
عفوه في حق نفسه وسقط نصيبه من الشفعة بمعنى إنه ليس المطالبة بها وللآخر جميع الشقص لأنها شفعة وضعت لإزالة الضرر فلا يثبت بها الضرر ولأنها شفعة
تثبت لاثنين فإذا عفى أحدهما يوفر على الآخر كالشريكين إن أثبتنا الشفعة مع الكثرة وهو أحد وجهي الشافعية وكما لو عفى أحد الوارثين عن نصيبه في حد القذف والثاني لهم إن
حق الاخر يسقط أيضا لأنهما ينوبان مناب الموروث ولو عفى الموروث عن بعضها سقط جميعها والفرق إن الشفعة يثبت لواحد هو الموروث ولأنه يؤدى إلى تبعيض الشقص
بخلاف مسئلتنا والوجه عندي إن حق العافي للمشترى لأنهما لو عفوا معا لكان الشقص له فكذا إذا عفى أحدهما يكون نصيبه له بخلاف حد القذف فإنه وضع للزجر فلله تعالى
فيه حق. مسألة. إذا خرج الشقص مستحقا كانت عهدة المشترى فيه على البايع وعهدة الشفيع على المشترى سواء أخذ الشقص من يد البايع أو من يد المشترى
لان المشترى يجب عليه أن يتسلم من البايع ويسلمه إلى الشفيع فإن غاب أو امتنع أقام الحاكم من يسلمه إلى المشترى ويسلمه إلى الشفيع ولو حكم الحاكم بتسليمه منه كان كما لو سلمه
المشترى لان التسليم حق على المشترى وبه قال الشافعي واحمد لان الشفعة مستحقة بعد الشراء وحصول ذلك للمشترى فإذا زال الملك من المشترى إليه بالثمن كانت العهدة
عليه كالمشتري مع البايع بخلاف الشفيع وأما إذا أخذه من البايع فقد قلنا إنه يأخذه بأمر الحاكم إن أذن له في ذلك لأنه تسليم مستحق على المشترى لينوب ذلك مناب قبض
المشترى ولو انفسخ عقد المشترى بطلت الشفعة لأنها استحقت به وقال ابن أبي ليلى وعثمان البتي يجب عهدة الشفيع على البايع (لان الحق ثبت له بايجاب البايع
فصار كالمشتري وقال أبو حنيفة إن أخذه من المشترى كانت العهدة على المشترى وإن أخذه من يد البايع كانت العهدة على البايع صح) لان الشفيع إذا أخذه من يد البايع تعذر
القبض وإذا تعذر القبض انفسخ البيع بين البايع والمشترى فكان الشفيع إذا أخذ من البايع مبتاع منه وهو خطا لأنه لو انفسخ البيع بطلت الشفعة تذنيب
لو أخذ الشفيع الشقص وبنى أو غرس ثم ظهر الاستحقاق وقلع المستحق بناه وغرسه فالقول فيما يرجع الشفيع على المشترى من الثمن وما نقص من قيمة البناء والغراس
وغير ذلك كالقول في رجوع المشترى من الغاصب عليه. مسألة. لو كان الثمن دنانير معينة تعينت بالعقد على قولنا وقول الشافعي خلافا لأبي حنيفة وقد سبق
فإذا تعينت وظهر إنها مستحقة فالشراء والشفعة باطلان ولو كان الشراء بمال في الذمة لم يتعين في المدفوع فلو ظهر المدفوع مستحقا لم يبطل البيع ولا الشفعة لأن الشراء
صحيح والشفعة تابعة له ولو استحقت الدنانير التي وزنها الشفيع لم تبطل الشفعة سواء أخذ الشفعة بعين تلك الدنانير المستحقة أو بدنانير في ذمته لأنه استحق
الشفعة لا بعين ما دفعه بل بما يساوى الثمن الذي دفعه المشترى وهو أمر كلي يشتمل على كل النقود فإذا أعطاه شيئا وظهر استحقاقه كان عليه إبداله لان الدفع ظهر
بطلانه ولا تبطل شفعته وليس ذلك تركا للشفعة لأنه يجوز ان يعتقدها له أو يغلظ البينة عليه وهو أحد وجهي الشافعية والثاني البطلان لأنه إذا أخذ بما لا
يجوز الاخذ به صار كأنه تركها مع القدرة عليه ويمنع إنه ترك. مسألة. لو كان الثمن عبدا أو أخذ الشفيع الشقص بقيمة العبد ثم خرج العبد مستحقا فإن قامت البينة
إنه مغصوب أو أقر المتبايعان والشفيع انه مغصوب حكمنا ببطلان البيع والشفعة ويرد العبد على صاحبه والشقص على بايعه لان البيع إذا كان باطلا لا تثبت فيه الشفعة
فإن لم تقم البينة بذلك وإنما أقر به المتبايعان وأنكر الشفيع لم يقبل قولهما عليه ويرد العبد على صاحبه (والشقص على بايعه لان البيع إذا كان باطلا لا يثبت فيه
الشفعة فإن لم يقم البينة بذلك وإنما أقر به المتبايعان وأنكر الشفيع لم يقبل قولهما عليه ويرد العبد على صاحبه صح) لاعترافهما باستحقاقه له ويرجع البايع على المشترى بقيمة
الشقص لاعتراف المشترى ببطلان البيع وقد تعذر عليه دفع المبيع فكان كالاتلاف وينبغي أن لا يرجع أحدهما بالفضل على صاحبه لو كان لان الشفيع منكر لاستحقاق قيمته
الشقص وبه قال الشافعي. مسألة. قد بينا أن الشفعة تتبع البيع دون غيره من العقود مطلقا وأثبت الشافعي الشفعة في عقود المعاوضات إذا عرفت هذا فنقول
دية الموضحة عندنا خمس من الإبل أو خمسون دينارا أو خمس مأة درهم أو خمسون شاة أو عشرة من البقر أو من الحلل على ما يأتي وعند الشافعي إنها خمس من الإبل فإن اعوزت
فقولان أحدهما ينتقل إلى مقدر وهو خمسون دينارا أو خمسمائة درهم نصف عشر الدية والثاني إلى قيمتها فإن اعوزت الإبل وقلنا ينتقل إلى مقدر فصالحه منه
على شقص مع معرفته صح الصلح وثبت فيه الشفعة عنده بالعوض وإن قلنا ينتقل إلى قيمتها فإن علماها وذكراها وتصالحا عليها صح وتثبت الشفعة أيضا بذلك وأن يعلما
أو أحدهما لم يصح الصلح ولا يثبت شفعة وإن كانت الإبل موجودة فاصطلحا بالشقص عنها فإن كان لا يعلمان ذلك ففي الصلح عنها قولان أحدهما يصح لأنها معلومة
العدد والأسنان وإنما يجهل قدها ولونها وذلك يقتضى أقل ما يقع عليه الاسم والثاني لا يصح لان القد واللون مقصودان فإذا جهل لم يصح الصلح فإذا قلنا يصح
تثبت الشفعة وأخذ الشقص بقيمة الإبل وإذا قلنا لا يصح الصلح لم تثبت شفعة وهذا كله ساقط عندنا. مسألة. إذا إرتد المشترى فقتل أو مات قبل رجوعه
إلى الاسلام كان للشفيع أخذه بالشفعة لأنه استحقها بالبيع والانتقال بالموت أو القتل لا يخرجه عن الاستحقاق كما لو مات المشترى بعد البيع كان للشفيع الاخذ بالشفعة
قال الشافعي إنه بقتله أو موته ينتقل الشقص عنه إلى المسلمين وذلك لا يمنع الشفعة كما لو اشترى شقصا فيه شفعة ثم باعه ويكون المطالب الامام أو نايبه وعندنا
إلى ورثته إن كان له وارث مسلم وإلا كان ميراثه للامام فتكون الشفعة على من انتقل الملك إليه ولو ارتد الشفيع وقتل الردة أو مات كانت الشفعة للمسلمين عند
600

الشافعي وعندنا لوارثه إن كان قد طالب بها وإن لم يطالب فإن جعلناه كالكفر سقطت شفعته وهو الأقوى عندي وإن جعلناه كالمسلم فالشفعة لوارثه ولو مات الشفيع
المسلم ولا وارث له انتقل نصيبه إلى الامام عندنا وعند الشافعي إلى المسلمين فعلى قولنا يكون المستحق للشفعة الامام وعلى قوله المسلمون ويطالب لهم الامام. مسألة
إذا اشترى شقصا فيه شفعة ووصى به فمات ثم جاء الشفيع والموصى له يطالبان كان الشقص للشفيع أسبق استحقاقه ويدفع الثمن إلى الورثة دون الموصى له لأنه لم
يوصى له إلا بالشقص وقد سقط حقه. البحث الخامس. في التنازع. مسألة. لو اختلف المشترى والشفيع في قدر الثمن فقال المشترى اشتريته بمأة وقال
الشفيع بل بخمسين فأيهما أقام البينة على ما أدعاه حكم له بها ويثبت ذلك بشاهدين وشاهد وامرأتين وشاهد ويمين لأنه مال ولا يقبل فيه شهادة البايع لأنه يشهد
على فعل نفسه وقد يلحقه التهمة إذا شهد للشفيع فإنه إذا نقص الثمن نقص ضمان الدرك وبه قال الشافعي لأنه يشهد بحق لنفسه وفعل نفسه وقال بعض أصحابه يقبل لأنه لا يجر
لنفسه نفعا والثمن ثابت له بإقرار المشترى وقد ذكرنا في القواعد احتمالا حسنا وهو انه يقبل شهادة البايع على الشفيع بعد القبض وللشفيع بدون القبض لأنه إذا شهد
على الشفيع بالمائة انتفت التهمة عنه لاعترافه بأنه ضامن لمائة وإذا شهد له بخمسين قبل القبض فقد اعترف انه لا يستحق على المشترى أكثر من الخمسين وإن المشترى لا يجب
عليه أكثر منها فإذا دفعها برئت ذمته باعترافه وكان ضامنا لها خاصة إذ لا يقبض البايع أكثر منها ولو أقام كل منهما بينة قال الشيخ (ره) يقدم بينة المشترى لأنه هو
المدعى للثمن والشفيع ينكره ولأنه أعلم بعقده وهو أحد قولي الشافعي كما تقدم بينة الداخل على الخارج والشفيع هنا داخل ولان الشفيع كالبايع ويقدم قوله في
قدر الثمن عندنا مع بقاء السلعة وبه قال أبو يوسف أيضا وقال أبو حنيفة ومحمد القول قول الشفيع لأنه منكر ولأنه الخارج ولا بأس به عندي وللشافعي قول آخر إن البينتين
يتعارضان هنا ولا يقدم بينة المشترى لأجل اليد لأنهما لا يتنازعان في اليد وإنما يتنازعان فيما وقع عليه العقد فحينئذ يسقطان ويكون الحال كما لا بينة لواحد منهما و
قال بعض الشافعية يقرع ويقدم بالقرعة وهل يحلف من خرجت له القرعة قولان ولو لم يكن لواحد منهما بينة قدم قول المشترى مع يمينه لأنه المالك فلا تزول
يده إلا بما يدعيه إذا لم يكن بينة كما إن المشترى لا يملك المبيع إلا بما يقر به البايع من الثمن لا يقال الشفيع غارم فيقدم قوله كما في الغاصب والمتلف والضامن لنصيب
شريكه إذا أعتق شريكه نصيبه لأنا نقول الشفيع ليس بغارم لأنه لا شئ عليه وإنما يريد أن يتملك الشقص بخلاف الغاصب والمتلف وأما المعتق فإن العتق يسرى
باللفظ فقد وجب عليه قيمته وهو غارم وإذا قلنا يسرى بأداء القيمة أو مراعى كان القول قول المالك لان العتق لا تثبت عليه القيمة مثل مسئلتنا لا يقال لم لا قلتم
بتحالف المشترى والشفيع كما قلتم في البايع والمشترى إذا اختلفا في الثمن لأنا نقول إذا اختلف المتبايعان فكل منهما مدع ومدعى عليه فتحالفا وليس كذلك هنا
فان الشفيع مدع للشقص والمشترى لا يدعى عليه شيئا لان المشترى إذا ثبت له ما قال كان الشفيع بالخيار ولان المتبايعين قد باشرا العقد بخلاف الشفيع والمشترى ولو
نكل المشترى عن اليمين حلف الشفيع على دعواه وأخذ بما أدعاه ولو شهد البايع للشفيع فللشافعية وجوه أحدهما لا يقبل وقطع به العراقيون لأنه يشهد على فعله
كما مر والثاني نعم وصححه البغوي لأنه ينقض حقه والثالث إن شهد قبل قبضه الثمن قبلت لأنه ينقص حقه إذ لا يأخذ أكثر مما شهد به وإن شهد بعده فلا لأنه يجر إلى
نفسه نفعا فإنه إذا قل الثمن قل ما يغرمه عند ظهور الاستحقاق. تذنيب لو ادعى المشترى إن هذا البناء مما أحدثه بعد الشراء وأنكر ذلك الشفيع قدم
قول المشترى لان ذلك ملكه والشفيع يريد تملكه عليه كان القول قول المالك وبه قال ابن شريح. مسألة. إذا اختلف المتبايعان في الثمن فقد قلنا إن القول
قول البايع مع يمينه مع بقاء السلعة فإذا حلف البايع أخذ من المشترى ما حلف عليه ثم الشفيع إن صدق البايع دفع ما حلف عليه وليس للمشترى المطالبة به لأنه
يدعى إن ما أخذه البايع زايدا عما أدعاه ظلم فلا يطالب غير من ظلمه وإن لم يعترف بما قال البايع أدي ما أدعاه المشترى ثمنا ولو قلنا إن القول قول المشترى في الثمن
فيثبت قول البايع بالبينة أو باليمين المردودة فالحكم كما تقدم وتقبل شهادة الشفيع للبايع لأنه الغارم في الحقيقة إن أخذ الشفعة وإلا فلا تهمة ولا يقبل للمشترى
لأنه متهم في تقليل الثمن فإنه يدفع عن نفسه المطالبة بالزايد ولو تحالفا كما هو مذهب الشافعي عند عدم البينة وفسخ عقدهما أو انفسخ فان جرى ذلك بعد
ما أخذ الشفيع الشقص أقر في يده وعلى المشترى قيمة الشقص للبايع وإن جرى قبل الاخذ فالأقرب عدم سقوط
حقه لاعترافهما معا بجريان البيع واستحقاقه للشفعة
فيأخذها بما قال البايع لحفه عليه لا بما حلف عليه المشترى لان للبايع فسخ البيع فإذا أخذه بما قال المشترى منع منه وإن رضي المشترى بأخذ بما قال البايع جاز وملك الشفيع
أخذه بما قال المشترى فإن عاد المشترى وصدق البايع وقال كنت غالطا فالأقرب إن للشفيع أخذه بما حلف عليه وللشافعية في سقوط الشفعة وجهان سبقا في
خروجه معيبا فإن قلنا لا تسقط أخذه بما حلف عليه البايع كما قلناه لاعتراف البايع باستحقاق الشفيع الاخذ بذلك الثمن فيأخذ منه ويكون عهدته على البايع
