الكتاب: تحرير الأحكام
المؤلف: العلامة الحلي
الجزء: ١
الوفاة: ٧٢٦
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري / إشراف : جعفر السبحاني
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٠
المطبعة: اعتماد - قم
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق (ع)
ردمك: ٩٦٤-٦٢٤٣-٦٥-٧
ملاحظات: توزيع : مكتبة التوحيد - قم - إيران

تحرير الأحكام الشرعية
على مذهب الإمامية
1

هوية الكتاب
اسم الكتاب:... تحرير الأحكام الشرعية / الجزء الأول
المؤلف:... العلامة الحلي
إشراف:... آية الله جعفر السبحاني
المحقق:... الشيخ إبراهيم البهادري
الطبعة:... الأولى - 1420 ه‍
المطبعة:... اعتماد - قم
الكمية:... 1500 نسخة
الناشر:... مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)
حقوق الطبع محفوظة للمحقق
7 - 66 - 6243 - 964: شابك
ISBN: 964 - 6243 - 66 - 7
توزيع
مكتبة التوحيد
إيران - قم; ساحة الشهداء
هاتف: 7743151 - 2925152
E - MAIL: emamsadegh _ int @ aalulbayt. org
2

إشراف
العلامة المحقق جعفر السبحاني
تحرير الأحكام الشرعية
على مذهب الإمامية
موسوعة فقهية كاملة مشحونة بالتخريج والتفريع
للإمام جمال الدين أبي منصور الحسن بن
يوسف بن المطهر
المعروف بالعلامة الحلي
(648 - 726 ه‍)
الجزء الأول
تحقيق
الشيخ إبراهيم البهادري
3

بسم الله الرحمن الرحيم
(وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة
منهم طآئفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم لعلهم يحذرون)
التوبة: 122
4

بقلم: آية الله جعفر السبحاني
مع العلامة الحلي
في موسوعاته الفقهية
الحمد لله على سوابغ النعم وضوافي الآلاء، حمد معترف بالقصور عن
إدراك أقل مراتب الثناء، وصلى الله على محمد عبده ورسوله، أفضل الأنبياء وأكرم
الأصفياء وعلى آله السادة النجباء.
أما بعد:
فإن الإمام الهمام علامة العلماء، وأستاذ الفقهاء، جمال الدين أبا منصور
الحسن بن يوسف بن المطهر غني عن التعريف والإطراء، فقد سارت بذكره
الركبان في حياته، فعطروا كتبهم بذكره الجميل، وسطرت أقلامهم له أنصع
الصفحات.
وبما اني بصدد التقديم لواحد من كتبه الفقهية، مما جاد به يراعه نقتصر في
ترجمته على ذكر لمحة خاطفة عن حياته وسيرته، ثم نعطف عنان القلم إلى
5

الإشادة بما هو المقصود بالذات من هذا التقديم، فنقول:
ولد (قدس سره) في شهر رمضان سنة 648 ه‍ في بيت عريق في العلم والتقوى، أخذ
عن والده الفقيه المتكلم سديد الدين يوسف بن المطهر، وعن خاله شيخ الإمامية
المحقق الحلي (602 - 676 ه‍) الذي كان له بمنزلة الأب الشفيق، فحظا باهتمامه
ورعايته، وأخذ عنه الفقه والأصول وسائر علوم الشريعة، ولازم الفيلسوف نصير
الدين الطوسي (597 - 673 ه‍) واشتغل عليه في العلوم العقلية ومهر فيها، وقد برع
وتقدم في العلوم الإسلامية في مقتبل عمره على العلماء الفحول، وفرغ من
تصنيفاته الحكمية والكلامية قبل أن يكمل له 26 سنة.
يعرفه معاصره ابن داود الحلي، ويقول: شيخ الطائفة، وعلامة وقته،
وصاحب التحقيق والتدقيق، كثير التصانيف، انتهت رئاسة الإمامية إليه في
المعقول والمنقول (1).
وعرفه ابن حجر في لسان الميزان بقوله: عالم الشيعة وإمامهم ومصنفهم،
وكان آية في الذكاء وكان مشتهر الذكر، حسن الأخلاق (2).
إلى غير ذلك من كلمات الإطراء في حقه التي لا مجال لذكر معشارها،
ولنعطف عنان القلم إلى ما نحن بصدد بيانه:
قد قدمت منذ زمن ليس ببعيد مقدمة لأحد كتبه الكلامية ألا وهو كتاب
" نهاية المرام في علم الكلام ". وحينما سرحت النظر فيه ازداد إعجابي به، فأدركت
أني أمام بحر لجي بعيد الأغوار، لا يدرك ساحله، كيف، وهو في الكلام فارس

1. رجال ابن داود: 119 برقم 461.
2. لسان الميزان: 2 / 17 برقم 1295.
6

حلبته، وخبير خباياه وعويصات مسائله، وحلال عقده وغوامضه، فقد أورد في
كل مسألة آراء الأوائل والمليين والإسلاميين من الأشاعرة والمعتزلة والإمامية
وسائر الفرق وقارن بين المناهج الكلامية وحسم الموقف برأيه الصائب وعقله
الثاقب، وقد تبلورت في هذا الكتاب شخصيته الكلامية وعقليته الفلسفية،
فالكتاب عديم النظير بين سائر الموسوعات الكلامية في تبويب المواضيع
ومقارنة الآراء، والقضاء الحاسم بينها، وعدم الحياد عن جادة الحق، وانصاف
الخصم من نفسه وقد طبع وانتشر (1) في ثلاثة أجزاء ضخام.
وأما في الفقه واستنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها التفصيلية فواسطة عقده
ومرتكز لوائه، وهو - بحق - ممن لا يقف على ساحله أو يكتفي بظاهره، بل خاض
غماره واقتحم لجته فسبر أغواره ووقف على حقيقته.
وها نحن الآن بصدد التقديم لكتاب فقهي له (قدس سره) وهو كتاب " تحرير الأحكام
الشرعية على مذهب الإمامية " الذي يصفه المؤلف في خلاصته بأنه حسن جيد
استخرجنا فيه فروعا لم نسبق إليها مع اختصاره. وقد حقق الكتاب بتحقيق رائع
يجاوب روح العصر، وهو على عتبة النشر.
والكتاب واحد من مؤلفاته الكثيرة في الفقه، إذ له وراء ذلك موسوعات
فقهية وكتب جامعة لعامة أبواب الفقه، منها:
1. تبصرة المتعلمين في أحكام الدين.
2. إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان.
3. قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام.

1. نشرته مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام) في قم المشرفة.
7

4. مختلف الشيعة في أحكام الشريعة.
5. تذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء، وذكر قواعد الفقهاء.
6. منتهى المطلب في تحقيق المذهب.
7. نهاية الأحكام في معرفة الاحكام.
إلى غير ذلك من الكتب أو الرسائل الفقهية التي خلفها مضافا إلى ما ألفه في
مجال أصول الفقه بين مقتضب كتهذيب الأصول، إلى مسهب كنهاية الوصول إلى
علم الأصول.
ومن تمعن في هذه الكتب يجد أمامه دورات فقهية وموسوعات ضخمة
قلما يتفق لأحد أن يقوم ببعضها.
وثمة سؤال يطرح نفسه، وهو لماذا قام العلامة بهذا العبء الثقيل وألف كتبا
فقهية مختلفة المنحى والمنهج أسفر عن اختلاف فتاواه وآرائه في كتاب بعد
كتاب، فما هو السر وراء ذلك؟
والإجابة على هذا رهن الوقوف على الغايات التي كانت وراء تأليف تلك
الكتب.
فقد تكرر منه تأليف تلو تأليف في علم واحد لأجل غايات مختلفة، وإليك
دراسة هذه الكتب على وجه الإيجاز، لتعلم الغايات المتوخاة منها، وربما يعرب
أسماؤها عن الغرض المطلوب.
الأول: تبصرة المتعلمين:
هذا الكتاب دورة فقهية كاملة موجزة بدون شرح واستدلال طرح فيها
8

العلامة آراءه الفقهية وفتاواه في جميع الأبواب.
يقول في مقدمته: وضعناها لإرشاد المبتدئين وإفادة الطالبين مستمدين من
الله المعونة والتوفيق، فإنه أكرم المعطين، وأجود المسؤولين، ونبدأ بالأهم فالأهم.
والكتاب لوجازته وسلاسة ألفاظه صار موضع اهتمام الفقهاء منذ عصر
مؤلفه إلى يومنا هذا وتولوه بالشرح والتعليق، وقد كان في سالف الزمان كتابا
دراسيا، وذكر شيخنا المجيز في الذريعة ما يقارب 35 شرحا وتعليقا عليه، ومن
أحسن الشروح إيضاحا شرح استاذنا الكبير الشيخ محمد علي التبريزي المعروف
بالمدرس، وقد طبع الجزء الأول منه والجزء الثاني لم ير النور، عسى الله أن يشحذ
الهمم بغية نشر الباقي.
الثاني: إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان:
وهي دورة فقهية كاملة غير استدلالية للفقه الإمامي من الطهارة إلى الديات،
ويعد من الكتب الفقهية المعتمد عليها.
يعرفه مؤلفه في خلاصته بأنه حسن الترتيب (1).
وقال شيخنا الطهراني: هو من أجل كتب الفقه وأعظمها عند الشيعة، ولذلك
تلقاها علماؤهم بالشرح والتعليق عبر القرون من عصر مؤلفه إلى يومنا هذا، وقد
أحصى مجموع مسائله في خمس عشرة ألف مسألة، فرغ منه سنة 676 ه‍ أو 696. (2)
والكتاب بالنسبة إلى ما سبقه أشبه بالمفصل إلى المجمل، فقد بسط القول

1. كما في أمل الأمل: 2 / 84، ولم ترد هذه الكلمة في الخلاصة المطبوعة.
2. الذريعة: 13 / 73 و 1 / 510.
9

فيه أكثر مما ورد في الأول، ألف الأول للمتعلمين المبتدئين ثم ألف هذا لمن
ارتقى مرتبة من العلم.
وقد ذكر شيخنا الطهراني في موسوعته أسماء 36 شرحا وتعليقة على
الكتاب (1)، وأنهاها محقق كتاب إرشاد الأذهان في تقديمه إلى 51 شرحا وتعليقة (2).
الثالث: قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام:
وهو من الكتب المتداولة المشهورة، وقد ذكر فيه من القواعد ما يناهز 660
قاعدة في الفقه، لخص فيه فتاواه وبين قواعد الأحكام، ألفه بالتماس ولده فخر
المحققين، وفرغ منه عام 693 ه‍ أو 692 ه‍ (3).
وذكره في خلاصته باسمه ولم يصفه بشئ. لكن وصفه في أوله بقوله: هذا
قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام لخصت فيه لب الفتاوى خاصة، وبينت
فيه قواعد أحكام خاصة، إجابة لالتماس أحب الناس إلي وأعزهم علي، وهو الولد
العزيز محمد الذي أرجو من الله طول عمره بعدي وأن يوسدني في لحدي (4).
وفي آخر الكتاب وصية قيمة للعلامة يوصي بها ولده بقوله:
اعلم يا بني أعانك الله تعالى على طاعته... قد لخصت لك في هذا الكتاب
لب فتاوى الأحكام، وبينت لك قواعد شرائع الإسلام بألفاظ مختصرة وعبارات
محررة، وأوضحت لك فيه نهج الرشاد وطريق السداد، وذلك بعد أن بلغت من

1. الذريعة: 1 / 510 برقم 2509.
2. إرشاد الأذهان: 185 - 193، قسم المقدمة.
3. الذريعة: 17 / 176 برقم 930.
4. قواعد الأحكام: 2.
10

العمر، الخمسين ودخلت في عشرة الستين، وقد حكم سيد البرايا بأنها مبدأ
اعتراك المنايا... (1).
وبما أن العلامة من مواليد عام 648 ه‍، فقد بلغ الخمسين عام 698 ه‍،
وتجاوز عنه عام 699 أو 700 ه‍، وبذلك يعلم أن ما ذكره شيخنا المجيز من أنه
ألف القواعد عام 693 أو 692 ه‍ ليس بتام.
ومما يجدر ذكره هو ان براعة العلامة ونبوغه لم يتلخص في الفقه
والأصول والكلام، بل تعداها إلى علوم أخرى، كالرياضيات العالية التي تتجلى
مقدرته فيها بوضوح في كتابه هذا، وأخص بالذكر «كتاب الوقوف والعطايا،
المطلب الثالث في الأحكام المتعلقة في الحساب»، فقد نجح إلى حد كبير في حل
غوامض المسائل الرياضية الجبرية المعقدة.
واستغرقت بحوثه الرياضية أكثر من 50 صفحة بالقطع الرحلي.
وإذا عطفت النظر إلى كتاب الفرائض، فترى نظير تلك البحوث فيها.
فسبحان الله معطي المواهب ومفيض النعم.
ليس من الله بمستنكر * أن يجمع العالم في واحد
الرابع: مختلف الشيعة في أحكام الشريعة:
ذكره في الخلاصة وقال: ذكرنا فيه خلاف علمائنا خاصة وحجة كل شخص
والترجيح لما يصير إليه (2).

1. قواعد الأحكام: 2 / 346.
2. الخلاصة: 45.
11

وقال في مقدمته: إني لما وقفت على كتب أصحابنا المتقدمين رضوان الله
عليهم، ومقالات علمائنا السابقين في علم الفقه وجدت بينهم خلافا في مسائل
كثيرة متعددة، فأحببت إيراد تلك المسائل في دستور يحتوي على ما وصل إلينا
من اختلافهم في الأحكام الشرعية، والمسائل الفقهية دون ما اتفقوا عليه، إذ جعلنا
ذلك موكولا إلى كتابنا الكبير المسمى ب‍ " منتهى المطلب في تحقيق المذهب " فإنه
مجمع بين مسائل الخلاف والوفاق.
ومن محاسن ذلك الكتاب انه إذا لم يجد للمخالف دليلا يحاول ان يلتمس
دليلا له.
قال: ثم إن عثرنا في كل مسألة على دليل لصاحبها نقلناه وإلا حصلناه
بالتفكر وأثبتناه، ثم حكمنا بينهم على طريقة الإنصاف، متجنبي البغي والاعتساف
ووسمنا كتابنا هذا بمختلف الشيعة (1).
والكتاب دورة فقهية استدلالية من الطهارة إلى الديات، ومن مزاياه أنه
حفظ آثار علمائنا السابقين، أمثال: ابن الجنيد، وابن أبي عقيل، والصدوق الأول
وغيرهم ولولاه لاندثرت آثارهم.
وقد شرع في تأليفه قبل سنة 699 ه‍، وانتهى منه في الخامس عشر من ذي
القعدة في ثمان وسبعمائة، أي قبل وفاته بثمانية عشر سنة.
ومن فوائد هذا الكتاب العلم بالمسائل الخلافية وتميزها عن المجمع
عليها، فربما يدعى الإجماع في مسألة، ولها مخالف أو مخالفان يعلم من الرجوع
إلى ذلك الكتاب.

1. مختلف الشيعة: 1 / 173.
12

الخامس: تذكرة الفقهاء على تلخيص فتاوى العلماء و ذكر قواعد الفقهاء:
وهي موسوعة فقهية استدلالية كبيرة يذكر فيها أقوال الفقهاء من الشيعة
والسنة، ويذكر دليل كل قول ويناقشه، وربما يحاول ان يذكر للمخالف دليلا من
جانبه ثم يجيب عنه، وهو تراث علمي قيم.
وإليك بعض ميزاته
أ - أثبت في تأليفه هذا أن الفقه الإمامي الذي يرفض العمل بالقياس
والاستحسان قادر على الإجابة على المسائل الفقهية عامة مستمدا من الأدلة
الأربعة: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل.
يقول العلامة في مقدمة الكتاب: وقد عزمنا على تلخيص فتاوى العلماء
وذكر قواعد الفقهاء على أحق الطرائق وأوثقها برهانا وأصدق الأقاويل وأوضحها
بيانا، وهي طريقة الإمامية الآخذين دينهم من الوحي والعلم الرباني، لا بالرأي
والقياس، ولا باجتهاد الناس، على سبيل الإيجاز والاختصار وترك الإطالة
والإكثار.
ب - إنه يقارن الأقوال بعضها ببعض ويحاكم بينها بأسلوب متين، ويشير
إلى ذلك في مقدمة الكتاب بقوله: أشرنا في كل مسألة إلى الخلاف، واعتمدنا في
المحاكمة بينهم طريق الإنصاف. (1)
ج - إنه ألف بصورة الفقه المقارن، والمراد منه جمع الآراء الفقهية المختلفة
وتقييمها والموازنة بينها بالتماس أدلتها وترجيح بعضها على بعض، وهذا هو

1. التذكرة: 1 / 3 و 4.
13

المسمى عند القدماء بعلم الخلاف.
فالمؤلف في هذا الصدد يجعل نفسه مسؤولا عن فحص جميع الأدلة
والقضاء بينها واختيار أتقنها وأوثقها بالقواعد وهو ليس أمرا سهلا، وللفقه المقارن
فوائد جمة يذكرها السيد محمد تقي الحكيم حيث يقول:
أ - محاولة البلوغ إلى واقع الفقه الإسلامي من أيسر طرقه وأسلمها، وهي لا
تتضح عادة إلا بعد عرض مختلف وجهات النظر فيها وتقييمها على أساس
موضوعي.
ب - العمل على تطوير الدراسات الفقهية والأصولية والاستفادة من نتائج
التلاقح الفكري في أوسع نطاق لتحقيق هذا الهدف.
ج - ثماره في إشاعة الروح الرياضية بين الباحثين، ومحاولة القضاء على
مختلف النزعات العاطفية وإبعادها عن مجالات البحث العلمي.
د - تقريب شقة الخلاف بين المسلمين، والحد من تأثير العوامل المفرقة
التي كان من أهمها وأقواها جهل علماء بعض المذاهب بأسس وركائز البعض
الآخر، مما ترك المجال مفتوحا أمام تسرب الدعوات المغرضة في تشويه مفاهيم
بعضهم والتقول عليهم بما لا يؤمنون به. (1)
والموجود بين أيدينا من الكتاب ينتهي إلى أواخر كتاب النكاح، إلا أن ثمة
شواهد تشير إلى أن المؤلف انتهى في كتابته إلى أكثر من ذلك:
أولا: إن ولده فخر المحققين يقول في كتابه " إيضاح الفوائد في شرح القواعد "

1. الأصول العامة للفقه المقارن: 10.
14

في آخر شرحه لإرث الزوج: قد حقق والدي هذه المسألة وأقوالها وأدلتها في
كتاب التذكرة (1).
وثانيا: إنه فرغ من كتاب النكاح سنة 720 ه‍ بالحلة، فقد عاش بعده حوالي
ست سنين، ومن البعيد ان يهمل إنهاء ذلك الكتاب الذي يعد من ثمرات عمره
اليانعة (2).
وفي الختام أود أن أشير إلى ما جاء في مجلة رسالة الإسلام لدار التقريب
بين المذاهب الإسلامية في القاهرة حول هذا الكتاب والإشادة به حيث يقول:
من ذخائر الفكر الإسلامي كتاب تذكرة الفقهاء للشيخ العلامة الحسن بن
يوسف بن علي بن المطهر الحلي، هذا كتاب من أنفس كتب الفقه الاستدلالي
المقارن، وقد جرت عادة المؤلفين في الفقه المقارن من علماء السنة أن يعرضوا
للمذاهب الأربعة متحدثين عن آراء علمائها، وعن أدلتهم دون أن يخرجوا عن
نطاقها فيعرضوا للمذاهب الأخرى لا سيما مذهب الشيعة الإمامية.
وقد أوحى ذلك إلى كثير من طلاب العلم وأساتذة الفقه بمعنى فيه ظلم كثير
للفقه الإمامي، وهو ان هذا الفقه ليس كفقه السنة استيعابا واستنباطا ودقة نظر، وإنه
لا يستند إلى أدلة يمكن مناقشتها ومقارنتها.
ولما اتسع نطاق الفقه المقارن في كلية الشريعة وأصبح حتما على الأساتذة
والطلاب ان يعرفوا رأي الإمامية في مسائل المقارنة وان يوازنوا بين أدلتهم وأدلة
غيرهم من أهل المذاهب الفقهية، كانوا يجدون كثيرا من الصعوبات في الرجوع

1. إيضاح الفوائد: 4 / 242.
2. لاحظ الذريعة: 4 / 43.
15

إلى مصادر هذا الفقه الإمامي، وإذا عثروا على مرجع من هذه المراجع وجدوه
مطبوعا طبعا حجريا على نحو غير مألوف عندنا في مصر، فلم يستطيعوا الإفادة
منه على الوجه الذي ينبغي.
إلى أن قال: وكنت أعرف كتاب تذكرة الفقهاء للشيخ الحلي وهو المعروف
بالشيخ العلامة، وله مؤلفات كثيرة غير هذا المؤلف، ولكن تذكرة الفقهاء بين
أيدينا، ولكنه رهين محبسين: محبس من عدم معرفة علماء السنة به وعدم
اطلاعهم عليه إلا قليلا منهم، ومحبس من هذه الطبعة الحجرية الضيقة التي تجعله
بعيدا عن متناول الذين يهتمون بالفقه ودراسته وأصوله المحررة.
ولذلك تمنيت لو أن هذا الكتاب طبع طبعة حديثة حتى يمكن لعلماء
الأزهر وغيرهم أن يقرؤه، إذا لوجدوا فيه علما غزيرا، وخيرا كثيرا، ولاستطاعوا ان
يملأوا جو المقارنة الفقهية بما يذكره من آراء وأدلة، ولعرفوا إن هناك فقها لا يقل
في مستواه العلمي والفكري عن فقههم، ولما بقي في بعضهم أثر من الرغبة عن
هذا الفقه استهانة به أو تعصبا عليه.
ثم إن صاحب المقال أخذ شيئا من كتاب النكاح فطبعه في آخر مقاله، يبلغ
عدد صفحاته قرابة 31 صفحة، وبذلك حاول أن يلفت نظر الفقهاء في الأزهر
وغيره إلى هذا الكتاب الثمين وما فيه من مادة فقهية قلما يتفق في غيره (1).
ونحن نزف البشرى إلى صاحب المقال، وهي ان الكتاب قد طبع طبعة
أنيقة رشيقة محققة مع تخريج مصادر الروايات والأقوال بشكل مثير للإعجاب،
وقد قام بهذا العبء الثقيل مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث، وقد خرج منه

1. مجلة رسالة اسلام: العدد 51 و 52، المؤرخة عام 1382 ه‍.
16

لحد الآن ثمانية أجزاء والباقي قيد الطبع.
والحق ان أغلب التراث الفقهي للشيعة الإمامية رهين محبسين: عدم اطلاع
علماء السنة عليه، ورداءة طبعه بل لم يزل الكثير منها مخبوءا لم ير النور.
السادس: منتهى المطلب في تحقيق المذهب:
وهو كتاب ضخم يتسم بطابعين: " الاستدلال " و " المقارنة " وهو نظير
" التذكرة " ولكن أوسع وأشمل منه، ولذلك يصفه العلامة في بعض الموارد بقوله
ينتهي بانتهاء عمرنا.
ويصفه في الخلاصة: بقوله: لم يعمل مثله، ذكرنا فيه جميع مذاهب
المسلمين في الفقه، رجحنا ما نعتقده، بعد إبطال حجج من خالفنا فيه، يتم إن شاء الله
تعالى عملنا منه إلى هذا التاريخ، وهو شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين
وستمائة سبع مجلدات (1).
ويصفه في مقدمة الكتاب بقوله: أحببنا أن نكتب دستورا في هذا الفن
(الفقه) يحتوي على مقاصده، ويشتمل على فوائده على وجه الإيجاز والاختصار،
مجتنبين الإطالة والإكثار مع ذكر الخلاف الواقع بين أصحابنا، والإشارة إلى
مذاهب المخالفين المشهورين، مع ذكر ما يمكن ان يكون حجة لكل فريق على
وجه التحقيق، وقد وسمناه ب‍ " منتهى المطلب في تحقيق المذهب " ونرجو من
لطف الله تعالى أن يكون هذا الكتاب بعد التوفيق لإكماله أنفع من غيره (2).
وعلى ضوء ذلك فقد حاز العلامة الحلي قصب السبق على غيره في تطوير

1. الخلاصة: 45.
2. منتهى المطلب: 4.
17

الفقه المقارن، فتارة ألف كتابا لبيان الخلافات في الفقه الإمامي وقارن الأقوال
بعضها ببعض مثل المختلف، وأخرى لبيان الخلافات بين المذاهب الإسلامية
سنية وشيعية، بين مقتضب كالتذكرة، ومسهب كالمنتهى.
وهذا النوع من الفقه المقارن من خصائصه ولم يسبقه أحد قبله.
نعم، قام غير واحد من مشايخ الشيعة بتصنيف كتب في الفقه المقارن على
النمط الثاني كالانتصار للسيد المرتضى (355 - 436 ه‍) والخلاف للشيخ
الطوسي (385 - 460 ه‍) والكتاب يعد من ذخائر التراث الفقهي الإسلامي، وقد
طبع في جزءين كبيرين بالطبعة الحجرية ينتهي الجزء الأول إلى آخر الصلاة،
والجزء الثاني إلى آخر الحج.
وقال في إجازته للسيد مهنا بن سنان بن عبد الوهاب الإمامي المدني قاضي
المدينة المتوفى عام 754 ه‍، قال: كتاب منتهى المطلب خرج منه العبادات سبع
مجلدات (1).
إنه (قدس سره) يشير إلى الفرق بين التذكرة والمنتهى في نهاية كتاب تحرير الأحكام
الذي سيأتي الكلام فيه.
يقول في نهاية هذا الكتاب: «هذا آخر ما أفدناه في هذا الكتاب، وهو قيم
يعرض طالب التوسط في هذا الفن، ومن أراد الإطالة فعليه بكتابنا الموسوم
ب‍ " تذكرة الفقهاء " الجامع لأصول المسائل وفروعها مع إشارة وجيزة إلى وجوهها
وذكر الخلاف الواقع بين العلماء وإيراد ما بلغنا من كلام الفضلاء.

1. أجوبة المسائل المهنائية: 155; البحار: 104 / 147.
18

ومن أراد الغاية وقصد النهاية فعليه بكتابنا الموسوم ب‍ " منتهى المطلب في
تحقيق المذهب " والله الموفق للصواب منه المبدأ وإليه المعاد " (1).
وقد قام بتحقيقه وإخراجه في حلة قشيبة قسم الفقه في مجمع البحوث
الإسلامية بمشهد الرضا (عليه السلام) وخرج منه إلى الآن خمسة أجزاء.
السابع: نهاية الإحكام في معرفة الأحكام:
كتاب يحتوي على جل المسائل الفرعية الفقهية مع الإشارة إلى الدلائل
بعبارة موجزة.
يعرفه العلامة في مقدمة الكتاب بقوله: لخصت فيه فتاوى الإمامية على
وجه الإيجاز وأشرت فيه إلى العلل مع حذف الإطالة والإكثار.
وخرج منه كتاب: الطهارة، الصلاة، الزكاة، البيع إلى آخر الصرف.
وقد فرغ من كتاب الصلاة في شهر شعبان من شهور سنة 705 ه‍.
وقد طبع في جزئين بتحقيق السيد مهدي الرجائي (حفظه الله) وهو ممن
وقف عمره في إحياء التراث ونشر مآثر الشيعة.
والفرق بينها وبين التحرير طفيف جدا، فالإشارة إلى الدليل فيه أكثر من
التحرير لكن الثاني يفوق عليه بجودة الترتيب والتخريج. واشتماله على تمام
الكتب الفقهية.

1. تحرير الأحكام: 2 / 281 - الطبعة الحجرية -.
19

الثامن: تحرير الأحكام:
وها نحن الآن بصدد استعراض كتاب فقهي آخر وهو كتاب تحرير
الأحكام الشرعية إلى مذهب الإمامية.
وقد عرفه العلامة في مقدمة الكتاب بقوله: جمعنا فيه معظم المسائل
الفقهية وأوردنا فيه أكثر المطالب الشرعية الفرعية من غير تطويل بذكر حجة
ودليل، إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الموسوم ب‍ " منتهى المطلب في تحقيق
المذهب " فإنه قد شمل المسائل أصولها وفروعها وذكر الخلاف الواقع بين
المسلمين إلا ما شذ، واستدلال كل فريق على مذهبه مع تصحيح الحق وإبطال
الباطل وإنما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرد الفتاوى لا غير (1).
وعرفه في الخلاصة بقوله: حسن جيد، استخرجنا فيه فروعا لم نسبق إليها
مع اختصاره (2).
وقال شيخنا المجيز: اقتصر فيه على مجرد الفتوى وترك الاستدلال، لكنه
استوعب الفروع والجزئيات حتى أنه أحصيت مسائله فبلغت أربعين ألف مسألة (3)
رتبها على ترتيب كتب الفقه في أربع قواعد: العبادات، والمعاملات، والإيقاعات،
والأحكام; باديا بمقدمة ذات مباحث في معنى الفقه وفضله وآدابه ومعرفته وعدم
كتمانه. ثم ذكر النسخ الموجودة منه في المكتبات. (4)

1. تحرير الأحكام: 1 / 2.
2. الخلاصة: 45 برقم 52.
3. ولعل المراد هي الفروع لا المسائل، لان الأولى تقارب هذا المقدار دون الثانية.
4. الذريعة: 3 / 378.
20

عصر التخريج والتفريع:
لقد تألق نجم المذاهب الأربعة منذ منتصف القرن الرابع، فسرت روح
التقليد للأئمة الأربعة سريانا عاما اشترك فيه العلماء وجمهور الناس.
لقد تلقى الجمهور تلك المذاهب تراثا إسلاميا بلغ من القداسة كأنها وحي
من الله لا يمكن النقاش فيها ولا يجوز الخروج عن إطارها، فأصبحت نصوص
الأئمة الأربعة كالوحي المنزل يجب استفراغ الوسع في فهم كلامهم ومؤدى
لفظهم، وقد خلف ذلك مضاعفات حالت دون تكامل الفقه، منها:
أ - نشوء روح التقليد بين فقهاء تلك الأعصار والتعصب لمذهب الأسلاف.
ب - كثرة التخريج والتفريع والترجيح بين فقهاء المذاهب، فإنهم بدل أن
يبذلوا جهودهم في فهم الكتاب والسنة، انصبت جهودهم في استنباط الفروع من
الأصول الثابتة عند أئمة المذاهب، ولأجل ذلك كثر التأليف والتصنيف في هذه
العصور وأكثرها يحمل طابع التخريج والتفريع.
ان باب الاجتهاد وان أقفل في هذه الفترة لكن نشط الاجتهاد في إطار
مذهب معين. فلذلك بدأ التخريج والتفريع في مسائل كثيرة فلم يكن لأئمتهم فيها
نص، وبذلك ألفت كتب في هذا المضمار، أي استنتاج الفروع من الأصول وما لا
نص فيه من أئمتهم عما فيه نص منهم.
وهذا نوع من الاجتهاد المحدد بمذهب خاص، وقد نشأ العلامة في هذه
الأجواء التي تطلب لنفسها التخريج والتفريع، فشمر عن ساعد الجد وألف كتاب
" تحرير الأحكام الشرعية " لتلك الغاية، ولو صح ما نقله شيخنا المجيز عن بلوغ
21

مسائله إلى أربعين ألف، فقد تحمل عبئا ثقيلا في جمع تلك الفروع في الأبواب
الفقهية المختلفة وعرضها على الأدلة واستخراج حكمها منها وليست تلك
المحاولة جديدة من نوعها، فقد سبقه فيها الشيخ الطوسي بتأليفه كتاب "
المبسوط " وكانت الغاية من تأليفه هو الإجابة على الفروع التي لا نص فيها
مستخرجا أحكامها مما نص فيه، يقول:
فإني لا أزال أسمع معاشر مخالفينا من المتفقة والمنتسبين إلى علم الفروع
يستحقرون فقه أصحابنا الإمامية ويستنزرونه وينسبونهم إلى قلة الفروع وقلة
المسائل، وان من ينفي القياس والاجتهاد لا طريق له إلى كثرة المسائل ولا التفريع
على الأصول، لأن جل ذلك مأخوذ من هذين الطريقين.
ثم رد على وجهة النظر تلك بقوله: إن جل ما ذكروه من المسائل موجود
في أخبارنا ومنصوص عليه تلويحا عن أئمتنا الذين قولهم في الحجة يجري
مجرى قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إما خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا (1).
والتخريج في الفقه الإمامي يختلف عن التخريج في فقه المذاهب الأربعة،
فإن التخريج هناك على ضوء النصوص الموروثة عن أئمتهم التي لا تتجاوز عن
كونها فتاوى فقهية لهم مستنبطة غالبا من الأساليب الظنية.
وأما التخريج في الفقه الإمامي فهو تابع لضوابط معينة، إذ يستخرج حكم
الفروع من الأصول المنصوصة إما خصوصا أو عموما أو تصريحا أو تلويحا كما
صرح به الشيخ.
فالاجتهاد عند السنة في هذا المجال، اجتهاد شخصي في فهم كلام إمام

1. المبسوط: 1 / 2.
22

المذهب، ولكن الاجتهاد في الفقه الإمامي اجتهاد في فهم النصوص الشرعية
الواردة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآله المعصومين الذين تجري أقوالهم مجرى قول
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لحديث الثقلين.
هذه هي الكتب الفقهية الثمانية المعروفة للعلامة الحلي المنتشرة على
نطاق واسع، وله كتب فقهية أخرى غير مشهورة، وان قسما منها لم ير النور.
مشكلة الاختلاف في آرائه:
من استعرض فتاوى العلامة الحلي في كتبه الفقهية ربما يقف على آراء
مختلفة له في مسألة واحدة في مختلف الكتب، وقد أثارت هذه المسألة العديد
من التساؤلات.
فربما يفسر اختلاف فتاواه بحرصه على التأليف واستعجاله في التصنيف،
وانه كان يكتب كل ما يرتسم في ذهنه بلا مراجعة إلى أقواله المتقدمة، أو انه كان لا
يفحص في الأحاديث والأدلة حق الفحص. فبدا له التجدد في الرأي والتلون في
الاجتهاد (1).
وقريب منه ما ذكره المحدث البحراني في لؤلؤة البحرين (2).
وربما يجاب عن الإشكال:
بأن فتاوى العلامة كانت في متناول فقهاء عصره الذين بلغ عددهم في
الحلة إلى 440 مجتهدا (3).

1. لاحظ تنقيح المقال: 1 / 315، نقله عن السماهيجي.
2. لؤلؤة البحرين: 226.
3. رياض العلماء: 1 / 361، قال: ومن الغرائب ما نقل انه كان في الحلة في عصر العلامة أو غيره 400 مجتهدا وأربعين.
23

فقد كانت تنهال عليه مناقشات العلماء والمجتهدين فيما أفتى به وذهب
إليه فكان (رضي الله عنه) ينظر فيها ويبحثها معهم، فإن لم يقتنع بها ردها، وإن رآها سديدة
قبلها برحابة صدر، وغير فتواه (1).
وهذا النوع من الدفاع وإن كان صحيحا إجمالا ولا يختص هذا بالعلامة
وعصره، فإن تغيير الفتاوى لأجل مناقشات المعاصرين ليس أمرا جديدا، لكن
تبرير هذا النوع من الاختلاف الشاسع عن هذا الطريق غير كاف، إذ لو كان هذا هو
السبب الرئيسي لأشار إليه العلامة في طيات كتبه، وانه رجع عما كان يراه فيما
سبق لأجل هذه المناقشة، ولكن صياغة كتبه تأبى عن ذلك التبرير فيجب التماس
وجه آخر.
وهو ان العلامة الحلي قد عاش في عصر ازدهرت فيه عملية التخريج
والتفريع، وكانت له صلة وثيقة بفقهاء كلا الفريقين طوال ستين سنة، وكان ذا ذكاء
خارق وذهن ثاقب، وآية في الدقة والتحقيق، فمثل هذا الفقيه الذي هو في خضم
الاحتكاكات الفقهية من جانب وكثرة أسفاره ولقائه بعلماء كلا الفريقين أتاح له
الفرصة في خلق أفكار فقهية جديدة حسب ما يوحي إليه فهمه الخلاق، وليس
هذا بعزيز.
فهذا هو محمد بن إدريس الشافعي (150 - 204 ه‍) قد خلف فتاوى قديمة
وفتاوى جديدة، فلما غادر من الحجاز إلى العراق ومكث فيه سنين طوال كانت له
آراء، فلما هبط مصر بدت له فتاوى أخرى غير تلك الفتاوى القديمة، وصارت
معروفة بالفتاوى الجديدة.
فمثير هذه الشبه انطلق من جمود فكري وعدم معرفة كاملة بواقع الفقه، ولو

1. إرشاد الأذهان: 160، قسم المقدمة.
24

كان من فرسان هذه الحلبة لسهل له هذا الأمر ولم ينقم على العلامة كثرة فتاواه.
إلى هنا تم ما كنا نرمي إليه من التقديم:
وقد آن لنا تثمين جهود محقق الكتاب أعني العلامة «الشيخ إبراهيم
البهادري» على ما بذله من جهود مضنية في تقويم نص الكتاب واستخراج مراجع
الأقوال ومصادر الروايات بأمانة ودقة كما هو دأبه في تحقيقاته السابقة التي أثرى
بها المكتبة الإسلامية من خلال إحياء التراث الإسلامي، وقد صدر له تحقيق
الكتب التالية:
1. الاحتجاج: لشيخنا أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي.
2. إصباح الشيعة: للفقيه الأقدم قطب الدين البيهقي الكيدري.
3. إشارة السبق: تأليف الشيخ علاء الدين أبي الحسن علي بن أبي الفضل،
المعروف بالحلبي.
4. جواهر الفقه: للقاضي ابن البراج.
5. الرسائل الاعتقادية: للشيخ الطوسي.
6. عمدة عيون صحاح الأخبار في مناقب إمام الأبرار علي بن أبي طالب (عليه السلام):
لابن البطريق.
7. غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع: لابن زهرة الحلبي في جزءين.
8. المسائل الميافارقية: للسيد الشريف المرتضى.
مضافا إلى هذا الكتاب الماثل بين يديك والذي يزفه الطبع إلى القراء
25

الكرام، والكتاب بإذنه سبحانه يخرج في ستة أجزاء، ويأتي في نهاية الجزء
السادس فهرس الآيات والروايات والأعلام والأماكن... وها نحن نحيل عنان
القلم إلى المحقق كي يوضح لنا منهجية التحقيق وكيفيته.
منهج التحقيق:
1. قد قمنا بتقويم النص وتصحيحه بمقابلة الكتاب على نسختين: إحداهما
مطبوعة، والأخرى مخطوطة.
أما المطبوعة فهي النسخة الرائجة التي طبعت عام 1314 ه‍ ق في جزءين
وطبعت في مجلد واحد، وهي نسخة كاملة ورمزنا إليها بحرف «أ».
وأما المخطوطة فهي النسخة الموجودة في مكتبة السيد المرعشي العامة
والظاهر ان النسخة استنسخت عن خط المؤلف كما استظهره المحقق السيد
الإشكوري (حفظه الله). وحكى الكاتب في الصفحة الأولى إجازة العلامة لجمال
الدين مظفر بن منصور المخلص الأنباري.
تقع النسخة في 431 صفحة في 29 سطرا، طولها 23 سم وعرضها 15 سم.
وهي نسخة كاملة مصححة. ورمزنا إليها بحرف «ب». وأثبتنا ما هو الصحيح ولم
نذكر من اختلاف النسختين إلا المهم. وقد سجلت خصوصيات النسخة في
فهرس المكتبة.
2. لم نقتصر في تقويم النص على النسختين، بل رجعنا إلى التذكرة والمنتهى
للمؤلف، فإن مادة الكتاب تستقي من هذين الكتابين في أكثر المواضع، كما رجعنا
26

إلى الخلاف والمبسوط للشيخ الطوسي، وإلى المغني لابن قدامة وغيرها.
3. تخريج الآيات والروايات والأقوال المنقولة من المصادر الأصلية.
4. تفسير اللغات المشكلة وإيضاح المراد من العبارة فيما احتاج إليه.
5. تبديل الترتيب الأبجدي للمسائل التي وضعها المؤلف بالترتيب
العددي لسهولته، وهذا النوع من التصرف قد حدت الضرورة إليه لأجل عدم
استيناس الجيل الحاضر به.
كما لا يفوتني أن أعبر عن شكري وامتناني الجزيل إلى سماحة
آية الله جعفر السبحاني لما هيأ لي من أسباب التحقيق كما هو دأبه مع أكثر
المحققين في مؤسسة الإمام الصادق (عليه السلام)، وقد أشرف على عملي وتحقيقي
وأفادني في هذا المضمار.
هذا كلام محققنا، فهاك نسخة صحيحة لا تجد فيها أمتا ولا عوجا، وهي
حصيلة جهود سنين طوال.
فها نحن نثمن الجهود التي بذلها شيخنا المحقق في إحياء هذا السفر
الجليل الذي كان رهين محبس رداءة الطبعة التي كانت تعيق مطالعته ومدارسته
في أحيان كثيرة، فحيا الله شيخنا المحقق وبياه وجعله خادما لفقه آل البيت (عليهم السلام)
طيلة عمره، وجزاه الله في الدنيا والآخرة خير الجزاء وأدام عمره بفضل منه.
جعفر السبحاني
قم المشرفة
27

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتقدس بكماله عن مشابهة المخلوقات، المتنزه بعلوه عن
مشاركة الممكنات، القادر على إيجاد الموجودات، العالم بكل المعلومات،
المتفرد بوجوب الوجود في ذاته، المتوحد بالاستغناء عن غيره في ماهيته
وصفاته، المنعم على عباده بإرسال الأنبياء لتعليم الشرائع والأديان، المكمل
إنعامه بالتكليف الباقي ببقاء نوع الإنسان، ليرتقي بطاعته إلى أعلى الدرجات،
ولينال بامتثال أوامره ما أعد له من الحسنات.
وصلى الله على أشرف البشر محمد المشفع في يوم المحشر (1)، وعلى آله
الأبرار، صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الأعصار.
أما بعد: فإن هذا الكتاب الموسوم ب " تحرير الأحكام الشرعية على مذهب
الإمامية "، قد جمعنا فيه معظم المسائل الفقهية، وأوردنا فيه أكثر المطالب

1. في «ب»: في المحشر.
29

التكليفية الشرعية الفرعية، من غير تطويل بذكر حجة ودليل، إذ جعلنا ذلك
موكولا إلى كتابنا الموسوم ب‍ " منتهى المطلب في تحقيق المذهب " فإنه قد شمل
المسائل أصولها وفروعها، وذكر الخلاف الواقع بين المسلمين - إلا ما شذ -
واستدلال كل فريق على مذهبه مع تصحيح الحق وإبطال الباطل.
وإنما اقتصرنا في هذا الكتاب على مجرد الفتاوى لا غير، مستعينين بالله
تعالى فإنه الموفق لكل خير، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ورتبناه على مقدمة
وقواعد.
30

أما المقدمة
ففيها مباحث: (1)
1. الأول: الفقه لغة الفهم. واصطلاحا العلم بالأحكام الشرعية الفرعية،
المستدل على أعيانها، بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة، فخرج العلم
بالذوات والأحكام العقلية (والنقلية) (2) والتقليدية وعلم واجب الوجود
والملائكة وأصول الشريعة.
ولا يرد إطلاق الفقيه على العالم بالبعض، وكون الفقه مظنونا، لأن المراد
بالعلم الاستعداد التام المستند إلى أصول معلومة، وظنية الطريق لا تنافي علمية
الحكم.
2. الثاني: ثبت في علم الكلام وجوب التكليف، ولا يتم الامتثال إلا
بمعرفة الأحكام الشرعية الحاصلة بالفقه، فيجب العلم به، والسمع (3).
ووجوبه على الكفاية، عملا بالآية (4).

1. في «أ»: ففيها أبحاث.
2. ما بين القوسين موجود في «أ».
3. في «ب»: «وللسمع» والصحيح «أو السمع» بمعنى انه يجب تحصيل العلم أو الدليل السمعي على التكليف.
4. إشارة إلى قوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم لعلهم يحذرون) (التوبة: 122).
31

ومرتبته بعد علم الكلام واللغة والنحو والتصريف والأصول.
وفائدته نيل السعادة الأخروية، وتعليم العامة نظام المعاش (1) في المنافع
الدنيوية.
وموضوعه أفعال المكلفين من حيث الاقتضاء أو التخيير.
ومبادئه من الكلام والأصول واللغة والنحو والقرآن والسنة.
ومسائله المطالب المستدل عليها فيه.
3. الثالث: في فضيلته وهو معلوم بالضرورة، قال تعالى: (قل هل يستوي
الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (2) وقال تعالى: (انما يخشى الله من عباده العلماء) (3).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد، يا علي
ركعتين يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد» (4).
«يا علي لا فقر أشد من الجهل، ولا عبادة مثل التفكر» (5).
وعن الصادق (عليه السلام) انه قال: «إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد
واحد، ووضعت الموازين، فيوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد
العلماء على دماء الشهداء» (6).

1. في «أ»: ونظام المعاش.
2. الزمر: 9.
3. فاطر: 28.
4. الفقيه: 4 / 265 و 266.
5. الفقيه: 4 / 269 و 270.
6. الفقيه: 4 / 284.
32

وقال (عليه السلام): «العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده
سرعة السير من الطريق إلا بعدا» (1).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الأنبياء قادة، والعلماء سادة، ومجالستهم عبادة» (2).
وقال: «النظر إلى وجه العالم عبادة» (3).
وقال: «اللهم ارحم خلفائي، قيل: يا رسول الله! ومن خلفاؤك؟ قال: الذين
يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي (4)، ومن أكرم فقيها مسلما لقي الله يوم القيامة
وهو عنه راض» (5).
الفصل الأول (6)
ويحرم كتمان العلم والفقه، قال تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من
البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم
اللاعنون) (7).
وقال: (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا

1. الفقيه: 4 / 287.
2. عوالي اللآلي: 4 / 73; بحار الأنوار: 1 / 201، الحديث 9.
3. الفقيه: 2 / 205، الحديث 2144; وسائل الشيعة: 8 / 621.
4. الفقيه: 4 / 302.
5. بحار الأنوار: 2 / 44.
6. تعريف الفصول وترقيمها فيما إذا تجاوزت فصلا واحدا منا.
7. البقرة: 159.
33

أولئك ما يأكلون في بطونهم الا النار) (1).
وقال (عليه السلام): «من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار» (2).
وقال (عليه السلام): «إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه
لعنة الله» (3).
الفصل الثاني
وروي عن زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: «حق العالم التعظيم له، والتوقير
لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، وان لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب
أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا
تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وان تستر عيوبه، وتظهر
مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة
الله بأنك قصدته، وتعلمت علمه لله جل اسمه، لا للناس.
وأما حق رعيتك بالعلم، بأن تعلم أن الله عز وعلا إنما جعلك قيما لهم فيما
أتاك من العلم، وفتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس، ولم تخرق بهم
ولم تضجر عليهم، زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم
عند طلبهم العلم منك، كان حقا على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط
من القلوب محلك». (4)

1. البقرة: 174.
2. بحار الأنوار: 2 / 78.
3. الكافي: 1 / 54 باب البدع والرأي والمقائيس، الحديث 2.
4. الفقيه: 2 / 620; وسائل الشيعة: 11 / 134; الخصال: 567; تحف العقول: 260.
34

الفصل الثالث
ويستحب طلب العلم، ويجب على الكفاية، لقوله (عليه السلام): «طلب العلم
فريضة» (1).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «طلب العلم فريضة على كل مسلم ألا إن الله يحب بغاة العلم» (2).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا خير في العيش إلا لرجلين: عالم مطاع أو مستمع واع» (3).
وقال (عليه السلام): «من سلك طريقا يطلب فيه علما، سلك الله به طريقا إلى الجنة،
وان الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، وانه يستغفر لطالب العلم من في
السماوات (4) ومن في الأرض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل
القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وان العلماء ورثة الأنبياء، لأن الأنبياء لم يورثوا
دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر» (5).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «نعم وزير الإيمان العلم، ونعم وزير العلم الحلم، ونعم وزير
الحلم الرفق، ونعم وزير الرفق العزة» (6).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «طالب العلم يستغفر له حيتان البحر وطيور الهواء» (7).

1. الكافي: 1 / 30، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه، الحديث 2.
2. الكافي: 1 / 30، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه، الحديث 1.
3. الكافي: 1 / 33، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء، الحديث 7.
4. في المصدر: من في السماء.
5. الكافي: 1 / 34، باب ثواب العالم والمتعلم، الحديث 1; وبحار الأنوار: 1 / 164، الحديث 2.
6. الكافي: 1 / 48، باب النوادر، الحديث 3 وفيه: نعم وزير الرفق الصبر.
7. بحار الأنوار: 1 / 172.
35

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا لهم ولا تكن الخامس
فتهلك» (1).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم لينتفع قلبه ويعلمه
غيره، كتب الله له بكل خطوة عبادة ألف سنة صيامها وقيامها، وحفته الملائكة
بأجنحتها، وصلى عليه طيور السماء وحيتان البحر ودواب البر، وأنزله الله بمنزلة
سبعين صديقا، وكان خيرا له ان لو كانت الدنيا كلها له، فجعلها في الآخرة» (2).
الفصل الرابع
يحرم الإفتاء بغير علم، وكذا الحكم، قال تعالى: (وأن تقولوا على الله ما لا
تعلمون) (3).
قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (4).
وقال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (5).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من عمل بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى
الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك» (6).

1. الكافي: 1 / 34، الحديث 3.
2. بحار الأنوار: 1 / 177.
3. البقرة: 169; الأعراف: 33.
4. الإسراء: 36.
5. المائدة: 44.
6. الكافي: 1 / 43، باب النهي عن القول بغير علم، الحديث 9.
36

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح» (1).
الفصل الخامس
ويجب على العالم العمل، كما يجب على غيره، لكنه في حق العالم آكد،
ولهذا جعل الله ثواب المطيعات وعقاب العاصيات من نساء النبي (عليه السلام) ضعف ما
جعل لغيرهن (2) لقربهن من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واستفادتهن العلم.
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه حدث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «العلماء
رجلان: رجل عالم أخذ بعلمه فهذا ناج، ورجل تارك لعلمه فهذا هالك، وان أهل
النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وان أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل
دعا عبدا إلى الله سبحانه فاستجاب له، وقبل منه فأطاع الله، فأدخله الجنة،
وأدخل الداعي إلى النار بتركه علمه» (3).
وقال (عليه السلام): «ان أخوف ما أخاف خصلتان: اتباع الهوى وطول الأمل; أما
اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة» (4).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل: يا رسول الله

1. الكافي: 1 / 44، باب من عمل بغير علم، الحديث 2.
2. إشارة إلى قوله تعالى:
(يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين... ومن يقنت منكن لله ورسوله
وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين...) (الأحزاب: 30 - 31).
3. البحار: 2 / 34، الحديث 31.
4. وسائل الشيعة: 2 / 651، الباب 24 من أبواب الاحتضار، الحديث 6.
37

وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على
دينكم» (1).
الفصل السادس
والعلم من أشرف الكيفيات النفسانية وأعظمها، به يتميز الإنسان عن
غيره (2) من الحيوانات، وبه يشارك الله تعالى في أكمل صفاته، وطلبه واجب على
الكفاية. ومستحب على الأعيان على ما بيناه. وهو أفضل من العبادة، فيجب على
طالبه أن يخلص لله تعالى في طلبه، ويتقرب به إليه، لا يطلب به الرياء والدنيا، بل
وجه الله تعالى.
فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «منهومان لا
يشبعان: طالب دنيا وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم،
ومن تناولها من غير حلها هلك، إلا أن يتوب أو يراجع، ومن أخذ العلم من أهله
وعمل بعلمه نجا، ومن أراد به الدنيا فهو حظه» (3).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» (4).

1. البحار: 2 / 36، الحديث 38.
2. في «ب»: من غيره.
3. الكافي: 1 / 46، باب المستأكل بعلمه والمباهي به، الحديث 1.
4. البحار: 2 / 22، الحديث 67.
38

الفصل السابع
ولكل علم أسرار لا يطلع عليها من الكتب، فيجب أخذه من العلماء،
ولهذا قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «خذ العلم من أفواه الرجال» ونهى عن الأخذ ممن أخذ علمه من
الدفاتر، فقال (1): «لا يغرنكم الصحفيون» (2) وأمر (عليه السلام) بالمحادثة في العلم والمباحثة
فأنها تفيد النفس استعدادا تاما لتحصيل المطالب واستخراج المجهولات.
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا، فإن الحديث جلاء القلوب، لأن
القلوب (3) لترين كما يرين السيف وجلاؤه (4) الحديث» (5).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن الله عز وعلا يقول تذاكر العلم بين عبادي مما تحيى عليه
القلوب الميتة، ان هم انتهوا فيه إلى إمري» (6).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «قال الحواريون لعيسى (عليه السلام): يا روح الله! من نجالس؟ قال: من
يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله» (7).

1. في «أ»: وقال.
2. مستدرك الوسائل: 17 / 311.
3. في «أ»: ان القلوب.
4. في «ب»: كما يرين السيف جلاؤه....
5. الكافي: 1 / 41، باب سؤال العلم وتذاكره، الحديث 8.
6. الكافي: 1 / 40، سؤال العلم وتذاكره، الحديث 6.
7. الكافي: 1 / 39، باب مجالسة العلماء، الحديث 3.
39

الفصل الثامن
وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه، فإنه الناظم لأمور المعاش
والمعاد، وبه يتم كمال نوع الإنسان، وهو الكاسب لكيفية شرع الله تعالى، وبه
يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه التي هي سبب النجاة، وبها يستحق
الثواب، فهو أفضل من غيره.
وروي عن الكاظم (عليه السلام) قال: «دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المسجد، فإذا جماعة قد
طافوا برجل، فقال: ما هذا؟ فقيل: علامة. قال (1): وما العلامة؟ فقالوا: إنه أعلم
الناس بأنساب العرب و وقائعها وأيام الجاهلية والأشعار العربية قال: فقال رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه، ثم قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنما
العلم ثلاثة: علم آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو
فضل» (2).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من أراد الله به خيرا يفقهه في الدين» (3).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «من حفظ من أمتي أربعين حديثا ينتفعون به بعثه الله يوم
القيامة فقيها عالما» (4)
ولنقتصر من المقدمة على هذا.

1. في «ب»: فقال.
2. بحار الأنوار: 1 / 211، الحديث 5.
3. بحار الأنوار: 1 / 177 و 1 / 216.
4. الكافي: 1 / 49، باب النوادر، الحديث 7.
40

القاعدة الأولى في العبادات
وهي كتب
كتاب الطهارة
41

وفيه مقدمة ومقاصد
أما المقدمة
ففيها أبحاث:
4. الأول: الطهارة في اللغة النظافة. وفي الشرع ما له صلاحية التأثير في
استباحة الصلاة من الوضوء والغسل والتيمم. وهي أقسامها.
5. الثاني: العلم بالطهارة واجب، لوجوب فعلها المتوقف عليه، وهو
معلوم بالضرورة من دين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
6. الثالث: كل واحد من الثلاثة واجب وندب، فالوضوء يجب للصلاة
والطواف الواجبين، ولمس كتابة القرآن إن وجب، ويستحب لمندوبي الأولين،
ولدخول المساجد، وقراءة القرآن والكون على طهارة، والتجديد، وحمل
المصحف، والنوم، وصلاة الجنازة، والسعي في الحاجة، وزيارة المقابر، ونوم
المجنب (1) وجماع المحتلم، والذكر للحائض.
والغسل يجب للثلاثة المتقدمة ودخول المساجد وقراءة العزائم ان وجبا،

1. في «ب»: الجنب.
43

ولصوم (1) الجنب إذا بقي من الليل مقدار فعله، وصوم المستحاضة إذا غمس الدم
القطنة. ويستحب لثلاثين تأتي.
والتيمم يجب للصلاة والطواف الواجبين، ولخروج المجنب في أحد
المسجدين منه، ويستحب لما عداه، ويشترك الثلاثة في وجوبها وبالنذر وشبهه.

1. في «أ» أو لصوم.
44

المقصد الأول: في المياه
وفصوله ثلاثة
[الفصل] الأول: في المطلق
وفيه ثلاثة مباحث:
7. الأول: المطلق هو المستحق لصدق الاسم عليه من غير تقييد مع امتناع
سلبه. وهو في الأصل طاهر مطهر من الحدث والخبث، وكذا لو مزج بطاهر ان
بقي الإطلاق، وان تغير الوصف. ولو زال الإطلاق فمضاف.
ثم المطلق إن كان جاريا نجس (1) بتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، لا
بملاقاتها. ولو تغير بعضه اختص بالحكم. والجرية مع تغيرها لها حكم
بانفرادها، ولا معه طاهرة. ولو وقفت (2) النجاسة في جانب النهر أو قراره لم
تنجس، لجريان المادة عليها. ولو كان إلى جانب النهر ماء واقف متصل بالجاري
لم ينجس بالملاقاة وإن قل. ولو تغير بعض الواقف المتصل بالجاري، اختص

1. في «ب» ينجس.
2. في «ب» وقعت.
45

بالتنجس دون الآخر. ويشترط في ذلك كله زيادة الجاري على الكر.
وحكم ماء الحمام حكمه إذا كان له مادة تزيد على الكر. وحكم ماء المطر
حال نزوله حكمه. ولو استقر على الأرض وانقطع تقاطره ثم لاقته نجاسة اعتبر
فيه الكرية.
8. الثاني: الواقف غير البئر إن كان كثيرا، وحده ألف ومائتا رطل بالعراقي،
أو ثلاثة أشبار ونصف طولا في عرض في (1) عمق هو كر. فما زاد، لا ينجس
بملاقاة النجاسة، بل بتغير أحد أوصافه بها.
وما نقص عن الكر ينجس بملاقاة النجاسة وإن قلت كرؤوس الأبر
من الدم.
ولو تغير أحد طرفي الكثير وكان الباقي كرا اختص المتغير بالتنجيس، ولو
اضطرب فزال التغير طهر.
ولا فرق في ذلك بين مياه الغدران والحياض والأواني. ولو وصل بين
الغديرين بساقية اتحدا واعتبرت الكرية فيهما مع الساقية جميعا. أما لو كان
أحدهما أقل من كر، فوقعت فيه نجاسة ثم وصل بغدير بالغ كرا، فالأولى زوال
النجاسة.
أما ماء البئر فالأقرب عدم تنجيسه بملاقاة النجاسة، ولا خلاف في
نجاسته بالتغير بها.
9. الثالث: تطهير الجاري المتغير بالنجاسة بإكثار الماء المتدافع حتى

1. في «أ»: وعمق.
46

يزول التغير، والواقف بإلقاء كر دفعة، فإن زال تغيره، وإلا ألقى آخر وهكذا.
والقليل بإلقاء كر دفعة، لا بإتمامه كر على الأصح، ولا بالنبع من تحته.
ولا يطهر المتغير من هذه المياه بزوال التغير من نفسها، أو من طول
المكث، أو من تصفيق الرياح، أو من إلقاء أجسام طاهرة غير الماء.
وتطهير البئر بالنزح حتى يزول التغير. وعلى القول بالتنجيس بالملاقاة
تطهر بنزح الجميع إن وقع فيها مسكر، أو فقاع، أو مني، أو دم حيض، أو
استحاضة، أو نفاس، أو مات فيها بعير.
ولو تعذر تراوح عليها أربعة رجال اثنين اثنين يوما إلى الليل.
وينزح كر (1) لموت الدابة أو الحمار أو البقرة، وسبعين دلوا لموت الإنسان،
وخمسين للعذرة الذائبة والرطبة والدم الكثير، وأربعين لموت الثعلب أو الأرنب
أو الخنزير أو السنور أو الكلب، ولبول الرجل، وثلاثين لماء المطر المخالط
للبول والعذرة وخرء الكلاب، وعشر للعذرة اليابسة، والدم القليل، كدم الطير
والرعاف اليسير، وسبع لموت الطير من النعامة والحمامة وما بينهما، والفارة إذا
تفسخت أو انتفخت، وبول الصبي غير البالغ، واغتسال الجنب - ولا يطهر عند
الشيخ (2) - ولوقوع الكلب إذا خرج حيا، وخمس لذرق جلال الدجاج، وثلاث
لموت الفارة والحية. ودلو للعصفور وشبهه، وبول الرضيع الذي لم يغتذ
بالطعام.

1. كذا في النسخ التي بأيدينا والظاهر ان الأصح «وبنزح كر».
2. قال في المبسوط: 1 / 12: وان ارتمس فيها جنب نزح منها سبع دلاء ولم يطهر. (إي الجنب).
47

فروع:
10. الأول: لا فرق بين صغير الحيوان وكبيره، ولا بين الذكر والأنثى،
والسمين والمهزول، ولا بين المسلم والكافر، خلافا لقوم (1).
11. الثاني: لا فرق بين بول المسلم والكافر. والأقرب عدم الفرق بين الذكر
والأنثى.
12. الثالث: قيل: وجوب السبع في الجنب يتعلق بالارتماس بحيث يغطي
ماء البئر رأسه، والروايات غير مساعدة له، وفي رواية محمد بن مسلم الصحيحة
عن أحدهما (عليهما السلام) تعليق الحكم على الدخول (2). والظاهر ان نزح السبع مع خلو
البدن عن النجاسة.
13. الرابع: يستحب نزح ثلاث دلاء للوزغ والعقرب.
14. الخامس: إذا وقع فيها نجاسة لم يقدر لها منزوح، فإن تغير الماء نزح
حتى يزول التغير، وإلا فلا شئ عندنا. أما القائلون بالتنجيس، فقال بعضهم:
ينزح منها أربعون، وآخرون أوجبوا نزح الجميع (3).
15. السادس: الدلو التي ينزح بها دلو العادة، فلو اتخذ دلوا عظيما تسع
العدد، فالأقرب عدم الاكتفاء به.
16. السابع: لا ينجس جوانب البئر بما يصيبها من المنزوح، ويحكم
بالطهارة عند مفارقة آخر الدلاء لوجه الماء، والمتساقط معفو عنه وهو تخريج،

1. لاحظ المختلف: 1 / 195 - من الطبعة الحديثة -.
2. وسائل الشيعة: 1 / 142، الباب 22 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.
3. لاحظ المختلف: 1 / 216.
48

ولا يجب غسل الدلو بعد الانتهاء.
17. الثامن: لا يجب النية في النزح، ويجوز ان يتولاه الصبي والبالغ المسلم
وغيره مع عدم المباشرة.
18. التاسع: لو وجدت الجيفة في البئر فغيرت ماءها، حكم بالتنجيس من
حين الوقوف على التغير، ولو لم يتغير لم ينجس عندنا. وعند القائلين به يحكم
بالنجاسة من حين الوجدان.
19. العاشر: لو تكثرت النجاسة فإن اتحد النوع كفى المنزوح الواحد، وإلا
تعدد على قول ضعيف.
20. الحادي عشر: الأقرب إلحاق جزء الحيوان بكله.
21. الثاني عشر: إنما يجزي العدد بعد إخراج النجاسة أو استحالتها في البئر.
22. الثالث عشر: لو صب الدلو الأول في البئر لم يجب نزح ما زاد على
العدد، لكن لا يحتسب منه. أما لو صب الأخير فيها، فالأقرب إلحاقه بما لم يرد
فيه نص إن زاد على الأربعين. وكذا لو صب في غيرها. ولو ألقيت النجاسة العينية
وما وجب لها من المنزوح في الطاهرة، فالأولى التداخل.
23. الرابع عشر: لو غار ماؤها قبل النزح، ثم ظهر فيها بعد الجفاف سقط
النزح، لتعلقه بالماء الذي لا يعلم عوده بعينه، لا بالبئر، ولسقوطه عند الذهاب،
مع عدم دليل تجدده.
24. الخامس عشر: لو سيق إليها الماء الجاري وصارت متصلة به فالأولى
الطهارة.
49

الفصل الثاني: في المضاف والأسآر
وفيه ستة مباحث:
25. الأول: المضاف، وهو المعتصر أو الممتزج مزجا يسلبه إطلاق الاسم،
طاهر ما لم تقع فيه نجاسة، فينجس وإن كثر. وطاهره لا يرفع الحدث إجماعا
ولا الخبث على الأصح.
ولو مزج بالمطلق اعتبر في رفعهما ثبوت الإطلاق. ويستعمل فيما
عداهما، فإن نجس لم يجز استعماله في الأكل والشرب إلا مع الضرورة.
ويطهر بإلقاء كر من المطلق فما زاد عليه دفعة، بشرط أن لا يسلبه
الإطلاق، ولا يغير أحد أوصافه.
26. الثاني: كل حيوان طاهر العين فإن سؤره طاهر، وكل ما هو نجس العين
فسؤره نجس، كالكلب والخنزير والكافر. والمسوخ إن قلنا بنجاستها فأسآرها
نجسة وإلا فلا.
والمسلمون على اختلاف مذاهبهم، أطهار، عدا الخوارج و الغلاة.
27. الثالث: يكره سؤر الجلال وآكل الجيف مع خلو موضع الملاقاة من
النجاسة، والحائض المتهمة والدجاج والبغال والحمير والفارة والحية.
28. الرابع: الأقوى أن سؤر ولد الزنا مكروه، خلافا لابن بابويه (1).

1. الفقيه: 1 / 8.
50

29. الخامس: حكم الشيخ (1) بنجاسة سؤر المجسمة و المجبرة و
ابن إدريس بسؤر غير المؤمن والمستضعف (2).
30. السادس: يجوز للرجل أن يستعمل فضل وضوء المرأة وغسلها،
ولا يكره وان خلت به، وبالعكس.
الفصل الثالث: في الأحكام والأواني
وفيه تسعة وعشرون بحثا:
31. الأول: إذا حكم بنجاسة الماء لم يجز استعماله في الطهارة مطلقا، ولا
في الأكل والشرب، إلا عند الضرورة.
32. الثاني: يستحب أن يكون بين البئر والبالوعة خمس أذرع إن كانت البئر
فوقها، أو كانت الأرض صلبة، وإلا فسبع. ولو تقاربتا لم يحكم بنجاسة البئر ما لم
يعلم وصول ماء البالوعة إليها، عند الأكثر، وعندي ما لم يتغير بمائها.
33. الثالث: الماء المسخن بالشمس في الآنية، يكره الطهارة به، وتغسيل
الأموات بماء أسخن بالنار مكروه إلا مع الضرورة.
34. الرابع: الماء المستعمل في إزالة النجاسة نجس، سواء كان من الغسلة

1. المبسوط: 1 / 14.
2. السرائر: 1 / 84.
51

الأولى أو الثانية، تغير بالنجاسة أو لا. وللشيخ خلاف هنا (1) واستثنى أصحابنا
عنه (2) ماء الاستنجاء، فإنه طاهر ما لم يتغير بالنجاسة، أو يقع على نجاسة من
خارج المخرج.
35. الخامس: الماء المستعمل في الوضوء طاهر مطهر إجماعا، وكذا
المستعمل في الغسل، ومنع الشيخ من رفع الحدث به (3).
36. السادس: «روى ابن بابويه انه يكره التداوي بالمياه الحارة من الجبال
التي يشم منها رائحة الكبريت» (4).
37. السابع: ماء البحر طاهر مطهر، وخلاف ابن المسيب (5) و ابن عمر (6)
لا اعتداد به مع إجماع المسلمين.
38. الثامن: قد بينا ان ماء المطر كالجاري، فلو سال ميزابان أحدهما بول
والآخر مطر، وامتزجا كانا طاهرين، وكذا لو وقع المطر على سطح نجس وسال
ماؤه، كان طاهرا ما لم يتغير بالنجاسة.
39. التاسع: إذا مات في الماء القليل حيوان له نفس سائلة، نجس الماء،
ولا ينجس لو لم تكن النفس سائلة.
40. العاشر: قد بينا ان المضاف طاهر غير مطهر، فلو كان معه مطلق

1. المبسوط: 1 / 36.
2. في «ب»: أصحابنا هنا عنه.
3. المبسوط: 1 / 11.
4. وسائل الشيعة: 1 / 160، الباب 12 من أبواب الماء المضاف، الحديث 1.
5. المصنف لابن أبي شيبة: 1 / 155.
6. الاستذكار لابن عبد البر: 2 / 99; والمحلى لابن حزم: 1 / 221 و 2 / 133.
52

لا يكفيه للطهارة، ومعه ماء ورد إذا تمم به كفاه ولم يخرج عن الإطلاق، جاز له
التتميم، والطهارة به، وهل يجب؟ نص الشيخ على عدمه (1)، وعندي فيه إشكال.
41. الحادي عشر: الماء إذا تغير بطول بقائه، لم يخرج عن كونه مطهرا ما لم
يسلبه التغير الإطلاق، لكنه مكروه، لقول الصادق (عليه السلام) في الماء الآجن:
«لا يتوضأ منه إلا أن لا تجد غيره» (2).
42. الثاني عشر: الحوض الصغير من الحمام، إذا نجس لم يطهر بإجراء
المادة إليه ما لم تغلب عليه.
43. الثالث عشر: لو وجد في الكر نجاسة، وشك في وقوعها قبل بلوغ
الكرية أو بعدها، فالأصل الطهارة.
44. الرابع عشر: لو شك في نجاسة متيقن الطهارة، أو في طهارة متيقن
النجاسة، بنى على اليقين. ولو وجده متغيرا، وشك في استناد التغير (3) إلى
النجاسة، بنى على الطهارة.
45. الخامس عشر: لو أخبره عدل بنجاسة الماء، لم يجب القبول وإن
أسندها (4) إلى سبب. ولو شهد عدلان بالنجاسة، وجب الاجتناب، ولهذا يرده
المشتري، وخلاف ابن البراج ضعيف (5).
46. السادس عشر: لو علم بالنجاسة بعد الطهارة، وشك في سبقها عليها،

1. المبسوط: 1 / 10.
2. لاحظ الوسائل الشيعة: 1 / 103، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.
3. في «ب»: في استناد التغيير.
4. في «أ»: ولو أسندها.
5. المهذب: 1 / 30.
53

فالأصل الصحة. ولو علم سبقها على الطهارة، وشك في بلوغ الكرية أعاد، ولو
شك في نجاسة الواقع، أو في كون الحيوان الميت من ذوات الأنفس، بنى
على الطهارة.
47. السابع عشر: إذا حصل الجنب عند غدير أو قليب، وخشي إن نزل
فساد الماء، رش عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه، ثم استعمله.
48. الثامن عشر: إذا كان على جسد الجنب أو الحائض نجاسة عينية، كان
المستعمل نجسا إجماعا. أما لو خليا عنها، فهو طاهر أيضا. وفي التطهير به
خلاف سبق.
فلو بلغ المستعمل في الكبرى كرا تردد الشيخ في زوال المنع (1)، وعندنا لا
إشكال.
أما المستعمل في الأغسال المسنونة (2) أو غسل الثوب أو الآنية الطاهرين،
فإنه مطهر إجماعا.
49. التاسع عشر: غسالة الحمام لا يجوز استعمالها. وفي رواية عن
الكاظم (عليه السلام):
«لا بأس بها» (3).
50. العشرون: حيوان الماء إن كان ذا نفس سائلة كالتمساح، ينجس الماء
بموته فيه إن كان قليلا، وإلا فلا.

1. لاحظ الخلاف: 1 / 173، المسألة 127 من كتاب الطهارة.
2. في «ب»: في الأغسال المندوبة.
3. وسائل الشيعة: 1 / 154، الباب 9 من أبواب الماء المضاف، الحديث 9.
54

51. الحادي والعشرون: الحيوان المتولد من الأجسام الطاهرة كالفارة،
طاهر، وكذا من النجسة كدود العذرة. والآدمي ينجس بالموت إجماعا منا.
52. الثاني والعشرون: الصيد المحلل إذا وقع في الماء القليل مجروحا
خاليا من النجاسة، فمات فيه، فإن كان الجرح قاتلا، فهو حلال، والماء طاهر،
وإلا فلا فيهما، سواء علم استناد الموت إلى الماء أو اشتبه، ولو قيل: انه مع
الاشتباه، يكون الماء طاهرا، والحيوان محرما، عملا بالأصلين كان قويا.
53. الثالث والعشرون: لو لاقى الحيوان الميت أو غيره من النجاسات (1)
ما زاد على الكر من الماء الجامد، ففي التنجيس إشكال، ينشأ من قوله (عليه السلام):
«إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ» (2).
واليبوسة غير مخرجة عن الحقيقة، بل مؤكدة لتحققها.
ولو نقص (3) عن الكر، فهل يكون حكمه حكم الجامدات أم لا؟ فيه تردد.
54. الرابع والعشرون: الثلج إن أمكن التطهير به بأن يعتمد المتطهر عليه
حتى يتحقق مسمى الغسل جاز، وإلا فلا.
ولو اتصل بالثلج الكثير ماء قليل ووقع فيه نجاسة، ففي نجاسته إشكال،
من حيث إنه متصل بالكر، وإنه متصل بالجامد اتصال مماسة لا ممازجة واتحاد.
55. الخامس والعشرون: إذا كان معه إناءان نجس أحدهما واشتبه،

1. في «ب»: من النجاسة.
2. وسائل الشيعة: 1 / 117 الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2.
3. في «أ»: فلو نقص.
55

اجتنبهما وتيمم، قال الشيخ: ويجب الإراقة (1)، وليس بمعتمد عندي،
ولا يجوز له التحري.
وحكم ما زاد على إناءين حكمهما في المنع من التحري، سواء كان هناك
أمارة أو لم تكن، وسواء كان الطاهر هو الأكثر أو لا، وسواء كان المشتبه بالطاهر
نجسا أو نجاسة أو مضافا، ولو انقلب أحدهما لم يجز التحري أيضا، ولو خاف
العطش أمسك أيهما شاء، ويجوز له تناول أيهما شاء، ولا يلزمه التحري.
ولو لم يكونا مشتبهين، شرب الطاهر وتيمم.
ولو استعمل الإناءين، وأحدهما نجس مشتبه، وصلى لم تصح صلاته ولم
يرتفع حدثه، سواء قدم الطهارتين أو صلى بكل واحد صلاة.
أما لو كان أحدهما مضافا، فالوجه انه يتطهر بهما، و ابن إدريس لم يحصل
الحق هنا (2).
56. السادس والعشرون: لو تعارضت البينتان في إناءين، قال في الخلاف:
سقطت شهادتهما، ورجع إلى الأصل (3)، وفي المبسوط: إن أمكن الجمع نجسا (4)
ولم يتعرض للنقيض.
والوجه فيه وجوب اجتنابهما، والحكم بنجاسة أحدهما لا بعينه.
57. السابع والعشرون: إذا عجن عجين بماء نجس وخبز، لم يطهر، وقول

1. المبسوط: 1 / 8.
2. السرائر: 1 / 185 و 1 / 85.
3. الخلاف: 1 / 201، المسألة 162.
4. المبسوط: 1 / 8.
56

وقول الشيخ هنا ضعيف (1)، وفي رواية:
«يباع على مستحلي الميتة» (2). وفي أخرى: «يدفن» (3).
58. الثامن والعشرون: إذا توضأ بالنجس لم يرتفع حدثه، فان صلى به كانت
باطلة، سواء خرج الوقت أو لا، أما لو غسل ثوبه بماء نجس عالما فكذلك،
وجاهلا يعيد صلاته في الوقت، ولو سبقه العلم، فكذلك على الأقوى.
59. التاسع والعشرون: الطهارة بماء زمزم غير مكروهة ويكره ما مات فيه
العقرب والوزغة، أو دخلتا (4) فيه حيين.

1. النهاية: 8.
2. لاحظ وسائل الشيعة: 1 / 174، الباب 11 من أبواب الأسئار، الحديث 1.
3. وسائل الشيعة: 174، الباب 11 من أبواب الأسئار، الحديث 2.
4. في «ب»: لو دخلتا.
57

المقصد الثاني: في الوضوء
وفيه فصول
[الفصل] الأول: في موجباته
وفيه اثنا عشر بحثا:
60. الأول: يجب بخروج البول والغائط والريح، والنوم الغالب على السمع
والبصر، وكل ما أزال العقل من إغماء وجنون وسكر، والاستحاضة القليلة.
61. الثاني: الاستحاضة إن كانت قليلة، وجب بها الوضوء خاصة، وإن
كانت كثيرة، وجب الوضوء والغسل معا، وكذا يجبان بالحيض والنفاس ومس
الأموات.
62. الثالث: لا يجب الوضوء بحدث سوى ما ذكرناه، من مذي، أو وذي، أو
قيح، أو رعاف، أو نخامة، أو فتح خراج (1)، أو مس ذكر، أو دود خارج من أحد
السبيلين ما لم يكن متلطخا بالعذرة، أو قيء، أو خروج دم، سوى الدماء الثلاثة
للمرأة، أو مس قبل أو دبر. وقول ابن بابويه: من مس باطن ذكره بإصبعه، أو

1. في لسان العرب: الخراج ما يخرج في البدن من القروح.
59

باطن دبره انتقض وضوءه; وقول ابن الجنيد (1): من مس ما انضم عليه الثقبان
نقض وضوءه، ومن مس ظاهر الفرج من غير شهوة تطهر، إذا كان محرما، ومن
مس باطن الفرجين فعليه الوضوء، من المحلل والمحرم (2); بعيدان من الصواب.
63. الرابع: القهقهة غير مبطلة للوضوء، وإن أبطلت الصلاة، خلافا
لابن الجنيد في الحكم الأول (3).
64. الخامس: آكل ما مسته النار لا ينقض الوضوء، وكذا شرب اللبن مطلقا.
65. السادس: الردة لا تنقض الوضوء ولا التيمم، وكذا إنشاد الشعر، والكلام
الباطل، والغيبة، والقذف، ولا حلق الشعر ولا نتفه، ولا قص الأظفار، ولا القرقرة
في البطن.
66. السابع: لو ظهرت مقعدته لعلة، لم ينتقض الوضوء إلا مع خروج شئ
من الغائط، وهل يشترط الانفصال؟ فيه إشكال.
67. الثامن: لا تنتقض الطهارة بظن الحدث، وهو وفاق.
68. التاسع: لو خرج البول، أو الغائط، أو الريح من غير الموضع المعتاد، لم
ينتقض (4) ما لم يصر معتادا. وللشيخ هاهنا تفصيل. (5) ولو اتفق المخرج في غير
الموضع المعتاد خلقة، انتقضت الطهارة. بخروج الحدث منه إجماعا. وكذا لو

1. عطف على قوله «ابن بابويه» وكلاهما مبتدآن خبرهما قوله - في ما يأتي - «بعيدان من الصواب».
2. الفقيه: 1 / 39، نقل المصنف عن ابن الجنيد في المختلف: 1 / 257.
3. نقل عنه المصنف في المختلف: 1 / 260.
4. في «ب»: لم ينقض.
5. المبسوط: 1 / 27.
60

انسد المعتاد وانفتح غيره، أما لو لم ينسد، فإن ساواه في العادة نقض،
وإن شذ فلا.
69. العاشر: لو خرج البول من الأغلف، حتى صار في غلفته نقض.
70. الحادي عشر: النوم ناقض مطلقا متى غلب على الحاستين.
وقول ابن بابويه: الرجل يرقد قاعدا لا وضوء عليه (1) لا يلتفت إليه. أما
السنة، فإن حصل معها فقد الإحساس نقضت، وإلا فلا.
71. الثاني عشر: الاستحاضة القليلة الدم، ناقضة، خلافا لابن أبي عقيل (2).
ولا تجمع المستحاضة بين صلاتين بوضوء واحد، سواء كانا فرضين أو
أحدهما، أو نفلين. ولو توضأت قبل الوقت، لم يصح.
ولو انقطع دمها بعد الطهارة قبل الدخول، استأنفت، فلو صلت من غير
استئناف، أعادت الصلاة. ولو انقطعت في الأثناء، فالوجه عدم الاستئناف. وهل
يجب عليها مقارنة الطهارة للصلاة؟ نص في المبسوط عليه (3)، ونحن نتوقف مع
قربه.

1. الفقيه: 1 / 38، الحديث 144.
2. نقل عنه المصنف في التذكرة: 1 / 104.
3. المبسوط: 1 / 68.
61

الفصل الثاني: في آداب الخلوة
والنظر في أمور ثلاثة
[النظر] الأول: في كيفية التخلي
وفيه خمسة مباحث:
72. الأول: يجب ستر العورة مطلقا. وهي: القبل والدبر. ويستحب ستر
جميع البدن.
73. الثاني: يحرم عليه استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط، في
الصحاري والبنيان، خلافا لابن الجنيد فيهما، (1) و للمفيد (2) و سلار في الأخير (3)،
ويجب الانحراف في موضع قد بنى على ذلك.
74. الثالث: يكره استقبال الشمس والقمر بفرجه في البول والغائط،
واستقبال الريح بالبول، والبول في الأرض الصلبة، وقائما، وأن يطمح ببوله في
الهواء، وفي الماء جاريا وراكدا، والجلوس للحدث في المشارع والشوارع
ومواضع اللعن، وتحت الأشجار المثمرة، وفئ النزال، وجحرة الحيوان، وأفنية
الدور، والمواضع التي يتأذى الناس بها.

1. نقل عنه المصنف في المختلف: 1 / 266.
2. المقنعة: 39.
3. المراسم في الفقه الإمامي: 32.
62

75. الرابع: يكره السواك على حال الخلاء، والأكل، والشرب، والكلام إلا
بذكر الله تعالى، أو حكاية الأذان، أو قراءة آية الكرسي، أو حاجة يضر فوتها.
76. الخامس: يكره طول الجلوس على الخلاء، وأن يمس الرجل ذكره
بيمينه عند البول، - رواه ابن بابويه عن الباقر (عليه السلام)، - (1) واستصحاب دراهم بيض،
- رواه الشيخ، (2) والرواية به ضعيفة - والاستنجاء باليمين مكروه، وكذا باليسار إذا
كان فيها خاتم عليه اسم من أسماء الله تعالى أو أسماء أنبيائه أو أحد من
الأئمة (عليهم السلام) أو فصه من حجر زمزم، فإن كان فيه حوله.
النظر الثاني: في آداب التخلي
وفيه ثلاثة مباحث:
77. الأول: يستحب تغطية الرأس عند دخول الخلاء، وتقديم الرجل
اليسرى عنده، واليمنى عند الخروج، بخلاف المسجد فيهما.
78. الثاني: يستحب التسمية والدعاء عند الدخول، وعند الاستنجاء، وعند
الفراغ، وعند الخروج، وأن يمسح بطنه عنده.
79. الثالث: يستحب الاستبراء في البول للرجل، فإن وجد بللا بعده، كان
طاهرا، ولا يعيد وضوءه. ولو لم يستبرئ أجزأه، فإن وجد بللا أعاد طهارته، ولو
وجده بعد الصلاة أعاد الوضوء خاصة، ويغسل الموضع.

1. الفقيه: 1 / 19، الحديث 56 و 55.
2. التهذيب: 1 / 353، الحديث 1046.
63

النظر الثالث: في الاستنجاء (1)
وفيه واحد وعشرون بحثا:
80. الأول: يجب غسل مخرج البول بالماء. ولا يجزي سواه مع القدرة.
وأقل ما يجزيه مثلا ما عليه. والبكر كالثيب، والأغلف إن كان مرتتقا (2)
فكالمختتن، وإلا كشف البشرة إذا بال، وغسل المخرج، ولو لم يكشفها وجب
كشفها لغسل المخرج (3)، ويجب غسلها مع نجاستها.
81. الثاني: لو تعذر الماء أجزأه المسح بالحجر وشبهه، فإذا تمكن بعد
ذلك وجب الغسل، ولو خرج من الذكر دود أو حصا أو غيره مما ليس ببول ولا
دم ولا مني، لم يجب غسله، سواء كان جامدا أو مائعا.
82. الثالث: لو توضأ قبل غسل المخرج جاز. ولو صلى أعاد الصلاة خاصة.
وقول ابن بابويه: يعيد الوضوء أيضا، (4) ليس بمعتمد.
83. الرابع: لو بال لم يجب عليه سوى غسل مخرج البول لا غيره، وكذا لو
تغوط ولم يبل لم يجب عليه غسل مخرج البول.
84. الخامس: لا يجب على المرأة إدخال إصبعها في فرجها.
85. السادس: الإستنجاء من الغائط واجب، ثم إن تعدى المخرج لم يجز
غير الماء، وإلا تخير بينه وبين الأحجار، والماء أفضل، والجمع أكمل، وحده

1. في «ب»: كيفية الاستنجاء.
2. في حاشية نسخة «ب»: هو التصاق الغلفة بالحشفة بحيث يعسر انكشافها.
3. في «أ»: بغسل المخرج.
4. المقنع: 4; والفقيه: 1 / 21.
64

الإنقاء من العين والأثر ولا اعتبار بالرائحة. ويكفي في الأحجار إزالة العين.
86. السابع: يشترط في الأحجار العدد، وهو ثلاثة، فلا يجزي الأقل وإن
نقى به، خلافا للمفيد (1). ولو لم يحصل النقاء بالثلاثة وجب الزائد حتى ينقى.
ويستحب أن يقطع على وتر.
ولو استعمل الواحد ذا الشعب الثلاث أجزأه. وخلاف الشيخ (2) ضعيف.
ولو استعمل ثلاثة أنفس ثلاثة أحجار، كل واحد منهم من كل حجر
بشعبة، أجزأهم.
ويشترط الطهارة، فلا يجزي النجس إجماعا.
87. الثامن: يجوز استعمال ما شابه (3) الحجر في الإزالة، كالخزف والمدر
والخشب والجلد.
88. التاسع: لا يجوز استعمال الصقيل، (4) كالزجاج والفحم الرخو وما شابهه
مما يزلج عن النجاسة.
89. العاشر: لا يجوز استعمال العظم والروث، ولا المطعوم، ولا ماله حرمة
كحجر زمزم.
90. الحادي عشر: لو استعمل ما نهى عنه لحرمته، فالأقرب الطهارة.
91. الثاني عشر: لو استجمر بالنجس لم يجزه، ولو كسره. واستعمل

1. نقل عنه في السرائر: 1 / 96.
2. المبسوط: 1 / 17.
3. في «ب»: ما يشابه.
4. الصقل: الجلاء، صقل الشئ فهو مصقول وصقيل: جلاه. لسان العرب.
65

الطاهر جاز، وكذا لو أزيلت النجاسة عنه بغسل، أو استعمل الطرف الطاهر، ولو تقادم
عهد الحجر النجس وزالت عين النجاسة لم يطهر، ولو استجمر بحجر ثم غسله،
أو كسر النجس واستعمل الباقي، أجزأه.
92. الثالث عشر: لو استنجى بالخرقة، وقلبها، جاز الاستنجاء بها ثانيا إن
كانت صفيقة (1) تمنع من النفوذ، وإلا فلا، ويلزم الشيخ إطلاق المنع (2)، ولو كانت
طويلة، جاز استعمال طرفيها، ويحصل بالعدد، خلافا للشيخ إلا بعد القطع (3).
93. الرابع عشر: يجوز الاستنجاء (4) بالصوف والشعر.
94. الخامس عشر: محل الاستجمار بعد الأحجار المزيلة للعين طاهر.
95. السادس عشر: إذا حصل الإنقاء طهر، سواء تواردت الثلاثة على جميع
المحل، أو توزعت أجزاؤه، وقول بعضهم: إنه تلفيق، فيكون بمنزلة مسحة (5)،
ولا يكون تكرارا (6) ضعيف للفرق بينهما.
96. السابع عشر: إنما يجب الاستنجاء في مخرج الغائط بخروجه، أو
خروج نجاسة كالدم، أما الدود والحصى والحقنة الطاهرة فلا.
97. الثامن عشر: ليس على النائم ولا على من خرج منه ريح استنجاء، وهو
قول العلماء كافة.
98. التاسع عشر: الواجب في الاستنجاء إزالة النجاسة عن الظاهر.

1. ثوب صفيق: متين بين الصفاقة وجيد النسج، وقد صفق صفاقة: كشف نسجه. لسان العرب.
2. المبسوط: 1 / 16.
3. المبسوط: 1 / 16.
4. في «أ»: يجوز الاستجمار.
5. في «ب»: بمنزلة مسحه.
6. لاحظ المغني والشرح الكبير: 1 / 144.
66

99. العشرون: لو انسد المخرج المعتاد، وانفتح آخر، ففي إجزاء
الاستجمار، فيه إشكال.
100. الحادي والعشرون: لا يفتقر مع استعمال الماء إلى تراب إجماعا.
الفصل الثالث: في آداب الوضوء
وفيه عشرة مباحث:
101. الأول: السواك مندوب إليه، مرغب فيه، وفيه فضل كثير، وليس بواجب،
وآكده عند الوضوء والصلاة والسحر، ويكره في الخلاء والحمام، ويجوز
للصائم نهارا بالرطب واليابس في أول النهار وآخره. ويكره تركه أكثر من ثلاثة
أيام. وفيه اثنتا عشرة فائدة (1) رواه ابن بابويه عن الصادق (عليه السلام)، قال:
«هو من السنة، ومطهرة للفم، ومجلاة للبصر، ويرضي الرحمن،
ويبيض الأسنان، ويذهب بالحفر، ويشد اللثة، ويشهي الطعام،
ويذهب بالبلغم، ويزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات، ويفرح به
الملائكة» (2).
102. الثاني: يستحب وضع الإناء على اليمين، والاغتراف بها، إن كانت الآنية
يغترف منها (3) باليد.

1. في «أ»: اثنا عشر فائدة.
2. الفقيه: 1 / 34، الحديث 126; وسائل الشيعة: 1 / 347 باب 1 من أبواب السواك، الحديث 12.
3. في «ب»: عنها.
67

103. الثالث: يستحب غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، مرة واحدة من
حدث النوم والبول، ومرتين من الغائط، وثلاثا من الجنابة، وليس بواجب،
والظاهر ان المراد باليد هنا من الكوع، وكراهة غمس بعضها قبل الغسل
كالجميع، وكذا غمسها قبل كمال العدد كغمسها قبل الشروع.
104. الرابع: لا فرق بين كون يد النائم مشدودة، أو مطلقة، أو في وعاء، أو
كون النائم مسرولا أو لا، عملا بالعموم.
105. الخامس: هذا الاستحباب مختص بالمسلم المكلف.
106. السادس: المراد من النوم، الناقض، قل زمانه أو كثر.
107. السابع: لا يفتقر غسل اليدين إلى نية، ولا تسمية.
108. الثامن: لو اجتمعت الأحداث الثلاثة تداخل الغسل.
109. التاسع: يستحب التسمية عند الطهارة، وليست بواجبة (1)، ولو فعلها
خلال الطهارة لم يأت بالمستحب، وصورتها: بسم الله وبالله اللهم اجعلني من
التوابين واجعلني من المتطهرين.
110. العاشر: يستحب المضمضة والاستنشاق باليمنى، ثلاثا ثلاثا قبل
الوضوء، وليسا بواجبين، يبدأ بالمضمضة ثلاثا، ثم يستنشق ثلاثا، ويستحب
فيهما الدعاء.

1. في «أ»: ليست واجبة.
68

الفصل الرابع: في آداب الحمام وغيره
وفيه ستة مباحث:
111. الأول: يجب عليه إذا دخل الحمام ستر عورتيه قبله ودبره. ويستحب
دخوله بمئزر إذا لم يره غيره.
112. الثاني: قال الصادق (عليه السلام):
«إذا دخلت الحمام، فقل في الوقت الذي تنزع ثيابك: اللهم انزع عني
ربقة النفاق، وثبتني على الإيمان. فإذا دخلت البيت الأول، فقل: اللهم
إني أعوذ بك من شر نفسي، وأستعيذ بك من أذاه; وإذا دخلت البيت
الثاني، فقل: اللهم اذهب عني الرجس النجس، وطهر جسدي وقلبي;
وخذ من الماء الحار، وضعه على هامتك، وصب منه على رجليك،
وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل، فإنه ينقي المثانة، والبث في
البيت الثاني ساعة; فإذا دخلت البيت الثالث، فقل: نعوذ بالله من
النار ونسأله الجنة، ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار.
وإياك وشرب الماء البارد والفقاع في الحمام، فإنه يفسد المعدة;
ولا تصبن عليك الماء البارد، فإنه يضعف البدن، وصب الماء البارد
على قدميك إذا خرجت، فإنه يسيل الداء من جسدك; فإذا لبست
ثيابك، فقل: اللهم البسني التقوى، وجنبني الردى. فإذا فعلت ذلك،
69

أمنت من كل داء» (1).
113. الثالث: يجوز قراءة القرآن في الحمام. ويكره للعريان، ويجوز
النكاح فيه.
114. الرابع: روى عن الصادق (عليه السلام) قال:
«لا تتك في الحمام، فإنه يذيب شحم الكليتين; ولا تسرح في الحمام،
فإنه يرقق الشعر; ولا تغسل رأسك بالطين، فإنه يسمج الوجه; ولا
تتدلك بالخزف، فإنه يورث البرص; ولا تمسح وجهك بالإزار، فإنه
يذهب بماء الوجه» (2).
روي أن المراد بذلك طين مصر وخزف الشام (3).
وقال الكاظم (عليه السلام):
«لا تدخلوا الحمام على الريق، ولا تدخلوه حتى تطعموا شيئا» (4).
115. الخامس: قال الصادق (عليه السلام):
«غسل الرأس بالخطمي في كل جمعة أمان من البرص والجنون» (5).
وقال (عليه السلام): «غسل الرأس بالخطمي ينفي الفقر، ويزيد في الرزق» (6).
116. السادس: يستحب التنوير في كل خمسة عشر يوما مرة.

1. وسائل الشيعة: 1 / 371، الباب 13 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
2. وسائل الشيعة: 1 / 372، الباب 13 من أبواب آداب الحمام، الحديث 3.
3. وسائل الشيعة: 1 / 382، الباب 23 من أبواب آداب الحمام، الحديث 4.
4. وسائل الشيعة: 1 / 377، الباب 17 من أبواب آداب الحمام، الحديث 3.
5. وسائل الشيعة: 5 / 47، الباب 17 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها، الحديث 1.
6. وسائل الشيعة: 1 / 383 و 384، الباب 25 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1 و 5.
70

فصول في الفطرة
117. الأول: حلق العانة مستحب، والسنة إزالتها بالنورة.
118. الثاني: نتف الإبط من الفطرة. وكان الصادق (عليه السلام) يطلي إبطيه في
الحمام ويقول:
«نتف الإبط يضعف المنكبين، ويوهن ويضعف البصر» (1). وقال (عليه السلام):
«حلقه أفضل من نتفه، وطليه أفضل من حلقه» (2).
119. الثالث: قص الأظفار من الفطرة. قال الرضا (عليه السلام):
«قلموا أظفاركم يوم الثلاثاء، واستحموا يوم الأربعاء، وأصيبوا من
الحجامة حاجتكم يوم الخميس، وتطيبوا بأطيب طيبكم
يوم الجمعة» (3).
120. الرابع: قص الشارب من الفطرة. وقال الصادق (عليه السلام):
«أخذ الشارب من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام» (4).
وعن الباقر (عليه السلام) قال: «من أخذ من أظفاره وشاربه كل جمعة، وقال
حين يأخذه: بسم الله وبالله وعلى سنة محمد وآل محمد صلوات الله

1. وسائل الشيعة: 1 / 438، الباب 85 من أبواب آداب الحمام، الحديث 7 و 8.
2. وسائل الشيعة: 1 / 438، الباب 85 من أبواب آداب الحمام، الحديث 7 و 8.
3. وسائل الشيعة: 5 / 55، الباب 37 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها، الحديث 7.
4. وسائل الشيعة: 5 / 48، الباب 33 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها، الحديث 5.
71

عليه وعليهم، لم يسقط منه قلامة ولا جزازة إلا كتب الله تعالى له بها
عتق نسمة، ولم يمرض إلا مرضه الذي يموت فيه» (1).
121. الخامس: فرق الرأس من الفطرة. قال الصادق (عليه السلام):
«من اتخذ شعرا فلم يفرقه فرقه الله بمنشار من نار» (2).
122. السادس: السنن الحنيفية عشر: خمس في الرأس، وهي: المضمضة
والاستنشاق والسواك وفرق الشعر وقص الشارب، وخمس في البدن: قص
الأظفار وحلق العانة والإبطين والختان والاستنجاء.
123. السابع: يستحب إزالة الشعر من الأنف. قال الصادق (عليه السلام):
«إنه يحسن الوجه» (3).
124. الثامن: اتخاذ الشعر أفضل من إزالته.
125. التاسع: يستحب الخضاب. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
«من أطلى واختضب بالحناء، آمنه الله عز وجل من ثلاث خصال:
الجذام والبرص والآكلة إلى طلية مثلها» (4).
وقال الصادق (عليه السلام):
«الخضاب بالسواد أنس للنساء، ومهابة للعدو» (5).

1. الفقيه: 1 / 73، الحديث 304 رواها مع تفاوت يسير في الكافي: 6 / 490، الحديث 9.
2. وسائل الشيعة: 1 / 417، الباب 62 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
3. وسائل الشيعة: 1 / 424، الباب 68 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
4. وسائل الشيعة: 1 / 393، الباب 35 من أبواب آداب الحمام، الحديث 7.
5. وسائل الشيعة: 1 / 404، الباب 46 من أبواب آداب الحمام، الحديث 3 و 4.
72

وقال (عليه السلام): في قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) (1)، قال:
«منه الخضاب بالسواد، وقتل الحسين بن علي (عليه السلام) وهو مخضوب
بالوسمة» (2). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): «يا علي درهم في
الخضاب أفضل من ألف درهم في غيره في سبيل الله، وفيه أربع
عشرة خصلة: يطرد الريح من الأذنين، ويجلو البصر، ويلين الخياشيم،
ويطيب النكهة، ويشد اللثة، ويذهب بالصفار، ويقل
وسوسة الشيطان، وتفرح به الملائكة، ويستبشر به المؤمن،
ويغيظ به الكافر، وهو زينة وطيب، ويستحي منه منكر ونكير،
وهو براءة له في قبره» (3).

1. الأنفال: 60.
2. وسائل الشيعة: 1 / 407، الباب 49 من أبواب آداب الحمام، الحديث 5.
3. وسائل الشيعة: 1 / 401، الباب 42 من أبواب آداب الحمام، الحديث 1.
73

الفصل الخامس: في أفعال الوضوء وكيفيته
وفيه خمسة مباحث:
[المبحث] الأول:
النية شرط في الطهارة المائية بنوعيها والترابية، وهي القصد، ومحلها
القلب، فلا يشترط النطق، ولو نطق بها ولم يخطر بباله لم يجزه، ولو نطق بغير ما
نواه، فالمعتبر النية القلبية، وكيفيتها: أن ينوي التقرب إلى الله تعالى على جهة
الوجوب، أو الندب.
وهل يشترط استباحة شئ لا يستباح إلا بالطهارة، أو رفع الحدث - وهو
إزالة المانع من كل فعل يفتقر إلى الطهارة - أو لا يشترط؟ خلاف.
ووقتها عند غسل الكفين، ويتضيق عند غسل الوجه، ويجب استدامتها
حكما إلى الفراغ.
فروع:
126. الأول: لو نوى ما لا يشرع له الطهارة، كالأكل مثلا، لم يرتفع
حدثه إجماعا.
127. الثاني: لو نوى ما ليس من شرطه الطهارة، بل من فضله،
74

كقراءة القرآن، أو النوم، قال الشيخ: لا يرتفع حدثه، لأنه لم ينو رفعه ولا ما يتضمنه (1)، وعندي فيه
توقف، أما لو نوى وضوءا مطلقا، فالوجه ما قاله الشيخ.
128. الثالث: لو جدد الطهارة، فتبين أنه كان محدثا، ففي الإجزاء إشكال.
129. الرابع: لو نوى المجنب الاستيطان في المسجد، أو قراءة العزائم، أو
مس الكتابة، ارتفع حدثه، أما لو نوى الاجتياز، نص الشيخ على عدمه (2).
130. الخامس: لو ضم نية التبرد إليها أجزأه، لحصوله بدونها. أما لو ضم
الرياء، فالوجه عندي البطلان.
131. السادس: لو غربت النية عن خاطره في أثناء الطهارة، أجزأه.
132. السابع: لو نوى قطع النية في أثناء الطهارة لم يبطل فعله الأول،
ولا اعتداد بما فعله بعده، ولو أعاد النية أعاد ما فعله بغير نية، بشرط عدم طول
الفصل المؤدي إلى الجفاف.
133. الثامن: لو شك في النية بعد الفراغ، لم يلتفت. ولو كان في
الأثناء أعاد.
134. التاسع: لو وضأه غيره لعذر اعتبرت نية المتوضي.
135. العاشر: الكافر لا يصح منه الطهارة وإن وجبت عليه، لاشتراط الإسلام
في صحة التقرب.
136. الحادي عشر: لو نوى بطهارته صلاة معينة، ارتفع حدثه، وجاز الدخول
به في غيرها.

1. المبسوط: 1 / 19.
2. المبسوط: 1 / 19.
75

137. الثاني عشر: المستحاضة وصاحب السلس والمتيمم ينوون استباحة
الصلاة، دون رفع الحدث.
138. الثالث عشر: لو فرق النية على أعضاء الوضوء، لم يجز، أما لو نوى لكل
فعل بانفراده، ففي الإجزاء نظر.
139. الرابع عشر: لا يعتبر النية في رفع الخبث عن البدن والثوب إجماعا.
140. الخامس عشر: لو اجتمعت أسباب توجب الوضوء كفى الواحد،
ولا يجب تعيين الحدث المرفوع، ولو نوى رفع حدث معين، ارتفع الباقي، ولو
كان عليه أغسال، قال الشيخ رحمه الله: إن نوى غسل الجنابة أجزأ عن غيره، وإن
نوى غيره لم يجز عنه (1) وفيه قوة.
[المبحث] الثاني:
يجب غسل الوجه، وحده من قصاص شعر الرأس إلى محادر (2) شعر
الذقن طولا، وما دارت عليه الإبهام والوسطى عرضا، فالخارج ليس من الوجه،
ويجب أن يغسل من أعلى الوجه إلى الذقن، فلو نكس لم يجزه على الأقوى.
ولا يجب غسل ما استرسل من اللحية، ولا تخليلها، بل يغسل الظاهر.
فروع:
141. الأول: لو نبت للمرأة لحية فكالرجل.

1. المبسوط: 1 / 19.
2. في «أ» «مجاوز» قال الطريحي: محادر شعر الذقن - بالدال المهملة -: أول انحدار الشعر عن
الذقن، وهو طرفه. مجمع البحرين.
76

142. الثاني: لا يجب تخليل الأهداب، ولا الشارب، ولا العنفقة (1)
ولا الحواجب، سواء كانت كثيفة أو خفيفة، بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد
الشعر، وإلا فإمرار الماء على ظاهر الشعر. وقول ابن أبي عقيل: متى خرجت
اللحية ولم تكثر، فعلى المتوضئ غسل الوجه حتى يصل الماء إلى بشرته (2)،
غير معتمد.
143. الثالث: لا اعتبار بالأنزع، ولا الأغم (3)، ولا من يفضل يداه عن المعتاد، أو
تقصر، أو يخرج وجهه في القدر عن المعتاد، بل يرجع كل منهم إلى مستوي
الخلقة، بمعنى أن كل ما يجب غسله في المستوي يجب هنا.
144. الرابع: لا يجب غسل ما خرج عما حددناه كالعذار، ولا يستحب، بل
يحرم إن اعتقده.
145. الخامس: الأذنان ليستا (4) من الوجه، لا يجوز غسلهما، للوضوء
ولا تخليلهما.
146. السادس: لو غسل الشعر النابت على الوجه، ثم زال عنه، أو انقلعت
جلدة من بدنه (5)، أو ظفره، أو قصه، لم يؤثر في طهارته.

1. العنفقة: الشعر الذي في الشفة السفلى، وقيل: هي الشعر الذي بينها وبين الذقن;
مجمع البحرين.
2. وقد نقل ذلك القول في المنتهى: 2 / 24; والمختلف: 1 / 280 عن ابن الجنيد فلاحظ.
3. الأغم: هو الذي سال شعره حتى ضاقت جبهته. الصحاح «غمم».
4. في «ب»: ليسا.
5. وفي المنتهى: 1 / 33: «من يديه» وهو الأنسب للمقام.
77

[المبحث] الثالث:
يجب غسل اليدين، وحدهما من المرفق إلى أطراف الأصابع، ويجب أن
يبدأ باليمين قبل اليسار، وبالمرفق، ثم ينتهى إلى الأصابع، فلو نكس لم يجزه
على الأقوى، ويجب إدخال المرفق في الغسل. والواجب فيه وفي غسل الوجه،
ما يسمى غسلا بأقل اسمه، ولا يجزيه المسح.
فروع:
147. الأول: لو قطع بعض يديه. وجب غسل الباقي من المرفق ولو قطعت
من المرفق، سقط فرض غسلها.
148. الثاني: لو خلق له لحم نابت، أو جلد منبسط في محل الفرض، أو يد
زائدة، أو إصبع، وجب غسله، ولو كانت فوق المرفق لم يجب غسلها، سواء
حاذى بعضها محل الفرض أو لا.
149. الثالث: لو لم يعلم اليد الزائدة من الأصلية غسلهما.
150. الرابع: لو انقلعت جلدة من غير محل الفرض حتى تدلت من محل
الفرض وجب غسلها، وبالعكس لا يجب، ولو انقلعت من أحد المحلين، فالتحم
رأسها في الآخر، وبقى وسطها متجافيا، كان حكمها حكم النابت في المحلين.
151. الخامس: الوسخ تحت الظفر المانع من وصول الماء إلى ما تحته، يجب
إزالته إن لم يشق.
78

[المبحث] الرابع:
يجب مسح الرأس. وأقله ما يحصل به اسم المسح، ويستحب قدر ثلاث
أصابع عرضا، ومحله مقدم الرأس، ويجب بنداوة الوضوء، فلا يجوز استئناف
ماء جديد له، ويجوز مقبلا ومدبرا على كراهية، وعلى البشرة والشعر المختص
بها، ولو جمع عليه شعر غيره، ومسح عليه، لم يجز، وكذا لو مسح على ساتر
كالعمامة.
فروع:
152. الأول: لو جف ماء الوضوء أخذ من لحيته وأشفار عينيه، ومسح برأسه،
فإن لم يبق نداوة استأنف الوضوء.
153. الثاني: لو مسح على حايل رقيق لا يمنع وصول الماء إلى البشرة،
لم يجزه.
154. الثالث: قد بينا أن المسح لا يتقدر بقدر، بل الواجب أقل اسم المسح،
فالزائد عليه لا يوصف بالوجوب، وكذا في كل ما يشبهه.
155. الرابع: يستحب أن تضع المرأة القناع. ويتآكد في المغرب والصبح.
156. الخامس: لو غسل موضع المسح، لم يجزه.
157. السادس: لا يمسح على الجمة (1)، ولا على ما يجمع على مقدم الرأس
من غير شعر المقدم.

1. الجمة - بالضم -: مجتمع شعر الرأس، وهي أكثر من الوفرة. الصحاح.
79

ولو خضب رأسه بما يستره، أو طينه، لم يجز المسح عليه.
ولو كان على رأسه جمة فأدخل يده تحتها ومسح، أجزأه.
158. السابع: مسح جميع الرأس بدعة، وكذا مسح الأذنين.
[المبحث] الخامس:
يجب مسح الرجلين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين: وهما النابتان في
وسط القدم، ويجوز منكوسا، والبداءة بأيهما كان، ويجب المسح على البشرة،
ويحرم على الحائل كالخف وشبهه إلا مع الضرورة أو التقية، ولو زال السبب
أعاد الطهارة على أحوط القولين، ولو قطع بعض موضع المسح، مسح على ما
بقى، ولو قطع من الكعب سقط المسح.
فروع:
159. الأول: لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح، بل يجزئ بإصبع واحدة.
160. الثاني: يجب المسح بنداوة الوضوء، كما قلنا في الرأس، ولا يجوز
استئناف ماء جديد، فإن لم يبق نداوة أخذ من لحيته وأشفار عينيه، ومسح
برجليه، فإن لم يبق استأنف، ولو أخرج رجليه من الماء، ومسح عليهما رطبتين،
ففي الإجزاء نظر.
161. الثالث: يجب الانتهاء في المسح إلى الكعبين. وهما المفصلان اللذان
يجتمع عندهما القدم والساق، ويجب إدخالهما في المسح.
162. الرابع: الواجب المسح فلا يجزي الغسل، بل يبطل طهارته معه،
80

ولو فعله للتقية أو للضرورة، صح وضوؤه، فلو زال السبب، ففي الإعادة نظر.
163. الخامس: لو أراد التنظيف قدم غسلهما على الطهارة أو أخره.
164. السادس: يجوز المسح على النعل العربية وإن لم يدخل يده
تحت الشراك.
الفصل السادس: في الأحكام
وفيه أربعة عشر بحثا:
165. الأول: الترتيب واجب، يبدأ بالوجه، ثم باليد اليمنى، ثم اليسرى، ثم
يمسح الرأس، ثم الرجلين، فلو خالف عمدا أعاده، ونسيانا يعيد إن كان جف
الوضوء، وإلا على ما يحصل معه الترتيب، فلو نكس صح غسل الوجه، ولو
نكس ثانيا مع بقاء الرطوبة حصل به وباليمنى، ولو نكس ثالثا معه حصل
باليسرى ما لم يستأنف، ولو غسل أعضاءه دفعة حصل بالوجه، ولو تواردت
عليه في الماء الجاري جريات ثلاث، حصل بالأعضاء المغسولة، ولو انغمس
في الواقف ناويا دفعة حصل بالوجه، ولو أخرج أعضاءه مرتبا حصل
بالمغسولة، ولو لم يرتب حصل بالوجه إدخالا، وباليمنى إخراجا.
166. الثاني: الموالاة واجبة. وهي المتابعة بين الأعضاء مع الاختيار، ومراعاة
الجفاف مع الاضطرار.
81

ولو أخل بها فعل محرما، والوجه انه لا يبطل وضوؤه إلا مع الجفاف قبل
الإكمال. ولو فرق لعذر لم يجب الإعادة إلا مع الجفاف في الهواء المعتدل.
ولو جف ماء الوضوء لحرارة الهواء المفرطة جاز البناء، (ومع إفراط
حرارته يغسل متواليا، بحيث لو اعتدل لم يحكم بجفاف السابق حينئذ) (1)
ولا يجوز استئناف ماء جديد للمسح.
167. الثالث: الفرض في الغسلات مرة مرة، والثانية سنة وقول ابن بابويه
متروك (2)، والثالثة بدعة، ولا تكرار في المسح إجماعا.
ولو غسل بعض أعضائه مرة، وبعضها مرتين، جاز، ولو اعتقد وجوب
الثانية لم يثب بفعلها عليه، وهل يخرج ماؤها عن كونه ماء الوضوء، ويحرم
المسح به؟ إشكال، أقربه ذلك.
168. الرابع: كل ما يمنع من إيصال الماء إلى البشرة، يجب إزالته، أو تحريكه
بحيث يصل الماء إلى البشرة، ولو كان الخاتم واسعا، استحب تحريكه.
169. الخامس: الجبائر تنزع ويمسح على العضو مع المكنة، أو يكرر الماء
حتى يصل إلى البشرة، وإلا مسح عليها، سواء كان العضو تحتها طاهرا، أو نجسا،
ولو زال العذر استأنف على إشكال.
ولو استوعبت الجبيرة محل الفرض مسح عليها أجمع، ولو تعدته مسح
على المحاذي خاصة، ولو تجاوزت محل الكسر بما لا بد منه، فكالمكسور،
بخلاف ما منه بد.

1. ما بين القوسين موجود في «أ».
2. قال ابن بابويه: من توضأ مرتين لم يوجر. الفقيه: 1 / 29، باب حد الوضوء برقم 5.
82

ولا توقيت في المسح عليها، ولا فرق بين الطهارتين فيها، ولا بين شدها
على طهارة وغيرها، وإذا اختصت بعضو مسح عليها، وغسل الباقي، فلا تيمم
معه، ولو عمت مسح على الجميع. ولو استضر بالمسح تيمم.
170. السادس: يحرم أن يوضئه غيره مع المكنة، ويجوز مع الضرورة.
ويكره الاستعانة.
171. السابع: من توضأ لصلاة جاز أن يدخل به في غيرها، وكذا من توضأ
لنافلة دخل به في الفريضة، وبالعكس.
172. الثامن: لا يجوز للمحدث مس كتابة القرآن، ويجوز لمس هامشه، ولا
فرق بين المنسوخ حكمه وغيره، أما المنسوخ تلاوته فيجوز لمسه. (1)
173. التاسع: من دام به السلس يتوضأ لكل صلاة، ومن به البطن إذا تجدد
حدثه في الصلاة، قال الشيخ يتطهر ويبني (2).
174. العاشر: يستحب الدعاء عند غسل كل عضو ومسحه.
175. الحادي عشر: يستحب أن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه، وفي الثانية
بالباطن، والمرأة بالعكس.
176. الثاني عشر: يستحب أن يتوضأ بمد، ويغتسل بصاع.
177. الثالث عشر: يكره مسح بلل الوضوء عن الأعضاء.
178. الرابع عشر: يجب أن يكون ماء الغسل والوضوء مملوكا، أو في

1. هذا على القول بوجود منسوخ التلاوة كآية رجم الشيخ والشيخة وهو بعد محل تأمل. (لاحظ
البيان في تفسير القرآن، ص 101).
2. لاحظ التهذيب: 1 / 350 برقم 1036; الاستبصار: 1 / 401 برقم 1533.
83

حكمه، فلو توضأ أو اغتسل بالمغصوب مع علمه بالغصبية، لم يرتفع حدثه،
ولا يعذر لو علم الغصب وجهل التحريم، وكذا لو اشتراه بعين مغصوبة، أما لو
اشتراه شراء فاسدا، أو كانت الآنية التي يغترف منها، أو التي يفيض (1) بها الماء
على بدنه، أو كان مصب الماء مغصوبا، فالوجه صحة الطهارة على إشكال، ولو
استعمل المغصوب في إزالة النجاسة، طهر وأثم.
الفصل السابع: في السهو فيه
من تيقن الحدث وشك في الطهارة تطهر، وكذا لو تيقنهما وشك في
المتقدم، ولو تيقن ترك عضو أتى به وبما بعده ان لم يجف المتقدم، وإلا أعاد.
ولو شك في شئ من أفعال الطهارة، فإن كان على حال الطهارة أعاد على ما
شك فيه وما بعده، إن لم يجف المتقدم، وإن انصرف لم يلتفت.
ولو ترك غسل أحد المخرجين، وصلى أعاد الصلاة دون الطهارة، عامدا
وناسيا وجاهلا، ولو جدد ندبا، وصلى وذكر إخلال عضو مجهول، أعاد إن
اشترطنا نية الاستباحة أو رفع الحدث، بخلاف الشك بعد الانصراف، وإلا فلا.
ولو صلى بكل منهما صلاة أعادهما على الأول، وإلا الأولى.
ولو أحدث عقيب طهارة منهما، ولم يعلمها أعاد الصلاتين مع الاختلاف،
وإلا واحدة ينوي بها ما في ذمته، وكذا لو صلى بطهارة، ثم أحدث وتوضأ وصلى

1. في «ب»: يصب.
84

أخرى، وذكر إخلال عضو من إحداهما لا بعينها، ولو صلى الخمس، وذكر
الحدث عقيب إحدى الطهارات، أعاد أربعا وثلاثا واثنتين.
فروع:
179. الأول: لو ظن الحدث مع تيقن الطهارة لم يلتفت إلى الظن.
180. الثاني: لو تيقن وقت الزوال انه نقض طهارة، وتوضأ عن حدث وشك
في السابق، استصحب حال السابق على الزوال، ولو شك في الطهارة والحدث،
نظر إلى ما قبل ذلك الزمان، واستصحب حاله.
181. الثالث: لا يجوز لمن لحقه الشك في تعيين ترك العضو من إحدى
الطهارتين، مع تخلل الحدث، أن يصلي ثالثة إلا بطهارة ثالثة، ولا أن يقضي
إحداهما إلا بثالثة.
182. الرابع: يمنع الصبي من مس كتابة القرآن.
183. الخامس: الدراهم المكتوب عليها القرآن يحرم مسها للمحدث.
184. السادس: لو غسل المحدث بعض أعضائه، لم يخرج عن المنع.
185. السابع: لو تصفحه بكمه، أو قلبه بعود، أو كتب المصحف بيده، لم
يكن به بأس.
186. الثامن: يجوز مس كتب التفاسير والأحاديث وكتب الفقه للمحدث
والجنب إجماعا.
85

المقصد الثالث: في الغسل
وفيه مقدمة وفصول
أما المقدمة: ففي أنواعه
وهي ضربان: واجب وندب.
فالواجب ستة: غسل الجنابة، والحيض، والإستحاضة، والنفاس،
ومس الأموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل تطهيرهم بالغسل، وغسل
الأموات.
والندب ثلاثون: غسل يوم الجمعة، - وليس بفرض على الأصح، ووقته
من الفجر الثاني إلى الزوال، فلو اغتسل في أي زمان منه أجزأه، وكلما قرب منه
كان أفضل، ويقضى لو فات يوم السبت. والأقرب بعد ظهر الجمعة نية القضاء،
ولو خاف عوز الماء قدمه يوم الخميس، ولو وجده فيه، فالأقرب استحباب
إعادته، فلو تركها (1)، أو تركه فيه تهاونا، ففي استحباب قضائه يوم السبت إشكال.

1. الظاهر أن الضمير يرجع إلى الإعادة والمقصود من اغتسل يوم الخميس لخوف عوز الماء يوم
الجمعة ثم وجد فيه الماء فترك الإعادة. وأما قوله بعده: (أو تركه فيه تهاونا) فالمراد من لم
يغتسل يوم الجمعة تهاونا، ولم يغتسل يوم الخميس أيضا لعدم الخوف عن عوز الماء يوم
الجمعة.
87

ولو أحدث عقيبه، أجزأه، وكفاه الوضوء، وهو مستحب لآتي الجمعة وتاركها.
ولا بد فيه من النية. وكيفيته مثل غسل الجنابة - وأول ليلة من شهر رمضان، وليلة
نصفه، وسبع عشرة وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة
الفطر، ويومي العيدين، وليلة نصف رجب، ويوم المبعث، وليلة نصف شعبان،
ويوم الغدير، ويوم المباهلة، ويوم عرفة، ويوم نيروز الفرس، وغسل الإحرام،
والطواف، وزيارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، والمفرط في صلاة الكسوف مع
احتراق القرص كله على رأي، والمولود، ومن سعى إلى مصلوب بعد ثلاثة أيام
ليراه، والتوبة عن فسق أو كفر، وصلاة الحاجة، وصلاة الاستخارة، وغسل
دخول الحرم، والمسجد الحرام، ومكة، والكعبة، والمدينة، ودخول مسجد
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
وما يستحب للفعل والمكان يقدم عليهما، وما يستحب للزمان يكون بعد
دخوله.
ولو اجتمعت أغسال مندوبة لم يتداخل، ولو انضم إليها غسل واجب،
كفاه نيته على قول ضعيف، والوجه جواز الإتيان بها للجنب والحايض
كالمحدث.
88

الفصل الأول: في الجنابة - ومطالبه ثلاثة -
[المطلب] الأول: في السبب
وفيه أربعة عشر بحثا:
187. الأول: إنما تكون الجنابة بالجماع في القبل بحيث تغيب الحشفة، أو
الدبر على رأي، وإنزال المني: وهو الماء الغليظ الذي يقارنه الشهوة وفتور
الجسد، ومني المرأة رقيق أصفر. ويشترك فيهما الرجل والمرأة.
ولو لم يعلم كون الخارج منيا، اعتبر بالدفق والشهوة وفتور الجسد.
ويكفي الشهوة والفتور في المريض، ولو فقد الدفق والشهوة، وعلم أنه مني،
وجب الغسل وإلا فلا.
188. الثاني: كيف خرج المني وجب الغسل، سواء كان بشهوة أو لا، بدفق أو
لا، يقظة ونوما.
189. الثالث: لو أحس بانتقال المني، فأمسك ذكره. فلم يخرج فلا غسل.
190. الرابع: ولو رأى في النوم أنه قد احتلم، فاستيقظ، فلم يجد منيا،
لم يجب الغسل إجماعا، ولو استيقظ فوجد المني وجب الغسل، ولا اعتبار
بالعلم بالخروج في وقته. ولو استيقظ فرأى مذيا، لم يجب الغسل، سواء تذكر
الاحتلام أو لا.
89

ولو رأى في ثوبه منيا، فإن كان الثوب مختصا به، وجب الغسل، وإلا فلا،
ويعيد الصلاة من آخر نومة، إلا أن تدل أمارة على التقدم فيعيد من أدنى نومة
يحتمل الإضافة إليها، وقول الشيخ هنا مدخول. (1)
وهل يجوز لأحد المشتركين في الثوب الواجدين المني فيه الإئتمام
بصاحبه؟ الأقرب نعم، لأن الشرع أسقط نظره عنها (2)، ويجوز لكل منهما قراءة
العزائم وغيرها.
191. الخامس: لو خرج مني الرجل من فرج المرأة بعد غسلها، لم يجب
عليها الغسل.
192. السادس: الجماع الذي يحصل معه التقاء الختانين، موجب للغسل
على الرجل والمرأة، سواء حصل الإنزال أو لا.
193. السابع: الأصح عندي وجوب الغسل بالجماع في دبر المرأة على
الرجل والمرأة، وكذا بالجماع في دبر الغلام.
194. الثامن: في وطء البهيمة المجرد عن الإنزال إشكال، أقربه
عدم الوجوب (3).
195. التاسع: لا فرق بين وطء الحي والميت، البالغ وغيره، المكره والطائع،
والنائم والمستيقظ.

