الكتاب: جواهر الفقه
المؤلف: القاضي ابن البراج
الجزء:
الوفاة: ٤٨١
المجموعة: فقه الشيعة الى القرن الثامن
تحقيق: إبراهيم بهادري
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١١
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامى
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات: وتليه رسالتان : للسيد المرتضى ، والشيخ الطوسي

جواهر الفقه
تأليف
الفقيه الأقدم القاضي
عبد العزيز بن البراج الطرابلسي (400 - 481 ه‍)
وتليه رسالتان: للسيد المرتضى
والشيخ الطوسي
تحقيق إبراهيم بهادري
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
تعريف الكتاب 1

جواهر الفقه
المؤلف: الفقيه الأقدم القاضي ابن البراج
تحقيق واعداد: إبراهيم البهادري، مؤسسة سيد الشهداء (ع)
اشراف: العلامة الشيخ جعفر السبحاني
الناشر: مؤسسة النشر الاسلامي
المطبوع: 3000 نسخة
الطبعة: الأولى
التاريخ 1411 ه‍. ق
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
تعريف الكتاب 2

بسم الله الرحمن الرحيم
انطلاقا من أهمية التراث الاسلامي ومكانته السامية في حياة الأمة أخذت
مؤسستنا على عاتقها القيام بكل جهد ممكن في إحياء التراث الاسلامي
القويم.
فقامت - والى الان والحمد لله - بطبع ونشر مئات الكتب والمصنفات
الاسلامية القيمة التي ألفها علماء الاسلام لا سيما القدامى من الأصحاب
وأرباب الفكر في شتى مجالات الفقه والأصول والحديث والتفسير والكلام
وغيره.
وكتاب (جواهر الفقه) تأليف الفقيه الأقدم القاضي عبد العزيز بن البراج
أحد تلك المصنفات القيمة التي قامت المؤسسة بطبعه ونشره بعد أن حققته
مؤسسة سيد الشهداء العلمية. وبهذه المناسبة نتقدم بالشكر الجزيل لجميع
الاخوة الذين ساهموا في تحقيقه وتخريجه وتصحيحه سائلين الله لهم المزيد من
التوفيق إنه ولي النعم.
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
كلمة الناشر 3

الشيعة والتشريع الاسلامي
تدوينا وتطويرا
بقلم: جعفر السبحاني
الكتاب والسنة هما المصدران الرئيسيان للتشريع الاسلامي لدى
المسلمين، ولو كان هناك مصدر آخر فربما يرجع إليهما، فالكتاب نور وضياء في
جميع المجالات، وهداية للأمة في شتى حقول الحياة، قال سبحانه: (ونزلنا عليك
الذكر تبيانا لكل شئ) (1) فلو شككنا في عمومية الشئ في الآية
الشريفة وسعته لكل ما يصدق عليه، فلا يشك في أن التشريع أعني وظائف
العباد امام الله وامام الناس في الحياة الدنيا، من أوضح مصاديقه، فهو مبين
لكل ما يحتاج إليه الانسان فيما يرجع إلى المبدأ والمعاد، والى ما يحتاج إليه في
حياته الفردية والاجتماعية من السنن والقوانين.
فإذا كان هذه مكانة الكتاب، فما هي مكانة السنة في ذلك الحقل؟
ان السنة أولا مبينة لاجمال الكتاب وابهامه، وموضحة لتنزيله وتفسيره. قال
سبحانه: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (2).
وثانيا ان الرسول هو الأسوة والقدوة، فهو بقوله وفعله يبين عزائم الشرع
ورخصه، فرائضه ونوافله. قال سبحانه (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) (3)، وقال سبحانه: (فما آتيكم

(1) النحل: 98.
(2): النحل: 44
(3) الأحزاب: 21.
كلمة المشرف 4

الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (1) وقال الرسول الأعظم صلى الله عليه
وآله: (الا اني أوتيت الكتاب ومثله معه، الا اني أوتيت القرآن ومثله معه، الا
يوشك رجل ينثني شبعانا على أريكته، يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم من حلال
فأحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه...) (2).
وفي ظل هذين المصدرين المباركين استغنت الأمة عن كل تقنين بشري
وتشريع غير إلهي إلى يوم القيامة فقد كان لهم في هدي الكتاب والسنة غنى
وكفاية. كيف وقد سمى سبحانه غير حكمه حكم الجاهلية، وقال: (أفحكم
الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) (3)
فإذا كان هذه منزلة السنة النبوية، كان من الواجب على الأمة القيام
بضبط كل دقيق وجليل أثر عنه صلى الله عليه وآله ولكن - يا للأسف -
تقاعست الأمة الاسلامية عن تدوين السنة وجمعها وضبطها في حياة صاحبها
وبعد رحلته، وتوانت عن القيام بهذا الواجب إلى منتصف القرن الثاني بعد
ضياع قسم كبير من السنة وتسرب الإسرائيليات والأحاديث الموضوعة إلى
أوساط المسلمين عامة والمحدثين خاصة، وبعد ما ندموا قاموا بالوظيفة ولما ينفعهم
الندم.
روى السيوطي، قال: (أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن واستشار فيها
أصحاب رسول الله فأشار إليه عامتهم بذلك فلبث عمر بن الخطاب شهرا يستخير
الله تعالى في ذلك شاكا فيه، ثم أصبح يوما وقد عزم الله تعالى له، فقال: إني
كنت فكرت لكم من كتابة السنن ما قد علمتم، ثم تذكرت فإذا أناس من أهل
الكتاب كتبوا مع كتاب الله كتبا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، واني والله لا
البس كتاب الله بشئ فترك كتابة السنن).

(1) الحشر: 8.
(2) أحمد - المسند، ج 4 / 131.
(3) المائدة: 50
كلمة المشرف 5

(وروى ابن سعد بسنده عن الزهري قال: لما أراد عمر بن الخطاب
- رض - ان يكتب السنن فاستخار الله شهرا ثم أصبح وقد عزم الله له فقال:
ذكرت قوما كتبوا كتابا فاقبلوا عليه وتركوا كتاب الله) (1).
هذا قرظة بن كعب الأنصاري، قال: أردنا الكوفة فشيعنا عمر إلى صرار،
وقال: تدرون لم شيعتكم؟ قلنا: نعم. نحن أصحاب رسول الله، فقال: انكم
تأتون أهل قرية لهم دوي بالقرآن كدوي النحل، فلا تصدوهم بالأحاديث،
فتشغلوهم. جردوا القرآن، وأقلوا الرواية عن رسول الله، وامضوا وانا
شريككم. (2)
وقد جرت السيرة في ظل هذا الحظر على ترك كتابة السنة وصارت النتيجة
حرمان الأمة من عدل الكتاب وقرينه، ولو صح ما ذكره الخليفة من التعليل،
لوجب على الأمة في جميع الأجيال والقرون تمزيق الصحاح والمسانيد والقضاء
على السنة النبوية، ولا ينتج ذلك الا البوس والشقاء والتجاءها في مجال
التشريع والأخلاق والسياسة والنظم الاجتماعية إلى القوانين الموضوعة بيد
البشر الخاطئ.
نعم أحس الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (ت 101) بخطورة الموقف
وضرورة تدوين الحديث، فكتب إلى عالم المدينة أبي بكر بن حزم، وقال: انظر
ما كان من حديث رسول الله فاكتبه فاني خفت دروس العلم وذهاب العلماء
ولا تقبل إلا أحاديث النبي صلى الله عليه وآله ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى
يعلم من لا يعلم، فان العلم لا يهلك حتى يكون سرا (3).

(1) السيوطي: تنوير المالك في شرح موطأ مالك الفائدة الثانية: وراجع: فتح الباري بشرح
صحيح البخاري المقدمة ص 6 ط دار المعرفة.
(2) ابن سعد: الطبقات الكبري، ج 6، ص 7، الحاكم: المستدرك 1 / 102.
(3) البخاري: الصحيح، كتاب العلم، ج 1، ص 27.
كلمة المشرف 6

ومع هذا الاصرار المؤكد من الخليقة حالت رواسب الخطر السابق من
جانب الخلفاء الماضين عن قيام ابن حزم بمهمته الملقاة على عاتقه، فلم يكتب
شئ من أحاديث النبي إلا صحائف غير منظمة ولا مرتبة إلى أن دالت دولة
الأمويين وقامت دولة العباسيين واخذ أبو جعفر المنصور بمقاليد الحكم، فقام
المحدثون عام 143، بتدوين الحديث، فهذا هو السيوطي يشرح تلك المأساة في
سنة 143: (شرع علماء الاسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه
والتفسير فصنف ابن جريج بمكة، ومالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام،
ابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما في البصرة، ومعمر باليمن، وسفيان الثوري
بالكوفة وصنف ابن إسحاق المغازي، وصنف أبو حنيفة الفقه والرأي - إلى أن
قال: وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم أو يروون العلم من
صحف صحيحة غير مرتبة (1).
وقد أدي ذلك التقاعس والتواني إلى أنه لما تكثرت الفروع بسبب اختلاط
المسلمين بغيرهم ولم يجدوا في السنة النبوية نصا فيها، مال قسم من العلماء إلى
القول بالرأي والاستحسان، فافتوا بآرائهم فيما لا يجدون نصا فيه فاشتهروا
بأصحاب الرأي والقياس، وكان أكثر أهل العراق من أتباع هذه المدرسة، كما
أن أكثر أهل الحجاز كانوا يتجنبون عنه وقد روي أنه لما سأل ربيعة بن
عبد الرحمن (ت 136) سعيد بن المسيب عن علة الحكم، فأجاب: أعراقي
أنت؟ (2).
ولم تكن إحدى الطائفتين أولى من الأخر في أداء الوظيفة، فإذا كان العمل
بالرأي والقياس أمرا محظورا فالتزمت بالنصوص المحدودة وعدم هداية الأمة إلى
واجبها مجال الفروع والتكاليف محظور مثله، وما ذلك الا ان الحظر الذي أصدره

(1) السيوطي: تاريخ الخلفاء، ص 261.
(2) احمد امين: فجر الاسلام، 1 / 290.
كلمة المشرف 7

الخليفة بعد رحلة النبي أدي إلى ذلك وقسم العلماء والفقهاء إلى قسمين بين
معتمد على المقاييس والمعايير الظنية كالقياس والاستحسان وسد الذرائع وشرع
من قبلنا إلى غير ذلك مما لم ينزل الله بها من سلطان، ومتزمت حصر التشريع
الإلهي في النصوص المحدودة التي لا تتجاوز عن أربعمائة حديث أو ما يقرب من
ذلك (1).
وقد ظهر اثر ذلك التقاعس في ضبط الحديث في عصر الخلفاء فضلا عن
الأعصار المتأخرة فلنأت بنموذج أو نموذجين من ذلك:
1 - ان مسألة العول شغلت بال الصحابة فترة من الزمن وكانت من المسائل
المستجدة التي واجهت جهاز الحكم بعد الرسول، قد طرحت أيام خلافة عمر بن
الخطاب، فتحير فادخل النقص على الجميع استحسانا، وقال: والله ما أدري
أيكم قدم الله وأيكم اخر. ما أجد شيئا أوسع لي من أن أقسم المال عليكم
بالحصص وادخل على ذي حق ما ادخل عليه من عول الفريضة (2)
أو يصح الاعتماد في الفتيا على هذا التعليل الوارد عن الخليفة أو يجب ان
يصدر المفتي عن دليل شرعي آلهي يقنعه بأنه قام بواجبه؟
2 - سئل عمر بن الخطاب عن رجل طلق امرأته في الجاهلية تطليقتين وفي
الاسلام تطليقة واحدة فهل تضم التطليقتان إلى الثالثة أولا؟ فقال للسائل: لا
آمرك ولا أنهاك (3).
وقد أدي ذلك إلى القول بحجية قول الصحابي وفعله وتقريره وعومل معه
معاملة الانسان المعصوم في حجية أقواله وافعاله وتقريراته يقول محمد بن عمر
الأسلمي وكل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كانوا أئمة يقتدى بهم

(1) السيد محمد رشيد رضا، الوحي المحمدي، ص 125.
(2) الجصاص: احكام القرآن، 2 / 109، الحاكم: المستدرك، 4 / 340.
(3) المتقي الهندي: كنز العمال، 5 / 116.
كلمة المشرف 8

ويحفظ عليهم ما كانوا يفعلون ويستفتون فيفتون (1) وهذا يناقض موقف أهل السنة
من حصر العصمة في النبي الأكرم صلى الله عليه وآله.
موقف الشيعة من السنة النبوية:
إذا كان هذا حال الأمة المنتسبة إلى السنة وهم الجمهور الأعظم من
المسلمين، ولكن كان حال أئمة الشيعة وقادتهم ومتابعيهم على خلاف ذلك فهم
لم يتقاعسوا عن أداء الواجب بل عمدوا إلى ضبط سنة النبي دقيقها وجليلها،
فهذا أمير المؤمنين كتب ما أملى عليه رسول الله، في حقول الحلال والحرام والعزائم
والرخص عندما قال له رسول الله: يا علي، اكتب ما املي عليك قلت يا رسول الله
أتخاف علي النسيان؟ قال: لا وقد دعوت الله - عز وجل - ان يجعلك حافظا ولكن
اكتب لشركائك الأئمة من ولدك بهم تسقى أمتي الغيث وبهم يستجاب دعاؤهم
وبهم يصرف الله عن الناس البلاء وبهم تنزل الرحمة من السماء وهذا أولهم وأشار
إلى الحسن. ثم قال: وهذا ثانيهم وأشار إلى الحسين عليه السلام قال: والأئمة من
ولده (2).
وقد ورث هذا الكتاب أئمة أهل البيت عليهم السلام واحدا بعد واحد
فيصدرون عنه، وهذا هو العذافر الصيرفي، قال: كنت مع الحكم بن عتيبة عند
أبي جعفر عليه السلام، فكان يسأله وكان أبو جعفر عليه السلام له مكرما،
فاختلفا في شئ، فقال أبو جعفر عليه السلام هذا خط علي عليه السلام واملاء
رسول الله صلى الله عليه وآله واقبل على الحكم، وقال: يا أبا محمد اذهب أنت
وسلمة وأبو المقداد حيث شئتم يمينا وشمالا فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم
كان ينزل عليهم جبرئيل (3).

(1) ابن سعد: الطبقات الكبري 2 / 376.
(2) القندوزي: ينابيع المودة، ص 20.
(3) النجاشي: الرجال، 2 / 260 برقم / 967 ذكره في ترجمة محمد بن عذافر الصيرفي نقلا عن
(عذافر) ننشأ فلاحظ.
كلمة المشرف 9

نعم كان لأمير المؤمنين غير هذا كتب أخرى مثل كتاب الفرائض، وكتاب
الآداب وغيرهما مما ورد في الكتب الحديثية.
ثم إن الطبقة الأولى من الشيعة اقتدوا بامامهم أمير المؤمنين عليه السلام
فألفوا في ذلك كتبا ورسائل حفظوا بذلك السنة النبوية، واستقوا العلم من
مصدر نميره الصافي وقد ذكرهم أصحاب المعاجم في طبقاتهم واليك أسماء
لفيف منهم.
1 - أبو رافع مولى رسول الله وخازن بيت المال في عهد أمير المؤمنين، صنف
كتاب السنن والاحكام والقضايا (1).
2 - عبيد الله بن أبي رافع مؤلف كتاب (من شهد حروب أمير المؤمنين من
أصحاب النبي) (2).
3 - علي بن أبي رافع، كاتب أمير المؤمنين، صنف كتابا في فنون من الفقه:
الوضوء والصلاة وسائر الأبواب (3)
4 - ربيعة بن سميع صنف كتاب زكاة النعم على ما سمعه من
أمير المؤمنين (4).
5 - سليم بن قيس مؤلف الأصل المعروف المطبوع المنتشر (5).
6 - الأصبغ بن نباتة المجاشعي، قد كتب عهد أمير المؤمنين إلى مالك الأشتر
النخعي ووصيته إلى ابنه محمد بن الحنفية (6).
7 - سلمان الفارسي الصحابي الجليل، ذكر ابن شهرآشوب له كتاب خبر
جاثليق (7).

(1) النجاشي: الرجال، 1 / 64 برقم 1.
(2) الطهراني: الذريعة 1 / 14.
(3) النجاشي: 1 / 65 برقم 1.
(4) النجاشي: الرجال، 1 / 67 برقم 2.
(5) المصدر نفسه برقم 3.
(6) المصدر نفسه برقم 4.
(7) ابن شهرآشوب: معالم العلماء / 57 برقم 382
كلمة المشرف 10

8 - أبو ذر الغفاري، قال ابن شهرآشوب: له خطبة يشرح فيما الأمور بعد
النبي صلى الله عليه وآله (1) كتاب وصايا النبي، وقد شرحه العلامة المجلسي
وأسماء عين الحياة المطبوعة.
9 - أبو الأسود الدؤلي، التابعي المعروف، اخذ النحو عن أمير المؤمنين وكتبه
في كراس وعرضه على أمير المؤمنين، فقال: نعم ما نحوت (2).
10 - زيد بن وهب الجهني الكوفي، جامع خطب أمير المؤمنين عليه السلام
على المنابر في الجمع والاعداد (3).
الطبقة الثانية:
ثم إن الطبقة الثانية نهجوا منهاج سلفهم، حذو القذة بالقذة وألفوا كتبا
ورسائل في الحديث والفقه والتفسير، فبلغوا الذروة في فهم الحديث وفقهه
واستنباط الاحكام من المصادر نظراء زرارة بن أعين (ت 150)، ومحمد بن
مسلم الطائفي، وأبي بصير الأسدي (ت 150) وبريد بن معاوية، والفضيل بن
يسار من تلاميذ مدرسة أبي جعفر الباقر (ت 114) والإمام الصادق (ت 148).
ويليهم في الفضل ثلة أخرى وهم خريجوا مدرسة الإمام الصادق نظراء جميل
بن دراج، وعبد الله بن مسكان، وعبد الله بن بكير، وحماد بن عثمان، وحماد بن
عيسى، وأبان بن عثمان، وهم أصحاب الأصول والكتب المذكورة في المعاجم.
وهناك طبقة رابعة من خريجي مدرسة الإمام الكاظم وأبي الحسن الرضا
عليه السلام ذكرت أسماؤهم وآثارهم في المعاجم وكفاك في عنايتهم بحديث
رسول الله المروي عن طريق العترة الطاهرة الذين هم أعدال الكتاب وقرناؤه في
حديث الثقلين ان أبان بن تغلب (ت 141) وهو من خريجي مدرسة الباقر

(1) المصدر نفسه / 32 برقم 180.
(2) التستري: قاموس الرجال، 5 / 171 نقله عن الذهبي.
(3) ابن شهرآشوب: معالم العلماء / 51 برقم 34.
كلمة المشرف 11

والصادق، حدث عن الصادق بثلاثين الف حديث (1).
لا قياس ولا استحسان ولا...:
وفي ظل أحاديث العترة الطاهرة المروية عن النبي الأكرم بواسطتهم استغنى
فقهاء الشيعة عن القياس والاستحسان والاعتماد على كل ما لم يدل دليل
قطعي على حجيته، حيث إنهم دونوا الأصول والفروع في حياة أئمتهم وجاؤوا
بجوامع حديثية عديدة في أعصارهم (2) وبعدهم (3) إلى أن وصلت النوبة إلى
المحمدين الثلاثة: أبي جعفر الكليني (ت 329) والشيخ الصدوق (ت 381 -
306) والشيخ الطوسي (ت 460 - 385) فألفوا الجوامع الحديثية الكبري،
فصارت المدار في استنباط الاحكام فألف الكليني كتاب الكافي في الأصول
والفروع في ثمانية أجزاء، والصدوق. كتاب (الفقيه) في أربعة اجزاء
والطوسي. كتاب التهذيب في عشرة أجزاء والاستبصار في أربعة اجزاء شكر الله
مساعيهم.
مراحل تدوين الفقه وتطويره:
كان تدوين الفقه بين الشيعة بعد رحلة النبي الأكرم على غرار تدوين
الحديث، فالكتب الفقهية هي الكتب الحديثية لكنها مختصة بروايات وردت
حول الفروع والاحكام والسنن والآداب فكان الفقهاء من أصحاب الأئمة
يؤلفون الكتب الفقهية ويذكرون الحديث بسنده ونصه ولا يتجاوزون ذلك.
وربما يرون ذلك أمرا غير صحيح، إلى أن وصلت النوبة، إلى علي بن الحسين بن
بابويه (ت 329) فقام بتدوين الفقه على نمط جديد، واحدث فيه تطويرا،

(1) البهائي: الوجيزة، ص 6 الطبعة الحجرية.
(2) كجامع الحسين بن سعيد الأهوازي المعروف. بالثلاثين (الرجال للنجاشي / 172، برقم
135 وجامع علي بن مهزيار من أصحاب الإمام الجواد، الرجال للنجاشي / 622 برقم 665.
(3) كنوادر الحكمة لمحمد بن يحيى يقول النجاشي وهو كتاب كبير حسن، ج 2 / 244
برقم 940.
كلمة المشرف 12

فحذف الأسانيد، واتى بالمتون على ترتيب الكتب الفقهية، فألف كتاب
الشرائع وقد كان عمله هذا ثورة في ذلك المجال، وتبعه ابنه الصدوق
(ت 381 - 306) فألف المقنع والهداية على ذلك الغرار، وتبعه الشيخ المفيد
(ت 413 - 336) فألف - المقنعة، والشيخ الطوسي (ت 460 - 385) النهاية
وراج هذا النمط في الفقه. وهو كان تدوينا وتطويرا للفقه تلقاهما الأجيال
بالقبول، وتعد تلك المرحلة، المرحلة الأولى بالنسبة إلى التطوير، كما تعد المرحلة
الثانية بالنسبة إلى تدوين الفقه، وقد كانت المرحلة للتدوين ذكر المتون مع
الأسانيد.
ولما اتسع نطاق الفقه باتساع دائرة الحاجات، لم ير فقهاء الشيعة محيصا عن
التجاوز عن متون الأحاديث إلى صياغة فروع جديدة مستنبطة من تلك
الأحاديث ومضامينها بعبارات جديدة، انطلاقا من قولهم عليهم السلام علينا
إلقاء الأصول وعليكم التفريع (1).
ولعل أول كتاب خرج على هذا النمط هو كتاب (المتمسك بحبل آل
الرسول) تأليف الشيخ الأقدم الحسن بن علي بن أبي عقيل المعاصر للشيخ
الكليني وكتاب (تهذيب الشيعة لاحكام الشريعة) تأليف محمد بن أحمد بن
الجنيد المعاصر للصدوق.
ثم قام شيخ الطائفة بتأليف المبسوط في ذلك المجال فخرج في ثمانية أجزاء
كما الف الخلاف في الفقه المقارن الذي أودع فيه آراء فقهاء المذاهب الاسلامية
وتوالت حركة التأليف بعده على ذلك النمط إلى يومنا هذا فالفت مجاميع فقهية
مفصلة تتجاوز عن المآت والألوف.
وتشكل هذه المرحلة المرحلة الثالثة من تدوين الفقه، والمرحلة الثانية من
تطويره، وبما أن الشيعة الإمامية التزمت بانفتاح باب الاجتهاد ووجوب رجوع
العامي إلى المجتهد الحي لم يزل هذا النوع من التطوير يتكامل من صورة إلى

(1) الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 18 - كتاب القضاء - الباب 6، برقم 52.
كلمة المشرف 13

صورة يقف عليها السائر في الكتب الفقهية لهذه الطائفة. وشتان ما بين استنباط
الاحكام والفروع من الكتاب والسنة وبين الرجوع فيها إلى المقاييس الظنية.
انجازات ثلاثة:
تقوم مؤسسة النشر الاسلامي بنشر آثار فقهية وكلامية ثلاثة لثلاث من
كبار فقهاء الشيعة في القرن الخامس وهي:
1 - جواهر الفقه، للقاضي عبد العزير بن البراج (ت 481 - 400) صاحب
المهذب والكامل في الفقه الإمامي، وهو من أبطال الفقه في عصره وتلميذ
المرتضى وزميل شيخ الطائفة.
2 - المسائل المبافارقية، للسيد الشريف المرتضى (ت 436 - 355) صاحب
التآليف الممتعة في مجال الفقه والأصول والتفسير.
3 - العقائد الجعفرية، لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي
(ت 460 - 385). وهو أستاذ الشيعة في عصره ومهذب أصولهم وفروعهم وله
أياد بيضاء على العلم وأهله.
والرسالتان الأوليان في الفقه والثالثة في عقائد الإمامية يجمعها كونها من
آثار القدماء ومن تراث الشيعة الخالد قام بتأليفها أستاذ بعد أستاذ، فالمرتضى
أستاذ شيخ الطائفة وهو أستاذ ابن البراج. ولايقاف القارئ على حياتهم نذكر
شيئا يسيرا منها:
القاضي ابن البراج (1):
الشيخ سعد الدين أبو القاسم، عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج
الطرابلسي، يعرفه الشيخ منتجب الدين بقوله: (وجه الأصحاب وفقيههم وكان

(1) قدمنا ذكره لكون كتابه ابسط من التألفين الآخرين ولأجل ذلك قدم في الطبع على
الآخرين.
كلمة المشرف 14

قاضيا بطرابلس وله مصنفات منها) (المهذب) و (المعتمد) و (الروضة) و
(المقرب): و (عماد المحتاج في مناسك الحاج) أخبرنا بها الوالد عن والده
عنه (1).
يقول ابن شهرآشوب: (أبو القاسم المعروف بابن البراج من غلمان المرتضى
- رضي الله عنه - له كتب في الأصول والفروع فمن الفروع الجواهر، المعالم،
المنهاج، الكامل، روضة النفس في احكام العبادات الخمس، المقرب،
المهذب، التعريف شرح جمل العلم والعمل للمرتضى رحمه الله (2).
وقد اثنى عليه كل من تأخر عنه كالعلامة الحلي في اجازته لبني زهرة
والشهيد الأول في بعض مجاميعه وابن فهد في مهذبه والمحقق الثاني في اجازته
والشهيد الثاني في اجازته إلى غير ذلك من أئمة الفقه، تراهم أثنوا عليه ثناء بليغا
كاملا (3).
وقد تعرفت على أسماء تآليفه فقد طبع منه اثنان:
1 - شرح جمل العلم والعمل، وهو شرح كتاب جمل العلم والعمل للسيد
المرتضى على وجه موجز وقد القى فيها الأصول والقواعد في فني الكلام والفقه وقد
تولى شيخ الطائفة شرح القسم الكلامي منه وقد انتشر باسم تمهيد الأصول،
بينما تولى القاضي ابن البراج شرح القسم الفقهي، وقد نشر وحقق نصوصه
الأستاذ الشيخ كاظم مدير شانه چى دام ظله.
2 - المهذب، وهو أبسط كتاب فقهي استدلالي بعد كتاب المبسوط للشيخ
الطوسي وقد اشتغل به عام 467 فالكتاب حصيلة ممارسة فقهية شغلت عمر
المؤلف وقد انتشر في جزئين ضخمين:
جواهر الفقه وهو كتاب فقهي اقتصر فيه المؤلف على ذكر الفتيا لعلها

(1) منتجب الدين: الفهرس، ص 107، برقم 107.
(2) ابن شهرآشوب: معالم العلماء، ص 80 برقم 545.
(3) راجع للوقوف على نصوصهم تقديمنا لكتاب المهذب لابن البراج، ج 1، ص 32 - 36.
كلمة المشرف 15

كانت رسالة عملية لمن كان يرجع إليه في الشامات.
الشريف المرتضى (ت 355 - 436):
هو السيد المرتضى، علم الهدى، ذو المجدين، أبو القاسم علي بن الحسين بن
موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظم عليه السلام
مفخرة من مفاخر العترة الطاهرة، وامام من أئمة العلم والحديث والأدب، وبطل
من ابطال الدين والعلم والمذهب، وهو بعد أستاذ الكلام ومحققه، وامام الفقه
ومؤسس أصوله.
ولأجل ايقاف القارئ على منزلته العلمية نأتي ببعض ما ذكره علماء
الفريقين في حقه:
قال النجاشي (ت 372 - 450):
(أبو القاسم المرتضى حاز من العلوم ما لم يدانه أحد في زمانه، وسمع من
الحديث فأكثر، وكان متكلما شاعرا أديبا عظيم المنزلة في العلم والدين
والدنيا) (1).
وقال تلميذه الأخر شيخنا الطوسي (ت 385 - 460):
(انه أكثر أهل زمانه أدبا وفضلا، متكلم، فقيه، جامع العلوم كلها - مد الله
في عمره -) (2).
وقال في فهرسه: (المرتضى متوحد في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم
في العلوم، مثل علم الكلام، والفقه، وأصول الفقه، والأدب والنحو، والشعر،
ومعاني الشعر، واللغة، وغير ذلك، له من التصانيف ومسائل البلدان شئ كثير
مشتمل على ذلك فهرسه المعروف (3).

(1) النجاشي: الفهرس، 1 / 102، برقم 706.
(2) الطوسي: الرجال، باب في من لم يرو عنهم / 484 برقم 53.
(3) الطوسي: الفهرس، ص 99.
كلمة المشرف 16

وقال الثعالبي:
(وقد انتهت الرسالة اليوم ببغداد إلى المرتضى في المجد والشرف والعلم
والأدب والفضل والكرم، وله شعر في نهاية الحسن) (1)
وقال ابن خلكان (- 686):
(كان إماما في علم الكلام والأدب والشعر، وله تصانيف على مذهب
الشيعة ومقالة في أصول الدين، وذكره ابن بسام في الذخيرة، وقال: (كان هذا
الشريف امام أئمة العراق بين الاختلاف والاتفاق، إليه فزع علماؤها وعنه اخذ
عظماؤها، صاحب مدارسها وجماع شاردها وآنسها، ممن سارت اخباره
وعرفت به اشعاره، وحمدت في ذات الله مآثره وآثاره، إلى تآليفه في الدين
وتصانيفه في احكام المسلمين مما يشهد أنه فرع تلك الأصول ومن أهل ذلك
البيت الجليل والملح الشريف، وفضائله كثيرة) (2)
ترى نظير هذه الكلمات كثيرة مبثوثة في طيات الكتب والمعاجم كلها
تهدف إلى مكانته المرموقة ومآثره الجليلة، نكتفي بما ذكرنا.
ويشهد على ذلك: الثروة العلمية التي تركها السيد المرتضى وكانت ولم تزل
مرجعا لاعلام الدين في أجيالهم، وهي تربو على 86 كتابا ورسالة في النواحي
المختلفة، وحيث لا يمكن لنا سرد أسمائها والإشادة بأبعادها نكتفي في المقام
بكتبه الفقهية والأصولية، ومن أراد التفصيل، فليرجع إلى المعاجم.
1 - الذريعة في أصول الفقه، وهو ابسط كتاب في أصول الفقه، فرغ عنه في
نهاية القرن الرابع (سنة 400) على ما شاهدت في بعض النسخ الخطية في مدينة
قزوين، وطبع الكتاب في جزئين.
2 - مفردات في أصول الفقه.

(1) الثعالبي: تتميم يتيمة الدهر، 1 / 53.
(2) ابن خلكان: وفيات الأعيان، 3 / 313، برقم 443.
كلمة المشرف 17

3 - الخلاف في الفقه.
4 - الناصريات في الفقه.
5 - الانتصار فيما انفردت به الإمامية.
ثم إن للسيد رسائل وافرة في الكلام والفقه وفنون شتى، ومنها هذه الرسالة
التي يزفها الطبع إلى القراء الكرام وهي (مسائل مبافارقية) و (تشتمل على 65
مسألة فقهية وغير فقهية ذكرها ابن شهرآشوب في ترجمته.
وللسيد رسائل أخرى في مسائل فقهية وكلامية وأصولية، نطوي الكلام عنها
رعاية للايجاز.
هذا هو السيد المرتضى وهذه كلمات الثناء من العلماء في حقه وهذه آثاره،
وأما تلاميذه فكفى انه قد أنجبت مدرسته ابطالا يفتخر بهم الدهر، واليك
أسماؤهم:
1 - شيخ الطائفة، أبو جعفر الطوسي (ت 460).
2 - أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي مؤلف المراسم (ت 463).
3 - أبو الصلاح تقي بن النجم، خليفته في بلاد حلب (ت 447).
4 - القاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي (ت 48).
5 - الشريف أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري (ت 463).
6 - الشيخ أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي (ت 449).
7 - أبو الصمصام ذو الفقار بن معبد الحسيني المروزي.
8 - السيد نجيب الدين أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن الموسوي.
9 - السيد التقي بن أبي طاهر الهادي النقيب الرازي.
10 - الشيخ أبو الحسن سليمان الصهرشتي، صاحب كتاب قبس المصباح.
إلى غير ذلك من الشخصيات البارعة الذين استقوا من منهل علمه ومعين فقهه (1).

(1) قد استقصى العلامة الأميني في موسوعته أسماء تلامذة السيد، فلاحظ: الغدير: 4، ص 270
- 271.
كلمة المشرف 18

شيخ الطائفة، محمد بن الحسن الطوسي (385 - 460):
لا عتب على اليراع أن تهيب شخصية شيخ الطائفة، ومكانته العلمية
ومنزلته الرفيعة، وجهاده المتواصل في طريق نشر العلم والهدي، ومناضلته
المخالفين والمعاندين إلى غير ذلك من مآثر وفضائل جمة لا يحيط بها القلم ولا يبلغ
مداها البيان وعجز عن تحديدها ورسمها، وبما ان الميسور لا يسقط بالمعسور،
نكتفي بتعريف بعض نواحي شخصيته، قال تلميذه الجليل النجاشي:
(أبو جعفر، جليل من أصحابنا، ثقة، عين، من تلامذة شيخنا أبي عبد الله
(المفيد) (1)
وقال العلامة الحلي (648 - 728):
(شيخ الامامية ورئيس الطائفة، جليل القدر، عظيم المنزلة ثقة، عين،
صدوق عارف بالاخبار والرجال والفقه والأصول، والكلام، والأدب وجميع
الفضائل تنسب إليه، صنف في كل فنون الاسلام، وهو المهذب للعقائد في
الأصول والفروع، والجامع لكمالات النفس في العلم والأدب، وكان تلميذ
الشيخ المفيد، ولد - قدس الله سره - في شهر رمضان سنة 385 - وقدم العراق سنة
408 وتوفي رضي الله عنه ليلة الاثنين الثاني والعشرين من المحرم سنه 460
بالمشهد المقدس الغروي ودفن بداره) (2).
وقد الف شيخ الباحثين، الشيخ آقا بزرك الطهراني رسالة مستقلة في ترجمة
شيخنا الطوسي، أدي فيها حق المقال، ولم يبق في القوس منزعا، ولكن نكمل
مقاله بكلمة هي:
كلمة السيد المحقق البروجردي (1292 - 1380):
كان السيد البروجردي كثير الاعجاب بالشيخ وتآليفه القيمة وقال في

(1) النجاشي: الرجال: 2 / 332، برقم 1069.
(2) العلامة الحلي: خلاصة الأقوال في علم الرجال ص 148.
كلمة المشرف 19

تقديمه على كتاب الخلاف ما هذا نصه. و (يستفاد من أدعيته للمفيد (4) في
كتاب التهذيب عند نقل عبارة المقنعة إلى أواخر كتاب الصلاة بقوله قال الشيخ
أيده الله تعالى: ومنه إلى آخر الكتاب بقوله: قال الشيخ رحمه الله، أنه كتب
الطهارة والصلاة من التهذيب في حياة الشيخ المفيد، وهو من أبناء أربع أو ثمان
وعشرين سنة، ولكنك إذ نظرت إلى كلماته في الكتابين (5) وما جادل به
المخالفين في المسائل الخلافية كمسألة مسح الرجلين، وما أفاده في مقام الجمع
بين الاخبار، واختياراته في المسائل وما يستند إليه فيها وما يورده من الخبار في
كل مسألة، تخيلته رجلا من أبناء السبعين وصرف عمره في تحصيل العلوم
الأدبية والأصولين، والقراءات والتفسير، ومسائل الخلاف والوفاق، وطاف
البلاد في طلب أحاديث الفريقين وما يتعلق بها من الجرح والتعديل حتى صار له
قدم راسخة في جميع العلوم الدينية، ولو قيل لك أنه كان شابا حدثا لأنكرت
ذلك ولقلت (إن هذا لشئ عجاب) (1)
ثم إن تأليف شيخنا الطوسي في نواح مختلفة يشهد على كونه متخصصا في
بعض العلوم وملما بكثير منها، وقد ذكر أصحاب المعاجم فهرس كتبه (2).
واما تلاميذه فحدث عنهم ولا حرج، وقد ذكر السيد البروجردي أسماء
بعض تلاميذه ممن قرأوا عليه وصدروا عنه في تقديمه على كتاب الخلاف،
ونذكر بعض المشاهير، ومن أراد التفصيل فليرجع إليه:
على طريق التحقيق:
قام بتحقيق هذه الانجازات الثلاثة، الشيخ الفاضل المحقق، إبراهيم البهادري

(4) لتهذيب الشيخ الطوسي شرح استدلالي على كتاب المقنعة للشيخ المفيد.
(5) المقصود بالكتابين التهذيب والاستبصار.
(1) البروجردي: مقدمة الخلاف، ص 1 و 2 الطبعة الحجرية.
(2) النجاشي: الرجال، 2 / 332، برقم 1065، العلامة، خلاصة الأقوال، ص 148. وقد ذكر
الشيخ الطوسي - قده - فهرس تأليفه في فهرسه، ص 188 برقم 712.
كلمة المشرف 20

دامت إفاضته، وإليك كلمته في هذا المجال:
أ - جواهر الفقه، اعتمدت في التصحيح والمقابلة - مضافا إلى النسخة المطبوعة في
ضمن الجوامع الفقهية على نسختين مخطوطتين:
1 - نسخة مكتبة المشهد الرضوي، المسجل برقم 6526، كتبت في
101 صفحة. في أوائل القرن الحادي عشر وعليه تملك ابن السيد محمد مهدي
الطباطبائي، وقد اتخذت أصلا في التصحيح.
2 - نسخة مكتبة مدرسة آية الله العظمى الگلپايگاني المسجل برقم 244،
كتبه أحمد بن محمد الخونساري عام 1268 في 150 صفحة x 11 18 سنتيمتر، يرمز
إليها ب‍ - د -.
ب - المسائل المبافارقية، اعتمدت في تصحيحها على نسخة مكتبة شيخنا
المفضال الحاج الشيخ حسن المصطفوي دامت بركاته وهي في ضمن مجموعة.
وقد ذكر الرسالة ابن شهرآشوب في معالم العلماء برقم 474، وقال: هي ستون
مسألة، وقد وقفنا بعد التصحيح والتحقيق على أنها طبعت أخيرا في ضمن رسائل
الشريف المرتضى.
ج - العقائد الجعفرية، كتبتها على نسخة أعدها زميلنا العلامة جعفر الهادي
دام بقاه. وقد طبعت في ضمن الرسائل العشر للشيخ الطوسي قدس سره سابقا.
قم - مؤسسة الإمام الصادق (ع) - جعفر السبحاني
26 شعبان المعظم 1411
كلمة المشرف 21

جواهر الفقه
الرسالة الجعفرية
المسائل المبافارقيات
كلمة المشرف 23

جواهر الفقه
تأليف
الفقيه الأقدم القاضي
عبد العزيز بن البراج الطرابلسي
400 - 481 ه‍
اعداد وتحقيق
إبراهيم بهادري
1

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما أنعم به علينا من البصيرة في الدين، وفضلنا على كثير من العالمين، حمد المستبصرين العارفين، الذين علت بهم في رتبتهم
المنازل، وتجملت بهم المجالس والمحافل، وكانوا للحق أعوانا وأنصارا،
ولايضاح المشكلات أصلا وفرعا ومقرا ومنارا (1).
وصلى الله على محمد وآله سيماء الأنبياء وتاج الرسل والأصفياء،
وعلى وصيه: علي بن أبي طالب (ع) أشرف الأوصياء والأولياء،
والأئمة من ذريتهما الأتقياء النجباء، ما نطق ناطق وذر شارق، وسلم
تسليما.
إما بعد فإنه لما كانت أيادي حضرة القضاة (2) الأغرية الجلالية
الفخرية، ثبت الله وطأها ومجدها وادام (3) قدرتها وسعدها، علينا
ممتدة الاظلال (4)، مسبلة الأذيال، شاملة الاحسان والانعام، غامرة
بكل فضل واكرام، وجب في حق ذلك، الشكر لها علينا، والخدمة
منا لها، واما الشكر وإن كان هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من
التعظيم، فقط عرفه منا، كل انسان عرفنا، وعاقل خالطنا. واما
الخدمة لها، فجارية في العلم لها مجرى ما تقدم من العلم بالشكر، غير

(1) وفى نسخة: ومفازا.
(2) وفى نسخة: القضاء.
(3) وفى نسخة: ما دام والظاهر أنه تصحيف.
(4) وفى نسخة: ممتدة للظلال.
3

ان الخدم لما كانت تتفاضل، وكان أفضل ما يخدم به مثلي مثلها، ما
يرجع إلى الديانات ويتعلق بالمتعبدات، ويعود نفعه على ذوي الألباب،
ويبقى ذكره في الأعقاب، رأيت خدمتها ببعض ما يتعلق بذلك،
فوضعت هذا الكتاب لما ذكرته، وسميته ب‍ (كتاب جواهر الفقه)
لأنني اعتمدت فيه ذكر المسائل المستحسنة والأجوبة
الموجزة المنتخبة، فالناظر فيه، يرتع خاطره في حدائقه المونقة، وينزه
فكره في رياضة المشرقة، ويسلم الحافظ للأجوبة عن المسائل الثابتة
فيه من الخطاء في الإجابة عنها والزلل فيما يعتمد عليه في ذلك منها.
والله سبحانه ولى المعونة على ما يرضيه ويزلف لديه (1) بجوده
وكرمه، انه القادر على ما يشاء.

(1) يزلف لديه: يقرب لديه قال تعالى: (ما نعبدهم الا ليقربونا إلى الله زلفى) الزمر: 3
4

باب في مسائل ما يتعلق بالطهارة:
1 - مسألة: إذا كان الماء نجسا وهو أقل من كر، وتمم بطاهر حتى
صار كرا، هل يكون طاهرا أو نجسا؟
الجواب: هذا الماء يكون طاهرا، لما روى عنهم صلوات الله عليهم من
قولهم. (إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا) (1). وهذا ماء قد بلغ ذلك فوجب
الحكم فيه بما ذكرناه، وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أنه نجس (2)، وظنوا ان
الوجه في الحكم بنجاسته، ان النجس ما ينقص عن الكر وقد لاقي ماء ينقص
أيضا عن كر. وقالوا: لا خلاف بنينا ان الماء إذا نقص عن ذلك، ولاقته
نجاسة، انا نحكم بنجاسته.
وهذا غير مستقيم لأن الماء الذي ذكرناه إذ أتممناه بماء طاهر، فالنجاسة
انما لاقت الماء الذي حكمنا بنجاسته [من الماء الذي لاقته النجاسة] (3) وهو أقل
من كر، فإذا أتممناه بالماء الطاهر وصار كرا فلم يلاقه الا ما كنا نحكم بنجاسته
من الماء الذي لاقته النجاسة، وهو أقل من كر، ولا خلاف بيننا في أن الماء
الطاهر إذا كان كرا، وليس هو من مياه الأبار، ووقعت فيه قطرة من نجاسة، ولم
يتغير بها أحد أوصافه، فان هذه النجاسة لم تلاق جميع اجزائه، وانما لاقت البعض

(1) المستدرك ج 1 ص 27 ب 9 من أبواب الماء المطلق ج 6 (الا انه عن النبي (ص)).
(2) هو خيرة الشيخ لاحظ المبسوط ج 1 ص 7.
(3) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة - د.
5

منه، ولا خلاف بيننا في أن هذا البعض لو كان منفصلا من باقي ماء الكر لحكمنا
بنجاسته، وإذا كان متصلا به لم نحكم بنجاسته.
وإذا كان هكذا، فلا فرق حينئذ بين ان يكون الماء الذي ذكرناه انه
نجس متصلا به، وبين ان يكون منفصلا عنه ثم يتصل، في أنه يجب ان لا يحكم له
بنجاسته مع الاتصال بما ذكرناه.
فان قيل: أليس الفرق بين ذلك: ان البعض الذي خالطته نجاسة وهو
من جملة الكر، لم نحكم له بالنجاسة، والمنفصل منه، قد حكمنا بنجاسته، فيجب
ان يبقى على ما كان عليه مع الاتصال بباقي الكر؟
قلنا: هذا ليس بشئ، لأنه لو وجب في هذا الماء ان يبقى على حكم
النجاسة من حيث حكمنا بنجاسته وإن اتصل بباقي ماء الكر، لوجب في البعض
الذي لاقته النجاسة، وهو من جملة ماء الكر، ان يبقى على حكم الطهارة، من
حيث حكمنا بطهارته وان انفصل وتميز لنا بالنجاسة من باقي ماء الكر، وهذا لا
يقوله منا أحد.
فكما انا مع الاتصال لا نحكم بنجاسته، ومع الانفصال والتمييز بالنجاسة
نحكم بنجاسته فكذلك ما ذكرناه. على أنه لو لم تكن الفائدة في ذلك ما
ذكرناه، لم يكن لقولهم (ع): (إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا) (1) معنى يعول
عليه.
وقد كان الشيخ الإمام أبو جعفر: محمد بن الحسن الطوسي (ره) يذهب
إلى نجاسة هذا الماء، وربما مال في بعض الأوقات إلى القول بطهارته (2) لأنه
كان يقول: القول بطهارته قوى، لان الفائدة في قولهم (ع): (إذا بلغ الماء كرا لم
يحمل خبثا) ان لم يكن متى صار كرا لم يحكم بنجاسته، لم يكن له معنى، وكان
يستدل على نجاسته بان يقول: هذا الماء محكوم بنجاسته على الانفراد، وكذلك
البعضان إذا كانا نجسين، واحدهما منفصل من الأخر، حتى إذا جمع بينهما

(1) المستدرك ج 1 ص 27 ب 9 أبواب الماء المطلق ح 6 (غير أنه عن النبي (ص)).
(2) لاحظ المبسوط ج 1 ص 7.
6

صار كرا، انهما ماءان، محكوم بنجاستهما على الانفراد. فمن ادعى طهارة أحدهما أو
طهارتهما مع الاجتماع، فعليه الدلالة. وقد دللنا نحن على ما ذكرناه بما فيه كفاية،
بحسب ما يحتمله هذا الموضع.
فبطل ما عول عليه ثم يقال له: وهذا الماء انما حكم بنجاسته مع انفصال
بعضه من بعض، فمن أين لك، انه إذا كان متصلا، وغير متصل انه يبقى
كذلك؟
فان قال: إذا كان محكوما بنجاسته، وجب ان يحكم فيه بذلك وإن كان
متصلا، قيل له: ما زدت على ما ادعيته، وهو الذي سئلت عنه. ثم يلزمك
على ذلك أن يكون البعض الذي لاقته نجاسة لو انفصل وتميز بالنجاسة عن
الباقي، ان يحكم بطهارته، ولا يحكم بنجاسته، لأنا نقول لك: وهذا ماء قد بلغ
كرا محكوم بطهارته. فمن ادعى نجاسته، فعليه الدليل.
فان قلت: الدليل عليه، انه ماء نقص عن كر، وقد لاقته نجاسة، فيجب
كونه نجسا. قلنا لك: وهذا ماء قد بلغ كرا، فإن كان قد لاقته نجاسة، فيجب
كونه طاهرا، لا سيما ومن قولك الذي تركناك عليه، وما علمنا رجوعك عنه،
ان النجاسة إذا وقعت في كر من ماء لم يتغير بها أحد أوصافه لا تنجسه، لأنها تكون
مستهلكة. وعلى هذا أيضا يلزمك ما ذكرناه في البعضين من الماء، إذا كان
أحدهما نجسا، والاخر طاهرا واجتمعا فصارا كرا. وفيهما إذا كانا نجسين وجمعا
حتى صارا كذلك. ولولا أن سائلا سأل في أن نبسط الكلام في هذه المسألة
بعض البسط، لما انتهينا فيه إلى هذا الحد، لان المقصود في هذا الكتاب غيره.
2 - مسألة: إذا كان مع المكلف إناءان، ووقع في أحدهما نجاسة ولم
يعلمه بعينه، أيجوز له الطهارة بشئ منهما أم لا؟
الجواب: لا يجوز استعمال واحد منهما، لأنه لا يأمن ان يكون النجس هو
الذي استعمله أولا، فيكون مؤديا للطهارة بالماء النجس، وهذا لا يجوز.
وإن كان هو المستعمل ثانيا، كان قد صلى وعلى جسده نجاسة لم يزلها.
وهذا أيضا لا يجوز. وعلى الوجهين جميعا يكون مؤديا للصلاة بغير يقين من براءة
7

ذمته بما لزمه منها، وهو مأخوذ بأدائها بيقين.
3 - مسألة: إذا كان الماء مستعملا في الطهارة الصغرى، هل يجوز
استعماله فيها أو في غيرها بعد ذلك أم لا؟
الجواب: يجوز ذلك، لأنه على حكم الطهارة ما لم تلاقه نجاسة.
4 - مسألة إذا كان الماء مستعملا في الطهارة من الجنابة، هل يجوز
استعماله بعد ذلك في الطهارة أم لا؟
الجواب: لا يجوز استعماله، لان الاظهر بين الطائفة ذلك. وقد كان
شيخنا المرتضى (ره) وقوم من أصحابنا يجيزون ذلك، إذا جمع ولم تخالطه
نجاسة (1).
5 - مسألة: إذا كانت رائحة ماء الورد قد زالت عنه، هل يجوز استعماله
في الطهارة أم لا؟
الجواب: لا يجوز استعماله في ذلك، وفي أصحابنا من جوز
استعماله (2)، لأنه عنده، بزوال الرائحة عنه، يخرج عن كونه مضافا. وهذا غير
صحيح، لأنه ماء ورد، زالت رائحته أو لم تزل، وليس زوال هذه الرائحة بمخرج
له من كونه مستخرجا من الورد، ومعنى الإضافة ثابت في ذلك.
6 - مسألة: إذا كان مع المكلف إناءان أو أكثر منهما، وواحد منهما ماء
ورد منقطع الرائحة، والثاني ماء مطهر، ولم يعلم أحدهما من الأخر. هل يجوز له
الاقتصار في الطهارة على واحد منها أم لا؟
الجواب: لا يجوز له ذلك، لأنه لا يأمن ان يكون الذي تطهر به أولا هو ماء
الورد، فلا يرتفع بذلك حدثه. وعلى هذا يجب ان يتطهر بالاثنين، لأنه ان جوز في
الأول بما ذكرناه، فهو آمن من كونه نجسا ومتيقن لرفع الحدث بالآخر، وإن كان
الذي تطهر به أولا هو المطهر، فقد ارتفع به حدثه، وإذا استعمل الثاني، لم تزل به
طهارته، وإذا صلى كان مؤديا لصلاته بيقين.

(1) المسائل الناصريات للسيد المرتضى (ره): المسألة السادسة.
(2) هو الشيخ الصدوق (ره) في كتابه الهداية حيث قال: ولا بأس ان يتوضأ بماء الورد للصلاة ويغتسل به من الجنابة.
8

7 - إذا كان معه إناءان وفي أحدهما نجاسة... ولا يعلمه بعينه،
وأخبره عدل: ان النجس واحد منهما ذكره، هل يجوز له استعمال شئ منهما،
وقبول شهادة هذا الشاهد في ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز له استعمال ذلك، ولا واحد منهما أيضا، ولا قبول قول
هذا الشاهد، فيما شهد به من ذلك، لأنه لا دليل عليه، والمعلوم نجاسة أحدهما
من غير تعيين، وأيضا فإنه لا يحصل له بقول الشاهد الا غلبة الظن، وذلك
لا يعول على مثله مع العلم.
8 - مسألة: إذا كان الماء في موضع، وقصد المكلف إلى الطهارة منه،
فأخبره انسان بأنه نجس، هل يجوز له استعماله في ذلك، أو قبول قول الغير المخبر
له بنجاسته، أو لا يجوز له ذلك؟
الجواب: يجوز له استعماله، ولا يلزمه قبول قول المخبر له بنجاسته، لان
المعلوم، كون الماء على أصل الطهارة، الا ان يعلم أن فيه نجاسة، وبقول هذا المخبر
لا يحصل العلم، ولا دليل أيضا يفضي إلى العلم بقبول قوله.
9 - مسألة: إذا كان معه إنا ان يعلم طهارتهما، فشهد شاهدان بان
أحدهما نجس أو جميعهما، هل يجب عليه قبول قولهما في ذلك أو لا؟
الجواب: لا يجب عليه قبول قولهما، لمثل ما تقدم.
10 - مسألة: إذا كان معه إناءان طاهران، فشهد شاهدان بان النجاسة،
وقعت في واحد منهما بعينه، وشهد آخران: بان النجاسة وقعت في الأخر، هل
يلزمه قبول قولهما فيما شهدا به أو لا؟
الجواب: لا يلزمه قبول شهادتهما فيما شهدا به، لأن الماء عنده على أصل
الطهارة، على ما قدمناه.
11 - مسألة: إذا كان معه مقدار من الماء، لا يكفيه لطهارته، ومعه ماء
ورد فزاد منه عليه، حتى صار مقدارا يكفيه للطهارة، أيجوز له استعماله في ذلك
أم لا؟
الجواب: يجوز له استعماله ان لم يكن سلبه اطلاق اسم الماء، وإن كان
9

قد سلبه ذلك، لم يجز له استعماله، وكان عليه التيمم للصلاة إن كان قد تضيق
وقتها.
12 - مسألة: إذا تطهر لوضوء: أو غسل بماء مطهر، من آنية ذهب أو فضة،
هل تكون الطهارة صحيحة أو لا؟
الجواب: طهارته صحيحة، وإن كان محظورا عليه استعمال هذه الآنية،
لان النهى عام في استعمالها في اكل وشرب وطيب وغير ذلك، فكما لا يتعدى
النهى في استعمالها إلى المأكول والمشروب، فكذلك لا يتعدى إلى الطهارة.
13 - مسألة: إذا كان له يدان على مفصل واحد أو ذراع واحد، أو
كانت له أصابع زائدة، وكان ذلك من المرفق إلى أطراف الأصابع، هل يجب
عليه غسل ذلك أو لا؟
الجواب: يجب عليه ذلك، الا ان يكون فوق المرفق، فإنه لا يجب عليه،
لان الله تعالى أوجب عليه الغسل من المرفق إلى أطراف الأصابع.
14 - مسألة: إذا قطع بعض رجله، هل يجب عليه المسح على الباقي
أم لا؟
الجواب: يجب عليه ذلك، لأنه انما أمر بالمسح عليهما إلى الكعبين، فإن كانت
مستأصلة بالقطع من الكعبين، فقط سقط عنه هذا الفرض.
15 - مسألة إذا كان المتوضئ امرأة، وكان لها لحية، هل يجب عليها
ايصال الماء في الوضوء إلى ما تحتها أو لا؟
الجواب: لا يجب عليها ذلك، لأنه لا فرق بينها وبين الرجل في ذلك،
فكما لا يجب عليه ايصال الماء إلى ما تحتها، فكذلك لا يجب على المرأة.
16 - مسألة: إذا توضأ وصلى الظهر ولم يحدث بعد ذلك: ثم توضأ
وصلى العصر، ثم ذكر انه ترك عضوا من أعضاء الطهارة، ولم يعلم من اي
الطهارتين هو، هل يكون جميع الصلاتين صحيحا أم لا؟ أو تكون إحديهما صحيحة
والاخرى غير صحيحة؟
الجواب: صلاة العصر صحيحة على كل حال، وعليه إعادة الظهر بطهارة
10

مجددة، لان العضو المتروك إن كان من الطهارة الأولى، فطهارة الثانية صحيحة،
وبصحتها صحت صلاة العصر، وإن كان من الطهارة الثانية، فطهارة الأولى
صحيحة، وبصحتها صحت الصلاتان جميعا، وانما عليه إعادة الظهر بطهارة مجددة،
ليكون مؤديا لها بيقين.
17 - مسألة: إذا توضأ وصلى الظهر [ولم يحدث بعد ذلك] (1)، ثم
توضأ وصلى العصر، ثم ذكر انه كان قد أحدث عقيب إحدى الطهارتين من قبل
ان يصلى، هل تكون طهارته وصلاته صحيحة أم لا؟
الجواب: ليس ذلك صحيحا، وعليه ان يتوضأ ويعيد الصلاتين جميعا،
لأنه يجب عليه أداء ذلك بيقين، وإذا فعل ما ذكرناه، كان متيقنا لذلك، ومع
الأول، لا يكون متيقنا له (2).
18 - مسألة: إذا كان محدثا وتوضأ وصلى الظهر، ثم أحدث وتوضأ
وصلى العصر، ثم علم أنه ترك عضوا من أعضاء الطهارة، ما الجواب عن
ذلك؟
الجواب: هذه المسألة جارية مجرى المسألة التي تقدمتها، والجواب عنها
كالجواب عنها.
19 - مسألة: إذا توضأ وصلى الظهر، ثم توضأ وصلى العصر، ثم توضأ
وصلى المغرب، وفعل هكذا بعد ذلك في كل صلاة إلى صلاة الغداة، ثم ذكر
بعد ذلك أنه أحدث عقيب واحدة من هذه الطهارات قبل ان يصلى، ما حكمه؟
الجواب: إذا كان هذا حكمه، كان عليه الوضوء وإعادة جميع هذه
الصلوات، لأنه لم يؤد واحدة منهن بيقين، لان حدثه إن كان عقيب وضوء الظهر،
كانت صلاة الظهر غير صحيحة، وباقي الصلوات صحيحة. وإن كان عقيب
وضوء العصر، كانت صلاة العصر غير صحيحة، وما قبلها وما بعدها من الصلاة

(1) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة - د.
(2) ولا يخفى انه إن أتى بأربع ركعات بقصد ما في الذمة بطهارة مجددة كان متيقنا لذلك، فلا يحتاج إلى اعادتهما جميعا نعم
يجب عليه إعادة الجميع ان اختلفتا في العدد كالمغرب والعشاء.
11

صحيح، وهكذا القول إلى آخرها، فليست منها واحدة الا وهو مؤد لها بغير يقين،
وذلك لا يجوز. (1)
20 - مسألة: إذا توضأ وهو مسلم، ثم ارتد وعاد بعد ذلك إلى الاسلام،
قبل ان يحدث ما ينقض الوضوء، هل يكون وضوءه صحيحا أم لا؟
الجواب: وضؤه صحيح، وصلاته به ماضية، لان الارتداد ليس من
نواقض الطهارة.
21 - مسألة: إذا توضأ وخرج منه بول أو غائط من الطهارة، من موضع
من جسده غير السبيلين، هل ينقض ذلك وضؤه أم لا؟
الجواب: إذا كان ذلك من دون المعدة، انتقض الوضوء بذلك، وإن كان
فوق المعدة لم ينقض به، لان قوله تعالى: (أو جاء أحد منكم من
(2) الغائط) (2) عام في ذلك، وكذلك الأخبار الواردة في أن الغائط ينقض
الوضوء (3)، ولا يوجب مثل ذلك فيما يكون من فوق المعدة، لأنه لا يسمى
غائطا.
22 - مسألة: إذا كان جنبا وغسل رأسه، ثم أحدث حدثا ينقض
الوضوء، هل يعيد غسل رأسه أم يبنى عليه؟
الجواب: يبنى على غسله رأسه، ولا يحتاج مع ذلك إلى وضوء، لان في
أصحابنا من ذهب إلى أنه يعيد غسل رأسه، ولا يبنى عليه (4). وفيهم من ذهب
إلى أنه يبنى ويتوضأ للصلاة (5)، وهذان القولان غير صحيحين، إما ايجاب
الإعادة لغسل الرأس، فيبطل، لأنه لا شبهة في انما ينقض الطهارة الصغرى،

(1) ولا يخفى ما فيه لأنه ان توضأ وأتى بالصبح والمغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر والعصر
والعشاء مخيرا فيها بين الجهر والاخفات لكان مؤديا جميعها بيقين.
(2) النساء: 43
(3) الوسائل ج 1 ص 177 ب 2 أبواب نواقض الوضوء أحاديث الباب.
(4) هو مختار الشيخ في المبسوط ج 1 ص 29 - 30. وكذا في النهاية حيث قال في الأخر: وإن أحدث وجب عليه إعادة
جميع الغسل.
(5) هو خيرة المرتضى نقله عنه المحقق في المعتبر ج 1 ص 196.
12

لا ينقض الطهارة الكبرى، ولا ينقض بعض الطهارة الكبرى، وغسل الرأس
ها هنا من الطهارة الكبرى، فلا ينتقض هنا بما ينقض الصغرى.
واما القول: بأنه يبنى على ذلك ويتوضأ للصلاة. فيبطل أيضا، لان
الغسل من الجنابة، كاف في استباحة الصلاة به، ولا يفتقر معه إلى وضوء
يستبيحها به. (1)
23 - مسألة: إذا كان كافرا وتيمم أو توضأ، ثم أسلم، هل يكون تيممه
صحيحا وكذلك وضؤه أم لا؟
الجواب: تيمم هذا ووضؤه غير صحيحين، لان ذلك عبادة يفتقر في
صحتها إلى النية، وذلك لا يصح ممن هو كافر.
24 - مسألة: إذا تيمم وهو مسلم، ثم ارتد وعاد إلى الاسلام، هل يكون
تيممه صحيحا أو فاسدا؟
الجواب: إذا عاد إلى الاسلام قبل ان يحدث ما ينقض الطهارة كان
التيمم صحيحا، على ما قلناه فيما مضى في الوضوء.
25 - مسألة: إذا كان جنبا ووجب عليه التيمم لاستباحة الصلاة،
فتيمم، ثم أحدث ما ينقض الوضوء، ووجد الماء ما يكفيه لوضوءه دون غسله،
ولم يتوضأ، هل يجب عليه إعادة التيمم أم لا؟
الجواب: عليه إعادة التيمم، لان حكم الجنابة باق على ما كان عليه.
26 - مسألة: إذا أراد التيمم فنوى به رفع الحدث، هل يكون التيمم
صحيحا أم لا؟
الجواب: لا يكون هذا التيمم صحيحا، لأنه يجب عليه ان ينوى به
استباحة الصلاة، وهذا لم يفعله، ولان التيمم لا يرفع حدثا كان ذلك الحدث
ناقضا للطهارة الصغرى أو الكبرى.
27 - مسألة: إذا تيمم ونوى ان تيمم بدلا من الوضوء، وكذلك إن كان
جنبا فنوى ان تيمم بدلا من الغسل، هل يصح ذلك، ويجوز له استباحة

(1) في المسألة أقوال مختلفة من أراد الاطلاع عليها مع أدلتها فليرجع إلى المجموعة المسماة برسائل الشهيد الثاني ص 34.
13

الصلاة به أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، ولا تستبيح به الصلاة، لأن النية الواجبة عليه ما
حصلت، وهي ان ينوى استباحة الصلاة به على ما تقدم ذكره.
28 - مسألة: إذا كان مصلوبا، أو في ارض نجسة، ولا يقدر على تراب
طاهر تيمم به، ما حكمه في الصلاة؟
الجواب: حكمه ان يؤخر الصلاة، إلى أن يقدر على ما يتيمم به أو يتطهر
، به، وفى أصحابنا من قال: يصلى، فإذا قدر على ذلك، أعاد الصلاة (1).
والأول أظهر، لان الصلاة أوجبت (2) عليه بشرط كونه متطهرا، فمن لا يقدر على
هذا الشرط، فينبغي ان يؤخرها إلى أن يقدر عليه، وان صلى وأعاد الصلاة إذا
تمكن من ذلك، كان ذلك جائزا. وكذلك القول في المحبوس والمقيد والمشدود
بالرباط.
29 - مسألة: إذا كان مقطوع اليدين من الذراعين، هل يجب عليه تيمم
أم لا؟
الجواب: لا يجب ذلك عليه، لان الامر بالتيمم، يتعلق بما قد عدمه هذا
المكلف، فقد سقط الفرض عنه، فان مسح ما بقى بعد القطع استحبابا، كان
جائزا.
30 - مسألة: إذا أزال عن بدنه أو ثوبه شيئا من النجاسات، بمائع غير
الماء المطهر، هل يزول حكم النجاسة عما كان عليه، أم لا،
الجواب: لا يزول حكم النجاسة عما كان عليه، ولا يجوز له الصلاة أيضا،
وهو كذلك، وقد كان شيخنا المرتضى (ره) يذهب إلى جواز ذلك (3). وهذا
غير صحيح، لان اجماع الطائفة على خلافه في ذلك.
31 - مسألة: إذا كان معه ثوبان، فعلم أن أحدهما طاهر والاخر نجس

(1) قاله الشيخ في المبسوط ج 1 ص 31.
(2) بصيغة المجهول.
(3) الناصريات للسيد المرتضى المسألة الثانية والعشرون - واستدل عليه بعموم قوله تعالى: (وثيابك فطهر) المدثر: 4.
14

ولا يعلم الطاهر من النجس على التعيين، هل يجوز له استباحة الصلاة في شئ
منهما أم لا؟
الجواب: يصلى هذا الانسان الصلاة في كل واحد منهما. وفي الناس من
ذهب إلى أنه لا يصلى في واحد منهما، وإذا لم يقدر على غيرهما، صلى عريانا (1).
وهذا غير صحيح، لأنه إذا صلى الصلاة في كل واحد منهما، فقد تيقن براءة ذمته
من الصلاة في واحد منهما، وليس في الأخر نجاسة فيقال: انها تتعدى إلى جسده،
حتى يجرى القول في ذلك مجرى الإنائين الذين قدمنا ذكرهما.
32 - مسالة: إذا اغتسل من الجنابة وهو كافر، ثم أسلم، هل عليه
إعادة الغسل أم لا؟
الجواب: عليه إعادة الغسل، لان ذلك طهارة تفتقر في صحتها إلى النية،
وذلك لا يصح مع الكفر.
33 - مسألة: إذا اغتسلت المرأة الكافرة من الحيض أو الاستحاضة أو
النفاس، ثم أسلمت، هل تجب عليها إعادة ذلك الغسل أم لا؟
الجواب: الجواب عن هذه المسألة كالجواب عن المسألة المتقدمة لها سواء.
34 - مسألة: إذا عمل الكافر - سواء كان كفره أصليا أو ارتدادا، أو
كان كافر ملة - ثوبا أو صبغه أو غسله، هل تجوز الصلاة فيه أم لا؟
الجواب: هذا الثوب يكون نجسا فلا تجوز الصلاة فيه حتى يغسل، لان
الكافر نجس.
35 - مسألة: إذا رأت المرأة الدم ثلاثة أيام متفرقة من جملة العشرة أيام،
ما الحكم في ذلك، وهل هي حيض أم لا؟
الجواب: انها بحكم الحيض، وفي أصحابنا من يقول: بأنها غير حيض،
لأنها غير متوالية (2). والأول أظهر، لأنه لا خلاف بيننا في أن كل دم تراه المرأة

(1) حكى ابن القدامة في المغني ج 1 ص 75 عن المزني وأبي ثور، القول بعدم جواز الصلاة في شئ منهما. وقواه الحلي في
السرائر وأفتى به على ما حكى عنه في هامش المبسوط ج 1 ص 39 فلاحظ.
(2) هو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج 1 ص 42.
15

في العشرة أيام - وإن كان ذلك في أيام متفرقة بعد الثلاثة الأيام المتوالية - فهو
حيض لأنه من جملة العشرة، وإذا كانت هذه حيضا مع تفرقها - لأنها من جملة
العشرة - فكذلك يجب فيما قلناه.
فان قيل: هذا يلزم عليه ان يكون اليوم أو اليومان حيضا وان انقطع الدم
بعد ذلك فلم تره إلى تمام العشرة. قلنا: هذا قد دل الدليل على أنه غير حيض،
فقلنا به لذلك، لأنه لا خلاف فيه، فما أخرجناه من تلك الجملة الا بدليل،
ولولاه لقلنا به، وان قيل بالثاني - لان الاحتياط يقتضيه - كان جائزا.
36 - مسألة: إذا رأت المرأة الدم ثلاثة أيام، وانقطع سبعة أيام، ثم رأته
ثلاثة أيام هل يكون الأول حيضا أم لا؟ وكذلك الثاني؟
الجواب: الثلاثة أيام الأولى حيض، لأنها من جملة العشرة، والثانية
غير حيض، لان الدم حدث فيها بعد تمام العشرة.
37 - مسألة: إذا رأت المرأة الدم أقل من ثلاثة أيام، ورأت الطهر إلى
تمام العشرة، هل يكون ذلك حيضا أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك حيضا، لان الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام.
38 - مسألة: إذا رأت المرأة الدم أقل من ثلاثة أيام، ثم رأته بعد ذلك
يوما فيوما إلى تمام العشرة، ما الذي هو حيض من ذلك؟
الجواب: يكون الجميع حيضا، وقد تقدم ذكر الوجه في الأيام المتفرقة.
وعلى مذهب من قال من أصحابنا: بان الثلاثة أيام يجب كونها متوالية، لا يكون
حيضا. (1)
39 - مسألة: إذا كانت عادة المرأة في مجئ الحيض خمسة أيام في كل
شهر، فرأته فيها، ورأته قبل ذلك خمسة أيام وانقطع، ورأته خمسة أيام بعدها
وانقطع، ما الحيض من ذلك؟
الجواب الحيض من ذلك هو الأيام التي هي أيام العادة، والباقي
غير حيض، لان إضافة الخمسة الأولى إلى العشرة، ليس بأولى من إضافة الخمسة

(1) هو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج 1 ص 42. واختار في النهاية ص 26 - عدم اشتراط التتابع - كما في المتن.
16

الأخيرة إليها، وإذا لم يكن على ذلك دليل، وجب القضاء بالعادة، لأنه المجمع
عليه، دون ما لا دليل عليه.
40 - مسألة: إذا كانت عادة المرأة خمسة أيام، فرأت الدم خمسة أيام
قبلها، أو رأته خمسة أيام بعدها وانقطع، ما الحيض من ذلك؟
الجواب: هذا العشرة، أيام حيض، لان أكثر مدة الحيض، عشرة أيام.
41 - مسألة: إذا رأت المرأة الدم عقيب الولادة ساعة، وانقطع ولم تر منه
شيئا إلى تمام العشرة، ما حكمها؟
الجواب: هذا الدم يكون نفاسا، لأنه ليس لقليل النفاس حد.
42 - مسألة: إذا رأت المرأة الدم عقيب الولادة، ثم انقطع، ورأته أيضا
دفعة أخرى، أو أكثر منها قبل خروج العشرة أيام، ما حكم ذلك؟
الجواب: جميع ذلك يكون نفاسا، لأنه حادث في العشرة أيام، وهي أكثر
أيام النفاس كهى في الحيض.
43 - مسألة: إذا كانت المرأة حاملا بولدين فولدتهما، وخرج الدم عقيب
الولادة بكل واحد منهما، هل يكون الاعتبار في أول النفاس بالولد الأول أو الثاني
وكذلك في أكثر النفاس؟
الجواب: الاعتبار في أول النفاس بالولد الأول، ويستوفى أكثر النفاس من
وقت الولادة للثاني، لان اسم النفاس يتناول ذلك.
44 - مسألة: إذا ولدت المرأة ولم يخرج منها دم بالجملة، هل يجب عليها
الغسل أم لا؟
الجواب: لا غسل عليها، لان الاجماع حاصل على وجوب الغسل عليها إذا
خرج منها الدم، وفى وجوب ذلك عليها إذا لم يخرج الدم عند الولادة، يحتاج فيه
إلى دليل، ولا دليل عليه، ولان الأصل براءة الذمة، وايجاب الغسل فيه يحتاج
إلى دليل، وأيضا فالنفاس مأخوذ من النفس، وهو الدم، وإذا لم يخرج دم، لم
يصح القول بحصول النفاس.
45 - مسألة: إذا خرج من المرأة عقيب الولادة ماء بغير دم أصلا، هل
17

يجب عليها غسل أم لا؟
الجواب: القول في جواب هذه المسألة، كالقول في المسألة التي تقدمتها.
46 - مسألة: إذا خرج من المرأة الدم قبل خروج الولد، هل يكون ذلك
نفاسا أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك نفاسا بغير خلاف.
47 - مسألة: إذا استشهد انسان وهو جنب، هل يجب غسله أم لا؟
الجواب: لا يجب غسله، لأنه لا دليل على ذلك.
48 - مسألة: إذا وجبت عليه الطهارة، وهو متمكن من فعلها بنفسه،
هل يجوز ان يتولاها غيره أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، ولا يجزيه الا مع التولية لها بنفسه، لقوله تعالى:
(إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق الآية) (1) فأمرنا بان
نكون غاسلين وماسحين، والظاهر يقتضي تولى الفعل حتى يستحق التسمية،
لان من طهر غيره. لا يسمى غاسلا ولا ماسحا في الحقيقة، ولان اجماع الطائفة
على ما ذكرناه، ولان الحدث متيقن وإذا تولى ازالته بنفسه، فقد تيقن براءة
ذمته، وليس كذلك إذا تولاه غيره مع تمكنه من فعله بنفسه.
49 - مسألة: إذا كان على وضوء، ثم رأى مذيا أو وذيا، هل هل ينتقض
وضوءه بذلك أم لا؟
الجواب: لا ينتقض وضوءه بذلك، لان الأصل براءة الذمة، ويفتقر في
اثبات ذلك من نواقض الطهارة إلى دليل شرعي ولا دليل عليه، ولان اجماع
الطائفة أيضا عليه.