خاصة لا على المشترى لانفساخ عقده. مسألة. لو ادعى على رجل شفعة في شقص اشتراه فقال المدعى عليه ليس لك ملك في شركتي قدم قول المدعى عليه مع اليمين
وكان على طالب الشفعة البينة انه يملك شقصا في شركة المشترى وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن لان الملك لا يثبت بمجرد اليد وإذا لم يثبت الملك المستحق
به الشفعة لم تثبت الشفعة ومجرد الظاهر لا يكفي كما لو ادعى ولد امه في يده وقال أبو يوسف إذا كان في يده استحق به الشفعة لأن الظاهر من اليد الملك ولا بأس به
عندي ولو لم يكن بينة حلف المشترى إن ادعى الطالب علمه بالشركة على نفى علمه بالشركة لأنها يمين على نفى فعل الغير فإذا حلف سقطت دعواه ولا يحلف على
نفى شركته ولو نكل حلف الطالب على القطع بأنه شريك لأنها يمين على إثبات فعل فإن حلف استحق الشفعة وإن نكل سقطت فلو اعترف الشريك بعد نكول الطالب
وسقوط شفعته بصدقه كان عليه دفع الصحة بالشفعة ولم يضر التأخير لأنه لعذر ويكون نكوله عن اليمين عذر له في التأخير على إشكال وكذا الحكم لو أنكر
تقدم ملك الطالب على ملكه. مسألة. دار بين اثنين فغاب أحدهما ورأينا نصيبه في يد ثالث فادعى الحاضر إنه اشتراه وإنه يستحقه بالشفعة فإن أقام
المدعى بينة بالشراء وأقام المتشبث بينه قضى بها واخذ بالشفعة ثم إن اعترف المدعى عليه سلم إليه الثمن لثبوت البيع بالبينة وإن لم يعترف فإما أن يترك الثمن في يد
المدعى إلى أن يقر المدعى عليه أو يأخذه القاضي حافظا له أو يجبر على قبوله أو الابراء منه فيه إحتمالات ثلاثة ولو أقام المدعى بينة بالشراء وأقام المتشبث بينه بأنه
ورثه أو اتهبه تعارضت البينتان ولان الشراء والميراث متنافيان وكذا الشراء والاتهاب ومع التعارض يكون له حكم عندنا سيأتي في كتاب القضاء إن شاء الله تعالى وعند
الشافعي قولان التساقط واستعمالهما وسيأتى ولو أقام المتشبث ان الغايب أودعه إياه أو أعاره فإن لم يكن للبينتين تاريخ الايداع سابقا قضى بالشفعة
لعدم التنافي بين البينتين لجواز أن يودعه ثم يبيعه ولو سبق تاريخ البيع فلا منافاة أيضا لاحتمال أن البايع غصبه بعد البيع ثم رده إليه بلفظ الايداع أو يرد
مطلق فاعتمده الشهود أو يكون المشترى قد عجز عن الثمن فقال له البايع خذه وديعة إلى أن تجد الثمن فتنزيه وتقبضه ولو انتفى الاحتمال بأن تأخر تاريخ الايداع
601

وشهدت بينة الايداع بأنه أودعه ما هو ملكه وبينة الشراء مطلقه كانت بينة الايداع أولي لأنها صرحت بالملك ثم يراسل الغائب فإن قال هو لي وديعة بطلت
بينة الشراء وإن قال لا حق لي فيه قضى ببينة الشراء فالشفعة ولو صرحت بينة الشراء بالملك فقال باع ما هو ملكه واطلقت بينة الايداع قدمت بينة الشراء وأما
إذا لم يكن للمدعى بينة فالمدعى عليه إما أن يقر بأنه كان لذلك الغايب فاشتراه منه أو ينكر أصل الشراء أو يقول اشتريته لفلان فإن أقر فالأقرب إنه لا يأخذه المدعى لان المتشبت
لا يقبل قوله على الغايب فيوقف الامر حتى يراسل فإن أقر بصدقه أخذه الشفيع وإلا فلا وهو أحد وجهي الشافعية والأصح عندهم إن للمدعى أخذه لتصادقهما على
البيع ويكتب القاضي في السجل انه أثبت الشفعة بتصادقهما فإذا قدم الغايب فهو على حقه وليس جيد لأنه حكم على الغايب بغير بينة وإن أنكر الشراء صدق في قوله
باليمين لأنه منكر ثم إما أن يجيب بأنك لا تستحق الشفعة أو إنني لا يلزمني التسليم إليك فيحلف كذلك ولا يلزمه التعرض لنفى الشراء لامكان ان يكون قد اشتراه مع إسقاط
الشريك الشفعة وإن تكلف في الجواب لم اشتره بل ورثته أو اتهبته ففي كيفية الحلف احتمالان أحدهما إنه يحلف على نفى الشراء لأنه أجاب به وإذا أجاب بشئ فقد أمكنه
اليمين عليه حيث عدل إليه في الجواب والثاني إنه يحلف أنه لا يستحق الشفعة لأنه لو أجاب بذلك لكفاه فكذا في اليمين ويمكن أن يكون قد اشتراه بحيث لا يجب فيه شفعة
أو سقطت ثم تساهل في الجواب بعدم الشراء فإذا كلف اليمين عدل إلى ما يمكنه الحلف عليه وهما وجهان للشافعية ولو نكل المدعى عليه حلف الطالب واستحق
الشقص وفي اليمين ما تقدم من الوجوه إما أن يقر في يد الشفيع أو يقبضه الحاكم أو يقهره على القبض أو الابراء وإن قال اشتريته لفلان رجع الحال إلى المضاف
إليه وسيأتى. مسألة. إذا ادعى إنه اشترى شقصا في شركته وإنه يستحق الشفعة عليه فإنه يحتاج إلى أن يحرر دعواه فيجدد المبيع الذي يدعيه ويذكر ثمنه ويدعى
فيه الشفعة فإذا فعل ذلك سئل المدعى عليه فإن أقر لزمه وإن أنكر فقال وهب لي أو ورثته ولم اشتراه أو لا يستحق على الشفعة قدم قوله على ما تقدم مع اليمين فان
حلف سقطت الدعوى وإن نكل حلف المدعى واستحق أخذه بالشفعة وأما الثمن فإما أن يجعل في ذمة الشفيع إلى أن يطالبه المشترى لأنه أقر له بحق فأنكره فلم
يكن له مطالبته وإما أن يلزمه الحاكم بأخذه أو الابراء منه إذا سأل ذلك الشفيع كما إن المكاتب إذا حمل لسيده نجوم الكتابة قيل له إما أن تأخذه أو تبرئ وإما أن يحفظه
الحاكم في بيت المال فمتى أدعاه المشترى سلم إليه وإلا كان محفوظا عليه لان عليه ضررا في بقاء حق غيره في ذمته ولهذا إذا طالب من عليه الدين صاحب الدين يقبضه
لزم صاحب الدين قبضه أو الابراء منه هذا إذا أنكر المشترى الشراء والشريك القديم غير معترف بالبيع ولو اعترف والشقص في يده فإن لم يعترف بقبض الثمن يثبت
الشفعة وفيه وجه للشافعية إنها لا تثبت وإذا قلنا بالثبوت سلم الثمن إلى البايع والعهدة عليه لأنه تلقى الملك منه حيث لم يعترف المشترى بالشراء ولا بينه هناك
وهو أحد وجهي الشافعية والثاني ينصب القاضي أمينا يقبض الثمن منه للمشترى ويدفعه إلى البايع ويقبض الشقص من البايع للمشترى ويدفعه إلى الشفيع وإذا
أخذ (البايع ثمن صح) الشقص فهل له مخاصمة المشترى ومطالبته بالثمن الأقرب ذلك لان له غرضا صحيحا فإنه قد يكون ماله أبعد عن الشبهة والرجوع عليه بالدرك سهل وهو أحد
وجهي الشافعية وحينئذ لو حلف المشترى فلا شئ عليه وإن نكل حلف البايع وأخذ الثمن من المشترى وكانت عهدته عليه وأما ما أخذه من الشفيع فهل يؤخذ منه ويوقف
أو يترك في يده وجهان وقيل إن الوجهين في أنه هل يطالب المشترى فيما إذا لم يرض بأخذ الثمن من الشفيع فان رضي فليتبع به فان اعترف مع البيع بقبض الثمن فإن
قلنا لا شفعة إذا لم يعترف بالقبض فهنا أولي وإلا فوجهان أصحهما عندهم ثبوتها ثم هل يترك الثمن في يد الشفيع أم يأخذه القاضي ويحفظه أم يجبر المشترى على قبوله
أو الابراء منه فيه ما تقدم. مسألة. لو ادعى عليه الشراء فصدقه وقال لم اشتره لنفسي بل لفلان فإن كان المضاف إليه حاضرا استدعاه الحاكم فإن صدقه
كان الشراء له والشفعة عليه وإن كذبه حكم بان الشراء للمدعى عليه وأخذ منه بالشفعة وإن كان غايبا أخذه الحاكم منه ودفعه إلى الشفيع وكان الغايب على حجته إذا
قدم ولا يؤخر الشفعة إلى حضور الغايب لما فيه من إسقاط الشفعة إذ لكل مشتر الالتجاء إلى دعوى الشراء للغايب ولان الغايب إما مصدق أو مكذب وعلى التقديرين
يستحق الشفيع الشفعة إما عليه (أو على الحاضر صح) وإن قال اشتريته لطفل هو ابني أو لي عليه ولاية فالأقرب ثبوت الشفعة إن ثبت الشراء المطلق وإلا فلا إما على التقدير
الأول فلان الشراء موجب للشفعة على كل مشتر سواء كان طفلا أو لا وإما على التقدير الثاني فلان الملك للطفل ولا تجب الشفعة بإقرار الولي عليه لاشتمال ذلك على
ايجاب حق في مال الصغير بإقرار الولي وللشافعي قولان أحدهما إنه أضاف الشراء إلى من له عليه ولاية يثبت لان المقر يملك الشراء فصح إقراره فيه كما يصح في حق نفسه
والثاني لا يثبت إذ لا يقبل إقرار الولي في حق الطفل. تذنيب إذا ادعى عليه الشفعة في يده فقال هذا الشقص لفلان الغايب أو لفلان الصغير لم تثبت الشفعة
إلى أن يقدم الغائب ويبلغ فيطالبهما و (بذلك صح) لا يسأل المقر عن سبب ملك الغايب والصغير لان إقراره بعد ذلك يكون إقرارا في ملك الغير ولا يقبل ويفارق إذا
أقر بالشراء ابتداء لان الملك ثبت لهما بذلك الاقرار فيثبت جميعه. مسألة. لو قال المشترى إني اشتريت الشقص بألف فدفع الشفيع إليه الألف وأخذ
الشقص بالشفعة فادعى البايع إنه باع الشقص بألفين قضى له بالألفين عملا بالبينة ولم يكن للمشترى الرجوع على الشفيع بما زاد على الألف وبه قال الشافعي لاعتراف
المشترى بكذب بينة البايع وإن قد ظلمه في الزيادة فلم يحكم له بها وإنما حكمنا للبايع بها لأنه لم يكذبها وقال أبو حنيفة يأخذ الشفيع بالألفين لان الحاكم إذا
حكم عليه بالبينة فقد أبطل إقراره ويثبت إن البيع كان بألفين ويمنع كذب المشتري وإبطال الحاكم إقراره في حق البايع لا يقتضى إبطاله في حق نفسه ولو قال المشترى
صدقت البينة وقد كنت أنسيت الثمن لم يقبل قوله لأنه رجوع عن إقرار تعلق به حق غيره فلا يقبل كما لو أقر الانسان بشئ ثم قال نسيت هو دونه لم يقبل. مسألة
لو ادعى كل من الشريكين إن له الشفعة على صاحبه فيما في يده رجعنا إليهما وقلنا متى ملكتما فإن قالا ملكنا دفعة واحدة فلا شفعة لعدم السبق الذي هو شرط
الاخذ بالشفعة ولو ادعى كل منهما السبق فقد تقدم حكمه ما لو أقاما بينتين أو أقام أحدهما خاصة ولو لم يكن لأحدهما بينة نظر إلى السابق بالدعوى فقدمنا
دعواه كان القول قول الآخر مع يمينه لأنه منكر فإذا حلف استحق نصيبه بالشفعة ولم يسمع دعواه على الأول لان ملكه الذي يستحق به الشفعة قد زال
مسألة. لو ادعى أحد الشريكين إنه قد باع حصته على زيد فأنكر زيد قدم قول المنكر وهو زيد مع اليمين وعدم البينة فإن صدق الشفيع شريكه على البيع
وطلب الشفعة وبذل الثمن ليأخذ الشقص فالأقرب ثبوت الشفعة في حق البايع للشريك وهو أحد قولي الشافعي وقول أبي حنيفة واحمد لان البايع أقر بحق المشترى
وحق للشفيع وقد سقط حق المشتري بإنكاره فلا يسقط حق الشفيع كما لو أقر بحق لاثنين فرده أحدهما والقول الثاني للشافعي لأنه لا شفعة هنا وبه قال مالك
لان الشفعة فرع على البيع فإذا لم يثبت البيع لم تثبت الشفعة فإن النسب إذا لم يثبت بإقرار أحد الورثة لم يثبت الميراث والفرق إن النسب يتضمن حقا له وحقا
عليه فإذا لم يثبت ما له لم يثبت ما عليه وهنا يثبت ما له وهو الثمن فيثبت إذا عرفت هذا فإن قلنا لا تثبت الشفعة فللبايع مخاصمة المشترى واحلافه فإن
602

حلف سقطت الدعوى وإن نكل حلف البايع ويثبت البيع ويثبت فيه الشفعة وهل للشفيع دون البايع احلاف المشترى الأقرب ذلك وكذا للشفيع احلاف المشترى لو
ملك البايع ولو حلف المشترى للبايع فهل عليه أن يحلف للشفيع الأقرب ذلك لأنه مدع أخذ فان حلف سقطت الشفعة ولا يسقط بحلف المشترى للبايع وإن نكل حلف
الشفيع وكان حكمه مع البايع حكم الشفيع لو لم يقر المشترى بالبيع وأقر البايع وأما إن قلنا يثبت الشفعة فإن رضي البايع بتسلم الشقص إلى الشفيع وأخذ الثمن منه كانت
العهدة عليه ولا كلام وإن قال أنا أطالب المشترى بتسليم الثمن و (قال أنا أطالب المشترى صح) وبتسليم المبيع فهل له ذلك فيه وجهان أحدهما ليس له ذلك لأنه قد حصل له مقصود دعواه من جهة الشفيع
فلا حاجة إلى المخاصمة والثاني له لأنه قد يكون له غرض بأن يكون معاملة المشترى أحب إليه في حقوق العقد وفي الدرك فإن قلنا لا يخاصم المشترى دفعه إلى الشفيع و
اخذ الثمن لا يقال أليس لو ادعى على رجل بدين فقال رجل أنا ادفع إلى كالذي تدعيه ولا نخاصمه لم يلزمه قبوله فإلا قلتم هنا لا يلزمه قبول الثمن من الشفيع لأنا