1. لاحظ المبسوط: 1 / 28.
2. في «أ»: «عنهما» قال في المنتهى: 2 / 179: هل يجوز لواجد المني في الثوب المشترك الإئتمام
بصاحبه في الصلاة؟ قال بعض الجمهور: لا، لعلمنا بأن أحدهما جنب فلا تصح صلاتهما،
وعندي فيه اشكال، فإن الشارع أسقط نظره عن هذه الجنابة ولم يعتل بها في أحكام الجنب....
3. قال في المنتهى: 2 / 186: لو وطء بهيمة، قال الشيخ في المبسوط والخلاف: لا نص فيه،
فلا يتعلق به حكم، وهو قول أبي حنيفة، خلافا للشافعي وأحمد، وكلام الشيخ قوي.
90

196. العاشر: لو غيب بعض الحشفة ولم ينزل لم يجب الغسل، ولو انقطعت
الحشفة أو لم تكن له خلقة، فأولج الباقي بقدر الحشفة، وجب الغسل.
197. الحادي عشر: لو أولج ذكره في قبل خنثى مشكل، أو أولج الخنثى
المشكل ذكره، أو وطأ أحدهما الآخر، ففيه إشكال ينشأ من احتمال كون
أحدهما زائدا، ومن حيث تعلق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الأصالة
والزيادة، ومع الإنزال يختص الغسل بالمنزل.
198. الثاني عشر: لو وطء الصبي، أو الصبية، ففي لحوق حكم الجنابة
بهما إشكال.
199. الثالث عشر: لو لحق الكافر السبب لحقه الحكم، ولو أسلم وجب عليه
الغسل، سواء اغتسل حال كفره أو لا.
200. الرابع عشر: لو ارتد المغتسل لم يبطل غسله.
المطلب الثاني: في أحكام الجنابة
وفيه سبعة مباحث:
201. الأول: يحرم على الجنب قراءة كل واحدة من العزائم: وهي سجدة
لقمان، وحم السجدة، والنجم، واقرأ باسم ربك. ويتناول التحريم السورة
وأبعاضها. ولو نوى بالتسمية جزأها حرم، ولا يحرم قراءة غير العزائم.
ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غيرها، وتتأكد الكراهية في سبعين
91

وما زاد، وقول بعض أصحابنا: إن الزائد على السبعين حرام (1)، ضعيف.
202. الثاني: يحرم عليه مس كتابة القرآن، وما عليه اسم الله تعالى، وهل
يحرم مس اسم أحد من الأنبياء والأئمة (عليهم السلام); قال الشيخان: نعم (2)، والأولى عندي
الكراهية.
203. الثالث: يكره له مس المصحف وحمله، ويجوز مس كتب التفسير،
والأحاديث، وحمل المصحف بغلافه، ومس كتابة التوراة والإنجيل، والقرآن
المنسوخ تلاوته، أما المنسوخ حكمه خاصة فلا، ويجوز له أن يذكر الله تعالى.
204. الرابع: يحرم عليه اللبث في المساجد، خلافا لسلار (3)، ويجوز له
الاجتياز إلا في المسجد الحرام، ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإن الجواز فيهما محرم،
ولو احتلم في أحدهما تيمم للخروج.
205. الخامس: يحرم عليه وضع شئ فيها. ويجوز له أخذ ماله منها.
206. السادس: لو خاف الجنب على نفسه، أو ماله، ولم يمكنه الخروج من
المسجد، ولا الغسل، تيمم وجلس فيه إلى أن تزول الضرورة. ولو توضأ لم يجز
له الاستيطان فيه.
207. السابع: يكره له النوم قبل الوضوء، والأكل والشرب قبله، أو قبل
المضمضة والاستنشاق، والجماع قبل الغسل للمحتلم، ولا بأس بتكرير
الجماع (4)، والخضاب والإدهان.

1. يظهر ذلك، من كلام الشيخ الطوسي (قدس سره) في التهذيب: 1 / 128، والاستبصار: 1 / 114.
قال العلامة (قدس سره) في المختلف: 1 / 334: والحق عندي كراهة ما زاد على السبعين لا تحريمه،
والظاهر من كلام الشيخ في كتابي الأخبار التحريم.
2. المبسوط: 1 / 29: ونقل عنهما المحقق في المعتبر: 1 / 188.
3. المراسم: 42.
4. في «ب»: بتكرار الجماع.
92

المطلب الثالث: في الغسل
وفيه ثمانية عشر بحثا:
208. الأول: إذا أجنب الرجل أو المرأة، وجب عليهما الغسل. واختلف
الفقهاء، في وجوبه لنفسه أو لغيره، والأقرب الأول، وقد بينا وجه القولين
وصححنا الحق منهما في كتاب منتهى المطلب وبينا خطأ ابن إدريس (1).
209. الثاني: النية شرط في الغسل، ووقتها عند غسل اليدين، ويتضيق عند
غسل الرأس، ويجب استدامتها حكما، ويكفيه أن ينوي مع الوجوب والقربة
رفع الحدث، وإن لم يذكر السبب.
210. الثالث: يجب إيصال الماء إلى كل البشرة بأقل ما يسمى غسلا، ولو كان
بعض أجزاء البدن محتاجا إلى التخليل وجب، وكذا يجب نقض الظفائر إن لم
يصل الماء إلى أصولها إلا به، ويجب إيصال الماء إلى أصول الشعر.
ويستحب تخليل ما يصل إليه الماء.
211. الرابع: الترتيب شرط فيه، يبدأ بالرأس والرقبة، ثم الجانب الأيمن ثم
الأيسر، فيعيد ما يحصل معه الترتيب لو خالف، ويسقط عن المرتمس على
الأقوى، وعن الواقف تحت المطر، أو الميزاب، أو المجرى.
ولو بقيت لمعة في جسده أجزأه غسلها إن كانت في الأيسر، وإلا غسلها
وأعاد الأيسر. ولو وجد المرتمس اللمعة، ففي إعادة غسله نظر.

1. لاحظ المنتهى: 2 / 256 - 259.
93

212. الخامس: لا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك كله.
213. السادس: لا يجب غسل المسترسل من الشعر واللحية، بل البشرة
المستورة بهما، سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا.
ويجب غسل الحاجبين والأهداب ليصل الماء إلى ما تحتها.
ويستحب تخليل الأذنين مع الوصول، ويجب لا معه.
214. السابع: الموالاة غير واجبة هنا إجماعا.
215. الثامن: يستحب الاستبراء للرجل المجنب عن الإنزال، بأن يمسح من
المقعدة إلى أصل القضيب، ثم منه إلى طرفه، ثم ينتره ثلاثا ثلاثا، وللشيخ قول
بالوجوب (1)، والمضمضة، والاستنشاق ثلاثا ثلاثا، وإمرار اليد على الجسد، وكذا
في الوضوء على أعضائه، والغسل بصاع فما زاد، والدعاء.
216. التاسع: يكفي غسل الجنابة عن الوضوء، فإن توضأ معتقدا عدم
الإجزاء كان مبدعا (2)، ولا يستحب وإن اعتقد الإجزاء. والأقرب عدم اكتفاء
غيره عنه.
217. العاشر: لو اجتمعت أغسال واجبة كفى الواحد، فإن نوى رفع الحدث
أو الجنابة أجزأ عن الوضوء، وإن نوى الحيض أو غيره فعلى عدم الإجزاء (3)
إشكال في رفع الجنابة، فإن قلنا برفعه فلا وضوء، وإلا وجب.
وهل يرتفع مع الوضوء؟ فيه نظر ينشأ من الإذن في الدخول في الصلاة

1. المبسوط: 1 / 29.
2. في «ب»: مبتدعا.
3. في «أ»: عدم الإجتزاء.
94

للحائض معهما، ومن كون الغسل غير رافع للجنابة، لعدم إرادته، ولا الوضوء،
لعدم صلاحيته، فنحن في هذا من المتوقفين.
218. الحادي عشر: إذا جرى الماء تحت قدمي الجنب، أجزأه، وإلا غسلهما.
219. الثاني عشر: إذا اغتسل المنزل، ثم رأى بللا بعده، فإن تيقن أنه مني، أو
لم يعلمه ولم يبل ولم يستبرأ، أعاد. ولو بال ولم يجتهد، توضأ، ولو بال واجتهد،
لم يلتفت.
220. الثالث عشر: لو صلى ثم رأى بللا علم أنه مني، أعاد الغسل لا الصلاة
على الأقوى.
221. الرابع عشر: لو جامع ولم ينزل، لم يجب الاستبراء، ولو رأى بللا يعلم
أنه مني، أعاد الغسل، أما المشتبه فلا، بخلاف الموجود بعد الإنزال.
222. الخامس عشر: الاستبراء على الرجال خاصة، فلو رأت المرأة بللا
فلا إعادة، لأن الظاهر أنه من مني الرجل. وأوجب ابن إدريس الإعادة (1).
223. السادس عشر: لو أحدث في أثناء الغسل، قيل: يعيد. وقيل يتم، ولا
شئ عليه. وقيل: يتم ويتوضأ (2). والأول أقرب.

1. السرائر: 1 / 23.
2. قال العلامة (قدس سره) في المختلف: 1 / 338: إذا اغتسل مرتبا وتخلل الحدث الأصغر
قبل إكمال غسله في أثنائه، أفتى الشيخ (رحمه الله) في النهاية والمبسوط بوجوب الإعادة من رأس وهو
مذهب ابن بابويه.
وقال ابن البراج: يتم الغسل ولا شئ عليه، وهو اختيار ابن إدريس.
وقال السيد المرتضى (رحمه الله): يتم الغسل ويتوضأ إذا أراد الدخول في الصلاة، والحق الأول.
95

ولو أحدث في أثناء غيره من الواجبات، فالأقرب أنه كذلك، لكن إن كان
قدم الوضوء وجب إعادته، ولو أحدث في أثناء المندوب، فالوجه الإتمام، إن
قلنا بعدم رفع الحدث.
224. السابع عشر: لا يجوز أن يغسله غيره مع القدرة، ويجوز لا معها، ويكره
الاستعانة.
225. الثامن عشر: هل يجب على الزوج ثمن الماء الذي تغتسل به المرأة؟
الأقرب عدمه مع غنائها، ووجوب تخليتها لتنتقل إلى الماء أو ينقل (1)
الماء إليها.
الفصل الثاني: في الحيض
وهو الدم الأسود الغليظ الذي يخرج بحرقة وحرارة غالبا، ولقليله حد،
يقذفه الرحم مع بلوغ المرأة، ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة بحسب
مزاجها لحكمة تربية الولد، فإذا حملت صرفه الله تعالى إلى غذائه، فإذا وضعت
أزال الله تعالى عنه صورة الدم، وكساه صورة اللبن ليغتذي به الطفل مدة رضاعه،
فإذا خلت من الحمل والرضاع، بقى الدم ولا مصرف له، فيستقر في مكان، ثم
يخرج غالبا في كل شهر ستة أيام أو سبعة أو أقل أو أكثر، بحسب قرب مزاجها
من الحرارة وبعده. وقد علق الشارع عليه أحكاما نحن نذكرها في مطالب.

1. الضمير عائد إلى الزوج والمراد إعطاء الرخصة لتذهب المرأة إلى الاغتسال خارج البيت،
أو ينقل الزوج الماء لها فيه.
96

[المطلب] الأول: في ماهيته
وفيه ثلاث مباحث:
226. الأول: الحيض غالبا هو الدم الغليظ (1); فإن اشتبه بدم العذرة، أدخلت
القطنة، فإن خرجت منغمسة فحيض، وإن خرجت مطوقة فعذرة; وإن اشتبه بدم
القرح أدخلت إصبعها، فإن كان خارجا من الأيمن فقرح، وإن كان من الأيسر
فحيض على قول الشيخ (2) و ابن بابويه (3) والرواية (4) لا تساعدهما. و ابن الجنيد
عكس القول (5).
227. الثاني: لا حيض مع الصغر، وهو ما نقص عن تسع سنين، ولا مع
الكبر، وهو ما زاد على خمسين في غير القرشية والنبطية، وستين فيهما.
228. الثالث: اضطرب قول علمائنا في الحبلى هل ترى الحيض أم لا؟ (6)
والأقرب عندي أنها تراه، فتفعل ما تفعل الحائض.

1. في «أ»: الدم العبيط.
2. المبسوط: 1 / 43، والنهاية: 24.
3. الفقيه: 1 / 54.
4. لاحظ التهذيب: 1 / 385، ووسائل الشيعة: 2 / 560، الباب 16 من أبواب الحيض، ح 1.
5. نقله عنه في المعتبر: 1 / 199، والمختلف: 1 / 355.
6. لاحظ الأقوال في المختلف: 1 / 356.
97

المطلب الثاني: في وقته
وفيه ستة مباحث:
229. الأول: أقل الحيض ثلاثة أيام فلو رأته دون الثلاثة لم يكن حيضا،
وأكثره عشرة، فالزائد غير حيض.
وهل يشترط التوالي في الثلاثة أم يكفي كونها من جملة العشرة؟ الأقرب
الأول، والقولان للشيخ (1).
230. الثاني: إذا رأته زائدا عن الثلاثة، ولم يتجاوز العشرة وأمكن أن يكون
حيضا، فهو حيض، ولا اعتبار باللون حينئذ.
231. الثالث: إذا رأت الدم في شهر أياما معينة، ثم طهرت، ثم رأته في آخر
ثانيا بتلك العدة، صار ذلك عادة ترجع إليها، ولا حاجة إلى معاودة الدم ثالثا، كما
لا اعتداد في العادة بما رأته أولا.
232. الرابع: أقل الطهر عشرة أيام، ولا حد لأكثره، وتحديد أبي الصلاح
بثلاثة أشهر (2) على سبيل التغليب.
233. الخامس: الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، وفي أيام الطهر
طهر، وكذا غيرهما من ألوان الدم.
234. السادس: لو رأت ثلاثة أيام، ثم انقطع، ثم عاد قبل العاشر وانقطع عليه،
فالدمان وما بينهما حيض، ولو تجاوزت العشرة فله تفصيل يأتي.

1. لاحظ النهاية: 26، والمبسوط: 1 / 42.
2. الكافي في الفقه: 128.
98

ولو تأخر عشرة، ثم عاد، كان الأول حيضا بانفراده، والثاني كذلك إن
اجتمعت فيه الشرائط.
المطلب الثالث: في المتجاوز عن العادة
وفيه ثمانية مباحث:
235. الأول: قد بينا أن الأقل ثلاثة، والأكثر عشرة، فالمرأة إما مبتدأة، أو ذات
عادة مستقيمة، أو مضطربة، وإما ذات تميز أو لا، فالأقسام أربعة جامعة وصفي
التميز والعادة، وفاقدتهما، وفاقدة العادة، أو التميز.
أما الجامعة لهما، فإن اتحد الزمان، فلا بحث إجماعا، وان اختلف فللشيخ
قولان (1) أصحهما العمل على العادة.
وأما فاقدتهما المبتدأة فإن انقطع لعشرة فما دون إلى الثلاثة، فهو حيض،
وإن تجاوز (2) رجعت إلى عادة نسائها، فإن فقدن، فإلى أقرانها في السن، فإن
فقدن أو اختلفن، تحيضت في كل شهر سبعة أيام أو ستة، وقيل: ثلاثة، وقيل:
عشرة، وقيل: في الأول ثلاثة وفي الثاني عشرة، وقيل: تجعل عشرة طهرا
وعشرة حيضا (3).
والوجه تخيرها في تخصيص السبعة، فما تخصصه فهو الحيض،
ولا تقضي عبادة غيره.

1. لاحظ المبسوط: 1 / 49، والنهاية: 24.
2. في «أ»: وإن تجاوزت.
3. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 1 / 362.
99

أما فاقدة العادة المستقيمة، فإما مبتدأة أو مضطربة، وكلاهما ترجعان إلى
التميز بشروط اختلاف اللون، وبلوغ ما هو بصفة دم الحيض ثلاثة، وعدم
تجاوزه الأكثر ومجاوزة المجموع العشرة.
ولا يشترط في التميز التكرار، ولو رأت ثلاثة أيام أسود، وثلاثة أصفر، ثم
عشرة أسود، قال الشيخ (رحمه الله): تحيضت بالعشرة الأخيرة، وقضت ما تركته في
الثلاثة الأولى (1) وقيل: لا تميز لهذه (2).
ولو رأت خمسة أيام دم الاستحاضة، ثم الأسود بقية الشهر، قال الشيخ:
يحكم في أول يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة بأنه حيض، وما
بعده استحاضة، فإن استمر على هيئته، جعلت بين الحيضة الأولى والثانية عشرة
طهرا، وما بعد ذلك من الحيضة الثانية (3). والأقرب عندي الرجوع إلى الروايات.
وتثبت العادة بتساوي التميز مرتين عددا ووصفا، فتعمل في الثالثة عليه.
وأما فاقدة التميز، فإنها ترجع إلى عادتها إن كانت مستقيمة، وإن كانت
مضطربة ولا تميز، رجعت إلى الروايات، ولها الخيار في التخصيص.
236. الثاني: لو رأت ذات العادة المستقيمة عددها متقدما أو متأخرا،
لا فيها حكمت بأنه حيض، لتقدمها تارة، وتأخرها أخرى، سواء كان بصفة
دم الحيض أو لا.
ولو رأت قبل العادة وفيها، أو فيها وبعدها، أو قبلها وفيها وبعدها، ولم

1. المبسوط: 1 / 50.
2. المعتبر: 1 / 206.
3. المبسوط: 1 / 46.
100

يتجاوز الأكثر، فالجميع حيض، وإلا فالعادة لا غير.
237. الثالث: لو كان عادتها في كل شهر عددا معينا، فرأته في الشهر مرتين،
فهما حيضان مع تخلل الطهر، ولو زاد عددها فهو حيض مع عدم التجاوز، ومعه
استحاضة.
238. الرابع: لو كانت عادتها مختلفة مترتبة، مثل أربعة في الأول، وخمسة
في الثاني، وستة في الثالث، ثم أربعة في الرابع، وخمسة في الخامس، وستة في
السادس، وهكذا، رجعت في الشهر الذي (1) استحيضت فيه إلى نوبته، ولو نسيتها
تحيضت بالأربعة، ولو تيقنت الأزيد تحيضت بالخمسة، وهكذا.
أما لو اختلفت لا على ترتيب، مثل أربعة في الأول، وستة في الثاني،
وثلاثة في الثالث، وهكذا، فان ذكرت النوبة، تحيضت عليها، وإلا فثلاثة.
239. الخامس: لو نسيت العدد، فإن ذكرت أول الحيض، أكملته ثلاثة. وإن
ذكرت آخره، جعلته نهايتها، وتعمل في بقية الزمان ما تعمله المستحاضة،
وتغتسل لانقطاع دم الحيض في كل وقت يحتمل، وتقضي صوم عشرة احتياطا
ما لم يقصر وقتها عنها.
ولو لم تذكر الأول والآخر، بل يوما منه مثلا، فهو الحيض بيقين، فيحتمل
أن يكون آخره وأوله وما بينهما، فتعمل في المتقدم ما تعمله المستحاضة،
وتغتسل فيه عند كل صلاة، وكذا في المتأخر، و تغتسل لاحتمال الانقطاع إلى
آخر المحتمل.
ولو ذكرت العدد خاصة، فالوجه تخيرها، وقيل: تعمل في جميع الزمان

1. في «أ»: في الشهر الأول الذي.
101

ما تعمله المستحاضة، وتغتسل للانقطاع في كل وقت محتمل له، وتقضي
صوم العدد (1).
ولو نسيتهما معا تحيضت في كل شهر بسبعة أيام، وتتخير في التخصيص.
240. السادس: لو ذكرت بعد التخصيص ان أيامها غيره، رجعت إلى أيامها.
241. السابع: ذاكرة العدد خاصة، قد تعلم الوقت إجمالا، فان زاد العدد على
نصفه، فالزائد وضعفه حيض بيقين، فلو قالت: حيضي ستة في العشر الأول،
فالسادس والخامس حيض بيقين. فان خيرناها في الأربعة فلا بحث، وإلا عملت
ما تعمله المستحاضة في الأربعة الأولى، واغتسلت آخر السادس عند كل صلاة،
لاحتمال الانقطاع، وهكذا إلى العاشر.
ولو قالت: سبعة، أضعفنا اليومين، فكان من أول الرابع إلى آخر السابع
حيض بيقين.
ولو قالت: خمسة من العشر الأول، فاليوم الأول طهر بيقين، فالسادس
حيض بيقين. ولو كان الحيض نصف الوقت، أو أقصر (2)، فلا حيض بيقين، فان
خيرت فلا بحث، وإلا عملت ما تعمله المستحاضة في الزمان كله، ثم تغتسل من
آخر العدد إلى آخر الزمان عند كل صلاة، لاحتمال الانقطاع عندها، إلا أن تعرف
وقته فتغتسل عند تكرره خاصة، وكذا من نسيت الوقت أصلا.
ولو تيقنت حيض خمسة أيام وان أحد اليومين إما الخامس أو الخامس
والعشرون مثلا حيض، فمن أول العاشر إلى آخر العشرين طهر بيقين، ويوم

1. القائل هو الشيخ الطوسي (قدس سره) في المبسوط: 1 / 55.
2. في «ب»: أو قصر.
102

الثلاثين كذلك، والباقي مشكوك فيه.
ولو قالت: حيضي عشرة وكنت أمزج إحدى العشرات بالأخرى بيوم،
فأول الشهر وآخره طهر بيقين; ولو قالت: بيومين، فيومان من أوله ويومان من
آخره طهر بيقين.
ولو قالت: حيضي تسعة وأخلط إحدى العشرات بيوم، فيومان من أول
الشهر ويومان من آخره، طهر، وهكذا.
ولو قالت: حيضي خمسة وأخلطه بيوم، فالستة الأولى والأخيرة
والخامس عشر والسادس عشر طهر بيقين.
ولو قالت: حيضي عشرة وأمزج النصف الأول والثاني بيوم، فالستة الأولى
والأخيرة طهر بيقين، والخامس عشر والسادس عشر حيض بيقين.
ولو قالت: حيضي تسعة ونصف وأمزج أحد النصفين بالثاني بيوم كامل
والكسر من أوله، فقد علمت حيضها (1) وهو من نصف السابع إلى آخر السادس
عشر، والباقي طهر بيقين، ولو كان الكسر من آخره، فمن أول الشهر إلى آخر
الرابع عشر، ومن نصف الرابع والعشرين إلى آخره طهر بيقين، والباقي حيض
بيقين.
242. الثامن: إذا رأت ثلاثة أيام دم الحيض، فيوما نقاء (2) ويوما دما، وانقطع

1. قال الشيخ في المبسوط: 1 / 64: «وإذا قالت: كان حيضي تسعة أيام ونصف يوم وكنت أخلط
بالنصف الآخر بيوم كامل والكسر من أوله، فإن هذه تعلم أن اليوم الكامل لا يجوز أن يكون في
النصف الأول وإنما يكون في النصف الثاني، وإذا وجب أن يكون في النصف الثاني كان ستة
أيام ونصف من أول الشهر طهرا بيقين وتمام اليوم السابع إلى آخر يوم السادس عشر حيض
بيقين» وبهذا يتضح مفاد المتن.
2. في «أ»: ويوم نقاء.
103

على العشرة، فالجميع حيض، وإن تجاوز رجعت ذات العادة إليها، سواء
استوعبها الدم، أو تخللها النقاء بعد توالي الثلاثة، ويجوز لزوجها وطؤها بعد
العادة في أيام النقاء، وإن جاز انقطاعه على العاشر.
وإن نسيتها رجعت إلى التميز، فتترك العبادة كلما رأت الدم، وتفعلها مع
النقاء، وتجعل بين الحيضتين أقل الطهر، وكذا المبتدأة.
المطلب الرابع: في الأحكام
وفيه ستة وعشرون بحثا:
243. الأول: يحرم على الحائض الصلاة والصوم، ولا ينعقدان لو فعلتهما،
وتتركهما ذات العادة برؤية الدم في وقت عادتها إجماعا.
أما المبتدأة والمضطربة، فقال الشيخ: تتركهما بمجرد الرؤية مع الاحتمال،
فإن استمر ثلاثة أيام فهو حيض قطعا، وإلا قضت ما تركت من الصلاة والصوم (1).
وقال السيد تتركهما بعد مضي ثلاثة أيام (2).
244. الثاني: يحرم عليها اللبث في المساجد إجماعا، إلا من سلار (3). ويجوز
لها الاجتياز إلا في المسجدين. ولو اتفق لها الحيض في أحدهما، تيممت
للخروج، وهل يكره لها الاجتياز في غيرهما؟ للشيخ قولان (4).
245. الثالث: يحرم عليها وضع شئ في المساجد، ويجوز لها الأخذ منها.

1. المبسوط: 1 / 42.
2. نقله عنه في المعتبر: 1 / 213، والمختلف: 1 / 359.
3. المراسم في الفقه الإمامي: 42.
4. الخلاف: 1 / 517، مسألة 259 من كتاب الصلاة; والمبسوط: 1 / 41; والنهاية: 25.
104

246. الرابع: يحرم عليها الطواف إجماعا.
247. الخامس: يحرم عليها قراءة العزائم وأبعاضها حتى البسملة إذا نوت أنها
منها، ولا يحرم غيرها، بل يكره ما زاد على سبع أو سبعين على الخلاف.
248. السادس: يحرم عليها مس كتابة القرآن إجماعا.
249. السابع: يحرم على زوجها وطؤها، ويختص التحريم بالقبل، وما فوق
السرة ودون الركبة يجوز الاستمتاع به، ويكره ما بينهما، وقول المرتضى
بالتحريم (1) ممنوع، ورواياته متأولة ومعارضة بغيرها (2).
250. الثامن: يحرم طلاقها إذا كان الزوج حاضرا ودخل بها إجماعا. ولو طلق
لم يقع عندنا.
251. التاسع: يحرم عليها الاعتكاف.
252. العاشر: يجب عليها الغسل عند انقطاع الدم، وهو شرط في الصلاة
والطواف والصوم، وكيفيته مثل غسل الجنابة، إلا أنه لا بد معه من الوضوء.
253. الحادي عشر: يجب عليها الاستبراء إن انقطع لأقل من عشرة أيام، بأن
تدخل قطنة، فإن خرجت ملوثة صبرت المبتدأة حتى تنقى أو تبلغ العشرة.
وذات العادة تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين، فإن استمر إلى العاشر (3)
وانقطع، قضت ما فعلته من الصوم. وإن تجاوز أجزأها ما فعلته. وإن خرجت
نقية اغتسلت.

1. نقله عنه في المعتبر: 1 / 224، والمختلف: 1 / 346.
2. لاحظ المنتهى: 2 / 361 - 363 نقل المصنف (قدس سره) ما استدل به السيد المرتضى من الروايات
وأجاب عنهما بأنها ضعاف الأسناد ومعارضة بغيرها من الأخبار.
3. في «أ»: العاشرة.
105

254. الثاني عشر: يجب عليها قضاء الصوم، والصوم في الحيض ليس
بواجب، بل سبب الوجوب ثابت (1)، وقول بعض فقهاء الجمهور بوجوبه غلط (2).
255. الثالث عشر: لا يجب عليها قضاء الصلاة، ولو دخل وهي طاهر، فلم
تصل مع الإمكان، ثم حاضت قضت. ولو مضى أقل من الأداء والطهارة لم
يجب، ولو دخل الوقت وهي حائض فطهرت، وجب عليها قضاء الصلاة مع
الترك، إن بقى من الوقت ما يتسع للطهارة وأداء ركعة، فلو بقي إلى الغروب
مقدار خمس ركعات والطهارة، وأهملت، قضتهما، وإن وسع أربعا قضت العصر
خاصة. وإن وسع لأقل من ركعة سقطتا.
256. الرابع عشر: لو سمعت سجدة التلاوة، فالحق عندي أنها تسجد، لرواية
علي بن رئاب الصحيحة عن أبي عبد الله (عليه السلام)، (3) وأبي عبيدة عن الباقر (عليه السلام) (4) ولا
فرق بين السماع والاستماع، ومنع الشيخ (5) ضعيف.
257. الخامس عشر: يستحب لها ان تتوضأ عند كل صلاة (6) لا لرفع الحدث
ولا للاستباحة، بل تنوي التقرب، وتذكر الله تعالى في مصلاها بقدر صلاتها، ولو

1. في «أ»: بل سبب الوجوب فائت.
2. قال في المنتهى: 2 / 346: الحائض غير مخاطبة بالصوم، وهو قول بعض الشافعية وقال
بعضهم: إنها مخاطبة به... احتجوا بأن وجوب القضاء يستلزم وجوب الأداء. والجواب: المنع من
الاستلزام، نعم يستلزم قيام سبب الوجوب، أما نفس الوجوب فلا، أو نقول: القضاء بأمر جديد.
أقول: المقتضى للصوم كان موجودا غير أن الحيض كان مانعا عن حيازة المصلحة، فإذا ارتفع
يجب قضاؤه لثبوت المقتضى، ولعله المراد من قوله «سبب الوجوب ثابت».
3. لاحظ الوسائل: 2 / 584، الباب 36، من أبواب الحيض، الحديث 1.
4. نفس المصدر الحديث 2.
5. قال الشيخ في النهاية ص 25: وإن سمعت سجدة القرآن لا يجوز لها أن تسجد.
6. في «أ»: لكل صلاة.
106

توضأت بنية التقرب في وقت توهم الحيض، فبان طهرا، لم تدخل به في الصلاة
والفرق بينه وبين المجدد دقيق (1).
ولو نوت في هذا الوقت رفع الحدث لم تدخل به أيضا، ولو اغتسلت
عوض الوضوء، لم تفعل المستحب. ولو فقدت الماء، فالوجه عدم التيمم.
258. السادس عشر: يكره لها الخضاب، وحمل المصحف ولمس هامشه.
259. السابع عشر: يحرم على زوجها وطؤها قبلا إجماعا، وقد تقدم، فلو
وطئ متعمدا عالما بالتحريم في أوله، كفر بدينار، - وقيمته عشرة دراهم - وفي
وسطه بنصف دينار، وفي آخره بربع دينار.
وهل الكفارة على الوجوب أو على الاستحباب؟
قولان، أقواهما الاستحباب، ويجب عليه الاستغفار، ويعزر.
ولو كانت أمته تصدق بثلاثة أمداد من طعام، سواء كان في أوله أو وسطه
أو آخره، والأول والأوسط والأخير يختلف باختلاف العادة.
ولو عجز عن الكفارة سقطت وجوبا واستحبابا، ولو عجز عن البعض،
فالوجه دفع الباقي.
ولا فرق بين وطء الزوجة والأجنبية، ولو وطئ جاهلا أو ناسيا، فالوجه
عدم التعلق، ولو وطئها طاهرا فحاضت في أثنائه، وجب عليه النزع مع العلم، فإن

1. قال في المنتهى: 2 / 384: والفرق بينها وبين المجدد حيث قلنا إنه يسوغ له الدخول به في
الصلاة وإن بان محدثا، لأنه ثم ينوي الفضيلة التي لا تحصل إلا مع الطهارة، أما هاهنا فلما لم
تتوقف الفضيلة على الطهارة لم تكن الطهارة حاصلة.
107

أهمل تعلقت به الكفارة، ولو وطئ الصبي لم يتعلق به إثم، ولا كفارة. ولو كرر
الوطء، فالوجه التفصيل، وهو التكرر (1) مع اختلاف الزمان.
260. الثامن عشر: لو وطئ عالما لا مستحلا عزر، فإن استحله قتل،
فإن كان جاهلا فلا عقوبة، ويجب عليه الامتناع من الوطء حالة الاشتباه تغليبا
للحرمة.
261. التاسع عشر: لا تجب الكفارة على المرأة وإن غرت زوجها، وحكم
النفساء حكم الحائض في ذلك.
262. العشرون: لا فرق في الإخراج بين المضروب والتبر، بشرط أن يكون
صافيا من الغش، وفي القيمة نظر، والأقرب عدم الإجزاء.
263. الحادي والعشرون: وطء المستحاضة مباح عندنا ولا يتعلق به
كفارة إجماعا.
264. الثاني والعشرون: لو انقطع دم الحائض حل وطؤها قبل الغسل،
وخلاف ابن بابويه (2) ضعيف، ولكنه مكروه. ويستحب للزوج إذا غلبته
الشهوة أن يأمرها بغسل فرجها، ولو كانت عادتها أقل من العشرة فانقطع عليها،
حل وطؤها.
265. الثالث والعشرون: عرق الحائض طاهر، وكذا الجنب وإن كان من
حرام، والإبل الجلالة.
266. الرابع والعشرون: إذا كان على الحائض جنابة، فليس عليها أن

1. في «أ»: وهو التكرير.
2. الفقيه: 1 / 53، والهداية: 22.
108

تغتسل حتى ينقطع حيضها، فلو اغتسلت لم ترتفع جنابتها.
267. الخامس والعشرون: قد بينا أنه لا بد مع غسل الحيض من الوضوء قبله
أو بعده، وتنوي بالمتقدم استباحة الصلاة، وهل تنوي به رفع الحدث أو
بالمتأخر لا غير؟ فيه نظر، و ابن إدريس قال: تنوي بالغسل رفع الحدث تقدم أو
تأخر، وبالوضوء الاستباحة تقدم أو تأخر (1).
268. السادس والعشرون: يستحب لها الغسل للإحرام والجمعة والزيارات،
وغير ذلك من الأعمال المندوبة.
الفصل الثالث: في الاستحاضة
وفيه ثمانية مباحث:
269. الأول: هو في الغالب، الدم الأصفر البارد الرقيق الخارج بفتور، وقد
يتفق أن يكون بهذه الصفات حيضا، إذا كان في العادة.
270. الثاني: كل دم تراه المرأة بعد عادتها في الحيض إذا تجاوز العشرة أو
بعد أكثر أيام النفاس، أو لدون البلوغ، أو مع سن اليأس، ومع الحبل على رأي، أو
أقل من ثلاثة أيام، ولم يكن دم جرح ولا قرح، فهو استحاضة.
271. الثالث: يجب على المستحاضة الاستبراء، بأن تدخل قطنة، فإن لطخها

1. لاحظ السرائر: 1 / 112 - 113.
109

الدم ولم يغمسها، وجب عليها إبدالها عند كل صلاة، والوضوء المتعدد، وخلاف
ابن أبي عقيل (1) لا اعتداد به، ولو غمسها الدم ولم يسل، لزمها تغيير القطنة
والخرقة والغسل لصلاة الغداة (والوضوء لكل صلاة.
ولو سال وجب عليها تغيير القطنة والخرقة، والغسل لصلاة الليل
والغداة) (2) إن كانت متنفلة، وغسل آخر لصلاة الظهرين، وثالث للعشاءين تجمع
بينهما، بأن تقدم المتأخرة، وتؤخر المتقدمة، والوضوء لكل صلاة.
272. الرابع: إذا فعلت هذه الأغسال صارت طاهرة، وتستبيح مع الوضوء كل
ما يستباح به ما شرطه الطهارة، ويجوز وطؤها، ولو لم تفعل الأغسال كان حدثها
باقيا، ولا يصح صومها، بل يجب عليها قضاؤه.
والأقرب إباحة وطئها، ولو أخلت بالوضوء أو الغسل، لم تصح صلاتها.
273. الخامس: يجب عليها التحفظ من تعدي الدم بقدر الإمكان، بأن
تحتشي وتستثفر (3) وتحتاط بحشو القطن وما أشبهه.
274. السادس: قال الشيخ إذا انقطع دمها انتقض وضوؤها (4) والوجه ذلك إن
كان للبرء، وإلا فلا.
275. السابع: يجب عليها الغسل كغسل الحائض.

1. لاحظ المختلف: 1 / 372; والمعتبر: 1 / 244.
2. ما بين القوسين موجود في «أ».
3. الاستثفار: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا وتوثق طرفيها في شئ تشد
على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم. النهاية لابن الأثير: 1 / 214.
4. المبسوط: 1 / 68.
110

276. الثامن: إذا اغتسلت ثم أحدثت ما يوجب الصغرى (1) أجزأها الوضوء
الواحد، ولو توضأت قبل الغسل ثم أحدثت ما يوجب الصغرى، ففي الاكتفاء
بالغسل نظر.
وكذا ما يوجب الطهارتين.
الفصل الرابع: في النفاس
وفيه أحد عشر بحثا:
277. الأول: النفاس دم الولادة، وهو إما بعدها أو معها، - ولا اعتبار بالموجود
قبلها - سواء كانت الولادة للتمام أو النقصان أو الإسقاط، ولو ولدت ولم تر دما،
فلا نفاس.
278. الثاني: أكثره عشرة أيام على أظهر الأقوال في المبتدأة، أما ذات العادة
في الحيض، فترجع إليها إن تجاوز العشرة، وإلا فالجميع نفاس، ولا حد لأقله،
بل جائز أن يكون آنا واحدا.
279. الثالث: حكمها حكم الحائض في جميع الأشياء، إلا في تحديد الأقل.
280. الرابع: لو ولدت ولم تر دما إلا في العاشر، فهو النفاس دون ما قبله، ولو
رأت عقيب الولادة ثم انقطع، ورأته فيه (2) فالدمان وما بينهما نفاس.

1. في «ب»: بما يوجب الصغرى.
2. الضمير يرجع إلى «العاشر».
111

ولو ولدت ولدين، فابتداء النفاس من الأول، وعدد أكثر الأيام من الثاني،
ولو اتصل الدم فالزائد عن العشرة من وضع الثاني استحاضة، سواء صادف أيام
عادتها في الحيض أو لا.
281. الخامس: لو وضعت مضغة، فهو نفاس، أما النطفة والعلقة فلا، ولو
خرج بعض الولد فالدم نفاس.
282. السادس: لو انقطع الدم لدون عشرة، أدخلت قطنة، فإن خرجت نقية
فهي طاهر، وإلا صبرت نفساء حتى تنقى، أو يمضي أكثر الأيام، وهي عشرة
إن كانت عادتها، وإلا فعادتها، واستظهرت بيوم أو يومين، وبعض المتأخرين
غلط هنا (1).
283. السابع: لا ترجع إذا تجاوز الدم إلى عادتها في النفاس، لتضمن
الأحاديث الحوالة على الحيض (2).
وهل ترجع إلى عادة أمها وأختها في النفاس؟ الوجه لا. ورواية أبي بصير (3)
ضعيفة.
284. الثامن: إذا تجاوز النفاس الأكثر، فهو استحاضة، سواء صادف أيام
العادة في الحيض، أو لا، لأن دم حيض احتبس، فلا يعقبه حيض.

1. قال المصنف في المنتهى: 2 / 442: «وبعض المتأخرين غلط ها هنا فتوهم ان مع الاستمرار
تصبر عشرة، ولا نعرف عليه دليلا سوى ما رواه يونس عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: «تستظهر
بعشرة أيام» ثم ذكر وجه عدم دلالته. فلاحظ، وفي هامش النسخة «ب»: المراد منه ابن إدريس
ولم نعثر على هذا النص في السرائر.
2. لاحظ الوسائل: 2 / 611، الباب 3 من أبواب النفاس.
3. لاحظ الوسائل: 2 / 616، الباب 3 من أبواب النفاس، الحديث 20.
112

285. التاسع: لو كانت مبتدأة، أو مضطربة، أو ذات عادة منسية، فإن انقطع
العشرة، فنفاس، ولو تجاوز احتمل جلوسها ستة أيام، أو سبعة، واحتمل عشرة.
286. العاشر: الأقرب أن الاستظهار بيوم أو يومين غير واجب.
287. الحادي عشر: لو ولدت ولم تر دما حتى مضت عشرة أيام، ثم رأته ثلاثة
وانقطع على العشرة، فهو حيض، وإلا فاستحاضة (1).
الفصل الخامس: في غسل الأموات
ومطالبه خمسة
[المطلب] الأول: في الاحتضار
وفيه أربعة مباحث:
288. الأول: يستحب الإكثار من ذكر الموت، والاستعداد له، وأن لا يبيت إلا
ووصيته تحت رأسه، والصبر على المرض، وحسن الظن بالله تعالى، وترك
تمني الموت لضر وقع به، وعيادة المريض، والإذن للعائدين من الدخول عليه،
والدعاء له، وترغيبه في التوبة والوصية، وأن يلي أمره أرفق أهله به.
289. الثاني: يجب في الاحتضار شئ واحد على الكفاية، وهو استقبال

1. ظاهره انه إن لم ينقطع على العشرة فالجميع استحاضة، ولكن الظاهر من المنتهى غيره حيث
قال: ولو لم تر في العشرة دما ثم رأت بعدها، فان استمر ثلاثة فهو حيض، ولا نفاس لها، لأن أيامه
قد انقضت بغير دم، وان كان أقل فهو استحاضة. المنتهى: 2 / 446.
113

القبلة بالميت، بأن يلقى على ظهره، ويجعل وجهه وباطن قدميه إليها،
على خلاف (1).
290. الثالث: يستحب أن يلقن الشهادتين، والإقرار بالنبي والأئمة (عليهم السلام)،
وكلمات الفرج، وأن ينقل إلى مصلاه، وإن مات ليلا أسرج عنده مصباح،
ولا يترك وحده، بل يكون عنده من يقرأ القرآن، فإذا مات غمضت عيناه، وأطبق
فوه، ومدت ساقاه ويداه إلى جنبه، وغطي بثوب، وأخذ في تجهيزه عاجلا، إلا
أن يشتبه موته، فيستبرأ بالعلامات، أو يصبر عليه ثلاثة أيام.
291. الرابع: يكره أن يحضره جنب، أو حائض، وأن يترك على
بطنه حديد.
المطلب الثاني: في التغسيل
وفيه خمسة وعشرون بحثا:
292. الأول: التغسيل واجب على الكفاية، ويستحب أن يستقبل به القبلة كما
في الاحتضار، وأن يوضع على سرير أو ساج، وأن يغسل تحت الظلال، وأن
يجعل للماء حفيرة، ويكره الكنيف، ولا بأس بالبالوعة، وأن ينزع قميصه من
تحته بفتق جيبه، ويستر عورته، ويلين أصابعه برفق.
293. الثاني: يجب إزالة النجاسة عن بدنه أولا إن كانت، وأن يغسل بماء

1. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 1 / 380 حيث قال المصنف: اختلف علماؤنا في
وجوب استقبال القبلة بالميت حالة الاحتضار، فالذي نص عليه الشيخ المفيد الوجوب... وقال
الشيخ في الخلاف انه مستحب...
114

السدر، ويبدأ بالرأس، ثم بالجانب الأيمن، ثم الأيسر.
294. الثالث: ينبغي أن يغسل رأسه برغوة السدر أولا، فإن لم يوجد
فبالخطمي، ويغسل فرجه بالسدر والحرض (1)، ويغسل يداه، ويبدأ بشق رأسه
الأيمن (2)، وأقل ما يلقى في الماء من السدر ما يحصل به الاسم، فإذا فرغ من
تغسيله بماء السدر، وجب أن يغسله بماء الكافور على ما تقدم، ثم يغسله بماء
القراح ثالثا، مرتبا كالجنابة.
295. الرابع: يستحب أن يغسل كل عضو منه ثلاث مرات في كل غسلة، وأن
يمسح بطنه في الغسلتين الأوليين (3) برفق، إلا في الحامل، وأن يقف الغاسل على
الجانب الأيمن، ويغسل يديه مع كل غسلة، وينشفه بثوب بعد الفراغ.
296. الخامس: يكره أن يجعل الميت بين رجليه، وأن يقعده، أو يقص
أظفاره، أو يرجل شعره (4)، أو يغسل مخالفا، فإن اضطر غسله غسل أهل الخلاف.
297. السادس: وضوء الميت مستحب لا واجب على أقوى القولين.
298. السابع: لا يجوز الاقتصار على أقل من الغسلات المذكورة، إلا مع
الضرورة (5)، فإن عدم الكافور والسدر غسل بالقراح، وهل يكفي الواحدة؟
فيه إشكال.
ولو قصر الماء إلا عن واحدة، فالأقوى وجوب الغسل بماء السدر، وهل

1. الحرض بضمتين أو إسكان الراء، وهو الأشنان بضم الهمزة. مجمع البحرين.
2. في «ب»: بسبق رأسه الأيمن.
3. في «ب»: في الغسلين الأولين.
4. ترجيل الشعر: تسريحه. مجمع البحرين.
5. في «أ»: إلا على الضرورة.
115

ييمم للباقي؟ الأقرب السقوط.
299. الثامن: لو خيف من تغسيله تناثر جلده (1) كالمجدور (2) والمحترق، أو
خاف الغاسل من استعمال الماء، ولم يتمكن من إسخانه، أو فقد الماء يمم
بالتراب، كالحي العاجز.
300. التاسع: أولى الناس بتغسيل الميت وباقي أحكامه أولاهم بالميراث،
والرجال أولى من النساء، والزوج أحق من كل أحد، فإن طلقها رجعيا
فكالزوجة، وبائنا كالأجنبية، ويستوي المدخول بها وغيرها، وأم الولد، والزوجة،
وفي الأمة غير أم الولد إشكال.
قال ابن جنيد: ويغسل الخنثى أمته (3).
301. العاشر: لا يجوز أن يتولى التغسيل كافر إلا مع الضرورة، فإن مات
مسلم غسله مثله، فان فقد فذات الرحم من فوق الثياب، فان فقدت أمرت النساء
الأجانب الكافر بالاغتسال أولا، ثم علمته غسل الإسلام، فيغسله، وفي إعادة
الغسل مع وجود المسلم قبل الدفن إشكال.
وكذا لو ماتت مسلمة غسلها مثلها، فإن فقدت غسلها ذو الرحم المحرم
من فوق الثياب، فإن فقد غسلتها الكافرة، ولو فقدت دفنت بغير غسل، وروي
أنهم يغسلون محاسنها ويديها ووجهها (4).

1. في «ب»: بتناثر جلده.
2. قال الفيومي: الجدري - بفتح الجيم وضمها وأما الدال فمفتوحة فيهما -: قروح تنفط عن الجلد
ممتلئة ماء ثم تتفتح، وصاحبها جدير مجدر. المصباح المنير.
3. لم نجده.
4. لاحظ وسائل الشيعة: 2 / 709، الباب 22 من أبواب غسل الميت.
116

ولا يغسل الرجل الأجنبية، إلا إذا كانت لدون ثلاث سنين مجردة،
وكذا المرأة.
والأقرب وجوب الغسل على من مس الميت بعد غسل الكافر له، لا بعد
القتل بالرجم والحد مع سبق الغسل قبل القتل، ولا الشهيد.
302. الحادي عشر: كل مظهر للشهادتين يجوز تغسيله، إلا الخوارج والغلاة.
303. الثاني عشر: الشهيد بين يدي الإمام إذا مات في المعركة لا يغسل
ولا يكفن، بل يصلى عليه، فإن نقل منها حيا، ثم مات، غسل وكفن وصلى عليه.
304. الثالث عشر: من وجب عليه القتل كالمرجوم والمحدود، يؤمر
بالاغتسال أولا، والتكفن (1)، ثم يقتل ويصلى عليه ويدفن بغير غسل ثان.
305. الرابع عشر: الشهيد الجنب كالطاهر لا يغسل أيضا، عملا بالعموم في
واقعة أحد (2).
306. الخامس عشر: الصبي والبالغ متساويان في الشهادة، فلا يغسل الصبي،
بل يدفن بثيابه.
307. السادس عشر: إذا جرح في المعركة، ومات قبل انقضاء الحرب ونقله،
فهو شهيد، أكل أو لا، وإن مات بعد انقضائها غسل، وإن لم يأكل.
308. السابع عشر: لو وجد في المعركة ميتا وليس به أثر، فهو شهيد، وكذا

1. في «ب»: التكفين.
2. إشارة إلى قصة شهادة حنظلة بن الراهب المعروف بغسيل الملائكة، فإنه قد استشهد في
غزوة أحد في حال كونه جنبا على ما جاء في السير والتواريخ. فلاحظ المستدرك للحاكم:
3 / 204; وسنن البيهقي: 4 / 15; وأسد الغابة: 2 / 59; والسيرة النبوية لابن هشام: 3 / 79.
117

لو وجد غريقا أو محترقا حال القتال، ولو بقي بعد القتال ولو ساعة فليس بشهيد.
309. الثامن عشر: كل قتيل سوى من قتل بين يدي الإمام يجب تغسيله
وتكفينه، وقتيل أهل البغي لا يغسل ولايصلى عليه، وقتيل أهل العدل في جهاد
أهل البغي (1) لا يغسل ويصلى عليه.
310. التاسع عشر: لا فرق بين أن يقتل بسيف أو غيره، ولو رجع عليه
سلاحه فقتله، فهو شهيد.
311. العشرون: لو وجد بعض الميت، فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده،
فهو كالجملة، وإن كان غيره، فإن كان فيه عظم غسل، وكفن (2) في خرقة ودفن،
وكذا السقط لأربعة أشهر فصاعدا، وإن خلا من العظم لف في خرقة ودفن. وكذا
السقط لدون أربعة.
312. الحادي والعشرون: إذا اجتمع ميتان أو أكثر، بدأ بمن يخشى فساده، فإن
تساويا قدم الأب على الابن، وابن الابن على الجد، وأسن الأخوين على
أصغرهما، ومن تخرجه القرعة مع التساوي.
313. الثاني والعشرون: إذا خرج من الميت نجاسة بعد تغسيله، أزيلت عن
بدنه، ولا يحتاج إلى إعادة الغسل ولا الوضوء، خلافا لابن أبي عقيل (3).
314. الثالث والعشرون: الحائض والجنب يغسلان كالطاهر.
315. الرابع والعشرون: يجب النية في تغسيل الميت، لا التسمية.

1. في «ب»: في جهة أهل البغي.
2. في «أ»: ولف.
3. حكى عنه في المعتبر: 1 / 274.
118

316. الخامس والعشرون: المقتول يغسل دمه، ثم يصب عليه الماء، ولا يدلك
جسده، ويربط الغاسل جراحاته بالقطن والتعصيب، فإن بان الرأس، غسل أولا
ثم الجسد، ويضع القطن فوق الرقبة، ويضم إليه الرأس، ويجعل في الكفن، وكذا
في القبر، ويوجه إلى القبلة.
المطلب الثالث: في التكفين
وفيه ثلاثون بحثا:
317. الأول: التكفين فرض على الكفاية، والواجب أن يكفن بثلاثة أثواب -
على أظهر القولين -: مئزر وقميص وإزار.
318. الثاني: يجزي عند الضرورة واحد.
319. الثالث: يستحب أن يزاد للرجل حبرة عبرية (1) غير مطرزة بالذهب، فإن
تعذرت فلفافة أخرى، وخرقة لشد فخذيه، طولها ثلاثة أذرع ونصف في عرض
شبر أو أزيد بقليل، يشد طرفاها على الحقوين، ويلف بالمسترسل الفخذان
بقوة، وتزاد المرأة على كفن الرجل لفافة لثدييها ونمطا (2) استحبابا.
320. الرابع: يستحب العمامة للرجل، والقناع للمرأة.
321. الخامس: يحرم التكفين في الحرير، ويكره الممتزج والكتان.
322. السادس: يكره الأكمام المبتدأة للأكفان.

1. الحبرة - وزان عنبة - ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط. والعبير - مثل كريم -: أخلاط من
الطيب. المصباح المنير.
2. النمط: ضرب من البسط، والجمع أنماط. الصحاح، والنهاية.
119

323. السابع: يستحب التكفين بالقطن المحض.
324. الثامن: إذا جمع الكفن، فرش الحبرة على موضع طاهر، وينثر عليها
شيئا من الذريرة (1) وفرش فوقها الإزار، وينثر أيضا عليه ذريرة، وفرش
فوقه القميص.
325. التاسع: يستحب أن يكتب على الحبرة والقميص والإزار والعمامة
اسمه، وأنه يشهد الشهادتين، وأسماء الأئمة (عليهم السلام) بتربة الحسين (عليه السلام) وإن لم توجد
فبالإصبع، ويكره بالسواد.
326. العاشر: يكره أن يقطع الكفن بالحديد، وأن يبل الخيوط بالريق.
327. الحادي عشر: ينبغي أن يخاط الكفن بخيوط منه.
328. الثاني عشر: يستحب أن يستعد جريدتان خضراوان من النخل قدر
عظم الذراع، فإن لم يوجد فمن السدر، فإن تعذر فمن الخلاف، فإن تعذر فمن
غيره من الشجر الرطب.
329. الثالث عشر: إذا جمع الغاسل الكفن وفعل ما ذكرناه، وفرغ من غسله،
شرع في تحنيطه، ويستحب أن يكون بعد اغتساله، فإن تعذر، توضأ للصلاة،
فيعمد إلى قطن فيذر عليه ذريرة، ويضعه على قبله ودبره، ويحشو القطن في
دبره، ثم يلف فخذيه بالخرقة ثم يؤزره بالإزار، ويكون عريضا يبلغ من صدره
إلى رجليه، ثم يعمد إلى الكافور، فيسحقه بيده، ثم يمسح به مساجده.
والواجب أقل ما يقع عليه الاسم، وأكمل الفضل في ثلاثة عشر درهما

1. هو نوع من الطيب مجموع من أخلاط، لاحظ النهاية.
120

وثلث، ودونه أربعة دراهم، وأدون منه مقدار درهم، فإن تعذر دفن بغير كافور،
ثم يرد القميص عليه.
ثم يأخذ الجريدتين فيجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع الترقوة
ملصقة (1) بجلده، والأخرى من الأيسر بين القميص والإزار، ثم يعممه فيثنى
وسط العمامة على رأسه بالتدوير، ويحنكه بها، ويطرح طرفيها على صدره، ثم
يلفه (2) في اللفافة، فيطوي الجانب الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر (3)
وكذا الحبرة، ويعقد طرفيها من قبل رأسه ورجليه.
330. الرابع عشر: يكره أن يجعل في سمعه وبصره وفيه شئ من الكافور،
ويكره أيضا أن يجعل فيها قطن، إلا أن يخاف خروج شئ منها،
فتنتفي الكراهية.
331. الخامس عشر: لا يجوز أن يقرب الميت شيئا من الطيب عدا
الكافور والذريرة.
332. السادس عشر: المحرم لا يجوز أن يقرب شيئا من الكافور، لقوله (عليه السلام):
«لا تقربوه طيبا فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا» (4).
333. السابع عشر: إذا فضل من الكافور شئ، مسحه الغاسل
على صدره.

1. في «أ»: ملتصقة.
2. في «ب»: يكفنه.
3. في «ب»: فيطوي الجانب الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن.
4. سنن ابن ماجة: 2 / 1030 الحديث 3084 وفيه: «لا تقربوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا».
وعوالي اللآلي: 4 / 6 وفيه: «لا تقربوه كافورا فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا».
121

334. الثامن عشر: هل الكافور المستعمل في الماء للغسلة الثانية، محسوب
من أكمل الفضل أو لا؟ فيه نظر.
335. التاسع عشر: إذا لم يوجد للميت كفن، جاز أن يكفن في قميصه إذا
كان نظيفا، ويقطع أزراره دون الأكمام.
336. العشرون: الصبي في التغسيل والتكفين كالبالغ، وولد الزنا كغيره،
والنفساء كغيرها.
337. الحادي والعشرون: الجريدة توضع مع جميع الأموات من البالغين
وغيرهم، إلا المخالف، فإن تعذر وضعها في الكفن للتقية طرحت في القبر، فإن
تعذر دفن بغير جريدة.
338. الثاني والعشرون: إذا سقط من الميت شئ من شعره أو بدنه، وجب
طرحه معه في الكفن.
339. الثالث والعشرون: لو خرجت منه نجاسة بعد التغسيل، ولاقت جسده
غسلت بالماء، وإن لاقت كفنه فكذلك، فإن خرجت بعد طرحه في القبر، قرض
الكفن.
340. الرابع والعشرون: كفن المرأة على زوجها وإن كانت ذات يسار، وإنما
يلزمه قدر الواجب.
341. الخامس والعشرون: يؤخذ الكفن المفروض من أصل المال، مقدما
على الديون والوصايا والميراث، فما فضل صرف في الدين إن كان، فإن فضل
أو لم يكن، صرف في الوصية، فإن فضل أو لم تكن، صرف إلى الورثة.
122

342. السادس والعشرون: إذا لم يكن له كفن دفن عريانا، ولا يجب على
المسلمين (1)، بل يستحب استحبابا مؤكدا، وكذا ما يحتاج إليه من
كافور وغيره.
343. السابع والعشرون: للورثة أن يمتنعوا (2) من بذل الفاضل على القدر
الواجب في الكفن، ولبعضهم أيضا. ولو اتفقوا على البذل وهناك دين والتركة
قاصرة، فللغرماء المنع.
344. الثامن والعشرون: تجمير الأكفان (3) مكروه، وكذا اتباع الجنازة
بالمجمرة.
345. التاسع والعشرون: لو أراد أهل الميت أن ينظروه (4) لم يمنعوا. وكذا لو
أرادوا تقبيله، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل عثمان بن مظعون مرتين (5).
346. الثلاثون: المحرم يغطى رأسه ورجلاه، كالحلال.

1. في «ب»: ولا يجب على المسلم بذل الكفن.
2. في «ب»: أن يمنعوا.
3. أي تبخيرها وتدخينها. لاحظ مجمع البحرين. والنهاية.
4. في «ب»: يبصروه.
5. سنن أبي داود: 3 / 201 الحديث 3163; سنن ابن ماجة: 1 / 468 الحديث 1451; سنن
البيهقي: 3 / 407.
123

المطلب الرابع: في الصلاة عليه
والنظر يتعلق بأمور ثلاثة
[النظر] الأول: من يصلي عليه
وفيه عشرة مباحث:
347. الأول: يجب الصلاة على كل ميت مسلم، أو في حكم المسلم كالصبي
إذا بلغ ست سنين، ويستحب على من لم يبلغها إذا ولد حيا، أما السقط فلا يصلى
عليه وإن ولجته الروح. ولا فرق بين الحر والعبد والذكر والانثى في ذلك كله.
348. الثاني: الشهيد يصلى عليه، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى على شهداء بدر
وأحد (1)، وكبر على حمزة سبعين تكبيرة (2).
349. الثالث: الغائب لا يجوز الصلاة عليه، سواء كان في البلد أو غيره، وما
نقل من صلاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على النجاشي (3) محمول على الدعاء والترحم.
350. الرابع: النفساء يصلى عليها، وهو وفاق، وخلاف الحسن البصري (4)

1. سنن ابن ماجة: 1 / 485 الحديث 1513; سنن البيهقي: 4 / 12.
2. وسائل الشيعة: 2 / 777، الباب 6 من أبواب صلاة الجنازة، الحديث 3.
3. صحيح البخاري: 2 / 112; سنن أبي داود: 3 / 212 و...
4. أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، مولى الأنصار، وأمه خيرة مولاة أم سلمة،
روى عن: أبي بن كعب وسعد بن عبادة وعمر بن الخطاب ولم يدركهم، وروى عنه: حميد
الطويل وقتادة وعطاء وغيرهم، مات سنة 110 ه‍. لاحظ طبقات الفقهاء: 91; وتهذيب التهذيب:
2 / 263; وشذرات الذهب: 1 / 136.
124

لا اعتداد به (1) لانقراضه، وفعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على خلافه (2)، فإنه صلى على امرأة
ماتت في نفاسها (3).
351. الخامس: إذا اشتبه قتلى المشركين بقتلى المسلمين صلى على الجميع
صلاة واحدة، وصرفها إلى المؤمنين بالنية.
352. السادس: إذا وجد ميت، ولم يعلم إسلامه، ولم يظهر عليه أثره كالختان،
فإن كان في دار الإسلام غسل وصلى عليه، وإلا فلا.
353. السابع: إذا وجد بعض الميت، فإن كان فيه الصدر، أو الصدر وحده،
صلى عليه، وإلا فلا.
354. الثامن: قطاع الطريق وتارك الصلاة والمقتول قصاصا أو حدا، والميت
حتف أنفه في قتال الكفار، والشهيد عندنا، وقتيل الحربي اغتيالا من غير قتال أو
بقتال، والقتيل ظلما، والمبطون والغريب، يصلى عليهم.
355. التاسع: الخوارج و الغلاة لا يصلى عليهم.
356. العاشر: يصلى الإمام على الغال، وهو الذي كتم غنيمته أو بعضها
ليختص بها، وعلى قاتل نفسه.

1. لاحظ المغني لابن قدامة: 2 / 332.
قال الشيخ في الخلاف: 1 / 714، المسألة 523 من كتاب الجنائز: النفساء تغسل ويصلى عليها،
وبه قال جميع الفقهاء، وقال الحسن البصري: لا تغسل ولا يصلى عليها.
2. في «ب»: بخلافه.
3. صحيح البخاري: 2 / 111; صحيح مسلم: 2 / 664; سنن أبي داود: 3 / 209; سنن ابن ماجة:
1 / 479; مسند أحمد بن حنبل: 5 / 19; سنن النسائي: 4 / 72.
125

النظر الثاني: في المصلي
وفيه اثنا عشر بحثا:
357. الأول: أولى الناس بالصلاة عليه أولاهم بميراثه، والأب أولى من
الابن، (1) والولد أولى من الجد، وكذا ولد الولد أولى منه، والأخ المتقرب من
الطرفين أولى من المتقرب بأحدهما، والزوج أولى بالمرأة (2) من كل أحد، والذكر
أولى من الأنثى، والحر أولى من العبد.
358. الثاني: إنما يتقدم الولي مع استجماع شرائط الإمامة، فإن فقدها
استناب.
359. الثالث: إذا تساوى الأولياء، قدم الأفقه فالأقرأ فالأسن فالأصبح (3).
360. الرابع: لو كان هناك عبد فقيه، وحر غير فقيه، أو أخ رقيق وعم حر،
فالأقرب تقديم الحر.
361. الخامس: لو تساويا في الصفات رجع إلى القرعة أو التراضي.
362. السادس: لا يجوز لأحد أن يتقدم إلا بإذن الولي، وإن كملت
فيه الشرائط.
363. السابع: إمام الأصل أولى من كل أحد، ويجب على الولي تقديمه، فإن
لم يقدمه، قيل (4) لم يجز له التقدم (5)، لأنه حق الولي، والأقرب الجواز، لأنه
من الأمر بالمعروف.

1. في «أ»: من الأخ.
2. في «ب»: من المرأة.
3. قال الفيومي: صبح الوجه - بالضم -: صباحة أشرق وأنار، فهو صبيح. المصباح المنير.
4. القائل هو الشيخ في المبسوط: 1 / 183.
5. في «أ»: التقديم.
126

والهاشمي أولى من غيره مع استجماع الشرائط وتقديم الولي له،
ويستحب له تقديمه.
364. الثامن: للمرأة أن تؤم بمثلها جماعة.
365. التاسع: الولي أولى ممن أوصى الميت إليه بالصلاة ومن الأمير.
366. العاشر: إذا قدم الولي غيره، فهل لذلك الغير الاستنابة؟ فيه نظر، أقربه
أنه ليس له ذلك، لأن رغبة الولي يجوز ان يستند إلى علمه باستجابة دعائه، وهو
غير متحقق في النائب.
367. الحادي عشر: يجوز للنساء أن يصلين جماعة ومنفردات. ومع
اجتماعهن تقف إمامتهن في وسطهن.
368. الثاني عشر: إذا اجتمعت جنائز، وتشاح أولياؤهم فيمن يتقدم للصلاة
عليهم، قدم الأولى بالإمامة.
النظر الثالث: في كيفية الصلاة
وفيه ثمانية عشر بحثا:
369. الأول: يستحب لمن شيع الجنازة أن يمشي خلفها، أو إلى أحد جانبيها،
متفكرا (1) في أمر الآخرة، وإعلام المؤمنين ليتوفروا على تشييع المؤمن (2)، وتربيع
الجنازة: وهو حملها بجوانبها الأربع، بأن يبدأ بالجانب الأيمن من مقدم

1. في «ب»: يتفكر.
2. في «أ»: على تشييع المؤمنين.
127

السرير، فيضعه على كتفه الأيمن، ثم يضع القائمة اليمنى من عند رجليه على كتفه
الأيمن أيضا، ثم يضع القائمة اليسرى من عند رجليه على كتفه الأيسر، ثم
القائمة اليسرى من عند رأسه على كتفه الأيسر، وأن يقول من رأى جنازة: الحمد
لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم، والإسراع بها، وأن لا يجلس حتى
يوضع الجنازة عن أعتاق الرجال.
ويكره المشي أمامها إلا لعارض، والركوب خلفها إلا لضرورة، والتحدث
بشئ من أمور الدنيا، والضحك، ورفع الصوت، ولا يستحب القيام لرائي
الجنازة (1).
370. الثاني: كيفية الصلاة: أن يكبر المصلي خمس تكبيرات، بأن يكبر
ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ويصلي على النبي وآله (عليهم السلام)، ثم يكبر ويدعو
للمؤمنين، ثم يكبر ويدعو للميت إن كان مؤمنا، وعليه إن كان منافقا، وبدعاء
المستضعفين إن كان كذلك (2).
وإن جهل حاله سأل الله تعالى أن يحشره مع من يتولاه، وإن كان طفلا
سأل الله تعالى أن يجعله له ولأبويه فرطا، ثم يكبر الخامسة وينصرف.
371. الثالث: يجب فيها النية، واستقبال القبلة، وجعل رأس الجنازة إلى يمين
المصلي، والتكبيرات.
وهل الدعاء بينها واجب أم لا؟ الأقرب وجوبه، ولا يشترط فيها الطهارة،
بل يستحب.

1. في «أ»: لو رأى الجنازة.
2. في «أ»: وبدعاء المؤمنين المستضعفين إن كان كذلك.
128

372. الرابع: لا يجوز التباعد عن الجنازة بما يعتد به، إلا مع اتصال الصفوف،
ولا الصلاة عليه إلا بعد تغسيله وتكفينه، فإن تعذر الكفن طرح في القبر،
وسترت عورته، ثم صلى عليه.
373. الخامس: يستحب فيها الجماعة، ووقوف الإمام عند وسط الرجل
وصدر المرأة، وأن ينزع نعليه، ويرفع يديه في كل تكبيرة على أقوى القولين،
والوقوف بعد الصلاة حتى ترفع الجنازة، والصلاة في المواضع المعتادة لها،
ويجوز في المساجد.
374. السادس: يكره أن يصلى على الجنازة الواحدة مرتين، لأن المراد
المبادرة، وهو ينافي ذلك.
375. السابع: يقتصر المصلي على المنافق على أربع تكبيرات،
وينصرف بالرابعة.
376. الثامن: العراة يقف إمامهم في وسطهم، ولا يبرز عنهم كالنساء، وغيرهم
من الأئمة يتقدم إمام الصف وإن كان المؤتم واحدا.
ولو اقتدى النساء بالرجال، وقفن خلفهم، والحائض تنفرد عن النساء في
صف بانفرادها.
377. التاسع: إذا اجتمعت جنازة رجل وامرأة، جعل الرجل مما يلي الإمام
ويجعل صدرها عند وسطه، ليقف الإمام موضع الفضيلة بالنسبة إليهما معا، ولو
كان معهما طفل لا يصلى عليه، جعل وراء المرأة مما يلي القبلة، لأن المرأة أحوج
إلى الشفاعة منه، وإن كان معهم عبد، جعل متوسطا بين الرجل والمرأة، وإن كان
129

كان معهم خنثى، جعل متوسطا بين العبد والمرأة، والأفضل تفريق الصلاة، ومع
الجمع ينبغي التقديم بخصال دينية، ترغب في الصلاة عليه. وعند التساوي
لا يستحق القرب إلا بالقرعة، أو التراضي.
378. العاشر: لو سبق الإمام بالتكبير، تابعه المأموم، ثم يكبر الفائت ولاء،
وان رفعت الجنازة، ولو دفنت أتم على القبر، ولو أدرك الإمام بين تكبيرتين لم
ينتظر تكبيرة الإمام، ولو سبق المأموم، أعاد مع الإمام استحبابا.
379. الحادي عشر: من لم يصل على الجنازة، يستحب له أن يصلي على
القبر يوما وليلة، ثم لا يصلي بعد ذلك على أظهر القولين.
380. الثاني عشر: يصلى على الجنازة في كل وقت وإن كان أحد الأوقات
الخمسة، ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة، ولو كان في ابتدائه قدمت الفريضة
ما لم يخف على الميت.
381. الثالث عشر: لا بأس بالصلاة والدفن ليلا، وإن فعل بالنهار فهو أفضل،
إلا أن يخاف على الميت.
382. الرابع عشر: لو صلى بعض الصلاة، فأحضرت جنازة أخرى،
تخير بين استيناف الصلاة عليها من رأس، وبين إتمام الصلاة على الأولى،
واستينافها للثانية.
383. الخامس عشر: لا قراءة في هذه الصلاة ولا تسليم ولا افتتاح
ولا استعاذة.
384. السادس عشر: لا يشترط في الصلاة أربعة نفر ولا الذكور، بل يكفي
الواحد وإن كان امرأة.
130

385. السابع عشر: إذا صلى على جنازة، ثم تبين أنها كانت مقلوبة، أعاد
الصلاة عليها بعد تسويتها، وإن دفنت فقد مضت الصلاة.
386. الثامن عشر: لو لم يكبر المأموم الثانية قصدا حتى كبر الإمام الثالثة،
فالوجه أن صلاته لا تبطل، بل يكبر الثانية له وإن كانت ثالثة للامام، ثم يتابعه،
ويكبر بعد فراغ الإمام الخامسة.
المطلب الخامس: في الدفن
وفيه أربعة وعشرون بحثا:
387. الأول: دفن الميت واجب على الكفاية، وأقل الفرض حفيرة تحرس
الميت عن السباع، وتكتم رائحته مع القدرة، بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه،
وأن يضجع على جانبه الأيمن، مستقبل القبلة، بحيث لا ينكب ولا يستلقي.
388. الثاني: يستحب أن يحفر القبر قدر قامة (1) أو إلى الترقوة (2)، ويجعل
اللحد مما يلي القبلة، وهو أفضل من الشق، ويجعل سعة اللحد قدر ما يتمكن
الرجل فيه من الجلوس، ثم توضع الجنازة على الأرض إذا وصلت إلى القبر، مما
يلي رجليه إن كان الميت رجلا، وقدام القبر إن كانت امرأة، وأن ينقل في ثلاث
دفعات، وأن يرسل إلى القبر سابقا برأسه، والمرأة عرضا، وأن ينزل من يتناوله
حافيا كاشفا رأسه، حالا أزراره، داعيا عند إنزاله، وأن يحل عقد الأكفان من قبل
رأسه ورجليه، وأن يوضع شئ من تربة الحسين (عليه السلام) معه، والتلقين والدعاء له،

1. في «أ»: قدر قامته.
2. في «ب»: قدر قامة إلى الترقوة.
131

وشرج اللبن، والخروج من قبل رجلي القبر، وإهالة الحاضرين التراب بظهور
الأكف مسترجعين، ورفع القبر مقدار أربع أصابع، وأن لا يطرح فيه من غير ترابه،
وتربيعه، وصب الماء عليه من قبل رأسه دورا وإلقاء الفاضل على الوسط،
ووضع اليد عليه، والترحم، ووضع لبنة أو لوح عند رأسه، وترك شئ من الحصا
على القبر، وتلقين الولي له بعد انصراف الناس رافعا صوته.
389. الثالث: يكره فرش القبر بالساج إلا مع الضرورة، ونزول ذي الرحم
القبر إلا في المرأة، وزوجها أفضل، فإن تعذر فأحد ذوي أرحامها، فإن تعذر
فالنساء، فإن تعذرت فبعض المؤمنين، وإهالة التراب على ذي الرحم،
وتجصيص القبور، وتجديدها بعد اندراسها، ولا بأس بتطيينها ابتداء، ونقل
الميت إلى غير بلد موته، إلا إلى أحد المشاهد، فإنه مستحب، والاستناد إلى القبر
والاتكاء عليه، والمشي، والتغوط بين القبور، وحفر قبر مع العلم بدفن آخر، إلا
لضرروة، وبناء المسجد على القبر، والصلاة عليه.
390. الرابع: يحرم نبش القبور، ونقل الموتى بعد دفنهم، وشق الثوب على
غير الأب والأخ.
391. الخامس: راكب البحر إذا تعذر دفنه في الأرض، وضع في وعاء بعد
تغسيله وتكفينه والصلاة عليه، ثم يترك في البحر، أو يثقل بشئ.
392. السادس: يدفن الشهيد بثيابه، وينزع عنه الخفان، وإن أصابهما الدم
على خلاف (1).

1. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 1 / 402.
132

393. السابع: الصبي والمجنون حكمهما في الشهادة وأحكامها حكم البالغ
العاقل.
394. الثامن: إذا ماتت الحامل دون الولد، شق بطنها من الجانب الأيسر،
وأخرج الولد، وخيط الموضع، ولو مات الولد دونها أدخلت القابلة، أو من يقوم
مقامها، يدها في فرجها، وقطعت الصبي، وأخرجته قطعة قطعة مع تعذر
خروجه.
395. التاسع: الذمية الحامل من مسلم، تدفن في مقابر المسلمين لحرمة
ولدها، ويستقبل بظهرها القبلة.
396. العاشر: لا يترك المصلوب على خشبته أكثر من ثلاثة أيام، ثم ينزل بعد
ذلك، ويدفن بعد الصلاة عليه.
397. الحادي عشر: يستحب أن يدفن الميت في أشرف البقاع، فإن مات في
بلد لا أحد من الأئمة (عليهم السلام) فيه، استحب نقله إلى بعض مشاهدهم (1) فإن تعذر،
دفن في مقبرة من يذكر بخير وفضيلة من شهداء أو صالحين.
398. الثاني عشر: الدفن في المقبرة أفضل من الدفن في البيت، اقتداء
برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث دفن أصحابه في المقابر (2)، ولما فيه من التوسعة على
الورثة في منازلهم.

1. في «أ»: إلى بعض المشاهد.
2. قال المصنف في التذكرة: 2 / 100: الدفن في مقبرة المسلمين أفضل من الدفن في البيوت،
لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة، وأكثر للدعاء له والترحم عليه،
ولم تزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحاري، واختاره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه
وكان يدفنهم بالبقيع.
133

399. الثالث عشر: يستحب للإنسان اتخاذ مقبرة له، يدفن فيها هو وأهله
وعشيرته.
400. الرابع عشر: يكره دفن الميتين في قبر واحد.
401. الخامس عشر: السابق في المقبرة المسبلة أولى، ويقرع مع عدم السبق،
فإذا دفن في المسبلة لم يكن لغيره الدفن فيه، إلا بعد اندراسه والعلم بأنه قد
صار رميما، فإن حفره فوجد عظما رده، وحفر غيره.
402. السادس عشر: لو استعار أرضا للدفن، جاز للمالك الرجوع قبله لا
بعده، إلا أن يبلى الميت، أما لو غصبها فدفن فيها، كان للمالك قلع الميت،
والأفضل تركه، ولو كان أحد الوارثين غائبا، فاختار الحاضر الدفن في أرض
مشتركة بينهما، استحب للغائب مع حضوره ترك نقله.
ولو اتفقت الورثة على دفنه في موضع، لم يكن لأحدهم نقله بعد ذلك،
ولو اختار بعضهم الملك وبعضهم المسبل قدم اختيار المسبل.
403. السابع عشر: قال الشيخ: إذا دفن ميت في القبر، ثم بيعت الأرض، جاز
للمشتري نقل الميت، والأفضل تركه (1) وفي الإطلاق نظر، بل الصحيح ان ذلك
في المغصوب.
404. الثامن عشر: إذا أخذ السيل الميت، أو أكله السبع، كان الكفن للورثة، إلا
إذا كان من متبرع، ففي العود إليه اشكال.
405. التاسع عشر: يستحب أن يخمر قبر المرأة بثوب، إذا أريد دفنها، ويكره
في الرجال.

1. المبسوط: 1 / 188.
134

406. العشرون: يكره تسنيم القبور، وإنما المستحب تسطيحها.
407. الواحد والعشرون: جمع الأقارب في مقبرة واحدة حسن، «فإن رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أقبر عثمان بن مظعون أمر بوضع حجر عند رأسه، فلم يقدر
المأمور، فحسر عن ذراعيه (عليه السلام)، ثم نقله فوضعه عند رأسه، وقال: أعلم بها قبر
أخي، وأدفن إليه من مات من أهله (1)».
408. الثاني والعشرون: لو بلع الميت شيئا له قيمة كثيرة، فإن كان له أو لغيره،
ففي جواز شق بطنه وإخراجه إشكال، ينشأ من حرمة الميت، وجواز الأخذ من
التركة، ومن تضييع المال والإضرار بالوارث والمالك، ولو وقع في القبر ماله
قيمة، جاز نبشه وأخذه.
409. الثالث والعشرون: لو دفن من غير غسل، أو وجه إلى غير القبلة، أخرج
وغسل، أو وجه إلى القبلة، ثم دفن، أما لو دفن بغير صلاة أو بغير تكفين،
فالأقرب ترك نبشه، والأولى أن حكم التكفين حكم التغسيل، ولو كفن بثوب
مغصوب، فالوجه جواز نبشه، وإعادة العين إلى صاحبها.
410. الرابع والعشرون: يستحب زيارة المقابر، والترحم على أهلها، والدعاء
لهم، وقراءة القرآن عندهم للرجال والنساء، وما يهدى إليه من ثواب القربات
ينفعه.
411. خاتمة: يستحب التعزية: وهو الحمل على الصبر بوعد الأجر، والدعاء
للميت والمصاب، بعد الدفن وقبله، وأقله أن يراه صاحبها.

1. سنن أبي داود: 3 / 212 برقم 3206، وسنن البيهقي: 3 / 412.
135

قال الشيخ (رحمه الله): ويكره الجلوس للتعزية يومين وثلاثة (1) وفيه نظر، قال:
ويجوز لصاحب المصيبة أن يتميز عن غيره بإرسال طرف العمامة، أو أخذ مئزر
فوقها في الأب والأخ، ولا يجوز في غيرهما (2).
وليس في التعزية شئ موظف، ويستحب تعزية جميع أهل المصيبة، من
الرجال والنساء والصبيان، إلا الشاب من النساء الأجانب.
ويكره تعزية أهل الذمة، ويعزى المسلم بقريبه الكافر، والدعاء للحي،
ويعزى الكافر بقريبه المسلم والدعاء للميت.
ويستحب إصلاح طعام لأهل المصيبة، كما أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في موت
جعفر (عليه السلام) (3).
والبكاء جائز غير مكروه، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بكى على ابنه إبراهيم (4)،
وعلى عثمان بن مظعون، وعلى جماعة من أصحابه (5).
ويحرم اللطم والخدش وجز الشعر والنوح بالباطل.

1. المبسوط: 1 / 189.
2. المبسوط: 1 / 189.
3. جعفر الطيار بن أبي طالب أخو علي (عليه السلام) لأبويه، كان أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلقا وخلقا،
وكان أسن من علي (عليه السلام) بعشر سنين، وأخوه عقيل أسن منه بعشر سنين، وأخوهم طالب أسن من
عقيل بعشر سنين، قتل شهيدا سنة 8 ه‍. لاحظ أسد الغابة: 1 / 286، وأعيان الشيعة:
4 / 118.
وقد ورد إصلاح الطعام في سنن أبي داود: 3 / 195 برقم 3132; وسنن الترمذي: 3 / 323 برقم
998; وسنن الدارقطني: 2 / 79 و 87.
4. إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمه مارية أهداها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير مصر عندما بعث رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه كتابا يدعوه إلى الإسلام وعقيدة التوحيد، فأجاب على كتاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع إهدائها،
وقد توفي في السنة العاشرة من الهجرة وله من العمر ثمانية عشر شهرا. لاحظ السيرة الحلبية: 3
/ 311; وبحار الأنوار: 22 / 157.
5. سنن ابن ماجة: 1 / 468; وسنن الترمذي: 3 / 314; وسنن البيهقي: 3 / 407; ومستدرك
الحاكم: 1 / 361.
136

في غسل مس الأموات
412. تتمة: يجب على من مس ميتا من الناس بعد برده بالموت، وقبل
تطهيره بالغسل، الاغتسال، وكذا لو مس قطعة منه فيها عظم، سواء قطعت من
حي، أو ميت، ولو مس ما لا عظم فيه، وجب عليه غسل موضع الملاقاة خاصة،
وكذا لو مس ميتا من غير الناس.
ولو مس الميت بعد أن تيمم لعذر وجب الغسل، والأقرب وجوب الغسل
على من مس الميت بعد غسل الكافر له، لا بعد القتل بالرجم والحد مع سبق
الغسل قبل القتل، ولا الشهيد، وفي مس الميت الكافر إشكال. (1)

1. قال المصنف في المنتهى: 2 / 458: الأقرب ان الغسل يجب بمس الكافر، لأنه في حياته
نجس وبالموت لا يزول عنه ذلك الحكم، ويحتمل العدم، لأن قولهم: «قبل تطهيره بالغسل» إنما
يتحقق في ميت يقبل التطهير.
137

المقصد الرابع: في التيمم
وفيه فصول
[الفصل] الأول
في الأسباب المبيحة للتيمم، وينظمها شئ واحد، وهو العجز عن
استعمال الماء، ثم إن العجز له أسباب، نذكرها في مباحث (1).
السبب الأول: فقدان الماء
وفيه أحد عشر بحثا:
413. الأول: يجب مع فقدان الماء الطلب غلوة (2) سهمين في كل جهة من
الجهات الأربع، مع سهولة الأرض، وغلوة سهم من كل جهة مع حزونتها. (3)
414. الثاني: لو تحقق عدم الماء في هذه الأبعاد، فالوجه عدم وجوب
الطلب.

1. في «ب»: يذكر في مباحث.
2. الغلوة: الغاية مقدار رمية. الصحاح.
3. الحزن: ما غلظ من الأرض. الصحاح.
139

415. الثالث: لو غلب على ظنه وجود الماء في الزائد عنه، وجب طلبه مع
المكنة، إلا أن يضيق الوقت.
416. الرابع: لا فرق بين جوانب المنزل (1)، وصوب المقصد.
417. الخامس: لو دخل عليه وقت صلاة أخرى، وقد طلب في الأولى، ففي
وجوب الطلب ثانيا إشكال، أقربه عدم الوجوب، ولو انتقل عن ذلك المكان،
وجب إعادة الطلب، ولا ينتقض تيممه إلا بالوجدان.
418. السادس: قد بينا وجوب طلب الماء، فلو أخل به ثم تيمم وصلى، فإن
استمر الفقد صحت الصلاة وإن عصى بترك الطلب، وإن وجد الماء مع أصحابه،
أو في رحله بعد التيمم والصلاة، توضأ وأعاد الصلاة.
419. السابع: لو وجد من الماء ما لا يكفيه لطهارته، تيمم، ولا يجب استعماله
في بعض الأعضاء، لا في الغسل ولا في الوضوء. ولو كان على جسده أو ثوبه
نجاسة، ومعه من الماء ما لا يكفيه لهما، أزال النجاسة بالماء، وتيمم للصلاة.
420. الثامن: لو أراق الماء في الوقت عصى، وفي وجوب القضاء إشكال، أما
لو أراقه قبل الوقت، فلا قضاء.
421. التاسع: لا فرق بين قصير السفر وطويله.
422. العاشر: لا يشترط السفر، بل لو عدم الماء في الحضر تيمم
وصلى، ولا إعادة.

1. لا فرق بين جوانب النقطة التي نزل فيها المسافر، والجهة التي يقصدها من السفر.
140

423. الحادي عشر: لو طلب قبل دخول الوقت، لم يعتد به، بل يجب
بعد الدخول.
السبب الثاني
في العجز عن الوصول إليه مع وجوده، كما لو كان في بئر ولا آلة هناك، أو
ازدحم الواردون مع ضعفه عن المقاومة، وهنا ثمانية مباحث.
424. الأول: لو وجد الماء بالثمن، وعجز عنه، وجب عليه التيمم، لأنه
غير واجد.
425. الثاني: لو تمكن من الثمن وجب عليه شراؤه ما لم يخف الضرر في
الحال، سواء قل الثمن، أو كثر أضعافا مضاعفة، على أظهر القولين، وكذا البحث
في الآلة.
426. الثالث: لو وهب الماء أو الآلة، أو أعير، وجب القبول، ولو وهب الثمن
لم يجب (1).
427. الرابع: لو خاف فوت الوقت مع الاشتغال بتحصيل الماء، - وان كان
موجودا - أو فوت [صلاة] العيد، تيمم.
428. الخامس: لو باعه بثمن في الذمة يقدر على أدائه في بلده، وجب عليه
شراؤه، ولو لم يقدر لم يجب.

1. قال المصنف في التذكرة: 2 / 165: لو بذل له الماء بغير عوض لزمه القبول، لأنه منة له في
ذلك، ولو وهب له الثمن لم يجب القبول، لما فيه من المنة.
141

429. السادس: لو فضل الماء عن حاجة صاحبه، لم يجز المكابرة عليه.
430. السابع: لو وهب ماءه في الوقت، فهو باق على ملكه ما لم يتصرف
الموهوب.
431. الثامن: لو وجد الماء لغسل الميت، وجب شراؤه من تركته، فإن لم
يكن تركة، لم يجب على أحد شراؤه.
السبب الثالث
الخوف من التلف أو المرض الشديد، أو الشين (1) أو تلف المال، أو
ضياعه، أو اللص، أو السبع، أو البرد، فإن هذه الأشياء مبيحة للتيمم،
وهنا ثمانية مباحث:
432. الأول: لو تمكن خائف البرد من إسخان الماء، وجب عليه، ولم يجز
له التيمم.
433. الثاني: لو كان معه ماء وخاف العطش باستعماله، تيمم، وكذا لو خاف
عطش رفيقه، أو حيوان له حرمة.
434. الثالث: لو وجد خائف العطش مع الطاهر ماء نجسا، شرب الطاهر، أو
أبقاه لوقت الحاجة، وتيمم.
435. الرابع: لو تألم باستعمال الماء، وأمن العاقبة، وجب استعماله.
436. الخامس: لو كان الماء عند مجمع الفساق، وخافت المرأة من المكابرة
عليها، وجب التيمم.

1. الشين: ما يحدث في ظاهر الجلد من الخشونة، يحصل به تشويه الخلقة. مجمع البحرين.
142

437. السادس: لو خاف جبنا لا عن سبب، كمن يخاف بالليل، و ليس هناك
شئ يخافه سوى مجرد الوهم، لم يجز له التيمم، على أحسن الوجهين.
438. السابع: لو كان مريضا لا يقدر على الحركة، ولا وجد المعاون (1) جاز له
التيمم، ولو وجد المعاون قبل خروج الوقت (2) فهو واجد، ولو خاف خروج
الوقت قبل مجيئه، انتظر تضيق الوقت.
439. الثامن: لو كان المريض لا يتضرر باستعمال الماء، وجب
عليه الوضوء.
الفصل الثاني: فيما يتيمم به
وفيه ستة مباحث:
440. الأول: يصح التيمم بكل ما يقع عليه اسم الأرض، سواء تفرقت أجزاؤه
كالتراب، أو لم يتفرق كالطين اليابس، ويجوز التيمم بالأعفر والأسود والأصفر
والأحمر والأبيض، - وهو المأكول -، والسبخ والبطحاء وأرض النورة والجص،
وكل ذلك تراب (3).

1. في «ب»: ولا وجد المناول.
2. في «أ»: قبل وجود الوقت.
3. قال المصنف في التذكرة: 2 / 175: وكل ما يطلق عليه اسم التراب، يصح التيمم به سواء الأعفر
- وهو الذي لا يخلص بياضه -... والأبيض الذي يؤكل سفها... والسبخ وهو الذي لا ينبت على
كراهية، والبطحاء هو التراب اللين في مسيل الماء.
143

441. الثاني: يجوز التيمم بالمستعمل في التيمم، وبتراب القبر، والممتزج
بغيره مع بقاء اسم التراب، والأقرب جواز التيمم بالحجر.
442. الثالث: يكره التيمم بالسبخة (1) والرمل.
443. الرابع: لا يجوز التيمم بالمعادن والرماد ولا ما أشبه التراب في النعومة
وليس به، كالأشنان والدقيق، ولا بالتراب المغصوب، ولا النجس، ولا الوحل مع
وجود التراب.
444. الخامس: يستحب التيمم أن يكون من ربى الأرض وعواليها،
لا من المهابط.
445. السادس: لو فقد التراب والحجر، تيمم بغبار ثوبه، أو لبد سرجه، أو
عرف دابته، ولو فقد ذلك تيمم بالوحل، بأن يضع اليد (2) عليه، ثم يفركه بعد يبسه،
وتيمم به.
ولو لم يجد إلا الثلج اعتمد عليه بيده حتى يحصل فيها نداوة، فيصرفها
في بعض أعضاء الطهارة، إلى أن ينتهى بما يسمى غسلا، فإن تعذر ذلك، تيمم
به على رأي.

1. السبخة بالفتح واحدة السباخ، وهي أرض مالحة يعلوها الملوحة، ولا تكاد تنبت إلا بعض
الأشجار. مجمع البحرين.
2. في «ب»: يديه.
144

الفصل الثالث: في الكيفية
وفيه ثلاثة عشر بحثا:
446. الأول: يجب فيه النية المشتملة على الفعل والوجه والاستباحة والقربة،
واستدامتها حكما، ولا يجوز نية رفع الحدث، ولو نوى الجنب التيمم بدلا من
الوضوء، لم يجز.
447. الثاني: يجب أن يضع يديه على الأرض، ثم يمسح الجبهة بهما من
قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف، ثم يمسح ظهر كفه اليمنى من الزند إلى
أطراف الأصابع ببطن اليسرى، ثم ظهر اليسرى ببطن اليمنى كذلك.
448. الثالث: الترتيب هنا واجب، بأن يبدأ بالجبهة، ثم اليمنى، ثم اليسرى،
ولو عكس أعاد على ما يحصل معه الترتيب.
449. الرابع: الموالاة أيضا واجبة، وكذا استيعاب مواضع المسح، فلو أخل
بجزء لم يصح.
450. الخامس: لا يجب استيعاب الأعضاء على أظهر القولين.
451. السادس: التيمم إن كان بدلا من الوضوء، اكتفي فيه بالضربة الواحدة
للوجه واليدين، وإن كان بدلا من الغسل ضرب ضربة للوجه، وأخرى لليدين،
على أظهر الأقوال.
145

452. السابع: لو قطعت كفاه، سقط مسحهما، ومسح على الجبهة، ولو قطع
بعضها مسح على الباقي.
453. الثامن: يجب القصد إلى الصعيد، ولو تعرض لمهب الريح لم يكفه (1).
454. التاسع: يجب أن يباشر المسح للوجه واليدين بنفسه، فلو يممه غيره
بإذنه، وهو قادر لم يجزه. وإن كان عاجزا أجزأه.
455. العاشر: لا يجب نقل التراب، فلو كان على وجهه تراب، فردده بالمسح،
لم يجز، ولو نقل من سائر أعضائه إلى وجهه، أو من يده إلى وجهه، فالأقرب
عدم الجواز، ولو معك وجهه في التراب، لم يجز.
456. الحادي عشر: يكفي نية استباحة الصلاة مطلقا. ولا يفتقر إلى تعيين
الفرض والنفل من الصلاة، ولو نوى استباحة الفرض، دخل به في النفل، ويجوز
النفل به بعد وقت تلك الفريضة وقبل فعلها إن سوغنا التيمم في أول الوقت، ولو
نوى النفل، جاز الدخول به في الفرض، وكذا حكم جميع الطهارات، ولو نوى
استباحة فرضين أجزأه، وصح الدخول فيهما.
457. الثاني عشر: لا يلزمه إيصال التراب إلى منابت الشعر، وإن خفت.
458. الثالث عشر: لو كان في إصبعه خاتم نزعه، ليقع المسح على
جميع أجزاء الممسوح، ولا يلزمه أن يفرج أصابعه لا في الضربة الأولى ولا
الثانية.

1. قال في التذكرة: 2 / 195: «وضع اليدين على الأرض شرط فلو تعرض لمهب العواصف
حتى لصق صعيدها بوجهه أو كفيه، أو ردد الغبار على وجهه منه لم يجزئ».
146

الفصل الرابع: في الأحكام
وفيه اثنان وأربعون بحثا:
459. الأول: لا يجب إعادة الصلاة بالتيمم، إذا وقعت بشروطها، سواء كان في
سفر أو حضر، وكذا المتعمد للجنابة إذا لم يجد الماء، وكذا من منعه زحام
الجمعة، خلافا للشيخ (1). وسواء كان على جسده نجاسة لا يتمكن من إزالتها، أو
لم يكن.
أما لو أخل بالطلب وصلى ثم وجد الماء في رحله، أو مع أصحابه، فإنه
يتوضأ ويعيد الصلاة، ولو طلب فلم يجد، ثم تيمم وصلى، ثم وجد الماء في
الوقت فلا يعيد.
460. الثاني: لو تيمم وعلى جسده نجاسة، صح تيممه كالمائية.
461. الثالث: لا يجوز التيمم قبل دخول الوقت إجماعا. ويجوز مع تضيقه
بالإجماع، وفي الجواز مع السعة قولان، أقواهما الجواز.
462. الرابع: يستحب نفض اليدين بعد ضربهما على الأرض، ثم يمسح
جبهته بعده.

1. قال الشيخ في المبسوط: 1 / 31: ومن حضر يوم جمعة في الجامع، وأحدث ما ينقض
الوضوء ولم يمكنه الخروج من موضعه لكثرة الناس فأقيمت الصلاة تيمم وصلى ثم أعاد
الصلاة بوضوء.
147

463. الخامس: لو أوصل التراب إلى محل الفرض بخرقة، أو خشبة،
لم يجزه.
464. السادس: كل ما ينقض الوضوء ينقض التيمم، ويزيد عليه وجدان الماء
مع التمكن من استعماله، ولا ينتقض بدخول الوقت ولا بخروجه ما لم يحدث،
أو يجد الماء، ولو وجد الماء فلم يتطهر، ثم فقده، جدد التيمم.
465. السابع: لو وجد الماء وقد فرغ من الصلاة، لم يعد إجماعا، ولو وجده
قبل الشروع انتقض تيممه إجماعا، ولو وجده في الأثناء فلا إعادة، ولو تلبس
بتكبيرة الإحرام، وفيه خلاف (1).
ولا يجوز أن يعدل بالفرض إلى النفل، ولا فرق في ذلك بين الفرض
و النفل.
466. الثامن: لو عدم الماء والتراب، فأقوى الأقوال (2) سقوط الصلاة أداء
وقضاء.
467. التاسع: كل ما يستباح بالطهارة المائية يستباح بالتيمم.
468. العاشر: يجوز أن يصلي بتيمم واحد صلوات الليل والنهار فرائضها
جميعا ونوافلها، سواء نوى فريضة معينة، أو مطلقة، أو نوى نافلة، أو صلاة
مطلقة، ولو نوى به فرض الطواف، دخل نفله، وبالعكس.
ولو نوى الصبي لإحدى الخمس ثم بلغ بغير المبطل، استباح به الفرائض

1. لاحظ المختلف: 1 / 448.
2. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 1 / 443.
148

والنوافل على إشكال. ولو ذكر فائتة ضحوة النهار، فتيمم لأدائها، ولم يؤد إلا
ظهرا بعد الزوال، صح أداؤه.
469. الحادي عشر: الجنب إذا انتقض تيممه بحدث أصغر، تيمم بدلا من
الغسل لا من الوضوء، لأن التيمم عندنا لا يرفع الحدث.
470. الثاني عشر: يجوز التيمم لصلاة الجنازة، وإن كان الماء موجودا،
ولا يجوز الدخول به في غيرها.
471. الثالث عشر: إذا اجتمع ميت ومحدث وجنب، ومعهم من الماء ما
يكفي أحدهم، اختص به مالكه، ولو كان مباحا أو ملك مالك يسمح ببذله (1) أو
أوصى لأحق الناس به، اختص به الجنب، وقيل: الميت. (2)
472. الرابع عشر: لو كان بدل المحدث حائضا، كان الجنب أولى منها، ولو
كان الماء للميت، اختص به، والفاضل للورثة، لا يجوز استعماله بغير إذن، إلا مع
خوف العطش، فيؤخذ بالتقويم.
والجنب أولى من المحدث، لاستفادته ما لا يستفيده المحدث. ولو كان
وفق المحدث (3) فهو أولى لاستفادته كمال الطهارة. ولو قصر عنهما، فالجنب
أولى، لإمكان صرفه في بعض الأعضاء.
ولو كفى كل واحد، وفضل منه فضلة لا تكفي الآخر، فيه تردد، ينشأ من

1. في «ب»: «أو مع ذلك يسمح ببذله» بدل «أو ملك مالك يسمح ببذله».
2. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 1 / 451، ونقل المصنف في المنتهى: 2 / 154 عن
الشافعي انه قال: الميت أحق به.
3. في «ب»: ولو كان وفى المحدث.
149

كون الفضلة يستعملها الجنب، ومن استفادة الجنب ما لا يستفيده المحدث.
473. الخامس عشر: لو تغلب المرجوح أساء، وصحت طهارته. (1)
474. السادس عشر: قال الشيخ (رضي الله عنه): لو وجد الماء بعد الركوع، لم ينصرف،
فان فقده قبل الفراغ، أعاد التيمم لما تستقبل من الصلوات (2). ووجهه أنه متمكن،
والمنع الشرعي لا يقتضى زواله، والأقرب عدم وجوب إعادة التيمم.
أما لو دخل في نافلة، وقلنا بجواز الإبطال، وجبت الإعادة.
475. السابع عشر: الارتداد لا يبطل التيمم.
476. الثامن عشر: العاصي بسفره، يباح له التيمم مع الشروط، ولا يعيد.
477. التاسع عشر: لو نسى الجنابة فتيمم للحدث لم يجزه عندنا، أما مع
القول بالتسوية في الكيفية، فالأقرب الجواز.
478. العشرون: لو نوى للجنابة استباح ما يستبيحه (3) المحدث المتطهر
وبالعكس، ولو أحدث الأول حدثا أصغر، بطل تيممه. ولو تيمم للجنابة
والحدث، ثم أحدث، بطل تيممه مطلقا، وهل يجب على الحائض وشبهها
تيممان؟ الأقرب ذلك على إشكال.
479. الحادي والعشرون: لو تيمم الميت، ثم وجد الماء في أثناء الصلاة عليه،
فالوجه وجوب تغسيله على إشكال.

1. وعلله المصنف في المنتهى: 2 / 156 بقوله: «لأن الآخر ليس بمالك، وإنما الترجيح
لشدة حاجته».
2. المبسوط: 1 / 33; والنهاية: 48.
3. في «أ»: استبيحه.
150

480. الثاني والعشرون: لو وجد المتيمم ما يغلب على الظن وجود الماء فيه،
كالركب أو الخضرة، لم يبطل تيممه، وإن وجب الطلب، سواء بان بطلان ظنه أو
لا، ولو كان في الصلاة لم يبطل صلاته، لأنها لا تبطل مع تيقن الماء، فمع توهمه
أولى.
481. الثالث والعشرون: لا يجب التيمم للنجاسة في البدن مع تعذر الماء، بل
يمسحها بالتراب، فلو كان محدثا تيمم للحدث لا للنجاسة، وغسلها، ولو كانت
النجاسة على الثوب المنفرد، غسله وتيمم، ولو وجدت النجاسة في الثوب
والبدن، غسل البدن دون الثوب إذا لم يسع الماء.
482. الرابع والعشرون: لو أمكن الجريح غسل بعض جسده، أو بعض
أعضائه في الوضوء، جاز له التيمم، ولا يغسل الأعضاء الصحيحة، فان غسلها
وتيمم كان أحوط; قاله الشيخ (رحمه الله) (1) سواء كان أكثر بدنه أو أعضائه صحيحا، أو
سقيما، ولا فرق بين تقديم غسل الصحيح على التيمم وتأخيره، ولا يجوز
التبعيض بأن يغسل السليم، ويتم باقي الأعضاء تيمما، وكذا لو كان بعض أعضائه
المغسولة مريضا لا يقدر على غسله ولا مسحه.
483. الخامس والعشرون: يتيمم لصلاة الخسوف بالخسوف، ولصلاة
الاستسقاء باجتماع الناس في الصحراء، وللفائتة بذكرها، وللنافلة الراتبة
بدخول وقتها.
484. السادس والعشرون: المحبوس بدين يقدر على قضائه، لا يعذر،
فيصير 2 كما لو كان الماء قريبا منه وتمكن من استعماله، فلم يستعمله
حتى ضاق الوقت.

1. المبسوط: 1 / 35.
2. في «أ»: ويصير.
151

485. السابع والعشرون: يجوز للعادم الجماع، وإن كان معه ماء يكفيه (1)
للوضوء قبل الوقت، لعموم قوله: (فأتوا حرثكم انى شئتم) (2) وليس بمكروه، فإذا
جامعها ومعه ما لا يكفيه للغسل، غسل فرجه وفرجها، ثم تيمما وصليا.
486. الثامن والعشرون: إذا كان الثوب نجسا، صرف الماء في غسله وتيمم،
ولو لم يكن ماء نزعه وصلى عريانا، ولا إعادة عليه، ولو لم يتمكن من النزع
صلى فيه بتيمم، ولا إعادة. وقول الشيخ (رحمه الله) (3) لا تعويل عليه، لضعف مستنده (4).
487. التاسع والعشرون: لو وجد فاقد الماء والتراب أحدهما بعد الدخول
في الصلاة، انصرف وتطهر، وهو تخريج.
488. الثلاثون: قال الشيخ (رحمه الله): لا يجب عليه إذا طلع الركب عليه بعد التيمم
سؤالهم عن الماء، لتضيق الوقت ويخاف الفوت، وقد مضى وقت الطلب (5) وهو
جيد على أصله.
489. الواحد والثلاثون: لا يبطل التيمم بنزع العمامة والخف، وهو ظاهر على
أصلنا.
490. الثاني والثلاثون: لو أحدث المتيمم من جنابة حدثا أصغر، ومعه من

1. في «ب»: ما يكفيه.
2. البقرة: 223.
3. النهاية: 55.
4. واستدل الشيخ على وجوب الإعادة برواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) (لاحظ
الوسائل: 2 / 1000، الباب 30 من أبواب التيمم، الحديث 1) وأجاب عنها المصنف بأنها ضعيفة
السند مع منافاتها للأصل الدال على الإجزاء مع الامتثال. لاحظ المنتهى: 2 / 131 - 132.
5. الخلاف: 1 / 151، المسألة 99 من كتاب الطهارة.
152

الماء ما يكفيه للوضوء، تيمم، وقول السيد (1) ضعيف.
491. الثالث والثلاثون: يجوز التيمم لكل ما يتطهر له من صلاة فريضة
ونافلة، قال الشيخ في المبسوط: ومس مصحف وسجود تلاوة ودخول مسجد
وغيرها. (2)
492. الرابع والثلاثون: إذا انقطع دم الحائض جاز الوطء من دون غسل،
ولا يشترط التيمم.
493. الخامس والثلاثون: والكافر لا يصح تيممه، سواء كان بنية الإسلام
أو لا. وقول أبي يوسف: (3) إذا تيمم بنية الإسلام وأسلم صلى بذلك التيمم (4) باطل.
494. السادس والثلاثون: لو أحدث المتيمم في صلاته حدثا يوجب الوضوء
ناسيا، ووجد الماء، توضأ وبنى على ما مضى من صلاته، ما لم يتكلم أو يستدبر
القبلة; قاله الشيخان (5) وهي رواية زرارة و محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) وهي
صحيحة (6). ونازع ابن إدريس في ذلك (7)، وهو قوي.
495. السابع والثلاثون: يكره أن يؤم المتيمم المتوضئين، ونقل

1. نقل المحقق (قدس سره) في المعتبر: 1 / 395 عن الشيخ (قدس سره) انه قال: «لو تيمم المجنب ثم أحدث
ووجد ماء لوضوئه تيمم بدلا من الغسل. وقال علم الهدى في شرح الرسالة: يتوضأ بالماء لأنه
متمكن من الماء فلا يصح التيمم».
2. المبسوط: 1 / 34.
3. أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الكوفي القاضي، كان تلميذ أبي حنيفة ومن أتباعه، مات سنة
182 ه‍. لاحظ طبقات الفقهاء: 113، والكنى والألقاب: 1 / 180.
4. المجموع: 2 / 37; المغني: 1 / 387; المبسوط للسرخسي: 2 / 16.
5. في «أ»: في صلاة.
6. لاحظ الوسائل: 2 / 992، الباب 21 من أبواب التيمم، الحديث 4.
7. السرائر: 1 / 142.
153

ابن إدريس عن بعض علمائنا عدم الكراهة. (1)
496. الثامن والثلاثون: لو شاهد المأموم المتوضئ الماء في أثناء الصلاة، ولم
يشاهد إمامه المتيمم، لم يفسد صلاته.
497. التاسع والثلاثون: لو ظن فناء مائه فتيمم وصلى; لم يجزئه إن أخل
بالطلب، وإلا أجزأه. ولو كان الماء معلقا في عنقه أو على ظهره، فنسيه، فإن طلب
أجزأه، وإلا فلا، وكذا لو كان معلقا على رحله، سواء كان راكبا والماء مقدم
الرحل، أو مؤخره.
498. الأربعون: لو وجد جماعة متيممون ماء يكفي (2) أحدهم في المباح،
انتقض تيممهم جميعا. وكذا لو كان ملكا لأحدهم، أو لأجنبي، فأباح
من شاء منهم. أما لو وهب الجميع، أو أباحهم على الجميع، لم ينتقض تيممهم.
ولو أذن لواحد، انتقض تيممه خاصة. ولو مر المتيمم على الماء، ولم يعلم به، لم
ينتقض تيممه.
499. الحادي والأربعون: لو لم يجد الماء إلا في المسجد، وكان جنبا،
فالأقرب جواز الدخول مع خلو بدنه من النجاسة، وأخذ الماء والاغتسال به
خارجا، ولو فقد الآنية اغتسل فيه، ما لم يفتقر إلى اللبث.
500. الثاني والأربعون: روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم، عن
أحدهما (عليهما السلام) انه سئل عن الرجل يقيم بالبلاد الأشهر ليس فيها ماء، من أجل
المراعي وصلاح الإبل. (3) قال لا (4) وفي التحريم نظر.

1. قال ابن إدريس في السرائر: 1 / 142: «وبعض أصحابنا يذهب إلى أنه لا يجوز». وعليه
المصنف في المنتهى، فلاحظ منتهى المطلب: 2 / 152.
2. في «أ»: ما يكفي.
3. في «أ»: وصلاح الإبل يتمم.
4. لاحظ الوسائل: 2 / 999، الباب 28 من أبواب التيمم، الحديث 1.
154

المقصد الخامس: في النجاسات
والنظر في أمرين
[الفصل] الأول: في أنواعها:
وهي عشرة:
501 و 502. الأول والثاني: البول والغائط من كل حيوان له نفس سائلة لا يؤكل
لحمه، سواء كان حراما في الأصل كالأسد، أو عرض كالجلال وكموطوء الإنسان.
وقول الشيخ (رحمه الله) في المبسوط: إن بول الطيور كلها طاهر، سواء أكل لحمها
أو لا، وكذا ذرقها إلا الخشاف (1) ضعيف، ورواية أبي بصير (2) وإن كانت حسنة،
لكنها معارضة بغيرها (3).
أما بول ما يؤكل لحمه وذرقه من أصناف الحيوان، فإنه طاهر إلا الدجاج،
فإن فيه خلافا (4). وبول ما لا نفس له سائلة وذرقه، طاهران، ويكره بول البغال

1. المبسوط: 1 / 39.
2. لاحظ الوسائل: 2 / 1013، الباب 10 من أبواب النجاسات، الحديث 1.
3. وهو ما رواه عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل
لحمه». لاحظ الوسائل: 2 / 1008، الباب 8 من أبواب النجاسات، الحديث 2.
4. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 1 / 455.
155

والحمير والدواب وأرواثها.
503. الثالث: المني نجس من كل حيوان ذي نفس سائلة، حل أكلها أو
حرم، آدميا كان أو غيره، والأصح طهارة مني ما لا نفس له سائلة. والمذي
والودي (1) طاهران.
504. الرابع: الدم المسفوح من كل حيوان ذي عرق - لا ما يكون رشحا
كدم السمك وشبهه - نجس، أما دم ما لا نفس له سائلة، فإنه طاهر كالبق
والبراغيث والسمك.
ولا بأس بالصديد والقيح; قاله الشيخ (رحمه الله) (2). قال صاحب الصحاح: القيح
المدة لا يخالطها دم، والصديد ماء الجرح المختلط بالدم قبل ان تغلظ المدة (3).
والدم المتخلف في اللحم المذكى مما لا يقذفه المذبوح، طاهر.
505. الخامس: الميتة من كل حيوان ذي نفس سائلة نجسة، سواء كان آدميا
أو لم يكن، وكذا أبعاضها. والمنفصل من كل حيوان ينجس بالموت نجس وإن
أبين من الحي.
وما لا تحله الحياة كالعظم والشعر فهو طاهر وإن أبين من الميت، إلا أن
يكون من حيوان نجس العين كالكلب والخنزير والكافر. وخلاف المرتضى (4)
ضعيف.

1. قال المصنف في المنتهى: 2 / 185: المذي: ماء لزج رقيق يخرج عقيب الشهوة على طرف
الذكر، والودي: ماء أبيض يخرج عقيب البول خاثر.
2. المبسوط: 1 / 38.
3. لاحظ الصحاح: 1 / 398، و 2 / 496.
4. الناصريات: 100 (من الطبع الحديث).
156

واللبن من الميتة المأكولة اللحم بالذكاة نجس، وفي رواية زرارة
الصحيحة عن الصادق (عليه السلام):
«لا بأس به» (1).
والإنفحة من الميتة طاهرة، لرواية زرارة الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) (2).
والبيضة من الميتة طاهرة، ان كانت قد اكتست الجلد الفوقاني.
506. السادس: الكلب نجس العين واللعاب، ولو نزا على طاهر فأولده
روعي الاسم.
507. السابع: الخنزير حكمه في التنجيس حكم الكلب، وجميع الرطوبات
المنفصلة منهما وسائر أجزائهما حلتها الحياة أو لا نجسة، أما كلب الماء فالأصح
فيه الطهارة، لأن إطلاق اسم الكلب عليه بالمجاز.
508. الثامن: المسكرات كلها نجسة، وقول ابن بابويه (3) ضعيف، والروايات
معارضة بمثلها (4) وعمل الأصحاب، وكذا العصير إذا غلى ما لم يذهب ثلثاه،
وبصاق شارب الخمر طاهر ما لم يكن متلوثا به.
ولو انقلب الخمر خلا طهر، سواء كان من قبل نفسه أو بعلاج أو طرح
أجسام طاهرة فيه، وإن كان المستحب تركه لينقلب من قبل نفسه، ولو طرح فيها
أجسام نجسة واستهلكت، ثم انقلبت أو باشرها المشرك، فإن الانقلاب
لا يطهرها.

1. الوسائل: 16 / 366، الباب 33 من كتاب الأطعمة والأشربة، باب ما لا يحرم الانتفاع به من
الميتة، الحديث 10.
2. الوسائل: 16 / 366، الباب 33 من كتاب الأطعمة والأشربة، باب ما لا يحرم الانتفاع به من
الميتة، الحديث 10.
3. لاحظ الفقيه: 1 / 43.
4. لاحظ الوسائل: 2 / 1054، الباب 38 من أبواب النجاسات.
157

509. التاسع: الفقاع نجس، وحكمه حكم الخمر عندنا بلا خلاف.
510. العاشر: الكافر نجس، وهو كل من جحد ما يعلم ثبوته من الدين
ضرورة، سواء كانوا حربيين أو أهل كتاب أو مرتدين وكذا الناصب
والغلاة والخوارج، والأقرب ان المجسمة و المشبهة كذلك، وما عدا هذه
الأعيان طاهر ما لم يباشر شيئا منها رطوبة كالهرة، والحمر الأهلية، والبغال،
والفيل، وغيرها من المسوخ، والسباع، والثعلب، والأرنب، والفأرة، والوزغة،
وسائر الحشرات، خلافا للشيخ (1) وكذا عرق (2) الجنب من الحرام، وعرق الإبل
الجلالة، خلافا له (3).
والقئ طاهر، خلافا لشذوذ، سواء خرج قبل الاستحالة أو بعدها، ما لم
يستحل غائطا، فإنه يكون نجسا، وفي نقضه خلاف سلف، وكذا النخامة
والبلغم، سواء نزل من الرأس، أو خرج من الصدر، والحديد طاهر، ورواية
إسحاق بن عمار (4) ضعيفة.
وطين الطريق طاهر، ما لم يعلم فيه النجاسة، وطين المطر طاهر ويستحب
إزالته بعد ثلاثة أيام، ولو وقع عليه في الطريق ماء ولا يعلم نجاسته، لم يجب
عليه السؤال إجماعا، وبنى على الطهارة.

1. قال الشيخ في النهاية: 52: إذا أصاب ثوب الإنسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فأرة
أو وزغة وكان رطبا وجب غسل الموضع الذي أصابه...
2. في «أ»: وكذا في عرق.
3. النهاية: 53.
4. الوسائل: 2 / 1102، الباب 83 من أبواب النجاسات، الحديث 6.
158

الفصل الثاني: في الأحكام
وفيه اثنان وثلاثون بحثا:
511. الأول: يجب إزالة النجاسة عن الثوب والبدن للصلاة والطواف
ودخول المساجد، وعن الأواني لاستعمالها، ولا فرق في ذلك بين كثير النجاسة
وقليلها في وجوب الإزالة إلا الدم، فإن فيه تفصيلا يأتي، ولو جبر عظمه بعظم
نجس وجب النزع مع الإمكان، سواء ستره اللحم أو لا.
512. الثاني: عفي عن النجاسة مطلقا فيما لا تتم الصلاة فيه منفردا، كالتكة
والجورب والخف والقلنسوة والنعل، وأضاف ابن بابويه العمامة (1) وهو ضعيف،
والوجه ان الرخصة في هذه الأشياء إذا كانت في محالها (2).
513. الثالث: الدم إن كان حيضا أو استحاضة أو نفاسا، وجب إزالة قليله
وكثيره عن الثوب والبدن، وإن كان غيرها كان نجسا، فإن شق إزالته ولم يقف
سيلانه كالجروح الدامية والقروح اللازمة كان عفوا في الثوب والبدن، قل أو كثر،
وإن لم يخرج عن النجاسة، ويستحب غسل الثوب في اليوم مرة، وإن وجد
طاهرا ففي وجوب الابدال إشكال.

1. الفقيه: 1 / 42.
2. قال المصنف في المنتهى: 3 / 260: إنما يعفى عن نجاسة هذه الأشياء إذا كانت في محالها،
فلو وضع التكة على رأسه والخف في يده وكانا نجسين لم تصح صلاته، وإلا لم يبق فرق بين
الملبوس وغيره.
159

وإن لم يشق إزالته، فإن كان فوق الدرهم البغلي (1) سعة، وجب إزالته
إجماعا عن الثوب والبدن، وإن كان دونه لم يجب إزالته إجماعا، وإن كان نجسا.
وإن كان قدر الدرهم، فقولان أقربهما وجوب الإزالة، ولو كان الدم متفرقا،
فالأولى اعتبار الدرهم سعة على تقدير الجمع، فيزيله أو ما يحصل القصور عن
الدرهم به (2).
ولا فرق بين الدماء كلها في ذلك، عدا الدماء الثلاثة، واستثناء
الراوندي (3) وابن حمزة (4) دم الكلب والخنزير حسن، ولو أصاب الدم نجاسة غير
معفو عنها، لم يعف عنه.
514. الرابع: يجب غسل الثوب من النجاسة بالماء المطلق، ولو لم يزل أثر
دم الحيض بالغسل، استحب صبغه بالمشق.
515. الخامس: لو اتصل الدم من أحد وجهي الثوب الصفيق إلى الآخر فهما
نجاسة واحدة، وإلا تعددتا.

1. قال ابن إدريس: وهو منسوب إلى مدينة قديمة يقال لها بغل، قريبة من بابل، بينها وبينها قريب
من فرسخ، متصلة ببلدة الجامعين، تجد الحفرة (جمع الحافر أريد منه من يحفر الأرض ويطلق
على الدابة أيضا لأنها تحفر بقدمها الأرض) والغسالون دراهم واسعة، شاهدت درهما من تلك
الدراهم، وهذا الدرهم أوسع من الدينار المضروب بمدينة السلام، المعتاد، تقرب سعته من
سعة أخمص الراحة. السرائر: 1 / 177.
2. في «أ»: «فيزيله لا ما يحصل القصور عن الدرهم به». قال المصنف في المنتهى: 3 / 254: لو
كان الدم متفرقا ولو جمع لزاد على الدرهم... فالمصلي بالخيار، إن شاء أن يزيل الجميع فعل
وهو الأولى، وإن شاء أزال ما يبقى معه حد القلة، لأنه حينئذ يصدق عليه ان في ثوبه أقل من
درهم، فساغ له الدخول في الصلاة به.
3. نقله عنه الحلي في السرائر: 1 / 177.
4. الوسيلة: 77.
160

516. السادس: لا يجزي الفرك في المني، سواء كان يابسا أو رطبا، مني
آدمي (1) أو حيوان، ذكر أو أنثى.
517. السابع: يستحب قرص الثوب وحته، ثم غسله بالماء في دم الحيض،
والواجب الغسل خاصة.
518. الثامن: يغسل الثوب من البول مرتين، والنجاسة السخينة أولى بتعداد
الغسل، أما ما لا يشاهد من النجاسات فإنها تطهر بالمرة.
519. التاسع: لا بد من عصر الثوب ودلك الجسد. ويكفي الدق والتقليب
فيما يعسر عصره. ولو أخل بالعصر لم يطهر الثوب.
520. العاشر: لو غسل بعض الثوب النجس، طهر المغسول خاصة، ويكفي
في بول الرضيع صب الماء عليه وحده، ما لم يغتذ بالطعام، وتحديد ابن إدريس
بالحولين (2) ضعيف.
521. الحادي عشر: المرأة المربية للصبي إذا لم يكن لها سوى ثوب واحد
وتصيبه النجاسة دائما، ولا تتمكن عن غسله في كل وقت، تجتزي بغسله مرة
واحدة في اليوم، ويستحب أن تجعل الغسلة آخر النهار لتقع الفرائض الأربع في
طاهر، واليوم اسم للنهار والليل.
522. الثاني عشر: الكلب والخنزير إذا أصابا الثوب، وأحدهما رطب، وجب
غسل موضع الملاقاة، ولو اشتبه وجب تعميم الغسل. ولو كانا يابسين استحب
رش الثوب بالماء، ولو كان في البدن غسل موضع الملاقاة رطبا، ومسحه
بالتراب يابسا.