(1) المائدة: 6
18

باب مسائل تتعلق بالصلاة:
50 - مسألة: صلاة الصبح من صلاة الليل أو النهار؟
الجواب: هذه الصلاة من صلاة النهار، لقوله تعالى: (وأقم الصلاة طرفي
النهار) (1) ولا خلاف في أن المراد بذلك، صلاة الفجر والعصر، ولما كانت
صلاة الفجر تقام بعد طلوع الفجر إلى قبل طلوع الشمس، كان ذلك دالا على أن
هذا الوقت طرف النهار، ولان اجماع الطائفة عليه أيضا.
51 - الصلاة الوسطى ما هي؟
الجواب: الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر، لان اجماع الطائفة حاصل
عليه، واجماعها حجة. واستدلال من يذهب إلى انها غير صلاة الظهر بقوله تعالى:
(وقوموا لله قانتين) (2) لا يتوجه علينا منه فساد، لان القنوت عندنا جائز في كل
صلاة.
52 - مسألة: هل تجوز الصلاة في المكان المغصوب أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، سواء كان المصلى هو الغاصب أو غيره، لان
الأصل في المنع من ذلك، كونه مغصوبا وهو كذلك على الوجهين جميعا.
53 - مسألة: إذا أمر مالك الموضع غيره بالدخول إلى ملكه، ثم نهاه عن
المقام فيه، فأقام فيه ولم يخرج وصلى، هل صلاته صحيحة أم لا؟

(1) هود: 114.
(2) البقرة: 238.
19

الجواب: هذه الصلاة غير صحيحة، لأنها تصرف في الملك الذي يعلم أن
صاحبه يكره تصرف غيره فيه، ولا يختاره. (1) والصلاة تصرف فيه بغير شبهة.
ولا يلزمنا على هذا فساد الصلاة في أراضي القرى والبساتين وما أشبه ذلك،
لان العادة جارية بان مالك ذلك لا يكره من أحد الصلاة فيه. فان قيل: فلو
نهاه عن الصلاة في موضع معين، أو في الجميع، ما يكون حكمه؟
قلنا: إذا كان الامر على ذلك، فالأصل يقتضي انه ان صلى بعد نهيه،
ولم يكن الوقت يضيق عليه، لم تصح صلاته، الا انه يبعد ان ينهى مالك الحقوق
أو أراضي الضيعة غيره عن ذلك.
54 - مسألة: إذا كان محبوسا في مكان مغصوب، ولا يمكنه الخروج
منه، هل تجوز صلاته فيه أم لا؟
الجواب: صلاته فيه جائزة، لأنه مضطر إلى ذلك بفقد التمكن من
الخروج منه
55 - مسألة: إذا نهاه المالك عن المقام في ملكه، وتشاغل بالخروج في
طريقه وصلى، هل تصح هذه الصلاة أم لا؟
الجواب: هذه الصلاة لا تصح إذا كان الوقت متسعا، فإن كان قد تضيق
كانت جائزة، لأنه انما قدم فرض الله تعالى على فرضه، مع تشاغله بالخروج، لأنه
مضطر إلى ذلك مع تضيق الوقت، ومع اتساعه فهو غير مضطر، فلا تصح صلاته،
ويجب عليه تقديم الخروج ثم يصلى بعده.
56 - مسألة: إذا اضطر إلى الصلاة فوق الكعبة، هل تكون صلاته
صحيحة أم لا؟
الجواب: إذا اضطر إلى الصلاة، كانت صلاته صحيحة، بان يصلى
مستلقيا على ظهره، ليكون مستقبلا للبيت المعمور الذي في السماء (2).
57 - مسألة: إذا صلى واقفا على طرف الحائط بحيث لا يبقى مقابله جزء

(1) في نسخة: ولا يجتازه.
(2) الوسائل ج 3 ص 248 ب 19 أبواب القبلة ح 2.
20

من البيت، هل تصح صلاته أم لا؟
الجواب: هذه الصلاة لا تصح، لان المصلى لها على هذا الوجه، يكون
مستدبر القبلة، وذلك لا يجوز.
58 - مسألة: إذا انهدمت الكعبة، هل تجوز الصلاة إليها أم لا؟
الجواب: الصلاة إلى ذلك جائزة، لان المكلف متعبد بالصلاة إلى جهتها.
59 - مسألة: إذا كانت جماعة في سفينة، وهم مزدحمون فيها، فكان
لواحد منهم موضع يتمكن فيه من الصلاة قائما، وليس للباقي ذلك، ما حكمهم في
الصلاة؟
الجواب: يصلى الواحد في موضعه، ثم يجلس بعد ذلك مجتمعا فيه ثم
يصلى بعده آخر، وبعد الأخر آخر، كذلك إلى آخرهم إن كان الوقت متسعا،
فإن كان قد تضيق، صلوا جلوسا في مواضعهم، ولا ينظر أحد منهم صلاة الأخر
قائما، ثم يصلى. فإن لم يكن فيهم أحد له موضع يتمكن فيه من الصلاة قائما،
صلوا كلهم جلوسا.
60 - مسألة: الجماعة إذا كانوا كلهم عراة، ولواحد منهم ثوب، ما
حكمهم في الصلاة؟
الجواب: إذا كان الوقت متسعا، صلى صاحب الثوب فيه، واعارة الأخر
فصلى فيه، ودفعه الأخر إلى غيره ليصلى فيه، ثم كذلك إلى آخرهم. فإذا كان
الوقت قد تضيق صلوا عراة.
61 - مسألة: إذا كان مع المكلف ثياب كثيرة، يعلم أن فيها واحدا
طاهر، والباقي نجس، ولا يعلم الطاهر على التعيين، ما حكمه في الصلاة فيها؟
الجواب: إن كان الوقت متسعا صلى في كل واحد منها الصلاة بعينها،
فإن كان متضيقا صلى عريانا، لان ذلك ها هنا فرضه.
62 - مسألة: إذا كان معه ثوبان، يعلم أن أحدهما طاهر، والاخر نجس،
ولا يتميز له الطاهر منهما، ما حكمه في الصلاة فيهما؟
الجواب: يصلى في كل واحد منهما الصلاة بعينها، لأنه إذا فعل ذلك
21

كان مؤديا لها بيقين. وقد تقدم ذكر هذه المسألة.
63 - مسألة: إذا أراد الصلاة وعلى قلنسوته أو تكته نجاسة، هل يجوز له
ذلك أم لا؟
الجواب: يجوز له ذلك، لأنه مما لا تتم الصلاة به منفردا. ولان اجماع
الطائفة عليه.
64 - مسألة: إذا كانت معه قارورة مشدودة الرأس برصاص أو غيره،
وفيها نجاسة، ثم صلى وهي في كمه، أو في جيبه، هل تصح صلاته أم لا؟
الجواب: لا تصح صلاته، لأنه يكون حاملا للنجاسة وهو في الصلاة،
وذلك لا يجوز، ولا يلزم ذلك على القلنسوة والتكة إذا كانت فيهما نجاسة، لأنا انما
أجزنا الصلاة في ذلك، لأنه الظاهر من الطائفة.
65 - مسألة: إذا كانت له عمامة، على طرفها الواحد نجاسة، فجعل
الطرف الآخر على رأسه، وألقى الطرف الآخر وباقيها على الأرض وصلى، هل
تصح صلاته كذلك أم لا؟
الجواب: صلاته كذلك صحيحة، لأنه ليس بحامل لما فيه نجاسة.
66 - مسألة: إذا سلم المكلف في الصلاة بعد الركعتين الأولتين ناسيا،
ثم تكلم متعمدا، وذكر انه صلى ركعتين، هل يبنى على ما تقدم من الركعتين، أو
يعيد الصلاة؟
الجواب: يبنى على ما تقدم من صلاته. وفي أصحابنا من قال (2):
يعيدها. والبناء على ما قدمناه هو الصحيح، لان الاحتياط يقتضيه.
67 - مسألة: إذا قطع الانسان اذن غيره، فالصقها المجني عليه بالدم
فالتصقت في الحال، هل تصح صلاته، وهي كذلك أم لا؟
الجواب: لا تصح صلاته، لأنه يكون قد صلى وعليه نجاسة، لان القطعة

(1) في رقم المسألة التاسعة والعشرين.
(2) نسبة في الحدائق ج 9 ص 127 إلى أبي الصلاح الحلبي والى الشيخ في النهاية ولم نجده في الثاني واليك عبارة الحلبي
في الكافي ص 120 (فمتى تعمد المصلى فعل شئ من هذه فسدت صلاته).
22

التي الصقها هي بعد الإبانة ميتة، والميتة نجسة، فتجب ازالتها ثم يصلي.
68 - مسالة: اي الأوقات أفضل للصلاة؟
الجواب: أفضل الأوقات للصلاة أولها لقوله (ص) لام فروة: أفضل الأعمال
عند الله تعالى الصلاة في أول وقتها (1). ولقوله (ع) أيضا لابن مسعود
وقد سأله عن أفضل الأعمال، فقال (ع): الصلاة في أول وقتها (2) ولان اجماع
الطائفة على ذلك.
69 - مسألة: وهل تنعقد صلاة بغير (الله أكبر) من ألفاظ التكبير
أم لا؟
الجواب: لا تنعقد الا بلفظ (الله أكبر) دون غيره من ألفاظ التكبير، لان
الصلاة قد ثبتت في ذمة المكلف، وإذا عقدها بالذي ذكرناه، فقد تيقن براءة ذمته
مما لزمها من ذلك. وليس كذلك إذا عقدها بغير ما ذكرناه، ولان اجماع
الطائفة عليه أيضا. وأيضا قوله (ص) لرفاعة بن مالك: لا يقبل الله صلاة امرء
حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة، ويقول: (الله أكبر) (3) وهذا
نص فيما ذكرناه.
70 - مسألة: إذا سجد على كور العمامة (4)، هل تصح صلاته أم لا؟
الجواب: لا تصح صلاته إذا سجد على ذلك، لأنها لا تصح الا بسجوده
على سبعة أعظم، وهي: الكفان، والركبتان، وابهاما الرجلين، والجبهة. وانما
قلنا ذلك، لما رواه ابن عباس (ض) من قوله: أمر رسول الله (ص) ان يسجد
على سبعة أعظم: اليدين، والركبتين، والقدمين، والجبهة (5). ومن سجد على
كور العمامة، فلم يسجد على الجبهة. ولان اجماع الطائفة أيضا على ما ذكرناه.

(1) سنن أبي داود ج 1 ص 115 ح 426 - كتاب الصلاة.
(2) صحيح مسلم ج 1 كتاب الايمان ص 63.
(3) فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج 2 ص 172 والمغني لابن قدامة ج 1 ص 405.
(4) الكور: دور العمامة. مجمع البحرين.
(5) سنن الدارمي ج 1 ص 302 كتاب الصلاة باب السجود على سبعة أعظم (مع اختلاف قليل).
23

71 - مسألة: إذا رعف (1)، وهو في الصلاة، فأصاب الدم موضعا من
جسده أو ثوبه، فغسل ذلك، هل يكون ذلك قاطعا لصلاته بما فعله أم لا؟
الجواب: إن كان انحرف عن القبلة، أو التفت يمينا أو شمالا أو تكلم بما
يفسد الصلاة، كان قاطعا لها، وعليه الإعادة، وان يكن منه شئ من ذلك،
يبنى على ما تقدم، ولا يعيد.
72 - مسألة: إذا سلم عليه غيره، وهو في الصلاة، فرد عليه، هل يكون
قاطعا لصلاته أم لا؟
الجواب: إن كان قال في الرد عليه: (وعليكم السلام) فقد قطع
الصلاة، لأنه يكون متكلما بما ليس من الصلاة. وإن كان قال: (سلام عليكم) لم
يقطع ذلك الصلاة، لأنه يكون متكلما بما هو من الصلاة، وهو لفظ القرآن. (2)
73 - مسألة: إذا صلى أربع ركعات، ثم ذكر انه ترك أربع سجدات:
عن كل ركعة سجدة، هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا؟
الجواب: عليه إعادة الصلاة، لان كل سهو يعرض في الركعتين الأولتين،
تجب منه إعادة الصلاة.
74 - مسألة: إذا ترك أربع سجدات، ولا يعلم موضعها، هل تجب عليه
إعادة الصلاة أم لا؟
الجواب: عليه الإعادة، لمثل ما قدمناه في المسألة المتقدمة، لأنه لا يأمن
من أن يكون ما ترك منها من الركعتين الأولتين.
75 - مسألة: إذا ترك ثلاث سجدات، ولا يعلم موضعها، هل تجب
عليه إعادة الصلاة أم لا؟
الجواب: عليه الإعادة، لمثل ما تقدم في المسألة المتقدمة على هذه المسألة.

(1) الرعاف: خروج الدم من الانف.
(2) قال في العروة الوثقى: لو قال المسلم: عليكم السلام، فالأحوط في الجواب أن يقول: سلام عليكم بقصد القرآنية أو
بقصد الدعاء. المسألة: 18 من مسائل مبطلات الصلاة. انتهى. والمسألة اختلافية من أراد تفصيلها فليرجع إلى جواهر
الكلام ج 11 ص 100 وفى مستمسك العروة ج 6 ص 558 استدل على تعين الجواب ب‍ (عليكم السلام) من
جهتين فلاحظ.
24

76 - مسألة: إذا ترك سجدتين من ركعتين ولا يعلم من أيتهما هي، هل
تجب عليه الإعادة أم لا؟
الجواب: عليه الإعادة بمثل ما قدمناه، لأنه لا يأمن من أن تكونا من
الركعتين الأولتين، أو الثالثة، أو الرابعة.
77 - مسألة: إذا ترك سجدة واحدة، ولا يعلم من اي الركعات هي،
هل تجب عليه الإعادة أم لا؟
الجواب: عليه الإعادة، لمثل ما قدمناه، لأنه لا يأمن أن تكون من
الركعتين الأولتين.
78 - مسألة: الموضع الذي يختص بسجدتي السهو، هل هو قبل التسليم أو
بعده؟
الجواب: موضع ذلك بعد التسليم، وذهب بعض أصحابنا إلى انهما، ان
كانتا لنقصان، كانتا قبل التسليم، وان كانتا لزيادة، كانتا بعد التسليم (1).
والذي ذكرناه أولي، لأنه الاظهر والأكثر بين الطائفة.
79 - مسألة: المسافر إذا أحرم في السفينة بصلاة مقيم، ثم سارت
السفينة، هل يجب عليه التقصير أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه التقصير، لأنه لم يخف عليه اذان مصره، ولم يتوار
عنه جدران مدينته، لان كل واحد منهما، أو هما شرط في ذلك.
80 - مسألة: المسافر إذا سافر إلى بلد، وللبلد طريقان، أحدهما أقرب
إليه من الطريق الأخر، والأقرب لا يجب فيه التقصير، فسار في الابعد منهما.
لغرض له من ذلك، أو لغير غرض، هل يلزمه التقصير أم لا؟
الجواب: يلزمه التقصير، لان الذي يدل على التقصير، عام فيه ذلك.
81 - مسألة: إذا سهى المسافر، فصلى أربعا، هل تجب عليه الإعادة
أم لا؟

(1) والقائل بهذا التفصيل هو أبو علي لاحظ جواهر الكلام ج 12 ص 441. ونقل كلام أبي على في هامش المبسوط ج 1
ص 125 ونقل العلامة (قد) هذا التفصيل عن ابن الجنيد لاحظ المختلف ص 142.
25

الجواب: عليه الإعادة، لان صلاة المسافر إذا عرض فيها السهو، كانت
باطلة، وإذا بطلت كانت عليه الإعادة، وفى أصحابنا من يقول: بان السهو في
صلاة السفر لا يوجب الإعادة والأول هو الاظهر والأكثر بين أصحابنا، وعليه
العمل. وهؤلاء وان ذهبوا إلى ما ذكرناه عنهم، فإنهم يقولون في هذه المسألة: ان
عليه الإعادة، لأنه قد زاد في الصلاة. والإعادة واجبة عليه على المذهبين جميعا.
82 - مسألة: إذا جلس الامام يوم الجمعة على المنبر، وباع من تجب عليه
الجمعة، في هذا الوقت شيئا، هل ينعقد البيع أم لا؟
الجواب: لا ينعقد البيع، لأنه منهى عنه، والنهى يقتضي فساد المنهي
عنه (1).
83 - مسألة: إذا صلى رجلان، وصلى خلفهما آخر ونوى الايتمام بهما،
هل تصح صلاته أم لا؟
الجواب: لا تصح صلاته، لان الايتمام والاقتداء باثنين لا يجوز.
84 - مسألة: إذا نوى ان يقتدى بواحد من اثنين بين يديه بغير تعيين له،
هل تجوز صلاته أم لا؟
الجواب: لا تصح صلاته، لأنه إذا لم يعرف امامه لم يمكنه الاقتداء به.
85 - مسألة: إذا اجتمع جنازة صبي وامرأة وخنثى ورجل، كيف
يترتبون للصلاة، إذا أريدت الصلاة عليهم مرة واحدة؟
الجواب: إذا كان الصبى ممن تجب الصلاة عليه، قدمت المرأة إلى
القبلة، ثم الخنثى، ثم الصبى، ثم الرجل، وإن كان الصبى ممن لا تجب الصلاة
عليه، قدم هو أولا إلى القبلة ثم بعد ذلك على الترتيب الذي ذكرناه، لان عليه
اجماع الطائفة، لأنه هو السنة، على ما ورد الخبر به بتقديمها أولا. (2)
86 - مسألة: إذا شد المصلى كلبا بحبل، وكان طرف الحبل معه، أو

(1) ان النهى في المعاملات انما يقتضي الفساد إذا تعلق بذات المعاملة كالنهي عن البيع العزري والربوي وأما إذا تعلق
بعنوان خارج عنها واتحد ذلك العنوان مع بعض مصاديقها فلا يقتضي الفساد فلا تكون المعاملة باطلة فظهر ان ما في
المتن من هذا القبيل فلا يكون فاسدا.
(2) الوسائل ج 2 ص 808 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة.
26

وقف عليه، هل تصح صلاته أم لا؟
الجواب: صلاته صحيحة، لان ما يقطع الصلاة، ليس هذا من جملته.
87 - مسألة: إذا سهى المصلى في صلاة الكسوف، هل تجب عليه اعادتها
أم لا؟
الجواب: هذه المسألة، لا نص لأصحابنا فيها، الا انها وإن كانت
كذلك، فتجب عليه اعادتها، لأن هذه الصلاة قد تعلقت بذمة المكلف، فيجب
عليه ان يؤديها بيقين. وإذا أعادها، فقد تيقن براءة ذمته منها، وإذا لم يعدها عند
سهوه منها، لم يكن على يقين من أدائها.
27

باب مسائل تتعلق بالزكاة:
88 - مسألة: إذا كان عند انسان من الإبل ست وعشرون، ومضت
ثلاث سنين، ما الذي يجب عليه؟
الجواب: يجب عليه بنت مخاض للسنة الأولى، ثم ينقص (2) النصاب
الذي يجب فيه بنت مخاض، فيجب عليه في السنة الثانية خمس شياة، ثم ينقص
النصاب عما يجب عليه في ذلك، فيجب عليه أربع شياة، فيجتمع عليه في ذلك
بنت مخاض وتسع شياة.
89 - مسألة: إذا كان عنده خمس من الإبل، ومضت عليه ثلاث سنين،
هل يجب عليه أكثر من شاة واحدة أو لا؟
الجواب: لا يجب عليه أكثر من شاة واحدة، لان الشاة استحقت بها فبقى
أقل من خمسة، فلا يجب عليه شئ منها.
90 - مسألة: إذا كانت البقرة معلوفة، أو عاملة (2) في بعض الحول
وسائمة في البعض الأخر، هل تجب عليه فيها زكاة أم لا؟
الجواب: الحكم في ذلك بالأغلب، فإن كان الأغلب هو السوم، حكم
فيه بذلك، وان لم يكن هو الأغلب، لم يحكم بذلك فيها.
91 - مسألة: إذا كانت البقرة معلوفة، أو عاملة في بعض الحول، وسائمة

(1) وفى نسخة: ينقض وكذا فيما بعد.
(2) عاملة: هي التي يستقى عليها ويحرث - مجمع البحرين.
28

في البعض الأخر، وكان ذلك فيها متساويا، هل تجب فيها زكاة أم لا؟
الجواب: فيها الزكاة، لان الاحتياط يقتضي ذلك. فان قيل: بأنه ليس
فيها زكاة، كان قويا، لان الأصل براءة الذمة، والقول بذلك يفتقر فيه إلى دليل،
ولان الشرط فما تجب فيه الزكاة من ذلك، حول الحول عليه مع كونه سائما،
وهذا غير حاصل في ذلك.
92 - مسألة: إذا كان عنده من الغنم أو غيرها ما يبلغ النصاب، وذكر
انه وديعة عنده، هل يقبل قوله أم لا؟ وهل يجب عليه في ذلك يمين أم لا؟
الجواب: قوله في ذلك مقبول، ولا يلزمه على ذلك يمين، لان أمير المؤمنين
عليه السلام أمر ساعيه في الصدقات: بان يجعل الامر في ذلك إلى أربابها، ولم
يأمره بيمين في ذلك. (1)
93 - مسألة: إذا كان عنده أربعون شاة، فلما حال عليها الحول، ولدت
واحدة، ولما حال عليها الحول الثاني، ولدت واحدة، ولما حال عليها الحول
الثالث، ولدت واحدة، ما الذي يجب عليه في ذلك؟
الجواب: الذي يجب عليه في ذلك ثلاث شياة، لان الحول الأول حال
عليها، وهي أربعون شاة، فوجبت فيها شاة، فلما ولدت الواحدة تمت من الرأس
أربعين شاة، فلما حال عليها الحول الثاني، كان قد حال على الأمهات والسخل
الحول، وهي أربعون، وجبت فيها شاة أخرى، فلما ولدت تمت أربعين، فلما حال
عليها الحول وجب عليه فيها ثلاث شياة.
94 - مسألة: إذا كان عنده مأتا شاة وواحدة، ومضت ثلاث سنين، ما
الذي يجب عليه في ذلك؟
الجواب: الذي يجب عليه في ذلك، سبع شياة، لأنه يجب عليه في السنة
الأولى ثلاث شياة، وفي كل سنة شاتان، لان المال الثاني والثالث قد نقص عن
المأتين وواحدة، فلم يجب عليه أكثر من شاتين أيضا. وينبغي أيضا ان يحكم فيه

(1) الوسائل ج 6 ص 88 ب 14 من أبواب زكاة الأنعام أحاديث الباب ومستدرك الوسائل ج 1 ص 516 ب 12 من
أبواب زكاة الأنعام أحاديث الباب.
29

كذلك بالغا ما بلغ المال وبقى منه ما بقى.
95 - مسألة: إذا كان عنده من المواشي ما يبلغ النصاب، فغصب
ذلك، ثم عاد إليه قبل حول الحول، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، استأنف بها الحول، سواء كانت
عنده سائمة وعند الغاصب معلوفة، أو كانت عنده معلوفة وعند الغاصب سائمة،
لأنه يراعي في المال امكان التصرف فيه طول مدة الحول، وهذا غير متمكن من
ذلك.
96 - مسألة: إذا كان المكلف في بلاد الشرك، وله مال في بلاد
الاسلام، هل تجب عليه زكاة أم لا؟
الجواب: لا تجب عليه زكاة، فان زكاه سنة واحدة استحبابا، كان جائزا
وان مرت عليه سنون، لان امكان التصرف فيه غير حاصل له. ولقولهم (ع):
لا زكاة في المال الغائب. (1)
97 - مسألة: إذا وجبت عليه زكاة، وتمكن من الأداء، وكان في بلده
مستحق لها، فحملها إلى بلد آخر وهلكت، هل يجب عليه ضمانها أم لا؟
الجواب: عليه ضمانها، لان اجماع الطائفة عليه، ولأنه بالتمكن من الأداء
وحصول المستحق به يلزمه الضمان.
98 - مسألة: إذا وجبت عليه زكاة، وتمكن من الأداء، ولم يكن في
بلده من يستحقها، وحملها إلى بلد آخر وهلكت، هل يجب عليه ضمان أم لا؟
الجواب: لا ضمان عليه، لان اجماع الطائفة عليه، ولأنه مع عدم المستحق
غير متمكن من الأداء.
99 - مسألة: ما يتولد من الغنم والظبي، هل فيه زكاة أم لا؟
الجواب: إذا كان ما يتولد من ذلك يسمى غنما كانت فيه الزكاة، لان
رسول الله (ص) قال: في سائمة الغنم الزكاة (2)، وهذا الاسم يتناول ذلك

(1) الوسائل ج 6 ص 61 ب 5 من أبواب من تجب عليه الزكاة أحاديث الباب.
(2) سنن البيهقي ج 4 كتاب الزكاة ص 100.
30

فتجب فيه الزكاة.
100 - مسألة: إذا كان عنده أربعون شاة، واستأجر بها أجيرا بشاة، هل
تجب عليه فيها زكاة أم لا؟
الجواب: لا زكاة عليه في ذلك، لان النصاب قد نقص بدفع الشاة إلى
الأجير.
101 - مسألة: المكاتب إذا كان عنده مال، هل تجب عليه زكاة أم لا؟
الجواب: إذا كان مشروطا عليه، وكان معه نصاب، لم تكن عليه زكاة،
لأنه يعد بحكم الرق لا يملك شيئا، ولابد من مراعاة الملك في ذلك، فإن كان
غير مشروط عليه، وتحرر منه بمقدار ما أدي، وكان معه نصاب بحصته من الحرية،
كانت عليه فيه الزكاة، لأنه مالك له على كل حال.
102 - مسألة: إذا كان عنده نصاب، ومات في بعض الحول، وانتقل
هذا النصاب إلى وارثه، هل تجب عليه فيه الزكاة أم لا؟
الجواب: لا يلزم الوارث الزكاة عن ذلك، لأنه لم يحل الحول عليه في
ملكه، وعليه ان يستأنف الحول، فإذا حال الحول على هذا النصاب كانت عليه
الزكاة.
103 - مسألة: إذا دفع من وجبت عليه الزكاة، ذلك إلى مستحقها، ولم
ينو بها في حال الدفع الزكاة، هل يكون ذلك مجزيا عنه أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك مجزيا عنه، وعليه اخراجها بهذه النية، لان
الأعمال بالنيات، كما قال رسول الله (ص) (1). وأيضا قوله تعالى: (وما أمروا
الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) (2). والاخلاص لا يكون الا بالنية، وأيضا
فإنه إذا نوى فلا خلاف في أن ذلك يجزى عنه، وليس كذلك إذا لم ينو.
104 - مسألة: إذا كان معه مأتا درهم أو غيره من النصب فقال: لله
على أن أتصدق بمأة من المأتين، أو بالنصف من نصاب غيرها، وحال الحول،

(1) الوسائل ج 1 ص 34 - ب 5 أبواب مقدمة العبادات ح 6 و 10.
(2) البينة: 5.
31

هل عليه في ذلك زكاة أم لا؟
الجواب: لا زكاة عليه في ذلك، لأنه بالنذر قد خرج بعض النصاب
بذلك قبل ان يحول الحول عليه من ملكه، ولما حال الحول عليه، لم يحل وهو
مالك لجميع النصاب.
105 - مسألة: إذا كان عنده مأتان، وحال الحول عليهما، ووجبت
الزكاة عليه فيهما، فتصدق بجميعهما، هل سقط عنه فرض الزكاة أم لا؟
الجواب: لا يسقط ذلك عنه فرض الزكاة عليه فيهما، لان اخراج الزكاة
عبادة وقربة، ويفتقر في اخراجها كذلك إلى نية الوجوب، واخراجها على وجه
المقدم ذكره متعر من نية الوجوب، فلا يكون ذلك مجزيا عنه.
106 - مسألة: إذا كان للانسان مملوك غائب يعلمه حيا، هل تجب عليه
فطرته أم لا؟
الجواب: الفطرة عنه تلزم سيده، لان الخبر وارد عن النبي صلى الله عليه وآله باخراجها عن نفسه وعن مملوكه (1) والخبر يتناول ذلك.
107 - مسألة: إذا كان العبد لاثنين، هل تجب عليهما جميعا الفطرة عنه
أم لا
الجواب: يجب عليهما ذلك بحصة ما لكل واحد منهما منه، لان الأخبار الواردة
في ذلك تتضمن باخراج الانسان عن عبده، وهي عامة في ذلك (2)،
وأيضا فالاحتياط يقتضيه.

(1) الوسائل ج 6 ص 227 باب 5 من أبواب زكاة الفطرة أحاديث الباب.
(2) الوسائل ج 6 ص 228 باب 5 من أبواب زكاة الفطرة أحاديث الباب. وقال المحقق في المعتبر ج 2 ص 600: لو كان عبد
بين اثنين فزكاته عليهما وبه قال الشافعي واحمد... لنا ما رووه عن ابن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وآله الصدقة على
كل حر وعبد ممن يمونون.
32

باب مسائل تتعلق بالصوم
108 - مسألة: إذا صام الانسان يوم الشك بنية انه من شهر رمضان،
هل يجزيه ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجزيه ذلك، لأنه مما نهى عن صومه على هذا الوجه،
والنهى يقتضي فساد المنهى عنه.
109 - مسألة: إذا كان محبوسا أو أسيرا، وهو بحيث لا يعلم شهر رمضان
من جملة شهور السنة على التعيين، ما الذي يجب عليه؟
الجواب: يصوم شهرا، فان وافق ذلك شهر رمضان، أجزأه، وإن كان
بعد شهر رمضان، كان مجزيا عنه، وإن كان قبله، كانت عليه الإعادة، لان
صومه بعده يقع موقع القضاء، وهذا لا يجوز قبله مطلقا.
110 - مسألة: إذا جامع قبل طلوع الفجر، ثم طلع الفجر وهو مخالط، ما
حكمه؟
الجواب: يجب عليه التخلص مما هو فيه، ويغتسل ويتمم صومه، ولا
شئ عليه، لأنه لم يتعمد ذلك في زمان الصوم.
111 - مسألة: إذ قلد غيره في أن الفجر لم يطلع، وكان قد طلع، ثم
تناول ما يفطره، ما حكمه؟
الجواب: يجب عليه القضاء، لأنه مكلف لمراعات ذلك، وكشفه بنفسه
إذا كان متمكنا من ذلك.
33

112 - مسألة: إذا طعنه غيره، فوصل السنان إلى جوفه، هل يفطر بذلك
أم لا؟
الجواب: لا يفطر، لان ذلك حدث به من غير قصد منه إليه، وهو
الاختيار، ولا اختيار له في ذلك.
113 - مسألة: إذا طعن بنفسه، فوصل ما طعنها به إلى جوفه، هل يفطر
أم لا؟
الجواب: يفطر، لان ذلك حدث عن قصده وتعمده.
114 - مسألة: من أقدم على فعل ما يوجب عليه الكفارة في أول النهار،
ثم تجدد له السفر، أو حدث به مرض يجوز له معه الافطار، هل تجب عليه كفارة
عن ذلك أم لا؟
الجواب: تجب الكفارة عليه، لأنه أقدم على ذلك، وتعمده في الزمان
الذي ليس له ان يقدم عليه، ولا ان يتعمده في مثله.
115 - مسألة: إذا أفطر متعمدا في نهار شهر رمضان، من غير عذر يبيح له
ذلك، وسئل: هل عليه في ذلك حرج أم لا؟
فقال: (لا) (1) ما الذي يجب
عليه؟
الجواب: إذا سئل عن ذلك، فقال: لا حرج على في ذلك، كان عليه
القتل، وان قال: على فيه حرج، عزره الامام بغليظ العقوبة، فان أقدم على ذلك
ثلاث مرات أو أكثر، عزر فيها دفعتين، وقتل بعد ذلك.
116 - مسألة: إذا أكره زوجته على الجماع، هل تجب عليها الكفارة
أم لا؟
الجواب: إذا أكرهها على ذلك، لم تجب الكفارة عليها، بل يجب ذلك
على الزوج فتكون عليه كفارتان: الواحدة عنه، والاخرى عنها، لان ذلك حدث
عن قصده واختياره له.

(1) (لا) غير موجودة في النسخ التي بأيدينا ووضعناها لان السياق يقتضيها.
34

117 - مسألة: إذا أكره من لا يحل له وطؤها على الجماع هل تلزمه
كفارتها، كما لزمته في وطئه لزوجته أم لا؟
الجواب: هذا المسألة فيها خلاف بين أصحابنا، والأظهر انه تلزمه
كفارتها، لان الاحتياط يقتضيها.
118 - مسألة: إذا نذر صوم يوم معين، ووافق ذلك شهر رمضان، هل
يجوز صومه بنية النذر أم لا؟
الجواب: لا يصح صومه له نذرا، إذا كان حاضرا أو في حكم الحاضر.
لان صوم شهر رمضان ممن هذا حكمه، لا يصح عن غيره، ولا يصح الا عنه.
119 - مسألة: إذا نذر صوم يوم معين، ووافق ذلك شهر رمضان،
وكان مسافرا، فصامه بنية النذر، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: يصح له ذلك، لان صوم شهر رمضان لا يجب عليه، فجاز وقوع
صوم هذا اليوم عن غير شهر رمضان، وقد وردت الرواية بأنه لا يجوز الصوم
الواجب في السفر (1)، وعلى ذلك، لا يصح هذا الصوم جملة، والاحتياط يقتضي
ما ذكرناه أولا.
120 - مسألة: إذا نذر انه ان تمكن عن وطئ من لا يحل له وطؤها، أو
قتل من لا يحل له قتله، كان عليه صوم، هل يلزمه هذا الصوم إذا تمكن من
ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه هذا الصوم، لأنه قبيح، من حيث إنه نذر في
معصيته، والصوم انما يقع صحيحا بان يتقرب به إلى الله تعالى، والقبيح
لا يتقرب به إلى الله سبحانه.
121 - مسألة: إذا نذر صوم يوم معين، فوافق ذلك اليوم، يوم عيد، هل
يجب عليه القضاء أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه ذلك، وذهب بعض أصحابنا إلى أن القضاء يجب

(1) الوسائل ج 7 ص 142 ب 11 من أبواب من يصح منه الصوم ح 1 و 4.
35

عليه، وكان يقول: إن علق النذر بيوم العيد فقط فلا قضاء عليه، وان علقه بغير
ذلك، ووافق يوم العيد، كان عليه القضاء (1).
وعندي انه لا فرق بين الموضعين، لان يوم العيد عندنا جميعا، ليس بزمان
يصح انعقاد النذر عليه، وإذا كان كذلك، فلو كان القضاء يجب عن افطاره لهذا
اليوم، لكان مما يصح صومه، وقد علمنا خلافه، وأيضا فان القضاء يتبع وجوبه
في وجوب المقضي، فإذا كان كذلك، وكان يوم العيد لا يصح صومه، لم يجب
القضاء عنه. فان قيل: فالحائض والمسافر يجب عليهما قضاء اليوم الذي تحيض فيه
الحائض، ويسافر فيه المسافر، وإن كان لا يصح صومه. قلنا: الفرق بين الامرين،
ان اليوم الذي ذكرته كان يصح صومه: بان لا تكون الحائض حاضت فيه،
وكذلك المسافر، وليس كذلك يوم العيد، لأنه لا يصح صومه على كل حال،
فافترق الأمران.
122 - مسألة: إذا نذر ان يصوم يوم يقدم انسان ذكره من سفره، فقدم
هذا الانسان ليلا، هل يجب عليه هذا الصوم أم لا؟
الجواب: لا يلزمه ذلك، لأنه شرط صوم يوم، وإذا قدم ليلا، فالشرط لم
يحصل، وإذا لم يحصل شرطه، لم يلزمه الصوم.
123 - مسألة: إذا نذر ان يصوم يوم يقدم انسان عينه من سفره، فقدم في
بعض نهار ذلك اليوم، هل يجب عليه الصوم أم لا؟
الجواب: إن كان قدوم الانسان حصل قبل الزوال، ولم يكن الناذر تناول
ما يفطر، كان عليه الصوم، وإن كان قدم بعد الزوال، لم يجب عليه صومه ولا
قضاؤه، لان بعض النهار لا يكون صوما.
124 - مسألة: إذا كان كافرا واسلم في بعض شهر، أو في بعض يوم من
أيامه، هل يجب عليه القضاء لما فاته أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه القضاء لما فاته، لأنه لا خلاف في أن الكافر

(1) وهو خيرة الشيخ في المبسوط ج 1 ص 281 من كتاب الصوم.
36

لا يجب عليه قضاء ما فرط فيه في أيام كفره، واما بعض اليوم، فإنه يمسك في
باقي نهاره عن تناول ما يفطر عليه، على وجه التأديب.
125 - مسألة: إذا كان معتكفا، وزوجته كذلك وجامعها، ما حكمها
في ذلك؟
الجواب: ان وطأها ساهيا أو ناسيا، لم يكن عليه شئ وكذلك المرأة،
فإن كان هو ساهيا أو ناسيا، وليست المرأة كذلك، لم تجب عليه الكفارة،
وكانت عليها الكفارة عن نفسها، فان تعمدا جميعا الجماع في نهار الصوم، كانت
على كل واحد منهما كفارتان: كفارة للصوم، وكفارة للاعتكاف.
فان أكرهها على ذلك، وكان اعتكافها بأمره، لم تلزمها كفارة، بل
تنتقل كفارتها بالاكراه إليه، فتكون عليه أربع كفارات. وإن كانت معتكفة بغير
اذنه، لم يلزمه غير كفارتين عن نفسه، وإن كان الوطي ليلا، كانت عليه كفارة
واحدة للاعتكاف، فان طاوعته المرأة إلى ذلك، كانت عليها أيضا كفارة
واحدة، فان أكرهها على ذلك، وكان اعتكافها باذنه، كانت عليه كفارتان، ولم
يلزمها شئ.
126 - مسألة: إذا كان معتكفا وباع شيئا أو اشتراه، هل يصح بيعه أو
شراؤه، أو لا يصح؟
الجواب: لا يصح بيعه ولا شراؤه، لأنه منهي عن ذلك، والنهي يقتضي
فساد المنهي عنه (1).
127 - مسألة: إذا كانت مأذنة المسجد خارجة منه، وبينها وبينه فسحة
وفضاء هل يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إليها ليؤذن فيها، أم لا يجوز له
الخروج منه؟
الجواب: يجوز له ذلك، ولا يبطل اعتكافه، لان الاخبار عندنا، واردة
بالحث على الاذان (2)، وليست متضمنة لتفصيل ذلك من غيره، فوجب حملها

(1) وقد ذكرنا فيما سبق تعليقة في هامش المسألة رقم 82 فراجع.
(2) الوسائل ج 4 ص 639 ب 16 من أبواب الأذان والإقامة أحاديث الباب.
37

على عمومها
128 - مسألة: إذا كان ممن تتعين عليه إقامة الشهادة، وخرج من
المسجد ليقيمها، هل يبطل بذلك اعتكافه أم لا؟
الجواب: لا يبطل اعتكافه بذلك، لان الأصل جوازه، ولا دليل يفضى
إلى العلم بالمنع منه فيقال به، وأيضا قوله سبحانه: (ولا يأب الشهداء إذا ما
دعوا) (1) ولم يتضمن تفصيلا للمعتكف من غيره.
129 - مسألة: إذا كان معتكفا ثم ارتد، هل يبطل اعتكافه أم لا؟
الجواب: إذا كان اسلامه عن كفر أصلي ثم ارتد، فقد صار بالارتداد
كافرا، وحكم بنجاسته، ولا يجوز له المقام في المسجد، ولا تصح العبادة منه،
وذلك مناف للاعتكاف. وإن كان اسلامه أصليا ثم ارتد، فهذا يقتل على كل
حال، ولا يصح اعتكافه، مع كونه أيضا محكوما بنجاسته، لأجل كفره. على أنه
ينبغي على أصولنا - في أن الكفر لا يتعقب الايمان - ان نحكم بان اسلامه المتقدم
على الارتداد، لم يكن صحيحا، وإذا لم يكن صحيحا لم يصح اعتكافه على كل
حال.
130 - مسألة: إذا سكر وهو معتكف، هل يبطل اعتكافه أم لا؟
الجواب: يبطل اعتكافه، لان الاعتكاف هو اللبث المتطاول لعبادة
مخصوصة، فإذا سكر، فقد فسق، وخرج بسكره عن كونه لابثا معتكفا في المدة
المذكورة للعبادة ومستمرا عليها، وذلك ينقض الحقيقة في كونه معتكفا.

(1) البقرة: 282.
38

باب مسائل تتعلق بالحج:
131 - مسألة: إذا أحرم المستأجر في الحج عمن استأجره، ثم أراد نقل
الاحرام إلى نفسه، هل يجوز له ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح هذا النقل، فان مضى على هذه النية لم يقع حجه الا
عمن بدأ بنيته، لان صحة نقل ذلك يفتقر فيه إلى دليل، ولا دليل يقتضي علما
بذلك.
132 - مسألة: إذا ارتد عن الاسلام، وقد كان حج قبل ارتداده، ثم
عاد إلى الاسلام بعد ذلك، هل يجب عليه الحج أم لا؟
الجواب: يجب عليه الحج، لان اسلامه الأول، لم يكن عندنا صحيحا،
لأنه لو كان صحيحا لما جاز تعقب الكفر له، على ما قدمناه فيلزمه من إعادة
الحج ما ذكرناه.
133 - مسألة: إذا عقد على امرأة النكاح، ولم يعلم هل كان العقد في
حال الاحرام أو الاحلال، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الاحتياط يقتضي تجديد العقد، لأنه لا يأمن ان يكون قد وقع في
حال الاحرام، وذلك لا يجوز.
134 - مسألة: إذا اختلف الرجل والمرأة في العقد، فقال الرجل:
عقدت وانا محل، وقالت المرأة: بل كنت محرما، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول في ذلك، قول الرجل، لأنه اعلم بنفسه، والمرأة مدعية
39

لكونه محرما، فعليها البينة. ولا يجب عليه ذلك، لأنها مقرة بالعقد له، وادعت
عليه ما يبطله، وهي مفتقرة في دعواها إلى البينة، ومتى ادعت المرأة انها كانت
محرمة، وأنكر الرجل ذلك، كان الحكم ما تقدم، فان قال الرجل: كنت محرما،
وقالت المرأة: بل كنت محلا، كانت على الرجل البينة، لأنه مقر لها بالعقد،
ومدع لما يفسده، ليسقط عن نفسه صداق النكاح، وغيره من مستحقات العقد.
135 - مسألة: إذا استأجر اثنان رجلا ليحج عنهما، هل يصح ذلك
أم لا؟
الجواب: لا يجزى ذلك عنهما جميعا، ولا عن واحد منهما، لان حجة واحدة
لا تجوز عن اثنين، فان حج عن أحدهما، فليس الواحد أولي بها من الأخر، لأنهما
جميعا استأجراه ليحج عنهما، فان أفرد أحدهما بالحجة لم تصح، لما ذكرناه، فان
أراد الأجير نقلها إلى نفسه لم يصح، لأنه ما نواها عن نفسه، ونقلها لا دليل عليه.
136 - مسألة: إذا أحرم قبل الميقات، وأصاب صيدا، هل يجب عليه
جزاء أو قيمته، أو لا يجب عليه شئ؟
الجواب: لا يجب عليه شئ، لان احرامه وقع من غير الميقات، ومن
شرط صحته ان يقع من الميقات.
137 - مسألة: إذا استأجر وهو صحيح متمكن من ينوب عنه في حجة
الاسلام، هل تكون هذه مجزئة عنه أم لا؟
الجواب: لا تجزى هذه الحجة عنه، لان الاجماع حاصل على ذلك.
138 - مسألة: إذا مات وكانت حجة الاسلام قد وجبت عليه، وعليه
دين، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إن كان ما خلفه فيه الكفاية للجميع، حج عنه، وقضى عنه
الدين أيضا، فان فضل بعد ذلك شئ كان ميراثا، وان لم يفضل من ذلك
شئ، فلا ميراث، وإن كان ما خلفه لا يتسع لذلك، قسم بينهما، لأنهما دينان قد
وجبا عليه، وليس أحدهما أولي من الأخر، وان قلنا: بتقديم الحج، لان حق الله
سبحانه أولي من حق غيره، كان جائزا.
40

139 - مسألة: إذا كانت عليه حجتان: حجة الاسلام، وحجة بالنذر،
وحج واحدة، هل تكون مجزئة عن الأخرى أم لا؟
الجواب: لا يجزى عنهما، لأنهما فرضان قد وجبا عليه، أحدهما غير الأخر،
ويجب عليه أداء كل واحد منهما بنية تخصه، وأيضا فان القول هاهنا بالاجزاء
شرع، ويفتقر في اثباته إلى دليل، ولا دليل عليه.
140 - مسألة: هل يجوز ان ينعقد الاحرام بالحج أو عمرة متمتع بها إلى
الحج، في غير أشهر الحج (1)، أم لا يجوز ذلك الا فيها؟
الجواب: لا يجوز ذلك الا فيها، لأنه لا خلاف في أن ذلك، ينعقد في
هذه الأشهر، وليس لمن ادعى انعقاده في غيرها دليل، ولان اجماع الطائفة
حاصل على ذلك.
141 - مسألة: كيف يجوز القول: بان أشهر الحج هي ما ذكرتموه،
وهذه اللفظة لا تقع الا على ثلاثة أو أكثر، وعندكم انها ليست أكثر من شهرين
وعشرة أيام؟
الجواب: ان الحج لا يصح انعقاده الا في هذين الشهرين والعشرة أيام
من الشهر الثالث، فإذا كمل فيها فما وقع الا في ثلاثة أشهر.
142 - مسألة: إذا وجب عليه الهدى، هل يجوز له اخراجه قبل يوم النهر
أم لا؟
الجواب لا يجوز له ذلك، لان الاجماع حاصل على أنه إذا أخرجه يوم
النهر كان مجزيا عنه، وليس على جواز اخراجه قبل ذلك دليل.
143 - مسألة: هل ينعقد الاحرام بمجرد النية أم لا؟
الجواب: لا ينعقد الاحرام بمجرد النية، لابد في انعقاده من أن يضاف
إلى مجرد النية التلبية أو التقليد أو الاشعار أو سياق الهدى، لان ما ذكرناه مجمع
على صحته، وليس على ما خالفه دليل، وعليه أيضا اجماع الطائفة.

(1) وفى نسخة: في غير أشهر الحرم. وكذا فيما يأتي.
41

144 - مسألة: إذا حكم على المحرم العاقد للنكاح ببطلان العقد، هل
يحتاج في التفرقة بين الزوج والزوجة إلى طلاق أم لا؟
الجواب: لا يفتقر في التفرقة بينهما إلى طلاق، بل التفرقة كافية في ذلك،
لان صحة الطلاق فرع على ثبوت العقد، وإذا لم يثبت، لم يصح ان يطرأ الطلاق
عليه، وأيضا فالنهي قد ورد بذلك وهو دال على فساد المنهي عنه (1)، وأيضا
فاجماع الطائفة حاصل على ذلك.
145 - مسألة: إذا جعل البيت في طوافه على يمينه، هل يكون مجزيا له
أم لا؟
الجواب؟ لا يجزيه ذلك، لأنه خلاف لما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه قال:
خذوا عنى مناسككم (2) وأيضا فطريقة الاحتياط تقتضي ما ذكرناه، واجماع
الطائفة أيضا عليه.
146 - مسألة: هل ركعتا الطواف واجبتان أم لا؟
الجواب: ركعتا الطواف واجبتان لقوله سبحانه: (واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى) (3) فامر بالصلاة عند مقام إبراهيم، والامر الشرعي يقتضي
الوجوب، وتقتضيه أيضا طريقة الاحتياط
147 - مسألة: إذ سعى، هل يجوز له ترك الصعود على الصفا والمروة
أم لا؟
الجواب: يجوز له ذلك، وإن كان الأفضل الصعود عليها لقوله سبحانه:
(فلا جناح عليه ان يطوف بهما) (4) وقد ورد عن كافة المفسرين انه تعالى أراد
الطواف بينهما، ومن انتهى في طوافه إليهما، فقد طاف بينهما، وأيضا فعلى ذلك

(1) لان في النكاح شائبة العبادة وقد اشتهر ذلك في ألسنة الفقهاء (ض) والظاهر أن المراد منه انه قد تصرف الشارع في
مسألة الزواج اثباتا ونفيا بحيث قد صار بمنزلة المخترعات الشرعية كالعبادات لا انه عمل عبادي يحتاج فيه إلى قصد
القربة.
(2) عوالي اللئالي ج 4 ص 34 ح 118 من طبعة الحديثة.
(3) البقرة: 125.
(4) البقرة: 158.
42

اجماع الطائفة.
148 - مسألة: إذا سعى بين الصفا والمروة سبعا، وكان في الشوط
السابع عند الصفا، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟
الجواب: عليه إعادة السعي من أوله، لأنه إذا كان في السابع عند الصفا.
فقد بدأ بالمروة، والابتداء بذلك لا يجوز، ولان الاحتياط يقتضي ما ذكرناه، لأنه
إذا استأنفه من أوله، تيقن براءة ذمته، وعلى ذلك اجماع الطائفة أيضا.
149 - مسألة: إذا كان أصلع أو أقرع، ليس على رأسه شعر، هل يجب
عليه امرار الموسى على رأسه بدلا من الحلق أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه ذلك، وانما هو مستحب له، ولان الأصل براءة
الذمة، وايجاب ذلك عليه، يفتقر إلى دليل، ولا دليل في الشرع عليه، ولان
اجماع الطائفة على ما ذكرناه.
150 - مسألة: إذا فاته الوقوف بعرفات، ووقف بالمشعر، هل يكون
ذلك مجزيا له أم لا؟
الجواب: يكون ذلك مجزيا له في صحة حجته، لان اجماع الطائفة حاصل
عليه.
151 - مسألة: إذا كانت الحصاة قد رمى هو بها أو غيره، هل يجوز له ان
يرمي بها أم لا؟
الجواب: لا يجوز له ذلك، وعليه الرمي بغير هذه الحصاة، لان طريقة
الاحتياط تقتضي ذلك، واجماع الطائفة عليه.
152 - مسألة: هل يجوز الرمي أيام التشريق قبل الزوال، أو لا يجوز الا
بعد الزوال؟
الجواب: الرمي في الأيام المذكورة، لا يجوز الا بعد الزوال، لان الاحتياط
يقتضي ذلك، من حيث إنه إذا فعل ذلك، فلا خلاف في اجزائه، وليس
كذلك إذا فعله قبل الزوال، ولان اجماع الطائفة عليه.
153 - مسألة: إذا نسى واحدة من الحصاة، ولم يعلم من اي الجمار
43

هي، ما حكمه في ذلك؟
الجواب: إذا نسى ذلك على الوجه المذكور، كان عليه ان يرمي كل
واحدة من الجمار الثلاثة بحصاة، لان الاحتياط يقتضي ما ذكرناه، وأيضا اجماع
الطائفة عليه.
154 - مسألة: إذا رمى الجمرة الواحدة بسبع حصيات في دفعة واحدة،
هل يجزيه ذلك عن الرمي بها مفترقا، أو يعتد بواحدة، أو لا يعتد بشئ؟
الجواب: عليه أن يعتد بواحدة، لان الاحتياط يقتضي ذلك، ولان اجماع
الطائفة أيضا عليه.
155 - مسألة: إذا رمى ما فاته بنية يومه، قبل رميه بالأمس، هل يجزى
عن يومه، أو عن أمسه، أو لا يجزى عن واحد منهما؟
الجواب: لا يجزى ذلك عن واحد منهما، لأنه يجب عليه الترتيب في
ذلك، والاحتياط يقتضي ما ذكرناه، واجماع الطائفة أيضا عليه.
156 - مسألة: إذا كان وليا لصبي، فاحرم بالصبي، فهل نفقته الزائدة
على نفقته بالحضر، واجبة على الولي دون مال الصبى، أو تجب في مال الصبى
دون مال الولي؟
الجواب: هذه الزائدة تجب على الولي دون مال الصبى، لان الولي هو
المدخل له في ذلك، وهو مما لا يجب عليه، والقول: بأنها تجب في مال الصبي
يفتقر فيه إلى دليل، ولا دليل عليه.
157 - مسألة: إذا وطأ في الفرج قبل الوقوف بعرفات، هل يفسد حجه
بذلك أم لا؟
الجواب: هذا يفسد حجه بلا خلاف، وعليه المضي في حجه، وإعادة
الحج من قابل، وتلزمه مع إعادة الحج بدنة، لان الاحتياط يقتضيه، وعليه اجماع
الطائفة.
158 - مسألة: إذا وطأ، وهو صبي، عامدا، في الفرج قبل الوقوف
بعرفات، هل يفسد بذلك حجه، وتتعلق به كفارة، ويلزمه الحج من قابل، أم لا
44

يفسد حجه، ولا يلزمه ذلك؟
الجواب: هذه المسألة فيها وجهان: أحدهما ان نقول: متى حملنا ذلك على أن
عمد الصبي وخطأه سواء، لم يفسد بذلك حجه، ولا تتعلق به كفارة. وان لم
نقل بذلك، وقلنا: بأنه عمد، حملناه على عموم الاخبار (1) في من وطأ عامدا،
فسد حجه، ولا يلزمه القضاء، لأنه غير مكلف، ووجوب القضاء، لا يتوجه الا
إلى المكلف. وهذا الوجه الثاني أقوى من الأول.
159 - مسألة: إذا وطأ قبل الوقوف بالمشعر أو بعده في الفرج، هل يجب
عليه شئ أم لا؟
الجواب: إذا وطأ قبل الوقوف بالمشعر، كان حكمه حكم من وطأ قبل
الوقوف بعرفات وقد تقدم ذلك، واما وطأه بعد الوقوف بالمشعر، فلا يجب عليه
في ذلك شئ غير البدنة، لان كل من قال: بان الوقوف بالمشعر من أركان
الحج، قال بما ذكرناه، واجماع الطائفة أيضا عليه.
160 - مسألة: إذا نحر ما يجب عليه في الحل، وفرق اللحم في الحرم،
هل يجزيه ذلك، أو لا يجزيه؟
الجواب: لا يجزيه ذلك، لقوله تعالى: (ثم محلها إلى البيت العتيق) (2)،
وأيضا فطريقة الاحتياط تتناول ما ذكرناه، وأيضا عليه اجماع الطائفة.
161 - مسألة: إذا نحر ما يجب عليه نحره في الحرم، وفرق لحمه في الحل،
هل يجزيه أم لا؟
الجواب: لا يجزيه ذلك، لأنه إذا نحره في الحرم، وفرق اللحم في الحرم،
فلا خلاف في اجزائه، وليس كذلك إذا نحره في الحرم وفرق اللحم في الحل،
والاحتياط يتناول ما ذكرناه.
162 - مسألة: المستأجر في الحج، إذا احصر، أو مات قبل الاحرام، هل
يستحق اجرة أم لا؟

(1) الوسائل ج 9 ص 255 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع أحاديث الباب.
(2) الحج: 33.
45

الجواب: يستحق من الأجرة بحساب ما قطع من المسافة، لأنه إذا كان
مستأجرا في أفعال الحج، وكان ذلك لا يمكنه الا بقطع المسافة، فهو مستأجر على
ذلك، فله من الأجرة بحساب ما ذكرناه.
163 - مسألة: إذا استأجر غيره ليحج عنه متمتعا، فحج عنه قارنا أو
مفردا، هل يعتد بذلك للأجير أم لا؟
الجواب: لا يعتد بذلك، وحجة التمتع باقية في ذمته، لأنه إذا حج قارنا أو
مفردا، فلم يأت بما استؤجر عليه، وإذا لم يأت به واتى بغيره، لم يعتد له به، ولان
الاحتساب والاعتداد له بذلك، يفتقر إلى دليل، ولا دليل في الشرع عليه.
164 - مسألة: إذا استأجره على أن يحج عنه قارنا أو مفردا، فحج عنه
متمتعا، هل يعتد له بذلك أم لا؟
الجواب: هذا صحيح، ويعتد له بذلك، لأنه اتى بالنيابة عنه بالأفضل.
165 - مسألة: إذا قال: من يحج عنى فله عشرة، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: يصح ذلك، فمن حج عنه كانت العشرة له، لان قوله بما
ذكرناه، شرط وجزاء محض، ولا يمنع من ذلك مانع، فوجب القول بصحته.
166 - مسألة: إذا أصاب المحرم صيدا وغاب عنه فلم يعلم له حالا، هل
يلزمه جزاء أم لا؟
الجواب: يلزمه الجزاء، لان الاحتياط يقتضي ذلك، وعليه أيضا اجماع
الطائفة.
167 - مسألة: إذا ذبح صيدا وهو محرم، هل يجوز للمحل اكله أم لا؟
الجواب: لا يجوز أكله لاحد من الناس، وهو بحكم الميتة، لان الاحتياط
يتناول ذلك، وعليه أيضا اجماع الطائفة.
168 - مسألة: إذا أصاب طائرا وهو على غصن من شجرة، واصلها في
الحرم، والغصن في الحل، هل عليه الضمان أم لا؟
الجواب: عليه الضمان، لان الاحتياط يقتضي ذلك، وعليه أيضا اجماع
الطائفة.
46

169 - مسألة: إذا أحرم ومعه صيد، هل يزول ملكه عنه أم لا؟
الجواب: ما معه من الصيد، يزول ملكه بالاحرام عنه، وما هو من ذلك
في بلده أو منزله، لا يزول ملكه عنه، إما الأول، فلان اجماع الطائفة عليه، واما
الثاني فيفتقر في زوال الملك عنه إلى دليل، ولا دليل في الشرع عليه.
170 - مسألة: ما يتوالد بين ما يجب فيه الجزاء وبين ما لا يجب ذلك
فيه مثل حمار الوحش والحمار الأهلي والضبع والذئب، هل يجب فيه الجزاء
أم لا؟
الجواب: لا يجب ذلك فيه، لان الأصل براءة الذمة، والقول بوجوب
الجزاء في ذلك، يفتقر في صحته إلى دليل، ولا دليل عليه في الشرع.
171 - مسألة: إذا نذر هديا بعينه، هل يزول ملكه عنه أم لا؟ أو يجوز له
بيعه واخراج بدله أم لا؟
الجواب: إذا نذر هديا بعينه، زال ملكه عنه، ولم يصح تصرفه فيه ببيع
ولا غيره، ولا اخراج بدله، لان الاحتياط يقتضي ما ذكرناه، وثبوت شئ مما
ذكرناه فيه، يحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك.
172 - مسألة: إذا رمى وهو محل في الحل صيدا، رأسه في الحرم، وقوائمه
في الحل، فقتله، هل عليه الجزاء أم لا؟
الجواب: عليه الجزاء، لان طريقة الاحتياط تقتضي ذلك، وعليه اجماع
الطائفة أيضا.
173 - مسألة: إذا ضرب صيدا حاملا ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا ضرب صيدا حاملا، فلا يخلو من أن يكون لم يؤثر بضربته
فيه ولا في الجنين قتلا ولا جرحا، أو يكون اثر فيه شيئا من ذلك، فإن لم يؤثر فيه
ولا في الجنين، فليس عليه شئ، وإن كان اثر فيه وفي الجنين: بان تكون الام
ألقت الجنين حيا ومات، وماتت الام بعد ذلك، كان عليه جزاء المثل عن الام،
وجزاء المثل عن الجنين صغيرا، وإن ألقت الام الجنين وعاشت، ومات الجنين،
كان عليه الجزاء عن الجنين دون الام، وان عاش الجنين وماتت الام، كان عليه
47

الجزاء عن الام دون الجنين، وان ألقت الام الجنين ميتا، كان عليه ما ينقض من
قيمة الام، فينظر في قيمتها حاملا وبين قيمتها غير حامل بعد الاسقاط ويلزمه
ذلك في المثل. هذا كله إذا لم يكن اثر بضربه في الام شيئا، فإن كان قد اثر فيها
جرحا، كان عليه بحساب ذلك. كل ذلك: لقوله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل من
النعم) (1)، ولأنه بالجرح ضامن الأرش.
174 - مسألة: إذا بات عن منى، ما حكمه؟
الجواب: ان بات عنها ليلة، كان عليه دم، فان بات عنها ليلتين، كان
عليه دمان، فان بات عنها الليلة الثالثة، لم يكن عليه بها شئ، لان له النفر
الأول، والنفر الأول يكون في اليوم الثاني من أيام التشريق بغير خلاف.
175 - مسألة: إذا تكرر منه الوطأ في الفرج، هل تتكرر عليه الكفارة
بتكرره أم لا؟
الجواب: إذا تكرر منه ذلك تكررت الكفارة عليه، لان الاحتياط
يقتضي ذلك، فان قيل: إن الجماع الأول قد أفسد الحج به، وما بعده لم
يفسده، قلنا: الحج وإن كان قد فسد بالأول، فحرمته باقية، ولهذا وجب المضي
في الحج، وصح تعلق الكفارة به فيما يستقبل (2) من ذلك.

(1) المائدة: 95.
(2) وفى نسخة: (يستقل) بدل (يستقبل).
48

باب مسائل تتعلق بالجهاد:
176 - مسألة: إذا كان عليه دين، هل يجوز له الخروج إلى الجهاد
أم لا؟
الجواب: إذا كان عليه دين فليس يخلو من أن يكون حالا أو مؤجلا، فإن كان
حالا لم يجز له الخروج حتى يقضيه، لأنه حق قد وجب عليه التخلص منه،
فان خرج كان مغررا بالحق، لأنه يطلب الشهادة بالخروج إلى الجهاد (1)، فان
اذن له صاحب الحق جاز له ذلك. وإن كان مؤجلا جاز له الخروج، لأنه قبل
الاجل، ممن لم يجب عليه حتى يلزمه التخلص منه، وقد قيل: إن لصاحب الحق
منعه، والظاهر، الأول. هذا إذا لم يتعين الجهاد، فان تعين وأحاط العدو بالبلد
أو بالمكان، وجب على الكل الجهاد والدفع، ولم يكن لاحد المنع من ذلك في
هذه الحال.
177 - مسألة: إذا كان له أبوان، هل يجوز لهما منعه من الجهاد أم لا؟
الجواب: يجوز لهما منعه من ذلك ما لم يتعين الجهاد، على ما قلناه،
والأصل في أن لهما ما ذكرناه ما روى عن الرسول صلى الله عليه وآله من أن رجلا جائه فقال
له: يا رسول الله أجاهد فقال له: ألك أبوان؟ فقال: نعم، فقال: ففيهما
فجاهد (2).

(1) وفى نسخة: بطلت الشهادة... والظاهر أنه تصحيف
(2) الوسائل ج 11 ص 12 ب 12 أبواب جهاد العدو ح 1 (مع تفاوت) وعوالي اللئالي ج 2 ص 238.
49

178 - مسألة: إذا نزل الامام بالجيش في الغزو على بلد، هل له حصره،
والمنع لمن يريد الخروج منه من الكفار، أو دخوله إليه (1) أم لا؟
الجواب: له ذلك، لقوله تعالى: (واحصروهم) (2)، وكما فعل رسول
الله صلى الله عليه وآله فإنه حاصر أهل الطائف.
179 - مسألة: إذا تترس المشركون بالأطفال، هل يجوز قتلهم، بالرمي أو
غيره، أو لا يجوز ذلك؟
الجواب: إذا كانت الحرب ملتحمة (3) جاز رمى المشركين وقتلهم
وضربهم، من غير قصد إلى قتل الأطفال، بل يكون القصد إلى من خلفهم، فان
أدي ذلك إلى قتل الأطفال، لم يكن على القاتل لهم شئ، لأنه لو لم يفعل ذلك
لبطل الجهاد. وان لم تكن الحرب قائمة، لم يجز رميهم ولا قتلهم بغير الرمي، لانهم
غير مكلفين.
180 - مسألة: إذا امنت المرأة لاحد من الكفار، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: يصح ذلك، لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لام هاني بنت أبي
طالب، وقد اجارت (4) رجلا من المشركين يوم (فتح مكة): اجرنا من
اجرت، وامنا من أمنت. (5)
181 - مسألة: هل يجوز أمان الصبى لاحد من الكفار أم لا؟
الجواب: أمان الصبيان للكفار لا يصح، لانهم غير مكلفين.
182 - مسألة: إذا اغتر كافر بصبي غير مراهق، فأمنه، ما حكمه؟
الجواب: إذا أمنه من هذه صفته، كان الأمان غير صحيح، لأنه أمان من
غير مكلف الا انه لا يعرض للكافر بسوء، حتى يرد إلى مأمنه، ثم يصير حربا
لأنه حصل مع المسلمين بشبهة، وإذا كان حصوله كذلك، لم يجز التعرض له بغدر

(1) وفى نسخة - د: والمنع لمن يريد الخروج منهم من الكفار أو دخولهم إليه.
(2) التوبة: 5.
(3) الملتحمة: الوقعة العظيمة في الفتنة والمراد قيام الحرب.
(4) اجاره: أنقذ من هرب إليه وامنه.
(5) بحار الأنوار ج 21 ص 131.
50

ولا غيره.
183 - مسألة: إذا تجسس انسان لأهل الحرب، وحمل إليهم اخبار
المسلمين، هل يجوز قتله بذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز قتله بذلك، لان (حاطب بن أبي بلتعة) كاتب أهل
(مكة) باخبار المسلمين، فلم ير رسول الله صلى الله عليه وآله قتله بذلك (1). غير أن الامام
يعزره على ذلك، وله العفو عنه.
184 - مسألة: إذا تزوج حربي بحربية، وماتت بعد دخوله بها، ثم أسلم
الزوج بعد ذلك، ودخل إلينا، ثم لحقه وارثها وطالبه بالمهر، هل يجب على الزوج
دفعه إليه أم لا؟
الجواب: لا يجب على هذا الزوج دفع هذا المهر إلى الوارث، لان الوارث
من أهل الحرب، ولا أمان لهم على أهل الحرب الذين الوارث منهم على هذا
المهر.
185 - مسألة: إذا كانت الحرب قائمة، فاهدى حربي من صفه شيئا إلى
مسلم، هل يكون هدية أو غنيمة؟
الجواب: هذا يكون غنيمة، لان الحربي انما فعل ذلك خوفا من أهل
الصف.
186 - مسألة: إذا ملك الذمي عرصة، وأراد ان يبنى فيها دارا، هل
يجوز له رفع بنائه على بناء المسلمين أم لا؟
الجواب: لا يجوز له رفع بنائه ذلك على بناء المسلمين، وان ساوى بينه
وبين بناء المسلمين كان عليه ان ينقصهم عن ذلك، لقول رسول الله (ص):
(الاسلام يعلو ولا يعلى عليه) (2)، ولان اجماع الطائفة على ذلك أيضا،
وكذلك إذا كانت الدار قديمة فانهدمت ثم أراد بناءها.
187 - مسألة: إذا انفذ الامام جيشين مختلفين إلى موضعين، وامر على

(1) بحار الأنوار ج 21 ص 93.
(2) الوسائل ج 17 ص 376 ب 1 أبواب موانع الإرث ج 11
51

كل واحد منهما أميرا، وغنم كل واحد من الجيش غنيمة، هل يشترك الجيشان في
ذلك أم لا؟
الجواب: هذان الجيشان لا يشتركان في ذلك، بل يكون لكل جيش ما
غنمه، لأنهما جيشان مختلفان، وجهة كل واحدة منهما غير جهة الأخرى، فان اتفقا
ان يجتمعا في موضع واحد، وتقاتلا في جهة واحدة معا ويغنما، فان الغنيمة يشتركان
فيها، لأنهما قد صارا على هذه الصفة جيشا واحدا.
188 - مسألة: إذا سير الامام جيشا إلى جهة، وجعل عليه أميرا،
ثم رأى الأمير من الصلاح انفاذ سريته، فانفذها، وغنمت، هل تكون الغنيمة للسرية
وحدها، أو يشاركها الجيش في ذلك؟
الجواب: هذه الغنيمة للسرية وللجيش جميعا يشتركان فيها، لأنهما جيش
واحد، وكذلك القول، لو انفذ سريتين في جهتين وغنمت السريتان، ان الكل
يشتركان في ذلك، لانهم جيش واحد.
52

باب مسائل تتعلق بالبيوع:
189 - مسألة: إذا باع الانسان شيئا، كان المشتري قد رآه قبل العقد،
ولم يره في حال العقد، وكان مما يتلف أولا يتلف، هل يصح بيعه أم لا؟
الجواب: هذا البيع ماض إذا وجده المشتري كما رآه. فان خالف ذلك،
كان مخيرا بين امضاء البيع وفسخه، لقول الله سبحانه: (وأحل الله البيع وحرم
الربا) (1)، فأباح ما يتناوله اسم البيع، وهذا بيع، والمنع منه يحتاج إلى دليل،
ولا دليل في الشرع عليه.
190 - مسألة: إذا باع شيئا على أن يسلمه إلى ستة أشهر، هل يصح هذا
البيع أم لا؟
الجواب: هذا البيع صحيح، للآية التي تقدم ذكرها، ولان المنع منه،
يفتقر إلى دليل.
191 - مسألة: إذا ملك الشفيع المبيع، وانتزعه من يد المشتري، هل له
خيار المجلس أم لا؟
الجواب: ليس له خيار المجلس، لان هذا الخيار انما يثبت بالبيع (2)
والشفيع انما يأخذ ذلك بالشفعة، لا بالبيع، والحاق ذلك بالبيع، يفتقر إلى
دليل، ولا دليل شرعي عليه.