نقول الفرق وثبوت المنة في قبول الدين من الدافع إليه تبرعا وهنا بخلافه وإن قلنا له مخاصمة المشترى فإن حلف سقطت دعواه عنه وأخذه الشفيع وكانت
العهدة على البايع وإن نكل حلف البايع ويثبت الشراء وطولب بالثمن كانت الشفعة عليه والعهدة للشفيع وأما إن كان البايع يدعى البيع ويقر بقبض الثمن والمشترى
ينكر فهل تثبت الشفعة قال بعض الشافعية لا يثبت لأنها لو ثبتت لكان الشفيع يأخذه بغير عوض وذلك لا يثبت له كما لا يثبت له الشفعة في الهبة وقال بعضهم تثبت
الشفعة لأنه قد أقر بالشفعة فلزمه ويأخذه الشفيع ويكون في الثمن ما تقدم إما أن يأخذ المشترى أو يبرئ وإما أن يحفظه الحاكم وإما أن يبقى في ذمة الشفيع
مسألة. لو أثبتنا الشفعة مع الكثرة كما هو رأى بعض علمائنا والعامة إذا كانت دار بين أربعة فباع أحدهم نصيبه من أجنبي فادعى المشترى على أحدهم انه عفى
وشهد له الشريكان الآخران قبلت شهادتهما إن كانا قد عفيا عن الشفعة لأنهما لا يجران بهذه الشهادة نفعا إلى أنفسهما وإن لم يكونوا قد عفيا لم تسمع شهادتهما
لأنهما يجران إلى أنفسهما استحقاق جميع المبيع ولو شهد بالعفو قبل أن يعفوا فردت شهادتهما ثم عفيا وشهدا لم يقبل لان الشهادة إذا ردت للتهمة ثم زالت التهمة لم
تقبل الشهادة كما لو شهد الفاسق فردت شهادته فتاب ثم أقامها لم تسمع ولو شهدا بعد أن عفى أحدهما سمعت شهادة العافي وحلف معه الذي لم يعف و
سقطت شفعة المشهود عليه وإن عفى الآخر بعد ما شهد حلف المشترى مع (الشاهد صح) وأخذ جميع الشقص فرعان - آ - لو شهد البايع على الشفيع بالعفو فإن
كان قبل قبضه الثمن لم تقبل شهادته لأنه يجر إلى نفسه نفعا وهو أن يفلس المشترى فيرجع إليه دون الشفيع وإن كان بعد قبضه الثمن قبلت وهو أحد وجهي
الشافعية وفي الثاني لا يقبل لأنه ربما توقع العود إلى العين بسبب ما - ب - لو شهد السيد على مكاتبه بالعفو عن الشفعة قبل لان ذلك في الحقيقة شهادة عليه
ولو شهد بالشراء فيما لمكاتبه الشفعة فيه قال بعض الشافعية يقبل ثم تثبت فيه الشفعة تبعا ولو شهد له بالشفعة لم
يقبل وفيه نظر. مسألة. لو كان ملك
بين اثنين أحدهما حاضر والآخر غايب ونصيب الغايب في يد وكيله فادعى الحاضر على الوكيل إنه اشترى نصيب الغائب وله فيه الشفعة وأقام بذلك بينة فإن الحاكم
يسمع بينة ويثبت الشراء والشفعة وبه قال الشافعي وأبو حنيفة قال المزني وهذا قضاء على الغايب بالشراء يريد أن الشراء يثبت وهو على الغائب فقال بعض
الشافعية إنه ليس قضاء على الغايب وإلا احتيج إلى اليمين مع الشهادة وهذا الفرع ساقط عنا لأنا نحكم على الغايب. مسألة. دار بين أخوين وأجنبي أثلاثا
فباع الأجنبي نصيبه من رجل فطالب أحد الشريكين الأخوين بالشفعة فقال المشترى إنما اشتريته لأخيك فكذبه وقال بل اشتريته لنفسك فإن صدقه الذي أقر له
كان الشقص بين الأخوين وكذا إن كذبه وطالب بالشفعة فإن قال احلفوه إنه اشتراه لاخى لم يحلف لان المدعى يستحق نصفه سواء صدق أو كذب وقد أثبت أبو العباس
من الشافعية الشفعة للمشترى في هذه الفرع فإن قال أحد الأخوين للمشترى شراؤك باطل؟ وصدقه الآخر على صحة الشراء كانت الشفعة للمصدق خاصة وكذا إن قال
أحدهما لم يبعه وإنما اتهبه وصدقه الآخر على الشراء وكانت الشفعة للمصدق لان المكذب أسقط حق نفسه وأقر انه لا شفعة. تذنيب لو كانت دار في يد
رجل فادعى آخر عليه انه يستحق سدسها فأنكره ثم قال له المدعى عليه خذ منى السدس الذي ادعيته بسدس دارك فإذا فعل هذا صح ووجبت الشفعة في كل واحد
من الشقصين للشفيع عند الشافعي وعندنا لا تثبت الشفعة وإن كان له وليس ذلك صلحا على الانكار لان المدعى عليه باع المدعى دون المدعى. مسألة
لو كان في يد اثنين دار بالشركة بينهما فادعى أحدهما على الآخر بأن النصف الذي في يده اشتراه من زيد وصدقه زيد على ذلك وقال الشريك ما اشتريته وإنما
ورثته من أبى ولا شفعة لك فأقام الشفيع شاهدين شهدا بأن زيدا ملك هذا الشقص ميراثا عن أبيه لم يشهدا بأكثر من ذلك قال محمد بن الحسن تثبت الشفعة
للشفيع ويقال له إما أن تدفع الشقص إليه وتأخذ الثمن أو ترده على البايع ليأخذه الشفيع من البايع ويأخذ الثمن بدفعه إليك لان الشاهدين يشهدان لزيد
بالملك وزيد يقر إن المشترى قد ملكه منه بالشراء فكأنهما شهدا لزيد بالملك وعليه بالبيع وقال ابن شريح من الشافعية هذا غلط ولا شفعة لهذا المدعى بذلك
لان البينة لم تشهد بالبيع وأما إقراره فليس بينه وبين المشترى منازعة فيثبت إقراره وإنما يقر على المشترى بالشفعة وليست الشفعة من حقوق العقد على البايع
فيقبل فيها قول البايع ولان شهادته مقبولة لأنه يشهد على فعل نفسه وقال هذا بمنزلة أن يحلف رجل إني ما اشتريت هذه الدار من زيد فيقول زيد أنا ما بعتها
منه وقد كانت ملكا لزيد فإنه لا يقبل قوله عليه في الحنث وكذا هنا. مسألة. لو مات شفيع وله وارثان فادعى المشترى إنهما عفوا عن الشفعة ولا بينة فالقول
قولهما في عدم العفو فإن حلفا يثبت لهما الشفعة فإن حلف أحدهما ونكل الآخر لم يحلف المشترى مع نكوله (لأنه إذا حلف مع نكوله صح) عاد حق الشفعة إلى الشريك الحالف ولم ينتفع المشترى
بيمينه ثم ينظر في الشريك الحالف فإن صدق شريكه على عدم العفو كانت الشفعة بينهما ويأخذ الناكل بالتصديق لا بيمين غيره ودركه على المشترى وإن كذبه أحلف
الناكل له ولا يكون النكول مسقطا لان ترك اليمين عذر على إشكال وإن ادعى إنه عفى حلف هو مع نكوله ويثبت الشفعة كلها له فإن عفى هذا الحالف بعد يمينه كان
للمشترى أن يحلف مع نكول الآخر لأنه الآن يسقط عنه الشفعة ولو شهد أجنبي بعفو أحدهما فإن حلف بعد عفو الآخر بطلت الشفعة وإلا أخذ الآخر الجميع ولا فرق
في هذا الفرع بين أن يكون الشفيعان ورثا الشفعة أو كانا شريكين عند مثبتي الشفعة مع الشركة. مسألة. لو ادعى على شريكه إنه اشتراه وله عليه شفعة فأنكر
الشريك الشراء وادعى الميراث قدم قول الشريك لأصالة عدم الشفعة وقد سبق ولو أقام كل منهما بينة قيل يقرع لأنه مشتبه ويحتمل قويا الحكم ببينة الشفيع
لان القول قول مدعى الإرث مع اليمين فيكون البينة بينة الآخر. مسألة. لو ادعى الشفعة فأنكر المدعى عليه ملكية المدعى فالأقرب القضاء له باليد
على ما تقدم ولو ادعى أحد المتشبثين الجميع والاخر النصف فقضى له بالنصف باليمين وقضى لصاحب الجميع بالنصف لعدم المزاحمة فيه ثم باعه مدعي الكل لم يكن
لمدعي النصف شفعة إلا مع القضاء باليد ولو ادعى عليه أنه اشترى حصة الغايب التي في يده فصدقه احتمل ثبوت الشفعة لأنه إقرار من ذي اليد وعدمه لأنه
603

إقرار على الغايب فإن قضى بالشفعة فقدم الغائب وأنكر البيع قدم قوله مع اليمين وانتزعه الشقص وطالب بالأجرة من شاء منهما ولا يرجع أحدهما على الآخر. مسألة
لو قال أحد الوارثين أو أحد الشريكين إن أثبتنا الشركة مع الكثرة شراؤك باطل وقال الآخر بل هو صحيح فالشفعة بأجمعها للمعترف بالصحة وكذا لو قال أنت اتهبته
أو ورثته وقال الآخر بل اشتريته ولو ادعى المتبايعان غصبة الثمن المعين لم ينفذ في حق الشفيع بل في حقهما ولا يمين عليه إلا أن يدعى عليه العلم فيحلف على نفيه ولو أقر
الشفيع والمشترى خاصة لم تثبت الشفعة وعلى المشترى رد قيمة الثمن على صاحبه ويبقى الشقص معه يزعم أنه للبايع ويدعى وجوب رد الثمن والبايع ينكرهما فيشترى
الشقص منه اختيارا أو يتباريان وللشفيع في الثاني الشفعة ولو أقر الشفيع والبايع خاصة رد البايع الثمن على المالك وليس له مطالبة المشترى ولا شفعة ولو
ادعى ملكا على اثنين فصدقه أحدهما فباع حصة على المصدق فإن كان المكذب نفى الملك عنه فلا شفعة وإن نفى دعواه عن نفسه فله الشفعة. مسألة
لو أقام المشترى بينة على الشفيع بأنه قد عفى عن الشفعة وأقام الشفيع بينة يأخذه بالشفعة والشقص في يد الشفيع فالأقرب الحكم ببينة السابق فإن اتحدا وأطلق
التاريخان احتمل تقديم بينة الشفيع لقوتها باليد وبينة المشترى لزيادة علمها بالعفو وأصحهما عند الشافعية الثاني وفيه نظر فإن بينة الاخذ تزيد أيضا
الشهادة بالأخذ. مسألة. لو خرج الشقص مستحقا بعد بناء الشفيع فيه وغرسه وقلع المستحق البناء والغرس فالقول فيما يرجع به الشفيع على المشترى من الثمن
وما نقص من قيمة البناء والغرس وغير ذلك كالقول في رجوع المشترى من الغاصب عليه. البحث السادس. في مسقطات الشفعة. مسألة. المشهور
عند علمائنا إن الشفعة على الفور فإن أخر الشفيع الطلب مع عدم العذر بطلت شفعته وهو المشهور من أقوال الشافعي وهو المذكور في كتبه الجديدة وبه قال
أبو حنيفة إلا أنه يقدره بالمجلس لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال الشفعة لمن واثبها وعنه (ع) الشفعة كنشط العقال إن قيدت ثبتت وإن تركت فاللوم على من تركها ومن
طريق الخاصة ما رواه علي بن مهزيار عن الجواد (ع) في حديث إنه حد للشفيع مجئ الثمن ثلاثة أيام إن كان الثمن في البلد ومدة غيبته وثلاثة أيام بعد حضوره
إن كان في غير البلد ثم قال (ع) فإن وافاه وإلا فلا شفعة له ولو كانت الشفعة على التراخي لم تسقط الشفعة بتأخير الثمن بل كانت تفتقر إلى تجديد فسخ كما افتقر
البايع إذا أخر المشترى أداء الثمن بعد ثلاثة أيام ولان خيار الشفعة إنما يثبت لإزالة الضرر عن المال فكان على الفور كخيار الرد بالعيب والقول الثاني للشافعي إن
له الخيار ثلاثة أيام فإن شاء أخذ بالشفعة وإن شاء ترك فإن خرجت الثلاثة ولم يختر الاخذ بطلت شفعته وبه قال ابن أبي ليلى والثوري لان إثبات الخيار على
التراخي إضرار بالمشترى لان ملكه لا يستقر على المبيع ولا يتصرف بعمارته على حسب اختياره لأنه يخاف أن يؤخذ منه فيضيع بعض نفقته ولا يمكن جعلها على الفور لان
الشفيع يحتاج إلى أن يتفكر وينظر هل الحظ في الاخذ أو الترك ويتسبب في تحصيل الثمن فإذا جعل على الفور أضر به فلم يكن إلا بد من حد فاصل وليس إلا الثلاثة كما حد بها خيار
الشرط عندهم وخيار الحيوان عندنا وهي آخر حد القلة وهو يبطل بخيار الرد بالعيب. والثالث إنه على التراخي لا يسقط بإسقاطه والتصريح بالترك وليس للمشترى
مطالبته بالأخذ أو الترك وبه قال مالك إلا أن عند مالك في انقطاعه روايتان إحديهما إنها تنقطع بعد سنة والثانية تنقطع بأن يمضى عليه من الزمان ما يعلم أنه
تارك لها لان هذا الخيار لا ضرر في تأخيره لان المنفعة تكون للمشترى وإن أحدث فيه عمارة من بناء أو غرس فإنه يأخذ قيمته وما لا ضرر في تأخيره يكون على التراخي
كخيار القصاص ونمنع عدم الضرر وقد سبق. الرابع قال في القديم إنه على التراخي لا يسقط إلا بإسقاطه أو يوجد منه ما يدل على إسقاطه مثل أن يقول المشترى
بعني هذا الشقص أو بعه لمن شئت أو هبه لي أو لمن شئت أو قاسمني وقال بعض الشافعية لا يبطل بهذا وللمشتري أن يرفعه إلى الحاكم فيقول له إما أن تأخذ أو تدع
إما التراخي فلما مر وإما المطالبة فليزول عن المشترى ما يخافه من أخذ الشفيع وذلك يمنعه من العمارة والتصرف على حسب اختياره وقد يلزمه على العمارة أكثر
مما يقوم به فيلحقه الضرر وليس بجيد لوجود التضرر مع التراخي. والخامس إنه على التراخي يمتد مدة يتسع لتأمل المصلحة في الاخذ وهو إضرار بالمشترى
إذا عرفت هذا فلو أخر المطالبة مع عدم العذر بطلت شفعته وإن لم يفارق المجلس لما تقدم وقال أبو حنيفة إذا لم يفارق المجلس لم تبطل. مسألة. إنما
يحكم بالفورية في الشفعة إذا علم الشفيع بالبيع فحينئذ إذا أخر لغير عذر بطلت أما لو لم يعلم بالبيع فلا تبطل شفعته وإن مضت سنون كثيرة وهو على شفعته إذا