1. في «ب»: من آدمي.
2. السرائر: 1 / 187.
161

523. الثالث عشر: البول إذا أصاب الأرض أو الحصير أو البارية، وجف
بالشمس، طهر محله، وقول الراوندي (1) وابن حمزة (2) بجواز الصلاة عليه مع
نجاسته باطل، لقول الباقر (عليه السلام) في رواية صحيحة من زرارة، وقد سئل عن البول
يكون على السطح، أو في المكان الذي يصلى فيه؟: إذا جففته الشمس فصل
عليه، فهو طاهر (3) وهو نص في الباب. ولو جف بغير الشمس لم يطهر إجماعا،
وللشيخ قول آخر في الخلاف (4) ضعيف.
524. الرابع عشر: غير البول من النجاسات المائعة كالخمر وشبهه لا يطهر
بتجفيف الشمس على أحد قولي الشيخ (5).
525. الخامس عشر: إنما يطهر بتجفيف الشمس ما تقدم من الأرض والحصر
والبواري والنباتات وشبهها.
526. السادس عشر: لا يطهر بالشمس ما يبقى فيه أجزاء النجاسة
بعد التجفيف.
527. السابع عشر: قال الشيخ: الأرض إذا أصابها بول، فألقي عليها ذنوب (6)
من ماء، بحيث يقهر لونه وريحه، تطهر، ويبقى الماء على طهارته (7) وعندي

1. نقله عنه المحقق في المعتبر: 1 / 446.
2. الوسيلة: 79.
3. الوسائل: 2 / 1042، الباب 29 من أبواب النجاسات، الحديث 1.
4. الخلاف: 1 / 218، المسألة 166 من كتاب الطهارة وفيه «وهبت عليها الريح»; وفي المنتهى:
3 / 279 «أو هبت عليها الريح» والظاهر هو الصحيح. فلاحظ.
5. المبسوط: 93.
6. الذنوب - وزان رسول -: الدلو العظيمة. المصباح المنير.
7. المبسوط: 1 / 92، والخلاف: 1 / 494، المسألة 235 من كتاب الصلاة.
162

فيه نظر. ورواية الأعرابي (1) ضعيفة عندنا، ومعارضة بما روى عنه (عليه السلام) من
قوله فيها:
«خذوا ما بال عليه من التراب، وأريقوا على مكانه ماء (2)».
528. الثامن عشر: إنما تطهر الأرض بإجراء الماء الكثير عليها، أو وقوع
المطر أو السيل، بحيث يذهب أثر النجاسة، أو بوقوع الشمس حتى يجف في
البول وشبهه على إشكال، قال الشيخ: أو بزوال الأجزاء النجسة، أو تطيين
الأرض بالطاهر (3) وليسا في الحقيقة مطهرين.
ولا فرق في التطهير بين قليل المطر وكثيره إذا زال العين والأثر، ولو لم
يزل الرائحة واللون لم يطهر، ولو كانت النجاسة جامدة أزيلت عينها، ولو
خالطت أجزاء التراب أزيل الجميع.
529. التاسع عشر: يطهر التراب باطن الخف وأسفل النعل، وفي القدم
إشكال، والصحيح طهارتها، والنار تطهر ما أحالته.
530. العشرون: قال علم الهدى: الصقيل كالسيف، إذا لاقته نجاسة طهر
بالمسح (4) وفيه إشكال.
531. الحادي والعشرون: إذا استحالت الأعيان النجسة، فقد طهرت كالخمر

1. وهي ما رواه أنس قال: جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره الناس فنهاهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه. لاحظ صحيح البخاري: 1 / 65; والمغني:
1 / 774.
2. سنن أبي داود: 1 / 104 برقم 381.
3. المبسوط: 1 / 93 و 94.
4. نقل عنه الشيخ في الخلاف: 1 / 479 المسألة 222 من كتاب الصلاة، ونقل عنه المحقق في المعتبر: 1 / 450.
163

إذا انقلبت، وكالنطفة والعلقة إذا تكونتا إنسانا، وكالدم إذا صار قيحا أو صديدا. أما
الخنزير وشبهه إذا وقع في ملاحة، فاستحال ملحا فإنه لا يطهر.
وحكم الشيخ بتطهير اللبن المضروب بماء نجس، مع صيرورته آجرا أو
خزفا (1) ولا يطهر الدبس النجس إذا انقلب خلا، ولو انقلبت الأعيان النجسة ترابا،
ففي طهارتها إشكال.
والكافر إذا أسلم طهر بدنه دون ما لاقاه برطوبة من ثيابه وغيرها قبل
الإسلام، ولو تاب المرتد عن غير فطرة فكذلك، أما المرتد عن فطرة فالوجه انه
كذلك أيضا.
532. الثاني والعشرون: إذا علم بالنجاسة في موضع معين من ثوبه أو بدنه،
غسله وجوبا، وإن اشتبه وجب غسل كل ما يحتمل إصابة النجاسة له، ولو علم
حصولها في أحد الثوبين وجهل التعيين، غسلهما معا، ولو لم يجد الماء نزعهما
وصلى في غيرهما إن وجد، وإلا صلى عريانا، ولا يتحرى، وقال أكثر علمائنا:
يصلي في كل واحد منهما مرة، وهو الحق عندي، وقول ابن إدريس: إن الواجب
افتتاح الصلاة مع العلم بوجوبها لا مع الشك (2) خطأ، لأنهما عندنا واجبتان،
إحداهما بالاشتباه، والأخرى بالأصالة.
ولو تعددت الثياب النجسة، صلى بعددها، وزاد صلاة على ذلك العدد،
ولو صلى الظهرين في أحدهما، ثم كررهما في الآخر، صحتا معا. ولو صلى
الظهر في ثوب، ثم العصر في آخر، ثم الظهر فيه، ثم العصر في الأول، صحت
الظهر.

1. المبسوط: 1 / 94; والخلاف: 1 / 499، المسألة 239 من كتاب الصلاة.
2. السرائر: 1 / 185.
164

ولو غسل أحد الثوبين المشتبهين، وصلى فيه، صحت الصلاة إجماعا،
ولا يجوز أن يصلي في الآخر، ولو جمعهما وصلى فيهما، لم تصح صلاته، سواء
غسل أحدهما أو لا. ومع وجود الطاهر بيقين، لا يجوز أن يصلي في المشتبه مع
الأفراد أو التعدد.
533. الثالث والعشرون: لو كان معه ثوب نجس لا غير، نزعه وصلى عريانا،
بالإيماء، ولا إعادة عليه; قاله الشيخ (1). وفي رواية علي بن جعفر الصحيحة عن
أخيه موسى (عليه السلام):
«يصلي فيه» (2).
والوجه عندي التخيير.
534. الرابع والعشرون: من صلى في ثوب نجس مع العلم، أعاد الصلاة
مطلقا; ولو نسى حالة الصلاة فالوجه الإعادة في الوقت لا خارجه، خلافا
للشيخ (3); ولو لم يسبقه العلم، ثم علم بعد الصلاة لم يعد، لا في الوقت
ولا خارجه، على خلاف في الأول.
535. الخامس والعشرون: لو دخل في الصلاة ولم يعلم، ثم تجدد له العلم
بسبق النجاسة، نزعه وإن لم يكن غيره، وأخذ ساترا، ولو احتاج إلى فعل كثير
قطع الصلاة، وستر عورته، ولو لم يملك الساتر نزعه، وأتم من جلوس إيماء.
ولو حمل حيوانا طاهرا مأكول اللحم، صحت صلاته، وكذا غير المأكول،

1. المبسوط: 1 / 38، والنهاية: 55.
2. الوسائل: 2 / 1067، الباب 45 من أبواب النجاسات، الحديث 5.
3. المبسوط: 1 / 90.
165

ولو حمل قارورة مضمومة فيها نجاسة، فقد تردد الشيخ في الخلاف (1)، وأفتى
في المبسوط بالبطلان (2).
ويكره للمرأة أن تصل شعرها بشعر آدمي، رجلا أو امرأة، ولا بأس
بالحيوان الطاهر. ولو شرب خمرا، أو أكل ميتة فالأقوى وجوب القئ. ولو
أدخل دما تحت جلده، فنبت اللحم نزعه مع المكنة.
ولو كان وسطه مشدودا بطرف حبل، وطرفه الآخر مشدودا في نجاسة
كالكلب، لم يبطل صلاته، سواء كان واقفا على الحبل أو حاملا له، وسواء كان
الكلب كبيرا لا يتحرك بحركته أو يتحرك، وكذا لو كان مشدودا في سفينة فيها
نجاسة، سواء كان الشد في النجس أو الطاهر.
ويجوز الصلاة في ثياب الصبيان، ويكره في ثياب شارب الخمر وغيره
من المحرمات، ما لم يعلم إصابتها لها.
536. السادس والعشرون: يحرم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة
إجماعا، وكذا يحرم عندنا استعمالها في غير الأكل والشرب، ونص الشيخ على
تحريم اتخاذها (3) سواء الرجل أو المرأة في ذلك، أما المفضض ففيه قولان،
أقربهما الكراهية.
ويعزل الفم عن موضع الفضة وجوبا; قاله الشيخ (4)، ويجوز اتخاذ الأواني
من غير الجوهرين، وإن غلت أثمانها.

1. الخلاف: 1 / 503، المسألة 244 من كتاب الصلاة.
2. المبسوط: 1 / 94.
3. المبسوط: 1 / 13.
4. المبسوط: 1 / 13، والنهاية: 589، كتاب الأطعمة والأشربة.
166

وأواني المشركين طاهرة حتى يعلم نجاستها، ولو تطهر من آنية الذهب
والفضة، فالأقرب صحة طهارته، بخلاف ما لو توضأ في الدار المغصوبة، وكذا
لو جعل آنية الذهب أو الفضة مصبا لماء الطهارة.
537. السابع والعشرون: تغسل الآنية من ولوغ الكلب ثلاث مرات، أولاهن
بالتراب، خلافا لابن الجنيد في العدد (1) وللمفيد في الترتيب (2). وإذا غسلت
طهرت، ولم يجب تجفيفها.
ولو لم يجد التراب، قال الشيخ: اقتصر على الماء (3) والأقرب حينئذ الاكتفاء
بالمرتين، (4) ولو وجد ما يشبهه كالأشنان والصابون أجزأ استعماله، وهل يجزي
مع وجود التراب؟ إشكال.
ولو خيف فساد المحل باستعمال التراب، فهو كالفاقد، ولو غسله بالماء
مع وجود التراب لم يجزه.
وهل يمزج التراب بالماء؟ قال ابن إدريس: نعم (5)، ولم يثبت. ولو تكرر
الولوغ اتحد الغسل، تعدد الكلب أو اتحد، ولا يغسل بالتراب إلا من الولوغ
خاصة، ويلحق بالكلب ما تبعه في الاسم، وجزم في المبسوط (6) والخلاف (7) على

1. نقله عنه المحقق في المعتبر: 1 / 458.
2. المقنعة: 9.
3. المبسوط: 1 / 14.
4. في «أ»: «عدم الاكتفاء بالمرتين» والصحيح ما في المتن، قال في المنتهى: 3 / 337: «فوجب
القول بطهارته بالغسل مرتين، وهو قوي».
5. السرائر: 1 / 91.
6. المبسوط: 1 / 15.
7. الخلاف: 1 / 186، المسألة 143 من كتاب الطهارة.
167

مساواة الخنزير له، ولم يثبت. والحق عندي انه يغسل من ولوغ الخنزير سبع
مرات، لرواية علي بن جعفر الصحيحة عن أخيه الكاظم (عليه السلام). (1)
538. الثامن والعشرون: إذا وقع فيه نجاسة بعد غسله بعض العدد تداخلا،
ولو غسله بالتراب ثم بالماء مرة، ثم ولغ استأنف، ولا يجب الإكمال ثم
الاستئناف.
ولو وقع إناء الولوغ في ماء قليل، نجس الماء، ولو كان في كثير لم يحصل
للمغسول غسلة إلا مع القول بعدم الترتيب (2) أو يكون الوقوع بعد التراب.
539. التاسع والعشرون: يغسل الإناء من الخمر والجرذ سبعا استحبابا على
خلاف، ويغسل من غير الولوغ من النجاسات ثلاثا استحبابا، والواجب الانقاء،
ونص في الخلاف (3) والمبسوط (4) على الثلاث.
540. الثلاثون: يطهر بالغسل من الخمر ما كان من الجواهر الصلبة التي
لا تتشرب أجزاؤها الخمر، كالرصاص، والخزف المطلي. أما القرع والخشب
والخزف غير المغضور (5)، فالأقرب زوال النجاسة عنه، خلافا لابن الجنيد (6).

1. الوسائل: 2 / 1017، الباب 13 من أبواب النجاسات، الحديث 1.
2. قال المصنف في المنتهى: 3 / 342: ولو وقع في كثير لم ينجس، وهل يحصل له غسلة أم لا؟
الأقرب انه لا يحصل، لوجوب تقديم التراب، هذا على قولنا، أما على قول المفيد والجمهور فإن
الوجه الاحتساب بغسلة.
3. الخلاف: 1 / 182، المسألة 138 من كتاب الطهارة.
4. المبسوط: 1 / 15.
5. الغضار: الطين الحر، والغضراء: طينة خضراء علكة.
6. نقله عنه المحقق في المعتبر: 1 / 467.
168

541. الحادي والثلاثون: جلد الميتة لا يطهر بالدباغ، سواء كان طاهرا في
الحياة أو لم يكن، خلافا لابن الجنيد (1).
542. الثاني والثلاثون: لا يجوز استعمال شئ من الجلود إلا ما كان طاهرا
في حال الحياة ذكيا، فإن كان مأكولا لم يفتقر إلى الدباغ; وهل يفتقر ما لا يؤكل
لحمه مع التذكية إلى الدباغ؟ نص الشيخ (2) وعلم الهدى (3) عليه، ومع الدباغ لا يفتقر
إلى الغسل، ولا يفتقر الدبغ إلى فعل، بل لو وقع المدبوغ في المدبغة فاندبغ طهر.
[تم كتاب الطهارة]

1. نقله عنه المحقق في المعتبر: 1 / 463، والعلامة في المختلف: 1 / 501.
2. المبسوط: 1 / 15.
3. الانتصار: 13.
169

كتاب الصلاة
171

و [الصلاة] هي في اللغة الدعاء، وفي الشرع أذكار معهودة مقترنة
لحركات وسكنات مخصوصة يتقرب بها إلى الله تعالى، وهي من أكمل
العبادات، وأهمها (1) في نظر الشرع.
قال الصادق (عليه السلام):
«أول ما يحاسب به العبد [عن] الصلاة، فإذا قبلت قبل [منه] سائر
عمله، وإذا ردت عليه رد عليه سائر عمله» (2).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ليس مني من استخف بصلاته، لا يرد علي
الحوض لا والله، ليس مني من شرب مسكرا، لا يرد علي الحوض لا
والله» (3). وقال الصادق (عليه السلام): «إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة» (4).
وسأله معاوية بن وهب عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم، وأحب
ذلك إلى الله عز وجل ما هو؟ فقال (عليه السلام):
«ما أعلم شيئا بعد المعرفة، أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى ان العبد

1. في «ب»: وأتمها.
2. الفقيه: 1 / 134 برقم 626، وما بين المعقوفتين أخذناه من المصدر.
3. الوسائل: 3 / 16، الباب 6 من أبواب أعداد الفرائض، الحديث 5.
4. نفس المصدر، الحديث 6.
173

الصالح عيسى بن مريم (عليه السلام)، قال (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما
دمت حيا)» (1). (2).
والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
وهي واجبة بالنص والإجماع، ومعرفتها واجبة، لأن التكليف يستدعي
العلم بالفعل الذي وقع التكليف به، لاستحالة تكليف ما لا يطاق، فيجب معرفتها
إما بالدليل أو بالتقليد لمن يصح تقليده من المجتهدين، فلو صلى بتقليد العامي
لم يعتد بها.
والصلاة فعل يشتمل على أشياء، ويشترط له أشياء، ويبطله أمور، إما
عمدا أو سهوا، وينقسم إلى أنواع كثيرة، وأنا أسوق إليك لب الفتاوى المتعلقة
بذلك كله، وأهذب لك فروعه، وأحيلك بالبراهين وذكر الخلاف على كتابنا
الموسوم ب‍ «منتهى المطلب» بعون الله تعالى.
وهذا الكتاب يشتمل على مقاصد

1. مريم: 32.
2. الوسائل: 3 / 25، الباب 10 من أبواب أعداد الفرائض، الحديث 1.
174

المقصد الأول: في المقدمات
وفيه فصول
الفصل الأول: في أعدادها
وفيه ستة مباحث:
الأول: الصلاة قسمان: واجب، ونفل. فالواجب أمران:
543? أحدهما ما وجب (1) بأصل الشرع، وهو خمس
صلوات في كل يوم وليلة: الظهر أربع ركعات، والعصر مثلها،
وكذلك العشاء الآخرة، والمغرب ثلاث ركعات، والغداة ركعتان.
وترتيبها الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، ثم
الصبح، هذا في الحضر; أما في السفر، فيسقط من الرباعيات
شطرها، وتستقر الباقيتان على حالهما (2).
ويجب أيضا صلاة الجمعة والعيدين والكسوف والآيات

1. في «أ»: أحدهما واجب.
2. في «ب»: ويستقر الباقيات على حالهما.
175

والزلزلة والطواف والأموات.
544? والثاني ما وجب بالنذر واليمين والعهد.
وأما النفل فقسمان: مؤقت وغير مؤقت. فالمؤقت أقسام:
545? أحدها: النوافل اليومية. وهي أربع وثلاثون ركعة: أمام
الظهر ثمان، وبعدها كذلك للعصر، وبعد المغرب أربع، وبعد
العشاء ركعتان من جلوس يحسبان بركعة، وثمان صلاة الليل،
وركعتا الشفع، والوتر، وركعتان للفجر.
وتسقط نوافل النهار عدا ركعتي الفجر في السفر، وفي
الوتيرة خلاف (1).
والباقي من النوافل يأتي.
546? الثاني: النوافل يصلى كل ركعتين منها بتشهد
وتسليم، إلا صلاة الأعرابي (2) والوتر، وسيأتي بيانهما، فلو زاد
على اثنتين لم يجز، قاله في المبسوط (3).
547. الثالث: ركعتا الفجر أفضل من الوتر.
548. الرابع: يستحب تقديم نافلة المغرب على سجدة الشكر فيها. وروي
عن الكاظم (عليه السلام) التعفير عقيب المغرب، وقال:
«إن الدعاء فيها مستجاب» (4).

1. لاحظ المختلف: 2 / 326.
2. لاحظ الوسائل: 5 / 57، الباب 39 من أبواب صلاة الجمعة، الحديث 3.
3. المبسوط: 1 / 71.
4. الوسائل: 5 / 1058، الباب 31 من أبواب التعقيب، الحديث 2.
176

549. الخامس: صلاة الضحى بدعة عندنا. (1)
550. السادس: يستحب التطوع قائما، ولو تطوع جالسا جاز، وينبغي أن
يتربع، فإذا أراد الركوع قام وركع.
الفصل الثاني: في المواقيت
والنظر يتعلق بأمور
النظر الأول: في وقت الرفاهية
وفيه ثلاثة مباحث:
551. الأول: لكل صلاة وقتان: أول وآخر، فالأول وقت الفضيلة، والآخر
وقت الإجزاء، ولا يمكن أن يكون الوقت قاصرا عن الفعل، إلا إذا كان القصد
وجوب القضاء، لاستحالة تكليف ما لا يطاق، وقد وقع الإجماع على جواز
التكليف مع التوافق، أما مع فضل الوقت، فالصحيح جوازه، خلافا لمن منع
الواجب الموسع، وقد ذكرناه في علم الأصول.
ثم الواجب الموسع لا يختص زمان منه بالوجوب دون آخر، ويتضيق
الوجوب عند آخره، ووجوب العزم عند التأخير إلى ثاني الحال من أحكام

1. قال المصنف: وصلاة الضحى عند العامة ركعتان، وأكثرها ثمان ركعات، وفعلها وقت اشتداد
الحر. المنتهى: 4 / 32.
177

الإيمان، لا لتحقق البدلية.
552. الثاني: يدخل وقت الظهر بزوال الشمس وانحرافها عن دائرة نصف
النهار المعلوم بزيادة ظل كل شخص في جانب المشرق بعد نقصانه، أو ميل
الشمس إلى الحاجب الأيمن (1) لمن يستقبل القبلة، إلى أن يمضي مقدار أربع
ركعات، ثم يشترك الوقت بينها وبين العصر إلى أن يبقى لغروب الشمس مقدار
أربع ركعات، فيختص بالعصر. روى ذلك داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن
الصادق (عليه السلام) (2)، وهي مناسبة للدلائل العقلية.
فإذا غربت الشمس دخل وقت المغرب، ويعرف غروبها بغيبوبة الحمرة
المشرقية، ولا يكفي استتار القرص على أصح القولين، إلى أن يمضي مقدار
ثلاث ركعات، ثم يشترك الوقت بينها وبين العشاء إلى أن يصير لانتصاف الليل
مقدار أربع ركعات، فيختص العشاء الآخرة.
ووقت الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير (3) ضوؤه، الصادق، لا الفجر
الأول الكاذب الذي هو يبدأ مستطيلا (4)، ثم يمحى أثره (5) ويمتد الوقت إلى
طلوع الشمس.
553. الثالث: وقت الفضيلة للظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل
شئ مثله، وللعصر عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير ظل كل شئ

1. في «ب»: إلى الجانب الأيمن.
2. الوسائل: 3 / 92، الباب 4 من أبواب المواقيت، الحديث 7.
3. أي المنتشر ضوؤه.
4. مستدقا كالعمود.
5. في «أ»: ينمحي أثره.
178

مثليه، وللمغرب من غروب الشمس إلى غيبوبة الشفق، وهو الحمرة من جانب
المغرب، وللعشاء الآخرة إلى ثلث الليل، وللصبح من طلوع الفجر الثاني إلى
طلوع الحمرة المشرقية. والله أعلم.
النظر الثاني: في أوقات النوافل
وفيه ستة مباحث:
554. الأول: وقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شئ مثله،
وفي النهاية: إلى أن يبلغ زيادة الظل قدمين (1).
555. الثاني: وقت نافلة العصر من عند الفراغ من فريضة الظهر إلى أن يصير
ظل كل شئ مثليه، وفي النهاية إلى أربعة أقدام (2).
556. الثالث: وقت نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية.
557. الرابع: وقت الوتيرة عند الفراغ من العشاء، ويمتد بامتداد وقتها، قال
الشيخ: ويستحب أن يجعلها بعد كل صلاة يريد أن يصليها (3).
558. الخامس: وقت صلاة الليل بعد انتصافه، وكلما قرب من الفجر
كان أفضل.
559. السادس: وقت ركعتي الفجر عقيب صلاة الليل إلى طلوع الحمرة،
وتأخيرها إلى الفجر الأول أولى.

1. النهاية: 60.
2. النهاية: 60.
3. المبسوط: 1 / 76، والنهاية: 60.
179

النظر الثالث: في أوقات المعذورين
ونعني بالعذر ما يسقط القضاء، كالجنون والصبي والحيض والكفر.
وله أحوال ثلاثة:
560. [الحالة] الأولى: أن يخلو عنها آخر الوقت بقدر الطهارة وأداء ركعة،
كما لو طهرت الحائض قبل الغروب، فيلزمها العصر، ولو طهرت قبله بمقدار
الطهارة وخمس ركعات، وجبت الظهر أيضا، والأربع في مقابلة الظهر لا العصر
على إشكال، وتظهر الفائدة في المغرب والعشاء.
وكذا لو طهرت قبل انتصاف الليل بمقدار الطهارة وركعة وجبت العشاء،
ولو كان بمقدار خمس وجبت الفريضتان، ويكون مؤديا لكمال الفريضة على
رأي، ولو أهمل حينئذ وجب القضاء، ولو قصر الوقت عن ركعة لم يجب.
561. الحالة الثانية: أن يخلو أول الوقت، فإذا دخل الوقت ومضى مقدار
الطهارة وما يتسع للصلاة بكمالها، وجبت الصلاة. ولو حصل العذر وجب
القضاء عند زواله. ولو لم يتسع لكمال الفريضة لم يجب القضاء.
562. الحالة الثالثة: أن يعم العذر جميع الوقت فتسقط الصلاة أداء وقضاء.
النظر الرابع: في الأوقات المكروهة للنوافل
يكره ابتداء النوافل في خمسة أوقات:
ثلاثة منها للوقت: عند طلوع الشمس، وغروبها، وقيامها نصف النهار
180

إلا يوم الجمعة. واثنان للفعل: بعد الصبح، وبعد العصر، إلا النوافل المرتبة، وماله
سبب، كصلاة الزيارة، والتحية (1) والإحرام والطواف، أما قضاء النوافل في هذه
الأوقات فليس بمكروه، وكره المفيد (2) قضاءها عند طلوع الشمس وغروبها
خاصة. أما الفرائض فلا تكره إجماعا، وكذا المنذورة، سواء أطلق النذر أو قيده،
وكذا صلاة الجنائز.
ويستحب إعادة الصلاة الواجبة جماعة لمن صلى منفردا، وإن كان في
أوقات النهي، كالصبح والعصر والمغرب، ولا فرق بين مكة وغيرها في
الكراهية، ولا بين الصيف والشتاء، عملا بالعموم.
النظر الخامس: في الأحكام
وفيه سبعة عشر بحثا:
563. الأول: الصلاة في أول الوقت أفضل، إلا للمتنفل في الظهرين،
وللمجمع في الحر الشديد، وللمفيض إلى المشعر في العشاءين، وللمستحاضة
الكثيرة الدم في الظهر والمغرب، وللمصلي العشاء إلى أن يغيب الشفق المغربي،
ولا إثم في تعجيل الصلاة التي يستحب تأخيرها.
564. الثاني: لو أخر عن أول الوقت (3) لم يأثم، وأجزأ ما يأتي به، ويكون
مؤديا مع الاختيار. ويستقر الوجوب بمضي مقدار الطهارة والفريضة من الوقت،

1. أي تحية المسجد.
2. المقنعة: 23.
3. في «أ»: لو أخر في أول الوقت.
181

ولو تضيق الوقت تحتم وعصى بالتأخير، فلو ظهر فساد ظنه ولما يخرج الوقت
فهو أداء، ولو مات بعد المكنة قبل التضيق، لم يعص وقضي عنه.
565. الثالث: لو أدرك المكلف من وقت صلاة الأولى قدرا تجب به، ثم جن،
أو حاضت المرأة، ثم زال العذر بعد وقتهما لم تجب الثانية.
566. الرابع: الصبي المتطوع بوظيفة الوقت إذا بلغ في الأثناء بما لا يبطلها
استأنف مع بقاء الوقت، وفي المبسوط: يتم (1)، ولو كان قد فرغ وجب عليه
الاستئناف مع إدراك الطهارة وركعة.
567. الخامس: لا يجوز الصلاة قبل دخول وقتها، فمن صلى قبل الوقت
عامدا أو جاهلا أو ناسيا، بطلت صلاته. وروي تقديم نافلة الليل على انتصافه
للمسافر أو للشاب الممنوع بالرطوبة من الاستيقاظ، وقضاؤها من الغد أفضل (2).
568. السادس: لو ظن دخول الوقت فصلى، ثم ظهر فساد ظنه أعاد، إلا أن
يكون الوقت دخل، وهو متلبس ولو بالتسليم، والمرتضى (3) وابن الجنيد (4)
أوجبا الإعادة.
ولو شك في دخول الوقت لم يصل حتى يستيقن، أو يغلب على ظنه إذا
فقد طريق العلم، ولا يجوز له العدول إلى الظن مع إمكان العلم.
569. السابع: معرفة الوقت واجبة. ولو أخبره عدل بدخول الوقت، فإن لم

1. المبسوط: 1 / 73.
2. لاحظ الوسائل: 3 / 181 - 185، الباب 44 و 45 من أبواب المواقيت.
3. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 62; والعلامة في المختلف: 2 / 46.
4. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 62; والعلامة في المختلف: 2 / 47.
182

يكن طريق سواه والإخبار عن علم بنى عليه، لإفادته الظن، ولو كان طريق
علمي لم يعول على قوله، ولو كان الإخبار عن اجتهاد لم يقلد، واجتهد، ولو
سمع الأذان من ثقة عارف، ولم يتمكن من العلم، رجع إليه، وإلا فلا.
570. الثامن: الأعمى يقلد، فإن ظهر بطلان الإخبار قبل دخول الوقت، أعاد
إذا لم يدخل متلبسا.
571. التاسع: لو شك في دخول الوقت، وصلى حينئذ، لم يعتد بصلاته ولو
اتفقت في الوقت.
572. العاشر: لو خرج وقت نافلة الظهر وقد تلبس منها ولو بركعة، زاحم بها
الفريضة، وكذا العصر.
573. الحادي عشر: لو ذهبت الحمرة المغربية، ولم يكمل نوافل المغرب،
ابتدأ بالعشاء، ولا يزاحم بما بقي بل يقضيه، ولو طلع الفجر، وقد صلى أربع
ركعات، خفف الباقي، ثم صلى الفريضة، ولو صلى دون الأربع بدأ بالفريضة.
574. الثاني عشر: من فاتته فريضة، فوقتها حين يذكرها، ما لم تتضيق
الحاضرة، ولو ذكرها في أول وقت الحاضرة استحب تقديمها على الحاضرة،
سواء اتحدت الفائتة، أو تعددت، وقيل: بالوجوب (1)، ولو ذكر في أثناء الحاضرة
عدل بنيته استحبابا أو وجوبا على الخلاف (2) مع إمكان العدول.
575. الثالث عشر: الفوائت مرتبة (3) كالحواضر، فلو فاته ظهر وعصر من يوم،

1. المبسوط: 1 / 127.
2. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 3 / 3.
3. في «ب»: الفوائت يترتب.
183

يوم قدم الظهر وجوبا، فإن عكس ناسيا عدل بنيته، ولو لم يذكر حتى يفرغ أجزأه ما
فعله، ولو كان من يومين قدم السابق منهما، ولو اشتبه سقط الترتيب وجوبا،
واستحب على وجه الاحتياط، فيصلى الظهر مرتين، بينهما العصر،
أو بالعكس.
576. الرابع عشر: لو ظن انه صلى الظهر فاشتغل بالعصر، ثم ذكر عدل، ولو
كان بعد الفراغ، فإن صلى في الوقت المختص بالظهر أعاد بعد الظهر، وإلا اكتفى
بالظهر، وكذا لو دخل الوقت المشترك، وهو في العصر.
577. الخامس عشر: يستحب قضاء نافلة الليل بالنهار، ونافلة النهار بالليل،
لما فيه من المبادرة إلى السنن.
578. السادس عشر: قال الشيخ (رحمه الله): الصلاة الوسطى هي الظهر (1)، وقال
علم الهدى (رحمه الله): العصر (2).
579. السابع عشر: قال الشيخ (رحمه الله): يكره تسمية العشاء بالعتمة والصبح
بالفجر (3).

1. الخلاف: 1 / 294، المسألة 40 من كتاب الصلاة.
2. رسائل الشريف المرتضى (المجموعة الأولى): 275.
3. المبسوط: 1 / 75.
184

الفصل الثالث: في القبلة ومطالبه أربعة
[المطلب] الأول: في القبلة
وفيه عشرة مباحث:
580. الأول: القبلة هي الكعبة أو جهتها، وقال الشيخ (رحمه الله): الكعبة قبلة من
شاهدها، أو كان في حكم المشاهد ممن كان في المسجد، والمسجد قبلة لمن
كان في الحرم، والحرم قبلة لمن نأى عن الحرم (1) والأول أقرب.
581. الثاني: من كان في المسجد يجوز أن يستقبل مهما أراد من جدرانها
وكذا من صلى جوف الكعبة.
582. الثالث: لا اعتبار بالبنية، فلو خربت والعياذ بالله صلى إلى جهتها.
583. الرابع: يكره الفريضة جوف الكعبة. ويستحب فيها النافلة، فلو صلى
جوفها بعد خرابها أبرز بين يديه بعضها، ولو صلى على طرفها لم يصح، ولو
صلى جوفها، والباب مفتوح، صحت صلاته، وإن لم يكن هناك عتبة مرتفعة.
584. الخامس: لو صلى في المسجد جماعة فخرج بعض الصف عن سمت
الكعبة، بطلت صلاة الخارج خاصة، ولو وقف على طرف الكعبة وبعض بدنه
على محاذاة ركن لم تصح صلاته.

1. النهاية: 62، والمبسوط: 1 / 77، والخلاف: 1 / 295، المسألة 41 من كتاب الصلاة.
185

585. السادس: لو صلى على سطحها أبرز بين يديه منها شيئا وصلى قائما،
ولا يحتاج إلى نصب شئ قدامه، ورواية الشيخ (رحمه الله) (1) هنا ضعيفة. ولو لم يبرز
شيئا بطلت صلاته.
586. السابع: لو صلى على موضع أرفع منها، كجبل أبي قبيس استقبل
جهتها، وكذا لو صلى في موضع منخفض عنها.
587. الثامن: كل إقليم يتوجهون إلى ركن من الأركان الأربعة، فأهل العراق
إلى العراقي: وهو الذي فيه الحجر، وأهل الشام إلى الشامي، وأهل المغرب إلى
المغربي، واليمن إلى اليماني.
588. التاسع: كل قوم من هؤلاء لهم علامات، وضعها الشارع لمعرفة القبلة،
فعلامة العراق ومن والاهم: جعل الفجر على المنكب الأيسر، والمغرب على
الأيمن، والجدي محاذي المنكب الأيمن، وعين الشمس عند الزوال على طرف
الحاجب الأيمن مما يلي الأنف، والقمر ليلة السابع عند المغرب في القبلة، وليلة
إحدى وعشرين في القبلة وقت الفجر.
وأما علامة الشام: فأن يكون بنات النعش حال غيبوبتها خلف الأذن
اليمنى، والجدي خلف الكتف اليسرى إذا طلع، وموضع مغيب سهيل على العين
اليمنى، وطلوعه بين العينين، والصبا على الخد الأيسر، والشمال على
الكتف الأيمن.

1. قال الشيخ (رحمه الله) في الخلاف: 1 / 441، المسألة 188 من كتاب الصلاة: «إذا صلى فوق الكعبة
صلى مستلقيا على قفاه متوجها إلى البيت المعمور وصلى إيماء». ومثله في النهاية: 101،
واستدل عليه بما رواه عبد السلام عن الرضا (عليه السلام) (لاحظ الوسائل: 3 / 248، الباب 19 من
أبواب القبلة، الحديث 2). وأجاب عنه في المنتهى بأن الرواية ضعيفة، لاحظ المنتهى: 4 / 167.
186

وأما أهل المغرب: فأن يكون الثريا على يمينه، والعيوق على شماله،
والجدي على صفحة خده الأيسر.
وأما أهل اليمن: فأن يكون الجدي وقت طلوعه بين عينيه، وسهيل حين
مغيبه بين كتفيه، والجنوب على مرجع كتفه اليمنى.
589. العاشر: يستحب لأهل العراق التياسر قليلا إلى يسار المصلي منهم.
المطلب الثاني: في المستقبل
وفيه ثلاثة عشر بحثا:
590. الأول: يجب الاستقبال في فرائض الصلوات (1) مع العلم بجهة القبلة،
ولو جهلها عول على الأمارات المفيدة للظن.
والواقف بالمدينة، ينزل محراب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه منزلة الكعبة،
فليس له الاجتهاد فيه بالتيامن والتياسر.
591. الثاني: القادر على العلم، لا يجوز له الأخذ بالظن والاجتهاد، والقادر
على الاجتهاد لا يجوز له التقليد، ويجوز أن يعول (2) على قبلة البلد إذا لم يعلم
أنها بنيت على الغلط.
والأعمى العاجز يقلد المكلف المسلم العارف، ولو فقده قال الشيخ (رحمه الله):
يقلد الصبي والمرأة، (3) وظاهر كلامه في الخلاف ان يصلي إلى أربع جهات مع

1. في «ب»: في فرائض الصلاة.
2. في «أ»: ويجب أن يعول.
3. المبسوط: 1 / 80.
187

السعة، ومع الضيق يتخير، (1) ولو صلى من غير تقليد بل برأيه ولم يستند إلى
أمارة، فإن أخطأ أعاد، وإن أصاب، على إشكال. (2)
592. الثالث: لو فقد المبصر العلم اجتهد، فإن غلب على ظنه الجهة لأمارة
عمل عليه، قاله العلماء كافة، ولو لم يغلب الظن، ولا أمارة هناك، واشتبه الحال،
صلى إلى أربع جهات كل فريضة مع السعة، ومع التضيق يصلي ما يتسع له
الوقت، ولو كانت واحدة، ويتخير في الواجبة والساقطة.
593. الرابع: لو صلى باجتهاد، ثم حصلت صلاة أخرى، قال الشيخ: يعيد
الاجتهاد، إلا أن يعلم عدم تغير الأمارات (3)، فلو اجتهد ثانيا وظن غير الجهة
الأولى، لم يعد صلاتها، أما لو تغير اجتهاده في الصلاة فإنه ينحرف ما لم يكن
مستدبرا، أو مشرقا، أو مغربا فيستأنف.
594. الخامس: العامي يرجع إلى قول العدل، اختاره في المبسوط (4)، وظاهر
كلامه في الخلاف (5) انه يصلي إلى أربع جهات.
595. السادس: لو اجتهد وصلى ثم شك في اجتهاده بعد الصلاة أعاد
الاجتهاد، ولو كان في الأثناء استمر، أما لو بان له الخطاء ولم يعرف جهة القبلة إلا
بالاجتهاد المحوج إلى الفعل الكثير، فإنه يقطع ويجتهد.
596. السابع: لو صلى الأعمى بقول واحد وأخبره آخر بخلافه، مضى في

1. لاحظ الخلاف: 1 / 302، المسألة 49 من كتاب الصلاة.
2. أي فيه وجهان ذكرها في المنتهى ج 4 / 176.
3. المبسوط: 1 / 81.
4. المبسوط: 1 / 79.
5. الخلاف: 1 / 302، المسألة 49 من كتاب الصلاة.
188

صلاته مع التساوي في العدالة.
ولو صلى بقول بصير ثم أبصر في الأثناء، عمل على اجتهاده، فإن وافق،
وإلا عدل إلى ما اجتهده، ولا يستأنف. ولو احتاج في الاجتهاد إلى فعل كثير،
فالأقرب الاستمرار.
وأما لو كان مقلدا ثم أبصر، فإنه يمضي في صلاته قطعا.
ولو شرع مجتهدا في الصلاة باجتهاده فعمى، استمر على اجتهاده، ولو
استدار انحرف، ولو اشتبه، ووجد المرشد أتم، وإن تطاول استأنف مع المرشد،
وإلا إلى أربع جهات.
597. الثامن: من وجب عليه الأربع للاشتباه، إذا غلب على ظنه الجهة، فإن
كان ما عليه الفعل استمر، وإلا انحرف إليها، قال في المبسوط (1): ولو كان مستدبرا
استأنف، والأقرب عندي الاستئناف، ما لم يكن بين المشرق والمغرب.
ولو أخبره المجتهد بالخطأ فتبين، استأنف ما لم يكن بين
المشرق والمغرب.
598. التاسع: لو اختلف اجتهاد رجلين عمل كل باجتهاده إذا كانا من أهل
الاجتهاد، وهو العالم بأدلة القبلة وإن جهل أحكام الشرع، ولا فرق بين أن
يتساويا في العلم أو يتفاوتا مع تساويهما في شرائط الاجتهاد في القبلة، ولو
ضاق وقت أحدهما عن الاجتهاد قلد الآخر، وليس لأحدهما مع الاختلاف
الائتمام بصاحبه.

1. المبسوط: 1 / 81.
189

599. العاشر: لو اتفق الإمام والمأمومون في الجهة بالاجتهاد، ثم عرض ظن
الفساد، استدار، فإن غلب ظن المأمومين عليه تابعوه، وإلا أتموا منفردين. ولو
اختلفوا رجع كل إلى ظنه.
600. الحادي عشر: المقلد يرجع إلى أوثق المجتهدين عدالة ومعرفة، ولو
رجع إلى المفضول مع الشرائط، فالأقرب الصحة، ولو تساويا تخير، ولا عبرة
بظنه إصابة المفضول.
601. الثاني عشر: المجتهد مع العذر عن الاجتهاد بمرض وشبهه كالمقلد.
602. الثالث عشر: لو صلى مقلدا فأخبره مجتهد، فإن كان عن يقين رجع إلى
قوله، وإلا إلى الأعدل، ومع التساوي استمر.
المطلب الثالث: فيما يستقبل له
وفيه عشرة مباحث:
603. الأول: الاستقبال شرط في الفرائض أداء وقضاء مع المكنة، والأقرب ان
النافلة كذلك.
ويجب الاستقبال بالذبيحة، وبالأموات وقت الاحتضار، والتغسيل،
والصلاة، والدفن.
ومع شدة الخوف يسقط فرض الاستقبال، فإن تمكن من الاستقبال
بتكبيرة الإفتتاح وجب، وإلا فلا، أما طالب العدو مع الأمن فإنه يجب أن يستقبل.
604. الثاني: لا تجوز الفريضة على الراحلة مع القدرة، وإن تمكن
190

من استئناف الواجبات على رأي، ويجوز لا معها، فيستقبل ما أمكن، ولو لم يتمكن
استقبل بتكبيرة الإحرام، فإن لم يتمكن سقط.
ولا بأس بالتنفل على الراحلة اختيارا ويتوجه حيث توجهت، ويستحب
أن يتوجه بتكبيرة الإحرام، سواء كان مسافرا أو لا، وإن كان الأفضل النزول.
605. الثالث: إذا صلى على الراحلة فرضا مع الضرورة، ونفلا مع
الاختيار، ولم يتمكن من استيفاء الأفعال (1)، أومأ للركوع والسجود، وجعل
السجود أخفض.
606. الرابع: لا فرق بين الحمار والبعير والفرس وغيرها من أصناف
الحيوانات، طاهرة كانت أو نجسة، ما لم يتعد نجاستها، فيجب التوقي بالحائل
مع المكنة.
607. الخامس: لو لم يتمكن من الاستقبال في الابتداء، وتمكن في
الأثناء، وجب.
608. السادس: قبلة المصلي على الراحلة حيث توجهت، فلو عدل فإن كان
إلى القبلة جاز إجماعا، وإلا فالأقرب الجواز للآية (2).
609. السابع: لو صلى على الراحلة اضطرارا، فاحتاج إلى النزول، نزل وتمم
على الأرض، ولو كان يتنقل على الأرض فاحتاج إلى الركوب ركب، وأتم
الصلاة ما لم يحتج إلى فعل كثير.
610. الثامن: لا يجوز أن يصلي الفريضة ماشيا مع الاختيار، وهو قول كل

1. في «أ»: ولم يتمكن من الاستيفاء بالأفعال.
2. وهي قوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله). البقرة: 115.
191

من يحفظ عنه العلم. والمضطر يصلي على قدر مكنته ويستقبل القبلة ما تمكن، وإلا
فبالتكبيرة، ويجوز التنفل ماشيا اختيارا.
611. التاسع: حكم المنذورات وصلاة الجنائز، حكم الفرائض الخمس في
جميع ما تقدم.
612. العاشر: البعير المعقول والأرجوحة (1) المعلقة بالحبال، لا تصح
الفريضة فيهما اختيارا على إشكال.
المطلب الرابع: في أحكام الخلل
وفيه أربعة مباحث:
613. الأول: من ترك الاستقبال في الفريضة عمدا مختارا وجب عليه الإعادة
في الوقت وخارجه، ولو ظن الاستقبال ثم تبين الخطأ في الأثناء، انحرف إن كان
بين المشرق والمغرب، وإلا استأنف.
ولو بان الخطاء بعد الفراغ وكان بينهما فلا إعادة، وإن كان إليهما أعاد في
الوقت، لا خارجه.
وإن كان مستدبرا، قال الشيخان: يعيد في الوقت ويقضي خارجه. (2) وقال
السيد المرتضى: يعيد ولا يقضي (3).

1. الأرجوحة: حبل يشد طرفاه في موضع عال ثم يركبه الإنسان ويحرك وهو فيه، سمي به
لتحركه ومجيئه وذهابه. النهاية لابن الأثير.
2. الشيخ المفيد في المقنعة: 14، والشيخ الطوسي في النهاية: 64، والمبسوط: 1 / 80، والخلاف:
1 / 303، المسألة 51 من كتاب الصلاة.
3. الناصريات: 202، المسألة 80.
192

614. الثاني: قال الشيخ: حكم الناسي والمصلي لشبهة حكم الظان، حتى أنه
إن كان الوقت باقيا أعاد، إن كان بين المشرق والمغرب وإن خرج لم يعد (1) وفيه
إشكال.
615. الثالث: لا يجوز التعويل على قول الكافر في القبلة مع فقد الاجتهاد
والمسلم العارف، ولو أفاده الظن فالأقرب القبول، وكذا الفاسق.
ولو وجد للمشركين كالنصارى قبلة إلى المشرق في محاريبهم، ففي
جواز الاستدلال بها على المشرق تردد.
ولو أخبره مسلم لا يعرف عدالته ولا فسقه، فالأقرب القبول، ولو لم يعلم
حال المخبر وشك في إسلامه وكفره، لم يقبل قوله بدون الظن، بخلاف الشك
في عدالة المسلم، لأن حاله يبنى على العدالة، أما الصبي فلا يقبل قوله، ويقبل
من المرأة والواحد.
616. الرابع: المصلي في السفينة يستقبل القبلة مع المكنة، وإلا بتكبيرة
الإحرام ثم يستقبل صدرها.

1. النهاية: 64.
193

الفصل الرابع: في اللباس وفيه مطالب ثلاثة
المطلب الأول: فيما يحرم الصلاة فيه من اللباس
وفيه تسعة مباحث:
617. الأول: لا تجوز الصلاة في جلد الميتة وإن دبغ، ويكتفي في العلم
بالتذكية وجوده في يد مسلم لا يستحل جلد الميتة، أو في سوق المسلمين، أو
في البلد الغالب فيه الإسلام، مع عدم العلم بالموت، ولا يكفي الأخير، فلو وجد
مطروحا لم يحكم بالتذكية.
وكذا يحرم حمائل السيف من الميتة وشبهها، لقول الصادق (عليه السلام):
«لا تصل في شئ منه ولا في شسع» (1).
ولا فرق بين الميت الطاهر في حياته والنجس والمأكول اللحم وغيره، ولا
بين أن يكون على جسده ثوب طاهر غيره أو لا يكون.
ولو أخبره مستحل الميتة بالتذكية لم يقبل، بخلاف ما لو أخبره بطهارة
الثوب المطروح.
618. الثاني: لا تجوز الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه كالسباع وشبهها،

1. الوسائل: 3 / 249، الباب 1 من أبواب لباس المصلي، الحديث 2.
194

سواء كانت طاهرة حال الحياة كالسبع والفهد، أو نجسة كالكلب والخنزير،
وسواء ذكيت أو لم تذك، وسواء دبغ جلدها أو لم يدبغ، وأطلق الشيخ في
الخلاف (1) القول بنجاسة المسوخ، وكذا المفيد (2) وعلم الهدى (3)، ونحن في هذا
من المتوقفين (4).
619. الثالث: لا تجوز الصلاة في شعر كل ما يحرم أكله، ولا في صوفه، ولا
في وبره إلا الخز الخالص والحواصل والسنجاب على قول، وفي وبر الثعالب
والأرانب والفنك (5) والسمور روايتان (6) الأقوى المنع.
620. الرابع: في التكة والقلنسوة من جلد ما لا يؤكل لحمه إشكال، أحوطه
المنع، ولو عملت القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه، أو التكة منه، أو من حرير
محض، فللشيخ قولان (7).
621. الخامس: أجمع علماء الإسلام على تحريم لبس الحرير المحض
للرجال في حال الصلاة وغيرها، إلا عند الضرورة، وعلى تسويغه للنساء في غير
الصلاة، وهل يسوغ لهن الصلاة فيه؟ منع ابن بابويه منه (8)، والحق خلافه، ولو

1. الخلاف: 6 / 73، المسألة 2 من كتاب الأطعمة.
2. المقنعة: 25.
3. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 81; والمصنف في المنتهى: 4 / 210 عن المصباح للسيد
المرتضى (قدس سره).
4. واختار المصنف في المنتهى: 4 / 210، الطهارة حيث قال: «والأقرب عندي الطهارة».
5. في «ب»: «والفيل» بدل «والفنك» والأولى ما في المتن.
6. بل روايات، لاحظ الوسائل: 3، الباب 4 و 5 و 7 من أبواب لباس المصلي.
7. أحدهما المنع، ذكره في النهاية: 98; والثاني الكراهة، ذكره في المبسوط: 1 / 84.
8. الفقيه: 1 / 171 في ذيل الحديث رقم 807.
195

صلى الرجل فيه مختارا بطلت صلاته، ولا فرق بين أن يكون الحرير ساترا أو
غير ساتر، بأن تكون العورة مستورة بغيره.
أما في حال الضرورة أو الحرب فلا بأس بلبسه للرجال، ويجوز لهم
افتراشه والوقوف عليه.
أما الممتزج بغيره فلا بأس بلبسه للرجال والصلاة فيه، وان كان الإبريسم
غالبا ما لم يستهلكه بحيث يصدق عليه انه إبريسم.
ولا بأس بالثوب المكفوف بالحرير المحض على كراهية، والكف (1) ما
يوضع في رؤوس الأكمام، وأطراف الذيل، وحول الزيق.
ولا يحرم على الولي تمكين الطفل من لبسه.
622. السادس: تحرم الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصب، أجمع
عليه علماء الأمصار، ولو صلى فيه عالما بالغصبية بطلت صلاته عند علمائنا
أجمع، ولا فرق بين أن يكون ساترا أو غيره، بأن يكون فوق الساتر أو تحته،
والأقرب بطلان الصلاة في الخاتم المغصوب وشبهه.
ولو جهل الغصب صحت صلاته، ولو علمه وجهل التحريم، بطلت، ولو
علم في أثناء الصلاة نزعه وأتم صلاته، إلا أن لا يكون عليه غيره، ويحتاج في
الساتر إلى فعل كثير، فيستأنف بعد الساتر.
ولو أذن المالك للغاصب أو لغيره صحت الصلاة فيه، ولو أذن مطلقا جاز
لغير الغاصب دونه، عملا بشاهد الحال.

1. أي المراد بالكف.
196

ولو تقدم العلم بالغصبية ثم نسي حال الصلاة ففي صحتها إشكال.
623. السابع: تبطل الصلاة في خاتم ذهب، وكذا المنطقة، والثوب المنسوج
بالذهب والمموه به للرجال خاصة، وهل يجوز افتراشه؟ فيه إشكال، أقربه
التحريم. وتكره في خاتم حديد، ومنع بعض أصحابنا منه تعويلا على رواية
ضعيفة (1).
624. الثامن: قال الشيخان (2): لا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم
كالشمشك والنعل السندي (3)، وكرهه في المبسوط (4)، وهو الأقرب.
أما ماله ساق كالخف والجرموق (5) فلا بأس به إجماعا، بشرط أن يكون من
جلد ما تصح الصلاة فيه، ولا يشترط فيه الطهارة، ويستحب في النعل العربي.
625. التاسع: تحرم الصلاة في الثوب النجس مع العلم بالنجاسة غير المعفو
عنها، وقد سلف.
المطلب الثاني: فيما يجوز الصلاة فيه
وفيه أربعة وعشرون بحثا:
626. الأول: جلد كل ما يؤكل لحمه مع التذكية تجوز الصلاة فيه، ذهب إليه

1. لاحظ الوسائل: 3 / 303 و 304، الباب 32 من أبواب لباس المصلي، الحديث 1 و 6.
2. المقنعة: 152، والنهاية: 98.
3. نعل سندية: منسوبة إلى بلاد السند، أو إلى السندية قرية معروفة من قرى بغداد.
مجمع البحرين.
4. المبسوط: 1 / 83.
5. في مجمع البحرين: جرموق - كعصفور -: خف واسع قصير يلبس فوق الخف، والجمع
جراميق كعصافير.
197

علماء الأمصار، وكذا الصوف، والشعر، والوبر منه، سواء جز من حي أو مذكى أو
ميت، ولو قلع من الميت قال الشيخ: لا يجوز استعماله (1) والأقرب جوازه مع
الغسل، والخلو عن شئ من أجزائه، ولو شك في الصوف هل هو مما يؤكل
لحمه أولا؟ لم تجز الصلاة فيه.
627. الثاني: تجوز الصلاة في الخز الخالص لا المغشوش بوبر الثعالب
والأرانب، ولو كان الثوب من إبريسم وخز جازت الصلاة فيه.
والأقرب المنع في الخز (2) المغشوش بصوف مالا يؤكل لحمه وشعره،
ويختص الرخصة بوبر الخز لا بجلده، عملا بالتوقيف على مورد النص (3).
628. الثالث: تجوز الصلاة في ثوب واحد للرجال إذا كان صفيقا، وتكره إذا
كان شافا رقيقا، ولو حكى ما تحته لم يجز.
629. الرابع: تكره في الثوب الذي تحت وبر الأرانب والثعالب والذي فوقه،
ومنع الشيخ (4) لرواية مرسلة (5) ضعيف.
630. الخامس: تكره في الثياب السود ما عدا العمامة والخف. وكذا يكره
المزعفر والمعصفر والأحمر للرجال.
631. السادس: يكره أن يأتزر فوق القميص ولا يكره تحته.

1. النهاية: 585 - كتاب الصيد والذباحة -.
2. في «ب»: المنع من الخز.
3. لاحظ الوسائل: 3 / 262، الباب 9 من أبواب المصلي، الحديث 1.
4. النهاية: 98.
5. لاحظ الوسائل: 3 / 259، الباب 7 من أبواب لباس المصلي، الحديث 8.
198

632. السابع: يكره اشتمال الصماء بإجماع العلماء، وهو أن يلتحف بالإزار،
ويدخل طرفيه تحت يده ويجمعهما على منكب واحد. (1)
633. الثامن: يكره السدل في الصلاة كما يفعل اليهود، وهو ان يتلفف
بالإزار، فيدخل في الإزار ولا يرفعه على كتفيه. وهذا تفسير أهل اللغة في
اشتمال الصماء.
634. التاسع: يجوز أن يصلي الرجل في ثوب واحد يأتزر ببعضه
ويرتدي بالباقي.
635. العاشر: تكره الصلاة في عمامة لا حنك لها.
636. الحادي عشر: يكره أن يأم الرجل في غير رداء، وهو الثوب الذي يجعل
على الكتفين.
637. الثاني عشر: يكره استصحاب الحديد بارزا في الصلاة.
638. الثالث عشر: تكره في ثوب يتهم صاحبه بعدم توقيه من النجاسة.
639. الرابع عشر: تجوز الصلاة في ثوب عمله أهل الذمة إذا لم يعلم
مباشرتهم له بالرطوبة، ويستحب غسله حينئذ، أما مع العلم فيجب، وكذا غيرهم
من أصناف الكفار.
640. الخامس عشر: لو صلى في ثوب غيره أياما ثم أخبره صاحبه بنجاسته
لم يعد صلاته، لرواية عيص بن القاسم الصحيحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2).

1. وهو خيرة الشيخ في المبسوط: 1 / 83 ووصفه المصنف في المنتهى: 4 / 249 بكونه أصح
الأقوال ونقل آراء أخرى في تفسيرها.
2. لاحظ الوسائل: 2 / 1060، الباب 40 من أبواب النجاسات، الحديث 6.
199

641. السادس عشر: تكره الصلاة في ثوب فيه تماثيل، ولو غير الصورة زالت
الكراهية، ولو كان في قبلته وسادة ذات تمثال حولها، ويجوز أن يصلي على
بساط فيه تماثيل.
ولو كانت معه دراهم، عليها تماثيل، سترها عن نظره، وتكره في خاتم
عليه صورة، وفي خلخال للمرأة مصوت، ولو كان أصم لم يكره لها.
642. السابع عشر: تكره الصلاة في اللثام للرجل إذا لم يمنع سماع القراءة،
ولو منع حرم، ولو كان اللثام على جبهته، وجب كشفه عند السجود، ويكره
النقاب للمرأة.
643. الثامن عشر: قال الشيخان (1) وعلم الهدى (2): يكره للرجل أن يصلي
وعليه قباء مشدود، إلا في الحرب، ولا يتمكن من حله.
قال في التهذيب: ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه، وسمعناها من
الشيوخ مذاكرة ولم أجد به خبرا مسندا (3).
644. التاسع عشر: يجوز أن يصلي ومعه فأرة المسك، وكذا يجوز
وعليه البرطلة (4).
645. العشرون: يجوز للرجل والمرأة أن يصليا مختضبين، أو عليهما خرقة
الخضاب مع طهارتها، والأولى نزع الخرقة، وأن يصلي بارز اليد.

1. المقنعة: 152، والمبسوط: 1 / 83.
2. نقل عنه المحقق في المعتبر: 2 / 99.
3. التهذيب: 2 / 232، ذيل الحديث 913، ولاحظ الوسائل: 3 / 314، الباب 41 من أبواب لباس
المصلي، الحديث 1.
4. في مجمع البحرين: البرطلة بالضم: قلنسوة، وربما تشدد.
200

وكذا يجوز للرجل أن يصلي ويداه تحت ثيابه، وإن أخرجهما كان أولى.
646. الحادي والعشرون: تجوز الصلاة في ثياب القطن والكتان وجميع ما
تنبته الأرض، من حشيش مملوك أو في حكمه مع الخلو من النجاسة إجماعا.
647. الثاني والعشرون: يجوز أن يصلي وفي كمه طائر يخاف فوته، أو في
فيه خرز أو لؤلؤ إذا لم يمنع القراءة، ولو منع حرم.
648. الثالث والعشرون: قال الشيخ: لا يجوز أن يصلي الرجل وهو معقوص
الشعر، ولو فعل بطلت (1) ويجوز للمرأة، وعندي فيه نظر،
أقربه الكراهية.
قال في الصحاح: عقص الشعر: ضفره وليه على الرأس كالكبة (2). وقيل:
جعله كالكبة في مقدم الرأس على الجبهة، وعلى هذا إن منع من السجود فالحق
ما قاله الشيخ، وإلا فلا.
649. الرابع والعشرون: يجوز أن يصلي وعلى ثوبه شئ من شعره أو ظفره
إذا لم ينفضهما لأنهما طاهران.

1. الخلاف: 1 / 510، المسألة 255 من كتاب الصلاة.
2. لاحظ الصحاح مادة «عقص» وليس في المصدر لفظة «كالكبة».
201

المطلب الثالث: في ستر العورة
والنظر في أمرين
[النظر] الأول: [في] العورة
وفيه عشرة مباحث:
650. الأول: أجمع علماء الإسلام على وجوب ستر العورة، وهو شرط في
الصلاة عندنا.
والعورة في الرجل: القبل والدبر، وقول ابن البراج: إنها من السرة إلى
الركبة (1) لم يثبت عندي، وهل البيضتان منها؟ في بعض الروايات: إذا سترت
القضيب والبيضتين فقد سترت العورة (2); ولا فرق بين الحر والعبد، وليست
السرة ولا الركبة من العورة بإجماعنا.
وأما في المرأة فالجسد كله عورة، يجب ستره في الصلاة ما عدا الوجه
والكفين وظهر القدمين.
651. الثاني: المرأة البالغة الحرة يجب عليها ستر رأسها في الصلاة، بخلاف
الأمة والصبية.
652. الثالث: الأولى استحباب القناع للأمة، ولم أقف فيه على نص.
653. الرابع: أم الولد كالأمة، وإن كان ولدها حيا، وكذا المدبرة والمكاتبة

1. المهذب: 1 / 83 (باب ستر العورة).
2. الوسائل: 1 / 365، الباب 4 من أبواب آداب الحمام، الحديث 2.
202

المشروطة والمطلقة التي لم تؤد من مكاتبتها شيئا، أما المعتق بعضها بكتابة
وغيرها فكالحرة.
654. الخامس: لو صلت الأمة مكشوفة الرأس، فأعتقت في الأثناء، أخذت
الساتر مع القدرة وعدم الفعل الكثير، ولو احتاجت إليه فالأقرب قطع الصلاة مع
سعة الوقت، والاستمرار مع الضيق، وسوغ الاستمرار في الخلاف (1)، ولو لم تعلم
بالعتق حتى أتمت الصلاة، صحت صلاتها، ولو علمته ولم تعلم وجوب الستر
لم تعذر (2).
655. السادس: لو بلغت الصبية في الأثناء بالمبطل استأنفت الصلاة، وكذا
بغيره مع إمكان الأداء، وإلا أتمت استحبابا.
656. السابع: لا يجوز للأمة كشف شئ من جسدها عدا الوجه والكفين
والقدمين والرأس.
657. الثامن: الخنثى المشكل يجب عليه ستر فرجيه إجماعا، وإن كان
أحدهما زائدا، وهل يجب ستر جميع جسده كالمرأة؟ لأن الشرط لا يتيقن
حصوله بدونه، أولا يجب؟ لأصالة البراءة، فيه إشكال (3).
658. التاسع: يجب أن يكون الساتر ما يحول بين الناظر وبين لون البشرة،
ويستحب للرجل أن يستر جميع جسده، ويتعمم، ويتحنك، ويرتدي في

1. الخلاف: 1 / 396، المسألة 146 من كتاب الصلاة.
2. في «أ»: «لم تعد». قال المصنف في المنتهى: 4 / 278: لو علمت بالعتق ولم تعلم بوجوب
الستر لم تكن معذورة في ذلك.
3. واستقرب المصنف في المنتهى الأول. فلاحظ منتهى المطلب: 4 / 277.
203

الصلاة، ويستحب للمرأة أن تصلي في ثلاثة أثواب: درع وقناع وإزار.
659. العاشر: روى غياث بن إبراهيم عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير
المؤمنين (عليه السلام):
«لا تصلي المرأة عطلا» (1). (2).
النظر الثاني: في أحكام الخلل
وفيه ستة عشر بحثا:
660. الأول: الفاقد للساتر لا يسقط عنه فرض الصلاة، ولو وجد جلدا طاهرا
أو حشيشا يمكنه الاستتار به وجب. ولو وجد طينا وجب عليه تطيين العورة.
661. الثاني: لو فقد الساتر صلى قائما مع أمن المطلع بالإيماء للركوع
والسجود، وإلا جالسا موميا بهما، لرواية علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) (3) والسيد
أطلق القول بالجلوس والإيماء (4) وليس بمعتمد، ولا فرق بين الرجل والمرأة.
662. الثالث: لو صلى على ما أمر لم يعد، ولو صلى على غير المأمور كأن
يقوم ويركع ويسجد مع الخوف من الاطلاع، فإنه يعيد وإن لم يره أحد.
663. الرابع: لو انكشفت عورته في الأثناء ولم يعلم صحت صلاته، ولو علم
في الأثناء سترها، سواء طالت المدة قبل علمه أو لم تطل، أدى ركنا أو لا،

1. في مجمع البحرين: عطلت المرأة من الحلي من باب قتل: عطلا وعطولا: إذا لم يكن عليها
حلي، وفي الحديث: «يا علي مر نساءك لا يصلين عطلا» بضمتين أراد فقدان الحلي.
2. الوسائل: 3 / 335، الباب 58 من أبواب لباس المصلي، الحديث 1.
3. الوسائل: 3 / 326، الباب 50 من أبواب لباس المصلي، الحديث 1.
4. جمل العلم والعمل (في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية): 3 / 189.
204

ولو علم به ولم يستره أعاد، سواء انكشفت ربع العورة أو أقل أو أكثر، ولو قيل: بعدم
الاجتزاء بالستر كان وجها، لأن الستر شرط وقد فات.
664. الخامس: إذا صلى قائما أو جالسا يضمم ولا يتربع، لئلا تبدو العورة.
665. السادس: لو وجد حفيرة دخلها وصلى قائما بركوع وسجود، وهي
رواية أيوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1).
666. السابع: لو وجد وحلا أو ماء كدرا (2) لو نزله لستره وجب مع انتفاء
المشقة، وكذا لو وجد بارية يستتر بها.
ولو وجد ما يستر إحدى العورتين وجب، وصلى كالعاري، وهل يتخير
في ستر أيهما شاء؟ قيل: نعم، وقيل: القبل أولى، لاستقبال القبلة به واستتار الدبر
بالأليتين، وكون الركوع والسجود إيماء، فلا يظهر كظهور القبل، وهو حسن.
667. الثامن: قال في المبسوط: لا بأس أن يصلي في ثوب ولا يزر جيبه، فإن
كان في الثوب خرق لا يحاذي العورة (3) جاز، وإن حاذاه لم يجز. ويجوز أن
يصلي في قميص واحد، وأزراره محلولة، واسع الجيب كان أو ضيقة، دقيق
الرقبة كان أو غليظها، سواء كان تحته مئزر أو لم يكن (4)، ولو كان الجيب واسعا
فيظهر له عورته لو ركع جاز.
668. التاسع: لا يجب على العاري تأخير الصلاة إلى آخر الوقت، خلافا

1. وإليك نص الحديث: «العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفرة دخلها فسجد فيها وركع».
الوسائل: 3 / 326، الباب 50 من أبواب لباس المصلي، الحديث 2.
2. في «أ»: مكدرا.
3. في المصدر: «لا يوارى العورة».
4. المبسوط: 1 / 88.
205

للمرتضى (1) وسلار (2). ولو غلب على ظنه وجود الساتر في أثناء الوقت، فالوجه
وجوب التأخير.
669. العاشر: لو وجد المعير وجب القبول، ولا يجب على المعير الإعارة،
بل يستحب.
ولو وجد الواهب، قال الشيخ: يجب القبول أيضا (3)، وهو حسن.
ولو وجد البائع ومعه ثمن لا يتضرر بدفعه وجب وإن زاد عن ثمن المثل،
وإلا لم يجب.
670. الحادي عشر: لو لم يجد إلا ثوبا نجسا فالأقرب الصلاة عاريا، ولو لم
يجد إلا مغصوبا لم يجز لبسه، ولو لم يجد إلا حريرا أو جلد ما لا يؤكل لحمه
وهو طاهر، لم يجب لبسه.
وفي المبسوط: لو لم يجد إلا جلدا طاهرا، أو ورقا، أو قرطاسا وجب ستر
العورة به (4).
671. الثاني عشر: لو وجد العاري ما يستر عورته وجب، ولا يجب عليه ستر
المنكبين، بل يستحب، ولو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه، طرح شيئا ولو
حبلا، ويكتفي في الاستحباب بمهما كان كالخيط وشبهه.
672. الثالث عشر: يستحب للعراة الجماعة، ويصلون جلوسا، يتقدمهم

1. رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة: 49.
2. المراسم: كتاب الصلاة، ذكر باقي القسمة: 76; ونقله عنه المختلف: 2 / 102.
3. المبسوط: 1 / 88.
4. المبسوط: 1 / 88.
206

إمامهم بركبتيه، ويركع ويسجد بالإيماء، وهل يركع المأمومون ويسجدون على
الأرض أو بالإيماء؟ قال الشيخ بالأول (1) والسيد بالثاني (2)، وكذا يستحب للنساء
العراة أن يصلين جماعة كالرجال، ولو احتاجوا إلى وضع صفوف أومأ
المتقدمون للركوع والسجود إجماعا.
ولو اجتمع النساء العواري والرجال جاز أن تصلي النساء خلف الرجال
على إشكال.
673. الرابع عشر: لو كان معهم من له ثوب صلى (3) فيه بركوع تام وسجود
كامل، فإن أعاره وصلى عاريا لم تصح صلاته، ولو بذل لهم صاحب الثوب ثوبه،
وخافوا خروج الوقت صلوا عراة، ولو صلوا جماعة أمهم صاحب الثوب، ولو
كان أميا لم يؤمهم ولا يأتم بهم. ولو ضاق الوقت وأراد إعارته استحب إعارته
للقارئ ليأتم به الأمي، ولو أعار الأمي كان الحكم ما تقدم، ولو استووا أعار
بالقرعة، ولو كان معهم نساء استحب له تخصيصهن به.
674. الخامس عشر: يجب ستر العورة عن العيون في غير الصلاة. ولا يجب
في الخلوة إلا في الصلاة.
675. السادس عشر: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه لعن الواصلة والمستوصلة
والواشمة والمستوشمة والواشرة والمستوشرة. وفي رواية عوض الواشمة:
النامصة والمتنمصة (4). وليس تعليل التحريم في الوصل نجاسة الشعر،

1. المبسوط: 1 / 88، والنهاية: 130.
2. جمل العلم والعمل، في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية: 3 / 189.
3. في «أ»: يصلي.
4. لاحظ الوسائل: 12 / 94 و 95، الباب 19 من أبواب ما يكتسب به.
207

ولا تحريم نظره إذا كان من أجنبية، وقيل: إن كانت غير ذات بعل، فالعلة التهمة وإلا
فالتدليس على الزوج، ولو أذن لم يحرم.
الفصل الخامس: في المكان
ومطالبه ثلاثة
[المطلب] الأول: فيما يحرم الصلاة فيه
وفيه عشرة مباحث:
676. الأول: تحرم الصلاة في المكان المغصوب بإجماع العلماء، وإن كانت
جمعة، ولو صلى فيه مع العلم بالغصبية، والمكنة من الخروج، بطلت صلاته،
وإن جهل التحريم.
ولو كان جاهلا بالغصبية، أو مضطرا صحت صلاته، ولا فرق بين الغاصب
ومن أذن له; قاله الشيخ (رحمه الله) (1) وهو جيد، لأن الغاصب لا يصح تصرفه مباشرة
فكذا إذنه. وحمل بعض المتأخرين الإذن هنا على المالك (2) فاستبعد هذا القول،
وليس بجيد.
677. الثاني: لا فرق بين أن يغصب رقبة الأرض بأن يدعيها، أو منافعها بأن
يدعي إجارتها، وكذا لو أخرج روشنا أو ساباطا في موضع يحرم عليه، أو غصب
سفينة وصلى فيها، أو على بساط مغصوب.

1. المبسوط: 1 / 84.
2. لاحظ المعتبر: 2 / 109.
208

678. الثالث: لو أذن له المالك صحت صلاته، سواء كان المأذون له الغاصب
أو غيره، ولو أذن غير المالك لم يعتد به، ولو أذن المالك مطلقا صحت صلاة غير
الغاصب دونه (1).
ولو دخل ملك غيره بغير إذنه وعلم بشاهد الحال عدم كراهية المالك
للصلاة فيه صحت، وعلى هذا تجوز الصلاة في البساتين، وإن لم يعرف أربابها،
فلو كان البستان مغصوبا فالأقرب المنع.
679. الرابع: لو أمره المالك بالخروج، وجب المبادرة، ويصلي خارجا، ولو
ضاق الوقت صلى وهو آخذ في الخروج ويومئ للركوع والسجود، ويستقبل ما
يمكن (2)، وأطبق العلماء (3) كافة على تخطئة أبي هاشم (4) في هذا المقام (5).
680. الخامس: لا تجوز الصلاة في مكان يتعدى نجاسته إليه. ولو لم
يتعد جاز إذا كان موضع الجبهة طاهرا، وكذا البساط، وسواء تحرك النجس
بحركته أو لا.

1. قال المصنف في المنتهى: 4 / 299: لو أذن المالك على الإطلاق صح لغير الغاصب الصلاة
قطعا، وفي الغاصب تردد أقربه عدم انصراف الإذن إليه عملا بشاهد الحال.
2. في «أ»: ما أمكن.
3. في «أ»: وأطبق العقلاء.
4. عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب بن أبي علي الجبائي المتوفى 321 ه‍، قال ابن خلكان:
المتكلم المشهور العالم بن العالم، كان هو وأبوه من كبار المعتزلة، ولهما مقالات على مذهب
الاعتزال، وكتب الكلام مشحونة بمذاهبهما واعتقادهما. وفيات الأعيان: 3 / 183.
5. قال المصنف في المنتهى: 4 / 300:
قال أبو هاشم: لو توسط أرضا مغصوبة وهو آخذ في الخروج كان عاصيا بالكون المطلق،
فيعصي حينئذ بالخروج، لأنه يتصرف بالكون فيه وباللبث، لأنه تصرف أيضا.
فعلى هذا القول لا تجوز له الصلاة وهو آخذ في الخروج، سواء تضيق الوقت أو لا، لكن
هذا القول عندنا باطل، لأنه يلزم منه التكليف بما لا يطاق....
209

ولو بسط على النجس طاهرا وصلى عليه صحت إجماعا.
ولو صلى وقدمه فوق حبل مشدود في رقبة كلب صحت صلاته، وكذا لو
شد الطرف الآخر في وسطه أو يده.
681. السادس: الأقرب عدم تحريم الفريضة جوف الكعبة، خلافا لقوم.
682. السابع: قال الشيخان (رحمهما الله): لو صلت المرأة والرجل عن أحد جانبيها أو
خلفها مصليا بطلت صلاتهما. (1) وكرهها السيد. (2) وهو الحق.
683. الثامن: لو كانت قدامه أو إلى أحد جانبيه قائمة أو جالسة أو نائمة أو
على أي حال كانت غير مصلية لم تبطل صلاته إجماعا، وكذا لو كانت خلفه أو
كانت قدامه أو إلى أحد جانبيه وبينهما بعد عشرة أذرع، أو كان بينهما حائل.
ولو كان الرجل أعمى فالوجه الصحة، ولو غمض الصحيح عينيه فإشكال.
684. التاسع: لو كانا في موضع ضيق لا يتمكنان من التباعد، صلى الرجل
أولا، ثم المرأة، ولو صلت المرأة أولا صحت صلاتهما.
685. العاشر: قال الشيخ (رحمه الله): لو صلت خلف إمام، بطلت صلاة من إلى
جانبيها وخلفها، ولو صلت إلى جنبه، بطلت صلاتها وصلاة الإمام، دون
صلاة المأمومين (3).

1. المقنعة: 152، والمبسوط: 1 / 86، والنهاية: 100.
2. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 110.
3. المبسوط: 1 / 86.
210

المطلب الثاني: فيما تجوز الصلاة فيه [من المكان]
وفيه سبعة وعشرون بحثا:
686. الأول: يجب بأصل الشرع صلاة واحدة في مكان واحد، وهي ركعتا
الطواف في مقام إبراهيم (عليه السلام)، ما عداها لا يجب في غيره من الأمكنة، إلا بالنذر
مع اختصاص المنذور بمزية الفضيلة، كالمسجد والسوق، لا المنزل (وفي
اشتراط اختصاص المنذور بمزية الفضيلة كالمسجد والسوق إشكال) (1).
687. الثاني: تجوز الصلاة في الأماكن كلها عدا ما استثنيناه، ويستحب
المكتوبة في المسجد إلا جوف الكعبة. والنافلة في المنزل أفضل خصوصا
نافلة الليل.
688. الثالث: يكره الصلاة في الحمام، ومنع أبي الصلاح (2) ضعيف، لرواية
علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) (3) ورواية أبي الصلاح ضعيفة (4) قال: وفي
صحة الصلاة نظر (5).
689. الرابع: لا بأس بالصلاة في المسلخ، وعلى سطح الحمام.

1. ما بين القوسين موجود في نسخة «أ».
2. الكافي في الفقه: 141.
3. الوسائل: 3 / 466، الباب 34 من أبواب مكان المصلي، الحديث 1. ولفظه: عن علي بن جعفر
عن أخيه موسى (عليه السلام) عن الصلاة في بيت الحمام، فقال: «إن كان الموضع نظيفا فلا بأس».
4. لاحظ الوسائل: 3 / 441، الباب 15 من أبواب مكان المصلي، الحديث 6 و 7 وأجاب
المصنف في المنتهى عن الرواية بان المراد من النهي الكراهة على ان سندها ضعيف لاحظ
منتهى المطلب: 4 / 312.
5. الكافي في الفقه: 141.
211

690. الخامس: تكره الصلاة في المقابر، سواء تكرر الدفن في القبر أو لا.
ونقل الشيخ (1) عن بعض علمائنا البطلان (2). ولو جعل بينه وبين القبر حائلا، أو
تباعد عنه بمقدار عشرة أذرع، زالت الكراهية والمنع، ولو نقل الميت من قبر
جازت الصلاة عليه.
691. السادس: يكره السجود على القبر، وأن يصلى إليه. ومنع ابن
بابويه منهما. (3)
قال الشيخ (رحمه الله): رويت رواية بجواز النوافل إلى قبور الأئمة (عليهم السلام) (4)
والأصل الكراهية.
692. السابع: تكره الصلاة في معاطن الإبل، وهي: مباركها حول الماء
لتشرب منه عللا بعد نهل، قاله صاحب الصحاح (5)، والفقهاء قالوا: هي
المبارك مطلقا، ومنع أبو الصلاح الجواز (6). ولو صلى فيها صحت عندنا،
وتشكك فيه أبو الصلاح (7). ولا تزول الكراهية بغيبوبة الإبل عنها حال الصلاة.
693. الثامن: لو صلى إلى المعطن لم يكن مكروها، وكذا لو صلى في مكان
مرتفع تحته معطن.

1. الخلاف: 1 / 496، المسألة 237 من كتاب الصلاة.
2. ذهب إليه سلار في المراسم: 65.
3. الفقيه: 1 / 156.
4. النهاية: 99، والتهذيب: 2 / 228، والمبسوط: 1 / 85.
5. الصحاح: 6 / 2165 (مادة عطن) وقال المصنف في المنتهى: 4 / 321; العلل: الشرب الثاني،
والنهل: الشرب الأول.
6. الكافي في الفقه: 141.
7. الكافي في الفقه: 141.
212

694. التاسع: لا تكره الصلاة في مرابض الغنم، وقال أبو الصلاح:
لا يجوز (1).
695. العاشر: تكره الصلاة في مرابط الخيل والبغال والحمير، سواء كانت
وحشية أو إنسية، وقول أبي الصلاح: لا يجوز ضعيف (3).
696. الحادي عشر: تكره الصلاة في بيت فيه كلب.
697. الثاني عشر: تكره الصلاة في بيوت الغائط وإليها، وفي المزابل، وفي
بيت يبال فيه، ولا بأس بالصلاة على سطحه (4).
698. الثالث عشر: تكره الصلاة في بيوت المجوس، ولو اضطر رشه بالماء
استحبابا، وصلى فيه، وكذا تكره في بيوت الخمور والمسكرات.
699. الرابع عشر: لا بأس بالصلاة في بيوت اليهود والنصارى، وفي
بيعهم وكنائسهم.
700. الخامس عشر: تكره الصلاة في بيوت النيران، وحرمه أبو الصلاح (5).
701. السادس عشر: تكره الصلاة في جواد الطرق، ولا بأس بالظواهر
التي بينها.
ولا فرق في الكراهية بين ما كثر استطراقه وما قل، ولا بين أن يكون فيها
سالك وقت الصلاة أو لم يكن.

1. الكافي في الفقه: 141.
2. الكافي في الفقه: 141.
3. قوله: «ضعيف» خبر لقوله: «وقول أبي الصلاح...».
4. في «ب»: على سطحهما.
5. الكافي في الفقه: 141.
213

ولو بنى ساباطا على الجادة لم تكره الصلاة فيه.
702. السابع عشر: يستحب أن يجعل بينه وبين ممر الطريق ساترا بإجماع
العلماء، قدر ذراع تقريبا، ولو لم يجد استتر بالسهم والحجر والعنزة (1) وغيرها.
ولو لم يجد جعل بين يديه كومة من تراب، أو خط بين يديه خطا، وهي رواية
محمد بن إسماعيل عن الرضا (عليه السلام) (2) ولو كان معه عصا لا يمكنه نصبها، وضعها
عرضا بين يديه.
ولا بأس أن يستتر بالبعير والحيوان والإنسان إذا جعل ظهره إليه، ولا فرق
بين مكة وغيرها في استحباب السترة.
ويستحب للمصلي أن يدنو من سترته، وفي رواية ابن سنان الصحيحة
عن الصادق (عليه السلام):
«أقل ما يكون بينك وبين القبلة مربض عنز، وأكثر ما يكون مربط
فرس، (3) وسترة الإمام سترة لمن خلفه».
وليست السترة واجبة بالإجماع، ولو صلى إلى سترة مغصوبة أجزأ، ولم
يمتثل في السترة.
703. الثامن عشر: لا يقطع الصلاة ما يمر بين يدي المصلي، ولو كان امراة أو
حمارا أو كلبا أسود، ولو مر إنسان بين يدي المصلي في طريق مسلوك لم يكن

1. في مجمع البحرين: العنزة - بالتحريك - أطول من العصا وأقصر من الرمح، والجمع عنز
وعنزات كقصبة وقصبات وقصب.
2. لاحظ الوسائل: 3 / 437، الباب 12 من أبواب مكان المصلي، الحديث 3.
3. الوسائل: 3 / 437، الباب 12 من أبواب مكان المصلي، الحديث 6.
214

يكن له رده، وإلا استحب ما لم ينته إلى الفعل الكثير، ولو عبره إنسان كره رده.
704. التاسع عشر: قال أبو الصلاح: يكره الصلاة إلى إنسان مواجه، والمرأة
نائمة أشد كراهية. (1) وهو حسن.
705. العشرون: يكره أن يصلى إلى نار مضرمة، وقال أبو الصلاح: لا يجوز،
وتردد في إفساد الصلاة. (2) وكذا يكره إلى الصورة والتماثيل والمصحف والباب
المفتوحين. ومنع أبو الصلاح في المصحف وتردد في الفساد. (3) ولا فرق بين
حافظ القرآن وغيره.
ويكره تزويق (4) القبلة ونقشها وكتبة شئ عليها، لاشتغال النظر به.
706. الحادي والعشرون: روى علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال:
«لا بأس أن يصلي الرجل، وأمامه شئ من الطير، أو النخلة وفيها
حملها، أو الكرم وفيه حمله». (5)
707. الثاني والعشرون: يكره أن يصلى إلى سيف مشهر أو غيره من السلاح،
ومنع أبو الصلاح، وتردد في الإفساد (6)، وقال: تكره إلى السلاح المتواري (7). قال
الشيخ (رحمه الله): لو خاف من العدو لم تكره الصلاة إلى
السيف المشهر (8).

1. الكافي في الفقه: 141.
2. الكافي في الفقه: 141.
3. نقله عنه المصنف في المختلف: 2 / 109، والظاهر انه سقط في جميع النسخ كما في هامش ص 141.
4. في مجمع البحرين: زوقته تزويقا مثل زينته تزيينا وزنا ومعنا.
5. الوسائل: 3 / 467، الباب 37 من أبواب مكان المصلي، الحديث 1.
6. الكافي في الفقه: 141.
7. الكافي في الفقه: 141.
8. المبسوط: 1 / 86.
215

708. الثالث والعشرون: تكره الصلاة في مذابح الأنعام، ومنع أبو الصلاح (1).
709. الرابع والعشرون: تكره الصلاة في قرى النمل، وبطون الأودية، وأرض
السبخة وأرض الثلج، ومجرى الماء، وفي السفينة، ولا بأس بها على ساباط
يجري تحته نهر أو ساقية، ولا فرق بين طاهر الماء ونجسه، والأقرب كراهية
الصلاة على الماء الواقف.
710. الخامس والعشرون: تكره الصلاة في ثلاث مواطن بطريق مكة: وادي
ضجنان، والبيداء، وذات الصلاصل. وتكره في وادي الشقرة.
711. السادس والعشرون: البيداء لغة المفازة، وليست مرادة، (2) بل ما رواه
الشيخ (رحمه الله)، في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كان أبو جعفر (عليه السلام) إذا
بلغ ذات الجيش جد في السير ولا يصلي حتى يأتي معرس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال:
وذات الجيش دون الحفيرة بثلاثة أميال (3). وقد ورد أنها أرض خسف بها، وبينها
وبين ذي الحليفة ميل.
وضجنان جبل بمكة. والصلاصل جمع صلصال، وهي التي لها صوت.
والشقرة بفتح الشين وكسر القاف واحد الشقر، وهو شقائق النعمان، وهو
كل موضع فيه ذلك، وقيل: موضع مخصوص بطريق مكة (4). وقيل: هذه مواضع
خسف تكره الصلاة فيها، (5) وفي كل أرض خسف بها لسخط ربها عليها، وقد

1. الكافي في الفقه: 141.
2. قال المصنف في المنتهى: البيداء في اللغة المفازة، وليس ذلك على عمومه ها هنا، بل المراد
بذلك موضع معين. منتهى المطلب: 4 / 349.
3. الوسائل: 3 / 450، الباب 23 من أبواب مكان المصلي، الحديث 1.
4. القائل هو الحلي في السرائر: 1 / 265.
5. لاحظ المعتبر: 2 / 115.
216

عبر أمير المؤمنين (عليه السلام) من أرض بابل، وصلى في الجانب الغربي من الفرات،
وردت له الشمس هناك، ولم تكن قد فاتت بالكلية (1).
712. السابع والعشرون: تكره الصلاة في أرض الرمل المنهال، وفي أرض
الوحل وحوض الماء.
المطلب الثالث: فيما يسجد عليه
وفيه ثلاثة عشر بحثا:
713. الأول: أجمع علماؤنا كافة على أنه يحرم السجود إلا على الأرض أو ما
أنبتته الأرض، ما لم يكن مأكولا أو ملبوسا، ولا يجوز السجود على ما استحال
من الأرض، وخرج بالاستحالة عن اسمها، كالمعادن، سواء كانت منطبعة كالقير
والنفط والزيبق، أو غير منطبعة كالعقيق.
ولا يجوز السجود على ما تنبت من الأرض من المأكولات كالبقول
والجمار (2)، وفي الحنطة والشعير إشكال، أقربه الجواز (3).
714. الثاني: لا يجوز السجود على ما أنبتت الأرض من الملبوسات، وفي
القطن والكتان قولان، أشهرهما المنع، ويجوز في حال التقية.
715. الثالث: لا يجوز السجود على كور العمامة (4)، لا من حيث إنه حائل له،

1. لاحظ الوسائل: 3 / 468، الباب 38 من أبواب مكان المصلي، الحديث 1 - 3.
2. الجمار بالضم والتشديد: شحم النخل الذي في جوفه. مجمع البحرين.
3. وعلل المصنف الجواز بأن الغلات في تلك الحال غير مأكولة عادة. منتهى المطلب: 4 / 354.
4. كور العمامة: لفها وجمعها. النهاية مادة (كور).
217

على ما يلوح من كلام الشيخ (1)، بل من حيث إنه ملبوس، فلو كانت العمامة من
خوص (2) مثلا صح السجود على كور العمامة، وكذا يصح لو وضع بين جبهته
وكور العمامة قطعة من خشب وشبهها ليسجد عليها.
716. الرابع: لا يجوز أن يسجد على بعض أعضائه اختيارا، ولا على القير
والنفط والكبريت والصهروج (3)، وجميع ما خرج بالاستحالة عن اسم الأرض،
ولا على الزجاج، ولا على الثلج.
717. الخامس: يجوز السجود على الأرض وعلى ما نبت منها غير مأكول ولا
ملبوس، والسجود على الأرض أفضل من النبات.
718. السادس: يجوز السجود على القرطاس، ويكره إذا كان مكتوبا.
719. السابع: يجوز السجود على الخمرة (4) إذا كانت معمولة بالخيوط. ولو
كانت معمولة بالسيور قال الشيخ: لا يجوز إذا كانت ظاهرة تشتمل على الجبهة. (5)
720. الثامن: يجوز الوقوف على ما لا يجوز السجود عليه، كالصوف،
والشعر، إذا كان ما تقع الجبهة عليه مما يصح السجود عليه.
721. التاسع: لو اضطر جاز أن يسجد على المعادن، وكذا يسجد على
الصوف والثياب، للتقية.
722. العاشر: لا يجوز السجود على الوحل فإن اضطر أومأ.

1. لاحظ الخلاف: 1 / 357 المسألة 113 من كتاب الصلاة.
2. الخوص: ورق النخل. المصباح المنير.
3. الظاهر أن الصهروج والصاروج كلاهما بمعنى النورة وأخلاطها.
4. الخمرة - بالضم -: سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وتزمل بالخيوط. مجمع البحرين.
5. المبسوط: 1 / 90، والنهاية: 102.
218

723. الحادي عشر: لا يجوز أن يسجد على شئ من بدنه، فإن خاف الحر
سجد على ثوبه، فان فقد سجد على كفه، والسجود على القطن والكتان حال
الضرورة أولى من الثلج، ولو صلى على ما منع منه للضرورة أو التقية فلا إعادة.
724. الثاني عشر: شرط موضع الجبهة الملك أو حكمه، والطهارة (1). وهل
يشترط طهارة مواضع باقي الأعضاء السبعة؟ جزم به أبو الصلاح (2) خلافا
للجماعة، ويشترط فيه الملك إجماعا.
725. الثالث عشر: إذا تيقن حصول النجاسة في موضع، وجهل تعينه (3)، فإن
كان منحصرا (4) لم يسجد على شئ منه وإلا فلا بأس.

1. الملك وما في حكمه الشرط الأول، والطهارة هو الشرط الثاني.
2. الكافي في الفقه: 140.
3. في «ب»: وجهل بعينه.
4. قال المصنف في المنتهى: 4 / 370: إذا تيقن حصول النجاسة في مكان وجهل تعينها، فإن كان الموضع
محصورا كالبيت وشبهه لم يسجد على شئ منه، وإن كان متسعا كالصحراء جاز دفعا للمشقة.
219

الفصل السادس: في الأذان والإقامة
ومطالبه أربعة
[المطلب] الأول: في محله
وفيه أحد عشر بحثا:
726. الأول: الأذان لغة الإعلام (1)، وفي الشرع أذكار مخصوصة للإعلام
بأوقات الصلوات (2).
وهما من وكيد السنن، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
«المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة» (3).
وقال (عليه السلام): «ثلاثة على كثبان (4) المسك يوم القيامة، يغبطهم الأولون
والآخرون

1. ومنه قوله تعالى: (وآذان من الله ورسوله...) التوبة: 3 وقوله: (واذن في الناس بالحج...) الحج: 27.
2. في «أ»: بأوقات الصلاة.
3. الوسائل: 4 / 616، الباب 2 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 21; صحيح مسلم: 1 / 290
كتاب الصلاة، باب فضل الأذان برقم 387; وسنن ابن ماجة: 1 / 240 برقم 725.
4. كثبت الشئ: إذا جمعته، وكل ما انصب في شئ فقد انكثب فيه. ومنه سمي الكثيب من
الرمل، لأنه انصب في مكان فاجتمع فيه. الصحاح: 1 / 209 مادة (كثب).
220

رجل نادى بالصلوات الخمس في كل يوم وليلة، ورجل يؤم قوما وهم به
راضون، وعبد أدى حق الله وحق مواليه». (1)
وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) قال:
«إذا أذنت في أرض فلاة فأقمت، صلى خلفك صفان من الملائكة، وإن
أقمت قبل أن تؤذن صلى خلفك صف واحد». (2)
وعن عبد الله بن علي (3) عن بلال، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
يقول: «من أذن في سبيل الله صلاة واحدة إيمانا واحتسابا وتقربا إلى
الله عز وجل، غفر الله له ما سلف من ذنوبه، ومن عليه بالعصمة فيما
بقى من عمره، وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة». (4)
والأخبار في ذلك كثيرة.
727. الثاني: الأذان والإقامة ليسا بواجبين في شئ من الصلوات الخمس،
ونقل السيد عن بعض علمائنا وجوبهما على الرجال خاصة في كل صلاة
جماعة في سفر أو حضر، ويجبان عليهم جماعة، وفرادى، في الفجر والمغرب
وصلاة الجمعة، ويجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات الواجبة. (5)
وهذا القول لا يعول عليه.

1. سنن الترمذي: 4 / 697 برقم 2566; والوسائل: 4 / 613، الباب 2 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 2.
2. الوسائل: 4 / 620، الباب 4 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 2.
3. عبد الله بن علي لم يذكر حاله في كتب الرجال، وقد وقع في طريق الصدوق
(الفقيه شرح المشيخة: 4 / 53).
4. الفقيه: 1 / 189 برقم 905. ولاحظ الوسائل: 4 / 615، الباب 2 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 17.
5. الناصريات: 177، كتاب الصلاة، المسألة 65.
221

وللشيخ في وجوبهما في الجماعة قولان: أحدهما الوجوب، (1) وهو
اختيار المرتضى في بعض كتبه (2) والمفيد (رحمهما الله) (3)، والأصح الاستحباب، فلو صلوا
بغير أذان وإقامة أدركوا فضيلة الجماعة.
قال الشيخ: ولو قضوا فائتة وجب الأذان (4) وهو بناء على قاعدته (5).
728. الثالث: محل الأذان والإقامة الصلوات الخمس خاصة أداء وقضاء،
للمنفرد (6) والجامع. ويتأكدان فيما يجهر فيه بالقراءة، وآكده الغداة والمغرب.
729. الرابع: الجماعة الثانية في المسجد يجتزئون بأذان الأولى ما دامت
الصفوف لم تتفرق، ولو تفرقت أذنوا وأقاموا.
730. الخامس: لو سمع الإمام أذان غيره جاز أن يجتزأ به في الجماعة، وإن
كان منفردا (منهم) (7).
قال الشيخ (رحمه الله): لو أذن بنية الانفراد، ثم أراد الجماعة، استحب له
الاستئناف. (8) والأقرب الاجتزاء بالأذان الأول، لأن الاجتزاء يحصل بأذان غيره إذا
كان منفردا، فبأذانه أولى.

1. المبسوط: 1 / 95.
2. جمل العلم والعمل في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية: 3 / 176.
3. المقنعة: 97.
4. المبسوط: 1 / 95.
5. نقل المصنف في المنتهى عن الشيخ (قدس سره) بأنه قال: لو قضى جماعة فريضة فإنه وجب الأذان
والإقامة - ثم قال: - وهو بناء على مذهبه. منتهى المطلب: 4 / 412.
6. في «أ»: للمفرد.
7. ما بين القوسين موجود في «ب».
8. المبسوط: 1 / 98، والنهاية: 65.
222

731. السادس: يستحب لقاضي الصلوات الخمس الأذان والإقامة لكل
صلاة، وإلا أذن لأول ورده وأقام (1)، ثم اجتزأ في البواقي بالإقامة.
732. السابع: لو جمع بين صلاتين، أذن للأولى وأقام، وصلى الثانية بإقامة،
سواء كان في وقت الأولى (2) أو الثانية.
733. الثامن: يجمع بين الظهرين يوم الجمعة بأذان واحد وإقامتين، وكذا
بين الظهرين بعرفة، وكذا بين العشاءين بمزدلفة، وهل الأذان الثاني في هذه
بدعة؟ الأشبه ذلك.
734. التاسع: الأذان مستحب للرجل، والمرأة بشرط أن تسر.
735. العاشر: لا يؤذن لشئ من النوافل، ولا لغير الخمس من الفرائض، بل
يقول المؤذن: الصلاة، ثلاثا.
736. الحادي عشر: يستحب الأذان في السفر، ورخص في تركه والاجتزاء
بالإقامة له، ويستحب للراعي، ويكتفى في المصر بأذان واحد إذا كان أهله بحيث
يسمعونه، والأفضل أن يؤذن كل واحد.
المطلب الثاني: في كيفيتهما
وفيه أحد عشر بحثا:
737. الأول: صورة الأذان: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر. أشهد أن لا إله
إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول

1. قال المحقق في المعتبر: 2 / 135: والورد الجزء، ومنه قرأت وردي.
2. في «أ»: سواء كان في أول وقت الأولى.
223

الله. حي على الصلاة، حي على الصلاة. حي على الفلاح حي على الفلاح. حي
على خير العمل، حي على خير العمل. الله أكبر، الله أكبر. لا إله إلا الله، لا إله إلا الله.
والإقامة مثل ذلك إلا أنه يكبر مرتين في أولها، ويسقط تهليلة في آخرها،
ويضيف بعد الدعاء إلى خير العمل «قد قامت الصلاة» مرتين، فالمجموع خمسة
وثلاثون فصلا في المشهور.
738. الثاني: الترجيع وهو تكرار الشهادتين مرتين مكروه. وقال في
المبسوط: إنه تكرار التكبير والشهادتين، فإن أراد المؤذن تنبيه غيره جاز
تكرار الشهادتين.
739. الثالث: التثويب في أذان الغداة - وهو قول: «الصلاة خير من
النوم» - بدعة.
740. الرابع: يكره أن يقول بين الأذان والإقامة: حي على الصلاة حي
على الفلاح.
741. الخامس: الترتيب واجب في الأذان والإقامة، ويجوز في السفر إفراد
فصولهما، وفي رواية مرسلة عن الصادق (عليه السلام)، تفضيل تثنية الإقامة على الجمع
بينهما إفرادا. (1)
742. السادس: آخر فصول الأذان، لا إله إلا الله.
743. السابع: يستحب الوقوف في فصولهما فلا يظهر إعرابها، والترتيل في

1. لاحظ الوسائل: 4 / 649، الباب 20 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 2. وإليك نص
الحديث: «لأن أقيم مثنى مثنى أحب إلي من أن اؤذن وأقيم واحدا واحدا».
224

الأذان، والإحدار في الإقامة (1)، والفصل بينهما بركعتين، أو سجدة، أو جلسة، أو
خطوة، إلا في المغرب، فيفصل بينهما بخطوة، أو سكتة، أو تسبيحة، وروى
استحباب الجلوس بينهما في المغرب (2).
744. الثامن: يستحب إذا فصل بالجلوس ان يقول: اللهم اجعل قلبي بارا
ورزقي دارا (وعملي سارا وعيشي قارا) (3) واجعل لي عند قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
مستقرا وقرارا (4).
745. التاسع: يستحب رفع الصوت به إن كان رجلا، وأن يكون مستقبل
القبلة، ويتأكد كل ذلك في الإقامة.
746. العاشر: يكره الكلام في خلالهما، ولو فعل لم يعد ما لم يخرج عن
الموالاة، وكذا لو سكت طويلا يخرج به عن الموالاة.
747. الحادي عشر: قال الشيخان (رحمهما الله) (5) والمرتضى (قدس سره) (6): يحرم الكلام بعد قد
قامت الصلاة، إلا فيما يتعلق بها، كتقديم إمام، أو تسوية صف.
والوجه عندي الكراهية، ولو تكلم خلال الإقامة استحب له إعادتها، ولو
تكلم في أثناء الأذان بالمحرم لم يبطل أذانه.

1. قال المصنف: ويستحب ترسل الأذان وإحدار الإقامة. والترسل: هو التأني والتمهل، والحدر:
الإسراع. منتهى المطلب: 4 / 388.
2. الوسائل: 4 / 632، الباب 11 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 8 و 10.
3. ما بين القوسين ليس في المصدر.
4. الوسائل: 4 / 634، الباب 12 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 1.
5. المقنعة: 98، والنهاية: 66، والمبسوط: 1 / 99.
6. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 143 حيث قال: وقال الثلاثة في المقنعة والنهاية والمصباح:
حرم الكلام إلا ما يتعلق بالصلاة... ولاحظ المختلف: 2 / 136.
225

المطلب الثالث: في المؤذن
وفيه سبعة عشر بحثا:
748. الأول: يعتبر فيه الإسلام، والعقل، لا البلوغ وإن أذن للرجال. ويستحب
أن يكون عدلا، وليست شرطا.
749. الثاني: يعتبر بأذان العبد.
750. الثالث: ليس على النساء أذان ولا إقامة، ويجوز أن تؤذن للنساء
ويعتدون به بشرط أن تسر به.
قال الشيخ: ويعتد بأذانهن الرجال. (1) والوجه تخصيص المحارم، وتجتزئ
المرأة بالشهادتين.
751. الرابع: الخنثى المشكل لا يؤذن للرجال، ولا تؤذن المرأة لها.
752. الخامس: يستحب أن يكون المؤذن متطهرا من الحدثين، وليست
الطهارة شرطا، ويتأكد في الإقامة، ولو أحدث خلاله تطهر وبنى، وفي الإقامة
يعيد، ولو أحدث في أثناء الصلاة أعادها، ولم يعد الإقامة، ولو تكلم
أعادها أيضا.
753. السادس: يستحب أن يكون صيتا، وأن يؤذن على المرتفع، قال الشيخ:
ويكره الأذان في الصومعة، ولا فرق بين أن يكون الأذان في المنارة، أو على
الأرض (2).

1. المبسوط: 1 / 97.
2. المبسوط: 1 / 96.
226

754. السابع: يستحب أن يكون قائما، ويتأكد في الإقامة.
755. الثامن: يجوز أن يؤذن راكبا، وعلى الأرض أفضل، وماشيا، والوقوف
أفضل، ويتأكد في الإقامة.
756. التاسع: يكره أن يلتفت بأذانه يمينا وشمالا، بل يستحب الاستقبال.
757. العاشر: يستحب أن يرفع (1) صوته بالأذان ما لم يستضر به في جميع
فصوله، ولو كان للحاضرين جاز إسماعهم خاصة، وأن يكون حسن الصوت.
758. الحادي عشر: يستحب أن يكون مبصرا (2). ولو كان أعمى جاز، إذا كان
معه من يسدده، فإن ابن أم مكتوم (3) كان مؤذن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو أعمى، يؤذن
بعد بلال.
ويستحب أن يكون بصيرا بالأوقات، ولو كان جاهلا جاز إذا استرشد.
759. الثاني عشر: يستحب أن يجعل المؤذن إصبعيه في أذنيه حال الأذان،
ولا يستحب في الإقامة.
760. الثالث عشر: لا يختص الأذان بقوم دون آخرين، ولو تشاح المؤذنون
قدم من اجتمع فيه الصفات المرجحة، ومع الاتفاق يقرع.

1. في «أ»: أن يرتفع.
2. في «أ»: بصيرا
3. ابن أم مكتوم قد اختلف في اسمه فقيل: عمرو بن زائدة، أو عمرو بن قيس بن زائدة، وقيل:
زياد بن الأصم، وقيل: عبد الله العامري المعروف ب‍ «ابن أم مكتوم» مؤذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، هاجر قبل
مقدم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة، واستخلفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة مرات عديدة في غزواته، والظاهر
انه هو الأعمى المذكور في سورة «عبس»، روى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وروى عنه:
أنس بن مالك وعبد الله بن شداد وزر بن حبيش وغيرهم. لاحظ ترجمته في أسد الغابة:
4 / 127، وتهذيب التهذيب: 8 / 34، والكنى والألقاب: 1 / 213.
227

761. الرابع عشر: قال الشيخ: يجوز أن يكون المؤذنون اثنين اثنين،
إذا أذنوا أذانا واحدا، (1) ولو بنى كل واحد منهم على فصول الآخر
لم يستحب.
ويجوز أن يؤذن جماعة في وقت واحد، وأن يؤذن واحد بعد واحد، ولو
احتيج في الإعلام إلى زيادة على اثنين استحب.
ويجوز أن يتولى الأذان واحد والإقامة آخر، وأن يفارق موضعه ثم يقيم،
وقيل: لا يقيم حتى يأذن له الإمام (2).
762. الخامس عشر: يكره أن يكون المؤذن لحانا.
763. السادس عشر: يستحب له أن يظهر «الهاء» في لفظتي الله والصلاة،
والحاء من الفلاح.
764. السابع عشر: يستحب أن يكون فصيحا، ويكره أن يكون ألثغ (3)، وإن
لم يتغير به المعنى جاز، فإن بلالا كان يجعل الشين سينا. (4)

1. المبسوط: 1 / 98.
2. قال ابن قدامة في المغني: 1 / 427: ولا يقيم حتى يأذن له الإمام، فإن بلالا كان
يستأذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)...
3. اللثغة - وزان غرفة -: حبسة في اللسان حتى تصير الراء لاما أو غينا، أو السين ثاء ونحو
ذلك. المصباح المنير.
4. قال ابن قدامة في المغني: 1 / 445: فأما إن كان ألثغ لثغة لا تتفاحش جاز أذانه، فقد روي ان
بلالا كان يقول: «أسهد» يجعل الشين سينا.
قال السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة: 3 / 603: قد اشتهر ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: سين
بلال عند الله شين....
228

المطلب الرابع: في الأحكام
وفيه ستة عشر بحثا:
765. الأول: من نام في خلال الأذان أو الإقامة، ثم استيقظ، استحب له
استئنافه، ويجوز له البناء إن حصلت الموالاة عادة، وكذا إن أغمي عليه.
766. الثاني: لو ارتد في أثنائه استأنف، ولو حصلت الموالاة تمم، ولو ارتد
بعد فراغه اعتد به، وأقام غيره.
767. الثالث: لو ترك المنفرد الأذان والإقامة متعمدا، ودخل في الصلاة مضى
فيها ولا يرجع، وإن كان ناسيا رجع إلى الأذان والإقامة ثم استأنف صلاته، ما لم
يركع; قاله السيد المرتضى. (1) والشيخ (رحمه الله) عكس الحال، (2) ولم يفصل في المبسوط
بل أطلق الاستئناف مع عدم الركوع. (3) قال ابن أبي عقيل: ولو تركه متعمدا أو
مستخفا فعليه الإعادة. (4) وفي رواية محمد بن مسلم الصحيحة عن الصادق (عليه السلام):
«يرجع الناسي ما لم يتلبس بالقراءة» (5).
ولو ذكر تركهما بعد الصلاة لم يعد إجماعا.

1. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 129، والمصنف في المختلف: 2 / 127.
2. لاحظ النهاية: 65.
3. المبسوط: 1 / 95.
4. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 130، والمصنف في المختلف: 2 / 127.
5. لاحظ الوسائل: 4 / 657، الباب 29 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 4.
229

768. الرابع: أجمع علماء الإسلام على المنع من تقديم الأذان قبل الوقت
في غير الفجر، أما فيه فيجوز قبله لتنبيه النائمين، فيعيده مع طلوعه، ولا يشترط
اثنينية المؤذن، ولا يكره قبل الفجر في رمضان، وينبغي أن يجعل ضابطا يستمر
عليه ليؤذن في الليالي كلها في وقت واحد.
769. الخامس: ينبغي الأذان في أول الوقت.
770. السادس: إذا دخل المسجد، وكان الإمام ممن لا يقتدى به أذن لنفسه
وأقام، ولم يعتد بأذانه، ولو صلى خلفه، فإن خشي فوات الصلاة معه، اقتصر
على التكبيرتين وعلى قوله: «قد قامت الصلاة». وروي أنه يقول: «حي على خير
العمل» مرتين (1).
771. السابع: اختلف علماؤنا في تحريم أجرة الأذان مع عدم التطوع، قال به
في النهاية (2) وفي المبسوط: يجوز أخذ الأجرة من بيت المال ومن خاص
الإمام. (3) وقال المرتضى: يكره (4). والأقرب جواز أخذ الرزق عليه من بيت المال،
وفي الأجرة نظر.
772. الثامن: يستحب حكاية قول المؤذن. قال ابن بابويه: روي «أنه يزيد
في الرزق». (5) وكل من ليس بمصلي إذا سمع وكان متكلما قطع كلامه، وإن كان
قرآنا، وحكاه، ويترك صلاة التحية لو دخل المسجد حالة الأذان.

1. لاحظ النهاية: 66، والمبسوط: 99.
2. النهاية: 365، كتاب المكاسب. وإليك نصه: «وأخذ الأجر على الأذان والصلاة بالناس حرام».
3. المبسوط: 1 / 98.
4. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 134، والمصنف في المختلف: 2 / 134.
5. الفقيه: 1 / 189 برقم 904; والوسائل: 4 / 672، الباب 45 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 4.
230

773. التاسع: قال في المبسوط: لو قاله في الصلاة لم تبطل إلا في قوله: حي
على الصلاة، فإنه متى قاله عالما بالمنع فسدت صلاته، لأنه ليس بتمجيد ولا
تكبير ولو قال بدلا منه لا حول ولا قوة إلا بالله لم تبطل صلاته (1).
774. العاشر: روي أنه إذا قال: أشهد أن لا آله إلا الله، يقول: وأنا أشهد أن لا
إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا،
وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبالأئمة الطاهرين أئمة، ثم يقول: اللهم رب
هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام
المحمود الذي وعدته، وارزقني شفاعته يوم القيامة. (2)
ويقول عند أذان المغرب: اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك، وأصوات
دعاتك، فاغفر لي (3).
قال ابن بابويه: قال الصادق (عليه السلام):
«من قال حين يسمع أذان الصبح: اللهم إني أسألك بإقبال نهارك
وإدبار ليلك وحضور صلواتك وأصوات دعاتك أن تتوب علي إنك
أنت التواب الرحيم، ثم قال مثله حين يسمع أذان المغرب، ثم مات
من يومه أو ليلته مات تائبا» (4).
775. الحادي عشر: إذا نقص المؤذن من أذانه شيئا تممه مع نفسه.
776. الثاني عشر: يقوم الإمام والمأمومون إذا قال المؤذن: قد
قامت الصلاة.

1. المبسوط: 1 / 97.
2. لاحظ مستدرك الوسائل: 4 / 55 و 59، الباب 33 و 34 من أبواب الأذان والإقامة، والمبسوط: 1 / 97.
3. لاحظ مستدرك الوسائل: 4 / 55 و 59، الباب 33 و 34 من أبواب الأذان والإقامة، والمبسوط: 1 / 97.
4. الفقيه: 1 / 187 برقم 890; الوسائل: 4 / 669، الباب 43 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 1.
231

777. الثالث عشر: روي أن هشام بن إبراهيم (1) شكا إلى الرضا (عليه السلام) سقمه، وانه
لا يولد له، فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله، ففعل، فذهب سقمه وكثر
ولده. قال محمد بن راشد (2): وكنت دائم العلة في نفسي وخدمي، فلما سمعت
ذلك من هشام عملت به، فزال عني وعن عيالي العلل (3).
778. الرابع عشر: روي في الصحيح (4) عن الباقر (عليه السلام):
«ان أقل المجزي من الأذان أن يفتتح الليل بأذان وإقامة، والنهار
بأذان وإقامة، ويجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان» (5).
779. الخامس عشر: الأذان عندنا وحي من الله تعالى على لسان جبرئيل (عليه السلام)،
علمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (عليه السلام) يسمع، لا بالمنام كما يقوله العامة (6).
780. السادس عشر: الإقامة أفضل من الأذان، والجمع بينهما أفضل، والجمع
بينهما وبين الإمامة أفضل، والإمامة بانفرادها أفضل منهما.

1. هشام بن إبراهيم الأحمر، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا (عليه السلام)، والبرقي من أصحاب
الكاظم (عليه السلام). لاحظ ترجمته في معجم رجال الحديث: 19 / 259، وجامع الرواة: 2 / 311،
ورجال الطوسي: 368 برقم 5476.
2. محمد بن راشد البصري عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (عليه السلام)، قال المحقق
المامقاني (رحمه الله): وقع محمد بن راشد في ضمن حديث شكاية هشام بن إبراهيم سقمه إلى أبي
الحسن الرضا (عليه السلام). لاحظ رجال الطوسي: 282 برقم 4077، وتنقيح المقال: 3 / 116.
3. الفقيه: 1 / 189 برقم 903; الوسائل: 4 / 641، الباب 18 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 1.
4. في «ب»: روى زرارة في الصحيح.
5. الفقيه: 1 / 186 برقم 885; الوسائل: 4 / 623، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة، الحديث 1
باختلاف قليل.
6. لاحظ سنن الترمذي: 1 / 358 برقم 189; سنن ابن ماجة: 1 / 232 برقم 706; سنن
أبي داود: 1 / 135 برقم 499; مسند أحمد بن حنبل: 4 / 43.
232

المقصد الثاني: في أفعال الصلاة وتروكها
أفعال الصلاة على ضربين: واجب وندب. ولا بد من معرفة كل واحد
منهما ليوقعه على وجهه، فإنه لو فعل الواجب بنية الندب بطلت صلاته.
ولو فعل الندب بنية الواجب، دخل تحت حكم من فعل فعلا ليس من
أفعال الصلاة.
وتنقسم التروك أيضا إلى: واجب وندب. ثم الواجب من الأفعال، منه ما
هو ركن تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا أو سهوا، ومنه ما ليس بركن.
وأنا أبين لك الأفعال الواجبة، ثم أعقبها بالمندوبة، ثم أختم ذلك بالتروك
في مطالب.
233

[المطلب] الأول: في الأفعال الواجبة
وفيه فصول
الفصل الأول: في القيام
وفيه عشرة مباحث:
781. الأول: القيام ركن مع القدرة، فإن أمكنه الاستقلال به وتركه عمدا أو
سهوا، بطلت صلاته، ولو تعذر وأمكنه أن يعتمد على حائط أو عكاز (1) أو شبهه،
وجب، وإن تمكن من القيام بعض الصلاة وجب أن يقوم قدر مكنته، ولو لم
يتمكن صلى جالسا، ولو أمكنه القيام، وخشي زيادة المرض أو بطأه،
صلى جالسا.
782. الثاني: لو أمكنه القيام، وعجز عن الركوع قائما والسجود، لم يسقط
عنه القيام، بل يصلي قائما ويومئ للركوع، ثم يجلس ويومئ للسجود.
783. الثالث: لو عجز عن القعود صلى مضطجعا على جانبه الأيمن بالإيماء،
مستقبلا للقبلة بوجهه، ولو عجز عن الاضطجاع صلى مستلقيا موميا برأسه، فإن
لم يستطع برأسه فبعينيه، بأن يجعل فتحهما قياما وتغميضهما ركوعا، وفتحهما
انتصابا، وتغميضهما سجودا، وفتحهما جلوسا، وتغميضهما سجودا ثانيا

1. في مجمع البحرين: العكازة - وزان تفاحة -: العنزة وهي رمح بين العصا والرمح فيها زج.
234

ثانيا وفتحهما رفعا، وهكذا في الركعة الثانية، وأجرى الأفعال على قلبه،
وفعل الأذكار.
784. الرابع: لو عجز عن حالة في أثناء الصلاة انتقل إلى ما دونها مستمرا،
كالقائم يعجز فيقعد، وكذا بالعكس لو تمكن من الحالة العليا انتقل إليها، كالقاعد
يتمكن من القيام فإنه يقوم، ويتم صلاته، والوجه انه يترك القراءة حتى يعتدل.
ولو مرض في قيامه فليقرأ في هويه، ولو برأ بعد القراءة لزمه القيام دون
الطمأنينة، ليهوي إلى الركوع.
ولو خف في الركوع قبل الطمأنينة، كفاه أن يرتفع منحنيا إلى حد الركوع،
ولو قدر القاعد على الارتفاع إلى حد الركوع وجب.
785. الخامس: لو عجز القاعد عن السجود رفع ما يسجد عليه، فان لم
يتمكن أومأ، ولو عجز عن القيام فصلى قاعدا، ثم تمكن من القيام للركوع،
وجب أن يقوم ويركع.
786. السادس: يستحب له أن يتربع حال القراءة ويثني رجليه في الركوع
والسجود، ويتورك في التشهد.
787. السابع: لو كان قيامه كهيئة الركوع لحدب أو كبر، وجب أن يقوم على
ما يمكنه، وإن كان لقصر السقف أو شبهه ولم يتمكن من الصلاة في غيره، قام
على مكنته.
788. الثامن: لو تمكن من القيام منفردا وعجز عنه مأموما وجب
القيام والانفراد.
235

789. التاسع: لو كان المرض في عينيه، فقال أهل الطب: إن صلى بالاستلقاء
أمكن المداواة، جاز ذلك.
790. العاشر: يستحب للقائم أن يفرق بين قدميه من ثلاث أصابع إلى شبر،
وأن يستقبل بأصابع رجليه القبلة.
الفصل الثاني: في النية
وفيه أحد عشر بحثا:
791. الأول: النية ركن في الصلاة إجماعا، وهي عرض حال في القلب وهو
قصد وإرادة للفعل مقترنة به، لو أخل بها عمدا أو سهوا بطلت صلاته، ولا اعتبار
بالنطق بها، لأن المميز لجهات الأفعال الواقعة عن المكلف هو الإرادة لا غير،
وليس النطق مستحبا.
792. الثاني: كيفية النية أن يستحضر صفة الصلاة في ذهنه، ويقصد إلى
تعيين الصلاة، من كونها ظهرا أو عصرا مثلا، وإلى الأداء أو القضاء، وإلى الوجه،
أعني: الوجوب أو الندب، وإلى التقرب إلى الله خاصة.
فروع:
793. [الفرع] الأول: لو نوى الأداء فبان خروج الوقت، لزمه الإعادة، لأنه
لم ينو القضاء.
794. [الفرع] الثاني: لو ظن خروج الوقت فنوى القضاء، ثم بان
الكذب، أعاد.
236

795. [الفرع] الثالث: تسقط نية التعيين فيما إذا نسي تعيين الفائتة خاصة.
796. [الفرع] الرابع: لو كان عليه ظهر وعصر فنوى بالصلاة إحداهما لم يجز
عن واحدة منهما.
797. الثالث: لا يشترط نية القصر والإتمام (1).
798. الرابع: يشترط فيها مقارنتها لتكبيرة الإفتتاح، ويجب استمرارها حكما
إلى الفراغ، فلو دخل بنية مترددة بين الإتمام والقطع لم يعتد بها، ولو دخل بنية
صحيحة ثم نوى قطعها والخروج منها، أو أنه سيخرج (2) منها، أو تردد هل يخرج
أم لا، قال الشيخ: لا تبطل صلاته، ويقوى عندي أنها تبطل (3) وما قواه الشيخ هو
الأقوى عندي.
799. الخامس: لو نوى فعل ما ينافي الصلاة، ولم يفعل، لم تبطل صلاته.
800. السادس: لو نوى بأحد أفعال الصلاة غيرها بطلت صلاته.
801. السابع: لو نوى ببعض أفعال الصلاة الرياء، بطلت صلاته، لأنه منهي
عنه، والنهي يدل على الفساد.
802. الثامن: يجوز نقل النية في مواضع، كذاكر الفائتة أو طالب (4) فضيلة
الجماعة وسورة الجمعة.

1. في «ب»: التمام.
2. في «ب»: استخرج.
3. الخلاف: 1 / 307، المسألة 55 من كتاب الصلاة.
4. في «ب»: وطالب.
237

803. التاسع: لو أخر نيته عن التكبير لم يصح.
804. العاشر: لو صلى مأموما اشترط أن ينوي الإئتمام بخلاف الإمام.
805. الحادي عشر: لو شك هل نوى أم لا في الحال، استأنف، ولو كان بعد
الانتقال أو ذكر النية استمر، ولو عمل عملا مع الشك الموجب للاستئناف بطل.
ولو شك هل نوى فرضا أو نفلا في الحال استأنف. ولو شك هل أحرم
بظهر أو عصر في الحال، استأنف.
الفصل الثالث: في تكبيرة الإحرام
وفيه تسعة عشر بحثا:
806. الأول: التكبيرة ركن في الصلاة، وجزء منها، فلو أخل بها عمدا أو سهوا
بطلت صلاته.
وصورتها «الله أكبر» فلو أخل بحرف منها، أو أتى بمعناها، أو بغير العربية
مع القدرة، أو أتى بأكبر معرفا - خلافا لابن الجنيد - (1) أو عكس الترتيب،
لم يصح.
807. الثاني: الأعجم يجب عليه التعلم، ولا يشتغل بالصلاة مع سعة الوقت،
ولو ضاق أحرم بلغته.
808. الثالث: الأخرس ينطق بالممكن، فإن عجز عن النطق أصلا كبر
بالإشارة بإصبعه وأومأ.

1. نقل عنه المحقق في المعتبر: 1 / 152.
238

809. الرابع: يجب أن يأتي بأكبر على وزن أفعل، فلو مد صار جمع كبر،
وهو الطبل (1) فإن قصده بطل، ولا ينبغي أن يمد الهمزة من لفظة الجلالة، لأنه
يبقى مستفهما، ولو قصده بطل.
810. الخامس: يجب على المصلي أن يسمع نفسه بالتكبير إن كان صحيح
السمع، وإلا أتى بما لو كان صحيحا سمعه.
811. السادس: يجب أن يكبر قائما، فلو اشتغل بالتكبير وهو آخذ في القيام
ثم يتمه، أو شرع في الركوع كالمأموم المسبوق قبل إتمامه بطلت صلاته، وإن
كانت نافلة.
812. السابع: لو أتى بالتكبير مقطعا لم يصح، لأن التعظيم إنما
يحصل بالإخبار.
813. الثامن: يستحب التوجه بسبع تكبيرات، إحداها تكبيرة الإحرام، أيها
شاء جعلها الفرض، فإن نوى بها أولى التكبيرات، وقعت البواقي في الصلاة، وله
أن ينوي الأخيرة والوسطى.
814. التاسع: هذه السبع تستحب في سبعة مواطن: في أول كل فريضة،
وأول صلاة الليل، والوتر، وأول نافلة الزوال، وأول نافلة المغرب، وأول ركعتي
الإحرام، وفي الوتيرة، ويستحب أن يأتي بينها بثلاثة أدعية.
815. العاشر: يستحب أن يأتي بعد تكبيرة الإحرام بالتوجه.

1. قال المصنف في التذكرة: 3 / 114: لا يجوز الزيادة فلو قال «أكبار» لم تصح، لأنه جمع كبر
وهو الطبل، فيبطل لو قصده.
239

روى زرارة في الصحيح عن الباقر (عليه السلام) قال:
يجزيك في التوجه إلى الله تبارك وتعالى في الصلاة أن تقول: «وجهت
وجهي للذي فطر السماوات والأرض، على ملة إبراهيم حنيفا مسلما
وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين» (1).
قال الشيخ (رحمه الله): وإن قال في التوجه: وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض، على ملة إبراهيم ودين محمد ومنهاج علي، حنيفا مسلما إلى آخر
الدعاء، كان أفضل (2). وكذا قال ابن بابويه (3).
816. الحادي عشر: يستحب رفع اليدين بالتكبير في فرائض الصلوات
ونوافلها إلى أن يحاذي بهما شحمتي أذنيه وإن كانت يده تحت ثيابه، ولو نسيه
وذكر قبل انتهاء التكبير رفع يديه مستحبا، ولو انتهى لم يرفع.
817. الثاني عشر: يستحب مد الأصابع وضمها والاستقبال بباطنها إلى القبلة،
ويكره ان يتجاوز بهما رأسه.
818. الثالث عشر: يستحب للإمام ان يسمع من خلفه، التكبير إذا لم يبلغ
العلو المفرط، ولو لم يمكنه إلا به أسمع من يليه، ويسمع المأموم غيره، ولا
يستحب له أن يسمع من خلفه غير تكبيرة الإحرام من السبع، ولا للمأموم
إسماع الإمام.