(1) البقرة: 275.
(2) وفى نسخة: في البيع.
53

192 - مسألة: إذا باع شيئا بشرط، مثل أن يقول: بعتك إلى سنة أو
شهر، فان رددت على الثمن، والا فالمبيع لي، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: هذا صحيح، فإذا رد عليه المال، وجب عليه رد الملك، فان
جازت المدة، ملك بالعقد الأول، وانما كان كذلك لقوله (ص): الشرط جائز
بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب أو سنة (1). ومن ادعى المنع من ذلك،
فعليه الدليل، ولا دليل عليه، ولان اجماع الطائفة عليه أيضا.
193 - مسألة: إذا باع شيئا غير معين بثمن معين، ولم يقبضه، ولا قبض
الثمن، وفارق البايع والمشتري، من يستحقه منهما؟
الجواب: المشتري أحق بهذا البيع إلى أن يمضى ثلاثة أيام، فان مضت
ولم يحضر الثمن، كان البايع أحق به بعد ذلك، وهو مخير بين فسخ البيع، وبين
المطالبة بالثمن، لان اجماع الطائفة على ذلك.
194 - مسألة: إذا باع غيره شيئا بشرط الخيار، ولم يعين اجلا ولا وقتا،
بل اطلق ذلك اطلاقا، هل يصح له الخيار أم لا؟
الجواب: الخيار يصح ثلاثة أيام، فإذا مضت الثلاثة، لم يكن له خيار،
لان اجماع الطائفة عليه.
195 - مسألة: إذا شرط البايع على المشتري قبل العقد ان لا يثبت بينهما
خيار بعد العقد، هل يصح ذلك الشرط أم لا؟
الجواب: يصح ذلك، ويلزم العقد بنفس الايجاب والقبول، لان الأصل
جواز هذا الشرط، ولا مانع يمنع منه، وعموم الاخبار يتناوله (2)، ومن ادعى
المنع منه، فعليه الدليل.
196 - مسألة: إذا اشترى مملوكا ثم أعتقه في مدة الخيار، ومضت هذه
المدة، وتم البيع، هل يصح هذا العتق أم لا؟

(1) ذكره ابن زهرة في الغنية ص 39 والجوامع الفقهية ص 587 ونقله الشيخ الأعظم الأنصاري عنه لاحظ مكاسب
الشيخ ص 277 - في مبحث الشروط في ضمن العقد -
(2) المؤمنون عند شروطهم الوسائل ج 15 ص 30 ب 20 أبواب المهور ح 4.
54

الجواب: عتق هذا المملوك صحيح، لما روى عنهم صلوات الله عليهم من أن
المشتري إذا تصرف في المبيع بطل خياره (1) وهذا المشتري قد تصرف في
المبيع بالعتق، فيجب لزوم البيع له، وإذا لزمه، فقد تم عتقه عند تمام البيع.
197 - مسألة: إذا أكره المتبايعان، أو واحد منهما على التفرق بالأبدان،
على وجه يتمكنان أو أحدهما من الفسخ والخيار، فلم يفعلا ذلك ولا أحدهما،
هل يبطل بذلك خيارهما أم لا؟
الجواب: يبطل خيارهما أو خيار أحدهما، لأنه إذا كان متمكنا من الفسخ
والامضاء، فلم يفعل حتى حصل الافتراق، دل ذلك على الامضاء.
198 - مسألة: إذا باع مملوكين، وشرط مدة الخيار (2) في واحد منهما،
من غير تعيين، ما الحكم فيه؟
الجواب: الحكم في ذلك، انه إذا لم يتعين من شرط الخيار فيه منهما،
وأبهم ذلك، كان البيع فاسدا، لأنه مجهول بغير خلاف، فان عين ذلك في
أحدهما، ثبت الخيار فيما عين فيه، وبطل فيما لم يعينه، لان قوله ص: المؤمنون عند
شروطهم، (3) يتناول ذلك، لأنه شرط، ومن ادعى بطلان ذلك، فعليه الدليل.
199 - مسألة: إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض، هل ينقطع
الخيار أم لا؟
الجواب: لا ينقطع الخيار، لان الأصل ثبوته، والقول بانقطاعه، يفتقر إلى
دليل، ولا دليل في الشرع عليه.
200 - مسألة: إذا قال المشتري للبايع: بعني بكذا، فقال البايع: بعتك
هذا، هل ينعقد البيع أم لا؟
الجواب: لا ينعقد البيع بذلك، وانما ينعقد بان يقول له المشتري بعد

(1) لاحظ الوسائل ج 12 ص 350 باب 4 من أبواب الخيار أحاديث الباب.
(2) وفى نسخة: مدة من الخيار.
(3) الوسائل ج 15 ص 30 ب 20 أبواب المهور ح 4.
55

ذلك: قبلت أو اشتريت، لان ما ذكرناه مجمع على ثبوت العقد، وصحته به،
وليس كذلك ما خالفه، ومن ادعى ثبوته وصحته بغير ما ذكرناه، فعليه الدليل،
وأيضا فالأصل عدم العقد، وعلى من يدعى ثبوته الدليل.
201 - مسألة: إذا دفع قطعة إلى بقلي أو سقاء، وقال له: اعطني بقلا
أو ماء، فأعطاه، هل يكون ذلك بيعا في الحقيقة أم لا؟
الجواب: هذا ليس ببيع في الحقيقة، لأنه ليس فيه ايجاب ولا قبول،
وانما هو إباحة، ولان العقد حكم شرعي، ولا دليل يدل على ثبوت العقد هاهنا،
وعلى من يدعي ذلك الدليل.
202 - مسألة: إذا باع ثمرة، وتسلمها المشتري، ثم هلكت، أو هلك
بعضها بحاجة، هل ينفسخ البيع أم لا؟
الجواب: لا ينفسخ العقد بذلك، لأن العقد قد ثبت، وعلى من يدعى
الفسخ في جميع المبيع أو في بعضه، الدلالة، ولا دلالة عليه.
203 - مسألة: إذا قال البايع لاثنين: بعتكما هذا العبد بمأة أو بألف،
فقال أحدهما: قبلت نصفه بخمسين، أو بخمس مأة، هل يصح العقد أم لا؟
الجواب: هذا العقد غير صحيح، لأنه لا دليل على صحة ثبوته في حصة
هذا القابل، وأيضا فان قبوله لما ذكر في المسألة غير مطابق للايجاب.
204 - مسألة: إذا اشترى جارية على انها بكر، فوجدت ثيبا، هل له
ردها أم لا؟
الجواب: ليس له ردها، لان الأصل صحة العقد، واثبات ذلك عيبا
يفتقر فيه إلى دليل شرعي، ولا دليل في الشرع عليه. (1)
205 - مسألة: إذا اشترى مملوكا، فكان المملوك يبول في الفراش، صغيرا
كان أو كبيرا، هل يجوز له الخيار فيه أم لا؟
الجواب: لا خيار له في ذلك، لان الأصل صحة العقد، واثبات ذلك

(1) نعم لو اشترط البكارة فالتخلف يوجب خيار تخلف الوصف ولعل عبارة المصنف ناظرة إذا لم يذكر الشرط في متن
العقد بل كان في نية المشتري لاحظ الوسائل ج 12 ص 418 ب 6 أبواب احكام العيوب.
56

عيبا، يفتقر إلى دليل شرعي، ولا دليل عليه في الشرع.
206 - مسألة: إذا اشترى جارية، فوجدها مغنية، أو عبدا فوجده
كذلك هل له الخيار فيه أم لا؟
الجواب: لا خيار له فيه، لان الأصل صحة العقد، وعلى من يدعى على أن
ذلك عيب يقتضي الرد، الدليل، ولا دليل، وأيضا فان العلم بالغناء غير
محرم، وانما المحرم، اظهار صنعته واستعماله، وبالعلم لا يجب الرد.
207 - مسألة: إذا ابتاع مملوكا ثم قتله، وعلم أنه كان معيبا، هل له
الرجوع على البايع بالأرش أم لا؟
الجواب: إذا كان ذلك العيب يوجب الرد، كان له الأرش، ومن
ادعى سقوطه، كان عليه الدليل، ولا دليل في الشرع عليه.
208 - مسألة: إذا كان له مملوك، فجنى المملوك على غيره، وباعه مولاه
بغير اذن من المجني عليه، هل يصح بيعه أم لا؟
الجواب: إذا كانت هذه الجناية توجب القود، لم يصح بيعه، لأنه قد باع
منه ما لا يملكه، لان ذلك حق للمجني عليه، وإن كانت توجب الأرش، صح
بيعه، لان رقبته سليمة من العيب، وإذا التزم سيده الأرش عن الجناية، صح
بيعه، لأنه لا وجه بعد ذلك يفسده، ومن ادعى فساده، فعليه الدليل، ولا دليل
على ذلك.
209 - مسألة: إذا اختلف البايع والمشتري في قدر الثمن، فقال البايع:
بعتك بمأة، وقال المشتري: بخمسين، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إن كان المبيع قد تلف، كان القول، قول المشتري مع يمينه،
وإن كان سالما، كان القول، قول البايع مع يمينه، لان اجماع الطائفة على ذلك.
وأيضا قوله (ص): البينة على المدعى واليمين على من أنكر (1)، والمشتري مدعى
عليه وهو المنكر، لأنهما قد اتفقا على العقد وانتقال الملك، والمشتري معترف
بذلك ويذكر: ان الثمن خمسون، والبايع يدعى عليه مأة، فيجب ان يكون القول

(1) مستدرك الوسائل ج 3 ص 199 ب 3 أبواب كيفية القضا ح 4
57

قول المشتري، وليس يلزمنا مثل ذلك مع بقاء المبيع، لان القول حينئذ قول
البايع، لأنه لو تركنا وظاهر الخبر، لقلنا به. لكن المروى عن الأئمة صلوات الله
عليهم: ان القول قول البايع (1)، فحملناه على أنه إذا كان مع بقاء السلعة، وما
يرويه المخالف مما يقتضي الخلاف لما ذكرناه، اخبار آحاد لا تقتضي علما.
210 - مسألة: إذا باع انسان (2) غيره شيئا بثمن في الذمة، فقال
البايع: لا أدفع المبيع حتى اقبض الثمن، وقال المشتري: لا أدفع الثمن، حتى
اقبض المبيع، ما حكمهما في ذلك؟
الجواب: إذا جرى الامر بين المتبايعين على ذلك، وجب على الحاكم ان
يجبر البايع على دفع المبيع إلى المشتري، ويسلمه إليه. ثم يأمر المشتري بعد (3)
ذلك، بدفع الثمن إلى البايع، لان الثمن انما يستحق على المبيع، فيجب تسليمه
أولا، ليستحق الثمن عليه.
211 - مسألة: إذا باع عبدا مطلقا، فخرج خصيا، هل له الخيار أم لا؟
الجواب: إذا خرج العبد المذكور خصيا، كان للمشتري الخيار، لان
مطلق العبد يقتضي سلامة الأعضاء والأطراف، والخصي ليس كذلك،
فللمشتري الخيار كما ذكرناه.
212 - مسألة إذا ادعى (عمرو) عبدا في يد (زيد)، وأقام البينة بأنه
له اشتراه من (زيد). وأقام زيد البينة انه له وانه هو الذي اشتراه من
(عمرو). ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان البينة بينة الخارج، وهو (عمرو)،
لقولهم (ع): البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (4) والمدعى عليه هاهنا
هو (زيد)، لان العبد في يده.

(1) الوسائل ج 12 ص 383 ب 11 أبواب احكام العقود ح 1 - 2
(2) وفي نسخة: من غيره
(3) وفي نسخة: ثم يأمن المشتري بعد ذلك يدفع به الثمن إلي البايع - وما في المتن هو أصح.
(4) الوسائل ج 18 ص 171 ب 3 أبواب كيفية الحكم واحكام الدعوى ح 2 و 5
58

213 - مسألة: إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن، فقال المشتري: بعني
هذين العبدين بمأة، وقال البايع: بل هذا العبد بمأة. ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان القول في ذلك، قول البايع مع يمينه،
لقولهم (ع): إذا اختلف المتبايعان، فالقول قول البايع (1).
214 - مسألة: إذا ابتاع عبدا، وعلم بعد ذلك أنه مأذون له في التجارة،
وعليه دين، هل يكون له خيار في رده أم لا؟
الجواب: ليس له خيار في ذلك، لان دين التجارة، يكون في ذمته، ولا
يتعلق برقبته ولا يباع فيه، وانما يطالب به إذا أعتق، وملك مالا، وإذا كان
كذلك، لم تلحق المشتري منه مضرة، وإذا لم يلحقه ذلك، لم يكن فيه له خيار.
215 - مسألة: إذا اشترى انسان من آخر، مملوكين، ووجد بهما عيبا، غير أن
أحدهما مات، هل يجوز له الرد أو الأرش، وما الحكم في ذلك؟
الجواب: لا يجوز له رد الباقي، فاما الأرش فإنه يستحق ذلك، لان رد
جميع ذلك لا يمكنه.
216 - مسألة: إذا باع من غيره شيئا، وقبض ثمنه، ثم ادعى على
المشتري فيما قبضه منه زيفا (2)، وأنكر المشتري ذلك، ما حكمه؟
الجواب: إذا ادعى البايع ذلك، كان القول، قول المشتري مع يمينه،
وكانت على المدعى (3) البينة، لأنه يدعى عليه انه قبضه منه زيفا، فعليه البينة
في ذلك، الأصل انه قبضه جيادا.
217 - مسألة: إذا اشترى انسان مملوكا، وقطع عنده طرف من أطرافه،
ثم وجد به عيبا قديما، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: يجب لهذا المشتري الأرش، فاما رده فلا يصح، لان حكم الرد
هاهنا يسقط بالاجماع.

(1) صحيح الترمذي ج 3 ص 570 كتاب البيوع باب ما جاء إذا اختلف البيعان ح 1270
(2) درهم ريف: ردئ - مجمع البحرين -
(3) وفي نسخة: على البائع
59

218 - مسألة: هل يجوز بيع الحمل في بطن امه أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لأنه لا يعلم هل هو ذكر أو أنثى، ولا يقدر على
تسليمه إلى المشتري، ولا يعلم امكانه.
219 - مسألة: هل يجوز بيع الدابة، على انها تحمل، أم لا؟
الجواب: لا يجوز بيعها بهذا الشرط، لأنه مما لا يعلمه.
220 - مسألة: إذا باع الدابة على انها تحمل، فوافق ذلك، هل يكون
البيع ماضيا أم لا؟ وهل يكون للمشتري الخيار أم لا؟
الجواب: إذا وافق ذلك، كان البيع ماضيا، ولم يكن للمشتري خيار،
لان الشرط قد حصل، فإن لم تحمل كان مخيرا بين الامضاء والفسخ.
221 - مسألة: هل يجوز ان يبيع جارية أو بهيمة حاملة، ثم يستثنى
الحمل لنفسه أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان الحمل يجرى مجرى عضو من أعضائها، وكما
لا يجوز ان يبيعها ثم يستثنى عضوا منها، فكذلك الحمل.
222 - مسألة: إذا كان كافرا، وله أب مسلم، فاشترى أباه المسلم، هل
ينعتق عليه أم لا؟
الجواب: لا ينعتق عليه، لان الكافر لا يملك المسلم، والعتق لا يكون الا
فيما يملك.
223 - مسألة: إذا اشترى شيئا ولم يقبضه، ثم رهنه، هل يصح ذلك
أم لا؟
الجواب: يصح ذلك، لأنه مالك له بالعقد.
224 - مسألة: إذا اشترى انسان من غيره مملوكا بقميص، وقبض
المملوك ولم يسلم القميص وتلف، وباع المملوك، هل يصح له ذلك أم لا؟
الجواب: يصح بيعه، لأنه قد قبضه وانتقل ضمانه إليه، وإذا باعه وسلمه
إلى المشتري، وتلف القميص الذي في يد البايع، انفسخ البيع، ووجبت عليه
قيمة المملوك لبايعه، لأنه غير قادر على اعادته بعينه، فجرى مجرى المستهلك.
60

225 - مسألة: هل يجوز ان يسلم في ثوب على صفة خرقة أحضرها
أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لأنه يجوز في الخرفة ان يهلك، فيصير مجهولا. (1)
226 - مسألة: إذا أسلف في مخيض، هل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان فيه ماء، لان الزبد (2) لا يخرج الا بالماء،
فلا يمكن المعرفة بمقدار اللبن.
227 - مسألة: هل يجوز ان يسلف به في القز أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان دوده فيه، وهو غير مقصود. ولا فيه مصلحة،
لأنه ان ترك فيه أفسده، لأنه يقرضه ويخرج منه، وإن كان يابسا ومات الدود
فيه، لم يجز بيعه أيضا، لأنه ميتة.
228 - مسألة: هل يجوز بيع الترياق أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان فيه لحم الأفاعي، وإذا قتلت كانت نجسة
بلا خلاف، وبيع ذلك والسلف فيه أيضا لا يجوز.
229 - مسألة: إذا أسلف في شئ، فقال له غيره قبل قبضه: شاركني
في نصفه بنصف الثمن، أو ولني جميعه بجميع ذلك، أو نصفه بنصف الثمن،
هل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: الشركة والتولية إذا كانت على الوجه المذكور قبل القبض
للمتسلف فيه غير جائزة، لان رسول الله (ص) نهى عن بيع ما لم يقبض وقال:
من أسلف في شئ فلا يصرفه إلى غيره (3). وأراد قبل القبض، لأنه إذا قبضه،
صح ذلك فيه بغير اشكال
230 - مسألة: إذا قال المسلم إليه لمن أسلم: زدني شيئا حتى أقدم لك
ذلك، هل يجوز أم لا؟

(1) ربما الصحيح ان تهلك بالتأنيث لا التذكير وكذلك تصير بالتأنيث أيضا.
(2) الزبد: زبد السمن... وهو ما خلص من اللبن إذا مخض - لسان العرب.
(3) سنن أبي داود ج 3 ص 276 كتاب البيوع 3468
61

الجواب: لا يجوز ذلك بغير خلاف.
231 - مسألة: هل يجوز السلف في الجوهر مثل: اللؤلؤ والياقوت
والزبرجد والفيروزج والعقيق وما يجرى مجرى ذلك، أم لا يجوز؟
الجواب: لا يجوز السلف في ذلك؟ لأنه ممن يتباين تباينا شديدا في صغر
وكبر وصفاء وتدوير وغير ذلك، ولا ينضبط بصفة، وما كان كذلك فلا يجوز
السلف فيه.
232 - مسألة: هل يجوز السلف في النبل المعمول (1) أم لا؟
الجواب: لا يجوز السلف في ذلك، لأنه من الآلات المجموعة من خشب
وحديد وريش وما يلف عليه أيضا، ولا يمكن ضبط ذلك بصفة، وما كان
كذلك، فلا يجوز السلف فيه.
233 - مسألة: هل يجوز السلف في قصب السكر، خرما (2) أو عددا، أو
لا يجوز ذلك؟
الجواب: لا يجوز السلف فيه على هذا الوجه، لأنه يتباين في كبره
وصغره، ولا ينضبط بصفة، ولا يجوز السلف فيه الا وزنا.
234 - مسألة: إذا اختلف المسلم والمسلم إليه في قدر الثمن، أو قدر
المبيع، أو في الاجل، أو في مقداره، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك؟ ان القول في جميعه الا الثمن؟ قول البايع مع
يمينه، وفي الثمن، قول المشتري مع يمينه، ان لم تحضر لهما بينة، لان البايع مدع على
المشتري في ذلك، والمشتري مدعى عليه في الثمن، فان اتفقا على الاجل وقدره
واختلفا في انقضائه: فقال المشتري: قد انقضى الاجل، ووجب لي ما أسلفت
فيه، وقال البايع: لم ينقض ذلك، ولا وجب لك ما ذكرته، كان القول، قول
البايع مع يمينه ان لم يحضر بينة، لان الأصل بقاء الاجل، وعلى من يدعى انقضائه
البينة.

(1) النبل: السهام العربية مجمع البحرين.
(2) اي مجموعا ومشدودا بعضه إلى بعض.
62

235 - مسألة: إذا أمر انسان مملوكا لغيره بان يبتاع نفسه له من سيده،
هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنه لا يملك من نفسه شيئا فيكون وكيلا في
ذلك ولا غيره.
236 - مسألة: إذا قال: اشتريت منك أحد هذه المماليك بكذا، أو
أحدا من هذين المملوكين بكذا، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنه مجهول.
237 - مسألة: إذا باع من انسان ثوبا أو عبدا وهرب المشتري قبل دفع
الثمن إلى البايع، ما حكمه؟
الجواب: إذا هرب هذا المشتري فلا يخلو من أن يكون هربه بعد حجر
عليه وتفليس، أو لا يكون كذلك، فإن كان بعد الحجر، كان البايع مخيرا في
عين ماله بفسخ البيع، وإذا لم يكن هربه بعد حجر، أثبت البايع ذلك عند
الحاكم، ثم ينظر الحاكم، فان وجد لهذا المشتري مالا غير المبيع، وفاه منه، وان
لم يجد ذلك، باع المبيع ووفاه في ثمنه، وإن كان الثمن مساويا لما له برأ المشتري
من ثمن ما اشتراه، وإن كان أقل من ذلك، بقى الباقي عليه، إذا رجع طالبه به،
وإن كان أكثر، يقدم الحاكم، ويحفظه له، فإذا عاد دفع إليه.
238 - مسألة: إذا كان لرجلين مملوكان، لكل واحد منهما واحد
بانفراده، فباعاهما من انسان بثمن واحد، هل يصح ذلك البيع أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان هذا العقد بمنزلة عقدين، لأنهما العاقدان،
وثمن كل واحد منهما مجهول، لأنه ينقسط على قدر قيمتهما، وذلك مجهول،
والثمن إذا كان مجهولا، بطل العقد، وليس يرجع علينا مثل ذلك في المملوكين
إذا كانا لواحد، وباعهما بثمن معلوم، لان ذلك يصح عندنا، لأنه يكون عقدا
واحد، وانما لم يصح الأول من حيث كانا عقدين، فافترق الموضعان.
63

باب مسائل تتعلق بالرهن:
239 - مسألة: هل يجوز اخذ الرهن على مال الكتابة أم لا يجوز؟
الجواب: الكتابة إن كانت مشروطا فيها، فلا يجوز اخذ الرهن على المال
المتعلق بها، لان للعبد الامتناع، وإذا امتنع من هذا المال، كان لسيده رده إلى
الرق، وعلى هذا لا يحتاج إلى الرهن، وأيضا فللعبد اسقاطه عن نفسه متى شاء،
فهو غير ثابت في الذمة، وإذا لم يكن ثابتا لم يصح اخذ الرهن عليه
240 - مسألة: إذا استأجر انسانا إجارة متعلقة بعينه: مثل ان يستأجره
ليعمل له بنفسه عملا، أو يخدمه، هل يجوز له اخذ الرهن على ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان الرهن انما يؤخذ على حق ثابت في الذمة،
وهذا غير ثابت في ذمة الأجير، وانما هو متعلق بعينه، ولا يقوم عمل غيره مقام
فعله.
241 - مسألة: إذا استأجر انسانا على عمل في ذمته: مثل أن يخيط له
خياطة، أو غير ذلك مما يجرى هذا المجرى، هل يجوز له اخذ الرهن عليه أم لا؟
الجواب: يجوز ذلك، لأنه ثابت في ذمته، لا يتعلق بعينه فله ان يخيط
بنفسه أو بغيره، وإذا هرب جاز بيع الرهن، واستيجار غيره بذلك، ليحصل له
العمل.
242 - مسألة: إذا قال لغيره: رهنتك كذا على أن تقرضني دينارا أو
درهما في غد، هل ينعقد الرهن أم لا؟
64

الجواب: لا ينعقد ذلك الرهن، لان الرهن انما ينعقد بعد لزوم الحق،
وهذا قبل لزومه، فلا يصح انعقاده.
243 - مسألة: إذا كان في سفينة، فقال لانسان: الق متاعك في
البحر وعلى ضمان قيمته، هل يصح ذلك، ويلزمه الضمان أم لا؟
الجواب: يصح ذلك ويلزمه الضمان، لأنه يكون بدل ما له، ويكون
غرضه التخفيف، وسلامة النفوس.
244 - مسألة: إذا اذن الراهن للمرتهن بقبض الرهن، ثم جن، أو أغمي
عليه، هل يجوز للمرتهن قبض الرهن أم لا يجوز؟
الجواب: يجوز له قبضه، لان ذلك لزمه بالايجاب والقبول.
245 - مسألة: إذا اذن الراهن للمرتهن في قبص الرهن، هل يجوز له
الرجوع عن هذا الاذن، ومنعه من قبضه أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان الايجاب والقبول، أوجب قبض الرهن، فله
قبضه على كل حال، ولا يجوز للراهن ذلك.
246 - مسألة: إذا رهنه شيئا ثم خرس الراهن، ما الحكم في ذلك،
الجواب: الحكم فيه، انه إذا كان هذا الراهن يحسن الكتابة، أو يعقل
الإشارة، فكتب أو أشار بالاذن جاز، لان ذلك يقوم مقام النطق، وإن كان
لا يحسن الكتابة، ولا يعقل الإشارة، لم يجز للمرتهن قبض الرهن، لأنه يفتقر في
ذلك إلى رضاه، ولا سبيل له إلى ذلك، وكان على وليه تسليم الرهن إلى
المرتهن، لان بالعقد قد وجب ذلك.
247 - مسألة: إذا آجر الرهن من صاحبه، أو اعاره، فكان ذلك قبل
قبض الرهن أو بعده، فهل ينفسخ الرهن أم لا؟
الجواب: ليس للمرتهن التصرف في الرهن، فلا يجوز له ان يوجره ولا
يعيره، فان فعل ذلك لم ينفسخ الرهن، لان استدامة القبض ليست شرطا في
الرهن. وان استحقت اجرة بذلك، فهى للراهن، وليس للمرتهن فيها شئ.
248 - مسألة: إذا رهن جارية، وأقر بأنه وطأها، فظهر بها حمل، أو لم
65

يظهر، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا ظهر بهذه الجارية حمل، وولدت لأقل من ستة أشهر من
وقت الوطأ، فان الولد مملوك، ولا يلحق به، لأنه لا يجوز ان يكون من الوطأ الذي
أقر به، ونسب ولد هذه الجارية لا يثبت الا من وطأ يقربه، من غير خلاف، فان
ولدته لستة أشهر، أو أكثر، إلى تسعة أشهر، كان الولد حرا، وثبت نسبه منه،
ورهن الجارية ثابت، لا يخرج بذلك عنه عندنا.
249 - مسألة: إذا رهن عند غيره مملوكا، فضربه المرتهن فمات، هل تجب
عليه قيمته أم لا؟
الجواب: إن كان الراهن اذن له في ضربه، لم تجب عليه قيمته لأنه أتلفه
باذنه، وان لم يكن الراهن اذن له في ضربه، كانت عليه القيمة.
250 - مسألة: إذا رهن جارية، وقبضها المرتهن، هل له وطأها أم لا؟
الجواب: لا يجوز له ذلك بغير خلاف، لأنه ربما أحبلها، فنقصت قيمتها،
أو ماتت عند الولادة.
251 - مسألة: إذا كان الخمر مما لا يصح تملكها بغير خلاف، فما
القول فيها ان رهنها فانقلبت في يد المرتهن خلا، هل يصح مع ذلك رهنها أو لا
يصح فإن لم يصح، فهل يكون ملكا للراهن أو للمرتهن أو لهما جميعا؟
الجواب: إذا رهن خمرا لم يصح ذلك، لان صحة الرهن تتبع الملك،
والخمر ليست مملوكة، ولا يصح رهنها، فان رهنها وانقلبت خلا في يد المرتهن،
كانت ملكا للذي انقلبت في يده خلا، ولم يجز ان يكون ملكا للراهن، ولا ان
يكون شريكا للاخر فيها، لأنه لما رهنها، لم يرهن ما هو ملك له، فلا يصح عودها
إلى ملكه لما انقلبت خلا.
252 - مسألة: إذا رهنه عصيرا فانقلبت في يد المرتهن خمرا، هل يصح
بقائها رهنا أم لا؟ فان قلت: يصح بقائها رهنا، قيل لك: كيف يصح ثبوت
الرهن في الخمر، وقد خرجت عن الملك، وان قلت: لا يصح، قيل لك: فما
القول إن عادت خلا؟
66

الجواب: إذا رهنه عصيرا، فقد رهنه ما يتملك، يغير خلاف، وإذا
انقلب في يد المرتهن خمرا، فقد خرج بذلك عن ملكه، وإذا عادت خلا عاد ملكه
كما كان في حال الارتهان، وثبت كونه رهنا، لان الرهن يتبع الملك.
والفرق بين هذه المسألة، والمسألة التي تقدمتها، انه لما كان رهنها خمرا،
كان راهنا لما ليس ملكا له على حال من الأحوال، فإذا عادت خلا لم يعد بذلك
إلى ملك، كان له على حال، فإذا رهن العصير فقد رهن ما هو ملك له، فإذا عاد
خمرا ثم عادت خلا، فقد عادت على (1) ما كان عليه من الملك، وثبت كونه
رهنا.
253 - مسألة: إذا اختلف المتراهنان: فقال المرتهن: أرسلت رسولك
برهن عندي بمأة، وقد فعل، وقال الراهن: ما أذنت الا في خمسين، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: القول في ذلك، قول الراهن مع يمينه، لان الأصل انه لم يرهن،
فان شهد (2) الرسول لأحدهما، لم تقبل شهادته، لأنه شهد على فعل نفسه، وإذا
شهد كذلك، لم تقبل شهادته.
254 - مسألة، إذا كان في يده قميص، فقال: هو رهن عندي رهنته، أو
رهنه رسولك باذنك، وقال الآخر: ما رهنته، ولم آذن في رهنه، وانما رهنت
العبد، أو أذنت في رهنه، وقد قتلته (1) وعليك قيمته، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول قول الراهن مع يمينه بالله في القميص، والقول قول المرتهن في
العبد، لان الأصل في القميص انه غير مرهون، والأصل براءة ذمة المرتهن مما
يدعيه الراهن من قيمة العبد.
255 - مسألة: إذا اختلفا في عبد وقميص: فقال الراهن: العبد رهن
عندك، والقميص وديعة، وأنا مطالب لك برد القميص. وقال المرتهن: بل
القميص رهن عندي، والعبد وديعة، وليس لك مطالبتي برد القميص، ما

(1) وفى نسخة: عادت إلى ما كان.
(2) وفى نسخة: وإذا شهد
67

الحكم بينهما في ذلك؟
الجواب: الحكم بينهما في ذلك، ان العبد بجحود المرتهن لكونه رهنا، قد
خرج من الرهن، واما القميص فهو يدعى رهنه، وصاحبه ينكر ذلك، والقول
قول الراهن مع يمينه، لان الأصل انه غير رهن، وعلى المرتهن البينة فيما ادعاه.
256 - مسألة: إذا كان له على غيره مال إلى أجل، فرهنه رهنا على أن
يزيده في الاجل، هل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، والحق ثابت إلى الاجل المضروب له كما كان،
والزيادة في الاجل لا تصح، لأنه لا دليل على ذلك، فيقال بصحته.
257 - مسألة: إذا اختلفا في الرهن، أو اتفقا فيه واختلفا في مقدار
الحق: فقال المرتهن: رهنتني عبدين. وقال الراهن: رهنتك أحدهما، ما الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على ما ذكر، كان القول قول الراهن مع يمينه، لان
الأصل انه لم يرهنه العبد الثاني. وان اتفقا في الرهن، فقال المرتهن: رهنتهما عندي
على مأة، وقال الراهن: بل رهنتهما على خمسين، كان القول قول الراهن أيضا مع
يمينه، لان الأصل انه لم يرهنه فيما زاد على ما أقربه.
258 - مسألة: إذا كان له على غيره دين فرهنه بذلك داره، وجعلت في
يد المرتهن، ثم اختلفا، فقال الراهن: ما سلمتها إليك رهنا، وانما استأجرتها، أو
غصبتها منى، أو استأجرها منى انسان وأنزلك فيها، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم فيه، ان القول قول الراهن مع يمينه، لان الأصل عدم الإذن
والرضا بتسليم ذلك رهنا.
259 - مسألة: إذا قال انسان لاخر: من رد مملوكي فله دينار، هل يجوز
له اخذ الرهن على ذلك أم لا؟.
الجواب: إما بعد رد المملوك، فيجوز اخذ الرهن عليه، لأنه يأخذه على ما
قد استحقه، واما قبل الرد فلا يجوز، لان الرهن انما يؤخذ على ما يستحقه المرتهن،
وقبل الرد لم يستحق شيئا، ولا يجوز اخذ الرهن على ذلك.
68

260 - مسألة: إذا جنا المملوك جناية، عمدا أو خطا، هل يصح رهنه
أم لا؟
الجواب: لا يصح رهنه، لان جناية إن كانت عمدا، فقد استحقه المجني
عليه بها، وإن كانت خطأ تعلق الأرش برقبته.
261 - مسألة: إذا اتفق المتراهنان على أن يكون الرهن على يد عدل،
ووكل الراهن العدل في بيعه عند حلول الحق، ثم جنا انسان على الرهن جناية،
أوجبت اخذ القيمة منه، وجعلت عند العدل عوضا عن الرهن، وحل أجل
الحق، هل يجوز للعدل بيع القيمة المذكورة أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان الراهن انما وكله في بيع نفس الرهن، ولم
يوكله في بيع غيره، وأيضا فبيع هذه القيمة يفتقر فيه إلى دليل، ولا دليل على
ذلك.
69

باب مسائل تتعلق بالضمان:
262 - مسألة: إذا كان عليه دين مؤجل، فضمنه عنه انسان بأمره، ثم
مات هذا الضامن في الحال، أو قبل حلول الأجل، فهل يحل المال في تركة
الضامن، أو يصير به إلى الاجل؟
الجواب: إذا مات هذا الضامن حل هذا الدين في تركته، وكان لصاحب
الحق مطالبة وارثه بذلك، وليس لهذا الوارث الرجوع على المضمون عنه بذلك،
حتى يحل الاجل، لان الدين مؤجل عليه، ولا تجوز مطالبته به قبل حلوله.
263 - مسألة: إذا اشترى انسان من غيره أرضا، وضمن البايع للمشتري
قيمة ما يحدثه في هذه الأرض من غرس وبناء وقال: بالغا ما بلغ، أو قال: من
درهم إلى الف، أو من دينار إلى مأة. هل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لأنه مجهول وضمان ما لم يجب، وما كان من
الضمان كذلك، فهو غير صحيح، وهذا متى شرطه في نفس البيع أو مدة الخيار،
بطل البيع. وان شرطه بعد انقطاع الخيار لم يؤثر في البيع.
264 - مسألة: إذا قال لغيره: تكفل بفلان، فان له خصما بلا ذمة (1)،
فتكفل به، فهل تكون الكفالة على المأمور بها، أو على الامر؟
الجواب: الكفالة هاهنا على المأمور بها، لان الامر غير مكره للمأمور، وإذا

(1) وفى نسخة: يلازمه.
70

كان كذلك، فما تكفل به الا باختياره، فكانت عليه لا على الامر.
265 - مسألة: إذا تكفل بدين رجل، ثم ادعى الكفيل ان المكفول له
قد أبرأ المكفول به من الدين، وانه قد برأ من الكفالة، وأنكر المكفول له ذلك،
ما الحكم فيه؟
الجواب: الحكم فيه، ان القول قول المكفول له مع يمينه، وعلى الكفيل
البينة، لأنه مدع، والأصل بقاء كفالته، فان حلف ثبتت كفالته على الكفيل،
وان نكل عن اليمين، ردت على الكفيل، فإذا حلف برأ من الكفالة ولم يبرأ
المكفول به، لأنه لا يصح ان يتبرأ بيمين غيره، وانما يحلف الكفيل على ما يدعى
عليه من الكفالة.
266 - مسألة: إذا كان له على رجلين مأة درهم، على كل واحد منهما
خمسون درهما، فقال له انسان آخر: تكفلت لك ببدن أحدهما، هل يصح ذلك
أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان ذلك مجهول.
267 - مسألة: إذا كان له على رجلين مأة درهم، على كل واحد منهما
خمسون درهما، فقال له انسان آخر: تكفلت لك ببدن (زيد) على انني ان جئت
به، والا فأنا كفيل ب‍ (عمرو) هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنه لم يلتزم احضار (زيد) ولم يقطع به،
والكفالة توجب الاحضار والتسليم من غير تخيير، فلم تصح الكفالة ب‍ (زيد)
ولا تصح ب‍ (عمرو) أيضا فإنه علقها بشرط، وهو ان لم يأت ب‍ (زيد)
والكفالة لا تجوز ان تتعلق بشرط.
268 - مسألة: إذا قال الكفيل للمكفول له: تكفلت ببدنه ولا حق
لك عليه، وأنكر المكفول له ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: القول، قول المكفول له مع يمينه، لأن الظاهر صحة الكفالة،
والكفيل مدع لما يبطلها.
269 - مسألة: إذا تكفل اثنان لاخر ببدن انسان، وسلمه الواحد منهما
71

إلى المكفول له، هل تبرأ ذمة الأخر من الكفالة أم لا؟
الجواب: لا تبرأ ذمة الأخر عن ذلك، لأنه لا دليل عليه.
270 - مسألة: إذا تكفل انسان ببدن آخر لاثنين، وسلمه الكفيل إلى
أحدهما، هل تبرأ ذمته من حق الأخر أم لا تبرأ ذمته؟
الجواب: لا تبرأ ذمته من حق الأخر، وبرائته من ذلك، يحتاج فيها إلى
دليل، ولا دليل على ذلك.
271 - مسألة: إذا تكفل انسان لغيره بآخر، ثم تكفل آخر ببدن الكفيل،
ثم تكفل ببدن الثالث رابع، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: يصح ذلك، لان الكفيل الأول تكفل ببدن من عليه الحق
وتكفل الثاني ببدن الكفيل وعليه حق للمكفول له من حق الكفالة، فصح
التكفيل به، وبالجملة فان من تكفل ببدن من يجب عليه حق مستقر لادمي، فان
كفالته صحيحة.
272 - مسألة: إذا ضمن انسان لغيره عن آخر، مأة درهم، وضمن
المضمون عنه عن الضامن ذلك، هل يصح هذا الضمان أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنه ليست فيه فائدة، وأيضا فان المضمون عنه
أصل للضامن، والضامن فرع، ولا يجوز ان يصير الأصل فرعا، والفرع أصلا.
72

باب مسائل تتعلق بالشركة:
273 - مسألة: إذا أراد اثنان الشركة واخرج أحدهما دراهم، واخرج
الأخر دنانير، هل تصح الشركة في ذلك أم لا؟
الجواب: لا تصح الشركة في ذلك، لأنهما مالان متميزان ولا يختلطان،
ومن حق الشركة اختلاط المالين، وأيضا فان المال الذي يصح اختلاطه، فإنه
لا خلاف في صحة الشركة فيه، وليس كذلك ما لا يختلط.
274 - مسألة: إذا كان مال الشركة متساويا، هل يجوز للشريكين
التفاضل في الربح أم لا؟ وإذا كان مال الشركة متفاضلا، هل يجوز ان يتساويا
في الربح أم لا؟
الجواب: لا يجوز شئ من ذلك، لأنه إذا كان المال متساويا، كان
الربح بينهما كذلك، وإذا كان متفاضلا، كان الربح بينهما بحسبه، وانما قلنا
ذلك، لأنه لا خلاف في صحة الشركة مع ذلك، وليس كذلك خلافه.
275 - مسألة: إذا كان بينهما شئ، فباعاه بثمن معين، وكانت لكل
واحد منهما مطالبة المشتري بحقه، فإذا اخذ حقه منه، فهل تكون للشريك الأخر
شركة فيه أم لا؟
الجواب: للشريك الأخر مشاركة شريكه فيما قبضه من حقه، لان المال
الذي في ذمة المشتري، غير متميز، فكل جزء يحصل منه، فهو بين الشريكين.
276 - مسألة: إذا كانت الدار وقفا على قوم، وأرادوا قسمتها، هل يجوز
73

لهم ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان الحق لهم وللذي بعدهم، ولا يجوز لهم تميز
حقوق غيرهم، والتصرف فيها بأنفسهم.
277 - مسألة: إذا شارك اثنان لسقاء على أن يكون من أحدهما جمل
ومن الأخر رواية (1)، واستقى (2) فيها، على أن ما يرتفع يكون بينهم، هل
يصح ذلك أم لا، وما الحكم فيه؟
الجواب: هذه الشركة غير صحيحة، لان من شرط صحة الشركة اختلاط
المال، وهذا المال لم يختلط، فلم تصح الشركة فيه، ولا يصح أيضا ان يكون
إجارة، لان الأجرة فيهما غير معلومة، فإذا كان كذلك، كان ذلك معاملة فاسدة،
واستقى السقاء وباع الماء وحصل الكسب في يده، كان ذلك للسقاء، ورجع
صاحب الجمل والراوية عليه بأجرة المثل.
278 - مسألة: إذا أمر انسان غيره بان يصطاد له صيدا، فاصطاده بنية انه
للامر، هل يكون لمن اصطاده، أو للامر؟
الجواب: هذا الصيد لمن اصطاده دون الامر، لأنه المنفرد بحيازته، وجرى
مجرى الماء المباح في أنه يملكه بالحيازة، وفي الناس من اعتبر النية في ذلك،
والصحيح ما ذكرناه.
279 - مسألة: إذا كان بين اثنين ألفا درهم، لكل واحد منهما الف،
فاذن أحدهما للاخر في التصرف في المال على أن يكون الربح بينهما نصفين، هل
يكون ذلك شركة في الحقيقة أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك شركة، ولا قراضا أيضا، لأنه لم يشترط على نفسه
العمل، فمن هاهنا امتنع ان يكون شركة، ولم يشترط له جزء من الربح، فلهذا
امتنع ان يكون قراضا، وليس بعد ذلك الا ان يكون ذلك، بضاعة سأل أحدهما
الأخر التصرف فيها. ويكون الربح فيها له.

(1) الراوية: الإبل الحامل للماء مجمع البحرين.
(2) وفى نسخة: واستقر فيها وما في المتن هو الصحيح والمراد: قام بعمل السقى.
74

280 - مسألة: إذا كان بين رجلين ثلاث مأة مشتركة بينهما، لأحدهما
مأة، وللآخر مأتان، واذن صاحب المأتين للاخر في التصرف في المال، على أن
يكون الربح بينهما نصفين، وان يعمل هو أيضا معه، هل تكون الشركة صحيحة
أم لا؟
الجواب: هذه الشركة لا تصح، لأنهما شرطا بينهما التساوي في الربح مع
التفاضل في المال، وهذا لا يجوز، فإن لم يشترط العمل على نفسه، كانت هذه
الشركة، شركة قراض، فيكون قد قارضه على مأتين له، على أن يكون له من ربحه
الربع، فينقسم الثلاث مأة ستة أسهم، يكون لصاحب المأة منهما سهمان بحق
ماله، ويكون له سدس بشرط صاحب المأتين، وهو سهم واحد، وذلك السدس
هو ربع ثلثي جميع الربح، فيكون الربح بينهما نصفين على هذا الوجه، وليس فيه
بعد ما ذكرناه أكثر من أن تكون هذه الشركة قراضا بمال مشاع مختلط بمال
المقارض.
281 - مسألة: إذا ادعى واحد من الشريكين على صاحبه خيانة معلومة،
مثل أن يقول له: خنتني في درهم، أو دينار، أو خمسة، أو أقل من ذلك أو أكثر
وبين الخيانة، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا ادعى أحد الشريكين ذلك، سمعت دعواه، وكان القول
قول المدعى عليه الخيانة، في أنه لم يخنه بذلك مع يمينه، لأنه أمين، والأصل انه لم
يخن، وانه على أمانته، وعلى المدعى، البينة على ما ادعاه.
282 - مسألة: إذا ادعى أحد الشريكين هلاك مال الشركة أو بعضه،
وأنكر شريكه ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: القول قول المدعى في هلاك المال مع يمينه، لأنه أمين.
283 - مسألة: إذا اشترك أربعة نفر في زراعة ارض، وكانت الأرض
لواحد منهم، وللآخر الفدان (1)، للاخر البذر (2) وللآخر العمل. واشترطوا

(1) الفدان بالتخفيف: الآلة التي يحرث بها - لسان العرب.
(2) وفى نسخة: البر - وكذا فيما يأتي -
75

على أن يكون الزرع فيما بينهم، هل تصح هذه الشركة أم لا؟
الجواب: هذه الشركة غير صحيحة، لان الشركة انما تصح في الأموال التي
تختلط ولا تتميز بعد الاختلاط، وهي أيضا وان لم تكن شركة صحيحة فليست
إجارة، لان مدتها واجرتها مجهولتان، ولا هي أيضا مضاربة، لان المضاربة انما
تصح على رأس مال، يرجع إليه عند المفاضلة، وإذا لم تكن صحيحة في شئ مما
عددناه، كانت معاملة فاسدة، وإذا كانت كذلك، كان الزرع لصاحب البذر،
لأنه عين ماله، الا انه نمى وزاد، ولصاحب الأرض، عليه اجرة مثل ارضه،
وكذلك لصاحب الفدان الرجوع عليه بمثل اجرة فدانه، وللعامل أيضا الرجوع
عليه بمثل اجرة عمله.
284 - مسألة: هل يصح الغصب في الشئ إذا كان مشاعا، أو يمتنع
ذلك، لأجل انه مشاع؟
الجواب: ليس يمتنع كون هذا الشئ مشاعا من الغصب، لأنه لا يمتنع ان
يغصب انسان ذلك، بان يمنع صاحب هذا الشئ من التصرف فيه، وان لم يمنع
الشريك الأخر من التصرف في الباقي.
76

باب مسائل تتعلق بالوكالات
285 - مسألة: إذا ادعى الوصي الانفاق على اليتيم، ما الحكم فيه؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان القول، قول الوصي مع يمينه، لأنه تتعذر
عليه ها هنا إقامة البينة على سائر ما ينفقه. من قليل وكثير.
286 - مسألة: إذا ادعى الوصي تسليم المال إلى اليتيم بعد بلوغه، وأنكر
اليتيم ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان القول، قول اليتيم مع يمينه، وعلى الوصي
البينة على ما ادعاه، من تسليم المال، لان الله سبحانه قال: (فاشهدوا
عليهم) (1)، فأمرنا بالاشهاد، ولو كان الوصي مقبول القول، لما أمر بالاشهاد،
ولأطلق الدفع، كما قال [سبحانه] في رد الوديعة: (فليؤد الذي أؤتمن
أمانته) (2). ومفارقة هذه المسألة، المسألة التي تقدمتها، انما هو من حيث إن
تلك تتعذر على الوصي إقامة البينة على جميع ما ينفقه في كل حال، لان ذلك
يكثر ويقل ويتكرر في حال دون حال، وليس مثل ذلك في هذه المسألة، لان
تسليم جميع المال في دفعة واحدة، لا تتعذر فيه إقامة البينة عليه.
287 - مسألة: إذا ادعى الوكيل تلف المال، وأنكر الموكل ذلك، ما

(1) النساء: 6
(2) البقرة: 283
77

الحكم فيه؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان القول، قول الوكيل مع يمنيه إذا كان وكيلا
بغير جعل، لأنه أمين، وقد تلف ظاهرا وباطنا، وتتعذر عليه إقامة البينة على
ذلك.
288 - مسألة: إذا ادعى الوكيل رد المال الذي تسلمه من الموكل، وأنكر
الموكل ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا ادعى الوكيل ذلك، وكان وكيلا بغير جعل، كان القول،
قوله مع يمينه، لأنه تسلم المال لمنفعة غيره لا لمنفعة نفسه، وجرى في ذلك مجرى
من يدعى رد الوديعة على صاحبها، وإن كان هذا الوكيل وكيلا بجعل، كان القول
قول الموكل، لان الوكيل قبض المال للانتفاع بالجعل، ويجرى هذا مجرى المرتهن
إذا ادعى رد الرهن على صاحبه، وقد ذكر في ذلك، ان القول، قول الوكيل،
والذي ذكرناه أقوى.
289 - مسألة: إذا ادعى الحاكم أو أمينه تلف الأمانة، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: ان القول، قولهما مع يمينهما، لان ذلك قد يتلف ظاهرا وباطنا
وتتعذر عليهما إقامة البينة عليه.
290 - مسألة: إذا ادعى الحاكم أو أمينه رد الأمانة إلى اليتيم بعد بلوغه،
وأنكر اليتيم ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: الحكم فيه ان القول، قول اليتيم مع يمينه، وعليهما البينة، لأنهما
ادعيا أداء الأمانة إلى من لم يأتمنهما فيها، ويجرى هذا مجرى من يدعى رد الوديعة
على ورثة المودع، ومن يدعى رد ثوب طارت به الريح إلى داره، إلى صاحبه، فإنه
لا يقبل قولهم في ذلك، لانهم يدعون رد أمانة، لم يأتمنهم صاحبها عليها.
291 - مسألة: إذا كان للانسان على آخر مال، وطالبه بتسليمه إليه،
فقال: لا أسلمه إليك الا بان تشهد على نفسك بالتسليم، هل يجب ذلك أم لا؟
الجواب: إذا كان الذي عليه المال ممن يقبل قوله في التلف والرد مثل
78

الوكيل بلا جعل والمودع مع من هو امين له، فليس له الامتناع من الرد ولا
المطالبة بالاشهاد، ومتى اخر الرد وهذه صفته، كان عليه الضمان، لأنه غير محتاج
إلى الاشهاد، لان أكثر ما فيه، ان يدعى عليه المال، وإذا ادعى هو الرد، كان
القول قوله مع يمينه، فسقط دعواه عن نفسه بقوله، وإذا لم يكن محتاجا إلى
الشهادة، فليس له ان يمتنع من رد المال. وإن كان ممن لا يقبل قوله في الرد،
مثل الوكيل بجعل، والمرتهن، فإنه ان لم تكن عليه شهادة بتسليم المال، لم تكن له
المطالبة بالاشهاد، وكان عليه التسليم، لان أكثر ما فيه، ان يدعى عليه المال
وإذا كان كذلك، كان له أن يقول: ليس لك عندي شئ فيكون القول،
قوله مع يمينه، فسقط دعواه بقوله وإن كانت له عليه بالتسليم شهادة، كان له
الامتناع من الرد، والمطالبة بالاشهاد.
292 - مسألة: إذا ادعى الموكل على وكيله انه طالبه برد المال الذي له
في يده، وامتنع من الرد مع تمكنه منه، فهو ضامن، وأنكر الوكيل ذلك وقال:
ما طالبتني برده، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول في ذلك، قول الوكيل مع يمينه، لان الخيانة ادعيت عليه
والأصل أمانته، فان حلف كان على أمانته، وإن كان المال قد هلك فلا ضمان
عليه، وان نكل عن اليمين، ردت على الموكل، فان حلف انه طالبه به فامتنع من
الرد مع التمكن منه، كان عليه الضمان، وهكذا الحكم ان أقام عليه البينة
بذلك، فان الضمان أيضا يلزمه.
293 - مسألة: إذا سلم الموكل إلى وكيله مالا، وأمره بان يقضى به دين
(زيد) عليه، فادعى الوكيل انه قضاه، وأنكر صاحب الحق ذلك ما الحكم
فيه؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، كان القول، قوله مع يمينه، لان
الأمين يدعى رد الأمانة على من لم يأتمنه، فلم يقبل قوله، كالوصي إذا ادعى
تسليم مال اليتيم إليه، فان حلف صاحب الحق، سقطت دعوى الوكيل، وكانت
له مطالبة الموكل بالمال، وبعد ذلك ينظر في مطالبة الموكل للوكيل بالمال، فان
79

كان الوكيل قضاه بحضرته، لم يكن له الرجوع إليه به، لأنه هو المفرط في ذلك
دون الوكيل، وإن كان قضاه مع غيبته، كان له الرجوع على الوكيل به، لأنه فرط
في تركه الاشهاد عليه بذلك، سواء صدقه الموكل أو كذبه، لأنه يقول مع
التصديق: انما أمرتك بان تقضى ذلك قضاء مبرأ ولم تفعل، فعليك الضمان.
فاما إذا صدق صاحب الحق الوكيل في القضاء، ثبت القضا وبرأ الموكل
من الدين، ولم تجز له مطالبة الوكيل به، لأنه امره بان يقضى عنه قضاء مبرأ، وقد
فعل ذلك.
294 - مسألة: إذا وكل انسان غيره، فقال له: وكلتك في كل كثير
وقليل، هل يصح هذا التوكيل أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان فيه ضررا عظيما، لأنه ربما لزم الموكل بالعقود
ما لا يمكنه الوفاء به، فيؤدى إلى ذهاب ما له، مثل ان يعقد له النكاح في حال
على أربعة نسوة، ويطلقهن عليه قبل الدخول بهن، فيجب عليه ان يغرم لكل
واحدة منهن نصف المهر، ثم تزوجه بأربعة نسوة اخر، ويفعل مثل الأول، ثم
كذلك حتى يستأصل ما له، ومثل ان يشتري ما لا حاجة به إليه، من أراض
وعقار، وغير ذلك من أنواع التصرف، لأنه اطلق ذلك في التوكيل، فيتناول
الاذن ساير ما يضره وما ينفعه، وإذا تضمن العقد مثل هذا الغرر، كان فاسدا،
ولم يصح ثبوته على حال.
295 - مسألة: إذا اذن السيد لعبده في التصرف في ماله، ثم أعتقه، أو
باعه، هل يبطل هذا التوكيل (1) أم لا؟
الجواب: ليس هذا توكيلا في الحقيقة، وانما هو استخدام في حق الملك،
فإذا أعتقه أو باعه، زال الملك، وإذا زال الملك، بطل الاستخدام المتعلق به.
296 - مسألة: إذا وكل الرجل زوجته في بيع أو غيره مما عدا
النكاح، ثم طلقها، هل تبطل الوكالة أم لا؟
الجواب: لا تبطل وكالة هذه المرأة بالطلاق، لان الطلاق ليس يمنع من

(1) وفى نسخة: التصرف بدل (التوكيل).
80

ابتداء الوكالة، ولا يمنع استدامتها، وإذا لم يمنع من ذلك، كانت وكالتها ثابتة
وان طلقت.
297 - مسألة: إذا وكل انسان غيره في المطالبة بحق له على (زيد)
فمات (زيد)، هل للوكيل مطالبة ورثته بالمال أم لا؟
الجواب: إن كان الموكل قال لهذا الوكيل: وكلتك في قبض حقي من
(زيد) لم تكن له مطالبه الورثة بذلك، وإن كان قال له: وكلتك في قبض
حقي الذي على (زيد) كانت له مطالبة الورثة، لان ذلك من المطالبة بحقه
الذي كان على (زيد) الميت.
298 - مسألة: إذا وكله في ابتياع سلعة بمأة، كان ابتياعه صحيحا إذا
ابتاعها بالمأة، فما القول إن ابتاعها بأقل أو أكثر من ذلك؟
الجواب: إذا ابتاعها بالمأة، كان ابتياعه صحيحا، لأنه فعل ما أمر به،
فان ابتاعها بأكثر، لم يصح، لأنه خالفه على وجه يضربه، وهذا لا يجوز،
وان ابتاعها بأقل من ذلك، كان الابتياع صحيحا، لأنه زاده نفعا، ولان الاذن في
الابتياع بالمأة، يتضمن الاذن بالابتياع بأقل منها، لأنه أنفع له، وأعود عليه، وان
امره بان يبتاعها بمأة ونهاه عن ابتياعها بخمسين، فان ابتاعها بمأة، كان صحيحا،
وان ابتاعها بأقل من المأة، وأكثر من الخمسين، كان جائزا، لان الامر في المأة
يتضمن الامر فيما دونها، وان ابتاعها بخمسين، لم يصح ذلك، لأنه خالف صريح
لفظه، وابتاع ما نهى عن ابتياعه به، وان ابتاعها بأقل من خمسين، لم يصح، لان
نهيه عن ابتياع ما بخمسين، يتضمن النهى عن ابتياعها بأقل من خمسين وقد
ذكرت صحة ذلك، لأنه دون المأة، وصريح النهى يتناول الخمسين، دون ما هو
أقل منها. والذي ذكرناه هو الصحيح.
299 - مسألة: إذا وكل غيره في بيع مملوك بمأة، فباعه بمأة وقميص، ما
القول في ذلك؟
الجواب: البيع صحيح، لأنه زاده نفعا، كما أنه لو باعه بمأتين، وقد ذكر
ان ذلك لا يصح، لأنه باعه بجنسين مختلفين، والامر له يتضمن بيعه بجنس واحد.
81

والذي قدمناه هو الصحيح.
300 - مسألة: إذا وكل غيره بأن (1) يبتاع له مملوكا بثوب، فابتاعه
بنصف الثوب، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: يصح ذلك، لأنه زاده نفعا وخيرا، كما لو امره بان يبتاعه
بعشرة دنانير، فابتاعه بخمسة دنانير.
301 - مسألة: إذا وكل غيره في ابتياع مملوكين، وأطلق ذلك، ما
الحكم فيه؟
الجواب: إذا وكل بذلك فابتاعهما صفقة واحدة، كان ذلك صحيحا،
وان ابتاعهما صفقتين، كل واحد منهما صفقة، صح ذلك أيضا، لأنه لم يعين
وأطلق.
302 - مسألة: إذا وكل غيره في ابتياع مملوك، فابتاعه صفقتين، هل
يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنه إذا ابتاع بصفقتين، حصلت له الشركة،
وهذا عيب.
303 - مسألة: إذا ذكر انسان انه وكيل ل‍ (زيد) الغائب. وأقام على
ذلك شاهدا واحدا، فهل يصح ذلك، بان حلف مع الشاهد، أو ان أقام مع
الشاهد امرأتين، فشهدوا له بذلك، هل يصح أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان اليمين مع الشاهد، لا يقبل في الوكالات مثل
الوصية، وانما يقبل في الأموال، ولا يقبل فيها أيضا الشاهد مع امرأتين، لمثل ما
ذكرناه، ولأنه لا دليل عليه.
304 - مسألة: إذا ادعى انسان انه وكيل ل‍ (زيد) الغائب، وأقام على ما
ادعاه شاهدين، فشهد أحدهما بأنه وكله، وشهد الأخر بأنه وكله الا انه عزله،
هل يحكم له بصحة الوكالة أم لا؟
الجواب: لا يحكم له بذلك، لان الشاهد الواحد لم تثبت له وكالة ثابتة

(1) وفى نسخة: في أن يتباع
82

في الحال، وكان وجود شهادته كعدمها في أنه لا تأثير لها.
305 - مسألة: إذا ادعى انه وكيل ل‍ (زيد) الغائب، وشهد له بذلك
شاهدان، وحكم الحاكم له بصحة الوكالة، ثم إن الشاهد الواحد قال: بأنه عزله
بعد أن وكله، هل تثبت له الوكالة أو تبطل؟
الجواب: لا تبطل وكالته، بل هي ماضية، ولا يقبل ما قاله هذا الشاهد،
لأنه ابتدأ الرجوع عن الشهادة بعد حكم الحاكم بها، ولو قال ذلك قبل حكم
الحاكم، لم يحكم له، لأنه رجع قبل الحكم، ولا يجوز للحاكم ان يحكم بعد
الرجوع عن ذلك.
306 - مسألة: المسألة المتقدمة، إذا شهد أحد الشاهدين انه وكله يوم
السبت، وشهد الأخر انه وكله يوم الأحد، هل تثبت الوكالة أم لا؟
الجواب: لا يجوز الحكم بالوكالة بهذه الشهادة، لأنها شهادة على عقد، ولم
يتفقا على عقد واحد، ولا يجرى هذا، مجرى شهادتهما إذا شهد أحدهما انه أقر بأنه
وكله يوم السبت، وشهد الأخر بأنه أقر بأنه وكله يوم الأحد، لأن هذه الشهادة
صحيحة من حيث إنها شهادة على اقراره، والشهادة على الاقرار لا تكون الا
متفرقة، لان المشهود عليه، لا يكلف الحضور إلى الشهود، فيقر بين أيديهم دفعة
واحدة.
307 - مسألة: المسألة المتقدمة، إذا شهد أحدهما انه وكله في التصرف،
وشهد الأخر انه اذن له أو سلطه في التصرف في ماله، هل تثبت الوكالة
بذلك أم لا؟
الجواب: الوكالة لا تثبت بذلك، لان الشاهدين لم يحكيا لفظ العقد،
واختلافهما في الأداء في اللفظ غير مؤثر في الشهادة.
308 - مسألة: إذا ادعى انسان انه وكيل (زيد) الغائب في استيفاء
حقه من (عمرو)، فقال (عمرو): قد عزلك موكلك، وأنكر الوكيل ذلك،
هل تسمع هذه الدعوى من (عمرو)؟ وهل يلزمه يمين أم لا؟
الجواب: لا تسمع هذه الدعوى على الوكيل، ولا يمين عليه في ذلك، لان
83

الذي عليه الحق، يدعى عليه العزل على الموكل، والنيابة في اليمين لا تجوز، ولا
تجرى في ذلك مجرى قوله: أنت تعلم أن موكلك عزلك، لأنه إذا قال له ذلك،
فتجب له مطالبته باليمين، لان ذلك دعوى عليه، وليست دعوى على الموكل،
وتفارق دعوى العزل، لأنها دعوى على الموكل دون الوكيل، كما قدمناه.
309 - مسألة: إذا ثبتت عند الحاكم وكالة وكيل في استيفاء حق موكله
من (عمرو) وكان الموكل له غائبا، فادعى من عليه الحق: ان الموكل أبرأه، أو
قضاه الحق، وأنكر الوكيل ذلك، هل تسمع هذه الدعوى على الوكيل، وهل
يلزمه يمين ان طالبه من عليه الحق بها أم لا؟
الجواب: لا تسمع هذه الدعوى على الوكيل، لان سماعها يقتضي بطلان
الوكالة في استيفاء الحقوق، لغيبة الموكل، فما من خصم يطالبه الوكيل بالمال الا
ويدعى مثل ذلك، حتى يسقط المطالبة بالحق عن نفسه، ولا يلزم الوكيل اليمين
ان طالبه من عليه الحق بها، لأنه لو أقر بالقضاء أو الابراء لم يثبت اقراره، فان
ادعى انه يعلم ذلك، وأنكر توجهه، توجهت اليمين عليه، وتكون واقعة منه على
نفى العلم بما ادعاه عليه.
84

باب مسائل تتعلق بالاقرار:
310 - مسألة: إذا قال (زيد) (لعمرو): أليس لي عليك مأة دينار،
أو ألف درهم؟ فقال له: نعم، هل يكون ذلك اقرارا له بالمال أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك اقرارا بالمال، لان الجواب في هذا الموضع وما
يجرى مجراه، لا يكون الا ببلى، لقوله سبحانه: (الست بربكم قالوا بلى) (1)،
و (نعم) هاهنا يكون انكارا، لان تقدير ذلك، لست بربنا، فتقدير قول
(عمرو) في جوابه ما سئل عنه، ليس لك على شئ.
311 - مسألة: إذا أقر اقرارا مبهما، مثل أن يقول لغيره: لك على شئ،
ما الحكم ذلك؟
الجواب: إذا أقر على هذا الوجه، كان اقراره صحيحا، ويرجع في تفسير
ذلك إليه، فمهما فسره به الزم القيام له لخصمه، وان لم يفسر، قلنا له: ان فسرت
والا جعلناك ناكلا ورددنا اليمين على خصمك، فان حلف ألزمناك القيام بما
حلف عليه، وان لم يفسر رددنا اليمين على خصمه، فان حلف ألزمناه، وان نكل
عن اليمين صرفا جميعا.
312 - مسألة: المسألة بعينها، ان فسر - لا يصح تملكه، مثل الخمر
والميتة والدم ولحم الخنزير، وما جرى مجرى ذلك، هل يقبل منه ذلك أم لا؟

(1) الأعراف: 172
85

الجواب: لا يقبل منه هذا التفسير، ويطالب بتفسير ما يصح تملكه، لان
لفظ الاقرار لفظ التزام، والخمر وما جرى مجراها مما لا يلتزمه أحد لغيره.
313 - مسألة: المسألة بعينها، ان فسر ذلك بما لا يتمول في العادة، مثل
قشر جوزة أو لوزة، أو ما أشبه ذلك، هل يقبل تفسيره أم لا؟
الجواب: لا يقبل منه ذلك، لأنه أقر بلفظ الالتزام، والمذكور مما
لا يتمول في العادة، ولا يجب لاحد على غيره.
314 - مسألة: المسألة بعينها، إذا فسر بما يتملك، واختلفا في المقدار أو
الجنس، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا فسر ذلك بمقدار، مثل ان يقر بدينار، وكذبه المقر له،
ويقول له: أكثر من ذلك، فالقول، قول المقر مع يمينه، فان حلف سقطت
الدعوى، وان لم يحلف، ردت اليمين على المقر له، فان حلف حكم له بذلك.
واما الجنس فإنه إذا فسر ذلك مثل أن يقول: لك على دراهم، وكذبه المقر له
ويقول: بلى لي عليك دنانير، فإنه يبطل اقراره بالدراهم، لأنه أقر بما لا يدعيه،
وهو مدع للدنانير عليه، فيكون القول، قوله مع يمينه، فإذا حلف سقطت الدعوى،
وان لم يحلف، ردت اليمين على المدعى، فإذا حلف ثبت له ما يدعيه.
315 - مسألة: إذا قال: (لزيد) على مال، وفسر ذلك بجلود الميتة، أو
السرجين، أو ما جرى مجرى ذلك، هل يصح الاقرار بالمال المبهم وما فسره به
أم لا؟
الجواب: إذا قال: له على مال، كان اقراره صحيحا، وقبل تفسيره له
بالقليل والكثير من المال بغير خلاف، فان فسره بما ذكر في المسألة، لم يقبل منه
هذا التفسير، لان ذلك لا يتناوله اسم المال، ولا يسمى به، ولا يجرى مجرى
قوله: له على شئ، لان اسم شئ يشتمل على المال وغيره، واسم المال
لا يتناول الا بما يتمول دون ما لا يتمول.
316 - مسألة: إذا أقر لغيره فقال: له على أكثر من مال (زيد)، ما
الحكم في ذلك؟
86

الجواب: الحكم في ذلك أن ينظر مال (زيد) فيلزم هذا المقر بمبلغه،
ويرجع في تفسير ذلك إليه، فان فسره بمثله لم يقبل منه ذلك، لان لفظ أكثر في
اللغة، يقتضي الزيادة على ذلك.
317 - مسألة: إذا أقر لغيره فقال: له على أكثر من مال (زيد) عددا،
ما الحكم في ذلك؟
الجواب: ان أقر بأنه عرف مال (زيد)، وانه الف في العدد، وجب
عليه ذلك المبلغ وزيادة، ويقبل قوله في تفسير هذه الزيادة ولو فسرها بحبة
واحدة، بغير خلاف، وإن كان مال (زيد)، ألفا وقال: ما كان عندي بأنه
الف، وانما اعتقدت انه عشرة وأردت بالزيادة درهما واحدا، كان القول في
ذلك، قوله فان ادعى المقر له: ان المال الف، وأقام بذلك بينة، لم يجب عليه
أكثر من غير أحد عشر درهما، حسب ما فسره، لان مبلغ مال (زيد) لم يعرف
حقيقته، لان المال ظاهر وباطن، وقد تملك الانسان مالا كثيرا في الباطن،
ويعتقد فيه انه قليل المال، فدعواه وشهادة البينة تجريان مجرى واحدة في جواز ان
يكونا صادقين أو كاذبين، أو يكونا صادقين، ويكون كاذبا، لان حقيقة مبلغ المال
لا يعرفها الا صاحبه، وربما خفى على غيره، فلذلك لا يحكم الا بما أقر به من
المقدار الذي اعتقده، ويكون القول قوله مع يمينه في الزيادة، متى ادعاها المقر له،
318 - مسألة: إذا أقر انسان لغيره بألف مبهم، فقال: له على الف، ما
الحكم فيه؟
الجواب: إذا أقر كذلك، لزمه لمن أقر له الف، ويرجع في تفسير ذلك
إليه، فمهما فسره به مما يتملك، قبل فيه قوله، ولو كان تفسيره بالحبوب.
319 - مسألة: إذا قال: له على ألف درهم، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أقر بذلك، كان عليه ألف درهم، لأنه فسر ألفا بالإضافة
إلى الدرهم، وكذلك يجرى الامر إذا قال: له على مأة درهم، أو عشرة
دنانير (1)، وما أشبه ذلك.