علم ولو اخبره من يفيد قوله العلم كالمعصوم أو عدد التواتر فترك المطالبة وقال لم أصدق المخبر بطلت شفعته إذا علم كذبه وإن أخبره من لا يفيد خبره العلم
فإن كان ممن تثبت حقوق الشرعية بإخباره كالعدلين أو الرجل والمرأتين مع عدالتهم (عدم التهمة خ ل) سقطت شفعته أيضا لان اخبار هؤلاء حجة في الشرع يعمل بها
وإن أخبره عدل واحد فالأقرب إنه لا يسقط شفعته لان الواحد لا تقوم به البينة وهو أحد قولي الشافعي ورواه الحسن بن زياد عن أبي حنيفة وزفر والثاني للشافعي
إنه تبطل شفعته ولا يقبل عذره بعدم التصديق لان الواحد حجة إذا حلف المدعى معه وليس شيئا إذ لا يمين هنا فإنه غير عالم فكيف يحلف فإذا لم يحلف كيف
يثبت ولو أخبره من لا يقبل قوله كالكافر والفاسق والصبي لم تبطل شفعته والمرأة كالعبد يقبل قولها وتبطل شفعته بإخبارها عند الشافعي في أحد قوليه
وفي الثاني إنها كالفاسق وفي النسوة عنده وجهان بناء على أن المدعى هل يقضى له بيمينه مع امرأتين إن قلنا لأنهن كالمرأة وإلا فكالعدل الواحد ولو بلغ هؤلاء
عدد التواتر بطل حقه وإن كانوا كافرين أو فسقة لثبوت العلم عند خبرهم ولو أخبره واحد فصدقه ولم يطلب الشفعة بطلت وإن لم يكن عدلا لان العلم بذلك
قد يحصل بالواحد للقراين. مسألة. إذا علم بالبيع وجهل استحقاقه للشفعة لم تبطل شفعته وكان له طلبها بعد العلم ولو علم الشفعة أيضا لم يكلفه المبادرة على خلاف
العادة والعدو حال مشيه ولا تحريم دابته بل يمشى على حسب عادته ويرجع في ذلك كله إلى العرف فكل ما لا يعد تقصيرا لا تبطل به الشفعة وما يعد تقصيرا أو توانيا
في الطلب فإنه مسقط لها. مسألة. لو أخر الطلب لعذر لم تسقط شفعته والعذر ضربان أحدهما ينتظر زواله عن قرب مثل الاشتغال بصلاة واجبة أو مندوبة
أو أكل أو قضاء حاجة أو كون في حمام فله الاتمام ولا يكلف قطعها على خلاف العادة وهو أصح قولي الشافعي والثاني إنه يكلف قطعها حتى الصلاة إذا كانت نافلة
وعلى الصحيح لو دخل وقت الاكل أو الصلاة أو قضاء الحاجة جاز له أن يقدمها فإذا فرغ يطلب الشفعة ولا يلزمه تخفيف الصلاة الواجبة ولا المندوبة ولا يجب
عليه الاقتصار على المجرى ولو علم ليلا أو كان يريد الصلاة فأصبح إلى الغد أو أذن وأقام وصلى السنة لم تبطل شفعته وكذا لو انتظر الجماعة الثاني ما لا ينتظر زواله
عن قرب كالمرض والحبس والغيبة أما المرض فإن منعه من الطلب والتوكيل فيه لم تبطل شفعته وإن لم يمنعه عن التوكيل فأخر التوكيل مع إمكانه بطلت شفعته وهو
أظهر مذاهب الشافعي لأنه أخر الطلب مع إمكانه والثاني له لا تبطل شفعته بترك التوكيل لأنه قد يكون له غرض بأن يطالب بنفسه لأنه أقوم بذلك أو يخاف الضرر من
جهة وكيله بأن يقر عليه فيلزمه إقراره برشوة أو غير ذلك فكان معذورا في تأخيرها والثالث إن لم يلحقه في التوكيل منه ولا مؤنة بقلعه بطلت وإلا فلا والمعتمد ما قلناه
604

نعم لو خاف ضررا على ما قلناه أولا فأخر التوكيل لم تبطل شفعته ولو لم يمكنه التوكيل ولا الطلب وأمكنه الاشهاد على الطلب وجب عليه الاشهاد فإن أهمل الاشهاد لغير عذر بطلت
شفعته عند بعض الشافعية لأنه قد يترك الطلب للعذر وقد يتركه لغير عذر فإذا لم يشهد لم يعلم أنه لعذر فسقطت شفعته والثاني وهو الأقوى عندي إنه لا يحتاج
إلى الاشهاد لأنه إذا ثبت عذره كان الظاهر إنه تركت الشفعة لأجل ذلك فقبل قوله في ذلك وأما المحبوس فإن كان حبسه ظلما بغير حق أو بحق هو عاجز عنه فحكمه كالمريض
إن لم يمكنه التوكيل لم تسقط شفعته وإن أمكنه ولم يفعل سقطت وللشافعية الوجهان السابقان ولو كان محبوسا بحق يقدر على أدائه ويجب عليه دفعه وهو مماطل به
فإن وكل جاز وإن لم يوكل بطلت شفعته لأنه تركها مع القدرة عليها وبه قال الشافعي وأما الغائب فإذا بلغته الشفعة فإن أمكنه السير فسار أو وكل في الطلب لم تسقط (شفعة صح)
وإن تعذر عليه المسير والتوكيل فحقه باق وإن أمكنه التوكيل فلم يوكل كان على الوجهين في المريض إذا ثبت هذا فكل موضع اخر لعذر فهل يجب عليه أن يشهد على نفسه أنه
على الطلب وجهان تقدما والخوف من العدو كالمريض وكذا خوف الطريق أو عدم الرفيق مع الحاجة إليه والخوف على ضياع شئ من ماله أعذار والمسافر إذا بلغه الخبر (والا انتظر من يعتمد عليه ويثق بالسفر معه
فيسافر أو يبعث معه الوكيل صح)؟ يخرج طالبا عند بلوغ الخبر أو يبعث وكيلا مع أمن الطريق والحر والبرد المفرطان اللذان بتعذر السفر معهما كالخوف وإذا لم يشهد على الطلب مع إمكانه ففي بطلان الشفعة
ما تقدم من الوجهين ولو سافر المسافر في الحال طالبا للشفعة لم تسقط شفعته بترك الاشهاد ولا يكون الاشهاد
واجبا وكذا لو بعث وكيله في الحال ولم يشهد وللشافعي
قولان وكذا لو كان حاضرا في البلد فخرج في الحال إلى المشترى أو إلى الحاكم ولم يشهد. مسألة. إذا علم بالشفعة مضى إلى المشترى ولا يحتاج أن يرفع إلى الحاكم
لان الشفعة تثبت بالنص والاجماع فلا يفتقر إلى الحاكم كمدة الايلاء والرد بالعيب وبه قال الشافعي فإذا لقى المشترى بدأه بالسلام لأنه سنة قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه فيقول السلام عليكم أو سلام عليكم ولا يبطل بذلك شفعته قال الجويني ومن عذر في اشتراط قطع ما هو مشغول به من
الطعام وقضاء الحاجة لم يبعد أن يشترط فيه ترك الابتداء بالسلام وكذا لا تبطل لو قال عقيب السلام حديثا آخر يتصل بالسلام كقوله بارك الله لك في صفقة يمينك قال
الشافعي لا تبطل الشفعة لان ذلك يتصل بالسلام ويكون دعاء لنفسه لان الشقص يرجع إليه وله قول آخر البطلان ولو قال غير ذلك فقد أخر الشفعة لغير عذر ولو قال
عند لقائه بكم اشتريته لم تبطل شفعته وهو أحد قولي الشافعية لافتقاره إلى تحقق ما أخذ به وقال الباقون تبطل لأنه تأخير لان من حقه أن يظهر الطلب ثم يبحث ولو
قال اشتريت رخيصا وما أشبهه بطلت شفعته لأنه فضول. مسألة. ولو لم يمض الشفيع إلى المشترى ومشى إلى الحاكم وطلب الشفعة لم يكن مقصرا في الطلب سواء
ترك مطالبة المشترى مع حضوره أو غيبته أما لو اقتصر على الاشهاد بالطلب ولو لم يمض إلى المشترى ولا إلى القاضي مع إمكانه قال الشيخ (ره) لا تبطل شفعته لعدم الدليل عليه
وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يكون مقصرا وبطلت شفعته ولو جهل البطلان كان عذرا ولم يكن مقصرا كما لو جهل أصل الشفعة ولو كان المشترى غايبا رفع أمره إلى القاضي
وأخذه ولم يكف الاشهاد ولو لم يتمكن من الرفع إلى المشترى ولا إلى القاضي كفاه الاشهاد على الطلب فإن تمكن بعد ذلك من المضي إلى المشترى أو القاضي فالأقرب عدم
الاكتفاء بالاشهاد السابق فيكون مقصرا لو لم يمض إلى أحدهما لان الالتجاء إلى الاشهاد كان لعذر وقد زال ولو لم يتمكن من المضي إلى أحدهما ولا من الاشهاد فهل
يؤمر أن يقول تملكت الشقص أو أخذته الأقرب ذلك لان الواجب الطلب عند القاضي أو المشترى فإذا فات القيد لم يسقط الآخر وللشافعية وجهان. مسألة. لا يجب
الطلب في بلد المبايعة فلو باع الشقص بمصر ثم وجد الشفيع المشترى بمصر آخر فأخر الطلب فلما رجعا إلى مصره طالبه بالشفعة لم يكن له ذلك وسقطت شفعته فإن
اعتذر الشفيع عن التأخير بأني إنما تركت الطلب لا آخذ في موضع الشفعة لم يكن ذلك عذرا وقلنا له ليس تقف المطالبة على تسليم الشقص فكان ينبغي أن تطلبها
حال علمك بها فبطل حقك لاستغناء الاخذ عن الحضور عند الشقص مسألة. لو أظهر المتبايعان إنهما تبايعا بألف فترك الشفيع الشفعة فعفى أو توافي في
الطلب ثم بان أنهما تبايعاه بأقل من ذلك لم تسقط الشفعة وكان للشفيع المطالبة بها لاحتمال أن يكون الترك لأجل كثرة الثمن فإذا كان أقل منه رغب فيه فلم يسقط بذلك
الترك شفعته وكذا لو بلغه إنه باعه بالثمن المسمى سهاما قليلة ثم ظهر إنها كثيرة وكذا إذا كانا قد أظهر إنهما تبايعا ذلك بالدنانير فترك ثم بان أنهما تبايعا ذلك بالدراهم
تثبت الشفعة سواء كانت بقيمة الدراهم أو أكثر أو أقل وبه قال الشافعي وزفر لأنه قد يكون له غرض في ذلك بأن يكون مالكا لاحد النقدين دون الذي وقع التبايع
به وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إذا كانت قيمتها سواء سقطت شفعته وبه قال بعض الشافعية لأنهما يجريان مجرى الجنس الواحد وكذا إن أظهر له إن زيدا
اشتراها فترك الشفعة فبأن أن المشترى عمرو وإن زيدا كان وكيلا لعمرو لم تبطل الشفعة وكان له المطالبة بها لاحتمال أن يكون يرضى بشركة زيد ولا يرضى بشركة
عمرو ولو ظهر كذب نوع الثمن فقال اشتريته بدراهم راضية فترك الشفعة فظهر انه اشترى بدراهم رضوية لم تبطل شفعته وكان له الطلب وكذا لو أخبر بأن المشترى
اشترى النصف بمائة فترك الشفيع ثم ظهر إنه اشترى الربع بخمسين أو بالعكس تثبت الشفعة لأنه قد يكون له غرض في القليل وقد يكون له أيضا غرض في الكثير وكذا
لو قيل له باع كل نصيبه فترك ثم ظهر بعضه أو بالعكس أو أنه باعه بثمن حال فترك ثم ظهر إنه مؤجل أو إنه باعه إلى شهر فترك فظهر انه إلى شهرين أو بالعكس أو أنه باع رجلين
فبأن رجلا أو بالعكس فترك الشفعة قبل ظهور (الحال لم تبطل صح) الشفعة لاختلاف الغرض بذلك ولو ظهر بأن الثمن عشرة فترك الشفعة ثم ظهر أن الثمن عشرين أو أخبر بأن الثمن
مؤجلا فترك فبأن حالا أو إن المبيع الجميع بألف فبأن إن البعض بألف بطل حقه من الشفعة قطعا ولو أخبر انه اشترى النصف بمائة فترك الشفعة ثم ظهر إنه اشترى
الربع بخمسين أو بالعكس يثبت الشفعة لأنه قد يكون له غرض في القليل أو الكثير ولو بلغه إن المشترى واحد فترك الشفعة ثم ظهر إنه ذلك الواحد وآخر فله الشفعة
من كل منهما ومن أحدهما إن قلنا بثبوت الشفعة مع الكثرة لأنه ترك الذي ترك له على أنه اشترى الجميع فإذا كان اشترى البعض يثبت له وأما الآخر فلم يتركه له. مسألة
لو أخر الطلب واعتذر بحصول مرض أو حبس أو غيبة وأنكر المشترى قدم قول الشفيع إن علم حصول العارض الذي أدعاه له وإن لم يعلم له هذه الحال قدم قول
المشترى لأصالة العدم وأصالة عدم الشفعة ولو قال لم اعلم ثبوت حق الشفعة فإن كان قريب العهد بالاسلام أو قال أخرت لانى لم أعلم أن الشفعة على الفور
أو نشاء في برية لا يعرفون الاحكام قبل قوله وله الاخذ بالشفعة وإلا فلا. مسألة. لو ضمن الشفيع العهدة للمشترى أو ضمن الدرك للبايع عن المشترى
قال الشيخ (ره) لا تسقط شفعته وبه قال الشافعي وكذا إذا شرطا الخيار للشفيع إذا قلنا بصحة اشتراط الخيار للأجنبي لان هذا سبب سبق وجوب الشفعة فلا تسقط به
كما إذا أذن له في البيع أو عفى عن الشفعة قبل تمام البيع وقال أهل العراق إنه تسقط الشفعة لأن العقد تم به فأشبه البايع إذا باع بعض نصيبه لولا شفعة له قالت الشافعية
هذا ليس بصحيح لان البيع لا يقف على الضمان ويبطل به إذا كان المشترى شريكا فإنه يثبت له الشفعة بقدر نصيبه والقول ببطلان الشفعة لا بأس به عندي
لدلالة ذلك على الرضا بالبيع قال الشيخ (ره) ولو كان الشفيع وكيلا في البيع لم يسقط شفعته سواء كان وكيلا للبايع في البيع أو للمشترى الشراء وبه قال الشافعي لعدم
605

الدليل على سقوط الشفعة بالوكالة وقال بعض الشافعية إن كان وكيلا للبايع فلا شفعة له وإن كان وكيلا للمشترى ثبتت له الشفعة والفرق إنه إذا كان وكيلا في
البيع لحقته التهمة وفي الشراء لا تهمة وقال أهل العراق إذا كان وكيلا للمشترى سقطت شفعته بناء على أصلهم إن الوكيل يملك ولا يستحق على نفسه الشفعة ويحتمل.