1. الوسائل: 4 / 724، الباب 8 من أبواب تكبيرة الإحرام، الحديث 2.
2. النهاية: 70.
3. الفقيه: 1 / 199، برقم 917.
240

819. الرابع عشر: يستحب بعد التوجه التعوذ بالله من الشيطان، أمام القراءة
في الفرائض والنوافل، وصورته: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويجوز أعوذ
بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
قال الشيخ: ويستحب الإسرار به (1).
820. الخامس عشر: التعوذ مستحب في أول ركعة من الصلاة خاصة، ولا
يستحب في الباقي، ولو تركه عمدا أو نسيانا حتى قرأ مضى في قراءته، ولا
يعيدها في الركعة الثانية (2).
821. السادس عشر: لو كبر ونوى الافتتاح انعقدت صلاته، فإن كبر ثانية بنية
الافتتاح بطلت صلاته، فإن كبر ثالثة بنية الافتتاح انعقدت، وهكذا.
822. السابع عشر: لو كان في لسانه آفة من تمتمة (3) أو لثغة (4) أو غيرها،
وأوجبت تغيير الحروف، وجب عليه التعلم بقدر الإمكان، ولو لم يمكنه، أو لم
يكن مغيرة، لم يكن به بأس.
823. الثامن عشر: لو أدرك الإمام راكعا كبر للافتتاح واجبا، ثم إن أدرك
تكبيرة الركوع استحب له فعلها، وإلا فلا.
ولو نوى بها تكبيرة الركوع، أو الافتتاح والركوع معا بطلت صلاته.

1. المبسوط: 1 / 105.
2. في «ب»: ولا يعيدها ولا في الركعة الثانية.
3. قال في لسان العرب: التمتمة: رد الكلام إلى التاء والميم، وقيل: هو أن يعجل بكلامه فلا يكاد
يفهمك، وقيل: هو ان تسبق كلمته إلى حنكه الأعلى.
4. قال في لسان العرب: اللثغة: ان تعدل الحرف إلى حرف غيره. (وقد تقدم معناها).
241

824. التاسع عشر: يستحب للمأموم أن يكبر بعد فراغ الإمام من التكبيرة،
ولو كبر معه جاز، وإن كبر قبله لم يصح، ويجب أن يقطعها بتسليمة، ويستأنف
بعده أو معه تكبيرة الافتتاح.
الفصل الرابع: في القراءة
وفيه ثلاثة وأربعون بحثا:
825. الأول: القراءة واجبة، ويتعين الحمد وسورة كاملة في كل ركعة مرة في
الثنائية، (1) وفي أوليي الثلاثية والرباعية، ويتخير في الثالثة والرابعة بين الحمد
وحدها وأربع تسبيحات، صورتها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله
أكبر. وإن قال ذلك ثلاث مرات كان أفضل، وقيل: يجب. وليس بمعتمد. (2)
826. الثاني: لا يجوز الإخلال بشئ من الحمد والسورة ولو بحرف، فلو
أخل عمدا بطلت صلاته، وكذا الإعراب والتشديد.
827. الثالث: يجب ترتيب كلمات الحمد وآيتها، وفي السورة أيضا كما هي
في المصحف، وكذا يجب تقديم الحمد على السورة، فلو خالف في شئ من
ذلك عمدا أعاد الصلاة، وإن كان ناسيا استأنف القراءة ما لم يركع، فيمضي
وإن ذكر.

1. في «أ»: من الثنائية.
2. لاحظ الأقوال في المختلف: 2 / 145.
242

828. الرابع: يجب الموالاة في القراءة، فلو قرأ خلالها من غيرها استأنف،
وكذا لو نوى قطع القراءة وسكت، ولو سكت لا بنية القطع أو نواه ولم يقطع لم
تبطل صلاته.
ويجوز أن يقطع القراءة لسكوت ودعاء لا يخرج به عن اسم القاري.
829. الخامس: بسم الله الرحمن الرحيم، آية من كل سورة، إلا براءة، فلو
أخل بها في الحمد، أو في السورة، بطلت صلاته إن كان عمدا، وإلا فلا.
ويجب أن يقرأها بنية أنها من سورة معينة، فلو قرأها من غير نية، تعين (1)
عليه إعادتها عند قراءة السورة، وكذا يعيدها لو عدل عن سورة إلى أخرى.
830. السادس: لا يجوز مع الاختيار الاقتصار على الحمد من دون السورة
الكاملة في الأوليين من الفرائض، ويجوز للضرورة (2) خلافا للشيخ في
بعض أقواله (3).
831. السابع: لا يجزئ في القراءة الترجمة، ولا مرادفها من العربية.
832. الثامن: لو لم يحسن القراءة وجب عليه التعلم بالعربية، ولو عجز أو
ضاق الوقت، وكان يحسن بعضها قرأه، ولو لم يحسن شيئا منها قرأ من غيرها ما
تيسر، والأقرب وجوب الإتيان بسورة كاملة إن كان يعلمها، وهل يجب أن يأتي
بسورة أخرى عوض الحمد؟ فيه إشكال.

1. في «ب»: تعيين.
2. في «ب»: مع الضرورة.
3. النهاية: 75 حيث قال: فمن صلى بالحمد وحدها متعمدا من غير عذر، كانت صلاته ماضية،
ولم يجب إعادتها، غير انه يكون قد ترك الأفضل.
243

ولو لم يحسن سورة كاملة قرأ ما يحسنه، والأقرب انه لا يجب أن يقرأ
بعدد آيها. (1) ولو لم يحسن إلا آية واحدة منها قرأها، واجتزأ بها، والأقرب سقوط
وجوب تكريرها سبعا.
ولو لم يحسن إلا بعض آية، فالأقرب انه إن كان يسمى قرآنا وجب
قراءته، وإلا فلا.
ولو لم يحسن شيئا من القرآن أصلا كبر الله وهلله وسبحه بقدر القراءة، ثم
يجب عليه التعلم.
833. التاسع: لو لم يحفظ شيئا من القرآن، وضاق الوقت، وجب عليه أن
يقرأ من المصحف إن كان عارفا، والأقرب عدم إجزاء القراءة من المصحف مع
إمكان التعلم.
834. العاشر: الأخرس يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه.
835. الحادي عشر: قد بينا أن الحمد لا يجب في الأخيرتين، بل يتخير
المصلي بينها (2) وبين التسبيح، ويستحب للإمام القراءة فيهما، ولا يجب قراءة
سورة بعد الحمد فيهما.
836. الثاني عشر: لا يجزئ عن السورة في الأوليين تكرار الحمد، بل يجب
سورة أخرى غير الحمد، متأخرة عنها، فلو عكس قرأ الحمد، ثم أعاد السورة أو
غيرها إن لم يتعمد.
837. الثالث عشر: يجوز أن يقرأ السورة الواحدة في الركعتين مكررا لها

1. في «ب»: بعدد آيتها.
2. تأنيث الضمير باعتبار القراءة.
244

فيهما، وأن يقرأ فيهما سورتين متساويتين، وأن يقرأ في الثانية بالسورة التي تلي
السورة التي قرأها في الأولى، وبغيرها من المتقدمات عليها والمتأخرات.
838. الرابع عشر: لا يتعين الحمد في النوافل وجوبا بل ندبا، وكذا يستحب
السورة بعدها فيها.
839. الخامس عشر: الإعراب واجب، فلو أخل به عمدا بطلت صلاته، ولو لم
يحسنه وجب التعلم بقدر الإمكان، ولو ضاق الوقت صلى على ما يحسنه،
والأقرب وجوب إئتمامه بالعارف.
840. السادس عشر: يجب أن يقرأ بالمتواتر، فلو قرأ بمصحف ابن مسعود
بطلت صلاته.
841. السابع عشر: يجوز أن يقرأ بأي قراءة شاء من القراءات السبع، ولا
يجوز أن يقرأ بغيرها، وان اتصلت رواية.
842. الثامن عشر: يجب أن يخرج الحروف من مخارجها، فلو أخرج
«الضاد» في «ولا الضالين» (1) وغيره من مخرج «الظاء» بطلت صلاته إن كان عالما
أو جاهلا يمكنه التعلم، وإلا فلا، ثم يجب عليه التعلم، ولو أخل بإصلاح لسانه
في القراءة مع القدرة أبطل صلاته، وإلا فلا.
843. التاسع عشر: هل يجب الترتيب في التسبيح على ما تلوناه؟
فيه إشكال.
844. العشرون: لو أخل بالقراءة في الأوليين عمدا بطلت صلاته. ولا تبطل
بالإخلال سهوا، ولا يسقط التخيير معه بينها وبين التسبيح في الأخيرتين.

1. في «أ»: في الضالين.
245

845. الحادي والعشرون: لا يجوز القران بين سورتين غير الحمد في ركعة (1)
من الفرائض، وهل هو مبطل؟ للشيخ قولان. (2) ويجوز في النافلة، بل يستحب
في مواضع منها.
846. الثاني والعشرون: قال علماؤنا: «الضحى» و «ألم نشرح» سورة واحدة
وكذا «الفيل» و «الإيلاف»، فلو قرأ إحداهما بعد الحمد في الفرائض وجب أن
يقرأ الأخرى، ويجب البسملة بينهما على الأقوى.
847. الثالث والعشرون: لا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئا من العزائم،
ويجوز في النوافل، وكذا يحرم أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته.
848. الرابع والعشرون: يجب الجهر بالحمد والسورة في الصبح وأولتي
المغرب والعشاء، ويجب الإخفات في الظهرين والثالثة والرابعة في الحمد من
العشاءين، وللسيد هنا خلاف (3).
849. الخامس والعشرون: أقل الجهر (4) أن يسمعه القريب الصحيح السمع،
وأقل الإخفات أن يسمع نفسه.
850. السادس والعشرون: يسقط الجهر من المرأة إجماعا.
851. السابع والعشرون: حكم القضاء حكم الأداء في ذلك، سواء فعل

1. هذا ما أثبتناه، ولكن في «أ»: «في الركعة» و في «ب»: «في الركعة الأولى».
2. قال في المبسوط: 1 / 107: إن قرأ بعض السورة أو قرن ما بين السورتين بعد الحمد لا يحكم
ببطلان الصلاة. وقال في النهاية: 75: لا يجوز أن يجمع بين سورتين مع الحمد في الفرائض،
فمن فعل ذلك متعمدا كانت صلاته فاسدة.
3. لاحظ قول السيد المرتضى في المعتبر: 1 / 176، والمختلف: 2 / 153.
4. في «ب»: وحد الجهر.
246

القضاء في الليل أو النهار.
852. الثامن والعشرون: لو أخل بالجهر أو الإخفات في موضعه عمدا عالما
بطلت صلاته، ولو كان جاهلا أو ناسيا لم تبطل، ولو ذكر في أثناء القراءة الترك
انتقل إلى ما يجب عليه، ولا يستأنف القراءة.
853. التاسع والعشرون: يستحب للإمام أن يسمع من خلفه القراءة في
الجهرية ما لم يفرط.
854. الثلاثون: إنما يجب الجهر في القراءة خاصة دون غيرها من أذكار
الصلاة، نعم يستحب للإمام الجهر بالتشهد.
855. الواحد والثلاثون: يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر، ويستحب
في مواضع الإخفات، ويجوز الإسرار بها مع التقية، وإن وجب الجهر.
856. الثاني والثلاثون: يستحب المخافتة (1) في نوافل النهار، والجهر في
نوافل الليل.
857. الثالث والثلاثون: يستحب للمصلي السكوت بعد قراءة الحمد
وبعد السورة.
858. الرابع والثلاثون: يستحب ترتيل القراءة والوقوف في مواضعه، ويجب
عليه النطق بالحروف، بحيث لا يخفي بعضها في بعض.
859. الخامس والثلاثون: المعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما في
الفرائض.
860. السادس والثلاثون: يستحب قصار المفصل في الظهرين والمغرب،

1. في «ب»: المخافية.
247

ومتوسطاته في العشاء، ومطولاته في الغداة (1)، ويستحب قراءة الجمعة
والمنافقون في ظهري الجمعة والجمعة (2)، وأن يقرأ ليلة الجمعة بها والأعلى،
وفي غداة الجمعة بها وبالإخلاص، وفي غداة الاثنين والخميس هل أتى
والغاشية. وفي نوافل النهار بقصار السور، وفي نوافل الليل بمطولاتها.
861. السابع والثلاثون: يستحب قراءة قل يا أيها الكافرون في سبعة مواطن:
أول ركعة من ركعتي الزوال، وأول ركعة من نوافل المغرب، وأول ركعة من
صلاة الليل، وأول ركعة من صلاة الغداة إذا أصبح بها، وأول ركعتي الفجر، وأول
ركعتي الطواف، وأول ركعتي الإحرام.
وروي قراءة التوحيد في هذه الأوائل والجحد في الثانية (3).
862. الثامن والثلاثون: يستحب أن يقرأ في أوليي صلاة الليل ثلاثين مرة قل
هو الله أحد، وفي البواقي بالطوال.
863. التاسع والثلاثون: إذا قرأ في النافلة عزيمة سجد وجوبا عند موضع
السجود، ثم قام فأتم السورة وركع، ولو كانت السجدة في آخرها قرأ الحمد بعد
قيامه ليركع عن قراءة، وكذا يجب أن يسجد لو استمع، ثم يفعل ما ذكرناه.
ولو نسيها حتى ركع سجدها مع الذكر، ويستحب له إذا رفع رأسه من

1. قال المصنف في التذكرة: 3 / 158: يستحب أن يقرأ في الظهرين والمغرب بقصار المفصل
كالقدر والنصر، وفي العشاء بمتوسطاته كالطارق والأعلى، وفي الصبح بمطولاته كالمدثر
والمزمل.
2. قال المصنف في التذكرة: 3 / 159: يستحب أن يقرأ في ظهري يوم الجمعة الجمعة
والمنافقين وكذا في الجمعة سواء الجامع والمنفرد والمسافر والحاضر.
3. التهذيب: 2 / 74 برقم 274; والوسائل: 4 / 751، الباب 15 من أبواب القراءة، الحديث 1 و 2.
248

السجود أن يكبر.
ولو كان مع إمام لا يسجد ولم يتمكن من السجود أومأ.
864. الأربعون: يجوز أن يعدل المصلي من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز
النصف، إلا سورة الكافرين والإخلاص، فإنه لا ينتقل عنهما إلا في ظهر الجمعة،
فإنه ينتقل إلى الجمعة والمنافقين.
ولو قرأ سورة فغلط جاز له العدول مطلقا، لرواية زرارة الصحيحة عن
الباقر (عليه السلام) (1)، ورواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) (2)، ومع العدول
يعيد البسملة.
865. الواحد والأربعون: إذا مر المصلي بآية رحمة استحب له أن يسأل الله
تعالى إيصالها إليه، وبآية نقمة أن يتعوذ منها.
866. الثاني والأربعون: إذا تقدم المصلي سكت عن القراءة، فإذا استقر أتم.
867. الثالث والأربعون: قول «آمين» حرام تبطل به الصلاة، سواء جهر بها أو
أسر، في آخر الحمد أو قبلها، إماما كان أو مأموما، وعلى كل حال، وإجماع
الإمامية عليه، للنقل عن أهل البيت (عليهم السلام) (3)، ولأنها ليست قرآنا ولا دعاء، لأن الاسم
مغاير للمسمى (4).

1. الوسائل: 4 / 737، الباب 4 من أبواب القراءة، الحديث 7.
2. الوسائل: 4 / 783، الباب 43 من أبواب القراءة، الحديث 1.
3. لاحظ الوسائل: 4 / 752، الباب 17 من أبواب القراءة.
4. ولا يخفى ان الدعاء هو قول المصلي: «اهدنا الصراط المستقيم» وأما لفظة «آمين» فليست
دعاء وإنما هي طلب إجابته، فتكون مغايرة مع الدعاء، وهذا هو المراد من قوله «لأن الاسم
(آمين) غير المسمى» (أي الدعاء).
249

الفصل الخامس: في الركوع
وفيه خمسة عشر بحثا:
868. الأول: الركوع لغة الانحناء، وفي الشرع كذلك، وهو ركن في كل ركعة
مرة، تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا وسهوا.
ويجب في الكسوف والآيات في كل ركعة خمس مرات على ما يأتي.
869. الثاني: يجب فيه الانحناء إلى حيث يتمكن من وضع يديه على
ركبتيه، ولو لم يتمكن من هذا الحد وجب الإتيان بالممكن، ولو لم يتمكن من
الانحناء أصلا أومأ.
ولو كان بصورة الراكع لكبر أو زمن، قام على حسب حاله، ثم انحنى
للركوع قليلا ليكون فارقا بين قيامه وركوعه.
قال الشيخ: ولا يلزمه ذلك (1) وفيه إشكال.
ولو بلغت يداه في الطول إلى حيث ينتهي إلى ركبته انحنى كما ينحني
مستوي الخلقة، وكذا لو كانت أقصر من المستوي.
870. الثالث: يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب، وهي السكون حتى
يرجع كل عضو إلى مستقره، ولو لم يتمكن منها سقطت.

1. المبسوط: 1 / 110، ولاحظ التذكرة: 3 / 166 تراها موافقا للشيخ.
250

871. الرابع: يجب فيه الذكر، كالتسبيح أو التهليل أو التكبير أو التحميد،
وأوجب جماعة من علمائنا التسبيح خاصة (1)، والأقرب الأول.
872. الخامس: يجب أن يأتي بالذكر حال الركوع (2)، فلو اشتغل فيه وهو آخذ
في الركوع، أو اشتغل بالرفع قبل إكماله لم يجز.
873. السادس: يجب رفع الرأس من الركوع، فلو هوى للسجود قبل انتصابه
منه من غير عذر لم يجز، ولو افتقر إلى الاعتماد على شئ وجب، ولو لم يتمكن
سقط، ولو زال المانع بعد السجود لم يتداركه.
قال الشيخ: وكذا لو زال قبل السجود 3.
ولو ركع فاطمأن فسقط إلى الأرض من قبل القيام سجد، ولا يحتاج إلى
القيام، لفوات محله، أما لو سقط قبل ركوعه فإنه يرجع ويأتي بالركوع، ولو سقط
بعد الركوع قبل الطمأنينة ففي إعادة الركوع إشكال.
874. السابع: يجب الطمأنينة في الانتصاب، بأن يعتدل قائما
ويسكن يسيرا.
875. الثامن: يستحب التكبير إذا أراد الركوع، وأن يكبر قائما، رافعا يديه
بالتكبير، محاذيا أذنيه، ويرسلهما ثم يركع.
وأن يضع يديه على ركبتيه مفرجات الأصابع، ولو كان بإحدى يديه عذر

1. منهم: أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 118، والشيخ في النهاية: 81، والمحقق في
المعتبر: 2 / 195.
2. في «أ»: حالة الركوع.
3. المبسوط: 1 / 111.
251

وضع الأخرى، ويرد ركبتيه إلى خلفه، ويسوي ظهره، ويمد عنقه موازيا ظهره.
وأن يصف في ركوعه بين قدميه، ولا يقدم إحداهما على الأخرى،
ويجعل بينهما قدر شبر.
وأن يتجافى حالة الركوع، لا يضع شيئا من أعضائه على شئ إلا اليدين
على الركبتين، وأن يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم وبحمده» ثلاثا،
وأفضل منه خمسا، والأكمل سبعا، ويستحب للإمام التخفيف بثلاث.
وأن يدعو في حال ركوعه فيقول: رب لك ركعت، ولك أسلمت، وبك
آمنت، وعليك توكلت، وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري
ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي وما أقلته قدماي، غير مستنكف ولا
مستكبر، ولا مستحسر، ثم يسبح ثلاثا (1).
876. التاسع: لا يستحب القراءة في الركوع ولا السجود إجماعا.
877. العاشر: يستحب للإمام رفع صوته بالذكر فيه.
878. الحادي عشر: يستحب أن يقول بعد انتصابه من الركوع: «سمع الله لمن
حمده، الحمد لله رب العالمين، أهل الجبروت والكبرياء والعظمة لله رب
العالمين» للإمام والمأموم والمنفرد، وأن يجهر الإمام به.
879. الثاني عشر: قال الشيخ (رحمه الله): وإن قال: ربنا ولك الحمد لم تبطل صلاته (2)،
والأولى ما نقل عن أهل البيت (عليهم السلام) (3).

1. لاحظ الوسائل: 4 / 920، الباب 1 من أبواب الركوع، الحديث 1.
2. المبسوط: 1 / 112.
3. لاحظ الوسائل: 4 / 940، الباب 17 من أبواب الركوع.
252

880. الثالث عشر: لو قال: «من حمد الله سمع له»، لم يأت بالمستحب، لأنه
أخل بالجزء الصوري (1)، ولأن الأول دعاء، والثاني شرط وجزاء.
881. الرابع عشر: لو عطس عند رفعه فقال: «الحمد لله رب العالمين»، ونوى
به التحميد للعطسة والمستحب بعد الرفع، جاز.
882. الخامس عشر: يكره أن يركع ويداه تحت ثيابه، بل يستحب أن تكون
بارزة أو في كمه.
الفصل السادس: في السجود
وفيه اثنا عشر بحثا:
883. الأول: السجود لغة الخضوع والانحناء، وشرعا وضع الجبهة على
الأرض، وهو واجب في الصلاة، في كل ركعة سجدتان، ومجموعهما ركن،
تبطل الصلاة بالإخلال بهما معا عمدا وسهوا، وبالواحدة عمدا لا سهوا.
884. الثاني: يجب في كل واحدة منهما السجود على سبعة أعضاء: الجبهة
والكفان والركبتان وإبهامي الرجلين.
ولو أخل بالسجود على بعض هذه عمدا بطلت صلاته، عالما كان أو
جاهلا، ولا تبطل بالسهو، ولو كان على بعض أعضائه مانع يمنع من السجود

1. قدم المؤخر، وأخر المقدم.
253

عليه، سجد بباقي الأعضاء.
ولو كان على جبهته دمل أو شبهه، وأمكنه أن يحفر لها حفيرة ينزل فيها (1)
ليقع السليم من الجبهة على الأرض وجب، ولو لم يمكنه لاستغراق الجبهة
بالمانع، أو لعدم تمكنه من الحفر، أو لغيرهما، سجد على أحد الجبينين، وعلى
بقية الأعضاء.
ولو تعذر على أحد الجبينين سجد على الذقن. ولو تعذر ذلك كله أومأ.
885. الثالث: لا يجب السجود على جميع أعضاء الجبهة، وشرط بعض
الأصحاب الملاقاة بدرهم (2) وليس بمعتمد، وكذا البحث في بقية الأعضاء.
886. الرابع: يجب إبراز الجبهة للسجود على ما يصح السجود عليه، ووضع
الجبهة عليه، فلو سجد على كور العمامة بطل، إلا أن يكون لعذر، ويستحب إبراز
اليدين دون غيرهما.
887. الخامس: يجب الانحناء للسجود حتى يساوي موضع جبهته موقفه،
ويجوز أن يكون موضع السجود أعلى بما لا يعتد به كاللبنة لا أزيد، ولو وقعت
جبهته على المرتفع جاز أن يرفع رأسه، ويسجد على المساوي. ولو تعذر أتى
بالممكن، ولو لم يتمكن من الانحناء مطلقا، رفع ما يسجد عليه (3) وإن عجز أومأ.
888. السادس: يجب الذكر في كل واحدة كما قلنا في الركوع، والخلاف فيه
كالخلاف هناك، والأولى فيه التسبيح ثلاثا وأفضل منه خمسا، وأكمله سبعا.

1. في «ب»: يترك فيها.
2. الصدوق في المقنع: 87; والفقيه: 1 / 175 و 205.
3. في «ب»: جاز رفع ما يسجد عليه.
254

ويستحب أن يدعو أمام الذكر فيقول: «اللهم لك سجدت وبك آمنت
ولك أسلمت، وعليك توكلت وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وصوره،
وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين، والحمد لله رب العالمين» ثم
يقول: «سبحان ربي الأعلى وبحمده» ثلاث مرات (1).
ويجوز فيه الدعاء بغير ذلك من أمور الدنيا والآخرة.
889. السابع: يجب فيه الطمأنينة بقدر الذكر الواجب، وأن يأتي بالذكر
الواجب وهو ساجد، فلو أخذ في السجود وهو ذاكر، أو رفع رأسه ولم يتممه
لم يجز.
890. الثامن: يجب رفع الرأس من السجدة الأولى، والطمأنينة فيه جالسا.
891. التاسع: يستحب التكبير قائما قبل السجود، ثم يهوي رافعا يديه إلى
شحمتي أذنيه، وكذا يكبر حال رفعه، وللسجود الثاني حال قعوده، رافعا يديه،
كما قلناه، وعند رفعه منه، وأن يستقبل الأرض بيديه حال هويه، ومساواة موضع
سجوده لموقفه، أو يكون أخفض، وأن يرغم بأنفه. قال السيد: بطرف الأنف
الذي يلي الحاجبين (2). وأن يدعو بين السجدتين ويتورك حال جلوسه،
والجلوس عقيب السجدة الثانية مطمئنا، والدعاء عند القيام، وأن يعتمد على
يديه عنده، سابقا رفع ركبتيه، وأن يبسط كفيه على الأرض حال القيام
ولا يضمهما.
892. العاشر: يكره الإقعاء بين السجدتين، وهو أن يعتمد بصدور قدميه

1. لاحظ الوسائل: 4 / 951، الباب 2 من أبواب السجود، الحديث 1.
2. جمل العلم والعمل في ضمن سلسلة الينابيع الفقهية: 3 / 178.
255

على الأرض، ويجلس على عقبيه; وأن ينفخ موضع سجوده.
893. الحادي عشر: لو سجد على أنفه دون جبهته لم يجز.
894. الثاني عشر: يستحب له التجافي حال السجود لا يضع شيئا من جسده
على شئ، والاعتدال في السجود.
الفصل السابع: في التشهد
ومباحثه عشرة:
895. الأول: التشهد واجب في كل ثنائية مرة، وفي الثلاثية والرباعية مرتين.
ومحله في الثنائية عند كمالها، وفي الثلاثية والرباعية عند كمال الثانية مرة، وعند
كمال الصلاة أخرى. وتبطل الصلاة بالإخلال به عمدا.
896. الثاني: الواجب في كل تشهد أربعة أشياء: الجلوس بقدره مطمئنا;
والشهادتان، وهما: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله; والصلاة على النبي وآله، وصورتها: اللهم صل على محمد وآل
محمد; وما زاد على ذلك مستحب.
897. الثالث: من لا يحسن التشهد يجب عليه التعلم، ومع ضيق الوقت يأتي
بما يحسن منه.
898. الرابع: يجب الترتيب في التشهد فيبدأ بشهادة التوحيد، ثم بشهادة
256

الرسالة، ثم يصلي على النبي، ثم يصلي على آله، فلو خالف أعاد.
899. الخامس: الصلاة على النبي وآله (عليهم السلام) واجبة في التشهدين معا.
900. السادس: يستحب أن يجلس متوركا، بأن يجلس على وركه الأيسر،
ويخرج رجليه جميعا، ويجعل ظاهر قدمه الأيسر إلى الأرض، وظاهر الأيمن
إلى باطن الأيسر، وأن يضع يديه على فخذيه مبسوطة مضمومة الأصابع، وأن
يزيد على القدر الواجب فيقول:
ما رواه أبو بصير عن الصادق (عليه السلام) قال:
«إذا جلست في الركعة الثانية، فقل: بسم الله، وبالله، والحمد لله، وخير
الأسماء لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة،
وأشهد أن ربي نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، اللهم صل على
محمد وآل محمد، وتقبل شفاعته في أمته، وارفع درجته، ثم يحمد الله
مرتين أو ثلاثا، ثم يقوم، وإذا جلست في الرابعة، فقل: بسم الله، وبالله،
والحمد لله، وخير الأسماء لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين
يدي الساعة، أشهد أنك نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، التحيات
لله، الصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرايحات
السابغات الناعمات لله، ما طاب وطهر وزكى وخلص وصفا فلله،
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
257

ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، أشهد أن الله
نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب
فيها، وأن الله يبعث من في القبور، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا
لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على
محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وسلم على محمد وآل
محمد، وترحم على محمد وآل محمد، كما صليت وباركت وترحمت
على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم صل على محمد وآل
محمد، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا
غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم صل على محمد وآل
محمد، وامنن علي بالجنة، وعافني من النار، اللهم صل على محمد وآل
محمد، واغفر للمؤمنين والمؤمنات، ولمن دخل بيتي مؤمنا، ولا تزد
الظالمين إلا تبارا.
ثم قل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء
الله ورسله، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين،
السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، لا نبي بعده، السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين. ثم تسلم» (1).
901. السابع: التحيات ليست واجبة في واحد من التشهدين.
902. الثامن: تقديم التسليم على التشهد مبطل للصلاة.
903. التاسع: لو قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أجزأه على

1. الوسائل: 4 / 989، الباب 3 من أبواب التشهد، الحديث 2.
258

على إشكال، وكذا: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله، (أو عبده ورسوله) (1)، أو
قال: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا عبده ورسوله،
من غير واو.
ولو أتى عوض الشهادة بما يساويها في المعنى أو يقاربها، فيقول: أعلم أو
أخبر عن علم، أو أتيقن وما شابهه لم يجز، وكذا لو قال: أشهد أن الإله واحد،
وأن الرسول محمد.
904. العاشر: يجوز الدعاء في التشهد مطلقا بالمباح، سواء كان للدين أو
للدنيا، وسواء ورد به الشرع أو لم يرد.
ويستحب للإمام أن يسمع من خلفه الشهادتين، وإذا قام المصلي إلى
الثالثة، قال: بحول الله وقوته أقوم وأقعد، ولا يحتاج إلى تكبير خلافا للمفيد (2).
الفصل الثامن: في التسليم
وفيه ستة مباحث:
905. الأول: الأظهر عندي أن التسليم غير واجب، ويستحب مرة في آخر
الصلاة بعد التشهد، وبه يخرج من الصلاة لا غير إن قلنا بوجوبه، وحينئذ
فالأقرب أنه لا يجب أن ينوي به الخروج بل يستحب.

1. ما بين القوسين موجود في «أ».
2. المقنعة: 103، قال المصنف في المختلف: 2 / 179: اختلف الشيخان في عدد التكبيرات في
الصلوات الخمس، فالمفيد (رحمهم الله) جعلها أربعا وتسعين تكبيرة، منها خمس تكبيرات واجبة
للإحرام... وللقيام إلى الثالثة.
259

906. الثاني: للتسليم صورتان، أيتهما وقعت أجزأه: السلام علينا وعلى عباد
الله الصالحين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا
أيضا، وأوجب العبارة الثانية علم الهدى (1) وأبو الصلاح (2).
907. الثالث: لا يخرج من الصلاة بقوله: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، على القول بالوجوب، ولا بقوله: السلام علينا وعلى عباد الله
المخلصين (3) أو العابدين، أو السلام على عباد الله الصالحين وعلينا. ولو سلم
بالعبارة الثانية جاز أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، وإن لم يقل: وبركاته.
ولو قال: السلام عليكم. واقتصر خرج به عند ابن بابويه وابن أبي عقيل
وابن الجنيد (4) وقال أبو الصلاح: الفرض ان يقول: السلام عليكم ورحمة الله (5).
وعندي في ذلك إشكال، وكذا الإشكال لو قال: سلام عليكم، منكرا منونا،
أما لو قال: عليكم السلام، فإنه لا يجزئه قولا واحدا على القول بالوجوب.
908. الرابع: المرة الواحدة مجزئة للإمام والمأموم والمنفرد، لكن يستحب
للمنفرد أن يسلم تسليمة إلى القبلة ويؤمئ بمؤخر عينيه إلى يمينه، والإمام
بصفحة وجهه، والمأموم يسلم بوجهه مرتين يمينا وشمالا إن كان على يساره
غيره، وإلا اقتصر على يمينه.
909. الخامس: هل التسليمة الأولى من الصلاة؟ فيه إشكال.

1. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 234.
2. الكافي في الفقه: 119.
3. في «ب»: «الصالحين» بدل «المخلصين».
4. الفقيه: 1 / 210 برقم 944، وحكى قول ابن أبي عقيل وابن الجنيد المحقق في المعتبر: 2 / 236.
5. الكافي في الفقه: 119.
260

910. السادس: لو نوى بالتسليم الخروج من الصلاة والرد على الملكين
وعلى من خلفه إن كان إماما أو على من معه إن كان مأموما، لم يكن به بأس.
قال الشيخ: ينبغي أن ينوي بالتسليم الأول الخروج من الصلاة، وبالثاني
التسليم على الملائكة أو على من في يساره (1).
المطلب الثاني: في الأفعال المندوبة
وفيه واحد وعشرون بحثا:
911. الأول: يستحب له إذا مشى إلى الصلاة أن يكون خاضعا خاشعا، على
سكينة ووقار، وأن يقول عند قيامه: اللهم إني أقدم إليك محمدا بين يدي
حاجتي، وأتوجه به إليك فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا والآخرة ومن
المقربين، [و] اجعل صلاتي به متقبلة وذنبي به مغفورا، ودعائي به مستجابا، إنك
أنت الغفور الرحيم (2).
912. الثاني: يستحب له إيقاعها في المسجد بخشوع واستكانة جماعة في
أول الوقت، إلا ما استثني.
913. الثالث: يستحب أن يتوجه بسبع تكبيرات، إحداها تكبيرة الإحرام،
بينها ثلاثة أدعية في سبعة مواطن تقدمت.

1. المبسوط: 1 / 116.
2. لاحظ الوسائل: 4 / 708، الباب 15 من أبواب القيام، الحديث 3.
261

914. الرابع: القنوت مستحب في كل ثنائية في الفرائض والنوافل بعد
القراءة قبل الركوع، لا تبطل الصلاة بالإخلال به عمدا ولا سهوا، وقول ابن
بابويه (1) وابن أبي عقيل (2) ضعيف. وآكده في الفرائض، وآكده فيما يجهر فيه.
وفي الجمعة قنوتان قبل ركوع الأولى وبعد ركوع الثانية، وفي مفردة الوتر
قبل الركوع، وبعده في جميع السنة.
ولو نسي القنوت حتى ركع، قضاه بعد الركوع، ولو نسيه حتى ركع في
الثالثة ففي قضائه بعد الصلاة قولان.
915. الخامس: يستحب أن يدعو فيه بالمنقول، وإلا فبما شاء، وأقله ثلاث
تسبيحات، ويجوز الدعاء بغير العربية اختاره (3) محمد بن الحسن الصفار وابن
بابويه، خلافا لسعد بن عبد الله (4)، نعم يحرم الدعاء بالمحرم إجماعا.
ويجوز أن يدعو فيه للمسلمين عموما ولإنسان معين، وأن يسأل المباح
من أمور الدنيا.
916. السادس: يستحب فيه الجهر مطلقا، واستحب المرتضى الإخفات في

1. قال في الفقيه: 1 / 207 في ذيل الحديث 932: والقنوت سنة واجبة من تركها متعمدا في كل
صلاة فلا صلاة له....
2. قال المصنف في المختلف: 2 / 173: المشهور عند علمائنا استحباب القنوت، وقال ابن أبي
عقيل: من تركه متعمدا بطلت صلاته وعليه الإعادة، ونقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 243.
3. في «ب»: «أجازه» بدل «اختاره».
4. قال الصدوق في الفقيه: 1 / 208 في ذيل الحديث 935: وذكر شيخنا محمد بن الحسن بن
أحمد بن الوليد عن سعد بن عبد الله انه كان يقول: لا يجوز الدعاء في القنوت بالفارسية، وكان
محمد بن الحسن الصفار يقول: انه يجوز. والذي أقول به انه يجوز.
262

الإخفاتية (1) ويستحب فيه الإطالة، ورفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين، وأن
يتلقى بباطنهما السماء، وأن يكبر له، وأن يرفع يديه به.
917. السابع: يستحب له أن ينظر حال قيامه إلى موضع سجوده، وحال
ركوعه إلى ما بين رجليه، وحال قنوته إلى باطن كفيه، وفي سجوده إلى طرف
أنفه، وفي قعوده إلى حجره.
918. الثامن: يستحب له وضع يديه حال قيامه على فخذيه، محاذيا لعيني
ركبتيه مضمومتي الأصابع، وفي حال ركوعه على عيني ركبتيه، وفي سجوده
حيال وجهه، وفي جلوسه على فخذيه.
919. التاسع: التعقيب مستحب عقيب الصلاة كلها، وأفضله تسبيح
الزهراء (عليها السلام)، ثم ما نقل عن أهل البيت (عليهم السلام) بعد التكبير عقيب التسليم ثلاث مرات،
يرفع فيها (2) يديه إلى شحمتي أذنيه، ويضعهما على فخذيه.
920. العاشر: يستحب عقيب الفرائض سجود الشكر، وعند تجدد النعم
ودفع النقم، ويستحب فيه التعفير، وهو: أن يضع خده الأيمن على الأرض
عقيب السجود، ثم خده الأيسر.
روى الباقر (عليه السلام) قال: أوحى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): «أتدري لم
اصطفيتك بكلامي من دون خلقي قال موسى: لا يا رب، قال: يا
موسى إني قلبت عبادي بطنا وظهرا (3) فلم أجد فيهم أحدا أذل لي

1. حكاه المحقق في المعتبر: 2 / 243.
2. في «ب»: بها.
3. هكذا في المصدر، وفي النسختين: ظهر البطن.
263

نفسا منك، يا موسى إنك إذا صليت وضعت خديك على التراب» (1).
ويستحب فيه الدعاء بالمنقول، وأن يكون لاطئا بالأرض، وأن يعود إلى
السجود، ويشكر الله مائة مرة، وليس فيه تكبير للأخذ والرفع، ولا تسليم.
921. الحادي عشر: سجدات القرآن خمس عشرة:
أربعة منها واجبة وهي: سجدة لقمان، وحم السجدة، والنجم، واقرأ
باسم ربك.
وإحدى عشر مسنونة: في الأعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل،
[الإسراء] ومريم والحج في موضعين، والفرقان، والنمل، وص، والانشقاق.
922. الثاني عشر: قال الشيخ (رحمه الله) سجود العزائم الأربع واجب على القارئ
والمستمع (2). والأصح عندي الاستحباب على السامع.
923. الثالث عشر: قال الشيخ (رحمه الله) في الخلاف: موضع السجود في حم عند
قوله: (واسجدوا لله) (3) وفي المبسوط (4) عند قوله: (إن كنتم إياه تعبدون) (5).
924. الرابع عشر: يجوز فعل هذه السجدات في الأوقات كلها، وإن كانت
مما يكره فيه النوافل، ولا يفتقر (6) شئ منها إلى تكبير إحرام، ولا تكبير سجود،

1. الفقيه: 1 / 219 برقم 974.
2. المبسوط: 1 / 114.
3. الخلاف: 1 / 429، المسألة 177 من كتاب الصلاة (فصلت: 37).
4. المبسوط: 1 / 114.
5. فصلت: 37.
6. في «أ»: فلا يفتقر.
264

ولا تشهد ولا تسليم ولا طهارة ولا استقبال القبلة، ويستحب فيه الدعاء وأن
يكبر إذا رفع رأسه، والأقرب اشتراط السجود على الأعضاء السبعة.
925. الخامس عشر: السجود على الفور في الواجب والمستحب، ولو فاتت (1)
قال في المبسوط: يقضي العزائم وجوبا، ويتخير في الندب (2). وهو جيد، ولو
نسيها وجب مع الذكر.
926. السادس عشر: يجب السجود أو يستحب كلما حصل السبب.
927. السابع عشر: لا يشترط لسجود المستمع كون التالي ممن يصلح أن
يكون إماما له، ولو لم يسجد التالي سجد المستمع وجوبا أو ندبا، ولا يقوم
الركوع مقام السجود، ولو قرأ على الراحلة، وتمكن من السجود وجب، وإلا
أومأ، وكذا الماشي.
928. الثامن عشر: يستحب للإمام أن لا ينصرف من مصلاه حتى يتم من
خلفه صلاته، وروي (3) كراهية التنفل للإمام (4) موضع صلاته.
929. التاسع عشر: يستحب له إذا فرغ من صلاته أن يرفع يديه فوق رأسه
تبركا، وأن ينصرف عن يمينه.
930. العشرون: يجوز الدعاء على الظالم عقيب الصلوات.
931. الحادي والعشرون: يكره النوم بعد الغداة كراهية شديدة، وبعد العصر
وبعد المغرب قبل العشاء، ويستحب القيلولة.

1. في «أ»: ولو فاته.
2. المبسوط: 1 / 114.
3. لاحظ الوسائل: 4 / 1017، الباب 2 من أبواب التعقيب.
4. في «أ»: الشغل للإمام.
265

المطلب الثالث: في التروك
وهي قسمان: واجبة ومندوبة
فها هنا ثمانية عشر بحثا:
932. الأول: يجب عليه ترك كل ما يبطل الطهارة مع القدرة، فلو فعله عمدا أو
سهوا بطلت صلاته. وقول بعض علمائنا: إذا سبقه الحدث تطهر
وبنى (1) ضعيف.
933. الثاني: يجب عليه ترك التكفير، وهو وضع اليمين على الشمال. ولو
فعله بطلت صلاته إن كان عمدا مختارا، وإلا فلا.
934. الثالث: لا فرق بين التكفير فوق السرة وتحتها، ولا بين وضع الكف
على الكف، أو على الذراع، ولا بين أن يضعها معتقدا للاستحباب، أو غير معتقد،
ولا بين وضعها حال القراءة أو غير حالها.
935. الرابع: قال الشيخ (رحمه الله): يحرم وضع الشمال على اليمين (2).
936. الخامس: لو وضعهما للتقية لم يكن به بأس.

1. لاحظ المبسوط: 1 / 117، والخلاف: 1 / 409، المسألة 157 من كتاب الصلاة، وقال المحقق
في المعتبر: 2 / 250: قال الشيخ في الخلاف وعلم الهدى في المصباح: إذا سبق الحدث ففيه
روايتان: إحداهما يعيد الصلاة، والأخرى يعيد الوضوء ويبني عليه صلاته.
2. الخلاف: 1 / 321، المسألة 74 من كتاب الصلاة.
266

937. السادس: يحرم عليه الالتفات إلى ما وراءه، فإن فعله عمدا بطلت
صلاته، لا سهوا. أما الالتفات يمينا وشمالا، فإنه مكروه غير مبطل.
938. السابع: الكلام بحرفين فصاعدا مما ليس بقرآن ولا دعاء
مبطل للصلاة إن كان عمدا، وإلا فلا. والجاهل كالعالم، وسواء كان الكلام
لمصلحة أو لغيرها.
ولو أكره على الكلام بطلت صلاته، وإن كان غير مأثوم.
ولو ظن إتمام الصلاة فتكلم لم يفسد صلاته، خلافا للشيخ في
بعض أقواله (1).
ولو سلم في الأوليين ناسيا قام فأتم صلاته، وسجد للسهو، ولو تكلم
بحرف واحد لم تبطل صلاته.
فعندي في الأفعال الثلاثية المعتلة الطرفين، ك‍ «ق» و «ع» وكلام الأخرس
بحركة اللسان (2) تردد، أقربه الإبطال به.
ولو نفخ بحرفين أفسد صلاته، ولو تنحنح بحرفين وسمي كلاما بطلت
صلاته، وكذا التأوه بحرفين مبطل.
ولا تبطل الصلاة بكل كلام يناجي به ربه، أو يدعو به لمصالح
المعاش والمعاد.
939. الثامن: يحرم عليه الضحك في الصلاة بقهقهة، أما التبسم فلا بأس به،

1. لاحظ النهاية: 90.
2. في «ب»: يحرك اللسان.
267

فلو قهقه عمدا بطلت صلاته، لا سهوا.
940. التاسع: يحرم عليه فعل الكثير الذي ليس من أفعال الصلاة، فلو فعله
عمدا بطلت صلاته، ولا يبطل بالسهو، ويجوز للمصلي أن يعد الركعات
بأصابعه، أو بشئ يكون معه من الحصاة وشبهه بشرط عدم التلفظ به، بل يعقده
في ضميره، وليس بمكروه.
941. العاشر: البكاء لشئ من أمور الدنيا حرام تبطل به الصلاة إن كان
عمدا، وإلا فلا، وإن كان خوفا من الله تعالى وخشية من عقابه لم تبطل به الصلاة،
وكذا يجوز أن يتباكى في الصلاة لأمور الآخرة.
942. الحادي عشر: الأكل والشرب إن كان كثيرا بطلت صلاته إن كان عمدا،
وإلا فلا.
قال الشيخ: يجوز شرب الماء في النافلة (1) وعندي إن بلغ حد الكثرة بطلت
صلاته، إلا في صلاة الوتر لمن أصابه عطش، وهو يريد الصوم في صبيحة تلك
الليلة، إذا لم يستدبر القبلة.
943. الثاني عشر: يحرم عليه قطع الصلاة إلا لضرورة دينية أو دنيوية.
944. الثالث عشر: يكره التثاؤب (2) والتمطي، والعبث، والتنخم (3) والبصاق،
وفرقعة الأصابع، والتأوه بحرف، والأنين به، ومدافعة الأخبثين، ولو صلى كذلك

1. الخلاف: 1 / 413، المسألة 159 من كتاب الصلاة; والمبسوط: 1 / 118.
2. التثاؤب: فترة تعتري الشخص فيفتح عندها فاه. مجمع البحرين.
3. النخامة - بالضم -: النخامة وهي ما يخرجه الإنسان من حلقه من مخرج الخاء.
(مجمع البحرين.)
268

لم تبطل، ونفخ موضع السجود، ورفع البصر في الصلاة، وتغميض العين، ولبس
الخف الضيق، والتورك، وهو أن يعتمد بيديه على وركيه وهو التخصر، والسدل،
وهو وضع الثوب على الرأس أو الكتف، وإرسال طرفيه.
945. الرابع عشر: يجوز أن يستند إلى الحائط، وأن يضع يده عليه (إلا أن
يعتمد عليه) (1) بحيث يسقط مع سقوطه، وأن يحمد الله إذا عطس، ويصلي على
النبي وآله، وأن يفعل ذلك إذا عطس غيره، وأن يسمت العاطس (2) إن كان مؤمنا،
وأن يرد السلام نطقا مثل قوله: سلام عليكم ولا يقول: وعليكم السلام ولو سلم
عليه بغير قوله سلام عليكم قيل: لا يجوز إجابته، إلا أن يقصد الدعاء ويكون
مستحبا، وعندي فيه إشكال. (3)
ولو حياه بغير السلام، فالأقرب جواز الرد به لعموم الآية (4) ولا يكره
للداخل السلام على المصلي.
ولو ترك المصلي رد السلام مع تعيينه عليه، فالوجه بطلان صلاته.
946. الخامس عشر: يجوز الدعاء في جميع أحوال الصلاة بالمباح، ولو دعا
بالمحرم بطلت صلاته.
947. السادس عشر: يجوز للرجل والمرأة الإيماء للحاجة، وتصفيق إحدى

1. ما بين القوسين موجود في «أ».
2. في «ب»: «وأن يشمت العاطس». قال الجوهري في الصحاح: تسميت العاطس: أن تقول له:
يرحمك الله، بالسين والشين جميعا، قال أبو عبيد: الشين أعلى في كلامهم وأكثر.
3. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 2 / 202.
4. قوله سبحانه: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) النساء: 86.
269

يديه بالأخرى، وضرب الحائط والتسبيح وتلاوة القرآن لإجابة غيره في الصلاة،
ويكره ذلك لغير ضرورة.
948. السابع عشر: لا يقطع الصلاة رعاف ولا قيء، ولو جاءه الرعاف (1) أزاله
وأتم الصلاة ما لم يحتج إلى فعل المنافي، ولا يقطع الصلاة ما عبر
بين يديه.
949. الثامن عشر: قال الشيخ (رضي الله عنه): ولو نوى أن يصلي بالتطويل لم تبطل
صلاته لو خففها (2) وهو جيد.

1. في «ب»: ولو جاء الرعاف.
2. المبسوط: 1 / 118.
270

المقصد الثالث: في باقي الصلوات
وفيه فصول
الفصل الأول: في الجمعة
ومباحثه اثنان وثلاثون:
950. الأول: الجمعة ركعتان بدل الظهر، وهي واجبة إجماعا بشرائط نذكرها،
وتجب عند زوال الشمس، ويخرج وقتها إذا صار ظل كل شئ مثله.
ولو علم اتساع الوقت للخطبة وركعتين خفيفتين وجبت الجمعة، ولو
علم أو غلب في ظنه قصور الوقت (1) لم تجب، وصلى ظهرا، ويجب السعي مع
القرب عند الزوال ومع البعد قبله، بحيث يدركها.
ويستحب في أول النهار مغتسلا، قد مس شيئا من الطيب جسده، ويسرح
لحيته، ويحلق رأسه، ويقص أظفاره، ويأخذ من شاربه، ويستاك ويلبس أنظف
ثيابه 2، ويتعمم 3 ويرتدي. ويدعو أمام توجهه، ويكون على سكينة و وقار.

1. في «ب»: بضيق الوقت.
2. في «ب»: ألطف ثيابه.
3. في «ب»: ويعتم.
271

ويتنفل بعشرين ركعة، أربع منها زيادة على باقي الأيام، ستا عند انبساط
الشمس، وستا عند ارتفاعها، وستا قبل الزوال، وركعتين عنده، ولو أخر النافلة أو
صلى بين الفريضتين ستا جاز.
951. الثاني: يستحب للمصلي أن يمشي إلى الجمعة إن كان قريبا، ولو وجد
البعيد مشقة ركب، وإذا أتى المسجد جلس حيث ينتهي به المكان.
ويكره أن يتخطى رقاب الناس، سواء ظهر الإمام أو لا، وسواء كان له
مجلس يعتاد الجلوس فيه أو لا.
ولو تركوا الصفوف الأولى خالية جاز له أن يتخطاهم إليها، ولا يكره
للإمام التخطي.
وليس له أن يقيم غيره، ويجلس موضعه، وإن كان معتادا للجلوس فيه، أو
كان الجالس عبده، ولو آثره غيره جاز، وفي التخصيص به نظر، ولو فرش له
مصلى لم يكن مخصصا، لأن السبق بالأبدان لا بما يجلس عليه.
952. الثالث: من شرائط الجمعة الإمام العادل أو من نصبه، فلو لم يكن الإمام
ظاهرا ولا نائب له سقط الوجوب إجماعا، وهل يجوز الاجتماع حينئذ مع إمكان
الخطبة؟ قولان.
953. الرابع: العدد شرط في الوجوب والجواز، وهو خمسة نفر، الإمام
أحدهم، واشترط الشيخ سبعة (1) وليس بمعتمد.
ولو انفضوا في أثناء الخطبة، أو بعدها قبل التلبس بالصلاة، سقطت

1. المبسوط: 1 / 143، والنهاية: 103، والخلاف: 1 / 598، المسألة 359 من كتاب الصلاة.
272

الجمعة، ولو كان ذلك بعد التلبس بالتكبير وجب الإتمام ولو لم يبق إلا الإمام،
وكذا لو مات الإمام في أثناء الصلاة أو عرض له حدث يبطل الصلاة، قدم
الجماعة من يتم بهم الجمعة.
954. الخامس: الخطبتان شرط في الجمعة، ولا يكفي الخطبة الواحدة،
ويشترط في كل خطبة حمد الله، والثناء عليه، والصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقراءة
سورة خفيفة من القرآن، والوعظ، ولو قرأ عزيمة نزل وسجد وسجد (1)
المستمع معه.
ووقتها عند زوال الشمس صيفا وشتاء. وفي جواز تقديمهما على الزوال،
قولان، ويجب تقديمهما على الصلاة، فلو صلي أولا لم تنعقد الجمعة، وأن
يكون الخطيب قائما وقت إيراده مع القدرة، وأن يسمع العدد المعتبر فصاعدا،
وأن يفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة، وفي اشتراط الطهارة للخطبتين قولان.
955. السادس: الجماعة شرط في الجمعة، فلو صليت فرادى لم تنعقد، وإذا
حضر إمام الأصل، وجب عليه الحضور والتقدم، ولو منع لعارض جاز له
الاستنابة.
956. السابع: انفراد الجمعة شرط فيها، بمعنى أنه لا يصح جمعتان في
موضعين بينهما أقل من ثلاثة أميال، سواء كانا في بلد واحد، أو بلدين، فلو صلي
جمعتان وبينهما أقل من فرسخ بطلتا إن اقترنتا، وإن سبقت إحداهما بطلت
اللاحقة، سواء كانت السابقة هي جماعة الإمام الراتب أو غيره، وسواء كانت
إحداهما في المسجد الجامع، والأخرى في غيره، أو لا، أو كان إحداهما في

1. في «ب»: ويسجد.
273

قصبة البلد (1) والأخرى في أقصاه.
ولو لم يعلم سبق إحداهما، أو علم وجهل عينها، أو علم عينها واشتبه،
بطلتا، ومع بطلانهما للاقتران إن أمكنت الجمعة وجبت، وإلا وجب الظهر.
أما لو بطلتا للفرضين الآخرين وبقي من الوقت ما يمكن فعل الجمعة هل
تجب أم لا؟ قال الشيخ (رحمه الله): تجب الجمعة (2).
والوجه عندي أنهم يصلون ظهرا، لأن إحداهما صحيحة، ووجوب
الإعادة لجهل التعيين لا يقتضي الفساد في نفس الأمر، أما لو جهلنا كيفية
وقوعهما، فالوجه ما قاله الشيخ (رضي الله عنه).
ويعتبر السبق، ولو بتكبيرة الإحرام، ولو أحرم فأخبر في الأثناء بالأخرى
استأنف الظهر، ولا يجزيه الإتمام ظهرا.
957. الثامن: المصر ليس شرطا في الجمعة، بل تجب على أهل السواد
والقرى، ولا يشترط القرية أيضا، بل تجب على أهل الخيام وبيوت الشعر، إذا
كانوا قاطنين.
وليس الاستيطان شرطا فلو أقام في بلد على سبيل التجارة، أو طلب العلم،
وفي نيته الانتزاح (3) مع قضاء وطره، وجب عليه الجمعة.
وليس إقامة الجمعة في البنيان شرطا، بل يجوز إقامتها في الصحراء،
وليس بقاء الوقت مع التلبس بها شرطا، فلو دخل في الجمعة في وقتها، ثم خرج

1. قصبة البلد: مدينته، وقصبة القرية: وسطها. لسان العرب.
2. المبسوط: 1 / 149.
3. أي الهجرة والانتقال.
274

ولم يتمها، تممها جمعة إماما كان أو مأموما والأقرب عندي اشتراط إدراك
الركعة، أما لو فات الوقت ولم يتلبس بها، فإنها تفوت، ولا يقضي جمعة بل
يقضي ظهرا.
958. التاسع: إنما تجب الجمعة على الذكور المكلفين الأحرار الحاضرين،
أو من هو بحكمهم، السالمين من العمى والمرض والعرج والشيخوخة الحاصل
معها العجز عن الحركة (فلا تجب الجمعة على المرأة، ولو تكلفت الحضور
وجبت عليها الجمعة وان لم تنعقد بها) (1) ولا تجب على العبد ولا المكاتب ولا
المدبر ولا المخارج (2) ولو أذن له المولى استحب له الحضور، ولو حضر وجبت
عليه، وفي الانعقاد به قولان.
ولو انعتق بعضه فهاياه (3) مولاه لم تجب الجمعة وان اتفقت في يوم نفسه،
وقول الشيخ (4) هنا ضعيف. ولو صلى الظهر فأعتق لم يجب عليه الحضور.
والمسافر لا يجب عليه الجمعة ما لم يستوطن بلد الغربة شهرا، أو ينوي
مقام عشرة أيام، ولو حضر الجمعة ونوى المقام (5) عشرة أيام، أو أقام شهرا
وجبت عليه وانعقدت به، وإنما تسقط الجمعة عن المطيع بسفره، ولو صلى
الظهر فخرج عن حكم المسافر لم يجب عليه حضور الجمعة.

1. ما بين القوسين موجود في «ب».
2. وهو الذي يؤدي الضريبة.
3. المهاياة في كسب العبد: ان المولى والعبد يقسمان الزمان بحسب ما يتفقان عليه ويكون كسبه
في كل وقت لمن ظهر له بالقسمة. لاحظ مجمع البحرين مادة (هيا).
4. المبسوط: 1 / 145.
5. في «أ»: أو نوى المقام.
275

والأعمى لا يجب عليه الجمعة وإن وجد قائدا، ولو حضر وجبت عليه،
وانعقدت به، ولو صلى الظهر ثم حضر سقطت عنه.
والمريض تسقط عنه الجمعة، سواء زاد المرض بالحضور، أو لم يزد، ولو
حضر وجبت عليه وانعقدت به، ولو صلى الظهر ثم حضر سقطت الجمعة، ولم
تبطل ظهره التي صلاها، سواء زال عنه المانع أو لا، وكذا كل من لا يجب
عليه الجمعة.
وتسقط الجمعة عن الأعرج، ولو حضر وجبت عليه وانعقدت به.
959. العاشر: لا تجب الجمعة على من كان بينه وبينها أزيد من فرسخين،
وتجب على من بينه وبينها فرسخان فما دون، ولو حضر الأول وجبت عليه،
وانعقدت به. ويستحب له الحضور. (ولو لم يحضر وحصلت شرائط الوجوب
وجبت عليه الجمعة في موطنه، أو يكلف الحضور، ولو نقص البعد عن
فرسخين وجب عليه الحضور) (1) أو فعل الجمعة في موطنه مع الشرائط.
960. الحادي عشر: يسقط الوجوب مع المطر في الطريق المانع من
الحضور، أو الوحل الذي يشق معه السعي، وكذا مع كل عذر يتعذر معه الفعل.
961. الثاني عشر: الكافر تجب عليه، ولا تصح منه.
962. الثالث عشر: من سقطت عنه الجمعة يجوز أن يصلي الظهر في أول
وقتها، ولا يجب عليه التأخير ولا يستحب.
963. الرابع عشر: قيل: الإصغاء إلى الخطبة واجب، والكلام في أثنائها

1. ما بين القوسين موجود في «أ».
276

حرام، وعندي فيه إشكال لكن لا تبطل الجمعة معه إجماعا.
964. الخامس عشر: إنما يتعلق النهي حال الخطبتين لا قبلهما ولا بعدهما،
ولا يكره تسميت العاطس، ولا رد السلام.
قال الشيخ (رحمه الله) ويكره للخطيب الكلام وليس بمحرم (1).
965. السادس عشر: من وجبت عليه [صلاة] الجمعة فصلى الظهر، وجب
عليه السعي، فإن أدركها صلاها، وإلا أعاد ظهره.
966. السابع عشر: لو فاتته الخطبة وركعة، وأدرك مع الإمام الثانية، فقد أدرك
الجمعة. وكذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية، ولو كبر وركع وشك هل كان الإمام
راكعا أم رافعا؟ فالوجه فوات الجمعة، ووجبت الظهر.
967. الثامن عشر: يعتبر في الإمام: التكليف، فلا تصح إمامة المجنون
إجماعا، ولا الصبي وإن كان مراهقا; والإيمان، فلا تصح إمامة المخالف;
والعدالة، فلا تصح إمامة الفاسق; وطهارة المولد، فلا تصح إمامة ولد الزنا;
والذكورة، فلا تصح إمامة النساء في الجمعة ولا الخنثى; والحرية عند قوم،
والأقرب عندي جواز إمامة العبد مع كمال العدد بغيره.
وكذا يجوز أن يكون المسافر إماما إذا تم العدد بغيره، وكذا المريض
والأعمى، ولا يؤم الأجذم والأبرص.
وإذا حضر إمام الأصل تعين الاجتماع معه، ويتولى هو الخطبة، ولو خطب
أمير فعزل وولى غيره. صلى بهم، وفي وجوب إعادة الخطبة نظر، ولا يشترط
في الثاني حضوره الخطبة 2.

1. المبسوط: 1 / 147.
2. في «أ»: حضوره للخطبة.
277

968. التاسع عشر: يستحب للخطيب إذا صعد أن يتوكأ على قوس أو عكاز
أو سيف أو شبه ذلك، ويسلم على الناس خلافا للشيخ (رحمه الله) (1). وإذا سلم يرد
الناس (2) عليه.
قال الشيخ: يستحب أن يقعد دون الدرجة العالية من المنبر (3)، فإذا صعد
جلس للاستراحة، حتى يفرغ المؤذنون فإذا فرغوا خطبهم قائما، ولو كان له عذر
خطب جالسا، فإن زال في الأثناء وجب القيام، ولو خطب جالسا من غير عذر
بطلت صلاته، وصلاة من خلفه مع العلم لا مع عدمه قاله الشيخ (4).
ولا ينبغي أن يفصل بين الأذان والخطبة بجلوس وغيره. ويستحب أن
يستقبل الناس بخطبته، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، ولو استدبر الناس واستقبل
القبلة وخطب جاز مع السماع.
ويستحب للناس استقبال الخطيب، لأنه أبلغ في السماع، ولا يستحب
للبعيد غير السامع ذلك، وإذا فرغ الخطيب من الخطبة نزل، وابتدأ المؤذنون
بالإقامة، وصلى بالناس الجمعة ركعتين.
969. العشرون: يستحب أن يقرأ في الأولى بعد الحمد سورة الجمعة، وفي
الثانية المنافقين، ولو قرأ غيرهما ناسيا قطع القراءة وابتدأ بالجمعة والمنافقين،
ولو تجاوز النصف نقل نيته إلى النفل مستحبا وأعاد الجمعة بالسورتين. وقول
ابن إدريس (5) ضعيف.

1. الخلاف: 1 / 624، المسألة 394 من كتاب الصلاة.
2. في «ب»: رد الناس.
3. المبسوط: 1 / 148.
4. المبسوط: 1 / 147.
5. لاحظ السرائر: 1 / 297، ولا يخفى ان ما اختاره الحلي في المقام
يخالف ما حكاه المصنف عنه هنا وفي المنتهى: 1 / 328 ط القديم، بل هو موافق لنقل النية.
278

970. الحادي والعشرون: يستحب الجهر في صلاة الجمعة وفي ظهرها.
وقول المرتضى (1) بعيد.
971. الثاني والعشرون: إذا أذن المؤذن حرم البيع على من تجب عليه
الجمعة، ولو وجبت على أحد المتعاقدين حرم عليه خاصة، وقال الشيخ (رحمه الله) (2):
يكره للآخر للإعانة (3)، ولو باع من يحرم عليه انعقد البيع. وقول الشيخ هنا (4) ليس
بجيد. والأقرب مساواة غير البيع له من العقود المساوية له في الاشتغال.
972. الثالث والعشرون: إذا دخل والإمام يخطب كره له الصلاة تحية وغيرها،
بل يسمع، ولا يكره له الصدقة على السؤال.
973. الرابع والعشرون: إذا ركع مع الإمام ثم زوحم في السجود، فلم يتمكن
من متابعته، لم يسجد على ظهر غيره، بل ينتظر المكنة، فإن أمكنه السجود
واللحاق به قبل الركوع فعل، وإن لم يتمكن صبر حتى يسجد الإمام، ويتابعه، ولا
يركع معه، فإذا سلم الإمام قام وصلى ركعة أخرى، ولو نوى بالسجدتين للثانية
بطلت صلاته. وقول الشيخ في الخلاف (5) ضعيف، والوجه انه يشترط نية أنهما
للأولى. خلافا لابن إدريس (6) ويستحب للإمام ان يطيل في القراءة إذا عرف انه
قد زوحم بعض المأمومين (7).

1. نقله عنه المصنف في المختلف: 2 / 162، والحلي في السرائر: 1 / 298.
2. المبسوط: 1 / 150.
3. في «ب»: لإعانته.
4. قال في المبسوط: 1 / 150: فإن خالف من يحرم عليه البيع وتبايعا، فالظاهر من المذهب انه لا
ينعقد البيع لأنه منهي عنه، والنهي يدل على فساد المنهي عنه.
5. الخلاف: 1 / 603، المسألة 363 من كتاب الصلاة.
6. لاحظ السرائر: 1 / 300.
7. في «ب»: قد يجيئ بعض المأمومين.
279

974. الخامس والعشرون: لو لم يتمكن من متابعته في الركوع والسجود (1) في
الركعتين معا، فلا جمعة له، ولو زوحم في ركوع الأولى وسجودها، حتى قام
الإمام إلى الثانية، فهل له أن يركع ويسجد ثم يقوم إلى الثانية؟ فيه نظر،
أقربه الجواز.
ولو زوحم عن سجود الأولى فاشتغل بقضائه، فلما فرغ وجد الإمام رافعا
من ركوع الثانية فقد لحق الجمعة (2) والأقرب انه يصبر حتى يفرغ الإمام، ثم
يأتي بالثانية، ولو لم يتمكن من السجود واللحاق به وصبر ليتابعه في الثانية،
فلم يتمكن من السجود معه حتى قعد للتشهد، فالأقرب فوات الجمعة
و يستقبل الظهر.
ولو زوحم عن ركوع الأولى لا يسجد مع الإمام، بل يصبر حتى يركع
الثانية ويتابعه ويدرك الجمعة بعد قضاء الثانية.
975. السادس والعشرون: لو أحدث الإمام استخلف، سواء فرغ من الخطبة
وشرع في الصلاة أو لا، والأفضل استخلاف من سمع الخطبة، ولو مات الإمام أو
أغمي عليه، أو أحدث ولم يستخلف، استخلف المأمومون غيره ليتم بهم، ولو
لم يستخلفوا ونوى الجميع الانفراد، ففي بطلان الجمعة نظر، والأقرب جواز
استخلاف من فاتته الجمعة ويصلي هو الظهر.
976. السابع والعشرون: يستحب لمن يصلي الظهر إيقاعها في المسجد
الأعظم. ولو صلى الظهر من وجبت عليه الجمعة، وشك هل صلى قبل صلاة

1. في «ب»: ولا السجود.
2. في «ب»: فقد الحق الجمعة.
280

الإمام أو بعدها، أعاد، وهل يشترط في صحة ظهره فعلها بعد فراغ الإمام من
الجمعة، أو فعلها في وقت يعلم أنه لو سعى فاتته الجمعة؟ فيه إشكال. أما من لا
يجب عليه الجمعة فإنه يجوز له فعل الظهر قبل صلاة الإمام إجماعا. ولا يكره
لهؤلاء الاجتماع في الظهر.
977. الثامن والعشرون: يحرم السفر بعد زوال الشمس على من يجب عليه
الجمعة قبل فعلها، إلا لضرورة، ويكره بعد الفجر، ويباح قبله.
978. التاسع والعشرون: الأذان الثاني يوم الجمعة بدعة، وإذا صلى الجمعة
أقام للعصر وصلاها بغير أذان، ولو صلى الظهر لفوات أحد شرائط الجمعة بأذان
وإقامة إما منفردا أو مجتمعا ففي سقوط أذان العصر قولان.
979. الثلاثون: إذا كان الإمام ممن (1) لا يقتدى به، قدم المأموم صلاته على
صلاة الإمام، ولو لم يتمكن صلى معه، فإذا سلم الإمام قام فأتم ظهره.
980. الواحد والثلاثون: لو ضاق الوقت عن الخطبتين سقطت الجمعة، ولو
أدرك خطبتين خفيفتين وركعتين وجبت الجمعة، ولو أدركهما خفيفتين وركعة
فظاهر كلامه في المبسوط: انه يصلي الظهر (2) ولو قيل: بإدراك الجمعة كان وجها،
ولو خطب وصلى، وشك هل كان الوقت باقيا أو خارجا، صحت صلاته.
981. الثاني والثلاثون: يستحب الإكثار من الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم
الجمعة. وروي ألف مرة وفي غيره مائة مرة (3)، والإكثار من العمل الصالح،

1. في «أ»: من.
2. المبسوط: 1 / 147.
3. لاحظ الوسائل: 5 / 71، الباب 43 من أبواب صلاة الجمعة.
281

والصدقة فيه، وقراءة سورة التوحيد بعد الفجر مائة مرة، والاستغفار مائة مرة،
وقراءة سورة النساء وهود والكهف والصافات والرحمن، وزيارة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
والأئمة (عليهم السلام) خصوصا الحسين (عليه السلام)، ويكره فيه إنشاد الشعر والحجامة.
الفصل الثاني: في صلاة العيدين
وفيه تسعة عشر بحثا:
982. الأول: صلاة العيدين واجبة على الأعيان بشرائط الجمعة إلا الخطبة،
وتجب جماعة مع الشرائط إلا مع العذر، ويجوز أن يصليها حينئذ منفردا ندبا،
كما يصلي جماعة، ولو فقدت إحدى الشرائط سقط الوجوب.
واستحب الإتيان بها جماعة وفرادى، سفرا وحضرا، ولو أخل بها مع
الشرائط عوقب على ذلك، فإن امتنع قوم من فعلها قوتلوا على ذلك.
983. الثاني: وقت هذه الصلاة من طلوع الشمس إلى الزوال، ويستحب
الخروج إلى المصلى بعد انبساط الشمس، وتأخير الخروج يوم الفطر عن
الخروج يوم الأضحى.
984. الثالث: لو فاتت هذه الصلاة عمدا أو نسيانا أو جهلا لم تقض واجبا ولا
ندبا، سواء كانت فرضا أو نفلا.
985. الرابع: كيفية هذه الصلاة في العيدين واحدة، وهي ركعتان، يقرأ في
282

كل واحدة منهما بعد تكبيرة الافتتاح الحمد وسورة، ويستحب أن يقرأ في
الأولى بعد الحمد الأعلى وفي الثانية الشمس، فإذا فرغ من القراءة في الأولى
كبر، وقنت، ودعا بالمنقول خمس مرات، ثم كبر السادسة وركع بها، ويكبر في
الثانية أربع مرات يقنت عقيب كل تكبيرة، ثم يكبر الخامسة ويركع بها، فيكون
الزائد من التكبيرات تسعا: خمس في الأولى وأربع في الثانية، غير تكبيرة
الإحرام وتكبيرتي الركوع.
986. الخامس: رفع اليدين مع كل تكبيرة مستحب، وكذا الجهر بالقراءة.
987. السادس: التكبير الزائد متأخر عن القراءة في الركعتين، خلافا
لابن الجنيد (1).
988. السابع: الأقرب ان التكبيرات الزائدة مستحبة، وكذا القنوت بينها، وقال
المرتضى بوجوبه (2).
989. الثامن: لو نسي التكبير وركع لم يقضه بعد الركوع، وقال في الخلاف:
يقضيه بعد الصلاة (3) ولو شك في عدد التكبيرات بنى على اليقين، ولو أدرك
بعض التكبيرات مع الإمام أتم مع نفسه، ولو خاف فوت الركوع أتى بها ولاء،
ولو خاف الفوت تركها وقضى بعد التسليم.
990. التاسع: يستحب للمصلي أن يتنظف ويغتسل ويتطيب، ويلبس أفخر

1. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 313، والمصنف في المختلف: 2 / 252.
2. الانتصار: 171.
3. في الخلاف: 1 / 662، المسألة 434 من كتاب الصلاة: «إذا نسي التكبيرات حتى ركع.... في
صلاته ولا شئ عليه، وبه قال الشافعي» وليس فيه قضاء التكبير المنسي.
283

ثيابه، ويستاك، ويلبس العمامة شتاء وصيفا، والإصحار بالصلاة إلا بمكة، فإنه
يصلي في المسجد الحرام.
ويستحب للإمام أن يخرج ماشيا حافيا ذاكرا لله سبحانه، وعليه
السكينة والوقار، ولو كان موطنه بعيدا من المصلى، أو كان عاجزا، أو ذا علة، جاز
له أن يركب.
991. العاشر: لا أذان ولا إقامة في العيدين، بل يقول المؤذن (1) الصلاة، ثلاثا.
992. الحادي عشر: يستحب له أن يطعم شيئا من الحلوة (2) قبل خروجه في
الفطر، وبعد عوده في الأضحى مما يضحى به.
993. الثاني عشر: لو لم يتمكن من الخروج إلى الصحراء صلاها في
المسجد، أو في منزله.
وقال الصادق (عليه السلام): «على الإمام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة
إلى الجمعة، ويوم العيد إلى العيد، ويرسل معهم فإذا قضوا الصلاة والعيد
ردهم إلى السجن» (3).
994. الثالث عشر: الخطبتان واجبتان، كوجوبهما في الجمعة، بعد الصلاة،
وتقديمهما بدعة، ولا يجب استماعهما إجماعا.
995. الرابع عشر: يستحب أن يخطب قائما، ولو خطب جالسا جاز، وكذا لو
خطب على راحلته.

1. في «ب»: المؤذنون.
2. في «أ»: من الحلاوة.
3. الوسائل: 5 / 36، الباب 21 من أبواب صلاة الجمعة، الحديث 1.
284

996. الخامس عشر: يكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها إلى الزوال للإمام
والمأموم، إلا في المدينة فإنه يستحب أن يصلي في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
ركعتين قبل الخروج، ولا يكره قضاء الواجب، ويكره قضاء النافلة، والخروج
بالسلاح يوم العيد إلا لعذر.
997. السادس عشر: يستحب التكبير - للجامع، والمنفرد، والمسافر،
والحاضر، الرجل والمرأة، الحر والعبد - ليلة الفطر عقيب صلاة المغرب
والعشاء، ويوم الفطر عقيب الصبح والعيد، وأضاف ابن بابويه عقيب ظهري
العيد (1)، وظاهر كلام السيد المرتضى (2) وابن الجنيد (3) يعطي الوجوب، سواء كبر
الإمام أو لا.
وفي الأضحى يكبر عقيب خمس عشرة صلاة إن كان بمنى، أولها ظهر
النحر، وفي غيرها عقيب عشر. وقال المرتضى بوجوبه أيضا (4).
وصورة التكبير في الفطر: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر،
الحمد لله على ما هدانا، وله الشكر على ما أولانا، ويزيد في الأضحى: ورزقنا
من بهيمة الأنعام.
ولو فاتته صلاة يكبر عقيبها، قضاها وكبر، سواء قضاها في أيام التشريق أو
غيرها، ولا يشترط فيه الطهارة ولا القبلة.
998. السابع عشر: يكره السفر بعد الفجر يوم العيد، إلا بعد أن يشهد الصلاة،
ويحرم بعد طلوع الشمس قبل الصلاة.

1. الفقيه: 2 / 108 برقم 464.
2. الانتصار: 171.
3. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 315، والمصنف في المختلف: 2 / 274.
4. الانتصار: 172.
285

999. الثامن عشر: لا ينقل المنبر من موضع، بل يعمل شبه المنبر من
طين استحبابا.
1000. التاسع عشر: إذا اجتمع العيد والجمعة، تخير من صلى العيد في
حضور الجمعة، وأوجبه أبو الصلاح (1)، والأقرب ثبوت التخير لأهل السواد دون
أهل المصر، وعلى الإمام إعلامهم ذلك في خطبته، ولا يثبت التخيير للإمام.
ويستحب للإمام أن يذكر في خطبته في الفطر الحث على الفطرة،
ووجوبها، وجنسها، وقدرها، ووقت إخراجها، ومستحقها، ومن يجب
عليه ويستحب وباقي أحكامها، وفي الأضحى الحث على الأضحية،
ووصفها، وجنسها.
ويستحب لأهل الأمصار التعريف آخر نهار عرفة، وأعظمه استحبابا في
حضرة الحسين (عليه السلام).
الفصل الثالث: في صلاة الكسوف
وفيه تسعة عشر بحثا:
1001. الأول: صلاة الكسوف واجبة على الأعيان عند كسوف الشمس،
وخسوف القمر، والزلزلة، والآيات كالظلمة الشديدة والرياح الشديدة والصيحة،

1. الكافي في الفقه: 155.
286

وغير ذلك من أخاويف السماء.
1002. الثاني: هذه الصلاة ركعتان، في كل ركعة خمس ركوعات، وكيفيتها أن
ينوي ويكبر، ثم يقرأ الحمد وسورة، ثم يركع، ثم يقوم، فيقرأ الحمد وسورة، ثم
يركع، ثم يقوم، فيقرأ الحمد وسورة، ثم يركع، هكذا خمسا، ثم يسجد اثنتين،
ويقوم، فيقرأ الحمد وسورة، ثم يركع، ثم يقوم، فيقرأ الحمد وسورة، ثم يركع، ثم
يقوم هكذا خمسا، ثم يسجد مرتين، ويتشهد ويسلم.
ويجوز أن يقرأ مع الحمد في كل مرة بعض السورة، ثم يركع، فإذا قام
أتمها من غير أن يقرأ الحمد، ولو كان أتم السورة قام من الركوع وقرأ الحمد
وسورة أو بعضها، وقول ابن إدريس (1) هنا لا يعول عليه.
وهل يجب قراءة سورة كاملة في الأولى مع الحمد وكذا في الثانية؟
إشكال، والأقرب الوجوب.
1003. الثالث: يستحب الإطالة بقدر زمان الكسوف، والجماعة خصوصا مع
احتراق جميع القرص، وقراءة السور الطوال مع سعة الوقت، وإطالة الركوع
بقدر زمان القراءة، وإطالة السجود، والتكبير عند كل رفع من كل ركوع إلا في
الخامس والعاشر، فإنه يقول فيهما: سمع الله لمن حمده، والقنوت في القيام
الثاني قبل الركوع والرابع والسادس والثامن والعاشر، ودونه في الاستحباب
القنوت في الخامس والعاشر، والجهر في الكسوفين، والبروز بها تحت السماء.
1004. الرابع: لو سبق الإمام بركوع، فالأقرب فوات تلك الركعة، فينبغي

1. لاحظ قوله في السرائر: 1 / 324.
287

المتابعة في باقي الركوعات إلى أن يقوم الإمام في ثانيته، فيقتدي المأموم
بالصلاة، فإذا سلم الإمام أتم هو الثانية.
1005. الخامس: أول وقت صلاة الكسوف أو الخسوف ابتداؤه، وآخره ابتداء
الانجلاء، ولو لم يتسع الوقت لها لم يجب، ولو خرج الوقت المتسع ولم يفرغ
منها، أتمها.
أما الرياح والزلازل وما يشبهها من الآيات السريع زوالها، فالأقرب عندي
أن وقتها العمر كله.
وهذه الأشياء علامات الوجوب، ليست أوقاتا، فيصليها أداء وإن سكنت.
1006. السادس: لو لم يعلم الكسوف حتى خرج الوقت، فإن كان قد احترق
القرص كله، وجب القضاء، وإلا فلا، خلافا للمفيد (1). ولو فاتت نسيانا فالأقرب
عندي، القضاء مطلقا وفي المبسوط والنهاية (2): يقضي مع الاستيعاب لا بدونه
ولو علم وفرط قضى مطلقا.
أما غير الكسوف من الآيات، فلا يجب القضاء مع الجهل، ويجب مع
العلم والتفريط أو النسيان.
1007. السابع: لا يجب ترتيب هذه الصلاة مع الفرائض اليومية لو فاتتا، وكذا
لا يجب ترتيبها في أنفسها لو فاتته منها صلوات متعددة.
1008. الثامن: لو استترت الشمس أو القمر بالسحاب، وهما منكسفان صلى،
ولو غابت الشمس كاسفة، أو طلعت على القمر المنخسف صلى أيضا، وكذا لو

1. المقنعة: 211.
2. المبسوط: 1 / 172، والنهاية: 136 - 137.
288

غاب القمر ليلا في حال انخسافه، أو طلع الفجر على القمر المنخسف، أو ابتدأ
خسوفه وقت طلوع الفجر.
1009. التاسع: تجب هذه الصلاة على النساء والرجال والخناثى والمسافر
والحاضر والحر والعبد، ولا يشترط إذن الإمام، ولا المصر.
ويستحب للحائض أن تجلس في مصلاها، تذكر الله تعالى بعد الوضوء
بقدر زمان الكسوف، وكذا النفساء.
1010. العاشر: لو فرغ من الصلاة ولم ينجل الكسوف، أعاد الصلاة استحبابا،
وقول ابن إدريس بعدم استحبابه (1) وبعض علمائنا بوجوبه (2) ضعيفان.
1011. الحادي عشر: لا يستحب فيها الخطبة.
1012. الثاني عشر: لو اتفق الكسوف في وقت الفريضة، فالوجه عندي ان
الوقتين ان اتسعا، تخير في البداءة بأيهما شاء، ثم يعقب بالأخرى، وإن ضاق
وقت إحداهما تعينت البداءة بها، ولو تضيقا صلى الحاضرة. وقول السيد في
المصباح (3) والشيخ في النهاية (4) لا تساعدهما رواية محمد بن مسلم وبريد
العجلي الصحيحة عنهما (عليهما السلام) (5) عليه (6).

1. السرائر: 1 / 324.
2. وجوب الإعادة ظاهر كلام الحلبي (قدس سره) حيث قال: فإن خرج عن الصلاة ولما ينجل المكسوف
والمخسوف فعليه إعادتها. الكافي في الفقه: 156.
3. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 340.
4. النهاية: 137.
5. لاحظ الوسائل: 5 / 148، الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف، الحديث 4.
6. كذا في النسختين.
289

1013. الثالث عشر: لو دخل في الكسوف وخاف فوات الحاضرة، قطعها
وصلى الحاضرة ثم عاد فأتم الكسوف، وبه روايات صحيحة، (1) تخصص عموم
إبطال الفعل الكثير.
1014. الرابع عشر: لو صلى الحاضرة فانجلى الكسوف، فإن صلى مع تضيق
الحاضرة، فالوجه عدم القضاء مع عدم التفريط، ووجوبه معه.
1015. الخامس عشر: لو اجتمعت مع صلاة الاستسقاء والجنازة والعيد، بدأ
بالجنازة مع خوف التغيير، أو بما يخاف فوته، ولو تساووا في اتساع الوقت بدأ
بالجنازة ثم بالكسوف ثم بالعيد ثم بالاستسقاء.
1016. السادس عشر: لو اجتمعت مع النافلة قدم (2) صلاة الكسوف، سواء
كانت النافلة مؤقتة أو لا، راتبة أو لا. فإن خرج وقت النافلة قضاها.
1017. السابع عشر: لو تضيق وقت الكسوف حتى لا يدرك ركعة لم تجب،
ولو أدركها، فالوجه الوجوب، ولو قصر الوقت عن أقل صلاة يمكن لم تجب
على إشكال.
1018. الثامن عشر: تصلى هذه الصلاة في كل وقت، وإن كان وقت كراهية.
1019. التاسع عشر: قيل: يجوز أن يصلي صلاة الكسوف على ظهر الدابة
وماشيا، (3) والوجه التقييد بالعذر، ويجوز معه لا بدونه.

1. لاحظ الوسائل: 5 / 147، الباب 5 من أبواب صلاة الكسوف.
2. في «أ»: تقدم.
3. لاحظ الأقوال حول المسألة في المختلف: 2 / 291.
290

الفصل الرابع: في الصلوات المندوبة
أما النوافل اليومية فقد مضت، وأما غيرها فيشتمل على أقسام:
1020. [القسم] الأول: صلاة الاستسقاء، وهي مستحبة عند قلة الأمطار وغور
الأنهار.
وكيفيتها مثل صلاة العيد، إلا أنه يقنت هنا بالاستغفار، وسؤال الرحمة
بإرسال الماء، وأفضله ما نقل عن أهل البيت (عليهم السلام) (1).
ويستحب هذه الصلاة بعد أن يصوم الناس ثلاثة أيام، ويخرج الإمام بهم
يوم الثالث، وينبغي أن يكون يوم الاثنين، فان لم يتفق فالجمعة، ولا يخرج
المنبر من موضعه، خلافا للسيد (2)، بل يعمل منبرا من طين.
ويخرج الإمام بالناس إلى الصحراء حفاة على سكينة ووقار، ويخرج
معهم الشيوخ والأطفال والعجائز، ويفرق بين الأطفال وأمهاتهم، ويمنع أهل
الذمة والكفار من الخروج.
ويصلى بهم في الصحراء لا في المساجد إلا بمكة. ويستسقى بأهل
الصلاح، فيأمرهم بالخروج من المعاصي، والصدقة، وترك التشاجر، ويأمرهم
بالاستغفار وقت الصلاة.

1. لاحظ الفقيه: 1 / 332، باب صلاة الاستسقاء أحاديث الباب.
2. قال المصنف في المختلف: 2 / 332: قال السيد المرتضى في المصباح: ينقل المنبر في
صلاة الاستسقاء يحمل بين يدي الإمام إلى الصحراء.
291

ولا أذان فيها ولا إقامة، بل يقول المؤذن: الصلاة، ثلاثا. وتصلى جماعة
وفرادى، ولا يشترط فيها إذن الإمام. وتصلى في كل وقت، وإن كان وقت
كراهية. ويجهر فيها بالقراءة، فإذا فرغ الإمام من الصلاة حول رداءه، فجعل ما
على اليمين على اليسار وبالعكس، ولا يستحب لغيره، ثم يستقبل الإمام القبلة،
ويكبر الله مائة مرة، ثم يسبح الله على يمينه مائة مرة، ثم يهلل عن يساره مائة
مرة، ثم يستقبل الناس ثانيا ويحمد الله مائة مرة، يرفع بذلك كله صوته، ويتابعه
الناس، ثم يخطب خطبتين. ولو لم يحسن دعا بدلهما.
وهل التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد متقدم على الخطبة أو متأخر؟
ذهب السيد (1) والمفيد (2) إلى الثاني، والشيخ إلى الأول (3).
ولو تأخرت الإجابة خرجوا ثانيا وثالثا إلى أن يجابوا، ولو تأهبوا للخروج
فسقوا لم يخرجوا، ولو خرجوا فسقوا قبل الصلاة لم يصلوا، نعم يستحب صلاة
الشكر في الموضعين.
ويستحب لأهل الخصب أن يدعوا لأهل الجدب، وإذا نذر الإمام أن
يصلي للاستسقاء انعقد نذره، ولا يلزم غيره بالخروج معه، وكذا لو نذر غير
الإمام، ولو نذر الإمام أن يستسقي هو وغيره، انعقد نذره في حق نفسه خاصة،
ويستحب له أن يخرج في من يطيعه كالولد وشبهه، وإذا انعقد نذره صلاها
في الصحراء.

1. نقله عنه المصنف أيضا في المختلف: 2 / 335، والحلي في السرائر: 1 / 326.
2. المقنعة: 208.
3. المبسوط: 1 / 135.
292

ولو نذر أن يصليها في المسجد انعقد، ويعيد لو صلاها في غيره، ولو نذر
أن يخطب، انعقد، وجاز قائما وقاعدا، وعلى منبر وغيره. ولو نذر على المنبر
وجب، ولم يجز على الحائط وشبهه.
وكما يستحب لانقطاع الغيوث، يستحب لنضب ماء العيون والآبار.
ويستحب إذا كثر المطر بحيث يبلغ حد الضرر الدعاء إلى الله تعالى بإزالة
ذلك، قال الشيخ. (1) ولا يجوز أن يقول: مطرنا بنوء (2) كذا، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
نهى عنه.
1021. [القسم] الثاني: نافلة شهر رمضان خلافا لابن بابويه (3) وهي ألف
ركعة زائدة على باقي الشهور، وفي ترتيبها روايتان (4):
إحداهما: انه يصلي في كل ليلة عشرين ركعة إلى آخر الشهر، وفي كل
ليلة من تسع عشرة وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين زيادة مائة ركعة. وفي
العشر الأواخر في كل ليلة زيادة عشر ركعات.
الثانية (5): انه يقتصر في كل ليلة من ليالي الأفراد على مائة، فيبقى عليه

1. المبسوط: 1 / 135.
2. لاحظ في تفسير «النوء» الوسائل: 5 / 170، الباب 10 من أبواب صلاة الاستسقاء، ذيل
الحديث 1.
3. الفقيه: 2 / 87 - 88، باب الصلاة في شهر رمضان. وفي حاشية نسخة «أ»: خلافا لابن بابويه
في استحبابها، وقال: إنه كسائر الشهور، وليس فيه شئ موظف.
4. لاحظ الوسائل: 5 / 178، الباب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان.
5. في «ب»: وثانيهما.
293

ثمانون (1) يصلي في كل جمعة من الشهر عشر ركعات، بصلاة علي وفاطمة
وجعفر بن أبي طالب (عليهم السلام)، وفي آخر جمعة عشرين ركعة بصلاة علي (عليه السلام)، وفي
عشية تلك الجمعة عشرين ركعة بصلاة فاطمة (عليها السلام).
ويستحب أن يقرأ في كل ركعة من المائة في الليالي الثلاث قل هو الله
أحد عشر مرات. ويستحب زيادة مائة ركعة ليلة النصف، يقرأ في كل ركعة
الحمد مرة، وقل هو الله أحد عشر مرات.
والجماعة في هذه النافلة بدعة، ويستحب الدعاء بين كل ركعتين
بالمنقول، ولا يصلي ليلة الشك شيئا من نوافل رمضان.
1022. [القسم] الثالث: باقي النوافل وفيه أحد عشر بحثا:
1023. [البحث] الأول: يستحب صلاة التسبيح استحبابا مؤكدا، وهي صلاة
جعفر بن أبي طالب وهي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في الأولى مع الحمد
الزلزلة، وفي الثانية معها والعاديات، وفي الثالثة معها النصر، وفي الرابعة معها
التوحيد، فإذا فرغ من القراءة، قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر، خمس عشرة مرة، ثم يركع ويقوله عشرا، ثم يرفع رأسه ويقوله عشرا، ثم

1. ولإيضاح المقصود نأتي بما نصه المصنف في المنتهى: ولا خلاف بين علمائنا القائلين
بالوظيفة في أنه يصلي في كل ليلة عشرين من أول الشهر إلى ليلة عشرين منه، وفي كل ليلة من
العشر الأواخر ثلاثين ركعة.
وإنما اختلفوا في ليالي الأفراد: ليلة تسعة عشر، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين; فقال
أكثرهم: إنه يصلي فيها ثلاثمائة في كل ليلة مائة زائدة على ما وظف، وهذه هي الألف.
وقال آخرون منهم: إنه يصلي في كل ليلة منها تمام المائة على ما وظف، فيتخلف عليه
ثمانون، فيصلي في كل جمعة... منتهى المطلب: 1 / 358، ط القديم.
294

يسجد ويقوله عشرا، ثم يرفع رأسه ويقوله عشرا، ثم يسجد ثانيا ويقوله عشرا،
ثم يرفع رأسه ويقوله عشرا، فذلك خمس وسبعون، وهكذا في كل ركعة.
ويدعو في آخر سجوده بالمنقول، وعن الصادق (عليه السلام) استحبابها مجردة عن
التسبيح للمستعجل، ثم يقضي التسبيح، وهو ذاهب في حوائجه (1).
1024. [البحث] الثاني: صلاة فاطمة (عليها السلام) مستحبة، وهي أربع ركعات
بتسليمتين، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد خمسين مرة.
1025. [البحث] الثالث: صلاة علي (عليه السلام) مستحبة، وهي ركعتان يقرأ في الأولى
منهما الحمد مرة والقدر مائة مرة، وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد مائة مرة.
وقيل (2): إن الأولى صلاة علي (عليه السلام)، وهذه صلاة فاطمة (عليها السلام).
1026. [البحث] الرابع: صلاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مستحبة يوم الجمعة وهي
ركعتان، يقرأ الحمد في الأولى مرة وإنا أنزلناه خمس عشر مرة، ثم يركع
ويقرأها خمس عشر مرة، ثم يرفع رأسه ويقرأها كذلك، ثم يسجد ويقرأها
خمس عشر مرة، ثم يرفع رأسه ويقرأها كذلك، ثم يسجد ثانيا فيقرأها خمس
عشر مرة، ثم يرفع رأسه، ويقوم، فيفعل كما فعل في الأولى.
1027. [البحث] الخامس: الصلاة الكاملة مستحبة، وهي أربع ركعات
بتسليمتين يوم الجمعة قبل الصلاة، يقرأ في كل ركعة: فاتحة الكتاب عشر
مرات، وقل أعوذ برب الناس عشر مرات، وقل أعوذ برب الفلق كذلك،
والتوحيد عشر مرات، والجحد عشر مرات، وكذا آية الكرسي، وشهد الله (3)

1. الوسائل: 5 / 202، الباب 8 من أبواب صلاة جعفر، الحديث 1.
2. القائل هو الشيخ الطوسي (قدس سره) في النهاية: 140 - 141.
3. آل عمران: 18.
295

عشر مرات، ثم يدعو بالمنقول.
1028. [البحث] السادس: صلاة الأعرابي مستحبة يوم الجمعة عند ارتفاع
النهار، وهي عشر ركعات: يقرأ في الأولى الحمد مرة والفلق سبع مرات، وفي
الثانية الحمد مرة وقل أعوذ برب الناس سبع مرات، فإذا سلم قرأ آية الكرسي
سبعا، ثم يقوم فيصلي ثمان ركعات بتسليمتين، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة
والنصر مرة والتوحيد خمسا وعشرين مرة.
1029. [البحث] السابع: صلاة ليلة الفطر مستحبة، وهي ركعتان: يقرأ في
الأولى الحمد مرة والتوحيد ألف مرة، وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد
مرة واحدة.
1030. [البحث] الثامن: صلاة الغدير مستحبة، وهي ركعتان قبل زوال
الشمس من يوم الغدير بنصف ساعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة وكل واحدة
من التوحيد وإنا أنزلناه وآية الكرسي عشر مرات.
1031. [البحث] التاسع: صلاة ليلة النصف من شعبان مستحبة، وهي أربع
ركعات بتسليمتين، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد مائة مرة. وهي ليلة
مولد صاحب الأمر (عليه السلام)، ويستحب إحياؤها.
1032. [البحث] العاشر: صلاة ليلة المبعث ويومها مستحبة، وهي اثنتا عشرة
ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد والمعوذتين والتوحيد أربع مرات، ثم يدعو
بالمنقول.
1033. [البحث] الحادي عشر: صلاة الاستخارة مستحبة، وكذا صلاة الحاجة،
وصلاة الشكر مستحبة أيضا عند تجدد النعم ودفع النقم، وهي
296

ركعتان: يقرأ في الأولى الحمد والتوحيد، وفي الثانية الحمد والجحد.
وصلاة التوبة أيضا مستحبة، وقد أورد الشيخ (رحمه الله) أحاديث كثيرة في نوافل
متعددة (1) هذه من مهماتها.

1. لاحظ التهذيب: 3 / 179 - 188.
297

المقصد الرابع: في اللواحق
وفيه فصول
الفصل الأول: في الخلل الواقع في الصلاة
ومباحثه عشرون:
1034. الأول: يجب إعادة الصلاة على من أخل بواجب منها عمدا، سواء كان
ركنا أو غير ركن، ونعني بالركن ما يجب إعادة الصلاة بتركه عمدا أو سهوا،
وبغيره ما يجب إعادة الصلاة بتركه عمدا لا سهوا، سواء كان الواجب شرطا، أو
جزءا، أو كيفية، أو تركا، وكذا لو فعل ما يجب تركه، أو ترك ما يجب فعله جاهلا
بوجوبه، إلا الجهر والإخفات، فإنه لو تركهما جهلا لم يجب عليه الإعادة.
ولو جهل غصبية الثوب أو المكان، وصلى فيهما، أو جهل نجاسة الثوب
أو البدن أو موضع السجود لم يعد، ولو علم ذلك وجهل الحكم لم يعذر.
وكذا لو توضأ بماء مغصوب مع العلم بالغصبية فإنه يعيد الوضوء
299

والصلاة، ولو جهلها لم يعد واحدا منهما.
ولو علم ان الجلد ميتة، وصلى فيه أعاد، ولو لم يعلم انه ميتة، فان كان
شراه من سوق المسلمين، أو كان في يد مسلم، لم يعد، وإن وجده مطروحا، أو
أخذه من غير مسلم، أو لم يعلم انه من جنس ما يصلى فيه، ثم صلى فيه، أعاد.
1035. الثاني: إذا أخل بركن سهوا، فإن تجاوز محله أعاد الصلاة، كمن أخل
بالقيام حتى نوى، أو بالنية حتى كبر، أو بالتكبير حتى قرأ، أو بالركوع حتى
سجد، أو بالسجدتين حتى ركع، سواء في ذلك الركعتان الأوليان والأخريان.
ولو كان المحل باقيا أتى به، كمن أخل بالركوع وهو قائم لم يسجد، أو
بالسجدتين وهو قائم لم يركع.
وللشيخ (رحمه الله) قول آخر (1) بالفرق بين الأوليين والأخريين، غير معتمد.
1036. الثالث: لو زاد في الصلاة ركوعا عمدا أو سهوا بطلت صلاته، وكذا لو
زاد سجدتين، أما لو زاد ركعة عمدا فإنه يعيد، ولو كان سهوا فان لم يكن جلس
في آخر الصلاة بقدر التشهد أعاد قولا واحدا، وإن كان قد جلس بقدره فالوجه
عندي عدم الإعادة، لرواية زرارة الصحيحة عن الباقر (عليه السلام) (2).
ولو ذكر الزيادة قبل الركوع قعد وسلم وسجد سجدتي السهو، ولو ذكر
بعد الركوع قبل السجود، فالوجه التشهد والتسليم إن كان قد جلس بقدر التشهد
وإلا أعاد.

1. المبسوط: 1 / 109 و 119.
2. الوسائل: 5 / 332، الباب 19 من أبواب الخلل، الحديث 4.
300

1037. الرابع: لو سلم ثم تيقن النقيصة، كمن سلم ناسيا في الأوليين أو صلى
ركعة من الغداة وتشهد وسلم، فإنه يأتي بالنقيصة ويسجد للسهو، إلا أن يبطل
الطهارة، أو يلتفت إلى ما وراءه ناسيا، وإن فعل ما يبطلها غير ما ذكرناه كالكلام،
فقولان أقربهما صحة الصلاة، وكذا لو ترك التسليم ثم ذكر بعد المبطل.
1038. الخامس: لو شك في الركوع وهو قائم ركع، لأنه في محله فإن ذكر
حالة الركوع انه قد كان ركع أعاد الصلاة. قاله ابن أبي عقيل (1) وهو الوجه عندي،
وقال الشيخ (2) والسيد (3) (رحمهما الله): يرسل نفسه ولا يرفع رأسه.
1039. السادس: لو ترك سجدتين وعلم أنهما من ركعة واحدة، أعاد الصلاة،
وكذا لو لم يعلم هل هما من ركعة أو ركعتين، لأن المسقط لما في الذمة غير
معلوم التحقق.
ولو علم أنهما من ركعتين، قضاهما بعد التسليم، وسجد للسهو، سواء
كانتا من الأوليين أو الأخريين.
1040. السابع: لو شك في عدد الثنائية كالصبح، وصلاة السفر، والجمعة،
والعيدين، والكسوف، أو في الثلاثية كالمغرب، أو في الأوليين من الرباعيات
أعاد، وقول ابن بابويه (4) ضعيف.

1. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 390، والمصنف أيضا في المختلف: 2 / 360، والتذكرة:
3 / 318.
2. النهاية: 92، والمبسوط: 1 / 122.
3. جمل العلم والعمل في ضمن الينابيع الفقهية: 3 / 180.
4. المراد هو علي بن الحسين بن بابويه المتوفى عام 329 ه‍ والد الصدوق. لاحظ المختلف:
2 / 377.
301

ولو ذكر بعد الشك، فإن لم يكن قد أبطل صلاته بفعل ما ينافيها بنى على
ما ذكر، وإلا أعاد، وكذا يعيد لو لم يذكر كم صلى مطلقا، أو كان في وقت الصلاة
فلم يدر صلى أم لا.
1041. الثامن: لا حكم للسهو في مواضع: من نسي القراءة، أو قراءة الحمد
أو السورة حتى ركع، أو الجهر والإخفات، أو الذكر في الركوع، أو الطمأنينة فيه
حتى رفع رأسه، أو الطمأنينة في القيام حتى سجد، أو الذكر في السجود، أو
السجود على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه حتى رفع رأسه، أو رفع الرأس
منه، أو الطمأنينة فيه حتى سجد ثانيا، أو الذكر في السجود الثاني، أو السجود
على الأعضاء السبعة، أو الطمأنينة فيه حتى رفع منه، أو كثر سهوه وتواتر، فإنه
لا يلتفت ويبني على وقوع ما شك في وقوعه من غير جبران.
قال الشيخ: حد الكثرة ان يسهو ثلاث مرات متوالية (1) ولا حكم للسهو في
السهو أي في موجبه، وقيل: في وقوعه.
وكذا لا حكم له إذا شك في شئ وقد انتقل عنه، بل يستمر على فعله،
سواء كان ركنا أو غير ركن، كمن شك في تكبيرة الافتتاح وهو في القراءة، أو
فيها وهو راكع، أو فيه وهو ساجد، أو في السجود أو التشهد وقد قام.
وللشيخ (رحمه الله) في السجود والتشهد قول آخر (2).
أما لو شك في قراءة الفاتحة وهو في السورة، فإنه يقرأ الفاتحة ثم
السورة، لاتحاد محل القراءة.

1. المبسوط: 1 / 122 ولا يخفى ان الشيخ (قدس سره) نسبه إلى قول.
2. لاحظ النهاية: 92، والمبسوط: 1 / 122.
302

ولا سهو في النافلة بل للمصلي أن يبني على ما أراد، ويستحب البناء
على الأقل.
ولا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الإمام وبالعكس، ولو انفرد كل واحد
منهما بالسهو اختص بموجبه، ولو اشترك السهو اشتركوا في الموجب، ولو
أدرك المأموم ركعة مع الإمام أتم صلاته بعد تسليم الإمام، ولا سجود
للسهو عليه.
1042. التاسع: لو سها عن قراءة الحمد فذكر وهو في السورة، رجع فقرأ
الحمد ثم السورة. ولو سها عن السورة، ثم ذكر قبل الركوع قرأ السورة وركع.
وكذا يتدارك لو سها عن تسبيح الركوع أو السجود وهو فيهما.
ولو سها عن الركوع فذكر وهو قائم ركع، ولو ذكر ترك سجدة قبل الركوع
سجد، وبعده، يقضيها، ويسجد للسهو، سواء في ذلك الأوليان والأخريان،
على خلاف.
ولو ذكر ترك السجدتين قبل الركوع سجدهما، وبعده، يعيد الصلاة، ولو
ذكر ترك أربع سجدات من أربع ركعات، قضاها بعد الفراغ، وسجد للسهو.
ولو نسي التشهد الأول، فذكر قبل الركوع، رجع فتشهد، ثم سجد للسهو
على قول، ولو ركع مضى في صلاته، وقضاه بعد التسليم، وسجد للسهو.
ولو نسي الثاني وذكر بعد التسليم، قضاه، وسجد للسهو، ولو أحدث قبل
قضائه تطهر وقضاه، وسجد للسهو، وقيل (1): يعيد الصلاة، لأن التسليم وقع في
غير محله. وليس بجيد.

1. القائل هو الحلي في السرائر: 1 / 259.
303

ولو كان الناسي للتشهد إماما ولم يرجع، رجع المأمومون، ولو ذكر بعد
الركوع فرجع لم يجز للمأمومين متابعته، ولو ذكر وهو قائم وقد ركع
المأمومون، وجب على الإمام الرجوع، وفي الوجوب على المأمومين إشكال،
أقربه الرجوع مع السهو، أما مع تعمدهم فالإشكال أقوى، أقربه الاستمرار حتى
يلحقهم الإمام، ويقضون التشهد بعد التسليم، ولو انعكس الفرض وجب على
المأمومين خاصة الرجوع.
ولو نسي الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكر بعد التسليم، قضاها، ولو كان في
التشهد الأول، فالأقرب الرجوع قبل الركوع، وفي وجوب إعادة التشهد إشكال،
ولو ذكر بعد الركوع قضاها بعد التسليم، والأقرب وجوب سجود السهو.
1043. العاشر: إذا شك فيما زاد على الأوليين من الرباعيات، فإن غلب على
الظن أحد الطرفين عمل عليه، وإن تساوى الطرفان بنى على الأكثر، ويصلي بعد
التسليم ما شك فيه، وخير ابن بابويه (1) بين هذا وبين البناء على اليقين،
وطرح الشك.
ولو شك بين الاثنين والثلاث، بنى على الثلاث وأتم الصلاة، ثم صلى
للاحتياط (2) ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس; وكذا لو شك بين
الثلاث والأربع.
ولو شك بين الاثنين والأربع، بنى على الأكثر، وصلى بعد التسليم ركعتين
من قيام. ولو شك بين الاثنين والثلاث والأربع، بنى على الأكثر، وصلى ركعتين

1. الفقيه: 1 / 231.
2. في «ب»: احتياطا.
304

من قيام وركعتين من جلوس. ولو شك بين الأربع والخمس بنى على الأربع،
وسجد للسهو بعد التسليم.
ولو ذكر بعد الاحتياط ما فعل لم يجب عليه الإعادة، وإن كان ناقصا، سواء
كان الوقت باقيا أولا، ولو ذكر قبل الاحتياط، فإن كان للكمال فلا شئ عليه، وإن
كان للنقصان، كان حكمه حكم من سلم في الأوليين ناسيا، وإن كان في
الاحتياط وذكر النقصان فالوجه الإعادة.
ولو ذكر الشاك بين الاثنين والثلاث والأربع بعد الاحتياط بالركعتين من
جلوس، انه صلى ثلاثا، فالوجه صحة صلاته، وعدم وجوب الركعتين من قيام،
ولو ذكر حينئذ انه صلى اثنين بطلت صلاته، ولو بدأ بالركعتين من قيام، وذكر
الثلاث، بطلت صلاته، ولو ذكر الركعتين صحت، ولم يجب عليه الركعتان
من جلوس.
1044. الحادي عشر: لو شك بين الاثنين والثلاث وهو قائم، كأنه يقول: لا
أدري قيامي لثانية أو ثالثة بطلت صلاته، لأنه في الحقيقة شك في الأوليين، ولو
قال: لا أدري قيامي لثالثة أو رابعة فهو شك بين الاثنين والثلاث.
ولو قال: لا أدري لرابعة أو لخامسة، قعد وصلى ركعة من قيام أو ركعتين
من جلوس، وسجد للسهو.
ولو قال: لثالثة أو لخامسة، قعد، وصلى ركعتين من قيام، وسجد للسهو،
وكذا الحكم لو قال: لا أدري قيامي من الركوع لثانية أو لثالثة قبل السجود، وكذا
باقي المسائل إلا ما قبل الأخيرة، فإن الأقرب عندي فيها البطلان.
305

1045. الثاني عشر: لا بد في الاحتياط من النية، وتكبيرة الافتتاح، وقراءة
الفاتحة، ولا تجب السورة، ولو أحدث قبل الاحتياط، فالأقرب عدم البطلان،
أما لو أحدث قبل قضاء السجدة فأقوى إشكالا.
1046. الثالث عشر: يجب سجود السهو على من تكلم ناسيا، أو سلم ناسيا
في غير موضع، أو شك بين الأربع والخمس وهو جالس، أو نسى السجدة أو
التشهد حتى ركع، أو قام في حال قعود، أو بالعكس ناسيا.
وقال ابن بابويه (1): يجب لكل نقيصة أو زيادة سهوا، عملا برواية الحلبي
الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) (2)، وهو الأقوى عندي.
1047. الرابع عشر: لو سها في النافلة بما يوجب السجدتين في الفريضة لم
يجب السجود، ولو قام إلى الثالثة فيها فركع ساهيا، أسقط الركوع وتشهد وسلم.
ولا سجود للسهو في صلاة الجنائز، ولا في سجود التلاوة، ولا في
سجود السهو.
1048. الخامس عشر: يجب في سجود السهو النية، والسجدتان
على الأعضاء السبعة، والتشهد، والتسليم، وليس فيهما تكبير واجب. ويقول
فيهما: بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، أو يقول:
بسم الله وبالله اللهم صل على محمد وآل محمد; وهل هذا الذكر واجب؟
فيه إشكال، أقربه العدم.
1049. السادس عشر: السجود للسهو بعد الفراغ من الصلاة، سواء كان

1. الفقيه: 1 / 225 برقم 993.
2. الوسائل: 5 / 327، الباب 14 من أبواب الخلل، الحديث 4.
306

لزيادة أو نقصان، على الأقوى.
1050. السابع عشر: لو نسي سجدتي السهو، يسجدهما متى ذكر، سواء تكلم
أو لا، وسواء طال الزمان أو قصر.
1051. الثامن عشر: لا يتداخل سجود السهو لو تعدد السبب، اتفق أو اختلف.
1052. التاسع عشر: لا يسجد لما يتركه عمدا، لأن الواجب مبطل،
والمندوب لا سهو فيه.
1053. العشرون: هل يشترط الطهارة لسجود السهو؟ فيه إشكال، أقربه العدم،
أما السجدة المتروكة من الصلاة، فيشترط فيها ذلك.
الفصل الثاني: في القضاء
وفيه أحد عشر بحثا:
1054. الأول: لا يجب القضاء لفوات الصلاة وقت الصغر والجنون والكفر
الأصلي والإغماء والحيض والنفاس وعدم المطهر (1).

1. قال المصنف في المنتهى: ومن فقد المطهر المائي والترابي حتى خرج وقت الصلاة، ففي
سقوط القضاء عنه خلاف بين علمائنا، قال الشيخ والسيد المرتضى: يسقط القضاء، وقال
المفيد: يقضى، والأقرب الأول، لأنها صلاة مشروطة بالطهارة فلا تصح بدونها، وسقوط أدائها
يستلزم سقوط قضائها، منتهى المطلب: 1 / 421 (ط القديم).
307

ويجب على من فاتته غير هؤلاء عمدا وسهوا ونوما، إلا الجمعة
والعيدين.
1055. الثاني: لا تجب الصلاة على الصبي حتى يبلغ إما بالاحتلام أو بالإنبات
أو بالسن، وهو خمس عشرة سنة في الذكر، وتسع في الأنثى،
أو بالحيض.
1056. الثالث: لو زال عقل المكلف بشئ من قبله، كالسكر وشرب المرقد،
وجب القضاء; أما لو أكل غذاء مؤذيا فحصل الإغماء المستوعب للوقت، لم
يجب القضاء; ولو أغمي عليه من قبل الله تعالى، سقط القضاء إن استوعب
الوقت، وإلا وجب إن مضى من الوقت مقدار الطهارة والصلاة (1).
1057. الرابع: المرتد يقضي زمان ردته، ولا يقضي ما فعله زمان إسلامه،
ويقضي ما فاته فيه، ولا يقضي ما فاته زمان إغمائه أو جنونه حالة الارتداد.
1058. الخامس: يجب قضاء الفائتة من الفرائض مع الذكر اتحدت أو تعددت،
وجوبا موسعا على الأقوى.
1059. السادس: الحواضر تترتب إجماعا، وكذا الفوائت يترتب بعضها على
البعض بالنسبة إلى زمان الفوات، فلو فات ظهر وعصر من يومين قضى الأول إن
كانت عصرا (2)، ولو كانا من يوم قدم الظهر وجوبا، فإن عكس ناسيا عدل بنيته،
ولو لم يذكر حتى يفرغ، أجزأ ما فعله.
وهل تتقدم الفائتة على الحاضرة مع سعة الوقت وجوبا أو استحبابا؟

1. ان لم يصل فيه.
2. هكذا في النسخة المطبوعة وفي «ب»: «فان كانت عصرا». والأصح: «وإن كانت عصرا».
308

الأقوى عندي الأخيرة، فلو دخل في الحاضرة مع السعة، وعليه فائتة، عمدا،
صحت صلاته، ولو كان ناسيا فكذلك، لكن يستحب له العدول إذا ذكر مع بقاء
وقته ولو قبل التسليم.
ولو صلى فائتة فذكر ان عليه أسبق، عدل وجوبا مع الإمكان، ولو نسي
السابق من الفائتتين ففي سقوط الترتيب نظر، أقربه السقوط. والأحوط ثبوته،
فيقضي لو فاته ظهر وعصر، الظهر ثم العصر ثم الظهر، ولو كان معهما مغرب
صلى الظهر، ثم العصر، ثم الظهر ثم المغرب، ثم الظهر، ثم العصر، ثم الظهر.
ولا ترتيب بين الفرائض اليومية وغيرها من الواجبات كالمنذورات (1)
وصلاة الآيات، أما الاحتياط فالأقرب صيرورته قضاء إذا لم يفعل في وقت
المجبورة، فحينئذ، يجب الترتيب بينه لو تعدد بالنسبة إلى المجبورات وبينه
وبين غيرها من الفوائت بالنسبة إلى المجبورات من الفوائت، أما الأجزاء
المنسية كالسجود والتشهد مثلا، فالوجه فيه الترتيب بينه وبين الفوائت كالكل.
1060. السابع: لا يجوز لمن عليه فريضة فائتة أن يتنفل قبل قضائها، فلو ذكر
في الأثناء أبطل النافلة واشتغل بالفريضة.
1061. الثامن: لو نسي صلاة ولم يعلم بعينها، صلى مغربا وصبحا وأربعا
ينوي بها ما في ذمته، ويتخير فيها بين الجهر والإخفات.
ولو نسي صلاة كثيرة معينة غير معلومة العدد كرر من تلك الصلوات إلى
أن يغلب على ظنه الوفاء. ولو لم يعلمها صلى أياما كثيرة إلى أن يغلب على
الظن الوفاء.

1. في «أ»: والمنذورات.
309

ولو فاتته صلاة واحدة ولم يعلم عددها ولا عينها، صلى ثلاثا وأربعا
واثنتين إلى أن يغلب على الظن الوفاء.
1062. التاسع: يستحب قضاء النافلة المرتبة مع الفوات، ولو لم يعلمها صلى
إلى أن يغلب على الظن الوفاء، ولو فات بالمرض لم يتأكد الاستحباب.
ويستحب أن يتصدق عن كل ركعتين بمد، فإن لم يتمكن فعن كل يوم
به، ويجوز أن يقضي أوتارا جماعة (1) في ليلة واحدة.
1063. العاشر: لا يجب القضاء أكثر من مرة واحدة، ويجب القضاء كما فات،
فالمسافر إذا فاتته فريضة في السفر قضاها قصرا ولو كان في الحضر، ولو فاتته
في الحضر قضاها تماما ولو في السفر، ولو فاتته جهرية وجب قضاؤها كذلك
ليلا ونهارا، وكذا يقضي الإخفاتية إخفاتا ليلا ونهارا.
1064. الحادي عشر: من ترك الصلاة مع وجوبها عليه مستحلا قتل إجماعا،
ولو تركها جهلا بوجوبها لم يقتل، ويؤمر بها. ولو تركها تهاونا أمر بها فإن فعل،
وإلا عزر أولا، فإن تاب، وإلا عزر ثانيا، فإن تاب، وإلا قتل، وقيل: يقتل في
الرابعة، (2) ويكفر الأول لا الأخير وإن استحق القتل.
ولا تقبل توبة من وجب عليه القتل، ولو فات التعزير لم يقتل حتى يعزر
ثلاثا، ولو ترك شرطا مجمعا عليه مستحلا كفر، وإلا فحكمه ما تقدم، ولو ترك ما
اختلف في اشتراطه لم يقتل به، ولو اعتقد تحريمه فكذلك. ويعيد الصلاة.

1. المراد «اجتماعا» ففي صحيح عيسى بن عبد الله القمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أبو
جعفر (عليه السلام) يقضي عشرين وترا في ليلة. الوسائل: 5 / 361، الباب 9 من أبواب قضاء الصلوات،
الحديث 2.
2. وهو خيرة المصنف في المنتهى: 1 / 425 (ط القديم).
310

الفصل الثالث: في الجماعة - ومطالبه ثلاثة -
[المطلب] الأول: في أحكام الجماعة
وفيه أربعة عشر بحثا:
1065. الأول: الجماعة مستحبة في الفرائض كلها، استحبابا مؤكدا، وتجب في
الجمعة والعيدين مع الشرائط، ولا تجوز في النوافل عدا الاستسقاء والعيدين مع
الندبية، وفضلها متفق عليه.
قال تعالى: (واركعوا مع الراكعين) (1).
وقال (عليه السلام) لقوم:
«لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم منازلكم» (2)
وقال (عليه السلام): «من صلى صلوات الخمس جماعة فظنوا به كل خير» (3).
والصلاة في جماعة تفضل صلاة الفرد بأربع وعشرين صلاة (4).
1066. الثاني: الجماعة تنعقد باثنين فصاعدا. ويجوز فعلها في البيت

1. البقرة: 43.
2. الوسائل: 5 / 376، الباب 2 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 4.
3. الوسائل: 5 / 372، الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة، الحديث 6.
4. الوسائل: 5 / 371، الباب 1 من أبواب صلاة الجماعة.
311

والصحراء، ولا تجب في المسجد وإن كان قريبا.
وفعل الصلاة فيما كثر فيه الجماعة من المساجد أفضل، ولو كان إلى جاره
مسجد لا تنعقد الجماعة فيه إلا بحضوره، ففعلها فيه أولى.
ولا يكره إعادة الجماعة في المسجد، غير أنهم لا يؤذنون ولا يقيمون إلا
إذا انفضت الصفوف، فيجوز الأذان والإقامة. وقال الشيخ (رحمه الله): يكره التكرار (1).
1067. الثالث: يدرك الجماعة من أدرك الإمام راكعا، ولو شك هل كان الإمام
رافعا أو راكعا، فالأحوط فوات تلك الركعة.
1068. الرابع: لا تصح الجماعة لمن بينه وبين الإمام حائل يمنع المشاهدة
غير الصفوف (2) إلا في المرأة، ولو وقف الإمام في محراب داخل، فصلاة من
يقابله ماضية، دون صلاة من إلى جانبه إذا لم يشاهدوه.
ويجوز صلاة الصفوف الذين وراء الصف الأول، لأنهم يشاهدون من
يشاهده، ولو كان منهم وراء المخرم (3) صحت جماعته، إذا شاهد الإمام أو
الصف، ولو كان الحائط قصيرا يمنع من المشاهدة حالة الجلوس خاصة،
فالوجه الجواز.
ولو كان له دار فصلى فيها جماعة مع مشاهدة من في المسجد صحت
صلاته، وكذا لو اتصلت الصفوف من داخل المسجد إلى خارجه ثم إليه،
وإلا فلا.

1. المبسوط: 1 / 152.
2. كذا في «ب»، ولكن في «أ»: عن الصفوف.
3. ما يمنع من الاستطراق دون المشاهدة كالشبابيك.
312

ولو كان باب داره بحذاء باب المسجد، أو باب المسجد عن يمينه أو
يساره، واتصلت الصفوف من المسجد إليه، صحت صلاته.
ولو كان في داره قدام هذا الصف صف آخر لم تصح صلاة المتقدم،
وتصح لو كان خلفه، لمشاهدتهم الصف المتصل بالإمام.
1069. الخامس: لا يجوز أن يكون الإمام أعلى من المأموم بما يعتد به، ولو
صلى حينئذ فالوجه صحة صلاة الإمام، لاختصاص النهي بالمأموم، ولو كان
أعلى بشئ يسير جاز، ويجوز أن يكون المأموم أعلى بالمعتد.
1070. السادس: لا يجوز تباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة
من غير صفوف متصلة، ولو اتصلت الصفوف جاز، ويستحب أن يكون بين
الصفين مقدار مربض عنز.
ويجوز الجماعة في السفينة الواحدة وفي السفن المتعددة، اتصلت أو
انفصلت مع المشاهدة للإمام أو لمن خلفه، وحيلولة الطريق ليست مانعة من
الائتمام مع المشاهدة.
1071. السابع: لا يجوز للمأموم أن يتقدم في الموقف على الإمام، فإن فعل
بطلت صلاته خاصة، ويجوز أن يقف إلى جانبه يمينا وشمالا، وخلفه، وإن كان
واحدا، نعم يستحب للواحد أن يقف عن يمين الإمام، وإن كانا اثنين وقفا خلفه،
وإن وقفا عن يمينه وشماله تركا الفضل.
ويجوز الوقوف بين الأساطين، ويكره للإمام الوقوف في المحراب
الداخل في الحائط.
313

والمرأة تقف خلف الإمام وجوبا عند بعض علمائنا، وكذا
الخنثى المشكل.
ولو اجتمع الخنثى والمرأة وقفت المرأة خلف الخنثى وجوبا على
ذلك القول.
ولو كان الإمام امرأة وقفت النساء إلى جانبها، وكذا العاري إذا صلى بالعراة
جلوسا، ويبرز عن سمتهم بركبتيه.
ويكره أن يقف المأموم وحده، ولا تبطل صلاته بذلك.
ويستحب تقديم أهل الفضل في الصف الأول، ويكره تمكين الصبيان
والعبيد، والمجانين منه (1).
ويستحب أن يقف الإمام في مقابلة وسط الصف (2)، ويتقدم الرجال على
الصبيان، والصبيان على الخناثى، والخناثى على النساء.
ولو وقف النساء في الصف الأخير فجاء رجال وجب أن يتأخرن إذا لم
يكن للرجال موقف أمامهن.
1072. الثامن: إذا كان الإمام ممن يقتدى به لم يجز للمأموم القراءة خلفه في
الجهرية والإخفاتية، ويستحب في الجهرية إذا لم يسمع ولا همهمة، أن يقرأ،
هذا أجود ما حصلناه من الأحاديث (3) في هذا الباب.
وإذا فرغ الإمام من الفاتحة قال المأموم: الحمد لله رب العالمين، استحبابا.