(1) وفى نسخة: أو عشرة دراهم.
87

320 - مسألة: إذا أقر فقال: له على مأة وخمسون درهما، هل يكون عليه
مأة وخمسون درهما؟ أو يكون عليه خمسون درهما، ويرجع في تفسير المأة إليه؟
الجواب: إذا أقر كذلك، لزمه مأة وخمسون درهما، لأنه قد ميز العددين
معا بقوله: (درهما)، فقول من يقول: (درهما)، يكون تفسيرا لخمسين دون المأة
وان المأة مبهمة، ليس بصحيح، لأنا لو قلنا بان ذلك يكون تفسيرا للثاني الذي
هو الخمسون، لبقى الأول بلا تفسير، وذلك لا يجوز، ولا يجري ذلك مجرى قوله:
له على الف ودرهم، لأنه قوله: (ودرهم)، معه حرف عطف وهو (الواو) ولا
يجوز ان يكون تفسيرا للألف، لان المفسر لا يكون هكذا.
321 - مسألة: إذا أقر وقال: له على الف ودرهمان، هل يلزمه الكل
من الدراهم أو لا؟
الجواب: إذا قال ذلك لم يلزمه من الدراهم غير درهمين، ويرجع في تفسير
الألف إليه، وجرى ذلك مجرى ما قدمناه من قوله: الف ودرهم، لأنه يفيد مع
حرف العطف زيادة في العدد، ولا يقبل التفسير.
322 - مسألة: إذا قال: له على درهم وألف، ما الذي يجب عليه؟
الجواب: إذا قال ذلك، وجب عليه درهم وألف، ويرجع في تفسيره
لألف، إليه، على ما قدمناه، كما لو قال: له على الف ودرهم، لا فرق بين ان
يقدم المعلوم على المجهول، أو يقدم المجهول على المعلوم.
323 - مسألة: إذا قال: له على درهم ودرهم الا درهما، ما الذي يلزمه
من ذلك؟
الجواب: الذي يلزمه من ذلك، درهم واحد، لان الاستثناء إذا تعقب
جملا معطوفا بعضها على بعض بالواو، فإنه يرجع إلى الجميع، وإذا رجع إلى
الجميع الذي هو درهم ودرهم خرج بالاستثناء درهم، فكان مقرا بدرهم، ومن
لا يقول بالذي ذكرناه، يوجب عليه درهمين.
324 - مسألة: إذا قال: له على مأة الا درهمان، أو قال: له على مأة
الا درهمين، هل يجب عليه ذلك من الوجهين جميعا ثمانية وتسعون درهما أم لا؟
88

الجواب: لا يجب عليه ذلك من الوجهين جميعا، وانما يجب عليه ذلك
من الوجه الأول، لأنه إذا قال: له على مأة الا درهمان، كان اقرارا بمأة درهم
ودرهمين، لان (الا) بمعنى واو العطف، وإذا قال: مأة الا درهمين، كان اقرارا
بثمانية وتسعين، لان المعنى: له على مأة غير درهمين.
325 - مسألة: إذا قال: له عندي قميص في منديل، أو قال: له عندي
تمر في جراب (1) هل يكون ذلك اقرارا منه بالمنديل والجراب أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك، كان اقرارا بالقميص والتمر دون المنديل
والجراب، لأنه يحتمل في منديل أو جراب لي وإذا احتمل ذلك لم يلزم من اقراره
الا ما هو اليقين دون ما يشك فيه، لان الأصل براءة الذمة الا ان يتبين فيقول:
منديل وجراب له.
326 - مسألة: إذا قال: غصبتك طائرا في شبكة أو قفص (2) هل
يكون غاصبا في الشبكة أو القفص أم لا؟
الجواب: جواب هذه المسألة مثل المسألة المتقدمة لها، وكذلك كل ما
يجرى هذا المجرى.
327 - مسألة: إذا قال: لك على كذا، هل يلزمه شئ أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك وأطلق، كان عليه كما لو قال: له على شئ،
ويرجع في تفسير ذلك إليه فبما فسره به مما يتملك قبل منه (3) دون ما
لا يتملك ولا ينتفع به، وان لم يطلق بل قيده بالدراهم، ونصب فقال: كذا
درهما، كان عليه درهم واحد، لأنه أخرجه مخرج التفسير، كأنه لما قال (كذا)
قيل له: فسر، قال: أعني درهما، فكان تفسيرا لكذا، فان رفع فقال: [درهم.
كان عليه] (4) درهم واحد، يكون معناه كذا هو درهم، اي الذي أقررت به
درهما، وان كسر فقال: درهم، كان عليه دون الدرهم، وباي شئ فسره قبل

(1) الجراب بالكسر: وعاء من إهاب شاة يوعى فيه الحب والدقيق ونحوهما مجمع البحرين.
(2) القفص: شئ يتخذ من قصب أو خشب للطير. لاحظ لسان العرب ج 7 ص 79.
(3) وفى نسخة: فمهما فسره مما يتملك فيلزمه دون...
(4) ما بين المعقوفتين من نسخة أخرى.
89

منه، لأنه يحتمل ان يريد بعض درهم كان عليه، لان (كذا) عبارة عن البعض
وعن الجملة، وذهب بعض الناس إلى أنه يجب عليه درهم واحد، والصحيح ما
قدمناه، للاحتمال الذي ذكرناه.
328 - مسألة: إذا أقر لغيره بعشرة مماليك الا واحدا، هل يكون ذلك
اقرارا بالتسعة أم لا؟
الجواب: إذا أقر بذلك فقال: هؤلاء المماليك لفلان الا واحدا، صح
الاقرار بالتسعة، لان جهالة الاستثناء لا تمنع من ذلك، وعليه تعيين المقر بهم،
لان حق الغير تعلق بهم، وهو مخير بين ان يعين التسعة، أو يعين الواحد الذي هو
له، لأنه إذا عين أحدهما أو ميزه، تعين الأخر وتميزوا.
329 - مسألة: المسألة بعينها، إذا عين واحدا لنفسه، وصدقه المقر له أو
كذبه، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا صدقه في ذلك فلا كلام، وان كذبه كان القول، قول المقر
مع يمينه، لأنه اعلم بما أقربه وبما استثناه، لأنه في يده، فيجب ان يكون القول،
قوله مع يمينه.
330 - مسألة: إذا قال: غصبت هذه الدار من (زيد) وملكتها
(لعمرو) ما الواجب عليه؟
الجواب: الواجب عليه تسليم الدار إلى المغصوب منه، لأنه أقر له باليد،
وللآخر بالملك، وقد يكون في يده حقا وإن كان ملكها لغيره، مثل ان يكون في
يده رهنا أو إجارة.
331 - مسألة: إذا قال: له عندي ألف درهم عارية، هل يقبل منه
ذلك أم لا؟
الجواب: يقبل منه ذلك، ويكون ذلك مضمونا، لان الدراهم والدنانير
مضمونة في العارية بغير شرط. [انما قلنا: بغير شرط، لان الامامية لا ترى العارية
مضمونة في غير الذهب والفضة الا ان يشرط ضمانها] (1).

(1) ما بين المعقوفتين منقول من النسخة الرضوية.
90

332 - مسألة: إذا قال: لك عندي (1) ألف درهم ان شأت، هل
يكون ذلك اقرارا أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك اقرارا، لان الاقرار اخبار عن حق واجب، وما
كان واجبا عليه قبل اقراره، لا يجوز ان يعلق وجوبه بشرط مستقبل.
333 - مسألة: إذا قال: لك على ألف درهم، ان شهد لك شاهدان،
هل يكون ذلك اقرارا أم لا؟
الجواب: جواب هذه المسألة، مثل جواب المسألة المتقدمة.
334 - مسألة: إذا قال: إن شهد لك شاهدان على بالألف، فهما
صادقان، هل يلزمه الاقرار بألف أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك لزمه الاقرار بالألف في الحال، لان الشاهدين إذا
صدقا في شهادتهما عليه بالألف، فالحق واجب عليه، شهدا أو لم يشهدا.
335 - مسألة: إذا كان في يده مملوك فاقر به (لزيد)، وصدقه (زيد)
على اقراره. وأقر العبد بنفسه (لعمرو)، وصدقه (عمرو) على اقراره، هل
الصحيح اقرار السيد أو اقرار العبد؟
الجواب: اقرار السيد هو الصحيح دون اقرار العبد، لان يد السيد ثابتة
على العبد، لأنه ملكه، ويد العبد ليست ثابتة على نفسه، لأنه لا يملك لنفسه،
ولان اقرار العبد اقرار بمال السيد عليه، ولا يقبل هذا الا إذا صدق السيد المقر
له.
فاما ان كذبه، انعتق العبد، لان الذي في يده أقر بأنه ليس له،
والذي أقر له به قد أنكر، واقرار العبد لم يصح، فما ثبت عليه ملك لاحد،
فينبغي ان يكون معتقا، وقد ذكر انه يبقى رقا، والصحيح ما ذكرناه.
336 - مسألة: إذا ادعى انسان على غيره بأنه مملوكه، وأنكر المدعى عليه
ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، كان القول، قول المدعى عليه مع

(1) وفى نسخة: على. بدل (عندي).
91

يمينه، لأن الظاهر من حاله، الحرية، فإن لم ينكر ذلك وأقر بما ادعاه من الرق،
ثم ادعى انه أعتقه، وأنكر السيد ذلك، كان القول، قول السيد مع يمينه، لان
الأصل انه لم يعتقه.
337 - مسألة: إذا التقط انسان لقيطا ورباه، ثم أقر الملتقط بأنه مملوك
(لزيد)، هل يقبل هذا الاقرار منه أم لا؟
الجواب: لا يقبل هذا الاقرار منه، لأن الظاهر من اللقيط الحرية.
338 - مسألة: إذا قال: له عندي درهم ودرهم. أو قال: درهم ودرهم
ودرهم. أو قال: درهم ثم درهم. أو قال: درهم ثم درهم ثم درهم، فما الذي
يجب عليه من ذلك؟
الجواب: إما قوله: له عندي درهم ودرهم، فإنه يلزمه درهمان، لان الثاني
معطوف على الأول بواو، وكذلك القول في الثلاثة.
والقول في قوله: درهم ثم درهم، كالقول في درهم ودرهم، وإن كانت
لفظة (ثم) تقتضي المهلة، لكن لا معنى لها هاهنا. والقول في الثلاثة مع لفظة
(ثم)، مثل القول في الثلاثة مع لفظ العطف بالواو، ويجرى هذا المجرى القول
بان له على درهم، فدرهم للتعقيب، ولا معنى له ها هنا. وفي الناس من قال يلزمه
درهم واحد، والذي قلناه هو الظاهر الأصح.
339 - مسألة: إذا قال: له على درهم لا بل درهمان، أو قال: قفيز
حنطة لا بل قفيزان، ما الذي يلزمه من ذلك؟
الجواب: الذي يلزمه من ذلك درهمان، ومن الحنطة قفيزان. لان
(لا بل) للاضراب عن الأول والاقتصار على الثاني.
340 - مسألة: إذا قال: له على قفيز حنطة لا بل قفيز شعير، ما الذي
يلزمه من ذلك؟
الجواب: الذي يلزمه هاهنا قفيز حنطة وقفيز شعير، لأنه أقر بجنس آخر،
ولا يقبل منه نفى الأول.
341 - مسألة: إذا كانت بين يديه جملتان حاضرتان من دراهم، فقال
92

مشيرا إليهما: (لزيد) على إحداهما، أو عينها ثم قال: لا بل هذه الأخرى، ما
الذي يلزمه من ذلك؟
الجواب: إذا قال ذلك لزمته الجملتان معا، ولم يصح رجوعه، لان
إحدى الجملتين لا تدخل في الأخرى، ولا يلزم على ذلك لو قال: له على عشرة
لا بل عشرون، لان العشرة داخلة في العشرين إذا لم تكن معينة.
342 - مسألة: إذا قال يوم الخميس: (لزيد) على درهم من ثمن
مملوك، وقال يوم الجمعة: له على درهم من ثمن قميص، ما الذي يلزمه من
ذلك؟
الجواب: الذي يلزمه درهمان، لان ثمن المملوك، غير ثمن القميص،
وليس يجرى ذلك مجرى قوله إذا اطلق ذلك من غير إضافة إلى السبب، لان
ذلك يحتمل التكرار، وهذا لا يحتمل التكرار، وكذلك إذا أضاف لكل واحد
من الاقرارين إلى سبب، غير السبب الذي أضاف الأخرى إليه.
343 - مسألة: إذا قال: (لزيد) على درهم لا بل درهم، ما الذي
يلزمه؟
الجواب: الذي يلزمه درهم واحد، لأنه أمسك ليستدرك، ثم تذكر انه
ليس عليه الا ذلك.
344 - مسألة: إذا قال: له على عشرة لا بل تسعة، ما الذي يلزمه؟
الجواب: الذي يلزمه عشرة، لأنه نفى درهما من العشرة، على غير وجه
الاستثناء، ولم يقبل منه ذلك، ولا يجرى هذا مجرى قوله لو قال: له على عشرة
الا درهما، في أنه يقبل منه، لان للتسعة عبارتين: إحداهما بلفظ التسعة والاخرى
بلفظ العشرة واستثناء الواحد، فبأيهما اتى فقد اتى بعبارة التسعة، وليس كذلك
قوله: على عشرة لا بل تسعة، لأنه أقر بالعشرة ثم رجع عن بعضها فلم يصح
رجوعه، يوضح ما ذكرناه، انه لو قال: على دينار الا درهم، صح ذلك واستثنى
قدر الدرهم، ولو قال: له على دينار لا بل درهم، لزمه الدرهم والدينار جميعا.
344 - مسألة: إذا قال: (لزيد) على من الدرهم إلى العشرة، ما الذي
93

يجب عليه من ذلك؟
الجواب: الذي يجب عليه تسعة، لان الأول داخل فيه، لان (من)
لابتداء الغاية، والغاية لا تدخل فيه، وفي الناس من قال: تلزمه ثمانية، والذي
ذكرناه أصح من ذلك.
345 - مسألة: إذا قال لغيره: هذه الدار أو هذا البيت لك هبة أو
عارية، أو هبة سكنى، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا قال له ذلك، كان له اخراجه منها من أي وقت أراد، لان
ذلك اقرار بعارية وهبة، منفعتها ما سكنه فقد قبضه، وما لم يسكنه، لم يقبضه،
فله الرجوع أي وقت أراد، كما قدمناه.
346 - مسألة: إذا قال (لزيد) على من مالي الف أو مأة، هل يكون
ذلك اقرارا أم لا؟ وهل له تفسيره لما أراد أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك لم يكن هذا الاطلاق اقرارا، لأنه أضاف هذا
المال إلى نفسه، وجعل له منه ألفا أو مأة، وهذا يقتضي ان يكون هبة، لان ما له
لا يكون لغيره الا على هذا الوجه. وله تفسيره بالهبة.
347 - مسألة: إذا قال: (لزيد) الميت على حق، وهذا ولده وهذه
امرأته، وأوجبتم عليه دفع الحق إليهما، من حيث أقر بأنه لا يستحقه غيرهما، فما
جوابكم إذا قال: (لزيد) الميت على حق وهذا الطفل ولده، وهذا وصيه، هل
ترون (1) دفعه إليهما أم لا؟ ما الجواب عن ذلك؟
الجواب: إما الأول فلا شبهة في صحة تسليم ما أقر به إلى ولد الميت
وزوجته، لاقراره بأنه لا يستحق له غيرهما، واما الثاني، فلا يجوز التسليم إلى
الوصي، لأنه لا يأمن من انكار الطفل عند بلوغه لكونه وصيا له، فإذا أنكر ذلك
سمع منه، ويجوز تسليمه إلى الحاكم، لان له على الطفل ولاية، لا يمكنه انكارها،
وولاية الوصي لا تثبت الا ببينة.
348 - مسألة: إذا كانت لانسان مملوكة، فوطأها رجل، واختلفا، فقال

(1) وفى نسخة: هل توجبون وفى الأخرى: هل ترجعون...
94

سيدها للرجل: بعتكها والجارية مملوكة لك، وعليك ثمنها. وقال الرجل:
زوجتنيها والجارية لك، وعلى مهرها، ما الحكم بينهما في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على الوجه المذكور، كان كل واحد منهما مدعيا على
الأخر عقدا ينكر دعواه عليه، ولكل واحد منهما ان يحلف وينفى بيمينه ما يدعيه
الأخر عليه، فان حلف السيد انه ما زوجها، وحلف الواطي انه ما اشتراها،
عادت الجارية إلى سيدها، لان الواطي إذا حلف انه ما اشتراها، فسقط الابتياع،
وإذا حلف السيد انه ما زوجها سقط النكاح، فان حلف سيدها انه ما زوجها
ونكل الواطي عن اليمين، ردت اليمين على السيد فيحلف انه باعها منه، فإذا حلف
على ذلك ثبتت الجارية في الحكم ملكا للواطي، ولزمه الثمن لسيدها، لأنه قد
أثبت بيمينه انه ابتاعها منه. وان حلف الواطي انه ما ابتاعها ونكل سيدها عن
اليمين ردت اليمين على الواطي، فيحلف انه تزوجها فتثبت الزوجية فترجع إلى
سيدها بالملك لرقبتها، فإذا زال النكاح بينها وبين الواطي، جاز حينئذ لسيدها
وطأها. هذا فالحكم بالظاهر. واما في الباطن فهو على ما يعلمه من نفسه، فإن كان
صادقا في دعواه لم يجز له وطأها أيضا الا على الوجه الذي يحل معه وطأ
مثلها.
349 - مسألة: إذا ادعى (زيد) على (عمرو) مالا في مجلس الحكم،
فقال (عمرو): لا أقر ولا أنكر، أو قال: لا أدري ما يقول. أو قال: انا مقر أو
منكر، هل يكون ذلك جوابا صحيحا أم لا؟ وما الحكم فيه؟
الجواب: إذا ذكر ذلك بين يدي الحاكم، لم يكن جوابا صحيحا، وكان
على الحاكم ان يقوله له: ان أجبت بجواب صحيح، والا جعلتك ناكلا،
ورددت اليمين على خصمك، فإن لم يجب بجواب صحيح، وهو أن يقول: أنا مقر
أو أنا منكر، جعله الحاكم ناكلا، ورد اليمين على خصمه. وانما جعل ناكلا، لأنه
لو أجاب بجواب صحيح، وامتنع من اليمين لجعل ناكلا، وإذا امتنع من الجواب
واليمين، فأولى ان يكون ناكلا. وانما لم يكن قوله: (ولا أقر ولا أنكر) جوابا
صحيحا، لاحتماله ان يريد أقر فيما بعد، أو أقر بوحدانية الله تعالى، وكذلك
95

قوله: (لا أنكر) يحتمل لا أنكر وحدانية الله تعالى، أو لا أنكر فضلك وإذا كان
ذلك محتملا لم يصح الجواب به حتى يجيب بما يزول معه الاحتمال مما قدمنا
ذكره.
وقوله: (لا أدري ما يقول). انما لم يكن جوابا صحيحا، لأنه اعلم بما
يقول خصمه، وكيف يقول لا أدري به.
وقوله: (انا مقر أو منكر) انما يجرى مجرى ما تقدم، في أنه ليس بجواب
صحيح، لمثل ما ذكرناه في الوحدانية وغيرها.
350 - مسألة: إذا قال: (لزيد) على مأة، ثم سكت ثم قال: من ثمن
مبيع لم اقبضه. أو قال: له على مأة من ثمن مبيع، ثم سكت ثم قال: لم اقبضه،
ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا قال الأول لم يقبل منه ما ادعاه من المبيع، لأنه أقر بالمأة
وفسر ذلك بما يسقط اقراره. واما الثاني فلا يجرى مجرى الأول، لأنه إذا قال: له
على مأة من ثمن المبيع، ثم سكت ثم قال: لم اقبضه، قبل ذلك منه، لان قوله
بعد السكوت: (لم اقبضه) غير مناف للاقرار الأول، لأنه قد تكون عليه مأة
دينار ثمنا، ولا يلزمه تسليمها حتى يقبض المبيع، ولان الأصل عدم القبض.
351 - مسألة: إذا شهد على انسان شهود باقراره، ولم يقولوا: هو صحيح
العقل، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: تصح الشهادة بذلك، لأن الظاهر صحة اقراره، ولان الظاهر
أيضا ان الشهود لا يتحملون الشهادة على من ليس بعاقل، فان ادعى المشهود عليه
بالاقرار، انه أقر وهو مجنون، وأنكر المقر له ذلك، كان القول، قوله مع يمينه، لان
الأصل عدم الجنون، ولان الشهود يشهدون على ظاهر الحال، فيجوز ان يخفى
جنونه، ويكون المقر له عالما بذلك.
352 - مسألة: إذا قال: له على درهم في عشرة، كم يكون للمقر له؟
الجواب: ان أراد بما ذكره ضرب الحساب، وجبت عليه عشرة دراهم،
لان واحدا في عشرة، عشرة، وان لم يرد ضرب الحساب، لم يلزمه غير درهم
96

واحد، لأنه يكون معناه له درهم في عشرة دراهم لي، ويجرى ذلك مجرى ما
قدمناه في القول له قميص في منديل.
353 - مسألة: إذا قال: له عندي درهم ودرهمان، كم يجب عليه؟
الجواب: تجب عليه ثلاثة دراهم، لان الدرهمين معطوفان على الدرهم،
فإذا كان قد عطف الدرهمين على الدرهم، وكان من حق المعطوف، ان يكون غير
معطوف عليه، لزمه ما ذكرناه.
354 - مسألة: إذا ادعى على صبي البلوغ، وأنكر الصبى ذلك ما
حكمه؟
الجواب: على المدعى لبلوغ الصبى، البينة بما ادعاه، فإن لم تكن له بينة،
لم يلزم الصبى يمين، وكان القول في ذلك، قوله، لان الزامه اليمين يؤدى إلى نفيها
واسقاطها عنه، لأنه إذا حلف انه صبي، وحكم له بالصبي، بطلت يمينه، لان
يمين الصبى غير صحيحة، وكلما أدي اثباته إلى نفى لم يكن لاثباته معنى يعول
عليه.
355 - مسألة: إذا أقر انسان لمملوك غيره بمال، هل يصح ذلك الاقرار
أم لا؟ وان صح فهل يكون اقرار للمملوك أو لسيده؟
الجواب: هذا الاقرار صحيح، وهو اقرار لسيد المملوك، لان المملوك
لا يصح ان يكون له مال بالاكتساب أو غيره، فإذا ثبت ذلك، كان لسيده.
356 - مسألة: إذا هلك انسان وخلف ابنا، فاقر هذا الابن بأخ له من
أبيه، ثم اقرا جميعا بثالث، ثم إن الثالث أنكر نسب الثاني، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: إذا اقرا جميعا بثالث ثبت نسب الثالث، وإذا أنكر الثالث
الثاني، لم يثبت نسبه، لأنه لم يشهد له اثنان بذلك، والثالث قد شهد له اثنان،
فيصح بذلك نسبه، ولم يصح للثاني، والمال الموروث يكون بين الأول والثالث،
ويأخذ الثاني من الأول الذي أورثه (1)، ثلث ما بقى في يده، لأنه مقر به وبغيره.

(1) وفى نسخة: الذي أقر به.
97

357 - مسألة: إذا هلك وترك أخا وزوجة، فأقرت الزوجة بابن
لزوجها المتوفى، وأنكر الأخ، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أقرت الزوجة بهذا الابن، وانكره الأخ لم يثبت نسبه، واما
المال الموروث، فإنه إن كان في يد الأخ لم تأخذ الزوجة منه الا الثمن، لأنه القدر
الذي تدعيه، وإن كان في يدها لم يأخذ الأخ الا ثلاثة أرباعه. لأنه القدر الذي
يدعيه، لأنه يقول: إنه ليس لزوجها ابن، فيبقى في يدها الربع، وهي مدعية
لنصفه، لأنها تقول: ان لزوجها ابنا، فيكون نصف هذا الربع وهو الثمن، لها،
والباقي ترده على الذي ادعت انه ابن زوجها.
358 - مسألة: إذا هلك انسان، وخلف ابنين، وأقر الواحد منهما بأخ،
وانكره الأخر، هل يثبت نسبه أم لا؟ فان قلتم: يثبت، قيل لكم: هذا خلاف
مذهبكم، لان عندكم، لا يثبت نسبه الا بشهادة اثنين، فان قلتم: لا يثبت، قيل
لكم: فان مات المنكر وورث اخوه جميع المال، هل تجب عليه مقاسمة الذي أقر به
أم لا؟ وان خلف المنكر ابنا فوافق عمه فيما أقربه، من أخيه الذي أنكره أبوه،
هل يثبت نسبه أم لا؟
الجواب: إذا ورث الأخ جميع ما خلفه اخوه وجبت عليه المقاسمة لمن
أقر به وليس له جحده بعد ذلك، فإذا لم يكن له جحده بعد اقراره به كما
ذكرناه، لزمه ان يقاسمه المال، فاما (1) ثبوت نسبه لموافقة ابن المنكر له فصحيح،
لان الأخ إذا كان قد أقربه، وشهد ابن أخيه له بمثل ذلك، فلابد من ثبوت
النسب والميراث له، لأنهما اثنان، وقد شهدا له بذلك.
359 - مسألة: إذا هلك وترك ابنين أحدهما قاتل، ما الحكم فيه وفى
الأخر ان أقر بأخ وانكره الأخر؟
الجواب: إذا ترك ابنين أحدهما قاتل، كان المال كله للذي ليس بقاتل،
وان أقر الذي صار له الميراث بأخ له آخر غير القاتل، كان عليه ان يقاسمه المال،
لأنه مقر بنسبه، وان أنكره القاتل لم يكن لانكاره ها هنا تأثير، وان أقر به لم يثبت

(1) وفى نسخة: واما...
98

نسبه، لأنه لا يجوز ان يرث من هذا الميراث شيئا.
360 - مسألة: إذا هلك انسان وترك ابنين، أحدهما كافر والاخر
مسلم، ما الحكم فيه وفي الأخر ان أقر بأخ وانكره الأخر؟
الجواب: إذا ترك ابنين أحدهما كافر والاخر مسلم، كان المال للمسلم
دون الكافر. فان أقر أحدهما بأخ آخر وكان المقر هو المسلم، كانت عليه مقاسمة
المال، لأنه أقر به، وإن كان المقر به هو الكافر، لا يثبت نسبه، لأنه لا يجوز ان
يرث من هذا الميراث شيئا، وان أنكره لم يكن لانكاره هاهنا تأثير.
361 - مسألة: إذا أقر الوارث بوارث آخر هو أولي منه، كيف حكمه؟
الجواب: إذا أقر بوارث غيره، هو أولي منه، كان عليه ان يدفع جميع المال
إليه، لأنه أقر به.
362 - مسألة: إذا أقر بوارث آخر يكون ثالثا له وللذي أقر به، كيف
يكون حكمه؟
الجواب: إذا أقر بذلك، كان عليه ان يغرم له مثل الميراث، لأنه أقر به.
363 - مسألة: المسألة بعينها إذا أقر بهذا الذي هو ثالث له وللذي أقر به
وجحده المقر له أولا، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان كذلك، كان عليه ان يغرم له الميراث، كما قدمناه،
واما جحده للذي أقر به أولا، فلا يصح جحده له بعد الاقرار به.
364 - مسألة: إذا أقر للميت بزوج، كيف حكمه؟
الجواب: إذا أقر بذلك كان عليه ان يدفع إليه مقدار ما كان يجب له
من سهمه.
365 - مسألة: المسألة بعينها إذا أقر بزوج آخر، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا أقر بذلك كان اقراره باطلا، لان الزوجين هاهنا
لا يتعددان، فان كذب نفسه في الاقرار الأول، كان عليه ان يغرم للثاني سهمه،
ولا سبيل له على الأول.
366 - مسألة: إذا أقر الولد بزوجة للميت، كيف الحكم في ذلك؟
99

الجواب: إذا أقر بذلك كان عليه ان يدفع إليها ثمن ما كان في يده.
367 - مسألة: المسألة بعينها وأقر بعد ذلك بزوجة ثانية، هل يجب عليه
ان يدفع إليها شيئا أم لا؟
الجواب: يجب عليه ان يدفع إليها نصف ثمن ما في يده.
368 - مسألة: المسألة بعينها، وأقر بعد ذلك بزوجة ثالثة وبعد الثالثة
أقر برابعة وبعد الرابعة أقر بخامسة، ما الحكم فيهن؟
الجواب: إذا أقر بعد ذلك بثالثة، كان عليه ان يدفع إليها ثلث ثمن ما
في يده، فإذا أقر بعد ذلك برابعة، كان عليه ان يدفع إليها ربع ثمن ما في يده،
فإذا أقر بعد ذلك بخامسة، كان اقراره بها باطلا، وان أنكر واحدة ممن كان أقر
بها منهن، كان انكاره باطلا، ووجب عليه ان يغرم للتي أقر بها بعد ذلك ما
يجب لها، وان لم ينكر واحدة منهن، كان اقراره، بالخامسة باطلا، على ما قدمناه.
369 - مسألة: إذا أقر بأربع زوجات في وقت واحد، ما الحكم فيهن؟
الجواب: إذا كان كذلك، كان لجميعهن عليه الثمن، ويكون بينهن
بالسوية.
100

باب مسائل تتعلق بالعارية:
370 - مسألة: إذا استعار انسان بهيمة أو سيفا أو ما أشبه ذلك،
وضمنه، ثم رده إلى ملك صاحبه، مثل إعادة البهيمة إلى الاصطبل، أو السيف
إلى بيته، ولم يسلم ذلك إلى صاحبه ولا إلى وكيله، هل يبرأ من الضمان بإعادة
ذلك إلى ملكه كما ذكرناه أم لا؟
الجواب: لا يبرأه ذلك من الضمان، لأن الضمان انعقد بينه وبين صاحب
ذلك، فليس يبرأ منه الا بتسليمه إليه أو إلى وكيله، وأيضا فان الأصل شغل
الذمة بالعارية، وبرائته من ذلك تفتقر إلى دليل.
371 - مسألة: إذا كان راكبا بهيمة، واختلف هو ومالكها: فقال
الراكب لصاحبها: أنت أعرتنيها عارية مضمونة. وقال صاحبها: بل أكريتها منى،
ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على ما ذكر، كان القول، قول الراكب مع يمينه،
وعلى صاحبها البينة، لأنه يدعى اجرة الركوب، فان حلف راكبها أسقط الدعوى
عن نفسه، وان نكل عن اليمين ردت على صاحبها، فان حلف قضى له بالأجرة،
لان اليمين مع النكول بمنزلة الاقرار والبينة، وفى الناس من ذهب إلى أن القول،
قول صاحبها مع يمينه (1). فإن لم يحلف سقط حقه، ولا ترد على الراكب اليمين.

(1) وهو مختار الشافعي في أحد قوليه لاحظ خلاف الشيخ الطوسي ج 2 ص 164.
101

372 - مسألة: إذا استعار انسان من غيره شيئا، فآجره أو اعاره لاخر،
هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا تصح إجارة العارية ولا اعارتها، فاما الإجارة، فان المستعير
لا يملك منافعها بعقد الإجارة، واما اعارتها فلانه انما اذن له صاحبها في الانتفاع
بها، على وجه مخصوص، فليس له غير ذلك.
373 - مسألة: إذا كانت لانسان جارية، هل يصح له ان يعيرها
للاستمتاع بها أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان البضع لا يستباح بالاستعارة وانما يستباح
بعقد أو ملك، فان قيل: فعندكم انه يجوز بلفظة الإباحة، قلنا: هذا وإن كان
عندنا كذلك، فالمراد به العقد، ومتى عرى من العقد لم يصح.
374 - مسألة: إذا كانت في يده مزارعة ارض لغيره، واختلفا: فقال
صاحب الأرض: أكريتكها، وقال الزارع بل أعرتنيها، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا كذلك، كان القول، قول الزارع مع يمينه، وعلى
صاحب الأرض البينة، لأنه يدعى الكرى.
375 - مسألة: إذا كان انسان، راكب بهيمة لغيره، واختلف هو
ومالكها، فقال المالك: غصبتنيها، وقال الراكب: أعرتنيها، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: الحكم فيه، ان القول، قول الراكب مع يمينه، لان الأصل براءة
الذمة، وعلى المالك البينة على ما ادعاه من الغصب، لان دعواه لذلك (1)،
تتضمن دعوى الضمان للبهيمة، ولزوم الأجرة لراكبها بركوبه لها.

(1) وفى نسخة: لان إدعائه ذلك يتضمن
102

باب مسائل تتعلق بالوديعة:
376 - مسألة: إذا تعدى المودع في الوديعة ضمنها، فإذا ردها إلى حرزها،
هل زال عنه بذلك الضمان أم لا؟
الجواب: لا يزول الضمان عن المودع بذلك، لأنه قد ضمن بالتعدي،
واشتغلت ذمته بالضمان، وزوال الضمان بردها إلى الحرز، دون ردها إلى
صاحبها أو وكيله، يفتقر فيه إلى دليل، ولا دليل.
377 - مسألة: إذا شرط المودع على المودع أن تكون الوديعة مضمونة، هل
يصح ذلك أم لا؟
الجواب: إذا شرط المودع ذلك، كان الشرط باطلا، ولا يثبت ضمانها
بهذا الشرط، لقول رسول الله (ص): ليس على المستودع ضمان (1)، ولم يفصل،
ولأنه لا خلاف فيما ذكرناه الا من العنبري (2) وخلافه غير معتد به، لا سيما على
أصلنا في الاجماع.
378 - مسألة: هل للمستودع ان يسافر بالوديعة من غير عذر أم لا؟
الجواب: ليس له ان يسافر بها، لان عليه حفظها. وإذا سافر بها فإنه

(1) المستدرك ج 2 ص 506 ب 4 كتاب الوديعة ح 1 وسنن البيهقي ج 6 ص 289 كتاب الوديعة.
(2) هو: عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري من تميم قاض من الفقهاء العلماء بالحديث من أهل البصرة. قال ابن حيان:
من ساداتها فقها وعلما. ولى قضاءها سنة 157 ه‍ وعزل سنة 166 وتوفى فيها. لاحظ الاعلام تأليف خير الدين الرزكلي
ج 4 ص 192.
103

يحفظها في موضع لم تجر العادة بحفظ الودائع فيه، لان الطريق يحدث فيه الخوف،
فإذا هلكت مع ذلك كان عليه ضمانها، وأيضا فقد لزمه حفظها على الوجه الذي
جرت العادة بحفظ الودائع عليه، والقول بجواز السفر بها، يفتقر في صحته إلى
دليل، ولا دليل. وأيضا فان الطريق إذا كان يحدث فيه الخوف والخطر،
فالاحتياط يقتضي ترك السفر بها، فإن لم يحتط عليها بترك ذلك وهلكت، كان
عليه الضمان.
379 - مسألة: إذا أودع انسان عند غيره حيوانا ولم يأمره بسقيه ولا
اطعامه، ولا نهاه، هل يجب عليه اطعامه وسيقه أم لا؟
الجواب: يجب عليه ذلك، لان من المعلوم بالعادة، ان الحيوان متى منع
من ذلك تلف، وإذا أدي منعه من ذلك إلى هلاكه، كان الاحتياط يقتضي ان
ينفق على ذلك. ولان نفقة المودع عليها ليست ضائعة، لأنه يرجع بها على مالك
الوديعة.
380 - مسألة: إذا أودع عند غيره صندوقا، عليه قفل، وأمره بان لا ينام
عليه، ولا يزيده قفلا آخر مع القفل الذي هو عليه، ففعل ذلك أو شيئا منه،
هل يلزمه ضمان ذلك أم لا؟
الجواب: إذا فعل المودع ذلك أو شيئا منه، لم يجب عليه ضمان، لأنه
أضاف إليه حرزا آخر، وزاد في التحرز عليه تحرزا، وبالغ في ذلك، وهذا يجرى
مجرى قوله إذا أودعه وديعة، وأمره ان يضعها في قاعة داره (1) فوضعها في بيت
وأغلق عليها بابه، وجعل عليه قفلا، في أنه لا ضمان عليه لو هلكت.
381 - مسألة: إذا أودعه حنطة أو شعيرا أو دراهم أو دنانير، فخلطها بما
لا يتميز منه، مثل ان خلط الحنطة بحنطة والشعير بشعير والدراهم والدنانير بدراهم
ودنانير مثلها، هل عليه ضمانها أم لا؟
الجواب: عليه ضمانها، لأنه تعدى فيها بخلطها بما لا يتميز منه، ولا يمكن
اخذ المال بعينه منه.

(1) قاعة الدار: ساحتها، مجمع البحرين
104

382 - مسألة: إذا أودع عند غيره دنانير أو دراهم، فانفقها المودع ولزمه
بذلك الضمان فرد مكانها عوضها، هل يزول عنه الضمان أم لا؟
الجواب: لا يزول عنه الضمان، لان ذمته قد اشتغلت به في حال انفاقه
للمال بغير خلاف، وزواله برد العوض إلى مكانه يفتقر فيه إلى دليل، ولا دليل.
383 - مسألة: إذا كانت الوديعة عند انسان، وادعاها اثنان، فقال
المودع: لست اعلم صاحبها بعينه، وادعى كل واحد منهما انه عالم بذلك، هل
يجب عليه يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي، أو لكل واحد يمين؟
الجواب: ليس يلزمه غير يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي، لان في ضمن
هذه اليمين، انه لا يعلم أيهما صاحبها، ولا وجه ليمين أخرى، ولان الأصل براءة
الذمة وايجاب يمين أخرى يفتقر في صحته إلى دليل، ولا دليل.
384 - مسألة: المسألة: بعينها، إذا حلف المودع وأخرجت الوديعة من
يده، وبذل كل واحد من الاثنين المدعيين لها اليمين بأنها له، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، استعملت القرعة بينهما، فمن خرج
اسمه سلمت إليه، أو تقسم بينهما نصفين.
385 - مسألة: إذا أودع وديعة في شئ مشدود، أو كيس مختوم، فقطع
المودع الخيط، أو كسر الختم، أو خرق الكيس، أو الشد، هل يلزمه الضمان
أم لا؟
الجواب: يلزمه ضمان جميع الوديعة، لأنه بما فعله قد هتك الحرز. وإن كان
التخريق فوق الشد لم يلزمه غير الأرش لما نقص من خرقة الكيس أو الشد،
وإن كانت تحت الشد، كان عليه ضمان جميع الوديعة، سواء اخذها أو لم يأخذها.
386 - مسألة: إذا أودع عند غيره وديعة غير محرزة، مثل ان يناوله من
يده دنانير أو دراهم، أو تكون في صينية (1)، أو ما جرى مجرى ذلك، فاخذ
المودع منها دينارا أو درهما، هل يلزمه ضمان الجميع أم لا؟
الجواب: ليس يلزمه هاهنا غير ضمان ما اخذه دون غيره، لأنه لم يتعد في

(1) وفى نسخة: صلبة.
105

الباقي، ولا هتك له حرزا، بل هو على ما كان عليه، فلا يلزمه ضمانه.
387 - مسألة: إذا كان المودع لا يلزمه ضمان الوديعة في ذهب ولا
حريق ولا غريق ولا ما يجرى مجرى ذلك، فما القول فيه ان هلكت، وادعى هو
ان هلاكها كان بشئ من ذلك، وهل يقبل قوله فيما ادعاه من ذلك أم لا؟
الجواب: لا يقبل قوله فيما ادعاه، بل تلزمه إقامة البينة على هلاكها بما
ذكره، لان الوجوه التي ادعى هلاك الوديعة بها لا تخفى، ويمكن إقامة البينة عليها.
وكلما لا يخفى ويمكن ان تقام عليه البينة، تلزمه إقامة البينة عليه، وانما يكون
القول، قوله مع يمينه في الموضع الذي تتعذر عليه إقامة البينة، مثل ان يدعى انه
غصب ذلك أو سرق، أو تلف من يده.
388 - مسألة: إذا كانت عنده وديعة، فادعى ردها على صاحبها، وأنكر
صاحبها ذلك، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول، قول المودع مع يمينه له، لأنه أمينه.
106

باب مسائل تتعلق بالغصب:
389 - مسألة: إذا جنى انسان على حمار القاضي، جناية لا تسرى إلى
نفسه، هل يستوي هو وحمار الحطاب أو الزبال، أو ما جرى مجرى ذلك، في أرش
العيب أم لا؟
الجواب: الحماران في ذلك سواء، وليس لحمار القاضي في ذلك مزية
على حمار غيره، لان الأصل براءة الذمة، والقدر الذي ذكرناه متفق على لزومه،
وعلى من يدعى الزيادة على ذلك، الدليل.
390 - مسألة: إذا غصب انسان جارية لغيره، فزادت في يده، بصنعة أو
سمن أو تعلم قرآن، وازداد بذلك ثمنها، ثم ذهب ذلك في يده، مثل أن تكون
نسيت الصنعة أو القرآن، أو هزلت بعد السمن حتى عادت على ما كانت عليه
وقت الغصب هل عليه ضمان ذلك أم لا؟
الجواب: على الغاصب ضمان هذه الزيادة، لأنها حدثت في يده
مضمونة، وإذا زالت وهي في يده، كان عليه الضمان.
391 - مسألة: إذا غصب جارية حاملا فأسقطت، أو حايلا فحملت
عنده، ونقص ذلك من ثمنها، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟
الجواب: عليه ضمان ما نقص، لان ذلك حدث عنده مضمونا، كما قلناه
في المسألة المتقدمة على هذه المسألة سواء.
392 - مسألة: إذا غصب جارية تساوى مأة، وسمنت فصارت تساوى
107

ألفا، وتعلمت القرآن، أو صنعة، فصارت تساوى الفين، ثم هزلت فعادت إلى ما
كانت، ما الذي يجب عليه؟
الجواب: الذي يجب عليه الغاصب، ردها إلى مالكها مع الف وتسع مأة،
لان ذلك زيادتان، يضمن كل واحدة منهما على الانفراد فإذا اجتمعتا ضمنتا.
393 - مسألة: إذا غصب جارية سمينة قيمتها لفرط سمنها مأة، فهزلت
وحسنت، فصارت تساوى ألفا (1)، ولم ينقص من قيمتها شئ، ما الذي يجب
عليه؟
الجواب: الذي يجب عليه ردها إلى مالكها على ما هي عليه، ولا يلزمه
غير ذلك، لأنه لم ينقص منها شئ له قيمة فيضمن ذلك.
394 - مسألة: إذا غصب جارية قيمتها الف، فسمنت فعادت إلى مأة،
ثم هزلت فصارت تساوى الألف، ما الواجب عليه؟
الجواب: الواجب عليه ردها إلى مالكها بحالها، ولا يلزمه غير ذلك، لأنه
لم ينقص منها ما له قيمة فيضمنها، كما قلناه في المسألة المتقدمة.
395 - مسألة: إذا غصب مملوكا يساوى مأة، فخصاه فصار يساوى
الفين، ما الحكم فيه؟
الجواب: عليه رده إلى مالكه، ويرد معه قيمة الخصيتين، لأنه ضمان
مقدر
396 - مسألة: إذا غصب جارية بكرا أو ثيبا ووطأها، وأتت بولد، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا وطأها وهما جاهلان بالتحريم، مثل ان يكونا قريبي عهد
بالاسلام، أو لبعدهما عن ديار الاسلام ويعتقدان الملك بالغصب، فإنه لا حد
عليهما لقول النبي (ص): ادرؤا الحدود بالشبهات (2) والمهر واجب على الواطي،
لأنه وطأ بشبهة، فإن كانت بكرا، كان عليه عشر قيمتها. وإن كانت ثيبا، لم

(1) وفى نسخة: الفين.
(2) عوالي اللئالي ج 3 ص 545 باب الحدود ح 1
108

يلزمه غير المهر، وعليه اجرة مثلها من وقت القبض إلى وقت الرد، لان المنافع
تضمن بالغصب، فاما الولد، فيلحق نسبه بالواطي، لأنه أحبلها بوطأ شبهة،
فيكون الولد حرا، وإذا وضعته كان عليه ما نقصت بالوضع، لأنها مضمونة باليد
الغاصبة، ولان سبب النقص منه، فلزمه ضمان ذلك، وإذا وضعته، كانت عليه
قيمته، لأنه كان من حقه ان يكون مملوكا لسيدها، فإذا حررناه كانت عليه قيمته
ووقت التقويم، يوم يسقط فيه حيا؟ لأنه الوقت الذي حال بين السيد وبين
التصرف فيه، لأنه قبل ذلك لم يملك التصرف فيه.
وان وضعته ميتا، لم يكن عليه ضمان، لأنه لا يعلم حيا قبل هذا، ولأنه
ما حال بينه وبين سيده في وقت التصرف.
وان كانا عالمين بالتحريم، كان عليهما الحد، لان ذلك منهما زنا، فإن كانت
بكرا، كان عليه عشر قيمتها وهو أرش البكارة، لأنه أتلف عليه جزءا،
وعليه اجرة مثلها من وقت القبض إلى وقت الرد.
وان أكرهها، كان عليه المهر، لان المكرهة لها المهر عندنا، وإن كانت
طاوعته، لم يكن لها مهر، لأنها زانية، وان حملت وأتت بولد، لم يلحق به
النسب، لأنه عاهر، لقول النبي (ص): وللعاهر الحجر (2)، ولأنها حملت من
زنا، وإذا وضعت الولد، كان عليه ما نقصت بالولادة، وان وضعته حيا كان
مملوكا مغصوبا في يده مضمونا، وإن كان قائما رده، وإن كان تالفا، كانت عليه
قيمته أكثر مما كانت من وقت قيمة الوضع إلى وقت التلف (3)، وان وضعته
ميتا، لم تلزمه قيمته.
وإن كانت هي عالمة بالتحريم وهو جاهل وأكرهها على ذلك، الحكم
فيه كما لو كانا جاهلين وقد تقدم ذلك، وان طاوعته فالحكم فيه كالحكم في
كونهما جاهلين الا في الحد وسقوطه عنها ولزوم المهر، فإن كانت جاهلة وهو
عالم، فالحكم فيه كما لو كانا عالمين الا في سقوط الحد عنها ولزوم المهر.

(1) وفى نسخة: فيلحق بشبهة بالواطي
(2) عوالي اللئالي ج 2 ص 132 ح 359.
(3) وفى نسخة: كانت عليه قيمته أكثر ما كانت قيمته من وقت الوضع إلى وقت التلف.
109

397 - مسألة: إذا غصب انسان ثوبا، وشقه نصفين، وتلف أحدهما، ما
الحكم في ذلك؟ الجواب: إذا فعل الغاصب ذلك، كان عليه رد ما بقى من الثوب،
وقيمة التالف أكثر ما كانت قيمته إلى وقت التلف، لأنه لو أتلف جميعه، كانت
قيمته عليه أكثر ما كانت قيمته إلى وقت التلف، فإن كان الثوب مما لا ينقص
بالشق، كالثياب الغليظة، رد الباقي وقيمة التالف، فإن كان الثوب مما ينقص
بذلك كالديبقي والمسرب وما أشبه ذلك، كان عليه رد الباقي وقيمة التالف
أكثر ما كانت قيمته إلى وقت الشق وما ينقص بالشق، لان نقصانه بذلك كان
بجنايته عليه، ولذلك يضمن كلا الامرين.
398 - مسألة: إذا غصب عصيرا، فصار خمرا، ثم عاد بعد ذلك خلا، ما
الذي يلزمه؟
الجواب: الذي يلزمه رد ذلك، ولا يلزمه غيره، لأنه عين المال
المغصوب.
399 - مسألة: إذا غصب غيره خفين، قيمتهما عشرة، وتلف أحدهما،
فصارت قيمة الباقي ثلاثة، ما الذي يجب عليه؟
الجواب: الذي يجب على الغاصب رد الخف الباقي إلى المالك، ويرد معه
سبعة: منها قيمة التالف خمسة، ومنها اثنان لنقصان التفرقة.
400 - مسألة: إذا غصب أرضا لغيره وغرس فيها، ما الذي يجب عليه
من ذلك؟
الجواب: يلزمه نقل ما غرسه في الأرض منها، وردها إلى مالكها فارغة،
لقول النبي (ص): ليس لعرق ظالم حق (1)، وتلزمه اجرة مثلها من وقت قبضها
إلى وقت ردها إلى مالكها، لان المنافع تضمن بالغصب، ويلزمه ما ينقص الأرض
بقلع ما ابنته فيها، وتسويتها كما كانت، لان ما يفسده منها بذلك انما فسد
بجنايته.

(1) عوالي اللئالي ج 2 ص 257 باب الديون ح 6
110

401 - مسألة: إذا غصب جارية وهلكت في يده، واختلف هو ومالكها
في قيمتها، وقال سيدها: مأة وقال الغاصب: خمسون، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول في ذلك، قول الغاصب مع يمينه، لان الأصل براءة
الذمة، ولقول النبي (ص): البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (1)،
والغاصب منكر، والقول قوله مع يمينه، وعلى سيدها البينة، لما ذكرناه.
402 - مسألة: إذا غصب غيره شيئا واختلفا، فقال المالك: غصبتني
عبدا أو جارية، وقال الغاصب: بل غصبتك ثوبا، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول، قول الغاصب مع يمينه، لمثل ما قدمناه قبل هذه المسألة،
ولان الغاصب معترف بما لا يدعيه المدعى، وهو الثوب، وهو ينكر ما ادعى عليه
به من العبد أو الجارية، فالقول قوله، كما ذكرناه، وعلى المدعى، البينة على ما
يدعيه من العبد أو الجارية.
403 - مسألة: إذا غصب غيره جارية وهلكت في يده، واختلف هو
ومالكها، فقال الغاصب: كانت جذماء أو برصاء، وقال المالك: بل كانت
سليمة من العيوب، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول في ذلك، قول المالك مع يمينه، لان الأصل السلامة،
والغاصب مدع لخلاف الظاهر، فعليه البينة.
404 - مسألة: المسألة بعينها، إذا اختلفا فيها، فقال المالك: كانت تقرأ
القرآن، أو كانت صانعة، وأنكر الغاصب ذلك، ما الحكم فيه.
الجواب: القول قول الغاصب مع يمينه، لان الأصل، ان لا قرائة ولا
صنعة، وعلى مالكها البينة، لأنه مدع لذلك.
405 - مسألة: إذا غصب غيره مالا (بطرابلس الشام) واجتمع به في
(مكة)، هل تجوز له مطالبته به أم لا؟
الجواب: إذا كان هذا المال مما لا مؤنة في نقله، كالدنانير والدراهم،
فإنه لا مؤنة بمجرى العادة في نقلها، كانت له مطالبته بالمال، وإن كان مما في

(1) الوسائل ج 18 ص 171 ب 3 أبواب كيفية الحكم ح 5
111

نقله مؤنة، وله مثل كالحبوب والادهان، وكانت القيمتان في البلدين سواء،
كانت له مطالبته بذلك بالنقل، لأنه لا مضرة عليه في ذلك، وإن كانت
القيمتان مختلفتين، فالحكم فيما له مثل وفيما لا مثل له سواء. فللمغصوب منه إما
ان يأخذ من الغاصب (بمكة) قيمته (بطرابلس) واما ان يترك ذلك حتى
يستوفيه منه (بطرابلس) من الغاصب، لان في النقل مؤنة والقيمة مختلفة،
وليست له المطالبة بالفضل.
406 - مسألة: إذا غصب من غيره ثوبا وزعفرانا، وصبغ الثوب بذلك
الزعفران، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا فعل الغاصب ذلك، كان المغصوب منه مخيرا، بين ان
يأخذه كذلك، وبين ان يعتبر فيه التقويم، وان أراد اخذه على ما هو عليه، كان
له ذلك، لأنه رضي به، نقص أو لم ينقص، فان اعتبر التقويم، فقوم، فلم يزد ولم
ينقص، مثل أن تكون قيمة الثوب عشرة، وقيمة الزعفران عشرة، وكان الثوب
بعد الصبغ يساوى عشرين، لم يكن للمغصوب منه شئ غير ذلك، وان نقص
فصار ذلك مثلا يساوى خمسة عشر، فعليه ضمان ما ينقص، لأنه نقص بفعله.
وان زاد فصارت قيمته ثلاثين، كانت الزيادة للمالك، وليس للغاصب
منها شئ، لأنها آثار أفعاله لا أعيان أمواله.
407 - مسألة: إذا غصب غيره عسلا وشيرجا (1)، أو سمنا ودقيقا،
وعقد ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: القول في هذه المسألة، كالقول في المتقدمة لها سواء.
408 - مسألة: إذا غصب غيره نقرة فضربها دراهم، أو حنطة فطحنها، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا فعل الغاصب ذلك، كان عليه رد ذلك إلى المالك، لأنها
عين ماله، ولا يلزمه رد ما نقص.
409 - مسألة: إذا غصب غيره خشبة، فنشرها ألواحا، ما الذي يجب

(1) الشيرج: معرب شيره وهو دهن السمسم.
112

عليه في ذلك؟
الجواب: إذا فعل ذلك، كان عليه رد الألواح إلى المالك، لأنها عين
ماله، وان نقصت قيمة الخشب بذلك، كان عليه أرش النقص، وان لم ينقص
لم يكن عليه شئ، وإذا زادت القيمة كانت للمالك.
410 - مسألة: إذا غصب من غيره شاة، وامر غيره بذبحها، فذبحها، هل
له مطالبة الامر بها، أو الذابح، أو بهما جميعا؟
الجواب: ان شاء مالك الشاة اخذها مذبوحة، كان له ذلك (1)، وله
ما بين قيمتها حية ومذبوحة، ويطالب بذلك من شاء منهما، وان طالب
الغاصب، كان له ذلك، لأنه سبب الذبح، وان طالب الذابح، كان ذلك أيضا
له، لأنه باشر الذبح بنفسه، وان طالب الغاصب، لم يكن له رجوع على الذابح
بشئ، لان الذابح انما ذبحها له، وان طالب الذابح، كانت للذابح مطالبة
الغاصب بذلك، لأنه ناب في ذلك عنه، وكانت يده يد نيابة عنه في ذلك.
411 - مسألة: إذا غصب غيره طعاما، واطعمه غيره، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا كان الاكل له مالكه، وهو عالم به، برأت ذمة الغاصب
منه، وإن كان الاكل له غير مالكه، كان للمالك ان يضمن من شاء منهما، وان
ضمن الغاصب، كان له ذلك، لأنه حال بينه وبين ماله، وان طالب الاكل،
كان له ذلك، لأنه اكل مال غيره بغير حق، ولأنه أيضا قبضه من يد ضامنة.
412 - مسألة: إذا غصب غيره حطبا، وقال له المغصوب منه: أسجر به
التنور (2)، واخبز الخبز به، هل يزول الضمان عن الغاصب له أم لا؟
الجواب: ضمان ذلك لازم له، ولا يزول الضمان عنه بلا خلاف.
413 - مسألة: إذا فتح انسان مراح الغنم (3) فخرجت منه ودخلت
زرعا فأفسدته، هل ضمان الزرع على الذي فتح المراح، أو على مالك الغنم؟
الجواب: ضمان ذلك على فاتح المراح بلا خلاف.

(1) وفى نسخة: ان شاء مالك الشاة اخذها مذبوحة، اخذها وكان له ذلك.
(2) أسجر التنور: أوقده.
(3) المراح بالضم: مأوى الغنم والبقر والإبل، من الراحة.
113

414 - مسألة: إذا حل راوية، أو رأس زق (1) فانهرق ما فيه، ما الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا كان الذي في الرواية أو في الزق مائعا كالدهن والخل وما
أشبه ذلك، وكان خروجه بحله، مثل ان يكون قد القى على الأرض، وليس
يمسكه غير الشد، كان عليه الضمان بغير خلاف، لأنه خرج بفعله، وان جرى بعد
الحل بسبب كان منه، مثل ان يكون مشتدا (2) معتدلا، فلما حل جرى بعضه،
فخف هذا الجانب وثقل جانب الأخر، فوقع واندفق، أو نزل ما جرى إلى تحته،
فلانت الأرض (3)، ومال الزق فوقع، فاندفق ما فيه، كان عليه الضمان أيضا،
لأنه بسببه
وان اندفق بعد حله بفعل، حدث مثل ان يكون مشتدا فحله، فبقى
كذلك محلولا على ما كان عليه، وحدث ما حركه، من زلزلة أو ريح، فوقع
فاندفق، فان السبب يسقط حكمه، لأنه قد حصلت مباشرة وسبب غير ملج (4)،
فسقط حكم ذلك بغير خلاف.
وإن كان ما فيه جامدا، كالعسل والسمن والدقيق، وكان الزق أو
الراوية على صفة، لو كان ما فيه مائعا لم يخرج وبقى بحاله، فذاب ما فيه واندفق
بسبب آخر، لم يكن عليه ضمان، وإن كان على صفة لو كان ما فيه مائعا خرج
ثم ذاب بحرارة الشمس، وخرج كان عليه الضمان، لان خروجه بسبب كان
منه، لأنه حل الزق أو الراوية، ولم تحدث بعد الحل مباشرة من غيره، وانما ذاب
بحرارة الشمس، وإذا لم يحدث فعل بعد حله، كان خروجه بسبب فعله.
415 - مسألة: إذا أدخلت شاة رأسها في قدر باقلائي، ولم يمكن اخراجه
منه، هل يقطع رأسها أم لا؟
الجواب: إذا كانت يد صاحب هذه الشاة عليها، ذبحت ولم يكسر القدر،
.

(1) الراوية: هي المزادة من جلد فيها الماء وكذا الزق، مع تفاوت بينهما.
(2) في بعض النسخ: مستندا وكذا فيما يأتي.
(3) لان: ضد غلظ.
(4) مخفف ملجئ، والسبب الملجئ ما يترتب عليه المسبب لا محالة
114

لان التفريط في ذلك من صاحبها، ويجرى ذلك مجرى مباشرته هو لادخال رأسها
في القدر في أنه يجب ما ذكرناه، لان التفريط منه. وان لم تكن يده عليها، وكان
الباقلائي مفرطا، مثل ان وضع القدر في الطريق، فان القدر يكسر، ولا ضمان
على صاحب الشاة في كسره، لان التفريط من جهته.
وان لم يكن واحد منهما مفرطا، مثل أن تكون الشاة سائرة لنفسها في
الطريق، وقد ترك الباقلائي القدر في ملكه، ومرت الشاة بالقدر، فأدخلت رأسها
فيه، فان القدر ليكسر، والضمان على صاحب الشاة، لأنه كسر لاستصلاح ما
له (1).
416 - مسألة: إذا كان للانسان فصيل، فدخل دارا، وبقى فيها حتى
كبر، وصار لا يمكن خروجه من باب هذه الدار الا بهدمه، ما الحكم فيه؟
الجواب: إن كان التفريط في ذلك من صاحب الدار مثل ان غصبه،
وادخله داره، وبقى فيها حتى صار كبيرا، وجب هدم الباب واخراجه (2)،
وكان ضمان الهدم على صاحب الدار، لان التفريط من جهته. وإن كان
التفريط من صاحب الفصيل، مثل ان يكون هو ادخله فيها، فضمان هدم الباب
عليه، لان التفريط منه، ولان هدم الباب لمصلحة ملكه.
وان لم يكن واحد منهما مفرطا، كان الضمان في هدم الباب على صاحب
الفصيل، لان هدمه يكون لمصلحة ملكه.
417 - مسألة: إذا حصل في محبرة (3) انسان دينار لغيره، ولم يمكن
اخراجه الا بكسرها، ما الحكم فيه؟
الجواب: جواب هذه المسألة، كالجواب عما تقدمها، في التفريط وغيره
سواء.
418 - مسألة: إذا دخل سارق حرزا، فذبح به شاة، قيمتها دينار (4)،
.

(1) وفى نسخة: شاته.
(2) وفى نسخة: لاخراجه.
(3) المحبرة: موضع الحبر الذي يكتب به.
(4) وفي نسخة: دراهم
115

فلما ذبحها صارت تساوى درهمين، ثم أخرجها، ما حكمه في القطع وغيره؟
الجواب: إذا أخرجها وهي تساوى درهمين، لم يكن عليه قطع، لان
القطع، انما يجب باخراج نصاب، أو قيمة ذلك، وهذا أخرج (1) ما قيمته أقل
من النصاب، فلا قطع عليه، واما الباقي ففي ذمته، ولا تقطع أيضا بما يكون في
ذمته.
419 - مسألة: إذا غصب فحلا من الضأن، فأنزاه (2) على شاة لنفسه،
ما الحكم في الولد، وفي نقص الفحل ان لحقه نقص بذلك، وهل يستحق على
ذلك اجرة أم لا؟
الجواب: إذا فعل الغاصب ذلك، كان الولد لصاحب الشاة، لان الولد
يتبع الام، فاما نقص الفحل ان لحقه نقص من الضراب، فضمان ذلك على
الغاصب، لأنه حدث بتعديته، فاما الأجرة، فساقطة، لان النبي (ص) نهى عن
كسب الفحل (3).
420 - مسألة: إذا غصب شاة، فأنزى عليها فحلا لنفسه، واتت بولد، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا فعل ذلك، كان الولد لصاحب الشاة، على ما قلناه قبل
هذه المسألة. وإن كان الفحل قد لحقه بالضراب نقص، لم يكن على مالك الشاة
من ذلك شئ، لأنه حدث بتعدي نفسه (4)، وما كان كذلك فلا يصح ان
يرجع به على غيره.
421 - مسألة: إذا ادعى انسان دارا في يد غيره، فاعترف ذلك الغير له
بدار مبهمة ولم يعينها، ومات قبل ان يعينها، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا ادعى ذلك، واعترف له المدعى عليه بدار مبهمة، ومات
قبل ان يعينها، قيل لوارثه: بين أنت الدار، فإذا امتنع ولم يبين، قيل للمدعى:
.

(1) وفي نسخة: اخراج ما.
(2) نزى الفحل على الأنثى: وثب عليها وركبها.
(3) الوسائل ج 12 ص 77 - ب 12 - أبواب ما يكتسب به ح 3: نهى رسول الله (ص) عن عسيب الفحل.
(4) وفى نسخة: بتعدية صاحبه
116

بين أنت الدار، فان عين دارا، وقال: هذه هي التي ادعيتها، وهي التي أقر لي
بها المتوفى. سئل الوارث عن ذلك، فان صدقه، سلمت الدار إليه، وان لم يصدقه،
كان القول قول الوارث مع يمينه، فإذا حلف سقط تعيين المدعى في الدار التي
عينها، وقيل للوارث: إن أنت بينت الدار التي أقر بها أبوك، والا حبست حتى
يتبين ذلك.
422 - مسألة: إذا غصب غيره مملوكا، ثم أعاد إلى مالكه وهو أعور،
واختلفا، فقال مالك العبد: أصيبت عينه عندك. وقال الغاصب. بل عندك.
وكان العبد حيا، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا كذلك، كان القول قول الغاصب مع يمينه، لأنه
غارم، وإن كان ميتا وقد دفن، كان القول قول سيده مع يمينه انه لم يكن أعور.
والفرق بين الوجهين، انه إذا مات ودفن، الأصل السلامة، حتى يعرف عيب،
وكان القول قول سيده مع يمينه، وليس كذلك إذا كان حيا، لان العور حاصل
مشاهد، والظاهر أنه لم يزل (1) حتى يعرف حدوثه عند الغاصب.
423 - مسألة: إذا غصب غيره مملوكا ومات المملوك، ثم اختلفا، فقال
الغاصب: رددته حيا ومات في يدك. وقال سيده للغاصب: بل مات في يدك
وأقام كل واحد منهما بينة، وتقابلت البينتان، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا تقابلت البينتان سقطتا وبقيتا على الأصل وهو بقاء المملوك
عنده حتى يعلم أنه رده إلى مالكه.
424 - مسألة: إذا غصب غيره عبدا قيمته الف، فزاد في يده، فصار
يساوى الفين، ثم قتله انسان آخر، وهو في يد الغاصب، هل لسيد العبد الرجوع
بالألفين - اللذين هما قيمة العبد - على الغاصب، أو على القاتل، أو عليهما، أو
لا يرجع على أحد منهما؟
الجواب: للسيد الرجوع بقيمة العبد على من شاء منهما، فان رجع على
الغاصب، رجع الغاصب على القاتل، لأن الضمان استقر عليه أيضا.
.

(1) لعل معناه: لم يزل موجودا قبل الغصب
117

425 - مسألة: إذا غصب غيره عبدا أمرد، فنبتت لحيته، فنقص ثمنه، أو
كان رجلا شابا فابيضت لحيته، أو جارية ناهدا (1) فسقطت ثدياها، هل عليه
ضمان ما نقص من ذلك أم لا؟
الجواب: عليه ضمان ذلك، لأنه نقصان حصل في يده، وأيضا فان
بالتزام ذلك تبرأ ذمته بيقين، فالاحتياط يقتضي الزامه ذلك.
426 - مسألة: إذا غصب لثلاثة رجال ثلاثة أجناس: عسل وشيرج
ودقيق، وطبخ الجميع خبيصا (2)، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا فعل ذلك، وجب ان يقوم كل واحد من هذه الأجناس،
ويباع ويدفع ثمنه إلى صاحبه، فان أراد الكل ذلك، اخذ كل واحد منهم من
هذا الخبيص بقيمة ما له.

(1) نهدت الجارية: ارتفع وكعب ثدياها.
(2) الخبيص: الطعام المعروف
118

باب مسائل تتعلق بالشفعة:
427 - مسألة: إذا كانت الشفعة (1) قد وجبت للشفيع، ولم يعلم بها
حتى تقايلا، هل للشفيع ابطال الإقالة، ورد المبيع إلى المشتري، واخذ ذلك
بالشفعة أم لا؟
الجواب: للشفيع ذلك لان حق الشفعة، ثبت على وجه لا يملك
المتعاقدان اسقاطه.
428 - مسألة: إذا باع أحد الشريكين شقصا له (2) بشرط الخيار، وعلم
الشفيع بذلك، ثم باع نصيبه بعد العلم بما ذكرناه، هل تبطل شفعته أم لا؟
الجواب: إذا كان كذلك، فالشفعة المذكورة تسقط ها هنا، لأنه انما
استحقها بالملك، وإذا كان الملك الذي استحقها به قد زال بعد العلم بالبيع
المذكور، لم تكن له شفعة.
429 - مسألة: إذا ادعى البايع البيع، وأنكر المشتري وحلف، هل
تثبت للشفيع شفعة أم لا؟
الجواب: الشفعة ثابتة هاهنا، وللشفيع اخذها من البايع، لان البايع
معترف بحقين: الواحد منهما عليه، وهو حق الشفعة، والاخر على المشتري،
فلا يقبل قوله على المشتري، لان الحق له. وقبلنا قوله للشفيع، لأنه حق عليه.
.

(1) وفى نسخة: السلعة.
(2) الشقص: النصيب في العين المشتركة من كل شئ. مجمع البحرين
119

430 - مسألة: إذا كان الشفيع وكيلا في البيع للبايع، ووكيلا في
الشراء للمشتري، هل تسقط شفعته لذلك أم لا؟
الجواب: لا تسقط شفعته لكونه وكيلا في ذلك، لأنه لا مانع من وكالته
لهما، ولا دليل في الشرع يدل على سقوط حقه من الشفعة بذلك.
431 - مسألة: إذا اشترى شقصا فيه عيب ولم يعلم به، وقبضه الشفيع
منه بالشفعة، وهو عالم بالعيب، هل للمشتري رده على البايع بالعيب، أو مطالبته
بالأرش أم لا؟
الجواب: ليس للمشتري شئ من ذلك، بعد قبض الشفيع للشقص
بالشفعة، لأنه قد خرج عن ملكه، وليس للشفيع الرد، لأنه دخل على العلم
بالعيب.
432 - مسألة: إذا اشترى شقصا، وقبض منه بالشفعة، فظهر بعد ذلك،
ان الدنانير التي دفعها المشتري إلى البايع ثمنا للشقص، ليست للمشتري، بل هي
لغيره، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في هذه المسألة، فليس يخلو الشراء
من أن يكون بثمن معين، أو بثمن في الذمة، فإن كان بثمن معين، مثل أن يقول
المشتري للبايع: بعني بهذه الدنانير، فالشراء لا يصح، لان الأثمان عندنا كالثياب
في أنها تتعين بالعقد، وإذا كان الشراء لا يصح، بطلت الشفعة، لان الشفيع انما
يملك من المشتري ما يملك بعد صحة العقد ولم يملك هاهنا شيئا، لان البيع لم
يصح.
وإن كان الشراء بثمن في ذمة المشتري، فهو والشفعة صحيحان ماضيان،
ويأخذ المستحق الثمن، ويطالب البايع المشتري بالثمن، لان الثمن في ذمته، فإذا
دفع إليه ما لا يملكه، لم تبرأ ذمته، وكان البايع يطالبه بالثمن.
433 - مسألة: إذا أسقط البايع عن المشتري بعض الثمن، وانحط ذلك
عنه، هل ينحط عن الشفيع أم لا؟
120

الجواب: إذا أسقط البايع عن المشتري ذلك (1)، لا يخلو من أن يكون
قبل لزوم العقد، أو بعده، فإن كان قبل لزومه، مثل ان حطه عنه في مدة خيار
المجلس أو الشرط، كان ذلك حطا من حق المشتري والشفيع، لان الشفيع يأخذ
الشقص (2) بالثمن الذي استقر عليه العقد، وهذا هو الذي استقر العقد عليه.
وإن كان هذا الحط، بعد انقضاء مدة الخيار ولزوم العقد وثبوته، لم
يلحق بالعقد ويكون هبة مجددة من البايع للمشتري، ولا فرق في ذلك، بين حط
بعض الثمن أو جميعه، ولا ينحط من الشفيع.
434 - مسألة: إذا اختلف شريكان في دار، ويدهما عليها، فقال الواحد
منهما للاخر: ملكي فيها قديم، وأنت مبتاع لما في يدك الان منها، وأنا استحقه
عليك بالشفعة، وأنكر الأخر، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أنكر هذا الخصم ما ادعى عليه به، كان القول، قوله مع
يمينه، ولا يستحلف الا على أنه لا يستحق ذلك عليه بالشفعة، ولا يستحلف على أنه
ما ابتاعه، لأنه يمكن ان يكون اشتراه، فقد سقطت الشفعة بعد ذلك بعقد أو
غير عقد، فلا يجب ان يستحلف الا على ما ذكرناه.
ولو أجاب، بأن قال: ما اشتريته، لم يحلف الا على ما قدمناه، ولا يحلف
على أنه ما اشتراه (3).
435 - مسألة: إذا قبض الشفيع الشقص بألف، وثبتت للبايع بينة بان
المشتري اشتراه منه بالفين. وقبضها منه، هل للمشتري الرجوع على الشفيع
بالألف الأخر، أم لا؟
الجواب: ليس للمشتري الرجوع على الشفيع بشئ، لأنه إما أن يقول:
انني اشتريتها بألف والامر على ما قلت، أو يقول: نسيت انني ابتعتها بالفين. فان
قال بالأول، لم يكن له الرجوع عليه، لأنه يقول: البايع ظلمني بألف، ولا ارجع
بذلك على الغير. وان قال: ما اشتريت الا بالفين الا انني نسيت، فأخبرت باني
.