عندي قويا بطلان الشفعة لان التوكيل يدل على الرضاء بالبيع. مسألة. لو أذن الشفيع في البيع فقال بع نصيبك وقد عفوت عن الشفعة أو أبرء عن الشفعة
قبل تمام البيع أو أسقط حقه أو عفى قبل العقد لم تسقط شفعته وبه قال الشافعي وحكى عن عثمان البتي إنه قال تسقط الشفعة لرواية جابر عن النبي صلى الله عليه وآله إنه
قال الشفعة في كل شرك بأرض أو ربع أو حايط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع فأجاز تركه والمراد العرض على الشريك ليبتاع ذلك إن أراد فيخف بذلك
مؤنة عليه في أخذ المشترى من الشقص لان قوله (ع) فيأخذ ليس بالشفعة لان العرض متقدم على البيع والاخذ متعقب للعرض فقوله أو يدع أي يدع الشراء لا أنه يسقط حقه
بتسليمه والأصل فيه إن ذلك إسقاط حق قبل وجوبه فلا يصح كما لو أبرأه مما يدينه إياه وكذا لو قال للمشترى اشتر فلا أطالبك بالشفعة وقد عفوت عنها لم يسقط
حقه بذلك فروع - آ - إذا شهد الشفيع على البيع لم تبطل شفعته بذلك لأنه قد يريد البيع ليأخذه بالشفعة وكذا في الاذن بالبيع على ما تقدم - ب - لو بارك
للبايع فيما باع أو للمشترى فيما اشترى لم تسقط شفعته وقد سلف - ج - لو قال الشفيع للمشترى بعني أو قاسمني بطلت شفعته لأنه يتضمن الرضا بالبيع واجازته له - د -
لو شرط الخيار للشفيع فاختار الامضاء سقطت شفعته ان ترتبت على اللزوم. مسألة. لو باع أحد الشركين نصيبه ولم يعلم شريكه حتى باع نصيبه ثم علم
بيع شريكه فالأقرب عدم الشفعة لأنها إنما ثبتت لزوال الضرر بها عن نصيبه فإذا باع نصيبه فلا معنى لاثباتها كما لو وجد بالمبيع عيبا ثم زال قبل علم المشترى وهو أحد
قولي الشافعي والثاني انه تثبت له الشفعة في النصيب الأول لأنه استحق فيه الشفعة بوجود ملكه حين التبايع فلم يؤثر زوال ملكه بعد ذلك وكذا البحث لو وهب نصيبه
قبل علمه بالبيع ثم علم وكذا لو تقايلا في هذا بالبيع الثاني إذا عرفت هذا فان قلنا لا شفعة له فللمشتري منه الاخذ بالشفعة لوجود المقتضى وهو الشركة وإن قلنا
له الشفعة فالأقرب عدم استحقاق المشترى منه للشفعة إن قلنا بانتفاء الشفعة مع الكثرة وإلا فإشكال أقربه ذلك أيضا لان الشفعة استحقها البايع الجاهل لسبق
عقد الشفعة على عقده فلا يستحقها الاخر لامتناع استحقاق المستحقين شيئا واحدا ولو كان الجاهل قد باع نصف نصيبه وقلنا بالشفعة مع الكثرة فوجهان أحدهما
إنه تسقط الشفعة وهو أحد قولي الشافعي كما إذا عفى عن بعض الشفعة والثاني لا يسقط لأنه قد بقى من نصيبه ما يستحق به الشفعة في جميع المبيع لو انفرد كذا إذا بقى و
لأنه معذور بجهله وقد بقيت الحاجة الموجبة للشفعة للمشاركة ولو باع الشفيع نصيبه عالما أو وهبه عالما بثبوت الشفعة بطلت شفعته سواء قلنا إن الشفعة
على الفور أو على التراخي لزوال ضرر المشاركة ولو باع بعض نصيبه عالما فإن قلنا ببطلان الشفعة مع الكثرة فكذلك لتكثر الشركاء وإن قلنا بثبوتها معها فالأقرب
البطلان أيضا لثبوت التضرر بالشركة فلا أثر للشفعة في زوالها ويحتمل عدم البطلان لان تضرر الشركة قد يحصل مع شخص دون آخر ولهذا قلنا إنه إذا بلغه ان المشترى
زيد فترك الشفعة ثم بان إنه عمرو لم تبطل شفعته كذا هنا أما لو طلب بالشفعة فامتنع عليه المشترى من الدفع بعد ان بذل له المال لم تسقط شفعته فإن باع نصيبه حالة المنع
منها ثم تمكن من الطلب ففي ثبوته إشكال ينشأ من استحقاقه للطلب أولا وقد طلب فلا تبطل شفعته بالبيع والبيع معذور فيه لامكان حاجته ومن بطلان العلة الموجبة للشفعة
وهي الشركة وهو أقرب ولو تملك بالشفعة فقال تملكت بالشفعة حالة منع المشترى منها فالأقرب إنه يملك الشقص بذلك فإذا باع نصيبه بعد ذلك لم تسقط شفعته
على هذا التقدير قطعا وكذا له النماء من المشترى والأجرة. مسألة. إذا وجبت الشفعة واصطلح الشفيع والمشترى على تركها بعوض صح عندنا وسقطت الشفعة
وبه قال مالك لعموم جواز الصلح ولأنه عوض على إزالة ملك في ملك فجاز كأخذ العوض على تمليك امرأته امرها في الخلع وقال أبو حنيفة والشافعي لا تصح المعاوضة إنه خيار
لا يسقط إلى مال فلا يجوز أخذ العوض عنه كخيار المجلس وهل تبطل الشفعة للشافعي وجهان أحدهما البطلان لأنه تركها بعوض لا يسلم له فكان كما لو تركها والثاني لا تسقط
لأنه لم يرض بإسقاطها مجانا وإنما رضي بالمعاوضة عنها فإذا لم يثبت له المعاوضة كانت الشفعة باقية وهذان الوجهان جاريان في الرد بالعيب إذا عاوض عنه وقلنا لا يصح
المعاوضة وعندنا إنه يصح المعاوضة أيضا. مسألة. إذا وجبت الشفعة في شقص فقال صاحب الشفعة أخذت نصف الشقص لم يكن له ذلك وهل تسقط شفعته
قال محمد بن الحسن وبعض الشافعية نعم لأنه إذا طلب بعضها فقد أخر بعضها فقد ترك شفعته في بعضها وإذا ترك بعضها سقطت كلها لأنها لا تتبعض وقال أبو يوسف
لا تسقط لان اختياره لبعضها طلب للشفعة ولا يجوز أن يكون هو بعينه تركا لها لعدم دلالة الشئ على نقيضه وإنه لما لم يجز له أن يأخذ بعضها دون بعض كان
طلب بعضها كطلب جميعها واعترض بأن طلب البعض لا يكون طلبا للجميع ولا معنى لطلب الجميع بطلب البعض ولا غرض فسقط. البحث السابع. في تفاريع القول بالشفعة
مع الكثرة. مسألة. اختلف القائلون بثبوت الشفعة مع الكثرة من أصحابنا ومن العامة هل هي على عدد الرؤس أو على قدر الانصباء فذهب بعض علمائنا
إلى أنها تثبت على عدد الرجال فلو كان لاحد الشركاء النصف وللباقين النصف الآخر بالسوية فباع صاحب الربع نصيبه كانت الشفعة بين صاحب النصف وصاحب
الربع بالسوية وبه قال الشعبي والنخعي وابن أبي ليلى وابن شبرمة وأبو حنيفة وأصحابه والمزني والشافعي في أحد القولين واحمد في أحد الروايتين لقول أمير المؤمنين (ع)
الشفعة على عدد الرجال ولان كل واحد منهم لو انفرد كان له أخذ الكل فإذا اجتمعوا اشتركوا كالبنين في الميراث وكما لو كان لواحد من الثلاثة نصف عبد وللثاني
ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب الثلث والسدس حصتهما معا دفعة وهما موسران فإن النصف يقوم عليهما بالسوية وإن اختلف استحقاقهما وقال بعض علمائنا
إنه تثبت على قدر النصيب وبه قال عطا ومالك وإسحاق واحمد في الرواية الأخرى والشافعي في القول الآخر وهو مذهب سوار القاضي وعبيد الله بن الحسن العنبري لأنه
حتى يستفاد بسبب الملك فكان على قدر الاملاك كالغلة ثم نقضوا الأول بالفرسان والرجال له القيمة من انفرد منهم استحق الكل وإذا اجتمعوا تفاضلوا وكذا
أصحاب الديون إذا كان من عليه الدين ماله مثل أقل الديون والمعتقان استويا لان العتق إتلاف النصيب الباقي وسبب الاتلاف يستوى فيه القليل والكثير كالنجاسة
تقع في المايع وهنا يستحق بسبب الملك فافترقا والفرق ظاهر فإن الفرس كالفارس فلا تفاضل في الحقيقة والدين كالكسب الحاصل لأرباب الديون فكانوا فيه على قدر
رؤوس أموالهم إذا ثبت هذا فإن قلنا الشفعة على عدد الرؤس فلا بحث فإن قلنا على قدر الانصباء فلو كان لأحدهما النصف وللآخر الربع والمبيع الربع استحق صاحب النصف
ثلثي المبيع وصاحب الربع ثلثه فيقسم الجملة من اثني عشر لصاحب النصف ثمانية ولصاحب الربع أربعة فقد صار لأحدهما الثلثان وللآخر الثلث. مسألة. إذا تزاحم
الشركاء فالأقسام ثلاثة الأول ان يتفقوا على الطلب فإن كانوا حاضرين بأجمعهم حالة البيع فتثبت بينهم الشفعة على عدد الانصباء أو على عدد الرؤس فلو كانت الدار
بين أربعة بالسوية باع أحدهم نصيبه كان للثلاثة الباقية اخذها بالشفعة فتصير الدار أثلاثا بعد إن كانت أرباعا
الثاني أن لا يكونوا بأجمعهم حاضرين فأما إن يكونوا بأجمعهم
606

غيابا أو بعضهم وعلى كلا؟ التقديرين لا يسقط شفعة الغائب بغيبته مع التأخر لمكان العذر فإن قدموا بأجمعهم فحكمهم حكم الحاضرين وإن حضر بعضهم فحكمه حكم ما إذا غاب
البعض خاصة إذا ثبت هذا فإن كان الحاضر واحدا أو قدم بعد غيبة الجميع فليس له أخذ حصته فقط لما فيه من التبعيض والشفعة وضعت لإزالته فلا يكون سببا فيه ولما فيه
من تضرر المشترى ولا يكلف الصبر إلى حضور الغياب لأنه إضرار به والمشترى بل يأخذ الجميع لان الحاضر هو المستحق للجميع بطلبه والغياب لم يوجد منهم مطالبة بالشفعة فحينئذ
إما أن يأخذ الحاضر الجميع أو يترك ولو كان الحاضر اثنين أو قدم اثنان تساويا في أخذ الجميع أو الترك الثالث أن يطلب بعض الشركاء ويعفو بعضهم فالطالبون (بالخيار صح) بين أخذ
الكل أو تركه ولو كان الباقي واحدا لان الشفعة إنما تثبت بسوء المشاركة ومؤنة القسمة فإذا أراد أن يأخذ من المشترى بعض الشقص لم يزل الضرر الذي لأجله تثبت
الشفعة لان الشفعة إنما يثبت لإزالة الضرر عنه وفي تبعيض الشقص إضرار بالمشترى فلا يزال الضرر بإلحاق ضرر. مسألة. ليس للشفيع تشقيص الشفعة بل أمان
يأخذ بالجميع أو يترك الجميع لما في التشقيص من الاضرار بالمشترى إذا ثبت هذا فلو عفى عن بعض الشفعة سقطت شفعته كالقصاص وهو أحد وجوه الشافعية
والثاني لا يسقط شئ كعفوه عن حد بعض القذف والثالث يسقط ما عفى عنه ويبقى الباقي قال الصيد لانى؟ منهم موضع هذا الوجه ما إذا رضي المشترى بتبعيض الصفقة
فإن أبى وقال خذ الكل أو دعه فله ذلك وقال الجويني هذه الأوجه إذا لم يحكم بأن الشفعة على الفور فإن حكمنا به فطريقان منهم من قطع بأن العفو عن البعض تأخير لطلب
الباقي ومنهم من احتمل ذلك إذا بادر إلى طلب الباقي وطرد الوجه إذا تقرر هذا فنقول إذا استحق اثنان شفعة فعفى أحدهما عن حقه سقط نصيب العافي ويثبت جميع
الشفعة للآخر فإن شاء أخذ الجميع وإن شاء تركه وليس له الاقتصار على قدر حصته لئلا تتبعض الصفقة على المشترى وهو أحد وجوه الشافعية والثاني إنه يسقط
حقهما وهو اختيار ابن شريح كالقصاص والثالث لا يسقط حق واحد منهما تغليبا للثبوت والرابع يسقط حق العافي وليس لصاحبه أن يأخذ إلا قسطه وليس للمشترى إلزامه
بأخذ الجميع هذا إذا ثبت الشفعة لعدد ابتداء ولو ثبت لواحد فمات عن اثنين فعفى أحدهما فهل له كما لو ثبت لواحد فعفى عن بعضها أم كثبوتها لاثنين عفى أحدهما للشافعية
وجهان تذنيب لو كان للشقص شفيعان فمات كل عن اثنين فعفى أحدهم عن حقه فللشافعية وجوه - آ - إنه تسقط جميع الشفعة - ب - يبقى جميع الشفعة للأربعة
لبطلان العفو - ج - يسقط حق العافي وأخيه خاصه لاتحادهما في سبب الملك ويأخذان الآخران - د - ينتقل حق العافي إلى الثلاثة فيأخذون الشقص أثلاثا - ه‍ - يستحق حق العافي
للمشترى ويأخذ الثلاثة ثلاثة أرباع الشقص - و - ينتقل حق العافي إلى أخيه فقط وعلى ما اخترناه نحن قبل ذلك فالوجه المعتمد هو الخامس من هذه الوجوه. مسألة
لو مات عن اثنين وله دار فهي بينهما بالسوية فلو مات أحدهما وورثه إبنان له فباع أحدهما نصيبه فإن الشفعة تثبت لأخيه وعمه وبه قال الشافعي في الاملاء قال وهو
القياس وبه قال أبو حنيفة واحمد والمزني لأنهما شريكان حال ثبوت الشفعة فكانت الشفعة بينهما كما لو ملك الثلاثة بسبب واحد وقال في القديم إن أخاه أحق بالشفعة
وبه قال مالك لان الأخ أخص بشركته من العم لاشتراكهما في سبب الملك ولهذا لو قسمت الدار كانا حزبا والعم حزبا آخر فلا معنى للاختصاص لأن الاعتبار بالشركة لا بسببها وأما
القسمة فإن القاسم يجعل الدار أربعة أجزاء اثنان للعم ولكل واحد جزء كما يفعل ذلك في الفرايض فروع - آ - لو قلنا يختص بالأخ كما هو أحد قولي الشافعي لو عفى عن الشفعة
ففي ثبوتها للعم عند الشافعية وجهان أحدهما إنها لا تثبت لأنه لو كان مستحقا لما تقدم عليه غيره والثاني تثبت له لأنه شريك وإنما يقدم الأخ لزيادة قربه كما إن المرتهن
يقدم في المرهون على باقي الغرماء فلو أسقط حقه أمسكه الباقون - ب - هذا الحكم لا يختص بالأخ والعم بل في كل صورة ملك شريكان عقارا بسبب واحد وغيرهما من الشركاء
بسبب آخر فلو اشترى نصف دار واشترى آخران النصف الآخر ثم باع أحد الآخرين نصيبه فهل الشفعة للآخر الذي يشاركه في الشراء خاصة أو له وللأول صاحب النصف للشافعي
قولان لاختلاف سبب الملك وكذا لو ورث ثلاثة دارا فباع أحدهم نصيبه من اثنين وعفى الآخر ثم باع أحد المشتريين نصيبه فهل تثبت الشفعة للمشترى الآخر لذلك
على القولين - ج - لو مات صاحب عقار وخلف ابنتين وأختين فالمال بأجمعه عندنا للبنتين وعند العامة للبنتين الثلثان وللأختين الثلث فلو باعت إحدى الأختين
نصيبها فهل تثبت الشفعة فالمال لأختها أو لها وللبنتين للشافعية وجهان أحدهما إن ذلك مبنى على القولين الذين ذكرناهما لاختلاف سبب الملك والثاني إنهم يشتركون
في الشفعة قولا واحدا لان السبب واحد وهو الميراث وإن اختلف قدر الاستحقاق - د - لو مات الرجل عن ثلاث بنين وخلف دارا ثم مات أحدهم وخلف ابنين فباع
أحد العمين نصيبه فهل يكون العم الآخر أحق بالشفعة أو يشترك هو وابنى أخيه للشافعية وجهان أحدهما ان ذلك على القولين والثاني إنهم يشتركون والفصل بين هذه
وما تقدم من مسألة الأخ والعم إن هنا يقوم أبناء الميت منهم مقام أبيهم ويخلفونه في الملك ولو كان أبوهم باقيا شارك أخاه في الشفعة فلهذا شاركوه وفي مسألة الأخ
والعم البايع ابن أخيهم وهم لا يقومون مقام أخيهم وإنما يقومون مقام أبيهم - ه‍ - إذا قلنا إن الشفعة للجماعة قسم بينهم إما على قدر النصيب أو على عدد الرؤس فإن قلنا
إن الشفعة لشريكه في النصيب دون غيره فلو عفى عن الشفعة فهل تثبت للشريك الآخر للشافعية وجهان أحدهما (انه لا يثبت لأنه شريكه وإنما يقدم عليه من كان أخص بالبايع فإذا
عفى ثبت للشريك الآخر كما لو قتل واحد جماعة واحدا بعد واحد) ثبت القصاص للأول فإذا عفى الأول ثبت القصاص للثاني كذا هنا. مسألة. قد ذكرنا إنه إذا قدم
واحد من الأربعة وتخلف اثنان وكان الرابع قد باع نصيبه أو كان واحد من الثلاثة حاضرا فإنه إما أن يأخذ الجميع أو يترك الجميع وليس له أخذ نصيبه لما فيه من تضرر المشترى
فإن أخذ الجميع ثم قدم ثان أخذ منه النصف لأنه لا شفيع الان غيرهما ووجدت المطالبة منهما دون الثالث وكانت الشفعة بينهما فإن قدم الثالث أخذ منهما الثلث ليكونوا