1. في «أ»: ويكره تمكين الصبيان والعبيد والمخانيث فيه.
2. في «أ»: أن يقف الإمام وسط الصف.
3. لاحظ الوسائل: 5 / 421، الباب 31 من أبواب صلاة الجماعة.
314

ولو كان الإمام ممن لا يقتدى به، تابعه ظاهرا، ووجب القراءة، ويخفت بها
في الجهرية للتقية. ولو قرأ عزيمة ولم يسجد الإمام سجد إيماء، ولو فرغ من
القراءة قبله، سبح الله إلى أن يركع، ويستحب أن يترك آية من السورة فإذا فرغ
الإمام قرأها.
1073. التاسع: يجب على المأموم متابعة الإمام، فلو رفع رأسه عامدا استمر،
وإن كان ناسيا أعاد، وكذا لو أهوى إلى الركوع والسجود.
1074. العاشر: يشترط نية الإئتمام في المأموم (1)، ولا يشترط في الإمام، فلو
صلى منفردا ونوى آخر الإئتمام به، صحت صلاتهما.
ولا بد من تعيين الإمام، فلو كان بين يديه اثنان ونوى الإئتمام بهما، أو
بأحدهما لا بعينه، لم يصح.
ولو نوى كل من الاثنين الإمامة لصاحبه، صحة صلاتهما معا، ولو نوى كل
منهما الإئتمام بصاحبه، بطلت صلاتهما، وكذا لو شكا فيما أضمراه، ولو نوى
الإئتمام بالمأموم لم تصح صلاته.
ولو أحرم منفردا ثم نوى جعل نفسه مأموما، فالوجه عدم الجواز، ولو كان
مأموما فنوى الانفراد ومفارقة الإمام جاز، ويجوز الانفراد من دون النية إذا
كان لعذر.
ولو أحرم مأموما، ثم صار إماما، أو نقل نيته إلى الإئتمام بإمام آخر جاز في
موضع واحد، وهو ما إذا حصل للإمام عذر فاستخلف غيره.

1. في «ب»: من المأموم.
315

ولو سبق الإمام اثنين (1) ففي إئتمام أحدهما بصاحبه بعد تسليم
الإمام إشكال.
1075. الحادي عشر: يجوز أن يأتم المفترض بمثله، وان اختلف الفرضان،
بشرط اتفاقهما في الهيئة، فلو صلى الظهر مع إمام يصلي العصر جاز، أما لو
صلاها مع مصلي الكسوف أو العيدين لم يجز.
ويجوز ان يأتم المتنفل بالمفترض وبالمتنفل، وأن يأتم المفترض
بالمتنفل في مواضع عند قوم ومطلقا عند آخرين (2).
ولو فات المأموم ركعة فصلى الإمام خمسا سهوا، صلى المأموم الفائتة
منفردا، ولا يأتم به في الخامسة.
ويستحب للمنفرد أن يعيد صلاته إذا وجد من يصلي معه جماعة، إماما
كان أو مأموما، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
«ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه» (3).
1076. الثاني عشر: وقت القيام إلى الصلاة، إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة،
فحينئذ يكره للمأموم النافلة، ولو شرع المأموم في نافلة، فأحرم الإمام، قطعها،
واستأنف إن خشي الفوات، وإلا أتمها ركعتين، ولحق به.
ولو شرع في فريضة فأحرم الإمام نقل نيته إلى النفل، وأتمها ركعتين، ثم

1. المراد انه إذا اقتدى اثنان بإمام صلى ركعة، فهل يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر بعد فراغ الإمام
من الصلاة أو لا؟
2. لاحظ التذكرة: 4 / 272 تجد الأقوال فيها.
3. سنن أبي داود: 1 / 157 برقم 574، وسنن الدارمي: 1 / 318 (باب صلاة الجماعة في مسجد
قد صلى فيه مرة).
316

استأنف مع الإمام، ولو كان إمام الأصل قطع الفريضة واستأنف معه.
1077. الثالث عشر: المسبوق يجعل ما يلحقه مع الإمام أول صلاته، ويتم ما
بقي عليه بعد تسليم الإمام، فلو أدركه في الثانية (1) قعد وسبح من غير تشهد، فإذا
قام الإمام إلى الرابعة جلس هو وتشهد خفيفا ثم لحق به، فإذا جلس الإمام
للتشهد سبح، فإذا سلم الإمام قام فأتم صلاته.
ولو أدركه في الأخيرتين، جعلهما أولتيه، ويتخير في أخيرتيه بين
القراءة والتسبيح.
ولو أدركه في الرابعة قام بعد تسليم الإمام فيصلي الثانية بالحمد والسورة،
وفي الأخيرتين بالحمد أو التسبيح.
ولو أدركه بعد رفعه من الأخيرة، كبر وسجد معه، فإذا سلم الإمام قام
فاستقبل صلاته بتكبير مستأنف.
أما لو أدركه بعد السجود الأخير، فإنه يكبر ويجلس معه، فإذا سلم، قام
فاستقبل من غير استئناف تكبير.
1078. الرابع عشر: يجوز أن يسلم المأموم قبل الإمام وينصرف
لضرورة وغيرها.
ولو استنيب المسبوق، أومأ إليهم ليسلموا عند انتهاء صلاتهم، ويقوم هو
فيأتي بما بقي عليه. (2)

1. أي في الركوع أو قبله.
2. توضيح ذلك: انه إذا ناب المأموم عن الإمام، لأجل عروض حالة له، وكان المأموم متأخرا في
صلاته، فبلغ صلاة النائب إلى حد انتهت صلاة المأمومين، فيومئ الإمام إليهم ليسلموا، ثم يقوم
هو ويأتي بما بقي عليه.
317

المطلب الثاني: في الإمام
وفيه سبعة عشر بحثا:
1079. الأول: يشترط في الإمام: الإيمان، والعدالة، والعقل، وطهارة المولد.
فلا يجوز إمامة الكافر، ولا أهل البدع والمخالف للحق وإن كان مرضيا في
مذهبه، ولا المستضعف، ولا الفاسق قبل توبته، ولا ولد الزنا وإن كان عدلا، سواء
في ذلك كله الأعياد والجمع وباقي الفرائض.
ولو لم يعلم فسق إمامه ولا بدعته حين صلى معه، بناء على حسن الظاهر
لم يعد، ولو لم يعلم حاله، ولم يظهر منه ما يمنع الإئتمام به، ولا ما يسوغه لم
تصح الصلاة.
والمخالف في الفروع تجوز الصلاة خلفه مع عدالته، وإن كان مخطئا، إلا
أن يفعل في الصلاة ما يعتقد المأموم خاصة بطلان الصلاة به، ففي إبطال صلاة
المأموم إشكال.
ولو فعل شيئا من المختلف فيه يعتقد تحريمه، فإن كان ترك ما يعتقده
شرطا للصلاة أو واجبا فيها، فصلاته فاسدة، وكذا صلاة من ائتم به، وإن كان
المأموم يخالفه في ذلك الإعتقاد، وإن لم يكن في الصلاة فكذلك إذا لم يكن
صغيرا أو لم يتب.
ولا يجوز الصلاة خلف المجنون، فإن كان يفيق تارة ويجن أخرى،
كرهت الصلاة خلفه وقت إفاقته، لجواز احتلامه حال جنونه.
318

1080. الثاني: لا يجوز إمامة الصبي وإن كان مراهقا عارفا، خلافا للشيخ (رحمه الله) (1).
1081. الثالث: لا يجوز للقائم الإئتمام بقاعد، سواء كان إمام الحق أو غيره،
وسواء كان ممن يرجى زوال مرضه أو لا، ولو اعتل الإمام فجلس استخلف.
ولا يؤم المقيد المطلقين، ولو أم القاعد بمثله جاز، ولو عجز عن القعود
فصلى مضطجعا فالوجه انه لا يجوز للقاعد أن يأتم به، ويجوز لمثله (2).
والأقرب انه لا يجوز لمن يعجز عن الإتيان بركن أن يكون إماما للقادر
عليه، وانه يجوز أن يكون إماما لمثله.
1082. الرابع: لا يجوز إمامة الأمي للقارئ، ويجوز العكس، والأمي: من لا
يحسن الحمد أو بعضها، وان عرف غيرها، ويجوز لمثله، فلو ائتم القارئ بالأمي
صحت صلاة الإمام خاصة، ولو ائتم القارئ وأمي بأمي بطلت صلاة القارئ
خاصة، ولا فرق في ذلك بين صلاة الجهر والإخفات.
ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة، لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ
الذي جعل الراء عينا، والأرت (3) الذي يدغم حرفا في حرف، والتمتام الذي
لا يؤدي التاء، والفأفاء الذي لا يؤدي الفاء، لا يجوز أن يؤم السليم، ويجوز
أن يؤم مثله.
وقيل: الفأفاء: الذي يكرر الفاء، والتمتام: الذي يكرر التاء. وهذان

1. المبسوط: 1 / 154، حيث قال: المراهق إذا كان عاقلا مميزا يصلي صلاة صحيحة جاز أن
يكون إماما...
2. في «أ»: بمثله.
3. قال المصنف في التذكرة: «ونعني بالأرت: الذي يبدل حرفا بحرف» ثم نقل عن الفراء ان
الأرت هو الذي يجعل اللام تاء. لاحظ تذكرة الفقهاء: 4 / 296.
319

يصح الإئتمام بهما (1).
ويصح إمامة من لا يفصح ببعض الحروف كالصاد (2) والقاف، سواء كان
أعجميا أو عربيا بالفصيح على كراهية، ولو كان يبدل حرفا لا يوجد في سورة
تعينت قراءتها.
1083. الخامس: لا يجوز إمامة اللحان بالمتقن، سواء أفسد المعنى، كالذي
يضم التاء من أنعمت، أو لا يفسده، ويجوز ان يؤم مثله مع عجزه عن الإصلاح،
ولو تمكن منه لم تصح صلاته ولا صلاة من يأتم به، إذا كان عالما بحاله.
ولو كانا جاهلين بالفاتحة، وكان أحدهما يحسن سبع آيات من غير
الفاتحة، والآخر لا يحسن شيئا، فهما أميان، ويجوز للجاهل الإئتمام بالآخر،
وفي جواز العكس إشكال.
ولو وجد اللحان أو الأمي، القارئ المتقن وجب أن يأتم به مع ضيق
الوقت عن التعلم، والوجه عدم اكتفاء الأمي بالإئتمام مع إمكان التعلم.
1084. السادس: ويجوز للسيد أن يأتم بعبده إذا كان أقرأ منه، وهل يجوز لغير
السيد من الأحرار؟ منع الشيخ منه (3). ولا فرق بين القن والمدبر والمكاتب،
والوجه جواز إمامة العبد لمثله.
1085. السابع: لا يجوز أن يأتم رجل ولا خنثى بامرأة (4) في فرض ولا نفل،

1. واختاره المصنف في التذكرة: 4 / 296، والمنتهى: 1 / 372 (ط القديم).
2. في «ب»: كالضاد.
3. المبسوط: 1 / 155.
4. في «أ»: بامرأة ولا خنثى.
320

ويجوز للمرأة أن تأتم بالرجل وإن كان أجنبيا من غير كراهية، وبالخنثى أيضا،
وبالمرأة في فرائض الصلاة، ونوافلها.
وإذا صلت المرأة بالنساء قامت معهن في الصف وسطا، ولو احتجن إلى
جعل صفوف جاز، ولو أمت امرأة أخرى صلت المأمومة عن يمينها، ولو ائتمت
برجل وقفت خلفه.
1086. الثامن: يجوز إمامة الأعمى إذا كان وراءه من يسدده، وكذا أقطع
اليدين، والخصي والجندي، وكذا تصح إمامة الأصم وإن كان أعمى.
ولا تصح إمامة الأخرس، ولا أقطع الرجلين بالسليم، ويجوز إذا كان
مقطوع إحدى الرجلين، وإن كان يخل بالسجود على عضو.
1087. التاسع: لا تصح الصلاة خلف الكافر مع علمه بكفره، ولا المحدث،
ولو لم يعلمهما صحت صلاته، ولو علم في الأثناء نوى الانفراد،
وصحت صلاته.
ولو صلى خلف من يشك في إسلامه أعاد، لاشتراط العدالة عندنا.
ولا يحكم بإسلام المصلي بمجرد صلاته، سواء كان في دار الإسلام، أو
دار الحرب، ولا يحكم بارتداده لو قال بعد الصلاة: لم أسلم.
1088. العاشر: لا يجوز أن يؤم عاق أبويه، ولا قاطع رحمه، ويكره أن يؤم
المتيمم للمتوضئين، والمسافر للحاضرين، ويجوز العكس فيهما، فإن أم
المسافر أومأ للتسليم وان ائتم صلى فرضه، ولا يجوز له الإئتمام مع الإمام.
وظاهر ان هذه الكراهية إنما تعلقت بالرباعيات، وكذا يكره أن يستناب
321

المسبوق، وأن يؤم من يكرهه المأمومون.
ويكره أن يؤم الأعرابي بالمهاجرين، والمجذوم، والأبرص، والمحدود
بعد توبته، وصاحب الفالج، والسفيه، والأغلف غير المتمكن من الختان من
ليس كذلك.
1089. الحادي عشر: لا يتقدم أحد على غيره في مسجده، ولا في منزله، ولا
في إمارته إلا بأذنه، وإن كان أقرأ منه، إذا كان ممن يمكنه إمامتهم، ولو دخل السيد
بيت العبد كان السيد أولى بالإمامة.
ويستحب أن ينتظر الإمام الذي جرت عادته بالصلاة في المسجد، ولو
خيف فوات وقت الفضل قدم غيره.
1090. الثاني عشر: الهاشمي أولى بالإمامة من غيره إذا كان بشرائط الإمامة.
1091. الثالث عشر: إذا تشاح الأئمة، كان من يختاره المأمومون أولى، فإن
اختلفوا، قدم الأقرأ، وهو الأبلغ في الترتيل، ومعرفة المخارج والإعراب، فيما
يحتاج إليه في الصلاة.
فإن تساويا في ذلك قدم الأفقه، فإن تساويا فالأشرف، وهو أعلاهما نسبا
وقدرا، وأفضلهما في نفسه.
فإن تساويا فالأقدم هجرة.
فإن تساويا فالأسن، وهو من كان سنه في الإسلام أكثر.
فإن تساويا فالأصبح وجها، وهذا التقديم على سبيل الأولوية، فلو قدم
المفضول هنا جاز.
322

1092. الرابع عشر: يستحب للإمام إسماع من خلفه الشهادتين في
جميع الصلوات.
1093. الخامس عشر: إذا مات الإمام نحي عن القبلة، واستناب المأمومون
غيره، وكذا لو أغمي عليه، أو عرض له مانع من حدث وشبهه.
ويستحب أن يكون النائب ممن شهد الإقامة، ولو استناب الإمام اختيارا،
جاز أيضا.
1094. السادس عشر: إذا دخل المأموم وخشي فوات الركوع، جاز أن يركع
وينتظر من يجيئ ويقف معه، فإن لم يجئ أحد، جاز أن يمشي في ركوعه
ليلتحق الصف. قال الشيخ (رحمه الله): وان سجد موضعه والتحق به في الركعة الثانية
كان أفضل (1).
ويجوز للإمام أن يطول ركوعه بمقدار الركوع دفعتين ليلحق الداخل تلك
الركعة، ويكره للإمام أن يطول صلاته انتظارا لمن يجيئ فيكثر به الجماعة، أو
ينتظر من له قدر، فإن أحس بداخل لم يلزمه التطويل، ليلحق الداخل الركوع.
1095. السابع عشر: ينبغي للإمام أن لا يبرح من مكانه حتى يتم من فاته شئ
من الصلاة خلف صلاته.
المطلب الثالث: في المساجد
وفيه اثنا عشر بحثا:
1096. الأول: بناء المسجد فيه فضل كثير وثواب جزيل، قال الصادق (عليه السلام):

1. المبسوط: 1 / 155.
323

«من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة» (1).
وقصدها مستحب، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من اختلف إلى المسجد
أصاب إحدى الثمان: أخا مستفادا في الله، أو علما مستطرفا، أو آية
محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردى، أو يسمع كلمة تدل
على هدى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء» (2).
1097. الثاني: يستحب الإسراج فيها، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
«من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا، لم تزل الملائكة وحملة
العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من السراج» (3).
1098. الثالث: يستحب للداخل أن يتعاهد نعله أو خفه، لئلا يكون فيها
نجاسة، وتقديم رجله اليمنى ويقول:
بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل
على محمد وآل محمد، وافتح لنا باب رحمتك، واجعلنا من عمار
مساجدك، جل ثناء وجهك.
وإذا خرج قدم اليسرى وقال: اللهم صل على محمد وآل محمد، وافتح
لنا باب فضلك.
1099. الرابع: صلاة الفريضة في المسجد أفضل منها في المنزل، قال أمير
المؤمنين (عليه السلام):

1. الوسائل: 3 / 486، الباب 8 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 2.
2. الوسائل: 3 / 480، الباب 3 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 1.
3. الوسائل: 3 / 513، الباب 34 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 1. وفيه في آخر الحديث
«من ذلك السراج».
324

«صلاة في البيت المقدس تعدل ألف صلاة، وصلاة في المسجد الأعظم
تعدل مائة صلاة، وصلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا وعشرين صلاة،
وصلاة في مسجد السوق تعدل اثني عشر صلاة، وصلاة الرجل في بيته
وحده صلاة واحدة» (1).
أما صلاة النافلة فإنها في المنزل أفضل، وخاصة نوافل الليل.
1100. الخامس: يكره تعلية المساجد، بل تبني وسطا، ويكره أن تبنى مظللة،
بل تكون مكشوفة.
ويحرم زخرفتها ونقشها بالذهب، أو بشئ من الصور.
ويكره أن تكون مشرفة، بل تبنى جماء، ولا تبنى المنارة في
وسط المسجد، بل مع حائط لا يعلى عليه، ويجعل الميضاة على أبواب
المساجد لا داخلها.
ويكره جعلها طريقا مع الاختيار، والنوم فيها، وخاصة في المسجد
الحرام، ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإخراج الحصا منهما (2) فمن أخرجه رده إليهما (3) أو
إلى غيرهما (4) من المساجد.
1101. السادس: يجوز نقض ما استهدم منها، ويستحب إعادته، ويجوز
استعمال آلته في بناء غيره من المساجد، ولا يجوز بيع آلته بحال، ولا يجوز أن
يؤخذ من المساجد في ملك أو طريق زالت آثاره، فمن أخذ شيئا من آلة
المسجد رده إليه أو إلى غيره من المساجد.

1. الوسائل: 3 / 551، الباب 64 من أبواب أحكام المساجد، الحديث 2.
2. في «ب»: «منها».
3. في «ب»: «إليها».
4. في «ب»: «غيرها».
325

ويجوز نقض البيع والكنائس مع اندراس أهلها، أو إذا كانت في دار
حرب، ويجوز أن تبنى مساجد، ولا يجوز اتخاذها ملكا، ولا استعمال آلتها
في الأملاك.
1102. السابع: يحرم إدخال النجاسة إليها، وكذا إزالتها فيها.
1103. الثامن: يستحب كنس المساجد وتنظيفها، ويكره أن يبصق أو يتنخم
فيها، فإن فعل غطاه بالتراب، ولا يقصع فيها القمل (1)، فان فعل دفنها في التراب.
ويكره سل السيف، وبري النبل (2)، وسائر الصناعات فيها، وكشف العورة،
ورمي الحصى خذفا (3).
ويجتنب البيع والشراء، وتمكين المجانين والصبيان، والأحكام (4)،
وتعريف الضالة، وإقامة الحدود، وإنشاد الشعر، ورفع الأصوات فيها.
ومن أكل مثل الثوم والبصل لا يحضر المسجد حتى تزول رائحته.
1104. التاسع: لا ينبغي أن يتنعل وهو قائم، بل يجلس ويلبسها، ولا يكشف
عورته في المساجد، ويستحب ستر ما بين السرة إلى الركبة.
1105. العاشر: من كان في منزله مسجد جعله لنفسه يصلي فيه، جاز له
توسيعه وتضييقه وتغييره ولم يخرج عن ملكه.
1106. الحادي عشر: لا يدفن الميت في المساجد.

1. في القاموس: قصع القملة بالظفر: قتلها.
2. في مجمع البحرين: نهي عن بري النبل في المساجد، أي نحته وعمله فيها.
3. الخذف بالحصى: الرمي بها بالإصبع، قال في مجمع البحرين: والمشهور في تفسيره أن تضع
الحصاة على بطن إبهام يدك اليمنى وتدفعها بظفر السبابة.
4. والمراد إنفاذ الأحكام.
326

1107. الثاني عشر: يجوز بناء المسجد على بئر الغائط مع الطم
وانقطاع الرائحة.
الفصل الرابع: في صلاة الخوف
وفيه واحد وعشرون بحثا:
1108. الأول: صلاة الخوف ثابتة بالنص (1) والإجماع. وحكمها باق غير
منسوخ، وهي مقصورة سفرا إجماعا، وفي الحضر إذا صليت جماعة، ولو
صليت فرادى فقولان.
1109. الثاني: شروط هذه الصلاة أن يكون العدو مباح القتال، وأن لا يؤمن
هجومه لكثرته، وكون العدو في غير جهة القبلة، وأن يكون في المسلمين (2) كثرة
يمكنهم أن يفترقوا فرقتين، يكفل كل طائفة بمقاومة العدو، وأن لا يحتاج الإمام
إلى أن يفرقهم أزيد من فرقتين.
1110. الثالث: الصلاة إن كانت ثنائية صلى الإمام بالطائفة الأولى ركعة مخففا،
وقام إلى الثانية فينوي من خلفه الانفراد واجبا، ويتمون بالتخفيف، ثم يذهبون
إلى مقاومة العدو، ويأتي الثانية فيكبرون، ويركع بهم الثانية له، فإذا جلس للتشهد

1. أما الكتاب فقوله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك...) الآية 102
من سورة النساء. وأما الروايات فكثيرة، لاحظ الوسائل: 5 / 478، أبواب صلاة الخوف.
2. في «ب»: المسلم.
327

قاموا فأتوا بالثانية، وتشهدوا ثم يسلم بهم الإمام.
وإن كانت ثلاثية فإن شاء صلى بالأولى ركعة، ويقف في الثانية فيتم من
خلفه، ثم يأتي الثانية فيدخل معه، فإذا جلس لتشهده، جلسوا من غير تشهد، ثم
يصلي الثالثة بهم، فإذا جلس للتشهد، تشهدوا معه أول تشهدهم، ثم أتموا الثالثة
وسلم بهم، وإن شاء صلى بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة، وهذه صفة ذات
الرقاع (1). ويجوز أن يصلي بالأولى كمال الصلاة، ثم يصلي بالثانية مرة أخرى،
ويكون نفلا له، وهي صلاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ببطن النخل.
1111. الرابع: يجوز للإمام أن يقرأ حال الانتظار، فلو فرغ قبل مجيئهم فركع،
فإن أدركوا ركوعه، تمت لهم الركعة، وإلا فلا.
1112. الخامس: لا حكم لسهو المأمومين حال متابعتهم، أما حال انفرادهم
فحكم سهوهم ما تقدم في باب السهو.
ولو سها الإمام سهوا يوجب السجدتين اختص بالسجود (إذا اختص
بالسهو) (2).
1113. السادس: إذا احتاج الإمام إلى أن يفرقهم أربع فرق، صلى الركعتين

1. هي غزوة معروفة وقعت في سنة أربع من الهجرة بأرض غطفان من نجد، وإنما قيل لها
ذات الرقاع، لأنهم رقعوا فيها راياتهم، وقيل ان ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع، يقال لها
ذات الرقاع.
ونقل عن أبي ذر انه قال: إنما قيل لها ذات الرقاع، لأنهم نزلوا بجبل يقال له ذات الرقاع،
وقيل غير ذلك، لاحظ معجم البلدان: 3 / 56 والسيرة النبوية لابن هشام: 3 / 214.
وقال المصنف في التذكرة: 4 / 417: وسميت ذات الرقاع، لأن فيه جبلا ألوانه مختلفة،
بعضه أحمر، وبعضه أسود، وبعضه أصفر.
2. ما بين القوسين موجود في «ب».
328

بفرقتين، ثم يعيدهما (1) نفلا وتقتدي به الفرقتان الأخريان.
1114. السابع: هذا الترتيب مع إرادة الجماعة، ويجوز أن يصلي كل واحد
بانفراده، ولا قصر حينئذ في الحضر.
1115. الثامن: الإمام والمأمومون في عدد الصلاة سواء، فلا يجوز أن يصلي
بطائفة ركعة ويسلمون، ثم يصلي الثانية بالأخرى فيحصل له ركعتان، ولكل
طائفة ركعة (2).
ولا يجوز أن يصلي بإحداهما ركعتين من غير تسليم له، وبالثانية أخريين،
فيكون له أربع ركعات، ولكل طائفة ركعتان.
1116. التاسع: لا يجب التسوية بين الطائفتين، ولا كون كل طائفة ثلاثة، بل
يجوز ولو كان واحدا إذا كان فيه مقاومة.
1117. العاشر: يجب أخذ السلاح في الصلاة، وهو ما يدفع به عن نفسه
كالسيف والسكين، ولا يكون ثقيلا كالجوشن، ولا ما يمنع من إكمال السجود
كالمغفر، ولا ما يؤذي غيره كالرمح، إذا كان وسط القوم، فإن كان طرفا جاز، ولو
منع الثقيل شيئا من واجبات الصلاة لم يجز أخذه، ولو كان السلاح نجسا ففي
جواز أخذه قولان (3)، أقربهما الجواز.

1. في «ب»: ثم يعيدها.
2. قال المصنف في التذكرة: 4 / 420: حكي عن ابن عباس انه قال: صلاة الخوف لكل طائفة
ركعة وللإمام ركعتان، وبه قال الحسن البصري وطاووس ومجاهد.
3. قال الشيخ في المبسوط: 1 / 164: ينبغي أن يكون خاليا من النجاسة. وقال الحلي في السرائر:
1 / 347: ويجب على الفريقين أخذ السلاح، سواء كان عليه نجاسة أو لم تكن.
329

1118. الحادي عشر: لو كان بالقوم أذى من مطر أو مرض، لم يجب أخذ
السلاح إجماعا.
1119. الثاني عشر: صلاة الخوف جائزة في الحضر فإن قلنا بالقصر، فالكيفية
ما تقدم، وإلا صلى بكل طائفة ركعتين، ولو صلى بالأولى ركعة وبالثانية ثلاثا، أو
بالعكس جاز، ولا سجود للسهو.
ولو فرقهم أربع فرق فصلى بكل فرقة ركعة جاز، وكذا لو فرقهم ثلاثا
وصلى بإحداهن ركعتين.
1120. الثالث عشر: لو كان العدو في جهة القبلة، قال الشيخ (رحمه الله): يجوز أن
يصلي بهم كصلاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعسفان (1).
1121. الرابع عشر: لو صلى بهم الجمعة صلاة الخوف خطب بالفرقة الأولى
وصلى بهم ركعة (2)، ثم صلى بالثانية أخرى، هذا إذا كانت الفرقة الأولى عدد
الجمعة، ولو كانت أقل لم يجز.
ولو كملت الفرقة الأولى العدد، لكن فارقت بعد الخطبة، وجاء الآخرون،
لم يصل بهم الجمعة إلا بعد إعادة الخطبة. ولو صلى بالأولى الجمعة كاملة لم
يكن له أن يصلي بالثانية جمعة أخرى، بل ظهرا.
1122. الخامس عشر: لو صلى بهم في الأمن صلاة الخوف، قال الشيخ (رحمه الله): جاز
مع ترك الأفضل، وهو مفارقة الإمام، سواء في ذلك صلاة ذات الرقاع

1. المبسوط: 1 / 166. وعسفان قرية جامعة على اثني عشر فرسخا من مكة.
2. وفي التذكرة: 4 / 449: يجوز أن يصلي الجمعة في الخوف على صفة ذات الرقاع بأن يفرقهم
فرقتين إحداهما تقف معه للصلاة فيخطب بهم ويصلي بهم ركعة.
330

وعسفان وبطن النخل، ثم قال: ولا يجوز صلاة الخوف في طلب العدو، لأنه ليس هناك
خوف (1).
وفي الجميع نظر، إلا ان يريد به القصر.
قال: والقتال المحرم لا يجوز فيه صلاة الخوف، فإن خالفوا وصلوا
صحت صلاتهم، لعدم إخلالهم بشئ من الأركان، بل صاروا منفردين، وهو غير
مبطل 2 وهو يعطي انه لم يرد به ما ذكرنا.
1123. السادس عشر: صلاة شدة الخوف تسمى صلاة المطاردة والمسايفة،
مثل أن ينتهي الحال إلى المعانقة، فيصلي على حسب إمكانه ماشيا وراكبا،
ويستقبل القبلة بتكبيرة الإحرام إن تمكن.
ولو لم يتمكن من النزول صلى راكبا، وسجد على قربوس سرجه، وإن لم
يتمكن أومأ ويجعل إيماء السجود أخفض.
ولو خاف صلى بالتسبيح من غير ركوع ولا سجود، يقول عوض كل
ركعة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
ويجب فيه النية وتكبيرة الافتتاح، والأقرب وجوب التشهد، ولا يجوز أن
يؤخرها حتى يخرج الوقت، ويجوز إلى آخره.
1124. السابع عشر: لو صلى مؤميا فأمن أتم صلاة آمن وبالعكس، واشترط
الشيخ (رحمه الله) عدم استدبار القبلة 3 وفيه إشكال.
ولو رأى سوادا فظنه عدوا فصلى مؤميا، أو شاهد عدوا فصلى بالإيماء، ثم
بان كذب ظنه أو حصول حائل، لم يعد.

1. المبسوط: 1 / 167.
2. المبسوط: 1 / 168.
3. المبسوط: 1 / 166.
331

1125. الثامن عشر: الفار من الزحف يعيد ما صلاه بالإيماء مع عدم تسويغ
الفرار، إن تمكن من استيفاء الأفعال حال عدم الفرار، ولا إعادة مع تسويغه، وكذا
العاصي بقتاله يعيد ما صلاه مؤميا.
1126. التاسع عشر: لو خاف من سيل أو سبع، جاز أن يصلي صلاة شدة
الخوف قصرا، أما الموتحل والغريق فيصليان على قدر إمكانهما، ويؤميان
للركوع والسجود، ولا يقصران إلا في سفر أو خوف.
1127. العشرون: لبس الحرير محرم على الرجال، ويجوز في حال الحرب.
قال الشيخ: ولا يجوز فرشه ولا التدثر به ولا الاتكاء عليه، قال: وكذا
الحكم في الستور المعلقة، ويجوز لو كان ذيلا أو جيبا أو كفا (1) أو تكة أو
جوربا أو قلنسوة.
ولبس الذهب محرم على الرجال، سواء كان خاتما أو طرازا، وعلى كل
حال، ولو كان مموها أو مجرى فيه وقد اندرس وبقى أثره، لم يكن به بأس (2).
1128. الحادي والعشرون: لو فاتته صلاة الخوف، قضاها صلاة أمن في
الكيفية، أما العدد فإن كان مسافرا قضاها قصرا، وإن كان في الحضر فالأقرب
التمام، ولو قضى (صلاة أمن) (3) حالة الخوف، صلاها كما فاتته في العدد ويجوز
أن يأتي بالكيفية على هيئة صلاة الخوف.

1. قال المصنف في المنتهى: 4 / 237: والمراد بالكف ما يوضع في رؤوس الأكمام وأطراف
الذيل وحول الزيق.
2. المبسوط: 1 / 168.
3. ما بين القوسين موجود في «أ».
332

الفصل الخامس: في صلاة السفر
وفيه ثمانية وعشرون بحثا:
1129. الأول: يجب في السفر التقصير في الصلاة والصوم معا بشروط تأتي،
إلا في أربعة مواطن: مكة والمدينة وجامع الكوفة والحائر، فإن الإتمام فيها في
الصلاة أفضل. وقال ابن بابويه: ينبغي أن ينوي المقام بالمواطن الأربعة عشرة
أيام ليتم (1).
1130. الثاني: شرط التقصير قصد بريدين، هما ثمانية فراسخ، أربعة
وعشرون ميلا، كل ميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة وعشرون
إصبعا، سواء قطعها في زمان طويل أو قصير، في بر أو بحر.
ولو قصد أربعة فراسخ، فإن عزم على الرجوع من يومه قصر، أما لو قصد
التردد في ثلاثة فراسخ ثلاث مرات لم يقصر، إلا أن لا يبلغ في الرجوع الأول
مشاهدة الجدران ولا سماع الأذان.
ولو سلك أحد الطريقين، وهو مسافة دون صاحبه، قصر، وإن مال
إلى الرخصة (2).

1. الفقيه: 1 / 283، ذيل الحديث 1284.
2. ولإيضاح المقصود من الكلام نأتي بما قاله المصنف في المختلف: 3 / 145 وإليك نصه: لو
كان لبلد طريقان واحدهما مسافة دون الآخر، فقصد الأبعد قصر وان كان ميلا إلى الرخصة لا
لغرض آخر; ولاحظ التذكرة: 4 / 373.
333

وللشيخ قول آخر بجواز التقصير في أربعة فراسخ ووجوبه في الثمانية (1).
والمعتمد ما قلناه.
1131. الثالث: لو انتفى قصد المسافة لم يجز القصر وإن تجاوزها، فالهائم لا
يترخص، وكذا لو قصد ما دون المسافة ثم تجدد له عزم على مثل الأولى ولو
تجاوز المجموع المسافة، ولو عاد قصر مع بلوغ المسافة، وإلا فلا.
وكذا لو طلب غريما أو آبقا أو دابة شردت وإن سار أياما، إذا لم يقصد
المسافة. ولو قصد في الأثناء قصر.
1132. الرابع: لو خرج ينتظر رفقة إن حصلت سافر، أتم ما لم يبلغ خروجه
المسافة، فيقصر في طريقه وموضع انتظاره ما لم يتجاوز شهرا، ولو عزم
على السفر إن خرجوا أو لم يخرجوا قصر إذا خفي الأذان والجدران ما
لم يتجاوز شهرا.
1133. الخامس: الاعتبار إنما هو بالنية لا الفعل، فلو قصد المسافة وخرج
وقصر صلاته، ثم بدا له لم يعد، ويتم في رجوعه إذا لم يبلغ المسافة، ولو رجع
في أثناء الصلاة صلاها على التمام، ولو قصد بلدا بعيدا، وفي عزمه أنه متى وجد
مطلوبه دونه رجع، أتم.
1134. السادس: لو خرج إلى السفر مكرها، فالأقرب وجوب التقصير، وقال
الشافعي: لا يقصر (2). وفيه قوة.
ولو قصد الصبي مسافة، فبلغ في أثنائها، فالوجه وجوب التقصير، وإن لم

1. النهاية: 122، والمبسوط: 1 / 141.
2. المجموع: 4 / 217.
334

يكن الباقي مسافة. وكذا لو عرض للمسافر الجنون أو الإغماء.
1135. السابع: من شرط التقصير إباحة السفر، فلا يترخص العاصي، كالآبق،
وقاطع الطريق، والتاجر في المحرمات، وتابع الجائر، وطالب الصيد لهوا.
وإنما يجب القصر على كل من كان سفره سائغا سواء كان واجبا كالحج،
أو مندوبا كالزيارة، أو مباحا كالتجارة.
ولو كان الصيد لأجل قوته وقوت عياله قصر.
ولو كان الصيد للتجارة، قال الشيخ: يقصر في الصوم دون الصلاة (1).
والوجه التقصير فيهما معا.
ولو كان سفره للتنزه والتفرج في المباح وجب التقصير 2، وكذا يجب لو
قصد زيارة المقابر والمشاهد.
1136. الثامن: لو كان السفر مباحا فغير نيته إلى المعصية، انقطع ترخصه، ولو
عاد عاد الترخص إن كان المقصود بعد العود مسافة، على إشكال، وهل يحتسب
من المسافة ما تقدم قطعه مما كان مباحا؟ فيه إشكال.
ولو سافر إلى معصية فغير نيته إلى المباح، قصر، ويعتبر المسافة من حين
تغير النية، ولو كان السفر مباحا لكنه يعصي فيه قصر.
1137. التاسع: من شرائط القصر عدم قطع المسافة بوطن له، أو عزم على
الإقامة عشرة أيام، فلو قصد مسافة وفي أثنائها ملك له قد استوطنه ستة أشهر
فصاعدا، متوالية، أو متفرقة، أتم، وكذا لو نوى الإقامة عشرة أيام في
أثناء المسافة.

1. النهاية: 122.
2. في «ب»: وجب القصر.
335

ولو كان ملكه على حد المسافة قصر في الطريق دون البلد الذي فيه
ملكه، وكذا لو نوى الإقامة عشرة أيام على حد المسافة.
ولو كان له عدة أملاك قد استوطنها ستة أشهر اعتبر ما بينه وبين الموطن
الأول، فإن كان مسافة، قصر في الطريق خاصة وإلا فلا، ثم يعتبر ما بين
الموطنين، فإن كان مسافة، قصر في الطريق دون المواطن، وإلا فلا.
وهل يشترط استمرار الملك، حتى لو باع الملك المستوطن يخرج عن
الترخص؟ إشكال، أقربه الخروج.
ولا يشترط استيطان نفس الملك، بل البلد الذي هو فيه، ولا يشترط كون
الملك مما يصح فيه الاستيطان، فلو كان له بستان أو مزارع وقد استوطن البلد
المدة أتم.
1138. العاشر: كل من نوى الإقامة عشرة أيام فإنه يتم في البلد الذي نوى
الإقامة فيه، فلو عزم على مسافة فصاعدا، ونوى الإقامة في أثنائها، أتم فيما نوى
الإقامة فيه.
ثم الطريق من مبدأ سفره إليه إن كانت مسافة قصر فيها وإلا فلا، ثم يعتبر
المسافة بين ما نوى الإقامة فيه وبين منتهى سفره، فإن كان مسافة قصر، وإلا فلا.
ولو عزم المسافر على إقامة عشرة أيام فصاعدا في رستاق ينتقل فيه من
قرية إلى أخرى (1)، ولا عزم له على الإقامة في موضع واحد عشرة أيام، لم يبطل
حكم سفره.

1. كذا في «ب» ولكن في «أ»: «ينتقل منه في قربه إلى أخرى».
336

ولو دخل بلدا فقال: إن لقيت فلانا أقمت عشرة، وإلا فلا، لم يبطل حكم
سفره ما لم يجده.
1139. الحادي عشر: من شرط التقصير أن لا يكون سفره أكثر من حضره،
كالمكاري والملاح والراعي والبدوي الذي يطلب القطر والنبت، والتاجر الذي
يطلب الأسواق، والبريد.
والأصل في ذلك ان هؤلاء لا يجوز لهم القصر ما لم يكن لهم في بلدهم
مقام عشرة أيام، فإن أقام أحدهم عشرة أيام في بلده، ثم خرج قصر، وإن أقام
أقل أتم.
وللشيخ قول آخر: إنه لو أقام خمسة قصر صلاة النهار دون صلاة الليل
ودون الصيام (1). وليس بمعتمد.
1140. الثاني عشر: لا يجوز التقصير حتى يتوارى جدران البلد الذي
يسافر منه، أو يخفى عليه أذانه، ولا يجوز قبل ذلك، سواء كانت الجدران عامرة
أو خرابا.
ولو كان إلى جانب البلد بساتين، اعتبر بالأذان، ولا عبرة بأعلام
البلد كالمنائر.
ولو كان للبلد محال متفرقة، فمتى خرج عن محلته قصر إذا خفيت
جدرانها أو أذانها ولو كانت متصلة لم يقصر حتى يفارق جميعها.
والبدوي إذا كان مستوطنا في حلة (2) قصر إذا خفي الأذان، أما العائد من

1. النهاية: 122.
2. الحلة: منزل القوم. تاج العروس. (حلل).
337

السفر فإنه يقصر حتى يبلغ سماع الأذان. وقال بعض علمائنا: يقصر إذا خرج من
بيته، ويتم عند دخوله. (1) وبه أحاديث (2)، لكن الأول أقرب.
1141. الثالث عشر: المسافر إذا دخل بلدا قصر فيه ما لم ينو مقام عشرة أيام، أو
يمضي عليه ثلاثون يوما، فإن حصل أحد الأمرين أتم، ولو صلاة واحدة.
ولو نوى العشرة ثم رجع، فإن كان قد صلى على التمام ولو صلاة واحدة
استمر عليه حتى يخرج، وإلا قصر.
ولو كان رجوعه في أثناء الصلاة فالوجه التقصير، لكن الشيخ (رحمه الله) أفتى
بالإتمام (3) وهو حق إن كان قد دخل في الثالثة، وإلا فلا.
والأقرب أن الصوم كالصلاة، فلو رجع عن نية الإقامة بعد الشروع في
الصوم أتم، وفي المهمل إشكال أقربه الاعتبار بخروج الوقت، ولو دخل في
الصلاة بنية القصر، ثم عزم على الإقامة أكملها تماما.
1142. الرابع عشر: مع كمال الشروط يجب التقصير، ولا يجوز الإتمام إلا في
أحد المواطن الأربعة، وقد سبق، فلو صلى تماما عامدا، أعاد في الوقت
وخارجه. وإن كان جاهلا لم يعد وإن كان الوقت باقيا، ولو كان ناسيا أعاد في
الوقت لا خارجه.
1143. الخامس عشر: لو قصر المسافر اتفاقا، لم يصح وأعاد قصرا.
1144. السادس عشر: لو شك هل المطلوب مسافة؟ أتم، وإن تبين له بعدها

1. حكاه المحقق عن السيد المرتضى في المعتبر: 2 / 472، وكذا المصنف في التذكرة: 4 / 379.
2. لاحظ الوسائل: 5 / 507، الباب 7 من أبواب صلاة المسافر.
3. المبسوط: 1 / 139.
338

انه مسافة لم يعد.
1145. السابع عشر: لو قصد المسافة فمنع، فإن كان بحيث يخفى الأذان قصر
ما لم يرجع عن نية السفر، ولو خرج في البحر، فردته الريح قصر ما لم يبلغ سماع
الأذان.
1146. الثامن عشر: لو نوى إقامة عشرة في غير بلده، ثم خرج إلى ما دون
المسافة، فإن عزم على العود والإقامة، أتم في ذهابه وعوده، وفي البلد، ولو عزم
على العود دون الإقامة قصر.
1147. التاسع عشر: لا يشترط نية القصر في وجوبه، ولو كان في أحد
المواطن الأربعة.
1148. العشرون: لو قصر المسافر معتقدا تحريم القصر، لم تصح صلاته، لفقد
نية التقرب بالصلاة، لاعتقاده انه عاص.
1149. الحادي والعشرون: لا قصر في الصلاة إلا في الرباعيات بلا خلاف، فلو
قصر في الغداة، أو المغرب، أو الجمعة، أو العيدين، جاهلا أو عامدا أو ناسيا،
بطلت صلاته.
1150. الثاني والعشرون: من نسى صلاة قصر أو تمام، صلاها كما فاتته، سواء
قضى في السفر أو الحضر.
1151. الثالث والعشرون: لو سافر بعد دخول الوقت قبل أن يصلي، فالأقوى
الإتمام، ولو دخل بلده بعد دخول الوقت، فالأقوى الإتمام أيضا.
1152. الرابع والعشرون: قد بينا أن الأوقات في الظهرين والمغربين
339

مشتركة، فلا معنى للجمع عندنا، فيجوز أن يصلي العصر عقيب الظهر، وكذا العشاء
عقيب المغرب، ولا بد من التسليم بينهما وانفصال إحداهما عن الأخرى، ولا
يشترط في ذلك السفر ولا المطر.
1153. الخامس والعشرون: المسافر إذا ائتم بمقيم اقتصر على فرضه، ولا
يتابعه في الإتمام، وكذا لو صلى المقيم خلف المسافر لم يتبعه في التقصير.
ويستحب للإمام بعد تسليمه أن يقول لمن خلفه: أتموا فأنا مسافر، لئلا
يشتبه على الجاهل.
ولو تمم الإمام المسافر بالمأمومين المقيمين، فإن فعل ذلك عمدا، بطلت
صلاته، وكذا إن كان ناسيا مع بقاء الوقت، أما المأمومون، فإن علموا بطلان
صلاته، بطلت صلاتهم، وإلا فلا.
ولو أم المسافر مثله فتمم ناسيا (1) فإن نسى المأموم أيضا، أعاد في الوقت
خاصة، ولو كانا جاهلين، صحت صلاتهما، ولو كان أحدهما جاهلا، صحت
صلاته، أما الآخر فعلى التفصيل.
ويكره للمسافر أن يؤم الحاضر وبالعكس.
1154. السادس والعشرون: إذا سافر بعد زوال الشمس قبل أن يصلي النوافل،
استحب له قضاؤها.
1155. السابع والعشرون: يستحب للمسافر أن يقول عقيب كل صلاة: سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثلاثين مرة، ليجبر نقصان صلاته.

1. في «ب»: فأتم ناسيا.
340

وهل الاستحباب مختص عقيب كل صلاة، أو التي يقصر فيها؟ نظر.
1156. الثامن والعشرون: يجوز للمسافر أن يصلي النافلة على الراحلة،
ويتوجه حيث توجهت اختيارا، وفي الفريضة اضطرارا.
341

كتاب الزكاة
343

وفيه مقدمة ومقاصد
أما المقدمة
ففيها ستة مباحث:
1157. الأول: الزكاة لغة: النمو والطهارة، وشرعا القدر المخرج من النصاب.
1158. الثاني: الزكاة أحد أركان الإسلام. وهي واجبة بالنص والإجماع. وفيها
فضل كثير.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن، فإن
صدقته تظله» (1).
وقال الباقر (عليه السلام):
«بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المسجد، إذ قال: قم يا فلان قم يا فلان
حتى أخرج خمسة نفر. فقال: اخرجوا من مسجدنا، لا تصلوا فيه
وأنتم لا تزكون» (2).

1. الوسائل: 6 / 256، الباب 1 من أبواب الصدقة، الحديث 7.
2. الوسائل: 6 / 12، الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، الحديث 7 وقد تكرر النداء في
المصدر أربع مرات.
345

وقال الباقر (عليه السلام): «البر والصدقة ينفيان الفقر، ويزيدان في العمر،
ويدفعان عن سبعين ميتة سوء» (1).
وقال الصادق (عليه السلام): «إن الله فرض الزكاة كما فرض الصيام» (2).
وقال الكاظم (عليه السلام): «حصنوا أموالكم بالزكاة» (3).
1159. الثالث: من أنكر وجوب الزكاة، وهو ممن يجهل ذلك إما لقرب عهده
بالإسلام، أو لبعده عن أهل الأمصار لا يحكم بكفره (4)، وإلا فهو مرتد.
1160. الرابع: من منع الزكاة معتقدا لوجوبها أخذت منه من غير زيادة، فإن
مانع قوتل حتى يدفعها، ولا يحكم بكفره ولا بسبي ذراريه.
1161. الخامس: ليس في المال حق واجب سوى الزكاة والخمس، وفي
وجوب إخراج الضغث والكف عند الحصاد والجذاذ قولان (5).
1162. السادس: الزكاة قسمان: زكاة المال، وزكاة الفطر. وكل واحد منهما
ضربان: واجب، ومستحب. ونحن نسوق الكلام في ذلك كله، ثم نتبعه بالخمس
في مقاصد ثلاثة.

1. الوسائل: 6 / 277، الباب 13 من أبواب الصدقة، الحديث 9.
2. كذا في النسختين ولكن الوارد في المصادر «الصلاة» لاحظ الوسائل: 6 / 3، الباب 1 من أبواب
ما تجب فيه الزكاة، الحديث 3.
3. الوسائل: 6 / 6، الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، الحديث 11.
4. في «أ»: لم يحكم بكفره.
5. القائل بالوجوب الشيخ في الخلاف: 2 / 5، المسألة 1 من كتاب الزكاة.
346

المقصد الأول: فيمن تجب عليه [الزكاة]
وفيه ثلاثة وعشرون بحثا:
1163. الأول: شرائط الوجوب: البلوغ، والعقل، والحرية، والملك التام،
وإمكان التصرف. فلا تجب الزكاة في مال الطفل، سواء العين والغلات
والمواشي في ذلك، وإنما تجب على البالغ على مذهب أكثر علمائنا،
والشيخان (1) (رحمهما الله) أوجبا الزكاة في غلاته ومواشيه، والأقرب الاستحباب.
ولو اتجر له وليه في ماله إرفاقا، استحب له أن يخرج عنه زكاة التجارة،
ولو ضمن المال وكان مليا واتجر لنفسه كان الربح له والزكاة عليه استحبابا، ولو
انتفى أحد وصفي الملاءة والولاية ضمن المال والربح لليتيم، ولا زكاة هنا على
واحد منهما.
1164. الثاني: العقل شرط في وجوب الزكاة، فلا تجب في مال المجنون
مطلقا، وأوجب الشيخان (2) الزكاة في غلاته ومواشيه، والأقرب الاستحباب،
والبحث في التجارة بماله كالبحث في الطفل سواء.
والتكليف بالوجوب على رأي الشيخين، وبالاستحباب على رأينا في

1. المقنعة: 238، والمبسوط: 1 / 232، والنهاية: 174.
2. المقنعة: 238، والمبسوط: 1 / 232، والنهاية: 174.
347

الطفل والمجنون متعلق بالولي دونهما.
1165. الثالث: الحرية شرط في الوجوب، فلا تجب الزكاة على المملوك،
سواء قلنا إنه يملك ما يملكه مولاه أولا، وإنما تجب على السيد.
ولو كان بعضه حرا، وملك من كسبه أو غيره بقدر حريته ما يبلغ نصابا،
وجبت الزكاة وإلا فلا.
والمكاتب المشروط والذي لم يؤد من كتابته شيئا، والمدبر وأم الولد،
كالقن، ولو عجز المشروط عليه، فرد في الرق استقر ملك السيد لما في يده،
واستأنف الحول وضمه إلى ماله.
1166. الرابع: الإسلام ليس شرطا فلا يسقط الوجوب عن الكافر، نعم لا
يصح منه أداؤها، ولو أسلم سقطت، واستأنف الحول عند الإسلام.
1167. الخامس: إنما تجب الزكاة على من ملك أحد النصب الزكوية، على ما
يأتي بيانها، فلا تجب على الفقير، وهو من قصر ماله من أحد النصب، وتجب
الزكاة على المديون إذا ملك نصابا، وإن قصر عن الدين.
1168. السادس: من شرط الوجوب كون الملك تاما، فلو وهب نصابا، لم يجز
في الحول إلا بعد القبض، وكذا لو اقترض اعتبر الحول بعد القبض، ولو أوصي
له اعتبر الحول بعد القبول والوفاة.
ولو راجع الواهب في هبته في موضع يسوغ له الرجوع فيه، فإن كان قبل
الحول، سقطت، ولو كان بعده لم تسقط، والأقرب أن الموهوب لا يضمنه، ولو
فسخ البائع بخياره، فالبحث فيه كالهبة، إلا أن المشتري يضمن هنا.
348

1169. السابع: الغانم يملك بالحيازة، فإذا بلغ حصته نصابا، وحال عليه
الحول، وجبت الزكاة، والأقرب ابتداء الحول من القسمة، سواء كانت الغنيمة من
جنس واحد أو أجناس مختلفة، ولو قيل: بوجوبها في الجنس الواحد دون
المتعدد كان وجها.
ولو عزل الإمام حصة الغانم وكان حاضرا، وجبت الزكاة مع الحول، وإن
كان غائبا اعتبر الحول عند وصوله إليه، أو إلى وكيله.
وخمس الغنيمة نصفه للإمام، إن بلغ نصابا وجبت الزكاة، وإلا فلا، ونصفه
لباقي الأصناف لا زكاة فيه، لعدم تعين أربابه، والأنفال للإمام خاصة، إن بلغت
نصابا، وجبت الزكاة، وإلا فلا.
1170. الثامن: الوقف لا زكاة فيه، ولو ولدت الغنم الموقوفة، وبلغت الأولاد
نصابا، وجبت الزكاة فيها خاصة.
قال الشيخ: ولو شرط الواقف كون الغنم وما يتوالد منها وقفا فلا زكاة (1).
1171. التاسع: لو خلف المسافر نفقة لأهله قدر النصاب وحال الحول،
وجبت الزكاة إن كان حاضرا، وإلا فلا.
1172. العاشر: لو نذر الصدقة بالنصاب في الحول سقطت الزكاة، ولو نذرها
بعد الحول أخرج الزكاة، وتصدق بالباقي، وكذا يخرج الزكاة لو نذر الصدقة
بقدر النصاب من غير تعيين.
1173. الحادي عشر: لو اشترى بخيار ملك بالعقد، اختص الخيار بأحدهما أو

1. المبسوط: 1 / 205.
349

اشترك، ووجبت الزكاة بعد الحول وإن كان الخيار باقيا، وقول الشيخ (رحمه الله) (1)
هنا ضعيف.
ولو رد على البائع، استأنف الحول من حين الرد، ويتفرع على قول
الشيخ (رحمه الله) بوجوب الزكاة على البائع في الخيار المشترك أو المختص به، ثبوت
الخيار للمشتري لو أخرج من العين.
1174. الثاني عشر: إمكان التصرف شرط في الوجوب، فلا تجب في المال
المغصوب والمسروق والمجحود والضال والموروث عن غائب حتى يصل
إليه، أو إلى وكيله، والساقط في البحر، والغائب مع عدم تمكنه أو
وكيله منه.
1175. الثالث عشر: لو عاد المغصوب أو الضال أو الغائب، استحب له أن
يزكيه لسنة واحدة، ولو ضلت شاة من الأربعين في أثناء الحول، انقطع الحول،
فإن عادت استأنف (2). ولو أسره المشركون، وله مال في بلد الإسلام لا يتمكن
منه، سقط الوجوب.
1176. الرابع عشر: المرتد إن كان عن فطرة، فإن كان بعد الحول أخذت الزكاة
من المال، وإن كان قبله استأنف ورثته الحول.
وإن كان عن غير فطرة، ولم يخرج ملكه عنه بالقتل، ولا الفرار إلى دار
الحرب، وجبت الزكاة إن تم الحول، وإلا أتممناه.

1. المبسوط: 1 / 227.
2. في «ب»: استأنفه.
350

ولو خرج عن ملكه بالقتل أو الفرار استأنف ورثته الحول، ولو أخذ الإمام
أو نائبه الزكاة من المرتد، ثم أسلم، أجزأت عنه، ولو أخذها غيرهما لم يجز عنه،
وكذا لو أداها بنفسه.
ولو أخفى بعض ماله، لئلا يؤخذ منه زكاة، عزر، إلا أن يدعي الشبهة
المحتملة، ويؤخذ منه الزكاة من غير زيادة.
ولو أخذ الظالم الزكاة لم يجز عن المالك، وبالإجزاء روايات (1).
1177. الخامس عشر: الدين لا زكاة فيه، وأوجب الشيخان (2) (رحمهما الله) الزكاة فيه، إن
كان تأخره من جهة مالكه، بأن يكون حالا على ملي باذل، ولو كان من جهة من
عليه الدين، سقطت الزكاة. والاعتماد على الأول، نعم يستحب له أن يزكيه لسنة
مع عوده إليه.
1178. السادس عشر: اللقطة إن كانت نصابا في غير الحرم، ملكها إن شاء بعد
التعريف حولا، ولا زكاة إلا بعد استئناف حول آخر من حين التملك.
1179. السابع عشر: المرأة تملك الصداق بالعقد، فلو حال الحول بعد قبضه،
وجبت الزكاة، وإن لم يدخل، فلو طلقها قبل الدخول انقطع الحول في النصف،
وتممت في المتخلف إن بلغ نصابا، ولو لم تقبضه فلا زكاة كالدين.
ولو فسخ العقد لعيب، فسقط المهر، فلا زكاة مع عدم القبض، ولو قبضته،
فالأقرب الوجوب بعد الحول، وتضمن المأخوذ في الزكاة.

1. لاحظ الوسائل: 6 / 173، الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة.
2. المقنعة: 239، والمبسوط: 1 / 211.
351

ولو قبضته حولا ثم طلقها قبل الدخول، فإن كانت قد أخرجت الزكاة
رجع عليها بالنصف كملا، وإن لم تكن أخرجت، فالنصف كملا للزوج، وعليها
حق الفقراء.
ولو أراد قسمة المال قبل الإخراج جاز، فلو قسماه أخذ الساعي من
نصفها، ولو لم يجد لها شيئا أخذ مما في يد الزوج، والأقرب صحة القسمة
ورجوع الزوج عليها بقيمة المأخوذ.
ولو أصدقها حيوانا في الذمة، سقط وجوب الزكاة واستحبابها، ولو طلقها
قبل الدخول وقبل الإخراج، لم يخرج من العين إلا بعد القسمة، ولو أصدقها
نصابا، وطلقها قبل الدخول وقبل تمكنها من الإخراج، فالوجه سقوط
نصف الفريضة.
1180. الثامن عشر: القرض يجب فيه الزكاة على المقترض إن تركه حولا، ولو
أداره في التجارة استحبت الزكاة فيه، ولو استعاده القارض لم يجب الزكاة حتى
يحول عنده الحول كملا.
ولو اشترط المقترض الزكاة على القارض لم يسقط الزكاة عنه،
وللشيخ (رحمه الله) (1) هنا قول غير معتمد.
أما لو أدى القارض الزكاة عن المقترض، فإن ذمته تبرأ بذلك.
1181. التاسع عشر: إمكان الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب، فلو تلف
بعد الحول من النصاب شئ قبل التمكن من الإخراج، سقط من الفريضة

1. المبسوط: 1 / 213.
352

بحسابه، ولو تمكن ولم يخرج وجبت عليه الفريضة كملا.
1182. العشرون: لو تمكن من الدفع إلى الإمام أو النائب ولم يدفع ضمن،
سواء طالبه الإمام أو النائب أو لا، وإن دفعها إلى الساعي فتلفت في يده فلا
ضمان، ولو مات المالك بعد إمكانه الأداء (1) لم تسقط الزكاة، وكذا لو مات قبل
التمكن وبعد الحول.
1183. الحادي والعشرون: لو كان له نصاب فاقترض آخر، ورهن (2) الأول،
وجبت عليه الزكاة في القرض، ولا زكاة في الرهن، لعدم تمكنه.
وللشيخ (رحمه الله) قول يعطي وجوب الزكاة في الرهن أيضا على الراهن.
ويكلف الإخراج من غير الرهن مع يساره، ومنه لا معه (3).
1184. الثاني والعشرون: لو كان معه أربعون شاة فاستأجر راعيا بشاة منها،
سقطت الزكاة، ولو استأجر بشاة في الذمة وجبت الزكاة، ولو استأجر بنصاب
معين وجبت الزكاة على الأجير، ولو استأجر في الذمة انتفى على القولين.
1185. الثالث والعشرون: وفي وجوب الزكاة في مال التجارة قولان.
أقربهما الاستحباب (4).

1. في «ب»: بعد إمكان الأداء.
2. في «أ»: وأرهن.
3. المبسوط: 1 / 208.
4. لاحظ المختلف: 3 / 191.
353

المقصد الثاني: فيما يجب فيه وما يستحب
وفيه فصول
الفصل الأول
إنما تجب الزكاة في تسعة أشياء: الإبل، والبقر، والغنم، والذهب، والفضة،
والحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.
ولا تجب فيما عدا ذلك، سواء كان مما يكال أو يوزن، أو لا، وسواء كان
مما يصح بقاؤه، أو لا، وسواء كان مما ينبته الآدميون، أو لا، وسواء كان مما
يقتات به، أو لا، وسواء قصد بزراعته نماء الأرض، أو لا، وسواء كان (1) عسلا في
الأرض الخراجية أو لا.
والعلس (2) عند الشيخ (رحمه الله) نوع من الحنطة (3) والسلت عنده نوع من الشعير (4)
والأقرب عندي عدم الوجوب فيهما.

1. ضمير الفعل يرجع إلى «ما عدا التسعة». قال المصنف في التذكرة: 5 / 177: وقال أبو حنيفة: إن
كان (العسل) في غير أرض الخراج وجب فيه العشر، لأن العشر والخراج لا يجتمعان...
2. هذا كلام مستقل لا صلة له بما سبق كما يظهر من التذكرة: 5 / 177 - 178.
3. المبسوط: 1 / 217.
4. الخلاف: 2 / 65، المسألة 77 من كتاب الزكاة.
355

الفصل الثاني: في زكاة الإبل
وفيه اثنان وعشرون بحثا:
1186. الأول: شروط زكاة الإبل: الملك، والنصاب، والسوم، والحول، وإمكان
التصرف، وكمال العقل، وقد تقدما.
ونصب الإبل اثنا عشر:
1187. أولها: خمس، فلا يجب فيما دونها شئ إجماعا، فإذا
بلغت خمسا، ففيها شاة.
1188. الثاني: عشر، وفيه شاتان.
1189. الثالث: خمس عشرة، وفيه ثلاث شياه.
1190. الرابع: عشرون، وفيه أربع شياه.
1191. الخامس: خمس وعشرون، وفيه خمس شياه عند أكثر
علمائنا، وقال ابن أبي عقيل: يجب فيها بنت مخاض (1).
وليس بمعتمد.
1192. السادس: ست وعشرون، وفيه بنت مخاض.
1193. السابع: ست وثلاثون، وفيه بنت لبون.
1194. الثامن: ست وأربعون، وفيه حقة.

1. حكى عنه المصنف في المختلف أيضا: 3 / 168.
356

1195. التاسع: إحدى وستون، وفيه جذعة.
1196. العاشر: ست وسبعون، وفيه بنتا لبون.
1197. الحادي عشر: إحدى وتسعون، وفيه حقتان.
1198. الثاني عشر: مائة وإحدى وعشرون، فيؤخذ من كل
أربعين بنت لبون، ومن كل خمسين حقة، وهكذا بالغا ما بلغت،
فيكون في مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، وفي مائة
وثلاثين حقة وبنتا لبون، وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون،
وفي مائة وخمسين ثلاث حقاق، وعلى هذا الحساب.
1199. الثاني: لو كانت الزيادة على مائة وعشرين بجزء من بعير وجبت
الفريضة عن إحدى وتسعين.
ولو اجتمع في مال ما يمكن إخراج الفريضتين منه كالمائتين، تخير
المالك، والأفضل، أن يدفع أرفع الأسنان وهي الحقاق.
ولو كان عنده أحد الصنفين، أخرجه المالك، أو اشترى الصنف الآخر
وأخرجه، ولو لم يكونا عنده تخير في شراء أيهما شاء، والأولى الحقاق، وإن
شاء أخرج أربع جذعات، واسترجع ثماني شياه أو ثمانين درهما، أو أخرج
خمس بنات مخاض، ومعها عشر شياه أو مائة درهم.
ولا خيار للساعي في الصعود والنزول، وليس لولي الطفل والمجنون
إخراج أعلى الفريضتين، إن قلنا بالوجوب.
ولو كان عنده أربعمائة، جاز أن يخرج متماثلا ومتفرقا. ولو كان عنده
خمس بنات لبون وثلاث حقاق، أخرج الخمس عن المائتين، وليس له إخراج
357

الحقاق وبنت اللبون مع الجبران الشرعي، ولا إخراج أربع بنات لبون وحقة،
ويطالب بالجبران.
أما لو كانا ناقصين كأربع بنات لبون وثلاث حقاق، تخير مع الجبران،
فيدفع بنات اللبون وحقة، ويطالب بالجبران، أو ثلاث حقاق وبنت لبون
والجبران، وليس له دفع حقة وثلاث بنات لبون مع الجبران لكل واحدة
إلا بالقيمة.
1200. الثالث: لا زكاة فيما دون الخمس، ولا فيما بين النصب من الأشناق (1) لا
منضمة ولا منفردة، ولا يجب الأزيد من السن الواجب باعتباره.
ولو تلف أربع من تسع وجبت الشاة كملا، سواء تلفت قبل الحول أو
بعده، وقبل إمكان الأداء أو بعده، ولو تلف خمس قبل الحول، فلا زكاة، وبعده
يسقط خمس الشاة، إن كان قبل إمكان الأداء.
ولو هلك ست من ست وعشرين بعد الحول قبل إمكان الأداء، سقط من
بنت المخاض بنسبة التالف، وكذا لو هلك خمس من ست وعشرين، قال
الشيخ (رحمه الله): هنا يكون قد هلك خمس المال إلا خمس الخمس، فيكون عليه أربعة
أخماس بنت مخاض، وأربعة أخماس خمسها، وعلى المساكين خمس بنت
مخاض إلا أربعة أخماس خمسها (2).

1. في مجمع البحرين: الشنق بالتحريك في الصدقة: ما بين الفريضتين، وهو مما لا تتعلق به زكاة،
كالزائد من الإبل على الخمس إلى التسع وما زاد منها على العشر، إلى أربع عشرة. والجمع
أشناق، مثل سبب وأسباب.
2. المبسوط: 1 / 194.
358

1201. الرابع: الشاة المأخوذة ينبغي أن تكون الجذعة من الضأن أو الثنية من
المعز، وكذا شاة الجبران. ويجزئ الذكر والأنثى، سواء كانت الإبل ذكورا أو إناثا،
ويجزئ من غنمه أو غير غنمه.
قال الشيخ (رحمه الله): ويؤخذ من نوع البلد لا من نوع بلد آخر، لأن المكية
والعربية (1) والنبطية مختلفة (2)، والأقرب عندي الإخراج من أي نوع شاء، لأن
التناسب بين الشاتين أقرب من التناسب بين الضأن والمعز، ويجزئ هاهنا
أحدهما عن الآخر إجماعا.
1202. الخامس: يجوز أن يخرج عن الإبل الكرام الشاة الكريمة واللئيمة
والسمينة والمهزولة، ولا يؤخذ المريضة من الإبل الصحاح، ولو كانت مراضا
وصحاحا، وماكس (3) قومت الخمس (4) مريضة وصحيحة، وأخذ الشاة ناقصة عن
بدل الصحاح بنسبة النقصان.
1203. السادس: لو أخرج بعيرا عن الشاة لم يجزئه إلا إذا كانت قيمته تساوي
قيمة الشاة أو تزيد، ولو كانت قيمة الشاة تساوي قيمة بنت المخاض جاز إخراج
الشاة عنها، ولو لم يجد شاة، اشترى شاة أو دفع قيمتها السوقية، ولا يجزيه
عشرة دراهم إذا كانت أدون.
1204. السابع: من وجب عليه سن وفقدها، ووجد الأعلى بدرجة، دفعها
واسترد (5) شاتين، أو عشرين درهما، ولو وجد الأدون دفعها ودفع شاتين أو

1. في «أ»: المعربية.
2. المبسوط: 1 / 196.
3. امتنع من عليه الزكاة عن أداء الشاة الصحيحة.
4. المراد هو النصاب الأول للإبل وهو خمسة.
5. في «أ»: استعاد.
359

عشرين درهما، فمن وجب عليه بنت مخاض، وعنده بنت لبون، أخرجها،
واستعاد من المصدق ما قلناه، ولو انعكس الفرض كان الجبران عليه.
ولو وجب عليه بنت مخاض، وعنده ابن لبون ذكرا، أجزأه مع عدم
بنت المخاض من غير جبران، ولو كانت عنده بنت مخاض معيبة أجزأه ابن
اللبون لا المعيبة.
ولو كانت عنده بنت مخاض أعلى صفة من الواجب، وعنده ابن لبون،
تعينت بنت المخاض، ولو عدمهما جاز أن يشتري أيهما شاء، ولا يجبر علو
السن في الذكر فائت الأنوثة في غير هذه الصورة، فلو وجب عليه بنت لبون لم
يجزئه أن يخرج حقا.
ولو أخرج عن ابن اللبون حقا أو جذعا أجزأه، ولو أخرج عن بنت
المخاض بنت لبون، أو عن بنت لبون حقة أجزأه، ولا يجوز أن يؤخذ أنزل
من بنت المخاض مع الجبران، بل بالقيمة السوقية، وكذا لا يؤخذ أعلى من
الجذع إلا بالقيمة.
1205. الثامن: لو عدم السن وما يليها صعودا ونزولا، لم ينتقل إلى الثالثة
بتضاعف الجبران، بل بالقيمة السوقية على أقوى القولين.
1206. التاسع: لو أراد الجبر بشاة وعشرة دراهم لم يجز، بل بشاتين (1) أو
عشرين درهما، إلا على سبيل التقويم السوقي، ولو كانت إبله مراضا والفريضة
معدومة، وعنده أدون وأعلى، دفع الأدون والجبران، وليس له دفع الأعلى بأخذ
الجبران، ولو انتفى الضرر عن الفقراء جاز.

1. في «ب»: إلا بشاتين.
360

1207. العاشر: لا يثبت الجبران في غير الإبل.
1208. الحادي عشر: البخاتي من الإبل، والعراب، والنجيب، والكريم، واللئيم،
سواء يضم بعضه إلى بعض، وتجب الزكاة مع بلوغ المجموع النصاب، فإن
تطوع بالأجود، وإلا أخذ من أوسط المال، ولو قيل بجواز إخراج ما شاء إذا جمع
الشرائط كان حسنا.
1209. الثاني عشر: لا تؤخذ المريضة من الصحاح، ولا الهرمة وهي الكبيرة
من غيرها، ولا ذات العوار من السليمة، ولا تؤخذ الربى، وهي التي تربي ولدها
إلى خمسة عشر يوما، وقيل: إلى خمسين، ولا الأكولة وهي السمينة المتخذة
للأكل، ولا فحل الضراب لقوله (عليه السلام):
«إياك وكرائم أموالهم» (1). ولا الحامل، لأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) «نهى أن يأخذ
شافعا» (2). ولو تطوع المالك بذلك جاز.
ولو كانت إبله مراضا لم يكلف شراء صحيحة، ولو عدم الفريضة من
المراض لم يجب شراء صحيحة، فإن اشترى مريضة أجزأه، وكذا يجزيه لو
أخرج قيمة المريضة.
ولو كانت إبله صحاحا ومراضا كلف فرضا صحيحا بقيمة صحيح

1. صحيح البخاري: 2 / 147، كتاب الزكاة باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة; سنن
الترمذي: 3 / 21 برقم 625; سنن أبي داود: 2 / 105 برقم 1584; سنن ابن ماجة: 1 / 568
برقم 1783; مسند أحمد بن حنبل: 1 / 233; وسنن البيهقي: 4 / 101.
2. سنن أبي داود: 2 / 103 برقم 1581; سنن النسائي: 5 / 32; وسنن البيهقي: 4 / 100.
قال المصنف في التذكرة: 5 / 117: ونهى (عليه السلام) أن يأخذ شافعا أي حاملا، سميت به، لأن ولدها
قد شفعها.
361

ومريض، فلو كانت قيمة الصحيح عشرين والمريض عشرة، كلف شراء صحيح
بخمسة عشر.
ولو كانت كلها صحاحا، والفرض مريض، كلف صحيحا بعد إسقاط
التفاوت بين الصحيح والمريض من الفرض، ولو كانت أمراضها متباينة، أخذ
من وسطها.
1210. الثالث عشر: المأخوذ في الزكاة يسمى فريضة، وما يتعلق به الزكاة
نصابا، وما نقص شنقا.
وأول فرائض الإبل المأخوذة بنت المخاض، وهي التي كملت سنة (1)
ودخلت في الثانية، والماخض الحامل (2) والمخاض اسم جنس لا واحد له من
لفظه، والواحدة خلفة.
ثم بنت اللبون وهي التي لها سنتان، ودخلت في الثالثة.
ثم الحقة، وهي التي لها ثلاث سنين، ودخلت في الرابعة.
ثم الجذعة، بفتح الذال المعجمة، وهي التي دخلت في الخامسة، وهي
أعلى الأسنان.
فإذا دخلت في السادسة فهي الثنية، فإن دخلت في السابعة، فهي الرباع
والرباعية، وإن دخلت في الثامنة فهو سديس وسدس، فإذا دخلت في التاسعة
فهو بازل، أي طلع نابه، ثم بعد ذلك بازل عام، أو بازل عامين وهكذا.

1. في «ب»: كملت لها سنة.
2. قال المصنف في التذكرة: 5 / 105 في وجه تسمية بنت المخاض: سميت بذلك لأن أمها
ماخض أي حامل.
362

1211. الرابع عشر: السوم شرط في الإبل والبقر والغنم إجماعا، فلا تجب
الزكاة في المعلوفة، ولو علفها بعض الحول قال الشيخ (رحمه الله): يعتبر الأغلب (1)
والأقرب عندي اعتبار الاسم، وكذا لو اعتلفت من نفسها، أو منعها مانع من
السوم، فعلفها مالكها أو غيره بإذنه أو بغير إذنه.
1212. الخامس عشر: الحول شرط في الأنعام الثلاثة، والذهب، والفضة، بلا
خلاف، ويتحقق كمال الحول إذا أهل الثاني عشر وان لم يكمل أيام الحول.
ويعتبر النصاب والملك من أول الحول إلى آخره، فلو نقلها عنه في أثناء
الحول انقطع فان استردها، استأنف الحول من حين الاسترداد، وكذا لو عاوضها
بجنسها أو بغير جنسها.
والقول قول المالك في حولان الحول من غير يمين، ولو شهد عليه
عدلان بحولان الحول قبل، وأخذ منه الحق، ولو مات المالك، انتقل النصاب إلى
الوارث، واستأنف الحول حين الانتقال.
1213. السادس عشر: لو كان معه خمس من الإبل، فحال عليها حولان،
وجبت شاة واحدة، ولو كان قد أخرج عن الأول من غير العين، ثم حال الثاني
وجب عليه شاة ثانية.
ولو كان معه أزيد من نصاب، وحال عليه أحوال، وجبت الزكاة متعددة
عن كل سنة بعد إسقاط ما يجب في السنة المتقدمة عن نصاب المتأخرة إلى أن
ينقص عن النصاب.

1. المبسوط: 1 / 198.
363

فلو حال على ست وعشرين حولان، وجبت بنت مخاض وخمس شياه،
ولو حال ثلاثة، وجبت بنت مخاض وتسع شياه.
1214. السابع عشر: لا تعد السخال مع الأمهات، ولا زكاة فيها حتى يحول
عليها الحول، وليس حول أمهاتها حولها، سواء كانت متولدة منها أو من غيرها،
وسواء كانت أمهاتها تتمة النصاب أو نصابا، وسواء وجدت معها في بعض
الحول أو لا.
والوجه عندي ان السخال لا يجب فيها النصاب حتى تستغني عن أمهاتها
بالرعي ثم تبقى حولا بعده.
1215. الثامن عشر: لو كان معه دون النصاب، فنتجت في أثناء الحول حتى
كمل النصاب، استأنف الحول عند كمال النصاب مع حصول السوم في السخال.
1216. التاسع عشر: لو ملك نصابا من الصغار انعقد عليه الحول من حين
السوم، وإن لم يكن معها كبار، ثم يؤخذ منها (1) ولا يجب كبيرة عنها (2).
1217. العشرون: من شرائط الأنعام أن لا تكون عوامل، فإنه لا زكاة في
العوامل، وإن كانت سائمة.
1218. الحادي والعشرون: لو تلف من النصاب شئ ضمن المالك الفريضة
كملا إن كان بتفريط، وإلا سقط من الفريضة بنسبة التالف من النصاب.

1. في «أ»: «لم يؤخذ منها» بدل «ثم يؤخذ منها».
2. قال المصنف في المنتهى: إذا قلنا إن الزكاة تجب في السخال المفردة مع الحول أخذ منها، وبه
قال الشافعي، وقال مالك: لا يجزيه إلا الكبيرة... منتهى المطلب: 1 / 491 (ط القديم).
364

1219. الثاني والعشرون: ينقطع الحول بارتداد المالك إن كان عن فطرة،
ويستأنف ورثته الحول من حين الارتداد والتمكن، ولو كان عن غير فطرة لم
ينقطع، ووجبت الزكاة عند تمام الحول ما دام باقيا.
الفصل الثالث: في زكاة البقر
وفيه تسعة مباحث.
1220. الأول: الزكاة تجب في البقر بشروط الإبل، وقد تقدمت، إلا أن النصاب
هنا مخالف للنصاب ثم.
فللبقر نصابان: أحدهما ثلاثون، وفيه تبيع أو تبيعة، والثاني أربعون، وفيه
مسنة، وهكذا دائما في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، وفي كل أربعين مسنة، وليس
فيما نقص على الثلاثين شئ، ولا فيما بين الثلاثين والأربعين.
1221. الثاني: لا شئ في الزائد على الأربعين حتى يبلغ ستين، وفيها تبيعان
أو تبيعتان.
1222. الثالث: التبيع والتبيعة هو الذي له سنة، ودخل في الثانية. ويسمى
جذعا، وجذعة للأنثى.
والمسنة هي التي دخلت في الثالثة، وهي الثنية، ولا يؤخذ غيرهما
في البقر.
365

وإذا دخل في الرابعة فهو رباع أو رباعية، وهو في الخامسة سديس
وسدس، وفي السادسة صالغ (1) ثم لا اسم له بعده، بل يقال: صالغ عام، وصالغ
عامين، وهكذا.
1223. الرابع: ما يؤخذ منه الزكاة يسمى نصابا، والمأخوذ فريضة. وما لا
يؤخذ منه يسمى وقصا.
1224. الخامس: لو اتفق في النصاب الفرضان كمائة وعشرين، تخير المالك،
كما قلنا في الإبل، ولو وجب عليه تبيع أو تبيعة، فأخرج مسنة أجزأه إجماعا، ولو
وجب عليه مسنة ففي إجزاء التبيعين أو التبيعتين، نظر، أقربه الإجزاء مع عدم
النقصان قيمة.
1225. السادس: الفريضة المأخوذة في الإبل والبقر، الإناث خاصة، سوى ابن
اللبون، وهو بدل عن ابن المخاض في الإبل، والتبيع في البقر خاصة، ولو أعطى
مسنا بدل مسنة لم يجزئه إجماعا.
ولو كانت إبله ذكورا كلها ففي تكليفه الأنثى نظر، أقربه جواز
الذكر كالمعيب.
1226. السابع: لو فقد السن الواجبة في البقر انتقل إلى غيرها بالقيمة السوقية
أو دفع القيمة.
1227. الثامن: البقر العراب والجواميس جنس واحد، يضم أحدهما إلى
الآخر، ويؤخذ من كل نوع بحصته، فإن ماكس أخذ منه الفريضة بالنسبة

1. في لسان العرب: البقرة تصلغ صلوغا وهي صالغ: تمت أسنانها، وهي تصلغ بالخامس
والسادس.
366

إلى الجيد والردئ.
فلو كانت الجواميس عشرة، والعراب عشرين، نظر في الفريضة منهما،
فإذا كانت من الجواميس بستة ومن العراب بثلاثة، كلف جاموسة بأربعة أو بقرة
بها، وكذا لو اختلف البقر في الجودة والرداءة، والخيار إلى المالك لا الساعي.
1228. التاسع: لا زكاة في بقر الوحش إجماعا، والمتولد من الوحشي
والأنسي، يعتبر فيه الاسم.
الفصل الرابع: في زكاة الغنم
وفيه ستة مباحث:
1229. الأول: شروط زكاة الغنم شروط زكاة الإبل والبقر، من الملك،
والنصاب، والسوم، والحول، والتكليف، وإمكان التصرف، إلا أن النصاب هنا غير
النصاب هناك.
واعلم ان للغنم أربعة نصب:
1230 أولها: أربعون، وفيه شاة.
1231 الثاني: مائة وإحدى وعشرون، وفيه شاتان.
1232 الثالث: مائتان وواحدة، وفيه ثلاث شياه.
367

1233 الرابع: ثلاثمائة وواحدة، ففي كل مائة شاة، وهكذا بالغا ما
بلغ، ففي أربعمائة أربع، وفي خمسمائة خمس، وهكذا.
وعند الشيخ (رحمه الله)، ان في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه، وفي
أربعمائة وواحدة يؤخذ من كل مائة شاة (1). والأول أقرب.
1234. الثاني: ما يتعلق به الزكاة يسمى نصابا، وما لا يتعلق به هنا يسمى عفوا،
ولا زكاة فيما نقص عن الأربعين، ولا فيما بين النصب.
1235. الثالث: الضأن والمعز سواء، يضم بعضها إلى بعض، فيؤخذ من كل
شئ بقسطه، فإن ماكس أخذ بالنسبة، فإذا كان الضأن عشرين، والمعز عشرين،
وقيمة ثنية المعز عشرون، وجذع الضأن ثمانية عشر أخذ ثنية، قيمتها تسعة
عشر، أو جذعا قيمته ذلك، ولو قيل: يجزئ إخراج ما يسمى شاة كان وجها.
1236. الرابع: لا زكاة في الظباء، والمتولد من الوحشي والأنسي يعتبر
فيه الاسم.
1237. الخامس: لو ملك أربعين، فحال عليها ستة أشهر، ثم ملك أربعين
أخرى، وجب عليه شاة عند تمام حول الأول. وإذا تم حول الثانية لم يجب
فيها شئ.
أما لو ملك بعد نصف الحول تمام النصاب الثاني وزيادة واحدة فما زاد،
وجب عليه عند تمام حول الأول شاة.
وهل يحصل ابتداء انضمام النصاب الأول إلى النصاب الثاني عند ملك

1. المبسوط: 1 / 199.
368

الثاني أو عند تمام حول الأول؟ الأقرب الأول، وفيه إشكال.
ولو قيل بسقوط اعتبار نصاب الأول عند ابتداء ملك تمام النصاب الثاني،
وصيرورة الجميع نصابا واحدا، كان وجها.
1238. السادس: أول ما تلد الشاة يقال لولدها سخلة، للذكر والأنثى في الضأن
والمعز، ثم يقال بهمة كذلك، فإذا بلغت أربعة أشهر، فهي في المعز جفر وجفرة
والجمع جفار، فإذا جاوزت أربعة أشهر فهي عتود (1) والجمع عتدان، وعريض
وجمعها عراض، ومن حين يولد إلى هذه الغاية يقال لها عناق للأنثى، وجدي
للذكر، فإذا استكملت سنة فالأنثى عنز والذكر تيس، فإذا دخلت في الثانية فهي
جذعة، والذكر جذع، فإذا دخلت في الثالثة فهي الثنية والثني، وفي الرابعة رباع
ورباعية، وفي الخامسة سديس وسدس، وفي السادسة صالغ، ثم يقال صالغ عام
وصالغ عامين.
اما الضأن فالسخلة والبهمة، كما في المعز، ثم هو حمل للذكر والأنثى
دخل إلى سبعة أشهر، ثم وهو جذع إلى سنة، وفي الثانية ثني أو ثنية، ثم يلتحق
بالمعز في الاسم، وأقيم الجذع من الضأن مقام الثني من المعز، لأن جذع الضأن
ينزو لسبعة أشهر، والمعز إنما ينزو في السنة الثانية.

1. العتود من أولاد المعز، ما رعى وقوي وأتى عليه حول. لسان العرب.
369

الفصل الخامس: في زكاة الذهب والفضة
وفيه أربعة عشر بحثا:
1239. الأول: شروط الزكاة فيهما: الملك، والنصاب، والحول، وكونهما
مضروبين منقوشين بسكة المعاملة، أو ما كان يتعامل بها دراهم أو دنانير،
وإمكان التصرف والتكليف. ولا زكاة في السبائك والنقار والحلي.
1240. الثاني: لكل من الذهب والفضة نصابان:
1241. فالأول: في الذهب عشرون دينارا، وفيه نصف دينار، ولا زكاة
فيما دون ذلك، ولو كان بشئ يسير، وابن بابويه جعل النصاب الأول
أربعين (1)، وليس بمعتمد.
1242. الثاني: أربعة دنانير، وفيها قيراطان، وهكذا دائما في كل أربعة
قيراطان، وليس فيما دون أربعة شئ أصلا.
1243. والأول: في الفضة مائتا درهم، وفيها خمسة دراهم.
1244. والثاني: أربعون درهما، وفيها درهم، وهكذا دائما في كل
أربعين درهما، درهم، ولا زكاة فيما نقص عن المائتين، وإن كان بشئ
يسير جدا، ولا ما نقص عن الأربعين.

1. المراد والد الصدوق، قال الحلي في السرائر: 1 / 447: وقال بعض أصحابنا، وهو ابن بابويه،
في رسالته: إنه لا يجب في الذهب الزكاة حتى يبلغ أربعين مثقالا.
370

1245. الثالث: كل واحد من الجوهرين يعتبر نصابه بنفسه لا بقيمته من الآخر،
ولو اختلف الموازين، فنقص في بعضها دون الآخر بما جرت العادة به، وجبت
الزكاة، ولو نقص في الموازين أجمع، سقطت.
1246. الرابع: الدراهم في صدر الإسلام كانت صنفين: بغلية، وهي السود، كل
درهم ثمانية دوانيق; وطبرية، كل درهم أربعة دوانيق; فجمعا في الإسلام،
وجعلا درهمين متساويين، وزن كل درهم ستة دوانيق، فصار وزن كل عشرة
دراهم سبعة مثاقيل بمثقال الذهب، وكل درهم نصف مثقال وخمسة، وهو
الدرهم الذي قدر به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المقادير الشرعية في نصاب الزكاة والقطع
ومقدار الديات والجزية وغير ذلك.
الدانق ثماني حبات من أوسط حب الشعير.
1247. الخامس: الاعتبار في بلوغ النصاب بالميزان لا بالعدد، والعفو الأول في
الذهب ما نقص عن العشرين، والثاني ما نقص عن أربعة.
1248. السادس: العفو الأول في الفضة ما نقص عن المائتين، والثاني ما نقص
عن أربعين.
1249. السابع: لو مر على العشرين نصف الحول، ثم ملك أربعة، أخذ نصف
دينار عند تمام الحول، ثم استؤنف حول العشرين.
أما لو ملك خمسة أخذ بالواجب من العشرين عند كمال الحول، وابتدى
بحول الزائد من حين الملك، وأخذ منه الواجب.
1250. الثامن: لا تجب في المغشوش من الذهب و الفضة حتى يبلغ
371

صافيهما نصابا، فإذا بلغ، فإن أخرج جيدا بمقدار المغشوش، أو أخرج من العين،
وكان الغش متفقا أجزأ، وإلا فإن علم مقدار الغش أجزأه أن يخرج عن الصافي
خاصة، وإن لم يعلم استظهر في الإخراج، إما من غير العين أو منها ما يحصل به
اليقين بالبراءة، وإن لم يفعل أمر بسبكها على إشكال.
ولو كان المغشوش نصابا لا غير لم تجب الزكاة، ولو لم يعلم بلوغ
الخالص نصابا استحب له الإخراج، ولم يكلف السبك.
ولو كمل بالصافي من المغشوش ما معه من الخالص وجبت الزكاة.
1251. التاسع: لا عبرة باختلاف الرغبة مع تساوي الجوهرين في العيار،
ويضم جيد الثمن كالرضوية مع ما هو دونها في القيمة، ومساويها في العيار.
ويستحب أن يخرج من الأعلى والأوسط. وإن أخرج من الأدون جاز،
ولو أخرج من الأعلى بقدر قيمة الأدون لم يجز.
1252. العاشر: المكسور من الدراهم والدنانير إذا انكسر بعد ضربه ونقشه،
وجبت الزكاة فيه.
1253. الحادي عشر: الحلي لا تجب فيه الزكاة، سواء كان محللا أو محرما، كثر
أو قل، ولا فرق بين أن يتخذ للاستعمال أو الإعارة أو الإجارة أو للذخيرة.
وروي: ان زكاته إعارته (1).
1254. الثاني عشر: ما يجري على السقوف والحيطان من الذهب حرام، سواء
الكعبة والمساجد وغيرها في ذلك; اختاره الشيخ (رحمه الله) (2) ورجح في الخلاف

1. الوسائل: 6 / 108، الباب 10 من أبواب زكاة الذهب والفضة، الحديث 1.
2. المبسوط: 1 / 210.
372

إباحته (1). وعلى التقديرين لا زكاة فيه.
قال الشيخ (رحمه الله): وحلية السيف واللجام بالذهب حرام (2).
قال (رحمه الله): ولا نص لأصحابنا في تذهيب المحاريب وتفضيضها، وتذهيب
المصاحف، وربط الأسنان بالذهب، والأصل الإباحة (3).
والأواني من الذهب والفضة حرام، ولا زكاة فيها، ولو أتلفها متلف لزمه
قيمة الفضة دون الصنعة، لأنها محرمة (4).
1255. الثالث عشر: لو قصد الفرار بالسبك، فإن سبك قبل الحول فلا زكاة،
وإن سبك بعده، وجبت الزكاة، وكذا لو قصد غرضا صحيحا.
وبعض علمائنا (5) أوجب الزكاة مع قصد الفرار قبل الحول.
فلو زاد ما وزنه مائتان مائة للصنعة، تخير المالك بين دفع خمسة قيمتها
سبعة ونصف، وبين جعل ربع العشر من ثمن العين (6) والصنعة أمانة إلى وقت
بيعها، وبين دفع ذهب أو عرض غيره بقيمة سبعة ونصف، ولو دفع مكان
الخمسة سبعة ونصف لم يجز لأنه ربا.
1256. الرابع عشر: لا تضم السبائك ولا النقار إلى الذهب والفضة، وكذا لا
يضم عروض التجارة إليهما.

1. الخلاف: 2 / 89، المسألة 103 من كتاب الزكاة.
2. الخلاف: 2 / 78، المسألة 92 من كتاب الزكاة، والمبسوط: 1 / 212.
3. الخلاف: 2 / 90، المسألة 103 من كتاب الزكاة.
4. لاحظ المبسوط: 1 / 211.
5. هو الشيخ في المبسوط: 1 / 210، والخلاف: 2 / 77 المسألة 90 من كتاب الزكاة.
6. في «أ»: من العين.
373

الفصل السادس: في زكاة الغلات
وفيه سبعة وعشرون بحثا:
1257. الأول: الشروط (1) في وجوب الزكاة هنا: الملك، والنصاب، والتكليف،
وإمكان التصرف.
والنصاب هنا في الغلات الأربع شئ واحد، وهو خمسة أوسق، فلا
تجب الزكاة فيما دونها، ولا تقدير في الزائد بل تجب فيه وإن قل.
1258. الثاني: الوسق ستون صاعا بصاع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (2).
والصاع أربعة أمداد، والمد رطلان وربع بالعراقي، وقول ابن أبي نصر (3):
المد رطل وربع، تعويل على رواية ضعيفة (4).
والرطل العراقي مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم، وهو
تسعون مثقالا، والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم، وهذا التقدير تحقيق لا
تقريب، فلو نقص النصاب عن خمسة أوسق، سقطت الزكاة وإن قل.
1259. الثالث: النصب معتبرة بالكيل بالأصواع، واعتبر الوزن للضبط، فلو بلغ

1. في «أ»: الشرط.
2. لاحظ الوسائل: 6 / 119، الباب 1 من أبواب زكاة الغلات.
3. وهو البزنطي أحد من أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنه، واشتهاره يغني عن
ترجمته، وقد أثنى عليه كل من تعرض لترجمته.
4. لاحظ الوسائل: 1 / 339، الباب 50 من أبواب الوضوء، الحديث 4.
374

بهما أو بالوزن، وجبت الزكاة قطعا، ولو بلغت بالكيل دون الوزن كالشعير لخفته،
ففي وجوب الزكاة فيه نظر، أقربه العدم.
1260. الرابع: لو تساوت الموازين في النقص اليسير، سقطت الزكاة، ولو
اختلفت فيه وجبت، ولو شك في البلوغ، ولا مكيال هناك ولا ميزان، ولم يوجدا،
سقط الوجوب دون الاستحباب.
1261. الخامس: إنما يعتبر الأوساق عند الجفاف، فلو بلغ الرطب النصاب، لم
تجب الزكاة، واعتبر النصاب عند جفافه تمرا.
1262. السادس: لا تجب الزكاة في الغلات الأربع، إلا إذا نمت على ملكه، فلو
اشترى غلة، أو وهب له، أو ورثها بعد بدو الصلاح، وجبت الزكاة على البائع.
أما لو انتقلت إليه قبل بدو الصلاح، فبدا صلاحها عنده، وجبت الزكاة
عليه، والأقرب احتساب الثمن من المؤنة (1) بخلاف ثمن الأصول.
وإذا أخرج الزكاة من الغلة لم يتكرر عليه، وإن بقيت أحوالا.
ولو اشترى نخلا وثمرته قبل بدو الصلاح، فالزكاة على المشتري، ولو كان
بعد بدو الصلاح، فالزكاة على البائع.
1263. السابع: لو مات المالك وعليه دين وظهرت الثمرة، فلا زكاة على
الوارث ولو فضل النصاب بعد الدين، أما لو صارت تمرا، والمالك حي، ثم
مات، وجبت الزكاة، ولو كان الدين مستغرقا. ولو ضاقت التركة، فالوجه تقديم
الزكاة، وقيل: بالتحاص (2).

1. في «ب»: من المزية.
2. القائل هو الشيخ الطوسي في المبسوط: 1 / 219. والتحاص: تقسيم الدين والزكاة على التركة
حسب الحصص.
375

1264. الثامن: إذا بلغت الغلات الأربع النصاب، وجب فيها العشر إن كانت
تسقى سيحا، أو بعلا، أو عذيا، ولو افتقر سقيها إلى مؤنة، كالدوالي والنواضح،
وجب فيها نصف العشر.
ولا يؤثر حفر الأنهار والسواقي ولا احتياجها إلى الساقي ليحول الماء من
موضع إلى آخر في نقصان الزكاة.
أما لو جرى الماء في ساقية من النهر واستقر في مكان قريب من وجه
الأرض، وافتقر إلى الآلة في صعوده، وجب نصف العشر.
1265. التاسع: لو شربت الثمرة سيحا وغير سيح، اعتبر الأغلب، وحكم له،
ولو تساويا، أخذ من نصف الثمرة بحساب العشر، ومن نصفها نصف العشر.
ولو كان له ذرعان: أحدهما سايح، والآخر ناضح، ضما في تكميل
النصاب، وأخذ من كل منهما ما وجب فيه.
والقول قول المالك من غير يمين في أغلبية الناضح.
1266. العاشر: الوجوب يتعلق بالحب إذا اشتد، وبالثمرة إذا بدا صلاحها،
وقيل: إنما تجب إذا صار الزرع حنطة، أو شعيرا أو الرطب تمرا أو العنب زبيبا (1)
والمعتمد الأول، وتظهر الفائدة فيما لو تصرف بعد بدو الصلاح قبل
صيرورته تمرا.
واتفق العلماء كافة على أن الإخراج إنما يجب في الغلة بعد التصفية، وفي
الثمرة بعد الجفاف.

1. القائل هو المحقق في المعتبر: 2 / 534.
376

1267. الحادي عشر: لو تلفت بعد الجفاف بتفريط ضمن، وبدونه لا ضمان،
ولو قطعها قبل بدو الصلاح لحاجة، فلا زكاة، ولم يكن قد فعل مكروها، وان
كان لغير حاجة فلا زكاة أيضا، ولكنه فعل مكروها.
ولو تلف بعضها بعد بدو الصلاح بغير تفريط، وجبت الزكاة إذا بلغ
المجموع النصاب، وسقط من الفريضة بنسبة التالف من المجموع.
1268. الثاني عشر: لو اشترى الذمي زرع المسلم قبل بدو الصلاح، ورده عليه
بعد اشتداده لعيب، فلا زكاة، ولو ظهر فساد البيع من أصله، ففي الوجوب نظر،
لعدم تمكنه من التصرف ظاهرا.
1269. الثالث عشر: لو كان له رطب لا يجف عادة، وجبت الزكاة فيه بعد بلوغه
النصاب، ويعتبر بنفسه لا بجنسه.
1270. الرابع عشر: لو كان له نخل يتفاوت إدراكه بالسرعة والبطء، أو زرع أو
كرم كذلك، ضم السابق مع اللاحق، إذا كانا لعام واحد، وكذا البحث لو كان
إطلاعه متفاوتا، سواء كان في موضع واحد، أو في أمكنة متباعدة.
1271. الخامس عشر: لو كان له نخل يطلع مرتين في عام ضممناهما، فإن بلغ
المجموع نصابا، تعلقت الزكاة، وإلا فلا، وقول الشيخ (رحمه الله) (1) هنا مدخول.
1272. السادس عشر: لو كان النخل جيدا لم يجز الردئ، ولو كان رديئا لم
يكلف شراء الأجود، ولو كان منهما أخرج بالتقسيط على الأفضل، ولو أخرج
من الأردأ ففي الإجزاء نظر.

1. المبسوط: 1 / 215.
377

وفي رواية حسنة عن محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) قال: سألته ما أقل
ما يجب فيه الزكاة؟ قال: «خمسة أوسق، ويترك معا فارة وأم جعرور (1) ولا يزكيان
وإن كثرا» (2).
والظاهر أن مراده (عليه السلام) لا يخرج منهما، لا أنه لا زكاة فيهما لو بلغا النصاب.
1273. السابع عشر: الزكاة في الغلات تجب بعد المؤونة، كأجرة السقي
والعمارة والحصاد والجذاذ والحافظ والبذر والخراج، وبعد حصة السلطان، فإذا
أخرجت هذه الأشياء وكان الباقي نصابا، وجب الزكاة، وإلا فلا.
وللشيخ (رحمه الله) هنا قول ضعيف (3).
1274. الثامن عشر: يجوز الخرص في الكرم والنخل، والأقرب عدم جوازه
في الزرع، ويضمن الخارص المالك حصة الفقراء، ووقته بدو الصلاح.
ويجزئ الخارص الواحد، والأفضل اثنان، ولا بد أن يكون أمينا.
1275. التاسع عشر: إذا عرف الخارص المقدار خير المالك في إبقائه أمانة في
يده - فليس له التصرف حينئذ بالبيع والهبة والأكل - وفي تضمينه، فيتصرف
كيف شاء.
ويجوز أن يضمن الخارص حق المالك، ويجوز أن يقسم الثمرة على

1. هما نوعان من التمر، لاحظ في تفسيرهما الوسائل: 6 / 141، الباب 19 من أبواب زكاة
الغلات، الحديث 1.
2. الوسائل: 6 / 119، الباب 1 من أبواب زكاة الغلات، الحديث 3.
3. قال في المبسوط: 1 / 217: وكل مؤونة تلحق الغلات إلى وقت إخراج الزكاة على رب المال
دون المساكين. ولاحظ الخلاف: 2 / 67 المسألة 78 من كتاب الزكاة.
378

رؤوس النخل، فيعين الساعي حصة الفقراء في نخل بعينه.
1276. العشرون: ينبغي للخارص التخفيف عن المالك بقدر ما يستظهر به
المالك (1) لما يكون بإزاء المارة وما يتساقط (2) فيأكله الهوام وما ينتابه الطير، والنظر
في التخفيف إلى الخارص.
1277. الحادي والعشرون: الخرص لا يفيد التضمين وإن اختار المالك
الضمان، بل إخراج الزكاة بحكم الخرص لو تلفت بتفريط من المالك، ولم
يعلم القدر.
ولو تلفت من غير تفريط سقطت الحصة المضمونة بالخرص.
ولو اختار المالك الحفظ ثم أتلف الثمرة، أو تلفت بتفريطه ضمن حصة
الفقراء بالخرص إن لم يعلم القدر، وإلا ضمن القدر، وكذا لو أتلفها الأجنبي.
ولو افتقرت النخلة إلى تجفيف الثمرة، جففت، وسقط من
الخرص بحسابه.
1278. الثاني والعشرون: لو ادعى المالك التلف أو تلف البعض بعد الخرص،
فإن كان بسبب ظاهر، فالقول قوله، ولا يمين عليه لو اتهمه الساعي، خلافا
للشيخ (3) ولو نكل عند الشيخ غرم، ولو كان يخفى (4) فالقول قوله ولا
يمين أيضا.

1. في «ب»: ويقدر ما يظهر به المالك.
2. في «أ»: فما يتساقط.
3. المبسوط: 1 / 216.
4. كذا في المطبوع والظاهر «بخفي» أي لو كان التلف بسبب خفي وهو عطف على قوله «فإن كان
بسبب ظاهر».
379

ولو ادعى غلط الخارص بالمحتمل قبل قوله من غير يمين، ولو ادعى
غير المحتمل لم يقبل منه، ولو زاد الخرص فالزيادة للمالك، ويستحب له بذلها;
قاله: ابن الجنيد (1).
1279. الثالث والعشرون: لو لم يخرج الإمام خارصا جاز (2) للمالك أن يخرج
خارصا، وأن يخرص بنفسه، ويحتاط في التقدير.
ويجوز للمالك قطع الثمرة وإن كره الخارص، سواء ضمن أو لم يضمن،
ومنع الشيخ في المبسوط 3 ليس بجيد.
1280. الرابع والعشرون: لا يجوز للساعي أخذ الرطب عن التمر، ولا العنب
عن الزبيب، إلا بأن يعتبر حاله عند الجفاف، فإن فضل رد الفاضل، وإن نقص
استعاد النقصان، ولو دفع المالك الرطب عن التمر لم يجزه ولو كان عند الجفاف
بقدر الواجب إلا بالقيمة السوقية، وعندي فيه نظر.
1281. الخامس والعشرون: لو استأجر أرضا فزرعها ببذره، كانت الزكاة على
المستأجر، وكذا لو استعار أرضا أو غصبها.
ولو زارع مزارعة فاسدة، كانت الزكاة على صاحب البذر. ولو كانت
صحيحة كانت الزكاة عليهما إذا بلغ نصيب كل منهما نصابا. ولو بلغ نصيب
أحدهما وجبت عليه خاصة.
1282. السادس والعشرون: لو اشترى ثمرة بشرط القطع قبل بدو الصلاح،

1. حكاه عنه المحقق في المعتبر: 2 / 536.
2. في «ب»: كان.
3. المبسوط: 1 / 216.
380

فلم يقطعها حتى بدا صلاحها، فإن طالب البائع بالقطع أو المشتري أو اتفقا جاز.
وهل تسقط الزكاة عن المشتري؟ قال الشيخ: نعم (1) وعندي فيه إشكال.
ولو اتفقا على التبقية، أو بقيت (2) برضا المالك، فإن الزكاة تجب على
المشتري قولا واحدا.
1283. السابع والعشرون: الحنطة والشعير هنا جنسان إجماعا، لا تضم
أحدهما إلى الآخر، وإن اتحدا في باب الربا على الأقوى، خلافا لابن إدريس (3).
الفصل السابع: في الأحكام
وفيه أحد عشر بحثا:
1284. الأول: لو ثلم النصاب قبل الحول سقطت، وإن فعله فرارا، وكذا لو بادل
جنسا بجنس مماثل أو مخالف، ويستأنف في البدل الحول من حين الانتقال.
ولو وجد به عيبا قبل الحول رده، واسترجع النصاب، واستأنف الحول من
حين الرجوع، وإن كان بعد الحول وقبل الأداء، بطل الرد إلا أن يؤدي (4) الزكاة
من غير العين على إشكال، وإن كان بعد الأداء من العين فكذلك وإن كان من
غير العين جاز الرد.

1. المبسوط: 1 / 219.
2. في «ب»: ولو اتفقا على التبقية جاز أو بقيت.
3. السرائر: 2 / 254.
4. في «أ»: بطل الرد إلى أن يؤدي.
381

ولو كانت المبادلة فاسدة لم يزل ملك واحد منهما، فإذا تم الحول وجبت
الزكاة على إشكال.
1285. الثاني: لو باع النصاب بعد الحول قبل الأداء، صح في نصيبه، ووقف
نصيب الفقراء، فإن أدى الزكاة من غيره صح الجميع، وإلا بطل نصيب الفقراء
فيتخير المشتري حينئذ.
ولو عزل نصيبهم وباع الباقي، صح، ولو وهبه بعد الحول صح في نصيبه،
ووقف نصيب الفقراء، فإن أدى المالك من غيره، صح، وإلا فلا.
1286. الثالث: لا تسقط الزكاة بموت المالك إذا وجبت عليه، سواء أوصى بها
أو لم يوص، ويخرج من صلب المال.
1287. الرابع: لو تلف المال من غير تفريط سقطت الزكاة، وإن كان بتفريط أو
بعد إمكان الأداء، وجبت.
1288. الخامس: يجوز إخراج القيمة في الأنعام وغيرها، ومنع المفيد في
الأنعام (1) بعيد. ويجوز إخراج مهما شاء قيمة، والقيمة تخرج على أنها قيمة لا
أصل (2)، والأقرب جواز إخراج المنافع (3).
1289. السادس: لا اعتبار بالخلطة (4) في الزكاة، بل يخرج كل من المالكين ما

1. المقنعة: 253.
2. كذا في «ب»: ولكن في «أ»: «على أنها قيمة الأصل» والصحيح ما في المتن.
3. قال المصنف في المنتهى: هل يجوز اخراج المنافع كسكنى الدار؟ والأقرب عندي الجواز،
خلافا للجمهور، لنا انه حق مالي فجاز إخراجه قيمة كالأعيان. منتهى المطلب: 1 / 504
(ط القديم).
4. في «ب»: بالخليط.
382

يخصه من ماله إن بلغ النصاب، وإلا فلا شئ ولو بلغ المجموع النصاب أو أكثر،
سواء كانت خلطة أعيان، أو أوصاف، كما لو اشتركا في المسرح، والمرعى،
والمحلب، والمشرب، والفحل، والراعي.
وكذا لا أثر للخلطة في نقصان الفريضة، فلو كان لثلاثة مائة وعشرون
وجب على كل واحد شاة، ولا فرق في سقوط اعتبار الخلطة بين
الماشية وغيرها.
1290. السابع: لو كان النصاب لواحد، وجبت الزكاة عليه، وإن كان متفرقا في
أماكن مختلفة، كما لو كان له أربعون شاة متفرقة في البلاد، سواء تباعدت البلدان
أو تقاربت، ولو كان له ثمانون في بلدين وجبت شاة واحدة.
1291. الثامن: الزكاة تجب في العين لا في الذمة، سواء كان المال حيوانا أو
أثمانا أو غلات، فلو كان له نصاب واحد حال عليه حولان، ولم يؤد، وجبت
عليه فريضة واحدة، ولو أدى من غير العين وجب عليه الإخراج ثانيا.
1292. التاسع: لا يضم جنس إلى غيره، فلو كان عنده أربع من الإبل،
وعشرون من البقر، وثلاثون من الغنم، لم يجب عليه شئ، وكذا باقي الأصناف.
1293. العاشر: الدين لا يمنع الزكاة وإن استوعب، سواء في ذلك الأموال
الظاهرة والباطنة، ولا فرق بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين.
1294. الحادي عشر: لو حال الحول على النصاب، فتصدق به أجمع، صح، ثم
إن نوى الزكاة أجزأه، وإلا ضمن حصة الفقراء.
383

الفصل الثامن: فيما يستحب فيه الزكاة
و فيه مطلبان
[المطلب] الأول: في مال التجارة
وفيه ثلاثة وعشرون بحثا:
1295. الأول: يستحب الزكاة في مال التجارة على أقوى القولين، وهو المال
المنتقل بعقد معاوضة، يقصد به الاكتساب عند التملك، ولا يكفي النية من دون
الشراء، ولو انتقل بهبة أو ميراث أو نوى القنية فلا زكاة.
1296. الثاني: شرط ثبوت الزكاة فيها - استحبابا عندنا، ووجوبا عند بعض
علمائنا (1) - الحول، وبلوغ القيمة النصاب، ونية الاكتساب بها عند التملك، وأن
يكون الاكتساب بفعله، كالابتياع، والاكتسابات المحللة، لا بما يملكه بميراث
وإن نواه للتجارة.
والأقرب اشتراط كون التملك بعوض لا بالهبة والاحتطاب والاحتشاش
والنكاح والخلع وقبول الوصية.
ويشترط وجود رأس المال طول الحول، فلو كان عنده متاع قيمته نصاب،

1. يظهر القول بالوجوب من الصدوق في الفقيه: 2 / 11، والمقنع: 168; ونقل المصنف عن
الصدوق ووالده الوجوب، لاحظ المختلف: 3 / 192.
384

فزاد في أثناء الحول، لم يبن حول الزيادة على الأصل، بل يثبت زكاة رأس المال
عند تمام حول الأصل، وزكاة الزيادة عند تمام حولها إن بلغت نصابا، سواء نض
المال في أثناء الحول أو لم ينض.
1297. الثالث: قال الشيخ: لو اشترى عرضا للتجارة بدراهم أو دنانير لم ينقطع
حول الدراهم، بل يبنى حول العرض على حول الأصل، ولو اشترى بنصاب من
غير الأثمان، كخمسة من الإبل، استأنف الحول، ولو كان معه سلعة ستة أشهر ثم
باعها بنى على حول الأصل (1).
1298. الرابع: لو اشترى سلعة للتجارة بسلعة للقنية، جرت في الحول من
حين انتقالها إليه.
1299. الخامس: عروض التجارة يبنى حول بعضها على بعض، فلو كان في
يده عرض للتجارة ثبت فيه الزكاة إذا أقام في يده ستة أشهر، ثم اشترى به عرضا
آخر للتجارة، وأقام ستة أخرى تثبت الزكاة، بخلاف الزكاة الواجبة لو بادل أحد
النصب بغيره، وكذا لو نض المال، بنى على حول العرض.
1300. السادس: تثبت زكاة التجارة في كل حول مع الشرائط.
1301. السابع: لو اشترى سلعا في أوقات متعاقبة، فإن كانت قيمة كل واحدة
نصابا، زكى كل سلعة عند تمام حولها، وإن بلغ المجموع النصاب، زكاه عند
حولان الحول عليه أجمع.
ولو كان الأول نصابا دون الباقي، فكلما حال عليه الحول، ضم إلى الأول،
وزكاه كالمال الواحد.

1. المبسوط: 1 / 221.
385

1302. الثامن: لو ملك دون النصاب وحال عليه الحول، لم تثبت الزكاة.
ويشترط وجود النصاب في جميع الحول. فلو كان دون النصاب، ثم كمله
بزيادة القيمة السوقية، أو بنمائه، أو بانضمام عرض آخر للتجارة في ملكه، اعتبر
الحول عند الكمال.
ولو نقص في أثنائه ثم كمل، اعتبر الحول من حين الكمال.
1303. التاسع: لو اشترى شقصا بعشرين، فحال الحول وهو يساوي مائة،
وحال الحول على الزيادة، تثبت زكاة مائة، ويأخذ الشفيع بالعشرين، ولو اشترى
سلعة فحال الحول، ثم وجد بها عيبا فردها به تثبت الزكاة.
1304. العاشر: لو باع السلعة في أثناء الحول استأنف حول الثمن.
1305. الحادي عشر: تقوم السلعة بعد الحول بالثمن الذي اشتريت به، سواء
كان نصابا أو أقل، ولا تقوم بنقد البلد، ولو بلغت السلعة نصابا بأحد النقدين دون
الآخر تثبت الزكاة.
1306. الثاني عشر: القدر المخرج هو ربع عشر القيمة من النقد الذي كان
رأس المال.
1307. الثالث عشر: لو نوى القنية وقت الشراء، لم تثبت الزكاة، ولو نوى
التجارة بعد ذلك أو ورث مالا، أو استوهب وقصد أنه للتجارة، لم يصر للتجارة
بمجرد النية.
1308. الرابع عشر: لو نقص رأس المال في أثناء الحول ولو حبة، سقطت
الزكاة وإن كان ثمنه أضعاف النصاب.
386

ولو بلغ رأس المال استأنف الحول حينئذ، ولو نقص بعد الحول وإمكان
الأداء، لم تسقط الزكاة في الناقص، ولو كان قبل إمكان الأداء، سقطت فيه خاصة.
1309. الخامس عشر: زكاة التجارة تتعلق بالقيمة، فيجوز بيع العروض
قبل الأداء.
1310. السادس عشر: زكاة التجارة لا تمنع زكاة الفطرة، فلو اشترى دقيقا
للتجارة، تثبت زكاتها، ووجب على المالك زكاة الفطر عنه.
1311. السابع عشر: لا تجتمع زكاة العين والتجارة في مال واحد، فلو ملك
أربعين سائمة للتجارة، وقيمتها نصاب، وحال الحول، سقطت زكاة التجارة،
وتثبت زكاة العين.
1312. الثامن عشر: لو اشترى أرضا للتجارة فزرعها، أو نخلا لها، فأثمر، ثم
وجبت زكاة العين في الزرع والثمرة، لم تسقط زكاة التجارة في الأرض والنخل،
وللشيخ (رحمه الله) (1) هنا قول ضعيف عندي.
1313. التاسع عشر: لو كان معه مائتا درهم، فاشترى بمائة وخمسين عرضا،
فإن لم ينقص قيمته كمال الحول ضم إلى الخمسين، وتثبت الزكاة.
ولو كان معه أربعون سائمة، فعارضها (2) بأربعين سائمة، وكلاهما للتجارة،
وكمل الحول عليهما تثبت زكاة التجارة، وعلى قول الشيخ (3) تثبت زكاة العين.

1. المبسوط: 1 / 222.
2. المعارضة: بيع المتاع بالمتاع لا نقد فيه. النهاية.
3. المبسوط: 1 / 222.
387

1314. العشرون: لو دفع ألفا قراضا على النصف، فربح ألفا، ضممنا حصة
المالك إلى رأس المال وتثبت الزكاة فيه، وفي حصة العامل أيضا، إذا اتفق رأس
المال والزيادة في الحول.
ولو اختلفا أخذنا زكاة رأس المال مع حوله، وإذا حال الحول على الزيادة
أخذت الزكاة من حصته، والباقي على العامل.
وتردد الشيخ (رحمه الله) في تعجيل إخراج حصة العامل لحصول الملك له بظهور
الربح، - ويملك الفقراء حصتهم منه بظهوره - وبين تأخيره إلى القسمة لكونه
وقاية (1) وهو عندي أقرب، ولهذا لا يختص بربحه، فأنه لو كان رأس المال عشرة
فربح عشرين، ثم ثلاثين، كانت الخمسون بينهما، ولو استقر ملكه للربح لكان
للعامل ثلاثون.
1315. الحادي والعشرون: لو نوى بنصاب التجارة القنية تعين البناء على ما
تقدم من الحول لزكاة المال.
1316. الثاني والعشرون: لو اشترى سلعة بدراهم، فحال عليها الحول، وباعها
بالدنانير، قومت السلعة دراهم، ولو باعها قبل الحول بدنانير، ثم حال الحول،
قومت الدنانير دراهم.
1317. الثالث والعشرون: لو نتج مال التجارة، كان النتاج مال
التجارة، ويجزيه نقصان الولادة في نصاب التجارة، وليس حوله حول الأصل
على ما تقدم.

1. المبسوط: 1 / 224.
388

المطلب الثاني: في بقية ما يستحب فيه الزكاة
وفيه ثمانية مباحث:
1318. الأول: يستحب الزكاة في الخيل بشروط أربعة:
1319 الأول: الملك التام، فلا يستحب في المستعار،
والمستأجر، ولا المغصوب، ولا الضال.
1320 الثاني: السوم، فلا زكاة في المعلوفة.
1321 الثالث: الحول.
1322 الرابع: الأنوثة، فلا زكاة في الذكور.
1323. الثاني: يخرج عن كل عتيق في كل سنة ديناران، وعن كل برذون في
كل عام دينار.
1324. الثالث: يستحب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض غير الغلات الأربع
التي تجب فيها الزكاة بشرط الكيل أو الوزن، والملك، والنصاب، كالأرز،
والعدس، والذرة، وأشباهها.
1325. الرابع: النصاب هنا كما هو في الغلات الأربع خمسة أوسق.
1326. الخامس: القدر المخرج العشر إن كان قد سقي سيحا أو شبهه، ونصف
العشر إن كان قد سقي بالدوالي والنواضح وأشباهها، ولو اجتمعا فكالغلات.
1327. السادس: لا يستحب الزكاة في الخضر، كالبقول والبطيخ، وأشباهه.
389

1328. السابع: يستحب الزكاة في المساكن، والعقارات، والدكاكين إذا كانت
للغلة، ويخرج من غلتها الزكاة، ولو لم يكن الدار دار غلة ولا عقارا متخذا
للأجرة لم يستحب الزكاة.
1329. الثامن: لا يستحب الزكاة في الأقمشة، والأثاث، والفرش، والأواني،
والرقيق، والماشية، عدا ما تقدم.
390

المقصد الثالث: في وقت الإخراج والمتولي له
وفيه مطلبان
المطلب الأول: في الوقت
وفيه خمسة عشر بحثا:
1330. الأول: لا زكاة في الأنعام والأثمان حتى يحول الحول، وهو مضي أحد
عشر شهرا فإذا (1) أهل الثاني عشر، وجبت الزكاة إذا استمرت الشرائط كمال
الحول، ووجوبها على الفور.
وأما الغلات فإذا صفت الغلة واقتطفت الثمرة، وجب الإخراج على الفور،
ولا يجوز له التأخير، سواء طولب بها أو لا مع وجود المستحق.
1331. الثاني: لو أخر الإخراج مع التمكن ووجود المستحق، ضمن، وكذا لو
بعث إليه زكاة ليفرقها، فأخر مع وجود المستحق وإمكان الإخراج ضمن، وكذا
الوصي لو أخر دفع ما أوصي إليه بدفعه، ولو كان عليه ضرر في الإخراج
جاز التأخير.

1. في «أ»: ثم إذا.
391

ولو أخرها ليدفعها إلى من هو أحق بها، كالقرابة، أو ذي الحاجة الشديدة،
ضمن مع وجود المستحق، قلت أو كثرت، ولا يكون قد فعل حراما إن
قصر الزمان.
ولو كثر المستحقون في البلد، وطلب تعميم العطاء، جاز له التأخير في
الإعطاء لكل واحد بقدر ما يعطي غيره، وفي الضمان حينئذ إشكال.
1332. الثالث: يجوز للمالك عزل الزكاة من دون إذن الساعي، ولو أخرجها
عن ملكه ولم يسلمها إلى الفقير، ولا إلى الساعي، ولا إلى الوالي مع المكنة (1)
ضمن، ولا يكفي الإفراد.
ولو أخرجها عن ملكه، ولم يجد الساعي، ولا الفقير، وتلفت من غير
تفريط، فلا ضمان.
1333. الرابع: لو دفع إلى الفقير الزكاة، فأمره الفقير أن يشتري له بها ثوبا أو
غيره، ولم يقبضها، فتلفت ضمن المالك، لأن الفقير لم يملك لعدم القبض،
فالتوكيل فاسد، أما لو قبض، لم يضمن إلا بالتفريط.
1334. الخامس: روي جواز تأخير الزكاة شهرا أو شهرين (2).
وعندي انه محمول على العذر، وحينئذ لا يتقدر بغير زواله (3).
1335. السادس: قد روي جواز تقديم الزكاة شهرا وشهرين وثلاثة وأربعة (4)

1. في «ب»: مع التمكن.
2. لاحظ الوسائل: 6 / 210، الباب 49 من أبواب المستحقين للزكاة.
3. فالتأخير جائز إلى زوال العذر قل أو كثر.
4. الوسائل: 6 / 211، الباب 49 و 50 من أبواب المستحقين للزكاة.
392

وعندي أن هذه الروايات محمولة على سبيل القرض على الزكاة، لا أنه زكاة
معجلة، ويكون صاحبها ضامنا متى جاء الوقت، وقد أيسر الآخذ، ولا يضمن لو
بقي على الاستحقاق.
1336. السابع: لو كان معه أقل من نصاب فأخرج زكاة نصاب ناويا أنه إن تم
النصاب كان ما أخرجه زكاة معجلة، لم يجز إجماعا.
1337. الثامن: إذا كان معه نصاب لا أزيد، فدفع الزكاة منه قرضا قبل الحول،
سقط الوجوب. وعند الشيخ (رحمه الله) (1) تثبت الزكاة ما دامت عينها باقية، ولو تلفت
انقطع الحول، وله استرجاع الثمن.
1338. التاسع: إذا دفع الزكاة قبل الحول قرضا، فإن بقي المال على صفة
الوجوب، والمستحق على صفة الاستحقاق، احتسب القرض من الزكاة عند
الحول، ويجوز نقلها إلى غيره.
ولو تغيرت حال المالك أو حال القابض، استعيدت العين إن كانت
موجودة، والقيمة عند القبض إن تلفت.
ولو زادت العين زيادة متصلة أو منفصلة، ففي استعادتها نظر، قال الشيخ:
يستعيدها، لأن المالك إنما أقرضها زكاة فلا يملكها بذلك (2).
1339. العاشر: لو تسلف الساعي الزكاة من غير مسألة المالك ولا الفقراء، ثم
حال الحول، والمالك والقابض على الصفات المعتبرة، وقعت موقعها.