(1) وفى نسخة: اسقاط البايع.
(2) وفى نسخة: يأخذ من حق الشقص.
(3) وفى نسخة: ولا يحلف الا على ما اشتراه
121

اشتريت بألف، لم يقبل ذلك منه، لأنه يدعى على غيره، كما إذا أقر بالفين، ثم
قال: ما كان له على الا الف وانما نسيت فقلت: الفين، لم يقبل قوله على المقر
له، لأنه يريد اسقاط حق غيره بهذا القول، فلا يقبل منه ذلك.
436 - مسألة: إذا كانت الدار لاثنين، ويد كل واحد منهما على نصفها،
فادعى انسان آخر على أحدهما بما هو في يده، وقال: النصف الذي في يدك، لي
فصالحت عليه بألف، هل تجب الشفعة للاخر أم لا؟
الجواب: لا تثبت عندنا ها هنا شفعة، لان الصلح، عندنا ليس ببيع، ومن
يقول: إنه بيع يجيز ذلك (1)، ولا غرض لنا في ذكر مذهب المخالف.
437 - مسألة: إذا اشترى انسان شقصا، ووجد به عيبا وأراد رده على
البايع، هل للشفيع منعه من ذلك، أم لا؟
الجواب: إذا كان كذلك، فللشفيع منع المشتري من الرد بالعيب، لان
حق الشفيع أسبق، لأنه وجب بالعقد، وحق الرد بالعيب بعده، لأنه وجب في
وقت العلم بالعيب، فإن لم يعلم الشفيع بذلك حتى رده المشتري بالعيب، كان
له ابطال الرد، والمنع من الفسخ، لأنه تصرف فيما فيه ابطال الشفعة، كما قدمناه،
وإذا تقايلا، ثم علم بالعيب، ان له ابطال الإقالة، فرده إلى المشتري.
438 - مسألة: إذا كانت الدار بين شريكين، فقال الشفيع للمشتري:
اشتر نصيب شريكي، فقد نزلت عن الشفعة وتركتها لك. ثم اشترى المشتري
ذلك على هذا الشرط، هل تسقط شفعة الشفيع بذلك أم لا؟
الجواب: لا تسقط شفعة الشفيع بذلك، وله المطالبة بها، لأنه انما يستحق
الشفعة بعد العقد، فإذا عفا قبل ذلك لم يصح، لأنه يكون قد عفا عما لم يجب له،
ولا يملكه، فلا يسقط حقه حين وجوبه بذلك.
439 - مسألة: الدار إذا كان نصفها طلقا، ونصفها وقفا، فباع مالك
الطلق ذلك، هل لأهل الوقف، الشفعة في ذلك أم لا؟
الجواب: ليست لأهل الوقف في هذا المبيع شفعة بلا خلاف.
.

(1) نسبه في الجواهر إلى الشيخ لاحظ جواهر الكلام ج 26 ص 212
122

440 - مسألة: إذا كان ثمن الشقص خمسين، فاشتراه بمأة، ثم اعطى
البايع بدل المأة ما قيمته خمسون، وباعه إياه بمأة، هل تثبت للشفيع بذلك شفعة
أم لا؟
الجواب: لا تثبت ها هنا للشفيع شفعة، لأنه انما يأخذ بثمن الشقص
لا ببدل منه (1).
441 - مسألة: إذا كان الثمن جزافا مشارا إليه، وحلف المشتري انه
لا يعلم مبلغه، هل تصح الشفعة بذلك أم لا؟
الجواب: لا تثبت الشفعة ها هنا، لان الثمن شئ لا يعلم مبلغه، وليس
يمكن اخذ الشفعة بشئ مجهول.
442 - مسألة: إذا اشترى انسان من غيره شقصا، من ارض أو دار
بمملوك، وقبض الشقص، ولم يسلم المملوك [هل للشفيع ان يأخذه منه بقيمة أو
بغير قيمة] (2) كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان للشفيع الاخذ بقيمة المملوك، فان قبضه
ثم هلك المملوك في يده، بطل البيع، ولم تبطل الشفعة في الشقص، ولزمت
البايع قيمة الشقص وقت قبضه، ووجبت على الشفيع قيمة المملوك في الوقت
الذي كان فيه بيعه، لان ثمن الشقص إذا لم يكن له مثل، وجبت القيمة فيه في
وقت البيع.
.

(1) وفى نسخة: لا ببدل ثمنه.
(2) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية
123

باب مسائل تتعلق بالمضاربة:
443 - مسالة: إذا دفع انسان إلى حائك (1) غزلا، فقال له: انسج
ثوبا أو إزارا على أن يكون الفضل بيننا، هل يكون ذلك مضاربة صحيحة أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك مضاربة صحيحة، لان المضاربة لا تكون الا
بالأثمان التي هي الدنانير والدراهم، ويختلط المالان. وانما قلنا هذا، لأنه
لا خلاف في أن ما ذكرناه مضاربة صحيحة، وليس كذلك ما يخالفه، وإذا دفع
هذا الانسان إلى الحائك ما تضمنت هذه المسألة ذكره، كانت له اجرة مثله على
ما عمله، ويكون الثوب أو الازار لصاحب الغزل، لأنه عين ما له.
444 - مسألة: إذا دفع إلى غيره ثوبا، وقال له: بعه، فإذا قبضت ثمنه،
فقد قارضتك عليه، هل يكون قراضا صحيحا أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك قراضا صحيحا، لأنه بمال مجهول، وانما قلنا
ذلك، لأنه لا يعرف كم قيمته في وقت العقد.
445 - مسألة: إذا دفع (زيد) إلى (عمرو) الفين منفردين، فقال:
أحدهما قراض على أن يكون الربح من هذا الألف لي، وربح الأخر لك، هل
يكون ذلك قراضا صحيحا أم لا؟
الجواب: هذا قراض غير صحيح، لان من حق القراض الصحيح، ان
.

(1) من الحياكة وهي النسج
124

يكون ربح كل جزء من المال بينهما، وليس هذا كذلك.
446 - مسألة: إذا خلط الفين وقال: ما رزق الله من فضل، كان لي
ربح الألف، ولك ربح الألف، فهل يكون ذلك، صحيحا أم لا؟
الجواب: هذا صحيح، لأنه يكون قد شرط له نصف الربح، لان الألف
الذي شرط ربحه غير متميز، وانما يبطل، لو كان متميزا، وليس كذلك.
447 - مسألة: إذا قارض العامل غيره، بإذن صاحب المال وشرط هذا
العامل على العامل الثاني، ان يكون الربح بينهم أثلاثا: ثلث له، ولصاحب المال
الثلث، وللعامل الثاني الثلث، هل يصح هذا الشرط أم لا؟
الجواب: إذا اذن صاحب المال للعامل ان يقارض غيره، كان ذلك
جائزا، ويكون وكيلا له في عقد ذلك مع العامل الثاني، ولا يكون له في الربح
شئ، بل يكون لصاحب المال وللعامل الثاني، فاما إذا اشترط الشرط المذكور في
المسألة، لم يصح، وكان ذلك قراضا فاسدا، لان العامل الأول، شرط لنفسه من
الربح قسطا بغير زيادة مال ولا عمل، والربح في القراض، لا يستحق الا بمال أو
عمل، وليس للعامل الأول واحد منهما، فيصير جميع الربح بصاحب المال، وللعامل
الثاني اجرة مثله، لأنه عمل في قراض فاسد، ولا يكون للعامل الأول شئ، لأنه
لا عمل له في ذلك.
448 - مسألة: إذا دفع إلى غيره مالا، وقال له: خذ هذا قراضا على أن
ما يرزق الله تعالى من ربح، كان لك منه ما يشترطه (زيد) لعامله، هل يصح
ذلك أم لا؟
الجواب: هذا يصح إذا كان هذان المتقارضان يعلمان مبلغ ما شرطه
(زيد) لعامله، فاما إذا كان لا يعلمان ذلك، فهو فاسد، لأنه لا يصح حتى يكون
نصيب كل واحد منهما من الربح معلوما عندهما.
449 - مسألة: إذا قال له: خذ هذا المال قراضا، على أن يكون لك من
الربح ثلث منه وثلثا ما بقى، والباقي لي، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: هذا صحيح، لان صاحب المال، إذا شرط ما ذكرناه، كان قد
125

شرط للعامل أتساع الربح، وشرط لنفسه تسعين، لان أقل ما له ثلث
وثلثا ما بقى من غير كسر، تسعة، فيكون للعامل الثلث منها، وهو ثلاثة، وتبقى
ستة، له أيضا ثلثاها: أربعة، فتصير سبعة ويبقى تسعان لصاحب المال.
450 - مسألة: إذا دفع إليه ألفا للقراض بالنصف، فقال العامل: ربحت
ألفا، ثم ادعى بعد هذا انه غلط، أو خسر، أو تلف المال، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا اعترف بالربح، لزمه ما أقر به من ذلك، ولم يقبل رجوعه،
لأنه إذا اعترف بربح، فقد اعترف بخمس مأة للغير، وحق الآدمي إذا ثبت
بالاقرار، فلا يسقط بالرجوع، كسائر الاقرارات، فاما قوله: خسرت أو تلف المال،
فإنه إذا ادعى ذلك، كان القول قوله مع يمينه بالرجوع، لأنه بادعائه ذلك لم
يكذب نفسه، ولا يرجع في اقرار أقر به، وانما أخبر بتلف الأمانة في يده، وكان
القول قوله، كما قدمناه.
451 - مسألة: إذا ابتاع العامل - مسلما كان أو ذميا - بالقراض خمرا
أو خنزيرا، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح هذا الابتياع من العامل، مسلما كان أو ذميا، لأنه
ابتاع بالمال ما ليس بمال، كما لو ابتاع الدم أو الميتة، أو غير ذلك من المحرمات.
452 - مسألة: المسألة المتقدمة بعينها، إذا كان الابتياع المذكور باطلا،
وانقد العامل الثمن، هل يكون عليه ضمان ذلك أم لا؟
الجواب: إذا انقد العامل ثمن ذلك، كان ضامنا له، لان ابتياعه باطل،
فلا يجوز له دفع الثمن بغير حق، وإذا فعل ذلك، كان متعديا ولزمه الضمان، كما
قدمناه.
453 - مسألة: إذا دفع إليه ألفا للقراض، وقال له: الربح في هذا المال
بيننا، هل يصح ذلك أو لا يصح؟ لان قوله: الربح بيننا، مجهول.
الجواب: هذا صحيح، ولا يكون ذلك مجهولا، لأنه إذا قال له: الربح
بيننا، فقد تساويا في إضافة الربح إليهما، وذلك يفيد انه نصفان، لكل واحد منهما
126

النصف، ويجرى هذا مجرى قوله إذا قال: الدار الفلانية بيني وبين (زيد) في أنه
يفيد ان لكل واحد منهما النصف منها.
454 - مسألة: إذا أحضر صاحب المال مأة دينار ومأة درهم، أو ألف درهم
ومأة ثوب. وقال لغيره: خذ أيهما شئت قراضا بالنصف، هل يصح ذلك
أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنه ليس فيه تعيين لرأس المال، وتعيين ذلك،
شرط في صحة القراض، وهذا يجرى في الفساد، مجرى قوله في البيع إذا قال:
بعتك هذا المملوك، أو ما يجرى مجراه، بأحد هذين الجنسين.
455 - مسالة: إذا ابتاع العامل ابنه أو أباه بمال القراض، ما الحكم
فيه؟
الجواب: إذا ابتاع العامل ابنه أو أباه بمال القراض، انعتق منه بمقدار
نصيبه من الربح، إن كان للمال ربح، واستسعى المعتق بالباقي منه لصاحب
المال، وينفسخ القراض. هذا إن كان العامل معسرا، فإن كان موسرا قوم عليه
الباقي لصاحب المال، فإن لم يكن للمال ربح، لم يصح ابتياعه، وعلى هذا اجماع
الطائفة.
127

باب مسائل تتعلق بالمساقاة:
456 - مسألة: إذا ساقي انسان غيره بالنصف، واشترط عمل صاحب
المال مع المساقى، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: هذه المساقاة عندنا باطلة، لأنها موضوعة على أن المال من
صاحب المال، ومن العامل العمل، فإذا شرط العامل على صاحب المال العمل
معه، كان ذلك باطلا.
457 - مسألة: إذا ساقي غيره مساقاة صحيحة، ثم هرب العامل، هل
تبطل المساقاة أم لا؟
الجواب: إذا هرب هذا العامل، لم تبطل المساقاة، لأنها عقد لازم، وكلما
كان عقدا لازما كالإجارات والبيوع كلها، فإنها لا تبطل بالهرب.
458 - مسألة: إذا ساقاه على أنه ان سقى بماء السماء، أو بسيح (1)،
كان له الثلث، وان سقى بالقرب والنواضح كان له النصف، هل تصح هذه
المساقاة أم لا؟
الجواب: هذه المساقاة باطلة، لان هذا العمل مجهول. غير معين، وأيضا
فان نصيبه من الثمرة سهم غير معين، لأنه ما قطع عليه، والثمرة ها هنا، كلها
لمالك النخل، وللعامل اجرة مثله، لأنه لم يسلم له ما شرط له.
.

(1) السيح: الماء الجاري. مجمع البحرين.
(2) الناضح: البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه الماء. وجمعه النواضح لسان العرب
128

459 - مسألة: إذا ساقاه على ودي وهو صغار النخل على أنه إذا أكبر
وحمل، كان له نصفها ونصف الثمرة، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: هذه المساقاة باطلة، لان موضوع المساقاة على اشتراك صاحب
المال والعامل في الفائدة، لا على أن يشتركا في الأصول، فإذا شرط الاشتراك في
الأصول، بطل ذلك.
460 - مسألة: إذا كان صاحب المال اثنين، والعامل واحد، ثم اختلفوا
وقت القسمة، فقال العامل: شرطتما لي النصف، فصدقه الواحد، وأنكر الأخر
ذلك وقال له: بل الثلث. ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفوا على الوجه المذكور، كان للعامل من نصيب الذي
صدقه النصف (1)، فإن كان المصدق له عدلا، وشهد له بذلك، قبلت شهادته
في ذلك. وكان عليه مع الشاهد اليمين، ويحكم له بذلك. وان لم يشهد له
بذلك، أو لم يكن عدلا، كانت على العامل البينة، وعلى المالك الذي خالفه
اليمين.
461 - مسألة: إذا كان المالك اثنين والعامل واحد، وشرط العامل
النصف من نصيب الواحد منهما، والثلث من نصيب الأخر، هل يصح ذلك
أم لا؟
الجواب: هذا يصح إذا كان العامل عالما بقدر نصيب كل واحد منهما،
وإذا لم يكن عالما بذلك لم يصح، لان علمه بما ذكرناه شرط في صحة هذا العقد.
462 - مسألة: إذا اختلف المالك والعامل، فقال المالك: شرطت لك
الثلث، وقال العامل: بل النصف، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلف المالك والعامل، على الوجه المذكور في المسألة،
كان القول، قول المالك مع يمينه، وعلى العامل البينة، لان الثمرة كلها لمالك
النخل، لأنها نماء أصله، وانما يثبت للعامل في هذه الثمرة شئ بالشرط، فإذا
ادعى شرطا، كانت عليه إقامة البينة فيما ادعاه، فان عدم ذلك، كان على
.

(1) وفى نسخة: كان للعامل من نصيب المصدق له النصف
129

المالك اليمين.
463 - مسألة: المسألة بعينها إذا اختلفا على ما تقدم ذكره، وأقام كل
واحد منهما البينة على ما يدعيه، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا قامت البينة لكل واحد منهما فيما يدعيه، كانت بينة العامل
هي المتقدمة على بينة المالك، لان العامل هو المدعى، فبينته يجب ان تقدم، لقول
النبي (ص): البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه (1)، والمالك هو المدعى
عليه، فعليه اليمين.
.

(1) الوسائل ج 18 ص 171 ب 3 من أبواب كيفية الحكم ح 2 و 6
130

باب مسائل تتعلق بالإجارات وضمان الأجير:
464 - مسألة: إذا قال الانسان لغيره: استأجرك اليوم لتخيط ثوبي
هذا، هل تكون هذا الإجارة صحيحة أم لا؟
الجواب: هذه الإجارة غير صحيحة، لأنه ربما خاط قبل مضى النهار،
فيبقى بعض المدة بلا عمل، وربما لا يتم ذلك العمل بيوم، ويحتاج إلى مدة أخرى،
ولا يصح العمل بلا مدة، وهذا باطل بلا خلاف
465 - مسألة: إذا استأجره على أن يقلع له ضرسا، ثم بدا له في ذلك،
هل تصح هذه الإجارة أم لا؟ وما الحكم في ذلك؟
الجواب: الاستيجار في ذلك جائز، لأنه لا مانع منه، فإذا استأجره في قلع
ضرسه ثم بدا له، فالقول فيه، إن كان الألم باقيا، فالإجارة باقية، ولا سبيل له إلى
فسخها. وينبغي ان يقال له: قد استأجرته على استيفاء منفعة، وأنت متمكن
منها، فاما ان تستوفى منه ذلك، والا كانت الأجرة عليك، وإذا مضت مدة
لا يمكنه فيها قلع ذلك. وكان الألم قد زال، فإنه قد تعذر استيفاء المنفعة من جهة
الله سبحانه، لأنه لو أراد قلع ذلك لم يجز، والشرع يمنع من قلع السن الصحيح،
وإذا كان كذلك، فقد انفسخت الإجارة.
466 - مسألة: إذا استأجر انسان غيره في تحصيل خياطة خمسة أيام بعد
شهر، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان العمل يختلف بحسب اختلاف العامل، في
131

نهضته وبطشه، وبلادته، وتقصيره فإذا قدر المدة من غير أن تكون المدة معينة،
كان في ذلك تفاوت شديدة ولم يصح ذلك كما ذكرناه.
467 - مسألة: إذا غصب الانسان الدابة المستأجرة، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: إذا كان الغاصب لها هو المكترى، وهي في يد المكرى، كان
المكترى، كالقابض للمعقود عليه، وإن كان الغاصب لها، هو المكرى، وهي في
يد المكترى فامسكها حتى انقضت المدة، كان كالمتلف للمعقود عليه، وانفسخ
العقد، وإن كان الغاصب لها غيرهما، كان المكترى بالخيار بين فسخ العقد،
والرجوع على المكري، وبين ان لا يفسخه، ويرجع على الغاصب بأجرة المثل. وقد
ذكر في ذلك وجه آخر (1)، وهو ان العقد ينفسخ ويرجع على المكرى
بالمسمى، والأول أقوى.
468 - مسألة: إذا استأجر مملوكا، فابق، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا ابق هذا المملوك، ثبت الخيار، ولم يبطل العقد، لأنه يرجع
برجوعه، فان فسخ العقد، كان ذلك له، وان لم يفسخه وعاد المملوك قبل انقضاء
المدة، ينفسخ العقد فيما مضى من وقت الاباق، ولم ينفسخ فيما بقى، وإن كانت
المدة قد انقضت قبل رجوع المملوك، فقد انفسخ العقد فيما فات من المنافع من
وقت اباقه إلى وقت انقضائها.
469 - مسألة: إذا استأجر جملا لحمل محمل، ثم اختلف هو والمكري:
فقال له صاحب الجمل: وسع قيد المحمل المقدم، وضيق قيده المؤخر، حتى ينحط
مقدمه، ويرتفع مؤخره، لأنه أخف على جملي. وقال الراكب: بل وسع أنت قيده
المؤخر، وضيق قيده المقدم فان ذلك أسهل لي، واخف على نفسي، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على الوجه المذكور، لم يلتفت إلى قول واحد منهما،
وجعل القيد ان متساويين، فلا يكون المحمل مكبوبا، ولا مستلقيا إلى الخلف،
.

(1) لاحظ المبسوط ج 3 ص 232
132

لأنه إذا جعل كذلك، لم تثبت المضرة التي أرادها كل واحد منهما من الأخر.
470 - مسألة: إذا استأجر بهيمة من غيره، فاختلفا: فقال المستأجر: أسير
نهارا لأنه أصون للمتاع، وقال المؤجر: بل تسير ليلا، لأنه أخف على بهيمتي، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على الوجه المذكور، وكان قد استقر بينهما شرط في
السير، إما في الليل أو النهار، وجب حمله على الشرط الذي استقر بينهما، وان لم
يكن بينهما شرط في ذلك، وكانا قد اطلقا ذلك، نظر فيه، فإن كان السير في
تلك المسافة عادة في الليل أو النهار، كان الاطلاق عائدا إلى ذلك، وان لم تكن
في ذلك عادة، كان العقد فاسدا، ويجرى في ذلك مجرى من اطلق الثمن،
وكانت النقود مختلفة.
471 - مسألة: إذا اخرج انسان روشنا (1) إلى الطريق من داره،
وهلك به شئ أو تلف، هل فيه ضمان أم لا؟
الجواب: إذا هلك شئ أو تلف، بما ذكر في المسألة، كان على من
اخرج ذلك، ضمان ما يهلك أو يتلف بغير خلاف في ذلك.
472 - مسألة: إذا ضرب الرائض (2) دابة، فهلكت من الضرب، هل
عليه ضمانها أم لا؟
الجواب: إذا كان ضرب هذا الرائض الدابة المذكورة، بخلاف عادة
الرواض في ضرب البهائم التي يروضونها - فان لهم في ذلك عادة يروضونها في
الركوب والحمل عليها لا تطاوع الا (3) بها - فعليه الضمان، لأنه متعد في ذلك.
وإن كان ضربه لها لا عن خارج العادة التي ذكرناها، فلا ضمان عليه.
473 - مسألة: إذا ضرب المؤدب، الصبى للتأديب، فمات، ما الحكم في
ذلك؟
.

(1) الروشن: الكوة. لسان العرب.
(2) رضت الدابة رياضا: ذللتها فالفاعل الرائض. المصباح المنير.
(3) وفى نسخة: فان لهم في ذلك عادة لا تطاوع في الركوب والحمل الا بها...
133

الجواب: إذا ضرب المؤدب، الصبى للتأديب الضرب المعتاد بعودة (1)
فهلك الصبي، كانت عليه الدية في ما له مغلظة والكفارة، لان ذلك، قتل شبيه
العمد. وفي أصحابنا من قال: إن الدية على عاقلته، والأول هو الاظهر والأقوى.
474 - مسألة: إذا كانت لانسان صبرتان من الطعام، الواحدة منها
مشاهدة، والاخرى غير مشاهدة، فقال لغيره: استأجرتك لتحمل هذه الصبرة
[كل قفيز] منه بدرهم، فما زاد على الصبرة (2) فبحساب ذلك، هل يصح هذا
العقد أم لا؟
الجواب: إذا استأجر على الوجه المذكور في المسألة، كان العقد ماضيا في
الصبرة المشاهدة دون الأخرى التي ليست مشاهدة، لان شرط صحة العقد قد
حصل في الواحدة منهما، وهي المشاهدة لها، ولم يحصل في الأخرى، فصح في تلك
المشاهدة، وبطل في الغائبة.
475 - مسألة: إذا استأجر من غيره قميصا ليلبسه، فاتزر به، هل عليه فيه
ضمان أم لا؟
الجواب: إذا استأجر القميص ليلبسه فاتزر به، كان عليه الضمان، لان
الاتزار أشد وأبلغ في بلاه وتخريقه من لبسه ولم يشترط الاتزار به.
476 - مسألة: إذا استأجر دابة ليركبها، أو ليحمل عليها مسافة معينة من
(طرابلس)، مثل أن تكون المسافة إلى ناحية (مصر) فسافر بها إلى جانب
(حلب) هل يصح عليه ضمانها أم لا؟
الجواب: إذا فعل ذلك كان عليه ضمان الدابة، لأنه قد تعدى ما وقع
الشرط عليه، وقد قيل (3): ان المسافتين إن كانتا متساويتين في السهولة
والحزونة لم يكن عليه ضمان، والأول أصح.
477 - مسألة: إذا استأجر غيره لينقل ميتة، على أن يكون جلودها له،
.

(1) العود من الخشب - مجمع البحرين - والعودان: منبر النبي (ص) وعصاه - لسان العرب -
(2) هكذا في النسخة الرضوية من دون ما بين المعقوفتين وفى المبسوط ج 3 ص 245 (كل قفيز منها بدرهم) ولكن في المطبوع
من النسخة هكذا: لتحمل هذه الصبرة وما حملت فبحساب ذلك. والظاهر سقوطه من الأصل.
(3) هو قول أصحاب الشافعي - لاحظ المغني لابن قدامة ج 5 ص 395
134

هل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان جلود الميتة لا يجوز بيعها بغير خلاف.
478 - مسألة: إذا حبس انسان غيره، حرا كان المحبوس أو مملوكا،
فسرقت ثيابه، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟
الجواب: عليه ضمان ذلك، لان الحبس سبب السرقة، وإذا كان
كذلك، كان عليه الضمان، كما ذكرناه.
479 - مسألة: إذا قال بخياط: ان خطت لي هذا الثوب اليوم فلك
درهمان، وان خطته في غد، كان لك درهم، هل يصح هذا العقد أم لا؟
الجواب: هذا العقد صحيح، لقول النبي (ص): المؤمنون (1) عند
شروطهم (2)، ولان الأصل جواز ذلك والمنع منه يفتقر فيه إلى دليل شرعي،
ولا دليل في الشرع عليه.
480 - مسألة: إذا استأجر راعيا ليرعى له غنما معينة، وهلكت، أو
هلك بعضها، هل ينفسخ العقد بذلك أم لا؟ وان لم ينفسخ العقد، هل له ابدالها
بغيرها أم لا؟
الجواب: إذا هلكت الغنم كلها، انفسخ العقد ولم يكن له ابدالها، لأن العقد
وقع على ما هو معين وهو الهالك، فان هلك بعضها، انفسح العقد في
الهالك وبقى فيما لم يهلك منها ولم يبدل الهالك بغيره، لمثل ما قدمناه، من أن
العقد وقع على معين، واختص به، ولم يشرط فيه بدل ولا غيره.
481 - مسألة: المسألة بعينها، إذا أنتجت هذه الغنم، هل يجب على
الراعي رعى نتاجها أم لا؟
الجواب: لا يجب على الراعي رعى نتاجها أيضا، لمثل ما قدمناه أيضا، من أن
العقد قد وقع على غنم بأعيانها، واختص بها دون غيرها، ونتاجها غيرها،
فلا يلزمه ذلك.
.

(1) وفى نسخة: المسلمون... - عوالي اللئالي ج 2 ص 258 - الوسائل ج 12 ص 353 ب 6 من أبواب الخيار ح 1 و 2 و 5.
(2) الوسائل ج 15 - ص 30 - ب 20 - أبواب المهور ح 4
135

482 - مسألة: إذا استأجره ليرعى له غنما، وأطلق، ثم هلكت أو
[هلك] بعضها، أو نتجت، هل له ان يبدل ما هلك منها أم لا؟ وهل يجب على
الراعي رعى ما نتجته أم لا؟
الجواب: إذا استأجره كذلك، وأطلق ولم يعين، كان على الراعي ان
يرعى له ما جرت العادة بان يرعاه الواحد، فإن كانت العادة مأة، كان كذلك،
وإن كانت أقل أو أكثر كان ذلك، وان هلكت أو هلك شئ منها، كان
لصاحبها ابدالها، فان نتجت كان على الراعي رعى نتاجها معها، لان العادة
جارية بان لا يفصل في الرعى بين السخال وأمهاتها.
483 - مسألة: إذا استأجر كحالا ليداوي عينه، هل يجب الدواء عليه أم
على الكحال؟
الجواب: إذا استأجر كحالا لذلك، كان الدواء على المستأجر، فان شرط
على الكحال ذلك، كان صحيحا، لان العادة به جارية، وقد ذكر ان ذلك
لا يجوز مع الشرط (1)، والأول أصح.
484 - مسألة: إذا استأجر انسان من غيره (حماما)، هل يجوز لصاحب
(الحمام) ان يشرط على المستأجر النفقة على ما يتشعث (2) منه أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لأنه متى شرط عليه هذه النفقة كان قد شرط
عليه نفقة مجهولة، وهذا لا يصح.
485 - مسألة: المسألة بعينها، ان اتفق ان يفعلا ذلك، ثم اختلفا في
مقدار النفقة، ما يكون الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا في ذلك، كان القول، قول المستأجر مع يمينه، لأنه
امين.
486 - مسألة: إذا استأجر انسان دارا، هل يجب عليه تنظيف الخلاء إذا
امتلا، والبالوعة إذا انسدت، أو على مالك الدار؟

(1) لاحظ المغني لابن قدامة ج 5 ص 443 كتاب الإجارة.
(2) تشعث: حدث فيه خلل راجع لسان العرب
136

الجواب: إذا استأجر الدار وكان الخلاء مملوا والبالوعة مسدودة، كان
تنظيف ذلك واصلاحه على المالك، وإن كان الخلاء امتلاء وانسدت البالوعة بعد
استيجار المستأجر لها، كان عليه تنظيف ذلك وازالته، لأنه حصل بسبب من
جهته، لا من جهة غيره.
487 - مسألة: إذا استأجر دارا فانهدمت، أو انهدم بعضها، أو احترقت،
أو احترق بعضها، هل يلزم المالك بنائها أو اصلاح ما فسد منها أم لا؟
الجواب: إذا حدث في الدار شئ مما ذكر، لم يجبر مالكها على اصلاحه
أو بنائه، بل يكون حينئذ الخيار للمستأجر في فسخ الإجارة أو امضائها، لان عقد
الإجارة تناول عين الدار المستأجرة، فإذا بطلت لم يجز ان يطالب المالك ببدلها.
137

باب مسائل تتعلق بالوقف والصدقة والهبة وما يلحق بذلك:
488 - مسألة: إذا وقف غلاما وشرط أن تكون نفقته من كسبه، أو في
شئ آخر وأطلق، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: إذا شرط ذلك كان صحيحا، وتكون نفقة الغلام في كسبه أو
في غيره حسب ما يشترطه، وان اطلق كانت في كسبه، لان الغرض بالوقف
انتفاع الموقوف عليه، وانما يمكنه ذلك ببقاء عين الوقف، وعينه انما تبقى بالنفقة،
فيصير كأنه قد شرطها في كسبه.
489 - مسألة: إذا كان المملوك وقفا، وجنى، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا جنى هذا المملوك جناية، وكانت جنايته جناية عمد يوجب
القصاص، أو خطأ يوجب المال. فإن كانت جناية عمد، وجب عليه القصاص
وإن كانت قتلا، قتل به وبطل الوقف فيه، وإن كانت قطعا قطع، وبقى الباقي
وقفا كما كان، وإن كانت جناية خطأ توجب المال، كان المال غير متعلق
برقبته، لأنه انما تعلق برقبة من يباع فيه، فاما من لا يباع، فالأرش لا يتعلق بها،
ويكون المال على بيت المال وقد قيل غير ذلك، وهذا أقوى.
490 - مسألة: إذا كانت المملوكة وقفا، هل يجوز تزويجها أم لا؟ وإن كان
جائزا فما الذي يفعل بمهرها؟
الجواب: تزويج هذه المملوكة جائز، لأنه عقد معاوضة على منفعتها، وهو
يجرى مجرى اعارتها، واما مهرها فهو للذي هي وقف عليه، لان ذلك من كسبها،
138

وكسبها للموقوف عليه.
491 - مسألة: إذا قال: تصدقت بكذا، هل يفيد ذلك، الوقف أم لا؟
الجواب: لا يفيد ذلك الوقف، لأنه يحتمل صدقة التمليك المطوع بها،
كما يحتمل صدقة الوقف، ويحتمل أيضا الصدقة المفروضة، فإذا اقترن بقرينة تدل
على الوقف صح ذلك، والقرينة أن يقول: وقفت، وهذا صريح في الوقف، أو
يقول: حبست أو تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو مؤبدة أو محرمة،
أو يقول: صدقة لا تباع ولا تورث ولا توهب، فمع هذه الألفاظ كلها تنصرف إلى
الوقف.
492 - مسألة: إذا وقف المسلم وقفا على كنيسة أو بيعة (1) هل يصح
ذلك أم لا؟
الجواب: هذا الوقف لا يجوز بغير خلاف، لأن هذه المواضع مدارس الكفر،
وسب الأنبياء (ع) والمسلمين والوقف عليهما وقف على معصية، وذلك لا يجوز.
493 - مسألة: إذا وقف وقفا، وشرط ان يبيعه الواقف متى أراد، هل
يصح الوقف أم لا؟
الجواب: لا يصح هذا الوقف، لأنه خلاف مقتضاه، لان الوقف لا يباع،
وهذا قد شرط بيعه، وذلك لا يجوز.
494 - مسألة: إذا وهب انسان شيئا لغيره، ومات الواهب قبل قبضه،
هل تبطل الهبة أم لا؟
الجواب: لا يبطل هذا العقد بموت الواهب قبل قبضه، كالبيع في أنه
لا يبطل في مدة الخيار.
495 - مسألة: إذا قال لغيره في العمرى: هذه الدار لك عمرك
ولعقبك، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: هذا صحيح، لقول النبي (ص): انما رجل أعمر عمري له
ولعقبه فإنها هي للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها، فإنه اعطى عطاء

(1) وهي: معبد النصارى. والجمع: بيع في قوله تعالى: (لهدمت صوامع وبيع) الحج: 40
139

وقعت فيه المواريث (1)
496 - مسألة: إذا اطلق أيضا في العمرى ولم يذكر العقب، فقال: هذه
الدار لك عمرك، فإذا مت، رجعت إلى، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: إذا أعمر ذلك، كان صحيحا، وتكون الدار للمعمر حياته،
فإذا مات عادت إلى المعمر أو إلى ورثته إن كان قد مات. وقد قال بعض
الناس، بخلاف ذلك، والصحيح ما ذهبنا إليه، لان العمل بين الطائفة به،
وعليه الحجة.
.

(1) سنن أبي داود ج 3 ص 294 كتاب البيوع ح 3553 وعوالي اللئالي ج 3 ص 263 باب الوقف ح 15.
(2) وهو الشافعي حيث اختار في أحد قوليه البطلان - لاحظ كتاب الخلاف ج 2 ص 235.
140

باب مسائل تتعلق باللقطة:
497 - مسألة: إذا اخذ لقطة، هل يجب عليه الضمان أم لا؟
الجواب: عليه ضمان ذلك، لأنه اخذ مال الغير بغير حق.
498 - مسألة: المسألة بعينها، إذا اخذها ولزمه الضمان، ثم نسيها، هل
يزول عنه الضمان أم لا؟
الجواب: لا يزول عنه الضمان بذلك، لان ذمته قد اشتغلت به، ويحتاج
في زواله إلى دليل، ولا دليل عليه، وأيضا فهو يجرى مجرى إذا سرق من غيره
شيئا، ثم ألقاه في منزله، في أنه لا ينفك عنه ضمانه، نسيه أو لم ينسه.
499 - مسألة: إذا وجد انسان لقطة، ثم اخذها، ثم ضاعت منه، ثم
وجدها آخر فاخذها، هل يكون الأول أولي بها، أم الثاني؟
الجواب: الأول أولي بها من الثاني، لان الأول لما اخذها استحق
التعريف باليد، والثاني اخذها بغير استحقاق.
500 - مسألة: إذا وجد انسان لقطة، وحضر آخر فوصفها، هل يجب
على الملتقط تسليمها إليه أم لا؟
الجواب: لا يجب على الملتقط تسليمها إليه الا ببينة: شاهدين أو شاهد
ويمين. واما مع خلاف ذلك، فلا يجب عليه التسليم، ويجوز تسليمها عند الوصف
لها، إذا قام في قلبه ان الواصف لها صادق الا ان ذلك، لا يجب عليه، ولا
يلزمه، من حيث إن وجوب ذلك عليه، ولزومه له انما يكون مع البينة، وانما
141

قلنا: إنه لا يجب عليه تسليمها الا ببينة، لأنه لا دليل يدل على وجوب ذلك عليه
ولزومه له بغير البينة.
501 - مسألة: إذا سلم اللقطة إلى من يدعيها بالبينة، وحضر آخر
وادعاها، وأقام بذلك البينة، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان يقرع بينهما، فمن خرج اسمه اخذها، لان
على ذلك، العمل بين الطائفة، وفيها الحجة كما قدمناه.
502 - مسألة: انسان (1) ضاع له عبد ب‍ (الشام) فوجده (بمصر)
وحضر سيده عند قاضى (مكة) فقال له: ضاع لي عبد من صفته كذا، وحاله
كذا، وذكر صفته، وأقام بذلك شاهدين يشهدان بأنه ضاع منه عبد، هذه
صفته، ولم يعلم أنه زال عن ملكه إلى الان، فلما ثبتت له هذه البينة عند قاضى
(مكة)، سأله ان يكتب له كتابا بذلك، إلى قاضى (مصر)، يعرفه فيه بما ثبت
عنده، فكتب له بذلك كتابا حكميا، وأوصل الكتاب إلى قاضي (مصر)، هل
يجوز تسليم العبد إليه بهذا الكتاب أم لا؟
الجواب: لا يجوز تسليم العبد إليه بذلك، لان الصفة قد تتفق وتشتبه،
وتطابق أيضا الصفة الصفة، فيجوز ان يكون ذلك عبدا آخر، ووافقت صفته
لصفة هذا الآخر، فإذا حضر الشاهدان اللذان شهدا (بمكة) عند قاضى
(مصر)، وحضر العبد فشهدا بان قالا: نشهد بان هذا العبد لهذا الرجل، فيجب
تسليمه إليه، لان الشاهدين شهدا على عين، وشهادتهما في الأول على صفة،
والصفة قد ذكرنا ما فيها.
503 - مسألة: هل يجوز لمن ضاع (2) له متاع أو شئ من الضوال ان
يجعل لمن جاء به جعلا أم لا؟
الجواب: هذا جائز لقول الله تعالى: (ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم) (3).

(1) وفى نسخة: إذا ضاع له...
(2) وفى نسخة: هل يجوز له ان ضاع له متاع...
(3) يوسف: 72
142

504 - مسألة: إذا ابق عبد لانسان، فأحضره له انسان آخر، واختلفا،
وقال الذي جاء به: شارطتني على جعل، وانا استحقه عليك، وقال الآخر: لم
أشارطك على جعل. ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا كذلك، كان القول، قول صاحبه مع يمينه، لان
الذي أحضر يدعى احداث شرط، والأصل ان لا شرط، وعليه في ذلك البينة،
والا كان القول قول الأخر مع ما قدمناه.
505 - مسألة: إذا كان لانسان مملوكان آبقان، فقال لغيره: ان جئتني
بمملوكي الفلاني كان لك على كذا. فجاء بأحد المملوكين، واختلفا، فقال
المالك: لم أشارطك على هذا، وانما شارطتك على الأخر. وقال الذي جاء به:
ما شارطتني الا على هذا دون ذلك، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا كذلك، كان القول، قول المالك مع يمينه، لان
الأصل ان لا شرط، كما قدمناه في المسألة المتقدمة على هذه.
506 - مسألة: المسألة بعينها، إذا اختلفا، فقال المالك: شرطت لك
نصف دينار، وقال الذي جاء بالمملوك: بل شرطت لي دينارا، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا في القدر المشروط على ما ذكر في المسألة كان للذي
جاء بالمملوك، أجرة المثل، مع يمين المالك، لأنه المدعى عليه.
507 - مسألة: إذا قال انسان: من جاء بمملوكي الآبق فله دينار، فمن
قولكم: انه ان جاء به واحد فله الدينار، وان جاء به اثنان فلهما الدينار، وان
جاء به الثلاثة فلهم الدينار، فما القول فيه إذا قال: من دخل داري فله دينار،
وقد دخلها واحد أو أكثر، وهل يجرى ذلك مجرى ما تقدم في الدينار المجهول لمن
أحضر الآبق أم لا؟
الجواب: انما قوله في المملوك الآبق بما ذكر، وان عندنا ان الدينار يكون
لمن جاء به، سواء كان الذي يجئ به واحدا أو أكثر، وهو صحيح. واما قوله في
الدار بما ذكره، انه يلزمه لكل واحد دخل الدار دينار، بخلاف الرد في المملوك.
143

والفرق بين المسألتين، ان مسألة الدار علق الاستحقاق فيها بالدخول، والدخول قد
وجد من كل واحد منهم، وهاهنا علق الأجرة بالرد وانما يرده جميعهم فاستحق
جميعهم الأجرة، لان السبب المطلوب، والغرض المقصود، حصل من جميعهم لا من
كل واحد منهم على الانفراد، وليس مثل ذلك في مسألة الدار، لان السبب
المطلوب والغرض المقصود، حصل من كل واحد منهم على الانفراد، فبان الفرق
بين ما ذكرناه.
508 - مسألة: إذا قال لغيره: ان جئتني بمملوكي الآبق، فلك عشرة
دراهم، وقال للاخر: ان جئتني به فلك عشرون درهما، وقال للاخر: ان جئتني
به فلك ثلاثون درهما، فوجده الثلاثة في دفعة واحدة، وجاؤا به في دفعة واحدة،
هل يجب لكل واحد منهم عليه ما سماه له أم لا؟
الجواب: إذا جاؤوا به في دفعة واحدة على الوجه المذكور، كان لكل واحد
منهم ثلث ما سماه له، لأنه عمل له ثلث العمل، فيكون لمن سمى له عشرة ثلاثة
وثلث، ولمن سمى له عشرين، ستة وثلثان، ولمن سمى له ثلاثين عشرة، لانهم
جاؤوا به في دفعة واحدة، على ما ذكرناه في المسألة المتقدمة، وانما كان كل واحد
منهم يستحق الاخذ بما سمى له لو جاء به كل واحد منهم على الانفراد.
509 - مسألة: إذا قال: من احصر مملوكي الآبق، كانت له دابة أو
قميص، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: هذا لا يصح، لأنه مجهول، فان أحضره كانت له أجرة المثل،
لان هذا العقد فاسد
510 - مسألة: إذا قال لغيره: ان أحضرت مملوكي الآبق، كان لك
على قميص، وقال لاخر: ان أحضرته كان لك عشرون درهما، [وقال لاخر: ان
أحضرته كان لك عشرة دراهم،] (1) فأحضره جميعهم في دفعة واحدة ما الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في المسألة، كان لمن سمى له قميصا
.

(1) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية، وهو الصواب
144

ثلث اجرة مثله، لان المسمى له مجهول، ولكل واحد من الآخرين ثلث ما سمى
له، على ما قدمناه في المسألة المتقدمة، لانهم جاؤوا به في دفعة واحدة، ولأنه عمل
ثلث العمل.
511 - مسألة: إذا قال لغيره: إذا أحضرت مملوكي الآبق، كان لك
على دينار: فأحضره هو وغيره، هل يستحق الدينار الذي سمى له، أو يشاركه
الأخر فيه، أو لا يستحق الذي سمى له شيئا؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في المسألة، كان للذي سمى له
الدينار، نصف دينار، لان غيره أحضره معه في دفعة واحدة، ولأنه عمل نصف
العمل، واما الأخر فلا يستحق شيئا، لأنه تطوع بذلك، فان طلب شيئا، كان له
نصف أجرة المثل.
512 - مسألة: إذا وجد اثنان لقيطا واختلفا في اخذه، وتشاحا عليه،
كيف الحكم بينهما؟
الجواب: إذا تشاحا في ذلك، أقرع بينهما فيه، فمن خرج اسمه، دفع إليه،
لان القرعة تستعمل عندنا في كل أمر مشكل، ولا فرق في هذين الاثنين بين ان
يكونا رجلين، أو امرأتين، أو رجلا وامرأة، وان كانا غير متساويين (1) مع كونهما
مسلمين مقيمين، دفع إلى الأفضل منهما، وإن كان أحدهما كافرا، والاخر مسلما،
وكان اللقيط أبواه كافرين. سلم إلى الكافر، وإن كان أحد أبويه مسلما سلم
إلى المسلم، فإن كان أحدهما مقيما والاخر يريد السفر، سلم إلى المقيم، اللهم الا
ان يكون هذا المسافر يريد السفر به إلى موضع له فيه حلة (2) مرتبة أو أهل أو
مصلحة تزيد على مصلحته مع المقيم، فإنه يسلم إليه.
513 - مسألة: إذا جنى اللقيط على غيره جناية وكان مسلما، صغيرا أو
كبيرا جناية خطأ، ما الذي يحكم به في ذلك؟ (3)

(1) أي وإن كان المتشاحان غير متساويين في الحرية والعبودية كأن كان أحدهما حرا والاخر عبدا.
(2) الحلة: جماعة بيوت الناس والمنزل - لاحظ لسان العرب -.
(3) وفى نسخة: كيف الحكم في الدية؟
145

الجواب: إذا جنى على غيره وكان مسلما، صغيرا أو كبيرا، جناية خطأ،
كانت الدية على عاقلته، وهي بيت المال، لأنه لا عاقلة له سواه، ولان نفقته في
بيت المال، ولأنه لو كان له مال ومات، لكان لبيت المال، وأيضا فإنه لا خلاف
فيما ذكرناه. وإن كانت الجناية عمدا وكان صغيرا فعمده وخطأه سواء فالدية في
بيت المال، وإن كان كبيرا فالذي جنى عليه مخير بين ان يعفو منه أو يقتص منه.
146

باب مسائل تتعلق بالوصايا:
514 - مسألة: إذا كانت لانسان بنت واحدة، فقال: أوصيت (لزيد)
بمثل نصيب بنتي، ما الذي يجب (لزيد)؟
الجواب: إذا أوصى بذلك، كان (لزيد) النصف عندنا إن اجازه
الوارث، وان لم يجز ذلك، كان له الثلث، لان المال كله للبنت لو انفردت.
515 - مسألة: إذا كان له ابنان، فقال: أوصيت (لزيد) بمثل نصيب
أحد ابني، ما الذي يجب له؟
الجواب: إذا أوصى على ما ذكر، كان للموصى له الثلث، ويكون المال
بينهم أثلاثا، لان الموصى له مضاف إلى الابنين. (1)
516 - مسألة: إذا كانت له تسعة بنين، فقال: أوصيت (لزيد) بمثل
نصيب أحد بنى، كم يكون للموصى له؟
الجواب: يكون للموصى له العشر، لان البنين مع الموصى له عشرة،
فيكون لكل واحد منهم العشر.
517 - مسألة: انسان ترك ابنة وبنت ابنة واوصى بان قال: أوصيت
(لزيد) مثل نصيب ولدى، ما الذي يجب له؟
الجواب: إذا أوصى كذلك، وكان المال كله عندنا للبنت، النصف
بالتسمية والباقي بالرد، كان له مثل نصيبها، فصار لها النصف، وللموصى له
.

(1) وفى نسخة: إلى الاثنين
147

النصف، فان أجازت البنت الوصية اخذه، وان لم تجزها كان له الثلث، لان
الوصية بأكثر من الثلث لا تجوز الا بان تجيزها الورثة.
518 - مسألة: انسان ترك بنتا وبنت ابن وأربع زوجات، وقال:
أوصيت (لزيد) بمثل نصيب أقل وراثي، ما الذي يجب للموصى له؟
الجواب: للموصى له سهم مما نذكره، هذه المسألة تصح من اثنين
وثلاثين، للزوجات الثمن من ذلك: أربعة، لكل واحدة منهن سهم، وللموصى
له سهم، لان أقل نصيبه هنا نصيب الزوجة، وهو ربع الثمن: سهم واحد،
وبقيت سبعة وعشرون للبنت، ولا شئ لبنت الابن، لأنها محجوبة بولد
الصلب.
519 - مسألة: إذا كان له ابن فقال: أوصيت (لزيد) بنصيب ابني،
هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: هذا لا يصح، لان قوله: نصيب ابني، كأنه قال: ما يستحق
ابني، وما يستحقه ابنه لا يصح ان يستحقه غيره.
520 - مسألة: إذا كان لانسان مملوك لا مال له سواه، فاعتقه في مرضه
الذي مات فيه، ما حكمه؟
الجواب: الحكم فيه ان الورثة ان أجازت عتقه مضى، وان لم تجزه بطل
العتق في ثلثيه وصح في الثلث الباقي، ويكون الولاء في الثلث للمعتق، وينتقل
إلى عصبته.
521 - مسألة: إذا أوصى لوارث بثلث ماله، واوصى لأجنبي بثلث
آخر من ماله، ثم قال: إن أجازت الورثة ذلك، فهو لكما، وان لم تجزه فنصيب
الوارث لهذا الأجنبي، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أجازت الورثة، الوصية للوارث والأجنبي، كان ذلك لهما،
وان لم تجيزوها، كان للأجنبي الثلث، لأنه قد جعل الثلث له مطلق، وجعل
نصيب الأخر ثلثه.
148

522 - مسألة: إذا أوصى انسان بحمل (1) امرأة فقال: إن كان الذي
في بطنها ذكرا فله ديناران، وإن كان أنثى فلها دينار، فولدت ولدين: أحدهما
ذكر، والاخر أنثى هل يكون لهما ما وصى به أم لا؟
الجواب: إذا وصى بما ذكر في المسألة، فولدت المرأة ذكرا، كان له
ديناران، وان أتت بأنثى كان لها دينار، ان أتت بذكر وأنثى، لم يكن لهما شئ
من ذلك، لأنه لما قال: إن كان الذي في بطنها كذا أراد كلما في بطنها ذكرا،
وكلما في بطنها أنثى، فإذا كان كلما في بطنها ذكرا وأنثى، كان بخلاف ما أراد
وشرطه، لأنه لم يكن كلما في بطنها أنثى [أو ذكرا] (2) فوجب فيه ما
ذكرناه (3).
523 - مسألة: المسألة بعينها إذا وصى بحمل هذه المرأة فقال: إن كان
في بطنها ذكر فله ديناران، وإن كان في بطنها أنثى فلها دينار، فأتت بذكر وأنثى،
هل يجب لهما ذلك أم لا؟
الجواب: إذا وصى لها بذلك واتت المرأة بذكر وأنثى، كان لهما كلما
وصى به، من الدينارين للذكر والدينار للأنثى، لأنه قال: إن كان في بطنها ذكر،
كان له كذا، وإن كان أنثى، فلها كذا، وقد كان ذكر وأنثى، فوجب لهما
ذلك، والفرق بين هذه المسألة والمسألة المتقدمة، ان في تلك حيث قال: إن كان
الذي في بطنها ذكرا، أراد كلما في بطنها، على ما ذكرناه هناك، وفي هذه
المسألة أراد إن كان ذكرا، فله كذا، وأنثى فلها كذا، وقد كان ذلك، فبان ما
ذكرناه.
524 - مسألة: إذا أوصى فقال: (لزيد) شطر مالي، ما الذي يجب له؟
الجواب: ان أوصى بذلك، كان للموصى له نصف المال، لان لهذه
اللفظة في العرف، معنيين: أحدهما النصف، والاخر الجهة، قال الله تبارك
.

(1) وفى نسخة: لحمل امرأة.
(2) الإضافة منا ولا توجد في الأصول التي عندنا وكتبناها لتستقيم العبارة.
(3) وفى نسخة: يوجب مثل ما ذكرناه
149

وتعالى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) (1)، والجهة في الوصية لا يصح ان
تراد، فلم يبق الا النصف كما ذكرناه.
525 - مسألة: إذا أوصى فقال: (لزيد) من ماله بشئ، أو بجزء، أو
بسهم، أو ببعض، ولم يعين ما سمى، ما الذي يجب للموصى له؟
الجواب: الذي يقتضيه الظاهر، انه متى اخرج الوصي للموصى له أي
قدر كان، فقد انجز الوصية، لان ذلك القدر المخرج، يتناوله في اللغة العربية
والعرف الشرعي، اسم شئ وجزء وسهم وبعض. لكن قد روى أصحابنا
روايات (2) بأنه ان أوصى بشئ من ما له ولم يعين، كان ذلك السدس لقوله
سبحانه: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين) الآية (3) فخلق الله تعالى
الانسان من ستة أشياء، فالشئ واحد من ستة، وإذا أوصى بجزء من ما له،
كان ذلك السبع، لقوله سبحانه: (لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء
مقسوم) (4)، وإذا أوصى بسهم من ما له، كان الثمن لقوله تعالى: (انما
الصدقات للفقراء والمساكين) (5) حتى ذكر أصناف الثمانية، فمن عمل
بذلك، لم يكن به بأس.
526 - مسألة: إذا أوصى فقال لهم: أعطوا (زيدا) شاة من غنمي، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: ان لم يكن لهذا الموصى غنم، كانت هذه الوصية باطلة، لأنه
علقها بصفة ليست حاصلة، وإذا كانت له غنم دفع إليه منها شاة.
527 - مسألة: المسألة بعينها، إذا أوصى فقال: اعطوه شاة من مالي، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أوصى بذلك، وكانت له ماشية، دفع إليه منها شاة، وان
.

(1) البقرة: 144.
(2) الوسائل ج 13 ص 442 - 450 ب 54 و 55 و 56 من أبواب أحكام الوصايا أحاديث الأبواب.
(3) المؤمنون: 12.
(4) الحجر: 44.
(5) التوبة: 60
150

لم يكن له ذلك اشترى له من ماله شاة ودفعت إليه، ولم تبطل الوصية ها هنا
لأجل ان ليس له غنم كما بطلت في المسألة الأولى، لأنه في الأولى علق الوصية
بنفس الغنم، فإذا لم يكن له ذلك، كانت باطلة، وفي هذه علقها بالمال، والمال
حاصل، فصح ما ذكرناه.
528 - مسألة: إذا أوصى فقال: ادفعوا إلى (زيد) كلبا من مالي، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كانت له كلاب يصح الانتفاع بها، مثل كلاب الصيد أو
الماشية، دفع إليه من ذلك، وإن كان من غير ذلك، كانت الوصية باطلة، لان
غير ذلك لا ينتفع به، وان لم يكن له ما ذكرناه كانت الوصية أيضا باطلة. ولا
يجوز ان علق ذلك بماله ان يشتري له كلب من ماله، لان ابتياع الكلب محظور.
529 - مسألة: إذا أوصى بثلث ماله لأجنبي، وبثلث آخر لوارث، ولم
تجز الورثة ذلك، لمن يكون الثلث منهما؟
الجواب: إذا لم تجز الورثة ذلك، كان الثلث للذي ابتدء به أولا، فإن كان
الأجنبي الأول، كان الثلث له، وبطل الثلث للوارث، وإن كان الأول هو
الوارث، كان الثلث له، وبطل الثلث للأجنبي، ولان الوصية عندنا للوارث
جائزة.
530 - مسألة: المسألة بعينها، إذا أوصى لها بما ذكرناه، ولم يتعين الأول
منهما من الثاني، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا لم يتعين الأول منهما من الثاني، استعملت القرعة فيهما، فمن
خرج اسمه انه الأول، دفع الثلث إليه، ولم يدفع إلى الأخر شئ، لان القرعة
تستعمل عندنا في كل أمر ملتبس.
531 - مسألة: إذا قال: أعتقوا بثلث مالي رقابا، كم يجب ان يعتق من
المماليك؟
الجواب: إذا أوصى بذلك وجب ان يشترى بالثلث ثلاثة، ويعتقوا، لان
الثلاثة أقل الجمع، وإن كان في الثلث ثمن أكثر من ثلاثة، اشتروا به وعتقوا.
151

532 - مسألة: المسألة بعينها، إن كان في الثلث ثمن ثلاثة وزيادة لا تفي
بثمن رابع، كيف يفعل في ذلك؟
الجواب: إذا لم يكن في الثلث ثمن أربعة، فكان فيه ثمن ثلاثة وزيادة
لا تفي بثمن رابع، جعل الثمن في الاثنين أكثر، ولم يفضل من المال شئ.
533 - مسألة: إذا أوصى فقال لوارثه: أعتق عنى عبدا، ومات،
واشترى الوارث عبدا من التركة واعتقه، فلما أعتقه ثبت على الموصى دين يحيط
بتركته، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان العبد اشتراه الموصى إليه بثمن في الذمة، كان شراؤه
صحيحا وعتقه، ويكون الثمن في ذمة الذي اشتراه، فان اخذ في ذلك شيئا من
نفس التركة، كان عليه ضمانه، وإن كان اشتراه بعين التركة، كان الشراء
والعتق باطلا، لأنه لما مات انتقل حق الغرماء المستحقين للدين في ذمته إلى
تركته، وتعلق حقهم بها، واشترى العبد بشئ، قد تعلق به حق الغير كان الشراء
باطلا، وبطل العتق بذلك.
534 - مسألة: إذا أوصى بان يحج عنه بعشرة دنانير من ثلث ما له،
واوصى بما يبقى من الثلث لانسان، واوصى لانسان آخر بثلث ما له، ما الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا أوصى بذلك، كانت الوصية بان يحج عنه بالعشرة
الدنانير - وما وصى به مما يبقى من الثلث، صحيحين ماضيين لان الوصية
بالثلث جائزة، وقد وصى بذلك. وإن كان قد وصى به من وجهين (1)، لم
تصح الوصية (2) بثلث آخر، لان الوصية بأكثر من الثلث لا وصح الا على الوجه
الذي تثبت معه إجازة الورثة له.
535 - مسألة: المسألة بعينها، ولم تجز الورثة الوصية بالثلث الأخر،
التبست الحال في الذي وصى له ببقية الثلث والذي وصى له بالثلث ولم يعين
.

(1) وفى نسخة: في وجهين.
(2) وفى نسخة: ولم تصح الوصية
152

أحدهما من الأخر، ما الذي يحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، أقرع بينهما، فمن خرج اسمه له الباقي
من الثلث، دفعناه إليه.
536 - مسألة: إذا جمع بين عطية منجزة وعطية مؤخرة دفعة واحدة، ولم
تخرجا من الثلث، كيف يفعل فيهما؟
الجواب: إذا جمع بين ذلك، ولم تخرجا من الثلث، قدمت العطية
المنجزة، لأنها سابقة، وتلزمه في حق المعطى، فيجب فيهما ما ذكرناه من التقديم
على المؤخرة التي لم تلزمه.
537 - مسألة: إذا أوصى انسان بثلث ما له، هل المعتبر في ذلك، حال
الوصية أو حال الموت؟
الجواب: المعتبر في ذلك حال الموت لا حال الوصية، لان الوصية تلزم
بالموت دون حال الوصية، فيجب ان يكون المعتبر هاهنا بما ذكرناه.
153

باب مسائل تتعلق بالفرائض:
538 - مسألة: ما الذي يستحق به الميراث؟
الجواب: الذي يستحق به الميراث، نسب وسبب، فالنسب نسب الوالدين
ومن يتقرب بهما ونسب الولد ومن يتقرب به، والسبب الزوجية والولاء.
539 - مسألة: كم سهام المواريث؟
الجواب: سهام المواريث ستة وهي: النصف والربع والثمن والثلثان
والثلث والسدس.
540 - مسألة: من المستحق للنصف؟
الجواب: الذي يستحق النصف أربعة، وهم: البنت مع انفرادها،
والأخت من جهة الأب والام، والأخت من جهة الأب مع عدم الأخت من
جهة الأب والام، والزوج مع عدم الولد وولد الولد، ذكورا كانوا أو إناثا وان
نزلوا
541 - مسألة: من الذي يستحق الربع؟
الجواب: الذي يستحق الربع، الزوج مع وجود الولد أو ولد الولد، ذكرا
كان أو أنثى، والزوجة مع عدم الولد أو ولد الولد.
542 - مسألة: من الذي يستحق الثمن؟
الجواب: الذي يستحق الثمن، الزوجة مع وجود الولد أو ولد الولد، ذكرا
كان أو أنثى.
154

543 - مسألة: من يستحق الثلثين؟
الجواب: الذي يستحق الثلثين ثلاثة: البنتان أو ما زاد عليهما من البنات،
والأختان من جهة الأب والام، والأختان من جهة الأب إذا لم تكن اختان ولا
واحدة ولا أخ من جهة الأب والام.
544 - مسألة: من يستحق الثلث؟
الجواب: الذي يستحق الثلث الام مع عدم الولد، أو ولد الولد، ومن
يحجبها، من أخوين أو أخ وأختين أو أربع أخوات من قبل الأب، أو من قبل
الأب والام، والابنان أو ما زاد عليهما من كلالة الام.
545 مسألة: من يستحق السدس؟
الجواب: الذي يستحق السدس، الأبوان وان عليا مع وجود الولد وولد
الولد، والام مع وجود من يحجبها، من الاخوة والأخوات، الذين قدمنا ذكرهم،
والواحد من كلالة الام، ذكرا كان أو أنثى.
546 - مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع النصف في هذه السهام؟
الجواب: يصح ذلك، بان يكون الوارث زوجا وأختا من قبل الام
والأب، أو من قبل الأب، فيأخذ الزوج النصف، وتأخذ الأخت النصف.
547 - مسألة: هل يصح ان يجتمع النصف مع الربع؟
الجواب: يصح ذلك، بان يكون الوارث بنتا وزوجا، فيكون
فرض البنت النصف، وللزوج الربع، وأن يكون الوارث أيضا أختا لأب وأم
أو لأب مع زوجته (1)، فيكون فرض الأخت النصف وللزوجة الربع.
548 - مسألة: هل يصح ان يجتمع النصف مع الثمن؟
الجواب: يصح ذلك، بان يكون الوارث بنتا وزوجة، فيكون فرض
البنت النصف وللزوجة الثمن.
549 - مسألة: هل يصح اجتماع ربع مع ربع؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنه فرض الزوجين، ولا يصح اجتماعهما.

(1) وفى نسخة: مع زوجة
155

550 - مسألة: هل يصح اجتماع ربع مع ثمن؟
الجواب: هذه المسألة كالتي قبلها في أنها فرض للزوجين، ولا يصح
اجتماعهما.
551 - مسألة: هل يصح اجتماع الثلثين مع الثلثين؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان من يستحق ذلك من الأخوات للأب
والام، أو للأب، لا يصح اجتماعهن في الميراث بمن يستحق ذلك من البنات
لان البنات أحق بالميراث من الأخوات، ولأنهن لو اجتمعن معهن، لكانت
المسألة تعول، والعول (1) عندنا باطل.
552 - مسألة: هل يصح اجتماع الثلثين مع الثلث؟
الجواب: يصح ذلك، بان تجتمع اختان أو ما زاد عليهما من قبل الأب
والام، أو من قبل الأب، مع اثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الام، فيكون
للأختين من قبل الأب والام، أو من قبل الأب، أو ما زاد عليهما، الثلثان، والثلث
للاثنين، أو ما زاد عليهما من كلالة الام.
553 - مسألة: هل يصح اجتماع الثلثين مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك، مثل ان تجتمع اختان أو ما زاد عليهما من قبل الأب
والام، أو من قبل الأب، مع الواحد من كلالة الام، فيكون للأختين أو ما زاد
عليهما من قبل الأب والام، أو من قبل الأب، الثلثان، وللواحد من كلالة الام
السدس، والباقي يرد على الأختين أو ما زاد عليهما من قبل الأب والام.
554 - مسألة: هل يصح اجتماع الثلث مع الثلث
الجواب: لا يصح ذلك، لان الثلث فرض الام مع عدم الولد وولد الولد،
وعدم من يحجبها، وفرض الاثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الام، وقد قدمنا القول
بأنه لا يصح اجتماع أحد من هذه الكلالة مع الام في الميراث، لأنها أحق به منها.
.

(1) العول: عبارة عن قصور التركة عن سهام ذوي الفروض ولن تقصر الا بدخول الزوج والزوجة وهو في الشرع ضد
التعصيب الذي هو توريث لعصبته ما فضل عن ذوي السهام... وهو عند الإمامية على الأب والبنت والبنات
والأخوات للأب والام أو الأب... مجمع البحرين.
أقول: من أراد الاطلاع على بطلان العول والتفصيل في ذلك فليرجع إلى روضة المتقين ج 11 ص 163
156

555 - مسألة: هل يصح اجتماع الثلث مع السدس؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأنهما قد يكونان فرضين للام أعلى وادنى،
فالأعلى الذي هو الثلث، تستحقه مع عدم الولد وولد الولد، وعدم من يحجبها من
الاخوة والأخوات، والأدنى الذي هو السدس تستحقه مع وجود من ذكرناه، فان
فرضت عدمهم، كان فرضها الثلث دون السدس، وان فرضت وجودهم، كان
فرضها السدس دون الثلث، وعلى هذا لا يصح لها اجتماع هذين الفرضين.
وقد يكون السدس فرضها وفرض الأب، مع وجود الأولاد الذين
ذكرناهم، وفرضها (1) مع عدم الأولاد ووجود من يحجبها وليس يصح اجتماع
السدس الذي هو فرض الأب مع الثلث الذي هو فرضها، لان الأب انما يستحق
السدس مع وجود الولد أو ولد الولد، ومع وجود هؤلاء، تنتقل هي من الثلث إلى
السدس، وانما تستحق هي الثلث، مع عدم الأولاد، أو عدم من يحجبها من
الاخوة والأخوات، ومع ذلك لا يكون فرض الأب السدس، فلا يصح أيضا
اجتماع الثلث مع السدس، لان الثلث وإن كان يستحقه الاثنان، أو ما زاد عليهما
من كلالة الام، والسدس يستحقه الواحد من هذه الكلالة، فإنك ان فرضت
وجود الام مع وجود هذه الكلالة، كانت هي أحق بالميراث منهم، وان فرضت
وجود من يستحق الثلث من كلالة الام مع استحقاق الأب للسدس لم يصح
اجتماع ذلك، لان الأب انما يستحق السدس مع وجود الأولاد، والكلالة
لا يصح اجتماعها في الميراث مع الأولاد.
556 - مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع الثلثين؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأن هذه المسألة تعول، والعول باطل عندنا،
والواجب ان يأخذ من فرضه النصف، وهو الزوج النصف، وتأخذ الأختان أو
ما زاد عليهما من الأب والام، أو الأب، الباقي. والنصف أيضا قد يكون فرضا
للبنت، فلو فرض وجودها مع الأخوات الآتي ذكرنا هن، لما صح اجتماع ذلك،
لان المسألة تكون قد عالت، ولان البنت أحق بالميراث من الأخوات والاخوة
.

(1) وفى نسخة: وفرضها هي مع عدم الأولاد
157

أيضا من أي كلالة كانوا.
557 - مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع الثلث؟
الجواب: يصح ذلك، مثل ان يجتمع اثنان أو أكثر منهما من كلالة الام
مع زوج، فيكون للزوج فرضه، وهو النصف، وللاثنين أو ما زاد عليهما من هذه
الكلالة فرضهم: الثلث، والباقي يرد عليهم دون الزوج. ومثل ان يجتمع أب وأم
وزوج، فيكون للزوج النصف، وللأم الثلث مع عدم من يحجبها، والباقي للأب.
ومثل ان تجتمع أخت من قبل الأب والام، أو من قبل الأب مع اثنين أو ما زاد
عليهما من كلالة الام، فيكون للأخت من قبل الأب والام، أو من قبل الأب
النصف بالتسمية، وللاثنين أو ما زاد عليهما من كلالة الام الثلث بالتسمية أيضا،
والباقي يرد على الأخت من قبل الأب والام، أو من قبل الأب. ومثل ان يجتمع
أم وزوج، فيكون للزوج لنصف، وللأم الثلث والباقي يرد على الام.
558 - مسألة: هل يصح اجتماع النصف مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك، مثل ان يجتمع أب وأم وزوج، فيكون للزوج
النصف، وللأم السدس مع وجود من يحجبها من الاخوة والأخوات، والباقي
للأب ومثل ان يجتمع واحد من كلالة الام مع زوج، فيكون لهذا الواحد
السدس بالتسمية، وللزوج النصف، والباقي يرد على الواحد من هذه الكلالة.
ومثل ان تجتمع أخت لأب وأم أو لأب مع واحد من كلالة الام، فيكون للأخت
من قبل الأب والام أو من قبل الأب النصف، وللواحد من كلالة الام السدس،
ويرد الباقي على من كان من قبل الأب والام، أو من قبل الأب.
559 - مسألة: هل يصح اجتماع الربع مع الثلثين؟
الجواب: يصح ذلك، مثل ان تجتمع البنتان أو ما زاد عليهما من البنات
مع زوج، فيكون للبنتين أو البنات الثلثان، وللزوج الربع، والباقي يرد على
البنتين أو البنات. ومثل ان تجتمع الأختان أو أكثر منهما من الأخوات من قبل
الأب والام، أو من قبل الأب مع زوجة، فيكون للأخوات المذكورات الثلثان،
ويكون للزوجة الربع.
158

560 - مسألة: هل يصح اجتماع الربع مع الثلث؟
الجواب: يصح ذلك، مثل ان يجتمع أب وأم وزوجة، فيكون للزوجة
الربع، وللأم مع عدم من يحجبها من الأخوات والاخوة الثلث، والباقي يرد على
الأب. ومثل ان تجتمع أم وزوجة، فيكون للزوجة الربع، وللأم الثلث، والباقي
يرد على الام. ومثل ان يجتمع اثنان أو ما زاد عليهما من كلالة الام وزوجة،
فيكون للزوجة الربع، وللاثنين أو ما زاد عليهما من هذه الكلالة الثلث، والباقي
يرد على الذي هو من هذه الكلالة.
561 - مسألة: هل يصح اجتماع الربع مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك، مثل ان يجتمع أبوان، أو أحدهما مع ولد أو أكثر
منه من الأولاد وزوج، فيكون لكل واحد منهما السدس، وان انفرد أحدهما، كان له
السدس، وللزوج الربع، والباقي للأولاد ان كانوا ذكورا، أو ذكورا وإناثا، وإن كان
بنتا واحدة كان لها النصف وللأب والام (1) السدس، وللزوج الربع،
والباقي يرد على البنت والأبوين أو أحدهما. ومثل ان يجتمع، أب وأم وزوجة،
فيكون للأم السدس مع وجود من يحجبها من الاخوة والأخوات، وللزوجة الربع،
والباقي للأب. ومثل ان تجتمع أم وزوجة، فيكون للزوجة الربع، وللأم الثلث
والباقي يرد على الام. ومثل ان يجتمع واحد من كلالة الام مع زوجة، فيكون
للزوجة الربع، وللواحد المذكور السدس، والباقي يرد عليه، دون الزوجة.
562 - مسألة: هل يصح اجتماع الثمن مع الثلثين؟
الجواب: يصح ذلك، بان تجتمع البنتان أو أكثر منهما من البنات، مع
زوجة، فيكون للزوجة الثمن، وللبنتان الثلثان، والباقي يرد على البنات.
563 - مسألة: هل يصح اجتماع الثمن مع الثلث؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان الثمن، انما يستحق مع وجود الأولاد، ومع
وجود هم لا يثبت استحقاق الثلث، لأنك ان فرضت استحقاق الام، فذلك
لا يكون الا مع عدم الأولاد، وكذلك ان فرضت استحقاقها له مع عدم من
.