سواء فإن عفى الثاني استقر على الأول وإن عفى الثالث استقر عليهما ولو كان للشقص غلة حصلت في يد الأول لم يشاركه الثاني فيها لأنه ملك الجميع بالأخذ وقد
حصل النماء في ملكه فكانت كما لو انفصلت في يد المشترى قبل الاخذ بالشفعة وكذا إن أخذ الثاني وحصلت الغلة في يده لم يشاركه الثالث فيها ولو خرج الشقص مستحقا
قال أكثر الشافعية إن العهدة على المشترى يرجع الثلاثة عليه ولا يرجع أحدهم على الآخر لان الشفعة مستحقة عليهم وقال بعض الشافعية يرجع الثاني على الأول والثالث
يرجع عليهما والأول يرجع على المشترى لان الثاني أخذ من الأول ودفع الثمن إليه وقال بعض الشافعية هذا الخلاف في الرجوع بالمغروم من أجرة ونقص قيمة الشقص فأما
الثمن فكل يسترد ما يسلمه ممن سلمه إليه بلا خلاف وهو المعتمد مسألة. لو قال الأول لا آخذ الجميع وإنما انتظر مجئ الشركاء ليأخذوا أو يعفوا فالأقرب عدم سقوط شفعته
بذلك لان له غرضا في الترك وهو أن لا يأخذ ما يؤخذ منه ويحتاج إلى ثمن كثير ربما لا يقدر عليه في تلك الحال ومع ذلك يؤدى حاله إلى عدم التمكن من العمارة على ما يريده
وربما انتزع منه فيضيع تعبه وهو أحد قولي الشافعية والثاني إنه تسقط شفعته لأنه يمكنه الاخذ فلم يفعل فبطلت وليس بجيد لعدم تمكنه من أخذ حق لا ينازعه
فيه غيره ولو قال الثاني لا آخذ النصف بل الثلث خاصة لئلا يحضر الثالث فيأخذ منى فله ذ لك لأنه يأخذ دون حقه بخلاف الأول لان آخذه لبعض الشقص
تبعيض للشقص على المشترى وهو أصح وجهي الشافعية ويشكل بأنه يريد أن يأخذ بعض ما يخصه وليس لاحد الشفيعين أن يأخذ من الأول نصف ما يخصه فإن أخذ الثلث
607

إما على هذا الوجه أو بالتراضي وهو سهمان من ستة ثم قدم الثالث فله أن يأخذ من الأول نصف ما في يده فإن أخذه فلا كلام وإن أراد أن يأخذ من الثاني ثلث ما في يده
فله ذلك لان حقه ثابت في كل جزء ثم له أن يقول للأول ضم ما معك إلى ما أخذته لنقسمه نصفين لأنا متساويان وتصح المسألة من ثمانية عشر لأنا نحتاج إلى عدد لثلاثة
ثلث وهو تسعة مع الثاني منها ثلاثة ومع الأول ستة فيأخذ الثاني من الثالث واحدا ويضمه إلى ما مع الأول وهو ستة فلا ينقسم نضرب اثنين في تسعة يبلغ ثمانية عشر
للثاني منها اثنان في اثنين أربعة يبقى أربعة عشر للأول والثالث نصفين وهذا التقسيم من ثمانية ربع الدار فيكون جملتها اثنين وسبعين قال بعض الشافعية
لما ترك الثاني سدسا للأول صار عافيا عن بعض حقه فيبطل جميع حقه على الأصح كما سبق فينبغي أن يسقط حق الثاني كله ويكون الشقص بين الأول والثالث فكان
الثالث يقول للأول نحن سواء في الاستحقاق ولم يترك واحد منا شيئا من حقه فنجمع ما معنا ونقسمه بخلاف الثاني لأنه ترك شيئا من حقه ولأنه لما قدم الثالث فله أن يأخذ من الثاني
ثلث ما في يده وذلك ثلثا سهم ولا يسقط حقه بما تركه في يد الأول ثم يضم ما معه إلى ما في يد الأول وهو أربعة أسهم فيكون أربعة أسهم وثلثي سهمان يقسمان نصفين لأنه
يطالب الأول بثلث نصيبه وهو سهم من ثلثة وثلث السهم الذي تركه الثاني لأنه لو أخذه لاخذ ثلثه وتبقى ثلثا هذا السهم تركه الثاني وسقط حقه عنه فيقتسمانه بينهما فيحصل
له ذلك من أربع جهات فان قدم الرابع أخذ من الثاني في سهما وهو ربع ما بيده وضمه إلى ما في يد الأول والثالث يصير خمسة عشر يقتسمونه أثلاثا لكل واحد خمسة. مسألة
لو أخذ الأول الشقص بالشفعة ثم وجد به عيبا فرده ثم قدم الثاني كان له أخذ جميع الشقص وبه قال الشافعي لان الشفيع فسخ تملكه ورجع إلى المشترى بالسبب الأول فكان للشفيع
الآخر أن يأخذه كما لو عفى وقال محمد بن الحسن الشيباني إنه لا يأخذ إلا حصته لان الأول لم يعف عن الشفعة وإنما رد ذلك لأجل العيب فلم يتوفر نصيبه على الآخر كما لو رجع إليه نصيب
أحدهما بسبب آخر والفرق بين صورة النزاع وبين عوده بسبب آخر ثابت لأنه عاد غير الملك الأول الذي تعلقت به الشفعة. مسألة. لو حضر اثنان وأخذ الشقص
واقتسماه كان للثالث بعد حضوره نقض القسمة والمطالبة بحصته من الشفعة وله أن يأخذ من كل واحد منهما ثلث ما في يده ويبقى القسمة بحالها إن رضي المتقاسمان بذلك
وإلا فلكل منهما الفسخ لأنه إنما رضي بأخذ الجميع والقسمة لم تقع فاسدة في نفسها بل وقعت صحيحة وتعقبها البطلان المتجدد فإذا لم يسلم له جميع ما وصل إليه كان
له الفسخ ولو قدم الثالث واحد الشريكين كان غايبا فإن قضى له القاضي على الغايب أخذ من الحاضر الثلث ومن الغايب الثلث وإن لم يقض أخذ من الحاضر الثلث لأنه قدر ما
يستحقه مما في يده وهو أحد وجهي الشافعية والثاني النصف لان أحدهما إذا كان غايبا صار كأنهما الشفيعان فيقتسمان بينهما بالسوية إذا ثبت هذا فإن حضر الغايب و
غاب هذا الحاضر فإن كان أخذ من الحاضر ثلث ما في يده أخذ من الذي كان غايبا وحضر ثلث ما في يده (وإن كان قد أخذ من الحاضر النصف مما في يده أخذ من هذا سدس ما في يده صح) فيتم بذلك نصيبه ويكون ذلك من ثمانية وأربعين والمبيع إثنا
عشر أخذ ستة. مسألة. لو كانت الدار بين ثلاثة فباع اثنان من رجل شقصا فقال الشفيع أنا آخذ ما باع فلان واترك ما باع فلان الآخر كان له ذلك لأن العقد إذا كان
في أحد طرفيه عاقدان كان بمنزلة العقدين وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وقد سلف ولو باع واحد من اثنين كان للشفيع أن يأخذ منهما أو من أحدهما دون الآخر وبه قال
الشافعي لأنهما مشتريان فكان للشفيع أخذ نصيب أحدهما وقال أبو حنيفة يجوز بعد القبض ولا يجوز قبله في إحدى الروايتين لأنه قبل القبض يكون تبعيضا للصفقة على
البايع بناء على أصله في أنه يأخذ المبيع منه وهو ممنوع على أن الباقي يأخذه المشترى الآخر وليس تبعيضا وكذا لو باع اثنان من واحد فإن للشفيع أن يأخذ الحصتين أو حصة
أحدهما دون الآخر لما تقدم خلافا لأبي حنيفة ولمالك ولو باع الشريكان من إثنن كان ذلك بمنزلة أربعة عقود وللشفيع أخذ الكل أو ما شاء منهما أما ثلاثة أرباع وهو نصيب أحد
المشتريين ونصف نصيب الآخر أو يأخذ نصف الجملة إما بأن يأخذ نصيب أحدهما أو نصف نصيب كل واحد أو يأخذ ربع الجملة وهو نصف نصيب أحدهما. مسألة
لو باع أحد الشريكين نصف نصيبه من رجل ثم باع منه الباقي ثم علم شريكه كان له أن يأخذ المبيع أولا خاصة أو ثانيا خاصة أو هما معا بالشفعة لان لكل واحد من العقد ين حكم
نفسه فإن عفى عن الأول وأراد أخذ الثاني لم يشاركه المشترى بنصيبه الأول لان ملكه على الأول لم يستقر لان للشفيع أخذه فلا يستحق به شفعته كما لو ارتهن بعضه واشترى
الباقي وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة ليس له أن يأخذ النصيبين معا وإنما له أن يأخذ الأول ونصف الثاني وبه قال بعض الشافعية لان ملكه ثبت له على الأول فإذا اشترى الثاني
كان شريكا له بالنصف. مسألة. إذا باع أحد الشريكين نصيبه من ثلاثة أنفس صفقة واحدة فإن عفى عن أحدهم صح عفوه ولم يجز للمعفو عنه مشاركته في الشفعة على
الآخرين لان ملك المعفو عنه لم يسبق ملكهما وإنما ملك الثلاثة دفعة واحدة وإنما يستحق الشفعة بملك سابق لملك المشترى فإن باع أحد الشريكين نصيبه من ثلاثة في ثلاثة
عقود على الترتيب فعفى الشريك عن المشترى الأول وطلب من الآخرين كان للمشترى الأول مشاركته في شفعة الآخرين لان ملكه سابق لشرائهما وكذا إن عفى عن الأول
والثاني شاركاه في حق الشفعة على الثالث ولو عفى عن الثاني خاصة كان له مشاركته في شفعة الثالث دون الأول ولو عفى عن الثالث خاصة لم يكن له مشاركته في شفعة الأولين ولو عفى
عن الثاني والثالث لم يشاركاه في شفعة الأول لأنهما حين وجوب الشفعة لم يكن لهما ملك. مسألة. فلو وكل أحد الشركاء الثلاثة ثانيهم فباع الوكيل نصيبه ونصيب موكله
صفقة واحدة كان للثالث الشفعة وليس للوكيل ولا للموكل شفعة على الآخر لعدم الأولوية ولأنهما بايعان وهل للثالث أن يأخذ أحد النصيبين دون الآخر الأقوى
ذلك لان المالك اثنان فهو كما لو توليا العقد وهو أحد قولي الشافعية والثاني ليس له لان العاقد واحد في الطرفين اعتبارا بالوكيل ولو كانت الدار لاثنين فوكل أحدهما الآخر
يبيع نصف نصيبه وجوز له أن يبيع نصيب نفسه إن شاء صفقة واحدة فباع كذلك وأراد الموكل أخذ نصيب الوكيل بالشفعة بحق النصف الباقي فله ذلك لان الصفقة
اشتملت على ما لا شفعة للموكل فيه وهو ملكه وعلى ما فيه شفعة وهو ملك الوكيل فأشبه من باع شقصين من دارين صفقة واحدة فإن كان الشفيع في إحديهما غير الشفيع
في الأخرى فلكل أن يأخذ ما هو شريك فيه سواء وافقه الآخر في الاخذ أو لا وإن كان شفيعهما واحدا جاز له أخذ الجميع وأخذ أيتهما شاء وهو أصح وجهي الشافعية
مسألة. لو كانت الدار لثلاثة نصفها لواحد ولكل واحد من الآخرين الربع فقارض أحد هذين الرجلين الآخر على ألف فاشترى العامل منهما نصف نصيب صاحب النصف
فلا شفعة هنا لان البايع لا شفعة له فيما باع والشريك الآخر (رب المال والثالث هو العامل صح) ورب المال والعامل بمنزلة الشريكين في المبتاع فلا يستحق أحدهما على الآخر شفعة فيما ابتاعه وهو أحد وجهي الشافعية
فإن باع الذي كان صاحب النصف الربع الذي بقى له من أجنبي فالشقص له للشفعة أثلاثا الثلث بالربع الذي لرب المال والثلث بالربع الذي للعامل والثلث لمال المضاربة
وكان مال القراض بمنزلة شريك آخر لان حكمه متميز عن مال كل واحد منهما. مسألة. لو اشترى بعيرا وشقصا بعبد وجارية وقيمة البعير والشقص
مأتان كل واحد بمائة وكذا قيمة العبد مائة وقيمة الجارية مائه يثبت الشفعة في الشقص بنصف قيمة العبد والجارية فإن تلف البعير قبل القبض بطل فيه العقد ولا
يبطل في الشقص وهو أحد قولي الشافعية في طريق تفريق الصفقة فإن قلنا يبطل بطل الكل سقطت الشفعة وإن قلنا يصح في الشقص صح فيه بنصف العبد والجارية
وأخذه الشفيع بقيمة ذلك وإن تلف العبد بطل العقد في نصف البعير ونصف الشقص وأخذ الشفيع نصف الشقص بنصف قيمة الجارية مسألة
608

لو كانت الدار بين أربعة بالسوية فاشترى اثنان منهم من واحد نصيبه وهو الربع استحق الذي لم يشتر عليهما الشفعة واستحق كل واحد من المشتريين لأنه شريك فلا يسقط حقه
من الشفعة ويبسط الدار ثمانية وأربعين سهما فالربع اثني عشر وفيه أربع صور - آ - أن يطالب كل واحد بشفعة يقتسمون المبيع أثلاثا فيحصل لكل واحد أربعة - ب - أن يعفو
كل واحد من الشريكين عن صاحبه ويطالب الذي لم يشتر فإنه يأخذ من كل واحد منهما نصف ما في يده لأنه مما اشتراه كل واحد شريكه في الشفعة إذ لا شفعة فيه إلا لهما فيحصل
للذي لم يشتر نصف السهم ستة ولكل واحد من المشتريين ثلثة أسهم - ج - أن يعفو الذي لم يشتر خاصة فكل واحد من المشتريين يأخذ من صاحبه ما في يده
فيكون ذلك قدر ما اشتراه لكل واحد ستة - د - أن يعفو الذي لم يشتر عن أحدهما دون الآخر فإنه يأخذ ممن لم يعف عنه سهمين ويبقى معه أربعة أسهم يأخذ منها
المعفو عنه سهمين ويأخذ الذي لم يعف عنه من المعفو عنه ثلاثة أسهم نصف ما في يده لأنه لا شفيع في هذا السهم سواهما فيحصل مع كل واحد منهما خمسة ومع العافي
سهمان. البحث الثامن. في الحيل المسقطه للشفعة. مسألة. يجوز استعمال الحيل بالمباح مطلقا عندنا وعند جماعة من العامة خلافا لأحمد بن حنبل فإذا
أراد أن يشترى الشقص ولا يلزمه شفعة أمكنه أن يشتريه بثمن مشاهد لا يعلمان قدره ولا قيمته إذا لم يكن من المكيلات والموزونات ثم يخرجه عن ملكه بتلف أو غيره بحيث
لا يتمكن من العلم به وقت المطالبة بالشفعة فإذا طولب بالشفعة وتعذر عليه معرفة الثمن سقطت الشفعة فإن ادعى الشفيع إن الثمن كان معلوما وذكر قدره فأنكر المشترى
قدم قول المشترى مع اليمين ولو كان الثمن مكيلا أو موزونا فقال المشترى إنه كان جزافا أو كان معلوما وقد نسيه لم يسمع منه في الجزاف عندنا وطولب بجواب صحيح فإن
أجاب وإلا جعل ناكلا ومن قال إنه يجوز البيع به هل يكون الجواب به أو بالنسيان صحيحا الأقرب عندي ذلك وهو قول أكثر الشافعية لان نسيان المشترى ممكن وقد يكون الثمن
جزافا عند مجوزيه فإذا أمكن حلف عليه وقال بعض الشافعية إنه لا يكون جوابا صحيحا فيقال له إما أن تجيب بجواب صحيح وإلا جعلناك ناكلا ويحلف الشفيع كما لو ادعى رجل على آخر
ألف درهم دينا فقال لا اعلم قدر دينك لم يكن جوابا والفرق إن المدعى يدعى عليه قدرا معينا وهو لا يجيب عنه لا بإقرار ولا بإنكار فلهذا جعلناه ناكلا وفي مسئلتنا قوله إن الثمن
كان جزافا أو لا أذكره إنكار للشفعة لأنه إذا كان كذلك لا يجب الشفعة نعم لو قال لا أدرى لك شفعة أم لا كان كمسألة الدين ولان الدين إن لم يعلمه من هو عليه يجوز أن يعلمه من
هو له فيجعل القول قوله مع يمينه وهنا هذا هو العاقد فإذا صح كان جزافا أو لا يعلم فلا طريق للشفيع إلى معرفته. مسألة. لو أتلف المشترى الثمن المعين قبل القبض وكان
قد قبض الشقص وباعه سقطت الشفعة وصح تصرف المشترى وكان عليه قيمة الشقص للبايع ولو أراد المتبايعان التوصل إلى رغبة الشفيع عن الشفعة اشتراه بألف إذا كان يساوى
مائة ثم يبيعه بالألف سلعة تساوى مائة فإذا أراد الشفيع أن يأخذ وجب عليه دفع الألف وكذا إذا باعه سلعة تساوى مائة ألف ثم اشترى الشقص المساوى مائة بألف
فإذا أراد الشفيع أن يأخذه أخذه بالألف وهذا يصح عندنا مطلقا وعند الشافعي إنما يصح إذا لم يشترط مشترى الشقص على بايعه أخذ السلعة بالثمن في العقد فإنه متى شرط ذلك بطل
العقد عنده ويحصل على المشترى بشراء ما يساوى مائة بألف غرر. مسألة. لو نقل الشقص بهبة أو صلح أو يجعله مال إجارة أو غيرها من العقود المغايرة للبيع فلا شفعة
عندنا ووافقنا الشافعي في كل عقد لا يشتمل على المعاوضة وعلى إنهما إذا اتفقا على أن يهب أحدهما الشقص للاخر ويهب الآخر الثمن ويكون هذا الاتفاق قبل عقد الهبة ويعقد
إنها مطلقة فلا تجب الشفعة ولو اتفقا على بيع الشقص بألف وهو يساوى مائة ثم يبرئه من تسعمائة بعد التزام البيع فتعاقدا على ذلك رغب الشفيع عن أخذه لأنه لو طلبه لزمه.