1. المبسوط: 1 / 231.
2. المبسوط: 1 / 229.
393

وإن تغيرت حال الدافع، ردها الإمام على المالك، وإن تغيرت حال
المدفوع إليه، ردها الإمام على غيره.
ولو كان تغير المدفوع إليه قبل الدفع، ضمنها الساعي مع التفريط وعدمه.
ولو تسلف بمسألتهما، وحال الحول، ولم تتغير الحال، فقد وقعت
موقعها، وإن تغيرت بعد الدفع فالحكم ما مضى، وإن كان قبله وهلكت من غير
تفريط، قال الشيخ: الأولى أن يكون منهما، لأن كل واحد منهما أذن به (1) ولو
تسلف بمسألة الفقراء ولم تتغير الحال، فقد وقعت موقعها، وإن تغيرت بعد
الدفع، فكما تقدم، وإن كان قبله وهلكت في يد الساعي، قال الشيخ: يضمن
أهل السهمان (2).
ولو تسلفها بإذن المالك خاصة، ولم تتغير الحال، وقعت موقعها، وإن
تغيرت بعد الدفع فكما تقدم، وإن كان قبله وهلكت في يد الساعي فالمالك
ضامن، لأن الساعي أمينه.
1340. الحادي عشر: ما يتعجله المستحقون متردد بين الزكاة والاسترداد، فلو
تغيرت حال المالك أو الفقراء قبل الحول، استعيد.
وكل موضع يستعيد المالك، فأنه يأخذ العين مع وجودها، والمثل مع
عدمها، ولو تعذر أو لم تكن مثلية، استعاد القيمة، ويقع التردد بين اعتبار (3) القيمة
يوم التلف أو يوم القبض.

1. المبسوط: 1 / 228.
2. المبسوط: 1 / 228. السهمان - بضم السين - جمع السهم. لسان العرب.
3. في «أ»: ويقع التردد من اعتبار.
394

وإنما يستعيد المالك لو قال للفقير وقت الدفع: هذه زكاتي عجلتها لك،
ولو أطلق، أو قال: هذه صدقة، لم يكن له الاسترجاع إلا أن يدعي علم الفقير
بالتعجيل، فيرجع مع نكول الفقير عن اليمين، ولو كان الدافع الوالي، جاز له
الاسترجاع، أطلق أو قيد.
1341. الثاني عشر: لو أيسر الفقير، فإن كان بعين المدفوع جاز احتسابه من
الزكاة، وإن كان بغيره استرجع منه.
أما لو أيسر بنمائه، كما لو كانت إبلا فتوالدت، أو أموالا، فاتجر بها، قال
الشيخ: لا يرتجع الزكاة (1) وفيه نظر، لأن المقبوض عنده قرض، ونماء
القرض للمقترض.
1342. الثالث عشر: لو أيسر بعد الدفع، ثم حال الحول عليه، وهو فقير، جاز
الاحتساب، وكذا لو دفعها إلى غني، ثم افتقر، لأن الدفع عندنا على
سبيل القرض.
1343. الرابع عشر: لو دفع عن نصاب ثم أتلف بعضه قبل الحول، سقطت
الزكاة، واسترجع ما دفعه وإن قصد بالإتلاف الاسترجاع.
1344. الخامس عشر: لو عجل عن أحد النصابين، فهلك جاز احتسابه عن
النصاب الثاني عند الحول.

1. المبسوط: 1 / 230.
395

المطلب الثاني: في المتولي للإخراج
وفيه ستة عشر بحثا:
1345. الأول: يجوز للمالك تفريق الزكاة بنفسه في المال الظاهر والباطن،
والأفضل صرفها إلى الإمام العادل، ولو كان غائبا فالأفضل دفعها إلى الفقيه
المأمون، من الإمامية.
1346. الثاني: لو أخذ الجائر الزكاة، ففي إجزائها روايتان (1)، الأقرب عدمه،
لكن لا يضمن حصة الفقراء فيما أخذه.
1347. الثالث: لا يجوز للمالك دفعها إلى الجائر طوعا، ولو دفعها كذلك
ضمن، ولو عزلها فأخذها (2) الظالم، أو تلفت، فلا ضمان.
1348. الرابع: لو طلبها الإمام وجب صرفها إليه، فلو فرقها المالك حينئذ قيل
لا يجزيه (3) وعندي فيه نظر.
1349. الخامس: لو فرقها بنفسه، أو حملها إلى الإمام أو إلى بعض إخوانه
ليفرقها، سقط سهم السعاة منها.
1350. السادس: يشترط في العامل شروط ستة: البلوغ، والعقل، والحرية

1. الوسائل: 6 / 173، الباب 20 من أبواب المستحقين للزكاة.
2. في «أ»: مما أخذه.
3. القائل هو الشيخ في المبسوط: 1 / 244، ولاحظ المختلف: 3 / 232.
396

على إشكال، والإسلام، والعدالة، والفقه فيها (1) على إشكال.
وهل يجوز للهاشمي أن يكون عاملا؟ منع الأصحاب منه، أما لو تولى
جباية زكاة الهاشمي، فالوجه جواز أخذ النصيب منها، ولو تطوع بالعمالة من غير
سهم ولا أجرة جاز، ويجوز لمولى الهاشمي أن يكون عاملا.
1351. السابع: الإمام مخير إن شاء استأجر الساعي بأجرة معلومة، مدة
معلومة، وإن شاء جعل له جعالة عن العمل يدفعها إليه مع توفيته، فإن قصر
النصيب عنه، تمم له من باقي السهام، وإن فضل، دفع الباقي إلى أهل الزكاة، ولو
قيل: إنه ليس بلازم، لأنه تعالى جعل له نصيبا (2) كان وجها.
1352. الثامن: يجب على الإمام بعث ساع للجباية في كل سنة، وأطلق الشيخ
ذلك (3)، وعندي انه لو علم من قوم أداءها إليه أو إلى المستحقين، لم يجب
البعث إليهم.
1353. التاسع: أجرة الوزان والكيال والناقد على رب المال، وأما الحاسب
والكاتب فيعطيان من سهم العامل.
1354. العاشر: ليس للساعي تفرقة الزكاة بنفسه من دون إذن الإمام، ولا بيعها
إلا مع الحاجة أو العذر.
فلو باع لا لضرورة لم يصح البيع، وتستعاد العين، وأرشها من المشتري إن

1. الضمير يرجع إلى الزكاة، قال في المنتهى: إنما يشترط الفقه في الزكاة خاصة لا في بقية
الأحكام، وعندي فيه توقف. منتهى المطلب: 1 / 515 (ط القديم).
2. حيث قال: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها). التوبة: 60.
3. لاحظ المبسوط: 1 / 244.
397

نقصت عنده، والمثل إن كانت تالفة أو القيمة.
وينبغي أن يعرف أهل الصدقات بأنسابهم وحلاهم (1) ويعرف
قدر حاجتهم، فإذا أعطى شخصا كتبه وحلاه، ولا ينبغي له أن يؤخر التفرقة إلا
مع الإذن.
1355. الحادي عشر: إذا أخذ الساعي أو الإمام الزكاة دعا لصاحبها، وللشيخ
قولان (2) في الوجوب، أقربهما عندي الاستحباب.
1356. الثاني عشر: ينبغي لوالي الصدقة أن يسم نعمها في أصلب موضع
وأكشفه، مثل أفخاذ الإبل والبقر وأصول آذان الغنم، ويكون ميسم الإبل والبقر
أكبر من ميسم الغنم.
ويكتب على الميسم ما أخذت له من صدقة أو زكاة أو جزية، ويكتب
اسم الله تعالى للتبرك به.
1357. الثالث عشر: النية شرط في أداء الزكاة، ولا بد فيه من التقرب، والوجه،
وكونها زكاة مال، أو فطرة، أو صدقة، ولا يفتقر إلى تعيين المال.
ويتولاها الدافع، سواء كان المالك، أو الساعي، أو الوالي، أو الحاكم، أو
الوكيل، ولو دفعها المالك إلى الإمام أو إلى الساعي ونوى وقت الدفع أجزأه،
سواء نوى الإمام أو الساعي حال دفعها إلى الفقراء أو لا.
أما لو دفعها إلى الوكيل، ونوى حالة الدفع إليه، ونوى الوكيل حال الدفع

1. حلية الإنسان: ما يرى من لونه وظاهره.
2. قول بالوجوب ذهب إليه في الخلاف: 2 / 125، المسألة 155 من كتاب الزكاة; وقول
بالاستحباب، وهو خيرته في المبسوط: 1 / 244.
398

إلى الفقراء أجزأ إجماعا.
ولو نوى الوكيل خاصة، قال الشيخ: لا يجزئه (1)، وعندي فيه نظر.
ولو نوى المالك حال الدفع إلى الوكيل، ولم ينو الوكيل حال الدفع إلى
الفقراء، قال الشيخ: لا يجزئه أيضا (2).
1358. الرابع عشر: لو أخذ الإمام أو الساعي الزكاة ولم ينو المالك، فإن كان
أخذها كرها أجزأه، وإن كان طوعا، قال الشيخ (رحمه الله): لا يجزئه، وليس للإمام مطالبته
بها ثانيا (3).
1359. الخامس عشر: يجب مقارنة النية للدفع، ولو نوى بعد الدفع ففي
الإجزاء نظر، ولو تصدق بجميع ماله ولم ينو بشئ منه الزكاة لم يجزئه.
1360. السادس عشر: لو كان له مال غائب، فأخرج زكاة، وقال: إن كان مالي
سالما فهذه زكاته، أو تطوع، لم يجزئه، خلافا للشيخ (رحمه الله) (4).
أما لو قال: إن كان سالما فهذه زكاته، وإن كان تالفا فنفل، أجزأه. ولو أخرج
مالا ونوى بجميعه الزكاة والتطوع، لم يجزئه.
ولو كان له حاضر وغائب، فقال: هذه عن أحدهما أجزأه، وكذا يجزئه لو
قال: هذه زكاة الغائب إن كان سالما، وإن كان تالفا فعن الحاضر.
ولو أخرج عن الغائب، فبان تالفا، قال الشيخ: لم يجز له صرفه إلى غيره (5)،
والوجه عندي الجواز.

1. المبسوط: 1 / 233.
2. المبسوط: 1 / 233.
3. المبسوط: 1 / 233.
4. المبسوط: 1 / 232.
5. المبسوط: 1 / 232.
399

ولو دفع الزكاة إلى الساعي تطوعا، وقال: هذه عن مالي الغائب. فبان تالفا
قبل الوجوب (1) رجع بها عليه مع بقائها، وإن كان قد فرقها، رجع على الفقراء، ولا
يضمن الساعي.

1. في «أ»: قبل الرجوع.
400

المقصد الرابع: في مستحق الزكاة
وفيه فصلان
[الفصل] الأول: في الأصناف
وهي ثمانية
[الصنف] الأول والثاني: الفقراء والمساكين
وفيه عشرة مباحث:
1361. الأول: لا تميز بين الفقير والمسكين مع الانفراد، ومع الاجتماع لا بد
من مايز، والقدر المشترك بينهما هو عدم التمكن من مؤنة السنة.
واختلف في أيهما أسوأ حالا، فللشيخ قولان:
أحدهما: الفقير (1)، لقوله (عليه السلام):
«نعوذ بالله من الفقر» (2).
وقال (عليه السلام): «اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في

1. لاحظ المبسوط: 1 / 246، والخلاف: 4 / 229، المسألة 10 من كتاب الصدقات.
2. سنن النسائي: 8 / 261، والمستدرك للحاكم: 1 / 541.
401

زمرة المساكين» (1).
ولأن العرب تبدأ بالأهم; ولأنه مشتق من كسر الفقار، فإنه فعيل بمعنى
مفعول أي مكسور فقارة الظهر، وهو مهلك.
ولقوله تعالى: (أما السفينة فكانت لمساكين) (2).
والثاني: المسكين (3)، لقوله سبحانه: (أو مسكينا ذا متربة) (4).
وهو المطروح على التراب، لشدة حاجته، وللتأكيد به.
ولقول الشاعر (5):
أما الفقير الذي كانت حلوبته * وفق العيال فلم يترك له سبد
ولنص أهل اللغة عليه، وكذا نص أهل البيت (عليهم السلام) (6).
ولا فائدة كثيرة في البحث عن ذلك بل الأصل عدم الغنى الشامل
للمعنيين، إن تحقق استحق الزكاة إجماعا.
واختلف في الغنى المانع، فللشيخ قولان: أحدهما من يملك نصابا تجب
فيه الزكاة أو قيمته (7)، والثاني القدرة على كفايته وكفاية من يلزمه كفايته
حولا كاملا (8).

1. سنن الترمذي: 4 / 577، برقم 2352.
2. الكهف: 79.
3. النهاية: 184.
4. البلد: 16.
5. هو الراعي يمدح عبد الملك بن مروان ويشكو إليه سعاته. لاحظ الصحاح للجوهري:
2 / 282، ولسان العرب: 10 / 299.
6. لاحظ الوسائل: 4 / 144، الباب 1 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 3.
7. الخلاف: 2 / 146، المسألة 183 من كتاب الزكاة; المبسوط: 1 / 239.
8. الخلاف: 4 / 238، المسألة 24 من كتاب الصدقات; المبسوط: 1 / 256. ولاحظ المختلف:
3 / 214.
402

1362. الثاني: يجوز لصاحب الدار والخادم والفرس أخذ الزكاة مع حاجته
واعتياده لذلك.
1363. الثالث: لو كان له كفاية باكتساب أو صناعة لم يجز له أخذ الزكاة، وكذا
لو كان له أجرة عقار أو غيره مع الكفاية.
أما لو ملك نصابا زكويا أو أكثر لا يتم به الكفاية، جاز له أخذ الزكاة.
1364. الرابع: لو أعد مالا للإنفاق وليس له كسب ولا صناعة، اعتبرت الكفاية
حولا، فيعطى لامعها ولا ينتظر به إنفاق ما معه.
1365. الخامس: لو كانت له دار غلة يكفيه غلتها، لم يجز له أخذ الزكاة، ولو لم
تكفه جاز.
1366. السادس: لو كان معه ما يمون نفسه وعياله بعض السنة، جاز أن يتناولها
من غير تقدير، وقيل: لا يتجاوز التتمة، وليس بمعتمد.
1367. السابع: لو كان ذا كسب يكفيه، حرم عليه أخذها، ولو كان كسبه يمنعه
عن التفقه في الدين، فالأقرب عندي جواز أخذها.
1368. الثامن: لا يشترط في استحقاق الفقر الزمانة، ولا التعفف عن السؤال.
1369. التاسع: الزوجة الفقيرة إذا كان زوجها غنيا، فإن كان ينفق عليها،
حرمت عليها منه إجماعا ومن غيره، ولو منعها النفقة، جاز لها الأخذ من غيره.
1370. العاشر: الولد المكتفي بنفقة أبيه، أو الأب المكتفي بنفقة الابن، لا
يجوز لأحدهما أخذ الزكاة من صاحبه، وفي الجواز من غيره إشكال، ورواية
عبد الرحمن الحجاج الصحيحة عن الكاظم (عليه السلام) تعطي تسويغه (1).

1. الوسائل: 6 / 163، الباب 11 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 1.
403

الصنف الثالث: العاملون على الزكاة
وهم جباة الصدقات
وفيه أربعة مباحث:
1371. الأول: إنما يستحق العامل الصدقة إذا عمل، ولو أخل لم يستحق.
1372. الثاني: لو فرقها الإمام لم يأخذ منها شيئا.
1373. الثالث: إنما يستحق العامل نصيبا من الزكاة، لا عوضا وأجرة.
1374. الرابع: يدخل في العاملين: الكاتب، والقسام، والحاسب، والحافظ،
والعريف، أما الإمام ونائبه والقاضي فلا.
الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم
وفيه أربعة مباحث:
1375. الأول: المؤلفة وهم الذين يستمالون إلى الجهاد، ويتألفون بإسهامهم
من الصدقة، وهم قوم مشركون، لهم نصيب من الزكاة لمعونة المسلمين في
جهاد غيرهم من المشركين.
وهل هاهنا مؤلفة غيرهم من المسلمين؟ قال الشيخ: لا يعرف أصحابنا
مؤلفة أهل الإسلام (1)، وقال المفيد: المؤلفة ضربان: مسلمون ومشركون (2).

1. المبسوط: 1 / 249.
2. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 573، والمصنف أيضا في التذكرة: 5 / 251.
404

واعلم أن المؤلفة من المسلمين أربعة:
1376 أحدها: أشراف مطاعون، لهم نية حسنة في الإسلام، ويعلم ثباتهم عليه،
لكن لهم نظراء من المشركين، إذا أعطوا رغب نظراؤهم في الإسلام.
1377 الثاني: أشراف، نيتهم ضعيفة، إذا أعطوا رجي حسن نيتهم وثباتهم.
1378 الثالث: مسلمون في طرف بلاد الإسلام، لهم قوة منع من يليهم من
المشركين، إن أعطوا قاتلوا عن المسلمين، وإن منعوا لم يقاتلوا، واحتاج الإمام
في قتالهم إلى مؤنة شديدة لتجهيز الجيوش.
1379 الرابع: مسلمون في الأطراف، بإزائهم قوم يؤدون الصدقات خوفا
منهم، إن أعطاهم الإمام جبوها وإن منعهم لم يجبوها (1) واحتاج الإمام إلى مؤونة
في تحصيلها.
قال الشيخ: لا يمتنع أن نقول: إن للإمام أن يتألف هؤلاء القوم ويعطيهم، إن
شاء من المؤلفة، وإن شاء من سهم المصالح، لأن هذا من فرائض الإمام، وفعله
حجة، ولا يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم لسقوطه، وفرضنا تجويز ذلك
والشك فيه (2) وقول الشيخ (رحمه الله) جيد.
1380. الثاني: قال الشيخ: سهم المؤلفة ساقط ألآن، وليس بمنسوخ 3.
1381. الثالث: لو احتيج إلى الجهاد حال غيبة الإمام، فالوجه جواز صرف
السهم إلى أربابه من المؤلفة.

1. في «أ»: جمعوها وان منعهم لم يجمعوها.
2. المبسوط: 1 / 250.
3. المبسوط: 1 / 249.
405

1382. الرابع: إذا احتاج الإمام في قتال أهل البغي أو مانعي الزكاة إلى التأليف،
استعان بالمؤلفة وصرف السهم إليهم.
الصنف الخامس: الرقاب
وفيه خمسة مباحث:
1383. الأول: المراد بالرقاب المكاتبون والعبيد إذا كانوا في ضر وشدة،
يشترون ابتداء ويعتقون.
1384. الثاني: لو وجبت عليه كفارة عتق وهو فقير، قال قوم من أصحابنا:
ويجوز أن يعطى من الزكاة ما يشتري به رقبة (1) ويعتقها في كفارته من سهم
الرقاب، لأن القصد إعتاق الرقبة، وقال الشيخ: الأحوط أن يعطى ثمن الرقبة من
سهم الفقراء، فيشتري هو، ويعتق عن نفسه (2) وقيل يعطى من سهم الغارمين (3).
1385. الثالث: لو لم يوجد مستحق، جاز أن يشترى العبد من مال الزكاة
ويعتق، وإن لم يكن تحت شدة.
1386. الرابع: يجوز صرف السهم إلى السيد بإذن المكاتب، وإلى المكاتب
بإذن السيد وبغير إذنه.
1387. الخامس: لا يعطى المكاتب من سهم الرقاب إلا إذا فقد ما يؤديه في
كتابته، وهل يعطى قبل حلول النجم؟ فيه إشكال، أقربه الجواز.

1. في «أ»: ما يشتري به من الرقبة.
2. المبسوط: 1 / 250.
3. القائل هو المحقق في المعتبر: 2 / 574.
406

الصنف السادس: الغارمون
وهم المدينون في غير معصية
وفيه سبعة مباحث:
1388. الأول: لو أنفق الغارم ما استدانه في معصية، لم يقض عنه من الزكاة،
سواء تاب أو لم يتب، نعم لو تاب وكان فقيرا جاز أن يعطى من سهم الفقراء،
ويقضي هو.
1389. الثاني: لو لم يعلم في ماذا أنفقه، قال الشيخ: لا يقضى عنه (1)، والوجه
عندي القضاء.
1390. الثالث: لو قضى الغارم دينه من ماله أو من غيره، لم يجز له أخذ عوضه
من الزكاة، إلا أن يكون قضاه من دين آخر.
1391. الرابع: لو استغرق السهم الدين جاز للإمام أن يدفعه إلى الغرماء، وأن
يدفعه إلى الغارم ليقضي هو، ولو قصر السهم عن الدين فطلب أخذه ليتجر فيه،
ويستفضل ما يحصل به تمام الدين، فالوجه الجواز.
1392. الخامس: الغارم ضربان:
أحدهما: تحمل مالا لإطفاء فتنة، بأن يتلف مال رجل ويجهل متلفه، وكاد
يقع بسببه فتنة، فتحمل رجل قيمته لإسكان النائرة، وسواء كان التحمل لإطفاء
الفتنة النائرة بالقتل أو بتلف المال.

1. النهاية: 306 - كتاب الديون -.
407

والثاني: من استدان لمنفعة نفسه إما للإنفاق في الطاعة أو المباح،
والقسمان يعطيان من سهم الغارمين.
1393. السادس: لو ضمن دينا، وكان هو والمضمون عنه مؤسرين، لم يؤده
من سهم الغارم، وإن كانا معسرين، جاز.
ولو كان المضمون عنه مؤسرا دون الضامن، احتمل أن لا يصرف إليه،
لعود النفع إلى المضمون عنه.
ولو كان الضامن مؤسرا دون المضمون عنه، فالأقرب صرفه إلى الأصيل،
لإمكانه ولا يصرف إلى الضامن لإيساره مع إمكان الصرف إلى الأصيل.
1394. السابع: يجوز القضاء عن الحي وإن كان ممن يجب نفقته مع العجز.
ويجوز أن يقاص بما عليه، وكذا يقضى عن الميت ويقاص، وإن كان ممن يجب
نفقته أيضا. والظاهر أن جواز المقاصة إنما هو مع قصور التركة.
الصنف السابع: سبيل الله
وللشيخ قولان في تفسيره:
أحدهما: الجهاد خاصة (1).
والثاني: جميع سبل الخير ومصالح المسلمين، كمعونة الزائرين، والحاج،
وقضاء الدين عن الحي والميت، وبناء القناطر والمساجد، وأشباه ذلك (2).

1. النهاية: 184.
2. المبسوط: 1 / 252، والخلاف: 4 / 236، المسألة 21 من كتاب الصدقات.
408

والثاني أقوى.
والغزاة قسمان:
المطوعة الذين ليسوا بمرابطين، ولا أسهم لهم في الديوان، وليسوا من
الجند الذين لهم نصيب من الفيء، وإنما يغزون إذا نشطوا.
والثاني الذين لهم سهم من الفيء، وهم جند الديوان الذين هم
يرسم (1) الجهاد.
والأولون يأخذون النصيب إجماعا، وتردد الشيخ في الثاني (2) والوجه
عندي جواز إعطائهم، ولو أراد كل من الصنفين الانتقال إلى صاحبه، جاز.
الصنف الثامن: ابن السبيل
وفي تفسيره قولان:
أحدهما للشيخ انه المجتاز بغير بلده المنقطع به، وإن كان غنيا في بلده (3)
ويدخل الضيف فيه.
والثاني لابن الجنيد انه المجتاز والمنشئ للسفر (4) والأقرب عندي الأول،
فيعطى الثاني من سهم الفقراء مع فقره لا من سهم ابن السبيل.

1. هكذا في النسختين ولعل الأصح «يرسمون»، وفي الحديث: فإذا الناس يرسمون نحوه أي
يذهبون إليه سراعا. لاحظ مجمع البحرين.
2. المبسوط: 1 / 252.
3. المبسوط: 1 / 252.
4. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 578.
409

إذا عرفت هذا فإن ابن السبيل يعطى ما يكفيه لذهابه وعوده إن قصد
غير بلده، وما يكفيه لوصوله إلى بلده إن قصده، ويعطى في سفر الطاعة والمباح
لا المعصية.
الفصل الثاني: في الأوصاف
وهي ثلاثة: الإيمان، وأن لا يكون ممن تجب نفقته، ولا هاشميا
من غيره
وهاهنا واحد وأربعون بحثا:
1395. الأول: لا يجوز صرف الزكاة إلى الكافر غير المؤلفة، ولا إلى
غير المؤمن من سائر أصناف المسلمين، فلو خالف لم يجز، سواء كان عمدا
أو جهلا.
1396. الثاني: لو لم يوجد المؤمن، فالأصح منع غيره منها، وينتظر الوجدان،
سواء كان غير المؤمن مستضعفا أو لا.
1397. الثالث: حكم زكاة الفطرة حكم زكاة المال، وجوز بعض علمائنا دفعها
إلى المستضعف مع عدم المستحق (1) والحق خلافه.
1398. الرابع: يجوز أن يعطى زكاة المال والفطرة أطفال المؤمنين، وإن كان

1. قال الشيخ في المبسوط: 1 / 242: ولا يجوز إعطاؤها لمن لا معرفة له إلا عند التقية أو عدم
مستحقيه.
410

آباؤهم فساقا، ولا يجوز إعطاء أولاد المشركين ولا أولاد المخالفين للحق.
1399. الخامس: اختار الشيخ (1) و السيد المرتضى (رحمهما الله) (2) اشتراط العدالة في
المستحق، ومنعه آخرون (3) وهو الأقوى، وقال آخرون: يشترط مجانبة الكبائر،
فعلى قولنا يجوز إعطاء الفاسق إذا كان مؤمنا.
1400. السادس: الإجماع على منع إعطاء من تجب نفقته على الدافع، وهم
الأبوان وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا، والزوجة والمملوك، من الزكاة الواجبة.
ويجوز للزوجة أن تعطي زوجها من زكاتها، وهل له أن يعطي من تجب
نفقته ما يزيد على النفقة الواجبة؟ فيه إشكال.
1401. السابع: من عدا من ذكرنا من الأقارب، كالأخ والعم والخال، لا يمنع
من الزكاة مع الشرائط، بل هو أولى من الأجنبي، سواء كان وارثا أو لم يكن.
1402. الثامن: لو كان في عائلته من لا تجب نفقته، كيتيم أجنبي، جاز دفع
الزكاة إليه، والإنفاق عليه من الزكاة.
1403. التاسع: أجمع العلماء كافة على تحريم الزكاة على بني هاشم من
غيرهم، وهم الآن أربعة: أولاد أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب.
وهل تحرم (4) لبني المطلب؟ أفتى به المفيد في الغرية (5) والحق
عندي خلافه.

1. الخلاف: 4 / 224، المسألة 3 من كتاب الصدقات; المبسوط: 1 / 251; والنهاية: 185.
2. الانتصار: 218.
3. منهم ابن الجنيد، لاحظ المختلف: 3 / 207.
4. في «أ»: «وهل يحل» والصحيح ما في المتن.
5. لاحظ المختلف: 3 / 212، والمعتبر: 2 / 585.
411

1404. العاشر: يجوز لموالي بني هاشم - وهم من أعتقوه - أخذ الزكاة
المفروضة، ولا تحرم على زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
1405. الحادي عشر: يجوز للهاشمي أن يتناول الزكاة من مثله من الهاشميين،
وأخذ المندوبة من غيرهم.
1406. الثاني عشر: لو كان الهاشمي فقيرا قد منع من الخمس، جاز له تناول
الزكاة، وهل يتقدر بقدر الحاجة أو يجوز له الزيادة؟ الأقرب الأول.
1407. الثالث عشر: لو ادعى شخص الفقر، فإن عرف كذبه، منع، وإن عرف
صدقه أعطي، وإن جهل قبلت دعواه، ولا يكلف بينة ولا يمينا.
ولو عرف له مال وادعى تلفه، قال الشيخ: يكلف البينة (1) وعندي فيه نظر،
ولو ادعى العجز عن الاكتساب، قبل قوله من غير يمين، وإن كان شابا سليما.
1408. الرابع عشر: لو ادعى العبد الكتابة، ولم يعلم صدقه، فإن صدقه السيد،
قبل قوله، وإن كذبه افتقر إلى البينة.
1409. الخامس عشر: لو ادعى الغرم، فإن كان لمصلحة ذات البين، فأمره
مشهور، وإن كان لمصلحة نفسه، ولم يعلم صدقه، فإن صدقه المدين، أو انتفى
تكذيبه، فالوجه القبول من غير يمين، وإن كذبه لم يعط شيئا.
1410. السادس عشر: لو ادعى ابن السبيل الحاجة، قبل قوله من غير يمين،
وكذا لو ادعى تلف ماله، والشيخ كلفه في الثاني اليمين (2).

1. المبسوط: 1 / 247 و 253.
2. المبسوط: 1 / 254.
412

1411. السابع عشر: لا يعطى الزكاة المملوك وإن كان طفلا، لأنه يكون إعطاء
للمالك.
1412. الثامن عشر: يجوز أن يعطى أطفال المؤمنين، فيتولى الأخذ وليهم،
سواء كان رضيعا أولا، أكل الطعام أو لا، وكذا يجوز الدفع إلى ولي المجنون.
1413. التاسع عشر: المخالف إذا أخرج زكاته إلى أهل نحلته، ثم
استبصر، أعاد.
1414. العشرون: لو دفع الإمام أو الساعي إلى من يظنه فقيرا فبان غنيا، لم
يضمن الدافع، ولا المالك، وللإمام والنائب الاستعادة من المدفوع إليه مع ظهور
غناه، شرط ذلك حال الدفع أو لا، أعلم أنها زكاة أو لا، ومع فقده، يستعيد المثل
أو القيمة، ومع التعذر، يذهب من المساكين.
ولو كان الدافع هو المالك، فالأقرب عدم الضمان مع الاجتهاد، وثبوته، لا
معه، فإن وجد العين، استعادها، وإلا المثل أو القيمة إن شرط وقت الدفع أنها
زكاة واجبة، ولو لم يشرط فلا رجوع.
1415. الحادي والعشرون: لو بان أن المدفوع إليه عبد المالك، فالوجه عدم
الإجزاء مطلقا.
1416. الثاني والعشرون: لو دفع إلى من ظاهره الإسلام أو الحرية، فبان
الخلاف، أو بان هاشميا، أو من تجب نفقته عليه، لم يضمن، كما تقدم.
1417. الثالث والعشرون: الفقراء والمساكين والعاملون والمؤلفة يعطون عطاء
مطلقا لا يراعى ما يفعلون بالصدقة.
413

أما الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل، فإنهم يعطون مراعى،
فإن صرف المكاتب ما أخذه في الكتابة، وإلا استعيد إن دفع إليه ليصرفه فيها،
ولو لم يف بما عليه واسترقه سيده، قال الشيخ (رحمه الله): لا يرتجع (1).
والغارم إن صرف سهمه في الدين، وإلا فالوجه ارتجاعه،
خلافا للشيخ (رحمه الله) (2).
والغازي إن صرف سهمه في الغزو، وإلا استعيد، ولو فضل منه فضل (3) بعد
الغزو لم يستعد.
وابن السبيل إن دفع صرف سهمه في مؤونة سفره، وإلا استعيد، خلافا
للشيخ (4) ولو فضل معه شئ في بلده من الصدقة استعيد.
1418. الرابع والعشرون: الغازي، والعاملون عليها، والغارم لمصلحة ذات
البين، يأخذون مع الغنى والفقر والباقي إنما يأخذون مع الفقر لا غير، وابن
السبيل يأخذ وان كان غنيا في بلده لفقره في بلد الأخذ (5).
1419. الخامس والعشرون: من تجب نفقته، لو كان غازيا، أو عاملا،
أو مكاتبا، جاز أن يدفع إليه من سهم من اتصف بصفته، ولو كان ابن سبيل،
دفع إليه ما يحتاج إليه لسفره مما يزيد عن النفقة الأصلية، كالحمولة ومؤونة
الطريق.

1. المبسوط: 1 / 254; والخلاف: 4 / 235، المسألة 18 من كتاب الصدقات.
2. الخلاف: 4 / 235، المسألة 18 من كتاب الصدقات.
3. في «أ»: فضلة. في لسان العرب: الفضل والفضلة: البقية من الشئ.
4. الخلاف: 4 / 235، المسألة 18 من كتاب الصدقات.
5. في «ب»: في بلد الآخر.
414

ولو كان مملوكه مكاتبا، جاز أن يدفع إليه مولاه من زكاته، ما يعينه على
فك رقبته، ومنع منه ابن جنيد (1).
1420. السادس والعشرون: لو سافرت زوجته، كان الزائد عن نفقة الحضر
محتسبا من سهم ابن السبيل، ولو كان بغير إذنه، كانت عاصية فلا تعطى شيئا.
ولو كانت مكاتبة جاز لزوجها دفع ما يعينها على فك رقبتها، وكذا لو
كانت غارمة.
1421. السابع والعشرون: يجوز أن يخص بالزكاة كلها شخص من صنف
واحد، والأفضل صرفها إلى الأصناف بأسرهم.
ويجوز تفضيل بعضهم على بعض، وأن يعطى الفقير ما يغنيه وما يزيد
عليه دفعة، فلو دفع إليه ما يغنيه حرم الزائد.
1422. الثامن والعشرون: الغارم يعطى قدر الدين خاصة، قل أو كثر، وكذا
المكاتب وابن السبيل، والغازي يعطى ما يكفيه لغزوه.
والعامل يعطى سهمه أو أجرته، ولو عين له الإمام أجرة، وقصر السهم
تممه الإمام من بيت المال أو من سهم غيره، ولو زاد نصيبه عن أجرته رد الزائد
على باقي السهمان.
1423. التاسع والعشرون: في تحريم نقل الصدقة من بلدها مع وجود
المستحق قولان (2) أقربهما الكراهية، ولو نقلها ضمن، أما لو لم يوجد المستحق

1. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 582.
2. لاحظ المختلف: 3 / 312.
415

في بلدها فإن النقل سائغ مع ظن السلامة إجماعا، ولا ضمان مع عدم التفريط.
1424. الثلاثون: لو كان المالك في غير بلد المال، استحب إخراجها في بلد
المال، ولو كان بعضه عنده استحب أن يخرج عن كل مال في بلده.
1425. الواحد والثلاثون: لو فقد المستحق استحب له عزلها والإيصاء بها، ولو
أدركته الوفاة وجبت الوصية بها.
1426. الثاني والثلاثون: لو اتصف المستحق بصفات مختلفة، جاز أن يأخذ
بكل وصف قسطا.
1427. الثالث والثلاثون: أقل ما يعطى الفقير ما يجب في النصاب الأول وهو
خمسة دراهم أو نصف دينار، قاله الشيخان (1) وابنا بابويه (2) وهو الأشهر
في الروايات (3).
وقال ابن الجنيد (4) وسلار (5) ما يجب في النصاب الثاني وهو درهم أو
قيراطان، ولم يقدره المرتضى (6) ولا حد لأكثر ما يعطى.
1428. الرابع والثلاثون: يستحب أن يعطى زكاة الأثمان والغلات أهل الفقر
المعروفين بأخذ الزكوات، وزكاة النعم أهل التجمل.

1. المفيد في المقنعة: 243; والشيخ في النهاية: 189.
2. الفقيه: 2 / 10 في ذيل الحديث 27.
3. لاحظ الوسائل: 6 / 177، الباب 23 من أبواب المستحقين للزكاة.
4. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 590.
5. المراسم: 133.
6. جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): 79.
416

1429. الخامس والثلاثون: لو كان الفقير يترفع عن الزكاة، جاز إعطاؤه، ولا
يشعر بأنها زكاة.
1430. السادس والثلاثون: يكره للفقير مع الحاجة الامتناع من قبولها.
1431. السابع والثلاثون: من أعطي شيئا ليفرقه في قبيل وكان منهم، فإن كان
المالك قد عين لم يتعد تعيينه، وإن لم يعين جاز أن يأخذ مثل غيره لا أزيد.
1432. الثامن والثلاثون: أهل السهمان إنما يستحقون عند القسمة إذا أخذوا
نصيبهم، فإذا مات فقير قبل الأخذ، لم ينتقل إلى وارثه شئ.
1433. التاسع والثلاثون: يكره للرجل شراء صدقته واستيهابها، وبالجملة
يملكها اختيارا، وليس بمحرم، ولا بأس بعودها إليه بميراث وشبهه من غير
كراهية، وكذا لو احتاج إلى شرائها، زالت الكراهية.
1434. الأربعون: العبد المبتاع من مال الزكاة إذا مات ولا وارث له، ورثه
أرباب الزكاة، والرواية (1) به وان كانت ضعيفة (2) إلا أن محققي علمائنا عملوا بها.
1435. الواحد والأربعون: لو ادعى المالك الإخراج، قبل قوله من غير بينة ولا
يمين، وكذا لو قال: هي وديعة، أو لم يحل الحول.

1. لاحظ الوسائل: 6 / 203، الباب 43 من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث 2 و 3.
2. قال المصنف في التذكرة: 5 / 351: والرواية ضعيفة السند، لأن في طريقها ابن فضال وابن
بكير، وهما فطحيان.
417

المقصد الخامس: في زكاة الفطرة
وفيه فصول
الفصل الأول: في من تجب عليه
وفيه واحد وثلاثون بحثا:
1436. الأول: زكاة الفطرة واجبة بشرط الحرية والتكليف والغنى، فلا تجب
على المملوك، بل تجب على السيد ابتداء.
وحكم أم الولد، والمدبر، والمكاتب المشروط، حكم القن، أما المطلق
فإن لم يؤد شيئا فالفطرة على المولى، وكذا إن أدى وعاله مولاه، وإن أنفق من
كسبه وجب عليه وعلى السيد بالحصص، إن ملك بالحرية ما يجب معه الزكاة.
1437. الثاني: لا زكاة على الصبي والمجنون. ولا يجب على الولي الإخراج
عنهما إجماعا، وكذا لا تجب على من أهل شوال وهو مغمى عليه.
1438. الثالث: الفقير لا زكاة عليه، وهو من يحل له أخذ زكاة المال، وقال ابن
الجنيد: يجب على من فضل عنده من مؤونته ومؤونة عياله صاع (1)
وليس بمعتمد.

1. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 593.
419

1439. الرابع: إنما تجب على الغني، وهو من ملك قوت سنته له ولعياله، أو
يكون ذا كسب، أو صنعة يقوم بأوده وأود عياله وزيادة مقدار الزكاة، وللشيخ هنا
قول آخر (1).
1440. الخامس: النية معتبرة في إخراجها، فالكافر تجب عليه ولا يصح منه
أداؤها، وتسقط بالإسلام بعد الهلال لا قبله.
ولو أسلم عبد الكافر قبل الهلال ولم يبع، لم يكلف مولاه الإخراج عنه.
1441. السادس: الفطرة تجب على أهل البادية، كما تجب على أهل الحضر.
1442. السابع: يجب أن يخرج الفطرة عن نفسه وعن جميع من يعوله، سواء
كان للعائل ولاية أو لا، وسواء كان المعول مسلما أو كافرا، حرا أو عبدا، قريبا أو
بعيدا، غنيا أو فقيرا، وسواء وجبت العيلولة أو تبرع بها.
ويجب عليه الإخراج عن زوجته وعبده إن لم يعلهما غيره، ولو عالهما
غيره، وجبت على العائل.
1443. الثامن: يجب على الزوج إخراج الفطرة عن زوجته وإن كانت غنية، ولا
يجب عليها، وكذا كل من وجبت زكاته على غيره يسقط عنه، وإن كان لو انفرد
وجبت عليه كالضيف الغني والمرأة الموسرة.
ولو نشزت سقطت مؤونتها ولم تجب عليه فطرتها، وابن إدريس أخطأ
هنا، حيث أوجبها عليه وادعى الإجماع (2) وهو غريب.

1. المبسوط: 1 / 240.
2. السرائر: 1 / 466.
420

والزوجة الصغيرة، وغير المدخول بها إذا لم تمكنا من أنفسهما، لم تجب
عليه نفقتهما ولا فطرتهما.
1444. التاسع: المطلقة رجعية يجب على الزوج إن لم يخرج عنها، أما
البائن فلا يجب عليه عنها، ولو كانت حاملا وأوجبنا النفقة للحمل فكذلك،
وإلا وجبت.
1445. العاشر: المتمتع بها لا تجب فطرتها على الزوج إلا أن يعولها تبرعا.
1446. الحادي عشر: زوجة المعسر أو المملوك إذا كانت موسرة فلا زكاة على
الزوج قطعا.
وهل يسقط عن الزوجة؟ قال الشيخ: نعم (1) وعندي فيه إشكال، والأصل
فيه ان الوجوب إن ثبت على الزوج ابتداء، فالوجه ما قاله الشيخ، وإن وجبت
عليها ويتحملها الزوج، فالفطرة واجبة عليها.
وكذا البحث في أمة الموسر إذا كانت تحت معسر أو مملوك، نص الشيخ
على سقوط فطرتها عن مولاها (2) والبحث كما تقدم.
1447. الثاني عشر: لو أخرجت الزوجة عن نفسها، فإن كان بإذن الزوج أجزأ
عنها، وإلا فلا.
1448. الثالث عشر: لو كانت الزوجة من أهل الاخدام فاتخذت خادما بأجرة،
لم تجب على الزوج فطرته إذا لم يعله وإن كان ملكا لها، فإن اختار الزوج الإنفاق
عليه وجب عليه فطرته، وإلا فلا.

1. المبسوط: 1 / 241.
2. المبسوط: 1 / 241.
421

ولو استأجرت خادما وشرطت نفقته، فإن اختار الزوج ذلك وجبت
فطرته، وإلا فلا.
1449. الرابع عشر: يخرج عن ولده مع العيلولة صغيرا كان أو كبيرا، موسرا أو
معسرا.
1450. الخامس عشر: لو كان الولد صغيرا معسرا، وجبت فطرته على الأب،
ولو كان موسرا فنفقته في ماله، فإذا لم يعله الأب تبرعا، قال الشيخ: لا تسقط
الفطرة عن الأب، لأنه من عياله (1) والوجه عندي سقوط الفطرة عن الأب، لانتفاء
العيلولة وجوبا وتبرعا، وعن الولد لانتفاء التكليف.
أما الكبير فيجب فطرته عليه، ولو كان فقيرا فعلى الأب، وكذا البحث في
الآباء والأجداد.
وحكم ولد الولد حكم الولد، سواء كان ولد ابن أو بنت.
1451. السادس عشر: لو كان للولد خادم، فإن كان محتاجا إليه، للزمانة أو
الصغر، ففي وجوب فطرته على الأب مع إعسار الولد (2) تردد.
1452. السابع عشر: يجب على المولى الإخراج عن عبده، وإن كان غائبا،
أو آبقا، أو مرهونا، أو مغصوبا، سواء رجا عوده أو لا، وسواء كان مطلقا، أو
محبوسا، كالأسير مع علم حياته، ولو لم يعلم حياته، قال الشيخ: لا يلزمه الفطرة

1. الخلاف: 2 / 134، المسألة 164 من كتاب زكاة الفطرة.
2. هذا ما أثبتناه، ولكن في النسختين: «اعتبار الولد» وهو تصحيف. قال المصنف في المنتهى: لو
كان لابنه الصغير خادم، فإن كان الابن محتاجا إليه للزمانة أو الصغر، قال الشافعي: تجب فطرته
على الأب مع إعسار الولد، وعلى الولد إن لم يكن كذلك، وعندي فيه توقف. منتهى المطلب:
1 / 534 (ط القديم).
422

عنه (1) وأوجبها ابن إدريس 2، وعندي في ذلك نظر.
1453. الثامن عشر: قال الشيخ: لا يجب على الغاصب إخراج الفطرة عن العبد
المغصوب ولا على المالك 3، وليس بجيد.
1454. التاسع عشر: إذا اشترى عبدا ونوى به التجارة في يد المضارب وجبت
عليه فطرته. ولا تسقط زكاة التجارة فيه ندبا أو وجوبا على الخلاف، ولو كان له
عبيد للتجارة في يد المضارب، وجبت فطرتهم على المالك.
1455. العشرون: لو ملك عبده عبدا، فإن أحلنا التمليك، فالزكاة على المولى،
وإن سوغناه، فالأقرب وجوبها على المولى أيضا.
1456. الحادي والعشرون: فطرة العبد المكاتب المشروط على مولاه، والوجه
أن زوجته كزوجة القن.
1457. الثاني والعشرون: من نصفه حر ونصفه مملوك، فعلى المولى نصيب
الرقية، وعلى العبد نصيب الحرية إن ملك بها نصابا.
ولو كان أحدهما معسرا، سقط نصيبه، ووجب على الآخر، ولو كان بين
السيد والعبد مهاياة، أو بين أرباب العبد المشترك لم تدخل الفطرة فيه.
1458. الثالث والعشرون: القن إذا تزوج بإذن مولاه، كانت فطرة امرأته على
مولاه، سواء كانت حرة أو أمة، أما لو لم يأذن وجبت فطرتها عليها إن كانت حرة،
وعلى مولاها إن كانت أمة.
1459. الرابع والعشرون: المملوك الكافر إذا كانت له زوجة كافرة، وجبت
فطرتهما على المولى.

1. المبسوط: 1 / 239.
2. السرائر: 1 / 467.
3. المبسوط: 1 / 240.
423

1460. الخامس والعشرون: لو زوج أمته بعبد غيره، أو مكاتبته وسلمها إليه،
وجبت فطرتها على مولاه.
ولو زوجها من حر معسر سقطت فطرتها عن المولى، لسقوط نفقتها عنه
بالتسليم، وعن المعسر.
ولو زوجها من موسر وسلمها إليه، وجب فطرتها على الزوج، ولو منعها
عنه في وقت، وجبت الفطرة على السيد.
1461. السادس والعشرون: لو آجر عبده، كانت فطرته على مالكه
دون المستأجر.
1462. السابع والعشرون: لو أوصى لرجل برقبة عبد، ولآخر بمنفعته، كانت
الفطرة على مالك الرقبة.
1463. الثامن والعشرون: فطرة المشترك على أربابه بالحصص، ولا فرق بين
أن يكون بين اثنين أو أزيد، ويجوز أن يتفق الشريكان في جنس المخرج وأن
يختلفا.
1464. التاسع والعشرون: لا يجب أن يخرج على الجنين.
1465. الثلاثون: اختلف علماؤنا في الضيافة المقتضية لوجوب الفطرة،
فبعضهم (1) اشترط ضيافة الشهر كله، وآخرون العشر الأواخر (2)، وآخرون آخر ليلة
من الشهر بحيث يهل الهلال وهو في ضيافته (3) وهو الأقوى.

1. كالسيد المرتضى في الانتصار: 88، وابن حمزة في الوسيلة: 131، والشيخ في الخلاف:
2 / 133، المسألة 162 من كتاب زكاة الفطرة.
2. منهم الشيخ المفيد في المقنعة: 265.
3. منهم المحقق في المعتبر: 2 / 604، وابن إدريس في السرائر: 1 / 466.
424

1466. الحادي والثلاثون: يستحب للفقير إخراج الفطرة عن نفسه وعن عياله،
ولو أخذها استحب له دفعها، ولو ضاق عليه، أدار صاعا على عياله ثم يصدق به.
الفصل الثاني: في قدرها وجنسها
وفيه عشرة مباحث:
1467. الأول: الجنس ما كان قوتا غالبا، كالحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب،
والأرز، والأقط، واللبن، فلو أخرج أحد هذه أجزأه وإن كان غالب قوت
البلد غيره.
وأفضل هذه الأجناس التمر، ثم الزبيب، وقيل: الأفضل ما يغلب على
قوت البلد (1) وهو حسن.
1468. الثاني: قدر الفطرة صاع من جميع الأجناس بصاع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، والصاع
أربعة أمداد، والمد رطلان وربع بالعراقي، وهو مائة واثنان وتسعون درهما
ونصف، والدرهم ستة دوانيق، والدانق ثمان حبات من أوسط حب الشعير،
فقدر الصاع تسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني.

1. القائل هو الشيخ في المبسوط: 1 / 241; الخلاف: 2 / 150، المسألة 189 من كتاب زكاة
الفطرة; وسلار في المراسم: 135.
425

قال الشيخ (رحمه الله): ويجزئ من اللبن أربعة أرطال بالمدني (1) وروايته (2) ضعيفة.
1469. الثالث: يجزئه الصاع من سائر الأجناس إذا اعتبر الكيل، سواء ثقل أو
خف، وهل يجزئ الوزن من دون الكيل؟ الوجه ذلك.
1470. الرابع: لو أخرج صاعا من جنسين من الأجناس المنصوصة، قال
الشيخ: لا يجزئه (3)، والأقرب عندي الإجزاء.
ولو أخرج أصواعا من أجناس مختلفة عن جماعة، جاز إجماعا.
1471. الخامس: هل يجوز أن يخرج أقل من صاع من جنس أعلى إذا ساوى
قيمته صاعا من أدون على سبيل التقويم؟ عندي فيه تردد، ولم أقف فيه للقدماء
على قول.
1472. السادس: لو أخرج من غير الغالب على قوته، جاز وإن كان
أدون قيمة.
1473. السابع: لا يجزئه إخراج المعيب، ويجوز أن يخرج من قديم الطعام (4)
إذا لم يتغير طعمه وإن نقصت قيمته عن قيمة الحديث.
1474. الثامن: يجوز إخراج القيمة، ولا يتقدر بقدر معين، بل يرجع إلى القيمة
السوقية وقت الإخراج.
وقدره قوم من علمائنا بدرهم، وآخرون بأربعة دوانيق (5) وليس بشئ.

1. المبسوط: 1 / 241.
2. لاحظ الوسائل: 6 / 236، الباب 7 من أبواب زكاة الفطرة، الحديث 3 و 5.
3. المبسوط: 1 / 241.
4. في «ب»: من طعام قديم.
5. لاحظ الأقوال في الشرائع: 1 / 131، والمختلف: 3 / 291، ولاحظ الروايات حول المسألة في
الوسائل: 6 / 242، الباب 9 من أبواب زكاة الفطرة.
426

1475. التاسع: قال في الخلاف: لا يجزئ الدقيق والسويق من الحنطة
والشعير على أنهما أصل، ويجزئان على أنهما قيمة (1) وعندي فيه نظر، وكذا
البحث في الخبز هل يجزئ على أنه أصل أو بالتقويم؟
1476. العاشر: السلت إن قلنا إنه نوع من الشعير أجزأ على أنه أصل لا قيمة،
وإلا اعتبرت قيمته، وكذا البحث في العلس.
أما الخل والدبس وما أشبههما فلا يجزئان أصلا بل بالقيمة.
والطعام الممتزج بالتراب يجزئ إن لم يخرج بالمزج إلى حد المعيب. فإن
خرج وجب إزالته، أو الزيادة المقاومة.
الفصل الثالث: في وقتها ومستحقها
وفيه عشرون بحثا:
1477. الأول: تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان،
وللشيخ (رحمه الله) قول آخر بوجوبها بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر (2)، واختاره المفيد (3)
وابن الجنيد 4.

1. الخلاف: 2 / 151، المسألة 191 من كتاب زكاة الفطرة.
2. قال المصنف في المنتهى: تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان، اختاره
الشيخ في الجمل... وقال الشيخ في النهاية بطلوع الفجر الثاني يوم الفطر. منتهى المطلب: 1 /
539 (ط القديم) لم نظفر عليه في النهاية وسائر كتبه.
3. المقنعة: 249.
4. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 611.
427

1478. الثاني: لو وهب له عبد فأهل شوال، ولم يقبض فالفطرة على الواهب،
ولو قبل ومات قبل القبض، فقبض الوارث، قال الشيخ: تجب الفطرة عليه (1)،
وليس بجيد.
1479. الثالث: لو ولد له ولد بعد الهلال، أو تزوج، أو اشترى أو أسلم، أو بلغ،
أو صار غنيا، أو زال جنونه، لم تجب الفطرة، ولو كان قبله وجبت وإن كان قبل
الغروب بشئ يسير.
1480. الرابع: لو مات له ولد، أو مملوك، أو طلق زوجته، أو باع عبده قبل
الغروب فلا زكاة، وتجب فيما بعده على الخلاف، ولو مات العبد بعد الهلال،
قبل إمكان الأداء عنه، وجب الإخراج عنه.
1481. الخامس: لو أوصى له بعبد، ثم مات الموصي بعد الهلال، فالزكاة عليه،
وإن مات قبله، فإن قبل الموصى له قبل الهلال أيضا، فالزكاة على الموصى له،
وإن قبل بعده، قال الشيخ: لا زكاة على أحد (2).
1482. السادس: لو مات الموصى له، كان للوارث القبول، فإن قبل قبل الهلال،
وجبت الفطرة، وهل تجب عليه أو في مال الموصى له؟ قال الشيخ بالأول (3)،
وهو جيد.
1483. السابع: لو مات بعد الهلال وعليه دين، ففطرة عبده في تركته، ولو
ضاقت التركة وقع التحاص بين الفطرة والدين.
ولو مات قبل الهلال، قال الشيخ: لا يلزم أحدا فطرته إلا أن يعوله (4) والوجه

1. المبسوط: 1 / 240.
2. المبسوط: 1 / 240.
3. المبسوط: 1 / 240.
4. المبسوط: 1 / 240.
428

أن الفطرة على الورثة إن قيل بانتقال التركة إليهم كالراهن، وإلا فالوجه ما
قاله الشيخ.
1484. الثامن: العبد إذا كان نصفه حرا وهاياه مولاه فوقع الهلال في نوبة
أحدهما، ففي اختصاصه بالفطرة تردد، أقربه العدم.
1485. التاسع: يستحب إخراجها يوم العيد قبل الخروج إلى المصلى،
ويتضيق عند الصلاة.
وهل يجوز تقديمها على هلال شوال؟ الأقوى عندي جواز ذلك من أول
رمضان لا أكثر.
1486. العاشر: لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا، فإن أخرها أثم، ولو
لم يتمكن لم يأثم إجماعا، ثم إن كان قد عزلها أخرجها مع الإمكان، وإن لم يكن
قد عزلها فالأقرب صيرورتها قضاء، وقيل: أداء (1) وقيل: يسقط (2) ويصح العزل إذا
عزلها المالك، ويضمن بالتأخير عنه مع وجود المستحق.
ويجوز نقلها من بلده مع عدم المستحق فيه، ومعه على
الخلاف (3) ويضمن.
1487. الحادي عشر: يجوز أن يخرجها من المال الغائب عنه، والأفضل
إخراجها من بلد المال (4) وقسمتها فيه.

1. القائل هو الشيخ في الإقتصاد: 285.
2. القائل المفيد في المقنعة: 249.
3. لاحظ الأقوال في المختلف: 3 / 312.
4. في «أ»: من بلد المالك.
429

1488. الثاني عشر: يصرف الفطرة إلى من يصرف إليه زكاة المال، ويجوز أن
يعطى أطفال المؤمنين وإن كان آباؤهم فساقا، ولا يجوز صرفها إلى
غير المستحق.
والمستضعف غير مستحق، خلافا للشيخ (1) ولو فقد المستحق جاز
التأخير، ولا ضمان مع وجود المستضعف.
1489. الثالث عشر: يجوز صرفها إلى واحد، ويجوز للجماعة صرف صدقتهم
إلى الواحد دفعة، وعلى التعاقب ما لم يبلغ إلى حد الغنى.
1490. الرابع عشر: لو أخرجها إلى المستحق فأخرجها آخذها إلى دافعها، بأن
يكون الفقير قد أخذها وتصدق بها جاز.
1491. الخامس عشر: يستحب تخصيص الأقارب بها، ثم الجيران مع وجود
الأوصاف، ويستحب ترجيح أهل الفضل في العلم والدين.
1492. السادس عشر: يجوز للمالك أن يتولى التفرقة بنفسه، ويستحب
صرفها إلى الإمام أو نائبه، ولو تعذر، صرفت إلى الفقيه المأمون من الإمامية.
1493. السابع عشر: يجوز أن يعطى صاحب الخادم والدار والفرس من
الزكاتين، ولا يكلف بيع ذلك ولا بعضه.
1494. الثامن عشر: يستحب أن لا يعطى الفقير أقل من صاع، ويجوز أن
يعطى أصواعا، ولو اجتمع جماعة لا يسعهم الأصواع جاز أن يعطى الواحد أقل
من صاع.

1. المبسوط: 1 / 242.
430

1495. التاسع عشر: لا تسقط صدقة الفطرة بالموت، وتخرج من أصل التركة
كالدين، وإن لم يوص بها.
1496. العشرون: لا يملك المستحق الزكاة إلا مع القبض من المالك أو وكيله،
فليس للوارث المطالبة بها لو مات المستحق قبل القبض.
431

المقصد السادس: في الخمس
وفيه فصول
الفصل الأول: فيما يجب فيه
وفيه ثلاثون بحثا:
1497. الأول: يجب الخمس في سبعة أصناف:
الغنائم من دار الحرب، والمعادن، والكنوز، والغوص، وفاضل مؤونته
ومؤونة عياله عن السنة من أرباح التجارات والصناعات والزراعات، والحلال إذا
اختلط بالحرام ولم يتميز، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم.
1498. الثاني: الغنائم التي تؤخذ من دار الحرب، يجب فيها الخمس مما حواه
العسكر، وما لم يحوه، أمكن نقله أو لا، مما يصح تملكه.
1499. الثالث: ما يؤخذ في دار الحرب منهم، إذا كان في أيديهم غصبا من
مسلم أو معاهد، لا يجب الخمس فيه، ويجب رده على المغصوب منه.
1500. الرابع: الخمس يجب في الغنيمة قلت أو كثرت.
433

1501. الخامس: المعادن، كل ما خرج من الأرض مما يخلق فيها من غيرها
مما له قيمة، ويجب فيها الخمس لا الزكاة; سواء كانت مائعة كالقير والنفط
والكبريت، أو جامدة; سواء كانت منطبعة بانفرادها كالرصاص والنحاس
والذهب والفضة والحديد، أو مع غيره كالزيبق، أو غير منطبعة كالياقوت
والفيروزج والبلخش والعقيق.
1502. السادس: في اعتبار النصاب في المعادن، قولان للشيخ: أحدهما انه
يعتبر (1)، والثاني أنه غير معتبر، ويجب الخمس في قليلها وكثيرها (2)
والأقرب الأول.
ثم في قدر النصاب قولان: أحدهما: عشرون دينارا (3)، وهو الأقوى عندي;
والثاني دينار واحد، اختاره ابن بابويه (4) وأبو الصلاح (5)، فلا يجب الخمس في
شئ من المعادن حتى يبلغ قيمته عشرين دينارا.
1503. السابع: النصاب معتبر بعد المؤونة، فإن بلغ بعدها نصابا وجب
الخمس، وإلا فلا، ويعتبر النصاب فيما أخرج دفعة واحدة، أو دفعات لا يتخللها
ترك إهمال، فلو أخرج دون النصاب وترك العمل مهملا، ثم أخرج دون
النصاب، لم يجب شئ، ولو كملا نصابا، أما لو بلغ أحدهما نصابا، وجب
فيه خاصة.

1. المبسوط: 1 / 237، والنهاية: 197.
2. الخلاف: 2 / 119، المسألة 142 من كتاب الزكاة; والاقتصاد: 283.
3. وهو خيرة الشيخ في المبسوط: 1 / 237; والنهاية: 197.
4. المقنع: 172.
5. الكافي في الفقه: 170.
434

ولو تخلل ترك العمل للاستراحة مثلا، أو لإصلاح آلة، أو طلب أكل، أو
معادن، أو خرج بين المعدنين تراب، أو شبهه، وجب الخمس إذا بلغ المنضم
النصاب، ثم يجب في الزائد مطلقا.
1504. الثامن: النصاب معتبر في الذهب وما عداه بالقيمة، ولو اشتمل المعدن
على جنسين، ضم أحدهما إلى الآخر، سواء كانا ذهبا أو فضة أو لا.
1505. التاسع: لا يعتبر الحول في المعادن.
1506. العاشر: المعدن إن كان في ملك، ملكه صاحب الملك، فيخرج
خمسه، والباقي له، وإن كان في مباح، فالخمس لأربابه، والباقي لواجده.
1507. الحادي عشر: قال الشيخ: يمنع الذمي من العمل في المعدن، فإن أخرج
منه شيئا ملكه، وأخذ منه الخمس (1).
1508. الثاني عشر: الخمس يجب في المخرج من المعدن، ويملك المخرج
الباقي، ويستوي في ذلك الصغير والكبير، ولو كان المعدن لمكاتب، وجب فيه
الخمس، ولو استخرج العبد معدنا، ملكه سيده، ووجب على
مولاه خمسه.
1509. الثالث عشر: لو باع الواجد جميع المعدن، فالخمس عليه، ويجب
خمس المعدن لا خمس الثمن.
1510. الرابع عشر: الكنز هو المال المدفون في الأرض، ويجب فيه الخمس،
سواء وجد في أرض الحرب، أو أرض العرب.

1. الخلاف: 2 / 120، المسألة 144 من كتاب الزكاة.
435

1511. الخامس عشر: الكنز إن وجد في أرض موات من دار الإسلام أو غيره
معهودة بالتملك، كآثار الأبنية المتقادمة على الإسلام، وجدران الجاهلية
وقبورهم، فإن كان عليه أثر الإسلام، فلقطة، وإن لم يكن عليه أثر الإسلام، أخرج
خمسه، وملك الباقي.
وإن وجد في أرض مملوكة له، فإن انتقلت إليه بالبيع، عرف البائع، فإن
عرفه، وإلا عرف البائع قبله، وهكذا، فإن لم يعرفه أحد منهم فلقطة.
وإن انتقلت بالميراث، عرف باقي الورثة، فإن اتفقوا على أنه ليس
لمورثهم، فهو لأول مالك، فإن لم يعرفه أحد فلقطة.
وإن اختلفوا، حكم للمعترف بنصيبه، وكان حكم المنكر ما مضى.
هذا إذا كان عليه أثر الإسلام، فإن لم يكن عليه أثر الإسلام، فللشيخ قولان:
أحدهما إنه لقطة، والثاني للواجد (1).
وإن وجد في أرض مملوكة لغيره، مسلم أو معاهد، فهو لصاحبها إن
اعترف به، وإلا فلأول مالك، وإن لم يعرفه أحد، ففي تملك الواجد إشكال.
وإن وجد في دار الحرب فهو لواجده، سواء كان عليه أثر الإسلام أو لا،
ويخرج منه الخمس، وكذا لو وجده في أرض مملوكة لحربي معين.
1512. السادس عشر: لو استأجر أجيرا ليحفر له، طلبا للكنز، فوجده، فهو
للمستأجر، ولو استأجره لغير ذلك، فالكنز للأجير.

1. المبسوط: 1 / 236، والخلاف: 2 / 122، المسألة 148 من كتاب الزكاة. ولاحظ المختلف:
3 / 320 - 321، والتذكرة: 5 / 415، والمنتهى: 1 / 546 (ط القديم).
436

1513. السابع عشر: لو استأجر دارا فوجد كنزا، فهو للمالك، ولو تداعياه،
فالقول قول المالك، وللشيخ (رحمه الله) قول آخر: إن القول قول المستأجر (1).
أما لو اختلفا في مقداره، فالقول قول المستأجر.
1514. الثامن عشر: يجب الخمس في كل كنز على اختلاف أنواعه، من
الذهب، والفضة، والرصاص، والصفر، والنحاس، والأواني، وغير ذلك.
1515. التاسع عشر: لا يعتبر في الكنز الحول، بل متى وجد وجب.
1516. العشرون: يجب الخمس على الواجد، مسلما كان، أو ذميا، حرا، أو
عبدا، صغيرا، أو كبيرا، ذكرا، أو أنثى، عاقلا، أو مجنونا، إلا أن ما يجده العبد
لسيده، فيجب الإخراج على السيد.
أما المكاتب فيملك الكنز يخرج خمسه، والباقي له، والصبي والمجنون
يملكان أربعة أخماسه، والباقي لأربابه يخرجه الولي، والمرأة تملك الكنز.
1517. الحادي والعشرون: يجب إظهار الكنز على واجده، وإخراج الخمس
منه، ولا يسقط الخمس بكتمانه.
1518. الثاني والعشرون: لا يجب في الكنز شئ ما لم يبلغ قيمته عشرين
دينار بعد المؤونة عليه، من حفر وغيره، وليس له نصاب آخر، بل يجب في
الزائد مطلقا.
ولو وجد دون النصاب، ثم وجد كنزا آخر دونه، واجتمعا نصابا، فالأقرب
عدم الوجوب.

1. الخلاف: 2 / 123، المسألة 151 من كتاب الزكاة.
437

1519. الثالث والعشرون: الغوص كل ما يستخرج من البحر، كاللؤلؤ،
والمرجان، أو العنبر، وغير ذلك، ويجب فيه الخمس إذا بلغ قيمته دينارا، وإن
نقص لم يجب.
ولو غاص فأخرج دون النصاب، ثم غاص أخرى فأكمله، فالأقرب
وجوب الخمس إن كان الترك للاستراحة وشبهها، وعدمه إن كان بنية الإعراض
والإهمال، ولا يعتبر في الزائد نصاب، بل يجب فيه الخمس وإن قل.
1520. الرابع والعشرون: قال الشيخ: العنبر من نبات البحر (1) وقيل: هو من
عين في البحر وقيل: يقذفه البحر إلى جزيرة فلا يأكله شئ، ولا ينقره طائر إلا
فصل منقاره فيه، وإن وضع أضفاره عليه فصلت ومات (2).
فإن أخذ بالغوص اعتبر له نصاب الغوص، وإن أخذ من وجه الماء كان له
حكم المعادن.
1521. الخامس والعشرون: قال الشيخ: الحيوان إن أخذ بالغوص أو قفيا (3) ففيه
الخمس، أما المصاد من البحر، فلا خمس فيه (4)، والأقرب عندي إلحاقه بالأرباح
لا بالغوص كيف كان.
1522. السادس والعشرون: المسك لا شئ فيه.
1523. السابع والعشرون: أرباح التجارات 5، والصنائع، والزراعات، وجميع

1. قال ابن إدريس: العنبر هو نبات من البحر ذكر ذلك شيخنا أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) في الاقتصاد،
والمبسوط. السرائر: 1 / 485.
2. القائل هو الجاحظ في كتاب الحيوان: 5 / 363، ونقله عنه الحلي في السرائر: 1 / 485.
3. أي يصطاد بالقفة، وهي زبيل يعمل من الخوص، لاحظ لسان العرب.
4. المبسوط: 1 / 238.
5. في «أ»: أرباح التجارة.
438

أنواع الاكتسابات، وفواضل الأقوات، من الغلات، والزراعات، عن مؤونة السنة
على الاقتصاد، يجب فيها الخمس إذا فضلت عن مؤونة السنة له ولعياله.
ولا يجب على الفور بل يتربص إلى تمام السنة، ويخرج عن الفاضل
خمسه، ولا يراعى الحول في شئ مما يجب فيه الخمس سوى هذا.
ولو احتسب من أول السنة ما يكفيه على الاقتصاد، وأخرج خمس الباقي
معجلا كان أفضل.
1524. الثامن والعشرون: إنما يجب الخمس في هذا النوع من فواضل أرباح
التجارات، والصناعات، والزراعات، ولا يجب في الميراث، ولا الهبة، ولا
الهدية، خلافا لأبي الصلاح (1).
ولا فرق بين جميع أنواع الاكتسابات، فلو غرس غرسا فزادت قيمته
لزيادة نمائه، وجب الخمس في الزيادة، ولو زادت القيمة لتغير السعر لا لزيادة
فيه، لم يجب.
1525. التاسع والعشرون: الحرام إذا اختلط بالحلال ولم يتميز أحدهما عن
الآخر ولا صاحبه، أخرج الخمس وحل الباقي.
ولو عرف مقدار الحرام، وجب إخراجه، سواء قل عن الخمس أو كثر،
وكذا لو عرفه بعينه.
ولو جهله غير أنه عرف أنه أكثر من الخمس، وجب الخمس وما يغلب
على الظن في الزائد.

1. الكافي في الفقه: 170.
439

ولو عرف صاحبه، وجب صرف ما يخرجه إليه أو إلى ورثته، فإن لم يكن
له وارث فالإمام.
ولو ورث مالا ممن يعلم أنه جمعه من حرام وحلال، أخرج خمسه مع
الجهل، كما تقدم.
1526. الثلاثون: لا يعتبر في غنائم دار الحرب، ولا الحلال الممتزج بالحرام،
ولا الأرض المبتاعة من الذمي نصاب، بل يجب الخمس في قليله وكثيره.
الفصل الثاني: في مستحقه وكيفية قسمته
وفيه ثمانية مباحث:
1527. الأول: يقسم الخمس ستة أقسام، فنصفه - وهو سهم الله وسهم رسوله
وسهم ذي القربى - للإمام خاصة، ونصفه للثلاثة، فسهم لليتامى، وسهم
للمساكين، وسهم لأبناء السبيل.
ويشرط في هؤلاء الثلاثة انتسابهم إلى عبد المطلب بن هاشم بالأب لا
بالأم، وهم الآن أولاد أبي طالب، والعباس، والحارث، وأبي لهب، ولا يعطى
غيرهم شيئا.
والأصح منع أولاد المطلب، خلافا لابن الجنيد (1) وللمفيد (2) في أحد قوليه.

1. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 630 و 631.
2. حكى عنه المصنف في المختلف: 3 / 329 عن رسالته الغرية.
440

1528. الثاني: قال السيد المرتضى: من انتسب إلى هاشم بالأمومة استحق
الخمس، وحرمت عليه الزكاة (1) وفيه نظر.
1529. الثالث: يعتبر في أخذ الخمس الإيمان، ويجوز إعطاء الفاسق.
1530. الرابع: لا يحمل الخمس عن بلد المال مع وجود المستحق فيه، فإن
حمله ضمن، ولو لم يوجد المستحق جاز النقل، ولا ضمان، ويعطى من حضر
البلد، ولا يتتبع من غاب.
1531. الخامس: المراد بذي القربى هنا الإمام خاصة، وهو يأخذ سهم ذي
القربى بالنص (2) وسهم الله وسهم رسوله بالوراثة عن الرسول (عليه السلام)، ويأخذ الإمام
هذه الأسهم مع الحاجة وعدمها.
أما اليتيم فهو الذي لا أب له (3) ممن لم يبلغ الحلم، ولا بد أن يكون هاشميا،
وهل يشترط فقره؟ قال الشيخ: لا، للعموم (4) وعندي فيه نظر، إذ يحرم لمن له أب
موسر، ووجود المال له أنفع من وجود الأب، فيكون أولى بالحرمان.
أما المسكين فالمراد به المعنى المشترك (5) بينه وبين الفقير.
وابن السبيل لا يشترط فيه الفقر، بل الحاجة في بلد السفر.
1532. السادس: الأحوط قسمة الخمس في الأصناف من غير تخصيص،
وهل يجوز التخصيص؟ الظاهر من كلام الشيخ المنع (6)، وفيه إشكال، ولا يجب

1. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 631، والمصنف في المختلف: 3 / 332.
2. الأنفال: 41.
3. في «ب»: فهو من لا أب له.
4. المبسوط: 1 / 262.
5. في «أ»: فالمعنى المراد به المشترك.
6. المبسوط: 1 / 263.
441

استيعاب كل طائفة، بل لو اقتصر من كل طائفة على واحد جاز.
1533. السابع: مستحق الخمس من الركاز والمعادن، هو المستحق له من
الغنائم، ولا يجوز صرف حق المعدن إلى من وجب عليه، لانتفاء تحقق
الإخراج حينئذ.
1534. الثامن: الأسهم الثلاثة التي للإمام ملكه يصنع بها ما شاء، من نفقة،
وصدقة، ونقل، وغير ذلك، والثلاثة الباقية لأربابها، لا يخص القريب ولا الذكر
ولا الكبير على أضدادهم، بل يفرقهم الإمام بحسب ما يراه من تسوية وتفضيل،
ولا يتبع الغائب.
فإن فضل عن قدر كفاية الحاضرين شئ، جاز حمله إلى الأباعد،
ولا ضمان.
الفصل الثالث: في الأنفال
وفيه تسعة مباحث:
1535. الأول: الأنفال هاهنا كل ما يخص الإمام، وهو كل أرض انجلى عنها
أهلها، أو سلموها طوعا بغير قتال، وكل أرض خربة باد أهلها، سواء جرى عليها
ملك أحد أو لم يجر، وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، ورؤوس
الجبال، وبطون الأودية، والآجام، والأرضون الموات التي لا أرباب لها،
442

والمعادن، وصفايا الملوك وقطائعهم مما كان في أيديهم على غير جهة الغصب،
وما يصطفيه من الغنيمة في الحرب، مثل الفرس الفاره، والثوب المرتفع،
والجارية الحسناء، والسيف الفاخر، وما أشبه ذلك، وميراث من لا وارث له،
سواء كان الميت ذميا، أو مسلما إذا لم يخلف وارثا، وإذا قاتل قوم من غير إذن
الإمام فغنموا، كانت الغنيمة للإمام خاصة.
1536. الثاني: قال ابن إدريس: اختصاصه (عليه السلام) برؤوس الجبال وبطون الأودية
والمعادن إنما هو فيما يكون في أرضه المختصة به، أما ما كان في أرض
المسلمين المشتركة، أو لمالك معروف، فلا اختصاص له (عليه السلام) به (1) وهو قوي.
1537. الثالث: يحرم التصرف فيما يخص الإمام حال ظهوره إلا باذن منه، فإن
تصرف فيه متصرف كان غاصبا، والنماء إن حصل للإمام.
ويصرف إليه الخمس بأجمعه، فيأخذ نصفه يعمل به ما شاء، والنصف
الآخر يضعه في أربابه على قدر حاجتهم وضرورتهم، قال الشيخان: فإن فضل
كان الفاضل له، وإن أعوز كان عليه (2) ومنعه ابن إدريس (3) وعندي في ذلك تردد.
1538. الرابع: الأقرب جواز صرف حصص الأصناف الثلاثة إليهم بنفسه فيما
يكتسبه غير غنائم الحرب مع وجود الإمام على إشكال.
1539. الخامس: أباح الأئمة (عليهم السلام) لشيعتهم المناكح في حال ظهور الإمام وفي
غيبته، وألحق الشيخ (رحمه الله) المساكن والمتاجر (4) وإن كان ذلك بأجمعه للإمام أو

1. السرائر: 1 / 497.
2. المقنعة: 278، والمبسوط: 1 / 262.
3. السرائر: 1 / 492 و 493.
4. المبسوط: 1 / 263.
443

بعضه، ولا يجب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس منه.
قال ابن إدريس: المراد بالمتاجر أن يشتري الإنسان مما فيه حقوقهم (عليهم السلام)،
ويتجر في ذلك، قال: ولا يتوهم متوهم أنه إذا ربح في ذلك المتجر شيئا لا
يخرج منه الخمس (1).
1540. السادس: كما يسوغ للإمام أن يحل في زمانه، فكذلك يسوغ له أن
يحل بعده، ومنع ابن الجنيد (2) ضعيف.
1541. السابع: اختلف علماؤنا في الخمس في حال غيبة الإمام.
فأسقطه قوم.
ومنهم من أوجب دفنه.
ومنهم من يرى صلة الذرية وفقراء الشيعة على وجه الاستحباب.
ومنهم من يرى عزله، فإن خشي من الموت وصى به إلى من يثق بدينه
وعقله ليسلمه إلى الإمام إن أدركه، وإلا وصى به كذلك إلى أن يظهر.
ومنهم من يرى صرف حصته إلى الأصناف الموجودين أيضا، لأن عليه
الإتمام عند عدم الكفاية، وهو حكم يجب مع الحضور والغيبة (3) وهو أقوى.

1. السرائر: 1 / 498.
2. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 637.
3. الأقوال في المسألة كثيرة وقد أنهاها صاحب الحدائق إلى أربعة عشر قولا، ومن أراد الاطلاع
على وجه البسط والتفصيل والتصريح بأسامي قائليها فليرجع إلى الحدائق: 12 / 437، ولاحظ
الأقوال في المقنعة: 285، والمختلف: 3 / 347.
444

1542. الثامن: يجب أن يتولى صرف حصة الإمام في الأصناف الموجودين
من إليه الحكم بحق النيابة، كما يتولى أداء ما يجب على الغائب.
1543. التاسع: إذا قاطع الإمام على شئ من حقوقه، حل ما فضل عن
القطيعة، ووجب عليه الوفاء.
445

كتاب الصوم
447

وفيه مقدمة ومقاصد
أما المقدمة ففيها أربعة مباحث:
1544. الأول: الصوم لغة الإمساك، وفي الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء
مخصوصة، في زمان مخصوص، على وجه مخصوص.
1545. الثاني: الصوم ينقسم إلى واجب، ومندوب، ومكروه، ومحظور.
فالواجب ستة: شهر رمضان، والكفارات، ودم المتعة، والنذر وما في معناه
من يمين أو عهد، وصوم الاعتكاف الواجب، وقضاء الواجب.
فالندب: جميع أيام السنة إلا العيدين، وأيام التشريق، لمن كان بمنى،
ويتأكد منه أربعة عشر صوما: ثلاثة أيام في كل شهر هي: أول خميس وآخره،
وأول أربعاء في العشر الثاني، وأيام البيض، ويوم الغدير، ومولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
ومبعثه، ودحو الأرض، وعرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع تحقق الهلال،
وعاشوراء على وجه الحزن والمصيبة، ويوم المباهلة، وكل خميس،
وكل جمعة، وأول ذي الحجة وهو مولد إبراهيم، وباقي العشرة إلا العيد،
ورجب، وشعبان.
والمكروه: يوم عرفة لمن يضعف عن الدعاء أو يشك في الهلال،
449

والنافلة سفرا عدا ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة، والضيف نافلة من دون إذن مضيفه،
وبالعكس، وكذا الولد من غير إذن الوالد، والمدعو إلى طعام.
والمحظور تسعة: صوم العيدين مطلقا، وأيام التشريق لمن كان بمنى،
ويوم الشك بنية الفرض، وصوم نذر المعصية، وصوم الصمت، وصوم الوصال،
والنفل للمرأة والعبد من دون إذن الزوج أو المولى، وصوم الواجب سفرا
عدا ما استثني.
1546. الثالث: صوم شهر رمضان واجب بالنص والإجماع.
والصوم المشروع هو الإمساك عن المفطرات من أول طلوع الفجر الثاني
إلى غروب الشمس الذي تجب معه الصلاتان.
1547. الرابع: الصوم من أفضل العبادات وأكملها تقربا.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
«الصوم جنة من النار» (1).
وقال (عليه السلام): «الصائم في عبادة، وإن كان نائما على فراشه ما لم
يغتب مسلما» (2).
وقال (عليه السلام): «إن الله تعالى وكل ملائكة بالدعاء للصائمين، وأخبرني
جبرئيل عن ربه سبحانه انه قال: ما أمرت ملائكتي بالدعاء لأحد

1. الوسائل: 7 / 289، الباب 1 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 1; وبحار الأنوار: 93 / 251.
2. الوسائل: 7 / 291، الباب 1 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 12، وبحار الأنوار:
93 / 247.
450

من خلقي إلا استجبت لهم فيه» (1).
وقال الصادق (عليه السلام): «نوم الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبل،
ودعاؤه مستجاب» (2).
وعن الحسن بن علي (3) (عليهما السلام) قال:
«جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله أعلمهم عن مسائل،
فكان مما سأله انه قال: لأي شئ فرض الله سبحانه الصوم على
أمتك بالنهار ثلاثين يوما، وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن آدم (عليه السلام) لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين
يوما، ففرض الله سبحانه على أمته ثلاثين يوما الجوع والعطش،
والذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز وعلا عليهم، وكذلك كان
على آدم ففرض الله ذلك على أمتي، ثم تلا هذه الآية: (كتب عليكم
الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما
معدودات)» (4).
قال اليهودي: صدقت يا محمد. فما جزاء من صامها؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

1. بحار الأنوار: 93 / 253، الحديث 26.
2. الوسائل: 7 / 294، الباب 1 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 24; وبحار الأنوار: 93 /
253.
3. في «أ»: «وعن الحسين بن علي (عليهما السلام)» وما في المتن موافق للوسائل.
4. البقرة: آية 282 - 283.
451

ما من مؤمن يصوم في شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك
وتعالى له سبع خصال: أولها يذوب الحرام في جسده، والثانية يقرب
من رحمة الله عز وجل، والثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم،
والرابعة يهون الله عليه سكرات الموت، والخامسة أمان من الجوع
والعطش يوم القيامة، والسادسة يعطيه الله تعالى براءة من النار،
والسابعة يطعمه الله من طيبات الجنة.
قال [اليهود]: صدقت يا محمد» (1).
والأخبار كثيرة في ذلك (2).

1. الوسائل: 7 / 272، الباب 1 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
2. لاحظ الوسائل: 7 / 171، وبحار الأنوار: 93 كتاب الصوم.
452

المقصد الأول: في النية
وفيه خمسة وعشرون بحثا:
1548. الأول: النية شرط في الصوم، فلا يصح بدونها، واجبا كان أو ندبا،
رمضان كان أو غيره.
ويكفي في شهر رمضان القربة، وهي أن ينوي الصوم متقربا إلى الله تعالى
لا غير، ولا يفتقر إلى نية التعيين، أعني أن ينوي وجه ذلك الصوم كرمضان
أو غيره متقربا.
أما غير رمضان فإن لم يتعين صومه، كالنذر المطلق، والكفارات، والقضاء،
والصوم النفل، فلا بد فيه من نية التعيين إجماعا.
وما يتعين صومه غير رمضان كالنذر المعين زمانه، قال الشيخ: لا يكفي
فيه نية القربة، بل لا بد فيها من نية التعيين (1)، وقال السيد المرتضى: تكفي (2)،
والأول أقوى.

1. المبسوط: 1 / 278; والخلاف: 2 / 164، المسألة 4 من كتاب الصوم.
2. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 53.
453

1549. الثاني: نية القربة لا تكفي عن نية التعيين في كل موضع يشترط فيه
التعيين، ولو ترك التعيين نسيانا فكذلك، ونية التعيين لا تكفي عن نية القربة.
1550. الثالث: ليس للمسافر أن يصوم رمضان بنية أنه منه إذا كان (1)
سفر التقصير.
وهل يجوز صومه بنية النفل أو الواجب غيره؟ الوجه عدمه، وتردد
الشيخ (2) هاهنا ضعيف.
1551. الرابع: لو نوى الحاضر في شهر رمضان صيام غيره مع الجهل، وقع
عن رمضان، أما مع العلم، فقيل: انه كذلك (3)، وقيل: لا يجزئ عن أحدهما (4)،
ونحن في هذا من المتوقفين.
1552. الخامس: وقت النية في الصوم المعين، كرمضان، والنذر المعين، من
أول الليل حتى يطلع الفجر، فتضيق قبل طلوعه بمقدار إيقاعها، فلو أخرها مع
العلم حتى طلع الفجر، فسد صوم ذلك اليوم، ووجب قضاؤه.
ولو تركها ناسيا أو لعذر، جاز تجديدها إلى الزوال، ولو نوى أي وقت كان
من الليل أجزأه، ويجوز مقارنتها لطلوع الفجر.
ولا يشترط في النية من الليل الاستمرار على حكم الصوم، بل يجوز أن
ينوي ليلا ويفعل بعدها ما ينافي الصوم إلى قبل الفجر، وأن ينام بعد النية، نعم
يشترط الاستمرار على النية.

1. اسم كان محذوف أي كان سفره، سفر التقصير.
2. المبسوط: 1 / 277.
3. القائل هو الشيخ في المبسوط: 1 / 276; والخلاف: 2 / 164، المسألة 4 من كتاب الصوم.
4. القائل هو الحلي في السرائر: 1 / 372; ولاحظ المختلف: 3 / 376.
454

أما غير المعين، كالقضاء، والنذر المطلق، فوقته من الليل مستمر إلى
الزوال، ويجوز إيقاعها في أي جزء كان من هذا الزمان، إذا لم يفعل
المنافي نهارا.
1553. السادس: وقت نية النفل من الليل إلى الزوال، أي وقت نوى من هذه
المدة أجزأه عند جماعة من علمائنا (1)، وعند الآخرين (2) يمتد وقتها بامتداد النهار،
فيجوز النية بعد الزوال إلى أن يبقى من النهار ما يصح صومه، أما لو انتهى النهار
بانتهاء النية لم يقع الصوم، وهو عندي حسن.
1554. السابع: هل يحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية، أو من
ابتداء النهار؟، قال الشيخ في الخلاف (3) بالثاني، وهو المعتمد.
1555. الثامن: قال الشيخ في الخلاف: جوز أصحابنا في رمضان أن تتقدم
نيته عليه بيوم أو أيام (4). وفي المبسوط: لو نوى قبل الهلال صوم الشهر أجزأه
النية السابقة إن عرض له ليلة الصيام سهو، أو نوم أو إغماء، وإن كان ذاكرا فلا بد
من تجديدها (5)، وكلاهما عندي مشكل.
1556. التاسع: ادعى الشيخ (رحمه الله) (6) والسيد المرتضى (قدس سره) (7) الإجماع على أنه

1. منهم الشيخ في الخلاف: 2 / 167، المسألة 6 من كتاب الصوم; والمبسوط: 1 / 277.
2. منهم: السيد المرتضى في الانتصار: 260، وابن إدريس في السرائر: 1 / 373.
3. الخلاف: 2 / 169، المسألة 7 من كتاب الصوم.
4. الخلاف: 2 / 166، المسألة 5 من كتاب الصوم.
5. المبسوط: 1 / 276.
6. الخلاف: 2 / 163، المسألة 3 من كتاب الصوم.
7. الانتصار: 61 - 62.
455

يكفي في رمضان نية واحدة من أول الشهر عن الشهر كله، ولا يحتاج إلى
تجديد نية كل ليلة.
إذا عرفت هذا، فإن الأولى تجديدها كل ليلة إن قلنا بما ذهبا إليه، ولا
يتعدى الحكم في النذر المعين، وعلى قولهما لو فاتته النية من أول الشهر لعذر
وغيره، هل يكتفي بالواحدة في ثاني ليلة أو ثالث ليلة عن باقي الشهر؟ الأقرب
عدم الاكتفاء.
1557. العاشر: لا يكره صوم الثلاثين من شعبان، بل يستحب على أنه من
شعبان، سواء كان هنا مانع من الرؤية أو لا، وسواء كان صائما قبله أو لا، وكره
المفيد صومه مع الصحو إلا لمن كان صائما قبله (1).
1558. الحادي عشر: لو لم تحصل الرؤية، ونوى صومه من رمضان، كان
حراما، ولم يجزئه لو خرج من رمضان، وتردد الشيخ في الخلاف (2) فلو ثبت
الهلال قبل الزوال جدد النية وأجزأه.
ولو نواه من شعبان، ثم بان من رمضان، والنهار باق، جدد نية الوجوب،
وأجزأه، ولو لم يعلم حتى فات النهار أجزأه.
ولو نوى أنه واجب أو ندب، ولم يعين (3)، لم يصح صومه ولا يجزئه لو
خرج من رمضان، إلا أن يجدد النية قبل الزوال.
ولو نوى أنه إن كان من رمضان فهو واجب، وإن كان من شعبان فهو

1. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 650.
2. الخلاف: 2 / 180، المسألة 23 من كتاب الصوم.
3. في «أ»: ولم يتعين.
456

ندب، ثم بان أنه من رمضان، فللشيخ قولان: أحدهما الإجزاء (1)، والثاني عدمه (2).
1559. الثاني عشر: لو نوى الإفطار، لاعتقاد أنه من شعبان، فبان من رمضان
قبل الزوال، ولم يتناول المفطر، نوى الصوم الواجب وأجزأه، ولو ظهر بعد
الزوال، أمسك بقية نهاره، ووجب القضاء.
1560. الثالث عشر: لو نوى الصوم في رمضان، ثم نوى الخروج منه بعد
انعقاده، قال الشيخ: لا يبطل صومه (3)، وعندي فيه نظر، وكذا لو شك هل يخرج أم
لا على تردد ضعيف.
ولو نوى أنه يصوم غدا من رمضان لسنة تسعين مثلا، وكانت سنة إحدى
وتسعين، صحت نيته.
أما لو كان عليه قضاء اليوم الأول من رمضان، فنوى قضاء اليوم الثاني، أو
كان عليه صوم من سنة أربع، فنواه من سنة خمس، فالوجه عدم الإجزاء.
1561. الرابع عشر: لو أخبره عدل واحد بالهلال، وقلنا بعدم الاكتفاء، فأقرب
الوجهين أنه لا يجوز أن ينويه 4 عن رمضان واجبا، وكذا لو كان عارفا بحساب
المنازل والتسيير، أو أخبره العارف بذلك بالهلال من غير مشاهدة.
1562. الخامس عشر: لو نوى أنه صائم غدا إن شاء الله، فإن قصد الشك

1. الخلاف: 2 / 179، المسألة 22 من كتاب الصوم; والمبسوط: 1 / 277.
2. لاحظ النهاية: 151. قال المصنف في المختلف: 3 / 383: لو نوى ليلة الشك أنه إن كان غدا
من شهر رمضان فهو صائم فرضا، وإن كان من شعبان فهو صائم نفلا، للشيخ قولان: أحدهما
الإجزاء ذكره في المبسوط والخلاف، والثاني العدم ذكره في باقي كتبه.
3. المبسوط: 1 / 278.
4. في «ب»: أن ينوي به.
457

والتردد لم يصح صومه، وإن قصد التبرك وأنه موقوف على المشيئة والتوفيق،
صح صومه.
1563. السادس عشر: لو نوى قضاء رمضان، أو تطوعا ولم يعين، لم يصح.
1564. السابع عشر: لو نوى ليلة الثلاثين من رمضان أنه إن كان غدا منه فهو
صائم، وإن كان من شوال فهو مفطر، ففي صحة الصوم نظر.
1565. الثامن عشر: لو ترك النية عامدا حتى زالت الشمس، وجب عليه
الإمساك، والقضاء، وهل يثاب على الإمساك؟ الوجه عندي انه يثاب ثواب
الإمساك لا ثواب الصوم.
1566. التاسع عشر: لو أصبح بنية الإفطار مع علمه بأنه من الشهر ووجوبه
عليه، ثم جدد النية لم يجزئه، سواء كان قبل الزوال أو بعده، ووجب عليه
الإمساك، سواء أفطر أو لا، ثم يقضي واجبا.
1567. العشرون: قال الشيخ في المبسوط: النية إرادة، فلا تتعلق بالعدم، بل
بتوطين النفس على الامتناع، أو فعل كراهية لحدوث (1) المفطرات (2).
وتحقيقه أن العزم لاستمراره غير مقدور، والصوم عبارة عن نفي
المفطرات، فلا تتعلق النية به، بل متعلق الإرادة توطين النفس على الامتناع

1. في «أ»: بحدوث.
2. المبسوط: 1 / 278، وقد نقل عبارة المبسوط بإيجاز وإليك نصه: والنية وإن كانت إرادة لا
تتعلق إلا بالحدوث بأن لا يكون الشئ قائما، وإنما تتعلق بالصوم بإحداث توطين النفس
وقهرها على الامتناع بتجديد الخوف من عقاب الله وغير ذلك، أو بفعل كراهية لحدوث هذه
الأشياء، فتكون متعلقة على هذا الوجه، فلا تنافي الأصول.
458

وقهرها عليه، بتخويفها من العقاب، وهو وجودي، أو بحدث (1) كراهية يتعلق
بإحداث المفطرات.
1568. الحادي والعشرون: صوم الصبي المميز شرعي، ونيته معتبرة، ولو بلغ
قبل الزوال بغير المبطل، وجب عليه تجديد نية الفرض، وإلا فلا.
1569. الثاني والعشرون: لو نوى صوم يوم الشك عن فرض عليه، أجزأه إذا
استمر الشك، أو بان أنه من شعبان، ولو بان أنه من رمضان أجزأه عنه، ووجب
عليه قضاء ما نواه.
1570. الثالث والعشرون: لو صام أحد الأيام المكروهة عن فرض
عليه، أجزأه.
1571. الرابع والعشرون: لو أمسكه غيره عما يجب الإمساك عنه، فإن نوى مع
ذلك صح وكان بحكم الصائم، وإن لم ينو، وجب القضاء.
1572. الخامس والعشرون: الكافر يجب عليه الصوم، ولا يصح منه، لامتناع نية
التقرب منه ما دام كافرا، فإذا أسلم سقط القضاء.
أما المرتد، فيجب عليه، ولا يصح منه، ويقضي بعد عوده.
ولو نوى الصوم ثم ارتد في أثنائه، ثم عاد قبل تناول المفطر، قال
الشيخ (رضي الله عنه): صح صومه (2)، وعندي فيه نظر.

1. أي تتعلق الإرادة بإحداث كراهية في النفس بالنسبة إلى المفطرات فيكون متعلقها أمرا
وجوديا.
2. المبسوط: 1 / 266.
459

المقصد الثاني: فيما يقع الإمساك عنه
وهو واجب وندب
[القسم] الأول الواجب
وفيه ثمانية وأربعون بحثا:
1573. الأول: يجب الإمساك عن الأكل، والشرب، والجماع، والإنزال،
والكذب على الله وعلى رسوله والأئمة (عليهم السلام)، والارتماس في الماء، وإيصال
الغبار الغليظ إلى الحلق، والمقام على الجنابة حتى يطلع الفجر اختيارا، ومعاودة
النوم بعد انتباهتين حتى يطلع الفجر، والقئ عامدا، والحقنة،
وجميع المحرمات.
1574. الثاني: يحرم على الصائم الأكل والشرب نهارا; سواء كان المأكول
معتادا، كالخبز والفواكه; أو غير معتاد، كالحجر، والخشب، والحصى لو ابتلعه;
وسواء كان المشروب معتادا، كالماء; أو غير معتاد، كعصارة الأشجار.
وبالجملة كل ما يبتلعه معتادا كان أو غير معتاد، محللا أو محرما، وسواء
461

تغذى به، أو لم يتغذ، وسواء كان مما يتداوى به أو لا، أو يشربه كذلك، مفطر (1)
مع العمد.
1575. الثالث: بقايا الغذاء المتخلفة بين أسنانه إذا ابتلعها نهارا عمدا، فسد
صومه، سواء أخرجها من فيه أو لم يخرجها، وسواء كان يسيرا أو كثيرا، وسواء
كان مما يجري به الريق ولا يتميز منه، أو كان يتميز.
1576. الرابع: الريق إذا جرى على حلقه على ما جرت به العادة، لم يفطر به،
وكذا لو جمعه في فيه ثم ابتلعه، ولو أخرجه من فيه إلى طرف ثوبه، أو بين
أصابعه، ثم ابتلعه، أفطر.
ولو ترك في فيه حصى أو شبهه فأخرجه وعليه ريق، ثم أعاده في فيه
والريق عليه، فالوجه الإفطار، ولو ابتلع ريق غيره أفطر، ولو أبرز لسانه وعليه
ريق، ثم ابتلعه لم يفطر.
1577. الخامس: لو جمع في فيه قلسا (2) وابتلعه، فإن كان خاليا من الطعام، لم
يفطر، لرواية محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) (3)، ولو مازجه غذاء وتعمد
اجتلابه، أفطر وإن لم يبتلعه، ولو لم يتعمد، لم يفطر باجتلابه، وأفطر
بابتلاعه عمدا.
1578. السادس: لو ابتلع النخامة المجتلبة من صدره أو رأسه لم يفطر.
1579. السابع: حكم الازدراد حكم الأكل فيما تقدم، فلو ابتلع المعتاد أو

1. قوله: «مفطر» خبر لقوله: «كل ما يبتلعه».
2. القلس - بالتحريك، وقيل بالسكون -: ما خرج من الجوف، ملأ الفم أو دونه. مجمع البحرين.
3. الوسائل: 7 / 72، الباب 30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 1.
462

غيره أبطل صومه، وخلاف السيد (1) هنا ضعيف.
1580. الثامن: الجماع في القبل مفسد للصوم مع العمد إجماعا، وكذا الوطء
في الدبر مع الإنزال، ومع عدمه على أقوى القولين (2)، ولو جامعها في غير
الفرجين، فإن أنزل أفسد صومه، ولو لم ينزل، فلا إفساد.
1581. التاسع: وطء الميتة في القبل والدبر كوطء الحية.
1582. العاشر: لو وطئ بهيمة، فإن أنزل أفسد صومه، وإن لم ينزل تبع
وجوب الغسل، فإن أوجبناه أفسد صومه وإلا فلا.
وقال الشيخ: لا يجب الغسل ويفطر (3)، والأقرب عندي عدم الإفطار
على إشكال.
1583. الحادي عشر: لو وطئ الغلام في دبره، فإن أنزل أفسد صومه، وكذا إن
لم ينزل.
1584. الثاني عشر: الإجماع على أن الموطوءة في قبلها مختارة عالمة يفسد
صومها، أما الموطوءة في دبرها أو الغلام الموطوء فالأقرب فساد صومهما.
1585. الثالث عشر: لو تساحقت امرأتان وأنزلتا أفسدتا صومهما، وإن لم تنزلا
فلا فساد، ولو أنزلت إحداهما اختص الفساد بها، وكذا لو ساحق المجبوب.
1586. الرابع عشر: كل من أنزل نهارا عمدا أفسد صومه، سواء كان باستمناء،

1. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54.
2. لاحظ المختلف: 3 / 389.
3. الخلاف: 2 / 191، المسألة 42 من كتاب الصوم.
463

أو ملامسة، أو ملاعبة، أو قبلة، أو مباشرة، وغير ذلك من أنواع ما يوجب الإنزال.
1587. الخامس عشر: قال الشيخ: لو نظر إلى ما لا يحل له النظر إليه
عامدا بشهوة فأمنى، فعليه القضاء، وإن كان نظره إلى ما يحل له النظر إليه
فأمنى لم يكن عليه شئ، فإن أصغى أو تسمع إلى حديث فأمنى لم يكن
عليه شئ (1).
1588. السادس عشر: لو كان ذا شهوة مفرطة، بحيث يغلب على ظنه أنه إذا
قبل أنزل، لم يجز له التقبيل، وإلا كان مكروها.
ولو قبل أو لامس أو استمنى بيده ولم ينزل، لم يفسد صومه إجماعا، ولو
أنزل من غير شهوة كالمريض عمدا، أفسد صومه.
1589. السابع عشر: لو فكر فأمنى، ففي الإفساد نظر، ولو خطر بقلبه صورة
الفعل فأنزل، لم يفسد صومه.
1590. الثامن عشر: لو أمذى بالتقبيل لم يفطر.
1591. التاسع عشر: قال الشيخان (رحمهما الله): الكذب على الله وعلى رسوله (عليه السلام) وعلى
الأئمة (عليهم السلام) يفسد الصوم (2)، وخالف السيد المرتضى (3) وهو قوي.
1592. العشرون: المشاتمة والتلفظ بالقبيح لا يوجب الإفطار، وكذا الكذب
على غير الله وغير رسوله والأئمة (عليهم السلام).

1. المبسوط: 1 / 272.
2. المقنعة: 344; والمبسوط: 1 / 270.
3. جمل العلم والعمل، في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 53.
464

1593. الحادي والعشرون: إذا قلنا الكذب مفطر، استوى الكذب على الله
وعلى رسوله وعلى الأئمة (عليهم السلام) في أمر الدين أو الدنيا (1).
1594. الثاني والعشرون: الارتماس في الماء قال الشيخان: يفسد الصوم (2)،
وقال المرتضى: لا يفسده (3) وهو قوي.
وللشيخ قول ثان بأنه محرم غير مفسد (4) وهو حسن، وعليه أعمل، لصحة
الروايات (5) فيه، مع أن الشيخ قال: لست أعرف حديثا في إيجاب القضاء
والكفارة، أو إيجاب أحدهما على المرتمس (6).
1595. الثالث والعشرون: لا بأس بصب الماء على الرأس للتبرد، والاغتسال
ليس بمكروه.
1596. الرابع والعشرون: إذا ارتمس مختارا، فوصل الماء إلى حلقه، أفسد
صومه، سواء كان قد وصل باختياره، أو مضطرا.
أما لو صب الماء على رأسه، فدخل الماء حلقه، فإن تعمد الإدخال، أو
كان الصب يؤدي إليه قطعا، أفسد صومه، وإلا فلا.
ولا فرق في تحريم الارتماس، بين الماء الجاري والراكد، القليل والكثير.

1. في «ب»: في أمر الدين والدنيا.
2. المقنعة: 344; والمبسوط: 1 / 270.
3. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54.
4. الاستبصار: 2 / 85 في ذيل الحديث 263.
5. لاحظ الوسائل: 7 / 22، الباب 3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
6. الاستبصار: 2 / 85، في ذيل الحديث 263.
465

1597. الخامس والعشرون: إيصال الغبار الغليظ، كغبار الدقيق والنفض إلى
الحلق اختيارا، مفسد للصوم، ولو كان مضطرا أو دخل بغير اختياره، أو بغير
شعور، لم يفطر.
1598. السادس والعشرون: من أجنب ليلا، وتعمد البقاء على الجنابة من غير
ضرورة ولا عذر حتى يطلع الفجر، أفسد صومه.
1599. السابع والعشرون: الأقرب أن حكم الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما
قبل الفجر كذلك، وقال ابن أبي عقيل: إذا طهرتا ليلا وتركتا الغسل حتى يطلع
الفجر عامدتين، وجب عليهما القضاء خاصة (1).
1600. الثامن والعشرون: إذا جامع قبل الفجر، ثم طلع وهو على حاله، فإن لم
يعلم ضيق الوقت، نزع وأتم صومه من غير أن يتحرك حركة الجماع، ووجب
عليه الغسل والقضاء إن كان قد ترك المراعاة، ولو نزعه بنية المجامعة، أفطر
ووجب عليه القضاء والكفارة.
ولو راعى الفجر ولم يظن قربه، فجامع ثم نزع مع أول طلوعه، لم
يفسد صومه.
1601. التاسع والعشرون: لو طلع الفجر وفي فيه طعام، لفظه، فإن ابتلعه، بطل
صومه.
1602. الثلاثون: لو أجنب ليلا، ثم نام ناويا للغسل حتى أصبح، صح صومه،
ولو نام على عزم الترك، أو لم يعزم على أحدهما، فسد صومه.

1. حكى عنه المصنف أيضا في المختلف: 3 / 407.
466

1603. الحادي والثلاثون: لو احتلم نهارا في رمضان نائما أو من غير قصد، لم
يفسد صومه، وجاز له تأخير الغسل إجماعا.
1604. الثاني والثلاثون: القئ عمدا يفسد الصوم، خلافا للسيد المرتضى (1)،
وابن إدريس (2)، ولو ذرعه القئ لم يفطر.
والقلس وهو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقئ، فإن عاد
فهو القئ، فعلى هذا لا يفسد الصوم.
وقيل: القلس خروج الطعام والشراب إلى الفم من البطن أعاده صاحبه أو
ألقاه (3) فإن ابتلع شيئا بعد خروجه من حلقه إلى فمه أو خارجه، فإن تعمد، أفطر،
سواء قاء عامدا أو غير عامد، وإن لم يتعمد لم يفطر، إذا كان القئ عن غير عمد.
1605. الثالث والثلاثون: الاحتقان بالمائع حرام، وهل يفسد الصوم؟ للشيخ
قولان: أحدهما الإفساد (4) وهو قول المفيد (5)، والثاني لا يفسد (6) وهو اختيار
المرتضى (7) وابن إدريس (8) وابن أبي عقيل (9).

1. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54.
2. السرائر: 1 / 387.
3. ذكره الزبيدي في تاج العروس، مادة (قلس).
4. الخلاف: 2 / 213، المسألة 73 من كتاب الصوم; والنهاية: 148.
5. المقنعة: 344.
6. النهاية: 156; والاستبصار: 2 / 84.
7. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54. ولاحظ السرائر: 1 / 387;
والمختلف: 3 / 412.
8. السرائر: 1 / 387.
9. لاحظ المختلف: 3 / 412.
467

1606. الرابع والثلاثون: يكره الاحتقان بالجامد، ولا يفسد به الصوم، خلافا
لأبي الصلاح (1) وابن البراج (2).
1607. الخامس والثلاثون: قال الشيخ: لو داوى جرحه فوصل الدواء إلى
جوفه، أفسد صومه (3)، والوجه عندي عدم الإفساد.
1608. السادس والثلاثون: لو جرح نفسه برمح، فوصل إلى جوفه، أو أمر غيره
بذلك، قال الشيخ: يفسد صومه (4)، والأقرب خلافه.
1609. السابع والثلاثون: لو قطر في أذنه دهنا أو غيره، ووصل إلى الدماغ، لم
يفطر، خلافا لأبي الصلاح (5).
1610. الثامن والثلاثون: لو قطر في إحليله دواء، أو غيره، أو أدخل فيه ميلا، لم
يفطر، سواء وصل إلى المثانة أو لم يصل.
1611. التاسع والثلاثون: يجب الاحتراز في الصوم عن جميع المحرمات،
وهو فيه آكد منه في غيره.
1612. الأربعون: منع المفيد (6) وأبو الصلاح (7) من السعوط وهو ما يصل إلى
الدماغ من الأنف، وأفسدا به الصوم مطلقا.
وقال الشيخ: إنه مكروه غير مفسد ما لم ينزل إلى الحلق (8)، وهو الأقوى.
1613. الحادي والأربعون: لا بأس بمضغ العلك وإن كان ذا طعم، قويا أو

1. الكافي في الفقه: 183.
2. المهذب: 1 / 193.
3. المبسوط: 1 / 273.
4. المبسوط: 1 / 273.
5. الكافي في الفقه: 183.
6. المقنعة: 344
7. الكافي في الفقه: 183.
8. المبسوط: 1 / 272.
468

ضعيفا، إذا تحفظ من ابتلاع أجزائه، ولو وجد طعمه في حلقه لم يفطر.
1614. الثاني والأربعون: كل ما يدخل الفم ولا يتعدى الحلق، لا بأس به،
كمص الخاتم، ومضغ الطعام للصبي، وزق الطائر.
1615. الثالث والأربعون: لو أدخل شيئا في فمه وابتلعه سهوا، فإن كان لغرض
صحيح، فلا قضاء عليه، وإلا وجب القضاء.
ولو تمضمض فابتلع الماء سهوا، فإن كان للتبرد، فعليه القضاء، وإن كان
للصلاة، فلا شئ عليه، وكذا لو ابتلع ما لا يقصده كالذباب، ولو فعله عمدا أفطر.
1616. الرابع والأربعون: يجوز للصائم السواك، سواء كان رطبا أو يابسا، أول
النهار أو آخره، ولو كان السواك يابسا، جاز أن يبل بالماء ويتسوك به، ويتحفظ
من ابتلاع رطوبته، وكذا يجوز أن يتسوك بالماء إذا قذفه.
1617. الخامس والأربعون: إنما يبطل الصوم بما عددناه إذا وقع عمدا، أما لو
وقع نسيانا فلا، وكذا ما يحصل من غير قصد، كالغبار الذي يدخل حلقه من
الطريق (والذبابة) (1) وكذا لو صب في حلقه شئ كرها.
أما لو توعد على ترك الإفطار، وخوف حتى أكل، فكذلك عندنا، وقال
الشيخ: يفطر (2) وليس بجيد.
1618. السادس والأربعون: لو فعل المفطر جاهلا بالتحريم، فالوجه الإفساد،
وفي الكفارة نظر.

1. ما بين القوسين موجود في «ب».
2. المبسوط: 1 / 273.
469

1619. السابع والأربعون: لو أكل أو جامع ناسيا، فظن فساد صومه، فتعمد
الأكل والشرب، قال الشيخ: يفطر ويقضي ويكفر - وهو جيد - قال: وذهب
أصحابنا إلى وجوب القضاء خاصة (1).
1620. الثامن والأربعون: لو عقد الصوم ثم نوى الإفطار ولم يفطر، فإن عاد
ونوى الصوم، فالوجه الصحة، وإلا فالأقوى وجوب القضاء.
أما لو نوى أنه سيفطر بعد ساعة أخرى، فإنه لا يفطر بذلك، قال الشيخ:
ولو نوى الإفطار في يوم يعلمه من رمضان، ثم جدد نية الصوم قبل الزوال، لم
ينعقد (2) وفيه نظر.
القسم الثاني: فيما يستحب اجتنابه
وفيه اثنا عشر بحثا:
1621. الأول: يكره مباشرة النساء، تقبيلا، ولمسا، وملاعبة، إلا في حق الشيخ
الكبير المالك إربه، فإن القبلة ليست مكروهة له، وكذا من لا تحرك القبلة شهوته.
1622. الثاني: لو قبل ولم ينزل لم يفطر إجماعا، ولو أنزل، وجب
القضاء والكفارة.

1. المبسوط: 1 / 273.
2. المبسوط: 1 / 277.
470

1623. الثالث: «روى الشيخ في الصحيح عن الكاظم (عليه السلام): انه لا بأس للصائم
أن يمص لسان المرأة، وكذا المرأة (1) هو حسن لكن ينبغي خلو لسانهما من
الرطوبة، فإن وجدت فليتحفظ من ابتلاعها.
1624. الرابع: المذي لا ينقض الصيام، ورواية رفاعة (2) بالإتيان بالبدل شاذة،
ولو كلم امرأته فأمنى، لم يكن عليه شئ.
1625. الخامس: يكره الاكتحال بما فيه مسك أو طعم يصل إلى الحلق،
كالصبر، وليس بمفطر ولا محظور.
1626. السادس: يكره إخراج الدم المضعف بفصد أو حجامة، وليس ذلك
بمحظور، ولو لم يضعف لم يكن به بأس، ولا يفطر الحاجم ولا المحجوم.
1627. السابع: يجوز للصائم دخول الحمام، فإن خاف الضعف أو
العطش، كره.
1628. الثامن: شم الرياحين مكروه، ويتأكد في النرجس، والمسك.
1629. التاسع: الاحتقان بالجامد مكروه، وليس بمحظور ولا مفطر.
1630. العاشر: يكره بل الثوب على الجسد، ولا بأس بالرجل يستنقع في
الماء، ويكره للمرأة الجلوس فيه، وقال أبو الصلاح: إنما يفطر (3) وليس بمعتمد.
1631. الحادي عشر: يكره السعوط إذا لم يتعد إلى الحلق.
1632. الثاني عشر: يكره المماراة في الصوم، والتنازع، وإنشاد الشعر ليلا
ونهارا، وإن كان شعر حق.

1. لاحظ الوسائل: 7 / 72، الباب 34 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 2 و 3.
2. لاحظ الوسائل: 7 / 92، الباب 55 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 3.
3. الكافي في الفقه: 179.
471

المقصد الثالث: فيما يوجب القضاء والكفارة
أو القضاء خاصة وأحكام ذلك وفيه فصلان
[الفصل] الأول: فيما يوجبهما أو يوجب القضاء
وفيه سبعة وعشرون بحثا:
1633. الأول: إذا وطئ في فرج المرأة حتى أدخل الحشفة، والصوم واجب
عليه، وجب عليه القضاء والكفارة، ولا يسقط وجوب القضاء بوجوب الكفارة،
ولا بالتكفير بالصوم.
ويتعلق هذا الحكم بوطء البالغة، والصبية، والميتة، والحية، والنائمة،
والمكرهة، والمختارة، والعاقلة، والمجنونة، والمزني بها، والزوجة.
1634. الثاني: يفسد صوم المرأة بذلك، ويجب عليها القضاء والكفارة، هذا
إذا كانت مختارة، ولو أكره امرأته عليه، وهما صائمان، وجب عليه كفارتان،
وعليه قضاء واحد، ولا قضاء عليها.
1635. الثالث: لو كان مجنونا فوطئها، وهي صائمة، فإن طاوعته، لزمها كفارة
واحدة، وإلا فلا شئ عليهما.
473

1636. الرابع: لو زنى بامرأة في نهار رمضان، فإن طاوعته، لزمهما كفارتان،
وإن أكرهها، وجب عليه كفارة عنه، وهل يجب عليه أخرى عنها؟ قال
الشيخ: لا (1).
1637. الخامس: لو استدخلت ذكره وهو نائم، أفطرت دونه، وعليها كفارة عن
نفسها، ولا كفارة عليه ولا عليها عنه.
1638. السادس: لو أكرهته على الجماع، وجب عليها كفارة عن نفسها، وهل
يجب عليه كفارة؟ فيه نظر، أقربه الوجوب.
1639. السابع: لو وطئ امرأة في دبرها فأنزل، وجب القضاء والكفارة
إجماعا، ولو لم ينزل فالأصح أنه كذلك.
ولو وطئ غلاما فأنزل، وجب القضاء والكفارة، ولو لم ينزل فكذلك،
وكذا يجب على المفعول رجلا أو امرأة.
1640. الثامن: لو وطئ في فرج بهيمة فأنزل، وجب القضاء والكفارة، ولو لم
ينزل قال الشيخ: لا نص فيه، ويجب القضاء خاصة، للإجماع دون الكفارة (2)،
ومنع ابن إدريس من القضاء أيضا (3) وفيه قوة.
1641. التاسع: لا فرق بين وطء الزوجة وغيرها.
1642. العاشر: لو استمنى بيده فأنزل، أو أنزل عقيب الملاعبة، أو الملامسة،
أو التقبيل، أو الوطء في غير الفرجين، وجب عليه القضاء والكفارة، قال

1. المبسوط: 1 / 275.
2. الخلاف: 2 / 191، المسألة 42 من كتاب الصوم.
3. السرائر: 1 / 380.
474

أبو الصلاح (1): لو أصغى فأمنى قضاه (2).
1643. الحادي عشر: لو تساحقت امرأتان فأنزلتا، وجب القضاء، والوجه
وجوب الكفارة أيضا.
1644. الثاني عشر: لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع، فعليه القضاء
والكفارة، ولو نزع في الحال مع أول طلوع الفجر من غير تلوم (3)، فإن فرط في
تحصيل الوقت وجب القضاء خاصة، وإلا فلا.
1645. الثالث عشر: لو ترك نية الصوم من الليل وجامع، وجب القضاء
والكفارة.
1646. الرابع عشر: من أكل أو شرب عامدا في رمضان نهارا مع وجوب
الصوم عليه وإسلامه اختيارا، وجب عليه القضاء والكفارة، ولا فرق بين الرجل،
والمرأة، والحر، والعبد، والخنثى، في ذلك، وسواء أكل محللا أو محرما، وكذا
المشروب، وسواء كانا معتادين أو غير معتادين، خلافا للسيد (4).
1647. الخامس عشر: يجب بإيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، القضاء والكفارة،
وقال السيد المرتضى: لا يجب الكفارة (5) وهو قوي.
1648. السادس عشر: أوجب الشيخان الكفارة والقضاء بتعمد الكذب على

1. في «ب»: وقال الشيخ وأبو الصلاح.
2. الكافي في الفقه: 183.
3. التلوم: التمكث. مجمع البحرين.
4. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54.
5. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54.
475

الله وعلى رسوله وعلى الأئمة (عليهم السلام) (1)، ومنع من ذلك السيد المرتضى (2) وابن أبي
عقيل (3) وهو الأقوى عندي.
1649. السابع عشر: لو أجنب ليلا، وتعمد البقاء على الجنابة، حتى طلع
الفجر، وجب القضاء والكفارة على قول الشيخين (4)، وعند ابن أبي عقيل القضاء
خاصة (5)، وكذا لو نام غير ناو للغسل حتى طلع الفجر.
ولو نام على عزم الاغتسال ثم انتبه، ثم نام ثانيا ثم انتبه، ثم نام ثالثا واستمر
حتى طلع الفجر، قال الشيخان: يجب القضاء (6) وفي الكفارة عندي إشكال.
1650. الثامن عشر: قد بينا أن الارتماس حرام، خلافا لابن أبي عقيل (7) فلا
يفسد الصوم، خلافا للشيخ (8) ولا يوجب القضاء والكفارة، خلافا له في
بعض أقواله (9).
1651. التاسع عشر: قال السيد المرتضى: الحقنة محرمة، ولا توجب قضاء
ولا كفارة (10)، وقال أبو الصلاح: يجب القضاء مطلقا (11)، وقال الشيخ: يجب القضاء

1. الشيخ المفيد في المقنعة: 344; والشيخ الطوسي في المبسوط: 1 / 270.
2. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54.
3. نقله عنه المصنف في المختلف: 3 / 397، والتذكرة: 6 / 50.
4. المقنعة: 345، والمبسوط: 1 / 271.
5. نقله عنه المصنف في المختلف: 3 / 407، والتذكرة: 6 / 48.
6. المقنعة: 347، والمبسوط: 1 / 272.
7. لاحظ المختلف: 3 / 400، والتذكرة: 6 / 50.
8. لاحظ المبسوط: 1 / 270; والخلاف: 2 / 221، المسألة 85 من كتاب الصوم.
9. لاحظ المبسوط: 1 / 270; والخلاف: 2 / 221، المسألة 85 من كتاب الصوم.
10. لاحظ المختلف: 3 / 412، ونقله عنه الحلي في السرائر: 1 / 387.
11. الكافي في الفقه: 183.
476

خاصة بالمائع خاصة (1).
1652. العشرون: لو ارتد عن الإسلام أفطر إجماعا، وعليه قضاؤه، فإن تناول
شيئا من المفطر، وجبت الكفارة أيضا.
1653. الحادي والعشرون: لو سافر، أو حاضت المرأة، أو نفست، أفطروا،
وعليهم القضاء خاصة.
1654. الثاني والعشرون: يجب القضاء خاصة في الصوم الواجب المتعين،
بعشرة أشياء:
من أفطر مع ظن بقاء الليل، ولم يرصد الفجر مع القدرة، ثم بان طالعا.
ومن أخلد إلى غيره في عدم الطلوع، مع ترك المراعاة، وكان قادرا عليها،
ثم فعل المفطر.
ومن أخبره غيره بطلوع الفجر، فظن كذبه، وفعل المفطر، وكان طالعا،
سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا، أما لو أخبره عدلان بالطلوع، فلم يمتنع، فالوجه
وجوب الكفارة.
ومن أخبر بدخول الليل، فأخلد إليه وأفطر، ثم بان كذبه مع القدرة
على المراعاة.
ومن ظن دخول الليل لظلمة عرضت من غيم أو غيره، فأفطر، ثم تبين
فساد ظنه، خلافا للشيخ (2) في بعض أقواله.

1. الخلاف: 2 / 213، المسألة 73 من كتاب الصوم.
2. لاحظ التهذيب: 4 / 270 في ذيل الحديث 815.
477

ومن تعمد القئ، ولو ذرعه لم يفطر.
ومن احتقن بالمائع.
ومن تمضمض للتبرد دون الطهارة، فدخل الماء إلى حلقه.
ومن عاود النوم ثانيا وهو مجنب، مع نية الغسل، حتى طلع الفجر.
ومن نظر إلى من يحرم عليه نظرها بشهوة فأمنى، ولو كانت محللة لم
يجب قضاء.
ولا كفارة في هذه المواضع العشرة.
1655. الثالث والعشرون: في مساواة الاستنشاق للمضمضة في ذلك نظر،
أقربه العدم.
1656. الرابع والعشرون: روى الشحام عن الصادق (عليه السلام):
«ان الصائم إذا تمضمض لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات» (1).
1657. الخامس والعشرون: المشهور بين علمائنا عدم الفرق بين صلاة الفرض
والنفل، وفي رواية صحيحة السند عن الصادق (عليه السلام) وجوب القضاء بدخول ماء
المضمضة للصلاة المندوبة دون الواجبة (2).
1658. السادس والعشرون: لو تمضمض متداويا، أو طرح خرزا (3) أو غيره في
فيه، لغرض صحيح، فسبق إلى حلقه، فلا قضاء ولا كفارة، ولو كان عابثا قيل:
وجب القضاء خاصة، وفيه نظر (4).

1. الوسائل: 7 / 64، الباب 31 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 1.
2. الوسائل: 7 / 49، الباب 23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم، الحديث 1.
3. في لسان العرب: الخرز - بالتحريك -: فصوص من حجارة، واحدتها خرزة.
4. قال المصنف في التذكرة: 6 / 79: ولو كان للتبرد أو العبث وجب عليه القضاء خاصة عند علمائنا.
478

1659. السابع والعشرون: لو وصل إلى الجوف بغير الحلق شئ، لم يفسد
الصوم إلا الحقنة بالمائع، وما ينزل من الفضلات من رأسه إذا استرسل وتعدى
الحلق من غير قصد، لم يفسد الصوم، ولو تعمد ابتلاعه فسد.
الفصل الثاني: في الأحكام
وفيه خمسة وعشرون بحثا:
1660. الأول: إنما تجب الكفارة في إفطار ما يتعين صومه، كرمضان
وقضائه بعد الزوال، خلافا لابن أبي عقيل (1)، والنذر المعين وشبهه، وفي
الاعتكاف الواجب.
وما عدا ذلك لا يجب فيه الكفارة، سواء كان واجبا، كالنذر المطلق، وصوم
الكفارة، وقضاء غير رمضان، وقضاء رمضان قبل الزوال، أو مندوبا، كالأيام
المستحب صومها، والاعتكاف المندوب، ويفسد الصوم في ذلك كله.
1661. الثاني: إنما يفسد الصوم إذا وقع منه المفطر عمدا مختارا، مع وجوب
الصوم عليه، فلو فعل المفطر ناسيا لم يفطر، وكذا لو فعله نائما أو مكرها، أما لو
تعمد وكان جاهلا بالتحريم، لم يعذر.