(1) وفى نسخة: أو الام
159

يحجبها من الاخوة والأخوات. وان فرضت استحقاق الاثنين أو ما زاد عليهما من
كلالة الام، فذلك أيضا لا يصح الا مع عدم الأولاد.
564 - مسألة: هل يصح اجتماع الثمن مع السدس؟
الجواب: يصح ذلك، مثل ان يجتمع الأبوان أو أحدهما مع الولد، أو ولد
الولد، وزوجة، فيكون لاحد الأبوين السدس، وللزوجة الثمن، والباقي للأولاد،
فإن كان الأولاد ذكورا، أو ذكورا وإناثا، كان كذلك، وإن كان واحد أنثى،
كان لها النصف بالتسمية، وللزوجة الثمن، ولكل واحد من الأبوين السدس،
والباقي يرد على البنت والأبوين أو أحدهما.
565 - مسألة: هل يمنع من الإرث شئ أم لا؟
الجواب: يمنع من الإرث الكفر والرق والقتل عمدا بغير استحقاق.
566 - مسألة: إذا مات انسان، وخلف ابن بنت وبنت ابن، ما الذي
يستحقه كل واحد منهما من الميراث؟
الجواب: الذي يستحقه ابن البنت الثلث، والذي تستحقه بنت الابن
الثلثان، لان كل واحد منهما يأخذ سهم من يتقرب به، والذي يتقرب به ابن
البنت، امه والذي تتقرب به بنت الابن، أبوها، فلهذه الام إذا اجتمعت مع
أخيها الذي هو أبو هذه البنت، الثلث، وله الثلثان.
567 - مسألة: المسألة بعينها، إذا اجتمع معهما زوج أو زوجة، كيف
يستحق الميراث؟
الجواب: إذا اجتمع معهما زوج أو زوجة، كان للزوج الربع، أو للزوجة
الثمن، ولبنت الابن ثلثا الباقي، ولابن البنت ثلث الباقي، وكذلك القول إذا
أخذت الزوجة الثمن.
568 - مسألة: إذا مات وخلف بنت بنت، أو بنتي بنتين، كيف
تستحق الميراث (1)؟
الجواب: إذا خلف بنت بنت، كان لها فرض أمها، وهو النصف،

(1) وفى نسخة: كيف تستحقان الميراث
160

والباقي يرد عليها، فإن كان المخلف بنتي بنتين، كان لهما فرض من تتقربان به،
وهو الثلثان.
569 - مسألة: المسألة بعينها، إذا اجتمعت بنت البنت أو بنتي البنتين،
وزوج أو زوجة، كيف يكون الحكم فيهم في الميراث؟
الجواب: إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنت البنت؟ كان له فرضه
الربع إن كان زوجا، والثمن إن كانت زوجة، ولبنت البنت النصف فرض
أمها، والباقي يرد عليها دون الزوج والزوجة.
وان اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنتي البنتين، كان للزوج الربع، أو
للزوجة الثمن، ولبنتي البنتين الثلثان فرض أمهما، والباقي يرد عليهما، دون الزوج
أو الزوجة.
570 - مسألة: إذا مات وخلف أخا لأب وأم، واخا لأب، هل يكون
الميراث لهما أو لأحدهما؟
الجواب: الميراث للأخ من الأب والام، دون الأخ للأب، بغير خلاف
بيننا.
571 - مسألة: المسألة بعينها، إذا اجتمع معهما أخ لام، أو أكثر منه،
كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: للأخ من الام السدس، ذكرا كان أو أنثى، والباقي للأخ من
الأب والام، لأنه أقوى بسببين، ويسقط الأخ من الأب بغير خلاف أيضا. وإن كان
المخلف من الام أكثر من واحد، كان لهم الثلث، والباقي للأخ من الأب
والام.
572 - مسألة: إذا مات وخلف جده وجدته من أبيه، أو من امه، أو
من أبيه وامه، أو أحدهم مع اخوة وأخوات، هل للأجداد والجدات، أو أحدهم،
ان يقاسموا الاخوة أو الأخوات، أو أحدهم أو لا؟
الجواب: الأجداد والجدات إذا اجتمعوا، أو أحدهم مع الاخوة
والأخوات، أو أحدهم، قاسموهم المال، وجروا مجرى الاخوة والأخوات في
161

المقاسمة، لان درجتهم متساوية.
573 - مسألة: إذا اجتمع جد أب الميت وجدته من قبل أبيه، وجده
وجدته من قبل امه، وجد أم الميت، وجدتها من قبل أبيها، وجدها وجدتها من
قبل أمها مع جد الميت وجدته من أبيه، وجدتها من قبل أمها، واخوة وأخوات،
من يقاسم الاخوة والأخوات منهم؟
الجواب: الذي يقاسم الاخوة والأخوات من هؤلاء الأجداد والجدات،
جد الميت. وجدته من أبيه، وجده وجدته من امه، ويسقط الباقون، لان الأدنى
والأقرب إلى الميت يحجب الا بعد عن الميراث، ويمنعه منه.
574 - مسألة: إذا كان له أربع زوجات مع الولد لم يدخل بهن، وطلق
واحدة منهن، وتزوج أخرى، أو كان قد دخل بهن، ومرض وطلق الواحدة طلاقا
رجعيا، وانقضت عدتها، وتزوج بالمذكورة ومات بينه وبين سنة (1)، ولم يتعين
المطلقة من غيرها، ولا تزوجت في مرضه، كيف حكمهن في الميراث؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في هذه المسألة، كان للتي تزوجها،
ربع الثمن مع الولد وثلاثة أرباع الثمن بين الثلاثة الباقيات والمطلقة التي لم تتميز
من غيرها.
575 - مسألة: إذا مات وخلف عم أبيه وعمته، وعم امه وعمتها،
وخال أبيه وخالته، وخالة امه وخالها، كيف الحكم في الميراث بينهم؟
الجواب: لعم الأب وعمته وخاله وخالته الثلثان: يكون (2) ثلثا الثلثين
لهذا العم والعمة بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، وثلث الثلثين لهذا الخال،
والخالة بينهم بالسوية، فيكون ثلث الباقي من أصل المال لعم الام وعمتها وخالها
وخالتها: لهذا العم والعمة النصف منهم (3)، وهو سدس الأصل بينهما بالسوية
والنصف الآخر، وهو سدس الأصل أيضا بين هذا الخال والخالة بالسوية أيضا.

(1) وفى نسخة: ما بينه وبين سنه.
(2) وفى نسخة: ان يكون.
(3) وفى بعض النسخ (منهما) والظاهر أن الصحيح: (منه) ومرجعه ثلث الباقي من أصل المال
162

576 - مسألة: إذا مات وخلف خال ابن عمه، وعم ابن خاله، كيف
الحكم في ميراثهما؟
الجواب: لخال ابن العم نصيب ابن العم: الثلثان، ولعم ابن الخال
نصيب ابن الخال: الثلث، لان كل واحد منهما يأخذ سهم من يتقرب به وهو ما
ذكرناه.
577 - مسألة: إذا مات وخلف ولدا خنثى، ما الحكم فيه؟
الجواب: إن كان له ما للرجال وما للنساء، كان الاعتبار فيه بالمبال،
فان سبق من الذكر، ورث ميراث الرجال، وان سبق من الفرج، ورث ميراث
النساء، فان خرج البول منهما جميعا في حال واحدة، اعتبر بانقطاعه منهما، فما انقطع
منه أولا حكم له به. فإن كان انقطاعه في حال واحدة، ورث نصف ميراث
الرجل ونصف ميراث المرأة، وقد ذكر انه تعد اضلاعه (1)، فان نقص أحد
الجانبين عن الأخر، حكم بأنه ذكر، وان تساويا حكم بأنه أنثى.
وان لم يكن له ما للرجال وما للنساء، اعتبر حاله بالقرعة، فما خرج،
ورث عليه.
578 - مسألة: إذا مات مسلم، وكان له أولاد، بعضهم أسارى،
وبعضهم غير أسارى، كم يكون ميراثه؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في المسألة، كان ميراثه لجميع الأولاد
بغير خلاف الا من النخعي (2) وشريح (3)، وخلافهما غير معتد به، لا سيما على
ما يقتضيه أصلنا في الاجماع.
579 - مسألة: إذا أسلم انسان، وكنا نحكم باسلام الولد تبعا للأب،
وان مات الأب واسلم الجد حكمنا باسلامه لاسلام الجد، فما القول في ذلك إن كان
الأب حيا واسلم الجد، هل يحكم باسلام الولد تبعا له أم لا؟

(1) الوسائل ج 17 ص 574 ب 2 من أبواب ميراث الخنثى.
(2) والظاهر هو: إبراهيم بن يزيد الفقيه المتوفى 96 لاحظ الاعلام ج 8 ص 15 تأليف: خير الدين - الزركلي.
(3) هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي المتوفى 78 ولى قضاء الكوفة وعمر طويلا لاحظ الاعلام ج 3 ص
161 تأليف خير الدين الزركلي
163

الجواب: إذا أسلم الجد كما ذكر في المسألة، حكمنا باسلام الولد تبعا له،
لأنه لو ملكه لا ينعتق عليه.
580 - مسألة: إذا كانت الام تحجب عن الثلث إلى السدس بأخوين،
أو أخ وأختين، أو أربع أخوات من قبل الأب والام، أو من الأب، ولا
يحجبها عندكم غير هؤلاء من الاخوة والأخوات، فهل يحجبها أولادهم أو لا؟
الجواب: لا يحجب الام أولاد الإخوة والأخوات بغير خلاف.
581 - إذا كانت لانسان مملوكة فزوجها عبدا، ثم أعتقها،
فجائت بولد، هل يكون الولد حرا أم لا؟
الجواب: هذا الولد حر، لأنه لا حق بالحرية بغير خلاف.
582 - مسألة: هل يستوي الجد والأخ في الولاء حتى يتقاسمان الميراث
كذلك أم لا؟
الجواب: الجد والأخ يستويان في ذلك، لقول رسول الله (ص): الولاء
لحمة كلحمة النسب (1)، وأيضا فإنهما يدليان (2) بالأب فيجب ان يستويا في
ذلك، وأيضا فان في النسب يقاسم الجد والأخ فيجب في الولاء مثله.
583 - مسألة: إذا مات مولى (3)، وخلف ثلاثة بنين، مات أحد
البنين وترك ابنين، ومات الثاني وترك ثلاثة بنين، ومات الثالث وترك ثمانية
بنين، ثم مات المعتق، كيف الحكم بينهم في الولاء؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر، كان الولاء بينهم أثلاثا، يأخذ كل
واحد منهم من البنين نصيب أبيه وهو الثلث، للخبر المقدم ذكره. ولو مات المولى
لكان ولد كل ابن يأخذ نصيب أبيه بلا خلاف، فإذا كان حكم الولاء حكم
النسب، كان هاهنا مثله.
584 - مسألة: إذا تزوج حر بأمة، فجائت بولد بستة أشهر أو أكثر، هل
.

(1) عوالي اللئالي ج 3 ص 507.
(2) كذا في النسخة الرضوية والمراد منه يتقربان.
(3) وفى نسخة: مولاه
164

يثبت له الولاء أم لا؟
الجواب: لا يثبت له الولاء، لان الولاء لمن أعتق، وهذا لم يعتق، ولان
الأصل أن لا ولاء، واثباته يفتقر فيه إلى دليل ولا دليل.
585 - مسألة: انسان زوج مملوكته من عبد، ثم أعتقها، فجائت بولد
وكان الولد حرا بغير خلاف، وكان ولاء ولدها لمن أعتقها، فان أعتق العبد، هل
يجر الولاء إلى مولى نفسه أم لا؟
الجواب: إذا أعتق العبد جر الولاء إلى مولى نفسه، لان اجماع الصحابة
عليه، وأيضا فاجماعنا عليه، وفيه الحجة.
586 - مسألة: إذا مات انسان، وخلف ورثة وامرأة حاملا، كيف
الحكم في الميراث؟
الجواب: يورث ميراث ذكرين، ويقسم الباقي في الوارث، ويضمنون،
لان العادة جارية بان أكثر ما تحمله المرأة اثنان، وما زاد على ذلك شاذ خارج
عن العادة، ولتجويز ما ذكرناه قلنا بالضمان.
587 - مسألة: إذا أعتق انسان من غيره مملوكا، هل يكون ولاؤه للمعتق
عنه، أو للمعتق؟
الجواب: إذا كان المعتق أعتق المملوك بأمر المعتق عنه، فالولاء للامر له
بالعتق، وإن كان عتقه بغير امره فالولاء له دون المعتق عنه، لقول رسول
الله (ص): الولاء لمن أعتق (1)، والامر بالعتق معتق، كما أن الامر بالطلاق
والبيع وغير ذلك من العقود عاقد له.
588 - مسألة: إذا ماتت امرأة، وخلفت ابني عم لها، أحدهما زوج،
كيف الحكم في الميراث؟
الجواب: لابن العم الذي هو الزوج النصف بالزوجية، والنصف الآخر
يقسم بينهما، فيكون لهذا الزوج بالزوجية وبالنسب نصف وربع، ويكون لأخيه

(1) كنز العمال ج 10 ص 340 - 341 ح 29713 و ح 29718 وعوالي اللئالي ج 3 ص 507 والكافي ج 6 ص 197
165

الذي ليس بزوج الربع الباقي.
589 - مسألة: إذا مات رجل وخلف ابنتي عم، إحداهما زوجته،
كيف حكم الميراث بينهما؟
الجواب: لبنت العم الربع بالزوجية، والباقي يقسم بينها وبين بنت العم
الأخرى، فيكون لهذه الزوجة النصف والثمن، وللأخرى الربع والثمن الباقي.
590 - مسألة: إذا مات وخلف ابني خالة، أحدهما أخ للأب، كيف
حكم الميراث هاهنا؟
الجواب: حكم الميراث هاهنا، ان المال لابن الخالة الذي هو الأخ،
بسبب الاخوة، لا بسبب انه ابن الخالة، ويسقط ابن الخالة الأخر.
591 - مسألة: إذا مات انسان، رجلا كان أو امرأة، وخلف زوجا
وجده وجدته من قبل أبيه أو جده وجدته من قبل امه، كيف ينقسم المال
بينهم؟
الجواب: النصف للزوج أو الربع للزوجة، والثلث للجد والجدة أو
لأحدهما من قبل الام، والباقي للجد والجدة، أو لأحدهما من قبل الأب.
592 - مسألة: إذا مات وخلف عمته لأب هي خالته لام، وعمة
أخرى لأب، وخالة لأب وأم، كيف يكون حكم قسمة الميراث هاهنا؟
الجواب: للعمتين من قبل الأب الثلثان، وللخالة من قبل الام التي هي
إحدى العمتين من الأب السدس من الثلث، وللخالة الأخرى التي هي من قبل
الأب والام الباقي، وفي هذه المسألة انما يتصور فيها ما ذكرناه، بان ينقسم سهاما
نفرضها من ثمانية عشر سهما، للعمتين من الأب الثلثان: اثنا عشر سهما، لكل
واحدة منهما ستة أسهم، وللخالة من الام التي هي إحدى العمتين من الأب،
سدس الثلث: سهم واحد، فيصير لها سبعة أسهم، وللخالة الأخرى التي هي من
الام والأب الباقي، وهو خمسة أسهم.
593 - مسألة: إذا كان الكافر لا يرث المسلم، فما القول إن مات الكافر
وخلف وراثا بعضهم مسلم، وبعضهم كافر، ثم أسلم الكافر؟
166

الجواب: إذا مات الكافر وخلف ذلك، واسلم من كان كافرا، كان له
حقه من الميراث إن كان قد أسلم قبل القسمة، فان أسلم بعد القسمة، لم يكن له
شئ.
594 - مسألة: إذا مات الكافر، وخلف أولادا صغارا، واخوة من قبل
الام، واخوة من قبل الأب، كيف الحكم في الميراث؟
الجواب: إذا مات الكافر، وخلف المذكورين، دفع إلى الاخوة من الام
الثلث، والى الاخوة من قبل الأب الثلثان، وامر الحاكم الاخوة بان ينفقوا على
الصغار بحسب ما ذكروه، فيكون على الاخوة من الام ثلث النفقة، وعلى الاخوة
من الأب ثلثا ذلك، فإذا بلغ الصغار واسلموا، دفع الاخوة إليهم ما بقى بعد النفقة
عليهم من المال، وان لم يسلموا، تصرف الاخوة ما بقى من المال في أيديهم لنفوسهم
كيف شاؤوا.
595 - مسألة: إذا كان المملوك ما دام مملوكا لا يرث حرا، فما القول في
حرمات وخلف مالا وولدا مملوكا، أو ولدا أو اخوة أو أحدا من ذوي أرحامه
كذلك، ولا وارث له غير هذا المملوك، فكيف يفعل بالميراث؟
الجواب: إذا كان هذا الميت قد خلف من ذكر في المسألة، وجب ان
يبتاع المملوك من تركته، ويعتق، ويدفع باقي المال إليه، فان امتنع سيده من
بيعه، أجبر على ذلك، ولم يكن لامتناعه تأثير، هذا إذا كان المال يزيد على ثمن
المملوك، فإن لم يزد عليه وكان يفي بثمنه، ابتيع به واعتق أيضا، وإن كان
ينقص عن ثمنه ولا يفي به، لم يجب ابتياعه، وكان المال لبيت المال وقد ذكر انه
يبتاع به ويستسعى (1) في الباقي، فمن عمل بذلك لم يكن بذلك بأس.
596 - مسألة: إذا مات الحر وخلف وارثين مملوكين، يرث أحدهما مع
الأخر، مثل الولدين، أو الوالدين أو ما جرى مجرى ذلك من ذوي الأرحام، ولم
يخلف هذا الميت من الميراث الا ما يبتاع به واحد، هل يجب ابتياع واحد دون
الباقين ويعتق أم لا؟

(1) وفى بعض النسخ: ويتسع في الباقي.
167

الجواب: لا يجوز ذلك، ولا يشترى منهم أحد، لان القدر الذي يستحق
ينقص من الثمن (1)، ويكون المال لبيت مال المسلمين.
597 - مسألة: من يستحق لدية المقتول؟
الجواب: الذي يستحق هو الأب والام والأولاد والاخوة والأخوات ممن
يتقرب إلى المقتول من جهة الأب خاصة، ولا يستحقها أخ ولا أخت من جهة
امه، ولا أحد من ذوي ارحامها. والزوج والزوجة إذا لم يقتل أحدهما الأخر،
والمطلقة طلاقا رجعيا ترث زوجها إذا قتل من ديته، كما ترث من تركته ما لم
تخرج من عدتها، وكذلك الزوج إذا قتلت زوجته وهي في عدتها، ورث من
ديتها، كما يرث من تركتها.
598 - مسالة: إذا وقع على جماعة، يرث بعضهم بعضا، حائط أو دار أو
غرقوا أو احترقوا في وقت واحد، ولم يعلم تقدم موت أحدهم على الأخر، كيف
الحكم في توريثهم؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في هذه المسألة، وجب توريث
بعضهم من بعض من نفس تركته، لا مما يرثه الأخر، يقدم الأضعف في استحقاق
الميراث، ويؤخر الأقوى في ذلك، مثال ما ذكرناه: أب وابن، فنفرض ان الابن
مات أولا، فيورث الأب منه سهمه: السدس مع الولد، والباقي للابن، وهو
أضعف منه، ويعطى ورثته الباقي. ثم نفرض ان الأب مات، فيعطى الابن حقه
منه، ولورثته الباقي.
ومثاله أيضا زوج وزوجة، فيفرض موت الزوج أولا، تورث الزوجة
منه، لان سهمها في الاستحقاق (2) أقل من سهم الزوج، لان أكثر ما تستحقه
المرأة الربع، وأكثر ما يستحقه الرجل النصف، وهو أقوى حظا منها، ودفع إلى
الزوجة حقها منه، ولورثته ما بقى، ثم يفرض انها ماتت، فيعطى الزوج منها حقه
من نفس تركتها، لا مما ورثته منه ويدفع إلى ورثتها الباقي.

(1) وفى نسخة: من المثمن.
(2) في بعض النسخ: في استحقاقها.
168

فان فرضنا في هذه المسألة: في الأب الذي قدمنا ذكره ان له وارثا، الا
ان الولد المذكور أولي منه، وفرضنا ان للولد وارثا له، الا ان أباه أولي منه، فإنه
يصير ميراث الابن لورثة الأب، وميراث الأب لورثة الابن.
599 - مسألة: إذا مات انسان وخلف شخصا له رأسان، أو بدنان، على
حقو واحد هل يورث ميراث اثنين، أو ميراث واحد؟ فان قلتم: يورث ميراث
واحد، قيل لكم: كيف يورث ذلك، والشخص اثنان، وان قلتم: يورث ميراث
اثنين، قيل لكم: كيف يورث ذلك، والبدن الذي عليه الرأسان، أو الحقو الذي
عليه البدنان، واحد، وبعد كيف يعلم بأنه واحد أو اثنان، حتى يورث على ما
ذكرتموه؟
الجواب: هذا الشخص لا يورث ميراث اثنين، ولا ميراث واحد الا بعد أن
يعلم هل هو حيان، أو حي واحد، فان علم أنه حيان، ورث ميراث اثنين، وان
علم أنه حي واحد، ورث ميراث حي واحد. والطريق إلى المعرفة بما ذكرناه هو:
ان يترك هذا الشخص حتى ينام، ثم ينبه أحدهما، فان انتبه الاثنان، كان حيا
واحد، ورث ميراث واحد، وان انتبه أحدهما ولم ينتبه الأخر، كان حيين، ورث
ميراث اثنين.
169

باب مسائل تتعلق بالنكاح:
600 - مسألة: إذا كان للمرأة وليان، أذنت لكل واحد منهما في تزويجها،
فزوجاها، ثم ادعى كل واحد منهما ان عقده مقدم على عقد الأخر، وانها عالمة
بذلك، وأنكرت ما ادعيا عليها من العلم، ولم تكن لاحد الوليين بينة على ما
ادعاه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر، وادعى كل واحد منهما عليها العلم
بما ادعاه وأنكرت، كان القول، قولها مع يمينها انها لا تعلم ذلك، لان الأصل ان
لا علم لها بذلك.
601 - مسألة: المسألة بعينها، إذا أنكرت انها عالمة بذلك، ووجبت
عليها اليمين بأنها لا تعلم ذلك، ونكلت عن اليمين، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا نكلت عن اليمين ردت اليمين على الوليين، فان نكلا جميعا
عن اليمين، أو حلفا جميعا، بطل العقدان، فان حلف الواحد دون الأخر، كان
الحكم للذي حلف، لأنه قد أثبت الحجة بما ادعاه.
602 - مسألة: المسألة بعينها، إذا ادعى الوليان عليها بذلك، واعترفت
لكل واحد منهما بما ادعاه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اعترفت لكل واحد منهما بما ادعاه، بطل العقدان، لان
الجمع بينهما لا يصح.
603 - مسألة: إذا زوج الرجل أخته من رجل، ومات الزوج،
170

واختلف الوارث والزوجة، فادعى الوارث عليها، بان أخاها زوجها بغير أمرها،
فلا حق لها مع ذلك في الميراث، لان نكاحها فاسد، وادعت هي، ان أخاها
زوجها بأمرها، وانها تستحق الميراث من الزوج، لان نكاحها صحيح، كيف
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على الوجه المذكور، كان القول، قولها مع يمينها، لان
الوارث مدع لخلاف الظاهر، لأن الظاهر في النكاح، انه على الصحة.
604 - مسألة: إذا كان الزوج مجنونا، وادعت زوجته انه عنين، هل
يصح ضرب أجل العنة له أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان هذا الاجل، انما يصح بعد أن ثبتت العنة،
وليس تثبت الا بقول الزوج، لأنها مما لا تقوم البينة عليه، وإذا كان هكذا،
فثبوت عنته من جهته لا تصح، وإن كان كذلك لم يصح ضرب هذه المدة له.
605 - مسألة: إذا كان الزوج عاقلا، واعترف بأنه عنين، وضرب له
الاجل، وانتهى الاجل، وهو مجنون، هل تصح من زوجته الدعوى عليه، والمطالبة
بالفرقة له أم لا؟
الجواب: لا تقبل دعواها، ولا تجوز الفرقة بينهما، لأنها إن كانت ثيبا،
وادعت انه لم يطأها في مدة الاجل، كان القول، قول الزوج مع يمينه، ومع كونه
مجنونا لا يمكن التوصل إلى ما عنده فيما تدعيه. وإذا كانت بكرا وأنكر الزوج
وادعى انها تمنعه من نفسها، ولا يتمكن من وطئها، ويمكن ان يدعى انه
افتضها، ورجعت عذرتها، وهذا مع امكانه لا يصح من المجنون، فلم يكن إلى
التفرقة بينهما سبيل.
606 - مسألة: إذا كانت لانسان ابنتان، اسم الواحدة منهما (نعم) (1)
وهي الكبيرة، واسم الأخرى (صفية) وهي الصغيرة، فقال لمن يريد التزويج
بإحداهما: زوجتك بنتي الكبيرة (صفية) أو قال: زوجتك بنتي الصغيرة
(نعم)، هل يصح النكاح أم لا؟

(1) وفي نسخة: نعمة وكذا فيما يأتي.
171

الجواب: إذا قال ذلك، صح النكاح، لان الكبيرة صفة لازمة، والاسم
غير لازم، وكذلك القول في الصغيرة، لان الصغيرة صفة لازمة، والاسم غير
لازم.
607 - مسألة: إذا كانت له بنت واحدة، وقال له: زوجتك بنتي
(صفية) واسمها (نعم)، هل يصح ذلك النكاح أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك صح النكاح، لان بنتي صفة لازمة، والاسم غير
لازم.
608 - مسألة: إذا قال له: زوجتك بنتي، وله بنات، أو قال: إحدى
ابنتي، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأن العقد لم يتناول واحدة منها بعينها، ومن
شرط صحته التناول لذلك.
609 - مسألة: إذا كانت له ابنتان صغيرة وكبيرة، واسم الكبيرة
(نعم) واسم الصغيرة (صفية) فقال: زوجتك بنتي (نعم)) ونوى الصغيرة،
فقال الزوج: قبلت نكاح (نعم) ونوى الكبيرة، هل يلزم النكاح أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك، لزم العقد في الظاهر، لاتفاقهما في الاسم، فكان
الظاهر نكاح الكبيرة، الا انه في الباطن فاسد، لان الولي أوجب الصغيرة،
والزوج قبل نكاح الكبيرة، فقد قبل غير التي أوجبها الولي، هذا ان صدقه، فإن لم
يصدقه فالنكاح في الظاهر لازم.
610 - مسألة: إذا تزوج الرجل امرأة، وأصدقها مملوكا، فدبرته ورجعت
في تدبيره، فطلقها الزوج قبل الدخول لها، ما الذي يحكم له فيه؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، كان له نصفه، لان الرجوع في
التدبير يصح، فالمملوك عين ما له.
611 - مسألة: المسألة بعينها، وطلقها قبل الدخول بها، والمملوك مدبر لم
ترجع في تدبيره، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا كان كذلك، كان له الرجوع على المرأة بنصف قيمة
172

المملوك، لأنه ليس له اخذ نصفه مع بقاء التدبير.
612 - مسألة: المسألة بعينها، وطلقها قبل الدخول بها، والمملوك مدبر لم
ترجع في تدبيره، ولم يأخذ الرجل النصف من القيمة إلى أن رجعت في التدبير، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان كذلك، كان له نصف عين المملوك، وقد قيل: إنه
يكون مخيرا بين اخذ نصف عينه، وبين اخذ نصف قيمته (1)، والأول عندي
أقوى، لأنه عين ماله.
613 - مسألة: إذا أصدقها مملوكا، فبان له انه حر، كيف الحكم في
ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر، كانت لها قيمة هذا الانسان، لو كان
مملوكا، لأنه أصدقها شخصا معينا، فما منعتها حريته من التصرف فيه كانت له
قيمته.
614 - مسألة: إذا قال: أصدقتك هذا الخل، فظهر خمرا، كيف الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا كان كذلك، كانت عليه قيمة الخمر عند مستحليه، لأنه
سمى لها الخل فبان أنه خمر، فأوجبنا القيمة.
615 - مسألة: إذا قال لها: أصدقتك هذا الخمر، كيف يكون الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا سمى له الخمر وعينها، كان لها مهر المثل، لأنه سمى لها ما
لا يجوز ان يكون مهرا، فلم نوجب القيمة فيه، وأوجبنا مهر المثل.
616 - مسألة: إذا اختلف الزوج والزوجة، فقال الزوج: تزوجتك
بألف دينار، وقالت الزوجة بل تزوجتني بألفي دينار، بماذا يحكم في المهر من
ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا كذلك، وكانت لأحدهما بينة، حكم بالبينة، فان

(1) وهو خيرة الشيخ في المبسوط ج 4 ص 290.
173

لم تكن لأحدهما بينة، كان القول، قول الزوج مع يمينه، لأنها قد اتفقا على
الألف، وادعت الزوجة عليه الزيادة على ذلك، فكانت عليها البينة، فإذا لم
يكن لها ذلك، كان القول قول الزوج كما ذكرناه.
617 - مسألة: إذا شرط الزوجان خيار الثلاث في النكاح (1)، هل
يصح ذلك أم لا؟
الجواب: إذا كانا شرطا ذلك في أصل العقد، بطل النكاح، لأنه عقد
يلزم بنفسه، فخيار الشرط لا يصح فيه، فإن كان ذلك في المهر، لم يبطل النكاح،
وكان العقد صحيحا، والخيار ثابتا، والمهر لازما، لقول رسول الله (ص): المؤمنون
عند شروطهم (2).
618 - مسألة: إذا تزوج امرأة، على صداق عينه، ثم إنها قالت: لا أسلم
نفسي حتى اقبض صداقي، هل يصح لها ذلك أم لا؟
الجواب: إذا كان الصداق مؤجلا لم يكن لها منع نفسها من التسليم، لان
برضاها بتأجيل الصداق قد دخلت على الرضا بتسليم نفسها إلى الزوج قبل قبضه،
فليس لها الامتناع حتى تقبض الصداق، وكذلك إن كان قد دخل بها ولم
يطأها وامتنعت (3)، كان لها ذلك (4)، فإن كان وطأها، لم يكن لها الامتناع،
ولها المطالبة بالمهر، وقد ذكر (5) ان لها الامتناع هاهنا أيضا، وهو الأقوى.
619 - مسألة: إذا وطأ الرجل زوجته فأفضاها، ثم أراد جماعها بعد
ذلك، هل يجوز له جماعها أم لا؟
الجواب: إذا كان الموضع قد اندمل بعد الافضاء وبرء، كان له جماعها،
وليس لها منعه، وان لم يكن اندمل، لم يجز له جماعها، وكان لها منعه إلى أن

(1) أي ثلاثة أيام، كما صرح بذلك، الشيخ في الخلاف في مسألة الخيار في الصداق وقد حكى فيه أيضا في مسألة شرط
خيار الثلاث في النكاح عن أبي حنيفة انه يبطل الشرط ويصح النكاح. لاحظ الخلاف ج 2 ص 375 وص 414.
(2) الوسائل ج 15 ص 30 ب 20 - أبواب المهور ج 4.
(3) وفى نسخة: وامتنعته.
(4) في العبادة غموض والظاهر سقوط (ما) من النسخ قبل (كان) فتكون العبارة: ما كان لها ذلك.
(5) نسبه الشيخ في الخلاف ج 2 كتاب الصداق المسألة 39 إلى أبي حنيفة، واختاره في المبسوط ج 4 ص 313.
174

تندمل وتبرء، لأنه لو مكن من ذلك، لم يؤمن على الموضع التلف، وان
ينفتق (1) إن كان لم يتم اندماله وبرؤه.
620 - مسألة: المسألة بعينها، واختلفا، فقال الرجل؟ قد اندمل الموضع
وبرء ولا خوف عليه، وقالت المرأة: لم يندمل ولم يبرء، وانا أخاف الضرر، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على الوجه المذكور، كان القول، قولها مع يمينها فيما
ذكرته، لأنه مما لا سبيل إلى إقامة البينة عليه.
621 - مسألة: هل يجوز للرجل ان يتزوج المرأة، على أن يكون صداقها
عتقه أباها أم لا؟
الجواب: يجوز ذلك، إذا كان عن اختيارها، وينعتق الأب عليها عقيب
العقد، لأنها ملكته بالعقد.
622 - مسألة: إذا كانت المرأة محجورا عليها، وتزوجها الرجل بصداق،
هو أبوها، وقبل وليها ذلك، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان الولي انما يتصرف فيما للمولى عليه فيه
منفعة، وهذا لا نفع لها فيه، فلا يصح الصداق.
623 - مسألة: إذا أصدقها الزوج أمها، وكان وليها أبوها، وقبل أبوها
ذلك، هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا فرق بين هذه المسألة وبين المتقدمة لها في أن يكون الولي
أباها أو غيره، والقول فيهما واحد.
624 - مسألة: إذا أصدق الرجل المرأة إنائين، فانكسر الواحد منهما،
وطلقها قبل دخوله بها، وكان للمطلق قبل الدخول بها، الرجوع عليها بنصف
الصداق، فبأي شئ يرجع عليها في ذلك؟
الجواب: إذا كان كذلك، يرجع عليها بنصف قيمه الموجود، ونصف
قيمة المكسور، لان جميعهما هو الصداق، وله الرجوع بنصف الصداق، فوجب له

(1) في بعض النسخ لم ينعتق والصحيح ما أثبتناه.
175

ذلك.
625 - مسألة: إذا تزوج الرجل امرأة على انها مسلمة، فظهرت كافرة،
كتابية كانت أو غير كتابية، هل يصح العقد أم لا؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر، كان العقد باطلا، لان نكاح
الكفار عندنا باطل.
626 - مسألة: إذا تزوج أربع نسوة، فعن (1) عن واحدة منهن ولم يعن
عن الباقي منهن، هل يكون لها خيار في المقام معه والمفارقة له، وهل يضرب له
أجل أم لا؟
الجواب: ليس لهذه خيار في ذلك، ولا يضرب له أجل، لأن العقد
صحيح ثابت بالاتفاق، وتخييرها يفتقر في صحته إلى دليل ولا دليل عليه.
627 - مسألة: إذا تزوج الرجل امرأة بمهر في السر، وعقد عليها في
العلانية بمهر آخر مخالف للأول، ما الذي يلزمه منهما، وما الصحيح منهما؟
الجواب: العقد الصحيح والمهر الثابت اللازم هو العقد والمهر الأول،
الذي عقده في السر، لأن العقد والمهر قد ثبت به، والثاني ليس بعقد صحيح
لبطلان عقد لم ينفسخ في النكاح، وإذا كان هذا العقد باطلا فالمهر المعلق به
كذلك.
628 - مسألة: إذا اختلف الرجل والمرأة في قبض المهر، فقال الرجل:
قد أقبضتك صداقك، وقالت المرأة: ما قبضته، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا، كان القول قولها مع يمينها، لقول رسول الله (ص):
البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (2)، والزوج معترف بالمهر ومدع،
لأنه قد اقبضه، فعليه البينة، فإن لم تكن له بينة، كان عليها اليمين كما قدمناه.
629 - مسألة: إذا أصدقها مأة، ودفع إليها مأة، ثم اختلفا، فقالت
الزوجة: قلت: خذيها هبة، أو قالت: هدية، وقال الزوج: بل قلت: خذيها

(1) من العنين.
(2) الوسائل ج 18 ص 3 - أبواب كيفية الحكم ح 5.
176

صداقا، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا كذلك، كان القول قول الزوج مع يمينه، ان لم تكن
بينة، لأنهما متفقان على أن المأة ملك الزوج، واختلفا في صفة انتقالها إلى يدها،
فكان القول، قول المالك، وعلى من يدعى انتقالها إليه بسبب، البينة، فإذا لم
تكن بينة، كان القول قوله، على ما قدمناه.
630 - مسألة: إذا أصدقها مملوكا أو نصفه، فوهبت له المملوك أو
النصف المذكور، وطلقها قبل دخوله بها، هل يصح له الرجوع عليها بشئ من
ذلك أم لا؟
الجواب: إذا طلقها قبل الدخول بها، كان له الرجوع عليها بالنصف مما
أصدقها، فإن كان المملوك، كان نصفه، وإن كان نصف المملوك، كان نصفه
وهو الربع، لان الذي استحقته من العبد أو نصفه، فقد وهبته، فإذا وهبته، فقد
قبضته، وإذا كانت هاهنا قابضة، وطلقها قبل دخوله بها، كان عليها الرد مما
قبضته.
177

باب مسائل تتعلق بالخلع:
631 - مسألة: إذا أصدقها مأة، ثم خالعها قبل دخوله بها، فهل يسقط
جميع الصداق أو نصفه؟
الجواب: إذا خالعها كما ذكر في المسألة، سقط جميع الصداق، على ما
نبينه، وذلك أن الخلع عندنا، لا يكون الا بطلاق، وإذا كان كذلك، كان لقد
طلقها قبل دخوله بها، وإذا كان مطلقا لها كذلك، وجب الرجوع بنصف
الصداق، وإذا رجع عليها بذلك، استقر لها النصف و [إذا استقر لها النصف]
(1) وسقط بالخلع، فلم يكن لها شئ، وبان بذلك سقوط الجميع.
632 - مسألة: إذا تخالعا واختلفا في النقد أو القدر أو الجنس، كيف
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا في شئ من ذلك، كان القول، قول الزوجة مع
يمينها، لقول رسول الله (ص): البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (2)،
والزوج هاهنا هو المدعى، لأنه يدعى ما تنكره الزوجة، فكانت عليه البينة، فإذا
لم تكن بينة، كان القول قول الزوجة، كما قدمناه.
633 - مسألة: إذا تخالعا على الشرط، مثل أن يقول الزوج: ان أعطيتني

(1) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية ونسخة - د
(2) الوسائل ج 18 ص 171 ب 3 - أبواب كيفية الحكم ح 5
178

كذا فأنت طالق، هل يصح الخلع على ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لأن الخلع عندنا طلاق، والطلاق لا يقع عندنا
بشرط.
634 - مسألة: إذا كانت عنده جارية وهي حامل فقال لزوجته:
خالعتك على حمل هذه الجارية، هل يصح الخلع والطلاق أم لا؟
الجواب: لا يصح الخلع ولا يقع الطلاق بذلك، لان العوض الذي هو
الحمل مجهول، والمجهول لا يصح الخلع ولا وقوع الطلاق به، والقول بمهر المثل
ووقوع الطلاق لا يصح، لان الأصل ثبوت العقد وبرائة الذمة، وعلى من يدعى
خلاف ذلك، الدليل، ولا دليل عليه.
635 - مسألة: إذا اختلعت الزوجة في مرضها بأكثر من مهر مثلها، هل
يصح ذلك أم لا؟ فان صح فهل يكون ذلك من صلب مالها أم لا؟
الجواب: الخلع بما ذكر في هذه المسألة صحيح، لان المرض لا يبطل
المخالعة بمهر المثل أو أكثر منه، ويكون ذلك من صلب مالها، لقوله سبحانه:
(فلا جناح عليهما فيما افتدت به) (1)، ولم يفرق بين حال المرض وغيره، فوجب
حمله على عمومه الا ان يدل دليل.
636 - مسألة: إذا قالت المرأة لزوجها: طلقني طلقة بمأة، فقال: أنت
طالق ثلاثا بمأة، هل يقع بذلك طلاق أم لا؟
الجواب: إذا قال الزوج ذلك، طلقت المرأة بواحدة، وكان عليها المأة،
لان التلفظ بالطلاق الثلاث عندنا لا يقع منه الا طلقة واحدة، والزوجة لم تطلب
منه الثلاث، فلا يلزم ذلك لو كان الثلاث يصح، وكيف وهو عندنا لا يصح.
637 - مسألة: إذا قالت له: طلقني طلقة بمأة، فقال: أنت طالق بمأة،
وطالق وطالق، ما الذي يقع من ذلك؟
الجواب: الذي يقع من ذلك، هو الأولى، لان العوض حصل في مقابلتها،

(1) البقرة: 229
179

والثانية والثالثة لم يقع منها شئ، لأنه طلقها بعد أن بانت الزوجة بالأولى،
وطلاق البائن باطل. (1)
638 - مسألة: إذا قالت له: طلقني بمأة، فقال لها: أنت طالق وطالق،
ولم يذكر المأة، كيف القول في ذلك؟
الجواب: القول في ذلك أن نقول، انها طلقت بالمأة، فان المأة في مقابلة
الأولى، وكانت المرأة بائنا بها، ولم تقع الثانية ولا الثالثة، لمثل ما ذكرناه أولا في
المسألة المتقدمة، وان قال في مقابلة الثانية، كانت الأولى رجعية، ولم تقع الثانية
ولا الثالثة، وان قال في مقابلة الثالثة، كانت هذه التطليقة واقعة بطلت الثانية
والثالثة.
639 - مسألة: إذا قال لها: خالعتك على ما في هذا الظرف من الخل،
فخرج خمرا، هل وقع الخلع أم لا، فان وقع فهل تقبض الخمر أم لا؟
الجواب: إذا قال لها ذلك، صح الخلع، لأنه في مقابلة ما يصح تملكه
وبذله في ذلك، فاما إذا ظهر ان الخل خمر، فان الواجب، قبض بدل الخمر خلا،
لان الخل له مثل فيجب فيه ذلك.
640 - مسألة: إذا كانت له زوجتان، فقالتا له: طلقنا بمأة، فطلقهما على
الفور، ثم ارتدتا بعد ذلك، هل يصح ذلك أم لا؟ فان صح، كيف القول في
كيفية قبض المأة منهما؟
الجواب: إذا طلقهما على ما ذكرنا، كان الطلاق صحيحا، ووقع بائنا،
والردة غير مؤثرة في ذلك، لأنها حدثت بعد ثبوت عقد الخلع، واما كيفية قبض
المأة، فإنه يجب عندنا ان يقبض من كل واحدة منهما النصف من ذلك.
641 - مسألة: إذا قال لزوجته: طلقتك بمأة وأنت ضامنة لذلك،
وأنكرت الزوجة ما ادعى به عليها، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم فيه، ان البينونة صحيحة، لاعتراف الزوج واقراره
بذلك، واما ما ادعى به على الزوجة، فالقول قولها مع يمينها، لأنه يدعى عليها

(1) وفى نسخة: وطلاق الثانية والثالثة باطل.
180

عقد معاوضة، والأصل ان لا عقد، هذا إذا لم تثبت له بينة على دعواه، فان (1)
ثبتت له على ذلك بينة، حكم له بها.

(1) وفى نسخة: فاما ان ثبتت.
181

باب مسائل تتعلق بالطلاق:
642 - مسألة: إذا قال الزوج لزوجته: أنت طالق، ولم ينو الفرقة
والبينونة، هل يقع الطلاق أم لا؟
الجواب: الطلاق عندنا لا يقع الا بنية، فمتى تعرى من ذلك لم يقع، لقول
رسول الله (ص): انما الأعمال بالنيات (1).
643 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق ان قام (زيد) أو ان دخل
(عمرو) الدار، هل يقع الطلاق أم لا؟
الجواب: إذا قال لها ذلك، لم يقع طلاقه، لأنه علقه بشرط، وكل طلاق
علق بشرط، فإنه عندنا لا يصح ولا يقع.
644 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق ملا البلد، أو ملا الدنيا، هل يقع
الطلاق أم لا؟
الجواب: إذا كان على الشرائط، وقصد (2) نية الفرقة، وقعت طلقة
رجعية، وان لم يكن على ذلك لم يقع شئ، وكذلك لو قال لها: بألف طالق،
أو بمأة طالق، لان الباب في ذلك كله، واحد.
645 - مسألة: إذا قال لها: ان بدأتك بكلام فأنت طالق، فقالت له:
ان بدأتك بكلام فعبدي حر، هل يقع طلاق وعتق ان بدء أحدهما بصاحبه

(1) الوسائل ج 1 ص 34 ب 5 أبواب مقدمة العبادات ح 10.
(2) وفى النسخة الرضوية: وحصلت نية الفرقة.
182

أم لا؟
الجواب: لا يقع هاهنا طلاق ولا عتق، لأنهما جميعا عندنا لا يقعان
بشرط، وذلك مشروط.
646 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق طلاق الجرح والسنة، أو طلاق
الجرح، أو لرضى فلان، هل يقع طلاق أم لا؟
الجواب: إما قوله: أنت طالق طلاق الجرح والسنة أو طلاق الجرح أو
لرضى فلان، فإنه إن كانت النية حاصلة والشروط وقعت طلقة واحدة رجعية،
وان لم يكن ذلك حاصلا، لم يقع شئ، فان قال: أردت بقولي لرضى فلان، ان
رضي فلان كان الطلاق أيضا غير واقع، لأنه يكون بشرط، والطلاق عندنا لا يقع
بذلك كما ذكرناه في غير موضع.
647 - مسألة: إذا قال لزوجته: أنت طالق، وقال: أردت ان أقول:
أنت طاهر، أو قال لها: طلقتك، وقال: أردت أقول: أمسكتك، فسبق لساني
بذلك، هل يقع (1) طلاق أم لا؟
الجواب: إذا قال ما ذكر في المسألة، قبل قوله في الحكم، والباطن فيما
بينه وبين الله تعالى، لقول النبي (ص): الأعمال بالنيات (2). وأيضا فاللفظ
لا يكون مفيدا لما وضع له في اللغة الا بالنية والقصد، فإذا قال: ما نويت، قبل
قوله.
648 - مسألة: هل يصح ان ينوى الرجل بقوله: أنت طالق، أكثر من
طلقة واحدة أم لا؟
الجواب: لا يصح ان ينوى بذلك أكثر من طلقة واحدة، وان نوى أكثر
منها لم يقع غير الواحدة، لان الأصل، بقاء العقد، ووقوع الواحدة بصريح الطلاق
مع النية مجمع عليه، وما زاد على ذلك بغير الصريح، ليس عليه دليل (3)، فصح

(1) وفى النسخة الرضوية هل يصح طلاق
(2) الوسائل ج 1 - ص 34 - ب 5 - أبواب مقدمة العبادات ح 5
(3) وفى نسخة: وما زاد على ذلك وبغير الصريح ليس له عليه دليل.
183

ما ذكرناه.
649 - مسألة: رجل طلق زوجته طلقة رجعية، وارتجعها قبل انقضاء
عدتها، ولم تعلم بالرجعة، فقضت عدتها وتزوجت رجلا آخر، ثم حضر الزوج،
وادعى انه ارتجعها في عدتها، وثبت ذلك له، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا ثبت له ارتجاعها قبل انقضاء عدتها، بطل نكاحها من الزوج
الثاني، دخل بها أو لم يدخل، لأنه تزوج بامرأة لها زوج، وذلك لا يجوز، وأيضا
فلا خلاف انه لو لم يدخل الثاني بها لردت على الأول، وإذا ثبت له الرجعة
ثبتت الزوجية، وبطل النكاح الثاني، كما قدمناه.
650 - مسألة: هل يصح الايلاء من الذمي أم لا؟
الجواب: يصح ذلك منه لقول الله تعالى وتبارك: (للذين يؤلون من
نسائهم) (1)، وهذا عام في الذمي والمسلم.
651 - مسألة: إذا قال له رجل: فارقت زوجتك، قال: نعم، هل يقع
طلاق أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك حكم بطلقة واحدة، لاقراره بايقاعه بها، فان
قال: انما أردت بقولي (نعم) الاقرار بطلاق تقدم منى قبل هذه الزوجية،
وصدقته المرأة، فالامر على ما ذكره، وان كذبته، كانت عليه البينة، لان ذلك
غير متعذر، وان لم تكن له بينة، كان القول قوله مع يمينه.
652 - مسألة: إذا كانت له زوجة، فقال له آخر: ألك زوجة؟ فقال:
لا، هل يقع بذلك طلاق أم لا؟
الجواب: لا يقع بذلك طلاق، لأنه كاذب.
653 - مسألة: إذا قال لزوجته: أنت طالق واحدة في اثنين، ما الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا قال ذلك، ونوى الطلاق، وقعت واحدة رجعية، كان
عارفا بالحساب والضرب، أو لا يكون عارفا بذلك.

(1) البقرة: 226
184

654 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق واحدة لا تقع عليك، هل يقع
طلاق أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك لم يقع طلاق، لعدم النية منه لذلك.
655 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق لا، هل يقع طلاق أم لا؟
الجواب: إذا نوى الايقاع مع هذا القول، وقعت واحدة، وان قال: انما
أردت بقولي: (لا) انه لا يقع، قبل قوله.
656 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق طلقة، قبلها طلقة، هل يقع
بذلك طلاق أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك، وقعت طلقة واحدة رجعية مع النية لذلك،
وقوله (قبلها طلقة) عندنا لغو لا تأثير له.
657 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق نصف طلقة، أو ربع طلقة، أو
ثلث طلقة، أو ما أشبه ذلك، هل يقع من ذلك طلاق أم لا؟
الجواب: لا يقع من ذلك شئ، لان الطلقة لا تتبعض، ولأنه بقوله
ذلك غير منوا للطلاق، لما ذكرناه، وهو مذهب شيخنا (المرتضى) رحمه الله.
وذهب الشيخ (أبو جعفر الطوسي) إلى وقوع واحدة مع النية (1).
658 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق ثلاثا الا طلقة، هل يقع من
ذلك طلاق أم لا؟
الجواب: إذا قال ذلك، وقعت واحدة مع النية، لان الاستثناء بغير مشية
الله تعالى لا يدخل عندنا لي الطلاق، مشية الله تعالى إذا دخلته فإنها تحله كما
تحل الاقرار والايمان والعتق.
659 - مسألة: إذا قال لها: أنت طالق طلقة لا بل طلقتين، ما الذي يقع
من ذلك؟

(1) لم نجد في كتب الشيخ ما حكاه عنه، نعم قال الشيخ في المبسوط ج 5 ص 58 (فان قال: أنت طالق نصفا وثلثا
وسدسا ولم يزد على هذا ونوى با الأول الايقاع وقعت واحدة) والعبارة ترمى إلى ما إذا كانت الكسور وافية بالطلاق
الواحد وهو غير ما ذكره المصنف حيث إن الكسور فيه جزء من الواحد وليست تمامه.
185

الجواب: إذا قال ذلك، وكانت الشروط حاصلة، وقعت طلقة واحدة
رجعية، فان قيل: أليس لو قال: لفلان على درهم لا بل درهمان، لزمه درهمان؟
فما أنكرتم من مثل ذلك فيما ذكره في الطلاق، والا فما الفرق بينهما؟ قلنا: الفرق
بين ذلك، ان ايقاع الطلقتين في وقت واحد عندنا لا يصح، ويصح ذلك في
الاقرار.
660 - مسألة: رجل له زوجتان، الواحدة اسمها (هند)، والاخرى
اسمها (نعم) فقال: يا (هند)، وقالت له (نعم): لبيك، فقال أنت طالق،
ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر، سئل هذا الرجل عمن نواه، فان
قال: علمت أن (نعما) أجابتني، الا انني وجهت الطلاق إلى (هند) دون
(نعم)، قبل قوله، وطلقت (هند) ولم تطلق (نعم)، فان قال: لم اعلم أن التي
أجابتني (نعم)، وظننت انها (هند)، فطلقت التي أجابتني ظنا مني بأنها
(هند)، وقع الطلاق على (هند) ولم تطلق (نعم)، لان المدعى والقصد والنية
منه إلى من عينه، والتي عينها وقصد ونوى طلاقها (هند)، فوقع طلاقها دون
أخرى.
186

باب مسائل تتعلق بالظهار واللعان:
661 - مسألة: هل يصح من الكافر الظهار أم لا؟
الجواب: لا يصح منه ذلك، ولا التكفير أيضا، لان الظهار حكم شرعي،
والجاحد للشرع لا يصح ذلك منه، ولا تصح منه الكفارة عن ذلك أيضا، لأنها
عبادة تفتقر فيها إلى نية القربة، والكافر لا يصح منه مع كفره التقرب إلى الله
تعالى، وإذا لم تصح الكفارة منه، لم يصح الظهار منه، لأنه لم يفرق بينهما أحد.
662 - مسألة: هل يصح الظهار بالمملوكة أم لا؟
الجواب: يصح ذلك، لقول الله تبارك وتعالى: (والذين يظاهرون من
نسائهم) (1)، ولم يفرق بين مملوكة وغيرها.
663 - مسألة: إذا قال الرجل لزوجته: أنت على كظهر أمي، ونوى
بذلك الطلاق، هل يكون ذلك ظهارا أو طلاقا؟
الجواب: لا يكون ذلك ظهارا ولا طلاقا، لان الطلاق عندنا، لا يقع
بشئ من الكنايات، والظهار أيضا لا يقع الا بالقصد إليه دون القصد إلى غيره.
664 - مسألة: إذا كان زوج المرأة صبيا، فقال لها: يا زانية، هل يكون
ذلك منه قذفا لها أم لا؟ فإن لم يكن قذفا، فهل له ان يلاعن إذا بلغ أم لا؟
الجواب: لا يكون ذلك قذفا، ولا يجب عليه به حد، لقول رسول

(1) - المجادلة: 3
187

الله (ص): رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبى حتى يحتلم. واما اللعان عند
بلوغه إذا اراده، فليس له ذلك، لان اللعان انما يكون لتحقيق القذف، وقد بينا
القول بأنه لا قذف له.
665 - مسألة: إذ اتى الملاعن بلفظ الحلف بدلا من لفظ الشهادة في
اللعان فقال: أقسم بالله، أو احلف بالله، هل يكون ذلك مجزيا له أم لا؟
الجواب: إذا اتى بذلك على ما ذكر، لم يكن مجزيا له، لأنه خلاف
النص وذلك لا يجوز.
666 - مسألة: إذا كان المتلاعنان يعرفان الكلام بالعربية والعجمية
فبأيهما يوقعان اللعان؟
الجواب: إذا كانا يعرفان ذلك، أوقعا اللعان بالعربية دون العجمية
لأنها لفظ القرآن، ولا ينبغي مع الاختيار العدول عن ذلك، وان كانا لا يعرفان
العربية، أو أحدهما جاز حينئذ ان يوقعه (2) من لا يعرفها بالعجمية.
667 - مسألة: إذ ولدت المرأة ولدين توأمين، إما في دفعة واحدة، أو
ولدت أحدهما بعد الأخر، فهل لزوجها، ان ينفى عنه أحدهما دون الأخر أم لا؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، وأراد نفى أحدهما لم يصح، بل إذا أقر
بالواحد لحقه الأخر، ولم يجز له ان ينفيه عن نفسه، لأنهما حمل واحد، والحمل
الواحد لا يكون من اثنين، وإذا لم يكن من اثنين، وأقر بأحدهما لحق الأخر به،
وان أراد نفى الحمل جملة من غير إقرار بأحدهما دون الأخر، كان ذلك جائزا.
668 - مسألة: إذا تزوج رجل أمة، واتت بولد، فقذفها ولاعنها،
وبانت باللعان منه، ثم عادت إليه بالملك، هل يجوز له وطأها أم لا؟
الجواب: لا يجوز له وطأها بملك اليمين، لقول رسول الله (ص): المتلاعنان
لا يجتمعان ابدا (3).

(1) الوسائل: ج 1 - ص 32 - ب 4 - أبواب مقدمة العبادات ح 10 (روى عن علي (ع) وبحار الأنوار ج 5 ص 303
من طبع الحديث وهو أيضا عن علي (ع)
(2) وفى نسخة: ان يوقعها
(3) عوالي اللئالي ج 3 ص 335.
188

669 - مسألة: إذا قال رجل لزوجته: يا زانية، فقالت له: زنيت بك،
ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا قال لزوجته ما ذكر في المسألة، كان الزوج قاذفا للزوجة،
لان قوله: يا زانية، صريح في القذف، ولا يحتمل سواه، واما قول الزوجة: زنيت
بك، فليس بصريح في القذف، ولأنه يحتمل ثلاثة أوجه:
منها: القذف، ومعناه انها أرادت: انك زنيت بي قبل عقدك النكاح
على، فأنت زان فانا زانية.
ومنها: أن تكون أقرت على نفسها بالزنا، من غير قذف لزوجها، ويكون
مرادها بذلك، انك وطئتني، وأنت ظان بأنني زوجتك، مع علمي بأنك
أجنبي، فكنت انا زانية، وأنت غير زان.
ومنها: ان لا تكون أقرت بالزنا، ولا قذفته، بل أرادت الجحود والنفي،
كأنها قالت في مقابلة قوله لها: يا زانية: زنيت بك، تريد ما زنيت انا ولا أنت،
مثل أن يقول القائل لغيره: تعديت، فيقول في مقابلة ذلك: تعديت معك،
ويقول لغيره: يا سارق، فيقول في مقابلة ذلك: معك سرقت، ومع احتمال
القول لما ذكرناه، لا يكون صريحا في القذف، وعلى هذا يكون الزوج كما قدمناه
قاذفا دون الزوجة، ويجب الحد عليه بذلك، ويرجع إلى الزوجة فيما قالته.
فان قالت: أردت الوجه الأول، كانت مقرة بالزنا على نفسها، وقذفت
بالزنا، فيسقط عن الزوج حد القذف، ويلزمها باقرارها حد الزنا، ويجب عليها حد
القذف للزوج بقذفها له بذلك.
وان قالت: أردت الوجه الثاني، وهو: أن زنيت انا ولم تزن أنت
كانت مقرة على نفسها بالزنا، ولم تقذف زوجها، فيسقط عن الزوج حد الزنا
باقرارها، ولا يلزمها حد القذف، لأنها ما قذفته، فان ادعى زوجها انها أرادت
قذفه، كان القول قولها مع يمينها، لأنها اعلم بما ارادته في نفسها، فان حلفت
سقطت دعواه، وان نكلت عن اليمين، ردت على الزوج، فان حلف تحقق القذف
عليها، ووجب عليها الحد.
189

فان قالت: أردت الوجه الثالث، الذي هو الجحود والنفي، فالحد قد
وجب على الزوج بقذفه الا ان يسقط بالبينة أو باللعان، والمرأة ما أقرت بالزنا
ولا بقذف، فلا يجب عليها حد زان ولا حد قذف، فان صدقها زوجها على
ذلك، كان عليه الحد الا ان يسقطه بالبينة، وان أكذبها وقال: انها أرادت
القذف، كان القول قولها مع يمينها، فإذا حلفت سقطت دعواه، وان نكلت عن
اليمين رددناها عليه، فان حلف تحقق عليها بيمينه الاقرار بالزنا، وقذفها له ويسقط
عنه حد القذف، ويجب عليها حد القذف الا انه لا يلزمها حد الزنا، لأنه لا يجب
بالنكول أو اليمين.
670 - مسألة: إذا كان لرجل أربع زوجات، فقذفهن، ووجب عليه
الحد، وكان له ان يسقطه باللعان، فهل يلاعن جميعهن في حال واحدة، أو
يلاعنهن مفردات؟
الجواب: إذا قذف الأربع، لم يجز له ان يلاعنهن دفعة واحدة، بل يلاعن
كل واحدة منهن مفردة، لان اللعان بيمين، واليمين لا يصح في حق جماعة ان
يتداخل، بغير خلاف.
671 - مسألة: المسألة بعينها، ولم يقع منهن رضا بان يبتدأ بواحدة منهن
في اللعان وتشاححن في ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا لم يحصل الرضا ممن يتقدم في اللعان، وحصلت المشاحة في
ذلك، أقرع بينهن فمن خرج اسمه منهن ابتدأ بملاعنتها.
672 - مسألة: إذا قذف الرجل زوجته بالزنا، ولم يلاعن، وحد على
ذلك، ثم قذفها بذلك الزنا، فهل يجب عليه حد آخر أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه حد آخر، لان كذبه قد ثبت بالعجز عن البينة،
والقذف انما يكون بان يحتمل الصدق والكذب، وهذا قد حكم بكذبه.
673 - مسألة: المسألة إذا قذفها بذلك ولاعنها، ثم قذفها ثانيا بذلك
الزنا، هل يجب عليه حد أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه حد، لأنه باللعان قد حكم بصدقه، والقذف انما
190

يكون، كما قدمناه، بان يحتمل الصدق والكذب.
674 - مسألة: إذا قذف الرجل امرأة، واختلفا، فقال الرجل للمرأة:
قذفتك وأنت صغيرة، فعلي التعزير، وقالت المرأة: بل قذفتني وانا كبيرة،
فعليك الحد، ولم تكن لأحدهما بينة، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا لم تكن لأحدهما بينة، كان القول قول الرجل مع يمينه، لان
الأصل الصغر، فإذا حلف لم يحد بل يعزر، ويعاد إلى اللعان، فينظر فيه، فإن كان
القذف وقع منه وهي من الصغر في حد لا يوطئ مثلها معه، كان تعزيره تعزيرا
أدبيا، ولم يجز له ان يسقطه باللعان، وإن كانت في حد يوطئ مثلها معه، كان عليه
التعزير، وعليه ان يلاعن ليسقطه به.
675 - مسألة: المسألة بعينها، وشهد للمرأة شاهدان: بأنه قد قذفها وهي
كبيرة، وشهد للرجل شاهدان: بأنه قذفها وهي صغيرة، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كانت البينتان مورختين تاريخا مطلقا، كان الحكم لبينة
المرأة، لأنها أثبتت ما أثبتت البينة الأخرى وزيادة، فوجب تقدمها، لزيادتها،
وإن كان التاريخ تاريخا واحدا، كانتا متعارضتين، وحكم في ذلك بالقرعة.
191

باب مسائل تتعلق بالعدد:
676 - مسألة: إذا لزمت الزوجة العدة بالطلاق، واستحقت السكنى
لذلك، فهل تستحقه في منزل الزوج أو غيره؟
الجواب: إذا استحقت ذلك بالطلاق الذي تستحق به السكنى، استحقته
في منزل الزوج، لقول الله سبحانه: (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا
ان يأتين بفاحشة مبينة) (1)، يعنى بذلك البيت الذي تسكنه المرأة، وليس
بملك لها، بدليل انه تعالى نهى عن اخراجها منه الا مع اتيانها (بفاحشة مبينة)،
والذي يكون ملكا لها لا يجوز ان تخرج منه على حال.
677 - مسألة: المسألة وباع الزوج المنزل، ما حكمها في تكميل عدتها فيه
وفي بيعه؟
الجواب: إذا كانت الزوجة معتدة بالأقراء أو بالحمل، وباع زوجها
المنزل لم يصح بيعه لذلك، لان مدة استحقاق البايع مجهولة، واستثناء منفعة
مجهولة في بيع لا يصح. وإن كانت معتدة بالشهور، فالبيع يصح ويجرى مجرى البيع
مع الإجارة في أنه لا يفسدها عندنا، فكما للمستأجر تكميل المدة، فكذلك يكمل
المدة مع المعتدة.
678 - مسألة: المسألة وباع الزوج وعليه دين، ما الحكم في ذلك؟
192

الجواب: إذا كان عليه دين وباع المنزل، وكانت المطلقة قد استحقت
السكنى وما حجر عليه، فهى أحق بالسكنى (1) من صاحب الدين، لان حقها
يختص بعين المنزل، وحقوقهم لا يختص به.
وإن كان قد حجر عليه ثم طلقت الزوجة واستحقت السكنى كانت
هي كالغرماء، ولم تقدم عليهم، لان حقهم مقدم على حقها، فيسوى بينهم وبينها
لذلك.
679 - مسألة: إذا طلق الرجل زوجته، واستحقت السكنى في منزله
المملوك، ومات المطلق قبل انقضاء عدتها، وورث الميت جماعة، وأرادوا قسمة
المنزل، هل يصح ذلك لهم أم لا؟
الجواب: لا يصح لهؤلاء الوراث قسمة ذلك الا بعد أن تقضى العدة،
لأن المرأة استحقت السكنى في الدار على الصفة التي هي عليها، فليس لهم تغيير
ذلك عما هو عليه الا بعد زوال استحقاقها بتقضي مدة عدتها.
680 - مسألة: إذا أمر الرجل زوجته بالخروج إلى بعض الأمصار،
وأطلق ذلك فخرجت، ثم اختلفا فقالت الزوجة: نقلتني، وقال الزوج:
لا أنقلك، كيف القول في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا على ما ذكر، كان القول قول الزوج، ووجب عليها
الرجوع إلى المنزل فتعتد فيه، لان الاختلاف الحادث بينهما اختلاف في نية
الزوج: وهو اعلم بما اراده من ذلك.
681 - مسألة: المسألة بعينها، ومات الزوج، واختلفت الزوجة مع
الوارث، ما الجواب؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، كان القول قول الزوجة، لأنها
والوارث قد تساويا في فقد العلم بما اراده الزوج، وظاهر قوله موافق لدعوى
الزوجة، لان قوله لها: اخرجي إلى المصر الفلاني، ظاهره النقل (2)، فوجب ما

(1) وفي نسخة: فهي أحق ما تسكن من صاحب الدين...
(2) وفي نسخة: ظاهره النقلة.
193

ذكرناه.
682 - مسألة: إذا ابتاع العبد المأذون له في التجارة بالدين جارية
واستبرأت، هل يجوز لسيده وطؤها أم لا؟
الجواب: إذا كان على العبد دين لم يجز له وطؤها، لحق الغرماء، فان قضى
الدين، جاز له ذلك، وان لم يكن على العبد دين، كان له وطؤها، لأنها مملوكة
ولم يتعلق بها حق الغير.
683 - مسألة: إذا باع الرجل جارية، ثم بان بها حمل، وادعى انه منه،
هل تقبل دعواه، ويلحق به الولد أم لا؟
الجواب: ان صدقه المشتري فيما ادعاه، الحق به الولد، وانفسخ البيع،
وان كذبه، وكان قد أقره في وقت البيع بوطأها، وأتت بالولد بعد الاستبراء لأقل
من ستة أشهر، لحق الولد به وصارت الجارية أم ولده، وانفسخ البيع، وان أتت
به، لأكثر من ستة أشهر من وقت الاستبراء، لم يلحق الولد به، بل يكون مملوكا
له ثم يتأمل حاله، فإن كان المشتري لم يطأها واتت بالولد لأقل من ستة أشهر
من وقت الوطأ، لم يلحق به، وان أتت به لستة أشهر أو أكثر من ذلك، كان
لاحقا به، فتكون الجارية أم ولده، وإن كان البايع والمشتري وطياها جميعا، من
غير أن يستبرء بها واحد منهما، يستخرج واحد منهما بالقرعة، فمن خرج، الحق الولد
به، وان كذب المشتري البايع، ولم يكن البايع أقر في وقت البيع بأنه قد وطأها،
لم يقبل اقراره، لان الملك قد انتقل إلى المشتري في الظاهر، فلم يقبل قوله في
اقراره فيما هو ملك لغيره.
194

باب مسائل تتعلق بالرضاع:
684 - مسألة: إذا كانت لرجل زوجة طفلة، لم تبلغ سنتين، وأرضعتها
امه في هذه المدة، هل ينفسخ العقد ويحرم على الزوج نكاحها أم لا؟
الجواب: إذا أرضعتها امه الرضاع المعتبر في التحريم في هذه المدة انفسخ
العقد وحرم على الزوج نكاحها، لان امه إذا أرضعته بلبن أبيه، فكانت هي أخته
من أبيه وامه، وان أرضعتها من غير لبن أبيه، كانت أخته لامه، ولا يجوز ان
يثبت كونها زوجة له، ولا يحل له نكاحها مع ذلك، لأنه يحرم من الرضاع ما
يحرم من النسب، ولا اشكال في أن من كان بمنزلة من ذكرناه من النسب انه
يحرم نكاحه.
685 - مسألة: المسألة، وأرضعتها زوجة ولده، هل ينفسخ نكاحها،
ويحرم وطأها أم لا؟
الجواب: إذا أرضعتها بلبن ولده، انفسخ نكاحها، وحرم عليه ووطؤها، لان
يصير جدها، وتصير هي ابنة ابنه، وذلك محرم من الرضاع، لان مثله يحرم من
النسب، وان أرضعتها من لبن غير ولده، كانت ربيبة ولده وكان النكاح ثابتا
بحاله، لان له ان يتزوج بربيبة ولده.
686 - مسألة: المسألة، وأرضعتها جدته، هل ينفسخ النكاح [أم
لا؟] (1) ويحل له وطؤها أم لا؟