الألف. مسألة. ومن الحيل أن يبيعه جزءا من الشقص بثمنه كله ويهب له الباقي أو يهبه بعض الشقص أو يملكه إياه بوجه آخر غير البيع ثم يبيعه الباقي فإنه لا
شفعة عند من يبطلها مع الكثرة أو يبيعه بثمن حاضر مجهول القدر عند من يجوزه ويقبضه البايع ولا يزنه بل ينفقه لو يمزجه بمال له مجهول فتندفع الشفعة على أصح قولي
الشافعية ولو باع بعض الشقص ثم باع الباقي لم يكن للشفيع أخذ جميع المبيع ثانيا على الوجهين ولو وكل البايع شريكه بالبيع فباع لم يكن له الشفعة على أحد الوجهين. مسألة
لا يكره دفع الشفعة بالحيلة إذا ليس فيها دفع حق عن الغير فإن الشفعة إنما تثبت بعد البيع مع عدم المعارض فإذا لم يوجد بيع أو وجد معارض الشفعة فلا شفعة لعدم
الثبوت وبه قال أبو يوسف وقال محمد بن الحسن يكره وللشافعية وجهان أصحهما عندهم الثاني ولا يكره عندهم دفع شفعة الجار بالحيلة قطعا ولو اشترى عشر الدار بتسعة
أعشار الثمن فلا يرغب الشفيع لكثرة الثمن ثم يشترى تسعة أعشار بعشر الثمن فلا يتمكن الجار من الشفعة لان المشترى حالة الشراء شريك في الدار والشريك مقدم على الجار
أو يحظ البايع على طرف ملكه خطا مما يلي دار جاره ويبيع ما وراء الحظ لان ما بين ملكه وبين المبيع فاصلا ثم يهبه الفاضل. البحث التاسع. في اللواحق. مسألة
لو مات المديون وله شقص يستوعبه الدين فبيع شقص في شركته كان للورثة الشفعة لان الدين لا يمنع انتقال
الملك إلى الورثة على ما يأتي وبه قال الشافعي خلافا لأبي
حنيفة وبعض الشافعية ولو كان للمديون دار فبيع بعضها في الدين لم يكن للورثة الشفعة لان البيع يقع لهم فلا يستحقون الشفعة على أنفسهم ولو كان الوارث شريك الموروث
فبيع نصيب الموروث في دينه يثبت الشفعة للوارث بنصيبه الذي كان يملكه لان البيع على الميت إنما كان بسبب دينه الذي ثبت عليه في حال الحياة فصار البيع
كأنه قد وقع في حال الحياة والوارث كان شريكه في حال الحياة فيثبت له الشفعة ولا يلزم إذا كان الدار للموروث فبيع بعضها في دينه لأنا إذا جعلنا البيع كان وقع
في حال الحياة لم يكن الوارث شريكه في تلك الحال وهو قول بعض الشافعية وقال أكثرهم لا شفعة لان الدين لا يمنع انتقال الملك إلى الوارث فإذا بيع فقد بيع ملك
الوارث عليه فلا يستحق الشفعة كما لو كان على رجل دين وهو غايب فباع بعض داره ثم قدم لم يثبت له الشفعة كذا هنا وما ذكره أولا بعضهم فليس بشئ لأنه إنما
يلحق بحال الحياة إذا وجد سببه في حال الحياة وما لا يمكن ابتداؤه بعد الوفاة ولو كان كذلك لم يكن للوارث أن يقضى الدين من عنده ويمتنع من البيع وهذا عندي
هو المعتمد لا يقال هذا الدين وجب على الميت فلا يجوز أن يباع غيره فيه وإنما يجعل كأنه بيع عليه لأنا نقول من يقول إن الملك ينتقل إلى الوارث قد لزمه ما الزم لأنه
يبطل ملك الوارث لأجل دين الميت وعلى أن ذلك لا يمنع لان هذا الذي يتعلق بهذه العين لأنها ملكت من جهة السبب ألا ترى أن العبد إذا جنى تعلقت الجناية برقبته
وهي ملك لمولاه ويباع فيها وإن لم يكن الدين على مولاه. مسألة. لو كان لاحد الثلاثة نصف الدار ولكل من الآخرين ربع فاشترى صاحب النصف من أحد
شريكيه ربع والآخر غائب ثم باع صاحب ثلثه الأرباع ربعا منها لرجل ثم قدم الشريك الغايب كان له أخذ ما يخصه من المبيع الأول بالشفعة وهو ثمن ويأخذ المبيع
الثاني بأجمعه إذ لا شفيع غيره فإن أراد العفو عن الثاني والاخذ من الأول أخذ من المشترى الثاني سهما من ستة ومن الأول سهمين من ستة لأنا نفرض الدار أربعة
وعشرين سهما إذ لا يخرج صحيحة من أقل وإنما قلنا ذلك لان صاحب النصف اشترى الربع فكان بينه وبين الغائب نصفين إن قلنا إن للمشترى شفعة وإن
الشفعة على عدد الرؤس فإذا باع الربع مما في يده وفي يده ثلثه أو باع فقد باع ثلث ما في يده وهو ستة وبقى في يده اثني عشر وللغايب شفعة ثلاثة أسهم فإذا قدم أخذ
من المشترى ثلث ما استحقه وهو سهم واحد لأنه حصل له ثلث ما كان في يد بايعه وأخذ من الأول سهمين وإن جعلنا الشفعة على قدر النصيب فالذي يستحق الغائب
609

سهمان من الستة لان ملكه مثل نصف ملك المشتري حصل له في المبيع ثلثا سهم ويأخذ من المشترى الأول سهما وثلثا ومن الثاني ثلثي سهم هذا إذا عفى عن الثاني وإن
عفى عن الأول وأخذ من الثاني اخذ من المشترى ما اشتراه وهو ستة أسهم لان شريكه بايع فلا شفعة له وإن أراد أن يأخذ الشفعة بالعقدين أخذ ما في يد الثاني وأخذ
من الأول سهمين إن جعلنا الشفعة على عدد الرؤس وإن قلنا على قدر النصيب يأخذ سهما وثلثا. مسألة. لو بيع شقص وله شفيعان فعفى أحدهما ومات الآخر
وكان وارثه هو العافي كان له أن يأخذ الشقص بما ورثه من الشفعة ولا يبطلها العفو السابق لان العفو وقع عما يملكه بالأصالة بالميراث وكذا لو قذف رجل أباهما
وهو ميت فعفى أحدهما كان للآخر استيفاء الحد كملا فإن مات وكان العافي وارثه كان له استيفائه بالنيابة عن مورثه مسألة. قد سلف إن الإقالة لا توجب
الشفعة خلافا لأبي حنيفة وكذا الرد بالعيب وإن كان على سبيل التراضي وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة تثبت الشفعة إن وقع الرد بالتراضي لأنه نقل الملك بالتراضي
فأشبه البيع وهو خطا لأنه فسخ وليس بمعاوضة ولهذا يعتبر فيه العوض الأول فلم يثبت فيه الشفعة كالفسخ بالخيار ولم يقابله بل باعه المشترى من البايع بذلك الثمن
أو غيره كان للشفيع الشفعة لأنه عفى عما استحقه بالعقد الأول وهذا عقد يستحق به الشفعة فوجبت له. تذنيب إذا كان الثمن معينا فتلف قبل القبض
بطل البيع والشفعة لأنه تعذر التسليم فتعذر وإمضاء العقد بخلاف الإقالة والرد بالعيب ولو ظهر الثمن المعين مستحقا بطل البيع أيضا والشفعة ولو كان المشترى قد
باع الشقص قبل التلف صح بيعه وللشفيع أخذه بالشفعة وبطل بيع الأول أما لو باعه ثم ظهر استحقاق الثمن المعين بطل الثاني أيضا ولا شفعة لان المقتضى لبطلان
البيع الاستحقاق لا ظهوره اخر لو وجبت الشفعة وقضى له القاضي بها والشقص في يد البايع ودفع الثمن إلى المشترى فقال البايع للشفيع أقلني فأقاله لم يصح الإقالة
لأنها إنما تصح بين المتبايعين وليس للشفيع ملك من جهة البايع فإن باعه منه كان حكمه حكم بيع ما لم يقبض. مسألة. لو كان أحد الشريكين في الدار غايبا وله
وكيل فيها فقال الوكيل قد اشتريته منه لم يكن للحاضر أخذه بالشفعة لان إقرار الوكيل لا يقبل في حق موكله ولأنه لو ثبتت الشفعة للحاضر بمجرد دعوى الوكيل لثبت للوكيل
جميع توابع الملك فكان لو مات الموكل لم يفتقر الوكيل في دعوى الشراء منه إلى بينة بل يكتب الحاكم إلى حاكم البلد الذي فيه الموكل ويسأله عن ذلك وهو أحد وجهي الشافعية
والثاني إن الحاضر يأخذه بالشفعة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه لأنه أقر بحق له فيما يده ويذكر الحاكم ذلك في السجل فإن قدم الغايب وصدقه فلا كلام وإن أنكر البيع فإن
أقام مدعيه البينة بطل إنكاره وإن لم يقم بينة حلف المنكر ثم يرد النصف عليه وأجرة مثله وأرش نقصه إن كان وله أن يرجع بذلك على من شاء فإن رجع على الوكيل رجع
به على الشفيع وإن رجع على الشفيع لم يرجع به على الوكيل لان التلف حصل في يده وفي وجه للشافعية إنه يرجع عليه لأنه غره. مسألة. لو حكم حاكم شرع باعتقاده
إن الشفعة يثبت مع الكثرة لم يعترض عليه من لا يعتقد ذلك من الحكام وكذا عند الشافعي إذا قضى الحنفي بشفعة الجوار لم يعترض عليه في الظاهر وفي الحكم باطنا عندهم خلاف أما
نحن فإن كان الآخذ مقلدا وقلد من يجب تقليده كان مباحا له في الباطن وإن كان مجتهدا لم يجز له أن يأخذ على خلاف مذهبه. مسألة. لو اشترى الشقص بكف
من الدراهم لم يعلم وزنها أو بصبرة حنطة لا يعلم كيلها فعندنا يبطل البيع وعند من جوزه يكال أو يوزن ليأخذ الشفيع بذلك القدر فإن كان غايبا فتبرع البايع
بإحضاره أو أخبر عنه واعتمد قوله فذلك وإلا فليس للشفيع أن يكلفه الاحضار والاخبار عنه ولو هلك وتعذر الوقوف عليه تعذر الاخذ بالشفعة وهذا يتأتى
مثله عندنا وهو أن يبيع بما لا مثل له ثم يتلف قبل العلم بقيمته ولو أنكر الشفيع الجهالة فإن عين قدرا وقال للمشترى قد اشتريته بكذا وقال المشترى لم يكن قدره
معلوما فأصح القولين عند الشافعية انه يقنع منه بذلك ويحلف عليه وهو المعتمد عندي في عدم العلم بالقيمة وقال ابن شريح لا يقبل منه ذلك ولا يحلف بل إن صر
على ذلك جعل ناكلا وردت اليمين على الشفيع وكذا الخلاف لو قال أنسيت وإن لم يعين الشفيع قدرا لكن ادعى على المشترى إنه يعلمه وطالبه بالبيان فللشافعية وجهان
أصحهما عندهم لا يسمع دعواه حتى يعين قدرا فيحلف المشترى حينئذ إنه لا يعرف والثاني يسمع ويحلف المشترى على ما يقوله فان نكل حلف الشفيع على علم المشترى وحبس
المشترى حتى يتبين قدره فعلى الأول طريق الشفيع أن يعين قدرا فإن وافقه المشترى فذاك وإلا حلفه على نفيه فإن نكل استدل الشفيع بنكوله وحلف على ما عينه وإن حلف
المشترى زاد وادعى ثانيا وهكذا يفعل إلى أن ينكل المشترى فيستدل الشفيع بنكوله ويحلف وهكذا لان اليمين عندهم قد تستند إلى التخمين قالوا لهذا له أن يحلف
على خط أبيه إذا سكنت نفسه إليه وهذا باطل؟ وإن اليمين لا يصح إلا مع العلم والقطع دون الظن والتخمين. مسألة. لو خرج بعض الثمن مستحقا بطل البيع في ذلك
القدر ويخير المشترى في الفسخ والامضاء وهو أحد قولي الشافعي في تفريق الصفقة فإن اختار الامضاء فللشفيع الاخذ وإن اختار الفسخ وأراد الشفيع أخذه فالأقوى تقديمه
ويأخذ بالشفعة ويبطل فسخ المشترى لسبق حق الشفيع ولو ظهر استحقاق ما دفعه الشفيع لم تبطل شفعته سواء كان عالما بالاستحقاق أو جاهلا وللشافعية وجهان ولو
قال الشفيع تملكت بهذه الدراهم لم تسقط شفعته مع استحقاقها أيضا لعدم تعينها بالعقد وللشافعية قولان ثم إذا قال تملكت بهذه الدراهم حالة العلم بالاستحقاق
أو الجهل فلا يبطل حقه كما قلناه ويتبين إنه ملك بالقول لا بالدفع ولا يفتقر إلى تملك جديد وهو أحد قولي الشافعية والثاني إنه يفتقر إلى تجديد قوله تملكت ولو خرج
الذهب نحاسا فكالمستحق ولو خرج الثمن معيبا فإن رضي البايع لم يلزم المشترى الرضا بمثله بل يأخذ من الشفيع ما رفع عليه العقد. مسألة. قد بينا إن الشفعة موروثه
ويشترك الورثة فيها كما في الميراث وهو أحد قولي الشافعي على ما تقدم وفي الثاني على عدد الرؤس فلو مات الشفيع عن ابن وزوجة فللزوجة ثمن الشفعة والباقي للابن
وهو أصح طرق الشافعية والطريق الثاني القطع بالتسوية هنا والثالث على القولين. مسألة. لو كان بين اثنين دار بالسوية باع أحدهما نصف نصيبه لزيد ثم باع