1. لاحظ المختلف: 3 / 453، والتذكرة: 6 / 60.
479

1662. الثالث: كل موضع يجب فيه القضاء إما منفردا (1) أو منضما، فإنه يجب
يوم مكان يوم، لا غير.
1663. الرابع: كفارة كل يوم من رمضان، عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين،
أو إطعام ستين مسكينا مخيرا في ذلك سعة، وقال ابن أبي عقيل: إنها على
الترتيب (2)، وللسيد المرتضى قولان (3).
1664. الخامس: الإطعام لكل مسكين مد، لا فرق في ذلك بين الحنطة
والشعير والتمر، وقال الشيخ: لكل مسكين مدان (4).
1665. السادس: روى الساباطي عن الصادق (عليه السلام):
«وقد سأله عن الصائم يصيبه عطش حتى يخاف على نفسه، قال:
يشرب بقدر ما يمسك رمقه، ولا يشرب حتى يروي» (5)
وهي جيدة، والأقرب عدم وجوب القضاء.
ولو شرب زيادة على ما يمسك، به الرمق، وجب القضاء والكفارة.
1666. السابع: لو عجز عن الأصناف الثلاثة، صام ثمانية عشر يوما، فإن عجز،
تصدق بما وجد، أو صام ما استطاع، فإن عجز، استغفر الله، وسقطت

1. في «أ»: مفردا.
2. لاحظ المختلف: 3 / 438، والتذكرة: 6 / 52.
3. قول بالتخيير ذهب إليه في الانتصار: 69، وقول بالترتيب نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 /
672، والمصنف في التذكرة: 6 / 52.
4. المبسوط: 1 / 271.
5. الوسائل: 7 / 152، الباب 16 من أبواب من يصح منه الصوم، الحديث 1.
480

عنه الكفارة.
1667. الثامن: حد العجز عن التكفير، أن لا يجد ما يصرفه في الكفارة، فاضلا
عن قوته وقوت عياله ذلك اليوم.
1668. التاسع: لا يسقط القضاء بسقوط الكفارة للعجز، ولو عجز عنه أيضا،
سقط، وكفاه الاستغفار.
1669. العاشر: لو عجز عن صيام شهرين متتابعين، ويمكن من صيامهما
متفرقة، ولم يقدر على العتق، ولا الإطعام، فالوجه وجوب الشهرين متفرقة، ولو
عجز، صام ثمانية عشر يوما.
1670. الحادي عشر: قال الشيخان: إذا عجز عن الأصناف الثلاثة، صام ثمانية
عشر يوما (1) ولا بد فيها من التتابع; قاله المفيد 2 والمرتضى 3، فلو عجز عنه
وتمكن من صيامها متفرقة، فالوجه وجوبها على التفريق.
1671. الثاني عشر: لو عجز عن شهرين، وقدر على شهر، فالوجه وجوبه، ولا
ينتقل إلى ثمانية عشر، وكذا لو قدر على عشرين يوما على إشكال في
ذلك كله.
ولو عجز عن إطعام ستين، وتمكن من إطعام ثلاثين وجب، ولو تمكن
من صيام شهر، والصدقة على ثلاثين، فالأقرب وجوبهما معا.
1672. الثالث عشر: الكفارة في إفطار قضاء رمضان بعد الزوال، إطعام عشرة

1. المقنعة: 345، والنهاية: 154.
2. المقنعة: 346.
3. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 55.
481

مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام.
وروي أن عليه كفارة رمضان (1)، وحملها الشيخ على المستخف (2) وروي
لا شئ عليه، وحملها على العاجز (3).
1673. الرابع عشر: المشهور ان كفارة نذر المتعين مثل كفارة رمضان، وقيل:
كفارة يمين (4).
1674. الخامس عشر: لو أكل شاكا في طلوع الفجر، ولم يتبين طلوعه ولا
عدمه، واستمر به الشك، فلا قضاء عليه، وله الأكل حتى يتيقن الطلوع.
ولو أكل شاكا في غروب الشمس، واستمر الشك، وجب القضاء، وفي
وجوب الكفارة نظر.
ولو ظن أن الشمس قد غربت ثم استمر الظن، فلا قضاء.
1675. السادس عشر: لو كرر السبب المقتضي لوجوب الكفارة في يومين،
تكررت الكفارة، سواء كفر عن الأول أو لا.
ولو كرره في يوم واحد، قال الشيخ: ليس لأصحابنا فيه نص، والذي

1. الوسائل: 7 / 254، الباب 29 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 3.
2. التهذيب: 4 / 279 - 280، والمبسوط: 1 / 287، ولاحظ الوسائل: 7 / 254، الباب 29 من
أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
3. التهذيب: 4 / 279 - 280، والمبسوط: 1 / 287، ولاحظ الوسائل: 7 / 254، الباب 29 من
أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 4.
4. القائل هو الصدوق في الفقيه: 3 / 232 في ذيل الحديث 1095.
482

يقتضيه مذهبنا أنه لا يتكرر (1)، وقال المرتضى بالتكرر (2)، وقال ابن الجنيد (3): إن
كفر عن الأول كفر ثانيا، وإلا كفر كفارة واحدة عنهما، سواء اتحد السبب أو
اختلف، ولا يتكرر القضاء بتكرر السبب في يوم واحد إجماعا.
1676. السابع عشر: من أفطر مستحلا، وقد ولد على الفطرة، فهو مرتد، ولو
لم يعرف قواعد الإسلام، عرف ثم يعامل بعد ذلك بما يعامل به المولود
على الفطرة.
ولو اعتقد التحريم عزر، فإن عاد عزر، فإن عاد قتل في الثالثة، وقيل:
في الرابعة (4).
1677. الثامن عشر: يعزر من أكره امرأته على الجماع في رمضان بخمسين
سوطا، وعليه كفارتان وقضاء واحد، ولا كفارة عليها ولا قضاء، ولو طاوعته، عزر
كل واحد منهما بخمسة وعشرين سوطا.
1678. التاسع عشر: قال الشيخ (رحمه الله): لو وطئها نائمة أو مكرهة، صح صومها،
وعليه كفارتان (5)، ونحن نمنع ذلك في النائمة.
قال: ولو أكرهها لا جبرا، بل ضربها حتى مكنته من نفسها أفطرت، ولزمها

1. المبسوط: 1 / 274.
2. نقله عنه الشيخ في الخلاف: 2 / 189، المسألة 38 من كتاب الصوم; ولاحظ المختلف:
3 / 449.
3. نقله عنه المحقق في المعتبر: 2 / 680; والمصنف في المختلف: 3 / 449.
4. لاحظ المعتبر: 2 / 681، ومستمسك العروة الوثقى: 8 / 194، كتاب الصوم.
5. الخلاف: 2 / 183، المسألة 27 من كتاب الصوم.
483

القضاء، ولا كفارة عليها، لأنها دفعت الضرر بالتمكين كالمريض (1)، والحق عندي
سقوط القضاء عنها.
1679. العشرون: لو زنى بها، فعلى كل منهما كفارة، ولو أكرهها، قال بعض
علمائنا: يتحمل عنها الكفارة أيضا، وفيه نظر مع حسنه.
1680. الحادي والعشرون: لو طلع الفجر وفي فيه طعام لفظه، ولو ابتلعه، فسد
صومه، وعليه مع القضاء الكفارة.
1681. الثاني والعشرون: يجوز الجماع حتى يبقى لطلوع الفجر مقدار إيقاعه
والغسل، ولو علم ضيق الوقت فجامع، وجب القضاء والكفارة.
ولو ظن فيه السعة فواقع مع المراعاة، فلا شئ لو كذب الظن، ولو كان لا
مع المراعاة، فالقضاء.
1682. الثالث والعشرون: لو انفرد برؤية الهلال في رمضان وأفطر، وجب
القضاء والكفارة.
1683. الرابع والعشرون: لو فعل ما يجب به الكفارة، ثم سقط عنه فرض
ذلك، لمرض، أو حيض، أو نفاس، فالوجه عدم سقوط الكفارة.
1684. الخامس والعشرون: لو تبرع متبرع بالتكفير عمن وجب عليه، جاز،
سواء كان المكفر عنه حيا أو ميتا، إلا في الصوم، فإنه لا يقع نيابة إلا مع الموت.

1. الخلاف: 2 / 183، المسألة 27 من كتاب الصوم.
484

المقصد الرابع: فيمن يصح صومه
وفيه أحد عشر بحثا:
1685. الأول: البلوغ شرط في وجوب الصوم، فلا يجب على الصبي وإن
أطاقه، وحد البلوغ في الذكر، خمس عشرة سنة، أو الإنبات، أو الاحتلام، وفي
الأنثى، بلوغ تسع سنين أو عشر، أو الإنبات، أو الاحتلام، والحيض دلالة على
سبق البلوغ.
1686. الثاني: يستحب تمرين الصبي بالصوم إذا أطاقه، وكذا الصبية، ويشدد
عليهما ببلوغ سبع مع المكنة.
وصوم الصبي المميز شرعي، ونيته صحيحة، وينوى الندب، وقال أبو
حنيفة: ليس بشرعي، بل هو إمساك للتأديب، وفيه قوة.
1687. الثالث: العقل شرط في وجوب الصوم وصحته، فلا اعتبار بصوم
المجنون، ولا يؤمر به كما يؤمر الصبي، ولو كان يفيق يوما كاملا، وجب صوم
يوم الإفاقة.
1688. الرابع: حكم المغمى عليه، حكم المجنون، سواء سبقت النية أو لا،
485

على الأصح، ولا قضاء عليه مطلقا، ولو تجدد الإغماء في آخر جزء من النهار،
بطل صوم ذلك اليوم (1)، خلافا للمفيد (2).
1689. الخامس: الإسلام شرط في صحة الصوم لا في وجوبه، والكافر يجب
عليه، ولا يصح منه، ولو أسلم سقط قضاؤه.
وأما المرتد فيجب عليه، ولا يصح منه حتى يرجع ويقضي ما فاته مرتدا.
1690. السادس: الطهارة من الحيض والنفاس شرط في صحة الصوم، فلو
وجد أحدهما ولو في آخر جزء من النهار بطل صوم ذلك اليوم، ويستحب لهما
الإمساك تأديبا إذا رأتاه بعد الزوال.
ولو أمسكت إحداهما ونوت الصوم، لم ينعقد، سواء علمتا التحريم أو لا،
ويجب عليهما القضاء عند الطهر.
ولو انقطع دم إحداهما بعد طلوع الفجر، لم تعتدا بصوم ذلك اليوم، بل
أمسكتا تأديبا، ووجب القضاء.
1691. السابع: المستحاضة بحكم الطاهر، يجب عليها الصوم، ويصح منها إذا
فعلت ما يجب عليها من الأغسال، ولو أخلت بها مع وجوبها، بطل
الصوم وقضته.
1692. الثامن: لا يصح الصوم الواجب من المسافر الذي يجب عليه قصر
الصلاة، إلا ناذر الصوم المعين إذا قيده بالسفر، ومن عجز عن دم المتعة، فإنه

1. في «أ»: بطل صومه في ذلك اليوم.
2. المقنعة: 352.
486

يصوم ثلاثة أيام في الحج وإن كان مسافرا، ومن أفاض من عرفات عامدا عالما
قبل الغروب وعجز عن البدنة، فإنه يصوم ثمانية عشر يوما (1) وإن كان مسافرا.
وللمفيد (رحمه الله) قول بجواز صوم ما عدا رمضان من الواجبات (2) وهو نادر.
أما صوم النافلة، فالوجه انه مكروه فيه إلا ثلاثة أيام للحاجة ندبا
في المدينة.
1693. التاسع: المريض لا يصح منه الصوم إن كان يضر به، ولو تكلفه حينئذ
لم يجزئه، ولو لم يضر به وقدر عليه وجب، ولم يمنعه المرض.
ولا فرق في جواز الإفطار بسائر أنواع المرض مع المضرة، كوجع الأسنان
والعين والحمى الدائمة (وغير الدائمة) (3)، والمرجع في الضرر به إلى حال
الإنسان نفسه، أو قول العارف.
1694. العاشر: النائم إذا سبقت [منه] النية صح صومه، وإن استمر إلى الليل،
ولو طلع الفجر عليه نائما، ولم ينو، ثم استمر إلى الزوال، وجب القضاء.
1695. الحادي عشر: المجنب إذا ترك الغسل عامدا مع القدرة حتى طلع
الفجر، لم يصح صومه، ووجب القضاء، ولو استيقظ جنبا، انعقد صومه عن
رمضان والنذر المعين، ولا ينعقد عن قضاء رمضان، ولا عن نذر مطلق، قال
الشيخ: ولا ندبا (4).

1. في «ب»: يصوم عشر يوما.
2. المقنعة: 350.
3. ما بين القوسين موجود في «أ».
4. المبسوط: 1 / 287.
487

المقصد الخامس: في الزمان الذي يصح فيه الصوم
وفيه خمسة مباحث:
1696. الأول: إنما يصح صوم النهار دون الليل، ولو نذر صوم الليل منضما أو
منفردا، لم يصح إجماعا.
1697. الثاني: لا يصح صوم العيدين بالإجماع، ولو نذره لم ينعقد.
1698. الثالث: صوم أيام التشريق لمن كان بمنى حرام، وفي اشتراط كونه
محرما بحج أو عمرة، نظر.
وهي اليوم الحادي عشر من ذي الحجة، والثاني عشر، والثالث عشر.
ولو نذر صومها وهو بمنى لم ينعقد، ولو كان بغير منى من الأمصار صح
صومها ندبا، ونذرا، وعن قضاء الواجب، وبالجملة هي في غير منى كغيرها من
الأيام التي يقع فيها الصوم.
1699. الرابع: صوم يوم الشك على أنه من شهر رمضان حرام، وقد تقدم.
1700. الخامس: لو نذر صوم يوم معين، واتفق أحد هذه الأيام، لم يجز صومه،
والأقوى عدم وجوب القضاء.
489

المقصد السادس: في شهر رمضان
ومطالبه ثلاثة
المطلب الأول: في علامته
وفيه ستة عشر بحثا:
1701. الأول: يعلم الشهر برؤية الهلال، فمن رآه وجب عليه الصوم وإن
كان واحدا، عدلا كان أو غير عدل، شهد عند الحاكم أو لم يشهد، قبلت شهادته
أو ردت.
1702. الثاني: لو لم يره لعدم طلبه، أو لعدم الحاسة، أو لغير ذلك، اعتبر
بالشهادة، ولا خلاف في اعتبار الشهادة في رؤية الهلال، وإنما الخلاف في
العدد، فاختار سلار قبول الواحد في أول رمضان خاصة (1) وقال المفيد
والمرتضى: إنما يقبل عدلان صحوا وغيما (2) واشترط الشيخ خمسين من

1. المراسم: 233.
2. المقنعة: 297، وجمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 54.
491

البلد مع العلة، أو اثنان من خارجه، ومع عدم العلة خمسين من البلد وخارجه (1)
والوجه قول المفيد.
1703. الثالث: لا يقبل شهادة النساء في ذلك، ولا في شئ من الأهلة، لا
منفردات ولا منضمات، ولا يقبل في الإفطار إلا شاهدان.
1704. الرابع: لو شهد عدلان بأوله فصاموا ثلاثين، ثم لم ير الهلال مع
الصحو، لزم الفطر.
1705. الخامس: لو انفرد برؤية شوال، وجب عليه الإفطار.
1706. السادس: لو رآه عدلان ولم يشهدا عند الحاكم، أو شهدا وردت
شهادتهما، لعدم معرفته، بهما، جاز لمن سمعهما الإفطار، ولكل منهما أن يفطر
وإن لم يعرف عدالة صاحبه.
ولو أصبح صائما يوم الثلاثين من رمضان، فشهد عدلان برؤيته في
الماضية أفطر، وصلى العيد إذا كان قبل الزوال، ولو كان بعده، أفطر ولا صلاة.
1707. السابع: لو رؤي في البلد رؤية شايعة، وجب الصيام إجماعا.
1708. الثامن: لو لم ير الهلال أصلا وغم على الناس أكمل عدة شعبان ثلاثين
يوما، ثم صاموا وجوبا من رمضان، فإن غم هلال شعبان، أكملت عدة رجب
ثلاثين، وشعبان ثلاثين، ثم صاموا.
ولو غمت الأهلة أكمل كل شهر ثلاثين يوما على قول بعض علمائنا (2)،

1. النهاية: 150.
2. المبسوط: 1 / 267.
492

والوجه عندي العمل برواية الخمسة (1).
1709. التاسع: يستحب الترائي للهلال ليلة الثلاثين من شعبان ورمضان على
الأعيان، ويجب على الكفاية.
1710. العاشر: لا يجوز التعويل على الجدول، ولا على كلام المنجمين، ولا
على الاجتهاد فيه، ولا على العدد، خلافا لمن قسم السنة إلى تام وناقص،
وشعبان ناقص أبدا ورمضان تام أبدا (2).
ولا اعتبار أيضا بغيبوبة القمر بعد الشفق، ولا بتطوقه، ولا بعد خمسة أيام
من الماضية، ولا برؤيته قبل الزوال.
1711. الحادي عشر: لو أفطر يوم الشك ثم قامت البينة برؤيته، قضاه بعد العيد،
ولو لم تقم بينة، لكن أهل شوال بعد صوم ثمانية وعشرين، قضى يوما واحدا إلا
أن تقوم البينة بيومين.
1712. الثاني عشر: إذا رأى الهلال أهل بلد، وجب الصوم على أهل البلاد [و]
جميع الناس، سواء تباعدت البلاد أو تقاربت.
والشيخ (رحمه الله) جعل البلاد المتقاربة التي لا تختلف في المطالع، كبغداد
والبصرة، كالبلد الواحد، والبلاد المتباعدة، كبغداد ومصر لكل بلد حكم نفسه (3)

1. لاحظ الوسائل: 7 / 205، الباب 10 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1، وإليك نصه:
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «صم في العام المستقبل اليوم الخامس من يوم صمت فيه عام أول».
(وبقية أحاديث الباب).
2. قال المصنف في التذكرة: 6 / 138: لا اعتبار بالعدد خلافا لقوم من الحشوية ذهبوا إلى أنه
معتبر، وأن شهور السنة قسمان: تام وناقص فرمضان لا ينقص أبدا، وشعبان لا يتم أبدا.
3. المبسوط: 1 / 268.
493

وفيه قوة، فعلى قوله، لو سافر من رأى الهلال في بلده إلى بلد لم ير الهلال فيه
لبعده فلم ير الهلال بعد ثلاثين، فالوجه أنه يصوم معهم بحكم الحال.
1713. الثالث عشر: لو كان بحيث لا يعلم الأهلة كالمحبوس وشبهه، إذا لم
يعلم الشهر يجتهد ويغلب على ظنه، فإن ظن، عمل عليه، وإلا توخى شهرا
وصامه، فإن استمر الاشتباه أجزأه، وإن وافق رمضان أو كان بعده فكذلك، وإن
وافق قبله لم يجزئه (1)، والأقرب عدم وجوب البحث والاجتهاد بعد الصوم.
ولو وافق بعضه الشهر دون بعض، صح فيما وافق الشهر وما بعده، دون ما
قبله; وإذا وافق صومه بعد الشهر، فالمعتبر صوم أيام بعدة ما فاته، سواء وافق بين
هلالين أو لم يوافق، وسواء كان الشهران تامين، أو ناقصين، أو مختلفين.
ولو كان رمضان تاما فصام شوالا، وكان ناقصا، لزمه قضاء يومين (2); ولو
انعكس الفرض لم يجب عليه شئ، ولو كانا تامين لزمه قضاء يوم بدل العيد،
وكذا لو كانا ناقصين.
ولو صام قبل رمضان، وظهر له ذلك قبل دخوله، وجب عليه أن يصومه،
ولو صام تطوعا فوافق شهر رمضان، فالأقرب أنه يجزئه.
1714. الرابع عشر: يستحب الدعاء عند رؤية الهلال بما روي عن أمير
المؤمنين (عليه السلام) (3)، وغيره من الأدعية المأثورة.
1715. الخامس عشر: وقت وجوب الإمساك هو طلوع الفجر الثاني الذي
يجب معه صلاة الصبح إلى غروب الشمس الذي يجب معه صلاة المغرب،

1. علله المصنف في التذكرة: 6 / 143، بأنه فعل العبادة قبل وقتها، فلا يقع أداء ولا قضاء.
2. بدل يوم العيد والناقص.
3. لاحظ الوسائل: 7 / 234، الباب 20 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 6.
494

وعلامته، سقوط الحمرة المشرقية، قاله الشيخ (1).
وقال بعض أصحابنا: علامته غيبوبة القرص، فلو غاب عن الآفاق، ثم
شاهد ضوءه على بعض الجبال، من بعيد، أو بناء عال، مثل منارة الإسكندرية،
جاز الإفطار (2)، وليس بمعتمد.
ولو اشتبه عليه الغيبوبة وجب عليه الإمساك، ويستظهر حتى يتيقن، ولو
غاب القرص وبقي له أمارة الظهور، فأصح الروايتين (3) وجوب الإمساك حتى
تذهب علامة ظهوره.
1716. السادس عشر: يستحب تقديم الصلاة على الإفطار إلا أن يكون له من
ينتظره للإفطار معه.
المطلب الثاني: في شرائطه
وهي قسمان
[القسم] الأول: شرائط الوجوب
وفيه سبعة مباحث:
1717. الأول: العقل والبلوغ شرطان في وجوب الصوم، ولو بلغ قبل الفجر،
وجب صوم ذلك اليوم، ولو كان بعده لم يجب، ويستحب له الإمساك، مفطرا كان

1. المبسوط: 1 / 269.
2. حكاه الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا، لاحظ المبسوط: 1 / 269.
3. لاحظ الوسائل: 7 / 88، الباب 52 من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
495

أو صائما، ولا قضاء عليه.
ولو أفاق المجنون في أثناء الشهر، وجب عليه صيام ما بقي، وإن أفاق قبل
الفجر، وجب صوم ذلك اليوم، وإلا فلا، وكذا المغمى عليه.
1718. الثاني: الإسلام شرط في الصحة على ما قلناه، فلو أسلم قبل الفجر،
وجب صوم ذلك اليوم وما بعده، وإن أسلم بعد الفجر، سقط ذلك اليوم خاصة،
وأمسك استحبابا.
1719. الثالث: السلامة من المرض شرط في الوجوب إذا كان الصوم يزيد في
المرض، أو يبطئ البرء معه، أما الصحيح الذي يخاف المرض بالصوم، فالوجه
وجوبه عليه، وكذا لو كان به شهوة غالبة للجماع يخاف أن تنشق أنثياه.
والمستحاضة إذا خافت المرض أفطرت.
1720. الرابع: الإقامة أو حكمها شرط في الصوم، فلا يجب على المسافر
سفرا يجب معه قصر الصلاة، ولو صام لم يجزئه إن كان عالما، وإلا أجزأه.
ولو نوى الإقامة في بلد عشرة أيام، وجب الصوم، ولو ردد نيته صام بعد
شهر، وبالجملة كل من وجب عليه التقصير في الصلاة، وجب عليه التقصير
في الصوم.
وهل يشترط تبييت النية من الليل؟ قال الشيخ: نعم، فلو بيت نية السفر من
الليل، ثم خرج أي وقت كان من النهار وجب التقصير والقضاء، ولو خرج بعد
الزوال أمسك وعليه القضاء، وإن لم يبيت بنية من الليل لم يجز له التقصير، وكان
عليه صيام ذلك اليوم، وليس عليه قضاؤه أي وقت خرج، إلا أن يكون قد
496

خرج قبل طلوع الفجر فإنه يجب عليه الإفطار على كل حال، ولو قصر وجب عليه
القضاء والكفارة (1).
وقال المفيد (رحمه الله): المعتبر خروجه قبل الزوال، فإن خرج حينئذ لزمه
الإفطار، وإن خرج بعده، أتم، ولا اعتبار بالنية (2).
وقال السيد (3) وابن بابويه (4): يقصر متى خرج وإن كان قبل الغروب; ولم
يعتبر [ا] التبييت. والأقوى اختيار المفيد.
1721. الخامس: لا يجوز الإفطار حتى يغيب عنه أذان مصره، أو يخفى عنه
جدران بلده.
1722. السادس: لو قدم المسافر، أو برأ المريض مفطرين، استحب لهما
الإمساك، وعليهما القضاء، وكذا الحائض إذا طهرت، والطاهر إذا حاضت.
ولو قدم المسافر أو برأ المريض صائمين، فإن كان زوال عذرهما قبل
الزوال وجب عليهما الإتمام وأجزأهما، وإن كان بعد الزوال استحب الإمساك،
ووجب القضاء.
ولو عرف المسافر أنه يصل إلى بلده أو موضع إقامته قبل الزوال، جاز له
الإفطار، وإن أمسك حتى دخل وأتم صومه، كان أفضل.
1723. السابع: الخلو من الحيض والنفاس شرط في الصوم، فلو زال

1. المبسوط: 1 / 284، والنهاية: 161.
2. المقنعة: 354.
3. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 55.
4. نقله عنه المصنف في المختلف: 3 / 468، والحلي في السرائر: 1 / 392.
497

عذرهما في أثناء النهار لم يصح صومها، ووجب القضاء، وكذا لو تجدد في أثناء النهار
ولو قبل الغروب بشئ يسير.
القسم الثاني: شرائط القضاء
وفيه سبعة مباحث:
1724. الأول: يشترط في وجوب القضاء البلوغ حال الفوات، فلو فات الصبي
لم يجب القضاء، سواء كان مميزا أو غير مميز.
1725. الثاني: العقل شرط في القضاء، فالمجنون إذا فاته شئ من الأيام أو
الشهر كله، وهو مجنون، لم يجب عليه القضاء، وكذا المغمى عليه، واليوم الذي
يفيق فيه لا يجب قضاؤه، إلا أن يفيق قبل الفجر ثم يفطر فيه، واشترط بعض
علمائنا (1) سبق النية في المغمى عليه، وليس بجيد.
1726. الثالث: الإسلام شرط في وجوب القضاء، فالكافر الأصلي لا يجب
عليه قضاء ما فاته حال كفره، ولو أسلم في أثناء الشهر لم يقض الفائت، ويجب
عليه صيام المستقبل، واليوم الذي أسلم فيه لا يجب قضاؤه، إلا أن يسلم قبل
الفجر ثم يفطر فيه، ولو أسلم بعد الفجر ولم يكن أفطر لم يجب صوم ذلك اليوم.
أما المرتد فيقضي ما فاته زمان ردته، ولا فرق بين أن تكون الردة باعتقاد
ما يوجب الكفر أو بشكه فيه (2) ولو ارتد بعد عقد الصوم، ثم عاد لم يفسد صومه،
وفيه نظر.

1. الشيخ في الخلاف: 2 / 198، المسألة 51 من كتاب الصوم; والمفيد في المقنعة: 352.
2. هكذا في «أ»، ولكن في «ب»: أو بشكه فيما يكفر بالشك فيه.
498

1727. الرابع: لو أزال عقله بمسكر أو بشرب مرقد، وجب عليه قضاء ما
يفوته فيه.
1728. الخامس: قال الشيخ (رحمه الله): لو طرح في حلق المغمى عليه، أو من زال
عقله دواء لزمه القضاء إذا أفاق (1) وليس بجيد.
1729. السادس: شرائط الكفارة هي شرائط القضاء، فكل موضع سقط فيه
القضاء سقطت فيه الكفارة.
1730. السابع: يستحب للمغمى عليه والكافر القضاء.
المطلب الثالث: في الأحكام
وفيه تسعة عشر بحثا:
1731. الأول: يتعين قضاء الفائت في السنة التي فات فيها ما بينه وبين رمضان
الآتي، فلو أخر المريض القضاء بعد برئه تهاونا حتى دخل الثاني ولم يقض،
صام الحاضر، وقضى الأول، وكفر عن كل يوم بمدين، وأقله مد، خلافا
لابن إدريس 2.
ولو كان تأخيره مع العزم على القضاء حتى أدركه الثاني ولم يقض، وجب
القضاء خاصة، ولو استمر به المرض إلى رمضان الثاني، ولم يصح فيما بينهما

1. المبسوط: 1 / 266.
2. السرائر: 1 / 396.
499

صام الحاضر، وهل يقضي الفائت؟ قال ابن بابويه: نعم ولا كفارة (1)، وقال
الشيخان (2): يكفر عن كل يوم بما تقدم، ولا قضاء عليه، والوجه عندي قول ابن
بابويه، وعلى قول الشيخين لو صام ولم يكفر، فالوجه الإجزاء.
1732. الثاني: ظاهر كلام الشيخ في الخلاف (3) تعميم الحكم في المريض
وغيره ممن فاته الصوم، وفيه نظر.
1733. الثالث: حكم ما زاد على رمضانين حكم الرمضانين سواء.
1734. الرابع: لو أخره سنتين فما زاد، فيه إشكال، والأقرب عدم
تكرر الكفارة (4).
1735. الخامس: لو استمر به المرض حتى مات سقط القضاء ولا كفارة، لكن
يستحب أن يقضى عنه، أما لو برأ من مرضه، وتمكن من القضاء ولم يقضي
حتى مات، قضي عنه.
1736. السادس: الذي يقضي عن الميت أكبر أولاده الذكور، سواء فاته
بمرض أو غيره، مع ترك الميت القضاء وتمكنه.
ولو لم يكن له ولد ذكر، وكان له إناث، قال الشيخ (رحمه الله): يتصدق عن كل يوم
بمدين من ماله، وأقله مد (5).

1. لاحظ المختلف: 3 / 517; والسرائر: 1 / 395.
2. المقنعة: 570; والمبسوط: 1 / 286.
3. الخلاف: 2 / 206، المسألة 63 من كتاب الصوم.
4. في «ب»: عدم تكرير الكفارة.
5. المبسوط: 1 / 286.
500

وقال المفيد: تقضي الأنثى (1)، والأول أقوى.
1737. السابع: السيد المرتضى أوجب الصدقة أولا، فإن لم يكن له مال، صام
عنه وليه (2).
1738. الثامن: إن كان الولي واحدا، تعين عليه قضاء الجميع، ولو كانوا جماعة
في سن واحد، قضوا عنه بالحصص، أو يتطوع به البعض، فيسقط
عن الآخرين.
ولو اتحد اليوم أو انكسر، فالأقرب أنه عليهم كواجب الكفاية، ولم أقف
فيه على نص.
1739. التاسع: قد بينا وجوب الصدقة مع عدم الولي، ويخرج من
صلب المال.
1740. العاشر: لو صام أجنبي عن الميت بغير قول الولي، فالأقرب عدم
الإجزاء، ولو أمره أو استأجره، ففي الإجزاء نظر.
1741. الحادي عشر: كل صوم واجب على المريض وغيره، كالمنذور وغيره،
إذا مات مع إمكان القضاء ولم يقضه، وجب على الولي القضاء عنه،
أو الصدقة.
ولو وجب عليه صوم شهرين متتابعين، ثم مات، تصدق عنه عن شهر من
مال الميت، والظاهر أنه إما بمدين عن كل يوم أو بمد، وقضى وليه شهرا،

1. المقنعة: 353.
2. الانتصار: 70.
501

وللولي أن يصوم الشهرين من غير صدقة، سواء كان وجوبهما على التعيين
أو التخيير.
نعم في المخير للولي أن يصوم شهرين، أو يتصدق من صلب مال الميت،
أو يعتق من أصل المال.
1742. الثاني عشر: قال الشيخ (1): حكم المرأة في ذلك حكم الرجل، فما
يفوتها من زمن الحيض أو السفر أو المرض، لا يجب قضاؤه، ولا الصدقة عنه،
إلا مع تمكنها من القضاء والاهمال، فيجب على الولي القضاء أو الصدقة، كما
قلنا في الرجل، خلافا لابن إدريس (2).
1743. الثالث عشر: إذا مات المسافر بعد تمكنه من القضاء، وجب أن يقضى
عنه، ولو مات في سفره، فللشيخ قولان ففي الخلاف: لا يجب (3) وفي التهذيب:
يجب (4) والأول أقوى.
1744. الرابع عشر: يجوز لقاضي رمضان الإفطار قبل الزوال لا بعده، فإن
أفطر بعده لعذر فلا كفارة عليه، وإلا أطعم عنه عشرة مساكين، فإن عجز صام
ثلاثة أيام.
1745. الخامس عشر: لو أجنب في شهر رمضان وترك الاغتسال ساهيا من
أول الشهر إلى آخره، وجب قضاء الصلاة إجماعا، وأوجب الشيخ قضاء

1. النهاية: 158.
2. السرائر: 1 / 399.
3. الخلاف: 2 / 207، المسألة 64 من كتاب الصوم.
4. التهذيب: 4 / 249 في ذيل الحديث 739.
502

الصوم (1) ومنع ابن إدريس (2)، والأقوى عندي الأول، لرواية الحلبي الصحيحة
عن الصادق (عليه السلام) (3).
1746. السادس عشر: الأولى تتابع أيام القضاء، وليس واجبا.
1747. السابع عشر: لا يجوز لمن عليه صوم واجب رمضان أو غيره، أن
يصوم تطوعا حتى يأتي به.
1748. الثامن عشر: يجوز القضاء في جميع أيام السنة، إلا العيدين وأيام
التشريق لمن كان بمنى، وأيام الحيض والنفاس والمرض والسفر، ولا يكره
القضاء في عشر ذي الحجة.
1749. التاسع عشر: لو أصبح جنبا في قضاء رمضان، أفطر ذلك اليوم، ولم
يجز له صومه، وكذا في النافلة وكل ما لا يتعين صومه.
أما لو أكل أو شرب ناسيا في قضاء رمضان، فالوجه أنه يتم صومه،
وللشيخ (4) قول آخر ضعيف.

1. المبسوط: 1 / 288; النهاية: 165.
2. السرائر: 1 / 407.
3. الوسائل: 7 / 171، الباب 30 من أبواب من يصح الصوم منه، الحديث 3.
4. نقله عنه المصنف أيضا في التذكرة: 6 / 186.
503

المقصد السابع: في بقية أقسام الصوم
وهو أقسام
القسم الأول: في الواجب منه
وفيه (1) أحد عشر بحثا:
1750. الأول: صوم كفارة قتل الخطاء واجب بعد العجز عن العتق، وهو
شهران متتابعان، وكذا صوم كفارة الظهار.
1751. الثاني: صوم كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان واجب، وهو شهران
متتابعان، لكن وجوبه على التخيير بينه وبين الإطعام والعتق.
1752. الثالث: صوم كفارة قتل العمد، وهو شهران متتابعان، واجب مع
الصدقة والعتق.
1753. الرابع: صوم بدل الهدي للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولا ثمنه واجب،
وهو عشرة أيام، ثلاثة متتابعة في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ولا يجب
فيها التتابع.

1. أي في المقصد السابع.
505

1754. الخامس: صوم كفارة اليمين وباقي الكفارات واجب، وصوم الاعتكاف
المنذور (1) واجب، واليوم الثالث منه على خلاف (2)، وصوم كفارة من أفاض من
عرفات قبل غروب الشمس عامدا، ولم يجد الجزور، وقدره ثمانية عشر يوما،
وصوم ما يجب بالنذر واليمين والعهد واجب، فهذه أقسام
الصوم الواجب.
[القسم الثاني: في الصوم المندوب]
1755. السادس: الصوم المندوب على أقسام كثيرة، والمتأكد قد ذكرناه من
جملته: أول خميس في العشر الأول، وأول أربعاء في العشر الثاني، وآخر
خميس في العشر الأخير، وفي رواية (3) انه في الشهر الأول كذلك، وفي الثاني
خميس بين أربعاءين.
ويجوز تأخيرها من الصيف إلى الشتاء للخفة، وإذا أخرها إلى الشتاء، جاز
صومها متوالية ومتفرقة، ولو عجز عن صيامها، تصدق عن كل يوم بمد استحبابا.
1756. السابع: يستحب صوم الأيام الأربعة في السنة: يوم مبعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
ومولده (صلى الله عليه وآله وسلم)، ودحو الأرض، والغدير (4). والتاسع والعشرين من ذي القعدة،

1. في «ب»: «المندوب» بدل «المنذور» والصحيح ما في المتن.
2. لاحظ المختلف: 3 / 581.
3. لاحظ الوسائل: 7 / 313، الباب 8 من أبواب الصوم المندوب، الحديث 2.
4. علل المصنف (قدس سره) صوم هذه الأيام الأربعة بأنها أيام شريفة أنعم الله تعالى بأعظم
البركات، فاستحب شكره بالصوم فيها، ونقل الأحاديث الواردة في ذلك. لاحظ التذكرة:
6 / 190 و 191.
506

وأول يوم في المحرم، وثالثه وسابعه، ويستحب صوم العشر بأسره، فإذا كان
اليوم العاشر أمسك عن الطعام والشراب إلى بعد العصر ثم يتناول شيئا من التربة،
وروي استحباب المحرم بأسره (1)، ويوم النصف من جمادى الأولى، وستة أيام
من شوال بعد يوم الفطر، ويوم الخميس دائما، والاثنين، وكل جمعة سواء أفرده
أو لا، وسواء وافق يوم صومه أو لا.
وصوم داود (عليه السلام) مستحب، وهو صوم يوم وإفطار يوم.
[القسم الثالث: في صوم التأديب]
1757. الثامن: يستحب الإمساك وإن لم يكن صوما للمسافر إذا قدم أهله أو
بلدا يعزم فيه الإقامة عشرا وقد أفطر، وللحائض وللنفساء إذا طهرتا في أثناء
النهار، وللطاهر إذا جاءها أحد الدمين، وللمريض إذا برأ وكان قد أفطر، وللكافر
إذا أسلم وللصبي إذا بلغ وإن لم يتناولا شيئا.
1758. التاسع: يكره للمسافر أن يتملا من الطعام أو يروي من الشراب، بل
يتناول منهما قدر الحاجة، وتشتد الكراهية في الجماع، وليس بمحرم، خلافا
للشيخ (2)، ولا تجب به الكفارة إجماعا.

1. لاحظ الوسائل: 7 / 347، الباب 25 من أبواب الصوم المندوب.
2. النهاية: 162.
507

1759. العاشر: المستحاضة يجب عليها الصوم كالطاهر، ويشترط في صحة
صومها الاغتسال إن وجب عليها، وإلا فلا، فلو أخلت بالغسل (1) وجب القضاء.
[القسم الرابع: في الصوم المحظور]
1760. الحادي عشر: يحرم صوم العيدين إجماعا، واستثنى الشيخ (2) القاتل في
الأشهر الحرم، فإنه يصوم شهرين متتابعين وإن دخل فيهما العيدان (3) وأيام
التشريق، وليس بمعتمد، وكذا البحث في أيام التشريق لمن كان بمنى.
وصوم الوصال حرام، واختلف فيه، ففي النهاية (4) والمبسوط (5) هو أن
يجعل عشاءه سحوره، وفي الاقتصاد: (6) صوم يومين من غير فطر، ولو أمسك
عن الطعام لا بنية الصيام بل بنية الإفطار لم يكن محرما.
وصوم الدهر حرام، إذا دخل فيه العيدان وأيام التشريق لمن كان بمنى،
ولو أفطر هذه الخمسة لم يكره الباقي.

1. في «أ»: في الغسل.
2. النهاية: 166; والمبسوط: 1 / 281.
3. في «ب»: العيد.
4. النهاية: 170.
5. المبسوط: 1 / 283.
6. الاقتصاد: 293.
508

المقصد الثامن: في التوابع
وفيه سبعة وعشرون بحثا:
1761. الأول: الشيخ الكبير والعجوز إذا عجزا عن الصوم أفطرا إجماعا، وفي
وجوب الكفارة قولان: أحدهما الوجوب للشيخ (1) والثاني عدمه للسيد (2) وغيره (3)،
وللمفيد هنا تفصيل فقال: إن عجزا بالكلية، فلا قضاء ولا صدقة، وإن أطاقاه
بمشقة فلا قضاء، ووجبت الصدقة (4)، قال الشيخ: لست أعرف بالتفصيل نصا (5)
ولو عجزا عن الصدقة سقطت إجماعا.
1762. الثاني: للشيخ قولان في قدر الصدقة، ففي النهاية (6) والمبسوط (7)
عن كل يوم مدان مع القدرة، ومع العجز مد، وفي الاستبصار (8) مد، وهو
جيد.

1. النهاية: 159; والمبسوط: 1 / 258.
2. جمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 56.
3. كالحلي في السرائر: 1 / 400.
4. المقنعة: 351.
5. التهذيب: 4 / 237.
6. النهاية: 159.
7. المبسوط: 1 / 258.
8. الاستبصار 2 / 103.
509

1763. الثالث: ذو العطاش إذا كان لا يرجى زواله أفطر، وتصدق عن كل يوم
بمد، وقيل: بمدين (1) ولا قضاء، وإن كان يرجى برؤه أفطر إجماعا، ويجب القضاء
مع البرء، واختلف علماؤنا، فقال المفيد والمرتضى: لا كفارة عليه (2) وأوجب
الشيخ الكفارة (3).
1764. الرابع: لا ينبغي لهؤلاء أن يتملؤوا من الطعام والشراب ولا يواقعوا
النساء، والأقرب أن ذلك كله مكروه.
1765. الخامس: الحامل المقرب، والمرضعة القليلة اللبن، إذا خافتا على
أنفسهما أفطرتا وعليهما القضاء والصدقة (4) عن كل يوم بمد.
1766. السادس: لو خافتا على الولد كان لهما الإفطار، ويجب عليهما القضاء
والصدقة، وخالف سلار في وجوب القضاء (5)، وليس بمعتمد.
1767. السابع: صوم النافلة لا يجب بالشروع، ويجوز إبطاله ولو قبل الغروب،
ولا قضاء، لكن يستحب الإتمام، ويتأكد بعد الزوال، وكذا جميع نوافل العبادات
إلا الحج والعمرة فإنهما يجبان بالشروع.
ولو دخل في واجب معين لم يكن له الخروج منه، ولو لم يتعين جاز
الخروج منه، إلا في قضاء رمضان بعد الزوال.

1. القائل الشيخ في النهاية: 159; والمبسوط: 1 / 285.
2. المقنعة: 351; وجمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 56.
3. المبسوط: 1 / 285; والاقتصاد: 294.
4. في «ب»: إذا خافتا على أنفسهما كانا لهما الإفطار ويجب القضاء والصدقة.
5. المراسم: 97.
510

1768. الثامن: كل الصوم يلزم فيه التتابع إلا أربعة: صوم النذر المجرد عن
التتابع، وما في معناه من يمين وعهد، وصوم قضاء رمضان، وصوم جزاء الصيد،
والسبعة في بدل المتعة.
1769. التاسع: من وجب عليه شهران متتابعان، إما لكفارة أو نذر، أو غير
ذلك، فأفطر في الأول، أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الثاني شيئا، فإن كان لعذر
من مرض أو حيض، لم ينقطع تتابعه، بل يبني على ما فعله بعد زوال العذر،
وكذا كل عذر من قبله تعالى، أما السفر فإن تمكن من تركه، لم يكن عذرا، وإلا
فهو عذر. وإن كان إفطاره لغير عذر استأنف إجماعا.
ولو صام الأول ومن الثاني ولو يوما ثم أفطر لعذر وغيره فإنه يبني على
كل حال، وهل يحرم الإفطار قبل إكمال الثاني لغير عذر وإن جاز البناء؟ قولان (1).
ولا يجوز لمن عليه شهران متتابعان أن يصوم مالا يحصل معه صوم شهر
ويوم، مثل أن يصوم شعبان ولم يكن قد صام من رجب شيئا، أو يصوم
شوالا خاصة.
1770. العاشر: من وجب عليه شهر متتابع لنذر وشبهه فصام خمسة عشر
يوما ثم أفطر لعذر وغيره، جاز له البناء، ولو أفطر قبل ذلك استأنف إلا أن يكون
لعذر فإنه يبني.
وكذا العبد إذا وجب عليه صوم شهر لكفارة وغيرها فتابع خمسة عشر
يوما جاز له تفريق الباقي، وخالف فيه ابن إدريس (2).

1. لاحظ المختلف: 3 / 561.
2. السرائر: 1 / 413.
511

1771. الحادي عشر: ثلاثة الأيام في بدل هدي المتعة متتابعة، فلو صام يومين
ثم أفطر استأنف، إلا في موضع واحد وهو أن يكون قد صام يوم التروية وعرفة،
فإنه يفطر العيد ويأتي بالثالث بعد أيام التشريق.
ولو كان الفصل بغير العيد استأنف مطلقا، وكذا يستأنف لو صام يوما
ثم أفطر.
أما السبعة فالوجه عدم وجوب تتابعها.
1772. الثاني عشر: كل صوم متتابع إذا أفطر في أثنائه لعذر بنى، وإن كان لغير
عذر استأنف إلا في المواضع الثلاثة المستثناة.
1773. الثالث عشر: هل يجوز صيام أيام التشريق بدلا عن الهدى لمن كان
بمنى؟ فيه روايتان (1) أصحهما المنع.
1774. الرابع عشر: يكره للمسافر النكاح، فلو قدم من سفره وهو مفطر، وقد
طهرت من الحيض، جاز الوطء.
ولو غرته وقالت: إني مفطرة، فجامع، فلا كفارة عليه، ووجب عليها
خاصة، ولو علم بصومها فإن طاوعته وجبت عليها الكفارة دونه، ولو أكرهها فلا
كفارة عليه عنه (2)، والأقرب وجوبها عليه عنها.
1775. الخامس عشر: يكره السفر في رمضان للصائم إلا لضرورة، أو مضى
ثلاثة وعشرين يوما منه.

1. لاحظ الوسائل: 7 / 385، الباب 2 من أبواب الصوم المحرم والمكروه.
2. في «أ»: «عنها» والصحيح ما في المتن.
512

1776. السادس عشر: من وجب عليه شهران متتابعان فعجز عن ذلك، صام
ثمانية عشر يوما.
1777. السابع عشر: لو نذر صوم يوم من رمضان، قيل: لا ينعقد (1) والأقوى
انعقاده، ولو نذر صوم يوم بعينه، أو أيام بأعيانها، فوافق ذلك اليوم أو الأيام أن
يكون مسافرا، أفطر وقضى.
ولو نذر صوم الدهر واستثنى الأيام التي يحرم فيها الصوم انعقد نذره، فلو
كان عليه قضاء من رمضان، أو وجب ذلك بعد النذر، لزمه أن يصوم القضاء (2)
مقدما على النذر، ولا كفارة عليه فيها (3) إن كان الإفطار لعذر.
ولو وجب على صائم الدهر واجبا كفارة مخيرة أو مرتبة، فالوجه أنه لا
يصوم عنها، بل ينتقل فرضه إلى غير الصوم في المرتب والمخير.
1778. الثامن عشر: لو نذر صوم يوم قدوم زيد لم ينعقد، وقال الشيخ: إن وافق
قدومه قبل الزوال ولم يكن تناول شيئا مفطرا، جدد النية وصام ذلك اليوم، وإن
كان بعده، أفطر ولا قضاء فيما بعد (4) ولو نذر يوم قدومه دائما، سقط وجوب اليوم
الذي جاء فيه، ووجب صومه فيما بعد، فلو اتفق في رمضان صامه عن رمضان
وسقط النذر، ولا قضاء، ولو صامه عن النذر وقع عن رمضان ولا قضاء.
1779. التاسع عشر: لو نذر صوم يوم دائما فوجب عليه شهران متتابعان،

1. القائل أبو الصلاح الحلبي في الكافي: 185.
2. في «أ»: أن يصوم فيها القضاء.
3. في «أ»: فيهما.
4. المبسوط: 1 / 281.
513

قال الشيخ: يصوم في الأول عن الكفارة ليحصل التتابع، فإذا صام من الثاني شيئا صام
ما بقي من الأيام عن النذر (1) وقيل: يسقط التكليف بالصوم (2) والأقرب صيام ذلك
اليوم عن النذر، ولا يسقط به التتابع، ولا فرق بين تقدم وجوب
الشهرين وتأخره.
1780. العشرون: لو نذر أن يصوم في بلد معين، فللشيخ قولان: أحدهما
سقوط التعيين، فيصوم أين شاء (3) والآخر ثبوته (4).
1781. الحادي والعشرون: لو نذر صوم سنة معينة وجب، وسقط العيدان وأيام
التشريق إن كان بمنى، ثم إن لم يشترط التتابع حتى أفطر في أثنائها لغير عذر،
تمم وقضى ما أفطره، ووجب عليه الكفارة في كل يوم يفطره (ولو شرط التتابع
استأنف ووجبت الكفارة في كل يوم يفطره) (5)، ولو كان الإفطار في ذلك كله
لعذر، فإنه يبني ويقضي ما أفطره، ولا كفارة.
ولو نذر صوم سنة غير معينة تخير في التوالي والتفريق، إن لم
يشرط التتابع.
1782. الثاني والعشرون: لو نذر صوم شهر، تخير بين ثلاثين يوما، وبين
الصوم في ابتداء الهلال إلى آخره، ويجزئه لو كان ناقصا، ولو صام في أثناء الشهر
أتم ثلاثين، ولو نذر شهرا متتابعا توخى ما يصح ذلك فيه، ويجتزئ بالنصف.

1. نقله عنه الحلي في السرائر: 3 / 68، والمصنف في التذكرة: 6 / 229.
2. القائل هو الحلي في السرائر: 3 / 68.
3. نقله عنه المصنف في التذكرة: 6 / 229، والمحقق في الشرائع: 3 / 189.
4. المبسوط: 1 / 282.
5. ما بين القوسين موجود في «ب».
514

1783. الثالث والعشرون: لو نذر أن يصوم يوما ويفطر يوما، صوم داود (عليه السلام)
فوالى الصوم، قال ابن إدريس: وجب عليه كفارة خلف النذر (1).
1784. الرابع والعشرون: لو نذر صوم يوم بعينه، فقدم صومه لم يجزئه، ولو
نذر الصوم لا على وجه التقرب، لم ينعقد نذره.
ولو نذر صوما ولم يعين المقدار، أجزأه يوم واحد.
ولو نذر أن يصوم زمانا ولم يعين، كان عليه صيام خمسة أشهر.
ولو نذر حينا كان عليه ستة أشهر.
ولو نذر العبد بغير إذن مولاه، أو الزوجة بغير إذن زوجها لم ينعقد.
1785. الخامس والعشرون: السحور مستحب، وكلما قرب من الفجر كان
أفضل، قال ابن بابويه: أفضل السحور السويق والتمر (2).
ويستحب تعجيل الإفطار بعد صلاة المغرب، ولو كان هناك من ينتظره
قدم الإفطار عليها.
ويستحب أن يفطر على التمر أو الزبيب أو الماء أو اللبن.
ويستحب الدعاء عند الإفطار، قال الصادق (عليه السلام):
«يستجاب دعاء الصائم عند الإفطار» (3).
وكان علي (عليه السلام) يقول: «اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبل منا
إنك أنت السميع العليم» (4).

1. السرائر: 1 / 417.
2. المقنع: 205; ولاحظ الوسائل: 7 / 105، الباب 5 من أبواب آداب الصائم، الحديث 4.
3. الوسائل: 7 / 106، الباب 6 من أبواب آداب الصائم، الحديث 4.
4. الوسائل: 7 / 106، الباب 6 من أبواب آداب الصائم، الحديث 3.
515

ويستحب إفطار الصائم. قال الصادق (عليه السلام):
«إفطارك أخاك المسلم يعدل عتق رقبة من ولد إسماعيل» (1).
ويستحب الإكثار من البر في رمضان. قال ابن عباس: (كان رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، وكان أجود
من الريح المرسلة). (2)
1786. السادس والعشرون: ليلة القدر ليلة شريفة عظيمة، لم ترتفع إجماعا،
وأكثر العلماء على أنها في شهر رمضان، ويستحب طلبها في ليالي الشهر، وفي
العشر الأواخر آكد، وأكثر الروايات (3) أنها تطلب في إحدى وعشرين أو
ثلاث وعشرين.
فلو نذر أن يعتق بعد مضي ليلة القدر، وجب عليه العتق بعد
انسلاخ الشهر.
1787. السابع والعشرون: روى ابن بابويه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انه
«يستحب للرجل أن يأتي أهله أول ليلة من شهر رمضان» (4).
وعن الصادق (عليه السلام) قال:
«ليطعم يوم الفطر قبل أن يصلي، ولا يطعم يوم الأضحى حتى
ينصرف الإمام» (5).

1. الفقيه: 2 / 85، الحديث 381.
2. صحيح مسلم: 7 / 73، كتاب الفضائل، الباب 12 (كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أجود الناس..) رقم الحديث
2308; سنن النسائي: 4 / 125; مسند أحمد: 1 / 288 و 363.
3. لاحظ الوسائل: 7 / 258، الباب 32 من أبواب أحكام شهر رمضان.
4. الوسائل: 7 / 255، الباب 30 من أبواب أحكام شهر رمضان، الحديث 1.
5. الوسائل: 5 / 113، الباب 12 من أبواب صلاة العيد، الحديث 5.
516

المقصد التاسع: في الاعتكاف
وفيه مطلبان
[المطلب] الأول: في ماهيته وشرائطه
وفيه واحد وعشرون بحثا:
1788. الأول: الاعتكاف لغة: اللبث الطويل، وفي الشرع: عبارة عن لبث
مخصوص للعبادة، وهو مشروع وسنة إجماعا، وليس بفرض ابتداء، وإنما يجب
بالنذر وشبهه.
وأفضل أوقاته العشر الأواخر من رمضان، روى ابن بابويه عن السكوني
باسناده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
«اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجتين وعمرتين» (1).
1789. الثاني: لا يصح الاعتكاف إلا من مكلف مسلم حر، أو عبد مأذون له
ممن يصح منه الصوم.

1. الوسائل: 7 / 397، الباب 1 من كتاب الاعتكاف، الحديث 3.
517

وهو على ضربين: واجب وهو ما وجب بالنذر وشبهه، ومندوب وهو
ما عداه.
1790. الثالث: يصح اعتكاف الصبي المميز كما يصح صومه، وهل يكون
شرعيا؟ البحث فيه كالصوم.
1791. الرابع: النية شرط في الاعتكاف، ولا بد فيها من نية التقرب، فلو قصد
اليمين، أو منع النفس، أو الغضب، لم يعتد به.
ولا بد من الوجه إما واجبا أو مندوبا، ولو نوى اعتكاف مدة لم يلزمه، نعم
استمرار النية حكما شرط فيه.
1792. الخامس: الصوم شرط في الاعتكاف، ولا يشترط صوم معين، بل أي
صوم اتفق صح الاعتكاف فيه، سواء كان الصوم واجبا، أو ندبا، وسواء كان
الاعتكاف واجبا أو ندبا، فلو اعتكف في رمضان، اكتفى فيه بصوم رمضان.
ولا يصح الاعتكاف في زمان لا يصح فيه الصوم، كالعيدين، وأيام
الحيض، والنفاس، والمرض، مع التضرر بالصوم، والسفر المانع من الصوم
الواجب والندب.
1793. السادس: الإسلام شرط في الاعتكاف، ولو ارتد المعتكف، بطل
اعتكافه، وللشيخ قول بعدمه، بل يبني لو رجع (1) وليس بجيد.
1794. السابع: العقل شرط في الاعتكاف، فلا يقع من المجنون، ولا المغمى
عليه، ولا الصبي، ولا السكران.

1. المبسوط: 1 / 294.
518

1795. الثامن: إذن الزوج شرط في حق المرأة في الندب، وكذا إذن السيد
في العبد والمدبر والمكاتب وأم الولد.
ولو كان بعضه رقا، لم يجز له أن يعتكف بغير إذن مولاه، أما لو اعتكف في
أيام نفسه فالوجه جوازه، ولو أذن لعبده في الاعتكاف، أو لزوجته، جاز له
الرجوع والمنع ما لم يجب.
ولو نذرت المرأة أو العبد اعتكافا فلم ينعقد إلا بإذنهما، فإن أذنا على
المعين (1) فنذرا لم يكن لهما الرجوع ولا منعهما، ولو أذنا مطلقا جاز المنع عن
التعجيل كالموسع.
1796. التاسع: إذن المستأجر شرط في اعتكاف الأجير، وكذا ينبغي في
الضيف، لافتقاره في صوم التطوع إلى الإذن.
1797. العاشر: لو أذن لعبده في الاعتكاف فأعتق بعد التلبس، أتم واجبا إن
كان منذورا، أو مضى يومان على الخلاف، وإلا ندبا، ولو دخل بغير إذن فاعتق،
قال الشيخ (رحمه الله): يلزمه (2)، وليس بمعتمد.
1798. الحادي عشر: المدة شرط في الاعتكاف، وأقل ما يكون ثلاثة أيام
بليلتين، فلا يصح الاعتكاف أقل من ثلاثة، ولو وجب عليه قضاء اعتكاف يوم،
قضاه وضم إليه آخرين، ولا حصر في الزائد، ولو نذر اعتكاف ما زاد على
الثلاثة لزمه.
ولو نذر اعتكاف شهر، ولم يعين، تخير في التتابع والتفريق ثلاثة ثلاثة،
ولو قيده بالتتابع وجب.

1. في «ب»: «على التعيين» والمراد اليوم المعين.
2. المبسوط: 1 / 290.
519

وإذا نذر اعتكاف شهر، فإنه يأتي إن شاء بثلاثين يوما، وإن شاء بما بين
هلالين وإن كان ناقصا.
1799. الثاني عشر: لو نذر اعتكاف شهر معين وجب التتابع، فلو أفطر بعد
مضي ثلاثة، صح ما مضى، وأتم، وقضى ما فات، ولا يجب التتابع في قضائه لو
فات أجمع، ولو نذره وشرط التتابع، وجب، فلو فات قضاه متتابعا.
ولو نذر اعتكاف أيام لم يلزمه المتابعة إلا في كل ثلاثة إذا لم
يشرط المتابعة.
1800. الثالث عشر: إذا نذر اعتكاف شهر دخل الأيام والليالي، ولو نذر
اعتكاف أيام معدودة ولم يعينها، لم يجب التتابع، إلا أن يشرطه، ولا يدخل فيه
الليالي، بل ليلتان من كل ثلاث.
ولو نذر اعتكاف ثلاثة أيام ولم يشرط التتابع، لزمه ثلاثة بينهما ليلتان،
شرط التتابع أو لا، وللشيخ (1) قول بعدم دخول الليالي، وليس بجيد.
ولو نذر اعتكاف أيام متتابعة، تضمن ذلك نذر الصوم، فلو اعتكف غير
صائم، وصام غير معتكف لم يجزئه.
ولو أفسد صومه، انقطع التتابع، ووجب عليه إعادة الاعتكاف، ولو نذر
الاعتكاف مصليا، وجب عليه الجمع.
1801. الرابع عشر: لو نذر اعتكاف شهر معين، وجب عليه الدخول فيه مع
طلوع هلاله، فإذا أهل الشهر الذي بعده، فقد وفى، وخرج من الاعتكاف، ولو

1. المبسوط: 1 / 290.
520

نذر اعتكاف العشر الأواخر دخل قبل المغرب من يوم العشرين، فإذا خرج
الشهر خرج منه.
والعشر اسم لما بين العشرين، فلو كان الشهر ناقصا أجزأ بالتسعة.
أما لو نذر اعتكاف عشرة أيام، فإنه يلزمه الدخول قبل طلوع الفجر، ولو
عينها بآخر الشهر فنقص وجب أن يأتي بيوم من الآخر.
ولو نذر اعتكاف شهر رمضان وجب، فلو أخل به، وجب أن يقضيه
صائما وان صامه ولم يعتكف فيه.
1802. الخامس عشر: لو نذر اعتكاف شهر معين، أو صومه، ففعل ذلك قبله،
لم يجزئه، ولو عاش نصف شهر، ثم مات، لزمه فداء ما أدرك إن لم يفعله، ولا
يجب عنه اعتكاف شهر.
1803. السادس عشر: لو نذر اعتكافا مطلقا صح، ووجب ما يسمى به معتكفا،
وأقله ثلاثة أيام، ولو نذر اعتكاف يوم لا غير لم ينعقد، وكذا لو نذر اعتكاف ثاني
قدوم زيد لا غير، ولو نذر اعتكاف ثاني قدوم زيد وأطلق، وجب وضم إليه
آخرين.
1804. السابع عشر: لو نذر اعتكاف أيام معينة، فمرض، أو حبس، سقط
الأداء، ووجب القضاء، ولو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد أبدا، فقدم ليلا لم يجب
عليه شئ، ولو قدم نهارا سقط ذلك اليوم، ووجب عليه اعتكاف باقي الأيام،
لكن يحتاج في كل اعتكاف إلى أن يضم إليه آخرين.
1805. الثامن عشر: المكان شرط في الاعتكاف، وهو مسجد جمع فيه
521

نبي أو وصي نبي، وهي أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومسجد
الكوفة، ومسجد البصرة، وجوز ابن أبي عقيل الاعتكاف في
كل مسجد (1).
1806. التاسع عشر: اعتكاف المرأة كاعتكاف الرجل، فلا يصح اعتكافها إلا
في أحد المساجد الأربعة، وليس لها أن تعتكف في مسجد بيتها.
وهل يجوز الاعتكاف على سطح المسجد؟ الأقرب المنع.
1807. العشرون: لو نذر اعتكافا في موضع معين تعين، ولا يجزئه لو عدل
وإن كان أفضل، ولو انهدم ما نذر الاعتكاف فيه، ولم يقدر على الاعتكاف في
موضع منه، خرج وأعاد الاعتكاف إذا بني المسجد.
1808. الحادي والعشرون: استدامة اللبث شرط في الاعتكاف، فلو خرج لغير
الأسباب المبيحة، بطل اعتكافه، طوعا خرج أو كرها، ثم إن لم يمض ثلاثة بطل
الاعتكاف، وإلا فهي صحيحة إلى حين الخروج.
المطلب الثاني: في الأحكام
وفيه سبعة وعشرون بحثا:
1809. الأول: لا يجوز للمعتكف الخروج من الموضع الذي اعتكف فيه، إلا
لضرورة، فلو خرج لغير عذر بطل اعتكافه وإن قصر الزمان، فإن كان قد مضى

1. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 731; والمصنف في المختلف: 3 / 578، والتذكرة: 6 / 244.
522

ثلاثة أيام، صح اعتكافه الماضي، ويبطل من خروجه إن كان تطوعا، أو واجبا غير
متتابع، أو متتابعا من حيث الوقت، بأن ينذر الشهر الفلاني، فإذا عاد جدد
الاعتكاف من حين العود.
ولو كان النذر متتابعا من حيث الشرط بطل الأول، واستأنف من حين
عوده، وقضى ما مضى من الأيام.
ويجوز أن يخرج للبول، والغائط، والغسل من الاحتلام، وأداء الجمعة لو
أقيمت في غيره، للضرورة عندنا أو مطلقا عند ابن أبي عقيل، ولتشييع الجنازة،
وعيادة المريض، وإقامة الشهادة، تعين عليه التحمل والأداء أو لا.
1810. الثاني: لو كان إلى جانب المسجد سقاية خرج إليها إلا أن يجد
غضاضة، بأن يكون من أهل الاحتشام، ويجد المشقة بدخولها، فيعدل إلى
منزله، وإن كان أبعد.
ولو بذل له صديق منزله، وهو قريب من المسجد، لقضاء حاجته، لم
يلزمه الإجابة، لما فيه من المشقة بالاحتشام، بل يمضي إلى منزله، ولا فرق بين
أن يكون منزله قريبا أو بعيدا ما لم يخرج عن مسمى الاعتكاف، بأن يكون منزله
خارج البلد مثلا.
ولو كان له منزلان، أحدهما أقرب، تعين، ولو خرج للجمعة، عجل ولا
يطيل المكث.
1811. الثالث: قال الشيخ (رحمه الله): يجوز أن يخرج ليؤذن في منارة خارجة عن
523

المسجد، وإن كان بينه وبين المسجد فضاء (1)، وهو جيد إن كان هو المؤذن، وقد
اعتاد صوته، ويبلغ من الإسماع ما لا يبلغ لو أذن في المسجد (2).
ولو خرج إلى دار الوالي وقال: حي على الصلاة أيها الأمير، أو قال: الصلاة
أيها الأمير، بطل اعتكافه.
1812. الرابع: يجوز للمعتكف الصعود إلى السطح في المسجد، وأن يبيت
فيه على إشكال، ولو كان إلى جنب المسجد رحبة ليست داخلة فيه، لم يجز
الخروج إليها إلا لضرورة.
1813. الخامس: قال الشيخ: إذا خرج لضرورة مما عددناه، لا يمشي تحت
الظلال ولا يقف فيه إلا لضرورة 3.
1814. السادس: لا يجوز له أن يصلي في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا
بمكة خاصة، فإنه يصلي في أي بيوتها شاء.
ولو اعتكف في غير مكة فخرج لضرورة فتطاول وقت الضرورة حتى
ضاق وقت الصلاة عن عوده، صلى أين شاء، ولم يبطل اعتكافه.
1815. السابع: إذا طلقت المعتكفة، أو مات زوجها، فخرجت واعتدت في
بيتها، استأنفت الاعتكاف، وليس للمطلقة رجعية إتمام الاعتكاف.
ولو أخرجه السلطان ظلما، لم يبطل اعتكافه، إذا لم يطل ويبني، وإلا بطل
اعتكافه، واستأنف إن لم يمض ثلاثة.

1. المبسوط: 1 / 294; والخلاف: 2 / 235، المسألة 106 من كتاب الصوم.
2. في «ب»: لو اذن في المسجد غيره.
3. النهاية: 172.
524

ولو خرج سهوا لم يبطل اعتكافه بل يرجع مع الذكر.
1816. الثامن: إذا مرض مرضا يحتاج معه إلى الخروج، أو يزيد الصوم فيه
خرج، ثم يستأنف على إشكال إذا لم يمض ثلاثة بعد البرء، وإن مضت ثلاثة أتم،
ولو كان الاعتكاف مندوبا لم يجب القضاء.
ولو حاضت المرأة خرجت من المسجد، فإذا طهرت، رجعت إلى
الاعتكاف، ولا تجلس في الرحبة المجاورة للمسجد إن كانت، وكذا النفساء،
ومع العود تستأنف إن كانت اعتكفت أقل من ثلاثة، وإلا أتمت.
1817. التاسع: لو أحرم في المسجد الحرام بحجة أو عمرة، وهو معتكف،
لزمه الإحرام، ويقيم في اعتكافه إلى أن يتم، ثم يمضي في إحرامه، ولو خاف
فوت الحج، ترك الاعتكاف، فإذا قضى المناسك رجع إليه واجبا مع وجوبه،
وإلا فلا.
1818. العاشر: قال الشيخ (رحمه الله): لو أغمي على المعتكف أياما، ثم أفاق، لم يلزمه
القضاء لعدم الدليل (1) وفيه نظر، والوجه عندي وجوبه مع وجوب الأصل، وعدم
تعيين زمانه.
1819. الحادي عشر: لو أخرج رأسه إلى بعض نسائه ليغسلنه لم يبطل
اعتكافه، وكذا بعض أعضائه.
1820. الثاني عشر: لو نذر الاعتكاف في زمان بعينه، تعين زمانه،
وكذا المكان، ويسافر إليه إن كان بعيدا، فإن كان المسجد الحرام دخل مكة
بحجة أو عمرة.

1. المبسوط: 1 / 295.
525

1821. الثالث عشر: لو وقعت فتنة خاف منها على نفسه أو ماله نهبا أو حريقا
إن جلس في المسجد، خرج، ثم عاد عند انطفائها.
1822. الرابع عشر: ينبغي للمرأة المعتكفة أن تستتر بشئ بأن تضرب خباءها
في ناحية المسجد لا وسطه، وروى ابن بابويه في الصحيح استحباب الاستتار
للرجل أيضا (1).
1823. الخامس عشر: الاعتكاف في أصله مندوب، فإن أوجبه بنذر أو يمين أو
عهد وجب، وإلا فلا.
ثم اختلف علماؤنا ففي المبسوط: يجب المندوب بالنية والدخول (2)،
واختاره أبو الصلاح (3)، وفي النهاية: لا يجب إلا إذا مضى يومان، فيجب الثالث،
فيجدد نية الوجوب، وكذا لو اعتكف ثلاثة، ثم يومين آخرين، وجب السادس (4);
واختاره ابن الجنيد (5) وابن البراج (6). وقال السيد المرتضى: لم يجب أصلا، بل
يرجع متى شاء (7)، وهو الوجه عندي.
1824. السادس عشر: يستحب للمعتكف أن يشترط على ربه أنه إذا عرض له
عارض أن يخرج من الاعتكاف، قال الشيخ: فإذا شرط كان له أن يرجع متى

1. لاحظ الوسائل: 7 / 405، الباب 5 من كتاب الاعتكاف، الحديث 2.
2. المبسوط: 1 / 289.
3. الكافي في الفقه: 186.
4. النهاية: 171.
5. حكى عنه المحقق في المعتبر: 2 / 737، والمصنف في المختلف: 3 / 581.
6. المهذب: 1 / 204.
7. الناصريات: 300، المسألة 135.
526

شاء، وان لم يشترط فكذلك ما لم يمض يومان (1); وعلى قول السيد: إن كان
مندوبا رجع متى شاء، وإن لم يشترط، وإن كان واجبا، فإن كان معينا متتابعا
وشرط الرجوع، رجع عند العارض، ولا يجب القضاء، وكذا لو عين النذر ولم
يشترط التتابع.
ولو عينه، وشرط التتابع، ولم يشترط على ربه، خرج مع العارض، وقضى
مع الزوال متتابعا، ولو لم يشترط التتابع قضاه، ولا يجب التتابع.
ولو لم يعين الزمان، لكن شرط المتابعة، واشترط على ربه، خرج عند
العارض، وأتى بالباقي إن كان اعتكف ثلاثة، وإلا استأنف، ولو لم يشترط على
ربه استأنف متتابعا.
ولو لم يعين، واشترط على ربه، ولم يشترط التتابع، خرج مع العارض،
واستأنف إن كان أقل من ثلاثة، وإلا تمم.
ولو لم يشترط التتابع، ولا عين، ولا اشترط على ربه، خرج واستأنف إن
لم يحصل ثلاثة، وإلا أتم.
1825. السابع عشر: الاشتراط إنما صح في عقد النذر، ولو أطلقه من
الاشتراط، لم يصح الاشتراط عند إيقاع الاعتكاف.
ولو اشترط الفرجة في اعتكافه، أو الوطء، أو البيع للتجارة، أو التكسب
بالصناعة في المسجد، لم يجز.
1826. الثامن عشر: يحرم على المعتكف الجماع، ويفسد به عامدا، سواء

1. المبسوط: 1 / 289.
527

أنزل أو لا، ولو وقع سهوا، لم يبطل اعتكافه.
ويحرم عليه القبلة، ويبطل بها الاعتكاف، وكذا اللمس بشهوة، والجماع
في غير الفرجين، ويجوز الملامسة بغير شهوة، ولا فرق في تحريم الوطء بين
الليل والنهار.
1827. التاسع عشر: يحرم عليه البيع والشراء، فإن فعل، لم يبطل البيع، خلافا
للشيخ (1)، وكذا يحرم جميع التجارة والصنايع، المشغلة عن العبادة.
ولو اضطر إلى شراء غذائه، أو شراء قميص يستتر به، أو يبيع شيئا ليشتري
بثمنه قوته (2) جاز.
1828. العشرون: يحرم عليه المماراة والكلام الفحش، وللشيخ (رحمه الله) قولان في
تحريم الطيب (3).
1829. الحادي والعشرون: يستحب له دراسة العلم، والمناظرة فيه، وتعليمه
وتعلمه، بل هو أفضل من الصلاة المندوبة، ويجوز المحادثة حال الاعتكاف،
ويحرم الصمت ولو نذره في اعتكافه، والأحسن عندي المنع من جعل القرآن
بدلا من كلامه.
1830. الثاني والعشرون: كل ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع نهارا،
وكل ما يمنع الاعتكاف من فعله نهارا يمنع من فعله ليلا، ولا يفسد الاعتكاف
سباب ولا جدال ولا خصومة.

1. المبسوط: 1 / 295.
2. في «ب»: قوتا.
3. قول بالتحريم وقول بعدمه، فالأول خيرته في النهاية: 172، والثاني اختاره في المبسوط: 1 / 293.
528

1831. الثالث والعشرون: تجب الكفارة بالجماع على المعتكف، سواء جامع
نهارا أو ليلا.
أما غير الجماع كالأكل والشرب وغيرهما من المفطرات، ففي الكفارة
إشكال، قال المفيد والسيد المرتضى: يجب بذلك كله (1)، والوجه عندي
التفصيل، وهو إيجاب الكفارة في رمضان، أو النذر المعين، أما لو كان الاعتكاف
مندوبا، أو واجبا غير معين، فالوجه عدم وجوب الكفارة إلا بالجماع خاصة.
1832. الرابع والعشرون: الكفارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو
إطعام ستين مسكينا، مخيرا في ذلك.
قال السيد: إذا جامع نهارا، كان عليه كفارتان، وإن جامع ليلا فكفارة
واحدة (2) وأطلق.
والأقرب عندي ان الكفارة تتعدد إن كان الوطئ في رمضان، وإلا
فكفارة واحدة.
ولو أكره المعتكفة بإذنه، على الجماع، فسد اعتكافه، قال السيد: وجب
أربع كفارات، وإن أكرهها ليلا، فكفارتان، ولا يفسد اعتكافها (3)، وإن طاوعته
نهارا، فعليها كفارتان، وليلا كفارة وكذا عليه، وفسد اعتكافهما معا (4).
وفي تعدد الكفارة بالإكراه هنا نظر.

1. المقنعة: 363; وجمل العلم والعمل في ضمن رسائل الشريف المرتضى: 3 / 61.
2. الانتصار: 73.
3. في «ب»: «اعتكافه» والصحيح ما في المتن.
4. الانتصار: 73.
529

1833. الخامس والعشرون: كل مباشرة يستلزم إنزال الماء، فحكمها حكم
الجماع، قاله الشيخ (1)، والوجه عندي وجوب القضاء بذلك دون الكفارة.
1834. السادس والعشرون: لو مات المعتكف قبل الانقضاء، فإن كان واجبا،
وجب على الولي أن يقضي عنه، أو يستنيب، وإن كان ندبا فلا.
1835. السابع والعشرون: قال الشيخ: قضاء الاعتكاف الواجب واجب على
الفور (2) وعندي فيه نظر، ويستحب قضاء الندب.

1. المبسوط: 1 / 294.
2. المبسوط: 1 / 294.
530

كتاب الحج
531

وفيه مقدمة ومقاصد
أما المقدمة ففيها ستة عشر مبحثا:
1836. الأول: الحج لغة: القصد، يقال: بفتح الحاء وكسرها، وكذا الحجة.
وفي الشرع: عبارة عن قصد البيت الحرام لأداء المناسك في زمان معين.
وأما العمرة فهي لغة: الزيارة، وفي الشرع: عبارة عن زيارة البيت الحرام
لأداء مناسك مخصوصة عنده.
1837. الثاني: الحج من أعظم أركان الإسلام، وهو أحد أركان الإسلام (1)
الخمسة، وهو واجب بالنص والإجماع، وكذا العمرة.
1838. الثالث: الحج والعمرة يجبان مع الشرائط الآتية على الفور في العمر مرة
واحدة.
1839. الرابع: في الحج فضل كثير، روى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن
عمار عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام): «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقيه أعرابي،
فقال: يا رسول الله! إني أريد الحج ففاتني، وأنا رجل ممول، فمرني أصنع في

1. في «أ»: أحد أصول الإسلام.
533

مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج، قال: فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال له: أنظر
إلى أبي قبيس (1) فلو أن أبا قبيس لك ذهبا حمراء أنفقتها في سبيل الله ما بلغت
مبلغ الحاج!
ثم قال: إن الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه إلا كتب الله له
عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره
لم يرفع خفا ولم يضعه إلا كتب له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه،
فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من
ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من
ذنوبه، قال: فعدد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذا وكذا موقفا إذا وقفها الحاج خرج من ذنوبه،
ثم قال: أنى لك تبلغ ما بلغ الحاج؟» قال الصادق (عليه السلام):
«ولا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر، ويكتب الحسنات إلا أن يأتي
بكبيرة» (2).
وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق (عليه السلام) قال:
«الحاج يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتقون من النار،
وصنف يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وصنف يحفظ في أهله
وماله، فذاك أدنى ما يرجع به الحاج» (3).

1. أبو قبيس: جبل بمكة يقرب من الكعبة، سمي برجل من مذحج، لأنه أول من بنى فيه.
مجمع البحرين.
2. الوسائل: 8 / 79، الباب 42 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 1، والتهذيب: 5 / 19
و 20، الحديث 56.
3. الوسائل: 8 / 65، الباب 38 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 2.
534

وروي (أنه الذي لا يقبل منه الحج) (1).
وفي الصحيح عن الرضا (عليه السلام):
«إن الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير (2) الخبث من
الحديد» (3).
وقال الباقر (عليه السلام): «الحاج والمعتمر وفد الله، إن سألوه أعطاهم، وإن
دعوه أجابهم، وإن شفعوا شفعهم، وإن سكتوا ابتدأهم، ويعوضون
بالدرهم ألف ألف درهم» (4).
1840. الخامس: الدعاء في تلك المواطن مستجاب، قال الرضا (عليه السلام):
«ما وقف أحد بتلك الجبال إلا استجيب له، فأما المؤمنون فيستجاب
لهم في آخرتهم، وأما الكفار فيستجاب لهم في دنياهم» (5).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أربعة لا يرد لهم دعوة حتى يفتح لها أبواب
السماء وتصير إلى العرش: دعوة الوالد لولده، والمظلوم على من
ظلمه، والمعتمر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر» (6).
1841. السادس: تكرار الحج مستحب، قال الصادق (عليه السلام):

1. الوسائل: 8 / 67، الباب 38 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 11.
2. الكير: كير الحداد، وهو زق أو جلد غليظ ذو حافات ينفخ فيه. مجمع البحرين.
3. الوسائل: 8 / 74، الباب 38 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 45.
4. الوسائل: 8 / 68، الباب 38 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 15.
وفيه عن أبي عبد الله (عليه السلام).
5. الوسائل: 8 / 113، الباب 62 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 1.
6. بحار الأنوار: 93 / 256، الحديث 39.
535

«من حج حجتين لم يزل في خير حتى يموت، ومن حج ثلاث حجج
متوالية، لم يصبه فقر أبدا» (1).
1842. السابع: لا ينبغي له ترك الحج لأجل الدين، فقد سئل الصادق (عليه السلام) عن
رجل ذي دين يستدين ويحج؟ قال:
«نعم، هو أقضى للدين» (2).
1843. الثامن: يكره الترغيب عن الحج، قال الصادق (عليه السلام):
«ليحذر أحدكم أن يعوق أخاه عن الحج فيصيبه فتنة في دنياه مع ما
يدخر له في الآخرة» (3).
1844. التاسع: المشي مع المكنة أفضل من الركوب (كان زين العابدين (عليه السلام)
يمشي وتساق معه المحامل والرحال) (4).
وروي (أنه ما تقرب إلى الله عز وجل بشئ أحب إليه من المشي إلى بيته
الحرام على القدمين. وإن الحجة الواحدة تعدل سبعين حجة) (5).
1845. العاشر: ينبغي له إذا عزم على الحج النظر في أمر نفسه، وقطع العلائق
بينه وبين معامليه، وتوفية كل ذي حق حقه، وتدبير منزله، وترك ما يحتاجون إليه
من النفقة، والوصية بالمعروف.

1. الوسائل: 8 / 90، الباب 45 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 13.
2. الوسائل: 8 / 99، الباب 50 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 1.
3. الوسائل: 8 / 98، الباب 48 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 2.
4. وفي الوسائل: 8 / 59 نسبه إلى الحسن بن علي (عليه السلام).
5. الوسائل: 8 / 55، الباب 32 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 5.
536

ويتخير يوم السبت أو الثلاثاء، ويتجنب الجمعة والاثنين، والسفر والقمر
في برج العقرب.
1846. الحادي عشر: إذا عزم على الخروج صلى ركعتين، ودعا واستفتح سفره
بشئ من الصدقة، فإذا خرج من داره قام على الباب تلقاء وجهه، وقرأ فاتحة
الكتاب أمامه وعن يمينه وعن يساره، وكذا آية الكرسي، ودعا بالمأثور.
وإذا وضع رجله في الركاب دعا، ويدعو إذا استوى على الراحلة،
ويستحب حمل العصا في السفر.
1847. الثاني عشر: يستحب تشييع المسافر وتوديعه والدعاء له،
قال الباقر (عليه السلام):
«كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا ودع مسافرا أخذ بيده ثم قال: أحسن الله
لك الصحابة، وأكمل لك المعونة، وسهل لك الحزونة، وقرب لك
البعيد، وكفاك المهم، وحفظ لك دينك وأمانتك وخواتيم عملك،
ووجهك لكل خير، عليك بتقوى الله، استودع الله نفسك، سر على
بركة الله عز وجل» (1).
1848. الثالث عشر: يكره السفر وحده، قال الكاظم (عليه السلام):
«لعن رسول الله ثلاثة، آكل زاده وحده، والنائم في بيت وحده،
والراكب في الفلاة وحده» (2).

1. الوسائل: 8 / 298، الباب 29 من أبواب آداب السفر، الحديث 2.
2. الوسائل: 8 / 300 الباب 30 من أبواب آداب السفر، الحديث 7.
537

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «الرفيق ثم الطريق» (1).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا تصحبن في سفر من لا يرى لك من
الفضل عليه كما ترى له عليك» (2).
وقال الباقر (عليه السلام): «إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحب من
يكفيك، فإن ذلك مذلة المؤمن» (3).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «من السنة إذا خرج القوم في سفر أن يخرجوا
نفقتهم، فإن ذلك أطيب لأنفسهم وأحسن لأخلاقهم» (4).
1849. الرابع عشر: ينبغي إعانة المسافر، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
«من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره
في الدنيا من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس
بأنفاسهم» (5).
1850. الخامس عشر: روى السكوني، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
«إياكم والتعريس على ظهر الطريق، وبطون الأودية، فإنها مدارج
السباع ومأوى الحيات» (6). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لعلي (عليه السلام): «يا علي

1. الوسائل: 8 / 299، الباب 30 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.
2. الوسائل: 8 / 302، الباب 31 من أبواب آداب السفر، الحديث 2.
3. الوسائل: 8 / 303، الباب 33 من أبواب آداب السفر، الحديث 3.
4. الوسائل: 8 / 302، الباب 32 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.
5. الوسائل: 8 / 314، الباب 46 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.
6. الوسائل: 8 / 316، الباب 48 من أبواب آداب السفر، الحديث 1.
538

إذا نزلت منزلا، فقل: اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين.
ترزق خيره، ويدفع عنك شره» (1).
1851. السادس عشر: الحج قسمان: واجب وندب، فالواجب حجة الإسلام،
والمنذورة وشبهها، وما وجب بالإفساد والاستيجار، ويتكرر بتكرر السبب، وما
خرج عن ذلك مستحب.
وإنما يجب حجة الإسلام مع اجتماع الشرائط الآتية، على الرجال
والنساء والخناثى.
ويستحب لفاقد الشرائط كمن عدم الزاد والراحلة وأمكنه التسكع (2)،
ويستحب أيضا للعبد إذا أذن له مولاه.

1. الوسائل: 8 / 326، الباب 54 من أبواب آداب السفر، الحديث 2.
2. في مجمع البحرين: حج متسكعا أي بغير زاد ولا راحلة.
539

المقصد الأول: في بيان حجة الإسلام
وفيه فصلان
[الفصل] الأول: في الشرائط
وهي ستة: البلوغ، وكمال العقل، والحرية، والزاد والراحلة، وإمكان
المسير، وأن يكون له ما يمون عياله فاضلا عما يحتاج إليه.
الأول: البلوغ
وفيه سبعة مباحث:
1852. الأول: لا يجب على الصبي الحج إجماعا، فإن كان مميزا صح إحرامه
وحجه، وإن كان غير مميز جاز لوليه الإحرام عنه بمعنى أنه يحرم للصبي، فيصح
له دون الولي.
1853. الثاني: يشترط إذن الولي في إحرام الصبي وحجه وإن كان مميزا.
والولي من له ولاية المال، كالأب، والجد للأب، والوصي، دون غيرهم.
541

ولو أحرمت أمه عنه صح وإن انتفت الولاية، لرواية ابن سنان الصحيحة
عن الصادق (عليه السلام) (1).
1854. الثالث: ما يحتاج إليه الصبي من حمولة وغيرها مما يزيد على نفقته
الواجبة يثبت على الولي.
1855. الرابع: إذا عقد الصبي الإحرام، تولى بنفسه ما يتمكن منه، وما يعجز
عنه ينوبه الولي.
ويجرد الصبي كما يجرد البالغ من فخ (2)، والوجه ان إنشاء إحرامه
من الميقات.
والرمي إذا لم يقدر عليه، رمى عنه الولي، ويستحب وضع الحصى في
يده، ثم أخذها والرمي عنه.
والطواف إذا لم يتمكن من المشي، حمله أو غيره، وطاف به، وينوي
الطواف عن الصبي.
1856. الخامس: كل ما يحرم على البالغ فعله يمنع منه الصبي، ولا يجوز أن
يعقد له عقد نكاح، وكل ما يلزم المحرم من كفارة في فعله، لو فعله الصبي،
وجبت الكفارة على الولي إذا كان مما يلزم عمدا أو سهوا كالصيد.
أما ما يلزم بالعمد لا بالسهو، فللشيخ وجهان: أحدهما لا يلزمه، لأن عمد
الصبي خطأ، والثاني يلزمه (3).

1. الوسائل: 8 / 37، الباب 20 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 1.
2. قال في مجمع البحرين: في الحديث «تجرد الصبيان من فخ» هو بفتح أوله وتشديد ثانيه: بئر
قريبة من مكة على نحو من فرسخ.
3. المبسوط: 1 / 329، والخلاف: 2 / 361، المسألة 197 من كتاب الحج.
542

والأول أقرب، والهدي يلزمه الولي.
1857. السادس: لو بلغ بعد إكمال الحج لم يجزئه عن حجة الإسلام، ولو كان
في الأثناء، فإن كان بعد الموقفين فقد فاته الحج، وأتم تطوعا، ووجب عليه
حجة الإسلام مع الشرائط، وان أدرك أحد الموقفين بالغا، ففي الإجزاء نظر،
والوجه الإجزاء.
ولو بلغ بعد الوقوف بالمشعر قبل مضي وقته، فإن عاد أجزأ عنه، وإن لم
يعد لم يجزئ عن حجة الإسلام.
1858. السابع: لو وطأ الصبي قبل الوقوف في الفرج، فإن كان ناسيا، فلا شئ
عليه كالبالغ، ولا يفسد حجه، وإن كان عامدا، قال الشيخ (رحمه الله): عمده وخطأه واحد،
فلا يتعلق به إفساد الحج، قال: وإن قلنا بفساد الحج ولزوم القضاء أمكن، والأول
أقوى (1).
فإن قلنا بوجوب القضاء فالوجه انه إنما يجب بعد البلوغ، فإذا قضى
أجزأه عن حجة الإسلام إن كان قد أدرك في الفاسدة شيئا من الوقوف بعد
بلوغه، وإلا فالأقرب عدم الإجزاء.
الثاني: العقل
فلا يجب على المجنون المطبق ولا من يعتوره الجنون غالبا، أما من
يعاوده أحيانا بحيث يتمكن من أفعال الحج عاقلا، فإنه يجب عليه مع الشرائط.

1. المبسوط: 1 / 329.
543

وحكم المجنون حكم الصبي غير المميز، فللولي أن يحرم عنه ويأتي
بباقي أفعال الحج.
ولو زال عذره بعد الحج لم يجزئه عن حجة الإسلام، ولو كان في
الأثناء فكالصبي.
الثالث: الحرية
وفيه عشرة مباحث:
1859. الأول: الحرية شرط في وجوب الحج بالإجماع، فلا يجب على العبد
القن ولا المكاتب وإن تحرر بعضه، ولا المدبر ولا أم الولد.
1860. الثاني: العبد إذا حج بإذن مولاه صح حجه، ولو كان بغير إذنه لم يصح،
ولو أحرم بغير إذن مولاه لم ينعقد، وللمولى فسخ إحرامه.
1861. الثالث: لو أذن له مولاه في الإحرام فتلبس، لم يكن للمولى فسخه، ولو
أذن له في الحج لم يجزئه عن حجة الإسلام لو أعتق وحصلت الشرائط، بل
وجب عليه الحج ثانيا.
ولو أدركه العتق قبل الموقفين أجزأه الحج، ويدرك الحج بإدراك أحد
الموقفين معتقا، أما لو أعتق بعد الموقفين معا، فإنه لا يجزئه عن حجة الإسلام.
ولو أعتق قبل الوقوف أوفى وقته، وأمكنه الإتيان بالحج وجب عليه ذلك.
وكل موضع قلنا يجزئه الحج لا يجب عليه الدم، وكذا في ما لا يجزئه.
544

1862. الرابع: لو أذن له مولاه ثم رجع، فإن كان قبل التلبس وعلم العبد بذلك
بطل الإذن، ولا يجوز للعبد الحج حينئذ، وإن كان رجوعه بعد التلبس لم
يجز الرجوع.
ولو رجع قبل التلبس ولم يعلم العبد، ثم أحرم بجهالة، قال الشيخ (رحمه الله):
الأولى انه يصح إحرامه وللسيد فسخ حجه (1).
1863. الخامس: لو أحرم بإذن مولاه ثم باعه، صح البيع، ولا خيار
للمشتري مع علمه، وإلا فله الخيار، ولو كان أحرم بغير إذن سيده صح البيع ولا
خيار للمشتري.
1864. السادس: الأمة المزوجة ليس لها أن تحج إلا بإذن المولى والزوج، وكذا
المكاتب يشترط فيه إذن المولى، ولو عتق بعضه وهاياه مولاه، ففي جواز
إحرامه في أيامه من غير إذن المولى نظر.
1865. السابع: لو أحرم بغير إذن مولاه بطل، فلو أعتق قبل فوات الموقفين،
فإن أمكنه إنشاء إحرام آخر صح وأجزأ عن حجة الإسلام وإلا فلا.
1866. الثامن: لو أذن له مولاه فأحرم، ثم أفسد حجه، وجب عليه تمام الفاسد
كالحي، ويجب عليه القضاء وإن كان رقيقا، ولا يجب إجابة المولى في طلب
الصبر إلى حين العتق.
ولو أحرم بغير إذن سيده ثم أفسده، لم يتعلق به حكم، ولو أعتقه مولاه
بعد إفساده، فإن كان قبل فوات أحد الموقفين أتم حجه، وقضاه في القابل،

1. المبسوط: 1 / 327.
545

وأجزأه عن حجة الإسلام، ولو كان بعد الموقفين أتم حجه وقضاه في القابل،
وعليه حجة الإسلام ولا يجزئ القضاء عنها.
قال الشيخ: ويبدأ بحجة الإسلام قبل القضاء (1)، ولو بدأ بالقضاء انعقد عن
حجة الإسلام، وكان القضاء في ذمته.
قال: ولو أعتق قبل الوقوف أتم حجه، وقضاه في القابل، وأجزأه عن
حجة الإسلام (2).
1867. التاسع: لو جنى العبد في إحرامه بما يلزمه الدم، كاللباس والطيب،
وحلق الشعر وقتل الصيد وأكله، وغير ذلك، قال الشيخ: يلزم العبد، ويسقط الدم
إلى الصوم، ولسيده منعه منه (3)، وقال المفيد: على السيد الفداء في الصيد (4).
والوجه عندي التفصيل: فإن كانت الجناية بإذنه، كما لو أذن له في الصيد
في إحرامه أو اللباس، لزم المولى الفداء عنه، ومع العجز يأمره بالصيام، وإن لم
يأذن، لزم العبد الصوم وسقط الدم.
1868. العاشر: لو ملكه مولاه الفداء أجزأ الصدقة به، ولو مات قبل الصيام
جاز أن يطعم المولى عنه.
وأما دم المتعة، فالخيار إلى سيده بين ان يهدي عنه، أو يأمره بالصيام،
وليس له منعه من الصوم بغير هدي.

1. المبسوط: 1 / 327.
2. المبسوط: 1 / 327.
3. المبسوط: 1 / 328.
4. المقنعة: 439.
546

الرابع: الاستطاعة
وفيه واحد وعشرون بحثا:
1869. الأول: الاستطاعة شرط في وجوب حجة الإسلام بالنص والإجماع،
وهي الزاد والراحلة وإمكان المسير، فلو فقد الزاد والراحلة، أو أحدهما مع بعد
المسافة، سقط الحج وإن تمكن من المشي، سواء كان عادته سؤال الناس أو لا.
وتحصل المكنة بملك عين الزاد والراحلة، أو الثمن، أو العوض مع وجود
البائع والموجد.
1870. الثاني: لو فقدهما وتمكن من المشي، لم يجب عليه، فلو حج حينئذ
ماشيا لم يجزئه عن حجة الإسلام، ووجب عليه الإعادة.
1871. الثالث: لو بذل له زاد وراحلة ونفقة له ولعياله، وجب عليه الحج مع
استكمال الشرائط الباقية، وكذا لو حج به بعض إخوانه.
وللشيخ قول بوجوب الإعادة مع اليسار (1)، وفيه ضعف، أما لو وهب له
مال فإنه لا يجب عليه القبول، سواء كان الواهب قريبا أو بعيدا.
1872. الرابع: لا يباع دار السكنى في ثمن الزاد والراحلة، ولا خادمه ولا ثياب
بدنه، ويجب بيع ما زاد على ذلك من ضياع، أو عقار، أو غيرهما من الذخائر.
ولو كان له دين حال على موسر باذل بقدر الاستطاعة، وجب الحج، ولو

1. لاحظ الاقتصاد: 297. وقال في النهاية: 204: باستحباب الإعادة عند اليسار. وفي «أ»: مع
الإيسار.
547

كان معسرا، أو مانعا، أو كان الدين مؤجلا، سقط الوجوب.
ولو كان له مال وعليه دين بقدره، لم يجب الحج، سواء كان الدين مؤجلا
عليه أو حالا.
1873. الخامس: لا يجب عليه الاستدانة للحج إذا لم يكن له مال غير الدين،
وما روي من الحج بمال الولد فعلى سبيل الاستحباب (1)، ولا يجب على الولد
بذل المال لوالده، ولا فرق في ذلك بين أن يكون له من يقضي عنه أو لا، إذا
كان فاقدا.
1874. السادس: لو كان له ما يحج به وتاقت نفسه إلى النكاح، لزمه الحج، ولا
يجوز صرف المال في النكاح وإن حصل العنت، أما لو حصلت المشقة العظيمة،
فالوجه عندي تقديم النكاح.
1875. السابع: لو كان له مال فباعه قبل وقت الحج مؤجلا إلى بعد فواته،
سقط الحج، وكذا لو وهب ماله قبل الوقت أو أتلفه.
1876. الثامن: لو غصب مالا فحج به، أو غصب حمولة فركبها حتى أوصلته،
أثم بذلك، وعليه الأجرة وضمان المال، ولم يجزئه الحج وإن كان مستطيعا،
وعندي فيه نظر.
1877. التاسع: القريب من مكة يعتبر الراحلة في حقه بنسبة حاجته، ولو لم
يحتج لم يعتبر الراحلة، وكذا المكي، ويعتبر الزاد فيهما، ولو عجز كالزمن
والمريض، اعتبرت الراحلة أيضا.

1. الوسائل: 8 / 63، الباب 36 من أبواب وجوب الحج وشرائطه، الحديث 1.
548

1878. العاشر: لو حج عنه غيره وهو مستطيع، لم يجزئه عن حجة الإسلام،
سواء كان النائب مستطيعا أو لا.
1879. الحادي عشر: لا بد من فاضل عن الزاد (1) والراحلة قدر ما يمون عياله
الذين تجب نفقتهم عليه حتى يرجع إليهم بقدر الكفاية على جاري عادتهم من
غير تقتير (2) ولا تبذير، ولا يحتسب من يستحب نفقته.
1880. الثاني عشر: يشترط أيضا أن يكون له ما يفضل عن قضاء ديونه، سواء
كانت حالة أو مؤجلة، وسواء كانت لله تعالى كالزكاة، أو للآدمي.
1881. الثالث عشر: الزاد المشترط هو ما يحتاج من مأكول أو مشروب
وكسوة، فإن كان يجد الزاد في كل منزل، لم يلزمه حمله، وإلا لزمه حمله.
أما الماء وعلف الدواب، فإن كان يوجد في المنازل التي ينزلها على
العادة، لم يجب حملها، وإلا وجب مع المكنة، ومع عدمها يسقط.
1882. الرابع عشر: الراحلة المشترطة يجب أن تكون راحلة مثله أما بالتملك
أو الأجرة لذهابه ورجوعه، فإن كان لا يشق عليه ركوب القتب أو الزاملة، اعتبر
ذلك في حقه، وإن كان يلحقه مشقة عظيمة، اعتبر وجود المحمل.
1883. الخامس عشر: لو كان وحيدا اعتبر نفقته لذهابه وعوده. ولو احتاج إلى
خادم اعتبر وجوده إما بالملك أو الاستيجار.
1884. السادس عشر: يعتبر في الاستطاعة وجود ما يحتاج إليه في السفر،

1. في «أ»: غير الزاد.
2. في «ب»: إقتار.
549

من الآلات والأوعية كالغرائر (1) وأوعية الماء. فلو فقدها مع الحاجة سقط الفرض.
1885. السابع عشر: لو كان له بضاعة يكفيه ربحها، أو ضيعة يكفيه غلتها،
فالأقرب وجوب بيعها للحج، أو صرف البضاعة إليه، إذا كان بقدر الكفاية ذهابا
وعودا، وقدر نفقة عياله كذلك.
1886. الثامن عشر: لو كان واجدا للزاد والراحلة، فخرج في حمولة غيره أو
نفقه غيره، أو كان مستأجرا للخدمة أو غيرها، أو كان ماشيا، فحج أجزأه، ولو لم
يكن واجدا لم يجب إلا مع بذل الغير.
ولا يجب أن يؤجر نفسه بالزاد والراحلة والنفقة لعياله مع العجز، فإن فعل
وجب الحج.
وكذا لو وجد بعض الزاد والراحلة ولم يوجد الباذل للباقي، لم يجب أن
يؤجر نفسه بالباقي، فإن فعل وجب الحج.
ويستحب لفاقد الاستطاعة الحج، إذا تمكن من المشي، ثم يعيد واجبا
مع الوجدان.
1887. التاسع عشر: لا يعتبر وجود الزاد في المراحل مع وجوده في البلدان
التي جرت العادة بحمل الزاد منها.
وأما الماء فإن كان موجودا في المصانع التي جرت العادة بكونه فيها
وجب الحج، وإن كان لا يوجد لم يجب الحج، وإن وجد في البلاد التي يؤخذ
منها الزاد.

1. في لسان العرب: الغرارة واحدة الغرائر التي للتبن.
550

1888. العشرون: لو وجد ثمن الزاد والراحلة وجب شراؤهما مع وجود
البائع، ولو احتاج إلى الثمن لم يجب الشراء.
ولو وجده بأكثر من ثمن المثل أو بأكثر من أجرة المثل، فإن تضرر به، لم
يجب الشراء إجماعا، وإن لم يتضرر، فالأقرب وجوب الشراء.
1889. الواحد والعشرون: لو عجز عن الزاد والراحلة، جاز أن يحج عن غيره،
ولا يجزئه عن حجة الإسلام لو أيسر، بل يجب عليه مع الاستطاعة.
الخامس: إمكان المسير
وفيه تسعة عشر بحثا:
1890. الأول: يدخل تحت هذا الشرط: الصحة، وإمكان الركوب، وتخلية
السرب، واتساع الزمان.
فالمريض لا يجب عليه الحج مع الضرر، وإن وجد الزاد والراحلة
بالإجماع. ولو لم يتضرر بالركوب، وجب عليه الحج مع باقي الشرائط، ولو منعه
المرض عن الركوب، سقط عنه الفرض.
وكذا المعضوب (1) الذي لا يقدر على الركوب، ولا يستمسك على
الراحلة، من كبر، أو ضعف في البنية، أو إقعاد.
ولو وجد هؤلاء الاستطاعة، ففي وجوب الاستنابة قولان: أحدهما:

1. قال في مجمع البحرين: الأعضب من الرجال: الزمن الذي لا حراك فيه، كأن الزمانة عضبه
ومنعه الحركة.
551

الوجوب، اختاره الشيخ (1); والثاني عدمه، اختاره ابن إدريس (2) والأقرب الأول.
1891. الثاني: المريض إن كان يرجى برؤه، ووجد الاستطاعة، وتعذر عليه
الحج، استحب له أن يستنيب رجلا يحج عنه، فإذا استناب، ثم برئ وهو
مستطيع، وجب عليه إعادة الحج بنفسه، ولو مات سقط عنه فرض الحج مع
الاستنابة وبدونها.
ولو كان المرض لا يرجى برؤه، أو كان العذر لا يزول، كالإقعاد، وضعف
البدن خلقة، وكبر السن، وجب أن يحج عنه رجل مع الاستطاعة فإن مات سقط
عنه فرض الحج، ولو زال عذره وجب الحج.
1892. الثالث: لو وجد المعضوب المال، ولم يجد الأجير، سقط عنه فرض
الاستيجار إلى العام المقبل، ولو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل، فإن
أمكنه التحمل من غير ضرر، فالوجه الوجوب، وإلا فلا.
1893. الرابع: المعضوب إذا لم يكن له مال، سقط عنه فرض الحج مباشرة
واستنابة، ولو وجد من يطيعه لأدلاء الحج لم يجب، سواء وثق منه بفعله أو لم
يثق، وسواء كان ولدا أو أجنبيا، ولو بذل له المال، ولم يبذل له الفعل، فالوجه
عدم الوجوب.
1894. الخامس: لو كان على المعضوب حجتان كحجة الإسلام ومنذورة، جاز
أن يستنيب اثنين في سنة.
1895. السادس: يجوز للصحيح أن يستنيب في التطوع، ويجوز استنابة

1. المبسوط: 1 / 299.
2. السرائر: 1 / 516.
552

الصرورة وغيره في الواجب والندب.
1896. السابع: قال الشيخ: المعضوب إذا وجب عليه حجة بالنذر أو بإفساد
حجه، وجب عليه أن يحج عن نفسه رجلا، فإذا فعل ذلك فقد أجزأه، وإن برئ
في ما بعد تولاها بنفسه (1) وعندي فيه تردد.
1897. الثامن: تخلية السرب شرط في الوجوب وهو أن يكون الطريق أمنا، أو
يجد رفقة يأمن معهم علما أو ظنا، فلو وجد مانع من عذر وغيره سقط فرض
الحج، وهل يجب أن يستنيب؟ البحث فيه كالمريض.
ولو كان هناك طريقان، أحدهما آمن، سلكه (2) وإن طال، إذا لم يقصر نفقته
عنه واتسع الزمان، ولو قصرت نفقته عنه، أو قصر الزمان عن سلوكه، أو لم يكن
له إلا طريق واحد، وهو مخوف أو بعيد يضعف قوته عن قطعه لمشقة، لم
يجب عليه.
ولو كان في الطريق عدو، وأمكن محاربته بحيث لا يلحقه خوف ولا
ضرر، فهو مستطيع، ولو خاف على نفسه من قتل، أو جرح، أو على ماله أو
بعضه مما يتضرر به، لم يجب.
1898. التاسع: لو لم يندفع العدو إلا بمال أو خفارة (3) قال الشيخ: لم يجب (4)،
ولو قيل: إن أمكن دفع المال من غير إجحاف ولا ضرر وجب، وإلا فلا،
كان وجها.

1. المبسوط: 1 / 299.
2. جواب: «لو» الشرطية.
3. الخفارة - بالكسر و الضم -: الذمام والعهد. مجمع البحرين.
4. المبسوط: 1 / 301.
553

ولو بذل له باذل المطلوب منه، فانكشف العدو، وجب الحج، وليس له
منع الباذل.
1899. العاشر: طريق البحر كطريق البر، فلو غلب على ظنه السلامة فيهما،
تخير في سلوك أيهما شاء، ولو غلب على ظنه العطب فيهما، سقط الفرض، ولو
غلب على ظنه السلامة في أحدهما، تعين وإن كان في البحر.
1900. الحادي عشر: اتساع الزمان شرط، فلو ضاق الوقت عن قطع المسافة،
سقط الفرض، ولو لم يجد الرفقة، أو ضاق الوقت عليه حتى لا يلحقهم إلا
بمشقة، كطي المنازل، أو الحث الشديد، سقط تلك السنة.
1901. الثاني عشر: اشترط الشيخ (رحمه الله) الرجوع إلى كفاية (1) فلو ملك الزاد
والراحلة والنفقة له ولعياله ذهابا وعودا، ولم يكن له كفاية يرجع إليها من مال
أو حرفة أو صناعة أو عقار، لم يجب الحج، واختاره المفيد (2) وابن البراج (3) و
أبو الصلاح (4) ولم يشترط المرتضى ذلك (5) واختاره ابن أبي عقيل (6) وهو الأقوى.
1902. الثالث عشر: الإسلام ليس شرطا في الوجوب، وهو شرط في الصحة،
ولو أحرم وهو كافر لم يصح إحرامه، فإن أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر،
وجب عليه الرجوع إلى الميقات، وإنشاء الإحرام منه، فإن لم يتمكن أحرم من
موضعه، ولا يعتد بالأول.

1. المبسوط: 1 / 297، والخلاف: 2 / 245، المسألة 2 من كتاب الحج.
2. المقنعة: 384.
3. المهذب: 1 / 208.
4. الكافي في الفقه: 192.
5. الناصريات: 303.
6. حكى عنه المصنف في المختلف: 4 / 6.
554

1903. الرابع عشر: لو ارتد بعد أداء الحج مسلما، لم يجب عليه إعادته،
وقوى في المبسوط (1) الإعادة، ولو أحرم، ثم ارتد، ثم عاد إلى الإسلام، كان
إحرامه باقيا، وبنى عليه.
1904. الخامس عشر: الأعمى يجب عليه الحج مع الشرائط، ووجود قائد
يهديه مع الحاجة.
1905. السادس عشر: شرائط الوجوب في الرجل هي شرائطه في المرأة، فإذا
اجتمعت الشرائط وجب عليها الحج، وإن لم يكن لها محرم.
ولو لم تجد الثقة، وخافت من المرافق، اشترط المحرم، وهو الزوج، أو
من تحرم عليه على التأبيد نسبا ورضاعا.
ومن تحرم عليه في وقت دون آخر كزوج الأخت، والعبد، فليس بمحرم.
فلو كان الأب يهوديا أو نصرانيا فالوجه أنه محرم، أما المجوسي فالوجه
أنه ليس بمحرم، والأقرب اشتراط البلوغ والعقل في المحرم.
1906. السابع عشر: نفقة المحرم في محل الحاجة إليه عليها، فيشترط في
استطاعتها ملك زاده وراحلته زيادة على ما تقدم، ولو امتنع المحرم من الحج مع
بذلها له النفقة، فهي كالفاقدة المحرم.
ولو احتاجت إليه لعدم النفقة (2) والحاجة إلى الرفيق، فالوجه أنه لا يجب
عليه إجابتها.

1. المبسوط: 1 / 305.
2. هكذا في النسختين والظاهر وقوع تحريف في الكلام والصحيح «ولو احتاجت إليه مع عدم
النفقة» وعليه يكون قوله: «والحاجة إلى الرفيق»، جملة توضيحية لانفهامها من قوله: «ولو
احتاجت».
555

1907. الثامن عشر: إذن الزوج ليس بمعتبر في الواجب، فلو كان عليها حجة
الإسلام، أو منذورة بإذنه، أو قبل تعلقه بها، وجب عليها الخروج، وليس له
منعها عنه.
ويستحب لها أن تستأذنه، فإن أذن، وإلا خرجت بغير إذنه.
أما التطوع فليس لها الخروج فيه إلا بإذنه، ولو نذرت الحج وهي زوجته،
فإن أذن لها في النذر صح، وإلا فلا.
وحكم المعتدة رجعية حكم الزوجة، أما البائن فإنها تخرج أين شاءت،
وليس للزوج منعها، وكذا المتوفى عنها زوجها.
1908. التاسع عشر: الشرائط التي ذكرناها، منها ما هي شرط في الصحة
والوجوب معا، وهو العقل; ومنها ما هو شرط في الصحة خاصة، وهو الإسلام;
ومنها ما هو شرط في الوجوب خاصة، وهو البلوغ، والحرية، والاستطاعة،
وإمكان المسير.
الفصل الثاني: في أنواع الحج
وفيه أربعة عشر بحثا:
1909. الأول: الحج على ثلاثة أنواع: تمتع، وقران، وإفراد.
فصورة التمتع: أن يحرم من الميقات بالعمرة المتمتع بها إلى الحج
556

ثم يدخل مكة فيطوف سبعة أشواط بالبيت، ويصلي ركعتي الطواف بالمقام،
ويسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، ثم يقصر، وقد أحل من كل شئ
أحرم منه.
ثم ينشئ إحراما آخر للحج من مكة يوم التروية، وإلا فيما يعلم معه إدراك
الوقوف، ثم يمضي إلى عرفات، فيقف بها إلى الغروب، ثم يفيض إلى المشعر
الحرام، فيقف به بعد طلوع الفجر، ثم يفيض إلى منى ويرمي جمرة العقبة، ثم
يذبح هديه، ثم يحلق رأسه، ثم يأتي مكة ليومه أو من غده، فيطوف للحج
ويصلي ركعتين، ثم يسعى سعي الحج، ثم يطوف طواف النساء ويصلي ركعتيه،
ثم يعود إلى منى ليرمي ما تخلف عليه من الجمار الثلاث، يوم الحادي عشر،
والثاني عشر، والثالث عشر.
وصورة الإفراد: أن يحرم من الميقات أو من حيث يصح له الإحرام منه
بالحج، ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها، ثم يقف بالمشعر الحرام، ثم يأتي منى
فيقضي مناسكه بها، ثم يطوف بالبيت للحج، ويصلي ركعتيه، ويسعى للحج
ويطوف طواف النساء ويصلي ركعتيه، ثم يأتي بعمرة مفردة من أدنى الحل.
وصورة القران كذلك، إلا أنه يضيف إلى إحرامه سياق الهدي.
1910. الثاني: التمتع فرض من نأى عن المسجد الحرام، وليس من حاضريه،
ولا يجزئهم غيره مع الاختيار.
وأما القران والإفراد فهو فرض أهل مكة وحاضريها، فلو عدلوا إلى
التمتع، ففي الإجزاء قولان للشيخ: أحدهما انه يجزئ ولا دم، والثاني: أنه لا
557

يجزئ (1) وهو الأقوى عندي.
1911. الثالث: حد حاضري المسجد الحرام الذين لا متعة عليهم، من كان بين
منزله وبين المسجد اثنا عشر ميلا من كل جانب.
وللشيخ قول آخر: إنه ثمانية وأربعون ميلا (2) وهو اختيار ابن بابويه (3) وهو
الأقوى عندي.
1912. الرابع: لا يجوز إدخال الحج على العمرة ولا بالعكس.
1913. الخامس: لا يجوز القران بين الحج والعمرة في إحرام واحد، قال
الشيخ في الخلاف: ولو فعل لم ينعقد إحرامه إلا بالحج، فإن أتي بأفعال الحج لم
يلزمه دم، وإن أراد أن يأتي بأفعال العمرة ويجعلها متعة جاز، ولزمه الدم (4).
1914. السادس: ولا يجوز نية حجتين ولا عمرتين، ولو فعل قيل: تنعقد
إحداهما وتلغو الأخرى (5).
1915. السابع: لو أراد التطوع بالحج، فالتمتع أفضل أنواعه.
1916. الثامن: المفرد إذا أحرم بالحج، ثم دخل مكة، جاز له فسخ حجه
وجعله عمرة يتمتع بها، ولا يلب بعد طوافه ولا بعد سعيه، لئلا ينعقد إحرامه
بالتلبية، أما القارن فليس له ذلك.

1. قال بالإجزاء في المبسوط: 1 / 306، وبعدمه في النهاية: 206.
2. النهاية: 206.
3. المقنع: 215، والفقيه: 2 / 203 في ذيل الحديث 926.
4. الخلاف: 2 / 264، المسألة 30 من كتاب الحج.
5. قال ابن قدامة في المغني: 3 / 254: وإن أحرم بحجتين أو عمرتين انعقد بإحداهما ولغت
الأخرى، وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: ينعقد بهما وعليه قضاء إحداهما.
558

وكذا يجوز لمن أحرم بعمرة التمتع مع الضرورة المانعة عن إتمامها
العدول إلى الإفراد، إما بأن يضيق الوقت أو يحصل حيض أو مرض.
1917. التاسع: لو بعد المكي عن أهله، ثم عاد وحج على ميقات، أحرم
منه، وجاز له التمتع.
1918. العاشر: من كان من أهل الأمصار، فجاور بمكة، ثم أراد حجة الإسلام،
خرج إلى ميقات أهله وأحرم منه، فإن تعذر، خرج إلى أدنى الحل، ولو تعذر
أحرم من مكة، هذا إذا لم يجاور سنتين، فإن مضت عليه سنتان، وهو مقيم بمكة،
صار من أهل مكة وحاضريها، ليس له أن يتمتع.
وللشيخ قول آخر: إنه لا ينتقل فرضه حتى يقيم ثلاثا (1)، والمعتمد الأول.
ولو كان له منزلان: أحدهما بمكة والآخر ناء عنها، اعتبر الأغلب إقامة،
فأحرم بفرض أهله، فإن تساويا تخير في التمتع وغيره.
ولو لم يمض هذه المدة، كان فرضه التمتع لا غير، فيحرم من الميقات
وجوبا مع المكنة.
1919. الحادي عشر: للشيخ قول في أشهر الحج: ففي النهاية: شوال، وذو
القعدة، وذو الحجة (2) وفي المبسوط: شوال، وذو القعدة وإلى قبل الفجر من
عاشر ذي الحجة (3)، وفي الخلاف: إلى طلوع الفجر (4)، وفي الجمل: وتسعة من

1. النهاية: 206.
2. النهاية: 207.
3. المبسوط: 1 / 308.
4. الخلاف: 2 / 258، المسألة 23 من كتاب الحج.
559

ذي الحجة (1). والأقرب الأول.
ولا يتعلق بهذا الاختلاف حكم، للإجماع على فوات الحج بفوات
الموقفين، وصحة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر.
1920. الثاني عشر: لا يجوز الإحرام بالحج قبل أشهره، فلو أحرم به قبلها، لم
ينعقد للحج، وانعقد للعمرة، رواه ابن بابويه (2) وعندي فيه نظر.
1921. الثالث عشر: لا ينعقد إحرام العمرة المتمتع بها إلا في أشهر الحج، فأن
أحرم في غيرها انعقد للمبتولة على إشكال، أما العمرة المبتولة، فيجوز في
جميع أيام السنة.
1922. الرابع عشر: لو دخل المتمتع مكة وخشي فوات الوقت، نقل نيته إلى
الإفراد، ثم يعتمر عمرة مفردة بعد الحج، وكذا الحائض والنفساء لو منعهما
عذرهما عن التحلل وإنشاء الحج.

1. الجمل والعقود في ضمن الرسائل العشر: 226.
2. الوسائل: 8 / 197، الباب 11 من أبواب أقسام الحج، الحديث 7.
560

المقصد الثاني: في الإحرام
وفيه فصول
[الفصل] الأول: في المواقيت
وفيه مطلبان:
[المطلب] الأول: في تعيينها
وفيه تسعة مباحث:
1923. الأول: لا يجوز الإحرام إلا من إحدى المواقيت التي وقتها رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للإحرام.
فميقات أهل المدينة: ذو الحليفة، وهو مسجد الشجرة; وميقات أهل
الشام: الجحفة، وهي المهيعة بسكون الهاء وفتح الياء; ولأهل اليمن: يلملم،
وقيل: ألملم (1); ولأهل الطائف: قرن المنازل، بفتح القاف وسكون الراء، وفي
الصحاح بفتحها; وميقات أهل العراق: العقيق.
1924. الثاني: هذه المواقيت مأخوذة بالنص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (2).

1. في نهاية ابن الأثير: ألملم بالهمزة بدل الياء.
2. لاحظ الوسائل: 8 / 221، الباب 10 من أبواب المواقيت.
561

1925. الثالث: ذو الحليفة ميقات أهل المدينة مع الاختيار، أما مع الضرورة
فالجحفة.
1926. الرابع: العقيق ميقات أهل العراق، وكل جهاته ميقات، فمن أين أحرم
جاز، لكن الأفضل الإحرام من المسلخ ويليه غمرة وآخره ذات عرق، ولا يجوز
للحاج تجاوزها إلا محرما.
1927. الخامس: هذه المواقيت مواقيت لأهلها ولمن يمر بها مريدا للنسك،
فلو حج الشامي من المدينة أحرم من ذي الحليفة، ولو حج من العراق فميقاته
العقيق، وكذا غيره.
1928. السادس: من كان منزله دون الميقات، فميقاته منزله بالإجماع.
1929. السابع: الصبي يجرد من فخ، ويجوز أن يحرمه من الميقات (1).
1930. الثامن: هذه المواقيت إنما هي لإحرام العمرة المتمع بها، أو للحج
مفردا أو قارنا، أما حج المتمتع، فميقاته مكة لا غير، ولو أحرم من غيرها متمكنا
لم يجز، ووجب عليه العود إلى مكة لإنشاء الإحرام.
ولو تجاوز ناسيا أو جاهلا عاد، فإن حصل له مانع أحرم من موضعه ولو
كان بعرفات، وكذا لو خاف من الرجوع فوات الحج، فإنه يحرم من موضعه.
ومن أي موضع أحرم من مكة أجزأه، والأفضل الإحرام من المسجد
(وأفضل المسجد) 2 تحت الميزاب، أو مقام إبراهيم (عليه السلام).
1931. التاسع: المواقيت التي قدمناها مواقيت الحج على اختلاف ضروبه،

1. في «ب»: أن يحرم به من الميقات.
2. ما بين القوسين موجود في «ب».
562

وللعمرة المفردة إذا قدم مكة حاجا أو معتمرا، أما المفرد والقارن إذا فرغا من
المناسك وأراد الاعتمار، أو غيرهما ممن يريده فإنه يلزمه الخروج إلى أدنى
الحل، فيحرم به ثم يعود إلى مكة للطواف والسعي.
وينبغي أن يحرم بها من الجعرانة، فإن فاته فمن التنعيم، فإن فاته فمن
الحديبية، والضابط أن يأتي به من أدنى الحل.
المطلب الثاني: في أحكام المواقيت
وفيه ثمانية مباحث:
1932. الأول: لا يجوز الإحرام قبل الميقات بحج ولا عمرة إلا لمن أراد أن
يحرم بالعمرة المبتولة في رجب، وخاف تقضيه إن أخر الإحرام إلى الميقات،
فإنه يجوز أن يوقعه قبل الميقات، ليدرك جزءا منها في رجب، طلبا للفضل، فقد
روي أنها تقارب الحج (1).
واستثنى الشيخان من نذر أن يحرم للحج أو العمرة قبل الميقات، فإنه
يلزمه، بشرط وقوعه في أشهر الحج إن كان للحج أو للمتمتع بها، وإن كان
للمفردة جاز مطلقا (2) ومنع ابن إدريس من ذلك (3) والأول أقوى.
1933. الثاني: لو أحرم قبل الميقات في غير هذين الموضعين لم
ينعقد إحرامه، ولو فعل ما ينافيه لم يلزمه شئ، ويجب عليه تجديد الإحرام
عند الميقات.