(1) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.
195

الجواب: إذا أرضعتها جدته انفسخ النكاح، وحرم وطؤها عليه، لأنها
حينئذ تكون خالته، والخالة لا يجوز ذلك عليها.
687 - مسألة: المسألة، وأرضعتها أخته، هل ينفسخ نكاحها ويحرم
وطؤها عليه أم لا؟
الجواب: إذا أرضعتها أخته، حرم عليه وطؤها، وانفسخ نكاحها، لأنها
تصير بنت أخته، ويصير هو خالها، وهو أيضا مما لا يثبت معه عقد، ولا يصح فيه
وطؤ.
688 - مسألة: المسألة، وأرضعتها زوجة أخيه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إن كانت أرضعتها بلبن أخيه، صار هو عمها وانفسخ النكاح
وحرم الوطؤ، لان العم لا يصح فيه ذلك مع بنت أخيه، وإن كانت أرضعتها بغير
لبن أخيه، لم ينفسخ النكاح ولم يحرم الوطؤ، لأنها حينئذ تصير ربيبة أخيه، وله ان
يعقد على من كان كذلك.
689 - مسألة: المسألة، وأرضعتها زوجة أبيه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كانت أرضعتها بلبن أبيه انفسخ النكاح وحرم الوطؤ، لأنها
تصير أخته، ونكاح الأخت لا يجوز، وإن كانت أرضعتها بلبن غير أبيه، لم ينفسخ
النكاح ولا يحرم الوطؤ، لأنها تصير ربيبة أبيه، وله ان يعقد النكاح على من كان
كذلك.
690 - مسألة: المسألة، وأرضعتها زوجة خاله، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أرضعتها زوجة خاله، لم ينفسخ النكاح ولا يحرم الوطؤ، لان
ذلك جائز له مع بنت الخال.
691 - مسألة: المسألة، إذا أرضعتها زوجة عمه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أرضعتها زوجة عمه لم ينفسخ النكاح ولا يحرم الوطؤ، لأنها
تصير بذلك بنت عمه، وذلك جائز له مع بنت العم.
692 - مسألة: المسألة، وأرضعتها خالته، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أرضعتها خالته لم يحرم الوطؤ ولم ينفسخ النكاح، لأنها تصير
196

بذلك بنت خالته، وتزويج بنت الخالة جائز.
693 - مسألة: المسألة، وأرضعتها عمته، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أرضعتها عمته لم ينفسخ النكاح ولم يحرم الوطؤ، لأنها حينئذ
تكون بنت عمته ونكاحه لمن كان كذلك جائز.
694 - مسألة: إذا كانت له زوجتان، طفلة وكبيرة، فأرضعت الكبيرة
الطفلة، ما الحكم في ذلك (1)؟
الجواب: فإن كان كذلك، انفسخ نكاح الزوجتين جميعا، لأنه يكون قد
جمع بين الام وبنتها، وذلك لا يجوز ولا يجوز له ان يعقد على الكبيرة ابدا عقد
النكاح، لأنها بذلك قد صارت من أمهات أزواجه، والصغيرة يحرم (2) عليه
العقد عليها ابدا، وإن كان (3) قد دخل بالكبيرة [والا] (4) فله ان يعاود العقد
عليها في المستأنف.
695 - مسألة: إذا كانت لرجل زوجتان، الواحدة منهما كبيرة،
والاخرى صغيرة لم تتم سنتين، والكبيرة لها لبن من غيره، وطلقهما جميعا، وتزوج
بهما رجل آخر، ثم أرضعت الكبيرة الصغيرة، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: حكم هؤلاء ان ينفسخ نكاحهما، لان الزوج يصير بذلك جامعا
في النكاح بين امرأة وبنتها، وذلك لا يجوز، وتحرم الكبيرة على الأول والثاني
ابدا، إما الأول، فلانها تصير أم من كانت زوجته، واما الثاني فلانها تصير أم من
هي زوجته، وذلك لا يجوز في النكاح.
وإن كان الزوجان جميعا دخل كل واحد منهما بالكبيرة، حرمت الصغيرة
عليهما ابدا، لأنها بنت زوجته وذلك لا يجوز وإن كان قد دخل بها أحدهما دون
الأخر، حرمت ابدا على الذي دخل بها دون الذي لم يدخل بها، وإن كان لم

(1) وفي نسخة: ما الحكم فيها.
(2) في المطبوع (لا يحرم) وهو تصحيف.
(3) هكذا في جميع النسخ والظاهر زيادة (الواو).
(4) ما بين المعقوفتين منا ولابد منه كما هو ظاهر لمن لاحظ المبسوط ج 5 ص 298.
197

يدخل بها واحد منهما، لم تحرم على واحد منهما، وجاز لهما ان يستأنفا العقد
عليها (1).
696 - مسألة: إذا كانت لرجل زوجة صغيرة لم تكمل سنتين، ولرجل
آخر زوجة كبيرة، وطلق كل واحد منهما زوجته، وتزوج كل واحد منهما بزوجة
الأخر، وأرضعت الكبيرة الصغيرة، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك أن الكبيرة تحرم على كل واحد من هذين
الزوجين ابدا، إما انها تحرم على زوج الصغرى، فلانها بذلك تصير أم زوجته،
واما على زوج الكبرى، فإنها أم من كانت زوجته، وذلك في النكاح لا يجوز،
واما الصغيرة، فالقول في تحريمها عليهما، أو على واحد منهما، ان كانا جميعا أو
واحد منهما دخل بالكبيرة، وفي فسخ نكاحها على من هي الان زوجته على ما
قدمناه في المسألة المتقدمة على هذه المسألة.
697 - مسألة: إذا ولدت المرأة من زنا، وأرضعت بلبنها مولودا لغيرها، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أرضعت هذا المرأة بهذا اللبن مولودا لغيرها، لم يثبت هاهنا
حكم للرضاع، لان النسب إذا لم يثبت لم يثبت الرضاع، وهذا المرأة لا تكون إما
للذي ولدته شرعا، ولا ترثه بحال، واما الزاني بها فليس أبا له شرعيا أيضا، فلم
يثبت بالرضاع حكم كما ذكرناه.
698 - مسألة: رجل جرى في ثدييه لبن فأرضع به مولودا لغيره العدد
المعتبر في التحريم، هل يكون لرضاعه هذا حكم أم لا؟
الجواب: لا حكم لهذا الرضاع، لأنه لا ينشر الحرمة، ولا خلق غذاء
للمولود، فلم يثبت له حكم، وجرى مجرى لبن البهائم في ذلك.
699 - مسألة: إذا ظهر من ثدي خنثى، أو من هو مشكل، لبن، فأرضع
به مولودا، هل يكون له حكم أم لا؟
الجواب: لا حكم لذلك، لان اللبن انما تكون له حرمة بان يكون لبن

(1) وفى نسخة: وجاز يستأنف العقد عليها.
198

ولادة، واما إن كان على غير ذلك، فلا ينشر الحرمة، فلم يثبت للرضاع حكم.
199

باب مسائل تتعلق بالعتق والمكاتبة:
700 - مسألة: إذا أوصى انسان إلى غيره فقال ضع عن مكاتبي أكثر ما
بقى عليه من مال المكاتبة، فكم يجب وضعه عنه من هذا المال؟
الجواب: إذا أوصى بذلك، وجب ان يضع عنه نصف ما عليه من مال
المكاتبة (1) وزيادة على ذلك، لان أكثر الشئ نصفه وزيادة عليه.
701 - مسألة: المسألة بعينها، ان قال: ضع عنه أكثر ما بقى عليه، ومثل
نصفه، كم يجب ان يضع عنه؟
الجواب: الذي يجب وضعه عنه نصف وربع ما بقى وزيادة، ونصف
ذلك هو الربع وزيادة.
702 - مسألة: المسألة، إذا أوصى فقال: ضعوا عنه أكثر ما بقى عليه
ومثله، كيف يكون الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أوصى بذلك، كان قد أوصى بزيادة على مال الكتابة،
فيجب ان يسقط عنه جميع الباقي، لان الباقي هو النصف وزيادة، وتبطل وصيته
بالزائد على ذلك، لأنه قد أوصى بما لا يملك، وذلك لا يجوز.
703 - مسألة: إذا قال: أسقطوا عن مكاتبتي من كتابته ما شاء، فشاء
اسقاط الكل، هل يجوز له ذلك أم لا؟

(1) في نسخة من مال الكتابة.
200

الجواب: إذا شاء اسقاط الكل لم يصح، وله ان يسقط منها ما دام يبقى
منها شئ كائنا ما كان، واما اسقاط الكل فلا يصح، لان لفظة (من) تقتضي
التبعيض، فلا يصح مع ذلك الا ما ذكرناه.
704 - مسألة: إذا قال: أسقطوا عنه أوسط نجومه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: قوله (أوسط) يقع على الأوسط في العدد، والأوسط في القدر،
والأوسط في الاجل. والأوسط في العدد هو ان يكون النجوم ثلاثة، فيكون الثاني
هو الأوسط. والأوسط في القدر، هو ان يكاتبه على نجم إلى مأة ونجم إلى مأتين
ونجم إلى ثلاث مأة، فيكون الثاني الذي هو المأتان، الأوسط. والأوسط في
الاجل، ان يكاتبه على نجم إلى شهر، ونجم إلى شهرين، ونجم إلى ثلاثة أشهر،
فيكون النجم الذي إلى شهرين، الأوسط، فالعمل إذا كان القول على ما يتعلق
بالعدد أو القدر أو الاجل، على ما ذكرناه.
705 - مسألة: المسألة، ان اجتمع في ذلك أوسط في العدد وفي القدر
وفي الاجل، فعلى أي ذلك يكون العمل ان لم يحصل فيه تعيين؟
الجواب: إذا فرض ذلك، كان العمل بالقرعة، فما خرج، حكم له به.
706 - مسألة: إذا اتفق ان يكون في العدد ما يكون زوجا، مثل ان
يكون أربعة أو ستة، ما يكون الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اتفق ذلك، كان الثاني والثالث هو الأوسط، وإن كان
ستة، فالثالث والرابع هو الأوسط.
707 - مسألة: إذا قال لمملوكه: ان قتلت فأنت حر لوجه الله، وهلك،
ثم اختلف المملوك والوارث، فادعى المملوك ان سيده هلك مقتولا واحضر بينة
شهدت له بذلك. وادعى الوارث، انه مات حتف انفه، واحضر بينة وشهدت
بذلك، كيف الحكم بينهما في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان تستعمل القرعة، فمن خرج اسمه حكم
ببينته.
708 - مسألة: إذا قال لمملوكه: ان مت في شهر (رمضان) فأنت حر،
201

وقال لاخر: ان مت في (شوال) فأنت حر، ومات السيد، واختلف المملوكان،
فأثبت صاحب شهر (رمضان) بينة بان سيده مات في ذلك، وأثبت صاحب
(شوال) بينة بان السيد مات في شهره، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك أن يقرع بينهما، فمن خرج اسمه حكم ببينته.
202

باب مسائل تتعلق باليمين والحنث منها:
709 - مسألة: إذا كان انسان ساكنا في مسكن لغيره، وهما جميعا فيه،
فحلف فقال في يمينه: لا ساكنته، ثم أقام بعد هذا اليمين في المسكن، هل يحنث
أم لا؟
الجواب: ان مضى من هذا الزمان مدة يمكنه الخروج من المنزل فيها ولم
يخرج، فقد حنث، لان الاستدامة كالابتداء، فكأنه ابتدء المقام بعد يمينه وذلك
مقتضى للحنث.
710 - مسألة: إذا كان الانسان وغيره يسكنان في (خان) أو غيره،
وكل واحد منهما في بيت مفرد (1)، فحلف أحدهما لا ساكنته، هل يحنث أم لا؟
الجواب: هذا لا يحنث، لان سكناهما في (الخان) على الوجه المذكور،
ليس بمساكنة، فان كانا في بيت واحد، أو بيتين لا باب لواحد منهما، لزم الحنث
إذا لم يفعل.
711 - مسألة: إذا حلف وقال: لا دخلت هذه الدار، ثم جلس في
سفينة، أو على ماء فحمله الماء فجرى به الماء حتى دخل الدار، أو القى نفسه على
الماء وجرى الماء حتى صار في الدار، هلى يلزمه الحنث على ذلك أم لا؟
الجواب: هذا يحنث، لأنه دخلها باختياره، ويجرى مجرى من ركب دابة
وأرسلها، فدخلت به الدار، فإنه يحنث، لأنه دخلها باختياره.

(1) في نسخة: في بيت متعدد.
203

712 - مسألة: إذا كان لانسان ثوب هو رداء، فحلف ان لا يلبسه، ثم
جعله قميصا فلبسه، هل يحنث أم لا؟
الجواب: إذا حلف على هذا الثوب ان لا يلبسه، فلا يخلو من أن يكون
حلف على ذلك وهو رداء، أو حلف عليه بالاطلاق؟
فإن كان حلف لا يلبسه وهو رداء، ثم خاطه قميصا ثم لبسه، لم يحنث، لأنه
ليس باقيا على الصفة التي حلف على أنه لا يلبسه وهو عليها. وإن كان حلف
عليه بالاطلاق، ثم لبسه بعد أن خاطه قميصا حنث
713 - مسألة: إذا حلف ان لا يدخل بيتا على (زيد) فدخل (زيد)
عليه، ولم يخرج الحالف من البيت بل استدام المقام فيه بعد دخول (زيد) عليه،
هل يكون حانثا أم لا؟
الجواب: لا يكون حانثا، لان استدامة مقامه في البيت بعد دخول (زيد)
عليه، لا يجرى مجرى الابتداء، لأنه لم يستدم ذلك عن دخول تعلق (بزيد).
714 - مسألة: إذا حلف انه ان لا يدخل على (زيد) بيتا، فدخل
المسجد وهو فيه، هل يحنث أم لا؟
الجواب: لا يحنث، لأن اطلاق البيت يتضمن بيتا فيسكن، والمسجد
لا يسكن، فلا يحنث، على ما ذكرناه.
715 - مسألة: إذا حلف: لا كلمت (زيدا) و (عمروا) فكلم واحدا
منهما، هل يحنث بذلك أم لا؟
الجواب: هذا يحنث، لان ذلك منه يمينان، لأنه حلف ان لا يكلم
(زيدا)، ولا يكلم (عمروا)، وكانت (الواو) هاهنا نائبة مناب تكرار الفعل،
كأنه أراد أن يقول: والله لا كلمت (زيدا)، ولا كلمت (عمروا) فقال:
و (عمروا).
716 - مسألة: إذا حلف لا يأكل خبزا، فمزجه في الماء فشربه، هل
يحنث بذلك أم لا؟
الجواب: لا يحنث بذلك، لان اسم الاكل الحقيقي الذي هو مضغه،
204

ولوكه له (1)، وازدراده (2) مع ذلك لم يتناوله.
717 - مسألة: إذا حلف لا يأكل لحما، فاكل القلب، هل يحنث أم لا؟
الجواب: لا يحنث، لان اسم اللحم لا يقع عليه، فلا يحنث بذلك.
718 - مسألة: إذا حلف لا يأكل رطبا، فاكل منصفا، هل يحنث بذلك
أم لا؟
الجواب: إذا اكل جميع التمرة (3) التي نصفها رطب ونصفها بسر، حنث،
لأنه يكون قد اكل رطبا وهو النصف من الرطب، وان اكل النصف الذي هو
بسر، لم يحنث، لأنه لم يأكل رطبا.
719 - مسألة: إذا حلف لا يأكل بسرا، فاكل منصفا، هل يحنث
أم لا؟
الجواب: القول في الجواب عن هذه المسألة، كالقول في الجواب عن
المسألة، المتقدمة عليها سواء.

(1) اللوك: أهون المضغ - لسان العرب -
(2) الأزد راد: البلع. وفى بعض النسخ: ازدواده.
(3) وفى نسخة: الثمرة.
205

باب مسائل تتعلق بالصيد:
720 - مسألة: إذا ارسل انسان سهمه نحو صيد، وكانت الريح شديدة،
فحملت الريح السهم، فوقع في الصيد فقتله، ولولا الريح لما وصل إليه، هل يجوز
اكله أم لا؟
الجواب: يجوز اكله، لان الارسال الأول، له حكم الإباحة، فلا يعتبر
الريح، لان الاحتراز ليس بممكن فيه.
721 - مسألة: المسألة، وأرسل السهم ثم وقع على الأرض فطار فأصاب
الصيد فقتله، هل يجوز اكله أم لا؟ الجواب: يجوز اكله، لان حكم الإباحة للأول، على ما قدمناه.
722 - مسألة: إذا علم المسلم كلبا، فاصطاد به كافر، هل يحل اكل
الصيد أم لا؟
الجواب: لا يحل اكله، لأن الاعتبار بالمرسل للكلب، والارسال يفتقر إلى
التسمية، وهي لا تصح من الكافر.
723 - مسألة: إذا علم الكافر كلبا، فاصطاد به المسلم، هل يجوز اكل
ذلك الصيد أم لا؟
الجواب: إذا كان الاعتبار بالمرسل على ما ذكرناه في المسألة المتقدمة على
206

هذه، حل اكله.
724 - مسألة: إذ رأى الانسان في الليل شيئا، فظنه حجرا أو انسانا أو
خنزيرا وأرسل كلبه، فبان بعد ذلك له، انه صيد يؤكل، وقد قتله، هل يحل
اكله أم لا؟
الجواب: لا يحل اكل ذلك، لأنه ما أرسله على صيد، وإذا لم يرسله على
ذلك، لم يحل اكله، على ما ذكرناه.
725 - مسألة: إذا اصطاد الكافر سمكا، هل يحل اكله أم لا؟
الجواب: لا يحل (1) اكل ذلك، لان صيد السمك، لا تراعى فيه التسمية،
وانما تراعى في الذبح، وإذا لم تراع التسمية في ذلك، جاز ما ذكرناه.

(1) هكذا في النسخ التي بأيدينا والصحيح بالنظر إلى الذيل: (يحل).
207

باب مسائل تتعلق بالأطعمة:
726 - مسألة: إذا لم يجد المضطر ميتة فيأكل منها، ووجد طعاما لغيره،
ولم يقدر على ثمن ابتياعه منه، أو قدر على ذلك، وقال صاحب الطعام: لا أبيعه
منه شيئا، ولا ادفع إليه شيئا منه ببذل ولا غيره، هل للمضطر، قتاله على ذلك
أم لا؟
الجواب: له قتاله على ذلك، لان رفع المضار واجب بالفعل، ولقوله
تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (1)، وقوله سبحانه: (ولا تقتلوا
أنفسكم) (2) [لا سيما] (3) وقد روى عن النبي (ص) قال: من أعان على قتل
مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله (4).
وهذا أولي في الإعانة على قتله.
727 - مسألة: المسألة فان قاتل المضطر صاحب الطعام فقتله المضطر، ما
حكمه في ذلك؟
الجواب: إذا قتل المضطر صاحب الطعام، لم يلزم المضطر شئ، وكان
دمه هدرا، لأنه قتله بحق.

(1) البقرة: 165
(2) النساء: 29
(3) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة: - د
(4) مستدرك الوسائل ج 3 - ص 250 - ب 2 - أبواب القصاص في النفس ح 4 وعوالي اللئالي ج 2 ص 333 وسنن ابن ماجة ج 2 ص 134.
208

728 مسألة: المسألة، تقاتلا وقتل صاحب الطعام المضطر، ما حكمه في
ذلك؟
الجواب: إذا قتل صاحب الطعام المضطر، كان عليه ضمانه، لأنه مقتول
ظلما.
729 - مسألة: المسألة لم يقدر المضطر على قتال صاحب الطعام، ولا على
طعام للغير بابتياع، ولا غير ذلك، وخاف تلف نفسه، هل يجوز له قطع بعض
منه، ليأكله أم لا؟
الجواب: لا يجوز له ذلك، لان الخوف مع قطع بعضه حاصل، والخوف
لا يزول بالخوف.
730 - مسألة: إذا وجد المضطر، وهو محرم، ميتة وصيدا حيا، ما الذي
يأكله منهما؟
الجواب: يأكل الميتة، ولا يأكل الصيد، لأنه ان ذبحه، كان حكمه حكم
الميتة، فيأكل الميتة، ويترك الصيد.
731 - مسألة: المسألة، ووجد صيدا مذبوحا، هل يأكله أو يأكل
الميتة؟
الجواب: يأكل الصيد ويفديه، ولا يأكل الميتة، لأنه بوجود الصيد
وضمانه للفداء، لا تحل له الميتة.
732 - مسألة: إذا وجد المضطر بالعطش بولا وخمرا، ما الذي يجوز ان
يشربه منهما؟
الجواب: إذا وجد ذلك، شرب البول، لأنه لا يسكر، ولا يلزم فيه حد،
فكان شربه لذلك أولي من الخمر.
733 - مسألة: إذا رمى انسان طائرا بسهم، فأصابه وأصاب معه فرخا
لم ينهض بعد، فقتلهما، هل يجوز أكلهما أو واحد منهما أم لا؟
الجواب: يجوز اكل الطائر منهما، لأنه صيد على كل حال، واما الفرخ
فلا يجوز اكله، لأنه ليس بصيد، وانما قلنا هذا، لأنه انما يكون صيدا إذا نهض
209

بنفسه، وملك جناحه، وهذه صفة لم تحصل للفرخ المذكور، فلا يجوز اكله على
كل حال.
210

باب مسائل تتعلق بالسبق والرمي:
734 - مسألة: إذا اجتمع الراميان، فقال أحدهما للاخر: ان
نضلتني (1) فلك عشرة وتدفع إلى قفيز حنطة أو شعير أو غيرهما، هل يصح ذلك
أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان موضوع النضال على أن الناضل يأخذ، ولا
يعطى شيئا، وهذا قد شرط عليه إذا نضل ان يدفع ذلك، وهو باطل.
735 - مسألة: إذا قال أحدهما للاخر: ان سبقتك عشرة، على انك ان
نضلتني فلك العشرة، ولا ارمي شهرا، ولا ارمي سنة، أو لا ارمي ابدا أراد
بذلك انفة هل يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لأنه شرط نفى ما ندب ورغب فيه (2)، فكان
فيه باطلا، وإذا بطل الشرط بطل النضال.
736 - مسألة: إذا قال: إن نضلتني فلك عشرة الا دانقا، هل يصح
ذلك أم لا؟
الجواب: هذا صحيح، لأنه استثناء معلوم من معلوم، وذلك يصح.
737 - مسألة: إذا قال: لك على عشرة الا قفيز حنطة، هل يصح ذلك

(1) قال الشيخ في المبسوط ج 6 ص 296: النضال اسم يشتمل على المسابقة بالخيل والرمي معا ولكل واحد منهما اسم
ينفرد به.
(2) في نسخة: لأنه شرط نفى أمر مندوب مرغب فيه.
211

أم لا؟
الجواب: هذا لا يصح، لان قيمة القفيز الحنطة مجهولة، وإذا حذف من
المعلوم كان مجهولا، وإذا كان كذلك بطل النضال.
738 - مسألة: إذا اتفق لاحد المتناضلين من العوارض ما يضطرب رميه
له، مثل كسر القوس، أو قطع الوتر، أو يكون قد أغرق في النزع (1) فخرج السهم
من اليمين إلى اليسار، أو عرض في الطريق عارض، من طائر أو انسان أو استلبت
الريح السهم، هل يعتد بذلك السهم في المناضلة أم لا؟
الجواب: لا يعتد بذلك، لان الخطأ لا يكون لسوء رميه، فاما إن كان
الاتفاق عارضا مما ذكرناه، فليس هو بسوء رميه.
739 - مسألة: إذا كان الرشق (2) عشرين، والإصابة خمسة، فرمى
الواحد منهما عشرة فأصاب سهمين [ورمى الأخر بعشرة فأصاب سهمين] (3) ثم
قال الواحد منهما للاخر: ارم سهمك فان أصبت، فقد نضلتني، هل يجوز ذلك
أم لا؟
الجواب: لا يجوز ذلك، لان موضوع النضال والمراد به ان يعرف الأحذق
منهما، فإذا فعلا ذلك لم يصح، لأنه ربما نضل من ليس بحاذق الا حذق، ويؤدى
أيضا إلى أن يكون الناضل منضولا، والمنضول ناضلا، وهذا لا يجوز، مثال ذلك:
ان يكون الواحد منهما له إصابة أربعة، وللآخر إصابة واحدة، فيقول صاحب
الأربعة لصاحب الواحد ما قدمناه ويرمى فيصيب، فإذا أصاب، فقد نضل
صاحب الأربعة، وهو أكثر منه، ويكون هو ناضلا وهو صاحب الأقل فهذا فاسد.
740 - مسألة: إذا اقتسم المتناضلون حزبين (4) ووقف عندهم في وقت
القسمة رجل غريب، فذكر انه من أهل الرماية، فقسموه فيهم، وهم لا يعرفونه، ثم

(1) وفى نسخة: النزع
(2) الرشق بالفتح: الرمي وبكسر الراء: عدد الرمي.
(3) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.
(4) اي كان المتناضلون طرفين للنضال وهو الرمي بالسهام وعبارات النسخ مختلفة وكل ما بين أيدينا منها لا يصح الاعتماد عليه مثل حريفا وحزين وحرس.
212

ظهر انه ليس من أهلها ولا يحسنها، هل يجوز العقد فيه أم لا؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في الرجل الغريب، كان العقد فيه
باطلا، لأنه انما عقد عليه، وقسم فيهم على أنه من أهل الرمي، فان ابان انه ليس
من أهلها، بطل ذلك فيه، وإذا بطل فيه، بطل في الذي كان في مقابله، لان
القسمة رجل ورجل، وإذا بطل فيهما بقى الباقون على ما هم عليه، ولم يبطل
ذلك فيهم ببطلانه في هذين الرجلين.
741 - مسألة: المسألة، وكان الرجل الغريب من أهل الرمي وأكثر من
الإصابة، فقال الحزب الأخر: لا نرضى يكون هذا معكم، لأننا ظننا انه مثل
واحد منا، هل لهم خيار في ذلك أم لا؟
الجواب: لا خيار لهم في ذلك، لان الشرط ان يكون من أهل الرماية،
وهو من أهلها، فإذا كان من أهلها، لم يعتبر في ذلك الا حذق، فلا خيار لهم في
ذلك، لما ذكرناه، ولأنه لو كانت اصابته قليلة، لم يكن لحزبه خيار للشرط الذي
ذكرناه.
742 - مسألة: إذا فضل أحد المتناضلين (1) على الأخر بزيادة، فقال له
الأخر: اطرح الفضل بدينار، أو أكثر أو أقل حتى يتساوى في عدد الإصابة، هل
يصح ذلك أم لا؟
الجواب: لا يصح ذلك، لان موضع النضال على أن ينضل أحدهما الأخر
بحذقه لا لغيره، وهذا إذا فعل ربما فضله الأخر لا لحذقه، وذلك لا يجوز.

(1) المناضلة: المرامات يقال ناضله إذا رامه. مجمع البحرين.
213

باب مسائل تتعلق بالقتل والقصاص وغيرهما:
743 - مسألة: إذا ارسل مسلم إلى نصراني سهما، فأسلم قبل إصابة
السهم له، ثم اصابه فقتله، أو على مرتد، فأسلم قبل وصوله، ثم اصابه فقتله، أو
على عبد فأعتق قبل وصوله، ثم اصابه فقتله، هل في ذلك قود أم لا؟
الجواب: لا قود في شئ من ذلك، لان المعتبر في القود، انما هو بالقصد
إلى تناول نفس متكافية في وقت الجناية، ووقت الجناية هو حال ارسال السهم،
والتكافئ في هذه الحال ليس بموجود، فلا قصاص في ذلك، بل فيه دية مسلم،
لان الإصابة حصلت، وهو مسلم محقون الدم، فكان مضمونا بالدية، وكذلك
القول، فيمن ارسل السهم إليه، وهو حربي واسلم، ثم اصابه فقتله.
744 - مسألة: إذا أكره الانسان - خليفة الامام كان أو غيره - مراهقا
على قتل انسان، فقتله المراهق، هل عليه القود أم على المكره له؟
الجواب: القتل عندنا لا يستباح بالاكراه له، فمن قتل غيره باكراه مكره
له على ذلك، أو أمر آمر له به، كان على القاتل القود، دون المكره والامر، فإذا
كان كذلك، قلنا هاهنا: ان القود على المراهق، لأنه إذا جاز عشر سنين، كان
عمده عمدا، ووجب عليه القود، فإن لم يكن بلغ عشر سنين، كان عمده وخطأه
سواء، ووجبت الدية على عاقلته.
745 - مسألة: انسان يجنى عليه بقطع يده، فقطع يده، فقطع هو يد
الجاني، ثم سرى القطع إلى الجاني، ثم سرى القطع إلى المجني عليه، فهلك الجاني
214

قبل موت المجني عليه، فهل تكون نفسه قصاصا من نفس المجني عليه أم لا؟
الجواب: لا تكون نفسه قصاصا عن نفس المجني عليه، بل تكون هدرا،
لان السراية حصلت قبل وجوب القصاص عليها، ثم لو قلنا بأنها تكون قصاصا،
لكان هذا سلفا في القصاص، والسلف في ذلك لا يجوز.
746 - مسألة: إذا جرح رجل رجلا، ثم إن المجروح قطع من مكان
الجرح لحما، ثم سرى إلى نفسه فمات، هل يجب فيه القود أم لا؟
الجواب: لا يجب في ذلك القود ولا يقطع بقطع اللحم من مكان الجرح
لان المجروح هلك من عمدين: الواحد منهما مضمون، وهو الأول، والاخر هدر،
وهو قطع اللحم، وهذا يجرى مجرى مشاركة الانسان في قتل غيره أو من جرحه
غيره وجرح نفسه.
747 - مسألة: إذا قطع رجل يد رجل، وكان في هذه اليد ثلاث أصابع
سالمة، واثنان شلاوين، وكانت يد القاطع وأصابعه كلها سالمة من الشلل، هل
يجب في ذلك قود أم لا؟
الجواب: لا قود في ذلك على القاطع، لان المعتبر عندنا في القود، بالتكافؤ
في الأطراف، وما فيه شلل من ذلك لا يكافئ الصحيح السالم منها، ولو اختار
القاطع قطع يده، بدلا من اليد التي قطعها، لم يجز قطعها بها، لان القود إذا لم يجب
في الأصل، لم يجز استيفاؤه بالبدل، ألا ترى ان الحر لو قتل عبدا، ثم اختار هذا
القاتل ومولاه ان يقتل به، لما جاز قتله به، وليس بعد ما ذكرناه الا ثبوت
القصاص في الأصابع السليمة، فان عفا عن القصاص، كان له ان يأخذ عن
السليمة ثلاثين من الإبل، ويأخذ من الشلاوين ثلث ديتهما صحيحتين.
748 - مسألة: إذا قطع رجل لرجل آخر يدا كاملة الأصابع، ويد هذا
القاطع ينقص إصبعين، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختار المجني عليه العفو واخذ دية اليد بكمالها، كان له
ذلك، لأنه انما يأخذ دية يده، ويده كاملة. وان أراد القصاص، كان له ذلك
في الموجود، ويأخذ دية المفقود، وهو الإصبعان، وفيهما عشرون من الإبل، الا ان
215

يكون الإصبعان معدومين خلقة، أو يكون ذهابهما بآفة من قبل الله تعالى، فلا يأخذ
ذلك.
749 - مسألة: إذا قطع رجل اذن آخر، فاخذها المجني عليه والصقها،
فالتصقت بمكانها في الحال، هل له قصاص مع ذلك أم لا؟
الجواب: له القصاص، لان القصاص وجب بالإبانة، والإبانة قد
حصلت، وليس لالصاقها تأثير في اسقاط القصاص، لأنها ميتة قد الصقها بنفسه،
وذلك مما تلزم ازالته عن نفسه، وقد ذكرنا ذلك فيما يتعلق بالصلاة من
المسائل. (1)
750 - مسألة: المسألة، وقال الجاني: ان أريد القصاص منى فأزيلوا
القطعة التي الصقها، هل له ذلك أم لا؟ وهل يمنع من القصاص حتى يزال
ذلك أم لا؟
الجواب: قد بينا ان هذه القطعة تجب ازالتها قهرا، أراد ذلك الجاني أم لم
يرده، واما المنع بذلك من القصاص، فلا يصح، لأنا قد بينا ان القصاص قد
وجب بالإبانة، والإبانة قد حصلت.
751 - مسألة: إذا كان الانسان على سطح، أو شفير بئر، أو ما جرى
مجرى ذلك، فصرخ به غيره، صرخة شديدة، فسقط في ذلك الموضع، فمات، فهل
على الصارخ في ذلك شئ أم لا؟
الجواب: إذا كان الذي سقط رجلا عاقلا، لم يكن عليه شئ، لأنه ما
سقط من صرخته، وانما وافقت صرخته سقوطه، لان مثل الرجل الكامل العقل،
لا يسقط من صيحة أو صرخة، فإن كان الذي سقط صبيا أو مختل العقل، كانت
على الصارخ الدية والكفارة، لان مثل هذا، يسقط من الصيحة الشديدة، وهذه
الدية على العاقلة والكفارة في ماله.
752 - مسألة: إذا انفذ الامام أو خليفته، إلى امرأة ذكرت عنده بسوء
ليحضرها إليه، فخافت من ذلك وماتت، هل على الامام أو خليفته في ذلك

(1) قد مر تحت رقم المسألة: 67 من مسائل الصلاة
216

شئ أم لا؟ وكذلك إن كانت حاملة فأسقطت، هل عليهما في ذلك شئ
أم لا؟
الجواب: ان لحقها موت وليست حاملا، فليس على الامام أو خليفته في
ذلك شئ، فإن كانت حاملا فأسقطت، كان عليهما الضمان، لاجماع الصحابة
على ذلك.
753 - مسألة: إذا أشهر انسان سيفه يطالب غيره، فهرب ذلك الغير من
بين يديه، حتى القى نفسه في موضع عال، أو في نار أو بئر فهلك، هل على طالبه
ضمان أم لا؟
الجواب: ليس على الذي طلبه ضمان، لأنه فعل شيئا ملجيا إلى الهرب
ولم يلجيه إلى الموقع في البئر أو النار، بل المطلوب القى نفسه باختياره في مهلكة
فإن كان المطلوب أعمى فوقع فيها وإذا كان ذلك تعلق الضمان بصاحب
السيف، كما لو حفر بئرا فوقع فيها أعمى في أنه يكون عليه الضمان، والفرق بين
المسألتين، ان هذا الأعمى لم يعلم ما وقع فيه، ولا اختار ايقاع نفسه فيما فيه
هلاكه، وليس كذلك البصير.
754 - مسألة: إذا كان الانسان جالسا في طريق، فعثر به انسان آخر
عثرة فهلك الجالس. فماتا جميعا، ما الحكم فيهما؟
الجواب: إذا ماتا على الوجه المذكور، كان على عاقلة كل واحد منهما
كمال الدية، لان كل واحد منهما، مات بسبب انفرد به الأخر، لان الجالس قتله
العاثر مباشرة، والعاثر مات بسبب كان من الجالس ويجرى ذلك مجرى من حفر
بئرا في غير ملكه فجاء آخر فجرح الحافر وسقط الجارح في البئر، في أن الجارح
قتل الحافر مباشرة، والحافر قتل الجارح بسبب.
755 - مسألة: إذا تصادم اثنان عن قصد منهما إلى ذلك، فماتا جميعا، ما
الحكم فيهما؟
الجواب: إذا كان الامر على ذلك، كان في تركة كل واحد منهما نصف
دية الأخر، وليس يلزم في هذه المسألة ان يكون ما ذكرناه من الدية على عاقلتهما،
217

كما ذكرناه في الجالس في الطريق، لان الفرق بينهما، ان الجالس في الطريق
والعاثر به، مات كل واحد منهما بسبب انفرد به صاحبه، وليس كذلك
المتصادمان، لأنهما ماتا جميعا من سبب اشتركا فيه، فلا تجرى هذه المسألة مجرى
الأولى.
756 - مسألة: إذا كان رجل واقفا، فجاء آخر فصدمه، فماتا جميعا، ما
الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان هذا الرجل واقفا فجائه آخر فصدمه، وماتا جميعا،
كانت دية الواقف على عاقلة الذي صدمه إذا لم يكن له مال، فإن كان له مال
كانت هذه الدية في ماله، وإن كان المصدوم واقفا في ملكه أو في موضع آخر
واسع كالصحراء أو الطريق الواسع، فدية الصادم هدر، لأنه إن كان في ملكه،
فقد فرط الصادم بدخوله إلى ملكه، وإن كان واقفا في الموضع الواسع، فله الوقوف
فيه، فإذا كان له ذلك، كانت دية الصادم هدرا، فإن كان انحرف الواقف،
فوافق انحرافه الصدم، ووقع الصدم والانحراف معا فماتا جميعا، كان على كل واحد
منهما نصف دية الأخر، لأنه مات من جنايته على نفسه، فجناية الأخر عليه، لان
الانحراف فعل منه، وإن كان الواقف واقفا في طريق المسلمين - ضيق - فصدمه
الأخر فيه، فماتا معا، كانت دية الصادم مضمونة، لأنه تلف بسبب فرط فيه
الواقف، لأنه وقف في موضع ليس له الوقوف فيه.
757 - مسألة: إذا كان قوم في سفينة، فخافوا الغرق والهلاك، فالقوا
بعض ما فيها للتخفيف وطلب السلامة، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان بعض من في السفينة القى متاع نفسه، فلا ضمان على
أحد في ذلك، الا ان يكون أحدهم أو جميعهم قالوا له: الق متاعك وعلينا
ضمانه، فان الضمان عليهم في ذلك، وإن كان القى مال غيره في البحر بغير أمر
صاحبه، فعليه ضمانه، لأنه متلف به لمال غيره بغير اذنه، فإن كان واحد منهم
قال لبعض أصحاب المال:
الق متاعك لتخف علينا السفينة، فقبل منه وألقى متاعه في البحر
218

فلا ضمان على من سأله في ذلك، سلموا أو هلكوا، لأنه لم يسأله ذلك بضمان،
ولا استدعى منه ذلك على ذلك الوجه.
758 - مسألة: إذا سلم انسان ولده، وهو صبي صغير، إلى السابح
ليعلمه السباحة فغرق الصغير، هل على السابح ضمانه عليه أم لا؟
الجواب: كان على السابح ضمانه، لأنه تلف بالتعليم، ولأنه فرط فيه،
لأنه كان يجب عليه ان يحتاط في حفظه وملازمته، فإذا لم يفعل ذلك، كان له
مفرطا، ولزمه الضمان، وإن كان المتعلم للسباحة كبيرا، فإنه لا ضمان فيه، لان
البالغ العاقل إذا غرق بتعلم السباحة، فهو الذي ترك الاحتياط في حق نفسه،
فلا ضمان على أحد في ذلك.
759 - مسألة: إذا رمى عشرة بحجر عراد (1) أو منجنيق انسانا غيرهم،
فمات، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كانوا قصدوا هذا الانسان بعينه، وكان ذلك منهم على
وجه العمد له، أوجب ذلك القود، وإن كان خطأ، كانت الدية عليهم في
مالهم.
760 - مسألة: إذا رمى هؤلاء العشرة بهذا الحجر، فوقع على واحد منهم
فقتله، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر على ما ذكر في هذه المسألة، قسمت الدية
أعشارا (2)، ويهدر العشر منها، لأنه هو المقابل لجناية هذا المقتول على نفسه،
وجناية الباقين تجب فيها تسعة أعشار الدية، فيكون ذلك لأولياء المقتول على
عاقلة التسعة المذكورين.
761 - مسألة: إذا وضع الانسان في غير ملكه حجرا، واحفر آخر بئرا
عند الحجر، فاجتاز انسان آخر بالحجر، فعثر به أو تعلق، فسقط في البئر فمات، هل
الدية على واضع الحجر أو على حافر البئر؟

(1) شئ عرد أي صلب.
(2) وفى نسخة: فشمت الدية تسعة أعشار.
219

الجواب: الدية على واضع الحجر، وليس على حافر البئر شئ، لان
واضع الحجر كالدافع للواقع في البئر.
762 - مسألة: وضع انسان حجرا في ملكه، وحفر أجنبي عند هذا
الحجر بئرا، فعثر انسان فتعلق بالحجر فسقط في البئر فمات، هل الدية على واضع
الحجر أو على حافر البئر؟
الجواب: الدية هاهنا على حافر البئر دون واضع الحجر، لان واضع
الحجر، وضعه في ما له، وحافر البئر [حفر فيما ليس له ان يحفر فيه فكان
الحافر] (1) هو المتعدى بذلك. فكانت الدية عليه، دون الأخر.
763 - مسألة: إذا وضع الانسان حجرا في ملكه، وحفر عنده بئرا،
واجتاز آخر فتعلق بالحجر فسقط في البئر فمات، هل يلزم لصاحب الملك الضمان
أم لا؟
الجواب: لا يلزم هذا المالك شئ، لأنه فعل في ملكه ما له فعله، فاما
الهالك فدمه هدر، لأنه تعدى بدخوله إلى ملك غيره.
764 - مسألة: إذا حفر البئر في طريق المسلمين، وكان ذلك الطريق
واسعا أو ضيقا، وكان قصده بحفر البئر منفعة المسلمين، فوقع فيه انسان فهلك،
هل على حافر البئر شئ أم لا؟
الجواب: لا شئ على حافر البئر، لأنه قصد بذلك الثواب ومنفعة
المسلمين، ولان النبي (ص) قال: والبئر جبار (2).
765 - مسألة: إذا حمل انسان صبيا، ومشى به عند هدف الرماة،
ودنا به من طريق السهم، فأصابه السهم فقتله، هل ضمانه على رامي السهم أو
على الذي دنا به إلى طريق السهم؟
الجواب: ضمان دية الصبي على الذي دنا به إلى طريق السهم، لأنه هو

(1) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.
(2) أكثر النسخ هنا إما بياض أو غير مقروء والظاهر أن المراد ما أثبتناه في المتن والمراد من (جبار) الهدري الذي لا يغرم.
لاحظ (الفقيه) ج 4 ص 115. في احكام الديات.
220

الذي عرضه لذلك بدنوه إلى طريق السهم، وهو الذي أتلفه بذلك، وليس على
الرامي شئ، لأنه لم يقصد بذلك.
766 مسألة: إذا اخرج الانسان على حائط له جناحا إلى طريق
المسلمين، فسقطت خشبة من هذا الجناح على انسان فقتلته، هل على صاحب
الجناح ضمان ذلك أم لا؟
الجواب: إذا كانت هذه الخشبة سقطت بجملتها فقتلت هذا الانسان،
كان عليه نصف الدية، لان المقتول هلك من فعلين: مباح ومحظور، فلزمه ذلك
لما ذكرناه. وإن كانت الخشبة انقصفت (1) فسقط ما كان منها على الحائط على
الانسان فقتله، فليس عليه ضمان، وإذا كانت انقصفت، فسقط البعض الخارج
منها على الحائط على الانسان فقتله، كان ضامنا للدية، والفرق بين الأول في
قصف الخشبة وهذا الوجه الأخر، انه وضع ذلك البعض في ملكه، وذلك مما
له وضعه، فلا يلزمه شئ، والثاني انه وضع الخارج من الخشبة، فيما ليس له
وضعه فيه.
767 مسألة: إذا وضع انسان على حائط له جرة (2) فيها ماء، فسقطت
على انسان، فقتلته، هل على واضعها على الحائط شئ أم لا؟
الجواب: ليس على واضع الجرة على الحائط شئ، لأنه فعله في ملكه ما
له فعله، فلا يلزمه لذلك شئ.
768 مسألة: إذا وقف جماعة على زبية (3) فيها أسد ينظرونه، فسقط
فيها منهم واحد، فجذب هذا الواحد ثانيا، وجذب الثاني ثالثا، وجذب الثالث
رابعا، فسقطوا كلهم، فقتلهم الأسد، ما الحكم فيه؟
الجواب: إذا هلك جميعهم على هذا الوجه، كان الأول فريسة الأسد،
وكان دمه هدرا، لأنه لم يجن عليه أحد، وعليه ثلث الدية للثاني، وعلى الثاني ثلثا

(1) القصف: الكسر.
(2) الجرة: إناء فخاري.
(3) الزبية: حفرة في موضع عال يصاد فيها الأسد ونحوه. المصباح المنير.
221

دية الثالث، وعلى الثالث الدية كلها بكمالها للرابع، لأنه لم يجن على أحد، وانما
هلك بجناية من تقدمه عليه، فان ازدحموا على الزبية فسقط هذا الواحد بتدافعهم
وازدحامهم، كانت الدية على جميع من حضر، لانهم قد اشتركوا في دفع من
سقط، للأول ربع الدية لأنه سقط من فوقه ثلاثة، وللثاني ثلث الدية، لأنه سقط
من فوقه اثنان، وللثالث نصف الدية، لأنه سقط من فوقه واحد، وللرابع الدية
الكاملة.
769 - مسألة: إذا ضرب انسان بطن ذمية حامل، فأسلمت بعد
الضربة، ثم أسقطت جنينا ميتا. وكان الضرب، وهي وجنينها ذميتان، وكان
الاسقاط، وهي وجنينها مسلمان، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا أسقت الجنين كذلك وجبت ديته على الضارب مأة دينار،
لان الجناية إذا وقعت وهي مضمونة، ثم سرت إلى النفس، كان الاعتبار في الدية
بحالة الاستقرار، ويجرى ذلك مجرى عبد (1) قطع انسان يده، ثم أعتق بعد القطع
وسرى إلى نفسه، وتكون فيه دية حر، لأن الاعتبار في ذلك بحال الاستقرار.
770 - مسألة: إذا ضرب انسان بطن مملوكة حامل، وأعتقت بعد
الضرب، ثم ألقت الجنين ميتا، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: عن هذه المسألة، مثل الجواب عن المسألة المتقدمة لها سواء، في أنه
يجب في الجنين مأة دينار، لأن الاعتبار بحال الاستقرار، وقد قدمناه.
771 مسألة: إذا قطع انسان يدي مملوك، واعتق بعد القطع، ثم اندمل
حال الحرية، ما الذي يجب فيه؟
الجواب: الذي يجب فيه ديته وهو مملوك (2)، لأن الاعتبار هاهنا بحال
الجناية، لأنها لا تسرى إلى النفس ولا غيرها، ولهذا لم يعتد بحال الاندمال،
وأيضا فإنها إذا اندملت لم تزد على ما وجب بالجناية شيئا، وانما يستقر الاندمال
ما كان وجب بالجناية، فلذلك كان الاعتبار بحال الجناية كما ذكرناه.

(1) وفى نسخة: يجرى مجرى عبد غير.
(2) وفى نسخة: قيمته بدل (ديته).
222

772 - مسألة: إذا ضرب انسان بطن امرأة، فألقت جنينا، وادعت انها
ألقته من ضربه لها، وأنكر هو ذلك، ما الحكم فيه؟
الجواب: الحكم في ذلك، ان القول قوله مع يمينه، لان الأصل انه ما
ضربها، وعليها البينة في ذلك، لأنها هي المدعية للضرب.
773 - مسألة: المسألة بعينها، واعترف بالضرب، وأنكر ان هذا الجنين
أسقطته، وادعى انها التقطته، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: القول (1) في ذلك قوله مع يمينه، لان الأصل براءة الذمة،
وعليها البينة، لان ذلك مما لا تتعذر اقامته فيما ادعته.
774 - مسألة: المسألة، واعترف بالضرب والاسقاط، واختلفا، فقالت:
أسقطت من ضربك، وقال هو: بل كان الاسقاط من غير ذلك، ما الحكم
فيه؟
الجواب: إذا كانت المرأة أسقطت الجنين عقيب الضرب، كان المقبول
قولها، وكان عليه الضمان، لأن الظاهر، ان الجنين سقط من ضربه، وكذلك
القول فيه، إذا كان الاسقاط بعد أيام، وثبتت لها بينة بأنها لم تكن تزل عليلة
متألمة عن الضرب حتى أسقطته، وان لم تكن لها بذلك بينة، كان القول قوله مع
يمينه، لأنه يحتمل ان يكون الاسقاط من الضرب ومن غيره، والأصل براءة
الذمة.
775 - مسألة: إذا أسقطت المرأة الجنين، فقال الوارث له للجاني: انه
استهل فعليك الدية، وقال الجاني: لم يستهل، فليس على فيه الا ديته، ما الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا اختلفا كما ذكر، كان القول قول الجاني مع يمينه، لان
الأصل انه ما استهل، والأصل براءة ذمته.
776 - مسألة: المسألة، واختلفا كذلك، ثم أقام الجاني البينة على أنه
خرج ميتا، وأقامها الوارث على أنه استهل، أي البينتين تقدم، وعلى أيتهما يعول؟

(1) وفى نسخة: المقبول في ذلك.
223

الجواب: إذا اختلفا كذلك، كان المقدم والمعول عليه بينة الوارث، لأنها
تضمنت زيادة، خفيت على بينة الجاني، ويجري ذلك مجرى من مات وخلف
ولدين: أحدهما مسلم والاخر نصراني [فأقام المسلم البينة بأنه مات مسلما،
وأقام النصراني البينة بأنه مات نصرانيا] (1) فان بينة المسلم هي المعول عليها،
لأنها تضمنت زيادة، وهي حدوث الاسلام منه.
777 - مسألة: إذا ادعى انسان على آخر، بأنه قتل له وليا، وان له
بذلك شاهدين، فلما حضر الشاهدان، شهد أحدهما بأنه قتله بالغداة، وشهد
الأخر بأنه قتله عشية، أو شهد الواحد بأنه قتله بحجر، وشهد الأخر بأنه قتله
بسيف، هل يثبت بذلك القتل أم لا؟
الجواب: لا يثبت بذلك القتل، لأن هذه الشهادة لم تكمل على فعل
واحد، لان قتله بكرة، غير قتله عشية، وقتله بالحجر، غير قتله بالسيف.
778 - مسألة: إذا كان الانسان ملففا بكساء أو إزار أو ما جرى مجرى
ذلك، فشهد شاهدان على آخر، بأنه ضربه فقطعه نصفين، ولم يشهدا في وقت
ضربه له، بأنه كان حيا، ثم اختلف وليه والجاني، فقال الولي: كان حيا في
وقت ضربه له، وقد قتله، وقال الجاني: ما كان حيا في ذلك الوقت، ما الحكم
في ذلك؟
الجواب: إذا كان الامر في المسألة على ما ذكر، واختلف الولي والجاني
على الوجه المذكور، كان القول، قول الجاني مع يمينه، لان الأصل براءة الذمة.
779 - مسألة: إذا ادعى انسان على غيره، بأنه جرحه، وقطع يده أو
رجله، وأقام المدعى شاهدين، هما أخواه أو عماه بذلك، هل تقبل شهادتهما في
ذلك أم لا؟
الجواب: إن كان هذان الشاهدان شهدا بذلك بعد اندمال الجرح، قبلت
شهادتهما، وحكم للمشهود له، لان شهادة الأخ لأخيه مقبولة، وهذه شهادة ليس
فيها جر نفع، ولا دفع ضرر، وإن كانت شهادتهما قبل الاندمال لم تقبل، لأنهما

(1) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.
224

متهمان، لان الجرح قد يسرى في النفس (1) فتجب الدية على القاتل، ويستحقها
الشاهدان.

(1) وفى نسخة - د: لان الجرح قد يصير تعسا. وما في المتن هو الصحيح.
225

باب مسائل تتعلق بالحدود:
780 - مسألة: إذا وطأ الرجل امرأة، وحضر أربعة من الشهود، فشهد
منهم اثنان بان الرجل أكرهها، وشهد اثنان بأنها طاوعته، هل يجب عليهما، أو على
أحدهما حد أم لا؟
الجواب: ليس على المرأة حد، لان الشهادة بالزنا في حقها لم تكمل. واما
الرجل فعليه الحد، لان الشهادة في حقه بالزنا قد كملت، لأنه في الحالين جميعا
زان.
781 - مسألة: إذا حضر أربعة شهود، فشهدوا بالزنا، ثم ماتوا، أو غابوا
قبل ان يحكم الحاكم في ذلك، هل يجوز له الحكم بشهادتهم ويقيم الحد أم لا؟
الجواب: لا يجوز له ذلك، [إذا كان الزاني محصنا،] (1) لان البينة هي
التي يجب ان تبتدئ برجمه، فإن كان ما يوجب الحد، جاز له الحكم بشهادتهم
وإقامة الحد على المشهود عليه.
782 - مسألة: إذا شهد الأربعة على رجل بالزنا ورجع منهم واحد، هل
عليهم أو على واحد منهم الحد أم لا؟
الجواب: ليس على الثلاثة الحد، وقد ذكر ان عليهم الحد، والأول
أقوى. فاما الراجع (2) فعليه الحد، لأنه إما أن يقول: تعمدت أو أخطأت، وهو

(1) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.
(2) وفى نسخة: واما الراجع.
226

على الحالين جميعا قاذف، فوجب ذلك عليه على كل حال.
783 - مسألة: إذا وجد في دار انسان قتيل، فادعى صاحب الدار انه
قتله، لأجل انه وجده يزنى بزوجته، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كانت مع صاحب الدار بينة شهدوا له بما ادعاه، لم يكن
عليه قود، وان لم تكن عليه بينة بذلك، كان القول قول ولى المقتول، ويقتل
القاتل.
784 - مسألة: إذا نقب (2) اثنان موضعا ودخل الواحد منهما فاخذ
السرقة ووضعها في نفس النقب، واخذها الخارج، هل عليهما أو على أحدهما قطع
أم لا؟
الجواب: لا قطع على واحد منهما، لان كل واحد منهما، ما اخرج السرقة
من كمال الحرز، فهو مثل ان يضعها الداخل في النقب ويجتاز مجتاز من خارج
فيأخذها، في أنه لا قطع على واحد منهما.
785 - مسألة: إذا نقب انسان موضعا، ودخل آخر فاخرج نصابا، هل
عليهما أو على أحدهما قطع أم لا؟
الجواب: لا قطع عليهما ولا على أحدهما، لمثل ما قدمناه، من أنه لم يتكامل
اخراج ذلك من الحرز.
876 - مسألة: إذا نقب انسان موضعا، وشد النصاب في حبل،
وخرج، ثم جره إليه وأخرجه بخشبة معوجة، هل عليه قطع أم لا؟
الجواب: عليه القطع، لأنه هو الذي أخرجه من الحرز وإن كان بآلة،
فلا فرق في وجوب القطع عليه، بين ان يخرجه بآلة أو بغير آلة.
787 - مسألة: إذا نقب انسان موضعا، وكان في الموضع ماء جار، فوضع
النصاب على الماء، وجرى الماء به، فأخرجه من المكان، ثم خرج هو فاخذه، هل
عليه قطع أم لا؟
الجواب: عليه القطع، لأنه بوضعه له على الماء، قد أخرجه بآلة، ولا فرق

(2) وفى نسخة: ثقب.
227

بين ان يخرج ذلك بآلة، هي ماء أو غيره.
788 - مسألة: إذا دخل انسان حرزا، واخذ جوهرة وابتلعها، وخرج،
هل عليه قطع أم لا؟
الجواب: عليه القطع، لأنه بفعله ذلك، كأنه قد أخرجها في جيب أو
جوراب (1)، ولأنه لم يقصد بما فعله الا اخراجها كذلك، فكأنه مخرج لها بآلة.
789 - مسألة: إذا دخل سارق حرزا، فوجد فيه شاة، قيمتها ربع دينار،
وهو النصاب الذي يجب به القطع، فذبحها، فنقصت قيمتها بالذبح، ثم أخرجها بعد
ذلك، هل عليه قطع أم لا؟
الجواب: ليس عليه قطع، لأنه انما يجب القطع عليه باخراج النصاب
المذكور من الحرز، وإذا كانت قيمة هذه الشاة قد نقصت بذبحه لها، فلم يخرجها
وقيمتها النصاب، بل أخرجها وقيمتها أقل من النصاب، وذلك مما لا يجب به
القطع.
790 - مسألة: إذا نقب انسان حرزا، ودخله، ثم اخرج منه ما قيمته
ثمن دينار، ثم رجع إليه من ليلته واخرج منه ثمن دينار آخر، ويكمل ذلك
النصاب، هل يجب عليه القطع أم لا؟
الجواب: عليه القطع، لأنه قد اخرج نصابا من حرز هتكه هو، ولم يهتك
غيره.
791 - مسألة: إذا سرق انسان ما يجب عليه فيه القطع، وملكه قبل ان
يقطع، وقبل ان يحكم الحاكم به، هل يجب عليه القطع أم لا؟
الجواب: هذا لا يقطع، لان وجوب القطع سقط عنه، بل وجوب القطع
لازم له لكن لأنه لما ملك ذلك، لم يكن له مطالب به.
792 - مسألة: إذا غصب انسان لغيره مالا، فجعله في حرز، فنقب
المغصوب منه الحرز، واخذ مالا، هل عليه القطع أم لا؟
الجواب: إذا كان المغصوب منه اخذ عين ما له بغير زيادة عليه، لم يكن

(1) وفى نسخة - د. أو جراب بدل (جوراب).
228

عليه قطع، لان الانسان اخذ حقه إذا قدر عليه، الا ان يكون وديعة، وهذا ليس
بوديعة. وإن كان اخذ مع ما له شيئا من مال الغاصب، ولم يكن متميزا، فلا قطع
عليه، لأنه مال مشترك، ولا قطع في مال مشترك، وإن كان مال الغاصب
متميزا وهو أقل من النصاب، فلا قطع عليه، لأنه ما سرق نصابا يقتضي القطع،
وإن كان نصابا، كان عليه القطع، لأنه سرق ذلك مع مال نفسه، كان
الظاهر أنه نقب للسرقة.
793 - مسألة: إذ وجد رجل مع امرأة، فادعى انه زوجها، وأنكرت
هي ذلك، وحلفت على ذلك، هل يجب على الرجل حد أم لا؟
الجواب: لا يجب عليه حد، لأنه صار متنازعا فيه، فكان ذلك شبهة في
سقوط الحد، لان الحد يسقط مع الشبهة.
794 - مسألة: إذا نبش انسان قبرا، واخرج شيئا مما هو على الميت،
زائد على الكفن المفروض والمسنون الذي جميع ذلك خمسة أثواب، هل عليه
القطع أم لا؟
الجواب: لا قطع عليه، لان القبر انما هو حرز الكفن، والكفن هو الخمسة
الأثواب التي هي: قميص ومئزر وثلاثة ازر ولفائف وما زاد على ذلك ليس من
الكفن، فإذا أخرجه من القبر، لم يقطع عليه، لأنه ما أخرجه من حرز.
795 - مسألة: إذا شهد شاهدان على قوم، فقالا: هؤلاء قطعوا الطريق
علينا وعلى القافلة، هل تقبل هذه الشهادة أم لا؟
الجواب: لا تقبل هذه الشهادة في حق الشاهدين، لأنهما شهدا لأنفسهما،
وشهادة الانسان لنفسه غير مقبولة، وأيضا لأنهما بشهادتهما قد أبانا العداوة،
وشهادة العدو على عدوه غير مقبولة.
796 - مسألة: إذا ارتد انسان ثم رآه آخر من المسلمين مخلى، فقتله،
وهو يعتقد انه مرتد، فظهر انه كان أسلم، هل على القاتل القود أم لا؟
الجواب: عليه القود، لظاهر القرآن، ولان الظاهر من حال المرتد إذا
229

اطلق، انما يطلق بعد ثبوت [توبته] (1) ويسلم.
797 - مسألة: إذا دخل انسان دار غيره، ولصاحب هذه الدار كلب
عقور، فعقره الكلب، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان هذا الرجل دخل هذه الدار بإذن صاحبها، فعليه
ضمانه، وإن كان دخلها بغير اذنه، لم يكن على صاحب الدار ضمان، لأنه مفرط
في دخولها بغير اذنه.
798 - مسألة: إذا وقف انسان دابته في طريق المسلمين، فجنت على
شئ فأتلفته، هل ضمان ذلك عليه أم لا؟
الجواب: عليه الضمان، لأنه انما يجوز له الانتفاع بهذه المرافق بشرط
السلامة فاما إذا لم تجعل السلامة فعليه الضمان:
799 - مسألة: إذا اشترك أربعة رجال في بعير، فكان لكل واحد ربعه،
فعقل أحدهم يده، وتركه الباقون، فتخطى البعير (2) إلى بئر فوقع فيها فاندق (3)
الحكم في ذلك؟
الجواب: على الثلاثة الباقين ان يغرموا للواحد قيمة ربعه، لأنه لم يفرط
فيه، بل حفظه بعقل يده، وفرط الباقون فيه.
800 - مسألة: إذا ركب انسان دابة، أو كان يقودها، أو يسوقها، فجنت
على شئ ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا ركب الانسان الدابة، فجنت على شئ، كان عليه ضمان
ما يتلفه بيديها أو بفيها، وكذلك إذا كان يقودها، فإن كان يسوقها، كان عليه
ضمان ما يتلفه بيديها ورجليها وفيها.