النصف الآخر لعمرو فالشفعة في النصف الأول يختص بالشريك الأول ثم قد يعفو عنه وقد يأخذ
وفي النصف الثاني للشافعية وجوه أحدها أن يختص به الأول (والثاني يشترك فيه الأول والمشترى الأول وأصحهما عندهم إن عفى الشريك الأول صح) عن
النصف الأول اشتركا وإلا اختص به الشريك الأول. مسألة. لو كانت الدار لأربعة فباع أحدهم نصيبه والثلاثة غياب فقدم أحدهم وأخذ كل الشقص ثم نصب
الحاكم من يقسم على الغياب فاقتسما وبنى الحاضر فيما أصابه أو غرس ثم قدم الغايبان فهل لهما القلع مجانا فيه احتمال وللشافعي وجهان أصحهما عندهم إنه ليس لهما ذلك
كما إن الشفيع لا يقلع بناء المشترى وغراسه مجانا والثاني نعم لأنهما يستحقان كاستحقاق الأول فليس له التصرف حتى يظهر حالهما بخلاف الشفيع مع المشترى ولو حضر
اثنان فأخذا الشقص واقتسما مع القيمة في مال الغايب ثم قدم فله الاخذ وإبطال القسمة فإن عفى استمرت القسمة ولو أخذ اثنان فحضر الثالث فأراد أخذ ثلث ما في
يد أحدهما ولا يأخذ من الثاني شيئا فله ذلك كما للشفيع أن يأخذ نصيب أحد المشتريين دون الآخر. مسألة. لو وهب شقصا لعبده لم يصح على ما اخترناه نحن وعند الشيخ
إنه يملك ما يملكه مولاه وللشافعي كالقولين فعلى تقدير أن يملك لو باع شريك العبد حصته كان للعبد الاخذ بالشفعة والأولى افتقاره إلى إذن السيد لأنه محجور
عليه وللشافعية وجهان. مسألة لو كان بينهما دار فمات أحدهما عن حمل فباع الآخر نصيبه فهل للحمل شفعة الأقرب ذلك كما إنه يعزل له الميراث إذا ثبت هذا فان
610

خرج ميتا سقطت الشفعة وإن خرج حيا ومات ثبت لوارثه الشفعة فإن كان للميت وصى فهل له أخذها حالة الحمل الأقرب المنع لعدم تيقن حياته ولا ظن للحيوة لعدم الاستناد
إلى الاستصحاب بخلاف الغايب فإن خرج حيا كان له الاخذ فإن ترك كان للحمل مع بلوغه ورشده الاخذ ويحتمل العدم لان الحمل لا يملك بالابتداء إلا الوصية وقال
الشافعي لا يثبت للحمل شفعة لعدم تيقن الحياة فإن كان هناك وارث غير الحمل فله الشفعة وإن انفصل حيا فليس لوليه أن يأخذ شيئا من الوارث وهو ممنوع ولو ورث الحمل
شفعة عن مورثه فللأب أو الجد الاخذ قبل الانفصال وهو أحد وجهي الشافعية وقال ابن شريح ليس لهما الاخذ لأنه لا يتيقن وجود. مسألة. قد بينا إن الأقرب
ثبوت الشفعة في بيع الخيار ولا يسقط الخيار (عمن له الخيار سواء اشترك أجداد؟ والأب أو اشترك؟ أحدهما ولا يسقط خيار صح)؟ البايع وكذا لو باع الشريك ثبت للمشترى الأول الشفعة إن كان لبايعه خيار الفسخ وإن فسخ بعد الاخذ فالمشفوع
للمشترى وإن فسخ قبله فلا حق للبايع وفي المشترى إشكال. مسألة. لو باع المكاتب شقصا بمال الكتابة ثم فسخ السيد الكتابة لعجز لم تسقط الشفعة لأنها
تثبت أولا فلا تبطل بالفسخ المتجدد ولو عفى ولى الطفل عن أخذ الشفعة له وكانت الغبطة في الاخذ لم يصح العفو والأقرب إن للولي الاخذ بعد ذلك لبطلان العفو
ولا عبرة بالتأخير هنا لان التأخير حصل في حق الطفل لعذر وهو عفو الولي وتقصيره ويحتمل أن لا يكون للولي المطالبة لأنه عفى فلو أثبتنا له الطلب لادى إلى التراخي بخلاف
الصبى عند بلوغه لتجدد الحق له حينئذ ولو ترك لاعسار الصبى لم يكن له الاخذ بعد يساره ولا للصبي والمغمى عليه كالغايب وكذا السكران وإن كان عذره محرما وليس
لغرماء المفلس الاخذ بالشفعة بدله ولا لهم إجباره على الاخذ ولا منعه منه وإن لم يكن له فيها حظ نعم لهم منعه من دفع المال ثمنا فيها فإن رضي الغرماء بالدفع أو المشترى بالصبر
تعلق حق الغرماء بالمشفوع وإلا كان للمشترى الانتزاع. مسألة. لو كان لاحد الثلاثة النصف وللآخر الثلث وللثاني السدس فباع أحدهم وأثبتنا الشفعة مع
الكثرة فانظر مخرج السهام فخذ منها سهام الشفعاء فإذا علمت العدة قسمت المشفوع عليها ويصير العقار بين الشفعاء على تلك العدة فلو كان البايع صاحب النصف
بسهام الشفعاء ثلثة اثنان لصاحب الثلث وللآخر سهم فالشفعة على ثلثة ويصير العقار كذلك ولو كان صاحب الثلث فالشفعة أرباعا لصاحب النصف ثلاثة أرباع
وللآخر ربع ولو كان صاحب السدس فهي بين الآخرين أخماسا لصاحب النصف ثلثة وللآخر سهمان إن قلنا بثبوتها على قدر النصيب وإلا تساووا ولو وهب
بعض الشركاء نصيبه من الشفعة لبعض الشركاء أو غيره لم يصح. مسألة. لو باع شقصا من ثلاثة دفعة فلا شفعة لأحدهم ولو رتب فإن أخذ من اللاحق وعفى
عن السابق شاركه السابق ويحتمل عدمه لان ملكه حال شراء الثاني يستحق أخذه بالشفعة فلا يكون سببا في استحقاقها ولو أخذ من الجميع لم يشاركه أحد ويحتمل مشاركة
الأول الشفيع في شفعة الثاني ومشاركة الشفيع الأول والثاني في شفعة الثالث لأنه كان ملكا صحيحا حال شراء الثاني ولهذا يستحق لو عفى عنه فكذا إذا لم يعف
لأنه إنما يستحق الشفعة بالملك لا بالعفو كما لو باع الشفيع قبل علمه فحينئذ للشفيع سدس الأول وثلاثة أرباع سدس الثاني وثلاثة أخماس الثالث وللأول ربع سدس الثاني
وخمس الثالث وللثاني خمس الثالث فيصح من مائة وعشرين للشفيع مائه وسبعة وللأول تسعة وللثاني أربعة
وعلى الآخر للأول نصف سدس الثاني وثلث الثالث و
للثاني ثلث الثالث فيصح من ستة وثلاثين للشفيع تسعة وعشرون وللأول خمسة وللثاني اثنان. مسألة. لو باع أحد الأربعة وعفى آخر فللآخرين أخذ المبيع
ولو باع ثلثة في عقود ثلثة ولم يعلم الرابع ولا بعضهم ببعض فللرابع الشفعة على الجميع وفي استحقاق الثاني والثالث فيما باعه الأول واستحقاق فيما الثالث باعه الثاني وجهان
وفي استحقاق مشترى الربع الأول فيما باعه الثاني والثالث واستحقاق الثاني شفعة الثالث ثلاثة أوجه الاستحقاق لأنهما مالكان حال البيع وعدمه لتزلزل الملك
وثبوته للمعفو عنه خاصة فإن أوجبناه للجميع فللذي لم يبع ثلث كل ربع لان له شريكين فصار له الربع مضموما إلى ملكه فكمل له النصف وللبايع الثالث والمشترى الأول
الثلث لكل منهما سدس لأنه شريك في شفعة مبيعين وللبايع الثاني والمشترى الثاني السدس لكل منهما نصفه لأنه شريك في شفعة بيع واحد ويصح من اثني عشر
مسألة. لو وهب المشترى الشقص الذي اشتراه لآخر كان للشفيع فسخ الهبة وأخذ الشقص بالشفعة ويكون الثمن للواهب وقد تقدم هذا إذا لم تكن الهبة لازمة
وأما إن كانت لازمة بأن يعوض عنها أو كانت لذي الرحم فالأقرب إن الثمن للمتهب فان قلنا بأنه للواهب رجع المتهب بما دفعه عوضا وإلا تخير بينه وبين الثمن ولو
تقايلا أو رده المشترى فللشفيع فسخ الإقالة والرد والدرك باق على المشترى ولو تخالفا عند اختلافهما في الثمن أخذه الشفيع بما حلف عليه البايع لأنه
يأخذه منه في هذه الصورة والدرك على البايع حينئذ الفسخ العقد بالتحالف وليس للشفيع فسخ البيع والاخذ من البايع ولو غرس المشترى أو بنى فللمشتري قلع
غرسه وبناء ولا يضمن النقص الداخل على الأرض بالغرس والبناء لأنه لم يصادف ملك الشفيع ويأخذ الشفيع بكل الثمن أو يترك ولو امتنع المشترى من القلع
تخير الشفيع بين قلعه مع دفع الأرش ومع عدمه نظر وبين النزول عن الشفعة فإن اتفقا على بذل القيمة أو أوجبنا قبولها على المشترى مع اختيار الشفيع
لم يقوم مستحقا للبقاء في الأرض ولا مقلوعا لأنه إنما يملك قلعه مع الأرش بل إنما أن يقوم الأرض وفيها الغرس ثم تقوم خالية فالتفاوت قيمة الغرس فيدفعه
الشفيع أو ما نقص منه إن اختار القلع أو يقوم الغرس مستحقا للترك بالأجرة أو لاخذه بالقيمة إذا امتنعا من قلعه ولو اختلف الوقت فاختار الشفيع قلعه
في وقت أسبق تقصر قيمته عن قلع في آخر فله ذلك ولو غرس المشترى أو بنى مع الشفيع أو وكيله في المشاع ثم أخذه الشفيع فالحكم كذلك. مسألة. لو رد
البايع الثمن بالعيب لم يمنع الشفيع لسبق حقه ويأخذه بقيمة الثمن وللبايع قيمة الشقص وإن زادت عن قيمة الثمن ولا يرجع المشترى بالزيادة ويحتمل تقديم
حق البايع لان حقه استند إلى وجود العيب الثابت حالة التبايع والشفعة تثبت بعده بخلاف المشترى لو وجد المبيع معيبا لان حقه استرجاع الثمن وقد حصل من الشفيع فلا فائدة
في الرد أما لو لم يرد البايع الثمن حتى أخذ الشفيع فإن له رد الثمن وليس له استرجاع المبيع لان الشفيع ملكه بالأخذ فلا يملك البايع ابطال ملكه كما لو باعه المشترى
لأجنبي ولو باع الشفيع نصيبه بعد العلم بالشفعة بطلت والمشترى الأول الشفعة على الثاني ولو باع بعض نصيبه وقلنا بثبوتها مع الكثرة احتمل السقوط لسقوط
ما يوجب الشفعة والثبوت لبقاء ما يوجب الجميع ابتداء فله أخذ الشقص من المشترى الأول وهل للمشترى الأول شفعة على الثاني إشكال ينشأ من ثبوت السبب
وهو الملك ومن تزلزله لأنه يؤخذ بالشفعة. مسألة. لو وصى لانسان بشقص فباع الشريك بعد الموت وقبل القبول استحق الشفعة الوارث ويحتمل الموصى
له إن قلنا إنه يملك بالموت خاصة فإذا قبل الوصية استحقس المطالبة لأنا بينا إن الملك كان له ولا يستحق المطالبة قبل القبول وللوارث لأنا لا نعلم أن الملك له
قبل الرد ويحتمل مطالبة الوارث لان الأصل عدم القبول وبقاء الحق فإذا طالب الوارث ثم قبل الموصى له افتقر إلى الطلب ثانيا لظهور عدم استحقاق الطلب
ويحتمل أن المشفوع للوارث لان الموصى به إنما انتقل إلى الموصى له بعد أخذ الشفعة ولو لم يطالب الوارث حتى قبل الموصى له فلا شفعة للموصى له لتأخر ملكه عن
البيع وفي الوارث وجهان مبنيان على من باع قبل علمه بيع شريكه. مسألة. لو باع أحد الثلاثة حصته من شريكه ثم باع المشترى على أجنبي ولم يعلم الثالث بالبيعين فإن
(أخذ بالثاني أخذ جميع ما في يد مشتريه إذ لا شريك له في الشفعة وإن أخذ بالأول أخذ نصف المبيع وهو السدس لان المشترى شريكه ويأخذ نصفه من المشترى الأول
ونصفه من الثاني لان شريكه لما اشترى الثلث كان بينهما فإذا باع الثلث من جميع ما في يده وفي يده ثلثان فقد باع نصف ما في يده والشفيع يستحق بيع ما في يده وهو السد س فصار منقسما في
أيديهما نصفين فيأخذ من كل واحد منهما نصفه وهو نصف السدس ويرجع المشترى الثاني على الأول بربع الثمن ويكون المسألة من اثني عشر ثم يرجع إلى أربعه للشفيع النصف ولكل واحد الربع وإن أخذ بالعقدين
أخذ جميع ما في يد الثاني وربع ما في يد الأول فله ثلاثة أرباعه ولشريكه الربع ويدفع إلى الأول نصف الثمن الأول وإلى الثاني ثلاثة أرباع الثمن الثاني ويرجع الثاني على الأول بربع الثمن
الثاني لأنه يأخذ نصف ما اشتراه الأول وهو السدس فيدفع إليه نصف الثمن كذلك وقد صار نصف هذا النصف في يد الثاني وهو ربع ما في يده فيأخذ منه ويرجع الثاني على الأول بثمنه ويبقى المأخوذ منه الثاني ثلاثة
أرباع ما اشتراه فأخذها منه ودفع إليه ثلاثة أرباع الثمن تمت الكتاب في شهر رمضان المبارك 1277.
611