1. لاحظ الوسائل: 10 / 239، الباب 3 من أبواب العمرة.
2. المبسوط: 1 / 311، والتهذيب: 5 / 53 في ذيل الحديث 161، ولم نعثر على قول المفيد (قدس سره).
3. السرائر: 1 / 526.
563

1934. الثالث: إذا جاء إلى الميقات وأراد النسك وجب عليه الإحرام منه، ولا
يجوز له تأخيره عنه بالإجماع، فلو تركه عامدا مع إرادة النسك وجب عليه
الرجوع إلى الميقات والإحرام منه، ولو لم يتمكن من الرجوع بطل حجه، ولو
أحرم من موضعه لم يجزئه، ولو عاد إلى الميقات ولم يجدد الإحرام فكذلك.
ولو جدده في الميقات لم يكن عليه دم، سواء رجع بعد التلبس بشئ من
أفعال الحج كطواف القدوم أو لا، ولو تركه ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك ثم
يجدد العزم، وجب عليه الرجوع إلى الميقات وإنشاء الإحرام منه.
فإن لم يتمكن فليمض إلى خارج الحرم وليحرم، فإن لم يتمكن أحرم من
موضعه، ولو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع لم يجزئه، ولا فرق بين الناسي
والجاهل بالميقات والتحريم.
1935. الرابع: لو أسلم بعد مجاوزة الميقات وجب عليه الحج ولزمه الرجوع،
فإن لم يتمكن خرج إلى الحل، فإن لم يتمكن أحرم من موضعه ولا دم عليه،
وكذا الصبي والعبد لو بلغ أو أعتق بعد المجاوزة.
1936. الخامس: لو كان مريضا يمنعه المرض من الإحرام عند الميقات، قال
الشيخ: جاز له أن يؤخره عن الميقات، فإذا زال المنع أحرم من الموضع الذي
انتهى إليه (1).
والظاهر أن مقصوده تأخر كيفية الإحرام من نزع الثياب وكشف الرأس،
فأما الشروط التي للإحرام فلا يجوز له تأخيرها مع القدرة.

1. النهاية: 209.
564

ولو زال عقله بإغماء وشبهه سقط الحج، فلو أحرم عنه رجل جاز، لكن لا
يسقط به حجة الإسلام، إلا أن يعود عقله قبل الوقوف، ولو كان بعد الموضعين
لم يجزئه.
1937. السادس: لو كان الميقات قرية فخربت ونقلت عمارتها إلى موضع
آخر، كان الميقات موضع الأولى وإن انتقل الاسم إلى الثانية.
1938. السابع: لو سلك طريقا بين الميقاتين أحرم عند محاذاة الميقات، برا
كان أو بحرا، وهي رواية عبد لله بن سنان الصحيحة عن الصادق (عليه السلام) (1).
ولو لم يعرف حذو الميقات (2) احتاط وأحرم من بعيد بحيث يتيقن عدم
مجاوزة الميقات، ولا يلزمه الإحرام حتى يظن المحاذاة.
ولو أحرم ثم علم المجاوزة عن محاذاة الميقات، ففي وجوب الرجوع
إشكال، أقربه العدم، ولا دم عليه.
ولو مر على طريق لا يحاذي ميقاتا، فالأقرب الإحرام من أدنى الحل.
1939. الثامن: من جاور بمكة من أهل الأمصار، ثم أراد النسك، فليخرج إلى
ميقات أهله، وليحرم منه، فإن لم يتمكن فليخرج إلى الحل، فإن لم يمكنه أحرم
من موضعه ما لم يستوطن سنتين.

1. الوسائل: 8 / 230، الباب 7 من أبواب المواقيت، الحديث 1 و 3.
2. في «ب»: حد الميقات.
565

الفصل الثاني: في مقدمات الإحرام
وفيه ثمانية مباحث:
1940. الأول: يستحب لمن أراد التمتع أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذي
القعدة، ولا يمس منهما شئ، ويتأكد عند هلال ذي الحجة، فإن مس منهما شيئا
ترك الأفضل ولا شئ عليه، وفي الاستبصار (1) و النهاية (2) هو واجب يجب معه
الدم، وهو خيرة المفيد (3).
1941. الثاني: يستحب للمعتمر توفير شعر رأسه في الشهر الذي يريد فيه
الخروج إلى العمرة.
1942. الثالث: يستحب له إذا بلغ الميقات التنظيف بإزالة الشعر، ونتف الإبط،
وقص الشارب (4) وتقليم الأظفار، وحلق العانة، والإطلاء، ولو كان قد أطلى قبل
الإحرام اجتزأه ما لم يمض خمسة عشر يوما، فإن مضت استحب له
الإطلاء ثانيا.
والإطلاء أفضل من الحلق، والحلق أفضل من نتف الإبط.
1943. الرابع: يستحب له الغسل إذا أراد الإحرام من الميقات، وليس بواجب

1. الاستبصار: 2 / 161 في ذيل الحديث 525، والتهذيب: 5 / 48 في ذيل الحديث 148.
2. النهاية: 206، والمبسوط: 1 / 309.
3. المقنعة: 396.
4. في «ب»: وقصر الشارب.
566

إجماعا، ولا فرق بين الذكر والأنثى، والحر والعبد، والبالغ وغيره.
ويجوز تقديم الغسل على الميقات إذا خاف عوز الماء فيه ما لم ينم أو
يمضي عليه يوم وليلة، ولو وجد الماء في الميقات استحب إعادة الغسل.
ويجزئ غسل اليوم لذلك اليوم، وغسل الليلة لها ما لم ينم، فإن نام قبل
الإحرام أو لبس مخيطا، أو أكل ما لا يحل للمحرم أكله، استحب له إعادة الغسل،
ولو قلم أظفاره لم يعد الغسل.
ويجوز الإدهان بعد الغسل قبل عقد الإحرام إلا أن يكون طيبه يبقى إلى
بعد الإحرام.
1944. الخامس: لو أحرم من غير غسل أعاد الإحرام مستحبا.
1945. السادس: لو لم يجد الماء للغسل تيمم: قاله الشيخ (1).
1946. السابع: يستحب له أن يحرم بعد الزوال عقيب صلاة الظهر، يبدأ
بصلاة الإحرام وهي ست ركعات، فإن لم يتمكن فركعتان، ثم يصلي الظهر، ثم
يحرم عقيب الظهر.
وإن لم يتفق وقت الزوال يستحب له أن يكون عقيب فريضة، فإن لم يتفق
صلى ست ركعات ثم أحرم عقيبها، فإن لم يتمكن، صلى ركعتين يقرأ في الأولى
الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية الحمد والتوحيد مستحبا.
1947. الثامن: يكره أن يطيب للإحرام قبله، ولو كان مما يبقى رائحته إلى بعد
الإحرام كان حراما.

1. المبسوط: 1 / 314.
567

ولو لبس ثوبا مطيبا ثم أحرم وكانت الرائحة تبقى إلى بعد الإحرام، وجب
نزعه أو إزالة الطيب، فإن لم يفعل وجب الفداء.
الفصل الثالث: في كيفية الإحرام
وفيه اثنان وثلاثون بحثا:
1948. الأول: إذا بلغ الحاج الميقات، فعل ما ذكرناه، ودعا عند غسله ونوى
الإحرام، ثم لبس ثوبه، يأتزر بأحدهما، ويتوشح بالآخر ودعا، ثم صلى للإحرام
ست ركعات، ثم يصلي الفريضة إن كان وقت فريضة، وأحرم عقيبها وإلا
عقيب النوافل.
فإذا فرغ من صلاته، حمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد وآله، ثم
قال: اللهم إني أسألك أن تجعلني ممن استجاب لك إلى آخر الدعاء، فإذا فرغ
لبى، ويكثر من التلبية.
ولا يزال على هيئته إلى أن يدخل مكة ويطوف، ويسعى، ويقصر،
وقد أحل.
1949. الثاني: الواجب في الإحرام ثلاثة أشياء: النية، ولبس ثوبي الإحرام،
والتلبيات الأربع، والباقي نفل.
والنية كما هي واجبة فهي شرط فيه، وكيفيتها أن يقصد بقلبه إلى
568

أمور أربعة: ما يحرم به من حج أو عمرة، متقربا به إلى الله عز وجل، ويذكر نوع ما
يحرم له من تمتع أو قران أو إفراد، ويذكر الوجوب أو الندب، وما يحرم له من
حجة الإسلام أو غيرها، لا يجوز له الإخلال بشئ من ذلك، ويستحب
له الاشتراط.
1950. الثالث: لو نوى الإحرام مطلقا، ولم ينو لا حجا ولا عمرة، انعقد
إحرامه، وكان له صرفه إلى أيهما شاء إن كان في أشهر الحج على إشكال.
فإن صرفه إلى الحج صار حجا، وكذا إلى العمرة يصير عمرة، ولو صرفه
إليهما معا لم يصح، ولو عقده مطلقا قبل أشهر الحج، انعقد بعمرة.
1951. الرابع: يصح إبهام الإحرام، وهو أن يحرم بما يحرم به فلان على
إشكال، فان علم بما أحرم به فلان، انعقد إحرامه بمثله، وإن تعذر عليه بموت أو
غيبة، قال الشيخ (رحمه الله): يتمتع احتياطا (1).
ولو بان أن فلانا لم يحرم، انعقد مطلقا، وكان له صرفه إلى أي الأنساك
شاء، ولو لم يعلم هل أحرم فلان أم لا؟ كان حكمه حكم من لم يحرم.
ولو لم يعين ثم شرع في الطواف قبل التعيين، فالأقوى أنه لا يعتد بطوافه.
1952. الخامس: تعيين الإحرام أولى من إطلاقه.
1953. السادس: لو أحرم بنسك ثم نسيه، تخير بين الحج والعمرة، إذا لم
يتعين عليه أحدهما; قاله في المبسوط (2). وفي الخلاف جعل ذلك عمرة (3)
وهو حسن.

1. المبسوط: 1 / 316.
2. المبسوط: 1 / 317.
3. الخلاف: 2 / 290، المسألة 86 من كتاب الحج.
569

ولو تعين أحدهما انصرف إليه، ولو أحرم بهما معا لم يصح، قال الشيخ:
ويتخير. وكذا لو شك هل أحرم بهما أو بأحدهما فعل أيهما شاء (1)، ولو تجدد
الشك بعد الطواف، جعلها عمرة متمتعا بها إلى الحج.
1954. السابع: لو نوى الإحرام بنسك ولبى بغيره، انعقد ما نواه، دون ما
تلفظ به.
1955. الثامن: يستحب أن يذكر في لفظه ما يقصده من أنواع الحج، ولو اتقى
كان الأفضل الإضمار.
1956. التاسع: التلبيات الأربع واجبة وشرط في الإحرام للمتمتع والمفرد،
فلا ينعقد إحرامهما إلا بها، أو بالإشارة للأخرس وعقد قلبه بها، وأما القارن فله
أن يعقد بها أو بالإشعار، أو بالتقليد لما يسوقه.
1957. العاشر: صورة التلبيات الواجبة: لبيك، اللهم لبيك، لبيك، إن الحمد
والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك; ذكره الشيخ (رحمه الله) في كتبه (2).
وقال ابن إدريس: هذه الصورة ينعقد بها الإحرام كانعقاد الصلاة
بتكبيرة الاحرام (3).
وفي رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق (عليه السلام):
«لبيك، اللهم لبيك، لبيك، لا شريك لك لبيك» (4).

1. المبسوط: 1 / 317.
2. المبسوط: 1 / 316، والنهاية: 215.
3. السرائر: 1 / 536.
4. الوسائل: 9 / 53، الباب 40 من أبواب الإحرام، الحديث 2.
570

1958. الحادي عشر: ما زاد على ما ذكرناه من التلبيات الواجبة، مستحب غير
مكروه، ويستحب الإكثار من لبيك ذا المعارج لبيك.
1959. الثاني عشر: للشيخ (رحمه الله) في رفع الصوت بالتلبية قولان: أحدهما
الوجوب (1) والأقرب الاستحباب (2)، وليس على النساء جهر بالتلبية.
وتلبية الأخرس الإشارة بالإصبع وتحريك لسانه وعقد قلبه بها، ولا يجوز
التلبية بغير العربية.
1960. الثالث عشر: لا يشترط في التلبية الطهارة إجماعا، فيجوز للطاهر
والجنب والمحدث والحائض.
1961. الرابع عشر: يستحب أن يذكر ما يحرم به في التلبية، والإكثار من التلبية
عند الإشراف والهبوط وأدبار الصلوات، وتجدد الأحوال، واصطدام الرفاق،
وفي الأسحار وعلى كل حال.
1962. الخامس عشر: المتمتع يقطع التلبية إذا شاهد بيوت مكة. والمفرد
والقارن يقطعان التلبية يوم عرفة عند الزوال، والمعتمر عمرة مفردة يقطعها إذا
دخل الحرم إن كان أحرم من خارجه، وإن كان قد خرج من مكة للإحرام قطعها
إذا شاهد الكعبة.
1963. السادس عشر: الإشعار أو التقليد يقوم كل منهما مقام التلبية في حق
القارن، أي الثلاثة شاء عقد إحرامه به، وكان الآخر مستحبا.

1. وهو خيرته في التهذيب: 5 / 92 في ذيل الحديث 300.
2. وهو خيرته في الخلاف: 2 / 291، المسألة 69 من كتاب الحج.
571

وقال السيد المرتضى: لا ينعقد إحرام الأصناف الثلاثة إلا بالتلبية (1)، وهو
اختيار ابن إدريس (2)، والأول أقوى.
والإشعار هو أن يشق سنام البعير من الجانب الأيمن ويلطخ بالدم، ليعلم
أنه صدقة، والتقليد هو أن يجعل في رقبة الهدي نعلا أو خيطا أو سيرا (3) أو ما
أشبهها، قد صلى فيه، ليعلم أنه صدقة.
والإشعار مختص بالإبل، والتقليد يشترك بينها وبين البقر والغنم، ولو
كانت البدن كثيرة، وأراد إشعارها، دخل بين كل بدنتين وأشعر إحداهما يمينا
والأخرى يسارا.
1964. السابع عشر: يستحب لمن حج على طريق المدينة رفع الصوت
بالتلبية إذا علت راحلته البيداء، وبينها وبين ذي الحليفة ميل، إن كان راكبا، وإن
كان ماشيا فحيث يحرم، وإن كان على غير طريق المدينة، لبى من موضعه إن
شاء، والأفضل أن يمشي خطوات ثم يلبي.
1965. الثامن عشر: إذا عقد نية الإحرام ولبس ثوبيه ولم يلب ولم يشعر ولم
يقلد جاز أن يفعل ما يحرم على المحرم فعله، ولا كفارة، فإن فعل أحد الثلاثة
حرم ذلك عليه، ووجبت الكفارة.
1966. التاسع عشر: يستحب لمن أحرم بنسك أن يشترط على ربه عند
إحرامه إن لم يكن حجة فعمرة، وأن يحله حيث حبسه، ولو نوى الإشتراط ولم

1. الانتصار: 102.
2. السرائر: 1 / 532.
3. السير: قدة من الجلد مستطيلة. المنجد.
572

يتلفظ به، فالوجه عدم الاعتداد به، ومع التلفظ به لا يفيد سقوط الحج في القابل
لو فاته في عامه، بالإجماع، بل جواز التحلل عند الإحصار، وقيل: يتحلل من غير
شرط (1) ولو اشترط حتى أحصر ففي سقوط دم الإحصار قولان: أحدهما
السقوط، قاله السيد (2)، والآخر عدمه; قاله الشيخ (3). وهو الأقوى.
ولا بد للشرط من فائدة كأن يقول: إن مرضت، أو فنيت نفقتي (4) أو فاتني
الوقت، أو ضاق علي، أو منعني عدو أو غيره، ولو قال: ان يحلني حيث شئت لم
يكن له ذلك.
قال الشيخ لا يجوز للمشترط أن يتحلل إلا مع نية التحلل والهدي (5).
1967. العشرون: لا يلبي في مسجد عرفة ولا في الطواف.
1968. الواحد والعشرون: يستحب أن يأتي بالتلبية نسقا لا يتخللها كلام، فإن
سلم عليه رد في أثنائها، وأن يصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد فراغه من التلبية.
1969. الثاني والعشرون: لا أعرف لأصحابنا قولا في أن الحلال يلبي.
1970. الثالث والعشرون: يكره للمحرم إجابة من يناديه بالتلبية بل يقول:
يا سعد.
1971. الرابع والعشرون: إذا قال: لبيك إن الحمد، كسر الألف، ويجوز

1. قال المصنف في التذكرة: 7 / 260: وقيل: يتحلل من غير اشتراط، وهو اختيار أبي حنيفة في
المريض. ولاحظ المغني لابن قدامة: 3 / 249.
2. الانتصار: 104.
3. المبسوط: 1 / 334.
4. في «أ»: انفاقي.
5. الخلاف: 2 / 431، المسألة 324 من كتاب الحج.
573

الفتح، والأول أولى، قال ثعلب (1): من فتحها فقد خص ومن كسر فقد عم (2).
1972. الخامس والعشرون: لبس ثوبي الإحرام واجب بالإجماع، ويشترط
كونهما مما يصح فيه الصلاة، فلا يجوز فيما لا يجوز فيه الصلاة كالحرير
المحض للرجال.
ويجوز للنساء الإحرام في الحرير المحض خلافا للشيخ (3).
ويستحب الإحرام في الثياب القطن وأفضلها البيض، ويجوز في الأخضر
وغيره من الألوان عدا السواد فإنه مكروه، ولا بأس بالمعصفر، ويكره إذا
كان مشبعا.
ويجوز في الحرير الممتزج وفي ثوب قد أصابه ورس أو زعفران أو
طيب إذا غسل وذهبت رائحته، ولو أصاب ثوبه شئ من خلوق الكعبة
وزعفرانها، لم يكن به بأس، وإن لم يغسله.
1973. السادس والعشرون: يكره النوم على الفراش المصبوغة، والإحرام في
الثياب الوسخة إلا أن تغسل، وفي الثياب المعلمة.
1974. السابع والعشرون: لا يلبس ثوبا يزره ولا مدرعة. ولا بأس بلبس
الطيلسان ولا يزره.

1. أبو العباس أحمد بن يحيى النحوي الشيباني المعروف ب‍ «ثعلب»، قيل: سمى به لأنه إذا سئل
عن مسألة أجاب من هاهنا وهاهنا، فشبهوه بثعلب إذا أغار، كان إمام الكوفيين في النحو واللغة،
قرأ على ابن الأعرابي، مات سنة 291 ه‍. لاحظ تاريخ بغداد: 5 / 204; والكنى والألقاب: 2 / 117.
2. قال ابن قدامة في المغني: 3 / 256 بعد نقل ذلك عن ثعلب ما هذا نصه: يعني أن من كسر
جعل الحمد لله على كل حال، ومن فتح فمعناه لبيك لأن الحمد لك أي لهذا السبب.
3. التهذيب: 5 / 75 في ذيل الحديث 246.
574

1975. الثامن والعشرون: لا يجوز أن يلبس السراويل إلا إذا لم يجد إزارا،
فيجوز ولا فدية، ولا يجوز لبس القباء، فإن لم يجد ثوبا جاز له أن يلبسه مقلوبا،
ولا يدخل يديه في يدي القباء، ولا فدية حينئذ.
ولو أدخل كتفيه في القباء ويده في كميه ولم يلبسه مقلوبا كان عليه الفداء.
قال ابن إدريس: ليس المراد من القلب جعل ظاهره إلى باطنه وبالعكس،
بل المراد منه النكس بأن يجعل ذيله فوق أكتافه (1) وبه رواية (2).
1976. التاسع والعشرون: يلبس المحرم نعلين، وإن لم يجدهما جاز أن
يلبس الخفين، ويقطعهما إلى ظاهر القدم كالشمشكين، ولا يجوز لبسهما
قبل القطع.
وقال بعض أصحابنا: يلبسهما صحيحين (3)، ولو كان واجدا للنعلين لم يجز
له لبس الخفين المقطوعين، وكذا لا يجوز لبس القباء المقلوب مع وجود الإزار،
ولو لم يجد رداء، لم يلبس القميص، أما لو عدم الإزار، فإنه يجوز له التوشح
بالقميص وبالقباء المقلوب، مخير في ذلك.
1977. الثلاثون: يجوز أن يلبس المحرم أكثر من ثوبين يتقي بذلك الحر
والبرد، وأن يغيرهما، لكن يستحب له أن يطوف في ثوبيه الذين أحرم فيهما،
ويكره أن يغسلهما إلا إذا أصابهما نجاسة.
1978. الواحد والثلاثون: يكره بيع الثوب الذي أحرم فيه.

1. السرائر: 1 / 543.
2. لاحظ الوسائل: 9 / 125، الباب 44 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 8.
3. قال به ابن إدريس في السرائر: 1 / 543.
575

1979. الثاني والثلاثون: لو أحرم وعليه قميص، نزعه ولا يشقه.
ولو لبسه بعد الإحرام، قال الشيخ: وجب عليه أن يشقه ويخرجه من
قدميه (1)، وهي رواية معاوية بن عمار الصحيحة عن الصادق (2) (عليه السلام).
الفصل الرابع: في أحكام الإحرام
وفيه عشرة مباحث:
1980. الأول: الإحرام ركن من أركان الحج يبطل بالإخلال به عمدا، ولو أخل
به ناسيا حتى أكمل مناسكه، قال الشيخ: يصح الحج إذا كان عازما على فعله (3).
وأنكره ابن إدريس (4)، وهو خطأ.
1981. الثاني: لا يصح (5) الإحرام إلا من محل، فلو كان محرما بالحج لم يجز له
أن يحرم بالعمرة وبالعكس.
1982. الثالث: يجوز للقارن (6) وللمفرد فسخ حجه إلى التمتع، وبالعكس (7)
لمن ضاق عليه الوقت عن التمتع، أو حصل له مانع، كالحيض، والمرض وليس
للقارن ذلك.

1. التهذيب: 5 / 72 في ذيل الحديث 236.
2. الوسائل: 9 / 125، الباب 45 من أبواب تروك الإحرام، الحديث 1.
3. المبسوط: 1 / 414.
4. السرائر: 1 / 530.
5. في «أ»: لا يقع.
6. الظاهر زيادته لما في ذيل المسألة من قوله: «وليس للقارن ذلك»، ولاحظ أيضا التذكرة: 8 / 69.
7. في «ب»: يجوز للمفرد نقل حجته إلى العمرة وبالعكس.
576

1983. الرابع: يجوز للقارن والمفرد إذا قدما مكة الطواف، لكنهما يجددان
التلبية ليبقيا على إحرامهما. ولو لم يجددا التلبية أصلا صارت حجتهما عمرة،
قاله الشيخ في النهاية (1) والمبسوط (2)، وقال في التهذيب: إنما يحل المفرد لا
القارن (3)، وأنكر ابن إدريس ذلك وإنهما أنما يحلان بالنية (4) لا لمجرد الطواف
والسعي، وعلى قول الشيخ حديثان صحيحان (5).
1984. الخامس: إذا أتم المتمتع أفعال عمرته، وقصر، فقد أحل، وإن كان قد
ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا، قاله في الخلاف (6).
1985. السادس: إذا فرغ المتمتع من عمرته وأخل ثم أحرم بالحج، فقد استقر
دم التمتع بإحرام الحج وإن لم يرم جمرة العقبة.
1986. السابع: المتمتع إذا طاف وسعى، ثم أحرم بالحج قبل أن يقصر، قال
الشيخ: بطلت متعته، وكانت حجته مبتولة، وإن فعل ذلك ناسيا، فليمض فيما
أخذ فيه، وقد تمت متعته، وليس عليه شئ (7)، وقال بعض أصحابنا: الناسي عليه
دم (8)، وقال آخرون: (9) يبطل الإحرام الثاني سواء وقع عمدا أو سهوا ويبقى على
إحرامه الأول.

1. النهاية: 215.
2. المبسوط: 1 / 316، و 355.
3. التهذيب: 5 / 89.
4. السرائر: 1 / 536.
5. الوسائل: 8 / 185، الباب 5 من أبواب أقسام الحج، الحديث 9; وص 210، الباب 19 من
أبواب أقسام الحج، الحديث 1.
6. الخلاف: 2 / 282، المسألة 57 من كتاب الحج.
7. المبسوط: 1 / 316، والنهاية: 215.
8. كالقاضي ابن البراج في المهذب: 1 / 223.
9. منهم الحلي في السرائر: 1 / 536.
577

والوجه ما قاله الشيخ (رحمه الله).
1987. الثامن: ينبغي للمحرم بالحج من مكة أن يفعل حالة الإحرام يوم
التروية كما فعله أولا عند الميقات، من أخذ الشارب، وتقليم الأظفار وغير ذلك،
ثم يمضي بسكينة ووقار، فإذا انتهى إلى الرقطاء دون الردم (1) لبى، فإذا انتهى إلى
الردم وأشرف على الأبطح (2) رفع صوته بالتلبية حتى يأتي منى.
1988. التاسع: الإحرام واجب على كل من يريد أن يدخل مكة، إلا من يكون
دخوله بعد إحرام قبل مضي شهر، أو يتكرر كالحطاب، والحشاش، وناقل
الميرة (3) وصاحب الصنيعة (4) أو يكون دخوله لقتال مباح.
1989. العاشر: إحرام المرأة كإحرام الرجل إلا في رفع الصوت بالتلبية ولبس
المخيط، وإحرامها في وجهها ولا تخمره ولا تغطيه بمخيط وغيره. وتستر سائر
جسدها إلا وجهها، ويجوز لها أن تسدل على وجهها ثوبا حتى لا يمسه إلى
طرف أنفها، وليس لها أن تلبس النقاب ولا البرقع ولا القفازين (5) ويجوز لها أن
تلبس السراويل والغلالة (6).

1. الرقطاء: موضع دون الردم، والردم هو حاجز يمنع السيل عن البيت الحرام، ويعبر عنه الآن
بالمدعي. مجمع البحرين.
2. الأبطح: مسيل وادي مكة، وهو مسيل واسع، أوله عند منقطع الشعب بين وادي منى وآخره
متصل بالمقبرة التي تسمى بالمعلى عند أهل مكة. مجمع البحرين.
3. الميرة بالكسر فالسكون: طعام يمتاره الإنسان أي يجلبه من بلد إلى بلد. مجمع البحرين.
4. في «ب»: صاحب الصنعة.
5. القفاز: شئ يعلم لليدين ويحشى بقطن، ويكون له أزرار تزر على الساعد تلبسه المرأة من
نساء العرب تتوقى به من البرد. مجمع البحرين.
6. غلالة الحائض بالكسر: ثوب رقيق يلبس على الجسد تحت ثيابها، تتقي به الحائض عن
التلويث. مجمع البحرين.
578

المقصد الثالث: في الطواف
وفيه فصول
[الفصل] الأول: في دخول مكة
وفيه سبعة مباحث:
1990. الأول: إذا فرغ المتمتع من الإحرام من الميقات، سار إلى أن يقارب
الحرم، ثم اغتسل قبل دخوله مستحبا، ومضغ شيئا من الإذخر، ليطيب فيه،
ويدعو عند دخول الحرم.
فإذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية، وحدها عقبة المدنيين، ولو كان على
طريق المدينة، قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكة، وهي عقبة ذي طوى.
1991. الثاني: يستحب له إذا أراد دخول مكة أن يغتسل إما من بئر ميمون أو
فخ، ولو اغتسل ثم نام قبل دخولها أعاده استحبابا، ثم يدخلها من أعلاها، إذا كان
داخلا من طريق المدينة، ويخرج من أسفلها، داعيا بسكينة ووقار حافيا.
1992. الثالث: دخول مكة واجب للمتمتع أولا، ليطوف ويسعى ويقصر
579

للعمرة، ولا يجب على القارن والمفرد إلا بعد الوقوف، وقضاء مناسك منى.
1993. الرابع: لا يجب على المتكرر في دخول مكة الإحرام لدخولها كل
سنة، ولا يجب على العبد (1) الإحرام لدخولها، ومن يجب عليه دخولها بإحرام لو
دخلها بغيره، لم يجب عليه القضاء.
1994. الخامس: لا يكره دخول مكة ليلا.
1995. السادس: الحائض والنفساء يستحب لهما الاغتسال لدخول مكة.
1996. السابع: يستحب لمن أراد دخول المسجد الحرام، أن يغتسل، ويدخله
على سكينة (2) ووقار حافيا بخشوع وخضوع، من باب بني شيبة، ويدعو
بالمرسوم، فإذا دخل المسجد رفع يديه، واستقبل البيت، ودعا بالمرسوم.
الفصل الثاني: في مقدمات الطواف وكيفيته
وفيه واحد وثلاثون بحثا:
1997. الأول: الطهارة شرط في الطواف الواجب فلا يصح بدونه، وكذلك
خلو البدن والثوب من النجاسة شرط في الطواف الواجب أيضا، سواء كانت
النجاسة دما أو غيره، قلت أو كثرت (3).
1998. الثاني: الطهارة ليست شرطا في طواف النفل، بل الأفضل فيه الطهارة.

1. في «أ»: على العبيد.
2. في «أ»: في سكينة.
3. واستدل المصنف في التذكرة بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): الطواف بالبيت صلاة. لاحظ تذكرة الفقهاء: 8 / 85.
580

1999. الثالث: ستر العورة شرط في الطواف (الواجب) (1).
2000. الرابع: الختان شرط في الطواف للرجل دون المرأة.
2001. الخامس: يستحب لمن أراد الطواف أن يغتسل لدخول المسجد،
ويدخل من باب بني شيبة بعد أن يقف عندها ويدعو ويسلم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)،
ويكون دخوله بخضوع وخشوع، وعليه السكينة والوقار، ويدعو إذا نظر
إلى الكعبة.
2002. السادس: النية شرط في الطواف، وهي أن ينوي الطواف للحج أو
العمرة واجبا أو ندبا قربة إلى الله تعالى، فلو طاف بغير نية لم يصح طوافه.
2003. السابع: يجب أن يبتدئ بالطواف من الركن الذي فيه الحجر ويختم
به، هكذا سبعة أشواط، فإن ترك ولو بخطوة منها لم يجزئه، ولم يحل له النساء
حتى يعود إليها فيأتي بها.
2004. الثامن: يجب أن يطوف على يساره بأن يجعل البيت عن يساره،
ويطوف عن يمين نفسه، فإن جعل البيت عن يمينه وطاف لم يجزئه، ووجب
عليه الإعادة.
2005. التاسع: يجب أن يطوف بين البيت ومقام إبراهيم (عليه السلام)، ويدخل الحجر
في طوافه، فلو سلك الحجر أو على جداره أو على شاذروان الكعبة لم يجزئه.
2006. العاشر: يجب أن يطوف على هذه الهيئة سبعة أشواط، فلو طاف دونها
لزمه إتمامها، ولا يحل له ما حرم عليه حتى يأتي ببقية الطواف وإن قل.
فإذا فرغ من ذلك صلى ركعتي الطواف واجبا في مقام إبراهيم (عليه السلام) إن كان

1. ما بين القوسين موجود في «أ».
581

الطواف واجبا، وهو قول أكثر علمائنا.
2007. الحادي عشر: يجب أن يصلي هاتين الركعتين في المقام. قال الشيخ (قدس سره)
في الخلاف: يستحب فعلهما خلف المقام، فإن لم يفعل وفعل في غيره أجزأه (1)
وليس بمعتمد.
2008. الثاني عشر: لو نسي الركعتين، رجع إلى المقام، وصلاهما فيه مع
المكنة، فإن شق عليه، صلى حيث ذكر، ولو خرج استناب.
ولو صلى في غير المقام عامدا، لم يجزئه، فإن كان ناسيا ثم ذكر، تداركه،
ورجع إلى المقام، وأعاد الصلاة.
2009. الثالث عشر: موضع المقام حيث هو الآن، ولو كان فيه زحام صلى
خلفه، فإن لم يتمكن فليصل حياله.
2010. الرابع عشر: وقت ركعتي الطواف حين يفرغ منه، سواء كان بعد الغداة
أو بعد العصر إذا كان طواف فريضة، وإن كان طواف نافلة أخرهما إلى بعد طلوع
الشمس أو بعد صلاة المغرب.
ولو طاف في وقت فريضة، فإن كان الطواف واجبا، فالوجه تخيره بين
أداء الفريضة أولا وبين ركعتي الطواف، وإن كان نفلا، قدم الفريضة.
ولو صلى المكتوبة بعد الطواف الواجب، لم يجزئه عن الركعتين.
2011. الخامس عشر: يستحب أن يقرأ في الأولى الحمد والتوحيد، وفي
الثانية الحمد والجحد، وروي العكس (2).

1. الخلاف: 2 / 327، المسألة 139 من كتاب الحج.
2. سنن النسائي: 5 / 236، وسنن البيهقي: 5 / 91.
582

2012. السادس عشر: لو كان الطواف نفلا، جاز أن يصليهما في أي موضع
شاء من المسجد.
2013. السابع عشر: لو نسي الركعتين حتى مات، قضى (عنه) وليه، ولو
نسيهما حتى شرع في السعي، قطع السعي، وعاد إلى المقام، فصلى ركعتين، ثم
عاد، فيتمم السعي (1).
2014. الثامن عشر: يستحب له إذا دخل المسجد أن لا يتشاغل بشئ حتى
يطوف، ولو دخل المسجد والإمام مشتغل بالفريضة، صلى المكتوبة معه، فإذا
فرغ من صلاته اشتغل بالطواف، وكذا لو قربت إقامة الصلاة.
2015. التاسع عشر: لا يستحب رفع اليدين عند رؤية البيت.
2016. العشرون: ينبغي له أن يستقبل الحجر بجميع بدنه، وأن يقف عنده،
ويدعو ويكبر عند محاذاته، ويرفع يديه، ويحمد الله ويثني عليه، ويستلم
الحجر ويقبله.
فإن لم يتمكن من الاستلام، استلمه بيده وقبل يده، فإن لم يتمكن من
ذلك أشار إليه بيده.
2017. الواحد والعشرون: الاستلام مستحب وليس بواجب، وليس بمهموز،
لأنه افتعال من السلام، وهي الحجارة، فإذا مس الحجر بيده ومسحه بها قيل:
استلم أي: مس السلام، وحكى الثعلب (2) بالهمزة على معنى أنه اتخذه سلاحا
وجنة من السلامة وهي الدرع (3).

1. في «أ»: فتم السعي.
2. تقدمت ترجمته آنفا.
3. لاحظ رسائل الشريف المرتضى: 3 / 275.
583

2018. الثاني والعشرون: مقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع، فإن كانت
مقطوعة من المرفق، استلمه بشماله.
2019. الثالث والعشرون: يستحب استلام الركن اليماني، فإن لم يتمكن
استلمه بيده وقبل يده.
ويستحب استلام الأركان كلها، وآكدها الحجر اليماني، وهو آخر الأركان
الأربعة قبلة أهل اليمن، وهو يلي الركن الذي فيه الحجر.
ويستحب الوقوف عند اليماني والدعاء عنده، وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
طاف بالكعبة حتى إذا بلغ الركن اليماني، رفع رأسه إلى الكعبة، ثم قال:
«الحمد لله الذي شرفك وعظمك، والحمد لله الذي بعثني نبيا، وجعل
عليا إماما، اللهم أهد إليه خيار خلقك، وجنبه شرار خلقك» (1).
ويستحب الاستلام في كل شوط، وأن يدعو في الطواف بالمنقول.
2020. الرابع والعشرون: يستحب له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع،
ويبسط يديه على حائطه، ويلصق به خده وبطنه، ويدعو بالمأثور، ويذكر ذنوبه
مفصلة، ويستغفر الله منها.
ولو نسي الالتزام حتى جاوز موضعه، فلا إعادة عليه، ولو ترك الاستلام،
لم يكن عليه شئ.
2021. الخامس والعشرون: قال في المبسوط: يستحب الاضطباع، وهو أن
يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن ويجعله على منكبه الأيسر (2) وهو افتعال مأخوذ

1. التهذيب: 5 / 107، الحديث 346.
2. المبسوط: 1 / 356.
584

من الضبع، وهو عضد الإنسان، وقلبت التاء طاء لوقوعها بعد ضاد ساكنة.
2022. السادس والعشرون: يستحب أن يقتصد في مشيه، بأن يمشي مستويا
بين السرع والإبطاء، وأن يرمل (1) ثلاثا ويمشي أربعا في طواف
القدوم خاصة.
ولو ترك الرمل، لم يكن عليه شئ، ولم يقضه في الأربع الباقية، وهو
مستحب في الثلاثة الأولى من الحجر وإليه، ولو تركه في شوط، أتى به في اثنين
خاصة، ولو تركه في طواف القدوم لم يستحب قضاؤه في طواف الزيارة.
والرمل مستحب لأهل مكة أيضا، ولا يستحب للنساء ولا الاضطباع،
والمريض والصبي إذا حملهما غيرهما رمل بهما ثلاثا، ومشي أربعا، ولو كان
راكبا حرك دابته في الثلاثة الأول.
2023. السابع والعشرون: الدنو من البيت في الطواف أفضل من التباعد، ولو
كان بالقرب منه زحام يمنعه من الرمل، وقف إلى أن يجد الفرصة ويرمل، أو
يتأخر إلى حاشية الناس ويرمل، ولو عجز عنهما مشى من غير رمل.
2024. الثامن والعشرون: يستحب أن يطوف ثلاثمائة وستين طوافا، فإن لم
يتمكن فثلاثمائة وستين شوطا، والزيادة يلحق بالطواف الأخير، ويصلي لكل
أسبوع ركعتين، بعد فراغه من الأسبوع، ويجوز تأخيرها إلى إكمال الأسابيع.
2025. التاسع والعشرون: لو تباعد حتى أدخل المقام في الطواف، لم يجزئه،
وكذا لو أدخل السقاية وزمزم.

1. الرمل - بالتحريك -: هو الهرولة وهو إسراع المشي مع تقارب الخطا. مجمع البحرين.
585

2026. الثلاثون: لو طاف وظهره إلى الكعبة (1) لم يجزئه.
2027. الواحد والثلاثون: يستحب الطواف ماشيا، ولو ركب أجزأه لعذر
وغيره، ولا دم عليه وإن كان لغير عذر.
الفصل الثالث: في الأحكام
وفيه عشرون بحثا:
2028. الأول: لو طاف الواجب وهو محدث، لم يجزئه وإن كان ساهيا، ويجب
إعادته، ولو طاف طواف التطوع وصلى، ثم ذكر أنه على غير وضوء، أعاد الصلاة
خاصة، ولو كان واجبا أعادهما معا.
ولو طاف في ثوب نجس عامدا، أعاد في الفرض، ولو علم في أثناء
الطواف، أزاله وتمم الطواف، ولو لم يعلم حتى فرغ أجزأه.
2029. الثاني: لو أحدث في طواف الفريضة، فإن تجاوز النصف تطهر وتمم
ما بقي، وإلا أعاد من أوله، وإن شك في الطهارة، فإن كان في أثناء الطواف تطهر
واستأنف، وإن كان بعده، لم يستأنف.
2030. الثالث: لو طاف ستة وانصرف، فليضف إليها شوطا آخر، ولا شئ
عليه، وإن لم يذكر حتى رجع إلى أهله، أمر أن يطوف عنه ولا دم.

1. في «ب»: القبلة.
586

ولو ذكر وهو في السعي أنه طاف أقل من سبعة، قطعه وتمم الطواف، ثم
تمم السعي.
2031. الرابع: لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره
في الفريضة، فإن كان قد جاوز النصف، بنى، وإلا أعاده، وإن كان نفلا بنى مطلقا.
ولو دخل عليه وقت فريضة، وهو يطوف، قطع الطواف، وابتدأ بالفريضة،
ثم عاد فتمم طوافه من حيث قطع، وهل يبني من حيث قطع أو من الحجر؟ فيه
إشكال، الأحوط الثاني، والخبر (1) يدل على الأول.
ولو خشي فوات الوتر، قطع الطواف وأوتر ثم بنى على ما مضى
من طوافه.
2032. الخامس: لو حاضت المرأة أو نفست وقد طافت أربعا، قطعت الطواف
وسعت، فإذا فرغت من المناسك، أتمت الطواف بعد طهرها.
ولو كان دون ذلك، بطل الطواف، وانتظرت عرفة، فإن طهرت وتمكنت
من أفعال العمرة والخروج إلى الموقف، فعلت، وإلا صارت حجتها مفردة.
2033. السادس: الطواف ركن من تركه عمدا بطل حجه، ولو كان ناسيا، قضاه
ولو بعد المناسك، فإن تعذر العود، استناب فيه.
2034. السابع: من شك في عدد الطواف، فإن كان بعد فراغه، لم يلتفت إليه،
وإن كان في أثنائه، فإن كان الشك في الزيادة، كأن يشك هل طاف سبعة أو
ثمانية، قطعه، ولا شئ عليه، وإن كان في النقصان، مثل أن يشك بين الستة

1. لاحظ الوسائل: 9 / 451، الباب 43 من أبواب الطواف، الحديث 1 و 2.
587

والسبعة، أو الستة والأقل، فإن كان طواف الفريضة، أعاده من أوله، وإن كان نفلا،
بنى على الأقل استحبابا، ويجوز البناء على الأكثر، ويجوز له التعويل على غيره
في تعداد الطواف، فلو شكا أعاد إن كان في النقصان، وإلا فلا.
2035. الثامن: لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة، فلو زاد
عمدا بطل طوافه، وإن كان سهوا، استحب أن يتمم أربعة عشر شوطا، ثم يصلي
ركعتي طواف الفريضة، ويسعى، ويعود إلى المقام، فيصلي ركعتي النفل.
2036. التاسع: يجوز القران بين الطوافين في النفل، وهل هو محرم في
الفريضة؟ فيه إشكال، قال ابن إدريس: إنه مكروه شديد الكراهة (1).
والأفضل في كل طواف صلاة، والقران مكروه في النافلة أيضا، وعلى
الإشكال في الفريضة.
وإذا قرن بين طوافين، يستحب الانصراف على وتر، مثل أن ينصرف على
ثلاثة أسابيع، ولا ينصرف على أسبوعين.
2037. العاشر: لو ذكر في الشوط الثاني قبل أن يبلغ الركن أنه قد طاف سبعا،
فليقطع الطواف، ولا شئ عليه، وإن لم يذكر حتى يجوزه، تمم أربعة عشر
شوطا استحبابا.
ولو شك هل طاف ستة أو سبعة أو ثمانية؟ أعاد في الفريضة.
2038. الحادي عشر: لو طاف أقل من سبعة ناسيا، ثم ذكر، عاد فتمم طوافه إن
كان قد طاف أربعة أشواط، وإن كان دونها أعاد من أوله، ولو لم يذكر حتى رجع

1. السرائر: 1 / 572.
588

إلى أهله، أمر من يطوف عنه الباقي أو الجميع.
2039. الثاني عشر: لو طاف واجبا، وهو محدث، عامدا أو ناسيا، لم
يصح طوافه.
ولو كان على جسده نجاسة عامدا، أعاد، ولو كان ناسيا، وذكر في الأثناء،
أزال النجاسة، أو نزعه، وتمم طوافه، وإن لم يذكر حتى فرغ منه، نزع الثوب أو
غسله، وصلى الركعتين.
2040. الثالث عشر: لو تحلل من إحرام العمرة، ثم أحرم بالحج، وطاف،
وسعى له، ثم ذكر أنه طاف محدثا أحد الطوافين، ولم يعلم أيهما هو، أعاد
الطوافين معا.
2041. الرابع عشر: المريض لا يسقط عنه الطواف، فإن كان يستمسك، طيف
به، وإلا انتظر به يوم أو يومان، فإن برأ، طاف بنفسه، وإلا طيف عنه مع ضيق
الوقت، وكذا الكبير.
ولو طاف بعض الأشواط، فاعتل بما لا يستمسك معه الطهارة، انتظر به
يوم أو يومان، فإن برأ، أتم طوافه إن كان قد تجاوز النصف، وإلا أعاده، وإن لم
يبرأ طيف عنه.
2042. الخامس عشر: يجوز الكلام بالمباح وإن كان شعرا في أثناء الطواف
إجماعا، ويستحب الدعاء فيه بما تقدم، وكذا قراءة القرآن، ويجب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيه لو اتفق، ويجوز له الشرب في
الطواف، ولا يكره أن يقال: شوط أو شوطان، قال الشيخ: نعم يستحب ان
589

يقال: طواف وطوافان (1).
2043. السادس عشر: لو حمل محرم محرما فطاف به، ونوى كل منهما
الطواف عن نفسه، أجزأ عنهما.
2044. السابع عشر: قال الشيخ: لا يجوز أن يطوف وعليه برطلة (2) وأطلق (3)،
وقال ابن إدريس: إنه مكروه في طواف الحج، حرام في طواف العمرة، نظرا إلى
تغطية الرأس (4).
2045. الثامن عشر: من نذر أن يطوف على أربع، قال الشيخ: يجب عليه
طوافان: أسبوع ليديه، وأسبوع لرجليه (5) وقال ابن إدريس: لا ينعقد نذره (6).
والشيخ ذكر روايتين في حق المرأة، لا يحضرني الآن حال سندهما (7).
2046. التاسع عشر: طواف الحج ركن فيه بالإجماع، كما أن طواف العمرة
ركن فيها، فلو أخل به عامدا، بطل حجه، وإن أخل به ناسيا، وجب عليه أن يعود
ويقضيه، فإن لم يتمكن استناب فيه، ولا يجزئ طواف الوداع عنه.
ولو تركه جاهلا، قال الشيخ: يجب عليه إعادة الحج وبدنة (8) وتوقف ابن

1. الخلاف: 2 / 322، المسألة 128 من كتاب الحج.
2. البرطلة: قلنسوة. لسان العرب.
3. المبسوط: 1 / 359، والنهاية: 242.
4. السرائر: 1 / 576.
5. النهاية: 242، والمبسوط: 1 / 360.
6. السرائر: 1 / 576.
7. الوسائل: 9 / 478، الباب 70 من أبواب الطواف، الحديث 1 و 2.
8. التهذيب: 5 / 127 في ذيل الحديث 418.
590

إدريس في إيجاب البدنة (1)، والشيخ عول على الرواية الصحيحة عن علي بن
جعفر عن أخيه (عليه السلام) (2) والتعويل على الرواية.
2047. العشرون: من نسي طواف النساء، لم تحل له النساء حتى يزور البيت،
ويأتي به، ويجوز له أن يستنيب فيه.

1. السرائر: 1 / 574.
2. الوسائل: 9 / 466، الباب 56 من أبواب الطواف، الحديث 1، لكنه عن علي بن يقطين عن
موسى بن جعفر (عليه السلام).
591

المقصد الرابع: في السعي
وفيه ثلاثة عشر بحثا:
2048. الأول: للسعي مقدمات عشر كلها مندوبة: الطهارة وليست شرطا،
واستلام الحجر بعد فراغه من الطواف قبل السعي، والشرب من ماء زمزم، وصبه
على الجسد من الدلو المقابل للحجر، والخروج إلى الصفا من الباب المقابل
للحجر، والصعود على الصفا، ويطيل الوقوف عليها، ويحمد الله، ويثني عليه،
ويدعو، ويذكر من آلاء الله وبلائه، وحسن ما صنع به، ما قدر عليه، ولو لم
يتمكن من الإطالة دعا بما تيسر.
2049. الثاني: النية واجبة في السعي، وشرط فيه، فيبطل لو أخل بها عمدا أو
سهوا، ويجب فيها تعيين الفعل والتقرب والوجوب أو الندب.
2050. الثالث: يجب فيه الترتيب، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، فلو بدأ بالمروة
أعاد، ويسعى بينهما سبعة أشواط، يحسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطا
وعوده من المروة إلى الصفا آخر، هكذا سبع مرات.
ويجب السعي بين الصفا والمروة في المسافة التي بينهما، ولا يجوز
593

الإخلال بشئ منها ولو بذراع، ولا يحل له النساء حتى يكمله، ولا يجب عليه
الصعود على الصفا ولا المروة.
2051. الرابع: يستحب أن يسعى ماشيا، ولو سعى راكبا جاز، ويستحب له
المشي في طرفي السعي، والرمل وسطه ما بين المنارة وزقاق العطارين، وهو
من جملة وادي محسر، والراكب يحرك دابته.
ولو نسي الرمل حتى يجوز موضعه، ثم ذكر، فليرجع القهقرى إلى المكان
الذي يرمل فيه، ولو تركه عامدا لم يكن عليه شئ.
ويستحب الدعاء حال السعي بالمنقول.
2052. الخامس: السعي واجب وركن من أركان الحج والعمرة، يبطلان
بالإخلال به عمدا، ولو تركه ناسيا، أعاده، ولا شئ عليه، ولو خرج من مكة عاد
له، وإن لم يتمكن أمر من يسعى عنه.
2053. السادس: لو بدأ بالمروة وسعى سبعا، أعاد السعي من أوله سبعا، ولا
يكفي سقوط الأول والبناء على أنه بدأ بالصفا وان أضاف شوطا آخر.
ولو تيقن عدد الأشواط وشك فيما به بدأ، فإن كان في المزدوج على
الصفا، فقد صح سعيه، وإن كان في المروة أعاد، ولو انعكس الفرض انعكس
الحكم.
2054. السابع: يجب أن يسعى سبعة أشواط، يلصق عقبه بالصفا، وإن لم
يصعد عليه، ويبدأ به، ويمشي إلى المروة، ويلصق أصابعه بها، ثم يبتدئ منها
يلصق عقبه بها، ويرجع إلى الصفا، ويلصق أصابعه به، وهكذا سبعا.
594

فلو نقص ولو خطوة، وجب الإتيان بها، ولا يحل له ما يحرم عليه مع
الإخلال بها.
ولو أخل بشوط أو ما زاد، وجب عليه الإتيان به، فإن رجع إلى بلده، وجب
عليه العود مع المكنة وإتمام السعي.
ولو لم يذكر حتى واقع أهله، أو قصر، أو قلم أظفاره، كان عليه دم بقرة
وإتمام السعي، ولو لم يحصل العدد أعاد.
2055. الثامن: لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط، فإن فعله عامدا، أعاد
السعي، وإن كان ساهيا، طرح الزيادة واعتد بالسبعة، وإن شاء أكمل أربعة
عشر شوطا.
2056. التاسع: يجوز أن يجلس في أثناء السعي للاستراحة، ولو دخل وقت
صلاة وهو في السعي، قطعه وصلى، ثم تمم سعيه.
ويجوز قطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه، ثم يعود فيتم ما
قطع عليه.
2057. العاشر: من طاف بالبيت، جاز له تأخير السعي إلى بعد ساعة أو
العشي (1) ولا يجوز إلى غد يومه.
2058. الحادي عشر: لا يجوز تقديم السعي على الطواف، فإن قدمه لم يجز،
ولو طاف بعض الطواف، ثم مضى إلى السعي ناسيا، ثم ذكر في أثناء السعي
نقصان الطواف، رجع فأتم طوافه، ثم عاد فتمم سعيه.

1. في «أ»: أو العشاء.
595

2059. الثاني عشر: لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي، فإن فعله
عامدا، أعاد طواف النساء بعد السعي، فإن كان ناسيا، لم يكن عليه شئ.
2060. الثالث عشر: لا يجوز للمتمتع أن يقدم طواف الحج وسعيه على
المضي إلى عرفات اختيارا، ويجوز للضرورة، كالشيخ الكبير والمريض والمرأة
إذا خافت الحيض.
وكذا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين مع العذر، ولا
يجوز اختيارا.
أما القارن والمفرد فقال الشيخ (رضي الله عنه): يجوز تقديم طوافهما وسعيهما على
المضي إلى عرفات لضرورة وغير ضرورة (1)، وأنكر ابن إدريس ذلك (2).

1. المبسوط: 1 / 359، والنهاية: 241.
2. السرائر: 1 / 575.
596

المقصد الخامس: في التقصير
وفيه تسعة مباحث:
2061. الأول: إذا فرغ المتمتع من سعي العمرة، قصر من شعره، وقد أحل من
كل شئ أحرم منه.
والتقصير واجب في العمرة، فلا يقع الإحلال منها إلا به، ويثاب عليه، ولا
يستحب تأخيره، ولو أخره لم تتعلق به كفارة.
2062. الثاني: لو أخل بالتقصير عامدا حتى أهل بالحج، بطلت عمرته،
وصارت حجته مفردة، ولا يدخل أفعال الحج في أفعال العمرة.
ولو أخل ناسيا، صحت متعته، وكان عليه دم، وجوبا عند الشيخ (1)،
واستحبابا عند ابن بابويه (2).
2063. الثالث: لو جامع امرأته قبل التقصير عامدا، وجب عليه جزور إن كان
موسرا، وإن كان متوسطا فبقرة، وإن كان معسرا فشاة، ولا يبطل عمرته.

1. النهاية: 246، والتهذيب: 5 / 158 في ذيل الحديث 526.
2. الفقيه: 2 / 237 في ذيل الحديث 1129.
597

والمرأة إن طاوعته، وجب عليها مثل ذلك، وإن أكرهها، تحمل
عنها الكفارة.
ولو كان جاهلا لم يكن عليه شئ.
ولو قبل امرأته قبل التقصير، وجب عليه دم شاة.
2064. الرابع: التقصير في إحرام العمرة المتمتع بها أفضل من الحلق; قاله في
الخلاف (1) ومنع في غيره من الحلق، وأوجب به دم شاة مع العمد (2)، ولو كان ناسيا
أو جاهلا لم يكن عليه شئ.
2065. الخامس: أدنى التقصير أن يقص شيئا من شعر رأسه ولو كان يسيرا،
وأقله ثلاث شعرات، ولا يتقدر بالربع، ولا يجب أن يقصر من جميع رأسه.
ولو حلق في إحرام العمرة أجزأه، وفي التحريم خلاف تقدم، ولو حلق
بعض رأسه، فالأقرب عدم التحريم على القولين، ولا دم.
2066. السادس: لو قص الشعر بأي شئ كان أجزأه، وكذا لو نتفه وأزاله
بالنورة.
ولو قصر من الشعر النازل عن حد الرأس أو ما يحاذيه، أجزأه.
وكذا لو قصر من أظفاره، أو أخذ من شاربه، أو حاجبه، أو لحيته.
2067. السابع: ينبغي للمتمتع أن يتشبه بالمحرمين بعد التقصير في ترك لبس
المخيط، وليس بواجب.
2068. الثامن: يكره للمتمتع أن يخرج من مكة بعد عمرته قبل أن يقضي

1. الخلاف: 2 / 330، المسألة 144 من كتاب الحج.
2. المبسوط: 1 / 363، والنهاية: 246.
598

مناسكه أجمع، إلا لضرورة، فإن اضطر إلى الخروج، خرج إلى حيث لا يفوته
الحج، ويخرج محرما بالحج، فإن أمكنه الرجوع إلى مكة، وإلا مضى إلى
عرفات بإحرامه.
ولو خرج بغير إحرام ثم عاد، فإن كان في الشهر الذي خرج فيه، لم يضره
أن يدخل مكة بغير إحرام، وإن دخل في غير الشهر الذي خرج فيه، دخلها
محرما بالعمرة إلى الحج، وتكون عمرته الأخيرة هي التي يتمتع بها إلى الحج.
ولو خرج من مكة بغير إحرام، ثم عاد في الشهر الذي خرج فيه، قال
الشيخ: يستحب أن يدخلها محرما بالحج، ويجوز أن يدخلها بغير إحرام (1) تعويلا
على رواية إسحاق بن عمار عن الكاظم (عليه السلام) (2) وفيه نظر، إذ قد بينا أنه لا يجوز
الإحرام بحج التمتع إلا من مكة.
2069. التاسع: يجوز للمحرم المتمتع إذا دخل مكة أن يطوف ويسعى
ويقصر، إذا علم أو غلب على ظنه تمكنه من إنشاء إحرام الحج وإدراك عرفات
والمشعر ولو كان دخوله مكة بعد الزوال يوم التروية، أو ليلة عرفة، أو يوم عرفة
قبل الزوال، أو بعده، والضابط إدراك عرفات قبل الغروب.
وقال المفيد: إذا زالت الشمس يوم التروية ولم يكن أحل من عمرته، فقد
فاته المتعة، ولم يجز له التحلل منها، بل يبقى على إحرامه، وتنقلب
حجته مفردة (3). والأول أقوى.

1. التهذيب: 5 / 164 في ذيل الحديث 548.
2. لاحظ الوسائل: 8 / 220، الباب 22 من أبواب أقسام الحج، الحديث 8.
3. حكى عنه الحلي في السرائر: 1 / 582، ولاحظ المقنعة: 431 مع اختلاف.
599

المقصد السادس: في إحرام الحج
وفيه خمسة مباحث:
2070. الأول: إذا أحل المتمتع من عمرته، أحرم بالحج واجبا، ويستحب أن
يكون يوم التروية عند الزوال بعد أن يصلي الفرضين. ويجوز أن يحرم قبل ذلك
وبعده إذا علم أنه يقدر على عرفات.
2071. الثاني: يجب أن يوقع هذا الإحرام من مكة أي موضع شاء، والأفضل
أن يكون من تحت الميزاب أو المقام.
ويستحب أن يفعل هنا كما فعل في إحرام العمرة من الإطلاء والاغتسال
والتنظيف بإزالة الشعر وتقليم الأظفار والدعاء والاشتراط وغير ذلك، ثم يلبس
ثوبي إحرامه، ويدخل المسجد حافيا بسكينة ووقار، ويصلي ركعتين له عند
المقام أو في الحجر، وإن صلى ست ركعات كان أفضل، وإن صلى الظهر وأحرم
عقيبها، كان أفضل.
فإذا صلى أحرم بالحج مفردا، ويدعو بالمأثور، غير أنه يذكر الحج مفردا،
ويلبي إن كان ماشيا من موضعه الذي صلى فيه، وإن كان راكبا فإذا نهض به
601

بعيره، فإذا انتهى إلى الردم وأشرف على الأبطح، رفع صوته بالتلبية، حتى
يأتي منى.
2072. الثالث: الواجب في إحرام الحج ثلاثة: النية، والتلبيات الأربع، ولبس
الثوبين، كما قلنا في إحرام العمرة سواء.
2073. الرابع: لا يسن الطواف بعد إحرامه، ولو فعله لغير عذر، لم يجزئه عن
طواف الحج وكذا السعي، ولو فعله لعذر جاز.
2074. الخامس: يجب أن يحرم بالحج، لأن عمرته انقضت، فلو نسي فأحرم
بالعمرة وهو يريد الحج، لم يكن عليه شئ، ولو نسي الإحرام بالحج يوم
التروية حتى حصل بعرفات ولم يمكنه الرجوع، أحرم من هناك. فإن لم يذكر
حتى يرجع إلى بلده، قال الشيخ: تم حجه ولا شئ عليه (1).

1. التهذيب: 5 / 174 في ذيل الحديث 585.
602

المقصد السابع: في الوقوف بعرفات
وفيه ثمانية عشر بحثا:
2075. الأول: يستحب لمن أراد الخروج إلى منى أن لا يخرج من مكة حتى
يصلي الظهر يوم التروية بها ثم يخرج إلى منى إلا الإمام، فإنه يستحب له أن
يصلي الظهر والعصر بمنى ويقيم إلى طلوع الشمس.
ويجوز للشيخ الكبير والمريض والمرأة وخائف الزحام الخروج من مكة
قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة.
2076. الثاني: إذا أحرم بالحج خرج إلى منى كما بيناه، ويستحب له أن يدعو
عند التوجه بالمأثور، ويدعو إذا نزل إلى منى، ثم يبيت بها مستحبا ليلة عرفة إلى
طلوع الفجر، ويكره الخروج قبله إلا لعذر كالمرض والخوف والمشي، ويصلي
الفجر في الطريق، والأفضل أن يقيم حتى تطلع الشمس، ولو خرج قبل طلوعها
جاز لكن لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس.
والإمام لا يخرج من منى حتى تطلع الشمس.
2077. الثالث: لو صادف يوم التروية الجمعة، فمن أقام بمكة حتى تزول
603

الشمس ممن يجب عليه الجمعة، لم يجز له الخروج حتى يصلي الجمعة،
ويجوز الخروج قبل الزوال.
2078. الرابع: يستحب للإمام أن يخطب أربعة أيام من ذي الحجة: يوم
السابع منه ويوم عرفة، ويوم النحر بمنى، ويوم النفر الأول، يعلم الناس ما يجب
عليهم فعله من المناسك.
2079. الخامس: الخطبة بعرفة يوم عرفة قبل الأذان.
2080. السادس: المبيت ليلة عرفة بمنى للاستراحة ليس بنسك، ولا يجب
بتركه شئ.
2081. السابع: يستحب له أن يدعو عند الخروج إلى عرفات بالمأثور، فإذا
انتهى إلى عرفات، ضرب خباءه بنمرة، وهي بطن عرنة دون الموقف
ودون عرفة.
فإذا زالت الشمس يوم عرفة، اغتسل وصلى الظهر والعصر بأذان واحد
وإقامتين، ويقف للدعاء.
وحد منى من العقبة إلى وادي محسر.
2082. الثامن: يجب في الوقوف بعرفات النية، والواجب نية الوجوب
والتقرب إلى الله.
ويجب الكون بعرفة إلى غروب الشمس من يوم عرفة، وكيف ما حصل
بعرفة أجزأه، قائما وجالسا، وراكبا، ونائما، إذا كان قد سبق منه النية في وقتها.
604

2083. التاسع: الوقوف قائما أفضل منه راكبا.
2084. العاشر: لو مر بعرفة مجتازا، وهو لا يعلم أنه بعرفة، فالوجه عدم
الاجتزاء، ولو دخلها نائما، واستمر النوم إلى بعد الفوات، ففي الإجزاء نظر، أقربه
عدم الإجزاء خلافا للشيخ (1).
والمغمى عليه والمجنون إذا لم يفق حتى خرج منها لم يجزئه الوقوف،
والسكران إذا زال عقله، لم يصح وقوفه، وإلا جاز.
2085. الحادي عشر: لا يشترط فيه الطهارة، ولا ستر العورة، ولا استقبال القبلة
بالإجماع لكن الطهارة أفضل.
2086. الثاني عشر: يستحب أن يضرب خباءه بنمرة وهي بطن عرنة، فإذا أذن
المؤذن، قام الإمام فصلى بالناس الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين، والمأموم
يجمع كالإمام، وكذا المنفرد والمكي، ويتم من كان منزله دون المسافة وإن قصر
إمامه.
ويستحب تعجيل الصلاة حين تزول الشمس، وأن يقصر الخطبة ويقف
في أول وقته.
ويستحب له الاغتسال، للوقوف، ويقطع التلبية عند زوال الشمس من يوم
عرفة، فإذا جاء إلى الموقف بسكينة ووقار، حمد الله وأثنى عليه، وكبره، وهلله،
ودعا، واجتهد في الإكثار من الدعاء لإخوانه المؤمنين، ويؤثرهم على نفسه،
ويستحب أن يدعو بدعاء الموقف لزين العابدين (عليه السلام) 2.

1. المبسوط: 1 / 384.
2. انظر مصباح المتهجد للشيخ.
605

2087. الثالث عشر: الوقوف بعرفة ركن. من تركه عمدا بطل حجه بالإجماع.
ولو تركه ناسيا أو لعذر تداركه. فإن لم يمكنه ولحق الوقوف بالمشعر في وقته
فقد أدرك الحج، وإلا فقد فاته.
2088. الرابع عشر: للوقوف بعرفة وقتان: اختياري، وأوله زوال الشمس من
يوم عرفة، وآخره غروبها، واضطراري إلى طلوع الفجر من يوم النحر.
فلو لم يتمكن من عرفات نهارا، وتمكن من الوقوف بها ليلا، وجب،
وأجزأه إذا أدرك المشعر قبل طلوع الشمس.
ولو فاته الوقوف نهارا، وخاف إن مضى إليها ليلا فوات المشعر، يسقط
الوقوف بعرفة، وأجزأه المشعر.
2089. الخامس عشر: لا يجوز أن يخرج من عرفة قبل غروب الشمس، فإن
فعله عامدا. صح حجه، ووجب عليه بدنة، فإن لم يتمكن، صام ثمانية عشر يوما.
ولو كان ناسيا، لم يكن عليه شئ، وكذا لو عاد قبل غروب الشمس
فوقف حتى غربت، ولو كان عوده بعد الغروب لم يسقط الدم.
ولو لم يأت عرفات نهارا لعذر، وحضر بعد غروب الشمس، ووقف بها،
صح حجه ولا شئ عليه، ويجوز له أن يخرج منها أي وقت شاء من الليل.
2090. السادس عشر: لو غم الهلال ليلة الثلاثين من ذي القعدة، فوقف الناس
يوم التاسع من ذي الحجة، ثم قامت البينة أنه يوم العاشر، ففي الإجزاء نظر، وكذا
لو غلطوا في العدد فوقفوا يوم التروية.
ولو شهد واحد أو اثنان برؤية هلال ذي الحجة، ورد الحاكم
606

شهادتهما، وقفوا يوم التاسع على وفق رؤيتهم وإن وقف الناس يوم العاشر عندهما.
2091. السابع عشر: عرفة كلها موقف يصح الوقوف في أي حد شاء
منها بالإجماع.
وحد عرفة من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز، فلا يجوز الوقوف
في هذه الحدود ولا تحت الأراك، فلو وقف بها بطل حجه.
وينبغي أن يقف على السفح على ميسرة الجبل، ولا يرتفع إلى الجبل إلا
عند الضرورة إلى ذلك.
2092. الثامن عشر: يجوز النزول تحت الأراك إلى أن تزول الشمس، ثم
يمضي إلى الموقف.
ويستحب له إن وجد خللا أن يسده بنفسه ورحله، وأن يقرب من الجبل،
وأن يصلي مائة ركعة بالتوحيد ويختمها بآية الكرسي، واجتماع الناس في
الأمصار للتعريف يوم عرفة.
607

المقصد الثامن: في الوقوف بالمشعر
وفيه عشرة مباحث:
2093. الأول: إذا غربت الشمس في عرفات، فليفض منها قبل الصلاة إلى
المشعر داعيا بالمنقول، مقتصدا في سيره، وعليه السكينة والوقار، ويكثر من
الاستغفار ومن ذكر الله تعالى، ولا ينبغي أن يلبي في سيره.
ويستحب أن يمضي على طريق المأزمين، وأن يصلي المغرب والعشاء
بالمزدلفة، وإن ذهب ربع الليل أو ثلثه، ويجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، ولا
يصلي بينهما شيئا من النوافل، بل يؤخر نوافل المغرب إلى بعد العشاء، ولا
يفصل بين الصلاتين، ولو فعل لم يأثم.
ولو لم يجمع بينهما، بل صلى كل واحدة منهما في أول وقتها، أجزأه، ولو
فاته الجمع مع الإمام، جمع هو.
ولو منعه عائق في الطريق وخشي ذهاب أكثر الليل، صلى في الطريق.
2094. الثاني: إذا وصل إلى جمع (1) بات بها، ذاكرا الله تعالى داعيا (2) متضرعا

1. جمع - بالفتح فالسكون -: المشعر الحرام، قيل سمي به، لأن الناس يجتمعون فيه ويزدلفون
إلى الله تعالى، أي يتقربون إليه بالعبادة والخير والطاعة. مجمع البحرين.
2. في «أ»: ذاكرا لله تعالى ثم داعيا.
609

مبتهلا، والمبيت بها ليس بركن، وإن كان الوقوف ركنا.
2095. الثالث: يجب فيه النية، والواجب نية الوجوب، والتقرب إلى
الله تعالى.
2096. الرابع: يجب الوقوف بعد طلوع الفجر الثاني، ويستحب أن يقف بعد
أن يصلي الفجر، ولو وقف قبل الصلاة جاز، إذا كان الفجر طالعا.
ويدعو بالمنقول، ويحمد الله، ويثني عليه، ويذكر من آلائه وبلائه وحسن
ما صنع به، ما قدر عليه. ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويدعو، ثم يقف إلى أن يشرق
ثبير (1) وترى الإبل مواضع أخفافها.
ويستحب فيه الطهارة، ولو وقف على غير طهر، أو كان جنبا أجزأه، وأن
يطأ الصرورة المشعر برجله أو ببعيره.
قال الشيخ: وبالمشعر الحرام جبل هنا يسمى قزح، يستحب الصعود عليه
وذكر الله تعالى عنده (2).
2097. الخامس: الوقوف بالمشعر ركن، من تركه عمدا بطل حجه، ويجب
بعد طلوع الفجر الثاني، ولا يجوز الإفاضة قبل طلوعه اختيارا، فلو أفاض قبل
طلوعه عامدا بعد أن يكون قد وقف ليلا، وجب عليه دم شاة، وصح حجه.
وقال ابن إدريس: بطل حجه (3).
ولو كان ناسيا لم يكن عليه شئ.

1. ثبير - كأمير - جبل بمكة، كأنه من الثبرة، وهي الأرض السهلة. مجمع البحرين.
2. المبسوط: 1 / 368.
3. السرائر: 1 / 589.
610

ويجوز للخائف والمرأة وغيرهما من ذوي الأعذار الإفاضة قبل طلوع
الفجر، ويستحب لغير الإمام الإفاضة من المزدلفة قبل طلوع الشمس بقليل بعد
الإسفار، وللإمام بعد طلوعها.
ولو دفع غير الإمام قبل الإسفار بعد الفجر، أو بعد طلوع الشمس، لم
يكن مأثوما.
2098. السادس: جمع كلها موقف، وحده ما بين مأزمي (1) عرفة إلى الحياض
إلى وادي محسر، يجوز الوقوف في أي موضع شاء منه، ولو ضاق عليه الموقف
جاز له أن يرتفع إلى الجبل.
2099. السابع: وقت الوقوف بالمشعر بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
حال الاختيار، ويمتد وقت الضرورة إلى الزوال من يوم النحر، فيجب الإتيان به،
ويجزئ مع إدراك عرفات اختيارا، وكذا لو أدرك عرفات اضطرارا
والمشعر اختيارا.
أما لو أدرك الاضطراريين ففي إدراك الحج إشكال، ولو أدرك أحد
الإضطراريين خاصة، فاته الحج، ويلوح من كلام السيد (رحمه الله) أنه إن كان عرفة فاته
الحج، وإن كان المشعر صح (2)، وعليه دلت رواية عبد الله بن المغيرة الصحيحة
عن الصادق (عليه السلام) (3).
ولو أدرك أحد الاختياريين، وفاته الآخر اختيارا واضطرارا، فإن كان

1. المأزم: الطريق الضيق، ويقال للموضع الذي بين عرفة والمشعر: مأزمان. مجمع البحرين.
2. الانتصار: 90.
3. الوسائل: 10 / 58، الباب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 6 و 11.
611

الفائت هو عرفة، صح الحج، وإن كان هو المشعر ففي إدراك الحج إشكال.
ولا فرق في فوات الحج بترك الوقوف بالمشعر بين العامد والجاهل.
2100. الثامن: قال الشيخ (رضي الله عنه): من ترك الوقوف بالمشعر عمدا، وجبت عليه
بدنة (1). والحق بطلان الحج.
ولو ترك الموقفين معا، بطل حجه، سواء كان عامدا أو ناسيا أو جاهلا.
ولو نسي الوقوف بعرفة، رجع فوقف بها ولو إلى طلوع الفجر إذا علم أنه
يدرك المشعر قبل طلوع الشمس، ولو غلب على ظنه الفوات، اقتصر على
المشعر قبل طلوع الشمس، وقد تم حجه، وكذا لو نسي الوقوف بعرفات ولم
يذكر بعد الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس.
ولو نسي الوقوف بالمشعر، فإن كان قد وقف بعرفة، صح حجه، وإلا بطل.
2101. التاسع: يستحب أخذ حصى الجمار من المزدلفة، وهو سبعون
حصاة. ويجوز أخذه من الطريق في الحرم، ومن جميع مواضع الحرم عدا
المسجد الحرام ومسجد الخيف، ومن حصى الجمار.
ومنع بعض علمائنا من أخذه من المساجد كلها (2) وهو حسن، ولو أخذ
الحصى من غير الحرم لم يجزئه.
2102. العاشر: يستحب له الإفاضة من المشعر بعد إسفار الصبح قبل طلوع
الشمس، وعليه السكينة والوقار، ذاكرا لله تعالى مستغفرا داعيا.

1. التهذيب: 5 / 294 في ذيل الحديث 995.
2. المحقق في الشرائع: 1 / 257.
612

فإذا بلغ وادي محسر - وهو وادي عظيم بين جمع ومنى، وهو إلى منى
أقرب - أسرع في مشيه إن كان ماشيا، وإن كان راكبا حرك دابته، ولو نسي الهرولة
استحب له أن يرجع، ويهرول فيه، ويدعو حالة السعي في وادي محسر.
وروي ابن بابويه استحباب الهرولة فيه مائة خطوة (1).
وفي رواية أخرى مائة ذراع (2).
وإذا أفاض قبل طلوع الشمس من المشعر، فلا يجوز وادي محسر حتى
تطلع الشمس، وروي كراهة الإقامة بالمشعر بعد الإفاضة (3).

1. الوسائل: 10 / 46، الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 3.
2. الوسائل: 10 / 46، الباب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 4.
3. الوسائل: 10 / 46، الباب 12 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحديث 1.
613

المقصد التاسع: في نزول منى وقضاء المناسك بها
وفيه فصول
[الفصل] الأول: في الرمي
وفيه خمسة عشر بحثا:
2103. الأول: إذا أفاض من المزدلفة فليأت إلى منى على سكينة ووقار، داعيا
بالمنقول، ويقضي مناسكه بمنى يوم النحر، وهي ثلاثة: الأول: رمي جمرة
العقبة، الثاني: الذبح، الثالث: الحلق، وترتيب هذه المناسك واجب.
2104. الثاني: إذا نزل استحب له المسارعة برمي جمرة العقبة حال وصوله،
وهي آخر الجمرات مما يلي منى، وأولها مما يلي مكة عند العقبة، ورمي هذه
الجمرة يوم النحر واجب.
2105. الثالث: يجب الرمي بالحجارة ولا يجوز بغيرها، وإن كان من جنس
الأرض كالكحل والزرنيخ والمدر.
2106. الرابع: لا يجوز الرمي إلا بالحصى; قاله أكثر علمائنا.
615

وقال في الخلاف: لا يجوز إلا بالحجر وما كان من جنسه من البرام (1)
والجوهر وأنواع الحجارة، ولا يجوز بغيره كالمدر، والآجر، والكحل، والزرنيخ،
والملح، والذهب، والفضة (2).
والوجه الأول، لرواية زرارة الحسنة عن الصادق (عليه السلام) (3).
2107. الخامس: يجب أن يكون الحصى أبكارا، فلو رمى بحصاة رمى بها هو
أو غيره، لم يجزئه وإن كانت واحدة.
ولو رمى بحصاة نجسة، ففي الإجزاء نظر. ولو رمى بخاتم، «فصه» مما
يجوز الرمي به، فالأقرب الإجزاء.
2108. السادس: يجب كون الحصى من الحرم، فلا يجزئه لو أخذه من غيره.
2109. السابع: يستحب أن تكون برشا (4) كحلية ملتقطة منقطة غير مكسرة
رخوة، وتكون صغارا قدر الأنملة، فلو رمى بأكبر من هذا القدر (5) أجزأه.
2110. الثامن: يكره أن تكون صماء، أو سوداء، أو حمراء، أو بيضاء،
أو مكسرة.
2111. التاسع: يجب في الرمي النية بأن يقصد فيها الوجوب والقربة إلى الله
تعالى، والعدد وهو سبع حصيات في يوم النحر لرمي جمرة العقبة، فلو أخل

1. قال ابن الأثير: البرمة: القدر مطلق، وجمعها برام، وهي في الأصل المتخذة من الحجر
المعروف بالحجاز واليمن. النهاية مادة (برم).
2. الخلاف: 2 / 342، المسألة 163 من كتاب الحج.
3. الوسائل: 10 / 71، الباب 4 من أبواب رمي جمرة العقبة، الحديث 1.
4. البرش والبرشة: لون مختلف، نقطة حمراء وأخرى سوداء أو غبراء أو نحو ذلك. لسان العرب.
5. في «أ»: بأكثر من هذا المقدار.
616

بواحدة، وجب عليه الإكمال، وإيصال كل حصاة إلى الجمرة بما يسمى رميا
بفعله، فلو وضعها بكفه في الرمي لم يجزئه.
ولو طرحها طرحا، ففي الإجزاء نظر، ينشأ من صدق الرمي عليه وعدمه،
ولا يجزئه الرمي إلا أن يقع الحصى في المرمى، فلو وقع دونه لم يجزئه.
2112. العاشر: يجب إصابة الجمرة بفعله، فلو رمى بحصاة فوقعت على
الأرض ثم مرت على سمتها، أو أصابت شيئا صلبا كالمحمل وشبهه، ثم وقعت
في المرمى بعد ذلك أجزأه.
ولو وقعت على ثوب إنسان فنفضها أو على عنق بعير فنفضها فوقعت في
المرمى لم يجزئه، وكذا لو وقعت على الثوب أو العنق فيحرك فوقعت
في المرمى.
فلو رماها نحو المرمى ولم يعلم هل حصلت في المرمى أم لا، فالوجه
عدم الإجزاء، ولو رمى حصاة فوقعت على أخرى، فطفرت الثانية (1) فوقعت في
المرمى لم يجزئه، وكذا لو رمى إلى غير المرمى فوقع في المرمى.
ولو وقعت على مكان أعلى من الجمرة فتدحرجت فوقعت في المرمى،
فالأقرب الإجزاء.
ولو رمى بحصاة فالتقمها طائر قبل وصولها، لم يجزئه، سواء رماها الطائر
في المرمى أو لا، ولو أصابت الحصاة إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار
أجزأه، وكذا لو أعاد الرمي بحصاة، وقلنا إنه لم يجزئه الرمي بها أجزأه.

1. في «ب»: قطعت الثانية.
617

2113. الحادي عشر: يرمي كل حصاة بانفرادها، فلو رمى الحصيات (1) دفعة لم
يجزئه، ولو رمى أكثر من واحدة، فرمية واحدة ولو اختلفا في الوقوع بأن تلاصقا
فيه، ولو اتبع الحجر الحجر، فرميتان وإن تساويا في الوقوع.
2114. الثاني عشر: يرمي جمرة العقبة من بطن الوادي من قبل وجهها لا من
أعلاها استحبابا، وينبغي أن يرميها مستقبلا لها مستدبرا للكعبة، بخلاف غيرها
من الجمار.
وكل أفعال الحج 2 يستحب فيها استقبال الكعبة، من الوقوف بالموقفين
ورمي الجمار إلا جمرة العقبة، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رماها مستقبلها
مستدبرا للكعبة.
2115. الثالث عشر: يستحب أن يرميها خذفا بأن يضع كل حصاة على بطن
إبهامه ويدفعها بظفر السبابة، وأن يكون بينه وبين الجمرة قدر عشرة أذرع إلى
خمسة عشر ذراعا، وأن يكبر مع كل حصاة، ويدعو بالمنقول.
2116. الرابع عشر: يجوز الرمي للمحدث والجنب والحائض، - والطهارة
أفضل - وراكبا وراجلا - والراجل أفضل -، ويستحب أن لا يقف عند
جمرة العقبة.
2117. الخامس عشر: وقت الرمي من طلوع الشمس إلى غروبها، فإذا غربت
فات الرمي، وقضاه في الغد، ويجوز تأخير رمي جمرة العقبة إلى قبل الغروب
بمقدار أداء المناسك، ووقت الاستحباب لرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس
يوم النحر.

1. في «أ»: الحصاة.
2. في «ب»: كل من أفعال الحج.
618

ووقت الإجزاء من طلوع الفجر اختيارا، فإن رمى قبل ذلك لم يجزئه.
ويجوز للعليل والمريض وصاحب الضرورة والنساء الرمي في الليل قبل
فجر النحر.
ويستحب إذا رمى جمرة العقبة، أن يمضي ولا يقف عندها.
2118. السادس عشر: يستحب غسل حصى الجمار الثلاث، وقدره سبعون
حصاة: سبع منها لجمرة العقبة يرمي يوم النحر خاصة، ويرمي كل يوم من أيام
التشريق كل جمرة سبع حصيات، يبدأ بالأولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة،
وسيأتي تتمة الكلام في الرمي إن شاء الله تعالى.
الفصل الثاني: في الذبح
ومطالبه تسعة:
[المطلب] الأول: في من يجب عليه الهدي
وفيه تسعة مباحث:
2119. الأول: إذا فرغ من رمي جمرة العقبة، ذبح هديه أو نحره إن كان
من البدن.
والهدي واجب على المتمتع بالنص والإجماع، ولو تمتع المكي
619

وجب الهدي، خلافا للشيخ (1) وفي كلامه قوة، ولا يجب على المفرد والقارن،
ويستحب لها الأضحية.
2120. الثاني: دم التمتع نسك لا جبران، فإذا أحرم بالحج من مكة وجب الدم،
ولو أتى الميقات وأحرم منه، لم يسقط عنه الدم.
ولو أحرم المفرد بالحج ودخل مكة، جاز أن يفسخه، ويجعله عمرة
ويتمتع بها، ويجب عليه الدم.
2121. الثالث: إذا أحرم بالعمرة وأتى بأفعالها في غير أشهر الحج ثم أحرم
بالحج، لم يكن متمتعا، ولا يجب عليه الدم.
ولو أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وأتى بأفعالها في أشهر الحج من
الطواف والسعي والتقصير وحج من سنته لم يكن متمتعا، ولا يلزمه الدم.
ولو أحرم المتمتع من مكة بالحج، ومضى إلى الميقات، ثم منه إلى
عرفات، لم يسقط عنه الدم.
ولو أحرم المتمتع للحج من غير مكة، وجب الرجوع إلى مكة، والإحرام
منها، سواء أحرم من الحل أو الحرم، ولو لم يتمكن، مضى على إحرامه ولا دم
عليه لهذه المخالفة.
ولو لم ينو التمتع، لم يصح له التمتع، ولا هدي عليه، ولو أحرم المفرد
والقارن بعمرتهما من الحرم لم يصح، ولو طافا وسعيا، لم يكونا معتمرين، ولا
يلزمهما دم.

1. الخلاف: 2 / 272، المسألة 42 من كتاب الحج.
620

ولو اعتمر في أشهر الحج ولم يحج في ذلك العام، بل حج من قابل مفردا
له عن العمرة، لم يكن متمتعا، ولا دم عليه.
2122. الرابع: إنما يجب الدم على من أحل من إحرام العمرة، ولو لم يحل
منها، وأدخل إحرام الحج عليها، بطلت متعته، وسقط الدم.
2123. الخامس: الهدي يجب على من نأى عن مكة، ولا يجب على أهل مكة
وحاضريها إلا أن يتمتع على تقدير تسويغه.
ولو دخل الآفاقي متمتعا إلى مكة ناويا للإقامة بها بعد تمتعه، فعليه دم
المتعة، ولو خرج المكي بنية الإقامة بغيرها، ثم عاد متمتعا ناويا للإقامة أو غير
ناو، فعليه الهدي.
ولو ترك الآفاقي الإحرام من الميقات ولم يتمكن من الرجوع، أحرم من
دونه لعمرته، فإذا أحل، أحرم بالحج من عامه، وهو متمتع، وعليه دم المتعة، ولا
دم عليه لإحرامه من دون الميقات.
2124. السادس: المملوك إذا حج بإذن مولاه، لم يجب عليه الهدي، ويتخير
مولاه بين أمره بالصيام وبين الهدي عنه، والواجب من الصوم على المملوك
كالواجب على الحر، وكذا المعسر يصوم عشرة أيام.
ولو لم يذبح المولى عن المملوك، وجب عليه الصوم، ولا يجوز له منعه
منه، ولو لم يصم العبد حتى مضت أيام التشريق، استحب للمولى أن يهدي عنه.
ولو أدرك أحد الموقفين معتقا، أجزأه عن حجة الإسلام، ووجب عليه
الهدي مع المكنة، ولو عجز، صام، ولا يجب على المولى إجماعا.
621

2125. السابع: انما يجب الهدي على المتمكن منه أو من ثمنه إذا وجده
بالشراء. ولا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي، بل ينتقل إلى الصوم، ويعتبر
القدرة في موضعه، فلو عدمه، جاز الصوم، وإن كان قادرا في بلده.
2126. الثامن: لو تمتع الصبي، وجب على وليه أن يذبح عنه، فإن لم يجد،
فليصم عنه عشرة أيام.
2127. التاسع: النائب إذا تمتع، وجب عليه الهدي لا على المنوب.
المطلب الثاني: في كيفية الذبح
وفيه سبعة مباحث:
2128. الأول: تجب فيه النية المشتملة على جنس الفعل، وجهته، وكونه هديا،
أو كفارة، أو غيرهما، وصفته من وجوب، أو ندب، والتقرب إلى الله.
ويجوز أن يتولاها عنه الذابح.
2129. الثاني: الإبل تختص بالنحر، فلو ذبحها لم يجز، والبقر والغنم بالذبح،
فلو نحرهما لم يجز.
ويستحب أن يتولى الذبيحة بنفسه، ولو لم يحسن الذبيحة، ولاها غيره.
واستحب له أن يجعل يده مع يد الذابح، وينوي الذابح عن صاحبها.
ويستحب أن يذكره بلسانه وقت الذبيحة، ولو أخطأ فذكر غير صاحبها،
أجزأت عن صاحبها بالنية.
2130. الثالث: يستحب نحر الإبل قائمة من قبل اليمين قد ربطت يدها ما
622

بين الخف إلى الركبة، ثم تطعن في لبتها، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر،
ولو خاف أن تنفر، نحرها باركة.
2131. الرابع: يجب توجيه الذبيحة إلى القبلة، ويستحب الدعاء بالمأثور،
وتجب فيه التسمية، ولو نسيها، حل أكله.
2132. الخامس: ذبح هدي التمتع أو نحره بمنى، ومن ساق هديا في الحج،
نحره أو ذبحه بمنى، وإن كان قد ساقه في العمرة، نحره أو ذبحه بمكة قبالة
الكعبة بالموضع المعروف بالحزورة (1) وكل ما يلزم المحرم من فداء عن صيد أو
غيره، فإن كان معتمرا، ذبحه أو نحره بمكة، وإن كان حاجا فبمنى، وما وجب
نحره بالحرم، وجب تفرقة لحمه به.
2133. السادس: وقت استقرار وجوب الهدي، إذا أحرم المتمتع بالحج،
ووقت ذبحه يوم النحر.
2134. السابع: أيام النحر بمنى أربعة: أولها يوم النحر وثلاثة بعده، وفي
الأمصار ثلاثة: يوم النحر ويومان بعده، وهل الليالي المتخللة بينها يجوز فيها
النحر؟ فيه إشكال.
المطلب الثالث: في صفات الهدي
وفيه عشرة مباحث:
2135. الأول: يجب أن يكون الهدي من بهيمة الأنعام من الإبل أو البقر أو
الغنم، وأفضله من البدن ثم البقر ثم الغنم.

1. الحزورة - وزان قسورة -: موضع كان به سوق مكة بين الصفا والمروة. مجمع البحرين.
623

2136. الثاني: يجزئ في الهدي الجذع من الضأن والثني من غيره.
وجذع الضأن ماله ستة أشهر، وثني المعز والبقر ماله سنة ودخل في الثانية
وفي الإبل ما دخل في السادسة. ولا يجزئ غير الثني.
2137. الثالث: يجب أن يكون الهدي تاما، فلا تجزئ العوراء، ولا العرجاء،
البين عرجها، ولا المريضة كالجرباء (1) وما شابهه مما يوجب الهزال، ولا الكبيرة
التي لا مخ لها لهزالها، وقد وقع الإجماع على هذه الصفات الأربع.
والوجه عدم اعتبار الخسف في العين، بل لو كان على عينها بياض لم
يجزئ، ولا خلاف في عدم إجزاء ما فيه نقص أكثر من هذه الصفات كالعمياء.
2138. الرابع: العضباء - وهي التي ذهب قرنها - لا تجزئ، ولو كان القرن
الداخل صحيحا أجزأت وإن كان ما ظهر منه مقطوعا.
ولا بأس بمشقوقة الأذن أو مثقوبها إذا لم يكن قطع من الأذن شئ، ولا
تجزئ العجفاء وهي المهزولة، ولا الخرماء، ولا الجذاء وهي مقطوعة الأذن (2).
2139. الخامس: الخصي لا يجزئ، ولو ضحي به وجب عليه الإعادة مع
المكنة، ويكره الموجوء (3)، والوجه ان مسلول البيضتين كالخصي.
2140. السادس: الجماء، وهي التي لم يخلق لها قرن، تجزئ; والأقرب إجزاء

1. الجرب - بالتحريك -: داء معروف يحدث في الجلد بثورا صغارا لها حكة شديدة وقيل: بثر
يعلو أبدان الناس والإبل. راجع: لسان العرب ومجمع البحرين والمنجد.
2. لاحظ الفقيه: 5 / 213، الحديث 716; الوسائل: 10 / 119، الباب 21 من أبواب الذبح،
الحديث 3.
3. قال المصنف في تذكرة الفقهاء: 8 / 264: ويكره الموجوء وهو مرضوض الخصيتين.
624

البتراء، وهي مقطوعة الذنب; وكذا الصمعاء، وهي التي لم يخلق لها أذن (1) أو كان
لها أذن صغيرة.
2141. السابع: المهزولة لا تجزئ، وحد الهزال أن لا يكون على كليتها شئ
من الشحم.
ويستحب أن يكون سمينا، ينظر في سواد، ويمشي في سواد، ويبرك في
مثله، أي يكون سمينا ذا ظل يمشي في ظله، ويبرك فيه، وينظر فيه، وقيل: أن
تكون هذه المواضع سودا (2).
2142. الثامن: لو اشترى هديا على أنه سمين فوجده مهزولا، أجزأ عنه، وكذا
العكس، ولو اشتراه على أنه هزيل فظهر كذلك لم يجزئ.
ولو اشترى هديه ثم أراد أن يشتري أسمن منه، فليشتره وليبع الأول إن
أراد، ولو اشتراه فوجد به عيبا لم يجزئ عنه، وكذا لو اشتراه على أنه تام
فوجده ناقصا.
2143. التاسع: أفضل الهدي من الإبل والبقر الإناث، ومن الضأن والمعز
الذكران، ويجوز العكس في البابين.
ويكره التضحية بالجاموس، والبقر، والموجوء. والكبش خير من النعجة،
والنعجة خير من المعز (3).

1. في «ب»: لم يخلق لها قرن أذن.
2. التفسير الثاني لابن إدريس ذكره في السرائر: 1 / 596، والأول للمصنف هنا وفي المختلف:
4 / 284، وقال الطريحي في مجمع البحرين: وفي حديث شاة الهدي «يستحب أن تكون سمينة
تنظر في سواد وتمشي في سواد وتبرك في مثله» أي أسود القوائم والمرابض والحواجر.
3. هكذا في «أ» ولكن في «ب»: والموجوء خير من النعجة، والنعجة خير من المعز.
625

2144. العاشر: يستحب أن يكون الهدي مما عرف به (1) استحبابا
مؤكدا لا وجوبا.
المطلب الرابع: في البدل
وفيه أحد عشر بحثا:
2145. الأول: إذا لم يجد الهدي ووجد ثمنه، تركه عند من يثق به من أهل مكة
ليشتري له به هديا ويذبحه في بقية ذي الحجة، فإن خرج ذو الحجة ولم يجد،
اشترى في ذي الحجة في العام المقبل; قال ذلك الشيخان (2) وابن بابويه (3) ومنع
منه ابن إدريس (4)، وأوجب الانتقال إلى الصوم، وليس بمعتمد.
2146. الثاني: لو لم يجد الهدي ولا ثمنه، وجب أن يصوم بدله عشرة أيام:
ثلاثة في الحج متتابعات، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ويعتبر القدرة عليه في مكانه،
فلو عدمه في موضعه، انتقل إلى الصوم وإن كان قادرا عليه في بلده.
2147. الثالث: يجب صوم الثلاثة متتابعا، ولا يجب التتابع في السبعة، ويكفي
التتابع في الثلاثة بأن يصوم يوم التروية وعرفة والثالث بعد أيام التشريق خاصة،
فلو صام غير هذين اليومين وجب التتابع ثلاثة، ولا يجوز تخلل الإفطار بين
اليومين والثالث.

1. قال المصنف في التذكرة: 8 / 267: ويستحب أن يكون الهدي مما عرف به، وهو الذي أحضر
عرفة عشية عرفة، إجماعا لقول الصادق (عليه السلام): لا يضحى إلا بما قد عرف به...
2. المقنعة: 390، والمبسوط: 1 / 370، والنهاية: 254.
3. المراد به والد الصدوق نقل عنه في الفقيه: 2 / 304 عن رسالة أبيه.
4. السرائر: 1 / 591 - 592.
626

2148. الرابع: يجب التفريق بين الثلاثة والسبعة، إلا أن لا يصوم الثلاثة إلا بعد
وصول الناس إلى وطنه، أو مضي شهر (1) وإنما يسوغ صوم السبعة إذا رجع إلى
أهله، فلو صام قبل رجوعه إلى وطنه، لم يجزئه.
ولو أقام بمكة أو في الطريق، انتظر وصول أصحابه إلى بلده أو المقام
شهرا، ثم يصوم السبعة، ولو نوى الإقامة عشرة أيام كان بحكم المقيم، وهل
يجوز له صوم السبعة؟ الأقرب عدمه.
2149. الخامس: يجوز صوم الثلاثة قبل التلبس بالحج، ومن أول العشر إذا
تلبس بالمتعة، ولا يجوز صومها قبل إحرام العمرة، والمستحب صوم يوم
التروية وما قبله وعرفة، فإن فاته هذه الثلاثة، صامها بعد أيام منى، ولا يسقط
الصوم بفوات العشر.
ولا يجوز أن يصوم أيام التشريق في بدل الهدي ولا غيره، ولو لم يصمها
بعد أيام التشريق، جاز صومها طول ذي الحجة أداء لا قضاء.
ولو خرج ذو الحجة وأهل المحرم ولم يصمها سقط فرض الصوم،
واستقر الهدي في ذمته، ووقت وجوب الصوم وقت وجوب الهدي، وإنما
يسوغ له تقديمه من أول ذي الحجة بناء على الظاهر من استمرار عجز العاجز.
2150. السادس: [لو مات] (2) من وجب عليه الصيام ولم يصم (3) فإن لم يكن

1. قال المصنف في التذكرة: 8 / 276: هذه السبعة تصام إذا رجع إلى أهله، وإن أقام بمكة، انتظر
وصول الناس إلى بلده، أو مضي شهر ثم يصومها.
2. ما بين المعقوفتين لأجل استقامة المعنى.
3. في «أ»: من وجب عليه الصيام إن لم يصم.
627

قد تمكن من صوم شئ من العشرة، سقط الصوم، ولا يجب على وليه شئ،
بل يستحب أن يقضي عنه، وإن تمكن من فعل الجميع ولم يفعل، قال الشيخ:
يقضي الولي الثلاثة وجوبا، والسبعة استحبابا (1) والأقرب وجوب قضاء الجميع.
ولو لم يتمكن من صيام السبعة أو بعضها، وجب على الولي قضاء ما
تمكن الميت من فعله ولم يفعله، واستحب له قضاء الباقي.
2151. السابع: لو تمكن من صيام السبعة وجب، ولم تجزئه الصدقة عنها.
2152. الثامن: لو تلبس بالصوم ثم أيسر، أو وجد الهدي، قال الشيخ: لا يجب
بل يستحب (2) ويلوح من كلامه اشتراط صوم الثلاثة، وابن إدريس أطلق (3)، ولو
أحرم بالحج ولم يصم ثم وجد الهدي، تعين عليه الذبح، ولا يجزئه الصوم.
2153. التاسع: لو تعين الصوم وخاف الضعف عن القيام بالمناسك يوم
عرفة، أخر الصوم إلى بعد انقضاء أيام التشريق، ولو لم يصم الثلاثة، وخرج
عقيب أيام التشريق، صامها في الطريق أو إذا رجع إلى أهله، والأفضل تقديم
صومها في الطريق، ولو أهل المحرم تعين عليه الهدي.
ولو لم يصم الثلاثة حتى وصل بلده وكان متمكنا من الهدي، قال الشيخ:
بعث به، فإنه أفضل من الصوم (4).
2154. العاشر: لو مات من وجب عليه الهدي، أخرج من صلب تركته (5).
2155. الحادي عشر: من وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر ولم يجد، كان

1. المبسوط: 1 / 370.
2. المبسوط: 1 / 371، والنهاية: 256.
3. السرائر: 1 / 594.
4. المبسوط: 1 / 371.
5. في «ب»: من أصل تركته.
628

عليه سبع شياه على الترتيب، ولو لم يتمكن من السبع، صام ثمانية عشر يوما.
ولو وجب عليه سبع شياه من الغنم، لم تجزئه بدنة.
ولو وجب عليه بقرة، فالأقرب إجزاء البدنة.
المطلب الخامس: في الأحكام
وفيه ثلاثة وعشرون بحثا:
2156. الأول: الهدي الواحد لا يجزئ في الواجب إلا عن واحد مع المكنة،
ومع عدمها يتعين الصوم; قاله الشيخ (رضي الله عنه) في الخلاف (1)، وله قول آخر إنه يجزئ
عن سبعة وعن سبعين إذا كانوا أهل خوان واحد (2)، ويجزئ في التطوع عن سبع
وسبعين، سواء في ذلك كله الإبل والبقر والغنم، وكلما قل المشتركون
كان أفضل.
واشترط الشيخ اجتماعهم على إرادة التقرب، سواء كانوا متطوعين أو
مفترضين أو بالتفريق، وسواء اتفقت مناسكهم بأن يكونوا متمتعين أو قارنين أو
افترقوا (3) وفيه نظر. ويجوز أن يقتسموا اللحم.
2157. الثاني: الهدي إما تطوع، كمن يخرج حاجا أو معتمرا، يسوق معه هديا
بنية نحره بمنى أو بمكة من غير إشعار ولا تقليد، فهو باق على ملكه، يتصرف
فيه وفي نمائه كيف شاء.

1. الخلاف: 6 / 65، المسألة 27 من كتاب الضحايا.
2. المبسوط: 1 / 372; والنهاية: 258.
3. المبسوط: 1 / 372.
629

وإما واجب، إما بالنذر المطلق، وحكمه حكم ما وجب بغير النذر
وسيأتي، وإما بالمعين، فيزول ملكه عما عينه، وينقطع تصرفه في حق نفسه فيه،
وهو أمانة للمساكين، ويجب أن يسوقه إلى المنحر، ويتعلق الوجوب بالعين
دون الذمة، فلا يكون مضمونا مع عدم التفريط.
وإما بغير النذر كدم التمتع وجزاء الصيد والنذر غير المعين وشبه ذلك;
وهذا القسم إما أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعينه بالقول، فلا يزول
ملكه إلا بذبحه ودفعه إلى أهله، وله التصرف فيه كيف شاء، فإن عطب، تلف من
ماله، وإن عاب لم يجزئه; وإما أن يعينه بالقول، مثل أن يقول: هذا الواجب علي،
فيتعين الوجوب فيه، ولا يبرأ الذمة منه، ويكون مضمونا عليه، ويزول ملكه عنه،
وينقطع تصرفه فيه، وعليه أن يسوقه إلى المنحر، فإن وصل نحره، وإلا سقط
التعيين، ووجب إخراج الذي في ذمته.
2158. الثالث: لو ذبح الواجب غير المعين، فسرق أو غصب بعد الذبح،
فالوجه الإجزاء.
2159. الرابع: لو عطب الواجب غير المعين أو عاب بما يمنع الإجزاء، لم
يجزئه ذبحه عما في ذمته، ويرجع هذا إلى ملكه يصنع به ما شاء من أكل وبيع
وهبة وصدقة، ويستحب ذبحه وذبح الواجب معا، فإن باعه، تصدق بثمنه.
2160. الخامس: لو عين معيبا عما في ذمته، لم يجزئه ولا يلزمه ذبحه.
2161. السادس: تعيين الهدي يحصل بقوله: هذا هدي، أو بإشعاره أو تقليده
مع نية الهدي، ولا يحصل بالشراء مع النية، ولا بالنية المجردة.
630

ولو سرق الهدي من موضع حصين، أجزأ عن صاحبه، وإن أقام بدله
فهو أفضل.
ولو عطب في موضع لا يجد المستحق، فلينحره، ويكتب كتابا، ويضعه
عليه، ليعلم من يمر به من الفقراء أنه صدقة.
ولو ضل فاشترى مكانه غيره، ثم وجد الأول، فصاحبه بالخيار، إن شاء
ذبح الأول، وإن شاء ذبح الأخير، فإن ذبح الأول، جاز له بيع الأخير; وإن ذبح
الأخير، لزمه ذبح الأول إن كان قد أشعره، وإلا جاز بيعه.
2162. السابع: لو غصب شاة فذبحها عن الواجب عليه، لم يجزئه، رضي
المالك أو لا، عوضه عنها أو لم يعوضه.
2163. الثامن: لو ضل الهدي فوجده غيره، فإن ذبحه عن نفسه، لم يجزئ عن
واحد منهما، وإن ذبحه عن صاحبه، فإن ذبحه بمنى، أجزأ عنه، وإلا فلا.
وينبغي لواجد الهدي الضال أن يعرفه ثلاثة أيام، فإن عرفه صاحبه، وإلا
ذبحه عنه.
2164. التاسع: لو اشترى هديا وذبحه، فاستعرفه غيره، وذكر أنه هديه ضل
عنه، وأقام بذلك شاهدين، كان له لحمه، ولا يجزئ عن واحد منهما، ولصاحبه
أرش ما بين قيمته مذبوحا وحيا.
2165. العاشر: لو عين هديا صحيحا عما في ذمته أجود، فهلك أو عاب بما
يمنع الإجزاء، لم يلزمه مثل التالف، بل مثل ما في ذمته، سواء تلف بتفريط
أو غيره.
631

2166. الحادي عشر: لو ولدت الهدية، كان ولدها بمنزلتها في وجوب نحره أو
ذبحه، سواء عينه ابتداء أو بدلا عن الواجب، ولو تلفت قبل الذبح، أقام بدلها،
وذبح الولد أيضا.
2167. الثاني عشر: يجوز ركوب الهدي وشرب لبنه ما لم يضر به أو بولده،
فإن شرب ما يضر بالأم أو بالولد، ضمنه.
ولو أخر بقاء صوفها بها، أزاله وتصدق به، ولا يتصرف فيه، بخلاف اللبن.
2168. الثالث عشر: من السنة أن يأكل من هدي المتعة، وينبغي أن يقسم
أثلاثا: يأكل ثلثه، ويهدي ثلثه، ويتصدق بثلثه على الفقراء.
وهل الأكل واجب؟ قيل: نعم، للآية (1).
وفيه قوة، ومع القول بالوجوب، لا يضمن بتركه، ويضمن ثلث الصدقة لو
لم يتصدق.
وهل يضمن لو أخل بالإهداء؟ الوجه الضمان إن كان بسبب الأكل
وإلا فلا.
2169. الرابع عشر: لا يجوز الأكل من الواجب غير هدي التمتع، سواء كان دم
المتعة، أو النذر، أو جزاء الصيد، أو غيرها، ويستحب الأكل من هدي التطوع.
ولو أكل مما منع من الأكل منه، ضمن المثل لحما، ولو أطعم غنيا مما له
الأكل منه، جاز، ولو باع منه شيئا أو أتلفه، ضمنه بمثله، ولو أتلف أجنبي منه
شيئا، ضمنه بالقيمة.

1. (فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر) الحج: آية 36.
632

2170. الخامس عشر: الدماء الواجبة بنص القرآن أربعة: دم التمتع، وهو
مرتب; ودم الحلق، وهو مخير; ودم الجزاء، وفي ترتبه خلاف; ودم الإحصار،
وهو واجب على التعيين بغير بدل.
2171. السادس عشر: ما يساق في إحرام الحج يذبح أو ينحر بمنى، وفي
العمرة يذبح أو ينحر بمكة، وما يلزمه (1) من فداء ينحر بمكة إن كان معتمرا،
وبمنى إن كان حاجا.
وتجب تفرقته (2) على مساكين الحرم، وهم من كان في الحرم من أهله أو
غير أهله من الحاج وغيرهم ممن يجوز دفع الزكاة إليه، وكذا الصدقة، أما الصوم
فلا يختص بمكان دون غيره.
ولو دفع إلى من ظاهره الفقر فبان غنيا، فالوجه الإجزاء، وما يجوز تفريقه
في غير الحرم، لا يجوز دفعه إلى فقراء أهل الذمة (3).
2172. السابع عشر: لو نذر هديا مطلقا أو معينا وأطلق مكانه، وجب صرفه
في فقراء الحرم، ولو عين موضعه، فإن كان في الحرم تعين، وفرق على مساكينه،
وإن عين غيره، لزم إذا لم يكن لمعصية (4) كبيوت الأصنام.
ولو لم يتمكن من إيصاله إلى المساكين بالحرم، لم يلزمه إيصاله إليهم،
ولو تمكن من الإنفاذ، وجب.

1. في «أ»: وما يلزم.
2. في «ب»: ويجب تفريقه.
3. في «أ»: إلى الفقراء من أهل الذمة.
4. في «ب»: كمعصية.
633

2173. الثامن عشر: تقليد الهدي مسنون، وهو جعل النعل قد صلى فيه في
رقبة الهدي، وهو مشترك بين الإبل والبقر والغنم، وكذا إشعار الإبل مسنون، وهو
شق صفحة سنامها من الجانب الأيمن وتلطيخها بالدم ليعرف أنه صدقة، ولا
إشعار في البقر، وإن كانت ذات سنام.
ولو تكثرت البدن، دخل بينها وشق أحد الهديين من الجانب الأيمن
والآخر من الأيسر.
2174. التاسع عشر: الذبح أو النحر مقدم على الحلق، ومتأخر عن الرمي، فلو
خالف ناسيا لم يكن به بأس، وإن كان عامدا، أتم وأجزأه، وكذا لو ذبحه بقية ذي
الحجة.
2175. العشرون: لو نذر هديا بعينه، زال ملكه عنه، وانقطع تصرفه عنه (1) ولا
يجوز له بيعه وإخراج بدله.
2176. الواحد والعشرون: لا ينبغي أخذ شئ من جلود الهدي، بل يتصدق
بها، ولا يعطيها الجزار.
2177. الثاني والعشرون: لا يجوز الحلق ولا زيارة البيت إلا بعد الذبح أو أن
يبلغ الهدي محله، وهو منى يوم النحر، ويجعله في رحله بمنى.
2178. الثالث والعشرون: غير المتمتع لا يجب عليه الهدي، فالقارن لا يخرج
هديه عن ملكه، وله إبداله، والتصرف فيه وإن أشعره أو قلده، لكن متى ساقه
فلا بد من نحره بمنى إن كان الإحرام للحج (2) وإن كان للعمرة فبفناء الكعبة

1. في «ب»: منه.
2. في «ب»: إن كان لإحرام الحج.
634

بالموضع المعروف بالحزورة. ولو هلك لم يضمنه، أما المضمون كالكفارات،
فإنه يجب إقامة بدله.
ولو عجز هدي السياق عن الوصول إلى مكة أو منى، جاز أن ينحر أو
يذبح، ويعلم بما يدل على أنه هدي، ولو أصابه كسر جاز له بيعه، وينبغي أن
يتصدق بثمنه، أو يقيم بدله، ولو نذر هدي السياق تعين، ولا يتعين بدونه، ولو
سرق من غير تفريط لم يضمن.
ولو ضل فذبحه غير صاحبه عن صاحبه أجزأ عنه، ولو ضل فأقام بدله، ثم
وجد الأول ذبحه، ولم يجب ذبح الأخير، ولو ذبح الأخير ذبح الأول استحبابا ما
لم يكن منذورا، فإنه يجب ذبحه.
ويستحب أن يأكل من هدي السياق ثلثه، ويهدي ثلثه، ويتصدق بثلثه،
كهدي التمتع، وكذا يستحب في الأضحية.
المطلب السادس: في الضحايا
وفيه ثمانية وعشرون بحثا:
2179. الأول: الأضحية مستحبة استحبابا مؤكدا وليست فرضا، ويجزئ الهدي
عن الأضحية، والجمع بينهما أفضل.
2180. الثاني: أيام ذبح الأضاحي بمنى أربعة: يوم النحر وثلاثة بعده، وفي
الأمصار ثلاثة: يوم النحر ويومان بعده، ولو فاتت هذه الأيام، فإن كانت الأضحية
واجبة بالنذر وشبهه، لم تسقط، ووجب قضاؤها، وإلا فاتت الأضحية.
635

2181. الثالث: وقت الأضحية إذا طلعت الشمس ومضى بقدر صلاة العيد
والخطبتين، سواء صلى الإمام أو لم يصل.
2182. الرابع: الأيام المعدودات أيام التشريق، والمعلومات عشر ذي الحجة،
ويجوز الذبح في اليوم الثالث من أيام التشريق.
2183. الخامس: لا يكره لمن دخل عليه عشر ذي الحجة وأراد أن يضحي أن
يحلق رأسه أو يقلم أظفاره، ولا يحرم عليه.
2184. السادس: روى أصحابنا أن من ينفذ من أفق من الآفاق هديا، فإنه
يواعد أصحابه يوما يقلدونه فيه أو يشعرونه، ويجتنب هو ما يجتنب المحرم،
فإذا كان يوم مواعدته، حل مما يحرم منه (1).
2185. السابع: لا تختص الأضحية بمكان، بل يجوز في الحرم وغيره،
وتختص الأضحية بالنعم: الإبل والبقر والغنم، ولا يجزئ إلا الثني من الإبل والبقر
والمعز، ويجزئ من الضأن الجذع لسنته.
والأفضل الثني من الإبل، ثم الثني من البقر، ثم الجذع من الضأن.
والجذعة من الغنم أفضل من إخراج سبع بدنة.
2186. الثامن: يستحب أن يكون أملح، وهو الأبيض، سمينا ينظر في سواد
ويبرك في مثله، ويمشي في مثله، ويكون تاما، فلا تجزئ في الضحايا العوراء،
ولا العجفاء، ولا العرجاء البين عرجها، ولا المريضة.
ونهى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (2) أن يضحى بالمصفرة، وهي التي قطعت أذناها من

1. لاحظ النهاية للشيخ الطوسي: 283، والخلاف: 2 / 441، المسألة 340 من كتاب الحج.
2. سنن أبي داود: 3 / 97 برقم 2803; ومسند أحمد: 4 / 185; والمستدرك للحاكم: 1 / 469.
636

أصلهما، حتى بدا صماخها (1); وبالبخقاء، وهي العمياء; وبالمستأصلة، وهي التي
استؤصل قرناها; وبالمشيعة، وهي التي تتأخر عن الغنم لهزالها، ولو كان لكلال
جاز; وبالكسراء; وتكره الجلحاء، وهي المخلوقة بغير قرن.
2187. التاسع: يستحب التضحية بذوات الأرحام، من الإبل والبقر،
وبالفحولة من الغنم، ولا يجوز التضحية بالثور ولا بالجمل بمنى، ويجوز في
الأمصار، ولا الخصي.
2188. العاشر: يجب التذكية بإزهاق الروح، وإنما يكون بقطع الأعضاء
الأربعة، وهي: الحلقوم، والمري، والودجان. ولا يجزئ ثلاثة منها، ولا الحلقوم
والمري خاصة.
ويجب ذبح البقر والغنم ونحر الإبل، فإن خالف حرم الحيوان.
2189. الحادي عشر: ينبغي أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه، فإن لم يحسن،
جعل يده مع يد الذابح.
ولو استناب مسلما جاز، بخلاف الكافر وإن كان كتابيا.
وتجوز ذباحة الصبيان (2) مع المعرفة والشرائط (3)، والأخرس وإن لم ينطق
لكن يجب تحريك لسانه بالتسمية، والنساء، والسكران، والمجنون.
ويستحب أن يتولى الذبيحة البالغ العاقل المسلم الفقيه.
2190. الثاني عشر: يجب استقبال القبلة بالذبح والنحر، والتسمية، ولا تكره

1. في التذكرة: 8 / 314: ضماخهما.
2. في «ب»: ذبيحة الصبيان.
3. في «أ»: «وبالشرائط» والأصح: مع المعرفة بالشرائط، كما عليه التذكرة: 8 / 317.
637

الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولو نسي التسمية لم تحرم.
ولا يقطع رأس الذبيحة إلى أن يموت، فإن قطعه قبله، كان حراما، وفي
تحريم الذبيحة قولان، أقربهما الحل.
ولو ذبحها من قفاها، فهي القفية (1)، فإن بقيت فيها حياة مستقرة قبل قطع
الأعضاء الأربعة، حلت وإلا فلا.
والمعتبر في استقرار الحياة، وجود الحركة القوية بعد قطع العنق قبل قطع
المري والودجين والحلقوم، وإن كانت ضعيفة أو لم تتحرك لم تحل.
2191. الثالث عشر: تكره ذباحة الأضحية وغيرها ليلا ويجزئ لو فعل.
2192. الرابع عشر: يستحب الأكل من الأضحية، وليس بواجب، ويستحب
التقليل، ويجوز الأكثر من الثلث، ولو أكل الجميع، ضمن للفقراء قيمة المجزئ
مع الوجوب، وإلا استحبابا.
ولا يجوز بيع لحم الأضاحي، ويكره بيع الجلود، فإن فعل، تصدق بثمنه،
وكذا يكره أن يعطيه الجزار، بل يستحب التصدق بها، ولا يعطي الجزار من
اللحم شيئا لجزارته.
2193. الخامس عشر: يجوز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادخارها،
ويكره أن يخرج شيئا مما يضحيه عن منى، بل يخرجه إلى مصرفه بها، ويجوز
إخراج السنام للحاجة، وإخراج لحم ما ضحاه غيره إذا اشتراه (2) أو أهدي إليه.

1. في «أ»: «الفقينة» في لسان العرب: شاة قفية: مذبوحة من قفاها، ومنهم من يقول: قفينة، والأصل
قفية والنون زائدة.
2. في «أ»: أو اشتراه.
638

2194. السادس عشر: يكره أن يضحي بما يربيه، ويستحب بما يشتريه،
ويستحب التضحية بما قد عرف به.
2195. السابع عشر: إذا تعذرت الأضحية، تصدق بثمنها الأعلى، فإن اختلفت
الأثمان جمع الأعلى والأوسط والأدون، وتصدق بثلث الجميع.
2196. الثامن عشر: إذا اشترى شاة تجزئ في الأضحية بنية أنها أضحية، قال
الشيخ: تصير أضحية بذلك من غير قول ولا إشعار ولا تقليد. وإذا عين الأضحية
على وجه تصح به التعيين زال ملكه عنها (1) والظاهر من كلام الشيخ انه لا يجوز
له إبدالها.
2197. التاسع عشر: إذا تعينت، زال ملكه عنها، فإن باعها فسد البيع، ويجب
ردها إن كانت باقية، وإن تلفت، كان على المبتاع قيمتها أكثر ما كانت من حين
القبض إلى حين التلف، ولو أتلفها هو، كان عليه قيمتها يوم التلف، فإن أمكنه
شراء أضحيتين به، بأن يرخص الأضاحي، كان عليه إخراجهما معا.
ولو فضل ما يمكن أن يشتري به جزءا من حيوان يجزئ في الأضحية
كالسبع مثلا، فعليه أن يشتريه.
ولو فضل ما لا يساوي جزءا مجزئا تصدق به.
ولو قصرت القيمة عن الأضحية، فإن كان المتلف أجنبيا، وأمكن أن
يشتري به جزء حيوان للأضحية، صرف إليه، وإلا تصدق به، ولا يلزم
المضحي شئ.

1. المبسوط: 1 / 390 - 391.
639

ولو اشترى شاة وعينها للأضحية فوجد بها عيبا، لم يكن له ردها، ويرجع
بالأرش، ويصرفه إلى المساكين استحبابا على الأقوى.
2198. العشرون: لو أوجب أضحية بعينها، فعابت بما يمنع الإجزاء، لم يجب
الإبدال، وأجزأه ذبحها.
ولو ضلت، فلا ضمان إلا مع التفريط، ولو عادت قبل أيام التشريق، ذبحها،
وإن كان بعده، ذبحها قضاء، ولا أرش عليه. (ولو نذر أضحية فذبحها يوم النحر
غيره ولم ينو عن صاحبها، لم تجزئ عنه، ولو نوى عنه أجزأته وإن لم يأخر، (1) إذا
نذر الأضحية، وصارت واجبة، لم يسقط استحباب الأكل منها) (2).
2199. الواحد والعشرون: لو أوجب أضحية في عام، فأخرها إلى قابل، عصى
وأخرجها قضاء، ولو ذبح أضحية غيره المعينة، أجزأت عن صاحبها، وعليه
أرش النقصان، يصرفه إلى الفقراء، وفي وجوبه إشكال.
ولو أوجب كل منهما هديا، فذبح هدي صاحبه خطأ، تخير كل منهما في
ترك مطالبة صاحبه وتضمينه الأرش.
2200. الثاني والعشرون: وتجزئ الأضحية عن سبعة، وكذا الهدي المتطوع
به، وإن لم يكونوا أهل بيت واحد، أو كان بعضهم غير متقرب.
2201. الثالث والعشرون: القن والمدبر وأم الولد والمكاتب المشروط لا
يملكون شيئا، فإن ملكهم مولاهم شيئا، ففي ثبوت الملك قولان: أحدهما

1. الظاهر انه مصحف قوله «وإن لم يأذن».
2. ما بين القوسين موجود في «ب».
640

الجواز، فإذا ملكهم أضحية، جاز أن يضحوا، ولو فعلوا من دون إذن سيدهم، لم
يجز. ولو انعتق بعضه وملك بما فيه من الحرية شاة، جاز أن يضحي بها من
غير إذن.
الفصل الثالث: في الحلق والتقصير
وفيه ثلاثة عشر بحثا:
2202. الأول: إذا ذبح الحاج هديه، وجب عليه الحلق أو التقصير بمنى في يوم
النحر، وهو نسك، ويتخير الحاج بينهما، أيهما فعل أجزأه، وإن كان صرورة أو
لبد شعره.
وقال الشيخان: يجب عليهما الحلق (1)، والأقرب انه مستحب، وليس على
المرأة حلق إجماعا. ويجزئها من التقصير مثل الأنملة.
2203. الثاني: يستحب لمن حلق أن يبدأ بالناصية من القرن الأيمن ويحلق
إلى العظمين ويجزئ من التقصير ما يقع عليه الاسم.
2204. الثالث: لو لم يكن على رأسه شعر، سقط الحلق، ويمر الموسى على
رأسه، وفي وجوبه إشكال.
2205. الرابع: لو ترك الحلق أو التقصير معا حتى زار البيت، فإن كان عامدا

1. المقنعة: 419; والمبسوط: 1 / 376.
641

وجب عليه دم شاة، وإن كان ناسيا لم يكن عليه شئ، وكان عليه إعادة
الطواف والسعي.
2206. الخامس: لو رحل من منى قبل الحلق (1) رجع وحلق بها أو قصر واجبا،
ولو لم يتمكن حلق مكانه، ورد شعره إلى منى، ليدفن بها، ولو لم يتمكن من رد
الشعر، لم يكن عليه شئ، وهل رده واجب؟ فيه نظر.
2207. السادس: يستحب إذا حلق رأسه بمنى، أن يدفنه بها، وأن يقلم أظفاره،
ويأخذ من شاربه، ويدعو، وتجب فيه النية.
2208. السابع: لا يجوز الحلق قبل وقته وهو يوم النحر، ويجب تأخيره
عن الذبح والرمي، وجوز أبو الصلاح تقديم الحلق على الرمي (2)، وقال الشيخ في
الخلاف: ترتيب هذه المناسك مستحب (3). والأقرب ما قلناه، ولكن ليس شرطا
فلو أخل به أجزأه ولا كفارة.
2209. الثامن: لو بلغ الهدي محله ولم يذبح، قال الشيخ: يجوز أن يحلق (4).
2210. التاسع: قال أبو الصلاح: يجوز تأخير الحلق إلى آخر أيام التشريق (5).
وهو حسن، لكن لا يجوز تقديم زيارة البيت عليه.
2211. العاشر: يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، يستحب للإمام أن يخطب

1. في «أ»: لو رحل فرمى قبل الحلق.
2. الكافي في الفقه: 201.
3. الخلاف: 2 / 345، المسألة 168 من كتاب الحج.
4. المبسوط: 1 / 374.
5. الكافي في الفقه: 201.
642

فيه، ويعلم الناس ما فيه من المناسك، من النحر والإفاضة والرمي.
2212. الحادي عشر: إذا عقد الإحرام بالتلبية أو ما يقوم مقامها، حرم عليه
عشرون شيئا يأتي، وإذا حلق أو قصر حل له ذلك كله إن كان إحرام العمرة، وإن
كان إحرام الحج حل له كل شئ إلا الطيب والنساء والصيد، وإذا طاف طواف
الزيارة حل له الطيب، وإذا طاف طواف النساء حللن له، فمواطن التحلل ثلاثة:
عند الحلق أو التقصير، وعند طواف الزيارة، وعند طواف النساء.
2213. الثاني عشر: يستحب لمن حلق أو قصر يتشبه بالمحرمين في ترك (1)
لبس المخيط إلى أن يطوف طواف الزيارة، ويستحب لمن طاف طواف الزيارة
أن لا يمس الطيب حتى يطوف طواف النساء.
2214. الثالث عشر: إنما يحصل التحلل بالرمي والحلق أو التقصير معا.
* * *
قال المحقق: تم الجزء الأول من الكتاب - حسب تجزئتنا - ويتلوه الجزء
الثاني في المقصد العاشر في بقية أفعال الحج.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله على
سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

1. في «أ»: وترك.
643