(1) وفي نسخة: فيخطر.
(2) (توبته) لا توجد فيما بين أيدينا من النسخ وانما وضعناها لتستقيم العبارة وتتضح.
(3) اندق: يقصد ان رقبته قد اندقت وكسرت وتمزقت بما قد سبت هلاك البعير.
230

باب مسائل تتعلق بالشهادات والدعاوى والبينات:
801 - مسألة: إذا تحمل الشاهد للشهادة، هل يكون الأداء لما تحمله من
ذلك فرضا أم لا؟
الجواب: أداء الشهادة فرض لقول الله تبارك وتعالى: (ولا تكتموا
الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) (1) وقوله تعالى: (ولا يأب الشهداء إذا ما
دعوا) (2).
802 - مسألة: إذا كان أداء الشهادة فرضا، فهل هو من فرض الأعيان
أو من فروض الكفايات
الجواب: قد يكون متعينا، وقد يكون من فروض الكفايات، إما المتعين
فمثل ان يشهد بالشهادة اثنان فقط فيما لا يثبت الا بشاهدين، أو واحد منهما فيما
يصح ثبوته بشاهد ويمين، أو يتحمل الشهادة جمع كثير، ويشهد بها خلق كثير،
ولا يبقى منهم إلى وقت الأداء الا مثل الاثنين، أو الواحد على الوجه الذي
قدمناه، فإنه يتعين الفرض على الاثنين أو الواحد، واما انه قد يكون من فروض
الكفايات، فمثل ان يعرف بحق، جمع كثير وخلق كثير، ويصيروا شاهدين به، فإذا
أقام بأداء ذلك من يثبت بشهادته منهم ذلك، سقط الفرض عن الباقين،
كالصلاة على الميت، وغيره من فروض الكفايات التي إذا قام بها البعض سقط

(1) البقرة: 283
(2) البقرة: 282
231

عمن بقى.
803 - مسألة: إذا كان في يد انسان مملوك، فادعى آخر انه له، وشهد
له شاهد بأنه غصبه، وشهد آخر انه أقر له بالغصب، هل يحكم بهذه الشهادة
أم لا؟ وكيف الحكم في ذلك؟
الجواب: هذه الشهادة لا يحكم بمجردها، لأنها لم تتفق على فعل واحد،
لان الشهادة بالاقرار، مخالفة للشهادة بالغصب، فاما وجه الحكم بها فهو ان
للمدعى ان يحلف مع أي الشاهدين أراد، فإذا حلف مع ذلك الشاهد حكم له
به.
804 - مسألة: إذا شهد الشاهدان على (زيد) بأنه سرق حمارا، فقال
أحدهما: سرقه بكرة يوم عينه، وقال الآخر: سرقه عشية ذلك اليوم، هل يجب
القطع بذلك، وكيف الحكم ان لم يلزم القطع؟
الجواب: إما القطع فلا يجب، لان الشهادة لم تكمل على سرقة واحدة،
واما الحكم بعد (1) ذلك، فان لمدعي الحمار ان يحلف مع أي الشاهدين أراد،
ويستحقه.
805 - مسألة: إذا شهد شاهدان بان انسانا سرق الحمار غدوة يوم عينه،
وشهد آخر ان بأنه سرقه عشية ذلك اليوم، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا شهد بذلك على ما وصف في هذه المسألة، كان الحكم
بالقرعة.
806 - مسألة: إذا شهد شاهدان على انسان بأنه سرق حمارا، واطلقا
الشهادة ولم يعينا زمانا ولا يوما، وشهد آخران بان ذلك الانسان بعينه سرق
حمارا، وكانت شهادتهما مطلقة مثل شهادة الأولين ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا شهد هؤلاء الشهود بما ذكر، وجب القطع، لان الشهادتين لم
تتعارضا، بل استعمالهما يمكن، لان ظاهر الاطلاق يقتضي انها سرقتان.
807 - مسألة: إذا شهد شاهدان بان (زيدا) باع (عمروا) مملوكا وقت

(1) وفى نسخة: بغير ذلك.
232

زوال الشمس من يوم بعينه بمأة دينار، وشهد آخران بأنه باعه ذلك المملوك في
ذلك الوقت، بمأتين ما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم في ذلك بالقرعة، لأنه لا يصح ثبوت عقدين في عين
واحدة في زمان واحد.
808 - مسألة: إذا شهد شاهد بأنه باع المملوك بمأة، وشهد آخر بأنه
باعه بمأتين في وقت واحد، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا كان كذلك، لم يثبت العقد بمأتين في العقد الواحد (1)، وكان
للمبتاع ان يحلف مع أي الشاهدين أراد، ويستحق المملوك.
809 - مسألة: إذا شهد شاهدان عدلان عند الحاكم بشئ من الحقوق،
ثم فسقا قبل الحكم بما شهدا به، هل يحكم بتلك الشهادة أم لا؟
الجواب: يحكم بتلك الشهادة، ولا يمنع من الحكم بها فسقهما بعد ذلك
وقبل حكم الحاكم بها، لان المراعى في العدالة أو الفسق وقت الأداء، لا وقت
الحكم.
810 - مسألة: إذا شهد شاهدان على انسان بأنه أعتق عبده (زيدا) في
مرضه، وهو الثلث من ماله، وشهد آخران بأنه أعتق (عمروا) في مرضه، وهو
الثلث من ماله، كيف الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا شهد المذكوران بذلك أعتق السابق وبقى الأخر مملوكا.
وهذا قول من يقول من أصحابنا: بأنه إذا فعل ذلك حال المرض، كان من
الثلث، وعلى قول من يقول: بان ذلك من أصل المال، يقول: يعتقان جميعا. (2)
811 - مسألة: إذا ادعى انسان دارا، وهي في يد غيره، فقال الذي هي في يده: ليست لك خصومتي، لأنها ملك (لزيد)، فقال (زيد)، ليست لي، ما الحكم في ذلك؟

(1) وفى نسخة: - بثمنين - بدل (بمأتين) - في وقت واحد - بدل (في العقد الواحد).
قال العلامة في المختلف ص 66 من كتاب الوصية في منجزات المريض: عطاء المريض المنجزة كالعتق والهبة... إذا
وقعت في مرض الموت لعلمائنا قولان: أحدهما انه يصح من الأصل اختاره الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة...
للشيخ قول آخر في المبسوط انها من الثلث.
233

الجواب: إذا كانت لمدعي هذه الدار بينة، سلمت إليه، وان لم تكن له
بينة، احتاط عليها الحاكم لصاحبها، فإذا أحضر وأثبت البينة بأنها له، سلمها
إليه، ولا يجوز ان يترك في يد الذي أقر بها (لزيد)، لأنه لا يدعيها لنفسه، ولا
يترك أيضا في يد المقر له بها، لأنه أنكرها ولم يقبلها وردها، ولا يجوز ان يترك في
يد الذي ادعاها بمجرد دعواه، لأنه لا بينة له بها، ولأنه لو سلمت إليه بغير بينة،
لكان تسليما للحق إلى من ادعاه بمجرد دعواه من غير بينة، وهذا باطل بغير شبهة.
812 - مسألة: المسألة بعينها، وأقر ان الدار لمن لا يعرف، ما الحكم في
ذلك؟
الجواب: إذا أقر بها لمن لا يعرف، لا يلتفت إلى اقراره بذلك، وقيل له:
ان أقررت بها لمعروف، كانت الخصومة معه فيها دونك، فإن لم يفعل، حلف
المدعى لها مع بينة بها واستحقها، فان عاد وأقر بها لنفسه، لم يلتفت إلى هذا
الاقرار، لأنه قد تقدم منه نفيها عن نفسه باقراره بها لغيره.
813 - مسألة: إذا كانت في يد انسان دار، نازعها (1) اثنان: (زيد)
و (عمرو)، فقال (زيد) لمن هي في يده: هذه الدار التي هي في يدك، لي
وملكي، أودعتكها. وقال (عمرو) لمن هي في يده: هذه الدار التي في يدك لي
وملكي آجرتكها. وأثبت كل واحد من (زيد) و (عمرو) بينة بما ادعاه، ما
الجواب في ذلك؟
الجواب: إذا أثبت كل واحد من (زيد) و (عمرو) بينة بما ادعاه من
ذلك، أقرع بينهما، فمن ظهرت القرعة له سلمت إليه الدار.
814 - مسألة: إذا كانت في يد انسان دار، فقال له آخر: هذه الدار لي
غصبتنيها (2) وقال له آخر: هذه الدار التي في يدك هي لي، أقررت لي بها،
وأثبت كل واحد منهما بينة بما ادعاه، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: هذه الدار يحكم بها للمغصوب منه، لان البينة شهدت له

(1) وفى نسخة: فادعاها بدل (نازعها)
(2) وفى نسخة: غصبتني عليها.
234

بالملك، وانما في يد من هي في يده غصب، والبينة التي شهدت بالاقرار شهدت
باقراره بما قد ثبت انه غصب، فكان اقراره بما هذه صفته باطلا.
815 - مسألة: إذا كانت في يد انسان دار، فادعاها آخر، وأنكر الذي
هي في يده ذلك، وأثبت المدعي بينة بأنها كانت في يده منذ شهر، أو منذ خمسة
أيام، أو من يوم، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: لا يحكم بهذه البينة، لأنها محتملة، ويكون القول، قول المدعى
عليه في ذلك مع يمينه، هذا إذا لم تشهد البينة بسبب يد المدعى عليه، فان
شهدت بذلك، مثل ان قالت: إنها كانت في يده، وانه غصبه إياها، أو حال
بينه وبينها، وجب ان يحكم بالدار للذي ادعاها، لان البينة شهدت بالملك
وسبب يد المدعى عليه، فوجب الحكم بما ذكرناه.
816 - مسألة: ثلاثة رجال كفار، اثنان منهم ابنا للثالث، أسلم أحد
الابنين في مستهل (المحرم)، واسلم اخوه في مستهل (صفر)، واسلم أبوهما
ومات، ولم يختلفا في وقت اسلامهما، بل اختلفا في أبيهما، فقال الذي أسلم في
(المحرم) لأخيه: مات أبونا في (المحرم) قبل اسلامك يا أخي، والميراث كله
لي، وقال الآخر: بل مات أبونا في (صفر) فالميراث بيننا، ما الجواب عن ذلك
والحكم فيه؟
الجواب: إذا اختلف الابنان على ما ذكر في هذه المسألة، ولم تكن
لأحدهما بينة بما ادعاه، كان القول، قول من ادعى موت الأب في (صفر)،
ويكون الميراث بينهما نصفين، لان الأصل الحياة، فلا يرجع عن ذلك الا بان
يعلم ارتفاعها.
817 - مسألة: رجل مات وهو مسلم، وخلف ابنين وتركة، فقال
أحدهما لأخيه: كنت انا في الوقت الذي مات أبي فيه مسلما، فقال له اخوه:
صدقت وانا كنت أيضا في ذلك الوقت مسلما، فقال له الأخر: بل كان
اسلامك بعد موته، فالميراث كله لي دونك، فقال الآخر: بل مات أبى وانا
مسلم، فالميراث بيننا، ما الحكم في ذلك؟
235

الجواب: إذا اختلف الابنان على ما ذكر، كان القول قول المتفق على
اسلامه، لان الأصل هاهنا الكفر، حتى يعلم زواله، فإذا ثبت زواله في وقت
موت الأب عن هذا الابن، كان الميراث بينه وبين أخيه نصفين، وان لم يثبت له
ذلك، كان القول قول المتفق على اسلامه، كما ذكرناه.
818 - مسألة: رجل حر مات، وخلف ابنين، فقال أحدهما لأخيه:
كنت انا حرا حين مات أبى، فالميراث لي دونك. وقال الآخر: صدقت، وانا
أعتقت قبل موت أبينا، فالميراث بيننا، ما الحكم في ذلك؟
الجواب: إذا اختلف الابنان على الوجه المذكور، كان القول قول المتفق
على حريته، لان الأصل هاهنا في الأخر الرق حتى يثبت زواله، فان ثبت،
شارك أخاه في الميراث، وان لم يثبت، كان له الامر، على ما قدمناه.
236

باب في أعيان المسائل من العويص:
819 - مسألة: انسان دخل عليه وقت الصلاة، وتوضأ لها، فاحسن
الوضوء، ثم صلى ولم يفرط في شئ من صلاته، فلما فرغ، وجبت عليه اعادتها،
ما الجواب عن ذلك؟
الجواب: هذا انسان كانت على بدنه أو قميصه نجاسة، لم يعلم بها حتى
فرغ من صلاته والوقت باق، فوجبت عليه الإعادة، ويحتمل أيضا ان يكون جنبا
ونسى ذلك وتوضأ وصلى ثم ذكر ذلك، فوجبت عليه إعادة الصلاة بعد
الاغتسال.
820 - مسألة: انسان دخل عليه وقت الصلاة، فتطهر لها ولم يخل بشئ
من طهارته، وأراد استباحة الصلاة بتلك الطهارة، فلم يصح له ذلك، ما
الجواب؟
الجواب: هذا انسان تطهر بماء نجس أو مغصوب، ولم يعلم بذلك منه
حين التطهر به، ثم علم وقت قيامه للصلاة، فلم يجز ان تستبيح الصلاة بتلك
الطهارة.
821 - مسألة: جماعة مسلمون سالمون من الأمراض، دخل عليهم وقت
الصلاة، وبحضرتهم ماء في أواني، فقال بعض منهم لبعض: تطهروا وأدوا الصلاة،
فقد دخل وقتها، فقال واحد منهم: أنتم قد وجب ذلك عليكم، فافعلوه، فاما انا
فليس تجب على الان طهارة ولا صلاة، ما صورة هذه المسألة؟
237

الجواب: القائل بأنه لم تجب عليه طهارة ولا صلاة، لم يكن مالكا لشئ
من الماء الذي بحضرتهم، بل كان لهم دونه، وكان عالما منهم بأنهم يمنعونه من
استعمال شئ منه، ولا يجيبونه إلى ابتياعه، فكان حينئذ غير قادر على الماء
ووجب عليه بعد ذلك، الطلب له، والصبر إلى آخر الوقت، فان تمكن منه، والا
كان فرضه التيمم.
822 - مسألة: مسلم وجب عليه اخراج الزكاة من ماله، لسنة معينة،
فلما أخرجها، وجب عليه اخراجها دفعة أخرى عن السنة بعينها؟
الجواب: هذا انسان كان في بلده من يعلم استحقاقه لاخذ الزكاة، فلم
يدفعها إليه، فانفذها إلى بلد آخر، ليدفعها إلى من يستحقها في ذلك البلد،
فهلكت، فكان عليه الضمان لإعادتها.
823 - مسألة: امرأة مسلمة خطبها رجلان مسلمان في وقت واحد،
وليس بينها وبين أحد منهما رحم ولا عبودية يمنع من ذلك، فحل لأحدهما العقد
عليها، وحرم ذلك على الأخر في ذلك الوقت؟
الجواب: الذي حرم عليه العقد على هذه المرأة في هذا الوقت المذكور،
كان له أربع زوجات، فلم يحل له العقد على خامسة.
824 - مسألة: امرأة مسلمة، صح لخمس رجال من المسلمين ان يعقد
كل واحد منهم عليها عقد النكاح، ويدخل بها ويطلقها، ثم يفعل الأخر معها مثل
ذلك، كلهم في يوم واحد؟
الجواب: هذه المرأة كبيرة السن آئسة من الحيض، والآئسة كذلك
ليست عليها عدة الطلاق فيمنعها تكميلها لها من التزويج، فصح من تزويج الخمسة
بها على ما ذكرناه، وهذا على مذهب أصحابنا، الا ما كان يختاره السيد
المرتضى (ره) أخيرا من أن على هذا المرأة العدة (1)، وعلى هذا لا تصح هذه
المسألة.
825 - مسألة: هذه مسألة سيدنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى (ع)

(1) لاحظ الانتصار ص 146 - مسائل العدة -
238

التي سأل عنها (يحيى بن أكثم) القاضي بحضرة (المأمون) فانقطع، ولم يجب
عنها بشئ، وهي ما تقول في رجل نظر إلى امرأة أول النهار، فحرم ذلك عليه،
فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان العصر حلت
له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما حضر وقت العشاء الآخرة حلت له، فلما
انتصف الليل حرمت عليه، لما كان الفجر حلت له، فلما ارتفع النهار حرمت
عليه، فلما كان الظهر حلت له؟
الجواب: هذا رجل نظر إلى أمة قوم أول النهار بغير اذنهم نظر تعمد
بشهوة، فكان ذلك محرما عليه، فلما ارتفع النهار اشتراها عن مالكها فحلت له،
فلما زالت الشمس أعتقها فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له
فلما كان المغرب، ظاهر منها، فحرمت عليه، فلما كان العشاء الآخرة كفر عن
الظهار، فحلت له، فلما كان نصف الليل، ارتد عن الاسلام فحرمت عليه، فلما
كان الفجر عاد إلى الاسلام فحلت له، فلما ارتفع النهار خلعها من نفسه، فحرمت
عليه، فلما كان الظهر، جدد معها عقد النكاح فحلت له. (1)
826 - مسألة: امرأة عصت الله سبحانه وتعالى فحلت لبعلها ما يحرم عنه
من طاعة الله في وطأها؟
الجواب: هذه المراة كانت صائمة قضاء من شهر رمضان، أو كانت
حائضا، فكتمت ذلك عن زوجها فوطأها، وهو غير عالم بباطن حالها.
827 - مسألة: امرأة مسلمة عقد عليها مسلم عقد النكاح فحلت له ساعة
من النهار بالعقد، ثم حرمت عليه بعد ذلك ابدا، ولم يحدث هو ولا هي كفرا ولا
ما يقتضي ذلك؟
الجواب: هذه امرأة كانت بنتها زوجة هذا الرجل فعقد عليها وهو غير
عالم بأنها أمها، فحلت له ساعة من النهار بظاهر العقد، ثم بعد ذلك علم صحة
النسبة بينهما، فحرمت عليه ابدا.
828 - مسألة: رجلان كانا يمشيان تحت حائط، فسقط الحائط على

(1) الإحتجاج للطبرسي ج 2 ص 244 وبحار الأنوار ج 50 ص 78.
239

أحدهما فقتله، فحرمت زوجة الأخر عليه في هذا الحال؟
الجواب: هذا رجل زوج ابنته من مملوكه. وخرجا يمشيان، فسقط الحائط
على سيد المملوك، فصار المملوك ميراثا للبنت، فحرمت بذلك عليه (1).
829 - مسألة: امرأة أطاعت الله، ففارقت زوجها للطاعة؟
الجواب: هذه المرأة وزوجها كانا مشركين، فأسلمت هي، وبقى زوجها
على الشرك، فوجبت مفارقتها له لذلك.
830 - مسألة: رجل غاب عن امرأته ثلاثة أيام، فأنفذت إليه إنني قد
تزوجت بعدك برجل، وقد احتجت إلى نفقته، فانفذ إلى ما أنفقه على وعلى
زوجي. ووجب ذلك عليه؟
الجواب: هذا المرأة، زوجها أبوها بعبده ودفع إليه مالا واذن له في السفر
والتجارة بذلك، فسافر العبد قبل دخوله بهذه المرأة، فلما مضى عليه من وقت
خروجه يومان، مات سيده، فصار العبد ميراثا لهذه المرأة، وحرمت عليه بذلك،
وحلت للأزواج في الحال، فتزوجت رجلا، وأنفذت إلى العبد، تسأله ان ينفذ
إليها من تركة أبيها ما تصرفه في أحوالها، فوجب عليه ذلك.
831 - مسألة: رجل تزوج امرأة على صداق، مبلغه ألف درهم، فلما
طلقها وجب عليه الف وخمس مأة درهم؟
الجواب: هذه المرأة قبضت هذا الصداق من زوجها، ثم استشهدت على
نفسها بأنها قد تصدقت عليه به، فلما علم بذلك طلقها قبل دخوله بها، فكان عليه
الألف درهم بالصدقة، وخمس مأة وهي نصف ما فرضه لها من الصداق، يجب له
رجوعه عليها بذلك قبل الدخول بها.
832 - مسألة: رجل وجب عليه في يوم واحد حدان وعشر حد؟
الجواب: هذا عبد قذف حرا، وزنى وسكر، فوجب عليه للقذف
والسكر، مأة وستون سوطا، وللزنا خمسون جلدة، فذلك حدان وعشر حد.
833 - مسألة: رجل حر وجب عليه في يوم حد كامل، ونصف حد

(1) وفى نسخة: فوجبت مفارقتها له لذلك.
240

وبعض حد وربع حد وثمن حد؟
الجواب: هذا رجل تكرر منه زنا في يوم من شهر (رمضان)، وتزوج فيه
بعد ساعة، وأكره امرأته فيه على الجماع، ثم وطأ بهيمة، ثم عاد إلى زوجته، وقد
حاضت فوطأها، فوجب عليه للزنا مأة جلدة، ولحرمة شهر (رمضان) تعزير بعض
الحد، ولاكراهه زوجته على الجماع في هذا الشهر نصف الحد، ولوطأه البهيمة
خمسة وعشرون جلدة وهو ربع الحد، ولوطأه امرأته وهي حائض، اثنا عشر سوطا
ونصف، وهو ثمن الحد.
834 - مسألة: رجل وجب عليه في يوم واحد خمس مأة جلدة، وقطع
يده ورجليه، والقتل والحرق بالنار؟
الجواب: هذا رجل يكرر زنا ثلاث مرات، وشرب الخمر، وقذف حرا،
وقطع يدي مسلم ورجليه، ووطأ بهيمة، وقتل امام المسلمين، واستمنى بيده،
فوجب عليه للزنا ثلاث مرات ثلاث مأة جلدة، ولشرب الخمر ثمانون جلدة
وللقذف ثمانون جلدة، ولوطأ البهيمة عشرون جلدة، وللاستمناء عشرون جلدة،
فذلك خمس مأة جلدة. وقطع يديه ورجليه للقصاص، ولقتل امام المسلمين،
القتل والحرق بالنار.
835 - مسألة: امرأة ولدت على فراش زوجها (ببغداد) فلحق نسبه
برجل (بالبصرة) فلزمه دون صاحب الفراش، من غير أن يكون شاهدا لامرأة ولا
عرفها ولا عقد عليها ولا وطأها حراما ولا حلالا؟
الجواب: هذه المرأة بكر، ساحقتها أخرى ثيبا، كانت قد قامت في حال
مجامعة زوجها لها، فسقطت نطفة الرجل من الثيب إلى فرجها، فحملت، فمضى
عليها تسعة أشهر فتزوجت في آخر الشهر التاسع ودخل زوجها بها، فولدت ليلة
دخوله بها، على فراشه، ولدا كاملا، فأنكر الزوج ذلك، فقررها على ذلك،
فأقرت بما تقدم ذكره، وأقرت الفاعلة أيضا، فلحق المولود بصاحب النطفة. وهذه
حكومة الحسن بن علي عليهما السلام، على ما ورد به الخبر في ذلك (1).

(1) كنز الفوائد للكراجي ص 139.
241

836 - مسألة: امرأة هلكت وخلفت ابني عم لها وتركة، فاستحق
أحدهما من الميراث النصف والربع، واستحق الأخر الربع؟
الجواب: كان أحد ابني عمها زوجها، فأخذ بحق الزوجية النصف، وبقى
النصف الآخر، فلما قاسم أخاه عليه، كان له نصفه وهو الربع من الأصل، فصار
له بذلك النصف والربع، وللآخر الربع.
837 - مسألة: رجل هلك وخلف زوجته وأخاه لأبيه وامه، فورثته
زوجته وأخ لها، ولم يرث اخوه من أبيه وامه من الميراث شيئا على حال؟
الجواب: هذا رجل تزوج امرأة، وزوج ابنه أمها، فولدت الام لابنه ولدا
ذكرا، ثم مات ابنه، فورثه، ومات هو بعده، فكانت تركته بين زوجته وأخيها
لأنه ابنه ولا يرث اخوه شيئا منه.
838 - مسألة: رجل مات، فورثه سبعة اخوة وأخت لهم، فكان الميراث
بينهم، لكل واحد منهم الثمن؟
الجواب: هذا رجل تزوج أم امرأة أبيه، فولدت منه سبعة بنين، فصار بنوه
هؤلاء (1)، اخوة امرأة أبيه، ثم مات الرجل، وبقى أبوه ومات الأب بعده، فورثت
امرأته الثمن، وورث بنو أبيه، الباقي كل واحد منهم الثمن بينهم با السوية،
فحصل لهم من المال سبعة أثمان وهو الباقي بعد حق الزوجة التي هي أختهم
من قبل الام.
839 - مسألة: رجل قيد عبده بقيد حديد، وحلف ان لا ينزعه من
قدميه حتى يتصدق بوزنه، كيف يفعل في ذلك؟
الجواب: ورد الخبر بان الجواب في ذلك، قضية أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب (ع)، وورد الخبر في ذلك على وجهين:
أحدهما ان رجلا قيد عبده بقيد حديد، وحلف ان لا ينزعه من رجليه
حتى يتصدق بوزنه، وان أحدا لم يحسن الجواب. عن ذلك غيره.
والوجه الأخر: ان رجلين في عهد عمر بن الخطاب، شاهدا عبدا مقيدا،

(1) في نسخة: فصار أبناء هؤلاء.
242

فقال أحدهما: ان لم يكن في قيده كذا، فامرأته طالق ثلاثا، فقال الآخر: إن كان
في قيده ما قلت، فامرأته طالق ثلاثا، وذهبا إلى سيد العبد فقالا له: انا قد
حلفنا على كذا وكذا، فحل قيد عبدك حتى نراه فقال السيد: امرأته طالق
ثلاثا ان أحله عنه حتى يتصدق بوزنه، فارتفعوا إلى عمر بن الخطاب، فقصوا عليه
القصة، فأمرهم عمر فقال: مولاه أحق به، وقال فاذهبوا فاعتزلوا نسائكم.
فقالوا: اذهبوا بنا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، لعل ان يكون عنده
في هذا شئ. فاتوه وقصوا عليه القصة، وقال علي عليه السلام: ما أهون هذا،
ثم أمر باحضار جفنة (1) وشد القيد بخيط، ووقف العبد في الجفنة، والقيد
مرسل أسفلها، ثم صب الماء عليه حتى امتلأت، ثم أمر برفع القيد، فرفع حتى
خرج من الماء فلما خرج نقص، ثم دعا ببرادة الحديد (2)، فألقيت في الماء
حتى ارتفع وعاد إلى حده الأول، ثم قال (ع): أو زنوا هذا ففيه وزن العبد (3).
وهذا من أحسن استخراجه صلوات الله عليه وعلى الأئمة الأبرار من
عترته. والحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
وسلم تسليما كثيرا.

(1) الجفنة: القصعة الكبيرة.
(2) برادة الحديد: ما سقط منه.
(3) الوسائل ج 18 ص 210 ب 21 من أبواب كيفية الحكم ح 8 - والبحار ج 40 ص 280 - مع اختلاف قليل -
243

رسالة
العقائد الجعفرية
(خمسون مسالة اعتقادية)
للشيخ الطوسي
385 - 460 ه‍. ج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين.
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وآله المعصومين الذين
اذهب الله عنهم الرجس وطهر هم تطهيرا، وجعل كل واحد منهم على الخلق بعد
الرسول أميرا.
قال الامام شيخ الطائفة أبو جعفر محمد، الطوسي مولدا والنجفي مدفنا:
(مسألة 1) معرفة الله واجبة على كل مكلف، بدليل انه منعم، فيجب
معرفته.
(مسألة 2) الله تعالى موجود، بدليل انه صنع العالم، وأعطاه الوجود،
وكل من كان كذلك فهو موجود.
244

(مسألة 3) الله تعالى واجب الوجود لذاته، بمعنى انه لا يفتقر في وجوده
إلى غيره، ولا يجوز عليه العدم، بدليل انه لو كان ممكنا لا فتقر إلى صانع، كافتقار
هذا العالم، وذلك محال على المنعم المعبود.
(مسألة 4) الله تعالى قديم أزلي، بمعنى ان وجوده لم يسبقه العدم. باق
ابدي، بمعنى ان وجوده لن يلحقه العدم.
(مسألة 5) الله تعالى قادر مختار، بمعنى انه ان شاء ان يفعل فعل، وان
شاء ان يترك ترك، بدليل انه صنع العالم في وقت دون آخر.
(مسألة 6) الله تعالى قادر على كل مقدور، وعالم بكل معلوم، بدليل ان
نسبة جميع المقدورات والمعلومات إلى ذاته المقدسة المنزهة على السوية، فاختصاص
قدرته تعالى وعلمه ببعض دون بعض ترجيح بلا مرجح، وهو محال.
(مسألة 7) الله تعالى عالم، بمعنى ان الأشياء منكشفة واضحة له، حاضرة
عنده غير غائبة عنه، بدليل انه تعالى فعل الافعال المحكمة المتقنة، وكل من فعل
ذلك فهو عالم بالضرورة.
(مسألة 8) الله تعالى يدرك لا بجارحة، بل بمعنى انه يعلم ما يدرك
بالحواس، لأنه منزه عن الجسم ولوازمه، بدليل قوله تعالى: (لا تدركه الابصار وهو
يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير (1))، فمعنى قوله تعالى (انه هو السميع البصير
(2)) انه عالم بالمسموعات لا بإذن، وبالمبصرات لا بعين.
(مسألة 9) الله تعالى حي، بمعنى انه يصح منه ان يقدر ويعلم، بدليل انه
ثبتت له القدرة والعلم، وكل من ثبتت له ذلك فهو حي بالضرورة.
(مسألة 10) الله تعالى متكلم لا بجارحة، بل بمعنى انه أوجد الكلام في
جرم من الاجرام، أو جسم من الأجسام، لايصال عظمته إلى الخلق، بدليل قوله
تعالى (وكلم الله موسى تكليما)، ولأنه قادر، فالكلام ممكن.
(مسألة 11) الله تعالى صادق، بمعنى انه لا يقول الا الحق الواقع، بدليل
ان كل كذب قبيح، والله تعالى منزه عن القبيح.
(مسألة 12) الله تعالى مريد، بمعنى انه رجح الفعل إذا علم المصلحة
245

(يعنى انه غير مضطر وان ارادته غير واقعة تحت إرادة أخرى، بل هي الإرادة العليا
التي ان رأى صلاحا فعل، وان رأى فسادا لم يفعل، باختيار منه تعالى) بدليل انه
ترك ايجاد بعض الموجودات في وقت دون وقت، مع علمه وقدرته - على كل
حال - بالسوية. ولأنه نهى وهو يدل على الكراهة.
(مسألة 13) انه تعالى واحد، بمعنى انه لا شريك له في الألوهية، بدليل
قوله (قل هو الله أحد (4))، ولأنه لو كان له شريك لوقع التمانع، ففسد النظام،
كما قال: (لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا (5)).
(مسألة 14) الله تعالى غير مركب من شئ، بدليل انه لو كان مركبا
لكان مفتقرا إلى الأجزاء، والمفتقر ممكن.
(مسألة 15) الله تعالى ليس بجسم، ولا عرض، ولا جوهر، بدليل انه لو
كان أحد هذه الأشياء لكان ممكنا مفتقرا إلى صانع، وهو محال.
(مسألة 16) الله تعالى ليس بمرئي بحاسة البصر في الدنيا والآخرة، بدليل
انه تعالى مجرد، ولان كل مرئي لابد ان يكون له الجسم والجهة، والله تعالى منزه
عنهما ولأنه تعالى قال: (لن تراني (6)) وقال: (لا تدركه الابصار).
(مسألة 17) الله تعالى ليس محلا للحوادث، والا لكان حادثا، وحدوثه
محال.
(مسألة 18) الله تعالى لا يتصف بالحلول، بدليل انه يلزم قيام الواجب
بالممكن وذلك محال.
(مسألة 19) الله تعالى لا يتحد بغيره، لان الاتحاد صيرورة الشئ واحدا
من غير زيادة ونقصان، وذلك محال، والله لا يتصف بالمحال.
(مسألة 20) الله تعالى منفي عنه المعاني والصفات الزائدة، بمعنى انه ليس
عالما بالعلم، ولا قادرا بالقدرة (بل علم كله، وقدرة كلها)، بدليل انه لو كان
كذلك لزم كونه محلا للحوادث لو كانت حادثة، وتعدد القدماء لو كانت قديمة،
وهما محالان، وأيضا لزم افتقار الواجب إلى صفاته المغايرة له، فيصير ممكنا، وهو
ممتنع.
246

(مسألة 21) الله تعالى غني، بمعنى انه غير محتاج إلى ما عداه، والدليل
عليه انه واجب الوجود لذاته، فلا يكون مفتقرا.
(مسألة 22) الله تعالى ليس في جهة، ولا مكان، بدليل ان كل ما في
الجهة والمكان مفتقر إليهما، وأيضا قد ثبت انه تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا
عرض، فلا يكون في المكان والجهة.
(مسألة 23) الله تعالى ليس له ولد ولا صاحبة، بدليل انه قد ثبت عدم
افتقاره إلى غيره، ولان كل ما سواه تعالى ممكن، فكيف يصير الممكن واجبا
بالذات، ولقوله تعالى: (ليس كمثله شئ (7)) و (مثل عيسى عند الله كمثل
آدم خلقه من تراب (8)).
(مسألة 24) الله تعالى عدل حكيم، بمعنى انه لا يفعل قبيحا ولا يخل
بالواجب بدليل ان فعل القبيح قبيح، والاخلال بالواجب نقص عليه، فالله تعالى
منزه عن كل قبيح واخلال بالواجب.
(مسألة 25) الرضا بالقضاء والقدر واجب، وكل ما كان أو يكون فهو
بالقضاء والقدر ولا يلزم بهما الجبر والظلم، لان القدر والقضاء هاهنا بمعنى العلم
والبيان، والمعنى انه تعالى يعلم كل ما هو.
(مسألة 26) كل ما فعله الله تعالى فهو أصلح، والا لزم العبث، وليس
تعالى بعابث، لقوله: (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا (9)).
(مسألة 27) اللطف على الله واجب، لأنه خلق الخلق، وجعل فيهم
الشهوة، فلو لم يفعل اللطف لزم الاغراء، وذلك قبيح، (والله لا يفعل القبيح)
فاللطف هو نصب الأدلة، واكمال العقل، وارسال الرسل في زمانهم، وبعد
انقطاعهم ابقاء الامام، لئلا ينقطع خيط غرضه.
(مسألة 28) نبينا (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد
مناف) رسول الله (ص) حقا صدقا. بدليل انه ادعى النبوة، وأظهر المعجزات على
يده، فثبت انه رسول حقا، وأكبر المعجزات (القران الحميد) والفرقان المجيد
الفارق بين الحق والباطل، باق إلى يوم القيامة، حجة على كافة النسمة.
247

ووجه كونه معجزا: فرط فصاحته وبلاغته، بحيث ما تمكن أحد من
أهل الفصاحة والبلاغة حيث تحدوا به، ان يأتوا ولو بسورة صغيرة، أو آية تامة
مثله.
(مسألة 29) كان نبينا نبيا على نفسه قبل البعثة، وبعده رسول إلى كافة
النسمة لأنه قال (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين) (1)، والا لزم تفضيل
المفضول، وهو قبيح.
(مسألة 30) جميع الأنبياء كانوا معصومين، مطهرين عن العيوب
والذنوب كلها، وعن السهو والنسيان في الافعال والأقوال، من أول الأعمار إلى
اللحد، بدليل انهم لو فعلوا المعصية أو يطرأ عليهم السهو لسقط محلهم من القلوب،
فارتفع الوثوق والاعتماد على أقوالهم وافعالهم، فتبطل فائدة النبوة، فما ورد في
الكتاب (القرآن) فيهم فهو واجب التأويل.
(مسألة 31) يجب ان يكون الأنبياء اعلم وأفضل أهل زمانهم، لان
تفضيل المفضول قبيح.
(مسألة 32) نبينا خاتم النبيين والمرسلين، بمعنى انه لا نبي بعده إلى يوم
القيامة، يقول تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم
النبيين (10)).
(مسألة 33) نبينا أشرف الأنبياء والمرسلين، لأنه ثبتت نبوته، وأخبر
بأفضليته فهو أفضل، لما قال لفاطمة (ع): (أبوك خير الأنبياء، وبعلك خير
الأوصياء، وأنت سيدة نساء العالمين، وولدك الحسن والحسين (ع) سيدا شباب
أهل الجنة، وأبو هما خير منهما). (2)
(مسألة 34) معراج الرسول بالجسم العنصري علانية، في غير منام، حق،
والاخبار عليه بالتواتر ناطقة، صريحة، فمنكره خارج عن الاسلام، وانه مر
بالافلاك من أبوابها من دون حاجة إلى الخرق والالتيام، وهذه الشبهة الواهية
مدفوعة مسطورة بمحالها.
(مسألة 35) دين نبينا ناسخ للأديان السابقة، لان المصالح تتبدل حسب
248

الزمان والاشخاص كما تتبدل المعالجات لمريض بحسب تبدل المزاح والمرض.
(مسألة 36) الامام بعد نبينا علي بن أبي طالب (ع) بدليل قول (ص):
(يا علي أنت أخي ووارث علمي، وأنت الخليفة من بعدي، وأنت قاضي ديني،
وأنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي) (3)، وقوله: (سلموا
على علي بإمرة المؤمنين، واسمعوا له وأطيعوا له، وتعلموا منه ولا تعلموه)، (4)
وقوله: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه). (5)
(مسألة 37) الأئمة بعد علي (ع) أحد عشر من ذريته الأول منهم
ولده الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد
الصادق، ثم موسى بن جعفر، ثم علي بن موسى، ثم محمد بن علي، ثم علي بن
محمد، ثم الحسن بن علي، ثم الخلف الحجة القائم المهدى الهادي بن الحسن
صاحب الزمان، فكلهم أئمة الناس واحد بعد واحد، حقا، بدليل ان كل امام
منهم نص على من بعده نصا متواترا بالخلافة، وقوله: (الحسين امام، ابن امام،
أخو الامام، أبو الأئمة التسعة، تاسعهم قائمهم، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت
ظلما وجورا).
(مسألة 38) يجب ان يكون الأئمة معصومين مطهرين من الذنوب كلها،
صغيرة وكبيرة عمدا وسهوا، ومن السهو في الافعال والأقوال، بدليل انهم لو فعلوا
المعصية لسقط محلهم من القلوب، وارتفع الوثوق، وكيف يهدون بالضالين
المضلين، ولا معصوم غير الأئمة الاثني عشر اجماعا، فثبت إمامتهم.
(مسألة 39) يجب ان يكون الأئمة أفضل واعلم، ولو لم يكونوا كذلك
للزم تفضيل المفضول، أو الترجيح بلا مرجح، ولا يحصل الانقياد به، وذلك قبيح
عقلا ونقلا، وفضل أئمتنا وعلمهم مشهور، بل أفضليتهم أظهر من الشمس وأبين
من الأمس.
(مسألة 40) يجب ان نعتقد ان آباء نبينا وأئمتنا مسلمون ابدا، بل
أكثر هم كانوا أوصياء، فالاخبار عند أهل البيت على اسلام أبي طالب مقطوعة
وسيرته أدلة عليه، ومثله مثل مؤمن آل فرعون. (6)
249

(مسألة 41) الامام المهدى المنتظر محمد بن الحسن قد تولد في زمان أبيه،
وهو غائب حي باقي إلى بقاء الدنيا، لان كل زمان لابد فيه من امام معصوم، لما
انعقد عليه اجماع الأمة على أنه لا يخلو زمان من حجة ظاهرة مشهورة، أو خافية
مستورة، ولان اللطف في كل زمان واجب، والامام لطف، فوجوده واجب.
(مسألة 42) لا استبعاد في طول عمره، لان غيره من الأمم السابقة قد
عاش ثلاثة آلاف سنة فصاعدا، كشعيب ونوح ولقمان وخضر وعيسى - عليهم
السلام وإبليس والدجال ولان الامر ممكن، والله قادر على جميع الممكنات.
(مسألة 43) غيبة المهدى لا تكون من قبل نفسه، لأنه معصوم، فلا يخل
بواجب، ولا من قبل الله تعالى، لأنه عدل حكيم فلا يفعل القبيح، لان الاخفاء
عن الانظار وحرمان العباد عن الإفادات قبيحان. فغيبته لكثرة العدو والكافر،
ولقلة الناصر.
(مسألة 44) لابد من ظهور المهدى، بدليل قول النبي (ص): (لو لم يبق
من الدنيا الا ساعة واحدة لطول الله تلك الساعة حتى يخرج رجل من ذريتي،
اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا) (7).
ويجب على كل مخلوق متابعته.
(مسألة 45) في غيبة الامام فائدة، كما تنير الشمس تحت السحاب،
والمشكاة من وراء الحجاب.
(مسألة 46) يرجع نبينا وأئمتنا المعصومون في زمان المهدى مع جماعة من
الأمم السابقة واللاحقة، لاظهار دولتهم وحقهم، وبه قطعت المتواترات من
الروايات والآيات لقوله تعالى: (ويوم نحشر من كل أمة فوجا (11))، فالاعتقاد
به واجب.
(مسألة 47) ان الله يعيد الأجسام الفانية كما هي في الدنيا، ليوصل كل
حق إلى المستحقين، وذلك أمر ممكن، والأنبياء أخبروا به، لا سيما القران المجيد
مشحون به ولا مجال للتأويل، فالاعتقاد بالمعاد الجسماني واجب.
(مسألة 48) كل ما أخبر به النبي أو الامام فاعتقاده واجب، كاخبار
250

هم عن نبوة الأنبياء السابقين، والكتب المنزلة، ووجود الملائكة، وأحوال القبر
وعذابه، وثوابه وسؤال المنكر ونكير، والاحياء فيه، وأحوال القيامة، وأهوالها،
والنشور، والحساب والميزان، والصراط، وانطاق الجوارح، ووجود الجنة والنار.
والحوض الذي يسقي منه أمير المؤمنين العطاشى يوم القيامة، وشفاعة النبي والأئمة
لأهل الكبائر من محبيه إلى غير ذلك، بدليل انه أخبر بذلك المعصومون.
(مسألة 49) التوبة - وهي الندم على القبيح في الماضي، والترك في
الحال، العزم على عدم المعاودة إليه في الاستقبال - واجبة، لدلالة السمع على
وجوبها، ولان دفع الضرر واجب عقلا.
(مسألة 50) الامر بالمعروف، والنهى عن المنكر، واجبان، بشرط تجويز
التأثير والامن من الضرر.
تمت
251

بسم الله الرحمن الرحيم
مسائل مبافارقيات (1)
للسيد المرتضى علم الهدى (قد)
المسألة الأولى: الصلاة الجامعة (2) والفضل فيها وهل يجوز مع عدم الوثوق
بدينه أم لا؟
الجواب: صلاه الجماعة فيها فضل كثيرا أداء وقضاء باعتقاد المؤتم به، لان
اعتقاد الفاسق عند أهل البيت (ع) لا يجوز.
المسألة الثانية: صلاة الجمعة هل يجوز ان تصلى خلف المخالف والمؤالف
جميعا، وهل هي أربع ركعات جميعا مع الخطبتين، أم ركعتان مع الخطبة تقوم مقام
الأربعة؟
الجواب: صلاة الجمعة ركعتان، ولا جمعة الا مع امام أو من ينصبه الإمام العادل
، فان عدم ذلك، صليت الظهر أربع ركعات، ومن اضطر إلى أن يصليها
مع من لا يجوز إمامته تقية، وجب عليه أن يصلى بعد ذلك ظهرا أربعا.
المسألة الثالثة: صلاة العيدين بخطبة أو غير خطبة، أربع ركعات أو

1 - المبافارقي بفتح الميم وتشديد الباء الموحدة والفاء بين الألفين وفي اخرها الراء والقاف وياء النسبة إلى مبافارقي
وهي مدينة كبيرة عند ايل من بلاد الجزيرة.
وفي الذريعة ج 5 ص 238:
(جوابات المسائل المبافارقيات) للسيد الشريف المرتضى علم الهدى المتوفى 436 هي ست وستون مسألة، اقتصر في
جواباتها على الفتوى، لان السائل قال: (نؤثر نحن أطال الله بقاء سيدنا الشريف، ان نرى خط الشريف لنقمده
ونعول عليه، وما نلتمس الفتوى بغير دليل) فأجابهم على ما طلبوه فيما يقرب من ثلاث مأة بيت.
وفي معالم العلماء ص 70: مسائل ميافارقين وهي خمس وستون مسألة.
2 - جامعة (خ ل)
253

ركعتان بتسليمة واحدة أو اثنين، هل يقع التكبير في الاثنتين الأولتين أو في
الأربع، وإذا عدم الموافق، هل يجوز خلف المخالف؟
الجواب: صلاة كل عيد ركعتان، ولابد من الخطبة في العيدين، يكبر في
الأولى خمس تكبيرات زائدات إذا أضاف إليهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع
كن سبعا، ويكبر في الثانية ثلاث تكبيرات زائدات مع تكبيرة الافتتاح وتكبيرة
الركوع كن خمسا، والقراءة في الركعتين قبل التكبير.
المسألة الرابعة: صلاة الظهرين هل يجوز أن يصليهما عند زوال الشمس من
غير أن يفصل بينهما بغير السجدة والسنة التي هي ثمان ركعات، وهل يجوز بينهما
اذان واحد وإقامتان أم لا يجوز ذلك الا بأذانين وإقامتين، فإن كان وجههما
واحد، فما السبب الموجب لما ان فاتت لمولانا أمير المؤمنين (ع) العصر حتى ردت له
الشمس؟
الجواب: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر خاصة، فإذا مضى
مقدار ما يؤدى فيه أربع ركعات اشترك الوقتان بين الظهر والعصر إلى أن يبقى من
النهار ما يؤدى فيه أربع ركعات، فخرج وقت الظهر، ويختص ذلك الوقت
للعصر، فمن صلى الظهر في أول الوقت، ثم صلى عقيبها بلا فصل، كان مؤديا
للفرضين معافى وقتهما، ومن أراد الفضيلة أو زيادة الثواب صلى بين الظهر
والعصر النوافل المسنونة، واما الأذان والإقامة، فليسا بفرضين على تحقيق
المذهب، بل هما مسنونان، وإن كانت الإقامة من الاذان أشد استحبابا، فمن أراد
الفضيلة اذن وأقام لكل واحدة من الصلاتين، ويجوز ان يأذن ويقيم دفعة واحدة
لهما، كما يجوز ان يترك الأذان والإقامة فيهما. فاما أمير المؤمنين (ع) فلا يجوز ان
يكون فاتته صلاة العصر لخروج وقتها، لان ذلك لا يجوز، لكماله صلوات الله
عليه، وانما فاتته فضيلة أول الوقت، فردت عليه الشمس ليدرك الفضيلة، ولا
يجوز غير ذلك (1).

1 - الأحاديث في رد الشمس له (ع) كثيرة. وما ذكره قدس سره من التوجيه أحد الوجوه فمن أراد تفصيل ذلك فليرجع
إلى بحار الأنوار ج 41 ص 166 - 191.
254

المسألة الخامسة: هل بين المغرب والعشاء الآخرة فرق غير الأربع ركعات
النافلة، وأول صلاة المغرب سقوط القرص، أم إذا بدت ثلاثة أنجم لا ترى
بالنهار؟
الجواب: إذا غربت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، من غير مراعاة
لطلوع النجم، فإذا مضى من الوقت مقدار ما يؤدي فيه ثلاث ركعات اشترك
الوقت بين صلاة المغرب وبين صلاة العشاء الآخرة، فإذا بقى إلى انتصاف الليل
مقدار ما يؤدي فيه أربع ركعات مضى وقت المغرب، وخلص ذلك الوقت لعشاء
الآخرة، فإذا انتصف فاتت العشاء الآخرة، والأفضل لمن يريد الفضيلة ومزيد
الثواب، ان يصلى نوافل المغرب بين صلاة المغرب وفرض العشاء الآخرة، لأنها
من السنن المؤكدة.
المسألة السادسة: المعرفة بصلاة الوسطى، والدليل عليها؟
الجواب: الصلاة الوسطى عند أهل البيت عليهم السلام، هي صلاة
العصر (1). والحجة على ذلك اجماع الشيعة الإمامية على ذلك (2). وقد روى
في رواية ابن مسعود حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر (3)
وسميت صلاة الوسطى لأنها بين صلاتين من صلاة النهار تقدمتا عليها،
وصلاتين من صلاة الليل تأخرتا عنها.
المسألة السابعة: على أي شئ يجوز السجود، وأي شئ يتوقى السجود
عليه؟
الجواب: لا يجوز السجود الا على الأرض نفسها إذا كانت طاهرة، أو على
ما أنبتته الا أن يكون مأكولا، كالثمار، أو يكون ملبوسا كالقطن والكتان وما
اتخذ منهما، ولا بأس بالسجود على القرطاس الخالي من الكتابة، ويكره على
المكتوب، لشغل القلب بقرائته.

1 - ذكر الطبرسي (قد) في مجمع البيان في تفسير الصلاة الوسطى ستة أقوال فلاحظ مجمع البيان ج 1 ص 343.
2 - ليست المسألة اجماعية.
3 - مجمع البيان ج 1 ص 343 وبحار الأنوار ج 79 ص 288.
255

المسألة الثامنة: التسليم هل هو واحد تجاه القبلة أم اثنان عن يمين
وشمال؟
الجواب: التسليم عندنا واجب، ويسلم المصلى واحدة يستقبل بها القبلة
وينحرف بوجهه قليلا إلى جهة يمينه إن كان منفردا أو إماما، وإن كان مأموما
يسلم عن يمينه أو شماله، الا ان يكون شماله خاليا، فيقتصر حينئذ على يمينه.
المسألة التاسعة: القنوت في جميع الفرائض أم في صلاة معلومة، وهل هو
قبل الركوع أو بعده؟
الجواب: القنوت مستحب غير مفروض، وإن كان في المفروض أشد
استحبابا، وهو في صلاة الجهرية بالقراءة أشد تأكيدا واستحبابا، ولا اثم على من
تركه. ومكانه قبل الركوع من الركعة الثانية، ويرفع يديه بالقنوت تكبيرا مفردا.
المسألة العاشرة: التكبيرات السبع عند التوجه في الفرض خاصة، أم
الفرض والنوافل؟
الجواب: التكبيرات للدخول في الصلاة انما تستعمل في الفرائض دون
النوافل، وهي مسنونات غير مفروضات، ويكفي للدخول في الصلاة - فرضا
كانت أو سنة - تكبيرة واحدة، وهي التحريمة التي عقدها ما لم يكن محرما من
الأقوال والأحوال.
المسألة الحادية عشر: الركعتان من جلوس بعد الفريضة العتمة، بتربع أو
تورك؟
الجواب: قد روى في فعل هاتين الركعتين التربع، وروى أن يفعلا جميعا
فعلا مطلقا، لم يشترط فيه تربع ولا تورك. فالمصلي مخير فيهما بين التربع
والتورك، وأي الامرين فعل جاز.
المسألة الثانية عشر: غسل الوجه باليدين جميعا، أم باليد اليمنى؟
الجواب: المفروض ايصال الماء على الوجه على سبيل الغسل، والظاهر من
القرآن، يدخل فيه غسل الوجه باليدين معا واليد الواحدة، الا ان السنة وردت
256

بان يغسل الوجه باليد اليمنى دون اليسرى، وفعل المسنون أولي من غيره (1).
المسألة الثالثة عشر: المسح على الرأس والرجلين بفاضل ماء يد اليسرى،
أم بماء مجدد؟
الجواب: المفروض في مسح الرأس والرجلين ان يكون ببلة اليد، من غير
استيناف ماء جديد، فمن استأنف ماء مجددا لم يجزيه ذلك، ووجب عليه
الإعادة. وان لم يجد في يده بلة يمسح برأسه ورجله. فقد روى أنه يأخذ من بلة
شعر لحيته أو حاجبيه، فإن لم يجد ذلك، استأنف الوضوء (2).
المسألة الرابعة عشر: ما يشكل علينا من الفقه نأخذه من رسالة علي بن
موسى بن بابويه القمي (ره)، أم من كتاب الشلمغاني، أم من كتاب عبيد الله
الحلبي؟
الجواب: الرجوع إلى رسالة ابن بابويه، وكتاب الحلبي أولي من الرجوع
إلى كتاب الشلمغاني على كل حال.
المسألة الخامسة عشر: هل يجب في الاذان - بعد قول (حي على خير
العمل) - محمد وعلي خير البشر؟
الجواب: ان قال: محمد وعلى خير البشر على أن ذلك من قوله خارج
من لفظ الاذان، جاز، فان الشهادة بذلك صحيحة، وان لم يكن فلا شئ عليه.
المسألة السادسة عشر: من لفظ اذان المخالفين، يقولون في اذان الفجر:
الصلاة خير من النوم، هل يجوز لنا ان نقوم ذلك أم لا؟
الجواب: ذلك في اذان الفجر قد أبدع وخالف السنة، لاجماع أهل
البيت عليهم السلام على ذلك.
المسألة السابعة عشر: مولانا أمير المؤمنين (ع) حي يشاهدنا، ويسمع
كلامنا، أم هو ميت؟
الجواب: الأئمة الماضون والمؤمنون في جنات الله تعالى، يتنعمون ويرزقون،

1 - الوسائل ج 1 ص 271 ب 15 من أبواب الوضوء.
2 - الوسائل ج 1 ص 287 ب 21 من أبواب الوضوء.
257

فإذا زيرت قبورهم، وصلى عليهم أبلغهم الله تعالى ذلك إذا علمهم به وكانوا
بالابلاغ كأنهم له سامعون وله شاهدون.
المسألة الثامنة عشر: قد روى أن سيدنا رسول الله (ص) ومولانا
أمير المؤمنين (ع) يحضران عند كل ميت وقت قبض روحه في شرق الأرض
وغربها، ونرجو ان يكون ذلك على يقين إن شاء الله تعالى.
الجواب: قد روى ذلك، والمعنى فيه ان الله سبحانه يعلم المحتضر إذا
كان من أهل الايمان، بما له من الحظ والنفع لموالاته بمحمد وعلى عليهما السلام،
فكأنه يراهما، وكأنهما (ع) حاضران عنده لأجل هذا الاعلام. وكذلك إذا كان
من أهل العداوة، فإنه يعلم بما عليه من الضرر بعداوتهما والعدول عنهما، كيف
يجوز أن يكون شخصان يحضران على سبيل المجاز والحلول في الشرق والغرب عند
كل محتضر، وذلك محال.
المسألة التاسعة عشر: الأئمة (ع) في الفضل سواء بعد مولانا
أمير المؤمنين (ع)، أم يتفاضل بعضهم على بعض؟
الجواب: الفضل في الدين لا يقطع عليه الا بالسمع القاطع، وقد روى أن
الأئمة (ع) متساوون في الفضل، وروى أن كل امام أفضل ممن يليه سوى القائم
عليه السلام، فإنه أفضل من المتقدمين عليه. والأولى التوقف في ذلك، فلا دليل
قاطعا عليه.
المسألة العشرون: هل بين السيدين: الحسن والحسين (ع) فرق في
الفضل، إما هما سواءان؟
الجواب: الصحيح تساويهما في الفضل، فلا يفضل أحدهما على صاحبه
بلا دليل عليه. ولا طرق إليه، فلا تعلق لذلك بتكليفنا فننصب دليلا عليه.
المسألة الحادي والعشرون: كل الأئمة (ع) يخبرون عن الشئ قبل كونه أم لا؟
الجواب: ليس من شرط الإمامة الاخبار عن الشئ قبل كونه، لان
ذلك معجز، وقد جوز اظهار المعجزات على أيدي الأئمة (ع)، وقد يجوز ان لا يظهر
258

على أيديهم، الا انا قد علمنا بالاخبار البالغة انهم (ع) أخبرونا بالمغيبات، فعلمنا
ان الله تعالى قد أطلعهم على ذلك.
المسألة الثانية والعشرون: لصاحب الزمان (ع) يوم معلوم يظهر فيه، وهل
يشاهدنا أم لا؟
الجواب: ليس يمكن نعت الوقت الذي يظهر فيه صاحب الزمان (ع)،
وانما يعلم على سبيل الجملة انه (ع) يظهر في الوقت الذي يأمن فيه المخافة،
وتزول فيه التقية. وهو عليه السلام مشاهد لنا ويحتاط لنا، وغير خاف عليه
شئ من أحوالنا.
المسألة الثالثة والعشرون: مباحث جيش البصرة والاعتقاد فيه وبين غيره،
وكيف كانوا على عهد رسول الله (ص)؟
الجواب: قتال أمير المؤمنين (ع) بغى وكفر جار مجرى قتال النبي (ص)
لقوله (ص): حربك يا علي حربي وسلمك سلمى (1). وانما يريد صلى الله عليه
وآله وسلم ان احكام حروبنا واحدة، فمن حاربه عليه حاربه ومات من غير توبة
قطعتها على أنه كان في وقت مؤمنا على الحقيقة وفي الباطن لا يجوز ان الأدلة ليس
هذا موضع ذكرها.
المسألة الرابعة والعشرون: أيما أفضل، الأنبياء (ع) أو الملائكة (ع)؟
الجواب: الأنبياء (ع) أفضل من الملائكة، والدليل على ذلك اجماع
الشيعة الإمامية عليه، واجماعهم حجة، لأنه لا يخلو هذا الاجماع في كل زمان من
امام معصوم (ع) يكون فيهم.
المسألة الخامسة والعشرون: القول في أن الله تعالى لو لم يخلق محمدا وأهل بيته
(ص) لم يخلق سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نارا ولا الخلق؟
الجواب: قد وردت رواية في ذلك، والمعنى فيها ان الله سبحان إذا علم
المصلحة لسائر المكلفين في نبوة النبي (ص) وابلاغه لهم الشرائع، وان أحدا
لا يقوم في ذلك مقامه، وان أمير المؤمنين (ع) وصيه، والامام بعده المعلوم هؤلاء

1 - عوالي اللئالي ج 4 ص 87 والمناقب لابن المغازلي ص 50.
259

عليهم السلام، لما كان خلق لا حد ولا تكليف لبشر (1).
المسألة السادسة والعشرون: المعنى الذي من عبد الاسم دون المعنى فقد
كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بحقيقة المعرفة فهو
مؤمن حقا؟
الجواب: لا شبهة ان عابد غير الله سبحانه وتعالى كافر، والاسم غير
المسمى، فمن عبد الاسم دون المسمى كان كافرا لعبادته لله سبحانه وحده خالصة
وهو المسمى.
المسألة السابعة والعشرون: وروى أن الناس في التوحيد على ثلاثة أقسام:
مشبه وناف ومثبت، فالمشبه مشرك، والنافي مبطل، والمثبت مؤمن، [ما] تفسير
ذلك؟
الجواب: المراد هاهنا بالمثبت من أثبت الشئ على ما هو عليه، وأعتقده
على ما هو به، والنافي مبطل لأنه بالعكس من ذلك، فاما المشبه فهو من اعتقد
ان الله سبحانه شبها، وذلك مشرك لا شبهة في شركه.
المسألة الثامنة والعشرون: الأخ من الأب يرث مع الأخ من الام،
وكذلك مع الأخ من الأب والام؟
الجواب: إذا اجتمع اخوة من الأب أو اخوة من الأب والام مع اخوة من
أم كان للاخوة من الام الثلث، والباقي للاخوة من الأب، فإن كان أخا واحدا
وأختا واحدة من أم معها أخ لأب أو أخت لأب، للأخ من الام أو للأخت،
السدس، والباقي للأخ من الأب أو الأخت، وإذا اجتمع اخوة لأب مع اخوة
لأب وأم كان كله للاخوة من الأب والام، ولاحظ لولد الأب خاصة فيه.
المسألة التاسعة والعشرون: الثوب إذا اصابته النجاسة، ولم يعرف المكان
تجوز الصلاة أم لا؟
الجواب: إذا عرف مكان النجاسة من الثوب، غسل ذلك الموضع، وان

(1) الغدير ج 2 ص 300 وبحار الأنوار ج 36 ص 337.
260

لم يعرف بعينه غسل الثوب جميعا، لا تجوز الصلاة فيه قبل الغسل.
المسألة الثلاثون: إذا أصاب الثوب كلب ناشف يصلى فيه أم لا؟
الجواب: لا تتعدى نجاسة الكلب مع نشافة جلده إلى ما يماسه من ثوب أو
بدن، وانما تتعدى مع النداوة والبلل في أحدهما وانما مع نشافتهما معا لا يعد ذلك
في النجاسة.
المسألة الحادية والثلاثون: فمن جامع أهله في شهر رمضان بالنهار ما يجب
عليه، وما كفارته؟
الجواب: يجب على المجامع في شهر رمضان بالنهار القضاء والكفارة جميعا
بلا خلاف، والكفارة هي: عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين
مسكينا، لكل مسكين مد من الطعام. وهو مخير عندنا بين الثلاث، أي شئ شاء
فعل.
المسألة الثانية والثلاثون: الثوب يصيبه الخمر (...) (1) أغلظ من ساير
النجاسات، لان الدم وإن كان نجسا، فقد أبيح لنا ان نصلي في الثوب إذا كان
فيه دون الدرهم من الدم والبول قد عفى عنه فيهما عند الاستنجاء كرؤس الإبر،
والخمر ما عفى عنه في موضع من المواضع عن الشئ منه.
المسألة الثلاثة والثلاثون: القول في رجل تزوج بامرأة دخل بها ثم غاب
عنها سنين، ثم وضعت ولدا وادعت انه عنه، هل يصدق قولها ويلحق الولد
بالزوج أم لا؟ وما يجب عليها في ذلك؟
الجواب: لا يلحق الولد بالزوج الغائب، لان الفراش الذي عناه
النبي (ص) بقوله: الولد للفراش (2) يعدم هاهنا، لان الفراش عبارة عن امكان
الوطأ والوطئ هاهنا متعذر للفراش، فالولد غير لاحق، هذا إذا كانت غيبة رأسه
على الحال.
المسألة الرابعة والثلاثون: هل يجوز للمؤمن الاستغفار لأبيه وامه وأقاربه

1 - هاهنا بياض في المصدر ويمكن أن يكون المحذوف بقرنية السياق هكذا: هل يصلى فيه أم لا؟ الجواب، لا يصلى فيه
لأنه...
2 - عوالي اللئالي ج 2 ص 132.
261

إذا كانوا مخالفين؟
الجواب: لا يجوز الاستغفار ولا الترحم على الكفار وان كانوا أقارب،
لان الله سبحانه قد قطع على عقاب الكفار وانه لا شفاعة فيهم، ولا يجوز ان يسئل
فعل ما علمنا وقطعنا على أنه لا يفعله.
المسألة الخامسة والثلاثون: الفطرة والزكاة لضعفاء المؤمنين خاصة، أم
لسائر الضعفاء عامة؟
الجواب: لا يجوز اخراج الفطرة ولا زكاة ولا صدقة إلى مخالف يبلغ به
خلافه إلى الكفر، فمن اخرج زكاة الفطرة إلى من هذه صفته وجبت عليه الإعادة.
وقد تجاوز أصحابنا ذلك فحرموا اخراج الزكاة إلى الفاسق، وإن كان مؤمنا.
المسألة السادسة والثلاثون: فيمن حلف عن معصية الله بالمصحف من
ترك وما شاكله (...) (1) فامكنه ذلك فقوله فدعا من الله ان يفعل شيئا من
المعاصي لم ينعقد يمينه ولا تجب عليه الكفارة إذا لم يفعل ذلك، لان في الحنث
لها يلزم مع انعقاد اليمين ولا يجب مع ما لزم انعقادها.
المسألة السابعة والثلاثون: القول في تزويج أمير المؤمنين (ع) ابنته وما
الحجة؟ وكذلك بنات سيدنا رسول الله (ص)؟
الجواب: ما تزوج أمير المؤمنين (ع) بمن أشير إليه الا سبيل التقية والاكراه
دون الاختيار، وقد روى في ذلك ما هو مشهور، فالتقية تبيح ما لولاها لم يكن
مباحا، فاما النبي (ص) فإنما تزوج بمن أشير إليه في حال كان فيها مظهرا للايمان،
وانما تجدد بعد ذلك.
فان قيل: أليس عند أكثركم ان مات على كفره فإنه لا يجوز أن يكون قد
سبق منه ايمان؟
قلنا: هكذا القول، ويجوز ان النبي (ص) نكح من وقعت الإشارة إليه
قبل ان يعلمه الله سبحانه وتعالى بما يكون في المستقبل من حدثه، فانا غير عالمين
بتاريخ هذا الاعلام وتقدمه وتأخره.

1 - هاهنا بياض في المصدر.
262

المسألة الثامنة والثلاثون: ما روى عن الثواب في الزيارة:
الجواب: ان في زيارة قبور الأئمة عليهم السلام، فضلا كبيرا، تشهد به الروايات
وأجمعت عليه الطائفة، والروايات لا تحصى.
وروى أن من زار عليا عليه السلام فله الجنة (1).
وروى أن من زار الحسين عليه السلام محصت ذنوبه كما يمحص الثوب في الماء
ويكتب له بكل خطوة حجة وكلما رفع قدمه عمرة (2).
المسألة التاسعة والثلاثون: التقصير في الصلاة والصيام واجب لمن يسافر في طاعة
الله تعالى، مثل الحج والجهاد والزيارة وغير ذلك، أم خاص للتاجر والجندي (3) وكل
مسافر؟
الجواب: التقصير انما يجب على من كان سفره ليس بمعصية، سواء كان مباحا أو
طاعة ومن كان سفره أكثر من حضره فلا تقصير عليه، ولا تقصير على المتصيد.
المسألة الأربعون: التختم في اليدين أم في اليمين وحدها؟
الجواب: المسنون في الخاتم أن يكون في اليمين، مع الاختيار وعدم التقية، وان
أضاف إلى اليمين اليسار جاز.
ولا يجوز الاقتصار على اليسار من غير تقية.
المسألة الحادية والأربعون: الهلال يغم في بلادنا كثيرا أو يخفى علينا، فهل له
حساب يعول عليه غير رأي العين، واليوم الذي يرى فيه هو منه، أو من الشهر المتقدم؟
الجواب: المعول في معرفة أوائل الشهور وأواخرها على رؤية الهلال دون الحساب،
فإذا رأى الهلال ليلة ثلاثين فهو أول الشهر. فان غم فالشهر ثلاثون.
ولا تعويل إلا على ذلك، دون ما يدعيه أصحاب العدد، فإذا رأى الهلال في نهار
يوم، فذلك اليوم من الشهر الماضي دون المستقبل

1 - وسائل الشيعة: 10 / 296، الحديث 10
2 - وسائل الشيعة 10 / 318 - وقد ورد في المقام روايات كثيرة.
3 - كذا في النسخة.
263

المسألة الثانية والأربعون: لحم الأرنب حلال أو حرام؟
الجواب: لحم الأرنب حرام عند أهل البيت عليهم السلام وقد وردت روايات (1)
كثيرة بذلك، ولا خلاف بين الشيعة والامامية فيه، والأرنب عندهم نجس لا يستباح
صوفه.
المسألة الثالثة والأربعون: شرب الفقاع [حلال أو حرام؟].
الجواب، عند الشيعة الإمامية حرام، يجري في التحريم مجرى الأشربة المحرمة وان لم
يكن في نفسه مسكرا، فليس التحريم واقعا على الاسكار.
ومن شرب الفقاع وجب عليه عندهم الحد، كما يجب على من شرب سائر
الأشربة المسكرة.
المسألة الرابعة والأربعون: المتعة هل تجوز في وقتنا هذا أم لا؟ وبمن تكون؟ وما
شروطها بمؤالف أو مخالف وذمي، وهل للولد ميراث غيره من الأولاد أم لا؟
الجواب: المتعة مباحة من زمن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى وقتنا هذا، وما
تغيرت إباحتها إلى حظر.
ويجب أن يتمتع بالمؤمنات دون المخالفات، وقد يجوز عند عدم المؤمنات أن يتمتع
بالمستضعفات اللواتي لسن بمعاندات، وقد يجوز عند الضرورة التمتع بالذمية.
ومن شروطها الذي لابد منه: تعيين الاجل والمهر من غير ابهام لهما.
والولد لاحق، وهو يرث أباه، كما يرثه أولاده من غير متعة. فأما المتمتع بها
فلا ميراث لها ان شرط في العقد ذلك، وان لم يشرطه كان لها الميراث.
المسألة الخامسة والأربعون: لعب الشطرنج والنرد.
الجواب: اللعب الشطرنج والنرد محرم محظور، واللعب بالنرد أغلظ وأعظم عقابا.
ولا قبحة عند الشيعة الإمامية في اللعب بشئ منها على وجه ولا شيب (2).
المسألة السادسة والأربعون: ليس وبر الثعلب والأرانب وما يجري مجراه، وهل يجوز
الصلاة فيه أم لا؟

1 - راجع وسائل الشيعة: ج 16 الباب 2 من أبواب الأطعمة المحرمة.
2 - هذه العبارة كذا في النسخة، وهي مجملة.
264

الجواب: لا يجوز لبس جلود الثعالب والأرانب وما اتخذ من أوبارهما، لا قبل الذبح ولا بعده.
والحجة على ذلك: اجماع الشيعة الإمامية خاصة عليه.
المسألة السابعة والأربعون: ما يلبس من الفرو والفراء الحمراء؟
الجواب: ما اتخذ من جلود الغنم فروا بعد الذكوة بالذبح يجوز لبسه قبل الدباغ إذا
كان خاليا من نجاسة الدم وبعد الدباغ، ولا خلاف في ذلك بين المسلمين.
المسألة الثامنة والأربعون، لبس القز والخز.
الجواب: أما القز والإبريسم محرم لبسهما على الذكور دون الإناث، إذا كان
الثوب منسوجا بالقز خالصا من غير أن يخالطه شئ من القطن والكتان.
فأما الخز فيجوز لبسه بعد الذكاة للذكور والإناث على كل حال.
المسألة التاسعة والأربعون: القول في المحلل والمحللة موجود في كتاب التكليف، وهو
أن يكون للرجل والمرأة أمة فتحلها بغير مدة معلومة واسترجعها منه (1)، هل ذلك جائز أم
لا؟
الجواب: قد روي ذلك (2). والمعنى في هذا التحليل الذي وردت به الرواية: أن
تعقد المرأة على أمتها والرجل على جاريته عقد متعة، لان إباحة المرأة لا تكون الا في عقد
المتعة. وقد يجوز نكاح المتعة بلفظ الإباحة والتحليل، كما يجوز بلفظ الاستمتاع والنكاح.
المسألة الخمسون: أمهات الأولاد يقسمن في الميراث أم لا؟
الجواب: أمهات الأولاد عندنا على جملة الرق ما خرجن عنه بالولد، ويقسمن في
الميراث، ويجعلن في نصب أولادهن، فيعتقن عليهن، ويجوز عندنا بيع أم الولد بعد موت
ولدها.
المسألة الحادية والخمسون: المسبيات في هذا العصر يجوز استملاكهن ونكاحهن أم
لا؟
الجواب، يجوز تملك السبايا ونكاحهن وإن كان سباهن غير الامام المحق، لان

1 - كذا في النسخة والظاهر: وهو أن يكون للرجل أو المرأة أمة فيحلها بغير مدة معلومة ويسترجعها منه.
(2) راجع وسائل الشيعة: 14 / 532 الباب 31 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
265

أئمتنا عليهم السلام قد رخصوا لشيعتهم في ذلك، ارفاقا بهم وتسهيلا عليهم، لان المحنة
يخطر (1) ذلك فلا يكادون ينفكون منها في أكثر الزمان، فيكون غليظة شديدة.
المسألة الثانية والخمسون: الزكاة في الغلة هي بعد حاصل السلطان ومؤنة القرية أم
لا في الأصل؟
الجواب: تجب الزكاة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، إذا بلغ ما يحصل لمالك
الأرض في خاصته خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، والصاع تسعة أرطال.
ففي ذلك إذا بلغه العشران كان يسقى سيحا، وإن كان يسقى بالدوالي والنواضح
ففيه نصف العشر وما زاد على الخمسة أوسق فبحساب ذلك، وليس فيما دون الخمسة
أوسق زكاة.
المسألة الثالثة والخمسون: ما يجب على من حلف ألا يشرب الخمر، أو يركب
معصية ثم فعل؟
الجواب: يجب على من فعل ذلك كفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين، أو
كسوتهم، أو عتق رقبة.
وهو مخير بين هذه الكفارات الثلاث، فمن لم يجد منها شيئا كان عليه صيام ثلاثة
أيام.
المسألة الرابعة والخمسون: المرأة الذمية تكون تحت الذمي، فيسلم الرجل، هل
تنفك بالاسلام أم تبقى على حالها في حاله؟
الجواب: ما ينفسخ النكاح بين الذمي وزوجته الذمية باسلام الزوج، بل النكاح
بينهما باق على حاله، بلا خلاف بين الأمة.
المسألة الخامسة والخمسون: ما يجب على المؤمن إذا كان عربي النسب وتزوج امرأة
علوية هاشمية؟
الجواب: إذا كان العربي من قبيل غير مرذول من القبائل، ولا مستنقص فان في
بعض القبائل من العرب من هذه صفته، فليس بمحظور عليه نكاح الهاشميات.
وانما يكره ذلك سياسة وعادة وان لم يكن محظورا في الدين.

1 - ظ: تختطر.
266

المسألة السادسة والخمسون: هل يؤخذ بما يروى عن مالك في النساء ومن (1) لم
يطابقه في ذلك من الشيعة؟
الجواب: مباح للزوج أن يطأ زوجته في كل واحد من مخرجيها، وليس في ذلك
شئ من الحظر والكراهة.
والحجة في ذلك: اجماع الامامية عليه، وقوله تعالى (فأتوا حرثكم أنى
شئتم) (2)، وأن الشرع يقتضي التمتع بالزوجة مطلقا من غير استثناء لموضع دون آخر.
المسألة السابعة والخمسون: القرآن منزل أو مخلوق؟
الجواب: القرآن كلام الله تعالى أنزله وأحدثه تصديقا للنبي صلى الله عليه وآله،
فهو مفعول.
ولا يقال: إنه مخلوق، لأن هذه اللفظة إذا أطلقت على الكلام أو همت أنه
مكذوب، ولهذا يقولون: هذا كلام مخلوق، فقال الله تعالى (ان هذا الا اختلاق) (3)
يريد الكذب لا محالة.
المسألة الثامنة والخمسون: أي الأعمال أفضل؟
الجواب: معنى قولنا في العمل أنه أفضل، أنه أكثر ثوابا من غيره. وليس يعلم أي
الأعمال أكثر ثوابا من غيره على التحقيق، الا علام الغيوب تعالى، أو من أطلعه على
ذلك.
وما يروى في ذلك من أخبار الآحاد لا يعول عليه.
المسألة التاسعة والخمسون:
الاعتقاد أفضل بغير عمل، أو العمل بغير اعتقاد؟
الجواب: أما العمل بغير اعتقاد فلا ثواب عليه ولا فائدة فيه، لان من صلى ولا
يعتقد وجوب الصلاة والقربى بها إلى الله تعالى، فلا صلاة له ولا خير فيما فعله. والجمع بين
الاعتقاد والعمل هو النافع المقصود.
وانفراد الاعتقاد عن عمل، خير على كل حال، وان خلا من عمل، وليس

1 - لعل (من) استفهامية.
2 - سوره البقرة: 223.
3 - سورة ص: 7.
267

كذلك العمل إذا خلا من الاعتقاد.
المسألة الستون: الاعتقاد في الرجعة عند ظهور القائم عليه السلام وما في (1)
الرجعة؟
الجواب: معنى الرجعة أن الله تعالى يحيي قوما ممن توفى قبل ظهور القائم
عليه السلام من مواليه وشيعته، ليفوز بمباشرة نصرته وطاعته وقتال أعدائه، ولا يفوتهم
ثواب هذه المنزلة الجليلة التي لم يدركها، حتى لا يستبدل عليهم بهذه المنزلة غيرهم، والله
تعالى قادر على احياء الموتى، فلا معنى لتعجب المخالفين واستبعادهم.
المسألة الحادية والستون: المسلم يرث النصراني إذا كان من أولي الأرحام؟
الجواب: عندنا أن المسلم يرث الكافر، وانما الكافر لا يرث المسلم، وليس في الخبر
الذي يروونه من أهل الملتين ألا يتوارثون (2) حجة، لان التوراث تفاعل وإذا ورثناهم ولم
يرثونا فما توارثنا.
المسألة الثانية والستون: هل العمة ترث مع العم؟
الجواب: عند الشيعة الإمامية أن العمة ترث مع العم، ولها نصف نصفه (3)،
لا خلاف بين الشيعة الإمامية في ذلك، لأنها تشارك العم في قرابته ودرجته فما يقول
المخالف من ذكر العصبة لا محصول له.
المسألة الثالثة والستون: الخال والخالة لهما نصيب مع الأعمام من الميراث؟
الجواب: يرث الخال والخالة مع الأعمام نصيب الام، وهو الثلث لان قرابتهما
من جهة الام، وللخالة نصف سهم الخال.
والأعمام يرثون نصيب الام (4)، وهو الثلث (5)، لان قرابتهم من جهة الأب.
المسألة الرابعة والستون: أولاد الأخت يرثون إذا كانوا أقرب الأهل؟
الجواب: أولاد الأخت يرثون إذا لم يكن معهم في الميراث من هو أحق منهم ومن

1 - في بعض النسخ: ما هي.
2 - ظ: يروونه من أن أهل الملتين لا يتوارثون.
3 - ظ: نصيبه.
4 - ظ: الأب.
5 - ظ: الثلثان.
268

هو أعلى درجة.
ويجري أولاد الأخت إذا انفردوا بالميراث مجرى أولاد الأخ إذا انفردوا به.
المسألة الخامسة والستون: الحائض إذا مضت سبعة أيام وطهر الموضع من أذى،
هل يجوز للرجل وطئها قبل غسل رأسها وبدنها أم لا؟
الجواب: إذا انقطع دم الحائض ونقي الموضع من الصفرة والكدرة، جاز لزوجها أن
يطأها وان لم تغسل.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون انقطاعه لأكثر الحيض أو لأقله، بخلاف ما يقول
أبو حنيفة، لأنه يوافقنا في جواز الوطي عند انقطاع الدم وان لم يقع الغسل، الا أنه يفرق
بين انقطاعه لأكثر الحيض أو لأقله، فيجوز الوطي إذا كان الانقطاع في أكثر الحيض،
ولا يجوز إذا كان لأقله.
المسألة السادسة والستون: الخمس مفروض لآل الرسول وعليهم (1) في الغنيمة في
بلاد الشرك، أم في جميع المكاسب والتجارة والعقار والزرع، أو لم يجب ذلك منهم (2) في
هذا العصر؟
الجواب: الخمس واجب في كل الغنائم المستفادة بالغزو من أموال أهل الشرك.
وهو أيضا واجب فيما يستفاد من المعادن والكنوز ويستخرج من البحار. ويجب أيضا في
كل ما فضل من أرباح التجارات والزراعات والصناعات عن المؤنة والكفاية من طول
سنة على الاقتصاد.
وسهم الله تعالى الذي أضافه إلى نفسه، وسهم الرسول صلى الله عليه وآله
وهذان السهمان بعد الرسول للامام القائم مقامه، مضافا إلى سهم الامام الذي يستحقه
بالقربى وباقي السهام ليتامى آل محمد عليهم السلام ولمساكينهم وأبناء سبيلهم.
فكأنه يقسم على ستة أسهم: ثلاثة منها للإمام عليه السلام، وثلاثة منها لآل الرسول
عليه وعليهم السلام. وهذا الحق انما جعل لهم عوضا عن الصدقة، فإذا منعوه في
بعض الأزمان حلت لهم الصدقة مع المنع من هذا الحق والله الموفق للصواب.
تمت المسائل وأجوبتها والله ولي الحمد والتوفيق.

1 - ظ: عليهم السلام.
2 - ظ: لهم.
269